موسوعة أهل البيت عليهم السلام المجلد 10

اشارة

موسوعه اهل البيت عليهم السلام

نويسنده: السيد علي عاشور

دارالنظير عبود - بيروت - لبنان

مشخصات ظاهري: 20 ج

1427ه - 2006م

ص: 1

اشارة

ص: 2

بسم الله الرحمن الرحيم

ص: 3

ص: 4

الجزء العاشر

بسم اللّه الرّحمن الرّحيم

شهداء آل محمد في كربلاء

شهادة جعفر بن عقيل

و خرج من بعده جعفر بن عقيل و هو يقول،شعرا:

أنا الغلام الأبطحي الطالبيّ من معشر في هاشم و غالب

فقتل خمسة عشر فارسا ثمّ قتله بشر بن لوط الهمداني (1).

شهادة عبد الرحمن بن عقيل

ثمّ خرج أخوه عبد الرحمن بن عقيل و هو يقول شعرا:

أبي عقيل فاعرفوا مكاني من هاشم و هاشم اخواني

كهول صدق سادة الأقران هذا حسين شامخ البنيان

فقتل سبعة عشر فارسا ثمّ قتله عثمان الجهني.

شهادة محمّد بن عبد اللّه بن جعفر الطيّار و القاسم بن الحسن

و خرج من بعده محمّد بن عبد اللّه بن جعفر الطيّار فقتل منهم عشرة ثمّ قتله عامر التميمي و خرج من بعده أخوه عون و قتل ثمانية عشر رجلا و ثلاثة فوارس و قتله ابن بطّة ثمّ خرج القاسم بن الحسن و هو غلام صغير لم يبلغ الحلم فاستأذن الحسين عليه السّلام فأبي أن يأذن له فلم يزل يقبّل يديه و رجليه حتّي أذن له فخرج و دموعه تسيل علي خدّيه و هو يقول شعرا:

إن تنكروني فأنا ابن الحسن سبط النبيّ المصطفي و المؤتمن

فقتل منهم خمسة و ثلاثين رجلا فضربه عمر الأزدي بالسيف علي رأسه فوقع الغلام لوجهه و نادي يا عمّاه فجاءه الحسين عليه السّلام كالصقر المنقضّ فقتل قاتله و حملت خيل أهل الكوفة فجرحنه بحوافرها حتّي مات الغلام فانجلت الغبرة فإذا الحسين واقف علي رأس الغلام و هو يفحص برجله فقال الحسين عليه السّلام:يعزّ و اللّه علي عمّك أن تدعوه فلا يجيبك أو يجيبك فلا يعينك أو يعينك فلا يغني عنك بعدا لقوم قتلوك،ثمّ احتمله حتّي ألقاه بين القتلي من أهل بيته.

ص: 5


1- بحار الأنوار للعلامة المجلسي:44/45.

شهادة عبد اللّه بن الحسن

ثمّ برز عبد اللّه بن الحسن و هو يقول شعرا:

إن تنكروني فأنا ابن حيدرة ضرغام آجام و ليث قسورة

علي الأعادي مثل ريح صرصرة

فقتل أربعة عشر رجلا ثمّ قتله حرملة بن كاهل الأسدي.

شهادة أبو بكر بن الحسن

ثمّ برز أبو بكر بن الحسن و قتله عبد اللّه بن عقبة ثمّ تقدّمت أخوة الحسين فبرز منهم أبو بكر بن عليّ ثمّ عثمان بن علي.

و عن عليّ عليه السّلام قال:إنّما سمّيته باسم أخي عثمان بن مظعون.

قيل لعلّ أمير المؤمنين عليه السّلام إنّما سمّي أولاده بهذه الأسماء مع أنّه لا يحبّها توسيعا علي شيعته في ميدان التقيّة مثلا لو كان رجل من الشيعة في بلاد المخالفين.

و قيل له:أتحبّ أبا بكر و عمر و عثمان؟

يقول:نعم و يحلف علي هذا قاصدا إلي أولاد أمير المؤمنين عليه السّلام و اللّه أعلم.

***

شهادة أولاد أمير المؤمنين علي عليهم السّلام

اشارة

ثمّ خرج جعفر بن علي قتله خولي الأصبحي.

و خرج من بعده أخوه عبد اللّه بن علي و قتل و هو ابن خمس و عشرين سنة و لا عقب له،ثمّ خرج محمّد الأصغر بن عليّ بن أبي طالب و قتله رجل من بني تميم.

و خرج من بعده أخوه إبراهيم بن عليّ بن أبي طالب.

و هؤلاء الثلاثة إخوة العبّاس بن عليّ لامّه و كانت أمّ هؤلاء الأربعة تخرج إلي البقيع فتندبهم و الناس يسمعون و يبكون.

شهادة العباس عليه السّلام

و كان العبّاس سقّاء الحسين عليه السّلام صاحب لوائه و هو أكبر الاخوان مضي يطلب الماء فحملوا عليه و حمل عليهم فكمن له زيد بن ورقاء من وراء نخلة فضربه علي يمينه فأخذ السيف بشماله و قاتل ثمّ قطعت شماله فقاتل حتّي ضربه ملعون بعمود علي رأسه،فلمّا رآه الحسين عليه السّلام صريعا علي شاطئ الفرات بكي و قال شعرا:

ص: 6

تعديتم يا شرّ قوم ببغيكم و خالفتموا دين النبيّ محمّد

أما كان خير الرسل أوصاكم بنا أما نحن من نجل النبيّ المسدّد

أما كانت الزهراء أمّي دونكم أما كان من خير البرية أحمد

لعنتم و أخزيتم بما قد جنيتموا فسوف تلاقوا حرّ نار توقد

و روي أنّ العبّاس لمّا رأي وحدة الحسين عليه السّلام أتاه و قال:يا أخي هل من رخصة،فبكي الحسين و قال:أنت صاحب لوائي و إذا مضيت تفرّق عسكري فقال العبّاس:قد سئمت من الحياة و أريد أن أطلب ثأري من هؤلاء المنافقين فقال له:فاطلب لهؤلاء الأطفال قليلا من الماء،فركب و أخذ رمحه و القربة و قصد الفرات فأحاط به أربعة آلاف ممّن كانوا موكلين بالفرات و رموه بالنبال فقتل منهم ثمانين رجلا،فلمّا أراد أن يشرب غرفة من الماء ذكر عطش الحسين فرمي بالماء و ملأ القربة و حملها علي كتفه فقطعوا عليه الطريق ثمّ قطعوا يده اليمني فحمل القربة باليسري ثمّ قطعها نوفل من الزند فحمل القربة بأسنانه فجاءه سهم فأصاب القربة فأريق ماؤها ثمّ جاءه سهم أصاب صدره فانقلب عن فرسه و صاح إلي أخيه الحسين:أدركني فأتي إليه و حمله إلي الخيمة.

و لمّا قتل العبّاس قال الحسين عليه السّلام:الآن انكسر ظهري و قلّت حيلتي.

شهادة القاسم بن الحسن و علي بن الحسين الأكبر عليهما السّلام

ثمّ برز القاسم بن الحسن و برز من بعده عليّ بن الحسين و أمّه ليلي الثقفية و هو ابن ثماني عشرة سنة و يقال ابن خمس و عشرين سنة و قال الحسين:اللّهم اشهد علي هؤلاء القوم فقد برز إليهم غلام أشبه الناس خلقا و خلقا و منطقا برسولك كنّا إذا اشتقنا إلي نبيّك نظرنا إلي وجهه،اللّهم امنعهم بركات الأرض.

و روي أنّه قتل علي عطشه مائة و عشرين رجلا ثمّ رجع إلي أبيه يشكو العطش فدفع إليه خاتمه يمصّه و قال:أمسكه في فيك و ارجع إلي قتال عدوّك فإنّي أرجو أن لا تمسي حتي يسقيك جدّك بكأسه الأوفي شربة لا تظمأ بعدها أبدا،فرجع إلي القتال حتّي قتل تمام المائتين ثمّ ضربه ملعون علي مفرق رأسه و ضربه الناس بأسيافهم،فلمّا بلغت الروح التراقي نادي:يا أبتاه هذا جدّي رسول اللّه قد سقاني بكأسه الأوفي و هو يقول:العجل العجل فإنّ لك كأسا مذخورة فصاح الحسين:لعن اللّه قوما قتلوك علي الدّنيا بعدك العفا.

قال حميد بن مسلم:فكأنّي أنظر إلي امرأة كأنّها الشمس خرجت مسرعة تنادي يا نور عيناه، فقيل هي زينب بنت علي فجاءت و انكبّت عليه فردّها الحسين عليه السّلام إلي الفسطاط و حملوه إلي قتلاهم.

قال أبو الفرج:عليّ بن الحسين هذا هو الأكبر و لا عقب له و يكنّي أبا الحسن و أمّه ليلي بنت

ص: 7

أبي مرّة و هو أوّل من قتل في الوقعة (1).

ثمّ قالوا:و خرج من تلك الأبنية غلام و في أذنيه درّتان و هو مذعور يلتفت يمينا و شمالا و قرطاه تذبذبان فحمل عليه هاني بن بعيث لعنه اللّه فقتله فصارت شهربانو تنظر إليه و لا تتكلّم كالمدهوشة.

شهادة الطفل الرضيع

ثمّ التفت الحسين عليه السّلام يمينا و شمالا فلم ير أحدا من الرجال،فخرج عليّ بن الحسين زين العابدين و كان مريضا فقال الحسين:يا أمّ كلثوم خذيه لئلا تبقي الأرض خالية من نسل آل محمّد و تقدّم الحسين إلي باب الخيمة فقال:ناولوني ابني عليّا الطفل حتّي اودّعه.

و قال المفيد:دعي ابنه عبد اللّه فجعل يقبّله و الصبي في حجره إذ رماه حرملة بن كاهل الأسدي بسهم فذبحه فتلقّي الحسين عليه السّلام دمه حتّي امتلأت كفّه ثمّ رمي به إلي السماء و لم يسقط منه قطرة إلي الأرض (2).

***

توديع الحسين لأهل بيته عليهم السّلام

ثمّ نظر الحسين إلي اثنين و سبعين رجلا من أهل بيته صرعي فنادي يا سكينة يا فاطمة يا زينب يا أمّ كلثوم عليكنّ منّي السلام فنادته سكينة يا أبه استسلمت للموت،قال:كيف لا يستسلم من لا ناصر له و لا معين فقالت:يا أبه ردّنا إلي حرم جدّنا فقال:هيهات لو ترك القطا لنام،فتصارخن النساء ثمّ ركب الحسين عليه السّلام فرسه و برز إلي القوم و هو يقول،شعرا:

خيرة اللّه من الخلق أبي ثمّ أمّي فأنا ابن الخيرتين

فضّة قد خلصت من ذهب فأنا الفضّة و ابن الذهبين

من له جدّ كجدّي في الوري أو كشيخي فأنا ابن العلمين

فاطم الزهراء أمّي و أبي قاصم الكفر ببدر و حنين

عبد اللّه غلاما يافعا و قريش يعبدون الوثنين

فأبي شمس و أمّي قمر فأنا الكوكب و ابن القمرين

ثمّ وقف قبالة القوم و لم يزل يقتل كلّ من دنا منه حتّي قتل مقتلة عظيمة قال بعضهم:و اللّه ما رأيت مكثورا قط قد قتل ولده و أهل بيته أربط جأشا منه و إنّه كان يشدّ علي الرجال فتنكشف عنه

ص: 8


1- بحار الأنوار للعلامة المجلسي:45/45،و العوالم،الإمام الحسين:288.
2- بحار الأنوار للعلامة المجلسي:46/45،و كلمات الامام الحسين:476.

انكشاف المعزي إذا شدّ فيها الذئب،و لقد كان فيهم و قد تكملوا ثلاثين ألفا فينهزمون بين يديه كأنّهم الجراد المنتشر و لم يزل يقاتل حتّي قتل ألف رجل و تسعمائة رجل و خمسين رجلا سوي المجروحين.

فقال ابن سعد:الويل لكم أتدرون من تقاتلون؟هذا ابن الأنزع البطين هذا ابن قتّال العرب فاحملوا عليه من كلّ جانب و كان الرّماة أربعة آلاف فرموه بالسّهام و حالوا بينه و بين رحله فكشفهم ثمّ أخذه العطش فأقحم فرسه الفرات فقال للفرس:أنا عطشان و أنت عطشان و اللّه لا ذقت الماء حتّي تشرب،فلمّا سمع الفرس كلام الحسين رفع رأسه و لم يشرب كأنّه فهم الكلام.

فقال الحسين عليه السّلام:اشرب فأنا أشرب فمدّ الحسين عليه السّلام يده فغرف من الماء.

فقال فارس:يا أبا عبد اللّه تتلذّذ بشرب الماء و قد هتكت خيمة حرمك فنفض الماء من يده و حمل علي القوم فكشفهم فإذا الخيمة سالمة ثمّ رماه رجل من القوم يقال له أبا الحتوف بسهم وقع في جبهته فنزعه فسال الدم علي وجهه و لحيته فقال:اللّهم إنّك تري ما أنا فيه من هؤلاء العصاة، اللّهم لا تذر علي وجه الأرض منهم أحدا و لا تغفر لهم أبدا ثمّ حمل عليهم كاللّيث المغضب و السهام تأخذه من كلّ ناحية و هو يتّقيها بنحره و صدره و هو يقول:يا أمّة السوء أمّا انّكم لن تقتلوا بعدي عبدا من عباد اللّه فتهابوا قتله بل يهون عليكم عند قتلكم إيّاي و ايم اللّه إنّي لأرجو أن يكرمني ربّي بالشهادة ثمّ ينتقم لي منكم من حيث لا تشعرون و لم يزل يقاتل حتّي أصابته اثنتان و سبعون جراحة ما بين طعنة و ضربة.

و قال الباقر عليه السّلام:أصيب الحسين و وجد به ثلاثمائة و بضعة و عشرون طعنة برمح و ضربة بسيف أو رمية بسهم و كان درعه كالقنفذ (1).

و روي أنّها كانت كلّها في مقدمه فوقف يستريح ساعة و قد ضعف عن القتال فأتاه سهم محدّد مسموم له ثلاث شعب فوقع في صدره فقال:بسم اللّه و بالله و علي ملّة رسول اللّه و رفع رأسه إلي السماء و قال:إلهي إنّك تعلم إنّهم يقتلون رجلا ليس علي وجه الأرض ابن نبيّ غيره فأخرج السهم من قفاه و انبعث الدم كالميزاب فوضع يده علي الجرح،فلمّا امتلأت رمي به إلي السماء فما رجع من ذلك الدم قطرة و ما عرفت الحمرة في السماء حتّي رمي الحسين بدمه إلي السماء ثمّ وضع يده ثانيا،فلمّا امتلأت لطخ بها رأسه و لحيته و قال:هكذا ألقي جدّي بدمي.

ثمّ ضعف عن القتال فكلّما جاءه رجل و انتهي إليه انصرف عنه حتّي جاءه رجل من كندة يقال له مالك بن النسر لعنه اللّه فضربه بالسيف علي رأسه و عليه برنس فامتلأ دما فطرحه و اعتمّ علي القلنسوة و كان البرنس من خز فأخذه رجاء الكندي و دخل بعد الواقعة علي امرأته فجعل يغسل الدم0.

ص: 9


1- أمالي الصدوق:282 ح 240.

عنه فقالت له امرأته:تدخل بيتي بسلب ابن رسول اللّه اخرج عنّي حشي اللّه قبرك نارا و يبست يداه حتّي صارتا كالعودين (1).

ثمّ حمل شمر علي فسطاط الحسين فطعنه بالرمح ثمّ قال:عليّ بالنار أحرقه علي من فيه.

فقال له الحسين عليه السّلام:أحرقك اللّه بالنار (2).

***

حب الحسين عليه السّلام للشهادة

عن أبي جعفر عليه السّلام قال:لمّا نزل النصر علي الحسين بن عليّ حتّي كان بين السّماء و الأرض ثمّ خيّر:النصر أو لقاء اللّه فاختار لقاء اللّه (3).

و قيل:نزل ثمانون ألفا من الملائكة و روي أربعة آلاف منهم (4).

***

دعاء الحسين عليه السّلام يوم العاشر

روي عن علي بن الحسين زين العابدين أنّه قال:لمّا أصبحت الخيل تقبل علي الحسين رفع يديه و قال:اللّهمّ أنت ثقتي في كلّ كرب،و أنت رجائي في كلّ شدّة و أنت لي في كلّ أمر نزل بي ثقة و عدّة،كم من همّ يضعف فيه الفؤاد و تقلّ فيه الحيلة و يخذل فيه الصديق و يشمت فيه العدوّ أنزلته بك و شكوته إليك رغبة منّي إليك عمّن سواك ففرّجته عنّي و كشفته فأنت وليّ كلّ نعمة و صاحب كلّ حسنة و منتهي كلّ رغبة (5).

***

الحسين عليه السّلام يعظ القوم

و قال أبو جعفر الطبري في التاريخ:قال أبو مخنف:حدّثني عبد اللّه بن عاصم قال:حدّثني الضحّاك المشرقي،لمّا دنا منه-يعني من أبي عبد اللّه أحد سيّدي شباب أهل الجنة الحسين بن علي

ص: 10


1- بحار الأنوار للعلامد المجلسي:53/45.
2- بحار الأنوار للعلامد المجلسي:54/45.
3- الكافي:260/1 ح 8،و تاريخ ال زرارة:124/1.
4- شرح أصول الكافي:234/7.
5- مستدرك الوسائل:112/11 ح 12558.

في واقعة الطف-القوم دعا براحلته فركبها ثمّ نادي بأعلي صوته بصوت عال دعاء يسمع جلّ النّاس:

أيّها النّاس اسمعوا قولي و لا تعجلوني حتي أعظكم بما لحقّ لكم عليّ و حتّي أعتذر إليكم من مقدمي عليكم فإن قبلتم عذري و صدّقتم قولي و أعطيتموني النصف كنتم بذلك أسعد،و لم يكن لكم علي سبيل،و إن لم تقبلوا منّي العذر و لم تعطوا النصف من أنفسكم إِنَّ وَلِيِّيَ اللّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتابَ وَ هُوَ يَتَوَلَّي الصّالِحِينَ (1).

قال:فلمّا سمع أخواته كلامه هذا صحن و بكين و بكي بناته فارتفعت أصواتهنّ فأرسل إليهنّ أخاه العبّاس بن علي و عليّا ابنه،و قال لهما:اسكتاهنّ فلعمري ليكثرنّ بكاؤهنّ.

قال:فلمّا ذهبا ليسكتاهنّ قال:لا يبعد ابن عبّاس،قال:فظنّنا أنّه إنما قالها حين سمع بكاؤهنّ لأنه قد كان نهاه أن يخرج بهنّ،فلمّا سكتن حمد اللّه و أثني عليه و ذكر اللّه بما هو أهله و صلّي علي محمد و علي ملائكته و أنبيائه و ذكر من ذلك ما اللّه أعلم و ما لا يحصي ذكره،قال:

فو الله ما سمعت متكلّما قطّ قبله و لا بعده أبلغ في منطق منه،ثمّ قال:

أمّا بعد فانسبوني فانظروا من أنا ثمّ ارجعوا إلي أنفسكم و عاتبوها فانظروا هل يحلّ لكم قتلي و انتهاك حرمتي؟

ألست ابن بنت نبيّكم و ابن وصيّه و ابن عمّه و أوّل المؤمنين باللّه و المصدّق لرسوله بما جاء به من عند ربّه؟أو ليس حمزة سيّد الشّهداء عمّ أبي؟أو ليس جعفر الشّهيد الطّيار ذو الجناحين عمّي؟ أو لم يبلغكم قول مستفيض فيكم أنّ رسول اللّه قال لي و لأخي:هذان سيّدا شباب أهل الجنّة فإن صدّقتموني بما أقول و هو الحقّ،و اللّه ما تعمّدت كذبا مذ علمت أنّ اللّه يمقت عليه و يضرّ به من اختلقه؛فإن كذّبتموني فإنّ فيكم من إن سألتموه عن ذلك أخبركم،سلوا جابر بن عبد اللّه الأنصاري،أو أبا سعيد الخدري،أو سهل بن سعد الساعدي،أو زيد بن أرقم،أو أنس بن مالك يخبروكم أنّهم سمعوا هذه المقالة من رسول اللّه لي و لأخي،أفما في هذا حاجز لكم عن سفك دمي.الخبر (2).

***

مجيء الملائكة و الجنّ لنصرة الحسين عليه السّلام

و روي الشيخ المفيد بإسناده إلي أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:لمّا سار أبو عبد اللّه عليه السّلام من المدينة لقيه أفواج من الملائكة المسوّمة في أيديهم الحراب علي نوق من نوق الجنّة فسلّموا عليه و قالوا:يا

ص: 11


1- الأعراف:196.
2- تاريخ الطبري:328/7 من طبع ليدن.

حجّة اللّه إنّ اللّه سبحانه أمدّ جدّك بنا في مواطن كثيرة و أنّ اللّه«أمدّك بنا فقال:إذا وردت كربلاء فأتوني و أتته أفواج مسلمي الجنّ فقالوا:نحن شيعتك فمرنا بأمرك نقتل عدوك و أنت بمكانك فجزاهم الحسين خيرا و قال:أما قرأتم أَيْنَما تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ.

و إذا أقمت بمكاني فبماذا يبتلي هذا الخلق المنفوس و من ذا يكون ساكن حفرتي بكربلاء و قد اختارها اللّه يوم دحي الأرض و جعلها معقلا لشيعتنا و يكون لهم أمانا في الدّنيا و الآخرة و لكن تحضرون يوم السبت و هو يوم عاشوراء الذي في آخره أقتل و يسار برأسي إلي يزيد لعنه اللّه.

فقالت الجنّ:يا حبيب اللّه لو لا أنّ أمرك طاعة قتلنا جميع أعدائك قبل أن يصلوا إليك.

فقال عليه السّلام:نحن و اللّه أقدر عليهم منكم و لكن ليهلك من هلك عن بيّنة و يحيي من حيّ عن بيّنة (1).

***

شهادة الإمام الحسين عليه السّلام

و قال الحسين عليه السّلام لأهله:ابعثوا إليّ ثوبا خلقا أجعله تحت ثيابي لئلاّ أجرّد فأخذ ثوبا خلقا فخرقه و جعله تحت ثيابه،ثمّ استدعي بسراويل من حبره ففزرها و لبسها،فلمّا قتل سلبها بحر بن كعب فكانت يدا بحر بعد ذلك يابسان في الصيف و ينضحان الماء في الشتاء إلي أن مات.

و لمّا أثخن بالجراح طعنه صالح بن وهب المزني علي خاصرته فسقط عن فرسه إلي الأرض علي خدّه الأيمن.

و خرجت زينب من الفسطاط تنادي:وا أخاه وا سيّداه ليت السماء أطبقت علي الأرض و ليت الجبال تدكدكت علي السهل و صاح شمر:ما تنتظرون بالرجل فحملوا عليه من كلّ جانب فضربه رجل ضربة بالسيف كبا منها لوجهه و طعنه سنان في ترقوته و رماه أيضا بسهم وقع في نحره فنزع عليه السّلام السهم من نحره و قرن كفّيه جميعا و كلّما امتلأتا من دمائه خضب بهما رأسه و لحيته يقول:هكذا ألقي اللّه مخضبا بدمي.

فقال ابن سعد لرجل:إنزل إلي الحسين و أرحه فبدر إليه خولي الأصبحي ليحتزّ رأسه فأرعد و نزل إليه سنان النخعي فضربه بالسيف علي حلقه الشريف و هو يقول:و اللّه إنّي لأحتزّ رأسك و أعلم أنّك ابن رسول اللّه و خير الناس أبا و أمّا ثمّ احتزّ رأسه المقدّس.

و روي أنّ سنانا هذا أخذه المختار فقطع أنامله أنملة أنملة ثمّ قطع يديه و رجليه و أغلي له قدرا

ص: 12


1- بحار الأنوار:331/44،و كلمات الامام الحسين:301.

فيها زيت و رماه فيها و هو يضطرب و قيل الذي قطع رأس الحسين هو الشمر لعنه اللّه و قيل بل جاء إليه شمر و سنان و الحسين عليه السّلام بآخر رمق يلوك لسانه من العطش و يطلب الماء فرفسه شمر برجله و قال:يابن أبي تراب ألست تزعم أنّ أباك علي حوض النبيّ يسقي من أحبّه فاصبر حتّي تأخذ الماء من يده فاحتزّ رأسه.

و روي أنّ فرس الحسين عليه السّلام كان يحامي عنه و يثب علي الفارس فيحبطه عن سرجه و يدوسه حتّي قتل أربعين رجلا ثمّ نزع في دم الحسين و قصد نحو الخيمة و له صهيل عال و يضرب بيديه الأرض (1).

و في حين قتله ارتفعت في السماء غبرة شديدة و سواد مظلمة فيها ريح حمراء لا يري فيها عين و لا أثر حتّي ظنّ القوم أنّ العذاب قد جاءهم فلبثوا ساعة ثمّ انجلت عنهم.

و عن هلال بن نافع قال:إنّي لواقف مع أصحاب ابن سعد إذ صرخ صارخ ابشر أيّها الأمير فهذا شمر قد قتل الحسين فخرجت بين الصفّين فوقفت عليه و أنّه ليجود بنفسه فو اللّه ما رأيت قتيلا مضمخا بدمه أحسن منه و لا أنور وجها و لقد شغلني نور وجهه عن الفكرة في قتله فاستسقي في تلك الحال ماء فقال له رجل:لا تذوق الماء حتّي ترد الحامية.

فقال الحسين عليه السّلام:بل أرد علي جدّي و أسكن معه في داره و أشرب من ماء غير آسن و أشكو إليه ما ارتكبتم منّي.

فاحتزّوا رأسه و هو يكلّمهم فتعجّبت من قلّة رحمتهم.

فقلت:و اللّه لا أجامعكم علي أمر أبدا (2).

***

وقت شهادة الحسين عليه السّلام و مدفنه

عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:قبض الحسين بن علي عليهما السّلام يوم عاشورا و هو ابن سبع و خمسين سنة (3).

عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:لمّا حملت فاطمة عليها السّلام بالحسين جاء جبرئيل إلي رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم، فقال:إنّ فاطمة عليها السّلام ستلد غلاما تقتله أمّتك من بعدك،فلمّا حملت فاطمة بالحسين كرهت حمله و حين وضعته كرهت وضعه.

ص: 13


1- مناقب آل أبي طالب:215/3،و البحار:57/45.
2- مدينة المعاجز:77/4،و البحار:/5745.
3- الكافي:463/1 ح 1.

ثمّ قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:لم تر في الدّنيا أمّ تلد غلاما تكرهه و لكنّها كرهته لما علمت أنّه سيقتل،قال:و فيه نزلت هذه الآية: وَ وَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ إِحْساناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَ وَضَعَتْهُ كُرْهاً وَ حَمْلُهُ وَ فِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً (1).

قتله عمر بن سعد بن أبي وقّاص و خولي بن يزيد الأصبحي،و احتزّ رأسه سنان بن أنس النخعي و شمر بن ذي الجوشن و سلب جميع ما كان عليه إسحاق الحضرمي و مضي قتيلا يوم عاشوراء و هو يوم السبت قبل الزوال،و يقال:يوم الجمعة بعد صلاة الظهر و قيل يوم الاثنين سنة ستّين من الهجرة و يقال سنة إحدي و ستّين.

قال الشيخ المفيد رحمه اللّه:فأمّا أصحاب الحسين عليه السّلام فإنّهم مدفونون حوله و لسنا نحصل لهم أجداثا و الحائر محيط بهم (2).

و ذكر المرتضي رحمه اللّه في بعض مسائله:إنّ رأس الحسين عليه السّلام ردّ إلي بدنه بكربلاء من الشام و ضمّ إليه.

و قال الطوسي:و منه زيارة الأربعين.

و روي الكليني في ذلك روايتين إحداهما عن أبان بن تغلب عن الصادق عليه السّلام أنّه مدفون بجنب أمير المؤمنين عليه السّلام،و الاخري عن يزيد بن عمرو بن طلحة عن الصادق عليه السّلام إنّه مدفون بظهر الكوفة دون قبر أمير المؤمنين (3).

و قال أبو الفرج في كتاب المقاتل:قتل يوم الجمعة سنة إحدي و ستّين و له ستّ و خمسون سنة و شهور.

و قيل:قتل يوم السبت و الأوّل أصحّ.

فأمّا ما يقوله العامّة أنّه قتل يوم الاثنين فباطل و هو شيء قالوه بلا رواية و كان أوّل المحرّم الذي قتل فيه يوم الأربعاء أخرجنا ذلك بالحساب الهندي من سائر الزيجات،و إذا كان ذلك كذلك فليس يجوز أن يكون اليوم العاشر من المحرّم يوم الاثنين و هذا دليل واضح تضاف إليه الرواية (4).

و في كتاب كشف اليقين عن الصادق عليه السّلام قال:مضي الحسين عليه السّلام و هو ابن سبع و خمسين سنة في عام الستّين من الهجرة و كان مقامه مع جدّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم سبع سنين إلاّ ما كان بينه و بين أخيه و هو6.

ص: 14


1- الكافي:463/1 ح 3.
2- مناقب آل أبي طالب:231/3،و البحار:199/44.
3- بحار الأنوار:199/44 ح 15.
4- بحار الأنوار:199/44 ح 16.

سبعة أشهر و عشرة أيّام و أقام مع أبيه عليه السّلام ثلاثين سنة و أقام مع أبي محمّد عشر سنين و بعده عشر سنين فكان عمره سبعا و خمسين سنة و قبض يوم عاشوراء يوم الجمعة و يقال يوم الاثنين (1).

***

مقتل الإمام الحسين علي لسان الإمام الصادق عليهما السّلام

في كتاب الأمالي عن عبد اللّه بن منصور قال:قلت للصادق عليه السّلام:حدّثني عن مقتل الحسين عليه السّلام،

قال:لمّا حضرت معاوية الوفاة قال لابنه يزيد لعنه الله:قد ذلّلت لك الرّقاب و إنّي أخشي عليك من ثلاث نفر مخالفون عليك و هم عبد اللّه بن عمر و عبد اللّه بن الزبير و الحسين بن عليّ،فأمّا ابن عمر فهو معك فالزمه و لا تدعه،و أمّا ابن الزبير فاقتله إن ظفرت به فإنّه ثعلب،و أمّا الحسين فقد عرفت حظّه من رسول اللّه و هو من لحم رسول اللّه و دمه و قد علمت أنّ أهل العراق يخرجونه إليهم ثمّ يخذلونه فإن ظفرت به فلا تؤاخذه بفعله و لا تناله بمكروه.

فلمّا هلك معاوية و تولّي الأمر يزيد بعث عامله علي المدينة عمّه عتبة بن أبي سفيان فقدم المدينة و بعث إلي الحسين عليه السّلام و قال:إنّ أمير المؤمنين يزيد آمرك أن تبايع له فقال:يا عتبة قد علمت إنّا معدن الرّسالة و أعلام الحقّ و لقد سمعت جدّي يقول:إنّ الخلافة محرّمة علي ولد أبي سفيان فكيف أبايع أهل بيت قال فيهم رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم هذا؟فكتب عتبة إلي يزيد أنّ الحسين بن علي لا يري لك خلافة و لا بيعة فرأيك في أمره،فكتب إليه:إذا أتاك كتابي هذا فعجّل إليّ بإرسال رأس الحسين،فبلغ ذلك الحسين عليه السّلام فهمّ بالخروج من الحجاز إلي العراق فلمّا أقبل الليل مضي يودّع قبر جدّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم فسطع له نور من القبر فعاد إلي موضعه.

فلمّا كانت الليلة الثانية مضي إلي القبر يودّعه فصلّي ثمّ سجد و نام فجاءه النبيّ صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و هو في منامه فضمّه إلي صدره و قبّل ما بين عينيه و قال له:بأبي أنت كأنّي أراك مرمّلا بدمك بين عصابة من هذه الامّة،يا بنيّ إنّك قادم علي أبيك و أمّك و أخيك و هم مشتاقون إليك و أنّ لك في الجنّة درجات لا تنالها إلاّ بالشهاده فانتبه الحسين عليه السّلام باكيا فأتي أهله و أخبرهم بالرؤيا و ودّعهم و حمل أخواته علي المحامل و ابن أخيه و صار في أحد و عشرين من أهل بيته و أصحابه و سمع عبد اللّه بن عمر بخروجه فركب خلفه و أدركه فقال له:ارجع إلي حرم جدّك و لا تخرج إلي العراق،فأبي،فقال:

إكشف لي عن الموضع الذي كان رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم يقبّله منك،فكشف الحسين عليه السّلام عن سرّته فقبّلها ابن عمر ثلاثا و بكي و قال:أستودعك اللّه يا أبا عبد اللّه فإنّك مقتول في وجهك هذا.

ص: 15


1- كشف الغمة:402/2.

فسار الحسين و أصحابه حتّي نزل العذيب فقال فيها قايلة الظهر ثمّ انتبه من نومه باكيا فقال له ابنه:ما يبكيك يا أبه؟

قال:يا بني إنّها ساعة لا تكذب الرؤيا فيها إنّه عرض لي في منامي عارض فقال:تسرعون السير و المطايا تسير بكم إلي الجنّة ثمّ سار حتّي نزل الرهيميّة فورد عليه رجل من أهل الكوفة يكنّي أبا هرم فقال:يابن النبيّ ما الذي أخرجك من المدينة؟

فقال:ويحك يا أبا هرم شتموا عرضي فصبرت و طلبوا مالي فصبرت و طلبوا دمي فهربت و ايم اللّه ليقتلنّي ثمّ ليلبسنّهم اللّه ذلاّ شاملا و سيفا قاطعا،و بلغ عبيد الله بن زياد لعنه اللّه الخبر و أنّ الحسين نزل الرهيمية فأرسل إليه الحرّ بن يزيد في ألف فارس،قال الحرّ:فلمّا خرجت من منزلي متوجّها نحو الحسين نوديت ثلاثا:يا حرّ أبشر بالجنّة،فالتفت فلم أر أحدا فقلت:ثكلت الحرّ أمة يخرج إلي قتال ابن رسول اللّه و يبشّر بالجنّة فبلغه عند صلاة الظهر فأمر الحسين عليه السّلام ابنه فأذّن و أقام و صلّي الحسين عليه السّلام بالفريقين جميعا،فلمّا سلّم وثب الحرّ بن يزيد و سلّم علي الحسين فقال له الحسين عليه السّلام:من أنت؟

فقال:أنا الحرّ بن يزيد،فقال:يا حرّ علينا أم لنا؟

فقال:يابن رسول اللّه لقد بعثت لقتالك و أعوذ باللّه أن أحشر من قبري و ناصيتي مشدودة إلي رجلي،يابن رسول اللّه أين تذهب إرجع إلي حرم جدّك فإنّك مقتول،فقال الحسين عليه السّلام شعرا:

سأمضي فما بالموت عار علي الفتي إذا ما نوي حقّا و جاهد مسلما

ثمّ سار حتّي نزل القطقطانية فنظر إلي فسطاط مضروب لعبد اللّه بن الحرّ فأرسل إليه الحسين عليه السّلام فقال له:إنّك مذنب خاطئ و إنّ اللّه عزّ و جلّ آخذك بما أنت صانع إن لم تتب إلي اللّه فتنصرني،فقال:يابن رسول اللّه لو نصرتك لكنت أوّل مقتول بين يديك و لكن هذا فرسي خذه إليك فأعرض عنه الحسين عليه السّلام بوجهه و قال:لا حاجة لنا فيك و لا في فرسك و ما كنت متّخذ المضلّين عضدا،و لكن فرّ فلا لنا و لا علينا فإنّه من سمع و اعيتنا أهل البيت ثمّ لم يجبنا كبّه اللّه علي وجهه في نار جهنّم ثمّ سار حتّي نزل كربلاء فقال:أيّ موضع هذا؟فقيل:هذا كربلاء يابن رسول اللّه فقال:

هذا و اللّه يوم كرب و بلاء و هذا الموضع الذي تهرق فيه دماؤنا و يباح فيه حريمنا فأقبل عبيد الله بن زياد بعسكره حتّي نزل النخيلة و بعث إلي الحسين عمر بن سعد في أربعة آلاف فارس و عبد اللّه بن الحصين و شبث بن ربعي و محمّد بن الأشعث كلّ واحد في ألف فارس و كتب إلي عمر بن سعد إذا أتاك كتابي هذا فلا تمهلن الحسين بن علي و حل بينه و بين الماء كما حيل بين عثمان و بين الماء يوم الدار،فلمّا وصله الكتاب نادي إنّا قد أجّلنا حسينا و أصحابه يومهم و ليلتهم فشقّ ذلك علي الحسين و أصحابه فقام الحسين في أصحابه خطيبا فقال:اللّهم إنّي لا أعرف أهل بيت أبرّ و لا أزكي من أهل بيتي و لا أصحابا هم خير من أصحابي و قد نزل بي ما ترون و أنتم في حلّ من بيعتي و هذا الليل قد

ص: 16

غشيكم فاتّخذوه جملا و تفرّقوا في سواده فإنّ القوم إنّما يطلبوني و لو ظفروا بي لذهلوا عن طلب غيري.

فقام إليه عبد اللّه بن مسلم بن عقيل فقال:يابن رسول اللّه ماذا يقول لنا الناس إن نحن خذلنا سيّدنا و ابن سيّد الأعمام و ابن نبيّنا لم نضرب معه بسيف و لم نقاتل معه برمح لا و اللّه أو نرد موردك و نجعل دماءنا دون دمك فإذا فعلنا ذلك قضينا ما علينا،و قام إليه زهير بن القين فقال:وددت أنّي قتلت ثمّ نشرت ثمّ قتلت ثمّ نشرت ثمّ قتلت ثمّ نشرت فيك و في الذين معك مائة قتلة و أنّ اللّه دفع بي عنكم أهل البيت،فقال له و لأصحابه:جزيتم خيرا.

ثمّ إنّ الحسين عليه السّلام أمر بحفيرة حول عسكره شبه الخندق فحشيت حطبا و أرسل عليّا ابنه في ثلاثين فارسا و عشرين راجلا ليستقوا الماء و هم علي و جل شديد و أنشأ الحسين عليه السّلام يقول شعرا:

يا دهر اف لك من خليل كم لك في الإشراق و الأصيل

من طالب و صاحب قتيل و الدهر لا يقنع بالبديل

و إنّما الأمر إلي الجليل و كلّ حيّ سالك سبيلي

ثمّ قال لأصحابه:قوموا فاشربوا من الماء يكن آخر زادكم و توضأوا و اغتسلوا و اغسلوا ثيابم لتكون أكفانكم ثمّ صلّي بهم الفجر و عبّأهم تعبئة الحرب و أمر بالحفيرة فأضرمت بالنار ليقاتل القوم من وجه واحد و أقبل رجل من عسكر ابن سعد يقال له ابن أبي جويرية فقال:يا حسين أبشروا بالنار التي تعجّلتموها في الدّنيا،فقال الحسين عليه السّلام:اللّهم أذقه عذاب النار في الدّنيا فنفر به فرسه و ألقاه في تلك النار فاحترق.

ثمّ برز من عسكر عمر بن سعد رجل آخر يقال له تميم بن حصين فنادي يا حسين و يا أصحاب حسين ألا ترون إلي ماء الفرات يموج كأنّه بطون الحيّات و اللّه لا ذقتم منه قطرة حتّي تذوقوا الموت جرعا.فقال الحسين عليه السّلام:اللّهم اقتل هذا عطشا في هذا اليوم فخنقه العطش حتّي سقط عن فرسه فوطأته الخيل بسنابكها فمات.

ثمّ أقبل محمّد بن أشعث بن قيس الكندي و قال:أيّة حرمة لك من رسول اللّه ليست لغيرك؟

فقال:إنّ اللّه اصطفي آدم و نوحا و آل إبراهيم و آل عمران علي العالمين،و اللّه إنّ محمّدا لمن آل إبراهيم و أنّ العترة الهادية لمن آل محمّد فقال:اللّهم أر محمّد بن الأشعث ذلاّ في هذا اليوم فخرج من العسكر يتبرز فسلّط اللّه عليه عقربا فلدغه فمات بادئ العورة فبلغ العطش من الحسين و أصحابه فدخل عليه رجل من أصحابه يقال له يزيد الهمداني فقال:ائذن لي فأخرج إليهم فأكلّمهم، فأذن له فخرج إليهم و قال:يا معشر الناس إنّ اللّه بعث محمّدا بالحقّ بشيرا و نذيرا و هذا ماء الفرات تقع فيه خنازير السواد و كلابها و قد حيل بينه و بين ابنه.

ص: 17

فقالوا:يا يزيد قد أكثرت الكلام فاكفف فو الله ليعطشنّ الحسين كما عطش من كان قبله،فقال الحسين عليه السّلام:أقعد يا يزيد ثمّ وثب الحسين عليه السّلام متوكئا علي سيفه فنادي بأعلي صوته:أنشدكم اللّه هل تعرفوني؟

قالوا:نعم أنت ابن رسول اللّه و سبطه،فقال:أنشدكم اللّه هل تعلمون أنّ جدّي رسول اللّه؟

قالوا:اللّهم نعم،قال:هل تعلمون إنّ أمّي فاطمة بنت محمّد؟

قالوا:اللّهم نعم،قال:أنشدكم اللّه هل تعلمون أنّ أبي عليّ بن أبي طالب؟

قالوا:اللّهم نعم،قال:أنشدكم اللّه هل تعلمون أنّ جدّتي خديجة أوّل نساء هذه الامّة إسلاما؟

قالوا:اللّهم نعم،قال:أنشدكم اللّه هل تعلمون أنّ سيّد الشهداء حمزة عمّ أبي؟

قالوا:اللّهم نعم،قال:فأنشدكم اللّه هل تعلمون أنّ جعفر الطيّار في الجنّة عمّي؟

قالوا:اللّهم نعم،قال:فأنشدكم اللّه هل تعلمون أنّ هذا سيف رسول اللّه و أنا متقلّده؟

قالوا:اللّهم نعم،قال:فأنشدكم اللّه هل تعلمون أنّ هذه عمامة رسول اللّه أنا لابسها؟

قالوا:اللّهم نعم،قال:فأنشدكم اللّه هل تعلمون أنّ عليّا كان أوّلهم إسلاما و أعلمهم علما و أعظمهم حلما و أنّه أوّل كلّ مؤمن و مؤمنة؟

قالوا:اللّهم نعم،قال:فبم تستحلّون دمي و أبي الذائد عن الحوض غدا يذود عنه رجالا كما يذاد البعير الصادر عن الماء و لواء الحمد في يد جدّي يوم القيامة؟

قالوا:قد علمنا ذلك كلّه و نحن غير تاركيك حتّي تذوق الموت عطشا،فأخذ الحسين عليه السّلام بطرف لحيته و هو يومئذ ابن سبع و خمسين سنة ثمّ قال:اشتدّ غضب اللّه علي اليهود حين قالوا عزير ابن اللّه و اشتدّ غضب اللّه علي النصاري حين قالوا المسيح ابن اللّه و اشتدّ غضب اللّه علي المجوس حين عبدوا النار من دون اللّه و اشتدّ غضب اللّه علي قوم قتلوا نبيّهم و اشتدّ غضب اللّه علي هذه العصابة الذين يريدون قتل ابن نبيّهم.

قال:فضرب الحرّ بن يزيد فرسه إلي عسكر الحسين عليه السّلام واضعا يده علي رأسه و هو يقول:

اللّهم إليك أنيب فتب عليّ فقد أرعبت قلوب أوليائك و أولاد نبيّك،يابن رسول اللّه هل من توبة؟

قال:نعم تاب اللّه عليك.

قال:يابن رسول اللّه ائذن لي فأقاتل عنك فأذن له فبرز و هو يقول شعرا:

أضرب في أعناقكم بالسيف عن خير من حلّ بلاد الخيف

فقتل منهم ثمانية عشر رجلا ثمّ قتل فأتاه الحسين عليه السّلام و دمه يشخب فقال:بخ بخ يا حرّ أنت

ص: 18

حرّ كما سمّيت في الدّنيا و الآخرة ثمّ أنشأ الحسين عليه السّلام يقول شعرا:

لنعم الحرّ حرّ بني رياح صبور عند مختلف الرّماح

و نعم الحرّ إذ ساوي حسينا فجاد بنفسه عند الصياح

ثمّ برز من بعده زهير بن القين و هو يقول مخاطبا للحسين عليه السّلام شعرا:

اليوم نلقي جدّك النبيّا و حسنا و المرتضي عليا

فقتل منهم تسعة عشر رجلا ثمّ صرع و خرج من بعده حبيب بن مظاهر و هو يقول شعرا:

أنا حبيب و أبي مظاهر لنحن أزكي منكم و أطهر

فقتل منهم واحدا و ثلاثين رجلا ثمّ قتل و برز وهب بن وهب و كان نصرانيا أسلم علي يدي الحسين عليه السّلام هو و أمّه و ركب فرسا و تناول عمود الفسطاط فقاتل و قتل من القوم سبعة أو ثمانية ثمّ استؤسر فأمر ابن سعد بقتله فقتل و رمي برأسه إلي عسكر الحسين عليه السّلام فأخذت أمّه سيفه و برزت فقال لها الحسين عليه السّلام:يا أمّ وهب إجلسي فقد وضع اللّه الجهاد عن النساء إنّك و ابنك مع جدّي محمّد صلي اللّه عليه و آله و سلّم في الجنّة.

و برز إليهم عبد اللّه بن مسلم بن عقيل و أنشد شعرا:

أقسمت لا أقتل إلاّ حرّا و إن وجدت الموت شيئا مرّا

أكره أن ادعي جبانا فرّا إنّ الجبان من عصي و فرّا

فقتل ثلاثة و قتل،و برز من بعده عليّ بن الحسين عليهما السّلام،فلمّا برز إليهم دمعت عين الحسين عليه السّلام فقال:اللّهم كن أنت الشهيد عليهم فقد برز إليهم ابن رسولك و أشبه الناس وجها و سمة به فجعل يقول شعرا:

أنا عليّ بن الحسين بن عليّ نحن و رب بيت اللّه أولي بالنبيّ

فقتل عشرة ثمّ رجع إلي أبيه فقال؛يا أبه العطش،فقال له الحسين عليه السّلام:صبرا يا بني يسقيك جدّك بالكأس الأوفي،فرجع و قتل منهم أربعة و أربعين ثمّ قتل عليه السّلام،ثمّ برز من بعده القاسم بن الحسن و هو يقول شعرا:

لا تجزعي نفسي فكلّ فاني اليوم تلقين ذري الجنان

فقتل منهم ثلاثة ثمّ رمي عن فرسه فنظر الحسين عليه السّلام يمينا و شمالا فلم ير أحدا فقال:اللّهم إنّك تري ما يصنع بولد نبيّك و حالوا بينه و بين الماء و رمي بسهم فوقع في نحره و خرّ عن فرسه فأخذ السهم فرمي به و جعل يتلقّي الدم بكفّه،فلمّا امتلأت لطخ بها رأسه و لحيته و يقول ألقي اللّه عزّ و جلّ و أنا مظلوم متلطّخ بدمي ثمّ خرّ علي خدّه الأيسر صريعا و أقبل عدوّ اللّه سنان و شمر بن ذي الجوشن

ص: 19

لعنهما اللّه تعالي في رجال من أهل الشام حتّي وقفوا علي رأسه فقال بعضهم لبعض:ما تنتظرون أريحوا الرجل فنزل سنان و أخذ بلحية الحسين عليه السّلام و جعل يضرب بالسيف في حلقه و هو يقول:و اللّه إنّي لأحتزّ رأسك و أنا أعلم أنّك ابن رسول اللّه و خير الناس أمّا و أبا.

و أقبل فرس عليه السّلام الحسين حتّي لطخ عرفه و ناصيته بدمه و جعل يركض و يصهل و سمعت بنات النبيّ صهيله فخرجن فإذا الفرس بلا راكب فعرفن أنّ حسينا قد قتل و خرجت أمّ كلثوم بنت الحسين واضعة يدها علي رأسها تندب وا محمّداه هذا الحسين بالعرا قد سلب العمامة و الرّداء.

و أقبل سنان لعنه اللّه حتّي أدخل رأس الحسين عليه السّلام علي ابن زياد و هو يقول شعرا:

املأ ركابي فضّة أو ذهبا إنّي قتلنا الملك المحجّبا

قتلت خير الناس أمّا و أبا و خيرهم إذ ينسبون نسبا

فقال له ابن زياد:ويحك إذا علمت إنّه خير الناس أبا و أمّا لم قتلته؟فأمر به فضربت عنقه و عجّل اللّه بروحه إلي النار،و أرسل ابن زياد قاصدا إلي أمّ كلثوم بنت الحسين يقول لها:الحمد للّه الذي قتل رجالكم فكيف ترون ما فعل بكم؟

فقالت:يابن زياد لئن قرّت عينك بقتل الحسين فطالما قرّت عين جدّه به و كان يقبّله و يلثم شفتيه يابن زياد أعد لجدّه جوابا فإنّه خصمك غدا.

و قال السيّد علي بن طاووس:إنّ مروان بن الحكم قال للحسين عليه السّلام:بايع ليزيد يكن خيرا لك في دينك و دنياك.

فقال الحسين عليه السّلام:إنّا للّه و إنّا إليه راجعون و علي الإسلام السلام إذ قد بليت الامّة براع مثل يزيد.

و روي الكليني طاب ثراه في كتاب الوسائل مسندا إلي حمزة بن حمران عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:ذكرنا خروج الحسين عليه السّلام و تخلّف ابن الحنفية فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام:يا حمزة إنّي سأخبرك بحديث لا تسأل عنه بعد مجلسك هذا؛إنّ الحسين عليه السّلام لمّا فصل متوجّها دعا بقرطاس و كتب فيه:

بسم اللّه الرحمن الرحيم من الحسين بن عليّ بن أبي طالب إلي بني هاشم؛أمّا بعد فإنّه من لحق بي منكم استشهد و من تخلّف لم يبلغ مبلغ الفتح و السلام (1).

***1.

ص: 20


1- الكليني و الكافي:216،و بصائر الدرجات:501.

ذكر شهادة ولدي مسلم بن عقيل

في كتاب الأمالي مسندا إلي أبي محمّد شيخ لأهل الكوفة في شهادة ولدي مسلم الصغيرين قال:لمّا قتل الحسين بن علي أسر من عسكره غلامان صغيران فأتي بهما عبيد الله بن زياد فدعا سجّانا له و قال:خذ هذين الغلامين و لا تطعمهما من طيب الطعام و لا تسقهما من الماء البارد و ضيّق عليهما في السجن،و كان الغلامان يصومان النهار فإذا جنّهما الليل أتي لهما بقرصين من شعير و كوز ماء فصارا في الحبس طول السنة فقال أحدهما للآخر:يا أخي يوشك أن تفني أعمارنا في السجن و تبلي أبداننا فإذا جاء الشيخ فاعلمه بحالنا لعلّه يوسّع علينا في طعامنا فأقبل الشيخ بقرصين من شعير فقال له الغلام الصغير:يا شيخ أتعرف محمّدا؟

قال:هو نبيّي كيف لا أعرفه،قال:أتعرف عليّ بن أبي طالب؟

قال:هو ابن عمّ النبيّ،قال له:يا شيخ نحن من عترة النبيّ من ولد مسلم بن عقيل و قد ضيّقت علينا السجن فانكبّ الشيخ يقبّل أقدامهما و يقول:نفسي لنفسكما الفداء هذا باب السجن مفتوح فخذا أيّ طريق شئتما.

فلمّا جنّهما الليل أتي لهما بقرصين من شعير و كوز من ماء و أقفهما علي الطريق و قال لهما:

سيرا الليل و اكمنا النهار ففعل الغلامان ذلك فلمّا جنّهما الليل انتهيا إلي عجوز علي باب فقالا لها:

إنّا غلامان صغيران غريبان لا نعرف الطريق أضيفينا سواد هذه الليلة،فقالت لهما:فمن أنتما فما شممت رائحة أطيب من رائحتكما؟فقالا:نحن من عترة نبيّك محمّد هربنا من سجن ابن زياد من القتل،فقالت العجوز:يا حبيبي إنّ لي صهرا فاسقا قد شهد الوقعة مع عبيد اللّه بن زياد أتخوّف أن يصيبكما هاهنا فيقتلكما،قالا:سواد هذه الليلة،قالت:سآتيكما بطعام،فلمّا ولجا الفراش قال الصغير للكبير:يا أخي انّا نرجو أن نكون قد أمنا ليلتنا هذه فتعال حتّي أعانقك و تعانقني و أشمّ ريحك و تشمّ ريحي قبل أن يفرّق الموت بيننا،ففعل الغلامان ذلك و اعتنقا و ناما،فلمّا كان في بعض الليل أقبل صهر العجوز الفاسق حتّي قرع الباب فدخل و قد أصابه التعب فقال:هرب غلامان من عسكر ابن زياد فنادي من جاء برأس واحد منهما فله ألف درهم و من جاء برأسيهما فله ألفا درهم و قد تعبت و لم يصل في يدي شيء،قالت العجوز:يا صهري احذر أن يكون خصمك محمّد في القيامة،فقال:الدّنيا محرص عليها،فأكل الملعون و شرب،فلمّا كان في بعض الليل سمع غطيط الغلامين في جوف الليل فأقبل يلمس بكفّه جدار البيت حتّي وقعت يده علي جنب الغلام الصغير فقال:من هذا؟

قال:أمّا أنا فصاحب المنزل فمن أنتما؟فأقبل الصغير يحرّك الكبير و يقول له:قم فقد وقعنا فيما كنّا نحذره،قال لهما:من أنتما؟قالا له:إن صدقناك فلنا الأمان؟

ص: 21

قال:نعم،فأخذا عليه العهود المؤكّدة قالا:يا شيخ نحن من عترة نبيّك محمّد هربنا من سجن ابن زياد من القتل فقال:من الموت هربتما و إلي الموت وقعتما،الحمد للّه الذي أظفرني بكما،فشدّ أكتافهما إلي الصباح فلمّا أصبح دعي غلاما له أسود اسمه فليح فقال:خذ هذين الغلامين إلي شاطئ الفرات و اضرب أعناقهما و أتني برأسيهما لأنطلق بهما إلي ابن زياد و آخذ الجائزة فحمل الغلام السيف و مشي مع الغلامين فقالا له:يا أسود ما أشبه سوادك بسواد بلال مؤذّن رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم.

قال:إنّ مولاي قد أمرني بقتلكما فمن أنتما؟

قالا:نحن من عترة النبيّ هربنا من القتل،فانكبّ الأسود علي أقدامهما يقبّلهما و يقول:نفسي لنفسكما الفداء و اللّه لا يكون محمّد خصمي في القيامة،ثمّ رمي السيف و عبر الفرات إلي الجانب الآخر فصاح به مولاه:عصيتني،فقال:إذا أنت عصيت اللّه فأنا منك بريء.فدعا ابنه فقال:يا بني إنّما أجمع الدّنيا حلالها و حرامها لك فخذ هذين الغلامين إلي شاطئ الفرات و أتني برأسيهما لآخذ الجائزة من ابن زياد فأخذ السيف و مضي مع الغلامين فقال أحدهما:يا شاب ما أخوفني علي شبابك هذا من نار جهنّم،قال:من أنتما؟

قالا:من عترة نبيّك محمّد صلّي اللّه عليه و آله و سلّم فانكبّ الغلام علي أقدامهما و رمي السيف و عبر الفرات فصاح به أبوه.

ثمّ قال الملعون:لا يلي أحد قتلكما غيري و أخذ السيف و مشي معهما،فلمّا نظر الغلامان إلي السيف مسلولا اغرورقت أعينهما و قالا له:يا شيخ انطلق بنا إلي السوق بعنا و خذ أثماننا و لا تجعل محمّدا خصمك في القيامة.

فقال:لا،و لكن أقتلكما و أذهب برأسيكما إلي ابن زياد لأجل الجائزة،فقالا له:فامض بنا إلي ابن زياد حتّي يحكم فينا بأمره،فقال:لا،إلاّ أن أتقرّب بدمكما،قالا له:أما ترحم صغر سنّنا؟

قال:ما جعل اللّه لكما في قلبي من الرحمة شيئا،قالا:إن كان و لا بدّ فدعنا نصلّي ركعات، قال:فصلّيا ما شئتما إن نفعتكما الصلاة،فصلّي الغلامان أربع ركعات ثمّ رفعا طرفيهما إلي السماء فناديا يا حيّ يا حكيم يا أحكم الحاكمين احكم بيننا و بينه بالحقّ فأقام الأكبر فضرب عنقه و وضع رأسه في المخلاة و أقبل الغلام الصغير يتمرّغ في دم أخيه و يقول:حتّي ألقي رسول اللّه و أنا مختضب بدم أخي ثمّ ضرب عنق الصغير و وضع رأسه في المخلاة و رمي ببدنيهما في الماء و هما يقطران دما فكان بدن الأوّل علي وجه الفرات ساعة حتّي رمي الثاني فأقبل بدن الأوّل راجعا يشقّ الماء شقّا حتّي التزم بدن أخيه و مضيا في الماء،و جاء إلي ابن زياد فوضع الرأسين بين يديه فقال:الويل لك أين ظفرت بهما؟

ص: 22

قال:أضافتهما عجوز لنا،قال:فما عرفت لهما حقّ الضيافة؟

قال:لا،قال:فأيّ شيء قالا لك؟فحكي كلامهما و جوابه لهما،قال:أفلا جئتني بهما حيّين فكنت أضاعف لك الجائزة و أجعلها أربعة آلاف درهم؟

قال:ما رأيت إلاّ التقرّب إليك بدمهما،قال:ما قالا لك في آخر صلاتهما؟قال:قالا:يا أحكم الحاكمين احكم بيننا و بينه بالحقّ.

قال ابن زياد:قد حكم اللّه بينك و بينهما،من للفاسق؟فانتدب له رجل من أهل الشام قال:

أنا له.

قال:فانطلق به إلي الموضع الذي قتل فيه الغلامين فاضرب عنقه و لا تترك أن يختلط دمه بدمهما و عجّل برأسه ففعل الرجل ذلك و جاء برأسه فنصبه علي قناة فجعل الصبيان يرمونه بالنبل و الحجارة و يقولون:هذا قاتل ذرّية رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم (1).

روي أن الغلامين اللّذين هربا من عسكر ابن زياد إبراهيم و محمّد و كانا من ولد جعفر الطيّار و ذكر أنّ ابن زياد لمّا أمر بقتل الملعون قاتلهما رمي جيفته في الماء فلم يقبلها الماء و رمي به إلي الجرف فأمر ابن زياد أن يحرق بالنار ففعل به ذلك و صار إلي عذاب اللّه تعالي.

***

الآيات التي ظهرت بعد قتل الحسين عليه السّلام

عن خلف بن خليفة،عن أبيه قال:لما قتل الحسين اسودّت السماء و ظهرت الكواكب نهارا حتي رأيت الجوزاء عند العصر و سقط التراب الأحمر.

و عن علي بن مسهر،حدثتني جدتي قالت:كنت أيام الحسين جارية شابة،فكانت السماء أياما علقة.و في رواية:فمكثت السماء سبعة أيام بلياليها كأنها علقة.

و عن خلاّد صاحب السمسم-و كان ينزل بني جحدر-قال:حدثتني أمي قالت:كنا زمانا بعد مقتل الحسين و ان الشمس تطلع محمرة علي الحيطان و الجدر بالغداة و العشي،قالت:و كانوا لا يرفعون حجرا إلاّ وجد تحته دم (2).

ص: 23


1- أمالي الصدوق:148 ح 145،و البحار:105/45.
2- الأخبار مستفيضة في ذلك راجع ذخائر العقبي:145 و تاريخ السيوطي:207،و الرياض المستطابة:303، بغية الطلب:2636/6،و المواهب اللدنية:101/3 بلفظ:امطرت السماء دما،و التذكرة الحمدونية:/9 245 ح 479.

و عن الأسود بن قيس قال:احمرّت آفاق السماء بعد قتل الحسين ستة أشهر يري ذلك في آفاق السماء كأنها الدم (1).

و عن عيسي بن الحارث الكندي قال:لما قتل الحسين مكثنا سبعة أيام إذا صلينا العصر فنظرنا إلي الشمس علي أطراف الحيطان كأنها الملاحف المصفّرة،و نظرنا إلي الكواكب يضرب بعضها بعضا (2).

و عن نصرة الأزدية قالت:لما أن قتل الحسين بن علي مطرت السماء دما،فأصبحت و كلّ شيء لنا ملآن دماء (3).

و عن ابن لهيعة،عن أبي قبيل قال:لما قتل الحسين بن علي كسفت الشمس كسفة بدت الكواكب نصف النهار حتي ظننّا أنها هي (4).

و عن هشام،عن محمد قال:تعلم هذه الحمرة في الأفق مم هو؟فقال:من يوم قتل الحسين بن علي (5).

عن محمد بن سيرين،قال:لم تكن تري الحمرة في السماء حتي قتل الحسين بن علي (6).

و عن جعفر بن سليمان قال:حدثتني خالتي أم سالم قالت:لما قتل الحسين بن علي مطرنا مطرا كالدم علي البيوت و الجدر.

و عن عبد اللّه بن إدريس،عن أبيه إدريس بن عبد اللّه الأودي قال:لمّا قتل الحسين عليه السّلام أراد القوم أن يوطئوه الخيل،فقالت فضّة لزينب:يا سيّدتي إنّ سفينة (7)كسر به في البحر فخرج إلي جزيرة فإذا هو بأسد،فقال:يا أبا الحارث أنا مولي رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم،فهمهم بين يديه حتّي أوقفه علي الطريق و الأسد رابض في ناحية،فدعيني أمضي إليه و أعلمه ما هم صانعون غدا،قال:فمضتة.

ص: 24


1- سير الأعلام:312/3 و فيه:ستة أشهر تري كالدم.
2- المعجم الكبير للطبراني ح(2839)و نقله الذهبي في السير:312/3.
3- سير الأعلام:312/3.
4- البحار:216/45.
5- سير الأعلام:312/3.
6- بغية الطلب:2639/6.
7- و اختلف في نقلها ففي كتاب الخرائج عن ابن الأعرابي عن سفينة مولي رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم قال:خرجت غازيا فكسر بي المركب فغرق مع ما فيه و أفلت و ما عليّ إلاّ خرقة إلي آخر ما نقله،و القصّة طويلة و حاصله أنه ضل الطريق فهداه الأسد و أوصله إليه.و في شرح السنة:سفينة مولي رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم أخطأ الجيش بأرض الروم و أسر فانطلق هاربا يطلب الجيش فإذا هو بأسد فقال.يا أبا الحارث أنا مولي رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و كان من أمري كيت و كيت فأقبل الأسد حتي قام إلي جنبه كلما سمع صوتا أهوي إليه ثم أقبل يمشي إلي جنبه حتي أبلغه الجيش ثم رجع.و قال المازري:اسم سفينة قيس،و قيل:نجران،و قيل:رومان،و قيل: مهران،و كنيته المشهورة أبو عبد الرحمن و سبب تسميته بسفينة أنه حمل متاعا كثيرا لرفقائه في الغزو فقال 9:أنت سفينة.

إليه فقالت:يا أبا الحارث فرفع رأسه ثمّ قالت:أتدري ما يريدون أن يعملوا غدا بأبي عبد اللّه عليه السّلام؟ يريدون أن يوطئوا الخيل ظهره،قال:فمشي حتّي وضع يديه علي جسد الحسين عليه السّلام،فأقبلت الخيل فلمّا نظروا إليه قال لهم عمر بن سعد-لعنه اللّه-فتنة لا تثيروها انصرفوا،فانصرفوا (1).

و في الأمالي عن ابن عبّاس قال:كنت مع أمير المؤمنين عليه السّلام في خروجه إلي صفّين،فلمّا نزل بنينوي و هو شط الفرات قال:يابن عبّاس أتعرف هذا الموضع؟قلت له:ما أعرفه يا أمير المؤمنين،فقال له:لو عرفته كمعرفتي لم تكن تجوزه حتّي تبكي كبكائي،فبكي طويلا حتّي سالت الدموع علي صدره و بكينا معا و يقول:أواه أواه مالي و لآل أبي سفيان حزب الشيطان،صبرا يا أبا عبد اللّه فقد لقي أبوك مثل الذي تلقي منهم فتوضّأ و صلّي ثمّ رقد،فلمّا انتبه قال:يابن عبّاس رأيت في منامي كأنّي برجال نزلوا من السماء معهم أعلام بيض قد تقلّدوا سيوفهم و هي بيض تلمع و قد خطوا حول هذه الأرض،ثمّ رأيت كأنّ هذا النخل قد ضربت بأغصانها إلي الأرض تضطرب بدم عبيط و كأنّي بالحسين فرخي قد غرق فيه يستغيث فيه فلا يغاث و كان الرجال البيض قد نزلوا من السماء ينادونه و يقولون صبرا آل الرسول،فإنّكم ستقتلون علي يدي شرار الناس و هذه الجنّة مشتاقة إليكم ثمّ يعزّونني و يقولون:يا أبا الحسن إبشر فقد أقرّ اللّه عينك يوم يقوم الناس لربّ العالمين ثمّ انتبهت و الذي نفس عليّ بيده لقد حدّثني أبو القاسم صلّي اللّه عليه و آله و سلّم إنّي سأراها في خروجي إلي أهل البغي و هذه أرض كرب و بلاء يدفن فيها الحسين و سبعة عشر رجلا من ولدي و ولد فاطمة و إنّها في السماوات معروفة تذكر أرض كرب و بلاء،يابن عبّاس اطلب لي حولها بعر الظباء و هي مصفرّة لونها لون الزعفران فطلبتها فوجدتها مجتمعة فناديته قد أصبتها فقام إليها فشمّها و قال:هي هي بعينها هذه الأبعار قد شمّها عيسي،و ذلك إنّه مرّ بها و معه الحواريّون فرأي هاهنا الظبا مجتمعة و هي تبكي فجلس و بكي مع الحواريّين فقالوا:يا روح اللّه ما يبكيك؟

قال:هذه أرض يقتل فيها فرخ الرسول و فرخ الحرّة الطاهرة شبيهة أمّي و هذه الظباء تكلّمني و تقول:إنّها ترعي في هذه الأرض شوقا إلي تربة الفرخ المبارك و زعمت أنّها آمنة في هذه الأرض ثمّ ضرب بيده إلي هذه البعر فشمّها و قال:هذه بعر الظباء علي هذا الطيب لمكان حشيشها،اللّهمّ فابقها حتّي يشمّها أبوه فيكون له عزاء و سلوة،قال:فبقيت إلي يوم الناس هذا و قد اصفرّت لطول زمنها و هذه أرض كرب و بلاء.

ثمّ قال:يا ربّ عيسي لا تبارك في قتله ثمّ بكي بكاء طويلا حتّي سقط لوجهه و غشي عليه،ثمّ أفاق فأخذ البعر فصرّه في ردائه و أمرني أن أصرّها كذلك ثمّ قال:يابن عبّاس إذا رأيتها تنفجر دما عبيطا و يسيل منها دم عبيط،فاعلم أنّ أبا عبد اللّه قد قتل بها و دفن.

قال ابن عبّاس:فكنت أحافظ عليها و لا أحلّها من طرف كمي فبينما أنا نائم في البيت إذ8.

ص: 25


1- الكافي:1.466 ح 8.

انتبهت فإذا هي تسيل دما عبيطا فجلست و أنا باك و قلت:قد قتل و اللّه الحسين فخرجت عند الفجر فرأيت المدينة كأنّها ضباب لا يستبين منها أثر عين ثمّ طلعت الشمس كأنّها منكسفة و كأنّ حيطان المدينة عليها دم عبيط،فبكيت و سمعت صوتا من ناحية البيت و هو يقول:

اصبروا آل الرسول قتل الفرخ النحول

نزل الروح الأمين ببكاء و عويل

فأثبت عندي تلك الساعة و كان شهر المحرّم يوم عاشوراء فوجدته قتل ذلك اليوم،فحدّثت بهذا الحديث أولئك الذين كانوا معه فقالوا:و اللّه لقد سمعنا ما سمعت و نحن في المعركة و لا ندري ما هو فكنّا نري أنّه الخضر عليه السّلام.

و عن مروان مولي هند بنت المهلّب قال:حدّثني بواب عبيد اللّه بن زياد أنه لما جيء برأس الحسين فوضع بين يديه رأيت حيطان دار الإمارة تسيل دما.

و عن زيد بن عمرو الكندي قال:حدثتني أم حيّان قالت:يوم قتل الحسين أظلمت علينا الدنيا ثلاثا،و لم يمس أحد من زعفرانهم شيئا،فجعله علي وجهه إلاّ احترق،و لم يقلب حجر ببيت المقدس إلاّ أصبح تحته دم عبيط.

و عن معمر قال:أول ما عرف الزهري[أنه]تكلم في مجلس الوليد بن عبد الملك فقال الوليد:أيّكم يعلم ما فعلت أحجار بيت المقدس يوم قتل الحسين بن علي؟

فقال الزهري:-زاد عبد الكريم و ابن السمرقندي:بلغني و قالوا-أنه لم يقلب حجر إلاّ وجد تحته دم عبيط (1).

و عن عمر بن محمد بن عمر بن علي،عن أبيه قال:أرسل عبد الملك إلي ابن رأس الجالوت فقال:هل كان في قتل الحسين علامة؟

قال رأس الجالوت:ما كشف يومئذ حجر إلاّ وجد تحته دم عبيط.

عن يزيد بن أبي زياد قال:فقال الحسين ولي أربعة عشر سنة.

[قال:]و صار الورس الذي كان في عسكرهم رمادا،و احمرّت آفاق السماء،و نحروا ناقة في عسكرهم فكانوا يرون في لحمها النيران (2).

و عن أبي بكر الحميدي،عن سفيان قال:حدثتني جدتي قالت:لقد رأيت الورس عاد رمادا، و لقد رأيت اللحم كأنّ فيه النار حين قتل الحسين (3).9.

ص: 26


1- بغية الطلب:2636/6.
2- سير الأعلام:313/3.
3- المعجم الكبير للطبراني ح 2858 و نقله الذهبي عن ابن عيينة في سير الأعلام:313/3 و بغية الطلب:/6 2639.

عقبة بن أبي حفصة السّلولي عن أبيه قال:إن كان الورس من ورس الحسين يقال به هكذا فيصير رمادا (1).

و عن سفيان بن عيينة قال:حدثتني جدتي أم عيينة أن حمّالا كان يحمل ورسا فهوي قتل الحسين بن علي فصار ورسه رمادا (2).

و عن أبي حميد الطحان،قال:كنت في خزاعة فجاؤوا بشيء من تركة الحسين،فقيل لهم ننحر أو نبيع فنقسم؟

قالوا:انحروا (3).

قال:فجعل علي جفنة،فلما وضعت فارت نارا.

جميل بن مرة قال:أصابوا إبلا في عسكر الحسين يوم قتل فنحروها و طبخوها،قال:فصارت مثل العلقم،فما استطاعوا أن يسيغوا منها شيئا (4).

و عن الشعبي قال:صلب رأس الحسين بالكوفة فتنحنح الرأس و قرأ سورة الكهف إلي قوله:

إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَ زِدْناهُمْ هُديً فلم يزدهم ذلك إلاّ ضلالا.

و في الأثر أنّهم لمّا صلبوا رأسه علي الشجر سمع منه: وَ سَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ.

و لمّا نحر الجمل الذي حمل عليه رأس الحسين كان لحمه أمرّ من الصبر (5).

***

ما جري علي آل الحسين عليهم السّلام بعد شهادته

ثمّ أقبلوا علي سلب الحسين فأخذ قميصه إسحاق الحضرمي فلبسه فصار أبرصا و أخذ سراويله بحر بن كعب ثمّ صار زمنا مقعدا و أخذ عمامته خنس بن علقمة فاعتمّ بها فصار مجنونا مجذوما و أخذ درعه مالك الكندي فصار معتوها و أخذ نعليه الأسود بن خالد و أخذ خاتمه بجدل الكلبي فقطع إصبعه عليه السّلام مع الخاتم و هذا أخذه المختار فقطع يديه و رجليه و تشحّط بدمه حتّي مات و أخذ قطيفة له من خزّ قيس بن الأشعث و أخذ درعه البتراء عمر بن سعد و أخذ سيفه جميع الأزدي و هذا السيف المنهوب ليس بذي الفقار و أنّ ذلك كان مذخورا مع أمثاله من ذخائر النبوّة و الإمامة و تسابق القوم

ص: 27


1- بغية الطلب:2639/6-2640.
2- تاريخ بغداد:300/3 في ترجمة محمد بن المنذر البغدادي.
3- في بغية الطلب:2640/6 فقيل لهم:نتجر أو نبيع فنقسم؟قالوا:اتجروا.
4- بغية الطلب:2641/6.
5- مناقب آل أبي طالب:218/3.

علي نهب بيوت آل الرسول حتّي جعلوا ينزعون ملحفة المرأة عن ظهرها (1).

و روي حميد بن مسلم قال:رأيت امرأة من بكر بن وائل كانت مع زوجها في أصحاب عمر بن سعد،فلمّا رأت القوم قد اقتحموا علي نساء الحسين فسطاطهنّ و هم يسلبونهنّ أخذت سيفا و أقبلت نحو الفسطاط و قالت:يا آل بكر بن وائل أتسلب بنات رسول اللّه لا حكم إلاّ للّه يا لثارات رسول اللّه فأخذها زوجها وردّها إلي رحله.

ثمّ أخرجوا النساء من الخيمة و أشعلوا فيها النار فخرجن مسلبات حافيات باكيات يمشين سبايا في أسر الذلّة و قلن بحقّ اللّه الاّ ما مررتم بنا علي مصرع الحسين و تنادي زينب بصوت حزين:

وا محمّداه هذا حسين مرمّل بالدّماء مقطّع الأعضاء و بناتك سبايا إلي اللّه المشتكي و إلي محمّد المصطفي و إلي عليّ المرتضي هذا حسين بالعراء يسفي عليه الصبا اليوم مات جدّي رسول اللّه يا حزناه يا كرباه يا أصحاب محمّد هؤلاء ذرّية المصطفي يساقون سوق السبايا و هذا حسين محزوز الرأس من القفا بأبي من عسكره في يوم الإثنين نهب بأبي من فسطاطه مقطع العري بأبي من لا هو غائب فيرجي و لا جريح فيداوي بأبي المهموم حتّي قضا،بأبي العطشان حتّي مضي،بأبي من شيبته تقطر بالدماء صلّي اللّه عليه و آله و سلّم.

فأبكت كلّ عدوّ و صديق.

ثمّ إنّ سكينة اعتنقت جسد الحسين عليه السّلام فاجتمع عدّة من الأعراب حتّي جرّوها عنه.

و نادي ابن سعد من يوطيء ظهر الحسين فانتدب منهم عشرة و هم إسحاق و أخنس بن مرثد و حكيم بن طفيل و عمرو بن صبيح و رجاء العبدي و سالم بن خيثمة و صالح الجعفي و واخط بن ناغم و هاني الحضرمي وا سيد بن مالك فداسوا الحسين بحوافر خيلهم حتّي رضوا ظهره و صدره.

قال أبو عمرو الزاهد:فنظرنا في هؤلاء العشرة فوجدناهم جميعا أولاد زنا،و هؤلاء أخذهم المختار فشدّ أيديهم و أرجلهم بسكك الحديد و أوطأ الخيل ظهورهم حتّي هلكوا.

و روي أنّهم لمّا دخلوا خيمة النساء أخذوا ما كان فيها حتّي قرضوا إلي قرط كان في أذني أمّ كلثوم أخت الحسين عليه السّلام فأخذوه و خرموا أذنها.

و قالت فاطمة الصغري:كنت واقفة بباب الخيمة و أنا أنظر إلي أبي و أصحابه كالأضاحي علي الرّمال و أنا أفكّر فيما يكون إليه أمرنا بعد أبي فإذا براكب يسوق النساء بكعب رمحه و قد أخذ ما عليهن من أخمرة و أسورة و هن يصحن وا جدّاه وا أبتاه وا عليّاه وا قلّة ناصراه أما من مجير يجيرنا فضربني بكعب الرمح فسقطت علي وجهي فخرم أذني و أخذ قرطي و مقنعتي و ترك الدماء تسيل علي5.

ص: 28


1- البحار:57/45.

خدّي و إذا بعمّتي تبكي و تقول:قومي نمضي ما أعلم ما جري علي البنات و أخيك العليل،فقلت:يا عمّتاه هل من خرقة أستر بها رأسي عن أعين النظّارة؟

فقالت:و عمّتك مثلك فرأيت رأسها مكشوفا و ظهرها أسودا من الضرب فما رجعت إلي الخيمة إلاّ و هي قد نهبت و ما فيها و أخي عليّ بن الحسين مكبوب علي وجهه لا يطيق الجلوس من كثرة الجوع و العطش و الأسقام فجعلنا نبكي عليه و يبكي علينا و جاء عمر بن سعد فسألته النسوة أن يسترجع ما أخذ منهنّ ليتستّرن به.

فقال:من أخذ من متاعهم فليردّه فو اللّه ما ردّ أحد منهم شيئا.

ثمّ إنّ ابن سعد سرح برأس الحسين عليه السّلام يوم عاشوراء مع خولي بن يزيد الأصبحي و حميد بن مسلم إلي ابن زياد ثمّ أمر برؤوس الباقين من أهل بيته و أصحابه فقطعت و سرح بها مع شمر إلي الكوفة و أقام يومه ذلك فجمع قتلاه و صلّي عليهم و دفنهم و ترك الحسين و أصحابه علي التراب،فلمّا ارتحلوا إلي الكوفة عمد أهل الغاضرية من بني أسد فصلّوا عليهم و دفنوهم و كانوا يجدون لأكثرهم قبورا و يرون طيورا بيضاء و كانت رؤوسهم ثمانية و سبعين رأسا و اقتسمتها القبائل ليتقربوا بها إلي يزيد و ابن زياد فجاءت كندة بثلاثة عشر رأسا و صاحبهم قيس بن الأشعث.

و جاءت هوازن باثني عشر رأسا و صاحبهم شمر لعنه اللّه و جاءت تميم بسبعة عشر رأسا و جاءت بنو أسد بستّة عشر رأسا و صاحبهم مدحج بسبعة رؤوس و جاءت سائر الناس بثلاثة رؤوس (1).

و عن محمّد بن عليّ الباقر عليه السّلام قال:قتل مع الحسين عليه السّلام سبعة عشر إنسانا كلّهم ارتكض في بطن فاطمة يعني بنت أسد أمّ عليّ عليه السّلام.

و روي الشيخ في المصباح عن عبد اللّه بن سنان قال:دخلت علي الصادق عليه السّلام يوم عاشوراء فلقيته حزينا باكيا فسألته فقال:هذا اليوم الذي أصيب فيه الحسين فقلت:ما تقول في صومه؟

فقال:صمه من غير تبييت و افطره من غير تشميت و لا تجعله يوم صوم كملا و ليكن إفطارك بعد صلاة العصر بساعة علي شربة من ماء فإنّه في مثل ذلك الوقت من ذلك اليوم تجلّت الهيجاء عن آل رسول اللّه و لا في الأرض مثلهم منهم ثلاثون صريعا في مواليهم يعزّ علي رسول اللّه مصرعهم و لو كان في الدّنيا حيّا لكان هو المعزّي بهم،ثمّ قال:لمّا خلق اللّه النور خلقه يوم الجمعة أوّل يوم من شهر رمضان و خلق الظلمة يوم الأربعاء يوم عاشوراء (2).

و عن أبي جعفر عليه السّلام قال:قال الحسين عليه السّلام لأصحابه قبل أن يقتل:إنّ رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم قال8.

ص: 29


1- مدينة المعاجز:120/4.
2- البحار:304/98.

لي:يا بني إنّك ستساق إلي العراق و تستشهد بها و معك جماعة لا يجدون ألم مسّ الحديد و تلا:

قُلْنا يا نارُ كُونِي بَرْداً وَ سَلاماً عَلي إِبْراهِيمَ، يكون الحرب بردا و سلاما عليك و عليهم فابشروا فو الله لئن قتلونا فإنّا نرد علي نبيّنا ثمّ أمكث ما شاء اللّه فأكون أوّل من تنشقّ الأرض عنه فأخرج خرجة توافق خرجة أمير المؤمنين و قيام قائمنا و حياة رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و لينزلن محمّد و عليّ و جميع من منّ اللّه عليه علي جمال من نور لم يركبها مخلوق و لينزلنّ جبرئيل و ميكائيل و إسرافيل و جنود من الملائكة ثمّ ليدفعن محمّد صلّي اللّه عليه و آله و سلّم لواءه و سيفه إلي قائمنا ثمّ نمكث ما شاء اللّه ثمّ تخرج من مسجد الكوفة عينا من دهن و عينا من ماء و عينا من لبن ثمّ يدفع أمير المؤمنين عليه السّلام إلي سيف رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و يبعثني إلي المشرق و المغرب فلا آتي عدوّا للّه إلاّ أهرقت دمه و لا صنما إلاّ أحرقته حتّي أفتح الهند و إن دانيال و يوشع يخرجان إلي أمير المؤمنين و يبعث معهما إلي البصرة سبعين رجلا فيقتلون مقاتليهم و يبعث بعثا إلي الروم فيفتح اللّه لهم.

ثمّ لأقتلنّ كلّ دابّة حرّم اللّه لحمها حتّي لا يكون علي وجه الأرض إلاّ الطيب و أخير اليهود و النصاري و أهل الملل بين الإسلام و السيف و لا يبقي أحد من شيعتنا إلاّ بعث اللّه إليه ملكا يمسح عن وجهه التراب و يعرّفه أزواجه و منزلته في الجنّة و لا يبقي علي وجه الأرض أعمي و لا مقعد و لا مبتلي إلاّ كشف اللّه عنه بنا أهل البيت و لتأكلن ثمرة الشتاء في الصيف و ثمرة الصيف في الشتاء ثمّ إنّ اللّه ليهب لشيعتنا كرامة لا يخفي عليهم شيء في الأرض و ما كان فيها حتّي أنّ الرجل يريد أن يعلم عمل أهل بيته فيخبرهم بعلم ما يعلمون (1).

و في كتاب الأمالي عن فاطمة بنت الحسين عليه السّلام قالت:دخلت العامّة علينا و أنا جارية صغيرة و في رجلي خلخالان من ذهب فجعل رجل يفضّ الخلخالين من رجلي و هو يبكي،فقلت:ما يبكيك يا عدوّ اللّه؟

فقال:كيف لا أبكي و أنا أسلب بنت رسول اللّه.قلت:فلا تسلبني.

قال:أخاف أن يجيء غيري فيسلبه،و انتهبوا ما في الأبنية حتّي كانوا يترعون الملاحف عن ظهورنا (2).

***

ذكر السبايا و ما جري عليهم و معهم

قال السيّد ابن طاووس:و سار ابن سعد بالسبايا،فلمّا قاربوا الكوفة إجتمع أهلها للنظر إليهنّ فأشرفت امرأة من الكوفيات فقالت:من أيّ الأساري أنتنّ؟

ص: 30


1- مختصر بصائر الدرجات:37.
2- أمالي الصدوق:229 ح 241.

فقلن:نحن أساري محمّد صلّي اللّه عليه و آله و سلّم فنزلت و جمعت مقانع فأعطتهن فتغطين فجعل أهل الكوفة ينوحون و يبكون.

فقال عليّ بن الحسين عليهما السّلام:أتنوحون و تبكون من أجلنا فمن قتلنا؟!

و خطبت أمّ كلثوم بنت عليّ عليه السّلام في ذلك اليوم من وراء كلّتها رافعة صوتها بالبكاء فقالت:يا أهل الكوفة سوءة لكم ما لكم خذلتم حسينا و قتلتموه و انتهبتم أمواله و ورثتموه و سبيتم نساءه و نكبتموه فتبّا لكم و سحقا ويلكم أتدرون أيّ دواه دهتكم و أيّ وزر علي ظهوركم حملتم و أيّ دماء سفكتموها و أيّ كريمة أصبتموها و أيّ حبيبة سلبتموها و أيّ أموال انتهبتموها؟

فضجّ الناس بالبكاء و الحنين و نشر النساء شعورهنّ و وضعن التراب علي رؤوسهنّ فلم ير باكيا و باكية أكثر من ذلك اليوم (1).

***

خطبة علي بن الحسين عليه السّلام

ثمّ قام زين العابدين عليه السّلام و قال:أيّها الناس من عرفني فقد عرفني و من لم يعرفني فأنا عليّ بن الحسين بن علي،أنا ابن المذبوح بشط الفرات،أنا ابن من أنتهك حريمه و سلب نعيمه و انتهب ماله و سبي عياله سوءة لكم،بأيّة عين تنظرون إلي رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم إذ يقول لكم:قتلتم عترتي فلستم من أمّتي؟

فقالوا كلّهم:نحن يابن رسول اللّه سامعون مطيعون فمرنا بأمرك.

فقال:هيهات هيهات أيّها الغدرة المكرة حيل بينكم و بين شهوات أنفسكم أتريدون أن تأتوا إليّ كما أتيتم إلي آبائي من قبل،كلاّ و ربّ الراقصات فإنّ الجرح لمّا يندمل ثمّ قال شعرا:

فلا تفرحوا يا أهل كوفان بالذي أصيب حسين كان ذلك أعظما

قتيل بشط النهر روحي فداءه جزاء الذي أرداه نار جهنّما

ثمّ إنّ ابن زياد جلس في القصر و أذن إذنا عامّا و جيء برأس الحسين عليه السّلام فوضع بين يديه و أدخل نساء الحسين و صبيانه (2).

و روي عن مسلم الجصّاص قال:دعاني ابن زياد لإصلاح دار الإمارة فبينما أنا أجصّص الأبواب فإذا بالأصوات ارتفعت من جوانب الكوفة فسألت.

فقالوا:الساعة أتوا برأس خارجي خرج علي يزيد.

ص: 31


1- البحار:112/45.
2- البحار:115/45.

فقلت:من هذا؟

فقالوا:الحسين بن عليّ،فلطمت وجهي و خرجت فرأيت أربعين جملا تحمل عليها السبايا و الحرم و إذا بعليّ بن الحسين علي البعير بغير وطاء و أوداجه تشخب دما و هو مع ذلك يبكي و يقول شعرا:

يا أمّة السوء لا سقيا لربعكم يا أمّة لم تراع جدّنا فينا

لو أنّنا و رسول اللّه يجمعنا يوم القيامة ما كنتم تقولونا

تسيّرونا علي الأقتاب عارية كأنّنا لم نشيد فيكم دينا

تصفقون علينا كفّكم فرحا و أنتم في فجاج الأرض تسبونا

يا وقعة الطفّ قد أورثتني حزنا و الله يهتك أستار المسيئينا

قال:و صار أهل الكوفة يناولون الأطفال الذين علي المحامل بعض التمر و الخبز و الجوز فصاحت بهم أمّ كلثوم و قالت:يا أهل الكوفة إنّ الصدقة علينا حرام و صارت تأخذ ذلك من أيدي الأطفال و أفواههم و ترمي به إلي الأرض.

قال:و إذا هم أتوا بالرؤوس يقدمهم رأس الحسين و هو رأس زهري قمري أشبه الخلق برسول اللّه و لحيته قد[انتصل] (1)عنها الخضاب و وجهه دارة قمر طالع و الريح تلعب بلحيته يمينا و شمالا فالتفتت زينب فرأت رأس أخيها فضربت رأسها بمقدم المحمل حتّي رأينا الدم يخرج من تحت قناعها و جعلت تقول،شعرا:

يا هلالا لما استتمّ كمالا غاله خسفه فزيد غروبا

ما توهّمت يا شقيق فؤادي كان هذا مقدّرا مكتوبا

يا أخي فاطم الصغيرة كلّمها فقد كاد قلبها أن يذوبا

يا أخي قلبك الشفيق علينا ماله قد قسي و صار صليبا

ما أذلّ اليتيم حين ينادي بأبيه و لا يراه مجيبا

ثمّ وضع رأس الحسين عليه السّلام بين يدي ابن زياد و أدخل عليه نساء الحسين و صبيانه فجلست زينب بنت عليّ متنكّرة فقال لها ابن زياد:الحمد للّه الذي فضحكم،فقالت:إنّما يفتضح الفاسق، فقال:كيف رأيت صنع اللّه بأخيك و أهل بيتك؟

فقالت:ما رأيت إلاّ جميلا؛هؤلاء قوم كتب اللّه عليهم القتل فبرزوا إلي مضاجعهم و سيجمع اللّه بينك و بينهم فتحاجّ و تخاصم.ل.

ص: 32


1- في بعض المصادر:اتصل.

و قال المفيد:لمّا وضع الرأس بين يديه جعل ينظر إليه و يتبسّم و بيده قضيب يضرب به ثناياه و كان إلي جانبه زيد بن أرقم صاحب رسول اللّه شيخ كبير،فقال:إرفع قضيبك عن هاتين الشفتين فو الله الذي لا إله إلاّ هو لقد رأيت شفتي رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم عليها ما لا أحصيه،ثمّ انتحب باكيا.

فقال ابن زياد:أتبكي لفتح اللّه لو لا أنّك شيخ كبير قد خرفت و ذهب عقلك لضربت عنقك فنهض زيد بن أرقم باكيا إلي منزله،ثمّ أمر ابن زياد بنساء الحسين فحملوا إلي دار إلي جنب المسجد الأعظم فقالت زينب بنت عليّ:لا يدخلن علينا عربية إلاّ أمّ ولد أو مملوكة فإنّهنّ سبينا و نحن قد سبين،ثمّ أمر برأس الحسين عليه السّلام فطيف به في سكك الكوفة و في ذلك قيل شعرا:

رأس ابن بنت محمّد و وصيّه للناظرين علي قناة يرفع

و المسلمون بمنظر و بمسمع لا منكر منهم و لا متفجّع

كحلت بمنظرك العيون عماية و اصمّ رزؤك كلّ أذن تسمع

ما روضة إلاّ تمنّت أنّها لك حفرة و لخط قبرك مضجع

أيقظت أجفانا و كنت لها كري و أنمت عينا لم يكن بك تهجع (1)

ثمّ إنّ ابن زياد صعد المنبر و قال في بعض كلامه:الحمد للّه الذي أظهر الحقّ و أهله و نصر المؤمنين و أشياعه و قتل الكذّاب ابن الكذّاب.

فقام إليه ابن عفيف الأزدي و كان من الشيعة ذهبت إحدي عينيه في يوم الجمل و الاخري يوم صفّين فقال:يابن مرجانة إنّ الكذّاب ابن الكذّاب أنت و أبوك و من استعملك و أبوه يا عدوّ اللّه تقتلون أبناء النبيّين و تتكلّمون بهذا الكلام علي المنابر،قال:عليّ به،فتبادرته الجلاوزة و أمر بقتله فقال:

الحمد للّه ربّ العالمين أمّا إنّي قد كنت أسأل اللّه ربّي أن يرزقني الشهادة قبل أن تلدك أمّك و أن يجعل ذلك علي يدي ألعن خلقه،فلمّا كفّ بصري يئست من الشهادة و الآن الحمد للّه الذي رزقنيها بعد اليأس منها،فقال ابن زياد لعنه الله:إضربوا عنقه فضربت عنقه و صلب في السبخة (2).

و قال المفيد:لمّا أصبح ابن زياد بعث برأس الحسين عليه السّلام فدير به في سكك الكوفة.فروي عن زيد بن أرقم أنّه لمّا مرّ به و هو علي رمح و أنا في غرفة لي،فلمّا حاذاني سمعته يقرأ: أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحابَ الْكَهْفِ وَ الرَّقِيمِ كانُوا مِنْ آياتِنا عَجَباً فوقف و اللّه شعري و ناديت رأسك و اللّه يابن رسول اللّه أعجب و أعجب،ثمّ أنفذ برأس الحسين عليه السّلام و كتب إلي والي المدينة يبشّره بقتل الحسين فنادي في المدينة بقتله فلم يسمع بكاء قط مثل واعية بني هاشم في دورهم علي الحسين حين سمعوا النداء بقتله فدخل بعض موالي عبد اللّه بن جعفر الطيّار فنعي إليه ابنيه فاسترجع.9.

ص: 33


1- البحار:119/45.
2- مقتل الحسين:209.

فقال أبو السلاسل مولي عبد اللّه:هذا و اللّه لو شهدته لأحببت أن أقتل معه،الحمد للّه أصيبا مع أخي و ابن عمّي الحمد للّه عزّ عليّ مصرع الحسين أن لا أكون و اسيته بيدي فقد آساه ولداي فخرجت أمّ لقمان بنت عقيل حين سمعت نعي الحسين حاسرة و معها أخواتها تبكي قتلاها بالطفّ و تقول،شعرا:

ماذا تقولون إذ قال النبيّ لكم ماذا فعلتم و أنتم آخر الامم

بعترتي و بأهلي بعد مفتقدي منهم أساري و قتلي ضرّجوا بدم

ما كان هذا جزائي إذ نصحت لكم أن تخلفوني بسوء في ذوي رحمي

و سمع أهل المدينة في جوف الليل مناديا ينادي،شعرا:

أيّها القاتلون جهلا حسينا ابشروا بالعذاب و التنكيل

كلّ أهل السماء يدعو عليكم من نبيّ و مرسل و قبيل

قد لعنتم علي لسان ابن داود و موسي و صاحب الإنجيل

و سمع قائل في الهواء بالمدينة يقول،شعرا:

يا من يقول بفضل آل محمّد بلّغ رسالتنا بغير تواني

قتلت شرار بني أميّة سيّدا خير البرية ماجدا ذا شأني

ابن المفضّل في السماء و أرضها سبط النبيّ و هادم الأوثان

بكت المشارق و المغارب بعدما بكت الأنام له بكلّ لسان

و أما يزيد بن معاوية فكتب إلي ابن زياد يأمره بحمل رأس الحسين و أصحابه و نسائه و ثقله فاستعدي ابن زياد بمفخر بن ثعلبة فسلّم إليه الرؤوس و النساء فسار بهم كما يسار بسبايا الكفّار يتصفّح وجوههنّ أهل الأقطار فنزلوا أوّل مرحلة و جعلوا يشربون فخرجت عليهم كفّ من الحائط معها قلم من حديد فكتب سطر بدم،شعرا:

أترجوا أمّة قتلت حسينا شفاعة جدّه يوم الحساب

و روي ابن لهيعة و غيره قال:كنت أطوف بالبيت فإذا برجل يقول:اللّهم اغفر لي و ما أراك فاعلا.

فقلت له:يا عبد اللّه اتّق اللّه فإنّه غفور رحيم،قال:قصّتي إنّنا كنّا خمسين نفرا ممّن سار مع رأس الحسين إلي الشام و كنّا إذا أمسينا وضعنا الرأس في تابوت و شربنا الخمر،فشرب أصحابي ليلة و لم أشرب،فلمّا جنّ الليل سمعت رعدا و برقا فإذا السماء قد فتحت و نزل آدم و نوح و إبراهيم و إسماعيل و إسحاق و نبيّنا محمّد صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و معهم جبرئيل و خلق من الملائكة فدنا جبرئيل من التابوت

ص: 34

فأخرج الرأس و ضمّه إلي صدره و قبّله و كذلك فعل الأنبياء و بكي النبيّ صلّي اللّه عليه و آله و سلّم علي رأس الحسين فقال جبرئيل:يا محمّد إنّ اللّه أمرني أن أطيعك فإن أمرتني زلزلت بهم الأرض و جعلت عاليها سافلها كما فعلت بقوم لوط،فقال:لا يا جبرئيل إنّ لي معهم موقفا يوم القيامة بين يدي اللّه،ثمّ صلّوا عليه ثمّ أتي قوم من الملائكة و قالوا:إنّ اللّه تعالي أمرنا بقتل الخمسين.

فقال لهم النبيّ صلّي اللّه عليه و آله و سلّم:شأنكم بهم فجعلوا يضربونهم بالحربات ثمّ قصدني واحد منهم بحربة.

فقلت:الأمان الأمان يا رسول اللّه.

فقال صلّي اللّه عليه و آله و سلّم:اذهب فلا غفر اللّه لك فلمّا أصبحت رأيت أصحابي كلّهم رمادا (1).

***

خطبة زينب عليها السّلام في الكوفة في قصر ابن زياد

روي أنه لما أدخل عيال الحسين عليه السّلام علي ابن زياد في الكوفة دخلت زينب أخت الحسين عليه السّلام في جملتهم متنكرة و عليها أرذل ثيابها فمضت حتي جلست ناحية من القصر و حفّت بها إماؤها فقال ابن زياد من هذه التي انحازت فجلست ناحية و معها نساؤها؟فلم تجبه زينب،فأعاد ثانية يسأل عنها،فقال بعض إمائها هذه زينب بنت فاطمة بنت رسول اللّه.

فأقبل عليها ابن زياد فقال لها:الحمد للّه الذي فضحكم و قتلكم و أكذب أحدوثتكم،فقالت زينب:الحمد للّه الذي أكرمنا بنبيه محمد و طهرنا من الرجس تطهيرا إنما يفتضح الفاسق و يكذب الفاجر و هو غيرنا و الحمد لله.

فقال ابن زياد:كيف رأيت فعل اللّه بأهل بيتك؟

قالت:كتب اللّه عليهم القتل فبرزوا إلي مضاجعهم و سيجمع اللّه بينك و بينهم فتحاجون إليه و تختصمون عنده،فغضب ابن زياد و استشاط فقال عمرو بن حريث أيها الأمير إنها إمرأة و المرأة لا تؤاخذ بشي من منطقها و لا تذم علي أخطائها،فقال لها ابن زياد:قد شفي اللّه نفسي من طاغيتك و العصاة المردة من أهل بيتك،فرقت زينب و بكت و قالت:لعمري لقد قتلت كهلي و أبرت أهلي و قطعت فرعي و اجتثثت أصلي فإن يشفك هذا فقد شفيت.

فقال لها ابن زياد:هذه سجاعة و لعمري لقد كان أبوها سجاعا شاعرا.

فقالت:ما للمرأة و السجاعة إن لي عن السجاعة لشغلا و لكن صدري نفث لما قلت (2).

ثم قال ابن طاووس رحمه اللّه:و ساروا برأس الحسين عليه السّلام و السبايا إلي الشام،فلمّا قربوا من

ص: 35


1- بحار الأنوار:126/45.
2- الإرشاد للمفيد:116/2.

دمشق قالت أمّ كلثوم للشمر:حاجتي إليك إذا دخلت بنا البلد فاحملنا في درب قليل النظارة و قل لهم أن يخرجوا هذه الرؤوس من بين المحامل و ينحّونا عنها فقد خزينا من كثرة النظر إلينا فأمر في جواب سؤالها أن تجعل الرؤوس علي الرماح في أوساط المحامل و سلك بهم بين الناس حتّي أتي باب دمشق فوقفوا علي باب المسجد الجامع حيث يقام السبي.

و روي عن سهل بن سعد قال:خرجت من بيت المقدس حتّي أتيت الشام فإذا أنا بمدينة قد علّقوا الأستار و الحجب و هم مستبشرون و نساؤهم يلعبن بالدفوف و الطبول فقلت:هذا ليس يوم عيد فسألتهم،فقالوا:هذا رأس الحسين عليه السّلام يهدي من أرض العراق،فقلت:وا عجبا يهدي رأس الحسين عليه السّلام و الناس يفرحون،فرأيت الرايات يتلو بعضها بعضا فإذا فارس علي رمحه رأس أشبه الناس برسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و من ورائه نسوة علي جمال فدنوت من أولاهم فقلت:يا جارية من أنت؟

فقالت:سكينة بنت الحسين عليها السّلام.

فقلت:ألك حاجة؟

فقالت:قل لصاحب هذا الرأس يقدمه أمامنا حتّي يشتغل الناس بالنظر إليه و لا ينظروا إلي حرم رسول اللّه،فدنوت من صاحب الرأس و أعطيته أربعمائة دينار حتّي قدّم الرأس أمام الحرم و دخلوا علي يزيد و دخلت معهم و كان جالسا علي السرير و علي رأسه تاج مكلّل بالدرّ و الياقوت فدخل صاحب الرأس و هو يقول،شعرا:

املأ ركابي ذهبا أو فضّة أني قتلت السيّد المحجّبا

قتلت خير الناس أمّا و أبا إذ ينسبون النسبا

قال:لو علمت أنّه خير الناس لم قتلته؟

قال:رجوت الجائزة منك،فأمر بضرب عنقه و حزّ رأسه و وضع رأس الحسين عليه السّلام علي طبق من ذهب و هو يقول:كيف رأيت يا حسين.

ثمّ قال:لعن اللّه ابن مرجانة إذ أقدم علي قتل الحسين بن فاطمة عليهما السّلام لو كنت صاحبه لما فعلت هذا،ثمّ قال،شعرا:

نعلّق هامات من أناس أعزّة علينا و هم كانوا أعقّ و أظلما

و لمّا وضع رأس الحسين عليه السّلام ورآه عليّ بن الحسين عليه السّلام لم يأكل الرؤوس بعد ذلك أبدا.

و قال عليّ بن الحسين عليه السّلام:فقلت ليزيد و أنا مغلول:ما ظنّك برسول اللّه لو رآني في الغلّ؟

فقال لمن حوله:حلّوه.

و أمّا زينب فإنّها لمّا رأته هوت إلي جيبها فشقّته ثمّ نادت بصوت حزين:يا حسيناه يابن مكّة

ص: 36

و مني يابن فاطمة الزهراء يابن بنت المصطفي فأبكت من في المجلس ثمّ دعا بقضيب خيزران فجعل ينكث به ثنايا الحسين عليه السّلام فأقبل عليه الأسلمي و قال:ويحك أتنكث ثغر الحسين عليه السّلام و لقد رأيت النبيّ صلّي اللّه عليه و آله و سلّم يرشف ثناياه و ثنايا أخيه الحسن و يقول:أنتما سيّدا شباب أهل الجنّة فقتل اللّه قاتلكما و لعنه و أعدّ له جهنّم،فغضب يزيد و أمر بإخراجه (1).

***

خطبة علي بن الحسين عليه السّلام عند يزيد

اشارة

ثمّ قال عليّ بن الحسين عليهما السّلام:ائذن لي يا يزيد حتّي أصعد المنبر،فأذن له،فلمّا صعد قال في بعض كلامه:أيّها الناس،أنا ابن مكّة و مني أنا ابن زمزم و الصفا أنا ابن من حمل الركن بأطراف الردا أنا ابن خير من حجّ و لبّي أنا ابن من حمل علي البراق في الهواء أنا ابن من أسري به من المسجد الحرام إلي المسجد الأقصي،أنا ابن من بلغ به جبرئيل إلي سدرة المنتهي،أنا ابن من دنا فتدلّي فكان قاب قوسين أو أدني،أنا ابن من صلّي بملائكة السماء،أنا ابن من أوحي إليه الجليل ما أوحي.

أنا ابن محمّد المصطفي،أنا ابن عليّ المرتضي،أنا ابن من ضرب خراطيم الخلق حتي قالوا لا إله إلاّ اللّه،أنا ابن من ضرب بين يدي رسول اللّه بسيفين و طعن برمحين و هاجر الهجرتين و بايع البيعتين و قاتل ببدر و حنين،أنا ابن قاتل المارقين و الناكثين و القاسطين،بستان حكمة اللّه و عيبة علمه سمح سخيّ بهيّ أبطحيّ مقدام صابر صوّام قاطع الأصلاب و مفرّق الأحزاب أسد باسل يطحنهم في الحروب طحن الرحاء،ليث الحجاز و كبش العراق،مكيّ مدنيّ خيفيّ عقبيّ بدريّ أحديّ شجريّ مهاجريّ من العرب سيّدها و من الوغا ليثها وارث المشعرين و أبو السبطين الحسن و الحسين ذاك جدّي عليّ بن أبي طالب.

أنا ابن فاطمة الزهراء،أنا ابن سيّدة النساء.

فضجّ الناس بالبكاء و النحيب و أمر يزيد المؤذّن فقطع عليه الكلام.فلمّا قال المؤذّن:أشهد أنّ محمّدا رسول اللّه التفت عليّ بن الحسين عليه السّلام من فوق المنبر إلي يزيد فقال:محمّد هذا جدّي أم جدّك؟فإن زعمت أنّه جدّي فلم قتلت عترته..... (2).

***

ص: 37


1- العوالم،للامام الحسين:433.
2- بحار الأنوار:139/45.

بين يزيد و علي بن الحسين عليه السّلام

و في دعوات الراوندي روي أنّه لمّا حمل عليّ بن الحسين عليهما السّلام إلي يزيد لعنه اللّه همّ بقتله فأوقفه بين يديه ليتكلّم كلمة توجب بها قتله و هو عليه السّلام يجيبه حسب ما يكلّمه و في يده سبحة صغيرة يديرها بأصابعه و هو يتكلّم فقال له يزيد:أكلّمك و أنت تجيبني و تدير أصابعك بسبحة في يدك فكيف يجوز ذلك؟

فقال:حدّثني أبي عن جدّي أنّه كان إذا صلّي الغداء و انفتل لا يتكلّم حتّي يأخذ سبحة بين يديه فيقول:اللّهم إنّي أصبحت أسبّحك و أمجّدك و أحمدك و أهلّلك بعدد ما أدير به سبحتي و يأخذ السبحة و يديرها و هو يتكلّم بما يريد من غير أن يتكلّم بالتسبيح و ذلك محتسب له و هو حرز إلي أن يأوي إلي فراشه فإذا آوي إلي فراشه قال مثل ذلك القول و وضع سبحته تحت رأسه فهي محسوبة له من الوقت إلي الوقت ففعلت هذا اقتداء بجدّي.

فقال له يزيد:لست أكلّم أحدا منكم إلاّ و يجيبني بما يعوذ به فعفي عنه فأمر بإطلاقه (1).

***

قصة النصراني و رأس الحسين عليه السّلام

كان في مجلس يزيد حبر من أحبار اليهود فقال:من هذا الغلام؟

قال يزيد:عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب و أمّه فاطمة بنت محمّد.

فقال:يا سبحان اللّه فهذا ابن بنت نبيّكم قتلتموه في هذه السرعة بئسما خلفتموه في ذرّيته و اللّه لو ترك فينا موسي بن عمران سبطا من صلبه لظنّنا انّا كنّا نعبده من دون ربّنا و أنتم إنّما فارقكم نبيّكم بالأمس فوثبتم علي ابنه فقتلتموه سوءا لكم من أمّة فأمر به يزيد فضرب علي حلقه فقام و هو يقول:

إن شئتم فاضربوني و إن شئتم فاقتلوني أو قدروني فإنّي وجدت في التوراة إنّ من قتل ذرّية نبيّ لا يزال ملعونا في الدّنيا و إذا مات يصليه اللّه نار جهنّم (2).

ثمّ إنّ يزيد أمر بنساء الحسين عليه السّلام فحبسن مع علي بن الحسين في محبس مع علي بن الحسين محبس لا يكنّهم من حرّ و لا برد حتّي تقشّرت وجوههم و لم يرفع في بيت المقدس حجر علي وجه الأرض إلاّ و تحته دم عبيط و أبصروا الشمس علي الحيطان حمراء إلي أن خرج عليّ بن الحسين بالنسوة و ردّ رأس الحسين عليه السّلام إلي كربلاء (3).

ص: 38


1- الدعوات للراوندي:61.
2- البحار:140/45.
3- أمالي الصدوق:231 ح 243.

و روي أنّ سكينة رأت في منامها و هي في الشام كأنّ خمس نوق من نور أقبلت و علي كلّ ناقة شيخ و الملائكة محدّقة بهم و معهم وصيف يمشي فقال لي الوصيف:يا سكينة إنّ جدّك يسلّم عليك، فقلت:و علي رسول اللّه السلام من أنت؟

قال:وصيف من وصائف الجنّة قلت:من هؤلاء المشايخ؟

قال:الأوّل آدم صفيّ اللّه و الثاني إبراهيم خليل اللّه و الثالث موسي كليم اللّه و الرابع عيسي روح اللّه،فقلت:من هذا القابض علي لحيته يسقط مرّة و يقوم أخري؟

فقال:جدّك رسول اللّه قاصدون إلي أبيك الحسين عليه السّلام فجئت أشكو إليه فرأيت خمسة هوادج من نور في كلّ هودج امرأة فقلت:من هذه النسوة؟

قال:الاولي حوّاء أمّ البشر و الثانية آسية بنت مزاحم و الثالثة مريم بنت عمران و الرابعة خديجة بنت خويلد.قلت و من هي الخامسة فقال:و الخامسة الواضعة يدها علي رأسها تسقط مرّة و تقوم أخري فقال:جدّتك فاطمة بنت محمّد فوقفت بين يديها أبكي و أقول:يا أمّاه استباحوا و اللّه حريمنا و قتلوا الحسين أبانا فقالت:يا سكينة كفّي صوتك أقرحت كبدي و قطّعت نياط قلبي هذا قميص أبيك الحسين معي لا يفارقني حتّي ألقي اللّه به،ثمّ انتبهت (1).

و روي عن محمّد بن عبد الرحمن قال:لقيني عالم النصاري فقال:و اللّه إنّ بيني و بين داود سبعين أبا و أنّ اليهود لتلقاني فتعظّمني و أنتم ليس بينكم و بين ابن نبيّكم إلاّ أب واحد قتلتموه! (2).

***

قصة أخري مع نصراني و رأس الحسين عليه السّلام

و روي عن زين العابدين عليه السّلام إنّه لمّا أتي برأس الحسين عليه السّلام إلي يزيد كان يشرب الخمر فحضر مجلسه رسول ملك الروم فقال:هذا رأس من؟

قال:رأس الحسين بن علي أمّه فاطمة بنت رسول اللّه.

فقال النصراني:أف لك و لدينك إنّ أبي من نسل داود و النصاري يأخذون من تراب قدمي تبرّكا بي و أنتم تقتلون ابن بنت رسول اللّه ما بينه و بينكم إلاّ أمّ واحدة،ثمّ قال:إنّ بين عمّان و الصين بحرا ليس فيه عمران إلاّ بلدة واحدة في الماء طولها ثمانون فرسخا في ثمانين و منها يحمل الكافور و الياقوت،أشجارهم العود و العنبر و هي في أيدي النصاري و فيها كنائس كثيرة أعظمها كنيسة الحافر فيي محرابها حقّة ذهب معلّقة فيها حافر يقولون إنّه حافر حمار عيسي يقصدها في كلّ عام

ص: 39


1- البحار:141/45.
2- البحار:141/45.

عالم من النصاري يطوفون حولها و يقبّلونها و أنتم تقتلون ابن بنت رسول اللّه؟

فقال يزيد:اقتلوا هذا النصراني لئلاّ يفضحني في بلاده،فلمّا أحسّ بالقتل قال:إنّي رأيت البارحة نبيّكم في المنام يقول لي:يا نصراني أنت من أهل الجنّة فتعجّبت و أنا أشهد أن لا إله إلاّ اللّه و أنّ محمّدا رسول اللّه،ثمّ ضمّ رأس الحسين إلي صدره و جعل يقبّله و يبكي حتّي قتل (1).

و روي أنّ يزيد لعنه اللّه أمر بأن يصلب الرأس علي باب داره فخرجت بنت عبد اللّه بن عامر إمرأة يزيد و كانت قبل ذلك تحت الحسين عليه السّلام حتّي شقّت الستر و هي حاسرة فوثبت إلي يزيد و هو في مجلس عام فقالت:يا يزيد رأس ابن فاطمة بنت رسول اللّه مصلوب علي فناء داري فوثب إليها يزيد فغطّاها و قال:إبكي علي ابن بنت رسول اللّه عجّل عليه ابن زياد لعنه اللّه فقتله قتله اللّه.

و خرج زين العابدين عليه السّلام يوما يمشي في أسواق دمشق فقيل له:كيف أمسيت يابن رسول اللّه؟

قال:أمسينا كمثل بني إسرائيل في آل فرعون يذبّحون أبناءهم و يستحيون نساءهم،أمست العرب تفتخر علي العجم بأنّ محمّدا عربي و أمست قريش تفتخر علي سائر العرب بأنّ محمّدا منها و أمسينا معشر أهل بيته مغصوبون مقتولون مشرّدون فإنّا للّه و إنّا إليه راجعون،و لله درّ مهيار حيث قال،شعرا:

يعظّمون له أعواد منبره و تحت أرجلهم أولاده وضعوا

بأيّ حكم بنوه يتبعونكم و فخركم أنّكم صحب له تبع

و دعي يزيد يوما بعليّ بن الحسين و عمر بن الحسن و عمره إحدي عشر سنة فقال لابن الحسن:

أتصارع ابني خالدا؟

فقال له عمر:لا،و لكن أعطني سكّينا و أعطه سكّينا ثمّ أقاتله،قال يزيد:شنشنة أعرفها من أخزم و هل تلد الحيّة إلاّ الحيّة.

و قال لعليّ بن الحسين:أذكر حاجاتك الثلاث اللاّتي وعدتك بقضائهنّ؟

فقال:الاولي أن تريني وجه أبي الحسين فأودّعه،و الثانية أن تردّ إلينا ما أخذ منّا،و الثالثة إن كنت عزمت علي قتلي أن توجّه مع هؤلاء النسوة من يردّهنّ إلي حرم جدّهم.فقال:أمّا وجه أبيك فلن تراه أبدا و أمّا قتلك فقد عفوت عنك،و أمّا النساء ما يردّهن إلي المدينة غيرك،و أمّا ما أخذ منكم فأنا أعوّضكم أضعاف قيمته.

فقال:إنّما طلبت ما أخذ منّا لأنّ فيه مغزل فاطمة بنت محمّد و مقنعتها و قلادتها و قميصها، فأمر بردّ ذلك (2).5.

ص: 40


1- البحار:142/45.
2- البحار للمجلسي:144/45.

الأقوال في الرأس

قال ابن نما:و أمّا الرأس الشريف اختلف الناس فيه فقال قوم:إنّ عمر بن سعد دفنه بالمدينة لأنّ يزيد أرسل الرأس إلي المدينة بشارة للناس بذلك (1).

و عن منصور بن جمهور:إنّه دخل خزانة يزيد ثمّ أخرج بعده و دفن بدمشق عند باب مراديس عند البرج الثالث كما بيّن مشرف و حدّثني جماعة من أهل مصر أنّ مشهد رأس الحسين عندهم يسمّونه المشهد الكريم عليه من الذهب شيء كثير يقصدونه في المواسم و يزورونه و يزعمون أنّه مدفون هناك و الذي عليه المعوّل من الأقوال إنّه أعيد إلي الجسد بعد أن طيف به في البلاد و دفن معه (2).

و قال السيّد ابن طاووس طاب ثراه:فأمّا رأس الحسين عليه السّلام فروي إنّه أعيد و دفن بكربلاء مع جسده الشريف و كان عمل الطائفة علي هذا المعني (3).

و روي أبو العلاء الحافظ إنّه دفن بالبقيع عند قبر أمّه فاطمة عليها السّلام.

و ذكروا أنّ سليمان بن عبد الملك بن مروان أخرج الرأس من خزائن بني أميّة و دفنه بدمشق في مقابر المسلمين،فلمّا ولّي ابن عبد العزيز نبشه و أخذه،و اللّه أعلم ما صنع به فالظاهر من دينه إنّه بعثه إلي كربلاء فدفن مع جسده عليه السّلام.هذه الأقوال للعامّة و المشهور بين علماء الطائفة إنّه دفن مع جسده ردّه عليّ بن الحسين (4).

و في أخبار كثيرة إنّه دفن عند قبر أمير المؤمنين عليه السّلام (5).

و روي إنّ يزيد بعث عليّ بن الحسين و النساء إلي المدينة و مرّوا علي كربلاء فوجدوا جابر بن عبد اللّه الأنصاري و جماعة من بني هاشم أتوا إلي زيارة قبر الحسين عليه السّلام و اجتمع عليهم نساء تلك القري و تلاقوا بالبكاء و الحزن و اللطم و أقاموا المآتم المقرحة للأكباد (6).

و عن أبي حبّاب الكلبي قال:حدّثنا الجصّاصون قالوا:كنّا نخرج إلي الجبّانة في الليل عند مقتل الحسين عليه السّلام فنسمع الجنّ ينوحون عليه فيقولون،شعرا:

مسح الرسول جبينه فله بريق في الخدود أبواه من عليا قريش جدّه خير الجدود

و عن يزيد بن عمر بن طلحة قال:ركب أبو عبد اللّه عليه السّلام مع ابنه إسماعيل و أنا معهم حتّي إذا جاز الثوية بين الحيرة و النجف عند ذكوات بيض فنزل و صلّي هناك و قال لابنه إسماعيل:قم فسلّم

ص: 41


1- البحار:144/45.
2- العوالم:452.
3- البحار:144/45.
4- البحار:145/45.
5- البحار:145/45.
6- اللهوف في قتلي الطفوف:114.

علي جدّك الحسين فقلت:جعلت فداك أليس الحسين بكربلاء؟

فقال:نعم،و لكن لمّا حمل رأسه إلي الشام سرقه مولي لنا و دفنه بجنب أمير المؤمنين صلوات اللّه عليهما (1).

و عنه عليه السّلام قال:إنّ الملعون ابن زياد لمّا بعث برأس الحسين إلي الشام ردّ إلي الكوفة فقال:

أخرجوه منه لا يفتتن به أهلها فصيّره اللّه عند أمير المؤمنين عليه السّلام فالرأس مع الجسد و الجسد مع الرأس.

لعلّ المعني أنّه بعد ردّه إلي أمير المؤمنين عليه السّلام صار إلي كربلاء مع الجسد.

و قيل:المعني أنّه صعد به مع الجسد إلي السماء كما ورد في بعض الأخبار،أو أنّ بدن أمير المؤمنين عليه السّلام كالبدن لذلك الرأس لأنّهما من نور واحد (2).

و روي الشيخ و الكليني قدّس اللّه روحهما أخبارا كثيرة في أنّ الرأس بعد ردّه دفن عند قبر أمير المؤمنين عليه السّلام.

***

وصول السبايا الي المدينة

فانفصلوا من العراق إلي المدينة،فلمّا قرب عليّ بن الحسين عليه السّلام من المدينة ضرب فسطاطه و نزل و قال:يا بشير رحم اللّه أباك لقد كان شاعرا فهل تقدر علي شيء منه؟

قال:بلي إنّي شاعر،قال:فادخل المدينة وانع أبا عبد اللّه،قال:فدخلت المدينة راكبا،فلمّا بلغت مسجد النبيّ صلّي اللّه عليه و آله و سلّم رفعت صوتي بالبكاء و قلت شعرا:

يا أهل يثرب لا مقام لكم بها قتل الحسين فأدمعي مدرار

الجسم منه بكربلا مضرّج و الرأس منه علي القناة يدار

ثمّ قلت:هذا عليّ بن الحسين مع نسائه نزلوا بساحتكم و أنا رسوله إليكم أخبركم بقدومه فما بقيت في المدينة مخدّرة إلاّ برزن من خدورهنّ مكشوفة شعورهنّ مخمّشة وجوههنّ ضاربات خدودهنّ فلم أر باكيا أكثر من ذلك اليوم و سمعت جارية تنوح علي الحسين و تقول،شعرا:

نعي سيّدي ناع نعاه فأوجعا و أمرضني ناع نعاه فجعا

فعيناي جودا بالدموع وا سكبا و جودا بدمع بعد دمعكما معا

علي من دعي عرش الجليل فأفزعا فأصبح هذا المجد و الدّين أجدعا

ص: 42


1- الغارات:852/2.
2- البحار:178/45.

علي ابن نبيّ اللّه و ابن وصيّه و إن كان عنّا شاحط الدار شسعا

فخرج الناس من المدينة إلي عليّ بن الحسين فأتيت إليه و هو داخل الفسطاط فخرج يبكي و ارتفعت أصوات الناس بالبكاء فأشار إلي الناس بالسكوت.

***

خطبة علي بن الحسين عليه السّلام في المدينة

ثمّ خطب و قال في خطبته:أيّها الناس إنّ اللّه و له الحمد ابتلانا بمصائب جليلة و ثلمة في الإسلام عظيمة؛قتل أبو عبد اللّه و عترته و سبي نساؤه و صبيته و داروا برأسه في البلدان من فوق عامل السنان فأيّ عين منكم تحبس دمعها عن انهمالها فلقد بكت السبع الشداد لقتله و بكت البحار بأمواجها و السماوات بأركانها و الأرض بأرجائها و الأشجار بأغصانها و الحيتان و لجج البحار و الملائكة المقرّبون و أهل السماوات أجمعون.

أيّها الناس أصبحنا مطرودين مشردّين مبعدين عن الأمصار كأنّا أولاد ترك و كابل من غير جرم اجترمناه و لا مكروه ارتكبناه،و اللّه لو أنّ النبيّ صلّي اللّه عليه و آله و سلّم تقدّم إليهم في قتالنا كما تقدّم إليهم في الوصاية بنا لما ازدادوا علي ما فعلوا بنا فإنّا للّه و إنّا إليه راجعون من مصيبة ما أعظمها و أوجعها و أفجعها (1).

و روي عن الصادق عليه السّلام أنّ زين العابدين عليه السّلام بكي علي أبيه أربعين سنة صائما نهاره قائما ليله فإذا حضر الإفطار جاء غلامه بطعامه و شرابه فيقول:كل يا مولاي فيقول:قتل ابن رسول اللّه جائعا،قتل ابن رسول اللّه عطشانا فيكرّر ذلك و يبكي حتّي يبل طعامه من دموعه ثمّ يمزج شرابه بدموعه فلم يزل كذلك حتّي لحق باللّه عزّ و جلّ (2).

و روي أنّه قال له:يا سيّدي أما آن لحزنك أن ينقضي و لبكائك أن يقلّ؟

فقال:ويحك إنّ يعقوب كان نبيّا ابن نبيّ كان له اثنا عشر ابنا فغيّب اللّه سبحانه واحدا منهم فشاب رأسه من الحزن واحد و دب ظهره من الغمّ و ذهب بصره من البكاء و ابنه حيّ في دار الدّنيا، و أنا فقدت أبي و أخي و سبعة عشر من أهل بيتي صرعي مقتولين فكيف ينقضي حزني و يقلّ بكائي؟ (3).

و عن الرضا عليه السّلام أنّ زين العابدين عليه السّلام كان في حبس ابن زياد و قد أمكنه اللّه تعالي فخرج و ولّي تجهيز أبيه الحسين عليه السّلام لأنّ الإمام لا يلي أمره و دفنه إلاّ إمام مثله (4).

ص: 43


1- البحار:148/45.
2- مسكن الفؤاد:5.
3- البحار:149/45.
4- المصدر السابق.

ما حصل بعد قتل الحسين عليه السّلام

و عن عليّ بن الحسين عليهما السّلام قال:لمّا قتل الحسين عليه السّلام جاء غراب فتمرّغ في دمه ثمّ طار فوقع بالمدينة علي جدار فاطمة بنت الحسين فنظرت إليه و بكت و قالت،شعرا:

نعب الغراب فقلت من تنعاه ويلك يا غراب قال الإمام فقلت من قال الموفّق للصواب

إنّ الحسين بكربلاء بين الأسنّة و الضراب

فنعته لأهل المدينة فقالوا:قد جاءتنا بسحر عبد المطّلب فما كان بأسرع أن جاءهم الخبر بقتل الحسين عليه السّلام.

و روي أنّه لمّا حمل رأسه إلي الشام جنّ عليهم الليل فنزلوا عند رجل من اليهود،فلمّا شربوا و سكروا قالوا:عندنا رأس الحسين،فقال:أروه لي و هو في الصندوق يسطع منه النور فاستودعه اليهودي منهم و قال للرأس:إشفع لي عند جدّك.

فقال الرأس:إنّما شفاعتي للمحمّديّين و لست بمحمّدي فجمع اليهود أقرباءه فوضع الرأس في طشت و صبّ عليه ماء الورد و وضع عليه العنبر و قال لأقربائه:هذا رأس ابن بنت محمّد ثمّ قال:

و الهفاه حيث لم أجد جدّك محمّدا فأسلم علي يديه و لم أجدك حيّا فأسلم علي يديك و أقاتل بين يديك لتشفع لي يوم القيامة.

فقال الرأس:إن أسلمت فأنا لك شفيع،فأسلم الرجل و أقرباءه (1).

و عن الرضا عليه السّلام أنّ يزيد لعنه اللّه وضع رأس الحسين عليه السّلام أمامه و كان يلعب بالشطرنج و يشرب الفقاع فمن نظر إلي الفقاع أو إلي الشطرنج فليذكر الحسين عليه السّلام و ليلعن يزيد و آل زياد يمحو اللّه عزّ و جلّ بذلك ذنوبه و لو كانت كعدد النجوم (2).

و في كتاب المحاسن عن عمر بن علي بن الحسين قال:لمّا قتل الحسين بن عليّ عليهما السّلام لبس نساء بني هاشم السواد و كنّ لا يشتكين من حرّ و لا برد و كان عليّ بن الحسين يعمل لهنّ الطعام للمآتم (3).

***

فرح إبليس بقتل الحسين عليه السّلام

و عن زين العابدين عليه السّلام في حديث طويل يقول فيه:قال النبيّ صلّي اللّه عليه و آله و سلّم فإذا برز الحسين عليه السّلام و أصحابه إلي مضاجعهم تولّي اللّه عزّ و جلّ قبض أرواحهم بيده و هبط إلي الأرض ملائكة من السماء

ص: 44


1- البحار:172/45 ح 20.
2- البحار:299/44.
3- البحار:188/45 ح 33.

السابعة معهم آنية من الياقوت و الزمرّد مملوءة من ماء الحياة و حلل من حلل الجنّة و طيب من طيب الجنّة فغسلوا جثثهم بذلك الماء و ألبسوها الحلل و حنّطوها بذلك الطيب و صلّي الملائكة صفّا صفّا عليهم ثمّ يبعث اللّه قوما لا يعرفهم الكفّار فيوارون أجسامهم و يقيمون رسما لسيّد الشهداء بتلك البطحاء يكون علما لأهل الحقّ و سببا للمؤمنين إلي الفوز و يتحفه ملائكة كلّ سماء مائة ألف ملك في كلّ يوم و ليلة يصلّون عليه و يسبّحون اللّه عنده و يستغفرون اللّه لزوّاره و يكتبون أسماء من يأتيه زائرا متقرّبا إلي اللّه و إلي رسوله و أسماء آبائهم و عشائرهم و بلدانهم و يوسمون في وجوهههم بميسم نور عرش اللّه هذا زائر قبر خير الشهداء و ابن خير الأنبياء،فإذا كان يوم القيامة سطع في وجوههم من أثر ذلك الميسم نور تغشي منه الأبصار و يعرفون به ويلتقطهم الملائكة و النبيّ صلّي اللّه عليه و آله و سلّم يوم القيامة بذلك النور حتّي ينجيهم من هول ذلك اليوم،و لقد قال رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم:إنّ إبليس يوم قتل الحسين يطير فرحا فيجول الأرض كلّها في شياطينه و عفاريته فيقول:يا معشر الشياطين قد أدركنا من ذرّية آدم الطلبة و بلغنا في هلاكهم الغاية و أورثناهم النار إلاّ من اعتصم بهذه العصابة فاجعلوا شغلكم بتشكيك الناس فيهم و حملهم علي عداوتهم حتّي لا ينجو منهم ناج.

ثمّ قال عليّ بن الحسين عليهما السّلام بعد ما حدّث بهذا الحديث:خذ إليك ما لو ضربت في طلبه آباط الإبل حولا لكان قليلا (1).

و روي أنه لما أدخل الرأس علي يزيد و وضعه بإزاء القبّة التي يشرب فيها،فلمّا مضي جانب من الليل سمع دويّا من السماء فإذا مناد ينادي:يا آدم اهبط يا عيسي اهبط يا محمّد اهبط فهبطوا مع خلق كثير من الملائكة فدخل محمّد صلّي اللّه عليه و آله و سلّم القبّة و أخذ الرأس منها و جاء به إلي آدم فقال:يا أبي آدم ما تري ما فعلت أمّتي بولدي؟فاقشعر لذلك جلدي.

فقال جبرئيل:مرني أزلزل بهم الأرض.

قال:لا.

قال:دعني مع هؤلاء الأربعين فجعل ينفخ بواحد واحد فدنا منّي فقال النبيّ صلّي اللّه عليه و آله و سلّم:دعوه دعوه لا يغفر اللّه له،فتركني فأخذوا الرأس و مضوا فافتقد الرأس من تلك الليلة فما عرف له خبر (2).

***

تكلم رأس الحسين عليه السّلام

و عن المنهال قال:رأيت رأس الحسين عليه السّلام حين حمل و أنا بدمشق و بين يديه رجل يقرأ الكهف حتّي بلغ قوله: أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحابَ الْكَهْفِ وَ الرَّقِيمِ كانُوا مِنْ آياتِنا عَجَباً (3)فقال رأس

ص: 45


1- كامل الزيارات:448.
2- الخرائج و الجرائح:582/2.
3- الكهف:9.

الحسين بلسان فصيح:أعجب من أصحاب الكهف قتلي و حملي (1).

***

إسلام يهودي ببركة رأس الحسين عليه السّلام

و في كتاب الخرائج و الجرائح عن سلمان بن مهران قال:بينما أنا في الطواف إذا رأيت رجلا يقول:اللّهم اغفر لي و أنا أعلم أنّك لا تغفر؟فقلت:يا هذا أنت في حرم اللّه فلم تيأس من المغفرة؟

فقال:يا هذا ذنبي أعظم من الجبال الرواسي فخرج بي من الحرم ثمّ حدّثني و قال:أنا كنت في عسكر عمر بن سعد حين قتل الحسين و كنت أحد الأربعين الذين حملوا الرأس إلي يزيد فنزلنا في طريق الشام علي دير النصاري و الرأس مركوز علي رمح فوضعنا الطعام لنأكل فإذا كفّ في حائط الدير يكتب شعرا:

أترجو أمّة قتلت حسينا شفاعة جدّه يوم الحساب

فأهوي بعضنا إلي الكفّ ليأخذها فغابت ثمّ عدنا إلي الطعام فإذا الكفّ قد عادت تكتب:

فلا و اللّه ليس لهم شفيع و هم يوم القيامة في العذاب

فقام أصحابنا إليها فغابت ثمّ عادوا إلي الطعام فعادت تكتب:

و قد قتلوا الحسين بحكم جور و خالف حكمهم حكم الكتاب

فأشرف علينا راهب من الدّير فرأي نورا ساطعا من الرأس فقال لنا:من أين جئتم؟قلنا:

حاربنا الحسين بن فاطمة و هذا رأسه،قال:هلاكا لكم و اللّه لو كان لعيسي ابن مريم ابن حملناه علي أحداقنا و لكن قولوا لرئيسكم عندي عشرة آلاف درهم يأخذها و يعطيني الرأس إلي وقت الرحيل ثمّ أردّه فأخبروا عمر بن سعد فقال:خذوا منه المال فدفع إليهم جرابين فانتقدها ابن سعد و سلّمها إلي خازنه فأخذ الراهب الرأس فغسله و حشّاه بمسك و كافور و جعله في حريرة و وضعه في حجره و لم يزل ينوح و يبكي حتّي طلبوا منه الرأس فقال:يا رأس الحسين لا أملك إلاّ نفسي فإذا كان غدا فاشهد لي عند جدّك محمّد إنّي أشهد أن لا إله إلاّ اللّه و أنّ محمّدا عبده و رسوله أسلمت علي يديك فأعطاهم الرأس و لحق بالجبال يعبد اللّه.

فلمّا دنا ابن سعد من الشام قال لأصحابه:اطلبوا الجرابين فأحضرت فنظر إلي خاتمه و فتحها فإذا الدنانير تحوّلت خزفا فنظر في سكّتها فإذا علي جانب مكتوب: وَ لا تَحْسَبَنَّ اللّهَ غافِلاً عَمّا

ص: 46


1- الخرائج و الجرائح:577/2 ح 1.

يَعْمَلُ الظّالِمُونَ و علي الجانب الآخر مكتوب: سَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ (1)فقال:إنّا للّه و إنّا إليه راجعون خسرت الدّنيا و الآخرة.

فقال لغلمانه:إطرحوها في النهر.

فأدخل الرأس علي يزيد و وضعه بإزاء القبّة التي يشرب فيها و وكلنا بالرأس،فلمّا مضي جانب من الليل سمعت دويّا من السماء فإذا مناد ينادي:يا آدم اهبط يا عيسي اهبط يا محمّد اهبط فهبطوا مع خلق كثير من الملائكة فدخل محمّد صلّي اللّه عليه و آله و سلّم القبّة و أخذ الرأس منها و جاء به إلي آدم فقال:يا أبي آدم ما تري ما فعلت أمّتي بولدي؟فاقشعر لذلك جلدي.

فقال جبرئيل:مرني أزلزل بهم الأرض.

قال:لا.

قال:دعني مع هؤلاء الأربعين فجعل ينفخ بواحد واحد فدنا منّي فقال النبيّ صلّي اللّه عليه و آله و سلّم:دعوه دعوه لا يغفر اللّه له،فتركني فأخذوا الرأس و مضوا فافتقد الرأس من تلك الليلة فما عرف له خبر.

قال سليمان:فقلت للرجل:تنحّ عنّي لا تحرقني بنارك (2).

***

نصراني يحتج علي يزيد بفعل النبي بالحسين عليهما السّلام

و روي في بعض مؤلّفات أصحابنا مرسلا أنّ نصرانيا أتي رسولا من ملك الروم إلي يزيد لعنه اللّه و قد حضر المجلس الذي أتي فيه برأس الحسين عليه السّلام،فبكي النصراني و صاح ثمّ قال:اعلم يا يزيد إنّي دخلت المدينة تاجرا في حياة النبيّ صلّي اللّه عليه و آله و سلّم فسألت أصحابه أيّ شيء أحبّ إليه من الهدايا؟

فقالوا:الطيب،فحملت إليه من المسك و العنبر و هو يومئذ في بيت زوجته أمّ سلمة فرأيت نورا ساطعا فتعلّق قلبي بمحبّته فقلت:هذه هدية محقرة فقال لي:إن قبلت منّي الإسلام و أنا وزير ملك الروم و لمّا كنت في حضرة النبيّ صلّي اللّه عليه و آله و سلّم رأيت هذا الذي رأسه بين يديك دخل علي جدّه من باب الحجرة و النبيّ فاتح باعه ليأخذه فوضعه في حجره و جعل يقبّل شفتيه و ثناياه و يقول:لعن اللّه من قتلك يا حسين و أعان علي قتلك و هو مع ذلك يبكي،فلمّا كان اليوم الثاني كنت مع النبيّ صلّي اللّه عليه و آله و سلّم في مسجده إذ أتاه الحسين مع أخيه الحسن و قال:يا جدّاه قد تصارعت مع أخي الحسن و لم يغلب أحدنا الآخر و إنّما نريد أن تعلم أيّنا أشدّ قوّة من الآخر،فقال:يا حبيبي إنّ التصارع لا يليق بكما و لكن اذهبا فتكاتبا فمن كان خطّه أحسن كذلك تكون قوّته أكثر فكتب كلّ واحد منهما سطرا و أتيا

ص: 47


1- الشعراء:227.
2- الخرائج و الجرائح:580/2.

جدّهما فأعطياه اللوح ليقضي بينهما فنظر و لم يرد أن يكسر قلب أحدهما فقال:إنّي أمّي لا أعرف الخط اذهبا إلي أبيكما يحكم بينكما،فقام النبي معهما و دخلوا بيت فاطمة فما كان إلاّ ساعة حتّي أقبل النبيّ صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و سلمان الفارسي فقلت:يا سلمان بحقّ دين الإسلام إلاّ ما أخبرتني كيف حكم أبوهما بينهما؟

فقال:لمّا أتيا إلي أبيهما لم يرد أن يكسر قلب أحدهما فقال:امضيا إلي أمّكما فعرضا عليها ما كتبا فتفكّرت و قالت:إنّي أقطع قلادتي علي رأسيكما فأيّكما يلتقط من لؤلؤها أكثر كان خطّه أحسن و قوّته أكثر و كان في قلادتها سبع لؤلؤات فقطعت القلادة فالتقط الحسن ثلاث لؤلؤات و التقط الحسين ثلاث لؤلؤات فبقيت الاخري فمدّا أيديهما إليها فأمر اللّه تعالي جبرئيل أن يقدّها بجناحه نصفين فأخذ كلّ واحد منهما نصفا فانظر يا يزيد كيف رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و أمير المؤمنين و فاطمة و ربّ العزّة لم يريدوا كسر قلب أحدهما و أنت هكذا تفعل بابن بنت رسول اللّه؟!أف لك يا يزيد.

ثمّ قام النصراني إلي رأس الحسين و جعل يقبّله و يبكي و يقول:يا حسين إشهد لي عند جدّك المصطفي و عند أبيك المرتضي و عند أمّك فاطمة الزهراء صلوات اللّه عليهم أجمعين (1).

***

إسلام يهودي لشفاء ابنته من دم الحسين عليه السّلام

قال:و روي من طريق أهل البيت عليهم السّلام أنّه لمّا قتل الحسين عليه السّلام بقي في كربلاء صريعا و دمه علي الأرض مسفوحا و إذا بطائر أبيض أتي و تمرّغ بدمه و جاء و الدم يقطر منه فرأي طيورا علي الأشجار كلّ منهم يذكر الحب و العلف و الماء فقال لهم:ويلكم تشتغلون بالدّنيا و الحسين في أرض كربلاء في هذا الحرّ ملقي علي التراب مذبوح و دمه مسفوح؟

فطارت الطيور إلي كربلاء فرأوا الحسين علي الأرض جثّة بلا رأس و لا غسل و لا كفن عليه التراب و بدنه قد هشّمته الخيل بحوافرها زوّاره الوحوش و الجنّ قد أضاء به التراب و جوّ السماء، فأعلن الطيور بالبكاء و تمرغن في دمه و طار كلّ واحد إلي ناحية يعلم أهلها فقصد طير منها مدينة الرسول فجاء يرفرف و الدم يقطر من أجنحته و دار حول قبر سيّدنا رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و قال:ألا قتل الحسين بكربلاء،ألا ذبح الحسين بكربلاء.

فاجتمعت عليه الطيور ينوحون،فلمّا رأي أهل المدينة النوح و تقاطر الدم لم يعلموا ما الخبر حتّي جاءهم بعد أيّام خبر مقتل الحسين عليه السّلام فعلموا أنّ ذلك الطير كان يخبر بقتله.

ص: 48


1- العوالم:443.

و قد نقل أنّه في ذلك اليوم الذي جاء به الطير إلي المدينة كان رجل يهودي في المدينة و له بنت عمياء زمناء طرشاء مشلولة مجذومة فجاء ذلك الطائر و الدم يقطر منه و وقع علي شجرة يبكي طول ليله و كان اليهودي قد أخرج ابنته إلي خارج المدينة و تركها في البستان الذي وقع فيه الطير فعرض لليهودي عارض فدخل المدينة و بقي ليلته.

و أمّا البنت فبقيت ساهرة علي أبيها فسمعت حنين الطير و بكاءه علي الشجرة فقطرت من جناح الطير قطرة دم علي إحدي عينيها فبرئت و قطرت علي الاخرة قطرة فبرئت فقطر علي كلّ عضو منها قطرة فعوفيت بإذن اللّه تعالي.

فلمّا أتي أبوها البستان ورآها صحيحة تعجّب من أمرها فأتت به إلي الطير علي الشجرة و حكت له قصّة تقطر الدم.

فقال اليهودي للطير:أقسمت عليك بالذي خلقك أن تكلّمني بقدرة اللّه تعالي.

فتكلّم الطير و حكي له قضية الحسين عليه السّلام و قتله بكربلاء و أنّ ذلك الدم من دمه،فأسلم اليهودي مع ابنته و خمسمائة من قومه (1).

***

النبي يلتقط دم الحسين عليهما السّلام

و في كتاب بشائر المصطفي عن أمّ سلمة أنّها قالت:خرج رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم من عندنا ذات ليلة فغاب عنّا طويلا ثمّ جاءنا و هو أشعث أغبر،و يده مضمومة فقلت:يا رسول اللّه ما لي أراك شعثا مغبرا؟

فقال:أسري بي في هذا الوقت إلي موضع من العراق يقال له كربلاء فأريت فيه مصرع الحسين ابني و جماعة من ولدي و أهل بيتي،فلم أزل ألقط دماءهم فها هي في يدي و بسطها إليّ فقال:خذيه فاحتفظي به فأخذته فإذا هو شبه تراب أحمر،فوضعته في قارورة و شددت رأسها و احتفظت به.

فلمّا خرج الحسين عليه السّلام من مكة متوجّها إلي العراق كنت أخرج تلك القارورة في كلّ يوم و ليلة و أشمّها و أنظر إليها ثمّ أبكي لمصابه،فلمّا كان اليوم العاشر من المحرّم أخرجتها في أوّل النهار و هي بحالها ثمّ عدت عليها آخر النهار فإذا هو دم عبيط فصحت في بيتي و بكيت و كظمت غيظي مخافة أن تسمع أعداؤهم بالمدينة فيتسرّعوا بالشماتة،فلم أزل حافظة الوقت حتّي جاء الناعي ينعاه فحقّق ما رأيت (2).

ص: 49


1- رياض الأبرار مخطوط.
2- الإرشاد:130/2.

تربة الحسين عليه السّلام

عن أم سلمة،قالت:كان الحسن و الحسين يلعبان بين يدي رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم في بيتي،فنزل جبريل فقال:يا محمد إن أمتك تقتل ابنك هذا من بعدك،و أومأ بيده إلي الحسين،فبكي رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و ضمّه إلي صدره ثم قال رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم«وديعة عندك هذه التربة»فشمّها رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و قال:«ريح كرب و بلاء».

قالت:و قال رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم:«يا أم سلمة إذا تحولت هذه التربة دما فاعلمي أنّ ابني قد قتل».

قال:فجعلتها أم سلمة في قارورة ثم جعلت تنظر إليها كل يوم تنعي و تقول:إن يوما تحوّلين دما ليوم عظيم (1).

عن عائشة أو أم سلمة-قال وكيع شك هو ينعي عبد اللّه بن سعيد-أن النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم قال لإحداهما:«لقد دخل عليّ البيت ملك لم يدخل عليّ قبلها فقال لي:إن ابنك هذا حسين مقتول، و إن شئت أريتك من تربة الأرض التي يقتل بها؟»

قالت:فأخرج-زاد الجوهري:إليّ[النبي]و قالا:-تربة حمراء (2).

عن جمهان أن جبريل أتي النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم بتراب من تربة القرية التي قتل فيها الحسين،و قيل اسمها كربلاء،فقال رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم:«كرب و بلاء».

و عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:كان النبيّ صلّي اللّه عليه و آله و سلّم في بيت أمّ سلمة فقال لها:لا يدخل عليّ أحد فجاء الحسين عليه السّلام و هو طفل فما ملكت منه شيئا حتّي دخل علي النبيّ صلّي اللّه عليه و آله و سلّم فدخلت أمّ سلمة علي أثره فإذا الحسين علي صدره و إذا النبيّ صلّي اللّه عليه و آله و سلّم يبكي و إذا في يده شيء يقلّبه،فقال النبيّ صلّي اللّه عليه و آله و سلّم:يا أمّ سلمة إنّ هذا جبرئيل يخبرني أنّ هذا مقتول و هذه التربة التي يقتل عليها فضعيها عندك،فإذا صارت دما فقد قتل حبيبي فقالت أمّ سلمة:يا رسول اللّه سل اللّه أن يدفع ذلك عنه.

قال:قد فعلت،فأوحي إليّ أنّ له درجة لا ينالها أحد من المخلوقين و أنّ له شيعة يشفعون فيشفعون و أنّ المهدي من ولده،فطوبي لمن كان من أولياء الحسين عليه السّلام و شيعته هم و اللّه الفائزون يوم القيامة (3).

و في كتاب الأمالي عن الصادق عليه السّلام قال:بينا الحسين عليه السّلام عند رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم إذ أتاه جبرئيل عليه السّلام فقال:يا محمّد أتحبّه؟

ص: 50


1- بغية الطلب:2599/6.
2- مسند أحمد:294/6 و نقله عنه الذهبي في سير الأعلام:290/3.
3- أمالي الصدوق:203 ح 3.

قال:نعم،قال:أما إنّ أمّتك ستقتله،فحزن لذلك حزنا شديدا فقال جبرئيل عليه السّلام:أيسرّك أن أريك التربة التي يقتل فيها؟

قال:نعم،قال:فخسف جبرئيل عليه السّلام ما بين مجلس رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم إلي كربلاء حتّي التقت القطعتان هكذا،و جمع بين السبابتين فتناول بجناحه من التربة فناولها الرسول صلّي اللّه عليه و آله و سلّم ثمّ دحيت الأرض أسرع من طرف العين،فقال رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم:طوبي لك من تربة و طوبي لمن يقتل فيك (1).

***

ثواب لعن قتلة الحسين عليه السّلام

و عن الفضل عن الرّضا عليه السّلام قال:من نظر إلي الفقاع أو إلي الشطرنج فليذكر الحسين عليه السّلام و ليلعن يزيد و آل زياد يمحو اللّه عزّ و جلّ بذلك ذنوبه و لو كانت كعدد النجوم (2).

سبب ذلك أنّ الملعون يزيد لمّا وضع عنده رأس الحسين عليه السّلام لعب بالشطرنج و شرب خمر الفقاع و كان كلّما غلب صاحبه صبّ علي رأس الحسين عليه السّلام بقيّة القدح من الفقاع.

و عنه عليه السّلام قال:قال رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم:إنّ قاتل الحسين بن عليّ عليهما السّلام في تابوت من نار عليه نصف عذاب أهل الدّنيا و قد شدّت يداه و رجلاه بسلاسل من نار منكس في النار حتّي يقع في قعر جهنّم و له ريح يتعوّذ أهل النار إلي ربّهم من شدّة نتنه و هو فيها خالد ذائق العذاب الأليم مع جميع من شايع علي قتله كلّما نضجت جلودهم بدّلهم عزّ و جلّ جلودا غيرها حتّي يذوقوا العذاب الأليم لا يفتر عنهم ساعة و يسقون من حميم جهنّم فالويل لهم من عذاب النار (3).

و عن أبي جعفر عليه السّلام:إنّ في النار منزلة لم يكن يستحقّها أحد من الناس إلاّ بقتل الحسين ابن علي و يحيي بن زكريا (4).

و في ثواب الأعمال عن عيص بن القاسم قال:ذكر عند أبي عبد اللّه عليه السّلام قاتل الحسين عليه السّلام فقال بعض أصحابه:كنت أشتهي أن ينتقم اللّه منه في الدّنيا فقال:كأنّك تستقلّ له عذاب اللّه و ما عند اللّه أشدّ عذابا و أشدّ نكالا (5).

***

ص: 51


1- أمالي الطوسي:314 ح 85.
2- الدعوات:162 ح 447.
3- البحار:300/44.
4- البحار:301/44.
5- ثواب الاعمال:216.

ثواب لعن قاتل الحسين عند شرب الماء

و عن داود الرّقي قال:كنت عند أبي عبد اللّه عليه السّلام إذ استسقي الماء،فلمّا شربه رأيته قد استعبر و اغرورقت عيناه بدموعه ثمّ قال لي:يا داود لعن اللّه قاتل الحسين فما من عبد شرب الماء فذكر الحسين و لعن قاتله إلاّ كتب اللّه له مائة ألف حسنة و حطّ عنه مائة ألف سيّئة و رفع له مائة ألف درجة و كأنّما أعتق مائة ألف نسمة و حشره اللّه يوم القيامة ثلج الفؤاد (1).

و عن النبيّ صلّي اللّه عليه و آله و سلّم إنّه قال:لعن اللّه قتلة الحسين و محبيهم و ناصريهم و الساكتين عن لعنهم من غير تقيّة تسكتهم،ألا و صلّي اللّه علي الباكين علي الحسين رحمة و شفقة،و اللاعنين لأعدائهم و الممتلئين عليهم غيظا و حنقا (2).

***

لعن النبي لقاتل الحسين عليه السّلام

عن عبد الرحمن الغنوي عن سلمان قال:و هل بقي في السماوات ملك لم ينزل إلي رسول اللّه يعزّيه في ولده الحسين و يحمل إليه تربته مصروعا عليها مذبوحا مقتولا طريحا مخذولا فقال رسول الله:اللّهمّ اخذل من خذله و اقتل من قتله و لا تمتّعه بما طلب.

قال عبد الرحمن:فو الله لقد عوجل الملعون يزيد و لم يتمتّع بعد قتله و لقد بات سكرانا و أصبح ميّتا متغيّرا كأنّه مطلي بقار،و ما بقي أحد ممّن تابعه علي قتله أو كان في محاربته إلاّ أصابه جنون أو جذام أو برص و صار ذلك وراثة في نسلهم (3).

و روي في بعض مؤلّفات أصحابنا مرسلا أنّ نصرانيا أتي رسولا من ملك الروم إلي يزيد لعنه اللّه و قد حضر المجلس الذي أتي فيه برأس الحسين عليه السّلام،فبكي النصراني و صاح ثمّ قال:إعلم يا يزيد إنّي دخلت المدينة تاجرا في حياة النبيّ صلّي اللّه عليه و آله و سلّم فسألت أصحابه أيّ شيء أحبّ إليه من الهدايا؟

فقالوا:الطيب،فحملت إليه من المسك و العنبر و هو يومئذ في بيت زوجته أمّ سلمة فرأيت نورا ساطعا فتعلّق قلبي بمحبّته فقلت:هذا هدية محقرة فقال لي:إن قبلت منّي الإسلام و أنا وزير ملك الروم و لمّا كنت في حضرة النبيّ صلّي اللّه عليه و آله و سلّم رأيت هذا الذي رأسه بين يديك دخل علي جدّه من باب الحجرة و النبيّ فاتح باعه ليأخذه فوضعه في حجره و جعل يقبّل شفتيه و ثناياه و يقول:لعن اللّه من قتلك يا حسين و أعان علي قتلك و هو مع ذلك يبكي،فلمّا كان اليوم الثاني كنت مع النبيّ صلّي اللّه عليه و آله و سلّم في

ص: 52


1- الدروس:48/3.
2- العوالم:598.
3- كامل الزيارات:132.

مسجده إذ أتاه الحسين مع أخيه الحسن و قال:يا جدّاه قد تصارعت مع أخي الحسن و لم يغلب أحدنا الآخر و إنّما نريد أن تعلم أيّنا أشدّ قوّة من الآخر،فقال:يا حبيبي إنّ التصارع لا يليق بكما و لكن اذهبا فتكاتبا فمن كان خطّه أحسن كذلك تكون قوّته أكثر فكتب كلّ واحد منهما سطرا و أتيا جدّهما فأعطياه اللوح ليقضي بينهما فنظر و لم يرد أن يكسر قلب أحدهما فقال:إنّي أمّي لا أعرف الخط إذهبا إلي أبيكما يحكم بينكما،فقام النبي معهما و دخلوا بيت فاطمة فما كان إلاّ ساعة حتّي أقبل النبيّ صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و سلمان الفارسي فقلت:يا سلمان بحقّ دين الإسلام إلاّ ما أخبرتني كيف حكم أبوهما بينهما؟

فقال:لمّا أتيا إلي أبيهما لم يرد أن يكسر قلب أحدهما فقال:امضيا إلي أمّكما فعرضا عليها ما كتبا فتفكّرت و قالت:إنّي أقطع قلادتي علي رأسيكما فأيّكما يلتقط من لؤلؤها أكثر كان خطّه أحسن و قوّته أكثر و كان في قلادتها سبع لؤلؤات فقطعت القلادة فالتقط الحسن ثلاث لؤلؤات و التقط الحسين ثلاث لؤلؤات فبقيت الاخري فمدّا أيديهما إليها فأمر اللّه تعالي جبرئيل أن يقدّها بجناحه نصفين فأخذ كلّ واحد منهما نصفا فانظر يا يزيد كيف رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و أمير المؤمنين و فاطمة و ربّ العزّة لم يريدوا كسر قلب أحدهما و أنت هكذا تفعل بابن بنت رسول اللّه؟!أف لك يا يزيد.

ثمّ قام النصراني إلي رأس الحسين و جعل يقبّله و يبكي و يقول:يا حسين اشهد لي عند جدّك المصطفي و عند أبيك المرتضي و عند أمّك فاطمة الزهراء صلوات اللّه عليهم أجمعين (1).

***

نوح يلعن قاتل الحسين عليهما السّلام

و عن أنس بن مالك عن النبيّ صلّي اللّه عليه و آله و سلّم إنّه قال:لمّا أراد اللّه سبحانه أن يهلك قوم نوح أوحي إليه أن شق ألواح الساج،فلمّا شقّها لم يدر ما يصنع بها فهبط جبرئيل عليه السّلام و أراه هيئة السفينة و معه تابوت بها مائة ألف مسمار و تسع و عشرون ألف مسمار فسمّر السفينة بالمسامير كلّها إلي أن بقيت خمسة مسامير فضرب بيده إلي مسمار فأضاء كالكوكب الدرّي فتحيّر نوح فأنطق اللّه المسمار فقال:

أنا علي اسم خير الأنبياء محمّد بن عبد اللّه فقال له جبرئيل:أسمره علي جانب السفينة الأيمن ثمّ ضرب يده علي مسمار ثان فأضاء و أنار فقال نوح:ما هذا المسمار؟

فقال:هذا مسمار أخيه عليّ بن أبي طالب،فأسمره علي جانب السفينة الأيسر في أوّلها ثمّ ضرب يده إلي مسمار ثالث فأشرق،فقال:هذا مسمار فاطمة فأسمره علي جانب مسمار أبيها ثمّ ضرب بيده إلي مسمار رابع فزهر و أنار.

ص: 53


1- البحار:142/45.

فقال:هذا مسمار الحسن فأسمره إلي جانب مسمار أبيه ثمّ ضرب بيده إلي مسمار خامس فزهر و أنار و أظهر النداوة.

فقال جبرئيل:هذا مسمار الحسين فأسمره إلي جانب مسمار أبيه؟

فقال نوح:يا جبرئيل ما هذه النداوة؟

فقال:هذا الدم.فذكر قصّة الحسين عليه السّلام و ما تعمل الامّة فلعن قاتله و ظالمه و خاذله (1).

***

الأنبياء يلعنون يزيد قاتل الحسين عليهم السّلام

و روي أنّ آدم عليه السّلام لمّا هبط إلي الأرض لم ير حوّاء فصار يطوف الأرض في طلبها فمرّ بكربلاء فاغتمّ و ضاق صدره من غير سبب و عثر في الموضع الذي قتل فيه الحسين حتّي سال الدم من رجله،فقال:إلهي هل حدث منّي ذنب آخر فعاقبتني به،فأوحي إليه:يا آدم يقتل في هذه الأرض ولدك الحسين ظلما فسال دمك موافقة لدمه و هو سبط النبيّ و قاتله يزيد.

فقال:أيّ شيء أصنع؟

قال:العنه أربع مرّات،فلعنه و مشي إلي جبل عرفات فوجد حوّاء هناك.

و أنّ نوحا لمّا ركب في السفينة طافت به جميع الدّنيا،فلمّا مرّت بكربلاء أخذته الأرض و خاف نوح الغرق فقال:إلهي أصابني فزع في هذه الأرض فقال جبرئيل عليه السّلام:يا نوح في هذا الموضع يقتل الحسين سبط محمّد خاتم الأنبياء قاتله لعين أهل السماوات فلعنه نوح أربع مرّات، و سارت السفينة حتّي استقرّت علي الجودي.

و أنّ إبراهيم عليه السّلام مرّ بأرض كربلاء و هو راكب فرسا فعثرت به و سقط إبراهيم و شجّ رأسه و سال دمه فأخذ في الإستغفار،فقال:إلهي أيّ شيء حدث منّي؟

فقال:يا إبراهيم ما حدث منك ذنب،و لكن هنا يقتل سبط الأنبياء فسال دمك موافقة لدمه و قاتله لعين أهل السماوات و الأرضين و القلم جري علي اللّوح بلعنه بغير إذن ربّه،فأوحي اللّه تعالي إلي القلم إنّك استحققت الثناء بهذا اللّعن فلعن إبراهيم عليه السّلام يزيدا لعنا كثيرا و قال فرسه:آمين.

فقال إبراهيم لفرسه:أيّ شيء عرفت حتّي تؤمّن علي دعائي؟

فقال:يا إبراهيم أنا أفتخر بركوبك عليّ،فلمّا عثرت و سقطت عن ظهري خجلت،و كان سبب ذلك يزيد لعنه اللّه.

ص: 54


1- نوادر المعجزات:65 ح 29.

و إنّ إسماعيل كانت أغنامه ترعي بشط الفرات فأخبره الراعي أنّها لا تشرب الماء من هذه المشرعة منذ كذا يوما،فسأل ربّه عن ذلك،فقال جبرئيل عليه السّلام:سل غنمك فإنّها تجيبك عن سبب ذلك،فقال لها:لم لا تشربين من هذا الماء؟

فقالت بلسان فصيح:قد بلغنا أنّ ولدك الحسين يقتل هنا عطشانا فنحن لا نشرب من هذه المشرعة حزنا عليه فسألها عن قاتله فقالت:يقتله لعين أهل السماوات و الأرض فلعنه إسماعيل.

و أنّ موسي عليه السّلام كان ذات يوم سائرا و معه يوشع بن نون،فلمّا جاء إلي أرض كربلاء انخرق نعله و انقطع شراكه و دخل الحسك في رجله و سال دمه فقال:إلهي أيّ شيء حدث منّي؟

فأوحي اللّه إليه أنّ هنا يقتل الحسين فسال دمك موافقة لدمه و قاتله لعين السمك في البحار و الوحوش في القفار و الطير في الهواء،فلعن موسي يزيدا و أمّن يوشع علي دعائه.

و أنّ سليمان عليه السّلام كان يجلس علي بساطه و يسير في الهواء فمرّ بأرض كربلاء فأدارت الريح بساطه ثلاث دورات حتّي خافوا السقوط،فسكنت الريح و نزل البساط،فقال سليمان للريح:لم سكنتي؟

فقالت:إنّ هنا يقتل الحسين عليه السّلام و هو سبط محمّد المختار و قاتله يزيد،فلعنه سليمان و أمّن علي دعائه الإنس و الجنّ فهبّت الريح و سار البساط.

و أنّ عيسي عليه السّلام كان سائحا في البراري و معه الحواريّون فمرّوا بكربلاء فرأوا أسدا قد أخذ الطريق،فقال عيسي للأسد:لم جلست في هذا الطريق لا تدعنا نمرّ فيه؟

فقال بلسان فصيح:إنّي لم أدعكم تمرّوا حتّي تلعنوا يزيدا قاتل الحسين سبط محمّد و قاتله لعين الوحوش و الذئاب و السباع خصوصا أيّام عاشوراء،فلعنه و أمّن الحواريّون فتنحّي الأسد عن الطريق (1).

***

الملائكة تلعن قاتل الحسين عليه السّلام

و عن صفوان الجمّال عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:سألته في طريق المدينة و نحن نريد مكّة مالي أراك حزينا منكسرا؟

فقال:لو تسمع ما أسمع لشغلك عن مساءلتي.

فقلت:و ما الذي تسمع؟

ص: 55


1- البحار:244/44 ح 43.

قال:دعاء الملائكة علي قتلة أمير المؤمنين و قتلة الحسين و نوح الجنّ و بكاء الملائكة الذين حوله و شدّة جزعهم فمن يتهنّا مع هذا بطعام أو شراب أو نوم (1).

و روي الصدوق في كتاب المعراج عن الصادق عليه السّلام:إنّ اللّه عزّ و جلّ صوّر صورة عليّ عليه السّلام في السماء الخامسة لتنظر إليه الملائكة إذا اشتهت النظر إلي عليّ عليه السّلام و لمّا ضربه اللعين ابن ملجم علي رأسه صارت تلك الضربة في صورته التي في السماء و لمّا قتل الحسين عليه السّلام هبطت الملائكة و حملته حتّي أوقفته مع صورة عليّ عليه السّلام في السماء الخامسة فكلّما هبطت الملائكة أو صعدت لزيارة صورة علي و النظر إليه و إلي الحسين عليه السّلام متشحّطا بدمه لعنوا يزيدا و ابن زياد و قتلة الحسين إلي يوم القيامة،و قال عليه السّلام:هذا مكنون العلم و مخزونه لا تخرجون إلاّ إلي أهله (2).

***

الحمام الرّاغبية تلعن قتلة الحسين عليه السّلام

و في الكافي عن داود بن فرقد قال:كنت جالسا في بيت أبي عبد اللّه فنظرت إلي حمام راغبي يقرقر فقال:يا داود هذا الطير يدعو علي قتلة الحسين عليه السّلام فاتّخذوه في منازلكم (3).

و في حديث آخر:إنّها تلعن قتلة الحسين.

***

جواز لعن يزيد

قال حبيب اللّه الخوئي في شرح النهج في الرد علي الغزالي:كل شخص ثبتت لعنته شرعا فيجوز لعنته كقولك:فرعون لعنه اللّه،و أبو جهل لعنه اللّه،لأنه ثبت أن هؤلاء ماتوا علي الكفر و عرف ذلك شرعا،أما شخص بعينه في زماننا كقولك:زيد لعنه اللّه و هو يهودي مثلا فهذا فيه خطر لأنه ربما يسلم فيموت مقربا عند اللّه فكيف يحكم بكونه ملعونا؟.

فإن قلت:يلعن لكونه كافرا في الحال كما يقال للمسلم:رحمه اللّه لكونه مسلما في الحال و إن كان يتصور أن يرتدّ.

فاعلم أن معني قولنا:رحمه اللّه،أي ثبّته اللّه علي الإسلام الذي هو سبب الرحمة و علي الطاعة،و لا يمكن أن يقال:ثبت اللّه الكافر علي ما هو سبب اللعنة،فإن هذا سؤال الكفر و هو في

ص: 56


1- كامل الزيارات:187 ح 23.
2- البحار:229/45.
3- الكافي:/5476.

نفسه كفر بل الجائز أن يقال:لعنه اللّه إن مات علي الكفر و لا لعنه اللّه إن مات علي الإسلام،و ذلك غيب لا يدري،و المطلق تردد بين الجهتين.ففيه خطر.

و إذا عرفت هذا في الكافر ففي زيد الفاسق أو زيد المبتدع أولي إلي أن قال:فلا خطر في السكوت عن لعن إبليس مثلا فضلا عن غيره.

فإن قيل:هل يجوز لعنة يزيد لكونه قاتل الحسين عليه السّلام أو آمرا به؟

قلنا:هذا لم يثبت أصلا،فلا يجوز أن يقال:إنه قتله أو أمر به ما لم يثبت فضلا عن اللعنة، لأنه لا يجوز نسبة مسلم إلي كبيرة من غير تحقيق.

فإن قيل:فهل يجوز أن يقال:قاتل الحسين لعنه اللّه أو الآمر بقتله لعنه الله؟

قلنا:الصواب أن يقال:قاتل الحسين عليه السّلام إن مات قبل التوبة لعنه اللّه،لأنه يحتمل أن يموت بعد التوبة،فإن وحشيا قاتل الحمزة قتله و هو كافر ثم تاب عن الكفر و القتل جميعا و لا يجوز أن يلعن،و القتل كبيرة و لا تنتهي إلي رتبة الكفر فإذا لم يقيّد بالتوبة و أطلق كان فيه خطر و ليس في السكوت خطر و هو أولي.انتهي كلامه لعنه اللّه تعالي و خذله و ضاعف في عذابه.

قال نعمة اللّه الجزائري في الرياض:لما صادف نقل كلام هذا الناصب اللعين في ليلة القدر، و هي الليلة الثالثة و العشرون من شهر الصيام كما يستفاد من أكثر أخبار الأئمة و كان الناس مشتغلين و قتئذ في المساجد الجامعة و المشاهد المشرّفة بالعبادات و الطاعات،متقرّبين إليه تعالي بالتلاوة و التسبيح و التقديس و الدعوات،مبتهلين متضرّعين إليه عزّ و جل في غفران الذنوب و الزلاّت،فرأيت اشتغالي بما يلوح من المطاعن علي هذا الناصب الملعون أهم و أحري،و أحتسب بذلك الأجر و الزلفي لديه تعالي و أتقرّب به إلي أئمة الهدي تعصبا لخامس آل العباء سلام اللّه عليه و عليهم تتري، و أستشفع بهم إلي اللّه سبحانه أن يثبت ما أكتبه هنا في صحائف حسناتي،و يجعله ممحاة سيئاتي، و يحشرني في زمرة موالي و ساداتي إنه مجيب الدعوات،و وليّ الخيرات و الحسنات،و هو الغفور الرحيم و الشكور الكريم.

فأقول:يتوجه علي هذا الناصب وجوه من الكلام و ضروب من المثالب و الملام.

الأول:أن اللعن في اللغة هو الطرد و الإبعاد من اللّه و رحمته،و من الخلق طلب الطرد و الدعاء بالعذاب،فمعني قولنا:لعن اللّه الكافرين و الظالمين و المبتدعة و النواصب و منهم الغزالي باعدهم اللّه من رحمته و ضاعف عليهم العذاب لاستحقاقهم له بما صدر عنهم من الكفر و الظلم و النصب و البدعة،و الكتاب و السنّة مشحونة بلعن هؤلاء و قد ثبت الإذن و الترخيص لنا قولا و فعلا و تقريرا في لعنهم،و لا فرق فيه بين الأنواع و الأشخاص.

و التفرقة بين النوع و الشخص بتجويزه في الأول دون الثاني كما توهمه الناصب شطط من الكلام و غلط.

ص: 57

أما أولا:فلأن احتمال توبة الشخص الكافر و جواز رجوعه إلي الإسلام لا يوجب رفع اليد عن لعنه المترتب علي كفره المحقق كسائر الأحكام المترتبة علي كفره،لأن اليقين لا تنقض إلا بيقين مثله،و لو كان مجرد الاحتمال كافيا لجاز الصلاة عليه و دفنه في مقابر المسلمين و تجهيزه و تكفينه مثل سائر المسلمين و ليس فليس.

و أما ثانيا:فلأن معني لعن أشخاص الكفار طلب العذاب في حقهم لاستحقاقهم بالفعل له، و تجويز توبتهم لا يمنع من جواز الدعاء عليهم،لتبدّل الأحكام بتبدل الموضوعات،ألا تري أن اللّه يكره الفاسق و يبغضه حال فسقه و يحبه حال توبته مع أنه عالم بما يؤول أمره.

و أما ثالثا:فلأن قوله:معني قولنا:رحمه اللّه،أي ثبته اللّه علي الإسلام الذي هو سبب الرحمة و لا يمكن أن يقال:ثبت اللّه الكافر علي ما هو سبب اللعنة فيه أنه لم يفهم معني الرحمة و اللعنة إذ ليس معناهما طلب التثبيت علي الإسلام و الكفر،بل طلب الثواب لمن كان ثابتا علي إسلامه،و طلب العقاب علي من كان ثابتا علي كفره.

و أما رابعا:فلأنه لا فرق بين جواز اللعن علي اليهود عموما و بين جوازه علي أشخاصهم، لأنه إن كان معناه طلب الثبات و الإستمرار علي الكفر علي ما توهمه فلا يجوز مطلقا،و إن كان المراد منه الإبعاد عن رحمة اللّه فالكل بعيد منها حالة اليهودية الأشخاص و الأنواع،و جواز التوبة كما يمكن في حق الشخص يمكن في حق النوع،و القرب و البعد لا تتفاوت فيه أحكام الشريعة، و بالجملة النوع ليس إلا عبارة عن الأشخاص المجتمعة،و التفرقة بينهما سفسطة.

الثاني:أن قوله:فلا خطر في السكوت عن لعن إبليس فضلا عن غيره،يظهر منه أن بينه و بين إبليس محابة و أخوة لا يرضي بلعنه،و لا غرو في ذلك لأنه قائد الضلال بوسوسته و هذا قائد الضلال بسفسطته،و هو كافر باللّه،و هذا كافر بولاية وليّ الإله،فلهما اشتراك في المذهب،و مشاركة في المذاق و المشرب،و إلا فلم لا يرضي بلعنه مع أن استحقاق الكفار و الظالمين للعن و الطرد و الإبعاد إنما هو لأجل الكفر و الظلم،و هذا الملعون أول كافر باللّه كما يدل عليه قوله تعالي: أَبي وَ اسْتَكْبَرَ وَ كانَ مِنَ الْكافِرِينَ (1).

و أيضا فلنا برسول اللّه أسوة حسنة،و كلما جري علي لسانه الشريف ذكر هذا الملعون أردفه بالطعن و اللعن،فيجب لنا اتباعه في أقواله و أفعاله،و لو كان السكوت عن لعنه حسنا لم يتخذه سنّة.

مع أن التبرّي من أولياء الضلال ظاهرا و باطنا بأي نحو كان واجب،و اللعن من جملة أنحاء التبرّي كالإهانة و الإذلال و التوهين و السب و الإزراء و نحوها.

الثالث:ما قاله في حق يزيد اللعين ابن اللعين من أنه لم يثبت كونه آمرا بقتل الحسين دليل4.

ص: 58


1- البقرة:34.

علي جهله بكتب التواريخ و السير التي صنّفها علماؤهم فضلا عن علمائنا،إذ لم ينكر أحد منهم ذلك و لا خلاف بينهم في أن يزيدا ولّي ابن زياد عليه اللعنة و العذاب علي العراقين لهذا الغرض،و أنه أنهض العساكر و عبّأ الجيوش و الكتائب لقتاله سلام اللّه عليه و أمره بالقتل أو البيعة فآل الأمر إلي ما آل.

و قد قيل لبعض القضاة:كيف يستحق يزيد اللعن علي قتل الحسين بن علي عليهما السّلام و كان في الشام و قتل هو بالعراق؟فأنشد:

سهم أصاب و راميه بذي سلم من بالعراق لقد أبعدت مرماك

فإذا ثبت أمره بقتله ثبت وجوب لعنه،لأن فرط محبة رسول اللّه للحسين و لأخيه الحسن و مزيد اختصاصهما به غني عن البيان،مستغن عن البينة و البرهان.

و قوله فيهما:من أبغضهما أبغضته و من أبغضته أبغضه اللّه و أصلاه جهنم و ساءت مصيرا،رواه المحدثون فأوجب النار في بغضهما فكيف لقتلهما؟.

و قد روت الخاصة و العامة حتي الغزالي قوله فيهما:هما وديعتي في أمتي.

و رووا أيضا قوله:اللهم إني أستودعكهما و صالح المؤمنين.

و قوله:أنا من حسين و حسين مني إلي غير ذلك مما لا حاجة إلي ذكره.

و يدل ذلك كله علي أنه يؤذيه ما يؤذي الحسين عليه السّلام فضلا عن قتله وَ الَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللّهِ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (1)

كما في آية التوبة،و في آية الأحزاب: إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللّهَ وَ رَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللّهُ فِي الدُّنْيا وَ الْآخِرَةِ وَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً مُهِيناً.

الرابع:قوله:لا يجوز نسبة المسلم إلي كبيرة من غير تحقيق.

أقول:هذا مسلّم و لكن كفر يزيد و ظلمه و ارتكابه ما لم يرتكبه أحد من الكفار بلغ مبلغ اشتهار الشمس في رابعة النهار،لأن زمان ذلك الملعون كان كله ظلما و فتنة،فإنه بعد قتل الحسين عليه السّلام و قتل من قتل معه جهّز الجيوش إلي ابن الزبير و بعث بها إليه مع عقبة بن مسلم إلي مدينة الرسول و هي حرمه الذي حرّمه كما أن إبراهيم حرّم مكة،و لعن رسول اللّه من أحدث في المدينة حدثا فقتل أهلها،و أباح قتلهم ثلاثة أيام يقتل فيها الرجال و يسبي النساء و تنتهب الأموال،ثم سار إلي مكة فمات في طريق مكة لعنه اللّه تعالي،فولي يزيد بن الحصين مكانه،فانتهي إلي مكة فأباحها و أضرم النار في أستار الكعبة فاحترقت و أحرق سقفها و سقط جدارها و هي حرم اللّه الذي حرّمه و عظّمه غاية1.

ص: 59


1- التوبة:61.

التعظيم،و قال في حقه: وَ مَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ (1)

و لم يقدم المشركون مع شركهم و لا أهل الجهالة علي جهالتهم علي أدني شي مما فعل تعظيما له و رعاية لحرمته،و من هذا شأنه فكيف يكون مسلما؟.

نعم،هذا الملعون كأبيه و جده معاوية و أبي سفيان الملعونين،أظهر الإسلام توسلا به إلي مأربه و أبطن الكفر و قد نقل أنه ذكر عنده رسول اللّه يوما فقال الملعون:

تلاعب بالبرية هاشميّ بلا وحي أتاه و لا كتاب

و هذا منه قدح قديح في النبوّة و سنذكر مثله منه في الأشعار الآتية.

الخامس:أن قوله:الصواب أن يقال:قاتل الحسين عليه السّلام إن مات قبل التوبة لعنه اللّه،لأنه يحتمل أن يموت بعد التوبة فيه:أن مجرد الإحتمال غير كاف في ارتفاع اللعن و الطرد و الويل و النكال.

و كيف يكون تائبا و قد صدر منه بعد قتله سلام اللّه عليه ما هو أعظم خزيا من الحركات الشنيعة في حق العترة الهاشمية من سبي الحريم و النساء و أمره بأن يسار بهم في سكك الشام علي أقتاب بغير وطاء سوق السبايا و الإماء ثم إحضارهم إلي مجلسه مكررا ابتهاجاته و فخره و سروره.

و يكشف عن عدم ندمه مضافا إلي هذا وضعه الرأس الشريف بين يديه و تمثله بقول ابن الزبعري:

ليت أشياخي ببدر شهدوا جزع الخزرج من وقع الأسل

لأهلّوا و استهلّوا فرحا ثم قالوا يا يزيد لا تشل

لست من حندف إن لم أنتقم من بني أحمد ما كان فعل

لعبت هاشم بالملك فلا خبر جاء و لا وحي نزل

أفي حقّ من بتلك الأشعار يتمثل يجوّز الندم و يحتمل و لنعم ما قال ابن هاني المغربي:

بأسياف ذاك البغي أول سلها أصيب علي لا بسيف ابن ملجم

و بالحقد حقد الجاهلية أنه إلي الآن لم يذهب و لم يتصرّم

فلعن اللّه تعالي علي يزيد بن معاوية عدد الحجر و المدر و النبات و الشجر و علي المتعصبين له من أمثال الغزالي اللعين ذوي الأنفس الخبيثة،و العقول المختلّة،و العقائد الفاسدة،و الهمم الساقطة،و الأديان المدخولة،و الأحلام الطائشة،و الأقوال الواهية،و القلوب التي لا تهتدي إلي5.

ص: 60


1- الحج:25.

رشاد،و العيون التي لا تنظر إلي سداد،و قد غطي عليها الغين،و فيهم يقال:أعمي القلب و العين، و من كان في هذه أعمي فهو في الآخرة أعمي و أضلّ سبيلا (1).

***

نسب يزيد و ابن زياد و عمر بن سعد لعنهم الله

في كتاب البحار قال مؤلّف الكتاب إلزام النواصب و غيره أن ميسون بنت بجدل الكلبي أمكنت عند أبيها من نفسها فحملت يزيد لعنه اللّه و إلي هذا إشارة النسّابة البكري بقوله شعرا:

فإن يكن الزمان أتي علينا بقتل الترك و الموت الوجييء

فقد قتل الدّعي و عبد كلب بأرض الطّف أولاد النبيّي

أراد بالدّعي عبيد الله بن زياد لعنه اللّه فإنّ أباه زياد بن سمية كانت أمّه سميّة مشهورة بالزنا و ولد علي فراش أبي عبيد بني علاج من ثقيف فادّعي معاوية أنّ أبا سفيان زني بأمّ زياد فأولدها زيادا و أنّه أخوه فصار اسمه الدعيّ و كانت عائشة تسمّيه زياد بن أبيه لأنّه ليس له أب معروف و مراده بعبد كلب يزيد بن معاوية لأنّه من عبد بجدل الكلبي.

و أمّا عمر بن سعد فقد نسبوا أباه سعد إلي غير أبيه و انّه رجل من بني عذرة كان خدنا لامّه يعني صاحبها.

و يشهد بذلك قول معاوية حين قال سعد لمعاوية:أنا أحقّ بهذا الأمر منك.

فقال له معاوية:يأبي عليك ذلك بنو عذرة و ضرط له.

روي ذلك النوفلي ابن سليمان من علماء السنّة.

و يدلّ علي ذلك قول السيّد الحميري شعرا:

قدما تداعوا زنيما ثمّ سادهم لو لا خمول بني سعد لما سادوا (2)

***

عذاب من لم ينصر الحسين عليه السّلام و إن لم يقاتل

و عن إسحاق بن عمّار قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:إنّي كنت بالحيرة ليلة عرفة و كنت أصلّي و ثمّ نحو من خمسين ألفا من الناس جميلة وجوههم طيّبة أرواحهم و أقبلوا يصلّون بالليل أجمع.

ص: 61


1- كشف الغمة:277/2.
2- البحار:309/44.

فلمّا طلع الفجر سجدت ثمّ رفعت رأسي فلم أر منهم أحدا.

فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام:إنّه مرّ بالحسين عليه السّلام خمسون ألف ملك و هو يقتل فلم ينصروه فأهبطوا إلي الأرض فأسكنوا عند قبره شعثا غبرا إلي يوم القيامة (1).

***

ما حصل بقاتلي الحسين عليه السّلام

و سأل عبد اللّه بن رياح القاضي رجلا أعمي فقال:كنت حضرت كربلاء و ما قاتلت فنمت فرأيت شخصا هائلا قال لي:أجب رسول اللّه،فجرّني إليه فوجدته حزينا و في يده حربة و قدّامه نطع و ملك بين يديه قائم في يده سيف من النار يضرب أعناق القوم و تقع النار فيهم فتحرقهم ثمّ يحيون و يقتلون أيضا هكذا.

فقلت:يا رسول اللّه ما ضربت بسيف و لا طعنت و لا رميت.

فقال:ألست كثّرت السواد،فأخذ من طشت فيه دم فكحّلني من ذلك الدمّ فاحترقت عيناي، فلمّا انتبهت كنت أعمي (2).

و في أمالي المفيد عن محمّد بن سليمان عن عمّه قال:صرنا إلي كربلاء و ليس بها موضع نسكنه فبنينا كوخا،فلمّا جاء الليل أشعلنا نفطا و صرنا نتذاكر أمر الحسين و من قتله.

فقلنا:ما بقي أحد من قتلة الحسين عليه السّلام إلاّ رماه اللّه ببليّة في بدنه.

فقال ذلك الرجل:أنا كنت فيمن قتله و ما أصابني مكروه و أنّكم تكذبون فأمسكنا عنه و قام ليصلح الفتيلة بإصبعه فأخذت النار كفّه فألقي نفسه إلي الفرات فرأيناه يدخل رأسه في الماء و النار علي وجه الماء فإذا أخرج رأسه سرت النار إليه فلم يزل ذلك دأبه حتّي هلك (3).

و عن سعيد المسيّب قال:لمّا قتل مولاي الحسين عليه السّلام حججت البيت فبينما أنا أطوف بالكعبة و إذا أنا برجل مقطوع اليدين و وجهه كالليل المظلم متعلّق بأستار الكعبة و يقول:اللّهم اغفر لي و ما أظنّك تفعل و لو تشفع فيّ سكّان السماوات و الأرض،فاجتمع عليه الناس.

و قالوا:يا ويلك كيف تيأس من رحمة اللّه؟

فقال:يا قوم أنا أعرف بذنبي؛إنّي كنت جمّالا للحسين عليه السّلام لمّا خرج من المدينة إلي العراق و كنت أراه إذا أراد الوضوء يضع سراويله عندي فأري تكة تغشي الأبصار بحسن إشراقها و كنت أتمنّاها تكون لي الي أن صرنا بكربلاء و قتل الحسين و هي معه فدفنت نفسي في مكان من الأرض،

ص: 62


1- البحار:226/45 ح 20.
2- مدينة المعاجز:84/4.
3- أمالي الطوسي:163 ح 21.

فلمّا صار الليل خرجت فرأيت من تلك المعركة نورا لا ظلمة و نهارا لا ليلا و القتلي مطروحين علي وجه الأرض فذكرت التكة فطلبت الحسين فوجدته مكبوبا علي وجهه و هو جثّة بلا رأس و نوره مشرق مرمّل بدمائه فنظرت إلي سراويله كما كنت أراها فضربت يدي إلي التكة لآخذها فإذا هو قد عقدها عقدا كثيرة حتّي حللت عقدة منها فمدّ يده اليمني و وضعها علي التكة فدعتني نفسي إلي أن أقطع يده فوجدت قطعة سيف فقطعتها و نحّيتها عن التكة فمدّ يده اليسري و وضعها علي التكة فطعنتها بالسيف و مددت يدي علي التكة فإذا الأرض ترجف و السماء تهتزّ و إذا بجلبة عظيمة و قائل يقول:وا أبتاه وا مقتولاه وا ذبيحاه وا حسيناه وا غريباه يا بني قتلوك و ما عرفوك و من شرب الماء منعوك.

فرميت نفسي بين القتلي و إذا بثلاث نفر و امرأة و حولهم خلائق وقوف و قد امتلأت الأرض بأجنحة الملائكة و إذا بالحسين قد جلس و رأسه علي بدنه و هو يقول:يا جدّاه يا رسول اللّه و يا أبتاه يا أمير المؤمنين و يا أمّاه يا فاطمة الزهراء و يا أخاه المقتول بالسمّ عليكم منّي السلام ثمّ بكي و قال:يا جدّاه قتلوا رجالنا و ذبحوا أطفالنا يعزّ و اللّه عليك أن تري حالنا و ما فعلوا بنا و إذا هم جلسوا يبكون حوله و فاطمة تقول:يا أباه أما تري ما فعلت أمّتك بولدي فأخذت من دمه و مسحت شعرها و قالت:

ألقي اللّه عزّ و جلّ و أنا مختضبة بدم ولدي الحسين و أخذ منه رسول اللّه و عليّ بن أبي طالب و الحسن و مسحوا به صدورهم و أيديهم إلي المرافق.

و سمعت رسول اللّه يقول:فديتك يا حسين يعزّ عليّ و اللّه أن أراك مقطوع الرأس مكبوبا علي قفاك مقطوع الكفّين،يا بني من قطع يدك اليمني و ثنّي باليسري؟

فقال:يا جدّاه كان معي جمّال من المدينة و حكي له كما فعلته به.

فبكي النبيّ و أتي إليّ بين القتلي فقال:ما لي و ما لك يا جمّال تقطع يدين طالما قبّلهما جبرئيل و ملائكة اللّه و تباركت بهما أهل السماوات و الأرضين سوّد اللّه وجهك يا جمّال في الدّنيا و الآخرة و قطع اللّه يديك و رجليك فشلّت يداي و اسودّ وجهي و بقيت علي هذه الحالة فجئت إلي هذا البيت أستشفع و أنا أعلم أنّه لا يغفر لي أبدا،فلم يبق بمكّة أحد إلاّ لعنه و خرج من مكّة (1).

***

انتقام القائم من قتلة الحسين عليهما السّلام

قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:لمّا كان من أمر الحسين عليه السّلام ما كان ضجّت الملائكة إلي اللّه بالبكاء و قالت:يفعل هذا بالحسين صفيّك و ابن نبيّك؟

قال:فأقام اللّه لهم ظلّ القائم عليه السّلام و قال:بهذا أنتقم لهذا (2).

ص: 63


1- مدينة المعاجز:83/3.
2- الكافي:465/1 ح 1.

و في كتاب عيون أخبار الرضا عليه السّلام عن الهروي قال:قلت للرضا عليه السّلام:ما تقول في حديث روي عن الصادق عليه السّلام إنّه قال:إذا خرج القائم قتل ذراري قتلة الحسين عليه السّلام بفعال آبائها؟

فقال عليه السّلام:هو كذلك،فقلت:قول اللّه عزّ و جلّ: وَ لا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْري (1)ما معناه؟

قال عليه السّلام:إنّ ذراري قتلة الحسين يرضون بفعال آبائهم و يفتخرون بها،و من رضي شيئا كان كمن أتاه و لو أنّ رجلا قتل بالمشرق فرضي رجل بقتله بالمغرب لكان الراضي عند اللّه عزّ و جلّ شريك القاتل.

قلت:بأيّ شيء يبدأ القائم إذا قام؟

قال عليه السّلام:يقطع أيدي بني شيبة لأنّهم سرّاق بيت اللّه عزّ و جلّ (2).

***

عذاب قتلة الحسين عليه السّلام

و في كتاب الاحتجاج بالإسناد إلي العسكري عليه السّلام أنّ عليّ بن الحسين عليهما السّلام كان يذكر حال من مسخهم اللّه قردة ثمّ قال:إنّ اللّه تعالي مسخ أولئك القوم لاصطياد السمك فكيف تري حال من قتل أولاد رسول اللّه و إن لم يمسخهم في الدّنيا فإنّ المعدّ لهم من عذاب الآخرة أضعاف أضعاف عذاب المسخ.

فقيل له:يابن رسول اللّه قال لنا بعض النصّاب إن كان قتل الحسين باطلا فهو أعظم من صيد السمك في السبت فما كان يغضب علي قاتليه كما غضب علي صيّادي السّمك؟

قال عليّ بن الحسين عليهما السّلام:قل لهؤلاء النصاب فإن كان إبليس معاصيه أعظم من معاصي من كفر بإغوائه فأهلك اللّه من شاء منهم كقوم نوح و فرعون و لم يهلك إبليس و هو أولي بالهلاك فما باله أهلك هؤلاء الذين قصروا عن إبليس في عمل الكبائر الموبقة و أمهل إبليس مع إيثاره لكشف المخزيات إلا كان ربّنا حكيما بتدبيره فيمن أهلك و فيمن استبقي،فكذلك هؤلاء الصيّادون في السبت و هؤلاء القاتلون للحسين يفعل في الفريقين ما يعلم أنّه أولي بالحكمة لا يسأل عمّا يفعل و عباده يسألون (3).

و في كتاب الفردوس قال ابن عبّاس:أوحي اللّه تعالي إلي محمّد صلّي اللّه عليه و آله و سلّم إنّي قتلت بيحيي بن زكريا سبعين ألفا و أقتل بابن بنتك سبعين ألفا و سبعين ألفا.

ص: 64


1- سورة الانعام:164.
2- وسائل الشيعة:139/16 ح 4.
3- الاحتجاج:41/2.

و قال الصادق عليه السّلام:قتل بالحسين صلوات اللّه عليه مائة ألف و ما طلب بثأره و سيطلب بثأره عليّ بن الحسين (1).

و في كتاب المناقب روي أنّ الحسين عليه السّلام قال لعمر بن سعد إنّه ممّا تقرّ به عيني أنّك لا تأكل من برّ العراق بعدي إلاّ قليلا،فقال مستهزئا:يا أبا عبد اللّه في الشعير خلف فكان كما قال لم يصل إلي الري و قتله المختار.

و في أمالي القطان عن ابن عيينة قال:أدركت من قتلة الحسين رجلين أمّا أحدهما فإنّه طال ذكره حتّي كان يلفّه.

و في رواية كان يحمله علي عاتقه،و أمّا الآخر فكان يستقبل الراوية فيشربها و لا يروي و ذلك إنّه نظر إلي الحسين و قد أهوي إلي فيه بماء و هو يشرب فرماه بسهم فقال الحسين عليه السّلام:لا أرواك اللّه فعطش الرجل حتّي ألقي نفسه في الفرات و شرب حتّي مات (2).

و في خبر أنّه لمّا رماه الدارمي بسهم فأصاب حنكه جعل يتلقّي الدم و يرميه إلي السماء فكان هذا الرجل يصيح من الحرّ في بطنه و البرد في ظهره بين يديه المراوح و الثلج و خلفه الكانون و النار و هو يقول اسقوني فيشرب القربة ثمّ يقول اسقوني أهلكني العطش فانقدّت بطنه و مات لا رحمه اللّه (3).

و في أحاديث ابن الحاشر قال:كان عندنا رجل خرج علي الحسين عليه السّلام و انتهب من عسكره زعفرانا و جملا،فلمّا دقّوا الزعفران صار نارا و كلّ امرأة لطخت منه صارت برصاء و نحروا البعير فخرجت منه النار و طبخوه فضارت القدر نارا (4).

و سأل عبد اللّه بن رياح القاضي رجلا به عمي فقال:كنت حضرت كربلاء و ما قاتلت فنمت فرأيت شخصا هائلا قال لي:أجب رسول اللّه.

فجرّني إليه فوجدته حزينا و في يده حربة و قدّامه نطع و ملك بين يديه قائم في يده سيف من النار يضرب أعناق القوم و تقع النار فيهم فتحرقهم ثمّ يحيون و يقتلون أيضا هكذا،فقلت:يا رسول اللّه ما ضربت بسيف و لا طعنت و لا رميت.

فقال:ألست كثّرت السواد،فأخذ من طشت فيه دم فكحّلني من ذلك الدمّ فاحترقت عيناي، فلمّا انتبهت كنت أعمي (5).

***4.

ص: 65


1- مناقب آل أبي طالب:234/3.
2- مناقب آل أبي طالب:214/3.
3- مناقب آل أبي طالب:214/3.
4- أمالي الطوسي:727 ح 3.
5- مدينة المعاجز:84/4.

قتلة الحسين عليه السّلام في النار

عن عامر بن سعد البجلي قال:لما قتل الحسين بن علي رأيت رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم في المنام فقال:

إن رأيت البراء بن عازب فاقرئه مني السلام،و أخبره أن قتلة الحسين بن علي في النار،و إن كاد اللّه أن يسحت أهل الأرض منه بعذاب أليم.

قال:فأتيت البراء فأخبرته،فقال:صدق رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم،قال رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم:«من رآني في المنام فقد رآني حقا فإن الشيطان لا يتصور بي» (1).

***

عذاب من لم ينصر الحسين عليه السّلام و لو لم يشارك في قتله

عن الفضل بن الزبير،قال:كنت جالسا[عند شخص]فأقبل رجل فجلس إليه،رائحته رائحة القطران،فقال له:يا هذا أتبيع القطران؟قال:ما بعته قط،قال:فما هذه الرائحة؟قال:كنت ممن شهد عسكر عمر بن سعد،و كنت أبيعهم أوتاد الحديد،فلمّا جنّ عليّ الليل رقدت[فرأيت في نومي رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و معه علي،يسقي القتلي من أصحاب الحسين]فقلت له:اسقني فأبي،فقلت:يا رسول اللّه مره يسقيني فقال:ألست ممن عاون علينا؟فقلت:يا رسول اللّه،و اللّه ما ضربت بسيف و لا طعنت برمح و لا رميت بسهم،و لكني كنت أبيعهم أوتاد الحديد،فقال:يا علي اسقه فناولني قعبا مملوءا قطرانا فشربت منه قطرانا،و لم أزل أبول القطران أياما ثم انقطع ذلك البول عني، و بقيت الرائحة في جسمي.

فقال له السّدي:يا عبد اللّه كل من برّ العراق و اشرب من ماء الفرات فما أراك تعاين محمدا أبدا (2).

و عن ثابت بن إسماعيل،عن أبي النضر الجرمي،قال:رأيت رجلا سمج العمي فسألته عن سبب ذهاب بصره فقال:كنت ممن حضر عسكر عمر بن سعد،فلما جاء الليل رقدت فرأيت رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم في المنام بين يديه طشت فيها دم و ريشة في الدم،و هو يؤتي بأصحاب عمر بن سعد،فيأخذ الريشة فيخط بها بين أعينهم فأتي بي،فقلت:يا رسول اللّه،و اللّه ما ضربت بسيف و لا طعنت برمح و لا رميت بسهم،قال:أفلم تكثّر عدونا؟فأدخل إصبعيه في الدم-السبابة و الوسطي-و أهوي بهما إلي عيني فأصبحت و قد ذهب بصري.

***

ص: 66


1- بستان العارفين:18،و مسند الروباني:175/1،و الفردوس:635/3 ح 6406-5989.
2- مختصر ابن منظور:157/7.

ما وقع علي قبر الحسين عليه السّلام من أهل الظلم و عقابهم

عن يحيي الحماني قال:خرجت أيّام ولاية موسي بن عيسي الهاشمي الكوفي فلقيني أبو بكر بن عيّاش فقال لي:امض بنا إلي هذا و كان راكبا حمارا له فجعلت أمشي في ركابه فقال:إنّما جررتك معي لأسمعك ما أقول لهذا الكافر موسي بن عيسي،فمضي و أنا أتبعه حتّي إذا صرنا إلي باب موسي بن عيسي دخل علي حماره فناداني فدخل الايوان فبصر بنا موسي و هو قاعد في صدر الإيوان فرحّب به و أقعده علي سريره و ناداني فأجلسني بين يديه فقال أبو بكر:جئت بهذا شاهدا عليك قال:فبماذا؟

قال:إنّي رأيتك و ما صنعت بقبر الحسين بن عليّ بن فاطمة و كان موسي قد وجّه إليه من كربه و كرب جميع أرض الحائر و حرثها للزرع فانتفخ موسي حتّي كاد أن ينقدّ،ثمّ قال:و ما أنت و ذا؟

قال:إسمع حتّي أخبرك؛إعلم أنّي رأيت في منامي كأنّي خرجت إلي بني غاضرة،فلمّا صرت بقنطرة الكوفة اعترضني خنازير عشرة تريدني فأغاثني اللّه برجل كنت أعرفه فدفعها عنّي فمضيت لوجهي،فلمّا صرت إلي شاهي ضللت الطريق فرأيت هناك عجوزا دلّتني علي الطريق،فلمّا صرت إلي نينوي إذا أنا بشيخ كبير فقال:أنا من أهل هذه القرية،فقلت:كم تعدّ من السنين؟

فقال:أذكر إنّي رأيت الحسين و من كان معه يمنعون الماء الذي لا تمنعه الكلاب و لا الوحوش،ثمّ قال:ما في الدّنيا مسلم أيكرب قبر ابن النبيّ و تحرث أرضه؟قلت:و أين القبر؟

قال:هذا هو أنت واقف في أرضه،فأمّا القبر فقد عمي عن أن يعرف موضعه.

قال أبو بكر:و ما كنت رأيت القبر قبل ذلك الوقت قطّ،فقلت:لا أعرفه،فمضي معي الشيخ حتّي وقف بي علي مكان له باب و حاجب و إذا جماعة كثيرة علي الباب فقلت للحاجب:أريد الدخول علي ابن رسول اللّه،قال:لا تقدر علي الوصول إليه هذا الوقت لأنّه وقت زيارة إبراهيم خليل اللّه و محمّد رسول اللّه و معهما جبرائيل و ميكائيل و جماعة من الملائكة فانتبهت و قد دخلني روع شديد و بكاء و حزن و مضت بي الأيّام حتّي كدت أن أنسي المنام ثمّ اضطررت إلي الخروج إلي بني غاضرة لدين كان لي حتّي صرت بقنطرة الكوفة لقيني عشرة من اللصوص فحين رأيتهم ذكرت الحديث فقالوا لي:الق ما معك وانج بنفسك.

فقلت:ويحكم أنا أبو بكر شديد الضيافة للناس،فنادي رجل منهم:مولاي و ربّ الكعبة لا تعرضوا له فدلّوني علي الطريق فجعلت أتذكّر ما رأيته في المنام حتّي صرت إلي نينوي فرأيت الشيخ الذي رأيته في منامي بصورته ثمّ سألته كمسألتي إيّاه في المنام فأجابني بما كان أجابني ثمّ قال لي:

إمض بنا فمضيت فوقفت يده علي الموضع و هو مكروب فاتّق اللّه أيّها الرجل فإنّ موضعا يأمّه إبراهيم و محمّد و جبرئيل و مميكائيل لحقيق بأن يرغب في زيارته فإنّ أبا حصين حدّثني أنّ رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم قال:من رآني في المنام فإيّاي رأي فإنّ الشيطان لا يتشبّه بي.

ص: 67

فقال له موسي:إن بلغني أنّك حدّثت بهذا لأضربنّ عنقك و عنق هذا الذي جئت به شاهدا عليّ.

فقال له أبو بكر:إذا يمنعني و إيّاه منك،فقال له:تراجعني و شتمه فقال له أبو بكر:أسكت أخزاك اللّه و قطع لسانك،فقال موسي:خذوه فأخذونا سحبا علي الأحجار فصيّرونا إلي الحبس ثمّ أمر بإخراجنا و قال:لا تعودوا لهذا،الحديث (1).

و عن إبراهيم الديزج قال:بعثني المتوكّل إلي كربلاء لتغيير قبر الحسين عليه السّلام و نبشه فعرضت علي المتوكّل إنّي نبشت القبر فلم أجد شيئا و لكنّي لمّا نبشت وجدت بارية جديدة و عليها بدن الحسين فأمرت بطرح التراب عليها و أطلقت عليه الماء و أمرت البقر لتحرثه فلم تطأه البقر و كانت إذا جاءت إلي الموضع رجعت عنه فحلفت لغلماني لئن ذكر أحد هذه إلاّ قتلته (2).

و روي أنّ الديزج هذا اسودّ وجهه بعد البياض لأنّ النبيّ صلّي اللّه عليه و آله و سلّم جاءه في المنام و لطمه و تفل في وجهه (3).

و عن الفضل بن محمّد قال:دخلت علي إبراهيم الديزج في مرضه الذي مات فيه فوجدته كالمدهوش و عنده الطبيب فلم يعرف الطبيب ما يصف له من الدواء فخرج الطبيب و خلي الموضع فقال:أخبرك أنّ المتوكّل أمرني بالخروج إلي قبر الحسين فأمرنا أن نكريه و نطمس أثر القلب فخرجت بالفعله و معهم المساحي و المرور فأمرت أصحابي أن يأمروا الفعلة بخراب القبر و حرث أرضه فطرحت نفسي لما نالني من التعب فإذا أصوات عالية فنهوني و قالوا:إنّ بموضع القبر قوما يرمونا بالنشّاب فقمت لأتبيّن الأمر فوجدته كما وصفوا و كان ذلك أوّل الليل.

فقلت:أرموهم فرموهم فعادت سهامنا إلينا فما سقط سهم منّا إلاّ في صاحبه الذي رمي به فقتله فجزعت و أخذتني الحمّي و رحلت عن القبر و وطّنت نفسي علي أن يقتلني المتوكّل.

فقيل له:قد كفيت ما تحذر من المتوكّل قد قتل البارحة الاولي و أعان عليه المنتصر؟

فقال لي:قد سمعت بذلك و قد نالني في جسمي ما لا أرجو معه البقاء و كان هذا في أوّل النهار فما أمسي الديزج حتّي مات (4).

قال أبو المفضّل:إنّ المنتصر سمع أباه يشتم فاطمة فسأل رجلا من الناس عن ذلك،فقال:

قد وجب عليه القتل إلاّ أنّه من قتل أباه لم يطل له عمر.

قال:ما أبالي إذا أطعت اللّه بقتله أن لا يطول لي عمر فقتله و مات بعده بسبعة أشهر (5).8.

ص: 68


1- أمالي الطوسي:324.
2- أمالي الطوسي:326.
3- مستدرك سفينة البحار:25/4.
4- أمالي الطوسي:328.
5- أمالي الطوسي:328.

حديث قاطع السدرة

و في كتاب الأمالي عن يحيي الرازي قال:كنت عند جرير بن عبد الحميد إذ جاءه رجل من أهل العراق فسأله جرير عن خبر الناس.

فقال:تركت الرشيد و قد كرب قبر الحسين عليه السّلام و أمر أن تقطع السدرة التي فيه فقطعت قال:

فرفع جرير يديه و قال:اللّه أكبر جاءنا فيه حديث عن رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم إنّه قال:لعن اللّه قاطع السدرة، ثلاثا (1).

فلم نقف علي معناه حتّي الآن لأنّ القصد بقطعه تغيير مصرع الحسين عليه السّلام حتّي لا يقف الناس علي قبره (2).

و عن محمّد بن فرج عن أبيه عن عمّه قال:أنفذني المتوكّل في تخريب قبر الحسين فصرت إليه و أمرت بالبقر فمرّ بها علي القبور كلّها،فلمّا بلغت قبر الحسين لم تمرّ عليه.

قال عمّي:فأخذت العصا بيدي فما زلت أضربها حتّي انكسرت العصا في يدي فو اللّه ما جازت علي قبره و لا تخطّته.

و في ذلك الكتاب عن موسي بن عبد العزيز قال:لقيني يوحنا النصراني المتطيّب فقال لي:

بحقّ دينك من هذا الذي يزور قبره قوم منكم بناحية قصر ابن هبيرة؟

قلت:هو ابن بنته.

فقال:له عندي حديث طريف و هو أنّه وجّه إلي سابور الكبير الخادم الرشيدي في الليل إليه و مضينا حتّي دخلنا علي موسي بن عيسي الهاشمي فوجدناه زائل العقل متّكئا علي وسادة و إذا بين يديه طشت فيها حشو جوفه و كان الرشيد استحضره من الكوفة فأقبل سابور علي خادم كان من خاصّة موسي فقال له:ويحك ما خبره؟

فقال له:أخبرك إنّه كان من ساعته جالسا و حوله ندماؤه و هو من أصحّ الناس جسما و أطيبهم نفسا إذ جري ذكر الحسين بن علي.

قال يوحنّا:هذا الذي سألتك عنه،فقال موسي:إنّ الرافضة ليغلون فيه حتّي أنّهم يجعلون تربته دواء يتداوون به فقال له رجل من بني هاشم قد كانت بي علّة فتعالجت لها بكلّ علاج فما نفعني حتّي وصف لي كاتبي لآخذ من هذه التربة فأخذتها فنفعني اللّه بها و زال عنّي ما كنت أجده قال:فبقي عندك منها شيء؟

قال:نعم،فوجّه فجاءه منها بقطعة فناولها موسي بن عيسي فأخذها عيسي فاستدخلها دبره

ص: 69


1- أمالي الطوسي:325 ح 98.
2- أمالي الطوسي:325 ح 98.

استهزاء بمن يتداوي بها و احتقارا و تصغيرا لهذا الرجل الذي هي تربته يعني الحسين عليه السّلام فما هو إلاّ أن استدخلها دبره حتّي صاح النار النار الطشت الطشت فجئناه بالطشت فأخرج فيها ما تري فانصرف الندماء و صار المجلس مأتما فأقبل علي سابور.

فقال:أنظر هل لك فيه حيلة فدعوت بشمعة فنظرت فإذا كبده و طحاله و ريّته و فؤاده خرجت منه في الطشت فنظرت إلي أمر عظيم فقال لي سابور:كن هاهنا في الدار إلي أن يظهر أمره فبتّ عندهم فمات في وقت السحر ثمّ كان يوحنّا يزور قبر الحسين و هو علي دينه ثمّ أسلم بعد هذا و حسن إسلامه.

أخذ المسترشد العبّاسي من مال الحائر و كربلاء و قال:إنّ القبر لا يحتاج إلي الخزانة و أنفق علي العسكر،فلمّا خرج قتل هو و ابنه الراشد (1).

و عن الأعمش قال:أحدث رجل علي قبر الحسين عليه السّلام فأصابه و أهل بيته جنون و جذام و برص و هم يتوارثون الجذام إلي الساعة.

و روي جماعة من الثقاة أنّه لمّا أمر المتوكّل بحرث قبر الحسين عليه السّلام و أن يجري الماء عليه من العلقمي أتي زيد المجنون و بهلول المجنون إلي كربلاء فنظرا إلي القبر و إذا هو معلّق بالقدرة في الهواء فقال زيد: يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اللّهِ بِأَفْواهِهِمْ وَ اللّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ (2)و ذلك أنّ الحرّاث حرث سبع عشرة مرّة و القبر يرجع إلي حاله،فلمّا نظر الحرّاث إلي ذلك آمن باللّه و حلّ البقر فأخبر المتوكّل فأمر بقتله (3).

و عن سليمان الأعمش قال:كنت نازلا بالكوفة و كان لي جار من النواصب فقلت:آتيه ليلة الجمعة و أكلّمه في فضائل الحسين فإن رأيته مصرّا علي حاله قتلته،فلمّا كان السحر أتيته فقالت لي امرأته:إنّه خرج إلي زيارة الحسين من أوّل الليل فسرت في إثره إلي زيارة الحسين عليه السّلام،فلمّا دخلت إلي القبر فإذا بالشيخ ساجد يدعو و يسأل اللّه التوبة ثمّ رفع رأسه فقلت له:يا شيخ كنت تقول بالأمس:زيارة الحسين بدعة و كلّ بدعة ضلالة و كلّ ضلالة في النار و اليوم تزوره؟

فقال:يا سليمان لا تلمني فإنّي ما كنت أثبت لأهل البيت إمامة حتّي كانت ليلتي تلك فرأيت رؤيا هالتني رأيت رجلا جليل القدر لا أقدر أن أصفه من عظم جماله و جلاله و بين يديه فارس علي رأسه تاج و التاج له أربعة أركان في كلّ ركن جوهرة تضيء من مسيرة ثلاثة أيّام،فقلت لبعض خدّامه:من هذا؟

قال:هذا محمّد المصطفي و الآخر عليّ المرتضي ثمّ نظرت فإذا أنا بناقة من نور عليها هودج1.

ص: 70


1- أمالي الطوسي:321 ح 96.
2- سورة الصف:8.
3- البحار:401/45 ح 11.

من نور و فيه امرأتان و الناقة تطير بين السماء و الأرض،فقلت:لمن هذه الناقة؟

فقال:لخديجة الكبري و فاطمة الزهراء و هذا الغلام الحسن بن عليّ يريدون زيارة المقتول ظلما شهيد كربلاء الحسين بن عليّ،ثمّ قصدت نحو الهودج الذي فيه الزهراء عليها السّلام و إذا برقاع مكتوبة تسقط من السماء فقيل هذه رقاع فيها أمان من النار لزوّار الحسين في ليلة الجمعة فطلبت منه رقعة فقال لي:إنّك تقول زيارته بدعة فإنّك لا تنالها حتّي تزور الحسين و تعتقد فضله و شرفه،فانتبهت من نومي فزعا و قصدت إلي زيارة سيّدي الحسين و أنا تائب إلي اللّه و لا أفارق قبر الحسين حتّي تفارق روحي جسدي (1).

و روي الثقاة عن دعبل الخزاعي قال:لمّا انصرفت عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام بقصيدتي التائية نزلت بالريّ و أنّي في ليلة أصوغ قصيدة و قد ذهب من الليل شطره فإذا طارق يطرق الباب،فقلت:

من هذا؟

قال:أخ لك،ففتحت الباب فدخل رجل اقشعرّ منه بدني،فقال لي:لا تخف أنا أخوك من الجنّ ولدت في الليلة التي ولدت فيها و نشأت معك و أنّي جئت أحدّثك بما يسرّك و يقوّي بصيرتك.

فقال:يا دعبل إنّي كنت من أشدّ الناس عداوة لعليّ بن أبي طالب فخرجت في نفر من الجنّ المردة العتاة فمررت بنفر يريدون زيارة الحسين قد جنّهم الليل فهممنا بهم و إذا ملائكة تزجرنا من السماء و ملائكة في الأرض تزجر عنهم هوامها فكأنّي كنت نائما فانتبهت و علمت أنّ ذلك لعناية اللّه تعالي بمن تشرّفوا بزيارته فأحدثت توبة و زرت مع القوم و دعوت بدعائهم و حججت بحجّهم تلك السنة و زرت قبر النبيّ صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و مررت برجل حوله جماعة فقلت:من هذا؟

قالوا:هذا ابن رسول اللّه الصادق عليه السّلام فدنوت منه و سلّمت عليه.

فقال لي:مرحبا بك يا أخ أهل العراق أتذكر ليلتك ببطن كربلاء و ما رأيت من كرامة اللّه تعالي لأوليائنا؛إنّ اللّه قد قبل توبتك.

فقلت:الحمد للّه الذي منّ عليّ بكم،فحدّثني يا ابن رسول اللّه بحديث أنصرف به إلي أهلي و قومي،فقال:حدّثني أبي عن أبيه عن الحسين بن عليّ عن أبيه عليّ بن أبي طالب قال:قال لي رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم:يا عليّ الجنّة محرّمة علي الأنبياء حتّي أدخلها أنا،و علي الأوصياء حتّي تدخلها أنت و علي الامم حتّي تدخلها أمّتي و علي أمّتي حتّي يقرّوا بولايتك،يا عليّ و الذي بعثني بالحقّ لا يدخل الجنّة أحد إلاّ من أخذ منك بسبب أو نسب.

ثمّ قال:خذها يا دعبل فلن تسمع بمثلها من مثلي أبدا ثمّ ابتلعته الأرض فلم أره.2.

ص: 71


1- مستدرك الوسائل:296/10 ح 42.

و روي أنّ المتوكّل العبّاسي كان شديد العداوة لأهل بيت رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و هو الذي أمر الحارث بحرث قبر الحسين عليه السّلام و أن يخربوا بنيانه و يخفوا آثاره و أن يجروا عليه الماء من النهر العلقمي حتّي لا يبقي له أثر،و توعّد الناس ممّن زار قبره و جعل رصدا من أجناده يقتلون كلّ من يزور الحسين ليطفئوا نور اللّه،فبلغ الخبر رجلا من أهل الخير يقال له زيد المجنون و لكنّه ذو عقل سديد و إنّما لقّب بالمجنون لأنّه أفحم كلّ لبيب و قطع حجّة كلّ أديب فعظم ذلك عليه و اشتدّ حزنه و تجدّد مصابه بالحسين و كان يسكن مصر،فلمّا سمع أن يحرث قبر الإمام خرج من مصر ماشيا هائما علي وجهه حتّي بلغ الكوفة و كان البهلول بها فلقيه زيد المجنون و سلّم عليه فردّ عليه السّلام.

فقال له البهلول:من أين لك معرفتي و لم ترني؟

فقال زيد:قلوب المؤمنين جنود مجنّدة فما تعارف منها ائتلف و ما تناكر منها اختلف،فقال له البهلول:ما الذي أخرجك من بلادك بغير دابّة و لا مركوب؟

فقال:بلغني أنّ هذا اللعين أمر بحرث قبر الحسين و خراب بنيانه و قتل زوّاره فهذا الذي أخرجني و أجري دموعي.

فقال له البهلول:و أنا و اللّه كذلك،فقال له:قم إلي كربلاء لنشاهد قبور أولاد عليّ المرتضي، فوصلا إلي قبر الحسين و إذا هو علي حاله لم يتغيّر و قد هدّموا بنيانه و كلّما أجروا عليه الماء غار و حار و استدار و كان القبر إذا جاءه الماء ترتفع أرضه بإذن اللّه تعالي.

فقال زيد المجنون:أنظر يا بهلول يريدون ليطفئوا نور اللّه بأفواههم.

و لم يزل المتوكّل يأمر بحرث قبر الحسين مدّة عشرين سنة و القبر علي حاله لم يتغيّر و لا يعلوه قطرة من الماء،فلمّا نظر الحارث إلي ذلك قال:آمنت باللّه و بمحمّد رسول اللّه،و اللّه لأهربن علي وجهي و أهيم في البراري و لا أحرث قبر الحسين و أنّ لي مدّة عشرين سنة أشاهد براهين آل بيت رسول اللّه و لا أتّعظ،ثمّ إنّه حلّ الثيران و طرح الفدان و أقبل نحو زيد المجنون و قال:يا شيخ لأيّ شيء جئت إلي هنا و أنّي لأخشي عليك من القتل؟

فبكي زيد و قال:و اللّه قد بلغني حرث قبر الحسين فأحزنني فانكبّ الحارث علي أقدام زيد يقبّلهما و يقول:فداك أبي و أمّي فو الله يا شيخ من حين أقبلت إلي أقبلت إليّ الرحمة و استنار قلبي بنور اللّه و أنّ لي مدّة عشرين سنة أحرث هذه الأرض و كلّما أجريت الماء غار و حار و استدار و لم يصل إلي القبر منه قطرة و كأنّي كنت في سكر و أفقت الآن ببركة قدومك،فبكي زيد و قال له الحارث:ها أنا الآن ماض إلي المتوكّل بسرّ من رأي أعرّفه بصورة الحال إن شاء أن يقتلني و إن شاء أن يتركني.

فقال له زيد:و أنا أسير معك،فلمّا دخل الحارث علي المتوكّل و خبّره بما شاهد من برهان قبر الحسين عليه السّلام ازداد بغضا لأهل البيت و أمر بقتل الحارث و صلبه.

ص: 72

و أمّا زيد فازداد حزنه و صبر حتّي أنزلوه من الصلب و ألقوه علي مزبلة فاحتمله زيد إلي الدجلة و غسّله و كفّنه و صلّي عليه و دفنه و بقي ثلاثة أيّام يتلو عنده القرآن فبينما هو ذات يوم جالس إذ سمع صراخا عاليا و نساء منشرات الشعور و الناس كافّة في اضطراب شديد و إذا بجنازة محمولة علي أعناق الرّجال و قد نشرت لها الأعلام و انسدّت الطرق من الرجال و النساء قال زيد:ظننت أنّ المتوكّل مات،فسألت فقيل لي:هذه جارية المتوكّل ماتت؛جارية سوداء حبشية و إسمها ريحانة و كان المتوكّل يحبّها.

فلمّا نظر زيد إلي ذلك زادت أحزانه و جعل يلطم وجهه و يقول:وا أسفاه يا حسين أتقتل بالطفّ غريبا و تسبي نساؤك و بناتك و تذبح أطفالك و لم يبك عليك أحد من الناس و تدفن بغير غسل و لا كفن و يحرث بعد ذلك قبرك ليطفئوا نورك و أنت ابن عليّ المرتضي و ابن فاطمة الزهراء و يكون هذا الشأن العظيم لموت جارية سوداء!و لم يزل يبكي حتّي غشي عليه،فلمّا أفاق أنشد يقول، شعرا:

أيحرث بالطف قبر الحسين و يعمر قبر بني الزانية

لعلّ الزمان بهم قد يعود و يأتي بدولتهم ثانية

ألا لعن اللّه أهل الفساد و من يأمن الدنية الفانية

فكتب هذه الأبيات في ورقة و سلّمها لبعض حجّاب المتوكّل.

فلمّا قرأها المتوكّل أمر بقتله،فلمّا مثل بين يديه سأله عن أبي تراب من هو استحقارا له، فقال:و اللّه إنّك عارف به و بفضله و لا يجحده إلاّ كلّ كافر فأمر المتوكّل بحبسه،فلمّا أسدل الظلام جاء إلي المتوكّل هاتف و رفسه برجله و قال له:قم و أخرج زيدا من حبسه و إلاّ أهلكك اللّه عاجلا، فقام بنفسه و أخرج زيدا و خلع عليه خلعة سنية و قال له:أطلب ما تريد؟

قال:أريد عمارة قبر الحسين عليه السّلام و أن لا يتعرّض أحد لزوّاره،فأمر له بذلك فخرج من عنده فرحا مسرورا و جعل يدور في البلدان و يقول:من أراد زيارة الحسين عليه السّلام فله الأمان طول الأزمان (1).

و في كتاب بحار الأنوار عن الحسين بن بنت أبي حمزة الثمالي قال:خرجت في آخر زمان بني مروان إلي قبر الحسين عليه السّلام مستخفيا من أهل الشام حتّي انتهيت إلي كربلاء فاختفيت في ناحية القرية حتّي إذا ذهب من الليل نصفه أقبلت نحوه حتّي إذا دنوت منه خرج إليّ رجل فقال:يا هذا إنّك لن تصل إليه.

فقلت له:عافاك اللّه و لم لا أصل إليه و قد أقبلت من الكوفة أريد زيارته فلا تحل بيني و بينه2.

ص: 73


1- البحار:407/45 ح 12.

و أنا أخاف أن أصبح فيقتلني أهل الشام،فقال:إصبر قليلا فإنّ موسي بن عمران صلوات اللّه عليه سأل اللّه أن يأذن له في زيارة قبر الحسين فأذن له فهبط من السماء في سبعين ألف ملك فهم بحضرته من أوّل الليل ينتظرون طلوع الفجر ثمّ يعرجون إلي السماء،فقلت:من أنت؟

قال:أنا من الملائكة الذين أمروا بحرس قبر الحسين و الإستغفار لزوّاره فانصرفت فقد كاد يطير عقلي لما سمعت منه،فلمّا طلع الفجر أقبلت نحوه و دعوت اللّه علي قتلته و صلّيت الصبح و أقبلت مسرعا مخافة أهل الشام (1).

و روي عن الأعمش قال:أحدث رجل علي قبر الحسين عليه السّلام فأصابه و أهل بيته جنون و جذام و برص و هم يتوارثون الجذام إلي الساعة (2).

***

قصة في من تخلف عن الحسين عليه السّلام

روي أنّ رجلا كان في الكوفة من أعيان أهلها من أمراء الكوفة و جنودها و كان له ديانة و ميل إلي الشيعة قال:و كان ذات ليلة نائما علي سطح داره،فلمّا أصبح تخيّل إليه أنّ يستخير اللّه سبحانه في طريق النزول فاستخار أن ينزل من الدرج فكانت الاستخارة نهيا،و كذلك استخار علي وضع درج ينزل منه و كلّما يستخير اللّه سبحانه علي طريق تأتي الاستخارة نهيا حتّي استخار أن يرمي بنفسه من فوق السطح فجاءت موافقة الأمر فرمي بنفسه و انكسرت رجله فحمل إلي داخل منزله و شدّ عليها الجبائر و بقي يداويها فاتّفق في ذلك الوقت أنّ ابن زياد أرسل عساكر الكوفة لقتال الحسين عليه السّلام فأرسل إلي ذلك الرجل ليكون مع الجند،فقيل له:إنّه مريض و أنّ رجله مكسورة لا يقدر علي الركوب.

فقال:إذا لم يقدر علي المسير فليحمل و يوضع علي باب الكوفة يكتب العساكر التي تخرج إلي قتال الحسين.

فحمل علي بساط و وضع علي باب الكوفة و أحصي في دفتر أسماء الخارجين إلي القتال و كان ذلك الدفتر عنده حتّي طابت رجله و خرج المختار و كان يتبع من خرج في العسكر فتارة يعرفهم و تارة لا يعرفهم لكثرتهم لأنّه كما سبق كانوا سبعين ألفا فأتي ذلك الرجل إلي المختار و طلب منه الأمان و دفع إليه ذلك الدفتر فكان يقتل بني أميّة و من خرج من ذلك الدفتر حتّي أتي علي آخرهم (3).

***

ص: 74


1- مستدرك الوسائل:405/10.
2- مناقب ال أبي طالب:221/3.
3- رياض الأبرار للجزائري،مخطوط.

إنشاد الشّعر في رثاء الحسين عليه السّلام

قال الإمام الصّادق عليه السّلام-لجعفر بن عفّان الطّائيّ-:بلغني أنّك تقول الشّعر في الحسين عليه السّلام و تجيد،قال:نعم،فأنشده فبكي و من حوله حتّي سالت الدّموع علي وجهه و لحيته (1).

و عنه عليه السّلام:من أنشد في الحسين عليه السّلام بيتا من شعر فبكي و أبكي عشرة فله و لهم الجنّة (2).

***

ثواب البكاء علي الحسين عليه السّلام

اشارة

روي أنّ اللّه عزّ و جلّ أخبر موسي عليه السّلام إنّ الحسين عليه السّلام تقتله أمّة جدّه الطاغية في أرض كربلاء و تنفر فرسه و تحمحم و تقول في صهيلها الظليمة الظليمة من أمّة قتلت ابن بنت نبيّها فيبقي ملقي علي الرّمل من غير غسل و لا كفن و ينهب رحله و تسبي نساؤه في البلدان و يقتل ناصروه و تشهر رؤوسهم علي أطراف الرماح،يا موسي صغيرهم يميته العطش و كبيرهم جلده منكمش يستغيثون و لا ناصر،فبكي موسي عليه السّلام ثمّ قال:يا موسي إعلم أنّه من بكي عليه أو أبكي أو تباكي حرّمت جسده علي النار (3).

و في الأمالي مسندا إلي الرضا عليه السّلام قال:من تذكّر مصابنا،فبكي لما ارتكب منّا كان معنا في درجتنا يوم القيامة،و من ذكر بمصابنا،فبكي و أبكي لم تبك عينه يوم القيامة،و من جلس مجلسا يحيي فيه أمرنا لم يمت قلبه يوم تموت القلوب (4).

و روي العيّاشي طاب ثراه عن الصادق عليه السّلام قال:من ذكرنا أو ذكرنا عنده فخرج من عينه دمع مثل جناح بعوضة غفر اللّه له ذنوبه و لو كانت مثل زبد البحر (5).

و عنه عليه السّلام قال:نفس المهموم لظلمنا تسبيح و همّه لنا عبادة و كتمان سرّنا جهاد في سبيل اللّه، ثمّ قال عليه السّلام:يجب أن يكتب هذا الحديث (6).

و قال الحسين عليه السّلام:أنا قتيل العبرة لا يذكرني مؤمن إلاّ بكي (7).

و في الأمالي مسندا إلي الصادق عليه السّلام أنّه قال:ما من عبد قطرت عيناه فينا قطرة أو دمعت عيناه فينا دمعة إلاّ بوأه اللّه بها في الجنّة دهرا طويلا (8).

قال أحمد الأودي:فرأيت الحسين عليه السّلام في المنام فقلت:حدّثوني عنك هذا الحديث،قال:

ص: 75


1- الوسائل:1/464/10.
2- ثواب الأعمال:3/110.
3- البحار:294/44.
4- أمالي الصدوق:131 ح 4.
5- مديند المعاجز:153/4 ح 218.
6- أمالي المفيد:338.
7- أمالي الصدوق:200 ح 8.
8- كامل الزيارات:202 ح 4.

نعم،قلت:سقط الإسناد بيني و بينك (1).

و عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:نظر أمير المؤمنين عليه السّلام إلي الحسين عليه السّلام فقال:يا عبرة كلّ مؤمن،قال:أنا يا أبتاه؟

قال:نعم يا بني (2).

و عن أبي عمارة المنشد قال:ما ذكر الحسين بن عليّ عليه السّلام عند أبي عبد اللّه عليه السّلام في يوم فرئي مبتسما في ذلك اليوم إلي الليل (3).

و عن محمّد بن مسلم قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول:إنّ الحسين عليه السّلام عند ربّه عزّ و جلّ ينظر إلي معسكره و من حوله من الشهداء معه و ينظر إلي زوّاره و هو أعرف بهم و بأسمائهم و أسماء آبائهم و بدرجاتهم و منزلتهم عند اللّه عزّ و جلّ من أحدكم بولده و أنّه ليري من يبكيه فيستغفر له و يسأل آباءه عليهم السّلام أن يستغفروا له و يقول:لو يعلم زائري ما أعدّ اللّه له لكان فرحه أكثر من جزعه و أنّ زائره لينقلب و ما عليه من ذنب (4).

و عن محمّد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام قال:«كان عليّ بن الحسين عليه السّلام يقول:أيّما مؤمن دمعت عيناه لقتل الحسين عليه السّلام و من معه حتّي تسيل علي خده بوأه اللّه في الجنّة غرفا،و ايما مؤمن دمعت عيناه دمعا حتّي تسيل علي خده لأذي مسّنا من عدونا بوأه اللّه مبوأ صدق،و أيّما مؤمن مسّه أذي فينا فدمعت عيناه حتّي يسيل دمعه علي خديه من مضاضته ما أوذي فينا؛صرف اللّه عن وجهه الأذي و آمنه يوم القيامة من سخطه و النار» (5).

و عن بكر بن محمّد عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«من ذكرنا أو ذكرنا عنده فخرج من عينيه دمع مثل جناح بعوضة غفر اللّه له ذنوبه و لو كانت مثل زبد البحر» (6).

و قال الإمام الرّضا عليه السّلام:يابن شبيب،إن كنت باكيا لشيء فابك للحسين[بن عليّ]بن أبي طالب عليهما السّلام؛فإنّه ذبح كما يذبح الكبش،و قتل معه من أهل بيته ثمانية عشر رجلا ما لهم في الأرض شبيهون (7).

الإمام زين العابدين عليه السّلام:أيّما مؤمن دمعت عيناه لقتل الحسين عليه السّلام حتّي تسيل علي خدّه، بوّأه اللّه بها في الجنّة غرفا يسكنها أحقابا (8).

و قال الإمام عليّ عليه السّلام:كلّ عين يوم القيامة باكية و كلّ عين يوم القيامة ساهرة،إلاّ عين من8.

ص: 76


1- تهذيب المقال:450/4.
2- كامل الزيارات:1/214.
3- كامل الزيارات:214 ح 2.
4- البحار:281/44 ح 13.
5- تفسير القمّي:191/2.
6- تفسير القمّي:292/2.
7- عيون أخبار الرّضا عليه السّلام:58/299/1.
8- ثواب الأعمال:1/108.

اختصّه الله بكرامته و بكي علي ما ينتهك من الحسين و آل محمّد عليهم السّلام (1).

و قال الإمام الصّادق عليه السّلام-في مناجاته بعد صلاته-:يا من خصّنا بالكرامة،و وعدنا الشّفاعة...إغفر لي و لإخواني و زوّار قبر أبي الحسين بن عليّ صلوات اللّه عليهما...اللّهمّ،إنّ أعداءنا عابوا عليهم خروجهم فلم ينههم ذلك عن النّهوض و الشّخوص إلينا خلافا عليهم،فارحم تلك الوجوه الّتي غيّرتها الشّمس،و ارحم تلك الخدود الّتي تقلّبت علي قبر أبي عبد اللّه عليه السّلام، و ارحم تلك الأعين الّتي جرت دموعها رحمة لنا،و ارحم تلك القلوب الّتي جزعت و احترقت لنا، و ارحم تلك الصّرخة الّتي كانت لنا.اللّهمّ إنّي أستودعك تلك الأنفس و تلك الأبدان حتّي ترويهم من الحوض يوم العطش (2).

***

بكاء آدم علي الحسين عليه السّلام

و روي صاحب الدرّ الثمين في تفسير قوله تعالي: فَتَلَقّي آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ إنّه رأي علي ساق العرش أسماء النبيّ و الأئمّة عليهم السّلام فلقّنه جبرائيل:قل يا حميد بحقّ محمّد يا عالي بحقّ علي يا فاطر بحقّ فاطمة يا محسن بحقّ الحسن و الحسين و منك الإحسان،فلمّا ذكر الحسين سالت دموعه و قال:يا جبرائيل في ذكر الخامس تسيل عبرتي و ينكسر قلبي.

قال:هذا ولدك يصاب بمصيبة تصغر عندها المصائب؛يقتل عطشانا غريبا وحيدا ليس له ناصر و لا معين و لو تراه يا آدم و هو يقول:وا عطشاه وا قلّة ناصراه حتّي يحول العطش بينه و بين السماء كالدّخان فلم يجبه أحد إلاّ بالسيوف فيذبح ذبح الشاة من قفاه و ينهب رحله أعداؤه و تشهر رؤسهم هو و أنصاره في البلدان و معهم النسوان فبكي آدم بكاء الثكلي (3).

***

بكاء موسي علي الحسين عليه السّلام

و روي أنّ اللّه عزّ و جلّ أخبر موسي عليه السّلام إنّ الحسين عليه السّلام تقتله أمّة جدّه الطاغية في أرض كربلاء و تنفر فرسه و تحمحم و تقول في صهيلها الظليمة الظليمة من أمّة قتلت ابن بنت نبيّها فيبقي ملقي علي الرّمل من غير غسل و لا كفن و ينهب رحله و تسبي نساؤه في البلدان و يقتل ناصروه و تشهر رؤوسهم علي أطراف الرماح،يا موسي صغيرهم يميته العطش و كبيرهم جلده منكمش يستغيثون و لا

ص: 77


1- الخصال:10/625.
2- البحار:30/8/101.
3- البحار:245/44 ح 44.

ناصر،فبكي موسي عليه السّلام ثمّ قال:يا موسي إعلم أنّه من بكي عليه أو أبكي أو تباكي حرمت جسده علي النار (1).

***

بكاء جبرائيل علي الحسين عليه السّلام

و عن ابن عبّاس قال:إنّ جبرائيل عليه السّلام جاء إلي رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم يخبره بقتل الحسين و هو منشور الأجنحة باكيا صارخا قد حمل من تربته و هو يفوح كالمسك (2).

و روي عن بعض الثقاة:أنّ الحسن و الحسين عليهما السّلام دخلا يوم العيد إلي جدّهما صلّي اللّه عليه و آله و سلّم فقالا:يا جدّاه اليوم يوم العيد و قد تزيّن أولاد العرب بألوان اللباس و ليس لنا ثوب جديد فبكي النبيّ صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و لم يكن عنده ثياب لهما فقال:إلهي اجبر قلبيهما و قلب أمّهما فأتي جبرئيل عليه السّلام معه حلّتان بيضاوان من حلل الجنّة ففرح النبيّ صلّي اللّه عليه و آله و سلّم فقال:يا سيّديّ شباب أهل الجنّة خذا أثوابا خاطها خيّاط القدرة.

فلمّا رأيا الخلع بيضاء قالا:يا جدّاه جميع صبيان العرب لابسون ألوان الثياب،فأطرق النبيّ صلّي اللّه عليه و آله و سلّم متفكّرا فقال جبرئيل:إنّ اللّه يفرح قلوبهما بأيّ لون شاء فأمر يا محمّد بإحضار الطشت و الإبريق و قال:يا رسول اللّه أنا أصبّ الماء و أنت تفركهما بيدك.

فوضع النبيّ صلّي اللّه عليه و آله و سلّم حلّة الحسن في الطشت،و قال للحسن:بأيّ لون تريد حلّتك؟

فقال:أريدها خضراء ففركها النبيّ صلّي اللّه عليه و آله و سلّم فاخضرّت كالزبرجد الأخضر فلبسها ثمّ وضع حلّة الحسين عليه السّلام في الطشت و كان له من العمر خمس سنين فقال له:أيّ لون تريد حلتك؟

فقال الحسين عليه السّلام:يا جدّاه أريدها حمراء ففركها النبيّ صلّي اللّه عليه و آله و سلّم في ذلك الماء فصارت حمراء كالياقوت الأحمر فلبسها الحسين عليه السّلام.

ففرح النبيّ صلّي اللّه عليه و آله و سلّم بذلك و توجّها إلي أمّهما فرحين،فبكي جبرئيل عليه السّلام لمّا شاهد تلك الحال.

فقال النبيّ صلّي اللّه عليه و آله و سلّم:يا أخي في مثل هذا اليوم الذي فرح فيه ولداي تبكي فبالله عليك إلاّ ما أخبرتني.

فقال:إعلم يا رسول اللّه أنّ اختيار ابنيك علي اختلاف اللون فلا بدّ للحسن أن يسقوه السمّ و يخضرّ لون جسده من عظم السمّ و لا بدّ للحسين أن يقتلوه و يذبحوه و يخضب بدنه من دمه،فبكي النبيّ صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و زاد حزنه لذلك (3).

***

ص: 78


1- البحار:289/44 ح 29.
2- البحار:237/44 ح 27.
3- مدينة المعاجز:327/3.

بكاء النبي علي الحسين عليهما السّلام

في الأمالي بإسناده إلي عليّ عليه السّلام قال:زارنا رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم ذات يوم فقدّمنا إليه طعاما فأكل منه،فلمّا غسل يديه مسح وجهه و لحيته ببلّة يديه ثمّ قام إلي مسجد في جانب البيت فخرّ ساجدا فبكي فأطال البكاء،ثمّ رفع رأسه فما اجترأ منّا أهل البيت أحد يسأله عن شيء،فقام الحسين يدرج حتّي صعد علي فخذي رسول اللّه فأخذ برأسه إلي صدره و قال:يا أبه ما يبكيك؟

فقال:يا بنيّ إنّي نظرت إليكم اليوم فسررت بكم سرورا لم أسر بكم قبله مثله،فهبط إليّ جبرئيل فأخبرني إنّكم قتلي و أنّ مصارعكم شتّي فقال:يا أبه ما لمن يزور قبورنا و يتعاهدها علي تشتّتها؟

قال:طوائف من أمّتي يريدون بذلك برّي و صلتي أتعاهدهم في الموقف و يآخذ بأعضادهم فأنجيهم من أهواله و شدائده (1).

و روي أنّه لمّا أتي الحسين عليه السّلام سنتان خرج النبيّ صلّي اللّه عليه و آله و سلّم إلي سفر فوقف في الطريق و دمعت عيناه فسئل عن ذلك فقال:هذا جبرئيل يخبرني عن أرض بشطّ الفرات يقال لها كربلاء يقتل فيها ولدي الحسين و كأنّي أنظر إليه و إلي مصرعه و مدفنه بها و كأنّي أنظر إلي السبايا علي أقتاب المطايا و قد أهدي رأس ولدي الحسين إلي يزيد لعنه اللّه،فرجع من سفره مغموما مهموما فصعد المنبر و أصعد معه الحسن و الحسين،فلمّا فرغ من خطبته وضع يده اليمني علي رأس الحسن و يده اليسري علي رأس الحسين و قال:اللّهمّ هذان أطايب عترتي و قد أخبرني جبرئيل أنّ ولدي هذا مقتول بالسمّ و الآخر شهيد مضرّج بالدّم،اللّهم فبارك له في قتله و اجعله من سادات الشهداء فضجّ الناس بالبكاء و العويل.

فقال النبيّ صلّي اللّه عليه و آله و سلّم:أيّها الناس تبكونه و لا تنصرونه اللّهم فكن أنت له وليّا و ناصرا ألا انّه سيرد عليّ يوم القيامة ثلاث رايات من هذه الامّة؛الاولي:راية سوداء مظلمة و فرغت منها الملائكة فتقف عليّ فأقول لهم من أنتم؟

فينسون ذكري و يقولون:نحن أهل التوحيد من العرب فأقول لهم:أنا أحمد نبيّ العرب و العجم،فيقولون:نحن من أمّتك فأقول:كيف خلّفتموني من بعدي في أهل بيتي و كتاب ربّي؟

فيقولون:أمّا الكتاب فضيّعناه و أمّا عترتك فحرصنا أن نبيدهم عن جديد الأرض،فأعرض عنهم فيصدرون عطاشي مسودّة وجوههم،ثمّ ترد عليّ راية أخري أشدّ سوادا من الاولي فأقول لهم:

كيف خلفتموني في كتاب اللّه و عترتي؟فيقولون:أمّا الأكبر فخالفناه و الآخر فمزقّناه كلّ ممزّق،

ص: 79


1- كامل الزيارات:127.

فأقول:إليكم عنّي فيصدرون عطاشي مسودّة وجوههم،ثمّ ترد عليّ راية تلمع وجوههم نورا فأقول لهم:من أنتم؟فيقولون:نحن أهل التوحيد و نحن بقيّة أهل الحقّ حملنا كتاب ربّنا و حلّلنا حلاله و حرّمنا حرامه و أجبنا ذرّية نبيّنا و نصرناهم و قاتلنا معهم،فأقول لهم:إبشروا فأنا نبيّكم محمّد ثمّ أسقيهم من حوضي فيصدرون مرويّين مستبشرين يدخلون الجنّة خالدين فيها أبد الآبدين.

و عن أنس،قال:إستأذن ملك القطر علي النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم فأذن له و كان في يوم أم سلمة فقال النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم:«يا أم سلمة إحفظي علينا الباب لا يدخل علينا أحد»،قال:فبينا هي علي الباب،إذ جاء الحسين بن علي فاقتحم يفتح الباب،فدخل فجعل يتوثب علي ظهر رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم فجعل النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم يلثمه و يقبّله فقال الملك:أتحبه؟قال:«نعم»،قال:إن أمتك ستقتله،إن شئت أريتك المكان الذي يقتل فيه؟

قال:«نعم» (1).

و عن عمارة بن زاذان،عن ثابت،عن أنس،قال:استأذن ملك القطر ربه عزّ و جلّ أن يزور النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم[فأذن له،و كان يوم-و قال أبو الغنائم:في يوم-أم سلمة،فقال النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم]:«يا أم سلمة إحفظي علينا الباب ألاّ يدخل علينا أحد»،قال:فبينا هي علي الباب إذ دخل الحسين-زاد أبو الغنائم:ابن علي-فطفر فاقتحم فدخل يتوثب علي رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم فجعل رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم يلثمه و يقبّله فقال له الملك:أتحبه؟قال:«نعم»قال:أما إن أمتك ستقتله،و إن شئت أريتك المكان الذي يقتل فيه فأراه إياه،فجاءه بسهلة أو تراب أحمر فأخذته أم سلمة فجعلته في ثوبها.

قال ثابت:كنا نقول:إنها كربلاء (2).

و عن أبي أمامة،قال (3):قال رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم لنسائه:«لا تبكّوا هذا الصبي»-يعني حسينا- قال:فكان يوم أم سلمة فنزل جبرئيل فدخل رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم الي الداخل و قال لأم سلمة:«لا تدعي أحدا يدخل علي».

فجاء الحسين،فلما نظر إلي النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم في البيت أراد أن يدخل فأخذته أم سلمة فاحتضنته و جعلت تناغيه و تسكته،فلما اشتد في البكاء خلّت عنه،فدخل حتي جلس في حجر رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم فقال جبريل للنبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم:إن أمتك ستقتل ابنك هذا،فقال النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم:«يقتلونه و هم مؤمنون بي؟»

قال:نعم يقتلونه،فتناول جبريل تربة فقال:بمكان كذا و كذا،فخرج رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و قد احتضن حسينا كاسف البال مهموما فظنت أم سلمة أنه غضب من دخول الصبي عليه.

فقالت:يا نبي اللّه جعلت لك الفداء إنك قلت لنا:«لا تبكوا هذا الصبي»،و أمرتني أن لا أدع6.

ص: 80


1- سير الأعلام:388/3-289.
2- المعجم الكبير للطبراني:106/3.
3- بغية الطلب:2601/6.

أحدا يدخل عليك،فجاء فخلّيت عنه،فلم يرد عليها.

فخرج إلي أصحابه و هم جلوس فقال لهم:«إن أمتي يقتلون هذا»و في القوم أبو بكر و عمر، و كانا أجرأ القوم عليه فقالا:يا نبي اللّه يقتلونه و هم مؤمنون؟

قال:«نعم هذه تربته»فأراهم إياها (1).

و عبد اللّه بن سعيد بن أبي هند،عن أبيه،قال:قالت أم سلمة:كان النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم نائما فجاء حسين[يتدرج].

قالت:فقعدت علي الباب فسبقته مخافة أن يدخل فيوقظه،قال:ثم غفلت في شيء فدبّ فدخل فقعد علي بطنه.

قالت:فسمعت نحيب رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم فجئت فقلت:يا رسول اللّه،و اللّه ما علمت به؟

فقال:«إنما جاءني جبريل عليه السّلام و هو علي بطني قاعد،فقال لي:أتحبه؟فقلت:نعم،قال:إن أمتك ستقتله،ألا أريك التربة التي يقتل بها.

قال:فقلت:بلي.

قال:فضرب بجناحه،فأتي بهذه التربة».

قلت:فإذا في يده تربة حمراء و هو يبكي و يقول:«يا ليت شعري من يقتلك بعدي» (2).

***

بكاء أمير المؤمنين علي الحسين عليه السّلام

في الأمالي عن ابن عبّاس قال:كنت مع أمير المؤمنين عليه السّلام في خروجه إلي صفّين،فلمّا نزل بنينوي و هو شط الفرات قال:يا ابن عبّاس أتعرف هذا الموضع؟قلت له:ما أعرفه يا أمير المؤمنين، فقال له:لو عرفته كمعرفتي لم تكن تجوزه حتّي تبكي كبكائي،فبكي طويلا حتّي سالت الدموع علي صدره و بكينا معا و يقول:أواه أواه مالي و آل أبو سفيان حزب الشيطان،صبرا يا أبا عبد اللّه فقد لقي أبوك مثل الذي تلقي منهم فتوضّأ و صلّي ثمّ رقد،فلمّا انتبه قال:يابن عبّاس رأيت في منامي كأنّي برجال نزلوا من السماء معهم أعلام بيض قد تقلّدوا سيوفهم و هي بيض تلمع و قد خطوا حول هذه الأرض،ثمّ رأيت كأنّ هذا النخل قد ضربت بأغصانها إلي الأرض تضطرب بدم عبيط و كأنّي بالحسين فرخي قد غرق فيه يستغيث فيه فلا يغاث و كان الرجال البيض قد نزلوا من السماء ينادونه و يقولون صبرا آل الرسول،فإنّكم ستقتلون علي يدي شرار الناس و هذه الجنّة مشتاقة إليكم ثمّ

ص: 81


1- مجمع الزوائد:189/9.
2- ترجمة الإمام الحسين:259.

يعزّونني و يقولون:يا أبا الحسن أبشر فقد أقرّ اللّه عينك يوم يقوم الناس لربّ العالمين.

ثمّ انتبهت و الذي نفس عليّ بيده لقد حدّثني أبو القاسم صلّي اللّه عليه و آله و سلّم إنّي سأراها في خروجي إلي أهل البغي و هذه أرض كرب و بلاء يدفن فيها الحسين و سبعة عشر رجلا من ولدي و ولد فاطمة و انّها في السماوات معروفة تذكر أرض كرب و بلاء،يابن عبّاس أطلب في حولها بعر الظباء و هي مصفرّة لونها لون الزعفران فطلبتها فوجدتها مجتمعة فناديته قد أصبتها فقام إليها فشمّها و قال:هي هي بعينها هذه الأبعار قد شمّها عيسي،و ذلك إنّه مرّ بها و معه الحواريّون فرأي هاهنا الظبا مجتمعة و هي تبكي فجلس و بكي مع الحواريّين فقالوا؛يا روح اللّه ما يبكيك؟

قال:هذه أرض يقتل فيها فرخ الرسول و فرخ الحرّة الطاهرة شبيهة أمّي و هذه الظبا تكلّمني و تقول:إنّها ترعي في هذه الأرض شوقا إلي تربة الفرخ المبارك و زعمت أنّها آمنة في هذه الأرض ثمّ ضرب بيده إلي هذه البعر فشمّها و قال:هذه بعر الظباء علي هذا الطيب لمكان حشيشها،اللّهمّ فابقها حتّي يشمّها أبوه فنكون له عزاء و سلوة،قال:فبقيت إلي يوم الناس هذا و قد اصفرّت لطول زمنها و هذه أرض كرب و بلاء.

ثمّ قال:يا ربّ عيسي لا تبارك في قتله ثمّ بكي بكاء طويلا حتّي سقط لوجهه و غشي عليه،ثمّ أفاق فأخذ البعر فصرّه في ردائه و أمرني أن أصرّها كذلك ثمّ قال:يابن عبّاس إذا رأيتها ننفجر دما عبيطا و يسيل منها دم عبيط،فاعلم أنّ أبا عبد اللّه قد قتل بها و دفن.

قال ابن عبّاس:فكنت أحافظ عليها و لا أحلّها من طرف كمي فبينما أنا نائم في البيت إذ انتبهت فإذا هي تسيل دما عبيطا فجلست و أنا باك و قلت:قد قتل و اللّه الحسين فخرجت عند الفجر فرأيت المدينة كأنّها ضباب لا يستبين منها أثر عين ثمّ طلعت الشمس كأنّها منكسفة و كأنّ حيطان المدينة عليها دم عبيط،فبكيت و سمعت صوتا من ناحية البيت و هو يقول:

أصبروا آل الرسول قتل الفرخ الفحول

نزل الروح الأمين ببكاء و عويل

فأثبت عندي تلك الساعة و كان شهر المحرّم يوم عاشوراء فوجدته قبل ذلك اليوم،فحدّثت بهذا الحديث أولئك الذين كانوا معه فقالوا:و اللّه لقد سمعنا ما سمعت و نحن في المعركة و لا ندري ما هو فكنّا نري أنّه الخضر عليه السّلام.

و عن عبد اللّه بن نجيّ،عن أبيه أنه سافر مع علي بن أبي طالب-و كان صاحب مطهرته-فلما حاذوا نينوي-و هو منطلق إلي صفّين-نادي علي:صبرا أبا عبد اللّه صبرا أبا عبد اللّه بشط الفرات، قلت:و من ذا أبو عبد اللّه قال:دخلت علي رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و عيناه تفيضان،فقلت:يا نبي اللّه أغضبك أحد؟

ص: 82

ما شأن عينيك تفيضان؟قال:«[بل]قام من عندي جبريل فحدّثني أن الحسين يقتل بشط الفرات،و قال:هل لك أن أشمّك من تربته؟»

قلت:«نعم،فمدّ يده فقبض قبضة فأعطانيها فلم-يعني-أملك عينيّ أن فاضتا» (1).

بكاء فاطمة علي الحسين عليهما السّلام

في الأمالي للمفيد:إنّ امرأة اسمهازرة رأت فاطمة عليها السّلام فيما يري النائم أنّها وقفت علي قبر الحسين عليه السّلام تبكي و أمرتها أن تنشد شعرا:

أيّها العينان فيضا و استهلاّ لا تغيضا و ابكيا بالطف ميّتا

ترك الصدر رضيضا لم أمرضه قتيلا و لا كان مريضا (2)

***

بكاء الملائكة علي الحسين عليه السّلام

في الكافي و غيره عن حريز و قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:جعلت فداك ما أقلّ بقائكم أهل البيت و أقرب آجالكم بعضها من بعض مع حاجة هذا الخلق إليكم.

فقال:إنّ لكلّ واحد منّا صحيفة فيها ما يحتاج إليه أن يعمل به في مدّته فإذا انقضي ما فيها ممّا أمر به عرف أنّ أجله قد حضر و أتاه النبيّ صلّي اللّه عليه و آله و سلّم ينعي إليه نفسه و أنّ الحسين عليه السّلام قرأ صحيفته التي أعطيها و فسّر له ما يأتي و ما يبقي و بقي منها أشياء لم تنقضي فخرج إلي القتال و كانت تلك الامور التي بقيت أنّ الملائكة سألت اللّه تعالي في نصرته فأذن لهم فمكثت تستعدّ للقتال حتّي قتل فنزلت و قد انقطعت مدّته فقالت الملائكة يا ربّ أذنت لنا في نصرته و قد قبضته إليك،فأوحي إليهم إلزموا قبّته حتي ترونه و قد خرج فانصروه و ابكوا عليه و علي ما فاتكم من نصرته فإذا خرج صلوات اللّه عليه يكونون أنصاره (3).

و في كتاب العلل عن الثمالي قال:قلت لأبي جعفر عليه السّلام:ألستم كلّكم قائمين بالحقّ؟

قال:بلي،قلت:فلم سمّي القائم قائما؟

قال:لمّا قتل جدّي الحسين عليه السّلام ضجّت الملائكة إلي اللّه عزّ و جلّ بالبكاء و قالوا:إلهنا أتغفل عمّن قتل صفوتك و ابن صفوتك؟

ص: 83


1- بغية الطلب:2569/6.
2- مناقب آل أبي طالب:220/3.
3- الكافي:284/1.

فأوحي اللّه إليهم قرّوا ملائكتي فو عزّتي و جلالي لأنتقمنّ منهم و لو بعد حين ثمّ كشف اللّه عزّ و جلّ عن الأئمّة من ولد الحسين للملائكة فسرّت الملائكة بذلك فإذا أحدهم قائم يصلّي فقال اللّه عزّ و جلّ بذلك القائم أنتقم منهم (1).

و في كتاب البحار عن هشام بن سعد قال:أخبرني المشيخة أنّ الملك الذي جاء إلي رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و أخبره بقتل الحسين عليه السّلام كان ملك البحار و ذلك أنّ ملكا من ملائكة الفردوس نزل علي البحر و نشر أجنحته عليها ثمّ صاح صيحة و قال:يا أهل البحار إلبسوا أثواب الحزن فإنّ فرخ الرسول مذبوح ثمّ حمل من تربته في أجنحته إلي السماوات فلم يبق ملك فيها إلاّ شمّها و صار عنده لها أثر و لعن قتلته و أشياعهم و أتباعهم (2).

و في كتاب المحاسن عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:وكّل اللّه بقير الحسين عليه السّلام سبعين ألف ملك يصلّون عليه كلّ يوم شعثا غبرا منذ يوم قتل إلي ما شاء اللّه يعني بذلك قيام القائم (3).

و عنه عليه السّلام قال:إنّ اللّه وكّل بقبر الحسين أربعة آلاف ملك شعث غبر يبكونه من طلوع الفجر إلي زوال الشمس فإذا زالت الشمس هبط أربعة آلاف ملك و صعد أربعة آلاف فلم يزل يبكونه حتّي يطلع الفجر (4).

و عن صفوان الجمّال عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:سألته في طريق المدينة و نحن نريد مكّة مالي أراك حزينا منكسرا؟

فقال:لو تسمع ما أسمع لشغلك عن مسألتي.

فقلت:و ما الذي تسمع؟

قال:دعاء الملائكة علي قتلة أمير المؤمنين و قتلة الحسين و نوح الجنّ و بكاء الملائكة الذين حوله و شدّة جزعهم فمن يتهنّا مع هذا بطعام أو شراب أو نوم (5).

***

بكاء السماء علي الحسين عليه السّلام

عن ابن سيرين قال:لم تبك السماء علي أحد بعد يحيي بن زكريا إلاّ علي الحسين بن علي (6).

و في تفسير عليّ بن إبراهيم رضي اللّه عنه بإسناده إلي أمير المؤمنين عليه السّلام قال:مرّ عليه رجل عدوّ للّه

ص: 84


1- دلائل الإمامة:452 ح 31.
2- مستدرك الوسائل:328/3.
3- تهذيب الأحكام:47/6.
4- مستدرك الوسائل:243/10 ح 25.
5- كامل الزيارات:495 ح 1.
6- سير الأعلام:312/3.

و رسوله فقال: فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَ الْأَرْضُ وَ ما كانُوا مُنْظَرِينَ (1).

ثمّ مرّ عليه الحسين عليه السّلام فقال:فقال هذا لتبكين عليه السماء و الأرض و ما بكت السماء و الأرض إلاّ علي يحيي بن زكريا و الحسين بن عليّ صلوات اللّه عليهما (2).

و عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:«مرّ عليه رجل عدو للّه و لرسوله فقال: فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَ الْأَرْضُ وَ ما كانُوا مُنْظَرِينَ (3).

ثمّ مرّ عليه الحسين بن عليّ عليه السّلام فقال:لكن هذا لتبكينّ عليه السماء و الأرض-و قال:و ما بكت السماء و الأرض إلاّ علي يحيي بن زكريا و علي الحسين بن عليّ عليه السّلام» (4).

عن الحسن بن الحكم النخعي عن رجل قال:سمعت أمير المؤمنين عليه السّلام في الرحبة و هو يتلو هذه الآية: فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَ الْأَرْضُ وَ ما كانُوا مُنْظَرِينَ إذ خرج عليه الحسين بن عليّ عليهما السّلام من بعض أبواب المسجد فقال له:«أمّا هذا سيقتل و تبكي عليه السماء و الأرض» (5).

عن أبي جميلة عن محمّد بن عليّ الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قوله تعالي: فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَ الْأَرْضُ وَ ما كانُوا مُنْظَرِينَ قال:«لم تبك السماء أحدا منذ قتل يحيي بن زكريا حتّي قتل الحسين عليه السّلام فبكت عليه» (6).

عن كثير بن شهاب الحارثي قال:بينا نحن جلوس عند أمير المؤمنين عليه السّلام في الرحبة إذ طلع الحسين عليه السّلام فضحك عليّ ضحكا حتّي بدت نواجده ثمّ قال:«إن اللّه ذكر قوما فقال فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَ الْأَرْضُ وَ ما كانُوا مُنْظَرِينَ و الذي فلق الحبة و برأ النسمة ليقتلن هذا و لتبكين عليه السماء و الأرض» (7).

و عن داود بن فرقد قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول:«كان الذي قتل الحسين ولد زنا و الذي قتل يحيي بن زكريا ولد زنا و قد احمرّت السماء حين قتل الحسين عليه السّلام سنة.

ثمّ قال:بكت السماء و الأرض علي الحسين بن عليّ و يحيي بن زكريا و حمرتها بكاؤها» (8).

و عن ابن عباس في تفسير قوله تعالي: فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَ الْأَرْضُ وَ ما كانُوا مُنْظَرِينَ إذا قبض اللّه نبيا من الأنبياء بكت عليه السماء و الأرض أربعين سنة و إذا مات العالم العامل بعلمه بكيا عليه أربعين يوما،و أمّا الحسين عليه السّلام فتبكي عليه السماء و الأرض طول الدهر و تصديق ذلك أن5.

ص: 85


1- سورة الدخان:29.
2- مدينة المعاجز:152/4.
3- سورة الدخان:29.
4- تفسير القمّي:291/2.
5- كامل الزيارات:2/180.
6- كامل الزيارات:8/182.
7- كامل الزيارات:24/187-21.
8- كامل الزيارات:27/188،بحار الأنوار:213/45.

يوم قتله قطرت السماء دما،و إن هذه الحمرة التي تري في السماء ظهرت يوم قتل الحسين عليه السّلام و لم تر قبله أبدا و إن يوم قتله عليه السّلام لم يرفع حجر في الدنيا إلاّ وجد تحته دم (1).

الطبرسي عن زرارة بن أعين عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّه قال:«بكت السماء علي يحيي بن زكريا و علي الحسين بن عليّ أربعين صباحا و لم تبك إلاّ عليهما»

قلت:فما بكاؤها؟قال:«كانت تطلع حمراء و تغيب حمراء» (2).

***

بكاء أم سلمة علي الحسين عليه السّلام

روي أنّه لمّا عزم الحسين عليه السّلام علي الخروج من المدينة أتته أمّ سلمة فقالت:يا بني لا تحزنّي بخروجك إلي العراق فإنّي سمعت جدّك يقول:يقتل ولدي الحسين بأرض العراق في أرض يقال لها كربلاء.

فقال:يا أمّاه و أنا و اللّه أعلم ذلك و إنّي مقتول لا محالة و ليس لي من هذا بدّ و إنّي و اللّه لأعرف اليوم الذي أقتل فيه و أعرف من يقتلني و أعرف البقعة التي أدفن فيها و أعرف من يقتل من أهل بيتي و شيعتي و إن أردت يا أمّاه أريك حفرتي و مضجعي ثمّ أشار عليه السّلام إلي جهة كربلاء فانخفضت الأرض حتي أراها مضجعه و مدفنه و موضع عسكره و موقفه و مشهده فبكت أمّ سلمة بكاء شديدا و سلّمت أمره إلي اللّه.

فقال لها:يا أمّاه قد شاء اللّه عزّ و جلّ أن يراني مقتولا مذبوحا ظلما و عدوانا و قد شاء أن يري حرمي و نسائي مشردّين و أطفالي مذبوحين مقيّدين.

فقالت أمّ سلمة:عندي تربة دفعها إليّ جدّك في قارورة.

فقال:و اللّه إنّي مقتول كذلك و إن لم أخرج إلي العراق يقتلوني أيضا.

ثمّ أخذ تربة فجعلها في قارورة و أعطاها إيّاها و قال:إجعليها مع قارورة جدّي فإذا فاضتا دما فاعلمي إنّي قد قتلت (3).

و عن الإمام الصادق عليه السّلام قال:أصبحت يوما أمّ سلمة تبكي فقيل لها:ممّ بكاؤك؟

قالت:لقد قتل ابني الحسين الليلة و ذلك إنّني ما رأيت رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم منذ مضي إلاّ الليلة رأيته حزينا فسألته.

ص: 86


1- غاية المرام.
2- مجمع البيان:99/9.
3- الخرائج و الجرائح:253/1.

فقال:ما زلت الليلة أحفر القبور للحسين و أصحابه صلوات اللّه عليه و عليهم السلام و نظرت أمّ سلمة ذلك اليوم إلي التربة التي أودعها لها رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم فإذا هي دم تفور فأخذت من ذلك الدم و لطّخت به وجهها و جعلت ذلك اليوم مأتما و مناحة علي الحسين عليه السّلام (1).

***

بكاء نساء من الجنّ علي الحسين عليه السّلام

قال:و حكي عن رجل أسدي قال:كنت زارعا علي نهر العلقمي بعد ارتحال عسكر بني أميّة فرأيت الرياح إذا هبّت تهبّ عليّ مثل روائح المسك و العنبر و إذا سكنت أري نجوما تهوي من السماء إلي الأرض و نجوما مثلها تصعد إلي السماء و أري أسدا يأتي من القبلة فإذا أصبح ذهب فقلت:هذه الليلة أرقب هذا الأسد لأري ما يصنع بهذه الأبدان.

فلمّا غربت الشمس أقبل الأسد يهمهم فخفت منه فرأيته يتخطّي القتلي حتّي وقف علي جسد كأنّه الشمس فمرّغ وجهه عليه و هو يهمهم و يدمدم فجعلت أحرسه حتّي جنّ الظلام و إذا بشموع معلّقة و إذا ببكاء و نوح فقصدت الأصوات فإذا هي تحت الأرض و سمعت صوتا يقول:وا حسيناه وا إماماه.

فاقشعرّ جلدي فأقسمت علي الباكي و قلت:من أنتم؟

فقال:نساء من الجنّ ننوح علي الحسين الذبيح العطشان.

قلت:هذا الحسين الذي يجلس عنده الأسد؟

قال:نعم،و هذا الأسد أبوه عليّ بن أبي طالب،فرجعت و دموعي تجري علي خدّي (2).

***

نوح الجن علي الحسين عليه السّلام

قال في كتاب البحار:و في بعض كتب المناقب المعتبرة إنّه روي مسندا إلي هند بنت الحون قالت:نزل رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم بخيمة خالتها أمّ معبد مع أصحابه و كان يوما شديد الحرّ فلمّا قام من نومه دعا بماء فتمضمض و مجّه علي عوسجة كانت إلي جنب خيمة خالتها ثلاث مرّات و توضّأ و صلّي ركعتين و قال لهذه العوسجة شأن،فلمّا كان من الغد علت العوسجة حتّي صارت كأعظم دوحة عادية و قطع اللّه شوكها و كثرت أغصانها و اخضرّ ساقها و ورقها و أثمرت كأعظم ما يكون من الكماة في لون

ص: 87


1- أمالي الصدوق:202 ح 1.
2- مدينة المعاجز:79/3،و البحار:194/45.

الزعفران و رائحة العنبر و طعم الشهد ما أكل منها جائع إلاّ شبع و لا ظمآن إلاّ روي و لا سقيم إلاّ برئ و لا فقير إلاّ استغني و لا أكل منها حيوان إلاّ سمن و درّ لبنه و أخصبت تلك البلاد فكانت تسمّي الشجرة المباركة و كان أهل البوادي يستظلّون بها و يتزوّدون من ثمرها في الأسفار فيقوم لهم مقام الطعام و الشراب فلم تزل كذلك حتّي أصبحنا ذات يوم و قد تساقط ثمرها و اصفرّ ورقها فأحزننا ذلك،فما كان إلاّ قليل حتّي جاء نعي رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم فإذا هو قد قبض ذلك اليوم فكانت بعد ذلك تثمر دون ذلك في العظم و الطعم و الرائحة فأقامت علي ذلك ثلاثين سنة.

فلمّا كان ذات يوم أصبحنا و إذا بها قد تشوّكت فذهبت نضارة عيدانها و تساقط جميع ثمرها، فما كان إلاّ يسيرا حتّي وافي مقتل أمير المؤمنين فما أثمرت بعد ذلك و انقطع ثمرها و لم نزل نأخذ من ورقها و نداوي مرضانا فأقامت علي ذلك برهة طويلة ثمّ أصبحنا ذات يوم فإذا بها قد أينعت من ساقها دما عبيطا جاريا و ورقها زائلة تقطر دما كماء اللحم فبتنا ليلتين مهمومين،فلمّا أظلم الليل علينا سمعنا تحتها صوت باكية تقول،شعرا:

يابن النبيّ و يا ابن الوصيّ و يا من بقيّة ساداتنا الأكرمينا

فأتانا بعد ذلك قتل الحسين عليه السّلام و يبست الشجرة فكسرتها الرياح و الأمطار و اندرس أثرها و سمع من نوح الجنّ تحتها،شعرا:

يابن الشهيد و يا شهيدا عمّه خير العمومة جعفر الطيّار (1)

و في كتاب البحار روي أنّ هاتفا سمع بالبصرة ينشد ليلا،شعر:

إنّ الرماح الواردات صدورها نحو الحسين تقاتل التنزيلا

و يهلّلون بأن قتلت و إنّما قتلوا بك التكبير و التهليلا

فكأنّما قتلوا أباك محمّدا صلّي عليه اللّه أو جبريلا

و ناحت عليه الجنّ فقالت،شعرا:

لقد جئن نساء الجنّ يبكين شجيّات و يلطمن خدودا كالدنانير نقيّات

و يلبسن ثياب السود بعد القصبيات (2)

و في أمالي المفيد بإسناده إلي شيخ من بني تميم قال:سمعت أبي يقول:ما شعرنا بقتل الحسين عليه السّلام حتّي كان مساء ليلة عاشوراء و إني لجالس مع رجل إذ سمعنا هاتفا يقول،شعرا:

و الله ما جئتكم حتّي بصرت به بالطف منعفر الخدّين منحورا

و حوله فتية تدمي نحورهم مثل المصابيح يملون الدجا نورا7.

ص: 88


1- مناقب آل أبي طالب:219/3.
2- مثير الأحزان:87.

و قد حثثت قلوصي كي أصادفهم من قبل أن تتلاقي الخرد الحورا

فعاقني قدر و اللّه بالغه و كان أمرا قضاه اللّه مقدورا

كان الحسين سراجا يستضاء به الله يعلم إنّي لم أقل زورا

صلّي الإله علي جسم تضمّنه قبر الحسين حليف الخير مقبورا

مجاورا لرسول اللّه في غرف و للوصيّ و للطيّار مسرورا

فقلنا:أين أنت يرحمك اللّه؟

قال:إنّا جماعة من الجنّ أردنا مواساة الحسين عليه السّلام بأنفسنا فانصرفنا من الحجّ فوجدناه قتيلا (1).

و عن الميثمي قال:خمسة من أهل الكوفة أرادوا نصر الحسين عليه السّلام فنزلوا بقرية يقال لها شاهي فأقبل عليهم رجلان شيخ و شاب فقال الشيخ:أنا رجل من الجنّ و هذا ابن أخي أردنا نصر هذا الرجل المظلوم فقال الشيخ الجنّي:أطير فآتيكم بخبر القوم فغاب يومه و ليلته،فلمّا كان من الغد إذا هم بصوت يسمعونه و لا يرون الشخص و هو يقول:و اللّه ما جئتكم حتّي بصرت به الأبيات السابقة فأجابه رجل،شعرا:

إذهب فلا زال قبر أنت ساكنه إلي القيامة يسقي الغيث ممطورا

و قد سلكت سبيلا كنت سالكه و قد شربت بكأس كان مغرورا

و فتية فرّغوا للّه أنفسهم و فرّقوا المال و الأحباب و الدورا (2)

و عن إبراهيم بن يحيي بن يعقوب أبو سلمة،قال:سمعت الجن تنوح علي الحسين يوم قتل، و هنّ يقلن:

أيها القاتلون ظلما حسينا أبشروا بالعذاب و التنكيل

كل أهل السماء يدعو عليكم من نبيّ و مرسل و قتيل

قد لعنتم علي لسان ابن داود و موسي و صاحب الأنجيل (3)

عن حبيب بن أبي ثابت،قال:قالت أم سلمة:ما سمعت نوح الجن منذ قضي النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم إلاّ الليلة،و ما أري ابني إلاّ قد قتل-تعني الحسين-،قالت لجاريتها:أخرجي فسلي،فأخبرت أنه قد قتل،و إذا جنّية تنوح:

ألا يا عين فاحتفلي بجهد و من يبكي علي الشهداء بعديت.

ص: 89


1- كامل الزيارات:191.
2- كامل الزيارات:191.
3- بغية الطلب:2650/6 و تاريخ الطبري:469/6 و الكامل لابن الأثير:46/4 بتفاوت.

علي رهط تقودهم المنايا إلي متجبر في ملك عبدي (1)

عن أبي جناب الكلبي،قال:أتيت كربلاء فقلت لرجل من أشراف العرب بها:بلغني أنكم تسمعون نوح الجن؟قال:ما تلقي حرا و لا عبدا إلاّ أخبرك أنه سمع ذاك،قال[قلت:]و أخبرني ما سمعت أنت؟قال:سمعتهم يقولون (2):

مسح الرسول جبينه فله بريق في الخدود

أبواه من عليا قريش جدّه خير الجدود (3)قال:فأجبتهم:

خرجوا به وفدا إليه فهم له شرّ الوفود

قتلوا ابن بنت نبيهم سكنوا به نار الخلود

و عن أحمد بن[محمد]المصقلي،حدّثني أبي قال:لما قتل الحسين بن علي سمع مناديا ينادي ليلا،سمع صوته،و لم ير شخصه:

عقرت ثمود ناقة و استوصلوا و جرت سوانحهم بغير الأسعد

فبنو رسول اللّه أعظم حرمة و أجلّ من أم الفصيل المقصد

عجبا لهم و لما أتوا لم يمسخوا و الله يملي للطغاة الجحّد (4)

***

بكاء البومة علي الحسين عليه السّلام

عن ابن أبي غندر عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:سمعته يقول في البومة هل أحد منكم رآها نهارا؟ قيل له:لا تكاد تظهر بالنهار و لا تظهر إلاّ ليلا،قال:أمّا أنّها لم تزل تأوي العمران أبدا،فلمّا أن قتل الحسين عليه السّلام آلت علي نفسها أن لا تأوي العمران أبدا و لا تأوي إلاّ الخراب فلا تزال نهارها صائمة حزينة حتّي يجنّها الليل فإذا جنّها الليل فلا تزال تنوح علي الحسين عليه السّلام حتّي تصبح (5).

و عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام قال:إنّ هذه البومة كانت علي عهد جدّي رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم تأوي المنازل و القصور و الدور و كانت إذا أكل الناس الطعام تطير فتقع أمامهم فيرمي إليها بالطعام و تسقي ثمّ ترجع إلي مكانها و لمّا قتل الحسين عليه السّلام خرجت من العمران إلي الخراب و الجبال و البراري

ص: 90


1- بغية الطلب:2650/6-2651.
2- في سير الأعلام:316/3 عبيد بن جناد.
3- سير الأعلام:316/3-317 و البداية و النهاية:200/8.
4- بغية الطلب:2653/6-2654.
5- كامل الزيارات:199 ح 1.

و قالت:بئس الامّة إن قتلتم ابن نبيّكم و لا آمنكم علي نفسي (1).

و عنه عليه السّلام:إنّ البومة لتصوم النهار فإذا أفطرت حزنت علي الحسين عليه السّلام حتّي تصبح (2).

***

الطيور تبكي الحسين و تتمرغ بدمائه عليه السّلام

و روي من طريق أهل البيت عليهم السّلام أنّه لمّا قتل الحسين عليه السّلام بقي في كربلاء صريعا و دمه علي الأرض مسفوحا و إذا بطائر أبيض أتي و تمرّغ بدمه و جاء و الدم يقطر منه فرأي طيورا علي الأشجار كلّ منهم يذكر الحب و العلف و الماء فقال لهم:ويلكم تشتغلون بالدّنيا و الحسين في أرض كربلاء في هذا الحرّ ملقي علي التراب مذبوح و دمه مسفوح؟

فصارت الطيور إلي كربلاء فرأوا الحسين علي الأرض جثّة بلا رأس و لا غسل و لا كفن عليه التراب و بدنه قد هشّمته الخيل بحوافرها زوّاره الوحوش و الجنّ قد أضاء به التراب و جوّ السماء، فأعلن الطيور بالبكاء و تمرغن في دمه و طار كلّ واحد إلي ناحية يعلم أهلها فقصد طير منها مدينة الرسول فجاء يرفرف و الدم يقطر من أجنحته و دار حول قبر سيّدنا رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و قال:ألا قتل الحسين بكربلاء،ألا ذبح الحسين بكربلاء،فاجتمعت عليه الطيور ينوحون.

فلمّا رأي أهل المدينة النوح و تقاطر الدم لم يعلموا ما الخبر حتّي جاءهم بعد أيّام خبر مقتل الحسين عليه السّلام فعلموا أنّ ذلك الطير كان يخبر بقتله.

و قد نقل أنّه في ذلك اليوم الذي جاء به الطير إلي المدينة كان رجل يهودي في المدينة و له بنت عمياء زمناء طرشاء مشلولة مجذومة فجاء ذلك الطائر و الدم يقطر منه و وقع علي شجرة يبكي طول ليله و كان اليهودي قد أخرج ابنته إلي خارج المدينة و تركها في البستان الذي وقع فيه الطير فعرض لليهودي عارض فدخل المدينة و بقي ليلته.

و أمّا البنت فبقيت ساهرة علي أبيها فسمعت حنين الطير و بكاءه علي الشجرة فقطرت من جناح الطير قطرة دم علي إحدي عينيها فبرئت و قطرت علي الاخرة قطرة فبرئت فقطر علي كلّ عضو منها قطرة فعوفيت بإذن اللّه تعالي.

فلمّا أتي أبوها البستان و رآها صحيحة تعجّب من أمرها فأتت به إلي الطير علي الشجرة و حكت له قصّة تقاطر الدم.

فقال اليهودي للطير:أقسمت عليك بالذي خلقك أن تكلّمني بقدرة اللّه تعالي،فتكلّم الطير

ص: 91


1- كامل الزيارات:200 ح 2.
2- كامل الزيارات:200 ح 3.

و حكي له قضية الحسين عليه السّلام و قتله بكربلاء و أنّ ذلك الدم من دمه،فأسلم اليهودي مع ابنته و خمسمائة من قومه (1).

***

كلّ شيء يبكي الحسين عليه السّلام

في الأمالي عن الفضيل بن يسار قال:قلت للصادق عليه السّلام:إنّي أحضر مجالس هؤلاء القوم- يعني المخالفين-فأذكركم في نفسي فأيّ شيء أقول؟

فقال:قلّ اللّهم أرنا الرخاء و السرور فإنّك تأتي علي ما تريد،قلت:فإنّي أذكر الحسين فأيّ شيء أقول؟

فقال:قل صلّي اللّه عليك يا أبا عبد اللّه تكرّرها ثلاثا،ثمّ قال:لمّا قتل الحسين عليه السّلام بكي عليه كلّ شيء إلاّ ثلاثة أشياء:البصرة و دمشق و آل الحكم بن أبي العاص.

أقول:يجوز أن يراد أهل البصرة و أهل دمشق علي حذف المضاف و يجوز أن يراد أرضها لما مرّ من أنّ الأرض كلّها بكت عليه مع أهلها.

و في حديث ميثم التمّار إنّه يبكي علي الحسين عليه السّلام الوحوش في الفلوات و الحيتان في البحر و الطير في السماء و يبكي عليه الشمس و القمر و النجوم و السماء و الأرض و الإنس و الجنّ و الملائكة و الأرضون و مالك و حملة العرش و تمطر السماء دما و رمادا.

و عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:بعث هشام بن عبد الملك إلي أبي فأشخصه إلي الشام فقال:يا أبا جعفر نريد أن نسألك مسألة؟

فقال:نعم،قال:أخبرني عن الليلة التي قتل فيها عليّ بن أبي طالب ثمّ استدلّ به الغائب عن الكوفة علي قتله؟

قال:إنّه لمّا كان تلك الليلة التي قتل فيها عليّ بن أبي طالب لم يرفع حجر عن وجه الأرض إلاّ وجد تحته دم عبيط حتّي طلع الفجر و كذلك الليلة التي قتل فيها هارون أخو موسي و كذلك الليلة التي قتل فيها يوشع بن نون و كذلك الليلة التي قتل فيها شمعون و كذلك الليلة التي قتل فيها الحسين بن عليّ عليهما السّلام،فتغيّر وجه هشام و قال لأبي:أعطني ميثاقا أن لا توقع هذا الحديث إلي أحد حتّي أموت فأعطاه أبي ما أرضاه (2).

و عن أحمد بن عبد اللّه بإسناده إلي رجل من أهل بيت المقدس قال:و اللّه لقد عرفنا أهل بيت المقدس و نواحيها عشية قتل الحسين و ذلك إنّا ما رفعنا حجرا و لا مدرا إلاّ و رأينا تحتها ما يغلي و احمرّت الحيطان كالدم و مطرنا ثلاثة أيّام دما عبيطا و سمعنا مناديا ينادي في جوف الليل شعرا:

ص: 92


1- رياض الأبرار مخطوط.
2- كامل الزيارات:159 ح 1.

أترجو أمّة قتلت حسينا شفاعة جدّه يوم الحساب

معاذ اللّه لا نلتم يقينا شفاعة أحمد و أبي تراب

قتلتم خير من ركب المطايا و خير الشيب طرّا و الشباب

و انكسفت الشمس ثلاثة أيّام و اشتبكت النجوم،فلمّا كان من الغد رجفنا بقتله حتّي أنا الخبر اليقين (1).

و عن الحارث الأعور قال:قال أمير المؤمنين عليه السّلام:بأبي و أمّي الحسين المقتول بظهر الكوفة و اللّه كأنّي أنظر إلي الوحوش مادّة أعناقها علي قبره يبكونه و يرثونه حتّي الصباح فإذا كان كذلك فإيّاكم و الجفاء (2).

و عن زرارة بن أعين قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:يا زرارة إنّ السماء بكت علي الحسين أربعين صباحا بالدم و أنّ الأرض بكت أربعين صباحا بالسواد و أنّ الشمس بكت أربعين صباحا بالكسوف و الحمرة و أنّ الجبال تقطّعت و انتثرت و أنّ البحار تفجّرت و أنّ الملائكة بكت أربعين صباحا و ما اختضبت منّا امرأة و لا اكتحلت حتّي أتانا رأس عبيد الله بن زياد و كان جدّي إذا ذكره بكي حتّي يبكي لبكائه من رآه و أنّ الملائكة الذين عند قبره ليبكون فيبكي لبكائهم كلّ من في الهواء و السماء من الملائكة،و لقد خرجت نفسه صلّي اللّه عليه فزفرت جهنّم زفرة كادت الأرض تنشقّ لزفرتها،و لقد خرجت نفس ابن زياد فشهقت جهنّم شهقة لو لا أنّ اللّه حبسها بخزّانها لأحرقت من علي ظهر الأرض من فورها و لقد عتت علي الخزّان غير مرّة حتّي أتاها جبرائيل فضربها بجناحه و أنّها لتبكيه و تندبه و تتلظّي علي قاتله و ما عين أحبّ إلي اللّه من عين بكت علي الحسين و ما من باك يبكيه إلاّ و قد وصل فاطمة و أسعدها و وصل رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و أدّي حقّنا،و ما من عبد يحشر إلاّ و عيناه باكية إلاّ الباكين علي جدّي فإنّه يحشر و البشارة تلقاه و الخلق يعرضون و هم جالسون مع الحسين عليه السّلام في ظلّ العرش لا يخافون سوء الحساب يقال لهم:أدخلوا الجنّة فيأبون و يختارون مجلسه و حديثه و أنّ الحور لترسل إليهم:إنّا قد اشتقنا إليكم مع الولدان المخلّدين فما يرفعون رؤوسهم إليهم لما يرون في مجلسهم من السرور و الكرامة و أنّ أعداءهم من بين مسحوب بناصيته إلي النار و من قائل مالنا من شافعين و إنّ الملائكة لتأتيهم بالرسالة من أزواجهم،فيقولون نأتيكم إن شاء اللّه فيرجعون إلي أزواجهم بمقالاتهم فيزدادون إليهم شوقا إذا هم أخبروهم بما هم فيه من الكرامة و قربهم من الحسين عليه السّلام ثمّ يؤتون بالمراكب و النوق فيركبون عليها و هم في الثناء علي اللّه و الصلاة علي محمّد و علي آله حتّي ينتهوا إلي منازلهم (3).8.

ص: 93


1- كامل الزيارات:159 ح 2.
2- كامل الزيارات:166 ح 3.
3- كامل الزيارات:168 ح 8.

و عن أبي بصير قال:كنت عند أبي عبد اللّه عليه السّلام أحدّثه فدخل عليه ابنه فقال له:مرحبا و ضمّه و قبّله و قال:لعن اللّه من قتلكم فقد طال بكاء النساء و بكاء الأنبياء و الصدّيقين و الشهداء و ملائكة السماء ثمّ بكي و قال:يا أبا بصير إذا نظرت إلي ولد الحسين أتاني ما لا أملكه بما أتي إلي أبيهم و إليهم،يا أبا بصير إنّ فاطمة لتبكي الحسين و تشهق فتزفر جهنّم زفرة لو لا أنّ الخزنة يسمعون بكاءها و قد استعدّوا لذلك مخافة أن يخرج منها عنق أو يشرد دخانها فيحرق أهل الأرض فيردون جهنّم ما كانت باكية و يوثقون أبوابها مخافة علي أهل الأرض فلا تسكن حتّي يسكن صوت فاطمة (1).

و عنه عليه السّلام قال:إنّ السماء بكت علي الحسين و يحيي بن زكريا قيل:ما بكاؤها؟

قال:مكثورا أربعين يوما تطلع الشمس بحمرة و تغرب بحمرة فذلك بكاؤها (2).

و في حديث آخر أنّها بكت مع الأرض و الطيور و غيرها حتّي تقاطر دمعها.

و روي أنّه لمّا قتل الحسين عليه السّلام أمطرت السماء ترابا أحمر (3).

و عن عليّ بن الحسين عليهما السّلام:أنّ السماء بكت علي الحسين و بكاءها كانت إذا استقبلت بالثوب وقع علي الثوب شبه أثر البراغيث من الدم (4).

و عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:احمرّت السماء حين قتل الحسين عليه السّلام سنة (5).

و في كتاب دلائل النبوّة قالت نصرة الأزدية:لمّا قتل الحسين عليه السّلام أمطرت السماء دما و حبابنا و جرارنا صارت مملوّة دما و مطرت السماء يوما نصف النهار علي شملة بيضاء فنظرت فإذا هو دم و ذهبت الإبل إلي الوادي لتشرب فإذا هو دم و إذا هو اليوم الذي قتل فيه الحسين عليه السّلام (6).

و عن أمّ سليم قالت:لمّا قتل الحسين عليه السّلام مطرت السماء مطرا كالدم احمرّت منه البيوت و الحيطان (7).

و عن أبي قبيل:لمّا قتل الحسين عليه السّلام كسف الشمس كسفة بدت الكواكب نصف النهار حتّي ظنّنا أنّها القيامة (8).

و روي الثعلبي أنّ الحمرة التي مع الشفق لم تكن قبل قتل الحسين عليه السّلام (9).

و في الأمالي عن الصادق عليه السّلام قال:لمّا ضرب الحسين عليه السّلام بالسيف ثمّ ابتدر ليقطع رأسه نادي مناد من بطنان العرش:ألا أيّتها الامّة المتحيّرة القاتلة عترة نبيّها لا وفّقكم اللّه لا لأضحي و لا3.

ص: 94


1- مستدرك الوسائل:315/10.
2- كامل الزيارات:181 ح 6.
3- كامل الزيارات:183 ح 13.
4- كامل الزيارات:183 ح 14.
5- مدينة المعاجز:144/4.
6- مناقب آل أبي طالب:212/3.
7- شرح الأخبار:166/3.
8- مناقب آل أبي طالب:212/3.
9- مناقب آل أبي طالب:212/3.

فطر و اللّه ما وفّقوا و لا يوفّقون أبدا حتّي يقوم ثائر الحسين عليه السّلام (1).

و عنه عليه السّلام أنّ الحسين عليه السّلام دخل يوما إلي أخيه الحسن،فلمّا نظر إليه بكي فقال:ما يبكيك يا أبا عبد اللّه؟

قال:أبكي لما يصنع بك،فقال:إنّ الذي يؤتي إليّ سمّ يدسّ إليّ فأقتل به و لا يوم كيومك يزدلف إليك ثلاثون ألف رجل يدّعون أنّهم من أمّة جدّنا محمّد يجتمعون علي قتلك و سفك دمك و انتهاك حرمتك و سبي ذراريك و انتهاب ثقلك فعندها تحلّ ببني أميّة اللعنة و تمطر السماء رمادا و دما و يبكي عليك كلّ شيء حتّي الوحوش في الفلوات و الحيتان في البحار (2).

و عنه عليه السّلام إنّ أربعة آلاف ملك هبطوا يريدون القتال مع الحسين عليه السّلام و هبطوا و قد قتل فهم عند قبره يبكونه إلي يوم القيامة و رئيسهم ملك يقال له:منصور (3).

***

ثواب زيارة الإمام أبي عبد اللّه الحسين الشهيد عليه السّلام

اشارة

و في الأمالي بإسناده إلي عليّ عليه السّلام قال:زارنا رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم ذات يوم فقدّمنا إليه طعاما فأكل منه،فلمّا غسل يديه مسح وجهه و لحيته ببلّة يديه ثمّ قام إلي مسجد في جانب البيت فخرّ ساجدا فبكي فأطال البكاء،ثمّ رفع رأسه فما اجترأ منّا أهل البيت أحد أن يسأله عن شيء،فقام الحسين يدرج حتّي صعد علي فخذي رسول اللّه فأخذ برأسه إلي صدره و قال:يا أبه ما يبكيك؟

فقال:يا بنيّ إنّي نظرت إليكم اليوم فسررت بكم سرورا لم أسر بكم قبله مثله،فهبط إليّ جبرئيل فأخبرني إنّكم قتلي و أنّ مصارعكم شتّي.

فقال:يا أبه ما لمن يزور قبورنا و يتعاهدها علي تشتّتها؟

قال:طوائف من أمّتي يريدون بذلك برّي و صلتي أتعاهدهم في الموقف و يآخذ بأعضادهم فأنجيهم من أهواله و شدائده (4).

و عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:كان الحسين بن علي ذات يوم في حجر النبيّ عليه السّلام يلاعبه و يضاحكه فقالت عائشة:ما أشدّ إعجابك بهذا الصبي.

فقال لها:ويلك هو ثمرة فؤادي أمّا أنّ أمّتي ستقتله فمن زاره بعد وفاته كتب اللّه له حجّة من حججي قالت:يا رسول اللّه حجّة من حججك؟

ص: 95


1- أمالي الصدوق:232.
2- مناقب آل أبي طالب/:3 238.
3- الكافي:581/4 ح 7.
4- كامل الزيارات:127.

قال:و حجّتين من حججي.

قالت:حجّتين من حججك؟

قال:نعم و أربعة،فلم تزل تزاده و يزيد و يضعف حتّي بلغ تسعين حجّة من حجج رسول اللّه باعمارها (1).

و عن أبي جعفر عليه السّلام:كان رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم إذا دخل الحسين عليه السّلام يقبّله و يبكي فيقول:يا أبه لم تبكي؟

فيقول:يا بنيّ أقبّل موضع السيوف منك و أبكي.

قال:يا أبه و أقتل؟

قال:إي و اللّه و أبوك و أخوك و أنت.

قال:يا أبه فقبورنا شتّي؟

قال:نعم يا بني،قال:فمن يزورنا من أمّتك؟

قال:لا يزورنا إلاّ الصدّيقون من أمّتي (2).

و عن زين العابدين عليه السّلام في حديث طويل يقول فيه:قال النبيّ صلّي اللّه عليه و آله و سلّم فإذا برز الحسين عليه السّلام و أصحابه إلي مضاجعهم تولّي اللّه عزّ و جلّ قبض أرواحهم بيده و هبط إلي الأرض ملائكة من السماء السابعة معهم آنية من الياقوت و الزمرّد مملوءة من ماء الحياة و حلل من حلل الجنّة و طيب من طيب الجنّة فغسلوا جثثهم بذلك الماء و ألبسوها الحلل و حنّطوها بذلك الطيب و صلّي الملائكة صفّا صفّا عليهم ثمّ يبعث اللّه قوما لا يعرفهم الكفّار فيوارون أجسامهم و يقيمون رسما لسيّد الشهداء بتلك البطحاء يكون علما لأهل الحقّ و سببا للمؤمنين إلي الفوز و يتحفه ملائكة كلّ سماء مائة ألف ملك في كلّ يوم و ليلة يصلّون عليه و يسبّحون اللّه عنده و يستغفرون اللّه لزوّاره و يكتبون أسماء من يأتيه زائرا متقرّبا إلي اللّه و إلي رسوله و أسماء آبائهم و عشائرهم و بلدانهم و يوسمون في وجوههم بميسم نور عرش اللّه هذا زائر قبر خير الشهداء و ابن خير الأنبياء،فإذا كان يوم القيامة سطع في وجوههم من أثر ذلك الميسم نور تغشي منه الأبصار و يعرفون به و يلتقطهم الملائكة و النبيّ صلّي اللّه عليه و آله و سلّم يوم القيامة بذلك النور حتّي ينجيهم من هول ذلك اليوم،و لقد قال رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم:إنّ إبليس يوم قتل الحسين يطير فرحا فيجول الأرض كلّها في شياطينه و عفاريته فيقول:يا معشر الشياطين قد أدركنا من ذرّية آدم الطلبة و بلغنا في هلاكهم الغاية و أورثناهم النار إلاّ من اعتصم بهذه العصابة فاجعلوا شغلكم بتشكيك الناس فيهم و حملهم علي عداوتهم حتّي لا ينجو منهم ناج.5.

ص: 96


1- كامل الزيارات:144 ح 1.
2- البحار:119/97 ح 15.

ثمّ قال عليّ بن الحسين عليهما السّلام بعدما حدّث بهذا الحديث:خذ إليك ما لو ضربت في طلبه آباط الإبل حولا لكان قليلا (1).

***

من ترك زيارة الحسين عليه السّلام

و عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:قلت:جعلت فداك ما تقول فيمن ترك زيارة الحسين عليه السّلام و هو يقدر علي ذلك.

قال عليه السّلام:إنّه قد عقّ رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و عقنا و استخف بأمر هو له و من زاره كان اللّه له من وراء حوائجه و كفي ما أهمّه من أمر دنياه و إنّه ليجلب الرزق علي العبد و يخلف عليه ما أنفق و يغفر له ذنوب خمسين سنة و يرجع إلي أهله و ما عليه وزر و لا خطيئة فإن هلك في سفره نزلت الملائكة فغسلته و فتح له باب إلي الجنّة يدخل عليه روحها حتّي ينشر و إن سلم فتح الباب الذي ينزل منه رزقه فجعل له بكلّ درهم أنفقه عشرة آلاف درهم و إنّ اللّه تبارك و تعالي نظر لك و ذخرها لك عنده و الحمد للّه (2).

***

زيارة اللّه سبحانه للحسين عليه السّلام

ابن قولويه،عن أبيه و أخيه و جماعة من مشايخه،عن محمّد بن يحيي،و أحمد بن ادريس، عن حمدان بن سليمان النيسابوري،عن عبد اللّه بن محمّد اليماني،عن منيع بن حجاج،عن يونس، عن صفوان الجمّال قال:قال لي أبو عبد اللّه عليه السّلام لما أتي الحيرة:هل لك في قبر الحسين عليه السّلام؟

قلت:تزوره جعلت فداك؟

قال:و كيف لا أزوره و اللّه يزوره في كلّ ليلة جمعة يهبط مع الملائكة إليه و الأنبياء و الأوصياء و محمّد أفضل الأنبياء و نحن أفضل الأوصياء.

فقال صفوان:جعلت فداك فتزوره في كلّ جمعة حتي تدرك زيارة الرب؟

قال:نعم يا صفوان إلزم ذلك يكتب لك زيارة قبر الحسين عليه السّلام،و ذلك تفضيل و ذلك تفضيل (3).

ص: 97


1- كامل الزيارات:448.
2- كامل الزيارات:246 ح 4.
3- كامل الزيارات:113.

أقول زيارة اللّه للإمام الحسين عليه السّلام عبارة عن تنزل الرحمة و زيادة مقام الحسين عليه السّلام،أو رحمة من يكون في مقام الحسين عليه السّلام ليلة الجمعة.

***

زيارة الأنبياء للحسين عليه السّلام

ابن قولويه،عن الحسن بن عبد اللّه،عن أبيه،عن الحسن بن محبوب،عن اسحاق بن عمار قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول:ليس من نبيّ في السموات إلاّ و يسألون اللّه تعالي أن يأذن لهم في زيارة الحسين عليه السّلام ففوج ينزل و فوج يصعد (1).

ابن قولويه،عن محمّد بن عبد اللّه الحميري،عن أبيه،عن هارون بن مسلم،عن عبد اللّه بن الأشعث،عن عبد اللّه بن حماد الأنصاري،عن ابن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:سمعته يقول:قبر الحسين بن علي صلوات اللّه عليه عشرون ذراعا في عشرين ذراعا مكسّرا روضة من رياض الجنة و فيه معراج الملائكة إلي السماء و ليس من ملك مقرب و لا نبي مرسل إلاّ و هو يسأل اللّه أن يزوره،ففوج يهبط و فوج يصعد (2).

ابن قولويه،عن الحسن بن عبد اللّه،عن أبيه،عن الحسن بن محبوب،عن الحسين بن بنت أبي حمزة الثمالي قال:خرجت في آخر زمان بني مروان إلي زيارة قبر الحسين عليه السّلام مستخفيا من أهل الشام حتي انتهيت إلي كربلاء فاختفيت في ناحية القرية حتي إذا ذهب من الليل نصفه أقبلت نحو القبر فلما دنوت منه أقبل نحوي رجل فقال:إنصرف مأجورا فإنّك لا تصل إليه،فرجعت فزعا حتي إذا كاد يطلع الفجر أقبلت نحوه حتي إذا دنوت منه خرج اليّ الرجل فقال لي:يا هذا إنّك لا تصل إليه.

فقلت له:عافاك اللّه و لم لا أصل إليه و قد أقبلت من الكوفة اريد زيارته فلا تحل بيني و بينه عافاك اللّه و أنا أخاف أن أصبح فيقتلني أهل الشام إن أدركوني ههنا،قال فقال لي:إصبر قليلا فإنّ موسي بن عمران عليه السّلام سأل اللّه أن يأذن له في زيارة قبر الحسين بن علي عليهما السّلام فأذن له فهبط من السماء في سبعين ألف ملك فهم بحضرته من أوّل الليل ينتظرون طلوع الفجر ثمّ يعرجون إلي السماء،قال فقلت له:فمن أنت عافاك اللّه؟قال:أنا من الملائكة الذين أمروا بحرس قبر الحسين عليه السّلام و الإستغفار لزواره فانصرفت و قد كاد أن يطير عقلي لما سمعت منه قال:فأقبلت لمّا طلع الفجر نحوه فلم يحل بيني و بينه أحد فدنوت من القبر و سلّمت عليه و دعوت اللّه علي قتلته و صليت الصبح و أقبلت مسرعا مخافة أهل الشام (3).

ص: 98


1- كامل الزيارات:111 ح 1.
2- كامل الزيارات:112 ح 3.
3- كامل الزيارات:111 ح 2.

و روي أنّ آدم عليه السّلام لمّا هبط إلي الأرض لم ير حوّاء فصار يطوف الأرض في طلبها فمرّ بكربلاء فاغتمّ و ضاق صدره من غير سبب و عثر في الموضع الذي قتل فيه الحسين حتّي سال الدم من رجله،فقال:إلهي هل حدث منّي ذنب آخر فعاقبتني به،فأوحي إليه:يا آدم يقتل في هذه الأرض ولدك الحسين ظلما فسال دمك موافقة لدمه و هو سبط النبيّ و قاتله يزيد.فقال:أيّ شيء أصنع؟

قال:العنه أربع مرّات،فلعنه و مشي إلي جبل عرفات فوجد حوّاء هناك.

و أنّ نوحا لمّا ركب في السفينة طافت به جميع الدّنيا،فلمّا مرّت بكربلاء أخذته الأرض و خاف نوح الغرق فقال:إلهي أصابني فزع في هذه الأرض فقال جبرئيل عليه السّلام:يا نوح في هذا الموضع يقتل الحسين سبط محمّد خاتم الأنبياء قاتله لعين أهل السماوات فلعنه نوح أربع مرّات، و سارت السفينة حتّي استقرّت علي الجودي.

و أنّ إبراهيم عليه السّلام مرّ بأرض كربلاء و هو راكب فرسا فعثرت به و سقط إبراهيم و شجّ رأسه و سال دمه فأخذ في الإستغفار.

فقال:إلهي أيّ شيء حدث منّي؟

فقال:يا إبراهيم ما حدث منك ذنب،و لكن هنا يقتل سبط الأنبياء فسال دمك موافقة لدمه و قاتله لعين أهل السماوات و الأرضين و القلم جري علي اللّوح بلعنه بغير إذن ربّه،فأوحي اللّه تعالي إلي القلم إنّك استحققت الثناء بهذا اللّعن فلعن إبراهيم عليه السّلام يزيدا لعنا كثيرا و قال فرسه:آمين.

فقال إبراهيم لفرسه:أيّ شيء عرفت حتّي تؤمّن علي دعائي؟

فقال:يا إبراهيم أنا أفتخر بركوبك عليّ،فلمّا عثرت و سقطت عن ظهري خجلت،و كان سبب ذلك يزيد لعنه اللّه.

و إنّ إسماعيل كانت أغنامه ترعي بشط الفرات فأخبره الراعي أنّها لا تشرب الماء من هذه المشرعة منذ كذا يوما،فسأل ربّه عن ذلك،فقال جبرئيل عليه السّلام:سل غنمك فإنّها تجيبك عن سبب ذلك،فقال لها:لم لا تشربين من هذا الماء؟

فقالت بلسان فصيح:قد بلغنا أنّ ولدك الحسين يقتل هنا عطشانا فنحن لا نشرب من هذه المشرعة حزنا عليه فسألها عن قاتله فقالت:يقتله لعين أهل السماوات و الأرض فلعنه إسماعيل.

و أنّ موسي عليه السّلام كان ذات يوم سائرا و معه يوشع بن نون،فلمّا جاء إلي أرض كربلاء انخرق نعله و انقطع شراكه و دخل الحسك في رجله و سال دمه فقال:إلهي أيّ شيء حدث منّي؟

فأوحي اللّه إليه أنّ هنا يقتل الحسين فسال دمك موافقة لدمه و قاتله لعين السمك في البحار و الوحوش في القفار و الطير في الهواء،فلعن موسي يزيدا و أمّن يوشع علي دعائه.

و أنّ سليمان عليه السّلام كان يجلس علي بساطه و يسير في الهواء فمرّ بأرض كربلاء فأدارت الريح

ص: 99

بساطه ثلاثة دورات حتّي خافوا السقوط،فسكنت الريح و نزل البساط،فقال سليمان للريح:لم سكنتي؟

فقالت:إنّ هنا يقتل الحسين عليه السّلام و هو سبط محمّد المختار و قاتله يزيد،فلعنه سليمان و أمّن علي دعائه الإنس و الجنّ فهبّت الريح و سار البساط.

و أنّ عيسي عليه السّلام كان سائحا في البراري و معه الحواريّون فمرّوا بكربلاء فرأوا أسدا قد أخذ الطريق.فقال عيسي للأسد:لم جلست في هذا الطريق لا تدعنا نمرّ فيه؟

فقال بلسان فصيح:إنّي لم أدعكم تمرّوا حتّي تلعنوا يزيدا قاتل الحسين سبط محمّد و قاتله لعين الوحوش و الذئاب و السباع خصوصا أيّام عاشوراء،فلعنه و أمّن الحواريّون فتنحّي الأسد عن الطريق (1).

***

زيارة الملائكة للحسين عليه السّلام

ابن قولويه،عن الحسن بن عبد اللّه،عن أبيه،عن الحسن بن محبوب،عن داود الرقي قال سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول:ما خلق اللّه خلقا أكثر من الملائكة و انّه ينزل من السماء كلّ مساء سبعون ألف ملك يطوفون بالبيت الحرام ليلتهم حتي إذا طلع الفجر إنصرفوا إلي قبر النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم فيسلمون عليه ثمّ يأتون قبر أمير المؤمنين عليه السّلام فيسلمون عليه ثمّ يأتون قبر الحسين عليه السّلام فيسلّمون عليه ثمّ يعرجون إلي السماء قبل أن تطلع الشمس ثمّ تنزل ملائكة النهار سبعون ألف ملك فيطوفون بالبيت الحرام نهارهم حتي إذا غربت الشمس إنصرفوا إلي قبر رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم فيسلّمون عليه ثمّ يأتون قبر أمير المؤمنين عليه السّلام فيسلّمون عليه ثمّ يأتون قبر الحسين عليه السّلام فيسلّمون عليه ثمّ يعرجون إلي السماء قبل أن تغيب الشمس (2).

ابن قولويه،عن أبيه،و جماعة من مشايخه،عن سعد بن عبد اللّه،عن الحسين بن عبد اللّه، عن الحسن بن علي بن أبي عثمان،عن محمّد بن الفضيل،عن اسحاق بن عمار،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:ما بين قبر الحسين عليه السّلام إلي السماء مختلف الملائكة (3).

ابن قولويه،عن القاسم بن محمّد بن علي بن ابراهيم،عن أبيه،عن جده،عن عبد اللّه بن حماد،عن اسحاق بن عمار قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:جعلت فداك يابن رسول اللّه كنت في الحيرة ليلة عرفة فرأيت نحوا من ثلاثة آلاف أو أربعة آلاف رجل جميلة وجوههم طيبة ريحهم شديدة

ص: 100


1- البحار للعلاّمة المجلسي:244/44 ح 43.
2- كامل الزيارات:114 ح 2.
3- كامل الزيارات:114 ح 3.

بياض ثيابهم يصلون الليل أجمع فلقد كنت اريد أن آتي قبر الحسين عليه السّلام و اقبّله و ادعو بدعواتي فما كنت أصل إليه من كثرة الخلق فلما طلع الفجر سجدت سجدة فرفعت رأسي فلم أر منهم أحدا، فقال لي أبو عبد اللّه عليه السّلام:أتدري من هؤلاء؟

قلت:لا جعلت فداك.

فقال:أخبرني أبي عن أبيه قال:مرّ بالحسين عليه السّلام أربعة آلاف ملك و هو يقتل فعرجوا إلي السماء فأوحي اللّه إليهم يا معشر الملائكة مررتم بابن حبيبي و صفيّي محمّد صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و هو يقتل و يضطهد مظلوما فلم تنصروه فانزلوا إلي الأرض إلي قبره فابكوه شعثا غبرا إلي يوم القيامة فهم عنده إلي أن تقوم القيامة (1).

***

دعاء رسول اللّه و علي و فاطمة و الأئمة لزوّار الحسين عليهم السّلام

ابن قولويه،عن أبيه،و محمّد بن عبد اللّه،و علي بن الحسين،و محمّد بن الحسن،عن عبد اللّه بن جعفر الحمير،عن موسي بن عمر،عن حسان البصري،عن معاوية بن وهب،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:قال لي يا معاوية لا تدع زيارة قبر الحسين عليه السّلام لخوف فإنّ من ترك زيارته رأي من الحسرة ما يتمنّي إنّ قبره كان عنده أما تحب أن يري اللّه شخصك و سوادك فيمن يدعو له رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و عليّ و فاطمة و الأئمة عليهم السّلام (2).

ابن قولويه بهذا الاسناد،عن موسي بن عمر،عن حسان البصري،عن معاوية بن وهب قال:

إستأذنت علي أبي عبد اللّه عليه السّلام فقيل لي:أدخل فدخلت فوجدته في مصلاه في بيته فجلست حتي قضي صلاته فسمعته يناجي ربّه و هو يقول:«اللّهم يا من خصّنا بالكرامة و وعدنا بالشفاعة و خصّنا بالوصية و أعطانا ما مضي و علم ما بقي و جعل أفئدة من الناس تهوي إلينا اغفر لي و لإخواني و زوّار قبر أبي الحسين الذين أنفقوا أموالهم و أشخصوا أبدانهم رغبة في برّنا و رجاء لما عندك من صلتنا و سرورا أدخلوه علي نبيّك و إجابة منهم لأمرنا و غيظا أدخلوه علي عدونا أرادوا بذلك رضاك فكافهم عنّا بالرضوان و اكلأهم بالليل و النهار و اخلف علي أهاليهم و أولادهم الذين خلّفوا بأحسن الخلف و اصحبهم و اكفهم شرّ كلّ جبار عنيد و كلّ ضعيف من خلقك و شديد و شرّ شياطين الإنس و الجن و أعطهم أفضل ما أمّلوا منك في غربتهم عن أوطانهم و ما آثرونا به علي أبنائهم و أهاليهم و قراباتهم، اللهم إنّ أعداءنا عابوا عليهم بخروجهم فلم ينههم ذلك عن الشخوص إلينا خلافا منهم علي من خالفنا فارحم تلك الوجوه التي غيّرتها الشمس و ارحم تلك الخدود التي تتقلّب علي حضرة أبي عبد

ص: 101


1- كامل الزيارات:115 ح 5.
2- كامل الزيارات:116 ح 1.

اللّه الحسين عليه السّلام و ارحم تلك الأعين التي جرت دموعها رحمة لنا و ارحم تلك القلوب التي جزعت و احترقت لنا و ارحم تلك الصرخة التي كانت لنا اللهم اني أستودعك تلك الأبدان و تلك الأنفس حتي توفيهم علي الحوض يوم العطش الأكبر»فما زال يدعو و هو ساجد بهذا الدعاء فلما انصرف، قلت:جعلت فداك لو أنّ هذا الذي سمعت منك كان لمن لا يعرف اللّه لظننت أنّ النار لا تطعم منه شيئا أبدا و اللّه لقد تمنيّت أني كنت زرته و لم أحجّ،فقال لي:ما أقربك منه فما الذي يمنعك من زيارته؟ثمّ قال:يا معاوية لم تدع ذلك؟قلت:جعلت فداك لم أر أنّ الأمر يبلغ هذا كله،فقال:يا معاوية من يدعو لزواره في السماء أكثر ممن يدعو لهم في الأرض (1).

ابن قولويه،عن أبيه،عن سعد بن عبد اللّه،عن موسي بن عمر،عن حسّان البصري،عن معاوية بن وهب،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:قال لي يا معاوية:لا تدع زيارة الحسين عليه السّلام لخوف فإنّ من تركه رأي من الحسرة ما يتمنّي أنّ قبره كان عنده أما تحب أن يري اللّه شخصك و سوادك فيمن يدعو له رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و علي و فاطمة و الأئمة عليهم السّلام أما تحبّ أن تكون ممن ينقلب بالمغفرة لما مضي و يغفر لك ذنوب سبعين سنة أما تحب أن تكون ممن يخرج من الدنيا و ليس عليه ذنب تتبع به،أما تحب أن تكون غدا ممن يصافحه رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم (2)؟

ابن قولويه،عن حكيم بن داود،عن سلمة بن خطاب،عن الحسن بن علي الوشاء،عمّن ذكره،عن داود بن كثير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:إنّ فاطمة عليها السّلام بنت محمّد صلّي اللّه عليه و آله و سلّم تحضر لزوار قبر ابنها الحسين فتستغفر لهم ذنوبهم (3).

***

ملاقاة الملائكة لزوار الحسين عليه السّلام

و عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:إذا زرتم الحسين فالزموا الصمت إلاّ من خير و إنّ ملائكة الليل و النهار من الحفظة تحضر و الملائكة الذين بالحائر فتصافحهم فلا يجيبونها من شدّة البكاء فينتظرونهم حتّي تزول الشمس و حتّي ينور الفجر ثمّ يكلّمونهم و يسألونهم عن أشياء من أمر السماء،فأمّا ما بين هذين الوقتين فإنّهم لا ينطقون و لا يفترون عن البكاء و الدّعاء و لا يشغلونهم في هذين الوقتين عن أصحابهم فإنّما شغلهم بكم إذا نطقتم،قلت:و ما الذي يسألونهم؟

قال أهل الحائر:يسألون الحفظة لأنّ أهل الحائر من الملائكة لا يبرحون و الحفظة تنزل و تصعد،قلت:فما يسألونهم؟

ص: 102


1- كامل الزيارات:116 ح 2.
2- كامل الزيارات:117 ح 3.
3- كامل الزيارات:118 ح 4.

قال:إنّهم يمرون إذا عرّجوا بإسماعيل صاحب الحوافر بما وافقوا النبيّ صلّي اللّه عليه و آله و سلّم عنده و فاطمة و الحسين و الحسن و الأئمّة ممّن مضي منهم فيسألونهم عن أشياء و من حضر منكم الحائر و يقولون:

بشّروهم بدعائكم فيقول الحفظة:كيف نبشّرهم و هم لا يسمعون كلامنا؟فيقولون لهم:باركوا عليهم و ادعوا لهم عنّا فهي البشارة منّا و إذا انصرفوا فحفوهم بأجنحتكم حتّي يحسوا مكانكم و لو يعلموا ما في زيارته من الخير لا قتتلوا علي زيارته بالسيوف و لباعوا أموالهم في إتيانه و أنّ فاطمة عليها السّلام إذا نظرت إليهم و معها ألف نبي و ألف صدّيق و ألف شهيد و من الكروبيين ألف ألف يساعدونها علي البكاء و أنّها لتشهق شهقة فلا يبقي في السماوات ملك إلاّ بكي رحمة لصوتها و ما تسكن حتّي يأتيها النبيّ صلّي اللّه عليه و آله و سلّم فيقول:يا بنيّة قد أبكيت أهل السماوات و شغلتيهم عن التسبيح و التقديس فكفي حتّي يقدّسوا فإنّ اللّه بالغ أمره و انّا لننظر إلي من حضر منكم فنسأل اللّه لهم كلّ خير (1).

و في الكافي و غيره عن حريز و قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:جعلت فداك ما أقلّ بقاءكم أهل البيت و أقرب آجالكم بعضها من بعض مع حاجة هذا الخلق إليكم.

فقال:إنّ لكلّ واحد منّا صحيفة فيها ما يحتاج إليه أن يعمل به في مدّته فإذا انقضي ما فيها ممّا أمر به عرف أنّ أجله قد حضر و أتاه النبيّ صلّي اللّه عليه و آله و سلّم ينعي إليه نفسه و أنّ الحسين عليه السّلام قرأ صحيفته التي أعطيها و فسّر له ما يأتي و ما يبقي و بقي منها أشياء لم تنقضي فخرج إلي القتال و كانت تلك الامور التي بقيت أنّ الملائكة سألت اللّه تعالي في نصرته فأذن لهم فمكثت تستعدّ للقتال حتّي قتل فنزلت و قد انقطعت مدّته فقالت الملائكة:يا ربّ أذنت لنا في نصرته و قد قبضته إليك،فأوحي إليهم الزموا قبّته حتي ترونه و قد خرج فانصروه و ابكوا عليه و علي ما فاتكم من نصرته فإذا خرج صلوات اللّه عليه يكونون أنصاره (2).

و عنه عليه السّلام:إنّ عند قبره أربعة آلاف ملك لا يزوره زائر إلاّ استقبلوه و لا يودّعه مودّع إلاّ شيّعوه و لا يمرض إلاّ عادوه و لا يموت إلاّ صلّوا علي جنازته و استغفروا له بعد موته و هم في الأرض ينتظرون قيام القائم عليه السّلام (3).

***

زيارة الحسين عليه السّلام فرض واجب

ابن قولويه،عن أبيه،و محمّد بن الحسن،عن محمّد بن الحسن الصفار جميعا،عن أحمد بن أبي عبد اللّه البرقي،عن الحسن بن علي بن فضال،عن أبي أيّوب ابراهيم بن عثمان الخزاز،عن

ص: 103


1- كامل الزيارات:177 ح 18.
2- البحار:176/79.
3- كامل الزيارات:235 ح 348.

محمّد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:مروا شيعتنا بزيارة قبر الحسين عليه السّلام فإنّ اتيانه مفترض علي كلّ مؤمن يقرّ للحسين عليه السّلام بالإمامة من الله (1).

ابن قولويه،عن أبيه و أخيه،و علي بن الحسين،و محمّد بن الحسن جميعا،عن أحمد بن ادريس،عن عبيد الله بن موسي،عن الوشاء قال سمعت الرضا عليه السّلام يقول:لكلّ إمام عهدا في عنق أوليائه و شيعته و إنّ من تمام الوفاء بالعهد و حسن الأداء زيارة قبورهم فمن زارهم رغبة في زيارتهم و تصديقا لما رغبوا فيه كان أئمتهم شفعاءهم يوم القيامة (2).

ابن قولويه،عن أبيه،عن الحسن بن متيل،عن الحسن بن علي الكوفي،عن علي بن حسان الهاشمي،عن عبد الرحمن بن كثير مولي أبي جعفر عن أبي عبد الله عليه السّلام قال:لو انّ أحدكم حج دهره ثمّ لم يزر الحسين بن علي عليه السّلام لكان تاركا حقا من حقوق الله و حقوق رسول الله صلّي اللّه عليه و آله و سلّم لأنّ حق الحسين عليه السّلام فريضة من الله واجبة علي كلّ مسلم (3).

ابن قولويه،عن محمّد بن جعفر الرزاز،عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب،عن أبي داود المسترق،عن ام سعيد الأحمسيّة،عن أبي عبد الله عليه السّلام قالت قال لي:يا امّ سعيد تزورين قبر الحسين؟

قالت:قلت:نعم.فقال لي:زوريه فإنّ زيارة قبر الحسين واجبة علي الرجال و النساء (4).

***

ثواب نفقة الرجل إلي زيارة الحسين عليه السّلام

ابن قولويه،عن محمّد بن عبد الله بن جعفر الحميري،عن أبيه،عن علي بن محمّد بن سالم،عن محمّد بن خالد،عن عبد الله بن حماد البصري،عن عبد الله بن عبد الرحمن الأصم، عن معاذ،عن أبان،عن أبي عبد الله عليه السّلام قال:من أتي قبر أبي عبد الله عليه السّلام فقد وصل رسول الله صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و وصلنا و حرمت غيبته و حرم لحمه علي النار و أعطاه الله بكل درهم أنفقه عشرة آلاف مدينة له في كتاب محفوظ و حرم لحمه علي النار و كان الله له من وراء حوائجه و حفظ في كلّ ما خلّف و لم يسأل الله شيئا إلاّ أعطاه و أجابه فيه إمّا أن يعجله و أمّا أن يؤخره له (5).

ابن قولويه،عن محمّد بن عبد الله بن جعفر الحميري،عن أبيه،عن علي بن محمّد بن سالم،عن محمّد بن خالد،عن عبد الله بن حماد البصري،عن عبد الله بن عبد الرحمن الأصم،

ص: 104


1- كامل الزيارات:121 ح 1 باب 43.
2- كامل الزيارات:122 ح 2.
3- كامل الزيارات:122 ح 4.
4- كامل الزيارات:122 ح 3.
5- كامل الزيارات:127 ح 1.

عن الحسين،عن الحلبي،عن أبي عبد الله عليه السّلام في حديث طويل قال:قلت:جعلت فداك ما تقول فيمن ترك زيارته و هو يقدر علي ذلك؟

قال:أقول إنّه قد عقّ رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و عقّنا و استخف بأمر هوله و من زاره كان الله من وراء حوائجه و كفي ما أهمه من أمر دنياه و إنّه ليجلب الرزق علي العبد و يخلف عليه ما أنفق و يغفر له ذنوب خمسين سنة و يرجع إلي أهله و ما عليه وزر و لا خطيئة إلاّ و قد محيت من صحيفته فإن هلك في سفره نزلت الملائكة فغسلته و فتحت له أبواب الجنّة و يدخل عليه روحها حتي ينشر و ان سلم فتح له الباب الذي ينزل منه الرزق و يجعل له بكل درهم أنفقه عشرة آلاف درهم و ذخر ذلك له فإذا حشر قيل له:لك بكل درهم عشرة آلاف درهم و إن الله نظر لك و ذخرها لك عنده (1).

ابن قولويه باسناده عن الأصم،عن ابن سنان قال قلت لأبي عبد الله عليه السّلام:جعلت فداك إنّ أباك كان يقول في الحج يحسب له بكل درهم أنفقه ألف درهم فما لمن ينفق في المسير إلي أبيك الحسين عليه السّلام؟

فقال:يابن سنان يحسب له بالدرهم ألف و ألف حتي عدّ عشرة و يرفع له من الدرجات مثلها و رضا الله خير له و دعاء محمّد صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و دعاء أمير المؤمنين عليه السّلام و الأئمة عليهم السّلام خير له (2).

***

من زار الحسين عليه السّلام و عليه خوف

ابن قولويه،عن محمّد بن عبد الله بن جعفر،عن أبيه،عن علي بن محمّد بن سالم،عن محمّد بن خالد،عن عبد اللّه بن حماد البصري،عن عبد الله بن عبد الرحمن الأصم،عن حماد ذي الناب،عن روحي،عن زرارة قال:قلت لأبي جعفر عليه السّلام:ما تقول فيمن زار أباك علي خوف؟ قال:يؤمنه الله يوم الفزع الأكبر و تلقّاه الملائكة بالبشارة و يقال له:لا تخف و لا تحزن هذا يومك الذي فيه فوزك (3).

ابن قولويه بإسناده إلي الأصم،عن أبي بكير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال قلت له:إني أنزل الأرجان و قلبي ينازعني إلي قبر أبيك فإذا خرجت فقلبي و جل مشفق حتي أرجع خوفا من السلطان و السعاة و أصحاب المصالح،فقال:يابن بكير أما تحبّ أن يراك الله فينا خائفا أما تعلم أنّه من خاف لخوفنا أظلّه الله في ظلّ عرشه و كان محدّثه الحسين عليه السّلام تحت العرش و آمنه الله من أفزاع يوم القيامة يفزع الناس و لا يفزع فإن فزع و قرته الملائكة و سكنت قلبه بالبشارة (4).

ص: 105


1- كامل الزيارات:127 ح 2.
2- كامل الزيارات:128 ح 4.
3- كامل الزيارات:125 ح 1.
4- كامل الزيارات:125 ح 2.

ابن قولويه،عن عليّ بن الحسين،عن سعد بن عبد الله،عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب،عن محمّد بن اسماعيل بن بزيع،عن الخيبري،عن يونس بن ظبيان،عن أبي عبد الله عليه السّلام قال قلت له:جعلت فداك زيارة قبر الحسين عليه السّلام في حال التقية؟قال:إذا أتيت الفرات فاغتسل ثمّ البس أثوابك الطاهرة ثمّ تمرّ بإزاء القبر و قل:صلي الله عليك يا أبا عبد الله صلي الله عليك يا أبا عبد الله صلي الله عليك يا أبا عبد الله فقد تمت زيارتك (1).

ابن قولويه،عن محمّد بن عبد الله بن جعفر الحميري،عن أبيه،عن علي بن محمّد بن سالم،عن محمّد بن خالد،عن عبد الله بن حماد البصري،عن عبد الله بن عبد الرحمن الأصم، عن مدلج،عن محمّد بن مسلم في حديث طويل قال:قال لي أبو جعفر محمّد بن علي عليه السّلام:هل تأتي قبر الحسين؟

قلت:نعم علي خوف و وجل.

فقال:ما كان من هذا أشدّ فالثواب فيه علي قدر الخوف و من خاف في إتيانه أمن الله روعته يوم القيامة يوم يقوم الناس لربّ العالمين و انصرف بالمغفرة و سلّمت عليه الملائكة و زاره النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و دعا له و انقلب بنعمة من الله و فضل لم يمسسه سوء و اتبع رضوان الله ثمّ ذكر الحديث (2).

***

من زار الحسين عليه السّلام تشوّقا إليه و احتسابا

ابن قولويه،عن محمّد بن جعفر القرشي الرزاذ،عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب،عن صفوان بن يحيي،عن أبي اسامة زيد الشحام قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول:من أتي قبر الحسين عليه السّلام تشوّقا إليه كتبه الله من الآمنين يوم القيامة و أعطي كتابه بيمينه و كان تحت لواء الحسين عليه السّلام حتي يدخل الجنة فيسكنه في درجته إنّ الله عزيز حكيم (3).

ابن قولويه،عن الحسن بن عبد الله،عن أبيه،عن الحسن بن محبوب،عن العلاء بن رزين، عن محمّد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:لو يعلم الناس ما في زيارة قبر الحسين عليه السّلام من الفضل لماتوا شوقا و تقطعت أنفسهم عليه حسرات،قلت و ما فيه؟قال:من أتاه تشوّقا كتب الله له ألف حجة متقبلة و ألف عمرة مبرورة و أجر ألف شهيد من شهداء بدر و أجر ألف صائم و ثواب ألف صدقة مقبولة و ثواب ألف نسمة أريد بها وجه الله و لم يزل محفوظا سنته من كلّ آفة أهونها الشيطان و وكل به ملك كريم يحفظه من بين يديه و من خلفه و عن يمينه و عن شماله و من فوق رأسه و من تحت

ص: 106


1- كامل الزيارات:126 ح 4.
2- كامل الزيارات:126 ح 5.
3- كامل الزيارات:142 ح 1.

قدمه،فإن مات سنته حضرته ملائكة الرحمة يحضرون غسله و أكفانه و الإستغفار له و يشيّعونه إلي قبره بالاستغفار له و يفسح له في قبره مدّ بصره و يؤمنه الله من ضغطة القبر و من منكر و نكير أن يروّعانه و يفتح له باب إلي الجنّة و يعطي كتابه بيمينه و يعطي له يوم القيامة نورا يضييء لنوره ما بين المشرق و المغرب و ينادي مناد هذا من زار الحسين شوقا إليه فلا يبقي أحد يوم القيامة إلاّ تمنّي يومئذ انّه كان من زوّار الحسين عليه السّلام (1).

ابن قولويه،عن الحسن بن عبد الله،عن أبيه،عن الحسن بن محبوب،عن أبي أيّوب الخزاز،عن محمّد بن مسلم قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:ما لمن أتي قبر الحسين عليه السّلام؟قال:من أتاه شوقا إليه كان من عباد الله المكرمين و كان تحت لواء الحسين بن علي حتي يدخلهما الله الجنّة (2).

ابن قولويه،عن أبيه،عن سعد بن عبد الله،عن أحمد بن محمّد بن عيسي،عن أحمد بن محمّد بن خالد،عن أبان الأحمر،عن محمّد بن الحسين الخزاز،عن هارون بن خارجة،عن أبي عبد الله عليه السّلام قال قلت:جعلت فداك ما لمن أتي قبر الحسين زائرا له عارفا بحقه يريد به وجه الله تعالي و الدار الآخرة؟فقال له:يا هارون من أتي قبر الحسين عليه السّلام زائرا له عارفا بحقه يريد به وجه الله و الدار الآخرة غفر الله،و الله،ما تقدم من ذنبه و ما تأخر ثمّ قال لي ثلاثا:ألم أحلف لك،ألم أحلف لك،ألم أحلف لك (3).

ابن قولويه،عن محمّد بن عبد الله بن جعفر الحميري،عن أبيه،عن علي بن محمّد بن سالم،عن محمّد بن خالد،عن عبد الله بن حماد البصري،عن عبد الله بن عبد الرحمن الأصم، عن عبد الله بن مسكان قال:شهدت أبا عبد الله عليه السّلام و قد أتاه قوم من أهل خراسان فسألوه عن إتيان قبر الحسين عليه السّلام و ما فيه من الفضل؟

قال:حدثني أبي عن جدي انّه كان يقول:من زاره يريد به وجه الله أخرجه الله من ذنوبه كمولود ولدته أمّه و شيّعته الملائكة في مسيره فرفرفت علي رأسه قد صفوا بأجنحتهم عليه حتي يرجع إلي أهله و سألت الملائكة المغفرة له من ربّه و غشيته الرحمة من أعنان السماء و نادته الملائكة طبت و طاب من زرت و حفظ في ماله (4).

***5.

ص: 107


1- كامل الزيارات:142 ح 3.
2- كامل الزيارات:143 ح 4.
3- كامل الزيارات:144 ح 2.
4- كامل الزيارات:145 ح 5.

زيارة الحسين عليه السّلام تزيد في العمر و الرزق

ابن قولويه،عن أبيه،عن سعد بن عبد الله،و محمّد بن يحيي العطار،عن أحمد بن محمّد بن عيسي،عن محمّد بن اسماعيل بن بزيع،عن أبي أيّوب،عن محمّد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:مروا شيعتنا بزيارة قبر الحسين عليه السّلام فإنّ إتيانه يزيد في الرزق و يمدّ في العمر و يدفع مدافع السوء و إتيانه مفترض علي كل مؤمن يقرّ للحسين بالإمامة من الله (1).

ابن قولويه،عن محمّد بن عبد الله الحميري،عن أبيه،عن محمّد بن عبد الحميد،عن سيف بن عميرة،عن منصور بن حازم،قال:سمعناه يقول:من أتي عليه حول لم يأت قبر الحسين انقص الله من عمره حولا و لو قلت انّ أحدكم يموت قبل أجله بثلاثين سنة لكنت صادقا و ذلك لأنّكم تتركون زيارة الحسين عليه السّلام،فلا تدعوا زيارته يمدّ الله في أعماركم و يزيد في أرزاقكم و إذا تركتم زيارته نقّص الله من أعماركم و أرزاقكم فتنافسوا في زيارته و لا تدعوا ذلك فإنّ الحسين شاهد لكم في ذلك عند الله و عند رسوله و عند فاطمة و عند أمير المؤمنين (2).

ابن قولويه،عن أبيه،عن سعد بن عبد الله،عن أحمد بن محمّد بن عيسي،عن أحمد ابن محمّد بن أبي نصر،عن بعض أصحابنا،عن أبان،عن عبد الملك الخثعمي،عن أبي عبد الله عليه السّلام قال:قال لي:يا عبد الملك لا تدع زيارة الحسين بن علي عليهما السّلام و أمر أصحابك بذلك يمدّ الله في عمرك و يزيد الله في رزقك و يحييك الله سعيدا و لا تموت إلاّ سعيدا و يكتبك سعيدا (3).

***

زيارة الحسين عليه السّلام تحط الذنوب

ابن قولويه،عن ابن الوليد،عن الصفار،عن الحسن بن موسي الخشاب،عن بعض رجاله، عن أبي عبد الله عليه السّلام قال:إنّ زائر الحسين جعل ذنوبه جسرا باب داره ثمّ عبرها كما يخلف أحدكم الجسر وراءه إذا عبر (4).

ابن قولويه بإسناده عن صالح بن عقبة،عن الحرث بن المغيرة،عن أبي عبد الله عليه السّلام قال:

انّ لله ملائكة موكلين بقبر الحسين عليه السّلام فإذا همّ الرجل بزيارته أعطاهم ذنوبه فإذا خطا محوها ثمّ إذا خطا ضاعفوا حسناته فما تزال حسناته تضاعف حتي توجب له الجنة ثمّ اكتنفوه و قدّسوه و ينادون ملائكة السماء أن قدّسوا زوّار حبيب الله فإذا اغتسلوا ناداهم محمّد صلّي اللّه عليه و آله و سلّم:يا وفد الله إبشروا

ص: 108


1- كامل الزيارات:150 ح 1.
2- كامل الزيارات:151 ح 2.
3- كامل الزيارات:151 ح 5.
4- كامل الزيارات:152 ح 1.

بمرافقتي في الجنّة ثمّ ناداهم أمير المؤمنين عليه السّلام:أنا ضامن لقضاء حوائجكم و دفع البلاء عنكم في الدنيا و الآخرة ثمّ اكتنفوا عن أيمانهم و عن شمائلهم حتي ينصرفوا إلي أهاليهم (1).

ابن قولويه،عن أبي العباس الرزاذ،عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب،عن محمّد ابن اسماعيل،عن الخيبري،عن الحسين بن محمّد القمي قال:قال أبو الحسن موسي عليه السّلام:أدني ما يثاب به زائر الحسين عليه السّلام بشاطيء الفرات إذا عرف حقّه و حرمته و ولايته أن يغفر له ما تقدم من ذنبه و ما تأخر (2).

ابن قولويه،عن أبيه،عن الحسين بن الحسن بن أبان،عن محمّد بن اورمة،عن زكريا المؤمن،عن عبد الله بن يحيي الكاهلي،عن أبي عبد الله عليه السّلام قال:من أراد أن يكون في كرامة الله يوم القيامة و في شفاعة محمّد صلّي اللّه عليه و آله و سلّم فليكن للحسين زائرا ينال من الله الفضل و الكرامة و حسن الثواب و لا يسأله عن ذنب عمله في الحياة الدنيا و لو كانت ذنوبه عدد رمل عالج و جبال تهامة و زبد البحر أنّ الحسين عليه السّلام قتل مظلوما مضطهدا عطشانا هو و أهل بيته و أصحابه (3).

ابن قولويه،عن أبيه،عن سعد،عن أحمد بن محمّد بن عيسي،عن البرقي،عن القاسم بن يحيي،عن جده الحسن بن راشد،عن أبي ابراهيم عليه السّلام قال:من خرج من بيته يريد زيارة قبر أبي عبد الله الحسين بن علي عليهما السّلام وكّل به ملكا فوضع اصبعه في قفاه فلم يزل يكتب ما يخرج من فيه حتي يرد الحائر فإذا خرج من باب الحائر وضع كفّه وسط ظهره ثمّ قال له:أمّا ما مضي فقد غفر لك فاستأنف العمل (4).

***

زيارة الحسين عليه السّلام أفضل ما يكون من الأعمال

ابن قولويه،عن أبيه،و جماعة،عن سعد بن عبد الله،عن أحمد بن محمّد بن عيسي،عن الحسن بن علي الوشاء،عن أحمد بن عايذ،عن أبي خديجة،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:سألته عن زيارة قبر الحسين عليه السّلام قال:انّه أفضل ما يكون من الأعمال (5).

و روي ابن قولويه،عن أبي العباس الكوفي،عن محمّد بن الحسين،عن الحسن بن محبوب، عن رجل،عن أبان الأزرق،عن رجل،عن أبي عبد الله عليه السّلام قال:من أحبّ الأعمال إلي الله تعالي زيارة قبر الحسين عليه السّلام و أفضل الأعمال عند الله إدخال السرور علي المؤمن و أقرب ما يكون العبد إلي الله تعالي و هو ساجد باك (6).

ص: 109


1- كامل الزيارات:152 ح 3.
2- كامل الزيارات:153 ح 5.
3- كامل الزيارات:153 ح 6.
4- كامل الزيارات:153 ح 7.
5- كامل الزيارات:146 ح 1.
6- كامل الزيارات:146 ح 4.

من زار الحسين عليه السّلام كان كمن زار الله في عرشه

ابن قولويه،عن أبيه،عن سعد بن عبد الله،عن أحمد بن محمّد،عن محمّد ابن اسماعيل بن بزيع،عن صالح بن عقبة،عن زيد الشحام قال:قلت لأبي عبد الله عليه السّلام:ما لمن زار قبر الحسين عليه السّلام؟

قال:كان كمن زار الله في عرشه.

قال:قلت:ما لمن زار أحدا منكم؟

قال:كمن زار رسول الله صلّي اللّه عليه و آله و سلّم (1).

ابن قولويه،عن أبيه،عن سعد بن عبد الله،عن أحمد بن محمّد بن عيسي،عن محمّد ابن اسماعيل،عن الخيبري،عن الحسين بن محمّد القمي،عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام قال:من زار قبر أبي عبد الله عليه السّلام بشط الفرات كان كمن زار الله فوق عرشه (2).

ابن قولويه،عن محمّد بن جعفر الزراد،عن محمّد بن الحسين،عن محمّد بن اسماعيل بن بزيع،عن الخيبري،عن الحسين بن محمّد القمي قال:قال لي الرضا عليه السّلام:من زار قبر أبي ببغداد كان كمن زار رسول الله صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و أمير المؤمنين ألاّ إنّ لرسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و أمير المؤمنين عليه السّلام فضلهما قال:ثمّ قال لي:من زار قبر أبي عبد الله عليه السّلام بشط الفرات كان كمن زار الله فوق كرسيه(في عرشه) (3).

ابن قولويه،عن أبيه،عن سعد بن عبد الله،عن أحمد بن محمّد بن عيسي،عن ابن فضال، عن عبد الله بن مسكان،عن أبي عبد الله عليه السّلام قال:من أتي قبر الحسين عليه السّلام كتبه الله في عليين (4).

ابن قولويه،عن محمّد بن الحسن،عن الصفار و سعد بن عبد اللّه،عن علي بن اسماعيل، عن محمّد بن عمرو الزيات،عن هارون بن خارجة قال:سمعت أبا عبد الله عليه السّلام يقول:من أتي قبر الحسين عليه السّلام عارفا بحقه كتبه الله في أعلي عليّين (5).

ابن قولويه،عن عبد الله بن جعفر الحميري،عن أبيه،عن محمّد بن الحسن بن شمون البصري،عن محمّد بن سنان،عن بشير الدهان قال:كنت أحج في كلّ سنة فأبطات سنة عن الحج فلما كان من قابل حججت و دخلت علي أبي عبد الله عليه السّلام،فقال لي:يا بشير ما أبطأك عن الحج في عامنا الماضي؟

ص: 110


1- كامل الزيارات:147 ح 1.
2- كامل الزيارات:147 ح 2.
3- كامل الزيارات:148 ح 7.
4- كامل الزيارات:148 ح 8.
5- كامل الزيارات:148 ح 6.

قال:قلت:جعلت فداك،مال كان لي علي الناس خفت ذهابه غير أنّي عرّفت عند قبر الحسين عليه السّلام.

قال:فقال لي:ما فاتك شيء مما كان فيه أهل الموقف،يا بشير من زار قبر الحسين عليه السّلام عارفا بحقه كان كمن زار الله في عرشه (1).

***

زيارة الحسين عليه السّلام تعدل عشرين حجة

ابن قولويه،عن محمّد بن جعفر،عن محمّد بن الحسين،عن أحمد بن النضر،عن شهاب بن عبد ربّه أو عن رجل،عن شهاب،عن أبي عبد الله عليه السّلام قال:سألني فقال:يا شهاب كم حججت من حجة؟فقلت:تسعة عشر حجة؟فقال لي:تممها عشرين حجة تحسب لك بزيارة الحسين عليه السّلام (2).

ابن قولويه،عن علي بن الحسين،عن سعد بن عبد الله،عن أحمد بن محمّد بن عيسي،عن محمّد بن اسماعيل،عن صالح بن عقبة،عن يزيد بن عبد الملك قال:كنت مع أبي عبد الله عليه السّلام فمرّ قوم علي حمير فقال لي:أين يريدون هؤلاء؟قلت:قبور الشهداء قال:فما يمنعهم من زيارة الغريب الشهيد؟

فقال له رجل من أهل العراق:زيارته واجبة؟فقال:زيارته خير من حجة و عمرة و عمرة و حجة حتي عدّ عشرين حجة و عشرين عمرة مبرورات متقبلات قال:فو الله ما قمت حتي أتاه رجل فقال:

اني قد حججت تسعة عشر حجة فادع الله أن يرزقني تمام العشرين قال:فهل زرت الحسين عليه السّلام؟ قال:لا،قال:لزيارته خير من عشرين حجة (3).

ابن قولويه،عن أبي العباس،عن محمّد بن الحسين،عن ابن سنان،عن حذيفة بن منصور قال:قال أبو عبد الله عليه السّلام كم حججت؟قلت:تسعة عشر قال فقال:أما انّك لو أتممت احدي و عشرين حجة لكنت كمن زار الحسين عليه السّلام (4).

ابن قولويه،عن محمّد بن الحسن،عن الصفار،عن أحمد بن محمّد بن عيسي،عن محمّد بن اسماعيل بن بزيع،عن صالح بن عقبة،عن أبي سعيد المدائني قال:دخلت علي أبي عبد الله عليه السّلام فقلت:جعلت فداك آتي قبر الحسين عليه السّلام؟قال:نعم يا أبا سعيد إئت قبر الحسين بن

ص: 111


1- كامل الزيارات:149 ح 11.
2- كامل الزيارات:161 ح 3.
3- كامل الزيارات:163 ح 8.
4- كامل الزيارات:162 ح 4.

رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم،أطيب الأطيبين و أطهر الطاهرين و ابرّ الأبرار فانّك إذا زرته كتب الله لك به خمسة و عشرين حجة (1).

ابن قولويه،عن أبي العباس الكوفي،عن محمّد بن الحسين،عن محمّد بن اسماعيل،عن الخيبري،عن موسي بن القاسم الحضرمي قال:قدم أبو عبد الله عليه السّلام في أوّل ولاية أبي جعفر فنزل النجف فقال:يا موسي اذهب إلي الطريق الأعظم فقف علي الطريق فانظر فانّه سيأتيك رجل من ناحية القادسية فإذا دنا منك فقل له:ههنا رجل من ولد رسول الله صلّي اللّه عليه و آله و سلّم يدعوك فسيجيء معك قال:

فذهبت حتي قمت علي الطريق و الحر شديد فلم أزل قائما حتي كدت أعصي و أنصرف و ادعه إذ نظرت إلي شيء يقبل شبه رجل علي بعير فلم أزل أنظر إليه حتي دنا منّي فقلت:يا هذا ههنا رجل من ولد رسول الله صلّي اللّه عليه و آله و سلّم يدعوك و قد وصفك لي قال:إذهب بنا إليه،قال:فجئت به حتي أناخ بعيره ناحية قريبا من الخيمة فدعا به فدخل الأعرابي إليه و دنوت أنا فصرت إلي باب الخيمة أسمع الكلام و لا أراهم.

فقال أبو عبد الله عليه السّلام:من أين قدمت؟قال:من أقصي اليمن.

قال:أنت من موضع كذا و كذا.

قال:نعم أنا من موضع كذا و كذا قال:فبما جئت ههنا؟قال:جئت زائرا للحسين عليه السّلام.

فقال أبو عبد الله عليه السّلام:فجئت من غير حاجة ليس إلاّ للزيارة قال:جئت من غير حاجة إلاّ أن اصلّي عنده و أزوره فأسلّم عليه و أرجع إلي أهلي،فقال أبو عبد الله عليه السّلام و ما ترون في زيارته؟

قال:نري في زيارته البركة في أنفسنا و أهلينا و أولادنا و أموالنا و معايشنا و قضاء حوائجنا قال فقال أبو عبد الله عليه السّلام:أفلا ازيدك من فضله فضلا يا أخا اليمن؟

قال:زدني يابن رسول الله قال:إنّ زيارة الحسين عليه السّلام تعدل حجة مقبولة زاكية مع رسول الله فتعجب من ذلك،قال:أي و الله و حجتين مبرورتين متقبلتين زاكيتين مع رسول الله صلّي اللّه عليه و آله و سلّم فتعجب، فلم يزل أبو عبد الله عليه السّلام يزيد حتّي قال:ثلاثين حجة مبرورة متقبّلة زاكية مع رسول الله صلّي اللّه عليه و آله و سلّم (2).

ابن قولويه،عن أبيه،عن سعد بن عبد الله،عن أبي القاسم هارون بن مسلم بن سعدان،عن مسعدة بن صدقة قال:قلت لأبي عبد الله عليه السّلام:ما لمن زار قبر الحسين عليه السّلام؟قال:تكتب له حجة مع رسول الله صلّي اللّه عليه و آله و سلّم قال قلت له:جعلت فداك حجة مع رسول الله صلّي اللّه عليه و آله و سلّم؟

قال:نعم و حجتان قال قلت:جعلت فداك حجتان؟قال:نعم و ثلاث فما زال يعدّ حتي بلغ عشرا قلت:جعلت فداك عشر حجج مع رسول الله؟قال:نعم و عشرون حجة،قلت:جعلت فداك و عشرون؟7.

ص: 112


1- كامل الزيارات:161 ح 2.
2- كامل الزيارات:162 ح 7.

فما زال يعد حتي بلغ خمسين فسكت (1).

ابن قولويه،عن أبيه،عن سعد،عن محمّد بن الحسين،عن محمّد بن صدقة،عن مالك بن عطية،عن أبي عبد الله عليه السّلام قال:من زار الحسين عليه السّلام كتب الله له ثمانين حجة مبرورة (2).

ابن قولويه،عن أبيه،عن سعد بن عبد الله،عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب،عن محمّد بن سنان،عن محمّد بن صدقة،عن صالح النيلي قال:قال أبو عبد الله عليه السّلام من أتي قبر الحسين عليه السّلام عارفا بحقه كان كمن حج مأة حجة مع رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم (3).

ابن قولويه،عن محمّد بن الحسن بن الوليد،عن الصفار،عن أحمد بن محمّد بن عيسي،عن أبيه،عن عبد الله بن المغيرة،عن عبد الله بن ميمون القداح،عن أبي عبد الله عليه السّلام قال قلت له:

ما لمن أتي قبر الحسين عليه السّلام زائرا عارفا بحقه غير مستكبر و لا مستنكف؟قال:يكتب له ألف حجة و ألف عمرة مبرورة و إن كان شقيّا كتب سعيدا و لم يزل يخوض في رحمة الله (4).

الكليني،عن محمّد بن يحيي،عن محمّد بن الحسين،عن محمّد بن اسماعيل،عن صالح بن عقبة،عن بشير الدهان قال قلت لأبي عبد الله عليه السّلام:ربّما فاتني الحج فاعرّف عند قبر الحسين عليه السّلام فقال:أحسنت يا بشير أيّما مؤمن أتي قبر الحسين عليه السّلام عارفا بحقه في غير يوم عيد كتب له عشرون حجة و عشرون عمرة مبرورات مقبولات و عشرون حجة و عمرة مع نبي مرسل أو امام عدل و من أتاه في يوم عيد كتب الله له مأة حجة و مأة عمرة و مأة غزوة مع نبي مرسل أو امام عدل.

قال:قلت له:كيف لي بمثل الموقف؟

قال:فنظر اليّ شبه المغضب ثمّ قال لي:يا بشير إنّ المؤمن إذا أتي قبر الحسين عليه السّلام يوم عرفة و اغتسل من الفرات ثمّ توجّه إليه كتب الله له بكل خطوة حجة بمناسكها-و لا اعلمه إلاّ قال:

و غزوة (5).

-الطوسي بإسناده إلي ابن قولويه،عن محمّد بن عبد المؤمن،عن محمّد بن يحيي،عن محمّد بن الحسين،عن أحمد بن محمّد الكوفي،عن محمّد بن جعفر بن اسماعيل،عن محمّد بن سنان،عن يونس بن ظبيان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:من زار قبر الحسين عليه السّلام يوم عرفة كتب الله له ألف ألف حجة مع القائم عليه السّلام و ألف ألف عمرة مع رسول الله صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و عتق ألف ألف نسمة و حملان ألف ألف فرس في سبيل الله و سماه الله عبدي الصديق آمن بوعدي و قالت الملائكة:فلان صديق زكاه الله من فوق عرشه و سمي في الأرض كروبيا (6).8.

ص: 113


1- كامل الزيارات:163 ح 9.
2- كامل الزيارات:162 ح 6.
3- كامل الزيارات:162 ح 5.
4- كامل الزيارات:164 ح 10.
5- الكافي:580/4 ح 1.
6- التهذيب:49/6 ح 28.

-الطوسي بإسناده عن سعد بن عبد الله،عن محمّد بن عيسي،عن محمّد بن سنان،عن أبي اسماعيل القماط،عن بشار،عن أبي عبد الله عليه السّلام قال:من كان معسرا فلم يتهيأ له حجة الإسلام فليأت قبر أبي عبد الله عليه السّلام و ليعرّف عنده فذلك يجزيه عن حجة الإسلام،أما انّي لا أقول يجزي ذلك عن حجة الإسلام إلاّ لمعسر،فأمّا الموسر إذا كان قد حج حجة الإسلام فأراد أن يتنفل بالحج و العمرة فمنعه عن ذلك شغل دنيا أو عائق فأتي الحسين بن علي عليه السّلام في يوم عرفة أجزأه ذلك عن أداء حجته و عمرته و ضاعف الله له بذلك أضعافا مضاعفة.

قلت:كم تعدل حجة؟و كم تعدل عمرة؟

قال:لا يحصي ذلك قلت:مأة؟

قال:و من يحصي ذلك.

قلت:ألف؟

قال:و أكثر ثمّ قال: وَ إِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللّهِ لا تُحْصُوها (1)(2).

***

ثواب من زار الحسين عليه السّلام يوم عاشوراء

ابن قولويه،عن أبيه،و أخيه و جماعة من مشايخه،عن محمّد بن علي المدائني،عن محمّد بن سعيد البجلي،عن قبيصة،عن جابر الجعفي قال:دخلت علي جعفر بن محمّد عليه السّلام في يوم عاشوراء فقال لي:هؤلاء زوار الله و حق علي المزور أن يكرم الزائر،من بات عند قبر الحسين عليه السّلام ليلة عاشوراء لقي الله ملطّخا بدمه يوم القيامة كأنّما قتل معه في عرصته و قال:من زار قبر الحسين عليه السّلام أي يوم عاشوراء و بات عنده كان كمن استشهد بين يديه (3).

ابن قولويه،عن محمّد بن همام،عن جعفر بن محمّد بن مالك الفزاري،عن أحمد بن علي بن عبيد الجعفي،عن حسين بن سليمان،عن الحسين بن أسد،عن حماد بن عيسي،عن حريز، عن أبي عبد الله عليه السّلام:من زار الحسين يوم عاشوراء و جبت له الجنّة (4).

ابن قولويه،عن محمّد بن عبد الله الحميري،عن أبيه،عن يعقوب بن يزيد الأنباري،عن محمّد بن أبي عمير،عن زيد الشحام،عن أبي عبد الله عليه السّلام قال:من زار قبر الحسين بن علي يوم عاشوراء عارفا بحقه كان كمن زار الله في عرشه (5).

ص: 114


1- سورة النحل:18.
2- التهذيب:50/6 ح 29.
3- كامل الزيارات:173 ح 1.
4- كامل الزيارات:173 ح 2.
5- و(4)كامل الزيارات:174 ح 3 و 4.

ابن قولويه،عن الحسين بن محمّد بن عامر،عن المعلي بن محمّد،عن محمّد بن جمهور القمي،عمّن ذكره عنهم عليهم السّلام قال:من زار قبر الحسين عليه السّلام يوم عاشوراء كان كمن تشحط بدمه بين يديه.

ابن قولويه،عن حكيم بن داود بن حكيم و غيره،عن محمّد بن موسي الهمداني،عن محمّد بن خالد الطيالسي،عن سيف بن عميرة،و صالح بن عقبة جميعا،عن علقمة بن محمّد الحضرمي، و محمّد بن اسماعيل،عن صالح بن عقبة،عن مالك الجهني،عن أبي جعفر الباقر عليه السّلام قال:من زار الحسين عليه السّلام يوم عاشوراء من المحرم حتي يظلّ عنده باكيا لقي الله تعالي يوم القيامة بثواب ألفي ألف حجة و ألفي ألف عمرة و ألفي ألف غزوة و ثواب كلّ حجة و عمرة و غزوة كثواب من حج و اعتمر و غزا مع رسول الله صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و مع الأئمة الراشدين صلوات الله عليهم أجمعين.

قال:قلت:جعلت فداك فما لمن كان في بعد البلاد و أقاصيها و لم يمكنه المصير (1)إليه في ذلك اليوم؟

قال:إذا كان ذلك اليوم برز إلي الصحراء أو صعد سطحا مرتفعا في داره و أومي إليه بالسلام و اجتهد علي قاتله بالدعاء و صلي بعده ركعتين يفعل ذلك في صدر النهار قبل الزوال ثمّ ليندب الحسين عليه السّلام و يبكيه و يأمر من في داره بالبكاء عليه و يقيم في داره مصيبته بإظهار الجزع عليه و يتلاقون بالبكاء بعضهم بعضا في البيوت و ليعزّ بعضهم بعضا بمصاب الحسين عليه السّلام فأنا ضامن لهم إذا فعلوا ذلك علي الله جميع هذا الثواب.

فقلت:جعلت فداك و أنت الضامن لهم إذا فعلوا ذلك و الزعيم به؟

قال:أنا الضامن لهم ذلك و الزعيم لمن فعل ذلك.

قال:قلت:فكيف يعزّي بعضهم بعضا؟

قال:يقولون عظّم الله اجورنا بمصابنا بالحسين عليه السّلام و جعلنا و إيّاكم من الطالبين بثأره مع وليّه الامام المهدي من آل محمّد صلّي اللّه عليه و آله و سلّم.فإن استطعت أن لا تنتشر يومك في حاجة فافعل.فانّه يوم نحس لا تقضي فيه حاجة و ان قضيت لم يبارك له فيها و لم ير رشدا و لا تدّخرنّ لمنزلك شيئا فانّه من ادّخر لمنزله شيئا في ذلك اليوم لم يبارك له فيما يدّخره و لا يبارك له في أهله.

فمن فعل ذلك كتب له ثواب ألف ألف حجة و ألف ألف عمرة و ألف ألف غزوة كلّها مع رسول الله صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و كان له ثواب مصيبة كلّ نبي و رسول و صديق و شهيد مات أو قتل منذ خلق الله الدنيا إلي أن تقوم الساعة.ل.

ص: 115


1- المسير.نسخة بدل.

قال صالح بن عقبة الجهني و سيف بن عميرة:قال علقمة بن محمّد الحضرمي فقلت لأبي جعفر عليه السّلام:علّمني دعاء أدعو به في ذلك اليوم إذا أنا زرته من قريب و دعاء أدعو به إذا لم أزره من قريب أو مأت إليه من بعد البلاد و من سطح داري بالسلام،قال:فقال يا علقمة إذا أنت صليت ركعتين بعد أن توميء إليه بالسلام فقلت عند الإيماء إليه و من بعد الركعتين هذا القول فانّك إذا قلت ذلك فقد دعوت بما يدعو به من زاره من الملائكة و كتب الله لك بها ألف ألف حسنة و محي عنك ألف ألف سيئة و رفع لك مأة ألف ألف درجة و كنت ممن استشهد مع الحسين بن علي حتي تشاركهم في درجاتهم و لا تعرف إلاّ في الشهداء الذين استشهدوا معه و كتب لك ثواب كلّ نبي و رسول و زيارة من زار الحسين بن علي عليهما السّلام منذ يوم قتل.(ثمّ ذكر زيارة عاشوراء المعروفة ثمّ قال بعد ذكر سجودها):

قال علقمة:قال أبو جعفر عليه السّلام:يا علقمة إن استطعت أن تزوره في كلّ يوم بهذه الزيارة من دهرك فافعل فلك ثواب جميع ذلك إن شاء الله تعالي (1).

الطوسي رفعه إلي محمّد بن خالد الطيالسي،عن سيف بن عميرة،قال:خرجت مع صفوان بن مهران الجمال و جماعة من أصحابه إلي الغري-بعد ما خرج أبو عبد الله عليه السّلام-فسرنا من الحيرة إلي الغري فلما فرغنا من الزيارة،صرف صفوان وجهه إلي ناحية أبي عبد الله عليه السّلام فقال لنا:نزور الحسين عليه السّلام من هذا المكان من عند رأس أمير المؤمنين عليه السّلام من هاهنا أوما إليه أبو عبد اللّه عليه السّلام و أنا معه.

قال:فدعا صفوان بالزيارة التي رواها علقمة بن محمّد الحضرمي عن أبي جعفر عليه السّلام في يوم عاشوراء ثمّ صلّي ركعتين عند رأس أمير المؤمنين عليه السّلام و ودّع في دبرهما أمير المؤمنين عليه السّلام و أومأ إلي الحسين عليه السّلام بالسلام منصرفا بوجهه نحوه و ودّع في دبرها و كان فيما دعا في دبرها.

(ثمّ ذكر الدعاء المعروف بعد صلاة زيارة عاشوراء).

قال سيف بن عميرة:فسألت صفوان فقلت له:إنّ علقمة بن محمّد الحضرمي لم يأتنا بهذا الدعاء عن أبي جعفر عليه السّلام،إنّما أتانا بدعاء الزيارة.

فقال صفوان:وردت مع سيدي أبي عبد الله عليه السّلام إلي هذا المكان ففعل مثل الذي فعلنا في زيارتنا و دعا بهذا الدعاء عند الوداع بعد أن صلي كما صلينا و ودّع كما ودعنا.

ثمّ قال لي صفوان:قال لي أبو عبد الله عليه السّلام:تعاهد هذه الزيارة و ادع بهذا الدعاء و زره فإني ضامن علي الله تعالي لكل من زار بهذه الزيارة و دعا بهذا الدعاء من قرب أو بعد أن زيارته مقبولة و سعيه مشكور و سلامه واصل غير محجوب و حاجته مقضية من الله بالغا ما بلغت غير محجبة.8.

ص: 116


1- كامل الزيارات:174 ح 8.

يا صفوان وجدت هذه الزيارة أنّها مضمونة بهذا الضمان عن أبي عن أبيه علي بن الحسين مضمونا بهذا الضمان و الحسين عن أخيه الحسن مضمونا بهذا الضمان و الحسن عن أبيه أمير المؤمنين عليهما السّلام مضمونا بهذا الضمان و أمير المؤمنين عن رسول الله صلّي اللّه عليه و آله و سلّم مضمونا بهذا الضمان و رسول الله صلّي اللّه عليه و آله و سلّم عن جبرئيل مضمونا بهذا الضمان و جبرئيل عن الله تعالي مضمونا بهذا الضمان.

قد آلي الله علي نفسه أنّ من زار الحسين عليه السّلام بهذه الزيارة من قرب أو بعد و دعا بهذا الدعاء قبلت منه زيارته و شفّعته في مسألته بالغا ما بلغت و أعطيته سؤله ثمّ لا ينقلب عنّي خائبا و أقلبه مسرورا قريرا عينه بقضاء حاجته و الفوز بالجنّة و العتق من النار و شفّعته في كلّ من شفع خلا ناصب لنا أهل البيت،آلي الله تعالي علي نفسه و أشهدنا بما شهدت به ملائكته و ملكوته علي ذلك.

ثمّ قال جبرئيل:يا رسول الله أرسلني الله إليك سرورا و بشري لك و سرورا و بشري لعلي و فاطمة و الحسن و الحسين و الأئمة و شيعتكم إلي يوم البعث.

قال صفوان:قال لي أبو عبد الله عليه السّلام:يا صفوان إذا حدث لك إلي الله تعالي حاجة فزر بهذه الزيارة من حيث كنت و ادع بهذا الدعاء و سل ربّك حاجتك تأتيك من الله و الله غير مخلف وعده رسوله صلّي اللّه عليه و آله و سلّم بمنّه و الحمد لله (1).

***

زيارة شهداء الحسين عليهم السّلام

عن السيّد ابن طاووس(رحمه الله)في كتاب الإقبال قال:روينا بإسنادنا إلي جدّي أبي جعفر الطوسي عن محمّد بن أحمد بن عيّاش عن الشيخ الصالح أبي منصور بن عبد المنعم البغدادي (رحمه الله)قال:خرج من الناحية سنة اثنتين و خمسين و مائتين علي يد الشيخ محمّد بن طالب الاصفهاني حين وفاة أبي و كنت حديث السنّ و كتبت أستأذن في زيارة مولاي أبي عبد الله عليه السّلام و زيارة الشهداء رضوان الله عليهم فخرج إلي منه:بسم الله الرحمن الرحيم إذا أردت زيارة الشهداء رضوان الله عليهم فقف عند رجلي الحسين و هو علي قبر عليّ بن الحسين صلوات الله عليهما فاستقبل القبلة بوجهك فإنّ هناك حومة الشهداء عليهم السّلام و أوم و أشر إلي عليّ بن الحسين عليه السّلام و قل:

السلام عليك يا أوّل قتيل من نسل خير سليل من سلالة إبراهيم الخليل صلّي الله عليك و علي أبيك إذ قال فيك قتل الله قوما قتلوك يا بني ما أجرأهم علي الرحمن و علي انتهاك حرمة الرسول علي الدّنيا بعدك العفا كأنّي بك بين يديه ماثلا و للكافرين قاتلا تقول،شعرا:

ص: 117


1- مصباح المتهجد:(723-718)،و نقل عنه ابن طاوس في مصباح الزائر:(277.272).

أنا عليّ بن الحسين بن عليّ نحن و بيت الله أولي بالنبيّ

أطعنكم بالرمح حتّي ينثني أضربكم بالسيف أحمي عن أبي

ضرب غلام هاشميّ عربيّ و الله لا يحكم فينا ابن الدعيّ

حتّي قضيت نحبك و لقيت ربّك،أشهد أنّك أولي بالله و برسوله و أنّك ابن رسوله و حجّته و دينه و ابن حجّته و أمينه،حكم الله علي قاتلك مرّة بن منقذ بن النعمان العبدي لعنه الله و أخزاه و من شركه في قتلك و كانوا عليك ظهيرا أصلاهم الله جهنّم و ساءت مصيرا،و جعلنا الله من ملاقيك و مرافقيك و مرافقي جدّك و أبيك و عمّك و أخيك و امّك المظلومة و أبرأ إلي الله من أعدائك أولي الجحود و السلام عليك و رحمة الله.

و السلام علي عبد الله بن الحسين الطفل الرضيع المرميّ الصريع المتشحّط دما المصعد دمه في السماء المذبوح بالسهم في حجر أبيه لعن الله راميه حرملة بن كاهل الأسدي و ذويه.

السلام علي عبد الله بن أمير المؤمنين مبلي البلاء و المنادي بالولاء في عرصة كربلاء المضروب مقبلا و مدبرا لعن الله قاتله هاني بن ثبيت الحضرمي.

السلام علي أبي الفضل العبّاس بن أمير المؤمنين المواسي أخاه بنفسه الآخذ لغده من أمسه الغازي له الواقي الساعي إليه بمائه المقطوعة يداه لعن الله قاتله يزيد بن الحيني و حكيم بن الطفيل الطائي.

السلام علي جعفر بن أمير المؤمنين الصابر بنفسه محتسبا و النائي عن الأوطان مغتربا المستسلم للقتال المستقدم للنزال المكثور بالرّجال لعن الله قاتله هاني بن ثبيت الحضرمي

السلام علي عثمان بن أمير المؤمنين سميّ عثمان بن مظعون،و لعن الله راميه بالسهم خولي بن يزيد الأصبحي الإيادي و الاباني الداري.

السلام علي محمّد بن أمير المؤمنين قتيل الإيادي الداري لعنه الله و ضاعف عليه العذاب الأليم،و صلّي الله عليك يا محمّد و علي أهل بيتك الصابرين.

السلام علي أبي بكر بن الحسن بن علي الزكي الوليّ المرميّ بالسهم الردي لعن الله قاتله عبد الله بن العقبة الغنوي.

السلام علي عبد الله بن الحسن الزكي لعن الله قاتله و راميه حرملة بن كاهل الأسدي.

السلام علي القاسم بن الحسن بن علي المضروب علي هامته المسلوب لامته حين نادي الحسين عمّه فجاءه كالصقر و هو يفحص برجليه التراب و الحسين يقول:بعدا لقوم قتلوك و من خصمهم يوم القيامة جدّك و أبوك.

ثمّ قال:عزّ و الله علي عمّك أن تدعوه فلا يجيبك و أنت قتيل جديل فلا ينفعك هذا و الله يوم

ص: 118

كثر واتره و قلّ ناصره جعلني الله معكما يوم جمعكما و بوّأني مبوّأكما و لعن الله قاتلك عمر بن سعد بن مرّة بن نفيل الأزدي و أصلاه جحيما و أعدّ له عذابا أليما.

السلام علي عون بن عبد الله بن جعفر الطيّار في الجنان حليف الإيمان و منازل الأقران الناصح للرحمن التالي للمثاني و القرآن لعن الله قاتله عبد الله بن قطبة النبهاني.

السلام علي محمّد بن عبد الله بن جعفر الشاهد مكان أبيه و التالي لأخيه و واقيه ببدنه لعن الله قاتله عامر بن نهشل التميمي.

السلام علي جعفر بن عقيل لعن الله قاتله و راميه بشر بن خوط الهمداني.

السلام علي عبد الرحمن بن عقيل لعن الله قاتله و راميه عمر بن خالد بن الأسد الجهني.

السلام علي القتيل بن القتيل عبد الله بن مسلم بن عقيل و لعن الله قاتله و راميه عامر بن صعصعة و قيل أسد بن مالك.

السلام علي أبي عبيد الله بن مسلم بن عقيل و لعن الله قاتله و راميه عمرو بن صبيح الصيداوي.

السلام علي محمّد بن أبي سعيد بن عقيل و لعن الله قاتله لقيط بن ناشر الجهني.

السلام علي سليمان مولي الحسين بن أمير المؤمنين و لعن الله قاتله سليمان بن عوف الحضرمي.

السلام علي قارب مولي الحسين بن عليّ.

السلام علي منجح مولي الحسين بن علي.

السلام علي مسلم بن عوسجة الأسدي القائل للحسين و قد أذن له في الانصراف:أنحن نخلّي عنك و بم نعتذر عند الله من أداء حقّك لا و الله حتّي أكسّر في صدورهم رمحي هذا و أضربهم بسيفي ما ثبت قائمه في يدي و لا افارقك و لو لم يكن معي سلاح اقاتلهم لقذفتهم بالحجارة و لم افارقك حتّي أموت معك و كنت أوّل من شري نفسه و أوّل شهيد شهد الله و قضي نحبه ففزت و ربّ الكعبة شكرا لله استقدامك و مواساتك إمامك إذ مشي إليك و أنت صريع فقال:يرحمك الله يا مسلم بن عوسجة و قرأ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضي نَحْبَهُ وَ مِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَ ما بَدَّلُوا تَبْدِيلاً (1).

لعن الله المشتركين في قتلك عبد الله الضبابي و عبد الله بن خشكارة البجلي.

السلام علي سعيد بن عبد الله الحنفي القائل للحسين عليه السّلام و قد أذن له في الانصراف:و الله لا نخليك حتّي يعلم الله إنّا قد حفظنا غيبة رسول الله صلّي اللّه عليه و آله و سلّم فيك و الله لو أعلم إنّي اقتل ثمّ احيا ثمّ3.

ص: 119


1- سورة الاحزاب:23.

أحرق ثمّ أذرّي و يفعل فيّ ذلك سبعين مرّة ما فارقتك حتّي ألقي حمامي دونك و كيف أفعل ذلك و إنّما هي موتة أو قتلة واحدة ثمّ هي بعدها الكرامة في دار المقامة حشرنا الله معكم في المستشهدين و رزقنا مرافقتكم في أعلي عليّين.

السلام علي سعد بن بشر بن عمر الحضرمي،شكر الله لك قولك للحسين عليه السّلام و قد أذن لك في الانصراف أكلتني إذن السباع حيّا إن فارقتك و أسأل عنك الركبان و أخذلك مع قلّة الأعوان لا يكون هذا أبدا.

السلام علي يزيد بن حصين الهمداني المشرفي القارئ المجدّل بالمشرفي.

السلام علي عمر بن كعب الأنصاري.

السلام علي نعيم بن العجلان الأنصاري.

السلام علي زهير بن القين البجلي القائل للحسين عليه السّلام و قد أذن له في الانصراف;لا و الله لا يكون ذلك أبدا أترك ابن رسول الله صلّي اللّه عليه و آله و سلّم أسيرا في يد الأعداء و أنجو،لا أراني الله ذلك اليوم.

السلام علي عمرو بن قرظة الأنصاري.

السلام علي حبيب بن مظاهر الأسدي.

السلام علي الحرّ بن يزيد الرياحي.

السلام علي عبد الله بن عمير الكلبي.

السلام علي نافع بن هلال بن نافع البجلي المرادي.

السلام علي أنس بن كاهل الأسدي.

السلام علي قيس بن مسهر الصيداوي.

السلام علي عبد الله و عبد الرحمن ابني عروة بن حراق الغفاري.

السلام علي جون بن حوي ولي أبي ذرّ الغفاري.

السلام علي شبيب بن عبد الله النهشلي.

السلام علي الحجّاج بن زيد السعدي.

السلام علي قاسط و كرش ابني ظهير التغلبي.

السلام علي كنانة بن عتيق السلام علي ضرغامة بن مالك.

السلام علي حوي بن مالك الضبعي.

السلام علي عمرو بن ضبيعة الضبعي.

ص: 120

السلام علي زيد بن ثبيت القيسي.

السلام علي عبد الله و عبيد الله ابني يزيد بن ثبيت القيسي.

السلام علي عامر بن مسلم.

السلام علي قعنب بن عمر الثمري.

السلام علي سالم مولي عامر بن مسلم.

السلام علي سيف بن مالك.

السلام علي زهير بن بشر الخثعمي.

السلام علي زيد بن معقل الجعفي.

السلام علي الحجّاج بن مسروق الجعفي.

السلام علي مسعود بن الحجّاج و ابنه.

السلام علي مجمع بن عبد الله العابدي.

السلام علي عمّار بن حسّان بن شريح الطائي.

السلام علي حيان بن الحارث السلماني الأزدي.

السلام علي جندب بن حجر الخولاني.

السلام علي عمر بن خالد الصيداوي.

السلام علي معبد مولاه.

السلام علي يزيد بن زياد بن المظاهر الكندي.

السلام علي زاهد مولي عمر بن الحمق الخزاعي.

السلام علي جبلة بن علي الشيباني.

السلام علي سالم مولي بني المدينة الكلبي.

السلام علي أسلم بن كثير الأزدي الأعرج.

السلام علي زهير بن سليم الأزدي.

السلام علي قاسم بن حبيب الأزدي.

السلام علي عمر بن جندب الحضرمي.

السلام علي أبي ثمامة عمر بن عبد الله الصائدي.

السلام علي حنظلة بن أسعد الشيباني.

ص: 121

السلام علي عبد الرحمن بن عبد الله بن الكدر الأرحبي.

السلام علي عمّار بن أبي سلامة الهمداني.

السلام علي عابس بن أبي شبيب الشاكري.

السلام علي شوذب مولي شاكر.

السلام علي شبيب بن الحارث بن سريع.

السلام علي مالك بن عبد بن سريع.

السلام علي الجريح المأسور سوار بن أبي حمير بن الفهمي الهمداني.

السلام علي المرتب معه عمرو بن عبد الله الجندعي.

السلام عليكم يا أعيان أنصار.

السلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبي الدار بوّأكم الله مبوأ الأبرار،أشهد لقد كشف الله بكم الغطاء و مهّد لكم الوطاء و أجزل لكم العطاء و كنتم عن الحقّ غير بطاء و أنتم لنا فرطاء و نحن لكم خلطاء في دار البقاء و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.

هذا ما أردنا تحريره و تهذيبه من أحوال سيّد الشهداء مولانا أبي عبد الله الحسين بن عليّ بن أبي طالب من الأبرار و يتلوه إن شاء الله تعالي أحوال ابنه الإمام المطهّر سيّد الساجدين زين العابدين عليّ بن الحسين سلام الله عليه (1).

***

ما رود في كربلاء المقدسة

عن بشير الدهان قال:قلت لأبي عبد الله عليه السّلام:ربّما فاتني الحج فأعرف عند قبر الحسين عليه السّلام فقال:أحسنت يا بشير أيّما مؤمن أتي قبر الحسين عليه السّلام عارفا بحقه في غير يوم عيد كتب الله له عشرين حجة و عشرين عمرة مبرورات مقبولات و عشرين حجة و عمرة مع نبي مرسل أو إمام عدل و من أتاه في يوم عيد كتب الله له مائة حجة و مائة عمرة و مائة غزوة مع نبي مرسل أو إمام عدل، قال:قلت له:كيف لي بمثل الموقف؟قال:فنظر إليّ شبه المغضب ثمّ قال لي:يا بشير إنّ المؤمن إذا أتي قبر الحسين عليه السّلام يوم عرفة و اغتسل من الفرات ثمّ توجه إليه كتب الله له بكلّ خطوة حجة بمناسكها-و لا أعلمه إلاّ-قال:و غزوة (2).

و عن الحسين بن محمّد قال:قال أبو الحسن موسي عليه السّلام:أدني ما يثاب به زائر أبي عبد

ص: 122


1- البحار:73/45 ح 3.
2- الكافي:580/4 ح 1.

الله عليه السّلام بشط الفرات إذا عرف حقّه و حرمته و ولايته أن يغفر له ما تقدم من ذنبه و ما تأخر (1).

عن ابن ميثم التمار،عن الباقر عليه السّلام قال:من بات ليلة عرفة بأرض كربلاء و أقام بها حتي يعيد و ينصرف وقاه الله شرّ سنته (2).

و عن عمر بن يزيد بياع السابري،عن أبي عبد الله عليه السّلام قال:إنّ أرض الكعبة قالت:من مثلي و قد بني بيت الله علي ظهري يأتيني الناس من كلّ فج عميق و جعلت حرم الله و أمنه،فأوحي الله إليها:أن كفّي و قرّي ما فضل ما فضلت به فيما أعطيت أرض كربلاء إلاّ بمنزلة الإبرة غرست في البحر فحملت من ماء البحر و لو لا تربة كربلاء ما فضلتك و لو لا من تضمنه أرض كربلاء ما خلقتك و لا خلقت البيت الذي به افتخرت فقري و استقري و كوني ذنبا متواضعا ذليلا مهينا غير مستنكف و لا مستكبر لأرض كربلاء و إلاّ سخت بك و هويت بك في نار جهنم (3).

و عن عمر بن ثابت،عن أبيه،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:خلق الله تبارك و تعالي أرض كربلاء قبل أن يخلق الكعبة بأربعة و عشرين ألف عام و قدّسها و بارك عليها فما زالت قبل خلق الله الخلق مقدّسة مباركة و لا تزال كذلك حتي يجعلها الله أفضل أرض في الجنة و أفضل منزل و مسكن يسكن الله فيه أولياءه في الجنة (4).

و عن محمّد بن جعفر،عن محمّد بن الحسين،عن أبي سعيد،عن بعض رجاله،عن أبي الجارود قال:قال علي بن الحسين عليهما السّلام:اتخذ الله أرض كربلاء حرما آمنا مباركا قبل أن يخلق الله أرض الكعبة و يتخذها حرما بأربعة و عشرين ألف عام و انّه إذا زلزل الله تبارك و تعالي الأرض و سيّرها رفعت كما هي بتربتها نورانية صافية فجعلت في أفضل روضة من رياض الجنة و أفضل مسكن في الجنة لا يسكنها إلاّ النبيون و المرسلون،أو قال:اولوا العزم من الرسل فإنّها لتزهر بين رياض الجنة كما يزهر الكوكب الدري بين الكواكب لأهل الأرض يغشي نورها أبصار أهل الجنة جميعا و هي تنادي:أنا أرض الله المقدسة الطيبة المباركة التي تضمنت سيد الشهداء و سيد شباب أهل الجنة (5).

و عن أبي سعيد،عن حمّاد بن أيّوب،عن أبي عبد الله عليه السّلام،عن أبيه عليه السّلام،عن آبائه عليهم السّلام، عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:قال رسول الله صلّي اللّه عليه و آله و سلّم يقبر ابني في أرض يقال لها:كربلا هي البقعة التي كانت عليها قبة الإسلام التي نجّي الله عليها المؤمنين الذين آمنوا مع نوح في الطوفان (6).

عن أبي عبد الله عليه السّلام قال:زوروا كربلا و لا تقطعوه فإنّ خير أولاد الأنبياء ضمنته،ألا و ان الملائكة زارت كربلاء ألف عام من قبل أن يسكنه جدي الحسين عليه السّلام و ما من ليلة تمضي إلاّ8.

ص: 123


1- الكافي:582/4 ح 9.
2- كامل الزيارات:269 ح 9.
3- كامل الزيارات 267 ح 3.
4- كامل الزيارات:268 ح 4.
5- كامل الزيارات 268 ح 5.
6- كامل الزيارات:269 ح 8.

و جبرئيل و ميكائيل يزورانه فاجتهد يا يحيي ألاّ تفقد من ذلك الموطن (1).

عن عباد أبي سعيد العصفري،عن صفوان الجمال قال:سمعت أبا عبد الله عليه السّلام يقول:إنّ الله تبارك و تعالي فضل الأرضين و المياه بعضها علي بعض فمنها ما تفاخرت و منها ما بغت فما من ماء و لا أرض إلاّ عوقبت لترك التواضع لله حتي سلّط الله علي الكعبة المشركين و أرسل إلي زمزم ماء مالحا حتي أفسد طعمه،و إنّ كربلاء و ماء الفرات أوّل أرض و أوّل ماء قدّس الله تبارك و تعالي و بارك عليها فقال لها:تكلّمي بما فضلّك الله،فقالت لمّا تفاخرت الأرضون و المياه بعضها علي بعض قالت:أنا أرض الله المقدسة المباركة الشفاء في تربتي و مائي و لا فخر بل خاضعة ذليلة لمن فعل بي ذلك و لا فخر علي من دوني بل شكرا لله،فأكرمها و زادها بتواضعها و شكرها لله بالحسين عليه السّلام و أصحابه،ثمّ قال أبو عبد الله عليه السّلام:من تواضع لله رفعه الله و من تكبّر وضعه الله (2).

و عن سالم بن عبد الرحمن،عن أبي عبد الله عليه السّلام قال:من بات ليلة النصف من شعبان بأرض كربلاء فقرأ ألف مرة قل هو الله أحد و يستغفر الله ألف مرة و يحمد الله ألف مرة ثمّ يقوم فيصلي أربع ركعات يقرأ في كلّ ركعة ألف مرة آية الكرسي وكّل الله به ملكين يحفظانه من كلّ سوء و من شرّ كلّ شيطان و سلطان و يكتبان له حسناته و لا تكتب عليه سيئة و يستغفران له ما داما معه (3).

و عن ربعي قال:قال أبو عبد الله عليه السّلام:شاطيء الواد الأيمن الذي ذكره الله في كتابه هو الفرات و البقعة المباركة هي كربلاء و الشجرة هي محمّد صلّي اللّه عليه و آله و سلّم (4).

و عن ابن سنان،عن أبي سعيد القماط،عن ابن أبي يعفور قال:سمعت أبا عبد الله عليه السّلام يقول لرجل من مواليه:يا فلان أتزور قبر أبي عبد الله الحسين بن علي عليهما السّلام؟قال:نعم إنّي أزوره بين ثلاث سنين مرّة فقال له:و هو مصفر وجهه أما و الله الذي لا إله إلاّ هو لو زرته كان أفضل مما أنت فيه فقال له:جعلت فداك أكلّ هذا الفضل؟فقال:نعم و اللّه لو إنّي حدثتكم بفضل زيارته و بفضل قبره لتركتم الحج رأسا و ما حجّ منكم أحد،ويحك أما علمت أنّ الله اتخذ كربلاء حرما آمنا مباركا قبل أن يتخذ مكة حرما،قال ابن أبي يعفور فقلت له:قد فرض الله علي الناس حجّ البيت و لم يذكر زيارة قبر الحسين عليه السّلام،فقال:و إن كان كذلك فإنّ هذا شيء جعله الله هكذا أما سمعت قول أبي أمير المؤمنين عليه السّلام حيث يقول:إنّ باطن القدم أحق بالمسح من ظاهر القدم و لكن الله فرض هذا علي العباد أو ما علمت أنّ الموقف لو كان في الحرم كان أفضل لأجل الحرم و لكن الله صنع ذلك في غير الحرم (5).2.

ص: 124


1- كامل الزيارات:269 ح 10.
2- كامل الزيارات:270 ح 15.
3- كامل الزيارات:181 ح 8.
4- كامل الزيارات:48 ح 11.
5- كامل الزيارات:266 ح 2.

و عن عمرو بن ثابت،عن أبيه،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:خلق الله تعالي كربلاء قبل أن يخلق الكعبة بأربعة و عشرين ألف عام و قدّسها و بارك عليها فما زالت قبل أن يخلق الله الخلق مقدّسة مباركة و لا تزال كذلك و يجعلها أفضل أرض في الجنة (1).

عن عبد الله بن ميمون القداح،عن أبي عبد الله عليه السّلام قال:مرّ أمير المؤمنين عليه السّلام بكربلا في اناس من أصحابه فلمّا مرّ بها اغرورقت عيناه بالبكاء ثمّ قال:هذا مناخ ركابهم و هذا ملقي رحالهم و هنا تهرق دماؤهم طوبي لك من تربة عليك تهرق دماء الأحبّة (2).

عن جابر بن الحر،عن جويرية بن مسهر العبدي قال:لمّا توجهنا مع أمير المؤمنين عليه السّلام إلي صفين فبلغنا طفوف كربلاء وقف ناحية من المعسكر ثمّ نظر يمينا و شمالا و استعبر ثمّ قال:هذا و الله مناخ ركابهم و موضع منيّتهم.فقيل له:يا أمير المؤمنين ما هذا الموضع؟فقال:هذا كربلاء يقتل فيه قوم يدخلون الجنة بغير حساب.ثمّ سار،فكان الناس لا يعرفون تأويل ما قال حتي كان من أمر الحسين بن علي صلوات الله عليهما و أصحابه بالطف ما كان،فعرف حينئذ من سمع مقاله مصداق الخبر فيما أنبأهم به (3).

عن محمّد بن سنان،عمّن حدثه عن أبي عبد الله عليه السّلام ال:خرج أمير المؤمنين عليه السّلام يسير بالناس حتي إذا كان من كربلا علي مسيرة ميل أو ميلين فتقدم بين أيديهم حتي إذا صار بمصارع الشهداء قال:قبض فيها مائتا نبي و مائتا وصي و مائتا سبط شهداء باتباعهم فطاف بها علي بغلته خارجا رجليه من الركاب و انشأ يقول:مناخ ركاب و مصارع شهداء لا يسبقهم من كان قبلهم و لا يلحقهم من كان بعدهم (4).

عن محمّد بن همام قال:حدّثنا جعفر بن محمّد بن مالك قال:حدّثنا سعد بن عمرو الزهري قال:حدّثنا بكر بن سالم،عن أبيه،عن أبي حمزة الثمالي،عن علي بن الحسين عليهما السّلام في قوله:

فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكاناً قَصِيًّا (5) قال:خرجت من دمشق حتي أتت كربلا فوضعته في موضع قبر الحسين عليه السّلام ثمّ رجعت من ليلتها (6).

عن محمّد بن الفضل بن بنت داود الرقي قال:قال الصادق عليه السّلام:أربعة بقاع ضجت إلي الله من الغرق أيّام الطوفان قال:البيت المعمور فرفعه الله إليه و الغري و كربلا و طوس (7).

و أبي جعفر الطوسي فيما رواه عن جابر الجعفي عن أبي عبد الله عليه السّلام قال:من بات عند قبر2.

ص: 125


1- كامل الزيارات:270 ح 13.
2- كامل الزيارات:269 ح 11.
3- الارشاد:322/1.
4- التهذيب:72/6 ح 7.
5- سورة مريم:22.
6- التهذيب:73/6 ح 8.
7- التهذيب:110/6 ح 12.

الحسين عليه السّلام ليلة عاشورا لقي الله يوم القيامة ملطخا بدمه و كأنّما قتل معه في عرصة كربلا (1).

و قال شيخنا المفيد في كتاب التواريخ الشرعيّة:و روي أنّ من زاره(يعني الحسين عليه السّلام)و بات عنده في ليلة عاشورا حتي يصبح حشره الله تعالي ملطخا بدم الحسين عليه السّلام في جملة الشهداء معه عليه السّلام (2).

***

تفضيل أرض كربلاء علي مكة

عن ابن أبي يعفور عن أبي عبد الله عليه السّلام في حديث ثواب زيارة الحسين عليه السّلام قال:و الله لو أني حدّثتكم في فضل زيارته لتركتم الحج رأسا و ما حج أحد ويحك أما علمت أن الله أتخذ كربلا حرما آمنا مباركا قبل أن يتخذ مكة حرما.

قال ابن أبي يعفور:قد فرض الله علي النّاس حج البيت و لم يذكر زيارة قبر الحسين.

قال عليه السّلام:و إن كان كذلك فإن هذا شي جعله الله هكذا أما سمعت قول أمير المؤمنين:إنّ باطن القدم أحق بالمسح من ظاهر القدم و لكن الله فرض هذا علي العباد،أما علمت أن الإحرام و لو كان في الحرم كان أفضل لأجل الحرم و لكن الله صنع ذلك في غير الحرم (3).

و روي أيضا عن عمر بن يزيد عن أبي عبد الله عليه السّلام:أن أرض الكعبة قالت من مثلي و قد بني بيت الله علي ظهري يأتيني النّاس من كلّ فج عميق،و جعلت حرم الله و أمنه،فأوحي الله إليها كفي و قري ما فضل ما فضلت به فيما أعطيت أرض كربلاء إلا بمنزلة الإبرة غمست في البحر فحملت من ماء البحر و لو لا تربة كربلا ما فضّلتك و لو لا من تضمنه كربلاء لما خلقتك و لا خلقت الذي افتخرت به فقري و استقري و كوني ذنبا متواضعا ذليلا مهينا غير مستنكف و لا مستكبر لأرض كربلاء و إلا مسختك و هويت بك في نار جهنم (4).

و عن أبي الجارود عن علي بن الحسين عليه السّلام قال:اتخذ الله أرض كربلاء حرما قبل أن يتخذ مكة حرما بأربعة و عشرين ألف عام (5).

و عن صفوان الجمال قال:سمعت أبا عبد الله عليه السّلام يقول:إن الله فضل الأرضين و المياه بعضها علي بعض،فمنها ما تفاخرت و منها ما بغت،فما من أرض و لا ماء إلا عوقبت لترك التّواضع لله حتي سلّط الله علي الكعبة المشركين و أرسل إلي زمزم ماء مالحا فأفسد طعمه،و إن

ص: 126


1- الإقبال:558.
2- الإقبال:558.
3- كامل الزيارات:449 ح 1.
4- كامل الزيارات:449 ح 2.
5- كامل الزيارات:449 ح 4.

كربلاء و ماء الفرات أول أرض و أول ماء قدس الله و بارك عليه،فقال لها تكلمي ما فضلك الله.

فقالت:أنا أرض الله المقدسة المباركة،الشّفاء في تربتي و مائي و لا فخر بل خاضعة ذليلة لمن فعل بي ذلك و لا فخر علي من دوني بل شكرا لله،فأكرمها و زادها بتواضعها و شكرها لله بالحسين و أصحابه.

ثم قال أبو عبد الله عليه السّلام:من تواضع لله رفعه الله و من تكبّر وضعه الله (1).

***

ما روي في عاشوراء

قال الإمام الصّادق عليه السّلام-لمّا سئل عن العلّة الّتي من أجلها صار يوم عاشوراء أعظم الأيّام مصيبة دون اليوم الّذي قبض فيه النّبيّ صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و فاطمة عليها السّلام و قتل عليّ عليه السّلام و الحسن عليه السّلام-:إنّ يوم الحسين عليه السّلام أعظم مصيبة من جميع سائر الأيّام;و ذلك أنّ أصحاب الكساء الّذين كانوا أكرم الخلق علي الله تعالي كانوا خمسة...فلمّا قتل الحسين عليه السّلام لم يكن بقي من أهل الكساء أحد للنّاس فيه بعده عزاء و سلوة،فكان ذهابه كذهاب جميعهم كما كان بقاؤه كبقاء جميعهم.

و قال الإمام الرّضا عليه السّلام:من كان يوم عاشوراء يوم مصيبته و حزنه و بكائه،يجعل الله عزّ و جلّ يوم القيامة يوم فرحه و سروره (2).

و عنه عليه السّلام:فعلي مثل الحسين فليبك الباكون;فإنّ البكاء عليه يحطّ الذّنوب العظام.ثمّ قال عليه السّلام:كان أبي عليه السّلام إذا دخل شهر المحرّم لا يري ضاحكا،و كانت الكآبة تغلب عليه حتّي تمضي عشرة أيّام،فإذا كان يوم العاشر كان ذلك اليوم يوم مصيبته و حزنه و بكائه،و يقول:هو اليوم الّذي قتل فيه الحسين عليه السّلام (3).

و قال الإمام الباقر عليه السّلام-في حديث زيارة الحسين عليه السّلام يوم عاشوراء من قرب أو بعد-:ثمّ ليندب الحسين عليه السّلام و يبكيه،و يأمر من في داره ممّن لا يتّقيه بالبكاء عليه...و ليعزّ بعضهم بعضا بمصابهم بالحسين عليه السّلام...قلت:فكيف يعزّي بعضنا بعضا؟قال:تقولون:أعظم الله اجورنا بمصابنا بالحسين،و جعلنا و إيّاكم من الطّالبين بثاره مع وليّه الإمام المهديّ من آل محمّد عليهم السّلام (4).

و عن محمّد بن محمّد المفيد:و في العاشر من المحرّم قتل الحسين عليه السّلام،و جاءت الرّواية عن الصادق عليه السّلام باجتناب الملاذّ فيه،و إقامة سنن المصائب،و الإمساك عن الطّعام و الشّراب إلي أن تزول الشمس،و التغذّي بعد ذلك بما يتغذّي به أصحاب المصائب (5).

ص: 127


1- التحفة السنية:52.
2- علل الشرائع:1/225 و 2/227.
3- وسائل الشيعة:8/394/10.
4- مصباح المتهجّد:772.
5- وسائل الشيعة:9/394/10.

في أحوال المختار

اشارة

في كتاب الأمالي عن المنهال قال:دخلت علي عليّ بن الحسين عليهما السّلام بعد منصرفي من مكّة فقال لي:يا منهال ما صنع حرملة بن كاهل الأسدي؟.

فقلت:تركته حيّا بالكوفة،فرفع يديه و قال:اللّهم أذقه حرّ الحديد،اللّهم أذقه حرّ النار،قال المنهال:فقدمت الكوفة و قد ظهر المختار و كان لي صديقا فركبت إليه فلقيته خارجا من داره فأعلمته أنّي كنت بمكّة و سايرته حتّي جاء الكناسة فوقف كأنّه ينتظر شيئا و قد كان أخبر بمكان حرملة فوجّه في طلبه فلم يلبث أن جاء قوم يركضون و قالوا:أيّها الأمير البشارة قد أخذ حرملة،فجاؤوا به فقال:الحمد لله الذي مكّنني منك،ثمّ قال:الجزّار الجزّار،فاحضر فقال:إقطع يديه فقطعتا،ثمّ قال:اقطع رجليه،فقطعتا،ثمّ قال:النار النار،فاتي بنار و قصب فألقي عليه فاشتعل فيه النار فقلت:سبحان الله،فقال لي المختار:ففيم سبّحت؟

فقلت:أيّها الأمير دخلت في سفرتي هذه علي عليّ بن الحسين فسألني عن حرملة فقلت:

تركته حيّا،فقال:اللّهم أذقه حرّ الحديد،اللّهم أذقه حرّ النار،فنزل المختار عن دابّته و صلّي ركعتين و أطال السجود فركب و قد احترق حرملة و ركبنا حتّي حاذي داري فقلت:أيّها الأمير إن رأيت أن تشرّفني و تحوم بطعامي،فقال:يا منهال تعلمني أنّ عليّ بن الحسين دعا بأربع دعوات فأجابه الله علي يدي ثمّ تأمرني أن آكل،هذا يوم صوم شكرا لله عزّ و جلّ علي ما فعلته بتوفيقه و حرملة هو الذي حمل رأس الحسين عليه السّلام (1).

و روي أنّ المختار ظهر بالكوفة ليلة الأربعاء لأربع عشرة ليلة بقيت من ربيع الآخر سنة ستّ و ستّين فبايعه الناس علي كتاب الله و سنّة رسول الله صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و الطلب بدم الحسين عليه السّلام و دماء أهل بيته رحمة الله عليهم و الذبّ عن الضعفاء و نهض إلي عبد الله بن مطيع و كان علي الكوفة من قبل ابن الزبير فأخرجه و أصحابه منها منهزمين و أقام بالكوفة إلي المحرّم سنة سبع و ستّين ثمّ عمد إلي إنفاذ الجيوش إلي ابن زياد و كان بأرض الجزيرة فأمر إبراهيم الأشتر علي الجنود فخرج يوم السبت في ألفين من مذحج و أسد و في ألفين من تميم و همدان و ألف و خمسمائة من قبائل المدينة و ألف و خمسمائة من كندة و ربيعة و ألفين من الحمراء و شيّع المختار إبراهيم بن الأشتر ماشيا فقال له إبراهيم اركب رحمك الله.

فقال:إنّي أجتلب الأجر في خطاي معك و أحبّ أن تغبرّ قدماي في نصر آل محمّد،ثمّ ودّعه و انصرف فسار حتّي أتي المدائن يريد ابن زياد فرحل من المدائن و أقبل إليه ابن زياد بالجموع حتّي التقوا فحصّن ابن الأشتر أصحابه و قال:يا أهل الحقّ هذا ابن زياد قاتل الحسين و أهل بيته قد أتاكم

ص: 128


1- الصحيفة السجادية:141.

الله به و بحزبه حزب الشيطان فقاتلوهم بنيّة و صبر لعلّ الله يقتله بأيديكم و يشفي صدوركم،و نادي أهل العراق:يا أهل ثارات الحسين فحمل ابن الأشتر يمينا فخالط القلب و كسرهم أهل العراق فركبوهم يقتلونهم فانكشفت الغمّة و قد قتل ابن زياد قتله إبراهيم بيده و عرفه بأنّ منه رائحة المسك فحزّ رأسه،و استوقدوا عامّة الليل بجسده لأنّ فيه شحما كثيرا فحووا ما في العسكر و هرب غلام لابن زياد إلي الشام فأخبر عبد الملك بن مروان فبعث ابن الأشتر برأس ابن زياد و أعيان من كان معه إلي المختار فجاؤوا بها و هو يتغدّي فقال:الحمد لله ربّ العالمين وضع رأس الحسين بين يدي ابن زياد و هو يتغدّي و أتيت برأس ابن زياد و أنا أتغدّي.

قال:و انسابت حيّة تخلّل الرؤوس حتّي دخلت في أنف ابن زياد و خرجت من اذنه و دخلت في اذنه و خرجت من أنفه،فلمّا فرغ المختار من الغداء قام فداس وجه ابن زياد بنعله ثمّ رمي بها إلي غلامه و قال:غسّلها فإنّي وضعتها علي وجه نجس كافر و بعث المختار برأس ابن زياد و أصحابه إلي محمّد بن الحنفية بمكّة و عليّ بن الحسين عليهما السّلام كان بمكّة و كتب إليه صورة الحال فبعث محمّد رأس ابن زياد إلي عليّ بن الحسين عليهما السّلام فادخل عليه و هو يتغدّي فقال:دخلت علي ابن زياد و هو يتغدّي و رأس أبي بين يديه فقلت:اللّهم لا تمتني حتّي تريني رأس ابن زياد و أنا أتغدّي و الحمد لله الذي أجاب دعوتي ثمّ أمر فرمي به.

و كان المختار قد سألوه في أمان عمر بن سعد فآمنه بشرط أن لا يخرج من الكوفة فإن خرج منها فدمه هدر فأتي عمر بن سعد رجل فقال:إنّي سمعت المختار يحلف ليقتلن رجلا و ما أحسبه غيرك،فرجع عمر حتّي أتي مكانا يقال له الحمام فقيل له:أتري هذا يخفي علي المختار،فرجع ليلا فدخل داره،فلمّا أصبح حكي للمختار أنّه خرج ليلا فارّا إلي الشام فأرسل إليه رجلا جاء برأسه،و اشتدّ أمر المختار بعد قتل ابن زياد و تتبّع قتلة الحسين و من أعان عليه فقتلهم كلّهم و بلغه أنّ شمرا لعنه الله أصاب من الحسين إبلا فنحرها في الكوفة و قسّم لحومها.

فقال:أحصوا لي كلّ دار دخلها من ذلك اللحم،فقتل رجالهم و هدم دورهم و بعث معاذ بن هاني إلي دار خولي بن يزيد الأصبحي و هو الذي حمل رأس الحسين عليه السّلام إلي ابن زياد فأتوا داره فاستخفي في الكنيف فدخلوا عليه فوجدوه قد ركب علي نفسه قوصرة فأخذوه إلي المختار فقتله و أحرقه،و طلب شمرا فهرب إلي البادية فأتوه به أسيرا فضرب عنقه و أغلي له دهنا في قدر فقذفه فيها فتفسّخ،ثمّ إنّ العبيد قتلت مواليهم الذين قاتلوا الحسين عليه السّلام و أتوا المختار فأعتقهم (1).

و عن أبي عبد الله عليه السّلام إنّ الله عزّ و جلّ إذا أراد أن ينتصر لأوليائه انتصر لهم بشرار خلقه،و إذا أراد أن ينتصر لنفسه انتصر بأوليائه،و لقد انتصر ليحيي بن زكريا ببخت نصر (2).3.

ص: 129


1- العوالم:663.
2- البحار:181/14 ح 23.

و في كتاب المحاسن عن سماعة قال:سمعت أبا عبد الله عليه السّلام يقول:إذا كان يوم القيامة مرّ رسول الله صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و أمير المؤمنين و الحسن و الحسين بشفير من نار فيصيح صائح من النار يا رسول الله أغثني ثلاثا فلا يجيبه فينادي أمير المؤمنين ثلاثا أغثني فلا يجيبه و كذلك الحسن ثمّ يقول:يا حسين أغثني أنا قاتل أعدائك فيقول له رسول الله صلّي اللّه عليه و آله و سلّم قد احتجّ عليك فينقضّ عليه كأنّه عقاب كاسر فيخرجه من النار و هو المختار.

قلت:و لم عذّب بالنار؟

قال:إنّه كان في قلبه منهما شيء،و الذي بعث محمّدا بالحقّ لو أنّ جبرئيل و ميكائيل كان في قلبيهما شيء لأكبّهما الله في النار علي وجوههما (1).

و في كتاب اعلام الوري قال أمير المؤمنين عليه السّلام:كما أنّ بعض بني إسرائيل أطاعوا فأكرموا و بعضهم عصوا فعذّبوا فكذلك تكونون أنتم،فالعصاة منكم الذين قتلوا أولاد رسول الله صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و قد امروا بإكرامهم.

قالوا:يا أمير المؤمنين إنّ ذلك لكائن؟

قال:بل خبرا حقّا سيقتلون ولديّ هذين الحسن و الحسين و سيصيبهم العذاب كما أصاب بني إسرائيل،قيل:و من هو؟

قال:غلام من ثقيف يقال له المختار بن أبي عبيدة (2).

قال عليّ بن الحسين عليهما السّلام:فتولّد المختار بعد هذا بزمان و أنّ هذا الخبر اتّصل بالحجّاج ابن يوسف لعنه الله من قول عليّ بن الحسين فقال:أمّا رسول الله ما قال هذا و أمّا عليّ بن أبي طالب أنا أشكّ هل حكاه عن رسول الله،و أمّا عليّ بن الحسين فصبيّ مغرور بالأباطيل و يغرّ بها متّبعوه، اطلبوا لي المختار،فاحضر،فقال:قدّموه إلي النطع فاضربوا عنقه فبسط و أبركوا عليه المختار ثمّ جعل الغلمان يجيئون و يذهبون لا يأتون بالسيف و يقولون:قد ضاع مفتاح الخزانة و السيف فيها فقال المختار:لن تقتلني و لن يكذب رسول الله صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و لئن قتلتني ليحييني الله حتّي أقتل منكم ثلاثمائة و ثلاثة و ثمانين ألفا.

فقال الحجّاج لبعض حجّابه:أعط السيّاف سيفك يقتله فأخذ السيّاف و جاء لقتله فعثر فشقّ السيف بطنه فجاء بسيّاف آخر،فلمّا رفع يده ليضرب عنقه لدغته عقرب فمات،فقال:يا حجّاج إنّك لا تقدر علي قتلي،أما تذكر ما قال نزار بن معد بن عدنان لشابور ذي الأكناف حين كان يقتل العرب فأمر نزار بولده فوضعه في زنبيل في طريقه،فلمّا رآه قال:من أنت؟4.

ص: 130


1- البحار:339/45 ح 5.
2- مدينة المعاجز:332/4.

قال:أنا رجل من العرب اريد أن أسألك لم تقتل هؤلاء العرب و لا ذنوب لهم إليك و قد قتلت الذين كانوا مذنبين في عملك و المفسدين؟

قال:لأنّي وجدت في الكتاب أنّه يخرج منهم رجل يقال له محمّد يدّعي النبوّة فيزيل دولة ملوك الأعاجم فأقتلهم حتّي لا يكون ذلك الرجل.

فقال نزار:لئن كان ما وجدته في كتب الكذّابين فما أولاك أن تقتل من لا ذنب له،و إن كان من قول الصادقين فإنّ الله سيحفظ ذلك الأصل الذي يخرج منه هذا الرجل و لن تقدر علي إبطاله، فقال شابور:هذا نزار يعني بالفارسية المهزول كفّوا عن العرب،و لكن يا حجّاج إنّ الله قضي أن أقتل منكم ثلاثمائة ألف رجل فإن أردت فاقتلني و إلاّ فلا فإنّ الله إمّا يمنعك عن قتلي،و إمّا أن يحييني بعد قتلك لأنّ قول رسول الله صلّي اللّه عليه و آله و سلّم لا مرية فيه.

فقال للسيّاف:اضرب عنقه.

فقال المختار:إنّ هذا لن يقدر و كنت أحبّ أن تكون أنت المتولّي فكان يسلّط عليك أفعي كما سلّط علي الأوّل عقربا،فلمّا همّ السيّاف أن يضرب عنقه إذا برجل من خواص عبد الملك بن مروان صاح بالسيّاف كفّ عنه و معه كتاب من عبد الملك فإذا فيه:أمّا بعد يا حجّاج إنّه قد سقط إلينا طير عليه رقعة إنّك أخذت المختار تريد قتله تزعم أنّه حكي عن رسول الله إنّه سيقتل من أنصار بني اميّة ثلاثمائة و ثلاثة و ثمانين ألف رجل فإذا أتاك كتابي فخلّ عنه و لا تعرض له إلاّ سبيل خير فإنّه زوج ظئر ابن عبد الوليد بن عبد الملك و قد كلّمني فيه الوليد و أنّ الذي حكي إن كان باطلا فلا معني لقتل مسلم بخبر باطل و إن كان حقّا فإنّك لا تقدر علي تكذيب قول رسول الله،فخلّي عنه الحجّاج فجعل المختار يقول:سأفعل كذا و كذا و أقتل كذا فبلغ الحجّاج فاخذ و أمر بضرب عنقه.

فقال المختار:لا تقدر علي ذلك و كان في ذلك إذ سقط عليه طائر عليه كتاب من عبد الملك:

يا حجّاج لا تتعرّض للمختار فإنّه زوج مرضعة امّ الوليد و لئن كان حقّا فستمنع من قتله كما منع دانيال من قتل بخت نصر الذي قضي الله أن يقتل بني إسرائيل فتركه الحجّاج و توعّده إن عاد لمثل مقالته فعاد لمثل مقالته فطلبه الحجّاج فاختفي مدّة ثمّ ظفر به فلمّا أراد ضرب عنقه إذ قد ورد عليه كتاب عبد الملك فاحتبسه الحجّاج.

و كتب إلي عبد الملك:كيف تأخذ إليك عدوّا مجاهرا يزعم أنّه يقتل من أنصار بني اميّة كذا و كذا فبعث إليه:إنّك رجل جاهل لئن كان الخبر فيه باطلا فما أحقّنا برعاية حقّ من خدمنا و إن كان الخبر فيه حقّا فإنّا سنربيه ليسلّط علينا كما ربّي فرعون موسي حتّي سلّط عليه،فبعث به الحجّاج و كان من المختار ما كان.

و قال عليّ بن الحسين لأصحابه و قد قالوا له:يابن رسول الله إنّ أمير المؤمنين عليه السّلام ذكر من أمر المختار و لم يقل متي يكون قتله لمن يقتل؟فقال:يوم كذا إلي ثلاث سنين من قولي هذا و سيؤتي

ص: 131

برأس ابن زياد و شمر في يوم كذا و كذا و نحن نأكل و هما بين أيدينا ننظر إليهما،فلمّا كان اليوم الذي أخبرهم أنّه يكون فيه القتل كان مع أصحابه علي مائدة إذ قال لهم:طيّبوا أنفسكم أنّكم تأكلون و بنو اميّة يقصدون يقتلهم المختار و سيؤتي برأسين يوم كذا و كذا،فلمّا كان في ذلك اليوم أتي بالرأسين لمّا أراد أن يقعد للأكل،فلمّا رآهما سجد و قال:الحمد لله الذي لم يمتني حتّي أراني.

و كان في مائدته حلوي و ذلك اليوم اشتغل الخدم برؤية الرأسين فقال أصحابه:و لم يعمل اليوم الحلوي؟

فقال عليّ بن الحسين عليهما السّلام:لا تريدوا حلوي أحلي من نظرنا إلي هذين الرأسين ثمّ عاد إلي قول أمير المؤمنين عليه السّلام قال:و ما للكافرين و الفاسقين عند الله أعظم و أوفي (1).

و روي الكشي عن أبي جعفر عليه السّلام قال:لا تسبّوا المختار فإنّه قتل قتلتنا و طلب بثأرنا و زوّج أراملنا و قسّم فينا المال علي العمرة.

***

تأويل القدح في المختار

قيل:القدح في شأن المختار إن صحّ يكون المراد منه ما وقع منه كما سيأتي من دعوة الناس إلي البيعة لطلب الثأر لأنّهم كانوا لا يبايعونه إلاّ أن يقولوا له:أنت مأمور من محمّد بن عليّ بن الحنفية و من عليّ بن الحسين فكان يزيد في الكلام عنهما لمصلحة طلب الثأر فيكون من باب الكذب رعاية للمصالح الشرعيّة مع وقوع أصل الإذن منهما و سيأتي التصريح به.

و روي الكشّي أيضا عن عبد الله بن شريك قال:دخلنا علي أبي جعفر عليه السّلام يوم النحر إذ دخل عليه شيخ من أهل الكوفة فتناول يده ليقبّلها فمنعه،ثمّ قال:من أنت؟

فقال:الحكم بن المختار فقرّبه إليه ثمّ قال:إنّ الناس قد أكثروا في أبي و القول و الله قولك قال:أيّ شيء يقولون؟

قال:يقولون كذّاب.

فقال:سبحان الله أخبرني أبي و الله أنّ مهر أمي كان ممّا بعث به المختار أو لم بين دورنا و قتل قاتلينا و طلب بدمائنا فرحمه الله،و أخبرني و الله أبي أنّه كان ليتمّ عند فاطمة بنت عليّ يمهّد لها الفراش و يثني لها الوسائد و منها أصاب الحديث رحم الله أباك رحم الله أباك ما ترك لنا حقّا عند أحد إلاّ طلبه و قتل قتلتنا و أخذ بدمائنا (2).

ص: 132


1- مدينة المعاجز:338/4.
2- جامع الرواة:221/2.

و عن الأصبغ قال:رأيت المختار علي فخذ أمير المؤمنين عليه السّلام و هو يمسح رأسه و يقول:يا كيس يا كيس (1).

و قال الكشي:إنّ المختار هو الذي دعا الناس إلي محمّد بن الحنفيّة و سمّوا الكيسانية و هم المختارية و كان لقبه كيسان (2).

قيل:يجوز أنّه دعا الناس بإمامة محمّد بن علي أوّل الأمر لأنّه الأكبر بعد الحسين ثمّ تحقّق له الأمر أنّ الإمام هو عليّ بن الحسين،فرجع إليه و بقي علي ذلك الاعتقاد الأوّل قوم و يجوز أن يكون دعوته إلي محمّد بن عليّ باعتبار أخذ الثأر يعني أنّ محمّدا أمره بطلب الثأر من قبل ابن أخيه و يجوز أن يكون لقب بكيسان لقول أمير المؤمنين عليه السّلام له:يا كيس يا كيس و علي كلّ قول شاهد إمّا من الحديث أو من الأثر.

و قال الشيخ حسن بن سليمان في كتاب المختصر:قيل:بعث المختار إلي عليّ بن الحسين عليهما السّلام بمائة ألف درهم فكره أن يقبلها و خاف أن يردّها فتركها في بيت،فلمّا قتل المختار كتب إلي عبد الملك يخبره بها فكتب إليه خذها طيّبة هنيئة فكان علي يلعن المختار و يقول كذب علي الله و علينا لأنّ المختار كان يزعم أنّه يوحي إليه (3).

قيل:هذا الكلام آثار التقية عليه لائحة باعتبار أنّ عليّ بن الحسين عليهما السّلام أخبر عبد الملك بالدراهم و وجه التقيّة أنّه لمّا قتل المختار و استقلّ الملك لبني اميّة كانوا يتّهمون أهل البيت عليهم السّلام بأمر المختار و أنّ خروجه و قتله لبني اميّة كان من جهة أمرهم له بالخروج فكانوا يلعنونه كما كان الصادق عليه السّلام يلعن زرارة و يقول لابنه عيدان:لعني لأبيك يكتب له في صحيفته حسنات.

و قيل في حكاية أنّه يوحي إليه أنه ورد في صفات المختار إنّه كان شجاعا مدبّرا و كان عنده غلام سمّاه جبرئيل فكان يشاوره في اموره و يكلّمه و يخرج إلي الناس و يقول لهم:قال لي جبرئيل و كلّمت جبرئيل يوهم الناس أنّه يوحي إليه حتّي قويت شوكته و استحكمت له الامور و إلاّ فهو بريء من هذا الاعتقاد.

و قال الشيخ الفاضل جعفر بن محمّد بن نما في رسالة أخذ الثأر التي نزّه فيها المختار ما زال السلف يتباعدون عن زيارة المختار و يتقاعدون عن إظهار فضيلته و نسبوه إلي القول بإمامة محمّد بن الحنفيّة و رفضوا زيارة قبره مع قربه من الجامع و أنّ قبّته لكلّ من خرج من قبر مسلم بن عقيل كالنجم اللاّمع و كان محمّد بن الحنفيّة أكبر من زين العابدين عليه السّلام سنّا لكنّه يقول بإمامة ابن أخيه.

كما رويته عن أبي مجير عالم الأهواز و كان يقول بإمامة ابن الحنفيّة قال:حججت فلقيت5.

ص: 133


1- البحار:344/45 ح 11.
2- شرح أصول الكافي:125/6.
3- البحار:346/45.

إمامي فمرّ به غلام شاب فقام إليه و قبّل ما بين عينيه و خاطبه بيا سيّدي و مضي الغلام،فقلت له:إنّا نعتقد أنّك الإمام المفترض الطاعة و تقول لهذا الغلام يا سيّدي؟

فقال:نعم هو إمامي و ابن أخي عليّ بن الحسين،إعلم أنّي نازعته الإمامة فقال لي:أترضي بالحجر الأسود حكما بيني و بينك؟فقلت:و كيف نتحاكم إلي حجر جماد؟

فقال:إنّ إماما لا يكلّمه الجماد ليس بإمام فقصدنا الحجر و صلّينا عنده فتقدّم و قال:أسألك بالذي أودعك مواثيق العباد لتشهد لهم بالموافاة إلاّ ما أخبرتنا من الإمام منّا،فنطق الحجر و قال:يا محمّد سلّم الأمر إلي ابن أخيك فهو أحقّ به منك و هو إمامك فأذعنت بإمامته.

قال مجير:فدنت أنا بإمامة عليّ بن الحسين و تركت القول بالكيسانية و الأخبار في ذلك كثيرة، مع أنّ إبراهيم الأشتر كان معاونا للمختار في أخذ الثأر و لم يقل أحد فيه قدحا و لو علم أنّ المختار كيسانيّا لما أطاعه في شيء من الامور.

ثمّ قال ابن نما:كان أبو عبيدة أبا المختار يتنوق في طلب النساء فأبي أن يتزوّج من قومه فأتاه آت في منامه فقال:تزوج دومة الحسناء فأخبر أهله فقالوا:قد أمرت فتزوّج دومة بنت وهب فتزوّجها،فلمّا حملت بالمختار قالت له:رأيت في النوم قائلا يقول شعرا:

ابشر بالولد أشبه شيء بالأسد

إذ الرجال في كبد تقاتلوا علي بلد

كان له الحظّ الأشد

و حضر مع أبيه وقعة قيس الناطف و هو ابن ثلاث عشرة و كان يريد القتال فيمنعه عمّه فنشأ مقداما شجاعا لا يتّقي شيئا و تعالي معالي الامور و كان ذا عقل وافر و جواب حاضر (1).

و عن أبي حمزة الثمالي قال:كنت أزور عليّ بن الحسين في كلّ سنة مرّة في وقت الحجّ فأتيته سنة فإذا علي فخذه صبيّ فوقع علي عتبة الباب فانشج فوثب إليه و جعل ينشّف دمه و يقول:إنّي اعيذك أن تكون المصلوب في الكناسة،قلت:في أيّ الكناسة؟

قال:كناسة الكوفة،و لئن عشت بعدي لترين هذا الغلام في ناحية من نواحي الكوفة و هو مقتول مدفون منبوش مصلوب في الكناسة ثمّ ينزل فيحرق و يذرّي في البرّ،فقلت:ما اسمه؟

قال:زيد،ثمّ دمعت عيناه و قال:لأحدّثنّك بحديث ابني هذا؛بينا أنا ليلة اصلّي ذهب فيّ النوم فرأيت كأنّي في الجنّة و كان رسول الله و عليّا و فاطمة و الحسن و الحسين صلوات الله عليهم قد زوّجوني حوراء العين فواقعتها و اغتسلت عند سدرة المنتهي و هتف هاتف ليهنّك زيد فاستيقظت5.

ص: 134


1- البحار:350/45.

لصلاة الفجر فدقّ الباب رجل فخرجت إليه فإذا معه جارية فقال:أنا رسول المختار يقرئك السلام و يقول:وقعت هذه الجارية في ناحيتنا فاشتريتها بستّمائة دينار و هذه ستّمائة دينار استعن بها علي دهرك،فقلت:ما اسمك؟

قالت:حوراء،فهيّؤوها لي وبت بها عروسا فعلقت بهذا الغلام فسمّيته زيدا و ستري ما قلت لك.

قال أبو حمزة:فو الله لقد رأيت كلّ ما قاله عليه السّلام في زيد فما زال المختار ينشر فضائل أهل البيت مع حداثة سنّه،ففي بعض الأيّام لقيه معبد بن خالد فقال:يا معبد إنّ أهل الكتب ذكروا أنّهم يجدون رجلا من ثقيف يقتل الجبّارين و ينصر المظلومين و يأخذ بثأر المستضعفين و وصفوا صفته و هي كلّها في غير خصلتين إنّه شاب و قد جاوزت الستّين و أنّه رديء البصر و أنا أبصر من عقاب،فقال معبد:أمّا السنّ فإن ابن ستّين و سبعين عند أهل ذلك الزمان شاب و أمّا بصرك فما تدري ما يحدث الله فيه فلم يزل حتّي مات معاوية و ولّي يزيد و وجّه الحسين عليه السّلام مسلم بن عقيل إلي الكوفة فأسكنه المختار داره و بايعه فلمّا قتل مسلم سعي بالمختار إلي ابن زياد فأحضره فقال له:أنت المبايع لأعدائنا؟فشهد له ابن حريث إنّه لم يفعل.

فقال:لو لا شهادة هذا لقتلتك و شتمه و ضربه بقضيب فشتر عينه و حبسه و حبس عبد الله بن الحارث بن عبد المطّلب و كان في الحبس ميثم التمّار فطلب عبد الله حديدة يزيل بها شعر بدنه و قال:لا آمن ابن زياد يقتلني فأكون قد ألقيت ما عليّ من الشعر.

فقال المختار:و الله لا يقتلك و لا يقتلني و لا يأتي عليك إلاّ قليل حتّي تلي البصرة.

فقال ميثم للمختار:و أنت تخرج ثائرا بدم الحسين فتقتل هذا الذي يريد قتلنا و تطأ بقدميك علي و جنتيه،و لم يزل ذلك يتردّد في صدره حتّي قتل الحسين عليه السّلام فكتب المختار إلي اخته صفية و كانت زوجة عبد الله بن عمر تسأله مكاتبة يزيد بن معاوية فكتب إليه.

فقال يزيد:تشفع أبو عبد الرحمن و كلّمته هند بنت أبي سفيان في عبد الله بن الحارث و هي خالته فكتب إلي عبيد الله فأطلقهما بعد أن أجّل المختار ثلاثة أيّام ليخرج من الكوفة و إن تأخّر عنها ضرب عنقه فخرج هاربا نحو الحجاز حتّي إذا صار بواقصة لقيه ابن زهير فقال:ما لي أري عينك؟

قال:فعل ذلك بي ابن زياد قتلني الله إن لم أقتله و أقطع أعضاءه و لأقتلنّ بالحسين عدد الذين قتلوا بيحيي بن زكريا و هم سبعون ألفا،ثمّ قال:و الذي أنزل القرآن و كره العصيان لأقتلن العصاة:

ازد عمان و مذحج و همدان و مهد و خولان و بكر و هران و قبائل قيس غيلان غضبا لابن بنت نبي الرحمن فلم يزل علي ذلك حتّي مات يزيد و خلف أحد عشر ولدا و عمره ثمان و ثلاثون سنة و مدّة خلافته سنتان و ثمانية أشهر و لمّا خلع معاوية نفسه عن الخلافة بويع في تلك السنة لعبد الله بن الزبير بالحجاز و لمروان بن الحكم بالشام و لعبيد الله بن زياد بالبصرة.

ص: 135

و أمّا أهل العراق فإنّهم وقعوا في الأسف علي ترك نصرة الحسين عليه السّلام و كان عبيد الله بن الحرّ الجعفي من أشراف أهل الكوفة و قد ندبه الحسين إلي الخروج معه فلم يفعل ثمّ تداخله الندم فقال، شعرا:

فيالك حسرة ما دمت حيّا تردّد بين حلقي و التراقي

غداة حسين يطلب بذل نصري علي أهل الضلالة و الشقاق

غداة يقول لي بالقصر قولا أتتركنا و تزمع بالفراق

و لو أنّي اواسيه بنفسي لنلت كرامة يوم التلاق

مع ابن المصطفي نفسي فداه تولّي ثمّ ودّع بانطلاق

فلو فلق التلهّف قلب حيّ لهم اليوم قلبي بانفلاق

فقد فاز الأولي نصروا حسينا و خاب الآخرون إلي النفاق

و لم يكن في العراق من يصلح للقتال و النجدة إلاّ قبائل الكوفة،فأوّل من نهض سليمان ابن صرد الخزاعي و كانت له صحبة مع النبيّ صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و المسيّب بن نجبة الضراري و هو من كبار الشيعة و له صحبة مع عليّ عليه السّلام و عبد الله بن سعد و رفاعة بن شداد و جماعة فاجتمعوا في دار سليمان فبدأ سليمان بالكلام فقال بعد الحمد و الثناء:أمّا بعد فقد ابتلينا بطول العمر ثمّ قال في كلامه:إنّ الله اختبرنا فوجدنا كذّابين في نصر ابن بنت رسول الله و لا عذر دون أن تقتلوا قاتليه فعسي ربّنا أن يعفو عنّا.

قال رفاعة بن شدّاد:قد هداك الله ثمّ إنّهم اتّفقوا علي سليمان شيخا لهم.

و قال المسيّب:أصبتم و أنا أري الذي رأيتم فاستعدّوا للحرب،و كتب سليمان إلي من كان بالمدائن من الشيعة يدعوهم إلي أخذ الثأر فكتبوا إليه بالقبول (1).

و ذكر الطبري في تاريخه:أنّ أوّل ما ابتدأ به الشيعة من أمرهم سنة إحدي و ستّين و هي السنة التي قتل فيها الحسين فما زالوا في جمع آلة الحرب و الإستعداد للقتال حتّي مات يزيد و كان بين مقتل الحسين عليه السّلام و هلاك يزيد ثلاث سنين و شهران و أربعة أيّام و كان أمير العراق عبيد الله و خليفته بالكوفة عمرو بن حريث و كان عبد الله بن الزبير قبل موت يزيد يدعو الناس إلي طلب ثأر الحسين، فلمّا مات يزيد أظهر أنّه يدعو الناس لنفسه فخرج المختار من مكّة متوجّها إلي الكوفة،فلمّا دخل الكوفة نهارا صار لا يمرّ علي جماعة إلاّ سلّم و قال:أبشروا بالفرج فقد جئتكم بما تحبّون و أنا المسلّط علي الفاسقين و الطالب بدم أهل بيت نبيّ ربّ العالمين.4.

ص: 136


1- العوالم:674.

فقال الناس:هذا المختار نرجو به الفرج،ثمّ بعث إلي وجوه الشيعة و عرّفهم أنّه جاء من محمّد بن الحنفية للطلب بدماء أهل البيت.

فقالوا:أنت موضع ذلك غير أنّ الناس بايعوا سليمان بن صرد فهو شيخ الشيعة اليوم فلا تعجل في أمرك،فسكت المختار و أقام ينتظر ما يكون من أمر سليمان و الشيعة يدبّرون أمرهم سرّا خوفا من عبد الملك و من عبد الله بن الزبير و كان خوف الشيعة من أهل الكوفة أكثر لأنّ أكثرهم قتلة الحسين و صار المختار يثبّط الناس عن سليمان و يدعوهم إلي نفسه.

فقال عمر بن سعد و شبث بن ربعي لأهل الكوفة إنّ المختار أشدّ عليكم لأنّ سليمان إنّما خرج يقاتل عدوّكم و المختار إنّما يريد أن يثب عليكم فسيروا إليه و أوثقوه بالحديد و خلّدوه السجن فأحاطوا بداره و استخرجوه و أدخلوه السجن.

ثمّ أراد سليمان النهوض بعسكره من النخيلة مستهلّ شهر ربيع الآخر سنة خمس و ستّين و هي السنة التي أمر مروان بن الحكم أهل الشام بالبيعة من بعده لابنيه عبد الملك و عبد العزيز و جعلهما وليّي عهده.

و فيها مات مروان بدمشق و عمره إحدي و ثمانون سنة و كان عبيد الله بالعراق فنزل الجزيرة فأتاه الخبر بموت مروان و خرج سليمان ليرحل فاستقلّ عسكره فبعث من ينادي بالكوفة يا لثارات الحسين.

فسمع النداء رجل من الأزد و عنده امرأته و كانت من أجمل النساء فوثب إلي سلاحه و فرسه فقالت له زوجته:أجنّيت؟

قال:لا،و لكنّي سمعت داعي الله فأنا مجيبه و طالب بدم هذا الرجل حتّي أموت،فقالت:

إلي من تودع بيتك هذا؟

قال:إلي الله،اللّهم إنّي أستودعك ولدي و أهلي،اللّهم احفظني فيهم و تب عليّ ممّا فرّطت في نصرة ابن بنت نبيّك،ثمّ نادوا يا لثارات الحسين في الجامع فخرج جمع كثير إلي سليمان و عزم علي المسير إلي الشام لمحاربة ابن زياد فقال له عبد الله بن سعد:إنّ قتلة الحسين كلّهم بالكوفة منهم عمر بن سعد و أشراف القبائل و ليس بالشام سوي عبيد الله بن زياد فلم يوافق إلاّ علي المسير فخرج عشية الجمعة فأصبحوا عند قبر الحسين عليه السّلام فأقاموا يوما و ليلة يصلّون و يستغفرون ثمّ ضجّوا ضجّة واحدة بالبكاء و العويل فلم ير مثله يوما و ازدحموا عند الوداع علي قبره و قام وهب الجعفي باكيا علي القبر و أنشد،شعرا:

تبيت السكاري من اميّة نوّما و بالطفّ قتلي ما ينام حميمها

و أضحت قناة الدّين في كفّ ظالم إذا اعوجّ منها جانب لا يقيمها

ص: 137

فساروا إلي هيت ثمّ إلي قرقيسيا و بلغهم أنّ أهل الشام في عدد كثير،ثمّ إنّ سليمان و عظهم و قال:إن قتلت فأميركم المسيّب بن نجبة فإن اصيب المسيّب فالأمير عبد الله بن وال فإن قتل فالأمير رفاعة بن شدّاد،ثمّ بعث سليمان المسيب في أربعة آلاف رائدا و أن يشنّ عليهم الغارة،فلمّا قرب منهم قال الأعرابي:كم بيننا و بين القوم؟

قال:ميل و من ورائهم الحصين بن نمير في أربعة آلاف و من ورائهم الصلت في أربعة آلاف و جمهور العسكر مع ابن زياد فساروا حتّي أشرفوا علي عسكر الشام.

فقال المسيب لأصحابه:كرّوا عليهم فحمل عليهم عسكر العراق فانهزموا و قتل منهم خلق كثير و غنموا منهم غنيمة عظيمة و رجعوا إلي سليمان و وصل الخبر إلي ابن زياد فسرّح إليهم الحصين بن نمير في عشرين ألفا و عسكر العراق ثلاثة آلاف و مائة فحمل عليهم عسكر العراق فهزموهم و ظفروا بهم و حجز الليل بينهم ثمّ قاتلوهم ثلاثة أيّام فأمر الحصين أهل الشام برمي النبل فجاءت السهام كالشرار المتطاير فقتل سليمان(رحمه الله)ثمّ أخذ الراية المسيّب فقاتل قتالا خرّت له الأذقان ثلاث مرّات فلم يزل يكرّ عليهم فيفرّون حتّي تكاثروا عليه فقتلوه ثمّ أخذ الراية عبد الله بن سعد و قاتل أشدّ قتال حتّي قتل و تقدّم عبد الله بن وال فقاتل حتّي قطعت يده اليسري فبينما هم كذلك إذ جاءتهم العسكر من البصرة و من المدائن فاشتدّت قلوب أهل العراق و اجتمعوا و كبّروا و اشتدّ القتال حتّي بان في أهل العراق الضعف و الذلّة و تحدّثوا في ترك القتال.

ثمّ عاد أهل الكوفة و أهل البصرة و أهل المدائن إلي بلادهم و المختار محبوس فكتب إلي أصحاب سليمان:

أمّا بعد فإنّ الله عظّم لكم الأجر و حطّ عنكم الوزر و انّي لو خرجت إليكم جرّدت فيما بين المشرق و المغرب من عدوّكم بالسيف بإذن الله إلي آخر الكتاب فوقف عليه جماعة من رؤوساء القبائل و فرحوا به و كتبوا إليه إن شئت أن نأتيك حتّي نخرجك من الحبس فكتب إليهم إنّي أخرج في أيّامي هذه و قد كان المختار بعث إلي عبد الله بن عمر بأن يكتب إلي عبد الله بن يزيد و إبراهيم بن محمّد بالخلاص من أيديهما فكتب ابن عمر إليهما بخلاص المختار فطلبوا منه كفلاء بأن لا يخرج عليهم و حلّفاه فإن هو خرج فعليه ألف بدنة ينحرها عند باب الكعبة و مماليكه أحرار فخرج و جاء إلي داره و قال:قاتلهم الله ما أجهلهم حيث يرون أنّي أفي لهم بأيماني هذه.

أمّا الحلف فتركه إلي ما هو خير منه جائز،و أمّا هدي ألف بدنة فهو هيّن عليّ.

و أمّا عتق مماليكي فإذا أخذت الثأر وددت أنّي لا أملك مملوكا أبدا.

و لمّا استقرّ في داره اختلفت الشيعة إليه.

و كان قد بويع له و هو في السجن و لم يزل أمرهم يقوي حتّي عزل عبد الله ابن الزبير الواليين

ص: 138

من قبله و هما عبد الله بن يزيد و إبراهيم بن محمّد المذكورين و بعث عبد الله بن مطيع واليا إلي الكوفة و الحارث بن عبد الله علي البصرة فأراد المختار أن يثب علي أهل الكوفة حتّي قال جماعة من أصحابه إنّ المختار يريد الخروج بنا للثأر و قد بايعناه و لا نعلم أرسله إلينا محمّد بن الحنفية أم لا، فقوموا نخبره.

و جاؤوا إلي ابن الحنفية و قالوا له:إنّ المختار قدم و يزعم أنّه جاءنا من قبلكم للأخذ بثأر الحسين عليه السّلام فبايعناه علي ذلك فإن أمرتنا اتّبعناه،فقال:قوموا إلي إمامي و إمامكم عليّ بن الحسين، فلمّا دخلوا عليه أخبر محمّد بما جاؤوا به فقال:يا عمّ لو أنّ عبدا زنجيا تعصّب لنا أهل البيت لوجب علي الناس معاونته و قد ولّيتك هذا الأمر فاصنع ما شئت (1).

فخرجوا و هم يقولون أذن لنا زين العابدين و محمّد بن الحنفيّة.

و كان المختار علم بخروجهم إلي محمّد و كان يريد النهوض قبل قدومهم،فلمّا قدموا و أخبروه قال:إجمعوا لي الشيعة و فجمعوهم و أخبروهم بأنّ عليّ بن الحسين و عمّه راضيان بأخذ الثأر و عرّفه قوم أنّ جماعة من أهل الكوفة مجتمعون علي قتالك مع ابن مطيع و متي جاء معنا إبراهيم بن الأشتر رجونا القوّة علي عدوّنا لأنّ له عشيرة.

فقال ألقوه و قولوا له،فلمّا قالوا له قال:أجبتكم علي أن تولّوني الأمر.

قالوا:أنت أهل و لكن المختار جاءنا من قبل إمام الهدي و من نائبه محمّد بن الحنفيّة و هو المأذون له في القتال فلم يجب و انصرفوا و عرفوا المختار فأتي المختار بالشيعة إلي بيت إبراهيم و جلس إلي فراشه و قال:هذا كتاب محمّد بن أمير المؤمنين يأمرك أن تنصرنا فأخذه إبراهيم و فضّ ختمه فإذا الكتاب إليه من محمّد يأمره بالقتال مع المختار لأخذ الثأر.

فلمّا قرأ الكتاب بايع المختار و صار يتردّد إليه مع شيعته و أجمع رأيهم أن يخرجوا شهر ربيع الآخر سنة ستّ و ستّين و كان إياس أمير الكوفة من قبل عبد الله بن مطيع فقالوا له:إنّ المختار خارج عليك فخذ حذرك ثمّ خرج إياس مع الحرث و بعث ولده راشد إلي الكناسة.

ثمّ إنّ إبراهيم بن الأشتر خرج إلي ابن إياس و طعنه في نحره و احتزّ رأسه و أقبل به إلي المختار فاستبشر تفاؤلا بالنصر و خرجت الشيعة من دورهم يتداعون إلي الطعان لأخذ الثأر،شعر:

و لمّا أقبلت كتائب من أشياع آل محمّد

و قد لبسوا فوق الدروع قلوبهم و خاضوا بحار الموت في كلّ مشهد

هم نصروا سبط النبيّ و رهطه و دانوا بأخذ الثأر من كلّ ملحد5.

ص: 139


1- البحار:365/45.

ففازوا بجنّات النّعيم و طيبها و ذلك خير لمن لجين و عسجد

و لو أنّني يوم الهياج لدي الوغي لأعملت حدّ المشرفي المهنّد

فوا أسفا إذ لم أكن من حماته فأقتل فيهم كلّ باغ و معتدي

قال الوالبي و حميد بن مسلم:خرجنا مع المختار و نادي ابن مطيع في أصحابه فبعث شبث بن ربعي في ثلاثة آلاف و راشد بن إياس في أربعة آلاف و العجلي في ثلاثة آلاف و تتابعت العساكر نحوا من عشرين ألفا و سمع المختار أصواتا مرتفعة فإذا هو شبث بن ربعي و معه خيل عظيم فأتي إليهم إبراهيم بن الأشتر و حمل عليهم حملة عظيمة و قتل منهم جماعة كثيرة حتّي أدخلهم الدور و حصروا الأمير ابن مطيع ثلاثا في القصر حصره إبراهيم.

فلمّا ضاق عليه الحصار خرج في زيّ امرأة حتّي صار إلي دار أبي موسي الأشعري فآووه.

و أمّا أصحابه فطلبوا الأمان و خرجوا و بايعوا و دخل المختار إلي القصر ثمّ خرج إلي الجامع و أمر بالنداء الصلاة جامعة فاجتمع الناس،ثمّ رقي المنبر و خطب و قال في خطبته:و ربّ العالمين لأقتلنّ أعوان الظالمين و بقايا القاسطين و لأحرقنّ بالمصر دورا و لأنبش بها قبورا و لأشفينّ بها صدورا و لأقتلنّ بها جبّارا كفورا،ثمّ نزل.

و دخل قصر الإمارة و انعكف عليه الناس بالبيعة و وجد في بيت المال بالكوفة تسعة آلاف ألف ففرّقها علي أصحابه.

و لمّا علم أنّ ابن مطيع في دار أبي موسي أرسل إليه عشرة آلاف درهم يستعين بها علي خروجه إلي ابن الزبير.

ثمّ إنّ المختار فرّق علي أصحابه و عزل شريحا عن القضاء و ولّي عبد الله بن عتبة بن مسعود و كان مروان بن الحكم لمّا استقامت له الشام بالطاعة بعث جيشين أحدهما إلي المختار و الآخر إلي العراق مع ابن زياد لينهب الكوفة ثلاثة أيّام فاجتاز بالجزيرة و عاملها من قبل ابن الزبير قيس غيلان ثمّ قدم الموصل و عامل المختار عليها عبد الرحمن بن سعد فوجّه عبيد الله إليه خيله و رجله فانحاز عبد الرحمن إلي تكريت و كتب إلي المختار يعرفه ذلك فكتب الجواب أن لا يفارق مكانه حتّي يأتيه أمره.

ثمّ دعي المختار يزيد بن أنس و عرفه صورة الحال و ضمّ إليه ثلاثة آلاف فارس ثمّ خرج من الكوفة و شيّعه المختار.

ثمّ كتب المختار إلي عبد الرحمن بن سعد أن:خلّ بين يزيد و بين البلاد إن شاء الله،فسار حتّي بلغ أرض الموصل و بلغ خبره إلي ابن زياد و عرف عدّتهم فقال:أرسل إلي كلّ ألف ألفين فبعث ستّة آلاف فارس فجاؤوا و يزيد مريض مدنف فأركبوه حمارا مصريّا و الرّجال يمسكونه فيقف علي الرّجال و يحثّهم علي القتال و قال:إن هلكت فأميركم و رقاء بن غارب الأسدي و وقع القتال قبل

ص: 140

شروق الشمس فلا يرتفع الضحي حتّي هزمهم عسكر العراق و أتوا يزيد بثلاثمائة أسير و قد أشفي علي الموت فأشار بيده أن اضربوا رقابهم فقتلوهم جميعا.

ثمّ مات يزيد بن أنس و اغتمّ عسكر العراق لموته و انصرفوا في جوف الليل إلي المختار و كان مع ابن زياد ثمانون ألفا من أهل الشام ثمّ إنّ المختار أمر إبراهيم الأشتر بالمسير إلي ابن زياد فخرج في جموع كثيرة حتّي نزل ساباط فتوسّم أهل الكوفة في المختار القلّة و الضعف فخرجوا عليه و جاهروه بالعداوة.

ثمّ إنّه أرسل إلي إبراهيم بالرجوع مع عسكره إلي الكوفة،فرجع و حارب أهل الكوفة و قتل منهم خلقا كثيرا ممّن حضر قتل الحسين و غيرهم.

ثمّ علم أنّ شمر بن ذي الجوشن خرج هاربا و معه نفر ممّن شرك في دم الحسين فأمر عبدا له أسود يقال له رزين و معه عشرة و كان شجاعا فبلغ إلي شمر و تقاتل معه و قتله و جاء برأسه و من معه إلي المختار و كان المختار قد تجرّد لقتلة الحسين فأوّل من بدأ به الذين وطأوا الحسين عليه السّلام بخيلهم فأنامهم علي ظهورهم و ضرب سكك الحديد في أيديهم و أرجلهم و أجري الخيل عليهم حتّي قطعتهم و حرقهم بالنار.

ثمّ أخذ رجلين اشتركا في دم عبد الرحمن بن عقيل فضرب أعناقهما ثمّ أحرقهما بالنار و بعث أبا عمرة فأحاط بدار خولي الأصبحي و هو حامل رأس الحسين إلي ابن زياد فخرجت امرأته إليهم و هي النوار بنت مالك و كانت محبّة لأهل البيت قالت:لا أدري أين هو و أشارت بيدها إلي بيت الخلاء فوجدوه و علي رأسه قوسرة فأخذوه و قتلوه ثمّ أمر بحرقه و بعث إلي حكيم بن الطفيل و كان قد أخذ سلب العبّاس فجعلوه هدفا و رموه بالسّهام و بعث إلي قاتل عليّ بن الحسين و هو مرّة العبدي فأحرقوه و هرب سنان بن أنس ثمّ أخذه بين العذيب و القادسية فقطع أنامله ثمّ يديه و رجليه و غلي له زيتا و رماه فيها و كلّ من قتله هدم داره حتّي هدم في الكوفة دورا كثيرة.

فلمّا خلي خاطره اهتمّ بعمر بن سعد و ابنه حفص فقال يوما:و الله لأقتلنّ رجلا عظيم القدمين مشرف الحاجبين يهمز الأرض برجله فسمع الهيثم قوله و وقع في نفسه أنّه عمر بن سعد فأرسل إلي ابن سعد و عرّفه قول المختار و قد أخذ لعمر أمانا حيث اختفي فيه بسم الله الرحمن الرحيم هذا أمان المختار لعمر بن سعد إنّك آمن بأمان الله إلاّ أن يحدث حدثا.

قال الإمام الباقر عليه السّلام:إنّما قصد المختار أن يحدث حدثا هو أن يدخل بيت الخلاء فيحدث (1).

و لمّا علم ابن سعد أنّ قول المختار عنه عزم علي الخروج من الكوفة فركب ناقته و خرج ثمّ نام5.

ص: 141


1- البحار للعلامة المجلسي:378/45.

علي ظهر ناقته،فرجعت و هو لا يدري حتّي ردّته إلي الكوفة فأخبروا المختار فقال:وفينا له و غدر بنا فأرسل إليه و ضرب عنقه و أتي برأسه و ابنه حفص عند المختار،فلمّا وضع الرأس قال لابنه:

تعرفه؟

قال:نعم،و لا خير في العيش بعده،فقال:إنّك لا تعيش بعده و أمر بقتله.

فقال المختار:عمر بالحسين و حفص بعليّ بن الحسين و لا سواء،و قال:لو قتلت ثلاثة أرباع قريش لما وفوا بأنملة من أنامل الحسين عليه السّلام.

و كان محمّد بن الحنفيّة يعتب علي المختار بتأخيره قتل ابن سعد فأرسل بالرأسين إلي مكّة فما تمّ كلامه إلاّ و الرأسان عنده فخرّ ساجدا و بسط كفّيه و قال:اللّهم لا تنس هذا اليوم للمختار و أجزه عن أهل بيتك محمّد خير الجزاء فو اللّه ما علي المختار بعد هذا من عتب.

ثمّ قال المختار:لم يبق عليّ أعظم من ابن زياد فأمر إبراهيم ابن الأشتر بالمسير إليه فسار إلي تكريت و نزل بها و سار إلي ما بقي أربعة فراسخ من الموصل و ابن زياد بها فخرج إليه ابن زياد في ثلاثة و ثمانين ألفا حتّي نزل قريبا من عسكر العراق و كان مع الأشتر أقلّ من عشرين ألفا،فلمّا كان في السحر عبّأ إبراهيم أصحابه فزحفوا إلي أهل الشام و التقي الجمعان فدخل علي أهل الشام من أهل العراق مدخل عظيم،ثمّ تقدّم إبراهيم و نادي ألا يا أنصار الدّين قاتلوا أولاد القاسطين لا تطلبوا أثرا بعد عين هذا عبيد الله بن زياد قاتل الحسين ثمّ حمل علي أهل الشام و ضرب فيهم بسيفه و اختلط العسكران و شبّت فيهم نار الحرب إلي أن صلّوا بالإيماء صلاة الظهر و اشتغلوا بالقتال إلي أن تجلي صدر الدجي بالأنجم الزهر و انقضّ عليهم أهل العراق انقضاض العقبان علي الرخم و جالوا فيهم جولان الذئب علي الغنم فولّي عسكر الشام و صبغ الأرض بدمائهم.

قال إبراهيم:و احمرّ رجل أحمر في كبكبة فدنا منّي فضربت يده فسقط فوجدت رائحة المسك تفور منه فاحتزّوا رأسه و إذا هو ابن زياد فقال إبراهيم:الحمد لله الذي أجري قتله علي يدي في يوم عاشوراء و عمره دون الأربعين و أصبح الناس فغنموا غنيمة عظيمة و كان المختار قد سار من الكوفة يتطلّع أحوال إبراهيم فأتته البشري بقتل ابن زياد و أصحابه فكاد يطير فرحا و رجع إلي الكوفة مسرورا.

و قال أبو عمر البزّاز:كنت مع إبراهيم الأشتر لمّا لقي ابن زياد بالخارز فعددنا القتلي بالقصب لكثرتهم فكانوا سبعين ألفا و صلب عبيد الله بن زياد منكسا فكأنّي أنظر إلي خصيه كأنّهمنا جعلان و بعث إبراهيم برأس ابن زياد و أهل الشام و في آذانهم رقاع أسمائهم فقدموا عليه و هو يتغدّي فوطأ وجه ابن زياد بنعله ثمّ أمر بحمل الرؤوس إلي مكّة إلي محمّد بن الحنفيّة و عليّ بن الحسين (1).

و عن أبي عبد الله عليه السّلام قال:ما اكتحلت هاشميّة و لا اختضبت و لا رؤي في دارها شمي دخّان5.

ص: 142


1- البحار للعلامة المجلسي:385/45.

خمس سنين و كانت ولاية المختار ثمانية عشر شهرا أوّلها أربع عشرة ليلة خلت من ربيع الأوّل سنة ستّ و ستّين و آخرها النصف من شهر رمضان سنة سبع و ستّين و عمره سبع و ستّون سنة (1).

***

معني الشهادة و أجرها

اشارة

عن اسحاق بن عمار قال:سمعت أبا عبد الله عليه السّلام يقول:إنّ رسول الله صلّي اللّه عليه و آله و سلّم صلّي بالناس الصبح فنظر إلي شاب في المسجد و هو يخفق و يهوي برأسه مصفرا لونه قد نحف جسمه و غارت عيناه في رأسه فقال له رسول الله صلّي اللّه عليه و آله و سلّم كيف أصبحت يا فلان؟قال:أصبحت يا رسول الله موقنا فعجب رسول الله صلّي اللّه عليه و آله و سلّم من قوله و قال:إنّ لكل يقين حقيقة فما حقيقة يقينك؟فقال:إنّ يقيني يا رسول الله هو الذي أحزنني و أسهر ليلي و اظمأ هواجري فعزفت نفسي عن الدنيا و ما فيها حتي كأني أنظر إلي عرش ربي و قد نصب للحساب و حشر الخلائق لذلك و أنا فيهم و كأني أنظر إلي أهل الجنة يتنعمون في الجنة و يتعارفون و علي الأرائك متكئون و كاني أنظر إلي أهل النار و هم فيها معذبون مصطرخون و كاني الآن أسمع زفير النار يدور في مسامعي فقال رسول الله صلّي اللّه عليه و آله و سلّم لأصحابه:هذا عبد نوّر الله قلبه بالإيمان ثمّ قال له:إلزم ما أنت عليه،فقال الشاب:أدع الله لي يا رسول الله أن أرزق الشهادة معك فدعي له رسول الله صلّي اللّه عليه و آله و سلّم فلم يلبث أن خرج في بعض غزوات النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم فاستشهد بعد تسعة نفر و كان هو العاشر (2).

عن أبي بصير،عن أبي عبد الله عليه السّلام قال:إستقبل رسول الله صلّي اللّه عليه و آله و سلّم حارثة بن مالك بن النعمان الأنصاري،فقال له:كيف أنت يا حارثة بن مالك؟فقال:يا رسول الله مؤمن حقا.

فقال له رسول الله صلّي اللّه عليه و آله و سلّم:لكلّ شيء حقيقة فما حقيقة قولك؟فقال:يا رسول الله عزفت نفسي عن الدنيا فأسهرت ليلي و أظمأت هواجري و كأنّي أنظر إلي عرش ربّي و قد وضع للحساب و كأنّي أنظر إلي أهل الجنة يتزاورون في الجنة و كأنّي أسمع عواء أهل النار في النار،فقال له رسول الله صلّي اللّه عليه و آله و سلّم:عبد نوّر الله قلبه أبصرت فاثبت،فقال:يا رسول الله ادع الله لي أن ارزق الشهادة معك، فقال:اللهم ارزق حارثة الشهادة،فلم يلبث إلاّ أيّاما حتي بعث رسول الله صلّي اللّه عليه و آله و سلّم سرية فبعثه فيها فقاتل فقتل تسعة أو ثمانية ثمّ قتل.

و في رواية القاسم بن بريد عن أبي بصير قال:استشهد مع جعفر بن أبي طالب بعد تسعة نفر و كان هو العاشر (3).

ص: 143


1- البحار للعلامة المجلسي:386/45.
2- الكافي:53/2 ح 2.
3- الكافي:54/2 ح 3.

عن سعد بن سعد،عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام قال:سألته عن قول أمير المؤمنين صلوات الله عليه:«و الله لألف ضربة بالسيف أهون من موت علي فراش»قال:في سبيل الله (1).

و عن ابن محبوب رفعه أنّ أمير المؤمنين عليه السّلام خطب يوم الجمل فحمد الله و أثني عليه ثمّ قال:

أيّها الناس إنّي أتيت هؤلاء القوم و دعوتهم و احتججت عليهم فدعوني إلي أن أصبر للجلاد و أبرز للطعان فلأمهم الهبل و قد كنت و ما أهدد بالحرب و لا أرهب بالضرب أنصف القارة من راماها فلغيري فليبرقوا و ليرعدوا فأنا أبو الحسن الذي فللت حدهم و فرّقت جماعتهم و بذلك القلب ألقي عدوي و أنا علي ما وعدني ربي من النصر و التأييد و الظفر و إني لعلي يقين من ربي و غير شبهة من أمري،أيّها الناس إنّ الموت لا يفوته المقيم و لا يعجزه الهارب ليس عن الموت محيص و من لم يمت يقتل و إن أفضل الموت القتل و الذي نفسي بيده لألف ضربة بالسيف أهون عليّ من ميتة علي فراش،وا عجبا لطلحة ألّب الناس علي ابن عفان حتي إذا قتل أعطاني صفقته بيمينه طائعا ثمّ نكث بيعتي اللهم خذه و لا تمهله و إنّ الزبير نكث بيعتي و قطع رحمي و ظاهر عليّ عدوي فاكفنيه اليوم بما شئت (2).

عن النوفلي،عن السكوني،عن أبي عبد الله عليه السّلام قال:قال رسول الله صلّي اللّه عليه و آله و سلّم:فوق كلّ ذي برّ برّ حتي يقتل المرء في سبيل الله فإذا قتل في سبيل الله فليس فوقه برّ (3).

عن أبي حمزة قال:سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول:إنّ علي بن الحسين عليه السّلام كان يقول:قال رسول الله صلّي اللّه عليه و آله و سلّم:ما من قطرة أحب إلي الله من قطرة دم في سبيل الله (4).

عن السكوني،عن أبي عبد الله عليه السّلام قال:قيل للنبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم:ما بال الشهيد لا يفتن في قبره؟ فقال النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم:كفي بالبارقة فوق رأسه فتنة (5).

عن أبي بصير قال:قال أبو عبد الله عليه السّلام:من قتل في سبيل الله لم يعرّفه الله شيئا من سيئاته (6).

عن أبي بصير قال:قلت لأبي عبد الله عليه السّلام:أيّ الجهاد أفضل؟قال:من عقر جواده و أهرق دمه في سبيل الله.

الرضي رفعه إلي أمير المؤمنين عليه السّلام انّه قال:ما المجاهد الشهيد في سبيل الله بأعظم أجرا ممن قدر فعفّ،لكاد العفيف أن يكون ملكا من الملائكة (7).4.

ص: 144


1- الكافي:53/5 ح 1.
2- الكافي:53/5 ح 4.
3- الكافي:53/5 ح 2.
4- الكافي:53/5 ح 3.
5- الكافي:54/5 ح 5.
6- الكافي:54/5 ح 6 و 7.
7- نهج البلاغة:الحكمة 474.

حياة الشهداء

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَ الصَّلاةِ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصّابِرِينَ، وَ لا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْواتٌ بَلْ أَحْياءٌ وَ لكِنْ لا تَشْعُرُونَ (1)

روي عن ابن عباس أن الآية نزلت في قتلي بدر،و عددهم أربعة عشر،ستة من المهاجرين و ثمانية من الأنصار.و بعد انتهاء الغزوة قال بعض المسلمين عن هؤلاء الشهداء إنّهم«أموات»فنهت الآية عن ذلك.

بيّن الإسلام منزلة الشهادة في الآية و آيات اخري لتكون عاملا فعّالا هامّا علي ساحة المواجهة بين الحق و الباطل.و هو أمضي من أي سلاح و أقوي من كل المؤثرات،و هو قادر علي أن يجابه أخطر الأسلحة و أفتكها في عصرنا الراهن،و تجربة الثورة الإسلامية في إيران أثبتت ذلك بوضوح.

و قد شاهدنا بأم أعيننا إنتصار المندفعين نحو الشهادة-بالرغم من ضعف إمكاناتهم المادية-علي أعتي القوي المتجبّرة.

و لو ألقينا نظرة علي تاريخ الإسلام،و الملاحم التي سطرها المسلمون في جهادهم الدّامي، و التضحيات التي قدمها المجاهدون علي طريق الرسالة،لألفينا أن الدافع الأساس لكل هذه التضيحات هو درس الشهادة الذي لقنه الإسلام لأبنائه،و بموجبه آمنوا أن الشهادة علي طريق الله و طريق الحق و العدالة لا تعني الفناء،بل السعادة و الحياة الخالدة.

المقاتلون الذين تلقّوا مثل هذا الدرس في مثل هذه المدرسة الكبري،لا يقاسون بالمقاتلين العاديين الذين يفكّرون في صيانة أرواحهم.أولئك يحاربون من أجل الرسالة و يندفعون بشوق عظيم نحو كسب و سام الشهادة.

***

الشّهداء أحياء

الآيات السابقة عرضت مفاهيم التعليم و التربية و الذكر و الشكر،و هي مفاهيم ذات معني واسع جدا،و تتضمن أغلب التعاليم الدينية،و في الآية الاولي من آيتي بحثنا دار الحديث حول الصبر الذي لا تتحقق المفاهيم السابقة بدونه.

تقول الآية أوّلا: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَ الصَّلاةِ (2).

و اجهوا المشاكل و الصعاب بهاتين القوتين،فالنصر حليفكم: إِنَّ اللّهَ مَعَ الصّابِرِينَ.

ص: 145


1- سورة البقرة:153-154.
2- سورة البقرة:153.

خلافا لما يتصور بعض النّاس«الصّبر»لا يعني تحمل الشقاء و قبول الذلة و الإستسلام للعوامل الخارجية،بل الصبر يعني المقاومة و الثبات أمام جميع المشاكل و الحوادث.

لذلك قال علماء الأخلاق إن الصبر علي ثلاث شعب:

الصبر علي الطّاعة:أي المقاومة أمام المشاكل التي تعتري طريق الطاعة.

الصبر علي المعصية:أي الثبات أمام دوافع الشهوات العادية و ارتكاب المعصية.

الصبر علي المصيبة:أي الصمود أمام الحوادث المرّة و عدم الإنهيار و ترك الجزع و الفزع.

قلّما كرر القرآن موضوعا و أكد عليه كموضوع«الصبر»،ففي سبعين موضعا قرآنيا تقريبا دار الحديث عن الصبر.بينها عشرة تختص بالنّبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم.

تاريخ العظماء يؤكد أن أحد عوامل انتصارهم-بل أهمها-صبرهم و استقامتهم.و الأفراد الفاقدون لهذه الصفة سرعان ما ينهزمون و ينهارون.و يمكن القول أن دور هذا العامل في تقدم الأفراد و المجتمعات يفوق دور الإمكانات و الكفاءات و الذكاء و نظائرها.

من هنا طرح القرآن هذا الموضوع بعبارات مؤكدة كقوله تعالي: إِنَّما يُوَفَّي الصّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسابٍ (1).

و في موضع آخر يقول سبحانه بعد أن ذكر الصبر أمام الحوادث: إِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (2).

من خصائص الصبر أن بقية الفضائل لا يكون لها قيمة بدونه،لأن السند و الرصيد في جميعها هو الصبر،لذلك يقول أمير المؤمنين علي عليه السّلام:«و عليكم بالصّبر فإنّ الصّبر من الإيمان كالرّأس من الجسد،و لا خير في جسد لا رأس معه و لا في إيمان لا صبر معه» (3).

الروايات الإسلامية ذكرت أن أسمي مراحل الصبر ضبط النفس تتجلّي في مقاومة الإنسان عند توفّر وسائل المعاصي و الذنوب.

الآية التي يدور حولها بحثنا تؤكد للجماعة المسلمة الثائرة في صدر الإسلام خاصة أن الأعداء يحيطونهم من كل حدب و صوب،و تأمرهم أن يستعينوا بالصبر أمام الحوادث،فنتيجة ذلك استقلال الشخصية و الإعتماد علي النفس و الثّقة بالذات في كنف الإيمان بالله.و تاريخ الإسلام يشهد بوضوح2.

ص: 146


1- سورة الزمر:10.
2- سورة لقمان:17.
3- نهج البلاغة،الكلمات القصار،رقم 82.

أن هذا الأصل كان أساس كل الإنتصارات.

الموضوع الآخر الذي أكدت عليه الآية أعلاه باعتباره السند الهام إلي جانب الصبر هو «الصلاة».و روي أن عليّا عليه السّلام:«كان إذا أهاله أمر فزع قام إلي الصّلاة ثمّ تلا هذه الآية:

وَ اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَ الصَّلاةِ... » (1).

و لا عجب في ذلك،فالإنسان حين يري نفسه أمام عواصف المشاكل المضنية،و يحسّ بضعفه في مواجهتها،يحتاج إلي سند قوي لا متناه يعتمد عليه.و الصلاة تحقق الإرتباط بهذا السند،و تخلق الطمأنينة الروحية اللازمة لمواجهة التحديات.

فالآية أعلاه تطرح مبدأين هامّين:الأوّل-الإعتماد علي الله،و مظهره الصلاة،و الآخر- الإعتماد علي النفس،و هو الذي عبرت عنه الآية بالصبر.

و بعد ذكر الصبر و الإستقامة تتحدث الآية التالية عن خلود الشهداء،الذين يجسّدون أروع نماذج الصابرين علي طريق الله.

تقول الآية: وَ لا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْواتٌ ثم تؤكد هذا المفهوم ثانية بالإستدراك بَلْ أَحْياءٌ وَ لكِنْ لا تَشْعُرُونَ (2).

في كل حركة-أساسا-تنزوي مجموعة محبّة للعافية،و تبتعد عن الامّة الثائرة،و لا تكتفي هي بالتقاعس و التكاسل،بل تسعي إلي تثبيط عزائم الآخرين و بثّ الرخوة و التماهل في المجتمع.و ما إن تظهر حادثة مؤلمة حتي يعربوا عن أسفهم و ينقمون علي الحركة التي أدّت إلي هذه الحادثة، غافلين أن كل هدف مقدّس يحتاج إلي تضحيات،و تلك سنة كونية.

القرآن الكريم يتحدث عن مثل هذه الفئة مرارا و يؤنّبهم بشدّة.

ثمة أفراد من هؤلاء كانوا يتظاهرون بالتأسف و التألم علي(موت)شهيد من شهداء الإسلام في المعركة،و يبعثون بذلك القلق و الإضطراب في النفوس.

و الله سبحانه يرد علي هذه الأقاويل السامة بالكشف عن حقيقة كبري هي إن الذين يضحون بأنفسهم في سبيل الله ليسوا بأموات...هؤلآء أحياء...و يتمتعون بنعم الله و رضوانه،لكن البشر المحدودين في عالم الحسّ لا يدركون هذه الحقائق.

***4.

ص: 147


1- الكافي،نقلا عن الميزان،ج 1،ص 154.
2- سورة البقرة:154.

خلود الشّهداء

ظاهر الآية يشير إلي أنّ الشهداء يتمتعون بنوع من الحياة البرزخية الروحية،لأن أجسامهم قد تلاشت،فهم يعيشون تلك الحياة بجسم مثالي كما يقول الإمام الصادق عليه السّلام (1).

و من المفسرين من قال إنها«حياة غيبية»خاصة بالشّهداء لا تتوفر لدينا تفاصيلها و خصائصها.

و قيل إن الحياة المذكورة في الآية تعني الهداية،و الموت يعني الضلال،فتكون الآية قد نهت عن وصف الشهداء بالضلالة،بل هم مهتدون.و قيل إن الشهداء أحياء لأن هدفهم حي و رسالتهم حية.

و لكن مع الأخذ بنظر الاعتبار التّفسير الأول للحياة يتضح أن المعاني في الاخري غير مقبوله.

فلا حاجة لأن يتكلف الانسان في ذلك.

نعم ليست الحياة البرزخية مختصة بالشهداء فهم يحيون حياة برزخية روحانية،و يتنعمون كذلك بالقرب من رحمة الله و بأنواع نعمه،نعم لديهم أمور يختصون بها عن غيرهم إن من ناحية الحياة أو القرب أو الكيفية.

***

عالم الشهداء و مقام المجاهدين

خصّهم الله بباب في الجنة يقول الرسول صلّي اللّه عليه و آله و سلّم«للجنة باب يقال له باب المجاهدين»

«لا يجتمع غبار في سبيل الله و دخان جهنم» (2).

و الله يغفر للمجاهدين في سبيله جميع سيئاتهم.إنه كان مخلصا لله و يقاتل في سبيل الله لا في سبيل الأرض و الزعامات و الرئاسات و لا يقاتل و في قلبه غير الله،بل يحب أن ينال هذه الدرجة العالية و أن لا تكون نيته مشوبة بالرياء و لا بالسمعة و لا بالعجب،و أن يكون قتاله مع ولي الله إما إمام معصوم أو نائبه و إلاّ كيف يحسب من الشهداء و هو يعصي الله إن كان يتولي غير الله و وليه...

فهؤلاء اختاروا الطريق القصير الي الله أحبوا الله فأحبهم و أحب أن يلاقيهم.

أحبوا الجهاد الذي يقول الرسول فيه:«لا فضيلة كالجهاد» (3).

ص: 148


1- تفسير نور الثقلين،ج 3،ص 559.
2- وسائل الشيعة:/76/7ح 8775.
3- تحف العقول:286.

و يقول أمير المؤمنين عليه السّلام:«الجهاد عماد الدين» (1).

و قال عليه السّلام:«و من ترك الجهاد ألبسه الله ذلا في نفسه و فقرا في معيشته» (2).

و في حديث:«فمن ترك الجهاد ألبسه الله ثوب الذل و فقرا في المعيشة و محقا في دينه،إن الله أعزّ أمتي بسنابك خيولها و مركز رمحها» (3).

و هنا نريد أن نطرح جوابا للذين يقولون لا مال لدينا،نريد أن نطعم أولادنا لسنا فارغين للجهاد؟؟

الله يقول بلسان رسوله صلّي اللّه عليه و آله و سلّم:من تركه ألبسه الله لباس الذل و الفقر في معيشته،فرسول الله صلّي اللّه عليه و آله و سلّم يقول:الذي يترك الجهاد لن يغني و إن عمل مدي العمر لن تربح تجارتهم و لو تاجروا مدي العمر ما لم يجاهد،فإذا جاهد أغناه الله بفضله و إن لم يجاهد جعله فقيرا عاصيا،لأنه من يتاجر مع الله يربح:قال تعالي: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلي تِجارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَ رَسُولِهِ وَ تُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ بِأَمْوالِكُمْ وَ أَنْفُسِكُمْ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (4).

إذن التجارة الرابحة هي الجهاد في سبيل الله(بعد الإيمان)و أما الذين لا يجاهدون في سبيل الله فهم لا يتاجرون مع الله بل مع الشيطان أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدي فَما رَبِحَتْ تِجارَتُهُمْ وَ ما كانُوا مُهْتَدِينَ (5).

و اما الذين يتحججون بأشياء دنيوية بل و حتي لو كانت دينيه كالصوم و غيره فرسول الله صلّي اللّه عليه و آله و سلّم يجيبهم:«رباط يوم في سبيل الله خير من الدنيا و ما فيها» (6).

و قال صلّي اللّه عليه و آله و سلّم:«رباط يوم خير من صيام شهر و قيامه» (7).

«لئن أحرس ثلاث ليال من وراء بيضة المسلمين أحب إلي من أن تصيبني ليلة القدر في أحد المسجدين المدينة و بيت المقدس» (8).

«إن صلاة المرابط تعدل خمسمائة صلاة» (9).1.

ص: 149


1- ميزان الحكمة:444/1.
2- التهذيب:123/6.
3- منتهي المطلب للحلي:898/2.
4- سورة الصف:10-13.
5- سورة البقرة:16.
6- ميزان الحكمة:449/1.
7- ميزان الحكمة:449/1.
8- ميزان الحكمة:449/1.
9- الدر المختار للحصفكي:296/4،و ميزان الحكمة:449/1.

فأية حجة واهنة تدّعونها.

و كذا نريد أن نرد علي الكبار الذين يدّعون أنهم فوق الثلاثين او الأربعين فالإمام الصادق يردّ عليهم في تفسير قوله تعالي: اِنْفِرُوا خِفافاً وَ ثِقالاً أي شبابا و شيوخا.

و كذا من يدّعي أن الجهاد لا يليق بمكانته يقول مالي و الجهاد لا يتناسب مع مكانتي،فنقول له يا شيخ الإسلام ألست علي دين محمد صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و علي عليه السّلام و إبراهيم،ألم يكن رسول الله أول المجاهدين و أول الفائزين ألم يقل الإمام علي عليه السّلام«كنا عندما يشتد القتال كنا نلتاذ برسول الله و كان أقربنا صلّي اللّه عليه و آله و سلّم للعدو» (1).

و كذا علي بن أبي طالب عليه السّلام قتّال العرب و قاتل مرحب و قالع باب خيبر...ألم يقل الرسول محمد صلّي اللّه عليه و آله و سلّم«إن أول من قاتل في سبيل الله إبراهيم الخليل حيث أسرت الروم لوطا فنفر إبراهيم و استنقذه من أيديهم» (2).

ألسنا ندعي أننا أنصار الحسين و الحسن عليهما السّلام،فماذا فعل الحسين عليه السّلام سيد الشهداء ألم يقاتل في سبيل الله حتي عند ما كان وحيدا لم يتراجع لم يقل أن إسرائيل أقوي منا،لم يقل أن يزيدا أقوي منا.

و يزيد معه الآلاف بل مئات الآلاف.

بل قال عليه السّلام«الموت خير من ركوب العار و العار أولي من دخول النار» (3)«فإن موتا في عز خير من حياة في ذل و عجز» (4).

فإن من يدّعي أنه من أنصار الحسين عليه السّلام،و يقول بصدق يا ليتنا كنا معكم فنفوز فوزا عظيما فهذه الفرصة موجودة و هذا الجهاد مفتوح و هذه الرايات تحلق فوق قري إيران و لبنان و أفغانستان و فوق القدس تنتظر من يحملها و أصحابها الحقيقيون أولي بها،نحن أصحابها،علماؤنا أصحابها، قادتنا أصحابها.

يقول رسول الله صلّي اللّه عليه و آله و سلّم:«من آذي مؤمنا فقد آذاني و من آذاني فقد آذي الله و من آذي الله فهو ملعون في التوراة و الإنجيل و الزبور و الفرقان» (5).3.

ص: 150


1- ميزان الحكمة:2240/3،و مسند أحمد:86/1،و البحار:232/16.
2- وسائل الشيعة:/144/15ح 20176.
3- مناقب آل أبي طالب:224/3.
4- أمالي المرتضي:168/1،و الغيبة للطوسي:122.
5- روضة الواعظين:293.

فلماذا نؤذي رسول الله صلّي اللّه عليه و آله و سلّم لماذا نهين المؤمنين،ألم نعلم أن الله عزّ و جلّ يقول:«من استذل عبدي فقد بارزني بالمحاربة» (1).

و قال الإمام الصادق عن الله«ليأذن بحرب مني من آذي عبدي المؤمن» (2).

فكيف إذا كان المؤمن يجاهد؟ألم نسمع أن المجاهدين تفتح لهم السماء،يقول أمير المؤمنين علي عليه السّلام:«المجاهدون تفتح لهم أبواب السماء» (3).

ألا نخاف من أن يغضب هذا المجاهد(بغضب الله)و يقول أو يتلفظ بدعاء علينا فإن الله يستجيب له دون تردد.

يقول رسول الله صلّي اللّه عليه و آله و سلّم تأييدا لذلك:«إتقوا أذي المجاهدين في سبيل الله فإن الله يغضب لهم كما يغضب للرسل و يستجيب لهم كما يستجيب لهم». (4)

عباد الله إتقوا الله و ساعدوا المجاهدين في سبيل الله تؤجروا فعن رسول الله صلّي اللّه عليه و آله و سلّم:«من جهز غازيا بسلك أو إبرة غفر الله له ما تقدم من ذنبه و ما تأخر» (5).

تنبيه:قد يظهر مما ذكر أنه علي كل الناس أن يجاهدوا و علي كل العلماء أن يجاهدوا.حسب إطلاق الكلام لكن المقصود واضح،أما الذين أسقط الجهاد عنهم الله كالمريض أو العاجز أو الصغير فإنه خارج بلا إشكال،إنما الكلام كان علي الذين وجب عليهم فمن كان مريضا أو عاجزا فلا يجب عليه حتي لو كان هو القائد نفسه،و أبرز مثال علي ذلك الإمام زين العابدين عليه السّلام إذ عندما بقي وحيدا هو و الإمام الحسين عليه السّلام فلم يجاهد مع أبيه.كانت تلك ظروف خاصة فلأنه مريض سقط عنه الجهاد فخن في أمس الحاجة إلي الرجال و تحديد ذلك و تحديد باقي أمور الجهاد يرجع إلي القائد الولي المتصدي لذلك.

***1.

ص: 151


1- التحفة السنية للجزائري:22،و الكافي:144/1 بتفاوت.
2- الرسالة السعدية:144،و عوالي اللئالي:261/1.
3- ميزان الحكمة:445/1.
4- ميزان الحكمة:446/1.
5- مستدرك الوسائل:24/11.

حقيقة عالم الشهادة

قال تعالي: وَ لا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْواتٌ بَلْ أَحْياءٌ وَ لكِنْ لا تَشْعُرُونَ (1).

وَ لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ. فَرِحِينَ بِما آتاهُمُ اللّهُ مِنْ فَضْلِهِ.وَ يَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلاّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ.

يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللّهِ وَ فَضْلٍ وَ أَنَّ اللّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ. اَلَّذِينَ اسْتَجابُوا لِلّهِ وَ الرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ ما أَصابَهُمُ الْقَرْحُ.لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَ اتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ. اَلَّذِينَ قالَ لَهُمُ النّاسُ إِنَّ النّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزادَهُمْ إِيماناً وَ قالُوا حَسْبُنَا اللّهُ وَ نِعْمَ الْوَكِيلُ. فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللّهِ وَ فَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَ اتَّبَعُوا رِضْوانَ اللّهِ وَ اللّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ إِنَّما ذلِكُمُ الشَّيْطانُ يُخَوِّفُ أَوْلِياءَهُ فَلا تَخافُوهُمْ وَ خافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (2) .

وَ لَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَ الْجُوعِ وَ نَقْصٍ مِنَ الْأَمْوالِ وَ الْأَنْفُسِ وَ الثَّمَراتِ وَ بَشِّرِ الصّابِرِينَ اَلَّذِينَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قالُوا إِنّا لِلّهِ وَ إِنّا إِلَيْهِ راجِعُونَ أُولئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَ رَحْمَةٌ وَ أُولئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ (3) .

أشارت الآيات إلي بلاء يصيب الناس مع خوف و جوع،و نقص في الأموال و الأنفس،و بشر سبحانه الصابرين بمغفرة و أجر جزيل،و أفاد تعالي أن الذين يقتلون في سبيل الله ليسوا بأموات و لا يجوز أن نسميهم بالأموات بل هم أحياء عند الله.

أما المراد بحياة الشهداء فاحتمالات:

1-حي عند الله أي موجود عند الله و هو نص الآية و يكون مع أهل البيت عليهم السّلام،و العندية بمعني الوجود.

2-الشهيد حي في الدنيا بين الناس و يؤيده: وَ لكِنْ لا تَشْعُرُونَ و هذا ليس مستحيلا فالجن لا نشعر به و الملائكة و يسبح كل شيء لله و لا نشعر به،و تكون العندية معنوية لا وجودية أي تحت حمايته كما يقال:فلان القاتل عندي أي تحت حمايتي.

3-حي بآثاره.أعماله و أولاده و الآثار التي يتركها علي الامة.

و هذا لكل إنسان لا يختص بالشهيد،نعم عطاء الشهداء أكبر و أبرك.

4-أن المراد بالحياة الحياة البرزخية.و معلوم أنها لأكثر الناس،فلا اختصاص للشهداء.

ص: 152


1- سورة البقرة:154.
2- سورة آل عمران:169-175.
3- سورة البقرة:105.

و الشهادة عند أهل البيت عليهم السّلام لها معني مميزا،قال الإمام الصادق عليه السّلام:«يموت من مات منا و ليس بميت». (1)

و مقام أهل البيت أفضل من الشهادة لأنهم يرفعون إلي الله بعد ثلاثة أيام كما كانوا قبل العالم. (2)

و واقع الشهيد عند الله يرزق بما وعده الله و أعطاه إياه.

الشهيد حي فيستبشر بمن بقي ليقول لهم لا تخافوا فما هي إلاّ لحظات و تكونوا في جنان الله و خلوده و مع الحور العين و رزق الله.

الشهيد لبّي التكليف و نداء الله و رسوله عندما أصابه القرح و الألم و الإهانة.

المجاهد إن أحسن اضافة لشهادته فله أجر كبير.و هذا إضافة إلي سيرته الخلقية بين الناس.

المجاهد الشهيد لا يعتني بقول الناس لأنه توكل علي الله وحده.

و لكن الشيطان يخوف أولياءه فاحذروه و لا تخافوا إلاّ الله.

عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ. ماذ يرزق الشهيد و ما هي كراماته؟.

للشهيد كرامات في الآخرة كالشفاعة و غفران كل شيء سوي الدين أو عدم الحساب و أمراء الجنة،و له كرامات عند الله في عالمهم المخصوص يتنعمون فيه حتي تقوم الساعة.

أما الشهداء فإنهم في عالم مخصوص عند الله يتنعمون[كما تقدم]بنعم الله جنّات تجري من تحتها الأنهار فيها ما تشتهي الأنفس و تلذ الأعين و يخصّون بفضل الله و إذا كان الله صاحب الفضل فما عسي أن يكون الفضل علي الشهداء!!؟

و نعيمهم في هذا العالم ليس كنعيم المؤمنين في البرزخ لأن المؤمنين في البرزخ أرواح مع أبدان برزخية،فيتنعمون بما يتناسب مع ذلك.

أما الشهداء فهم أحياء عند ربهم غير أموات و كفي بذلك فضلا.

الشهداء أمراء أهل الجنة:بعد الأنبياء و الأئمة تأتي درجة الشهداء فهم يتأمرون علي الناس و لا سبيل للناس إليهم.

لا حساب علي الشهيد و يغفر له كل شيء.

يوم الحساب يوم طويل عويص يسأل المرء عن كل ما عمله في الحياة الدنيا:ت.

ص: 153


1- البصائر:295.
2- و قد فصّلنا ذلك في كتابنا:(آل محمد بين قوسي النزول و الصعود)ط.دار الهادي بيروت.

عن ماله فيما أنفقه،و عن عمره فيما أفناه،و عن وقته فيما قضاه،و عن أولاده كيف رباهم، و عن مجتمعه ماذا قدم له.

أما الشهداء فلا يسألون شيئا فإن الله بشهادتهم و بجهادهم في سبيل الله غفر لهم كل شيء.

ذلك لأن الجهاد و الشهادة تجارة مع الله رابحة فإن الشهيد يبيع نفسه لله و يبيع ماله و عياله لله و الثمن بيد الله لا يقبل بثمن بخس«من قتلته فأنا ديته» (1).

-أما الشفاعة:فمرتبة الشفاعة من أهم المراتب التي ينالها الشهيد لأنها للأنبياء و لمن ارتضي الله.

فهنيئا لأبي الشهيد و أمه.هنيئا لأخي الشهيد و أخته بل هنيئا لجار الشهيد و صديقه.

فإنهم سوف يحظون بشفاعته إذا كانوا أهلا لها.

أما كرامة الناس له:

1-فأولا بعد موته:فإن الناس تأتي فتكرم الشهيد بإقامة المجالس و قراءة الفاتحة عن روحه.

2-ثانيا:إكرام الشهيد قبل موته:

و هذه مسألة إبتلائية بين الناس.

إكرام الشهداء قبل موتهم أمر مهم في المجتمع فإن فيه تشجيع الشهيد علي جهاده و تسليته في مهماته الصعبة.

و فيه أيضا نيل شفاعته.

أما من يهين المجاهدين الذين سوف يكونوا فيما بعد شهداء و نحضر مجالسهم فكيف يستطيع تحمل ضميره...حتي لو كنت علي خلاف مع مجاهد ما في رأي ما فإن هذا لا يبرر أذية الآخرين فكيف إذا كانوا شهداء أحياء.الشهيد المجاهد لبي نداء الله و الرسول عندما تقاعص الجميع.أدّي تكليفه الشرعي عندما تخاذل الجميع!فهل جزاؤه أن يهان؟!

هل جزاء من يحمي الحدود و يدافع عن الناس لتعيش بأمان هو الإهانة و السب و الشتم و لو قبل موته؟!

***1.

ص: 154


1- و هو حديث قدسي راجع اللمعة البيضاء:551.

تحديد الشهيد و الآثار التي يعطيها

الشهيد الذي ورد في الآيات يطلق علي أمور:

1-من قتل في ساحة الحرب.

2-من قتل في مقدمة الحرب.

3-من قتل دون نفسه(حرب دفاعية).

4-من قتل دون عياله و عرضه و أولاده.

5-من قتل دون ماله و أرضه و بيته و مياهه و وطنه.

و هناك خمس طوائف تشترك في عطاء الله للأمة:

1-الشهداء و لهم الحظ الأوفر.

2-المجاهدون و الأسري.

3-المجاهدون بأموالهم و أصواتهم و قلوبهم.

4-الصامدون المشاركون.

5-عوائل الشهداء.

أما من يستفيد من الأمة من هذه العطاءات و الآثار فهم إضافة إلي الطوائف المذكورة كل الأمة،فحتي المثبطين و المتفرجين فإنهم يستفيدون من عطاءات الله في الأمة المجاهدة.

و الآثار إما شرعية و إما تكوينية:

1-الشرعية كالأجر و الثواب و الشفاعة يوم القيامة.

2-التكوينيّة:كالنصر و العزّة و الوعي و الوفرة و المنعة الإقتصادية و الإجتماعية و السياسية في المجالات الدولية أو السياسية.

***

ص: 155

ص: 156

المحتويات

شهداء آل محمد في كربلاء 5

شهادة جعفر بن عقيل 5

شهادة عبد الرحمن بن عقيل 5

شهادة محمّد بن عبد اللّه بن جعفر الطيّار و القاسم بن الحسن 5

شهادة عبد اللّه بن الحسن 6

شهادة أبو بكر بن الحسن 6

شهادة أولاد أمير المؤمنين علي عليهم السّلام 6

شهادة العباس عليه السّلام 6

شهادة القاسم بن الحسن و علي بن الحسين الأكبر عليهما السّلام 7

شهادة الطفل الرضيع 8

توديع الحسين لأهل بيته عليهم السّلام 8

حب الحسين عليه السّلام للشهادة 10

دعاء الحسين عليه السّلام يوم العاشر 10

الحسين عليه السّلام يعظ القوم 10

مجيء الملائكة و الجنّ لنصرة الحسين عليه السّلام 11

شهادة الإمام الحسين عليه السّلام 12

وقت شهادة الحسين عليه السّلام و مدفنه 13

مقتل الإمام الحسين علي لسان الإمام الصادق عليهما السّلام 15

ذكر شهادة ولدي مسلم بن عقيل 21

الآيات التي ظهرت بعد قتل الحسين عليه السّلام 23

ما جري علي آل الحسين عليهم السّلام بعد شهادته 27

ذكر السبايا و ما جري عليهم و معهم 30

خطبة علي بن الحسين عليه السّلام 31

خطبة زينب عليها السّلام في الكوفة في قصر ابن زياد 35

خطبة علي بن الحسين عليه السّلام عند يزيد 37

ص: 157

بين يزيد و علي بن الحسين عليه السّلام 38

قصة النصراني و رأس الحسين عليه السّلام 38

قصة أخري مع نصراني و رأس الحسين عليه السّلام 39

الأقوال في الرأس 41

وصول السبايا الي المدينة 42

خطبة علي بن الحسين عليه السّلام في المدينة 43

ما حصل بعد قتل الحسين عليه السّلام 44

فرح إبليس بقتل الحسين عليه السّلام 44

تكلم رأس الحسين عليه السّلام 45

إسلام يهودي ببركة رأس الحسين عليه السّلام 46

نصراني يحتج علي يزيد بفعل النبي بالحسين عليهما السّلام 47

إسلام يهودي لشفاء ابنته من دم الحسين عليه السّلام 48

النبي يلتقط دم الحسين عليهما السّلام 49

تربة الحسين عليه السّلام 50

ثواب لعن قتلة الحسين عليه السّلام 51

ثواب لعن قاتل الحسين عند شرب الماء 52

لعن النبي لقاتل الحسين عليه السّلام 52

نوح يلعن قاتل الحسين عليهما السّلام 53

الأنبياء يلعنون يزيد قاتل الحسين عليهم السّلام 54

الملائكة تلعن قاتل الحسين عليه السّلام 55

الحمام الرّاغبية تلعن قتلة الحسين عليه السّلام 56

جواز لعن يزيد 56

نسب يزيد و ابن زياد و عمر بن سعد لعنهم الله 61

عذاب من لم ينصر الحسين عليه السّلام و إن لم يقاتل 61

ما حصل بقاتلي الحسين عليه السّلام 62

انتقام القائم من قتلة الحسين عليهما السّلام 63

عذاب قتلة الحسين عليه السّلام 64

ص: 158

قتلة الحسين عليه السّلام في النار 66

عذاب من لم ينصر الحسين عليه السّلام و لو لم يشارك في قتله 66

ما وقع علي قبر الحسين عليه السّلام من أهل الظلم و عقابهم 67

حديث قاطع السدرة 69

قصة في من تخلف عن الحسين عليه السّلام 74

إنشاد الشّعر في رثاء الحسين عليه السّلام 75

ثواب البكاء علي الحسين عليه السّلام 75

بكاء آدم علي الحسين عليه السّلام 77

بكاء موسي علي الحسين عليه السّلام 77

بكاء جبرائيل علي الحسين عليه السّلام 78

بكاء النبي علي الحسين عليهما السّلام 79

بكاء أمير المؤمنين علي الحسين عليه السّلام 81

بكاء فاطمة علي الحسين عليهما السّلام 83

بكاء الملائكة علي الحسين عليه السّلام 83

بكاء السماء علي الحسين عليه السّلام 84

بكاء أم سلمة علي الحسين عليه السّلام 86

بكاء نساء من الجنّ علي الحسين عليه السّلام 87

نوح الجن علي الحسين عليه السّلام 87

بكاء البومة علي الحسين عليه السّلام 90

الطيور تبكي الحسين و تتمرغ بدمائه عليه السّلام 91

كلّ شيء يبكي الحسين عليه السّلام 92

ثواب زيارة الإمام أبي عبد اللّه الحسين الشهيد عليه السّلام 95

من ترك زيارة الحسين عليه السّلام 97

زيارة اللّه سبحانه للحسين عليه السّلام 97

زيارة الأنبياء للحسين عليه السّلام 98

زيارة الملائكة للحسين عليه السّلام 100

دعاء رسول اللّه و علي و فاطمة و الأئمة لزوّار الحسين عليهم السّلام 101

ص: 159

ملاقاة الملائكة لزوار الحسين عليه السّلام 102

زيارة الحسين عليه السّلام فرض واجب 103

ثواب نفقة الرجل إلي زيارة الحسين عليه السّلام 104

من زار الحسين عليه السّلام و عليه خوف 105

من زار الحسين عليه السّلام تشوّقا إليه و احتسابا 106

زيارة الحسين عليه السّلام تزيد في العمر و الرزق 108

زيارة الحسين عليه السّلام تحط الذنوب 108

زيارة الحسين عليه السّلام أفضل ما يكون من الأعمال 109

من زار الحسين عليه السّلام كان كمن زار الله في عرشه 110

زيارة الحسين عليه السّلام تعدل عشرين حجة 111

ثواب من زار الحسين عليه السّلام يوم عاشوراء 114

زيارة شهداء الحسين عليهم السّلام 117

ما رود في كربلاء المقدسة 122

تفضيل أرض كربلاء علي مكة 126

ما روي في عاشوراء 127

في أحوال المختار 128

تأويل القدح في المختار 132

معني الشهادة و أجرها 143

حياة الشهداء 145

الشّهداء أحياء 145

خلود الشّهداء 148

عالم الشهداء و مقام المجاهدين 148

حقيقة عالم الشهادة 152

تحديد الشهيد و الآثار التي يعطيها 155

ص: 160

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
هَلْ یَسْتَوِی الَّذِینَ یَعْلَمُونَ وَالَّذِینَ لَا یَعْلَمُونَ
الزمر: 9

عنوان المکتب المرکزي
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.