موسوعة العذاب المجلد 6

اشارة

موسوعه العذاب

تاليف: عبود الشالجي

مشخصات: 7ج

الدارالعربيه للموسوعات

بيروت - لبنان

ص: 1

اشارة

ص: 2

موسوعة العذاب

ص: 3

GLEBEWEALD LTD

اخراج و تنفيذ

الدار العربية للموسوعات

بيروت لبنان

ص: 4

الباب الثاني عشر: القتل بكتم النفس

اشارة

ويشتمل هذا الباب ، علي ثمانية فصول :

الفصل الأول : القتل خنقا .

الفصل الثاني : القتل شنقا .

الفصل الثالث : القتل غما .

الفصل الرابع : القتل بالتغريق .

الفصل الخامس : القتل بالتدخين .

الفصل السادس : الدفن حيا .

الفصل السابع : البناء علي المعذب .

الفصل الثامن : هدم البناء علي المعذب .

ص: 5

ص: 6

الفصل الأول: الخنق

اشارة

الخنق : الشد علي الحلق ، بقصد قطع النفس . وقد جرت ممارسة هذا اللون من العذاب منذ القديم .

وكان في ماضي الأيام ، قوم اتخذوا من الخنق صناعة ، فإذا أحسوا بأن أحدا يحمل في ثيابه ما ، خنقوه وأخذوا ما معه ، وبحث الجاحظ في كتاب الحيوان عن الختاقين وأصنافهم ، ومظاهرة بعضهم لبعض ، وسكناهم متجاورين ، وأنهم افتضحوا مرة ، بأن طمع أحدهم في ثويب علي حمال ، ودريهمات معه ، فألقي الوهق في عنقه ، ثم تحركت عليه بطنه ، فترك الحمال ، بعد أن حسبه ميتة ، وكانت فيه روح ، ففر منه ، ودل عليهم ، فأخذوا ، ومن الختاقين من يجمع بني الخنق والتشميم ، أي التخدير بما يشم ، ومن يحمل في سفره حجرين مستديرين مدملكين ، وململمين ، فإذا خلا برجل من أهل الرفقة ، استدبره ، ورمي بأحدهما قمحدوته ( أعلي القذال ) ، وكذلك إن كان ساجدأ ، فأن دمغة الحجر الأول ، سلبه ، وإن رفع رأسه ، طبق بالآخر وجهه ، وحدثنا الجاحظ عن ختاقين ، راقبوا رجلا خرج من الري وفي حقوه هميان، فكان لا يفارق معظم الناس ، فلما رأوا احتراسه ، لم يشعر صاحب الهميان ، والناس حوله ، إلا والوهق في عنقه ، ووثب الأخر إليه ، وجلس علي صدره ، ومد الثالث رجليه ، وألقي عليه ثوبا ، وأخذ يؤذن في أذنه ، يوهم الناس أنه مصروع، ولما قام عليهم بعض الرفقة في القافلة ، ردوهم ، وقالوا لهم : إنه إذا رآك خجل واستحيا ،

ص: 7

فأمسكوا عنهم ، ونالوا بغيتهم ( الحيوان 264/2 - 271 ) راجع كتاب نشوار المحاضرة وأخبار المذاكرة ج 2 ص 80 - 82 رقم القصة 35/2 .

وخطب بسر بن أرطاة علي منبر البصرة ، فشتم عليا ، ثم قال : نشدت الله رجلا علم أني صادق إلا صدقني ، أو كاذب إلا كذبني ، فقال أبو بكرة : اللهم إن لا نعلمك إلا كاذبا ، فأمر به بسر فخنق ، فنهض أبو لؤلؤة الضبي ، فرمي بنفسه عليه حتي خلصه ، وقيل لأبي بكرة : ما أردت بما صنعت ؟ ، قال : أينا شدنا بالله ثم لا نصدقه ؟ ( الطبري 168/5 ).

وخنق الجان ، في سجن يوسف بن عمر الثقفي ، بلال بن أبي بردة ، في قصة بالغة الطرافة ، فقد كان بلال سجينا في سجن يوسف بن عمر الثقفي ، وكان كل من مات في السجن ، رفع الجان خبره إلي يوسف ، فيأمر بإخراجه ، وتسليمه إلي أهله ، فقال بلال للسجان : خذ مني عشرة آلاف درهم ، وأخرج اسمي في الموتي ، فإذا أمرك بتسليمي إلي أهلي ، هربت في الأرض ، فلم يعرف أحد خبري ، فأخذ السجان المال ، ورفع اسمه في الموتي ، فقال يوسف : مثل هذا لا يجوز أن يخرج إلي أهله حتي أراه ، هاته ، فعاد إلي بلال ، فقال : اعهد ، قال : وما الخبر ؟، قال : إن الأمير قال كيت وكيت ، فإن لم أحضرك اليه ميتا قتلني ، ولا بد من قتلك خنقأ ، فبكي بلال ، وسأله أن لا يفعل، فلم يكن إلي ذلك طريق ، فأوصي ، وصلي ، فأخذه السجان وخنقه ، وأخرج إلي الأمير ميتا، فلما رآه ، أمر بأن تسلم جثته إلي أهله ، فأخذوه ، وهكذا فقد اشتري لنفسه القتل بعشرة آلاف درهم ( نشوار المحاضرة رقم القصة 50/7 ج 7 ص 81 ).

وحبس مروان الحمار ، ابراهيم الامام ، وقتله في السنة 130 واختلف في كيفية قتله ، والصحيح أنه خنق ( العيون والحدائق 190/3 ).

وخنق عبد الرحمن الداخل ، بقرطبة ، في السنة 141 الصميل بن

ص: 8

حاتم بن شمر بن ذي الجوشن ، وكان الصميل قد فر مع جده من المختار الثقفي بالكوفة ، فلاقاه حتفه بالأندلس ( نفح الطيب 26/3 و 36 ).

وقتل المنصور ، عمه عبد الله بن علي ، بأن بعث إليه أبا الأزهر ، فدخل عليه ومعه جارية له ، فبدأ بعبد الله ، فخنقه حتي مات ، ثم مده علي الفراش ثم أخذ الجارية ليخنقها ، فقالت : يا عبد الله ، قتلة غير هذه القتلة ، فكان أبو الأزهر يقول : ما رحمت أحدا قتلته غيرها ، فصرفت وجهي عنها، وأمرت بها فخنقت ، ووضعتها معه علي الفراش ، وأدخلت يدها تحت جنبه ، ويده تحت جنبها ، كالمعتنقين ، ثم أمرت بالبيت فهدم عليهما ، ثم أحضرنا القاضي ابن علاثة ، وغيره ، فنظروا إلي عبد الله والجارية معتنقين علي تلك الحال ، ثم أمر به فدفن . ( مروج الذهب 241/2 ) .

وخنق المنصور ، عبد الله المحض ( تاريخ الكوفة 325) .

وفي السنة 224 أراد المازيار بن قارن ، صاحب طبرستان ، الخروج علي المعتصم ، فألح في استيفاء كامل الخراج ، وكتب بذلك كتبأ مؤكدة ، وكان أحد المطالبين بالخراج ، واسمه علي بن يزداد ، قد كسر الخراج ، واستتر ، وترك أبنه الحسن رهينة في يد أصحاب مازيار ، فأمر أبو صالح ، وكيل مازيار في سارية ، باحضار الغلام الحسن بن علي ، فجيء به ، فأمر بصلبه ، فسأل الغلام أن يأذن له أن يصلي ركعتين ، فأذن له ، فطول في صلاته وهو يرعد، وقد مد له جذع ، فجذبوا الغلام من صلاته ، ومدوه علي الجذع ، وشدوا حلقه ، حتي إختنق ومات ( الطبري 83/9 ) .

وفي السنة 227 خرج المبرقع أبو حرب اليماني بفلسطين ، وكان سبب خروجه ، إنه كان غائبا ، وأراد جندي أن ينزل في داره ، فمانعته زوجة أبي حرب ، فضربها الجندي بسوط ، فأثر في ذراعها ، فلما عاد المبرقع ، أخبرته زوجته، فذهب إلي الجندي ، وقتله ، وخرج ، وتبعه مائة ألف ، فخرج

ص: 9

الحربه ، رجاء الحضاري ، فأسره ، وقتل خنقا في السجن . ( النجوم الزاهرة 248/2 و 249 ).

وفي السنة 256 قتل أنصار المهتدي ، محمد بن بغا ، بأن بعجوا بطنه ، وعصروا حلقه ، وألقوه في بئر من القناة ( الطبري 469/9 ) .

وقبض صاحب المعونة ، في إحدي بلاد مصر ، في أيام أحمد بن طولون ، علي خناق ، وعثر في خرجه علي أوتار للخنق ، وأحجار للشدخ ، فأمر بأن يشدخ رأسه بالأحجار التي وجدت في خرجه ، وأن يخنق بأوتاره ، ففعل به ذلك ، راجع التفصيل في كتاب المكافأة 158 - 160 .

وفي السنة 311 لما وزر ابن الفرات للمقتدر ، وزارته الثالثة ، قبض علي أبي القاسم بن الحواري ، وصادره علي سبعمائة ألف دينار ، مصادرة خاصة من دون كتابه وأسبابه ، ثم تسلمه المحسن بن الفرات ، فصفعه صفعة عظيمة في دفعات ، وضربه بالمقارع ، ثم أحدره إلي الأهواز في طيار خدمة ، وأنفذ معه الحبشي المستخرج ، فلما وصلوا البصرة وتوجهوا منها إلي الأهواز ، طرح الحبشي ابن الحواري في الماء منكسا، وشد رجليه في شات الطيار ( خشبانه البارزة ) وهو سائر ، وبلغ موضعأ أسفل الأبلة ، فأخرجه وقد بقي فيه أدني رمق ، فخنقه غلمان سودان كانوا معه ، ودفنوه ( الوزراء للصابي 47).

وفي السنة 321 ولي القاهر بشري الخادم ، دمشق وحلب ، فسار الي حلب ، ثم إلي حمص ، فتصدي له محمد بن طغج ، وحاربه ، وأسره ، فخنقه ( اعلام النبلاء 238/1 ) .

وغضب معز الدولة ، علي ابن كردم الأهوازي ، لأنه ضرب دنانير رديئة في دار الضرب التي ضمنها بسوق الأهواز ، فأحضره ، وخاطبه ، ثم أمر بأن يخنق علي قنطرة الهندوان بالأهواز ، فخنق راجع تفصيل القصة في كتاب نشوار المحاضرة للتنوخي 142/1 رقم القصة 71.

ص: 10

وفي السنة 362 عثر علي الشاعر ابن هانيء الأندلسي ، في شانية ( سفينة ) من شواني برقة ، مخنوقة بتكة سراويله . (وفيات الأعيان 422/4 ومعجم الأدباء 127/7 ومعجم البلدان 422/4 ) .

ولما توفي الحكم ، الخليفة الأموي بالأندلس ، في السنة 366 ، وأراد الحاشية استخلاف ولده هشام المؤيد ، بعث الوزير المصحفي ، القائد محمد بن أبي عامر ، إلي المغيرة ، أخي الحكم ، فقتله خنقأ ( نفح الطيب 86/3)

وفي السنة 382 قتل أبو الحسن بن المعلم ، خنقا بحبل الستارة ، وكان مسيطرة في أيام بهاء الدولة البويهي ، وفي السنة 382 شغب الجند الديلم والأتراك ، وخرجوا بالخيم إلي باب الشماسية ( الصليخ ) وراسلوا بهاء الدولة بالشكوي من أبي الحسن بن المعلم ، وتعديد ما يعاملهم به ، وطلبوا تسليمه إليهم ، فوعدهم السلطان بإزالة ما شكوه ، وأن يقتصر بأبي الحسن بن المعلم علي خدمته في خاضه ، فأعادوا الرسالة ، بأنهم لا يرضون إلا بتسليمه ، فأعاد الجواب بأنه يبعده عن المملكة إلي حيث يكون مبقيا علي مهجته ، راعية لحقوق خدمته، فكانت الرسالة الثالثة ، التوعد بالإنحدار ، والمسير إلي شيراز ، وقال بكران لبهاء الدولة ، وكان هو المتوسط بينه وبين العسكر ، أيها الملك إن الأمر علي خلاف ما تقدره ، فأختر بين بقاء أبي الحسن . أو بقاء دولتك ، فقبض عليه حينئذ ، وعلي أصحابه ، وأخذ ما كان في داره من مال وثياب وجوار وغلمان ، وأقام الجند علي أنهم لا يرجعون من مخيمهم إلا بتسليمه ، فركب إليهم بهاء الدولة ليسألهم الدخول والإقتصار علي ما فعله به من القبض والاعتقال ، فلم يقم أحد من الجند إليه ، ولا خدمه ، وعاد وقد أقاموا علي المطالبة به، وترك الرجوع إلا بعد تسليمه ، فسلم إلي أبي حرب شيرزيل ، وسقي ابن المعلم السم دفعتين ، فلم يعمل فيه ، فخنق بحبل الستارة ، ودفن بالمخرم ( العلوانية ) ( المنتظم 168/7 ) .

ص: 11

وفي السنة 394 قتل الوزير أبو مروان عبد الملك بن إدريس الجزيري ، خنقا في سجنه ببرج من أبراج طرطوشة ، بأمر من المظفر العامري ( نفح الطيب 529/1 ورسالة التوابع والزوابع 26 ).

أقول : أبو مروان عبد الملك بن إدريس الجزيري ، أحد كتاب الدولة العامرية ، وكان علي شرطة المنصور بن أبي عامر ، وكتب له ، ثم كتب بعده للمظفر ، فلما قتل المظفر صهره عيسي بن القطاع ، صاحب دولته ، وكان أبو مروان قوي الصلة به ، اتهم معه ، وكاد أن يقتله ، ثم سجنه في برج من ابراج طرطوشة ، ثم خنق في سجنه ( نفح الطيب 529/1,587 ).

وذكروا أن شخصا في بغداد ، استضافه رجل ، وأحس أن عنده مالا ، فتركه حتي نام ، ثم عمد إليه فخنقه ، ثم ظهر أنه خنق ولده ، لأن الولد جاء ونام في الموضع الذي كان الضيف ينام فيه ، وسلم الضيف ، راجع القصة في كتاب نشوار المحاضرة للتنوخي 175/4 و 176 رقم القصة 87.

ورفع الهروي ، سعاية في الصاحب بن عباد ، إلي مؤيد الدولة ، فبعث بالرقعة الي الصاحب ، فأخذ الهروي ، وخنقه ( معجم الأدباء 2/ 280 ).

وفي السنة 379 تولي أبو الحسن الكوكبي ، خنق الأمر أبي علي بن شرف الدولة بيده ، بأمر من بهاء الدولة البويهي ( ذيل تجارب الأمم 162).

ولما توفي علي بن حمود ، صاحب قرطبة ، وهو علوي حسني ، خلفه أخوه القاسم بن حمود في السنة 408، وقام عليه في السنة 412 ابن أخيه ، يحيي بن علي بن حمود ، واعتقله ، وظل معتقلا عنده ست عشرة سنة ، مدة حكم ابني أخيه يحي وإدريس فلما مات إدريس ، قتل القاسم في سجنه خنقأ ، وسنه ثمانون سنة . ( المعجب للمراكشي 99 - 101 ونفح الطيب وي 488 - 486/1)

ص: 12

وفي السنة 415 خنقت بالقاهرة ، امرأة ضعيفة مستورة ، طاهرة ، صائمة الدهر ، ولها غلام يعمل في فرن إلي جانب منزلها، فطلع عليها جماعة من طاق الفرن ، فخنقوها حتي ماتت ، واخذوا ما وجدوا من رحلها، فقبض عليهم وعلي الغلام الذي كان لها ( اخبار مصر للمسجي 101).

وفي السنة 430 قتل ب هيت خنقأ ، أبو القاسم هبة الله بن علي بن جعفر ، وزير جلال الدولة أبي طاهر ( المنتظم 103/8 ) .

ولما توفي أبو القاسم الحسين بن علي بن مكرم ، صاحب عمان ، خلفه ابنه ابو الجيش فتآمر عليه أخوه أبو محمد ، وأحس أبو الجيش بذلك ، فاعتقله، ووضع عليه من خنقه في السنة 431. ( ابن الأثير 468/9 و469) .

وفي السنة 450 عصي إبراهيم ينال بن يوسف ، أخو السلطان طغرلبك الأمه ، عليه ، وحاربه ، فانكسر إبراهيم ، وأسر هو ومحمد وأحمد ولدا أخيه داود ، فأمر السلطان بابراهيم أخيه ، فخنق بوتر قوسه ، وقتل ولدي أخيه معه . ( ابن الأثير 645/9 ) .

ولما قتل السلطان ألب أرسلان السلجوقي ، تسلطن بعده ولده ملكشاه ، فحاربه عمه قاورد بك في السنة 465 ، فانكسر ، وجيء به إلي السلطان ملكشاه ، فقال له : يا عم ، أما استحيت من هذا الفعل ، يموت أخوك ، فما قعدت في عزائه ، ولم تبعث إلي قبره ثوبا ، والغرباء قد حزنوا عليه ، ثم بعث به إلي همذان ، حيث قتل خنقا، خنقه رجل أعور أرمني من أصاغر الحاشية ، بوتر قوسه . ( ابن الأثير 645/9 ونهكت الهيمان 118) .

أقول : اختلف المؤرخون في إثبات اسم هذا الرجل ، فذكر صاحب نكت الهيمان أن اسمه : فاروت ( بفاء وألف ثم راء بعدها واو وتاء)، أما ابن الجوزي في المنتظم ، وأبو الفداء في المختصر ، وابن خلكان في وفيات الاعيان ، فقد أثبتوا الاسم : قاروت ( بقاف والف ثم راء بعدها واو وتاء ) ،

ص: 13

وأثبته ابن الأثير في تاريخه الكامل : قاورت ( بقاف وألف ثم واو بعدها راء وتاء ) ، أما صاحب كتاب تاريخ الدولة السلجوقية ، فقد أثبت الاسم بلفظة قاورد ، ( بقاف وألف ثم واو بعدها راء ودال ) ووجدت في المعجم الذهبي أن لفظة قاورد تعني الحلوي بالفارسية ، فرجحت هذا الاسم ، إلي أن يتيسر الي الاطلاع علي ما يخالفه .

ولما كان بدر الجمالي ، أميرة بدمشق ، سنة 455 نفي الشريف أبا طاهر حيدرة بن الحسن الحسيني ، إلي مصر ، فاتفق الشريف وابن حمدان الملقب ناصر الدولة ، وتآمروا علي المستنصر ، وأخرج ابن حمدان حازم وحميد ابنا جراح من أمراء عرب الشام ، من سجن المستنصر ، وكانا قد مكثا فيه نيف وعشرين سنة ، فقبض بدر الجمالي ، لما استولي علي مصر ، علي الشريف ، وقتله خنقا . ( النجوم الزاهرة13/5 و15).

وفي السنة 488 قتل أحمد خان صاحب سمرقند ، خنقأ ، وسبب قتله أنه أظهر انحلالا من الدين ، فقبض عليه جنده ، وأحضروا القضاة والفقهاء ، وادعوا عليه الزندقة ، فجحد ، فأقيمت عليه البينة ، فأفتي الفقهاء بقتله ، فخنقوه . ( ابن الأثير 244/10 ) .

وفي السنة 489 قتل الأمير أرسلان أرغون ، أخو السلطان ملكشاه ، أخاه الامير بوربرس ، بأن خنقه في حبسه بترمذ، وتفصيل القصة : إن الأمير أرسلان أرغون ، كان مع أخيه السلطان ملكشاه لما توفي ببغداد ، وكان له إقطاع بسبعة آلاف دينار ، فلما توفي أخوه ، سار إلي همذان في سبعة غلمان ، وتسلم مدينة مرو، ثم استولي علي بلخ ، وترمذ، ونيسابور، وعامة خراسان ، فسير السلطان بركياروق بن ملكشاه ، إليه ، جيش بقيادة عمه بوربرس ، أخي أرسلان أرغون ، واشتبك الجيشان في معركة ، فانهزم أرسلان أرغون أولا ، ثم انتصر ، وأسر أخاه بوبرس ، فحبسه بترمذ ، ثم أمر به فخنق في حبسه ( ابن الأثير 263/10 و 264 ) .

ص: 14

أقول : راجع في بحث الفتك ، مقتل الأمير أرسلان أرغون في السنة 490.

وفي السنة 512 خنق بهرام شاه بن مسعود الغزنوي ، أخاه أرسلان شاه ، في حبسه ، وسبب ذلك : إن أرسلان شاه استولي علي السلطنة في السنة 508 فقبض علي إخوته ، وقتل بعضهم ، وسجن البعض الآخر ، وفر منه أحد إخوته وهو بهرام شاه ، فالتجأ إلي السلطان سنجر السلجوقي ، فأعانه ، وجرت معركة شديدة بين الأخوين ، انتهت بانتصار بهرام شاه ، وأسر أرسلان شاه ، فأمر بهرام شاه ، فخنق أرسلان شاه في حبسه ( ابن الأثير 508 - 504/10)

وفي السنة 556 قتل السلطان سليمان شاه بن السلطان محمد بن ملكشاه السلجوقي ، وكان قد أهمل أمر ملكه ، وحاول أن يغتال مدبر أمر مملكته شرف الدين كردبازو الخادم ، فقبض عليه كردبازو ، واعتقله في إحدي القلاع ، وبعث إليه من خنقه . ( ابن الأثير 367/11 ).

وتفصيل القصة : إن سليمان بن محمد بن ملكشاه السلجوقي ، كان مقيما عند عمه السلطان سنجر ، وقد جعله ولي عهده ، وخطب له علي منابر خراسان ، فلما حارب سنجر الغز، وأسروه ، مضي سليمان شاه إلي خوارزم شاه ، فزوجه ابنة أخيه ، ثم بلغه عنه ما كرهه ، فأبعده ، فقصد إصبهان ، فمنع من دخولها ، ومضي نحو قاشان ، فمنع عنها ، فنزل البنديجين ( مندلي الأن ) وراسل الخليفة المقتفي ، فأذن له في دخول بغداد ، فدخلها ، وخطب له ببغداد ، وسير معه الخليفة عسكرة، فحارب السلطان محمد بن محمود بن ملكشاه ، صاحب همذان ، وانهزم سليمان ، وسار علي شهرزور بريد بغداد ، فخرج إليه زين الدين صاحب الموصل، وأخذه أسيرة ، وحمله إلي قلعة الموصل، وحبسه بها مكرمأ ، وفي السنة 555 مات السلطان محمد بن محمود صاحب همدان ، فبعث الأمراء إلي الموصل يطلبون سليمان

ص: 15

شاه ليسلطنوه ، فأحضروه ، ونصبوه علي تخت السلطنة . فظهر تهوره ، وخرقه ، حتي إنه شرب الخمر في رمضان نهارا ، وكان يألف المساخر ، ولا يهتم بالأمراء، ورد جميع الأمور إلي الخادم ( الخصي ) شرف الدين كردبازو ، وهو من مشايخ الخدم السلجوقية ، وكان له دين وحسن تدبير ، فكان الأمراء يشكون إليه ، وهو يسكنهم ، واتفق يوما أن سليمان شاه شرب بظاهر همدان ، في الكشك ، فحضر عنده كردبازو ، وأخذ يلومه علي تصرفاته ، فأمر سليمان شاه ، من كان عنده من المساخرة ، فعبثوا بكردبازو ، حتي أن بعضهم كشف له عن سوأته ، فخرج مغضبا ، وأحضر الأمراء ، واستحلفهم علي طاعته ، فحلفوا له ، فأول ما عمله أن قتل المساخرة ، وقال للسلطان : إني أفعل هذا صيانة لملكك ، ثم عمل كردبازو ضيافة عظيمة ، حضرها السلطان والأمراء ، فلما جاء السلطان إلي داره ، قبض عليه وعلي وزيره أبي القاسم محمد بن عبد العزيز الحامدي ، فقتل وزيره وخواصه ، وحبس سليمان شاه في قلعة ، ثم أرسل إليه من خنقه ( ابن الأثير 205 - 207، 254 ، 266 و267).

وفي السنة 560 توفي الوزير أبو المظفر يحيي بن هبيرة ، فقبض علي ولديه شرف الدين وعز الدين ، وأخذ حاجبه اين تركان فحبس في دار أستاذ الدار ، وفي السنة 561 هرب عز الدين من حبسه ، ثم أخذ فضرب ضربا وجيعة ، وأعيد إلي السجن ، ثم رمي به في مطمورة ، ثم أدلوا إليه حبلا ، فتعلق به وصعد فمدوه ، وجلس واحد علي رجليه ، وآخر علي رأسه ، وخنق بحبل ، وفي السنة 562 أخرج أخوه الأكبر شرف الدين ميتا من محبسه ( المنتظم 211/10 ، 218 ، 220) .

وفي السنة 584 تأمر إخوة قطب الدين عيسي ، صاحب تكريت ، عليه ، وغدروا به ، فقتلوه خنقأ ، وملكوا تكريت ، ثم اختلفوا ، فباعها المقدم منهم للناصر العباسي . ( وفيات الأعيان 498/3 - 500).

ص: 16

وفي السنة 618 بعث أمير مكة ، قتادة بن ادريس العلوي ، ولده الحسن علي رأس جيش للاستيلاء علي المدينة ، فوثب الحسن بن قتادة ، وهو في الطريق علي عمه ، فقتله ، وكان معه في العسكر ، وعاد إلي أبيه بمكة ، فخنقه ، وكان الأب في التسعين من عمره ، ثم عمد الحسن إلي أخيه ، وكان نائبا عن أبيه بقلعة ينبع ، فأحضره إلي مكة ، وقتله أيضا ( المختصر في أخبار البشر 131/3 ) ولم يطل أمده في الولاية ، إذ قصده

صاحب اليمن في السنة 620 وطرده من مكة ( ابن الأثير 401/12 -40 و413) .

وفي السنة 621 قتل خنقأ في قصره ، أبو مالك عبد الواحد بن يوسف بن عبد المؤمن الكومي الموحدي ، بويع له سنة 621 وهو شيخ ، وانتقضت عليه الإمارات ، وخلع ، وخنق في قصره . ( الاعلام 328/4 ) .

وفي السنة 621 استولي بدر الدين لؤلؤ علي الموصل ، وخنق صاحبها الملك محمود بن القاهر ، وأعلن أنه توفي . ( النجوم الزاهرة 257/6 ) .

وفي السنة 624 قتل السلطان العادل في أحكام الله ، أبو محمد عبد الله بن يعقوب بن يوسف الموحدي ، خنقأ ، اتفق الموحدون علي خلعه، ودخلوا عليه في قصره ، وسألوه أن يخلع نفسه ، فامتنع، فوثبوا عليه ، ودشوا رأسه في خصة ماء كانت هناك ، وقالوا له : لا نفارقك أو تشهد علي نفسك بالخلع ، فقال : اصنعوا ما بدا لكم ، والله ، لا أموت إلا وأنا أمير المؤمنين ، فوضعوا في عنقه عمامته ، وخنقوه بها ( الاعلام 290/4 ).

وفي السنة 631 غضب المظفر صاحب حماة ، علي زكي الدين القوصي الكاتب فحبسه وخنقه في الحبس ، وسبب ذلك ، إنه وصله بألف دينار ، فأقام معه مدة ، ولزمته أسفار فأنفق المال ، ولم يحصل بيده زيادة ، فتمال :

ذاك الذي أعطوه لي جملة****قد آستردوه قليلا قليل

ص: 17

فليت لم يعطوا ولم يأخذوا****وحسبي الله ونعم الوكيل

فحبسه المظفر فقال له : ما ذنبي ؟ فقال له : حسبي الله ونعم الوكيل ، ثم خنقه ( فوات الوفيات304/2 و305) .

وفي السنة 637 قتل الملك ناصر الدين أرتق، صاحب ماردين ، خنقه ولده وهو سكران . ( النجوم الزاهرة 316/6 ) .

وفي السنة 641 مات الملك مظفر الدين يونس بن مودود بن محمد بن أيوب ، خنقا ، خنقه الملك الصالح اسماعيل ، وكان قد ملك دمشق ، ثم قابض عليها بسنجار وعانه ، ثم ضج منه أهلها ، فباعها للخليفة المستنصر ، ثم لجأ إلي الناصر داود في القدس ، فلم يرتح منه ، واعتقله ، ففر إلي الافرنج في عكا فاشتراه منهم الصالح إسماعيل صاحب دمشق ، وأخذه ، فاعتقله ، ثم خنقه . ( الاعلام 348/9 ) .

وفي السنة 641 قبض علي ابن الرواس ، أحد الظالمين ، بدمشق ، وخنق . ( الذيل علي الروضتين 173).

وفي السنة 644 قتل خنقأ الشيخ تاج العارفين شمس الدين الحسن بن عدي بن أبي البركات صخر بن مسافر ، حفيد أبي البركات الشيخ عدي ، قتله بدر الدين لؤلؤ ، احتال عليه حتي حضر إليه ، فحبسه ، وخنقه بوتر ، وكان تاج العارفين معظما عند العدوية ، وبلغ من تعظيمهم له إن واعظأ قدم علي الشيخ حسن فوعظه ، فرق قلبه ويكي ، وغشي عليه ، فوثب الأكراد علي الواعظ فقتلوه ، فلما أفاق الشيخ رآه يتشحط في دمه ، فقال : ما هذا ؟ فقالوا : أيش هو هذا الكلب حتي يبكي سيدنا الشيخ ، فسكت حفظا لحرمة نفسه ( شذرات الذهب 229/5 ) .

وفي السنة 646 جهز الملك الصالح أخاه العادل ، وكان معتقلا عنده بمصر ، لينفيه إلي الشوبك ، فدخل عليه محسن الخادم ليكلمه في السفر ،

ص: 18

فغضب منه ورماه بدواة كانت عنده ، فخرج وأخبر الصالح ، فقال له الصالح : دبر أمره ، فأخذ معه ثلاثة أشخاص ودخلوا عليه ، وخنقوه بشاش ، وعلقوه به ، وأظهروا إنه شنق نفسه . ( النجوم الزاهرة 312/6 ) .

وفي السنة 655 قتل شرف الدين هبة الله بن صاعد الفائزي ، مخنوقة في سجنه ، وهو من وزراء دولة المماليك البحرية بمصر ، خدم الملك الفائز ، ومن بعده الكامل ، ثم ولده الصالح ، واستوزره المعين ، ثم ولده المنصور ، ثم قبض عليه قطز ، مدبر دولة المنصور ، وقتله في السجن خنقأ . (الاعلام 60/9 ) .

وذكروا أن شجرة الدر ، أم خليل ، خنقت وزيرها الأسعد شرف الدين الفائزي ( الذيل علي الروضتين 196 ) ، وقتلت زوجها السلطان عز الدين أيبك ، بمصر، أمرت مماليكها فخنقوه في الحمام ، في السنة 655 ( الاعلام 3/ 231 ، والوافي بالوفيات 472/9 ) ،وكانت عاقبة شجرة الدر ملكة المسلمين ، وأم خليل أمير المؤمنين » أن قتلت ضرب بالقباقيب في السنة 655 ( الاعلام 3/ 231 ) .

وفي السنة 661 أقر زوجان ، بأنهما كانا يحتالان علي النساء ويخنقانهن ، من أجل حليهن ، فخنقت المرأة ، وجعلت في جولة ، وسمر زوجها في خشبة ، وفي اليوم الثاني خنق بحبل ( الذيل علي الروضتين 222)

وفي السنة 662 قتل الملك المغيث فتح الدين عمر بن العادل أبي بكر ، تسلطن بالكرك ، ثم سلم الكرك للملك الظاهر برقوق صاحب مصر ، ونزل إليه ، فخنقه صاحب مصر ، وكان عمه قد خنق أباه ، وعاش كل منهما ثلاثين سنة ( شذرات الذهب 310/5 ) .

ص: 19

أقول : ذكر أبو الفدا في تاريخه المختصر 216/3 و217 إن قتل الملك المغيث حصل في السنة 661 وإنه قتل ضرب بالقباقيب ، راجع الخبر في كتابنا هذا ، في الباب الثالث : الضرب ، في الفصل الثاني : الصفع .

وفي السنة 663 اتفق معين الدين سليمان البرواناه ، مع التتر المقيمين معه ببلاد الروم ، علي قتل ركن الدين قليج أرسلان ، سلطان الروم ، فخنق التتر ركن الدين المذكور بوتر ، وأقام البرواناه مقامه ولده غياث الدين سلطانا ، وعمره أربع سنوات ( المختصر في تاريخ البشر 5/4 ).

وفي السنة 676 قبض الملك السعيد ، علي الأمير شمس الدين أقسنقر الفارقاني وخنقه ( الوافي بالوفيات 310/9 و311) .

وفي السنة 689 اعتقل الأشرف خليل ، الأمير طرنطاي ، وأمر به فخنق ( بدائع الزهور 122/1 ).

وفي السنة 691 لما عاد الملك الأشرف خليل بن المنصور قلاوون ، إلي الديار المصرية ، قبض علي الأمير شمس الدين سنقر الأشقر ، والأمير سيف الدين جرمك الناصري ، وغيرهما ، وأمر بحبسهم فحبسوا، ثم أمر بأخراجهم مع من في الحبس من الأمراء ، وأن يخنقوا قدامه ، فأخرجوا وخنقوا قدامه ، وهم الأمير سيف الدين الهاروني ، والأمير بدر الدين بكتوت ، والأمير سيف الدين جرمك ، والأمير شمس الدين سنقر الأشقر ، والأمير ركن الدين بيبرس طقصوا الناصري ، وجماعة سواهم ، وجاءوا بالأمير حسام الدين الاجين الصغير، الذي كان نائب دمشق ، آخر الجماعة ( سيرة الملك المنصور 269)

أقول : ذكر صاحب النجوم الزاهرة 13/8 و14 و37 إن خنقهم حصل في

ص: 20

السنة 690 بينما أورد ابن الفرات في تاريخه 146/8 أن خنقهم حصل في السنة 692 كما ذكر إن الأمير حسام الدين لاجين نائب دمشق ، لما وضع الوتر في رقبته وأرادوا خنقه ، انقطع الوتر ، فرق له الأمراء ، وشفعوا فيه ، فعفا عنه السلطان ، وهو الذي تولي السلطنة في السنة 695.

وفي السنة 708 اشتد تحكم بعض الأمراء المماليك بالملك الناصر ، فالتجأ إلي قلعة الكرك ، وعاد إلي الملك في السنة 709 فقاتل الملك بيبرس الذي خلفه في السلطنة، وأسره ، وأحضره أمامه، وأمر بخنقه بين يديه ، فخنق بوتر ( النجوم الزاهرة 275/8 والاعلام 233/7 وبدائع الزهور 154/1)

وفي السنة 718 قام الأمير أبو الحسن علي المريني ، باعتقال منديل بن محمد بن محمد الكتاني الكاتب ، واستصفي أمواله ، ثم قتله في الحبس خنقأ ، وقيل جوعا ( ابن خلدون 246/7 ).

وفي السنة 734 قبض الملك المجاهد سيف الدين علي بن رسول علي الملك الظاهر أسد الدين عبد الله بن رسول ، وسجنه شهرين ، ثم خنقه بقلعة تعز . ( النجوم الزاهرة 302/9 ).

وفي السنة 732 قبض السلطان الملك الناصر محمد بن قلاوون ، علي الأمير ألماس الحاجب الناصري ، اتهمه بأنه يسعي في إزالة دولته ، وخنق بعد ثلاثة أيام من اعتقاله ( الدرر الكامنة 438/1 ) أقول : ذكر المقريزي في خططه 307/2 إن ذلك حصل في السنة 734.

وفي السنة 734 قتل السلطان أبو الحسن علي بن عثمان بن يعقوب المريني ، أخاه أبا علي عمر ، فصدأ وخنقأ ، وسبب ذلك : ان عمر هذا كان

ص: 21

ولي عهد أبيه السلطان عثمان ، وفي السنة 714 خرج علي أبيه ، وقاتله ، وجرحه ، وخلعه ، وتسلطن في موضعه ، ثم اتفق مع أبيه ، فعاد الأب إلي عرشه ، وتولي عمر مدينة سجلماسة وما والاها مستقلا، ثم عاود الانتفاض علي أبيه فلم يفلح ، وعفا عنه أبوه ثانية ، كما عفا عنه أولا ، ولما مات الأب خلفه ولده أبو الحسن علي ، فخامر عمر علي أخيه ، وحاربه ، فانتصر علي ، وأسر أخاه عمر ، واعتقله ببعض حجر قصره ، ثم قتله فصدا وخنقا ( الاعلام 214/5 ونفح الطيب 156/5 ).

ولما قبض علي الأمير تنكز، نائب دمشق ، رسم السلطان بخنقه ، فخنق في السنة 740 ( بدائع الزهور 172/1 ).

وفي السنة 741 قتل خنقأ ، الوزير أمين الدين عبد الله ، وكان قد ولي الوزارة ثلاث مرات ، وكان قد اعتقل هو وولده تاج الدين ناظر الدولة ، وكريم الدين مستوفي الصحبة وبسط عليهم العذاب ، وخنق أمين الدين من بينهم ( الدرر الكامنة 358/2 ) .

وفي السنة 742 وقعت حروب واختلافات بين الأمراء في الدولة المصرية ، فقبض علي الأمير قوصون وعلي الأمير الطنبغا الحاجب الناصري ، وحملا إلي الاسكندرية ، فخنقا هناك مع آخرين ( الدرر الكامنة 437/1)

وفي السنة 743 حشد خليل بن السلطان أليسور ( سماه زامباور علي خليل الله ص 370) عسكرأ ، وحارب بوزون خان التار سلطان ما وراء النهر ، فوقع بوزون أسيرة ، فأمر به خليل فقتل خنقأ بأوتار القسي ، وكانت تلك عادتهم أنهم لا يقتلون من كان من ابناء الملوك إلا خنقا ( مهذب رحلة ابن بطوطة 313/1 ) .

ص: 22

وفي السنة 744 قتل خنقا أمير سيواس الحسن بن تمرتاش بن جوبان ، خلف أباه في إمرة سيواس لما قتل في السنة 728 وكان ماكرة بعيد الغور ، قيل إنه تهدد زوجته ، فأمرت خمسة أنفس ، تسللوا إليه وخنقوه ( الدرر الكامنة 96/2 و 97 ).

وفي السنة 745 قبض علي القاضي جمال الدين ابراهيم ، المعروف بجمال الكفاة ، بالقاهرة ، وضرب بالمقارع ، وخنق ، وكان ناظر الخاص في مصر . ( خطط المقريزي 76/2 ) .

وفي السنة 747 وثب الأمراء المماليك ، بمصر ، بالكامل شعبان بن الناصر محمد بن قلاوون ، وكان قد سجن أخويه ، وأراد قتلهما ، فاعتقلوه ، وسلطنوا أحد أخويه وبعثوا إليه في السجن من قتله خنقأ ( شذرات الذهب 151/6 والاعلام 241/3 وبدائع الزهور 186/1 ).

وفي السنة 747 كان الأمير سيف الدين آل ملك علي صفد، وطلب الحضور للقاهرة ، فرسم له السلطان بذلك ، ولما وصل إلي غزة ، أمسكه نائبها، ووجهه إلي الإسكندرية حيث قتل خنقا . ( خطط المقريزي 310/2)

وفي السنة 747 أمر الملك المظفر ، بقتل الأمير شجاع الدين غرلو ، فخنق . ( بدائع الزهور 187/1 ).

وفي السنة 747 أمر السلطان الملك المظفر حاجي ، بقتل أميرين من أمرائه فخنقا ، ثم أمر بخنق أمير ثالث ، فخنق ( بدائع الزهور 187/1 و188 ).

وفي السنة 747 خلع الملك المظفر حاجي ، وخنق لي( بدائع الزهور 189/1 ).

ص: 23

وفي السنة 748 خنق بقابون ، الأمير يلبغا بن طابطة الساقي الناصري ، وكان أثيرة جدا عند السلطان الملك الناصر ، ثم ولي لولده الصالح اسماعيل نيابة السلطنة في حماة ، ثم نيابة حلب ، ثم نيابة دمشق ، وفي أيام المظفر حاجي ، أراد اعتقاله ، ففر منه ، فلجأ إلي حماة ، فأكرمه نائبها قطليجا ، ولما دخل الحمام أمسكه وأمسك أباه وإخوته وولده والأمير أسندمر ، وجهزهم إلي القاهرة ، وكان آخر أمره أن خنق بقابون ( الدرر الكامنة 212/5 و213) .

وفي السنة 749 تحرك الأمر أبو عنان فارس بن علي المريني ، ضد أبيه السلطان أبي الحسن ، وأراد أخذ السلطنة منه ، وبايعه قسم من الناس ، واتهم وزيره الحسن بن سليمان ، بأنه يكاتب أباه السلطان أبا الحسن سرا ، فقتله خنقأ ، ثم حصر فاس، واستولي عليها، وقتل واليها منصور بن أبي مالك ( ابن حلدون 278/7 - 280 ) .

وكان السلطان أبو عنان فارس المريني ، قد خرج علي أبيه السلطان أبي الحسن علي المريني ، وأستمر محاربأ له ، حتي مات الأب ، وأستقر أبو عنان في السلطنة بلا منازع ، ونفي أخويه أبا الفضل وأبا سالم إلي الاندلس ، فاستقرا عند صاحب غرناطة ، ثم بدا لأبي عنان ، فطالب صاحب غرناطة بإعادتهما إليه ، فامتنع ، والتحق أبو الفضل بالطاغية ( صاحب قشتالة ) الذي جهز له اسطو" أنزله بالمغرب في السنة 754 وجمع جمعأ حارب به أخاه أبا عنان ، ولكن جمعه آنفل، وفر أبو الفضل إلي جبال المصامدة ، واستجار بابن حميدي ، فأجاره ، فبعث إليه أبو عنان يتهدده ، ويغريه ، ويبذل له ، فأسلمه في السنة 755 ألي أتباع أبي عنان ، فاعتقله ، وخنقه في الحبس ( ابن خلدون 124/7 و 296 ).

وفي السنة 759 مرض السلطان أبو عنان فارس بن علي المريني ، صاحب المغرب ، فتأمر بعض أصحابه ، علي قتل ابنه أبي زيان المرشح الولاية العهد ، ونصب أخيه السعيد ، وكان طفلا خماسية ( في الخامسة ) ،

ص: 24

فباكروا دار السلطان ، وقبضوا علي وزيريه موسي بن عيسي ، وعمر بن ميمون ، فقتلوهما ، وأجلسوا السعيد للبيعة ، واحتالوا علي الأمير أبي زيان ، فأحضروه ، وبعد أن بايع أخاه الطفل ، أخذوه إلي حجرة من حجر القصر ، فقتلوه ، ثم أدخل الوزير علي السلطان أبي عنان ، من غطه ( خنقه ) في فراشه حتي قتله ( ابن خلدون 299/7 و 300) .

وفي السنة 760 قبض السلطان علي الأمير طرغتمش ، وخنق في السجن . ( بدائع الزهور 208/1 ).

وفي السنة 768 أراد السلطان أبو زيان محمد المريني ، صاحب المغرب ، أن يتخلص من وزيره عمر بن عبد الله بن علي ، وأحس الوزير بذلك ، فدخل علي السلطان ، وهو في مجلس لهوه ، فطرد ندماءه ، ثم تناوله غطا ( خنقأ ) حتي مات ، وألقاه في بئر ، واستدعي الخاصة ، وأخبرهم بأن السلطان كان ثمة ، وسقط عن دابته في البئر ( ابن خلدون 323/7 ) .

وكان إدريس بن عثمان ، فر من السلطان أبي عنان ، سلطان المغرب ، ولجأ إلي غرناطة ، واشترك هناك في مؤامرة علي السلطان اسماعيل بن الحجاج ، ولما عاد السلطان أبو عبد الله المخلوع إلي عرشه في غرناطة ، فر إدريس وجماعته إلي صاحب قشتالة ، فقتل صاحب قشتالة من اشترك منهم فعلا في المؤامرة ، وحبس الباقين ، ومنهم إدريس ، في إشبيلية ، وفر إدريس من معتقله ، بمداخلة مسلم من الاسري ، أعد له فرسا إزاء معتقله ، ففك قيده ، ونقب البيت ، وامتطي الفرس ، ولحق بأرض المسلمين في السنة 766، وقصد صاحب غرناطة ، فأكرمه ، ولكن إدريس استأذنه في اللحاق بالمغرب ، فأذن له ، فلما أجاز إلي سبته ، اعتقله صاحبها بأمر من الوزير عمر بن عبد الله ، ثم نقل إلي سجن الغدر ، بفاس ، حيث قتل خنقأ في السنة 770 ( ابن خلدون 376/9 .

وفي السنة 776 قتل الوزير لسان الدين بن الخطيب خنقا في محبسه ،

ص: 25

وكان ابن الخطيب قد لجأ في السنة 773 إلي حمي السلطان عبد العزيز بن علي المريني ، فحماه ، وبعث سفيرة ألي غرناطة فأحضر أفراد أسرة ابن الخطيب إلي المغرب معززين مكرمين ، فتظافر خصوم ابن الخطيب في غرناطة ، ومنهم جماعة كان ابن الخطيب قد أحسن إليهم ، ورفع من شأنهم ، فكفروا بإحسانه ، وأحرقوا كتبه ومؤلفاته في ساحة غرناطة ، وأصدر القاضي أبو الحسن ، قاضي غرناطة ، وهو من صنائع ابن الخطيب ، حكم شرعية صرح فيه بإلحاد ابن الخطيب وزندقته ، وصادق عليه سلطان غرناطة ، وبعث به إلي سطان المغرب ، مع رسل منه ، يطلب منه إنفاذ حكم الشرع في ابن الخطيب ، بإعدامه ، فرد سلطان المغرب الرسل ردة قبيحأ ، وزاد في العناية بابن الخطيب ، وتوفي السلطان في السنة 774 وخلفه ولده أبو زيان محمد الملقب بالسعيد ، وكان صبيا ، فأغري ابن الأحمر سلطان غرناطة ، أمير من بني مرين وهو أبو العباس أحمد بن ابراهيم بطلب عرش المغرب ، وأمده بالمال والسلاح ، فتمكن ، وأستولي ، وتسلطن في السنة 776 وكان أول ما طلبه سلطان غرناطة من صنيعته السلطان الجديد أحمد ، أن يعتقل ابن الخطيب ، فاعتقله ، وتآمر الجميع علي هلاكه ، فنصبوا له مجلسا صورية، أجري له محاكمة صورية مخزية مضحكة ، وكان الحكم فيها بالإعدام منتظرأ ، فعزروه ، وأهانوه ، وعذبوه ، ثم أخذوه إلي حبسه ، حيث دشوا إليه من الرعاع ، من قتله خنقأ ، في السنة 776 ، ثم أخذت جثته من الغد، فأضرمت فيها النار ، فأحترق شعره وبشرته ، وهكذا ذهب هذا الكاتب الشاعر المفكر ضحية الجهالة والتعصب ، والأحقاد السياسية الوضيعة ، وكان آخر ما قاله ابن الخطيب ، وهو في سجنه قبل قتله : ( الاحاطة في اخبار غرناطة 58 - 49)

فقل للعدا ذهب ابن الخطيب****وفات ومن ذا الذي لا يفوت

ومن كان يفرح منكم به ****فقل : يفرح اليوم من لا يموت

ص: 26

وفي السنة 778 خرج السلطان الأشرف شعبان بن حسين بن الناصر محمد بن قلاوون ، للحج ، وصحبه الخليفة والأمراء ، فلما وصلوا إلي العقبة ، ركب عليه من معه من الأمراء والجند ، فانكسر السلطان ، ورجع هاربا إلي مصر، واستتر في بيت مغنية ، وعرض طشتمر علي الخليفة أن يتسلطن ، فأبي ، وقال : اختاروا من شئتم وأنا أوليه ، وعاد هو والقضاة إلي مصر ، ثم ظفروا بالاشرف ، فقتلوه خنقا . ( الدرر الكامنة 288/2 ).

أقول : روي صاحب النجوم الزاهرة القصة بتفصيل أوفي ، قال :

وفي السنة 778 قبض الأمراء بالقاهرة ، علي السلطان الملك الاشرف ، صاحب مصر والشام ، وكان قد فر منهم ، واختبأ في بادنج ( بادكير ) البيت ، وعليه قماش النساء ، فأمسكوا به ، وألبسوه عدة الحرب ، وحملوه إلي قلعة الجبل ثم خنقوه ، ووضعوا جثته في قفه ، وخاطرها ، ورموها في بئر ، فظهرت رائحته بعد أيام ، فأخرجه خدمه ، ودفنوه ( النجوم الزاهرة 75/11 و 76).

وفي السنة 779 اعتقل بمدينة غزة ، الأمير قرطاي ، ونفي إلي طرابلس ثم حمل إلي المرقب حيث قتل خنقا . ( النجوم الزاهرة 154/11 ).

وفي السنة 792 قبض الظاهر برقوق علي الأمير حسام الدين حسن بن باكيش نائب غزة ، وكان قد انحاز إلي خصومه ، فأحضر إليه وهو في الرملة ، فأمر بضربه ، فضرب أربعة وعشرين شيبة ، والنساء تزغرد ، ولما وصل الظاهر إلي غزة ، ضرب ابن باكيش فيها مائة وعشرين شيبة ، ولما وصل إلي القاهرة ، أحضره بالإصطبل ، وعزاه ، وضربه بالمقارع، ثم رسم لوالي القاهرة بأن يحضره ويضربه ، فأحضره وعصره ، وفي السنة 793 أمر الظاهر بقتله ، فقتل خنقا في محبسه بخزانة شمائل ( تاريخ ابن الفرات 188/9 ، 248، 249 ، ،281)

ص: 27

وفي السنة 793 خنق والي القاهرة حسام الدين حسين بن الكوارين ، بأمر من السلطان برقوق ، بعد أن عذب عذابا شديدا ، وضرب ضربا مبرحا ، وقد بقيد ثقيل ، وسحب في الحديد، وعصر ، ونهبت داره ( بدائع الزهور 445/2/1 ونزهة النفوس 339 ).

أقول : كان الأمير حسام الدين الكوراني ، يلي ولاية القاهرة ، ولما حصل الاختلاف في السنة 791 بين السلطان الملك الظاهر برقوق والأمير منطاش بالقاهرة ، واستولي منطاش علي الحكم أخذ والي القاهرة يتقرب إلي منطاش ، وتوجه إلي حيث عائلة السلطان برقوق ، وأخرجهن من دورهن إخراجا عنيفا ، وستهن وسب الملك الظاهر ، وأخرجهن حواسر وجواريهن مسبيات ، وهن في بكاء وعويل ( النجوم الزاهرة 366/11 ) وروي إنه من أجل أن يثير برقوق من استاره قبض علي زوجته وعاقبها ( أي عذبها ) لتدله علي مكان استتار زوجها ( نزهة النفوس 223 ) فلما استعاد الملك الظاهر السلطنة ، قبض علي الأمير حسام الدين الكوراني ، وقيده بقيد ثقيل جدأ ، وضرب ، وعصر ، وعوقب أشد عقوبة ، ونهبت داره ( النجوم الزاهرة 378/11 ) ثم شتد العذاب عليه ( النجوم الزاهرة 379/11 ) وجرع ألوان العذاب ، وضرب في سجنه ضربا مبرحا ( النجوم الزاهرة 7/12 و123) وفي عاشر شعبان من السنة 793 خنق في سجنه ( نزهة النفوس 339 والنجوم الزاهرة 123/12 ).

وفي السنة 793 قتل خنقا في سجن الجرائم بالقاهرة ، القاضي شهاب الدين أحمد بن عمر القرشي ابن الواعظ، قاضي الشام ، وكان قد أعان علي خلع السلطان برقوق ، ولما حاصر برقوق دمشق ، قام القرشي في وجهه ، وحرض عليه العوام ، ولما انتصر برقوق ، قبض عليه ، وحمل الي مصر ، وحبس بسجن الجرائم في القاهرة ، وقتل فيه خنقأ (الدرر الكامنة 246/1)

ص: 28

أقول : زاد ابن الفرات 256/9 بأنه خنق بعد أن ضرب مرارة بالمقارع والعصي ، أما صاحب الضوء إلي اللامع ، فقال :

لما انتصر السلطان الظاهر علي الأمير منطاش ، قبض علي القاضي شهاب الدين بن أبي الرضا ، واستصحبه معه كالأسير ، لأنه كان أشد من ألب عليه في تلك الفتنة ، إلي أن هلك معه من دون سبب ظاهر للهلاك ، فاتهم الظاهر بأنه دست عليه من خنقه ( الضوء اللامع 230/6 )

وفي السنة 794 رسم السلطان بمصر ، بخنق بعض الأمراء ، فخنقوا ( بدائع الزهور 451/2/1 ) .

أقول : روي صاحب نزهة النفوس ( ص 350 ) القصة باختصار ، فقال : في ثامن عشره « انفذ أمر الله وقضاؤه ، في عدة من الأمراء ، فقتلوا ، ومنهم الأمير قرا دمرداش والأمير تغاي تمر نائب سيس .

ومن مساويء الاشرف خليل ، أنه خنق سبعة من الأمراء المقدمين في ليلة واحدة ( بدائع الزهور 128/1 ).

وفي السنة 794 مات الشيخ علاء الدين علي بن عبد الله بن يوسف البيري الحلبي و الفاضل الكامل الاديب ، الكاتب المنشيء الناشر » مخنوقة ( نزهة النفوس 353 ).

أقول : ذكر صاحب النجوم الزاهرة 132/12 إن مقتل الشيخ علاء الدين كان في السنة 801 وهو وهم ، وجاء في إعلام النبلاء 12/5 إن الشيخ علاء الدين اتصل بالأمير يلبغا الناصري الذي شارك في خلع الظاهر برقوق ، فلما عاد برقوق إلي السلطة ، وقتل الأمير يلبغا الناصري ، قبض علي الشيخ علاء الدين وحمله إلي القاهرة .

وفي السنة 798 قبض علي الأمير محمد بن جمال الدين ، وسجن بالبرج ، وسلم إلي علاء الدين الطبلاوي ، والي القاهرة ، فعاقبه أشد

ص: 29

العقوبة ، وعصره بالمعاصير ، حتي أشرف علي الهلاك ، ثم خنق في السنة 799 ( بدائع الزهور 479/2/1 و489 ).

أقول : الذي في نزهة النفوس ( ص 342 و404 و424 و447 ) أن الأمير ناصر الدين محمد بن الأمير جمال الدين محمود الأستادار استقر في السنة 794 نائبا للسلطان في الاسكندرية ، وفي السنة 797 قدم من الإسكندرية وقدم للسلطان تقدمة عظيمة من الذهب والحرير والخيول ، « فقبلت وشكرت » ، وفي السنة 798 ستم ناصر الدين إلي والي القاهرة ابن الطبلاوي ، فأهانه ، وأخرق به ، وجده من ثيابه ليضربه بحضور الخاص والعام ، فقال له : يا أمير ، قد رأيت عزنا وما كنا فيه ، وقد زال ، وعزك أيضا ما يدوم ، وفي السنة 799 ضرب فوق أربعمائة عصاة وسقط ، ولكن الذي مات في هذه السنة هو أبوه الأمير محمود ، وقد أثبتنا خبر وفاته في هذا الكتاب في الباب العاشر : ألوان من العذاب ، الفصل الأول : تعذيب العمال المصروفين .

وفي السنة 799 قبض علي الوزير المعروف بابن البقري ( سعد الدين نصر الله ، وكان والي القاهرة ) وصودر ، وعوقب ، وضرب ضربا شديدا ، وأخرج نهارا وهو عاري البدن ، مكشوف الرأس ، مربوط بجيل يجر به ، وثيابه مضمومة بيده ، ثم خنق ( خطط المقريزي 96/2 ).

وفي السنة 800 اتهم السلطان بمصر ، الأمير علي باي ، بالتامر عليه ، فاعتقله ، وأحضره ، وأحضر المشاعلي ، وأحضر المعاصير، وعصر بحضرته ، وفي اليوم الثاني عذب بين يدي السلطان عذابا شديدا ، حتي كسرت رجلاه وركبتاه ، ثم إن السلطان ضربه بعكاز كان في يده من الفولاذ ، فخسف صدره ، فأخذ الي الخارج ، وخنق ( بدائع الزهور 56/2/1 و 507 ) .

أقول : روي صاحب نزهة النفوس 466 - 471 قصة مؤامرة الأمير علي باي علي السلطان بتفصيل ، فراجعها هناك .

ص: 30

وفي السنة 802 أمر السلطان بدمشق ، بخنق الأمير تنم نائب الشام ، والأمير يونس الرماح ، فخنقا ( بدائع الزهور 583/2/1 ).

ولما فتح تيمورلنك دمشق في السنة 803 كان من جملة ما عذب به الدمشقيون ، أن يربط رأس المعذب بحبل ، ثم يلوي حتي يغوص في لحمه ، وكلما قارب الموت ، خلي عنه ، ثم يعاد تعذيبه ، ويكرر عليه العذاب حتي يموت ، ثم يعذب وهو ميت ، لظنهم إنه يتماوت ( النجوم الزاهرة 12/ 244 و245 ).

وفي السنة 806 عاد السلطان أحمد بن أويس إلي العراق ، وقصد الحلة حيث كانت تحت حكم ولده طاهر ، فتشوش منه ولده طاهر وبقية الأمراء ، وحاربوه ، فاستنجد السلطان أحمد ، بقرا يوسف صاحب أذربيجان ، فأنجده بجيش جاء علي رأسه ، وانتصر السلطان أحمد في المعركة ، ومات ولده طاهر ، ثم تشوش السلطان أحمد من قرايوسف ، وطلب منه أن يرسل معه أتابكه يوسف ، معتمدة ، ليسلم اله مالا وقماشة وأجناس ، فلما قدم السلطان أحمد بغداد ، قتل يوسفأ أتابك قرايوسف ، فبلغ قرايوسف الخبر ، فقصد بغداد ، فهرب السلطان أحمد إلي الشام ، ودخل قرايوسف بغداد ونهبها ، وبعد قليل وصلت طلائع جيش أبي بكر بن ميرزاده ميران شاه إلي بغداد ، وتصدي له أمراء آخرون ، فانتصروا علي قرايوسف وقتل في المعركة يار علي أخو يوسف ، وأسرت امرأة قرايوسف أم اسكندر وأسبان ، وفر قرايوسف إلي الشام ، فاتفق أن سلطان مصر قبض عليهما وحبسهما في موضع واحد، فتصالحا، ولما مات تيمور أطلقا ، فلما وصلا إلي الرها، تعاهدا ، وتحالفا علي أن تبريز وأعمالها ليوسف ، وبغداد وأعمالها للسلطان أحمد، وكان ذلك في السنة 808 ثم إن علاء الدولة بن السلطان أحمد ، قصد أذربيجان علي رأس جيش ، لطرد قرايوسف عنها ، فحاربه يوسف ، وأسره ، فكتب

ص: 31

إليه السلطان أحمد ، يطلب إطلاق ولده ، فأني ، لاعتقاده بأن مجيء علاء الدولة علي رأس الجيش ، إنما كان يأمر من أبيه السلطان أحمد الذي غدر به وحنث باليمين التي حلفها له لما عادا من الشام ، وعند ذلك جيش السلطان أحمد جيشأ ، وقصد قرايوسف ، فاشتبكا في معركة كانت عاقبتها أن انفل جيش السلطان أحمد ، ووقع أسيرة في يد يوسف في السنة 813 فأراد يوسف استبقاءه ، فأصر أمراؤه علي قتله، فقال لهم : أنا لا أقتله ، وشأنكم وما تريدون ، فقتلوا السلطان أحمد خنقأ ، كما قتل ولده علاء الدولة (تاريخ الغياثي 206 - 210 و 239 - 241).

وفي السنة 812 قتل خنقأ ، في السجن بدمشق ، محمد بن موسي الدمشقي ، بأمر جمال الدين الاستادار ، حقد عليه تصرف تصرفه معه أيام كان خام بحلب ، وكان محمد موقع الدست في حلب ( الضوء اللامع 63/10)

وفي السنة 811 قبض علي الأمير يلبغا السالمي ، وأسلم إلي خصمه الأمير جمال الدين يوسف ، فعاقبه ، وبعث به إلي الاسكندرية ، فاعتقل بها ، وسعي جمال الدين في قتله بمال بذله للناصر ، فأذن له في قتله ، فخنق في عصر يوم الجمعة ، وهو صائم ( خطط المقريزي 292/2 وشذرات الذهب 95/7 و 96) .

وجاء في الضوء اللامع ما يلي : وفي السنة 803 قبض علي الأمير يلبغا الظاهري ، الاستادار بالقاهرة ، وأهين ، وعوقب ( أي عذب ) وعصر ، ونفي إلي دمياط ، ثم أعيد في السنة 805 وتقرر في الوزارة ، ثم قبض عليه ، وعوقب ، وحبس ، ثم أطلق في السنة 807، وأسلم إلي جمال الدين الاستادار ، وكان قد نبت بينهما عداء ، فعذبه ونفاه إلي الإسكندرية ، ثم بذل فيه جمال الدين مالأ جزيلا ، فأذن له في قتله ، فقتل في محبسه خنقأ ، وهو صائم في رمضان ، يوم الجمعة ، بعد صلاة العصر ، في السنة

ص: 32

811، ولم يعش جمال الدين بعده إلا عشرة أشهر ( الضوء اللامع 290/10)

وفي السنة 812 جاء دور الأمير جمال الدين يوسف ، إذ قبض عليه السلطان وهو بدمشق ، وضربه «علقة مرعدة » ثم قتله في السجن خنقا ( بدائع الزهور 795/1 و 799 ).

وقد أثبت صاحب الضوء اللامع ، الخبر ، بتفصيل أوفي ، قال : وفي السنة 812 قبض السلطان الناصر علي الأمير جمال الدين أبي المحاسن يوسف بن أحمد الأستادار ، وكان قد بلغ مبلغا عظيما في المملكة ، فلم يزل أعداؤه بالناصر يغيرونه حتي أمر بالقبض عليه ، وعلي ولده ، وحاشيته ، وأوقع الحوطة علي موجوداته ، وأسلمه ألي أعدائه ، فقتلوه في حبسه خنقأ ، قتله حسام الدين والي القاهرة ، وقطع رأسه وأحضرها أمام السلطان ، فردها وأمر بدفنه ( الضوء اللامع 297/10 ).

وفي السنة 814 قتل خنقا أحمد بن أخت جمال الدين الاستادار ، وأخو حمزة ، وكان ممن صودر في محنته مع أقربائه وآله ( الضوء اللامع 297/10)

وفي السنة 814 خامر الأمير تمراز الناصري ، علي السلطان الناصر ، فال أمره أن قتل خنقا ( الضوء اللامع 38/3 ) .

وفي السنة 816 قتل خنقأ في الحبس والعذاب ، فتح الدين ، فتح الله بن مستعصم التبريزي ، كاتب السربالديار المصرية ، غضب عليه السلطان المؤيد لشيء بلغه عنه ، فأمر بحبسه وتعذيبه ، فحبس وعذب وخنق ( الضوء اللامع 166/6 وخطط المقريزي 63/2 ) .

وفي السنة 824 توفي الملك المؤيد شيخ ، فأعلن الأتابك الطنبغا العصيان ، وتحصن بدمشق ، فخرج الأمير ططر أتابك العسكر ، ومعه الملك

ص: 33

المظفر أحمد بن شيخ ، وهو طفل ، ولما دخل ططر دمشق ، استسلم إليه الأتابك الطنبغا ، والأمير جقمق ، فأمر بهما فحبسا، ثم قتلهما خنقأ ، ثم عزل الملك المظفر ، وأعلن سلطنته ، ولكن سلطنته لم تدم إلا ثلاثة أشهر ومات ( خطط الشام 197/2 ).

وفي السنة 835 قبض الأمير أصبهان بن قرايوسف ، علي السلطان حسين بن علاء الدولة بن أحمد بن أويس ، سلطان بغداد ، وكان قد أمنه ، فأوعز إلي أصحابه ، أن يغروه بالهرب ، ليتخذ من هربه حجة علي سقوط أمانه ، ففعلوا ، ولما فر ، قبض عليه وخنقه (تاريخ العراق للعزاوي 81/3 وشذرات الذهب 213/7 ) .

وذكر صاحب الضوء اللامع 160/3 قصة مقتل السلطان حسين بن علاء الدولة في السنة 835، فذكر : إن تيمورلنك كان قد أسر حسينا وأخاه حسنا ، وحملهما إلي سمرقند ، ثم أطلقهما ، فاتصل حسن بالناصر فرج ، ومات عنده بمصر ، وأما حسين فتنقل في البلاد، إلي أن دخل العراق ، فوجد شاه محمد بن شاه ولد بن أحمد بن أويس ، وكان أبوه شاه ولد صاحب البصرة ، فلما مات خلفه شاه محمد، فصادف السلطان حسين ، الشاه محمد وقد حضره الموت ، فأوصي له بأملاكه ، فاستوي علي البصرة وواسط وبقية أملاكه ، فطمع أصبهان ( أسبان ) شاه بن قرايوسف في حيازة تلك الأملاك ، وقصد السلطان حسين وحاربه ، فأنتمي السلطان حسين إلي الشاه رخ ابن تيمور ، فقوي وملك الموصل وإربل وتكريت ، ثم انقلب الحال ، وتغلب أصبهان شاه ، وأخذ يدخل كل بلد ويحرقه حتي حصر حسين في الحلة ، وأعطاه الأمان ، فنزل ، فقتله خنقا .

وفي السنة 841 قتل خنقأ الأمير تمراز المؤيدي ، نائب صفد، ثم نائب غزة ، جري خنقه بسجن الإسكندرية ( الضوء اللامع 38/3 ).

ص: 34

وفي السنة 858 قام قاضي حلب ، سالم بن سلامة بن سلمان الحموي ، بقتل ابن قاضي عينتاب خنقأ ، بغير مسوغ ، فحبس القاضي سالم من أجل ذلك بقلعة حلب ، ثم خنق علي باب محبسه ( الضوء اللامع 242/3)

وفي السة 905 تحرك الأمير جان بلاط ( بولاد ) علي الملك الظاهر بالقاهرة ، وأعلن نفسه سلطانا باسم الملك الأشرف ، فخالفه قصروه نائب الشام ، فسير إليه الأشرف جيشأ ، ولكن الجيش المسير اتفق مع النائب قصروه ، وعادوا إلي القاهرة ، فحصروا الأشرف جان بلاط في السنة 906 ، وخامر عسكر جان بلاط عليه ، فلم يبق معه أحد ، فصعد طومان باي إلي القلعة ، فاعتقل جان بلاط ، وحمله إلي الاسكندرية ، حيث قتل هناك خنقا ( الكواكب السائرة 171/1 ).

وكان القتل عند السلطان سليم العثماني ( سلطنته 918 - 926 ) من أسهل الأمور وأهونها ، وقد قتل سبعة من وزرائه لأسباب تافهة ، ولما تسلطن خنق إخوته ، وغيرهم من أهل بيته وعددهم سبعة عشر نفرة ، حتي كان الأتراك يقولون : من أراد الموت ، فليكن وزيرة عند السلطان سليم ( خطط الشام 230/2 ).

وفي السنة 924 قتل خنقا في السجن، المهدي بن أحمد القطبي ، رئيس جازان ، وكان قد سير أخاه عز الدين علي رأس جيش الاحتلال زبيد فاحتلها ، ثم كر راجعا علي أخيه المهدي ، فقبض عليه ، وخنقه في السجن (الاعلام 256/8 ).

وفي السنة 928 أمر السلطان سليمان العثمان بن السلطان سليم ، بقتل علي بيك شاه سوار وأولاده ، فقتلوا خنقأ ، وتفصيل القصة : إن السلطان سليم العثماني ، قصد في السنة 920 الشاه اسماعيل الصفوي ، سلطان العجم ، فمر بعساكره من طريق البيرة ، وكان بها نائب للغوري هوعلاء

ص: 35

الدولة ، أخو شاه سوار ، فاعتدي أصحابه علي أحمال ذخائر السلطان سليم ، وأخذوا منها شيئا كثيرا ، فحقدها السلطان سليم علي علاء الدولة ، ولما عاد من محاربة الشاه إسماعيل ، سير جيشأ إلي علاء الدولة ، صحبة سنان باشا الطواشي ، واشتبك مع عسكر علاء الدولة في معركة كانت عاقبتها أن آنفل جيش علاء الدولة ، وقتل هو وكان قد أناف علي التسعين وقتل معه أكثر أولاده ، فقطعت رؤوسهم ، وبعث بها إلي السلطان الغوري ، ونصب السلطان سليم في موضع علاء الدولة ، ابن اخي علاء الدولة وهو علي بيك بن شاه سوار ، وفي السنة 928 أرسل السلطان سليمان القانوني وزيره فرهاد باشا ، فلما وصل إلي مدينة توقات ، أرسل إلي علي بك يدعوه للمذاكرة معه ، فحضر مع ولده صارو أرسلان وعدة من أولاده الآخرين ، فقبض عليهم فرهاد باشا ، وأمر بخنقهم ، فخنقوا بأجمعهم ولم يبق منهم أحد ( اعلام النبلاء 116/3 - 118 و176).

وبناء علي أمر من السلطان سليمان القانوني (ت 97) قتل خنقا ، ولده بايزيد ، مع أربعة صبيان هم أولاد بايزيد ، تم إعدامهم في موضع واحد، وفي وقت واحد ، وسبب ذلك : إن السلطان سليمان كان قد قسم مملكته بين أولاده الثلاثة ، مصطفي ، وبايزيد ، وسليم ، ووقعت حرب بين مصطفي و بايزيد ، فانكسر بايزيد ، ولجأ إلي ملك العجم الشاه طهماسب ، فأكرمه ، وجرت مراسلات بين السلطان سليمان والشاه طهماسب ، أدت إلي أن بعث السلطان سليمان بعثة برئاسة خسرو باشا ، لقتل بايزيد ، ولما واجه خسرو باشا بايزيد ، عرف مصيره ، فاستمهل ليصلي ركعتين ، فخنقه خسرو باشا وهو يصلي ، ثم أحضروا أولاد بايزيد ، وهم أربعة ، فخنقوهم معه ، وأخذوا جثهم إلي السلطان سليمان ( تراجم الأعيان 234/1 - 237) .

وخنق الأمير جانم الحمزاوي ، بمصر ، فتي من أقرباء القاضي شرف الدين الصغير ، وسلمه إلي أمه مخنوقا ، وتفصيل ذلك : إن الأمير جانم

ص: 36

الحمزاوي ، كان يحقد علي القاضي شرف الدين ، فذهب إلي الباب العالي ( اصطنبول ) وسعي في قتل شرف الدين ، وحصل علي مرسوم سلطاني بقتله ، فخاف شرف الدين ، وسافر بعده إلي اصطنبول ، فواجهة الأمير جانم في اسكدار ، وخدعه ، وجامله ، وعاد معه ، فلما وصلا إلي مصر ، أبرز المرسوم ، وسلم شرف الدين إلي الصوباشي ، فعذبه بالاسكنجة ( الاسكنه ، فارسية : مثقب النجار ، بريمه ) ، واستصفي أموله وقتله ، ثم اعتقل فتي من اقرباء شرف الدين شابة ما نم عذاره ، وكانت له أم حنون هو وحيدها، وكانت مولعة به مجنونة بحبه ، فدارت علي جميع العلماء والصلحاء ، وتولت بالمشايخ والأولياء ، وحملت الجميع علي الأمير جانم ، ليعيد إليها ولدها، فأظهر لهم إجابة سؤلهم ، ووعد بتسليمه في ليلة معينة ، ودت له السم ، فلم يعمل فيه ، فأمر بخنقه ، وسلمه إلي أمه مخنوقأ ، فلما قام الوالي سليمان باشا ، والي مصر، بقتل الأمير جانم الحمزاوي وولده ، وعلق رأسيهما بباب زويلة ، تخلقت ( تحنت ) أم القاضي شرف الدين بالزعفران ، شماتة بهما وجاءت حتي وقفت تحت رأسيهما ، وأظهرت فرحها وحبورها ( البرق اليماني 75 - 73)

راجع في بحث الفتك ، القسم الأول من الفصل الأول : القتل بالسيف ، من الباب الحادي عشر القتل ، من هذا الكتاب ، كيفية قتل الأمير جانم الحمزاوي وولده في السنة 944.

وكان ابراهيم بن خضر باني القرمانية ، المتوفي سنة 946 من كبار التجار بحلب ، وله عدة مماليك ، اختلس واحد منهم شيئا من ماله فسعي في قتله ، وصلبه مخنوقة تجاه خان خير بك بحلب ، لكون الإختلاس جري من مخزنه بهذا الخان ( اعلام النبلاء 26/6 ).

وفي السنة 954 عاد الشيخ داود المرعشي إلي دمشق ، وكان من أكابر العلماء ، وهو شيخ الطائفة الأويسية ، فقتل خنقا بأمر من السلطان ورد علي

ص: 37

نائب دمشق ، بسبب ما بلغ السلطان عنه من كثرة أتباعه ، ودعواه أن المهدي الذي يبعث آخر الزمان ، يكون من الأويسية ( الكواكب السائرة 143/2 ).

وفي السنة 976 ولي مصر، للسلطان سليم الثاني العثماني ، الوالي سنان باشا ، فأمر بقتل مصطفي بك أحد أمراء السناجق بمصر ، والنجمي محمد بك ، أمر اللواء بمصر ، فلما وصل إلي مصر ، طلب الأميرين المذكورين ، وسلمهما إلي القابجية ، فنقذوا فيهما الأمر السلطاني ، وخنقا بالوتر، وضبطت مخلفاتهما للديوان ( البرق اليماني 210 ).

وفي السنة 982 توفي السلطان سليم بن السلطان سليمان ، وفي يوم دفنه خنق أولاده الخمسة ، خنقهم أخوهم مراد الذي خلف أباه في السلطنة . ( خطط الشام 239/2 ).

وفي السنة 1002 جري خنق منصور بن فريح في قلعة دمشق ، لظلمه وجوره وتخريبه البلاد ، وكان قد التزم من الدولة العثمانية لواء صفد ، وكان في أول أمره بدوية من خدام ابن الحنش ، ثم ترقي به الحال ، وألتزم أموالا عظيمة علي لواء صفد ، ولواء نابلس، وإمارة الحاج ، وخرب بلاد كثيرة ، وقتل خلق كثيرة ( خطط الشام 241/2 و 24 ).

وفي السنة 1003 قتل خنقا في حبسه ابراهيم باشا، المعروف بدالي ابراهيم ، أحد وزراء دولة السلطان العثماني مراد الثالث ، وكان من الظالمين ، قتل كثيرة من الناس في ديار بكرلما نصبه السلطان أميرا للأمراء فيها ، وأخذ من التاجر رجب خمسة آلاف ليرة ذهبية ثم أمر به فقطع ألي أربع قطع ، واعتقل أحمد باشا وعماد الدين بك ، وأهلكهما تحت العذاب ، فأعتقله السلطان مراد ، ولما توفي السلطان مراد وخلفه ولده السلطان محمد أمر بقتل إبراهيم باشا ، فدخل عليه كبير خواص خدم الديوان ومعه جماعة من الجلادين، مغيرين صورهم ، حتي لا يرتاب منهم ، وجلس ذلك الكبير يكلمه ويشاغله ، وجاء الجلادون من خلفه ، ووضعوا في عنقه حبلا ، وقالوا :

ص: 38

أمر بذلك السلطان، فرفع مسبحته مشيرة بالشهادة ، ولما مات ألقوه في البحر ( خلاصة الأثر 58/1 ).

وفي السنة 1006 قتل بأمر السلطان ، حسن باشا الطواشي ، الوزير الأعظم ، أحد وزراء دولة السلطان محمد بن مراد ، وكان في أول أمره خزينة دار السلطان ، ثم ولاه مصرأ ، فاختلس من أموال الدولة ، فحوسب وحبس ، ثم أعطي حكومة شروان ، ثم صار وزيرة رابعة ، وكان ظالما جبارة مرتشيا ، ثم صدر أمر السلطان بحبسه ، ثم أصدر أمره بقتله فقتل خنقا ( خلاصة الأثر 71/2)

وفي السنة 1012 قتل خنقأ بأمر السلطان ، الوزير حسن باشا اليمشجي ، وكان قد خرج علي رأس جيش لقتال بعض أعداء الدولة ، فعاد منكسرة ، فعزل ، وصدر أمر السلطان بقتله ، فقتل خنقا (خلاصة الاثر 73/2)

وفي السنة 1013 قتل نصوح باشا ، كافل حلب ، السيد حسين نقيب الأشراف بحلب ، قتله خنقا وقتل معه آثنين من أصحابه ، ورمي بجثثهم في الخندق ، وكان المحرض له علي ذلك السيد لطفي ، شقيق السيد حسين ، فإنه كان يحرض رجال الدولة علي قتل أخيه ، ويزعم لهم إنه يشرب الخمر ، وإنه يلبس لبوس النصاري ، ولما عاد نصوح باشا ، من إحدي حروبه مكسورة ، دس السيد لطفي إلي نصوح باشا من أخبره بأن أخاه السيد حسين قد فرح بانكساره وإنه قد احتفل بذلك وأقام مولدة للفرح ، فذهب الباشا بنفسه إلي دار السيد حسين ، فسمع ضرب الدفوف وأصوات المغاني ، وإمارات السرور ، وكان سببه أن بنت السيد حسين ولدت ولد ذكرا ، فاجتمع النساء للفرح ، ولكن نصوح باشا حسب أن الأمر كما ذكره له السيد لطفي ، فطلب إحضار السيد حسين ، فحضر ومعه اثنان من أصحابه ، فأمر بهم

ص: 39

نصوح باشا ، فخنقوا ، ورمي بجثثهم في الخندق ( خلاصته الأثر 108/2 و109).

وفي السنة 1014 أمر حسين باشا جانبولاد ، كافل حلب ، باعتقال درويش بك بن الأمير أحمد بن مطاف ، وكان يحقد عليه أمورة ، فحبسه في قلعة حلب ، وخنقه لي ، ثم علقه علي باب الحبس ، وادعي أنه هو الذي قتل نفسه ( خلاصة الأثر 364/1 ).

وفي السنة 1018 بدمشق ، قتل شخص من أولاد الجند ، اسمه ابن خضر ، أحد أتباع الوالي حافظ أحمد باشا والي الشام ، وبمعونة شخص اسمه رمضان ، رماه في الخندق ، فأمر الوالي بابن خضر فخنق في القلعة ، وبرمضان ، فصلب تحت القلعة . ( تراجم الأعيان 241/2 و242 ).

وفي السنة 1022 قتل خنقأ الشيخ خضر بن حسين المارديني ، وكان قد أتصل أول أمره بنصوح باشا ، لما كان والية لحلب ، فلما تقلد نصوح باشا الصدارة العظمي ، اختار الشيخ خضر رسولا عن السلطان أحمد العثماني إلي الشاه عباس شاه العجم ، لعقد الصلح بينهما، فسافر إلي بلاد العجم ، ونجحت سفارته ، وانعقد الصلح بين الطرفين ، فارتفع شأن الشيخ خضر ، ثم بلغ نصوح باشا أن الشيخ خضر قال لبعض رجال السلطنة : أنني أنا بتدبيري عقدت الصلح ، ولو سمعت كلام الوزير ما صار الصلح ، فأسرها نصوح باشا في نفسه ، وولي الشيخ خضر دفتردارية وان ، وأخرجه في الحال عن القسطنطينية ، وأرسل إليه في الطريق من خنقه ( خلاصة الأثر 130/2)

وفي السنة 1037 (1626 م) أمر الشريف أحمد بن عبد المطلب ، شريف مكة ، بالقبض علي أبي الوجاهة الشيخ عبد الرحمن بن عيسي المرشدي الحنفي ، قاضي مكة ، ومفتي الحرم المكي ، فحبسه ، ثم خنقه في الحبس ( الاعلام 95/4 والمنجد).

ص: 40

وفي السنة 1039 قتل خنقأ الشريف أحمد بن عبد المطلب بن الحسن بن أبي نمي ، وكان وثب علي ابن عمه الشريف محسن ، فانتزع منه الامارة في السنة 1037 وقتله قانصوه باشا خنقا . ( الاعلام 156/1 ).

وورد خبر مقتل الشريف أحمد في خلاصة الأثر كما يلي : في السنة 1039 أقبل الأمير قانصوه باشا، أمير الحاج المصري ، علي الشريف أحمد بن عبد المطلب أمير مكة ، فقتله ، وكان الشريف أحمد قد اعتقل الشيخ عبد الرحمن المرشدي ، فشفع فيه الأمير قانصوه ، فلم يشفعه ، وأمر به فخنق في محبسه ، فحنق عليه الأمير قانصوه ، وتربص به حتي قبض عليه وقتله ( خلاصة الأثر 240/1 ).

وفي السنة 1043 جهزت الدولة العثمانية جيشأ بقيادة أحمد باشا الأرناؤدي ، لقتال الأمير فخر الدين المعني ، فاشتب، الجيش العثماني ، وجيش فخر الدين ، في معركة قتل فيها الأمير علي بن فخر الدين ، وتوفي أخوه متأثرا بجراحه ، فأستسلم الأمير فخر الدين للقائد احمد باشا الذي دخل به دمشق في موكب حافل ، علي فرس وهو مقيد ، ثم حمل إلي الاستانة ( اصطنبول ) ، فأبقاه السلطان محتاطأ عليه ، ولما قام الأمير ملحم ، حفيد فخر الدين بالعصيان ، وكسر جيش والي دمشق ، أمر السلطان فقطعت رأس الأمير فخر الدين ، وخنق ولده الأكبر ( خطط الشام 262/2 ).

وفي السنة 1043 قتل المولي حسين بن محمد، المعروف بأخي زاده ، مفتي دار السلطنة ، اتهمه السلطان مراد بأنه يعمل في خلعه ، فأحضره ، وأمر بخنقه ، فخنق في الحال ، وأمر بأن يدفن في مكان ويعمي موضع قبره ، وبعث بابنه إلي قبرس ، فاختل عقله ومات هناك .( خلاصة الأثر 111/2 ) .

وفي السنة 1045 قتل خنقا بقلعة دمشق ، قاضي القضاة بها، المولي أحمد بن الملا زين الدين المنطقي ، وكان قد أطلق لسانه بحق بعض ولاة

ص: 41

الأمور ، فشكوه إلي السلطان ، فصدر الأمر بعزله ، ثم ورد « أمر شريف » بقتله فأخذ إلي قلعة دمشق ، وخنق بها ( خلاصة الأثر 200/1 و201).

وبعد أن فتح السلطان مراد العثماني بغداد في السنة 1948 وعاد إلي عاصمة ملكه ، تحرك العسكر من جديد ، وكان الوزير الأعظم رجب باشا ، مستظة بظلهم ، وتكلم المفتي في خلع السلطان ، فأمر السلطان بالوزير الأعظم رجب باشا، فقتل ، وأمر بالمفتي فخنق ، وقتل جماعة من رؤساء العسكر ، فسكنت الفتنة ( خلاصة الأثر 4/ 339 ).

وفي السنة 1099 قام حسن باشا السلحدار ، نائب السلطان العثماني بمصر ، بخنق كتخداه ، لذنب نقمه عليه ( تاريخ الجبرتي 43/1 ) .

وفي السنة 1103 قبض علي باشا ، نائب السلطان العثماني بمصر ، عليي سليم افندي ، وخنقه بالقلعة ، وأنزل إلي بيته محمولأ في تابوت ( تاريخ الجبرتي 45/1 ) .

وفي السنة 1138 نقم والي مصر نيشابخي محمد باشا ، علي المعلم داود ، صاحب عيار ( يسك السكة ) لأنه تلاعب في سكها ، فقبض عليه ، وخنقه ( الجبرتي 204/1 ).

وفي السنة 1411 قتل خنقا الأمير أحمد أفندي ، كاتب الروزنامة ، بأمر الوالي محمد باشا النيشانجي ، فإنه لما خرج الأمير جركس مغضوب عليه من القاهرة ، خرج الأمير احمد افندي معه ، وكان جسيمة ، فانقطع ، وأخذت العرب ثيابه ، وأعيد إلي القاهرة علي ظهر حمار سوقي ، وأحضر أمام الباشا ، فأرسله إلي كتخداه ، ثم أرسله إلي كتخدا مستحفظان ، فحبسه بالقلعة ، وخنقه ليلا (الجبرتي 204/1 ).

وفي السنة 1141 قتل في السجن خنقأ ، أبو مروان عبد الملك بن اسماعيل الحسني ، من ملوك الدولة السجلماسية العلوية بالمغرب ، وكان قد

ص: 42

بويع بمكناسة بعد خلع أخيه أحمد في السنة 1140 ثم انقلب عليه الحال ، فأعيد أحمد، وسجن عبد الملك بمكناسة ، ثم قتل في سجنه . ( الاعلام 95/1 و 301/4 ).

وفي السنة 1159 قتل خنقة السيد فتحي بن السيد محمد الدفتري ، توئي دفترية دمشق ، وكان ظالمة ، وله أتباع يظلمون الناس ، فلما ولي الوزير أسعد باشا العظم دمشق ، كتب پشكوه إلي الدولة ، وضمن تركته بألف كيس ، وصادف أن كان الصدر الأعظم حسن باشا ، وكان يكره السيد فتحي ، فورد الأمر السلطاني بقتله ، ولما وصل الأمر جيء بالسيد فتحي إلي سراي دمشق ، وخنق في دهليز الخزنة التي عند حرم السرايا ، وقطع رأسه وأرسل للدولة ، وطيف بجثته في دمشق ثلاثة أيام في شوارعها وأزقتها ، مكشوف البدن عريانة ، وصودرت أمواله ، وقتل بعض أتباعه وخدامه ( سلك الدرر 287 - 279/3)

وفي السنة 1171 بعث السلطان ، من قتل أسعد باشا العظم في حمام داره بدمشق خنقأ . ( خطط الشام 291/2 و293 ) .

وفي السنة 1182 قبض الأمير علي بك بالقاهرة ، علي الأمير خليل بك القازدغلي ، وأرسله ثغر اسكندرية ، حيث قتل خنقا ( الجبرتي 371/1 ) .

وفي السنة 1183 أمر علي بك رأس المماليك بالقاهرة ، بنفي الأمير علي بك كتخدا مستحفظان إلي رشيد، ثم أرسل إليه من خنقه هناك ( الجبرتي 397/1 ).

وفي السنة 1185 قدم الأمير أبو الذهب ، من مصر ، علي رأس جيش مصري ، فإستولي علي مدينة دمشق عنوة ، ثم انسحب منها عائدة إلي مصر ، فعاد إليها واليها ( كافلها ) عثمان باشا، وولده محمد باشا ، وقدم رئيس «اليرلية » يوسف أغا بن جري من جبل الدروز ومعه خمسة آلاف

ص: 43

درزي ، وبعد مدة رفع عثمان باشا ، يوسف اغا المزبور إلي القلعة ، وحبسه بها ، ثم أمر بخنقه ، فخنق ، اتهمه بأنه كان المحرض لحكام مصر علي إرسال الجيش لفتح الشام ( سلك الدرر 56/1 ).

وفي السنة 1187 شرع الامير علي بك بالقاهرة ، في قتل خصومه ، فكان يبعث إليهم من يخنقهم ، فخنق علي كتخدا الخربوطلي برشيد ، وحمزة بك بزفتا ( تاريخ الجبرتي 378/1 ).

واطلع الأمير محمد باشا المجاهد، صاحب الجزائر (1179۔ 1205) (1765 - 1790 م) علي خيانة الخزناجي ، فأمر بقتله ، فقتل خنقأ ، وتفصيل ذلك : إن محمد باشا ، صاحب الجزائر ، عاتب صالح باي ، صاحب قسنطينة ، علي تصرفه خلافا لأوامره ، فأخرج له رسائل من الخزناجي ، تأمره بذلك التصرف ، فغضب الأمير من ذلك ، وأمر حسن وكيل الخرج ، وكان زوج ابنة الخزناجي ، أن يقتل والد زوجته ، فقال له حسن : أنا اكفيك أمره ، وفي اليوم التالي ، أشار حسن الي الباش شاوش ، إشارة فهمها ، وتقدم من الخزناجي ليقبل يده ، فلما أمسك يده ، سحبه ، ونزع عنه اليطغان ، وأمر أصحابه فكتفوه ، وذهبوا به إلي دار سركاجي ، حيث قتلوه خنقأ ، وكافأ الباشا حسن وكيل الخرج ، فنصبه خزناجيا ، مكان صهره القتيل ( مذكرات الزهار 49 و 50 ).

وفي السنة 1187 ورد أمر الدولة ( مرسوم من إصطنبول ) بطلب رأس عبد الله كتخدا ، ونعمان افندي ، ومرتضي اغا ، ومصطفي افندي الأشقر ، كاتب ديوان علي بك ، وتبين أن عبد الله كتخدا ، قد قتله محمد بك ابو الذهب في السنة 1189 ، ونعمان افندي ذهب إلي الحجاز ، ومرتضي أغا اختفي ، فأحضر الباشا ، مصطفي افندي الاشقر ، وأمر بخنقه ، فخنقره ، وسلخوا رأسه ، ودفنوه بالقرافة ، وأخذ الباشا موجوداته إلي الميري ( الجبرتي 439/1)

ص: 44

وفي السنة 1191 اتفق الأمير اسماعيل بك ، مع أتباعه ، علي قتل اسماعيل بك الصغير ، أحد الأمراء ، وكان قد حدثته نفسه بالإنفراد بالأمر ، وركب في آخر الليل مع صناجقه وعساكره وأحاطوا بيت اسماعيل بك الصغير ، وحصروه ، فخرج وحاربهم ، وصار يتخلص من عطفة إلي عطفة ، وأصيب بسيف علي عاتقه ، وسقطت عمامته ، وأحتاطوا به ، وأنزلوه فأجلسوه علي دكان ( دكة ) وعصبوا رأسه بعمامة رجل جمال ، فأمر اسماعيل بك بأن يرسلوه إلي بيت الوالي ، حيث خنق هناك ، ووضعوه في تابوت ، وأرسلوه إلي بيته ( الجبرتي507/1 ) .

وفي السنة 1195 قبض الأمير مراد بيك علي الأمير ابراهيم بك أوده باشا واتهمه بأنه يكاتب عدوهم إسماعيل بك ، وخنقه ( الجبرتي 552/1 ) .

وفي السنة 1205 اسندت ولاية دمشق ، إلي أحمد باشا الجزار للمرة الثانية ، ودام حكمه فيها خمس سنين ، فعامل الناس بقسوة عظيمة ، حتي نزح كثير من السكان ، وتركوا أوطانهم ، وكان في كل سنة ، يقتل في قلعة دمشق بدون تحقيق أناسا ، وقد قتل في السنة 1206 مائة وستين رجلا خنقأ ، وفي السنة 1207 قتل نحو ستين ( خطط الشام 8/3 ) .

وفي السنة 1214 لما استقرت الحرب بين الجيش الافرنسي ، وبين المماليك وأهل القاهرة ، اتهم الناس مصطفي أغا مستحفظان ، بأنه يخفي في بيته جماعة من الفرنسيين ، فهجموا علي داره ، ووجدوا فيها أنفارة من الفرنسيس ، فقبضوا علي الأغا، وأحضروه أمام عثمان كتخدا ، ثم تسلمه الانكشارية ، وخنقوه ليلا ، ورموا جيفته علي مزبلة خارج البلد ( الجبرتي 331/2)

وفي السنة 1217 خنق الأمير محمد بن عبد الله الشاوي الحميري ، من امراء العراق ، وخنق معه أخوه عبد العزيز، ودفنا بقرب الموصل، أمر بخنقهما والي بغداد علي باشا ، خلف سليمان باشا ، وكان سليمان باشا قد

ص: 45

أرسل الأمير محمد في سفارة إلي الدرعية ، إلي أمير نجد ، وبعد عودته اتهمه الأتراك بأنه مال للوهابيين أمراء نجد ، وقتل وأخوه خنقأ ( الأعلام 120/7)

أقول ذكر العزاوي في تاريخه 155/6 ان القتل حصل في السنة 1218)

وفي السنة 1218 متر والي القاهرة بناحية الجمالية ، فوجد إنسانا من أكابر غزة ، اسمه علي أغا شعبان ، كان مهندسا في عمارة الباشا ، وكان علي أغا جالسا علي دكان يتنزه ، وفرسه وخدمه وقوف أمامه ، فأمره بالركوب معه ، فركب ، وذهب صحبته ، فخنقه وأخذ ثيابه وفرسه وكان في جيبه ألف دينار ذهبا خلاف الورق ( الجبرتي 592/2 ).

وفي السنة 1218 حضر والي القاهرة ، إلي قصر الشوك ، ونزل عند رجل من تجار خان الخليلي اسمه عثمان كجك ، فتعشي عنده ، ثم قبض عليه ، وختم علي بيته ، وأخذه صحبته ، ثم خنقه في تلك الليلة ورماه في بئر ، فاستمر بها أياما حتي انتفخ ، فأخرجوه ، وأخذته زوجته فدفنته ( الجبرتي 611/2)

وفي السنة 1218 أمر طاهر باشا ، قائمقام الوالي بمصر ، فخنق الأمير أحمد كتخدا علي باش اختيار الإنكشارية ، ومصطفي كتخدا الرزاز كتخدا العرب ، وكانا محبوسين بالقلعة ، وضربوا وقت خنقهما مدفعين ، ورموهما إلي الخارج ( الجبرتي 574/2 ).

وفي السنة 1223 وردت الاخبار من إصطنبول ، بأن الينكجرية ، تأمروا في ليلة السابع والعشرين من رمضان ، وهاجموا السراي السلطاني، فقتلوا من وجدوا ، أما مصطفي باشا البير قدار فإختفي منهم في سرداب ، ولكنه مات تحت الردم ، فسحبوه من رجله وعلقوه علي شجرة ، ومثلوا به ، وقتلوا قاضي

ص: 46

باشا ، وعبيد الله رامز قبودان باشا، وكان السلطان محمود لما شعر بمؤامرة الينكجرية عمد إلي أخيه السلطان المعزول مصطفي فخنقه ( الجبرتي 245/3 ) .

وكان جلال الدين والي حلب في السنة 1227 قد عين اثنين من طرفه ، يتجسسان علي الناس ، ويقدمان قوائم بأسماء من ينبغي مصادرته ، ومقدار ما يقتضي أن يصادر عليه ، فيقولان : هذا يستحق جرمين ، والجرم أربعون كيسا ، والكيس خمسمائة قرش ، فيحضر ويطالب ، ويزج به في السجن في القلعة ، ويوضع في رقبته زنجير له شوك ، ويكلف بإحضار ما تقرر عليه ، من جرم أو جرمين أو أكثر، فإن أذي ، أطلق ، ومن لم يؤد خلال ثلاثة أيام ، خنق ليلا، وألقيت جثته تجاه باب القلعة ، وكلما خنقوا واحدة ، أطلقوا مدفعأ ، فكان عدد المخنوقين يعرف بعدد المدافع ، وكان الناس في اليوم الثاني ، يتحدثون بأن فلان ضربوا طوبه ، أي إنه خنق ، وكانوا لا يمكنون أهالي المخنوق من رفع جثته ، بل يضعون عسكرة يحافظون علي الجثث الملقاة في الخندق ، وربما جاء بعض أهالي المخنوقين ليلا ، فيتسللون إلي حيث جثة قريبهم فيحملونه ، أو يحملون بعض أعضائه ، إذا كانت أوصاله مقطعة ، إلي حيث يدفن ( إعلام النبلاء 375/3 - 377).

ولما استولي الحاج علي باشا ، في السنة 1224 (1809 م ) علي الحكم في الجزائر ، عزل باي وهران ، ونصب مكانه الباي محمد ، من أولاد الباي محمد الذي فتح وهران ، ووتي نعمان باية بقسنطينة ، وبعد سنة ، أمر بخنقه ، ونصب مكانه جعفر باي ( مذكرات الزهار 105 ).

وفي السنة 1228 التجأ سعيد بك بن سليمان باشا، إلي حمود الثامر شيخ المنتفق ، فخرج الوزير عبد الله باشا، والي بغداد ، مع جيش ، لمحاربة حمود الثامر ، واصطدم الجيشان في معركة ، فانكسر الجند العثماني ، وأخذ الوزير عبد الله باشا ، والكتخدا طاهر ، وسليمان اغا كهية البوابين أسري ، وبعد يومين مات برغش بن حمود الثامر ، متأثرة من جراح

ص: 47

أصيب بها في المعركة ، فعمد أخوه راشد بن ثامر ، إلي الوزير والكتخدا وكهية البوابين ، فخنقهم ، ودفنهم ، ثم أخرجهم وقطع رؤوسهم وبعث بها إلي سعيد بك ( تاريخ العراق للعزاوي 214/6 - 217) .

وفي السنة 1230 (1814 م ) نصب محمد باشا ، أميرة علي الجزائر ، بترشيح من عمر اغا، وبعد سبعة عشر يوما اتفق عمر اغا مع العسكر ، وعزلوا محمد باشا ، واعتقلوه ، وأخذوه إلي موضع قتل العسكر ، وخنقوه ، ونصب عمر آغا مكانه ، فأصبح عمر باشا ( مذكرات الزهار ص 115).

وفي السنة 1232 (1816 م ) هاج العسكر بالجزائر ، علي عمر باشا ، والي الجزائر ، وأرسلوا إليه يقولون : لا حاجة لنا بك، وقد نصبنا أميرة غيرك ، ولما فاوض عمر باشا وزراءه ، راهم ساكتين مطرقين برؤوسهم ، فعلم بأنهم قد أسلموه ، وعندئذ خلع ما كان يتقلد من السلاح ، وذهب الموضع يقال له : الجنينة ، وأستقبل القبلة ، وأمرهم أن يخنقوه ، فتقدم إليه الحراس ، وخنقوه ، وبعثوا بخنجره إلي علي خوجه التركي ، الذي نصبه الجند واليأ ، باسم علي باشا ( مذكرات الزهار 131 و132 ).

وفي السنة 1232 (1816) تولي علي باشا ، إمارة الجزائر ، فأتي بمائتين من العسكر وأبقاهم معه ، وفي الغد عزل جميع الوزراء ، فمنهم من أبقاه علي قيد الحياة ، ومنهم من قتله ، أما الأغا، فأمر الخليفة بخنقه ( مذكرات الزهار 132).

وفي السنة 1237 قتل خنقأ الشيخ عبد الرحمن بن حسن الجبرتي ، المؤرخ المشهور ، وكان قد قتل له ولد ، فبكاه حتي ذهب بصره ، وفي رمضان 1237 قتل خنقا بشارع شبرا ، وربط بحبل في إحدي رجلي حماره ، وكان آتية من قصر محمد علي بشبرا ، واتهم بقتله محمد بك الدفتردار الذي كان حاقدا عليه . ( الاعلام 75/4 ).

ص: 48

وفي السنة 1246 (1830 م ) بعثت الدولة العثمانية من إصطنبول ، إلي بغداد ، مبعوث اسمه صادق افندي ، ومعه تعليمات بعزل داود باشا ، والي بغداد ، ومحاسبته ، وأحسن داود باشا بذلك ، فبعث إليه كل من محمد افندي المصرف وسليمان أغا الميراخور ، ورمضان أغا الجوخدار ، وخالد أغا حاجب الباشا ، فذعر صادق أفندي لما رآهم ، أذ عرف أنهم جاءوا لقتله ، فأستعطفهم من دون فائدة ، وقام خالد اغا بخنقه ( حكم المماليك في العراق 253 و254).

وفي السنة 1260 خرج كامران شاه ، ملك الأفغان ، من مدينة هراة ، إلي قرية من ضواحيها ، فخنقه وزيره يار محمد خان البامي زائي ، وانقرضت بموته الأسرة السدوزائية في حكم الأفغان ( اعيان القرن الثالث عشر 287).

وفي السنة 1301 (1884 م ) ، قتل أحمد مدحت باشا، أبو الأحرار، خنقأ ، في سراي الطائف ، حيث كان معتق ، وقطع رأسه وأرسل إلي السلطان عبد الحميد . ( مشاهير الشرق لجرجي زيدان 480/1 ) .

ص: 49

الخنق بالشاروفة

الشاروفة : عصا غليظة في طرفيها حبل ، فإذا أريد خنق أحد ، أدخل رأسه في انشوطة الحبل ، وأديرت العصا ، فتضيق الأنشوطة علي العنق ، فهي كالفلق ، إلا أنها أصغر حجما .

والملاحون في العراق ، يطلقون كلمة الشاروفة ، علي حبل يربط طرفه في أعلي الصاري ، وفي طرفه الآخر أحزمة عدة ، يضعها المادون في أوساطهم أذا قاموا بمد سفينة عكس تيار الماء .

وبلغ عضد الدولة (ت 372 ) ، أن أعرابي من بني عقيل ، اعترض سفينة من سفن المعاون ، وهي مصعدة من بغداد ، وأخذ قهرا من السفينة ، شاروفة ، فأمر به فاعتقل ، وخنق بالشاروفة ، في الموضع الذي أخذها فيه ، ثم صلب . ( ذيل تجارب الأمم 55/3 و56 ) .

وفي السنة 457 صدر أمر السلطان ألب أرسلان ، بقتل عميد الملك الكندري ، فبعث إليه إلي مرو الروذ غلمانا لقتله ، فدخلوا عليه ، فقال أحدهم : قم ، فصل ركعتين ، وتب إلي الله تعالي ، فقال : أدخل ، وأودع أهلي ، فقالوا : أفعل ، فدخل إلي زوجته ، وارتفع الصياح ، وتعلق الجواري به ، ونشرن شعورهن ، وحثون التراب علي رؤوسهن ، فدخل إليه الغلام ، وقال له : قم ، فقال : خذ بيدي ، فقد منعني هؤلاء الجواري من الخروج ،

ص: 50

فأخذوه الي مسجد هناك ، فصلي فيه ركعتين ، ثم مشي حافية إلي وراء المسجد ، فجلس ، وخلع فرجية سمور كانت عليه ، فأعطاهم إياها ، وخرق قميصه وسراويله ، حتي لا يؤخذا وجاءوه بشاروفة ، فقال : لست بعيار ولا الص فأخنق ، والسيف أروح لي ، فشدوا عينيه بخرقة خرقها هو من طرف كمه ، وضربوه بالسيف ، وأخذوا رأسه ، وتركوا جثته ، وكان عمره نيفا وأربعين سنة . ( المنتظم 8/ 239 ).

ص: 51

ص: 52

الفصل الثاني: الشنق

الشنق : ربط عنق المعذب بحبل ، وتعليقه حتي يموت . والبغداديون يسمون الشنق : صلب .

وما يزال إلي الآن في وسط بغداد ، جامع اسمه جامع المصلوب لأن الوالي الذي بناه صلب ، ويقولون ، إن الوالي بعد أن تم بناء الجامع ، كانت في حائط سوره خشبة بارزة ، فأرادوا قطعها ، فقال دعوها ، عسي أن يصلب عليها أحد ، فكان هو المصلوب الذي علق عليها .

وهذا اللون من العذاب يمارس منذ ابتداء العهد الأموي .

وللناس ، حول الصلب ، أقاصيص ونوادر ، منها ، ما أورده التوحيدي في البصائر والذخائر (م 2 ق 1 ص 98 ) ، قال : وقف مديني علي قاص وهو يذكر ضغطة القبر ، ثم قال : يا قوم كم في الصلب من الفرج العظيم ، ونحن لا ندري ، إذ يتخلص المصلوب من ضغطة القبر .

وسار جحا ، علي هذا الرأي ، لما مات جاره ، فأرسل جحا للحفار ، يحفر له قبرا ، فجري بينهما لجاج في أجرة الحفر ، فمضي جحا إلي السوق ، واشتري خشبة بدرهمين ، وجاء بها ، فسئل عنها ، فقال : إن الحفار لا يحفر القبر بأقل من خمسة دراهم ، وقد اشترينا هذه الخشبة بدرهمين ، لنصلبه عليها ، ونربح ثلاثة دراهم ، ويستريح من ضغطة القبر ، وسؤال منكر ونكير ( اخبار الحمقي 46).

ص: 53

وقال المدائني : تذاكر قوم من ظراف البصرة الحسد ، فقال رجل منهم : إن الناس ربما حسدوا علي الصلب ، فأنكروا ذلك ، ثم جاءهم بعد أيام ، فقال : إن الخليفة قد أمر أن يصلب الأحنف ، ومالك بن مسمع ، وقيس بن الهيثم ، وحجام يعرف بحمدان ، فقالوا : هذا الخبيث ، يصلب مع هؤلاء ؟ فقال : ألم أقل لكم أن الناس يحسدون علي الصلب ؟ ( البصائر والذخائر م 2 ق 1 ص 11).

ومر الماهاني ، بمنجم قد صلب ، فقال له : هل رأيت هذا في نجمك ؟ فقال : قد كنت أري لنفسي رفعة ، ولكني لم أعلم أنها فوق خشبة ( البصائر والذخائر 54/1 ).

وتنبأ رجل في عهد الرشيد ، وأدعي أنه نوح ، فأمر به الرشيد، فضرب ، وصلب ، فمر به مخنث ، فقال : يا أبانا ، ما حصل في يدك من السفينة ، إلا الصاري ( المحاسن والمساويء 24/1 ) .

وقال ابن مناذر في وصف المشنقة : ( الاغاني 182/18 ).

يا أبا جعفر كأنك قد صر****ت علي أجري طويل الجران

من مطايا ضوامر ليس يصهل**** من إذا ما ركبن يوم رهان

لم يذقلن بالسروج ولا أق ****رح أشداقهن جذب العنان

قائمات مسومات لدي الج ****س ر لأمثالكم من الفتيان

ولأبي تمام في وصف مصلوبين : ( الأغاني 387/16 ) .

سود اللباس كأنما نسجت لهم**** أيدي السموم مدارعا من قار

بكروا وأسروا في متون ضوامر**** قيدت لهم من مربط النجار

لا يبرحون ومن رآهم خالهم ****أبدأ علي سفر من الاسفار

ولأبي تمام في مصلوب : ( ديوان أبي تمام 164 ).

ص: 54

الاقي الحمام بسر من راء التي**** شهدت لمصرعه بصدق الفال

أهدي لمتن الجذع متنيه كذا ****من عاف متن الأسمر العال

الا كعب أسفل موضعأ من كعبه**** مع أنه عن كل كعب عال

متفرغ أبدا وليس بفارغ ****من لا سبيل له إلي الأشغال

وأول من مارس هذا اللون من العذاب في الإسلام ، زياد بن أبيه ، جيء إليه برشيد الهجري ، من أصحاب الإمام علي ، فأمر به فقطعت يداه ، ورجلاه ، ولسانه ، ثم صلبوه خنقا في عنقه ( شرح نهج البلاغة 294/2 ).

وسار علي نهج زياد ، ولده السيء الصيت عبيد الله بن زياد ، فإنه خطب في المسجد فرد عليه عبد الله بن عفيف الأزدي ، وكان شيخأ ضريرة ، فأمر به فصلب في المسجد ( ابن الأثير 83/4 ) .

وفي السنة 54 قبض عبيد الله بن زياد ، علي سهم بن غالب الهجيمي، فصلبه بالبصرة ، وكان سهم قد خرج علي معاوية في السنة 41 بالبصرة ، وطلبه زياد فتواري ، حتي قبض عليه عبيد الله ، فصلبه ( الاعلام 211/3 ) .

وفي السنة 69 قتل الحارث بن سعيد ، من أهل الشام ، وكان قد تنبأ ، وتبعه خلق كثير ، فبعث عبد الملك بن مروان في طلبه ، فاختفي في بيت المقدس ، فأرسل من احتال عليه ، وأحضره ، فصلبه، وقتله . (الاعلام 156/2)

وأمر الحجاج بماهان ، أن يصلب علي بابه ، فرفعت خشبته ، وهو واقف يراها ، ويسبح ويهلل ويكبر ، ويعقد بيده ، حتي بلغ تسعة وتسعين ، وطعنه رجل وهو علي تلك الحال فقتله . ( العقد الفريد 50/5 ).

أقول : قوله يعقد بيده ، حتي بلغ تسعة وتسعين ، يريد به حساب الأصابع ، راجع بحثنا عن هذا الحساب ، في كتاب نشوار المحاضرة وأخبار المذاكرة للقاضي التنوخي ج 1 ص 104 - 107 رقم القصة 53 .

ص: 55

وفي السنة 118 نزل أسد القسري ، أمير خراسان ، علي بلخ ، وبعث الكرماني إلي قلعة التبوشكان ، فحاصرهم حتي عطشوا وجاعوا ، ونزلوا علي حكم أسد، فحكم أسد بأن يحمل إليه خمسون رجلا من رؤسائهم سماهم ، فحملوا إليه ، فقتلهم ، وكان حكمه في الباقين أن يقسموا أثلاثأ ، فثلث يصلبون ، وثلث تقطع أيديهم ، وثلث تقطع أيديهم وأرجلهم ، وكان المصلوبون أربعمائة ( الطبري 109/7 -111).

وفي السنة 147 قتل عبد الرحمن الداخل ، بقرطبة ، عثمان بن حمزة بن عبيد الله بن عمر بن الخطاب ، وكان عثمان قد امتنع عن مبايعة عبد الرحمن ، وخالف عليه ، فحاربه ، وأسره ، وصلبه بقرطبة . ( الاعلام 365/4)

واتهم المنصور ، في السنة 150 ، محمد بن سعيد القرشي، بالزندقة ، فصلبه ( الوافي بالوفيات 95/4 ).

وفي السنة 188 هاج أهالي قرطبة علي أميرهم الحكم ، صاحب الأندلس ، لتظاهره بشرب الخمر ، والإنهماك في الملذات ، فأنكروا فعله ، ورجموه بالحجارة ، واجتمعوا علي محمد بن القاسم المرواني ، وبايعوه ، وعلم الحكم بالحال ، فاعتقل الذين قاموا بذلك ، وصلبهم عند قصره ، وكانوا اثنين وسبعين رجلا من خيار الناس ( ابن الأثير 189/6 ).

وفي السنة 192 أسر حماد البربري، عامل اليمن للرشيد، الهيصم بن عبد المجيد الهمداني ، وابنه ، وابن أخيه ، وكانوا قد ثاروا عليه باليمن ، فصلبهم جميعا بالرقة . ( الاعلام 116/9 ).

وغضب هارون الرشيد علي منجم يهودي ، فأمر به فصلب ، وسبب ذلك إن منجمة يهودية زعم للرشيد إنه بموت في سنته التي هو فيها ، فغمه ذلك غما شديدا ، فقال جعفر البرمكي وزير الرشيد للمنجم : وهل تعرف

ص: 56

مدي عمرك ؟ قال : نعم ، وذكر أمد طويلا ، فقال جعفر للرشيد : اقتله الآن التعلم أنه كاذب في تعيين عمرك كما كذب في تعيين عمره ، فأمر به الرشيد فصلب ( اعلام النبلاء 159/1 ).

وفي السنة 251 لما شغب الأتراك علي المستعين ، انحدر إلي بغداد ومعه وصيف وبغا ، فمنع أتراك سامراء من الإنحدار ألي بغداد ، ووجدوا ملاحأ قد أكري سفينته إلي بغداد ، فضربوه ، وصلبوه علي دقل سفينته . ( الطبري 282/9 ).

وفي السنة 237 قام رجل بالأندلس ، ادعي النبوة ، وكان من شرائعه أنه كان ينهي عن قص الشعر وتقليم الأظافر ، فأمره العامل بالتوبة ، فامتنع ، فصلبه ( ابن الأثير 66/7 ).

وفي السنة 252 أحدث شخص اسمه عبدان بن الموفق ، فتنة في بغداد وكان قد أحدث من قبل فتنة في سامراء ، فضربه سعيد الحاجب خمسمائة سوط ، وحبسه ، ثم أطلقه ، فقدم بغداد ، وحث خلقأ من الجند طلاب المشغبة علي طلب أرزاقهم وفائتهم ، فاجتمعوا عليه ، وأنفق عليهم ثلاثة أيام الطعامهم ، ومنعوا الإمام في المسجد من الدعاء للمعتز ، فوجه إليهم أمير بغداد محمد بن عبد الله بن طاهر ، عدة من قواده ، واستمرت الحرب بينهم ، حتي سقط عبدان أسيرة في يد أحد قواد ابن طاهر ، فقد بقيدين فيهما ثلاثون رطلا ، وحبس ، ثم سحب بقيوده ، وحمل علي بغل إلي الجسر ( فيه مجلس الشرطة والحبس ) ، وجرد وضرب مائة سوط بثمارها ، ثم صلبه حيا علي الجسر وربط بالحبال ، وترك مصلوبة إلي العصر ، ثم أنزل ، ومات بعد يومين ، فأعيد صلبه علي خشبة في الجانب الشرقي . ( الطبري 361 - 357/9)

وكان ابراهيم الفزاري ، من أهل المناظرة والجدل ، ورمي بالتعطيل ،

ص: 57

وأشهد عيه أنه يستهزء بالله وكتابه وأنبيائه ونبيه محمد ، وحكم عليه القاضي أبو العباس عبد الله بن طالب ( تولي القضاء بالقيروان مرتين 257 - 259 و267 - 275 ) بصلبه ، فطعن بسكين في حنجرته ، وصلب منگسأ، ثم أنزل بعد ذلك، وأحرق بالنار . ( طبقات الأطباء والحكماء لابن جلجل 86 و87).

وبلغ أما جور التركي ، أمير دمشق للمعتمد ، أن أعرابي أهان جنديا من جنوده ، بأن نتف شعرتين من شاربه ، فأمر بالأعرابي ، فنتف شعر بدنه كله ، من أجفانه ، ورأسه ، ولحيته ، وما ترك علي جسمه شعرة ، ثم ضربه ألف سوط ، وقطع يديه ورجليه ، وصلبه ( الوافي بالوفيات 376/9 ).

وفي السنة 283 أسر هارون الخارجي ، وأدخل إلي بغداد ، مشهرة علي الفيل ، وأردوا أن يلبسوه ديباجة مشهرة ، فامتنع ، وقال : هذا لا يحل ، فألبسوه كارها ، ولما صلب ، نادي بأعلي صوته : لا حكم إلا الله ، ولو كره المشركون . ( ابن الأثير 477/7 ) .

وفي السنة 301 أحضر الحلاج ببغداد ، واختلف فيه الناس ، فقسم منهم يقول إنه صاحب حقيقة ، وقسم قالوا : إنه ممخرق مشعبد، وقسم قالوا : إنه ادعي الربوبية ، فصلب هو وصاحبه ثلاثة أيام ، كل يوم من بكرة ، الي انتصاف النهار ، ثم يؤمر بهما إلي الحبس . ( ابن الأثير 76/7)

وفي السنة 304 خاف الناس ببغداد من حيوان كانوا يسمونه : الزبزب ، ويقولون إنهم يرونه في الليل علي سطوحهم ، وإنه ياكل أطفالهم ، وربما عض يد الرجل وثدي المرأة فقطعهما وهرب بهما ، فكان الناس يتحارسون ، ويتزاعقون ، ويضربون بالطسوت والصواني وغيرها ليفرعوه ، فارتجت بغداد لذلك ، ثم إن أصحاب السلطان صادوا ليلة حيوانأ أبلق

ص: 58

بسواد ، قصير اليدين والرجلين ، فقالوا : هذا هو الزبزب ، وصلبوه علي الجسر ، فسكن الناس ، وأصاب اللصوص حاجتهم لاشتغال الناس عنهم . ( ابن الأثير 105/8 ).

وفي السنة 322 قتل أبو جعفر محمد بن علي الشلمغاني ، المعروف بابن أبي العزاقر ، لأنه أحدث مذهبا جديدا ، واتبعه أناس من الكتاب ورجال الدولة ، فأخذ وأخذ معه ابن أبي عون ، وابن عبدوس ، وأحضرا أمام الخليفة ، فأمرهما بصفعه فمد ابن عبدوس يده وصفعه ، أما ابن أبي عون ، فمد يده إليه ، فارتعدت يده ، وقبل لحية الشلمغاني ورأسه ، فأفتي الفقهاء بإباحة دمه ، فصلب الشلمغاني ، وابن أبي عون ، وأحرقا بالنار ( ابن الأثير 290/8 - 292 . راجع تفاصيل محاكمتهما في معجم الأدباء 296/1 - 307.

وكان الصلب عقاب اللصوص ببغداد ، في ايام مع الدولة البويهي ، راجع كتاب نشوار المحاضرة للتنوخي في القصة المرقمة 141/3 .

وفي السنة 369 سير عضد الدولة جيشا إلي الأكراد الهكارية من أعمال الموصل ، فنزلوا علي أمان قائد الجيش ، فغدر بهم ، وصلبهم علي جانبي الطريق من معلثايا إلي الموصل خمسة فراسخ . ( ابن الأثير 709/8 ).

وجحد أحد العطارين ببغداد ، وديعة أودعت لديه ، فاحتال عليه عضد الدولة حتي أقر بها ، وأعادها ، فصلبه علي باب دكانه وعلق الوديعة في عنقه ، راجع التفصيل في كتاب نشوار المحاضرة للتنوخي ، رقم القصة 151/7 ج 7 ص 263.

وفي السنة 382 تجددت الفتنة في الكرخ فركب أبو الفتح الحاجب وقتل ، وصلب ، فسكن البلد . ( المنتظم 169/7 ).

وأمر أبو طاهر بن صمصام الدولة البويهي ، بفراش اسمه بندار ،

ص: 59

فصلب ، وسبب ذلك إن شرف الدولة كان قد اعتقل أخاه صمصام الدولة ، والد الأمير أبي طاهر ، في أحدي القلاع بفارس ، ولما أشرف شرف الدولة علي الموت ، بعث رسولا أمره بسمل عيني أخيه صمصام الدولة ، فسمله ، وكان الفراش بندار ، من جملة الموكلين بخدمة صمصام الدولة ، فأنس به التطاول المدة ، وأسر أليه ، إنه قد بقيت من نظره بقية ، يستطيع أن يبصر بها إبصارة ضعيفة ، فنقل بندار قوله هذا إلي الموكل بالقلعة وإجتمعا فحصا عينيه بمبضع ، فحرماه البصر بمرة ، فلما عاد صمصام الدولة إلي الملك بفارس ، أراد بندار أن يخدمه علي رسمه بالقلعة التي كان حبيسة فيها ، فأمر صمصام الدولة أن يكون مع الستريين، أي بعيدا عنه ، فقال بندار : أهذا ما أستحقه من الملك ، بعد خدمتي له وصحبتي معه ؟ فقال صمصام الدولة : أما يرضي بالإبقاء عليه حتي يذل بهذه الدالة ؟ وأتصل الحديث بأبي طاهر بن صمصام الدولة ، فأخذ بندار وصلبه ( ذيل تجارب الأمم 150 ) .

وفي السنة 392 صلب أبو حرب ، كاتب بكران ، علي باب حمام بسوق يحيي ، وجد فيه مع مزنة ، جارية بكران ، علي حال ريبة ( تاريخ الصابي 419/8 ) .

أقول : بكران هذا توفي سنة 391 وهو أبو الفوارس بكران بن أبي شجاع بلفوارس ، وكان عظيما في دولة بني بويه .

وفي السنة 407 تآمر القواد في خوارزم علي خوارزمشاه أبي العباس مأمون بن مأمون وقتلوه ، فحمي لذلك محمود بن سبكتكين ، وكان خوارزم شاه قد عاهده وصاهره ، فسار إلي خوارزم يطالب القواد المتآمرين بدم خوارزم شاه ، وانتصر عليهم وأسرهم ، فأخذهم وصلبهم علي قبر خوارزم شاه ، وأخذ الجنود أسري ، فأطلقهم وعين لهم أرزاق ، وسيرهم إلي أطراف بلاده من أرض الهند يحمونها من الأعداء . ( ابن الأثير 265/9 ) .

ص: 60

وفي السنة 434 سير السلطان مسعود بن سبكتكين ، جيشا ، لقتال شهريوش بن ولكين ، صاحب ساوة ، لأنه هاجم الري ، وحاول اقتطاعها من ملك مسعود ، كما أنه اعترض الحجاج الواردين من خراسان ، وأساء إليهم ، وآذاهم ، فحاربوه ، وأسروه ، فأمر بأن يصلب علي سور ساوه ، فصلب . ( ابن الأثير 429/9 )

وفي السنة 434 ظهر بمصر إنسان اسمه سكين ، ادعي أنه الحاكم الفاطمي ، واتبعه جماعة ممن يعتقد رجعة الحاكم ، وقصدوا دار الخلافة الاحتلالها ، فقتل من أصحاب سكين جماعة ، وأسر الباقون ، وصلبوا أحياء ،

ورماهم الجند بالنشاب حتي ماتوا . ( ابن الأثير 513/9 ).

وفي السنة 448 تقدم رئيس الرؤساء ابن المسلمة ، وكان شديدأ علي الشيعة ، إلي صاحب المعونة ابن النسوي ، بقتل أبي عبد الله بن الجلاب ، شيخ البرازين بباب الطاق « لما كان يتظاهر به من الغلو في الرفض ، فقتل ، وصلب علي باب دكانه ( المنتظم 8/ 172 و 173 ).

وكان السلطان ألب أرسلان السلجوقي (ت 455 ) شديد العناية بكف الجند عن أذي الرعية ، بلغه أن بعض خواص مماليكه ، سلب من بعض الرستاقية ، إزارة ، فأخذ ذلك المملوك وصلبه ( ابن الأثير 75/10 ).

وفي السنة 460 قتل شنقأ ، أبو الحسن ثابت بن أسلم بن عبد الوهاب الحلبي ، أحد علماء الشيعة بحلب ، وكان من أكابر النحاة والقراء ، وكان يلي خزانة كتب الأمير سيف الدولة الحمداني ، وألف كتابا عن الإسماعيلية ، فأغضبهم ، فحمل إلي صاحب مصر ، فأمر بصلبه ، فصلب ( اعلام النبلاء 1/ 280 و198/4 ).

وفي السنة 476 عصي اهل حران علي شرف الدولة مسلم بن قريش ، بتحريض من قاضيهم ابن حلبة ، فقصدها شرف الدولة ، وحصرها ، ورماها

ص: 61

بالمنجنيق ، فخرب من سورها بدنه ، وفتح البلد ، وأخذ القاضي ، وأخذ معه ابنين له ، فصلبهم علي السور ( ابن الأثير 129/10 و 130 ).

وفي السنة 480 أخذ أحد الأتراك ببغداد صبيا فأدخل في دبره دبوسا فمات الصبي ، فأخذ التركي وصلب ( المنتظم 37/10 ) .

وفي السنة 486 خطب تاج الدولة تتش لنفسه بالسلطنة ، وحارب السلطان بركياروق ، فانكسرتتش ، وأسر بركياروق قائدين من قواده ، وهما بوزان وأقسنقر ، فصل بهما . ( التنظم 76/9 و 77 ).

وعصي الشاعر أبو نصر الحسن بن أسد، بميافارقين ، علي ابن مروان الكردي ، ففتح ابن مروان المدينة ، وأسر أبا نصر ، ثم عفا عنه بتوسط الغساني ، ثم عاد في عفوه فصلبه في السنة 487 . (معجم الأدباء 47/3 - 49)

وفي السنة 487 قتل الأمير قسيم الدولة أقسنقر ، أسره تاج الدولة تتش بن ألب أرسلان ، فقال له : لو ظفرت بي ما كنت صنعت ؟ قال : كنت أقتلك ، فقال له تتش : فأنا أحكم عليك بمثل ما كنت تحكم به علي ، وقتله صبرأ ، وحزن عليه أفراد رعيته بحلب ، لأنهم أحبوه حبا جما ، لعدله ، ولإحيائه أحكام الدين ، ولتأمينه السبل ، وقتله قطاع الطريق ، فأنه طلب اللصوص ، وقطاع الطريق ، من كل فج، وشنق منهم خلقا ، وكان كلما سمع بقاطع طريق في موضع ، قصده ، وأخذه ، وصلبه علي أبواب المدينة ( اعلام النبلاء 370/1 - 372) .

وفي السنة 488 كاتب أهل حران جناح الدولة الحسين بن إبتكين ، زوج أم السلطان رضوان بن تتش ، ليسلموا إليه مدينة حران ، فبلغ ذلك الأمير قراجه صاحب حران ، فاتهم ابن المفتي ، أحد وجهاء حران ، فأخذه ، وأخذ معه ابني أخيه ، وصلبهم ( اعلام النبلاء 374/1 ).

ص: 62

وفي السنة 500 قبض السلطان محمد السلجوقي ، علي وزيره سعد الملك أبي المحاسن أحمد بن نظام الملك ، وأخذ أمواله وصلبه علي باب أصبهان ، وصلب معه أربعة من أصحابه ، أتهم وزيره بالخيانة ، واتهم أصحابه بأنهم باطنية ( ابن الأثير 37/10 ).

وفي السنة 506 قبض السلطان محمد السلجوقي بأصبهان ، علي زين الملك أبي سعد القمي ، وكان يجاهر بالطعن علي الخليفة والسلطان ، فلما قبض عيه أسلمه إلي الأمير كاميار ، وكان عدوا له ، فحمله إلي الري ، وأركبه علي دابة بمركب ذهب ، وأعلن أن السلطان خلع علي القمي لقاء مال يؤديه ، فحصل بذلك علي أموال كثيرة من أهل القمي ، ثم صلبه ( ابن الأثير 492/10)

وفي السنة 517 صلب البرسقي أحد قواد الخليفة المسترشد ، تسعة أنفس ، اتهمهم بأن الأمير دبيس المزيدي أرسلهم لقتله . ( المنتظم 237/9)

وفي السنة 518 قبض في بغداد علي قوم وصلوا في قافلة من الشام ، واتهموا بأنهم باطنية ، قدموا الاغتيال أعيان الدولة ، فصلب اثنان منهم عند عقد المأمونية ، واثنان بسوق الثلاثاء ، وواحد بعقد الحديد ، وغرق جماعة (المنتظم 450/9 ) .

وفي السنة 519 قبض الأمر بأحكام الله العلوي ، علي وزيره أبي عبد الله البطائحي ، الملقب بالمأمون ، وصلبه وإخوته ، والسبب أن الأمر أتهمه بالتآمر عليه ، والسعي في نصب جعفر أخي الأمر ، بدلا منه . ( ابن الأثير 63/10 ).

وفي السنة 527 حصر المسترشد الموصل ، وكان صاحبها عماد الدين زنكي خارجها ، فتآمر قوم من الجصاصين علي تسليمها للخليفة ، فسعي بهم ، فأخذوا وصلبوا . ( ابن الأثير 6/11).

ص: 63

وفي السنة 530 حكم بخلع الراشد ، فبارح الموصل ، إلي أذربيجان ، ثم مضي إلي همذان ، فأفسد جماعته بها ، وقتلوا جماعة ، وصلبوا آخرين ، وحلقوا لحي جماعة من العلماء . (تاريخ الخلفاء 436 ).

وفي السنة 530، زاد فساد العيارين ببغداد ، وقبض علي عيارين اثنين، جبيا درب الدواب ، فصلبا في باب الدرب المذكور . ( المنتظم 58/1 ).

وفي السنة 532 زاد تعدي العيارين، فجيء بأحد عشر عيارة ، فصلبوا في الأسواق ، وصلب رجل صوفي في رباط البسطامي ، لكم صبيا فمات ( المنتظم 72/10 ).

وفي السنة 532 قتل الشحنة بغداد ، صبيا مستورة من أهل المختارة ، فأمر السلطان بصلب الشحنة ، فصلب ، وحطه العوام ، فقطعوه ( المنتظم 72/10)

وفي السنة 532 عظم أمر ابن بكران العيار بالعراق ، وكثر أتباعه ، وصار يركب ظاهرأ في جمع من أتباعه المفسدين ، وخافه الوالي ، فأمر ابن أخيه حامي باب الأزج أن يستند إليه ليأمن من شره ، ثم فكر ابن بكران ، ورفيق له يعرف بابن البزاز ، أن يضربا لهما سكة بأسمهما بالأنبار ، فأرسل الوزير إلي الوالي : إما أن تقتل ابن بكران ، وأما أن نقتلك ، فبعث الوالي إلي ابن أخيه ، وقل له : إما أن تختارني أو تختار ابن بكران ، وكان ابن بكران يزور ابن أخ الوالي ويشرب عنده في بعض الليالي ، فانتظره حتي إذا حضر أخذ سلاحه ووثب به فقتله ، ثم أخذ بعده بيسير رفيقه ابن البزاز ، وصلب ، وقتل معه جماعة من الحرامية ، فسكن الناس واطمأنوا . ( ابن الاثير 63/11 و64 ).

وفي السنة 533 تأمر بعض أمراء دمشق ، مع خادمي الأمير محمود صاحب دمشق ، وهما يوسف ، والبقش الأرمني ، فوثبا علي الأمير محمود

ص: 64

فقتلاه ، وأعانهما عنبر الخادم ، فقبض علي يوسف وعنبر فصلبا . ( النجوم الزاهرة 265/5 ) .

وفي السنة 538 زاد أمر العيارين ببغداد ، وكثروا ، لأمنهم من الطلب ، لأن ابن الوزير ، وأخا زوجة السلطان ، كانا مع العيارين ، وكان النائب في شحنكية بغداد ، مملوك اسمه إيلدكز ، وكان صارمة ، مقداما ، فلامه السلطان ، وقال له : إن السياسة قاصرة ، والناس قد هلكوا ، فقال له : يا سلطان العالم ، إذا كان عقيد العيارين ابن وزيرك ، وأخا امرأتك ، فأي قدرة الي علي المفسدين ؟ وشرح له الحال ، فقال له : الساعة تخرج ، وتكبس عليهما أين كانا، وتصلبهما، فأخذ خاتم السلطان ، وخرج ، فكبس علي ابن الوزير فلم يجده ، فأخذ من كان عنده ، وكبس علي ابن قاورت ، فأخذه ، وصلبه ، وهرب ابن الوزير، وأصبح الناس ، فشاهدوا ابن قاورت مصلوبة ، فهرب العيارون ، وكفي الناس شرهم . ( ابن الأثير 95/11 ) .

وفي السنة 543 قصد علاء الدين الغوري مدينة غزنة ، وفتحها ، واستعمل عليها أخاه سيف الدين سوري ، وطرد عنها ملكها بهرام شاه الغرنوي ، ثم كر عليها بهرام شاه ، وأسر سيف الدولة ، فأشهره راكبا علي بقرة ، وقد سود وجهه ، ثم صلبه ( ابن الأثير 135/11 و165).

أقول : لما فتح علاء الدين الغوري غرنة ، واستعمل عليها أخاه سيف الدين ، خلع سيف الدين علي أعيانها، وأحسن إليهم، غير أنهم راسلوا سلطانهم السابق بهرام شاه ، فلما قصد غزنة ، ثار أهلها علي سيف الدين ، وأسروه ، وسؤدوا وجهه ، وأركبوه بقرة ، وطافوا به البلد ، ثم صلبوه ، ونظموا أشعار غنائية في ذمه ، فتجهز علاء الدين الغوري في السنة 550 وقصد غزنة ، وفتحها، وأخذ الذين أسروا أخاه ، فألقاهم من رؤوس الجبال ، وخرب المحلة التي صلب فيها أخوه ، وأخذ النساء اللواتي تغنين

ص: 65

بذم أخيه ، فأدخلهن حمامة ، وأغلقه علهن حتي هلكن ، وأخذ من أهل غزنة خلق كثيرة ، حملهم معه إلي فيروزكوه يحملون مخالي ملئت ترابا ، فبني قلعة هناك ( ابن الأثير 135/11 و165 و166).

وكان من جملة ما عذب به نصر بن عباس، الذي قتل الظافر الفاطمي ، أن صلب علي باب زويلة حيا ، حتي مات . ( النجوم الزاهرة 310/5 ).

وفي السنة 551 خالف عمر بن أبي الحسن ، عامل صفاقس بالمغرب ، علي رجار الصقلي ، وكان رجار أراد نصب أبي الحسن عام؟ علي صفاقس ، فاعتذر بالعجز ، ورشح ولده ، فنصب رجار عمر ، وأخذ أباه أبا الحسن رهينة عنده ، فلما أراد أبو الحسن الذهاب إلي صقلية ، قال الولده : إنني ، كبير السن ، وقد قارب أجلي ، فمتي أمكنتك الفرصة في الخلاف علي العدو فأفعل ، ولا تنظر في انني أقتل ، وأحسب أنني قدمت ، فلما وجد عمر الفرصة للخلاف ، خالف ، وقتل جميع عسكر الإفرنج الموجودين في صفاقس في ليلة واحدة ، فاتصل الخبر بغليام بن رجار ، وكان قد خلف والده في حكم صقلية ، فكتب إلي عمر يأمره بالعودة إلي طاعته ، ويهدده بقتل والده ، فلما وصل الرسول إلي صفاقس ، أبصر أهل البلد بأجمعهم قد تبعوا جنازة ، فدفنوها وعادوا ، وأحضر عمر الرسول ، وقال له : هذه جنازة أبي ، وقد دفنته ، فاصنعوا ما أنتم صانعون ، فعاد الرسول ألي غليام وأخبره بما حصل، فأخذ أباه أبا الحسن ، وصلبه . ( ابن الأثير 204/11)

وصلب عبد المؤمن الكومي الموحدي ، وزيره أبا جعفر بن عطية ، ومن غريب ما يروي أن الشاعر أبا بكر الأوسي ، مدح أبا جعفر بقصيدة ، قال فيها :

أبا جعفر نلت الذي نال جعفر****ولا زلت بالعلياتس وتحبر

ص: 66

فلما سمع الوزير هذا البيت ، تغير وجهه ، لأن جعفر البرمكي ، نال قطع العنق ، والصلب ، وكان من العجب ، أن أبا جعفر كان مصيره مصير جعفر البرمكي ، حيث صلب . ( نفح الطيب 508/3 ).

وكان أبو الحسين أحمد بن علي الغاني ، الملقب بالرشيد (ت 562 ) ، يتعصب لصلاح الدين ، فقبض عليه شاور ، الوزير المصري ، فأدخل إلي قوص ، مكتبط بالحديد ، ثم أدخل القاهرة مشهرة علي جمل ، وعلي رأسه طرطور ، ووراءه جلو از يضربه ، ثم صلب . ( معجم الأدباء 417/1 و 420) .

في السنة 564 هاجم إيلدكز ، بلاد الري ، واستخلصها من صاحبها إينانج ، بأن راسل سرا جماعة من مماليك إينانج ، ووعدهم ومناهم ، فغدروا بإينانج وقتلوه ، وسلموا الري لايلدز ، فلما استقر في البلد اطرح هؤلاء الجماعة الذين خانوا إينانج ، ولم يف لهم بما وعدهم به ، ففارقوه ، وذهب أحدهم إلي خوارزم شاه ، فصلبه خوارزم شاه ، نكالا بما فعل بصاحبه . ( ابن الأثير 348/11)

وفي السنة 564 صلب تسعة أنفس ، وقطعت يد العاشر منهم ( المنتظم 226/10)

وفي السنة 568 حاصر ابن سنكا ، نهاوند ، فتحصن أهلها، وقاتلوه ، وأفحشوا في سبه ، فارتحل عنها، ثم جاءها بحيلة ، ودخل إليها، فقبض علي القاضي ورؤساء البلد ، فصلبهم ، أما الوالي فقطع أنفه وأطلقه . ( ابن الأثير 390/11 و391 ).

وفي السنة 569 صلب صلاح الدين الأيوبي ، بالقاهرة ، جماعة ، تامروا عليه ، وبلغه أنهم قد كاتبوا الإفرنج مستعينين بهم عليه ، فأمر بهم فأخذوا ، وقررهم ، فأقروا ، فأمر بصلبهم ، وكان منهم عمارة اليمني الشاعر

ص: 67

المؤرخ ، وعبد الصمد ، والعويرس ، وكان بين عمارة اليمني والقاضي الفاضل عداوة منذ أيام العاضد الفاطمي ، فلما أمر صلاح الدين بصلب الجماعة ، قام إليه القاضي الفاضل ، وخاطبه مسارة في أمر إطلاقه، وظن عمارة إنه يحرض عليه ، فقال لصلاح الدين : يا مولانا لا تسمع منه في حقي ، فغضب القاضي الفاضل ، وخرج ، فقال له صلاح الدين : إنه كان يشفع فيك ، ثم أخرج عمارة ليصلب ، فطلب أن يمر به علي مجلس القاضي الفاضل ، ليسأله أن يشفع له ، فاجتازوا به عليه ، فقام القاضي الفاضل ، وأغلق بابه ، فقال عمارة :

عبد الرحيم قد أحتجب****إن الخلاص هو العجب

ثم صلب هو والجماعة ( ابن الأثير 398/11 - 401) .

وفي السنة 572 باع تاجر متاعا له بألف دينار فقتله مملوكه ليفر بالمال فقبض عليه وصلب بالرحبة ، ببغداد . ( المنتظم 265/10 ).

وفي السنة 573 ضرب تركي ، تركيا آخر بنشابة ، وأتبعها بضربة سيف ، فأخذ ، وصلب . ( المتظم 270/10 ) .

وفي السنة 586 غضب الخليفة علي عبد الرشيد الصوفي الفقيه ، فأمر بصلبه ، فصلب ( الذيل علي الروضتين 20 ).

وفي السنة 596 ظهر بدمشق ، شخص ادعي أنه عيسي بن مريم ، فأفتي الفقهاء بقتله ، فصلب ( الذيل علي الروضتين 16 ) .

وفي السنة 596 صلب الأمير جمال الدين قشتمر الناصري بالحلة ، ابن أمير خفاجة ، وقتل والده زياد بن عبيد ، وسبب قتلهما أن زيادة خلع عليه في ديوان الخلافة ، وسلمت أليه حماية البلاد الفراتية ، فمضي مخلوع عليه ، ودخل علي الأمير جمال الدين بالحلة ، شامخأ عليه ، فقتله وصلب

ص: 68

ولده ، فأنكرت الحال عليه ، وألزم باداء ألفي دينار سلمت إلي ورثة المقتول . ( الجامع المختصر 43).

وفي السنة 597 قتل السديد محمد بن الاستاذ ، كاتب البدرية الشريفة ، بدار الخلافة ، وكان له حرمة تامة ، وهيبة ، وسطوة علي المماليك بالبدرية ، يعاقبهم ، ويؤاخذهم علي الذنوب فهدد مملوكين منهم ، وتوعدهما بالضرب ، فاتفقا علي قتله ، ووقفا له ، وقد جاء من داره بكرة ، ليدخل حمام البدرية ، فضرباه بالسيوف ، فحمل إلي داره مقتولا ، فتقدم الإمام الناصر لدين الله بصلب أحدهما وتوسيط الأخر ، فأحضر عز الدين نجاح الشرابي جميع المماليك ، وفعل بهما ما رسم بحضورهم، وهم يشاهدون ذلك ( الجامع المختصر 77 ).

وفي السنة 597 صلب ابراهيم بن محمد بن ابراهيم ، الناظر بأعمال السواد ، بالجانب الغربي من بغداد ، والسبب لأنه تكلم وهو في الحبس بقدح في الدولة ( الجامع المختصر 44 ).

وفي السنة 598 سرق ثلاثة رجال ، نورة من بعض المحارز المختصة بديوان الأبنية بدار الخلافة ، فأمر بهم فصلبوا ( الجامع المختصر 79 ).

وفي السنة 601 اتفق ضريران ، عي خنق ضرير ثالث ، كان في مسجد بقراح ابن رزين ببغداد ، من أجل الاستحواذ علي ذهب كان معه ، ولما خنقاه لم بجدا معه شيئا ، فندما ، وأدركهما الصباح ، والرجل مخنوق عندهما في المسجد ، فخرجا هاربين ، وقصدا الجانب الغربي ، وظهر أمر الضرير المخنوق ، ولم يعرف قاتله ، وصادف أن بعض رجال الشرطة رأيا الأعميين في الطريق ، فقال أحد الرجال ، علي سبيل الولع والفكاهة، هذان هما اللذان خنقا الأعمي بالمقتدية ، فقال أحدهما ، مشيرا إلي صاحبه : هذا خنقه ، وقال الآخر : بل هذا ، وأخذا ، وقررا ، فأقرا فأخذا إلي المسجد

ص: 69

الذي حصل فيه الخنق ، وصلب أحدهما، وقتل الآخر . ( ابن الأثير 207/12 والجامع المختصر 149 ، 150 ) .

وفي السنة 602 كان علاء الدين بن محمد، ابن أخت السلطان شهاب الدين ، قد استولي علي غرنة ، وطرد عنها الأمير ألدز ، الذي أراد أن يتسلطن فيها ، فكبس عسكر ألدز مدينة كرمان ( في بلاد الأفغان ، بين غزنة ولها وور ) وقتلوا كثيرا من الأمراء والقواد في جيش علاء الدين ، فلما وصل الخبر إلي علاء الدين في غزنة ، أمر بمن جاءه بالخبر ، فصلب ( ابن الأثير 235/12)

وفي السنة 605 سرقت غلة في التاجية من غلات الديوان ، فخرج قوام الدين ، وكيل الخليفة ، وصدر المخزن ، إلي قرية بريدة في معاملة نهر الملك ، وصلب ثلاثة أشخاص وهم : أبو القاسم بن حماد ، الذي كان ناظرة بنهر الملك ، والثاني : حامي التاجية ، والثالث : شخص يعرف بابن زريق . ( الجامع المختصر 261 ).

وفي السنة 605 شنق فضيل الخياط بدمشق ، لأنه قتل تاجرأ قزوينيا ( ذيل الروضتين 64).

وفي السنة 605 دخل أحد المماليك ، وهو سكران ، إلي جامع دمشق ، عند أذان الصبح ، فسل سيفه وضرب به جماعة ، مات بعضهم ، فقبض عليه ، وترك بالبيمارستان ، وشنق آخر النهار . ( ذيل الروضتين 64)

وفي السنة 605 قتل الشرف الفلكي ، قتله مملوكه ، فقبض علي المملوك ، وصلب بدمشق علي قبر القتيل ( الذيل علي الروضتين 64 ) .

وفي السنة 622 اتهم الملك المعظم ، اثنين من الدماشقة ، بالتآمر

ص: 70

عليه ، فصلبهما منگسين علي رأسيهما، حتي ماتا ( الذيل علي الروضتين 144)

وفي السنة 628 دخل بعض الأتراك ، إلي دار الوزارة ، في دار الخلافة ببغداد ، وبيده سيف مشهور ، ولم يكن الوزير مؤيد الدين القمي في الدار ، فقبض علي التركي ، وضرب ضربا مبرحا ، وقرر ، فذكر إن له مدة لم يصله شيء من معيشته ، وهو ملازم الخدمة ، وقد أضر به ذلك ، فحمله فقره ، وحاجته ، وغيظه ، علي فعل ما فعل ، فصلب ، وحط بعد يومين ( الحوادث الجامعة 23 ).

وفي السنة 647 هاجم الإفرنج مدينة دمياط ، وكان رأسهم ريدفرانس فأخلاها الجيش المصري المدافع عنها، وتركها من دون حرب ، فحنق السلطان الملك الصالح علي القواد المذكورين ، وأمر بهم فشنقوا جميعا . ( النجوم الزاهرة 230/6 ).

وفي السنة 647 قتل الملك الصالح ، شنقا ، ابن يغمور ، وأمين الدولة ، شنقهما علي قلعة القاهرة ( النجوم الزاهرة 349/6 ) .

أقول : هكذا ورد الخبر في النجوم الزاهرة ، وقد أورد صاحب اعلام النبلاء الخبر مع ختلاف في التاريخ والاسم ، قال :

في السنة 648 أخرج عز الدين أيبك ، المستولي علي الحكم بمصر ، من الحبس أمين الدولة وزير الصالح أيوب ، وابن يغمور استاذ داره ( دار الصالح ) وكانا معتقلين من حين استيلاء الصالح أيوب علي بعلبك فشنقهما علي باب قلعة الجبل ( اعلام النبلاء 2/ 273 ).

أما صاحب الاعلام ، فقد أورد الخبر في ترجمة أمين الدولة ، كما يلي :

في السنة 648 أعدم شنقا أمين الدولة أبو الحسن بن غزال . الوزير

ص: 71

العالم، الطبيب ، كان وزيرة للأمجد بهرام شاه ، بدمشق، ولما توفي استوزره الملك الصالح اسماعيل ، فلما انتقل الصالح إلي بعلبك ، أراد أمين الدولة أن يلحق به ، فاعتقله نائب دمشق ، وحمله إلي مصر، حيث اعتقل في قلعة القاهرة خمس سنوات ، ثم أعدم شنقا ( الاعلام 358/1 ).

وفي السنة 658 لما ظفر الملك قطز بالتتار ، دخل إلي دمشق ، وأمر بشنق جماعة من المنتسبين إلي التتار ، وكان من جملتهم حسين الكردي ، طبردار الناصر يوسف ، وهو الذي أوقع الملك الناصر في أيدي التتار ( اعلام النبلاء 295/2)

وفي السنة 660 قتل شخص تاجرة بدمشق ، وسرق ماله ، فشنق ( الذيل علي الروضتين 216).

وفي السنة 660 اتهم خضر الكردي ، قاضي المقيس ، بأنه يسعي في إقامة دولة كردية ، فشنق بمصر ( الذيل علي الروضتين 217) .

وكان الملك الظاهر بيبرس ، متشددأ في منع شرب الخمر ، حتي إنه بلغه في السنة 674 عن الطواشي شجاع الدين عنبر ، المعروف بصدر الباز ، وكان قد تمكن منه تمكنا كثيرة إنه يشرب الخمر ، فشنقه تحت قلعة الجبل ( خطط المقريزي 106/1 ).

وصلب الملك الظاهر ، سلطان مصر ، ابن الكازروني ، عقابا له علي شرب الخمر ، وعلق في حلقه جرة خمر ، فقال ابن دانيال (ت 710) : ( الوافي بالوفيات 54/3 ).

لقد كان حد الخمر من قبل صلبه**** خفيف الأذي إذ كان في شرعنا جلدا

فلما بدا المصلوب قلت لصاحبي****ألاب فإن الحد قد جاوز الحذا

وفي السنة 680 مر بعض السقائين في القاهرة ، بشخص ، فزحمه

ص: 72

براويته ، فوخه ، فتقاولا ، وتماسكا، وضرب ذلك الشخص السقاء بسكين فقتله ، فأمر به السلطان فشنق ( سيرة الملك المنصور 89 ) .

وفي السنة 680 مر بعض الأجناد بخياط ، فطالبه بإنجاز شيء كان أوصاه عليه، وتقاولا ، فضربه الجندي ، فقتله ، فأمر به السلطان فشنق ( سيرة الملك المنصور 89) .

وفي السنة 688وجد في الخزانة المحمولة من بغداد إلي الأوردو المعظم كيس فلوس ، أي نقود نحاسية ، فتقدم بالفحص عن ذلك ، فظهر إن بعض حراس الديوان فعل ذلك ، فأمر بصلبه ، فصلب ( في التراث العربي 481 ).

وفي السنة 689 صلب جمال الدين بن الحلاوي ، ضامن تمغات بغداد ، بباب النوبي ، وعليه ثيابه ، وسلم إلي أهله في آخر النهار ( تاريخ العراق للعزاوي 247/1 ).

وفي السنة 695 قبض بدمشق علي فقير موله ، اعترف بارتكابه عدة جرائم قتل ، فسمر، وبقي يومين ، ثم شنق في اليوم الثالث (تاريخ ابن الفرات 205/8 ).

وفي السنة 706 قتل السلطان أبو ثابت المريني، سلطان المغرب، من أقاربه المنازعين سلطانه ، وممن والاهم ، ستمائة من أهل مراكش ، وصلبهم علي سورها . ( الاعلام 21/4 و 22 ).

وفي السنة 723 خرج بعض المماليك ، علي المجاهد الرسولي ، صاحب اليمن ، وجاهروه بالقبيح ، فقبض علي جماعة منهم ، وشنق خمسة ، ثم شنق اثنين آخرين ، بعد يومين ، ثم شنق منهم بعد ذلك اثنين آخرين . (العقود اللؤلؤية 2/ 12 ).

وفي السنة 724 قتل كريم الدين الكبير ، واسمه أكرم بن هبة الله

ص: 73

القبطي ، تسمي لما أسلم عبد الكريم ، وكتي بأبي الفضائل ، ولقب كريم الدين ، ولما لقب ابن أخته كريم الدين أيضأ ، أضيف إلي لقبه الكبير ، تمييز له عن ابن اخته الذي لقب كريم الدين الصغير ، وكان قتل كريم الدين الكبير شنقا بأسوان ، وكان قد بلغ في الدولة المصرية مبلغا عظيمة حتي ولاه السلطان الملك الناصر وكالته ، ثم قرره في نظر الخاص ، ثم أوكل جميع أمور الدولة وأموره الخاصة إليه ، وبلغ من رفيع المنزلة في الدولة ، ما لم يبلغه أحد قبله ، حتي إنه وصل ما بين السلطان الملك الناصر، والسلطان أبو سعيد، وخطب للناصر علي منبر تبريز ، ولكن كثرة عطاياه وانعاماته علي الأمراء ، بعثت الناصر علي الإرتياب منه ، فاعتقله ، وصادر أمواله ، وكانت عظيمة جدأ ، وأمره أن يقيم هو وولده بالقرافة ، ولا يجتمعان بأحد ، ثم نفي هو وولده إلي الشوبك ، ثم أعيد إلي القدس ، ثم حمل هووولده ألي مصر، فحبس ببرج القلعة ، ثم نفي إلي أسوان ، حيث شنق ( الدرر الكامنة 430/1 و 431) .

وفي السنة 725 شنق الطواشي حصير ، بأمر من السلطان المجاهد، محمد بن طرنطاي ، أحد كبار الولاة في اليمن ، وظل مشنوقا مدة ، ثم أنزل وقبر ، بعد أن أكلت منه الكلاب . ( العقود اللؤلؤيه 35/2 ).

وفي السنة 726 تحرك العوارين بزبيد ، باليمن ، فتولي أمرهم الأمير الظاهر ، أمير زبيد ، وشنق طائفة منهم ، وكحل طائفة أخري . ( العقود اللؤلؤية 42/2 ) .

وفي السنة 728 زحف المجاهد، صاحب اليمن ، علي عدن ، فدخلها ، وأمر بقتل جماعة من المماليك والشفاليت ، وأخذ الوالي والناظر والرهائن في سلسلة من حديد ، فشنق الوالي والناظر ، وغرق الباقين ( العقود اللؤلؤية 48/2 ) .

ص: 74

وفي السنة 730 وجد السلطان المجاهد، صاحب اليمن ، أن أهل تعز ، أصبحوا علي أخبث ماكانوا عليه من الخلاف ، وخرق العرض ، والشتم الشنيع ، فحاربهم ، وشنق طائفة منهم في كل طريق ، وحرؤوسهم حتي ذلوا ذلا شديدا . ( العقود اللؤلؤية 55/2 ).

وفي السنة 742 خلع الملك المنصور أبو بكر بن محمد بن قلاوون ، ونفي من القاهرة إلي قوص ، حيث قام متولي قوص عبد المؤمن بقطع عنقه ، وحمل رأسه إلي الأمير قوصون سرا ولما قبض علي قوصون ، اعترف عبد المؤمن بما صنع ، فأمر الملك الناصر أحمد ( أخو المنصور ) بتسمير عبد المؤمن ، فسمر بباب المارستان المنصوري بمسامير جافية شنيعة ، وطيف به ، مدة ستة أيام ، وهو يحادث الناس في الليل بأخباره ، ثم شنق علي قنطرة السد ، وأكلته الكلاب ( النجوم الزاهرة 17/10 و62 ).

وفي السنة 746 شنق الواعظ المحتسب شرف الدين أبو بكر المعروف بابن المؤيدي نائب الوكالة باللاذقية ، خافوا بطرابلس من طول لسانه ، واتصاله بأعيان المصريين ، وقامت عليه بينة بألفاظ تقضي بانحلال العقيدة ، فحملوا قاضي القدموس المالكي ، علي الحكم بقتله ، وشارك في واقعته قاضي اللاذقية المالكي أيضا ( تاريخ أبي الفدا 131/4 ).

وفي السنة 747 بلغ سلطان اليمن ، أن جماعة من المماليك الغرباء ، علي وشك المناداة بابن أخيه ، الملك الفائز أبي بكر بن حسن ، سلطان بدله ، فاعتقل ابن أخيه في تعز ، حيث مات في سجنه بعد قليل ، ثم اعتقل جماعة من المماليك الغرباء ، وأتلفهم قتلا، وشنقا ، وتغريقا . ( العقود اللؤلؤية 2/ 79 و 80 ) .

وفي السنة 752 تحرك الطواشي جمال الدين بارع ، ضد السلطان المجاهد ، صاحب اليمن ، فكتب إليه الطواشي أمين الدين أهيف ، عن

ص: 75

سبب حركته ، فادعي انها بأمر الوزير فقبض عليهما، وشنقهما . ( العقود اللؤلؤية 2/ 87 ) .

وفي السنة 752 قتل غيلة أبو جعفر الغرناطي أحمد بن سليمان بن يوسف ، المعروف بابن الحداد ، اغتاله بعض الشطار لكونه وجه الحكم عليه في استخلاص مال يتيم ، فقبض علي قاتله ، وصلب بالمكان الذي فتك به فيه ( الدرر الكامنة 149/1 ).

وفي السنة 758 وصل التجار إلي اليمن ، بعدة من الخيل ، فلما دخلوا فشال ، أخذ الأشاعر الخيل بموافقة الوالي وهو الأمير بدر الدين حسن بن باساك ، فأمر السلطان بالوالي ، فشنق . ( العقود اللؤلؤية 104/2 ).

وفي السنة 772 قبض ابن السنبلي ، بأمر من السلطان الأفضل، صاحب اليمن ، علي مشايخ القرشيين ، وأمر السلطان بتلفهم (يريد بقتلهم ) ، فوط منهم خمسة نفر، وسمر ثلاثة ، وشنق الباقين . ( العقود اللؤلؤية 148/2 ).

وفي السنة 780 كان الأمير إسماعيل بن الأمير زكريا ، حاكم العراق ، ببغداد ذاهبا يوم الجمعة إلي الجامع الذي أنشأه ، فاغتاله مبارك شاه ، فقتله ، وقتل عمه ، وقطع رأس الأمير اسماعيل وصلبه في جدار الجامع الذي بناه (تاريخ العراق للعزاوي 158/2 ).

أقول : وهذا الجامع إلي اليوم يسمي : جامع المصلوب .

وفي السنة 799 قبض في زبيد باليمن، علي خمسة من مقاصرة الشام ، فأمر السلطان بشنقهم فشنقوا ( العقود اللؤلؤية 2/ 290 ).

وكان تيمورلنك قد نصب ولده ميران شاه علي تبريز ، ثم بلغه أنه يصرف أكثر أوقاته في اللهو والطرب والعشرة غافلا عن أمور المملكة ، فدخل تيمور

ص: 76

تبريز في السنة 802 وشنق جماعة من أهل الطرب من عشراء وجلساء ميران شاه ومنهم قطب الموصلي ، وكان أعجوبة الزمان ، وكان ميران شاه قد أغرم به . ( التاريخ الغياثي 194 ، 195 ) .

ولما دخل تيمورلنك دمشق في السنة 803 بالأمان ، نادي في المدينة بالأمان والإطمئنان ، فاتفق أن أحد عسكره نهب شيئا من السوق ، فشنقه وصلبه برأس سوق البزوريين ( شذرات الذهب 7/ 64 ) .

وفي السنة 809 قتل الأمير حكيم ، وكان شديد القسوة ، شنق رجلا في حلب ، لأنه رعي فرسه في زرع ، وشنق آخر بسلمية ، وشنق جندي بدمشق ( بدائع الزهور 752/2/1 ).

وفي السنة 816 اتهم الشريف حسن بن عجلان صاحب مكة ، جابر بن عبد الله الحراشي ، أنه يوالي خصمه رميثة ، فاعتقله وشنق علي باب الشبيكة ( الضوء اللامع 51/3 ).

وفي السنة 816 قبض بمني في موسم الحج ، علي جابر بن عبد الله أمير جدة ، وعلي ولده محمد، وشنقا بعد المغرب ، شنق الأب بباب المعلاة ، والإبن بباب شبيكة ( الضوء اللامع 208/7 ).

وفي السنة 832 شنق السلطان حسين بن علاء الدولة ، وزيره شهاب الدين ، في باب التمغا ببغداد ( تاريخ العراق للعزاوي 82/3 ).

وفي السنة 844 مات توران شاه بن تهتن شاه بن توران شاه ، صاحب هرمز ، وكان قد دس له السم أكثر من مرة ، واستقر بعده ابنه مقصود ، فدام قليلا ثم كحل ، أي سملت عيناه ، وخلفه الملا شهاب الدين أخ مقصود ، فشنق ، وخلفه أخوه مزعل ( الضوء اللامع 45/3 ) .

ولما تسلطن حسن علي ، علي أذربيجان ، خلفا لوالده جهان شاه ، كان يحقد علي زوجة أبيه بيكم خاتون ، فلما دخل تبريز ، عمد إلي أخويها

ص: 77

قاسم وحمزة وإلي قومها وأهلها، وإلي عدد من أقاربه أيضا ، فعاقبهم ، وعذبهم ، وصلبهم بأجمعهم ( تاريخ الغياثي 328 ).

وفي السنة 877 أسر شاه سوار الذي كان خرج علي سلطان مصر ، وحمل إلي القاهرة ، فأشهر ، ثم شنق بباب زويلة ، هو وعشرون أنسان من إخوته وأقربائه ورجال دولته ( اعلام النبلاء 71/3 - 74).

وفي السنة 877 شنق بمدينة حلب ، عثمان بن أغلبك ، ومعه نحو الأربعين نفرة ، اتهموا بأنهم قد تواطؤوا مع السلطان حسن الطويل ، سلطان العراق، فصدر أمر السلطان بشنقهم ، فشنقوا ( اعلام النبلاء 76/3 ) .

وفي السنة 885 قتل شنقا عبد الله بن نصر ، بأمر من السلطان الأشرف قايتباي ، وكان قد صادره ، وطالبه بمال ، فعجز عن أدائه ، فشنق ( الضوء اللامع 72/5 ).

وفي السنة 885 قتل قاسم بن بيبرس بن بقر ، أحد شيوخ العرب بالشرقية ، وكان الأشرف قايتباي قد سجنه مدة بالبرج ، ثم شنقه ، ولم يبلغ الأربعين ( الضوء اللامع 6/ 180).

وفي السنة 892 وردت الأخبار إلي مصر، بأن شاه بوداغ بن دلغادر ، وكان مسجونا بقلعة دمشق ، قد فر من سجنه ، فغضب السلطان ، وأمر بشنق نائب قلعة دمشق ، فشنق ( اعلام النبلاء 96/3 ).

وفي السنة 919 وقعت حادثة بمصر ، وهي إن رجلا اتهم بأنه زنا بأمرأة فرفع أمرهما ألي حاجب الحجاب بالديار المصرية الأمير أنسبائي ، فضربهما ، فاعترفا بالزنا ، ثم بعد ذلك رفع أمرهما إلي السلطان الغوري ، فأحضرا بين يديه ، وذكرا أنهما رجعا عما أقرا به من الزنا قبل ذلك ، فقعد السلطان لهما مجلسا جمع فيه العلماء والقضاة الأربعة ، فأقر شيخ الإسلام برهان الدين المقدسي بصحة الرجوع ، فغضب السلطان لذلك ، وكان

ص: 78

المستفتي شمس الدين الزنكلوني الحنفي وولده ، فأمر السلطان بهما ، فضربا في المجلس ، حتي ماتا تحت الضرب ، وأمر بشنق المتهمين بالزنا علي باب صاحب الفتوي ، فشنقا، وعزل الشيخ برهان الدين والقضاة الأربعة من مناصبهم ( الكواكب السائرة 103/1 ).

وفي السنة 923 قتل السلطان طومان باي ، أبو النصر ، وكان الغوري قد أنابه عنه بمصر ، لما خرج لمحاربة السلطان سليم العثماني ، فلما قتل الغوري ، نصبه المماليك سلطانا بمصر ، فحارب السلطان سليم لما قصد مصر ، فانكسر جيشه ، واختفي ، ثم اعتقل، وشنق بباب زويلة بالقاهرة ، ( الاعلام 337/3 ).

وفي السنة 930 شنق الشيخ ابراهيم الصوفي الدمشقي «لأنه اتهم بالكيمياء » ( الكواكب السائرة 113/1 ).

وفي السنة 930 أشار الأمير ابراهيم المرقباني ، علي أحمد باشا والي مصر ، أن يطلق شيخ العرب عبد الدائم بن بقر ، وكان مسجونا منذ عهد السلطان الغوري ، ولما تردد أحمد باشا في إطلاقه ، قال له الأمير ابراهيم : أطلقه بضماني وإن حصل منه خلل فآشنقني ، فأطلقه ، وضمنه البلاد الشرقية ، فأظهر عبد الدائم العصيان ، فأمر أحمد باشا بالأمير ابراهيم المرقباني فشنق ( الكواكب السائرة 158/1 ).

وفي السنة 930 قتل شنقأ ، القاضي شهاب الدين أحمد بن الجيعان ، اتهم بأنه أغري أحمد باشا علي طلب السلطنة بمصر ، فلما قتل أحمد باشا ، اعتقل القاضي ابن الجيعان ، ولما أخرج لشنقه ، طلب من الجلاد أن يمهله ليصلي ركعتين ، فصلي ، ثم شنق ( الكواكب السائرة 156/1 ).

وفي السنة 941 صلب السلطان سليمان القانوني ، ببغداد ، اسكندر جلبي الدفتري ( تاريخ العراق للعزاوي 38/4 ) .

ص: 79

واتهم إبراهيم بن خضر اللاري ت 946، نزيل حلب ، أحد مماليكه ، بأنه اختلس شيئا من أمواله فشنقه علي باب سوق الدهشة ، حيث الموضع الذي تم فيه الاختلاس . ( اعلام النبلاء 26/6 ) .

وفي السنة 944 أمر سليمان باشا ، بكلربكي مصر ، بصلب الأمير داود بن عمر أمير الصعيد ، فصلب بباب زويلة . ( البرق اليماني 76).

وفي السنة 945 جاء سليمان باشا الخادم ، الذي نصبه السلطان سليمان لطرد البرتغال من سواحل الجزيرة العربية، فلما وصل إلي عدن، فتح له أمير عدن أبوابها ، واستقبله ، فلما دخل سليمان باشا الي عدن ، ألبس أميرها عامر بن داود ومن معه خلعا ، ثم أمر بهم فصلبوا جميعا ، ثم خرج من عدن ، متوجها إلي الهند لحرب البرتغال . ( البرق اليماني 80 و81).

وفي السنة 947 قتل شنقا بالقاهرة ، قاسم بن عبد الكريم الفاسي ، ناظر الأوقاف بالديار المصرية ، قبض عليه بالقاهرة ، وحبس ، ثم أخرج من حبسه ليشنق ، فرجمه الناس بالحجارة ، وهو في طريقه إلي باب زويلة ، حيث شنق هناك ( الكواكب السائرة 242/2 ).

وفي السنة 966 شنق بدار السعادة حسين جلبي متولي تكية السلطان سليم بالصالحية ، وشنق معه سنان القرماني وكان يلي نظارة المارستان بدمشق ثم ولي نظارة الجامع الأموي ، وانتقد علي سنان إنه باع بسط الجامع وحصره ، وإنه خرب مدرسة المالكية التي بقرب البيمارستان النوري وتعرف بالصمصامية، ، وحصل به الضرر بمدرسة النورية ، فشنق سنسان وحسين جلبي ، صلبا معأ بدار السعادة وعمامتاهما علي رأسيهما ، وهما ذوا شيبتين نيرتين ( شذرات الذهب 347/8 ) .

ولما دخل محمود باشا ، والي اليمن ، إلي اليمن في السنة 968 ، أمر

ص: 80

بصلب أمين دار الضرب ، فصلبه ، واستولي علي ذخائره ، وكان غنية . ( البرق اليماني 128 ).

ولما سافر محمود باشا ، بعد عزله من اليمن ، إلي مصر ، توقف في جده ، وكان لا يصبر عن القتل، فضاق ذرعا ، لأنه خلال مكثه في الحجاز لم يقتل أحدأ ، وكان عنده مملوك ، اشتراه قريبا بمائتي ذهب ، فقد خنجره ، فجعل ذلك ذنبأ له ، وأمر بصلبه ، فوضع في عنقه حبل ، وسحب من بين يديه ليصلب ، فتوشط له السيد حسين القاضي وغيره ، فلم يقبل فيه شفاعة ، ومضوا به وصلبوه ، وعذبوه في صلبه ، لأنهم كانوا مماليك صغارة لا يعرفون كيف يصلبون . ( البرق اليماني 149).

ولما ولي محمود باشا ، مصر في السنة 968 ، قدمها بحرة ، فلما وصل إلي القاهرة ، قدم عليه الأمير محمد بن عمر، صاحب الصعيد، وقدم له سفينة كبيرة مشحونة بأنواع الهدايا والتحف ، ومعها خمسين ألف دينار من الذهب ، فبمجرد وصوله ، أمر محمود باشا بصلبه ، وأخذ جميع ما معه ، ثم صلب القاضي محمد العبادي ، كاتب الروزنامة ، وكاتب الجوالي ، ثم صلب شخص مغربية، يدعي المعرفة بعلم النجوم ، كان قد تنبأ له بأنه لا يتولي مصر ، فلما وصلها متولي أمر بصلبه . ( البرق اليماني 151 ) .

وفي السنة 975 أمر حسن باشا ، بكلربكي اليمن ، بالفقيه عبد الوهاب المحرقي ، فشنق علي باب داره ( البرق اليماني 188 ).

وفي السنة 988 مات بدمشق شخص اسمه محمود بن يونس بن شاهين الأعور ، فتزوج أحد الأجناد الدمشقيين ، واسمه يوسف السقا بزوجة الأعور المتوفي ، وسافر إلي إصطنبول ، وتقدم إلي السلطان بشكوي خلاصتها إن الأعور مات عن تركة مقدارها ثلاثة وثلاثين ألف دينار ، وليس له وارث ، فهي من حق بيت المال ، ولكن بعض القضاة وسماهم ، اتفقوا مع الترجمان ،

ص: 81

واقتسموا التركة فيما بينهم ، بعد أن نصبوا له بطريق التزوير وارثأ ، فوجه السلطان أحد موظفي بلاطه ، واسمه محمود البواب للتحقيق في الموضوع ، فلما وافي الشام ألقي القبض علي القضاة ، وفر أحدهم إلي طرابلس ، فأحضره البواب وأدخله إلي دمشق وعلي رأسه قلنسوة نصراني ، وفي رجليه القيود وفي عنقه الغل ، أما القضاة الباقون ، فإن البواب وضع « الزناجير في رقابهم ، واستولي علي جميع ما يملكونه ، وعاقبهم معاقبة بالغة ، ثم صادر جميع أعيان دمشق ووجوهها ، وأخذ منهم أموالا عظيمة ، فشكوه إلي السلطان فخرج الأمر السلطاني بقتله ، فأحضره الوزير حسن باشا، والي الشام ، وعقد له مجلسحضره القضاة ورجال الدولة ، وأحضروا من كان في حبس البواب علي صورتهم ، والقيود والأغلال في أعناقهم ، ولما أحضر البواب إلي المجلس ، نزعت عنه كسوة السلطان ، وألبس قلنسوة نصراني ، وأقيمت عليه البينة « بتحقير العلماء » وحكم عليه القاضي بالقتل ، فأنزلوه ، ولما تحقق البواب أنه مقتول ، طلب إمهاله ليغتسل، فأمهل حتي اغتسل ، وصلي ركعتين ، وصلب في خشب الأرجوحة المنصوبة علي باب دار الإمارة ( خلاصة الأثر 41/2 - 43 ).

وكان سليمان باشا بن قباد ، محافظ دمشق ، المتوفي سنة 997 شديد السطوة ، ينوع أنواع العذاب للسراق والقطاع والزناة والمعرصين والمزورين وقتل محمد بن جلال الدين العامل في التزوير ، وقتل حمدان قبل أن يدخل دمشق وهو بالمرجة ، وسل لسانه من تحت حنكه ، ثم شنقه في شجرة خارج باب جامع يلبغا الغربي ، وشنق ابن المعلم البعلي نقيب الشيخ أحمد بن سليمان في الدلبة بالمرجة ، وشنق كتخدايه ابن الأصفر بالقرب من سوق القاضي داخل دمشق ، وكان من الجبارين إلا أنه قطع المناحيس ( الكواكب السائرة 158/3 ).

وفي السنة 1010 مات عبد الحليم اليازجي ، أحد الخوارج علي

ص: 82

الدولة العثمانية ، وكان في أول أمره من أتباع الأمير درويش الرومي حاكم صفد، ولما عزل الأمير عن صفد، حسن له عبد الحليم الخروج علي الدولة ، فأعلن خروجه ، وسيرت عليه عدة جيوش ، فكان الظفر له ، ثم بدا له أن يترك المخالفة ، وأن يتوجه إلي الأبواب السلطانية ، فلما وصل إلي إصطنبول ، عرض الوزير التقارير التي وصلت بشأنه إلي الدولة ، فأمر السلطان بأن يصلب ، فصلب بثيابه ( خلاصة الأثر 322/2 ) .

وفي السنة 1041 وافي القنقدة قسم من عساكر اليمن الذين طردهم حاكمها قانصوه ، فأرسلوا إلي الشريف محمد، أمير مكة ، أن يأذن لهم بدخول مكة ليمتاروا وهم في طريقهم إلي مصر ، فأبي عليهم دخول مكة ، فدخلوها عنوة، وحاربوا الشريف محمد ، وقتلوه في المعركة ، ولما استولوا علي مكة نصبوا الشريف نامي بن عبد المطلب أميرة ، وأشركوا معه الشريف عبد العزيز بن إدريس ، وراسلوا أمير جدة أن يسلمها إليهم ، فأبي ، وقتل رسلهم ، فحضروا جدة ، ودخلوها عنوة ، ونهبوها ، وفر الشريف زيد إلي المدينة ، وكاتب السلطان بمصر ، فوجه إليه جيشا ، ونصبه أميرا علي مكة ، وتقدم الجيش المصري يريد الخوارج اليمانيين ، فتحصنوا في حصن تربه ، وكان لهم رئيسان الأمير علي ، والأمير محمود ، فخامر الأمير علي علي أصحابه ، وافق مع المصريين علي أن يحقنوا دمه ، ويسلم إليهم الأمير محمود ، فأمنوه ، فأحتال حتي أسلم إليهم الأمير محمود ، فأشهر وه ، وطافوا به علي جمل معذب بالنار ، ثم صلب حيا بالمعلاة حتي مات ، وأخذته العامة فأحرقته ، ولما انتهي أمر الخوارج ، قبض علي الشريف نامي وأخيه السيد ، وحبسا ، ثم صدرت فتوي العلماء بقتلهما ، فقتلا ، وصلبا ( خلاصة الأثر 177/2)

أقول : أورد صاحب الاعلام 319/8 الخبر خلافا لما سلف ، قال : في السنة 1042 قتل شنقا الشريف نامي بن عبد المطلب بمكة ، وكان

ص: 83

قانصوه باشا قد قتل أخاه الشريف أحمد ، فانصرف نامي إلي اليمن ، وجيش جيشأ فتح به مكة ، وقتل أميرها الشريف محمد بن عبد الله ، وملكها مائة يوم ، ثم حاربه الشريف زيد بن محسن ، وقبض عليه فشنقه.

وفي السنة 1046 قتل شنقأ بإصطنبول ، السلطان عنايت كراي بن غازي ، سلطان القرم ، وكان قدولي الحكم منذ السنة 1044 ( معجم انساب الأسر الحاكمة 368) .

وفي السنة 1052 دخل الوزير محمد باشا، المعروف بجوان قبوجي باشي ، مدينة دمشق ، واليأ ، فاتفق إنه وجد ثلاثة أنفار مقتولين قرب المدرسة الظاهرية ، فبذل جهده في البحث عن القاتلين ، حتي عثر عليهم ، وثبت عليهم القتل ، فصلبهم علي باب المدرسة المذكورة ( خلاصة الأثر 303/4)

وفي السنة 1059 قتل السلطان ابراهيم الأول العثماني، وزيره الأول ، الصدر الأعظم صوفي محمد باشا ، فأعدم شنقا ( معجم انساب الاسر الحاكمة 243) .

وفي السنة 1088 في أيام الحكم العثماني في العراق ، كان يجري صلب مرتكبي جرائم السرقة ، في رحبة الجسر ( تاريخ العراق للعزاوي 111/5)

وفي السنة 1097 أعدم شنقا بأمر السلطان محمد الرابع العثماني ، وزيره الأول الصدر الأعظم قره ابراهيم باشا ( معجم انساب الأسر الحاكمة 244)

وفي السنة 1139 قتل السلطان أحمد بن إسماعيل بن الشريف ، أبا عبد الله محمد بن العياشي ، الكاتب ، صلبة . ( الاعلام 212/7 ) .

ص: 84

وفي السنة 1156 جهز سليمان باشا العظم ، والي دمشق ، عسكرة علي الظاهر عمر الزيداني ، بعد أن قبض علي أخيه مصطفي وشنقه بدمشق ، ولما وصل سليمان باشا ، وحصر عكا ، مات ( خطط الشام 293/2 ).

وفي السنة 1157 بعث الوزير احمد باشا ، والي بغداد، الكتخدا سليمان باشا إلي الحلة ، حيث قبض علي غصيبه شيخ زبيد، ومن معه من أكابر عشيرته ، وصلبهم عند رأس الجسر . (تاريخ العراق للعزاوي 270/5 ).

وفي السنة 1158 ملك الدالاتية قلعة دمشق ، فقاتلهم الإنكشارية ، وأمر أسعد باشا العظم ، والي دمشق ، بنهب سوق ساروجة ، وقتل العسكر أناسا ، ونهبوا البيوت ، وأحرقوا بعضها ، وصلب أشخاص كثيرين ، وبقيت المشنقة أيام لا تخلو من مصلوب ، وتركت جثث المقتولين أمام السراي تأكلها الكلاب ، وسلخت رؤوسهم وجعلت أكواما ( خطط الشام 294/2 ) .

وفي السنة 1200 حصل قحط ببغداد ، فهاج لفيف من الناس ، وحملوا علم الشيخ عبد القادر الكيلاني ، وخرجوا في مظاهرة ، يصيحون : إن عباد الله ماتوا جوعا ، فأمر الوزير والي بغداد بتفريقهم ، فهاجمهم الجنود ، وقتلوا بعضهم ، وأسروا آخرين فصلبهم في الحال ، وقبض علي آخرين فجلدهم بالعصي ثم نفاهم إلي البصرة ( تاريخ العراق للعزاوي 98/6 ) .

وكان الأمير يوسف الشهابي ، حاكم لبنان ، قد أكرم احمد باشا الجزار (ت 1219) لما كان الجزار صعلوكا ، وأعانه حتي أصبح واليأ ، فكان جزاؤه منه، أن أمر به فشنق، وأبقاه ثلاثة أيام معلقا في حبل المشنقة ( خطط الشام 21/3 ).

وفي السنة 1216 شنق الفرنساوية ، شخصأ منهم علي شجرة ببركة الأزبكية بالقاهرة ، قيل أنه سرق ( الجبرتي 471/2 ) .

وفي السنة 1217 شنق الباشا والي مصر ، رجلا طبجية (مدفعية)بالمشنقة التي عند قنطرة المغربي ( الجبرتي 541/2 ).

ص: 85

وفي السنة 1217 شنقوا ثلاثة من عساكر الأروام ( العثمانيين ) أحدهم بباب زويلة، والثاني بباب الخرق ، والثالث بالأزبكية ، بالقرب من جامع عثمان كتخدا ، وقتلوا أيضا شخصا بالنحاسين ( الجبرتي 538/2 ).

وفي السنة 1217 مر بالقاهرة أربعة أنفار من العسكر ، وأخذوا غلام الرجل حلاق ، فعارضهم الحلاق ، فقتلوه ، فحصرهم أغات التبديل في دارهم ، وتضاربوا بالرصاص ، ونقبوا عليهم الدار من خلفهم ، وشنقوهم ، ثم أخرجوا من داخل الدار أكثر من ستين امرأة مقتولة ، وفيهن من وجدوها وطفلها مذبوح معها في حضنها . (تاريخ الجبرتي 555/2 ) .

وفي السنة 1219 شنقوا بالقاهرة ، بباب الشعرية ، علي السبيل ، شخصا ، لأنه كان يتعاطي القيادة ، ويجمع بين الرجال والنساء . ( تاريخ الجبرتي 656/2 ).

ومن عجائب جلال الدين ، والي حلب ، في السنة 1227 ، أنه بلغه ذات يوم إشاعة سرت في حلب ، بأنه قد عزل من منصبه ، فأمر أعوانه بالقبض علي من أشاعها ، فقبض أعوانه علي واحد ، واتهموه بأنه هو الذي آخترع هذه الإشاعة ، فأنكر ، وحلف لهم ، فلم يصدقوه ، فادعي إنه سمعها من شخص آخر ، فتركوه وقبضوا علي ذلك الشخص ، فأنكر ، وحلف لهم ، فلم يصدقوه ، فعزا ذلك إلي شخص آخر ، فتركوه ، وقبضوا علي ذلك الشخص ، وهكذا ، إلي أن قبضوا علي شخص اسمه الحاج بدور الخيمي ، فأنكر ، ولم يعز ذلك إلي أحد، فجيء به إلي السوق ، ونصبوا له خشبات الصلب ، واستنطقوه ، وهو يحلف لهم بالأيمان المغلظة ، إنه لم يقل ذلك ، ولا علم له بما قيل وبمن قال ، فلم يجده ذلك نفعأ ، وصلبوه بمحضر من الناس . ( اعلام النبلاء 378/3 ).

ص: 86

وفي السنة 1228 قبض ابراهيم بك بن محمد علي باشا ، بالصعيد من مصر ، علي أحمد أفندي الذي بيده دفاتر الرزق الأحباسية وشنقه ( الجبرتي 392/3)

وفي السنة 1229 شنق عند باب زويلة بالقاهرة ، شخص اسمه صالح ، واستمر معلقة يومين ، وسبب ذلك إنه كان يدعي الجذب والولاية ، وتزوج بامرأة ، وأخذ متاعها ومالها ، وحصل لها خلل في عقلها ، فأنهوا أمره إلي كتخدا بك فأمر بحبسه ، وكثر كلام الناس في حقه ، فأمر الكتخدا بشنقه ( الجبرتي 451/3 ) .

وفي السنة 1232 شنق بباب زويلة شخص ، بسبب «الزيادة في المعاملة ، وعلقوا بأنفه ريال فرانسة ، وخزم المحتسب آناف وأشخاص من الجزارين ، وعلق في آنافهم قطعة من اللحم ، بسبب الزيادة في ثمن اللحم ( الجبرتي 561/3 ).

وفي السنة 1232 طلب المحتسب بالقاهرة ، حجاجأ الخضري الشهير بنواحي الرميلة ، فأخذه إلي الجمالية ، وشنقه علي السبيل المجاور الحارة المبيضة ، وكان شنقه وقت السحور ، وتركوه معلقا إلي مثلها من الليلة القادمة ، وكان حجاج مشهورة بالإقدام والشجاعة ومكارم الأخلاق ( الجبرتي 564/3)

وفي السنة 1232 شنق بالقاهرة عدة أشخاص في أماكن متفرقة ، قيل إنهم سراق وزغلية ( الجبرتي 567/3 )ثم شنقوا خمسة آخرين قيل إنهم حرامية ( الجبرتي 569/3 ).

وفي السنة 1237 ( 1821م) قتل عسكري جزائري في جبل مزاية ، فطالب الحاج علي باشا، أمير الجزائر ، سكان تلك المنطقة ، بإحضار الذين اتهموا بالقتل ، فأمتنعوا ، فبعث من قبض علي جماعة منهم ، وصلبهم جميعا في يوم واحد (مذكرات الزهار 111) .

ص: 87

وفي السنة 1257 توجه ابراهيم باشا ، بن محمد علي باشا ، إلي حران ، فخرج شيخ البلد لاستقباله ، فقال له ابراهيم باشا : لازم ذخاير ، فقال له : أفندم ، مقدمين سابق قمح هلقدر ، والآن ما بقي عندنا شيء ، فلما سمع كلامه أمر عليه بالشنق ، فشنقوه حالا ( مذكرات تاريخية 228) .

وفي السنة 1286 حصلت فتن من العشائر ، فألقت السلطة القبض علي الشيخ دنان رئيس عفك ، والشيخ بدوي رئيس الدغارة ، وصلبتهما علي جسر الديوانية ، كل واحد علي أحد رأسي الجسر ( تاريخ العراق للعزاوي 212/7 و220) .

وفي السنة 1286 حصلت وقعة الوالي في جبال العلويين ، وسببها إن طائفة الكلبية ظهرت فيها « شقاوة ، فجيش الدولة عليها جيشا من عشرة آلاف ، فرابط في قرية الجديدة ، وأرسل يطلب مقدمي الكلية ووجده العلويين ، وقبض عليهم جميعا ، ثم أحرق دورهم ، وقراهم ، وعذب جميع الطوائف العلوية ، ثم أحالهم علي مجلس إداري في جبلة ، فشنق ثلاثة من أعاظم الكلبيين ، وشنق آخر من بني علي ، وسجن الباقين ( خطط الشام 100/3)

وفي السنة 1288 أسر عبد الكريم ، رئيس عشيرة شمر ، وحوكم علنا في بغداد ، فحكم عليه بالإعدام ، وأرسل إلي إصطنبول ، وفي الموصل ورد الأمر بإعدامه ، فصلب هناك ( تاريخ العراق للعزاوي 263/7 ).

وفي السنة 1333 ه- ( 1914 م)، شنق في رأس القرية كل من شكوري التاجر ، وعزيز شماس جرجيس ، وسليم شماس جرجيس ، وكامل عبد المسيح ، لاتهامهم بالتجسس . ( تاريخ العراق للعزاوي 277/8 ).

وفي السنة 1334 (1916 ) أعدم جمال باشا السفاح ، نخبة من أحرار

ص: 88

العرب ، شنقا، ببيروت ودمشق ، منهم انطون بن نسطاس زريق وتوفيق أخوه ، وتوفيق أحمد البساط ، ورفيق رزق سلوم ، وسعيد فاضل بشارة عقل ، والقائد سليم الجزائري ، وشفيق المؤيد ، وشكري العسلي ، وعارف الشهابي ، وعبد الحميد الزهرواي ، وعبد الغني العريسي ، وعمر حمد ، وعبد الكريم الخليل ، وعلي محمد الأرمنازي ، وفليب وفريد الخازن ، وعبد الوهاب الإنكليزي ، ( الاعلام 368/1 و75/2 و57/3 و 152 و 180 و 246 و 250 و 9/4 و10 و 57 و 160و 178 و332 و172/5 و376) .

وفي السنة 1335 (1917 م ) هاجم الضابط التركي عاكف ، مدينة الحلة ، وقبض علي مائة وستة وعشرين رجلا من رؤسائها ، فقتلهم شنقا ، وهدم مساكنهم ، وأمر بنسائهم وأطفالهم ، فتفاهم إلي بلاد الأناضول ( الشبيبي الكبير 38) .

وفي السنة 1344 ( 1925 م ) أعدم شنقا بالقاهرة ، المحامي شفيق منصور ، وكان قد أسس جمعية أغتالت مصريين ، وختمت أعمالها باغتيال السردار لي ستاك الانكليزي ، سردار الجيش المصري ( الاعلام 247/3 و 248).

وفي السنة 1350 ( 1930م ) أسر الإيطاليون ، بالجبل الأخضر ، في طرابلس الغرب ، المجاهد عمر المختار ، وهو ابن خمس وسبعين سنة ، وقتلوه شنقا . ( الاعلام 227/5 ).

أقول : إن إعدام شيخ مجاهد، شنقا وهو ابن خمس وسبعين سنة ، سجل التاريخ إيطاليا في عهد موسوليني ، خزية لا يمحي ، وقد بلغنا في حينه إن أتباع موسوليني لم يكتفوا بذلك ، بل أخذوا جثة هذا الشيخ بعد شنقه وحملوها في طبارة ثم ألقوها من الجو ، فأضافوا إلي لؤم القدرة ، جريمة المثلة .

ص: 89

أقول : الخبر المتواتر عندنا أن الإيطاليين بعد أن شنقوا الشهيد عمر المختار ، وقد تجاوز السبعين من سنيه ، حملوا جثمانه في طائرة علت ثم رموا بالجثمان منها إلي الأرض ، ولكن السيد محمد المنصف ، من ليبيا، كتب في مجلة العربي الكويتية العدد 279 الصادرة في شباط 1982 ذكر أنه حضر محاكمة الشهيد عمر المختار طيب الله ثراه ، وحضر الإحتفال الذي أقامه الإيطاليون باعدامه شنقا ، وإنه لما وضع الحبل في عنقه ، انقطع ، وسقط الشهيد علي الأرض ، فقال مستهزئا : يلعن بو دولة ، حتي حبالها بايدة ، فجيء بحبل آخر تم اعدامه به ، وذكر إنه سأل الذي تولي دفن الشهيد عما أبصر في بدنه من آثار العنف ، فأخبره بأن البدن كان سليما من آثار العنف ما عدا أثر طلقة نارية في كتفه .

وفي السنة 1366 (1946)، أعدم شنقا سلمان المرشد ، بدمشق ، آنهم بعصيان الحكومة الوطنية . ( الاعلام 170/3 ) .

ص: 90

الفصل الثالث: الغم

وهو اللون الثالث ، من ألوان القتل بكتم النفس .

والغم في الأصل : التغطية ، ثم صرفت إلي كتم النفس بشيء يوضع علي الفم ، فيمنع وصول الهواء إلي الصدر .

وأول من مارس هذا اللون من العذاب ، علي ما بلغنا ، النعمان بن المنذر ، إذ حبس عدي بن زيد ، ثم بعث إليه من غمه ، حتي مات ( الاغاني 121/2)

وكتب معاوية إلي عامله بالعراق ، أن يعذب عبد الرحمن بن أبي بكرة ، فألقي علي وجهه حريرة ، ونضحها بالماء ، فكانت تلتزق بوجهه ، فيغشي عليه . ( الطبري 176/5 و177).

وكان مروان ، قد أخذ البيعة لنفسه ، ثم لخالد بن يزيد ، ثم لعمرو بن سعيد بن العاص ، فلما استقر في موضعه ، بدا له ، فجعلها لابنه عبد الملك ، ثم لابنه عبد العزيز ، فدخل عليه خالد بن يزيد، فكلمه ، وأغلظ له ، فغضب مروان ، وقال له : أتكلمني با ابن الرطبة ، يعيره بأمه وكان قد تزوجها ليضع منه ، فدخل خالد إلي أمه ، فحدثها بما قال مروان ، فقالت : لا يعيبك بعدها ، ثم إنه لما دخل عندها وضعت علي متنفسه وسادة ، وقعدت هي وجواريها فوقها. حتي مات . ( اسماء المغتالين 174 والاغاني 346/17 والعقد الفريد 398/4 و مروج الذهب 69/2 ).

ص: 91

وفي السنة 72 خرج عبد العزيز بن عبد الله بن أسيد، علي رأس جيش القتال الخوارج ، فظفر به الخوارج ، وقتلوا من جيشه مقتلة عظيمة ، وسبوا النساء ، ومنهن امرأته أم حفص بنت المنذر بن الجارود ، وأخذوا أساري لا يحصي عددهم ، فقذفوهم في غار ، بعد أن شدوهم وثاقا ، ثم سدوا عليهم بابه ، حتي ماتوا فيه ( شرح نهج البلاغة 174/4 ).

وحبس مروان الجعدي ، أخر الحكام الأمويين ، ابراهيم الإمام العباسي ، بحران ، ثم أمر به فغم في جراب طرحت فيه نورة ، وجعل رأسه في الجراب ، وسد عليه إلي أن مات ( مروج الذهب 193/2 وكتاب المغتالين 187 ووفيات الأعيان 147/3 ).

ولما اشتد أمر أبي مسلم الخراساني ، بعث مروان الجعدي ، جماعة من مواليه ، إلي حبسه بحران ، فأخذوا عبد الله بن عمر بن عبد العزيز، والعباس بن الوليد بن عبد الملك ، وجعلوا علي وجهيهما مخاڈا ، وقعدوا فوقها ، فاضطربا ، ثم بردا ( مروج الذهب 192/2 و 193).

وفي السنة 129 قبض أبو مسلم الخراساني ، علي عبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر ، فحبسه ، ثم خاف غائلته ، فأمر ، فوضع علي وجهه فراش ، حتي مات ( ابن الأثير 373/5 ).

وقتل يزيد بن المهلب ، يوم العقر ، وجد قتيلا بلا طعنة ولا ضربة ، أنسدت أذناه ومنخراه وامتلا فمه بغبار العسكر ، فمات ، فلا يعرف مثله قتيل غبار . ( معجم الأدباء 260/1 ).

واتهم المهدي العباسي ، يعقوب بن الفضل، من بني هاشم ، بالزندقة ، فحبسه ، فلما صار الأمر إلي موسي الهادي ، أرسل إلي يعقوب في حبسه ، من ألقي عليه فراشة ، وأقعد عليه الرجال حتي مات ، ثم لم يأمر فيه

ص: 92

بشيء ، وكان ذلك في يوم شديد الحر ، حتي انتفخ وأروح ، فقال الهادي : إبعثوا إلي أخيه إسحاق ، فخبروه إنه مات في السجن ، وجعل في زورق ، وحمل إلي اسحاق ، فنظر ، فإذا ليس فيه موضع للغسل ، فدفنه في بستان له ، وأصبح فأرسل إلي الهاشميين يخبرهم بموت يعقوب ، ويدعوهم إلي الجنازة ، وأمر بخشبة فعملت في قد الإنسان ، وغشيت قطنة ، وألبست أكفانا ، فلم يشك أحد ممن حضر إنه شيء مصنوع ( الطبري 191/8 ).

وذكر أن الهادي العباسي ، مات مختنقا بغم وجهه ، وكان مريضأ، فأمرت الخيزران جواريها بالجلوس علي وجهه حتي مات ( الطبري 206/8 والعيون والحدائق 288/3 ).

أقول : أوردت في موضع آخر من هذا الكتاب ، أني لا أميل إلي تصديق الرواية القائلة بأن الخيزران قتلت ولدها ، لأن الهادي كان مريضا ومات ، ومحبة الأم ولدها تحول دون تصديق هذه التهمة ، ولم أكن في حاجة إلي تكذيب هذه الرواية ، لولا أن أكثر من مؤرخ تورط في إثباتها في تاريخه .

وفي السنة 176 مات بكار بن عبد الله الزبيري ، بأن غم وجهه ، قام بذلك زوجته وغلامان زنجيان من غلمانه ، وسبب ذلك أن بكار كانت له زوجة ، فأتخذ عليها جارية ، فأغارها ، فأغرت غلامين زنجيين له بأن يعاوناها علي قتله ، فدخلت عليه وهو نائم ، وهما معها ، فقعدا علي وجهه حتي مات ( الطبري 246/8 ).

وقتل الامام موسي الكاظم ، بأن الله السندي بن شاهك في بساط ، وقعد الفراشون علي وجهه ، فمات . ( مقاتل الطالبيين 504).

وروي في موت المهتدي ، إنه كبس عليه بالبسط والوسائد، حتي مات . ( مروج الذهب 464/2 ) .

وبلغ المعتز في السنة 252 عن أخيه المؤيد ، أنه يدبر عليه ، فحبسه ،

ص: 93

وحبس شقيقه أبا أحمد الملقب بالموفق ، والمؤيد والموفق شقيقان ، لأب وأم ، وطالب المعتز أخاه المؤيد ، بأن يخلع نفسه من ولاية العهد ، وضربه أربعين عصا ، فأجاب ، وأشهد علي نفسه بالخلع ، ثم بلغ المعتر ، أن قوما من الأتراك يتعصبون للمؤيد ، فأمر به فأدرج في لحاف ، وشد طرفاه حتي مات فيه . ( ابن الأثير 172/7 والطبري 362/9 و مروج الذهب 2/ 455) .

وروي صاحب العيون والحدائق ج 4 ق 1 ص 133 خبر طريفة عن موت المعتمد ، فذكر أن المعتضد دس إلي جواري عمه المعتمد بقتله ، فوضعن سمك صغارا في خابية كبيرة ، وقلن للمعتمد. وكان سليم القلب - انظر إلي هذا السمك ، فأشرف عليه ، وأدخل رأسه في الخابية ، فرفعن رجله ورمينه في الخابية ، فمات ( العيون والحدائق 45 ق 1 ص 133 ).

ومن جملة ألوان العذاب التي كان يمارسها المعتضد، أن يأمر بمن يعذبه فتحفر له حفرة بحضرته ، ثم يدلي رأسه فيها ، ويطرح عليه التراب ، ونصفه الاسفل ظاهر ، فوق التراب ، ويداس التراب ، فلا يزال كذلك حتي تخرج روحه من دبره ( مروج الذهب 496/2 ).

وذكر التنوخي في كتابه نشوار المحاضرة ج 1 ص 152 في القصة 77/1 ووردت القصة في مروج الذهب كذلك 507/2 ، أن المعتضد أمر برجل فسد بالقطن أنفه ، سدأ محكمة ، وكذلك فمه ، وعيناه ، وأذناه ، وذكره ، ومنخراه ، وسوءته ، ثم كتف وترك ، فلم يزل ينتفخ ويزيد إلي أن طار قحف رأسه ، ومات . وذكر التنوخي في كتابه نشوار المحاضرة ج 1 ص 151 في القصة رقم 76/1 أن المعتضد عذب وزيره اسماعيل بن بليل بأن اتخذ له تغارة كبيرة ، ومليء إسفيداجأ حيا ، وبله ، ثم جعل بالعجل رأس إسماعيل فيه ، إلي آخر عنقه ، وشيء من صدره ، وأمسك حتي جمد الاسفيداج ، فلم تزل روحه تخرج بالضراط حتي مات .

ص: 94

وزاد المسعودي في مروج الذهب 493/2 علي ما تقدم : بأن المعتضد عذب وزيره إسماعيل بن بليل بأنواع العذاب ، وجعل في عنقه غلا فيه رمانة حديد ، والغل والرمانة مائة وعشرون رط ، وألبس جبة صوف قد صرت في ودك الأكادع ، وعلق معه رأس ميت ، فلم يزل علي ذلك حتي مات .

وفي سنة 309 صرف تين عن مصر ، فبارحها ، فقال ابن مهران :

وليت ولايه وعزلت عنها**** كماقد كنت تعزل من تولي

رحمتك يا أبا منصور لما**** خرجت كذا بلا علم وطبل

فلما وليها تكين بعد ذلك ، أمر فراشأ ، فضم ابن مهران ضمة كانت فيها نفسه ( الولاة للكندي 278 ).

وفي السنة 422 قتل أبو علي الحسن بن ماكولا بالأهواز ، قتله غلام له يعرف بعدنان ، كان يجتمع بامرأة من داره ، ففطن لهما ، فخافاه ، وساعدهما فراش كان في داره ، فاجتمعوا عليه وغموه بشيء ، وعصروا خصاه حتي مات ، وأظهروا أنه مات فجأة ، ثم أخذوا ، فأقروا ، فصلب الرجلان وحبست المرأة . ( النجوم الزاهرة 274/4)

وفي السنة 548 لما استولي الغز علي نيسابور ، ودحروا السلطان سنجر السلجوقي ، أخذوا محي الدين أبا سعد النيسابوري ، ودشوا في فمه التراب حتي مات . ( وفيات الأعيان 224/4 ) .

وفي السنة 548 قتل الغز ، لما دخلوا مرو ، الطبيب المروزي أبا علي الحسن بن علي القطان ، قبضوا عليه ، فأخذ يشتمهم ، فألقوا في فمه التراب ، وحشوه به فمات . ( الاعلام 219/2 ).

وفي السنة 656 فتح هولاكو التتاري ، بغداد ، وقتل الخليفة المستعصم وولده ، قيل خنقأ ، وقيل بالغم في بساط ، وقيل جعل ، هو وولده ، في عدلين ، ورفسا ، حتي ماتا . ( النجوم الزاهرة 51و50/7)

ص: 95

وكان من جملة ألوان العذاب التي عذب بها زبانية تيمورلنك الناس في دمشق، أنهم كانوا يشدون يدي الرجل إلي ظهره ، ثم يربطون في عنقه حب ، ويلونه ليا عنيفا ، ثم يلقي علي ظهره ، ويعم بخرقة فيها رماد سخن ( بدائع الزهور 334/1 ) أو بخرقة فيها تراب ناعم ، فكلما تنفست المعذب ، تخلل التراب خياشيمه ، حتي إذا كادت نفسه أن تزهق ، خلي عنه حتي يستريح ، ثم يعاد تعذيبه ( النجوم الزاهرة 244/12 و 254 ).

وفي السنة 1043 قتل إبراهيم باشا بن عبد المنان الدفتر دار بدمشق ، وأحد كبرائها ، وسبب ذلك إن الوزير أحمد باشا المعروف بالكوجك لما قدم حاكمة بدمشق ، حصل بينه وبين إبراهيم باشا منافسة ، فعرض أمره إلي الأبواب السلطانية ، فجاء الأمر بمحاسبته ، فعين أحد خصومه لمحاسبته ، فأطلع » في ذمته أموالا كثيرة ، وحبس ، وقبض جميع ما يملكه ، ثم أمر بقتله سرا ، فغم بالماء ، وقيل عصرت مذاكيره ، وقيل وضعت علي وجهه الوسادة حتي مات ، وأشيع إنه مات فجأة ( خلاصة الأثر 30/1 ).

ص: 96

الفصل الرابع: التغريق

وهو اللون الرابع من ألوان العذاب بكتم النفس، ويتم بتغطيس المعذب في الماء حتي يختنق .

وأول من مارس هذا العذاب، فيما بلغنا بسر بن أبي أرطأة العامري ، أحد أتباع معاوية ، بعث به معاوية بن أبي سفيان إلي الحجاز واليمن ، لقتل أنصار الإمام علي بن أبي طالب ، فقتل بها مقدار عظيمة من المسلمين ، ووجد قوما من بني كعب وغلمانهم علي بئر لهم ، فألقاهم في البئر ( الطبري 176/5)

ومارس هذا اللون من العذاب ، من بعد ذلك ، أحد العمال الظالمين ، وهو أسامة بن زيد التنوخي ، كان عاملا علي مصر للأمويين ، قبل ولاية عمر بن عبد العزيز ، وكان غاشمة، يقطع الأيدي ، ويشق اجواف الدواب ، ويدخل فيها القطاع ويطرحهم للتماسيح ، فلما ولي عمر بن عبد العزيز ، الخليفة الصالح ، كتب بعزله ، وأن يحبس ويقيد ، وأن يحل عنه القيد عند كل صلاة ، ثم يرد في القيد ، فحبس مدة ولاية عمر ، فلما خلفه يزيد بن عبد الملك ، رد أسامة علي مصر . ( سيرة عمر بن عبد العزيز 34).

ثم مارس هذا اللون من العذاب المهدي العباسي ، فإنه في السنة 166 طلب من سماهم : الزنادقة ، فقتل ، وسبي ، وغرق خلقأ منهم . ( العيون والحدائق 3/ 279) .

ص: 97

وروي أن المستعين العباسي ، غرق ، بأن ژبط في رجله حجر ، وألقي في دجلة ( تاريخ ابن خلدون 291/3 ).

وكان أبو العبر الهاشمي ، المتكسب بالسفاهة والرقاعة ، شديد البغض للإمام علي بن أبي طالب ، وله في العلويين هجاء قبيح ، وكان سبب هلاكه إنه خرج إلي الكوفة ليرمي بالبندق مع الرماة من أهلها في آجامهم ، فسمعه بعض الكوفيين ، يقول في الإمام قولا قبيحة ، استحل به دمه ، فغرقه في بعض الآجام . ( الأغاني ط بولاق 93/20 ).

وبلغ الحسن بن زيد العلوي ، أن الحسين بن أحمد الكوكبي ، وعبيد الله بن الحسن ، العلويين ، يريدان الخلاف عليه ، فدعا بهما ، وأغلظ عليهما ، فردا عليه ، فأمر بهما ، فديست بطناهما ثم ألقاهما في بركة ، فغرقهما، فماتا جميعا ، ثم أخرجا ، فألقيا في سرداب ، فلم يزالا فيه ، حتي دخل الصفار البلد ، فأخرجهما ودفنهما . ( مقاتل الطالبيين 712- 713).

وفي السنة 203 كان السري ، عامل مصر للمأمون ، يخاف قومأ من وجوه الجند ، فأجمع علي التخلص منهم ، فجمعهم وأخبرهم أن رسولا قد قدم من طاهر بن الحسين ، وأشار عليهم أن يتلقوه ، فخرجوا في النيل، وخرج معهم في مركب غير مركبهم ، وحمل معهم أخاه اسماعيل بن الحكم ، وجعل في باطن المركب غلامأ له ، وأمره أن يخرق المركب ، ففعل الغلام ذلك ، فغرقوا ، ومعهم أخوه ، وأخرجوا أمواتا . ( الولاة للكندي 171)

وحقق المعتضد ، مع ملاح اتهم باغراق امرأة ، فاعترف بإغراقها، فأمر بتغريقه ، راجع تفصيل القصة في كتاب نشوار الحاضرة للتنوخي ج 4 ص 126 القصة رقم 59/4 ).

وأوقع القاسم بن عبيد الله بن سليمان بن وهب ، وزير المكتفي ، بثلاثة

ص: 98

من الكتاب ، هم محمد بن غالب الأصبهاني ، صاحب ديوان الرسائل ، ومحمد بن بشار ، وابن منارة النصراني ، الشيء بلغه عنهم ، فأوثقهم بالحديد ، وأحدرهم إلي البصرة ، وكان آخر العهد بهم ، وذكر أنهم غرقوا في الطريق ، وفي ذلك ، يقول علي بن بسام :

عذرناك في قتلك المسلمين ****وقلنا عداوة أهل الملل

فهذا المناري ما ذنبه؟ ****ودينكما واحد لم يزل

وقوله : دينكما واحد، لأن آل وهب كانوا نصاري وأسلموا ( مروج الذهب 528/2 ).

وفي السنة 329 استولي القائد التركي أبو شجاع كورنكيج ، علي الأمور ببغداد ، ولقي الخليفة المتقي ، فقلده إمارة الأمراء ، وعقد له لواء ، وخلع عليه ، وقبض علي تكينك، وغرقه لي ( تجارب الأمم 18/2 وابن الأثير لا375/8)

وفي السنة 338 مات أبو جعفر النحاس النحوي ، غرقا في النيل ، جلس علي درج المقياس بالنيل يقطع شعرة بالعروض ، فسمعه جاهل ، فقال : هذا سحرالنيل حتي لا يزيد ، فدفعه برجله في النيل ، فمات غرقا . ( الوافي بالوفيات 364/7 ).

وكان أحد رجال معز الدولة ، تعهد له أن يقتل خصمه ناصر الدولة الحمداني ، غيلة ، وقصده ، ودخل إلي خيمته ليلا، فتأمل موضع رأسه ، وأطفأ شمعة كانت مشعلة ، ثم طعن بخنجره رأس ناصر الدولة بأقصي قوته ، وخرج ، وصادف أن ناصر الدولة كان قد حول رأسه وهو نائم ، فغاصت الطعنة في الوسادة ، ونجا ناصر الدولة ، ولما عاد الرجل إلي معز الدولة ، يريد الجائزة، أسلمه إلي وزيره الصيمري ، وقال له : من يقدم علي الملوك هذا الإقدام ، لا يجوز استبقاؤه ، فأخذه الصيمري ، وغرقه ( وفيات الأعيان 115/2)

ص: 99

وذكر أن البريدي ، غرق أبا نصر الخبز أرزي ، الشاعر البصري المشهور ، لأنه هجاه ، وقيل : بل هرب من البصرة ولحق بالأحساء وهجر ، بأبي طاهر بن سليمان بن الحسن ، صاحب البحرين ( مروج الذهب 583/2)

وفي السنة 345 عصي القائد الديلمي روزبهان ، علي معز الدولة البويهي ، فحاربه ، وأسره ، وأخرجه ليلا، وغرقه بنهر دجلة ببغداد ، أسفل دار الخليفة ، وكان روزبهان من قواد معز الدولة ، فاتفق مع أخويه بلكا وأسفار ، وخرجوا سوية ، خرج أسفار بالأهواز ، ولحق به روزبهان ، وخرج أخوهما بلكا بشيراز ، وكان المهلبي وزير معز الدولة بالأهواز ، فأراد محاربة اسفار ، فانحاز الديلم الذين معه إلي أسفار ، وبلغ الخبر مع الدولة ، فلم يصدقه ، لكثرة إحسانه إلي روز بهان ، ولما تحقق بأن الديلم بأجمعهم قد انحازوا إلي روزبهان ، ترك معز الدولة بغداد ، قاصدأ الأهواز ، ثم تبعه الخليفة المطيع ، لأن ناصر الدولة الحمداني ، لما بلغه أن معز الدولة ترك بغداد ، انحدر يريد الإستيلاء عليها ، فأعاد معز الدولة قائده سبكتكين الحاجب لحفظ بغداد ، واستمر مع الدولة ، وجل اعتماده علي جنده الأتراك ، ولما صاف روزبهان وديلمه ، عبأ اصحابه كراديس، وتناوبت الحملات الي غروب الشمس ، وأحس معز الدولة بأن الأمور لا تجري وفق رغبته ، فبكي بين يدي أصحابه ، وذمرهم، وطلب منهم أن يجتمعوا كراديس، وأن يحملوا حملة رجل واحد، وهو في أولهم ، فطالبوه بالنشاب ، وقالوا له : قد بقي لدي صغار الغلمان بعض النشاب ، فأمرهم بأخذه ، وأشار إلي الغلمان الصغار لكي يعطوهم النشاب ، فظن الغلمان أن مع الدولة يأمرهم بالحملة، فحملوا وهم مستريحون، جامون، فصدموا صفوف روزبهان فخرقوها ، وألقوا بعضهم علي بعض ، وحمل مع الدولة فيمن معه ، فكانت الهزيمة علي روزبهان وأصحابه ، وأسر روزبهان، وجماعة من

ص: 100

قواده ، وقتل منهم كثير ، وعاد معز الدولة إلي بغداد ظافر ، ومعه روزبهان أسيرة ، فغرقه ليلا ( ابن الأثير 514/8- 516).

وفي السنة 392 زاد أمر العيارين ببغداد ، وقتلوا النفوس ، وواصلوا الحملات ، وأشرف الناس منهم علي خطة صعبة ، فعول بهاء الدولة البويهي، علي عميد الجيوش أبي علي الحسن بن استان هرمز ، فقدم بغداد ، وطلب العيارين من العلويين والعباسيين ، فإذا قبض عليهم ، قرن العلوي بالعباسي ، وغرقهما نهارة بمشهد من الناس ، وقبض علي جماعة من الحواشي الأتراك، والمتعلقين بهم ، من المشتهرين بالتلصص فغرقهم أيضا ، وتتبع العيارين في البلاد ، فكفي الله شرهم ، وأزال عن الناس ضررهم . ( المنتظم 220/7 و تاريخ الصباي 8/ 439).

وفي السنة 425 قبض معتمد الدولة قراوش بن المقلد العقيلي ، صاحب الموصل والأنبار ، علي البرجمي مقدم العيارين ، وغرقه ( ابن الأثير 438/9 والمنتظم 79/8 ) أقول : البرجمي ، عيار بغدادي ، عظم شأنه ببغداد ، لاختلال الأمن فيها ، وضعف السلطة الرادعة ، فرأس جماعة من العيارين ، وواصل الحملات والكبسات علي الدور والمخازن ، وأهلك الناس ، وبلغ به الحال، أن جماعة من الأصفهسلارية المسؤولين عن الأمن ، خرجوا إليه، وواكلوه، وشاربوه، وأصبح اسمه عند البغداديين : القائد أبو علي ، وفي إحدي الجمع ، ثار العوام في جامع الرصافة ، ومنعوا الخطيب من الخطبة ، ورجموه ، وقالوا : إن خطبت للبرجمي، وإلا فلا تخطب لخليفة ولا لملك، وبلغ من سلطان البرجمي ، إنه فرض علي عامل المأصر ، بقطيعة الدقيق ، أن يؤدي إليه في كل شهر عشرة دنانير من الإرتفاع ، وأن يطلق له سميريتين كبيرتين بدون اعتراض ، وكان مع هذا ، فيه فتوة، وله مروءة، لم يعرض لامرأة ، ولا إلي من يستسلم له ، وحدث في السنة 425 أن قبض معتمد الدولة قرواش بن المقلد العقيلي ، صاحب الموصل والأنبار ، علي

ص: 101

ابن القلعي ، عامل عكبرا ، وكان صديقة للبرجمي ، فقصد البرجمي قرواش يخاطبه في أمره ، فقبض عليه قرواش وغرقه بفم الدجيل ( المنتظم 72/8 ، 75 ،77 ،79 )

وفي السنة 433 شغب الجند الأتراك ببغداد ، وخطفوا ما يرد إلي البلد ، وأخذوا ثياب الناس ، وغرقوا امرأتين من نساء أصحاب المسالح . ( المنتظم 108/8 ).

وفي السنة 465 كان شرف الدولة مسلم بن قريش ، في طريقه إلي السلطان ألب إرسلان، فلما بلغ الزاب ، وقف علي ملطفات ( رسائل سرية ) كتبها وزيره ابو جابر بن صقلاب ، فأخذه شرف الدولة، فغرقه ( ابن الأثير 79/10)

وفي السنة 472 أغري خمارتكين ، وكوهرائين ، السلطان ملكشاه ، بقتل ابن علان اليهودي ضامن البصرة ، وكان ملتجئ إلي نظام الملك ، وكان بينهما وبين نظام الملك عداوة ومشاحنة فأمر السلطان بتغريقه ، فغرق فانقطع نظام الملك عن الركوب ثلاثة أيام ، وأغلق بابه ، ثم أشير عليه بالركوب ، فركب ، وعمل للسلطان دعوة عظيمة ، وعاتبه علي فعله ، فاعتذر إليه ( ابن الأثير 116/10 ).

وفي السنة 487 قتل السلطان بركيا روق عمه تكش ، بأن غرقه ، وقتل معه ولده ، وكان تكش قد خرج علي أخيه ملكشاه والد بركياروق ، فاعتقله ، وكحله ، وحبسه بقلعة تكريت ، فلما ولي بركياروق ، أحضره إلي بغداد ، ثم ظفر بملطفات ، أي رسائل سرية ، تدل علي محاولته الخروج ، فغرقه بسر من رأي وحمل إلي بغداد ، حيث دفن في مقبرة أبي حنيفة ( ابن الأثير 239/10)

وفي السنة 395 حدثت فتنة بين البغداديين وعسكر شحنة بغداد ، الأمير

ص: 102

ايلغازي ، وسبب ذلك إن جماعة من أتباع ايلغازي جاءوا إلي دجلة ، ونادوا محا ليعبر بهم ، فتأخر ، فرماه أحدهم بنشابة ، وقعت في مشعره، فمات ، فأخذ العامة القاتل إلي باب النوبي ( من أبواب دار الخلافة )، فلقيهم ابن ايلغازي ، مع جماعة من أصحابه ، فأخذوا صاحبهم من يد العامة ، فرجمته العامة بسوق الثلاثاء ، فذهب إلي أبيه مستغيثا ، فعبر ايلغازي الي محلة الملاحين ( مربعة القطانين ) فنهب أصحابه ما وجدوا ، فعطف عليهم العيارون ، فقتلوا أكثرهم ، ونزل من سلم منهم إلي المشرعة ، ليعبروا دجلة ، فلما توسطوا النهر ، ألقي الملاحون أنفسهم في الماء ، وتركوهم ، فغرقوا ، وكان من غرق أكثر ممن قتل ( ابن الأثير 337/10 - 338) .

وفي السنة 530 توترت الحال بين الخليفة الراشد والسلطان مسعود فكتب مسعود ملطفات إلي أمراء الخليفة ، فأحضروها جميعا ، إلأ شحنة بغداد فإنه جحدها، وكتب جوابها، فأخذه زنكي وغرقه ( المنتظم 57/10)

وفي السنة 547 أقبل سلاركرد إلي الحلة ، فهرب صامنها مهلهل إلي مشهد الإمام علي عليه السلام ، فكتب سلاركرد إلي مسعود الشحنة ، وكان بتكريت، فلحق به ، فلما اجتمعا ، قبض مسعود علي سلاركرد ، وغرقه . ( المنتظم 148/10 ابن الأثير 162/11 ).

وفي السنة 553 قبض ببغداد علي رجل غرق بنت له صغيرة ، فأخذ، وحبس . ( المنظم 182/10 ).

وفي السنة 555 مرض المقتفي ، وأيس منه ، فأرادت حظيته أم ولده أبي علي ، أن ينفرد ولدها بالخلافة ، وتآمرت مع أبي المعالي الكيا الهراسي علي قتل يوسف ولي العهد (المستنجد فيما بعد ) ، وأحضرت عدة من الجواري واعطتهن السكاكين ، وأمرتهن بقتل ولي العهد ، وكان لولي العهد

ص: 103

خصي صغير يرسله بين حين وآخر يتعرف أخبار والده ، فرأي الجواري بأيديهن السكاكين ، ورأي بيد أبي علي سيفا، وبيد أمه سيفا، فعاد إلي المستنجد، وأخبره ، وأرسلت أم علي إلي المستنجد ، تقول أن والده قد حضره الموت ، وطلبت منه أن يحضر فلبس درعا وأخذ بيده سيفأ ، ودخل إلي القصر ومعه جماعة من الفراشين ومعه أستاد الدار ، فلما دخل ثار به الجواري ، فضرب واحدة منهن فجرحها ، وكذلك أخري ، وصاح ، فدخل استاذ الدار والفراشون ، فهرب الجواري ، فأخذ أخاه أبا علي ، وأمه فسجنهما ، وأخذ الجواري ، فقتل منهن وغرق منهن . ( ابن الأثير 257/11 ).

وفي السنة 680 تأمر بعض امراء المماليك ، علي السلطان المنصور قلاوون ، وكان رأسهم في ذلك الأمير سيف الدين كوندك ، وبلغ السلطان الخبر ، فاعتقله ، واعتقل رفاقه ، ووبخهم ، فاعترفوا بما نووه ، فأمر السلطان بقتلهم ، فأخذ الأمير طرنطاي ، نائب السلطنة ، الأمير كوندك ، وذهب به إلي بحيرة طبرية ، وغرقه هناك ( تاريخ ابن الفرات 207/7 ).

وفي السنة 701 حقد بواب الظاهرية بدمشق علي الفقيه ولي الدين الحنفي السمرقندي فرماه في الفسقية ، فأغرقه وقرر فاعترف ، فشنق علي باب المدرسة ( الدرر الكامنة 3/ 47).

وفي السنة 710 مرض نصر بن محمد الفقيه النصري ، ملك غرناطة ، وأغمي عليه ، فأحضر الجند أخاه محمد ، الذي كان قد خلعه وأودعه السجن في السنة 708 لنصبه ملكا إذا مات نصر ، فلما أفاق نصر ، أمر بتغريق أخيه ، فأغرق في بركة بغرناطة . ( الأعلام 262/7 ).

وفي السنة 726 قتل تغريقا أكرم بن خطيرة القبطي ، الملقب كريم الدين الصغير ولما أسلم تسمي : عبد الكريم ، وهو ابن أخت كريم الدين الكبير ، وكان اليه نظر الدولة في أيام خاله ، ثم تمكن في المملكة جدا ،

ص: 104

وكان كبار الأمراء بمصر يكرهونه لتشدده وتصلبه ، وهو أول من ضرب « الضرب المقترح ) وكان آخر أمره ، أن نفي إلي أسوان وأغرق في البحر الدرر الكامنة 428/1 ، 429) .

وفي السنة 728 زحف المجاهد، صاحب اليمن ، علي عدن ، فدخلها ، وأمر بقتل جماعة من المماليك والشفاليت ، وأخذ الوالي والناظر والرهائن ، في سلسلة من حديد ، فشنق الوالي والناظر ، وغرق الباقين . ( العقود اللؤلؤية 48/2 ).

وفي السنة 741 أفسد المعازبة، بالتهائم في اليمن ، فهاجمهم السلطان المجاهد صاحب اليمن ، وقتل منهم عدة مستكثرة ، ورمي بعضهم للفيلة ، وغرق الباقين في البحر ، ثم آل أمرهم إلي أن شيخ عليهم امرأة يقال لها : بنت العاطف ، وكساها ، فكانت تركب دابة من الحمر ، أو ناقة ، وتقود المعازبة بأسرهم ( العقود اللؤلؤية 69/2 ).

وفي السنة 742 تحرك الأمير قوصون علي السلطان المنصور أبي بكر بن الناصر محمد فاعتقله، واعتقل معه الأمير طاجار ، اتهمه بأنه هو الذي حرض السلطان علي أن يقبض عليه ( علي قوصون )، وأمر قوصون بالأمير طاجار ، فقتل تغريقا ( الدرر الكامنة 494/1 ).

وفي السنة 747 بلغ سلطان اليمن ، ان جماعة من المماليك الغرباء ، علي وشك المناداة بابن أخيه ، الملك الفائز أبي بكر بن حسن ، سلطان بدله ، فاعتقل ابن أخيه في تعز ، حيث مات في سجنه بعد قليل ، ثم اعتقل جماعة من المماليك الغرباء ، وأتلفهم قتلا ، وشنقأ ، وتغريقا ( العقود اللؤلؤية 2/ 80/79).

وفي السنة 749 بويع لعثمان بن عبد الرحمن ، من بني الواد، بالسلطنة بتونس ، فانتقض عليه عثمان بن جرار ، واستولي علي تلمسان ، وأعلن

ص: 105

سلطنته، ثم سقط أسيرة في يد السلطان عثمان، فاعتقله في المطبق، ثم سرب اليه الماء ، فقتله غرقا (ابن خلدون 281/7 ).

ولما مات أبو عنان المريني ، سلطان المغرب في السنة 709 تحرك أخوه أبو سالم ، وكان منفية بالأندلس ، لكي يحل محله ، فامتنع صاحب غرناطة من إعانته علي ما يريد ، فالتجأ إلي ملك قشتالة ، فاشترط عليه أن نجح ، شروطأ ، وافق عليها ، فأمده بأسطول في طنجة ،. وتحرك إلي حاضرة المملكة ، وخلع السعيد الطفل الذي ولي السلطنة ، وتمت البيعة لأبي سالم ، فقبض علي بعض خصومه وقتلهم قعصأ بالرماح ، ثم جمع إخوته وأقاربه من المرشحين للسلطنة ، فأركبهم السفن علي أن تنقلهم إلي المشرق ( مصر ) ولكنه أعطي أمر سرية بإغراقهم ، فأغرقوا جميعا ( ابن خلدون 306-305/7)

وفي السنة 783 رسم الأتابكي برقوق ، بتغريق الوزير كريم الدين بن مكانس، فتوجهوا به إلي الجزيرة الوسطي ووضعوه في البحر ، وهو مكتف من يديه ورجليه بحبل ، فأقام في الماء نهارا كاملا ، حتي شفع فيه بعض الأمراء من التغريق . ( بدائع الزهور 291/2/1 ).

وفي السنة 784 اتهم الأتابكي برقوق ، بالقاهرة ، جماعة من المماليك السلطانية بالتآمر عليه ، فاعتقلهم وغرق منهم جماعة في البحر، وحبس آخرين ( بدائع الزهور 309/2/1 ).

وفي السنة 792 كبس والي القاهرة، حسين بن الكوراني، المدرسة البرقوقية ، وصار يتطلب المماليك البرقوقية ، ومن ظفر به منهم غرقه في البحر ( بدائع الزهور 432/2/1).

وفي السنة 791 أحضر من الصعيد جماعة ممن خرج عن الطاعة ، فرسم بتغريق جماعة منهم في البحر ، وخنق ستة في الجب. (نزهة النفوس 269)

ص: 106

وفي السنة 793 رسم السلطان بتغريق بعض الأمراء المسجونين وبتسمير آخرين ، وتوسيطهم ، ففعل بهم ذلك . ( نزهة النفوس 332) .

وفي السنة 802 اتهم الأمير نوروز ، جماعة من مماليكه ، بالاتفاق علي قتله ، فقبض عليهم وغرق منهم جماعة . ( بدائع الزهور 591/2/1 ).

وفي السنة 803 ذكر أن تيمورلنك، كان قد أخذ قاضي القضاة صدر الدين المناوي الشافعي ، أسيرا معه ، ووضعه في زكيبة ، وأغرقه، في نهر الزاب ( بدائع الزهور 2/1/ 645).

وفي السنة 836 كان السلطان الملك الأشرف برسباي ، سلطان مصر والشام ، يحاصر مدينة أمد ، وكان قد استولي عليها عثمان قرا يلك ، فأسر السلطان حماعة من أصحاب ابن قرائلك ، كانوا يعبرون في الفرات ، بريدون حلب ، فأمر بهم فغرق منهم جماعة، وضرب أعناق الأخرين ( حوليات دمشقية 66).

وفي السنة 920 لما ظهر البرتقال في بنادر الهند، وسواحل الجزيرة العربية ، جهز السلطان الغوري خمسين غرابة (نوع من السفن ) مع الأمير حسين الكردي ، وأرسل معه عسكرة عظيمة ، من الترك والمغاربة واللاوند، وجعل له جدة أقطاعة ، فوصل الأمير حسين إلي جدة ، وعسف الناس عسفا عظيمة ، ثم توجه إلي الهند في السنة 921 ، فاجتمع بسلطان كجرات خليل شاه ، فأكرمه، وعظمه، وهرب الفرنج عن البنادر لما سمعوا بوصوله، ثم عاد الأمير حسين الكردي إلي اليمن ، فقتل ملوكها وسلاطينها ، وترك بها نائبا اسمه برسباي الجركسي ، ثم عاد حسين الي جدة ، فبلغه زوال دولة الغوري ، فذهب إلي مكة ، فورد علي شريف مكة ، أمر السلطان سليم بقتل الأمير حسين الكردي ، فأخذه شريف مكة بغتة ، وقيده ، وأرسله إلي بحر جدة ، فغرقه فيه ( شذرات الذهب 115/8 ) .

ص: 107

أقول : روي صاحب البرق اليماني ، قصة إعدام الأمير حسين الكردي ، كما يلي : ولي السلطان قانصوه الغوري ، الأمير حسين الكردي نيابة جدة ، وكان هذا الأمير ظالم ، فاتكأ ، فكان لا يخلو في كل يوم من شنق ، أو توسيط ، أو شنكلة ، وكلما نزل مكانأ يوضع له فيه المشنقة ، ومحل الشنكلة والاتها ، فلما استولي السلطان سليم العثماني علي مصر ، بعث بمرسوم إلي شريف مكة أبي نمي باعدامه تغريقأ ، فبعث الشريف إلي الأمير حسين من أحضره ، وقال له : ورد حكم السلطان أن نجهزك إلي مصر ، ثم أمر فأنزلوه إلي البحر من جدة ، وأركبوه في جلبة ، فلما وصلوا به إلي بين العلمين ، غرقوه في البحر . ( البرق اليماني 19 ، 26، 24 ).

وفي السنة 968 عين محمود باشا ، عتيق محمد باشا، نائب الشام ، والية ( بكلربكي ) علي اليمن، وكان سقاك ، نهابأ ، فلما وصل إلي جدة ، أمر بقتل كتخداه ، وكلا رجيه ، وجاشنكيره ، غرقا في البحر ، فأغرق الثلاثة ، ولكن الجاشنكير ، استطاع أن يغوص في البحر ، ويفلت بأعجوبة ، لأن الثلاثة رموا في البحر ، وهم مكتفون ، وفي عنق كل واحد مهم حجر ، فصادف أن أنحل كتاف الجاشنكير لما رمي إلي الماء ، فسبح ، وكان عوامأ ، وتعلق ليلة كاملة بسكان المركب ، حتي تخلص . ( البرق اليماني 127 ).

وروي لنا الرحالة نيبور ، أن الميرمهنا ، حاكم بندريق ، علي الساحل الشرقي لخليج البصرة (ت 1183)، أمر باغراق أختيه ، فأغرقتا ، لأن أمير من جيرانه خطب إحداهن لتكون زوجة له ( رحلة نيبور 147/2 ).

ولما اشتعلت نيران الثورة الفرنسية ، في السنة 1204 ( 1789 م ) وأقيمت المقصلات ، ونشطت حركة الإعدام ، كان المدعو ( كاريه ) يحمل ضحاياه علي حفر قبورهم بأيديهم ، ليدفنهم فيها أحياء ، أما النساء والأطفال ، فكان يأمر بإغراقهم . (قصة الاضطهاد الديني 26 و27).

ص: 108

وفي السنة 1205 قبض الامير اسماعيل بك ، شيخ البلد ، بالديار المصرية ، علي المعلم يوسف كساب معلم الدواوين ، وأمر بتغريقه في بحر النيل ، فأغرق ( الجبرتي 91/2 ).

وفي السنة 1219 لما احتضر أحمد باشا الجزار ، أمر أتباعه بأن يغرقوا جميع من في سجنه ، فنفذوا أوامره ، وأغرقوهم جميعا ( خطط الشام 22/3)

وفي السنة 1228 بلغ الكتخدا أن تركيا في القاهرة اسمه حسن لبلبي ، وهو رجل درويش ، يدخل إلي بيوت الأعيان والأكابر من الأتراك وغيرهم ، وفي جيوبه الحمص المجوهر ويسمونه بالتركية لبلبي ، فيفرق علي أهل المجلس منه ، ويلاطفهم ، ويضاحكهم ، فمن أعطاه شيئا أخذه ، ومن لم يعطه لم يطلب منه شيئا ، وربما قال له بعضهم : انظر لي ضميري ، أو فألي ، فيعد علي سبحته أزواجأ وأفراد ، ثم يقول : ضميرك كذا وكذا ، فيضحكون منه ، فوشي بحسن أفندي هذا إلي الكتخدا بأنه كان يقول للطيف باشا إنه سيلي سيادة مصر ، فلما أرسل الكتخدا العساكر لاعتقال لطيف باشا ، أحضر حسن لبلبي ، وقال له : أين لطيف باشا ؟ فقال : لا أدري ، فقال له : انظر في حسابك ، هل نجده أم لا، فأمسك سبحته ، وعدها كعادته فقال : إنكم تجدونه وتقتلونه ، فأشار الكتخدا إلي أعوانه ، فأخذوه ، ونزلوا به ، وأركبوه علي حماره ، وذهبوا به إلي بولاق ، فأنزلوه في مركب ، وانحدروا به إلي شلقان ، وشلحوه من ثيابه ، وأغرقوه في البحر ( الجبرتي 413/3 و 414).

ص: 109

ص: 110

الفصل الخامس: التدخين

وهو اللون الخامس، من ألوان العذاب بكتم النفس ، ويتم بامساك المعذب في حجرة ، أو موضع ، وإرسال الدخان عليه .

وأول ما بلغنا من ألوان هذا العذاب ، ما حصل علي الأفيشر الشاعر ، فإنه هجا قيس بن محمد بن الأشعث الكندي ، فأمسك به موالي قيس ، ودخلواعليه حتي مات ( اسماء المغتالين 249 ).

وفي السنة 173 في أيام الرشيد ، ثار الجند الذين يقال لهم : القديدية بصاحب خراج مصر عمر بن غيلان في أعطياتهم ، فصلبوه ، ودخنوا عليه ، حتي دفع إليهم أعطياتهم . ( الولاة للكندي 133).

وقتل القاسم بن عبيد الله ، وزير المكتفي ، محمد بن غالب الأصبهاني ، المعداني الكاتب ، لأنه ترشح للوزارة ، فأخرجه إلي أصبهان ، وكتب إلي المسمعي بإهلاكه فأحضره مائدته ، وأطعمه كوامخ وسمك مالح ، ثم أدخله بيتا ، وأغلقه ، فمات عطشة ، وقال أحمد بن أبي طاهر ، في كتاب بغداد : هلك بأصبهان بالجوع والتدخين ثلاثة أيام ، في خلافة المكتفي . ( الوافي بالوفيات 308/4 ).

أقول : ذكر صاحب مروج الذهب 528/2 أن القاسم وزير المكتفي أمر بمحمد بن غالب الأصبهاني ، فاحدر إلي البصرة وغرق في الطريق ، وقد

ص: 111

أشرنا إلي ذلك في الفصل الرابع و التغريق ، من الباب الثاني عشر « القتل بكتم النفس »

وفي السنة 267 قتل عامل نيسابور علي بن الحسن الهلالي من علماء نيسابور ، بأن أدخله بيتا ، وأوقد فيه النار في التبن ، فمات من الدخان ( المنتظم 60/5 ).

وفي السنة 532 قصد ملك الروم مدينة بزاعة ، علي ستة فراسخ من حلب ، وفتحها بالأمان ، ثم غدر بأهلها فقتل منهم وأسر وسبي ، وبلغه أن جمع مهم قد نزلوا إلي مغارات ، فأمر فدخنوا عليهم في المغاور ، فهلكوا . ( ابن الأثير 56/11 ) .

وفي السنة 573 قتل الملك الصالح إسماعيل بن نور الدين زنكي ، كمشتكين الخادم ، بأن علقه منكسا ، ودخن تحت أنفه حتي مات . ( النجوم الزاهرة 81/6 ).

وذكر الجبرتي في تاريخه 393/2 إن العذاب بالتدخين مارسه في مصر في السنة 1215 قبطي اسمه شكر الله ، كان بولاق يحبس الرجال مع النساء ويدخن عليهم بالقطن والمشاق ، وينوع عليهم العذاب .

وحدثني والدي رحمه الله قال : أن بعض الموظفين الأتراك ببغداد ، في القرن التاسع عشر كانوا يقبضون علي الناس من التجار وأرباب المهن ، ويفرضون عليهم أداء مال لهم ، ومن لم يؤد مهم ، حبس في حجرة ، ودخن عليه بدخان التبن ، فيضطر للأداء .

وقال ابن المعتز ، في أرجوزته ، يصف التعذيب بالدخان : ( ديوان ابن المعتز 132).

وتاجر ذي جوهر ومال**** كان من الله بحسن حال

ص: 112

قيل له : عندك للسلطان ****ودائع غالية الأثمان

فقال : لا والله ما عندي له**** صغيرة من ذا ولا جليله

وإنما أربحت في التجارة ****ولم أكن في المال ذا خسارة

فدخنوه بدخان التبن ****وأوقروه بثقال اللبن

حتي إذا مل الحياة وضجر**** وقال : ليت المال جمعة في سقر

أعطاهم ماطلبوا فأطلقا ****يستعجل المشي ويمشي العنقا

ص: 113

ص: 114

الفصل السادس: دفن الإنسان حيا

وهو اللون السادس من ألوان العذاب بكتم النفس ، وتدل ممارسته علي قسوة في قلب من يمارسه .

وأول من مارس هذا الون من العذاب ، زياد بن أبيه ، بناء علي أمر من معاوية بن أبي سفيان ، حيث أمره في السنة 51 بقتل فتي أبي أن يبرأ من الامام علي ، إذ طلب معاوية من عبد الرحمن بن حسان ، أن يبرأ من علي ، فأبي ، فبعث به إلي زياد ، وطلب من أن يقتله شر قتلة ، فدفنه زياد حيا. ( الطبري 25/5 - 277 والاغاني152/7 و 153 ابن الأثير 472/3 ) .

وفي السنة 64 لما هلك يزيد بن معاوية ، وتولي بعده معاويه ، خطب الناس ، وأخبرهم بأنه قد ضعف عن أمرهم ، وإنه أبتغي لهم رجلا مثل عمر بن الخطاب فلم يجد ، وابتغي لهم ستة في الشوري مثل ستة عمر، فلم يجد ، وقال لهم : أنتم أولي بأمركم ، فأختاروا له من أحببتم ، فوثب بنو أمية علي عمر المقصوص ، وكان معاوية يستشيره ، وقالوا له : أنت أفسدته ، ودفنوه حيا ( خطط الشام 146/1 ).

وقال الشعبي : ما رأيت في العمال مثل عبد الله التميمي ، كان لا يعاقب إلا في دين الله ، وكان إذا أتي برجل نباش ، حفر له قبرأ ، ودفنه فيه حيا ، وإذا أتي برجل نقب علي قوم ، جعل منقبته في صدره حتي تخرج من

ص: 115

ظهره ، وإذا أتي برجل شهر سلاحا ، قطع يده ، فربما أقام أربعين يوما لا يؤتي إليه بجان خوفا من سطواته ( الغرر للوطواط 401) .

وبلغ الوليد بن عبد الملك ، تشبيب وضاح بزوجته أم البنين ، فهم بقتله ، فسأله عبد العزيز ابنه من أم البنين ، أن لا يقتله ، وقال له : إن قتلته حققت قوله ، وتوهم الناس أن بينه وبين أمي ريبة ، فأمسك عنه علي غيظ وحنق ، حتي بلغ الوليد أنه قد تعدي أم البنين إلي أخته فاطمة زوجة عمر بن عبد العزيز ، فشبب بها . فاشتد غيظه ، وقال : أما لهذا الكلب مزدجر عن ذكر نسائنا وأخواتنا ، ولا له عتا مذهب . ثم دعا به فأحضر ، وأمر ببئر فحفرت ، ودفنه فيها حيا . (الاغاني 227/6 ) .

وكان الشاعر سديف من أشد المحرضين للسفاح علي قتل بني أمية ، دخل عليه وعنده سليمان بن هشام بن عبد الملك ، فأنشده :

لا يغرنك ماتري من رجال**** إن تحت الضلوع داء دويا

فضع السيف وأرفع السوط حتي**** لا تري فوق ظهرها أموا

فأمر السقاح بسليمان ، فأخذ وقتل ، ودخل سديف علي عبد الله بن علي وعنده نحو تسعين رجلا من بني أمية علي الطعام ، فأنشده :

أصبح الملك ثابت الأساس**** بالبهاليل من بني العباس

طلبوا وتر هاشم فشفوها ****بعد ميل من الزمان وباس

لا تقبلن عبد شمس عثارة**** وأقطعن كل رقلة وغراس

وأذكروا مصرع الحسين وزيد:**** وقتي بجانب المهراس

والقتيل الذي بحران أضحي**** ثاويا بين غربة وتناسي

فأمر بهم عبد الله ، فضربوا بالعمد حتي قتلوا ، وبسط عليهم الأنطاع ، فأكل الطعام عليها ، وهو يسمع أنين بعضهم ، حتي ماتوا جميعا ( ابن الأثير 429/5 - 431 ) ، ثم أخذ سديف يحض العلويين من آل

ص: 116

الحسن ، علي العباسيين ، فلما خرج محمد بن عبد الله بن الحسن بالمدينة ، وخرج أخوه ابراهيم بالبصرة ، قال سديف :

إنا لنأمل أن ترتد إلفتنا****بعد التباعد والشحناء والإحن

وتنقضي دولة أحكام قادتها**** فينا كأحكام قوم عابدي وثن

فأنهض ببيعتكم ننهض بطاعتنا ****إن الخلافة فيكم يا بني حسن

فبلغت الأبيات ، أبا جعفر المنصور ، فكتب إلي عبد الصمد بن علي ، عامله بالحجاز ، أن يأخذ سديفا ، فيدفنه حيا ، ففعل . ( العقد الفريد 87/5 و 88 ) .

أقول : في الغرر للوطواط 107 و108 إن عبد الصمد أخذ سديفة ، وقطع يديه ورجليه ، وجدع أنفه ، فلم يمت ، فدفنه حيا.

وذكر صاحب مقاتل الطالبيين 228 إن المنصور قتل يعقوب وإسحاق ومحمدأ وابراهيم بني الحسن ، في الحبس، بضروب من القتل ، وإن ابراهيم بن الحسن دفن حيا .

وفي السنة 223 تأمر بعض القواد علي المعتصم ، وبايعوا العباس بن المأمون ، وكان منهم عمرو الفرغاني ، فلما نزل المعتصم بنصيبين ، في بستان ، دعا صاحب البستان ، وأمره فحفر بئرا بقدر قامة ، ثم عا بعمرو ، وقال جردوه ، فجرد، وضربوه بالسياط ، والبئر تحفر ، حتي إذا فرغ من حفرها ، أمر المعتصم فضرب وجه عمرو وجسده بالخشب ، فلم يزل يضرب حتي سقط ، ثم قال : جزوه إلي البئر فاطرحوه فيها ، فطرح في البئر ، وطمت عليه . ( ابن خلدون 265/3 وتجارب الأمم 501/6 والطبري 77/9)

ولما ولي سيما الطويل أنطاكية في السنة 258 قبض علي الفضل بن صالح العباسي وعلي ولده ، ودفنهما حيين في صندوقين ، وبصر رجل

ص: 117

بالصندوق الذين دفن فيه الفضل، فظن أن فيه مالأ ، فلما خلا الموضع ، عمد إلي الصندوق فاستخرجه، وبالفضل رمق ، فعاش الفضل بعد ذلك عشرين سنة ، وصار إلي مصر، واتصل بأحمد بن طولون ، وحركه علي احتلال أنطاكية ، فقصدها في السنة 265 واستولي عليها ، وقتل سيما في المعركة ( اعلام النبلاء 213/1 ) .

وكان المعتضد قليل الرحمة ، إذا غضب علي قائد ، أمر بأن يلقي في حفرة ويطم عليه . ( تاريخ الخلفاء 368 ).

وكان المعتضد إذا غضب علي القائد النبيل أو من يختصه من غلمانه ، أمر أن تحفر له حفرة ، بحضرته ، ثم يدلي رأسه فيها ، ويطرح التراب عليه ، ونصفه الاسفل ظاهر علي التراب ، ويداس التراب ، فلا يزال كذلك ، حتي تخرج روحه من دبره ( مروج الذهب 496/2 ) .

وفي السنة 322 قتل القاهر إسحاق بن إسماعيل النوبختي ، وكان سبب قتله إنه كان أراد شراء الجارية المعروفة برتبة ، قبل الخلافة ، وكانت موصوفة بالجمال والغناء ، فزايده إسحاق فيها واشتراها ، فلما استخلف القاهر اعتقل إسحاق ، وأحضره وهو مقيد ، فأمر بطرحه في بئر في الدار ، فرمي فيها بقيده ، وهو حي ، ثم أمر بطم البئر عليه ( ابن الأثير 295/8 و296 وتجارب الأمم 284/1 وتاريخ الخلفاء 387) .

وكذلك قتل القاهر في السنة 322 أبا السرايا الحمداني ، لأنه كان قبل الخلافة أراد شراء جارية ، فاشتراها أبو السرايا ، فاعتقله لما استخلف ، وأحضره وهو مقيد ، وأمر برميه في بئر هناك ، فما زال أبو السرايا يتضرع إليه ، ويسأله العفو، وهو لا يلتفت إليه ، وتعلق بسعف نخلة كانت بقرب البئر ، فأمر القاهر ، بضرب يده ، فضربت، فخلي عن السعفة ، ودفع في البئر ، ثم أمر بطم البئر ، فطمت ( تجارب الأمم 284/1 - 285).

ص: 118

وأمر اسد الدولة صالح بن مرداس ، في السنة 415 بقاضي حلب احمد بن عبيد الله ، فدفن حيا . ( اعلام النبلاء 512/3).

وفي السنة 432 خلع السلطان مسعود بن محمود الغزنوي ، وتسلطن اخوه محمد ، وأغراه ولده أحمد بقتل مسعود ، فأمر بذلك ، فألقي في بئر حيا وست رأسها ، فمات . ( ابن الأثير 489/9 )

وفي السنة 447 قبض الملك الرحيم البويهي ، علي الوزير أبي عبد الله عبد الرحمن بن الحسين بن عبد الرحيم ، وأمر به فطرح في بئر في دار المملكة ، وطم عليه ، وكان وزير متحكما في دولته ( المنتظم 166/8وابن الأثير 615/9)

وفي السنة 478 تآمر ابن بدر الجمالي مع آخرين ، علي والده بدر ، ففطن بدر لهم ، فقتل الجماعة ، وعقي أثر ولده ، فقيل إنه دفنه حيا ، وقيل غرقه ، وقيل جوعه حتي مات ، ( النجوم الزاهرة 120/5 ).

وذكر أن تيمورلنك حلف لأهالي سيواس ، أن لا يضع فيهم السيف ، إذا استسلموا ، فلما استسلموا أمر بدفنهم أحياء ، وكانوا ثلاثة آلاف ( أعلام النبلاء 492/2 - 493) ( بدائع الزهور 593/2/1 النجوم الزاهرة 265/12)

وكان من جملة مظالم الأمير يشبك الدوادار في السنة 874 في صعيد مصر ، أن دفن جماعة من العربان في التراب وهم أحياء . ( بدائع الزهور 116/2)

وفي السنة 738 أمر السلطان الملك الناصر محمد بن قلاوون بعمل مواضع لتربية البقر والضأن بقلعة الجبل ، ورسم لوالي القاهرة بتسخير العامة ، وكان المشرف علي العمل الأمير أقبغا وكان ظالما غشوما فعسف

ص: 119

بالرجال ، وكلفهم السرعة في اعمالهم من غير رخصة ، ولم يمكنهم من الاستراحة ، وكان الوقت صيف حارة ، فهلك جماعة كثيرة منهم في العمل العجز قدرتهم عما كلفوه ، وكان أحدهم إذا عجز القي بنفسه إلي الأرض، فيرمي أصحابه عليه التراب ، فيموت لوقته ( بدائع الزهور 120/9 )، وكذلك حصل الأمر لما أراد السلطان حفر الخليج ، فإنه رسم لوالي القاهرة بتسخير العامة للعمل ، فقبض علي عدة كثيرة منهم ، وأخذ الناس من المساجد والجوامع والأسواق ، حتي تستر الناس في بيوتهم خوفا من السخرة ، حتي أن الرجل منهم كان يخر إلي الأرض ، وهو يعمل ، لعجزه عن الحركة ، فيردم رفاقه عليه الرمل فيموت من ساعته ، واتفق ذلك لخلائق كثيرة ( النجوم الزاهرة 127/9)

وفي السنة 1184 بعث علي بك ، أمير مصر ، جيشا علي رأسه محمد بك أبو الذهب ، للإستيلاء علي الشام ، فلما حاصر دمشق ، أرسل إلي أهلها كتابة يذكر فيه ما فعله عثمان باشا ، والي دمشق ، في السنة الماضية بعلماء غزة ، حيث أنه دفنهم وهم أحياء . ( خطط الشام 304/2 ) .

ولما اشتعلت نيران الثورة الفرنسية ، في السنة 1204 ( 1789 م) وأقيمت المقصلات ، ونشطت حركة الإعدام ، كان الجلاد يلقي بجثث الضحايا ، في أوضاع يثير بها ضحك المشاهدين ، وكان ( كاريه ) يحمل ضحاياه علي أن يحفروا قبورهم بأيديهم ، ليدفنهم فيها أحياء ، أما النساء والأطفال ، فكان يأمر باغراقهم ، وقال : أنه كان يضحك من منظر وجوه رجال الدين ، وهي تتقلص وتنقبض عندما تحين ساعتهم . ( قصة الاضطهاد الديني 27-26)

وروي لنا الرحالة نيبور ، أن المير مهنا ، حاكم بندر ريق ، علي الساحل الشرقي لخليج البصرة (ت 1183) كان بند بناته ( يدفنهن وهن علي قيد الحياة ) ( رحلة نيبور 147/2 ).

ص: 120

الفصل السابع: البناء علي المعذب

اشارة

وهو اللون السابع ، من ألوان العذاب بكتم النفس ، ويتم بتقييد المعذب أو تسميره ، وبناء حائط أو اسطوانة عليه .

وأول من مارس هذا اللون من العذاب ، عبيد الله بن زياد ، فإنه لما بني داره بالبصرة ، مر بها رجل، فتلا آية من القرآن : و وتتخذون مصانع لعلكم تخلدون 4 (129 لك الشعراء 26). فأحضره عبيد الله ، وأمر فبني عليه ركن من أركان القصر ( الهفوات النادرة 117-118، والمحاسن والمساويء 165/2)

وفي السنة 127 لحق رفاعة بن ثابت بن نعيم الجذامي ، بمنصور بن جمهور ، بالسند ، فأكرمه ، وولاه، وخلفه مع أخ له اسمه منظور بن جمهور بالمنصورة ، فوثب رفاعة علي منظور فقتله ، فبلغ ذلك منصورة، فعاد وأخذ رفاعة ، وبني له اسطوانة من أجر مجوفة ، وأدخله فيها ، ثم سمره إليها، وبني عليه ( الطبري 7/ 314).

أقول : لرفاعة هذا ، ولأخوته نعيم و بكر وعمران ، ولأبيهم ثابت بن نعيم الجذامي ، تاريخ عريق في الفساد وإثارة الفتن ، وكان رفاعة هذا أخبثهم ، راجع ما صنعوه من أصناف الفساد، وكيف كان مصيرهم ، في هذا الكتاب ، في الباب التاسع ( التعذيب بالعرض للجوارح ) ، القسم الأول من الفصل الثاني ( قطع الأطراف ).

ص: 121

ولما اعتقل المنصور بني الحسن في السنة 144 نظر إلي محمد بن إبراهيم بن الحسن وكان من أجمل الناس صورة ، فقال له: أنت الديباج الأصفر ؟ قال : نعم قال : أما والله لأقتلنك قتلة ما قتلتها أحد من أهل بيتك ، ثم أمر بأسطوانة مبنية ، ففرقت ، ثم أدخل فيها ، فبني عليه وهو حي ( الفخري 164 وابن الأثير 526/5 والطبري 546/7 ).

ويروي أن الرشيد، أمر بيحيي بن عبدالله بن الحسن ، فشد الي جدار ، وسمر علي يديه ورجليه ، وسد عليه المنافذ بأن بني عليه ركن بالجص والحجر وهو حي . ( مروج الذهب 271/2 وشذرات الذهب مهمه 339/1)

وفي السنة 202 أخذ علي بن الحسين الهمداني ، المتغلب علي الموصل ، رجلا من الأزد ، فبني عليه حائطأ ، فهاج الأزد ، وركب السيد بن أنس في الأزد ، وحاربوا علي بن الحسين فطردوه من الموصل، إلي الحديثة ، وحاربوه هناك ، فقتلوه ، وقتلوا أخاه أحمد، وجماعة من أهل بيته ، وغلب السيد بن أنس علي الموصل ، وخطب للمأمون ، ( ابن الأثير 349/6)

ولما قتل المقتدر في السنة 320 أحضر مؤنس ، محمد بن المعتضد ( القاهر ) وأبا أحمد محمد بن المكتفي ، وابتدأ بخطاب محمد بن المكتفي ، فامتنع من قبول الخلافة ، وقال : عمي أحق بالأمر ، فاستخلف محمد بن المعتضد، وصرف محمدبن المكتفي الي داره ( تجارب الأمم 242/1 ) وكان الترجيح محمد بن المكتفي عليه ، أثر عظيم في نفسه ، ولذلك فقد أمر في السنة 321 باعتقاله ، فلما أحضر أمامه أمر بأن يقام في فتح باب، ويسد عليه بالجص والأجر ، وهو حي ( تجارب الأمم 266/1 وابن الأثير 260/8 والمنتظم 250/6 ).

ص: 122

وفي السنة 407 انقرضت باليمن دولة بني زياد ، علي يد عبد يقال له قيس ، مولي مرجان ، ذلك إن قيسا اتهم عمة ابن زياد ، وزيادة، فبني عليهما حائطين وهما قائمين بالحياة يناشدانه الله أن لا يفعل، حتي ماتا ، فظفر نجاح بقيس وقتله ، وأخذ مولاه مرجان ، فقال له : أين مواليك وموالينا ؟ قال : هم في ذلك الحائط ، فأخرجهما ، وصلي عليهما ودفنهما، وجعل مرجان في موضعهما، وبني عليه الحائط حتي هلك ( المستبصر 72-71 ووفيات الأعيان 52/2 ).

وفي السنة 429 ظفر بنونمير بأصفر الغازي ، وكان قد أوغل في بلاد الروم ، فسلم إلي ابن مروان ، فسد عليه برجأ من أبراج آمد . ( المنتظم 132/8)

ولما توفي المستنصر الفاطمي ، سنة 487 ، خلفه ولده أحمد ، ولقب بالمستعلي ، بسعي الوزير الأفضل ، وكان نزار أكبر منه سنا ، فامتنع من مبايعته، وتوجه نزار إلي الإسكندرية ، واتفق مع أميرها افتكين ، فبايعه ، وأعلن نزار خلافته هناك ، فنهد الأفضل إلي الإسكندرية ، وحاصرها، فاستسلم نزار وافتكين ، فاعتقلهما ، وبعث بهما إلي القاهرة ، فأما نزار فإنه قتل في القصر بأن أقيم بين حائطين بنيا عليه ، وأما أفتكين فإن الأفضل قتله بعد قدومه . ( خطط المقريزي 423/1 وابن الأثير 10/ 238 ووفيات الأعيان 407/1 وشذرات الذهب 402/3 والنجوم الزاهرة 81).

وفي السنة 706 حصل الأمير أقوش الأفرم ، نائب دمشق ، علي فتوي من بعض الفقهاء ، بإباحة دماء وأموال اهالي كسروان من لبنان ، وجند لهم خمسين ألفا ، وواقعهم عند صوفر ، فهرب أمراؤهم بحرمهم وأولادهم ، ونحو ثلثمائة نفس من رجالهم ، واجتمعوا في غار تيبة ، فوق انطلياس ، فلم يتمكن منهم أحد وهم في داخل الغار ، وبذل لهم الأمان فلم يخرجوا ، فأمر نائب دمشق ، فبني علي باب الغار سد من الحجر والكلس ، وهالوا عليه تلا

ص: 123

من التراب ، وجعلوا الأمير قطلو بك حارسا عليهم مدة أربعين يوما ، حتي هلكوا داخل الغار ( خطط الشام 143/2 - 144).

ولما تسلطن السلطان قانصوه الغوري ، في السنة 905 ارتاب من الأمير قصروه نائب السلطنة بدمشق ، فنقله إلي مصر أميرة كبيرة ، وخشي أن يزاحمه علي السلطنة فقبض عليه بعد أن حلف أنه لا يقتله ، ثم وضعه في حائط مجوف ، وسد عليه ، فقتله (إعلام النبلاء ، 467/5 ).

ص: 124

الفصل الثامن: هدم البناء علي المعذب

اشارة

وهو اللون الثامن ، من ألوان العذاب بكتم النفس ، ويتم بإسكان المعذب في بناء متداع ، أو مبني علي أساس من الرمل أو الملح ، وتسليط الماء عليه علي حين غفلة ، لينهد علي ساكنه ، فيقتله .

وأول من مارس هذا اللون من العذاب ، علي ما بلغنا ، المنصور العباسي ، إذ قبض في السنة 139 علي عمه عبدالله بن علي ، وكان قد أمنه ، فوضعه في بيت أساسه من الملح ، وأجري عليه الماء ، فسقط عليه وقتله ( الطبري 7/8- 9 والعيون والحدائق 227/3 ).

ولما اعتقل المنصور في السنة 144 بني الحسن ، قتلهم بضروب من القتل ، وقتل عبدالله بن الحسن بن الحسن ، بأن طرح عليه بيت ، فقتله ( مقاتل الطالبيين 228).

وفي السنة 387 قتل حسن بن عمار ، أمين دولة الحاكم بمصر ، عيسي بن نسطورس ، بأن رمي عليه حائط ، وعذب اصحابه وقتلهم ( النجوم الزاهرة 55)

وفي السنة 792 ورد من الفيوم محضر مفتعل ، مضمونه : إن الأمراء المسجونين بالفيوم سقط عليهم حائط فقتلهم ، وعددهم ثمانية ( نزهة النفوس 287)

أقول: في السنة 802 قبض علي أمير حاج بن بيدمر ، وسجن، لأنه

ص: 125

كان يلي الفيوم ، وحبس عنده بعض الأمراء ، فقتلهم وأحضر قاضي الفيوم ، وعمل محضرة بأن حائط السجن وقع عليهم، وماتوا تحت الردم ( بدائع الزهور 552/2/1).

وفي السنة 796 حاصر تيمورلنك تكريت ، وكان متوليها حسن بن بولتمور ، فاستسلم بعد أن عاهده تيمورلنك أن لا يريق دمه ، فلما استسلم بعث به إلي دار ، ودس له من هدمها عليه ( تاريخ العراق للعزاوي 210/2-211)

وفي السنة 834 حاصر الأمير أسبان بن قره يوسف ، مدينة الحلة ، وفيها السلطان حسين بن علاء الدولة بن أحمد بن أويس ، وكان أمراؤه قد ضجروا منه لفساده ، وتعرضه لنسائهم وأولادهم ، فكاتبوا الأمير أسبان ، فلما وصل وحصر الحلة ، أشار عليه الأمراء أن يخرج ويصالحه، علي أن يستحلفه أن لا يقتله ، ففعل ذلك ، وسلم المدينة إلي أسبان فتلقاه بالإبتهاج ، وسار راج في ركابه ، ثم وكل به اثنين من أصحابه ، وعلمهما أن يحترناله الهروب ، وأن يهربوا معه ، فلما فعلوا ، أدركوهم ، وقبضوا السلطان حسين ، وقيدوه وطرحوه تحت حائط ، ثم طرحوا الحائط عليه ، فقتلوه، وكان ذلك في السنة 835 ( تاريخ الغياثي 262-264).

أقول : ورد في تاريخ العراق للعزاوي 3/ 81 وفي شذرات الذهب ، أن الأمير أسبان قتل السلطان حسين خنقأ ، وقد اثبتنا ذلك في الفصل الأول من هذا الباب .

وبعد أسر الأمير فخر الدين بن معن ، في السنة 1043 وشدت الدولة حكم لبنان إلي الأمير علي بن علم الدين اليمني ، فضبط جميع ارزاق بيت معن ، وقتل بعض تابعيهم ثم باغت الأمراء بني تنوخ ، وكانوا في الحمام في السراي التي تحت القرية ، فقتلهم ، وردم البرج علي أولادهم الصغار ، ولم يترك من بني تنوخ ذكرأ يخلفهم . ( خطط الشام 263/2 ).

ص: 126

الباب الثالث عشر

القتل بالسم

طعاما ، وشرابة ، ودواء ، أو بتسميم آلة الفتك ومن ألوان التعذيب ، القتل بالسم ، ويستعمل في الأحوال التي لا يريد القاتل فيها أن يعرف ، أو إذا لم يكن في إمكان القاتل، الوصول إلي من يريد قتله ، إلا بهذه الطريقة .

ولما كانت حوادث التسميم ، الغالب عليها التكتم ، والتصرف الخفي ، لذلك فإن كثيرا من حوادث الوفاة الإعتيادية ، زعم الناس أن المتوفي فيها قد دس له السم ، وتنوعوا في وصف الطريقة التي دس له السم بها ، ومثل هذه الأخبار تجد أذن صاغية ، إذا كان المتوفي شخصأ مرموقة ، وخاصة إذا كان شابا ، وكان له خصوم يتمنون له الموت .

ذكر بعض المؤرخين ، أن أبا بكر الصديق ، مات مسموما ، وأن يهودية سمته ( وفيات الأعيان 68/3 ) وأن معاوية بن يزيد بن معاوية ، مات مسموم (ابن الأثير 4/ 130 والطبري 530/5 و531)، وأن مروان بن الحكم مات مسمومأ ، وأن امرأته أم خالد ، سقته شربة لبن مسموم فقتله ، وأن سبب ذلك ، إن مروان أهان ولدها خالدة ، وتعرض بأمه في الشتيمة ، فقال له : يا ابن الرطبة ، فأخبر خالد أمه بذلك ( انساب الاشراف 145/5 ) وفي السنة 91 طلب قتيبة بن مسلم ، أمير خراسان ، ملك الجوزجان ، وكان قد هرب

ص: 127

منه ، فأرسل يطلب الأمان ، فأمته قتيبة علي أن يطأ بساطه ، فطلب رهنا يكون في يده، ويعطي مقابله رهائن ، فأعطاه قتيبة حبيب بن عبد الله الباهلي ، وأعطي ملك الجوزجان رهائن من أهل بيته ، وخلف ملك الجوزجان حبيبا في بعض حصونه ، وقدم علي قتيبة ، وصالحه ، ثم عاد ، فمات بالطاعون ، فقال أهل الجوزجان : سموه ، وقتلوا حبيب الباهلي ، فقتل قتيبة الرهن الذين كانوا عنده ( الطبري 6/ 460 ) ولما توفي الخليفة الصالح عمر بن عبد العزيز ، قال بعض المؤرخين إنه مات مسمومأ ( تاريخ الخلفاء 245 ) ولما مات المهدي العباسي ، علي أثر إصابته في حادثة من حوادث الصيد بماسبذان ، ذكر بعض المؤرخين إنه مات مسموما ، وعينوا طريقة سمه ، بأنه أكل كمثراة مسمومة ، ( الطبري169/8 ) ولما مات الهادي العباسي في السنة 170 وهو شاب ابن 26 عاما، اتهمت أمه الخيزران بأنها دشت له السم ( الطبري 205/8 و 206 ) وذكروا لذلك سببا ، وهو إنه حال بين أمه وبين التدخل في أمور الدولة ، وهذه أقوال تخالفها الطبيعة الإنسانية في محبة الأم ولدها ، فضلا عن كون هذا الأتهام لا يخرج عن دائرة التكهن ، في حين أن الثابت إصابة الهادي بالحمي ، ومن مرض كان احتمال موته أقوي من إحتمال قتله ، ولما توفي الشاعر دعبل الخزاعي ، في السنة 246 ، وهو ابن ثمان وتسعين سنة ، عموا أنه قتل مسمومأ ، ورتبوا له قات؟ ، فقالوا إنه مالك بن طوق التغلبي ، وذكروا لقتله سببا ، فقالوا لأنه هجاه ، وحاكوا لمقتله قصة ، وهي أن مالك أعد لقتله رجلا حصيفة مقداما ، وأعطاه سما ، وأمره أن يغتاله ، وأعطاه علي ذلك عشرة آلاف درهم ، فلم يزل يطلبه حتي وجده في قرية من نواحي السوس ، فاغتاله بعد صلاة العتمة ، بأن ضرب ظهر قدمه بعكاز لهازج مسموم ، فمات من غد ( الاغاني 184/2 و186 )، مع أن الثمانية والتسعين عاما التي بلغها دعبل لا يحتاج معها إلي زج مسموم ، ولما توفي المنتصر ، وهو شاب اتهم الطبيب بأنه سمه ، بأن فصده بمبضع مسموم ، وزعم آخرون بأنه سم في كمثراة

ص: 128

( الطبري 251/9 و253 )، مع أن المعروف أن المنتصر أصيب بالذبحة ، ومات متأثرة بهذا المرض ( الطبري 251/9 ) ، أما صاحب مروج الذهب ، فقد ذكر سبب لمرض المنتصر ، غير الذبحة ، ونسب وفاته إلي أنه خرج من حمام حار ، ونام في مجري هواء بادهنج بارد ، فحم ، ومات ( مروج الذهب 425/2 )، ولما توفي أبو القاسم أنوجور ، بن أبي بكر الإخشيد صاحب مصر ، في السنة 349 ، وكان قد تباعد ما بينه وبين كافور مولاه ، اتهم كافور بأنه سمه ( خطط المقريزي 27/2 وابن الأثير 8/ 533 ) .

وفي السنة 352 توفي الوزير المهلبي ، أبو محمد الحسن بن محمد، وزير معز الدولة ، وكان قد خرج في الصيف مع جيش الفتح عمان ، فلما وصل إلي هلنا ، من أعمال البصرة ، مما يلي البحر ، اعتل، وثقل ، فرد إلي الأبلة زائل العقل ، مسبوتا ، وعملت له محقة يحملها أربعون ، يتناوبون عليها ، فلما بلغ زاوطا، ما بين واسط وخوزستان والبصرة ، مات ، فاتهم الناس أستاذ داره فرج الخادم بأنه سمه ، لأنه خرج من راحة وخيش وتنعم ، إلي قيظ شديد، وشقاء كثير ، مع أن خروج المهلبي في الصيف ، إلي جنوبي العراق ، وكان مفرط السمن ، ومصابة بحصر البول ، وقد عبر الستين ، ترجح موته من آنفجار دماغي ، راجع تجارب الأمم 196/2 و197 .

وفي السنة 373 أولم علي بن كامه ، من زعماء الديلم ، وليمة للأمير فخر الدولة بن بويه، وقواده، وحاشيته، وجنده، وأجهد نفسه في إتقانها، قبان عليه في خلال الحفل أثر الجهد ، فأوي إلي موضع طرح نفسه فيه ، وألقي عليه كساءه ، وحسبه أصحابه نائمأ ، فأبقوه علي حاله ، وأشتغلوا بإقامة الوليمة ، ولما أرادوا إيقاظه في صباح اليوم التالي ، وجدوه ميتا ، فاتهموا الأمير فخر الدولة بأنه د له السم ، بلا دليل ولا حجة ، راجع القصة في ذيل تجارب الأمم 95 وراجع نشوار المحاضرة للتنوخي ، القصة المرقمة 23/4 ج 4 ص 49 - 51 .

ص: 129

وفي السنة 378 توفي الرئيس أبو عبد الله محمد بن العباس الهروي الضبي ، وكان قد دخل الحمام ، ومات لما خرج منه ، فقال الناس عنه : إنه لما خرج من الحمام ألبس قميص ملطخا ر پريد ملطخا بالسم ) فانتفخ ، ومات شهيدة ( الوافي بالوفيات 191/3 ).

وبلغ من تعارف الناس علي دس السم في الطعام ، أن شرف الدولة مسلم بن قريش العقيلي ، صاحب الموصل (ت 487) مات أحد الناس علي مائدته وهو يتناول الطعام ، فخاف شرف الدولة أن يظن من حضر إنه تناول طعاما مسموما ، قصد به غيره ، فقال : يا معشر العرب ، لا يبرح منكم أحد ، وجلس مكان الطاعم المتوفي ، وأخذ يأكل من ذلك الطعام الذي كان بين يديه ، فاستحسن الجماعة فعله ( ابن الأثير 27/10 ) .

ولما توفي عبيد بن صالح بن عبد الملك ، ورثه أخوه الفضل، وتزوج بجاريته ، فأتهمه الناس بأنه كان يهوي جارية أخيه ، وإنه سقي أخاه السم ، فقتله ، وتزوج بجاريته ، وقال فيه أحمد بن الوليد الأنطاكي ، وكان الفضل قد ظلمه في أرض : ( الوافي بالوفيات 230/8 ).

لئن كان فضل بزني الأرض ظالما**** فقبلي ما أودي عبيد بن صالح

سقاه نوعا من السم ناقعأ ****ولم يتب من مخزيات الفضائح

حوي عرسه من بعده وتراثه**** وغادره رهن الثري والصفائح

وفي السنة 414 توفي الناجحون الأعمي ، وكان يؤدب الصبيان ، أطعم طعاما فمات منه مبطونة ، وكان هجاء ، فقال الناس إنه سم ، وأتهم بقتله جماعة ممن هجاهم ( الوافي بالوفيات 342/3 ).

وفي السنة 455 توفي صاحب آمد سعيد بن مروان ولما احتضر أتهم أبا الفرج الخازن ، بأنه دس له السم باتفاق مع نصر بن سعيد صاحب ميا فارقين ، فأمر بأبي الفرج فقطع قطعة ( المنتظم 8/ 232 ) .

ص: 130

ولما توفي جمال الملك ، ابن الوزير نظام الملك ، في السنة 475 ، اتهموا السلطان ملكشاه بأنه دس له السم ، وعينوا الطريقة التي د بها له السم ، بأنه س له في كوز فقاع ( ابن الأثير 124/10 ).

ولما توفي شمس الملك أبو نصر دقاق بن تتش السلجوقي ، في السنة 497 ذكروا أن أمه سمته في عنقود عنب ( وفيات الأعيان 296/1 ) ، ويرد في الأعتراض علي هذا الخبر ، ما ورد في الاعتراض علي الخبر القائل بأن الخيزران دست الستم لولدها الهادي العباسي .

ولما توفي أمير الجيوش يأنس الحافظي ، وزير الحافظ الفاطمي بمصر ، قالوا إن الحافظ سمه ، ثم وصفوا طريقه عجيبة في دس السم له ، فقالوا : إن الحافظ سمه في ماء الإستنجاء ( النجوم الزاهرة 240/5 ) .

ولما مات السلطان ملكشاه في السنة 485 ببغداد ، زعموا إنه مات مسمومة ، وأن السم دس له في خلال تخلل به .

ولما مات اسد الدين شيركوه ، بمصر ، علي أثر توليه وزارة العاضد الفاطمي ، في السنة.564 ذكروا أنه سم ، وإن السم دس له في حنك الوزارة ، لما خلع عليه ( وفيات الأعيان 151/7 ).

وفي السنة 577 توفي الملك الصالح اسماعيل بن نور الدين محمود ، صاحب حلب ، ولم يبلغ العشرين، وكانت علته القولنج ، فأتي موته شابة إلي اتهام الأمير علم الدين سليمان بن جندر ، بأنه سمه ، وإنه د له السم في عنقود عنب ، وهو في الصيد، وقال آخرون : إن السم د له في خشكنانجة ، وهو في الصيد ( اعلام النبلاء 116/2 ).

ولما توفي الصاحب كمال الدين محمد بن علي بن مهاجر ، في السنة 634 قال الناس أن الملك الأشرف بعث إليه جرزة بنفسج ، وقال : هذه بركة السنة ، فأخذها وشمها ، فأصبح ميتة ، يعني إنه وضع له السم في جرزة البنفسج فلما شمها قتلته ( الوافي بالوفيات 172/4 ).

ص: 131

ولما توفي الملك السعيد بركة بن السلطان الملك الظاهر بيبرس ، بالكرك ، وهو في العشرين من عمره ، في السنة 678 قال الناس إنه سم ، مع إنه تقطر به فرسه وهو يلعب الكرة ، فمات ( الوافي بالوفيات 274/2 ) .

وفي السنة 703 مات القان غازان بن أرغون ، ملك التتار ، وكان ما يزال شابة فاشتهر بين الناس ، إنه قد تم في منديل تمسح به بعد الجماع ، وكان ابن بضع وعشرين سنة لما تسلطن في السنة 693 وأسلم في السنة 694 وكان يحكم علي العراقين ، وفارس ، والروم ، وأذربيجان ، والجزيرة ، وخراسان بأسرها ، وخرج عليه أخوه نوروز ، فأسره ، وقتله ، ثم قصد بلاد الشام في السنة 699 ففتح دمشق ، ونهب وسبي وعذب ، فهلك خلائق من العذاب والجوع ، وعاد في السنة 700 فأوقع ببلاد حلب ، وجهز قطلو شاه بالعساكر ليغز وحلب ، فامتد يريد مصر ، فكانت الكسرة عليه في وقعة شقحب في السنة 702 ومات غازان في السنة 703 ( الدرر الكامنة 294 - 292/3)

وفي السنة 712 مات المنصور غازي الأرتقي ، صاحب ماردين ، علي حين فجأة بعد أن مر به الأفرم وقراسنقر ، فقال الناس إنهما سقياه السم ، وخلفه ولده الملك العادل علي ، فاستقر في السلطنة سبعة عشر يوما ومات ، فقالوا إنه سم أيضأ كما سم أبوه ( الدرر الكامنة 26/3).

وفي السنة 716 توقي الأمير كستاي ، نائب السلطنة بطرابلس ، وكان شديد البأس قوي البدن ، بحيث إنه كان يأخذ العظم الكبير من الشاة ، فيكسره بيده قطعتين ، فلما مات قالوا إن السلطان الناصر محمد بن قلاوون سمه في رمانة ( الدرر الكامنة 354/3 ) .

وفي السنة 727 مات كمال الدين محمد بن علي الزملكاني ، بمدينة

ص: 132

بلبيس ، فجأة ، وكان قد تأهب لموافاة الشام ، لتولي القضاء بها ، فقالوا إنه مات مسمومة، لأنه لم يكن قد تجاوز الخمسين من عمره ( الدرر الكامنة 194/4)

وفي السنة 736 توفي السلطان أبو سعيد بهادر ، سلطان العراق ، لمدة عشرين سنة (716 - 736 ) ، وكان شابا لم يتجاوز السابعة والثلاثين ، فذكروا أنه سم في منديل تمسح به بعد الجماع ، وكانت هذه التهمة سبأ القتل زوجته بغداد خاتون بنت الأمير جوبان .

وفي السنة 738 مات الأمير العباسي محمد بن سليمان ، بمدينة قوص منفية ، وكان ولي عهد والده المستكفي ، فلما أمر السلطان الناصر محمد بن قلاوون بنفيهم إلي قوص ، مات الأمير محمد بن سليمان بها وكان أبوه لقبه القائم بأمر الله ، وكانت سته لما مات 24 سنة ، قيل إنهم دشوا علي القائم من سمه فمات ( الدرر الكامنة 67/4 ).

وفي السنة 743 مات الأمير ايدغمش الناصري ، نائب السلطنة بدمشق ، فإنه بعد أن حضر الموكب ، وعلم علي القصص ، وتحادث مع بعض خواصه ، ثم سمع بعض الجواري يتخاصمن ، فدخل وضرب واحدة منهن ضربتين ، ورفع يده ليضربها الثالثة فسقط ميتا ، فقال الناس إنه مات مسموم ، ولما كان قد لبس خلعة من السلطان قبل موته بيوم ، قالوا أن الخلعة كانت مسمومة ، وأنه لما لبسها سري السم إلي بدنه ، فمات من ذلك ( الدرر الكامنة 456/1 ) .

ولما توفي الأمير محمد بن الأمير الكبير الطنبغا ، وكان محمد شاب جميل الصورة ، قال الناس إنه توفي مسموم ، مع إنه مات مسلو ( الضوء اللامع 147/1 ).

وذكر صاحب الضوء اللامع 53/1 أن الأمير صارم الدين ابراهيم بن

ص: 133

الملك المؤيد شيخ سلطان مصر ، توفي في السنة 823 ، وهو في العشرين من عمره ، وكان قد فتح فتوحة وظفر في معارك ، فآتهم الناس أباه بأنه هو الذي دس له السم ، مع أنهم يذكرون أن الأب شدد علي الأطباء في معالجة ابنه ، وإنه حزن عليه لما مات أشد حزن وجزع جزعة عظيمة ، ولم يعش الأب بعد ابنه سوي ستة أشهر .

وفي السنة 831 مات مريضأ بالقولنج الأمير جانبك الاشرفي ، وكان في الخامسة والعشرين من عمره ، فشاع بين الناس إنه سقي سما ، ولحقت به زوجته بعد ستة أيام ( الضوء اللامع 55/3).

ولما توفي ابراهيم بن عبد الكريم القبطي المصري ، في السنة 841 وكان من رجال الدولة بمصر ، وكان شاب لم يبلغ الثلاثين ، إتهم الناس طبيبه بأنه دس له سما ( الضوء اللامع 69/1 ).

وفي السنة 871 مات الأمير قانم الجركسي بالقاهرة ، حين دخوله الخلاء ، وتحدث الناس في كونه مات مسموما، مع إنه قارب السبعين ( الضوء اللامع 201/6 ).

وفي السنة 901 مات الأمير العثماني جم ، ابن السلطان محمد الفاتح ، وكان قد نازع أخاه السلطان بايزيد الملك ، وحاربه مرتين ، فلم يوقق، وفر إلي إيطاليا ، ومات في مدينة نابولي شاب ، فزعموا أن أخاه بايزيد أرسل إليه من سمه ، بأن حلق رأسه بموسي مسموم ، فمات ( شذرات الذهب 86/8 وهدية العارفين 257/1 ).

وكان الأمير خاير بك ، كافل حلب ، المتوفي سنة 928، إذا استقر بمقصورته في الجامع الأعظم ، حيث يجلس بعد صلاة الجمعة ، يتقدم إليه الشربدار ، ومعه طبق نفيس ، مغطي بغطاء نفيس ، يشتمل علي أشربة سكرية متنوعة ، فإذا رفع إليه شيء منها ، أخذ الشربدار قليلا منه في وعاء

ص: 134

صغير ، وهو يراه ، فيشر به ، ويسمي هذا الوعاء : الششني ، والمقصود بشربه الأمان من دس السم إلي ذلك المخدوم ، ومع كل هذا التحفظ ، فقد روي أن السلطان الغوري ، دس لخاير بك السم مرة ، علي يد طبيب يهودي ، فمرض ثم عوفي ( اعلام النبلاء 5/ 430 و431 ).

وكان عيسي باشا ، بكلربكي المملكة الدمشقية ، في زمن آل عثمان ، مولعا بدس السم للناس ، وذكر إنه جاء مرة إلي حلب للتفتيش ، وحاسب حسن بن عمر النصيبي ، وأراد أن يسقيه شرابا ، فامتنع من تناوله ، لاشتهار عيسي باشا بدس السم ، وقيل « وعاد بدر الدين من عنده سليمأ بإذن الله تعالي ، ( اعلام النبلاء 565/5 ).

ولما توفي الأمير محمد بن علي بن سيفا ، حاكم طرابلس ، بمدينة قونية ، وكان شابا ، قالوا إنه مات مسمومة ( خلاصة الأثر 48/4 ).

وبلغ من لهج الناس بالسم ، إن داود الانطاكي ، الطبيب المشهور صاحب التذكرة توقي بمكة في السنة 1008 وهو شيخ ضرير علي أثر تناوله عنبأ أصيب من بعده بالاسهال ، فزعم بعض الناس أنه مات من السم خلاصة الأثر 149/2 ).

وفي السنة 1013 لما عينت الدولة العثمانية ، حسين باشا جانبولاد ، الإمارة حلب ، غضب نصوح باشا ، أمير حلب ، لأن حسين باشا كان خصما شخصيا له ، وأمتنع عن تسليم ولاية حلب إليه ، وقال : أسلمها إلي عبد أسود ، ولا أسلمها إلي حسين جانبولاد ، ثم أن قاضي حلب سعي في الصلح بينهما ، فخرج نصوح باشا، وزار حسين باشا في مضاربه ، فقدم لنصوح باشا شربة سكر ، فامتنع من تناوله ، خشية أن يكون مسمومأ ، فتناول حسين باشا القدح وشرب منه قليلا ، ثم قدمه لنصوح باشا ، فشربه ( اعلام النبلاء229/3)

ص: 135

ولما مات الأمير محمد أبو الذهب ، في السنة 1189 ثاني يوم انتصاره في المعركة علي عمر الظاهر صاحب عكا ، قال الناس أنه مات مسموما ، وإن الذي سمه عمر الظاهر ، وإنه أعطي لمن دس له السم خمسة آلاف دينار ( سلك الدرر 57/1 ).

وفي السنة 1206 (1791 م ) قدم الباي محمد ، باي وهران ، علي الأمير حسن باشا صاحب الجزائر ، فأضافه ثمانية أيام ، وبارح الجزائر قاصدأ وهران علي أحسن حال ، ولكنه مات في الطريق ، فاتهم الأمير حسن باشا بأنه قد دس له من سمه في الطريق لأن الباي كان شابا ولم يشك من مرض ( مذكرات الزهار رقم 63 ).

وفي السنة 1248 استولي ابراهيم باشا بن محمد علي باشا، علي مدينة قونيه ، واشتبك عندها في معركة عنيفة مع الجيش العثماني ، فكسره وأسر قائده الصدر الأعظم محمد رشيد باشا ، فأكرمه غاية الإكرام ، وأعطاه صدر المجلس ليجلس فيه ، وجلس هوبقربه، ثم أمر إبراهيم باشا بالقهوة أن تحضر، فأبي الصدر أن يشربها ، وخشي أن تكون مسمومة ، وطلب شربة من ماء ، فأحضرت ، ولما ملا الساقي الكأس ، تردد في أخذها ، فمد ابراهيم باشا يده بسرعة ، وأخذ الكاس ، وشرب قسما منها ، ثم قال لمحمد رشيد باشا : خذ وأشرب ولا تسيء الظن بنا(اعلام النبلاء 422/3 و423) .

وفي السنة 1267 أمر والي حلب بنفي عبد الله البابنسي ، وابن أخيه ، وآخرين ، إلي الأستانة ، فتوفي عبد الله في جناق قلعة ، فاتهم الناس ابن أخيه محمد اغا ، بأنه د له السم ( اعلام النبلاء 440/3 ) .

أقول : عبد الله بك البابنسي رجل أمي ، كان شوباصيا عند آل الجابري ، ولما دخل ابراهيم باشا حلب ، حظي عنده ، وتقدم لديه ، إلي أن جعله متسلمة لمدينة حلب ، ووشوا به مرة عند ابراهيم باشا ، فأحضره ، وسأله عن ذلك ، فقال له : أني دخلت خدمتك ، وليس عندي سوي أم

ص: 136

حمدان ( زوجته ) وأم عرقوب ( فرسه ) فهذان لي ، وخذ الباقي ، فضحك منه إبراهيم باشا ، ولم يأخذ منه شيئا ، وظل معولا عليه ، إلي أن ترك حلب . وكذلك كان الحال، في وفاة جمال الدين الأفغاني في اصطنبول في السنة 1315 (1897 م) فقد زعم قوم إنه سم ، واتهموا السلطان عبد الحميد، بأنه سمه ، وعللوا سبب ذلك بأنه أتهمه بأنه كان وراء مقتل ناصر الدين شاه ، سلطان العجم ، وخشي إن بقي أن يسلبه عرشه ، وزعم آخرون إنه أوعز إلي الطبيب ، بأن يشخص مرض السيد في بلعومه بأنه سرطان ، وأمر طبيبه الخاص ، بأن يجري له جراحة لم تكن لها ضرورة فقتله، وادعي آخرون بأن السلطان أوعز إلي طبيب الأسنان الذي كان يرعي أسنان السيد بأن يزرع في فمه السرطان ، هذا ، مع أن المؤرخين أجمعوا علي أن السيد رحمه الله كان مسرفة في التدخين ، مكثر من تناول الشاي ، وكان قد عبر الستين من سنيه ، ومن كان في هذه السن ، وفي مثل حاله من الإكثار من الشاي والدخان ، لم يكن في إصابته بالسرطان في البلعوم ، ما يوجب العجب ، كما أن فشل الجراحة لم يكن بالأمر الغريب ، بل إنه يكون غريبا حقأ لو نجحت، وعوفي من مرضه .

ولما توفي عبد الرحمن الكواكبي بالقاهرة، في السنة 1320 عن خمس وخمسين سنة ، اتهم الناس السلطان عبد الحميد بأنه دين له السم، بواسطة صحفي مصري معمم ، ناوله إياه في أحد مقاهي القاهرة ، وعللوا ذلك بأن السلطان كان قد نقم علي الكواكبي تأليفه كتاب طبائع الإستبداد .

ويحصل القتل بالسم ، إما بدس السم في الطعام أو الشراب ، وإما بتسميم آلة القتل ، وأكثر ما يحصل ذلك في المشرط الذي يستعمله الطبيب للفصد ، وقد يسمم السيف أو الحربة ، ليكون مفعولهما أقوي ، وعاقبة إصابتهما أوكد .

وكان الآيين أن يقوم صاحب المطبخ بين يدي ذي السلطان ، قائمة ،

ص: 137

متشحة بمناديل الغمر ، وأن يقدم الغضائر بيده ، وأن يذوق الألوان عند تقديمه إياها ( تجارب الأمم 313/2 )، ولا شك أن التزام صاحب المطبخ بأن يذوق الألوان بنفسه ، إنما يحصل تحزأ من دس السم إلي ذي السلطان في الطعام .

وأول من مارس دس السم في الإسلام، علي ما ذكر المؤرخون ، معاوية بن أبي سفيان ، فإنه لما بلغه ، أن الإمام علي ، وتي مالك الأشتر علي مصر ، كتب إلي دهقان القلزم ، أن الأشتر قد ولي مصر ، فإن أنت كفيتني إياه ، لم آخذ منك خراجأ ما بقيت ، فلما وصل الأشتر ، استقبله الدهقان ، وأنزله ، وسقاه شربة عسل جعل فيها سمأ ، فلما شعر به مات ، فلما بلغ معاوية وعمرو بن العاص موت الأشتر ، قال عمرو بن العاص : إن لله جنودا من عسل ( دائرة المعارف الإسلامية 2/ 211 ومروج الذهب 605/1 والنجوم الزاهرة أ103/1 - 104، وأسماء المغتالين 159-160 والطبري 95/5 و96).

وكان معاوية دس إلي خالد بن المعمر السدوسي ، بالعراق، أن يدعو ربيعة إلي الوثوب بعلي بن أبي طالب ، ووعده - إن فعل - أن يوليه خراسان ، ففعل خالد ذلك ، فلما قتل علي ، طالب خالد معاوية بخراسان ، فاضطر أن يكتب له بعهده علي خراسان ، ودس إليه رجلا ، فسقاه شربة بظهر الكوفة ، بقصر بني مقاتل ، فقتلته ( كتاب المغتالين 164).

ولما أراد معاوية الناس علي البيعة ليزيد، ورأي أن اشخاص لا يمكن أن يشايعوه علي ما يريد ، قرر إزاحتهم من الطريق ، وعلي ذلك ، قيل ، أنه دس السم للإمام الحسن ، ولسعد بن أبي وقاص ، فماتا في أيام متقاربة ( مقاتل الطالبين 50 ومروج الذهب 619/1 والإمامة والسياسة 1/ 140).

وكان الصلح بين الحسن ومعاوية ، قد تم أن لمعاوية الخلافة ، ما كان

حيا ، فإذا مات ، فالأمر للحسن ( الإمامة والسياسة 140/1 و تاريخ الخلفاء

ص: 138

191، 192)، فلما أراد أن يبايع بالعهد ليزيد من بعده ، عرف أن ذلك لا يتم له ما دام الحسن حيأ ، فأرسل إلي جعدة بنت الأشعث بن قيس الكندي ، امرأة الحسن : إنك إن احتلت في قتل الحسن ، زوجتك من يزيد ، فبعثها ذلك علي سمه ( مروج الذهب 619/1 ).

وذكر ابن أبي الحديد ، في شرح نهج البلاغة 11/16 و 49 إن الحسن توفي في السنة 49 عن سبع وأربعين سنة ، دس إليه معاوية بن أبي سفيان سما علي يد جعدة بنت الأشعث زوجة الحسن ، وقال لها : إن قتلته بالسم ، فلك مائة ألف ، وأزوجك بيزيد ، فلما مات وفي لها بالمال ، ولم يزوجها من يزيد ، فخلف عليها رجل من آل طلحة ، فأولدها، فكان إذا وقع بينهم وبين بطون قريش كلام ، عيروهم ، وقالوا : يا بني مسمة الأزواج .

ولما حسب معاوية، أنه قد أمن جانب المعارضة ، خطب في أهل الشام ، وقال لهم : إن أمير المؤمنين قد كبرت سته ، ورق جلده ، ودق عظمه ، واقترب أجله ، ويريد أن يستخلف عليكم ، فمن ترون ؟ فقالوا : عبد الرحمن بن خالد بن الوليد ، فسكت ، ثم د ابن أثال الطبيب ، إلي عبد الرحمن ، فسقاه سما ، فمات (كتاب المغتالين 168- 169، الأغاني 197/16 والطبري 227/5 - 228).

وفي السنة 73 توفي عبدالله بن عمر ، وكان سبب موته أن الحجاج أمر بعض أصحابه ، فضرب ظهر قدمه بزج مسموم ، فمات منها ( الكامل لابن الأثير 363/4 ) .

وممن قتل بالسم ، عبيدالله بن زياد بن ظبيان ، أحد فتاك العرب ، سمه سليمان بن سعيد ، صاحب عمان ، في نصف بطيخة ، وسبب ذلك ، أن مصعب بن الزبير كان قتل فاتي بن زياد ، أخا عبيد الله ، لقطعه الطريق ، فحقدها عبيدالله علي مصعب ، حتي إذا كان يوم مسكن ، في السنة 71، قتل عبيد الله مصعبا ، وأحضر رأسه إلي عبد الملك بن مروان ، فأمر له بألف

ص: 139

دينار ، فأبي أن يأخذها. وقال : إني لم أقتله لأجلك ، وإنما قتلته بأخي ، ثم ضاقت به البصرة ، فهرب إلي عمان ، واستجار بسليمان ، فلما أخبر بفتكه ، خشيه ، وتذمم أن يقتله علانية ، فبعث إليه بنصف بطيخة قد سمها ، وأكلها ، فمات ، راجع معجم البلدان 531/4 .

واتهم سليمان بن عبدالملك ، بأنه دس السم لأبي هاشم عبدالله بن محمد بن الحنفية . ( الإمامة والسياسة 109/2 ).

وتوفي الخليفة عمر بن عبد العزيز، في السنة 101، وقيل أن بعض المتلاعبين من أهل بيته ، حنقوا عليه ، فسقوه السم . ( خطط الشام 156/1 الأعلام 209/5 ).

واتهم يزيد بن عبد الملك ، نفرة بالخلع والخروج ، فأخذهم عمه محمد بن مروان ، وسجنهم ، ودت لهم السم ، فماتوا جميعا ( الإمامة والسياسة 103/2 -104).

وكان عمر بن هبيرة أمير العراق وخراسان ليزيد بن عبد الملك ، وجه إلي خراسان سعيد الحرشي عاملا عليها ، ثم بعث إليه جميل بن عمران مفتشأ ومراقبأ لحسابات الديوان ، فساء ذلك سعيدة ، وسم بطيخ ، وبعث بها إلي جميل ، فأكلها ، فمرض وتساقط شعره ، وعاد إلي ابن هبيرة ، فعولج حتي صح . ( الطبري 15/7-16).

وفي السنة 119 قدم أبو الربيع سليمان بن موسي ،، علي هشام بين عبد الملك ، فسقاه طبيب لهشام شربة، فقتله ، فأمر هشام أن يسقي الطبيب من الدواء نفسه ، فقتله ( الاعلام 199/3 ).

واعتقل أبو مسلم الخراساني ، عبدالله بن معاوية بن عبدالله بن جعفر ، وحبسه ، وقيل إنه دس إليه سمأ ، فمات منه . ( مقاتل الطالبين 169)

ص: 140

وفي السنة 140 كان الصميل بن حاتم ، رأس مضر ، محبوسا بقرطبة ، في سجن عبد الرحمن الداخل ، فسم ومات ، وأدخل عليه مشيخة مضر ، فوجدوه ميتا ، وعنده كأس نقل ، لإيهام الناس بأنه مات وهو سكران ، فقالوا : يا أبا جوشن ، إنا لنعلم أنك ما شربت ، ولكن سقيت ( ابن الأثير 499/5 ).

وفي السنة 142 نكث أصبهبذ طبرستان ، العهد الذي بينه وبين المسلمين ، وقتل من كان ببلاده منهم ، فلما انتهي الخبر إلي المنصور سير إليه قوادة حصروه في حصنه ، فلما أحتل المسلمون الحصن ، عمد الأصبهبذ ، إلي سم شربه فمات ( ابن الأثير 510/5 ).

لما حاول المنصور إقناع عيسي بن موسي ، بأن يتنازل عن ولاية العهد الولده المهدي ، ولم يقنع ، دس إلي عيسي بعض ما يتلفه ( أي السم) فنهض من مجلس المنصور فقال له المنصور : إلي أين يا أبا موسي ؟ قال : أجد غمزة يا أمير المؤمنين ، قال : ففي الدار إذن ، فقال : الذي أجده أشد مما أقيم معه في الدار ، قال : فإلي أين ؟ قال : إلي المنزل ، ونهض المنصور في أثره متفزعأ له ، وبلغت العلة من عيسي كل مبلغ حتي تمقط شعره ، ثم أفاق من علته هذه ، فقال فيه يحيي بن زياد :

أفلت من شربة الطبيب كما****أفلت ظبي الصريم من قتره

راجع التفصيل في الطبري 11/8 -14 والعيون والحدائق 259/3 ۔ 260)

وذكر أن المنصور، لما حبس آل الحسن ، كان يسقيهم مقادير من السم ، وهم في محبسه ، ليعجل بموتهم ( الطبري 7/ 549).

وذكر أن المنصور قتل أبا حنيفة بالسم ، د ه إليه وهو في حبسه ، إذ كان أبو حنيفة ، قد نصر إبراهيم بن عبدالله بن الحسن قتيل باخمري، وظفر المنصور بكتاب بعث به أبو حنيفة إلي إبراهيم لما ظهر ، فحبسه وسقاه السم ، فمات ( مقاتل الطالبيين 367- 368 وتاريخ الخلفاء 259).

ص: 141

وسقي المنصور أبا جهم بن عطية ، شربة من سويق اللوز ، دس له فيها السم ، فقتله بها ، فقال الشاعر :

تجنب سويق اللوز لا تشربه**** فشرب سويق اللوز أردي أباجهم

أقول: أبو الجهم بن عطية ، من أوائل الدعاة العباسيين ، وكان مستشار أبي العباس السفاح ، ووزيره، راجع أخباره في الطبري 356/7 -492) .

قال صاحب الفخري ( ص 156): كان في نفس المنصور أمور من أبي الجهم بن عطية ، لما كان وزيرا لأخيه السفاح ، فلما استخلف المنصور ، سم أبا الجهم في سويق اللوز ، فلما أحس بالسم ، قام ليذهب ، فقال له المنصور ، إلي أين ؟ قال : إلي حيث بعثت بي يا أمير المؤمنين .

وولي المنصور محمد بن أبي العباس السفاح ، البصرة ، ووجه معه بالمجان ، لكي يبغضه للناس ، ثم أمر طبيبه الخصيب ، بأن يدس له السم ، فهيأ له سما ، ثم انتظر أن يشكو من علة ، فشكا من حرارة ، فسقاه السم الذي هيأه له ، فكتبت أم سلمة وهي أم محمد بن العباس ، إلي المنصور ، تعلمه أن الخصيب قتل ابنها، فأمر المنصور بحمله اليه ، وضربه ثلاثين سوطأ، وحبسه أياما ثم خلاه ، أما زوجة محمد ، وهي البغوم بنت علي بن الربيع ، فإن زوجها لما قضي ، صاحت : واقتيلاه ، تهم المنصور بقتله ، فضربها رجل من الحرس علي عجيزتها ، فوثب عليه غلمان محمد فقتلوه ( الطبري 25/8 و 86).

وذكر أن المهدي العباسي، دس السم لعلي بن العباس بن الحسين . ( مقاتل الطالبيين 403) .

وروي الطبري في تاريخه 169/8 من أسباب موت المهدي ، أن جارية من جواريه، بعثت إلي ضرة لها بلبأ فيه سم ، فدعا به المهدي ، فأكل منه وهو لا يدري ، فمات، وروي غير هذا ، وهو أن المهدي كان جالسا في

ص: 142

علية ، وكانت جاريته حسنة ، قد عمدت الي كمثراتين كبيرتين، فسمت واحدة منهما، في أسفلها، وردت القمع فيها ، وبعثت بها إلي جارية للمهدي كان يتحظاها، تريد قتلها، ورأي المهدي الكمثري ، فتناول واحدة ، وأكلها ، وكانت المسمومة ( الطبري 169/8 ).

وذكر أن الهادي ، دس السم للربيع بن يونس الحاجب ، وسبب ذلك أن الربيع كان قد أهدي للمهدي جارية اسمها أمة العزيز، فائقة الجمال، فلما رأي المهدي جمالها ، قال : هذه لموسي أصلح ، ووهبها له ، فكانت أحب الخلق إليه ، وولدت له بنيه الأكابر ، فبلغه أن الربيع يقول : ما خلوت بامرأة قط ، أطيب خلوة من أمة العزيز ، فدعاه ، فتغدي عنده ، ثم سقاه في الشراب سما، فانصرف، ومات من ليلته ، وأمة العزيز هذه، تزوجها الرشيد من بعد الهادي ، وهي أم علي بن الرشيد ( كتاب المغتالين 196-197 والطبري 228/8 ).

وذكرت خالصة ، قهرمانة الخيزران ، للعباس بن الفضل بن الربيع ، أن الهادي بعث إلي أمه الخيزران بأرزة، وقال : اشتهيتها ، فأكلتها ، فكلي منها ، فقالت لها خالصة : أمسكي حتي ننظر فإني أخاف أن يكون فيها شيء، فأرسل إليها بعد ذلك : كيف رأيت الأرزة ؟ قالت : وجدتها طيبة، فقال : لم لم تأكلي منها ، والله ، لو أكلت كنت أسرحت من ، فما أفلح خليفة له أم . ( المحاسن والمساويء 194/2 ).

وقيل في موت الهادي ، إن أمه الخيزران ، دشت له السم ( تاريخ الخلفاء 280). وقد أسلفنا رأينا في تهافت هذه التهمة .

وبعث هارون الرشيد، إلي إدريس العلوي ، أبي الأدارسة ، مولي المهدي الشماخ اليمامي ، فادعي أنه متطبب ، وأنه من أولياء العلويين ، فأنس به إدريس ، واطمأن إليه ، وأقبل الشماخ يريه الإعظام له، والميل اليه ،

ص: 143

فنزل عنده بكل منزلة ، ثم إن إدريس شكا علة في أسنانه ، فأعطاه سفوفة مسمومأ قات" ، وأمره أن يستن به عند طلوع الفجر لليلته ، فلما استن به إدريس قتله، وطلب الشماخ ، فلم يظفروا به، وعاد الشماخ إلي الرشيد فولاه بريد مصر ، وأجازه ( الطبري 199/8 وابن الأثير 93/6 ، وكتاب المغتالين 197 وتاريخ الفرقة الزيدية 177 والوافي بالوفيات 318/8 ) .

وأدخل يحيي بن عبدالله العلوي علي الرشيد ، مكبلا في الحديد ، فقال الرشيد متضاحكا : وهذا يزعم أيضا أنا سممناه ، فقال يحيي : ما معني يزعم ؟ ها هوذا لساني ، وأخرج لسانه مثل السلق ، فترتد هارون ، فقال له يحيي : يا أمير المؤمنين ، إ لنا قرابة ورحمة ، ونحن وأنتم أهل بيت واحد ، علام تحبسني وتعذبني ؟ ( مقاتل الطالبيين 483 والطبري 244/8 - 245).

وفي السنة 183 توقي الإمام موسي الكاظم بن جعفر الصادق ، في حبس السندي بن شاهك ، بأمر الرشيد ، وقيل أنه توفي مسموما . ( وفيات الأعيان310/5 ).

وروي صاحب كتاب الفخري ( ص 196) كيفية وفاة الإمام موسي الكاظم ، في السنة 183 بالسم ، في حبس الرشيد ، قال : كان قد بلغ الرشيد أن الناس يحملون إلي الإمام موسي خمس أموالهم ، يعني اعترافا منهم بصحة إمامته ، وفي ذلك نقض لما يدعيه الرشيد من الإمامة، فلما كان الرشيد بالحجاز قبض علي الإمام موسي ، وأخذه إلي بغداد، فحبسه بدار السندي بن شاهك ، ثم أمر به، فقتل قتلا خفية ، يعني بالسم ، ولما مات ، وكان الرشيد بالرقة ، ادخلوا عليه جماعة من العدول بالكرخ ، ليشاهدوه ، إظهارة إنه قد مات حتف أنفه .

أقول : يكاد المريب أن يقول خذوني .

ص: 144

وفي السنة 199 خرج بالكوفة محمد بن إبراهيم بن طباطبا العلوي ، وكان القيم بأمره في الحرب أبو السرايا ، ومات محمد بن إبراهيم فجأة ، فاتهم أبو السرايا بأنه سمه ، لأنه رأي أن لا امر له معه ، وأقام مكانه غلام حدثا ( الطبري 529/8 ).

واتهم المأمون ، بأنه دس السم لولي عهده الإمام الرضا ( مقاتل الطالبيين 567) والمأمون أكرم خلقأ، وأعلي نفسأ، وأتقي الله ، من أن يرتكب هذا الوزر .

دخل المأمون إلي الإمام الرضا ، يعوده ، فوجده يجود بنفسه، فبكي، وقال : أعزز علي يا أخي ، بأن أعيش ليومك ، وقد كان في بقائك أمل، واغلظ ما علي من ذلك ، أن الناس يقولون أني سقيتك سما ، وأنا والله من ذلك بريء ، فقال له الرضا : صدقت يا أمير المؤمنين، أنت - والله - بريء ( مقاتل الطالبيين 571- 572).

ولما انتصر جيش المأمون علي أبي السرايا ، أخذ محمد بن العلوي ، وحمل إلي المأمون بخراسان ، فأقيم بين يديه ، ثم صاح الفضل بن سهل : اكشفوا رأسه ، وأسكن في دار علي سبيل الإعتقال والتوكيل، ثم دشت إليه شربة، فمات ( مقاتل الطالبيين 549).

وذكر صاحب كتاب الفخري ، أن الأمير طاهر بن الحسين ، أمير خراسان للمأمون ، مات بالسم، وأن الذي دس له السم، وزير المأمون احمد بن أبي خالد الأحول ، وذكر لذلك سببا ، وهو إن المأمون أنكر علي طاهر أمرأ ، فكتب إليه يتهدده، فأجاب طاهر بجواب غليظ ، وقطع الدعاء للمأمون ثلاث جمع، فقال المأمون لوزيره أحمد بن أبي خالد : أنت الذي ضمنت طاهرأ ، فعليك أن تتدارك أمره ، فقال له أحمد : يا أمير المؤمنين طب نفسا ، فبعد أيام يأتيك البريد بهلاكه ، وكذلك حصل ( الفخري 224).

ص: 145

وفر محمد بن القاسم الصوفي ، العلوي ، من سجن المعتصم ، واستتر أيام المعتصم والواثق ، ثم أخذ في أيام المتوكل ، فحمل إليه ، فحبس ، ويقال إنه دس إليه سما ، فمات في حبسه ( مقاتل الطالبين 588).

وقتل سعيد الحاجب ، بالسم موسي بن عبدالله بن موسي بن الحسن بن علي ، بناحية زبالة ، وهو في طريقه الي العراق ( مروج الذهب 459/2)

وقتل أحمد طولون ، صاحب مصر ، الحسن بن مخلد ، بأن دس له السم في شربة وهو في حبسه ، فقتله بها. وسبب ذلك إن الحسن بن مخلد ، كان معطلا ببغداد ، فكتب صاحب الخبر بمدينة السلام ، إلي الوزير اسماعيل بن بلبل، وزير المعتمد، إن مغنية غنت عند الحسن بن مخلد ، بشعر ذكرت فيه تقلب الأيام ، فكتب الوزير إلي الخليفة ، بأن الحسن يتربص به الدوائر ، فأمر المعتمد بنفيه إلي مصر ، فلما قدم علي ابن طولون مصر ، تناهي في بره وإكرامه ، ونادمه ، وشاوره في خلع طاعة المعتمد ، فنهاه ، وشاوره في قطع ما يحمل من مصر، فنهاه ، فقام في نفس ابن طولون إنه دسيس لبلاط الخليفة عليه ، فأمر بالقبض عليه، وحبسه، ثم دس إليه السم في شربة ، في محبسه ، فقتله بها ، للتفصيل راجع كتاب نشوار المحاضرة وأخبار المذاكرة للقاضي التنوخي ، تحقيق المؤلف ج 8 ص 30- 34 رقم القصة 9/8 و10.

ولما مات المعتمد في السنة 279 ذكروا إنه مات مسموما، واكتفي صاحب تاريخ الخلفاء ( ص 367) بالقول إنه سم، أما صاحب مروج الذهب 493/2 فإنه أفاض في الحديث ، فقال : كان المعتمد قد أمر بأن تصلح له رؤوس حملان برقابها ، فقدمت ، وكان معه علي المائدة رجل من ندمائه وسماره ، يعرف بقف الملقم ، وآخر يعرف بخلف المضحك ، وكان الملقم

ص: 146

أول من ضرب بيده إلي الرؤوس ، فكان ينتزع الأذن ويلفها في الرقاق ، ويغمسها في الأصباغ ، ثم يهوي بها إلي فيه ، ممعنا في الأكل ، وأما المضحك فإنه كان يقتلع اللازم والأعين ، فأكلوا وأكل المعتمد ، وأتموا يومهم ، فأما الملقم صاحب اللقمة الأولي فإنه تهرا في الليل، وأما المضحك فإنه مات قبل الصباح ، وأما المعتمد ، فإنه أصبح ميتا ، ولحق بالقوم ، وروي عن سبب وفاة المعتمد رواية أخري ، وهي إنه سم في شرابه بأن وضعوا فيه نوعا من السم يقال له : البيش ، يحمل من بلاد الهند وجبال الترك والتبت .

وتناول اثنان من جلساء المعتضد ، لقما من كرنبية مسمومة ، فقتلتهما ، وتفصيل ذلك ، أن المعتضد أمر في علته التي مات فيها ، وقبل موته بأيام يسيرة ، بأن يصنع له سم يقتل به جماعة ممن كان في الحبس ، لم يرد قتلهم قتلة ظاهرة ، السياسة رآها ، وفعل ذلك ، وجيء بالسم إلي حضرته ، فأراد تجربته قبل أن يقتل به من أراد قتله ، فطرح في كرنبية ، وأحضرت في طيفورية ، وهو مفكر فيمن يطعمه منها ، وعلي من يجرب السم الذي فيها ، إذ دخل محمد بن أحمد نقاطه وابن أبي عصمة ، فقيل لهما : إن الخليفة يريد أن يأكل من ذلك اللون ، وهو محجم عنه للحمية ، فقالا : ما أحسن هذه الكرنبية ، فلو أكل مولانا منها لقمة ، رجونا أنها لا تضره ، وتجاوزا ذلك إلي أن أكلا منها لقمة ، كأنهما قصدا استنهاض شهوته ، وتحريكها بأكلها ، فلم يمكنه أن ينهاهما لئلا يخرج السر، وأمسك عنهما ، ومضيا إلي منازلهما ، فماتا من يومهما ، وبلغ الخليفة خبرهما من الغد ، وقد اشتدت علته ، فعلم صحة السم ، وأمسك لسانه أن يأمر في معني من أراد أن يأمر في معناه ، بإطعامه من ذلك السم الذي عمل له ، ومات المعتضد بعد ذلك بثلاثة أيام ، ومضي أولئك بالعرض ، وسيء الاتفاق ، وسوء المقدار ، وكأنه عمل لهما . لا لغيرهما ، وسلم من عمل له وقصد به ، ونجا ( الهفوات النادرة 218) .

ص: 147

ودست الوزير القاسم بن عبيد الله، وزير المتنفي ، السم لابي العباس أحمد بن محمد بن الفرات ، في تفاحة أشمه إياها ، فأتلفته ، وسبب ذلك إن القاسم بن عبيد الله ، وزير المكتفي ، بلغه أن الحسين بن عمرو النصراني ، الذي كان كاتبا للمكتفي لما كان وليا للعهد ، أخذ يسعي في صرف القاسم عن الوزارة ، وحيث إنه ذمي لا يستوزر ، فهو يطلب استيراز ابراهيم بن حمدان الشيرازي ، كاتب الحسين ، علي أن تكون الدواوين بأجمعها في يد الحسين ، وعلي أن لا يخرج الوزير ابراهيم عن رأيه وإشارته ، فآضطرب القاسم ، واستشار ابن الفرات ، فقال له : عندي ما يكفيك ذلك ، وهو كتاب بخط الحسين ، كتبه لما خرج مع المكتفي إلي بعض الوجوه ، يذكر فيه العظائم عن المكتفي ، عن بخله ، وسقوط نفسه ، وعيوبه، وأعطاه الكتاب ، فأوصله القاسم إلي المكتفي ، فأذن له في القبض علي الحسين بن عمرو وعلي كاتبه إبراهيم بن حمدان ، فقبض عليهما، وأرسلهما إلي الأهواز ، حيث قتلا هناك ، وشكر القاسم أبا العباس أعظم شكر ، وسأله عن كيفية حصوله علي الكتاب ، فأخبره بأنه وجد ظهورا في دكان نطاف ، يلفت بها ما يبيعه من الناطف ، والظهور : الأوراق اتي سودت بطونها بالكتابة ، وبقيت ظهورها ، وإنه بعث غلامه إلي النطاف ، فاشتري الناطف ، ولقه في هذا الظهر ، فلما قرأه احتفظ به ، فلما انصرف ابن الفرات ، قال الكاتب ابن فراس ، وهو من المعرقين في الدس ، قد بان لك مقدار شير آبن الفرات ، وهو عدو مندس بين ثيابك ، ولعلة قد تحفظ عليك بما هو أكثر من هذا ، فأقبل قولي ، وعاجله بسم تدسه إليه ، فوقع ذلك في نفس القاسم ، حتي دس له السم في تفاحة ، لزيادة التفصيل راجع القصة في كتاب نشوار المحاضرة وأخبار المذاكرة للتنوخي تحقيق المؤلف ج 3 ص 268 - 272 رقم القصة 171/3 .

ود الوزير القاسم بن عبيد الله ، السم ، للشاعر ابن الرومي ، في

ص: 148

خشكنانجة ، أو لوزينجة ، وقيل في سبب ذلك ، إن ابن الرومي كان منقطعة إلي الوزير القاسم بن عبيد الله بن سليمان بن وهب ، وكان القاسم مغرمة بشعره ، مستطرفا له ، محسنا إليه ، فقال له أبوه : أريد أن أري ابن روميك هذا، فأحضره في مجلس أبيه ، فلما انفض المجلس ، قال لأبيه : كيف رأيته ؟ قال : رأيت ما ساءني ، رأيت رجلا ، سقيم العقل ، صحيح الشعر ، ومثل هذا لا تؤمن بوادره ، وأقل غضبة يغضبها ، تبقي في أعراضنا ما لا يغسله الدهر ، والرأي إبعاده ، قال : وكيف ذلك بعد اتصاله ؟ أخاف أن يظهر ما أضمره ، قال : يا بني ، اتبع فيه قول أبي حية :

يقلن لها في السر: هديك لايرح**** صحيحة وإن لم تقتليه فألممي

فأخبر القاسم : الكاتب ابن فراس بقول أبيه ، وكان ابن فراس من أشد الناس عداوة لابن الرومي ، فقال : إنما أشار عليك باغتياله ، وأنا أكفيك أمره ، فسم له لوزينجة وقدم له الجام ، وهي في أعلاه ، فلما تناولها أحس بالموت ، ونهض قائمة ، فقال له : إلي أين يا أبا الحسن ؟ فقال : إلي حيث ارسلتني ، فقال : أصرفوه ، فقد غلب عليه السكر ، راجع كتاب نشوار المحاضرة للتنوخي ج 3 رقم القصة 171 ، وراجع وفيات الأعيان 361/3 وكتاب الملح والنوادر للحصري 241.

وفي السنة 290 أظهر علي بن الفضل بن أحمد القرمطي ، باليمن ، الدعوة للمهدي المنتظر ، فتبعه كثير من القبائل، واستولي علي اليمن ، جبالا وتهائم ، ثم ادعي النبوة ، فكان المؤذن عنده يؤذن : وأشهد أن علي بن الفضل رسول الله ، ثم امتد به عتوه ، فأصبح يكتب إلي عماله : من باسط الأرض وداحيها، ومزلزل الجبال ومرسيها ، علي بن الفضل، إلي عبده فلان ، ومات مسمومة ، سمه في السنة 303 طبيب بغدادي اسمه شريف ، بعد أن حكم 13 سنة ( الاعلام 135/5).

وفي السنة 295 مات القائد إسحاق بن أحمد الساماني ، بالموصل،

ص: 149

مسموما ، سمه غلامه ، وتزوج امرأته ، واستولي علي ماله . ( ابن الأثير 7/8 و8 ) .

وفي السنة 296 ولي إفريقية أبو مضر زيادة الله بن الأغلب ، بعد قتل أبيه ، فقتل عمه إسحاق ، وقتل من قدر عليه من أعمامه وإخوته ، فانتقضت حاله ، وخرج عن إفريقية بأمواله وأتباعه إلي مصر، ثم إلي فلسطين ، ثم عاد إلي مصر ، فسمه بعض غلمانه ، فسقط شعر لحيته ، ومات . ( ابن الأثير 23/8 ) .

وفي السنة 311 عزل المقتدر وزيره حامد بن العباس ، وأعاد أبا الحسن بن الفرات للوزارة ، وأسلم حامد، للمحسن بن الفرات ، ابن الوزير ، فعذبه المحن عذابا شديدا ، ثم أحدره إلي واسط ، وأمر من سمه في بيض مشوي ، فمات ( ابن الأثير141/8 و142).

وقبض الوزير أبو الحسن بن الفرات ، علي إبراهيم بن عيسي ، أخي الوزير علي بن عيسي ، وصادره ، فأدي بدل المصادرة ، فصادره مصادرة ثانية ، ثم اسلمه إلي المحن ، فأوقع به مكروهة شديدة ، وبعث به إلي البصرة ، فسمه عاملها . ( الوزراء للصابي 50).

وفي السنة 323 قبض الراضي العباسي ، بإغراء من وزيره ابن مقلة ، علي ولدي ياقوت ، محمد والمظفر ، واعتقلهما ، ومات محمد في السجن بنفث الدم ، فاتهم أخوه المظفر ، ابن مقلة ، بأنه قتل أخاه بالسم ، ولما أطلق من سجنه، سعي في مكروه ابن مقلة، وحرك عليه الجند، فشغبوا علي الوزير ، وهاجموا داره ، ونقبوا عليها من ظهرها ، ودخلوها، وفي السنة 324 حضر ابن مقلة دار الخليفة ، فقبض عليه المظفر بن ياقوت واعتقله ( ابن الأثير 305/8- 314) .

وفي السنة 341 مرض المنصور العبيدي ، صاحب إفريقية بالسهر

ص: 150

والأرق ، فأحضر له طبيب شاب اسمه ابراهيم ، فركب له عقاقير ، أدمن شمها ، فنام ، ومات وهو في نومه ، فأراد أصحابه قتل إبراهيم الطبيب ، فقيل لهم : ماله ذنب ، وإنما داواه بما ذكره الأطباء . ( وفيات الأعيان 236/1)

وفي السنة 359 مات أبو عبد الله محمد بن الحسن الحسني الملقب بالمهدي ، والمعروف بابن الداعي ، قيل إنه توقي مسمومة في هوسم ببلاد الديلم ( الاعلام 311/6 و 316).

وفي السنة 362 قبض بختيار البويهي علي وزيره أبي الفضل الشيرازي ، واسلمه إلي أبي الحسن محمد بن عمر بن يحيي العلوي ، وسم بأن سقي ذراريح في سكنجين ، فتقرحت مثانته ، ومات . ( تجارب الأمم 313/2 والمنتظم 60/7 ).

وكان ألفتكين التركي ، مولي معز الدولة ، قد فارق مولاه بختيار ، وسار في طائفة من الجند إلي دمشق ، فاستولي عليها ، وحاربه جيش الفاطميين فأسر ، فأكرمه العزيز الفاطمي ، وأنزله في قصره ، فوضع عليه الوزير من سمه في شراب ، فمات ، فحزن عليه العزيز ، وآتهم الوزير بسمه ، وحبسه نيفا وأربعين يوما ، وكان ذلك في السنة 365 ( التكملة 228 وابن الأثير 661/8 ).

أقول : كان الفتكين ، القائد التركي ، مولي معز الدولة ، قد أرمضته معاملة بختيار بن معز الدولة ، فترك العراق ، ومعه طائفة صالحة من الأتراك ، ووصل إلي حمص ، ثم إلي دمشق ، فنزل بظاهرها، وكانت دمشق في فتنة ، فخرج أشراف دمشق وشيوخها إلي الفتكين ، وطلبوا منه أن يقيم عندهم ويحكم دمشق ، فأجابهم لذلك ، واستحلفهم علي الطاعة ، ودخل البلد ، ونفي عنه أهل العبث والفساد ، فأصلح حال البلد، ولما توفي المعز ، قصد الفتكين صيدا فاستولي عليها وعلي عكا وطبرية، فسير إليه

ص: 151

العزيز الفاطمي جيشأ بقيادة جوهر فاتح مصر وباني القاهرة ، فحصر جوهر دمشق ، فكاتب الفتكين ، الحسن بن أحمد القرمطي ، فحضر لمعاونته ، فانسحب جوهر من حصار دمشق ، فاتفق الفتكين والحسن القرمطي ، وحصرا جوهر ، فاجتمع جوهر بالفتكين ، وقال له : قد عرفت ما يجمعنا من عصمة الإسلام ، وحرمة الدين ، وقد طالت هذه الفتنة ، وإريقت فيها الدماء ، ونحن المؤاخذون بها عند الله ، فراقب الله تعالي ، وراجع نفسك ، فإني أدعوك إلي الصلح ، فقال له ألفتكين : أنا واثق بك ، لكني غير متمكن من المصالحة بسبب صاحبي القرمطي الذي الجأتني أنت إلي مداراته والقبول منه ، فقال له جوهر : إذن ، أريد منك أن تمن علي ، وعلي من معي من المسلمين ، وتذم لنا ، وأعود إلي صاحبي شاكرة لك ، فأجابه إلي ذلك ، وترك جوهرة وجيشه يسيرون عائدين إلي مصر ، ولم يتعرض لهم أحد، ثم أن العزيز بالله الفاطمي قصد الشام بجيش لجب ، فاقتتل مع الفتكين والقرامطة ، وفي خلال المعركة ، بذل العزيز لألفتكين الرغائب إن أنحاز إليه ، ووعده بقيادة الجيش الفاطمي ، فترجل بين الصفين ، وقبل الأرض للعزيز ، وقال للرسول : قل لأمير المؤمنين ، لو تقدم هذا القول لسارعت ، أما الآن فلا يمكن إلا ما تري ، وعاد إلي الاشتراك في المعركة ، ولما ربح العزيز الحرب ، وآنفل جيش ألفتكين والقرامطة بذل العزيز لمن يأتيه بألفتكين مائة ألف دينار ، وكان ألفتكين قد لجأ إلي المفرج بن دغفل الطائي ، فأخبر العزيز بأنه عنده ، فأعطاه مائة ألف دينار ، وتسلمه منه ، فأكرمه، وأحسن إليه ، وأخذه إلي مصر، وأنزله معه في قصره ، ثم مات ، فاتهم العزيز وزيره ابن كلس بأنه سمه بأن سقاه شيئا ( ابن الأثير 656/8 - 661 ).

وقتل المنصور بن أبي عامر ، في قرطبة ، هشام ، ابن أخي المصحفي الحاجب ، في السنة 366 بأن سمه في ماء شربه ( نفح الطيب 90/3 ).

وأنفذ عضد الدولة ، إلي مكة ، أحمالا ، فسلبها الأعراب ، ولما قيل

ص: 152

لهم إنها للملك عضد الدولة ، سبوه ، فتقدم عضد الدولة بعمل شيء كثير من الحلاوات المسمومة ، وبعث بها صحبة أمتعة ، ومروا بها أمام اولئك الأعراب ، فعاودوا سلبها، وأكلوا منها، فهلكوا ( ذيل تجارب الأمم 57/3 ).

وفي السنة 370 دس وزير رومي لابن الشمشقيق السم فقتله . ( ذيل تجارب الأمم 13/3 ).

وفي السنة 373 التجا حسام الدولة أبو العباس تاش ، حاجب نوح ين منصور الساماني ، من خراسان إلي فخر الدولة بالري ، فقلده جرجان ، ومات بها في السنة 377 فقال الناس : إنه مات مسمومة . ( ذيل تجارب الأمم 25 و96 وابن الأثير 10/9 -12 و24- 29 ) .

وفي السنة 379 قتل أبو الحسن الكواكبي ، أبا نصر بن كعب ، بالسم ، سقاه دفعتين ، فلم يؤثر فيه ، وسقاه الثالثة ، فنفخ وجهه ، ثم قتله بالسيف . ( ذيل تجارب الأمم 157/3 ).

وفي السنة 381 عمد أحد الأشرار ، وهو خلف بن أحمد ، المتغلب علي سجستان ، إلي حيلة ذات طرفين ، إذ كان يرغب في إعلان الحرب علي جاره صاحب كرمان ، وأن يتخلص من القاضي أبي يوسف الباز من رعيته ، لأنه كان مسموع الكلمة في سجستان ، فأوفد القاضي إلي صاحب كرمان ، وبعث معه رجلا ، وأوصاه أن يتم القاضي وهو في ضيافة صاحب كرمان ، فسمه في قطائف ، واتهم خلف ، صاحب كرمان بقتله ، وأعلن عليه الحرب ، للتفصيل راجع ذيل تجارب الأمم 189 - 198 ، وراجع ترجمة خلف اهنا في هذا الكتاب ، في الباب الحادي عشر ( القتل ) الفصل الأول ( القتل بالسيف ) القسم الثالث ( القتل غدرأ ) .

وفي السنة 382 قتل أبو الحسن المعلم ، وزير شرف الدولة ، وكان من شرار الخلق سقي السم دفعتين فلم يعمل فيه ، فخنق بحبل الستارة ( ذيل تجارب الأمم 244).

ص: 153

وفي السنة 392 توفي الحاجب المنصور محمد بن أبي عامر بالاندلس ، فخلفه ولده عبد الملك الملقب بالمظفر ، وحكم سبع سنين ، وكان مرضي السيرة ، وذكر أن سبب موته ، أن أخاه عبد الرحمن ، سمه في تفاحة ، قطعها بسكين كان قد سم أحد جانبيها ، وناول أخاه ما يلي الجانب المسموم ، وأخذ هو ما يلي الجانب الصحيح ، فأكله بحضرته ، فأطمأن المظفر ، وأكل النصف الآخر ، فمات وكان ذلك في السنة 399 ( ابن الأثير 677/8 و 678 ).

واتهمت السيدة أم مجد الدولة ، ابا العباس الضبي ، وزير مجد الدولة ، إنه قتل ابن أخيها بالسم ، فهرب منها إلي بدر بن حسنويه ، فد أبو بكر بن رافع وواطأ أحد غلمان الضبي ، فسقاه سما كان فيه حتفه في السنة 397 . ( معجم الأدباء 73/1 و 74 ).

وكان أبو عبد الله بن الحيري من شرار الخلق ، وكان يكتب للحسن بن المسيب ، بالموصل ، فأراد أن يقتل الحسن بسم يطعمه إياه ويهرب ألي الشام ، فدعاه إلي وليمة ، وقدم إليه بطيخة مسمومة ، فقال له الحسن : تقدم يا أبا عبد الله وكل ، فاحتج بأنه صائم ، وخشي أن يشتبه به الحسن ، فقال لأبي الفتح ابنه : إجلس وكل مع الأمير ، فجلس ابنه ، وأكل ، ومات ، وتأخر الحسن قلي؟ ومات . (تاريخ الصابي 446/8 ) .

وفي السنة 414 مات الشاعر محمد بن عبدالله القفصي الضرير ، الملقب بالناجحون ، وكان هجاء ، دس له السم في الطعام بعض من هجاه ، فقتله ، وكان يعلم الصبيان ، ولا يصبر عن النبيذ ، قال أحد من رآه ذات يوم وهو سكران ، يقول للصبيان : ( الوافي بالوفيات 342/3 ).

يافراخ المزابل***ونتاج الأراذل

اقرأوا لاقرأتم ***غير سحر وباطل

روح الله منكم ***عاجلا غير آجل

ص: 154

وفي السنة 416 ثار أهل قرطبة علي خليفتهم محمد بن عبد الرحمن بن عبيد الله بن الناصر ، الملقب بالمستكفي ، وهو والد ولادة الشاعرة ، صاحبة ابن زيدون ، وكان المستكفي قد استقر في الخلافة ستة عشر شهرا ، وكان غاية في التخلف ، وقبيح الذكر ، فطرده القرطبيون ، وضجر منه أصحابه ، فشوي له أحدهم دجاجة ، ووضع فيها شيئا من البيش ( حشيش سام - مفردات ابن البيطار 132/1 - 133). فأكلها ومات ( المعجب للمراكشي 108-107 وابن الأثير 277/9 - 278).

وفي السنة 419 توقي قوام الدولة أبو الفوارس بن بهاء الدولة البويهي ، صاحب كرمان ، وكان ظالما سيء السيرة ، تكرهه الرعية ، وكان إذا شرب ضرب أصحابه ، وضرب يومأ وزيره مائتي مقرعة ، وحلفه بالطلاق أن لا يتأوه ، قيل إنهم سموه فمات ( ابن الأثير 368/9 ) .

وفي السنة 423توفي شرف الدولة قدرخان ، صاحب بخاري وكاشغر ، وختن ، وبلاساغون ، وخلف أولادة ، أكبرهم بغراخان ، والثاني أرسلان خان ، وكان قدرخان قد جعل ولاية العهد لولده بغراخان ، فلما ولي الحكم ، نازعه أخوه أرسلان خان ، ولكن بغراخان تغلب عليه واعتقله ، وعهد بغراخان بولاية العهد لولده الأكبر حسين جغري تكين ، وكان لبغراخان امرأة لها منه ولد صغير اسمه إبراهيم ، فغاظها حرمان ولدها من ولاية العهد ، فعمدت إلي زوجها، ودت له السم ، فمات وعدة من أهله ، ثم خنقت أخاه أرسلان خان ، وكان ذلك في السنة 439 ، وقتلت وجوه أصحابه ، وملكت ولدها إبراهيم ، وسيرته في جيش إلي مدينة برسخان، فانكسر ، وقتل في المعركة ( ابن الأثير 299/9 ).

ولما استولي الحسن بن يحيي من آل حمود ، علي مالقة بالأندلس ،

ص: 155

وبويع بالخلافة في السنة 431 ، وتسمي بالمستعلي ، قتل ابن عمه يحيي بن ادريس ، وكانت ابنة عمه شقيقة يحيي ، تحته ، فقيل إنها سمته انتقام الأخيها . ( المعجب للمراكشي 116).

ولما توفي المستنصر الحمودي ، في السنة 434 ، وكانت إليه سبنة ومالقة ، وغرناطة ، وجملة من بلاد الأندلس ، قيل أنه مات مسمومأ . ( الأعلام 241/2 ).

وفي السنة 447 قتل ابو حرب سليمان بن نصر الدولة بن مروان، صاحب الجزيرة ، وكان أبو حرب قد اختلف مع الأمير موسك بن المجلي زعيم الأكراد البختية، فراسله أبو حرب واستماله وسعي في تزويجه بابنة الأمير أبي طاهر البشنوي ، وهو ابن اخت نصر الدولة بن مروان ، فتزوجها واطمأن من أبي حرب، فلما زاره ، غدر أبو حرب به وقبض عليه وحبسه ، فغضب أبو طاهر البشنوي ، وأرسل إلي نصر الدولة يشفع في موسك ، فأظهر أنه قد مات ، فشق ذلك علي أبي طاهر ، وقال لنصر الدولة وولده أبي حرب : إذا كنتما تريدان قتله ، فلماذا جعلتما إبنتي طريقا إلي ذلك ، وقلدتماني العار ، وتنكر لهما ، فوضع عليه أبو حرب من سقاه سمأ فمات ، فولي ابنه عبيد الله بن أبي طاهر ، فراسله أبو حرب وأظهر له المودة ، واستقر الامر بينهما علي الإجتماع، فلما اجتمعا قتل عبيدالله أبا حرب. ( ابن الأثير607-606/9)

وفي السنة 452 قتل نجاح، رأس دولة آل نجاح في زبيد ، وكان عبد علا أمره حتي استولي علي زبيد، واتسع ملكه ، وضربت السكة باسمه ، قتله علي بن محمد الصليحي بسم دشه له علي يد جارية في الكدراء ( الأعلام 324/8 ).

وبلغ المعتضد اللخمي ، صاحب اشبيلية (ت 464) ، أن أعمي بمكة

ص: 156

كان يدعو عليه ، وكان هذا الرجل من بادية إشبيلية ، فأفقره المعتضد ، فقصد مكة ، وأخذ يدعو عليه ، فبعث إليه رسولا ، ومعه حق فيه دنانير مطلية بالسم ، وأمره أن يسلمه إلي الأعمي ، فوصل الرجل مكة ، وسلم الدنانير إلي الأعمي ، ففتح الحق ، وأخذ دينارة ، فوضعه في فمه ، فمات . ( المعجب للمراكشي 153).

وفي السنة 469 أمر الخليفة باعتقال الشريف أبي جعفر في دار الخلافة، فاعتقل مكرمة . ثم مرض مرضا أثر في رجليه فانتفختا، فيقال أن بعض المتفقهة من الأعداء نزل له في مداسه سما ( المنتظم 307/8 ) .

وروي صاحب اعلام النبلاء 201/4 قصة تتعلق بدس السم ، أنا في ريب من صحتها ، ولكني أوردها إتماما للفائدة ، قال : كان الأمير عبدالله بن محمد الخفاجي المتوفي سنة 466 قد عصي بقلعة إعزاز من أعمال حلب ، علي أمير حلب محمود الملقب رشيد الدولة ، فطلب محمود من وزيره أبي نصر بن النحاس ، أن يحتال علي الخفاجي ليقدم حلب ، وكان ابن النحاس صديقة للخفاجي ، فكتب إليه كتابا يرغبه فيه في الحضور إلي حلب ، وكانت آخر جملة في الكتاب : إن شاء الله ، فوضع الوزير علي كلمة ( إن ) شدة ، وكان الخفاجي شاعرة أديبأ ذكيا ، فانتبه إلي أن الشدة علي ( إن ) تعني الآية : إن الملا يأتمرون بك ليقتلوك ، فكتب الجواب ، وكانت آخر جملة فيه : أنا الخادم المعترف بإنعام الأمير ، ووضع شدة علي نون ( أنا ) فلما وصل الجواب إلي الوزير ، علم أن المقصود بهذه الشدة، الآية : إنا لا ندخلها أبدا ما داموا فيها ، فاستدعي الأمير رشيد الدولة محمود وزيره ابن النحاس ، وقال له : أنت أشرت علي بتولية الخفاجي وما أعرفه إلا منك ، ومتي لم يفرغ بالي منه قتلتك ، وألحقت بك جميع من بينك وبينه صلة وحرمة ، فقال له : مرني بأمرك أمتثله ، فقال له : تمضي إلي الخفاجي في ثلاثين فارسأ ، فإذا نزلت به ، وحل موعد الطعام ، فأخرج هاتين

ص: 157

الخشكنانتين ، وكل هذه ، وأطعمه هذه ، فإذا استوفي أكلها ، فعجل في العودة ، فإن منيته فيها ، ففعل ما أمره ، ولما أكلها الخفاجي ، عاد أبو نصر إلي حلب ، فأصابت الخفاجي أوجاع في البطن ورعدة ، فقال : قتلني - والله - أخي أبو نصر ثم مات .

وفي السنة 475 أمر السلطان ملكشاه ، بقتل منصور ، ابن وزيره نظام الملك ، فسقي سم في كوز فقاع ( ابن الأثير 124/10 ).

وفي السنة 482 أراد أمير المسلمين يوسف بن تاشفين ، التخلص من سيد قبيلة كزولة ، واسمه محمد بن إبراهيم ، فدعا حجامة ، وأعطاه مائة دينار ، وضمن له مثلها ، إن هو احتال علي قتل محمد بن إبراهيم ، فأخذ الحجام مشاريط مسمومة ، وصعد الجبل ، وأخذ ينادي لصناعته ، فارتاب به محمد ابراهيم ، وقال : أراه يكثر الصياح ، وأحضره ، واستدعي حجامأ آخر ، وأمره أن يحجم الحجام بمشاريطه التي معه ، فامتنع، فأمسك وحجم بمشاريطه ، فمات ، ولما فشلت حيلته ، استمال قسما من أصحاب محمد ، وبعث إليهم بجرار عسل مسموم ، فأهدوا الجرار الي محمد ، فأحضرهم ، وأمرهم، أن يأكلوا من العسل، فامتنعوا، فأطعمهم قسرأ، فماتوا ( ابن الأثير 179-178/10)

وفي السنة 492 مات الميراخور ، من أكابر القواد السلاجقة ، فاتهم ربيبه الأمير أياز ، وزير الميراخور بأنه قتله بالسم ، فقتله ، وامتدت التهمة إلي مؤيد الملك ، وزير السلطان محمد، بأنه شارك في دس السم للميراخور ، فقتله السلطان بركياروق ( ابن الأثير 303/10 -304).

وفي السنة 493 قتل السلطان بركياروق السلجوقي ، الفقيه أبا القاسم الجويني ، بأن دس له السم في محبسه . ( الكامل لابن الأثير 296/10 ).

وروي أن الشاعر الأبيوردي ، المتوفي سنة 507 ، كان قد توتي

ص: 158

الإشراف في مملكة السلطان محمد بن ملكشاه ، فسقوه السم ، وهو واقف عند سرير السلطان ، فخانته رجلاه ، وجمل إلي منزله ، فمات . (معجم الأدباء 343/6 ).

واشتري منصور بن فاتك بن جاش ، سلطان اليمن ، في السنة 517 جارية مغنية ، اسمها علم ، فولدت له ولده فاتكأ ، وحظيت عنده ، فجعل لها تدبير المملكة ، فنهضت بها ، وقتل زوجها بالسم ، فولي ولدها فاتك ، واستبد بالأمر قاتل زوجها ، فقتل بالسم أيضا في السنة 524 فأدارت هي أمور الدولة ، ثم احتيل علي ولدها فاتك، فقتل بالسم أيضا في السنة 531 أما هي ، فقد توفيت سنة 545 ( الاعلام 50-49/5).

وكان الحافظ الفاطمي ( 524-544) كثير الفتك بوزرائه وخاصته استوزر أحمد بن الفضل الجمالي، وقتله ، واستوزر يأنس الحافظي ، فد له السم ، وفوض الأمر لابن له اسمه سليمان ، فمات لشهرين من ولايته ، وأقام ابنأ آخر له اسمه حسن، ثم قتله بالسم ، واستوزر وزيرة آخر اسمه تاج الدولة بهرام، ثم قتله . ( الأعلام 293/4 ).

أقول : في السنة 526 استوزر الحافظ الفاطمي ، بمصر، ولده حسنا ، وخطب له بولاية العهد ، فسفك كثيرة من الدماء ، حتي انه قتل في ليلة واحدة ، أربعين أميرة ، فاجتمع الأمراء الباقون ، وراسلوا الحافظ ، وقالوا له : إما أن تسلم إلينا ولدك لنقتله ، أو نقتلكما جميعا ، فاستدعي الحافظ ولده ، وحبسه ، فراسلوه بأننا لا نرضي إلا بقتله ، فسقاه سما، فمات ، وأصر القواد علي التوثق من موته ، فحضر بعضهم، وجرحوا أسافل رجليه، فلم يجر منها دم ، فعلموا موته ، وكان موته في السنة 529 ( ابن الأثير 22/11 و 23)

وذكر صاحب النجوم الزاهرة 243/5 كيفية قتل الحافظ ولده حسن ، في السنة 528 بأن أوعز إلي الطبيب فصنع له شربة سم ، وألزم ولده بأن

ص: 159

يشربها ، فشربها ، وذلك لأن الجيش هدد بأنه إن لم يقتل حسنأ ، فإن الجيش سوف يقتلهما معا. ۔

وفي السنة 533 توفي أبو بكر بن باجه الأندلسي ، في مدينة فاس ، مسمومة في باذنجان ( معجم البلدان 4 / 431). :

وفي السنة 941 مات بالسم السلطان قطب الدين محمد الغوري ، ملك الجبال ، دس السم له حموه ، والد زوجته السلطان بهرام الغزنوي ( معجم أنساب الأسر الحاكمة 421).

وفي السنة 555 توفي السلطان السلجوقي ملكشاه بن محمود بن محمد بن ملكشاه بن ألب أرسلان ، مسموم في لحم مشوي ، وكان سبب ذلك أنه طالب الخليفة ببغداد أن يقطع خطبة عمه سليمان ، وأن يخطب له ، فعمد ابن هبيرة وزير الخليفة إلي خصي يثق به ، وبعث به إلي بلاد العجم ، فاشتري جارية من قاضي همدان بألف دينار ، وباعها للسلطان ملكشاه ، وواضعها علي سمه ، ووعدها أمورا عظيمة ، فسمته في لحم مشوي ، فأصبح ميتا ، وضربت الجارية فأقرت ( ابن الأثير 263/11 ).

ود الوزير ابن هبيرة ، وزير المقتفي والمستنجد، السم ، لأحد خطباء الجامع في بلاد العجم ، ذكر ذلك ابن طباطبا في كتابه الفخري ( ص 314) قال : كان بعض بلاد العجم رجل كلما أقيمت الخطبة يوم الجمعة في الجامع ، يقوم ويذم الخليفة ، ويدعو للسلطان ، فاتصل ذلك بالوزير عون الدين أبي المظفر يحيي بن هبيرة (ت 560) فأحضر شخصا من أهل بغداد ، وأمره أن يسافر إلي تلك البلدة ، وأعطاه عشرة دنانير ذهبا ، وقال له : إذا دخلت ذلك البلد ، وحضرت في الجامع يوم الجمعة ، ورأيت الرجل الذي پست الخليفة ، فانهض اليه ، وأنت علي زي التجار ، وأمن علي كلامه ، وأظهر البكاء عند سبه الخليفة ، وقل : إي والله ، فعل الله به وصنع ، وهل

ص: 160

غبني عن عيالي ووطني ، وأفقرني غيره ؟ ثم افعل في الجمعة الثانية كذلك ، وقل له : قد حلفت أن املا فمك دنانير ، وضع هذه الدنانير حشو فمه، وأخرج ، وغير زيك ، وبارح البلد ، ففعل الرجل ذلك ، وكانت الدنانير مسمومة ، فلما راح ذلك الرجل الي بيته ، ما زال يتقلقل ، حتي مات من يومه.

وفي السنة 560 توفي الوزير عون الدين بن هبيرة ، وزير المقتفي والمستنجد ، فقيل إن طبيبه ابن رشادة سقاه سما فمات (المنتظم216/10 ).

وفي السنة 567 توفي أبو عبدالله محمد بن سعد المعروف بابن مردنيش ، صاحب شرق الأندلس ، واتهمت أمه بأنها دشت له السم لأنه أساء عشرة أهله وخواصه ، فنصحته ، فتهددها ، فخافت من بطشه ، وعملت عليه ، فقتلته بالسم . ( وفيات الأعيان 131/7 ).

وفي السنة 567 توقي الإمام محمد بن محمد البروي الشافعي الواعظ ، وكان ببغداد شديدة علي الحنابلة ، يبالغ في ذمهم ، وكان شابا مليح الصورة ، حسن العبارة ، فذكر أن الحنابلة ، دشوا عليه سما، فجاءته امرأة في الليل ، ومعها صحن حلوي ، فطرقت بابه ، وقالت : أنا امرأة آكل من مغزلي ، وقد غزلت قطنة ، وبعته، واشتريت من ثمنه هذه الحلوي ، واشتهيت أن يأكل الشيخ منها ، فإنها من حلال ، فتناوله منها ، ومضت ، وجلس يأكل وزوجته وولد له صغير ، فأصبحوا موتي جميعا ، ( المنتظم 239/10 وابن الأثير 376/11 والوافي بالوفيات 280/1 ).

وفي السنة 580 سار شهاب الدين الغوري إلي الهند ، فحاصر بها مدينة أجره ( أغرا ) وبها ملك من ملوك الهند ، فلم يظفر منه بطائل ، وكان للهندي زوجة غالبة علي أمره ، فراسلها شهاب الدين أنه يتزوجها ، فأعادت الجواب إنها لا تصلح له ، وإن لها ابنة جميلة تزوجه إياها ، فأرسل إليها

ص: 161

يجيبها إلي التزوج بابنتها ، فسقت زوجها سمة ، وسلمت البلد إليه ، فلما تسلمه ، أخذ الصبية ، فأسلمت ، وتزوجها ، وحملها إلي غزنة ، وأجري عليها الجرايات الوافرة ، ووكل بها من يعلمها القرآن ، وتشاغل عنها، فتوفيت والدتها ، ثم توفيت هي بعد عشر سنين ، ولم يرها، ولم يقربها ، فبني لها مشهد ، ودفنها فيه، وأهل غزنة يزورون قبرها ( ابن الأثير 171/11 ۔ 172)

وفي السنة 603 توفي إيتامش ، مملوك الخليفة الناصر لدين الله العباسي ، وكان قد أقطعه الخليفة الدجيل ودقوقا، فآتهم نصراني من الدجيل ، يقال له ابن ساوة بأنه سمه ، فأمر الخليفة بتسليم النصراني إلي مماليك ايتامش ، فكتب الوزير إلي الخليفة يقول : إن النصاري بذلوا في ابن ساوة مائة ألف دينار كي لا يقتل ، فلم يستمع الخليفة إلي قوله ، وسلم ابن ساوة إلي المماليك فقتلوه وأحرقوه ( شذرات الذهب 9/5).

أقول : ذكر صاحب الجامع المختصر القصة في الصحيفة 219 و220 وذكر أن اسم الأمير تتامش ( بتائين ) الناصري ويلقب علاء الدين ، وإن ابن ساوة الذي اتهم بسمه ، كان ناظرة في اعمال الدجيل ومعاملة دقوقا ، وإن الأمير علاء الدين تتامش كان مقطع دقوقا .

وجاء في كتاب الذيل علي الروضتين ( ص 61) إن الذي قتل الأمير علاء الدين ايتامش بالسم ، هو الوزير ابن مهدي ، وزير الناصر العباسي ، وإن الوزير دس السم لآق سنقر الدوادار ولعلاء الدين ايتامش .

ولما توفي الامام فخر الدين الرازي في السنة 606 وكان مخاصمة للكرامية ، قال بعض الناس : إن الكرامية دشوا له السم ( شذرات الذهب 21/5)

ص: 162

وفي السنة 634 مات بالسم السلطان علاء الدين كيقباد بن كيخسرو ، سلطان الروم ، وهو من السلاجقة ( معجم أنساب الأسر الحاكمة 215) .

وفي السنة 662 توفي الملك الأشرف موسي بن ابراهيم الايوبي ، ملك حمص والرحبة عن 35 سنة ، وقيل إنه مات مسمومة ( شذرات الذهب 311/5والاعلام 267/8 ).

وفي السنة 676 توقي بدمشق ، الملك القاهر بهاء الدين عبد الملك الأيوبي واتهم الظاهر بيبرس بأنه د له السم في الشراب ( تاريخ ابن الفرات 86/7)

وفي السنة 676 توفي الأمير بيلبك الخازندار الظاهري ، نائب السلطنة بمصر ، أصابه قولنج عظيم ، فاتهم شمس الدين الفارقاني ، بأنه دس له السم ، وفي السنة 977 نصب الملك السعيد بركة، شمس الدين الفارقاني ، نائبا له ، فوثب عليه خاصة الملك السعيد ، واعتقلوه ، ثم خنقوه ( شذرات الذهب 351/5 و 357) .

أقول : ذكر ابن الفرات في تاريخه 94/7 أن الذي اتهم بدس السم للأمير بدر الدين بيلبك الخازندار هو الملك السعيد بركة ، خوفا منه ، لمحبة الجندله .

وفي السنة 682 توفي الوزير نجم الدين حمزة بن محمد الأصفوني ، وزير المنصور قلاوون ، وآتهم عبد له اسمه فرج، بأنه د له السم ، فأخذ الشجاعي فرجأ هذا ، وضربه بالمقارع إلي أن مات (تاريخ ابن الفرات 284/7)

وفي السنة 686 توفي قاضي القضاة برهان الدين أبو محمد الخضر بن الحسن السنجاري ، وكان قد ولي قضاء مصر ، ثم ولي الوزارة مرتين ، ثم ولي قضاء القضاة في الأقاليم ، ومات بعد عشرين يوما من توليه منصبه الأخير ، فقال الناس إنه سم ( شذرات الذهب 395/5 ).

ص: 163

وفي السنة 687 توفي الملك الصالح علاء الدين علي ابن المنصور قلاوون ، بالقاهرة وكان أبوه صاحب مصر والشام ، قد ولاه العهد، فاتهم أخوه الملك الاشرف صلاح الدين خليل، بأنه سمه (تاريخ ابن الفرات 70/8)

وفي السنة 689 توفي الملك المنصور ، سيف الدين قلاوون ، ملك مصر والشام ، وقيل إن ولده الملك الاشرف الدين خليل سقاه السم (تاريخ ابن الفرات 97/8 ) .

وفي السنة 690 مات السلطان أرغون ، وقيل إنه سم ، واتهموا سعد الدولة الماشعيري، اليهودي ، بأنه سمه ، فكانت حجة لطلاب المال والجاه ، إذ مالوا علي اليهود قتلا ونهبا ، وسلبأ ، وقتل سعد الدولة فيمن قتل ( شذرات الذهب 411/5 وتاريخ العراق للعزاوي 352/1 ) .

وفي السنة 694 توفي بتعز من بلاد اليمن ، الملك المعز يوسف بن عمر بن علي بن رسول سلطان اليمن ، وقد تجاوز الثمانين ، مات مسموما ، سمته أحدي جواريه ( النجوم الزاهرة 73/8 ).

وفي السنة 703 توفي القان محمود بنغازان ، وكان بعد شابة ، فذكر الناس أنه سم، ووصفوا كيفية سمه ، بإنه سم في منديل تمسح به بعد الجماع ( شذرات الذهب 9/6 )،وقد بحثنا عن كيفية موته وأوردنا ترجمته اختصار في موضع آخر من هذا الكتاب .

وفي السنة 712 توفي صاحب ماردين نجم الدين غازي بن المظفر قرا أرسلان عن بضع وستين سنة ، وتملك بعده ولده العادل ، فمات بعد أيام ، فقيل أن الأب والابن سمهما قراسنقر ، ثم تملك بعدهما الابن الآخر الملك الصالح (شذرات الذهب 31/6 ) .

ص: 164

وفي السنة 732 بلغ السلطان الملك الناصر محمد بن قلاوون ، أن الأمير بكتمر الساقي قد تآمر مع أمراء آخرين علي الفتك به ، فاحترز منه غاية الإحتراز ، وكان السلطان في طريق الحج ، ومعه بكتمر وولده أحمد، وبعد انتهاء الحج ، توفي في طريق العودة أحمد بن بكتمر وتبعه بكتمر بعد يومين ، فأتهم الناصر بأنه دس لهما السم ، وأخذت زوجة بكتمر تصيح بالسلطان بصوت عال : يا ظالم ، أين تروح من الله ، ولدي وزوجي ، زوجي كان مملوكك ، ولدي أيش كان بينك وبينه ؟ ، وكررت ذلك مرارة ، فلم يجبها السلطان . ( النجوم الزاهرة 104/9 - 106).

وفي السنة 743 قصد الملك الأشرف بن تمرتاش بن جوبان ، صاحب أذربيجان وأزان ، بير حسن بن محمود بن جوبان ، فوقعت الحرب بينهما بظاهر أصبهان ، فانتصر الأشرف ، واستولي علي شيراز ، والتجا بير حسن إلي حسن بن تمرتاش بالسلطانية ، فسقاه سما ، فمات ( تاريخ الغيالي 85 و 86)

وفي السنة 770 بلغ السلطان بمصر ، أن الأمير طنبغا الطويل ، ينوي الإنتقاض ، فدس إليه سما ، فقتله ( اعلام النبلاء 449/2 ) .

وفي السنة 776 مات الأمير قطب الدين اويس بن شاه شجاع بن مبارز الدين محمد ، دس له السم ( معجم أنساب الاسرار الحاكمة 379 ) .

وفي السنة 386 ضجر السلطان المتوكل علي الله أبو فارس موسي بن أبي عنان ، من تحكم وزيره مسعود بن ماسي عليه ، وداخل بطانته في الفتك به ، وشعر الوزير بذلك ، فبعث ولده يحيي ، وعبد الواحد المزوار إلي السلطان ابن الأحمر ، صاحب غرناطة ، في أن يبعث إليه السلطان المخلوع أبا العباس ، ليعيده إلي السلطنة بدلا من أبي فارس ، ثم خرج الوزير علي رأس حملة لقتال أحد الخوارج ، واستخلف في مكانه أخاه يعيش بن ر و

ص: 165

ماسي ، فلما انتهي الوزير إلي القصر الكبير ، لحقه الخبر بأن السلطان موسي قد مات ، والناس يرمون يعيش أخا الوزير بأنه سم السلطان ( ابن خلدون 352/7)

وفي السنة 786 توفي أوحد الدين عبد الواحد بن اسماعيل الإفريقي ، كاتب السلطان الاشرف برقوق ، وكانت علته أنه ذهبت منه شهوة الطعام ، وأبتلي بالقيء، فصار لا يستقر في جوفه شيء ، وتوفي قبل الأربعين ، فشاع بين الناس إنه د له السم ( شذرات الذهب 291/6 و296 ).

وفي السنة 787 توفي نجم الدين أبو العباس أحمد بن عثمان المعروف بابن الجابي ، عن خمسين سنة ، وكان قوي العلاقة بأوحد الدين كاتب سر السلطان برقوق ، وبين موتهما أشهر ، فقال الناس أنهما سما معا ، وإن تأخر موت أحدهما عن صاحبه ( شذرات الذهب 296/6 ).

وفي السنة 791 توفي شهاب الدين أحمد بن ركن الدين السرائي ، الشهير بمولانا زاده ، وهو في الأربعين ، ذكروا إن بعض حاده د إليه سما فقتله ( شذرات الذهب 317/6 ) .

وفي السنة 793 توفي شرف الدين أبو حاتم عبد القادر النابلسي ، قاضي القضاة ، وكان قاضي دمشق في حياة أبيه ، مات بدمشق علي أثر اكلة أكلها ، ومات جميع من أكل معه ، فقالوا أنه د له السم ، ولما بلغ والده خبر موته ، اختلط عقله من حزنه عليه ، وظل مختلط حتي مات ( شذرات الذهب 329/6 ) .

وفي السنة 794 توفي الأمير حسام الدين لاجين الصقري ، وزير السلطان برقوق بالديار المصرية ، واتهم الأمير جمال الدين محمود ، استادار العالية ، بأنه « سقاه » أي إنه دس له السم في الشراب (تاريخ ابن الفرات 328/9)

ص: 166

وفي السنة 794 توقي الأمير بطا بن عبد الله الطولوتمري ، وقيل إنه مات مسمومين علي يد السلطان الظاهر ( نزهة النفوس 351).

وفي السنة 794 استدعي فخر الدين بن مكانس ، من الشام إلي مصر ، فدت له السم في الطريق ، فدخل القاهرة ميتا ( شذرات الذهب 6/ 334 ) .

وفي السنة 801 مات خير الدين خليل بن عيسي الحنفي ، قاضي القدس ، مات مسمومأ ( الضوء اللامع 201/3 ).

وفي السنة 809 توفي مسمومة ، السلطان خليل بن أميران شاه بن تيمور كوركان ، وكان قد تسلطن في السنة 807 عند وفاة جده تيمورلنك ، لكونه كان معه عند وفاته ، فملك قلوب الرعية بالإحسان ، وأستفحل أمره ، ومات بالري مسمومة ، فانتحرت زوجته شادملك عند وفاته ، بأن نحرت نفسها بخنجر من قفاها، فهلكت من ساعتها، ودفنا في قبر واحد ، ثم قتل والده ميران شاه بعده بقليل ، وولي مكانه بير عمر ( الضوء اللامع 193/3 و 194).

وفي السنة 809 حمل السلطان الملك الناصر ، سلطان مصر ، أخويه الملك المنصور عبد العزيز ، وابراهيم ، إلي الاسكندرية ، ليقيما بها ، وأخرج مع أخويه أمهاتهما ، وخدمهما ، وأجري لهما في كل يوم خمسة آلاف درهم ، ولكل من الأمراء ألف درهم في اليوم ، وبعد أقل من شهرين مات عبد العزيز وابراهيم ، في يوم واحد ، ولهج الناس بأنهما ماتا مسملومين ، ونقلت رمتاهما إلي القاهرة ، مع أميهما وجواريهن ، وكانت عاقبة أخيهما السلطان أنه لما كان بدمشق ، خلع ، وسجن بالبرج بقلعة دمشق ، وأرسلوا له أربعة أشخاص قتلوه طعنا بالخناجر ثم أخرجوه ، وألقوه علي مزبلة خارج المدينة ، وهو عريان مكشوف الرأس ، ليس عليه غير اللباس في وسطه ، فترك ثلاثة أيام لم يدفن ، ثم دفن . ( بدائع الزهور 761/2/1 - 820).

ص: 167

وفي السنة 812 قصد قرايوسف ماردين ، وحصرها، وفيها الملك الصالح شهاب الدين الأرتقي ، وتم الصلح بينهما علي أن يتسلم قرايوسف ماردين مهرة لابنته التي زوجها للملك الصالح ، علي أن يعطي يوسف للصالح مدينة الموصل، وتسلم يوسف ماردين، وأعطاه البنت، ورحل الملك الصالح إلي الموصل ، فمكث فيها أياما ثم مات بالسم ، وآتهم قرايوسف بأنه هو الذي أمر بدس السم للملك الصالح ، وعادت الموصل إلي حكم قرايوسف ( تاريخ الغياثي 241 و 242).

أما في الضوء اللامع ، فقد ورد الخبر 231/1 كما يلي : كان الملك الصالح شهاب الدين أحمد بن اسكندر الأرتقي ، قد نشأ في دولة ابن عمه الظاهر مجد الدين عيسي ، وأختص به ، وزوجه ابنته ، واستخلفه علي ماردين ، ولكنه باع ماردين لقرايوسف بن قرامحمد بعشرة آلاف دينار ، وألف فرس ، وعشرة آلاف رأس غنم ، وزوجه قرايوسف ابنته، وأعطاه الموصل ، فتوجه إليها ، فلم يقم سوي ثلاثة أيام ، ومات هو والزوجة المشار إليها في السنة 811 ويقال أن قرايوسف سمة ، وخلف أربعة أولاد أخرجهم قرايوسف من الموصل .

وفي السنة 823 توفي الامير صارم الدين ابراهيم بن السلطان الملك المؤيد شيخ وقيل أن أباه المؤيد دس إليه من سمه ( شذرات الذهب 159/7)

أقول : الثابت أن الأب كان شديد المحبة لولده ، وأنه كان يلح علي الأطباء في المبالغة في علاجه ، وأنه اشتد جزعه عليه لما مات ، بحيث أن الأب لم يعش بعد ولده إلا ستة أشهر .

وفي السنة 824 مات السلطان الملك الظاهر ططر ، من ملوك الجراكسة بمصر والشام ، وكان قد خلع سلفه الملك المظفر ، وتزوج أمه ،

ص: 168

ثم طلقها ، فروي أنه مات مسموما ، سمته أم المظفر ، لما خلع ولدها ( الاعلام 327/3 ) .

وفي السنة 833 قتل الظاهر صاحب اليمن ، اسماعيل بن عبد الله العلوي الزبيدي بالسم ، وتفصيل ذلك : إن الملك الظاهر يحيي بن اسماعيل رأي زوجة اسماعيل العلوي فأعجبه جمالها ، فأمر زوجها اسماعيل بطلاقها ، وضيق عليه حتي أضطر إلي طلاقها ، فتزوجها الظاهر ، وفر اسماعيل إلي مكة ، فلما بلغ الظاهر فراره ، قتل أخا اسماعيل وهو شهاب الدين أحمد بن عبد الله العلوي الزبيدي ، ونهب بيوتهم ، وأزال نعمتهم ، ثم إنه د إلي اسماعيل من قتله بالم بمكة ( الضوء اللامع 360/1 و301/2 ).

أقول : السلطان الملك الظاهر يحيي بن اسماعيل ، سلطان اليمن ، من بني رسول ، خلف أباه في حكم اليمن في السنة 821 وهلك في السنة 842 وانقرض حكم بني رسول بعد ثماني سنوات من هلاكه ، وليس العجب من انقراض حكم هذه السلالة مع هذا الظلم ، ولكن العجب من بقاء هذا الظالم في السلطنة عشرين سنة .

وفي السنة 835 توقي القاضي زين الدين عبد الرحمن بن علي التفهني ، قيل أنه مات بالسم ، وإن أم ولده هي التي دشت له السم من غيظها منه لأنه لما توفيت زوجته ظنت أم ولده أنها تنفرد به ، فتزوج امرأة ، وأطرح أم ولده ، فحصلت لها غيرة فسمته ( شذرات الذهب 214/7 ) .

وكان الأمير أسبان يكثر من استعمال السم سلاحا في قتل من يريد قتله فإنه في السنة 839 حاصر مدينة إربل وهي تحت حكم مزراعلي بن شاه محمد وبعد ستة شهور من الحصار ، أرسل إلي القلعة مشاعلية وسباهيين زعموا أنهم فروا من عند أسبان ، وكانوا قد صحبوا سمأ ألقوه في الآبار التي يشرب أهالي إربل منها الماء ، فلما شرب منه الإربليون وقع الموت فيهم

ص: 169

واز رفت جلودهم ونتنت أفواههم ، وطالت مدة الحصار إلي سنة واحدة وشهور فاضطر مزراعلي إلي طلب الأمان من أسبان ، فأمنه وحلف له أن لا يقتله فنزل إليه هو وأولاده ، فأختار أسبان بلقيس ابنة شاه علي زوجة له ، ونصب حاكما في إربل نائبا عنه ، ورحل أسبان إلي الموصل ، فاحتال علي حاكمها توشمال زينل ، ود إليه الم ، فقضي نحبه ، فاستولي علي البلد ثم نزل إلي بغداد ، وصحب مرزاعلي معه ( التاريخ الغياثي 269 ).

أقول : لم يكن الأمير أسبان هذا مقتصر في جرائمه علي استعمال السم للفتك بالناس ، وقد أسلفنا في موضع آخر من هذا الكتاب ، إنه قتل أباه غيلة ، ثم قتل ابن عمه ميزراعلي وأولاده جميعأ ، حتي الأطفال في المهد، وكانت بلقيس بنت مرزاعلي ، جالسة عند زوجها أسبان ، لما قتل أباها وأخوتها ، فبكت وصاحت ، فأمر بخنقها ، فخنقت .

وفي السنة 840 مات بالسم السلطان محمد غزنين خان بن هوشنك ، ملك مالوه ، دس له السم ، الأمير محمود الخلجي ، الذي تسلم الملك من بعده باسم محمود شاه ( معجم انساب الأسر الحاكمة 431 ).

وفي السنة 855 قتل بالسم السلطان محمد كريم شاه ، سلطان گجرات ، دشت له السم زوجته ( معجم انساب الأسر الحاكمة 435) .

وفي السنة 868 مرض بدر الدين الحسن بن علي الحصني ، ومات بالقاهرة ، فقيل إنه مات مسموما ( الضوء اللامع 114/3 ).

وكان بابر بن بايسنقر علي مملكة هراة ، وكانت معه جدته أم أبيه ، واسمها كوهرشاد ، قيل إنها سقته سما في الشراب ، في السنة 861 فمات ( التاريخ الغياثي 228) .

أقول : أحسب أن اتهام العجوز بم حفيدها ، تهمة لا أصل لها ، هذا إذا صح أن الحفيد توفي مسمومأ .

ص: 170

وفي السنة 870 توقي الفقيه محمد بن سليمان الجزولي ، فقيل إنه مات مسمومة ( الاعلام 21/7 ) .

وفي السنة 897 مات بالسم الشيخ نجم الدين مسعود ، وزير السلطان يعقوب ، سمه أحد الأمراء في شيروان ( تاريخ العراق للعزاوي 288/3 ) .

أقول : السلطان أبو المظفر يعقوب بهادر بن السلطان أوزون حسن بك ، ولي السلطنة في السنة 883 علي قول صاحب تاريخ الغياثي (ص 393 ) وفي السنة 884 علي قول زامباور في معجمه ( ص 384)، وتوفي في السنة 896 علي ما جاء في تاريخ الغياثي ومعجم زامباور ، لذلك يكون التاريخ الذي أورده العزاوي في حاجة إلي تصحيح ، إلا إذا كانت وفاة الوزير بعد وفاة السلطان .

وحصل للسلطان ابراهيم لودي ، سلطان الهند ( 915 - 932 ) ، بعض الريب في مستشاره ووزيره أعظم همايون ، فأمر باعتقاله ، وسقي كاسأ من السم في السجن ، فقتله . ( الاسلام والدول الاسلامية في الهند 35).

وكان عيسي باشا ، بكلربكي ( أمير الامراء ) المملكة الدمشقية ، في عهد آل عثمان ، مولعا بدس السم للناس ، ولما توفي فجأة حسين بن محمد شاه الحلبي المعروف بابن الميداني ، في السنة 934 وكان ذا صولة وعلو همة ، إتهم الناس عيسي باشا ، بأنه د له السم مع واحد من اصحابه اعلام النبلاء 465/5 ). ولما توفي في السنة 937 قاضي القضاة ولي الدين أبو زرعة محمد بن فرفور الدمشقي ، قالوا إنه مات بشم ده إليه عيسي باشا ( اعلام النبلاء 489/5 ) ، وجاء عيسي باشا مرة إلي حلب للتفتيش ، وأراد محاسبة بدر الدين حسن بن عمر النصيبي ، فقر منه ، ثم أستسلم إليه ، وحضر مجلسه ، فأراد أن يسقيه شرابا ، فامتنع من تناوله ، لاشتهار عيسي باشا بدس السم « وعاد بدر الدين من عنده سليم بإذن الله تعالي ، ولكنه بعد

ص: 171

أن سلم من عيسي باشا ، لم يسلم من خلفه إسكندر بك الذي ولي الدفتر دارية ، إن أهل الديوان الدفترداري دشوا له السم ، فمرض ومات في السنة 956 ( اعلام النبلاء 565/5 ).

وفي السنة 961 قتل السلطان محمود شاه بن لطيف شاه ، صاحب كجرات ، قتله بعض خدمه بمواطأة من بعض وزرائه وحرسه ، بأن دس له سما في شرابه وحلواه ، ( شذرات الذهب 328/8 ).

وفي السنة 974 ولي اليمن ، مراد باشا، المعروف بكورمراد ، أي مراد الأعور ، لخلل كان بإحدي عينيه ، وقد اتهم بأنه دس السم لأميرين من أمراء اليمن ، معروفين بكثرة المال ، وهما الأمير محمد بن يحيي سنجق عدن ، والثاني محمد بك سنجق جبلة ، فوضع يده علي جميع مخلفاتهما ، وقوم له ذلك بأبخس ثمن ، حتي إنه قوم له رأس الخيل بخمسة دنانير . ( البرق اليماني 163 و164 ).

وفي السنة 978 مات بالشم ، الأمير علي بن شرف الدين ، صاحب حصن حب باليمن ، وهو أحد أمراء الزيدية ، غدر به شفلوتان من خواصه ( الشفلوت وجمعه شفاليت : طائفة من العرب يخدمون في العسكر ويربون شعورهم ) فدا إليه الم في سفرجلة ، فلما أكلها مات ، وكان قد حرضهما علي الغدر به ، سنان باشا التركي قائد الجيش العثماني المحاصر لحصن حب ار البرق اليماني 442) .

وفي السنة 984 مات بالسم الشاه طهماسب الأول ، بعد أن حكم إيران من السنة 930 ( معجم أنساب الأسر الحاكمة 388) .

وفي السنة 985 مات مسمومأ، الشاه إسماعيل الثاني ، ابن طهماسب ، قيل إن أخته الأميرة بيري جان خانم سمته في حقة البرش ( مخدر ) فلما تناول منه مات ( تراجم الأعيان 57/2 - 59 ) ، وفي الكواكب السائرة

ص: 172

136/3 إن الشاه إسماعيل مات هو ومحبوبه ، بسبب أكل البرش المسموم ، وفي معجم أنساب الأسر الحاكمة 388 قيل إنه سم لأنه كان يميل إلي أهل السنه.

وفي السنة 986 هلك المتوكل بن الغالب ، من ملوك السعديين في المغرب ، غرقأ ، وهلك عمه المعتصم أبو مروان عبد الملك السعدي ، بالسم ، وخلاصة القصة ، أن محمد الشيخ بن القاسم ، الملك السعدي ، مات ، فولي الحكم ولده الغالب ، فطمع أخوه المعتصم عبد الملك في الإستيلاء علي الحكم ، ثم مات الغالب ، فخلفه ولده المتوكل ، فزاد طمع المعتصم ، واستعان بالترك العثمانيين علي ابن أخيه ، واستعان ابن أخيه بالبرتغاليين ، ونشبت بينهما معارك طاحنة ، كان آخرها أن هلك المتوكل غرقا ، ومات المعتصم بالسم الذي ده إليه قائد جيش الترك . ( الاعلام 311/4 و 312) .

وفي السنة 1022 قتل السلطان زيدان بن المنصور ، سلطان المغرب ، أبا العباس الأندلسي أحمد بن قاسم بن معيوب ، قتله بالشم . ( الاعلام 189/1)

وفي السنة 1032 توفي الأمير محمد بن علي السيفي الطرابلسي ، من امراء بني سيفا ، حكام طرابلس الشام ، مات مسمومأ في رحلة قام بها إلي تركيا . ( الاعلام 186/7 و 187).

وفي السنة 1034 خلع الشريف محسن بن الحسين ، عمه الشريف إدريس من أمارة مكة ، وحل محله منفردا ، فحاربه مسعود وعبد الكريم ولدا عمه إدريس ، فانتصر عليهم ، وفي السنة 1037 مر بجدة الوزير أحمد باشا متوليا علي اليمن ، فلما استقر بجدة ، أمر بالقائد راجح بن ملحم حاكم جدة ، فحبس ، ثم شنقه ، ونصب الشريف أحمد بن عبد المطلب ، أميرة

ص: 173

علي مكة ، فاشتبك الشريف محسن والشريف أحمد، فانتصر الشريف أحمد، وانحاز الشريف محسن إلي اليمن ، حيث نزل ضيفا علي الإمام محمد بن القاسم ، وتوفي هناك في السنة 1038 فقيل إنه مات مسمومأ ( خلاصة الأثر 309/3 - 311) .

وفي السنة 1068 (1658م)، اعتقل أورنك زيب عالمكير محي الدين أعظم شاه ( 1068 - 1119 ) أخاه الأمير مراد ، ونقل إلي دلهي ، حيث تم إعدامه بطريقة طريفة ، وهي إنه عرض لحية لدغته ، فقتلته . ( الإسلام والدول الاسلامية في الهند 111).

وفي السنة 1097 قتل المؤيد بالله محمد بن إسماعيل، صاحب اليمن ، بالسم ، وهو من أئمة الزيدية ، بسط عماله أيديهم بالظلم ، فهم بإصلاحهم ، فقتلوه بالسم . ( الاعلام 262/6 ).

وتوفي في السنة 1125 في اليمن ، الإمام المنصور بالله ، الحسين بن علي الحسني ، إمام الزيدية باليمن ، ولي الحكم في السنة 1121 وتنازل عنه في السنة 1124 للمنصور الحسين بن القاسم ، ولما توفي قيل انه مات مسمومة . ( الاعلام 269/2 ).

وفي السنة 1156 جهز سليمان باشا العظم ، والي دمشق ، عسكرة علي الظاهر عمر الزيداني ، بعد أن قبض علي أخيه مصطفي ، وشنقه بدمشق ، ولما وصل سليمان باشا إلي عكا ، وحصر الشيخ الظاهر عمر ، رشا الظاهر بعض أتباع سليمان باشا ، فدس له السم في طعامه فمات ( خطط الشام 293/2 ).

ولما توفي السيد جمال الدين الأفغاني، في اسطنبول، في السنة 1315 اتهم الناس السلطان عبد الحميد بأنه دس له السم . ( الاعلام 37/7 و38) .

ص: 174

ومن الطريف أن نورد هنا خبرا ذكره الدكتور علي الوردي في كتابه لمحات اجتماعية من تاريخ العراق الحديث 143/3 وهو : أن محكمة تركية حكمت في السنة 1909 ميلادية ، علي ثلاثين رجلا من رجال الدين ، بأن يأكلوا خبزة مسمومة .

ص: 175

سم أداة القتل

وأما اللون الثاني من القتل بالسم ، وهو سم أدات القتل ، فقد ذكروا أن ابن ملجم ، قاتل الإمام علي بن أبي طالب ، سم سيفه الذي ارتكب به الجريمة ( الطبري 146/5 )، وذكروا أن الحجاج بن يوسف الثقفي د علي عبد الله بن عمر ، من طعن ظاهر قدمه بحرية مسمومة ، فمات ( تاريخ الخلفاء 215) .

وأما فيما يتعلق باتهام الطبيب بشم المشرط المعد للفصد ، فقد قيل أن الطبيب ابن طيفور سم المنتصر في مشراط فصده به ( مروج الذهب 426/2 وتاريخ الخلفاء 357 وفوات الوفيات 318/3 ).

وذكروا أن أمير المسلمين بالمغرب ، يوسف بن تاشفين ، حاول في السنة 48 قتل محمد بن ابراهيم سيد قبيلة كزولة ، إذ لم يظفر منه بطاعة ، فبعث إليه حجامة ، وأمره أن يحجمه بمشارط مسمومة ، وأحس الكزولي بذلك ، فأمر بأن يحجم الحجام بمشارطه المسمومة ، وحجم بها ، فمات ( ابن الأثير 178/10 و 179).

وكان سبب وفاة أبي الفرج غيث بن علي الصوري (ت 509 ) أنه آفتصد ، وكان الطبيب قد أعد مبضعة مسمومة ، ليفصد به غيره ، فغلط ، ففصده به ، فقتله ( معجم الأدباء 250/1 ).

ص: 176

وكان الأطباء ، قبل اكتشاف المكروب ، لا يعرفون عن التعقيم شيئا ، فأذا كان المشرط ملوثا ، كانت العاقبة موت المفصود ، ولما كان الفصد يجري في كل سنة مرة واحدة علي الأقل ، حسب تقاليد الطب القديم . فقد كان من يفتصد يتعرض جرحه للتلوث ، فيتهم الطبيب بأنه فصده بمشرط مسموم ، ويتهم مع الطبيب ، واحد أو أكثر من خصوم المفصود ، من أفراد العائلة الحاكمة ، أو من مزاحميه علي السلطان ، فيقتلون معا ، وقد قتل ، في مثل هذه الظروف ، عدد من الأطباء الذين هيأ لهم سوء حظهم ، أن كان المشرط الذي أجروا به عملية الفصد ، مشرطة ملوثأ ، وعندما أراد الأطباء أن يخلصوا من تهمة سم المشرط ، أصبح متعارف بينهم أن يمض الطبيب المشرط أمام المفصود ، ثم يمسحه بلحيته ، قبل إجراء عملية الفصد ، فأدي ذلك إلي زيادة حوادث التلوث ، فكان الطبيب يتهم بأنه ذر الشم علي لحيته ، فلوث به نصل المشرط ، فكان الذي رآه الأطباء سببا للنجاة ، سببا من أسباب الإمعان في التورط .

وكان حرص الحاكمين علي حياتهم ، والتخوف من دسائس خصومهم يدفعهم إلي امتحان الأطباء إمتحانات صعبة ، لاختبار أمانتهم ( عيون الأنباء 187/1 و188) فإن نجحوا في اختبار الأمانة ، وفي اختبار الفهم والمعرفة ، أفاضوا عليهم من النعم ، ورتبوا لهم من الأرزاق والصلات ، والمكافات ، ما يصل إلي مقادير تثير العجب ، ونورد علي سبيل المثال، أن رزق الطبيب

جبريل بن بختيشوع من الرشيد ، وحاشيته ، والبرامكة ، بلغ مجموعه ثلاثة آلاف ألف ومائة وثمانين ألف درهم في العام (عيون الأنباء 136/1 و137)، هذا عدا الصلات الوافرة التي كان يوصل بها ، وأسعف الرشيد مرة ، لما أغمي عليه ، فلما أفاق ، أمر فأشتريت له ضياع تغل ألف ألف درهم في السنة (عيون الأنباء 132/1 ).

ومرضت إحدي حظايا الرشيد ، فعالجها ، ولما برءت ، وصله الرشيد

ص: 177

بخسمائة ألف درهم ( تاريخ الحكماء 135 ) ، وبلغ مجموع ما أفاده من البرامكة ، في دولتهم سبعين ألف ألف درهم ( نشوار المحاضرة للتنوخي رقم القصة 108/8 )، وعالج المأمون مرة ، فوصله بألف ألف درهم ( عيون الأنباء 128/1 و129)، وأحتال أبو قريش الطبيب ، في تخفيف وزن عيسي بن جعفر ، أخي السيدة زبيدة ، فوصله الرشيد وجعفر بعشرين ألف دينار ( تاريخ الحكماء 432 و433 ) ، ووصل الواثق طبيبه يوحنا بن ماسويه في مجلس واحد بثلثمائة ألف درهم ( عيون الأنباء 175/1 ) ووصل المتوكل طبيبه إسرائيل الطيفوري بثلثمائة ألف درهم ( عيون الأنباء 158/10 ) كما وصل الطبيب حنين بن اسحاق بمائتي ألف درهم ( عيون الانباء 196/1 ).

وإذا عوفي السلطان من مرضه ، وصل الطبيب بألوف دنانير ( عيون الأنباء 302/1 و 109/2 و 241/2 و 242)، وأخرجه في « زفة ، ومعه البند الموسيقي ( الطبلخانة ) الخاص بالسلطان ، يدور به علي الأمراء الكبراء ، ليعطوه « علي قدر محبتهم للسلطان » ( معجم الأطباء 69 و70) ومن يا تري الذي لا يحب السلطان؟

ولما كان الغرم بالغنم ، فإن الطبيب يتعرض لخاتمة تعيسة ، إذا لم ينجع دواؤه ، فقد ابتلي سعيد بن توفيل ، طبيب أحمد بن طولون ، بالضرب والتجريس ، فأدي ذلك إلي موته ( عيون الانباء 85/2 ) ، وقتل السلطان الأشرف برسباي طبيبيه العفيف وخضر ، إذ أمر بقتلهما توسيطا . ( معجم الأطباء 183 و 291 ) وكما قتل فضل الله رشيد الدين ، وزير غازان ( الاعلام 359/5 ودائرة المعارف الاسلامية 116/10 - 119)، وثمة أطباء هيا لهم حسن حظهم أن افلتوا من العقوبة ، بعد أن أحاطت بهم حبائلها ، ومن هؤلاء أطباء الهادي العباسي ، فإنه لما تطاول مرضه ، غضب علي أطبائه وأمر بقتلهم ، ولكن موت الهادي خلصهم من مصيرهم المرعب تاريخ الحكماء 431 و 432 ) ، وكذلك كان حال جبريل بن بختيشوع

ص: 178

طبيب الرشيد ، فإن الرشيد ، لما أشفي ، وهو بطوس ، في السنة 193 علي الموت ، أتهم طبيبه جبريل ، فهم بقتله ، وأن يفصله ، كما فصل أخا رافع ، ودعا بجبريل ليفعل به ذلك ، ثم أنظره إلي غير، فمات قبل الغد ( الطبري 344/8 ).

ص: 179

ص: 180

الباب الرابع عشر: الاحراق والتعذيب بالنار والماء المغلي

اشارة

تعريض المعذب للنار ، لون من ألوان العذاب قديم ، وهو من أشد ألوان العذاب قسوة .

ولم أتوصل إلي معرفة تاريخ البدء بهذا اللون من العذاب ، ولعله عرف منذ أن عرف الإنسان النار .

وقد روي لنا التاريخ ، أن ملكين من ملوك العرب ، سمي كل واحد منهما محرقة ، أولهما جفنة الأصغر الغساني ، أحرق الحيرة ( الأعلام 128/2 ). وثانيهما عمرو بن هند اللخمي ، أحرق مائة من بني حنظلة ، كان آخرهم البرجمي الذي أبصر النار ، وشم القتار ، فجاء يطلب الطعام ، فأضحي طعاما للنار ، وقيل فيه : إن الشقي وافد البراجم (سرح العيون 240۔ 242)

والهنود ، منذ القديم ، يحرقون أنفسهم ، ولكنهم لا يعتبرون ذلك عذابأ ، وإنما يعتبرونه تخليصا للروح من شوائب الجسد، للوصول إلي النيرفانا ، حيث يندمجون في الذات العلية .

وكان مشركو قريش ، يعذبون الضعفاء ممن أسلم ، بإلصاق ظهورهم ، وصدورهم ، بالرمضاء ، ويكوونهم بالرضف ، وهي الحجارة المحماة بالنار ،

ص: 181

والمعروف أن الرمضاء في الحجاز ، في حمارة القيظ، ليست بأقل أذي من النار .

وأذكر، علي سبيل الاستطراد ، أن الشيخ علي الشرقي ، عليه رحمات الله ، حدثني مرة عن شدة الحر في الحجاز ، فقال إنه أحرم في جدة ، وكان يسير منتعلا ، في شارع من شوارعها ، وإذا بلذعة، في باطن احد قدميه ، كلذعة الجمر ، فكاد أن يغيب عن وعيه ، وإذا الذي كواه حصاة أصلتها نار الشمس ، فحميت حتي أصبحت مثل النار ، بل أصبحت نارة ، وتكونت في قدمه ، مكان اللذعة ، غدة ، لم ينفع فيها علاج ، ولم ينجع دواء ، ورافقته طول حياته.

وسمعني - رحمه الله - يوما، أترنم بأبيات لأبي الخطاب عمر بن أبي ربيعة :

قل لفنديشبع الأظعانا****طالماس عيشنا وكفانا

صادرات عشية من قديد**** واردات مع الضحي عسفانا

فالتفت إلي ضاحكة ، وقال : هل أبصرت عسفان، هذه التي تذكرها ؟ قلت : لا

قال : أنا أبصرتها ، وأنخت فيها ركابي ، وكان ذلك عندما حججت صحبة الحاج خيون العبيد ( وهو رئيس عشيرة العبودة، في قضاء الشطرة، جنوبي العراق ) ، وكان الحر شديدا ، بحيث أن كل شيء يلمس ، يكوي اليد، ووصلنا قبل الظهر إلي عسفان ، فانخنا جمالنا ، وأنزلنا أحمالنا ، واسترحنا في خيامنا ، وكان الذي يعني بنا شاب من جماعة الحاج خيون ، قوي البنية ، ضخم الجثة ، وافر النشاط، وإذا به قد دخل علينا، وشكا إلينا وجعة في رأسه ، وبعد دقائق ، انتابه رعاف شديد ، ثم انطرح، ولم يلبث أن مات ، وكانت الشمس حادة إلي درجة لا يمكن معها للإنسان أن يبارح

ص: 182

خيمته ، فأمر الشيخ أن يوضع تابعة الميت في إحدي العماريات ( الكجاوات ) ، إلي أن تنكسر الشمس ، ولما مالت الشمس ، وأمكننا أن نبارح خيمنا ، وجدنا هذا المسكين ، قد انتفخ من شدة الحر ، إلي درجة لم يتمكن أحد من إخراجه من العمارية ، فدفنوه وهو فيها ( طرائف 15-16).

وكان الإحراق بالنار ، لونة واحدة لا يتبدل ، أما التعذيب بالنار ، فكان علي أشكال وألوان ، من تقريب إلي كوانين الفحم في شدة الحر ، إلي صب الزيت علي الرؤوس وإقامة المعذب في الشمس ، إلي الكي بالسيخ المحمي ، إلي ملء الطست جمرة وإقعاد المعذب عليه ، أو وضعه علي رأسه أو بطنه ، إلي الباس الرأس خوذة من الحديد المحمي بالنار ، وقد عاقب أحد محتسبي القاهرة ، بائع كنافة ، خالف التسعيرة ، فوضع صينية الكنافة، علي النار ، وأقعده عليها ، أما السلطان محمد بن تغلق ، سلطان الهند ، فكان من جملة ما يعذب به الناس ، أن تحمي صفيحة الحديد ، ثم تلصق علي صدر المعذب ، فإذا قلعت ، ذهبت بجلد الصدر ، وبعض اللحم ، فيذر علي الجرح ، البول والرماد ، ليكون ألم المعذب أشد .

أما التعذيب بحبس الإنسان في حمام حار ، فقد كان متعارفأ في جميع الأوقات .

وثمة لون آخر من العذاب بالنار ، وهو العذاب بالماء المغلي ، ويكون بسلق المعذب في ماء مغلي ، وهذا اللون من العذاب ، فضلا عن كونه قليل الحدوث ، فهو لون ليس بالقديم ، وأول ما بلغنا عنه ، ما صنعه الخوارج الذين خرجوا علي الإمام علي ، علي أثر التحكيم ، فإنهم صبحوا حيا من أحياء العرب ، فقتلوا الرجال والنساء والأطفال وأخذوا قسما من الصبيان ، فألقوهم في قدور الأقط ، وهي تفور ( مروج الذهب 149/2 ).

ثم غاب عنا هذا اللون من العذاب ، حتي أعاده جنكيز خان ، فكان

ص: 183

يسلق الناس أحياء ( تاريخ العراق بين احتلالين للعزاوي 75/1 ) ، وحاكاه في ذلك عز الدين كيكاوس ملك الروم ( الذيل علي الروضتين 113) ثم تبعه السلطان أبانا ، سلطان المغول ، إذ أمر بمعين الدين البرواناه ، فقطعت أطرافه الأربعة ، ثم سلق في مرجل ، وأكل المغول لحمه ( فوات الوفيات 71/2)

وثمة لون آخر من العذاب بالماء المغلي ، لم يبلغنا عنه إلا خبر واحد، وهو الحقن بالماء المغلي ، فقد ذكر صاحب مروج الذهب 462/2 ، أن الأتراك حقنوا المعتز بماء مغلي ، فورم جوفه ، ومات . وعلي هذا ، فإن هذا الباب ، يشتمل علي فصلين اثنين :

الفصل الأول : التعذيب بالنار ، ويقسم إلي قسمين :

القسم الأول : الإحراق بالنار .

القسم الثاني : الكي بالنار .

الفصل الثاني : التعذيب بالماء المغلي، ويقسم إلي قسمين :

القسم الأول : السلق بالماء المغلي .

القسم الثاني : الحقن بالماء المغلي .

ص: 184

الفصل الأول: التعذيب بالنار

اشارة

ص: 185

ص: 186

القسم الأول: الإحراق بالنار

حرق ، ورق ، وأحرق بالنار : جعل النار تؤثر فيه أثرها المعهود .

أول من بلغنا خبر إحراقه ، عبد بني الحسحاس ، فإنه شبب بفتياتهم ، فحفروا له أخدود، وألقوه فيه ، وألقوا عليه الحطب ، فأحرقوه ( الأغاني 309/22)

أقول : اسم هذا العبد سحيم ، وكان عبدا أسود نوبيا أعجمية ، مطبوعة علي الشعر ، وهو القائل :

كفي الشيب والإسلام للمرء ناهية

وهو القائل :

أشوقا ولما تمض لي غير ليلة**** فكيف إذا جد المطي بنا شهرا

والأبيات التي دفعت بني الحسحاس الي قتله هي :

تجمعن من شتي ثلاث وأربع ****وخامسة حتي بلغن ثمانيا

وأقبلن من أقصي الخيام يعدنني**** ألا إنما بعض العوائد دائيا

فما بيضة بات الظليم يحقها****ويرفع عنها جؤجؤ، متجافي

بأحسن منها يوم قالت أظاعن****مع الركب أم باق لدينا لياليا

وهبت شمال آخر الليل قرة**** ولا درع إلأ بردها وردائيا

توشدني كفأ وتثني بمعصم**** علي وتحوي رجلها من ورائيا

فما زال بردي طيبأ من ردائها**** مدي الحول حتي أنهج البرد باليا

ص: 187

وفي السنة 38 بعث معاوية بن أبي سفيان ، إلي البصرة ، عبدالله بن الحضرمي ، يدعو أهلها إلي الانتفاض علي علي ، فبعث علي من الكوفة أعين بن ضبيعة المجاشعي ، لإخراج ابن الحضرمي من البصرة ، واقتل أصحاب أعين وأصحاب ابن الحضرمي ، فقتل أعين ، فبعث علي ، قائده جارية بن قدامة السعدي ، وهو من كبار قواده ، في خمسين رجلا من بني تميم ، فلما وصل البصرة ، تفرق عن عبدالله بن الحضرمي أكثر أنصاره، وتحضن عبدالله في دار مع سبعين رجلا من أصحابه ، فأحرق عليهم جارية الدار ، وأحرقهم فيها جميعا ( الطبري 5/ 110- 112).

وفي السنة 66 أحرق بالنار ، أحد قتلة الحسين ، عليه السلام ، وهو زيد بن رقاد الجنبي ، وكان يقول: رميت فتي من آل الحسين بسهم ، وإنه لواضع كفه علي جبهته يتقي النبل ، فأثبت كفه في جبهته ، فما استطاع أن يزيل كفه ، ثم رميته بسهم آخر ، فقتلته ، ثم جئت إليه ميتا ، فنزعت سهمي الذي قتلته به من جوفه ، أما السهم الذي في جبهته ، فلم أزل انضنضه حتي نزعته ، وبقي النصل مثبتا في جبهته ، ما قدرت علي نزعه ، وهذا الفتي القتيل عبدالله بن مسلم بن عقيل، فلما استولي المختار الثقفي علي الكوفة ، بعث قائده عبدالله بن كامل الشاكري ، فأحاط بدار زيد، وأمر رجاله فاقتحموها عليه ، فخرج عليهم مصلتا سيفه ، فقال ابن كامل : لا تضربوه بسيف ، ولا تطعنوه برمح ، ولكن ارموه بالنبل ، وارجموه بالحجارة ، ففعلوا به ذلك ، فسقط، وأخرجوه وبه رمق ، فدعا بنار ، فأحرقه بها وهو حي لم تخرج روحه ( الطبري 6/ 64- 65 وابن الأثير 243/4 وانساب الأشراف 239/5)

وفي السنة 119 خرج وزير السختياني علي خالد القسري ، في نفر ، وكان مخرجه بالحيرة ، فوجه إليه خالد قائدة من أصحابه ، فقاتلوه ، فقتل عامة أصحابه ، وأثخن بالجراح ، فأخذ مرتثا ، وأحضر أمام خالد ، فأعجب

ص: 188

خالدة ما سمع منه ، ونفس به علي الموت ، وحبسه ، فكتب إليه هشام ، يطلب منه أن يقتله ، فأمر به وبمن أسر من أصحابه ، فأخذوا إلي جامع الكوفة ، وأدخلت أطنان القصب فشدوا فيها ، ثم صب عليهم النفط ، ثم اخرجوا فنصبوا في الرحبة ، ورموا بالنيران ، فاضطربوا وجزعوا ، إلأ وزير فإنه لم يتحرك ، ولم يزل يتلو القرآن حتي مات. ( الطبري 134/7 ).

وفي السنة 119 قبض خالد بن عبدالله القسري أمير العراق ، علي المغيرة بن سعيد وبيان ، في نفر من أصحابهما، خرجوا بظهر الكوفة ، فاحضرهم في جامع الكوفة ، وأمر بأطنان قصب ( الطن هو الحزمة ) ونفط ، ثم أمر المغيرة أن يتناول طنا ، فكع عنه ، فصبت السياط علي رأسه ، فتناول طنا فاحتضنه ، فشد عليه ، ثم صب عليه وعلي الطن النفط ، ثم ألهبت فيهما النار فاحترقا ، ثم أمر الرهط ففعلوا ذلك فأحرقهم كلهم . ( الطبري 128/7 -129 وابن الأثير 208/5 ).

أقول : كان خروج المغيرة بن سعيد، في ستة نفر ، وكانوا يسمون الوصفاء ، وكان بيان قد أدعي النبوة ، وزعم إنه المراد بقوله تعالي في القرآن : هذا بيان للناس ، وبلغ خالدأ خروج هؤلاء النفر بظهر الكوفة ، وهو يخطب علي المنبر ، فتحيرو وحصر ، وقال : أطعموني ماء ، ثم بعث فأخذهم، وأمر بسريره فوضع في المسجد الجامع ، وأمر بالقصب والنفط فأحضرا ، وأحرقهم ، فقال الشاعر يعيره بالجبن : ( ابن الأثير 207/5 ۔ 208)

الأعلاج ثمانية وشيخ****كبير السن ليس بذي نصير

تقول من المخافة : أطعموني****شرابة ثم بلت علي السرير

وفي السنة 130 بعث مروان الجعدي ، عبد الملك بن محمد بن

ص: 189

عطية ، علي رأس جيش إلي المدينة ، فقاتل أبا حمزة الخارجي ، وقتله ، ثم امتد إلي اليمن ، واستخلف علي المدينة ابن أخيه واسمه الوليد بن عروة ، فكتب مروان الي عبد الملك أن يحج بالناس ، فخرج من اليمن في نفر من أصحابه ، قيل عددهم اثنا عشر رجلا، حتي نزل الجرف ، فأحاط به وبأصحابه ابنا جمانة المراديان ، وقالا لهم : أنتم لصوص ، فأراهما عهده علي الحج ، فقالا : هذا باطل ، وأنتم لصوص وقتلا عبد الملك ومن معه ، فلما أبطأ عبد الملك ، افتعل الوليد بن عروة ، ابن أخيه ، كتابا من عمه يأمره بالحج بالناس ، وحج بهم ، ولما بلغه قتل عمه ، مضي إلي الذين قتلوه ، فقتل منهم مقتلة عظيمة ، وبقر بطون نسائهم ، وقتل الصبيان ، وحرق بالنار من قدر عليه منهم ( الطبري 398/7 -411 وابن الأثير 391/5 - 392-402)

وفي السنة 161 لما أحس المقنع الثائر بالهلاك ، جمع أهله ونساءه ، وسقاهم السم ، فأتي عليهم ، ثم أمر أن يحرق هو وكل ما في قلعته من دابة وثوب ، ثم قال : من أحب أن يرتفع معي إلي السماء ، فليلق نفسه معي في هذه النار ، وألقي بنفسه مع أصحابه وخواصه في النار ، فأحترقوا ، ودخل العسكر القلعة ، فوجدوها خالية خاوية ( ابن الأثير 51/6 و52) .

وفي السنة 200 اسر جيش المأمون بالبصرة ، زيد بن موسي بن جعفر العلوي ، وكان يقال له : زيد النار ، لكثرة ما أحرق من دور بني العباس بالبصرة ، وكان إذا جيء اليه برجل من المسودة ( أتباع العباسيين ) كانت عقوبته عنده ، أن يحرقه بالنار ( الطبري 535/8 وتجارب الأمم 424/6).

وفي السنة 220 أحرق غنام المرتد بالنار ( الطبري 103/9 ).

أقول : جاء في تجارب الأمم 516/6 غنام المرثد ، بالثاء ، وأحسب أن الصحيح ما ورد في الطبري ، ولم أعثر علي أخبار له في بقية التواريخ ، وأحسبه أحرق لأنه أرتد عن الإسلام .

ص: 190

وفي السنة 276 أمر أحمد بن طولون ، صاحب مصر والشام ، بحبس كاتبه احمد بن حنون الفديدي ، كاتبه ، علي ذنب كان منه ، فكتب إليه من الحبس رسالة يسأله العفو، وكتب في فصل منها: وانقياد مثلي - أعز الله الأمير - إنقياد من دحضت حجته ، وأوبقه جرمه ، فالحظني بعين عفوك ، واعطف علي بنشر نعمتك ، فإنك للفضل والطول أهل .

هبني أسأت فأين العفو والكرم**** إن قادني نحوك الإذعان والندم

بالغت في السخط فاغفر غفر مقتدر**** إن الملوك إذا ما استرحموا رحموا

فلما قرأ رسالته ، قال : يكتب إلي « هبني أسأت ، وقد أساء ، والله ، لو كتب و إني أسأت ، لعفوت عنه ، وأطلقت سبيله ، ثم أمر به فجعل في تابوت ، وأحرقه بالنار وهو حي ( العيون والحدائق 120/4 -121).

وفي السنة 280 قبض المعتضد علي محمد بن الحسن بن سهل ، الملقب : شيلمة ، وكان قد اتهم بأنه يسعي لبيعة خليفة من أولاد الواثق ، فصدقه عن المؤامرة ، ولكنه لم يبح باسم من أرادوا بيعته ، فاجتهد به ، وألح ، فقال له : والله ، لو جعلتني كردناكا ( شاورما ) لم أخبرك باسمه ، فقال المعتضد للفراشين : هاتم أعمدة الخيم الكبار الثقال ، وأمر أن يشد عليها شدأ وثيقة ، وأحضر فحم كثيرة فرش علي الطوابيق بحضرته ، وأججوا نارا ، وجعل الفراشون يقلبون شيلمة علي النار ، وهو مشدود علي الأعمدة ، حتي انشوي ومات ، راجع تفصيل القصة في كتاب نشوار المحاضرة للقاضي التنوخي حاص 146 رقم القصة 73/1 وراجع الطبري 32/10 وابن الأثير 461/7 ومروج الذهب 504/2 ).

وفي السنة 312 ظهر في سطح دار للسيدة ( أم المقتدر ) كان المقتدر يقيم بها في بعض الأوقات ، إنسان أعجمي ، وعليه ثياب فاخرة ، وتحتها مما

ص: 191

يلي بدنه قميص صوف ، وكان قد دخل مع الصناع ، فبقي هناك ، ثم عطش ، فخرج ليشرب ، فأخذ ، فأحضر عند الوزير ابن الفرات ، فسأله عن حاله ، فقال : لا أخبر إلأ صاحب الدار ، فرفق به الوزير ، فلم يخبره بشيء ، فضربوه ضربا عنيفا ، فأخذ يكرر بالفارسية ، كلمة واحدة : ندانم ، معناه : لا أدري ، فأمر به الوزير ، فصلب ، ولفت عليه حبل من قنب ومشاقة، ولطخ بالنفط ، وضرب بالنار ، فاحترق ( ابن الأثير 149/8 وتجارب الأمم 118/1 والمنتظم 187/6 - 188).

وفي السنة 317 كان الأمير نصر بن احمد الساماني ، قد حبس اخوته يحيي ومنصور وإبراهيم ، في القهندز ببخاري ، فاحتال أبو بكر الخباز ، وكان خبازا ببخاري ، فأخرج من القهندز الأمراء المسجونين ، وأخرج معهم جميع من كان مسجونا فيه من العلويين ، والديلم ، والعيارين ، فاجتمعوا ونهبوا خزائن الأمير نصر بن أحمد ، ودوره ، وقصوره ، واخت يحيي أبا بكر الخباز ، وقدمه ، وقوده ، فقصدهم الأمير نصر من نيسابور بريد بخاري، وأسر في طريقه أبا بكر الخباز ، فأخذه إلي بخاري ، وبالغ في تعذيبه ، ثم ألقاه في التنور الذي كان يخبز فيه ، فاحترق ( ابن الأثير 210-208/8 ).

وفي السنة 318 أحرق صاحب الشرطة ببغداد ، منازل الجند السودان ، فأحترق فيها جماعة كثيرة منهم ، ومن أولادهم ونسائهم ، وسبب ذلك إن الرجالة المصافية ببغداد ، لما عاد المقتدر إلي الخلافة عودته الثانية ، كثر إدلالهم عليه ، لأنهم كانوا السبب في عودته للخلافة، وزاد شغبهم ، ومطالباتهم ، وأصطدموا بالفرسان ، فقتلوا من الفرسان جماعة ، فأمر المقتدر صاحب الشرطة فطرد الرجالة عن دار المقتدر ، ونودي فيهم بأن يخرجوا عن بغداد ، وظفر بجماعة منهم بعد النداء ، فأمر بهم فضربوا ، وحلقت لحاهم وشهر بهم ، فهاج السودان تعصبا للرجالة ، فركب صاحب الشرطة ، وأوقع بهم ، وأحرق منازلهم ، فأحترق فيها جماعة كثيرة منهم ، ومن أولادهم ،

ص: 192

ونسائهم ، فخرجوا إلي واسط واستولوا عليها ، وطردوا عامل السلطان ، فسار إليهم مؤنس ، فأوقع بهم ، ولم تقم لهم بعدها راية ( ابن الأثير 318/8 و319) .

وفي السنة 322 ظهر أبو جعفر محمد بن علي الشلمغاني ، المعروف بابن أبي العزاقر ، وذكروا إنه أنشأ دينا جديدة ، وصار له أتباع ، فأفتي الفقهاء بإباحة دمه ، فصلب ، وصلب معه ابن أبي عون ، صاحب كتاب التشبيهات ، ثم أحرقا بالنار، راجع التفصيل في ابن الأثير 290/8 - 294 وفي وفيات الأعيان 156/2 وفي هذا الكتاب : الباب الثالث ، الفصل الثاني : الصفع.

وفي السنة 334 حصل قحط وغلاء شديد في بغداد ونواحيها ، وعثروا علي امرأة قد شوت ولدها وجلست تأكله ، وقال التنوخي : أخبرني عدة من أهل بغداد إن هذا جري عندهم ، وإنهم شاهدوه ، واختلفت أقوالهم ، فمنهم من قال : إن امرأة شوت إبنة لجارة لها ، ومنهم من قال : إنها شوت إبنأ لها ، ومنهم من قال : إبنة جارتها، راجع كتاب نشوار المحاضرة للتنوخي ، تحقيق المؤلف ج1 ص 351 رقم القصة 188 .

وفي السنة 404 أمر الحاكم الفاطمي بإحراق امرأة ، فلفت في بارية ، وأحرقت ( أخبار القضاة 606 و607).

وفي السنة 407 جري قتل الشيعة بجميع بلاد إفريقية، وأحرق قسم منهم بالنار ، راجع السبب في الباب الحادي عشر من هذا الكتاب : القتل ، الفصل الأول : القتل بالسيف ، القسم الأول : القتل فتكأ .

وفي السنة 413 عمد أحد الحجاج المصريين إلي الحجر الأسود ، فضربه بدبوس ، وصاح : إلي متي يعبد هذا الحجر ؟ فتبادر إليه الناس فقتلوه ، وقطعوه ، وأحرقوه بالنار ، وقتلوا جماعة ممن أتهم بمصاحبته ، وأحرقوهم بالنار ( المنتظم 9/8).

ص: 193

وفي السنة 488 تغلب السيد القنبيطور ( رودريق الطاغية) علي بلنسية ، فأحرق قاضيها أبا أحمد بن حجاف ( نفح الطيب 4/ 455 ) كما أحرق أبا جعفر أحمد بن عبد الولي البلنسي ( نفح الطيب 21/4 و456 ).

وفي السنة 490 فتح الصليبيون القدس ، فجمعوا اليهود في الكنيس ، وأحرقوهم ( خطط الشام 282/1 ) .

أقول : ذكر ابن الأثير 282/10 إن فتح بيت المقدس حصل في السنة 492 وإنهم قتلوا بالمسجد الأقصي ما يزيد علي سبعين ألفا ، منهم جماعة كثيرة من أئمة المسلمين ، وعلمائهم ، وعبادهم ، وزهادهم ، ممن فارق وطنه وجاور بذلك الموضع الشريف .

وذكر صاحب كتاب علاقات بين الشرق والغرب 71: إن الصليبيين آستولوا في السنة 1099 م علي بيت المقدس ، وقاموا بمذبحة « خاض فيها رجالهم بالدماء إلي الركبه واندفعوا يذبحون كل من رأوه ، حتي الذين استسلموا وأسروا ، وجمعوا اليهود في معبدهم ، ثم أحرقوا المعبد ، وأحرقوهم في داخله .

وفي السنة 494 ثار الناس بأصبهان ، ضد المتهمين بالباطنية ، وأخذ قوم اتهموا بهذه النحلة ، وتجرد أبو القاسم مسعود بن محمد الخجندي ، الفقيه الشافعي ، لعقوبتهم ، وأمر بحفر أخاديد ، وأوقد فيها النيران ، وجعل العامة يأتون بالمتهمين بهذه النحلة ، أفواجأ ومنفردين ، فيلقون في النار ، وجعلوا علي أخاديد النار ، إنسانا، وسموه مالكا اسم خازن جهنم ، فقتلوا منهم خلقا كثيرة . ( ابن الأثير 315/10 ).

وفي السنة 514 هاجم الكرج والقفجاق ، مدينة تفليس ، فخرج إليهم 104)

ص: 194

وفي السنة 548 اتهم روجر الصقلي ، أحد قواده واسمه فليب المهدوي ، بأنه قد أسلم ، وأنه يتظاهر بالنصرانية ، فجمع له مجلس من الاساقفة والقسوس والفرسان ، فحكموا عليه بأن يحرق ، فأحرق . ( ابن الأثير 187/11 ).

وذكر ابن الأبار ، في تحفة القادم ، أن ابراهيم بن أحمد بن همشك (ت 572 ) كان قد ملك في الفتنة جيان ، وشقورة ، وكثيرا من أعمال غرب الأندلس ، كان يعذب الناس بإحراقهم ، وبرميهم بالمجانيق ، ودهنهتهم كالحجارة من أعالي النيق ( الوافي بالوفيات 214/1 ) .

وفي الاعلام 5/10 : إن إبراهيم هذا كانت إحدي أذنيه مقطوعة ، فكان الأسبان إذا رأوه في المعركة عرفوه من أذنه المقطوعة ، وقالوا بالأسبانية : همشك ، أي المقطوع الأذن ، راجع بقية التفاصيل في هذا الكتاب في الباب السادس عشر : القتل بصنوف العذاب ، الفصل الثامن : القتل بالطرح من شاهق .

وفي السنة 579 فر أبو الحسن المالقي المغربي ، من السلطان أبي يعقوب الموحدي ، إلي ملك الروم ، فأكرمه الملك وأحسن نزله ، ثم عثر علي كتاب منه إلي المسلمين بالمغرب ، يدلهم فيه علي عورات الروم ، فأحضره ، فأقر بأنه كتب الكتاب ، وقال له : ليس يمنعني برك بي وإكرامك لي من النصح لأهل ديني ، فشاور الملك قسيسيه ، فأشاروا عليه بإحراقه ، فأحرقه . ( المعجب للمراكشي : 334/333 ).

وفي السنة 571 وقعت حرب بمكة بين أمير الحاج العراقي، والأمير مكثر أمير مكة ، ومن أعجب ما جري فيها إن إنسانا زراقأ ، ضرب دارة بقارورة نفط ، فأحرقها ، وكانت الأيتام ، ثم أخذ قارورة أخري ليضرب بها مكان آخر ، فأتاه حجر ، فأصاب القارورة فكسرها ، فأحترق هو بها ، وبقي ثلاثة أيام ، يعاني عذاب الحريق ثم مات ( ابن الأثير 432/11 ) .

ص: 195

وفي السنة 597 حصل قحط عظيم بمصر ، صف فيه عبد اللطيف البغدادي كتابة ، وذكر فيه : أن الحال وصل بالناس إنهم كانوا يأكلون الصغار ، فكان السلطان يأمر باحراق الفاعل ، وذكر أنه رأي صبيا مشوية في ققة ، وقد أحضر ألي دار السلطان ومعه رجل وامرأة ، وزعم الناس انهما أبواه ، فأمر بإحراقهما ، وذكر كذلك أنه رأي امرأة في السوق ومعها صغير مشوي وهي تأكل منه وأهل السوق ذاهلون عنها ، مقبلون علي أشغالهم ، ولم ير فيهم من يعجب من فعلها ، ورأي قبل ذلك صبيا مراهقأ مشويا ، وقد أخذ به شابان أقرا بقتله ، وشيه ، وأكل بعضه ، وفي بعض الليالي بعد صلاة المغرب ، كان مع جارية ، فطيم تلاعبه لبعض المياسير ، فبينما هو إلي جانبها طلبت غفلتها صعلوكة ، فبقرت بطنه ، وجعلت تأكل منه نيئا ، وأحرق في مصر من النساء خاصة بسبب قتل الصغار وأكلهم في أيام يسيرة آلاف النساء ، ورأي امرأة أحضرت إلي الوالي وفي عنقها طفل ، فضربت أكثر من مائتي سوط علي أن تقر ، فلم تحر جوابأ ، ثم سحبت فماتت علي المكان ، وكان إذا أحرق آكل ، أصبح مأكو" ، وحكي له رجل إنه دخل دار صديق له ، فوجد عنده خزانة مشحونة برمم الآدميين ، واحتيل علي بعض الأطباء ، كانوا يأخذونهم بحجة تمريض مريض ، فيقتلون . ( الجامع المختصر 48 - 50)

وفي السنة 604 قتل رجلان، من رجال البدرية الشريفة في دار الخلافة ببغداد إسم أحدهما براها، والأخر عليك ، أحد النقباء بباب الشحنة ، ويعرف بابن حسان ، إذ لقياه في محلة المأمونية ، وهو علي فرس ، فنكسه أحدهما ، وطعنه الثاني بسكين ، ففر من يديهما، ودخل دارا ، وأغلق بابها ، وصعد إلي سطحها، فتسور عليه جماعة من العوام ، وألقوه من السطح علي رأسه ، وشدوا في رجله حب، وسحبوه وهو حي ، وحملوه إلي دجلة ، وألقوه فيها ، ثم أخرجوه فأحرقوه ( الجامع المختصر 227)

ص: 196

وفي السنة 605 لما قتل سنجر شاه ، وخلفه ولده محمود ، اتهم بعض سراري أبيه ، بأنهن تأمرن مع القاتل ، فأحرقهن بالنار ، كان يأخذ الجارية ، فيجعل وجهها في النار ، فإذا احترق ، ألقاها في دجلة . ( ابن الأثير 281/12)

وفي السنة 615 خرج كيكاوس بن كيخسرو ، ملك الروم ، بجيشه يريد الاستيلاء علي حلب ، وحصرتل باشر ، واستولي عليها ، ووضع فيها جندة ، ثم تقدم بريد منبج ، فتصدي له الأشرف بن العادل ، وحاربه ، فانهزم كيكاوس ، وحصر الاشرف تل باشر ، وأنزل أصحاب كيكاوس من القلعة بالأمان ، وأطلقهم ، فلما وصلوا إلي كيكاوس ، اتهمهم بالتقصير ، وسلق جماعة منهم في القدور ، وجعل آخرين في دار وأحرقها وهم فيها ( ابن الأثير 349/12 والنجوم الزاهرة 224/6 ).

ومن ألوان العذاب العجيبة ، ما صنعه جنكيز خان ، بإينال خان ، ابن خال خوارزم شاه علاء الدين ، وذلك بأن أذاب الفضة ، وصبها في عيني إينال خان وأذنيه ، وسبب ذلك : إن جنكيز خان ، بعث في السنة 616 إلي خوارزم شاه بهدية من نقرة المعدنين ( أي الذهب والفضة ) ونوافج المسك ، وحجر اليشم ، والثياب الخطائية المنسوجة من وبر الإبل البيض ، وطلب منه الموادعة ، والإذن للتجار بالتردد بمتاجرهم من الجانبين ، وكان في خطابه إطراء للسلطان خوارزم شاه ، بأنه مثل أعز أولاده ، فامتعض خوارزم شاه من هذا الوصف ، ولكنه صرف الرسل بما طلبوا من الموادعة والأذن للتجار ، وعلي أثر ذلك ، وصل بعض التجار من بلادهم إلي مدينة اطرار، وهي آخر ولاية بحكم خوارزم شاه ، وبها نائب عنه ، اسمه إينال خان ، ابن خال السلطان ، فطمع إينال خال في الأموال التي كانت مع التجار، فاعتقلهم ، وكتب إلي السلطان خوارزم شاه ، بأنهم عيون ( جواسيس ) وليسوا بتجار ، ثم أخذ أموالهم وقتلهم ، وبلغ ذلك جنكيز خان ، فكتب إلي خوارزم شاه ، بنكر

ص: 197

عليه قتلهم ، وسلب أموالهم ، وقال في كتابه، إن كان هذا صنع إينال خان ، فأبعث به إلي ، فغضب خوارزم شاه ، وقتل الرسل، فهاج هائج جنكيز خان ، وسار في عساكره ، فاحتل أطرار أولا ، وأمسك إينال خان ، وأذاب الفضة ، وصبها في عينيه وأذنيه ، ثم اجتاح بلاد المسلمين ، وفعل فيها الأفاعيل ( ابن خلدون 518/5 و 519 ).

وفي السنة 687 في رمضان ، وجد عند بدر بن النفيس النصراني الكاتب ، امرأة مسلمة ، وجماعة ، وهم يشربون الخمر ، فأمر الأمير حسام الدين لاجين نائب السلطنة ، بأن يحرق النصراني ، فأضرمت له نار بسوق الخيل ، وألقي فيها ، وأما المرأة فقطع بعض أنفها ، ثم أطلقت (تاريخ ابن الفرات 71/8 ).

وفي السنة 721 كثرت الحرائق بالقاهرة ، واتهم جماعة ، بإحداثها ، فأخذ منهم أربعة ، وأحرقوا بشارع صليبة جامع ابن طولون ، في يوم الجمعة ، وأجتمع لمشاهدتهم عالم عظيم ، ثم أحرق اثنان آخران . ( خطط المقريزي 515/2 ).

وفي السنة 735 غزا عسكر حلب ، الأرمن في مدينة سيس وأذنه وطرسوس ، وغنموا ، وأسروا ، فلما علم أر من مدينة إياس بذلك ، أحاطوا بمن عندهم من المسلمين ، وكانوا نحوا من ألفين ، من تجار وغيرهم ، وحبسوهم في خان ، ثم أحرقوه عليهم ( خطط الشام 148/2 ).

وذكر ابن بطوطة ، إنه لما كان بالهند ، حصلت فيها مجاعة عظيمة ، فأخذ خمسمائة نفس ، عمر لهم سقائف في داره ، وأسكنهم فيها ، وكان يعطيهم نفقة كل خمسة أيام مرة ، فجاءوه بامرأة قالوا إنها «كفتار ، أي ساحرة ، وإنها أكلت قلب صبي كان إلي جانبها ، وأتوا بالصبي ميتأ، فأرسلها إلي نائب السلطان ، فأمر باختبارها ، وذلك بأن ملأوا أربع جرات

ص: 198

ماء ، وربطوها بيديها ورجليها ، وطرحوها في نهر الجون ، فلم تغرق ، فعلم إنها كفتار ، ولو لم تطف علي الماء ، لم تكن بكفتار، فأمر بإحراقها بالنار ، وجاء أهل البلد ، رجالا ونساء ، فأخذوا من رمادها ، ويزعمون أن من تبخر به أمن في تلك السنة من سحر الكفتار (مهذب رحلة ابن بطوطة 165/2 - 166)

أقول : وهكذا ذهبت هذه المسكينة ضحية الجهل والقسوة .

وفي السنة 768 رسم السلطان بالقاهرة بتعذيب الصاحب فخر الدين بن قروينة لاستخراج ما عليه من الأموال المقررة ، فضرب غير ما مرة بالمقارع، ولفت أصابعه اليمني بالمشاق ، وغمست في الزيت ، ثم أشعلت بالنار ، حتي أحترقت يده كلها، واستمر يعاقب حتي مات تحت العقوبة . ( بدائع الزهور 55/2/1 و64 ) .

وفي السنة 795 اجتمع بالقدس أربعة رهبان ، دعوا الفقهاء المناظرتهم ، فلما اجتمعوا جهروا بالسوء من القول ، وصرحوا بذم الإسلام ، فثار الناس عليهم ، فأحرقوهم ( شذرات الذهب 337/6 ).

ولما استولي تيمورلنك علي بغداد في السنة 795 فرض علي الناس في بغداد ، مال الأمان ، وعذبهم علي أدائه ، وكان يشوي الناس علي النار كما يشوي طائر الأوز أو طائر الدجاج ( تاريخ الغياثي ص 113 حاشية ونزهة النفوس ص 366) .

وذكروا أن تيمورلنك ، لما فتح دمشق في السنة 803 تنوق زبانيته في تعذيب أهليها ، فكان أحدهم يشد رأس الرجل بحبل قنب ، ثم يلويه ليا عنيفة حتي يغوص الحبل في رأسه ، ثم يؤخذ من تحت أبطيه ، وتربط إبهام يديه من وراء ظهره ، ثم يلقي علي ظهره ، ويغم بخرقة فيها رماد سخن ، ويعلق من إبهام رجليه في سقف الدار ، ثم توقد تحته النار حتي يموت ، أو يسقط من الحبل في النار ( بدائع الزهور 334/1 ).

ص: 199

وفي السنة 813 أمر شاه محمد بن قرايوسف ، في بغداد بأحراق شاب سعي بأبيه ، وتفصيل ذلك ، إن شاه محمد بن قرايوسف ، لما دخل ببغداد ، قصده ابن الشيخ أحمد السهروردي ، وسعي بأبيه ، وقال عنه أنه يزعم بأن السلطان أحمد - خصم قرايوسف - ما زال حيا ، فأمر شاه محمد، بأحضار الشيخ أحمد ، فأحضر ، وسأله ، فأنكر ، فبهته إبنه ، وأصر علي السعي بأبيه ، فقال له شاه محمد : إن كنت صادقة ، فخذ هذا السيف وأقتل به أباك ، فأخذ السيف ، وقطع عنق أبيه ، فأمر شاه محمد بالولد ، فأحرق ( التاريخ الغياثي 247) .

وكان من جملة ما ارتكبه الأمير يشبك الدوادار في السنة 874 في صعيد مصر من المظالم أن شوي بالنار شيخ بني عدي . ( بدائع الزهور 116/2 ).

وفي السنة 896 وقعت فتنة عظيمة في حلب ، بين الأمير نائب السلطان فيها وبين أهلها ، وقتل في الفتنة من مماليك النائب سبعة عشر مملوكا ، وقتل من أهل حلب نحو الخمسين ، وأحرق أهل حلب جماعة من حاشية النائب بالنار (اعلام النبلاء 3/ 104).

وكان من جملة ما عذب به السلطان الغوري ، القاضي بدر الدين بن مزهر ، كاتب أسرار القاهرة ، في السنة 916 أن أمر به فلفت القصب والمشاق علي يديه ، فاحترقتا ، ومات تحت العذاب . ( شذرات الذهب 74/8 ) .

وفي السنة 942 أحرق القاضي شمس الدين محمد بن يوسف الدمشقي الحنفي ، وأحرق معه رفيق له يقال له حسين البقسماطي ، وكان سبب إحراقهما ، ما ثبت عند قاضي دمشق « إنهما رافضيان ، فربطت رقابهما ، وأيديهما، وأرجلهما، في أوتاد ، وألقي عليهما القنب ، والبواري ، والحطب ، ثم أطلقت النار عليهما ، حتي صارا رمادا ، ثم ألقي رمادهما في

ص: 200

بردي ، وسئل الشيخ قطب الدين بن سلطان ، مفتي الحنفية عن قتلهما، فقال : لا يجوز في الشرع ، بل يستتابان ( شذرات الذهب 249/8 و 250 ).

ومما اتفق للشيخ أحمد بن محمد، المشهور بابن حماره ، المتوقي سنة 953، إنه كان يعظ بالجامع الأموي بحلب ، إذ طلع إليه شخص شيعي ، متحريا قتله ، فتمكن أهل السنة منه ، وحملوه الي كافل حلب خسرو باشا ، فأمر بقتله ، فأخذه الناس ، وألقوه في النار حية ، « وكان يوما مشهود سر به أهل السنة » ( اعلام النبلاء 551/5 ) .

وفي السنة 1019 توفي الأمير حسن بن محمد، المعروف بابن الأعوج، أمير حماة ، ومن غريب ما اتفق له ، إنه كان من أقربائه شاب اسمه الأمير يحيي ، بارع الجمال ، وكان الأمير حسن يحبه بمنزلة ولده ، وعين له معلمة من طلبة العلم ، يقرئه العلم ، والأدب ، فواظب علي تعليمه زمنأ ، وحدث أن بني الأمير حسن دارأ عظيمة ، ودعا أعيان البلدة إليها بعد أن فرشها ، وكان الأمير يحيي من جملة المدعوين ، وسهر المدعوون قريبة من الثلث الأخير لليل ، وعاد الأمير يحيي فنام مستغرقا ، وفي الصباح جاء الفقيه إلي يحيي ، وطلب من الجارية أن توقظ الأمير يحيي للدرس ، فقالت له : إن الأمير سهر ليلا ، وهو الآن نائم ، واليوم الجمعة لم تجر العادة فيه بالدرس ، فقال لها الفقيه إن لي حاجة مهمة ، أريد أن توقظيه ، فأيقظته ، فخرج مسرعا اللقاء الفقيه ، فما كان من الفقيه إلا أن جرد سكينا ، وطرح الأمير علي الأرض ، وذبحه ، وخرج من الدار هاربا ، ففطنت الجارية لما حصل، وصاحت، واستغاثت ، فلحق الناس بالفقيه ، وأرادوا إمساكه ، فقاتل قتا شديدا ، وقتل ثلاثة رجال ، ثم ضربه رجل بحجر كبير في ظهره ، فسقط ، فأمسكوا به ، وأحضروه بين يدي الأمير حسن ، فسأله عن سبب قتله الأمير ، فلم ينطق بحرف ، فأمر بإحراقه ، فجمعوا له حطبأ ، وأوقدوه ، ثم ألقوه في

ص: 201

النار ، فاحترق ، والذي يظهر إن قتله له كان عن ولوع وهيام به، ورأي أنه إذا قتله تخلص مما هو فيه من المشقة لأنه يقتل به فيستريح ( خلاصة الاثر 48/2 و49) .

وفي السنة 1028 حدثت ببغداد فتنة بين بكر اغا رئيس الشرطة ببغداد ، وبين رئيس العزب ، والتجأ الأخير إلي الوالي فحماه ، وتحصن في القلعة ، وحاصره بكر اغا ، وأستسلم رئيس العزب بعد أن أمنه بكر اغا ، ثم غدر به ، فأمر به وبولديه ، فربطوا بالسلاسل، ووضعوا في زورق ، وصب عليهم النفط ، وأضرمت فيهم النار ، والزورق منحدر في دجلة ، حتي ماتوا جميعا محترفين ( مختصر تاريخ بغداد لعلي ظريف الأعظمي 179 - 181 ).

وروي صاحب الاثر 382/1 - 384 و455 قصة مقتل بكر الصوباشي فقال : في السنة 1032 قتل بكر البغدادي هو وأخوه عمر ، وكان بكر رومي الأصل سكن بغداد ، وصار من أكابر عساكرها ، وتغلب علي الأمور فيها ، حتي صار حكم الوزير الذي نصبه السلطان لا ينفذ إلا إذا وافق بكر علي إنفاذه ، وأراد الوزير يوسف باشا ، والي بغداد اعتقاله ، فتحصن بالقلعة ، وأنحاز معه أكثر عساكر بغداد ، واشتبك الطرفان في معركة ومراماة ، فانطلقت مكحلة من جانب عسكر بكر ، أصابت الوزير فقتلته، وأعلن بكر نفسه حاكما لبغداد ، وبعث إلي دار السلطنة ، يطلب نصبه واليأ علي بغداد ، فلم يجب إلي ذلك ، ونصب السلطان أحمد باشا الحافظ ، واليأ لبغداد وسردارا ، فلما بلغ بكرا الخبر ، كاتب الشاه عباس ، شاه العجم ، وطلب منه موافاة بغداد ليسلمها إليه علي أن ينصبه نائبا عنه ، فلما وافي أحمد باشا بغداد وحصرها ، حضر الشاه عباس بعسكره يريد بغداد ، فاضطر أحمد باشا الي نصب بكر واليأ علي بغداد ، وسلم إليه الإرادة السلطانية بذلك ، وانسحب بجيشه بريد دياربكر ، فلما وصل الشاه إلي بغداد ، امتنع بكر من تسليمها إليه ، فحصره ، وشدد في حصاره ، وكانت قلعة بغداد في عهدة

ص: 202

محمد علي بن بكر ، فلما رأي شدة الحصار آستسلم للشاه عباس ، وأدخل عساكر الشاه إلي القلعة ليلا ، فأستولي الشاه علي البلد نهارة ، وإعتقل بكرة وقتله شر قتله ، وقبض علي عمر أخي بكر ، ووضعه في سفينة ، وألقي فيها النفط والقار والنار ، فأحرقه ، ثم قتل الملا علي ، وقاضي بغداد ، والسيد محمد نائب المحكمة ( خلاصة الأثر 382/1 - 384) .

أقول : وصف تاريخ العراق للعزاوي 165/4 - 181 كبقية قتل بكر الصوباشي وأخيه عمر ، فإنهما وضعا في قفص من الحديد، وسوهرا لمدة سبعة أيام ، وكويا بالنار ، ثم وضعا في سفينة ، وأحيطا بالنفط والقار ، ثم أشعلت النار في السفينة حتي أحترقا .

وفي السنة 1215 قتل سليمان الحلبي ، الجنرال كليبر ، قائد الجيش الفرنسي بمصر ، فحكمت عليه المحكمة بإحراق يده اليمني ، ثم قتل بإقعاده علي الخازوق ( تاريخ الجبرتي 389/2 ) .

وأحس الإنكشارية من السلطان محمود العثماني (حكم 1223 - 1255) ووزيره مصطفي البير قدار ، رغبة وسعية في نزع سلطانهم ، وإنشاء جيش حديث ، فهجم في السنة 1223 أغا الإنكشارية علي دار الوزير مصطفي البيرقدار وأحرقوه بما فيه من رجال ونساء وأطفال ، وكان الوزير من جملة من احترق ( اعيان القرن الثالث عشر 104).

وروي الحاج الزهار الجزائري في مذكراته ( ص 111 و112 ) إن الحاج علي باشا، أمير الجزائر (1224 - 1230) اتهم جماعة من يهود الجزائر بأنهم أكلوا أموال الناس ، فأمر بهم فأحرقوا ، وألزم أقرباءهم بسداد تلك الأموال .

وفي السنة 1247 فرض الوزير محمد سليم باشا والي دمشق ، علي الأهالي ، ضريبة الصليان ، فثار عليه الشاميون ، وحصروه في القلعة ،

ص: 203

فأستسلم ، وفتح لهم أبواب القلعة ، وخرج ومعه مائة وسبعة نفر من حاشيته ، فأخذوه إلي دار محمد باشا العظم ، ثم نقلوه الي بيت الكيلاني بالعصرونية ، ثم أحضروا كخيته ، وخاله من بيت المفتي ، وفي الليل قتلوا الكخية ، والخال ، والقابجي ، والسلحدار ، والخزندار ، والمهردار ، وهاجموا الوالي ، فأغلق عليه باب حجرته ، وقاومهم ، وكان معه مملوك وطواشي ، كانا ( يدكان ) له البنادق ، وهو يقوس ( يرمي ) بها، فنقبوا عليه سقف الحجرة ، وأحرقوا بابها ، فلحق الحريق به ، وأحرقت النار لحيته وشاربه ، و ( تشلوط ) كل بدنه ، ومات ، ثم قتلوا المملوك والطواشي ( مذكرات تاريخية 29 و 30).

وذكر الجبرتي في تاريخه 417/3 إن ابراهيم بن محمد علي (ت 1264)، عذب أناسا بالصعيد بأن شدهم علي أعمدة وشواهم بالنار . ( الجبرتي 417/3 ) .

ص: 204

القسم الثاني: الكي بالنار

كان التعذيب بالكي بالنار شائع الحدوث، وقد مارسه مشركو قريش التعذيب الذين سبقوا بالإسلام .

وكان مشركو قريش يأخذون ياسرة ، والدعمار، وسمية أم عمار ، وابنيهما، وبلا ، وصهيب، وخبابا، فيلبسونهم أدراع الحديد، ويصهرونهم في الشمس ، حتي بلغ الجهد منهم كل مبلغ ( شرح نهج البلاغة37/20)

وكان خباب بن الأرت ، يعري ، ويلصق ظهره بالرمضاء ، ثم بالرضف ، وهي الحجارة المحماة بالنار ، ويلوي رأسه ( ابن الأثير 68/2 ) وكان خباب يقول : أوقدوا لي نارة ، وسحبت عليها ، فما أطفأها إلا ودك ظهري ( شرح نهج البلاغة 172/18 ).

وكان أمية بن خلف الجمحي ، يلقي بلاط الحبشي في الرمضاء علي وجهه وظهره ، ثم يأمر بالصخرة العظيمة فتلقي علي صدره ( ابن الأثير 66/2والأغاني 120/3 ).

وفي السنة 35 قدم ملك الروم قسطنطين بن هرقل، في جمع من جنده ، بطريق البحر ، يريد أرض المسلمين، فأصابهم نوء في البحر

ص: 205

فأغرقهم ، ونجا قسطنطين، فأتي صقلية ، فأحموا له حماما ، وأدخلوه فيه فقتلوه ( الطبري 441/4 ).

وأخذ محمد بن هشام المخزومي ، أمير مكة لهشام بن عبد الملك ، العرجي والحصين الحميري، فجلدهما، وصب علي رأسيهما الزيت ، وأقامهما في الشمس علي البلس في الحناطين بمكة ( الأغاني 411/1 ).

أقول : العرجي ، لقب لقب به عبدالله بن عمر بن عمرو بن عثمان بن عفان ، لأنه كان يسكن العرج ، عرج الطائف ، وكان من شعراء قريش ، صاحب غزل وفتوة ، مشغولا بالصيد واللهو، وكان فارسا معدودة ، وله مواقف مشهورة مع مسلمة بن عبد الملك في غزو الروم ، باع أموالا عظاما له وأنفق ثمنها في إطعام الطعام في تلك الغزوة ، وكان قد اتخذ غلامين ، فإذا كان الليل نصب قدره، وقام الغلامان يوقدان فإذا نام أحدهما قام الأخر، فلا يزالان كذلك حتي الصباح ، يقول : لعل طارقا يطرق ، وأصابت الناس مع مسلمة في غزو الروم مجاعة ، فقال العرجي للتجار : أعطوا الناس ، وعلي ما تعطون ، فلم يزل يطعمهم حتي أخصبوا ، فبلغ ثمن ذلك عشرين ألف دينار ، التزم بها العرجي، وبلغ الخبر عمر بن عبدالعزيز، فقال : بيت المال أحق بهذا ، وقضي التجار من بيت المال ، وكان العرجي قد شبب بأم محمد بن هشام المخزومي، عامل مكة ، فقال فيها :

عوجي علينا ربة الهودج****إنك إن لا تفعلي تحرجي

نلبث حولا كاملا كله ****لانلتقي إلا علي منهج

في الحج إن حجت وماذا مني**** وأهله إن هي لم تحجج

وقال فيها :

أماطت كساء الخزعن حر وجهها ****وأرخت علي المتنين برد مهلهلا

من اللاء لم يحججن يبغين سبة**** ولكن ليقتلن البريء المغقلا

ص: 206

وشبب بزوجة محمد ، جبرة المخزومية ، فقال :

عوجي علي فسلمي جبر**** فيم الصدود وأنتم سفر

مانلتقي إلا ثلاث مني**** حتي يفرق بيننا الدهر

وكان محمد بن هشام تياها جبارة ، فلم يزل يتطلب عليه العلل ، حتي أخذه ، فحبسه ، وقيده ، وأقامه علي البلس للناس ، وأبقاه في حبسه نحو من تسع سنين حتي مات في الحبس، ومن جملة ما قاله في حبسه ، وهو من عيون الشعر :

أضاعوني وأي فتي أضاعوا ****ليوم كريهة وسداد ثغر

وصبر عند معترك المنايا ****وقد شرعت أسنتها بنحري

أجور في الجوامع كل يوم**** فيالله مظلمتي وصبري

كأني لم أكن فيهم وسيطأ ****ولم تك نسبتي في آل عمرو

فلما مات هشام بن عبد الملك ، وخلفه الوليد بن يزيد ، وكان مضطغنا علي هشام وعلي عماله ، قبض علي محمد بن هشام، وعلي أخيه إبراهيم بن هشام ، فحملا إليه إلي الشام ، فضربهما ضربا مبرحا ، وبعث بهما إلي يوسف بن عمر الثقفي عامله علي العراق مثقلين بالحديد، وكتب إليه : احبسهما مع ابن النصرانية ، يعني خالد القسري ، عامل هشام علي العراق ، ونفسك نفسك إن عاش أحد منهم ، راجع تفصيل ما حل بهما من العذاب ، في موضعه من هذا الكتاب .

ولما قتل مروان بن محمد ، آخر الحكام الأمويين ، طلب كاتبه عبد الحميد بن يحيي ، فلجأ إلي ابن المقفع ، وكان صديقا له ، ففاجأهما الطلب ، وهما في بيت ، فقال الذين دخلوا عليهما : أيكما عبد الحميد ؟ فقال كل واحد منهما : أنا هو، خوفا من أن ينال صاحبه مكروه ، وخشي عبد الحميد أن يسرعوا إلي ابن المقفع بمكروه ، فقال لهم : تثبتوا، فإن في عبد الحميد علامات يعرف بها ، فأرسلوا إلي مرسلكم من يستوصفها منه ، فأينا

ص: 207

وجدتموها فيه فخذوه ، ففعلوا ، فوصف لهم عبد الحميد بعلامات ، فأخذ ، وحمل إلي السفاح ، فولي عقوبته عبد الجبار بن عبد الرحمن صاحب شرطته ، فكان يحمي طستا بالنار ، ويضعه علي رأسه ، حتي مات ( الغرر للوطواط 27 ووفيات الأعيان 3/ 230).

وكان الرشيد ، حبس عبد الملك بن صالح العباسي ، لما سعي عليه ابنه عبد الرحمن بن عبد الملك ، وكاتبه قمامة، فلما ولي الأمين ، أخرجه من السجن ، وولاه الجزيرة والعواصم ، والثغور ، ودفع إليه ابنه عبد الرحمن ، وكاتبه قمامة ، فحبس قمامة في حمام قد أحكم ، وأوقد أشد وقود ، وطرح معه سنانير ، فلم يزل فيه حتي مات ( اليعقوبي 2/ 434).

وفي السنة 255 لما خلع الأتراك المعتر ، سحبوه فأخرجوه ، وأقاموه في الشمس في يوم صائف شديد الحر، فكان يرفع قدمه ساعة بعد ساعة من حرارة الموضع الذي أقيم فيه . ( الطبري 389/9 ).

وفي السنة 255 استصفي صالح بن وصيف ، أموال أحمد بن اسرائيل وأبي نوح والحسن بن مخلد ، وعذبهم بالقيد، والضرب ، والتقريب إلي كوانين الفحم في شدة الحر . ( الطبري 397/9 - 398) .

وفي السنة 291 لما ظفر المكتفي بزعماء القرامطة الذين كانوا قد عاثوا وقتلوا وأفسدوا ، أدخلهم إلي بغداد مشهرين ، وبني لهم دكة عظية مربعة، طول ضلعها عشرون ذراعا ، وارتفاعها عشرة أذرع ، جري فوقها تعذيب أسري القرامطة ، وعددهم ستمائة وستون ، وكان مما عذب به زعيمهم المدثر ، أنه بعد أن قطعت يداه ورجلاه ، أخذت خشبة فأضرمت فيها النار ، ووضعت في خواصره وبطنه ، فجعل يفتح عينيه ثم يغمضهما حتي إذا قارب الموت قطعت عنقه ( الطبري 112/10 - 114).

وفي السنة 326 كان بجكم علي الأهواز لابن رائق ، فقبض علي

ص: 208

جماعة من الوجوه بالأهواز ، وعذبهم ، وجعل علي بطن سهل بن نظير الجهبذ ، طستا فيه جمر . ( تجارب الأمم 379/1 ).

وفي السنة 354 أرسل أهل طرسوس والمصيصة الي نقفور ملك الروم ، يبذلون له إتاوة ، ويطلبون منه أن ينفذ إليهم بعض أصحابه يقيم عندهم ، فأتاه الخبر بأنهم قد ضعفوا ، وعجزوا عن القوت ، وأكلوا الكلاب والميتة ، وكثر فيهم الوباء ، وإنه يموت منهم في اليوم نحو ثلثمائة نفس ، فأحضر الرسول ، وأحرق الكتاب علي رأسه ، فاحترقت لحيته ، وأعاد الرسول خائبا ، ثم هاجم المصيصة ففتحها عنوة ، وقتل من أهلها مقتلة عظيمة ، ونقل كل من بها إلي بلد الروم ، وكانوا نحوا من مائتي الف إنسان ، ثم سار إلي طرسوس ففتحها ، وجعل الجامع إصطبلا لدوابه ، وأحرق المنبر ( ابن الأثير 8/ 560 - 561).

وكان أبو بكر الخوارزمي ، هجا بعض الملوك ، فظفر به ، فوسمه في جبهته بسطرين فيهما شطران بأقبح هجاء ، فكان يشد العمامة علي حاجبيه سترا عليهما ( الملح والنوادر ) .

وفي السنة 372 اعتقل أبو منصور بن هارون ، وسلم إلي الشابشتي الحاجب ، فعسفه ، وملا طستأ بالجمر ، ووضعه علي صدره ، فمات ( ذيل تجارب الأمم 81).

وادعي رجل الشرف ( النسبة للعلويين )، فأمر به الحاكم ، فكوي في وجهه ونودي عليه ( أشهر ). ( النجوم الزاهرة 63).

وفي السنة 489 عذب رئيس حلب، بركات بن فارس الفوعي ، بأن أحمي الطست حتي صار كالنار ، ثم وضع علي رأسه ( اعلام النبلاء 375/1 ).

وفي السنة 493 قتل المستظهر العباسي ، وزيره عسيد الدولة بن جهير بأن ادخله حمامأ ، وسمر عليه الباب إلي أن مات فيه . ( الوافي بالوفيات 273/1 ) .

ص: 209

وفي السنة 550 فتح علاء الدين الغوري ، غزنة ، وكانوا قد صلبوا أخاه سيف الدين ، وتغنوا بأشعار في ذمة ، فأخذ النساء اللواتي تغنين بذمه ، وأدخلهن في حمام ، وأغلق عليهن بابه حتي هلكن ( ابن الأثير 165/11 ).

وفي السنة 566 لما اشتد مرض المستنجد العباسي ، تآمر عليه أستاذ الدار عضد الدين أبو الفرج بن رئيس الرؤساء ، وقطب الدين قايماز المقتفوي ، وتابعهما طبيبه ابن صفية ، وحملوه إلي الحمام وقد احمي ، واغلقوا عليه الباب حتي مات . ( ابن الأثير 361/11 ).

ولما توفي السلطان أبو سعيد ، ملك العراق ، في السنة 736 استولي أحمد بن رميثة المكي العلوي ، علي الحلة ، واستمر يحكمها ثماني سنوات ، فحاربه الشيخ حسن الكبير سلطان العراق ، وأسره ، وعذبه بأن كان يوضع علي صدره طست مملوء بالجمر ، حتي مات ( جاوان ص11).

وفي السنة بضع وثلاثين وسبعمائة غضب السلطان الملك الناصر ، علي الأمير الأكز الناصري ، فعزله ، وضربه ، ونفاه إلي دمشق فمات بها ، وكان اليه شد الدواوين ، فبالغ في تنويع عذاب من يصادره ، حتي إنه كان يحمي الطاسة ويلبسها له ، ويحمي الدست ويجلسه عليه ، ويضرب الأوتاد في الأذان ، ويدق ليط القصب تحت الأظافر ( الدرر الكامنة 431/1 - 432).

أقول : روي صاحب الوافي بالوفيات 348/9 الخبر بتفصيل اكثر ، قال : في السنة 738 غضب السلطان بمصر علي الأمير سيف الدين الأكوز الناصري ، ورماه قدامه ، وضربه بالعصي ، ورسم عليه أياما ، ثم أخرجه الي دمشق ، حيث مات ، وكان الأكوز ظالما ، تنوع في عذاب المصادرين من الكتاب وغيرهم ، وقتل بالمقارع، وأحمي الطاسات وألبسها الناس ، وأحمي

ص: 210

الدسوت وأجلسهم عليها ، وضرب الأوتاد في الأذان ، ودق القصب تحت الأضافير ، وبالغ وشدد .

وفي السنة 768 قتل بالعذاب الوزير فخر الدين ماجد القبطي بالقاهرة ، كان يلي الوزارة بالشام ، ثم نقل إلي مصر، وأضيف اليه الخاص، ثم اعتقل وسلم إلي شاد الدواوين فأذاقه أنواع العذاب حتي لفت مشاق الكتان علي أصابعه ، وغمرت بالزيت ، وأوقدت فيها النار إلي أن مات ( الدرر الكامنة 361/3 ) وذكر صاحب بدائع الزهور 55/2/1 أنه كانت تحمي له خوذة فولاذية ، وتوضع علي رأسه .

وفي السنة 800 غضب سلطان مصر ، علي علاء الدين والي القاهرة، فألبسه خوذة حديد محماة بالنار . ( بدائع الزهور 309/1 ).

وكان الشيخ زاده النهاوندي ، صاحب عذاب السلطان محمد بن تغلق ، سلطان الهند ، عجيبا في قسوته ، بعث إليه السلطان بفقيهين ليقتلهما ، فقال الزبانيته : ذوقوهما بعض شيء ، يعني من العذاب ، فبطحا علي قفائيهما، وجعل علي صدر كل واحد منهما صفيحة حديد محماة ، ثم قلعت بعد هنيهة ، فذهبت بلحم صدريهما ، ثم أخذ البول والرماد، فجعل علي تلك الجراحات ( رحلة ابن بطوطة ص 470 طبعة صادر).

وفي السنة 910 جري تعذيب القاضي بدر الدين ، كاتب الأسرار بالقاهرة ، وكان من جملة ما عذب به أن أحمي له الحديد ووضع علي بدنه ، ولفت القصب والمشاق علي يديه ، وأحرقت (الكواكب السائرة 176/1 ).

وفي السنة 1001 غضب محمد باشا ، نائب السلطنة بالشام ، علي الخواجا محمد بن العنبري ، فأمر به فدمغ بالنار في جبهته ، وأنفه ، ووجهه ، وأركب حمارة مقلوبة ، وكشف رأسه ، وعري حتي صار بالقميص ، وطيف به في أسواق دمشق وشوارعها ، ونودي عليه : هذا جزاء من يزور علي أوقاف

ص: 211

نور الدين الشهيد، وبعد التطواف به ، أعيد إلي محبسه بالقلعة ( خلاصة الأثر 301/3 ).

وفي السنة 1024 توقي السيد عمر بن أحمد السقاف ، وكان معظم بتريم ، ووشي به إلي السلطان مرة ، فاعتقله بالحصن ، وعذب بأن عمل له قميص من ليف النخل وأحرق وهو عليه ، وصودر ، وسلب جميع ما يملك ( خلاصة الأثر 209/3 ).

وفي السنة 1201 اعتدي الأعراب علي الحاج المصري ، ونهبوا الحجاج ، وسبوا النساء ، وقتلوا كثيرا من الرجال ، وسبب ذلك رعونة أمير الحاج المصري وجبنه ، فإنه لما أراد أن يتوجه بالحاج إلي المدينة ، أحضر اكابر الأعراب ودفع لهم عوائد سنتين ، وأخذ عنده منهم أربعة أشخاص رهائن ، فبدا له أن كواهم بالنار في وجوههم ، وبلغ ذلك اصحابهم ، ففعلوا ما فعلوا ( الجبرتي 12/2 ).

وفي السنة 1202 حضر إلي الإسكندرية بالديار المصرية ، رجل هندي ، قيل إنه وزير سلطان الهند حيدر بك ، ومهمته أن يجيش جيشأ المحاربة أعدائه الإنكليز، وكان كل من دخل فيهم برسم الخدمة وسموه بعلامة في جبهته لا تزول ، فنفر الناس من ذلك ( الجبرتي 54/2 ).

أقول : الوسم في الجبين بعلامة لا تزول ، يعني كيه بالنار .

وروي الجبرتي في تاريخه 417/3 إنه بلغه : أن إبراهيم باشا بن محمد علي باشا ، لما كان أميرة للصعيد يعذب الرجل بأن يربطه ممدودة ، علي خشبة طويلة يمسك بطرفيها الرجال ، ويقلبونه علي النار المضرمة مثل الكباب .

وكان للجزار صاحب عكا ، أعوان من الأكراد ، يقومون بتعذيب الناس بالنار ، وبالكعاب يضعونها في «مصادغ » من يريدون تعذيبه ، وهي محمية ،

ص: 212

ومربوطة بالسلاسل ( أعيان دمشق في القرن الثالث عشر ونصف القرن الرابع عشر لمحمد جميل الشطي ).

وفي السنة 1227 أمر والي حلب ، جلال الدين باشا ، باعتقال إبراهيم أغا الحربلي ، من رؤساء الإنكشارية، وحبسه ، وأمر بتعذيبه ليلا ونهارا ، وكان أعوانه يحمون الأنية من النحاس ، ويجردون إبراهيم اغا من ثيابه ، ويضعونه فوق الآنية ، حتي يسيل الدهن من أليته ، فكان يستغيث ولا يغاث ، ويستجير فلا يجار ، وهم يقولون له : قلنا عن الذهب الذي عندك ، وأقر لهم عما عنده من الذهب، فذهبوا وأحضروه ، وفي آخر الأمر أقر لهم أن في داره التي في محلة قارلق في الصهريج كذا وكذا من الذهب ، وكان مبلغا عظيمة ، فذهبوا وأخذوه ، ولما تيقنوا أنه لم يبق عنده شيء، قطعو رأسه وكان عمره لما قتل ، خمسة وسبعين سنة ( اعلام النبلاء 378/3 ).

وفي السنة 1232 نصب محمد علي باشا ، بمصر ، مصطفي كاشف كرد، محتسبأ ، فكان إذا وجد بائع كنافة قد خالف التسعيرة ، أقعده علي صينيته وهي علي النار ( تاريخ الجبرتي 564/3 ).

وفي السنة 1247 عذب الملا علي الخصي ومحمد الليلاني ببغداد ، زوجة رضوان أغا ، بكيها بالسيخ المحمي ( تاريخ بغداد للعزاوي 13/7).

ص: 213

ص: 214

الفصل الثاني: التعذيب بالماء المغلي

اشارة

ص: 215

ص: 216

القسم الأول: السلق بالماء المغلي

السلق : غلي الشيء بالنار وطبخه بالماء .

والتعذيب بالسلق ، قليل الحدوث ، وقد حفظ لنا التاريخ بعض الأخبار عن هذا اللون من العذاب ، فذكر أن الخوارج الذين خرجوا علي الإمام علي ، علي أثر التحكيم ، صبحوا حيا من أحياء العرب .. فقتلوا الرجال والنساء والأطفال ، حتي جعلوا يلقون الصبيان في قدور الأقط وهي تفور ( مروج الذهب 149/2 ).

ووصف ابن المعتز ، في أرجوزته ، ألوان العذاب ، التي كان يمارسها صاحب الزنج ، علي أسراه ، ومن جملة ما ذكره من ألوان العذاب ، سلق الأسري، قال : ( ديوان ابن المعتز 129).

ولم يزل بالعلوي الخائن**** المهلك ، المخرب المدائن

والبائع الأحرار في الأسواق**** وصاحب الفجار والمراق

وقاتل الشيوخ والأطفال ****وناهب الأرواح والأموال

مخرب القصور والمساجد****ورأس كل بدعة وقائد

قد خرب الأهواز والأبلة**** وواسط قد حل فيهاحله

وترك البصرة من رماد**** سوداء لا توقن بالمعاد

وأطعم الزنوج أطفال الناس**** مكيدة منه فأعظم من باس

فواحد يشدخ بالعمود**** وواحد يدخل في السفود

وبعضهم مسمط مربوط**** وبعضهم في مرجل مسموط

ص: 217

وجعل الأسري مكتفينا ****أغراض نبل ، ومعلقينا

وبعضهم يحرق بالنيران**** وبعضهم يلقي من الحيطان

وبعضهم يصلب قبل الموت**** وبعضهم يئن تحت البيت

وفي السنة 590 حارب جنكيز خان، أعداء له من التاتار، من قبيلة تايجوت ، وأسر منهم جماعة، فأغلي لهم الماء في مراجل ، وسلقهم فيها أحياء ( تاريخ العراق للعزاوي 75/1 ).

ولما توفي كويوك ، سلطان المغول ، خلفه مانكو بن تولوي (649-659). واستهل حكمه بتصفية أقربائه ، فأمر بوضعهم في أكياس مغلقة ، ورميهم تحت حوافر الخيل المغيرة ، فهشمت عظامهم ، وقتل غيرهم برجمهم بالحجارة، ومع ذلك فقد ذكر عنه إنه أقل حكام المغول تعطشا للدماء، فإن جده جنكيز خان، أمر في أحد انتصاراته ، بسبعين زعيمأ ظفر بهم ، فغطس كل واحد منهم في قدر ماء يغلي ، فقتلهم ( علاقات بين الشرق والغرب 196- 197)

وكان عز الدين كيكاوس ، ملك الروم (ت 615) ظالمأ، سفاكا للدماء ، سلق بعض رعيته في القدور، وجعل آخرين في بيت فأحرقهم ( الذيل علي الروضتين 113)

وفي السنة 676 أمر السلطان أباقا خان ، سلطان المغول ، فأخذ معين الدين البرواناه ، وقطعت أطرافه الأربعة ، وهو حي، ثم ألقي في مرجل وسلق ، وأكل المغول لحمه ( فوات الوفيات 71/2).

وكانت إمرة العرب ، لعلي بن حذيفة بن مانع بن حذيفة ، الذي توفي في ابتداء دولة الظاهر بيبرس ، وكان ابن حذيفة هذا ظالمأ، قاسية ، وكانت له قدر كبيرة ، منصوبة ، لا تزال علي النار مملوءة ماء ، والنار توقد تحتها، فمتي وقع له مفسد من العرب ، ألقاه فيها حيا ، فسقط لحمه لوقته (تاريخ ابن الفرات 12/8 ).

ص: 218

وفي السنة 707 قتل الشيخ براق القرمي الدوقاني ، في جبال كيلان ، بأن سلقوه حيا في قدر ممتليء بالماء .

وكان الشيخ براق قد تجرد ، وصحب الفقراء ، وتلمذ له جماعة ، فدخل بهم الروم ، ثم قدم دمشق في السنة 706 محلوق الذقن ، وشواربه وافرة ، ومعه جمع من أتباعه علي هيأته ، وكان لازم العبادة ، ومعه محتسب يؤدب أصحابه ، وإذا ترك أحد منهم صلاة واحدة، عاقبه أربعين سوط ، وكان أول ظهوره في بلاد التار، فبلغ خبره غازان فأحضره وسلط عليه سبعا ضارية ، فوثب الشيخ براق علي ظهره ، وركبه، فأعظم غازان ذلك ، ونثر عليه عشرة آلاف ، فلم يتعرض لها ، وقيل : إنه سلط عليه نمرة ، فصاح به ، فانهزم النمر ، وأعطاه غازان مرة ثلاثين ألفا ، ففرقها في يوم واحد ، وكان لا يدخر شيئا ، ولما دخل إلي دمشق ، كان في إصطبل الأفرم نعامة ، فسلطوها عليه ، فوثب عليها وركبها ، فطارت به في الميدان خمسين ذراعا حتي قرب من الأفرم ، فقال له : أطير بها إلي فوق ؟ قال : لا ، وأحسن الأفرم تلقيه ، ثم زار القدس الشريف ، وأراد الدخول الي مصر ، فلم يؤذن له في ذلك ، وعاد إلي بلاد التتار ، فأرسله غازان صحبة حبيش لحرب أهل جبال كيلان ، فأسروا الشيخ ، وقالوا له : أنت شيخ فقراء ، كيف تجيء صحبة أعداء الدين القتال المسلمين ، وسلقوه في دست ( الدرر الكامنة 5/2- 6).

وحدث أن تحرك بعض المماليك علي أحمد باشا الجزار (ت 1218) يريدون قتله ، وتحصنوا في أحد أبراج عكا ، ثم طلبوا الأمان فأنهم ، ولما نزلوا غدر بهم ، وأمر بهم فخنقوا بالماء الحار ( أي أنهم غطسوا في الماء الحار حتي هلكوا ) ( خطط الشام 21/3 ).

ص: 219

ص: 220

القسم الثاني: الحقن بالماء المغلي

وقتل الأتراك المعتز ، بأن حقنوه بماء مغلي ، فورم جوفه ، ومات ،

( مروج الذهب 462/2 ).

ص: 221

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
هَلْ یَسْتَوِی الَّذِینَ یَعْلَمُونَ وَالَّذِینَ لَا یَعْلَمُونَ
الزمر: 9

عنوان المکتب المرکزي
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.