موسوعة العذاب المجلد 5

اشارة

موسوعه العذاب

تاليف: عبود الشالجي

مشخصات: 7ج

الدارالعربيه للموسوعات

بيروت - لبنان

ص: 1

اشارة

ص: 2

موسوعة العذاب

ص: 3

GLEBEWEALD LTD

اخراج و تنفيذ

الدار العربية للموسوعات

بيروت لبنان

ص: 4

القسم الثاني: القتل في المعركة

اشارة

العرك ، في اللغة : الفرك والدلك . والموج المعترك : المتلاطم والعراك : التزاحم ، ثم صرفت الكلمة الي القتال .

وما أحسن ما قال شاعر العربية ، أحمد شوقي رحمه الله ، من قصيدة كلها غرر ، يخاطب قلبه :

لم تبق فينا يا فؤاد بقية**** الفتوة أو نهزة لعراك

ومعترك المنايا : السن ما بين الستين والسبعين .

وكلمة العراك ، في بغداد ، تعني المخاصمة ، حتي لو كانت باللفظ ، يقول البغدادي : تعاركت مع فلان ، أي خاصمته ، ولا يعني القتال.

ويقولون عن الشخص الطويل اللسان ، ذي الوجه الوقاح : عراك ، علي وزن فعال .

وقد عرف الإنسان المعارك ، منذ أن عرف نفسه ، وتاريخ الجنس البشري ملوث الصفحات بالدم ، دم القتلي ، سواء قتلي المعارك ، أو قتلي الفتك ، أو قتلي الغيلة ، أو قتلي الغدر .

وظهر من بين أفراد هذا الجنس ، أشخاص أبادوا الملايين من أبناء جنسهم .

وكانت المعارك في القرون الأولي والوسطي ، معارك مبيدة ، يهلك فيها

ص: 5

الألوف ، وعشرات الألوف ، ومئات الألوف ، لأن القرن فيها يواجه قرنه ، ولا بد أن يقتل أحدهما ، إن لم يقتلا معا .

وكانت المعارك في تلك العصور تبرز فيها شجاعة الشجاع ، لأنه يبرز إلي ساحة المعركة، بلا جنة ولا حماية ، إلا قوة ساعده ومضاء سيفه ، وشجاعة قلبه .

وكانت الإختراعات من أجل حماية المحارب ، كلما تقدمت باعأ ، تقدمت الاختراعات في آلات التدمير ذراعا ، حتي توج الإنسان اختراعاته ، في أسباب التدمير ، بالقنبلة الذرية ، المبيدة المبيرة .

وكانت الحروب بين قبائل العرب ، تستعر وتستشري، لأسباب تتعلق بتقاليدهم ، وظروف عيشهم ، حتي إذا وحدهم الإسلام ، انصرفوا إلي الفتوحات ، وسجلوا في معاركها مواقف بطولة تذكر فتشكر .

وأدي اهتمام العرب بالمعارك ، إلي تكريمهم للشجاعة ، والعناية بالبطولة، وكانوا يتناقلون أخبار الشجعان ، ويكرمون خصومهم وأسراهم في المعارك ، إذا كانوا قد أظهروا شجاعة في المعارك .

وكانوا يعدون القتل في ساحة المعركة فخرا ، والموت علي الفراش عيبا ، ولما احتضر القائد خالد بن الوليد ، أحد أبطال المسلمين ، كان يشكو ويتألم ، لأنه مات علي فراشه « كما يموت الحمار »، مع أنه ما في جسده موضع إلا وفيه ضربة بسيف ، أو طعنة برمح ، أو رمية بسهم » ( المعارف267)

ولما قتل الحسين الشهيد عليه السلام في واقعة الطف بكربلاء ، وجد في بدنه ثلاث وثلاثون طعنة ، وأربع وثلاثون ضربة ( الطبري 453/5 ).

وقد افتخر عبد الله بن الزبير ، وهو علي المنبر ، بالمسجد الحرام ، بمن قتل من أهله في المعارك ، فقال : إن يقتل المصعب ، فقد قتل أبوه ،

ص: 6

وأخوه ، وعمه ، إنا والله لا نموت حتفة، ولكن نموت فعصة بالرماح، وموتا تحت ظلال السيوف ( العقد الفريد 101/1 ).

وبلغ من التقدير الذي أسبغ علي خالد بن الوليد ، إنه لما مات في السنة 21لم تبق أمرأة من آل المغيرة، إلأ قصت شعرها ، ووضعته علي قبره .

وكان الامام علي بن أبي طالب ، يقول : والله ، ما أبالي أسقطت علي الموت أم سقط الموت علي ( العقد الفريد 102/1 ).

وكان إذا خرج إلي الحرب يقول : ( العقد الفريد 105/1 ).

أي بومي من الموت أفر ****يوم لم يقدر أم يوم قدر

يوم لم يقدر لا أرهبه ****ومن المقدور لا ينجو الحذر

ولما كانت حرب صقين ، والناس في أشد ما يكون من الحرب ، قال علي رضوان الله عليه : ألا ماء فأشربه ؟ فأتاه شاب من بني هاشم بشربة من عسل ، فتناوله ، وشرب منه ، وقال : يا فتي ، عسلك هذا طائفي . فقال : سبحان الله ، في هذا الوقت ، تعرف الطائفي من غيره ؟ فقال له : يا فتي ، إنه لم يملا صدر ابن عمك شيء قط ( المحاسن والمساويء 2/ 139).

وكان عبدالله بن خازم السلمي ، شجاعا بطلا ، حتي قيل : ما

استحيا شجاع أن يفر من عبدالله بن خازم ، وكان مع شجاعته المفرطة يخاف من الجرذ ، وذكروا أنه بينما كان عبدالله في مجلس عبيدالله بن زياد ، إذ جيء إليه بجرذ أبيض ، فعجب منه عبيد الله ، وقال العبد الله بن خازم : هل رأيت يا أبا صالح أعجب من هذا ؟ ونظر إليه ، فإذا عبدالله قد تضاءل حتي صار كأنه فرخ ، وأصفر حتي كأنه جرادة ، فضحك عبيد الله ، وقال : أبو صالح يعصي الرحمن ، ويتهاون بالسلطان ، ويمشي إلي الليث الورد ، ويلقي الرماح بنحره، وقد أعتراه من جرذ ما ترون ، أشهد أن الله علي كل شيء قدير ( العقد الفريد 167/1 ).

ص: 7

وكان اهتمام العرب بتناقل أخبار الشجعان معجبين ، يرافقه تناقلهم أخبار الجبناء مستهزئين ، ولهم في ذلك أمثال وأقاصيص ، فمن الأمثال قولهم : أجبن من المنزوف ضرطة ، ويذكرون في أصله أن نسوة من العرب لم يكن لهن رجل ، فتزوجت واحدة منهن برجل كان ينام إلي الضحي ، فإذا نبهته زوجه ، قال لها : لو لعادية نبهتني ، أي خيل عادية عليكن مغيرة ، فأدفعها عنكن ، فلما رأين ذلك ، فرحن، وقلن : إن صاحبنا لشجاع ، ثم أردن تجربته ، ولما أيقظته زوجته ، وقال لها : لو لعادية نبهتني ، قلت له : نواصي الخيل معك ، فجعل يقول : الخيل ، الخيل ، ويضرط ، حتي مات .

وكان حميد الأرقط جبانا ، سئل يومأ : هل قاتلت قط ؟ قال : نعم ، في المنام ، قالوا : وكيف كانت وقعتك ؟ قال : انتبهت وأنا منهزم ( المحاسن والأضداد للجاحظ 58).

وكان الحجاج بن يوسف الثقفي ، أمير العراقين لعبد الملك بن مروان ، جبانا ، ولما حصر عبدالله بن الزبير بمكة، كان يبعث يبجنوده يحاربون ويتحرز من لقاء عبدالله ، ولما بلغه أن عبد الله قتل ، تصرف تصرفا بادي الخزاية ، إذ تظاهر بالبطولة ، وعمد إلي جنة عبدالله بن الزبير ، في مسجد الكعبة ، وبرك علي الجثة ، واستل سيفه ، وقطع عنقه بيده ، فقد جبن عن مواجهته حيا ، فبادر باحتزاز رأسه ميتا ( العقد الفريد 418/4 ). وبعد ذلك نكص الحجاج عن مبارزة غزالة ، زوجة شبيب الخارجي ، فقال فيه الشاعر : ( وفيات الأعيان 455/2 ).

أسد علي وفي الحروب نعامة **** فتخاء تفزع من صفير الصافر

هلا برزت الي غزالة في الوغي**** بل كان قلبك في جناحي طائر

وذكر الطبري في تاريخه 273/6 إن قتيبة بن مسلم ، عر الحجاج

ص: 8

بجبنه ، وطالب بأن يخرج بنفسه للمعركة ، فلعنه الحجاج ، وخنقه بعمامته خنقا شديدا ، وتظاهر بالشجاعة ، وحلف إنه سوف يبرز للحرب غدا ، ثم تناسي يمينه .

وكان خالد بن عبدالله القسري ، أمير العراقين للامويين ، من أجبن الناس ، وكان علي المنبر بالكوفة ، فأنبيء بأن خارجة قد خرجت ، فدهش وتحير ، وقال : أطعموني ماء ، فقال فيه الكميت : ( الأغاني ط. بولاق 58/19)

وما خالد يستطعم الماء فاغرة**** بعدلك ، والداعي إلي الموت ينعب

وتناقل الرواة من خصوم خالد القصة ، وذكرها الشعراء في أشعارهم ، فقال احدهم : ( الطبري 129/7 و 130).

الأعلاج ثمانية وشيخ**** كبير السن ليس بذي نصير

تقول لما أصابك اطعموني**** شرابا ثم بلت علي السرير

ولما ولي مروان الجعدي الأموي الحكم ، تحرك عليه أهل مكة ، فوجه إليهم جيشا من المدينة ، خرج أفراده في المصبغات ، ومعهم الملاهي ، فلما نشبت المعركة ، فر أهل المدينة ، وعادوا منهزمين ، ودخل احدهم إلي منزله بالمدينة ، وقال لخادمه : غاق باق ، يريد أغلق الباب ، من عظم دهشته ، يحسب أنهم ما زالوا خلفه ( العيون والحدائق 164/3 ).

وروي التوحيدي في البصائر والذخائر 322/1/3 و 323 قصة عن فتي ثقفي ، وفد علي الحجاج ، فأكرمه ، وأهدي اليه جارية ، فما لبثت الجارية عنده إلا سواد ليلتها، ثم هربت منه ، وأحضرها الشرط أمام الحجاج ، فعنفها علي هربها ، فحدثته بقصة عن الفتي الثقفي ، تنبيء عن جبن بندي له الجبين ، فقال لها الحجاج : ويحك ، لا تعلمي بهذا أحدا فإنه فضيحة ، قالت : يا سيدي علي أن لا تردني اليه.

ص: 9

غزوات النبي صلوات الله عليه وقعة بدر الكبري

كانت هذه المعركة في السنة الثانية للهجرة ، في بدر ، وهي عين ماء بين مكة والمدينة ، احتفرها بدر بن قريش بن الحارث ، فسميت به ، كما سميت قريش باسم أبيه ، وعلي هذه العين وقعت معركة بدر التي أظهر بها الله الإسلام ، وفرق بين حقه وباطل المشركين ( معجم البلدان 524/1 ).

وكان سبب المعركة ، إن أبا سفيان بن حرب ، رأس مشركي قريش ، كان قادما من الشام في سبعين راكبا ، ومعه أموال قريش وتجارتها ، وبلغ ذلك المسلمين بالمدينة ، فخرجوا يريدونهم ، ونزلوا بدرا ، وبلغ ذلك أبا سفيان فاستنفر مشركي قريش ، فبرزوا في تسعمائة وخمسين رجلا، وكان عدد المسلمين ثلثمائة وثلاثة عشر رجلا ( الطبري 421/2 -442).

وكان أول قتيل من المسلمين ، مهجع ، مولي عمر بن الخطاب ، رمي بسهم فقتل ( الطبري 448/2 ).

وقتل من بعده حارثة بن سراقة ، رمي بسهم وهو يشرب من الحوض فقتل ( الطبري 448/2 ).

ولما تأهب المسلمون لخوض المعركة ، قال النبي صلوات الله عليه : والذي نفس محمد بيده ، لا يقاتلهم اليوم رجل فيقتل صابرا محتسبا ، مقب غير مدبر ، إلأ أدخله الله الجنة ، فقال عمير بن الحمام ، أخو بني

ص: 10

سلمة، وفي يده تمرات يأكلهن : بخ، بخ، ما بيني وبين أن أدخل الجنة، إلا أن يقتلني هؤلاء ، ثم قذف التمرات من يده ، وأخذ سيفه، وخاض المعركة ، وقاتل حتي قتل ( الطبري 448/2 ).

وكان عوف بن الحارث ، يقاتل في معركة بدر دارعأ، ثم استقتل ، فنزع درعه ، وأخذ سيفه ، وخاض المعركة حتي قتل ( الطبري 448/2 و 449)

وممن قتل في موقعة بدر ، معوذ بن عفراء ، ضرب أبا جهل بسيفه فأثبته ، ثم قاتل حتي قتل ( الطبري 2/ 455).

وكان أبو جهل في موقعة بدر ، قد التف حوله جماعة من قومه يحمونه ، فقصده معاذ بن عمرو بن الجموح ، فضربه علي ساقه ضربة أطنت قدمه بنصف ساقه ، ومر به وهو عقير ، معوذ بن عفراء ، فضربه حتي أثبته ، وتركه وبه رمق ، ثم وجده عبدالله بن مسعود ،وهو في آخر رمق ، فوضع قدمه علي عنق أبي جهل ، ثم برك عليه ليقتله ، وقال له : هل أخزاك الله يا عدو الله ، فقال له أبو جهل : لقد أرتقيت با رويعي الغنم مرتقي صعبأ ( الطبري 454/2 و 455 وابن الأثير 127/2 ).

وفي موقعة بدر تقدم الأسود بن عبد الأسد المخزومي ، وكان شرسا ، فقال : أعاهد الله الأشرب من حوضهم - يعني حوض بدر - ولأهدمنه ، أو الأموت دونه ، وقصد الحوض ، فلما كان دون الحوض ، قصده حمزة بن عبدالمطلب ، فضربه بالسيف ، فأطئ قدمه بنصف ساقه ، فوقع علي ظهره تشخب رجله دما، ثم حبا إلي الحوض حتي أقتحم فيه ، يريد أن يبر بيمينه ، واتبعه حمزة يضربه ، فقتله في الحوض ( الطبري 445/2 ).

وفي موقعة بدر ، خرج من المشركين عتبة بن ربيعة ( والد هند أم معاوية بن أبي سفيان ) وأخوه شيبة ، وابنه الوليد بن عتبة ، فدعوا المسلمين

ص: 11

للمبارزة فخرج اليهم فتية من الأنصار ، فقالوا لهم : مالنا بكم من حاجة ، ثم نادوا : يا محمد ، أخرج لنا أكفاءنا من قومنا ، فخرج إليهم حمزة بن عبد المطلب ، وعلي بن أبي طالب ، وعبيدة بن الحارث ، فلما دنوا منهم ، وتعارفوا ، قالوا لهم : أنتم أكفاء كرام ، وبارز كل واحد واحدة ، بارز عبيدة عتبة ، وبارز حمزة شيبة ، وبارز علي الوليد ، وكانت عاقبة المبارزة ، أن قتل عتبة وشيبة والوليد ، وقطعت رجل عبيدة فمات ( الطبري 2/ 445).

وممن قتل في موقعة بدر ، ثلاثة من أولاد الأسود بن المطلب بن أسد بن عبد العزي ، وهم زمعة ، وعقيل، والحارث بن زمعة ، وكان الأسود قد أضر ، فلما بلغ قريش خبر قتلي بدر ، منعوا أهلهم من النياحة عليهم أبكي لا يشمت بهم خصومهم ، وسمع الأسود نائحة بمكة في الليل ، فقال الغلام له : انظر ، هل أحل النحب ، وهل بكت قريش علي قتلاها ، لعلي بأبكي علي أبي حكمة ( يعني زمعة ) ، فإن جوفي قد احترق ، فلما رجع الغلام إليه قال : إنما هي امرأة تبكي علي بعير لها أضلته ، فقال الأسود : ( معجم البلدان 525/1).

اتبكي أن يضل لها بعير**** ويمنعها من النوم السهود

فلا تبكي علي بكر ولكن**** علي بدر تقاصرت الجدود

وقتل من المشركين في معركة بدر ، حنظلة بن أبي سفيان ، أخو معاوية ، قتله علي بن أبي طالب ( ابن الأثير 128/2 ).

وقتل المسلمون في بدر ، منبه ونبيه ، ولدا الحجاج السلمي، وهما من أشراف قريش ( الاعلام 221/8 ).

وقتل في بدر ، نوفل بن خويلد ، وكان من أشد الناس أذي للمسلمين ، قتله علي بن أبي طالب ( الاعلام 32/9 ).

ص: 12

وقتل في بدر العاص بن سعيد الأكبر بن العاص ، مشركة ( الاعلام 14/4)

وقتل في بدر أمية بن خلف ، وولده علي بن أمية ، وكان قد عزم علي القعود لما تجهز المشركون إلي بدر ، فأتاه عقبة بن أبي معيط بمجمرة فيها بخور ونار ، وقال له : يا أبا علي استجمر ، فإنما أنت من النساء ، فقال له أمية : قبحك الله ، وقبح ما جئت به ، وتجهز، وخرج معهم ( ابن الأثير 117/2 ، 118، 128)

فأسر في المعركة ، هو وولده علي ، أسرهما عبد الرحمن بن عوف ، وكان صديقة لأمية ، فأخذهما عبد الرحمن إلي النبي صلوات الله عليه ، فأبصرهما بلال الحبشي ، وهما في طريقهما إلي النبي صلوات الله عليه ، وكان أمية يعذب من اسلم من أهل مكة ، وعذب بلا في جملتهم ، فصاح بلال : يا أنصار الله ، رأس الكفر ، أمية بن خلف ، لا نجوت إن نجا ، فاجتمع بعض المسلمين علي أمية وابنه علي ، وهبر وهما بالسيوف ، فقتلوهما ( الطبري 451/2 - 453).

وقتل في معركة بدر في السنة 2 ، أبو البختري العاص بن هشام ، وكان النبي صلوات الله عليه ، قد أمر أصحابه بأن لا يقتلوا أبا البختري ، وأن يحقنوا دمه ، لأنه كان أكف مشركي قريش عن رسول الله وهو بمكة ، وكان لا يؤذيه ، ولا يبلغه عنه شيء يكرهه ، وكان ممن قام في نقض الصحيفة التي كتبت قريش علي بني هاشم وبني المطلب، فلقيه المجذر بن زياد ، فقال له : يا أبا البختري ، إن رسول الله قد نهي عن قتلك ، وأمرنا بحقن دمك ، وكان مع أبي البختري زميل له خرج معه من مكة ، من بني ليث ، اسمه جنادة ، فقال أبو البختري : وزميلي ؟ فقال له المجذر : ما أمرنا رسول الله إلا بك وحدك ، فأنت آمن ، فقال : لا والله ، إذا لأموتن أنا وهو جميعا ، لا تتحدث نساء قريش عني بأني تركت زميلي حرصا علي الحياة ، وجرد سيفه ، وقاتل وهو يقول :

ص: 13

لايسلم ابن حرة أكيله****حتي يموت أو يري سبيله

ومات أبو البختري قتي، دفاعا عن زميله ( الطبري 450/2 و 451)

ولما انتهت موقعة بدر بظفر المسلمين ، وقتل من قتل من رجالات قريش ، كان أول من قدم مكة بمصاب قريش ، الحيسمان الخزاعي ، فقالوا له : ما وراءك ؟ قال : قتل عتبة بن ربيعة ، وشيبة بن ربيعة ، وأبو الحكم بن هشام ، وأمية بن خلف ، وزمعة بن الأسود ، وأبو البختري بن هشام ، ونبيه ومنبه ابنا الحجاج ، قال : فلما جعل يعدد أشراف قريش ، قال صفوان بن أمية ، وهو قاعد في الحجر : والله ، إن يعقل هذا ، فسلوه عني ، قالوا : ما فعل صفوان بن أمية ؟ قال : هو ذاك جالس في الحجر ، وقد - والله - رأيت أباه وأخاه حين قتلا ( الطبري 461/2 ).

موقعة أحد

في السنة الثالثة اللهجرة ، وقعت موقعة احد بين المسلمين ، ومشركي قريش ، وأحد : جبل شمالي المدينة ، يبعد عنها مي واحد ، وذلك إن قريش لما أصيبت يوم بدر ، وعاد فلها إلي مكة ، مشي الباقون منهم ، إلي أبي سفيان ، والد معاوية ، وقالوا له : إن محمدا قد وترنا ، وقتل خيارنا ، وتعاونوا فيما بينهم ، علي تهيئة حملة لمحاربته ، وخرجت قريش بحدها وجدها وأحابيشها ، وكان أبو سفيان قائد المشركين لحرب النبي صلوات الله عليه ، ومعه زوجته هند بنت عتبة بن ربيعة ، وهي أم معاوية بن أبي سفيان ، وأخرج قوم من قريش نساءهم معهم ( الطبري 499/2 - 508).

وكان المسلمون يتسابقون إلي الخروج مع النبي صلوات الله عليه في غزواته ، وكان عليه السلام ، يعرض أصحابه ، ويرد منهم الصغير

ص: 14

والضعيف ، ولما خرج لمعركة أحد، عرض أصحابه ، فرد سمرة بن جندب ، إذ وجده صغيرة ، وأجاز رافع بن حديج ، فشكا سمرة أمره ، وقال : ردني رسول الله ، وأجاز رافعا ، وأنا أصرع رافعا ، فأمرهما النبي، فتصارعا ، فصرع سمرة رافعة ، فأجازهما معا ( الطبري 505/2 و506).

وكان من جملة القتلي في معركة احد، المجذر بن ذياد البلوي ، شاعر، فارس ، قتله الحارث بن سويد بن الصامت ( الاعلام 163/6 و 164)

وفي معركة احد، كان لواء النبي صلوات الله عليه ، مع مصعب بن عمير ، فقتله ابن قميئة الليثي ، وهو يظن أنه رسول الله ، وعاد إلي قريش قال : قتلت محمد ( الطبري 516/2 ).

ومن جملة القتلي الذين مثل بهم في معركة أحد ، عبدالله بن جحش ، أخو زينب بنت جحش ، أم المؤمنين ، مثل به كما مثل بحمزة ، إلا إنه لم يبقر عن كبده ، بل جدع أنفه ، وصلمت أذناه ، فأمر النبي به ، فدفن مع حمزة في قبر واحد ( الطبري 530/20 )

وكان حمزة بن عبد المطلب ، عم النبي صلوات الله عليه ، في معركة أحد معلما ، قتل أرطاة بن عبد شرحبيل ، وسباع بن عبد العزي الغبشاني ، صاح به حمزة : هلم إلي يا آبن مقطعة البظور، وكانت أمه ختانة بمكة ، وكان حمزة يعلم عند المعركة بريشة نعامة يضعها علي صدره ، وكان وحشي ، وهو غلام حبشي لجبير بن مطعم يريد قتل حمزة ، لأن سيده جبير وعده أن يعتقه إذا هو قتل حمزة بعمه ( عم جبير ) طعمة بن عدي ، كما إن هندا ، أم معاوية ، كانت كلما مرت بوحشي ، صاحت به : إيه أبا دسمة ، اشف واشتف ، تطالبه بقتل حمزة ، لأنه ، في معركة بدر ، قتل أباها، وشرك في قتل أخيها ( الطبري 501/2 و 502 و 516 و 517)، ولما قتل حمزة ،

ص: 15

جاءت إليه هند أم معاوية ، فجدعت أنفه وأذنيه ، وبقرت بطن حمزة واقتلعت كبده فلاكتها ثم لفظتها ، فسميت منذ ذلك الحين ، آكلة الأكباد ، كما إنها جدعت آذان بقية القتلي وأنافهم ، واتخذت منها قلائد وخدمة ( الطبري 525/2 ) ووقف أبو سفيان علي جثة حمزة ، فأخذ يضرب شدقه بزج رمحه ، وهو يقول : ذق عقق ، ( الطبري 527/2 ) يريد أن يقول : ذق جزاء عملك يا عاق ، لأنه ع الأرستقراطية القرشية ، وأبصره الحليس بن علقمة ، وهو يعبث بجثة حمزة ، فصاح : يابني كنانة، انظروا إلي ما يصنع هذا بابن عمه ، فقال له أبو سفيان : ويحك أكتمها علي ، فإنها كانت زلة ( الاعلام 300/2)

ولما كر النبي من معركة أحد راجعة إلي المدينة، لقيته حمنة بنت جحش ، فنعي لها أخوها عبد الله بن جحش ، فاسترجعت واستغفرت له ، ثم نعي لها خالها حمزة بن عبد المطلب ، فاسترجعت واستغفرت له ، ثم نعي لها زوجها مصعب بن عمير ، فصاحت، وولولت ، فقال رسول الله : إن زوج المرأة منها لبمكان ، لما رأي من تثبتها عند مصرع أخيها وخالها ، وصياحها علي زوجها . (الطبري 532/2 ).

ولما كر رسول الله ، من معركة بدر، راجع إلي المدينة ، مر بامرأة من بني دينار ، وقد أصيب زوجها وأخوها ، وأبوها ، فلما نعوا لها ، قالت : فما فعل رسول الله ؟ قالوا : هو بخير يا أم فلان ، إنه بحمد الله كما تحبين ، فقالت : أرونيه أنظر إليه ، فلما رأته ، قالت : كل مصيبة بعدك جلل ( الطبري 533/2 ).

ومر أحد الأنصار بسعد بن الربيع الأنصاري ، وهو جريح في ساحة المعركة ، وبه رمق ، فقال له سعد : أبلغ رسول الله عني السلام ، وأبلغ قومي أنه لا عذر لهم إن خلص إلي النبي ، وفيهم عين تطرف ، ثم مات ( الطبري 528/2 ).

ص: 16

وفي هذه المعركة قتل عبدالله بن عمرو بن حرام ، الانصاري ، الخزرجي ، وهو من أجلاء الصحابة ( الاعلام 250/4 ) فأمر النبي بدفنه مع عمرو بن الجموح في قبر واحد ، وقال : إنهما كانا متصافيين في الدنيا ، فاجعلوهما في قبر واحد ،فدفنا ( الطبري 532/2).

ولما هجم المشركون ، في موقعة أحد، علي النبي ، قام زياد بن السكن ، في خمسة نفر من الأنصار ، فقاتلوا دونه ، رجلا ، رجلا ، كلما قتل احدهم ، تقدم الآخر ، وكان آخرهم زياد ، فقاتل حتي أثبتته الجراحة ، فقال النبي : أدنوه مني ، فمات وخده علي قدم رسول الله ( الطبري 515/2).

ولما حمي وطيس المعركة ، في معركة احد ، كان اليمان بن حسيل بن جابر ، والد حذيفة ، وثابت بن وقش ، وهما شيخان كبيران ، في الآطام مع النساء والصبيان ، فقال كل منها لصاحبه : ما بقي لكل واحد منا من عمره إلا ظمأ حمار ، وإنما نحن هامة اليوم أو غد، ثم أخذا سيفيهما، وخاضا المعمعة ، ولم يعلم بهما، فأما ثابت فقتله المشركون ، وأما اليمان ، فاختلفت عليه أسياف المسلمين ، فقتلوه وهم لا يعرفونه ( الطبري 530/2 ).

وفي معركة أحد، أصيب أحد المسلمين، وأسمه يزيد بن حاطب ، فجيء به إلي دار قومه وهو يموت ، فجعل المسلمون يقولون له : ابشر يا ابن حاطب بالجنة ، فصاح بهم أبوه حاطب ، وهو شيخ كبير : بأي شي تبشرونه ، أبجنة من حرمل ، غررتم - والله - هذا الغلام من نفسه ، وفجعتموني به ( الطبري 531/2 ).

وفي معركة أحد، صاح صائح من المشركين : إن محمدا قد قتل ، فانخذل قسم من المسلمين ، فصاح بهم أنس بن النضر : إن كان محمدا قد قتل فإن رب محمد لم يقتل ، ثم شد بسيفه علي المشركين ، وقاتل حتي

ص: 17

قتل ، وقيل إنه وجد في بدنه سبعون ضربة وطعنة ( الطبري 520/2 وابن الأثير 156/2 ).

وقتل في معركة أحد من المسلمين ، حنظلة بن أبي عامر ، المعروف بابن الراهب، فلما انتهت المعركة ، صاح أبو سفيان : يوم بيوم بدر ، وحنظلة بحنظلة ، يريد إنه انتصر في احد ، فغطي بذلك هزيمة بدر ، وإن حنظلة بن الراهب الذي قتل يوم أحد، بواء بولده حنظلة بن أبي سفيان ، الذي قتله المسلمون يوم بدر ( الطبري 521/2 و 52).

وقتل في معركة أحد، في صف المسلمين ، مخيريق اليهودي ، قال لأصحابه اليهود قبل المعركة : يا معشر يهود ، والله ، لقد علمتم أن نصر محمد عليكم لحق ، فقالوا : اليوم يوم السبت ، فقال : لا سبت ، وأخذ سيفه وعدته ، وقال : إن أصبت فما لي لمحمد ، يصنع به ما يشاء ، وقاتل في صف المسلمين ، حتي قتل ، وهو علي يهوديته ( الطبري 531/2 ) فقال النبي : مخيريق خير يهود ( ابن الأثير 162/2 ).

وفي معركة أحد، قتل من المشركين عمرو بن عبدالله الجمحي ، وشيبة بن مالك ، أحد بني عامر بن لوي ، قتلهما علي بن أبي طالب ( الطبري 514/2)

وكان لواء المشركين ، في موقعة أحد، بيد صواب ، غلام حبشي لبني أبي طلحة ، فقاتل حتي قطعت يداه ، ثم برك عليه ، فأخذ اللواء بصدره وعنقه ، حتي قتل عليه ، وهو يقول : هل أعذرت ؟ ( الطبري 513/2 ).

وتعاقد خمسة من المشركين ، في موقعة أحد، علي قتل رسول الله ، وهم عتبة بن أبي وقاص ، وعبد الله بن شهاب الزهري ، وابن قميئة الليثي ، وأبي بن خلف الجمحي ، وعبد الله بن حميد الأسدي ، فأصاب ابن شهاب جبهته ، ورماه عتبة بأربعة أحجار ، فكسر رباعيته وشتي شفته، وأما ابن قميئة

ص: 18

فكلم وجنته ، ودخل من حلق المغفر فيها وعلاه بالسيف ، وشد عليه أبي بن خلف بحربة ، فأخذها النبي منه ، وطعنه بها فقتله ، أما عبدالله بن حميد فقتله أبو دجانة الأنصاري ( ابن الأثير 2/4 و 1 و 15).

وقتل عاصم بن أبي الأفلح، في موقعة احد، أخوين من المشركين ، هما مسافع بن طلحة وكلاب بن طلحة ، رمي كل واحد منهما بسهم فقتله ، فنذرت أمهما ، إن أمكنها الله من عاصم ، أن تشرب في قحف رأسه الخمر ( الطبري 517/2 ).

وكان طلحة بن عثمان ، في معركة أحد يحمل لواء المشركين ، فصاح : يا أصحاب محمد ، إنكم تزعمون أن الله يعجلنا يبسيوفكم إلي النار ، ويعجلكم بسيوفنا إلي الجنة ، فهل منكم أحد يعجله الله بسيفي الي الجنة ، أو يعجلني بسيفه إلي النار ؟ فنهد إليه علي بن أبي طالب ، فضربه بالسيف علي ساقه فقطعها ، فسقط طلحة وانكشفت عورته ، وقال لعلي : أنشدك الله والرحم يا ابن عم ، فتركه ، فقال النبي لعلي : ما منعك أن تجهز عليه ؟ فقال : يا رسول الله ، ناشدني الرحم ، وانكشفت عورته ، فاستحييت منه ( الطبري 509/2 ، 510).

وللإمام علي بن أبي طالب ، قصة مشابهة لهذه القصة ، في حيائه ، وصده عن خصمه ، لانكشاف عورته ، فقد حدث في أحد أيام صفين ، أن بعث إلي معاوية : لم تقتل الناس بيني وبينك ؟ أبرز الي ، فأينا قتل صاحبه تولي الأمر ، فقال معاوية لعمرو بن العاص : ما تري ؟ فقال : قد انصفك الرجل فابرز إليه ، فقال له معاوية : أتخدعني عن نفسي ، ووجد من ذلك علي عمرو ، فهجره أياما ، فقال عمرو لمعاوية : أنا خارج إلي علي غدا، فلما أصبحوا بدر عمرو فوقف بين الصفين ، ثم نادي : يا أبا الحسن اخرج إلي ، أنا عمرو بن العاص ، فخرج اليه علي ، وانتضي علي سيفه ، فحمل عليه ، فلما أراد أن يجلله رمي بنفسه عن فرسه ، ورفع احدي رجليه ، فبدت

ص: 19

عورته ، فصرف علي وجهه ، وتركه ، وانصرف عمرو إلي معاوية ، فقال له معاوية : احمد الله ، وسوداء استك يا عمرو ( الأخبار الطوال 176 و 177)، وفي ذلك يقول أبو فراس الحمداني :

ولست كمن رد الردي بمذلة**** كما ردها يوما بسوأته عمرو

وفي القصيدة التترية ، تهكم لاذع بما صنع عمرو بن العاص ، إذ قال ناظمها في وصفه :

بطل بسوأته يحارب**** لا بصارمه الذكر

وقعة الخندق

وفي السنة 5، في وقعة الخندق ، خرج عمرو بن عبدو ود ، معلمأ ، فلما وقف ، قال له الإمام علي : يا عمرو ، إنك كنت تعاهد الله علي ألأ يدعوك أحد من قريش إلي خلتين ، إلأ اخذت منه إحداهما قال : أجل ، قال علي : فإني أدعوك إلي الإسلام ، قال : لا حاجة لي بذلك ، قال : فإني أدعوك إلي النزال ، قال : ولم يا ابن أخي ؟ فوالله ما أحب أن أقتلك ، فقال له علي : ولكني أحب أن أقتلك، فحمي عمرو ونازله ، فقتله علي ، وقتل مع عمرو رجلان احدهما اسمه منبه ، أصابه سهم فمات منه بمكة ، وآخر من بني مخزوم اسمه نوفل ، و وكان اقتحم الخندق ، فتورط فيه ، فرموه بالحجارة ، فقال : يا معشر العرب ، قتلة احسن من هذه ، فنزل اليه علي فقتله ( الطبري 574/2).

أقول : كان عمرو بن عبدود ، فارس قريش وشجاعها في الجاهلية ، أدرك الإسلام ولم يسلم ، ولما قتله الإمام علي ، قالت اخت عمرو ترثيه : ( الاعلام 252/5 ).

لو كان قاتل عمرو غير قاتله**** لكنت أبكي عليه آخر الأبد

لكن قاتله من لا يقاس به**** أبوه قد كان يدعي بيضة البلد

ص: 20

غزوة بني قريظة

وفي السنة 5، في غزوة بني قريظة ، قتل خلاد بن سويد ، من الخزرج ، طرحت عليه يهودية اسمها بنانة ، رحي فشد خته شدخ شديدأ ( الطبري 592/2 ).

غزوة خيبر

وفي السنة 7 وقعت غزوة خيبر ، وخيبر ناحية علي ثمانية برد من المدينة ، لمن يريد الشام ، تشتمل علي سبعة حصون ومزارع ( معجم البلدان 503/2 - 505)

وتم الفتح في غزوة خيبر ، بقتل مرحب ، صاحب الحصن ، وكان من أبطال اليهود ، خرج للمبارزة ، وعليه مغفر يماني ، قد نقبه مثل البيضة علي رأسه ، وهو يقول :

قد علمت خيبر أني مرحب**** شاكي السلاح بطل مجرب

فبرز إليه علي بن أبي طالب ، فاختلفا ضربتين ، فبدره علي ، فقد الجحفة ( الترس ) والمغفر ، ورأسه ، حتي وقع في الأرض ، فقتله ( ابن الأثير 220/2 ).

أقول : لما فتح النبي خيبر ، أقر أهلها فيها ، وعاملهم علي الشطر من التمر والحب .. وبعث اليهم النبي عبدالله بن رواحة ، ليخرص عليهم ، فقال لهم : إن شئتم خرصت وخيرتكم ، وإن شئتم خرصتم وخيرتموني ، فأعجبهم ذلك ، وقالوا : هذا هو العدل ، هذا هو القسط ، وبه قامت السموات والأرض ( معجم البلدان 504/2 و 500).

نكتة : سمع أحد أنصاف المتعلمين ، رج؟ ينشد بيتا من الشعر :

وكان بنو عمي يقولون مرحبا**** فلما رأوني معدما مات مرحب

فقال : كذب قائل هذا البيت ، مرحب قتله الإمام علي بن أبي طالب .

ص: 21

غزوة مؤتة

وفي السنة 8، في غزوة مؤتة ، قتل في المعركة جعفر بن أبي طالب ، الملقب جعفر الطيار ، من السابقين إلي الإسلام ، أسن من أخيه الإمام علي بعشر سنين ، كانت إليه الراية في الموقعة ، فنزل عن فرسه ، وحمل الراية بيمناه ، وقاتل ، فقطعت يمناه ، فحمل الراية بيسراه ، فقطعت ، فاحتضنها إلي صدره ، وسقط قتيلا وفي جسده نحو تسعين رمية وطعنة ( الاعلام 118/2)

أقول : في غزوة مؤتة ، قتل زيد بن حارثة، وجعفر بن أبي طالب، وعبد الله بن رواحة ، وكان جيش الروم الذي واجههم ، يفوقهم عددا وعدة ، فأخذ خالد بن الوليد الراية ، وانسحب عائدة إلي المدينة ، فلما وصلوها خرج إليهم الناس يحثون عليهم التراب ، ويقولون : يا فرار ، يا فرار ، فقال رسول الله صلوات الله عليه : ليسوا بالفرار ولكنهم الكرار إن شاء الله ( ابن الأثير حب 238 -234/2)

فتح مكة

وفي السنة الثامنة ، عدا بنو بكر بمكة، علي خزاعة ، وكانت خزاعة في حلف رسول الله ، وبكر في حلف قريش ، فأعانت قريش بكرأ علي خزاعة ، فخرج عمرو بن سالم الخزاعي ، حتي قدم علي رسول الله ، فوقف عليه ، وأنشده أبياتا منها : ( ابن الأثير 239/2- 254).

لاهم إني ناشد محمدأ ****حلف أبينا وأبيه ألا تلدا

هم بتونا بالوتير هجدا ****وقتلونا ركع وسجدا

فقال له النبي : نصرت يا عمرو ، وتجهز ، وقصد مكة في عشرة آلاف

ولما قصد النبي مكة ، خرج أبو سفيان ، إلي العباس عم النبي ، فحمله إلي النبي ، ولما أدرك أبو سفيان إنه سوف يقتل إن لم يسلم ،

ص: 22

أسلم ، ثم وقف مع العباس ، ينظر إلي جيش المسلمين الذي قدم لفتح مكة ، فلما مرت الكتيبة الخضراء ، وفيها النبي ، وحوله المهاجرون والأنصار ، وهم في الحديد ، لا يري منهم إلا الحدق ، نسي أبو سفيان أنه أسلم ، فالتفت إلي العباس ، وقال له : يا أبا الفضل، لقد أصبح ملك ابن أخيك عظيما ، فقال له العباس ويحك إنها النبوة ، فقال : نعم ، إذن ، ودخل أبو سفيان إلي مكة ، فقال لأهلها : يا معشر قريش ، قد جاءكم محمد بما لا قبل لكم به، فأسلموا تسلموا ، فغضبت زوجته هند ، أم معاوية ، وأقبلت عليه فأخذت بلحيته ، وقالت : يال غالب ، اقتلوا هذا الشيخ الأحمق ، فقال لها : أرسلي لحيتي ، وأقسم لئن أنت لم تسلمي لتضربن عنقك .

أقول : سميت الكتيبة ، كتيبة النبي صلوات الله عليه ، بالخضراء ، لأن رجالها كانوا مكتسين بالحديد، ولونه يميل إلي السواد والعرب يسمون الخضرة سوادة ، ويسمون السواد خضرة ، والخضرة في شيات الخيل : غبرة تخالطها دهمة ، وسمي العرب ريف العراق بالسواد ، لخضرته العميقة ، كما سموا السمرة والأدمة ، خضرة ، قال اللهبي :

وأنا الأخضر من يعرفني**** أخضر الجلدة من جنس العرب

من يساجلني يساجل ماجد**** يملأ الدلو إلي عقد الكرب

وكان بعض مشركي قريش ، قد اجتمعوا بالخندمة ، ليقاتلوا ، ومعهم الأحابيش ، فلقيهم خالد بن الوليد ، فقتل من المسلمين كرز بن جابر ، أحد بني محارب بن فهر ، وحبيش بن خالد ، والأشعر بن ربيعة الكعبي ، وسلمة بن الميلاء ، وكان حبيش ويكني أبا صخر ، قتل قبل كرز ، فجعله كرز بين رجليه ، وقاتل حتي قتل ، وهو يرتجز ، ( الطبري 42/3 - 66).

ص: 23

قد علمت صفراء من بني فهر**** نقية الوجه نقية الصدر

الأضرب اليوم عن أبي صخر

وكان حماس بن قيس ، أخو بني بكر ، من مشركي قريش ، يعد سلاح ، قبل دخول المسلمين إلي مكة ، فقالت له امرأته : لماذا تعد ما أري ؟ قال : لمحمد وأصحابه : واني - والله - لأرجو أن أخدمك بعضهم ( يعني إنه يأسر بعض المسلمين فيتخذ منهم خدمة )، فلما استعرت الحرب بالخدمة، وقتل من المشركين قريب من اثني عشر أو ثلاثة عشر ، ثم انهزموا، وخرج حماس منهزمين، حتي دخل بيته ، ثم قال لأمرأته : أغلقي علي بابي ، فقالت له : أين ما كنت تقول ؟ فقال :

إنك لو شهدت يوم الخندمه**** إذف صفوان وفر عكرمه

واستقبلتنا بالسيوف المسلمه**** يقطعن كل ساعد وحجمه

لهم نهيت خلفنا وهمهمه**** لم تنطقي في اللوم أدني كلمه

غزوة حنين

وفي السنة 8 أجمعت هوازن علي غزو المسلمين ، وتهيأت لذلك ، فلما بلغ النبي خبرهم ، أجمع علي المسير إليهم ، وقصدهم في اثني عشر ألفا ، فلما وصل المسلمون إلي وادي حنين ، وهو واد بينه وبين مكة بضعة عشر ميلا ( معجم البلدان 350/2) كانت هوازن كامنة لهم فيه ، فهاجمتهم من كل جانب ، فانكشف المسلمون ، ثم فاءت فئة منهم ، فالتفوا حول النبي، واشتدت المعركة ، فقال النبي : الآن حمي الوطيس ، وهو أول من قالها ، وكان صاحب راية هوازن ، ذا الخمار ، يحمل الراية وهي سوداء ، وهو علي جمل أحمر ، يتقدم الناس ، فإذا أدرك رجلا طعنه ، ثم رفع رايته لمن وراءه فاتبعوه ، فلما رأي المسلمين نكايته فيهم ، أهوي له علي بن أبي طالب ، ورجل من الأنصار ، فضرب علي عرقوبي الجمل ،

ص: 24

فوقع علي عجزه ، ووثب الأنصاري علي الرجل ، نضربه ضربة أطن قدمه بنصف ساقه فانعجف عن رحله ، وكانت الهزيمة علي هوازن ، وقتل من ثقيف وبني مالك سبعون رجلا، وقتل من المسلمين أيمن بن عبيد، ويزيد بن زمعة ، وسراقة بن الحارث ، وأبو عامر الأشعري ، عم أبي موسي ( ابن الأثير 261/2 -266 والطبري 3/ 70- 82).

غزوة الطائف

الطائف، مدينة في الحجاز ، مسيرة يوم للطالع من مكة ، ونصف يوم للهابط ، وهي ذات مزارع ونخيل وأعناب وموز ، وسائر الفواكه ، وكانت ، وما تزال ، مصيف أهل الحجاز ، قال معاوية بن أبي سفيان ، عن مولاه سعد ، وكان يلي أمواله بالحجاز : أغبط الناس عيشأ مولاي سعد ، يتربع بجدة ، ويتقيظ الطائف ، ويشتو بمكة ( معجم البلدان 495/3- 501).

لما انهزمت هوازن ، في غزوة حنين ، لجأت ثقيف إلي الطائف ، وكانت مدينة مسورة ، فسار اليهم النبي ، وحصرهم ، ثم كفت عنهم ، بعد أن قتل من أصحابه اثنا عشر رجلا ، بسهام أهل الطائف ، منهم سبعة من قريش ، وأربعة من الأنصار ، ورجل من بني ليث ، منهم عرفطة بن حباب الأزدي ، الذي كان يلقب زاد الراكب ( الاعلام 15/5 ) وعبدالله بن أبي أمية المخزومي، وعبدالله بن أبي بكر الصديق، والسائب بن الحارث بن عدي ( الطبري 82/3 وابن الأثير 266/2 ).

معركة اليمامة

في السنة 10 قدم وفد بني حنيفة علي النبي صلوات الله عليه ، وفيهم مسيلمة الكذاب ، واجتمع مسيلمة بالنبي ، ثم عاد الي اليمامة ، وأدعي النبوة ، وزعم أنه شريك رسول الله في النبوة ، فاتبعه بنو حنيفة ، ورتب لهم

ص: 25

قرآنأ ، وكانت سجاح قد تنبأت في بني تغلب ، وأقبلت بهم لتغزو المسلمين ، ثم أمرتهم بغزو اليمامة أولا ، وبلغ ذلك مسيلمة، فهابها، فأهدي لها ، ووفد عليها، واتفق معها علي أن يكون أمرهما واحدا ، وأن تقسم الغنائم بينهما مناصفة ، وقيل إنه تزوجها ، وبعث أبو بكر في السنة 12 الحرب مسيلمة جيش بقيادة عكرمة بن أبي جهل، ثم اتبعه بجيش علي رأسه شرحبيل بن حسنة ، فتعجل عكرمة ، فناجز مسيلمة ، فنكبوه ، وتريث شرحبيل ، حتي جاءه خالد بن الوليد علي رأس جيش، وسارا معا ، وكان مسيلمة في أربعين ألف مقاتل، ووقعت المعركة في عقرباء، وهي طرف اليمامة، فانهزمت بنو حنيفة ، فقال المحكم بن الطفيل : يا بني حنيفة ، أدخلوا الحديقة، فإني سأمنع أدباركم ، وحصلت المعركة الثانية في الحديقة ، وقتل من بني حنيفة آلاف .

ومن أبلي في وقعة عقرباء البراء بن مالك ، أخو أنس بن مالك ، وكان إذا حضرته الحرب ، أخذته العرواء ( الرعدة ) حتي يقعد عليه الرجال ، ثم ينتفض تحتهم حتي يبول في سراويله ، فإذا بال، ثار كما يثور الأسد، فلما بال وثب ، وصاح بأصحابه ، فعادوا إليه ، وحاربوا أشد حرب ، ولما احتبس بنو حنيفة في الحديقة ، صاح البراء : يا معشر المسلمين القوني عليهم في الحديقة ، فصاحوا به : لا تفعل ، فقال : والله ، لتطرحني عليهم فيها ، فحملوه، فاقتحم عليهم حتي فتح باب الحديقة ، فدخلها المسلمون، وأبادوهم ( الطبري 3/ 290).

وفي وقعة عقرباء ، في السنة 11 ، قتل مسيلمة بن حبيب ، المعروف بمسيلمة الكذاب ، وكان قد ارتد عن الإسلام ، وادعي النبوة ، فواقعه خالد بن الوليد علي رأس جيش من المسلمين ، فقتل مسيلمة في المعركة ، قتله اثنان ، أحدهما وحشي قاتل حمزة ، دفع عليه حربته ، والثاني رجل من الأنصار، ضربه بالسيف ( الطبري 3/ 290 وابن الأثير 360/2 -366).

ص: 26

وفي وقعة عقرباء ، في السنة 11 قتل مع مسيلمة الكذاب ، الرحال بن عنفوة بن نهشل ، وكان الرحال قد أسلم، وهاجر إلي النبي صلوات الله عليه ، وقرأ القرآن ، وتفقه في الدين ، فبعثه النبي معلما لأهل اليمامة ، ليشد من أمر المسلمين ، فكان أعظم فتنة علي بني حنيفة من مسيلمة ، إذ شهد له بأنه سمع محمد صلوات الله عليه ، يقول إنه قد أشرك مسيلمة معه ، فصدقوه ، واستجابوا له ، ولما وقعت معركة عقرباء ، كان الرحال أول من الاقي المسلمين يحاربهم فقتل ( الطبري 382/2 و 289).

أقول : قتل في وقعة عقرباء من المسلمين أكثر من ستمائة ، أما بنو حنيفة أتباع مسيلمة ، فقتل منهم سبعة آلاف في وقعة عقرباء ، ولما انحازوا إلي الحديقة ، وكانت مسورة ، دخلها عليهم المسلمون ، فقتلو منهم سبعة آلاف أيضا ، فسميت الحديقة ، حديقة الموت ( الطبري 3/ 297).

وممن قتل في وقعة عقرباء ثابت بن قيس الأنصاري ، قتله رجل من المرتدين ، قطع رجله ، فرمي بها قاتله ، فقتله ( الطبري 297/3 ).

وممن قتل في وقعة عقرباء زيد بن الخطاب ، أخو عمر بن الخطاب ، وكان قد أبصر ضعضعة في صفوف المسلمين ، فصاح بهم : عضوا علي أضراسكم ، وأضربوا عدوكم ، وامضوا قدمأ ، وهجم في المقدمة ، وقاتل حتي قتل ( الطبري 291/3 ).

وفي السنة 11 ارتدت مهرة ، وعليها المصبح ، فقصدهم عكرمة بن أبي جهل بجيش من المسلمين ، وأرسل عكرمة الي المصبح يدعوه إلي الإسلام ، والرجوع عن الكفر ، فأبي ، فاقتتلوا اشد قتال ، فقتل المصبح ، وانكشف جمعه ( الطبري 317/3 ).

وفي السنة 11 لما خرج خالد في طلب طليحة بن خويلد الأسدي الذي ادعي النبوة ، أرسل خالد عكاشة بن محصن ، وثابت بن أقرم الأنصاري ،

ص: 27

طليعة ، فلقيهما حبال، أخو طليحة ، فقتلاه ، فبلغ خبره طليحة ، فخرج هو وأخوه سلمة فقتل طليحة عكاشة ، وقتل أخوه ثابتا ، ورجعا ( ابن الأثير 347/2 ) ولما نشبت المعركة ، فر طليحة ، ثم عاد إلي الإسلام ، وجاء إلي عمر الفاروق فبايعه ، فقال له : أنت قاتل عكاشة وثابت ؟ والله ، لا احبك أبدا (ابن الأثير 348/2 ).

وفي السنة 12 قدم خالد بجيش من المسلمين، لمحاربة الفرس في العراق ، وكان هرمز الفارسي صاحب الثغر ، فطلب أن يبارز خالدة ، فبرز له خالد ، وقتله بكاظمة ، وغنم قلنسوة هرمز ، وكانت مفصصة بالجوهر ، فنفلها أبو بكر له ، وكان الجنود الفرس ، قد عقلوا أنفسهم بالسلاسل، كيلا يفروا ، فلما دارت عليهم الدائرة، قتلوا جميعا ، وسميت المعركة ذات السلاسل ( الطبري 349/3 ).

وفي السنة 12 كانت وقعة المذار ، وكان جيش المسلمين بقيادة خالد بن الوليد ، قد تقدموا داخل العراق ، بعد انتصارهم بكاظمة ، فلما بلغوا المذار ، واجهوا الجيش الفارسي بقيادة قارن بن قرياس ، واقتتل الجيشان ، وقتل قارن ، وقتل من الجيش الفارسي مقتلة عظيمة ، قيل انه قتل منهم ثلاثون ألفا ، سوي من غرق منهم ، وأفلت القليلون منهم عراة أو شبه عراة ( الطبري 351/3، 352).

وفي السنة 12 كانت معركة الولجة ، بين جيش المسلمين بقيادة خالد بن الوليد ، وبين الجيش الفارسي بقيادة الاندرزغر ، فانكسر الفرس ، ومضي قائدهم في هزيمته حتي مات عطشأ، وقتل خالد منهم رجلا يعدل بألف رجل ( الطبري 353/1 و 354 ).

وفي السنة 12 حشد الفرس ، وأعانهم قسم من نصاري العرب ، واجتمعوا علي محاربة جيش المسلمين بقيادة خالد بن الوليد ، فالتقوا علي

ص: 28

الفرات ، في موضع اسمه « اليس » بلام مشددة ، وطلب خالد المبارزة ، فبرز له مالك بن قيس ، من جذرة ، فصاح به خالد : يا ابن الخبيثة ، ما جرأك علي من بينهم ، وليس فيك وفاء ، وضربه ، فقتله ، وقتل من الفرس ، ومن أعانهم ، في موقعة اليس ، سبعون ألفا ( الطبري 356/3 - 358).

وفي السنة 12 قصد جيش المسلمين بقيادة خالد بن الوليد، عين التمر ، فتحصن منه الفرس ، وكانوا بقيادة مهران بن بهرام جوبين ، في جمع عظيم من العجم ، وتصدي له العرب بقيادة عقة بن أبي عقة ، في جمع عظيم من النمر وتغلب وإياد ومن لافهم ، ولما التقي الجيشان ، حمل خالد علي عقة، فأسره ، وانكسر جنده ، والتجأوا إلي الحصن ، ثم نزلوا علي حكم خالد ، فبدأ خالد بعقة ، فقتله ، وطرحه علي الجسر ، ثم ضرب أعناق أصحابه أجمعين ( الطبري 376/3 و 377).

وفي السنة 12 قصد خالد يقود جيش المسلمين، دومة الجندل ، وأخذ في طريقه أحد رؤساء أهل دومة وهو أكيدر بن عبد الملك ، فقتله ، ثم اشتبكت المعركة عند الحصن ، وانتصر المسلمون ، وأخذ خالد الجودي بن ربيعة ، رئيس دومة أسيرة ، فضرب عنقه ، ولجأ الفارون إلي الحصن ، فاقتحمه المسلمون ، وقتلوهم ( الطبري 378/3 ، 379).

وفي السنة 12 قصد القعقاع بن عمرو، أحد قواد خالد بن الوليد ، مع جيش من المسلمين، حميد، والتقي بجيش من الفرس ، فاقتتلوا، وانكسر الفرس ، وقتل قائدهم روزبة ، وأحد قوادهم زرمهر ( الطبري 3/ 380).

أقول : في غزوات العراق ، كان كل فخذ هاجرت بأسرها تدعي : البررة ، وكل قوم هاجروا من بطن ، يدعون الخيرة ( الطبري 3/ 380) .

وفي السنة 13 كان جيش المسلمين بالشام ، له أمراء متعددون ، وكانت كلمتهم متفرقة ، فخطبهم خالد بن الوليد ، ودعاهم إلي تأمير كل أمير

ص: 29

يوما واحدا ، تكون له الكلمة النافذة علي جميعهم ، فأمروه لذلك اليوم ، فرتب صفوف المسلمين ، وصدم بهم الروم صدمة عنيفة ، وجاء البريد إلي خالد ، وهو في صميم المعركة ، بموت أبي بكر ، واستخلاف عمر ، وعزل خالد، وتأمير أبي عبيدة ، فكتم خالد الخبر ، واستمر في المعركة ، فاستسلم له جرجة ، قائد الروم ، وأسلم ، وحارب مع خالد ، فقتل في المعركة ، وحمي وطيس المعركة ، فنادي عكرمة بن أبي جهل : من يبايعني علي الموت ؟ فبايعه أربعمائة من وجوه المسلمين وفرسانهم ، فقاتلوا أمام فسطاط قائدهم خالد بن الوليد ، حتي اثبتوا جميعا جراحأ ، وقتلوا إلا من برأ، وجيء إلي خالد بعكرمة جريحا ، فوضع رأسه علي فخذه ، وجيء إليه بعمرو بن عكرمة جريحا ، فوضع رأسه علي ساقه ، وجعل يمسح عن وجهيهما ويقطر الماء في حلقيهما حتي مات الأب والأبن معا .

قتل في هذه المعركة من المسلمين ثلاثة الأف، منهم عكرمة ، وابنه عمرو ، وسلمة بن هشام ، وعمرو بن سعيد، وأبان بن سعيد ، وجندب بن عمرو الدوسي ، والطفيل بن عمر ، وكليب بن عمير بن وهب ، وهبار بن سفيان ، وهشام بن العاص ، أما الروم فقتل صناديدهم ، ورؤوسهم ، وفرسانهم ، وقتل أخو ملكهم هرقل، وأسر التذارق أخوه الآخر، وقتل القبقلار الرومي ( ابن الأثير 417/2 ) .

وبعد إنتهاء المعركة ، وظفر المسلمين أعلن خالد وفاة أبي بكر . وأسلم القيادة إلي أبي عبيدة ( الطبري 395/3 - 405) .

أقول : مما يؤثر عن خالد بن الوليد في هذه المعركة ، إن رجلا قال له قبل الاشتباك بين الجيشين : ما أكثر الروم وأقل المسلمين ، فقال له خالد : بل ما أقل الروم وأكثر المسلمين ، إنما تكثر الجنود بالنصر وتقل بالخذلان ( الطبري 398/3 ).

وفي معركة اليرموك ، في السنة 13 ، قاتلت النساء المسلمات ، بجانب

ص: 30

الرجال ، وممن قاتلن في تلك المعركة ، جويرية ابنة أبي سفيان ، وكانت مع زوجها، وأصيبت بعد قتال شديد ( الطبري 401/3 ).

وفي معركة فحل ، في السنة 13 ، اقتل المسلمون والروم ، فقتل قائد الروم سقلار بن مخراق ، ونائبه نسطورس ، وانكسر الروم ، وكانت معركة فاصلة ، قتل فيها من الروم ثمانون ألفا ( الطبري 442/3 و 443).

ولما استخلف عمر ، في السنة 13 ندب الناس لحرب فارس ، فكان أول منتدب أبو عبيد بن مسعود الثقفي ، أبو المختار ، فأمره عمر علي الجيش ، ( الطبري 3/ 445).

وفي وقعة الجسر ، كان علي الجيش الفارسي بهمن جادويه ، وراية الجيش درفش كابيان ، راية كسري ، وعلي جند المسلمين قائدهم أبو عبيد ، وكان الجيش الفارسي قد أحضر الفيلة ، ليستعين بها في حربه ، ومنها فيل أبيض ، عليه الحلي ، فحاصت خيول المسلمين عن الفيلة ، فلما رأي أبو عبيد ما صنع الفيل ، سأل : هل لهذه الدابة من مقتل ؟ قالوا : نعم ، إذا قطع مشفرها ماتت ، فنهد أبو عبيد بنفسه إلي الفيل الأبيض ، فنفح خرطومه بالسيف ، وخبطه الفيل برجله ، وبرك عليه فقتله ، وتوالي علي حمل الراية سبعة من المسلمين ، كلما قتل منهم واحد خلفه آخر ، وقتل من المسلمين في هذه الواقعة أربعة الآف ( الطبري 455/3 - 458).

أقول : أهدي إلي أبي عبيد، وهو يجول بجنده في العراق ، قوم من فارس أطعمة من الأخبصة وغيرها ، فقال أبو عبيد لهم : أأكرمتم الجند بمثله؟ قالوا : لا، فرده، وقال : لا حاجة لي به، بئس المرء أبو عبيد إن صحب قوما من بلادهم أهرقوا دماءهم دونه ، فاستأثر عليهم بشيء يصيبه، لا والله ، لا يأكل أبو عبيد مما أفاء الله عليهم إلأ مثلما يأكل أوساطهم ( الطبري 452/3 ).

وفي معركة النمارق ، انتصر المسلمون بقيادة أبي عبيد الثقفي ، علي الفرس ، وأسر قائد الفرس جابان ، أسره مطر بن فضة التيمي ، وكان جابان

ص: 31

شيخا كبيرا ، فقال لمطر : هل لك أن تؤمني ، وأعطيك غلامين أمردين خفيفين في عملك ؟ فوافق مطر ، وأخذه فأدخله علي أبي عبيد، ونال موافقته ، فصاح الناس : هذا الملك جابان ، وهو قائد الجيش ، فقال أبو عبيد : قد آمنه رجل مسلم والمسلمون في التواد والتناصر كالجسد الواحد ، ما لزم بعضهم لزم كلهم ، فقالوا له : إنه الملك ، فقال أبو عبيد : وإن كان ، لا أغدر ( الطبري 449/3 و 450).

وفي موقعة البويب في السنة 13 اقتل جيش المسلمين ، وعليهم المثني ، وجند الفرس ، وعليهم مهران مرزبان الحيرة ، ومردان شاه ، فقتل من المسلمين مسعود بن حارثة ، أخو المثني ، ولما ارت مسعود صاح : يا معشر بكر بن وائل ، ارفعوا رايتكم ، رفعكم الله ، لا يهولنكم مصرعي ، وقتل أنس بن هلال ، وكان نصرانية ، حارب في جند المسلمين ، عصبية للعرب ، وقتل قائد الفرس مهران ، وقتل صاحب خيله شهر براز ( الطبري 461/3 و 462).

وفي موقعة البويب ، صف المثني جند المسلمين ، يهيئهم للحرب ، فأبصر رجلا يستوفز ، ويستنتل من الصف ، فقال : ما بال هذا ؟ قالوا : هو ممن فر من الزحف يوم الجسر ، وهو يريد أن يستقتل ، فقرعه بالرمح ، وقال : لا أبالك ، الزم موقفك ، فإذا أتاك قرنك ، فاغنه عن صاحبك ، ولا تستقتل ( الطبري 91/3 و 492).

معركة القادسية

وفي السنة 14 وقعت معركة القادسية ، بين جيش المسلمين ، وجند فارس ، وكان ابتداء أمرها، أن الخليفة عمر ، لما بلغه قتل أبي عبيد الثقفي ، قائد جيش المسلمين، واجتماع أهل فارس علي رجل من آل كسري ، جمع ذوي الرأي من المسلمين ، واستشارهم في أن يسير هو علي

ص: 32

رأس جيش إلي فارس ، فأشاروا عليه بأن يقيم ، ويبعث قائدة علي الجيش ، فبعث سعد بن أبي وقاص ، في أربعة آلاف ، ثم أمته بأربعة آلاف ، وكان المثني قبله في ثمانية آلاف .

وعند وصول سعد ، توفي المثني بن حارثة ، من جراحة كانت أصابته يوم الجسر ، فانتقضت عليه ، ومات منها ، فأنضاف جيشه إلي جيش سعد ، وأضاف اليهم الأشعث بن قيس في ألف وسبعمائة من أهل اليمن ، وانضاف اليه آخرون من بعث الشام ، بأمر من الخليفة ، فكان من شهد معركة القادسية من جيش المسلمين بضعة وثلاثين ألفا ، قابلهم الجند الفرس في مائة وعشرين ألفا، علي مقدمتهم الجالنوس في أربعين ألفا ، وعلي ميمنته الهرمزان ، وعلي ميسرته مهران بن بهرام ، وهما في ستين ألفا ، وعلي ساقته البيرزان في عشرين ألفا ، وكانوا مع أتباعهم أكثر من مائتي ألف ، وعليهم جميع قائدهم رستم ، ومعه ثلاثة وثلاثون فية ، منها فيل سابور الأبيض ، وكانت الفيلة تألفه ، وكان أعظمها وأقدمها .

وبدأت معركة القادسية، بيوم أرماث ، وكان سعد مريضأ ، لم يشترك في المعركة، وإنما كان في فراشه مشرفا علي الناس من القصر ، يرمي بالرقاع فيها أمره ونهيه إلي خالد بن عرفطة ، فيبلغها الجند .

ولما تلاحم الفريقان ، عمد فريق من جند المسلمين إلي الفيلة ، فأخذوا بأذنابها ، وقطعوا وضنها ، وقتلوا من عليها .

ثم تلاه يوم أغواث، فاجتلدوا بالسيوف حتي المساء ، ولم تشترك الأفيال في القتال ، كانت توابيتها تكسرت بالأمس ، في يوم أرماث ، وقتل في هذا اليوم كثير من أعلام الفرس ، قتل منهم عشرة آلاف ، وقتل من المسلمين الفان .

وكان اليوم الثالث ، يوم عماس، واشترك فيه الفرس بأفيالهم ، ومعها الرجالة ، يحمونها أن تقطع وضنها ، ومع الرجالة فرسان يحمونهم ، ولما بدأ

ص: 33

الإلتحام ، قال عمرو بن معدي كرب الزبيدي لأصحابه : إني حامل علي الفيل ومن حوله ، فلا تدعوني أكثر من جزر جزور ، فإن تأخرتم عني، فقد تم أباثور ، وأني لكم بمثل أبي ثور ، ثم انغمس في المعركة، وستره الغبار ، وتبعه أصحابه ، فوجدوه راجلا يضرب بسيفه ، إذ طعن فرسه ، فنزل عنه وتركه ، فلما جاء أصحابه ، انفرج الفرس عنه ، فأخذ برجل فرس فارس منهم ، فلم يستطع الفرس الحركة ، ونزل عنه فارسه وفر ، فركبه عمرو بد من فرسه ، ولما عادت الفيلة الي مضايقة المسلمين ، أمر سعد أربعة من قواده أن يكفوه أمر فيلين كانا يقودان باقي الفيلة ، فعمد كل قائدين إلي احد هذين الفيلين ، فغرسا رمحيهما في عيني الفيل، فنفض الفيل رأسه ، وطرح سائسه ، وكذلك حصل مع الثاني ، وصاح الفيلان، ثم ولي الأجرب الذي عور ، فوثب في العتيق، فاتبعته الفيلة ، فخرقت صفوف الأعاجم ، ودامت الملحمة طول النهار ، والليل ، إلي الصباح ، فسميت ليلة الهرير ، ولما أصبح المسلمون ، ولم تغمض اعينهم ، تذامروا من جديد، وهاجموا الفرس ، وضرب احد المسلمين ، وهو هلال بن علفة ، رستم ، قائد الفرس ، ففر منه وارتمي في العتيق فاقتحمه هلال عليه ، وأمسك به وقد عام ، فأخذ برجله ، وأخرجه ، فضرب جبينه بالسيف فقتله ، ثم صعد علي سرير رستم ، وصاح : قتلت رستم ورب الكعبة، إلي، فأطاف به المسلمون، وكبروا ، وتنادوا وتفرق الفرس وفروا .

وكان منهم ثلاثون ألفا ، قد قرنوا أنفسهم بالسلاسل ، كيلا يفروا ، فتهافتوا في العتيق ، فقتلوا جميعا ، ما أفلت منهم أحد، وأخذ ضرار بن الخطاب راية الفرس ، درفش كابيان ، فعوض عنها بثلاثين ألفا ، وكانت قيمتها ألف ألف ومائتي ألف ، وقتل من الفرس في هذه المعركة عشرة آلاف سوي من قتل منهم قبل، وبلغ عدد قتلي المسلمين في جميع أيام حرب القادسية ستة الاف .

ص: 34

وقتل زهرة التميمي الجالنوس ، أحد كبار قواد الفرس ، وأخذ سلبه إلي سعد ، فقال له سعد: هل أعانك عليه أحد ؟ قال : نعم ، قال من ؟ قال : الله ، فنفله سلبه ، فباعه بسبعين ألف درهم ( الطبري 480/3- 570).

وفي معركة دستميسان ، في السنة 14 كان عتبة بن غزوان ، قائد جيش المسلمين ، قد شخص إلي المدينة ، وأمر المغيرة بن شعبة علي الجيش ، فجمع أهل ميسان للمسلمين ، والتحم معهم المغيرة في حرب ، وكانت النساء مع الأثقال ، فقالت احداهن : لو لحقنا بالمسلمين فكنا معهم ، واعتقدت لواء من خمارها ، واتخذت النساء من خمره رايات ، وخرجن يردن المسلمين ، فانتهين اليهم ، والمشركون يقاتلونهم ، فلما رأي المشركون الرايات مقبلة ، ظنوا إنها مد د جاء للمسلمين ، فانكشفوا ، واتبعهم المسلمون ، فقتلوا منهم عدة ( الطبري 596/3 ).

وفي السنة 15 بعث هرقل ، البطريق توذر ، علي رأس جيش ، فقصد دمشق ، واشتبك مع جيش المسلمين بقيادة يزيد بن أبي سفيان ، ولحق بهم خالد بن الوليد وهم يقتتلون ، فصدم الروم من خلفهم ، فلم يفلت منهم إلا الشريد ، وقتل قائدهم توذر . وفي السنة 10 اقتتل بمرج الروم ، جيش الروم ، يقوده شنس، وجيش المسلمين يقوده أبو عبيدة ، فقتل من الروم مقتلة عظيمة ، وقتل قائدهم شنس ( الطبري 598/3 و 599).

وفي السنة 15 في معركة قنسرين ، كان علي جيش الروم ميناس ، وهو رأس الروم، واعظمهم بعد هرقل ، وعلي جيش المسلمين خالد بن الوليد ، وكان النصر للمسلمين ، وقتل ميناس ( الطبري 601/3 .

وفي السنة 15 توتي معاوية قيسارية ، فسار إليها، ومعه جند من

ص: 35

المسلمين ، وحارب الروم ، وكانوا قد تحصنوا بقيسارية ، ثم خرجوا فحاربوه حرب استماتة فبلغ قتلاهم في المعركة ثمانين ألفا ، وكملها في هزيمتهم مائة ألف ( الطبري 3/ 604).

وفي السنة 15 وقعت معركة بابل ، إذ اجتمع الفرس ببابل ، علي الفيرزان ، فاشتبك معهم المسلمون في معركة ضارية ، والمسلمون يقودهم سعد ، فانكسر الفرس ، وتمزق جيشهم ، ولحق بهم المسلمون إلي المدائن ، وكان قائد الفرس في المدائن ، شهريار ، دهقان الباب ، فطلب شهريار المبارزة ، فبرز له نائل بن جعشم الأعرجي ، من بني تميم ، فقتله نائل ، وانكشف أصحابه ، وأخذ نائل سلب شهريار ، وسواريه ، وفرسه ، فعزم عليه سعد أن يلبس قباء شهريار ، ودرعه ، وسواره ، فانطلق فلبس كل ذلك ، وجاء إلي سعد ، فقال له : اخلع سواريك؛ إلا أن تري حربأ فتلبسها ، فكان أول رجل من المسلمين سور بالعراق ( الطبري 620/3- 622).

وفي السنة 10 وقعت معركة اليرموك ، حيث سار هرقل وجيشه، ونزل بانطاكية ، ومعه بشر كثير من المستعربة ، ومثلهم أهل أرمينية ، وبعث أحد قواده ، واسمه الصقلار ، في مائة ألف مقاتل ، منهم اثنا عشر ألفا من أهل أرمينية عليهم جرجة ، ومن المستعربة ، من غسان قضاعة اثنا عشر ألفأ، عليهم جبلة بن الأيهم الغساني ، وسائرهم من الروم ، والتقوا باليرموك بالمسلمين ، والمسلمون في أربعة وعشرين ألف بقيادة أبي عبيدة ، فاقتتل الجيشان اقتتالا شديدا ، وقتل الصقلار قائد الروم ، وقتل معه سبعون ألفا من جنده ( الطبري 570/3- 572).

وفي السنة 16 وقعت معركة بهرسير ، وكان الفرس قد تحصنوا بها ، وأحاط بهم جند المسلمين بقيادة سعد ، وكان زهرة بن الحوية ، أحد أبطال المسلمين ، قد لبس درعا مفصومة ، فقيل له : ألا أمرت بهذا الفصم فسرد ، فإنا نخاف عليك منه ، فقال : إني لكريم علي الله إن ترك سهم

ص: 36

فارس الجند كله ، ثم أتاني من هذا الفصم ، حتي يثبت في ، فكان أول رجل من المسلمين أصيب يومئذ بنشابهة ، فثبتت في ذلك الفصم ، فأرادوا نزعها ، فقال : دعوني ، فإن نفسي معها ما دامت في ، لعلي أن أصيب منهم بطعنة ، أو ضربة ، أو خطوة ، ومضي نحو العدو ، فضرب بسيفه شهربراز القائد الفارسي ، فقتله ، وأحيط بزهرة ، فقتل ( الطبري 6/4).

وفي السنة 16 كانت الخنساء الشاعرة مع جيش المسلمين في العراق ، ومعها أولادها الأربعة ، فقالت لهم : يا بني أنتم أسلمتم طائعين ، وهاجرتم مختارين ، فإذا اصبحتم غدأ ، فاغدوا الي قتال عدوكم مستبصرين ، وبالله علي أعدائه مستنصرين ، فلما أضاء لهم الصبح، باكروا مراكزهم ، فتقدموا واحدة بعد واحد، ينشدون الأراجيز ، فقاتلوا حتي استشهدوا جميعا ، فلما بلغها الخبر ، قالت : الحمد لله الذي شرفني بقتلهم ، وأرجو من ربي أن يجمعني بهم في مستقر رحمته ، فكان عمر يعطيها أرزاق أولادها الأربعة لكل واحد مائة درهم حتي قبض وماتت الخنساء ( خزانة الأدب 210/1 ).

وفي السنة 16 لما انتصر جيش المسلمين، بقيادة سعد، في موقعة المدائن ، وصل إلي أيديهم تاج كسري، وجواهره، وثيابه الديباج المنسوجة بالذهب ، المنظوم بالجوهر ، وأسفاط من اللؤلؤ، والزمرد، والياقوت، فبعث بها سعد إلي الخليفة عمر ، فقال عمر : إن أقوام أدوا هذا لذوو أمانة ، فقال له علي : إنك عففت فعفت الرعية ( الطبري 19/4 و20).

وفي السنة 16، تذامر الفرس ، راجتمعوا بجلولاء، وحشدوا بقيادة مهران الرازي ، فأنفذ إليهم سعد جيشا من اثني عشر ألفا ، بقيادة هاشم بن عتبة الملقب بالمرقال ، فحصرهم في جلولاء ، وأمده سعد بفرسان آخرين ، فالتحم مع الفرس في معركة اشبهت معركة ليلة الهرير ، قتل فيها من الفرس مائة الف ، وجلت جثث القتلي المجال وما بين يديه وما خلفه ، فسميت جلولاء ( الطبري 24/4- 26).

ص: 37

وفي السنة 17 نهد العلاء بن الحضرمي ، عامل البحرين ، وعبر بجيش من المسلمين ، البحر الي فارس، وكان الفرس قد اجتمعوا علي الهربذ ، فقتل من المسلمين ، من قوادهم سوار بن همام ، والجارود بن المعلي ، واستعان الفرس بأمداد من أهل فارس كلهم ، وبعث سعد إلي المسلمين مددة ، والتحم الجيشان في معركة ضارية ، فانكسر الفرس وقتل منهم مقتلة عظيمة ( الطبري 79/4 ).

وفي النسة 17 كانت معركة السوس، وكان يزدرجرد قد دعا قائده سياه ، فوجهه في ثلثمائة ، منهم سبعون رجلا من عظمائهم ، وأمره أن ينتخب من كل بلد يمر بها من أحب ، ثم وجد وأصحابه أن لا قبل لهم بمقاتلة المسلمين ، فدخلوا في الإسلام علي شروط اشترطوها ، منها أن يقاتلوا العجم مع المسلمين ، ولا يقاتلوا العرب ، ووجد أبو موسي الأشعري من سياه وأصحابه تراخيا : فقال له : يا أعور ، ما أنت وأصحابك كما كنا نري ، فحمي سياه ، وجاء إلي حصن من حصون الفرس ، فتماوت علي بابه ، فلما رأوا لباسه مثل لباسهم ، فتحوا الباب ليدخلوه فثار ، وقاتلهم ، حتي أخلوا باب الحصن ، فاحتله المسلمون ( الطبري 90/4 و91 ).

وفي السنة 17 وقعت معركة ، علي أبواب تستر ، بين المسلمين والفرس يقودهم الهرمزان ، ولما حمي وطيس المعركة ، قال المسلمون للبراء بن مالك : يا براء ، أقسم علي ربك ليهز منهم لنا ، فقال : اللهم أهزمهم ، واستشهدني ، فهزموهم حتي أدخلوهم خنادقهم ، ثم اقتحموها عليهم ، ثم عبروا إلي داخل تستر من مجري مائها ، فلما أفضوا إليها كبروا ، وكبر المسلمون ، وتحضن الهرمزان في القلعة، ثم نزل علي حكم عمر ، فأنزلوه ، وشدوه وثاقا ، وكان الهرمزان قد قتل خلال المعركة البراء بن مالك ، ومجزأه بن ثور بنفسه ، وقدم المدينة وفد من الجند ومعهم الهرمزان ، فلما أرادوا دخول المدينة ، ألبسوا الهرمزان كسوته من الديباج وفيه الذهب ؛

ص: 38

ووضعوا علي رأسه تاجه الأذين المكلل بالياقوت ، وعليه حليته ، وجاءوا به إلي الخليفة، فلم يجدوه في بيته ، ووجدوه نائما في زاوية المسجد ، فصعق الهرمزان مما رأي ، قال : أين وزراؤه وحجابه وحراسه ، فقالوا: ليس له حارس ولا حاجب ، فقال : فهو إذن نبي ، ولما أبصره عمر ، أمر بأن تخلع عنه حليته ، ثم احضره ، ولما جيء به اليه ، استسقي ماء ، فلما جيء به إليه ارتجفت يده ، فقال له عمر : لا بأس عليك حتي تشربه، فأكفأ القدح ، وقال : قد امنتني حتي أشربه ، فقال له عمر : كذبت ، أنا أؤمن قاتل مجرأة والبراء ، فقال له المسلمون : قد أمنته يا أمير المؤمنين ، فأسلم الهرمزان ، وفرض له عمر في العطاء ، وأنزله المدينة ( الطبري 83/4 - 88).

وفي السنة 21 وقعت معركة نهاوند ، وكانت الأعاجم قد اجتمعت بها ، فأمر الخليفة عمر ، قائده سعدأ ، أن يبعث الي نهاوند بجيش يقوده النعمان بن مقرن، وكتب الخليفة الي النعمان كتاب ، قال فيه : بسم الله الرحمن الرحيم . من عبدالله عمر أمير المؤمنين إلي النعمان بن مقرن ، س لام عليك ، فإني أحمد اليك الله الذي لا إله إلا هو ، أما بعد ، فإنه قد بلغني أن جموعة من الأعاجم كثيرة ، قد جمعوا اليكم بمدينة نهاوند، فإذا أتاك كتابي هذا ، فسر بأمر الله ، وبعون الله ، وبنصر الله ، بمن معك من المسلمين ، ولا توطئهم وعرة فتؤذيهم ، ولا تمنعهم حقهم فتكفرهم ، ولا تدخلنهم غيضة ، فإن رجلا من المسلمين أحب إلي من مائة ألف دينار، والسلام عليك ، فسار النعمان إلي نهاوند ، وخاض مع الفرس معركة ضارية ، وانتصر المسلمون ، وفتحت نهاوند ، وجاءت قائدهم النعمان نشابة فقتل ، فلفه أخوه سويد في ثوبه ، وكتم قتله ، حتي فتح الله عليهم ، ولما بلغ عمر مقتل النعمان بكي ، وسأل عمن قتل ، فعدله أناس ثم قيل وآخرون لا تعرفهم ، فقال وهو يبكي : لا يضيرهم ألا يعرفهم عمر ، ولكن الله يعرفهم ( الطبري 114/4 و 116 و 120 ).

ص: 39

أقول : كان النعمان بن مقرن ، عاملا علي كسكر ، فكتب إلي الخليفة عمر ، يقول : مثلي ومثل كسكر ، كمثل رجل شاب والي جنبه مومسة تلون له وتعطر . فأنشدك الله لما عزلتني عن كسكر ، وبعثتني إلي جيش من جيوش المسلمين ( الطبري 126/4 ).

ولما صرع النعمان بن مقرن ، والمعركة في شدتها، راه معقل بن يسار، فجاء إليه بإداوة فيها ماء ، فغسل عن وجهه التراب ، فقال له : من أنت ؟ قال : معقل بن يسار ، قال : ما فعل الناس ؟ قلت : فتح الله عليهم ، قال : الحمد لله ، أكتبوا بذلك إلي عمر ثم فاظت نفسه ( الطبري 143/4 ).

وفي معركة الباب مع الترك ، في السنة 22 كان علي جند المسلمين عبد الرحمن بن ربيعة ، ووحمي القتال ، فقاتل عبد الرحمن حتي قتل ، وانكشف الناس ، فأخذ الراية أخوه سلمان بن ربيعة ، وحمي الناس ، وخرج بهم إلي جيلان ( الطبري 158/4 ).

وقتل في المعركة من أبطال المسلمين معاوية النخعي ، أصابه حجر فهشم رأسه ، ومعضد الشيباني ، أصابته شظية من حجر منجنيق ففضخت هامته ، وعمرو بن عتبة ، أصابته جراحة فقتل ، وقاتل القرثع الضبي ، حتي خرق بدنه بالحراب ( الطبري 305/4 و 306).

وفي موقعة بيروذ ، بالأهواز ، في السنة 23 كان جيش المسلمين بقيادة أبي موسي الأشعري ، يقاتل جيش فارس ، وقد توافي إليه أهل النجدات من أهل فارس والأكراد، فقام المهاجر بن زياد، وقد تحنط واستقتل ، فأقسم علي كل صائم أن يرجع ليفطر ، فرجع أخوه الربيع بن زياد فيمن رجع لإبرار قسمه ، وإنما أراد بذلك توجيه أخيه عنه لئلا يمنعه من الإستقتال ، وتقدم فقاتل حتي قتل ، فقاد أخوه الربيع جند فتحوا بيروذ ( الطبري 4 / 183 و 184).

وفي السنة 29 كان عبيد الله بن معمر التيمي ، أميرة علي فارس ،

ص: 40

فحشد له الفرس ، واشتبكوا معه في معركة علي باب اصطخر ، فقتل عبيد الله وهزم جنده ( الطبري 265/4 ).

وفي السنة 31 قتل يزدجرد ، آخر ملوك فارس ، بمدينة مرو، واختلف في كيفية قتله ، فمن قائل إنه شدخ رأسه بحجر ومن قائل إنه خنق بوتر ، ومن قائل إنه ضرب رأسه بفأس ( الطبري 294/4).

وفي السنة 31 قتل الأقرع بن حابس الدارمي التميمي ، في معركة الجوزجان مع الفرس ، ولقب بالأقرع ، لقرع كان في رأسه (الاعلام 242/1)

أقول : ما زال البغداديون ، إذا أشاروا إلي الأقرع ، قالوا : ابن حابس

وفي السنة 35 لما حصر الثائرون، الخليفة عثمان في داره ، برز نيار بن عياض ، شيخ كبير ، يناشد عثمان الله أن يعتزلهم ، فرماه كثير من الصلت الكندي بسهم فقتله ، فقالوا لعثمان : ادفع الينا قاتل نيار بن عياض ، فقال : لم أكن لأقتل رجلا نصرني وأنتم تريدون قتلي ، ثم اقتتلوا علي باب الدار ، فحمل المغيرة بن الأخنس ، من أصحاب عثمان علي الثائرين ، فضربه عبدالله بن بديل ، فقتله ، وقتل في المعركة بباب الدار زياد بن نعيم الفهري ، في ناس من أصحاب عثمان (الطبري 382/4 و 383). وقتل يوم الدار عبدالله بن وهب القرشي الصحابي ( الاعلام 288/4 ).

حرب الجمل

في السنة 36 كانت حرب الجمل بين الإمام علي بن أبي طالب ، وبين طلحة والزبير ، ومعهما عائشة ، وكان طلحة والزبير قد بايعا علية بالمدينة ، ثم صارا الي مكة ، وصحبا عائشة في جمع إلي البصرة ، ثائرين علي علي ، فقصدهم علي إلي البصرة في جمع من المهاجرين والأنصار، وجند من أهل

ص: 41

البصرة والكوفة ، وسميت الحرب حرب الجمل ، نسبت إلي جمل عائشة ، واسمه عسكر ، اشتري لها بمائتي دينار ، وحضرت عائشة المعركة ، بعد أن استقرت في هودج قد ألبس الأدراع .

وكان أول قتيل في معركة الجمل ، مسلم بن عبدالله ، من أصحاب علي ، خرج فوقف بين الصفين يدعوا إلي السلم ، فرشقوه بالسهام رشقا واحدة ، فقتلوه ، فكان أول قتيل في المعركة ، وقالت أمه ترثيه : ( الطبري 529/4)

لا هم إن مسلما أتاهم**** مستسلما للموت إذ دعاهم

إلي كتاب الله لا يخشاهم**** فزملوه من دم إذ جاهم

وأمهم قائمة تراهم ****يأتمرون الغي لا تنهاهم

وقتل علي خطام جمل عائشة ، سبعون رجلا ، يأخذ الواحد الخطام بيده فيقتل ، فيتقدم غيره .

وخرج من أصحاب عائشة ، كعب بن سور ، يدعوا إلي المصحف، فرشقه السباية بالسهام رشقا واحدا ، فقتلوه ، ومر به الإمام علي ، فوقف عليه، وقال : والله ، إنك - ما علمت - كنت صليبا في الحق، قاضيا بالعدل ، وأثني عليه .

: وقتل علي راية الإمام علي ، عشرة من أهل الكوفة ، كلما أخذها رجل قتل .

وقتل عمرو بن يثربي الضبي ، من أصحاب عائشة ، ثلاثة من أصحاب علي ، هما علباء بن الهيثم السدوسي ، وزيد بن صوحان ، وهند بن عمرو الجملي ، ثم اخذ برأس الجمل وهو يرتجز :

أنا لمن ينكرني ابن يثربي**** قاتل علباء وهند الجملي

وابن صوحان علي دين علي

ص: 42

فناداه عمار بن ياسر ، من أصحاب علي ، وطالبه بالمبارزة ، فترك زمام الجمل في يد رجل من بني عدي يدعي عمرة بن بحرة ، وقصد عمارة ، فاتقاه عمار بالدرقة فأنشب سيفه فيها ، وضربه عمار علي رجليه فقطعهما ، فوقع علي استه ، وعندئذ ترك عمرة الجمل ، وأقبل يطلب عمارة ، فنهد إليه ربيعة العقيلي ، فتضاربا ، فأثخن كل واحد منهما صاحبه ، فماتا معا ، وقام مقام العدوي ، فتي من بني ضبة اسمه الحارث ، وأخذ يرتجز :

نحن بنو ضبة أصحاب الجمل**** ننعي ابن عفان بأطراف الأسل

الموت أحلي عندنا من العسل**** ردوا علينا شيخناثم بجل

وكان ممن قتل علي خطام جمل عائشة ، عبد الرحمن بن عتاب ، والأسود بن أبي البختري ، وأخذ عمرو بن الأشرف العتكي ، بخطام الجمل ، فأقبل عليه الحارث بن زهير الأزدي ، فاختلفا ضربتين ، فوقعا يفحصان الأرض، بأرجلهما حتي ماتا .

وتبارز عبدالله بن حكيم بن حزام من أصحاب عائشة ، وعدي بن حاتم الطائي من أصحاب علي ، فضرب عبدالله عدية ففقأ عينه ، وضرب عدي عبدالله فقتله .

وكانت راية الأزد مع مخنف بن سليم ، فقتل ، فتناول الراية من أهل بيته الصقعب ، وأخوه عبد الله بن سليم ، فقتل ، فأخذها العلاء بن عروة . وكانت راية عبد القيس الكوفة ، بيد القاسم بن مسلم، فقتل ، وقتل معه زيد بن صوحان ، وأخوه سيحان ، وأخذ الراية عدة منهم فقتلوا ، منهم عبدالله بن رقية ، وراشد

وكانت راية بكر بن وائل الكوفة ، مع الحارث بن حسان بن خوط الذهلي ، فقتل هو وابنه ، وأخوة له خمسة .

ص: 43

وقتل محمد بن طلحة بن عبيدالله ، وكان يلقب بالسجاد ، لكثرة تعبده ، وكان في جانب عائشة .

وقتل ربيعة بن مسلم ، جد اسحاق بن مسلم ، أصيب قدام الجمل .

وزحف القعقاع ، من أصحاب علي إلي قرب الجمل، فوجد أنه لم يبق حول الجمل عامري إلا أصيب ، فصاح القعقاع ، ببحير بن دلجة ، من أصحاب عائشة ، يا بحير بن دلجة ، أدع بي اليك ، فدعاه ، فقال : أنا آمن حتي أرجع ؟ قال : نعم ، فجاء ، فاجت ساق البعير ، فسقط ، وصاح القعقاع بمن يليه أنتم آمنون ، واجتمع القعقاع - من أصحاب علي - وزفر بن الحارث - من أصحاب عائشة - علي قطع بطان البعير ، وحملا الهودج ، - فوضعاه .

وقتل يوم الجمل أخوان، عبدالله بن خلف الخزاعي ، مع عائشة ، وعثمان بن خلف الخزاعي مع علي .

ولما أبصر الإمام علي ، عبد الرحمن بن عتاب قتيلا ، قال هذا يعسوب القوم .

قتل في وقعة الجمل عشرة آلاف علي قول ، وخمسة عشر ألف علي قول ، وصلي الإمام علي ، علي جميع القتلي .

وذكر الإمام علي في كتاب إلي عامله بالكوفة ، أسماء القتلي من أصحابه ومنهم ثمامة بن المثني ، ومحدوج ، وهند بن عمرو، وعلباء بن الهيثم ، وسيحان وزيد ابنا صوحان ( الطبري 4/ 506- 540).

وفي السنة 36، لما قدم الزبير وطلحة البصرة ، خارجين علي الإمام علي ، حاربهم حكيم بن جبلة ، إنتصارة لعثمان بن حنيف أمير البصرة ، لما أسروه ، فضرب رجل منهم رجل حكيم فقطعها ، فحبا، حتي أخذها، ثم

ص: 44

رمي بها صاحبه ، فصرعه وزحف إليه ، فقتله ، ثم اتكأ عليه ، وهو يقول :

با ساق لن تراعي إن معي ذراعي

أحمي بها كراعي

ومر به رجل ، وهو رثيث ، فقال له : مالك يا حكيم ؟ قال : قتلت ، قال : من قتلك ؟ قال : وسادتي ، ثم مات . ( الطبري 471/4 وابن الأثير 218/3)

وفي السنة 36، في حرب الجمل أصيب طلحة بن عبيد الله ، بسهم شك ساقه ، فنزف دمه ، ومات ، وكان الذي رمي طلحة ، مروان بن الحكم ، وطاف الإمام علي في القتلي بعد المعركة ، ووقف علي طلحة ، وهو صريع ، فقال : لهفي عليك يا أبا محمد ، إنا لله وإنا إليه راجعون ، والله لقد كنت أكره أن أري قريشأ صرعي ، أنت والله كما قال الشاعر: ( ابن الأثير 343/3 و 255).

فتي كان يدنيه الغني من صديقه**** إذا ما هو استغني ويبعده الفقر

وفي حرب الجمل ، حمل عمار بن ياسر ، من أصحاب علي ، علي الزبير بن العوام ، من أصحاب عائشة ، فجعل يحوزه بالرمح، فقال له الزبير : أتريد أن تقتلني يا أبا اليقظان ؟ فقال له : لا، يا أبا عبد الله ( الطبري 512/4)

وفي وقعة الجمل ، كان من جملة القتلي من أصحاب علي ، مخنف بن سليم الأزدي ( الاعلام 75/8 ) ومن أصحاب عائشة ، عبدالله بن حكيم الأسدي ( الاعلام 213/2 ) وعمرو بن الأشرف الكعبي ( الاعلام 43/5 ) ومسلم بن عبدالله العجلي ( الاعلام 118/8 ) ومجاشع بن مسعود السلمي ( الاعلام 160/6 ) والحسين بن ضرار الضبي ، وكان قد ناهز المائة ( الاعلام 288/2 ) .

ص: 45

وقتل في وقعة الجمل، المعرض بن علاط ، فقال أخوه الحجاج : ( الطبري 4 / 545).

ولم أر يوم كان أكثر ساعية**** بكف شمال فارقتها يمينها

حرب صفين

صفين ، موضع بقرب الرقة ، علي شاطيء الفرات من الجانب الغربي، بين الرقة وبالس، وفيها جرت معارك صفبين بين الإمام علي ومعاوية .

اختلف المؤرخون في تعداد الجيشين ، فذكر صاحب معجم البلدان 403/3 إن جيش علي كان تسعين ألفا ، وجيش معاوية مائة وعشرين ألفا ، وقال آخرون إن عليا كان في مائة وعشرين ألفا ، وأن معاوية كان في تسعين ألفا ، ورجح ياقوت القول الثاني ، وذكر كلوب باشا في كتابه مختصر تاريخ العرب ص 68 إن جيش علي كان خمسين ألفا .

وقتل في هذه الحروب من أصحاب علي خمسة وعشرون ألفأ، ومن اصحاب معاوية خمسة وأربعون ألفا ، وطالت مدة هذه الحرب فاستغرقت مائة يوم وعشرة أيام ، وكانت الوقائع فيها تسعين وقعة .

وسبب المعركة أن الإمام عليا ، لما بويع بالخلافة ، علم معاوية ، وكان علي الشام ، أن عليا لن يستعمله ، فبادره بالعداء محتجأ بأنه خرج للمطالبة بدم عثمان ، واتهم علية بأنه قد آوي قتلته ، فاضطر الإمام علي إلي محاربته ، بأن خرج إليه من الكوفة ، قاصدأ الشام ، فالتقيا بصفين .

ولما عبر جيش علي ، جسر الرقة ، في طريقه إلي صفين ، زحمت الخيل علي الجسر بعضها بعضا ، فسقطت قلنسوة عبدالله بن الحجاج الأزدي ، فنزل وأخذها ثم ركب ، وقال لصاحبه :

ص: 46

فإن يك ظن الزاجري الطير صادقأ**** كما زعموا أقتل وشيكأ وتقتل

فقتلا جميعا يوم صفين ( الطبري 4 /566).

وفي السنة 36 لما خرج معاوية بجيشة إلي صفين ، نزل جيشه علي المشرعة ، وحال بين أصحاب علي وبين الماء ، فبعث الإمام علي إلي معاوية رسولا قال له : ائت معاوية، وقل له إنا سرنا مسيرنا هذا اليكم ، ونحن نكره قتالكم قبل الإعذار اليكم ، وإنك قدمت إلينا خيلك ورجالك ، فقاتلتنا قبل أن نقاتلك ، وبدأتنا بالقتال ، ونحن من رأينا الكف عنك حتي ندعوك ونحتج عليك ، ثم حلتم بين الناس وبين الماء ، فأبعث إلي أصحابك ، فليخلوا بين الناس وبين الماء ، ويكفوا ، حتي ننظر فيما بيننا وبينكم ، فيما قدمنا له وقدمتم له ، فقال معاوية للرسول : سيأتيكم رأيي ، ثم بعث خيلا لمنع أصحاب علي من الماء ، فاضطر أصحاب علي الي محاربة أصحاب معاوية ، حتي طردوهم عن الماء ، وأرادوا أن يعاملوا اصحاب معاوية بالمثل ، بمنعهم من الماء ، فأرسل اليهم علي ، خذوا من الماء حاجتكم ، وارجعوا إلي عسكركم ، وخلوا بينهم وبين الماء ( الطبري 571/4 و 572).

وكان الإمام علي ، يأمر قواده في كل موطن يلقون فيه عدوا ، فيقول : لا تقاتلوا القوم حتي يبدءوكم ، فإذا هزمتموهم فلا تقتلوا مدبرة ، ولا تجهزوا علي جريح ، ولا تكشفوا عورة ، ولا تمثلوا بقتيل ، فإذا وصلتم إلي رحال القوم ، فلا تهتكوا سترا ، ولا تدخلوا دارا إلا بإذن ، ولا تأخذوا شيئأ من أموالهم إلا ما وجدتم في عسكرهم ، ولا تهيجوا امرأة بأذي ، وإن شتمن أعراضكم ، وسببن أمراءكم وصلحاءكم ، فانهن ضعاف القوي والأنفس ( الطبري 10/5 و11).

وفي موقعة صفين في السنة 37 بارز زياد بن النضر ، من أصحاب علي ، أخا لأمه اسمه عمرو بن معاوية ، من أصحاب معاوية، وكانت أمهما

ص: 47

امرأة من بني زيد ، فلما التقيا تعارفا ، وتواقفا ، ثم انصرف كل واحد منهما عن صاحبه ( الطبري 12/5 ).

ولما خرج جيش علي ، لقتال جيش معاوية ، كان الأشتر علي المقدمة ، وحصلت بينهم مناوشة ، قتل فيها عبدالله بن المنذر التنوخي ، فارس أهل الشام ، وكان فتي حدثا ( الطبري 4 /567).

وفي حرب صفين ، كان هاشم بن عتبة بن أبي وقاص ، من أصحاب علي ، وكان يلقب بالمرقال ، لأنه كان يرقل في سيره في المعركة ، وكان أعور ، أصيبت عينه في معركة جلولاء ، وكان في المعركة يرتجز :

أعور يبغي أهله محلا**** قد عالج الحياة حتي ملا

يتلهم بذي الكعوب تلا**** لا بد أن يفل أو يف

فذكر إنه قتل يومئذ تسعة أو عشرة ، وحمل عليه الحارث بن المنذر التنوخي ، فطعنه ، فسقط ( الطبري 44/5 ).

وفي معركة صفين ، مر الأسود بن قيس المرادي ، بعبد الله بن كعب المرادي ، وهو باخر رمق ، فقال له : عز - والله - علي مصرعك ، أما والله ، لو شهدتك لأسيتك ، ولدافعت عنك ، ولو عرفت الذي اشعرك ، أحببت أن لا يتزايل حتي أقتله ، أو ألحق بك ، أما والله ، إن كان جارك ليأمن بوائقك ، وإن كنت لمن الذاكرين ، الله كثيرة ، فقال له عبد الله : أوصيك بتقوي الله ، وبمناصحة أمير المؤمنين ، وأن تقاتل معه المحلين ( يريد أصحاب معاوية ) وأبلغ أمير المؤمنين ، عتي السلام ، وقل له : قاتل عن المعركة حتي تجعلها خلف ظهرك ، فإنه من أصبح غدا والمعركة خلف ظهره ، كان العالي ، ثم لم يلبث أن مات ، فأقبل الأسود الي علي ، فأخبره، فقال : رحم الله عبدالله جاهد فينا عدونا في الحياة ، ونصح لنا في الوفاة ( الطبري 46/5 ) .

وفي معركة صفين ، قتل أصحاب معاوية ، عمار بن ياسر ، من كبار

ص: 48

أصحاب علي ، وعمار من أوائل من أسلم ، وكان النبي صلوات الله عليه يسميه : الطيب المطيب ، وقال له : يا عمار تقتلك الفئة الباغية ، وفي يوم مصرعه قال عمار : إني لا أعلم اليوم عم هو أرضي الله من مجاهدة هؤلاء الفاسقين ، ثم خاض المعمعة ، في جماعة من أصحابه ، استبسلوان واستقتلوا ، ونظر إلي راية معاوية ، فقال : لقد قاتلت صاحب هذه الراية ثلاثا مع رسول الله صلوات الله عليه ، وهذه الرابعة ، ما هي بأبر ولا أتقي ، وخاض المعركة حتي قتل ، فاضطرب أهل الشام لقتله للحديث المروي عن رسول الله بأنه تقتله الفئة الباغية ، فقال معاوية : إنما قتل عمارة من جاء به ، فبلغ ذلك علية فقال : إذن فإن النبي صلوات الله عليه هو الذي قتل عمه حمزة يوم أحد ( الطبري 38/5 ۔ 42 وابن الأثير 310/3 و 311) .

وفي معركة صفين ، قتل سمير بن الريان بن الحارث العجلي ، وكان من أشد الناس بأسا ( الطبري 36/5 ).

وفي معركة صفين ، قتل من أصحاب معاوية ذو الكلاع وكان علي قبائل حمير ( الطبري 36/0 ) وبشر بن مرة بن شرحبيل ، والحارث بن شرحبيل ( الطبري 37/0 ).

وقتل في صفين مع الإمام علي ، قيس بن مكشوح ، وهو صحابي ، ابن اخت عمرو بن معدي كرب الزبيدي ( الاعلام61/6 ) وعبد الله بن أبي الحصين الأزدي ( الاعلام 213/2 ) ومالك بن الجلاح ، وهو شاعر ، ناسك ، شجاع ( الاعلام 130/6 ) وعبدالله بن الحجاج الأزدي ( الاعلام 206/4 ) وعبد الرحمن بن حنبل الجمحي، صحابي أصله من اليمن ومولده مكة ( الاعلام 76/4 ) وعبدالله بن بديل بن ورقاء الخزاعي ، وكان قائد الرجالة في العسكر (الاعلام 200/4 ) وخزيمة بن ثابت الأنصاري ، الصحابي ، حامل راية بني خطمة من الأوس يوم فتح مكة ( الاعلام 2/ و351) .

ص: 49

وفي السنة 37 قتل في معركة صفين ، مع الإمام علي ، مالك بن حري التميمي ، وكان قد رأي فتورا من تميم في المعركة ، فصاح فيهم يذكرهم بأحسابهم ، فقالوا : أتنادي بنداء الجاهلية ؟ فقال : الفرار ويلكم أقبح ، إن لم تقاتلوا علي الدين ، فقاتلوا علي الأحساب ، وأخذ يرتجز ويقاتل ، حتي قتل . ( الاعلام 132/6 ).

وفي معارك صفين ، في السنة 37 تبارز عبيد الله بن عمر بن الخطاب ومحمد بن جعفر بن أبي طالب ، فتطاعنا حتي تكسرت رماحهما، وتضاربا حتي انكسر سيف محمد ، ونشب سيف عبيدالله بن عمر في الدرقة ، فتعانقا ، وعض كل واحد منهما أنف صاحبه ، فوقعا عن فرسيهما ، وحمل اصحابهما عليهما ، فقتل بعضهم بعضا ، حتي صار عليهما مثل التل العظيم من القتلي ، وغلب علي علي المعركة ، وأزال أهل الشام عنها ، فقال : اكشفوا هؤلاء القتلي عن ابن أخي ، فجعلوا يجرون القتلي حتي كشفوهما ، فإذا هما متعانقان، فقال علي : أما والله لعن غير حب تعانقتما ( مقاتل الطالبيين 21 و 22).

وفي السنة 37 قتل البراء بن وفيد العذري ، الهمداني ، في معارك صفين ، وكان أولا من أصحاب معاوية ، فلما منع معاوية ، أصحاب علي من الماء ، غضب البراء ، وقال له : تمنعونهم الماء ، وفيهم العبد، والأمة ، والأجير ، ومن لا ذنب له ، هذا والله أول الجور ، لقد بصرت المرتاب ، وشجعت الجبان ، وحملت من لا يريد قتالك علي كتفيك فكلمه عمرو بن العاص ، فأغلظ له ، وتحول إلي معسكر علي ، فقاتل معه حتي قتل ( الاعلام 15/2 ).

وفي معركة صفين ، خرج رجل من أهل الشام يدعو إلي المبارزة ، فخرج اليه عبدالرحمن بن محرز الكندي ، فتجاولا ساعة، ثم حمل عبد الرحمن علي الشامي ، فطعنه في ثغرة نحره ، فصرعه ، ثم نزل إليه فسلبه

ص: 50

درعه وسلاحه ، فإذا هو اسود ، فقال : يا الله ، لقد اخطرت نفسي لعبد أسود ( الطبري 30/5).

وفي معركة صفين خرج رجل من عك ، يسأل المبارزة ، فبرز إليه قيس بن فهد الكناني ، فضرب العكي ، فصرعه ، واحتمله أصحابه ، فقال قيس : ( الطبري 30/5 ).

لقد علمت عك بصفين إننا ****إذا التقت الخيلان نطعنها شزرا

ونحمل رايات الطعان بحقها ****فنوردها بيضأ ونصدرها حمرا

وفي معركة صفين، خرج قيس بن يزيد، من أصحاب معاوية ، فدعا إلي المبارزة ، فخرج إليه أخوه أبو العمرطة بن يزيد، من أصحاب علي ، فلما تقاربا ، تعارفه وتواقفا ، ثم انصرف كل واحد منهما عائدة إلي أصحابه ( الطبري 30/5 ).

وممن قتل في معركة صفين من ذوي النجدة نهيك بن عزيز من بني الحارث بن عدي ، وعمرو بن يزيد من بني ذهل ، وسعيد بن عمر ( الطبري 30/5 ) وقتل من النخع بكر بن هوذة ، وحيان بن هوذة ، وشعيب بن نعيم ، وربيعة بن مالك ، وأبي بن قيس ، أخو علقمة بن قيس الفقيه، وقطعت رجل علقمة بن قيس ( الطبري 32/5 ).

وفي موقعة صفين ، قتل حازم بن أبي حازم الأحمس ، أخو قيس بن أبي حازم ، وقتل نعيم بن صهيب بن العلية البجلي ، من أصحاب علي ، فجاء ابن عمه وسميه نعيم بن الحارث ، وهو من أصحاب معاوية إلي معاوية ، فقال له : إن هذا القتيل ابن عمي ، فأريد أن أدفنه ، فقال له : لا تدفنه، فليس لذلك أه ، فقال له : والله ، لتأذن لي في دفنه ، أو لألحق بهم وأدعك ، فأذن له في دفنه ( الطبري 26/5 ).

وفي موقعة صفين ، قال عقبة بن حديد النمري : إني قد سئمت

ص: 51

الدنيا ، وغرقت نفسي عنها ، وقد بعت هذه الدار بالتي أمامها ، فتبعه أخوته عبيد الله ، وعوف ، ومالك ، وقالوا له : قبح الله العيش بعدك ، واستقدموا ، فقاتلوا حتي قتلوا ( الطبري 27/5 و 28).

وفي موقعة صفين ، كانت كل قبيلة من العرب ، تحارب أختها ، فازد العراق ، تحارب أزد الشام ، وبجيلة العراق ، تحارب بجيلة الشام ، وتقدم جندب بن زهير الأزدي ، من أصحاب علي ، فبارز رأس أزد الشام من أصحاب معاوية ، فقتله الشامي ، وقتل من رهطه عجل وسعد ابنا عبدالله ، وقتل مع مخنف بن سليم الأزدي ، من رهطه ، عبدالله وخالد ابنا ناجد، وعمرو وعامر ابنا عويف ، وعبد الله بن الحجاج ، وأبو زينب بن عوف ، وخرج عبدالله بن الحصين في القراء الذين مع عمار بن ياسر ، فقتل معه ( الطبري 27/5 ).

وفي موقعة صفين ، حمل عبدالله بن الطفيل البكائي ، من أصحاب علي ، علي جمع لأهل الشام ، فلما انصرف ، حمل عليه رجل من بني تميم ، اسمه قيس بن قرة ، فوضع الرمح بين كتفي عبدالله بن الطفيل ، فرأي ذلك يزيد بن معاوية ، ابن عم عبدالله بن الطفيل ، فوضع رمحه بين كتفي التميمي ، وقال له : والله ، لئن طعنته الأطعنك ، فقال التميمي : عليك عهد الله وميثاقه ، لئن رفعت السنان عن ظهر صاحبك ، لترفعن سنانك عني ؟ قال : نعم ، لك بذلك عهد الله ، فرفع السنان عن ابن الطفيل ، فرفع يزيد السنان عن التميمي ، فقال له التميمي : ممن أنت ؟ قال : من بني عامر ، فقال له : جعلني الله فداكم ، أينما ألفكم ألفكم كرامة ، وإني الحادي عشر من أهل بيتي ورهطي قتلتموهم اليوم ( الطبري 29/5 ).

وفي موقعة صفين ، كان يقف علي رأس معاوية ، رجل يحمل ترسا مذهبا ليستره من الشمس ، وفي يوم من أيام صفين ، قالت بجيلة من أصحاب علي ، لأبي شداد قيس بن مكشوح : خذ رايتنا، فقال : غيري خير لكم مني

ص: 52

فقالوا : ما نريد غيرك ، فقال : والله ، لئن أعطيتمونيها لا أنتهي بكم دون صاحب الترس المذهب ، قالوا : إصنع ما شئت ، فأخذها ، وزحف بهم ، حتي انتهي بهم إلي صاحب الترس المذهب ، وكان في جماعة عظيمة من أصحاب معاوية ، فاقتتل الناس إقتالا شديدا ، وشد أبو شاد بسيفه نحو صاحب الترس ، فتعرض له مولي لمعاوية رومي فضرب قدم أبي شداد ، فقطعها ، وضربه أبو شداد فقتله ، وإشرعت إليه الأسنة ، فقتل ، فأخذ الراية عبد الله بن قلع الأحمسي ، وهو يقول :

لا يبعد الله أبا شداد**** حيث أجاب دعوة المنادي

وشد بالسيف علي الأعادي**** نعم الفتي كان لدي الطراد

وفي طعان الرجل والجلاد

وقاتل عبدالله حتي قتل ، فأخذ الراية أخوه عبد الرحمن بن قلع ، فقاتل حتي قتل ، ثم أخذها عفيف بن أياس ، فلم تزل في يده حتي تحاجز الناس ( الطبري 25/5 و 26).

وفي يوم من أيام صفين ، كان أتباع معاوية ، قد نظموا حوله لحمايته صفوف خمسة ، عقل أصحابها أنفسهم بالعمائم ، كي لا يفروا ، فشد عليهم الأشتر ، مع أصحابه من جند علي ، فصرع منهم أربعة صفوف ، وانتهي إلي الخامس ، فدعا معاوية بفرس ، فركبه ، وكان يقول : أردت أن أنهزم ، ثم ذكرت قول الشاعر :

أبت لي عفتي ، وأبي بلائي**** وأخذي الحمد بالثمن الرجيح

وإقحامي علي المكروه نفسي**** وضربي هامة البطل المشيح

وقولي كلما جشأت وجاشت**** مكانك تحمدي أو تستريحي

فمنعني ذلك من الفرار ( الطبري 24/5 ).

وفي يوم من أيام صفين ، قاتل عبدالله بن بديل ، في عصبة من

ص: 53

القراء ، من أصحاب علي ، ما بين المائتين إلي الثلثمائة ، فقتل عبدالله بيده سبعة ، فأحيط به وبطائفة من أصحابه ، فقتل عبدالله وقتلوا معه ( الطبري 23/5)

وفي يوم من أيام صفين ، مر الأشتر ، وهو يكشف كتائب خصومه، في جمع من أصحابه ، بزياد بن النضر في الميمنة ، وقد قاتل حتي صرع ، ثم مر بيزيد بن قيس محمولا نحو العسكر ، وقد صرع ، فقال الأشتر : هذا والله ، الصبر الجميل والفعل الكريم ( الطبري 21/5 ).

وفي يوم من أيام صفين ، صمد مع الإمام علي ، ثمانمائة من همدان ، أصيب منهم مائة وثمانية ، كان منهم أحد عشر رئيسا ، كلما قتل منهم رجل ، أخذ الراية آخر ، وقتل من جملتهم أخوة ستة ، هم كريب بن شريح ، ثم أخوه شرحبيل ، ثم أخوه مرثد ، ثم أخوه هبيرة ، ثم أخوه بريم ، ثم أخوه سمير ، ثم أخذ الراية سفيان بن زيد ، ثم أخوه عبد بن زيد ، ثم أخوه كريب بن زيد ، فقتل هؤلاء الأخوة الثلاثة ، ثم أخذ الراية عمير بن بشير ثم الحارث بن بشير ، فقتلا ، ثم أخذ الراية وهب بن كريب ، فأراد أن يستقتل ، فقال له رجل من قومه : انصرف بهذه الراية رحمك الله ، فقد قتل أشراف قومك حولها ، فلا تقتل نفسك وما بقي من قومك ( الطبري 20/5 و21).

وفي أحد أيام صقين، نادي علي معاوية ، قال له : علام يقتتل الناس بيننا ، هلم أحاكمك إلي الله ، فأينا قتل صاحبه استقامت له الأمور ، فقال له عمرو بن العاص : أنصفك الرجل ، وما يجمل بك إلا مبارزته ، فقال له معاوية : ما أنصفت ، وإنك لتعلم إنه لم يبارزه رجل قط إلا قتله ، أراك قد طمعت فيها بعدي ( الطبري 42/5).

وفي أحد أيام صقين ، خرج فارس أهل الشام أبو الأحمر عوف بن مجزأة المرادي ، فطلب المبارزة ، فخرج إليه فارس أهل الكوفة العكبر بن

ص: 54

جدير الأسدي ، فاطعنا ، فصرعه العكبر وقتله ، وعاد وهو يقول : ( شرح نهج البلاغة 89/8 -91).

قتلت المرادي الذي كان باغي**** ينادي وقد ثار العجاج نزال

فأوجرته في ملتقي الحرب صعدة**** ملأت بها رعبأ قلوب رجال

وفي أحد أيام صفين ، خرج من أصحاب علي ، أثال بن حجل بن عامر المذحجي ، وطلب المبارزة ، فخرج إليه أبوه حجل بن عامر ، ولم يعرف أحدهما الآخر، حتي إذا تطاعنا انتسبا، فعرف أحدهما الآخر ، ونزلا ، فاعتنق كل واحد منهما صاحبه ، وبكيا ، فقال الأب لولده : يا بني ، هلم إلي الدنيا ، فقال له ولده : يا أبت ، هلم إلي الآخرة ، ثم افترقا ، وعاد كل واحد منهما إلي أصحابه ( شرح نهج البلاغة 82/8 و83 ) .

وفي السنة 36 في صفين ، كان الإمام علي ، يمشي نحو ميسرة أصحابه ، وقد اشتبك الناس ، فبصر به أحمر ، وهو مولي أبي سفيان أو عثمان فأقبل نحوه ، فخرج إليه كيسان ، مولي علي ، فضربه أحمر فقتله ، فأخذ علي بجيب درع أحمر ، وجذبه ؛ فاقتلعه من سرجه ، وجلد به الأرض ، فكسر منكبيه وعضديه ، فهجم عليه أهل الشام ، فقال له ولده الحسن : ما ضرك لو سعيت حتي أنتهيت إلي هؤلاء القوم من أصحابك ؟ فقال له : يا بني ، إن لأبيك يوما لا يعدوه ، ولا يبطيء به عنه السعي ، ولا يعجل به إليه المشي ، إن أباك - والله - لا يبالي أوقع علي الموت أم وقع الموت عليه ، ( الطبري 19/5 وابن الأثير 299/3 ).

ظهور الخوارج

وفي أحد أيام صفين ، دارت الدائرة علي معاوية وأصحابه ، فاحتال عمرو بن العاص ، وهو من أنصار معاوية ، بأن أمر أن ترفع المصاحف علي الرماح ، وأن ينادي : هذا كتاب الله حكما بيننا وبينكم ، فكف الطرفان عن الحرب ، واتفقا علي حكمين يحكمان في النزاع بين علي ومعاوية ، وفقا

ص: 55

الاحكام القرآن ، ولما جري التوقيع علي صك التحكيم ، انفصل من قوم أنصار علي ، وقالوا : لا يجوز تحكيم الرجال في هذا الأمر ، وإنما الحكم لله ، وخرجوا علي علي ، وأمروا عليهم عبد الله بن وهب الراسبي ، وكان الفرط عبادته ، وكثرة سجوده ، يلقب ذا الثفنات ، ثم اجتمعوا في جسر النهروان ، وكاتبوا إخوانأ لهم من أهل البصرة ، فاجتمع هؤلاء في خمسمائة رجل ، وأمروا عليهم مسعر بن فدكي التميمي ، فلحقوا بأصحابهم الكوفيين ، بعد أن ارتكبوا في طريقهم فظائع من قتل الرجال وبقر بطون النساء ، فبعث الإمام علي إليهم ، يطلب إليهم تسليم من ارتكب جرائم قتل الرجال والنساء ، لإقامة الحد عليهم ، فقالوا : كلنا قتلتهم ، وكلنا نستحل دماءهم ودماءكم ، وكلمهم علي مرارة ، فلم يجد منهم إلا العناد والمكابرة والمنابذة ، فأمر علي ، فرفعت راية أمان مع أبي أيوب الأنصاري ، وأمر فنودي : من جاء هذه الراية ، ممن لم يقتل ولم يستعرض فهو آمن ، ومن انصرف الي الكوفة ، أو إلي المدائن ، أو خرج من هذه الجماعة ، فهو آمن ، فتفرق منهم من تفرق ، وبقي منهم مع عبد الله بن وهب الراسبي ألفان وثمانمائة ، فزحفوا علي علي ، وهم يتنادون : الرواح الرواح إلي الجنة ، فواجههم علي في جيشه ، فحطمهم ، وقتل أبو زيد الأنصاري ، زيد بن حصين ، طعنه في صدره بالرمح حتي نجم من ظهره ، وقتل عائذ بن حملة التميمي كلابأ ، واشترك هانيء بن خطاب الأرحبي ، وزياد بن خصفة في قتل عبد الله بن وهب الراسبي رأس الخوارج ، وشد جيش بن ربيعة أبو المعتمر الكناني ، علي حرقوص بن زهير فقتله ، وشد عبد الله بن زحر الخولاني علي عبد الله بن شجرة السلمي ، فقتله ، ووقع شريح بن أوفي الخارجي إلي جانب جدار ، فقاتل علي ثلمة فيه طويلا ، الي أن قتل ثلاثة من همدان ، فأخذ يرتجز ويقول :

قد علمت جارية عبسية**** ناعمة في أهلها مكفية

أني سأحمي ثلمتي العشية

ص: 56

فشد عليه قيس بن معاوية الدهني ، فقطع رجله ، وظل يقاتل ، وهو يقول :

القرم يحمي شوله معقولا

ثم شد عليه قيس بن معاوية ثانية ، فقتله ، ولما انتهت المعركة ، طلب عدي بن حاتم الطائي ، ولده طرفة ، بين القتلي من الخوارج ، فوجده ، فدفنه ، وقال : الحمد لله الذي ابتلاني بيومك علي حاجتي إليك .

ولم يقتل من جند علي في هذه المعركة إلا سبعة (الطبري 72/5 . 92)

ولما قتل أهل النهروان ، خرج أشرس بن عوف الشيباني ، علي علي بالدسكرة في مائتين ، ثم سار إلي الأنبار ، فوجه علي إليه الأبرش بن حسان في ثلثمائة ، فواقعه ، فقتل أشرس ( ابن الأثير 372/3 ).

وفي موقعة النهروان ، خرج أحد الخوارج ، فدعا الإمام علي للمبارزة ، وهو يقول:

أطعنهم ولا أري عليا**** ولو بدا أجرته الخطيا

فخرج إليه الإمام علي ، فضربه بالسيف ، فقتله ، فلما خالطه السيف صاح : يا حبذا الروحة إلي الجنة ( شرح نهج البلاغة 96/5 ).

وخرج علي الإمام علي ، هلال بن علفة ، من تيم الرباب ، ومعه أخوه مجالد ، فجاء ماسبذان ، فوجه إليه الإمام علي ، معقل بن قيس الرياحي ، فقتله ، وقتل أصحابه ، ( ابن الأثير 372/3 ).

أقول : كان هلال بطلا من الأبطال ، وهو الذي قتل رستم في حرب القادسية ( الاعلام 93/9 ) .

ثم خرج علي الإمام علي ، الأشهب بن بشر ، في مائة وثمانين رجلا ،

ص: 57

فوجه إليهم الإمام علي ، جارية بن قدامة السعدي ، فاقتتلوا بجرجرايا ، فقتل الأشهب وأصحابه ( ابن الأثير 373/2 ) .

ثم خرج سعيد بن قفل التيمي ، من تيم الله بن ثعلبة ، بالبندنيجين ( مندلي ) ومعه مائتا رجل ، فأتي در زيجان ، علي فرسخين من المدائن ( اسمها الآن سلمان باك ) فخرج إليهم سعد بن مسعود ، فقتلهم ( ابن الأثير 373/2)

ثم خرج أبو مريم السعدي التميمي ، ومعه أربعمائة رجل ، فقصدوا الكوفة ، وكانوا من أشجع الخوارج ، فأرسل إليه علي يدعوه إلي دخول الكوفة ، فأبي ، وقال : ما بيننا غير الحرب ، فبعث إليه جيشا فكشفهم ، فخرج إليهم علي ، وقدم بين يديه قائده جارية وأسفرت المعركة عن قتلهم بأجمعهم إلا خمسين نفر آستأمنوا فأمنهم ( ابن الأثير 373/3 ).

وفي السنة 38 خرج علي علي ، الخريت بن راشد الناجي ، في جماعة من قومه ، وكفروا عليا لأنه حكم الرجال ، ولاقوا في طريقهم دهقانا مسلما ، من دهاقين أسفل الفرات ، اسمه زاذان فروخ ، فسألوه عن رأيه في علي ، فقال : إنه أمير المؤمنين ، فضربوه بالسيوف فقطعوه ، فبعث إليهم الإمام علي ، بعثا في مائة وثلاثين رجلا ، فلحقهم بالمذار، واصطدموا بهم في معركة عارمة ، ثم انسحب الخريت وأصحابه ، فمروا إلي الأهواز ، فبعث الإمام علي معقل بن قيس في ألفي رجل ، فصدم الخريت صدمة حادة برامهرمز ، فقتل كثير من أنصاره ، وفر الخريت حتي لحق بأسياف البحر ، فتبعه معقل ، حتي وجده ، ونصب معقل راية أمان ، من أتاها من الناس فهو آمن ، فتفرق عن الخريت جل من كان معه من غير قومه ، ثم التحم العسكران ، فقتل الخريت بن راشد، ومعه مائة وسبعون رجلا من اتباعه ، وفر الباقون ( الطبري 113/5 - 122).

ص: 58

وخرج حوثرة بن وداع الأسدي ، علي معاوية ، ومعاوية في الكوفة ، في السنة 41، ووافي نخيلة في مائة وخمسين ، فدعا معاوية أبا حوثرة ، وقال له : إذهب فاكفني أمر ابنك فصار إليه أبوه ، ودعاه إلي الرجوع ، فأبي ، فقال له : يا بني ، أجيئك بابنك ، فلعلك تراه فتحن إليه ، فقال له : يا أبت ، أنا - والله - إلي طعنة نافذة ، أتقلب منها علي كعوب الرمح ، أشوق مني إلي ابني ، فرجع أبو حوثرة إلي معاوية ، فوجه معاوية إلي حوثرة جيشأ من أهل الكوفة ، وخرج أبو حوثرة فيمن خرج ، ودعا أبو حوثرة ولده للبراز ، فقال له : يا أبت ، لك في غيري سعة ، ولي في غيرك مذهب ، واشتبك جيش الكوفة مع حوثرة وأتباعه في معركة فقتل حوثرة وأصحابه إلا خمسين رجلا دخلوا الكوفة ، فلما رأي قائد جيش الكوفة ، حوثرة قتيلا ، ورأي بوجهه أثر السجود ، وكان صاحب عبادة ، ندم علي قتله ، وقال : ( ابن الأثير 410/3 و411 وشرح نهج البلاغة 99/5 ).

قتلت أخا بني أسد سفاها ****العمر أبي فما لقيت رشدي

فهب لي توبة يارب وأغفر**** لما قارفت من خطأ وعمد

وفي السنة 42 قتل الحارث بن مرة العبدي ، من أصحاب الإمام علي ، بأرض السند غازية ، وكان قد قصد السند في السنة 39 بأمر من الإمام ، فغنم ، وبقي غازية إلي أن قتل بأرض القيقان هو ومن معه إلا قليلا ( ابن الأثير 381/3 ) .

وفي السنة 43 قتل المستورد بن علفة ، أمير الخوارج بالعراق ، إذ خرج بجماعة من أصحابه بالمذار ، فبعث إليهم المغيرة بن شعبة ، أمير الكوفة لمعاوية ، بعثأ من شيعة علي ، أميرهم معقل بن قيس في ثلاثة آلاف ، وبعث إليهم أمير البصرة عبد الله بن عامر ، بعثأ من شيعة علي ، أميرهم شريك بن الأعور الحارثي ، في ثلاثة آلاف ، والتقي الخوارج وجماعة معقل ، في معركة ضارية ، فقتل عمير بن أبي اشاعة الأزدي ، من صناديد

ص: 59

أهل الكوفة ، وبلغ الخوارج مسير جيش من البصرة إليهم ، فتسللوا هاربين إلي ساباط ، فعاد البصريون إلي البصرة ، ولحق معقل بن قيس بالخوارج ، فناجزهم ، وتبارز معقل والمستورد ، بيد المستورد رمح ، وبيد معقل سيف ، فأشرع المستورد الرمح في صدر معقل حتي خرج السنان من ظهره ، وضرب معقل المستورد بالسيف ، علي رأسه حتي خالط السيف أم الدماغ ، فخرا ميتين، وقتل أصحاب المستورد ، إلا واحدة أمنه المغيرة ( الطبري 181/5 ۔ 209)

وفي السنة 50 قتل عبد العزيز بن زرارة الكلابي ، عند أسوار القسطنطينية ، وكان من فرسان العرب ، وهو القائل :

قد عشت في الدهر أطوار علي طرق**** شتي فصادفت منها اللين والبشعا

كلا بلوت فلا النعماء تبطرني ****ولا تجشمت من لاوائها جزعا

لا يملا الأمر صدري قبل موقعه**** ولا أضيق به ذرعا إذا وقعا

وكان عبد العزيز يتعرض للشهادة ، فلم يقتل ، وفي أحد أيام المعركة حمل علي من يليه ، فقتل فيهم ، وانغمس بينهم ، فشجرة الروم برماحهم حتي قتلوه ( ابن الأثير 459/3 ) .

وفي السنة 52 خرج زياد بن خراش العجلي ، في ثلثمائة فارس ، فأتي أرض مسكن من السواد ، فسير إليه زياد بن أبيه خيلا عليها سعد بن حذيفة ، فقتل زياد العجلي وأصحابه ( ابن الأثير 491/3 ) .

وفي السنة 57 قتل قثم بن العباس بن عبد المطلب ، في إحدي المعارك التي دارت علي أسوار سمرقند ، وكان الإمام علي ولاه المدينة ، فلما قتل الامام علي ، خرج في أيام معاوية إلي سمرقند، وقتل هناك ( الاعلام 29/6 ).

وفي السنة 58 كانت طائفة من الخوارج الذين بايعوا المستورد بن

ص: 60

علفة ، في سجن المغيرة بن شعبة ، فلما مات المغيرة خرجوا من السجن ، فاجتمعوا بقيادة حيان بن ظبيان السلمي ، ومن رؤسائهم معاذ بن جوين الطائي ، وأبو سليمان عتريس بن عرقوب الشيباني ، وعسكروا ببانقيا ، فبعث إليهم جيش ، فقتلوا جميعا ( الطبري 309/5 - 311) .

وفي السنة 58 كان قوم من الخوارج بالبصرة ، أخذهم عبيد الله بن زياد ، فحبسهم ، ثم دعا بهم ، وعرض عليهم أن يقتلوا من يأمرهم بقتله ، ويخلي سبيل القاتلين ، ففعلوا ، فأطلقهم ، وكان منهم طواف بن غلاق ، فلامهم أصحابهم ، وقالوا لهم : قتلتم إخواننا ، فقالوا : أكرهنا ، وندم طواف وأصحابه ، وأخذوا يبكون ، وعرضوا الدية علي أولياء من قتلوا ، فأبوا ، وعرضوا عليهم القود ، أي أن يقتلوهم مقابل من قتلوا ، فأبوا ، ثم تداعوا إلي الخروج ليفتكوا بابن زياد ، فخرجوا وكانوا سبعين رجلا، ومضوا إلي الجلحاء ، فندب ابن زياد لهم الشرطة البخارية ، فانهزم الشرط ، وكثرهم الناس ، فقاتلوهم ، فقتلوهم ، وبقي طواف في ستة نفر ، فأقحم فرسه الماء ، فرماه البخارية بالنشاب ، فقتلوه ، وصلبوه ، فقال شاعر منهم : ( ابن الأثير 517/3).

يا رب هب لي التقي والصدق في ثبت ****وأكف المهم فأنت الرازق الكافي

حتي أبيع التي تفني باخرة**** تبقي علي دين مرداس وطواف

معركة الطف

وفي السنة 61 كانت مذبحة الطف ، التي قتل فيها الإمام الشهيد أبو عبد الله الحسين بن علي ، سبط الرسول ، وأهل بيته ، وإخوانه ، وأولاد أخيه وأبناء عمه، وأنصاره ، علي يد القائد عمر بن سعد، الذي بعثه عبيد الله بن زياد عامل العراق ليزيد بن معاوية ، وكان عمر علي رأس جيش

ص: 61

قوامه أربعة آلاف ، وكان الحسين في اثنين وستين رجلا ، فكانت معركة لا تعادل فيها ، وتغلبت الكثرة علي الشجاعة ، وقاتل الحسين ، وأصحابه ، قتالا لم يشاهد مثله ، وظهر من الحسين ومن خاصته وأصحابه ، من الصبر ، والإحتساب ، والشجاعة والورع ، والخبرة بآداب الحرب ، والبلاغة ، والمواساة بالنفس ، وكراهية الحياة ، ما ظل خالدأ علي كتر السنين ، حتي قتلوا جميعا ، وحمل رأس الحسين ، ونساؤه ، وأطفاله ، أسري إلي الشام ، حتي أوقفوا أمام يزيد بن معاوية ( الفخري 115).

وقتل مع الحسين ، من إخوته ، العباس ، وجعفر ، وعبد الله ، وعثمان ، ومحمد ، وأبو بكر ، ومن أولاده علي ، وعبد الله ، ومن أبناء أخيه الحسن ، أبو بكر ، وعبد الله ، والقاسم ، وقتل عون و محمد ولدا عبد الله بن جعفر الطيار بن أبي طالب ، ومن أولاد عقيل ، جعفر ، وعبد الرحمن ، وعبد الله ، ومسلم ( قتل بالكوفة ) وعبد الله بن مسلم ، ومحمد بن أبي سعيد بن عقيل ( الطبري 468/5 و469) .

وفي الليلة التي كانت في صباحها معركة الطف ، جمع الحسين عليه السلام أصحابه وقال لهم : إني قد رأيت لكم ، فانطلقوا جميعا في حل ، فإن القوم إنما يطلبونني ، ولو قد أصابوني لهوا عن طلب غيري ، فقام إليه مسلم بن عوسجة الأسدي ، فقال : أنحن نتخلي عنك ، ولم نعذر إلي الله في أداء حقك ، أما والله حتي أكسر في صدورهم رمحي ، وأضرب بسيفي ما ثبت قائمه في يدي ، ولو لم يكن معي سلاح أقاتلهم به ، لقذفتهم بالحجارة دونك ، حتي أموت معك ( الطبري 419/5 ) .

ولما أحاط جند عبيد الله بن زياد ، بالحسين وأصحابه ، عرض عليهم الحسين أمرأ من ثلاثة أمور : إما أن يسيروه إلي يزيد ، فيضع يده في يده ، أو يمكنوه من الرجوع من حيث أتي ، أو يمكنوه فيسير في ثغر من الثغور ، يقيم فيه بقية حياته ، فأبوا إلا أن ينزل علي حكم ابن زياد ، فقال الحر بن يزيد

ص: 62

الحنظلي ، وهو من جيش ابن زياد : والله ، لو سألكم هذا ، أحد الترك والديلم ، ما حل لكم أن تردوه ، ولما رأي إصرارهم ، أنفصل عنهم ، والتحق بالحسين ، وحاربهم ، وقتل منهم رجلين ، ثم قتل ( الطبري 392/5)

وكان زهير بن القين ، من رجال ابن زياد ، وكان يساير الحسين في قدومه ، لا يتركه يفوته ، فدعاه الحسين مرة إليه ، فذهب ثم عاد مستبشرا قد أسفر وجهه ، فأمر بفسطاطه وثقله ومتاعه فقدم ، وحمل إلي الحسين ، ثم قال لامرأته : أنت طالق الحقي بأهلك ، فإني لا أحب أن يصيبك من سببي إلا خير ، ثم قال لأصحابه : من أحب منكم أن يتبعني وإلا فإنه آخر العهد، ثم الحق بالحسين ، وقتل معه ( الطبري 396/5 ).

وفي معركة الطف ، برز اثنان من جند ابن زياد ، هما يسار مولي زياد ، وسالم مولي عبيد الله بن زياد ، فقالا : من يبارز ؟ فبرز إليهما عبد الله بن عمر الكلبي ، من أصحاب الحسين ، فقالا له : من أنت ؟ فانتسب لهما ، فقال له يسار : نحن لا نعرفك ، ليخرج إلينا زهير بن القين ، أو حبيب بن مظاهر ، فقال عبد الله ليسار : يا ابن الزانية ، ما يخرج إليك أحد من الناس إلا وهو خير منك ، ثم شد عليه بسيفه فقتله ، فشد عليه سالم وضربه ، فأطاح أصابع يده اليسري ، ومال عليه الكلبي فقتله ، ثم أقبل وقد قتلهما جميعا وهو يرتجز : ( الطبري 429/5 و 430) .

إني آمرؤ ذو مرة وعصب**** ولست بالخوار عند النكب

وفي معركة الطف ، برز نافع بن هلال ، من أصحاب الحسين ، ونادي : أنا الجملي ، أنا علي دين علي ، فبرز إليه من أصحاب ابن زياد مزاحم بن حريث ، فحمل عليه نافع فقتله ، فصاح عمرو بن الحجاج بأصحابه : يا حمقي أتدرون من تقاتلون ؟ فرسان المصر ، قومة مستميتين، لا

ص: 63

يبرزن لهم منكم أحد ، فإنهم قليل ، وقلما يبقون ، والله ، لو لم ترموهم إلا بالحجارة لقتلتموهم ، فقال عمر بن سعد ، قائد الجيش ، صدقت ، الرأي ما رأيت ، وأمر أصحابه ألا يبارزوا أحدا من أصحاب الحسين ( الطبري 735/5 ) وقاتل نافع أشد قتال ، ثم ضرب حتي كسر عضداه ، وأخذ أسيرة ، فأخذه شمر بن الجوشن ، ومعه أصحاب له يسوقون نافع ، حتي جاءوا به إلي عمر بن سعد ، فقال له عمر : ويحك يا نافع ، ما حملك علي ما صنعت بنفسك ، فقال له ، والدماء تسيل علي لحيته : والله ، لقد قتلت منكم اثني عشر ، سوي من جرحت ، وما ألوم نفسي علي الجهد ، ولو بقيت لي عضد وساعد ، ما أسرتموني ، فانتضي شمر بن ذي الجوشن سيفه فقتله ( الطبري 441/0 و 442 ).

وفي معركة الطف ، تظافر اثنان من جند ابن زياد ، علي حبيب بن مظاهر ، من أنصار الحسين ، أحدهما تميمي اسمه بديل بن حريم ، والآخر اسمه الحصين بن تميم ، فطعنه التميمي بالرمح ، فوقع ، وذهب ليقوم ، فضربه الحصين بالسيف ، فوقع ، ونزل إليه التميمي فاحترز رأسه ، واختلفا ، كل منهم يدعي قتله ، ثم أصلحوا بينهما ، علي أن يأخذ الحصين الرأس ، فيعلقه في عنق فرسه ، ويجول به في العسكر ، ثم يعيده للتميمي ليقدمه للأمير فينال الجائزة ، فأخذه الحصين ، وجال به في العسكر ، ثم أعاده للتميمي الذي توجه به إلي الكوفة ، فبصر القاسم بن حبيب بن مظاهر ، رأس والده مع التميمي ، فتثبت منه ، ثم أخذ يختلف في طلبه ، والتماس غرته ، حتي وجده في عسكر مصعب بن الزبير ، في فسطاطه وحيدا ، فضربه بسيفه حتي قتله ( الطبري 5/ 439 و440 ).

ولما قتل حبيب بن مظاهر ، استقتل الحر بن يزيد ، وزهير بن القين ، فكانا إذا شد أحدهما واستلحم ، شد الآخر حتي يخلصه ، ثم إن رجالة شدت علي الحر بن يزيد ، فقتل ، وقاتل زهير أشد قتال ، فشد عليه كثير بن

ص: 64

عبد الله الشعبي ، ومهاجر بن أوس ، فقتلاه ( الطبري 441/5 ) .

ولما ترك الحر بن يزيد ، جيش ابن زياد ولحق بالحسين ، قال يزيد بن سفيان التميمي : أما والله لو أني رأيت الحر بن يزيد حين خرج منا ، لأتبعته السنان ، وإذا بالحر بن يزيد قد حمل علي القوم ، وقرب منه ، فقيل له : هذا هو الحر بن يزيد ، فخرج إليه ، وقال له : هل لك يا حر في المبارزة ؟ قال : نعم ، قد شئت ، وتبارزا ، فقتله الحر ( الطبري 434/5 ).

وفي معركة الطف ، كان من أصحاب الحسين رجل من كلب ، قتل رجلين من أصحاب ابن زياد ، ثم قتل بعدها اثنين آخرين ، فحمل عليه هانيء بن ثبيت الحضرمي ، وبكير بن حي التميمي فقتلاه ، فخرجت امرأته تمشي إلي زوجها ، حتي جلست عند رأسه ، تمسح عنه التراب وتقول : هنيئا لك الجنة ، فقال شمر بن ذي الجوشن ، لغلام يسمي رستم : إضرب رأسها بالعمود ، فضربها به ، فماتت مكانها ( الطبري 438/5 ).

وفي معركة الطفت ، تبارز يزيد بن معقل ، من أصحاب ابن زياد ، وبرير بن حضير من أصحاب الحسين ، فضرب برير يزيد بن معقل ، ضربة بالسيف قدت المغفر ، وبلغت الدماغ ، فقتله ، وتقدم كعب بن جابر الأزدي ، فطعن برير بالرمح ، فغيب السنان في ظهره ، فقتله ( الطبري 432/5)

وقاتل أصحاب الحسين ، في معركة الطف ، بين يديه ، قتالا ينبيء عن العقيدة الصحيحة ، والمروءة ، والتفاني في التضحية ، وبذل الذات ، تقدم إليه من أصحابه عبد الله وعبد الرحمن ابنا عزرة الغفاريان ، فسلما عليه ، ثم انغمسا في المعركة ، فقاتلا حتي قتلا.

وأقبل عليه الفتيان الجابريان سيف بن الحارث ، ومالك بن عبد ، وهما

ص: 65

ابنا عم ، وأخوان لأم ، فسلما عليه ، ثم انغمسا في المعركة ، فقاتلا حتي قتلا .

وأقبل عليه حنظلة بن أسعد الشبامي ، فسلم عليه ، ثم انغمس في المعركة ، فقاتل حتي قتل .

وقاتل بين يدي الحسين ، عابس بن أبي شبيب الشاكري ، ومعه شوذب مولي شاكر ، فسلما علي الحسين ، ثم تقدم شوذب ، فقاتل حتي قتل ، وانغمس عابس في المعركة ، وبه ضربة علي جبينه ، فعرفه أصحاب ابن زياد ، فقالوا : هذا أشجع الناس ، هذا ابن أبي شبيب ، لا يخرجن إليه أحد ، فأخذ عابس ينادي : ألا رجل لرجل ، فقال عمر بن سعد : ارضخوه بالحجارة ، فرموه بالحجارة من كل جانب ، فلما رأي ذلك ألقي درعه ومغفره ، ثم شد علي الناس ، فتعطفوا عليه من كل جانب ، فقتلوه ( الطبري 444 - 442/5)

وكان أبو الشعثاء يزيد بن زياد الكندي ، خرج مع جند ابن زياد ، لمحاربة الحسين ، فلما رد عمر بن سعد شروط الحسين ، مال أبو الشعثاء فأنحاز إلي الحسين ، وأخذ يرمي بين يديه بالسهام ، وكان راميا ، رمي بمائة سهم ، فأسقط منها خمسة أسهم ، وكان من أول من قتل في المعركة ( الطبري 445/5 و446) .

ولما حمي وطيس المعركة ، اجتمع من أصحاب الحسين عمر بن خالد الصيداوي ، وجابر بن الحارث السلماني ، وسعد مولي عمر بن خالد ، ومجمع بن عبد الله العائذي ، فشدوا بأسيافهم علي الجند الأموي أصحاب ابن زياد ، فلما أوغلوا فيهم ، عطفوا عليهم ، فأقبلوا يحوزونهم ، وقطعوهم عن أصحابهم ، فحمل العباس بن علي فأستنقذهم ، ثم عادوا فخاضوا المعركة ، حتي قتلوا في مكان واحد ( الطبري 446/5 ) .

ص: 66

وممن قتل مع الحسين ، في معركة الطف ، يزيد بن نبيط من عبد القيس ، وقتل معه ولداه عبد الله وعبيد الله ( الطبري 354/5 ).

وأول من قتل في معركة الطف ، من آل أبي طالب ، علي الأكبر بن الحسين عليه السلام ، فإنه شد علي أصحاب ابن زياد ، وهو يرتجز :

أنا علي بن الحسين بن علي ****نحن ورب البيت أولي بالنبي

تا الله لا يحكم فينا ابن الدعي

وفعل ذلك مرارة ، فبصر به مرة بن منقذ بن النعمان العبدي ، فأعترضه ، فطعنه ، فصرع ، واحتوشه الناس ( أحاطوا به ) ، فقطعوه بأسيافهم ، فأقبل الحسين إلي ابنه ، وأقبل فتيانه إليه ، فقال : احملوا أخاكم ، فحملوه من مصرعه حتي وضعوه بين يدي الفسطاط الذين كانوا يقاتلون أمامه .

ثم إن عمرو بن صبيح الصداني ، رمي عبد الله بن مسلم بن عقيل بسهم ، فوضع كفه علي جبهته ، فأخذ لا يستطيع أن يحرك كفه ، ثم انتحي له بسهم آخر ، ففلق قلبه .

وحمل عبدالله بن قطبة الطائي ، علي عون بن عبدالله بن جعفر بن أبي طالب ، فقتله .

وحمل عامر بن نهشل التيمي ، علي محمد بن عبدالله بن جعفر ، فقتله .

وش عثمان بن خالد بن أسير الجهني ، وبشر بن سوط الهمداني علي عبد الرحمن بن عقيل بن أبي طالب ، فقتلاه .

ورمي عبدالله بن عزرة الخثعمي، جعفر بن عقيل ، فقتله .

وبرز من أصحاب الحسين ، القاسم بن الحسن ، غلام ، عليه

ص: 67

قميص ، وفي يده سيف ، فشد عليه عمرو بن سعد بن نفيل الأزدي ، فضرب رأسه ، بالسيف ، فوقع الغلام لوجهه ، وصاح : يا عماه ، فهجم الحسين علي عمرو، وضربه بالسيف ، فقطع يده من المرفق ، وحملت خيل ابن زياد ، لاستنقاذ عمرو ، فسقط عمرو تحت الخيل ، فوطأته ، فمات ، وبقي الحسين قائمة علي رأس الغلام وهو يفحص برجليه، ثم احتمله حتي وضع جثته إلي جانب جثة ولده علي ( الطبري 446/5 و 447).

وفي معركة الطف ، رمي عبدالله بن عقبة الغنوي ، أبا بكر بن الحسين ، بسهم فقتله .

وتقدم إلي المعركة عبدالله وجعفر وعثمان ، أبناء علي بن أبي طالب ، أشقاء أبي الفضل العباس بن علي ، قال لهم العباس : يا بني أمي ، تقدموا ، فقاتلوا حتي قتلوا ( الطبري 448/5 و449)، ثم قتل العباس بن علي ، قتله رجل من بني أبان بن دارم ( مقاتل الطالبيين 118) أما عبدالله وجعفر فقتلهما هاني بن ثبيت الحضرمي ، وأما عثمان فإن خولي بن يزيد رماه بسهم فأوهطه ، وشد عليه أحد بني أبان بن دارم ، فقتله ( مقاتل الطالبيين 82 -84)

ورمي رجل من بني أبان بن دارم، محمد بن علي بن أبي طالب ، فقتله وجاء برأسه ( الطبري 449/5 ).

وأبصر هاني ء بن ثبيت الحضرمي ، غلاما من آل الحسين ، وهو ممسك بعمود إحدي الخيم ، عليه أزار وقميص ، وهو مذعور ، يتلفت يمينا وشمالا ، فأقبل عليه ، حتي إذادنا منه ، مال عن فرسه ، واقتصد الغلام ، فقطعه بالسيف .

وخرج من أخبية الحسين غلام من أهله ، فمنعته زينب، أخت الحسين من الدخول بين المتحاربين ، فأفلت الغلام من يدها ، وجاء مشتدة إلي

ص: 68

الحسين ، فقام إلي جانبه ، فأهوي بحر بن كعب إلي الحسين بالسيف ، فصاح به الغلام : يا ابن الخبيثة ، أتقتل عمي ، فضربه بحر بالسيف ، فاتقاه الغلام بيده ، فقطعها ، فإذا يده معلقة ، فصاح الغلام : يا أمتاه ، فأخذه الحسين فضمه إلي صدره ، وقال : يا ابن أخي ، إصبر علي ما نزل بك ( الطبري 451/5 ).

ولما قتل كل من كان مع الحسين ، إلأ ثلاثة أو أربعة ، دعا بسراويل محققة ، ففزره ، ونكثه ، لكيلا يسلبه ، ولكنه لما قتل ، جاء بحر بن كعب ، فسلبه إياه ، وتركه مجردة ( الطبري 5/ 451).

ودنا الحسين ، لما اشتد به العطش ، ليشرب من الماء ، فرماه حصين بن تميم بسهم ، فوقع في فمه ، فجعل يتلقي الدم بكفه ، ويرمي به إلي السماء ( الطبري 449/5 ).

وبعد أن قتل أصحاب الحسين ، وشباب أهل بيته ، مكث الحسين طويلا كلما انتهي إليه رجل من أصحاب ابن زياد ، انصرف عنه ، وكره أن يتولي قتله ، فقصده مالك بن النسير ، من كنده ، وضربه علي رأسه بالسيف ، وعليه برنس ، فقطع البرنس ، وأصاب السيف رأسه فأدماه ، وامتلا البرنس دما ، فألقي البرنس ، ودعا بقلنسوة فلبسها، واعتم ، وقد أعيا ، وجيء له بطفل من أطفاله ، فوضعه في حجره ، فرماه أحد أصحاب ابن زياد ، بسهم ، فذبحه ، فتلقي الحسين دمه في كفه فلما ملا كفه ، صبه علي الأرض ( الطبري 448/5 ).

ولما قتل جميع من كان مع الحسين من المقاتلة ، نادي شمر بن ذي الجوشن : ويحكم ، ماذا تنتظرون بالرجل، اقتلوه ، ثكلتكم أمهاتكم ، فحملوا علي الحسين من كل جانب ، وضربه زرعة بن شريك التميمي علي يده اليسري ، وضربه علي عاتقه ، فأخذ ينوء ويكبو، وحمل عليه وهو في

ص: 69

تلك الحال ، سنان بن أنس النخعي ، فطعنه بالرمح ، فوقع علي الأرض ، فقال سنان لخولي بن يزيد الأصبحي : احت رأسه ، فضعف وأرعد، فقال له سنان : فت الله عضدك ، وأبان يدك ، ونزل سنان إلي الحسين فذبحه ، وأحتر رأسه ، ثم دفع الرأس إلي خوتي ، وقد ضرب بالسيوف .

ووجد في جسد الحسين لما قتل ، ثلاث وثلاثون طعنة، وأربع وثلاثون ضربة .

وسلب جسد الحسين ما عليه من الثياب ، فأخذ سراويله بحر بن كعب ، وأخذ قيس بن الأشعث ، قطيفته ، فسمي من بعد ذلك : قيس قطيفة ، وأخذ نعليه رجل من بني أود ، يقال له الأسود ، وأخذ سيفه رجل من بني نهشل بن دارم ، فوقع بعد ذلك إلي أهل حبيب بن بديل ( الطبري 453/5)

وكان آخر من قتل من أصحاب الحسين ، سويد بن عمرو بن أبي المطاع ، وكان قد صرع فأثخن ، ووقع بين القتلي مثخنا ، فسمعهم يقولون : قتل الحسين ، فوجد إفاقة ، فجرد سكينا كان معه ، وقاتلهم بسكينته ، حتي قتل، قتله عروة بن بكار التغلبي ، وزيد بن رقاد الجنبي ، وكان آخر قتيل ( الطبري 453/5).

وقتل من أصحاب الحسين عليه السلام أثنان وسبعون رجلا، وقتل من أصحاب عمر بن سعد، ثمانية وثمانون رجلا، سوي الجرحي ( الطبري 455/3)

ومال أصحاب ابن زياد ، علي أخبية الحسين ، وعلي ثقله ومتاعه ، وإن كانت المرأة لتنازع ثوبها عن ظهرها، حتي تغلب عليه ، فيذهب به منها ( الطبري 453/3 ).

وبعد إنتهاء المعركة ، نادي عمر بن سعد في أصحابه ، من ينتدب

ص: 70

للحسين ، ويوطئه فرسه ، فانتدب عشرة منهم إسحاق بن حيوة الحضرمي ، وهو الذي سلب قميص الحسين ، وأحبش بن مرثد بن علقمة الحضرمي ، فجاء هؤلاء العشرة ، فداسوا الحسين بخيولهم ، حتي رضوا صدره وظهره .

وفي ثاني يوم المعركة ، عاد عمر بن سعد مع جيشه إلي الكوفة ، وحمل معه بنات الحسين ، وأخواته ، ومن كان معه من الصبيان ، وعلي بن الحسين ( السجاد زين العابدين ) وهو مريض ، فلما مررن بمصارع الحسين وأهل بيته وأتباعه، صحن، ولطمن ، فقدم بهن علي ابن زياد بالكوفة ، فنصب ابن زياد مجلسا ، ووضع رأس الحسين بين يديه وأحضر المجلس صبيان الحسين وأخواته ونساءه ، يتشقي منهن ، وأخذ ينكت ثنايا الحسين بقضيب في يده ، فلما رآه زيد بن أرقم قال له : أعل بهذا القضيب عن هاتين الثنيتين، فوالله الذي لا إله غيره ، لقد رأيت شفتي رسول الله علي هاتين الشفتين يقبلهما، ثم انفضخ الشيخ يبكي ، فقال له ابن زياد : أبكي الله عينيك ، فوالله لولا أنك شيخ قد خرفت وذهب عقلك ، لضربت عنقك ، فنهض وخرج ( الطبري 454/5 -457).

وأمر عبيد الله بن زياد ، بنساء الحسين وصبيانه ، وأمر بعلي بن الحسين ، فغل بغل إلي عنقه ، ثم سرح بهم مع شمر بن ذي الجوشن ، ومحفز بن ثعلبة ، فلما انتهوا إلي باب يزيد بن معاوية ، بدمشق ، صاح محفز : هذا محفز بن ثعلبة ، أتي باللئام الفجرة ( الطبري 460/5 ) .

وجلس يزيد بن معاوية مجلسا عاما ، وأدخل عليه علي بن الحسين ، وصبيان الحسين ونساؤه ، والناس ينظرون ، ثم دعا بالنساء والصبيان ، فأجلسوا بين يديه ، فرأي هيأة قبيحة ( الطبري 461/5 ).

ولما بلغ أمير المدينة ، عمرو بن سعيد الأشدق ، نعي الحسين ،

ص: 71

وسمع واعية نساء بني هاشم في دورهن علي الحسين ، ضحك ، وقال ( الطبري 466/5 ).

عجت نساء بني زياد عجة**** كعجيج نسوتناغداة الأرنب

أقول : هذه الشماتة من عمرو بن سعيد ، دلت علي وضاعة ولؤم، إذ ليست الشماتة من شيم الرجال.

وفي السنة 61 قتل كهمس بن طلق الصريمي ، من شجعان الخوارج ، كان مع أبي بلال مرداس بن حدير ، بأسك ، في المعركة ، وكان كهمس من أبر الناس بأمه ، قال لها قبل أن يخرج : يا أمه ، لولا مكانك لخرجت ، فقالت له : يا بني قد وهبتك لله ، فخرج (الأعلام 96/6 ).

وفي السنة 62 قتل الفاتح عقبة بن نافع الفهري ، في إفريقية ، بعد انتصاراته العظيمة علي الروم والبربر ، حتي وصل الي البحر المحيط ، فقال : يا رب ، لولا هذا البحر لمضيت مجاهد في سبيلك ، ولما اطمأن عقبة ، أمر أصحابه أن يتقدموه فوجأ فوجأ ، وسار في نفر يسير ، فطمع أعداؤه فيه ، وهاجموه ، فكسر عقبة وأصحابه أجفان سيوفهم ، واستقتلوا ، فقتلوا بأجمعهم ( ابن الأثير 105/4 -108).

وقعة الحرة

وفي السنة 63 كانت وقعة الحرة ، وهي الوقعة التي استباح فيها جند يزيد بن معاوية ، مدينة الرسول صلوات الله عليه ، قتلا ، ونهبأ ، وسلبأ ، وانتهاك حرمات ، وسبب الوقعة إن أهل المدينة ، وكانوا ما يزالون قريبي العهد بالخلفاء الراشدين ، أنفوا من استخلاف يزيد بن معاوية ، إذ لم يطيقوا خلافة شاب « لا دين له ، يشرب الخمر ، ويضرب بالطنابير ، وتعزف عنده القيان ، ويلعب بالكلاب » ( ابن الأثير 103/4 ) وكما سماه أبو حمزة « يزيد

ص: 72

الفهود ، ويزيد القرود ، ويزيد الصيود ، فأعلنوا خلع يزيد ، وأخرجوا بني أمية من المدينة ، فأرسل يزيد ، مسلم بن عقبة المري ، الذي سماه الناس : مسرفأ . علي رأس جيش اشتمل علي اثني عشر ألفا ، وأوصاه يزيد بأن يبيح المدينة ثلاثة أيام ، وقدم مسلم ، فخاض مع أهل المدينة معركة غير متكافئة ، وغلبت الكثرة الشجاعة ، وكان أول من قتل في المعركة غلام من غلمان مسلم ، كان يحمل راية أهل الشام ، فحسبه الفضل بن العباس الهاشمي ، قائدهم مسلمين ، فهاجمه وهو يقول : لأقتل أميرهم أو لأقتلن دونه ، فانفرجت خيل أهل الشام عن نحو خمسمائة رجل جثاة علي الركب ، مشرعي الأسنة ، فخرقهم حتي وصل إلي حامل الراية ، فضربه علي رأسه بالسيف ، فقد المغفر ، وفلق هامته ، وصاح ، قتلت طاغية القوم ورب الكعبة ، فصاح به مسلم : أخطأت استك الحفرة وتناول مسلم الراية ، وذمر أصحابه ، ومشي بالراية ، وحمي القتال ، فقتل الفضل بن العباس ، وقتل معه زيد بن عبد الرحمن بن عوف ، وإبراهيم بن نعيم العدوي ، في رجال من اهل المدينة .

ثم أمر مسلم ، فوضع له سرير بين الصفين ، وجلس عليه ، وقال لأهل الشام : قاتلوا عن أميركم أو دعوا .

وكان علي رأس أهل المدينة عبدالله بن حنظلة ( غسيل الملائكة ) فقدم بنيه واحدا واحدا ، وكانوا ثمانية ، حتي قتلوا بين يديه ، وهو يضرب بسيفه ويقول :

بعدا لمن رام الفساد وطغي**** وجانب الحق وآيات الهدي

و لا يبعد الرحمن إلا من عصي

فقتل عبدالله بن حنظلة ، وأولاده الثمانية ، وقتل معه أخوه لأمه محمد بن ثابت بن قيس بن شماس ، ومحمد بن عمرو بن حزم الأنصاري ، وقتل كذلك عبدالله بن عاصم الأنصاري ، وعبيد الله بن عبد الله بن موهب ،

ص: 73

ووهب بن عبد الله بن زمعة بن الأسود ، وعبدالله بن عبد الرحمن بن حاطب ، وزيد بن عبد الرحمن بن عوف ، وعبدالله بن نوفل بن الحارث بن المطلب ، وعبدالله بن زيد بن عاصم الأنصاري ، قاتل مسيلمة الكذاب ( الطبري 483/5 - 490 وابن الأثير 4/ 121 والاعلام 219/4 ).

أما ما صنعه مسلم بأهل المدينة من قتل ونتف لحي ونخس بالقضيب وشتم ، فيعود ذلك لأبواب أخري من هذا الكتاب .

وفي السنة 64 لما انتهي جيش يزيد بن معاوية ، من استباحة المدينة ، وقتل رجالها، ونهب أموالهم ، قصد مكة ، وفيها عبد الله بن الزبير ، وقد الحق به أخوه المنذر بن الزبير ، بعد أن شهد وقعة الحرة ، ولما تقابل الجمعان ، برز أحد الشاميين ، فدعا المنذر للمبارزة ، فبرز اليه المنذر ، فضرب كل واحد منها صاحبه ، فخرا ميتين .

ثم التحم عبد الله وأصحابه بجند يزيد ، فقتل من أصحاب عبدالله ، المسور بن مخرمة أصابه حجر من حجارة المنجنيق فقتله ، وقتل المصعب بن عبد الرحمن بن عوف ، أصابه سهم فقتله ، وقتل من أصحابه آخرون .

وكان جند يزيد يقذفون الكعبة بالمجانيق ، وأحرقوها بالنار ، وهم يرتجزون :

خطارة مثل الفنية المزبد**** نرمي بها أعواد هذا المسجد

وظل جيش يزيد محاصرة الكعبة ، حتي جاءهم نعي يزيد بن معاوية ( الطبري 496/5 - 499).

موقعة مرج راهط

وفي السنة 64 وقعت معركة مرج راهط ، بين الزبيرية الذين يدعون إلي خلافة عبدالله بن الزبير ، والمروانية الذين يدعون إلي استخلاف مروان بن

ص: 74

الحكم ، وكان رأس الزبيرية، الضحاك بن قيس ، ورأس المروانية مروان بن الحكم ، واستمرت المعركة عشرين ليلة ، وكان الظفر فيها لبني أمية ، وقتل الضحاك ، وقتلت قيس قتلا ذريعا ، وقتل مع الضحاك من أشراف الناس من أهل الشام ثمانون رجلا كلهم كان يأخذ القطيفة ، والذي كان يأخذ القطيفة يأخذ معها ألفين من العطاء ، وهو شرف العطاء ، وفر زفر بن الحارث وهو من أصحاب الضحاك من المعركة ، فقال يعتذر من فراره : ( الطبري 535/5 -542)

العمري لقد أبقت وقيع راهط**** لمروان صدع بين متنائي

ولم تر مني نيوة قبل هذه**** فراري وتركي صاحبي ورائية

هب يوم واحد أن أسأته **** بصالح أيامي وحسن بلائيا

فلا صلح حتي تنحط الخيل بالقنا**** وتثأر من نسوان كلب نسائيا

وقد ينبت المرعي علي دمن الثري**** وتبقي حزازات النفوس كما هيا

وكان الذي قتل الضحاك ، دحية بن عبد الله ، وقتل مع الضحاك هانيء بن قبيصة النميري ، سيد قومه ، قتله وازع بن ذؤالة الكلبي ، وقتل مالك بن يزيد بن مالك من بني عليم ، وزمل بن عمرو بن ربيعة صاحب لواء قضاعة ، وثور بن معن بن يزيد السلمي ( الطبري 538/5 وابن الأثير 150/4 ) .

معركة التوابين

وفي السنة 64 تحرك الشيعة بالعراق ، للمطالبة بدم الإمام الشهيد الحسين ، وذلك إن قوما من الشيعة ، اجتمعوا بالكوفة ، اثر مقتل الحسين ، فتلاوموا ، وقالوا : دعونا الحسين ، ووعدناه النصرة ، ثم تركناه ، وإنه لا يغسل عارنا إلا قتل من قتله ، وفزعوا إلي رؤسائهم ، وهم خمسة : سليمان بن صرد الخزاعي ، من الصحابة ، والمسيب بن نجبة الفزاري ، وعبد الله بن سعد بن نفيل الأزدي ، وعبد الله بن وأل التميمي ، ورفاعة بن شداد

ص: 75

البجلي ، فاجتمع هؤلاء في دار سليمان بن صرد ، وتذاكروا ، وكاتبوا أصحابهم ، ثم نادوا في الكوفة : يا لثارات الحسين ، فثار الناس معهم ، وسار سليمان بن صرد علي رأس جيش التوابين ، يريد عبيد الله بن زياد ، فمروا في طريقهم بقبر الحسين ، فصاحوا صيحة واحدة ، وبكوا عنده ، وأقاموا يوما وليلة ، ثم سار حتي وصلوا قرقيسيا ، فتزودوا ، ثم انتهوا إلي عين الوردة ، وواجههم الجيش الأموي ، فطالبهم التوابون بأن يسلموا إليهم عبيد الله بن زياد قاتل الحسين ، لأن ثأرهم عنده ، فأبوا ، فنزل التوابون ، وكسروا جفون سيوفهم ، والتحموا في معركة ضارية ، فقتل سليمان بن صرد ، فأخذ الراية المسيب بن نجبة ، فقاتل حتي قتل ، فأخذ الراية عبد الله بن سعد بن نفيل ، حتي طعن في ثغرة نحره فقتل ، ثم قتل أخوه خالد بن سعد ، وأخذ الراية عبد الله بن وأل ، فقاتل حتي قتل ، واستمر القتال حتي العشاء ، وخرج من التوابين عبد الله بن عزيز الكندي ، ومعه ابنه محمد غلام صغير ، فصاح : يا أهل الشام ، هل فيكم أحد من كندة ؟ فخرج إليه منهم رجال ، فقالوا : نعم ، نحن هؤلاء ، فقال لهم : دونكم أخوكم ، فابعثوا به إلي قومكم بالكوفة ، فصاحوا به : أنت آمن ، وأخذ ولده يبكي ، فقال لهم عبد الله : إني لا أرغب عن مصارع إخواني ، وقاتل الجند الأموي ، حتي قتل ، وأخذ الراية الوليد بن غصين الكناني ، فقاتل أشد قتال ، وقتل قبل المساء ، وتقدم كريب بن يزيد الحميري ، في مائة رجل من أصحابه من حمير وهمدان ، حتي إذا دنا من جند أهل الشام ، اقترب منهم ابن ذي الكلاع الحميري ، وسألهم ، فلما عرفهم صاح بهم : أنتم آمنون ، فقال له كريب : إنا قد كنا آمنين في الدنيا ، وإنما خرجنا نطلب أمان الآخرة ، فقاتلوا ، حتي قتلوا بأجمعهم . ومشي صخير بن حذيفة المزني ، في ثلاثين من مزينة ، فقاتلوا حتي قتلوا ، حتي إذا آدلهم الليل ، انسحب الباقون من التوابين ، بقيادة رفاعة بن شداد ، ومروا بقرقيسيا، فتزودوا ، وداووا جرحاهم ، وعاد كل من سلم إلي أهله ( الطبري 552 -605).

ص: 76

وفي السنة 65 بعث مروان بن الحكم جيشا إلي المدينة ، بقيادة حبيش بن دلجة ، لطرد عامل ابن الزبير، فأجتمع عليه جند المدينة ، وجند من البصرة جاءوا لمعونة ابن الزبير ، والتحموا في معركة قتل فيها حبيش بسهم غرب ، قالوا إنه رماه به يزيد بن سياه الأسواري ، وقتل معه المنذر بن قيس الجذامي ، وأبو عتاب مولي أبي سفيان ، وتحرز منهم نحو خمسمائة في المدينة ، فنزلوا علي حكم عباس بن سهل الأنصاري ، عامل المدينة لابن الزبير ، فأمر بهم ، فضربت أعناقهم ( الطبري 611/5 و612).

وفي السنة 65 قتل نافع بن الأزرق ، رأس الخوارج ، وكانت شوكته قد اشتدت ، وقصد البصرة ، وفل بعونها واحدة بعد الآخر، وقتل عثمان بن عبيد الله بن معمر ، وهزم جنده ، ولما بلغ دولاب من الأهواز ، التحم مع الجيش الذي جاء لمحاربته من البصرة ، فاقتتلوا أشد قتال ، فقتل مسلم بن عبيس أمير جند البصرة ، فأمروا عليهم الحجاج بن باب الحميري ، وقتل نافع بن الأزرق ، فأمر الأزارقة عليهم عبيد الله بن الماحوز ، فقتل الحجاج بن باب ، فأمر أهل البصرة عليهم ربيعة الأجذم التميمي . وقتل ربيعة ، فأخذ الحارثة بن بدر راية أهل البصرة ، وكانوا قد انكشفوا ، فانسحب بهم ، وهو يقول :

كرنبوا ودولبوا وحيث شئتم فآذهبوا

وأقبل الخوارج يريدون البصرة ، فنهد لهم المهلب بن أبي صفرة ، وحازهم إلي الأهواز ، فالتقوا في معركة ضارية ، فانكشف أهل البصرة ، وانحاز المهلب في ثلاثة آلاف ، فهجم علي الخوارج في معسكرهم ، وقتل عبيد الله بن الماحوز ، وأصحابه قتلا ذريعا ، وانفل عسكرهم وتشتتوا ، وقتل منهم في هذه الواقعة سبعة آلاف ( الطبري 613/5 -619).

وفي معركة سلي بالأهواز ، بين الخوارج وجند البصرة ، قاتل أبو علقمة

ص: 77

اليحمدي قتالا لم يقاتله أحد من الناس ، وأخذ ينادي في شباب الأزد وفتيان اليحمد، أعيرونا جماجمكم ساعة من نهار ، فكر معه الشباب والفتيان ، يحاربون ثم يرجعون إليه يضحكون ، ويقولون : يا أبا علقمة ، القدور تستعار ( الطبري 621/5 ) .

ولما ظهر المختار الثقفي بالكوفة في السنة 66، اصطدم أصحابه بأصحاب إبراهيم بن مطيع عامل ابن الزبير علي الكوفة ، فقتل نعيم بن هبيرة ، أحد قواد المختار ، وبصر خزيمة بن نصر العبسي ، أحد أصحاب المختار ، براشد بن إياس ، صاحب شرطة ابن مطيع ، فحمل عليه ، وطعنه ، فقتله ، ونادي : قتلت راشدأ ورب الكعبة ، فانهزم أصحاب راشد ( الطبري 25/6 - 27 ) .

وفي السنة 66 كان المختار الثقفي قد استقر أمره بالعراق وفارس ، واستقر أمر مروان بن الحكم بالشام ومصر ، فبعث مروان إلي العراق جندا عليهم عبيد الله بن زياد ، وأمره أن يستبيح الكوفة ثلاثة أيام إذا ظفر بأهلها ، فأقبل عبيد الله بجند الشام نحو الموصل ، فوجه إليه المختار ثلاثة آلاف مختارين ، علي رأسهم يزيد بن أنس ، وبلغ يزيد موضعأ اسمه بنات تلي، وهو مريض مدنف ، فبعث إليه عبيد الله ستة آلاف رجل من جند الشام علي رأسهم ربيعة بن المخارق ، ولما تصاف الفريقان ، خرج يزيد بن أنس ، وهو مريض ، علي حمار ، يمشي معه الرجال يمسكونه عن يمينه وعن شماله ، بفخذيه ، وعضديه ، وجنبيه ، فشجع أصحابه ، واستثار هممهم ، ثم وضع له سرير في وسطهم ، واستقر مطروحأ عليه ، وقال لأصحابه : إن شئتم فقاتلوا عن أميركم ، وإن شئتم ففروا عنه ، والتحم الفريقان في معركة ضارية ، فقتل ابن المخارق ، وتشتت جند الشام ، وجيء إلي يزيد بن أنس ، وهو في السوق ( النزع ) بثلثمائة أسير ، فأخذ يوميء بيده ، أن أضربوا أعناقهم ، فقتلوا عن آخرهم ( الطبري 38/6 - 42) .

ص: 78

وفي السنة 66 حارب قسم من أهالي الكوفة المختار ، فانكشفوا ، وانتصر المختار ، وممن قتل في هذه المعركة حسان بن فائد من قوادهم ، . وشرحبيل بن ذي بقلان ، وعبد الرحمن بن سعيد بن قيس الهمداني ، اختصم فيه ثلاثة نفر ، سعر الحنفي وأبو الزبير الشبامي ، ورجل آخر ، قال سعر : طعنته طعنة ، وقال أبو الزبير : لكني أنا ضربته عشر ضربات أو أكثر ، فقال المختار : كلكم محسن ( الطبري 49/6 و56 ).

معركة الخازر

وفي السنة 66 وجه المختار الثقفي ، قائده إبراهيم بن الأشتر ، علي رأس جند من العراق ، لقتال جند الأمويين ، المقبل من الشام إلي الموصل ، بقيادة عبيد الله بن زياد ، فالتقوا بخازر ، علي خمسة فراسخ من الموصل، وكان جند الشام أربعين ألفا ، أضعاف جند العراق ، والتحم الفريقان في معركة ضارية ، قتل فيها قائد الميسرة في جيش العراق ، علي بن مالك الجشمي ، فأخذ الراية قرة بن علي ، وقاتل حتي قتل ، وقتل معه رجال من أهل الحفاظ ، وانهزمت الميسرة ، فأخذ الراية عبد الله بن ورقاء ، وأرجع رجال الميسرة للقتال، وكشف ابن الأشتر رأسه ، وصاح : يا شرطة الله ، إلي ، أنا ابن الأشتر ، وقال لصاحب رايته : إنغمس برايتك فيهم ، وكرد إبراهيم الرجال بن يديه كأنهم الحملان ، فأنفل الجيش الشامي ، وفروا ، وحمل شريك بن جدير التغلبي ، من جند العراق ، علي الحصين بن نمير ، من قواد الجند الشامي ، وهو يحسبه عبيد الله بن زياد ، وأخذ شريك يصيح : اقتلوني وابن الزانية ، فقتل الحصين بن نمير ، وقتل في ذلك اليوم شرحبيل بن ذي الكلاع ، من قواد الشام ، ولما انهزم جند الشام ، تبعهم الجند العراقي ، فكان من غرق من جند الشام ، أكثر ممن قتل ، وقال إبراهيم لأصحابه : إني قتلت رجلا وجدت منه رائحة المسك ، شرقت يداه ،

ص: 79

وغربت رجلاه ، فالتمسوه ، فإذا هو عبيد الله بن زياد ، وقد قد بدنه إلي نصفين ( الطبري 86/6 -92).

أقول : وفي مقتل عبيد الله بن زياد ، يقول الشاعر : ( معجم البلدان 903/2)

إن الذي عاش ختارة بذمته****ومات عبدا قتيل الله بالزاب

أقول لما أتاني ثم مصرعه****لابن الخبيثة وابن الكودن الكابي

ما شق جيب ولا ناحتك نائحة **** ولا بكتك جياد عند أسلاب

إن المنايا إذا حاولن طاغية**** ولجن من دون أستار وأبواب

العبد للعبد لا أصل ولا ورق ****ألوت به ذات أظفار وأنياب

ولما قتل إبراهيم بن الأشتر ، عبيد الله بن زياد ، بعثت إليه هند بنت أسماء بن خارجة الفزاري ، امرأة عبيد الله بن زياد ، وكانت معه في العسكر ، فأخبرت إبراهيم بانتهاب ما كان معها من المال ، فقال : كم ذهب لك ؟ قالت : ما قيمته خمسون ألف درهم ، فأمر لها بمائة ألف درهم ، ووجه معها مائة فارس ، حتي أتوابها أباها بالبصرة ( الأخبار الطوال 296 ).

قارن ، هداك الله ، بين صنيع إبراهيم هذا ، وصنيع المصعب بن الزبير ، فإنه لما قتل المختار بن أبي عبيد الثقفي ، أحضر عمرة بنت النعمان بن بشير الأنصاري ، زوجة المختار ، وسألها عن رأيها في زوجها ، فأثنت عليه ، وطلب منها أن تبرأ منه ، فقالت : كيف تبرأ الحرة من زوجها ؟ فأمر بها فأخرجت إلي الجبانة ، فضربت عنقها، راجع تفصيل ذلك في هذا الكتاب ، في الباب التاسع عشر المرأة » في الفصل الثاني «قتل المرأة بالسيف » .

وعلي أثر انتهاء معركة الخازر ، دخل عبيد الله بن عمر الساعدي ،

ص: 80

علي إبراهيم بن الأشتر ، ومدحه بأبيات من الشعر الرائق النفيس ، فأعطاه عشرة آلاف درهم ، قال : ( الأخبار الطوال 296 ) .

الله أعطاك المهابة والتقي**** وأحل بيتك في العديد الأكثر

وأقر عينك يوم وقعة خازر**** والخيل تعثر بالقنا المنكسر

إني أتيتك إذ بنابي منزلي**** وذممت إخوان الغني من معشري

وعلمت أنك لا تخيب مدحتي**** ومن تكن بسبيل خير تشكر

فهلم تحوي من يمينك نفحة ****إن الزمان ألح يا ابن الأشتر

وقعة المذار

وفي السنة 67 خرج المصعب بن الزبير ، من البصرة ، قاصدأ المختار الثقفي وأصحابه ، بالكوفة ، فالتقي الجمعان بالمذار ، يقود جند الكوفة أحمد بن شميط ، ويقود جند البصرة ، المصعب بن الزبير ، والتحم الجيشان في معركة طاحنة ، فقتل أحمد بن شميط قائد جند الكوفة ، وقتل عبد الله بن كامل من كبار قواد المختار ، وآخرون معهم ، وكان عبد الله بن عمرو النهدي ، من أصحاب صفين ، في جيش المختار ، فقتل في هذه المعركة ، وانفل جيش الكوفة ، وكان الكوفيون الذين فروا من المختار ولجأوا إلي المصعب ، أشد علي الكوفيين من أهل البصرة ، إذ قتلوا كل من أسر وأستسلم ، وقتل جماعة من أصحاب المصعب منهم عبيد الله بن علي ، ومحمد بن الأشعث ، وأنحاز المختار إلي القصر ، ولما اشتد عليه الحصار ، خرج مستقت في تسعة عشر رجلا من أصحابه ، فقتل ، وقتلوا معه ، وأمر المصعب بكفت المختار فقطعت ثم سمرت بمسمار حديد إلي جنب المسجد، فما زالت هناك حتي جاء الحجاج بن يوسف الثقفي أميرأ علي العراق ، ونظر إليها ، فقال : ما هذه ؟ قالوا : كفت المختار ، فأمر بنزعها ، أما رأس المختار ، فقد بعث به إلي أخيه عبد الله بن الزبير بالحجاز ، وأما

ص: 81

المحصورون في القصر من أصحاب المختار وعددهم ستة آلاف أو سبعة آلاف ، فقد استنزلهم المصعب من القصر بالأمان ، ثم قتلهم بأجمعهم ( الطبري 93/6 - 110 والأخبار الطوال 308 واليعقوبي 264/2 ) .

وفي السنة 68 قصد الخوارج إصبهان ، وحصروها ، وكان مصعب بن الزبير قد ولي عليها إسماعيل بن طلحة ، فبعث عليها عتاب بن ورقاء ، فصبر عتاب ، وأخذ يخرج إليهم في كل يوم يقاتلهم علي باب المدينة ، ويرميهم من فوق السور بالنبل والنشاب والحجارة ، ودام الحصار أشهرا ، فأصاب الناس في إصبهان جهد من الحصار ، فجمع عتاب جنده وخطبهم ، وحرضهم ، ونصب لواء الجاريته ياسمين ، وقال : من أراد البقاء فليلحق بلواء ياسمين ، ومن أراد الجهاد فليخرج معي ، وصبح الخوارج ، وهم آمنون من آن يؤتوا في عسكرهم ، حتي انتهي إلي الزبير بن ( أبي ) الماحوز ، فثبت في جماعة من أصحابه ، فقاتل حتي قتل ، وأنحازت الأزارقة إلي قطري فبايعوه ، وقال أحد أصحاب عتاب في ذلك : ( الطبري 25/6 و126 والاعلام 153/9 و 154 ) .

. خرجت من المدينة مستميتة**** ولم أك في كتيبة ياسمينا

وفي السنة 69 ولي عبد الملك بن مروان ، زهير بن قيس البلوي علي إفريقية ، وبعثه علي رأس جيش لقتال كسيلة البربري ، قاتل عقبة بن نافع الفهري ، فلاقاه كسيلة في حشد عظيم ، فانتصر زهير ، وقتل كسيلة وجماعة من قواده ، وانفض جمعه ، فاغتنم روم القسطنطينية خلو برقة من الجيش ، فهاجموها بمراكب كثيرة من جزيرة صقلية فقتلوا ونهبوا ، فاستنجد المسلمون في برقة بزهير ، فخفت إليهم في خفت من أصحابه ، فقتل زهير وأصحابه ، ولم ينج منهم أحد ( ابن الأثير 108/4 - 110 ).

وفي السنة 69 حكم محكم من الخوارج بالخيف من مني ، فقتل ،

ص: 82

قالوا : كان معه جماعة ، فأمسك الله بأيديهم ، وبدر هو من بينهم فسل سيفه ، فمال عليه الناس فقتلوه ( الطبري 149/6 ).

أيام بين قيس وتغلب

وفي السنة 70 نشبت معارك بين قيس وتغلب ، وسبب ذلك إنه لما انقضي أمر مرج راهط ، بايع عمير بن الحباب السلمي ، مروان بن الحكم ، وفي نفسه ما فيها مما أصاب قيسأ في يوم مرج راهط ، فانضم عمير إلي زفر بن الحارث في قرقيسيا ، يدبران لكلب واليمانية ، وتغلب عمير علي نصيبين ، ثم استأمن إلي عبد الملك بن مروان ، فأمنه، ثم غدر به فحبسه عند مولاه الريان ، فسقاه عمير ومن معه من الحرس خمرة ، فأسكرهم ، وتسلق في سلم من الحبال ، وأفلت من السجن ، وعاد إلي الجزيرة ، فاجتمعت إليه قيس ، فأغار علي كلب ، ثم اشتبك مع تغلب ، فاقتتلوا في يوم ماكسين ، وكان لقيس علي تغلب ، وقتل من تغلب خمسمائة ، وقتل قائدهم شعبث بن مليك ، وكانت رجله قد قطعت في المعركة ، فقاتل حتي قتل وهو يقول :

قد علمت قيس ونحن نعلم**** إن الفتي يقتل وهو أجذم

وثاني أيامهم ، يوم الثرثار الأول ، وكان لتغلب علي قيس ، فإن تغلب استعدت واستجاشت ، فانهزمت قيس ، وقتلت تغلب منهم مقتلة عظيمة ، وبقروا بطون ثلاثين امرأة ، وثالث الأيام ، يوم الثلاثاء الثاني ، وكان لقيس علي تغلب ، وكان ممن قتل فيه من تغلب ابنا عبد يشوع وغيرهما من أشراف تغلب ، ورابع الأيام يوم الفدين لقيس علي تغلب ، وخامسها يوم السكر ، القيس علي تغلب ، وسادسها يوم المعارك ، تناصفوا فيه ، وسابعها يوم الشرعبية ، وكان لتغلب علي قيس ، قتل فيه عمار بن المهزم السلمي ، وثامنها يوم البليخ ، لقيس علي تغلب ، وبقر فيه القيسيون بطون نساء من

ص: 83

-دا

تغلب ، كما حصل من تغلب في يوم الثرثار الأول ، وتاسعها يوم الحشاك ، وكانت فيه المعارك علي أشدها ، وكان التغلب علي قيس ، وفيه قتل عمير بن الحباب السلمي ، وقتل معه من قيس بشر كثير ، وعاشرها يوم الكحيل ، وسببه إن تميم بن عمير بن الحباب ، قصد زفر بن الحارث في قرقيسيا ، واستنجد به للثأر من تغلب ، فاستخلف زفر علي قرقيسيا أخاه أوسأ ، ووجه خي إلي بني فدوكس ، بطن من تغلب ، ووجه ابنه الهذيل في جيش إلي بني كعب بن زهير ، وبعث مسلم بن ربيعة العقيلي إلي بطن من تغلب ، ثم قصد بني تغلب ، فلحق بهم في الكحيل من أرض الموصل ، فقتل من تغلب مقتلة عظيمة ، وبقروا بطون النساء ، وغرق من بني تغلب في دجلة أكثر ممن قتل ، وأسر زفر من بني تغلب مائتين ، فقتلهم صبرأ ، ولما استقرت الأمور العبد الملك ، قدم عليه الأخطل التغلبي ، وعنده الجحاف بن حكيم السلمي ، فقال له عبد الملك : يا أخطل ، أتعرف هذا ؟ قال : نعم ، هو الذي أقول فيه :

ألا سائل الجحاف هل هو ثائر****بقتلي أصيبت من سليم وعامر

وأنشد القصيدة بتمامها ، وكان الجحاف يأكل تمرة ، فجعل النوي يتساقط من يده غيظا ، وأجاب الأخطل ، فقال :

بلي سوف نبكيهم بكل مهند**** ونبكي عميرة بالرماح الشواجر

ثم قال للأخطل : يا ابن النصرانية ، ما كنت أظن أنك تجتريء علي بمثل هذا ، فأرعد الأخطل من خوفه ، وقام إلي عبد الملك فأمسك ذيله ، وقال : هذا مقام العائذ بك ، فقال له عبد الملك : أنا لك جار ، وقام الجحاف وهو يجر ثوبه ما يعقل ، فزور لنفسه عهدا علي صدقات تغلب وبكر بالجزيرة ، وقال لأصحابه : إن أمير المؤمنين ولاني علي هذه الصدقات ، فمن أراد اللحاق بي فليفعل ، فخرج معه جماعة ، فلما أتي رصافة هشام ،

ص: 84

أعلم أصحابه بما كان من الأخطل إليه ، وإنه قد افتعل هذا العهد لينتقم من تغلب ، فمن أراد أن يصحبني علي ذلك ، وإلا فليعد ، فعادوا إلا ثلثمائة ، فقصد بني تغلب ، وهم علي الرحوب عند جبل البشر ، فقتل منهم مقتلة عظيمة ، وأسرف في القتل ، وبقر بطون النساء عن الأجنة ، واقترف أمرأ عظيما ، فدخل الأخطل علي عبد الملك ، فأنشده : ( معجم البلدان 633/1)

لقد أوقع الجحاف بالبشر وقعة**** إلي الله منها المشتكي والمعول

فإن لم تداركها قريش بعدلها ****يكن عن قريش مستراد ومزحل

فقال له عبد الملك : إلي أين يا ابن النصرانية ؟ قال : إلي النار ، فقال له عبد الملك : أولي لك ، لو قلت غير ذلك لقتلتك ، وهرب الجحاف فالتجأ إلي بلاد الروم ، ثم أمنه عبد الملك علي أن يؤدي ديات من قتل ، فعاد ، وجمع الديات ، وتنسك ، ومضي حاجة ، وقد خزم هو وأصحابه آنافهم ، وتعلق الجحاف بأستار الكعبة ، وهو يصيح : اللهم أغفر لي ، وما أظنك تفعل ، فسمعه محمد بن الحنفية ، فقال له : يا شيخ ، قنوط من رحمة الله شر من ذنبك ( ابن الأثير 309/4 - 322).

معركة مسكن

وفي السنة 71 تلاقي في دير الجاثليق بمسكن ، جند العراق ، عليهم المصعب بن الزبير ، وقائده ابراهيم بن الأشتر ، بجند الشام عليهم عبدالملك بن مروان ، والتحم العسكران في معركة ضارية ، فقتل إبراهيم بن الأشتر ، ومسلم بن عمرو الباهلي ، والد قتيبة ، ويحيي بن مبشر ، وكلهم من أصحاب المصعب ، وعرض عبد الملك الأمان علي المصعب ، فأباه ، ولما أدرك مصيره ، قال لولده عيسي : يا بني أركب أنت ومن معك الي عمك بمكة ، ودعني فإني مقتول ، فقال له ابنه : والله ، لا أخبر قريشأ عنك أبدا ،

ص: 85

وتقدم فقاتل حتي قتل ، وأثخن المصعب بالرمي ، فشد عليه زائدة بن قدامة ، وصاح : يا لثارات المختار، فصرعه ، ونزل إليه عبيد الله بن زياد بن ظبيان ، فأحتر رأسه ، وجاء به إلي عبد الملك بن مروان ، فأثابه بألف دينار ، فأبي أن يأخذها ، وقال : إني لم أقتله علي طاعتك ، وإنما قتلته علي وتر صنعه بي ، إذ كان قتل أخاه النابي ء بن زياد ( الطبري 151/6 - 159).

وفي مصرع المصعب ، يقول ابن قيس الرقيات : ( الاخبار الطوال313)

لقد أورث المصرين خزيا وذلة**** قتيل بدير الجاثليق مقيم

فما صبرت للحرب بكر بن وائل**** ولا ثبتت عند اللقاء تميم .

ولكنه ضاع الذمار فلم يكن**** بهاعربي عند ذاك كريم

أقول : كان سبب قتل المصعب للنابي ء بن زياد ، إن المطرف صاحب شرطة المصعب بالبصرة ، أخذ النابيع بن زياد ، ورجلا من بني نمير ، كانا قد قطعا الطريق فقتل النابيء، وضرب النميري بالسياط وتركه ، ثم إن المطرف ولاه المصعب الأهواز ، فخرج إليها ، فلاقاه عبيد الله بن زياد أخو النابيء ، فطعنه فقتله ، ولحق بعبد الملك بن مروان ، ثم مر بالبصرة ، ورأته ابنة مطرف ، فقيل لها : هذا قاتل أبيك ، فقالت : في سبيل الله أبي ، فقال ابن ظبيان : ( الطبري 156/9 - 160).

وما في سبيل الله لاقي حمامه**** أبوك ولكن في سبيل الدراهم

أقول : منطقة مسكن التي قتل فيها المصعب ، اسمها الآن عند الأعراب في تلك المنطقة : خرايب مسكين ، وما يزال قبر المصعب عليه قبة ، والأعراب هناك قد حرفوا اسمه ، فهو عندهم الشيخ منصور ( الديارات 350- 351 وري سامراء 198/1 )، وأحسب أن القبة بنيت علي قبر المصعب في السنة 20 وكانت الفتن في بغداد قد اشتعلت بين الشيعة والسنة ، وكان

ص: 86

الشيعة يحتفلون في النصف من شعبان بزيارة قبر الحسين عليه السلام ، فأحدث خصومهم زيارة قبر المصعب بن الزبير في رمضان من كل سنة ، واستعدوا لهذه الزيارة ، وعملوا مجانيق مذهبة ، ورفعوها، وطافوا بها في الأسواق ، وبين أيديهم البوقات ، ووقفوا بإزاء دار المملكة ، ومعهم لفيف كثير ، ودعوا للسلطان ، وأحدث ذلك وقوع القتال بين هذه الطائفة ، وبين أهل الكرخ ( المنتظم 78/8 ).

وفي السنة 72 كتب عبد الملك بن مروان ، لعبد الله بن خازم ، عامل خراسان لابن الزبير ، وعرض عليه إمارة خراسان سبع سنين إن بايعه وترك آبن الزبير ، فأبي ، فكتب عبد الملك إلي بكير بن وشاح عامل مرو، يعرض عليه إمارة خراسان ، ويحرضه علي الخروج علي ابن خازم ، فخلع بكير بن وشاح ، ابن الزبير ، ودعا إلي عبدالملك ، فقصده عبدالله بن خازم الي مرو ، وحارب بكيرة ، فقتل ابن خازم ، وحمل علي بغل ، وقد شدوا في مذاكيره حبلا وحجر عدلوه به علي البغل ( الطبري 176/6و 177).

وفي السنة 72 سار عبدالملك بن مروان إلي قرقيسيا ، فحصر زفر بن الحارث فيها ، وبعد معارك حصلت ، أمر عبدالملك أخاه محمد ، أن يعرض علي زفر الأمان وكان ابنه وكيع بن زفر قد قتل ، فأعطاه محمد الأمان له ولولده هذيل ، علي أنفسهما ومن معهما ، وأن يعطيا ما أحبا ، فأبي زفر ، فقال له ولده الهذيل : لو صالحت هذا الرجل فقد أطاعه الناس وهو خير لك من ابن الزبير ، فأجاب الي قبول الأمان علي أن له الخيار في بيعته سنة ، وأن ينزل حيث شاء ، وأن لا يعين عبد الملك علي قتال ابن الزبير ، فبينا الرسل تختلف بينهما ، إذ جاء رجل من كلب ، فقال إن الجند الشامي هدم من سور قرقيسيا أربعة أبراج ، فعاد عبد الملك عن المصالحة ، وزحف إليهم ، فهزموا أصحابه ، فاضطر إلي إعطاء زفر ما أراد ، وعدل الشرط الأخير ، بأن لا يبايع زفر عبد الملك حتي يموت ابن الزبير ، وخاف زفر أن يغدر به عبد الملك ،

ص: 87

كما غدر بعمرو بن سعيد ، فلم ينزل إليه ، إلا بعد أن أرسل إليه قضيب النبي صلوات الله عليه ، أمانا له ، فنزل إليه ، ولما رأي عبد الملك قلة من كان مع زفر ، ندم علي أمانه ، وقال : لو علمت إنه في هذه القلة لحاصرته أبدأ حتي ينزل علي حكمي ، فبلغ قوله زفر ، فقال : إن شئت رجعنا ورجعت ، فقال : بل نفي لك يا أبا الهذيل ( ابن الأثير 337/4 - 340).

وفي السنة 73 قتل عبدالله بن الزبير بمكة ، وكان قد أعلن خلافته ، واستولي علي أكثر بلاد الإسلام ، إذ حكم مصر وإفريقية ، وفلسطين، وجزيرة العرب ، والعراق ، وخراسان، وما وراء النهر ، والسند، ثم عاكسته الظروف ، فتقلص ظل حكمه ، وقتل أخوه المصعب ، وآل أمره إلي أن حصره الحجاج في جند عبد الملك بن مروان بمكة، فلما كان قبيل مقتله تفرق عنه الناس ، وخرجوا إلي الحجاج بالأمان ، حتي فارقه ابناه حمزة وخبيب ، وختم عبدالله حياته بعمل نادر المثيل ، من أعمال البطولة والفداء ، شاركته فيه أمه أسماء ذات النطاقين بنت الصديق أبي بكر ، فإن عبد الله ، لما أدرك مصيره ، جاء إلي أمه ، وهي عجوز عمياء بلغت المائة ، وشكا إليها تخلي الناس عنه ، وخذلانهم أياه ، وقال لها : إن القوم يعطونني ما أردت من الدنيا ، فما رأيك ؟ فقالت : يا بني ، أنت أعلم بنفسك ، إن كنت تعلم أنك علي حق، فامض له ، فقد قتل عليه أصحابك ، فقال لها : إني أخشي إن قتلت أن يمثل بي ، فقالت له : يا بني إن الشاة إذا ذبحت لم تألم السلخ ، فخرج ، وحارب ، واستقتل ، فقتل ( ابن الأثير 352/4 - 354)، ولما وثق الحجاج بمقتل ابن الزبير ، تظاهر بالشجاعة ، وتقدم إلي ابن الزبير وهو ميت في المسجد الحرام ، فبرك عليه ، واحت رأسه بيده في داخل المسجد في العقد الفريد 418/4 ).

أقول : وهكذا يأبي الحجاج ، إلا أن يكون حقيرة في جميع تصرفاته ، فقد جبن عن لقاء عبدالله بن الزبير وهو حي ، حتي إذا وثق من موته ، تقدم فقطع رأسه .

ص: 88

الحجاج بن يوسف الثقفي سيرة رجل شرير

أبو محمد الحجاج بن يوسف الثقفي ( 40- 95)، والي العراقين لعبد الملك بن مروان ، وهو الذي يضرب به المثل في الظلم والجور ، ثققي من نسل أبي رغال ( اليعقوبي 374/2). وأبو رغال بقية من قوم ثمود ، كان قائد الفيل ، ودليل الحبشة ، لما غزوا الكعبة فهلك فيمن هلك منهم ، ودفن بين مكة والطائف ، ومر النبي صلوات الله عليه بقبره فرجمه وأمر برجمه فرجم ( الأغاني 303/4 ).

وكانت ثقيف ، عشيرة الحجاج ، من أشد القبائل علي رسول الله ، فقد تهزأوا به ، وقعدوا صفين، فلما مر بهم ، رجموه بالحجارة حتي أدموا رجله ، وقال رسول الله : ما كنت أرفع قدما ، ولا أضعها ، إلأ علي حجر ( اليعقوبي 36/2 ).

وقال الإمام علي ، في احدي خطبه : لقد هممت أن أضع الجزية علي ثقيف ( الأغاني 306/4 ).

كل ذلك كان من جملة أسباب حقد الحجاج ، علي النبي صلوات الله عليه ، وعلي أولاده ، وبغضه أياهم، حتي ضرب بذلك المثل ، قال الشاعر : ( معجم البلدان 323/2 ).

أنا في الحلة الغداة كأني**** علوي في قبضة الحجاج

وبلغ من حقده علي النبي ، إنه لما دخل المدينة ، سماها : نتنة ، وقد سماها رسول الله : طيبة ، ولما رأي الناس يطوفون بقبر رسول الله ومنبره ، قال إنما يطوفون برمة وأعواد ( العقد الفريد 49/5 )، يريد بالأعواد منبر النبي ، وبالرمة جسده الشريف .

ص: 89

وتبع حقده علي النبي ، حقده علي الذين نصروه وآزروه ، وهم الأنصار ، فكان يسميهم : الأشرار ( العقد الفريد 39/5 )، وختم أعناق بعض الصحابة منهم ، بقصد إذلالهم ( الطبري 195/6 ).

وكان يقول : ويحكم ، أخليفة أحدكم في أهله ، أكرم عليه ، أم رسوله إليهم ؟ يشير بذلك إلي أن عبد الملك بن مروان أكرم علي الله من النبي صلوات الله عليه( في العقد الفريد 52/5 )

ولد الحجاج بالطائف ، وكان والده يؤدب الصبيان ( العقد الفريد 13/5 ) وجاء مشوها واحتيج إلي إجراء جراحة له ، لكي يكون في حالة طبيعية ( مروج الذهب 97/2 ) ، ونشأ أخفش العينين ، دقيق الصوت ( شذرات الذهب 106/1 ، والعيون والحدائق ، 11/3 ) ، فكان لتشويه بدنه ، وخفش عينيه ، ودقة صوته ، ووضاعة نشأته ، أصل قوي فيما ابتلي به من قسوة عجيبة ، وكان يخبر عن نفسه أن اكبر لذاته في سفك الدماء ( وفيات الأعيان 30/2 ) وكان يقول : إني - والله - لا أعلم علي وجه الأرض خلقأ ، هو أجرأ علي دم مني ( العقد الفريد 176/2 )، وكان له في القتل ، وسفك الدماء ، غرائب لم يسمع بمثلها ( وفيات الأعيان 31/2 )، وهو أحد أربعة في الإسلام قتل كل واحد منهم أكثر من ألف ألف رجل (لطائف المعارف . 141)

وكانت سياسة الحجاج التي سلكها في العراق ، من أهم الأسباب التي أدت إلي سقوط الدولة الأموية ( السياسة العربية 44)، ولما هلك ، خلف في حبسه ثمانين ألفأ حبسوا بغير جرم ، منهم خمسون ألف رجل ، وثلاثون ألف امرأة، وكان يحبس الرجال والنساء في موضع واحد ، ولم يكن لحبسه ستر يستر الناس من الشمس في الصيف ، ولا من المطر والبرد في الشتاء ( مروج الذهب 128/2 ، والعيون والحدائق 10/3 ) وذكر صاحب محاضرات الأدباء

ص: 90

195/3 إنه أحصي من قتل الحجاج ، سوي من قتل في بعوثه ، وعساكره ، وحروبه فوجدوا مائة وعشرين ألفا ، ووجد في حبسه مائة ألف وأربعة عشر ألف رجل، وعشرون ألف امرأة ، منهن عشرة آلاف امرأة مخدرة ، وكان حبس الرجال والنساء في مكان واحد، ولم يكن في حبسه ظل ولا سقف ، وربما كان الرجل ليستر بيده من الشمس فيرميه الحرس بالحجارة ، وكان أكثرهم مقرنين بالسلاسل، وكانوا يسقون الزعاف ، ويطعمون الشعير المخلوط بالرماد ، وكان المسجونون في سجن الحجاج يقرنون بالسلاسل ، فإذا قاموا قاموا معا ، وإذا قعدوا قعدوا معا ( الفرج بعد الشدة - لابن أبي الدنيا - مخطوط ص 11) ولا يجد المسجون المقيد منهم ، إلا مجلسه ، فيه يأكلون، وفيه يتغوطون ، وفيه يصلون ( القصة 87 من كتاب الفرج بعد الشدة للتنوخي ، تحقيق المؤلف ).

وبلغ من شنيع سمعة الحجاج ، وشهرته بالظلم ، إن أبا مسلم الخراساني ، الذي اشتهر بقسوته، وضراوته علي الدم الحرام ، حتي قيل أنه قتل أكثر من ألف ألف رجل ، (لطائف المعارف 141-142)، قيل في حقه إنه حجاج زمانه ( مرآة الجنان 285/1)

وقال الخليفة الصالح، عمر بن عبد العزيز : لعن الله الحجاج ، فإنه ما كان يصلح للدنيا ، ولا للأخرة ( معجم البلدان 3/ 178)، وقال فيه : لو جاءت كل أمة بمنافقيها، وجئنا بالحجاج لفضلناهم ( العقد الفريد 5/ 49)، وقيل للشعبي : أكان الحجاج مؤمنا ، قال : نعم : بالطاغوت، كافرة بالله ( البصائر والذخائر م 2 ق 1 ص 73 والعقد الفريد 49/5 )، وقيل لعبد الله بن المبارك : أبو مسلم كان خيرة أو الحجاج ؟ قال لا أقول أن أبا مسلم كان خيرا من أحد، ولكن الحجاج كان شرا منه ( ابن الأثير 479/5 ) وكان الحسن البصري ، يسميه : فاسق ثقيف ( وفيات الأعيان 374/2)، وقال القاسم بن

ص: 91

محمد بن أبي بكر : كان الحجاج ينقض عري الإسلام عروة عروة ( العقد الفريد 49/5 ) وقال ابن سيرين لم ير أغشم من الحجاج ( شذرات الذهب 106/1)

وقال فيه صاحب العقد الفريد للملك السعيد ( ص 118): كان الحجاج بن يوسف الثقفي ، قد جمع خلالا قبيحة ، ظاهرة وباطنة ، من دمامة الصورة ، وقبح المنظر ، وقساوة القلب ، وشراسة الأخلاق ، وغلظ الطبع ، وقلة الدين ، والاقدام علي انتهاك حرمة الله تعالي ، حتي حاصر مكة ، وهدم الكعبة ، ورماها بالمنجنيق ، والنفط والنار ، وأباح الحرم ، وسفك الدماء ، وقتل في مدة ولايته ألف ألف وستمائة ألف مسلم ، ومات في حبوسه ثمانية عشر ألف إنسان ، وكان لا يرجو عفو الله ، ولا يتوقع خيره ، وكأنه قد ضرب بينه وبين الرأفة والرحمة بسور من فظاظة ، وغلاظة ، وقسوة .

وكان الحجاج يتفنن في ابتكار ألوان العذاب التي يعذب بها من أوقعه سوء الطالع في يديه ، فقد جيء الله بابن القرية، أحد فصحاء العرب وحكمائهم ، فأمر به ، فأمسكه رجال أربعة ، حتي لا يستطيع حراكا ، ثم وضع الحجاج حربة في ثندوءته، ودفعها حتي خالطت جوفه ، ثم خضخضها، وأخرجها ، فأتبعها دم أسود ، فقال الحجاج : هكذا تشخب أوداج الأبل ، وفحص ابن القرية برجله ، وشخص ببصره ، وجعل الحجاج ينظر إليه ، حتي قضي ( الأخبار الطوال 222 و 223).

وأمر الحجاج بأحد أسراه ، فشد علي بدنه القصب الفارسي المشقوق ثم سل عنه ، حتي شرح بدنه ، ثم نضحه بالخل والملح ، حتي مات ( الكامل للمبرد 207/2 ).

وجيء إليه بمحمد بن سعد بن أبي وقاص أسيرأ ، فظل يضرب رأسه بعصا كانت في يديه ، حتي أدماه ، ثم أطمعه في أن يطلقه ، وأطرق مليأ ، كأنه يفكر ، ثم قال لرجل من أهل الشام : أضرب لي مفرق رأسه ، فضربه ،

ص: 92

فمال نصفه ها هنا ، ونصفه ها هنا، ( الطبري 379/6 والإمامة والسياسة 41/21/2)

وحبس إبراهيم بن يزيد التيمي الزاهد، ومنع عنه الطعام ، ثم أرسل عليه الكلاب تنهشه حتي مات ( اللباب 190/1 ) ولما مات رمي بجثته في الخندق ، ولم يجرأ أحد علي دفنه ، حتي مزقته الكلاب ( البصائر والذخائر م 3 ق 1 ص 304).

وفي معركة الزاوية ، إحدي معاركه مع ابن الأشعث ، قتل الحجاج أحد عشر الفأ ، بالخديعة والمكر ، فقد أمر مناديه ، فصاح لا أمان لفلان ابن فلان وسمي رجالا فقال العامة : قد أمن الناس ، وحضروا فأمر بهم فقتلوا ( ابن الأثير 469/4 ) ولما دخل البصرة ، جلس علي المنبر بالجامع ، وأمر جنده بأخذ الأبواب، وقال لهم : إذا رأيتموني وضعت عمامتي عن رأسي ، فضعوا سيوفكم ، ثم بدأ خطبته ، فحصبه الناس فخلع عمامته ، ووضعها علي ركبتيه ، فجعلت السيوف تبري الرقاب ، وسالت الدماء إلي أبواب المسجد ، وإلي السكك ( الامامة والسياسة 25/2-26).

وكان صغيرا في تصرفاته ، حبس مالك بن اسماء بن خارجة ، وضيق عليه كل أحواله ، حتي كان يشاب له الماء الذي كان يشربه ، بالرماد والملح ، وأحضره عنده يوما ، فبينما هو يحدثه ، استسقي ماء ، فأتي به ، فلما نظر إليه الحجاج ، قال : لا، هات ماء السجن، فأتي به وقد خلط بالملح والرماد فسقيه ( الأغاني 231/17 ).

وقبض علي يزيد بن بن المهلب ، وعذبه، فكان يزيد يصبر علي العذاب ، فقيل له : إنه رمي بنشابة ، فثبت أصلها في ساقه ، فلا يمسها شيء إلا صاح ، فأمر أن يعذب بذلك ، وأن يدهق ساقه ، فلما فعل به ذلك ، صاح وسمعته أخته هند بنت المهلب ، وكانت عند الحجاج ، فصاحت فطلقها ( وفيات الأعيان 291/9 ).

ص: 93

وبقدر ما كان الحجاج قاسية ، متغطرسة علي الناس ، كان ذليلا أمام عبد الملك بن مروان ، كتب إليه مرة : إن خليفة الله في أرضه ، أكرم عليه من رسوله إليهم ، يريد بذلك أن عبدالملك بن مروان ، أكرم علي الله من النبي صلوات الله عليه .

وبلغه أن عبد الملك عطس يوما فشمته أصحابه ، فرد عليهم ودعا لهم ، فكتب إليه : بلغني ما كان من عطاس أمير المؤمنين ، ومن تشميت أصحابه له ، ورده عليهم ، فيا ليتني كنت معهم ، فأفوز فوزا عظيما (العقد الفريد 53/5)

وكان الحجاج ، إضافة إلي صفاته القبيحة هذه ، جبانا ، منخلع الفؤاد ، برغم تظاهره بالشجاعة، فهو في السنة 73 حاصر بالجيش الأموي ، عبدالله بن الزبير ، بمكة ، ولما بلغه أن عبد الله قد قتل ، تصرف تصرف بادي الخزاية ، إذ تظاهر بالبطولة ، وجاء إلي مسجد الكعبة ، ولما رأي عبد الله قتيلا ، برك علي جثته ، وقطع عنقه بيده ، فقد جبن عن مواجهته حيا ، فبادر باحتزاز عنقه ميتا ( العقد الفريد 418/4 ).

وفي السنة 77 طالبته غزالة ، إحدي المحاربات في جيش الخوارج، بالمبارزة ففر منها ، وجبن عن مواجههتها ، فقال فيه الشاعر : (وفيات الأعيان 455/2 ).

أسد علي وفي الحروب نعامة**** فتخاء تفزع من صفير الصافر

هلا برزت الي غزالة في الوغي**** بل كان قلبك في جناحي طائر

وكانت السياسة المخربة ، التي اتبعها الحجاج ، خلال مدة حكمه ، من أهم الأسباب التي أدت إلي سقوط دولة بني مروان ( السياسة العربية لفان فلوتن 44)، وخربت العراق تخريبأ تاما ، فقد فرض الحجاج ، علي أهل الإسلام الذين سكنوا الأمصار ، ممن كان أصله من السواد ، من أهل الذمة

ص: 94

فأسلم ، بالعراق ، أن ردهم إلي قراهم ورساتيقهم ، ووضع الجزية علي رقابهم ، علي نحو ما كانت تؤخذ منهم وهم علي كفرهم ( وفيات الأعيان 311/6 )، إذ أن هؤلاء لما أسلموا ، كتب عمال الحجاج إليه ، بأن الخراج قد انكسر ، وأن أهل الذمة قد اسلموا ، ولحقوا بالأمصار ، فأمر بإخراج أهل القري إلي قراهم ، وأن تؤخذ منهم الجزية علي نحو ما كانت تؤخذ منهم ، وهم كفار ( ابن الأثير 4/ 464 و101/5)، فاجتمع إلي ابن الأشعث ، أهل الكوفة ، وأهل البصرة ، والقراء ، وأهل الثغور والمسالح ، وتضافروا علي حرب الحجاج ( ابن الأثير 469/4 ).

ولما ثار أهل العراق علي الحجاج واحتشدوا لحربه ، استنجد بعبد الملك ، فأمده بجند من أهل الشام ( بلاغات النساء 120) فأنزلهم في بيوت أهل الكوفة ، وهو أول من أنزل الجند في بيوت الناس ( ابن الأثير 482/4 ).

ولما قتل الحجاج ، ابن الأشعث ، قال الحجاج : الآن فرغت لأهل السواد ، فعمد إلي رؤسائهم ، وأهل بيوتاتهم من الدهاقين ، فقتلهم صبرا ، وجعل كلما قتل رجلا من الدهاقين ، أخذ أمواله ، وأضر بمن بقي منهم اضرارا شديدا ، فخربت الأرض ( فتوح البلدان 291).

وكانت عاقبة هذه السياسة الخرقاء ، أن جباية سواد العراق ، وكانت علي عهد الخليفة عمر بن الخطاب ، مائة ألف ألف وثمانية وعشرين ألف ألف درهم ، نزلت في عهد الحجاج ، إلي ثمانية عشر ألف ألف درهم فقط ، ثم ارتفعت في عهد الخليفة عمر بن عبد العزيز إلي مائة ألف ألف وأربعة وعشرين ألف ألف درهم ( احسن التقاسيم للمقدسي 133) فقال عمر بن عبد العزيز : لعن الله الحجاج ، فإنه ما كان يصلح للدنيا ولا للآخرة ، فإن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، جبي العراق ، بالعدل والنصفة ، مائة ألف ألف وثمانية وعشرين ألف ألف درهم ، وجباه الحجاج مع عسفه وجبروته ثمانية عشر ألف ألف درهم فقط ، قال عمر : وها أنا وقد رجع إلي علي

ص: 95

خرابه ، جبيته مائة ألف ألف، وأربعة وعشرين ألف ألف درهم بالعدل والنصفة ( معجم البلدان 178/3 ).

ومما يدل علي عقلية الحجاج الفاسدة ، إنه لما خرب السواد ، من جراء إفراطه في الظلم وفي سوء الجباية ، تخيل أن الانقطاع عن الزراعة ، إنما كان لقلة الماشية التي تعين الفلاحين علي حرث الأرض ، فأصدر أمره بتحريم ذبح البقر فقال الشاعر ( الأغاني 378/16 ).

شكونا إليه راب السواد**** فحرم فينا لحوم البقر

فكنا كمن قال من قبلنا**** أريها السهاوتريني القمر

وسمي الناس سليمان بن عبد الملك ، مفتاح الخير ، لأنه أذهب عنهم سنة الحجاج ، وأخلي السجون ، وأطلق الأسري ( وفيات الأعيان 420/2 ) ، ولما توئي يزيد بن المهلب العراق نظر في نفسه ، وقال : إن العراق قد أخربها الحجاج ، وأنا اليوم رجاء أهل العراق ، ومتي أخذت الناس بالخراج ، وعذبتهم عليه ، صرت مثل الحجاج ، أدخل علي الناس الخراب ، وأعيد عليهم تلك السجون التي قد عافاهم الله منها ( وفيات الأعيان 296/6 و 297) ولما خرج يزيد بن المهلب ، بالعراق، علي الأمويين ، بايعه الناس علي كتاب الله ، وسنة رسوله ، وأن لا تعاد عليهم سيرة الفاسق الحجاج ( وفيات الأعيان 304/6 ).

وليس الحجاج هو الملوم وحده علي سياسته المخربة ، فإن عبد الملك بن مروان ، الذي سلطه علي العراق ، هو الملوم الأول علي ذلك ، فالحجاج سيئة من سيئات عبد الملك ( واسطة السلوك 209) ويحق لعبد الملك أن يحذر من الله تعالي لأن من يكن الحجاج بعض سيئاته ، يعلم أي شيء يقدم عليه ( ابن الأثير 521/4).

وقد كان عبد الملك ، مطلعأ تمام الاطلاع ، علي سياسة الحجاج

ص: 96

المخربة ، وقد كتب اليه مرة يقول : إن رأيك الذي يسول لك أن الناس عبيد العصا ، هو الذي أخرج رحالات العرب إلي الوثوب عليك ، وإذا أخرجت العامة بعنف السياسة ، كانوا أوشك وثوبا عليك عند الفرصة ، ثم لا يلتفتون إلي ضلال الداعي ، ولا هداه ، إذا رجوا بذلك إدراك الثأر منك ، وقد ولي العراق قبلك ساسة، وهم يومئذ أحمي أنوف، وأقرب من عمياء الجاهلية ، وكانوا عليهم أصلح منك عليهم ( العقد الفريد 45/5).

وظلت سيرة الحجاج في الظلم والعسف ، تدور مع التاريخ ، ويتداولها الناس خلفا عن سلف حتي حيكت حولها الروايات، ورتبت بشأنها القصص ، فذكروا أن أعرابية سأله الحجاج : كيف سيرة أميركم الحجاج ؟ فقال ظلوم غشوم ، لا حياه الله ، ولا بياه ، فقال : لو شكوتموه إلي أمير المؤمنين ، فقال الأعرابي : هو أظلم منه وأغشم ، عليه لعنة الله ( الملح والنوادر للحصري 15)

وذكروا إن رجلا رأي في منامة الحجاج بن يوسف ، فقال له ما حالك ؟ فقال له : ما أنت وذاك لا أم لك؟ فقال : سفيه في الدنيا ، سفيه في الآخرة ( المحاسن والمساويء 14/2 .

ووصف الحجاج نفسه ، بأنه : حقود ، حسود ، كنود ، فقال له سيده عبد الملك بن مروان : ما في إبليس شر من هذه الخلال ( نهاية الأرب 267/3)

ولعل أصدق ما وصف به الحجاج ، ما وصفه به سيده عبد الملك بن مروان ، فقد كتب اليه يقول : إنك عبد طمت بك الأمور ، فغلوت فيها، حتي عدوت طورك ، وجاوزت قدرك ، أنسيت حال آبائك في اللؤم والدناءة في المروءة والخلق ، فعليك لعنة الله من عبد أخفش العينين، أسك الرجلين ، ممسوح الجاعرتين ( ابن الأثير 386/4 ) .

ص: 97

وقد عم شؤم الحجاج ، أفراد عائلته من آل أبي عقيل جميعهم ، فإنهم بعد هلاكه، أمر سليمان بن عبد الملك باعتقالهم وسيرهم إلي العراق ، حيث حبسهم صالح بن عبد الرحمن بواسط ، وعذبهم حتي قتلهم ( ابن الأثير 588/4 و 589)، ولما استخلف الخليفة الصالح عمر بن عبد العزيز ، سير الباقين من آل أبي عقيل إلي البلقاء ، وكتب إلي الحارث بن عمر الطائي ، عامله عليها : أما بعد، فقد بعثت إليك بآل أبي عقيل ، وبئس - والله - أهل البيت في دين الله ، وهلاك المسلمين ، فأنزلهم بقدر هوانهم علي الله تعالي ، وعلي أمير المؤمنين ( البصائر والذخائر م 2 ق 2 ص 586).

راجع بقية أخبار الحجاج في الطبري 202/6 ، 320، 380 - 388، 481، 482، 488، و 69/8 وابن الأثير 481/1 ، 359/4 ، 434، 462، 504، و 37/5 ، 51، والأغاني 67/6 ، 68، 145، 192، 201، 206، 246، 75/8 ، والعقد الفريد 174/2، 175، 324، 354، و 477/3 ، 119/4 ، و 119/4 ، و 37/5 ، 38، 46. 48، 55، 57، 59، و العيون والحدائق 19/3 والبيان والتبيين 21/1 ، 22، 193، 29/2 ، 84، وشذرات الذهب 106/1 ، 108، ومروج الذهب 274/2، 291، 295 ، والامتاع والمؤانسة 178/3 ، 182 والمحاسن والمساويء 1/ 100، 220، والمعارف لابن قتيبة 548 والفهرست 202 وتاريخ الخلفاء .179

وفي السنة 72 قامت معركة في كرمان بين الخوارج أصحاب قطري بن الفجاءة ، يقودهم صاحب بن مخارق ، وبين جند البصرة يقودهم عبد العزيز بن عبدالله ، أخو خالد بن عبدالله أمير البصرة ، ومعه مقاتل بن مسمع من قواد البصريين ، فقتل مقاتل وآنفل الجيش ، وأنهزم عبد العزيز ( ابن الأثير 342/4 و 343).

وفي السنة 73 بعث ابن الزبير سليمان بن خالد الأنصاري عاملا علي

ص: 98

خيبر وفدك ، فبعث عبد الملك بن مروان ، عبد الواحد بن الحكم في أربعة آلاف ، فنزلوا وادي القري ، وسير سرية عليها أبو القمقام في خمسمائة إلي سليمان ، فوجدوه قد هرب ، فطلبوه ، فأدركوه ، فقتلوه ومن معه .

واستعمل ابن الزبير جابر بن الأسود الزهري علي المدينة ، فوجه جابر ، أبا بكر بن أبي قيس في ستمائة وأربعين فارسأ إلي خيبر ، فوجدوا أبا القمقام ومن معه بفدك يعسفون الناس ، فقاتلوهم ، فانهزم اصحاب أبي القمقام ، وأسر منهم أسري ، فقتلوا صبرا .

فوجه عبد الملك جيشا بقيادة طارق بن عمرو، وأمره أن ينزل بين ايلة ووادي القري ، فوجه طارق إلي أبي بكر جيشا ، فاقتتل الجيشان ، وقتل أبو بكر ومائتا رجل من أصحابه .

وكان عامل ابن الزبير علي البصرة ، قد بعث ألفي رجل إلي المدينة المعونة ابن الزبير ، فلما قتل أبو بكر ، أمر ابن الزبير جند البصرة ، بأن يسيروا لقتال طارق فقصدوه ، واشتبكوا معه في معركة ، فقتل مقدم البصريين ، وقتل أصحابه قتلا ذريعا ، وطلب طارق مدبرهم ، وأجهز علي جرحاهم ، وقتل الأسري ( ابن الأثير 348/4 و 349).

وقتل مع عبد الله بن الزبير ، عبدالله بن مطيع الكعبي القرشي ، وكان من رجال قريش ، ولي الكوفة لابن الزبير ، وكافح في محاربة الحجاج كفاحا مجيدا ، وكان يحارب وهو يرتجز :

أنا الذي فررت يوم الحرة ****والحر لا يفز إلا مرة

واليوم أجزي فرة بكرة

ولما قتل ، أرسل الحجاج رأسه مع رأسي ابن الزبير وابن صفوان إلي الشام ( ابن الأثير 355/4 والاعلام 282/4 ).

ص: 99

وقتل مع عبدالله بن الزبير في حصار مكة ، أخوه المنذر بن الزبير ، وكان علي بغلة، فصرع عنها ، فقاتل وهو راجل، وهو يقول : ( الاعلام -228/8)

بأبي بنو العوام الأ وردا**** من يقتل اليوم يزود حمدا

وقتل مع عبدالله بن الزبير ، عبدالله بن صفوان بن أمية بن خلف الجحمي ، رئيس مكة وابن رئيسها ، وهو من الشجعان ، وعمارة بن عمرو بن حزم الأنصاري ، من أشراف التابعين ، وقطع الحجاج رأسي عبدالله وعمارة ، وبعث بهما مع رأس ابن الزبير إلي عبد الملك بن مروان ( ابن الأثير 357/4 والاعلام 226/4 و 194/5 ).

أقول : كان عبد الله بن الزبير أول مولود ولد للمهاجرين في المدينة ، فلما ولد كبر المسلمون فرحة به ، ولما قتل كبر أهل الشام فرحا بقتله ، فقال عبدالله بن عمر : انظروا إلي هؤلاء ، يكبرون فرحا بقتله ، ولقد كبر المسلمون فرحا بولادته .

ولما قتل ابن الزبير ، أراد الحجاج أن ينتقم من أخيه عروة بن الزبير ، وكان عروة ، قد قصد عبد الملك بن مروان ، فكتب إلي عبد الملك أن ينفذ عروة اليه ، فقال عبد الملك لبعض أحراسه : انطلق بعروة الي الحجاج ، فقال عروة : يا بني مروان ، ليس الذليل من قتلتموه ، ولكن الذليل من ملكتموه ، وليس بملوم من صبر فمات ، ولكن الملوم من فر من الموت ، فخجل عبد الملك ، وامتنع عن إنفاذه ، وكتب إلي الحجاج : اله عن عروة ، فلن أسلطك عليه ( الاخبار الطوال 314-316 وابن الأثير 356/4 - 358).

وفي السنة 73 قتل أبو فديك عبدالله بن ثور ، الزعيم الحروري ، هزم عدة قواد ، فأمر عبد الملك بن مروان ، عامله علي البصرة عمر بن عبيد

ص: 100

الله بن معمر ، أن يندب اليه الناس ، ويسير إلي قتاله ، فقصده في عشرة آلاف ، فالتقي الجمعان بالبحرين ، واشتبكوا في معركة ضارية ، فقتل أبو فديك واستبيح عسكره ، وحصر أصحابه بالمشقر ، فنزلوا علي الحكم ، فقتل منهم نحو ستة آلاف ، وأسر ثمانمائة ( ابن الأثير 362/4 ).

وكان عبد الملك بن مروان ، قد ولي علي إفريقية حسان بن النعمان الغساني ، لما قتل عامله علي إفريقية زهير بن قيس ، في السنة 69 ، فسار حسان إليها في جيش عظيم لم يدخل إفريقية جيش مثله ، فحصر قرطاجنة وبها من الروم والبربر ما لا يحصي كثرة ، فقتل منهم كثيرا ، وفر الباقون في المراكب ، فدخلها حسان ، فقتل وسبي ونهب ، ثم هدمها، ثم جمع له الروم والبربر في طقورة وبنزرت ، فسار إليهم ، وحاربهم ، واصطلمهم ، ثم قصد ملكة البربر بجبل أوراس وكانوا يسمونها الكاهنة ، اجتمع عليها البربر بعد قتل كسيلة ، فسار اليها ، والتحم الجيشان ، فأسفرت المعركة عن انهزام المسلمين ، وقتل منهم خلق كثير ، وانهزم قائدهم حسان ، وأسرت الكاهنة جماعة كبيرة من المسلمين فأطلقتهم ، وعاد حسان إلي برقة ، واستقر بها خمس سنين ، وفي السنة 74 سير إليه عبد الملك الجنود والأموال ، فسار إلي الكاهنة ، ولما بلغها قدومه ، أحضرت أولادها ، وقالت لهم : إني مقتولة ، فأمضوا إلي ح ان ، وخذوا لأنفسكم أمانة ، فساروا إليه ، والتقي جند المسلمين ، وجند الكاهنة ، واشتد القتال ، فنصر المسلمون ، وانهزم البربر ، وقتلوا قتلا ذريعا ، وانهزمت الكاهنة . وأدركت ، فقتلت ( ابن الأثير 368/4 - 372).

وفي السنة 75 ولي عبد الملك بن مروان ، علي السند، سعيد بن أسلم بن زرعة فخرج عليه معاوية ومحمد ابنا الحارث العلاقيان ، فقتلاه وغلبا علي البلاد ( ابن الأثير 380/4 ) .

ص: 101

معارك الخوارج

وفي السنة 75 ورد الحجاج الثقفي البصرة ، وجند الناس لحرب الخوارج ، وخطب فيهم ، فقال : إن الزيادة التي زادكم ابن الزبير في أعطياتكم ، زيادة فاسق منافق ، ولست أجيزها ، فقام اليه عبدالله بن الجارود العبدي ، فقال : إنها زيادة قد أثبتها لنا أمير المؤمنين عبد الملك ، فكذبه وتوعده ، فخرج ابن الجارود علي الحجاج وتابعه وجوه الناس ، وحاربوا الحجاج ، فقتل ابن الجارود وجماعة من أصحابه ، وبعث الحجاج برؤوسهم إلي المهلب ، إرهابأ للناس ( الطبري 210/6 و 211)

وفي السنة 75 اصطدم جند العراق ، بالخوارج في رامهرمز ، في معركة عنيفة ، فقتل عبد الرحمن بن مخنف قائد جند الكوفة ، وقتل معه أبو الأحوص صاحب عبد الله بن مسعود، وخزيمة بن نصر العبسي، أبو نصر الذي قتل مع الإمام زيد بن علي بن الحسين وصلب معه ( الطبري 211/6 و 212)

وفي السنة 76 خرج صالح بن مسرح ، بدارا ، وكان صالح ناسكا مخبت مصفر الوجه ، صاحب عبادة وكان له أصحاب يقرؤهم القرآن ويفقههم ، ثم جمع اصحابه، وقال لهم : هذا الجور قد فشا ، وهذا العدل قد عفا ، ولا تزداد هذه الولاة علي الناس إلا غلوة وعتوا وتباعد عن الحق ، وجرأة علي الرب ، فاستعدوا وخرج مع مائة وعشرة ، فبعث إليهم محمد بن مروان صاحب أرمينية جيشا يشتمل علي ألف مقاتل ، فهزموه ، فغضب محمد بن مروان ، وبعث إليهم ثلاثة آلاف بقيادة قائدين فالتحموا مع الخوارج في معركة ضارية ، ولما جن الليل انسحب الخوارج قاصدين العراق ، فبعث إليهم الحجاج جيشأ من ثلاثة آلاف محارب بقيادة الحارث بن عميرة، فلاقاه صالح في تسعين رجلا ، وكانت معركة غير متكافئة قتل فيها صالح وعشرون من أصحابه فبايع السبعون الباقون شبيبأ ، فهجم بهم ليلا علي معسكر

ص: 102

الجند العراقي ، فصرع قائده الحارث ، فاحتمله اصحابه وفروا ، وغنم شبيب ما في المعسكر العراقي ، وقصد بأصحابه الكوفة ، وفيها الحجاج ، ثم ارتحل نحو المدائن ، ثم اصعد إلي تكريت ، ثم نزل إلي براز الروز ، وعبر إلي جرجرايا ( الطبري 224/6 - 232).

وفي السنة 76 بعث الحجاج عثمان بن سعيد، الملقب بالجزل ، علي أربعة آلاف ، لقتال شبيب الخارجي ، فطاوله عثمان ، فغضب الحجاج ، وبعث سعيد بن المجالد قائدة بدلا من الجزل ، فتعجل القائد الجديد الإصطدام بالخوارج ، ولم يستمع لنصائح الجزل ، فدخل مع الخوارج في معركة كانت عاقبتها أن قتل سعيد، وانكسر الجيش العراقي ، ودار شبيب في العراق ، وصعد إلي أذربيجان ، ثم عاد إلي حربي ، وجاء فدخل الكوفة ، وفيها الحجاج ، فأغلق الحجاج باب قصره خوفا من شبيب ، وجاء شبيب فضرب علي باب القصر بعمود في يده ، ثم قال يعرض بالحجاج :

وكأن حافرها بكل خميلة**** كيل يكيل به شحيح معدم

عبد دعي من ثمود أصله**** لا بل يقال أبو أبيهم يقدم

واقتحم شبيب المسجد الأعظم بالكوفة ، فقتل فيه عقيل بن مصعب الوادعي ، وعدي بن عمرو الثقفي ، وأبو ليث بن أبي سليم ، وأزهر بن عبدالله العامري ، ومروا بدار حوشب ، وهو علي الشرط ، فنادوه لينزل ، فحذرهم ، وأغلق الباب في وجوههم ، فقتلوا غلامه ، وأخذوا برذونه ، ومروا بالجحاف بن نبيط الشيباني ، فنادوه لينزل فأبي ، وقتلوا ذهل بن الحارث ، وكان زاهدأ مصلا ، ثم خرجوا من الكوفة ، ومروا بالمردمة ، فدخل عاملها الحمام ، فدخل عليه شبيب ، فأخرجه ، وضرب عنقه ، ثم لاقاه النضر بن القعقاع بن شور ، فقال له شبيب : يا نضر ، لاحكم الا الله ، يزيد أن يلقنه ، ليقول مثل قوله فيسلم ، فلم يفهم النضر ، وقال : إنا لله وإنا إليه راجعون ،

ص: 103

فش؛ أصحاب شبيب علي النضر فقتلوه ، فوجه إليه الحجاج زحر بن قيس في ألف وثمانمائة فارس ، فصدمه شبيب ، فصرع زهر ، وهرب أصحابه ، وعاد زحر إلي الحجاج وبوجهه ورأسه بضع عشرة جراحة ، ما بين ضربة وطعنة ( الطبري 233/6 - 243).

وفي السنة 76 ولي عبد الملك بن مروان ، محمد بن موسي بن طلحة ، سجستان ، وبعث به إلي الحجاج ، ليبعث معه بعث يوصله إلي محل عمله، فقال الحجاج : أنت عامل كل بلد مررت به، وهذا شبيب في طريقك ، فحاربه ، فعدل إليه محمد ، فأرسل إليه شبيب : إنك امرؤ مخدوع ، قد اتقي بك الحجاج ، وأنت جاري ، ولك علي حق ، فانطلق لما أمرت به ، ولك الله ، أن لا أوذيك ، فأبي إلا محاربته ، فراجعه شبيب مرارة ، وهو يأبي إلا محاربته ، وبرز للقتال ، فبرز إليه البطين ، ثم قعنب ، ثم سويد ، من رؤساء الخوارج ، فأبي إلا منازلة شبيب ، فبرز إليه شبيب ، وقال له : أنشدك الله في دمك ، فإن لك جوارة ، فأبي إلا قتاله ، فحمل عليه شبيب ، فضربه بعصا من حديد ، فيها أثنا عشر رطلا بالشامي ، فهشم بيضة كانت علي رأسه ، وانهشم رأسه فسقط - فكقنه شبيب ودفنه ، وابتاع ما غنموا من عسكره ، فبعث به إلي أهله ، وقال لأصحابه : إنه جاري بالكوفة ، ولي أن أهب ما غنمت لأهل الردة ( الطبري 247/6 و 248) .

وفي السنة 76 بعث الحجاج جندا من الكوفة ، ستة آلاف محارب ، عليهم عبد الرحمن بن الأشعث ، لمحاربة شبيب الخارجي ، فطاوله عبد الرحمن ، ولم يدخل معه في معركة حاسمة ، فسعي به عثمان بن قطن ، عامل المدائن ، إلي الحجاج ، واتهم عبد الرحمن ، بالإهمال ، فكتب الحجاج إلي عثمان بتأميره علي الجيش وعزل عبد الرحمن ، فقدم عثمان واشتبك مع شبيب وأصحابه في معركة كانت خاتمتها أن قتل عثمان بن قطن ، قائد الجيش ، قتله مصاد أخو شبيب ، وقتل عقيل بن شداد قائد الميسرة ،

ص: 104

ومالك بن عبدالله الهمداني ، وخالد بن نهيك الكندي ، والأبرد بن ربيعة الكندي ، وقتل في المعركة من الجند العراقي ما يزيد علي ألف ، وقتل معظم العرفاء ، وعاد الجيش مفلولا إلي الكوفة ( الطبري 249/6 -255).

وفي السنة 76 بعث الحجاج جندا من الكوفة ، علي رأسهم زائدة بن قدامة ، لحرب شبيب الخارجي ، فدخل زائدة مع شبيب في معركة شديدة ، فقتل القائد زائدة ، وقتل قائد الميسرة بشر بن غالب في نحو خمسين من أصحابه من أهل الصبر ، منهم عروة بن زهير الأزدي ، واستسلم الجيش ، وبايعوا شبيبة ، فأطلقهم ( الطبري 244/6 -246).

وفي السنة 77 استنصر الحجاج بعبد الملك بن مروان ، فبعث إليه جيشأ من ستة آلاف مقاتل، لمحاربة شبيب ، فضم إليهم جيشا من أهل الكوفة يشتمل علي خمسين ألف مقاتل ، وجعل علي الجميع عتاب بن ورقاء أميرة ، فتلاقي مع شبيب بالمدائن ، ومع شبيب ألف رجل، ولكنه دخل المعركة بستمائة منهم ، إذ تخلف عنه أربعمائة ، وحمل شبيب بأصحابه ، فهزم ميسرة الجيش الأموي ، وقتل قائدهم قبيصة بن والق ، ثم حمل علي قائد الجيش عتاب بن ورقاء فقتله ، ووطئت الخيل زهرة بن حوية ، وكان هرم لا يقدر علي القيام ، فأخذ يذب بسيفه وهو جالس ، فضربه الفضل بن عامر الشيباني بسيفه ، فقتله ، ورآه شبيب قتيلا ، فقال : هذا زهرة بن حوية ، والله ، لئن قتل اليوم علي ضلالة ، لرب يوم من أيام المسلمين حسن فيه بلاؤه ، وعظم فيه غناؤه ، ولرب خيل للمشركين هزمها ، وسرية لهم ذعرها، وقتل في المعركة عمار بن يزيد الكلبي ، وأبو خيثمة بن عبدالله ، وانفل العسكر الأموي ، فأحضرهم شبيب ، فبايعوه ، وأطلقهم ، وحوي شبيب ما في المعسكر ، ثم قصد الكوفة ، فوجه الحجاج إليه الحارث بن معاوية الثقفي في ناس من الشرط ، فخرج في نحو ألف رجل ، فصدمه شبيب فقتله ، وعاد أصحابه منهزمين إلي الكوفة ، فأخذ أهل الكوفة بأطراف

ص: 105

السكك ، وجاء شبيب فاستقر بأقصي السبخة ، فأخرج الحجاج مولي له اسمه أبو الورد عليه تجفاف ، وقالوا : هذا الحجاج ، فحمل عليه شبيب فقتله ، ثم أخرج له الحجاج غلامه طهمان في مثل عدة أبي الورد ، وعلي هيأته ، فحمل عليه شبيب فقتله ، فخرج اليه الحجاج في جميع عسكره ، وشاغل شبيب في الحرب ، ثم بعث خالد بن عتاب إلي معسكر شبيب ، فقتل مصادر أخا شبيب، وقتل غزالة امرأة شبيب ، وأحرق معسكره، فكر شبيب راجعة وفك حصاره عن الكوفة ( الطبري 257/6 - 271)

. أقول : لما حمل شبيب علي طهمان ، حاسبة أنه الحجاج ، وضربه ، قال لما سقط : آخ ( بالخاء ) فقال شبيب : قاتل الله ابن أم الحجاج ، اتقي الموت بالعبيد ، ذلك إن العرب تقول عند التأوه ( آح ) بالحاء المهملة ( شرح نهج البلاغة 4/ 270).

وفي السنة 77 بعث الحجاج جندا من الكوفة ثلاثة آلاف بقيادة سفيان بن الأبرد ، وجندا من البصرة أربعة آلاف بقيادة زياد بن عمرو العتكي ، المحاربة شبيب ، فاجتمعوا بجسر دجيل، واشتبكوا وشبيب في معركة ضارية ، وتتاركوا لحلول الظلام ، وجاء شبيب ليعبر الجسر ، فنزل حافر فرسه علي حرف سفينة الجسر ، فسقط في الماء ، فأرتس، ثم ارتفع وهو يقول : ذلك تقدير العزيز العليم ، واحتواه الماء فغرق ، وانفل أصحابه ( الطبري 282-279/6)

وفي السنة 77 أعلن مطرف بن المغيرة بن شعبة ، وكان عام علي المدائن ، خلع عبد الملك بن مروان والحجاج ، وبايعه علي ذلك قوم ، وخرج يريد حلوان ، ثم عبرها ونزل قم وقاشان وإصبهان ، فبعث اليه الحجاج جندة ستة آلاف ، فاشتبكوا وأصحاب مطرف في معركة عنيفة ، وقاتل مطرف حتي قتل ، وقتل معه جماعة من أصحابه ، من الزهاد الأخيار ( الطبري 299-284/6)

ص: 106

وفي السنة 77 قتل أمير الخوارج قطري بن الفجاءة ، وأحد كبارهم عبيدة بن هلال ، وأمير من أمرائهم عبد ربه الكبير ، ومعهم كثير من أصحابهم ، وذلك إن الخوارج اختلفوا علي قطري ، فانخزل عنه منهم جماعة بايعوا عبد ربه الكبير ، فقصد قطري وأصحابه طبرستان ، فبلغ الحجاج ذلك ، فرد عليه جيشا عظيما من أهل الشام ، وجعل قائدهم سفيان بن الأبرد ، وكتب إلي جيش الكوفة بطبرستان ، أن ينضم إلي جيش سفيان ، فتقابلوا في شعب من شعاب طبرستان ، واقتتلوا ، فسقط قطري عن فرسه ، وقد هوي في الشعب ، فرموه بالحجارة ، واندفع اليه نفر من أهل الكوفة ، فقتلوه ، أما عبد ربه وأصحابه، فأقام بكرمان ، فحاربه المهلب ، فقتل عبد ربه ، وقتل أكثر أصحابه ، ولم ينج منهم إلا القليل ، وبقتل قطري وعبيدة بن هلال، ضعف أمر الخوارج ، وكان أمرهم قد اتصل بضعة وعشرين سنة ، وأول رؤسائهم نافع بن الأزرق ، وآخرهم قطري بن الفجاءة وعبيدة بن هلال ( الطبري 308/6 -311) وابن الأثير 437/4 - 443).

أقول : كان عبيدة بن هلال من متألهي الخوارج ، وشعرائهم ، وخطبائهم ، راجع في هذا الكتاب رأيه في الفرزدق وجرير في الباب الأول : الشتيمة ، الفصل الأول : الشتيمة مع ذكر اسم الله ، في بحث : لعنه الله .

معركة دير الجماجم ومسكن

وفي السنة 79 غزا عبيد الله بن أبي بكرة عامل سجستان ، رتبيل ملك الترك ، فانسحب رتبيل أمام جيش المسلمين ، حتي إذا أوغلوا في بلاده ، أطبق عليهم من كل جانب ، وأخذ الترك عليهم الدروب ، فصالحهم عبيد الله علي سبعمائة ألف درهم ، يؤديها إلي رتبيل علي أن يمكن جيش المسلمين من الخروج من أرضه ، فقال له شريح بن هانيء ، وهو من أصحاب الإمام علي إني بلغت من العمر طويلا، وقد كنت أطلب الشهادة منذ زمان ، وإن

ص: 107

فاتتني اليوم فلن أدركها حتي أموت ، ثم صاح : يا أهل الإسلام ، تعاونوا علي عدوكم ، من أراد الشهادة فإلي ، فأجابه قليل من المتطوعة ، وسار معه أهل الحفاظ وفرسان الناس ، فقاتلوا ، فقتل هانيء ، وقتل جماعة من أصحابه ، ونجا الباقون فخرجوا إلي دار الإسلام ( ابن الأثير 4/ 450 و 451)

ولما بلغ الحجاج ذلك ، بعث في السنة 80 جيش من أربعين ألف مقاتل ، عشرين ألفا من البصرة ، ومثلهم من الكوفة ، وأمر عليهم عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث ، فقصد بهم سجستان ، فانضم اليه جيش سجستان ، وحارب رتيبل ، وفي السنة 81 ألح عليه الحجاج في مناجزة رتيل ، فإن لم يناجزه فهو معزول ، فأعلن عبد الرحمن خروجه علي الحجاج، وصالح رتبيل علي أن ابن الأشعث إذا ظهر فلا خراج علي رتيبل أبدأ ما بقي ، وإن هزم فأراد ، الجاه عنده ، وأقبل عبد الرحمن يسير بالناس عائدة لحرب الحجاج ، وجاء حتي نزل البصرة ، وجاءه الحجاج بجند من الشام ، فاشتبك الجيشان في معركة ضارية، قتل فيها كثير من أصحاب ابن الأشعث ، من القراء والزهاد ، وانفل جيش عبد الرحمن ابن الأشعث ، فقصد الكوفة ودخلها ، وطرد منها جند الشام ، وانضاف اليه مع أهل الكوفة ، أهل البصرة ، وقصده الحجاج من البصرة ، فخرج إليه ، والتقي الجيشان في دير الجماجم ، ومع ابن الأشعث أهل الكوفة ، وأهل البصرة ، وأهل الثغور والمسالح ، والقراء من المصرين ، اجتمعوا جميعا علي قتال الحجاج ، وعدد من يأخذ العطاء منهم مائة ألف مقاتل، ومعهم مثلهم من مواليهم ، فبعث اليهم عبد الملك بن مروان أخاه محمد ، وابنه عبدالله ، فعرض علي ابن الأشعث أن يعزل عنهم الحجاج ، ولابن الأشعث أي بلد من العراق ( أي البصرة أو الكوفة ) يكون عليه واليا ما دام حيا وعبد الملك واليا ، ومال عبد الرحمن بن الأشعث إلي القبول ، ولكن جند العراق ، أبوا

ص: 108

ذلك ، وقالوا بخلع عبد الملك بن مروان مع الحجاج ، والتحم الجيشان في السنة 83 في معركة دير الجماجم ، فقتل رأس

كتيبة القراء جبلة بن زحر ، وكان من النشاك الزهاد ، شجرة الشاميون بالرماح ، فأذروه عن فرسه ، فوقع قتيلا ، وجزع عليه أصحابه من القراء مع ابن الأشعث ، ولما انتهت معركة دير الجماجم بانتصار الحجاج ، فتك في جيش ابن الأشعث فتكأ ذريعأ ، وجلس يبايع الباقين من أصحاب ابن الأشعث ، وكان لا يبايعه أحد الأ سأله : أتشهد أنك كفرت بخروجك علي ؟ فإن أقر بالكفر بايعه ، وإلا قتله ، وقتل منهم أحد عشر ألفأ غدرة ، خدعهم بالأمان ، حتي إذا اجتمعوا إليه ، أمرهم بوضع أسلحتهم ، ثم قتلهم بأجمعهم ( الطبري 322/6 - 359 ) وقد أثبتنا هذا الخبر في القسم الثالث ( القتل غدر ) من الفصل الأول ( القتل بالسيف ) من الباب الحادي عشر ( القتل ) فراجعه هناك .

ومن بعد معركة دير الجماجم ، وقعت معركة مسكن ، بين جند الحجاج ، وجند ابن الأشعث ، فقتل زياد بن غنيم القيني من أصحاب الحجاج ، وقتل من أصحاب ابن الأشعث ، أبو البختري الطائي ، وعبد الرحمن بن أبي ليلي ، ومشي بسطام بن مصقلة الشيباني ، في أربعة آلاف من أهل الحفاظ ، من أصحاب ابن الأشعث ، فكسروا جفون السيوف ، وقاتلوا قتالا شديدا ، فقتل قسم عظيم منهم ، وأخذ منهم بكير بن ربيعة ، فقتله الحجاج ( الطبري 366/6 و 367).

وفي السنة 85 قتل توبة بن الحمير العقيلي العامري، صاحب ليلي الأخيلية، قتل في إحدي غزواته ، قتله بنو عوف بن عقيل ( الاعلام 73/2 و 74)

وفي السنة 85 قتل موسي بن عبدالله بن خازم ، وكان من رجالات العرب ، قاتل مع أبيه ، ثم خرج يسير في بلاد خراسان ، فاستولي علي ترمذ، وحصره العرب والترك ، فلم يقدروا عليه ، وأقام في حصنه خمس

ص: 109

عشرة سنة ، وصار ما وراء النهر لموسي لا يعاره فيه أحد، وفي السنة 80 بعث المفضل بن المهلب عامل خراسان، عثمان بن مسعود ، وأمره بمحاربة موسي ، فخرج في جيش ، واستعان بالترك وطرخون ، فحصروا موسي مدة طويلة ، وخرج إليهم مرة يقاتلهم ، فعثر فرسه فسقط، ثم عاد فوثب علي فرسه ، فصاح عثمان : وثبة موسي ورب الكعبة ، وعادت فرس موسي فعثرت، فسقط عنها ، فانطووا عليه ، فقتلوه ، فجاء رجل من الجند ، فضرب ساق موسي ، فلما ولي قتيبة ، أخبر بذلك، فأحضره ، وقال له : ما حملك علي ما صنعت بفتي العرب بعد موته ؟ قال : كان قتل أخي ، فأمر به قتيبة ، فقتل بين يديه ( الطبري 409/6 - 412).

وفي السنة 87 غزا قتيبة بيكند ، وهي أدني مدائن بخاري إلي النهر ، فلما نزل بهم استنصروا الصغد ، واستمدوا من حولهم ، فأتوهم في جمع كثير ، وأخذوا الطرق علي قتيبة ، فانقطعت الأخبار عنه شهرين ، وهم يقتتلون في كل يوم ، وكان لقتيبة عين من العجم اسمه تندر ، أعطاه أهل بخاري مالا ليرد عنهم قتيبة ، فأتاه فقال له سرا : إن الحجاج قد عزل ، وقد أتي عامل الي خراسان ، فلو رجعت بالناس ، فأمر به فقتل ، خوفا من أن يظهر الخبر فيهلك الناس ، ثم أمر أصحابه ، بالجد في القتال ، فقاتلهم قتا شديدا ، فانهزم الكفار، وقتل منهم مقتلة عظيمة ، وتحصنوا في المدينة ، وسألوه الصلح ، فصالحهم ، واستعمل عليهم عام ، وارتحل يريد الرجوع فلما سار خمسة فراسخ نقضوا الصلح وقتلوا العامل ومن معه ، فرجع قتيبة وحصرهم ، فسألوه الصلح فأبي ودخل المدينة عنوة وقتل من كان بها من المقاتلة ( ابن الأثير 528/4 و 529).

وفي السنة 89 قتل داهر ملك السند ، قتله محمد بن القاسم الثقفي في معركة فاصلة ، وكان محمد قد استعمله الحجاج علي السند ، وسيره مع ستة آلاف مقاتل مجهزين بجميع ما يحتاجون إليه ، فقصد السند عن طريق

ص: 110

مكران ، وفتح في طريقه قزبور ، وارمائيل ، والديبل ، والبيرون ، وسربيدس ، وسهبان ، وسدوستان ، ثم التقي وداهر ، وكان داهر علي فيل وحوله الفيلة ، فاقتتلوا اقتتالا شديدا ، فقتل داهر ، وانهزم جيشه ، وقال الذي قتل داهر :

الخيل تشهد يوم داهر والقنا ****ومحمد بن القاسم بن محمد

أني فرجت الجمع غير مصرد**** حتي علوت عظيمهم بمهند

فتركته تحت العجاج مجدلا **** متعفر الخدين غير مود

ثم أتم محمد فتح السند ( ابن الأثير 536/4 - 539).

وفي السنة 90 فتح قتيبة بن مسلم بخاري ، ولما حصرها بجيشه ، استجاش صاحبها وردان خداه ، الصغد والترك ، فأتوه ، وقاتلوا اشد قتال ، ثم صالحوه فعاد عنهم ، فغدر نيزك ونقض العهد بينه وبين قتيبة ، فقصده قتيبة ، وحصره ، ثم بعث اليه من خدعه حتي أحضره بغير أمان ، فقتله بيده ، وأمر بقتل ابن أخيه ، وصول طرخان ، وقتل من أصحابه سبعمائة ( ابن الأثير 542/4 - 552).

وفي السنة 91 غزا قتيبة شومان وكش ونسف ، وكان ملك شومان طرد عامل قتيبة من عنده ، فبعث اليه قتيبة رسولين احدهما عربي اسمه عياش ، والآخر من أهل خراسان ، يدعوان ملك شومان الي الإلتزام بالعهد الذي قطعه علي نفسه مع قتيبة ، فخرج أهل شومان إليهما ، فرموهما ، فانصرف الخراساني ، وقاتلهم عياش ، فقتلوه ، ووجدوا به ستين جراحة ، فسار إليهم قتيبة ، وحصر حصنهم ، فلما أيس ملك شومان من الخلاص ، جمع ما كان بالحصن من مال وجوهر ، ورمي به في بئر بالقلعة ، لا يدرك قعرها ، ثم خرج إليهم فقاتل حتي قتل ، ثم فتح كش ونسف وفارياب ، وقصد الصغد فصالحه ملكها طرخون ودفع إليه رهنا ، وعاد قتيبة (ابن الأثير 553/4 و 554)

ص: 111

وفي السنة 92 غزا طارق بن زياد الأندلس في اثني عشر ألفا ، وقتل ملكها لذريق في معركة فاصلة ، وبعث فصائل من جيشه، ففتح قرطبة وغرناطة وما لقه وتدمير ، وقصد طليطلة فاستولي عليها .

وفي السنة 93 دخل موسي بن نصير ، أمير إفريقية والمغرب ، الأندلس ، وسار من طريق غير الطريق الذي سلكه مولاه طارق ، ففتح عدة مدن ، منها قرمونة ، وإشبيلية ، وماردة ، وباجة ، وسرقسطة ، ووصل إلي جيليقية ، واستخلف علي الأندلس ولده عبد العزيز ، وعاد فعبر البحر إلي سبتة ( ابن الأثير 556/4 - 567 ).

وفي السنة 93 غزا قتيبة خوارزم ، بطلب من ملكها خوارزم شاه ، وكان أخوه خرزاد قد غلبه علي السلطة ، وكثر تعدية علي الناس ، فكتب خوارزم شاه إلي قتية يدعوه لفتح خوارزم ، علي أن يسلم إليه أخاه ، وأن يعينه علي خصمه ملك خام جرد ، فغزا قتيبة خوارزم وصالحه ملكها علي فدية ، وأسلم إليه أخاه وأصحاب أخيه فقتلهم ، ثم غزا قتيبة خام جرد ، ففتحها ، وقتل ملكها ، ثم سار إلي سمرقند ، فاستجاش له الصغد جميع جيرانهم ، فاجتمع عليه ملك الشاش ، وخاقان ، وأخشيد فرغانة ، فحصرهم قتيبة ، وقتل منهم جماعة ، فصالحوه ، واشترط عليهم أن يدخل سمرقند فيصلي ويتغذي ويخرج ، فلما دخل ، قال لهم : لست خارجا منها، واستقر فيها ، فقال الناس : غدر قتيبة بأهالي سمرقند ( ابن الأثير 571/4 - 573 ).

أقول : لما استخلف الخليفة الصالح عمر بن عبد العزيز ، تظلم إليه أهالي سمرقند ، وشكوا اليه أن قتيبة غدر بهم ، إذ دخل سمرقند علي أن يخرج منها ، فمكث فيها وأخرجهم من أرضهم ، فأحالهم عمر الي القاضي ، فأقاموا لديه البينة علي مدعاهم ، فأصدر القاضي حكمه ، بأن يخرج الجيش من سمرقند ، وأن يعادوا إلي حالتهم الأولي التي كانوا عليها قبل غدر قتيبة ،

ص: 112

ثم تجري المراجعة بينهم ، فإما حرب وإما صلح ، فاقر السمرقنديون الصلح ( الطبري 568/6 ).

وفي السنة 95 خلع الحارث بن سريج بخراسان ، ولبس السواد ، ودعا إلي كتاب الله وسنة نبيه ، فخرج إليه نصر بن سيار في عشرة آلاف ، والحارث في أربعة آلاف ، فدعاهم الحارث إلي الكتاب والسنة ، فقال له قطن بن عبد الرحمن الباهلي : يا حارث ، أنت تدعو إلي الكتاب والسنة ، والله ، لو أن جبرائيل عن يمينك ، وميكائيل عن يسارك ، ما أجبتك ، فقاتلهم ، فأصابت قطن رمية في عينه ، فكان أول قتيل ( الطبري 95/7 و 97 ).

وفي السنة 96 فتح قتيبة كاشغر ، وأوغل حتي بلغ قريب الصين ، وكان يبعث طلائعه من فرسان الناس ، ومعهم من العجم من يستنصحه ، وإذا بعث طليعة بعث معه بنصف لوح منقوش ، وأبقي النصف الثاني عنده ، ويأمر الطليعة بأن يدفن النصف في موضوع يعينه له ، ثم يبعث بعد سفر الطليعة من يستخرجه من المحل الذي دفن فيه ، ليعلم أصدقت الطليعة أم لا ( ابن الأثير 8- 5/5)

وفي السنة 96 قتل قتيبة بن مسلم ، أمير خراسان ، وقتل معه أحد عشر رجلا من أهل بيته ، من بني مسلم ، منهم سبعة من صلب مسلم ، وأربعة من بني أبنائهم ، قتلوا في معركة غير متكافئة ، بين قتيبة وأهل بيته في جهة ، وبين الجند بقيادة وكيع بن أبي سود في الجهة الأخري ، وسبب ذلك : أن الوليد بن عبد الملك كان قد رغب في تنحيه أخيه سليمان بن عبد الملك عن ولاية العهد ، ومبايعة ولده عبد العزيز ، ومالأه علي ذلك كبار عماله ، ومنهم الحجاج وقتيبة بن مسلم ، فلما مات الوليد ، واستخلف سليمان ، أدرك قتيبة إنه سوف يلاقي من سليمان يوما عصيبا ، فأثران يتغذي بسليمان قبل أن يتعشي به ، فأعلن خلع سليمان ، فلم يؤيده الجند ، وحاربوه ، وقتلوه وجماعة من اهل بيته ، راجع القصة مفصلة في هذا الكتاب ، في الباب الأول :

ص: 113

الشتيمة ، الفصل الرابع ، القسم الثاني « مجموعة ألفاظ في الشتمية » .

وفي السنة 98 كان عبد الله بن معمر اليشكري ، يلي قهستان ليزيد بن المهلب أمير خراسان ، فثار عليه أهلها، وحاربوه ، فقتلوه ، وقتلوا معه جنده ، وكانوا أربعة آلاف ( الاعلام 284/3 ) ، فغزا يزيد بن المهلب جرجان وطبرستان ، وفي احدي المعارك خرج محمد بن أبي سبرة الجعفي فبارز تركيا قد صد الناس عنه ، فاختلفا ضربتين ، فثبت سيف التركي في بيضة ابن سيرة ، وضربه ابن أبي سبرة ، فقتله ، ثم أقبل وسيفه في يده يقطر دمة ، وسيف التركي في بيضته ، فنظر الناس إلي أحسن منظر رأوه من فارس ، ونظر يزيد إلي ائتلاف السيفين والبيضة والسلاح ، فقال : من هذا ؟ فقالوا : ابن أبي سبرة ( الطبري 33/6 ه ) ، ثم إن يزيد بن المهلب صالح صاحب طبرستان وقصد صولا التركي ، صاحب جرجان ، فصدمه صدمة عنيفة ، فصالحه عن نفسه وماله وثلثمائة من أهله وخاصته ، فأجابه يزيد، وخرج صول بماله وبثلثمائة ممن أحب ، فقتل يزيد من الأتراك أربعة عشر ألفا ، وأطلق الباقين ، وأعطي يزيد الجند أرزاقهم من الغنائم التي غنمها ، وأصاب يزيد بها تاجأ فيه جوهر ، فقال : أترون أن أحدأ يزهد في هذا ؟ قالوا : لا ، فدعا محمد بن واسع الأزدي ، فقال له : خذ هذا التاج ، قال : لا حاجة لي به ، فقال له : عزمت عليك ، فأخذه وخرج ، فلقي سائلا ، فدفعه إليه ، فأحضر يزيد السائل ، واستعاد منه التاج ، وعوضه عنه مالأ كثيرة ( ابن الأثير 29/5 - 36 ).

وفي السنة 101 خرج شوذب ، واسمه بسطام من بني يشكر، في ثمانين رجلا، فكتب عمر بن عبد العزيز إلي عامله علي الكوفة ، أن لا يحركهم إلا إذا سفكوا دم أو أفسدوا في الأرض ، وكتب عمر إلي شوذب ، طلب فيه منه أن يبعث إليه من يناظره ، فبعث إليه شوذب اثنين من أصحابه ، أحدهما حبشي اسمه عاصم ، والآخر من بني يشكر ، فقدما علي

ص: 114

عمر بخناصرة ، وجرت بينهم محاورة ، دلت علي مقدار ما كان يتحلي به عمر من فضل ومعرفة وعدل ، راجعها مفصلة في أبن الأثير 49/5 و 50 ، فقال له أحدهما وهو عاصم : أشهد أنك علي حق ، وأقام عنده ، أما اليشكري فقال له : ما أحسن ما ذكرت ، ولكني أعود إلي أصحابي فأعرض عليهم ما قلت وأعلم حجتهم ، وذهب ، فتوفي عمر بعد ذلك بأيام ( ابن الأثير 45/5 - 48) فلما توفي عمر ، أمر عامل الكوفة أحد قواده أن يهاجم شوذبة ، فتأهب المهاجمته ، فقال الخوارج : قد مات الرجل الصالح ، فاقتتلوا ، فانتصر شوذب ، وفر جيش الكوفة ، وجرح قائدهم محمد بن جرير في أسته ، ثم وجه يزيد بن عبد الملك إلي شوذب ، تميم بن الحباب في ألفين ، فقتلوه وقتلوا أصحابه ، فأرسل إليهم يزيد نجدة بن الحكم الأزدي في جيش ، فقتلوه وقتلوا أصحابه ، ثم وجه إليهم الشحاج بن وداع في ألفين ، فقتلوه وهزموا أصحابه ، ( ابن الأثير 68/5 - 70 ) فلما قدم مسلمة الكوفة لمحاربة يزيد بن المهلب الذي خرج بالبصرة ، شكا إليه أهل الكوفة مكان شوذب ، وخوفهم منه ، وما قتل منهم ، فبعث إليه سعيدا الحرشي في عشرة آلاف ، فرأي شوذب ما لا طاقة له به ، فقال لأصحابه : من كان يريد الله فقد جاءته الشهادة ، ومن كان يريد الدنيا فقد ذهبت الدنيا ، وإنما البقاء في الدار الآخرة ، وكسروا أغماد سيوفهم ، وحملوا ، فكشفوا سعيد الحرشي وأصحابه مرارا ، حتي خاف سعيد الفضيحة ، وذمر أصحابه ثم هجم بهم ، فطحنهم طحنا ، وقتلوا جميعا ( الطبري 575/6 - 578 ) .

وفي السنة 102 أقبل كورصول ، عظيم الترك ، وحصر قصر الباهلي ، فصالح أهل القصر الترك علي أربعين ألفا ، وأعطوهم سبعة عشر رجلا رهينة ، ولما بلغ المسلمين ذلك ، ندب عثمان بن عبد الله الناس ، فانتدب له المسيب بن بشر الرياحي ، ومعه أربعة آلاف ، وكان كلما تقدم نحو القصر ، انصرف عنه بعض من معه ، حتي انصرف عنه ألف وثلثمائة ، وسار

ص: 115

بالباقين فرسخا، فانصرف عنه ألف آخر ، ثم سار فرسخا آخر ، فانصرف عنه ألف ، حتي إذا كان علي فرسخين من القوم ، أخبروه بأن الترك قد قتلوا الرهائن الذين كانوا في أيديهم من المسلمين ، فوصلوا إلي القصر وكان من فيه قد أزمعوا علي قتل النساء والأطفال ، ثم يخرجون مستقتلين حتي يموتون ، فأمرهم المسيب بالصبر ، ثم جمع أصحابه وكانوا سبعمائة ، وأثار حماستهم ، وذمرهم ، فثاروا في السحر ، وهاجموا الترك ، وأبلي رجال من المسلمين ترجلوا وقاتلوا منهم البختري أبو عبد الله المرائي ، قاتل حتي قطعت يمينه ، فأخذ السيف بشماله فقطعت ، فجعل يذب بيديه حتي استشهد ومنهم محمد بن قيس الغنوي ، وزياد الأصبهاني ، ومعاوية بن الحجاج ، وثابت قطنة ، ضرب عظيمة من عظمائهم فقتله ، ونادي منادي المسيب لما انهزم الترك : لا تتبعوهم ، وأقصدوا القصر فاحملوا من لا يقدر علي المشي ممن فيه ، وقال لهم : من حمل امرأة أو صبية أو ضعيفا فأجره علي الله ، ومن أراد الأجر ، فله أربعون درهما ، وإن كان في القصر أحد من أهل عهدكم ( أي ذمي ) فاحملوه ، وانتهي رجل من فقيم إلي امرأة ، فقالت له : أغثني أغاثك الله ، فوقف وقال لها : دونك وعجز الفرس ، فوثبت فإذا هي علي عجز الفرس ، فإذا هي أفرس من رجل، وتأخر عنهم هلال الحريري ، فحملوه وبه بضع وثلاثون جراحة ، فبرأ ، ثم أصيب يوم الشعب مع الجنيد ، وعور في تلك الليلة أبو سعيد معاوية بن الحجاج الطائي ، وشلت يده ، وقد كان ولي لسعيد ولاية ، فبقي عليه شيء ، فدفعه سعيد إلي شداد بن خليد الباهلي ليحاسبه ويستأديه ، فضيق عليه شداد ، فقال : يا معشر قيس ، سرت إلي قصر الباهلي وأنا شديد البطش، حديد البصر، فعورت ، وشلت يدي ، وقاتلت مع من قاتل حتي استنقذناهم بعد أن أشرفوا علي القتل والأسر والسبي، وهذا صاحبكم يصنع بي ما يصنع، فكفوه عني، فخلاه ( الطبري 607/6 -612) .

ص: 116

معركة العقر

وفي السنة 102 قتل يزيد بن المهلب ، واصحابه في معركة العقر ، وذلك إن يزيد بن المهلب ، كان قد ولي خراسان لسليمان بن عبد الملك ، ففتح جرجان ، وكتب إلي سليمان بخبر الفتح ، وذكر أنه قد حصل عنده من الخمس ستمائة ألف ألف ، فقال له كاتبه المغيرة بن أبي قرة : لا تكتب بتسمية مال ، فإنك من ذلك بين أمرين ، إما طالبك بحمله إليه ، وإما أعطاكه ، فلا تجيئه من بعد ذلك هديه منك إلا استقلها ، ويبقي ذكر المال مخلدا في دواوينهم ، فإن ولي وال بعده أخذك به ، فلم يقبل يزيد، وأمره بإمضاء الكتاب ، فلما توفي سليمان ، وخلفه عمر بن عبد العزيز ، أرسل إلي يزيد فأحضره ، وطالبه بالمال الذي أقر به في كتابه إلي سليمان ، فقال له يزيد : كنت من سليمان بالمكان الذي رأيت ، وإنما كتبت إلي سليمان لأسمع به الناس ، وقد علمت أن سليمان لم يكن ليأخذني به ، فقال له عمر : لا أجد في أمرك إلا حبسك ، فاتق الله وأد ما قبلك ، فإنها حقوق المسلمين ولا يسعني تركها ، وحبسه حتي يؤدي ، فلم يزل محبوسا ، حتي اشتد مرض عمر بن عبد العزيز ، فخاف يزيد أن يقتله يزيد بن عبد الملك إذا ولي الخلافة، ففر من سجن عمر ، وكان سبب خوفه من يزيد ، أن سليمان بن عبد الملك لما ولي الخلافة ، طلب جميع رهط الحجاج ، من آل أبي عقيل ، وسلمهم إلي يزيد بن المهلب ، وكان أمير العراق ، ليستخلص منهم أموالهم ، فعذبهم ، وأمر بأموال الحجاج وعياله ، وكانوا بالبلقاء من أعمال دمشق ، فنقل الخزائن والعيال إليه ، وكان فيمن أتي به أخت لأم الحجاج زوجة يزيد بن عبد الملك ، وهي بنت أخي الحجاج محمد بن يوسف الثقفي ، فعذبها يزيد فيمن عذب ، فجاء يزيد بن عبد الملك ، إلي يزيد بن المهلب ، فشفع فيها ، فلم يشفعه ، فقال له : الذي قررتم عليها أنا أحمله ، فأبي يزيد ، فقال لابن المهلب : والله ، لين وليت من الأمر شيئأ لأقطعن منك

ص: 117

عضوا ، فقال له يزيد : وأنا - والله - لئن كان ذلك الأرمينك بمائة ألف سيف ، فحمل يزيد بن عبد الملك ، ما كان عليها ومقداره مائة ألف دينار، فأداه ، وحقدها علي يزيد ، فلما اشتد مرض عمر ، فر يزيد من السجن وكتب إلي عمر كتاب يقول فيه ، إني - والله - لو وثقت بحياتك لم أخرج من محبسك ، ولكني خفت أن يلي يزيد فيقتلني شر قتلة ، فلما ولي يزيد أمر باعتقال جميع آل المهلب فحبسهم أمير البصرة ، وفيهم المفضل وحبيب ومروان بنو المهلب ، ولما وصل يزيد إلي البصرة ، اختلف الناس إليه ، فجمع جمعا واستولي علي البصرة ، وواسط ، فجهز إليه يزيد بن عبد الملك جيشا من سبعين ألف مقاتل بقيادة أخيه مسلمة بن عبد الملك وإبن أخيه العباس بن الوليد بن عبد الملك ، فسار يزيد عن واسط حتي نزل العقر ، وقد أحصي ديوانه مائة وعشرين ألفا ، والتحم العسكران في معركة طاحنة ، فقتل يزيد بن المهلب وقتل قبله أخوته حبيب ، ومحمد ، والسميدع ، وأنهزم الناس، وكان معاوية بن يزيد بن المهلب بواسط، ولديه أسري محبسين ، فلما بلغه خبر قتل أبيه ، أخرجهم من الحبس ، اثنين وثلاثين أسيرة ، فضرب أعناقهم ، منهم عدي بن أرطاة أمير البصرة ، ومحمد ولده ، ومالك وعبد الله ابنا مسمع وآخرون ، ولما قتل يزيد ، اجتمع آل المهلب بالبصرة ، وأعدوا لهم السفن البحرية ، وحملوا فيها عيالاتهم وأموالهم ، ولججوا في البحر ، حتي إذا كانوا بحبال كرمان ، نزلوا من السفن ، وحملوا عيالاتهم وأموالهم علي الدواب ، فبعث مسلمة بن عبد الملك جيشا في طلبهم ، فأدركهم في عقبة كرمان ، فقاتلوه ، فقتل المفضل بن المهلب ، والنعمان بن ابراهيم بن الأشتر ، ورث كره بني أميه عن أبيه ابراهيم وجده مالك الأشتر ، ومحمد بن اسحاق بن محمد بن الأشعث ، وجرح أخوه عثمان جراحة شديدة ، وهرب إلي حلوان ، ودل عليه فقتل ، ومضي الباقون من آل المهلب حتي بلغوا قندابيل ، فلحق بهم جند بعث بهم مسلمة فاشتبكوا معهم في معركة ضارية فقتلوا عن آخرهم ، وحملت رؤوسهم ، وفي أذن كل واحد منهم رقعة فيها اسمه ،

ص: 118

ولحق أبو عيينة بن المهلب وعمر بن يزيد بن المهلب وعثمان بن المفضل بن المهلب بخاقان ورتبيل ، وحمل تسعة أحداث من أولاد بني المهلب إلي يزيد بن عبد الملك ، فضرب أعناقهم ، وهو تصرف بادي الخزاية ولكنه غير مستغرب من يزيد ، ولما أحضر هؤلاء الأحداث في مجلسه ، كان عنده كثير عزة ، فأنشده ابيات سل فيها سخيمته ، قال :

حليم إذا مانال عاقب مجملا**** أشد العقاب أو عفالم يثرب

فعفوأ أمير المؤمنين وحسبة ****فما تأته من صالح لك يكتب

أساءوا فإن تصفح فإنك قادر**** وأفضل حلم حسبة حلم مغضب

فأبي يزيد أن يعفو عنهم ، وأمر بهم فضربت أعناقهم في مجلسه ، وبقي غلام صغير ، فقال : اقتلوني معهم ، فما أنا بصغير ، فقال : انظروا اهل أنت ؟ فقال : أنا أعلم بنفسي ، فقد احتلمت ، فأمر به يزيد فقتل ( الطبري 578/6 - 602 وابن الأثير 5 / 34 - 89).

وتصرف مسلمة بن عبد الملك ، تصرفة مخزية كذلك ، فإنه سبي نساء آل المهلب ، وأصر علي أن يبيعهم بيع الرقيق ، فاشتراهم الجراح بن عبد الله الحكمي بمائة ألف درهم وأطلقهم ، ولم يأخذ مسلمة منه شيئا .

قال كثير عزة : ضحي بنو أمية بالدين يوم ألطف ، وبالكرم يوم العقر .

وفي السنة 102 قتل في معركة مع الإفرنج بالأندلس ، الأمير السمح بن مالك الخولاني ، في وقعة البلاط ، وكانت قرطبة عاصمة إمارته وهو الذي بني قنطرتها ( الاعلام 203/3 ).

وفي السنة 104 غزا الحرشي الصغد ، فحصرهم في خجندة ، وجرت علي بابها معركة ضارية ، فانكسر الصعد، وطلبوا الصلح ، فصالحهم علي أن لا يحدثوا حدثأ ، فان أحدثوا حلت دماؤهم ، ثم بلغ الحرشي أن امرأة مسلمة قتلت ، فأحضر قاتلها فقتله ، فقتل الصغد مائة وخمسين رجلا من

ص: 119

المسلمين كانوا عندهم أسري ، فانتقض الصلح ، وقاتل الصغد بالخشب ، فقتل منهم ثلاثة آلاف ، ثم توجه إلي حصن تحصن به دوشتي ، دهقان سمرقند ، فنزل ديوشتي علي حكم الحرشي ، فأكرمه ، وصالح أصحاب القلعة علي أن لا تسبي نساؤهم ويسلموا القلعة ، ثم وافي كتاب ابن هبيرة باطلاق ديوشتي ، فقتله الحرشي وصلبه ( بعد الأمان الذي أعطاه ) ، ثم نزل علي كش ، فصالحه ملكها سبكري ، ونزل بالأمان ، فغدر به وقتله وصلب جثته ومعه الأمان ( ابن الأثير 109-107/5 )

وفي السنة 104 اجتمعت الخزر، وأعانهم القفجاق وغيرهم من الترك ، ولاقوا المسلمين في موضع يعرف بمرج الحجارة ، فاقتتلوا اقتتالا شديدة ، فقتل كثير من المسلمين ، وغنم الخزر مافي عسكرهم ، فاستعمل يزيد بن عبد الملك الجراح بن عبد الله الحكمي علي أرمينية وأمده بجيش كثيف ، فلاقاه الخزر يقودهم ابن ملكهم ، فظفر المسلمون بالخزر، وقتل منهم خلق كثير ، ثم فتح حصونة عدة ، وحصر حصن بلنجر ، وهو من أشهر حصون الخزر ، واشتبك الجيشان في معركة ضارية ، فانهزم الخزر ، واستولي المسلمون علي الحصن ( ابن الأثير 110/5 - 113 ).

وفي السنة 105 خرج مسعود بن أبي زينب العبدي ( من عبد القيس ) بالبحرين ، فاستولي عليها ، ثم قصد اليمامة ، وعليها سفيان بن عمرو العقيلي ، فالتقيا بالخضرمة ، وأسفر القتال عن قتل مسعود ، وقام بأمر الخوارج بعده هلال بن مدلج ، فقاتلهم ، فقتلت زينب أخت مسعود ، فتحصن هلال وأصحابه في قصر هناك ، فنصبوا عليه السلالم ، وصعدوا إليه فقتلوه ، واستأمن أصحابه فأمنوا ( ابن الأثير 118/5 و 119) .

وفي السنة 105 خرج مصعب بن محمد الوالبي ، ومعه مالك بن الصعب ، وجابر بن سعد ، وهم من رؤساء الخوارج ، فأمروا عليهم مصعبة ، وأمروا معه اخته آمنة ، وساروا معه ، فوجه إليهم خالد القسري جيشا ،

ص: 120

فلاقاهم في اعمال الموصل ، فقتلوا جميعا ( ابن الأثير 119/5 و 120 ).

وفي السنة 106 غزا مسلم بن سعيد الترك ، فلما بلغ فرغانة ، لاقاه خاقان ملك الترك ، فحاربه ، فقتل جماعة من المسلمين ، وقتل المسيب بن بشر الرياحي ، والبراء ، وكان من فرسان المهلب ، وقتل أخو غوزك ، وسار مسلم حثيثا ليتخلص من الترك ، فأرسل إليه حميد بن عبد الله ، وكان علي الساقة : قف لي ، فإن خلفي مائتي رجل من الترك ، حتي أقاتلهم ، وكان حميد مثقل جراحة ، فوقف له ، وعطف حميد علي الترك ، فقاتلهم ، وأسر قائد الصغد ، وقائد الترك ، فانهزم الباقون ، ورجع حميد ، فرمي بنشابة في ركبته ، فمات ( ابن الأثير 128/5 و 129 ).

وفي السنة 107 خرج عباد الرعيني باليمن محكمة ، ومعه ثلثمائة من أصحابه، فحاربهم يوسف بن عمر، أمير اليمن ، فقتلوا بأجمهم ( الطبري 40/7) . وفي السنة 110 في معركة مع الترك بما وراء النهر ، مير ثابت قطنة بعبد الملك بن دثار الباهلي ، فقال له : هل لك في الجهاد ؟ فقال : أمهلني حتي أغتسل وأتحنط ، فوقف له حتي أغتسل ، ثم مضيا ، وقال ثابت لأصحابه : أنا أعلم بقتال هؤلاء منكم ، وحرضهم ، فحملوا ، واشتد القتال ، فقال ثابت قطنة : اللهم إني كنت ضيف ابن بسطام البارحة ، فأجعلني ضيفك الليلة ، وحمل ، وحمل أصحابه، فرجع أصحابه ، وثبت هو ، ورمي برذونه فشب ، وضربه فأقدم ، وضرب ثابت ، فارتث ، فقال وهو صريع : اللهم ، إني اصبحت ضيفة لابن بسطام ، وأمسيت ضيفك ، فإجعل قراي منك الجنة ، فقتلوه ، وقتلوا معه عدة من المسلمين ، منهم صخر بن مسلم بن النعمان العبدي ، وعبد الملك بن دثار الباهلي ( ابن الأثير 10/5 و151).

وفي السنة 110 حصر خاقان مدينة كمرجة ، وهي من أعظم مدن خراسان ، وبها جمع من المسلمين ، فتحصنوا بها ، وتراموا بالسهام ، فأصابت بازغري أحد كبارهم نشابة في سرته ، فمات من ليلته ، فغضبوا لموته ،

ص: 121

وأخذوا الأسري الذين عندهم وهم مائة ، فيهم أبو العوجاء العتكي ، والحجاج بن حميد النضري ، فقتلوهم ، ورموا إليهم برأس الحجاج ، وكان عند المسلمين مائتان من أولاد المشركين رهائن فقتلوهم ، وحمي الوطيس ، واشتد القتال ، وتقدم ملك الطاربند ، وقاتل وهو علي ثلمة في السور إلي جنب بيت فيه رجل مريض من تميم ، فرماه التميمي بكلاب فتعلق بدرعه ، ثم نادي النساء والصبيان فجذبوه ، فسقط لوجهه ، ورماه رجل بحجر ، فأصاب أصل أذنه ، فصرع، وطعنه آخر فقتله ، فاشتد قتله علي الترك ، ثم اتفق الطرفان علي هدنة ، يرتحل بموجبها خاقان عنهم ، ويرتحلون هم عن كمرجة إلي الدبوسية، وتم ذلك ( ابن الأثير 151/5 -154).

وفي السنة 111 ولي الجنيد بن عبد الرحمن ، خراسان ، لهشام بن عبد الملك ، فقدم خراسان في خمسمائة ، وامتد إلي ما وراء النهر ، وكتب إلي سلفه أشرس ، وكان يقاتل أهل بخاري والصغد : أن أمدني بخيل ، فوجه إليه عامر بن ملك الحماني ، فعرض لعامر الترك والصغد ، فدخل حائط حصينا ، وقاتلهم علي الثلمة ، فانهزم الترك وقتل عظيم من عظمائهم ، ووصل إلي الجنيد ، فالتحم الجنيد والترك في معركة ضارية ، وكاد الجنيد أن يهلك ومن معه ، ثم ظفر الجنيد، وأسر ابن أخي خاقان ، فبعث به إلي هشام ( ابن الأثير 156/5 و 157 ) .

وفي السنة 112 قتل الجراح بن عبد الله الحكمي، دخل بلاد الخزر، وحاربهم فهزمهم، فاجتمع عليه الخزر والترك ، واقتلوا أشد قتال ، وصبر الفريقان ، فاستشهد الجراح ومن كان معه بمرج اردبيل ، فلما قتل طمع الخزر وأوغلوا في البلاد ، حتي قاربوا الموصل وكان الجراح خيرا ، فاضة ، من عمال عمر بن عبد العزيز ، ولما بلغ هشام خبره ، دعا سعيدة الحرشي ، وقال له : بلغني أن الجراح انحاز ( اي هرب ) عن المشركين ، قال : كلا يا أمير المؤمنين ، الجراح أعرف بالله من أن يهزم ، ولكنه قتل ، فبعث به هشام إلي أرمينية ، فوصل مدينة أرزن ، ولقيه جماعة من أصحاب الجراح ، فردهم

ص: 122

معه ، وفتح بهم خلاط ، وما يليها من الحصون ، حتي وصل برذعة ، وكان ابن خاقان يومئذ بأذربيجان يغير وينهب ، ويسبي ويقاتل ، وهو محاصر مدينة ورثان ، فخاف الحرشي أن يملكها ، فأرسل بعض أصحابه ، إلي أهل ورثان سرا ، يعرفهم وصوله ، ويأمرهم بالصبر ، فسار القاصد، إلي ورثان ، واعتقله الخزر وهو في طريقه ، ووعدوه بإطلاق سراحه ، إن أخبر أهل ورثان بأنه لا مدد لهم ، ولكن الرجل وقف موقفا بديعة من مواقف النبل والشهامة ، والتضحية ونكران الذات ، إذا أخبر أهل ورثان ، بأنه رسول الحرشي إليهم ، وإنه قادم لخلاصهم ، فرفع أهل ورثان أصواتهم بالتكبير والتهليل ، وثبتوا علي مقاومة أعدائهم ، وقتلت الخزر الرجل ، ورحلوا عن ورثان ، فوصل الحرشي إليها، ثم فارقها إلي أردبيل، فارتحل الخزر عنها، وبلغ الحرشي باجر وان ، فجاء من أخبره بأن عسكر للخزر، عشرة آلاف ، ومعهم أساري مسلمون خمسة آلاف ، علي أربعة فراسخ ، فسري إليهم الحرشي لي ، وكبسهم مع الفجر ، فأستأصلهم جميعا غير رجل واحد ، وإستنقذ الاسري المسلمين منهم ، ثم جاءه من أخبره بوجود جيش للخزر ومعهم حرم الجراح وأولاده أسري ، فسار الحرشي إليهم ، وهاجمهم ، فأبادهم ، ولم يفلت إلا الشريد ، واستنقذ حرم الجراح وأولاده ، وأكرمهم ، وأحسن إليهم ، فحشد له ابن ملك الخزر في عساكر كثيرة ، والتقيا بأرض برزند ، واقتتل الجيشان أشد قتال ، واستغاث الأساري المسلمون الذين هم في يد الخزر، فحمي المسلمون ، واشتدت نكايتهم في العدو ، فولي الخزر الأدبار ، وغنم المسلمون ما في معسكرهم ، ثم عاود ابن ملك الخزر الكرة ، فاصطدم بجيش المسلمين علي نهر البيلقان ، وكانت العاقبة للمسلمين ، وكان من غرق من الخزر أكثر ممن قتل المسلمون ( ابن الأثير 159/5 - 162).

وفي السنة 112 خرج الجنيد أمير خراسان ، غازية يريد طخارستان ، فوجه عمارة بن حريم إلي طخارستان في ثمانية عشر ألفة ، ووجه ابراهيم بن

ص: 123

بسام الليثي في عشرة آلاف إلي وجه آخر ، وعبر الجنيد ، فنزل كش ، ثم قصد سمرقند ، فكان علي أربعة فراسخ منها ، فصبحه خاقان في جيش عظيم يشتمل علي أهل الصغد وفرغانه والشاش وطائفة من الترك ، واشتبك الفريقان في معركة حامية ، فقتل عبيد الله بن زهير ، وابن جرقاش، والفضيل بن هناد ، وتداول راية الأزد ثمانية عشر رجلا فقتلوا ، وقتل من الأزد ثمانون ، وتقاتل الناس حتي أعيوا ، فكانت السيوف لا تقطع ، وقطع عبيدهم الخشب يقاتلون به ، حتي من الفريقان ، فكانت المعانقة ، ثم المحاجزة ، وقتل من الأزد عبد الله بن بسطام ، ومحمد بن عبد الله بن حوزان ، والحسن بن شيخ ، والفضيل صاحب الخيل ، ويزيد بن الفضل الحداني ، وكان قد حج فأنفق في حجته ثمانين ومائة ألف ، وقال لأمه : إدعي الله أن يرزقني الشهادة ، فدعت له ، وغشي عليها ، فاستشهد بعد مقدمه من الحج بثلاثة عشر يوما ، وقتل النضر بن راشد العبدي ، وكان قد دخل علي امرأته ، والناس يقتتلون ، فقال لها : كيف أنت إذا أتيت بأبي ضمرة ( يعني نفسه ) في لبد مضرجا بالدم ، فشقت جيبها ، ودعت بالويل ، فقال لها : حسبك ، لو أعولت علي كل أنثي لعصيتها ، شوقا إلي الجنة ، وقاتل حتي استشهد ، ولما اشتد ضيق الجنيد بعث إلي سورة بن الحر ، وهو محاصر بسمرقند يستنجد به ، فخرج إليه في اثني عشر ألفأ ، فلاقاه الترك وقاتلوه ، فجمع سورة الخيل وصك الترك بها صكأ ، وسقط سورة فاندقت فخذه ، وقتلهم الترك فلم ينبج منهم غير ألف أو ألفين ، واستشهد حليس بن غالب الشيباني ، وأنحاز المهلب بن زياد العجلي في سبعمائة إلي رستاق يسمي المرغاب ، فنزلوا قصرا هناك ، فأتاهم الاشكند صاحب نسف ، في خيل ومعه غوزك ، فأعطاهم غوزك الأمان ، فنزلوا بالأمان ، وسيقوا إلي خاقان ، فقال : لا أجيز أمان غوزك، وقتلهم، وعاد الترك إلي محاربة الجنيد ، فنادي الجنيد : أي عبد قاتل فهو حر ، فقاتل العبيد قتالا عجيبة ، وانهزم الترك ، ودخل الجنيد سمرقند ، ثم زحف إلي

ص: 124

بخاري ، وكان نصر بن سيار قد أبلي في هذه الأيام بلاء حسنا ( ابن الأثير 170 -162/5)

وفي السنة 113 قتل أحد أبطال المسلمين عبد الوهاب بن بخت ، وكان يحارب مع البطال في المعارك مع الروم ، فانكشف الناس عن البطال ، فألقي عبد الوهاب بيضته عن رأسه ، وصاح : أمن الجنة تفترون ؟ ثم تقدم في نحور العدو ، وخالط القوم ، فقتل فرسه وقتل ( الطبري 88/7 ).

وفي السنة 113 كان عبد الرحمن بن عبدالله الغافقي أمير الأندلس ، ولاه عليها في السنة 110 عبيدة بن عبد الرحمن السلمي ، أمير إفريقية لهشام ، فخرج عبد الرحمن في غزاة ببلاد الافرنج ، وعبر جبال البيرانس ، وأوغل في بلاد الغال ، وفتح مدينة بوردو ، ودحر جيوش شارل مارتل ( والد شارلمان ) ثم جمع شارل مارتل جيشأ آخر ، ونشبت حرب دامية في بواتية ، بقرب نهر اللوار ، قتل فيها عبد الرحمن ( ابن الأثير 174/5 والأعلام 84/4 و85 ) .

وفي السنة 116 خلع الحارث بن سريج ، ولبس السواد ، ودعا إلي كتاب الله وسنة نبيه ، والبيعة للرضا ، وكان في أربعة آلاف ، فحاربه نصر بن سيار وهو في عشرة آلاف ، فانتصر الحارث ، ودخل بلخ ، ثم فتح الجوزجان والطالقان ومرو الروذ ، ثم قصد مرو في ستين ألفا ، وفيها عاصم بن عبد الله أمير خراسان ، فالتقوا ، فانهزم جيش الحارث ، وغرق منهم بشر كثير ، وغرق خازم بن عبدالله بن خازم ، من أصحاب الحارث ( ابن الأثير 183/5 و 184).

وفي السنة 117 استعمل هشام بن عبد الملك علي إفريقية والأندلس ، عبيد الله بن الحبحاب ، وكان علي مصر ، فاستخلف عليها ولده ، وسار إلي إفريقية ، وبعث حبيب حفيد عقبة بن نافع غازية إلي المغرب ، ثم سيره في

ص: 125

البحر الي جزيرة سردانية ، فظفر ، فسره ثانية إلي صقلية في السنة 122 ومعه ابنه عبد الرحمن بن حبيب ، فظفر ، وحصر سراقوسة ، حتي صالحوه علي الجزية ، ثم عاد إلي إفريقية لينجد عبيد الله لأن البربر ثاروا عليه لسوء سيرة ولده إسماعيل الذي استعمله علي طنجة ، فظلم الناس ، فثاروا عليه مسلمهم وكافرهم ، ورأسوا عليهم ميسرة السقاء ، وكان خارجية صفرية ، فقتلوا القائد عمر بن عبدالله المرادي ، واستولوا علي طنجة ، وبايعوا ميسرة بالخلافة ، وخوطب بأمير المؤمنين وكثر جمعه ، ثم إن البربر انكروا من ميسرة بعض سيرته فقتلوه ، وولوا أمرهم خالد بن حميد الزناتي ، فسير اليهم عبيد الله جيشا يقوده خالد بن حبيب فانكسر جيشه وقتل خالد في جماعة من أصحابه من حماة العرب وفرسانها، فسميت غزوة الأشراف ، وانتقضت إفريقية والأندلس، فعزل هشام عبيدالله في السنة 123 واستعمل كلثوم بن عياض القشيري ، وسيره علي رأس جيش كثيف ، فقتل كلثوم في أول معركة مع البربر ، وقتل معه حبيب بن أبي عبيدة ووجوه العرب، فظهر خارجي اسمه عكاشة بن أيوب الفزاري ، وحارب جيش القيروان فهزمه أولا ، وقابل جيشأ آخر فانهزم عكاشة ، وانفل جيشه ، فبعث هشام حنظلة بن صفوان الكلبي أميرة علي إفريقية ، فزحف إليه عكاشة الخارجي ، وبعد معركة ضارية انهزم عكاشة ، وقتل من البربر ما لا يحصي ، ثم حاربهم خارجي آخر اسمه عبد الواحد بن يزيد الهواري ، فهزمهم ، وكان جيشه يشتمل علي ثلثمائة ألف مقاتل ، فحصر القيروان ، فكسر الناس أجفان سيوفهم وحملوا علي الخوارج حملة واحدة ، في موضع يعرف بالأصنام ، فانهزم الخوارج والبربر ، وقتل عبد الواحد، وحمل رأسه إلي حنظلة ، وأمر حنظلة بإحصاء القتلي من الخوارج والبربر فعجز الناس حتي عدوهم بالقصب ، فكانت عدة القتلي مائة ألف وثمانين ألفا ، ثم أسر عكاشة مع طائفة أخري بمكان آخر، فحمل الي حنظلة ، فقتله ، وكان الليث بن سعد يقول : ما غزوة إلي الآن أشد بعد غزوة بدر ، من غزوة العرب بالأصنام ( ابن الأثير 190/5 -194).

ص: 126

وفي السنة 119 غزا أسد القسري ، عامل خراسان ، الختل ، وحاربهم فانتصر ، وبلغ خاقان ملك الترك أن أسد في حال مضيعة ، فأراد أن يصطلمه ، فحشد له ، وقصده ، وبعد معارك عدة ، قتل خاقان ( الطبري 113/7-124)

وفي السنة 119 خرج البختري ، صاحب الأشهب ، علي خالد القسري في ستين ، فوجه خالد إليه السمط بن مسلم البجلي في أربعة آلاف ، فاقتلوا بناحية الفرات ، فانهزمت الخوارج ، وقتلوا ( ابن الأثير 212/5)

وفي السنة 119 خرج الصحاري بن شبيب بن يزيد، وكان قد أتي خالدة وسأله الفريضة ، فقال خالد : وما يصنع ابن شبيب بالفريضة ؟ فمضي ، وندم خالد ، وخاف أن يفتق عليه فتقا ، فطلبه ، فلم يرجع إليه ، فلامه أصحابه علي مواجهة خالد وطلبه الفريضة ، فقال : ما أردت الفريضة ، وإنما أردت التوصل إليه لئلا ينكرني ، ثم أقتله بفلان ( يريد رجلا من الصفرية كان خالد قتله صبرأ )، ثم خرج في ثلاثين رجلا، فوجه اليه خالد جندا ، فلاقوه ، فقاتلهم قتالا شديدا ، فقتلوه وجميع أصحابه ( ابن الأثير 213/5)

وفي السنة 119 قتل بهلول بن بشر ، والبهلول لقب له ، واسمه كثارة ، وكان متألها زاهدأ ، مشتهرة بالبأس ، وكان قوته في كل يوم دانقا واحدة ، فخرج يريد الحج ، فأمر غلامه أن يبتاع له خلا بدرهم ، فجاءه غلامه بخمر ، فأمره برده وأخذ الدرهم ، فلم يجبه البائع إلي ذلك ، فجاء بهلول إلي عامل القرية ، وهي من السواد، فكلمه ، فقال له العامل : الخمر خير منك ومن قومك ، فمضي بهلول في حجه حتي فرغ منه ، وعزم علي الخروج علي السلطان ، ولقي بمكة من كان علي رأيه ، فاتعدوا علي قرية من قري الموصل، فاجتمع بها أربعون رجلا ، وأمروا عليهم البهلول ، حتي

ص: 127

انتهوا إلي القرية التي كان ابتاع الغلام فيها الخل فأعطي خمرة ، فجاء إلي العامل فقتله ، فبعث إليه خالد القسري بعث ، فهزمه بهلول ، وبلغ بهلول أن ستة نفر من أهل الكوفة ، خرجوا إليه يريدون اللحاق به ، فقتلوا في قرية صريفين ، فجاء بهلول إلي القرية ، وسأل عمن قتلهم ، وأظهر إنه جاء من قبل خالد ليعطيهم ما لقتلهم من قتلوا ، فتقدم إليه قوم أدعوا أنهم القتلة ، فخشي بهلول أن يكون هؤلاء قد ادعوا ذلك حبا في الربح ، وسأل أهل القرية عنهم ، فأيدوا أنهم القتلة ، فأمر بهم فقتلوا ، وبعث إليه خالد بعثة آخر ، فحاربه البهلول ، فانفل البعث ، ومر البهلول بالموصل ، فخافه صاحب الموصل ، وكتب إلي هشام بأن خارجة خرجت ، فكتب إليه هشام : وجه لها كثارة ، فقال العامل : إن كثارة هو الخارج ، فبعثوا إليه جندا من الكوفة ، وجندا من الجزيرة، فلما رأي كثرتهم وهو في سبعين ، استقتل وكان عدد محاربيه من الجيوش عشرين ألفا ، فخاض معهم معركة غير متكافئة حتي قتل ( ابن الأثير 209/5 -212).

وفي السنة 121 غزا نصر بن سيار الشاش ، فأغار عليهم الأخرم ، فارس الترك ، فقتله المسلمون ، ورموا برأسه إلي الترك ، فصاحوا وانهزموا ، ثم سار نصر إلي فرغانة ، فحاصر قبا ، واقتلوا ، فقتل الدهقان ، وأسر ابنه ، فقتله نصر ( ابن الأثير 238/5 ).

وفي السنة 122 قتل الإمام زيد بن علي بن الحسين ، بعث به هشام بن عبد الملك إلي الكوفة ، فأقبلت الشيعة إليه ، وبايعوه ، وبلغ عدد من بايعه أربعون ألفا ، وحلفوا له الإيمان المغلظة علي تأييده ، فجاء إليه مسلمة بن كھيل ، فقال لزيد : أنشدك الله كم بايعك ؟ قال : أربعون ألفا ، قال : فكم بايع جدك ؟ ( يريد الحسين ) فقال : ثمانون ألفا ، قال : فكم بقي معه ؟ قال : ثلثمائة ، قال : نشدتك الله أنت خير أم جدك ؟ قال : جدي ، قال : فهذا القرن خير أم ذلك القرن ؟ قال : ذلك القرن ، قال : أفتطمع أن يفي

ص: 128

لك هؤلاء ، وقد غدر أولئك بجدك ؟ وكتب إليه عبدالله بن الحسن بن الحسن يصده عن الخروج ، فلم يصغ إليه ، وأمر أصحابه بالإستعداد ، وألح يوسف بن عمر الثقفي ، عامل العراق لهشام في البحث عنه ، فخاف أن يؤخذ ، وتعجل في خروجه ، فلما خرج كان مجموع من وافاه مائتين وثمانية عشر رجلا ، فاشتبك مع جند الشام في عدة معارك في داخل الكوفة ، كان الظفر فيها لزيد، وحمل نائل بن فروة العبسي من أهل الشام علي نصر بن خزيمة من أصحاب زيد ، فضربه بالسيف ، فقطع فخذه ، وضربه نصر فقتله ، ولم يلبث نصر أن مات ، وحمي الوطيس ، فقتل معاوية بن اسحاق الأنصاري وقاتل بين يدي زيد قتالا شديدا حتي قتل ، ثم رمي زيد بسهم ، فأصاب جبهته اليسري ، فثبت في دماغه ، فأحضروا له طبيبأ ، فانتزع النصل ، فلما نزع النصل مات ، فدفنه أصحابه في نهر يعقوب ، سكر أصحابه الماء ، ودفنوه ، ثم أجروا الماء ، و يوسف علي قبره، فاستخرجه ، وقطع رأسه ، وصلب بدنه بالكناسة هو ونصر بن خزيمة ومعاوية بن اسحاق وزياد النهدي، وبعث الرأس إلي هشام ، فعلق علي باب دمشق ، ثم أرسل إلي المدينة ، وبقي البدن مصلوبة إلي أن مات هشام ، وولي الوليد ، فأمر به فأنزل وأحرق ( ابن الأثير 229/5 - 247).

وفي السنة 122 قتل عبدالله الانطاكي ، الملقب بالبطال ، أحد أبطال المسلمين ، في معركة مع الروم ، وكان له عندهم ذكر عظيم ، وخوف شديد ، وروي إنه دخل بلادهم في بعض غزواته ، ودخل قرية لهم ليلا ، فسمع امرأة تقول لصغير لها يبكي : اسكت ، وإلا اسلمتك للبطال ، ثم رفعته بيدها، وقلت : خذه يا بطال ، فتناول البطال من يدها، ثم أعاده إليها ( ابن الأثير 248/5 ).

وفي السنة 125 قتل يحيي بن الإمام زيد بن علي بن الحسين بالجوزجان ، وكان يحيي مع والده في المعركة التي قتل فيها بالكوفة، فلما

ص: 129

قتل أبوه ، انصرف إلي بلخ ، فطلبه أمير العراق يوسف بن عمر ، فانتقل الي نيسابور ، فقاتله واليها عمرو بن زرارة ، وكان يحيي في سبعين ، وعمرو في عشرة آلاف ، فانتصر يحيي ، وقتل عمرة ، فبعث نصر بن سيار ، صاحب شرطته سلم بن أحوز المازني ، فقاتل يحيي قتالا شديدأ ، فأصاب يحيي سهم عاثر في جبهته ، فسقط قتيلا، وحمل رأسه إلي الوليد بن يزيد ، وصلب جسده بالجوزجان ، وبقي مصلوبة إلي أن ظهر أبو مسلم الخراساني ، فأنزل الجثة، وصلي عليها ، ودفنها، وقتل سلم بن أحوز ( الاعلام 179/9)

وفي السنة 126 قتل يزيد بن الطثرية ، الشاعر المطبوع من بني قشير ، في يوم الفلج الأول ، وسبب ذلك إن الوليد بن يزيد لما قتل ، كان علي اليمامة علي بن المهاجر ، استعمله عليها يوسف بن عمر ، فقال له المهير : أترك لنا بلادنا ، فأبي ، فحاربه المهير ، فهرب علي ، وتأمر المهير علي اليمامة ، ثم مات ، واستخلف عبدالله بن النعمان ، فاستعمل المندلث علي الفلج ، فقاتله بنو كعب بن عامر ، فقتل المندلث وجماعة من أصحابه ، ومنهم يزيد بن الطثرية ، والطثرية أمه ، واسم أبيه : المنتشر ( ابن الأثير 299/5 ).

وفي السنة 127 سار مروان الجعدي في جنود الجزيرة، لمحاربة إبراهيم بن الوليد ، الذي خلف يزيد بن الوليد ، وكان مروان في ثمانين ألفا ، فلاقاه جيش إبراهيم في مائة وعشرين ألفأ، واشتبك الجيشان في معركة ، مظفر مروان ، وقتل من جيش إبراهيم سبعة عشر ألفأ ، فلما رأي أصحاب إبراهيم ظفر مروان ، عمد يزيد بن خالد القسري إلي سجن دمشق ، فقتل الحكم وعثمان ولدي الوليد بن يزيد ، وضرب عنق يوسف بن عمر ثأرا لأبيه خالد ، لأن الوليد بن يزيد اسلمه إلي يوسف بن عمر فعذبه حتي قتله ، ولما دخل مروان دمشق ، ثار من بدمشق من موالي الوليد بن يزيد إلي عبد العزيز بن الحجاج بن عبد الملك، فقتلوه، ونبشوا يزيد بن الوليد من قبره ،

ص: 130

فصلبوه علي باب الجابية ، فبويع مروان بالخلافة ، وأمن إبراهيم بن الوليد وسليمان بن هشام ، فقدما عليه بحران ، فبايعاه ( ابن الأثير 321/5 -324)

وفي السنة 127 انتقض أهل حمص علي مروان ، فسار إليهم وحاربهم ، فقتل منهم جماعة ، وصلب خمسمائة حول المدينة ، ثم خالف عليه أهل الغوطة ، وولوا عليهم يزيد بن خالد القسري ، وحصروا دمشق ، فوجه إليهم مروان جيشأ من عشرة آلاف ، فانهزموا ، وقتل يزيد ، وقتل معه عمر بن هانيء العبسي ، وكان عابدأ ، كثير المجاهدة ، ثم خالف علي مروان أهل فلسطين ، فسير اليهم جيشأ فهزمهم ، ثم خرج عليه سليمان بن هشام وعسكر بقنسرين، واجتمع إليه نحوا من سبعين ألفا من أهل الشام ، وجاء مروان في جيشه ، فاقتتلا ، ففر سليمان ومن معه ، وقتل من جيشه ما ينوف علي ثلاثين ألف قتيل ، وقتل إبراهيم بن سليمان ، وهو أكبر ولده ، وخالد بن هشام المخزومي ، خال هشام بن عبدالملك ، وانتهي سليمان في هزيمته إلي حمص ، فعسكر بها وحضنها ، فقصده مروان ، واقتتلا ، فظفر مروان ، وقتل من عسكر سليمان نحو ستة آلاف ، فلما بلغ سليمان ذلك ، غادر حمص إلي تدمر ، فنزل مروان علي حمص ، ونصب عليهم نيفة وثمانين منجنيقة يرمي بها بالليل والنهار ، فطلبوا الأمان ، فأمنهم علي أن يمكنوه من سعيد بن هشام ، وابنيه عثمان ومروان ، ومن رجل يسمي السكسكي كان يغير علي عسكره ، ومن حبشي كان يشتم مروان، فأسلموهم إليه ، وسار عنهم ( ابن الأثير 328/5 - 334).

وفي السنة 127 خرج الضحاك بن قيس بالكوفة في ثلاثة آلاف ، فقاتله عامل العراق ، عبدالله بن عمر بن عبد العزيز ، وهو في أكثر من ثلاثين ألفا ، فانكسر عبدالله بن عمر ، وقتل أخوه عاصم ، وجعفر بن عباس الكندي صاحب شرطته ، واستولي الضحاك علي الكوفة ، وأرضها ، والسواد ، فقال

ص: 131

عبدالله يرثي أخاه : ( الطبري 316/7 - 320) .

رمي غرضي ريب الزمان فلم يدع**** غداة رمي للقوس في الكفت منزعا

رمي غرضي الأقصي فأقصد عاصمأ ****آخأ كان لي حرز ومأوي ومفزعا

فليت المنايا كن خفن عاصمأ **** فعشنا جميعا أو ذهبن بنا معا

وفي السنة 128 اصطلح الضحاك بن قيس الخارجي ، وعبدالله بن عمر عامل العراق ، فقدم عبدالله عليه ، وصلي خلفه ، فانصرف عنه الضحاك ، واستولي علي الموصل بمواطأة من أهلها، ثم قصد نصيبين فحاصرها ، وهو في مائة وعشرين ألفا ، فقصده مروان في جنده ، فترجل الضحاك في ستة آلاف من ذي الثبات من أصحابه ، وأحدقت بهم خيل مروان، فأصطلموهم ، وعثروا علي الضحاك بين القتلي ، وفي وجهه أكثر من عشرين ضربة ، فبايع أصحابه الخيبري ، فقتل ، فبايعوا أبا الذلفاء شيبان بن عبد العزيز اليشكري ، فانسحب بهم إلي الموصل، فتبعهم مروان ، وظل يحاربهم ستة أشهر ، فارتحلوا عن الموصل الي حلوان ، فالأهواز ، ففارس ، فالبحرين ، فعمان ، وكان الخوارج بعمان أباظية ، وشيبان وأصحابه صفرية ، فاقتتلوا ، فقتل شيبان ومن معه ( الطبري 344/7 - 351- 463).

وفي السنة 128 قتل الحارث بن سريج بخراسان ، وكان قد خرج منذ السنة 116 علي عامل خراسان ، ولبس السواد ، وخلع طاعة بني مروان ، ودعا إلي الكتاب والسنة ، واستولي علي الجوزجان والطالقان ومرو الروذ ، وعظم أمره ، وارتفع عدد جيشه ألي ستين ألفا ، ثم انكسر ، فرحل إلي بلاد الترك ، وأقام اثنتي عشرة سنة ، ثم أمنه يزيد بن الوليد ، فعاد إلي مرو ، وعرض عليه نصر عامل خراسان ، أن يوليه ، وأن يعطيه مائة ألف دينار ، فأبي ، وقال : أنا لا أطلب الدنيا ، وإنما أطلب العمل بكتاب الله وسنة نبيه ، واستعمال أهل الخير ، ثم اختلف مع نصر بن سيار، فحاربه، فقتل من

ص: 132

الطرفين كثير ، ثم انهزم أصحاب الحارث ، فثبت ، وقتل وقتل معه جماعة كثيرة من أصحابه ( الطبري 330/7 - 340).

وفي السنة 129 قتل نصر بن سيار عامل خراسان ، وزعيم المضرية ، جديع بن علي الكرماني ، زعيم اليمانية ، لقب بالكرماني لأنه ولد بكرمان ، وكان نصر وجديع قد اشتبكا في حرب طويلة ، وكان الكرماني قد قتل الحارث بن سريج ، فقصده ابن الحارث وطعنه في خاصرته ، فخر عن داتبه ، وقتل ، فالتحق ولده علي بن جديع بأبي مسلم الخراساني ، مخاصمة منه النصر بن سيار ( الطبري 371/7 ).

وفي السنة 129 قتل بشر بن جعفر السعدي عامل مرو الروذ لنصر بن سيار ، قتله خازم بن خزيمة ، من شيعة بني العباس ، وكان خازم لما أراد الخروج بمرو الروذ ، منعه بنو تميم ، فقال لهم : إنما أنا رجل منكم أريد أن أغلب علي مرو ، فإن ظفرت فهي لكم، وإن قتلت فقد كفيتم أمري ، فكقوا عنه ، فلما أمسي ، بيت أهل مرو ، فقتل بشرا عاملها ( ابن الأثير 361/5 ).

وفي السنة 129 قتل أبو الخطار حسام بن ضرار الكلبي الذي كان أميرة بالأندلس ، وسبب ذلك إن ثوابة بن سلامة الذي تأمر بالأندلس ، توفي ، فاختلف المضرية واليمانية ، في اختيار خلفه ، كل فئة تريده منها، ثم حسمت الفتنة باختيار الأمير من قريش ، فأختير يوسف بن عبد الرحمن الفهري ، وأراد أبو الخظار حسام بن ضرار الكلبي أن يستعيد إمارته ، فجمع اليمانية ، واجتمع المصرية حول الصميل بن حاتم ، واقتتلوا أياما كثيرة قتا لم يكن بالأندلس أعظم منه ، فانهزمت اليمانية ، واستتر أبو الخطار ، فدل عليه ، وأخذه الصميل بن حاتم فقتله ، ثم خرج علي يوسف الفهري ، ابن علقمة اللخمي بأربونة ، فقتل وحمل رأسه إلي يوسف ، ثم خرج عليه عذرة الذمي ، لقب بالذمي لاستعانته بأهل الذمة ، فانتصر أولا ، وانكسر أخيرة وقتل ( ابن الأثير 375/5 و 376) .

ص: 133

وفي السنة 130 قتل شيبان بن سلمة الحروري ، رأس الخوارج ، وسبب قتله إن علي بن جديع الكرماني ، كان قد اجتمع مع شيبان علي قتال نصر بن سيار ، لأن نصرا قتل جديع أبا علي وصلبه ، فلما فر نصر من مرو ، وصالح علي بن جديع أبا مسلم الخراساني ، فارق شيبان عليا ، وتنحي عن مرو ، فبعث أبو مسلم إلي شيبان يطلب منه أن يبايعه ، فقال شيبان : أنا أدعوك إلي بيعتي ، وسار شيبان إلي سرخس ، فبعث إليه أبو مسلم جيشأ، فقتل شيبان وعدة من أصحابه ( الطبري 385 و 386).

وفي السنة 130 وجه أبو مسلم الخراساني ، قحطبة بن شبيب إلي طوس في عدة من القواد والجند، لمحاربة نصر بن سيار ، عامل خراسان ، فالتقي الجيشان بطوس ، فانهزم أصحاب نصر ، وقتل منهم بضعة عشر ألفة ، وقتل تميم بن نصر ، وكثير من قواده وجنده ( الطبري 388/7 - 390).

وقصد قحطبة جرجان ، وعاملها نباته بن حنظلة ، ولاه عليها يزيد بن عمر بن هبيرة أمير العراق ، وكان مع نباته جند من أهل الشام ، فاقتلوا ، فقتل نباته ، وقتل معه عشرة آلاف من جند الشام ، وبعث قحطبة إلي أبي مسلم برأس نباته ، ورأس ابنه حية ( الطبري 391/7 و 392).

ثم بلغ قحطبة أن أهل جرجان علي وشك الإنتقاض عليه فاستعرضهم، وقتل منهم ثلاثين ألفا ( الطبري 401/7 ).

وفي السنة 130 قتل أبو حمزة الخارجي واسمه المختار بن عوف الأزدي السليمي البصري ، وكان أول أمره من الخوارج الأباظة ، يوافي كل سنة مكة ، يدعو الناس إلي خلاف مروان بن محمد ، وكان قد ورد مكة في السنة 129 وهو في سبعمائة فحجوا ، وخرج عامل مكة والمدينة وهو عبد الواحد بن سليمان بن عبد الملك من مكة إلي المدينة ، فجرد علي أبي حمزة وأصحابه بعثة ، فظفر بهم أبو حمزة وقتل منهم خلفا كثيرة ، ثم دخل

ص: 134

المدينة ، وخرج بأصحابه يريد الشام لقتال مروان ، وكان مروان قد جرد له أربعة آلاف فارس بقيادة عبد الملك بن محمد بن عطية السعدي ، فالتقوا بوادي القري ، فقال أبو حمزة لأصحابه : لا تقاتلوهم حتي تختبروهم ، فصاحوا بهم : ما تقولون في القرآن والعمل به ؟ فقال الشاميون : نضعه في الجوالق ، فقالوا لهم : ما تقولون في مال اليتيم ؟ قالوا : نأكل ماله ونفجر بأمه ، فقال أبو حمزة لأصحابه : قد حل لكم قتالهم، فاشتبكوا في معركة ضارية ، فقتل أبو حمزة وكثير من أصحابه ، وعاد فله إلي المدينة منهزمين ، فوثب بهم أهل المدينة ، فقتلوهم ( الطبري 398/7 و 399 وابن الأثير 351/5 ، 373، 391). وممن قتل في هذه المعارك من خصوم أبي حمزة ، ما يقرب من ثلثمائة رجل من أهل المدينة من قريش، منهم أمير أهل المدينة عبد العزيز بن عبدالله ، وحمزة بن مصعب بن الزبير ، وابنه عمارة ، وابن أخيه مصعب ، وقتل من أصحاب أبي حمزة بلج بن عيينة ( سماه صاحب الأعلام 71/8 عقبة ) بن الهيصم الأسدي ، وأبو الحر علي بن الحصين التميمي ، من فقهاء الأباظية ، وعبد العزيز القاريء المدني المعروف بيشكست النحوي ، وكان من أهل المدينة يكتم مذهب الخوارج، فلما دخل أبو حمزة المدينة انضم إليه ( الطبري 398/7 وابن الأثير 391/5 ) والأعلام 31/8 و 93/5 ).

وفي السنة 130 لما قتل محمد بن عطية ، أبا حمزة الخارجي ، أقام بالمدينة شهرة ، ثم سار نحو اليمن ، وبلغ عبدالله بن يحيي ، الملقب الطالب بالحق مسيره ، وهو بصنعاء فأقبل إليه بمن معه ، فنشبت بينهما معركة ، فقتل ابن يحيي ، وحمل راسه الي مروان بالشام ( ابن الأثير 392/5)

وسار آبن عطية إلي صنعاء ، فدخلها وأقام بها ، فكتب إليه مروان يأمره أن يسرع السير ليحج بالناس ، فسار في اثني عشر رجلا، وخلف

ص: 135

عسكره أربعين ألفا وخيله بصنعاء ، فلما نزل الجرف أتاه ابنا جمانة المراديان في جمع كثير ، وقالوا له ولأصحابه : أنتم لصوص ، فأراهم ابن عطية كتاب الخليفة بتأميره علي الموسم ، فقالوا : هذا باطل، فأنتم لصوص ، وحاربوه ، فقاتلهم ابن عطية قتالا شديدا ، حتي قتل ( ابن الأثير 392/5 والطبري 398/7 ، 400) .

أقول : راجع ما صنعه الوليد بن عروة ، ابن أخي محمد بن عبد الملك ، انتقاما لعمه من الذين قتلوه ، في الباب الرابع عشر من الكتاب « التعذيب بالنار » القسم الأول من الفصل الأول ( الاحراق ) وفي الباب التاسع عشر ( المرأة ) الفصل الخامس ( ألوان أخري من القتل ) .

وفي السنة 131 قتل القائد عامر بن ضبارة ، قائد جيش الأمويين ، وكان نصر بن سيار عامل خراسان لمروان الحمار ، كتب إليه يستنجد به ، ويطلب مددأ ، وجاء في كتابه إليه : إما أنا بمنزلة من أخرج من بيته إلي حجرته ، ثم أخرج من حجرته إلي داره ، ثم أخرج من داره إلي فناء داره ، فإن أدركه من يعينه ، فعسي أن يعود إلي داره وتبقي له ، وإن أخرج من داره إلي الطريق ، فلا دار له ولا فناء ، فكتب مروان إلي يزيد بن عمر بن هبيرة عامله علي العراق ، أن يبعث إليه مددأ ، فكتب ابن هبيرة ، إلي ولده داود ، وإلي عامر بن ضبارة . أن يسيرا لملاقاة قحطبة ، قائد جيش أبي مسلم الخراساني ، الداعية العباسي ، وكان يقال لعسكر ابن ضبارة ، عسكر العسكر ، والتقي الجيشان ، قحطبة في عشرين ألفأ، والجند الأموي مائة وخمسون ألفا ، فانكسر الجند الأموي ، وفر داود بن يزيد بن هبيرة ، فسأل عنه عامر بن ضبارة ، فقيل : انهزم ، فقال : لعن الله شرنا منقلبأ ، وقاتل حتي قتل ( الطبري 401/7 -406).

وفي السنة 131 كان الحسن بن قحطبة ، يحاصر نهاوند ، وبلغه خبر قتل

ص: 136

عامر بن ضبارة ، فكبر وأصحابه ، فقال عاصم بن عمير السعدي ، الملقب هزار مرد ، للجيش المحصور في نهاوند ، أخرجوا إلي الحسن بن قحطبة ، فإنكم تقومون له ، فإذا جاء أبوه معه ، لم تقوموا له ، فأبوا عليه ، وسار قحطبة إلي ابنه ، وطلب من المحصورين خروجهم بالأمان ، فأبي الخراسانيون ، ورضي أهل الشام ، وخرجوا إلي قحطبة ، وقالوا للخراسانيين : أخذنا الأمان لنا ولكم ، فخرجوا جميعا ، فأمر قحطبة بقتل الخراسانيين ، ووفي لأهل الشام بالأمان ، وكان ممن قتل من أهل خراسان ، عاصم بن عمير من ابطال العرب ، وأبو كامل، وحاتم بن الحارث بن سريج ، وابن نصر بن سيار ، وعلي بن عقيل ، وبيهس ( ابن الأثير 400/5)

وفي السنة 131 وجه قحطبة القائدين أبا عون عبد الملك بن يزيد الخراساني ومالك بن طرفة الخراساني ، في أربعة آلاف إلي شهرزور ، وبها عثمان بن سفيان علي مقدمة عبدالله بن مروان الحمار ، واشتبكوا في معركة فقتل عثمان وانهزم أصحابه ( ابن الأثير 400/5 -401).

وفي السنة 132 عبر قحطبة بن شبيب الفرات في جيشه العباسي ، القتال ابن هبيرة والجيش الأموي ، واشتبك في معركة علي شاطيء الفرات ، فضرب معن بن زائدة ، قحطبة بالسيف علي حبل عاتقه ، فسقط في الفرات ، فأخرجوه ، فقال لهم : إذا أنا مت ، فشدوا يدي ، وألقوني في الماء ، لئلا يعلم الناس بموتي ، ففعلوا ذلك ، وقام ولده الحسن بن قحطبة بأمر الجيش ( ابن الأثير 403/5 404).

وفي السنة 132 قتل معاوية بن سفيان بن معاوية بن يزيد بن المهلب ، وكان أبوه قد ولي البصرة للعباسيين ، وقدمها وعليها سلم بن قتيبة الباهلي ، للأمويين ، فكتب إليه يأمره بالتحول من دار الإمارة ، فأبي ، وحاربه ، فقتل معاوية بن سفيان ، فانكسر سفيان القتل ولده وانهزم ( ابن الأثير 406/5 ).

ص: 137

وفي السنة 132 قتل يحيي بن معاوية بن هشام ، أخو عبد الرحمن الداخل ، في معركة الزاب ، مع مروان الحمار ( الأعلام 218/9 ).

وفي السنة 132 اقتحم العباسيون دمشق ، وقتلوا أميرها الوليد بن معاوية بن مروان بن عبد الملك ، وكان يليها لمروان الحمار ( الاعلام 144/9)

وفي السنة 132 قتل مروان الحمار ، آخر الحكام الأمويين ، بوصير من اعمال مصر ، وكانت هزائمه قد توالت ، من معركة الزاب بالعراق ، فمر بحران ، وحمص ، ودمشق ، وفلسطين ، والعريش ، حتي نزل ببوصير ، واشتبك هناك في معركة مع الجيش العباسي ، فقتل في المعركة، وحمل رأسه إلي السفاح ( ابن الأثير 417/5- 426).

ولما أحضر رأس مروان ، ووضع بين يدي السفاح ، سجد لله شكرا ، وقال : الحمدلله الذي أظفرني بك ، وأظهرني عليك ، قد قتلت بالحسين وبني أبيه ، من بني أمية مائتين ، وأحرقت شلو هشام ، بابن عمي زيد بن علي ، وقتلت مروان بأخي إبراهيم ( مروج الذهب 203/2 ).

وفي السنة 132 بيض أبو الورد مجزأة بن الكوثر الكلابي، أي إنه خرج علي بني العباس ولبس البياض شعار بني أمية ، لأن العباسيين شعارهم السواد ، وسبب ذلك : إن أبا الوردكان من قواد مروان، فلما قتل، دخل في طاعة بني العباس ، وكان يقيم بقنسرين، وكان أولاد مسلمة بن عبد الملك مجاورين له ، بيالس والناعورة ، فقدم قائد من قواد عبد الملك بن علي فاضطهد أولاد مسلمة بن عبد الملك ، فشكوا ذلك إلي أبي الورد ، فخرج من مزرعته واسمها خساف ، حتي هجم علي القائد وهو بحصن مسلمة ، فقتله وقتل من معه ، وبيض وخلع عبدالله بن علي ، ودعا أهل قنسرين إلي ذلك ، فبيضوا بأجمعهم ، ثم بيض أهل دمشق بأجمعهم ، وقدموا عليهم أبا

ص: 138

محمد السفياني بن عبدالله بن زيد بن معاوية ، وكانوا في أربعين ألفا ، واقتلوا مع جيش عبدالله بن علي ، فكانت الدائرة أول الأمر علي الجيش العباسي ، وقتل منهم ألوف ، ثم عاود الجيش العباسي الكرة ، وثبت أبو الورد في نحو خمسمائة من قومه وأهل بيته ، فقتلوا جميعا ، وهرب السفياني ولحق بتدمر ، ثم بالحجاز ، وبلغ عامل الحجاز للمنصور الموضع الذي استتر السفياني فيه ، فبعث إليه من قتله ، وأخذ آبنين له أسيرين ، وبعث بالرأس والإبنين إلي المنصور ( الطبري 443/7 - 445).

وفي السنة 133 خرج شريك بن شيخ المهري ببخاري ، وهو أحد انصار العباسيين ، خرج علي أبي مسلم الخراساني ، لما أبصر جوره وظلمه ، وقال : ما علي هذا اتبعنا آل محمد ، أن تسفك الدماء ، ويعمل فينا بغير الحق ، وآزره أكثر من ثلاثين ألفا ، فقاتله أبو مسلم وقتله ( الأعلام 239/3)

ولما غدر أبو جعفر المنصور بيزيد بن عمر بن هبيرة ، وقتله في السنة 133 بعد أن أمنه ،، خرج ولده المثني بن يزيد باليمامة ، وكان أميرها ، وجمع جمعأ ، فبعث إليه عامل المدينة القائد أبا حماد الأبرص، واسمه ابراهيم بن حسان السلمي ، فقتل المثني وأصحابه ( ابن الأثير 448/5 ).

وفي السنة 134 خلع بسام بن إبراهيم بن بسام ، من فرسان أهل خراسان، وخرج بالمدائن ، فوجه اليه السفاح خازم بن خزيمة ، فاقتتلوا ، فانهزم بسام وأصحابه ، وقتل منهم كثير ( ابن الأثير 450/5 ).

وفي السنة 134 قتل شيبان بن عبد العزيز اليشكري الحروري ، أحد شجعان الخوارج ، وكان قاتل مروان في نواحي ماردين ، ثم انصرف إلي الموصل ، ثم تراجع إلي البصرة ، ثم أرسي بجزيرة بن كاوان ، ثم صار إلي عمان ، وهم صفرية ، وكان في عمان الجلندي وأصحابه وهم أباظية ،

ص: 139

فاقتتلوا فيما بينهم ، فقتل شيبان ومن معه ، ثم قدم خزيمة بن خازم عمان علي رأس جيش ، فلقيهم الجلندي وأصحابه ، فاقتتلوا اقتالا شديدا ، وكثر القتل في أصحاب خازم ، وقتل أخ له من أمه في تسعين رجلا، واقتتلوا من الغد، فقتل من الخوارج تسعمائة ، واحرق منهم تسعون ، ثم أمر خازم خلال المعركة بإحراق بيوتهم وكانت من خشب ، فلما أضرمت النار في بيوتهم أنصرفوا إليها فغشيهم خازم وأصحابه وقتلوا الجلندي وقتلوا أصحابه ، وبلغ عدد القتلي عشرة آلاف بعث برؤوسهم إلي البصرة ، فحملت إلي السفاح ( ابن الأثير 451/5 و 452).

وفي السنة 135 خرج زياد بن صالح ، أحد القواد الخراسانيين في ما وراء النهر ، فقصده أبو مسلم ، فانفصل قواد زياد عنه ، وانصرفوا إلي أبي مسلم ، فلجأ زياد إلي دهقان هناك فقتله وبعث برأسه إلي أبي مسلم ، وعلم أبو مسلم أن الذي أفسد زياد هو سباع بن النعمان الأزدي ، وقيل له إن السفاح بعث به ، وأمره إن رأي فرصة من أبي مسلم أن يقتله ، فأمر بسباع فحبس بأمل ، ثم كتب إلي عامله بأمل أن يقتل سباع فقتله ( ابن الأثير 455/5)

وفي السنة 137 خرج عبدالله بن علي ، علي المنصور ، فسير إليه أبا مسلم الخراساني ، وبعد معركة عنيفة ، انهزم عبد الله ، وانفل جيشه ، وقصد عبدالله أخاه سليمان بن علي بالبصرة ، فتواري عنده ( ابن الأثير 464/5۔ 468)

وفي السنة 137 خرج سنباذ في خراسان ، يدعو للمطالبة بدم أبي مسلم الخراساني ، واستولي علي نيسابور وقومس والري ، فوجه اليه المنصور جيش اشتبك معه في معركة ، فقتل من أصحابه نحوا من ستين ألفا ، ثم قتل سنباذ بين طبرستان وقومس ( الطبري 495/7 ).

وفي السنة 137 خرج ملبد بن حرملة الشيباني ، وحكم بناحية

ص: 140

الجزيرة ، فوجه إليه أبو جعفر المنصور تسعة بعوث ، فانتصر ملبد عليها جميعا ، وفقها ، وهزم جندها ، فوجه إليه المنصور خازم بن خزيمة في ثمانية آلاف ، فالتحم معه في معركة ضارية ، فقتل الملبد وألف ومائة من أصحابه ، وهرب الباقون ( الطبري 495/7 - 499).

وفي السنة 138 خرج علي المنصور أحد قواده جمهور بن مرار العجلي ، فوجه إليه المنصور محمد بن الأشعث الخزاعي ، فانكسر جيش جمهور ، وقتل من أصحابه خلق كثير ، ولحق جمهور بأذربيجان ، فأخذ وقتل ( الطبري 497/7 ).

وفي السنة 143 ثار بالأندلس رزق بن النعمان الغاني علي عبد الرحمن الداخل ، وكان رزق علي الجزيرة الخضراء ، فاجتمع اليه خلق عظيم ، فسار إلي شذونة فملكها، ودخل مدينة إشبيلية ، فحصره عبد الرحمن فيها وقتله ( ابن الأثير 512/5 ).

وفي السنة 144 قتيل أبو الخطاب عبد الأعلي بن السمح المعافري الحميري ، زعيم الأباظية في إفريقية ، وكان قد استولي علي طرابلس الغرب، وحكم إفريقية كلها ، فوجه المنصور إليه جيشأ بقيادة أمير مصر محمد بن الأشعث، فقتله ، وقتل اثني عشر ألفا من أصحابه ( الأعلام 42/4 ) .

وفي السنة 145 ظهر بالمدينة محمد بن عبدالله بن الحسن بن الحسن ، الملقب بالنفس الزكية ، فبعث إليه المنصور عيسي بن موسي في جيش ، وقاتل محمد حتي قتل ، فلما أحضر رأسه الي عيسي ، قال لأصحابه : ما تقولون فيه ؟ فوقعوا فيه ، فقال : كذبتم ، ما لهذا قتلناه ، وإنه كان صواما قواما ، ولكنه خالف أمير المؤمنين ، وشق عصا المسلمين ( ابن الأثير 543/5- 551).

وممن قتل مع محمد بن عبدالله النفس الزكية ، أخوه موسي بن

ص: 141

عبد الله ، والحسين وعلي ابنا زيد بن علي بن الحسين ، ولما بلغ المنصور أن ابني زيد أعانا محمد عليه ، قال : عجبا لهما قد خرجا علي ، وقد قتلنا قاتل أبيهما كما قتله ، وصلبناه كما صلبه ، وأحرقناه كما أحرقه ، وقتل مع محمد ، حمزة بن عبدالله بن محمد بن الحسين ، وعلي وزيد ابنا الحسن بن زيد بن علي وكان أبوهما مع المنصور ، والحسن ويزيد وصالح بنو معاوية بن عبدالله بن جعفر ، والقاسم بن اسحاق بن عبدالله بن جعفر، والمرجي علي بن جعفر بن اسحاق بن علي بن عبد الله بن جعفر ، وكان أبوه مع المنصور ، ومن غير بني هاشم محمد بن عبد الله بن عمرو بن سعيد، ومحمد بن عجلان ، وعبدالله بن عمر بن حفص بن عاصم ، أخذ أسيرة ، فأحضر أمام المنصور فقال له : أنت الخارج علي ؟ قال : لم أجد إلا ذلك ، أو الكفر بما أنزل الله علي محمد ، ( ابن الأثير 552/5 و 553).

وفي السنة 145 لما ظهر محمد بن عبدالله ( النفس الزكية ) بالمدينة ، كان من أقوي أنصاره ابن خضير ، وهو من أولاد المصعب بن الزبير ، وقد دعاه قائد الجيش العباسي حميد بن قحطبة أن ينزل علي الأمان ، فأبي، وظل يحارب حتي قتل ، وأحتر رأسه وكأنه باذنجانة مفلقة من كثرة الجراح ، ولما رأي ابن خضير الخلل في أصحاب محمد، عاد إلي المدينة ، فدخل إلي حيث سجن رياح بن عثمان المري عامل المدينة ، وأخوه عباس ، فذبح رياحا ، ولم يجهز عليه ، فجعل رباح يضرب برأسه الجدار حتي مات ، ثم أحرق ابن خضير الديوان ، كي لا يؤخذ من بايع محمدأ فيعاقبون ، ثم عاد إلي المعركة من جديد ، فجعل ابن قحطبة يدعوه إلي الأمان ويشح به علي الموت ، وهو يشد بسيفه علي الناس راجلا ، فخالط الناس ، فضربه ضارب علي أليته فحلها ، فرجع الي اصحابه وشق ثوبا فعصبها إلي ظهره ، وعاد إلي القتال ، فضربه ضارب علي حجاج عينه ، فأغمض السيف عينه ، وخر ، فابتدره القوم ، واحتوا رأسه ، فلما قتل ترجل محمد ، وقاتل علي جثته ، حتي قتل .

ص: 142

ولما قتل ابن خضير ، كانت أخته أمينة بنت خضير ، خارج المدينة ، فمر بها رجل مصعد من المدينة ، فسألته : ما فعل محمد ؟ فقال : قتل ، قالت : فما فعل ابن خضير ؟ قال : قتل ، فخرت ساجدة ، فقال لها زوجها : أنسجدين أن قتل أخوك ؟ قالت : نعم ، أليس لم يفر ولم يؤسر ( الطبري 591/7 - 594 و605).

وفي السنة 145 ظهر إبراهيم بن عبد الله بن الحسن بن الحسن ، أخو النفس الزكية ، بالبصرة ، فوجه إليه المنصور عيسي بن موسي في خمسة عشر ألفا، وكان ديوان إبراهيم قد أحصي مائة ألف ، وكان معه لما فصل عن البصرة عشرة آلاف ، ونزل بباخمري ، علي ستة عشر فرسخا من الكوفة ، واشتبك مع الجيش العباسي ، وكان علي ابراهيم قباء زرد ، فآذاه الحر، فحل ازرار قبائه ، وشال الزرد حتي سال عن ثدييه ، وحسر عن لبته ، فأتته نشابة عائرة فأصابته في لبته ، فنحرته ( ابن الأثير 565/5 - 570).

ولما أتي المنصور برأس إبراهيم ، وضعه بين يديه ، وجلس مجلس عاما، وأذن للناس ، فكان الداخل يسلم ، ويتناول إبراهيم فيسيء القول فيه ، ويذكره بالقبيح ، التماسا لرضا أبي جعفر ، وأبو جعفر ممسك ، متغير اللون ، حتي دخل جعفر بن حنظلة ، فوقف ، فسلم ، ثم قال : عظم الله أجرك يا أمير المؤمنين في ابن عمك ، وغفر له ما فرط فيه من حقك ، فأسفر لون أبي جعفر وأقبل عليه ، فقال : أبا خالد ، مرحبا وأه ، ها هنا ( الطبري 648/7 و 649).

وفي السنة 146 دخل العلاء بن مغيث الأندلس ، ولبس السواد ، ودعا للمنصور العباسي ، واجتمع إليه خلق كثير ، فخرج إليه عبد الرحمن الداخل ، وقاتله بنواحي إشبيلية ، فقتل من أصحابه سبعة الاف ، وقتل العلاء ( ابن الأثير 575/5 ).

ص: 143

وفي السنة 147 أغار أستراخان الخوارزمي ، في جمع من الترك ، علي المسلمين بأرمينية ، فقتل كثيرا من المسلمين ، فسير المنصور لمحاربته جبرائيل بن يحيي وعبد الله بن حرب ، فهزم جبرائيل، وقتل أبن حرب (الطبري 7/8 وابن الأثير 577/5 ).

وفي السنة 148 خرج حسان بن مجالد الهمداني ، بنواحي الموصل، فخرج اليه عسكر الموصل، وعليهم الصقر بن نجدة وبلال القيسي والحسن بن صالح الهمداني ، فالتقوا ، فانهزم الصقر ، وأسر الحسن وبلال ، فقتل حسان بلا واستبقي الحسن ، لأنه من همدان ، ففارقه بعض أصحابه لهذا ، ولما بلغ المنصور خروج حسان ، وأنه همداني ، قال متعجبا : خارجي من همدان ؟ وإنما أنكر المنصور ذلك لأن عشيرة همدان عامة شيعة لعلي ، فقيل له : إن خاله حفص بن أشيم وكان من علماء الخوارج وفقهائهم ، فقال المنصور : فمن هناك ( ابن الأثير 584/5 و 585).

أقول : لما خرج حسان، أعانه قوم من أهل الموصل، فعزم المنصور علي إنفاذ الجيوش للفتك بأهالي الموصل، وأحضر أبا حنيفة، وابن أبي ليلي ، وابن شبرمة ، وقال لهم : إن أهل الموصل شرطوا لي أنهم لا يخرجون علي ، فإن فعلوا حلت دماؤهم ، وأموالهم ، وقد خرجوا ، فسكت أبو حنيفة ، وتكلم الرجلان ، فقالا : رعيتك فإن عفوت فكنت أهل لذاك ، وإن عاقبت فيما يستحقون ، فقال لأبي حنيفة : أراك سكت يا شيخ ، فقال له : يا أمير المؤمنين أبا حوك ما لا يملكون ، أرأيت لو أن امرأة أباحت فرجها بغير عقد نكاح ، أكان يجوز أن توطأ ؟ قال : لا ، وكف عن أهل الموصل ( ابن الأثير 85/5 ).

وفي السنة 150 خرج الحسن بن حرب الكندي بتونس علي الأغلب بن سالم التميمي عامل المنصور بها، فالتقي الجيشان ، واقتتلا ، فأصاب الأغلب سهم فقتله ، وأصيب الحسن فقتل كذلك ، وولي أصحابه منهزمين ،

ص: 144

فصلب الحسن ودفن الأغلب وسمي : الشهيد ( ابن الأثير 586/5 و 587 ) .

وفي السنة 150 خرج سعيد اليحصبي علي عبد الرحمن الداخل واستولي علي إشبيلية ، فحصره عبد الرحمن فيها وقتله . فقدم أصحابه خليفة بن مروان ، فدام الحصار عليهم حتي قتل خليفة ( ابن الأثير 588/5 و589 ) .

وفي السنة 150 خرج غياث بن المسير الأسدي ، بالأندلس ، علي عبد الرحمن الداخل، فقاتله عمال عبد الرحمن ، وقتلوه ، وبعثوا برأسه إلي قرطبة ( الأعلام 318/5 ).

وفي السنة 150 خرج أستاذ سيس ، في خراسان ، وهزم عدة من القواد ، فوجه إليه المنصور خازم بن خزيمة ، فاشتبك معه في معركة ضارية ، قتل فيها من أصحاب أستاذ سيس نحوا من سبعين ألفا ، وأسر أربعة عشر أيضا، قدمهم خازم فضرب أعناقهم ، ونزل أستاذ سيس علي حكم أبي عون ، أحد القواد فحكم بأن يوثق أستاذ سيس وأهله وبنوه بالحديد ، وأن يعتق الباقون ، وهم ثلاثون ألفا ، فأجاز خازم حكم أبي عون، وكسا كل واحد منهم ثوبين ( الطبري 29/8 - 32).

وفي السنة 154 قتل أمير إفريقية للمنصور ، عمر بن حفص بن عثمان المهلبي ، وكان يلقبه العجم : هزارمرد ، أي ألف رجل لشجاعته ، دخل القيروان سنة 151 فتكاثر عليه الخوارج ، وحصروه في القيروان، فقاتل حتي قتل ( الأعلام 202/5 ).

وفي السنة 155 قتل أبو حاتم يعقوب بن حبيب الأباظي ، رأس الخوارج الأباظية بإفريقية ، قتله يزيد بن حاتم أمير إفريقيةللمنصور العباسي ( ابن الأثير 5/6).

وفي السنة 156 عصي أهل إشليبية علي عبد الرحمن الداخل فسير إليهم ابن عمه عبد الملك بن عمر ، وبقي عبد الرحمن كالمدد له

ص: 145

فلما قارب عبد الملك أهل إشبيلية ، قدم ابنه أمية ليعرف حالهم ، فرآهم مستيقظين ، فرجع إلي أبيه ، فلامه أبوه علي إظهار الوهن ، وضرب عنقه ، وجمع أهل بيته وخاصته ، وقال لهم : طردنا من المشرق إلي أقصي هذا الصقع، ونحسد علي لقمة تبقي الرمق ، أكسروا جفون السيوف ، فالموت أولي أو الظفر ، فحملوا بأجمعهم ، فهزم أهل إشبيلية ، وظفر عبد الملك ، فقدم عليه عبد الرحمن ، وعبد الملك يسيل جرحه دمأ ، وسيفه يقطر دما ، وقد لصقت أصابع يده بقائم سيفه ، فقبله بين عينيه ، وجزاه خيرا ، وشكره وصاهره ، وموله ( ابن الأثير 9/6 و10).

وفي السنة 161 خرجت المحمرة بجرجان ، عليهم رجل اسمه عبد القهار ، فغلب عليها وقتل بشرة كثيرة ، فغزاه عمر بن العلاء من طبرستان ، فقتله وأصحابه ( ابن الأثير 58/6 ).

وفي السنة 161 سير عبد الرحمن الداخل جيشا إلي دحية الغساني ، وكان عاصيا في بعض حصون البيرة ، فقتله ، وسير جيشأ إلي إبراهيم بن شجرة البرلسي ، وكان قد عصي ، فقتله ، وسير جيشا إلي العباس البربري ، فقتله أيضا ، وعصي بطليطلة القائد السلمي ، أحد قواد عبد الرحمن الداخل ، فسير إليه جيشأ حصره في طليطلة ، وفي أحد الأيام طلب السلمي البراز ، فبرز إليه مملوك أسود ، فاختلفا ضربتين ، فوقعا صريعين ، ثم ماتا جميعا ( ابن الأثير 58/6 و 59).

وفي السنة 161 قتل عبد السلام بن هاشم اليشكري ، بقنسرين ، بعث إليه المهدي جيشأ بقيادة شبيب بن واج المرور وذي ، ألف فارس ، أعطي كل واحد ألفا ، فوافوا عبد السلام بقنسرين ، فقاتلوه فقتلوه ( ابن الأثير 57/6 ).

وفي السنة 168 خرج بأرض الموصل خارجي اسمه ياسين ، من بني تميم ، وهزم عسكر الموصل ، وغلب علي أكثر ديار ربيعة والجزيرة ، فوجه إليه المهدي أبا هريرة محمد بن فروخ وهرثمة بن أعين، فحارباه ، فصبر

ص: 146

لهما ، فقتلاه وعدة من أصحابه وفر الباقون ( ابن الأثير 78/6 ).

وفي السنة 168 ثار أبو الأسود محمد بن يوسف بن عبد الرحمن الفهري ، وكان عبد الرحمن الداخل قد سجنه بسجن قرطبة ، لما فر أبوه ، وقتل أخوه عبد الرحمن، فتعامي في الحبس ، حتي اقتنع الجميع بأنه أعمي ، ثم فر من الحبس ، والتجأ إلي طليطلة، واجتمع له خلق كثير ، واشتبك مع جيش عبد الرحمن الداخل في معركة ضارية ، فانهزم محمد، ومات في السنة 170 وقام بعده أخوه قاسم ، وجمع جمعأ ، ثم جاء إلي عبد الرحمن بغير أمان ، فقتله ( ابن الأثير 6/

وفي السنة 168 قتل أمير مصر للمهدي ، موسي بن مصعب الخثعمي ، وكان ظالما شريرة ، نقم عليه الجند والناس ، وقاتلوه فقتلوه ( الاعلام 283/8)

وفي السنة 169 ظهر الحسين بن علي ، صاحب فخ ، بالمدينة ، دخل المسجد، وجلس علي المنبر ، ثم صلي الغداة ، وجاء الناس لمبايعته ، فجاء خالد البربري القائد ، في جند له عددهم مائتان ، فاقتحم الرحبة ، وقد ظاهر بين درعين ، وبيده السيف مصليا ، وفي منطقته عمود ، وأخذ يصيح بالحسين : أنا كسكاس ، قتلني الله إن لم أقتلك ، وحمل عليهم حتي دنا منهم ، فقام إليه إبنا عبد الله بن حسن ، يحيي وإدريس ، فضربه يحيي علي أنف البيضة فقطعها وقطع أنفه ، وشرقت عيناه بالدم فلم يبصر ، وبرك يذب عن نفسه بسيفه وهو لا يبصر ، واستدار له إدريس من خلفه ، فضربه فصرعه ، وعلوه بسيفيهما حتي قتلاه ، وسلباه درعيه وسيفه وعموده ، وحملوا علي أصحابه فانهزموا ( الطبري 194/8 ) وأقام الحسين بالمدينة أحد عشر يوما ثم غادرها إلي مكة ونادي فيها أيما عبد أتانا فهو حر ، فأقبل إليه العبيد، ثم وقعت المعركة بين أصحاب الحسين والجند العباسي ، فقتل الحسين ، وقتل معه سليمان بن عبدالله بن الحسن المثني جد السليمانيين أصحاب الدولة في تلمسان ، وأفلت من المنهزمين إدريس بن عبدالله ، أبو

ص: 147

الأدارسة بالمغرب ، وقع إلي مصر، وعلي بريدها واضح مولي صالح بن المنصور ، وكان يتشيع ، فحمله علي البريد إلي المغرب ، فضرب الهادي عنق واضح ، وصلبه ( الطبري 198/8 والأعلام 190/3 وابن الأثير 93-90/6)

وفي السنة 171 خرج الصحصح الخارجي بالجزيرة ، وكان عليها أبو هريرة محمد بن فروخ فوجه عسكر إلي الصحصح ، فهزمه صحصح وسار إلي الموصل ، فلقيه عسكرها فظفر بهم وقتل منهم كثيرة ، وعاد إلي الجزيرة فغلب علي ديار ربيعة ، فوجه الرشيد جيشأ بقيادة أبي حنيفة حرب بن قيس ، فاشتبك مع الخارجي في دورين، وقتله، وعزل الرشيد أبا هريرة عن الجزيرة ، وأحضره إلي بغداد ، وقتله ( ابن الأثير 112/6 و 114).

وفي السنة 171 قتلت تغلب القائد روح بن صالح الهمداني، وكان قد استعمله الرشيد علي صدقات تغلب ، وكان قد جري بينه وبين تغلب خلاف ، وجمع جمعا وقصدهم ، فاجتمعوا وبيتوه ، فقتلوه هو وجماعة من أصحابه ، وبلغ ذلك حاتم بن صالح ، وهو بالسكير فجمع جمع كثيرة ، وبيت تغلب ، فقتل منهم خلق كثيرة ، وأسر مثلهم ( ابن الأثير 113/6 ).

وفي السنة 172 خرج سليمان وعبد الله ابنا عبد الرحمن الداخل علي اخيهما هشام بالأندلس ، فجرد إليها جيشأ ، وحصلت بينهم معارك ، ثم إن الحال استقر علي أن يأخذ سليمان أهله وأولاده وأمواله ويفارق الأندلس ، وأعطاه هشام ستين ألف دينار مصالحة عن حصته من تركة أبيه عبد الرحمن ، واجلي عبد الله أيضا عن الأندلس .

ثم خرج بالأندلس علي هشام ، سعيد بن الحسين بن يحيي الأنصاري بشاغنت في شرق الأندلس، فملك طرطوشة، فعارضه موس بن فرتون، واقتتلا ، فانهزم سعيد ، وقتل ، وسار موسي إلي سرقسطة فملكها ، فخرج عليه مولي للحسين بن يحيي ، اسمه جحدر ، فقاتله ، وقتل موسي .

ص: 148

ثم خرج بالأندلس علي هشام ، مطروح بن سليمان بن يقظان

برشلونة ، وجمع جميعأ كثيرة ، فملك سرقسطة ووشقة ، ثم قتله بعض أصحابه وانتهي أمره ( ابن الأثير 116/6 -118 و 123).

وفي السنة 175 خرج الفضل الخارجي بنواحي نصيبين ، وقصد الموصل ، فخرج إليه عسكرها، فهزمهم علي الزاب ، ثم عادوا لقتاله ، فقتلوه وأصحابه ( ابن الأثير 133/6 و 134).

وفي السنة 175 وقعت الفتنة بين المضرية واليمانية بالشام ، وكان رأس المصرية فيها أبو الهيذام عامر بن عبادة بن خريم الناعم ، أحد فرسان العرب المشهورين ، لم ينكسر له جند ، ولم تنكس له راية ، وكان سبب الفتنة ، إن عامل الرشيد علي الشام قتل أخأ لأبي الهيذام ، فخرج أبو الهيذام بالشام ، وجمع جمعة عظيمة، وقال يرثي أخاه :

سأبكيك بالبيض الرقاق وبالقنا**** فإن بها ما يبلغ الطالب الوترا

ولست كمن ينعي أخاه بعبرة**** يعصرها من ماء مقلته عصرا

وإنا أناس ما تفيض دموعنا**** علي هالك منا وإن قصم الظهرا

ولكنني أشفي الفؤاد بغارة ****تلهب في قطري كتائبها جمرا

ودامت المعارك بين المضرية واليمانية سنين ، ثم احتيل علي أبي الهيذام ، بأن كتب اليه أخ له أن يكفت فكف ، وحمله أخوه إلي الرشيد، فمن عليه وأطلقه ومات أبو الهيذام في السنة 182 ( ابن الأثير 127/6 ۔ 133)

وفي السنة 177 قتل بخراسان الحصين الخارجي ، وكان قد خرج في السنة 175 بخراسان، فأرسل إليه عامل سجستان عثمان بن عمارة جيشأ فظفر بهم الحصين ، فكتب الرشيد إلي الغطريف في طلبه ، فسير إليه جيشأ بقيادة داود بن يزيد في اثني عشر ألف ، فهزمه الحصين وكان في ستمائة ، وقتل منهم خلقا كثيرة ، ثم قتل في السنة 177 ( ابن الأثير 124/6 ).

ص: 149

وفي السنة 178 قتل الفضل بن روح بن حاتم، عامل إفريقية للرشيد ، وكان الرشيد استعمله علي إفريقية في السنة 177 ، فأساء السيرة في أهلها ، فخرجوا عليه ، وأمروا عليهم عبدالله بن الجارود ، ويعرف بعبدويه الأنباري واعلنوا بأنهم لم يخلعوا طاعة الرشيد، وإنما يريدون خلع الفضل عنهم ، فسير إليهم الفضل جيشا بقيادة ابن عمه يزيد بن حاتم، فقتلوه، وأسروا من كان معه من القواد ، . وعاد الفضل فسير اليهم عسكرا آخر فانكسر ، وعاد الفضل إلي القيروان منهزمة ، فحصروه في القيروان وقتلوه ، فانقسم الجند إفريقي إلي فئتين، واشتد القتال بينهما ، فوجه الرشيد إلي إفريقية القائد هرثمة بن أعين ، وبعث معه يحيي بن موسي لمحله من أهل خراسان ، فسير هرثمة ابن الجارود إلي الرشيد ، فحبسه ( ابن الأثير 135/6 - 139 ).

وفي السنة 178 خرج بالجزيرة الوليد بن طريف التغلبي ، ففتك بابراهيم بن خازم بن خزيمة بنصيبين ، ثم قويت شوكة الوليد، فدخل أرمينية ، وحصر خلاط ، وأصعد إلي أذربيجان ، ثم انحدر إلي حلوان ، فأرض السواد ، وعبر إلي غرب دجلة ، وقصد مدينة بلد ، وعاث في أرض الجزيرة ، فسير إليه الرشيد ، يزيد بن مزيد الشيباني ، فاشتبك مع الوليد في معركة قتل فيها الوليد ، فلما قتل ، لبست أخته الدرع واعتقلت رمحا ، وحملت علي الناس ، فقال يزيد : دعوها ، ثم خرج إليها ، فضرب بالرمح قطاة فرسها ، ثم صاح بها ، أغربي غرب الله عليك ، فقد فضحت العشيرة ، فاستحيت وأنصرفت ، وقالت في أخيها الوليد قصيدة من أبدع الرثاء وأفجعه ، مطلعها : ( الطبري 261/8 وابن الأثير 141/6 - 143).

بتل نهاكي رسم قبر كأنه**** علي جبل فوق الجبال منيف

تضمن مجدأ عد مليا وسؤددة ****وهمة مقدام ورأي حصيف

وفي السنة 180 خرج خراشة الشيباني ، وحكم بالجزيرة ، فقتله مسلم بن بكار العقيلي ( الطبري 266/8 ) .

ص: 150

وفي السنة 181 استعمل الرشيد علي افريقية محمد بن مقاتل بن حكيم العكي ، ومحمد هذا رضيع الرشيد ، فأساء السيرة في أهلها ، فاختلف عليه الجند ، وقدموا عليهم مخلد بن مرة الأزدي ، فسير إليه محمد بن مقاتل جيش فقاتلوه ، فانهزم مخلد ، واختفي في مسجد، فأخذ وذبح ( ابن الأثير 154/6)

وفي السنة 183 خرج بنسا من خراسان ، أبو الخصيب وهيب بن عبد الله النسائي مولي الحريش ، ثم خرج إلي علي بن عيسي بن ماهان عامل خراسان ، بالأمان ، في السنة 184 فأكرمه ، ثم عاد فخرج ثانية في السنة 185 ، فحاربه علي في السنة 186 فقتله ، وسبي نساءه وذراريه ( الطبري 275 ، 273 ، 272 ، 270/8)

وفي السنة 184 خرج أبو عمرو الشاري ، فوجه الرشيد إليه زهير القصاب ، فقتله بشهر زور ( الطبري 272/8 ).

وفي السنة 185 قتل أهل طبرستان ، عاملها مهرويه الرازي ( الطبري 273/8)

وفي السنة 185 قتل عبد الرحمن الأبناوي ، أبان بن قحطبة الخارجي بمرج القلعة ( الطبري 273/8 ).

وفي السنة 185 خرج حمزة بن اترك الخارجي ، وقصد بوشنج ، فخرج إليه عمرويه بن يزيد الأزدي ، عامل هراة ، في ستة آلاف ، فقاتله ، فهزمه حمزة ، وقتل من أصحابه جماعة ، وقتل عمرويه ، فوجه إليه علي بن عيسي عامل خراسان ولده عيسي ، فقاتله حمزة ، فظفر أولا ، وانهزم أخيرة ، وقتل أصحابه ( ابن الأثير 150/6 و151).

وفي السنة 186 خرج بتونس ، خارجي اسمه حمديس ، ونزع السواد ، وكثر جمعه ، فسير إليه ابراهيم بن الأغلب ، عامل إفريقية ،

ص: 151

عمران بن مخلد ، فنهزم حمديس ، وقتل من أصحابه عشرة آلاف رجل ( ابن الاثير 156/6 ).

وفي السنة 187 خرج عبد السلام بأمد ، وحكم ، فقتله يحي بن سعيد العقيلي ( الطبري 302/8 ) .

وفي السنة 190 خرج سيف بن بكر ، من عبد القيس ، فوجه إليه الرشيد محمد بن يزيد بن مزيد ، فحاربه ، وقتله بعين النورة (الطبري 322/8 وابن الأثير 197/6 ).

وفي السنة 191 خرج بناحية حولايا خارجي اسمه ثروان بن سيف ، فوجه إليه طوق بن مالك ، فهزمه طوق ، وفل جمعه ( الطبري 323/8 ) ثم عاد وجمع ، وقتل عامل السلطان بطف البصرة ( 340/8 ).

وفي السنة 191 غزا يزيد بن مخلد الهبيري ، أرض الروم ، في عشرة آلاف ، فأخذت الروم عليه المضيق ، فقتلوه وخمسين رجلا ( ابن الأثير 205/6)

وفي السنة 192 قتل الرشيد الهيصم اليماني ، أحد الخوارج ، وكان حماد البربري عامل الرشيد علي مكة واليمن قد ظفر به ( الطبري 272/8 و 340 وابن الأثير 209/6 ).

وفي السنة 194 قتل شقيق البلخي الزاهد ، في غزاة كولان من بلاد الترك ( ابن الأثير 237/6 ).

وفي السنة 195 اقتتل جيش الأمين بقيادة علي بن عيسي بن ماهان ، وجيش المأمون بقيادة طاهر بن الحسين ، وقتل علي بن عيسي ، وجيء برأسه إلي طاهر ، وحملت جثته علي خشبة ، وقد شدت يداه إلي رجليه ، كما يحمل الحمار الميت ، فأمر به طاهر ، فلفت في لبد ، وألقي في بئر ، وكتب

ص: 152

طاهر بالفتح إلي ذي الرياستين الفضل بن سهل وزير المأمون : كتبت إليك ، ورأس علي بن عيسي بين يدي ، وخاتمه في إصبعي ، والحمد لله رب العالمين ( الطبري 390/8 - 394 وابن الأثير 195/6 - 244).

وفي السنة 195 لما قتل علي بن عيسي بن ماهان ، وانفل عسكره ، وجه الأمين عبد الرحمن بن جبلة الأبناوي ، في عشرين ألف رجل إلي همذان ، واستعمله عليها ، فسار إليها ونزلها، وتحضن فيها، وحاصره طاهر ، فخرج إليه ، فظفر طاهر به ، وشدد عليه الحصار ، فطلب الأمان ، فأمنه طاهر ، فخرج عن همدان وأقام يتظاهر بالمسالمة ، ثم أغتهم وهم آمنون ، فركب في أصحابه ، وهجم علي طاهر وجيشه، فثبت له طاهر وجنده ، وأقتتلوا أشد قتال ، فقتل عبد الرحمن ، وقتل من أصحابه مقتلة عظيمة ( الطبري 416/8 و 417 وابن الأثير 246/6 - 248 ).

وفي السنة 196 قتل محمد بن يزيد المهلبي ، أمير الأهواز للأمين ، في معركة نشبت بينه وبين طاهر بن الحسين أمير جيش المأمون ( الطبري 434 - 432/8)

معارك العيارين في حصار بغداد الاول

العيار : الشخص الذي لا يهتم بأمور عيشه ، وإنما يعيش كيفما اتفق ، لا يتقيد بالدين ، ولا بالمتعارف بين الناس ، وهو أشبه بمن يسمونهم اليوم بالهيبيين راجع نشوار المحاضرة للقاضي التنوخي ، حاشية 4/1.

وأول ما ظهرت هذه التسمية في السنة 197 عندما حاصر طاهر بن الحسين قائد جيش المأمون بغداد ، وفيها الأمين ، فظهر قوم من العامة البغداديين ، يحاربون عراة ، سماهم الناس ، وسموا أنفسهم بالعيارين، ذكرهم صاحب مروج الذهب 318/2 فقال : ظهر العيارون في الحرب بين

ص: 153

جيش المأمون بقيادة طاهر ، وجيش الأمين ، لما حاصر طاهر بغداد ، وكان العيارون يقاتلون عراة ، وفي أوساطهم التبابين والمازر ، وقد اتخذوا لرؤوسهم دواخل من الخوص ، وسموها الخوذ ، ودرقة من الخوص والبواري قد قيرت وحشيت بالحصي والرمل ، علي كل عشرة منهم عريف ، وعلي كل عشرة عرفاء نقيب ، وعلي كل عشرة نقباء قائد ، وعلي كل عشرة قواد أمير ، ولكل ذي مرتبة من المركوب علي مقدار ما تحت يده ، فالعريف له أناس يركبهم ، غير ما ذكرناه من المقاتلة ، وكذلك النقيب ، والقائد ، والأمير ، وناس عراة قد جعل في أعناقهم الجلاجل، والصوف الاحمر والأصفر ، ومقاود قد اتخذت لهم ، ولجم ، وأذناب من مكانس ومذاب ، فيأتي العريف وقد ركب واحدا ، وقدامه عشرة من المقاتلة ، وعلي رؤوسهم خوذ الخوص ، ودرق البواري ، وتقف النظارة ، ينظرون إلي حربهم مع أصحاب الخيول ، والجواشن ، والدروع ، والتجافيف ، والسواعد، والرماح ، والدرق التبية ، هؤلاء عراة ، وهؤلاء علي ما ذكرنا من العدة .

وذكر صاحب العيون والحدائق 333/3 : إن طاهرأ لما حصر الأمين ببغداد ، وضيق علي أهلها، وأحرق دور من لم ينحز إليه منهم ، ذل البغداديون ، وانكسروا ، وعجزت الأجناد عن القتال ، إلا أهل السوق ، والعراة ، وأهل السجون ، والأوباش ، وأباح الأمين لهم النهب ، وأمرهم باتخاذ التراس من البواري ، والرمي بالمقاليع ، فكانوا يقاتلون ، ويؤثرون في أصحاب طاهر ، وذكر الطبري 457/8 إن أحد أصحاب طاهر من أهل البأس والنجدة ، خرج يوما للحرب ، فنظر إلي قوم عراة لا سلاح معهم ، فاستهان بهم ، واستحقرهم ، وقال لأصحابه : ما يقاتلنا إلا من أري ؟ إستهانة بأمرهم ، وأحتقارا لهم ، فقيل له : نعم ، هؤلاء الذين تري ، هم الأفة ، فقال : أف لكم حين تنكصون عن هؤلاء ، وتخيمون عنهم ، وأنتم في السلاح الظاهر، والعدة والقوة ، ولكم ما لكم من الشجاعة والنجدة ، وما

ص: 154

عسي أن يبلغ كيد من أري من هؤلاء ، ولا سلاح معهم ، ولا عدة لهم ، ولا جنة تقيهم ، فأوتر قوسه وتقدم ، وأبصره بعضهم ، فقصد نحوه ، وفي يده بارية مقيرة، وتحت إبطه مخلاة فيها حجارة ، فجعل الخراساني كلما رمي بسهم ، استتر منه العيار فوقع في باريته ، أو قريبا منه ، فيأخذه ، فيجعله في موضع من باريته ، قد هيأه لذلك ، وجعله شبيهة بالجعبة ، وجعل كلما وقع سهم أخذه وصاح : دانق ، أي إنه أحرز ثمن النشابه دانق ، ولم تزل تلك حالة الخراساني ، وحال العيار ، حتي أنفد الخراساني سهامه ، ثم حمل علي العيار ليضربه بسيفه ، فأخرج العيار من مخلاته حجرا ، فجعله في المقلاع ، ورماه ، فما أخطأ به عين الخراساني ، ثم ثناه بآخر ، فكاد أن يصرعه عن فرسه لولا تحامله ، فكر الخراساني راجعة وهو يقول : ليس هؤلاء بإنس .

وإلي قصة هذا القائد ، وأمثالها ، أشار الشاعر البغدادي ، فقال : ( الطبري 459/8 ) .

لقد ضيقوا من أرضنا كل واسع ****وصار لهم أهل بها وتعصوا

وقد أفسدوا شرق البلاد وغربها ****علينا فما ندري إلي أين نشخص

تري البطل المشهور في كل بلدة**** إذا ما رأي العريان يوما يبصبص

إذا ما رآه شمري مقرلا**** علي عقيبة للمخافة ينكص

وقد وصف عمرو بن عبد الملك العتري ، أحد الشعراء البغداديين ، هذا الجيش من العراة ، وصفة صادقة ، فقال : ( الطبري 458/8 ) .

خرجت هذه الحروب رجالا****لالقحطانها ولا لنزار

معشرة في جواشن الصوف يعدو****ن إلي الحرب الاسود الضواري

وعليهم مغافر الخوص تجزي****ه م عن البيض والتراس البواري

ليس يدرون ما الفرار إذ آلابا ****طال عانوا من القنا بالفرار

ص: 155

واحد منهم يشد علي أل**** فين عريان ماله من إزار

ويقول الفتي إذا طعن الطعن****ة خذها من الفتي العيار

وقد ملح عمرو الوراق ، في وصف الواحد من هؤلاء العراة ، فذكر إنه يرتدي بالشمس ، قال : ( الطبري 469/8 ) .

حبشي يقتل النا****س علي قطعة خيش

مرتب بالشمس**** را ض بالمني من كل عيش

وذكر في قصيدة أخري من قصائده ، الطوائف التي ينتهي إليها هؤلاء العراة فقال : ( الطبري 474/8 ) .

رجعت إلي أعمالها ****الأولي عراة محمد

من بين نطاف وس**** لواط وبين مقرد

ومجرد يأوي إلي ****عبارة ومجرد

ومقيد نقب السجو****ن فعاد غر مقيد

ومسود بالنهب سا****، وكان غير مسود

وقال أيضا : ( الطبري 456/8 ) .

عريان ليس بذي قميص**** بعدو علي طلب القميص

يعدو علي ذي جوشن**** يعمي العيون من البصيص

في كفه طرادة ****حمراء تلمع كالفصوص

ماللكمي إذا لمق****ا تله تعرض من محيص

وقد نظم الخريمي الشاعر البغدادي ، قصيدة اشتملت علي مائة وخمسة وثلاثين بيتا ، تحشر فيها علي بغداد ، ووصفها أيام عمرانها وبهجتها ، وتفجع لما أصابها من جراء هذه الحرب ، ووصف بعض ما شاهده من حروب هؤلاء العراة ، قال : ( الطبري 448/8 ) .

ص: 156

با بؤس بغداد دار مملكة**** دارت علي أهلها دوائرها

محفوفة بالردي منطقة ****بالصغر محصورة جبابرها

يحرقهاذا ، وذاك يهدمها**** ويشتفي بالنهاب شاطرها

والكرخ أسواقها معطلة**** يستن عيارها وعائرها

أخرجت الحرب من سواقطها**** آساد غيل غلبأ تساورها

من البواري تراسها ومن ال****خوص إذا استلامت مغافرها

تعدو إلي الحرب في جوانها الي**** صوف إذا ماغدت أساورها

كتائب الهرش تحت رايته**** ساعد طرارها مقامرها

بمثل هام الرجال من فلق الصخ**** پر برود المقلاع بائرها

والقوم من تحتها لهم زجل**** وهي ترامي بهاخواطرها

وذكر الشاعر بغداد ، أيام كانت دار السلام والاطمئنان :

إذ هي مثل العروس باطنها**** مشوق للفتي وظاهرها

جنة خلد ودار مغبطه**** قل من النائبات واترها

درت خلوف الدنيا لساكنها**** وقل معسورها وعاسرها

فالقوم منها في روضة أنف**** أشرق غب القطار زاهرها

فهل رأيت الجنان زاهرة ****يروق عين البصير زاهرها

وهل رأيت القصور شارعة**** تكن مثل الدمي مقاصرها

محفوفة بالكروم والنخل وال**** ريحان ما يستقل طائرها

فلما أصيبت في هذه الحرب ، أصبحت :

نفر خلاء تعوي الكلاب بها ****ينكر منها الرسوم زائرها

وأصبح البؤس ما يفارقها ****إلفأ لها والسرور هاجرها

أمست كجوف الحمار خالية**** يسعرها بالجحيم ساعرها

أما رأيت الخيول جائلة ****بالقوم منكوبة دوابرها

ص: 157

تعثر بالأوجه الحسان من الي**** مقتلي وعلت دمأ أشاعرها

يطأن أكباد فتية نجد**** تفلق هاماتهم حوافرها

وهل رأيت الفتيان في عرصة المع**** برك معفورة مناخرها

كل فني مانع حقيقته ****تشقي به في الوغي مساعرها

باتت عليه الكلاب تنهشه ****مخضوبة من دم أظافرها

أما رأيت النساء تحت المجاني**** حق تعادي شعثا ظفائرها

عقائل القوم ، والعجائر ، والعن**** س لم تختبر معاصرها

تسأل عن أهلها وقد سلبت ****وابتزعن رأسها غفائرها

وهل رأيت الثكلي مولولة**** في الطرق تسعي والجهد باهرها

في إثر نعش عليه واحدها ****في صدره طعنة يساورها

تنظر في وجهه وتهتف بالٹك**** كل وجاري الدموع حادرها

غرغر بالنفس ثم أسلمها ****مطلولة لا يخاف ثائرها

ثم يتفجع علي أيامها الزاهية ، فيقول :

فأين محروسها وحارسها****وأين مجبورها وجابرها

وأين خصيانها وحشوتها**** وأين سكانها وعامرها

أين الجرادية الصقالب والأحد**** سبش تعدو هد؟ مشافرها

ينصدع الجند عن مواكبها**** تعدو بها شربأ ضوامرها

أين الظباء الأبكار في روضة المد ك**** نهادي به غرائرها

أين غضاراتها ولذتها ****وأين محبورها وحابرها

بالمسك والعنبر اليمان وبال**** بيلنجوج مشبوبة مجامرها

يرفلن في الخير والمجاسد والمو**** شي مخطومة مزامرها

وأين رقاصها وزامرها**** يجبن حيث انتهت حناجرها

تكاد أسماعهم تسك إذا ****عارض عيدانها مزامرها

ص: 158

بدأ حصار بغداد في السنة 197 فنزل القائد زهير بن المسيب بقصر رقة كلوادي ، ونزل هرثمة نهربين ، ونزل عبيد الله بن الوضاح بالشماسية ، ونزل طاهر بالبستان بباب الانبار ، وألح قواد الأمين وقواد طاهر في إحراق الدور والدروب ، وهدمها بالمجانيق والعرادات ، كل فيما يليه ، وفي قتال جري في قصر صالح بين قواد طاهر وقواد الأمين ، قتل من أصحاب طاهر القائد أبو العباس يوسف بن يعقوب البادغيسي، ومن كان معه من القواد والرؤساء المعدودين ، ثم اشتبكوا في معركة بالكناسة ، باشرها طاهر بنفسه، وقتل فيها بشر كثير ، ثم اشتبكوا في معركة بدرب الحجارة ، وكانت لأصحاب محمد ، وقتل فيها خلق كثير ، ثم اشتبكوا في معركة باب الشماسية ، وكانت للعراة أصحاب محمد علي أصحاب هرثمة ، ثم اشتبكوا في معركة بجزيرة العباس ، صدم فيها طاهر ، أصحاب محمد صدمة صعبة ، وغرق منهم بشر كثير في الصراة ، وفي السنة 198 استولي طاهر علي بغداد ونادي بالأمان لمن لزم منزله ، وتحضن محمد الأمين بالمدينة ( مدينة المنصور ) يقاتل ومن معه ، ثم أشار عليه قواده بمبارحة بغداد ، إلي حيث يقاتل في جبهة جديدة ، ثم أشاروا عليه بالإستسلام ، فأختار أن يخرج بالأمان إلي هرثمة ، فغضب طاهر وأضمر أمرأ ، فلما خرج الي هرثمة ، وركب في حراقته ، أغرقها أصحاب طاهر ، وأخذوا الأمين فقتلوه ( الطبري 8/ 445- 447، 454، 455 ،461 ،464 ،469 ،472 ،478)

وفي السنة 200 خرج خارجي من البربر ، بناحية مورور ، بالأندلس ، ومعه جماعة ، فوصل كتاب العامل إلي الحكم بن هشام بن عبد الرحمن الداخل ، صاحب الأندلس بخبره ، فاستدعي الحكم احد قواده ، وأخبره بذلك سرأ ، وقال له : سر من ساعتك هذه الي الخارجي فأتني برأسه ، وإلا فرأسك عوضه ، وأنا قاعد هنا إلي أن تعود ، فسار القائد إلي الخارجي ، وقتله ، وعاد إلي الحكم بعد أربعة أيام ، فوجده بمكانه لم يتحول عنه ( ابن الأثير 318/8 و 319).

ص: 159

وفي السنة 202 قتل علي بن الحسين الهمداني ، وأخوه أحمد، وجماعة من أهل بيته ، وكان متغلبا علي الموصل، فحاربه الأزد بقيادة السيد بن أنس ، فاستنصر علي بخارجي اسمه مهدي بن علوان ، وكانت الدائرة علي علي بن الحسين ، فطردوه من الموصل إلي الحديثة، وتبعه الأزد فقتلوه ، وقتلوا أخاه وجماعة من أهله ( ابن الأثير 349/6 ).

أقول: لما دخل المأمون بغداد ، تظلم إليه محمد بن الحسين الهمداني ، من السيد بن أنس ، وذكر إنه قتل أخوته وأهل بيته، فأحضر المأمون السيد بن أنس ، وقال له : أنت السيد ؟ فقال : السيد أمير المؤمنين ، وأنا ابن انس ، فاستحسن ذلك منه ، وسأله : أنت قتلت أخوة هذا ؟ قال : نعم ، ولو كان معهم لقتلته ، لأنهم أدخلوا الخارجي بلدك ، وأعلوه علي منبرك ، وأبطلوا دعوتك ، فعفا عنه ، واستعمله علي الموصل ( ابن الأثير 359/6 ).

وفي السنة 205 قتل القائد عبد العزيز الجذامي ، وكان يلي الشرطة بمصر في عهد المطلب الخزاعي أمير مصر ، ثم خرج عليه ، واستولي علي الاسكندرية بخمسين ألف جندي ، ودعي له ، واستفحل أمره ، ثم خرج من الإسكندرية في إحدي حروبه ، فانتقضت عليه ، فعاد وحاربها، ونصب عليها المجانيق ، فأصابه فلقة حجر من منجنيقه ، فقتلته ( الاعلام 154/4)

وفي السنة 211 نشبت معركة بين السيد بن أنس ، عامل الموصل للمأمون ، وزريق بن علي بن صدقة الأزدي الموصلي ، المتغلب علي الجبال ، ما بين الموصل واذربيجان ، فخرج إليه السيد في أربعة آلاف ، وكان زريق في أربعين ألفا ، فحين رآهم السيد حمل عليهم وحده ، وكانت هذه عادته أن يحمل وحده بنفسه ، وحمل عليه رجل من أصحاب زريق ، فقتل كل منهما صاحبه . ( ابن الأثير 403/6 و404) .

ص: 160

وفي السنة 213 كانت مصر في ولاية المعتصم ، وخلع بها عبد السلام وابن حليس ، فأمر المأمون، أخاه أبا اسحاق ، فسار إليها ، لأنهما وثبا بعامله البادغيسي فقتلاه ، فلما وصلها قاتلهما، وقتلهما ، ثم عاد ( ابن الأثير 409)

وفي السنة 213 قتل في المعركة ، أبو عبدالله اسد بن الفرات ، قاضي القيروان ، وأحد القادة الفاتحين ، فتح صقلية علي رأس جيش وأسطول إفريقي ، وقتل علي أبواب سرقوسة حيث كان محاصرة لها من البر والبحر (الاعلام 291/1 ).

وفي السنة 214 قتل عمير بن الوليد التميمي ، عامل مصر ، خرج لقتال اهل الحوف ، فقتل في المعركة . ( الاعلام 266/5 ).

وفي السنة 214 خرج بلال الغاني الشاري ، فوجه إليه المأمون ابنه العباس ، في جماعة من القواد ، فقتل بلال ( ابن الأثير 415/6 ).

وفي السنة 214 قتل القائد محمد بن حميد الطوسي ، في المعركة بين الجيش العباسي ، والثائر الفارسي بابك الخرمي ، وقتل جمع من أصحابه ، وقد خلده أبو تمام الطائي بقصيدة كل أبياتها غرر ، مطلعها: ( الطبري 622/8 وابن الأثير 412/6 و 413).

كذا فليجل الخطب وليفدح الأمر**** فليس لعين لم يفض ماؤها عذر

قال فيها :

توفيت الآمال بعد محمد**** وأصبح في شغل عن السفر السفر

وما كان إلأ مال من قل ماله**** وذخرا لمن أمسي وليس له ذخر

وما كان يدري مجتدي جود كفه**** إذا ما استهلت أنه خلق العسر

ألا في سبيل الله من عطلت له**** فجاج سبيل الله وأنثغر الثغر

فتي دهره شطران فيما ينوبه ****ففي بأسه شطر وفي جوده شطر

فتي مات بين الطعن والضرب ميتة**** تقوم مقام النصر إن فاته النصر

ص: 161

وقد كان فوت الموت سه فرده**** إليه الحفاظ المر والخلق الوعر

ونفس تخاف العار حتي كأنما**** هو الكفر يوم الروع أودونه الكفر

فأثبت في مستنقع الموت رجله**** وقال لها من دون أخمصك الحشر

غدا غدوة والحمد نسج ردائه**** فلم ينصرف إلا وأكفانه الأجر

تردي ثياب الموت حمرا فما أتي**** لها الليل إلا وهي من سندس خضر

كأن بني نبهان يوم وفاته ****نجوم سماء خير من بينها البدر

يعون عن ثاو تعزي به العلي**** ويبكي عليه الجود والمجد والشعر

فتي سلبته الخيل وهو حمئ لها**** وبزته نار الحرب وهولها جمر

أقول أبيات القصيدة كلها جديرة بأن تثبت ، ولما توفي أبو تمام بالموصل ، وكان يلي البريد بها ، بني أبو نهشل بن حميد الطوسي علي قبره قبة ( وفيات الأعيان 17/2 ) وهكذا تقارضا الثناء ، اثني أحدهما قولا ، وأثني الأخر فعلا .

وفي السنة 216 قتل هاشم الضراب ، بالأندلس ، وكان قد خرج بطليطلة ، فاجتمع اليه جمع كثير ، واشتدت شوكته ، فسير إليه عبد الرحمن في السنة 214 جيشا فلم يظفر به ، ثم سير إليه في السنة 216 جيشأ آخر ، فقتل هاشم ، وقتل كثير ممن معه ( ابن الأثير 416/6 ).

وفي السنة 218 وجه زيادة الله بن الأغلب ، صاحب إفريقية، جيش المحاربة فضل بن أبي العنبر بالجزيرة ، فاستنجد فضل بعبد السلام بن المفرج الربعي ، وكان عبد السلام مخالف من عهد فتنة منصور ، فأنجده ، والتقوا مع عسكر زيادة الله ، فقتل عبد السلام ، وحمل رأسه إلي زيادة الله ( ابن الأثير 440/6 ).

وفي السنة 219 وجه المعتصم عجيف بن عنبسة لحرب الزط ، الذين كانوا قد غلبوا علي طريق البصرة ، وأخافوا السبيل ، فسار عجيف حتي نزل

ص: 162

تحت واسط ، وسد الأنهار التي كانوا يمرون بها ، وأخذ عليهم الطرق ، وحاربهم ، فأسر منهم في معركة واحدة خمسمائة رجل ، وقتل في المعركة ثلثمائة ، فضرب أعناق الأسري وبعث بالرؤوس إلي باب المعتصم ( ابن الأثير 433/6 ) ثم طلب الزط الأمان ، فأمنهم ، ونقلهم إلي بغداد، وكانت عدة المقاتلة منهم اثني عشر ألفا وكانت عدتهم جميعا مع النساء والصبيان سبعة وعشرين ألفا وأدخلهم بغداد في السفن معبأين علي هيأتهم في الحرب ... فنظر إليهم المعتصم ، ثم نقلوا إلي الجانب الشرقي ، ورحلوا عن طريق خانقين إلي عين زربة ، فأغارت عليهم الروم ، فاجتاحوهم ، ولم يفلت منهم أحد ( ابن الأثير 446/6 ).

وفي السنة 219 سير عبد الرحمن بن الحكم، صاحب الأندلس جيشأ إلي طليطلة ، بقيادة ميسرة ، المعروف بفتي أبي أيوب، فحارب أهل طليطلة ، ونصب لهم كمينا ، فلما خرجوا إليه ، تراجع عنهم ، وأبعدوا ، فلما بلغوا الكمين، خرج عليهم ، فقتل منهم مقتلة عظيمة ، وعاد من سلم منهزمة إلي طليطلة ، وجمعت رؤوس القتلي ، وحملت إلي ميسرة ، فلما رأي كثرتها، ارتاع، واغتم غم شديدا ، فمات بعد أيام ( ابن الأثير 444/6 ).

وفي السنة 222 قتل مالك بن علي الخزاعي ، وكان يلي طريق خراسان ، اشتبك في معركة مع الشراة ، فضرب علي رأسه، فمات ( الأعلام 139/6)

وفي السنة 223 خرج ملك الروم ، في مائة ألف أو أكثر ، إلي بلاد الإسلام ، وأوقع بأهل زبطرة ، وكان بابك قد كتب إليه يحرضه علي حرب المسلمين ، حاسبا أن انشغالهم به يخفف عنه ، ولما فتح ملك الروم زبطرة ، قتل من بها من الرجال ، وسبي النساء والذرية ، وكذلك صنع بملطية وغيرها من حصون المسلمين ( ابن الأثير 479/6 ) .

ص: 163

وفي السنة 223 بلغ المعتصم ما صنع ملك الروم بالمسلمين في زبطرة وغيرها، وبلغه أن امرأة مسلمة صاحت وهي أسيرة في أيدي الروم : وامعتصماه ، وكان جالسا علي سريره ، فنهض وصاح : يا لبيكاه ، وأمر بالنفير ، وركب دابته ، وأمر العسكر باتباعه ، وعسكر بغربي دجلة ، ثم سأل : أي بلاد الروم أمنع ؟ فقيل : عمورية ، فقصدها ، وفتحها عنوة ، وأمر بها فهدمت وأحرقت ( ابن الأثير 480/6 - 488).

وفي السنة 224 عصي ، بأعمال الموصل رجل اسمه جعفر ، من مقدمي الأكراد ، وتبعه خلق كثير ، فسار إليه عبدالله بن السيد بن أنس الأزدي ، عامل الموصل للمعتصم ، فظفر جعفر ، وانفق عسكر الموصل ، وكان فيمن أسره جعفر رجلان ، أحدهما اسمه اسحاق ، وهو صهر جعفر ، والثاني اسمه اسماعيل وهو عم عبد الله بن السيد ، فظن اسماعيل أن جعفر يقتله ، ولا يقتل إسحاق للصهر الذي بينهما ، فأخذ يوصي إسحاق بأولاده ، فقال له إسحاق : أتظن أنك تقتل وأبقي بعدك ؟ ثم التفت إلي جعفر وقال له : أسألك أن تقتلني قبله لتطيب نفسه ، فبدأ به فقتله ، وقتل اسماعيل من بعده ، فلما بلغ المعتصم ذلك ، أمر إيتاخ بالمسير إلي جعفر ، فتجهز وسار إلي الموصل في السنة 225 واشتبك مع جعفر في معركة ضارية ، فقتل جعفر ، وتفرق أصحابه ( ابن الأثير 506/6 - 507).

وفي السنة 225 قتل محمود بن عبد الجبار الماردي ، رأس الثائرين في ماردة ، بالأندلس ، وكان قد خرج بماردة في السنة 213 مع جماعة من أهلها، وقتلوا عاملها ، فسير إليها عبد الرحمن الأموي جيشا هدم سور المدينة ، فأبوا إلي الطاعة ، فلما عاد الجيش عنهم عاودوا العصيان ، وفي السنة 214 حصرها جيش عبد الرحمن فلم يبلغ منها شيئا ، وكذلك في السنة 217 ، وفي السنة 218 عاود حصارها ، ففتحها ، وطرد عنها محمود بن عبد الجبار الماردي ، وقتل كثيرا من رجاله ، فمضي محمود والباقون من

ص: 164

أصحابه إلي مونت سالوط ، فسير إليه عبد الرحمن في السنة 220 جيشأ ، فانحاز محمود وأصحابه إلي حلقب ، ثم عبروا إلي حدود المشركين ، واستولي محمود علي قلعة لهم فأقام فيها وأصحابه خمس سنين ، ثم قصدهم الفونس ملك الفرنج في السنة 225 فملك الحصن ، وقتل محمودة ومن معه ( ابن الأثير 410/6 و 411).

وفي السنة 230 قتل عذيرة بن قطاب السلمي ، مقدم بني سليم ، وكانوا قد عاثوا في المدينة ، فسير إليهم الواثق جيشا ، فدوخهم ، وحبس منهم في القيود بالمدينة ألف رجل ، فنقبوا الحبس وخرجوا منه ، فأحاط بهم أهل المدينة ، وقتلوهم ، وكان رأسهم عذيرة يقاتل وهو يرتجز :

لا بد من زحم وإن ضاق الباب**** الموت خير للفتي من العاب

فقتل وصلب ( الأعلام 13/5 ).

وفي السنة 236 قتل عمرو بن سليم التجيبي ، الثائر التونسي ، في معركة نشبت بينه وبين جيش سيره إليه محمد بن الأغلب أمير إفريقية ، وكان قد سير له قبل ذلك جيشين كسرهما التجيبي ( الأعلام 246/5 ).

وفي السنة 249 قتل في المعارك مع الروم ، بطلان من أبطال الإسلام عمر بن عبيد الله الأقطع ، وعلي بن يحيي الأرمني ، وقتل معهما جمع من أصحابهما ، فهاج الناس ببغداد ، وسامراء ، ونادي عامة بغداد بالنفير ، وفتحوا السجون، وأخرجوا من فيها، وأحرقوا أحد الجسرين ، وقطعوا الأخر، وانتبهوا دار بشر وإبراهيم ابني هارون، كاتبي محمد بن عبد الله بن طاهر ، أمير بغداد ، وفي سامراء ، وثب نفر من العامة ، ففتحوا السجن وأخرجوا من فيه ، وحاربوا الأتراك ، وهزموهم ، ثم سكنت الفتنة . ( الطبري 261/9-263 وابن الأثير 121/7 - 122).

وفي السنة 250 ظهر يحيي بن عمر العلوي ، بالكوفة ، وكان سبب

ص: 165

خروجه سوء المعاملة التي لاقاها من عمر بن فرج الرخجي ، الذي ولاه المتوكل أمر الطالبيين ، فتحرك بالكوفة ، وطرد عاملها ، وحاربه عبدالله السرخسي ، العامل علي معاون السواد ، فضربه يحيي ، فأثخنه ، ففر هاربا ، فوجه إليه محمد بن عبد الله بن طاهر جيشا ، ونشبت معركة ، أسفرت عن يحيي بن عمر قتيلا ، فحمل الرأس إلي محمد بن عبدالله بن طاهر ، فبعث به إلي المستعين بسامراء ، فنصبه بسامراء لحضة ، ثم أخفاه ، خوفا من الناس ، وجلس محمد بن عبدالله بن طاهر ببغداد ، يتقبل التهاني بقتل يحيي بن عمر ، فدخل عليه أبو هاشم داود بن الهيثم الجعفري فقال له : أيها الأمير ، إنك لتهنأ بقتل رجل لو كان رسول الله صلي الله عليه وسلم حيأ، لعزي به ، فلم يرد عليه ( الطبري 266/9 - 270 وابن الأثير 126/7 - 129).

أقول : وفي مقتل يحيي بن عمر ، قال ابن الرومي قصيدته الشهيرة التي مطلعها :

أمامك فانظر أي نهجيك تنهج**** طريقان شتي مستقيم وأعوج

يقول فيها :

أيحيي العلي لهفي لذكراك لهفة**** يعاود مكواها الفؤاد فينضج

أحين تراءتك العيون جلاءها**** واقذاءها أضحت مراثيك تنسج

سلام وريحان وروح ورحمة ****عليك وممدود من الظل سجسج

ولا برح القاع الذي أنت جاره**** برف عليه الأقحوان المفلج

ويا أسفي أن لا ترد تحية ****سوي أرج من طيب رمسك يارج

ألا إنماناح الحمائم بعدما***** ثوي وكانت قبل ذلك تهزج

معارك العيارين في حصار بغداد الثاني

كانت أول معارك للعيارين العراة البغداديين ، في حصار بغداد أول مرة ، في السنة 197 لما حصر طاهر بن الحسين ، قائد جيش المأمون ، بغداد وفيها الأمين ، وقد ذكرنا ذلك في موضعه .

ص: 166

وفي السنة 251 انحدر المستعين ومعه وصيف وبغا إلي بغداد ، منزعجة من تصرفات الجنود والقواد الأتراك ، فلحقوا به في بغداد ، وتوسلوا إليه أن يعود ، فتلكأ ، فعادوا إلي سامراء ، وأخرجوا المعتر من محبسه بالجوسق ، وبايعوه بالخلافة ، وخلعوا المستعين ، فجهز المعتز جيشأ قصد بغداد وحاصرها ، فظهر العراة من العيارين من جديد، واتخذوا لهم خيلا منهم ، يركب القائد علي واحد من العيارين ، ويسير إلي الحرب في خمسين ألف عراة ( مروج الذهب 319/2 ). فأمر المستعين ، أمير بغداد محمد بن عبدالله بن طاهر أن يحضن بغداد ، فتقدم في ذلك ، وأدير عليها السور من دجلة ، من باب الشماسية ، إلي سوق الثلاثاء ، حتي أورده دجلة ، ومن باب قطيعة أم جعفر ، حتي أوردها قصر حميد ، ورتب علي كل باب قائدة وجماعة من أصحابه ، وغير أصحابه ، وأمر بحفر الخنادق حول السورين ، كما يدوران في الجانبين جميعا ، ومظلات يأوي إليها الفرسان في الحر والمطر ، فبلغت النفقة علي السورين والخنادق والمظلات ثلثمائة ألف دينار وثلاثين ألف دينار ، وجعل علي باب الشماسية خمس شاخات ، بعرض الطريق ، فيها العوارض والألواح والمسامير الطوال الظاهرة ، وجعل من خارج الثاني بابا معلقة بمقدار الباب ، ثخينة، قد ألبس صفائح الحديد، وشد بالحبال ، كي إن وافي أحد من ذلك الباب ، أرسل عليه الباب المعلق ، فقتل من تحته ، وجعل علي الباب الأخر عرادة ، وعلي الباب الخارج خمسة مجانيق كبارة ، فيها واحد كبير سموه الغضبان ، وست عرادات يرمي بها إلي ناحية رقة الشماسية ، وصير علي باب البردان ثماني عرادات في كل ناحية أربع ، وأربع شاخات ، وكذلك كل باب من أبواب بغداد، في الجانب الشرقي والغربي ، وجعل لكل باب من أبوابها دهليزا عليه السقائف ، ووكل بكل باب قوادة برجالهم تسعمائة فارس ومائة راجل ، ولكل منجنيق وعرادة رجالأ مرتبين ، يمدون حباله ، ورامية يرمي إن كان قتال .

وفي المعارك التي حصلت حول سور بغداد ، في السنة 251 بين جيش

ص: 167

المعتز ، وجيش المستعين المحصور ببغداد ، أمر محمد بن عبدالله بن طاهر ، أمير بغداد ، ففرض للعيارين ، وجعل عليهم عريفة ، وعمل لهم تراسا من البواري المقيرة ، ومخالي تملأ حجارة ، وكان الرجل منهم يقوم خلف البارية فلا يري منها ، وكان العريف علي أصحاب البواري المقيرة من العيارين ، رجلا يقال له بنتويه ( الطبري 288/9 ) ثم أمر أمير بغداد أن يتخذ العياري أهل بغداد كافر كوبات ( دونكات ) وأن يصير فيها مسامير الحديد ، لأنهم كانوا يحضرون القتال بغير سلاح ، وكانوا يرمون بالأجر ، فقسم الكافر كوبات فيهم، وأثبت أسماءهم، ورأس العيارون عليهم رجلا اسمه بنتويه ، وكنيته أبو جعفر ، ورأسوا عليهم أربعة آخرين ، وهم دونل، ودمحال ، وأبا نملة ، وأبا عصارة ، فلم يثبت منهم إلا بنتويه ، فإنه لم يزل رئيسا علي عياري الجانب الغربي ، حتي انقضي أمر هذه الفتنة ، ولما أعطي العيارون الكافر كوبات ، تفرقوا علي أبواب بغداد ، فقتلوا من الأتراك ومن أتباعهم نحو من خمسين نفرأ، في ذلك اليوم ، وقتل منهم عشرة ، وجرح منهم خمسمائة بالنشاب ، وأخذوا من الأتراك علمين وسلمين ( الطبري 309/9 ) وفي أحد الأيام خرج بنتويه وأصحابه من العيارين من باب قطربل ، فمضوا يشتمون الأتراك حتي جازوا قطربل ، فعبر إليهم جماعة من الأتراك الناشبة ( الضاربون بالنشاب ) في الزواريق ، فقتلوا منهم رجلا ، وجرحوا عشرة ، وكاثرهم العيارون ، بالحجارة حتي اثخنوهم ، فرجعوا إلي معسكرهم ، فأحضر بنتويه في دار ابن طاهر ، وأمر ألا يخرج إلا في يوم قتال وسور ، وأمر له بخمسمائة درهم ( الطبري 310/9 ).

وكان أحد قواد جيش المعتر ، الذي يحاصر بغداد ، واسمه الدرغمان ، شجاعا بطلا ، فذكر القائد المغربي يحيي بن العكي ، إنه كان إلي جنب الدرغمان ، إذ وافاه ناوكي ( سهم ) فأصاب عينه ، ثم أصابه بعد ذلك حجر منجنيق فأطار رأسه ، وحمل ميتا ( الطبري 305/9 )، وكان من جملة هؤلاء

ص: 168

العيارين العراة، الذين يحاربون بالحجارة والمقلاع غلام لم يبلغ الحلم ، معه مخلاة فيها حجارة، ومقلاع في بده ، يرمي عنه فلا يخطيء وجوه الأتراك ، ووجوه دوابهم ، فاجتمع عليه أربعة من فرسان الأتراك يرمونه ويرميهم فلا يخطيء، وتقطر به دوابهم ، فجاءوا معهم بأربعة من رجالة المغاربة ، بأيديهم الرماح والتراس ، فجعلوا يحملون عليه ، ثم داخله اثنان منهم ، فرمي بنفسه في الماء ، ودخلا خلفه ، فلم يلحقانه ، وعبر إلي الجانب الشرقي ( الطبري 313/9)

وفي السنة 251 وجه محمد بن عبدالله بن طاهر ، أمير بغداد ، جيشأ بقيادة الحسين بن اسماعيل ، ليقصد الأنبار ، ويمنع قدوم جيش الأتراك التابع للمعتر منها ليحاصر بغداد ، ووعده أمير بغداد أن يوصل عدد جيشه إلي عشرة آلاف ، وأزاح علته ، وحمل اليه مال ، وأطواق ، وأسورة ، وجوائز ، لمن يبلي في الحرب ، فلاقاهم الأتراك ، وكمنوا لهم كمينا ، وصافوهم ، وقتل من أصحاب الحسين مقتلة عظيمة ، وخرج عليهم الكمين ، فرموا بأنفسهم إلي الفرات ، فغرق منهم خلق كثير ، وحوي الأتراك جميع ما في معسكر الحسين من مضارب وأثاث ، حتي تجارات أهل السوق ، وأنفل جيش الحسين ، فوافي هو والفل الياسرية ، فلقي الحسين رجل من التجار الذين ذهبت أموالهم في عسكره ، فقال له : الحمد لله الذي بيض وجهك ، أصعدت في اثني عشر يوما ، وانصرفت في يوم واحد، فتغافل عنه ( الطبري 323 -319/9)

وفي السنة 253 حكم بالبرازيج مساور بن عبد الحميد، فوجه أمير بغداد إليه جيشين ، أحدهما بقيادة بندار الطبري ، والثاني بقيادة مظفر بن سيسل ، فأراد بندار أن يكون النصر علي مساور خاصا به ، فتعجل مقاتلته ، وقتل من الطرفين كثير ، وفر بندار ، فلحقوه، وقتلوه، ونصبوا رأسه ( الطبري 376 -375/9)

ص: 169

وفي السنة 255 قتل أمير صقلية خفاجة بن سفيان، بعد أن حكم صقلية ثماني سنوات ، وخلفه ولده محمد بن خفاجة ، فقتل في السنة 257 ، وخلفه ولده جعفر بن محمد بن خفاجة ، فقتل في السنة 264 ( معجم انساب الأسرات الحاكمة 106)

المعارك مع صاحب الزنج

وفي السنة 255 كانت حركة صاحب الزنج علي بن محمد الورزنيني ، ودامت حركته خمس عشرة سنة حتي قتل ، وللزنج ، بالبصرة ثلاث ثورات ، الأولي في السنة 71 في آخر أيام مصعب بن الزبير ، وكانوا قلة ، فأخذ بعضهم وقتلوا ، وتفق الباقون ، والثانية في السنة 75 في زمن الحجاج ، وكانوا كثرة ، فتزعمهم رجل اسمه رباح ، ولقبوه شيرزنجي ، يعني أسد الزنج ، وحاربهم صاحب الشرطة بالبصرة ، فهزموه أولا ، ثم هزمهم وفرقهم ، والثالثة كانت في السنة 255 وهي أعظمها ، قام بها علي بن محمد ، وادعي أنه علوي النسب ، وجمع اليه الزنج الذين كانوا يكسحون السباخ بالبصرة ، وهم عشرات ألوف ، فادعي أن الله بعثه لإنقاذهم مما هم عليه من سوء الحال ، ولرفع أقدارهم ، وتمليكهم الأموال والمنازل ، وكان كل من فر إليه من الزنج حرره ، وأكرمه ، وضمه إلي جنده ، وفي أول معركة خاضها، لم يكن معه إلا ثلاثة أسياف ، وكان عدد مهاجميه أربعة آلاف ، وحدث أن أحد أصحابه وهو فتح الحجام، كان يحمل طبقأ فيه بقية طعامه ، فحذف أول من قابله من مهاجميه بالطبق ، ففر المهاجم ، ورمي سلاحه ، وفر الباقون ، وقتل منهم من قتل ، وأسر منهم قوم ، وجيء بهم إلي صاحب الزنج فضرب أعناقهم ، وصار في أيدي الزنج سيوف وبالات وزقايات وتراس ( الطبري 410/9 ۔ 417). واقتتل صاحب الزنج مع اصحاب السلطان ، يقودهم رجل من الأتراك يدعي أبا هلال في سوق الريان ، فانتصر صاحب الزنج ، وهزم أصحاب السلطان ، وقتل منهم ألف وخمسمائة ( الطبري 424/9 ) ثم اشتبك مع

ص: 170

الخول وأصحاب الزينبي ، وكانوا يزيدون علي أربعة آلاف ، فقتل من أصحابه فتح الحجام ، ومن أصحاب السلطان أبو الكباش وبشير القيسي ، ادعي قتلهما علي بن أبان، من أصحاب صاحب الزنج وكانا يقودان القوم ، فانهزم أصحابهما لما قتلا ( الطبري 427/9 ). وسلك علي بن أبان ، في نهر بيان ، فإذا كمين في ألف من المغاربة ، معهم حسين الصيداني ، من أصحاب صاحب الزنج أسيرا ، فلما رأوا الزنج ، شدوا علي الحسين فقطعوه قطعأ ، ثم اقتتلوا مع الزنج ، فأكب عليهم السودان ، فقتلوهم جميعا ( الطبري 428/9 )، وجيء إلي صاحب الزنج بزهير الخول ، قائد أصحاب الخول ، ولم يعرفه، فعرفه به أصحابه ، فأمر به فضربت عنقه ، ثم جيء إليه برأس ابي الليث القواريري ، من رؤساء أصحاب السلطان ، ورأس عبدان الكسبي ، ثم وقعت الدبرة علي الزنج ، فغرق منهم جماعة من قوادهم ، منهم أبو الجون ، ومبارك البحراني ، وعطاء البربري ، وسلام الشامي ، ثم بعث صاحب الزنج ، محمد بن سلم من أصحابه إلي أهل البصرة ، يعظهم ، فقتلوه ، فخطب صاحب الزنج في أصحابه ، وقال لهم : سوف تقتلون به غدا عشرة آلاف من أهل البصرة ، ثم هاجمه رجال السلطان في سميرات وشذا ( جمع شذاءة وشذاوة - نوع من السفن ) فصدهم الزنج صدا عنيفا ، فغرقت منهم طائفة ، وقتلت طائفة ، وهربت طائفة ، فجمع صاحب الزنج القتلي ، وأطلق الجثث في الماء ، فوافت البصرة ، وقوي صاحب الزنج بعد هذا ، وتمكن الرعب في قلوب أهل البصرة منه ، وأمسكوا عن حربه ( الطبري 428/9 ۔ 437). ثم وافي جعلان الي البصرة لحرب صاحب الزنج في السنة 206، فناوشه صاحب الزنج ، فانصرف جعلان الي البصرة ، ودخل الزنج الأبلة ، فقتلوا بها خلقا كثيرة ، وأحرقوها، ومن جملة من قتل ، أبو الأحوص ، وابنه ، وعبدالله بن حميد الطوسي ، وابن له كان في شذاة بنهر معقل ، ثم استولي صاحب الزنج علي عبادان ، ثم قصد جبي ، فقتل ، ونهب ، وأحرق ، وخرب ، ثم وافي الأهواز ، وأميرها سعيد بن يكسين ، وعاملها علي

ص: 171

الخراج إبراهيم بن المدبر، فقر الأمير سعيد، وثبت العامل إبراهيم ، فأسر وفي وجهه ضربة ، وفي السنة 257 جاء سعيد الحاجب ، القائد العباسي ، القتال صاحب الزنج ، فأوقع بالزنج وقعة في نهر المرغاب ، فهزمهم ، واستنقذ ما في أيديهم من النساء والنهب ، ثم انتهز صاحب الزنج غفلة من سعيد الحاجب ، فهاجمه، وطحنه وعسكره ، وقتل منهم مقتلة عظيمة ، فصرف سعيد ، وقدم منصور الخياط القائد الحرب الزنج، فاقتتلوا وكان النصر حليف صاحب الزنج ، ثم وجه صاحب الزنج جيشا إلي الأهواز، بقيادة علي بن أبان ، فقتل شاهين بن بسطام عامل الأهواز ، وابن عم له يقال له حيان وقتل معهما من أصحاب شاهين بشرأ كثيرة ، ثم واقع جيشأ بقيادة إبراهيم بن سيما ففله ، وفر إبراهيم ، ثم هاجم مدينة البصرة ، من ثلاث جهات ، وقتلوا من أصابوا ، واجتمع قوم في دار إبراهيم بن يحيي ، فأمر بهم فقتلوا بأجمعهم، وكان قوادهم يقولون للزنج : كيلوا ، وهي علامة يعرفونها فيمن يأمرون بقتله ، ثم قام قواد صاحب الزنج ، بإحراق المسجد الجامع ، فاحترقت البصرة ، وقتلوا جميع من وجدوه فيها ، فمن كان ذا مال يقرر علي ماله حتي يستخرجه ويقتله ، ومن كان مملقا قتل عاج ( الطبري 470/9 - 488)، وفي السنة 258 قتل صاحب الزنج القائد منصور الخياط ، في معركة ضارية ، وقتل معه أخوه خلف بن جعفر ، ثم قتل القائد مفلح ، أصابه سهم في صدغه فقتله ، وحملت جثته إلي سامراء ، فدفن بها ، وفر أصحابه إثر قتله ، وجاء الزنج إلي صاحبهم برؤوس القتلي يحملونها في أسنانهم ، وجعل الزنج يقتسمون لحوم القتلي ، ويتهادونها بينهم ، ثم أسر يحيي بن محمد البحراني ، من كبار قواد الزنج ، رشق بالسهام، فأصابه منها ثلاثة ، في عضديه وساقه اليسري ، وتسلمه أصحاب السلطان ، فحمل إلي أبي أحمد ( الموفق ) فحمله أبو أحمد إلي سامراء ، فأدخل علي جمل وبنيت له دكة في الحير ، ثم رفع للناس حتي أبصروه ، فضرب بالسياط ، ضرب مائتي سوط بثمارها، ثم قطعت يداه ورجلاه من خلاف ، ثم خبط بالسيوف ، ثم ذبح ، ثم احرق ، وعظم قتل

ص: 172

يحيي علي صاحب الزنج ، وفي السنة 259 دخل المهلبي ، ويحيي بن خلف النهر بطي ، من قواد الزنج ، الأهواز ، فقتلوا بها صاحب المعونة ، وخلقا كثيرة ، وممن قتل القائد نيزك وأصغجون صاحب المعونة ، وفي السنة 261 كانت بين عبد الرحمن ، صهر أبي الساج ، وبين المهلبي ، قائد الزنج ، معركة قتل فيها عبد الرحمن ، ودخل الزنج الأهواز ، فقتلوا أهلها ، وسبوا ، وانتهبوا ، وأحرقوا ، وفي السنة 262 قصد الزنج البطيحة ، ودست ميسان، واشتبكوا في معارك قتل فيها القائد خشيش ، من رجال السلطان ، وقتل أبو تميم أخو أبي عون ، وحصلت وقعة في الأهواز بين الزنج ، وأحمد بن ليثويه ، فقتل كثير من الزنج ، وأصيب قائدهم علي بن أبان بسهم في ساقه ، وقتل فتح غلام أبي الحديد ، من أنجاد الزنج ، كما قتل من أنجاد الزنج وأبطالهم جماعة كثيرة ( الطبري 492/9 - 529) ثم واقع أحمد بن ليثويه ، الخليل بن أبان ، أخا علي بن أبان ، من أنجاد أبطال الزنج ، فكسره أولا ، وقتل كثيرة منهم ، ثم كمنوا له كمين ، فقتلوا من أصحابه جماعة ، وحملت رؤوسهم إلي علي بن أبان ، فوجهها إلي صاحب الزنج ، وفي السنة 264 ولي محمد المولد، واسطأ ، فحاربه سليمان بن جامع ، عامل واسط الصاحب الزنج ، فطرد محمدأ عن واسط ، ودخل الزنج واسط ، فقتلوا بها خلق كثيرة ، وانتهبوها ، وأحرقوها ، وقتل بها كنجور البخاري ، أحد القواد ، وفي السنة 265 واقع أحمد بن ليثويه ، سليمان بن جامع ، قائد الزنج ، فقتل من الزنج سبعة وأربعين قائدة ، وخلقا لا يحصي عددهم ، ودخل الزنج النعمانية ، فأحرقوا سوقها ، وأكثر منازل أهلها ، وسبوا ، وصاروا إلي جرجرايا ، ودخل أهل السواد بغداد، وشخص تكين البخاري الي الأهواز ، واليا عليها ، فصدمه علي بن أبان قائد الزنج ، علي أبواب تستر ، فانكسر الزنج ، وقتلوا ، وهزموا ، وتفرقوا، وانصرف علي مفلو" ، وتسمي هذه الوقعة ، وقعة باب كودك المشهورة ، ثم دهمهم تكين ، وهم علي قنطرة فارس متشاغلين بالطعام والنبيذ ، فأوقع بهم ليلا. وقتل من قوادهم انكلويه ،

ص: 173

والحسين المعروف بالحمامي ، ومفرج المكني أبا صالح ، وأندرون ، وانهزم الباقون ، ثم سار تكين فصدم علي بن أبان في جمعه، فانهزم عنه ، وأسر غلاما لعلي اسمه جعفرويه ، فحصلت من جراء أسر جعفرويه مكاتبة ، بين علي بن ابان ، وتكين البخاري ، فاتهم تكين بممايلته للزنج ، وجاء مسرور البلخي إلي الأهوز، وأمن تكين ، حتي حضر أمامه ، فأمر بأخذ سيفه واعتقاله ، فانقسم جيش تكين ، شطر التجأ إلي الزنج ، وشطر إلي محمد بن عبيد الله الكردي ، عامل يعقوب بن الليث ، فبسط مسرور الأمان لمن بقي ، فلحقوا به ، ومات تكين في الحبس ( الطبري 531/9- 537) وفي السنة 266 ولي أغرتمش ، ما كان تكين البخاري يليه من الأهواز ، فاجتمع اغرتمش، وأبا ، ومطر بن جامع ، علي قتال علي بن أبان ، فانتهوا إلي تستر ، فاستخرجوا من كان في الحبس، ومعهم جعفرويه غلام علي بن أبان ، فقتلوا جميعا ، تولي قتلهم مطر بن جامع ، ثم تصافوا مع الزنج واقتتلوا ، فكانت الغلبة للزنج، واسر مطر بن جامع ، فأخذه بهبود ، وجاء به إلي علي ، فأراد منه مطر أن يستبقيه ، فقال له علي : لو أبقيت علي جعفرويه لأبقيت عليك ، وأمر به ، فأدني منه ، فضرب عنقه بيده ، ثم أرتاب علي بن أبان بمحمد بن عبيد الله عامل رامهرمز للصفار ، فهاجمه ، ودخل رامهرمز ، وفر عنه محمد ، ثم كتب إلي صاحب الزنج ، وحمل إليه مالا ، فأمسك علي عنه ، ثم هاجم علي بن أبان أكراد داربان ، فصدمهم الأكراد صدمة قوية ، فعادوا مفلولين ، وفي السنة 267 غلب الأمير أبو العباس أحمد ( المعتضد فيما بعد ) علي عامة ما كان لسليمان بن جامع ، قائد الزنج ، ثم عسكر أبو أحمد الموفق ، بالفرك ، وقصد المدينة التي سماها صاحب الزنج : المنيعة ، من سوق الخميس ، فهاجمها، وصعد أصحاب أبي العباس علي السور ، ودخلوا المدينة ، وقتلوا ، وأسروا ، وحووا، وهرب الشعراني ، أحد قواد صاحب الزنج ، وعاد أبو أحمد وقد استنقذ من المسلمات زهاء خمسة آلاف إمرأة ، فحملن الي واسط ، ليدفعن إلي أوليائهن ، وفي اليوم الثاني ، هدم

ص: 174

سورها ، وطم خندقها ، وأحرق ما بقي من السفن فيها ، ثم دخل أبو أحمد وأصحابه إلي طهيثا ، ورمي أبو العباس ، أحد قواد الزنج ، أحمد بن مهدي الجبائي بسهم في أحد منخريه، فخرق كل شيء ، ووصل إلي دماغه ، فخر صريعا ( الطبري 549/9 - 572) ، وفي السنة 267 قصد الأمير أبو أحمد ، مدينة سليمان بن جامع التي سماها: المنصورة ، وكان لها خمسة أسوار ، أمام كل سور خندق ، فاقتحمها جند أبي أحمد ، واستحر في الزنج القتل والأسر ، واستنقذ أبو أحمد من نساء أهل واسط وصبيانهم ، وما اتصل بذلك ، زهاء عشرة آلاف ، فحملوا إلي واسط ، ودفعوا إلي أهاليهم ، وهدم أبو أحمد أسوار المدينة ، وطم خنادقها ، ثم توجه إلي الأهواز لطرد الزنج عنها ، فانجلي المهلبي قائد الزنج عنها هاربا ، وكتب صاحب الزنج إلي بهبوذ ، وإليه يومئذ عمل الفندم والباسيان ، يأمره بالقدوم عليه ، فترك بهبود والبحراني جميع الغلات والحبوب والتمر والمواشي ، فحازه أبو أحمد ، وتسلل عدد كبير من الزنج إلي أبي احمد بالأمان ، وفي السنة 297 أسر صندل الزنجي ، من قواد صاحب الزنج ، وكان يكشف وجوه الحرائر المسلمات ورؤوسهن، ويقلبهن تقليب الإماء ، فإن أمتنعت منهن امرأة ، ضرب وجهها ، ودفعها إلي بعض علوج الزنج ، يبيعها بأوكس الثمن ، فلما أتي به أبو أحمد ، أمر به فشت بين يديه ثم رمي بالسهام حتي قتل ( الطبري 588 - 537/9)

وفي السنة 260 قتل عامل الكوفة ، علي بن زيد العلوي ، ، قتله قائد صاحب الزنج ( الطبري 508/9 ).

وفي السنة 260 قتل منجور ، والي حمص ، فاستعمل عليها بكتمر ( الطبري 510/9 )

وفي السنة 260 أصيب العلاء بن أحمد الأزدي ، عامل أذربيجان بالفالج ، فولي السلطان عليها أبا الرديني عمر بن علي بن مر ، فصار إليها

ص: 175

ليتسلمها، فخرج العلاء في قبة لحرب أبي الرديني ، واشتبك معه في معركة ، فقتل العلاء ( الطبري 510/9 و 511).

وفي السنة 261 قتل مساور الشاري ، يحيي بن حفص الذي كان يلي خراسان ، قتله بكرخ جدان ( الطبري 512/9 ).

وفي السنة 262 قصد يعقوب بن الليث الصقار رامهرمز فاستولي عليها ، وتقدم يريد الوصول الي الحضرة ( بغداد )، فجلس أبو أحمد ولي العهد ببغداد ، وأعلن أن أمير المؤمنين وتي يعقوبخراسان وطبرستان وجرجان والري وفارس والشرطة بمدينة السلام ، وكان هذا الإعلان بمحضر من درهم صاحب يعقوب، ولكن يعقوب أصر علي الوصول إلي الحضرة ، ووصل إلي واسط ، فاستعد له المعتمد ، وانحدر من سامراء حتي جاوز بغداد ، وفي اصطربند، اقتتل جيش الخليفة وجيش يعقوب ، فقتل من الطرفين جماعة، فأصابت يعقوب ثلاثة سهام في حلقه ويديه ، وانكسر يعقوب ، وانهزم أصحابه ، وتخلص محمد بن طاهر بن عبدالله بن طاهر ، وكان مثقلا بالحديد في قبضة يعقوب ( الطبري 516/9 - 519).

وفي السنة 265 حصر أحمد بن طولون أنطاكية ، وفيها سيما الطويل ، وكان حسن الأثر ، عظيم النكاية في الروم ، ففتح أحمد أنطاكية ، وقتل سيما ( الطبري 543/9 ).

وفي السنة 268 قتل بهبود بن عبد الوهاب ، أكثر أصحاب صاحب الزنج غارات ، وأشدهم تعرضا لقطع السبيل ، وأخذ الأموال ، أصيب بطعنة من يد غلام أسود ، فهوي إلي الماء ، فابتدره أصحابه ، فحملوه فلم يصلوا به إلي صاحب الزنج حتي مات ( الطبري 609/9 -611).

وفي السنة 268 أسر العلوي المعروف بالحرون في مكة ، وأدخل إلي عسكر أبي أحمد، في أول السنة ، علي جمل ، وعليه قباء ديباج وقلنسوة طويلة (الطبري 613و612/9) .

ص: 176

وفي السنة 270 قتل صاحب الزنج ، علي بن محمد الورزيني ، وقد ظهر في السنة 255 والتف حوله سودان البصرة ، فاستولي علي البصرة ، والأبلة ونزل البطائح ، واستولي علي الأهواز ، وأغار علي واسط ، وبلغ عدد جيشه ثلثمائة ألف مقاتل ، وأستمر مسيطرأ علي جنوب العراق إلي وسطه خمس عشرة سنة ، وقتل في هذه السنة في معركة ضارية ، وحمل رأسه إلي بغداد ( الطبري 654/9 - 660 ).

وفي السنة 270 نزل الروم بناحية باب قلمية ، قرب طرسوس ، وهم مائة الف ، فخرج إليهم يازمان الخادم ، فبيتهم ، فقتل بطريق البطارقة أندرياس ، وبطريق القباذق ، وبطريق الناطلق، وأفلت بطريق قرة وبه جراحات ، وأخذ لهم سبعة صلبان ، من فضة وذهب ، فيها صليبهم الأعظم من ذهب مكلل بالجوهر ، وقيل إنه قتل من الروم سبعون ألفا ( الطبري 666/9)

وفي السنة 277 قتل في كورة البيرة بالأندلس ، سوار بن حمدون بن يحي القيسي المحاربي ، وكان قد ثار بالأندلس ، والتفت حوله بيوتات العرب ( الأعلام 213/3 ) .

وكان موسي بن موسي السامي ، القاضي ، من فقهاء الأباظية بعمان ثار علي الإمام راشد بن النضر اليحمدي ، وشارك في خلعه ، وبايع بالإمامة العزان بن تميم ، فأقره عزان علي القضاء ، ثم عزله ، فثار علي عزان ، ونشبت بينهما معركة ، فقتل موسي في السنة 278 ( الاعلام 283/8 ).

وفي السنة 278 غزا يازمان الروم ، وكان عظيم الغناء ، ماضية في الجهاد ، فأصابته في المعركة شظية من حجر منجنيق أصابت أضلاعه ، وهو محاصر لحصن سلندو ، فإرتحل عسكره ، وكانوا قد أشرفوا علي فتحه ، ومات يا زمان فحمل إلي طرسوس علي أكتاف الرجال ، فدفن هناك (الطبري 27/10)

ص: 177

وفي السنة 280 قتل عزان بن تميم الأزدي ، أحد أئمة الأباطية بعمان قتله في بلاد عمان ، محمد بن بور عامل المعتضد العباسي علي البحرين ، وبعث برأسه إلي المعتضد . ( الاعلام 21/5 ) .

وفي السنة 283 قتل رافع بن هرثمة ، في معركة بينه وبين عمرو بن الليث الصفار ، وأنفذ رأسه إلي بغداد ، وكان رافع أميرة علي خراسان من قبل محمد بن طاهر ، واستولي علي طبرستان في أيام أبي أحمد الموقق ، فلما عزله المعتضد عن خراسان ، عصي ، وخطب لمحمد بن زيد الطالبي ، فقاتله عمرو بن الليث وقتله ( الاسلام 3/ 36).

وفي السنة 285 حاصر محمد بن لب بن موسي بن فرتون ، مدينة سرقسطة ، فقتل علي سورها ، وحمل رأسه إلي الأمير عبد الله بن محمد الأموي بقرطبة ، فأمر بأن ينصب علي باب قصر الخلافة ثمانية أيام ، ثم رفع ( الأعلام 237/7 ) .

وفي السنة 287 قتل محمد بن زيد العلوي ، صاحب طبرستان ، فإنه لما أسر عمرو بن الليث الصفار ، أصبحت خراسان خالية من عامل ، فطمع فيها محمد بن زيد ، واجتاز بجرجان في طريقه إلي خراسان ، فكتب إليه اسماعيل الساماني يسأله أن يعود إلي طبرستان ، وأن يترك جرجان له ، فأبي ، فبعث إليه جيشأ عليه محمد بن هارون ، فاقتتل الجيشان ، وأصابت محمد بن زيد ضربات مات منها ( الطبري 81/10 و 82).

وفي السنة 288 تصدي أحمد بن معاوية من بيت الخلافة الأموية بالأندلس ، ويعرف بابن القط ، للغزو ، فغزا جليقية في جمع من البربر ، وانفل عنه أنصاره ، فثبت وقتل في المعركة ( الاعلام 243/1 ) .

وفي السنة 294 اجتاح القرامطة بقيادة زكرويه القرمطي ، قافلة الحاج الخراسانية، وقتلهم عن آخرهم ، وسبوا من النساء ما أرادوا ، وقتلوا

ص: 178

الباقيات ، ثم انتظر القافلة التي تليها ، فلاقاها ، وحاربهم ثلاثة أيام ، وهم علي غير ماء ، وقتلهم عن آخرهم ، وأرسل خلف المنهزمين يبذل لهم الأمان ، فلما عادوا ، قتلهم أجمعين ، وكان نساء القرامطة يطفن بالقتلي يعرضن الماء فمن كلمهن ، قتلنه ، وبلغ عدد القتلي عشرين ألفا ، وفر من القافلة من لم يفطن له ، ولكن من فر مات في الطريق ، فلما بلغ الخبر المكتفي ، جهز الجيوش ، وسيرهم لقتال القرامطة ، فلقيهم زكرويه ، ونشبت معركة ضارية قتل فيها من القرامطة مقتلة عظيمة ، وأسر زكرويه وهو جريح ، وعاش خمسة أيام ثم مات ، فسيرت جيفته والاسري إلي بغداد . ( ابن الأثير 551 - 548/7)

وفي السنة 294 قتل يعقوب بن الأفلح ، صاحب تاهرت ، من الخوارج الأباضية ، وفر ولده أبو سليمان إلي ورجلان ، ثم أن أبا عبد الله الداعي ، خرب في السنة 296 مدينة تاهرت ( معجم انساب الأسر الحاكمة 101)

وفي السنة 309 حارب الجند العباسي ، ليلي بن النعمان الديلمي ، صاحب جرجان ، فقتل ليلي في المعركة ( ابن الأثير124/8 ).

أقول : كان القائد ليلي بن النعمان الديلمي ، صاحب جرجان ، كريم ، بذالأ للأموال ، شجاعا ، فكثر جنده ، وضاقت الأموال عليه ، فاستولي علي نيسابور ، فأنفذ إليه الساماني قائده حمويه ، فاقتتلوا ، وكانت المعركة لليلي ، ثم انعكست فتفرق جنده ، وقتل ليلي ، وقطع رأسه ، ونصب علي رمح ، ثم حمل إلي بغداد .

وفي السنة 311 دخل أبو طاهر الجنابي ، رأس القرامطة ، البصرة ، في ألف وسبعمائة من القرامطة ، وكان علي البصرة سبك المفلحي القائد ، فركب إليهم ، فحاربوه ، وقتلوه ، ووضعوا السيف في أهل البصرة ، وطرح

ص: 179

بعضهم أنفسهم في الماء فغرقوا ، وأقام أبو طاهر بالبصرة سبعة عشر يوما ، يحمل منها ما يقدر علي حمله من الأموال والأمتعة والنساء والصبيان ، ثم عاد إلي بلده ( ابن الأثير 144/8 ).

وفي السنة 311 سار يوسف بن أبي الساج من أذربيجان إلي الري ، فحارب أخا صعلوك ، أحمد بن علي ، فانهزم أصحاب أحمد، وقتل أحمد في المعركة ، وكان أحمد قد قصد المقتدر ، فأقطعه الري ، ثم بدا له فخالف وأعلن المخالفة ، فأدي ذلك إلي قتله ( ابن الأثير 144/8 ).

وفي السنة 315 قصد أبو طاهر الجنابي القرمطي ، الكوفة ، فهرب منه نواب السلطان ، فدخل الكوفة ، فقصده القائد يوسف بن أبي الساج مع جيش عظيم ، فرأي يوسف قلة القرامطة ، فاستهان بهم ، وتقدم بأن يكتب كتاب الفتح ، فاقتتلوا من ضحوة النهار إلي غروب الشمس ، وصبر أصحاب يوسف فباشر الحرب أبو طاهر بنفسه ومعه جماعة يثق بهم ، فطحن أصحاب يوسف ، فانهزموا ، وأسر يوسف جريحا ، فقتله أبو طاهر ، وقتل جميع الأسري ، ولما بلغ المقتدر خبر الواقعة ، قال : لعن الله نيف وثمانين ألف يعجزون عن ألفين وسبعمائة ( ابن الأثير 170/8 - 173).

وفي السنة 316 قتل الحسن بن القاسم العلوي ، الملقب بالداعي ، آخر رجال الدولة العلوية بطبرستان ، وكان الحسن قد استولي علي الري وقزوين و زنجان وأبهر وقم ، ثم سار يريد الاستيلاء علي طبرستان ، فالتقي بأسفار بن شيرويه الديلمي ، والتحم الجيشان في معركة ضارية ، فانهزم الحسن ، وقائده ما كان بن كالي الديلمي ، ولحق الحسن فقتل، وكان سبب قتله إن معظم أصحابه هربوا من المعركة علي عمد ، لأن الحسن كان يأمرهم بالإستقامة ، ويمنعهم عن ظلم الرعية ، وعن شرب الخمر ، فكانوا يبغضونه لذلك ( ابن الأثير 189/8 ).

ص: 180

وفي السنة 317 قتل فتي عربي كريم ، في موقف من مواقف البطولة والتضحية ، وهو أبو الهيجاء عبد الله بن حمدان ، والد الأمير سيف الدولة ، وكان مع الخليفة القاهر ، لما هاجمه الجند في دار الخلافة ، وأرادوا قتله ، وإعادة المقتدر ، فاستجار القاهر بأبي الهيجاء ، وقال له : يا أبا الهيجاء أتسلمني ؛ فأخذته الحمية العربية ، وقال له : لا والله ، لا أسلمك ، وجرد سيفه ، ونافح دونه ، وهو ينادي : يال تغلب ، أأقتل بين الحيطان ، أين الكميت ، أين الدهماء ، فرشقوه بالسهام ، وقتلوه ( التكملة 60 و61).

وفي السنة 317 وقعت ببغداد فتنة عظيمة بين أصحاب أبي بكر المروزي الحنبلي ، وبين غيرهم من العامة ، ودخل في الفتنة كثير من الجند ، وسبب ذلك إن أصحاب المروزي ، قالوا في تفسير قوله تعالي : عسي أن يبعثك ربك مقام محمود ، هو أن الله سبحانه وتعالي يقعد النبي صلي الله عليه وسلم معه علي العرش ، وقالت الطائفة الأخري : إنما هو الشفاعة ، فوقعت الفتنة ، فقتل بينهم قتلي كثيرة ( ابن الأثير 213/8 ) .

وفي السنة 317 هاجم أبو طاهر القرمطي ، الحجاج بمكة ، يوم التروية ، فنهب وأصحابه أموال الحجاج ، وقتلوهم حتي في المسجد الحرام ، وفي البيت نفسه، وقلع الحجر الأسود وأنفذه إلي هجر، وجاء إليه أمير مكة في جماعة من الأشراف ، فسألوه في أموالهم ، فلم يشفعهم ، فقاتلوه ، فقتلهم أجمعين ، وطرح القتلي في بئر زمزم ( ابن الأثير 207/8 و 208).

أقول : حدث أحد الحجاج ، ممن كان بمكة ، قال : كنت أطوف بالبيت فإذا بقرمطي سكران ، دخل المسجد بفرسه ، فصفر له حتي بال في الطواف ، وجرد سيفه ليضرب به من لحق ، وكنت قريبا منه ، فعدوت ، فلحق رجلا كان إلي جانبي فقتله ، ثم وقف وصاح : يا حمير ، أليس قلتم في هذا البيت من دخله كان آمنا ، فكيف يكون آمنا وقد قتلته الساعة ، قال :

ص: 181

فخشيت من الرد عليه أن يقتلني ، ثم طلبت الشهادة ، فجئت حتي لصقت به ، وقبضت علي لجامه ، وجعلت ظهري مع ركبتيه لئلا يتمكن من ضربي بالسيف ، ثم قلت : إسمع ، قال : قل ، قلت : إن الله عز وجل لم يرد أن من دخله كان آمنا ، وإنما أراد من دخله فأمنوه ، فلوي فرسه وخرج من المسجد ، ما كلمني بشيء ( المنتظم 223/6 ) .

وفي السنة 319 غزا ثمل والي طرسوس بلاد الروم ، فحاربوا جمعأ كبيرة من الروم ، ونصروا عليهم ، فقتل من الروم ستمائة ، وأسروا نحوا من ثلاثة آلاف ، ثم إن ابن الديراني الأرمني ، وكان بأطراف أرمينية ، كاتب الروم وحثهم علي قصد بلاد المسلمين ، ووعدهم النصرة ، فسارت الروم في حشد عظيم ، فخربوا بلاد خلاط ، وقتل من المسلمين كثير ، فبلغ خبرهم مفلحأ غلام يوسف ابن أبي الساج ، وهو واني أذربيجان ، فسار في عسكر كبير ، ومعه كثير من المتطوعة إلي أرمينية ، وقصد بلد ابن الديراني ، وقتل أهله ، ونهب أموالهم ، وتحصن منه ابن الديراني في قلعة له ، وقيل إن مفلح قتل من الأرمن مائة ألف ، وقصدت عساكر الروم سميساط ، فاستصرخ أهلها سعيد بن حمدان ، وكان المقتدر ولاه الموصل وديار ربيعة ، واشترط عليه غزو الروم ، وأن يستنقذ ملطية منهم ، وكان أهل سميساط قد ضعفوا ، فصالحوا الروم ، وسلموا مفاتيح البلد إليهم ، فسار سعيد إلي سميساط ، فوصل إليها وقد كاد الروم أن يفتحوها ، فلما قاربهم هربوا منه ، وسار إلي ملطية وبها جمع من الروم ، ومعهم بني بن نفيس ، وكان بني هذا قد شارك في الإنقلاب ضد المقتدر ، فلما فشل الانقلاب ، فر إلي الروم وتنصر ، فلما أحس الروم باقبال سعيد ، فروا من ملطية ( ابن الأثير 233/8 - 235 ).

وفي السنة 319 خالف لشكري الديلمي ، وقصد أصبهان ، وكان الشكري من أصحاب أسفار بن شيرويه ، ثم استأمن إلي الخليفة ، وكان مع هارون ابن غريب الخال ( خال المقتدر ) في قرميسين ( كرمنشاه ) ، فسيره

ص: 182

هارون إلي نهاوند لحمل مال بها إليه ، فلما صار لشكري بنهاوند ، ورأي غني أهلها ، طمع فيهم ، وصادرهم فأخذ منهم ثلاثة آلاف ألف درهم ، واستخرجها في مدة أسبوع، وجند بها جندة ، وقصد إصبهان ، هاربا من هارون ، وكان الوالي علي إصبهان أحمد بن كيغلغ ، فانهزم أحمد هزيمة قبيحة ، واستولي جيش لشكري علي إصبهان ، وركب لشكري يطوف بسور إصبهان ، فأبصر ثلاثين فارسا يطوفون ، فسأل عنهم ، فقيل إنهم من اصحاب أحمد بن كيغلغ ، فقصدهم ، فإذا فيهم أحمد بن كيغلغ ، فاقتتلا ، فضربه أحمد بن كيغلغ ضربة بالسيف علي رأسه ، قذت المغفر ، والخوذة ، ونزل السيف حتي خالط دماغه ، فسقط ميتا ، وكان أحمد - إذ ذاك . قد جاوز السبعين ، فلما قتل لشكري فر أصحابه من إصبهان علي وجوههم ، وتركوا أثقالهم ، وعاد أحمد إلي إصبهان ( ابن الأثير 229/8 ) .

أقول : ولما كان الشيء بالشيء يذكر ، فقد أورد صاحب الاعلام في كتابه 300/6 إنه روي عن الشريف أبي هاشم محمد بن جعفر بن محمد الحسني ، أمير مكة ( توفي سنة 487 ) ، إنه كان علي غاية من القوة ، ضرب فارسا بالسيف فقطع درعه ، وجسده ، وفرسه .

وقد شاهدت أنا ، في متحف برج لندن ، درع للصدر ( جوشنأ) من الحديد المصمت ، سمكها قدر الإصبع ، وقد خرقتها ضربة من فاس أو طبر ، فأحدثت فيها خرقا واسعا ، يبعث من يبصره علي التعجب من قوة الضربة .

وفي السنة 319 انحدر القائد مؤنس المظفر من الموصل، بعد أن حاربه بنو حمدان بأمر من الوزير الحسين بن القاسم ، وامتنع داود بن حمدان من محاربته ، وقال : يا قوم ، بأي وجه ألقي مؤنسا مع إحسانه العظيم إلي ، والله ، ما آمن أن يجيئني سهم عائر فيقع في هذا الموضع ، ويشير إلي حلقه ، فألح عليه بنو حمدان ، فأشترك في حرب مؤنس ، فجاءه السهم

ص: 183

العائر في الموضع الذي وضع فيه إصبعه ، فذبحه ( تجارب الأمم 233/1 ) .

أقول : كان داود من اشجع الناس ، وكان يلقب بالمجفجف، وفيه يقول بعض الشعراء وقد هجا أميرة : ( ابن الأثير 237/8 - 240 ).

لو كنت في ألف ألف كلهم بطل****مثل المجفجف داود بن حمدان

وتحتك الريح تجري حيث تأمرها**** وفي يمينك سيف غير خوان

لكنت أول فرار إلي عدن**** إذا تحرك سيف من خراسان

وفي السنة 320 قتل الخليفة المقتدر ، وكان ذلك لما قصد مؤنس الخادم الملقب بالمظفر ، بغداد بجيشه ، وخيم بباب الشماسية ( الصليخ ) وأراد المقتدر أن ينحدر إلي واسط ، فرده القائد محمد بن ياقوت ، فبقي في بغداد وهو كاره ، ثم أشار عليه بحضور المعركة ، فخرج وهو كاره ، وبين يديه الفقهاء والقراء معهم المصاحف مشهورة ، وعليه البردة ، فوقف علي تل بعيدا عن المعركة فأرسل إليه قواده مرارا يسألونه أن يتقدم ، فلما ألحوا عليه تقدم ، فإنهزم أصحابه قبل وصوله إليهم ، فلقيه بعض جنود مؤنس ، فضربه أحدهم بالسيف علي عاتقه ، فسقط علي الأرض ، وذبحه بعضهم ، وكان المقتدر ثقيل البدن عظيم الجثة ، فلما قتلوه قطعوا رأسه ، ورفعوه علي خشبة ، وأخذوا ثيابه حتي سراويله ، وتركوه مكشوف العورة ( ابن الأثير 241/8 و242 ).

أقول : لما قتل المقتدر في السنة 320 أراد مؤنس أن يستخلف ولده أبا العباس محمد ، فاعترض عليه إسحاق بن اسماعيل النوبختي ، وقال : بعد الكد والتعب ، استرحنا من خليفة له أم وخالة وخدم يدبرونه فنعود إلي تلك الحال ؟ والله لا نرضي إلا برجل كامل يدبر نفسه ويدبرنا ، وما زال حتي رد مؤنسأ عن رأيه وذكر له أبا منصور محمد بن المعتضد ( القاهر ) فأجابه مؤنس إلي ذلك ، وكان النوبختي في ذلك كالباحث عن حتفه بظلفه ، فإن القاهر

ص: 184

قتله وقتل مؤنسأ ( ابن الأثير 2448).

وفي السنة 322 ظهر بالصغانيان ، رجل ادعي النبوة ، وأتبعه خلق كثير ، فأنفذ إليه أبو علي محمد بن المظفر جيشا فحاربوه ، وضيقوا عليه ، وقبضوا عليه ، وقتلوه ، وحملوا رأسه إلي أبي علي ، وقتلوا خلقأ كثيرة ممن آمن به ( ابن الأثير 8/ 289).

وفي السنة 324 اقتتل القائد ياقوت علي رأس جيش ، مع أبي عبد الله البريدي ، فأنكسر ياقوت ، وقتل في المعركة ، وأسرقواده ، وفيهم غلامه مؤنس فقتلوا ( ابن الأثير 321/8 ).

وفي السنة 325 ورد بجكم القائد التركي ، وكان تحت إمرة الأمير ابن رائق ، أمير الأمراء ، إلي السوس لمحاربة أبي عبد الله البريدي ، وكان مع بجكم مائتان وسبعون رجلا ، فأخرج إليه البريدي ثلاثة آلاف رجل مع غلامه القائد أبي جعفر محمد المعروف بالجمال ، فاقتتلوا بظاهر السوس ، فانهزم أصحاب البريدي ، وعادوا إليه ، فضرب البريدي غلامه محمد الجمال بالنعل ، وقال له انهزمت بثلاثة آلاف من ثلثمائة ؟ وقام إليه وجعل يلكمه بيده ( ابن الأثير 235/8 ).

وفي السنة 326 استولي القائد الديلمي لشكري بن مردي ، علي أذربيجان ، ثم حاربه ديسم بن ابراهيم الكردي ، فانفل جمع لشكري ، وقتل كثير من أصحابه ، وانحاز إلي موقان ، ثم جمع جيشا قصد به بلاد الأرمن ، فكمن له بعضهم في مضيق ، فقتل ، وقتل كثير من عسكره ( ابن الأثير 349/8 و 350) .

وفي السنة 327 قتل بجكم ، أمير الأمراء ، بجنوبي واسط ، وكان قد خرج يتصيد ، فأبصر أكرادة ، فحمل عليهم ، فهربوا من بين يديه ، ورمي هو

ص: 185

أحدهم فلم يصبه ، ورمي آخر فأخطأه ، فأتاه غلام من الأكراد ، وكان لا يعرفه ، فطعنه في خاصرته ، فقتله ( ابن الأثير 371/8 ).

وفي السنة 327 وقعت فتنة بالأندلس ، خلاصتها أن عبد الرحمن الناصر كان له وزير اسمه أحمد بن اسحاق ، فقتله ، وكان أخوه أمية بن اسحاق علي شنترين ، فلما بلغه قتل أخيه عصي فيها ، والتجأ إلي ردمير ملك الجلالقة ، فاستوزره ، وغزا عبد الرحمن الجلالقة ، فانهزموا ، وقتل منهم خلق كثير ، ثم كر الجلالقة عليه ، فقتلوا من أصحاب عبد الرحمن مقتلة عظيمة ، ثم عاود عبد الرحمن تجهيز الجيوش وغزا الجلالقة ، فانتصر عليهم وقتل منهم أضعاف ما قتلوا من أصحابه ، ثم إن أمية استأمن إلي عبد الرحمن فأكرمه ( ابن الأثير 357/8 و 358).

وفي السنة 328 استولي ابن رائق علي الشام ، وقصد مصر ، فوجه إليه الإخشيد أخاه أبا نصر بن طغج في جيش كثيف ، فالتقي بابن رائق ، وانهزم عسكر أبي نصر ، وقتل هو، فأخذه ابن رائق ، وكفنه ، وحمله إلي أخيه الإخشيد، وهو بمصر ، وأنفذ معه ولده مزاحم بن محمد بن رائق ، وكتب إلي الإخشيد كتابة يعزيه به عن أخيه ، ويعتذر عما جري ، ويحلف إنه ما أراد قتله ، وإنه قد أنفذ أبنه ليقيده به إن أحب ذلك ، فتلقي الإخشيد مزاحم بالجميل ، وخلع عليه ، ورده إلي أبيه ، واصطلحا علي أن تكون الرملة وما وراءها إلي مصر للإخشيد ، وباقي الشام لابن رائق ( ابن الأثير 363/8 و 364)

وفي السنة 329 قتل ما كان بن كالي ، صاحب طبرستان ، وكان قد قصد الري ، ليعين وشمكير علي عماد الدولة الذي هاجمه، ولما اشتبكت الحرب ، ترجل ما كان، وابلي بلاء حسنا ، وظهرت منه شجاعة لم ير الناس مثلها ، فأتاه سهم غرب ، فوقع في جبينه ، فنقذ في الخوذة والرأس، حتي طلع من قفاه ، وسقط ميتا ، وفر وشمكير ، وانفل جيشه ، وأنفذ رأس ما كان

ص: 186

إلي بخاري ، والسهم فيه ، ثم حمل إلي بغداد بعد أن قتل بجكم ( ابن الأثير 369/8 و 370).

وفي السنة 332 هاجمت طائفة من الروس مدينة برذعة ، فخرج إليهم عامل البلدة ، ومعه متطوعة من الجند يزيد عددهم علي خمسة آلاف ، فاقتتلوا ساعة، ثم أنهزم المسلمون ، وقتل الديلم عن آخرهم ، واستولي الروس علي البلد ، ونادوا فيه بالأمان ، وبلغ المسلمين المجاورين الخبر ، فقصدوا برذعة ، وحاربوا الروس ، وكان أهل البلد لا يضبطون أنفسهم ، فيرجمون الروس بالحجارة ، ويصيحون بهم ، فلما طال ذلك عليهم ، نادي مناديهم بأن يخرج أهل البلد منه ، وأن لا يقيموا به بعد ثلاثة أيام ، فخرج من كان له ظهر يحمله ، وبقي أكثرهم بعد الأجل ، فوضع الروس فيهم السلاح ، فقتلوا منهم مقتلة عظيمة ، وأسروا بعد القتل بضعة عشر الف إنسان ، وجمعوهم في الجامع ، وقالوا : اشتروا أنفسكم ، وإلا قتلناكم ، وقرروا علي كل رجل عشرين درهما ، فدفع منهم القليل ، وامتنع الباقون ، فقتلهم الروس عن آخرهم ، وغنموا أموال أهل المدينة ، واستعبدوا السبي ، واختاروا من النساء من آستحسنوها ، ولما فعل الروس بأهل برذعة ذلك ، تنادي المسلمون بالنفير ، وحصروهم في برذعة ، وأكمنوا لهم كمينا ، وزاد في الأمر أن تفشي الوباء فيهم ، فاضطر الروس الباقون إلي مبارحة المدينة ، وعلي ظهورهم أحمالهم، وركبوا في سفنهم، ومضوا . ( ابن الأثير 413/8 و 414).

وفي السنة 333 كان سيف الدولة الحمداني بحلب ، فقصده الإخشيد بعسكر ، والتقوا بقنسرين ، واشتبك الجيشان في معركة لم يقتل فيها إلا رجل واحد، هو معاذ بن سعيد ، والي معرة النعمان ، فإنه قصد سيف الدولة في المعركة ، وأراد أن يأسره ، فضربه سيف الدولة بمستوفي كان في يده ، فقتله ( إعلام النبلاء 253/1 ).

ص: 187

أقول : المستوفي عمود من الحديد طوله ذراعان ، مربع الشكل، له مقبض مدور في وسطه .

وفي السنة 334 وقعت الحرب بمدينة بغداد ، بين معز الدولة البويهي ، وجنوده الديلم ، وبين ناصر الدولة الحمداني وجنوده الأعراب والأتراك ، واستعان بالعيارين والعامة ببغداد ، وكان مع الدولة ، بالجانب الغربي ، وناصر الدولة بالجانب الشرقي ، فعبر بعض العسكر من الديلم إلي الجانب الشرقي ، وحاربوا جيش ناصر الدولة، فكسروه ، وملك معز الدولة الجانب الشرقي ، وأعيد الخليفة المطبع إلي داره ، ونهب الديلم أمون الناس ببغداد ، وبلغ مقدار ما نهبوه من أموال المعروفين دون غيرهم ما يزيد علي عشرة آلاف ألف دينار ، وأمر مع الدولة جنوده بالكف عن القتل والنهب ، فلم ينتهوا ، فأمرو أبا جعفر الصميري فركب ، وقتل ، وصلب جماعة ، وطاف بنفسه ، فامتنعوا ( ابن الأثير 453/8 - 455).

وفي السنة 335 علي أثر الحرب بين ناصر الدولة ومعز الدولة ببغداد ، واستيلاء معز الدولة علي بغداد ، تصالح ناصر الدولة ومعز الدولة ،، فغضب الأتراك أصحاب ناصر الدولة ، وأرادوا قتله ، فأصعد إلي الموصل ، فاتفق الأتراك ، ورأوا عليهم تكين الشيرزادي ، وقصدوا ناصر الدولة ، فامتد إلي نصيبين ، ودخل الأتراك الموصل، ثم ساروا في طلبه ، فمضي إلي سنجار ، ثم إلي الحديثة ، والأتراك في طلبه ، واستعان ناصر الدولة بمعز الدولة فبعث إليه جيشا اجتمع به في السن، والتقوا بالأتراك في معركة حادة ، فانهزم تكين والأتراك ، وتبعهم العرب اصحاب ناصر الدولة ، وأكثروا القتل فيهم ، وأسروا تكين الشيرزادي ، وحملوه إلي ناصر الدولة ، فسمله ، فأعماه ، وحمله إلي قلعة من قلاعه فسجنه بها ( ابن الأثير 467/8 ).

وفي السنة 336 قتل أبو يزيد مخلد بن كيداد الزناتي البربري ، الثائر بإفريقية ، وكان قد استولي علي رقادة ، والقيروان ، وسوسة ، وحصر باغاية ،

ص: 188

ثم تراجع وحصر في قلعة كتامة ، وجرح في المعركة ، وحمل إلي المنصور جريحا ، فمات من جراحه ، فأمر المنصور به فسلخ ، وحشي جلده تبنا ، ووضع في قفص ، وجعل معه قردان يلعبان عليه ( ابن الأثير 441-422/8)

أقول : أبو يزيد مخلد بن كيداد بن سعد الله بن مغيث الزناتي النكاري ، ثائر من زعماء الأباظية وأئمتهم ، من قبيلة زناتة ، من مدينة توزر من قسطيلة بإفريقية ، أمه جارية هوارية من السودان ، وقد نشأ بتوزر ، وتعلم القرآن ، ثم سافر إلي تاهرت ، وأقام بها يعلم الصبيان ، ثم انتقل إلي تقيوس ، واشتري بها ضيعة ، وأقام يعلم فيها، ثم بدأ يحتسب علي الناس ، أي يأمر بالمعروف، وينهي عن المنكر ، فصار له أتباع ، وذلك في أيام المهدي ، في السنة 316، ثم كثر أتباعه في أيام القائم بن المهدي ، فصار يغير ، ويحرق ، ويفسد ، وحصر باغاية ، وفي السنة 333 حصر قسطيلة، وفتح تبسة ومجانة ، وأنفذ طائفة من عسكره إلي سبيبة ففتحها، وصلب عاملها ، وسار إلي الأربس ففتحها ونهبها وأحرقها ، واجتمع الناس في الجامع ، فقتلهم فيه ، ثم التقي بجيش سيره القائم مع غلامه بشري ، فهزمه ، وقتل كثيرا من عسكره ، ودخل باجة فأحرقها، وقتل الأطفال ، وسبي النساء ، فخافه كثير من الناس وأطاعوه ، ثم عاد القائم فسير إليه جيش بقيادة غلامه بشري ، فانكسر جيش أبي يزيد ، وقتل منهم أربعة آلاف ، وأسر خمسمائة ، فسيرهم بشري إلي المهدية في السلاسل ، فقتلتهم العامة ، ثم قصد أبو يزيد القيروان في مائة ألف مقاتل ، فدخل البلد ، وقتل كثيرا من أهلها، واستنزل عاملها بالأمان ، ثم قتله ، وخرج شيوخ القيروان الي أبي يزيد ، فسلموا عليه ، وطلبوا منه الأمان ، فماطلهم ، وأصحابه يقتلون وينهبون، فقالوا له : خربت المدينة ، فقال لهم : وما يكون، خربت مكة وبيت المقدس ، وقصده جيش القائم ، بقيادة ميسور ، فكسره أبو يزيد ، وقتل ميسورة ، فطيف برأسه في

ص: 189

القيروان ، ثم فتح سوسة ، وقتل الرجال وسبي النساء ، وأحرقها، وشق فروج النساء، وبقر بطونهن ، ثم حصر المهدية ، ونشبت علي بابها معارك ضارية ، فلم يتمكن من دخولها ، فانسحب إلي ثرنوطة ، واجتمع إليه خلق عظيم من إفريقية والبربر ، ونفوسة ، والزاب ، وأقاصي المغرب ، فعاود حصار المهدية ، ثم زحف إليها ، وجرت معركة ضارية قتل فيها جماعة من قواد القائم ، واقتحم أبو يزيد بنفسه حتي صار قريبة من باب البلد ، فعرفه بعض العبيد ، وصاح : هذا أبو يزيد ، وقبض علي لجام دابته ، فجاء رجل من أصحابه ، وضرب يد الرجل فقطعها ، ونجا أبو يزيد، ولما رأي أبو يزيد شدة قتال أصحاب القائم أمر عامله علي القيروان أن يبعث اليه بما عنده من المقاتلة ، ففعل ، فزحف بهم ، وجري قتال شديد ، فانهزم أبو يزيد هزيمة منكرة ، وقتل جماعة من أصحابه ، ثم عاود الزحف علي المهدية ، وجري قتال عظيم ، فلم يتمكن أحد الطرفين من الظفر وخرج من المهدية ، أكثر التجار ، فكان البربر يأخذون من خرج ، ويقتلونه ، ويشقون بطنه طلب للذهب ، وقصد أبو يزيد قبيلة كتامة ، فحاربهم، وهزمهم ، ثم قل عدد اتباعه ، لأنهم كانوا يتبعونه لينهبوا ، فلما لم يبق شيء ينهب ، تركوه ، وأخرج القائم عسكره لمحاربة أبي يزيد ، فجري بينهم قتال شديد ، فقتل من أصحاب أبي يزيد جماعة ، ثم انعكس الحال ، وانكسر عسكر القائم ، وقتل منهم جماعة ، وعاد أبو يزيد لحصار المهدية ، وهرب كثير من أهلها إلي صقلية ، وطرابلس ، ومصر ، وبلد الروم ، ثم جمع أبو يزيد جموعة عظيمة ، وعاود حصار المهدية ، فتخير الكتاميون مائتي فارس منهم ، وحملوا حملة رجل واحد ، فقتلوا كثيرا من أصحاب أبي يزيد ، وأسروا مثلهم ، وحامي أصحاب أبي يزيد عنه ، فلم يصلوا إليه ، ودخلت السنة 334 وهو مقيم علي المهدية ، وظهر إذ ذاك ، رجل ادعي إنه عباسي ، ودعا إلي نفسه ، وتبعه خلق كثير ، فحاربه أبو يزيد، وظفر به وقتله ، ثم تفرق عنه الكثير من عسكره ، فعاد إلي القيروان ، وعاود جمع الجند ، فلما اجتمع له منهم عدد

ص: 190

صالح ، قصد تونس ، فدخلوها بالسيف، ونهبوا ، وسبوا ، وقتلوا ، وهدموا المساجد، وألقي كثير من الناس أنفسهم إلي البحر ، فغرقوا ، فوجه اليهم القائم جندأ حاربوهم ، فانكسر جيش القائم كسرة قبيحة ، ثم كروا علي أبي يزيد ، فانكسر ، وطردوه من تونس ، وكان لأبي يزيد ولد اسمه أيوب ، فلما بلغه خبر انكسار أبيه بتونس ، أخرج معه عسكرة ، وقصد تونس ، فقتل من بها من أصحاب القائم ، ومن عاد إليها من الناس ، وأحرقها، ثم قصد باجة ، فقتل من بها وأحرقها ، واتفق جماعة علي قتل أبي يزيد، وراسلوا القائم ، فربهم ، ووعدهم ، فاتصل الخبر بأبي يزيد فقتلهم ، وأخذ أولاد أبي يزيد يعتدون علي الناس ، ويغصبون من الرعية نساءهم وبناتهم ثم يقتلونهم ، فضج الناس منه ، واشتبك عسكر القائم ، وعسكر ابي يزيد في عدة معارك ضارية ، قتل فيها من الطرفين خلق كثير ، ثم جمع أبو يزيد عسكرأ عظيمة ، وسار يريد سوسة ، وبها جيش عظيم للقائم ، فحصرها حصرا شديدا ، وكان يقاتل من فيها كل يوم ، فقتل من أهل سوسة خلق كثير ، وتوفي القائم بالمهدية ، وخلفه ولده المنصور ، وكتم موت أبيه ، حتي لا يبلغ أبا يزيد الخبر ، وبعث المنصور جيشا ، ومراكب لأهل سوسة ، وكان أبو يزيد قد أعد الحطب لإحراق السور ، وعمل دبابة عظيمة ، فوصل أسطول المنصور إلي سوسة ، وخرج الجيش كله لقتال أبي يزيد ، فركب بنفسه ، واقتتلوا ، فانهزم أبو يزيد وأصحابه إلي القيروان ، وقتل من جيشه عدد عظيم ، فلما أراد أبو يزيد الدخول إلي القيروان ، منعه أهلها ، وأرادوا قتل عامله ، ففر منهم ، فرحل أبو يزيد إلي ناحية سبيبة ، فدخل المنصور إلي القيروان ، وأمن الناس جميعا ، ثم عاود أبو يزيد جمع الجند ، فكثر جمعه ، واشتبك مع المنصور في عدة معارك ضارية ، قتل فيها من الطرفين خلق عظيم ، وبانت شجاعة المنصور ، ورحل أبو يزيد عن القيروان ، ثم عاد إليها ، فنادي المنصور : من جاء برأس أبي يزيد فله عشرة آلاف دينار ، ثم جرت معارك عدة ، كان النصر فيها مرة لهذا ، ومرة لذاك ، ثم إن أبا يزيد

ص: 191

كتب إلي المنصور أن يوجه إليه عياله الذين خلفهم بالقيروان وحلف له بأغلظ الإيمان ، إنه إن فعل ذلك ، فإنه سيدخل في طاعته ، فأجابه المنصور إلي طلبه ، وبعث اليه عياله مكرمين ، وقد وصلهم وكساهم ، فلما وصلوا إليه ، نكث ما عقده ، وقال : إنما أرسلهم خوفا مني ، ودخلت السنة 335 والقتال علي حاله ، وحصل بين الفريقين قتال لم يسمع بمثله ، وفي آخر المعارك ، انهزم أبو يزيد ، وأخذت السيوف أصحابه ، فقتل منهم أكثر من عشرة آلاف وسار أبو يزيد إلي تاه مريت ، ثم قصد باغاية فأحرقها فقصده المنصور بجيشه، ففر أبو يزيد منه ، حتي وصل المنصور طنبه ، فاستأمن اليه جماعة من كبار أصحاب أبي يزيد ، فأمنهم المنصور ، واستمر الهرب بأبي يزيد حتي وصل إلي جبل البربر ، فاجتمع عليه خلق كثير ، فعاد لمحاربة المنصور ، واشتبك الطرفان في معركة ضارية ، فانهزم أبو يزيد إلي جبل سالات ، والمنصور في أثره ، حتي هرب يريد بلاد السودان ، ثم صعد إلي جبال كتامة ، فتحصن بها ، وأعانه أهلها ، فسير اليه المنصور جيشا ، فانهزم أبو يزيد ، وأسر أولاده ، وأصحابه ، ولحقه فارسان فعقرا فرسه ، فسقط عنه ، فأركبه أصحابه ، ولحقه زيري بن مناد ، فطعنه ، فألقاه ، وكثر القتال عليه ، فخلصه أصحابه ، وكانت حصيلة هذه المعركة قتل عشرة آلاف من أصحاب أبي يزيد ، واشتبك الفريقان في معركة أخري عظيمة ، فانهزم أبو يزيد، واحترقت أثقاله ، فطلع أصحابه علي رؤوس الجبال ، يرمون بالصخر وكثر القتل ، حتي ظن أنه الفناء ، ثم افترقوا علي السواء ، والتجأ أبو يزيد إلي قلعة كتامة ، وهي منيعة ، فاحتمي بها ، فحصره المنصور بها ، وفرق جنده حولها ، وملك أصحابه بعض القلعة ، وألقوا فيها النيران ، وانهزم أصحاب أبي يزيد ، وقتلوا قتلا ذريعة ، ودخل أبو يزيد وأولاده ، وأعيان أصحابه ، إلي قصر في القلعة ، فأحرقت أبوابه ، فخرج أصحابه وهم يحملونه علي أيديهم ، وحملوا حملة منكرة ، فأفرجوا له ، فنجوا به ، فأمر المنصور بطلبه ، فبينما هم كذلك إذ جيء بأبي يزيد ، وذلك

ص: 192

إن ثلاثة من أصحابه حملوه من المعركة ، لقبح عرجه ، ثم تركوه ، ونجوا بأنفسهم ، فذهب لينزل من الوعر ، فسقط في مكان صعب، فأدرك ، وحمل إلي المنصور ، فسجد شكر الله تعالي ، وبقي عنده إلي سلخ المحرم من السنة 336، فمات من الجراح التي به ، فأمر به فسلخ جلده ، وحشي تبنا ، وأدخل في قفص ، وجعل معه قردان يلعبان عليه ( ابن الأثير 441-422/8)

وفي السنة 338. وقعت معركة بين الأمير سيف الدولة الحمداني ، والدوقس الرومي ، واشترك في المعركة أمير دمشق صصمصامة ، معونة لسيف الدولة ، فقتل الدوقس ، وقتل من عسكره أربعة عشر ألفة ، وأسر منهم خلق كثير ( خطط الشام 218/1 و 219).

وفي السنة 341 قتل مؤسس الإمارة المكناسية بمراكش ، موسي بن أبي العافية ، وكان عبيد الله بن المهدي قد قدمه ، وزاد في ملكه مدينة فاس ، وصار في حوزته من أحواز تيهرت إلي السوس الأقصي ، فانتقض علي المهدي ، وخطب لعبد الرحمن الناصر الأموي ، فسير اليه المهدي جيشأ حاربه ، وقتله ( الاعلام 274/8 ).

وفي السنة 351 فتح الدمستق حلب ، وأسر بضعة عشر ألفأ ، وكان معه ابن اخت الملك ، فأصر علي اقتحام القلعة ، وترجل ، وصعد إلي باب القلعة ، فلما قرب من الباب ، فتحوا الباب وأرسلوا عليه حجرا فأصابه ، ثم رموه بخشت فنشب في صدره وقتله ، فعمد الدمستق إلي جميع الأسري فقتلهم ، وعاد إلي بلاد الروم ( تجارب الأمم 193/2 و 194).

وفي السنة 354 قتل أبو الطيب المتنبي ، أحمد بن الحسين الجعفي الكندي ، وابنه محد، وغلامه مفلح ، بالقرب من دير العاقول في سواد العراق ، وكان عائدا من عضد الدولة في فارس ، فقطع عليه الطريق ، وقتل وأصحابه في المعركة ( الاعلام 111/1 ).

ص: 193

أقول : أورد صاحب نشوار المحاضرة ، وأخبار المذاكرة ، في المجلد الرابع في الصفحة 248 - 251 خبر مقتله ، وسبب قتله ، وأورد أسبابة ثلاثة أولها : إنه كان معه مال كثير ، وقطع عليه الطريق من أجل ما معه من المال ، وثانيها : إن عضد الدولة دس عليه من قتله ، والثالث : إنه هجا ضبة الأسدي فأقام له من قتله ، وكنت قد علقت علي ما أورده التنوخي ، ونقلت ما أثبته صاحب اليتيمة 240/1 بأن المتنبي ارتحل من شيراز بحسن حال ، ووفور مال ، ولم يقبل ما أشير به عليه من الإحتياط باستصحاب الخفراء والمبذرقين ، فخرج عليه أعراب قتلوه ، وفازوا بأمواله ، وهذا هو القول الراجح في مقتل المتنبي ، فإن قاطع الطريق لا يهمه من يسلب ، وإنما يهمه ما يسلب، ولعل الذين فتكوا بالمتنبي ، قتلوه وهم لا يعرفونه ، أما القول بأن عضد الدولة دس إليه من قتله ، فقول لا يعلق بقبول ، وأما القول بأنه هجا ضبة ، وأن ضبة قتله ، أو دس إليه من قتله ، فالمشهور أن الذي قتله لص من بني أسد، اسمه فاتك ( وفيات الأعيان 105/1 ) ولا علاقة بين فاتك وبين ضبة الذي لم يكن من بني أسد، وإنما هو ضبة بن يزيد العيني ( شرح ديوان المتنبي 723)، وقد كان المتنبي لا يفصح عن نسبه ، محتجا بأنه يخبط القبائل ، ويطوي البوادي ، فهو لا يأمن - إذا انتسب - أن يأخذه بعض العرب بطائلة بينه وبين من انتسب إليه ( نشوار المحاضرة 4 ص 245). والذي يكون علي هذه الدرجة من التحقظ ، لا يمكن أن يقذع في هجاء قاطع طريق ، ثم يمر بدياره .

وفي السنة 355 خرج أهل أنطاكية عن طاعة الأمير سيف الدولة الحمداني ، فحاربهم ، وأخضعهم ، وقتل منهم خمسة آلاف ( خطط الشام 221/1)

وفي السنة 355 نصب أهل عمان أميرا عليهم يعرف بابن طغان ، وكان من صغار القواد ، وأدناهم مرتبة ، فلما استقر في الأمرة ، استأصل من كان

ص: 194

فوقه من القواد ، فقتل بعضهم ، وغرق بعضهم ، وقدم البلد ابنا أخت لرجل ممن قد غرقهم ، فدخلا عليه في يوم أيام السلام فلما تقوض المجلس قتلاه ، فاختار الناس عبد الوهاب بن احمد بن مروان ، فولي الإمارة بعد امتناع منه ، واستكتب كاتبأ اسمه علي بن أحمد ، كان مع القرامطة ، فأنشأ علي ، فتنة بين الجنود البيض والسودان ، كانت عاقبتها أن نفي الأمير عبد الوهاب من البلد ، وتأمر فيها علي بن أحمد ، حتي بعث إليها معز الدولة جيشأ فاحتل. عمان ، وقتل من أهلها مقتلة عظيمة ، وأحرق مراكبهم وهي تسعة وثمانون مركبا ( ابن الأثير 567/8 و 568).

في السنة 356 قبض أبو تغلب الحمداني ، علي أبيه ناصر الدولة ، ورفعه إلي إحدي القلاع ، ( أي حبسه بها)، فاختلف مع بعض أخوته من جاء ذلك ، وكان أخوه حمدان ممن خالفه فقبض أبو تغلب أمواله ، وسير أخاه أبا البركات لمحاربة حمدان الذي كان في الرحبة ، فلما قرب أبو البركات من الرحبة ، فر حمدان منه ، والتجأ إلي بختيار البويهي ببغداد ، فأصلح بختيار بين حمدان وأبي تغلب ، وعاد حمدان الي الرحبة ، ثم عاد الإختلاف ، فعاود أبو البركات احتلال الرحبة ، فكر عليه حمدان ، واقتتلا ، فقتل حمدان أخاه أبا البركات ، وبعث بجثته الي الموصل ( ابن الأثير 634 -631/8)

وفي السنة 357 جرت نفرة بين أبي المعالي بن سيف الدولة بن حمدان ، وبين خاله أبي فراس الحارث بن سعيد الحمداني ، فبعث إليه مولاه قرغويه مع أعراب ، واقتتلوا، فقتل أبو فراس في المعركة ( ابن الأثير 588/8)

وفي السنة 358 سيرة المعز لدين الله الفاطمي ، غلامه جوهرة الصقلي ، في جيش كثيف إلي الديار المصرية فاستولي عليها ، وسير جعفر

ص: 195

بن فلاح الكتامي إلي الشام ، فاشتبك في معارك عديدة ، وفتح الرملة وطبرية ودمشق ( ابن الأثير 591/8 و 592).

وفي السنة 360 قتل في معركة بالشام ، أبو علي جعفر بن فلاح الكتامي ، أحد قواد المعز الفاطمي ، قتله الحسن بن أحمد القرمطي ( الأعلام 121/2 ).

وفي السنة 360 قتل زيري بن مناد الصنهاجي الحميري ، أول ملوك الصنهاجيين بالمغرب الأوسط، قتل في المعركة التي نشبت بينه وبين جعفر بن علي الأندلسي ، وزيري هو جد معد بن باديس ( الأعلام 103/3 و 104)

وفي السنة 365 جمع خزرون بن قلقول الزناتي ، جمعأ كبيرة ، وفتح سجسلماسة ، وقتل صاحبها ( ابن الأثير 666/8 ).

وفي السنة 365 قتل ملك زناتة ، واسمه عبس بن أم الأنصار ، وكان مشعبذأ ، وادعي النبوة ، وشرع لهم شريعة ، فغزاه بلكين ، واشتبك معه في حروب عظيمة ، فظفر بلكين، وقتل ملكهم عبس ، وهزم عساكره ، وقتلهم قتلا ذريعا (ابن الأثير 666/8 ).

وفي السنة 365 قصد افتكين القائد التركي ، صاحب دمشق ، مدينة صيدا ، فحصرها، وبها أبن الشيخ ومعه رؤوس المغاربة ، فانتصر افتكين ، وقتل منهم أربعة آلاف ( خطط الشام 231/1 ).

وفي السنة 366 قتل بختيار البويهي ، ابن مع الدولة ، في معركة بينه وبين ابن عمه عضد الدولة بن ركن الدولة ، وتفصيل ذلك إن ركن الدولة توفي في السنة 366 وخلفه ولده عضد الدولة ، فقصد العراق ، لبطرد عنه ابن عمه بختيار ، والتقي الجيشان في الأهواز ، فانكسر عسكر بختيار ، وملك عضد الدولة البصرة ، فأصعد بختيار إلي بغداد ، وتركها يريد الشام ، فدخل

ص: 196

عضد الدولة بغداد ، ثم قرر بختيار المقاومة، واتفق مع أبي تغلب الحمداني ، واشتبكا مع عضد الدولة في معركة بقصر الجص بنواحي تكريت، فقتل بختيار ، وفر أبو تغلب ( ابن الأثير 661/8 ).

وفي السنة 369 قتل أبو تغلب الحمداني ، الغضنفر بن ناصر الدولة ، قتله دغفل بن المفرج الطائي ، وبعث برأسه إلي مصر، وكان بعد أنكساره في موقعة قصر الجص قد لجأ إلي نصيبين ، ثم أصعد إلي ما فارقين ، ثم إلي بدليس ، ثم جاء إلي قلعة كواشي ( أرد مشت ) ثم أصعد إلي خرتبرت ، فاشتبك في معركة مع صاحبها دغفل بن المفرج الطائي ، وضرب علي رأسه فسقط ، وقتل ( ابن الأثير 699/8 و 700).

وفي السنة 371 قتل الأمير أبو القاسم علي بن الحسن بن علي ، أمير صقلية ، في معركة بينه وبين بردويل ملك الفرنج ، وقتل معه جماعة من أعيان الناس وشجعانهم ، أصابته ضربة علي أم رأسه فقتل ، فعاود أصحابه المعركة مصممين علي الظفر ، فظفروا ، وقتل من الفرنج نحو أربعة الأف قتيل، وأسر من بطارقتهم كثير ، وغنموا من أموالهم كثيرة ، ( ابن الأثير 13/9 و14).

أقول : ذكر صاحب الأعلام 80/5 إن الوقعة حصلت في السنة 372 وإن المعركة كانت مع الامبراطور أوطون الألماني .

وفي السنة 373 غزا الحاجب المنصور ابن أبي عامر بالأندلس ، مدينة ليون ، ففتحها بعد معارك ضارية ، وقتل فيها من الإفرنج ما لا يحصي ، وكان السبي ثلاثين ألفا ( ابن الأثير 33/9 ).

وفي السنة 375 قبض صمصام الدولة ببغداد ، علي أبي بكر بن شاهويه ، نائب القرامطة ببغداد ، وكان يتحكم تحكم الوزراء ، فقصد اسحاق وجعفر البحريان ، وهما من الستة القرامطة الذين يلقبون بالسادة الكوفة ،

ص: 197

فملكاها ، وذكرا إن القبض علي نائبهم هو السبب في قصدهم العراق ، ثم وصل أبو قيس الحسن بن المنذر ، وهو من أكابر القرامطة إلي الجامعين ، فسير إليه صمصام الدولة جيشا ، فقاتلوه ، وهزموه ، وأسر أبو قيس وجماعة من قواده فقتلوا ، فسير القرامطة جيشأ آخر في عدد كثير وعدة ، فلاقاهم عسكر صمصام الدولة في الجامعين أيضا ، فأجلت الواقعة عن هزيمة القرامطة ، وقتل مقدمهم ، فزال ناموسهم من ذلك الحين ( ابن الأثير 42/9 و43 ).

وفي السنة 380 هاجم باد الكردي ، الموصل ، ونشبت معركة بينه وبين الحمدانيين حكام الوصل ، فقتل عبد الله حاجب باد ، وكان يلقب عروس الخيل ، ففجع به ، ثم سقط باد عن فرسه ، فانكسرت ترقوته ، وقتل ، وقطعت يده ورجله وحملت إلي بغداد ، وصلب بدنه علي باب دار الإمارة بالموصل ، فثار العامة ، وقالوا : هذا رجل غاز ، فلا تحل المثلة به ، فحط ، وكقن ، وصلي عليه ، ودفن ، وظهر من محبة العامة له بعد هلاكه ، شيء طريف ( ابن الأثير 70/9 و 71ذيل تجارب الأمم 176 - 178 ).

وفي السنة 380 استولي أبو الذواد محمد بن المسيب ، أمير بني عقيل علي الموصل ، وقتل أبا طاهر بن ناصر الدولة الحمداني ، وقتل أولاده ، وعدة من قواده بعد قتال جري بينهما ( المختصر لابي الفداء 127/2 ).

أقول : الذي في تاريخ ابن الأثير 72/9 : إن أبا الذواد قصد أبا طاهر لما وصل إلي نصيبين ، فأسره وعلي ابنه والمزعفر أمير بني نمير ، وقتلهم صبرا .

وفي السنة 381 نشبت معركة عنيفة بين الجند الفاطمي ، والروم ، علي نهر العاصي ، فانتصر الروم ، فأقدم أحد الأكراد وأسمه أحمد بن الضجاك علي الدوقس زعيم الروم ، وتقدم منه، وهو يحسبه مستأمنأ أو

ص: 198

مستجيرة ، فلما دنا منه ، حمل عليه ، وضربه بخشت في بده ، فأصاب منه مقت ، فأعاد الجند الفاطمي الكرة ، وانتصروا ( ذيل تجارب الأمم 228) .

أقول : أورد ابن الأثير 121/9 ذكر هذه المعركة في اخبار السنة 386، وأورد صاحب خطط الشام 237/1 خبر معركة قال إنها حصلت في السنة 382 بين الجند الفاطمي وجيش الروم، لا أدري أهي المعركة عينها ، أم غيرها قال : وفي السنة 382 سير العزيز الفاطمي، من مصر ، جيشأ يقوده منجوتكين ، لطرد الحمدانية من الشام ، فكتب أبو الفضائل الحمداني ، إلي ملك الروم ، يستعين به علي دفع الفاطميين ، فأنجده ، فسار منجوتكين وواجه الروم منفردين ، وأوقع بهم ، وجمع من رؤوس قتلاهم عشرة الاف رأس .

وفي السنة 382 قتل بأستراباذ السلطان طغاتيمور ، صاحب مازندران واستراباذ ، في معركة حصلت بينه وبين السربداريين ( معجم انساب الأسر الحاكمة 382) .

وفي السنة 388 حصر الدوقس قائد الروم مدينة أنطاكية ، فاستعان صاحبها بجيش بن الصمصامة ، أمير دمشق ، فأنجده ، ونشبت معركة استظهر فيها الدوقس أولا ، ثم عادت الهزيمة علي جيشه ، فقتل منهم زهاء ستة آلاف ، وفي رواية عشرة آلاف ، وقتل الدوقس ، وأسر أبناؤه ، وجماعة من قواده ، وحملوا إلي مصر ، فأقاموا بها عشر سنين ، حتي أطلقوا في الفداء ( خطط الشام 240/1 و241).

وفي السنة 389 حصر زيري بن عطية ، الملقب بالقرطاس ، تاهرت بالمغرب ، فسير إليه باديس ، صاحب إفريقية ، جيشأ ، فانكسر جيش باديس ، وتحرك عليه فلفل بن سعيد بن خزرون الزناتي ، عامل طنبة ، وجمع جمعة كبيرة من البربر وزناته ، فالتقوا بوادي أغلان ، وكان بينهم حروب

ص: 199

عظيمة لم يسمع بمثلها ، ثم انتصر باديس ، وأنهزم البربر وزناته هزيمة قبيحة ، وإنهزم فلفل، وقتل من زويلة تسعة آلاف قتيل سوي من قتل من البربر ( ابن الأثير 152/9 و153).

وفي السنة 390 سار يمين الدولة محمود بن سبكتكين إلي سجستان ، وحصر صاحبها خلف بن أحمد، وسبب ذلك إن يمين الدولة اشتغل بالحروب ، فسير خلف بن أحمد ولده طاهرة إلي قهستان فملكها ، وملك بوشنج ، وكانت هي وهراة لبغراجق عم يمين الدولة ، فاستأذنه عمه في طرد طاهر من ولايته ، فأذن له، فسار إليه في جيش ، فانهزم طاهر ، وألح بغراجق في طلبه ، فعطف عليه طاهر ، وقتله ، ونزل إليه فأخذ رأسه ، فلما سمع يمين الدولة بقتل عمه ، عظم لديه ، وكبر عليه ، وجمع عساكره ، وقصد خلف بن أحمد ، فتحصن منه بحصن أصبهبذ ، وهو حصن يناطح النجوم ، فحصره وضيق عليه ، فذل وخضع ، وبذل أموالا جليلة، لينفس عن خناقه ، فأجابه يمين الدولة ، ثم تقاعس خلف عن تنفيذ ما تعهد به ، فقصده يمين الدولة في السنة 393 وهو في حصن الطاق ، وهو حصن له سبعة أسوار محكمة ، يحيط بها خندق عميق عريض ، لا يعبر عليه إلا من طريق علي جسر يرفع عند الخوف ، فنازله ، وضايقه ، وطم الخندق في يوم واحد ، وعبر إلي السور الأول ، فتقدم أعظم الفيول إلي باب السور فاقتلعه بنابيه وألقاه علي الأرض ، ولم تزل الفيلة تدفعه عن سور سور ، فأرسل خلف يطلب الأمان ، ونزل مستسلمة ، فخيره في الموضع الذي يريد أن يقيم فيه ، فاختار الجوزجان ، فسيره إليها ، وأقام بها نحو أربع سنين ، ثم ظهر إنه يراسل ايلك الخان ، ويغريه بقصد يمين الدولة ومحاربته ، فنقله إلي جردين ، واحتاط عليه ( أي انه اعتقله ) إلي أن أدركه أجله في السنة 399 ( ابن الأثير 173 - 159/9)

أقول : للاطلاع علي حقيقة خلف بن احمد هذا ، راجع ما أثبتناه

ص: 200

عنه ، في هذا الكتاب ، في الباب الحادي عشر « القتل ، الفصل الأول و القتل بالسيف » القسم الثالث و القتل غدرة ، إذ إنه غدر في السنة 381 بولده عمرو ، فأمر به فقتل بين يديه ، ثم غدر في السنة 391 بولده طاهر ، فخدعه ، وأوهمه بأنه يريد أن يوصي إليه ، حتي حضر إليه ، فاعتقله ، وذبحه بيده ، الأمر الذي لا يعقل حصوله من حيوان الغاب ، ورحم الله الرصافي حيث قال :

دع الأناسي وأنسبني لغيرهم****إن شئت للشاء أو إن شئت للبقر

فإن في البشر الزاهي بخلقته **** من قد أنفت به أني من البشر

وفي السنة 390 بعث الحاكم الفاطمي جيشأ بقيادة يأنس الصقلي ، فاحتل طرابلس ، فسير إليه ياديس ، صاحب إفريقية ، جيشا ، فلقيهم يأنس خارج طرابلس ، فقتل يأنس في المعركة ( ابن الأثير 154/9 ).

وفي السنة 390 خرج اسماعيل بن نوح الساماني من محبسه الذي حبسه فيه ايلك الخان لما ملك بخاري مع جماعة من أهله ، وكيفية خروجه إنه كانت تأتيه جارية تخدمه ، فلبس ما كان عليها وخرج ، وحسبه الموكلون الجارية ، فلما خرج استخفي ، ثم سار من بخاري إلي خوارزم ، وتلقب بالمنتصر ، وجمع بقايا القواد والجنود السامانيين ، فكثف جمعه ، وسير قائدا من أصحابه في عسكر إلي بخاري ، فبيت من بها من أصحاب الملك الخان ، فهزمهم وقتل منهم ، وتبع المنهزمين إلي حدود سمرقند، فعاون المنهزمين جيش في سمرقند ، فهزم المنتصر الجيشين معا ، وعاد المنتصر إلي بخاري ، فاستبشر أهلها بعودة السامانية، ثم إن ايلك قصد بخاري ، فتركها المنتصر ، واستولي علي أبيورد ونيسابور ، ثم سار عنها ألي أسفرايين ، ثم لجأ إلي قابوس بن وشمگير ، فأكرمه ، وأعانه بجيش ، فقصد الري ، ثم تركها وقصد الدامغان ، ثم عاد إلي نيسابور ، فسير إليه يمين الدولة محمود الغزنوي

ص: 201

جيشا ، فانهزم المنتصر ، وسار نحو أبيورد ، وقصد جرجان ، فصده قابوس ، فاستولي علي سرخس ، وقصده منصور بن سبكتكين ، فحاربه ، فانهزم المنتصر ، واستعان بالأتراك الغزية ، وسار بهم في السنة 393 ألي سمرقند ، فهزموا ايلك الخان وأسروا جماعة من قواده ، ثم قصد بخاري وحصرها، ولم يوفق ثم عاود الكرة ، فانتصر علي حامية بخاري ، فقصده ايلك الخان ، واشتبك معه في ضواحي سمرقند ، في معركة ضارية ، فانهزم ايلك الخان ، وذلك في السنة 394 ، وعاد إلي بلده فجمع وحشد، وكر علي المنتصر ، وحاربه ، فانهزم المنتصر ، وقصد الجوزجان ، فأخذ أموالها ، وقصد مرو ، فصده يمين الدولة ، فقصد بسطام ، فصده قابوس ، وضجر أكثر أصحابه ، ففارقوه ، وعلم ايلك الخان بمكانه ، فأرسل الخيل في طلبه ، فنزل بحلة ، فأمهلوه حتي أظلم الليل ونام ، فوثبوا عليه وقتلوه ، وكان ذلك خاتمة أمره ( ابن الأثير 156/9 - 159 ) .

وفي السنة 391 تحرك ماكسن بن زيري ، عم أبي باديس صاحب إفريقية ، إلي أشير ، وحارب بها ابن أخيه حماد بن بلكين ، وكانت بينهما حرب شديدة ، قتل فيها ماكسن ، وأولاده محسن وباديس وحباسة ( ابن الأثير 154/9 و155).

وفي السنة 399 ملك صالح بن مرداس الرحبة ، وكان بالرحبة رجل من أهلها يعرف بابن محكان ، فملك البلد ، واحتاج إلي من يعينه ، فكاتب صالح بن مرداس ، وأحضره ، وزوجه ابنته ، وقصد ابن محكان وصالح عانة ، فوضع صالح علي ابن محكان من قتله غفلة ، وملك صالح الرحبة ، وكان هذا بدء أمره ، ثم إنه اشترك في غزو حلب ، فأسره صاحبها ابن لؤلؤ وحبسه ثم تخلص من الحبس وفر إلي أهله ، ثم جمع ألفي فارس وقصد حلب ، وأسر ابن لؤلؤ ، وقيده بالقيد الذي سبق أن قيده به لما حبسه ، ثم صالح ابن لؤلؤ، ورحل صالح عن حلب ، ثم اختلف ابن لؤلؤ وغلامه فتح

ص: 202

الذي كان يحفظ القلعة ، فامتنع فتح في القلعة ، وجاهر ابن لؤلؤ بالعداء ، وأبعده إلي أنطاكية ، فقصد صالح حلب ، وحصرها ، واستولي عليها وعلي القلعة، وذلك في السنة 414، وملك صالح من بعلبك إلي عانة، وأقام بحلب ست سنين ، وفي السنة 420 جهز الظاهر صاحب مصر جيشأ لقتال صالح ، فاقتتلوا بالأردن ، فقتل صالح وولده الأصغر ، وأنفذ رأساهما إلي مصر ، ونجا نصر بن صالح ، فعاد إلي حلب ، وملكها ، وتلقب شبل الدولة ، وقصدت الروم حلب ، فحاربهم الحلبيون ، وانتصروا عليهم ، وظل شبل الدولة مالكة حلب إلي السنة 429 فقصده جيش من مصر، ووقعت معركة قتل فيها نصر ، وملك الدزبري ، القائد المصري ، حلب ، ومات الدزريري بعد شهر واحد ، . فقصد ثمال بن صالح بن مرداس حلب ، وملكها تسليما من أهلها، وبقي فيها إلي السنة 440 فسير إليه المصريون جيشا ، ففله الحلبيون ، ثم بعثوا في السنة 441 جيشأ آخر كان مصيره مصير سابقه ، ثم أصلح ثمال أمره مع المصريين ، ونزل لهم عن حلب ، وسار إلي مصر ، فاستولي محمود بن شبل الدولة نصر علي حلب ، فأرسل إليه المصريون جيشأ عليه ثمال بن صالح في السنة 452 فرحل محمود عن حلب ، وعاد ثمال إلي حكمها، في السنة 453 ، وتوفي بها في السنة 454 وأوصي بحلب لأخيه عطية بن صالح ، فملكها ، فقصده محمود بن شبل الدولة ، فأخرجه منها ، وتملكها ، وأستمر يحكمها إلي أن توفي بها في السنة 468 ، فخلفه ولده نصر ، وكان مدمن الخمر ، فرماه أحد جنوده بسهم فقتله ، فخلفه أخوه سابق ، فحكم إلي السنة 472 حيث سلبت منه حلب ( ابن الأثير 210/9 و227 - 234 ).

وفي السنة 402 قتل حباسة بن ماكسن الصنهاجي، وكان شهما ، بهمة من البهم ، في موقعة خارج قرطبة ، بين البربر والموالي العامريين ، ولما قتل اخذوا رأسه ، وعجلوا به إلي قصر السلطان ، وأسلموا جسده للعامة ، فجروه

ص: 203

في الطرقات والاسواق ، وقطعوا بعض أعضائه ، ثم أوقدوا له نارة وأحرقوه ( الاحاطة 494 و 495) .

أقول : ذكر ابن الأثير 154/9 و155 آن حباسة بن ماكسن قتل في السنة 391 مع أخويه وأبيه ، وقد اثبتنا ذلك في أخبار السنة 391.

وفي السنة 405 قصد علي بن مزيد الأسدي كلا من مضر ونبهان وحشان وطراد أولاد دبيس ، لأن نبهان كان قد قتل أبا الغنائم أخا علي بن مزيد ، فلما اقترب منهم خرجت زوجته ، وهي ابنة دبيس ، وقصدت أخاها مضر بن دبيس ليلا ، وقالت له : قد أتاكم ابن مزيد بما لا قبل لكم به ، وهو يقنع منكم بإبعاد نبهان قاتل أخيه ، فأبعدوه وينتهي الأمر ، فأجاب أخوها مضر إلي ذلك ، وأمتنع أخوه حان ، فلما سمع ابن مزيد بما فعلت زوجته ، أنكره ، وأراد طلاقها ، فقالت له : خفت أن أكون في هذه الحرب بين فقد أخ حميم أو زوج كريم ، ففعلت ما فعلت رجاء الصلاح ، فزال غيظه ، واشتد القتال بين الفريقين ، فظفر ابن مزيد بهم ، وقتل حان ونبهان ابني دبيس ( ابن الأثير 249/9 و250).

وفي السنة 406 فارق إبراهيم وحماد ، ابن أخيهما باديس ، صاحب إفريقية ، وجمعا ثلاثين ألف مقاتل ، وعاثا ، فسفك الدماء ، وقتلا الأطفال ، وسبيا النساء ، وأحرقا الزروع والمساكن ، ودخل حماد باجة بعد أن أمنهم ، ثم غدر بهم ، فقتل ونهب وأحرق، واستولي علي الأموال ، وهرب إلي باديس جماعة من جند إبراهيم ، فأخذ ابراهيم أبناءهم ، فذبحهم علي صدور أمهاتهم ، قيل إنه ذبح منهم ستين طفلا ، فلما فرغ من قتل الأطفال قتل الأمهات ، والتقي جيش باديس بجيش حماد ، واقتتلوا أشد قتال ، فانهزم حماد وعسكره ، ووصل حماد إلي مدينة دكمة ، فتجني علي أهلها ، ووضع فيهم السيف ، فخرج إليه فقيه منها ، فقال له : يا حماد ، إذا لقيت الجيوش انهزمت ، وإذا قاومتك الجموع فررت ، وإنما قدرتك وسلطانك علي أسير لا

ص: 204

قدرة له عليك ، فقتله حماد وحدث أن توفي باديس ، فاضطرب حال أصحابه ، فانتصر عليهم حماد ، ثم تولي المعز بن باديس ، وقاتل حمادة ، فانهزم حماد وأصحابه ، وجرح حماد ، ثم إن المعز عفا عن إبراهيم وحماد عمي أبيه ، وأكرمهما ، وأصطلحوا ( ابن الأثير 256/9 - 259 ).

وفي السنة 410 غزا يمين الدولة محمود بن سبكتكين الهند ، وعبر نهر الكنج ، وانتصر علي ملك اسمه تروجنبال ، ثم انتصر علي ملك اسمه بيدا ، كان عدة عسكره ستة وخمسين ألف فارس ، ومائة ألف وأربعة وثمانين ألف راجل ، وسبعمائة وستة وأربعين في ( ابن الأثير 308/9 -310 ).

وفي السنة 415 خرج بإفريقية جمع كثير من زناتة ، فقطعوا الطريق وأفسدوا ، وكثر جمعهم ، فسير إليهم المعز بن باديس جيشأ جريدة ، وأمرهم أن يسبقوا أخبارهم ، فأدركوهم وهم آمنون من الطلب ، فوضعوا فيهم السيف ، فقتل منهم خلق كثير ، وعلق خمسمائة رأس في أعناق الخيول ، وسيرت إلي المعز ( ابن الأثير 340/9 ).

وفي السنة 416 فتح يمين الدولة محمود بن سبكتكين ، المدينة التي فيها الصنم ، المسمي سومنات، أعظم أصنام الهند، واشتبك مع الهنود في معارك ضارية ، كانت فيها عدة قتلي الهنود تزيد علي خمسين ألف قتيل ( ابن الأثير 342/9 -346) .

وفي السنة 417 قتل أمير صقلية أحمد بن يوسف الكلبي ، المعروف بالأكحل ، ولقبه أسد الدولة ، وكان ولده جعفر قد اضطهد بعض رعاياه ، فلجأوا إلي ابن باديس صاحب القيروان ، فوجه إلي صقلية جيشا استولي علي قصر الإمارة ، وقتل الأكحل ( الأعلام 258/1 ).

وفي السنة 419 سار أنوشتكين الدزبري ، علي عساكر مصر إلي الشام ، وحارب صالح بن مرداس وابن الجراح الطائي ، فهزمهما، وقتل

ص: 205

صالح بن مرداس وابنه الأصغر ، وملك جميع الشام ( ابن الأثير 369/9 والاعلام 282/3 ).

وفي السنة 421 غزا مسعود بن محمود الغزنوي ، مدينة نرسي بالهند، ومعه مائة ألف مقاتل بين فارس وراجل ، وعاد ظافرة ( ابن الأثير 315/9-396)

وفي السنة 421 غزا فضلون الكردي ، الخزر ، فقتل منهم وسبي ، وغنم شيئا كثيرأ ، فلما عاد إلي بلده في أذربيجان ، أبطأ في سيره ، وأقل الاستظهار في أمره ، فاتبعوه مجدين ، وكبسوه ، وقتلوا من أصحابه والمطوعة الذي معه أكثر من عشرة آلاف قتيل، وآستردوا الغنائم التي أخذت منهم ، وغنموا أموال العساكر الإسلامية ، وعادوا ( ابن الأثير 409/9 ).

وفي السنة 422 كان صاحب التيز قد مات، فاختلف ولداه أبو العساكر وعيسي، واستبد عيسي بالولاية ، فسار أبو العساكر إلي مسعود بن محمود الغرنوي ، واستنجد به ، فأنجده بجيش ، فلما وصلوا إلي عيسي دعوه إلي طاعة مسعود ، والموافقة مع أخيه أبي العساكر فأبي ، وجمع جيشا من ثمانية عشر ألفا ، حاربهم ، فانهزم عيسي ، ثم عاد وحمل في نفر من أصحابه ، وتوسط المعركة ، فقتل ( ابن الأثير 412/9 ) .

وفي السنة 427 حصر يحي بن علي بن حمود ، مدينة إشبيلية ، فخرج عليه كمين من جند إشبيلية ، فقتل ( ابن الأثير 279/9 ).

وفي السنة 427 نشبت معركة ، خارج أسوار قرمونة ، بالأندلس ، بين صاحبها المعتلي يحي بن علي بن حمود الحسني ، وبين جيش القاضي ابن عباد ، صاحب إشبيلية ، فصرع يحي ، وقتل ، وحر رأسه ، وأرسل إلي ابن عباد في إشبيلية ، وكان آل عباد يحفظون رؤوس العظماء من قتلي أعدائهم ، فلما ذهبت دولتهم ، أخرجت تلك الرؤوس ، فوجد بينها رأس يحي بن حمود لم يتغير ، فأخذه بعض أحفاده ودفنه ( الاعلام 196/9 ) .

ص: 206

وفي السنة 429 قتل علي أبواب غرناطة ، زهير العامري ، صاحب المرية ، قتله أباديس بن حبوس ، صاحب غرناطة ، في المعركة ( الاعلام 199/9)

وفي السنة 429 فتح طغرلبك السلجوقي ، مدينة نيسابور ، وبلغ ذلك السلطان مسعود ، فسير إليهم حاجبه سباشي ، في ثلاثين ألف مقاتل، فالتحموا في معركة بظاهر سرخس ، فانهزم سباشي ، وقتل من جنده مقتلة عظيمة ، وملك طغرل نيسابور وسرخس ، وسائر بلاد خراسان ما عدا بلخ ابن الأثير 457/9 - 459).

وفي السنة 429 حصر الجند الفاطمي بقيادة الدزبري ، مدينة حلب، وقتلوا صاحبها شبل الدولة نصر بن صالح بن مرداس ، وملكوا حلب ( ابن الأثير 460/9)

وفي السنة 431 سير القاضي أبو القاسم بن عباد ، صاحب إشبيلية ، ولده اسماعيل في عسكر ، ليتغلب علي بعض البلاد ، فأخذ قرمونة ، ثم اشبونة ، وأستجه ، فلاقاه جند من صنهاجة ، ومن جند بني حمود ، فانهزم أصحاب اسماعيل ، وأسلموه ، فقتل، وحمل رأسه إلي إدريس بن علي ( ابن الأثير 280/9 ).

وفي السنة 434 سير طغرلبك طائفة من أصحابه إلي كرمان لاحتلالها ، فبلغ الخبر صاحبها أبا كاليجار ، فسير ولده مهذب الدولة في عساكر الحمايتها ، فاشتبك الجيشان في قتال ضار ، إلي حد أن بعض الغير رمي فرس أحد أصحاب أبي كالبيجار بسهم ، فوقع في الفرس ، وطعنه صاحب الفرس ، برمح فأصاب فرس الغي ، وحمل الغري علي صاحب الفرس فضربه ضربة قطعت يده ، وحمل عليه صاحب الفرس وهو علي هذه

ص: 207

الحال ، فضربه بسيفه فقطعه نصفين ، وسقطا إلي الأرض قتيلين ، والفرسان قتيلين ( ابن الأثير 510/9 و511 ).

وفي السنة 445 قتل المعتضد بن عباد اللخمي ، صاحب إشبيلية ، عيسي بن محمد، من بني مزين ، صاحب شلب ، في معركة نشبت بينهما ( الاعلام 292/5 ) .

وفي السنة 447 قتل أبو زكريا يحيي بن عمر اللمتوني ، مؤسس دولة المرابطين ، سقط في معركة بينه وبين جيش جدالة ، وخلفه أخوه أبو بكر ( الاعلام 201/9 ).

وفي السنة 451 قتل القائد التركي أرسلان البساسيري ، وكان من أكبر قواد الدولة العباسية في عهد القائم ، فأفسد بينه وبين الخليفة ، المدعو رئيس الرؤساء ابن المسلمة ، فبارح بغداد ، ثم دخلها فاتحأ باسم المستنصر الفاطمي صاحب مصر ، واعتقل الخليفة القائم ، ثم نفاه عن بغداد ، وأحسن إلي الناس ، وأجري الجرايات علي المتفقهة ، ولم يتعصب لمذهبه ، علي خلاف رئيس الرؤساء الذي كان شديد التعصب علي الشيعة ، حتي إنه قتل بعضهم من أجل التشيع ، وأفرد البساسيري لوالدة الخليفة القايم دارا ، وأعطاها جاريتين تخدمانها ، وأجري لها جراية ، وكانت قد قاربت التسعين ، ولما عاد السلطان طغرل بك إلي بغداد ، جرد جيوشا لمقاتلة البساسيري فقاتلوه ، وضرب فرسه بنشابة ، فسقط عن الفرس ، ووقع في وجهه ضربة ، فصرع ، وقتل ، وحمل رأسه إلي السلطان ، فأمر بحمله إلي دار الخلافة ، فنظف ، وغسل ، وجعل علي قناة ، وطيف به ، وعلق قبالة باب النوبي ( ابن الأثير 640/9 -649).

وفي السنة 455 قتل المعتضد بن عباداللخمي ، صاحب إشبيلية ، عيسي بن محمد بن عيسي بن محمد ، من بني مزين ، حفيد الذي قتله في

ص: 208

السنة 445 في معركة نشبت بينهما ، وفتح مدينة شلب ، واستولي عليها ، وانقرضت دولة بني مزين ( الاعلام 293/5 ) .

وفي السنة 455 خالف حمو بن مليك ، صاحب مدينة صفاقس بإفريقية ، علي الأمير تميم بن المعز بن باديس ، وجمع جمعا ، وسار إلي المهدية ، فالتقي الفريقان بسلقطة ، وكانت بينهما حرب شديدة ، فانهزم حمو ومن معه ، وأخذتهم السيوف فقتل أكثر أصحابه ( ابن الأثير 29/10 ).

وفي السنة 457 كانت حرب طاحنة بين الناصر بن علناس بن حماد ومن معه من صنهاجة وزنانة ومن العرب ، وبين تميم بن المعز ، صاحب إفريقية ، أراد الناصر أن يستولي علي ملك تميم ، فالتقي العسكران بمدينة سبتة ، فظفر بهم تميم ، وكان القتلي من صنهاجة وزناتة أربعة وعشرين ألفا ، وحملت الألوية والطبول والخيم التي كانت في معسكر الناصر إلي تميم ، فردها ، وقال : يقبح بي أن آخذ سلب آبن عمي ( ابن الأثير 46/10 ) .

وفي السنة 478 بدأ دخول الإفرنج إلي بلاد الإسلام ، فملكوا طليطلة في الأندلس ، وصقلية في البحر المتوسط ، وتطرقوا إلي أطراف إفريقية ، وفي السنة 490 قصدوا بلاد الشام عن طريق القسطنطينية ، ففتحوا أنطاكية ، بخيانة أحد حفظة الأبراج ، فهرب صاحبها باغي سيان هائما علي وجهه ، فلما طلع عليه النهار ، عاد إليه عقله ، وكان كالولهان ، فقال : أين أنا؟ فقالوا له : علي أربعة فراسخ من انطاكية ، فندم كيف خلص سالم ولم يقاتل ، وجعل يتلهف ويسترجع علي ترك أهله وأولاده والمسلمين ، ولشدة ما الحقه سقط عن فرسه مغشيا عليه ، وأراد أصحابه أن يركبوه ، فلم تكن فيه مسكة ، فتركوه وساروا ، فلما استولي الفرنج علي أنطاكية ، جمع لهم قوام الدولة كرابوقا ، عساكر عظيمة ، وسار إلي أنطاكية ، وكان مع الفرنج راهب مطاع فيهم ، وكان قد دفن سرا حربة في مكان بالنسيان ، وعفي أثرها، ثم قال لهم : إن المسيح عليه السلام ، كانت له حربة مدفونة بالقسيان ، فإن

ص: 209

وجدتموها ، فالظفر من نصيبكم وأمرهم بالصيام ثلاثة أيام ، وفي اليوم الرابع نهض معهم ، وبعد البحث عن الحربة ، أخرجها ، فأيقن الفرنج بالظفر ، واشتبكوا مع المسلمين في موقعة فظفروا ، وانهزم المسلمون ، وأحتل الفرنج معرة النعمان ، ثم ملكوا بيت المقدس ( ابن الأثير 272/10 - 278 و 286 ).

وفي السنة 478 قتل شرف الدولة مسلم بن قريش ، صاحب الموصل وحلب ، وسبب ذلك إن سليمان بن قتلمش ، لما فتح أنطاكية ، وأخذها من الروم ، كتب إليه مسلم يطلب منه الجزية التي كان الروم يؤدونها إليه سنوية ، فأجابه : إن الفردوس صاحب أنطاكية ، كان كافرا ويؤدي إليك الجزية ، أما أنا فمسلم ، والمسلم لا يدفع جزية ، فقصده شرف الدولة ، وحاربه ، فانتصر سليمان ، وقتل شرف الدولة في المعركة ( ابن الأثير 10/ 139 و140).

وفي السنة 479 وقعت معركة الزلاقة بالأندلس ، وكان الأذفونش في خمسين ألفا ، وكان ملوك الطوائف قد استعانوا بأمير المسلمين المرابطي ، واشتبك الجيشان في معركة ضارية ، فنجا الأذفونش في نفريسير ، واصطلم جمع عسكره ( ابن الأثير 154/10 ).

وفي السنة 484 في وقعة إشبيلية ، التي أسر المرابطون فيها المعتمد بن عباد ، قتل ولده يزيد وهو يحارب بين يديه ( الوافي بالوفيات 183/3 ).

وفي السنة 487 اشتبك السلطان بركياروق ، مع عمه تاج الدولة تتش في حرب طاحنة ، فأنكسر بركياروق ، وقصد إصبهان ، وكان فيها أخوه السلطان محمود ، فأدخله البلد ، وأحتاط عليه ( أي اعتقله ) ، وأراد أمراء محمود أن يسملوا عيني بركياروق ، فصادف أن محمود حم وجدر ، فمنعهم الطبيب أمين الدولة ابن التلميذ من سمل بركياروق ، وقال لهم : لا أحسب

ص: 210

أن محمود يسلم من مرضه ، فلا تعجلوا علي بركياروق ، فتركوه ، ومات محمود ، فسلطنوا بركياروق بدلا منه ( ابن الأثير 234/10 ).

وفي السنة 488 قتل الأمير تتش عم السلطان بركياروق ، في معركة طاحنة ، وقعت بالري بينه وبين بركياروق ، فانهزم عسكرتتش ، أما هو فثبت وقتل ( ابن الأثير 245/10 ) .

وفي السنة 493 قتل الأمير سعد الدولة كوهرائين ، في المعركة التي نشبت بين السلطان بركياروق ، وأخيه السلطان محمد ، كبا بسعد الدولة فرسه فجاء خراساني فقتله ، وأخذ رأسه ، وكان أول أمر سعد الدولة ، أنه كان خادمة لامرأة من أهل خوزستان ، ثم خدم أبا كاليجار بن سلطان الدولة ، ثم انتقل إلي خدمة السلطان ألب أرسلان ، ووقاه بنفسه لما جرحه يوسف الخوارزمي ، فأقطعه السلطان واسط ، وجعله شحنة بغداد ، ورأي في عهد ملكشاه ما لم پره خادم قبله . ( ابن الأثير 295/10 و 296 ).

وفي السنة 493 لاقي كمشتكين بن الدانشمند، صاحب ملطية وسيواس ، بيمند الفرنجي ، وهو من مقدمي الفرنج ، وكان في خمسة آلاف ، فانهزم بجنده ، ووقع أسيرا ، فقدم لخلاصه جيش من الفرنج في ثلثمائة ألف ، فواقعهم اسماعيل ، أخو كمشتكين ، فأبادهم ، ولم يفلت منهم إلا ثلاثة آلاف مجروحين ، ثم سار اسماعيل إلي أنطاكية ، فلقيه عسكر من الإفرنج ، فكسرهم ( ابن الأثير 300/10 ) .

وفي السنة 495 قصد القائد سنقرجه الموصل، وقصدها موسي التركماني ، فالتقيا ، وسارا سوية ، ثم جري بينهما كلام ، فجذب سنقرجه سيفه ، وضرب به موسي صفحأ علي رأسه ، فجرحه ، فألقي موسي نفسه علي الأرض ثم جذب سنقرجه، فألقاه إلي الأرض ، وجرد سكينأ وذبحه ، ودخل إلي الموصل ، فقصده شمس الدولة جكرمش ، صاحب جزيرة ابن

ص: 211

عمر ، فاستعان موسي بالأمير سقمان ، صاحب ديار بكر ، ومنحه لقاء المساعدة ، حصن كيفا وعشرة آلاف دينار ، فقدم سقمان ، ورحل جكرمش ، فلما خرج موسي لاستقبال سقمان ، وثب عليه عدة غلمان من اصحاب سنقرجه ، فقتلوه ، رماه أحدهم بنشابة قتلته ، فاستولي الأمير سقمان علي الموصل ، وأخذ الغلمان الذين قتلوا موسي ، فقتلهم ( ابن الأثير 341/10 -343)

وفي السنة 501 قتل ملك العرب ، سيف الدولة ، صدقة بن منصور بن دييس بن مزيد الأسدي ، باني الحلة السيفية ، وكان عظيم الشأن ، عالي القدر ، مرتفع الجاه ، وكان يجير كل من استجار به ، صغيرا كان أو كبيرة ، وكان ممن استجار به أبو دلف سرخاب بن كيخسرو، صاحب ساوة وأبة ، فبعث السلطان محمد السلجوقي يطالبه بتسليمه ، فأبي ، وقال : إنه استجار بي ، والحمية العربية تلزمني بحمايته ، فتوجه إليه السلطان بجيشه ، واشتبكا في معركة ضارية فقتل صدقة ، وقتل من أصحابه ما يزيد علي ثلاثة آلاف فارس منهم جماعة من أهل بيته ، وكان صدقة أديبأ ، يملك من الكتب المنسوبة شيئا كثيرة ، وكان جوادة ، حليم ، صدوق ، كثير البر والاحسان ، ما برح ملجأ لكل ملهوف ، يلقي من يقصده بالبر والاحسان ، ويبسط قاصديه ، ويزورهم ، وكان عادلا ، والرعايا معه في أمن ودعة ، وكان عفيف لم يتزوج علي امرأته ، ولا تسري عليها، ولم يصادر أحدا من نوابه ، ولا أخذهم بإساءة قديمة ، ولم يسمع برعية أحبت أميرها ، حب رعيته له ، وكان متواضعا ، محتملا ، يحفظ الشعر ، ويبادر إلي النادرة ، رحمه الله فقد كان من محاسن الدنيا ( ابن الأثير 440/10 - 449 ).

وفي السنة 503 قبل المستعين أحمد بن هود ، صاحب سرقسطة ، في معركة نشبت بننه وبين الإفرنج بظاهر سرقسطة ( الاعلام 259/1 ).

وفي السنة 505 توفي الأمير سلمان القطبي ، صاحب تبريز وبعض

ص: 212

فارس ، في بالس ، فحمله أصحابه في تابوت ، وساروا عائدين به إلي بلادهم ، فقصدهم ايلغازي صاحب ماردين ليأخذهم ، فجعلوا تابوت أميرهم في القلب ، وقاتلوا بين يديه ، فهزموا ايلغازي ، وغنموا ما معه ، وساروا إلي بلادهم (ابن الأثير 486/10 ) .

أقول : حصل ما يشبه هذا ، في معركة حصلت بين أصحاب قسيم الدولة أقسنقر ، وبين سقمان بن أرتق ، وكان آقسنقر قد قتل ، ومعهم ولده عماد الدين زنكي ، وكان ما يزال صبيا ، ولما حمي الوطيس ، وأوشك أصحاب سقمان علي الظفر ، طرح أصحاب أقسنقر ، عماد الدين ، ابن صاحبهم ، بين أرجل الخيل ، وصاحوا : قاتلوا عن ابن صاحبكم ، فقاتلوا قتالا شديدا ، وتم لهم الظفر ، وانهزم سقمان ، وأسر ابن أخيه ( ابن الأثير 390/10 و391 ).

وحصل ما يشبه هذا ، في السنة 66 لما بعث المختار الثقفي ، جيشا من العراق ، لقتال جيش الأمويين بالشام ، فلما وصل الجيش العراقي إلي منطقة الموصل ، بقيادة يزيد بن أنس ، في ثلاثة آلاف ، لاقاه جيش الأمويين في ستة آلاف ، وكان يزيد ، القائد العراقي ، مريضأ ، قد أشفي علي التلف ، فخرج علي حمار ، يمشي معه الرجال يمسكونه عن يمينه وعن شماله ، بفخذيه ، وعضديه ، وجنبيه ، فشجع أصحابه ، واستثار هممهم ، ثم أمر فوضع له سرير في ساحة المعركة ، بين جنده ، وانطرح عليه ، وقال لأصحابه : إن شئتم فقاتلوا عن أميركم ، وإن شئتم ففروا عنه ، فاستقتل العراقيون ، وظفروا ، وشتتوا جند الشام ( الطبري 38/6 - 42) .

وفي السنة 513 وقعت معركة عنيفة بين الفرنج وبين إيلغازي صاحب حلب ، فانتصر ايلغازي ، ولم يفلت من الفرنج غير نفر يسير ، وقتل الجميع وأسروا ، وكان من جملة الأسري نيف وسبعون فارسا من مقدميهم ، حملوا إلي حلب ، فبذلوا في إطلاقهم ثلثمائة ألف دينار ، فلم يقبل منهم، وقتل سيرجال صاحب أنطاكية ، وحمل رأسه ( ابن الأثير 555/10).

ص: 213

وفي السنة 513 وقعت معركة بين السلطان سنجر ، وبين ابن أخيه السلطان محمود بن محمد ، فانكسر محمود ، وأسر أتابكه غير أوغلي ، وكان يكاتب سنجر ، ويعده بأن يحمل إليه ابن أخيه ، فعاتبه علي ذلك ، فاعتذر ، فلم يقبل عذره ، وقتله ، وكان غز أوغلي ظالمة ، بالغ في ظلم أهل همذان ، فعجل الله عقوبته ( ابن الأثير 552/10 ).

وفي السنة 518 حصر الأمير بلك بن بهرام ، صاحب حلب ، مدينة منبج ، فبينما هو يقاتل ، أصابه سهم ، فقتله ( ابن الأثير 619/10 ).

وفي السنة 536 حصلت معركة ضارية بين السلطان سنجر ، والخطا ، وهم الترك الكفار ، وكان سبب ذلك إن خوارزم شاه أنس بن محمد ، كان يحقد علي السلطان سنجر ، فبعث إلي الخطا وهم بما وراء النهر ، يطعمهم في البلاد ، ويروج عليهم أمرها ، وتزوج إليهم ، وحثهم علي قصد مملكة السلطان سنجر ، فساروا في ثلثمائة ألف فارس ، وسار إليهم سنجر في عسكره ، فانجلت المعركة عن هزيمة عساكر سنجر ، وقتل منهم مائة ألف قتيل ، منهم أحد عشر ألف صاحب عمامة ، وأربعة آلاف إمرأة ، وأسرت زوجه السلطان سنجر ( ابن الأثير 81/11 ).

وفي السنة 540 نشبت معركة بين جيش عبد المؤمن بن علي ، أمير الموحدين بالمغرب ، وبين المخضب بن عسكر المريني ، بفحص مسون ، فقتل المخضب ، وحمل رأسه إلي عبد المؤمن ( الاعلام 73/8 ).

وفي السنة 542 قتل محمد بن هود السلاوي ، المعروف بالماسي . وكان من أنصار عبد المؤمن ، رأس الموحدين ، وشهد معه فتح مراكش ، ثم خالف عليه ، وتلقب بالهادي ، وانتشرت دعوته في المغرب ، فجهز له عبد المؤمن جيشا بقيادة أبي حفص الهنتاتي ، فنشبت حرب ضارية إنتهت بمقتل الماسي في وادي ماسة . ( الاعلام 357/7 ) .

ص: 214

وفي السنة 543 حصر ملك الألمان وبقية الفرنج ، مدينة دمشق ، فخرج الناس لقتالهم ، وكان فيمن خرج للقتال الفقيه حجة الدين يوسف بن ديناس الفندلاوي المغربي ، وكان شيخا كبيرا ، فقيهأ ، عالم ، فلما رآه معين الدين أنر ، القائد ، قصده ، وسلم عليه وقال له : يا شيخ ، أنت معذور لكبر سنك ، ونحن نقوم بالذب عن المسلمين ، وسأله أن يعود فلم يفعل ، وقال له : قد بعت ، واشتري مني ، فوالله ، لا أقلته ولا استقلته ، يعني بذلك الآية : إن الله أشتري من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة ، وتقدم ، فقاتل حتي قتل عند النيرب ، علي نحو نصف فرسخ من دمشق ( ابن الأثير 129/11 و130).

وفي السنة 548 حصر الفرنج مدينة عسقلان ، فصبر أهلها، وقاتلوا قتالا شديدا ، داخل السور وخارجه، وردوا الفرنج إلي خيامهم مقهورين ، فأيس الفرنج منها وعزموا علي الرحيل ، ثم إن أهل البلد اختلفوا فيما بينهم ، لما عادوا من القتال، إذ آدعت كل طائفة إنها كانت أعظم أثرأ في قتال الإفرنج ، وعظم الخصام بينهم واحتربوا ، وقتل بينهم قتلي ، فزحف الفرنج ، واستولوا علي البلد ( ابن الأثير 189/11 ).

وفي السنة 551 حصر السلطان محمد بن محمود السلجوقي بغداد ، وقاتل عسكر الخليفة ، وأمر الخليفة فنودي : كل من جرح فله خمسة دنانير ، فجرح أحد العامة جرحا خفيفا ، وحضر يطلب الدنانير ، فقال له الوزير : هذا الجرح ليس بشيء، فعاود القتال ، وضرب ، فانشق بطنه ، وخرج شيء من شحمه ، فحمل إلي الوزير ، وقال : يا مولانا الوزير ، أيرضيك هذا الجرح ؟ فضحك الوزير ، وأعطاه عشرة دنانير ، ورتب له من يعالج جراحته إلي أن بريء ( ابن الأثير 213/11 و 214) .

وفي السنة 553 قتل فاتك بن محمد بن فاتك بن جاش ، صاحب زبيد ، قتله الإمام أحمد بن سليمان بزبيد ( الاعلام 322/5 ) .

ص: 215

وفي السنة 556 حصر المؤيد أي أبه ، مدينة شارستان ، وكان معه جلال الدين الموفقي ، الفقيه الشافعي ، فبينما هو راكب أصابه حجر ، من منجنيق ، فقتله ، وتعدي الحجر منه إلي شيخ من شيوخ بيهق ، فقتله أيضا . ( ابن الأثير 277/11 و 278 ).

وفي السنة 557 قتل أمير مكة القاسم بن هاشم بن فليته ، في معركة نشبت بينه وبين عمه عيسي بن فليته . ( الاعلام 22/6 ) .

وفي السنة 558 قتل السلطان سيف الدين محمد بن الحسين الغوري ، في معركة نشبت بينه وبين الغز . ( ابن الأثير 293/11 و 294 ) .

وفي السنة 559 طمع الأمير ايتكين ، صاحب هراة ، في بلاد الغور ، لما قتل ملكهم سيف الدين ، فتوغل في بلادهم ، ونشبت بينه وبينهم معركة ، فقتل في إحدي تلك المعارك . ( ابن الأثير 312/11 ) .

وفي السنة 560 حبس الخليفة المستنجد ، الأمير توبة العقيلي ، وكان آخر العهد به ، ( يعني إنه قتله ) ، وكان الأمير توبة قد قرب من المستنجد قربا عظيما ، وأحبه محبة كثيرة ، ثم د الوزير إلي الخليفة ما غيره ، فصنع به ما صنع ( ابن الأثير 320/11 ) .

وفي السنة 561 خرج ابن سنكا، علي الخليفة ، وعاث في واسط ، فحاربه خطل برس ، مقطع واسط ، فانكسر خطابرس وقتل في المعركة . ( ابن الاثير 322/11 و 323) .

أقول : كان ابن سنكا ، قد صاهر منكوبرس مقطع البصرة ، ولما قتل : المستنجد منكوبرس في السنة 559 قصد ابن سنكا البصرة ونهب قراها ، فكلف الخليفة كمشتكين صاحب البصرة بأن يحارب ابن سنكا ، فقال : أنا

ص: 216

عامل، ولست صاحب جيش ، يعني إنه ضامن ولا يقدر علي إقامة عسكر ، فطمع ابن سنكا ، وأصعد إلي واسط ، ونهب سوادها ، فحاربه خطلبرس ، فانهزم عسكره ، فقتله ابن سنكا، ثم أمر بعلم خطلبرس فنصب ، فظن أصحابه إنه مازال موجودة ، فأقبلوا يعودون إلي حيث العلم ، وكل من عاد قتله ابن سنكا ، أو أسره ( ابن الأثير 323/11 ) .

وفي السنة 569 حصلت معركة بين جيش الخليفة ، وبين ابن سنكا ، ابن أخي الأمير شملة صاحب خوزستان ، فظفر جيش الخليفة ، وأسر ابن سنكا، وقتل ، وحمل رأسه إلي بغداد ، فعلق بباب النوبي ( ابن الأثير 409/11)

وفي السنة 570 قتل عبد النبي بن علي بن مهدي الحميري ، صاحب زبيد ، وليها بعد موت أخيه مهدي سنة 559 ، وملك الجبال والتهائم ، وكان يقتل المنهزم من عسكره ، ولم يكن لأحد من جنده فرس ولا سلاح ، بل الخيل في إصطبلاته ، والسلاح في خزائنه ، فإذا عن له أمر أخرج من الخيل والسلاح ما يحتاج عسكره إليه ، قتله صاحب اليمن ( الاعلام 320/4 ) .

وفي السنة 573 غزا السلطان صلاح الدين الأيوبي ساحل الشام الذي بيد الإفرنج ، فغنم العسكر شيئا كثيرة ، وتفرق أفراده في الأعمال مغيرين في طلب الغنائم ، فانتهز الإفرنج الفرصة ، وواقعوا صلاح الدين ، وهو في قلة من عسكره ، فصبر في المعركة ، وصبر أصحابه القلائل ، فقتل أحمد بن تقي الدين ، وهو ابن أخي صلاح الدين ، وأسر الفقيه عيسي الهكاري ، وأخوه ظهير الدين ، وظل عيسي في الأسر إلي أن افتداه السلطان صلاح الدين بستين ألف دينار ( ابن الأثير 443/11 ) .

وفي السنة 574 قصد الإفرنج دمشق ، فسير إليهم صلاح الدين جيشا اشتبك معهم في معركة ضارية ، فقتل من مقدمي الإفرنج جماعة ، منهم

ص: 217

هنفري وكان يضرب به المثل في الشجاعة والرأي في الحرب ، وقتل غيره من أضرابه ابن الأثير ( 453/11 ) .

وفي السنة 575 اشتبك السلطان صلاح الدين الأيوبي ، والإفرنج ، في معركة قرب بانياس ، فظفر بهم ، وقتل منهم مقتلة كبيرة ، ونجاملكهم فريدة ، وأسر منهم كثير ، منهم ابن بيرزان ، صاحب الرملة ونابلس ، وهو أعظم الإفرنج محلا بعد الملك ، وأسر صاحب جبيل ، وصاحب طبرية ، ومقدم الداوية ، ومقدم الاسبتارية ، وصاحب جنين ، وغيرهم من مشاهير فرسانهم ، وفدي اين بيرزان نفسه بمائة وخمسين ألف دينار صورية ، وإطلاق ألف أسير من المسلمين ( ابن الأثير 455/11 و456) .

وفي السنة 578 عمل البرنس أرناط صاحب الكرك ، أسطولا جمع قطعه وحملها إلي بحر أيلة ، وشحنها بالمقاتلة وسيرها في البحر ، فرقة إلي حصن أيلة ، والفرقة الثانية يريد بها الوصول إلي الحجاز واحتلال مكة والمدينة ، والنزول منها إلي اليمن ، فعمر العادل بمصر أسطولا مقدمه حسام الدين لؤلؤ، وكان شجاعة مظفر ، فبدأ بالفرقة الأولي فأبادها، ثم أتبع الثانية ، فأدركها بساحل الجوزاء ، فأوقع بهم ، فلجأوا إلي البر فحصرهم ، وظفر بهم ، وقتل أكثرهم ، وأخذ الباقين أسري ، وحمل بعضهم إلي مني لينحروا بها ، عقوبة لهم علي محاولة إخافة حرم الله ورسوله ، وأخذ الباقين إلي مصر ، فقتلوا بها ( ابن الأثير 490/11 ، 491).

وفي السنة 479 قتل علي أبواب حلب ، أبو سعيد بوري بن أيوب ؛ أخو السلطان صلاح الدين الأيوبي ، أصابته في ركبته نشابة ، وكان فارسا شجاعة ، كريمة حليمة ، جامعة لخصال الخير ، ومحاسن الأخلاق ، ولما أصيب قال له أخوه : هذه حلب قد أخذناها ، وهي لك ، فقال : ذلك لو كان وأنا حي، ووالله لقد أخذتها غالية حيث تفقد مثلي ، فبكي صلاح الدين ، وأبكي الحاضرين ( ابن الأثير 496/11 - 498) .

ص: 218

وفي السنة 579 قتل في معركة مع الروم ، أبو ابراهيم إسحاق بن محمد المسوفي المعروف بابن غانية ( وهي جدته لأبيه ) ، وكان صاحب ميورقة ( الاعلام 288/1 ).

وفي السنة 579 نشبت معركة بين موسي بن أبي المعالي ، من أئمة الأباظية بعمان ، وبين ملك عمان محمد بن مالك اليحمدي، فقتل الإمام موسي في المعركة ( الاعلام 382/8 ).

وفي السنة 583 وقعت معركة حطين ، وهي من المعارك الفاصلة في التاريخ ، انتصر فيها السلطان صلاح الدين الأيوبي ، علي جيوش الإفرنج مجتمعة ، وقتل من جيوش الإفرنج عددا عظيما ، وأسر جميع قواد الإفرنج ، إبتداء من ملكهم وأخيه ، والبرنس ارناط صاحب الكرك ، وصاحب جبيل ، وابن هنفري ، ومقدم الداوية ، وجماعة من الاسبتارية ، فكان من يري القتلي لا يظن أنهم أسروا أحدا ، ومن يري الأسري لا يظن أنهم قتلوا أحدا ، وما أصيب الإفرنج ، منذ قدموا ساحل الشام في السنة 491 بمثل هذه الكارثة ( ابن الأثير 534/11- 537).

وفي السنة 583 فتح السلطان صلاح الدين الأيوبي ، بيت المقدس ، بعد معارك ضارية ، قتل فيها كثير ، وممن قتل من المسلمين الأمير عز الدين عيسي بن مالك ، من أكابر الأمراء ، وكان يقاتل بنفسه في كل يوم ، ثم طلب المحصورون الأمان من السلطان ، فأمنهم علي أن يؤدي كل رجل عشرة دنانير وكل امرأة خمسة دنانير ، والطفل دينارين ، ومن لم يؤد يصبح مملوكا ، فأدي الأكثر ، وخرج البطرك الأكبر ومعه من أموال البيع ، الصخرة ، والأقصي ، والقمامة ، وغيرها ، ما لا يعلمه إلا الله تعالي ، وكان له من المال مثل ذلك ، فلم يعرض له صلاح الدين ، فقيل له ليأخذ ما معه يقوي به المسلمين ، فقال : لا أغدر ، ولم يأخذ منه غير عشرة دنانير ، المبلغ المتفق

ص: 219

عليه ، وسير مع الإفرنج من يحميهم إلي مدينة صور ( ابن الأثير 553-546/11)

وفي السنة 585 اشتبك جيش السلطان صلاح الدين الأيوبي ، مع الإفرنج ، في معركة ضارية حول عكا ، قتل في احداها من رجال صلاح الدين الأمير مجلي بن مروان ، وظهير الدين ، أخو الفقيه عيسي الهكاري ، وكان والي بيت المقدس ، وقد جمع بين الشجاعة والعلم والدين ، والحاجب خليل الهكاري ، وقصد الإفرنج بعد قتل هؤلاء خيمة صلاح الدين ، فقتلوا من مروا به ، كما قتلوا عند خيمة صلاح الدين جماعة منهم الشيخ جمال الدين أبو علي الحسين بن عبدالله بن رواحة الحموي ، من أحفاد عبدالله بن رواحة صاحب رسول الله صلوات الله عليه ، الذي قتل يوم مؤته ، ثم كر السلطان صلاح الدين ومعه جماعة من جنده علي الإفرنج ، فقتل منهم مقتلة عظيمة، وأخذ الباقين أسري ، وكان عدد القتلي عشرة الآف من الإفرنج ، وكان من جملة الأسري ثلاث نسوة إفرنجيات كن يقاتلن علي الخيل ، فلما أسرن ، وألقي عنهن السلاح ، عرف أنهن نساء ( ابن الأثير 36/12- 39).

وفي السنة 586 حصر الإفرنج عكا حصرأ شديدا ، وصنعوا ثلاثة أبراج من الخشب عالية جدا ، طول كل برج في السماء ستون ذراعا، وعملوا كل برج فيها خمس طبقات ، كل طبقة مملوءة من المقاتلة ، وقد جمعوا أخشابها من الجزائر ، فإن مثل هذه الأبراج العظيمة ، لا يصلح لها من الخشب الآ القليل النادر ، وغشوها بالجلود ، والخل والطين ، والأدوية التي تمنع النار من إحراقها ، وأصلحوا لها الطرق ، وقدموها نحو مدينة عكا من ثلاث جهات ، فأشرفوا بها علي السور ، وقاتلوا من علي السور فكشفوهم ، وشرعوا في طم الخندق ، وأشرفت عكا علي أن يملكها الإفرنج عنوة وقهر ، وأرسل أهلها إلي صلاح الدين انسانا سبح في البحر ، وأعلمه بما هم فيه من الضيق ، فركب هو وعساكره ، وقاتل الإفرنج المحيطين بعكا ، قتالا عظيما ، ليشغلهم

ص: 220

عن مكاثرة أهل البلد ، فافترق الإفرنج فرقتين ، فرقة تقاتل صلاح الدين ، وفرقة تقاتل أهل عكا ، وأيس المحصورون في عكا من الظفر ، وأيقنوا بأن الإفرنج سوف يستولون علي البلد ، وعمدوا إلي رمي الأبراج ، بقوارير النفط فلم يؤثر ذلك فيها ، فتقدم رجل دمشقي إلي الأمير قراقوش ، حاكم عكا ، وطلب منه أن يأمر المنجنيقي بأن يرمي الأبراج بالمواد التي سوف يصنعها ويقدمها له . فقال له قرقوش : قد بالغ أهل الصناعة في الرمي بالنفط وغيره فلم يفلحوا، فقال له أصحابه : لعل الله قد أذن بالفرج علي يد هذا الدمشقي، فأجابه قرقوش إلي طلبه، وأمر المنجنيقي بأمتثال أمره ، فرمي عدة قدور نفطأ وأدوية ليس فيها نار، فكان الإفرنج إذا رأوا القدر لا يحرق شيئا ، صاحوا ، ورقصوا ، فلما علم الدمشقي أن الأدوية التي ألقاها قد الصقت بالبرج ، ألقي قدرة مملوءة وفيها نار ، فاشتعل البرج ، واضطرمت فيه النار ، وأعجلت من في طبقاته الخمس عن النزول والهرب ، فاحترقوا بأجمعهم ، وكذلك صنع بالبرج الثاني والبرج الثالث ، وحمل الرجل الي السلطان صلاح الدين ، فبذل له الأموال الجزيلة ، والإقطاع الكثير ، فلم يقبل منه الحبة الفرد ، وقال : إنما عملت هذا الله تعالي ، ولا أريد الجزاء إلا منه ( ابن الأثير 45/12 - 47).

وفي السنة 590 اشتبك السلطان شهاب الدين الغوري ، ملك الغور ، وملك بنارس الهندي ، في حرب عظيمة ، وكان مع الهندي سبعمائة فيل ، ومن العسكر ما يقارب ألف ألف ، علي ما قيل ، وفي جملة عسكره ، أمراء من مسلمي الهنود ، فظفر شهاب الدين وجيشه ، وكثر القتل في الهنود ، حتي امتلأت الأرض وجافت ، وأخذ منهم تسعين في"، وباقي الفيلة ، قتل بعضها ، وانهزم بعضها، وقتل ملك الهند في جملة القتلي ، ودخل شهاب الدين بنارس ، وحمل من خزائنها علي ألف وأربعمائة جمل ( ابن الأثير 105/12 و 106).

ص: 221

وفي السنة 590 اشتبك خوارزم شاه علاء الدين تكش ، والسلطان طغرل بن ألب أرسلان بن طغرل بن محمد بن ملك شاه السلجوقي في معركة عنيفة ، وكان طغرل شجاعأ ، فحمل بنفسه في وسط عسكر خوارزم شاه ، فأحاطوا به ، وألقوه عن فرسه ، وقتلوه ، وحمل رأسه إلي خوارزم شاه ، فسيره الي بغداد ، حيث نصب بباب النوبي عدة أيام ( ابن الأثير 107/12 و 108)

وفي السنة 591 كتب الفونس ملك الفرنج بطليطلة ، إلي أبي يوسف يعقوب بن يوسف بن عبد المؤمن الموحدي ، يستفزه ، ويدعوه للمنازلة ، فتحرك، وحشد جيشأ لجبا، واشتبك معه عند قلعة رباح في معركة ضارية ، فظفر أبو يوسف ، وقتل من الإفرنج مائة ألف وستة وأربعين ألفا ، وأسر ثلاثة عشر ألفأ، وقتل من المسلمين نحو عشرين ألفا (ابن الأثير 115-113/12)

وفي السنة 594 عبر الخطا إلي ناحية خراسان ، أغراهم بذلك خوارزم شاه تكش ، وسبب ذلك : إن خوارزم شاه تعرض لأملاك الخليفة، فكتب الخليفة إلي غياث الدين الغوري ، يشكو من خوارزم شاه ، فكتب غياث الدين إلي خوارزم شاه يهدده ، فكتب خوارزم شاه إلي ملك الخطا يغريه بغياث الدين ، ويقول لهم : إن لم تنفذوا إليه العساكر فإنه سوف يأخذ بلادي ، وعندئذ لا يصده عن بلادكم شيء ، فعبر الخطا نهر جيحون إلي ناحية خراسان ، وعاثوا في البلاد وأفسدوا ، فانتدب لهم غياث الدين الغوري ثلاثة أمراء ساروا بعساكرهم إلي الخطا ، فبيتوهم ، وكسروهم ، وأكثروا فيهم القتل ، فمن صبر قتل ، ومن ألقي نفسه في الماء غرق ، ووصل الخبر إلي ملك الخطا ، فعظم عليه ، وأرسل الي خوارزم شاه يقول : أنت قتلت من رجالي اثني عشر ألفا، وأريد عن كل قتيل عشرة آلاف دينار ، فرد عليه خوارزم شاه ردا جافية ، فجهز ملك الخطا جيشا وسيره إلي خوارزم شاه ،

ص: 222

فاشتبك مع الخطا في معركة ، وظفر بهم ، وحصر بخاري ، وفتحها عنوة ( ابن الأثير 135/12 - 138).

وفي السنة 5999 قتل عبدالله بن غانية ، صاحب جزائر الباليار ، في جزيرة ميورقة ، اشتبك مع أسطول الموحدين في معركة انتهت بانكساره وقتله ( الاعلام 198/4 ).

وفي السنة 600 قتل كوكجة ، المتغلب علي الري وهمدان وبلاد الجبل ، قتله أحد صنائعه واسمه ايدمش ، وكان كوكجة قد قدمه ، ووثق به ، وأحسن اليه ، فخرج عليه وحاربه ، فقتل كوكجة في المعركة ( ابن الأثير195/12)

وفي السنة 600 قصد السلطان شهاب الدين الغوري ، خوارزم شاه ، فأرسل خوارزم شاه إلي الخطا يستنجد بهم ، وهم أصحاب ما وراء النهر ، فاستعذ الخطا ، وقصدوا بلاد الغور ، واشتبكوا في معركة عظيمة مع شهاب الدين الغوري ، فانهزم جيشه هزيمة قبيحة ( ابن الأثير 186/12 ۔ 189)

وفي السنة 606 قتل الأمير دمشق خجا بن سالم التركماني ، دام القتال بينه وبين نعير بن حيار بن مهنا أمير العرب ، فقتله نعير في المعركة (الضوء اللامع 219/3 ).

وفي السنة 112 قتل الأمير تاج الدين ألدز ، وكان قد حصر لهاوور بالهند ، وقاتل صاحبها فقتله ، واستولي عليها ، ثم قصد دهله ( دهلي ) وكان ملكها شمس الدين الترمش ، واحتربوا ، فانهزم ألدز ، وانفق عسكره ، وقتل ( ابن الأثير 311/12 و 312).

وفي السنة 614 قتل الأمير عبد الحق بن محيو المريني ، مؤسس الدولة

ص: 223

المرينية بالمغرب ، بعد أن كسر الموحدين ، واستأصلهم ، فخرج عليه بعض رجاله ، واستعانوا ببني رياح ، ونشبت معركة كان الظفر فيها لعبد الحق ، ولكنه قتل في المعركة ( الأعلام 54/4 ).

وفي السنة 614 قتل الأمير بدر الدين أبو عبد الله محمد بن أبي القاسم الهكاري ، بالطور ، في معركة مع الصليبيين ( الأعلام 227/7 ).

وفي السنة 616 هاجم التار بلاد الإسلام ، وسبب ذلك إن جنكيز خان ملك التتار ، بعث إلي خوارزم شاه علاء الدين ، يطلب منه المسالمة والهدنة ، فأجابه إلي ذلك ، فسر جنكيز خان بالجواب وبعث تجارة من بلاده إلي بلاد خوارزم شاه ومعهم شيء كثير من الفضة والقندز وغيرهما ، فلما وصلوا إلي مدينة اسمها : أوترار ، وهي آخر ولاية خوارزم شاه ، وكان عليها خال خوارزم شاه ، شره إلي أموالهم ، فأخذها ، وكتب إلي خوارزم شاه بأنهم جواسيس في زي تجار ، فأمره بقتلهم ، وإنفاذ ما معهم من الأموال ، ففعل ، ولما وصل إليه المال فرقه علي تجار بخاري وسمرقند ، وأخذ ثمنه منهم ، فلما بلغ جنكيز خان ذلك ، كتب إلي خوارزم شاه يقول : إن كان ما فعله خالك من تلقاء نفسه ، فسلمه الينا ، وإن كان بأمرك فإن الغدر قبيح ، فقتل خوارزم شاه الرسول ، وأمر بحلق لحي الجماعة الذين كانوا معه ، وأعادهم إلي جنكيز خان، ثم تجهز مبادرة ، وقصد التتار، ووصل الي بيوتهم ، فوجد فيها النساء والصبيان والأثقال فأوقع بهم ، وغنم الجميع ، وسبي النساء والذرية ، ولما بلغ التتار ما فعل خوارزم شاه بأبياتهم ، جدوا السير فأدركوه ، وتصافوا للحرب ، فاستمرت المعركة ثلاثة أيام بلياليها ، فقتل من عسكر خوارزم شاه عشرون ألفا، ومن التتار ما لا يحصي عدده ، وكان عسكر التتار ، عسكر آبن جنكيز خان ، وفي الليلة الرابعة انسحب العسكران ، وعاد التتار إلي ملكهم يخبرونه بما حصل، وعاد خوارزم شاه إلي بخاري ، فحضنها، ووضع فيها عشرين ألف فارس ، والي سمرقند، فوضع فيها خمسين ألف فارس ، وعاد فنزل قريبة من بلخ ، وبعد خمسة أشهر أحاط

ص: 224

التتار ببخاري ، وبعد معركة عنيفة دامت ثلاثة أيام انسحب الجيش الخوارزمي ، وطلب أهل بخاري الأمان ، فأمنهم جنكيز خان، واستسلمت له البلد ، فحصر القلعة ، وقتل من فيها عن آخرهم ، ثم أمر أهل بخاري بالخروج عن البلد ، فخرجوا ، واجتمعوا في مكان ، فاحتاط بهم التار، وتقاسموهم ، فمنهم من حارب وقتل ، ومنهم من استسلم وأسر ، ثم عذبوا الناس جميعا في طلب المال ، فمات منهم كثير ، وأخذوا الباقي معهم يقصدون سمرقند ، وهم مشاة علي اقبح صورة ، ومن أعيا أو عجز قتلوه ، وحصروا سمرقند ، فخرج اليهم السمرقنديون ، فنصبوا لهم كمينا ، قتلوا فيه سبعين ألفا منهم ، وطلب الجند الخوارزميون الأمان ، فأمنهم، فخرجوا إلي التتار بأموالهم وأهليهم ، فأخذوا منهم أسلحتهم ، ثم عطفوا عليهم فقتلوهم جميعا ، وأخذوا الأموال والنساء ، ثم فعلوا مع أهل سمرقند مثلما فعلوا مع أهل بخاري ، من التعذيب والقتل والإسترقاق ، وأحرقوا الجامع ، ثم سير جنكيز خان عشرين ألف فارس ، وأمرهم أن يطلبوا خوارزم شاه ، ولو تعلق بالسماء ، فقصدوه ، فرحل هاربا منهم في نفر من خاضته ، وقصد نيسابور ، فلم يستقر حتي وصل التتار إليها ، فرحل إلي مازندران ، فتبعوه ، وكلما رحل عن منزلة نزلوها من بعده ، فوصل الي مرسي من بحر طبرستان ، ونزل في البحر ، فلما نزل هو وأصحابه في السفن ، وصل التتار ورأوه في السفن فأيسوا من اللحاق به ، فلحق بجزيرة في البحر ، ومرض بالإسهال ، وطلب الدواء فأعوزه ، ومات ، وعاد التتار فملكوا مازندران ، وقتلوا أهلها وسبوهم ، ثم أحرقوها ، وصنعوا مثل ذلك بالري ، وزنجان ، وقزوين ، وكان القتلي من أهل قزوين أربعين ألفا، ثم اجتاحوا بلاد الكرج ، ومراغة ، وهمذان ، وأردويل ، وبيلقان ، وبلاد الكرج ، ودربند شروان ، والقفجاق ، والروس ، وبلاد فرغانة ، وترمذ، وخراسان مرو ، ونيسابور ، ثم هراة ، وخوارزم ، وغزنة ، وبلاد الغور ( ابن الأثير 358/12 - 397 وشذرات الذهب 61/5)

ص: 225

أقول : ذكر صاحب شذرات الذهب 73/5 إ عسكر خوارزم شاه ، كانوا أوباشا ، ليس لهم ديوان ، ولا إقطاع ، بل يعيشون من النهب والغارات ، وهم بين تركي كافر، أو مسلم جاهل ، لم يعرفوا تعبئة العساكر في المصف ، ولم يدمنوا إلا علي المهاجمة وليس لهم زرديات، ولا عدد جيدة ، وكان خوارزم شاه يقتل بعض القبيلة ويستخدم باقيها جندة له ، ولم يكن فيه شيء من المداراة ، ولا التوعدة، لا لجنده ولا لعدوه ، وتحرش بالتتار ، وهم يغضبون علي من يرضيهم فكيف بمن يغضبهم ويؤذيهم .

وفي السنة 614 قتل في المعركة ، الأمير بدر الدين أبو عبدالله محمد بن أبي القاسم الهكاري ، من أكابر امراء الملك المعظم ، كانت له المواقف المشهورة في قتال الفرنج ، وكان يتمني الشهادة دائما ، ويقول : ما أحسن وقع سيوف الكفار علي أنفي ووجهي ، قتل في معركة القدس ( الوافي بالوفيات 351/4).

وفي السنة 617 توقي الأمير اقباش بن عبدالله ، مملوك الخليفة الناصر العباسي ، وكان قد حج بالركب العراقي ، ومعه تقليد لحسن بن قتادة ، بعد وفاة أبيه ، فجاءه راجح ، أخو حسن ، وقال له : أنا أكبر ولد قتادة فولني ، فلم يجبه ، وجرت بينهما حروب ، فقتل أقباش ، ونصب رأسه علي رمح بالمسعي ، ولم يخرج الموكب لتلقي الركب العراقي ، حزنا علي أقباش ( الوافي بالوفيات 303/9 ) .

وفي السنة 622 خلع شروان شاه، صاحب مدينة شروان، من الملك ، ثار عليه ولده ،، وطرده من البلاد ، وملك بعده ، وسبب ذلك : إن شروان شاه كان سيء السيرة ، كثير الفساد والظلم ، يتعرض للنساء والولدان والأموال والأملاك ، فاتفق الرعية مع الإبن ، وأخرجوا أباه من البلاد ، وملك الإبن ، وأحسن السيرة ، فأحبه العساكر والرعية ، وأرسل الولد إلي أبيه ،

ص: 226

يقول له : إني أردت أن أتركك في بعض القلاع ، وأجري لك الجرايات الكثيرة ، ولكل من تحب أن يكون عندك ، وقد حملني علي ذلك سوء سيرتك ، وظلمك لأهل البلاد ، وكراهيتهم لك ولدولتك ، فلما رأي الأب ذلك ، استنصر بالكرج ، وقرر معهم أن يرسلوا معه عسكر يعيدونه إلي ملكه ، علي أن يعطيهم نصف البلاد ، فسيروا معه عسكرة، فجمع الولد العسكر ، وأخبرهم بالحال ، وسار إلي الكرج جريدة في ألف ، فلاقاهم وهم في ثلاثة آلاف ، وصبر أهل شروان ، فانهزم الكرج ، وقتل كثير منهم ، وأسر كثير ، ومن سلم منهم عاد بأسوأ حال ، وكان شروان شاه المخلوع معهم ، فطردوه من بلادهم ، واستقر الابن في الملك ، وأحسن إلي الجند والرعية ( ابن الأثير 430/12 ).

وفي السنة 622 حارب خوارزم شاه جلال الدين ، الكرج ، فقتل منهم في المعركة ما يزيد علي عشرين ألف ، وأسر كثيرة من أعيانهم ( ابن الأثير 435/12)

وفي السنة 623 عاد خوارزم شاه جلال الدين الي محاربة الكرج ، وقتل منهم جمعة عظيمة ، وافتتح مدينة تفليس ( ابن الأثير 450/12 و 451).

وفي السنة 627 ظهر الأمير شمس الدين سونج ، وهو تركماني من قبيلة قشيالو ، وكان قد جمع جمعا ، وقطع الطريق بين إربل وهمذان ، ثم كثر جمعه ، وقصد قلعة منيعة من أعمال إربل ، اسمها سارو ، فقتل بها أميرة كبيرة من أمراء مظفر الدين صاحب إربل ، وتحضن فيها ، وحاول مظفر الدين استعادتها فعجز ، وكان عسكر جلال الدين خوارزم شاه يحصرون قلعة رويندز ، وهي من أحصن القلاع وأمنعها، وطال الحصار علي من فيها فأذعنوا بتسليمها إلي خوارزم شاه ، فأرسل خوارزم شاه بعض ثقاته لتسلمها ، وأرسل معه الخلع والمال للذين بها ، فلما وصل القاصد إلي القلعة ، اعطي البعض ولم يعط البعض الآخر ، فغضب من لم يعط وأرسلوا إلي شمس الدين

ص: 227

سونج ، وأسلموا القلعة إليه ، وهذا من عجائب القدر ، فإن هذه القلعة تضرب الأمثال بحصانتها ، وتقاصرت عنها قدرة اكابر الملوك ، سهل الله لهذا الرجل أمر تسلمها بأهون سبيل ، فلما ملكها سونج طمع في غيرها ، وقصد مراغة فحصرها ، فجاءه سهم غرب فقتله ، وخلفه أخوه، ونزل هذا الأخ من القلعة ، وقصد أعمال تبريز ، ونهب وسلب ، وعاد إلي القلعة ، مع ما نهب ، فصادفته طائفة من التر فحاربته ، فقتل في المعركة ، واستولي التتر علي ما نهب ، ورب ساع لقاعد ، فاستولي علي القلعة ابن أخ له ، وقد تم كل ذلك خلال سنتين اثنتين ( ابن الأثير 493/12 و494) .

وفي السنة 628 خرج التتار من بلاد ما وراء النهر ، قاصدين أذربيجان ، بتحريض مقدم الإسماعيلية ، فحصروا مراغة ، فاستسلمت بالأمان ، ودخلها التتر ، فقتلوا من فيها، ثم تبعوا خوارزم شاه جلال الدين فكبسوه بظاهر مدينة أمد ، وتفرق من معه من العسكر ، ودخل التتار بلاد ديار بكر والجزيرة ، ففتحوا آمد، وقتلوا فيها ما لا يقل عن خمسة عشر ألف قتيل ، وقصدوا مدينة سعرد ، وبذلوا لأهلها الأمان ، فلما استسلموا ، وضعوا فيهم السيف وقتلوهم ، ثم فتحوا طنزة ، وقتلوا أهلها، ومرت طائفة منهم بالمؤنسة ، قرية علي مرحلة من نصيبين ، بينها وبين الموصل ، فاحتمي أهلها بخان ، فقتلوا كل من فيه ، ومضت طائفة إلي نصيبين الروم من أعمال آمد ، فنهبوها ، وقتلوا من فيها ، وأحرقوا بدليس ، ثم حصروا مدينة باكري من أعمال خلاط ، وملكوها ، وقتلوا كل من بها ، وكذلك صنعوا بأرجيش ، مدينة كبيرة من أعمال خلاط ، وأجتاحوا بلاد إربل ودقوقا ، وذكر إن التتار الذين عملوا هذه الأعمال ، هم طليعة التتار الذين بعث بهم ملكهم ليعلموه هل في البلاد من يردهم أم لا؟ فلما عادوا ، أخبروا ملكهم بخلو البلاد من مانع أو مدافع ، فعزموا علي قصد البلاد جميعها ( ابن الأثير 499/12 - 506)

ص: 228

وفي السنة 633 قتل أبو عزة زيدان بن زيان العبد الوادي ، رابع أمراء تلمسان من بني عبد الواد ، وليها سنة 631، وثار عليه بنو مظهر فحاربهم ، وقتل خارج تلمسان . ( الاعلام 103/3 ).

وفي السنة 646 قتل المعتضد أبو الحسن علي بن إدريس الموحدي ، من خلفاء الموحدين بمراكش ، علي مقربة من تلمسان ، في معركة نشبت بينه وبين يغمراسن بن زيان ، من بني عبد الواد . ( الاعلام 68/5 ).

وفي السنة 353 نشبت معركة بين الأمير مجير الدين الكردي ، صاحب نابلس ، وبين التاتار ، فقتل مجير الدين في المعركة (الوافي بالوفيات 339/5)

وفي السنة 656 قتل الإمام أحمد بن الحسين القاسمي العلوي ، إمام اليمن ، وكان شجاعا داهية حازما ، لقب بالمهدي لدين الله ، واستولي علي معظم البلاد العليا في اليمن ، وقتله جيش الملك المظفر في موضع يسمي ( شواية ) ( الاعلام 1/ 114).

وفي السنة 656 حصر هولاكو التاري بغداد ، وأحاط بها جيشه ، وعبر قسم من جيشه إلي الجانب الغربي من بغداد فحصره ، فحاربهم عسكر الخليفة المستعصم ، بقيادة مجاهد الدين أيبك الدوادار ، وكانت الموقعة شمالي المزرفة ، وكانت الكرة أولا لعسكر الخليفة ، ثم كر عليهم التتار ، فانهزم جيش الخليفة ، وكان التتار قد اغرقوا الطريق ، فامتنع علي المنهزمين العودة إلي بغداد ، وقتل قادة جيش الخليفة ، وقتل من أفراده اثني عشر ألفا سوي من غرق ، ومن قضي نحبه في الوحل ( موسوعة العتبات المقدسة، قسم الكاظمين ج 2 ص 360).

وفي السنة 658 حصلت معركة عظيمة في عين جالوت، بين جيش الملك المظفر قطز ، سلطان مصر والشام ، وبين جيش التتار ، فانكسر جيش التتار، وقتل في المعركة مقدمهم كتبغا نوين ، وكان عظيما عند التتار ،

ص: 229

يعتمدون علي رأيه وشجاعته ، وكان بطلا، مقداما ، خبيرة ؛ بالحروب ، وهو الذي فتح معظم بلاد العجم والعراق. ( النجوم الزاهرة 79/7 و 91).

أقول : أورد صاحب ، اعلام النبلاء قصة هذه المعركة ، بتفصيل أوفي ، قال : :

في السنة 658 بعث كتبغا ، نائب هولاكو، إلي الملك المظفر قطز ، صاحب مصر والشام ، يطالبه بإعلان خضوعه للسلطان هولاكو ، فضرب قطز أعناق الرسل ، وتأهب للسير إلي الشام لحرب التتار ، واشتبك العسكران في عين جالوت ، فانكسر التار، واشتبكا ثانية في بيسان ، فانكسر التتار كسرة شنيعة، وقتل مقدمهم كتبغا ، وأسر ابنه ، وأسر كذلك الملك السعيد ابن العزيز، ابن العادل الأيوبي ، وكان مع التتار ، فأحضر بين يدي الملك قطز ، فأمر به فضربت عنقه ( اعلام النبلاء 291/2 - 292) وبعد انتهاء المعركة ، أحضر ابن كتبغا أسيرا بين يدي الملك قطز ، فقال له : أبوك فر ، فقال له : إن أبي لا يفر ، إبحثوا عنه بين القتلي ، فبحثوا عنه ، فوجدوه بينهم ، فلما رأي الولد رأس أبيه بكي ، وقال للسلطان قطز : نم طيبة ، ما بقي عدو تخاف منه ، هذا هو كان سعادة التتار ( اعلام النبلاء 294/2 ).

وفي السنة 666 حصر الظاهر بيبرس مدينة أنطاكية ، وملكها بالسيف ، فقتل أهلها ، وأحرق كنائسها ، وأحصي من قتل بأنطاكية فكانوا نيفا وأربعين ألفا ، وكان ممن قتل من حماتها ما بين ستة عشر ألف إلي سبعة عشر ألف صليبي ، وأخذ مائة ألف أسير ( خطط الشام 2/ 120).

وفي السنة 666 قتل في إحدي المعارك ، علي مقربة من صعدة باليمن ، علم الدين حمزة بن الحسن بن حمزة ، من أشراف اليمن وأمرائها. ( الاعلام 309/2 ) .

وفي السنة 678 قتل السلطان سالم بن إدريس الحبوضي ، صاحب

ص: 230

ظفار، في معركة نشبت بينه وبين المظفر الرسولي ، وكان قتله في محلة عوقد بظفار ( الاعلام 113/3 و114).

وفي السنة 680 جهز السلطان أبا قابن هولاكو، جيشا عظيما لاحتلال الشام ، وقدم عليه أخاه منكوتمر بن هولاكو ، فالتقي بجيش مصر والشام علي حمص ، وكان جيش التتار يعد مائة ألف ، وجيش المنصور قلاوون ، سلطان مصر والشام ، يعد النصف أو أكثر بقليل، واشتبك الجيشان في معركة ضارية ، استقتل الطرفان فيها ، واستظهر التتار أول النهار ، فلما رأي الأمراء تذامروا فيما بينهم ، ورأوا ثبات السلطان فحملوا حملات صادقة ، وتقدم الأمير الكبير الحاج عز الدين أزدمر الجمدار ، فقصد الأمير منكوتمر ، قائد جيش التتار ، وتقدم اليه وقد قلب رمحه ، ليوهمه إنه يريد أن يستسلم ، حتي إذا وصل إليه ، طعنه فجرحه ، فقتلوه ، ومات منكوتمر بعد ذلك ، وانكسر التتار، وقتل منهم مقتلة عظيمة جدا ، ودخل السلطان دمشق ، وبين يديه أساري التتار ، بأيديهم الرماح ، عليها شعفة رؤوس القتلي منهم ( أعلام النبلاء 332/2 - 335).

أقول : الشعفة : الخصلة من شعر الرأس .

وفي السنة 681 اتفق أحد الأمراء الحفصيين ، واسمه الفضل بن أبي زكريا يحيي الواثق الحفصي ، مع الأمير مرغم بن صابر ، أمير طرابلس الغرب ، فجمعا العربان ، وقصدا تونس ، وكان قد استولي عليها أبو اسحاق ، فانحاز إلي بجاية عند ولده أبي فارس ، فواقعاه في معركة علي باب بجابة ، فقتل أبو فارس ، وأخوه ، ووالده أبو اسحاق ، وعلقت رؤوسهم علي باب المنارة ، أحد أبواب تونس ( سيرة الملك المنصور 45).

أقول : أورد صاحب معجم انساب الأسر الحاكمة 115 الخبر مبتورة ، إذ اكتفي بأن ذكر أن الواثق أبا زكريا يحيي تسلم حكم تونس في السنة 675

ص: 231

وأن أبا اسحاق إبراهيم خلعه في السنة 678 واستقر في موضعه، وأن أبا اسحاق « أعدم » في السنة 681، فاقتضي الإشارة إلي ذلك .

وفي السنة 683 ظهر في سواد الحلة رجل يعرف بأبي صالح، أدعي أنه نائب صاحب الزمان ، وتبعه خلق ، فقصد بلاد واسط، ثم قصد الحلة ، فخرج اليه جند من بغداد ، وبعد معركة بين الجند البغدادي وجماعة أبي صالح ، قتل أكثر جماعة أبي صالح ، وقتل هو معهم ، وحمل رأسه إلي بغداد ( الحوادث الجامعة 439- 441).

وفي السنة 700 عاد التتار الي الشام ، فحاربهم السلطان الملك الناصر ، في السنة 702 واشتبك معهم في معركة ضارية بمرج راهط ، وكان عدد كل جيش ما يقارب المائتي ألف مقاتل، فقتل من الطرفين جماعات عظيمة ، وأسر من عسكر غازان نحو الثلث ، وجيء بالأسري الي القاهرة ، وسار منهم مقدار ألف وستمائة وقد علق في عنق كل واحد منهم ، رأس أحد القتلي من التار، كما حمل أمامهم ألف رأس علي ألف رمح ، وكانت طبولهم أمامهم ، مخرقة ( النجوم الزاهرة 167/8 واعلام النبلاء 354/2 ).

أقول : أورد صاحب خطط الشام 142/2 و 143 خبر معركة وقعت بين الجيش التتاري والجيش المملوكي ، ولا أدري أهي هذه المعركة أم غيرها ، قال : في السنة 702 قصد خطلو شاه ، نائب غازان ، في خمسين ألفا من التتار بلاد الشام ، وتوغلت طائفة منهم ، يبلغ عددها عشرة الآف فارس ، فحاربهم اسندمر الكرجي ، نائب السلطنة ، ما بين تدمر والرصافة، وكان اسندمر في ألف وخمسمائة فارس ، فانكسر التتار وقتلوا عن آخرهم .

وفي السنة 707 قتل خطلوشاء المغلي ، وكان مقدم عسكر السلطان غازان ، وقد فعل في دمشق الأفاعيل . وكان مقدمهم في وقعة شقحب لما

ص: 232

انكسر الجيش المغلي ، ثم جهزه غازان إلي كيلان ، ففتكوا به وقتلوه ( الدرر الكامنة 174/2).

وفي السنة 709 وقعت في حوران فتنة بين اليمنية والقيسية ، واقتتلوا ، فقتل ألف نفس ( خطط الشام 146/2 ).

وفي السنة 717 ظهر بجبلة ، جبلي ادعي أنه المهدي ، وجمع جمعأ ، ثم تنوعت إدعاءاته ، ادعي مرة أنه النبي المصطفي صلوات الله عليه ، وادعي مرة أنه الإمام علي ، وادعي مرة أنه الإمام المنتظر محمد بن الحسن ، وعاث أصحابه بالساحل، وكانوا يرفعون أصواتهم قائلين : لا إله إلا علي ، ولا حجاب الا محمد ، ولا باب إلا سلمان ، فسار عليهم عسكر من طرابلس ، فقتل رئيسهم ، وجماعته معه ، وتفرقوا ( شذرات الذهب 43/6 ) .

وفي السنة 719 حصر الدون بيدره ( بطره ) الوصي علي الملك الصبي الفونسو الحادي عشر ملك قشتالة ، غرناطة ، فانكسر جيش بطره ، وقتل مع جماعة من رجاله وفرسانه، وأخذت جثة الملك القتيل ، فجعلت في تابوت خشب ، ونصب في جوار سور الحمراء ، وفي السنة 769 ( بعد خمسين سنة ) تفقد الوزير ابن الخطيب المكان ، فوجد علي التابوت أكوام من الحجارة . لأن الصبيان كانوا ، يرجمونه، فأزاح الحجارة ، وكشف عن الرمة ، فألفي بعظم القطن ( العصعص ) العريض منها ، سنانأ مرهبا ثبت في العظم ( الاحاطة 396- 398).

وفي السنة 724 توفي الأمير محمد بن عيسي ، أمير آل فضل ، وكان أثيرا عند السلطان الناصر محمد بن قلاوون، لأنه وقف موقفا شديدا مع العسكر التاري الذي جهزه خربندا سلطان التتار مع الشريف حميضة ، ليستولي علي مكة ويطرد الجيش المصري عنها ، فهاجم الأمير محمد الجيش التاري ، وقتل منهم كثيرة ، وأرسل إلي الناصر منهم أربعمائة أسير ، فأعجب الناصر ذلك ، وبالغ في الإحسان اليه ( الدرر الكامنة 249/4 ) .

ص: 233

وفي السنة 730 كان الأمير الدمر ، أحد أمراء القاهرة ، هو وولده خليل من ضمن الحاج ، فثارت بمني فتنة في يوم عيد النحر ، فقتل الدمر وولده خليل ( الدرر الكامنة 434/1 و435) .

وفي السنة 737 اشتبك موسي خان بن بايدوخان التتاري ، مع أوربا كارون خان في معركة قرب مراغة ، انجلت عن قتل أوربا كاون خان وتسلطن موسي خان ، فغضب قسم من الأمراء ، وراجعوا الأمير الشيخ حسن بزرك ( الكبير) الجلائري وهو ابن الأمير حسين بن آق بوغا، فجيش الشيخ حسن جيشأ ، وحارب موسي خان ، فانكسر عسكر الشيخ حسن ، وبات موسي خان آمنا مطمئنأ وترك الإحتياط ، فكر عليه قسم من جماعة الشيخ حسن . وكان موسي خان وأصحابه علي غير تأهب ، فقتل موسي خان ، وأسر علي باشا رئيس الأويرات ، وأحضر أمام الشيخ حسن ، فأراد أن يستبقيه، فلم يوافقه الأمراء ، وأصروا علي قتله ، فقتله ( الغياثي 69- 73).

وفي السنة 737 قتل في معركة ضارية ، علي باب قصره بتلمسان ، السلطان أبو تاشفين عبد الرحمن بن موسي ، آخر ملك من ملوك بني عبد الواد ، كان الظفر فيها لصاحب مراكش السلطان أبي الحسن المريني ، وثبت أبو تاشفين ، بخاصة رجاله ، بعد أن تفرق عنهم الجند والأنصار ، فقتلوا جميعا علي باب القصر . ( شذرات الذهب 115/6 والاعلام 115/4 ).

وفي السنة 741 كانت وقعة طريف ببلاد الأندلس ، وكان سلطان فاس أبو الحسن المريني جاز البحر في ستين ألفأ، وجاء إليه أهل الأندلس وسلطانهم ابن الأحمر بامداد ، فانكسر المسلمون ، وقتل منهم عدد عظيم ، وأسر ابن السلطان وحريمه ، واستولي الافرنج علي مدينة طريف ( شذرات الذهب 6/ 127 و 128).

ص: 234

وفي السنة 741 قتل أبو عبدالله محمد بن يحيي المالكي الأندلسي ، وكان يلي الخطابة والقضاء بغرناطة ، قتل في معركة بظاهر طريف مع الأسبان ( الاعلام 9/8).

وفي السنة 741 قتل في موقعة طريف أبو عبدالله محمد بن علي الأنصاري الغرناطي وله بضع وسبعون سنة ، وكان عريض النعمة ، حسن الخلق ولما نشبت المعركة ، استاك ، وتكحل، وخرج بنفسه علي العدو، فقتل ( الدرر الكامنة 206/4 ).

وفي السنة 765 هاجم الإفرنج مدينة طرابلس الشام، وكانوا ثلاثة ملوك ، صاحب قبرس ، وصاحب رودوس ، وصاحب الاسبتار ، جاؤوا في مائتي مركب حربي ، فانكسر عسكر طرابلس ، ودخل الإفرنج المدينة ، ونهبوا أسواقها ، وقتلوا بها نحوا من ألفي إنسان ، ثم اجتمع عليهم أهل البلاد ، وحاربوهم ، وقتلوا منهم جماعة كثيرة ، فرحلوا ( خطط الشام 155/2)

وفي السنة 770 قتل في المعركة بتل السلطان خارج حلب ، الأمير قشتمر المنصوري ، وكانت اليه نيابة حلب ، فإنه خرج من حلب مع عسكر ليستأصل شافة أعراب بلغه أنهم يقومون بقطع الطريق ، فوجد اعراب نزولا في مضاربهم ، فهاجمهم العسكر ، واستاقوا كثيرا من مواشيهم ، ونهبوا أبياتهم ، فحاربهم العرب ، وهاجموا أفراد العسكر وهم مشغولون بالنهب ، فكسروهم فاستعادوا المنهوبات، وقتل الأمير تشتمر في المعركة ( الدرر الكامنة 33/3 ۔ 334)

وفي السنة 776 قتل في المعركة ، ملك الحبشة المسلم ، محمد حق الدين بن أحمد حرب أرعد، وكان جده عمر ، تأمر علي بلدة وفات ، وأكثر أهلها مسلمون ، ولاه عليها الحطي ملك الحبشة النصراني ، وخلف عمر ولده صبر

ص: 235

الدين علي في السنة 700 فقويت شوكته ، وخرج علي الحطي ، ثم عاد فأطاعه ، فأقام الحطي بدلا منه ولده أحمد، ومات أحمد فخلفه أخوه أبو بكر ، وخلف أحمد أولادا منهم محمد حق الدين الذي اشتغل بالعلم ، وتقدم فيه ، ثم حنق علي عمه أبي بكر ، فخرج عليه ، وحاربه ، فقتل العم في المعركة ، وتسلطن حق الدين ،، واستمر علي محاربة الحطي ، حتي أنه حاربه في تسع سنين في عشرين موقعة . كان الظفر له فيها جميعها ، فلما كانت الموقعة الأخيرة ، قتل في المعركة ( الدرر الكامنة 432/3- 433).

وفي السنة 792 قتل الأمير سيف الدين طرنطاي، نائب السلطنة بدمشق ، في المعركة التي اشتبك فيها جيش السلطان برقوق بجيش الأمير منطاش ، وكان سيف الدين بجانب برقوق ( اعلام النبلاء 108/5 ).

وفي السنة 793 قتل احمد بن زيد الشاوري ، الفقيه الشافعي ، باليمن ، وكان شديدة علي الزيدية ، فهاجمه الناصر صاحب صنعاء في عسكر كثيف ، فقتله ، وقتل واحد من أولاده ، وجماعة من أهله وأصحابه ( الاعلام 123/1)

وفي السنة 794 قصد تيمورلنك شيراز ، فاستعد صاحبها منصور شاه المحاربته ، واشتبك معه في معركة كانت عاقبتها ظفر تيمور وقتل منصور شاه في المعركة ( شذرات الذهب 332/6 ).

وفي السنة 800 قتل القاضي برهان الدين أحمد بن الأثير ، صاحب سيواس ، كان شجاعة حارب عساكر مصر في السنة 789 وفي السنة 799 حارب التتار وهزمهم، ثم نشبت معركة بينه وبين قرايلك بن طورغلي ، فقتل برهان الدين في المعركة ( الدرر الكامنة 366/1 ).

وفي السنة 802 وصل تيمورلنك إلي قريب من حلب ، وكتب إلي نائب حلب ، يطلب منه أن يخابر سلطان مصر ، لكي يطلق اطلمش ، أحد أقارب

ص: 236

تيمورلنك ، وهو محبوس في مصر ، فما كان من نائب حلب إلا أن قتل رسل تيمورلنك ، فلما بلغ تيمورلنك ما صنعه نائب حلب برسله ، أحاط بمدينة حلب ، وخرج عسكر حلب لصده ، فكسر ، واقتحم عليهم المدينة ، وأسرفوا في قتل الرجال والنساء ، حتي صارت الأرجل لا تطأ إلا علي جيف القتلي ، وقيل إنه بني من رؤوس القتلي عشر مآذن ، دور كل مئذنة نحوا من عشرين ذراعا ، وارتفاعها مثل ذلك ، وجعل الوجوه فيها بارزة ، وبلغ عدد القتلي نحو من عشرين ألف إنسان ، عدا من هلك تحت أرجل الخيول ، ومن هلك بالجوع والعطش ( خطط الشام 173/2 - 175 ).

وفي السنة 803 قتل الأمير دريب بن احمد ، أمير حلي ، مدينة بين مكة واليمن ، علي ساحل البحر ، في معركة بينه وبين العرب بني كنانة ، واستقر في موضعه أخوه موسي ( الضوء اللامع 217/3 ).

وفي السنة 804 كان الأمير جنتمر بن عبدالله التركماني ، يتوئي كشف الصعيد ، فقتله عرب ابن عمر ، وقتلوا من حاشيته مقدار مائتي نفس ، ونهبوا جميع ما كان معهم ( الضوء اللامع 79/3 ).

وفي السنة 808 قتل أمير التركمان فارس بن صاحب الباز ، صاحب انطاكية ، وما والاها ، قتله جكم الظاهري ، أما جكم فقد قتله قرايلوك في السنة 809 ( الضوء اللامع 163/5 و 76/3 ).

وفي السنة 805 قتل سعد الدين أبو البركات محمد بن أحمد بن علي بن صبر الدين ، وكان قد استقر ملكة علي الحبشة ، بعد أخيه حق الدين ، فسار سيرته في جهاد الكفر ، وكانت عنده سياسة ، وكثرت عساكره ، وتعددت غاراته ، واتسعت مملكته ، وفي هذه السنة ، جمع الحطي صاحب الحبشة ، جمعة عظيمة ، وجهز عليه أميرة يقال له : باروا ، فالتقي الجمعان ، فاستشهد من المسلمين جمع كثير منهم أربعمائة شيخ من الصلحاء ، أصحاب

ص: 237

العكاكيز ، وتحت يد كل واحد منهم عدة فقراء ، واستحر القتل في المسلمين ، حتي هلك أكثرهم ، وانهزم من بقي ، ولجأ سعد الدين إلي جزيرة زيلع ، في وسط البحر ، فحصروه فيها ، إلي أن وصلوا إليه ، فأصيب في جبهته بعد وقوعه في الماء ثلاثة أيام ، فطعنوه ، فمات ، وكانت مدة ملكه ثلاثين سنة ، وفر أولاد سعد الدين ، وهم صبر الدين علي ، وتسعة من أخوته إلي البر الأخر ، فدخلوا مدينة زبيد ، فأكرمهم الناصر أحمد بن الأشرف وأنزلهم ، وأعطاهم خيوط ، وما ، فتوجهوا إلي حيث لحقت بهم عساكرهم ، واستمر صبر الدين علي سيرة أبيه ( شذرات الذهب 47/7 و48) .

أقول: جاء في الضوء اللامع 16/7 آن وفاة سعد الدين كانت في السنة 815 وقد اثبتنا ذلك في موضعه .

وفي السنة 807 توفي تيمورلنك ، المعروف في التواريخ باسم تيمور كوركان ، وكان أول أمره ، إنه كان من أتباع طقتمش خان آخر الملوك من ذرية جنكيزخان ، فلما مات طقتمش ، قرر في السلطنة ولده محمود ، وكان صغيرة ، فتزوج تيمور بأم محمود ، واستقر أتابك له ، ثم جرد عسكرة إلي بخاري فاستولي عليها ، ثم نازل خوارزم ففتحها ، ثم حاز ما وراء النهر ، وفتح سمرقند ، ثم خراسان ، ثم هراة ، ثم طبرستان ، وجرجان بعد حروب طويلة في السنة 784 فلجأ صاحبها إلي أحمد بن أويس صاحب العراق ، ثم ملك تبريز وأذربيجان ، ثم ملك إصبهان ، ثم استولي علي فارس ، ثم قصد بغداد ، ففتحها وفر ملكها أحمد بن أويس إلي الشام ، واتصلت مملكة تيمورلنك بالجزيرة وديار بكر ، ثم قصد سراي في السنة 797 ثم عاد فقصد بغداد إذ علم بعودة صاحبها أحمد بن أويس اليها ، فملكها ثانيا ففر منها أحمد بن أويس ، ثم قصد سيواس فملكها ، ثم قصد حلب ففتحها وفعل فيها الأفاعيل ، ثم تحول إلي دمشق وحصر المدينة ، ثم فتحها بالأمان ، وغدر

ص: 238

بهم ، فقام جنده بنهب البلد، وبالسلب والقتل والإحراق ، ثم قصد الرها وماردين ، ثم كر علي بغداد ، وحصرها، وفتحها عنوة ، ووضع السيف في أهلها ، وألزم من معه ، أن يأتي كل واحد منهم برأسين من رؤوس أهلها ، وبني من الرؤوس مائة وعشرين مأذنة ، وفي السنة 804 قصد بلاد الروم ، واستولي عليها ، وأسر صاحبها بايزيد ومات معه في الاعتقال ، ودخل الهند ، وغلب علي مملكة المسلمين بها ، ومات في السنة 807 وقد خرج من سمرقند يريد بلاد الصين والخطا فمات وهو نازل بضواحي أترار ، فأعيد جسده إلي سمرقند ، حيث دفن هناك ( شذرات الذهب 62/7 - 67).

وفي السنة 808 قتل الأمير علان الظاهري ، نائب السلطنة بطرابلس ، وكان شجاعا ، قتل في المعركة ( الضوء اللامع 150/5 ).

وفي السنة 808 قتل الأمير محمد بن حيار ، المعروف بنعير أمير آل فضل بالشام ، نشبت معركة بينه وبين الأمير جكم، فقتل في المعركة ( الاعلام 344/6 ).

وفي السنة 810 قتل الأمير إينال باي بن نجماس، بغزة ( الضوء اللامع 326/2)

وفي السنة 810 قتل الأمير جركس سيف الدين القاسمي ، بناحي بعلبك ، وكان شهما شجاعا ( الضوء اللامع 67/3 ).

وفي السنة 815 قتل ملك المسلمين الحبشة ، سعد الدين أبو البركات محمد بن أحمد، في معركة من معاركه مع الحطي ، ملك الحبشة النصاري ، وكان سعد الدين محبوسا في عهد أخيه سلفه حق الدين محمد ، فلما توفي، ملك سعد الدين بعده في السنة 776 وسلك مسلكه في محاربة الحطي ، وامتد سلطانه اربعين سنة ، حتي قتل في السنة 815 وترك أولاد عشرة لجأوا إلي الناصر أحمد بن الأشرف ، ملك اليمن ، فأعانهم، وعادوا

ص: 239

إلي بلادهم، وتسلطن منهم السلطان صبر الدين ، وانتظم به شمل المملكة ( الضوء اللامع 16/7 ) أقول : ذكر صاحب شذرات الذهب 47/7 - 48 إن وفاة سعد الدين كانت في السنة 805.

وفي السنة 815 قتل الأمير الطنبغاسقل، قتل في وقعة اللجون ، هو ومقبل الرومي ( الضوء اللامع 2/ 320).

وفي السنة 816 قتل الأمير العجل بن نعير بن حيار ، أمير آل فضل بالشام والعراق . وسنه نحو ثلاثين سنة ، قتل في معاركه مع المماليك ، وحمل رأسه فعلق علي باب قلعة حلب ( الضوء اللامع 146/5 ).

وفي السنة 821 قتل الأمير سودون الأسندمري ، نائب السلطنة بطرابلس ، في وقعة التركمان علي صافيتا ( الضوء اللامع 276/3 ).

وفي السنة 824 قتل الأمير ألطنبغا عبد الواحد ، المعروف بالصغير ، وكان قتله في معركة مع التركمان ( الضوء اللامع 320/2 ).

وفي السنة 830 قتل في المعركة ، الأمير تشتمر المؤيدي ، نائب السلطنة بحلب ، في وقعة كانت بين التركمان وعسكر حلب ( الضوء اللامع 222/6)

وفي السنة 835 قتل ملك الحبشة المسلمين ، جمال الدين محمد بن سعد الدين أبي البركات الجبرتي ، وكان قد خلف أخاه منصورة في السلطنة ، في السنة 828 وحارب الحطي ملك الحبشة النصاري ، وأطاعه خلق من أعوانه ، ودامت مملكته سبع سنين ، وقتل في احدي المعارك في السنة 835 وملك بعده أخوه بدلاي بن سعد الدين ، فاقتفي أثره في غزواته وشدته ، وقبض بدلاي ( واسمه احمد) علي قاتل أخيه محمد، فاقتص منه وقتله ( الضوء اللامع 153/7 ).

ص: 240

وفي السنة 839 استولي الأمير أسبان علي بغداد ، وطرد منها أخاه شاه محمد بن قرا يوسف ، ففر شاه محمد إلي الجانب الغربي من بغداد ، والتجا إلي مشهد الامام موسي الكاظم ، ومعه ولده شاه بوداق ورجل حمال ، فأعطوهم حمارة ركبه شاه محمد ، وقصدوا الدجيل ، ومات الحمار في الطريق ، فحمله الحمال علي ظهره ، ولما وصلوا إلي حديثة الموصل، جهزه حاكمها واسمه حارث بما يحتاج إليه فاستولي علي الموصل ، وإربل ، وأعطي الموصل الحارث ، وإربل مرزا علي ، وكركوك وطاووق لعلي أتابك ، وجعل الحمال محمود أميرأ ، وأعطاه كمر شمشير مذهبأ ، ثم عاد بجند إلي بغداد ، فلاقاه جند في الطريق ، فصادمهم ، فقتل شاه محمد، في السنة 827 وكان له من الأولاد شاه علي ، وشاه رخ ، وشاه بوداق ، وشاه ولي ، وشاه ملك ، وقرامان ، وقمر الدين ( تاريخ الغيائي 252 و 253).

وفي السنة 837 قتل الأمير أقبغا الجمالي ، في معركة مع العربان بدمنهور، وكان كريها مبغضا أهوج ، وذهب دمه هدرة ( الضوء اللامع 317/2)

وفي السنة 837 قتل الشريف رميثة بن محمد بن عجلان ، أمير مكة ، خرج في طائفة من عسكره ليوقع ببني إبراهيم ، فقتل في المعركة ( الضوء اللامع 230/3 ).

وفي السنة 838 قتل زهير بن سليمان بن زيان بن منصور الحسيني ، وكان فاتكا ، يسير في بلاد نجد والعراق والحجاز في ثلثمائة فارس ، فيأخذ القفول ، قتل في معركة حصلت بينه وبين أمير المدينة ( حوليات دمشقية 133- 134 والضوء اللامع 3/ 239).

وفي السنة 845 قتل الأمير أركاس النوروزي ، بالصعيد الأعلي ، في معركة مع الزنج ( الضوء اللامع 269/2 ).

ص: 241

وفي السنة 847 قتل شهاب الدين احمد بن سعد الدين المعروف باسم بدلاي ، ملك المسلمين بالحبشة ، وكان هو وأخوه صبر الدين عظيمي النكاية في كقار الحبشة، قتل شهاب الدين في المعركة ( الضوء اللامع 4/3).

وفي السنة 848 قتل في المعركة ، الأمير طوخ المؤيدي ، وكانت له نيابة السلطنة بغزة ، وسقط قتيلا في وقعة كانت بينه وبين أبي طبر من عرب جرم الخارج عن الطاعة ( الضوء اللامع 10/4 ).

وفي السنة 857 قتل الأمير سونج بغا، في معركة جرت مع تغري بردي القلاوي ، وقد أناف علي الستين ( الضوء اللامع 287/3 ).

وفي السنة 807 قتل في المعركة ، الأمير قشنمر الناصري ، نائب السلطنة بالبحيرة بمصر ، في وقعة كانت بين العسكر المصري وعرب لبيد ( الضوء اللامع 222/6 ).

وفي السنة 867 قتل الأمير جانبك الظاهري ، شاد جدة، قتله الأجلاب ، أي المماليك الأجلاب وكان مدير المملكة بمصر ، وصاحب حلها وعقدها ( الضوء اللامع 58/3 ).

وفي السنة 868 كان الأمير برد بك الأشرفي ، عائدا من مكة ، مع أفراد عائلته ، وخرج عليه جماعة من العربان ، فقتلوه وهم لا يعرفونه ، وسلبوا السقائين ( الضوء اللامع 5/3).

وفي السنة 870 قتل في المعركة علي باب صنعاء باليمن ، عامر بن طاهر اليماني وكان قد ملكها وغيرها من حصون اليمن ، علي اثر وفاة إمام صنعاء الناصر بن محمد ، وأراد عامر أن يخرج ابن الإمام الناصر من صنعاء ، وأن يسكنه في تعز ، فكتب الابن إلي شارب بن عيسي يستنجد به ، فبادر شارب الي صنعاء ، وكسر بابها القبلي ، وأخذ الولد، وأراد أن يعود الي مكانه ، وبلغ ذلك عامرة فجاء يستنقذ صنعاء ، واشتبك وشارب في معركة

ص: 242

أدت الي قتل عامر ، وملك شارب صنعاء ( الضوء اللامع 292/3 - 16/4 ).

وفي السنة 872 قتل الأمير قطلباي الأشرفي ، في الوقعة « السوارية » أي المعارك التي دارت بين الجيش المصري ، وجماعة الأمير سوار من آل الغادر ( الضوء اللامع 223/6 ).

أقول : أعاد صاحب الضوء اللامع هذا الخبر في الصفحة 227 من المجلد السادس ولكنه سماه « كرتباي » بدلا من « قلطباي ».

وفي السنة 875 قتل في المعركة أبو الحسن علي بن سفيان الحسني ، باليمن ، فدفن بلا غسل لأنه قتل شهيد ( الضوء اللامع 225/5 ).

وفي السنة 880 لجأ إلي حلب ، الأمير محمد أغرلو بن حسن الطويل صاحب العراق ، وكان قد شق عصا الطاعة علي أبيه ، واستعان بسلطان مصر لمحاربة أبيه ، فجهز نائب حلب ، بأمر السلطان عسكر مع أغرلو ، واشتبك مع جيش حسن الطويل ، فانكسر عسكر حلب ، وقتل عدد من أمرائه وجنده ، وجرح الأمير محمد أغرلو جرحا بليغا . ثم قدمت القاهرة زوجة السلطان حسن الطويل ، وهي أم الأمير محمد اغرلو ، تطلب من السلطان أن يتوسط للصلح بين السلطان حسن الطويل وابنها ولده محمد أغرلو ( إعلام النبلاء 78/3 - 79).

وفي السنة 882 قتل الأمير برد بك المحمدي ، في المعركة مع الأمير سوار ( الضوء اللامع 7/3).

أقول: في هذا القول نظر ، فإن الأمير سوار انتهي أمره في السنة 877 باستسلامه وإعدامه في القاهرة ، أما برد بك ، فقد ذكر صاحب اعلام النبلاء 84/3 أنه كان نائب طرابلس وقريب السلطان، وأنه قتل في السنة 880 في المعركة التي دارت بين الجيش المصري وبين سيف امير آل فضل .

ص: 243

وفي السنة 885 خرج الأمير سيف ، أمير . فضل، عن طاعة السلطان، فحاربه نائب السلطان بحماة ، الأمير أزدمر بن ازبك ، فانكسر جيش السلطان ، وقتل الأمير از دمر ، وقتل معه جمع من أمراء حماة ، فجهز السلطان جيشا ، وجعل قيادته للأمير يشبك الدوادار ، فلما وصل الأمير يشبك الي حلب ، كان جيشه في عشرة آلاف . ومعه من الأمراء نواب السلطنة بحلب والشام وطرابلس وحماة، والعسكر الحلبي والشامي والمصري ، وبلغه أن الأمير سيف انحاز عن طريقه إلي الرها ، فقصد الرها، وحصرها وفيها الأمير بابندار نائب السلطان يعقوب بن الشيخ حسن الطويل ، صاحب العراق واشتبك الطرفان في معركة ضارية، فانكسر جيش سلطان مصر ، واسر قائده الأمير يشبك ، كما أسر معه نائب الشام ، ونائب حلب ، ونائب حماة ، وحاجب الحجاب ، وقتل من أمراء الشام وحلب ومن العساكر ما لا يحصي ، وكانت حوافر الخيل لا تطأ الا علي جثث القتلي ، وبقي الأمير يشبك ثلاثة أيام في الأسر ، وفي اليوم الرابع بعث اليه الأمير بابندار عبدأ أسود ، قطع رأسه ليلا ، قيل إنه حر رأسه بالسيف عدة مرات ، فلم ينقطع عنقه ، فقطعه بسكين صغير ، وعذبه غاية العذاب ، فلما أصبح الصباح ، وجدوا جثه بغير رأس ، وهي مرمية علي قارعة الطريق، مكشوفة العورة ، فستره بعض الغلمان بحشيش ، وأرسل الأمير بابندار برأس يشبك إلي السلطان يعقوب بن حسن الطويل ، فطيف به بمدينة ماردين وفي بلاد العجم ، والرأس علي رمح ، وقد ألبسوا الرأس تحفيفة الأمير يشبك ، وطافوا بالنواب الذين أسروهم وهم في قيود وزناجير ، أما الأمراء الباقون فساقوهم مشاة ، أما الأمير سيف أمير آل فضل ، سبب كل ما حدث ، فقد قتل في السنة 887، قتله ابن عمه غسان من آل فضل ( اعلام النبلاء 82/3-87).

وفي السنة 889 قتل الأمير الماس الأشرفي قايتباي ، نائب صفد، وكان قد خرج لدفع دولات ، فقتل في المعركة ( الضوء اللامع 321/2 ).

ص: 244

وفي السنة 891 اشتبك جيش ابن عثمان ، مع جيش سلطان مصر ، في أرض حلب ، فانكسر جيش ابن عثمان ، وقتل من عسكره نحوا من أربعين ألفا ( خطط الشام 206/2 ).

وفي السنة 916 قتل في المعركة مع عساكر الشاه واسماعيل الصفوي ، السلطان أبو الفتح محمد الشيباني بن شاه بوداق صاحب ما وراء النهر ( معجم انساب الاسر الحاكمة 403).

وفي السنة 917 قتل الصدر خادم علي ، وزير السلطان بايزيد الثاني بن محمد العثماني ، وكان قتله في المعركة، وهو يحارب شاه قلي ( معجم انساب الأسر الحاكمة 241).

وفي السنة 920 حصر السلطان سليم مدينة مرعش ، وقتل صاحبها علاء الدولة بن سليمان من آل دلغادر ( ذي القدر ) وقتل معه غالب أولاده ، وقطع رؤوسهم وبعث بها إلي السلطان قانصوه الغوري ، ملك مصر والشام ، وسبب ذلك : إن السلطان سليم لما توجه ليحارب الشاه اسماعيل الصفوي ، شاه العجم ، مر بمدينة مرعش فأمر علاء الدولة صاحبها ، رعاياه أن لا يبايعوا عسكر السلطان سليم شيئا من المأكل والعلف ، فمات كثير من الناس والدواب ، فاغتم السلطان سليم ، وكتب الي السلطان الغوري يشكو من تابعه علاء الدولة ، وما صنعه معه ، فأجابه الغوري بأنه لا سلطة له علي علاء الدولة لأنه قد عصي عليه ، وكتب إلي علاء الدولة سريشكره علي ما فعل ، ولما انتهي السلطان سليم من حربه مع شاه العجم ، عاد إلي علاء الدولة، فحصر بلده ، وقتله، وقتل معه أولاده ، ونصب في موضعه علي بك بن شاه سوار ، وهو ابن أخي علاء الدولة ( اعلام النبلاء 116/6 -117).

أقول : ذكر صاحب معجم أنساب الأسر الحاكمة ( ص 236) : أن علاء الدولة اسمه بوز قورد ، وأن مقتله كان في السنة 921.

ص: 245

وفي السنة 922 التقي السلطان سليم العثماني ( ملك الروم ) ، بالسلطان الغوري سلطان مصر والشام ، في معركة فاصلة ، بمرج دابق ، شمالي حلب ، فانتصر السلطان سليم انتصارا ساحقا ، وفقد الغوري تحت سنابك الخيل ( شذرات الذهب 8 / 114).

وفي السنة 923 قتل في المعركة مع الجراكسة ، سلطان اليمن السلطان الملك الظافر صلاح الدين عامر ، وأخوه الأمير عبد الملك ، وهما ولدا الملك المنصور تاج الدين عبد الوهاب بن داود ، من ملوك بني طاهر سلاطين اليمن ( معجم انساب الأسر الحاكمة 185).

وفي السنة 927 قتل جان بردي الغزالي الجركسي ، نائب السلطنة بدمشق ، وكان كافل دمشق في عهد السلطان الغوري ، ثم اتصل سرا بالسلطان سليم ، فلما اشتبك الغوري وسليم في معركة مرج دابق ، خامر جان بردي ، وترك المعركة ، وانسل الي مصر ، فلما دخل السلطان سليم مصر ، وقتل طومان باي ، آخر سلاطين المماليك ، نصب جان بردي نائبا بدمشق ، ولما مات السلطان سليم ، ادعي جان بردي السلطنة لنفسه بالشام ، وتلقب بالملك الأشرف ، وقبض علي كافل حمص وقتله ، واستولي علي حماة ، فبعث إليه السلطان سليمان جيشأ ، فاقتتلوا بين دوما والقصير، فقتل جان بردي، وانفق عسكره ( شذرات الذهب 151/8 و 152).

وفي السنة 930 قتل عز الدين بن احمد بن دريب القطبي ، الأمير اليماني ، كان تابعة لأخيه المهدي بن أحمد ، ثم اعتقله ، واستولي علي زبيد ، وجازان ، ونشبت بينه وبين إسكندر القرماني ، معركة بقرب زبيد ، فقتل عز الدين (الاعلام 21/5 - 22).

وفي السنة 954 قتل سلطان اليمن الملك الظافر صلاح الدين عامر بن داود بن طاهر من سلاطين بني طاهر باليمن قتل في معركة مع العثمانيين ( معجم أنساب الأسر الحاكمة 185).

ص: 246

وفي السنة 998 قتل أحمد باشا ، أمير الأمراء بتونس ، في معركة مع الخارجي يحيي الذي كان يدعي أنه مهدي الزمان ( خلاصة الأثر 3/ 140).

وفي السنة 1012 قتل عيسي بن مفيد بن عبد الكريم الخواجي ، صاحب مدينة ضمد في اليمن ، وقتل معه ابن أخيه حسين بن دريب ، في فتنة انتجت معركة بينهما وبين صاحب صبيا ( الاعلام 295/5 -296).

وفي السنة 1022 قتل أبو العباس أحمد بن عبدالله السجلماسي المعروف بابن محلي ، ثائر متصوف ادعي أنه المهدي ، وثار علي السلطان زيدان السعدي صاحب مراكش ، واستولي علي سجلماسة ، ثم استولي علي مراكش ، وأعلن ملكيته فهاجمه متصوف آخر اسمه يحيي بن عبدالله ، ونشبت بينهما معركة بظاهر مراكش ، فأصيب بن محلي برصاصة قتلته، وعلق رأسه علي سور مراكش ، اثنتي عشرة سنة ( الاعلام 155/1 ).

وفي السنة 1041 قتل الشريف محمد بن عبدالله بن الحسن بن أبي نمي شريف مكة ، في معركة نشبت بينه وبين الشريف نامي بن عبد المطلب ( الاعلام 118/7 ).

وفي السنة 1043 خرج الوزير احمد باشا، المعروف بأحمد باشا الأرنؤدي ، لمحاربة الأمير فخر الدين بن معن ، وكان قد خرج علي الدولة العثمانية ، فالتقي بجمع من أتباع فخر الدين يقودهم ولده الأمير علي ، فقتل علي في المعركة ، وقتل معه جماعة من أتباعه ، فأرسل أحمد باشا رؤوسهم إلي دمشق علي رؤوس الرماح ( خلاصة الأثر 355/1- 387) .

وفي السنة 1046 جهز السلطان مراد ، الوزير أحمد باشا الأرنؤدي ، لمحاربة العجم في قلعة روان ، فاشتبك في معركة كان الظفر فيها لخصمه ، فقتل في المعركة وقتل غالب من كان معه من عسكره، وأرسل رأسه إلي دمشق، فدفن في تكيته ( خلاصة الأثر 388/1 ) .

ص: 247

وفي السنة 1075 قتل محمد بن محمد بن علي الحسني ، مؤسس دولة الأشراف العلويين القائمة إلي اليوم في المغرب الأقصي، في معركة نشبت قرب وجده ، بينه وبين أخويه اسماعيل والرشيد ، فأصابت محمد رصاصة في نحره فقتلته . ( الاعلام 293/7 ).

وفي السنة 1081 قتل الأمير موسي بن محمد المعروف بابن تركمان حسن ، في معركة مع الأمير ابن رشيد ، وكانت جماعة من أتباع ابن رشيد قد نهبت الحاج ، فغضب الأمير موسي وكان أمير الحاج ، وحقدها علي ابن رشيد، وكان صديقه وصفيه ، وتجهز في السنة التالية بجيش ، وقصده ، وحاربه ، فقتل الأمير موسي في المعركة ، فعظم قتله علي الأمير ابن رشيد ، وحزن عليه ( خلاصة الأثر 4/ 434).

وفي السنة 1109 قتل بمعركة زنته ، الصدر الأعظم الماس محمد باشا، الوزير الأول للسلطان مصطفي الثاني ، وكان قد ولي الوزارة منذ السنة 1106 ( معجم انساب الأسر الحاكمة 244).

ولما مات السلطان أورنك زيب عالمگير ، سلطان الهند ، في السنة 119؛ (1707م)، تنازع علي السلطنة اثنان من أولاده، الولد الأكبر شاه عالم ، الأوسط أعظم شاه ، ونشبت بين الطرفين معركة قتل فيها أعظم شاه ، وتسلطن شاه عالم باسم ( شاه عالم بهادرشاه قطب الدين ). ( الإسلام والدول الإسلامية في الهند 171).

وفي السنة 1120 (1708 م) خرج الأمير كام بخش ، أمير بيجابور ، علي أخيه السلطان شاه عالم بهادرشاه ، سلطان الهند ، ونشبت بينهما معركة ، سقط فيها كام بخش ، وولده جريحين ، وانفق عسكرهما ، فعني بهما شاه عالم ، وبعث اليها أطباء أوربيين لتضميد جراحهما ، ولكن كام بخش ، رفض أن يعالج ، وامتنع عن تناول الطعام ، فتوجه أخوه السلطان

ص: 248

الزيارته ، وواساه وخلع عليه عباءة كان يلبسها ، وأخذ يسقيه المرق بيده ، وأظهر نحوه ونحو ولده كل عطف ، واعتذر إليه مما حصل ، وقال : إني لم أكن أود أن يقع لكما ما حصل من مكروه . فرد عليه كام بخش : وأنا كذلك ، لم أرد أن يستسلم فرد من عائلة تيمور دون قتال لئلا يتهم بالجبن ، ومات كام بخش وولده بعد ساعات . ( الإسلام والدول الإسلامية في الهند .172-171

وفي السنة 1125 قتل في المعركة الصدر الأعظم الداماد علي باشا ، الوزير الأول للسلطان أحمد الثالث العثماني ، فلقب بالشهيد داماد علي ، وكان مقتله في معركة بيترواردين بضواحي فينا بالنمسا ، وقبره هناك ( معجم انساب الأسر الحاكمة 245).

وفي السنة 1140 قتل الإمام محمد بن ناصر الغافري، من أئمة عمان في صحار ، في معركة نشبت بينه وبين أحد العصاة ، فأصابته رصاصة ، فقضت عليه ( الاعلام 344/7 ).

وفي السنة 1150 قتل لطفي الصيداوي ، كتخدا عثمان باشا والي البصرة ، في معركة حصلت بين جند الحكومة التركية وجيش العجم ( سلك الدرر 15/4 ).

وفي السنة 1155 قتل سلطان بن مرشد بن عدي اليعربي ، عاشر الأئمة اليعربية الأباظية في عمان ، بويع له بعد خلع سيف في السنة 1104 ، فاستعان عليه سيف بجنود من إيران، فنشبت بينهما حروب أصيب بها سلطان بجراحات ، وقتل ( الاعلام 166/3 - 220).

وفي السنة 1189 حصل اختلاف بين الأمير علي بيك ، حاكم مصر ، وبين الأمير أبي الذهب ، أحد اتباعه ، فانحاز أبو الذهب إلي جهة الصعيد، فجهز له عسكرة ، ووقعت معركة كانت نتيجتها أن قتل علي بيك ، واستقل ابو الذهب برياسة مصر ( سلك الدرر 57/1 ).

ص: 249

وفي السنة 1189 توجه حاكم حمص الأمير عبد الرحيم بن العظم ، ومعه السيد عبد الرزاق المعراوي الأديب حاكم قلعة تلبيسة ، لمحاربة عرب الحياري المعروفين ، بالموالي ، فانتصر الأعراب « وشلحوهم بأجمعهم » وظل السيد عبد الرزاق وحاكم حمص عاريين، فجاء أحد الأعراب وطعن السيد عبد الرزاق في عنقه برمح فقتله ( سلك الدرر 15/3).

وفي السنة 1195 زحف أحمد باشا الجزار علي جبل عامل بلبنان ، فتلقاه الأمير ناصيف النصار بأتباعه ، ولم ينتظر ناصيف اجتماع الناس ، بل قابله بمن حضر ، فقتل الأمير ناصيف ، وتفرق قومه ، وعاث الجزار في جبل عامل ، قتلا ، ونهبا ، وإحراقا ، ومن أفجع ما صنعه إنه أحرق مكتبات جبل عامل ، وكانت حصيلة قرون .

وفي السنة 1206 قتل المولي يزيد بن محمد بن عبدالله سلطان مراكش ، خرج عليه اخوه هشام بن محمد ، وتحصن بمراكش ، فكر يزيد وحصر مراكش ، ودخلها عنوة ، واستباحها وقتل وسمل ، ثم استجاش هشام جيشأ آخر ، وقصد أخاه يزيد بمراكش ، فاشتبكا في معركة كانت عاقبتها إنهزام هشام ، ولكن يزيد قتل في المعركة ( أعيان القرن الثالث عشر 195).

وفي السنة 1212 قتل مطلق الجربا ، اشهر فرسان شمر في عصره ، في معركة نشبت مع آل سعود ، في الأبيض بقرب السماوة ( الاعلام 158/8)

وفي السنة 1216 قتل في معركة بالبحرين ، الفقيه الامامي الباحث حسين بن محمد البحراني ( الاعلام 282/2 ).

وفي السنة 1219 قتل سلطان بن أحمد البوسعيدي ، صاحب مسقط وعمان ، في مناوشة جرت بينه وبين رجال من القواسم من أهل رأس الخيمة ، وهو في سفينة صغيرة كان قد أبحر بها من مسقط يريد بندر عباس ( الاعلام 164/3)

ص: 250

وفي السنة 1219 وصلت طائفة من العرب ، إلي الجيزة من القاهرة ، فوصل الخبر إلي الكاشف الذي بها ، وهو رملي عثمان كاشف ، فخرج اليهم يردهم ، فانهزموا أمامه ، فطمع فيهم وتبعهم ، فخرج عليه كمين ، واحتاطوا به وقتلوه ، وقطعوا رأسه ، ورؤس ستة أنفار معه ، وذهبوا برؤوسهم علي مزاريق ( الجبرتي 3/ 45- 46).

وفي السنة 1220 وقعت بالأزبكية - بالقاهرة - معركة بين العسكر قتل فيها واحد من أعيانهم ، واثنان آخران ، ورجل سائس ، وبغل وفرس وحمار ( الجبرتي 91/3 ).

وفي السنة 1222 قدم الإسكندرية جيش من الإنكليز ، لمعاونة الألفي رأس المماليك ، وكان الألفي قد توفي قبل وصولهم ، فاستولوا علي الإسكندرية ، وتقدمت فئة منهم إلي رشيد ، فلما توسطوا البلدة ، ضرب عليهم الأهالي والعسكر من كل ناحية، فألقوا أسلحتهم ، وطلبوا الأمان، فلم يلتفتوا إلي ذلك ، وقبضوا عليهم ، وذبحوا منهم جملة كثيرة ، وأسروا الباقين ، ولما رأي الكاشف الأسري ، قتل بعضهم ، وأخذ الباقين أسري ، وحملوا الأسري والرؤوس الي القاهرة ، ودخلوا بهم من باب النصر ، وشقوا بهم في وسط المدينة ، وفيهم فسيال ( ضابط ) كبير وآخر كبير في السن ، وهما راكبان علي حمارين ، والبقية مشاة ، ومعهم رؤوس القتلي علي نبابيت ( الجبرتي 182/3 و 183).

وفي السنة 1222 قتل من المماليك بالديار المصرية الأمير سليمان بك المرادي ، وكان ظالما غشوما ، قتل في وقعة اسيوط، أخذت جلة المدفع دماغه ، وقطعت ذراعه ، وعرف قتله بخاتمه الذي كان في اصبعه في الذراع المقطوع ، وكان يلقب « ريحه ، بالياء المشددة، كان إذا أراد قتل إنسان ، يقول لأحد أعوانه : خذه وريحه، من الراحة، ويأخذه ويقتله ( الجبرتي 235/3)

ص: 251

وفي السنة 1225 برز الأمر من السلطان العثماني بإعادة بناء كنيسة القيامة ببيت المقدس ، وكانت قد أحترقت في السنة 1224، وعين السلطان لذلك أغا قابجي ، فقام جماعة من الينكجرية بمنع البناء ، وشنعوا علي الأغا القائم بالبناء ، فكتب الأغا إلي الوالي يوسف باشا، فأرسل الوالي طائفة من عسكره دهموا الجماعة المعارضين علي حين غفلة ، وحاصروهم في دير ، وقتلوهم عن آخرهم ، وهم نيف وثلاثون رجلا ( الجبرتي 291/3 ).

وفي السنة 1233 قتل الأمير منصور بن ناصر الحسني ، أمير صبيا ، باليمن، وكان قد استعان بالأتراك ، لقتال عمه الشريف حمود ، ولما نشبت المعركة ، فر الأتراك ، وقتل منصور ( الاعلام 246/8 ).

وفي السنة 1241 تحرك الانكشارية علي السلطان محمود العثماني ، لما شعروا بأنه ينوي الحد من سلطانهم ، وتجمهروا في ساحة «ات ميدان » واستعدوا للحرب فأعلن السلطان الجهاد ضدهم ، واستعان بالرعية وبالعسكر الجديد ، وجرت معركة ضارية ، كانت عاقبتها إبادة اكثر الانكشارية ، ومن لم يقتل أخذ أسيرة، وصدر الأمر إلي جميع الأقطار التابعة للدولة بإبادة الإنكشارية ، فأبيدوا ( اعيان القرن الثالث عشر 107).

وفي السنة 1242 (1826 م) تحرك السيد محمد التيجني ، في ضواحي وهران ، وجمع حوله العرب ، وأراد أن ينزع الملك من يد الترك ، ويعيده إلي أيدي العرب ، فجرد إليه باي وهران جيشأ ، واشتبك مع التيجني واتباعه ، في معركة عارمة ، وكان أتباع التيجني قد عقلوا أنفسهم، كما تعقل الإبل ، كي لا تحدثهم أنفسهم بالفرار ، وانجلت المعركة عن قتل التيجني ، وجميع أتباعه ، لم يسلم منهم أحد ، وفرقت رؤوسهم علي البلدان ، وبعثوا برأس التيجني وسيفه إلي الجزائر ، فأمر الأمير حسين باشا ، بأن يركز الرأس علي عمود ، ويركز العمود قبالة الباب الجديد ( مذكرات الزهار 159۔ 160)

ص: 252

وفي السنة 1247 قتل عقيل بن محمد بن ثامر السعدون ، أمير المنتفق ، ولاه الإمارة الوزير داود باشا ، والي بغداد ، بعد عزل حمود الثامر المنتفقي وعمد عقيل إلي الحيلة حتي اعتقل حمود ، فثار أولاده ، وهاجموا عقيد وهزموا جموعه، وقتلوه ( الأعلام 41/5).

وفي السنة 1255 جند السلطان العثماني ، جيشا يزيد علي سبعين ألف مقاتل ، بقيادة حافظ باشا ، لمحاربة إبراهيم باشا بن محمد علي الكبير ، وطرده من بلاد الشام ، واشتبك الجيشان في معركة دامت ثماني ساعات، فانكسر الجيش العثماني ، وقتل منه ستة آلاف ، وأسر اثني عشر ألفا ، وقتل من العسكر المصري اربعة آلاف ( خطط الشام 63/3 ).

وفي السنة 1260 عينت الدولة العثمانية . رج اسمه علي بك لجباية الأموال الأميرية من جبل النصيرية ، فلما بلغ ناحية البهلولية ، طلب بعض مقدمي الكلبية ، فحضر اثنان منهم ، هما اسماعيل عثمان وحبيب مخلوف ، فقبض عليهما ، وأرسلهما إلي اللاذقية مقيدين ، وأخذ في تعذبيهما، ولما انتهي الخبر إلي الجبل ، عمد نحو خمسمائة رجل إلي اللاذقية وهاجموا دار الحكومة ، وأخرجوا السجينين بعد أن كسروا السجن ، فصدر الأمر بتجهيز العساكر لتأديب النصيرية ، فلما تقدم اليهم العسكر ، أرسل النصيرية بعض نسائهم إلي القائد علي بك ، يحملن أعلامة بيضاء ويطلبن العفو، فأبي علي بك إلا إنزال العقوبة ، وكان عدد جيشه نحوا من عشرين ألفا ، فلما أيس النصيرية ، هاجموا الجيش ، فانكسر ، وقتل علي بك ، وقتل معه من عسكره ما يقرب من الفي رجل ،وغنم النصيرية جميع الذخائر ( خطط الشام 77/3 ۔ 78)

وفي السنة 1261 قتل الإمام محمد بن يحيي ، إمام صنعاء اليمن ، وكان قد استولي علي الحكم في السنة 1257 ، وخضع للعثمانيين ، ثم

ص: 253

عزل ، وقتل ، واستولي العثمانيون علي صنعاء ( معجم انساب الأسر الحاكمة 189)

وفي السنة 1265 كانت حصيلة الحروب الأهلية والفتن التي حدثت في دير القمر وزحلة وغيرها ، أن انتهت بقتل ثلاثة آلاف من النصاري ، وقتل أربعمائة من الدروز ( خطط الشام 79/3 ).

وفي السنة 1285 ، غاب الأمير محمد بن خليفة ، أمير البحرين ، عن البحرين ، فاستولي أخوه علي علي الإمارة ، ولما عاد محمد ، نشبت بينهما معركة انتهت بمقتل علي في السنة 1286 . ( الاعلام 96/5 ).

وفي السنة 1287 قتل عزان بن قيس البوسعيدي ، من أئمة عمان ، بويع ، بالإمامة في مسقط سنة 1285 ، ثم خرج عليه تركي بن سعيد بن سلطان ، وفي معركة بينهما أصابت عزان رصاصة ، فقتلته . ( الاعلام 21/5)

وفي السنة 1312 بدأت المذابح بين الأرمن والمسلمين في لواء مرعش، وقام الأرمن في بلدة زيتون بذبح عائلات الموظفين والضباط ، ومثلوا بهن ، فهاج المسلمون ، فذبحوا في عينتاب نحو سبعمائة أرمني ، وعمت المذابح بيره ك ، وأورفه ، حيث قدر عدد القتلي من الأرمن بألفي نسمة ، واستمرت المذابح حتي تدخلت دول فرنسا وانكلترا وايطاليا فخمدت الفتنة في أواخر السنة 1313 ( اعلام النبلاء 484/3- 486).

وفي السنة 1319 قتل الفقيه الأباضي صالح بن علي الحارثي ، بعمان ، في إحدي الوقائع بينه وبين سلطان عمان . ( الاعلام 278/3 ) .

وفي السنة 1317 قتل عبدالله بن محمد التقي التعايشي، خليفة الإمام المهدي محمد أحمد السوداني ، وكان من كبار أنصاره ، وأوصي له بخلافته ، فبايعه الدراويش سنة 1302، وعم نفوذه السودان كله ، ثم

ص: 254

وجهت إنكلترا عليه جيشا بقيادة كجنر، ونشبت معارك ضارية بين كجنر وبين الدراويش ، إنتهت بقتل التعايشي في أطراف أم درمان ( الاعلام 276/4 و 277)

وفي السنة 1324 (1906) قتل الأمير عبد العزيز متعب ، أمير آل الرشيد اصحاب حائل ، قتل في روضة المهنا ، من ملحقات القصيم ، في غارة فاجاه بها خصمه الأمير عبد العزيز ابن سعود ( الاعلام 150/4 ).

وفي السنة 1332 قتل الشهيد محمد بن عبدالله البوسيفي ، من زعماء المغرب ، سقط شهيدا في معركة المحروقة من أعمال فزان ، خاض غمارها ضد الجيش الإيطالي الذي احتل طرابلس الغرب ( الاعلام 123/7 ).

وفي السنة 1338 (1920) قتل رمضان السويحلي ، من زعماء الجهاد في طرابلس الغرب ، سقط في معركة أرفلة التي نشبت مع الغزاة الطليان ( الاعلام 60/3 ).

وفي السنة 1342 (1924). قتل بطرابلس الغرب المجاهد محمد سعدون السويحلي ، في معركة من معاركه مع الإيطاليين المحتلين ( الاعلام 8/7)

وفي السنة 1344 ( 1925 م) استشهد القائد فؤاد سليم ، في مجدل شمس ، بسورية ، في معركة نشبت بين الثوار بقيادته، وبين الجند الفرنساوي ، أصابته قذيفة مدفع ، فقتلته. ( الاعلام 368/5 ).

وفي السنة 1344 قتل ابو الحسين أحمد بن مريود ، من رجال النهضة القومية في سورية ، قتل في معركة مع الإفرنسيين في سورية ( الاعلام 249/1)

وفي السنة 1351 (1932)، قتل حامد بن سالم بن رفادة احد الثائرين علي السلطان عبد العزيز السعود ، في معركة نشبت بسفوح جبل شار ،

ص: 255

وانتهت في يوم واحد بقتله وقتل 370 محاربة ممن كان معه ، وقتل معه ابنان له ، وخمسة من اخوته . ( الإسلام 165/2).

وفي السنة 1354 (1935 م) قتل في المعركة، المجاهد الشيخ محمد عز الدين القسام ، من أهالي جبلة ، من أعمال اللاذقية في سورية ، اشترك في ثورة سورية ضد الإفرنسيين ، ثم لجأ إلي فلسطين وشارك في محاربة الانكليز ، وظهرت بطولته في معارك خاضها هناك ، ومات شهيدا في إحدي المعارك ( الاعلام 149/7 ).

وفي السنة 1367 (1948 م) قتل المجاهد عبد القادر بن موسي كاظم الحسيني ، علي أبواب القسطل ، في معركة بين العرب واليهود في فلسطين، ودفن في المسجد الأقصي ( الاعلام 172/4 ).

ص: 256

القسم الثالث: القتل غدرة

الغدر : الخيانة ونقض العهد . والقتل غدرا : قتل الانسان بعد اعطائه الأمان .

وإعطاء الأمان : إما أن يكون ، قو" باللفظ : كأن يقول له : أنت آمن ، أو ما في معناها، وإما أن يكون عملا ، بالتصرف تصرفأ يدل علي الأمان ، كأن يخلع علي المؤمن من ثيابه ، أو أن يطعمه من طعامه ، أو أن يسقيه من شرابه ، أو أن يضمه إلي جواره ، فإن جميع هذه التصرفات ، وما يشبهها ، تقوم في الأمان مقام اللفظ .

والغدر ، من أقبح الأعمال التي تبرأ منها العرب ، في الجاهلية والإسلام ، واحتقروا فاعلها وعيروه، وأهله، وعشيرته بها .

قال الشاعر الجاهلي ، يعير رجلا اتهم بغدرة :

وقد يترك الغدر الفتي وطعامه****إذا هو أمسي حلبة من دم الفصد

يقول : إن العربي ، يأنف من الغدر ، حتي لو كان في أشد حالات فاقته وإملاقه ، بحيث لا يجد ما يأكل ، فيضطر إلي سد رمقه بأن يفصد ناقة ، فيتبلغ بجرعة من دمها .

وقال النبي صلوات الله عليه : من أمن رجلا علي نفسه ، فقتله ، أعطي لواء غدر يوم القيامة .

ص: 257

وقال صلوات الله عليه : من أئتمنه رجل علي دمه فقتله ، فأنا منه بريء ولو كان المقتول كافرأ ( أنساب الاشراف 233/5 ).

وكانت وصية النبي صلوات الله عليه ، لكل سرية يبعث بها إلي الحرب : لا تغلوا ، ولا تغدروا ( العقد الفريد 128/1 ).

وكذلك كان الخلفاء الراشدون من بعده ، فإن أول وصاياهم لقوادهم : أن لا يغلوا ، ولا يخونوا . ( الطبري 227/3 ) .

وقال الإمام علي : كل غادر فاجر ، وكل فاجر كافر ( شرح نهج البلاغة 211/10)

وكان المغيرة بن شعبة الثقفي ، صحب قوما في الجاهلية ، فقتلهم ، وأخذ أموالهم ، ثم جاء فأسلم ، فقال له النبي صلوات الله عليه : أما الإسلام فقد قبلنا ، وأما المال ، فإنه مال غدر ، لا حاجة لنا فيه ( الطبري 627/2 ).

ولما قتل مالك بن نويرة ، في حرب الردة، جاء أخوه متمم، فأنشد أمام أبي بكر الصديق، أبياتا ، منها هذا البيت :

أدعوته بالله، ثم غدرته؟****لو هودعاك بذمة لم يغدر

فاستفظع أبو بكر ، أن توجه إليه تهمة الغدر ، ولم يكتف بإنكارها ، بل أقسم بالله علي ذلك ، فقال : والله ، ما دعوته ، ولا غدرته ( وفيات الأعيان 15/6)

ومن أطرف ما يروي ، من قصص الوفاء بالعهد، أن الحارث بن عباد ، أسر عدي بن ربيعة ، وهو لا يعرفه ، فقال له : دلني علي عدي .

فقال له : أتؤمنني إن دللتك عليه ؟

قال : نعم .

قال : أنا عدي . فخلاه ( المحاسن والمساويء 82/1 ).

ص: 258

وفي السنة 13 نشبت معركة بين الجيش الإسلامي الفاتح ، قائده أبو عبيد الثقفي ، وبين الفرس ، وانتصر المسلمون ، وأسر قائد الفرس جابان ، أسره مطر بن فضة ، أحد أفراد الجند ، ومطر لا يعرفه ، فاتفق معه ، أن يؤمنه لقاء جعل ، فوافق ، وأدخله إلي أبي عبيد ، فأقر الاتفاق ، ولما اجتمع الناس ، عرفوه ، وقالوا : هذا ملكهم جابان ، وهو الذي لقينا بهذا الجمع ، فقال لهم أبو عبيد : قد أمنه صاحبكم ، ولم يعرض له ( الطبري 449/3 و 450)

وحاصر جيش المسلمين ، مدينة شهرياج ، في فارس ، شهرة جرارة حتي أوشكوا علي اقتحامها ، فراطن أهلها عبد من عبيد المسلمين ، فكتب لهم أمانا ، ورماه إليهم في سهم ، وراح الجيش الإسلامي ، من الغد، للقتال ، فقالوا لهم : هذا أمانكم ، فكتب المسلمون بذلك الي الخليفة ، فكتب اليهم : إن العبد المسلم ، من المسلمين ، ذمته كذمتهم ، فلينفذ أمانه ، فأنفذوه . ( فتوح البلدان 382) .

وفي السنة 93 حصر قتيبة بن مسلم الباهلي ، أمير خراسان ، مدينة سمرقند ، ثم صالح أهلها، علي أن يدخل سمرقند، فيصلي ، ويخطب ، ويتغذي ، ويخرج ، فلما دخل ، أبي أن يخرج ( الطبري 475/6 ) فاعتبر الناس عمل قتيبة هذا ، من أعمال الغدر ( ابن الأثير 475/6 - 575)، فلما ولي الخلافة الخليفة الصالح عمر بن عبد العزيز ، قال أهل سمرقند العاملهم : إن قتيبة غدر بنا ، وظلمنا ، وأخذ بلادنا ، فائذن لنا ، ليفد منا وفد علي أمير المؤمنين ، يشكون ظلامتنا ، فإن كان لنا حق اعطيناه ، فأذن لهم ، فوجهوا وفدا إلي عمر ، فاستمع إلي ظلامتهم ، وكتب إلي عامله علي خراسان ، يذكر له أن أهل سمرقند قد شكوا إلي ظلما أصابهم ، وتحاملا من قتيبة عليهم حين أخرجهم من أرضهم، فإذا أتاك كتابي هذا ، أجلس لهم القاضي ، فلينظر في أمرهم ، ولما وصل الكتاب إلي العامل أجلس لهم

ص: 259

القاضي ، ونظر في شكواهم ، فأصدر قراره بأن يخرج عرب سمرقند من المدينة ، وأن يكونوا في الموقع الذي كانوا فيه قبل أن يقوم قتيبة بعملية الغدر هذه ، ولهم من بعد ذلك أن ينابذوهم علي سواء ، فإما صلح وإما حرب ، وعندئذ ، ولما ظهر حق السمرقنديين ، وحكم به القاضي لهم ، وافقوا علي دخول العرب إلي مدينتهم برضا منهم ( الطبري 567/6 - 568).

وجيء إلي معن بن زائدة الشيباني ، بثلثمائة أسير ، فأمر بضرب أعناقهم، وأحضر السياف والنطع ، فتقدم غلام منهم ، وقال : يا معن ، أتقتل أسراك وهم عطاش ؟ فقال : اسقوهم ماء ، فشربوا، فقال الغلام : أيها الأمير ، أتقتل أضيافك ؟، فقال : خلوا عنهم ، فأطلقوا بأجمعهم (الفرج بعد الشدة، للقاضي التنوخي ، رقم القصة 394).

وفي السنة 368 فارق الأمير افتكين مدينة دمشق ، ليقاتل الفاطميين ، فانكسر ، وأسر ، وحمل إلي مصر، وقدم أهل دمشق ، فتي اسمه قام الحارثي ، وكان قام هذا في أول أمره ، يعتاش بنقل التراب علي الحمير ، وتنقلت به الأحوال ، فصار له ثروة وأتباع ، ولم يبق لنواب الفاطميين مع قسام حكم ، فسار الأفضل، الوزير الفاطمي ، علي رأس جيش إلي دمشق ، وحصرها، فخرج قسام متنكرا يريد الأفضل ، فأخذه الحرس ، فقال : أنا رسول ، فأدخلوه إلي الأفضل، فقال له : أنا رسول قسام ، وقد بعثني إليك ، التحلف له ، ولتعوضه عن دمشق بلدة يعيش منه ، وقد بعثني إليك سرا ، فحلف له الأفضل ، فلما توثق منه ، قام ، وقبل يد الأفضل، وقال له : أنا قسام ، فأعجب الأفضل بما فعله ، وزاد في إكرامه ، ورده إلي البلد ، وقام بكل ما ضمنه له ، وبلغ العزيز الفاطمي خبره ، فأحسن صلته ( خطط الشام 233/1)

وقد سجل التاريخ ، لملك العرب ، سيف الدولة صدقة بن منصور بن دبس بن مزيد الأسدي ، باني الحلة السيفية ، موقفا من مواقف الكرامة

ص: 260

والشهامة ، ضحي من أجله بحياته ودولته ، وكان ذلك في السنة 501، إذ استجار به أبو دلف سرخاب بن كخيسرو ، صاحب ساوه وابه ، فبعث السلطان محمد السلجوقي، يطالبه بتسليمه، فأبي، وقال: أنه استجار بي، والحمية العربية تلزمني بحمايته، فتوجه إليه السلطان بجيشه واشتبكا في معركة ضارية ، كانت عاقبتها قتل صدقة ، الذي قال فيه ابن الجوزي في المنتظم 159/9 إنه كان كريمأ ذا ذمام ، وإنه كان تاريخ العرب والأماجد كرمة ووفاء ، وكانت داره ببغداد ملجأ للخائفين ، وقال عنه إنه كان عفيف عن الفواحش ، لم يتزوج علي زوجته ، ولا تسري، ولم يشرب مسكرة ، ولا سمع غناء ولا قصد التسوق في طعام ، ولا صادر أحدا من أصحابه ، وقال عنه ابن الأثير في الكامل 440/10 - 449 إنه كان عظيم الشأن، عالي القدر ، مرتفع الجاه ، وكان يجير كل من استجار به ، صغيرة كان أو كبيرة ، وإنه كان من محاسن الدنيا ، أديبا عادلا ، عفيفا ، جوادأ ، حليمة ، صدوق ، متواضعة ، محتملا ، كثير البر والإحسان ، ما برح ملجأ لكل ملهوف ، يلقي من يقصده بالبر والإحسان .

وفي أيام السلطان صلاح الدين الأيوبي ، بطل الحروب الصليبية ، كان البرنس أرناط ( أرنولد ) ، صاحب الكرك ، من أشد الناس علي الإسلام والمسلمين ، وكان من شيمته الغدر ، فنذر السلطان صلاح الدين ، أنه إن ظفر به أن يقتله ، وظفر به في موقعة حطين ، في السنة 583، فلما انتهت المعركة ، ونزل صلاح الدين في خيمته ، وأحضر ملك الإفرنج ، وكان من جملة الأسري ، ومعه البرنس أرناط ، وقد اهلكهما العطش ، أمر صلاح الدين لملك الإفرنج ، بماء مثلوج ، فشرب ، وأعطي الكأس للبرنس أرناط ، فقال صلاح الدين ، للملك : إن هذا . وأشار إلي البرنس - لم يشرب مني ، وذلك لأن تقاليد العرب والمسلمين ، أنه إذا سقاه ما ، أو أطعمه طعاما ، فهو أما له من القتل ، ومن كل أذي ، ( ابن الأثير 528/11 - 537).

ص: 261

ولم تكن مواقف الشهامة والكرامة ، موقوفة علي العرب والمسلمين ، وإن كان ممارسوها منهم أكثر عددا ، فقد ذكر لنا ابن بطوطة ، والخير يذكر ، قصة تدل علي مدي تمسك أحد الملوك الهندوسيين ، بمعايير الشرف والمروءة والإلتزام بالعهد وحماية من التجأ إليه ، فذكر أن أميرة مسلمة من أقارب السلطان محمد بن تغلق ، سلطان الهند ( 725- 752) فر منه ، والتجا إلي ملك هندوسي ، واستجار به فأجاره ، فطلبه السلطان منه ، فأبي أن يسلمه ، فحاربه ، وانكسر الهندوسي ، وحرص بعد انكساره أن يوصل الأمير الذي التجأ اليه إلي مأمنه ، ثم أجج نارأ لنسائه ونساء الحاشية ، ألقين بأنفسهن فيها ، ثم خرج ورجاله ، فخاضوا مع جيش السلطان معركة استقتلوا فيها . فقتلوا جميعا ( مهذب رحلة ابن بطوطة 2/ 96-97).

ويروي أن الجراد نزل بزرع قوم ، فخرجوا لطرده ، ولقيهم أعرابي كانت خيمته في جوار الزرع ، فسألهم عما يريدون ، فقالوا : جئنا نريد جارك ، نطرده لئلا يضر بزرعنا .

فقال : ما دمتم قد سميتموه جاري ، فلا سبيل لكم إليه .

ونهض الي قوسة فأوترها ، وأقسم أن يرميهم إذا تعرضوا له ، أو طردوه .

إن تمسك العربي بالوعد، ووفاءه بالعهد، أدي به إلي استقباح كل موقف من مواقف الغدر ، فكان يسجلها ، ويحصيها ، ويعير بها من ارتكبها ، ويخزي بها أهله وعشيرته ، ولا يجوز بوجه من الوجوه، أن يحتج من يتعصب اللغادر ، بأنه من وراء غدره ، يسعي في إقامة عمود دولة ، أو تثبيت أسس مملكة ، فإن دولة تقوم علي الغدر ، دولة لا ثبات لها .

ويقضي الحق علينا ، أن نذكر في هذا البحث ، موقفا من مواقف الغدر الشهيرة ، وقفه عمر بن سعد ، أمير الجيش الذي قتل الإمام الحسين عليه السلام ، فقد كان في مجلس عبيد الله بن زياد ، أمير الكوفة ، لما قبض علي

ص: 262

مسلم بن عقيل ، وأحضر الي عبيد الله بن زياد ، ولما أيقن مسلم أن مصيره القتل ، طلب من عبيد الله أن يمكنه من أن يوصي لأحد من الحاضرين ، فقال له : أوص بما شئت فنظر مسلم إلي عمر بن سعد، وهو من قريش ، فقال له : ليس في القوم من هو أقرب إلي منك ، فادخل معي إلي طرف هذا البيت الأوصي إليك ، فتردد وامتنع ، فقال له ابن زياد : لا تمتنع من حاجة ابن عمك ، فنهض معه ، وجلسا بحيث يراهما ابن زياد ، فقال له مسلم إنه يطلب منه أمور ثلاثة ، الأمر الأول : أن يقضي ما عليه من دين ، والأمر الثاني : أن يستوهب جثته من ابن زياد لئلا يمثل بها، والأمر الثالث : أن يبعث إلي الحسين من يرده عن العراق ، فإنه قد كتب إليه أن الناس معه ، فنهض عمر بن سعد ، وجاء إلي ابن زياد ، وأفضي إليه بجميع ما أسره إليه مسلم فتقزز ابن زياد من هذا الموقف الدنيء الذي وقفه عمر بن سعد وقال له : قد أسأت في إفشائك ما أسره اليك ، إنه لا يخونك الأمين ، وقد يؤتمن الخائن ( الأخبار الطوال 241 والطبري 375/6 وابن الأثير 4/ 34) ثم بعث ابن زياد ، عمر بن سعد علي رأس جيش قوامه أربعة آلاف رجل، لقتال الحسين ، فكانت معركة غير متكافئة ، حارب فيها أربعة آلاف من الجبناء جماعة لم يزد عددهم عن ثمانين ، وكان ذلك في السنة 60، وعاش عمر الي السنة 66 حيث قتله المختار الثقفي ، وقتل معه ولده ، في جملة من قتل من قتلة الحسين ( الاعلام 206-205/5).

وكان عبد الملك بن مروان ، قد صالح عمرو بن سعيد بن العاص ، وكتب له أمانة ، وأشهد عليه شهودا ، ثم غدر به فقتله ، فقال لرجل كان يستشيره ، ويصدر عن رأيه : ما رأيك في الذي كان مني ؟

قال : أمر فات دركه .

قال : لتقولن .

قال : حزم ، لو فعلته وحييت .

ص: 263

قال : أو لست بحي ؟

قال : من أوقف نفسه موقفا لا يوثق له بعهد ولا بعقد، فليس بحي ، فقال عبد الملك : كلام لو سبق سماعه فعلي لأمسكت ( العقد الفريد79/1)

وبلغ ما نال عبد الملك من قبح الأحدوثة ، من جراء غدره بعمرو بن سعيد، أن عبد الملك لما أمن زفر بن الحارث ، ومن معه ، علي أنفسهم وأموالهم ، وأجاب زفر إلي ذلك ، أبي أن ينزل إلي عبد الملك ، خشية أن يغدر به كما غدر بعمرو بن سعيد ، فاضطر عبد الملك أن يبعث إليه بقضيب النبي صلوات الله عليه ، أمانا له ( ابن الأثير 340/4 ) .

وذكر صاحب مصارع العشاق 308/1 موقفا من مواقف الغدر للحجاج بن يوسف الثقفي ، قال : إن الحجاج طالب خصيأ لأحد أقربائه ، أن يصدقه ، ووعده أن صدقه أن لا يضرب عنقه ، فصدقه ، فقال له : قد وعدتك إن صدقتني أن لا أضرب عنقك ، وأمر به فضرب وسطه ، أي إنه قتل توسيطأ .

وفي السنة 145 لما بلغ أبا جعفر المنصور ، ظهور محمد بن عبدالله بن الحسن ، الملقب بالنفس الزكية ، بالمدينة ، كتب إليه كتابة جاء فيه : لك علي عهد الله وميثاقه ، وذمته ، وذمة رسوله ، إن رجعت ، قبل أن أقدر عليك، أن أؤمنك ، وجميع ولدك ، وإخوتك ، وأهل بيتك ، علي دمائكم وأموالكم ، فإن أردت أن تتوق لنفسك ، فوجه إلي من احببت ، يأخذ لك من الأمان ، والعهد، والميثاق، ما تثق به .

فكتب اليه محمد ، ردا ، كان من جملته : أي الأمانات تعطيني ، أمان ابن هبيرة ، أم أمان عمك عبدالله بن علي ، أم أمان أبي مسلم ؟ ( الطبري

ص: 264

566/7 - 567) وصدق محمد ، فإن هؤلاء الثلاثة الذين أثبت أسماءهم في رده ، كان المنصور قد أمنهم ، ثم غدر بهم ، وقتلهم .

وأول من قتل من المسلمين غدرة ، ستة نفر ، بعث بهم النبي صلوات الله عليه ، مع رهط من عضل والقارة ، قدموا عليه ، وطلبوا منه نفرا يفقهونهم في الدين ، فبعث معهم ستة نفر ، وأمر عليهم عاصم بن ثابت، فلما كانوا بالهدأة ، غدروا بهم ، وحصروهم ، فاستنزلوهم ، وأعطوهم العهد ، فنزلوا ، فغدروا بهم ، وقتلوا منهم أربعة ، وأسروا الآخرين ، وهما خبيب وابن الدثنة ، فباعوهما بمكة ، وأخذ خبيبا بنو الحارث بن عامر بن نوفل ، ليقتلوه بالحارث ، وكان قد قتله يوم أحد ، وأدرك خبيب مصيره ، فطلب من بنات الحارث ، موسي يحلق به شعر بدنه استعدادا للموت، فدب صبي من أولادهم ، وجلس علي فخذ خبيب ، والموسي في يده ، فصاحت المرأة فقال لها خبيب : اتخشين أن أقتله ؟ إن الغدر ليس من شيمتنا، وأعاد الصبي إلي أمه ، وأخرج خبيب إلي الحرم ، فقتل ، في السنة 4 ( ابن الأثير 167/2 ۔168)

وفي السنة 36 غدر عمرو بن العاص ، بمحمد بن أبي حذيفة ، وكان محمد من أصحاب علي ، فلما قتل عثمان ، أخرج محمد عامل عثمان ، عبدالله بن أبي سرح من مصر ، وضبطها لعلي ، فقصده عمرو بن العاص في جند معاوية ، وخدع محمد ، بأن أوهمه بأن في نيته مبايعة علي ، واتعد معه علي الإجتماع بالعريش من أرض مصر ، فقدم عليه ، وكان عمرو قد جعل له كمينأ ، فأخذه وثلاثين من أصحابه فقتلهم ( ابن الأثير 267/3 والطبري 546/4)

وفي السنة 51 طلب زياد بن أبيه ، عامل العراق لمعاوية ، عمير بن قيس الكندي ، فتعهد له حجر بن يزيد أن يحضره ، بشرط الأمان علي ماله ودمه ، فقال : هو آمن ، فجاء به وهو جريح ، فأمر به فأوقر حديدة ، ثم أمر

ص: 265

الرجال ، فأخذوا يرفعونه ، حتي إذا بلغ السرر ( جمع سرة ) ألقوه ، فوقع علي الأرض ، واستمروا يرفعونه ثم يلقونه ، فعلوا ذلك مرارة ، فقام إليه حجر ، وقال له : الم تؤمنه علي دمه وماله ؟، قال : بلي ، ولست أهريق له دما ، ولا آخذ منه مالا ( الطبري 263/5 -264).

وفي السنة 61 قتل ابو بلال مرداس بن حدير التميمي وأصحابه باسك ، غدرة قتله عباد بن علقمة بن عباد التميمي ، المعروف بابن الأخضر ( الطبري 471/5 ).

أقول : كان أبوبلال مرداس عابدأ مجتهدأ ، عظيم القدر في الخوارج، شهد مع علي صفين ، وخرج عليه لما رضي بالتحكم، وشهد النهروان مع الخوارج ، وكان عبيد الله بن زياد قد حبسه ، فلما رأي السجان عبادته واجتهاده ، أخذ يطلقه ليلا ، فينصرف إلي بيته ، فإذا طلع الفجر عاد فدخل السجن ، وكان صديق لمرداس يسامر ابن زياد ، فذكر ابن زياد الخوارج ليلة ، فعزم علي قتلهم إذا أصبح ، فانطلق صديق مرداس ، إلي منزل مرداس ، فأخبرهم الخبر ، وقال لهم : أرسلوا إلي أبي بلال مرداس في السجن ، فليعهد ، فإنه مقتول ، فسمع ذلك مرداس ، وبلغ الخبر صاحب السجن ، فبات بليلة سوء ، إشفاقا من أن يعلم مرداس الخبر ، فلا يرجع ، فلما كان الوقت الذي يرجع فيه ، إذا به قد طلع ، فقال له السجان : هل بلغك ما عزم عليه الأمير ؟ قال : نعم ، قال : ثم غدوت ؟ قال : نعم ، ولم يكن جزاؤك مع إحسانك ، أن تعاقب بسببي ، وأصبح عبيدالله ، فبدأ بقتل الخوارج ، ودعا بمرداس ، فلما حضر ، وثب السكان ، وكان ظئرة لعبدالله ، وقال له : هبه لي ، وقص عليه قصته ، فوهبه له وأطلقه ( الطبري 313/5 وابن الأثير 518/3 و 520 و 94/4 و 95).

ثم أن مرداس خاف ابن زياد ، فخرج في السنة 58 في أربعين رجلا ، وأقام بالأهواز ، فكان إذا اجتاز به مال لبيت المال أخذ منه عطاءه وعطاء

ص: 266

أصحابه ، ورد الباقي ، فلما سمع ابن زياد خبرهم ، بعث اليهم جيشأ بقيادة أسلم بن زرعة الكلابي في السنة 60، تعداده الف رجل ، فلما وصلوا إلي أبي بلال ، ناشدهم الله ألا يقاتلوه ، فلم يفعلوا ، ورموا أحد أصحابه فقتلوه ، فشت أبو بلال وأصحابه ، علي أسلم وجيشه ، شدة رجل واحد ، فهزموهم ، حتي قدموا البصرة ، فلامه ابن زياد ، وقال : هزمك أربعون ، وأنت في الفين ؟ لا خير فيك ، فقال : لأن يلومني الأمير وأنا حي ، خير من أن يثني علي وأنا ميت ، وقال رجل من الخوارج :

أألفا مؤمن فيما زعتم****ويهزمهم باسك أربعونا

كذبتم ليس ذاك كما ذكرتم**** ولكن الخوارج مؤمنونا

وفي السنة 61 بعث عبيد الله بن زياد ، إلي أبي بلال، جيشا من ثلاثة آلاف ، عليهم عباد بن علقمة بن عباد التميمي ، المعروف بابن الأخضر ، فاشتبك مع أبي بلال في معركة حامية حتي دخل وقت العصر ، فقال أبو بلال : هذا يوم جمعة ، وهو يوم عظيم ، وهذا وقت العصر ، فدعونا حتي نصلي ، فأجابهم عباد ، وتحاجزوا، فغدر بهم عباد ، وقطع الصلاة ، وشد هو وأصحابه ، علي أبي بلال وأصحابه ، فاصطلموهم وهم ما بين قائم وراكع وساجد ، لم يتغير أحد منهم عن حاله ، فقتلوهم عن آخرهم .

فأقبل عبيدة بن هلال ( من رؤساء الخوارج ) ومعه ثلاثة نفر، فرصدوا عباد بن الأخضر ، ولما أقبل يريد قصر الإمارة ، وهو مردف ابنا له غلاما صغيرة، تصدي له عبيدة وأصحابه ، وقالوا : يا عبدالله ، قف حتي نستفتيك ، فوقف، فقالوا : نحن أخوة أربعة وقد قتل أخونا ، فما تري ؟ فقال لهم : استعدوا الأمير ، قالوا : قد استعديناه فلم يعدنا ، قال : فاقتلوه ، قتله الله ، فوثبوا عليه ، وحكموا، وضربوه بالسيف ، فقتلوه ، ولاقي جزاء غدره ( الطبري 471/5 ).

وفي السنة 63 لما استباح مسلم بن عقبة المري ، مدينة الرسول

ص: 267

صلوات الله عليه ، بأمر يزيد بن معاوية ، أخذوا منه الأمان ليزيد بن عبد الله بن زمعة بن الأسود ، ولمحمد بن أبي الجهم بن حذيفة ، ولمعقل بن سنان الأشجعي ، فحضروا بالأمان ، بعد الواقعة بيوم ، فقال لهم : بايعوا ليزيد ، فقال القرشيان : نبايع علي كتاب الله وسنة رسوله ، فضرب أعناقهما ، فقال له مروان بن الحكم : سبحان الله ، اتقتل رجلين من قريش أتيا بأمان ؟ فطعن بخاصرته بالقضيب ، وقال : وأنت - والله - لو قلت بمقالتهما لقتلتك ، ثم التفت الي معقل بن سنان فطلب معقل شرابا يشربه ، ليتحرم به من مسلم ، فقال له مسلم : أي الشراب أحب إليك ؟ قال : العسل ، قال : أسقوه ، فشرب حتي ارتوي ، فقال له مسلم : أرويت ؟ قال : نعم ، قال : والله لا تشرب بعدها شربة إلا في نار جهنم ، ثم أمر به فقتل ( ابن الأثير 118/4 ۔ 119)

وفي السنة 66 بعث المختار بن أبي عبيد الثقفي ، من الكوفة ، جندا إلي المدينة ، بقيادة شرحبيل بن ورس ، معونة لابن الزبير في محاربته عبد الملك بن مروان ، وبعث ابن الزبير قائده عباس بن سهل في جند إلي المدينة الحفظها ، فخدع ابن سهل الجند العراقي ، وبعث اليهم بضيافة ، ثم غدر بهم ، فهجم عليهم وهم غارون ، فقتل قائدهم ابن ورس في سبعين من أهل الحفاظ ، ورفع ابن سهل راية أمان لأصحاب بن ورس ، فدخل كثير منهم تحتها ، فغدر بهم ابن سهل ثانية ، وقتلهم ، إلا نحوا من مائتي رجل ، كره أناس ممن دفعوا إليهم قتلهم ، فخلوهم ، فمات أكثرهم في الطريق ( الطبري74 -71/6)

وفي السنة 67 حصر مصعب بن الزبير ، المختار بن أبي عبيد الثقفي ، في القصر بالكوفة ، مع الباقين من أصحابه وعددهم سبعة آلاف ، فحارب المختار حتي قتل ، أما أصحابه فإن المصعب اعطاهم الأمان ، وكتب لهم كتابة بأغلظ العهود ، وأشد المواثيق ، فخرجوا علي أمانه ، فقدمهم رجلا

ص: 268

رج ، فضرب أعناقهم ، فكانت إحدي الغدرات المشهورة في الإسلام ( اليعقوبي 264/2 ).

فقال عقبة الأسدي ، يخاطب مصعبأ : ( الطبري 116/6 ).

قتلتم سبعة الآلاف صبرة ****مع العهد الوثيق مكتفينا

جعلتم ذمة الحبطي جسرة**** ذلولا ظهره للواطئينا

وما كانوا غداة دعوا فغروا**** بعهدهم بأول حائنينا

وذكر الطبري 113/6 : إن مصعبأ لقي عبد الله بن عمر ، فسلم عليه ، وقال له : أنا ابن أخيك مصعب، فقال له ابن عمر : أنت القاتل سبعة آلاف من أهل القبلة ، في غداة واحدة ؟ عش ما استطعت ، فقال مصعب : إنهم كانوا كفرة سحرة ، فقال ابن عمر : والله ، لو قتلت عدتهم غنمأ من تراث أبيك ، لكان ذلك سرفا .

ولما فصل عبد الملك بن مروان عن دمشق ، متوجها إلي الرحبة لمحاربة زفر ووصل إلي قنسر بن ، بلغه أن عمرو بن سعيد بن العاص ، وثب بدمشق ، وتسمي بالخلافة ، وأخرج عبد الرحمن بن عثمان الثقفي ، خليفة عبد الملك بدمشق ، وحوي الخزائن والأموال ، فانكفأ عبد الملك إلي دمشق ، فتحصن عمرو بن سعيد، ونصب له الحرب ، وجرت بينهما السفراء، حتي اصطلحا، وتعاقدا، وكتبا بينهما كتابة بالعهود والمواثيق ، والإيمان ، علي أن لعمرو بن سعيد الخلافة بعد عبد الملك ، فأفسح عمرو العبد الملك ، في دخول دمشق ، فدخلها، ثم دبر علي عمرو ، فقتله غدرة ( اليعقوبي 270/2 ).

وقد روي لنا صاحب كتاب الاخبار الطوال ، كيفية قتله ، فذكر أنه أمر به ، فأخذ وأضجع ، وذبح ذبحا، ولفت في بساط فتنادي أصحابه به بالباب ، فأمر فصرت خمسمائة صرة ، كل صرة فيها ألفا درهم ، فألقيت إلي

ص: 269

أصحاب عمرو ، وألقي معها برأس عمرو ، فترك أصحابه الرأس ملقي ، وأخذوا المال وتفرقوا ، فلما أصبح عبد الملك ، أخذ من أصحاب عمرو ، ومواليه خمسين رجلا ، فضرب أعناقهم ، وفر الباقون فلحقوا بعبد الله بن الزبير ( الأخبار الطوال 286).

أقول : لما قتل عبد الملك بن مروان ، عمرة الأشدق ، بعث إلي امرأة عمرو الكلبية وطلب منها أن تبعث إليه بكتاب الأمان الذي كان كتبه لعمرو ، فقالت لرسوله : ارجع إليه فأعلمه بأني قد لففت ذلك الكتاب معه في أكفانه ، ليخاصمك به عند ربه ( الطبري 146/6 - 147).

وأمر عبد الملك ، بعامر بن الأسود الكلبي ، أحد قواد عمرو بن سعيد ، فأحضر أمامه ، فضرب رأسه بعصا خيزران كانت في يده ، وقال له : أتقاتلني مع عمرو ، وتكون معه علي ؟ فقال : نعم ، لأن عمر أكرمني وأهنتني ، وأدناني وأقصيتني ، وقربني وابعدتني ، وأحسن الي وأسأت إلي ، فكنت معه عليك ، فأمر عبد الملك به أن يقتل ، فقام إليه أخوه عبد العزيز وقال : يا أمير المؤمنين ، خالي ، فوهبه له ( الطبري 146/6 ).

وفي معركة الزاوية في السنة 82 بين الحجاج ، وعبد الرحمن بن الأشعث ، لجأ الحجاج بعد انتصاره إلي الغدر والخديعة ، فإنه أمر مناديه ، أن ينادي : لا أمان لفلان بن فلان ، وسمي رجالا ، فقال العامة : قد آمن من الناس ، ما عدا هؤلاء ، فحضروا عنده ، فأمر بهم ، فقتلوا . ( الطبري 381/6 وابن الأثير 469/4 ).

وفي السنة 83 كان عمر بن أبي الصلت ، قد غلب علي الري ، وانحاز إليه خلق كثير من أصحاب ابن الأشعث ، وأشاروا عليه فخلع الحجاج وقتيبة بن مسلم ، فحاربه قتيبة ، فانفل جيش عمر ، ولحق بطبرستان، فآواه الأصبهبذ، وأكرمه ، فكتب الحجاج إلي الأصبهبذ، أن يبعث إليه برأس

ص: 270

عمر وأصحابه ، وتهدده ، فدعا الاصبهبذ عمرة وأصحابه ، وقتل عمر وأباه ، وبعث برأسهما إلي الحجاج ( ابن الأثير 494/4 - 495).

وفي السنة 85 غدر يزيد بن هذيل بثابت بن قطبة ، فضربه بالسيف علي رأسه ، وكان ثابت قد فر من أمية بن عبدالله عامل خراسان ، إلي موسي بن عبد الله بن خازم ، ثم أوجس منه ، ففارقه واستجاش طرخون وأهل كس ونسف وبخاري ، فحصره موسي بن عبدالله بن خازم ، وبعث اليه يزيد بن هذيل ليغتاله ، فلما لجأ يزيد إلي ثابت ارتاب به ، وطالبه برهينة أن لا يغدر به ، فأعطاه ولديه ظهير وقدامة ، وتربص يزيد بثابت حتي وجد فرصة فضربه بالسيف، فعض السيف برأسه ، ورمي يزيد بنفسه إلي النهر فنجا ، فأخذ ثابت ولدي يزيد فقتلهما ، وعاش ثابت سبعة أيام ومات ( الطبري 407/6 ۔ 408 وابن الأثير 510/4 ).

وفي السنة 104 غزا سعيد الحرشي الصغد ، فحصرهم في خجندة ، وجرت علي بابها معركة ضارية ، فانكسر الصعد، وطلبوا الصلح ، فصالحهم علي أن لا يحدثوا حدثا ، فإن أحدثوا حلت دماؤهم ، ثم بلغ الحرشي أن امرأة مسلمة قتلت ، فأحضر قاتلها فقتله ، فعمد الصغد إلي مائة وخمسين رجلا من المسلمين كانوا عندهم أسري فقتلوهم ، فانتقض الصلح ، وعاد الحرب ، فقتل من الصعد ثلاثة آلاف ، ثم توجه الحرشي إلي حصن تحصن به ديوشتي ، دهقان سمرقند ، فنزل ديوشتي علي حكم الحرشي ، فأكرمه ، ثم وافي كتاب ابن هبيرة ، أمير العراقين وخراسان ، بإطلاقه ، فقتله الحرشي وصلبه ، ثم نزل علي كش ، فصالحه ملكها سبكري ، ونزل بالأمان، فغدر به وقتله وصلبه ( ابن الأثير 107/5 -109).

وفي السنة 107 استعمل خالد القسري ، أمير العراقين وخراسان ، الجنيد بن عبد الرحمن علي السند ، وكان ملك السند جيشبة بن داهر ، فتجني الجنيد عليه ، فجمع سفنه واستعد للحرب ، وكانت عاقبة المعركة ،

ص: 271

أن جنحت سفينة جيشبة به ، فأسره الجنيد ، وقتله ، وهرب أخوه صضه ، يريد العراق ، ليشكو غدر الجنيد ، فخدعه الجنيد حتي جاء إليه فقتله ( ابن الأثير 135/5 ).

وفي السنة 119 غزا اسد القسري ، أمير خراسان ، بلاد الختل ، ونزل بدر طرخان الي أسد في الأمان ، ولم يحصل بينهما اتفاق ، فأمر أسد بإعادة طرخان الي الموضع الذي نزل منه ، لنزوله في الأمان ، وبعد أن خرج طرخان من عنده ، ندم علي تركه ، فأرسل خلفه من يمنعه من الوصول إلي قلعته ، وأعيد إلي أسد، فلما دخل عليه شتمه أسد، فأدرك طرخان أن أسد قد نقض عهده ، فرفع حصاة من الأرض ، فرمي بها إلي السماء ، وقال : هذا عهد الله ، وأخذ أخري فرمي بها إلي السماء ، وقال : هذا عهد محمد ، وأخذ يصنع كذلك بعهد أمير المؤمنين ، وعهد المسلمين ، فأمر أسد احد الأولياء بأن يقطع عنقه ، فقطعها ( الطبري 135/7 - 137).

أقول : أورد ابن الأثير 213/5 -214 القصة بشكل آخر ، قال : في السنة 119 غزا أسد القسري الختل ، فوجه مصعب بن عمير الخزاعي، فنزل بقرب بدر طرخان ، فطلب الأمان ليخرج الي أسد ، فأمنه مصعب وسيره إلي أسد ، فسأله أسد أن يخرج من الختل كما دخل ، أي أن لا يخرج معه شيئا من أمواله ، فقال له بدر طرخان : أنت دخلت الي خراسان علي عشرة من الدواب ، ولو خرجت منها الآن، لم تكفك خمسمائة بعير لحمل أثقالك ، وغير ذلك ، إني دخلت الختل شابا ، فأردد علي شبابي ، وخذ ما كسبت منها ، فأبي عليه أسد ورده إلي مصعب ليمكنه من العود إلي حصنه ، ثم بدا الأسد، فأرسل رسولا إلي مصعب يطلب إعادة بدر طرخان إليه ، فلما عاد ، أمر به فقطعت يده ، ثم أمر أحد أولياء أبي فديك الأزدي ، وكان بدر طرخان قد قتله ، بأن يضرب عنق بدر طرخان فضرب عنقه ، وهرب أهل بدر طرخان إلي الصين .

ص: 272

وفي السنة 128 قتل حوثرة بن سهيل ، أمير مصر لمروان الحمار ، حفص بن الوليد الحضرمي ، قتله غدرة ، جاءه حفص مسلمأ، فغدر به وقتله . ( الاعلام 292/2 ).

وفي السنة 132 قتل حوثرة بن سهيل الباهلي ، أحد كبار القواد الأمويين ، وكان قد دخل في أمان يزيد بن عمر بن هبيرة ، لما استسلم وفتح واسط للعباسين ، ولما غدر المنصور بيزيد بن عمر بن هبيرة ، وقتله ، قتل حوثرة معه (الاعلام 326/2 ).

وفي السنة 130 قتل أبو مسلم الخراساني ، علية وعثمان ، ولدي جديع الكرماني ، وكان أبوهما جديع قد تزعم اليمانية ، وحارب نصر بن سيار عامل خراسان ، الذي كان قد تعصب للمضرية ، ثم إن نصرة قتل جديعأ ، فانحاز ولداه علي وعثمان، إلي أبي مسلم الخراساني ، وحاربوا نصرة ، فلما فر نصر من مرو ، واستولي عليها أبو مسلم ، أراد أن يفرق بين الأخوين ، فولي عثمان مدينة بلخ ، واتفق أبو مسلم ، مع أبي داود احد قواده ، علي قتل الأخوين في يوم واحد ، فذهب أبو داود مع عثمان إلي مدينة بلخ ، وبقي علي مع أبي مسلم، وكان أبو مسلم قد طلب من علي أسماء خاضته ليوليهم الولايات ، فسماهم له ، وفي اليوم المتفق عليه ، قبض أبو مسلم علي علي بن جديع الكرماني ، وعلي جميع من سماه من خاضته ، وقتلهم جميعا ، أما عثمان ، فإن أبا داود بعثه عام علي الختل ، فلما ترك بلخ مع خاصته ، تبعهم أبو داود ، ووثب عليهم، وحبسهم جميعا ، ثم ضرب أعناقهم صبرا ( الطبري 388 -386/7)

وفي السنة 132 قام احد السفهاء ، وهو يحيي بن محمد العباسي اخو السفاح ، وكان قد ولاه الموصل ، بمذبحة في الموصل، قتل فيها ألوفة من الناس ، فإنه لما ولي الموصل ، سار إليها في اثني عشر ألف رجل ، ودعا من أهل الموصل في أحد الأيام ، إثني عشر رجلا، فقتلهم ، فنفر أهل

ص: 273

الموصل ، وحملوا السلاح ، فأعطاهم الأمان ، وأمر فنودي : من دخل الجامع فهو آمن ، فامتلأ الجامع ، فأقام يحيي جنوده علي أبواب الجامع ، وأمرهم ، فقتلوا الناس قتلا ذريعا أسرفوا فيه ، فلما كان الليل ، سمع يحيي صراخ النساء اللاتي قتل رجالهن ، فأمر جنوده بقتل النساء والأطفال ، فقتلوا جماعة ، وكان في جيشه أربعة آلاف زنجي ، تعرضوا للنساء ، وركب يحيي ، فاعترضته امرأة ، فقالت له ، ألست من بني هاشم ، أما تأنف للعربيات المسلمات أن ينكحهن الزنج ؟ فأثر كلامها فيه ، ولما كان الغد، جمع الزنج للعطاء ، فلما اجتمعوا ، أمر بهم فقتلوا عن آخرهم ، وكان يحيي فدما، ناقص العقل ، متخلفا في جميع أموره ، وأضاف إلي هذه المذبحة ، أنه دخلت به بغلته إلي الجامع ، يوم الجمعة، وعليه سواده وشاشيته، وفي عنقه طبل ، وكانت عاقبته أن صرفه السفاح ، ولم يستعن به في مستقبل أيامه ( ابن الأثير 443/5 -444 والهفوات النادرة 100-101).

وفي السنة 132 قام أبو جعفر المنصور ، بمذبحة غدر صلعاء قتل فيها يزيد بن عمر بن هبيرة وأصحابه ، وكان المنصور قد حصر بواسط ، يزيد بن عمر بن هبيرة أمير العراقين للأمويين ، ثم جرت السفراء بينهما ، فجعل له أبو جعفر أمانا كتب به كتابا ، ومكث ابن هبيرة يشاور فيه العلماء أربعين يوما حتي رضيه، وأنفذه إلي أبي جعفر ، فأنفذه أبو جعفر إلي أخيه أبي العباس السفاح ، فأمره بإمضائه ، فأمضاه ، وخرج اليه ابن هبيرة بالأمان ، ثم غدر به أبو جعفر ، فإنه بعث اليه ثلاثة من قواده، وأمرهم بقتله ، فدخلوا عليه في داره ، وكان يزيد جالس وبني له صغير في حجره، ومعه ابنه داود ، وكاتبه عمرو بن أيوب ، وحاجبه ، وعدة من مواليه ، فلما قصدوه ، رأي نظرات الغدر منهم ، وقام حاجبه في وجوههم ، وقال لهم : وراءكم ، فضربه أحد القواد علي حبل عاتقه ، فصرعه ، وقاتل داود بن يزيد ، حتي قتل ، وقتل موالي يزيد ، فنحي يزيد الصبي من حجره ، وقال : دونكم هذا الصبي ،

ص: 274

وخر ساجدا ، فقتل وهو ساجد ، وفي الوقت عينه بعث أبو جعفر فأحضر قواد يزيد ، وأمر بهم فكتفوا ، ونزعت سبوفهم ، فقالوا : لقد أعطيتمونا عهدالله ، ثم خستم به ، إنا لنرجو أن يدرككم الله ، وجعل أحدهم ابن نباتة يضرط في الحية نفسه ( يعفط )، فقال له حوثرة : إن هذا لا يغني عنك شيئا ، فقال : كأني كنت أنظر إلي هذا ، فقتلوا ، وأخذت خواتيمهم ، وأمن أبو جعفر ( المنصور ) خالد بن سلمة ، من قواد ابن هبيرة ، فقتله ابو العباس ( السفاح ) ولم يجز أمان أبي جعفر ، وهرب أبو علاقة ، وهشام بن هشيم ، فلحقهما حجر بن سعيد الطائي ، فقتلهما علي الزاب ، وقال أبو عطاء السندي ، يرثي يزيد بن عمر بن هبيرة : ( الطبري 450/7 - 457).

ألا إن عينأ لم تجد يوم واسط****عليك بجاري دمعها لجمود

عشية قام النائحات وشققت**** جيوب بأيدي مأتم وخدود

فإن تمس مهجور الفناء فربما**** أقام به بعد الوفود وفود

وإنك لم تبعد علي متعهد**** بلي ! كل من تحت التراب بعيد

وفي السنة 133 قتل القائد العباسي سليمان بن الأسود ، عبد الرحمن بن يزيد بن المهلب غدرة ، وكان عبد الرحمن قد التحق بعبدالله بن معاوية بن عبدالله بن جعفر لما أسس مملكته بفارس ، ولما انفق جيش ابن معاوية ، ودالت دولته ، فر عبد الرحمن إلي عمان ، فكتب له القائد العباسي سليمان بن الأسود أمانا ، فنزل علي أمانه، فغدر به ، وقتله ( الطبري 372/7 و 373و 460)

وفي السنة 135 قتل زياد بن صالح الحارثي ، من أمراء الدولة المروانية ، كان علي الكوفة عند قيام العباسيين في العراق وخراسان ، ولما اشتد أمرهم ، خرج برجاله إلي الشام ، فقصده أبو مسلم ، فتفرق عن زياد أنصاره ، فلجأ إلي دهقان، فغدر به الدهقان ، وقتله وجاء برأسه إلي أبي مسلم . ( الاعلام 91/3 -92).

ص: 275

وكان عبدالله بن علي ، عم المنصور ، غدار ، معرقة في الغدر ، فإنه لما خرج علي المنصور ، في السنة 137 حاصر حران ، وبها مقاتل بن حكيم العكي، خليفة المنصور علي إمارة الجزيرة وأرمينية ، وأذربيجان ، ثم آمنه ، فنزل العكي علي أمانه ، وأقام معه يسيرة ، ثم بعث به إلي عثمان بن عبد الأعلي الأزدي ، عامله علي الرقة ، ومعه ابناه ، وكتب معه كتابة ، فلما قدموا علي عثمان ، قتل العكي وحبس ابنيه ، ولما بلغه هزيمة عبدالله بن علي ، أخرج الإبنين فضرب عنقيهما.

وتصرف عبدالله ، التصرف عينه ، مع حميد بن قحطية ، فإنه بعث به إلي زفر بن عاصم ، عامله علي حلب ، وكتب معه كتابأ ، فلما كان حميد ببعض الطريق، تفكر في أمره ، وقال في نفسه : إن ذهابي بكتاب لا أدري ما فيه غرر ، وفك الطومار ، وقرأ الكتاب ، فإذا فيه : إذا ورد عليك حميد بن قحطبة ، فاضرب عنقه ، فأخذ حميد ، طريق العراق .

وكما غدر عبدالله بابن أخيه فخرج عليه ، وبالعكي ، فقتله ، وقتل ولديه ، وبحميد بن قحطبة ، فأمر عامله بقتله ، فقد غدر كذلك بسبعة عشر ألفا ، من جنده ، من الخراسانيين ، فإنه ارتاب في أمرهم ، وخشي أن لا يناصحوه ، فأمر صاحب شرطته ، بقتلهم فقتلهم بأجمعهم ( الطبري 470/7-476)

وكان عبد الله بن علي العباسي، قد خرج علي ابن أخيه المنصور ، فبعث اليه أبا مسلم ، وحاربه ، فانكسر عبدالله ، والتجأ إلي أخيه سليمان ، أمير البصرة ، ولما عزل المنصور سليمان عن البصرة في السنة 139 استتر عبدالله ، ومن معه من أصحابه ، خوفا من المنصور ، فكتب المنصور إلي سليمان وعيسي ، عميه ، بالبصرة يسألهما إشخاص أخيهما عبدالله بن علي ، إليه ، وأعطاهما من الأمان لعبد الله ما رضياه ، ووثقا به ، وكانت نسخة الأمان ، قد وضعها ابن المقفع ، وقد تضمنت أغلظ العهود والمواثيق ، ألا

ص: 276

يناله بمكروه ، وأن لا يحتال عليه في ذلك بحيلة ، وكان في الأمان : فإن أن فعلت ، أو دسست، فالمسلمون براء من بيعتي ، وفي حال من الإيمان والعهود التي اخذتها عليهم فلما وقف أبو جعفر علي هذا ، قال : من كتبه؟ فقيل : ابن المقفع ، فكان هذا العهد سببا لميتة ابن المقفع ، وقدم سليمان من البصرة ، فأخذ الأمان ، وعاد إلي البصرة ، فشخص منها مع أخيه عيسي ، ومعهما عبد الله بن علي ، أخوهما ، وعامة قواده ، ومواليه وخواص اصحابه ، فلما قدموا علي أبي جعفر ، دخلا عليه ، فشوغلا حتي صرف عبدالله إلي مجلس أعده له ، فلما سألاه أن يأذن له في الدخول عليه ، طلب منهما أن يحضراه إليه ، فلما خرجا لم يرياه ، ولما عادا إلي المنصور منعا وأخذت سيوف من حضر من أصحابه وحبسوا وقد كان القائد خفاف بن منصور ، حذرهم من ذلك ، فلما أخذت سيوفهم ، وحبسوا ، أخذ خفاف يضرط في لحية نفسه ( يعفط )، ويتفل في وجوه اصحابه ، ثم إن المنصور امر بقتل بعضهم في حضرته ، وبعث الباقين إلي عامله بخراسان ، فقتلهم بها . (اليعقوبي 368/2 - 369 والطبري 501/7-502 وابن الأثير396/5- 497) .

وحاول المنصور ، أن يغدر بعيسي بن موسي ، الذي كان ولي عهده فدحرجه إلي ولاية العهد بعد المهدي ، فيتخلص منه ، ومن عمه عبدالله بن علي ، بحيلة واحدة ، فدعاه ، ودفع اليه عبدالله سرا ، وقال له : يا عيسي ، إن هذا اراد ان يزيل النعمة عني وعنك ، وأنت ولي عهدي ، بعد المهدي ، والخلافة صائرة إليك ، فخذه فأضرب عنقه ، فأخذه عيسي ، ومضي المنصور الوجهه ، وكتب اليه من طريقه ثلاث مرات ، يسأله : ما فعل في الأمر الذي اوعز إليه فيه ؟ فكتب إليه : قد انفذت ما أمرت به، فلم يشك أبو جعفر ، في انه قد قتل عمه عبدالله ، وكان عيسي حين سأله قتله ، ودفعه اليه ، ستره ، ودعا كاتبه يونس بن فروة ، فقال له : إن هذا الرجل ، دفع إلي عمه ، وأمرني بقتله ، فقال له : أراد أن يقتله ويقتلك ، أمرك بقتله سرأ، ثم يدعيه

ص: 277

عليك علانية ، فيقيدك به ، قال : فما الرأي ؟ قال : الرأي أن تستره في منزلك ، فلا تطلع علي أمره أحدة ، فإذا طلبه منك علانية ، دفعته إليه علانية ، وقدم المنصور ، ودس إلي عمومته من يحركهم علي مسألته هبة عبدالله لهم ، وأطمعهم أنه سيفعل ، فجاءوا إليه ، وكلموه ، ورققوه، فقال : نعم ، علي بعيسي بن موسي ، وقال له : يا عيسي ، إني أسلمت إليك عمي وعمك عبدالله ، وأمرتك أن يكون في منزلك، قال : نعم ، قال : فقد كلمني عمومتك فيه ، فرأيت الصفح عنه ، فأحضره إلينا ، فقال له : يا أمير المؤمنين ، ألم تأمرني بقتله فقتلته، فقال له المنصور : كذبت ، ما أمرتك بقتله ، ثم قال لعمومته : أن هذا قد أقر بقتله أخاكم ، فشأنكم به، فأخرجوه إلي الرحبة ، واجتمع الناس ، وقام أحدهم فشهر سيفه ، وتقدم إلي عيسي ليضربه ، فقال له عيسي : أفاعل أنت ؟ قال : إي والله ، قال : لا تعجلوا وردوني إلي أمير المؤمنين ، فردوه إليه ، فقال له : إنما أردت بسؤالي قتل عمك ، أن تقتلني به ، هذا عمك حي سوي وأحضره إليه ، فسلم عيسي ، ثم إن المنصور قتل عمه ، ( الطبري 7/8-9).

وفي السنة 137 قتل المنصور أبا مسلم الخراساني ، وقد كانت له اليد الطولي في بناء الدولة العباسيين ، وكان قد نفر من المنصور ، ومضي يريد خراسان ، فبعث إليه المنصور أبا حميد المرور وذي ، رسولا ، أمنه ، وأكد له إنه إن قدم عليه فسوف يرفعه ويصنع به ما لم يصنعه أحد، إن هو صلح وراجع ما يحب ، فعاد أبو مسلم مطمئنا إلي الوعد ( الطبري 484/7 ).

فلما قدم علي المنصور ، كان عيسي بن موسي يسايره ، فانشد عيسي :

سيأتيك ما أفني القرون التي خلت****وما حل في أكناف عاډ وجرهم

فالتفت إليه أبو مسلم ، وقال له : هذا مع الأمان الذي أعطيت ؟

فحلف له عيسي ، إنه تمثل بهذا الشعر من دون تفكير ( الهفوات النادرة 9 و10).

ص: 278

وأعد أبو جعفر رجالا من حرسه ، وأمرهم بالهجوم علي أبي مسلم ، وقتله ، إذا سمعوا تصفيقه ، فلما دخل أبو مسلم ، وجلس ، قال له المنصور : أخبرني عن نصلين أصبتهما في متاع عبدالله بن علي ، فقال : هذا احدهما علي ، فقال : أرني إياه ، فأخذه منه أبو جعفر ، ووضعه تحت فراشه ، ثم بدأ فعاتبه ، حتي قال أبو مسلم : لا يقال هذا لي بعد بلائي وما كان مني ، فقال له أبو جعفر : يا ابن الخبيثة ، والله ، لو كانت مكانك أمة الاجزت ناحيتها ، إنما عملت ما عملت بدولتنا ، ثم قال له : قتلني الله إن لم اقتلك ، وصفق بيديه ، فخرج الرجال الذين كان أعدهم لقتله . فضربوه ، بالسيوف ، والمنصور يصيح بهم : إضربوا قطع الله أيديكم ، فصاح أبو مسلم ، لما ضربوه : يا أمير المؤمنين استبقني لعدوك ، فقال له : وأي عدواعدي الي منك . ( الطبري 492/7 ).

وفي السنة 138 خلع جمهور بن مرار العجلي ، بالري ، وملك اصبهان ، فتوجه إليه محمد بن الأشعث ، في جيش عظيم ، ونشبت المعركة في الري ، وانهزم جمهور ، ولحق باذريبجان ، وهناك غدر به أصحابه ، فقتلوه ، وحملوا رأسه إلي المنصور . ( ابن الأثير 45- 48) .

وفي السنة 145 لما انتهت المعركة بين جيش المنصور ، ومحمد بن عبدالله بن الحسن بالمدينة ، قدم عبدالله بن الربيع ، علي المدينة ، عاملا عليها للمنصور ، فأخذ جنوده يعتدون علي الناس في السوق ، وانتهبوا قسما من المتاع ، وعدوا علي رجل من الصيارفة يدعي عثمان بن زيد ، فغالبوه علي كيسه ، فاستغاث حتي خلصه منهم ، فاجتمع رؤساء المدينة ، وشكوا ذلك إلي الربيع، فنهرهم الربيع وشتمهم ، ولم يغير شيئا ، فطمع الجند فيهم ، وجاء رجل من الجند ، فاشتري من جرار لحمأ ، وأراد أن يأخذه بلا ثمن ، وشهر عليه السيف ، فخرج عليه الجرار من تحت الوضم بشفرة فطعن

ص: 279

بها خاصرته ، فخر عن دابته، واعتوره الجزارون فقتلوه ، فجمع ابن الربيع جنده ، حتي أتي السوق ، ومر بمساكين خمسة يسألون في طريق المسجد ، فحمل عليهم بمن معه ، فقتلوهم ، ثم مر بأصيبية علي طنف دار ، فاستنزلهم ، وأختدعهم وأمنهم ، فلما نزلوا ضرب أعناقهم ، فتنادي السودان في المدينة ، وهجموا علي الجنود ، فقتلوا كثيرة منهم بالعمد، فأجلي ابن الربيع ومعه من بقي من عسكره هاربا ، ونزل ببطن نخلة من المدينة ( الطبري 612-609/7)

وفي السنة 160 فتك بشقنا، الخارج بالأندلس علي عبد الرحمن الداخل . اثنان من أصحابه ، غدرا به فقتلاه ، وحملا رأسه إلي عبد الرحمن ( ابن الأثير 50/6 ).

وفي السنة 175 بعث هشام بن عبد الرحمن، صاحب الأندلس ، جيشا بقيادة أبي عثمان عبيد الله بن عثمان ، لمقاتلة مطروح بن سليمان بن يقظان صاحب سرقسطة ، وحدث أن خرج مطروح يتصيد ، مع اثنين من أصحابه ، وأرسل البازي علي طائر ، فصاده ، فنزل مطروح ليذبحه ، فغدر به صاحباه ، واحتزا رأسه ، وقدما به علي أبي عثمان ، فأرسل رأس مطروح إلي هشام ، وبادر هو إلي سرقسطة فدخلها ( ابن الأثير 123/6 ).

وفي السنة 191 غدر عمروس ، حاكم طليطلة للحكم المرواني صاحب الأندلس ، بجماعة من أهل طليطلة ، إذ دعاهم إلي وليمة ، ثم قتل منهم ما يزيد علي خمسة آلاف ، وسبب ذلك إن أهل طليطلة كانوا قد أكثروا من الخروج علي الأمراء ، والثورة عليهم ، فلما أعيا الحكم امرهم ، استعمل عليهم عمروس بن يوسف ، المعروف بالمولد ، وكتب إليهم : إني قد اخترت لكم فلانة ، وهو منكم، لتطمئن قلوبكم ، فدخل عمروس طليطلة ، فأنس به أهلها، وأحسن عشرتهم ، حتي وثقوا به ، ثم أعد لهم وليمة

ص: 280

عظيمة ، بمناسبة وصول عبد الرحمن بن الأمير الحكم ، إلي طليطلة ، فأتاه الناس أفواجأ ، وكان كلما دخل فوج أخذوا إلي جماعة من الجند وقفوا علي حفرة كبيرة في ذلك القصر ، فضربت رقابهم عليها ، فلما تعالي النهار ، أتي بعضهم فلم ير أحدا ، فقال : أين الناس ؟ فقيل : إنهم يدخلون من هذا الباب ، ويخرجون من الباب الأخر، فعلم الحال ، وصاح ، وأعلم الناس بهلاك اصحابهم ( ابن الأثير 199/6 -201).

وفي السنة 196 خلف عبدالله من إبراهيم بن الأغلب ، والده ، في إمارة إفريقية فاستأمن اليه عمران بن مخلد ، وكان قد ثار بأبيه ابراهيم ، فأمنه ، فجاء وأقام عنده ، وقيل لعبدالله : إن هذا ثار بأبيك ، ولا نأمنه عليك ، فقتله ( ابن الأثير 157/6 ).

وفي السنة 198 قبل محمد الأمين بن هارون الرشيد غدرا ، بعد أن خرج بالأمان ، وكان طاهر بن الحسين ، قائد جيش المأمون قد بذل الأمان للأمين إذا استسلم ، فأجاب الأمين الي الإستسلام علي أن يخرج الي هرثمة ، فاشتد ذلك علي طاهر، وكمن له جماعة من أصحابه ، حتي إذا خرج إلي هرثمة وركب الحراقة برز له هؤلاء ، وشدوا علي حراقة هرثمة فنقبوها ، وتفرق من كان فيها وشق الأمين عن ثيابه ، ورمي بنفسه إلي الماء ، فسحبوه من شعره ، وأخرجوه ، وحبس في حجرة من بيت بباب الشام ، عارية إلا من السراويل ، وهو يتساءل : هل يفون له بأمانهم ، أم يغدرون به ؟ ثم دخل عليه قوم من جند طاهر ، وقد سلوا سيوفهم ، فعلم الأمين مرادهم ، ونهض يدفع عن نفسه بوسادة وجدها في الحجرة ، فبدره أحدهم ، فضربه بالسيف علي مقدم رأسه ، فضربه الأمين بالوسادة علي وجهه، واتكأ ليأخذ منه السيف ، فصاح الرجل بالفارسية : قتلني، فهاجمه الباقون ونخسه أحدهم بالسيف في خاصرته ، وركبوه ، وذبحوه من قفاه ، وأخذوا رأسه ومضوا ، ثم جاءوا في السحر فأخذوا الجثة ، ونصب رأس الأمين علي البرج الذي كان

ص: 281

في البستان الذي يلي باب الأنبار ، وخرج من أهل بغداد للنظر إليه، ما لا يحصي ، وبعث طاهر برأس الأمين إلي خراسان ، فوضعه الفضل بن سهل ، في ترس ، ودخل به إلي المأمون ( العيون والحدائق 337/3 -342) .

وفي السنة 211 أمن عامر بن نافع ، منصور بن نصير الطنبدي ، بإفريقية ، فلما نزل علي أمانه ، سجنه وأخاه ، ثم قتلهما معا ( ابن الأثير 405 -404/6).

أقول : تحرك منصور هذا ، بإفريقية، علي زيادة الله بن الأغلب ، في السنة 208 فسير إليه قائدا من قواده اسمه محمد بن حمزة في 300 فارس، وأمره أن يأخذ منصور ، وأن يحمله اليه ، فلما وصل القائد إلي تونس ، كان منصور في قصره خارج المدينة ، فبعث إليه قاضي تونس وأربعين شيخا من شيوخها ، يقبحون له الخلاف ، فتظاهر منصور بالأذعان ، ثم تسلل الي داخل البلد ، وقتل الجند الذين جاءوا مع محمد ، كما قتل عامل تونس اسماعيل بن سفيان بن سالم بن عقال ، فسير اليه زيادة الله ، جيشأ بقيادة وزيره غلبون ، وهو الأغلب بن عبدالله بن الأغلب ، فظفر به منصور ، ثم حصر زيادة الله في القيروان ، ثم ارتد منكسرا ، وتفرق عنه قواده ، واستولي كل منهم علي بلدة ، فحكم فيها ، ومنهم عامر بن نافع وعبد السلام بن المفرج ، ثم إن عامر اختلف مع منصور فحصره في قصره ، فراسله منصور وطلب منه الأمان علي أن يركب سفينة تتجه إلي المشرق ، فأمنه ، غير أن منصورا تسلل إلي الأربس ، فأدركه عامر وحاربه ، وحصره ، فأرسل منصور إلي عبد السلام بن المفرج ، أحد قواده الذين انفصلوا عنه ، يطلب منه أن يأخذ له أمانا من عامر ، فأخذ له الأمان ، ولكن عامر، سير منصور مع خيل أمر قائدها سرا أن يأخذه إلي جربة ، ويسجنه بها، ففعل ذلك ، وسجن معه أخاه حمدونا ، ثم كتب عامر الي أخيه في جربة أن يقتلهما ، فقتلهما ( ابن الأثير 330/6-330 و 404 و 405).

ص: 282

وفي السنة 224 لما أراد سرخستان من أتباع المازيار بن قارن ، الثورة في أمل، دعا جماعة من ابناء القواد ، وغيرهم من أهل آمل ، لهم جلد وشجاعة ، فجمع في داره منهم مائتين وستين فتي ، وقال لهم إنه يريد جمعهم للمناظرة ، فلما حضروا ، غدر بهم وكتفهم ودفعهم إلي الأكرة لي؟ ، فصاروا بهم إلي قناة هناك ، فقتلوهم ، ورموا بهم في آبار تلك القناة ( الطبري 86/9 -87).

وفي السنة 252 تم الإتفاق مع المعتز، أن يخلع المستعين نفسه ، علي أن له الأمان ، ولأهله وولده ، وما حوته أيديهم من أملاكهم ، علي أن ينزل مكة هو ومن شاء من أهله، وأن يقيم بواسط العراق الي وقت مسيره إلي مكة ، فوافق المعتز علي هذه الشروط ، وكتب بخطه : إنه متي نقض شيئا منها ، فالله ورسوله منه براء ، والناس في حل من بيعته ، وأضاف إليها عهود يطول ذكرها ، فخلع المستعين نفسه ، وبايع المعتز ، وانحدر إلي واسط ، ولكن المعتز لم يلبث أن غدر بالمستعين ، فأمر بأن يحمل من واسط الي سامراء ، حتي إذا كان في طريقه وقد قرب من سامراء لاقاه القائد سعيد بن صالح الحاجب ، فقتله ، واحتر رأسه ، وحمله إلي المعتز بالله ، وترك جثه ملقاة علي الطريق ، حيث تولي دفنها جماعة ( مروج الذهب 2/ 446 و 447)

أقول : اختلف المؤرخون في كيفية مقتل المستعين ، وقد أشرنا إلي ذلك في موضع آخر من هذا الكتاب .

قال شاهك الخادم : كنت عدية للمستعين ، لما اشخصه المعتز من واسط إلي سامراء ، ونحن في عمارية ، فلما وصلنا إلي القاطول ، تلقانا جيش كبير ، فقال : يا شاهك انظر من رئيس القوم ؟ فإن كان سعيد الحاجب فقد هلكت ، فلما عاينته قلت : هو والله سعيد ، فقال : إنا لله وإنا إليه راجعون ، ذهبت والله نفسي ، وجعل يبكي فلما قرب منه سعيد جعل يقنعه

ص: 283

بالسوط ، ثم أضجعه وقعد علي صدره ، واحتز رأسه ، وحمله ( مروج الذهب 448/2 )

وفي السنة 256 بلغ أبا نصر محمد بن بغا، أن المهتدي تكلم فيه ، فتخوفه ، وهرب ، فكتب إليه المهتدي أربعة كتب ، أعطاه فيها الأمان علي نفسه ومن معه ، فوثق بكلامه ، وعاد ، فأخذه المهتدي وحبسه ، وبعد أن قتل المهتدي ، طلبوا أبا نصر ، وهم يحسبون أنه ما زال محبوس في دار المهتدي ، فدلوا علي موضعه ، فوجد مذبوحة ، إذ أن المهتدي قتله ، ورمي به في بئر من آبار القناة ، فأخرج وقد أراح ، فاشتري له ثلثمائة مثقال مسك ، وستمائة مثقال كافور ، وصير عليه فلم تنقطع الرائحة ( الطبري 460/9 ) .

أقول : لما دفن محمد بن بغا ، كسرت الأتراك علي قبره الف سيف ، وكذلك يفعلون بالسيد منهم إذا مات .

وفي السنة 259 قتل أبو عبد الرحمن العمري ، وكان قد ظهر في جنوبي مصر ، غضبا الله والمسلمين ، لأنه رأي البجاة نهبوا وقتلوا المسلمين ، فتصدي لهم وحاربهم ودخل بلادهم فنهبها ، حتي أتوا له الجزية ، واشتدت شوكته ، وكثر أتباعه ، وبلغ خبره ابن طولون ، فبعث إليه جيشا ، فقال العمري لمقدم الجيش : إني لم أخرج للفساد ، ولم يتأثر بي مسلم ولا ذمي ، وإنما خرجت طلبأ للجهاد ، فاكتب إلي الأمير أحمد، وعرفه حالي ، فلم يجبه ، وحاربه ، فانهزم جيش ابن طولون ، ولما عادوا إليه ، أخبروه بحال العمري ، فقال : إنه نصر عليكم ببغيكم ، وتركه فلما كان بعد مدة ، وثب علي العمري ، غلامان له فقتلاه ، وحملا رأسه إلي ابن طولون ، فسألهما عن سبب قتلهما له ، فقالا : أردنا أن نتقرب إليك بذلك ، فقتلهما ، وأمر برأس العمري ، فغسل ، وكفن، ودفن ، ( ابن الأثير 264/7 -265).

ومن حوادث الغدر الفظيعة ، ما صنعه علي بن أبان المهلبي ، أحد قواد

ص: 284

صاحب الزنج ، لما قصد البصرة ، وكان بها بغراج التركي ، فأقام يقاتل أهلها يومين ، ودخلها في اليوم الثالث ، وكان يوم جمعة ، وقت الصلاة ، فأقبل يقتل الناس ، ويحرق المنازل والأسواق ، فجاء إليه ابن عمه إبراهيم بن محمد المهلبي ، فاستأمنه لأهل البصرة ، فأمنهم ، ونادي مناديه : من أراد الأمان فليحضر دار إبراهيم بن محمد المهلبي فحضر اهل البصرة قاطبة ، حتي ملأوا الدار والأزقة ، فلما رأي اجتماعهم ، أمر بأخذ السكك والطرق عليهم ، وغدر بهم ، وأمر الزنوج فوضعوا فيهم السيف ، فقتلهم جميعا ( شرح نهج البلاغة 146/8 ).

وفي السنة 276 تملك محمد بن عبد الرحمن التجيبي ، مدينة سرقسطة ، غدرة ، إذ كان مع أبيه في قلعة أيوب ، واتفق مع أبيه علي الغدر بصاحب سرقسطة ، والاستيلاء عليها ، فأظهر محمد إنه علي خلاف مع والده ، والتجأ إلي صاحب سرقسطة ، ثم انتهز فرصة ، فقتله غدرا، واستولي علي سرقسطة ، فلما استولي عليها ، جاءه أبوه ، يريد الدخول الي البلدة ، فأغلق الباب في وجهه ، واستقل بها حتي هلك في السنة 312 ( الاعلام 62/7)

وفي السنة 280 افتتح محمد بن أبي الساج مراغة ، بعد حصار شديد ، وحرب غليظة ، ثم أخذ صاحبها عبد الله بن الحسين ، بعد أن آمنه وأصحابه ، فقيده ، وحبسه ، وقرره بجميع أمواله ، ثم قتله بعد ذلك ( الطبري 33/10 - وابن الأثير 464/7 ).

وفي السنة 283 حارب رافع بن هرثمة ، عمرو بن الليث الصفار، ظفر عمرو ، وانفل جيش رافع ، فوجه اليه أمير خوارزم نائبا يقوم بخدمته وما يحتاج إليه ، إلي أن يصل إلي خوارزم ، فوجده النائب في خفت من أصحابه ، فغدر به ، وقتله ، وحمل رأسه إلي عمرو بن الليث ، فأنفذه عمرو

ص: 285

الي بغداد ، فنصب في الجانب الشرقي إلي الظهر ، وفي الجانب الغربي بقية النهار ، ثم ردوه إلي دار السلطان ( وفيات الأعيان 424/6 - 425).

وفي السنة 289 غدر القاسم بن عبيد الله ، وزير المكتفي ، بالقائد بدر المعتضدي ، فأحضر القاضي أبا خازم ، ودفع إليه كتاب أمان لبدر من المكتفي ، وأمره أن يمضي إلي بدر ، وأن يعطيه الأمان من أمير المؤمنين المكتفي ، علي نفسه ، وماله ، وولده ، فقال له أبو حازم : أحتاج إلي سماع ذلك من أمير المؤمنين ، حتي أؤديه إليه .

فقال له الوزير : أنا لسان أمير المؤمنين ، وما أظنك تتهمني في الحكاية عنه .

فقال القاضي : أفأقول لبدر ، إن الوزير قال لي ؟

قال : لا.

قال : فأكذب ؟

فقال له : انصرف، حتي أستأذن لك .

ثم دعا القاضي أبا عمر محمد بن يوسف ، وأمره بمثل ما أمر به أبا خازم ، فسارع إلي إجابته، واستقر الأمر علي أن يدخل بدر بغداد ، سامع ، مطيعا ، فلما قرب ، بعث القاسم بعض الخدم ، فأخذه من السفينة ، ومضي به الي جزيرة ، ودعا بسيف فقتله ، وعاد أبو عمر القاضي إلي داره كئيب، حزينة . ( المنتظم 43/6- 35).

وفي السنة 290 سار الحسين بن زكرويه ، رأس القرامطة ، إلي حماة ، ومعرة النعمان ، فقتل أهلها، وقتل النساء والأطفال ، ثم سار إلي بعلبك ، فقتل عامة أهلها، حتي لم يبق منهم أحد إلا اليسير ، ثم سار إلي سلمية ، فحاربه أهلها ، ومنعوه الدخول ، ثم وادعهم وأعطاهم الأمان ، ففتحوا له بابها ، فلما دخلها غدر بهم ، وبدأ بمن فيها من بني هاشم

ص: 286

فقتلهم ، ثم ثني بأهل سلمية ، فقتلهم جميعا ، ثم قتل البهائم، ثم قتل صبيان الكتاتيب ، وخرج منها وليس بها عين تطرف ( الطبري 100/10 ).

وفي السنة 293 قصد القرامطة بقيادة صاحب الشامة ، وهو أخ للحسين بن زكرويه ، طبرية ، وحصرها ، ثم دخلها عنوة ، فقتل عامة من بها من الرجال والنساء ونهبها ، ثم قدم قائد آخر للقرامطة سموه نصر ( واسمه الأول ابو غانم عبدالله بن سعيد ) فسار الي مدينتي بصري وأذرعات ، من كورتي حوران والبثنية ، فحارب أهلها ، ثم آمنهم ، فلما استسلموا ، غدر بهم ، فقتل مقاتلتهم ، وسبي ذراريهم ، واستصفي أموالهم ، ثم قصدوا دمشق ، فتصدي لهم صالح بن الفضل شحنة دمشق ، فاغتروه ببذل الأمان له ، ثم قتلوه ، وفضوا عسكره ، ولكنهم لم يتمكنوا من دخول الشام ، فقصدوا طبرية ، ثم الأردن ، فحاربهم يوسف بن ابراهيم عامل الأردن ، فبذلوا له الأمان ، ثم غدروا به ، فقتلوه ، ونهبوا مدينة الأردن ، وسبوا النساء ، وقتلوا طائفة من أهلها ، ثم أسروا إلي هيت ، فصبحوها، ونهبوا ربضها ، وقتلوا من قدروا عليه من أهلها، وأحرقوا منازلها ، ثم أن أحد بني كلب ، وثب علي نصر فقتله ، وحمل رأسه إلي مدينة السلام منصوبا علي قناة ( الطبري 124-129 -123/10)

وفي السنة 294 اعترض زكرويه القرمطي ، قافلة الحاج الخراسانية ، بالعقبة من طريق مكة ، فأوقع بها ، وقتلوا النساء والرجال ، وسبوا من النساء من أرادوا، واحتووا علي من كان وما كان في القافلة، ثم واجهوا القافلة الثانية فقتلوا من فيها عن آخرهم ، إلا من استعبدوه ، ثم لحقوا من أفلت من السيف ، فأعطوهم الأمان ، فعادوا ، فقتلوهم جميعا ، وسبوا من النساء من أرادوا ، وكان في القافلة الثانية أبو العشائر الحمداني ، فوضعوا القتلي بعضهم علي بعض ، حتي صاروا كالتل العظيم ، ثم قطعوا يدي أبي العشائر

ص: 287

ورجليه ، ثم ضربوا عنقه ، وكان نساء القرامطة يطفن مع صبيانهم في القتلي ، يعرضون عليهم الماء ، فمن كلمهم اجهزوا عليه ( الطبري 132 -131/10)

وفي السنة 316 رغب اسفار بن شيرويه الديلمي في الإستيلاء علي قلعة الموت ، وهي قلعة علي جبل شاهق في حدود الديلم ، وكانت لسياه جشم بن مالك الديلمي ، ومعناه الأسود العين ، لأنه كانت علي إحدي عينيه شامة ، فراسله أسفار ، ومناه ، فقدم عليه ، فسأله أن يجعل عياله ( عيال أسفار ) في قلعة الموت ، ووتي سياه جشم مدينة قزوين ، فأجابه الي ذلك ، فنقل عياله وأصحابه اليها ، ثم كان يرسل اليهم من يثق به من أصحابه ، فلما حصل فيها مائة رجل، استدعاه من قزوين ، فلما حضر عنده قبض عليه ، وقتله بعد أيام ( ابن الأثير 190/8 - 191).

وكان أسفار لما اجتاز بسمنان ، امتنع محمد بن جعفر السمناني، من النزول اليه ، وتحصن بحصنه في قرية رأس الكلب ، فحقدها عليه أسفار ، فلما استولي علي الري ، بعث إليه جندة ، وعليهم إنسان يقال له : عبد الملك الديلمي ، فحضروه ، فلم يمكنهم الوصول اليه ، فتوصل عبد الملك ، بإرشاد من أسفار ، أن يلوح لمحمد بن جعفر بالصلح ، ثم أغراه بأن يدعوه إلي حصنه ، فدعاه، فحضر في جماعة من أصحابه تركهم تحت الحصن ، ودخل عبد الملك وحده ، فتحادثا ساعة ثم طلب عبد الملك منه الخلوة لحديث خاص فلما اختلي به ، وثب عليه فقتله ، وكان محمد منقرس زمنة، ثم اخرج عبد الملك حب من حرير ، فتدلي به ، ونزل ، وتخلص ، وأحس أصحاب محمد بما حصل ، فقتلوا كل من كان عندهم من الديلم ( ابن الأثير 191/8 - 192).

أقول : كان أسفار بن شيرويه هذا ، يستمريء الغدر ، ولما استولي علي بلاد طبرستان ، والري وجرجان ، وقزوين، وزنجان، وأبهر، وقم ، والكرج،

ص: 288

أخذ يحتال للقبض علي العلويين، فأوعز إلي أحد اخصائه واسمه هارون بن بهرام ، أن يتزوج ابنة أحد أعيان آمل ، وان يدعو إلي العرس أبا جعفر العلوي وغيره من رؤساء العلويين ، ففعل ذلك ، وسار أسفار مجدأ من سارية ، حتي وافي أمل في وقت الإحتفال ، وهجم علي الحفل الموجود في دار هارون ، فقبض علي أبي جعفر ، وعلي جميع العلويين الذين معه ، وحملهم إلي بخاري ، فاعتقلوا بها ( ابن الأثير 190/8 ).

وفي السنة 320 لما قتل المقتدر ، وبويع أخوه القاهر محمد بن المعتضد ، استحلفه القائد مونس المظفر ، لنفسه ، ولحاجبه يلبق ، ولولده القائد علي بن يلبق ، وأخذوا خطه بذلك ، ثم غدر بهم فاعتقل الثلاثة ، وأمر بهم فذبحوا بحضرته ( ابن الأثير 245/8 - 260، 261).

وفي السنة 325 خالف أهل جرجنت في صقلية علي أميرهم سالم بن راشد، عامل القائم العلوي ، صاحب إفريقية ، وكان سيء السيرة في الناس ، فأخرجوا عامله عليهم ، فسار إليهم سالم ، وحاربهم فهزموه ، وعاد علي رأس جيش آخر ، فهزموه أيضأ ، ثم ثار أهل المدينة في صقلية ، علي عامل سالم ، فأخرجوه أيضأ ، وحاربهم سالم ، فهزمهم ، وحصرهم بالمدينة ، فراسلوا القائم بالمهدية، فاستعمل عليهم خليل بن اسحاق ، فارتابوا في تصرفات خليل ، وحاربوه ، وفي السنة 327 خالف علي خليل جميع القلاع وأهل مازر ، وفي السنة 328 عاود خليل حصر جرجنت ، ودامت محاصرته لها إلي السنة 329 فانتقل كثير من أهلها إلي ديار الروم ، وطلب الباقون الأمان ، فأمنهم ، ثم غدر بهم ، فحملهم إلي المدينة ، ثم جعلهم في مركب ، وأمر بنقبه وهو في لجة البحر ، فغرقوا ( ابن الأثير 339 -337/8)

ومن الغدر القبيح ، ما صنعه ناصر الدولة ، الحسن بن عبدالله بن حمدان ، بابن رائق أمير الأمراء ، وكان ناصر الدولة ، في السنة 330 ناز

ص: 289

بالبر الشرقي ، بأزاء الموصل ، فعبر إليه الأمير أبو منصور ، ابن الخليفة المتقي ، ومعه أبو بكر بن رائق ، فلقيهم أجمل لقاء ، ونثر علي الأمير أبي منصور ، الدنانير ، والدراهم ، فلما أرادوا الإنصراف من عنده ، ركب الأمير أبو منصور ، ثم قدم فرس ابن رائق ، ليركب من داخل المضرب ، فأمسك ناصر الدولة كمه ، وقال له : تقيم عندي اليوم لنتحدث .

فقال له ابن رائق : أريد أن أرجع مع الأمير ، وليكن في يوم آخر .

فألح عليه ابن حمدان ، فجذب ابن رائق كمه من يده ، فتخرق ، وكان رجله في الركاب ، فشب به الفرس ، فوقع ، وقام يركب ، فصاح ناصر الدولة بغلمانه : ويلكم ، لا يفوتكم .

فوضعوا عليه السيوف ، فقتلوه ( ابن الأثير 382/8 وتجارب الأمم 28-27/2)

أقول : إن اجتماع ناصر الدولة ، والأمير أبو بكر بن رائق ، كان بعد تردد الرسل بينهما ، إلي أن توثق كل من الأخر بالأيمان والعهود والمواثيق ( تجارب الأمم 27/2 ) وإضافة إلي المواثيق والعهود والأمان ، فإن ابن رائق كان ضيف ناصر الدولة ، وفي خبائه ، فكان تصرف ناصر الدولة في قتله ، صفقة غادرة، يأنف منها العربي .. .

ومما يبعث علي الأسف ، إن كثيرا من الرؤساء ، في ذلك الحين ، كانوا يفكرون في الغدر ، أكثر مما يفكرون في الوفاء ، ومن الأمثلة علي ذلك ، إن ناصر الدولة الحمداني ، كان قد قارعه جيش من الأتراك ، في السنة 335 فأصعد إلي الموصل، ثم إلي نصيبين ، والجيش في طلبه ، فاستنجد بمعز الدولة ، فانجده بجماعة من قواده ، وانفذ من بعدهم وزيره الصيمري ، فاجتمعوا مع ناصر الدولة ، وواقعوا الأتراك ، وكسروهم ، وجاء ناصر الدولة ، فزار الصيمري في خيمته ، ولم يلبث إلا قليلا ، ثم خرج ولم

ص: 290

يعد إليه ، وحكي عن ناصر الدولة ، إنه قال : لما حصلت مع أبي جعفر الصيمري في خيمته ، ندمت ، وعلمت أني قد اخطأت وغررت ، فبادرت إلي الإنصراف ، وحكي عن الصيمري إنه قال : لما خرج من عندي ناصر الدولة ، ندمت علي تركي القبض عليه ، وعلمت أني قد ضيعت الحزم ، وأخطأت، وفاتني الصواب ( تجارب الأمم 109/2 - 110).

وفي السنة 333 حصر ابو يزيد الخارجي ، الثائر بافريقية ، مدينة القيروان ، واستنزل عاملها بالأمان ، ثم غدر به فقتله ، وقتل كثيرا من أهلها ( ابن الأثير 425/8).

أقول : كان أبو يزيد هذا غدارة ، وكان قبيح الصورة ، قصيرة، أعرج ،

وأعمال غدره عديدة، فإنه دخل الأربس ، فأحرقها، واجتمع الناس في الجامع ، فقتلهم فيه ، ودخل باجة فأحرقها، وقتل الأطفال، وسبي النساء ، وبلغ من حقد الناس عليه وعلي أصحابه ، إنه انكسر في إحدي المواقع ، وقتل من جيشه أربعة آلاف ، وأسر خمسمائة ، حملوا إلي المهدية في السلاسل ، فهجم الناس عليهم وقتلوهم وكانت عاقبة أبي يزيد هذا ، أن قتل في السنة 336 بعد أن عاث في إفريقية عيثا شديدا .

ومن اسوأ الأمثال علي الغدر والقتل ، ما صنعه مخلوق اسمه وهسودان بن محمد بن مسافر ، فإن أخاه السلار المزربان ، صاحب أذربيجان ، توفي في السنة 346 وأوصي أخاه وهسوذان بأولاده ، فطمع وهسودان في التغلب علي أذربيجان ، وأن يطرد أبناء أخيه ، فلم يتمكن ، فترك أردبيل الي الطرم ، وشرع في الإفساد بين أولاد أخيه ، وتفريق كلمتهم ، وإطماع أعدائهم فيهم ، فراسل ابراهيم بن المرزبان ، واستزاره ، فزاره ، فأكرمه عمه، وأغراه بأخيه جستان ، ثم كاتب ناصر بن المرزبان ، واستغواه ، ففارق أخاه جستان ، ثم أفسد علي جستان جنده ، فانحاز الكثير منهم إلي أخيه ناصر بن المرزبان ، فقوي بهم علي أخيه جستان، واستولي علي أردبيل ، ثم إن ناصر طالبه جنده

ص: 291

بالأموال ، فاستعان بعمه وهسودان ، فقعد عن نصرته ، فأحس ناصر بأن عمه وهسودان يلقي الفتنة بينهم ، فراسل أخاه جستان ، وتصالحا، واجتمعا ، وأرادا إصلاح عمهما ، فكاتباه ، وأخذا عليه العهود ، وسارا اليه مع أمهما ، فلما حصلوا عنده ، غدر بهم ، وقبض عليهم ، وحبسهم ، فسار إبراهيم بن المرزبان إليه يريد استخلاص أخويه من حبس عمهما، فلما بلغ وهسوذان ذلك ، بادر فقتل ابني أخيه جستان وناصر ، وقتل معهما أمهما أيضا ( ابن الأثير 519/8- 530 -531).

وفي السنة 351 نزل الروم بقيادة الدمستق ، علي عين زربة ، فطلب أهلها الأمان ، فأمنهم ، ثم غدر بهم ، فأمر بأن يجتمع أهل البلد بالمسجد الجامع ، ومن تأخر قتل ، فخرج من أمكنه الخروج ، فقتل كل من بقي في منزله ، خلق كثيرا من الرجال والنساء والصبيان ، ثم جمع السلاح من البلد ، ثم أمر جميع أهل البلد ، أن يبارحوه إلي حيث شاءوا ، ومن أمسي قتل، فخرجوا ، فماتوا في الطرقات ، وقتل الروم من وجدوه بالمدينة آخر النهار ، ثم استولي الدمستق علي 54 حصنا للمسلمين ، وفي أحد هذه الحصون ، وكان فتح بالأمان ، لما خرج اهله ، تعرض احد الأرمن ببعض حرم المسلمين ، فلحق المسلمين غيرة عظيمة، وجدوا سيوفهم ، فأمر الدمستق بقتل جميع المسلمين ، وكانوا أربعمائة رجل، فقتلوا ، وقتل معهم جميع النساء والصبيان ( ابن الأثير 538/1 و 539).

وفي السنة 351 فصد الدمستق مدينة حلب ، في جيش تعداده مائتا ألف من الروم ، فحاربه سيف الدولة ، فلم يطقه ، وهدم الروم من سور حلب ثلثه ، فقاتلهم اهل حلب عليها ، فقتل من الروم كثير ، ولما جنهم الليل عمروها ، ثم إن رجال الشرطة بحلب ، قصدوا منازل الناس ، وخانات التجار لينهبوها ، فلحق الناس أموالهم ليمنعوها ، فخلا السور منهم ، فاقتحم الروم البلد ، وقتلوا من وجدوا ، ولم يرفعوا السيف إلا بعد أن ملوا

ص: 292

وضجروا ، وكان في حلب ألف وأربعمائة أسير من الروم ، فتخلصوا، وأخذوا السيوف ، وقتلوا المسلمين ، وسبي الروم من البلد بضعة عشر ألف صبي وصبية ، ثم تقدم ابن أخت الملك ، وهو أحد قواد الجيش يريد الإستيلاء علي القلعة ، فلما تقدم الي باب القلعة ، أصابه حجر فسقط ، ورمي بخشت فقتل ، فلما رآه الدمستق قتيلا ، أمر بمن معه من أسري المسلمين، وكانوا ألفا ومائتي رجل فقتلوا بأجمعهم ( ابن الأثير 540/1 - 542).

وفي السنة 354 غدر نقيب ديلمي ، من أتباع معز الدولة البويهي ، اسمه كردك ، وقتل مستأمنا عمانيا، بأن غرقه واستولي علي ما عنده ، وتفصيل ذلك إن عمانية يقال له النوكاني ، اتفق عليه أهل عمان ، فأمروه عليهم ، فكتب اليه معز الدولة يتهدده ، ويطالبه بتسليم البلد ، فأجاب ، وطلب اليه أن يبعث من يتسلم البلد، فثار به العمانيون ، وعزلوه ، وخيروه موضعا ينفي إليه ، فاختار البصرة ، وجمع متاعه ، وأمواله ، وصكاك ضياعه وعقاره ، وكل ما يملك من قليل وكثير ، وحمله في مركب متجها إلي البصرة ، فلاقاه في طريقه نقيب ديلمي، اسمه كردك ، كان معز الدولة قد بعثه ليتسلم عمان ، فلما تلاقيا ، طرح اليه ، وصعد ليتعرف خبره ، فوجده في نفر يسير، فطمع فيه ، وبات معه في مركبه ، ودب اليه ليلا، فقيده ، وطرحه في البحر ، واستولي علي المركب وما فيه ، لزيادة التفصيل راجع كتاب نشوار المحاضرة للقاضي التنوخي ، تحقيق المؤلف ج 1 ص 348 رقم القصة 158..

وفي السنة 369 سير عضد الدولة البويهي جيشا إلي الأكراد الهكارية ، في أعمال الموصل، فحصر قلاعهم ، وكانوا ينتظرون نزول الثلج ليرحل الجيش عنهم ، فتأخر نزول الثلج ، فاضطروا إلي طلب الأمان ، فأجيبوا إلي ذلك ، وسلموا قلاعهم ، ونزلوا مع العسكر إلي الموصل، فلم يفارقوا قلاعهم غير يوم واحد، ونزل الثلج ، ثم إن مقدم الجيش ، غدر بهم ،

ص: 293

وصلبهم علي جانبي الطريق من معلثايا الي الموصل ، نحو خمسة فراسخ ( ابن الأثير 709/8 ).

وفي السنة 379 لما أشفي السلطان شرف الدولة علي الهلاك ، سأله أعيان اصحابه أن يملك عليهم أحدا ، فقال : أنا في شغل عما تدعوني إليه ، فطلبوا منه أن ينيب عنه أخاه بهاء الدولة أبا نصر ، إلي أن يتعافي ، ليحفظ الناس ، ولئلا تثور فتنة ، ففعل وتوقف بهاء الدولة عن القبول ، ثم أجاب ، فلما توفي شرف الدولة ، جلس بهاء الدولة للعزاء، وركب اليه الطائع ، فتلقاه بهاء الدولة ، وقبل الأرض بين يديه ، وانحدر الطائع إلي داره ، وخلع علي بهاء الدولة خلع السلطنة ، وكان شرف الدولة لما اشتد مرضه ، جهز ولده الأمير أبا علي ، وسيره الي فارس مع والدته وجواريه ، وسير معه من الأموال والجواهر والسلاح اكثره ، واستقر أبو علي بأرجان ، فكتب إليه عمه بهاء الدولة بأن يسير إليه ، فسار إليه ، فلقيه بواسط في السنة 380 فأنزله ، وأكرمه، ثم قبض عليه ، وقتله ( ابن الأثير 62/9 -63).

وفي السنة 381 أنفذ خلف بن أحمد، صاحب سجستان، إلي كرمان من دفع تمرتاش عنها ، فانصرف تمرتاش إلي فارس ، واستنجد بصمصام الدولة ، فأنجده بجيش علي رأسه أبو جعفر النقيب ، واتفق معه علي أن يعتقل تمرتاش إذا خرج لاستقباله ، فاعتقله أبو جعفر ، وحمله إلي شيراز ، فحبسه العلاء ، وزير صمصام الدولة ، ثم قتله . ( ذيل تجارب الأمم 191 -188)

. وفي السنة 381 أنفذ خلف بن احمد صاحب سجستان ، وكان رجلا شريرة ، ولده عمرو إلي كرمان ، لاحتلالها ، فاحتلها ، ودفع عاملها تمرتاش عنها ، واستنجد تمرتاش بصمصام الدولة ، فسير جيشا لحرب خلف ، فانهزم عمرو بن خلف، وعاد عمرو إلي سجستان مفلولا ، ولما دخل إلي أبيه، أزري به ، وعجزه ، وقيده ، وحبسه أياما ، ثم قتله بين يديه ، وتوتي غسله والصلاة

ص: 294

عليه ، ودفنه في القلعة ، في السنة 382 ( ذيل تجارب الأمم 188- 192 وابن الأثير 82/9 - 83).

وفي السنة 381 قتل بكجور القائد التركي ، وتدور حوله قصة غدر مثلث ، أولها غدر بكجور بأبي المعالي الحمداني ، وغدر من التجأ إليه بكجور به ، إذ أسلمه إلي أبي المعالي ، وغدر الحمداني بورثة بكجور بعد أن أمنهم علي أنفسهم وأموالهم ، وتفصيل ذلك : إن بكجور كان في السنة 372 يلي حمص لأبي المعالي سعد الدولة بن سيف الدولة الحمداني ، ثم اختلف معه ، فولي دمشق للعزيز الفاطمي ، واستقر فيها إلي السنة 378 فعزله العزيز ، وبعث جيشأ لطرده من دمشق ، فاقتتل مع الجيش المصري ، فانهزم بكجور ، وأرسل يطلب الأمان ليسلم البلد اليهم ، فأجابوه الي ذلك، فأخرج أمواله وتوجه إلي الرقة فاستولي عليها وعلي الرحبة وما يجاورها ، ثم راسل الملك بهاء الدولة البويهي بالإنضمام اليه ، وفي الوقت عينه راسل باد الكردي صاحبه ديار بكر والموصل بالمسير إليه ، وراسل سعد الدولة الحمداني بأن يعود إلي طاعته ويقطعه مدينة حمص ، وراسل العزيز الفاطمي صاحب مصر بأن يبعث إليه جندة يستولي بهم علي ملك سعد الدولة ، ثم قصد مدينة بالس ، فبلغ سعد الدولة ذلك ، فكتب إليه يبذل له أن يقطعه من الرقة إلي حمص ، علي أن يعود للموادعة ، فلم يقبل ذلك ، فاستنجد سعد الدولة بالرومي صاحب انطاكية ، فانجده ، وكاتب العرب الذين مع بكجور ، فوعدوه أن ينهزموا عنه إذا نشبت المعركة ، ولما التقي الجيشان، عطفوا علي سواد بكجور فنهبوه ، واستأمنوا إلي سعد الدولة ، فلما رأي بكجور ذلك ، اختار من أصحابه أربعمائة رجل ، وقصد بهم موقف سعد الدولة ليلقي نفسه عليه ، فإما له وإما عليه ، وعرف لؤلؤ الكبير ، قائد سعد الدولة ذلك ، فوقف مكان سعد الدولة ، فحمل بكجور عليه يحسبه سيف الدولة ، وضربه علي رأسه ، فسقط الي الأرض ، فظهر سعد الدولة وعاد إلي موقفه ، فمضي

ص: 295

بكجور منهزمة ، ومعه سبعة أنفس ، وكثر القتل والأسر في الباقين ، ولما طال الشوط علي بكجور ، ألقي سلاحه وسار راج ، وقصد أحد الأعراب ، وضمن له حمل بعير ذهبا ليوصله إلي الرقة ، فلم يصدقه لاشتهاره بالبخل ، وتركه في بيته ، وتوجه الي سعد الدولة فعرفه أن بكجور عنده ، وطلب منه مائتي فدان ملكأ، ومائة الف درهم ، ومائة جمل تحمل حنطة ، وخمسين قطعة ثيابا ، فأعطاه ذلك وزيادة ، وسير معه من تسلم بكجور منه ، وأحضروه إلي سعد الدولة ، فأمر بقتله ، فقتل ، وسار سعد الدولة إلي الرقة ، وبها أولاد بكجور وأموالهم ، فسلموا إليه البلد بأمان وعهود أكدوها عليه علي الأنفس والأموال ، فلما خرج أولاد بكجور ، ورأي سعد الدولة ما معهم ، استعظمه واستكثره ، فحنث بعهده واستولي علي الأموال ، وقبض علي الأولاد ، فلم يلبث سعد الدولة أن فلج وبطل نصفه ، فلما جاء الطبيب قال له : اعطني يدك ، فأعطاه اليد اليسري ، فقال له : أعطني اليمني ، وكانت قد شلت، فقال له : ما تركت لي اليمين يمينا، يعني حنثه بالعهد الذي أعطاه الأولاد بكجور ( ابن الأثير 17/9 ، 18، 37، 58 ، 85- 88 ).

وفي السنة 384 انفذ بهاء الدولة إلي الأهواز عسكرة عدتهم سبعمائة رجل، عليهم طغان التركي ، لاستعادتها من صمصام الدولة ، فلما بلغوا السوس ، رحل عنها أصحاب صمصمام الدولة وكان أكثر عسكر طغان من الترك ، فتوجه صمصام الدولة إلي الأهواز ، وأراد أن يكبس الأتراك ، فكمنوا له كمينة ، فانهزم صمصام الدولة ومن معه من الديلم ، وكانوا ألوفة كثيرة ، واستأمن لطغان أكثر من ألفي رجل من الديلم ، وضرب طغان للمستأمنة خيامة يقيمون فيها ، فلما نزلوا في الخيام ، تشاور الأتراك ، وقالوا : هؤلاء أكثر من عدتنا ، ونخاف أن يثوروا بنا واستقر رأيهم علي قتلهم ، فلم يشعر الديلم إلا وقد القيت عليهم الخيام ، ووقع الأتراك فيهم بالعمد ، حتي أتوا عليهم ، فقتلوهم كلهم ( ابن الأثير 103/9 -104).

ص: 296

وفي السنة 385 أمر صمصام الدولة ، بقتل من بفارس من الجنود الأتراك ، فقتل منهم جماعة ، وهرب الباقون ، فانصرفوا الي كرمان ، ومنها إلي بلاد السند ، واستأذنوا من ملكها في دخول بلاده ، فأذن لهم ، وخرج الي تلقيهم، وواقف أصحابه علي الإيقاع بهم ، فلما رآهم ، جعل أصحابه صفين ، فلما حصل الأتراك في وسطهم ، أطبقوا عليهم وقتلوهم ، فلم يفلت منهم إلا نفر جرحي ، وقعوا بين القتلي ، وفروا تحت الليل ( ابن الأثير 111/9)

وفي السنة 386 عاد جيش ابن الصمصامة الكتاني ، قائد الجيش الفاطمي ، إلي دمشق ، وكان رؤساء الأحداث قد تحكموا فيها ، فلم ينزل بدمشق ، ونزل ببيت لهيا ، واستخض رؤساء الأحداث ، واستحجب جماعة منهم ، وجعل يبسط لهم الطعام في كل يوم ولمن يجيء معهم من أصحابهم، فكان كل واحد منهم يحضر في جمع من أصحابه وأشياعه ، وأمرهم إذا فرغوا من الطعام أن يدخلوا إلي حجرة يغسلون ايديهم فيها ، فغبر علي ذلك برهة ، ثم أمر أصحابه . إذا دخل رؤساء الأحداث الحجرة ، أن يغلقوا بابها عليهم ، ويضعوا السيف في أصحابهم ، فلما كان الغد، حضروا الطعام ، وقام الرؤساء إلي الحجزة ، فأغلقت الأبواب عليهم ، وقتل من أصحابهم نحوا من ثلاثة آلاف رجل ، ثم احضر أشراف دمشق ، وقتل الرؤساء بين أيديهم ، ثم سير الأشراف الي مصر ( ابن الأثير 121/9 - 122).

وفي السنة 390 غدر جوامرد أبو ذر عاني ، بأبي نصرشاه فيروز بن بختيار الديلمي ، فقتله غدرة ، وكان جوامرد من أخصاء أبي نصر شاه فيروز ، فبعث به يتخبر له أخبار خصمه ابن عمه بهاء الدولة فيروز بن عضد الدولة ، فقبض عليه الموفق أبو علي بن اسماعيل ، وزير بهاء الدولة ، واتفق معه علي ان يطلقه ، فيظهر أنه فر، ويعود إلي أبي نصر فيجتهد في قتله ، وأطمعه بمواعيد ، فعاد جوامرد إلي أبي نصر ، ثم سير الموفق إلي أبي نصر ثلثمائة

ص: 297

رجل في سلاح خفيف ، فكسبوا أبا نصر ، ففر منهم يصحبه جوامرد ، فلما انفردا عطف جوامرد علي أبي نصر ، وضربه بلت في يده ، فسقط عن فرسه ، وقتل ( تاريخ الصابي 354/8 - 358).

وفي السنة 391 سار طاهر بن خلف إلي كرمان ، واستولي عليها ، وكان أبوه خلف صاحب سجستان ، سيء السيرة ، أما طاهر فكان حسن السيرة ، فخافه أبوه وحاول إفساد جنده فلم يطق ، فعمد إلي الحيلة علي ولده ، وطلب منه أن يصالحه لكي يوصي إليه فلما تلاقيا ، احتضن خلف ولده وبكي ، وصاح في بكائه ، وكان قد وضع له كمينا ، وأمرهم إن بكي وصاح أن يخرجوا فيقبضوا علي ولده ، فتم له ذلك ، وأسروا طاهرة ، فقتله أبوه بيده ، ذبحه ، ثم غسله بيده ، ودفنه ، ولم يكن له ولد غيره ( تاريخ الصابي 376/7 - 386 وابن الأثير 167/9 ).

أقول : سبق أن أدرجت في أخبار السنة 381 أن خلف هذا قتل ولد له اسمه عمرو، أمر به فقتل بين يديه ، وغسله ، وصلي عليه ، ودفنه ، وهذا هو الثاني ذبحه بيده ، فحق عليه قول المتنبي : أشخصا لحت لي أم مخازيا ، وقد أثبت أصحاب التواريخ أخباره وهو أبو أحمد خلف بن أبي جعفر أحمد المعروف بابن بانويه ، وهو ابن بنت عمرو بن الليث الصقار ، ورد العراق في السنة 354 في أيام معز الدولة ، وخلع عليه بالحضرة ( في أيام المطيع 334۔ 363) الخلع السلطانية لولاية سجستان ( تجارب الأمم 209/2 )، وكان رديء الدخيلة في الباطن ، جيد الناموس في الظاهر ، شديد الطمع في الأموال ، متوصلا إلي أخذها باللطف والإحتيال ، وكان يقول : ليس يجب أن يكون للرجال من الرعية أكثر من عشرة آلاف درهم ، لأنها ذخيرة لذي الحاجة ، وبضاعة لذي التجارة .

وكان يتتبع أمور أهل البلاد في مكاسبهم ، ومتاجرهم ، وبضائعهم ، وذخائرهم، فإذا عرف استظهار قوم منهم ، عمل ثبتأ بأسمائهم ، وخرج علي

ص: 298

وجه التنزه والتصيد ، ونصب رجلا من أصحابه في النيابة عنه ، ووافقه علي أخذهم ، ومطالبتهم بالفضل الذي يقدر أنه في أيديهم ، فإذا علم أن المال معظمه قد صح من جهتهم ، رجع ، فيشكون إليه ما عوملوا به ، فيظهر لهم التوجع ، ويتقدم بالإفراج عن بقي منهم في الإعتقال ، ومسامحتهم بما تأخر عليهم من المال ، ويحضر صاحبه الذي استنابه ، فيجلله بالإنكار، وربما ضربه بمشهدهم ليزول ما خامر قلوبهم من الإستشعار .

وكان يمشي إلي الجامع ، في كل جمعة ، بالطيلسان ، وربما خطب ، وصلي بالناس ، وأملي الحديث ، وله إسناد عال ، ورواية عن شيوخ العراقين ، ومحدثي الحرمين .

وكان عضد الدولة ، عند حصوله بكرمان في السنة 357 قرر معه هدنة علي أن لا يتعرض كل واحد منهما ببلاد صاحبه ، وكتبا بينها كتابة بذلك شاع ذكره عند أمراء سامان ، وكبراء أهل خراسان ، وجري الأمر علي المسالمة مذة أيام عضد الدولة ( تجارب الأمم 253/2 )، فلما توفي عضد الدولة ، تحدثت نفس خلف بالغدر ، وجهز جيشا مع عمرو ابنه ، فملك عمرو جميع أعمال كرمان سوي بردشير ، وجبي الأموال ، فسار أبو جعفر نقيب نقباء الديلم إلي كرمان ، وعرف عمرو بن خلف حصوله بالشيرجان ، فعاد إلي بني ونرماشير ، وانجلت المعركة بينهما عن فرار أبي جعفر ، فنهض العباس بن أحمد الحاجب القتال عمرو ، ووقعت الحرب بينهما علي باب الشيرجان ، فانكسر عمرو ، وعاد إلي سجستان مفلولا ، مع نفر من أصحابه ، فلما دخل عمرو إلي أبيه، قيده، وأزري به، وعجزه في هزيمته ، وحبسه أياما، ثم قتله بين يديه ، وتولي غسله ، والصلاة عليه ، ودفنه في القلعة ( تجارب الأمم 192 -188/3)

وفي السنة 381 قرر صمصام الدولة، أن ينفذ قائده أستاذ هرمز ، إلي كرمان مع جيش ، فوجم أحمد بن خلف لما انتهي الخبر إليه ، فعمد إلي

ص: 299

إعمال الحيلة ، وكتب إلي استاذ هرمز كتابا أقام فيه العذر لنفسه في نقض الهدنة العضدية ، بأن من شروطها أنها كانت ماضية مدة حياتهما ومنتقلة إلي أولادهما ، ما لم يختلفوا ، وكان اختلاف أولاد عضد الدولة ، سببا لنقض الهدنة ، وأنه متي استؤنف الصلح معه ، أجاب إليه ، وأنفذ الكتاب مع أحد الصوفية ، فاستقرت الهدنة بين الطرفين ، وكتب بها كتاب ، ووثقت بالأيمان والعهود ، وأخذ فيها خطوط الشهود ، واتصلت المهاداة والملاطفة بين الجهتين ، وخلف في أثناء ذلك يجمع المال، ويثبت الرجال ، حتي إذا قويت شوكته، نقض عهده ، وأظهر كتابا من المعتضد بالله ، ببلاد كرمان ، إقطاع الجده عمرو بن الليث الصفار .

وكان بسجستان قاض يعرف بأبي يوسف البزاز ، مقبول القول بين الرعية، يعظمونه غاية الإعظام ، ويجرونه مجري الإمام ، فاستدعاه خلف وأخرجه رسولا إلي استاذ هرمز ، وضم إليه رجلا من الصوفية، يعرف بالحلبي، كالمؤانس له ، وسلم إلي المتصوف سما، ووافقه علي أن يقتل أبا يوسف، في طعام يحمل إليه من دار استان هرمز ، وعقب حضوره علي طبقه ، لينسب الناس قتله إليه ، ورتب للصوفي جمازات بين سجستان وبم ، وقال له : إذا قضيت الأرب ، فأهرب.

فتوجه أبو يوسف ، غافلا عما يراد به ، ووصل إلي استاذ هرمز ، وهو بيم، فأكرمه ، وسمع منه ما أورده عليه ، ووعده بالجواب عنه ، ودخل الصوفي بينهما في السفارة ، وحصلت له بها قدم عند استان هرمز ، فأنس به ، فأشار عليه باستدعاء أبي يوسف إلي طعامه، ليشاهد فضل مروءته ، فيتحدث به في بلده ، فقبل منه ، واستدعي أبا يوسف لذلك ، فاستعفاه ، وامتنع ، فصار الصوفي إلي أبي يوسف ، وقال له : إن في امتناعك عليه إيحاشا له ، ولم يزل به حتي لبي دعوته ، وحضر عنده في بعض ليالي شهر رمضان، واتخذ الصوفي شيئا كثيرا من القطائف ، فمنه ما عمله بالفانيذ

ص: 300

السجزي ، علي عادة تلك البلاد ، ومنه ما عمله بالسكر الطبرزد واللوز ، علي رسم أهل بغداد ، وجعل السم في البغدادي ، فلما انصرف أبو يوسف من دار استان هرمز بعد إفطاره ، سأله الصوفي عن حاله ، وما شاهده من مروءته ، فما زال أبو يوسف يذكر شيئا ، شيئا ، حتي أفضي الحديث إلي ذكر القطائف ، فوصف أبو يوسف جودة ما أحضر منها علي الطبق ، فقال الصوفي : ما أظن القاضي أكل مما يصلح عندنا في العراق ، وقد عملت منه شيئا ليأكله ، ويعلم أن لبغداد الزيادة علي كل بلد ، وقام ، وأحضر ما أودعه السم ، فاستدعي أبو يوسف جماعة من أصحابه ليأكلوا معه ، فقال له الصوفي : هذا شيء نحب أن يتوفر عليك ، وقد عملت لأصحابنا ما يصلح لهم ، وأحضر ما كان عمله علي رسم تلك البلاد ، ودعا القوم إليه ، وأكل أبو يوسف من المسموم وأمعن فيه ، وخرج الصوفي من الدار ، وقصد باب البلد ، وركب جمازة معدة ، ودخل المفازة متوجها إلي سجستان ، ونام أبو يوسف ، فما مضت ساعة، حتي عمل السم فيه ، وطلب الصوفي فلم يلحق ، ولا عرف له خبر ، فأحس بالحيلة .

قال أبو بكر عمر بن يعقوب كاتب أستاذ هرمز : فجاءني رسوله في جنح الليل ، يستدعيني ، فجئته وهو لما به ، يتقلب علي فراشه ، ويحتسب الله علي خلف ، فوصاني بحفظ ما يخلفه ، ومعاونة أصحابه علي حمله إلي بلده ، وتسليمه إلي ورثته ، وبقي ساعة، وقضي نحبه .

وعرف استاذ هرمز بالخبر ، فقلق لأجله ، ثم رأي كتمان الأمر وأحسن إلي أصحاب أبي يوسف ، وأعادهم موفورين ( تجارب الأمم 193/3 ۔ 195)

ووصل الصوفي إلي خلف ، وحدثه الحديث ، فقرر معه أن يقول في المحفل الذي يجتمع الناس فيه إثر استان هرمز غدر بأبي يوسف ، وسمه ،

ص: 301

وأراد أن يفعل بي مثل ذلك ، فخرجت علي وجهي هاربا منه ، وإنه نقض العهد ، وعزم علي المسير إلي هذه البلاد .

ثم عقد مجلسا فيه القضاة ، والشهود ، ووجوه الخاصة والعامة ، وأحضر الصوفي ، حتي أورد ما توافقا عليه ، فما استتم الصوفي كلامه ، حتي أجهش خلف بالبكاء والنحيب ، وقال : وا أسفاه علي القاضي الشهيد ، ونادي : النفير لغزو كرمان ، وكتب محاضر بذلك ، أنفذها إلي أصحاب الأطراف ، وشنع علي استاذ هرمز ، بالغدر والنكث ، وندب ولده طاهر المعروف بشير بابك ، مع أربعة آلاف غلام ، وخمسة آلاف رجل من السجزية ، إلي كرمان ، فاستولي علي نرماسير ، فاستعادها البويهيون منه بجيش يقوده أستاذ هرمز ( تجارب الأمم 193- 198)، وكان ذلك في السنة 381.

وفي السنة 390 ورد إلي كرمان ، طاهر بن خلف المعروف بشير بابك منافرة لخلف أبيه فاستولي علي معظم كرمان ، فتوجه إليه أبو جعفر أستاذ هرمز ، فكر راجعا منسحبا إلي سجستان ، فحارب أباه خلفا ، وتغلب عليه ، واحتل البلد ، وصعد أبوه إلي قلعة علي خمسة فراسخ من البلد تعرف بقلعة الجبل وتحصن بها .

وحاول خلف أن يفسد الرعية علي ولده طاهر ، ولكن الرعية كانت رغبتها في ابنه ، لسوء معاملة الشيخ لهم ، وقبح سيرته فيهم ، فلما يئس منهم ، عمد إلي استعمال الحيلة ، وراسل ولده ، وقال له : إني قد أخذت من المقاطعة بأكثر حظ ، وانتهيت فيها إلي أبعد حد، وتأملت امري فلم أجد لي ولدة باقية غيرك ، ولا خلقا مأمولا سواك ، ووجدتني قد كبرت ، وانقضي عمري ، إلا القليل ، وقد رأيت أن أسلم الأمر والبلد والقلعة ، وما لي فيها ، إليك ، وأزيل الوحشة العارضة بيني وبينك ، وأتوفر علي أمر الله تعالي ، في المدة الباقية لي معك ، واقتصر علي البالغة من العيش في كنفك ، ومن

ص: 302

بدك ، فأني لست آمن ، أن يقضي الله تعالي علي قضاءه ، فيستولي علي هذه القلعة، من فيها ، ويخرج مالي ، ونعمتي ، وما جمعه طول تدبيري، إلي غير ولدي ، ومن بقاؤه بقاء ذكري ، ولم يزل يراسله ، ويطمعه ، حتي استغره وخدعه، وتقرر بينهما أن يركب ابنه إلي أسفل القلعة ، وينزل خلف ، ويجتمعا علي قنطرة كانت كخندق من دونها، ويشاهد كل واحد منها صاحبه ، ويوصي خلف اليه ، ويعرفه ماله ومواضعه، وركب طاهر وحده ، وجاء إلي تحت القلعة ، ونزل خلف علي مثل هذه الصورة ، والتقيا علي القنطرة ، وقبل طاهر يد أبيه ، وعانقه أبوه ، وضم رأسه إلي صدره ، وكان تحت القنطرة في حافات الخندق دغل كثير ، من بردي ، وحشيش ، يستتر المستتر به ، وقد أكمن له خلف مائة رجل في أيديهم سيوف ، فلما ضمه خلف إلي صدره، بكي بكاء أجهش فيه حتي علا صوته ، وكانت هذه علامته الأفراد الكمين، فخرج القوم، فأمسكوا طاهرة ، وأصعدوا به إلي القلعة ، فقتله خلف ، وغسله بيده ، ودفنه ، وتأتي الخبر إلي أصحاب طاهر ، فاستسلموا لخلف، وسلموا البلد إليه ، وعاد إلي موضعه منه .

وكان أعداء خلف يراقبونه لأجل طاهر ابنه ، وما ظهر من نجابته ، ورجلته ، وشجاعته ، ونجدته ، فلما هلك طمعوا فيه ، وجرد إليه يمين الدولة ، محمود بن سبكتكين عسكرة ، في السنة 393 واستولي علي بلده وقلعته ، وأخذه إلي خراسان ، فجعله بالجوزجان ، فخلي فيها كمعتقل، ومطلقا كمحبوس ، وأجري عليه ما يحتاج لإقامته ، ونفقاته ، ثم بلغ السلطان عنه بعد أربع سنين ( السنة 397) إنه يكاتب إيلك خان صاحب بخاري ، فضيق عليه ، وأخذه معه في حملته علي الهند فمات في حبسه ببلاد الهند في السنة 399، ( تاريخ هلال الصابي 8/ 375- 386) .

وفي السنة 399 مات لؤلؤ غلام ابن حمدان ، وكان قد استولي علي حلب ، عند وفاة مولاه أبي الفضائل بن سعد الدولة الحمداني ، فلما مات

ص: 303

لؤلؤ ، خلفه ولده منصور ، فحصره في حلب أبو الهيجاء بن سعد الدولة ، واستنجد منصور بالمغاربة جيش الفاطميين ، وبجماعة من بني كلاب ، فأنجدوه ، فارتحل أبو الهيجاء عن حلب ، وجاء الكلابيون إلي منصور يطالبون بما شرطه لهم ، وكانوا في سبعمائة ، فيهم جميع أمراء بني كلاب ، وذوي الرئاسة والشجاعة ، فغدر منصور بهم ، وأمر بوضع السيف فيهم ، وحبس منهم جماعة ( خطط الشام 248/1 ).

وفي السنة 426 كتب خوارزم شاه هارون بن ألتون تاش إلي السلاجقة يستدعيهم للإتفاق معهم ، وتكون أيديهم واحدة ، فسار إليه طغرل بك وأخواه داود وبيغو، وختموا بظاهر خوارزم ، ووثقوا به ، واطمأنوا إليه ، فغدر بهم ، ووضع عليهم الأمير شاه ملك ، فكبسهم ومعه عسكر خوارزم شاه ، فأكثر فيهم القتل ، والنهب ، والسبي ، وارتكب من الغدر خطة شنيعة ( ابن الأثير 477/9)

وفي السنة 466 وثب الحسن بن أبي البركات بن ثمال الخفاجي ، علي عمه علي بن ثمال ، أمير خفاجة ، فقتله ، وحل محله في الإمارة ( ابن الأثير 444/9 )

وفي السنة 437 قتل صاحب إربل عيسي بن موسي الهذياني ، غدر به ابنا أخيه ، وسارا إلي قلعة إربل فملكاها. وكان سلار بن موسي ، أخو المقتول ، عند قرواش صاحب الموصل ، فسار قرواش إلي اربل وملكها ، وسلمها إلي سلار ( ابن الأثير 531/9 ).

وفي السنة 447 دخل السلطان طغرل بك السلجوقي بغداد ، ودخل عسكره للأمتيار، فاختلف بعضهم مع أحد العامة ، فهاج العامة ورجموهم، وخرج قسم منهم إلي العسكر السلطاني فحاربوهم ، فاتهم السلطان طغرل بك ، الملك الرحيم البويهي بأنه هو الذي أرث هذه الفتنة ، وطلب

ص: 304

حضوره ، وقال : إن حضر برئت ساحته وإن تأخر عن الحضور ، أيقنت أن ما جري كان بوضع منه ، وأرسل للملك الرحيم وأصحابه أمانأ ، فأمره الخليفة بقصده ، فلما دخل الملك الرحيم إلي خيمة السلطان ، أمر بالقبض عليه ، وعلي من معه ، فقبض عليهم ، وحبسوا ، ثم حمل الملك الرحيم إلي قلعة السيروان ، ثم نقل الي قلعة الري ، فمات بها في السنة 450 ( ابن الأثير 609/9-613 و650).

وفي السنة 447 قتل الأمير أبو حرب سليمان بن نصر الدولة بن مروان صاحب الجزيرة، وسبب ذلك إنه تنافر مع الأمير موسك بن المجلي ، زعيم الأكراد البختية ، وأراد الغدر به ، فراسله واستماله، وسعي في تزويجه بابنة أبي طاهر البشنوي ، فتزوجها، واطمأن موسك من سليمان ، فسار إليه ، فغدر به ، وقتله، فشق ذلك علي أبي طاهر ، وأرسل الي سليمان يقول : حيث أردت قتله ، فلماذا جعلت ابنتي طريقة لذلك ، وقلدتني العار ؟ فخافه أبو حرب ، ووضع عليه من سقاه سما ، فمات، وخلف أبا طاهر ، ولده عبيد الله ، فتظاهر أبو حرب بالمودة له ، واتفق علي الإجتماع ، فلما نزل أبو حرب إليه ، قتله عبيدالله ( ابن الأثير 606/9 و 607).

وفي السنة 450 قتل المعتضد صاحب إشبيلية . عبدون بن خزرون الزناتي ، صاحب أركش وشذونة ، كان موالية للمعتضد ، ثم انحرف عنه إلي باديس بن حبوس صاحب غرناطة ، فدعاه المعتضد لزيارته ، فلما جاءه ، قبض عليه وسجنه ، ثم قتله ( الاعلام 329/4 ).

وفي السنة 458 قتل عماد الدولة ، أبو عبدالله محمد بن خزرون بن عبدون الزناتي ، صاحب شذونة ، وأركش ، في الأندلس ، وهو من ملوك الطوائف ، كان هو ، وأخوه عبدون ، يحكمان سوية ، وتلقي هو وأخوه دعوة من المعتضد بن عباد، صاحب اشبيلية ، لزيارته ، فذهب أخوه ، في السنة 445 ، فغدر به ابن عباد، وسجنه ، وقتله في السجن ، فقام محمد بأعباء

ص: 305

الإمارة ، وأراد في السنة 458 أن ينتقل بأهله ، وبعض عشيرته ، إلي بلد آخر ، ففاجأه المعتضد ، فاستمات محمد ، وأمر أحد غلمانه بقتل زوجته ، وأمر آخر بقتل أخته ، فقتلتا ، ثم استقتل ، فتقدم ، وقاتل حتي قتل ( الاعلام 346/6)

وفي السنة 484 بدا لأمير المسلمين علي بن يوسف بن تاشفين المرابطي ، صاحب مراكش ، أن يستولي علي الأندلس ، ويزيل حكم ملوك الطوائف عنها ، فسير إلي إشبيلية جيشا حصر به المعتمد بن عباد اللخمي ، وأسره ، وكان له ولدان المعتد بالله والراضي بالله ، قد اعتصما بحصنين من أمنع حصون الأندلس ، فكتب إليهما أبوهما ، يخبرهما بأن دمه مرتهن باستسلامهما، فاستسلما بعد أن أخذا العهود والمواثيق علي سلامة البدن والمال ، ونزل الراضي من حصن رنده ، والمعتد من حصن مارتلة ، فغدر بهما المرابطون وقتلوهما ( المعجب للمراكشي 204-205).

وفي السنة 489 غدر الأمير قوام الدولة أبو سعيد كرابوقا ، بالأمير محمد بن شرف الدولة مسلم بن قريش، فقتله، وتفصيل ذلك إن كر ابوقا كانت إليه الرها وحران ، ولما استولي عليها السلطان ملكشاه ، أسره وحبسه بحلب ، فلما تسلطن بركياروق أمر بإطلاقه وإطلاق أخيه التون تاش ، فلما أطلقا ، جمعا عسكرة ، وتسلما حران ، وكاتبهما محمد بن شرف الدولة وهو بنصيبين ، يستعين بهما علي أخيه صاحب الموصل، فسار كرابوقا إلي نصيبين ، فخرج إليه محمد ، فاستحلفه ، فحلف له ، ثم غدر به فقبض عليه وأراد دخول نصيبين ، فمنعه أهلها ، فقتل محمد بأن غرقه ، ثم قصد الموصل فحصرها ثم فتحها ، واستولي عليها ، واستطال التون تاش هناك علي كرابوقا ، فقتله في اليوم الثالث . (ابن الأثير 258/10 - 259).

وفي السنة 495 مات الأمير منظور بن عمارة الحسيني ، امير المدينة ، وكان قد غدر بالمعمار الذي انفذه مجد الملك البلاساني ، لعمارة القبة التي

ص: 306

علي قبر الإمام الحسن ، والعباس ، فلما قتل البلاساني هرب المعمار الي مكة ، فأرسل اليه الأمير منظور أمانا ليقدم ، فلما قدم غدر به وقتله ( ابن الأثير 352/10)

وفي السنة 498 قتل الأمير إياز ، قتله السلطان محمد السلجوقي غدرة ، وكان إياز من اتباع السلطان بركياروق ، أخي السلطان محمد ، وتوفي بركياروق ، فأصر إياز علي مقاتلة محمد ، وتحالف مع بقية الأمراء ببغداد، وخيم بالزاهر، ولما وصل السلطان محمد بجيشه إلي بغداد ، تصالح مع السلطان محمد، وحلف له محمد الإيمان التي التمسها لسلامته ، وجري التحليف بمحضر من الكيا الهراسي مدرس النظامية ، وبمحضر من الأمراء والقواد والفقهاء ، فلما كان من الغد ، حضر الأمير إياز عند السلطان محمد ، فأكرمه السلطان ، ثم إن الأمير إياز عمل دعوة عظيمة للسلطان محمد، وقدم له هدايا عظيمة ، ولكن السلطان ظل علي استشعاره منه ، وبعد أسبوع واحد من تلك الدعوة ، استدعي السلطان الأمير إياز ، وأعد له من خواصه من يقتله ، فلما دخل إلي دار السلطان ، ضربه أحدهم فأبان رأسه ، ولفت في مسح ، وألقي علي الطريق ، فدفنه بعض المتطوعة ، وكان قد جاوز الأربعين ، ولما قتل إياز ، استتر وزيره الصفي أبو المحاسن ، ثم أخذ وحمل إلي دار الوزير سعد الملك ، وزير السلطان محمد ، فقتل وعمره 36 سنة ( ابن الأثير 384 -384/10)

وحدثنا صاحب إعلام النبلاء 395/1 - 398 عن غدرات متلاحقة ، قال : كان خلف بن ملاعب الكلابي متغلبا علي حمص وكان الضرر به عظيمة ، إذ كان رجاله يقطعون الطريق ، ويلجأ اليه اللصوص ، فحاربه تتش بن ألب أرسلان ، وطرده عن حمص ، فنزح خلف إلي مصر، وأغري الفاطميين بالإستيلاء علي أفامية ، علي أن يكون فيها من قبلهم ، وقال لهم : أني أرغب في قتال الإفرنج ، وأؤثر الجهاد، فاستولوا علي الحصن ،

ص: 307

وأسلموه اليه ، وأخذوا ولده رهينة ، فلما ملك الحصن ، خلع طاعتهم ، فأرسلوا اليه يتهددونه بقتل ولده ، فأعاد الجواب : أني لا أنزل عن مكاني ، وأبعثوا الي ببعض أعضاء ولدي حتي آكلها، فأيسوا منه ، وأقام ابن ملاعب بأفامية ، يخيف السبل، ويقطع الطريق ، واجتمع عنده كثير من المفسدين ، فدخل علي ابن ملاعب فقيه من الباطنية ، وداخله حتي وثق به ، وكاتب أصحابه بالشام ومصر، من أجل الإستيلاء علي أفامية ، وبلغ ابن ملاعب

طرف من الخبر ، فأحضر الفقيه ، وسأله ، فقال له الفقيه : أيها الأمير ، قد علم كل أحد، أني جئتك جائعا خائفة ، فأمنتي، وأغنيتني ، فصرت ذا مال وجاه ، فإن كان بعض من حسدني علي منزلتي منك ، وما غمرتني به من نعمتك ، سعي بي اليك ، فأسألك أن تأخذ جميع ما معي ، وأخرج كما جئت ، وحلف له علي الولاء والنصح ، فقبل عذره وأمنه ، وعاود القاضي مكاتبة أبي طاهر بن الصائغ واتفق معه علي أن يبعث اليه ثلثمائة رجل من أصحابه ، يحتالون للدخول إلي أفامية ، فدخلوا، وانتظروا إحدي الليالي حتي نام الحرس بالقلعة ، فاصعدوا بالحبال ، وقصدوا أولاد خلف بن ملاعب ، وبني عمه، فقتلوهم بأجمعهم ، وقصد القاضي وجماعة من أصحابه الأمير خلف ، وكان مع امرأته ، فأحس بهم ، وقال : من أنت ؟ فقال له القاضي : أنا ملك الموت ، جئت لقبض روحك ، ثم قتله، وقتل أصحابه وأولاده ، وهرب واحد من أولاده واسمه مصبح ، فقصد طنكريد الإفرنجي ، صاحب انطاكية ، وأطمعه بالإستيلاء علي أفامية ، فقصدوها، وحصرها، وتسلمها بالأمان ، ثم غدر بابي الفتح فقتله بالعقوبة ( أي بالعذاب ) وغدر بأبي طاهر بن الصائغ ، إذا اعتقله ، ثم قتله وكان ذلك في السنة 498، راجع ابن الأثير 408/10-410)

وفي السنة 500 أقطع السلطان محمد السلجوقي ، الأمير جاولي سقاوو، الموصل ، وكان من قبل مسيطرة علي خوزستان وفارس ، وقد أساء

ص: 308

السيرة في أهلها ، وقطع أيديهم ، وجدع أنوفهم ، وسمل أعينهم ، فلما سار إلي الموصل، تصدي له جكرمش صاحبها، واقتلا، وفر أصحاب جكرمش ، وبقي هو لا يقدر علي الفرار ، لأنه كان مصابا بالفالج ، يحمل في محقة ، فأسره جاولي ، وسجنه في جب ، ووكل به حراسأ يحرسونه ، لئلا يسرق، وتوفي في حبسه ، وكان مع جكر مش رجل من أعيان أهل الموصل، يقال له أبو طالب بن كسيرات ، ففر لما أسر جكرمش إلي إربل ، فكتب جاولي إلي صاحب أربل ، أن يبعث إليه بأبي طالب ، لقاء إطلاقه أولاد صاحب إربل من الأسر ، فغدر صاحب اربل بأبي طالب ، وبعث به إلي جاولي ، وكان قاضي الموصل أبو القاسم ابن ودعات ، عدوا لأبي طالب ، فكتب إلي جاولي : إن قتلت أبا طالب سلمت إليك الموصل ، فقتله ، وبعث برأسه إليه فأظهر القاضي الشماتة به ، وأخذ كثيرة من أمواله وودائعه ، فثار به الجند الأتراك ، غضب لأبي طالب ، وقتلوه ، وكان بينهما شهر واحد ( ابن الأثير 424/10- 425).

وفي السنة 502 كان حصن عرقة ، من أعمال طرابلس ، بيد غلام للقاضي ابن عمار ، صاحب طرابلس ، وهو من الحصون المنيعة ، فعصي علي مولاه ، ثم ضاق به الحال ، فأرسل إلي أتابك طغتكين ، أن يرسل إليه من يتسلم منه القلعة لئلا يستولي عليها الإفرنج ، فأرسل إليه طغتكين أحد أصحابه ، واسمه اسرائيل، في ثلثمائة رجل ، وتسلم الحصن ، فلما نزل غلام ابن عمار من الحصن ، رماه إسرائيل بسهم ، فقتله غدرة ، لكي لا يطلع طغتكين علي ما خلفه بالقلعة من الأموال ( ابن الأثير 486/10 ).

وفي السنة 518 تنكر نور الدولة بلك ، صاحب حلب ، لحسان بن كمشتكين ، صاحب منبج ، فأنفذ قطعة من عسكره ، وطلب منهم أن يمروا علي منبج ، وأن يستعينوا بحسان لكي يخرج معهم للإغارة علي تل باشر ، فإن خرج ، قبضوا عليه ، ففعلوا ذلك ، وقبضوا علي حسان ، ودخلوا منبج ،

ص: 309

وعصي عليهم الحصن ، وكان فيه أخو حسان ، فطالبوه بالإستسلام ، فأبي ، فعذبوا حان أمامه ، وعروه وسحبوه علي الشوك ، فأصر علي الاباء فحبسوا حان في حصن بالوا ( أعلام النبلاء 452/1 - 453).

وفي السنة 524 كتب الأتابك عماد الدين زنكي ، صاحب حلب والموصل ، إلي تاج الملوك بوري بن طغتكين بالمساعدة علي الجهاد ضد الكفار ، فأرسل اليه ولده بهاء الدين سونج صاحب حماة ، مع خمسمائة فارس وجماعة من الأمراء ، فأكرمهم عماد الدين ، ثم غدر بسونج فاعتقله وأصحابه ، وحملهم الي حلب ، فحبسهم ، ثم أخذهم معه إلي الموصل ، وكان الذي حسن له الغدر خيرخان بن قراجا صاحب حمص إذ رغبه في حبس سونج والإستيلاء علي حماة ، وتسليمها اليه لقاء مال، فحصر عماد الدين حماة ، وتسلمها ، وسلمها إلي خيرخان ، ثم قبض علي خير خان وقت العشي من ذلك اليوم ، وعذبه أنواع العذاب ، وكان يربطه علي غرائر التبن ويعاقبه ( يعذبه ) (أعلام النبلاء 477/1 ).

وفي السنة 532 حصر ملك القسطنطينية مدينة بزاعة ، وهي مدينة لطيفة علي ستة فراسخ من حلب ، وضيق علي من بها ، فملكها بالأمان ، ثم غدر بأهلها فقتل منهم وأسر وسبي ، وكان عدة من جرح فيها من أهلها خمسة آلاف وثمانمائة نفس ، وتنصر قاضيها وجماعة من أعيانها نحو أربعمائة نفس ( ابن الأثير 56/11 ).

وفي السنة 533 حصر عماد الدين زنكي ، بعلبك ، وفتحها ، وبقيت القلعة ، فنزل حماتها علي أمان عماد الدين ، فلما ملكها غدر بهم ، وأمر بصلبهم فصلبوا ولم ينج منهم إلا القليل ، فاستقبح الناس ذلك من فعله واستعظموه ( ابن الأثير 69/11 ).

وفي السنة 539 قتل الملك ألب ارسلان، المعروف بالخفاجي ، ولد

ص: 310

السلطان محمود ، الأمير نصير الدين جقر ، نائب أتابك زنكي بالموصل وشرقي الفرات، وكان زنكي أتابك للملك ألب أرسلان ، ونصب نائبه الأمير نصير الدين ليدبر أمور الملك ألب ارسلان بالموصل وشرقي الفرات ، فحسن بعض المفسدين للملك ألب أرسلان أن يقتل الأمير نصير الدين ، ويستقل بإدارة المملكة ، فقتله غدرة ، فأخذوه إلي القلعة ، وحبسوه فيها ، مع من أعان علي قتل نصير الدين ( ابن الأثير 101/11 ).

وفي السنة 547 سير السلطان ملكشاه السلجوقي ، القائد سلار كرد في عسكر الي الحلة ، فسار إليه مسعود بلال ، شحنة بغداد ، وتظاهر بتأييده ، ثم قبض علي سلاركرد وغرقه ( ابن الأثير 162/11).

وفي السنة 547 قبض القائد خاص بك بن بلنكري، علي الملك ملكشاه بن محمد السلجوقي ، الذي خطلب له بالسلطنة من بعد مسعود ، وأرسل الي أخيه الملك محمد بن محمود في السنة 548 وهو بخوزستان ، يستدعيه ، وكان قصده أن يحضر عنده فيقبضه ويخطب لنفسه بالسلطنة ، فسار إليه الملك محمد، فأجلسه علي تخت السلطنة ، وخطب له ، وبالغ في خدمته ، وفي ثاني يوم دخوله علي الملك ، قتله محمد ، وقتل معه زنكي الجاندار ، وألقي برأسيهما إلي أصحابهما ، فتفرقوا ( ابن الأثير 162/11 ).

وفي السنة 560 قبض المستنجد بالله علي الأمير توبة العقيلي ، وكان قد قرب منه قربأ عظيمة بحيث كان يخلو به ، وأحبه المستنجد محبة عظيمة ، فحسده الوزير ابن هبيرة ، ووضع كتبا من العجم مع قوم يظهر منها إنه واطأ عساكر همدان علي الخروج والعصيان ، وأمرهم أن يتعرضوا ليؤخذوا ، ففعلوا ذلك ، وأخذوا ، وأحضروا عند الخليفة ، فأظهروا الكتب بعد الإمتناع الشديد ، فلما وقف الخليفة علي الكتب ، خرج الي نهر الملك يتصيد ، وكانت حلل توبة علي الفرات ، فحضر عنده ، فأمر بالقبض عليه ، وأدخل

ص: 311

بغداد ليلا ، ثم قتله ، ولم يمتع الوزير بعده بالحياة أكثر من ثلاثة أشهر ( ابن الأثير 11/ 320 والمنتظم 210/10 ).

ومن الغدرات المشهورة ، غدرة صاحب بيروت الإفرنجي ، بالأمراء التنوخيين أولاد كرامة بن بجير ، وقد كان كرامة ثقيلا علي صاحب بيروت ، وحاول أخذه مرارا فلم يتمكن ، فأخذ في الحيلة عليه ، وهادن أولاده ، وصاحبهم ، حتي أخذوا ينزلون إلي الساحل ، وألفوا الصيد معه بالطير وغيره ، وكان يكرمهم ، ويحبوهم ، وما زال يستدرجهم مرة بعد مرة ، ثم أخرج ابنه معه ، وهو شاب ، وقال : قد عزمت علي زواجه ، ثم دعا ملوك الساحل ، وأولاد كرامة الثلاثة ، فأتوه ، وتأخر اصغر أولاد كرامة مع أمه بالحصن في عدة قليلة ، وامتلا الساحل بالشواني ، والمدينة بالإفرنج ، وتلقوهم بالشمع والأغاني ، فلما صاروا في القلعة ، وجلسوا مع الملوك ، غدر بهم ، وأمسكهم ، وأمسك غلمانهم ، وغرقهم ، وهاجم حصنهم في نفس الليلة ، فخرج ابن كرامة الصبي ، وعمره سبع سنوات ومعه امه من الحصن ، وأدرك السلطان صلاح الدين الأيوبي ، وتوجه إليه بعد أن فتح بيروت في السنة 83ه ، وباس رجله في ركابه ، فمد صلاح الدين يده ولمس بها رأس الصبي ، وقال له : أخذنا بثارك، طيب قلبك ، أنت مكان أبيك، وأمر بأن تكتب له أملاك أبيه ( خطط المقريزي 171/2 ).

وذكر صاحب الدرر الكامنة 140/2- 141: إن ناصر الدين التنوخي، أمير الغرب ، وهي منطقة قرب بيروت ، توفي في السنة 751 وكان جده بجير صاحب حصن الغرب قذي في عين صاحب بيروت أيام الفرنج، فلما توفي ، ونشأ أولاده أحبوا الصيد، فراسلهم الإفرنجي أمير بيروت ، وأكرمهم ، واستدرجهم ، ثم دعاهم ليحضروا عرس ولده ، فحضر الثلاثة وغرقهم بأجمعهم في البحر ، وركب في عسكره إلي الحصن ففتحوه ، وخرجت الأم مع ولدها الصغير وعمره سبع سنين ، واسمه حجي ، فلما فتح السلطان

ص: 312

صلاح الدين بلاد صيدا وبيروت ، أعاد إلي حجي أملاكه، وجحي هو والد جد ناصر الدين المتوفي سنة 751.

وفي السنة 568 لما مات خوارزم شاه أرسلان ، خلفه ولده الأصغر سلطان شاه محمود ، ودبرت والدته الملك ، فأنف الولد الأكبر علاء الدين تكش ، واستعان بملك الخطا ، فأمده بجيش من الخطا ، واقتتل الأخوان ، وظفر تكش ، واستولي علي المملكة ، فلما ثبت قدمه بخوارزم ، غدر بالخطا ، وأمر رجال دولته بقتل من كان عندهم منهم ، فقتلوهم بأجمعهم ، ولم يسلم منهم أحد ( ابن الأثير 378/11 ).

وفي السنة 570 لما دخل الملك الصالح اسماعيل بن نور الدين محمود حلب ، قتل ابن الخشاب رأس الشيعة بحلب ، وكان قتله غدرة ، حيث أن القطب العجمي ، وابن أمين الدولة ، ضمنا للأمير عز الدين جرديك ما علي أن يقتل ابن الخشاب ، فدخل جرديك علي الملك الصالح ، وأخذ خاتمه أمانأ لابن الخشاب ونودي عليه، فحضر ، وركب الي القلعة في جمع عظيم ، فصعد اليها والشيعة تحت القلعة وقوف. فقتل ابن الخشاب ، وعلق رأسه علي أحد أبراج القلعة ، ورمي برأسه بعد ذلك إلي البلد ( أعلام النبلاء 91/2)

وفي السنة 576 قصد السلطان صلاح الدين الأيوبي ، بلد ابن ليون الأرمني، حيث بلغه إنه استمال قوما من التركمان ، وبذل لهم الأمان ، علي أن يرعوا مواشيهم في بلاده ، ثم غدر بهم وسبي حريمهم ، وأخذ أموالهم ، وأسر رجالهم ، وقتل منهم ، فنزل صلاح الدين علي بلاده ، فأرسل اليه ابن اليون يبذل إعادة ما أخذ من أموال ، وأطلاق من أسر وسبي ، فأجابه صلاح الدين الي ذلك ، واستقر الحال ( ابن الأثير 467/11 ).

وفي السنة 579 بعث السلطان شمس الدين غياث الدين بن سام

ص: 313

الغوري ، أخاه شهاب الدين علي رأس جيش ، فحصر خسروشاه بن بهرام شاه الغرنوي ، في لهاوور ، وبذل لخسرو شاه الأمان علي نفسه وأهله وماله ، وله من الإقطاع ما أراد ، وأن يزوج ابنته بابن خسروشاه ، وحلف له علي ذلك ، فخرج إليه علي الأمان ، ثم غدروا به، فحمل خسروشاه وولده إلي السلطان ، فلما بلغا بلاد الغور ، لم يجتمع السلطان بهما، وأمر بهما فرفعا إلي بعض القلاع ، فكان آخر العهد بهما ( أي أنهما قتلا ) ( ابن الأثير 170-164/11)

وفي السنة 581 حشد علي بن اسحاق الملثم ، وقصد بلاد افريقية ، فملكها إلا تونس والمهدية ، وانضاف إلي الملثم كثير من المفسدين ، وقصد جزيرة باشرا ، وهي بقرب تونس ، فطلب منه أهلها الأمان ، فأمنهم ، ثم غدر بهم لما دخل العسكر ، فإنهم نهبوا جميع ما فيها من الأموال والدواب والغلات ، وسلبوا الناس حتي أخذوا ثيابهم ، وامتدت الأيدي إلي النساء والصبيان ، وتركوهم هلكي ، فقصدهم الموحدي ، أبو يوسف صاحب المغرب ، ولقيهم قرب قابس ، فاصطلمهم حتي كاد أن يفنيهم ( ابن الأثير 520/11 ۔ 521).

وفي السنة 582 غدر البرنس أرناط صاحب الكرك ، بقافلة من قوافل المسلمين ، غزيرة الأموال ، كثيرة الرجال ، فأخذها عن آخرها، وغنم ما فيها من أموال ، ودواب ، وسلاح، وأسر رجالها ، وأودعهم السجون ، فعل ذلك رغم وجود الهدنة ، والمحالفة بينه وبين السلطان صلاح الدين الأيوبي ، فأضاف بعمله هذا غيظا في قلب السلطان ، إضافة إلي ما كان قد صنعه من قبل ، إذ انشأ اسطولا ، وأنزله في بحر أيله ، يريد أن يغزو الحجاز ، ويخرب مكة والمدينة ، فنذر السلطان صلاح الدين أن يقتله إذا ظفر به ، وفي السنة 582 اشتبك السلطان صلاح الدين مع الإفرنج في معركة حطين المشهورة ، فلما انتصر جيشه، يكي من فرحه ، وسجد شكرا لله ، ثم جلس في خيمته ،

ص: 314

وأدخل عليه الأسري وفيهم ملك الإفرنج والبرنس أرناط ، وكان العطش قد أهلكهم ، فأمر صلاح الدين للملك الإفرنجي بالماء ، فجيء له بماء مثلوج ، فشرب، ثم ناول فضله للبرنس أرناط ، فشرب ، فقال السلطان صلاح الدين : إن هذا الرجل لم يشرب الماء بإذني ، ولن ينال أماني ، ثم كلم البرنس ، وقرعه بذنوبه ، وعد عليه غدراته ، وقال : إني نذرت دفعتين أن أقتله ، الأولي لما أراد المسير إلي مكة ، والمدينة لكي يخربهما ، والثانية : لما أخذ القفل غدرا ، ثم قتله ( ابن الأثير 527/11 - 528 و 490 و 491 و 528 و 536 و 537)

وفي السنة 599 حصر جيش خوارزم شاه علاء الدين تكش ، مدينة مرو، وفيها القائد الأمير محمد بن جربك ، فأرسل في طلب الأمان ، فأمنوه ، وحلفوا له إنه إن خرج إليهم علي حكمهم ، فإنهم لا يقتلونه ، فخرج اليهم ، فغدروا به وقتلوه ( ابن الأثير 181/12 ).

وفي السنة 604 أمر خوارزم شاه ، خاله أمير ملك ، أن يقصد غياث الدين محمود بن غياث الدين محمد، السلطان الغوري ، وأن يقبض علي غياث الدين ، وعلي أخيه ( أخي خوارزم شاه ) علي شاه بن خوارزم شاه ، فسار أمير ملك الي غياث الدين محمود ، فأرسل غياث الدين يبذل الطاعة ، ويطلب الأمان ، فأعطاه الأمان ، فنزل إليه غياث الدين ، فقبض عليه أمير ملك ، وعلي علي شاه ، وأرسل الي خوارزم شاه يعرفه الخبر ، فأمره بقتلهما ، فقتلا في يوم واحد ( ابن الأثير366/12 ).

وفي السنة 604 قتل الحسين بن خرميل صاحب هراة ، علي بابها ، وذلك إن عسكرة من عساكر خوارزم شاه كانوا مع الحسين بن خرميل في هراة ، فلما رأي اعتداءهم علي الرعية ، قبض عليهم وحبسهم ، وبعث إلي خوارزم شاه رسولا يعرفه ما صنعوا ، ويعتذر عن حبسهم ، فحقد عليه خوارزم شاه ، وبعث إليه عز الدين جلدك في الفي فارس ، وأمره أن يعتقل الحسين

ص: 315

بن خرميل ، فلما قدم عز الدين جلدك ، أراد الحسين أن يخرج لاستقباله ، فمنعه وزيره ، وقال له : لا تخرج الي لقائه ، ودعه يدخل اليك منفردا ، فإنني أخاف أن يغدر بك ، فقال له الحسين : ما أظنه يتجاسر علي ، وخرج التلقيه ، فلما تقابلا ، وأبصر كل واحد منهما الآخر ، ترجلا ، فقبض أصحاب جلدك علي الحسين بن خرميل ، فأغلقت المدينة أبوابها، وامتنع الجيش الذي فيها من تسليم المدينة ، فقدموا أبن خرميل إلي السور ، وهددوا بقتله إن لم يسلموا المدينة ، فأصروا علي الإمتناع ، فقتل ابن خرميل ( ابن الأثير 260/12-262)

وفي السنة 605 غزا خوارزم شاه الخطا ، فظفر بهم ، وعاد إلي خوارزم ومعه سلطان سمرقند، وكان من أحسن الناس صورة ، فزوجه خوارزم شاه بابنته ، ورده إلي سمرقند ، وبعث معه شحنة من عسكره ، فأقام في سمرقند سنة ، فرأي من سوء سيرة الخوارزميين، وقبح معاملتهم، ما ندم معه علي مفارقة الخطا ، وأرسل الي ملك الخطا يطلب منه أن يحضر الي سمرقند ، ليسلمها إليه ، وأمر بقتل من في سمرقند من الخوارزمية ، ممن سكنها قديما وحديثا ، وقتل أصحاب خوارزم شاه جميعهم ، فكان الرجل منهم يقطع الي قطعتين ، ويعلق في الأسواق كما يعلق القضاب اللحم ، ومضي ليقتل زوجته إبنة خوارزم شاه ، فأغلقت الأبواب ، ووقفت بجواريها تمنعه، وأرسلت إليه تقول : أنا امرأة ، وقتل مثلي قبيح ، ولم يكن مني ما يستوجب هذا منك ، فاتق الله في، فتركها ، ووصل الخبر إلي خوارزم شاه ، فقامت قيامته ، وأمر بقتل كل من بخوارزم من الغرباء ، فمنعته أمه ، وقالت له : إن هذا البلد قد جاء إليه الناس من أقطار الأرض ، ولم يرض أحد منهم بما كان من هذا الرجل، فأمر بقتل أهل سمرقند ، فنهته أمه ، فانتهي ، وقصد سمرقند في عسكر عظيم ، ولما نزل علي سمرقند ، بعث إلي صاحبها يقول : إنك قد فعلت ما لم يفعله مسلم ، فأخرج من البلد ، وأمض حيث شئت ، فأجابه

ص: 316

قائلا : لا أخرج، وافعل ما بدا لك ، فأمر عساكره فزحفت علي البلد ، وفتحها عنوة ، وقتل فيها مائتي ألف إنسان ، فأرسل إليه سلطان سمرقند، يطلب الأمان ، فقال : لا أمان له عندي ، وأسر، وأحضر أمام خوارزم شاه ، فقبل الأرض ، وطلب العفو ، فأمر بقتله ، فقتل صبرة، وقتل معه جماعة من أقاربه ( ابن الأثير 267/12 - 269).

وكان جبل التركماني قد استولي علي حصن زياد من ترجمان ملك الروم ، وكان بالقرب من حصن زياد حصن آخر صاحبه رومي فرنجي كان يقطع الطريق ويكثر قتل المسلمين ، فهاداه جبق وصاحبه حتي وثق به ، فبعث إليه جبق ان يرسل اصحابه ليستعين بهم في عمل ، فلما أرسلهم اليه أوثقهم وحملهم إلي الحصن ، وقال لأهل الحصن : والله لئن لم تسلموا إلي فرنجي الأضرب اعناق هؤلاء جميعا ، ففتحوا له الحصن وأسلموا اليه فرنجي فسلخه ( ابن الأثير 427/10 و 428).

وفي السنة 612 قتل منكلي ، صاحب همذان وأصبهان والري ، وكان منگلي هذا مملوكا ، فخرج علي سيده إيدغمش صاحب همذان وأصبهان والري ، واستولي علي مملكته وطرده عنها ، فقصد إيدغمش بغداد، والتجا إلي الخليفة الناصر، الذي وعده المعونة ، فخاف منكلي من الخليفة ، وبعث ولده محمد إلي بغداد مع جماعة من العسكر ، فأنزل ، وأكرم ، وخلع عليهم وأعيدوا إلي منكلي ، ثم إن الخليفة خلع علي ايدغمش ، وسيره إلي همذان ، ووعده بأن يعينه بجيش يعيده إلي مملكته، وبلغ منكلي الخبر ، فأرسل الي إيدغمش من قتله قبل أن يصل إليه جيش الخليفة ، فعظم خبر قتله علي الخليفة ، وأرسل الي منكلي ينكر عليه ما فعل ، فأجاب جوابا شديدا ، إذ كان قد تمكن من البلاد ، وقوي أمره ، فكاتب الخليفة كلا من الأمير أوزبك صاحب أذربيجان ، وجلال الدين الإسماعيلي ، وبعث الخليفة جندا من بغداد وجندا من إربل ، فاجتمعوا علي محاربة منكلي ، واشتبكوا مع جيشه في معركة ضارية، فانفل جيش منكلي ، وفر منهزمة إلي مدينة ساوة ، وبها

ص: 317

شحنة هو صديق له ، فأرسل اليه يسأذنه في دخول البلد ، فأذن له ، وخرج إليه فلقيه ، وقبل الأرض بين يديه ، وأدخله البلد ، وأنزله في داره ، ثم غدر به ، فأخذ سلاحه، وأراد أن يقيده ، ويرسله إلي اعدائه ، فسأله أن يقتله هو، ولا يرسله ، فقتله وبعث برأسه إلي بغداد، وكان يوم دخول الرأس مشهودة ( ابن الأثير 290/12 و 300 و 301 و 309 و 307).

وفي السنة 614 غدر الأمير أتابك سعد، صاحب فارس، بالأمير الخوارزمي الذي كان في بلده ، فقتله ، وخلاصة القصة إنه لما قتل منكلي ، صاحب همذان وأصبهان والري في السنة 912، سلم الأمير أوزبك ، بلاد الجبل ، إلي اغلمش ، مملوك أخيه ، ثم إن الباطنية قتلوا اغلمش ، فأصبحت بلاد الجبل خالية من حاكم ، فطمع فيها المجاورون ، وكان أولهم أتابك سعد ، صاحب فارس ، فإنه قصد اصبهان ، واستولي عليها ، وقصد الري ، فاصطدم بجيش خوارزم شاه ، ووقع أتابك سعد أسيرة ، فأطلقه خوارزم شاه علي أن يسلم إليه قسما من بلاده ، وبعث معه عسكرأ بقيادة أمير خوارزمي ، فلما وصل أتابك سعد إلي فارس ، وجد ولده الأكبر قد تغلب عليها، ومنع أباه من دخولها ، وجمع العساكر، وخرج لمحاربته ، ولما تلاقي العسكران ، حمل الابن علي أبيه ، فلما رآه أبوه يقصده ، ظن إنه لم يعرفه ، فقال له : أنا أبوك ، فقال له : أياك أردت ، فاضطر الأب أن يدفع عن نفسه ، وخسر الإبن المعركة ، ووقع أسيرة في يد أبيه فحبسه ، ولما عاد خوارزم شاه إلي خراسان ، غدر أتابك سعد بالأمير الخوارزمي الذي كان عنده ، فقتله ، ورجع عن طاعة خوارزم شاه ( ابن الأثير 306/12 - 307 و 307- 319- 320).

وفي السنة 616 هاجم التتار بلاد الإسلام ، وذكر إن سبب ذلك ، أن جنكيزخان راسل خوارزم شاه علاء الدين تكش بن إيل أرسلان، وبعث إليه هدايا ، وكتب إليه : أنت عندي مثل أعز أولادي ، وأريد أن تنعقد المودة بيننا ، وأن تتسع التجارة ، فأجابه خوارزم شاه بالإيجاب ، وبعث جنكيزخان

ص: 318

جماعة من التجار معهم شيء كثير من الفضة ، إلي بلاد ما وراء النهر سمرقند وبخاري ، ليشتروا له ثيابا للكسوة ، فوصلوا إلي مدينة اسمها : أوترار، وهي آخر ولاية خوارزم شاه ، فلما أبصر نائب خوارزم شاه هناك ، وهو خاله ، ما معهم من الأموال ، شرهت نفسه إليها، فقبض عليهم ، وأخذ أموالهم ، واتهمهم بأنهم جواسيس ، وكتب إلي خوارزم شاه ، فكتب إليه يأمره بقتلهم ، وإنفاذ ما معهم من الأموال ، ففعل، ولما وصل إليه المال، فرقه علي تجار بخاري وسمرقند ، وأخذ ثمنه منهم ، فلما بلغ جنكيزخان الخبر ، كتب إلي خوارزم شاه يقول : إنك أعطيت أمانك للتجار ، فغدرت ، والغدر قبيح ، وهو من سلطان أقبح ، فإن زعمت أن الذي فعل ذلك خالك ، وإنه تم بغير أمرك ، فسلمه إلينا ، فقتل خوارزم شاه الرسول ، وأمر بحلق لحي الجماعة الذين كانوا معه، وأعادهم الي جنكيز خان ، « فيا لها من حركة أهدرت من دماء المسلمين ، وأجرت بكل نقطة سيلا من الدم ( تاريخ الخلفاء 469 وابن الأثير 361/12 - 362). ولما أعاد خوارزم شاه رسل جنكيزخان ، تجهز مبادرة ، وقصد التار، ووصل إلي بيوتهم ، فوجد فيها النساء والصبيان والأثقال ، فأوقع بهم ، وغنم الجميع ، وسبي النساء والذرية، ولما بلغ التتار ما فعل خوارزم شاه بأبياتهم ، جذوا السير فأدركوه ، وتصافوا للحرب ، واستمرت المعركة ثلاثة أيام بلياليها ، فقتل من المسلمين عشرون ألفا ، ومن التتار ما لا يحصي عدده ، وكان عسكر التتار عسكر ابن جنكيزخان ، وفي الليلة الرابعة انسحب العسكران ، وعاد التتار إلي ملكهم يخبرونه بما حصل ، وعاد خوارزم شاه إلي بخاري فحضنها ووضع فيها عشرين ألف فارس ، وإلي سمرقند ووضع فيها خمسين ألف فارس ، وعاد فنزل قريبة من بلخ ، وبعد خمسة أشهر أحاط التتار بخاري ، وبعد معركة عنيفة طلب أهل بخاري الأمان ، فأمنهم جنكيز خان ، فلما خرجوا بالأمان ، غدر بهم ، وأمرهم بالخروج عن البلد، فخرجوا ، واجتمعوا في مكان ، فأحاط بهم التتار ، وتقاسموهم ، فمنهم من قتل ، ومنهم من أسر وعذب في طلب المال ،

ص: 319

فمات كثير منهم ، وساقوا الباقي إلي سمرقند ، وهم مشاة علي أقبح صورة ، ومن أعيا أو عجز عن المشي قتلوه ، وكذلك صنعوا في سمرقند، إذ طلب الجنود الخوارزميون ، الأمان ، فأمنوهم، فخرجوا إلي النار بأموالهم وأهليهم ، فأخذوا منهم أسلحتهم ، ثم غدروا بهم ، وعطفوا عليهم ، فقتلوهم جميعا ، وأخذوا الأموال والنساء ، وفعلوا مع أهل سمرقند مثلما فعلوا مع أهل بخاري من القتل والتعذيب والإسترقاق ، وأحرقوا الجامع ، ثم سير جنكيز خان عشرين ألف فارس ، وأمرهم أن يطلبوا خوارزم شاه ، ولو تعلق بالسماء ، فقصدوه ، فرحل هاربا منهم في نفر من خاضته ، وكلما رحل عن منزلة نزلوها ، حتي نزل في بحر طبرستان ، واستقر بجزيرة في البحر، فمات فيها (ابن الأثير 358/12 - 370) أما بشأن ما صنع التتار وما خربوا، فقد أجملنا ذلك في هذا الكتاب ، في الباب الحادي عشر : القتل، الفصل الأول : القتل بالسيف ، القسم الثاني : القتل في المعركة .

وفي السنة 616 سير جنكيزخان جيشأ من التتار، مع أحد أولاده إلي مدينة مرو ، وبها مائتا ألف من المسلمين ، فكانت بينهم وبين التتار حرب عظيمة شديدة ، صبر فيها المسلمون ، ثم انهزموا ، ودخلوا البلد، وأغلقوا أبوابه ، فحصر التتار البلد حصار طويلا ، ثم أمنوا مقدم البلد ، فخرج إليهم بالأمان ، فخلع عليه ابن جنكيز خان ، وأكرمه ، وعاهده الا يتعرض لاحد من أهل مرو ، ففتح الناس الأبواب ، فلما تمكنوا منهم ، استعرضوهم بالسيف ، وقتلوهم غدرة عن آخرهم فلم يبقوا منهم باقية ، ثم ساروا إلي نيسابور ففعلوا بها من الغدر والقتل ما فعلوا بمرو ، ثم قصدوا طوس فنهبوها، وقتلوا أهلها ( شرح نهج البلاغة 235/8 - 236).

وفي السنة 619 هلك في جت بحران، الأمير عماد الدين احمد بن علي المشطوب ، وكان غدارة ، ففي السنة 615 وكان الإفرنج يحاصرون دمياط ، تصرف تصرفا أدي إلي تسليمها إلي الإفرنج ، إذ أنه لما بلغه وفاة

ص: 320

العادل ، تآمر علي أن يحول بين الكامل بن العادل ، وبين السلطنة ، وفارق موضعه في الموقعة لإتمام المؤامرة ، فاختل وضع العسكر ، وبلغ الكامل ما أراده ابن المشطوب ، ففارق موضعه وسار إلي قرية من قري مصر اسمها اشموم طناح ، فزاد وضع العسكر اختلالا ، فاحتل الإفرنج دمياط ، أما ابن المشطوب هذا فقصد الملك الأشرف موسي بن العادل ، وصار في جملته فولاه رأس عين ، ثم غدر به وانحاز عنه إلي الأمير زنكي أحد خصوم الأشرف ، ولما خسر زنكي الموقعة ، انفصل عنه ابن المشطوب، ومر بنصيبين هاربا يريد إربل ، فحاربه شحنة نصيبين ، فانهزم من الشحنة ، وتفرق جمعه ، ومضي منهزمة ، فاجتاز بطرف بلد سنجار ، فأرسل صاحب سنجار ، فروخ شاه إليه عسكرأ ، فهزموه ، وأخذوه أسيرة ، وحملوه إلي سنجار ، وكان صاحب سنجار محالفا للاشرف ، فأغراه ابن المشطوب ، وحسن له مخالفة الأشرف ، فأجابه ، وأخذه معه ، وقصد اعمال الموصل، فطردهم عنها بدر الدين لؤلؤ ، ثم اتبعهم بجيشه، فأسر ابن المشطوب، وسجنه بالموصل، ثم اخذه منه الأشرف ، فحبسه بجب في حران ، إلي أن هلك في السنة 619 ولقي عاقبة بغيه ( ابن الأثير 325/12 ، 342، 343، وأبو الفداء 121/3 ، 125).

أقول : راجع في هذا الكتاب ، في الباب الرابع ، الفصل الأول : الحبس ، القسم الأول ، السجون الإعتيادية ، البحث السابع : الحبس في القلاع والحصون ، ما لاقاه هذا الغادر ، في حبس الملك الأشرف بقلعة حران ، من التضييق الشديد، والحديد الثقيل في رجليه ، والخشب في يديه ، وامتلاء رأسه ولحيته وبدنه بالقمل . :

وفي السنة 627 لجأ الأمير غياث الدين شير شاه بن خوارزم شاه علاء الدين محمد بن تكش ، إلي كرمان ، فغدر به صاحبها براق حاجب ، وأمر بقتله، فقتل ( معجم انساب الأسر الحاكمة 318) .

ص: 321

وفي السنة 628 قصد التتار أذربيجان ، فحصروا مراغة ، فاستسلم أهلها بالأمان ، ودخلها التتار ، فغدروا بأهلها، وقتلوا فيها ( ابن الأثير 497/12)

وفي السنة عينها قصد التتار مدينة اسعرد ، وبذلوا الأمان لأهلها ، فلما استسلموا غدروا بهم ، ووضعوا فيهم السيف فقتلوهم ( ابن الأثير 499/12)

وفي السنة 658 حصر هولاكو قلعة حارم ، وطلب استسلام من فيها ، علي أن لهم الأمان ، فلم يطمئن أهلها الي أمانه ، وطلبوا رجلا مسلما يحلف لهم بالطلاق والمصحف علي أن لا يحصل لأحد منهم سوء ، واختاروا فخر الدين الوالي بقلعة حلب ، فأحضره وحلف لهم علي ما أرادوا ، ففتحوا الأبواب واستسلموا ، وعندئذ غدر بهم هولاكو، فأمر بقتل فخر الدين الوالي ، ثم قتل جميع من في القلعة من الرجال والنساء حتي الأطفال الذين في المهد ( إعلام النبلاء287/2 ).

ومن الغدرات المشهورة ، غدر التتار بالملك الصالح اسماعيل صاحب الموصل ، فإن أباه بدر الدين لؤلؤ كان علي علاقة حسنة بالتتار ، فلما توفي لؤلؤ في السنة 657 خلفه ولده الملك الصالح اسماعيل ، فأعلن خصومته للتتار ، فحصره الأمير سنداغو التتاري في الموصل، حتي فنيت ميرة أهلها ، وتعذرت عليهم الأقوات ، حتي أكلوا الميتة ولحوم الكلاب ، فطلب الملك الصالح ، من الأمير سنداغو ، الأمان له ولأهل البلد ، وترددت الرسل بينهما ، فأجاب الأمير سنداغو إلي الأمان ، فلما خرج إليه ، قبض عليه ، وعلي ولده وأتباعه ، ودخل التتار البلد ، فقتلوا ، وسبوا ، ونهبوا ، وأسروا ، ثم أمر بقتل علاء الملك ابن الملك الصالح ، وعلق رأسه علي باب الجسر ، وسير الملك الصالح وأخاه الملك الكامل الي السلطان، فأمر بالملك الصالح

ص: 322

فسلخ وجهه وهو حي، ثم قتل ، وقتل أخوه وكان ما يزال طفلا، وقتل أصحابهم وأتباعهم ( الحوادث الجامعة 347).

وروي القصة صاحب الوافي بالوفيات 193/9 - 195 ،قال : في السنة 660 قتل الملك الصالح ركن الدين اسماعيل بن الملك الرحيم بدر الدين لؤلؤ ، صاحب الموصل ، قتله التاتار غدرة بعد أن أمنوه، وكان أبوه بدر الدين لؤلؤ ، قد هادنهم وهاداهم ، أما الملك الصالح فإنه حاربهم ، واستنجد بسلطان مصر ، فأنجده بنجدة ما لبثت أن انكسرت في سنجار ، ثم إن الملك الصالح أخرج الي التاتار ولده علاء الملك للمفاوضة في الصلح ، فأجابوه ، وخرج اليهم ، بالأمان ، فحملوه إلي الجوسق ، ودخل التاتار البلد ، ونادوا بالأمان ، فظهر الناس ، واطمأنوا ، وباعوا ، واشتروا ، ثم غدر بهم التاتار ، وأجالوا السيف فيهم تسعة أيام ، ثم أخذوا علاء الملك ابن الملك الصالح ووسطوه ، وعلقوه باب الجسر ، ثم قتلوا الملك الصالح وهم متوجهون إلي بيوت هولاكو .

وفي السنة 681 طلب الملك أرغون التاري، الخواجا شمس الدين محمد الجويني الوزير ، فاستتر ، ثم أخذ له ملك اللور أمانا ، واحضره اليه ، فغدر به وقتله ( وفات الوفيات 453/2 ).

وفي السنة 709 قتل الأمير آقوش الرومي جمال الدين المنصوري ، وكان قد انحاز إلي الأمير بيبرس الجاشنكير لما تسلطن ، فلما تحرك الناصر محمد بن قلاوون ليعود إلي ملكه ، نيط بالأمير آقوش حفظ طريق السويس ، فغدر به سبعة من مماليكه ، فقتلوه غيلة وأخذوا ماله ، وتوجهوا إلي الناصر ( الدرر الكامنة 426/1 ).

وفي السنة 715 مات الكاتب أبو العباس احمد بن علي الملياني المراكشي ، صاحب الغدرة المشهورة وكان صاحب العلامة عند سلطان

ص: 323

المغرب ، وكانت فتكته الشنيعة، أنه كان يحقد علي جماعة من أعيان مراكش ، ويتهمهم بأنهم أغروا السلطان بعمه حتي قتل ، فزور كتابأ سلطانية يتضمن امرأ من سلطان مراكش بقتل هؤلاء الذين كان يحقد عليهم ، فلما اطمأن من وصول الكتاب ، وقتل هؤلاء ، فر إلي الأندلس ( الاحاطة 292۔ 294)

وفي السنة 725 قتل عمر بن بلبال العلهي ، من اليمن ، كان علي لحج وأبين للمؤيد الرسولي ، ثم لابنه مجاهد ، وانتقض عليه سنة 723 وخطب للظاهر بن المنصور ، واحتل عدن للظاهر ، وقصد تعز، ثم عاد إلي عدن ، ودخلها صلحا في جماعة معه ، فغدر به واليها ابن الصلحي ، وقتله ومن معه ( الاعلام 200/5 ).

وعصي الأمير قيصر الرومي ، علي سلطان الهند محمد بن تغلق (725-750) وتحصن بمدينة سيوستان ، فنهد إليه عماد الملك سرتيز مملوك السلطان، وحصر قيصر ، فطلب وأصحابه الأمان ، فأمنهم ، ولما نزلوا علي أمانه ، غدر بهم ، وبسط عليهم أصناف العذاب ، وقتلهم ( مهذب رحلة ابن بطوطة 6/2 و 7).

وفي السنة 727 غضب السلطان أبو سعيد علي الأمير دمشق خواجه ابن الأمير جوبان ، فطلبه، فهرب ، فظفروا به ، وقتله السلطان أبو سعيد، وبلغ الأمير جوبان خبر قتل ولده ، فانحاز إلي خراسان، ولجأ إلي صاحب هراة ، الملك غياث الدين، فاستقبله بحفاوة واحترام ، ورحب به ، ثم غدر به بعد ثلاثة أيام ، فاعتقله ، وقتله، وقتل معه ولده الصغير جلو خان الذي كان معه لما لجأ إلي هراة ( تاريخ الغياثي 58۔ 61).

وروي الصفدي ، في الوافي بالوفيات 174/3 قصة من قصص الغدر القبيح ، قال : كنت يوما عند الأمير عز الدين ايدمر الخطيري ، وحضر إنسان

ص: 324

هندي، قال : إن السلطان محمد بن تغلق (725- 752) فتح تسعة آلاف مدينة وقرية ، وأخذ منها ذهبا كثيرة ، وإنه انتقل من دهلي إلي وسط البلاد التي فتحها، ليكون قريبا من الأطراف ، وإنه جري في مجلسه ذكر مكة والمدينة ، فقال : أريد أن يتوجه من عندنا ركب حاج ، فقيل له : إن ذلك في ملك الناصر محمدبن قلاوون، فقال : نجهز اليه هدية ، ونطلب منه ذلك ، وجهز مركبة قد مليء بتفاصيل هندية رفاع ، من خيار ما يكون ، وعشرة بزاة بيض ، وخدم ، وجواري ، وأربعة عشر حقأ ، قد ملئت ماسا ، وأنا - الهندي - كنت مع المسفرين ، وإننا لما وصلنا إلي اليمن ، أحضر صاحب اليمن المماليك الذين في خدمة الرسول ، وقال لهم : أيش يعطيكم صاحب مصر ؟ اقتلوا أستاذكم ، وأنا أجعلكم أمراء عندي ، فلما قتلوه ، شنق الجميع ، وأخذ المركب بما فيها ، وحضر الهندي عند السلطان ، وحدثه بالقصة ، فكتب كتابا إلي صاحب اليمن ، كان من جملته : وبعد أن كان في عداد الملوك ، أصبح وهو من قطاع الطريق .

أقول : صاحب هذه ( المكرمة )، هو صاحب اليمن السلطان الملك المجاهد سيف الدين علي بن داود من بني رسول ، خلف أباه في حكم اليمن في السنة 721 ومات في السنة 764 فخلفه ولده الملك الأفضل ضرغام الدين العباس بن علي .

وفي الدرر الكامنة 147/5 - 148 إن السلطان بو سعيد، سلطان العراق لما توفي في السنة 736 توئب خاله علي باشا علي المملكة، وأحضر رجلا من أولاد هولاكو، اسمه موسي بن علي ، كان يتكسب بالنساخة في سواد العراق ، وسلطنه ، وفي معركة مع الشيخ حسين، قتل علي باشا، وبقي موسي في جبال الأكراد أربعة أشهر ثم قصد بغداد ، وتبارز مع طوغان ، فقتله موسي ، ثم قصد اذربيجان وحارب الشيخ حسين ، فانفل جيش موسي ، وفر موسي فلجأ إلي كردي ، كان قد أحسن أليه ، فأجاره ، ثم غدر

ص: 325

به ، وحمله إلي الشيخ حسن فقتله في السنة 737، ثم قتل الكردي الذي غدر به ( الدرر الكامنة 147/5 -148).

وفي السنة 749 انتقض الوزير ابو بكر بن غازي ، علي السلطان أبي العباس أحمد بن أبي سالم المريني ، صاحب فاس ، وبايع احد الأمراء من بني مرين ، ثم جري سعي في المصالحة مع السلطان، فاستسلم الوزير ابو بكر علي الأمان ، ولكن السلطان أبا العباس ، غدر به ، فاعتقله ، وأمر بقتله ، فقتل قعصة بالرماح ( ابن خلدون 344/7 ).

وفي السنة 754 قتل بالقاهرة توسيط الأمير قراجا بن دلغادر (ذي القدر) بن خليل التركماني، نائب الأبلستين ، وكان قد لجأ اليه ثلاثة من الأمراء المصريين ، فغدر بهم ، وأسلمهم الي سلطان مصر ، ثم قصده الجيش المصري ، ففر الي ارتنا صاحب الروم ، فغدر به ، وأسلمه الي الجيش المصري ، فحمل إلي القاهرة ، فقتل توسيط ( الدرر الكامنة 3/ 329) .

وذكر صاحب الدرر الكامنة 10/4 و 11 إن محمد بن اسماعيل النصري ، قتل في السنة 763 قتله صاحب قشتالة ، وكان محمد هذا دميم الخلق ، لئيم الخلق ، وكان السلطان أبو الحجاج النصري قد زوجه ابنته، فلما مات أبو الحجاج وخلفه ولده ، منع محمد هذا من دخول القلعة في غرناطة لسوء سيرته ، فراسل أم زوجته ، وضمن لها أن يسلطن ولدها أخا زوجته ، فاعانته بالمال ، فقام بمؤامرة في السنة 761 وقتل نائب السلطنة رضوان، وجماعة من شيوخ الدولة ، ونصب أخا زوجته سلطانا ، ثم ثار به في نفس السنة ، وقتله ، وتسلطن بدلا منه ، ثم توجه السلطان إلي جهته ، فانهزم ، ولجأ إلي صاحب قشتالة الفرنجي ، فغدر هذا به ، وقتله وقتل من معه ، وعددهم ثلثمائة رجل ، واستولي علي ما معهم .

وفي السنة 768 استقل ابو الفضل بن علي بن عثمان المريني ، بحكم

ص: 326

فاس ، وكان وزيره عامر بن محمد ، قد حجر عليه، واستبد به ، وأراد أبو الفضل مرارة ، أن يقتل الأمير عبد المؤمن بن أبي علي المريني ، المحبوس في مراكش، لأنه كان المرشح للسلطنة مزاحمة له ، فكان وزيره يحول بينه وبين ذلك ، وحدث أن صعد الوزير إلي معتصمه بالجبل ، فانفذ أبو الفضل ، من قتل الأمير عبد المؤمن ، وجاءه برأسه ، وبلغ الوزير خبر ذلك ، فانتقض علي أبي الفضل ، وبايع سلطان مراكش عبد العزيز بن أبي الحسن المريني ، واغراه بأبي الفضل فجرد عليه عسكرأ ، ففر أبو الفضل ، والتجأ الي قبائل صناكة، فبذل لهم السلطان مالا جزيلا ، فأسلموه، فاعتقله السلطان في فسطاط بجواره ، ثم بعث إليه من خنقه لي ( ابن خلدون 324/7 ).

وفي السنة 785 وقعت بين قبلاي ، نائب الكرك ، وخاطر أمير العرب ، معركة عظيمة ، فانكسر قبلاي ، ثم احتال علي خاطر، إلي أن حضر عنده ، فذبحه وذبح معه ولديه ، غدرة ( خطط الشام 157/2 و 158).

وفي السنة 789 استولي ابو فارس موسي بن أبي عنان فارس بن علي المريني ، علي السلطنة بالمغرب ، واستلب الحكم من أبي العباس أحمد بن المستنصر ، واعتقل الوزير محمد بن عثمان ، وزير أبي العباس ، وكان الوزير قد لجأ إلي أحمد بن عبو ، شيخ أحياء المنبات من عرب المعقل ، واستجار به ، فخادعه أحمد، وبعث بخبره إلي السلطان ، فبعث السلطان من أحضره ، وأشهر واستصفي ، ثم قتل ذبحا بمحبسه ( ابن خلدون 352/7 ).

وفي السنة 789 وفد علي بن زكريا شيخ هسكورة ، علي السلطان أبي العباس المريني ، وكان علي قد أعان أبا العباس علي استعادة ملكه ، واشترك معه في حصار البلد الجديد ، واستدعاه السلطان فحضر ، ومعه قومه ، وعسكر المصامدة ، ولكن السلطان عزله عن الرئاسة ، وولي مكانه أحد أصهار الوزير ، فغضب علي ، وأحضر احد أمراء بني مرين ، وبايعه ، وأعلن الحرب علي السلطان أبي العباس المريني ، فبعث إليه ابو العباس

ص: 327

جندأ ، وبعد معارك ، التجأ علي بن زكريا، إلي ابراهيم بن عمران الصناعي ، فأستذم به ، فقام الوزير بترغيب ابراهيم بأموال قدمها اليه ، فأمكنه منه ، فأحضره معه ، إلي حيث اعتقل ، وقتل في محبسه ( ابن خلدون 361/7)

وكان أبو تاشفين بن السلطان أبي حمو ، قد ثار علي أبيه ، واعتقله ، ثم في السلطان من معتقله ، واشتبك مع ولده تاشفين في معارك عدة ، كان آخرها أن استغاث الإبن بسلطان المغرب أبي العباس المريني ، فأغاثه بجيش أعانه في المعركة الفاصلة مع أبيه ، حيث قتل أبوه في المعركة ، وجيء إليه بأخيه أبي عمر ، فاعتقله ثم قتله ، وتولي أبو تاشفين الحكم بتلمسان تحت حماية السلطان المريني ، وكان أبو زيان أخو أبي تاشفين ، يلي الجزائر الأبيه ، فلما سمع بمقتله حمي ، وهاجم أبا تاشفين في تلمسان ، ولكنه انكسر والتجأ إلي صاحب المغرب ، ثم مات أبو تاشفين ، فنصب أبو العباس المريني ، أبا زيان أخاه في موضعه ، فتحرك يوسف بن الزابية ، أخو أبي زيان ، وحشد لحرب أخيه ، واستعان بأحياء بني عامر ، فبعث أبو زيان إلي بني عامر ، وأجزل لهم العطاء ، فأسلموا يوسف إلي رسل أخيه أبي زبان ، فحملوه ، وقتلوه في الطريق ( ابن خلدون 364/7 ).

وفي السنة 795 كان مقتل الأمير منطاش ، وكان في آخر أمره قد لجأ إلي الأمير نعير ، فحماه في مضاربه ، فأغار عليه نائب حلب ، وهلك بين الفريقين خلق كثير ، ثم وفد عامر بن طاهر ، من آل مهنا ، علي السلطان ، فأكرمه ، وأحسن اليه ، وطلب منه أن يمكنوه من منطاش ، فعاد الي ابن عمه نعير ، وجمع آل مهنا ، وذكر وا ما هم فيه من الضنك وسوء العيش ، وعرضوا علي نعير أن يجيبهم الي واحدة من اثنتين ، إما إمساك منطاش وتسليمه الي السلطان ، وإما أن يتركهم ويترك العشيرة، ويفارقهم إلي حيث شاء من البلاد فلم يسعه خلافهم ، وأذن لهم في القبض علي منطاش ، وندب للقبض

ص: 328

عليه أربعة من عبيده ، فقصدوه وهو راكب علي هجين ، فنزل عنه وركب فرسا ، فأمسك أحدهم بلجام الفرس ، وقال له : كلم الأمير ، فأحست بالشر ، وتكاثروا عليه فأنزلوه عن فرسه ، وأمسكوا به ، وأخذوا سيفه ، فقال لهم منطاش : دعوني أبول . فقصد الي جنب الحائط ، وكان في تكته خنجر ، فأخرجه وطعن به بطن نفسه فشقها، وغشي عليه ، فحمله العبيد إلي الأمير نعير ، فقيده ، وأرسله إلي نائب حلب ، فتسلمه نائب حلب ، وحبسه بالقلعة ، وأخبر السلطان بذلك ، فأمر السلطان بإرسال الأمير طولو ليحضر منطاش، فلما وصل إلي حلب تسلم منطاشأ ، وأخذ يعذبه ، ويعصره، حتي دخل في النزع ، فقطع رأسه ، ووضعها في علبة ، وخرج من حلب عائدة إلي مصر ، وطاف برأس منطاش في كل مدينة دخلها ، حتي وصل إلي القاهرة ، فشقوا برأس منطاش في القاهرة ، ثم طلعوا بالرأس إلي القلعة ، فرسم السلطان بأن يعلق الرأس علي باب زويلة ثلاثة أيام ، فعلق ( أعلام النبلاء 476-473/2)

وذكر صاحب الدرر الكامنة 134/5 - 136 إن الأمير منطاش قتل ، وإنه كان نائب السلطنة بملطية ، في السنة 788 ، فجمع جندة ، وعصي ، واستولي علي المملكة ، واحضر السلطان حاجي . فأعاده سلطان ، وسجن الظاهر برقوق في الكرك ، ثم خامر عليه قسم من الأمراء بالقاهرة ، فحاربهم ، وهزمهم ، ثم بلغه أن الظاهر أفلت من سجن الكرك ، وجمع له ، فخرج لمحاربته في جيش ، وانهزم منطاش، وعاد الظاهر الي السلطنة ، وأرسل من حصر منطاشأ بدمشق ، فانهزم ولجا إلي نعير أمير العرب ، وكان قد عصي علي برقوق ، فحشدا وحاربا عسكر برقوق ، وظفرا به ، وتوجها إلي حلب فحصراها ، ولم يظفرا بها ، فانصرفا إلي اعزاز وعينتاب ، فنهباها ، ثم لحقت بهم عساكر برقوق ، ففر منطاش إلي مرعش ، ثم نازل دمشق ، فلم يظفر بشيء ، فقصد الأمير نعيرة ، وأقام عنده ، فراسل الظاهر الأمير نعير ، واسترضاه، ورد عليه إمرته ، فغدر نعير بمنطاش، وقبض عليه، وسيره الي

ص: 329

حلب ، فاعتقل بقلعتها ، إلي أن جاء الأمر أفقتل ، وحمل رأسه إلي مصر في السنة 795 وطيف برأسه في القاهرة ، ثم علق علي باب زويلة .

وفي السنة 796 حصر تيمور لنك تكريت ، وخرج اليه صاحبها بالأمان ، فغدر به، وهدم عليه دارا، فمات تحت الردم، وأثخن في قتل النساء والرجال والأطفال، وصنع من رؤوس القتلي مأذنتين وثلاث قباب ( شذرات الذهب 344/6 ).

وذكر صاحب الدرر الكامنة 286/2 : إن من أوائل من قصده تيمورلنك من ملوك عراق العجم ، شاه ولي صاحب مملكة مازندران ، ووقع بينهما مصاف ثبت فيه شاه ولي ثباتا عظيمة ، ثم غدر بشاه ولي ، أحد اكابر امرائه ، وهو محمد جوكان ، فقتله غدرة ، وتقرب برأسه إلي اللنك .

وفي السنة 808 قتل الأمير فارس بن صاحب الباز التركماني ، علي أثر عملية غدر ، وكان فارس قد استولي علي انطاكية وما حولها، وعلي القصير ودير كوش ، وعلي بلاد أخري غيرها ، وعظم أمره ، وانتصر في عدة حروب علي صاحب حلب ، إلا أنه انكسر في آخر معركة ، وفر الي قلعة القصير ، وتحضن فيها ، فحصره فيها نائب حلب الأمير جكم ، وطال الحصار ، فنزل الأمير فارس علي أمان الأمير جكم ، فلما حصل في يده ، غدر به ، وأسلمه الي الأمير غازي بن أوزر ، وكان عدوا له ، فقتله ، وقتل معه ولده وأخاه وجماعة من أصحابه ( اعلام النبلاء 509/2 و 510 و 154/5 ).

وفي السنة 809 خرج الأمير جكم علي الظاهر برقوق ، وأعلن نفسه سلطانة ، فأطاعه نائب دمشق ، ثم توجه جكم نحو البيرة ، فامتنع نائبها الأمير كزل عن طاعته ، ثم نزل إليه بالأمان ، فغدر به حكم ، وقتله ( اعلام النبلاء 155/5)

وفي السنة 809 طلب ابن التركية ، من الأمير يشبك الأمان ، فأمنه،

ص: 330

وحلف له، فلما قدم عليه ، غدر به ، وقبض عليه ، وسلمه للسلطان ، فوسطه ، وعلي رأسه علي باب زويلة بالقاهرة ( بدائع الزهور 2/1/ 771) .

وفي السنة 824 قتل الأمير كردي ، أمير التركمان غدرة ، وكان قد قدم الي حلب للسلام علي الأمير ططر، الذي تسلطن بعدها باسم الملك الظاهر ، فلما صار الأمير كردي بالقلعة ، اعتقله الأمير ططر وأمر بشنقه ، غيظأ منه لأنه سبق أن كسر جيش ططر في معركة جرت بينهما في السنة 810، فشنق تحت قلعة حلب ( اعلام النبلاء 18/3 و 19).

وفي السنة 825 عصي الأمير تغري بردي نائب حلب ، فحصره جيش السلطان في قلعة بهنسا ، ثم نزل علي الأمان ، فحمل الي حلب ، وحبس بقلعتها ، وظل محبوسا إلي أن قتل في السنة 830 في حبسه ( اعلام النبلاء 20/3 و 21).

وفي السنة 835 استنزل أصبهان شاه بن قرا يوسف ، شاه حسين بن علاء الدولة بن أحمد بن أويس ، آخر ملوك العراق ، حاصره بالحلة ، وأعطاه الأمان ، فلما نزل إليه غدر به وقتله خنقأ ، وكان تيمورلنك قد أسر شاه حسين وأخاه حسنأ ، وحملهما إلي سمرقند ، وحبسا حينا ثم أطلقا ، فأتصل حسن بالناصر فرج ومات عنده ، وأما حسين فوصل إلي البصرة ، وكان صاحبها شاه محمد بن شاه ولد بن احمد بن أويس قد حضره الموت ، فعهد إلي شاه حسين بالمملكة ، فاستولي علي البصرة وعلي واسط وغيرها ، ثم ملك الموصل وإربل وتكريت ، فحاربه أصبهان شاه بن قرا يوسف ، وأخذ البلاد منه ، إلي أن حصر حسين شاه بالحلة ، واستنزله بالأمان ، ثم غدر به فقتله خنقأ ( شذرات الذهب 213/7 ).

أقول : ذكر الغياثي في تاريخه 142- 144 قصة مقتل السلطان حسين

ص: 331

بن علاء الدولة ، فذكر إن الأمراء ببغداد ، انكروا سيرة السلطان حسين الجلايري ، فكاتبوا الأمير أسبان ( سماه صاحب الشذرات اصبهان )، فقصد الأمير أسبان بغداد وحصرها، ودخلها فاتح ، واستسلم له السلطان حسين بأمان ، وأراد أسبان أن يقتله بحيلة ، فد إليه من أغراه بالهرب من السجن ، فباشر ذلك ، فاتخذها أسبان حجة عليه ، وقتله خنقأ ، وأعاد الغياثي قصة مقتل السلطان حسين في ص 263 ، من كتابه فقال :

في السنة 833 حاصر الأمير اسبان بجيشه ، السلطان حسين بالحلة ، وعجز السلطان حسين عن المقاومة ، فصالح أسبان علي أن يسلم إليه الحلة ، وتم الصلح في السنة 835 وخرج السلطان حسين إلي أسبان ، فلما دخل اسبان الحلة ، غدر بالسلطان حسين ، وأراد قتله بحجة ، فأوصي القائمين علي حراسته ، أن يغروه بالهرب ، ليتخذ من هربه حجة لقتله ، وتم ذلك حسب ما أراد ، فقتله، بأن أمر به فكتف وطرح تحت حائط ، وألقوا عليه الحائط ( تاريخ الغياثي 263 ).

وفي السنة 833 حصر جيش سلطان مصر الأشرف برسباي ، مدينة الرها، وكانت في يد عثمان قرا يلوك ، وفيها ولده هابيل ، فطلب المحصورون الأمان ، فأمنهم نائب الشام ونائب حلب ، فلما نزل الأمير هابيل ومعه تسعة من أعيان دولته ، وفتحوا أبواب القلعة، غدر بهم الأمراء ، واعتقلوهم ، ونهبوا المدينة والقلعة ، وأحرقوهما ، وقتلوا الرجال ، وسبوا النساء ، وفجروا بهن ، ثم احرقوهن ، وأخذوا الأمير هابيل إلي القاهرة حيث مات في السجن ( حوليات دمشقية 145- 147).

وفي السنة 858 احتال الاستادار ، بالقاهرة ، علي فصل البدوي ، وكان يقطع الطريق ، فأعطاه الأمان ، فحضر فصل وابن عم له إلي القاهرة ، بالأمان ، فلما حضرا، طلع بهما إلي السلطان ، قأمر السلطان بضربهما

ص: 332

بالمقارع ، وتسميرهما، وسلخهما ، وحش جلدهما تبنا ، ففعل بهما ذلك كله ( الضوء اللامع 171/6 ).

وفي السنة 869 بعث جهانشاه ، الي ولده بيربوداق صاحب بغداد ، رسلا، بكلام أغضبه ، فخاشنهم ، ودس إليهم في طعامهم سمأ، وأعادهم ، فما وصلوا بعقوبة حتي ماتوا جميعا ، فعلم جهانشاه بأنه قد قتلهم ، فتوجه بجيشه وحصر بغداد سنة وخمسة أشهر ، حتي فتح بغداد ، وأمن ولده بيربوداق ، فلما حصل في قبضته بعث اليه من قتله ، وكان قتله في السنة 870 بعد أن حكم بغداد ثمانية عشر عاما ( تاريخ الغياثي 320- 325) .

وتوجه شاه يحيي بن شاه ولي ، صاحب يزد ، إلي جبال يزد ، فأستقبله بهلوان مهذب صاحب أبرقوه ، وبعد تأكيد العهود والمواثيق معه ، دعاه الي أبرقوه ، وأدخله المدينة ، وأنزله في القلعة ، في قصر كان أعده لنفسه ، فغدر شاه يحيي ببهلوان مهذب ، واستولي علي القلعة والمدينة ، وقبض علي بهلوان مهذب، وأرسله الي قلعة ملوس، ثم أمر بقتله، فقتل ( التاريخ الغياثي 157).

وفي السنة 877 قتل غدرة، برغم الأمان ، الأمير سوار بن سليمان بن ناصر الدين التركماني ، من آل دلغادر ( ذي القدر ) صاحب البستان ، وقد أدخل القاهرة مشهرة علي فرس ، وعليه خلعة تماسيح علي أسود ، وعلي رأسه عمامة كبيرة ، وهو في زنجير كبير طويل، وراكب الي جانبه شخص من الأمراء ، وهو مشكوك مع سوار في الزنجير ، وقدام سوار إخوته ، وأقاربه ، وأعيان من قبض عليه من أمرائه، نحوا من عشرين إنسانا ، ثم صلبوا علي أبواب زويلة ، وكان الأمير سوار قد خرج علي السلطان في السنة 872 فرسم السلطان لنائب حلب أن يخرج لحربه ، واجتمع العسكران الشامي والحلبي ، علي حرب سوار ، وكانت عاقبة المعركة أن ظفر سوار ، وقتل كثيرا من الأمراء الحلبيين والشاميين ، ثم أمر السلطان، فوجه في السنة 873 عسكر ضخم لحرب سوار ، فكان الظفر لسوار ثانية ، وانكسر عسكر

ص: 333

السلطان كسرة شنيعة ، وقتل منه كثير ، والذين عادوا إلي حلب ، عادوا بأسوأ حال من العري ، فعظم أمر سوار ، واستولي علي عينتاب ، فأمر السلطان بتجهيز عسكر آخر لقتال سوار ، وهي التجهيزة الثالثة ، وكانت بقيادة الأمير يشبك الدوادار ، فحاربت شاه سوار ، حتي أذعن ، وطلب الأمان ، فأمنه الأمير تمرز ، وقال له : ضمانك علي ، فما يصيبك شيء ، فنزل معه ، بالأمان ، ودخل علي الأمير يشبك ، قائد الحملة ، فأكرمه ، وخلع عليه ، ولما أراد الإنصراف ، قال له : امض الي نائب الشام الأمير برقوق وسلم عليه ، فلما دخل علي الأمير برقوق ، استقبله بفظاظة ، وسأله : من أنت ؟ فقال : أنا سوار ، فقال له : أنت الذي قتلت الأمراء والعسكر ، ثم أمر برقوق ، بأن يحضروا له خلعة ، فأحضروها له، وعندما ألبسوه إياها ، وضعوا في عنقه زنجيرة ( سلسلة )، فلما رأي أصحابه ذلك ثاروا ، وكان الأمير برقوق قد استعد لهم ، بأن أعد كمينا من أصحابه ، فبرزوا، وأفنوا أصحاب سوار قتلا ، فلما رأي الأمير تمرز ذلك ، غضب ، وقال: إن الرجل نزل بأمان ، وقد حلفت له إنكم لا تشوشون عليه ، فكيف يأمنكم الناس بعد الآن ؟ فأخرق برقوق بالأمير تمرز إخراقا فاحشا ، ولكمه ، فخرج من عند برقوق غضبانا ، وحمل سوار الي القاهرة، حيث لاقي مصيره .

وفي السنة 928 اختلف حسن وحسين ولدا الأمير عساف في بيروت ، مع أخيهما قائد بيه علي الحكم ، ثم تصالحا مع أخيهما ونزلا عليه ، فغدر بهما ، وقتلهما . ( خطط الشام 237/2 ).

ولما ولي السلطان سليمان العثماني ، السلطنة في السنة 927 قدم مملوكه إبراهيم باشا ، ونصبه صدرا أعظم فغضب أحمد باشا ، مملوك السلطان سليم أبيه ، لأنه كان مقدما علي إبراهيم باشا في المرتبة ، فولاه السلطان مصر ، منعا للنزاع، وكتب إلي الأمراء بمصر ، أن يقتلوا أحمد باشا ، وأن يقطعوا رأسه ويرسلوه إلي الباب العالي ، فلما وصلت المراسيم

ص: 334

إلي الإسكندرية ، وكان واليها مملوكة لأحمد باشا ، سقي الجاويش حامل المراسيم خمرة حتي اسكره ، واطلع علي المراسيم ، وأنذر أحمد باشا ، بما جاء فيها ، فعصي علي السلطان ، وخطب لنفسه ، وضرب السكة باسمه ، فاتفق عليه الأمراء ، وهو في الحمام ، وحصروه ، وكان قد حلق نصف رأسه ، ففر من الحمام ، والتجأ إلي شيخ العرب ، عبد الدايم بن بقر ، مستجير به ، فأحاط الأمراء بابن بقر ، وتهددوه ، فخفر ذمته ، وجاءهم بأحمد باشا ، فأخذوه ، وقطعوا رأسه ، وذلك في السنة 937 ( البرق اليماني 38 -37)

وفي السنة 945 غدر سليمان باشا الخادم ،، موفد السلطان العثماني الدفع البرتغال عن الهند وبلاد المسلمين ، بعامر بن داود صاحب عدن ، وهو آخر ملوك بني طاهر ملوك اليمن ، فإنه لما وصل إلي ثغر عدن ، فتح له السلطان عامر بن داود باب عدن ، وأمر بالزينة ، وإعداد الزاد والعلوفة السليمان باشا وجيشه ، وتوجه هو ووزيره للسلام عليه ، فلما دخلا عليه ، ألبسهما خلعا ، ثم أمر بصلبهما علي صاري الغراب ( السفينة ) الذي هو فيه ، وأمر العسكر، فنهبوا دار صاحب عدن ، فشاع خبر غدره بصاحب عدن في أطراف البلاد ، وسبقه خبر هذا الغدر إلي ربنادر الهند ، فنفر منه الناس ، وامتنعوا عن مساعدته في دحر البرتغال ( البرق اليماني 80 و 81).

ولما عاد سليمان باشا الخادم، خائبا من رحلته إلي الهند ، قام بغدرة اخري ، فإنه أرسي بالمخا من أرض اليمن ، وبعث إلي حاكمها الناضورة احمد ، بمرسوم أمان ومعه خلعة فنزل الناضورة أحمد لابس الخلعة ومعه ولده ، وقدم اليه هدايا عظيمة ، فأمر سليمان باشا بقتله ، فقتل في الحال، وكان معه ألف من العبيد فخادعهم سليمان باشا ، وأمر فنودي فيهم بأن من أراد العلوفة السلطانية ( الدخول في سلك الجند السلطاني ) فليحضر، فاجتمعوا بأسرهم ، ودخل معهم من لم يكن منهم طمعا في العلوفة ، فأدخلوا

ص: 335

حوشا كبيرا له باب واحد ، وصار يخرجونهم اثنين اثنين ، فيقطع عنقاهما ، ولم يشعر بذلك أحد ممن كان في الحوش ، إلي أن قتل الجميع ( البرق اليماني 86).

وفي السنة 949 قتل امير بعلبك ، الأمير علي بن موسي الحرفوشي ، غدرا ، وكان قد قدم إلي دمشق صحبة يانظ ابراهيم وجماعة من الينكجرية ، واجتمع بنائب السلطنة بدمشق محمد باشا بن سنان باشا ، فأكرمه، وهرع الناس للسلام عليه ، ونزل في بيت يانظ ابراهيم ، ثم أن نائب السلطنة قبض علي الأمير علي بعد عشرة أيام ، وكتب بذلك إلي الصدر الأعظم الذي انهي للسلطان إنه من العصاة ، فأمر بقتله ، فضربت عنقه داخل قلعة دمشق ، وأرسل رأسه إلي التخت السلطاني ( الكواكب السائرة 194/3 ).

وفي السنة 968 حاصر محمود باشا ، والي اليمن، حصن حب ، فتقدم اليه الأمير اسكندر أحد أمرائه ، وقال له : إن النظاري صاحب حصن حب ، لم يظهر عليه عصيان ، فالأولي إبقاءه في حصنه ، إذ أنه حصن حصين يصعب الإستيلاء عليه ، فأمر محمود باشا، بالأمير اسكندر ، فقتل بين يديه ، ثم أحضر أميرا آخر من امرائه اسمه ميرزابك ، وافق الأمير اسكندر في رأيه ، فأمر بقتله ، فقتل ، ثم أحضر صهرة للنظاري صاحب الحصن ، واسمه الخواجا علي الرياحي ، كانت بنته تحت النضاري ، فصلبه هو وولده بلا ذنب ، ثم أنه لما عجز عن افتتاح حصن حب ، أرسل الي النظاري صاحب الحصن ، فعرض عليه الأمان، علي أن يعطي سنجقأ ، ويستم حصن حب ، فوافق النظاري ، وحلف له محمود باشا ، علي المصحف الشريف ، وأرسل اليه سنجق سلطانية ، فنزل النظاري ومعه ولده عبد الرحمن، وكاتبه الفقيه إدريس ، وخازنداره ابن رصاص ومعه جميع خزائنه، وحوله نحو المائتين من عسكره ، فلما وصل إلي مخيم الباشا ، قام إليه ، وأكرمه ،

ص: 336

ووضع له كرسي ملبسة بالمخمل ، وألبسه خلعة عظيمة من السراسر ، وسقاه السكر ، فلما نهض ليقوم أشار محمود باشا، إلي أوزون علي جاوش ، بأن يقتل النظاري ، فطعنه بخنجره فقتله ، وقتل ولده وجميع من معه ، وكانت هذه الفعلة ، خيانة قبيحة وغدرة فاحشة، صارت العربان من ورائها لا تأمن الأتراك ، ولا تصدق إيمانها ، وعهودها، وصاروا يسمون الغدر « محموديا » ( البرق اليماني 130 - 132).

وفي السنة 974 حاصر اليمنيون ، العسكر العثماني ، وقطعوا عنهم الماء ، فطلبوا الصلح ، علي أن يخرجوا بثيابهم التي علي أبدانهم ، ولأربعة منهم أن يأخذ كل واحد منهم بغلة ، ولما خرج العسكر حسب الإتفاق ، وعددهم مائتان واثنان وسبعون رجلا، هجم عليهم اليمنيون، وهم يصيحون : مواثيق محمودية ، يشيرون إلي ما صنعه محمود باشا من غدرات ، وقتلوا الجنود علي بكرة أبيهم ، واستولوا علي أموالهم ( البرق اليماني 178- 179).

وفي السنة 987 غدر قوم من أهل حصن شماط باليمن ، بالأمير كلابي بك العثماني ، محافظ قلعة شماط ، وكان هؤلاء قد طردوا من الحصن لما هدم ، فلما أعيد بناؤه لم يعادوا اليه ، فدعوا الأمير كلابي بك وأتباعه من الجند إلي وليمة أعدوها له في براح خارج الحصن ، ومدوا له سماط عظيمة ، ولما جلس ومعه أتباعه الي السماط ، كان قد رصدهم قوم منهم ، فأطلقوا عليهم الرصاص من بنادق قد أعدوها لذلك ، وقتلوهم غدرأ ، الأ قليلا هربوا علي وجوههم ( البرق اليماني 414).

وبالنظر لتكرر حوادث الغدر ، من رجال الحكم ، في تلك الأيام ، أصبح الناس لا يثقون بأقوال رجال الدولة ، ولا يأمنون لهم ، حتي إن فتيانا من الأمراء بلبنان ، كان أحمد باشا الجرار قد قتل أباهم ، فاستتروا منه ، وأراد سليمان باشا ، خلف الجزار ، أن يتألفهم ، وأن يعيدهم إلي الطاعة ،

ص: 337

وعلم أنهم لا يركنون إليه ، ولا يثقون به ، فأوعز إلي أحد ضباطه بكر اغا أن يتصل بهم ، وأن يؤمنهم، ولما كاتبهم بكر اغا ، لم يركنوا إليه ، ولم يثقوا به ، وكاتبوا الأمير بشير الشهابي ، وعرفوه بالقصة ، وأخبروه بأن بكر أغا كاتبهم ، ووعدهم بالعفو عنهم ، ولكن « بما أنه ضابط عسكر ، فلم يركنوا المواعيده وأقواله ، إذ ربما كان تحريره لهم ، هو حيلة عليهم لكي يصطادهم » ( مجلة العرفان العدد هم 97 شهر أيار 1979).

وفي السنة 993 جري في جون عكار نهب الخزينة السلطانية ، المحملة من مصر إلي اصطنبول ، فوجهت الدولة ابراهيم باشا لمعاقبة المعتدين ، ولما وصل إلي عين صوفر بلبنان ، حضر إليه عقال بلاد الدروز المواجهته ، فغدر بهم، وقتل منهم نحوا من ستمائة رجل ، وكان ابن معن من رؤساء الدروز ، قد أبي أن يجيب دعوة ابراهيم باشا، لأن والي دمشق مصطفي باشا ، كان قد استدعي أباه ، وغدر به فقتله ، فأقسم أن لا يجيب دعوة احد من رجال الدولة العثمانية ( خطط الشام 240/2). :

وفي السنة 1002 غدر مراد باشا، نائب السلطنة بالشام، بالأمير منصور بن الفريخ ( مصغر فرخ ) أمير البقاع ، إذ طلب منه أن يولم له وليمة ، ثم اعتذر عن حضورها واحتج بحجة ، ثم طلب منه أن تكون الوليمة بدمشق ، فأعد له الوليمة ، وحضر ومعه جمع من عسكره ، فأمرهم بالقبض علي الأمير منصور ، فاعتقلوه ، وحبسه بقلعة دمشق ، وعرض أمره علي السلطان مراد ، فجاء الأمر بقتله ، فقتل ( خلاصة الأثر 427/4 ).

وفي السنة 1010 مات عبد الحليم اليازجي أحد الخوارج علي الدولة العثمانية ، وقد ذكر عنه أنه غدر بحسين باشا الذي كان أمير الأمراء بولاية الحبشة ، ذلك أن حسين باشا كان قد خرج علي الدولة كذلك ، فاتفقا علي المناصرة ، ولما واجههما محمد باشا بن سنان باشا بجيش لجب ، استأمن عبد الحليم إلي محمد باشا علي أن له الأمان ، إن أسلم اليه حسين باشا ،

ص: 338

وخدع عبد الحليم صاحبه حسين باشا ، فأسلمه الي محمد باشا الذي بعث به إلي باب السلطان، فطلب حسين باشا أن تجري محاكمته أمام القاضي ، فحوكم ، وحكم عليه بالقتل ، فقتل شنقا ( خلاصة الأثر 323/2 ).

وفي السنة 1014 عصي علي بك جانبولاد بحلب ، فسرت اليه الدولة جيشا ، وانكسر علي بك في المعركة ، ودخل الجيش العثماني حلب ، وحصر قلعة حلب ، وفيها جماعة من أتباع علي بك جانبولاد ، فنزلوا علي الأمان ، وعندما نزلوا ، قتلوا بأجمعهم ، بالرغم من الأمان ( اعلام النبلاء 232/2)

وأورد الخبر صاحب خطط الشام 253/2 و 254، بصورة فيها بعض الأختلاف في التاريخ ، قال : في السنة 1016 اشتبك الجيش العثماني ، بقيادة مراد باشا ، مع جيش الأمير علي جانبولاد ، والي حلب ، العاصي علي الدولة ، فانكسر الأمير علي ، وقتل من أصحابه ما يزيد علي العشرين ألفأ، ورحل عن حلب ، ودخل الجيش العثماني حلب ، وامتنعت عليه القلعة ، وكان الأمير علي جانبولاد قد نصب فيها اطلي طوماش باشا ، وأمره بحفظ القلعة ، حتي يعود بالنجدة من شاه العجم ، فاحتال مراد باشا ، علي اطلي طوماش باشا ، وخدعه بأن وعده بأن ينصبه واليا علي حلب ، فنزل علي أمانه، فقبض عليه مراد باشا ، وقتله .

وأورد المحبي في خلاصة الأثر 222/2 سلسلة من حوادث الغدر تشمئز منها النفوس ، قال : في السنة 1018 قتل الأمير شديد بن أحمد ، أمير العرب ، وكان ظالما ، جبارة ، عنيدأ، وكان في خيمته يلعب الشطرنج ، ولم يكن معه من إخوته احد ، فانتهز مدلج بن ظاهر ، أحد أقاربه ، الفرصة ، وناداه وهو يلعب : يا شديد ، يا شديد ، فقال : نعم ، فما أتم قوله إلا ومدلج قد طعنه بخنجر في بطنه فخرج من ظهره ، فقتله ، وكان الأمير أحمد ( والد شديد ) قد قتل الأمير ظاهر ( والد مدلج ) مع أن ظاهرة كان

ص: 339

ضيفه في بيته ، وكان ظاهر ذا قوة وبطش ، وبلغ من قوته إنه دخل عليه ولده قرموش وهو مريض ليقتله ، فضربه ظاهر بالسيف فقتله .

وذكر المحبي أنه كان من تقاليد هؤلاء الأمراء، أن من استولي منهم علي خيمة المال والسلاح ، أصبح حاكم علي العرب وأميرة لهم ، وهي خيمة من الشعر كبيرة جدا ، ولها نواطير وحرس بالنوبة في اليوم والليلة ، وكلها صناديق بالأقفال الحديد المحكمة ، والصناديق مملوءة بالذهب والفضة والجوهر والسلاح وغير ذلك من نفائس الأشياء .

وفي السنة 1026 قتل غدرة الأمير حسين بن يوسف بن سيفا ، ولم يبلغ الثلاثين ، وكان قد ولي كفالة طرابلس الشام ، ثم كفالة الرها ، ثم تركها من غير عزل ، وقدم حلب ، وكافلها محمد باشا قره قاش ، فدخل عليه مسلما ، فأكرمه واحترمه ، ثم دعاه إلي وليمة ، فجاء مع جماعة قليلة من اتباعه ، فغدر به واعتقله ، وحبسه في القلعة ، وكتب إلي السلطان يخبره بأن الأمير حسين قد وقع في قبضته ، فرد السلطان يأمره بقتله ، ولما حضر الجلاد لقتله ، قال بقلب جريء، وجنان قوي : أنا من الباشاوات، ولا يليق أن يقتلني الجلاد ، ثم أشار إلي رجل معظم من أتباع قره قاش، وطلب منه أن يقتله ، ثم كتب كتابا إلي والده أوصاه فيه بما أراد ، وعزاه عن نفسه ، ثم صلي ركعتين ، واستغفر الله ، وأخرج محرمته فوضعها في عنقه ، وأمر ذلك الرجل بخنقه فخنقه ، وبكي عليه جميع الناس لشبابه وحسنه وشجاعته ( خلاصة الأثر 120/2 و 121).

وفي السنة 1032 قتل مراد باشا ، كافل حلب ، وسبب قتله ، أن بكر الصوباشي كان قد خرج علي السلطان ، وأعلن نفسه حاكمأ ببغداد ، فوجهت اليه الدولة أحمد باشا الحافظ ، واليا لبغداد وسردارة ، فحاصر بغداد ، وكان من جملة قواده مراد باشا ، وكان أحمد باشا يري الأناة ويكره العجلة ، بعكس مراد باشا ، فكان يقبح أناة أحمد باشا ويسبه ، وجاء إلي أحمد باشا وطلب

ص: 340

منه أن يأذن له ليتوجه لمحاربة عسكر شاه العجم ، وكانت قريبة من بغداد ، فقال له أحمد باشا : لا تفرق عساكرنا وتضعضعهم ، فأبي مراد باشا ، وصمم علي قتال عساكر الشاه، وأخذ نحو أربعة آلاف جندي وكبس عساكر الشاه ، ثم عاد منكسرا ، فقال له أحمد باشا : الآن عرفت ان قول الشيوخ أصوب من رأي الشبان ، ألم أقل لك لا تركب ، حتي خالفتني وكسرت العساكر ، ثم قتله ، وكان مراد باشا غدارة ، غدر بالأمير حسين بن فياض الحياري أمير العرب ، وكان أبوه فياض أميرة ، فلما توفي ، تصدي للامارة ابن عمه الأمير مدلج بن ظاهر، فأخذ الأمير حسين يطالب بالإمارة لنفسه خلفا لوالده الأمير فياض ، وكلم مراد باشا ، كافل حلب ، في أن يكاتب السلطنة لنصبه أميرة خلفا لوالده ، بدلا من الأمير مدلج ، وجاء الي حلب ، وقدم هدايا لمراد باشا ، فوعده خيرا ، وكتب إلي مدلج يطلب منه خمسة وعشرين ألفأ ، ليقتل له الحسين ، فوعده الأمير مدلج بأن يرسل إليه المبلغ ، فغدر مراد باشا بالأمير الحسين ، واعتقله ، وحبسه في قلعة حلب ، حتي وصل اليه المبلغ من الأمير مدلج ، فعمد إلي الحسين فخنقه في سجنه ، فسلط الله علي مراد باشا أحمد باشا الحافظ ، فقتله ( خلاصة الأثر 384/1 و 385 و 101/2 و 102).

وفي السنة 1054 قام ابراهيم باشا والي حلب ، بعملية غدر ، أراد بها أن يقبض علي الأمير عساف ، رئيس عربان الديار الحلبية ، وذلك بأن أرسل اليه رجلا من خواصه يدعوه إلي وليمة يقيمها له الوالي في حلب ، فاعتذر الأمير عساف عن الحضور الي حلب وأرسل إلي الوالي هدية تشتمل علي خيول كريمة ، فأحضر الوالي رجلا من أصحابه اسمه دالي قورد ، واستشاره ، فقال دالي : أن العربان لا تألف الحاضرة ، فإن أردت الأجتماع بالأمير عساف فهيء له دعوة خارج حلب ، فكلفه بأن يكون الوسيط في الإجتماع ، فذهب دالي قورد الي الأمير عساف ودعاه باسم الباشا الوالي ، إلي موضع يبعد خمس ساعات عن حلب ، ورتب الباشا لوازم الضيافة ، ودعا كثيرا من أهالي

ص: 341

حلب ، وفي صباح يوم الوليمة جاء دالي قورد الي الباشا ، وقال له : إن كان فكرك أن تقتل أمير الصحراء ، فإثر ذلك محال ، أو لأني أعطيته عهودة ومواثيق علي سلامته ، فإن غدرت به لم يبق من جميع العربان من يحترم قو من أقوالنا ، ثانيا إن الأمير عساف سوف لا يأتي وحده ، وإنما مع الكثير من أتباعه ، فإن جري عليه شيء هجم أصحابه ، ويكون النصر بجانبهم ، يضاف إلي ذلك إن عساكرنا غير مدربة، وعساكره مدربة ، فوعده الباشا خيرا ، وطمأنه، ولما حضر الأمير عساف لموضع الوليمة ، حضر معه ستة آلاف فارس من أصحابه بالعدة التامة من الرماح والسيوف والدروع ، ولما وصل إلي حضرة الباشا ترجل عن فرسه وسعي خطوات نحو الباشا، وترجل الباشا كذلك ، فلما دخل الأمير عساف بين العساكر، أطلق عليه اثنان من العساكر النار مقابلين له ، وأطلق اثنان آخران النار من خلفه ، وكان الأمير عساف قد تحصن من الرصاص بثلاثة دروع ، فنجا ، وأحضر له أصحابه فرسا فركبها ، وهاجم أصحابه الباشا ومن معه ، فقتل من الباشوات والأغوات عشرون رجلا، وهجم أصحابه علي العسكر التركي ، وأعملوا السيوف وأفلت منهم من ركن الي الفرار ، وعادوا إلي حلب علي اقبح صورة ، وعلي أثر ذلك عزل ابراهيم باشا عن حلب ( اعلام النبلاء 258-254/3).

وفي السنة 1069 قتل حسن باشا أبازه ، وثلاثون من كبار اصحابه ، غدرة ، بمدينة حلب ، وخلاصة القصة إن حسن باشا خرج علي الدولة في عهد السلطان محمد بن إبراهيم ، وكثر أنصاره ، وانتصر في عدة حروب ، حتي أن السلطان أراد أن يخرج لقتاله بنفسه ، فمنعه وزراؤه ، فوجه اليه السردار مرتضي باشا، الذي جعل مقر إدارته حلب ، وضيق علي حسن باشا حتي طلب الأمان، فأمنه مرتضي باشا ، فتوجه إليه في حلب ، ومعه ثلاثون من كبار أعوانه ، فاستقبلهم مرتضي باشا استقبالا حسنة ، وأكرمهم ، وعمل لهم ضيافة شائقة ، وأنزل في دار الحكومة كلا من حسن باشا ، وأحمد باشا

ص: 342

الطيار ، وكنعان باشا، أما الباقون فوزعوا علي أعيان مدينة حلب ، وكان مرتضي باشا قد اتفق مع هؤلاء الأعيان علي أنهم إذا سمعوا صوت المدفع من القلعة ، أن يقتل كل منهم من عنده من الأضياف ، وبعد العشاء صار مرتضي باشا يباسط من بات عنده في دار الحكومة ، وأطعمهم الحلوي ، ثم أن موعد صلاة العشاء ، فقاموا للوضوء ، وشمروا عن سواعدهم ، فهجم عليهم ثلاثون رجلا ، وكان مرتضي باشا قد اعدهم لقتلهم ، وقتلوا الباشوات الثلاثة طعنا بالخناجر، وبعد أن فرغ من أمرهم ، أرسل إلي القلعة من ضرب المدفع ، فقام كل واحد من أصحاب مرتضي باشا إلي ضيفه فقتله ، فلم يفلت منهم أحد، وقطعت رؤوسهم ، وملئت تبنأ ، وأرسلت الي مقر السلطنة ، وألقيت جثثهم في ساحة باب الفرج ( اعلام النبلاء 268/3 - 271).

ولما تسلطن أورنك زيب عالمگير محي الدين أعظم شاه ( 1068۔ 1119) في الهند، سير إلي لاهور جيشأ لمقاتلة أخيه دارا ، ونشبت بين الجيشين معركة ، تفرق فيها جيش دارا ، وقصد دارا مالك جيوان ، الذي خان قانون الضيافة ، وغدر بدارا ، واعتقله وحفيدا له ، وكبلهما بالاغلال، وأركبهما علي فيل ، وتوجه بهما إلي مدينة دهلي ، حيث أشهرا في شوارع المدينة ، فأثار ذلك سخط الجماهير ، وظهر عليهم الحزن ، ولما مر في الموكب مالك جيوان ، الذي غدر بهما ، تألبت عليه الجموع، ورجمته بالأحجار والقاذورات ، حتي كاد أن يقتل ، لولا أن تداركه حاكم المدينة العسكري ، ورفع الدروع فوق رأسه حماية له مما كان يقذف به . ( الاسلام والدول الإسلامية في الهند 113).

وخرج الأمير اكبر علي والده أورنك زيب ، سلطان الهند (1068-1119) وبعث إلي أبيه برسول ، ولما وصل الرسول الي خيمة الملك ، أمسك به أحد الحاشية ، فغضب الرسول، وصفع الذي أمسكه ، ثم تراجع ،

ص: 343

فعثر في احد اطناب الخيمة ، وانطرح أرضأ، فصاح السلطان ، يأمرهم بقتله، فقتلوه ( الإسلام والدول الإسلامية في الهند 150).

وفي السنة 1182 خدع محمد بك أبو الذهب ، تابع الأمير علي بك ، إثنين من الأمراء وهما الأمير حسين بك والأمير خليل بك السكران ، فقدما عليه بالأمان ، فلما دخلا عليه في مجلسه ، لم يجداه، وعندما استقر بهما الجلوس، دخل عليها جماعة من أتباع محمد بك وقتلوهما ، وحضر في أثرهما حسن بك شبكة ، ولم يعلم ما جري لسيده ، فلما قرب من المكان وأحس قلبه بالشر، أراد الرجوع ، فعاقه رجل سائنس اسمه مرزوق ، وضربه نبوت فوقع علي الأرض ، فلحقه بعض الجند واحتر رأسه ( الجبرتي 357/1)

وفي السنة 1182 أرسل الأمير علي بك بالقاهرة ، عبد الرحمن أغا مستحفظان الي رجل من الأجناد يسمي اسماعيل اغا ، من القاسمية ، وأمره بقتله ، فلما وصل الأغا حذاء بيته وطلبه ، ونظر إلي الأغا واقفا بأتباعه ، علم إنه حضر ليقتله كما قتل غيره ، لأنه سبق وقتل أناس كثيرين علي هذا النسق بأمر علي بك ، فامتنع من النزول ، وأغلق بابه ، ولم يكن عنده أحد سوي زوجته ، وهي جارية تركية ، وعمر بندقيته وقرابينته ، وضرب عليهم ، فلم يتمكنوا من الوصول إليه من الباب ، وصار زوجته تعمر له ، وهو يضرب ، حتي قتل منهم جماعة، واستمر علي ذلك يومين وهو يحارب وحده ، ولما فرغ منه البارود ، ونادوه بالأمان ، صدق أمانهم ، ونزل من الدرج ، فامسكوا به ، وقتلوه ( الجبرتي 363/1 ).

وفي السنة 1188 مات مسعود بن ناصر ، أمير منبة أحد الغدرة ، وكان من رجال علي بن عثمان، أمير منبسة ، وهو من أتباع عمه، فنصبه علي حاكما علي بمبا، ثم هاجم علي زنجبار ، ومسعود معه ، فاستوليا علي الشطر الأكبر منها ، واتفق مسعود مع خلف بن قضيب، علي قتل علي ، فقتله

ص: 344

خلف ، وقتل به ، فعاد مسعود ، واستولي علي منبسة ، وتولي إمارتها إلي أن مات . ( الاعلام 117/8 ).

وفي السنة 1216 حضر حضر السيد احمد الزرو الخليلي ، التاجر بوكالة الصابون ، بالقاهرة ، في ديوان الباشا، وادعي علي جماعة من التجار ، وثبت له عليهم عشرة آلاف ريال ، فأمر الباشا بسجنهم ، ولما انفض المجلس وشي بعضهم لدي الباشا بأن أحمد الزرو كان يحب الفرنسيس وعند خروجهم من مصر ، هرب الي الطور ، ثم عاد بأمان من الوزير ، فلما عاد السيد احمد إلي ديوان الباشا الوالي ، أمر بقتله ، فقبض العسكر عليه ، وقطعوا رأسه عند المشنقة التي كان الباشا قد نصبها حيث قنطرة المغربي علي قارعة الطريق ( الجبرتي 515/2 ).

وفي السنة 1216 لما دخل الجيش العثماني مصر، وأخرج الإفرنسيين ، عمل الوزير العثماني بالقاهرة ديوانأ ، ولما حضر الأمراء المماليك ، قبض عليهم واعتقلهم ، وكذلك حصل في الإسكندرية ، فإن حسين باشا القبطان ، لاطفهم وجاملهم ، ثم دعاهم إلي حضور إحتفال في الغليون الكبير ، فلما حضروا ، احتج حسين باشا بحجة ، وتركهم في الغليون ، فحضر إليهم أحد الأمراء العثمانيين ، وأخبرهم بأنه ورد «خط شريف » يعني أمرأ من السلطان باستدعائهم إلي حضرته ، وأمرهم بتسليم أسلحتهم ، فأبوا ، ونهض محمد بك المنفوخ ، وسل سيفه ، وضرب الأمير العثماني فقتله ، فنهض المماليك الأمراء وسلوا سيوفهم ، واشتبكوا مع العثمانيين في معركة ، فقتل عدد منهم ، وقبض علي الباقين ، وفر قسم منهم إلي الإنكليز ، فأعلن الانكليز حمايتهم للأمراء المماليك ، وحملوا السلاح ضد العثمانيين ، وأعلنوا الحرب علي حسين باشا القبطان ، ثم اجتمع القائد الإنكليزي بالقبطان حسين باشا، وأصر علي تسلم المماليك المعتقلين، فتسلمهم ، وحمل إليه القتلي أيضا ، فدفنهم الإنكليز في موكب رسمي

ص: 345

وكذلك صنع الإنكليز الذين كانوا بالجيزة ، فإنهم طالبوا الوزير بأن يسلم اليهم الأمراء المماليك الذين اعتقلهم بالقاهرة ، فقام بتسليمهم اليهم ( الجبرتي 502/2 - 506).

وكان أحمد باشا الجزار ، الذي هلك في السنة 1219 مغرقا في ظلم الرعية ، وكان يأخذ الرجال قسرة إلي ورشة عكا ، بالسخرة ، ويعاملهم بقسوة عظيمة ، فكان المئات منهم يقتلون قبل الوصول إلي عكا ، إذ كان الموكلون بهم يضربونهم بالسياط ، ويطلبون منهم الجري طول الطريق ، وكانوا من شدة الضرب يستعجلون الجري في الطرق الضيقة ، فكانوا يسقطون في البحر بالخمسين والستين ، ولا يرحمهم أحد ، فإذا وصلوا إلي ورشة عكا ، عوملوا بقسوة عظيمة ، وكان أكثرهم يموتون من سوء المعاملة ، وحدث في أحد الأيام ، وكان قسم من هؤلاء ، يعملون في حفر الأساس ، وعددهم نحوا من مائتين وثلاثين نفرة ، وعمقوا في الحفر ، فانقلعت الأرض ، ومال قسم منها عليهم ليدفنهم أحياء ، فصاح عليهم رفاقهم ، والحراس المشرفون عليهم ، من أجل أن يبارحوا موضعهم ، وسمع الجزار الصيحة ، ولما عرف السبب ، انتهر الجمع ، وصرخ فيهم أن يسكتوا ، وقال لهم : إذا كان الله قد قتلهم ، مالكم ولهم ، ومنعهم أن يخرجوا أحدا منهم ، وسقط حائط الأساس عليهم ، وانطبق عليهم ، ودفنهم أحياء ، ولم ينج منهم أحد (العرفان العدد 5 المجلد 67 شهر أيار 1979). :

وفي السنة 1225 عزلت الدولة العثمانية ، الوزير سليمان باشا الصغير والي بغداد ، فعصي ، فسيرت عليه جيشا ، فالتجأ سليمان باشا، إلي قبيلة الدفافعة ، وكان شيخها علي الشعيب ، فقام علي الشعيب بفعلة أورثته وعشيرة الدفافعة خزيا مؤبدة ، إذ أنه قتل سليمان باشا ، وقطع رأسه ، وأحضره إلي عبد الرحمن باشا الكردي ( تاريخ العراق للعزاوي 200/6 ).

وفي السنة 1226 قام محمد علي باشا ، بالديار المصرية ، بعملية غدر

ص: 346

صلعاء ، إذ دعي إلي احتفال أقامه ، جماعة من الأمراء المماليك ، وكان قد بيت مع جماعة من قواده ، أن يقتلوا المماليك ، وأعد جماعة من العسكر لذلك ، وجري الأمر وفقا لما رتبه ، فإنه لما سار الموكب ، بارح محمد علي باشا موضع الإحتفال ، ودخل إلي الحريم ، وقام العسكر بمحاصرة هؤلاء الأمراء ، وإطلاق النار عليهم ، فسقط أكثرهم ، وأسر الباقون ، فقطعوا رؤوس القتلي ، وأحضروا المشاعلي ( الجلاد ) لرمي أعناق الباقين ، فباشر بقطع أعناقهم في الديوان واحد بعد واحد، من ضحوة النهار ، إلي أن مضت حصة من الليل في المشاعل ، حتي امتلا الحوش من القتلي، وانبث العسكر خارج القلعة ، وهاجموا بيوت الأمراء المماليك ونهبوها نهبأ ذريعأ ، وسلبوا النساء ، ونهبوا البيوت المجاورة لبيوت المماليك أيضا ( الجبرتي 323 -320/3 )

وفي السنة 1227 قام العسكر العثمانيون في الديار المصرية ، بملاحقة الأمراء المماليك الذين كانوا في الصعيد، فحضر جماعة من المماليك وأجنادهم إلي ناحية أسوان بأمان من الأتراك ، فغدروا بهم وقبضوا عليهم ، وقتلوهم عن آخرهم، وفعلوا ذلك بغيرهم كذلك ( الجبرتي 346/3 ).

وفي السنة 1230 حضر الي القاهرة شيخ طرهونة بالصعيد واسمه كريم بالياء المشددة ، وكان عاصيا علي محمد علي باشا ، ويأبي مقابلته ، فلم يزل به إبراهيم باشا يصالحه ويمنيه، واعطاه الأمان ، حتي جاء اليه وقابله ، ولما حضر محمد علي باشا من الحجاز جاء علي أمان ولده إبراهيم ، وقدم معه هدية، وأربعين من الإبل ، فقبل هديته ثم أمر برمي عنقه بالرميلة ( الجبرتي 480/3)

وفي السنة 1232 حاصر داود باشا، بغداد ، بعد أن عينته الدولة العثمانية ، لولاية العراق ، وكان صهره - أخو زوجته - سعيد باشا ابن سليمان باشا ، في القلعة ، فأمر داود باشا، فانتزع سعيد باشا ، من أحضان أمه،

ص: 347

وقتل ، وكانت سته إذ ذاك خمسة وعشرين سنة، ثم قطع رأسه، وبعث به إلي اصطنبول ، فلام جميع الناس داود باشا ، علي هذه الفعلة ، لأن داود باشا ، عتيق سليمان باشا ، والد سعيد ، اعتقه ، وزوجه ابنته ، ورفعه في المناصب ( تاريخ العراق للعزاوي 242/6).

وفي السنة 1274 قتل منصور بن عمر الكثيري ، من أمراء حضرموت ، دعاه الأمير عوض بن محمد بن عمر القعيطي إلي وليمة ، فلما دخل، فاجأه نفر من العبيد فقتلوه ( الأعلام 241/8 ).

وفي السنة 1288 قتل محمد بن عانض أمير بلاد عسير ، وكان الجيش العثماني زحف علي بلاده ، فخرج اليهم بأمان وشروط ، فنقضوا عهد الأمان ، واعتقلوه مع رجاله ، وقتلوهم بأجمعهم غدرة ( الاعلام 48/7 ).

وفي السنة 1327 اعتقل السلطان عبد الحفيظ ، صاحب المغرب الفقيه أبا عبدالله محمد بن عبد الكبير الكتاني ، وجلده ، فمات في حبسه ، وكان سبب ذلك ، أنه لما أراد أهل فاس بيعة السلطان عبد الحفيظ ، تولي الكتاني إملاء شروط البيعة ، ومن الشروط تقييد السلطان بالشوري ، فحقدها السلطان عليه ، فساءت حاله ، وضاقت معيشته، فخرج من فاس مع جميع أسرته من رجال ونساء وأطفال قاصدأ بلاد البربر ، فأرسل السلطان في طلبه ، وأعاده بالأمان ، ثم غدر به فاعتقله ، وسجنه مصفدأ بالحديد، هو ومن كان معه ، حتي النساء والصبيان ، ثم جلد ، وسحب إلي فاس الجديدة ، فمات فيها ( الاعلام 83/7 ).

ص: 348

القسم الرابع: القتل غيلة

الغول : المنية والداهية ، وفي الأمثال العربية : الغضب غول الحلم . والاغتيال ، أو القتل غيلة : القتل علي غرة ، بمهاجمة الإنسان تسلط، أو خفية، وقتله .

والقتل غيلة ، قديم ، وأول جريمة اغتيال ارتكبت ، كانت في عهد آدم أبي البشر ، إذ قتل قابيل أخاه هابيل ، شدخ رأسه بصخرة ، وهو نائم، فقتله ( الطبري 138/1 ).

وقد اثبتنا ، في هذا المؤلف ، أهم حوادث الإغتيال ، إذ لا يتسع لها هذا المؤلف ، لو أردنا أن نلم بجميعها .

وفي السنة 44 ق م، قتل يوليوس قيصر، غيلة في مجلس الندوة الروماني بمدينة روما ، وكان بين المغتالين أحد أخص أصدقائه وهو بروتس، فلما طعن بالخناجر ، التفت فرأي بين القتلة بروتس، فقال كلمته التي ذهبت مثلا : حتي أنت يا بروتس ، ولفت وجهه بردائه ، وسقط مرتثأ ، وله كلمة مشهورة ، كتب بها إلي روما بعد أن انتصر انتصارا مؤزرة ، وكانت رسالته تشتمل علي ثلاث كلمات : جئت ، ورأيت ، وانتصرت ( المنجد ).

واغتال الحارث بن ظالم المري ، خالد بن جعفر بن كلاب ، دخل عليه في خيمته بالحيرة ، وضربه بالسيف فقتله ( ابن الأثير 1/ 559 و 560).

واغتيل حجر آكل المرار الكندي ، أبو امريء القيس ، اغتاله علباء بن الحارث الكاهلي ( ابن الأثير 514/1 ).

ص: 349

وقتل كليب بن وائل ، أخو مهلهل ، وخال امريء القيس الكندي الشاعر ، قتله غيلة جساس بن مرة ، فنشبت من أجل مقتله حرب البسوس ، ودامت أربعين سنة .

ولما قتل كليب ، رحلت زوجته جليلة ، وهي أخت جساس ، إلي بيت أبيها ، وارتجلت أبيات من الشعر ، لا مثيل لها في جودتها، منها: ( ابن الأثير 525/1 و 529).

فعل جساس علي ضتي به****قاصم ظهري ومدن أجلي

ياقتي قوض الدهر به ****سقف بيتي جميعأ من عل

هدم البيت الذي استحدثته**** وسعي في هدم بيتي الأول

خصني فقد كليب بلظي**** من ورائي ولظي مستقبلي

ليس من يبكي ليومين كمن**** أنما يبكي ليوم ينجلي

يشتفي المدرك للثأر وفي**** دركي ثأري ثكل المثكل

إنني قاتلة مقتولة**** فلعل الله أن يرتاح لي

وقتل عمرو بن كلثوم ، عمرو بن هند اللخمي ، صاحب الحيرة ، في قصة مشهورة ، أريد بها أن تهان أمه ، فغضب لها لما صاحت ، ونهض إلي سيف معلق في السرادق، وضرب به عمرا فقتله ( ابن الأثير 548/1 ).

وأول ما عرف الإغتيال في الإسلام، لما اغتيل الخليفة الفاروق عمر ، اغتاله أبو لؤلؤة الفارسي ، غلام المغيرة بن شعبة ، واغتيل من بعده الزبير بن العوام ، لما فارق المتحاربين في حرب الجمل ، ثم اغتيل الإمام علي بن أبي طالب ، اغتاله احد الخوارج ، ولم أورد بين هذه الاغتيالات ، مقتل الخليفة عثمان ، لأن قتلته هاجموه علنا ، وفتكوا به ، فأثبت مقتله في باب الفتك . .

وفي القرنين السادس والسابع الهجري ، استعرت حوادث القتل غيلة ،

ص: 350

اسعرتها الفرقة الباطنية المسماة بالحشاشين ، وقد أسس هذه الفرقة الحسن بن الصباح الإسماعيلي ( 428- 518) صاحب قلعة الموت ، وهو يماني من حمير ، ولد في فارس ، ودخل في دعوة الإسماعيلية النزارية، وكان قد تتلمذ الابن عطاش ، صاحب قلعة شاه دز، وكان ابن عطاش هذا أحد أعيان الباطنية في عهد السلطان ملكشاه السلجوقي ، وعمد الحشاشون ، اصحاب الحسن بن الصباح الي استعمال سلاح الاغتيال ضد خصومهم وأول ما بدأوا باغتيال الوزير نظام الملك ، وزير السلطان ألب أرسلان، وولده ملكشاه من بعده ، ثم أصبحت الإغتيالات لهم ديدنأ ، فقتلوا خليفتين المسترشد والراشد، وقتلوا العشرات من الأمراء والوزراء والرؤساء والزعماء حتي اضطر جميع الكبراء أن يلبسوا الزرديات تحت ثيابهم ، وبالإطلاع علي ثبت حوادث الإغتيال ، المثبت في هذا البحث ، يتضح أنها في جميع القرون التي سبقت ظهور الحشاشين ، كانت قليلة العدد ، بالنسبة لعددها في القرنين السادس والسابع ، لما ظهرت فرقة الحشاشين ، وباشرت بعملها في قتل الرؤساء ، وقد بلغ من شهرة الحشاشين السيئة ، بارتكاب جرائم القتل ، أن أصبح اسم الحشاشين في بعض اللغات الأوروبية (Assassin) يعني القتل والإغتيال وسفك الدم ، ولما تفاقم شرهم أمر السلطان بركياروق باستئصال شأفتهم ، فبدأت الحملات ضدهم ، وتجرد لهم في أصبهان الفقيه الشافعي أبو القاسم مسعود بن محمد الخجندي ، حيث حشد لهم جماعات مسلحة ، وأمر بحفر أخاديد أوقد فيها النيران ، وجعل العامة يأتون بالباطنية أفواجأ وفرادي ، فيلقون في النار ، ونصبوا إنسانة علي أخاديد النيران، سموه مالكا باسم مالك خازن جهنم ، فقتلوا منهم خلقا كثيرين ، كما تجرد لهم في الأهواز الأمير جاولي سقاوو فقتل أعيانهم وصناديدهم ، وأحس جند كرمان ، بأن أميرهم تيران شاه باطني ، فقتلوه ، وفي السنة 500 حاصر السلطان محمد السلجوقي قلعة شاه دز ، ففتحها ، وأخذ صاحبها احمد بن عبد الملك بن عطاش ، وهو من كبار الباطنية ، وقتله ، وقتل معه ولده أيضا ، وقتل اكثر من كان معه، وكان مقتل

ص: 351

ابن عطاش فاجعة ، فإنه أخذ أسيرة ، فترك أسبوعا ، ثم أمر به فشهر في جميع البلد ، ثم سلخ جلده وهو حي فتجلد حتي مات ، وحشي جلده تبنا ، وقتل ولده ، وحمل رأساهما إلي بغداد ، وألقت زوجته نفسها من رأس القلعة فهلكت ، وكانت مدة حكم ابن عطاش في هذه القلعة، اثنتي عشرة سنة .

وفي السنة 654 تهتم آخر حصن للحشاشين ، باستسلام شيخهم الجيوش هولاكو ، وقد قتل بعد استسلامه .

الزيادة التفصيل ، راجع دائرة المعارف الإسلامية 396/7 و 398، وابن الأثير 314/10 و 315 و 319 و 320 و 321 و 434).

وفي السنة 23 طعن أبو لؤلؤة ، غلام المغيرة بن شعبة ، الخليفة أبا حفص عمر الفاروق ، رضي الله عنه ، بخنجر له رأسان ، وطعن معه اثني عشر رجلا ، مات منهم ستة ، وألقي عليه رجل من أهل العراق ثوبا ، فلما اغتم فيه ، قتل نفسه ( تاريخ الخلفاء 134).

أقول : كان أبو لؤلؤة ، وأسمه فيروز ، نهاوندية ، أسرته الروم أيام فارس ، وأسرة المسلمون بعد، فنسب إلي حيث سبي ، ولما قدم بسبي نهاوند إلي المدينة ، كان أبو لؤة هذا ، لا يلقي منهم صغيرة ، إلا مسح رأسه ويكي ، وقال : أكل عمر كبدي ( الطبري 136/4)، وقد فاض هذا الحقد في قلب أبي لؤلؤة ، حتي اعد لقتل الخليفة عمر ، خنجرا له رأسان ، نصابه في وسطه ، وتربص به حتي إذا بدأ بصلاة الصبح ، طعنه بخنجره ست طعنات ، إحداهن تحت سرته ، وهي التي قتلته ( الطبري 191/4 ) ففجع به الإسلام والمسلمون ، وقيل في رثائه : ( تاريخ الخلفاء 144).

عليك سلام من إمام وباركت****يد الله في ذاك الأديم الممزق

فمن يسع أو يركب جناحي نعامة****ليدرك ما قدمت بالأمس يسبق

قضيت أمورا ثم غادرت بعدها**** بوائق في أكمامها لم تفتق

ص: 352

وقد درج بعض المؤرخين علي ذكر سبب ارتكاب فيروز أبي لؤلؤة جريمته هذه بأنه طلب من الخليفة أن يخفف عنه ضريبته التي كان عليها أن يؤديها لمولاه المغيرة بن شعبة ، مع أن الموضوع اهم بكثير من موضوع تخفيف الضريبة ، ولعل هذا المجرم إنما راجع الخليفة في موضوع تخفيف الضريبة ، لكي يتخذ من مراجعته هذا سبأ للإقتراب منه من أجل تنفيذ جريمته .

وفي السنة 31 قتل ملك الفرس يزدجرد بن شهريار ، وكان قد فر والتجأ إلي بيت نقار رحي ، فطمع النقار فيما معه ، وفي ثيابه ، فقتله غيلة وهو نائم . ( ابن الأثير 119/3 - 123).

وفي السنة 36 في وقعة الجمل، انصرف الزبير من المعركة ، قبل انتهائها ، ومر بعسكر الأحنف بن قيس ، وكان معتز بأصحابه ، فقال الأحنف : جمع بين المسلمين ، حتي ضرب بعضهم بعضا ، ثم لحق ببيته ، فلحق به عمرو بن جرموز ، واغتاله بوادي السباع ، وأخذ فرسة وسلاحه وخاتمه ، وعاد فاستأذن علي الإمام علي ، قائلا : استأذنوا لقاتل الزبير ، فقال الإمام علي : بشروا قاتل الزبير بالنار ، ثم أخذ سيف الزبير ، ينظر إليه ، وهو يقول : سيف طالما جلي الكرب عن وجه رسول الله . ( ابن الأثير 244/3 ).

وفي السنة 38 قتل غيلة أعين بن ضبيعة المجاشعي بالبصرة ، وهو من أصحاب الإمام علي ، بعث به إلي البصرة ليثبط بني تميم عن عبدالله بن الحضرمي الذي بعث به معاوية ليثير أهلها علي علي ، فلما قدم أعين البصرة، وكلم بني تميم، تصدع عن ابن الحضرمي كثير ممن اجتمع عليه ، فلما عاد أعين إلي رحله ، قتل غيلة ( شرح نهج البلاغة 48/4).

وفي السنة 40 خرج الإمام علي بن أبي طالب ، من داره بالكوفة أول الفجر ينادي : الصلاة ، فتصدي له عبد الرحمن بن ملجم ، وضربه بالسيف

ص: 353

علي رأسه ، وصاح : الحكم لله ، لا لك يا علي ، وقبض علي ابن ملجم ، وأحضر أمام الإمام علي ، فقال له : يا عدو الله ألم أحسن إليك ؟، قال : بلي، قال : فما حملك علي هذا ؟ قال : شحذت سيفي أربعين صباحأ ، وسأل الله أن يقتل به شر خلقه ، فقال الإمام : لا أراك إلأ مقتولا به ، ولا أراك إلآ شر خلقه ، ثم قال : النفس بالنفس ، إن هلكت فاقتلوه كما قتلني ، وإن بقيت رأيت فيه رأيي ، ألا لا يقتلن إلأ قاتلي ، أنظر يا حسن ، إذا أنا مت من ضربتي هذه ، فاضربه ضربة بضربة ، ولا تمثلن بالرجل ، فإني سمعت رسول الله صلوات الله عليه ، يقول : إياكم والمثلة ، ولو بالكلب العقور ( الفخري 100).

أقول : لم ينس أبو الحسن ، وهو في حالته تلك ، أن يوصيهم بالعناية بقاتله ، لأنه أسير عندهم ، فقال : أطيبوا طعامه ، وألينوا فراشه ( كتاب اسماء المغتالين 162 والأمامة والسياسة 138/1 ).

وفي السنة 40 قتل وردان بن مجالد ، وكان قد شارك ابن ملجم ، في ضرب الإمام علي ، ومعهما ثالث اسمه شبيب بن بجرة ، أما شبيب فقد نجا، وأما عبد الرحمن فقد قبض عليه ، وأما وردان ، فقد فر عائدا إلي منزله ، فلاقاه عبدالله بن نجبة فضربه بالسيف حتي قتله ( الاعلام 129/9 و 130)

وفي السنة 40 قتل عمرو بن بكر التميمي الخارجي ، خارجة ابن أبي حبيبة العامري ، صاحب شرطة عمرو بن العاص ، قتله وهو يحسب أنه عمرو بن العاص ، فأعتقله الناس ، وساقوه إلي عمرو بن العاص ، ولما عرف أنه عمرو ، قال : فمن قتلت ؟ قالوا : خارجة ، صاحب شرطته، فقال العمرو : أما والله يا فاسق ما أردت غيرك ، فقال له عمرو : أردتني ، وأراد الله خارجة ، ثم قتله . ( الأعلام 240/5 ).

ص: 354

وفي السنة 60 قتل المئلم بن مسروح الباهلي ، أحد شرطة عبيد الله بن زياد ، وكان عبيد الله بن زياد ، أو عز بقتل ناسك اسمه خالد بن عباد السدوسي ، فقتله المثلم ،فائتمر به أصحاب خالد ، ورأوه يبحث عن لقحة فاستدرجه أحدهم إلي منزله ، فقتله ، وعقي خبره ، فقال أبو الأسود الدؤلي أبيات منها : ( الاعلام 158/6 ).

واليت لا أغدو وإلي رب لقحة****أساومه حتي يعود المثلم

وفي السنة 97 قتل عبد العزيز بن موسي بن نصير ، أمير الأندلس ، قتله بعض جنده غيلة ، وهو يصلي الصبح ، واتهم بقتله سليمان بن عبد الملك ، إذ قيل أنه هو الذي دس إلي الجند أن يقتلوه ( ابن الأثير 22/5 ).

أقول : سبق أن ذكرت في موضع آخر من هذا الكتاب . أن الوليد بن عبد الملك كان قد عزم علي اقصاء أخيه سليمان عن ولاية العهد، واستخلاف ولده عبد العزيز ، وكان رهط من كبار عماله قد وافقوه علي ذلك ، منهم الحجاج بن يوسف الثقفي ، وقتيبة بن مسلم ، وموسي بن نصير ، ولكن أجل الوليد عاجله قبل إتمام ما عزم عليه ، فمات قبل أن يبلغ الخمسين ، وخلفه سليمان ، وكان ممتلئا غيظا من هؤلاء العمال ، وكان الحجاج قد هلك في أيام الوليد ، وأحس قتيبة بما يضمره له سليمان ، فعزم علي ان يتغذي بسليمان ، قبل أن يتعشي سليمان به، فأعلن خلعه ، فخالفه جنده ، وقاتلوه ، وقتلوه ، وقتلوا معه رهطا من إخوته وأهله ، أما موسي بن نصير ، فإنه حاول أن يرضي الخليفة الجديد بأن أقبل إلي الشام ، يحمل أثقالا من الذخائر والأموال التي غنمها بالأندلس ، وحمل معها من السبي ، والأسري، ونفيس الأمتعة ما لا يحصي ، ولكن سليمان لم ينس سابقة موسي في موافقته علي اقصائه عن ولاية العهد ، فعزله عن الإمارة ، وحبسه ، وأغرمه حتي احتاج أن يسأل العرب في معونته ( ابن الأثير 566/4 ) وكان موسي بن نصير الما قصد الشام ، استخلف علي الأندلس ابنه عبد العزيز ، وعلي سبتة وطنجة

ص: 355

ابنه عبد الملك ، وعلي إفريقية ابنه عبد الله ، والظاهر أن سليمان لما عزل موسي أوجس قلقا من أولاده ، وكان قلقه من عبد العزيز أو فر وأقوي ، لأنه كان ضابطأ، حازما ، وخشي أن عزله ، أن يخرج عليه، فدس إلي اتباعه، فارتكبوا جريمة قتله ، وقتلوه وهو يصلي الصبح في المحراب ، ومما يؤيد اسناد التهمة الي سليمان ، أن مرتكبي الجريمة بعثوا برأس الأمير القتيل عبد العزيز الي الخليفة ، وأن الخليفة سليمان لم يستح أن يعرض الرأس علي الأب المفجوع الذي تجلد للمصيبة وقال : هنيئأ له الشهادة، فقد قتلتموه - والله - صوامة ، قوامة ، وقد ذكر بعض المؤرخين اسباب اخري لقتله ، منها إنه كان قد تزوج بامرأة لذريق ( رودريك ) ملك اسبانيا ، وكانت قد ألفت مع زوجها الأول الوانة من الأبهة افتقدته في العيش مع زوجها الثاني ، فحاولت أن تستعيد تلك الأبهة ، وقد غفلت عن الاختلاف بين الحالين ، فأغرته بأن يأمر من يدخل عليه بالركوع له، ثم أغرته بأن يتخذ له تاجأ ، فثقل ذلك علي أتباعه من العرب ، والذي يظهر لي أن كل هذه لا يمكن أن تعتبر اسبابأ لقتل الأمير في المحراب ، وأعزو القتل الي رغبة من الخليفة ، يؤيد ذلك حمل الرأس الي الشام ، وعرض سليمان رأس الابن علي الاب الشيخ المفجوع ، وهذه من سليمان سقطة قبيحة، راجع ابن الأثير 22/5 .

وفي السنة 102 قتل أهل افريقية ، عاملهم يزيد بن أبي مسلم ، وكان يزيد هذا كاتبا للحجاج بن يوسف الثقفي في العراق ، وهو أخو الحجاج من الرضاعة ، فلما هلك الحجاج، نصبه خلفا له علي العراق ، ولما ولي سليمان بن عبد الملك ، حبسه ، وبقي محبوسا طيلة عهد سليمان ، وعهد عمر بن عبد العزيز ، فلما ولي يزيد بن عبد الملك ، عمد إلي جميع إصلاحات عمر ، فأبطلها بأجمعها ، وإلي جميع من ولاهم عمر ، فعزلهم ، وعمد الي من ولاهم الحجاج ، فأعادهم إلي الأعمال في الولايات ، ومنهم يزيد بن أبي مسلم ، فإنه أخرجه من السجن، وولاه إفريقية ، فعزم علي أن يسير فيهم

ص: 356

بسيرة الحجاج ، فتآمر عليه أهل إفريقية وقتلوه ، وولوا علي أنفسهم الأمير الذي كان عليهم قبل يزيد ، وكان يزيد قد حبسه ، فاستخرجوه من الحبس ، وأمروه ، وكتبوا إلي يزيد بن عبد الملك : إننا لم نخلع يدأ من طاعة ، ولكن يزيد بن أبي مسلم سامنا ما لا يرضي به الله والمسلمون ، فقتلناه وأعدنا عاملك ، فكتب اليهم يزيد : إني لم أرض ما صنع يزيد بن أبي مسلم، وذهب دمه هدرة ( الطبري 617/6 وابن الأثير 101/5 ).

أقول : كان يزيد بن أبي مسلم ، يكثر الذكر والتسبيح ، وكان يأمر بالقوم، فيكونون بين يديه يعذبون ، وهو يقول : سبحان الله ، والحمد لله ، شد يا غلام موضع كذا وكذا ، لبعض مواضع العذاب ، وهو يقول : لا إله إلا الله ، والله أكبر ، شد يا غلام موضع كذا وكذا ، فكانت حالته تلك شر الحالات . ( سيرة عمر بن عبد العزيز 34).

وفي السنة 121 قدم بخاري خداه ، واسمه طوق شياده ، علي نصر بن سيار، بسمرقند، فقدم دهقانان كانا قد أسلما علي يد نصر، يريدان الفتك ببخاري خداه ، وبواصل بن عمرو القيسي ، عامل نصر علي بخاري ، وكان حاضرة المجلس ، فشد أحدهما علي واصل ، فطعنه بسكين في بطنه ، وضربه واصل بالسيف علي رأسه ، فأطار قحف رأسه ، فقتله ، أما الثاني فهاجم بخاري خداه ، وطعنه، فشد عليه الجوزجان، وضربه بجرز كان معه فقتله ، ودعا نصر بن سيار بوسادة لبخاري خداه ، وأحضر له طبيبا يعالجه ، فمات من ساعته ، ومات واصل كذلك ، فدفن واصل ، وأما بخاري خداه ، فكشفوا عنه لحمه وحملوا عظامه الي بخاري ( الطبري 176/7 ).

وفي السنة 130 قتل غيلة أبو السري عبدالله بن عبيد الله ، المعروف بابن الدمينة ، والدمينة أمه ، اغتاله مصعب بن عمر السلولي ، وهو عائد من الحج في تباله ( الاعلام 4/ 236).

ص: 357

وفي السنة 132 تغير السفاح علي وزيره أبي سلمة الخلال ، واتهمه بالميل لأولاد علي ، فقتل غيلة عند خروجه من مجلس السفاح ليلا، وأشيع أن الخوارج قتلوه ، فقال سليمان بن المهاجر البجلي : ( ابن الأثير 436/5)

إن الوزير وزير آل محمد **** أودي فمن يشناك كان وزيرأ

واتهم صاحب الفخري (ص 155- 156) السقاح ، بأنه هو الذي قتل وزيره أبا سلمة الخلال ، وقال عنه أنه كان سمحة، كريما، فصيحة، مطعاما ، عالما بالأخبار ، والأشعار ، والسير ، والجدل ، والتفسير ، وكان ذا مروءة ظاهرة ، اتهمه السفاح بأنه حاول نقل السلطان من العباسيين الي العلويين ، وكان أبو مسلم قد استوزره له ، فكتب السفاح إلي أبي مسلم ، يخبره بأنه قد اتهمه ، فأرسل أبو مسلم قوما من خراسان ، فقتلوه غيلة .

وفي السنة 137 كان أمير إفريقية عبد الرحمن بن حبيب الفهري ، وهو عبد الرحمن بن حبيب بن أبي عبيدة بن عقبة بن نافع ، ودخل إليه أخواه الياس وعبد الوارث لتوديعه فقتلاه ، وكانت إمارته علي إفريقية عشر سنين وسبعة أشهر ، فانتصب لحرب ألياس ، كل من ابن أخيه حبيب بن عبد الرحمن ، وعمران بن حبيب ، أخي الياس ، ثم تصالحوا علي أن تكون تونس لعمران ، وقفصة وما جاورها لحبيب ، وسائر إفريقية لألياس ، ثم غدر الياس بأخيه عمران فقتله ، فسار حبيب الي تونس فملكها، وحارب عمه الياس ، وقتله في السنة 138 ، ففر منه أخوة الياس واستجاشوا أنصار ، وحاربوا حبيب وقتلوه في السنة 140 ( ابن الأثير 311/5 - 316).

وفي السنة 138 خلع القائد جمهور بن مرار العجلي ، طاعة المنصور ، واعتصم بأذربيجان ، فاغتاله بعض اصحابه ، وحمل رأسه إلي المنصور (الأعلام 132/2)

ص: 358

وفي السنة 144 قتل ابو الخطاب عبد الأعلي بن السمح بن عبيد بن حرملة ، إمام نفوسة ، بعد أن حكم جبل نفوسة منذ السنة 140 ( معجم انساب الأسر الحاكمة 101).

وفي السنة 151 قتل غيلة ، معن بن زائدة الشيباني ، وكان علي سجستان ، أنكر بعض الخوارج سيرته ، فاندوا مع فعلة كانوا يبنون في منزله ، ثم دخلوا عليه وهو يحتجم ، ففتكوا به ، وشق بعضهم بطنه بخنجر ، فقتلهم يزيد بن مزيد ، ابن أخ معن ، ولم ينج منهم أحد. ( ابن الأثير 606/5)

وفي السنة 161 قتل غيلة بالأهواز ، أبو عمرو حماد عجرد ، الشاعر الراوية ، من مخضرمي الدولتين الأموية والعباسية ( الأعلام 302/2 - 303).

أقول : إنفرد صاحب الأعلام بخبر قتل حماد غيلة ، فإن ابن خلكان ذكر إنه مات ، كما ذكر إن محمد بن سليمان ، عامل البصرة ، قتله علي الزندقة ( 213/2 ) أما الخطيب البغدادي ، فلم يذكر شيئأ عن وفاته (148/8و 149)، وهو أبو عمرو حماد بن عمر بن يونس الكوفي ، أحد الشعراء الرواة ، كان واحدا من ثلاثة ، اشتهروا بالمجون والخلاعة ، وهم : حماد عجرد ، ومطيع بن إياس ، ويحيي بن زياد ، وكانوا لا يطاقون خبثة ومجانة ، وكانت تدور بينهم مهاترات ومهاجاة ومحاورات، من أجمل ما سمع ، ومما قيل في حماد، وهو من عيون الشعر ، أبيات في وصفه ، تكاد تشكل صورة كاملة له ، قال :

نعم الفتي لو كان يعرف ربه **** ويقيم وقت صلاته حماد

هدلت مشافره الدنان فأنفه **** مثل القدوم بسته الحداد

وأبيض من شرب المدامة وجهه **** فبياضه يوم الحساب سواد

وفي السنة 162 قتل غيلة القائد عبد الرحمن بن حبيب بن عبد الرحمن

ص: 359

الفهري ، المعروف بالصقلبي، لقب بذلك لطوله ورزقته وشقرته ، وكان قد عبر من إفريقية إلي الأندلس داعيا إلي طاعة الدولة العباسية ، فبذل عبد الرحمن الداخل ألف دينار لمن أتاه برأسه ، فاغتاله رجل من البربر ، وحمل رأسه إلي عبد الرحمن ، فأعطاه ألف دينار ( ابن الأثير 6/ 54).

وفي السنة 167 اغتيل عقبة بن سلم بن نافع الهنائي ، بعيساباذ ، في دار عمر بن بزيع ، اغتاله رجل بطعنة خنجر ، فهلك ( الطبري 165/8 ).

أقول : كان عقبة بن سلم هذا ، من أرذال الناس ، وكان جاسوسا عند المنصور ، بعثه يتجسس أخبار العلويين في المدينة بالحجاز ، فقام بعمله علي وجه أرضي المنصور ، فرفعه ذلك عنده ، ثم رافق المنصور إلي الحجاز في سفره الذي قبض فيه علي أولاد الحسن، فكان أحد أدلائه في القبض عليهم ، ثم استخدمه المنصور في إيذاء عيسي بن موسي ، ليضطره بذلك إلي خلع نفسه من ولاية العهد، والتنازل عنها للمهدي ، فكان يحول بين عيسي وبين دخول الناس إليه ، وإذا ركب عيسي مشي خلفه ، وقال : أنت البقرة التي قال الله : فذبحوها وما كادوا يفعلون ، ونال جزاء تجسسه وأعماله الرذيلة ، في خدمة أبي جعفر المنصور أن نصبه عاملا علي البصرة في السنة 151 ثم بعثه إلي البحرين فقتل عاملها، واستحوذ علي ماله ومال غيره من الناس ، فاصطفاها لنفسه ، وبلغ المنصور ذلك ، فبعث اليه اسد بن المرزبان للتحقيق فيما اختلس ، فأعطي عقبة أسدأ جزءا مما اختلس ، فوري عنه في تقريره ، وبلغ أبا جعفر أن أسدا أخذ مالا من عقبة ، فبعث إلي البحرين القائد أبا سويد الخراساني ، وكان صديق أسد، فلما رآه أسد مقبلا علي البريد فرح، وكان ناحية من عسكر عقبة، فتطاول له وقال : صديقي ، فوثب ليقوم لأبي سويد ، فقال له أبو سويد : بنشين بنشين ، ومعناها بالفارسية : إجلس ، فجلس، فقال له : أنت سامع مطيع ؟ قال : نعم ، قال : مد يدك ، فمد يده ، فضربها بسيفه فقطعها ، ثم مد رجله ، ثم مد يده ، ثم رجله ، حتي

ص: 360

قطع أربعته، ثم قال له : مد عنقك ، فمده فضرب عنقه ، وحمل رأسه إلي المنصور ، وعزل عقبة ، حتي هلك غيلة في عهد المهدي في السنة 197 ( الطبري 519/7 ، 520، 523 ، 19/8 ، 25، 26، 32، 39، 40، 135 ،165)

وفي السنة 169 قتل غيلة حمزة بن مالك الخزاعي ، ثار بالجزيرة ، في أيام الهادي العباسي ، فسير اليه عامل الجزيرة جيشا ، فهزمه حمزة ، وقوي أمره ، فصحبه ، رجلان ، وثق بهما ، فقتلاه غيلة . ( الاعلام

313/2 ) .

وفي السنة 181 خالف بطليطلة عبيدة بن حميد، علي الحكم الأموي ، صاحب الأندلس ، فكتب الحكم الي عامل طلبيرة عمروس بن يوسف المعروف بالمولد ، فاستمال عمروس فوما من أهل طليطلة يعرفون ببني مخشي فوثبوا علي عبيدة ، فقتلوه ، وحملوا رأسه إلي عمروس ، فسيره إلي الحكم ، وأنزل بني مخشي عنده ، وكان بينهم وبين البربر الذين بطلبيرة ذحول ، فتسور البربر عليهم ، فقتلوهم ، فسير عمروس رؤوسهم مع رأس عبيدة الي الحكم ( ابن الأثير 158/6 ).

وفي السنة 185 قتل أهل طبرستان، مهرويه الرازي ، وهو واليها ، فولي الرشيد مكانه عبدالله بن سعيد الحرشي ( ابن الأثير 168/6 ).

وفي السنة 188 قتل غيلة راشد ، مولي إدريس العلوي ، جد الأدارسة بالمغرب ، وكان راشد قد رافق مولاه إدريس لما فر من الحجاز بعد وقعة فخ سنة 169 ، فمرا بمصر وإفريقية ، إلي المغرب الأقصي ، حيث استقر إدريس ، وعظم أمره ، ودس السم لإدريس ، فمات ، فتولي راشد إدارة الأمور باسم الجنين من أولاد إدريس ، ولما ولد ، قام راشد بأمره وأمر دولته ، حتي نشأ، وتسلم عرش أبيه ، فدس إبراهيم بن الأغلب ، صاحب القيروان ، من قتل راشد غيلة . ( 33/3 ).

وفي السنة 200 قتل بالإسكندرية ، عمر بن عبد الملك ، من أولاد

ص: 361

معاوية بن حديج ، قتله أنصاره الأندلسيون بالإسكندرية ، وكان يلي الإسكندرية ، فعزله المطلب بن عبدالله ، أمير مصر ، فعصي واتفق مع الجروي العاصي ، ووقعت حروب ، فانكسر عمر ، ثم عاد ، وعادت الفتنة ، إلي أن قتل بالإسكندرية ( الأعلام 213/5 ).

وفي السنة 202 كان الفضل بن سهل وزير المأمون ، في الحمام ، بسرخس ، فدخل عليه قوم ، وقتلوه غيلة ، فاعتقلهم المأمون ، فقالوا له : أنت أمرتنا بقتله ، فأمر بهم فقطعت أعناقهم . ( ابن الأثير 346/6 - 347) .

وفي السنة 226 قتل أمير السند عمران بن موسي بن يحيي البرمكي ، حيث وقعت فتنة بين النزارية واليمانية ، فمال إلي اليمانية ، فسار إليه أحد النزارية ، وقتله غيلة . ( الاعلام 234/5 ).

وفي السنة 247 تامر المنتصر ، وبعض الأتراك علي قتل المتوكل ، ودخلوا عليه ليلا ، فابتدره احدهم فضربه علي كتفه وأذنه ، فقده ، فاستقبله بيده ، فضربها ، فأبانها ، وشاركه باغر، فتصدي لهم الفتح بن خاقان فبعجوه بسيوفهم فصاح ، فقتلوهما معا. ( ابن الأثير 98/7 - 99).

وفي السنة 255 قتل غيلة ، خفاجة بن سفيان ، أمير صقلية ، اغتاله رجل من عسكره ليلا ، وهو عائد من سرقوسة إلي بلرم ، وخلفه ولده محمد ، ( الأعلام 355/2 ).

وفي السنة 257 قتل غيلة محمد بن خفاجة ، أمير صقلية ، وكان قد استولي علي مالطة ، فأضافها إلي ملكه ، وانتصر علي أساطيل الروم ، فاغتاله ثلاثة من خدمه ، قتلوه في عاصمة حكمه مدينة بلرم بصقلية ( الاعلام 347/6)

وكان أحمد بن عبدالله الخجستاني ، من أصحاب محمد بن طاهر ، ثم التحق بيعقوب الصقار ، ثم استولي علي نيسابور ، وخلع طاعة يعقوب ، ثم

ص: 362

استولي علي جرجان ، وعاد إلي نيسابور ، فأقام بها ، وحار به عمرو بن الليث الصفار، فانكسر عمرو، ثم سار احمد الي طخارستان، فتواطأ عليه غلامان من غلمانه وهما قتلغ ورامجور، فقتلاه في السنة 262 ( ابن الأثير 296/7 -303)

وقتل الأمير خمارويه ، صاحب مصر والشام ، بدمشق في السنة 282 ، وكان يحرسه بمصر ، إذا نام ، سبع أزرق العينين ، اسمه زريق ، أنس بخمارويه ، وكان يتركه مطلقا في الدار ، لا يؤذي أحدأ ، وإذا نصبت مائدة خمارويه ، أقبل زريق معها ، ورربض بين يديه ، فكان يرمي إليه بيده ، بالدجاجة بعد الدجاجة ، وبالفضلة الصالحة من الجدي ، فإذا نام خمارويه ، جاء زريق ، وربض بين يدي سريره ، يراعيه ، ما دام نائما، وإذا نام خمارويه علي الأرض استقر زريق قريبة منه ، لا يغفل عنه لحظة واحدة ، وكان قد ألف ذلك ، ودرب عليه ، فلا يقدر أحد أن يدنو من خمارويه ، ما دام نائمة ، لمكان زريق ، ولما قتل خمارويه بدمشق ، كان زريق في القاهرة . ( خطط المقريزي 317/1 ).

وفي السنة 289 اغتيل الأمير ابو العباس أحمد بن إبراهيم بتونس ، اغتاله خدم صقالبة ، وخلفه ولده زيادة الله أبو نصر ( العيون والحدائق ج 4 ق اص 195).

وفي السنة 290 قتل من الأغالبة السلطان أبو العباس عبدالله ( الثاني ) بن محمد ، بعد حكم طال 29 سنة ( معجم انساب الأسر الحاكمة 106). :

وفي السنة 292 قتل غيلة ، يحيي بن القاسم بن إدريس ، الملقب بالعام، من ملوك الأدارسة، بالمغرب ، قتله رجل يدعي الربيع بن سليمان، بفاس . ( الاعلام 204/9 ).

وفي السنة 293 قتل أبو غانم عبد الله بن سعيد القرمطي ، وكان قد احتل مدينة بصري ، وقتل رجالها ، وفتح طبرية ، وقتل أهلها وسبي نساءها ،

ص: 363

وبطش بأهل هيت ، فبعث السلطان جيشأ لمحاربته ، فوثب عليه بعض من كان معه ، وقتلوه ( الأعلام 222/4 ).

وفي السنة 296 أراد رجال الدولة خلع المقتدر ، وقبل مباشرة خلعه ، بدا للوزير العباس بن الحسن ، والقائد فاتك المعتضدي ، فخالفهم ، فقام الحسين بن حمدان ، وبدر الأعجمي، ووصيف ، فقتلوا العباس بن الحسن ، وفاتك المعتضدي ، في الطريق ( ابن الأثير 14/8 ).

وفي السنة 301 قتل الأمير أحمد بن اسماعيل الساماني ، صاحب خراسان وما وراء النهر ، اغتاله جماعة من غلمانه ، فذبحوه علي سريره وهربوا ، وكان له أسد يربطه كل ليلة ، علي باب مبيته، فلا يقربه أحد ، فاغفلوا إحضار الأسد تلك الليلة ( ابن الأثير 77/8 ).

وفي السنة 302 قتل أبو سعيد الحسن بن بهرام الجنابي ، زعيم القرامطة ، اغتاله خادم له صقلبي في الحمام ، وقتل معه أربعة نفر من رؤسائهم، كان يدعو واحد واحد ، يقول له : السيد يستدعيك ، فإن دخل قتله ، ثم فطنوا له ، فقتلوا الخادم . ( ابن الأثير 83/8 - 84).

وفي السنة 303 قتل بطعنة حربة ، الفتح بن موس بن ذي النون ، صاحب حصن أقليش بالأندلس غدر به رجل من أصحابه يعرف بالأقرع ، أصاب منه غرة ، فقتله . ( الأعلام 332/5 ).

وفي السنة 311 قتل أبو زكريا يحيي الأرجاني ، حاكم جبل نفوسة ( معجم انساب الأسر الحاكمة 101).

وفي السنة 322، لما بويع الراضي بالخلافة ، كان هارون بن غريب الخال، خال المقتدر ، علي معاون ماه الكوفة وما سبذان ، فترك عمله ، وتوجه إلي بغداد ، إذ رأي نفسه أحق بالدولة ، لقرابته ، فعظم ذلك علي القواد بالحضرة ، وراسله الراضي في البقاء في موضعه ، فلم يقنع ، واستمر

ص: 364

في طريقه ، فخرج إليه الجند العباسي ، ونشبت المعركة في النهروان ، فتقطر بهارون فرسه ، وسقط في ساقية ، فلحقه يمن غلامه ، فضربه بالطبرزين ، حتي أثخنه ، ثم سل سيفه ليذبحه ، فقال له هارون : يا عبد السوء ، أنت تفعل هذا ، وتتولي بيدك قتلي ، أي شيء أذنبت به إليك ؟ فقال له : نعم ، أنا أفعل بك هذا ، وحر رأسه. ( تجارب الأمم 306/1 - 309) .

وفي السنة 332 قتل أبو عبدالله البريدي ، أخاه أبا يوسف البريدي ، اتهمه بأنه أراد القبض عليه ، والاستبداد بالأمر دونه ، فأقام غلمانه يرصدونه في طريق مسقف بين داره والشط ، فلما أقبل إليه أبو يوسف ، وثب عليه الغلمان، فقتلوه ، وهو يصيح : يا أخي ، يا أخي، قتلوني ، وأخوه يسمعه، ويقول : إلي لعنة الله ( ابن الأثير 409/8 - 410).

ولما قتل مرداويج أسفار بن شيرويه ، وملك قزوين ، والري ، وهمدان ، وكنكور ، والدينور ، وبروجرد ، وقم ، وقاشان ، وأصبهان ، وجرباذقان ، أساء السيرة ، وطغي، وعمل له سريرة من ذهب يجلس عليه ، والتفت الديلم حوله ، وعظمت جيوشه ، واستولي علي الأهواز ، وعمل تاجا مرضعا علي صفة تاج كسري ، وعزم علي قصد العراق ، وإعادة بناء المدائن وإيوان كسري ، وفي السنة 323 هاجمه غلمان له من الأتراك ، وهو في الحمام ، باتفاق مع بعض قواده وقتلوه ( ابن الأثير 197/8 ، 227، 285 ، 303-298)

أقول : كان مرداويج يفكر في إعادة إمبراطورية الفرس ، وكان قد كتب إلي عامله علي الأهواز أن يعد له إيوان كسري منزلا إذا تقدمه إلي الحضرة ، وأن يعمره ويعيده كهيأته قبل الإسلام ، وكان قد صاغ لنفسه ناجا عظيما ، ورضعه بالجوهر ، وصنع سريرا من الذهب ، جعل عليه منصة عظيمة من أجل جلوسه ، وجعل دونه سرير فضة وعليه فرش ، ودونه كراسي مذهبة ، وكان أتباعه يقفون بالبعد منه قياما، ما ينطقون إلأ همسأ، وكان يريد أن

ص: 365

يلقب بشاهنشاه ، وكان يقول : أنا أرد دولة العجم ، وأبطل دولة العرب ( تجارب الأمم 317/1 - 318 وابن الأثير 302/8 ).

وفي السنة 371 قام ابو الحسين العتبي ، وزير الأمير نوح بن منصور الساماني ، صاحب خراسان وما وراء النهر ، بعزل أبي الحسن محمد بن إبراهيم بن سيمجور عن قيادة الجيوش السامانية ، فوضع ابن سيمجور جماعة من المماليك علي قتل العتبي ، فقتلوه ( ابن الأثير 11/9 - 13).

وفي السنة 372 اغتال أبو الفرج بن عمران بن شاهين ، أخاه أبا محمد صاحب البطيحة ، فانتصب في موضعه ، وقد انتهز أبو الفرج أنه صحب أخاه أبا محمد لزيارة أخت لهما اعتلت ، فلما دخلا الي الحرم ، توقف حرس ابي محمد عن الدخول ، فانتهز أبو الفرج الفرصة ، فضرب أبا محمد بالسيف فقتله ( ذيل تجارب الأمم 82- 83)، وفي السنة 373 تحرك القواد علي أبي الفرج فقتلوه ونصبوا مكانه أبا المعالي ابن أبي محمد بن عمران ( ذيل تجارب الأمم 88). :

وفي السنة 375 قتل الحسن بن القاسم الإدريسي ، آخر أمراء الدولة الإدريسية في الريف المغربي ، ولي الحكم بعد أخيه أحمد سنة 348 وحارب المروانيين بالأندلس ، فانكسر جيشه ، وحمل إلي قرطبة ، ثم أطلق ، فقصد الفاطميين بمصر ، واستعان بهم لاستعادة ملكه، فأعانوه ، وحارب المروانيين مجددا في السنة 373 فانكسر ، وأسر ، وسيق ثانية إلي قرطبة ، فقتل غيلة وهو في الطريق ( الاعلام 227/2 - 228).

وفي السنة 391 قتل حسام الدولة أبو حسان المقلد بن المسيب العقيلي صاحب الموصل ، غيلة ، ذبحه أحد غلمانه ، وسبب ذلك : أن غلمانه الأتراك سبق أن هربوا منه وأخذوا دوابه . فتبعهم ، وظفر بهم ، وقتل ، وقطع أحد عشر غلامأ منهم ، وأعادهم إلي خدمته ، فراعي أحدهم الفرصة ، وذبحه وفر ( تاريخ الصابي 389/8 ).

ص: 366

وفي السنة 405 قتل بدر بن حسنويه ، غيلة ، قتله بعض أتباعه ، وكان أمير الجبل ، كثير الصدقة، كبير النفس ، عظيم الهمة ( ابن الأثير 248/9 ).

أقول : أبو النجم بدر بن حسنويه بن الحسين الكردي ، ولاه عضد الدولة البويهي علي الجبل ، خلفا لوالده حسنويه ، وكانت له الولاية علي الجبل ، وهمذان ، والدينور ، وبروجرد ، ونهاوند ، وأستراباذ، وما يجاورها ، وقامت هيبته بالشجاعة والسياسة والعدل وبذل الأموال في عمل الخير ، وكناه القادر أبا النجم ، ولقبه ناصر الدولة ، وعقدله لواء وأنفذه اليه ، وكانت أعماله آمنة، فإذا وقع حمل في البرية ، تركه صاحبه ومضي فجاء بما يحمله عليه ، فلا يتعرض له أحد، ولماعان قومه في البلاد عمل لهم دعوة ، وقدم لهم أنواع الطبائخ ، ولم يقدم خبزة ، فجلسوا ينتظرون الخبز ، فقال لهم : ما بالكم لا تأكلون ؟ فقالوا : أين الخبز ؟ فقال لهم : إذا كنتم تعلمون أنه لا بد لكم من الخبز، فلماذا أفسدتم الحرث ؟ لئن اعترض أحدكم بصاحب زرع ، فسأقابله بسفك دمه ، واجتاز يومأ برجل يحمل حملا من الحطب علي ظهره وهو يبكي ، فنزل اليه ، وسأله عن سبب بكائه ، فقال : إني ما أكلت منذ البارحة شيئا ، وكان معي رغيفان أعددتهما لاتغدي بهما ، وأبيع الحطب وأحمل ثمنه لقوت عيالي ، فاجتاز بي أحد الفرسان وأخذ الرغيفين مني ، فأخذه معه وأوقفه علي مضيق ووقف معه ، حتي اجتاز العسكر ، فمر صاحبه ، فأشار إليه ، وقال : هذا ، فأمره بدر أن ينزل عن فرسه ، وألزمه أن يحمل الحطب علي ظهره إلي البلد ، وأن يبيعه ويسلم ثمنه إلي صاحب الحطب ، جزاء لما فعل، فرام الرجل أن يفتدي نفسه بمال، حتي عرض أن يعوض صاحب الحطب وزن حطبه دراهم ، فلم يقبل منه ، وفرض عليه أن يحمل الحطب علي ظهره ، وأن يبيعه في البلد ، ففعل الرجل ذلك ، فقامت الهيبة في النفوس، ولم يجرأ أحد من أصحابه صغيرة أو كبيرة علي شيء ، وكانت جرايانه متصلة علي

ص: 367

الفقهاء والأشراف والقضاة والشهود والأيتام والضعفاء ، وكان إذا قطع بره عن أحد أصحابه لذنب اقترفه ، فإذا مات أعاد البر علي أولاده ، وكان قد حصر حصن كوس حد، حصن الحسن بن مسعود الكردي ، فجاء بدرة رجل كردي وقال له : قد عزموا علي قتلك ، وكان بدر عظيم الإعتداد بنفسه ، فقال له : من هؤلاء الكلاب حتي يقدموا علي ذلك، فعاوده ، وحذره ، فغضب ، وقال له : لا أريد نصحك ، فاغتاله بعض أتباعه ، ونهبوا معسكره ، وتركوه وساروا ، وخلفوه ملقي علي الأرض ، فنزل الحسن بن مسعود من حصنه ، وأمر بتجهيزه وتكفينه ، وحمله إلي مشهد علي عليه السلام فدفن هناك ، وكانت مدة إمارته اثنتين وثلاثين سنة ( المنتظم 271/7 - 272).

وفي السنة 406 أطلق شمس الدولة ، طاهر بن هلال بن بدر بن حسنويه ، وكان معتقلا عنده ، وأقام طاهر بالنهروان، وصاهر أبا الشوك ، فلما أمنه طاهر ، وثب عليه أبو الشوك ، فاغتاله ، لأنه كان يطلبه بثأر أخيه سعدي . ( ابن الأثير 261/9 ).

أقول : لما قتل بدر بن حسنويه ، كان ولده هلال محبوسا عند الملك سلطان الدولة ، فلما استولي شمس الدولة بن فخر الدولة علي بعض بلاد بدر ، أطلق سلطان الدولة هلالا ، وجهزه بجيش ليستعيد من شمس الدولة ما استولي عليه ، والتقي هلال بشمس الدولة ، فانهزم أصحاب هلال ، وأسروه ، وفي السنة 406 أطلقه شمس الدولة ، فاجتمع له طوائف حارب بهم أبا الشوك الكردي فهزمه وقتل أخاه سعدي ، وأقام طاهر بالنهروان ، ثم صالحه أبو الشوك وزوجه بأخته ، حتي إذا اطمأن له طاهر ، وثب عليه أبو الشوك فقتله ( ابن الأثير 249/9-460).

وفي السنة 407 تآمر قواد خوارزم شاه أبي العباس مأمون بن مأمون ، وقتلوه غيلة ، وكان قد صاهر محمود بن سبكتكين ، فلما بلغه الخبر ، قصد

ص: 368

خوارزم وحارب القواد ، وكسرهم ، وأسر قسما منهم فصلبهم عند قبر خوارزم شاه . ( ابن الأثير 264/9 - 265).

وفي السنة 408 قتل الناصر لدين الله علي بن حمود الإدريسي الحسني ، أول ملوك الدولة الحمودية بقرطبة ، قتله بقرطبة بعض الصقالبة دخلوا عليه الحمام وقتلوه ( الاعلام 94/5 ).

وفي السنة 408 قتل غيلة المرتضي ، عبد الرحمن بن محمد الأموي ، وكان قد تصدي لطلب الخلافة ، وتبعه جماعة ، ثم دشوا عليه من قتله ( الأعلام 102/4 ).

وفي السنة 409 قتل غيلة بالقاهرة ، أبو الحسن علي بن جعفر بن فلاح الكتامي ، من أكابر وزراء الفاطميين بمصر، قتله فارسان متنكران بالقاهرة . ( الأعلام 76/5 ).

وفي السنة 411 قتل الحاكم بأمر الله أبو علي المنصور بن العزيز بن المعز العلوي ، غيلة ، ولم يعرف قاتله ، وبصروا بالحمار الذي كان يركبه ، وقد ضربت يداه بسيف فأثر فيهما ، ورأوا ثياب الحاكم ، وهي سبع قطع صوف ، مزورة بحالها لم تحل ، وفيها أثر السكاكين ، فأيقنوا بأنه قد قتل ( ابن الأثير 315-314/9).

وفي السنة 412 قطعت خطبة سلطان الدولة البويهي من العراق، وخطب لمشرف الدولة ، وطلب الديلم من مشرف الدولة أن ينحدروا إلي بيوتهم بخوزستان ، فأذن لهم، وأمر وزيره أبا غالب بالإنحدار معهم ، فلما وصلوا إلي الأهواز، قتلوه ( ابن الأثير 323/9 ).

وفي السنة 413 قتل أمير الأمراء ، عزيز الدولة ، وتاج الملة ( هذه ألقابه ) فاتك بن عبد الله الرومي ، أمير حلب للحاكم الفاطمي ، دخل عليه غلام له هندي ، وهو نائم في فراشه ، فقتله ( الاعلام 322/5 ).

ص: 369

وفي السنة 422 قتل غيلة ، الوزير أبو علي الحسن بن علي بن جعفر ، المعروف بابن ماكولا ، من نسل أبي دلف العجلي ، كان وزير جلال الدولة البويهي ، وحارب علي رأس جيش ، فانكسر ، وحمل إلي أبي كاليجار ، فاطلقه ، فلم يلبث أن أغتاله غلام له اسمه عدنان ، بالأهواز ( ابن الأثير 401/9 والاعلام 218/2 ).

وفي السنة 425 قتل أمية بن عبد الرحمن الأموي ، بقرب قرطبة ، وكان أمية هذا قد أحدث فتنة بقرطبة في السنة 422 فأخرجه أهل قرطبة ، وجميع بني أمية ، خشية الفتنة ، وفي السنة 425 بلغهم أنه قادم إلي قرطبة ، فخافوا فتنة ، فاخرجوا إليه من قتله بقرية راشد قرب قرطبة ( الأعلام 363/1 ).

وفي السنة 426 قتل علي بن ثمال الخفاجي ، أمير بني خفاجة ، وكانت له حماية الكوفة ، قتله غيلة ، إبن أخيه الحسن بن أبي البركات بن ثمال ( الأعمال 75/5 ).

وفي السنة 430 قتل أبو الحكم منذر بن يحيي التجيبي ، الملقب بالحاجب المنصور ذي الرياستين ، صاحب سرقسطة بالأندلس ، قتله أحد قواده ، دخل عليه وهو غافل قد أكب علي كتاب يقرأه ، فطعنه بسكين ، فقتله ( الأعلام 231/8 - 232).

وفي السنة 440 قتل الأمير آق سنقر ، بهمذان، قتله الباطنية غيلة ، لأنه كان شديدا عليهم ( ابن الأثير 552/9 ).

ولما قتل طغرل الحاجب ، السلطان عبد الرشيد، صاحب غزنة ، وتسلطن مكانه ، في السنة 444 ، أنكر ذلك أحد الأمراء واسمه خرخيز، وكتب إلي وجوه القواد يعيرهم بسكوتهم عن ذلك ، فتآمر القواد علي طغرل ، ودخلوا عليه ، فضربه أحدهم بسيفه ، وتبعه الباقون ، فقتلوه . ( ابن الأثير 584/9)

ص: 370

وفي السنة 457 قتل بقرطبة ، أبو مروان عبد الملك بن زيادة الطنبي ، قتلته جواريه ، لتقتيره عليهن ( الأعلام 303/4 ).

وفي السنة 457 قتل منصور بن عبد الملك ، صاحب باب الأبواب ، وكان قد حكم منذ السنة 434 ( معجم انساب الأسر الحاكمة 283).

وفي السنة 468 قتل صاحب حلب أبو المظفر نصر بن محمود من بني مرداس ( معجم أنساب الأسر الحاكمة 204).

ومن الفواجع التي تذكر في التاريخ ، ما أصاب المعتمد بن عباد اللخمي ، صاحب إشبيلية وقرطبة وما حولهما (431- 488)، وقد كان من أفراد الدهر شجاعة وجودة وحزمة ، فقد قتل ولده أبو عمر الظافر ، في قرطبة وهو أميرها ، وفي السنة 483 قتل المرابطون بقرطبة ولده الآخر المأمون أبا النصر عباد ، وكان أميرة بها كذلك ، وفي السنة 484 استولي المرابطون علي إشبيلية ، وأسروا المعتمد ، وأثقلوه بالحديد ، ونفوه إلي أغمات بمراكش ، حيث سجن هناك إلي أن مات في السنة 488، وكان ولداه الراضي بالله أبو خالد يزيد بحصن رنده ، والمعتد بالله بحصن مارتلة ، والحصنان منيعان ، فكتب المعتمد اليهما بتسليم الحصنين للمرابطين ، فلما نزل الراضي عن الحصن ، قتل غيلة ، أما المعتد فإنه لما نزل، اعتقل وصودر ، ومن بعد اعتقال المعتمد ، ثار أحد أولاده ، واسمه عبد الجبار ، واعتصم بحصن أركش ، وهو معقل مجاور لإشبيلية ، فقتل في إحدي المعارك . ( المعجب للمراكشي 200.190 . 205- ابن الأثير 285/9 - 288 والاعلام 50/7 ).

وفي السنة 485 قتل الوزير نظام الملك الشهير ، أبو علي الحسن بن علي بن اسحق ، وزير السلطان ملكشاه ، ووزير أبيه ألب أرسلان من قبله ، صاحب المدارس النظامية ، في بغداد ، وفي غيرها من المدن في أنحاء ممالك الإسلام ، وكان ذلك بالقرب من نهاوند ، كان صائما فأفطر ، وخرج في محنته، فتصدي له صبي ديلمي في صورة مستميح ، فلما اقترب منه

ص: 371

ضربه بسكين كانت معه ، فقضي عليه ، وأراد أن يهرب ، فأدركوه فقتلوه ، فقال فيه شبل الدولة مقاتل بن عطية : ( ابن الأثير 204/10 -206).

كان الوزير نظام الملك لؤلؤة**** يتيمة صاغها الرحمن من شرف

عت ولم تعرف الأيام قيمتها**** فردها غيرة منه إلي الصدف

وفي السنة 486 قتل السلطان بركياروق بن ملك شاه ، الأمير بلبرد ، أحد كبار أمرائه ، وأمراء أبيه ، وكان بركياروق ، قد زاد في إقطاعه ، إقطاع كوهرائين ، وشحنكية بغداد ، وكان قد وصل إلي دقوقا ، فأعيد منها ، لأنه تعلم علي والدة السلطان بركياروق ، بكلام شنيع ، فلما وصل إليه ، أصبح مقتولا ( ابن الأثير 226/10 ) .

وفي السنة 487 قتل جمال الدولة بن محمد بن عمار قاضي الإسكندرية، من بني عمار حكام طرابلس الشام ( معجم أنساب الأسر الحاكمة 160).

وفي السنة 490 قتل عبد الرحمن السميرمي ، وزير أم السلطان بركياروق ، قتله باطني ، غيلة ، وقتل الباطني بعده . ( ابن الأثير 270/10 ).

وفي السنة 490 قتل ارغمش النظامي ، مملوك نظام الدولة ، بالري ، وكان قد بلغ مبلغا عظيما ، بحيث إنه تزوج إبنة ياقوتي عم السلطان بركياروق ، قتله باطني ، وقتل قاتله . ( ابن الأثير 271/10 ).

وفي السنة 490 قتل برسق ، وهو من أكابر الأمراء ، وكان أول شحنة ببغداد ، قتله باطني . ( ابن الأثير 10/ 271).

وفي السنة 490 قتل صاحب خراسان أرسلان أرغون ، بن ألب أرسلان ، وهو أخو السلطان ملكشاه ، قتله أحد غلمانه ، لسوء معاملته لهم ، طعنه بسكين، فقتله . ( ابن الأثير 262/10 ) .

ص: 372

وفي السنة 492 خالف الأمير أنر ، علي السلطان بركياروق ، وكان في احد الأيام صائما ، فلما أفطر ، هجم عليه ثلاثة نفر من الأتراك ، فصدم أحدهم المشعل ، فألقاه ، وصدم الآخر الشمعة فأطفأها ، وطعنه الثالث بالسكين، فقتله ، وقتل معه جانداره . ( ابن الأثير 282/10 ).

وفي السنة 495 اغتال شاب أشقر ، الأعز أبا المحاسن عبد الجليل بن محمد الدهستاني ، وزير السلطان بركياروق ، قيل أنه من غلمان أبي سعيد الحداد ، وكان الدهستاني قد قتله في العام الماضي ( ابن الأثير 335/10 ).

وفي السنة 495 هاجم أحد الباطنية ، جناح الدولة ، وهو بالمسجد الجامع ، بحمص ، فقتله ، قيل إن ربيبه الملك رضوان، وضع عليه من قتله غيلة ( ابن الأثير 345/10 ).

وفي السنة 496 قتل أبو المظفر بن الخجندي ، بالري ، وكان يعظ الناس ، فلما نزل من كرسيه ، قتله رجل علوي ، فقتل العلوي . ( ابن الأثير 366/10)

وفي السنة 498 ارتاب السلطان محمد ، بالأمر إياز ، فوضع جماعة من القواد علي قتله ، فلما اجتمعوا ، ضرب أحدهم رأسه فأبانه ، ولفت إياز في مسح ، وألقي علي الطريق عند دار المملكة ، واختفي وزيره الصفي ، ثم أخذ، وحمل إلي دار الوزير سعد الملك ، وقتل كذلك ( ابن الأثير 389 -387/10)

وفي السنة 498 فتك باطني بأبي جعفر بن المشاط ، من شيوخ الشافعية بالري ، لما نزل من كرسي الوعظ ، تصدي له الباطني فقتله ( ابن الأثير 333/10 ).

وفي السنة 499 قتل أحد الباطنية ، القاضي أبا العلاء صاعد بن محمد النيسابوري الحنفي ، بجامع أصبهان ( ابن الأثير 415/10 ).

ص: 373

وفي السنة 500 قتل أحد الباطنية ، فخر الملك علي بن نظام الملك الحسن ، وكان مقيما عند السلطان سنجر ، وكان صائمأ ، فلما كان وقت العصر ، خرج يريد الحرم ، فسمع صياح متظلم شديد الحرقة ، يصيح : ذهب المسلمون ، لم يبق من يكشف مظلمة، فأحضره ، وقال له : ما حالك ؟ فدفع إليه رقعة ، وبينما كان يتأملها ، ضربه بسكين ، فقتله ، وقتل الباطني . ( ابن الأثير 418/10 - 419).

وفي السنة 502 قتل قاضي أصبهان ، عبيدالله بن علي الخطيبي بهمذان ، وكان قد تجرد في أمر الباطنية تجردا عظيما ، وصار يلبس درعا حذرة منهم ، ويحتاط ، ويحترز ، قصده إنسان عجمي يوم جمعة ، ودخل بين أصحابه ، فقتله ( ابن الأثير 471/10 - 472).

وفي السنة 503 هاجم أحد الباطنية ، الوزير نظام الملك ، احمد بن نظام الملك الحسن ، وكان متوجها إلي الجامع فوثب به الباطني ، وطعنه بسكين ، فجرحه في رقبته ، وأخذ الباطني ، وسقي الخمر ، حتي سكر ، وسئل عن أصحابه ، فأقر علي جماعة بمسجد المأمونية ، فأخذوا ، وقتلوا ( ابن الأثير 478/1 ، 478).

وفي السنة 507 كانت وقعة عظيمة بين المسلمين والإفرنج ، في اراضي طبرية ، كان فيها ملك دمشق الأتابك طغتكين ، وفي خدمته صاحب سنجار ، وصاحب ماردين ، وصاحب الموصل ، فهزموا الإفرنج هزيمة فاضحة، ولما رجعوا إلي دمشق ، خرج الأتابك طغتكين مع صاحب الموصل مودود بن ألتونتكين ، وصليا معا ، وخرجا إلي صحن الجامع بعد الصلاة ، ويد مودود في يد طغتكين ، فوثب باطني علي مودود وجرحه أربع جراحات ، وكان مودود صائما ، فحمل إلي دار طغتكين واجتهدوا به ليفطر ، فأبي ،

ص: 374

وقال : لا لقيت الله إلا صائما، فمات من يومه رحمه الله ( ابن الأثير 495/10-990 وعيون التواريخ 21).

وفي السنة 510 حضر الأمير أحمديل بن إبراهيم بن وهسودان الكردي ، صاحب مراغة ، وغيرها من أذربيجان ، دار السلطان محمد ، ببغداد ، فجاءه رجل متظلم ، وبيده رقعة ، وهو يبكي ، ويسأله أن يوصلها إلي السلطان ، فأخذها من يده ، فضربه الرجل بسكين ، فجذبه أحمديل وطرحه تحته ، فوثب رفيق للباطني وضرب أحمديل سكينة أخري ، فأخذتهما السيوف ، فوثب رفيق ثالث للباطني ، وضرب أحمديل سكينة أخري ، فقتل أحمديل . ( ابن الأثير 516/10 ).

وفي السنة 511 كان ابن بديع رئيس حلب ، بقلعة دوسر ، فلما وافي ايلغازي ، نزل إليه ابن بديع ، فلما صار عند الزورق ، ليقطع الماء إلي العسكر ، وثب عليه اثنان من الباطنية ، فضرباه عدة سكاكين ، ووقع ولداه عليهما فقتلاهما ، وقتل ابن بديع واحد ولديه ، وجرح الآخر، وحمل الي القلعة ، فوثب باطني آخر عليه وقتله ، وحمل الباطني ليقتل ، فرمي بنفسه في الماء وانتحر غرقا ( اعلام النبلاء 427/1 ).

وفي السنة 515 اغتيل امير الجيوش ، الأفضل ابن بدر الجمالي ، الوزير بمصر ، هاجمه رجلان في سوق الصياقية ، فضرباه بالسكاكين ، وجاء ثالث من ورائه ، فضربه بسكين في خاصرته ، وقتل الثلاثة ، ومات الأفضل ( ابن الأثير 589/10 ).

وفي السنة 516 قتل أبوطالب السميرمي ، وزير السلطان محمود السلجوقي ، وكان مجاهرأ بالظلم والفسق ، وكان يقول : لقد سننت علي أهل بغداد السنن الجائرة ، وقد فرش حصيرة في جهنم ، تصدي له وهو في موكبه شخص فضربه بسكين ، فوقعت في البغلة ، وفر ، فلحقه أصحاب

ص: 375

الوزير ، فبرز آخرون وطعنه أحدهم بسكين في خاصرته، وجذبه عن البغلة إلي الأرض ، وأخذ يطعن في مقاتله والوزير يستعطفه ، ويقول له : أنا شيخ ، فلم يقلع عنه ، وبرك علي صدره ، وجعل يطعنه وهو يكبر بأعلي صوته ، وجعل أصحاب الوزير يضربونه بسيوفهم ، ويرشقونه بسهامهم ، وهو ماض في ذبح الوزير ، ولم يسقط إلا بعد أن أتم ذبح الوزير كما تذبح الغنم . ( المنتظم 240/9 ).

وفي السنة 519 قتل القاضي أبو سعد محمد بن نصر بن منصور الهروي بهمذان ، قتله الباطنية، وكان ذا مروءة وتقدم في الدولة السلجوقية ( ابن الأثير 630/10 ).

وفي السنة 520 قتل الأمير أقسنقر البرسقي ، صاحب الموصل وحلب ، وكان من خيار الناس ، قتل في جامع الموصل، دخل ليصلي الجمعة، وقصد المنبر ، فلما قرب منه ، وثب عليه ثمانية نفر في زي الزهاد ، فاخترطوا خناجر وقصدوه ، وسبقوا الحفظة الذين حوله ، فضربوه حتي أثخنوه ، وجرحوا قوما من حفظته ، وقتل الحفظة منهم قوما ، وقبضوا قوما ، وحمل البرسقي باخر رمق إلي بيته ، فمات من يومه ، وقتل أصحابه من بقي في أيديهم من الباطنية ، ولم يفلت من قتلته سوي شاب واحد ( اعلام النبلاء 470/1 ).

وفي السنة 521 قتل معين الملك ابو نصر أحمد بن الفضل، وزير السلطان سنجر ، قتلته الباطنية ( ابن الأثير 647/10 ).

وفي السنة 523 وثب الإسماعيلية ( الباطنية ) علي عبد اللطيف بن الخجندي ، رئيس الشافعية بأصبهان ، فقتلوه، وكان ذا رئاسة عظيمة ، وتحكم كثير ( ابن الأثير 660/10 ).

وفي السنة 524 قتل الخليفة الأمر الفاطمي ، المنصور بن احمد

ص: 376

(490- 524) غيلة ، اغتاله قوم من النزارية، وهو قاصد الهودج ، حيث تقيم زوجته الأعرابية ، وكيفية زواجه بها ، إنه بلغه أن بالصعيد من أرض مصر ، فتاة عربية ، جميلة الصورة ، كاملة الأوصاف ، ظريفة شاعرة، فتريا بزي بداة الأعراب ، وانتهي إلي حيها ، متنكرة ، وبات عند أهلها ضيفة ، واحتال حتي أبصرها ، وعاد إلي القاهرة ، فبعث وخطبها، وتزوجها ، فلما صارت الي القاهرة ، صعب عليها مفارقة ما اعتادت عليه ، فضاقت بها قصور الفاطميين ، وأحبت أن تسرح طرفها في الفضاء ، ولا تقبض نفسها تحت حيطان المدينة ، فبني لها في جزيرة الفسطاط ، بناء غريب الشكل ، سماه الهودج ، وأسكنها فيه ، فكان يزورها ، وقتل غيلة في إحدي زياراته لها . ( خطط المقريزي 2/ 182).

وفي السنة 525 مرض السلطان محمود السلجوقي ، وأشرف علي الموت ، فخاف وزيره أبو القاسم الأنساباذي ، من جماعة من أعيان الدولة ، منهم الأمير أنوشتكين ، المعروف بشير كير وولده عمر ، وهو أمير حاجب السلطان ، فقتلهما، ووزر الأنساباذي بعد ذلك للسلطان طغرل، وكان يصحب السلطان في مسيره من أصبهان إلي فارس ، فوثب بالوزير الإنساباذي ، غلمان الأمير شيركير ، في الطريق ، فقتلوه ( ابن الأثير 687 -670/10)

وفي السنة 526 قتل أبو الحسين محمد بن محمد الفراء ، وكان له مال ، ويعيش في البيت وحده ، فدخل إليه بعض من كان يخدمه ، وقتله وأخذوا ماله ، ثم وقعوا كلهم وقتلوا في التنظيم 29/10 ).

وفي السنة 526 قتل الأمير آق سنقر الأحمديلي ، صاحب مراغة، قتله الباطنية . ( ابن الأثير 686/10 ).

وفي السنة 526 قتل الأفضل أبو علي بن الأفضل بدر الجمالي ، وزير

ص: 377

الحافظ العلوي بمصر ، قتل في ميدان لعب الكرة ، راجع في ابن الأثير 672/10 و 673 الألقاب التي تلقب بها ، وكان يدعي له بها علي المنابر ، قال ابن الأثير بعد أن أثبتها ، وإنما ذكرت ألقاب أبي علي تعجبا منها ، ومن حماقة هذا الرجل .

وفي السنة 528 مات ذبحأ في الفندق ، بمدينة مراكش، أبو نصر الفتح بن محمد بن خاقان ، المؤرخ، الإشبيلي ، صاحب قلائد العقبان ، أوعز بقتله أمير المسلمين علي بن يوسف بن تاشفين . ( الاعلام 332/5 ) .

وفي السنة 529 وقعت معركة بين الخليفة المسترشد، والسلطان مسعود، بباب مراغة ، فانكسر الخليفة ، وأنزله السلطان في خيمة ، فقصده أربعة وعشرون رجلا من الباطنية ، وقتلوه ، ومثلوا به ، فجدعوا أنفه ، وصلموا أذنيه ، وتركوه عريانا ، وقتل معه نفر من أصحابه ، وقتل قاتلوه ، ( ابن الأثير 27/11 ).

وفي السنة 529 كان الأمير دبيس بن صدقة في عسكر السلطان مسعود ، فأمر مسعود غلاما أرمنية ، فوقف علي رأس دبيس ، وهو ينكت الأرض بإصبعه ، فضرب عنقه ، ( ابن الأثير 30/11 ).

وفي السنة 529 ساءت سياسة شمس الملوك صاحب دمشق ، مع الناس ، ومع أهله ، ومع والدته ، فأمرت والدته غلمانها بقتله ، فقتلوه ، ونصب مكانه أخوه شهاب الدين محمود بن تاج الملوك بوري ( ابن الأثير 21-10/11)

وفي السنة 532 وثب نفر من الخراسانية ، بإصبهان ، علي الراشد العباسي ، فقتلوه ، وقتل قتلته . (ابن الأثير 62/11 ).

وفي السنة 532 عظم أمر ابن بكران العيار ببغداد ، وكثر أتباعه ، وصار يركب ظاهرة في جمع من المفسدين ، حتي أل به الأمر أنه أراد أن

ص: 378

يضرب سكة باسمه في الأنبار ، فأمر الوالي ببغداد أبو الكرم ، ابن أخيه أبا القاسم ، حامي باب الأزج ، أن يحتال له فيقتله ، وكان ابن بكران قد اعتاد أن يجيء في بعض الليالي عند أبي القاسم ، ويشرب عنده ، فلما جاء علي عادته ، أخذ سلاحه ، ووثب به ، فقتله ، ثم أخذ بعد يسير ، رفيق له اسمه ابن البزاز، فصلب، وقتل معه جماعة من الحرامية، فاستراح الناس. (ابن الأثير 64 - 63/11)

وفي السنة 533 قتل شهاب الدين محمود بن تاج الملوك بوري بن طغدكين ، صاحب دمشق ، علي فراشه غيلة ، قتله ثلاثة من غلمانه ، هم خواصه ، وأقرب الناس إليه في خلوته وجلوته ، وكانوا ينامون عنده لي ، فقتلوه ، وفروا ، فنجا أحدهم ، وأخذ الآخران فصلبا . ( ابن الأثير 11/ 68)

وفي السنة 534 قتل المقرب جوهر ، وهو من خدم السلطان سنجر ، حكم في دولته جميعها ، ومن جملة إقطاعه الري ، ومن جملة مماليكه عباس صاحب الري ، وكان سائر عسكر السلطان يخدمونه ، ويقفون ببابه ، قتله الباطنية ، وقف له جماعة منهم بزي النساء ، واستغثن به ، فوقف يسمع كلامهم ، فقتلوه . ( ابن الأثير 76/11 - 77).

وفي السنة 538 قتل السلطان داود بن السلطان محمود السلجوقي ، غيلة ، قتله قوم وهو في دهليز سرادقه . وكان يوما مطيرة ، شديد البرد ، فيه ثلج وريح ، وقد اشتغل كل أحد بنفسه ، فدخلوا بين غلمانه وجنداره مينه ، بزيهم ، وقتلوه ، ولم يعلم سبب ذلك ، ولا جهته ، لأنهم قتلوا علي الفور ، عيون التواريخ 377).

وفي السنة 541 قتل أمير حاجب عبد الرحمن طغايرك ، صاحب خلخال وبعض أذربيجان ، والحاكم في دولة السلطان مسعود ، تآمر عليه

ص: 379

جماعة من الأمراء ، برغبة من السلطان ، فقتل بظاهر جنزة ، ضربه الجاندار بمقرعة حديد كانت في يده علي رأسه ، فسقط، فأجهز عليه خاص بك ( ابن الأثير 116/11 ).

وفي السنة 541 قتل غيلة ، الشهيد أتابك عماد الدين زنكي بن آقسنقر ، صاحب الموصل والشام ، قتله جماعة من مماليكه ، وهو محاصر قلعة جعبر ، وهربوا الي قلعة جعبر ، وأدركه أصحابه ، وبه رمق ، ومات ( ابن الأثير 110/11 ).

وفي السنة 551 قتل صاحب البطيحة ، مظفر بن حماد بن أبي الخير ، قتله يعيش بن أبي الخير ، غيلة وهو في الحمام ، وخلفه ولده ( المنتظم 168/10 و ابن الأثير 217/11 ).

وفي السنة 553 كان بخراسان غلاء شديد ؛ وكان بنيسابور طباخ ، ذبح أنسانة علوية ، وطبخه، وباعه في الطبيخ ، ثم ظهر عليه إنه فعل ذلك ، فقتل ( ابن الأثير 228/11 ).

وفي السنة 556 قتل غيلة الملك الصالح أبو الغارات طلائع بن رژيك وزير العاضد العلوي صاحب مصر ، وكان قد استبد بالدولة ، فتآمر عليه بعض الأمراء واغتالوه وهو في دهليز قصر الخلافة ، فجرحوه جراحات مهلكة ، فبعث إلي العاضد يعاتبه علي ذلك ، فأقسم العاضد إنه لا يعلم ذلك ، ولم يرض به ، فطالبه أن يبعث إليه عمته ( عمه العاضد ) وقد اتهمها بأنها التي حرضت علي قتله ، فأرسل إليها من أخذها قسرا ، وبعث بها إليه ، فقتلها ، ومات من بعد ذلك ، وكان هذا الوزير أرمني الأصل ، وكان كريمة ، فيه أدب ، وله شعر جيد، ولاهل العلم عنده منزلة ، ويرسل إليهم العطاء الكثير ( ابن الأثير 274/11 - 275).

وفي السنة 556 قتل السلطان سليمان شاه بن السلطان محمد

ص: 380

السلجوقي ، من سلاجقة العراق ، وكان قد ولي السلطنة في السنة 555 ( معجم انساب الأسر الحاكمة 334).

وفي السنة 571 هاجم الحشيشية السلطان صلاح الدين الأيوبي ، وهو محاصر قلعة اعزاز ، يريدون اغتياله ، فجرحوه ، وقتلوا أحد قواده منكلان ، وكان السلطان صلاح الدين متحرزة من الحشيشية ، لأنهم وثبوا عليه قبل ذلك ، وهو محاصر حلب ، وكان الذي حرضهم علي اغتيال السلطان جماعة من أهل حلب ، كلموا سنانا صاحب الحشيشية ، فأرسل جماعة من أصحابه تزيوا بزي الأجناد، واختلطوا بأجناد السلطان صلاح الدين ، واشتركوا معهم في حصر اعزاز، حتي وجدوا فرصة لاغتيال السلطان ، إذ كان في خيمة الأمير جاولي ، يراقب أعمال المنجنيق وآلات الرمي ، فوثب عليه أحد الحشيشية ، وطعنه بسكين في رأسه ، وكان السلطان لاحترازه من الحشيشية ، لا ينزع الزردية عن بدنه ، ولا صفائح الحديد عن رأسه ، فأصابت سكين الحشيشي صفيحة الحديد ، فطعنه الحشيشي ثانية في خده، فجرحه، وسال دمه ، ثم هاجمه وتله إلي الأرض ، وركبه لينحره ، فجرد الأمير سيف الدين سيفه ، وقتل الحشيشي ، فجاء آخر يريد السلطان ، فاعترضه الأمير منكلان الكردي ، وضربه بالسيف ، وضربه الحشيشي ، فجرحه في جبهته ، فقتل الحشيشي ، ومات منكلان من الضربة ، وجاء آخر من الباطنية ، فلاقاه ، الأمير علي بن أبي الفوارس ، فهجم علي الباطني ، ولصق به الباطني ليضربه ، فأخذه علي تحت إبطه ، وبقيت يد الباطني من ورائه لا يقدر علي ضربه ، فصاح علي : اقتلوه واقتلوني معه، فجاء ناصر الدين محمد بن شيركوه ، وبعج بطن الباطني بسيفه ، وما زال يخضخضه فيه ، حتي سقط ميتا ، وخرج آخر من الحشيشية منهزمة، فلقيه الأمير شهاب الدين محمود خال السلطان ، فنكل الباطني عن طريقه ، فاتبعه أصحاب الأمير شهاب الدين وقتلوه ( اعلام النبلاء 108/2 ۔ 109)

ص: 381

وفي السنة 573 قتل الباطنية ، بحلب ، أبا صالح بن العجمي ، وكان مقدمة عند نور الدين الشهيد ، وعند ولده الملك الصالح ، فوثب عليه الباطنية ، بالجامع فقتلوه . ( ابن الأثير 445/11 ).

وفي السنة 573 قتل غيلة ، عضد الدين أبو الفرج محمد بن عبدالله ، وزير الخليفة ، وكان قد عزم علي الحج ، فعبر دجلة ، وتقدم الي اصحابه آن لا يمنعوا أحدا عنه ، فلما وصل باب قطفتا ، لقيه كهل ، وصاح : أنا مظلوم ، وتقدم ليكلم الوزير ، فضربه بسكين في خاصرته ، فصاح الوزير : قتلني ، وسقط عن دابته ، فعاد الباطني إلي الوزير ، وكرر ضربه ، وأعانه رفيق له ، وأقبل حاجب الباب ابن المعوج لينصر الوزير ، فضربه الباطني ، بالسكين ، وكان لهما رفيق ثالث ، صاح وبيده سكين ، ولكنه لم يطعن أحد ، فقتل الباطنيون الثلاثة ، ومات الوزير، وحاجب الباب. ( ابن الأثير 447 -446/11)

وفي السنة 584 قتل الشيخ محمد بن قائد الزاهد من أهل أوانا ، وثب عليه باطنيان ، فقتلاه، وقتلا خادمه عبد الحميد، وهربا ، فلقيهما فلاح في يده مر ، فقتلهما ( الوافي بالوفيات 352/4 ).

وفي السنة 587 قتل قزل أرسلان ، صاحب أران ، وأذربيجان ، وهمذان ، وأصفهان ، والري ، بأصفهان غيلة ، ولم يعرف من قتله ، ( ابن الأثير 76/12 ).

وفي السنة 588 قتل المركيز الفرنجي ، صاحب صور، قتله باطنيان ، بعثهما إليه سنان ، زعيم الإسماعيلية بالشام ، فجاءا إليه في زي الرهبان ، وأقاما معه ستة أشهر، يظهران العبادة ، حتي وثق بهما ، ثم وثبا عليه ، فقتلاه ، وقتلا بعده ( ابن الأثير 78/12- 79).

وفي السنة 589 بلغ سيف الدين بكتمر ، صاحب خلاط ، خبر موت

ص: 382

السلطان صلاح الدين ، فأسرف في إظهار الشماتة بموته ، وعمل لنفسه تخت ( عرشأ ) جلس عليه، ولقب نفسه بالسلطان الأعظم ، وكان لقبه سيف الدين ، فغيره إلي صلاح الدين ، وأبدل اسمه كذلك ، فسمي نفسه ، عبد العزيز ، وتجهز لاحتلال ميافارقين ، فوثب عليه زوج ابنته ، واسمه هزارديناري ، فقتله غيلة واستولي علي مملكته ( ابن الأثير 102/12 -103).

وفي السنة 595 حصر خوارزم شاه تكش ، قلعة الموت ، فقتل عليها صدر الدين محمد بن الوزان ، رئيس الشافعية بالري ، ثم وثب الملاحدة علي نظام الملك مسعود بن علي ، وزير خوارز مشاه، فقتلوه ( ابن الأثير 153/12)

وفي السنة 602 قتل السلطان شهاب الدين أبو المظفر محمد بن سام الغوري ، ملك غزنة وخراسان والهند ، بمنزل يقال له دميل ، وكان قد عاد ظافرة من معركته الفاصلة في الهند مع بني كوكر ، اغتاله نفر من الهنود الكفار ، ووجدت فيه اثنتان وعشرون طعنة بالسكين ، وأخذ القتلة ، فقتلوا ، فاجتمع الوزير والأمراء والتزموا بكتمان الخبر ، ولزوم السكينة ، وأجلسوا شهاب الدين ، وخاطوا جروحه ، وساروا به في محقة ، محفوفة بالحشم والخدم والشمسة والقواد والعسكر ، علي حاله في حياته ، وسيرت معه الخزانة ، في ألفي حمل ومائتي حمل ( ابن الأثير 12/ 212-214).

أقول : كان السلطان محمد بن سام الغوري ، شجاعا ، عاد" ، حسن السيرة ، وروي إنه كان يوما في مجلس وعظ فيه الإمام فخر الدين الرازي ، في دار السلطان ، وبعد أن وعظ الرازي ، التفت إلي السلطان ، وقال له: يا سلطان ، لا سلطانك يبقي ولا تلبيس الرازي ، وإن مردنا إلي الله ، فبكي السلطان حتي رحمه الناس ( ابن الأثير 216/12 ).

وفي السنة 606 قتل غيلة شمس الملوك رستم بن أردشير ، سلطان مازندران ( معجم انساب الأسر الحاكمة 286).

ص: 383

وفق السنة 609 قتل السلطان غياث الدين محمود بن محمد بن سام الغوري ، صاحب فيروزكوه وغزنة ، وكان قد حكم من السنة 602 ( معجم انساب الأسر الحاكمة 419).

وفي السنة 611 تأمر جماعة من العسكر التابعين للأمير ألدز ، علي الوزير مؤيد الملك الشحري ، الذي كان وزيرة لشهاب الدين محمد بن سام ، السلطان الغوري ، ولتاج الدين الدز من بعده ، جاء إليه من المتآمرين أربعون نفرأ ، وقالوا له : السلطان يقول لك تحضر جريدة في عشرة نفر لمهم تجدد ، فسار معهم في عشرة مماليك، فلما وصلوا إلي ماء السند ، قتلوه ، وهربوا ، فظفر بهم خوارزم شاه ، فقتلهم ( ابن الأثير 304/12 ).

وفي السنة 613 قتل الأمير أغلمش ، أمير الري ، قتله الحشاشون غيلة ( معجم انساب الأسر الحاكمة 73).

وقتل غيلة القائد يحيي بن محمد بن عبد الملك بن سعيد ، من رجال الأندلس ، قتله غلام له كان يخدمه ، واستولي علي ما كان له من المال ، وأفلت به ، والقائد يحيي هو أخو الأديب الشاعر الأندلسي أبو القاسم عبد الرحمن بن عبد الملك بن سعيد، وكان عبد الرحمن قد حصلت بينه وبين بعض أقربائه منافرة ، فغادر الأندلس إلي المشرق ، وزاد البلاد المصرية ، والشامية، والعراقية، حتي وصل إلي بلاد ما وراء النهر ، واستوطن بخاري ، فلما دخلها التتار في السنة 17ة قتل فيمن قتل ، ولما بلغ خبر مقتله اهل بيته بالأندلس ، قال أخوه القائد يحيي : لا إله إلا الله، كان أخي أبو القاسم يسفه رأيي في الجندية ، ويقول لي : لو اتبعت طريق النجاة ، كما صنعت أنا ، لكان خيرا لك ، فهاهو رب قلم، وقد قتل شر قتلة ، وأنا ما زلت أغازي عباد الصليب وأخلص ، ثم قتل من بعد ذلك غيلة ( نفح الطيب 373/2 ).

وفي السنة 629 قتل غيلة خوارزم شاه جلال الدين ، فإنه انهزم من

ص: 384

التاتار ، ومزق جيشه ، فاستضاف فلاحة في عين دارا ، فرأي الفلاح في لجام فرس خوارزم شاه جواهر ، فلما طعم ونام . ضربه بفأس فقتله ، وأخذ ما معه ودفنه ، فبلغ ذلك شهاب الدين غازي صاحب ميافارقين ، فأحضر الفلاح ، وقرره ، فأقر ، وأحضر الفرس والسلاح ( شذرات الذهب 130/5 ۔ 131).

وفي السنة 620 اتهم الطبيب صاعد بن توما ، بأنه أفشي ما أصاب الناصر العباسي ، من أمراض ، وكان عليه أن يكتمها ، فقرر رشيق خادم الناصر مع رجلين من الجند ، يعرفان بولدي قمر الدولة ، من الأجناد الواسطية ، أن يغتالاه ، فرصداه حتي خرج من دار الوزير في بعض الليالي ، پريد دار الخلافة ، فوثبا عليه بسكينيهما ، فقتلاه ، وكان بين يديه مشعل وغلام ، وقبض علي القاتلين، وفي بكرة تلك الليلة ، أخرجا إلي محل الجريمة ، وشق بطناهما ، وصلبا ( تاريخ الحكماء 214-219).

وفي السنة 638 قتل عثمان بن عبد الحق المريني ، قتله غيلة ، علج له كان رباه صغيرة ، طعنه بحربة في منحره، في وادي ردات بالمغرب . ( الاعلام 368/4 ).

وفي السنة 639 قتل غيلة السلطان معز الدين بهرام شاه ، سلطان دهلي ، وكان قد حكم منذ السنة 937 ( معجم انساب الأسر الحاكمة 422).

وفي السنة 740 قتل غيلة السلطان شمس الدين محمد بن محمود شاه ، صاحب بلاد فارس ( معجم أنساب الأسر الحاكمة 380).

وفي السنة 743 قتل غيلة جلال الدين مسعود شاه بن محمود شاه ، صاحب فارس ، اغتاله ياغي باستي ، ابن عم بيرحسن ( معجم انساب الأسر الحاكمة 380).

وفي السنة 647 قتل السلطان المنصور نور الدين محمد بن علي بن

ص: 385

رسول ، ملك اليمن ، اغتاله جماعة من مماليكه ، فقتلوه ، وكان قد استكثر من المماليك حتي بلغ عددهم ألف فارس . ( العقود اللؤلؤية 82/1 ).

وفي السنة 649 قتل السلطان أسن ( أوزون ) دووا بن مونوكس بن جغتاي بن جنكيز خان ، سلطان ما وراء النهر ( معجم انساب الأسر الحاكمة 373)

وفي السنة 652 علا شأن الفارس اقطاي ، وعسف وتجبر ، فقالت شجرة الدر ، لزوجها المعز ، هذا نحس ، واتفقا علي قتله ، فأوعز المعز إلي عشرة من مماليكه ، فاغتالوه في القلعة ( الوافي بالوفيات 317/9 و 318).

وذكر المقريزي ، في خططه ( 301/2 ) كيفية اغتيال المظفر قطز ، سلطان مصر ، سنة 658 ، فذكر أن المتآمرين عليه من الأمراء كانوا بزعامة بيبرس الذي تسلطن بعده وتلقب بالظاهر ، إذ كان يسايره، فطلب منه امرأة من سبي التتار ، فأنعم عليه بها ، فتقدم ليقبل يده ، وكانت إشارة بينه وبين أصحابه ، فلما رأوا بيبرس قد قبض علي يده ، بادر الأمير بكتوت وضربه علي عاتقه بالسيف ، واختطفه الأمير أنص من ظهر فرسه ، وألقاه علي الأرض ، ورماه بها در المغربي بسهم ، فقتلوه . ( خطط المقريزي 301/2 ).

وفي السنة 658 قتل غيلة أبو حفص عمر بن أبي بكر بن عبد الحق المريني ، من أمراء الدولة المرينية بالمغرب الأقصي ، وكان قد بويع بفاس ، علي أثر وفاة أبيه في السنة 656 وتغلب عليه عمه يعقوب ، فنزل له عمر عن الإمارة ، فأقطعه عمه مدينة مكناسة ، فرحل إليها ، فاغتاله فيها بعض أقربائه . ( الاعلام 200/5 ).

وفي السنة 663 قتل غيلة بمكة جمال الدين أبو بكر محمد بن يوسف الأندلسي ، أصله من غرناطة ، وساح في طلب الحديث ، واستقر مجاورة بمكة ، فقتل هناك ( الاعلام 24/8 ).

ص: 386

وفي السنة 693 قتل السلطان خليل بن قلاوون الصالحي ، الملقب بالملك الأشرف ، ملك مصر ، خلف أخاه في السلطنة سنة 689، قتله غيلة بعض المماليك بمصر ( الأعلام 2/ 369).

وفي السنة 698 تآمر الأمراء علي قتل السلطان لاجين ، ونائبه منكوتمر ، بالقاهرة ، وتقدم الأمير كرجي ، بحجة أنه يريد أن يصلح الشمعة ، فضرب السلطان بسيف كان قد أخفاه معه ، أطار به زنده ، وانقض عليه بقية المتآمرين ، بالسيوف ، والخناجر ، فقطعوه بالسيوف قطعة ، وهو يقول : الله ، الله ، ثم احضروا الأمير منكوتمر ، من دار النيابة بالقلعة ، وقتلوه بعد مضي نصف ساعة من قتل السلطان . ( خطط المقريزي 269/2 ).

وفي السنة 706 قتل غيلة السلطان يوسف بن يعقوب المريني ، وهو محاصر مدينة تلمسان ، وقد بني مقابلها مدينة سماها تلمسان الجديدة ، قتله عبد حبشي خصي ، وقتل العبد علي أثره، واتهم أبو بكر أحد أقارب السلطان يوسف، بأنه المحرض علي قتله ، فقتل مع العبد، وكانت مدة حكم السلطان يوسف 21 سنة، وتسلطن علي أثره حفيده عامر بن عبدالله الذي توفي مسموما بطنجة بعد سنة ونصف سنة ( الدرر الكامنة 256/5 ).

وفي السنة 708 قتل بغرناطة ، أبو عبدالله محمد بن عبد الرحمن الرندي ، المعروف بابن الحكيم ، والملقب بذي الوزارتين . ( الاعلام 190/7)

وفي السنة 708 قتل بغرناطة محمد بن عمر التلمساني الشاعر ( الاعلام 204/7)

وفي السنة 720 قتل الشريف حميضة بن أبي نمي الحسني ، أمير مكة ، قتله مماليك ثلاثة ، فروا من الناصر محمد بن قلاوون صاحب مصر ، فحجزهم حميضة عنده ، فخشوا أن يعيدهم إلي الناصر ، فقتلوه غيلة ( الدرر الكامنة 167/2 -169).

ص: 387

وفي السنة 725 قتل أبو الوليد إسماعيل بن فرج من آل الأحمر ، الملقب الغالب بالله ، صاحب غرناطة ومالقة وسبته ، قتله غيلة ابن عم له إسمه محمد بن إسماعيل ، طعنه بخنجر ، فقتله ( الأعلام 319/1 ).

وفي السنة 732 قتل غيلة بحلب ، نقيب الأشراف بدر الدين حسن بن محمد بن علي بن زهرة الحسني الحلبي ( الدرر الكامنة 123/2 ).

وفي السنة 733 قتل غيلة السلطان محمد بن اسماعيل بن فرج ، من بني نصر ابن الأحمر ، ملك غرناطة ، وهو سادس بني الأحمر ، خلف أباه في الحكم سنة 725 وهو ابن عشر سنين ، ففتح مدينة قبره ، واستعان بالسلطان أبي الحسن المريني ، سلطان مراكش ، فأمده بجيش أضافه إلي جيشه وفتح جبل الفتح ( جبل طارق ) وطرد الإفرنج منه ، فلما انتهي منه ، كمن له بعض جنده ، فقتلوه غيلة ، وهو ابن 17 سنة . رحمه الله ( الأعلام 261/6)

وفي السنة 744 قتل الشيخ حسن كوجك ( الصغير ) بن تيمور طاش ، اغتالته زوجته ، وكان قد خلف أباه في حكم أذربيجان منذ السنة 728 ( معجم انساب الأسر الحاكمة 380).

وفي السنة 700 قتل السلطان أبو الحجاج يوسف بن إسماعيل الأنصاري النصري ، سابع ملوك بني الأحمر بغرناطة ، قتل غيلة في المسجد الأعظم بالحمراء ، ساجدة في الركعة الأخيرة من صلاة عيد الفطر ، هجم عليه شخص ، وظعنه بخنجر وقبض عليه ، فقتل ، وأحرق . ( نفح الطيب 81-80/5 و الاعلام 288/9 - 289).

وفي السنة 758 هجم مملوك تركي يقال له : أي قجا ، علي الأمير شيخو الناصري ، وجرحه بالسيف في وجهه ويده ، وقبض علي المملوك ، وسئل عن السبب ، فقال : قدمت له قصة ، فما قضي حاجتي ، فطيف

ص: 388

بالمملوك ( أشهر ) وقتل ، وقطبت جراحات شيخو ، فأقام ثلاثة أيام ، والناس تعوده ، من السلطان فما دونه ، ثم مات ( شذرات الذهب 184/6 ).

وفي السنة 758 قتل غيلة السلطان جمال الدين أبو اسحاق بن محمود شاه صاحب بلاد فارس ( معجم انساب الأسر الحاكمة 380).

وفي السنة 760 قتل غيلة في بيته الحاجب رضوان النصري، القائد بغرناطة، وهو في الخامسة والثمانين، وكان من كبار رجال الدولة بغرناطة، اعتقله الأمير محمد بن أمير المسلمين أبي الوليد نصر ، ثم عاد إلي غرناطة لما قتل الأمير محمد ، وفي السنة 734 نصب وزيرة، ثم اعتقل في السنة 760 وأطلق في السنة 761 وعرض عليه أن يعود للوزارة فأبي ، واكتفي بقيادة الجيش ، وقتل في بيته غيلة ، خلال مؤامرة دبرت لخلع السلطان ( الإحاطة 514-521).

وفي السنة 761 قتل غيلة ، إسماعيل بن يوسف من آل الأحمر ملوك غرناطة ، خرج علي أخيه الغني بالله ، في السنة 760 واستولي علي عرشه ، ومكث في الحكم سنة واحدة ، وقتل ( الأعلام 328/1 ) .

وفي السنة 775 قتل الأمير فخر الدين زياد بن أحمد الكاملي ، غيلة ، في حد القحرية باليمن ، وكان شجاعا، عادلا ، محبوب ( الأعلام 90/3 ).

وفي السنة 776 قتل غيلة الأمير حسن بن أويس بن الشيخ حسن ( معجم انساب الأسر الحاكمة 378).

وفي السنة 779 قتل الأمير وجيه الدين اسماعيل بن زكريا ، والي الموصل ، وليها في السنة 775 ( معجم أنساب الأسر الحاكمة 61).

وكان السلطان أبو حمو موسي بن عثمان (760-791) قد قسم مملكته بين أولاده ، فولي المنتصر علي مليانة وأعمالها ، وأنفذه إليها ، وأنفذ معه

ص: 389

شقيقه الأصغر عمر ، ليكون في كفالته ، وولي الأوسط أبا زيان علي المرية وما إليها من بلاد حصين ، ووتي ابنه يوسف ابن الزابية علي تدلس وما إليها ، ثم نقل ولده أبا زيان من المرية إلي ولاية وهران وأعمالها وكان الولد الأكبر أبو تاشفين عبد الرحمن يطلب وهران وأعمالها لنفسه، فألح علي والده ، فوعده بها ، وتأخر عن تلبية طلبه ، فاتهم كاتب السلطان ، واسمه يحيي بن خلدون، بأنه وراء هذا التأخير ، فجمع له في إحدي ليالي رمضان من السنة 780 رهطأ من الأوغاد ، وطعنوه بالخناجر ، حتي سقط عن دابته ميتا ( ابن خلدون 140/7 ).

وفي السنة 789 قتل الأمير سودون المظفري بناء علي خصومة كانت بينه وبين الأمير يلبغا الناصري نائب السلطنة بحلب ، فأرسل السلطان من مصر رسولا لإصلاح ما بينهما ، فحضر الي حلب ، وضرب لاجتماعهما موعدا ، وحضر سودون متأخرة ، وقد أعد له يلبغا كمينا لقتله ، فلما دخل سودون ، تقدم اليه مملوك من مماليك يلبغا، وجست كتف سودون، فرآه لابسة الزردية تحت ثيابه ، فقال له : يا أمير سودون الذي يريد الصلح يدخل وهو لابس آلة الحرب ، فلكمه سودون ، فصاح علي رفاقه في الكمين ، فخرجوا ، وقتلوا الأمير سودون ، وقتلوا معه أربعة من مماليكه (اعلام النبلاء 464/2-465)

وفي السنة 793 قتل السلطان مراد بن أورخان ، ثالث ملوك بني عثمان ، اغتاله أحد ملوك الكفار ، تقدم منه ليقبل يده ، وطعنه بخنجر فقتله . ( شذرات الذهب 332/6 ).

وفي السنة 797 قتل غيلة ببطن مر، من نواحي مكة ، الأمير نور الدين أبو الحسن علي بن عجلان بن رميثة الحسني، ولي مكة سنة 789 واغتاله جماعة من أقاربه من بني حسن. ( الاعلام 128/5 ).

ص: 390

وفي السنة 800 قتل غيلة الأمير سولي بن قراجا الدلغادري أمير التركمان ، وكان قتله علي فراشه تسلل إليه شخص اسمه علي خان ، وطعنه بسكين في خاصرته ، وهو نائم مع امرأته في بيت خركاه ، في أول الليل ، بالقرب من مرعش ، وذلك بممالأة من الملك الظاهر برقوق ، ولما قتل، هرب مغتاله علي خان الي الملك الظاهر ، فأحسن اليه ، وأنعم عليه ، وأعطاه إمرة عشرة ، بأنطاكية ، وكان سولي ظالمة جائرة ، يقطع الطريق ، وينهب الأموال ( أعلام النبلاء 119/5).

وفي السنة 801 قتل غيلة ، الأمير عنقاء بن شطي ملك العرب وأمير آل مرا ، بتحريض من الملك الظاهر سلطان مصر ، بعث إليه فداوية قتلوه ( النجوم الزاهرة 133/12 ).

وفي السنة 855 قتل غيلة بحلب القاضي شهاب الدين أحمد بن يحيي المصري ، هجم عليه بعد صلاة الصبح من قتله غيلة ( الضوء اللامع 244/2)

وفي السنة 812 قتل محمد بن ميرزا عمر شيخ بن تيمورلنك ، ملك شيراز ، فخلفه أخوه اسكندر شاه ، فأحضر قاتل أخيه ، وسأله عن سبب قتله ، فقال له : إني ما عملت في حقك إلأ خيرأ ، فلو لم أقتله ، ما وصلت انت للمملكة ، فعجل إسكندر بقتله ، لئلا يتهم بأنه شارك في قتل أخيه ( الضوء اللامع 2/ 280).

وفي السنة 817 قتل السلطان لبك، من أولاد جنكيزخان ، وكان قد حكم قراقروم منذ السنة 814 ( معجم الأسر الحاكمة 360).

وفي السنة 830 قتل قاضي دمشق غيلة ، وهو نجم الدين أبو الفتوح عمر بن حجي السعدي ، قتل ببستانه بالنيرب خارج دمشق ، ولم تشعر زوجته إلا وهويتشحط في دمه ، ولم يعرف قاتله ( شذرات الذهب 193/7 ).

ص: 391

وفي السنة 836 قتل غيلة الملك الأشرف شرف الدين احمد بن الملك العادل فخر الدين سليمان بن غازي الأيوبي ، صاحب حصن كيفا ، وكان قد خرج للسلام علي الملك الأشرف برسباي صاحب مصر والشام عندما كان محاصرة لمدينة أمد، فلما قارب العسكر خرج عليه جماعة من أصحاب قرايلك من آمد ، وقتلوه وقتلوا معه قاصد السلطان ، وأقيم عرضه في السلطنة ولده خليل ولقب بالملك الكامل ( حوليات دمشقية 39).

أقول : في معجم أنساب الأسر الحاكمة ص 154 ان خلي لقب بالملك الصالح صلاح الدين خليل .

وفي السنة 836 كان أصبهان ( أسبان ) بن قرايوسف يوسف يحصر بغداد ، وفيها أخوه شاه محمد بن قرايوسف ، فعمد أصبهان فاختار أربعين رجلا من أصحابه قد حلقوا لحاهم كأنهم قلندرية ، دخلوا بغداد متفرقين ، ثم اجتمعوا ليلا، واغتالوا الجند الموكلين بباب السور ، وفتحوه ، فدخل أصبهان البلد ، وفر شاه محمد في الماء ، فلحق بالموصل، ولما استولي أصبهان علي بغداد سلب جميع ما فيها، بحيث لم يبق في الأسواق سوي حانوتين فقط ( حوليات دمشقية 63- 64).

وفي السنة 837 قتل أقبغا الجمالي الاستادار ، قتله أهل البحيرة بالديار المصرية ، وكان ظالمة ، قد أحرق بيوتهم ، وأخذ أولادهم ، وكان يلي كشف الجسور وكشف الوجه القبلي ، ثم ولي الأستادارية علي أن يحمل مائة ألف دينار ، بعد تكفية الذيون ، فلم ينهض بها ، فعزل، وعوقب ( أي عذب ) ثم أعيد إلي كشف الوجه القبلي ، ثم إلي الاستادارية علي أن يؤدي مالأ ، ثم عزل وصودر وعوقب ، ثم أعيد إلي كشف الوجه القبلي ، وأضيف اليه كشف الجسور ، فكانت عاقبة ظلمه أن قتل في البحيرة ، وذهب دمه هدرة ( حوليات دمشقية 92).

ص: 392

وفي السنة 839 حصر شاه رخ وجهان شاه ولدا قرايوسف ، أخاهما اسكندر بن قرايوسف ، بقلعة النجق ، وطال الحصار ، فاتفقت احدي نساء اسكندر مع ولده شاه قباد ، وقتلا اسكندر وهو سكران ، وفتحا القلعة لشاه رخ وجهان شاه ، وكان أول ما فعله جهان شاه أن قتل المرأة والولد ( تاريخ الغياثي 258- 259).

وفي السنة 842 قتل الشيخ شمس الدين محمد بن عبدالله القيسي الشافعي ، شيخ دار الحديث الاشرفية ، قتل في إحدي قري دمشق ( الأعلام 115/7)

وفي السنة 844 قتل غيلة السلطان ميران عادل خان ، صاحب خاندش ، حاضرتها برهان بور ، بعد أن حكم ثلاث سنين ( معجم انساب الأسر الحاكمة 434).

وفي السنة 846 قتل قاضي الجماعة أبو القاسم محمد بن أحمد الوشثاثي، قتل غيلة وهو بمحراب جامع الزيتونة يصلي الصبح ( الضوء اللامع 140/11)

وفي السنة 853 قتل أبو زكريا يحيي بن زيان الوطاسي المريني ، الوزير ، قتله عرب الحجاز طعنا بالرماح ( الاعلام 179/9 ).

وفي السنة 854 قتل غيلة عبد اللطيف بن علاء الدولة أولوغ بك ، صاحب ما وراء النهر ، قتل أباه في السنة 803 من أجل الإستيلاء علي الحكم ، فلم يمهله الله سنة واحدة ( معجم انساب الأسر الحاكمة 401).

وفي السنة 865 قتل غيلة السلطان علاء الدين همايون شاه ظالم ، وكان قد حكم منذ السنة 862 وخلفه ولده نظام شاه ( معجم أنساب الأسر الحاكمة 437) .

ص: 393

وفي السنة 870 قتل الأمير أصلان بن سليمان من آل دلغادر ، ملك اصلان ، قتل بيد فداوي وهو في صلاة الجمعة ، وقتل الفداوي ، وأخذ سيفه إلي القاهرة ، فقرر عرضه أخوه شاه بضع ( بوداق ) ( الضوء اللامع 313/2)

أقول : ورد في معجم أنساب الأسر الحاكمة ( (ص 236) كما يلي : في السنة 870 اغتيل السلطان ملك أرسلان بن سليمان، صاحب بلاد مرعش وما يجاورها ، بأمر من أخيه الأمير بوداق الذي خلفه في السلطنة .

وفي السنة 884 مات مقتولا بكنباية ، في بلدة أحمد أباد، أبو البركات محمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن محمد ، وكان مولده بمكة في السنة 844 ( الضوء اللامع 4/11).

وفي السنة 885 قتل الأمير سيباي العلائي الاشرفي ، بمخيمه علي شاطيء النيل ، ولم يعرف قاتله ، وقد مثل به ، إذ وجد مشقوق البطن ، مقطوع اليد ، به جراحات أربعة ( الضوء اللامع 288/3 ).

وفي السنة 886 قتل غيلة الصدر العثماني محمد قرمانلي وزير السلطان محمد بن مراد العثماني ، قتله الإنكشارية ( معجم انساب الاسر الحاكمة 241)

وفي السنة 887 قتل غيلة الصدر كدك أحمد أرناؤود ، وزير السلطان محمد بن مراد العثماني ( معجم انساب الأسر الحاكمة 241).

وفي السنة 891 قتل أبو بكر علي الحلبي المعروف بابن الطيوري ، قتله أحد فتيانه ، شر قتلة ( الضوء اللامع 57/11 ).

وفي السنة 891 قتل الأمير أقبردي الأشرفي إينال ، خازندار السلطان ، قتل عندما كان متوجه لاستخلاص الأموال للسلطان ( الضوء اللامع 314/2)

ص: 394

وفي السنة 904 قتل الملك محمد الناصر بن قايتباي، من ملوك الجراكسة ، بمصر والشام ، قتله بعض المماليك غيلة في ضواحي القاهرة . ( الاعلام 231/7 ).

وفي السنة 900 قتل الملك العادل سيف الدين طومان باي ، بعد أن استقر في عرش السلطنة أربعة أشهر ونصف شهر ، هجم عليه العسكر وقتلوه ( شذرات الذهب 27/8 ).

وفي السنة 909 قتل بمكة الشريف أحمد بن محمد بن بركات الجازاني ، ولي أمارة مكة في السنة 907، وقتل غيلة عند باب الكعبة ، وهو يطوف ( الأعلام 221/1 )

وفي السنة 918 قتل غيلة ، بالقرب من الجامع الأموي بدمشق ، القاضي علاء الدين علي الرملي ، خرج عليه جماعة بين المغرب والعشاء ، فقتلوه، وذكر أن القتل جري بتحريض من القاضي شهاب الدين الرملي ، إمام الجامع الأموي ( شذرات الذهب 89/8 -90).

وفي السنة 929 قتل غيلة السلطان غازي كراي بن محمد، خان القرم ، بعد أن حكم ستة شهور ( معجم انساب الأسر الحاكمة 367).

وفي السنة 940 قتل سلطان قلي قطب الملك ، من بني قطب شاه ، سلطان كلكنده ، وتلنكانة ، وكان قد ولي الحكم منذ السنة 918 ( معجم الأسر الحاكمة 439).

وفي السنة 992 قتل خليل الله بن إبراهيم بن فرخ سيار ملك شروان ، وكان قد تزوج بري خانم بنت الشاه اسماعيل الصفوي ، قتله الشاه طهماسب غيلة ( معجم انساب الأسر الحاكمة 280).

وفي السنة 943 قتل السلطان بهادر بن السلطان مظفر، صاحب كجرات ، من بلاد الهند ، قتل في بندر الديو ( شذرات الذهب 252/8 ).

ص: 395

وفي السنة 944 قتل غيلة الأمير عامر بن يوسف القطبي ، من أشراف جازان ، تأمر علي جازان ، وصفت له البلاد ، وقاتله الشريف ابو نمي ، ثم اغتاله أحد رجال أبي نمي، وهو في داره بأبي عريش ( الاعلام 26/4 ).

وفي السنة 944 قتل غيلة السلطان إسلام كراي بن محمد، خان القرم ، بعد أن حكم من السنة 932 ( معجم انساب الأسر الحاكمة 367).

وفي السنة 954 نزل أويس باشا ، والي اليمن للعثمانيين ، بوادي خبان ، وكان في مجلس شرابه لما هجم عليه حسن البهلوان ، من العسكر اللاوند ، وقتله غيلة ، ونصب نفسه في موضعه ، فحاربه أزدمر أحد أمراء الجيش العثماني ، وانتصر عليه وقتله ( البرق اليماني 99).

وفي السنة 958 قتل غيلة السلطان صاحب كراي بن منكلي ، خان القرم ، بعد أن حكم من السنة 939 ( معجم أنساب الأسر الحاكمة 367) .

وفي السنة 961 قتل غيلة السلطان فيروز بن إسلام شاه الأفغاني ، سلطان دهلي ، بعد أن حكم ثلاثة أيام ( معجم انساب الأسر الحاكمة 423)

وفي السنة 964 قتل السلطان محمد بن محمد بن محمد، المعروف بالشيخ ، والملقب بالمهدي ، ثالث سلاطين الدولة السعدية بمراكش ، غيلة ، قتله جنده الأتراك، بإغراء من السلطان سليمان العثماني ( الأعلام 287/7)

وكان محمود باشا ، والي مصر للسلطان سليمان القانوني ، من أسوأ الناس الناس سيرة ، فقد كان مشهورة بالغدر ، حتي إن أهالي اليمن ، كانوا يسمون الغدر : محموديا ، وكان مرتشية ، فكان يقدم الهدايا العظيمة للسلطان وكبار رجال الدولة لتمشية أموره ، وكان ظالما قاسيا عسوفة ، أراق دماء كثيرة جدة، بحيث أنه إذا وصل إليه الصوباشي في الديوان ، وعرض عليه من معه

ص: 396

من « المتهومين » يشير إليه بمروحة في يده ، أما إلي الصلب ، أو التوسيط ، أو رمي الرقبة ، أو الخازوق ، بإشارات خاصة من غير أن يتكلم بلسانه ، وفي السنة 974 وكان يلي مصر ، نزل من القلعة ، فقيض له الله من رماه ببندقية محشوة، فقتله ( البرق اليماني 154- 155).

وفي السنة 988 قتل غيلة السلطان علي بن إبراهيم ، صاحب بيجابور ، وكان قد ولي السلطنة منذ السنة 965 ( معجم انساب الأسر الحاكمة 499).

وفي السنة 992 قتل السلطان محمد كراي بن دولت، خان القرم ، قتله ألب كراي بعد أن حكم في السنة 985 ( معجم انساب الأسر الحاكمة 367)

وفي السنة 1005 قتل السلطان فتح كراي بن دولت ، خان القرم ، بعد بضعة أشهر من سلطنته ( معجم أنساب الأسر الحاكمة 367).

وفي السنة 1012 قتل الوزير حسن باشا بن محمد باشا ، من كبار رجال الدولة العثمانية ، ولي كفالة حلب ، ثم كفالة دمشق ، ثم عين حاكما ببلاد الروم ، ثم عين لولاية بغداد ، ثم عين أصفهسلارا علي العساكر المتوجهة لقتال عبد الحليم اليازجي ، الناجم في نواحي سيواس ، فانكسر الجيش العثماني ، وارتد حسن باشا فالتجأ إلي قلعة توقات، فحصره أتباع اليازجي ، وفيما كان حسن باشا جالسا في إحدي قاعات القلعة ، أصابته رصاصة تحت إبطه فقتل ( خلاصة الأثر 2/ 45).

وفي السنة 1012 قتل الحاج ابراهيم باشا ، أمير مصر للسلطان محمد الثالث العثماني ( معجم أنساب الأسر الحاكمة 251).

وفي السنة 1015 قتل إبراهيم بن محمد تكرفان العالم ، سلطان جزيرة

ص: 397

المهل الذي طرد البرتغاليين ، وكان قد حكم منذ السنة 992 ( معجم أنساب الأسر الحاكمة 451).

وفي السنة 1018 قتل غيلة ، شديد بن أحمد أمير بادية كلب ( البادية ما بين الشام والعراق )، وكان جبارا سيء السيرة ، اغتاله ابن عم له ، وهو يلعب الشطرنج في خيمة ببرية حلب ( الاعلام 233/3 ).

وفي السنة 1040 قتل بمراكش أبو مروان عبد الملك بن زيدان السعدي ، من ملوك دولة الأشراف السعديين بمراكش ، بويع بعد وفاة أبيه سنة 1037 ووثب عليه أخوان له، هما الوليد ومحمد، فهزمهما ، ثم قتل بمراكش ، بصنع من أخيه الوليد ، قيل : قتل وهو سكران ( الأعلام 304/4 ).

وفي السنة 1040 قتل الأمير مانع بن سنان العميري ، صاحب سمائل في عمان ، قتله المؤيد اليعربي صاحب عمان ، سير إليه من قتله في حصن لؤي ، ( الاعلام 147/6 ).

ولما مات سيفاجي ، مؤسس دولة الماهراتا، في الهند ، نصب مكانه ولده سمبهاجي ، وكان صغيرا ، فعين سنتاجي مستشارة له ، وكان سنتاجي قوي الشخصية ، شديد التمسك بالنظام، وكان يأمر بمن ارتكب اقل هفوة فيلقي تحت أرجل الفيلة ، وفي السنة 1110 (1698م) ترصده هندوسي اسمه ناجوجي ، كان سنتاجي قد قتل أخاه تحت أرجل الفيلة ، فقتله غيلة ( الإسلام والدول الإسلامية في الهند 162).

وفي السنة 1057 طلع الأمير مصطفي حاكم جده ، إلي الطائف للزيارة ، وطلع معه بشير الحبشي غلام السلطان مراد ، وكانت إليه مشيخة الحرم النبوي ، وعند نزول الأمير مصطفي من الطائف ، وهو في إحرامه ، تصدي له اعرابي يدعي الجعفري فطعنه بجنبية أنفذها في أحشائه فقتله ( خلاصة الأثر 2/ 179).

ص: 398

وفي السنة 1059 كان القاضي زفر ، قاضي المدينة المنورة ، مع ثلاثة من الخدام ، قد خرج لصلاة الفجر ، فوثب عليه شخص فضربه بالحد في ظهره ، فأنفذها من صدره ، فأكب علي قربوس السرج ، حتي دخلت به الفرس محراب عثمان بن عفان ، وإمام الشافعية يصلي الفجر ، فأنزله الناس وهو بأخر رمق ، وهو يقول : يا رسول الله ، يا رسول الله ، ثم مات ، واتهم الشريف زيد أمير مكة ، بأنه كان وراء قتل القاضي ( خلاصة الأثر 108/2 ).

وفي السنة 1158 قتل محمد بن عثمان ، سلطان منبتة ، لأنه أبي الإنقياد لسلطان البوسعيديين ، فأرسل إليه السلطان البوسعيدي رجالا أحتالوا عليه فقتلوه ( الاعلام 144/7 ).

وفي السنة 1158 قتل أبو الفتح نصر الله بن الحسين الموسوي الحائري في إسطنبول ، وكان قد أرسل إليها بسفارة من حكومة إيران . ( الاعلام 352/8 - 353).

وفي السنة 1160 قتل غيلة نادرشاه طهاسب قلي ، شاه العجم ، بعد أن حكم إيران منذ السنة 1138 ( معجم انساب الأسر الحاكمة 389) . :

وفي السنة 1163 قتل عثمان بن حمد النجدي رئيس العينية من بلاد نجد، قتله غيلة بعض رجاله ، بعد انتهائه من صلاة الجمعة ( الاعلام 364/4)

وفي السنة 1166 قتل ناصر جنك ، مير أحمد بن نظام الملك ، نظام حيد آباد بالهند ، وكان قد حكم منذ السنة 1161 ( معجم أنساب الأسر الحاكمة 446).

وفي السنة 1164 قتل مظفر جنك هدايت محيي الدين نظام حيدر آباد بالهند ، وكان قد حكم في السنة عينها ( معجم انساب الأسر الحاكمة 446).

وفي السنة 1166 قتل غيلة علي بن عثمان ، أمير منباسة ، بإفريقية ،

ص: 399

في عهد استقلالها عن مسقط وعمان ، وهو ثاني أمير في عهد استقلالها ، والأول هو أخوه محمد، فإنه حين استقل بحكم منبسة ، بعث إليه أمير مسقط ، من قتله ، وسجن أخاه علية ، ولكن أهل منبسة ، أخرجوه من السجن ووتوه الإمارة ، غير أن ابن عمه مسعود بن ناصر ، حرض علي قتله ، فقتل غيلة . ( الاعلام 127/5 - 128).

وفي السنة 1173 قتل غيلة السلطان عالمكبر عزيز الدين ، سلطان الهند ، من المغول ، قتله شهاب الدين عماد الملك بن غازي الدين ، من أسرة نظام حيدر آباد ، وكان عزيز الدين قد ولي الحكم منذ السنة 1167 ( معجم أنساب الأسر الحاكمة 442).

وفي السنة 1195 قتل غيلة بشيراز، صادق خان الزند ، سلطان شيراز ، وكان قد حكم منذ السنة 1193 ( معجم أنساب الأسر الحاكمة 389) .

وفي السنة 1196 قتل غيلة الأمير ظاهر العمر ، صاحب عكا وصفد والناصرة وطبرية وصيدا وحيفا ويافا والرملة وجبل نابلس وشرق الأردن وجبل عامل، قتله غدرة أحد المغاربة من رجاله ( الأعلام 342/3 ) .

وفي السنة 1203 قتل غيلة جعفر خان الزند، سلطان إصبهان، وكان قد حكم منذ السنة 1199 ( معجم أنساب الأسر الحاكمة 389) .

وفي السنة 1209 قتل الزعيم سليمان بن عبدالله بن شاوي الحميري ، قتله أحد أفراد عشيرته غيلة ، وكانت الحكومة العثمانية قد شردته ، لأن أحد الأشخاص الذين طلبتهم الحكومة ، التجأ إليه ، وأبي أن يسلمه ، فحاربته الحكومة ، واضطر أن يترك أمواله وأثقاله ، ويرحل صحبة ضيفه الذي أبي أن يسلمه ، وأقام في الخابور ، واشتدت عساكر الوالي في مطاردته ، فأوغل في البادية ، فقتله احد اتباعه ( الاعلام 191/3 ).

وفي السنة 1210 (1795 م) قام علي أغا الخزينة دار باغتيال احمد

ص: 400

الكهية بغداد ، وفي السنة 1807 وكان علي أغا قد أصبح علي باشا والي بغداد ، أغتاله أباظي اسمه مدد بك ( حكم المماليك في العراق 50 و 70).

وفي السنة 1211 ( 1796 م) تحرك الشيخ ثويني زعيم عشائر المنتفك مع جمع من عشائره نحو الاحساء لمحاربة الأمير عبد العزيز السعود ، ولما بلغ ثويني عين الشباك في ديرة بني خالد ، هجم عليه في خيمته عبد اسمه طعيس ، وبيده حربة ، وهتف : الله أكبر ، ثم أغمد حربته في صدر ثويني ، فقتله ، وقتل العبد من ساعته . ( حكم المماليك في العراق 52).

وفي السنة 1211 قتل أقا محمد القاجاري ، لطف علي خان الزند ، بعد أن حكم إيران منذ السنة 1203 ( معجم أنساب الأسر الحاكمة 389) .

وفي السنة 1215 اغتال سليمان الحلبي ، بالقاهرة ، الجنرال كليبر قائد الجيش الفرنسي بمصر ، فشكلت له محكمة، أجرت محاكمته ، وحكمت عليه بأن تحرق يده اليمني ، وأن يوضع علي الخازوق حتي يموت ( الجبرتي 389/2)

وفي السنة 1218 (1803) قتل الأمير عبد العزيز السعود غيلة ، قتله أفغاني اسمه ملا عثمان ، كان يقيم ببغداد ، وقال أنه قتله دفاعا عن الإسلام والمسلمين ، وقيل أنه قتله انتقاما لأن الوهابيين من أتباع عبد العزيز قتلوا أولاده في مذبحة كربلا التي حصلت في السنة 1801 ( حكم المماليك في العراق 66).

وفي السنة 1220 قتل سلطان مسقط بدر بن أحمد البوسعيدي ، وثب عليه أبناء أخيه سلطان ، فقتلوه غيلة . ( الاعلام 12/2 ).

وفي السنة 1225 ( 1810 م) قتل سليمان باشا الصغير والي بغداد غيلة ، علي يد رجال من عشيرة الدفافعة ، فقطع رأسه ، وأرسل إلي الأستانة . ( حكم المماليك في العراق 80).

ص: 401

وفي السنة 1228 قتل مطلق بن محمد المطيري ، من عمال الإمام سعود بن عبد العزيز في نجد ، فاجأه في أطراف عمان ، رجال الحجريين ، علي حين غفلة ، وقتلوه ( الأعلام 158/8 ).

وفي السنة 1230 قتل أمير تونس عثمان بن علي ، اتفق عليه أبناء عمه ، ودخلوا عليه فقتلوه . ( الاعلام 374/4 ).

وفي السنة 1242 قتل غيلة إسماعيل افندي شريف ، متسلم مدينة حلب ، وسبب ذلك إن والي حلب طالب إسماعيل شريف بمائتي ليرة أجر تعيينه للمتسلمية ، فامتنع ، وأخذ يكتب للدولة عن سوء سيرة الوالي ، سعيا وراء عزله ، وبلغ الوالي ذلك ، فكلفه بمهمة سافر من أجلها إلي عينتاب مع جماعة من الجند ، وأوعز للجند فقتلوه غيلة في الطريق ( اعلام النبلاء 240/7)

وفي السنة 1248 قتل الهادي لدين الله ، أحمد بن علي ، سراج الدين الطالبي ، دعا باليمن إلي الرضا من آل محمد ، وحاصر صنعاء ، ثم تفرق جمعه، واندس له من قتله غيلة ، في العيضة من بلاد اليمن . ( الاعلام 176/1)

وفي السنة 1249 قتل أمير نجد تركي بن عبدالله بن محمد بن سعود ، قتله ابن عمه مشاري بن عبد الرحمن بن سعود ، غيلة ( الاعلام 66/2 ).

وفي السنة 1256 قتل الإمام الناصر عبدالله بن الحسن ، من أئمة الزيدية باليمن ، قتله غيلة أفراد من عشيرة حمدان في وادي ضهر من أعمال صنعاء . ( الأعلام 208/4 ).

وفي السنة 1258 قتل غيلة الأمير كامران ، أمير هراة بأفغانستان ، وكان شاه العجم قد حاصره من السنة 1235 حتي السنة 1255 ( معجم انساب الأسر الحاكمة 447).

ص: 402

وفي السنة 1264 قتل محمد بن علي العمراني الصنعاني ، المؤرخ ، بمدينة زبيد ، هاجمه باطنية ، فقتلوه في داره ( الأعلام 191/7 ).

وفي السنة 1270 قتل غيلة بقصره في بنها بمصر ، عباس الأول ، بن طوسون بن محمد علي الكبير ، قتله مملوكان أرسلتهما إليه من الاستانة عمته نازلي بنت محمد علي، وفرا . ( الاعلام 34/4).

وفي السنة 1282 ( 1865 م) قتل غيلة ابراهيم لينكولن ، رئيس الولايات المتحدة ، وكان من عظماء العالم ، قتله أحد المتعصبين للرق ( المنجد ).

وفي السنة 1285 قتل الأمير متعب بن عبدالله بن علي الرشيد ، أمير حائل ، وثب عليه ولدا أخيه طلال ، وهما بندرو بدر ، وقتلاه أمام قصره برزان، بمدينة حائل . ( الاعلام 154/6 ).

وفي السنة 1292 قتل غيلة ، أمير بريدة ، مهنا بن صالح العنزي ، في القصيم بنجد، قتله بعض آل أبي عليان من تميم ، وهو خارج من صلاة الجمعة ( الاعلام 262/8 ).

وفي السنة 1297 قتل غيلة الشريف حسين بن عبدالله، شريف مكة ، دخل جدة في موكب حافل ، فتقدم اليه رجل أفغاني، وقصده وهو راكب ، كأنه يريد تقبيل يده ، وطعنه بسكين في أسفل خاصرته ، ومات الشريف ، وعذب قاتله بأنواع العذاب ، فلم يقر بشيء ، وقتل بعد ذلك ( أعيان القرن الثالث عشر (141).

وفي السنة (1313) قتل غيلة ، شاه العجم ، ناصر الدين شاه ، عندما كان في زيارة شاه عبد العظيم خارج طهران ، قتله احد أتباع عبد البهاء . أقول : دفن ناصر الدين شاه في موضع بجامع الشاه عبد العظيم ، حيث قتل ، وقد زرت قبره في السنة 1954 م وفي السنة 1968 م.

ص: 403

وفي السنة 1328 (1910) قتل غيلة بطرس غالي ، رئيس الوزراء بمصر قتله شاب قبطي اسمه إبراهيم ناصف الورداني وقتل به ( الاعلام 32/2)

وفي السنة 1331 (1913) قتل غيلة ، أمام نظارة الحربية في إصطنبول، القائد محمود شوكت باشا، رئيس وزراء تركيا العثمانية ، قتله خصومه السياسيون ، وكان قد قاد في السنة 1908 م الجيش ، فخلع السلطان عبد الحميد ، ونصب السلطان محمد رشاد بدلا منه . ( الاعلام 50/8 ).

وفي السنة 1333 قتل أدي شير الكلداني الآشوري ، الباحث العراقي ، من رجال الكهنوت ، صاحب كتاب الألفاظ الفارسية المعربة ، قتل في إحدي قري سعرد غيلة ( الاعلام 274/1 ).

وفي السنة 1337 قتل غيلة عند جلال آباد ، السلطان حبيب الله خان سلطان الأفغان ، وخلفه ولده أمان الله خان ( معجم انساب الأسر الحاكمة 447) .

وفي السنة 1339 قتل غيلة الأمير سعيد حليم ، الذي كان صدرا أعظم في الدولة العثمانية من السنة 1331-1335 وهو ابن حليم بن سعيد بن محمد علي الكبير صاحب مصر ( معجم أنساب الأسر الحاكمة 167). :

وفي السنة 1340 قتل غيلة بمدينة برلين الصدر الأعظم طلعت باشا الإتحادي الذي كان وزيرا للسلطان محمد رشاد الخامس العثماني ( معجم انساب الأسر الحاكمة 250).

وفي السنة (1343) قتل غيلة توفيق الخالدي، وزير الداخلية، بالعراق ، أطلق عليه مغتاله الرصاص ليلا ، وهو بباب داره يريد الدخول ، واتهم بقتله علي السنة الناس ، نوري السعيد ، وزعموا أنه اغتاله ، لأن الخالدي كان يرجح الجمهورية للعراق ، ويعاونه في ذلك عبدالله فيلبي الذي كان مستشارة للداخلية .

ص: 404

وفي السنة (1356) قتل غيلة ضياء يونس الموصلي ، أحد السياسيين العراقيين ، أطلق عليه الرصاص ليلا وهو بباب بيته ، واتهم بقتله أنصار القائد بكر صدقي العسكري، الذي قاد انقلاب السنة 1936 ضد ياسين الهاشمي وصحبه .

وفي السنة 1356 (1937)، قتل بالموصل، بكر صدقي العسكري ، صاحب أول انقلاب عسكري في العراق ، قتله في مطار الموصل جندي من أكراد الموصل . ( الاعلام 2/ 39).

وفي السنة 1358 (1940 م) قتل غيلة ، رستم حيدر ، من ألمع رجال السياسة العربية في فجر عهدها الحديث ، كان يشغل وزارة المالية في العراق ، فدخل عليه ضابط بوليس معزول إسمه حسين فوزي ، وأطلق عليه الرصاص فقتله، (الاعلام 360/6 ).

وفي السنة 1364 قتل احمد ماهر باشا، في مجلس النواب ، اغتاله شاب مصري ، لأسباب سياسية . ( الاعلام 191/1 ).

وفي السنة 1367 قتل غيلة الإمام يحيي حميد الدين ، إمام اليمن ، وقتل معه وزيره عبدالله العمري ( الأعلام 210/4 ).

وفي السنة 1368 (1948 م) قتل غيلة ، أمام مصعد وزارة الداخلية بالقاهرة ، رئيس وزراء مصر محمود فهمي النقراشي ، قتله طالب في كلية الطب البيطري من جماعة الإخوان المسلمين إنتقام منه ، لأنه أمر بحل الجماعة ( الأعلام 58/8 - 59).

وفي السنة 1368 (1948 م) قتل غيلة، المهاتما غاندي ، الزعيم الهندي العظيم ، محرر الهند ، وأعظم رجال القرن العشرين ، قتله احد الشبان المتعصبين ، قال فيه الشاعر المفلق احمد شوقي ، وصدق ، بمناسبة

ص: 405

مرور غاندي علي الباخرة راجبوتانا ، تقله من الهند إلي لندن ، حيث انعقد مؤتمر الطاولة المستديرة :

بني مصر أرفعوا الرأس****وحبوا بطل الهند

علي إفريز راجبوتان**** تمثال من المجد

وفي السنة 1368 (1949 م) قتل غيلة الشيخ حسن البنا ، مؤسس جمعية الإخوان المسلمين بمصر ، واتهمت السلطة المصرية بقتله ، انتقامة لمقتل النقراشي ، الذي قتله أحد أتباع جماعة الإخوان المسلمين ( الأعلام 198 -197/2)

وفي السنة 1370 ( 1951 ) اغتيل رياض الصلح ، أحد زعماء لبنان ، في عمان بشرق الأردن ، أطلق عليه الرصاص جماعة ، وهو في طريقه إلي مطار عمان بالسيارة ليعود إلي بيروت ، وقتل قاتلوه ( الأعلام 67/3 ).

وفي السنة 1370 قتل الملك عبدالله بن الحسين ، ملك الأردن ، غيلة ، في المسجد الأقصي بالقدس ، تصدي له شبان من العرب الفلسطينيين فأطلقوا عليه الرصاص وقتلوه ( الاعلام ( 212/4 ).

وفي السنة 1370 (1950) قتل غيلة ببيروت ، القائد سامي الحناوي ، الضابط السوري الذي اسقط حسني الزعيم ، فإن حسني الزعيم ، قام بانقلاب ضد رئيس الجمهورية السورية ، شكري القوتلي في السنة 1948 ، واستولي علي الحكم بدمشق ، ثم قام سامي الحناوي وأنصاره ، بانقلاب ضد حسني الزعيم ، في السنة 1949 وقتلوه هو ورئيس وزارته محسن البرازي ، واستولوا علي الحكم ، ثم إن أديب الشيشكلي انقلب علي سامي الحناوي ، واعتقله ، ثم اطلقه فبرح دمشق إلي بيروت ، حيث اغتاله محمد بن احمد البرازي ، إنتقام لمقتل محسن البرازي ( الاعلام 5/7).

ص: 406

أقول : ذكر لي الأستاذ جعفر الخليلي إنه سأل قاتل الحناوي أن يقص عليه كيف قتله فقال له : لم أكن أنا الذي قتلته ، وإنما قتله الله .

وفي السنة 1380 ( 1960 م ) اغتيل هزاع المجالي رئيس وزراء دولة الأردن في مكتبه بمدينة عمان بقنبلة .

وفي السنة 1391 (1971م) قتل غيلة وصفي التل ، رئيس وزراء دولة الأردن ، تصدي له فتيان من منظمة التحرير الفلسطينية ، فقتلوه في مدخل فندق شيراتون بالقاهرة .

ص: 407

ص: 408

القسم الخامس: القتل من أجل الاستئثار بالسلطان

الاستشار : الإنفراد بالشيء ، واستأثر بالشيء : استبد به وخص به نفسه . السلطان : القدرة ، والمراد به في هذا البحث و الحكم » .

والإستئثار بالسلطان ، ، سيئة من السيئات التي ضري عليها بعض الأفراد ، فاستسهلوا من أجله الحزن ، واستهانوا في سبيله بالصعاب ، ووصفوا طيبات الدنيا بأنها « الجلوس علي السرير ، والسلام عليك أيها الأمير». وأوردوا في أمثالهم : أن الملك عقيم ، ومعناه : أن الملك لا يعرف ابنة ولا أخا ، فإن نازعك أخ أو ابن أو قريب ، فعليك أن تتخلص منه بقتله .

وأول من قتل في سبيل الإستئثار بالسلطان ، في الإسلام ، معاوية بن أبي سفيان ، وكان يغتفر كل ذنب ، إلا ذنب من تعرض لسلطانه ، وكان يقول : إنا لا نحول بين الناس وألسنتهم ، ما لم يحولوا بيننا وبين سلطاننا، وجاء من بعده يزيد ، ففعل الأفاعيل ، وقتل ، وأحرق ، وسبي ، وهدم ، كل ذلك في سبيل الإستئثار بالسلطان، ثم خلف من بعده عبد الملك بن مروان ، فكان نارا محرقة ، ولعل أوضح دليل علي تهالكه علي الإستئثار بالسلطان، غدره بعمرو بن سعيد بعد أن أعطاه الأمان، وخطبته بالمدينة، من بعد ذلك، وقوله في خطبته تلك: لست بالخليفة المستضعف - يعني عثمان - ولا الخليفة المداهن - يعني معاوية - ولا الخليفة المأفون - يعني يزيد - ألا وإن من كان قبلي من

ص: 409

الخلفاء ، كانوا يأكلون ويطعمون من هذه الأموال ، ألا وإني لا أداوي أدواء هذه الأمة إلا بالسيف ، ألا وإن الجامعة التي جعلتها في عنق عمرو بن سعيد عندي ، والله ، لا يفعل احد فعله ، إلا جعلتها في عنقه (تاريخ الخلفاء 219) ، ولما احتضر عبد الملك ، فإنه بدلا من أن يوصي ولده الوليد ، بالعدل في الرعية ، فإنه أوصاه بقوله : البس للناس جلد النمر ، ومن قال لك برأسه هكذا ، فقل له بسيفك هكذا ، وحسبك بسيرة عبد الملك بن مروان سوء ، أن الحجاج الثقفي ، إنما هو سيئة من سيئاته .

ودرج من بعد بني أمية ، بنو العباس ، فسلكوا سبيلهم ، وساروا بسيرتهم ، وبعد أن كانوا مع العلويين يدا واحدة ، في محاربة بني أمية ، دفعهم خوفهم من انتقاض العلويين عليهم، إلي التخلص منهم بالقتل، والحبس ، والنفي ، والتشريد ، وما صنعه المنصور بال الحسن ، وما صنعه الرشيد بال الحسين ، وما صنعه المتوكل بال علي عامة ، يدل علي مقدار القسوة الكامنة في نفوس بعض طلاب الإستئثار بالسلطان .

وفي النصف الثاني من عهد بني العباس ، أصبح متعارف عندهم ، أن من آيين الحكم ، أن يقوم الخليفة باعتقال إخوانه ، وأعمامه ، ومن يصلح للخلافة من أفراد العائلة ، وأن يحجزهم في مواضع تحت المراقبة ، بحيث لا يدخل إليهم إلا بإذن .

ولما فتح هولاكو بغداد ، وجد الأمراء العباسيين ، من إخوة الخليفة ، وأعمامه، وأقاربه، يقيمون في مواضع في دار الخلافة ، هي بحكم المعتقلات ، ليكونوا دائما تحت مراقبة من تناط به مراقبتهم، فأخرجهم إلي ظاهر سور بغداد حيث تمت عملية إبادتهم جملة .

وكان من التقاليد المتبعة في سلطنة آل عثمان ، أن من تسلطن ، سارع إلي قتل إخوته ، وجميع من يحتمل أن يحل محله من أفراد العائلة المالكة ، وإذا سكت السلطان عن بعضهم ، ولم يقتلهم ، فهم يستقرون في

ص: 410

الحبوس ، ينقطعون فيها عن الناس ، ويمنع أن يتصل بهم أحد من الناس ، إلا سجانيهم .

وقد روي عن السلطان سليم العثماني ، إنه قتل أباه، وإخوته بأجمعهم ، في سبيل السلطان ، وإن ولده السلطان سليمان ، قتل ولده مصطفي ، وولده بايزيد، وأولاد بايزيد الخمسة ، وأن السلطان محمد بن مراد الثالث العثماني ، قتل يوم جلوسه تسعة عشر أخأ له ، ووجد عشر من الجواري ، حوامل من أبيه ، فقتله ، ثم قتل أبنين من أبنائه .

إن البحث المتعلق بالقتل في سبيل الإستئثار بالسلطان ، يشتبك مع الأبحاث الأخري من أبحاث القتل ، فإن الأخبار التي اتهم المؤرخون فيها معاوية ، بأنه قتل أشخاصا بالسم من أجل الإستئثار بالسلطان ، أو من أجل إزاحتهم من طريق ولاية العهد لولده يزيد ، قد اشتمل عليها بحث القتل بالسم وإن كانت في سبيل الإستئثار بالسلطان ، والخبر المتعلق بقتل عبد الملك بن مروان ، عمر بن سعيد الأشدق غدرة ، قد اشتمل عليه بحث القتل غدرة ، وقتل المنصور العباسي بني الحسن ، قد اشتمل عليه بحث الفتك والحبس ، وكذلك القتل غيلة ، فإن اكثر حوادث القتل غيلة ، إنما حصلت في سبيل الإستئثار بالسلطان ، ولكننا اثبتناها في بحث الإغتيال ، واقتصرنا في هذا البحث ، علي أسوأ أنواع القتل من أجل الاستشار بالسلطان ، وهو القتل الذي يقع بين أفراد العائلة الواحدة ، من الأب علي ولده ، والولد علي أبيه ، والأخ علي أخيه، والتابع علي سيده .

وأكتفي بما أوردت ، لأن الإطالة في هذا البحث ترمضني، وتؤذيني ، لأنه بحث يكشف عما في بعض النفوس من قسوة وغسولة .

وأول ما بلغنا من أخبار هذا الصراع المؤدي للقتل ، بين أفراد العائلة الواحدة ، في سبيل الاستئثار بالسلطان، ما صنعه إلياس بن حبيب الفهري ،

ص: 411

في السنة 136 ، بأخيه عبد الرحمن ، صاحب إفريقية ، فإن عبد الرحمن مرض ، فدخل عليه أخوه إلياس يعوده ، فعدا عليه ، وهو مريض ، فقتله ، واستولي علي إمارة إفريقية ، فوثب حبيب بن عبد الرحمن ، علي عمه إلياس ، فقتله بعد معارك ، وانتظمت له شؤون إفريقية، وامتنع عليه عبد الملك بن أبي الجعد الأباظي ، ونشبت بينهما معركة علي أبواب القيروان ، فانكسر حبيب ، وقتل في المعركة ( الأعلام 348/1 و 171/2 ).

أقول : أورد ابن الأثير قصة هذا الصراع بتفصيل أوفي ، قال : لما قتل كلثوم بن عياض ، وأبو عبيدة بن عقبة بن نافع ، في المعارك بإفريقية ، سار عبد الرحمن بن أبي عبيدة ، الي الأندلس ، وأراد أن يتغلب عليها فلم يتمكن ، وعاد إلي إفريقية ، وخرج بتونس في السنة 126 فدعا الناس إلي نفسه ، فأجابوه ، فسار بهم إلي القيروان ، وأراد من بها قتاله ، فمنعهم أميرها حنظلة ، وأرسل إليه جماعة من أهل القيروان ، من أعيانهم ، يدعونه إلي مراجعة الطاعة ، فقبضهم عبد الرحمن ، وأخذهم معه ، وحصر مدينة القيروان ، وقال : إن رمي أحد من أهل القيروان بحجر ، قتلت من عندي أجمعين ، فلم يقاتله احد، واستولي علي القيروان في السنة 127 ، فخرج عروة بن الوليد الصدفي واستولي علي تونس ، وقام أبو عطاف الأزدي فنزل بطيفاس ، وثارت البربر بالجبال ، وخرج ثابت الصنهاجي فاستولي علي باجة ، فأحضر عبد الرحمن أخاه إلياس ، ورتب معه ستمائة فارس ، فسار إلي أبي عطاف ، فقتله وفل جمعه في السنة 130 ثم قصد عروة بن الوليد بتونس فقتله ، وأقام إلياس بتونس ، فخرج عليه رجلان أباظيان ، هما عبد الجبار والحارث ، فقتلهما في السنة 131 ، واستمر عبد الرحمن يحكم إفريقية، ولم تنكسر له راية ، ولما مضت دولة الأمويين، خطب للعباسيين ، وقدم عليه جماعة من بني أمية ، فتزوج هو وإخوته منهم ، وكان ممن قدم عليه العاص وعبد المؤمن ابنا الوليد بن يزيد ، وكانت ابنة عمهما تحت الياس

ص: 412

أخي عبد الرحمن ، وبلغ عبد الرحمن عن العاصي وعبد المؤمن ، إنهما يسعيان في الفساد عليه ، فقتلهما ، فقالت بنت عمهما، لزوجها إلياس : إن أخاك قد قتل أختانك ، وهذا تهاون بك ، وأنت سيفه الذي يضرب به ، وكلما فتحت فتحأ ، كتب إلي الخلفاء : إن ابني حبيبأ فتحه ، ولم تزل تغريه ، حتي تحرك ، وأعمل الحيلة علي أخيه وحدث أن أمر عبد الرحمن أخاه بقصد تونس علي رأس جيش ، فتجهز ، ودخل علي أخيه يودعه ، ومعه أخوه عبد الوارث ، فلما دخلا علي عبد الرحمن قتلاه ، وكان ذلك في السنة 137 ، وكانت إمارة عبد الرحمن علي إفريقية عشر سنين وسبعة أشهر ، وضبط ألياس أبواب دار أخيه عبد الرحمن ، بعد أن قتله ، ليأخذ ابنه حبيبأ ، فلم يظفر به ، وأفلت منه حبيب إلي تونس ، واجتمع بعمه عمران بن حبيب ، فسار إلياس إليهما، فاقتتلوا ، ثم تصالحوا ، وقسموا إفريقية بينهم ، هم الثلاثة ، علي أن تكون لحبيب قفصة وقسطيلة ونفراوة ، ويكون لعمران تونس وصطفورة والجزيرة ، وسائر إفريقية لإلياس ، وكان هذا الصلح في السنة 138 ، فلما اصطلحوا ، سار حبيب إلي عمله ، ومضي إلياس مع أخيه عمران ليسلم إليه تونس ، فغدر إلياس بأخيه عمران وقتله ، وحاز تونس لنفسه ، وقتل بها جماعة ، وعاد إلي القيروان، وبعث بطاعته للمنصور العباسي ، وسار حبيب إلي تونس فملكها ، فحاربه عمه إلياس ، فلما جتهم الليل ترك حبيب خيامه ، وسار جريدة إلي القيروان ، فدخلها ، وأخرج من بها من المحبوسين ، وكثر جمعه ، وانفل عن إلياس أكثر أصحابه ، وتبعوا حبيبة ، ثم تبارز حبيب ، وعمه إلياس ، فكانت نتيجة المبارزة ، أن قتل حبيب عمه إلياس ، واستولي علي القيروان وذلك في السنة 138 وهرب أخوة إلياس إلي بطن من البربر يقال لهم : ورفجومة ، فاعتصموا بهم ، فسار إليهم حبيب ، وقاتلهم ، فهزموه ، وقصدوا القيروان فاحتلوها، وساروا يطلبون حبيبأ ، فأدركوه بقابس ، واقتتلوا، ففر منهم إلي جبل أوراس ، فلحقوا به ، فحاربهم حبيب ، وانتصر عليهم ، وقصد القيروان ليستعيد دولته ، فانكسر في

ص: 413

معركة علي باب القيروان ، وقتل هناك ، وكانت إمرة عبد الرحمن أبي حبيب عشر سنين وأشهر، كما أسلفنا ، وإمرة أخيه الياس سنة وستة أشهر ، وإمارة حبيب بن عبد الرحمن ثلاث سنين ، ولما استولي البربر علي إفريقية، أخذوا يظلمون الناس ، فخرج عليهم أبو الخطاب ، وحشد الناس بطرابلس ( الغرب ) وضم إليه الأباظية والخوارج ، واشتبكوا في معركة بباب القيروان ، فانتصر أبو الخطاب ، وقتل من البربر مقتلة عظيمة ، وكان ذلك في السنة 141 . واستولي أبو الخطاب علي سائر إفريقية ، وفي النسة 143 ولي المنصور محمد بن الأشعث الخزاعي علي إفريقية ، فوصل إليها في خمسين الفا . واشتبك مع أبي الخطاب في معركة ضارية ، فقتل أبو الخطاب ، وعامة أصحابه ، وكان ذلك في السنة 144 ، ثم إن أبا هريرة الزناني هاجم ابن الأشعث في ستة عشر ألفا، فلقيهم ابن الأشعث ، وقتلهم جميعأ ، وضبط إفريقية ، ثم خرج عليه أحد قواده ، واسمه هاشم، فبعث المنصور رسولا إلي هاشم يلومه علي العصيان ، فانكر أنه خالف ، فقال له الرسول : إن كنت علي الطاعة فمد عنقك ، فمد عنقه ، فضربه بالسيف ، فقطع عنقه ، وكان ذلك في السنة 147 ، وبذل الأمان لأصحاب هاشم ( ابن الأثير 318-310/5)

وفي السنة 163 بلغ عبد الرحمن الداخل ( الأموي )، أن عبد السلام بن يزيد بن هشام المعروف باليزيدي ، وعبيد الله بن أبان بن معاوية بن هشام، وهو ابن أخي الداخل ، يسعيان في التدبير عليه ، فقتلهما ( نفح الطيب 46/3 ) .

وفي السنة 167 بلغ عبد الرحمن الداخل أن ابن أخيه المغيرة بن الوليد بن معاوية يسعي في طلب الأمر لنفسه ، فقتله، وقتل معه الصميل بن حاتم ( حفيد شمر بن ذي الجوشن ) ونفي أخاه الوليد بن معاوية ، والد المغيرة ، إلي العدوة ، بماله وأهله وولده . ( نفح الطيب 46/3).

ولما زحف أهل غرب الأندلس ، لحرب عبد الرحمن الداخل، وجه

ص: 414

عبد الرحمن اليهم عبد الملك بن عمر بن مروان ، علي رأس جيش ، فقدم عبد الملك ولده أمية ، فانحاز أمنية منهزمة إلي أبيه ، فقال له أبوه : إن كنت فررت من الموت ، فقد جئت إليه ، وأمر بضرب عنقه ، وجمع أهل بيته وخاضته ، وقال لهم : طردنا من المشرق إلي اقصي هذا الصقع، ونحسد علي لقمة تبقي الرمق ، اكسروا جفون السيوف ، ، فأما موت أو ظفر ، ففعلوا، وانتصروا ( نفح الطيب 59/3 ).

وكان يعفر بن عبد الرحمي الحوالي، باليمن، يحكم صنعاء منذ السنة 230 استقلالأ ، فغلب ولده محمد بن يعفر ، علي صنعاء ، وبايع المعتمد العباسي ، ثم أناب عنه ولده إبراهيم بن محمد في حكم صنعاء ، فقام يعفر الجد، وحرض الحفيد إبراهيم ، علي قتل والده محمد، فقتله في السنة 299 في صومعة مسجد شبام ، وقتل عمه كذلك ( الاعلام 16/8 و 251/9)

وفي السنة 252 حبس المعتز العباسي ، أخويه ابراهيم المؤيد، وأبا أحمد طلحة الموفق ، في الجوسق بسامراء ، وقيد المؤيد ، وجعله في حجرة ضيقة ، وحبس كنجور ، حاجب المؤيد ، وضربه خمسين مقرعة ، وضرب خليفته أبا الهول خمسمائة سوط ، وطيف به علي جمل ، ثم ضرب أخاه المؤيد أربعين مقرعة ، وأخذت منه رقعة بخلع نفسه من ولاية العهد، ثم بلغ المعتز أن الأتراك يريدون إخراج المؤيد من الحبس، فدعا القضاة والفقهاء والشهود والوجوه، وأخرج لهم المؤيد ميتا ، لا أثر به ولا جرح ، وحمل إلي أمه إسحاق الأندلسية ، وهي أم أبي أحمد، علي حمار ، وحمل معه كفن وحنوط ، وحول أبو أحمد إلي الحجرة التي كان المؤيد شقيقه محبوسا فيها، وذكر عن كيفية موت المؤيد إنه أدرج في لحاف سمور ، ثم أمسك طرفاه حتي مات ، وقيل إنه أقعد في حجر من ثلج ، ونضدت عليه حجارة الثلج فمات بردة ( الطبري 361/9 - 362).

ص: 415

وفي السنة 270 بويع أبو الجيش خمارويه بن أحمد بن طولون ، خلفا لوالده ، فأحضر أخاه العباس ليبايعه ، فامتنع ، فأدخل منزلا في الميدان ، وكان آخر العهد به . ( الولاة للكندي 233).

وفي السنة 273 قدمت رسل يا زمان ، فذكروا أن ملك الروم وثب عليه ثلاثة من أولاده ، فقتلوه، وملكوا أحدهم ( الطبري 12/10 ).

وفي السنة 277 قتل محمد بن عبدالله، من أمراء بني أمية بالأندلس ، وهو والد عبد الرحمن الناصر ، قتله أخوه المطرف . ( الأعلام 95/6 ).

وفي السنة 280 اغتيل خمارويه بن أحمد بن طولون صاحب مصر والشام ، اغتاله جماعة من مماليكه ، فأخذوا وقتلوا، وخلفه ولده جيش ، فوثب عليه الجند وقالوا له : لا نرضي بك أميرة ، فتنع عنا لنولي عمك نصرة ، فأحضر جيش عمه نصر، وعما آخر له ، وضرب أعناقهما ، ورمي برأسيهما إلي الجند ، فهجم الجند علي جيش ، وقتلوه ، وأقعدوا هارون بن خمارويه مكان أخيه . ( العيون والحدائق ج 4 ق 1 ص 133).

وروي صاحب كتاب المكافأة ( ص 182- 183) قصة مقتل الثلاثة من آل طولون، قال : لما توفي خمارويه ، بن أحمد بن طولون بدمشق ، خلفه ولده جيش ، فقبض بدمشق علي أعمامه ربيعة ومضر وشيبان أولاد أحمد بن طولون ، وحملهم معه إلي مصر، وحبسهم في حجرة من الميدان معه ، وأفردوا مضرة في حجرة أغلقت عليه أبوابها ، وأمر جيش أن لا يلقي إلي مضر طعام ، فأقام خمسة أيام لا يطعم ولا يستغيث ، ثم وافي ثلاثة من أصحاب جيش ، وفتحوا الباب علي مضر ، فوجدوه ما زال حيا ، فرموه بثلاثة أسهم في مقاتله ، فمات ، وبعد ثلاثة أيام فتح باب الحجرة ، وأدخل جيش محبوسة ، فإن هارون بن خمارويه ، استولي علي السلطان ، وحبس جيشا ، ثم بعث إليه خدمة من أصحابه فقتلوه ، وحكم هارون مصر ، حتي قدم

ص: 416

محمد بن سليمان يقود جيشأ عباسية ، فاحتل مصر ، وانفل جيش هارون . فدخل عليه عماه شيبان وعدي فقتلاه في السنة 292.

وفي السنة 283 بلغ المعتضد سوء سيرة إبراهيم بن أحمد، أمير إفريقية ، فكتب إليه يعنفه علي جوره وسوء عمله ، ويقول له : إن انتهيت عن أخلاقك هذه وإلا فسلم العمل الذي بيدك لابن عمك محمد بن زيادة الله ، فما كان من إبراهيم إلا أن بعث إلي محمد ، من قتله . ( الأعلام 366/6 ).

وفي السنة 289 قتل عبد الواحد بن أبي أحمد الموفق ، وكانت والدته ، قد وجهت معه ، لما أخذ إلي دار مؤنس ، داية له ، ففرق بينه وبين الداية ، فمكثت يومين أو ثلاثة ، ثم صرفت إلي منزل مولاتها ، فكانت والدة عبد الواحد ، إذا سألت عن خبره ، قيل لها : إنه في دار المكتفي ، وهو في عافية ، وكانت طامعة في حياته ، فلما مات المكتفي ، أيست منه ، وأقامت عليه مأتما ( الطبري 94/10 ).

وفي السنة 290 فتك زيادة الله بن أبي العباس عبدالله ، المعروف بابن الأغلب ، بأبيه، وكان أبوه قد ولاه إمارة صقلية، فأهمل إدارتها، فعزله، وسجنه، فدس لأبيه ثلاثة من خصيان الصقالية ، فقتلوه ، ونودي بزيادة الله ، أميرة علي إفريقية ، فكان أول ما بدأ به أن قتل الخصيان الثلاثة ، وفتك بمن قدر عليه من إخوته وأعمامه ، إذ أخرج من إخوته وأعمامه سبعة وعشرين رجلا ، إلي جزيرة في البحر اسمها جزيرة الكراث ، فقتلوا بها في رمضان ، وعاد إلي إهمال شؤون الملك ، وعظم أمر أبي عبدالله الشيعي ، فجمع زيادة الله ماله ، وأهله ، وفر من إفريقية في السنة 296، فنزل بمصر ، ثم قصد بغداد ، فمنعه المقتدر من الوصول إليها ، فعاد إلي مصر، ثم قصد بيت المقدس ، فمات بالرملة ( العيون والحدائق ج 4 ق 1 ص 195 والاعلام 94/3)

ص: 417

وفي السنة 294 قتل يوسف بن محمد بن أفلح ، سادس الأئمة الأباضيين بالجزائر ، قتله أبناء أخيه غيلة ( الأعلام 325/9 ).

وفي السنة 296 أراد قسم من القواد والقضاة ورجال الدولة ، أن يخلعوا المقتدر ، وأن يبايعوا ابن المعتز، وخافوا معارضة الوزير العباس بن الحسن ، فوثب به الحسين بن حمدان ، وآخرون معه ، فقتلوه ، وخلعوا المقتدر ، وبايعوا ابن المعتز ، ثم هاجم غلمان المقتدر، جماعة ابن المعتز، فانفلوا ، وتفرقوا، وعاد المقتدر إلي الخلافة ، وأخذ ابن المعتز فقتله ( الطبري 140/10 - 141).

وفي السنة 304 وثب احمد بن مسافر ، صاحب الطرم، علي ابن أخيه علي بن وهسودان ، بقزوين ، وكانت إلي علي أعمال الري ودنباوند وقزوين وأبهر وزنجان، فقتله أحمد علي فراشه ( ابن الأثير 103/8 ).

وفي السنة 327 حمل عبد الصمد بن المكتفي إلي دار الخلافة ، فذكر أنه كحل في ليلته، أي سملت عيناه ، وحمل إلي داره ميتا ( العيون والحدائق ج 4 ق 2 ص 79).

وفي السنة 339 في عيد الأضحي، أمر عبد الرحمن الناصر الأموي ، الخليفة بالأندلس ، فأحضر أمامه أحد أولاده ، واسمه عبد الله ، وكان قد تآمر علي أبيه ليحل محله ، ومعه اتباع له ، فأمر ولده أن يضطجع ، فاضطجع ، فذبحه بيده ، والتفت إلي خواصه ، وقال : هذا ضحيتي في العيد ، فليذبح كل منهم أضحيته ، فاقتسموا أصحاب عبدالله ، وذبحوهم . ( نفح الطيب 583/3 الأعلام 100/4 ).

وفي السنة 352 وثب أبو محمد بن الشاكر لله محمد بن الفتح ، علي أخيه المنتصر بالله ، صاحب سجلماسة ، وقتله. وتلقب بالمعتز بالله ( الأعلام 78/8)

ص: 418

وفي السنة 366 توفي الحكم المستنصر ، الخليفة المرواني بالأندلس ، وكان المرشح للخلافة من بعده أخوه المغيرة ، فتأمر عليه الحاجب المنصور بن أبي عامر ، والحاجب المصحفي ، وغالب مولي الحكم ، وفائق وجوذر من الفتيان المجابيب من رؤساء القواد ، واقتادوا المغيرة وقتلوه ، ونصبوا هشام بن الحكم خليفة ، ولقبوه بالمؤيد، وهو ابن تسع سنين ( نفح الطيب 396/1)

وفي السنة 372 وثب أبو الفرج محمد بن عمران بن شاهين ، علي أخيه الحسن بن عمران ، أمير البطيحة ، فقتله ، واستقر مكانه ، وكيفية تمكنه منه ، إن أختأ لهما مرضت، فقال أبو الفرج لأخيه الحسن : إن اختنا مشفية ، فلو عدتها، ففعل، وسارا اليها ، ورتب أبو الفرج في الدار نفر اليساعدوه علي قتله ، فلما دخل الحسن الدار ، تخلف عنه أصحابه ، ودخل أبو الفرج معه ، فلما خلا به ، جرد سيفه ، وقتله ، ثم صعد إلي السطح ، وأعلم العسكر بقتله ، ووعدهم الإحسان، فسكتوا ، وبذل لهم المال، فأقروه ، وكان متهورة جاهلا ( ابن الأثير 24-23/9).

وفي السنة 373 قتل أبو الفرج محمد بن عمران بن شاهين ، الذي أصبح أميرة للبطيحة بعد أن قتل أخاه الحسن في السنة 372 ، فإنه لما استقر في إمرة البطيحة ، قدم الجماعة الذين أعانوه علي قتل أخيه ، ووضع من حال مقدمي القواد ، فجمعهم المظفر بن علي الحاجب ، وهو أكبر القواد ، واتفق معهم علي قتله ، فقتله المظفر ، وأقعد مكانه أبا المعالي بن الحسن بن عمران ، وقتل كل من يخافه من القواد ، وكان أبو المعالي صغيرة ، فكان الحكم للمظفر الحاجب ، ثم طمع في الإستقلال بالبطيحة ، فأخرج أبا المعالي ووالدته إلي واسط ، وأجري عليهما جراية ، واستبد بالأمر ، وعهد إلي ابن أخته علي بن نصر الملقب بمهذب الدولة ، وانقرض حكم آل عمران بن شاهين ( ابن الأثير 30/9 -31).

ص: 419

وفي السنة 380 طمع باد الكردي ، صاحب ديار بكر ، في ملك الموصل ، فقصدها وكانت في يد أبي طاهر إبراهيم وأبي عبدالله الحسين ولدي ناصر الدولة الحمداني ، فاستعانا بأبي الذواد محمد بن المسيب أمير بني عقيل ، وبذلا له جزيرة ابن عمر ، وبلد ، ونصيبين ، فأعانهما، وحاربوا بادة وقتلوه، فطمع أبو الذواد في الموصل وحارب أبا طاهر الحمداني ، وأسره ، فقتله ، وقتل ولده علية ، والمزعفر أمير بني نمير، وملك الموصل وأعمالها ، وقد أورد ابن الأثير 66/9 - 74 هذه الحوادث متسلسلة قال : في السنة 379 كان أبو طاهر إبراهيم وأبو عبد الله الحسين ، ابنا ناصر الدولة الحمداني ، في خدمة شرف الدولة ببغداد ، فلما مات شرف الدولة ، وملك بهاء الدولة ، استأذناه في الإصعاد إلي الموصل ، فأذن لهما ، فأصعدا ، ثم ندم علي إذنه لهما ، فكتب إلي خواشاذه ، وكان يتولي الموصل ، أن يدفعهما عنها ، وكتب اليهما بأن يعودا ، فجدا في السير حتي نزلا بظاهر الموصل ، وثار أهل الموصل بالديلم والأتراك ، وخرجوا إلي بني حمدان ، وطردوا الديلم والأتراك من الموصل ، وتملك ولدا ناصر الدولة البلد ، وطمع باد الكردي ، صاحب ديار بكر في تملك الموصل، فقصدها، وحصرها ، فاستعان الحمدانيان، بأبي الذواد محمد بن المسيب أمير بني عقيل ، وبذلاله جزيرة ابن عمر ، ونصيبين ، وبلد ، فأعانهما، وحاربوا بادا وقتلوه في السنة 380، ولما قتل باد ، سار ابن أخته أبو علي بن مروان في طائفة من الجيش إلي حصن كيفا، وكانت به امرأة باد وأهله ، فأعلم زوجة باد بهلاكه ، وأطمعها في التزوج بها ، فوافقته ، واستولي علي مملكة باد بأجمعها ، وسار إلي ميا فارقين ، فقصده فيها أبو طاهر وأبو عبدالله الحمدانيان ، طمعا في ميافارقين ، واقتتلوا ، وظفر أبو علي ، وأسر أبا عبد الله بن حمدان ، فأكرمه ، وأحسن اليه، وأطلقه فسار إلي أخيه أبي طاهر، وهو بأمد يحصرها ، فأشار عليه بمصالحة ابن مروان ، فلم يفعل ، واضطر أبو عبد الله إلي موافقة أخيه ، وعادا لمحاربة أبي علي ، فواقعاه، فهزمهما ، وأسر أبا عبد الله ثانية ،

ص: 420

فأساء إليه ، وضيق عليه ، إلي أن كاتبه صاحب مصر ، وشفع فيه ، فأطلقه ، فمضي الي مصر ، وتقلد ولاية حلب ، وأقام بها إلي أن توقي ، وأما أبو طاهر ، فإنه لما وصل إلي نصيبين ، وكان في قلة، قصده أبو الذواد ، طمعأ في ملك الموصل ، فأسره وعلي ابنه ، والمزعفر أمير بني نمير ، وقتلهم صبرا ، وسار إلي الموصل فملكها وأعمالها، وأقام أبو علي بن مروان بديار بكر ، وأحسن إلي أهلها ، وألان جانبه لهم ، فطمع فيه أهل ميافارقين ، واستطالوا علي أصحابه، فأمسك عنهم إلي يوم العيد ، فخرجوا إلي المصلي في الصحراء ، فلما تكاملوا خارج البلد ، أخذ أبا الصقر شيخ البلد ، وألقاه من أعلي السور ، وقبض علي من كان معه ، وأغلق أبواب البلد ، وأمر أهله أن ينصرفوا حيث شاءوا ، فذهبوا كل مذهب ، وكان أبو علي قد تزوج ست الناس بنت سعد الدولة بن سيف الدولة الحمداني ، فجاءت إليه من حلب فعزم علي زفافها بأمد ، وخشي شيخ البلد ، واسمه عبد البر أن يصنع بهم ما صنع بأهل ميافارقين ، فاتفق مع جماعة من أهل البلد علي أن يقفوا له في الدركاه ، وينثروا عليه الدراهم في وجهه ، فإذا غطي وجهه بكمه ، ضربوه بالسكاكين ، ففعلوا ذلك به ، وتولي قتله إنسان منهم يقال له ابن دمنة ، كان فيه إقدام وجرأة، فاختبط أصحاب أبي علي ، فرمي برأسه اليهم ، فأسرعوا السير إلي ميافارقين ، وحدثتهم أنفسهم بتملك البلد ، فاستراب بهم مستحفظ البلد لإسراعهم ، وقال لهم : إن كان الأمير حيا فأدخلوا معه ، وإن كان قد قتل فأخوه يستحق أن يكون موضعه ، فما كان بأسرع من وصول ممهد الدولة أبو منصور بن مروان ، أخي أبي علي ، الي ميافارقين ، فدخل البلد وملكه ، وأما عبد البر ، شيخ بلد آمد ، فقد استولي علي آمد، وزوج ابن دمنة قاتل أبي علي، بإبنته ، وعمر البلد ، وأصلح أمره مع ممهد الدولة ، وهادي ملك الروم ، وصاحب مصر ، وغيرهما من الملوك ، أما ممهد الدولة ، أبو منصور بن مروان ، فقد كان معه إنسان من أصحابه اسمه شروة ، وكان حاكما في ملك ابن مروان ، وكان لشروة غلام قد ولاه الشرطة ، وكان ممهد الدولة

ص: 421

يبغضه ، ويريد قتله ، ففطن الغلام لذلك . فأفسد ما بينهما ، فعمل شروة طعامة بقلعة الهتاخ، وهي إقطاعه، ودعا إليها ممهد الدولة، فلما حضر عنده ، قتله في السنة 402 ، وخرج من الدار ، فقبض علي بني عم ممهد الدولة ، وقيدهم ، وأظهر أن ذلك بأمر من ممهد الدولة ، ومضي إلي ميافارقين ، وبين يديه المشاعل ، ففتحوا له الأبواب ظانين إنه ممهد الدولة ، فملك ميافارقين وكتب إلي أصحاب القلاع يستدعيهم، وأنفذ إلي أرزن ليحضر متوليها، واسمه خواجه أبو القاسم ، فسار خواجه إلي ميافارقين ، ولم يسلم القلعة إلي الرسول ، فلما توسط الطريق ، سمع بقتل ممهد الدولة ، فعاد إلي أرزن ، وأرسل إلي سعرد ، فأحضر أبا نصر بن مروان أخا ممهد الدولة ، وكان أخوه قد ابعده عنه ، فأخذه خواجه إلي أرزن ، وكان شروة قد بعث لإحضار أبي نصر هذا ، فلما وجده قد سار إلي أرزن ، علم أن أمره قد انتقض ، وكان مروان ، والد ممهد الدولة ، قد اضر، وهو بأرزن عند قبر ولده أبي علي ، هو وزوجته، فأحضر خواجه أبا نصر بن مروان عندهما، وحلفه علي القبول منه ، والعدل ، وملكه أرزن ، ثم ملك سائر ديار بكر ، فدامت أيامه وأحسن السيرة ، وكان مقصدأ للعلماء من سائر الآفاق، واستمر كذلك إلي السنة 453 حيث توفي عن نيف وثمانين سنة، وكانت الثغور معه آمنة ، وسيرته في رعيته أحسن سيرة ( ابن الأثير 66/9 - 74).

وفي السنة 387 مرض فخر الدولة ، صاحب الري ، واشفي علي الهلاك ، وكان ابن اخيه ، أبو الحسين أحمد بن عضد الدولة معتقلا في حبسه، فبعث إليه من قتله في الحبس ( الاعلام 187/1 ).

أقول : لما توقي عضد الدولة في السنة 372 وخلفه ولده صمصام الدولة ، قبض علي أخيه أبي الحسين احمد، ووكل به « أي سجنه »، وكانت أم أبي الحسين بنت ملك الديلم ، فخشيها صمصام الدولة ، وأطلق أخاه ، وخلع عليه ، وولاه شيراز وأعمالها ، فلما وصل إلي الأهواز ملكها ، وتلقب

ص: 422

بتاج الدولة ، وأعلن سلطنته ، فجرد إليه صمصام الدولة جيشا ، فدحره أحمد، وقصد البصرة فملكها ، ورتب بها أخاه أبا طاهر ، ولقبه ضياء الدولة ، واستمر ثلاث سنين ، ثم قصد إصبهان، فاعتقله شرف الدولة أبو الفوارس أخوه ، وحمله إلي قلعة في بعض نواحي شيراز ( ذيل تجارب الأمم 80 -78)

وفي السنة 388 خرج أبو نصر بن بختيار البويهي ، علي صمصام الدولة بن عضد الدولة ، وقتله ، ولما أحضر رأسه أمام أبي نصر، وقد وضع في طست ، قال أبو نصر يخاطب صمصام الدولة : هذه سنة ستها أبوك ( المنتظم 204/7 ).

أقول : كان معز الدولة صاحب العراق ، ولما مات خلفه ولده بختيار فطمع عضد الدولة في ملكه ، وقصده، وحاربه ، وقتله في السنة 367.

وفي السنة 400 قتل أبو المطرف محمد بن هشام بن عبد الجبار بن عبد الرحمن الناصر الأموي ، الملقب بالمهدي ، وكان قد استعان بجيش من البربر ، وأعلن خلافته بقرطبة وخلع هشام المؤيد، وحارب الحاجب عبد الرحمن بن المنصور بن أبي عامر ، ونهب الزهراء ، وخربها ، ونهب دور بني عامر ، وبعث حاجبه ، فقتل الحاجب عبد الرحمن بن أبي عامر ، الملقب : شنشول ( معرب Sanchuelo ، أي سانكو الصغير، اسم اسباني ، كانت تناديه به للتحبب ، أمه الأميرة القوطية ) ، ولما قتله ، قطع رأسه ، ونودي عليه : هذا شنشول المأبون ، ثم أن المهدي احضر شخصأ، فقصده ، حتي نزف ومات ، وأدعي أنه هشام المؤيد ودفنه ، ثم أراد أن يستأصل البربر، وهم جنده ، فانتقضوا عليه ، وقتلوا وزيريه محمد بن دري ، وخلف بن طريف ، وبايعوا هشام بن سليمان بن الناصر لدين الله ، ونشبت بين هشام هذا وبين المهدي معركة ، كان النصر فيها للمهدي فاخذ هشاما واخاه وقتلهم صبرا وقتل اثني عشر

ص: 423

ألفا من البربر ، فانحاز البربر إلي قلعة رباح ، وبايعوا سليمان بن الحكم ، ولقبوه المستعين بالله ، فاحتل طليطلة ، وقتل واليها، ثم هاجم قرطبة ، واستولي عليها ، ففر المهدي إلي طليطلة ، واستعان بالإفرنج ، وعاد المهاجمة قرطبة ، فانكسر، وأسر، فقطعت أربعته، ثم ضربت عنقه ( الوافي بالوفيات163/5 - 165)، وتولي المستعين الحكم في قرطبة، حتي السنة 407 حيث قتل ، واستولي العلويون بنو حمود علي قرطبة ( نفح الطيب 430/1 )، وفي السنة 409 قام بشرق الأندلس المرتضي عبد الرحمن بن محمد ، من أحفاد الناصر ، وهاجم غرناطة ، فانكسر ، وقتل ( نفح الطيب 485/1 ) وفي السنة 412 علي أثر معركة بين القاسم بن حمود ، صاحب قرطبة ، وبين ابن أخيه يحيي بن علي بن حمود ، صاحب سبتة ، أنكسر القاسم ، وأسره ابن أخيه يحيي ، وأبقاه عنده محبوسا حتي قتله خنقأ في السنة 27، وهو في محبسه ( نفح الطيب 486/1 - 488) ، وفي السنة 414 بويع بقرطبة عبد الرحمن بن هشام بن عبد الجبار الأموي، ولقب بالمستظهر ( نفح الطيب 436/1 )، وبعد شهرين ثار محمد بن عبد الرحمن ، حفيد الناصر الأموي ، فقتل المستظهر ، وتلقب بالمستكفي ، وهو والد ولادة الشهيرة، وخلع بعد ستة عشر شهرا ، في السنة 416 ( نفح الطيب 437/1 ) وعادت قرطبة إلي حكم العلويين بني حمود ( نفح الطيب 432/1 ) وفي السنة 418 بايع أهل قرطبة هشام بن محمد أخا المرتضي ، ولقبوه بالمعتد بالله ، ولكنه خلع في السنة 422، وانتقل الحكم إلي ملوك الطوائف ( نفح الطيب 438/1)

وفي السنة 407 دخل علي بن حمود الإدريسي، أول ملوك الدولة الحمودية قرطبة ، وقبض علي سليمان بن الحكم ، وعلي أبيه الحكم بن سليمان بن الناصر ، فقتلهما في يوم واحد، وأعلن خلافته ، ولقب بالناصر الدين الله ( الاعلام 94/5 ).

ص: 424

وفي السنة 408 مرض مهذب الدولة صاحب البطيحة ، فأراد ابن أخته ، أبو محمد عبدالله بن بني أن يحل محله إذا مات، فأغري الجند وأطمعهم في أن يعتقلوا ابن مهذب الدولة ، أبا الحسين أحمد ، لئلا يبقي له منافس ، فاعتقلوه ، ولما مات مهذب الدولة تأمر أبو محمد ، فأحضر أبا الحسين احمد ، وأمر بضربه ، فضرب ضربا شديدا مات منه بعد ثلاثة أيام من موت أبيه ، ولم يتمل أبو محمد بالحكم ، إذ مات بالذبحة بعد شهرين ( ابن الأثير 303-302/9)

وفي السنة 412 مرض صدقة ، صاحب البطيحة ، فقصدها أبو الهيجاء محمد بن عمران بن شاهين ليملكها ، فسمع به صدقة ، وهو مريض ، فسير إليه جيشا ، فقاتلوه ، فانهزم أبو الهيجاء ، وأسر ، فقتله سابور بن المرزبان بن مروان بيده ، ولما مات صدقة ، خلفه سابور ( ابن الأثير 324/9 ) .

وفي السنة 421 توفي يمين الدولة محمود بن سبكتكين ، وأوصي بالملك لولده محمد ، وكان أصغر من مسعود ، فبويع محمد ، وكان أخوه مسعود بإصبهان ، فكاتب أصحاب محمد ، فسعي علي خويشاوند ، حاجب محمود ، في خذلان محمد ، وأعانه علي ذلك يوسف بن سبكتكين ، عم محمد ، فقبضا علي محمد، وناديا بشعار أخيه مسعود ، وحبسا محمد في قلعة تكنباذ ، فلما تسلطن مسعود ، كان أول ما صنعه أن قتل الحاجب عليا ، ثم قبض علي عمه يوسف أيضأ ، وسمل عين أخيه محمد فأعماه ، وفي السنة 432 خرج عليه بعض القواد ، وأعادوا أخاه محمدا إلي السلطنة ، وحصروا مسعود في قلعة، فاستسلم ، فقال له أخوه محمد : والله ، لا أقابلك علي فعلك بي ، ولا أعاملك إلا بالجميل ، فانظر أين تريد أن تقيم، حتي أحملك إليه ، ومعك أولادك وحرمك ، فاختار قلعة كيكي ، فأنفذه إليها محفوظا، وأمر بإكرامه ، وصيانته ، ثم ألح احمد بن السلطان محمد، علي قتل عمه مسعود ، فقتل ، وألقي في بئر ، وسد رأسها ، وقيل إنه ألقي فيها

ص: 425

حيا، وسد رأسها فمات ، وثأر مودود بن مسعود لموت أبيه ، فقام علي رأس جيش إلي غزنة ، وتصاف هو وعمه محمد ، فظفر مودود ، وانهزم محمد، ووقع أسيرة في يد مودود ، هو وولده أحمد ، فقتل مودود عمه محمد ، وابن عمه أحمد، وكثيرا من قواده وحاشيته ( ابن الأثير 398/9-400-484-488)

وفي السنة 432 توفي قدرخان ، صاحب بخاري ، وخلف ثلاثة بنين ، أرسلان خان ، وبغراخان، وآخر ، فقدم أرسلان خان ، وحارب أخاه بغراخان ليأخذ مملكته ، فوقع أرسلان خان أسيرة في يد بغراخان ، فأودعه الحبس، ثم إن بغراخان عهد بالملك إلي ولده الأكبر حسين جغري تكين ، وجعله ولي عهده ، وكان لبغراخان امرأة لها منه ولد صغير ، فغاظها ذلك ، فعمدت إلي سم فسمت به حسين جغري وعدة من أهله ، فماتوا ، وخنقت أرسلان خان وهو في السجن ، وذلك في السنة 439 وقتلت وجوه أصحاب حسين جغري ، وملكت ولدها، واسمه إبراهيم ، وسيرته في جيش إلي مدينة تسمي بر سخان ، صاحبها يعرف بينالتكين ، فظفر به پنالتكين ، وقتله ، وانهزم عسكره ( ابن الأثير 298/9 -299).

وفي السنة 426 وثب الحسن بن أبي البركات بن ثمال الخفاجي ، بعمه علي بن ثمال ، أمير بني خفاجة، فقتله ، وحل، محله في إمارة بني خفاجة ( ابن الأثير 444/9 ).

وفي السنة 431 قتل القاسم بن حمود العلوي ، في الحبس ، قتله ابن أخيه إدريس بن علي بن حمود ، وكان القاسم بن حمود قد ملك قرطبة بمعونة البربر ، فحاربه أهل قرطبة ، وهزموا البربر هزيمة منكرة ، فسار القاسم عنها إلي إشبيلية ، فمنعه اهلها من دخولها ، فنزل بشريش ، فزحف إليه يحيي ابن أخيه علي بن حمود ، فأخذه أسيرا ، وحبسه ، وبقي في حبسه حتي توفي يحيي ، وملك أخوه إدريس فقتل عمه القاسم في الحبس بعد أن ظل محبوسا ست عشرة سنة ، وكان قتله في السنة 431 ( ابن الأثير 273/9 -276).

ص: 426

ولما توفي ابو القاسم بن مكرم ، صاحب عمان ، خلف بنين أربعة ، فخلفه أكبرهم أبو الجيش ، ثم أحس أبو الجيش أن أخاه المهذب يتآمر عليه ، فاعتقله ، ووضع عليه من خنقه ، وألقي جثته في منخفض من الأرض ، وأظهر إنه سقط فمات ، ثم مات أبو الجيش بعد ذلك بيسير ( ابن الأثير 469/9 ).

وفي السنة 432 كان يحيي بن إدريس ، قد خلف أباه بمالقة ، يسنده ابن بقية ، وهو أبو جعفر أحمد بن أبي موسي، فسار إليه من سبتة الحسن بن يحيي بن علي بن حمود ، ومعه نجا الصقلبي ، فهرب ابن بقية ، فاحتالا عليه حتي حضر، فقتلاه، وقتلا يحيي بن إدريس، واستمر الحسن بن يحيي في الحكم نحوا من سنتين ، وتلقب بالمستنصر ، ومات في السنة 434 فقيل إن زوجته ابنة عمه إدريس ، سمته اسفا علي أخيها يحيي ، ولما مات الحسن المستنصر، أراد نجا الصقلبي ، أن يزيل حكم بني حمود ، فقتله البربر ، وأخرجوا إدريس بن يحيي، وبايعوه بالخلافة ، ولقبعه العالي ( ابن الأثير 280/9 -281).

وفي السنة 437 قتل عيسي بن موسي الهدباني ، صاحب إربل ، وكان خرج إلي الصيد ، فقتله ابنا أخ له ، وسارا إلي قلعة إربل فملكاها ، وكان سلار بن موسي ، أخو المقتول ، عند قرواش بن المقلد ، فسار قرواش مع السلار إلي إربل ، فملكها ، وسلمها إلي السلار، وعاد إلي الموصل ( ابن الأثير 531/9 ).

وفي السنة 446 توقي القائد بن حماد، وأوصي ولده محسن ، بالإحسان إلي عمومته فخالف أمره ، وقتل أربعة من عمومته ، وكتب محسن إلي ابن عمه بلكين بن محمد يستدعيه ، فلما قرب منه ، أمر رجالا من العرب

ص: 427

أن يقتلوه ، فلما خرجوا قال لهم أميرهم خليفة بن مكن : إن بلكين لم يزل محسنا إلينا فكيف نقتله ، وأعلموه بما أمرهم به محسن ، وقالوا له : إن كنت تريد قتل محسن فنحن نقتله لك ، فاستعذ بلكين للقاء محسن، وسار اليه ، فلجأ محسن الي قلعته، فأدركه بلكين، وملك القلعة، وقتل محسنا ، وكان ذلك في السنة 447 ( ابن الأثير 600/9 و 601).

وفي السنة 447 قتل أبو حرب سليمان بن نصر الدولة بن مروان ، صاحب الجزيرة ونواحيها ، وكان شجاعة مقداما ، فجري بينه وبين الأمير موسك ابن المجلي نفرة ، ثم راسله أبو حرب ، واستماله ، وزوجه ابنة الأمير أبي طاهر البشنوي ، صاحب قلعة فتك ، وأبو طاهر هذا ابن أخت نصر الدولة بن مروان ، فاطمأن موسك من أبي حرب ، وسار إليه ، فغدر به أبو حرب وقتله ، وأظهر انه قد توفي ، فغضب أبو طاهر البشنوي ، وأرسل الي خاله نصر الدولة ، وإلي ولده أبي حرب يقول : حيث أردتما قتله ، فلماذا جعلتما ابنتي سبيلا إلي ذلك ، وقلدتماني ثوب العار ؟ وتنكر لهما، فخافه أبو حرب ، فوضع عليه من سقاه سما فقتله ، وولي بعده ابنه عبيدالله ، فأظهر أبو حرب له المودة استصلاحأ له ، وتبرؤ مما قيل عنه ، واستقر الأمر بينهما علي الإجتماع وتجديد الإيمان ، وخرج إليه أبو حرب في نفر قليل، فقتله عبيد الله ( ابن الأثير 606/9 - 607).

وفي السنة 449 قتل المعتضد بن عباد صاحب اشبيلية، ولده الأكبر إسماعيل ، الملقب بالمؤيد ، إذ دبر اسماعيل مؤامرة أراد بها قتل أبيه ، ليحل محله في الحكم ، وتسور سور القصر مع جماعة من أتباعه، فقاومهم الحرس ، وهرب أصحاب اسماعيل ، وقبض علي بعضهم ، فأقروا، واعتقل المعتضد ولده اسماعيل ثم ضرب عنقه ( المعجب في إخبار المغرب 153).

ولما توفي دوناس بن حمامة المغراوي ، أمير فاس ، في السنة 452 اقتسم المملكة ولداه : الفتوح ، له عدوة الأندلس من مدينة فاس ،

ص: 428

وعجيسة ، له عدوة القرويين ، ثم نشبت بينهما المعارك ، وظفر الفتوح بأخيه ، فقتله . ( الاعلام 335/5 ).

وفي السنة 475 هلك أحمد بن سليمان بن محمد بن هود ، الملقب بالمقتدر بالله ، من ملوك الطوائف بالأندلس ، وكان أبوه قد قسم مملكته علي أولاده الخمسة ، وكانت حصته سرقسطه ، فلما توفي الأب احتال أحمد علي ثلاثة من أخوته ، فأخرجهم من ممالكهم ، واعتقلهم وسمل بعضهم ( الاعلام 129 -128/1)

وفي السنة 488 تملك الأمير رضوان السلجوقي ، دمشق ، بعد مقتل أبيه الأمير تتش ، فقتل أخويه أبا طالب ، وبهرام ، وقتل خواص أبيه ، وتوفي سنة 507 وكان قبيح السيرة ( النجوم الزاهرة 205/5 ).

وفي السنة 489 زحف أمير المسلمين ، يوسف بن تاشفين ، من المغرب ، إلي الأندلس ، فحصر بطليوس ، واستولي عليها ، وأسر ملكها المتوكل عمر ، وولديه الأفضل والعباس ، وقتلهم يوم عيد الأضحي ، وفي رثائهم نظم ابن عبدون ، قصيدته المشهورة التي مطلعها : ( الأعلام 221/5 ۔ 222)

الدهر يفجع بعد العين بالأثر**** فما البكاء علي الأشباح والصور

وفي السنة 489 قتل يوسف بن أبق ، أحد الأمراء بحلب ، قتله أحد أهالي حلب ، واسمه المجن، رئيس الأحداث بها ، فلما قتله أراد أن يسيطر علي حلب ، فلم يوفق ، وأخذه الملك رضوان ، وعذبه، ثم قتله هو وأولاده ، ( ابن الأثير 255/10 - 256).

وفي السنة 500 توقي عبد العزيز بن عبد الحق ، من بني خراسان ، صاحب تونس ، فخلفه ولده أحمد، فقتل عمه اسماعيل ، وكان مرشحا للإمارة قبله، ونفي جماعة من أهل تونس وأشياخها ( الأعلام 146/1 ).

ص: 429

وفي السنة507 توفي صاحب حلب ، الملك رضوان بن تاج الدولة تتش بن ألب أرسلان ، وقام بعده ولده تاج الدولة ألب ارسلان الأخرس ، ولم يكن أخرس ، وإنما كانت في لسانه حبسة وتمتمة ، ومما يذكر إن الملك رضوان المتوفي، كان قد قتل اخويه أبا طالب وبهرام ، فلما ملك ولده الأخرس ، قتل كذلك أخوين له ، أحدهما شقيقه واسمه ملكشاه ، والثاني أخوه من أبيه ، واسمه مبارك شاه ، وكان ألب أرسلان الأخرس قد ملك وهو ابن 16 سنة ، وكان يدبر ملكه البابا لؤلؤ ، فلما رأي سوء سيرته ، قتله البابا ، وولي أخا له طفلا ، وذلك في السنة 508 ( ابن الأثير 499/10 - 508) والوافي بالوفيات350/9 ).

وفي السنة 508 توفي الملك علاء الدولة أبو سعد مسعود بن إبراهيم بن مسعود بن محمود بن سبكتكين ، وخلفه ولده ارسلان شاه ، فقبض علي أخوته ، وقتل بعضهم ، وسمل أعين بعضهم ، من غير خروج منهم عن الطاعة ، وفر احد أخوته واسمه بهرام ، والتجأ إلي السلطان سنجر السلجوقي ، فأرسل إلي أرسلان شاه في معناه ، فلم يلتفت إليه ، فتجهز في جيش وقصده ، فلاقاه أرسلان شاه في ثلاثين ألف فارس ، وخلق كثير من الرجالة ، ومعه مائة وعشرون فيلا ، فانكسر جيش الغرنوي ، ودخل سنجر غزنة ، وسلطن بهرام شاه ، وعاد عنه ، فكر أرسلان شاه علي أخيه بهرام ، وحاربه ، فظفر بهرام بأخيه أرسلان شاه ، فخنقه ، ودفنه بغزنة ، وكان سن أرسلان شاه إذ ذاك 27 سنة ( ابن الأثير 404/10 -507).

وفي السنة 524 فتح السلطان سنجر السلجوقي مدينة سمرقند ، وسبب ذلك إنه كان قد نصب في سمرقند أرسلان خان محمد أميرة من قبله ، فأصيب بفالج، فاستناب بها ولده نصرة ، فاتفق علوي في سمرقند مع رئيس البلد ، وقتلا نصرة ، فقصد أرسلان خان سمرقند، وقتل العلوي ، وكاتب السلطان سنجر يطلب عونه ، فقصد السلطان سنجر سمرقند ، فوجد في

ص: 430

طريقه اثني عشرة رجلا في السلاح التام ، فقبض عليهم ، وحقق معهم ، فاعترفوا بأن أرسلان خان محمد بعث بهم لقتل السلطان سنجر ، فقتلهم ، وسار إلي سمرقند فملكها ، ونزل إليه أرسلان محمد بالأمان ، فأمنه ، وبعث به إلي ابنته زوجة السلطان سنجر ، فبقي عندها إلي أن مات ، وتملك سمرقند محمد بن أرسلان محمد ( ابن الأثير 661/10 - 662).

وفي السنة 526 توقي الأمير تاج الملوك بوري ، صاحب دمشق ، وخلفه ولده شمس الملوك اسماعيل ، فسار أول الأمر سيرة حسنة ، ثم ساعت سيرته ، وفي السنة 527 اتهم أخاه سونج، بأنه يتآمر عليه ، فقتله ، وقتل معه جماعة ، وفي السنة 529 أراد أن يقتل والدته ، فبلغها ذلك ، وشكا وجوه الدولة إلي والدته ، وهي الخاتون صفوة الملك ، فأوصت غلمانها بقتله ، فقتلوه، وأجلست مكانه أخاه ( ابن الأثير 9/11-209- 21 ووفيات الأعيان 299/1 وخطط الشام 8/2 و9).

وفي السنة 540 قتل الفقيه محمد بن عبد الله الخشي ، صاحب مرسية ، أجمع عليه أهلها فأمروه عليهم ، وتلقب بالناصر لدين الله ، في السنة 539 ، وخرج غازية إلي غرناطة ، يقاتل الملثمين ، فنشبت بينهم معركة ، فقتل فيها قريبا من غرناطة ( الاعلام 106/7 ).

وفي السنة 544 غدر عبد الله بن عبد العزيز بن اسماعيل ، بعمه أبي بكر بن اسماعيل ، أمير بنزرت بتونس ، وقتله ، وزعم أنه توفي غرقا . ( الاعلام 36/2 ).

وفي السنة 544 استعاد بهرام شاه غزنة ، من ملك الغور سوري بن الحسين ، وأسر سوري وصلبه ، وسبب ذلك . إن محمد بن الحسين ملك الغور ، كان قد صاهر بهرام شاه الغرنوي ، وقصد غزنة ليزور صهره ، فآتهمه بهرام ، وأخذه ، وسجنه ، ثم قتله ، فملك بعده أخوه سام ، ومات

ص: 431

بالجدري ، فملك بعده أخوه سوري ، وقصد غزنة ، ليثأر لأخيه ، واستولي عليها في السنة 543 ، وفر بهرام إلي الهند ، فجمع جمعة ، وعاد إلي غزنة ، وحارب سوري ، فاستولي علي غزنة ، وأسر سوري ، وصلبه ( ابن الأثير 135/11 و136 ) .

وفي السنة 548 قتل الملك العادل بن السلار، وزير الظافر الفاطمي ، غيلة ، قتله ابن امرأته ، وتولي الوزارة مكانه . (الاعتبار 18).

وفي السنة 551 دخل المظفر بن حماد بن أبي الجبر ، صاحب البطيحة الحمام ، فهجم عليه أحد أقربائه وأسمه يعيش بن فضل بن أبي الجبر ، وقتله ، طمعا في موضعه ، فلم ينل مراده ، وحل ولد المظفر في مكانه . ( ابن الأثير 217/11 المنتظم 168/10 ).

أقول : المظفر بن حماد بن أبي الجبر ، كان قد استولي علي البطيحة ، بعد أن فتك بقريبه الأمير نصر بن مهذب الدولة ، وكما تدين تدان . راجع ترجمة المظفر في خريدة القصر ج 44 م 2 ص 529 - 531.

وفي السنة 551 مات خوارزم شاه آتسز ، وخلفه ولده أرسلان ، فبدأ ملكه ، بأن قتل نفرا من أعمامه ، وسمل أخأ من إخوانه . ( الكامل لابن الأثير 209/11 ).

وفي السنة 580 مات قطب الدين ايلغازي ، صاحب ماردين ، وخلفه ولده حسام الدين بولق ، وهو طفل ، وقام بتدبير المملكة نظام الدين ألبقش ، مملوك قطب الدين ، يعاونه في التدبير مملوك له اسمه لؤلؤ ، ومات حسام الدين صغيرة ، فنصب نظام الدين مكانه ، أخا له طفلا لقبه قطب الدين ، فاستمر الحكم النظام الدين إلي السنة 601 فمرض نظام الدين ، فزاره قطب الدين عائدة ، فلما خرج من عنده ، خرج معه لؤلؤ مشيعة له ، فضربه قطب الدين بسكين ، فقتله ، ثم دخل إلي نظام الدين ، فقتله أيضا ، وألقي الرأسين إلي الأجناد ( ابن الأثير 508/11 و 509 ).

ص: 432

وفي السنة 583 بلغ السلطان أبا يوسف الموحدي . أن أخاه عمر الملقب بالرشيد ، الأمير بمرسية ، وعمه أبو الربيع سليمان ، الأمير بتادلا من بلاد صنهاجة ، يطمعان في الحلول محله ، فقبض عليهما ، وقتلهما ( المعجب للمراكشي 352 - 354) .

وفي السنة 584 تأمر إخوة قطب الدين عيسي ، صاحب تكريت ، وغدروا به ، فقتلوه خنقا ، وملكوا تكريت ، ثم اختلفوا ، فباعها المقدم منهم للناصر العباسي . ( وفيات الأعيان 498/3 - 500 ).

وفي السنة 586 مرض السلطان أبو يوسف الموحدي ، فطمع أخوه أبو يحيي زكريا ، في الحلول محله ، وكلم أشياخ الجزيرة في ذلك ، أي جزيرة الأندلس ، فلما أفاق أبو يوسف ، قبض علي أخيه أبي يحيي ، وأجري له محاكمة علنية ، ثم أمر أخاه لأبيه عبد الرحمن بن يوسف ، فقطع عنقه بالسيف . ( المعجب للمراكشي 357 و 358).

وفي السنة 588 توفي الملك قلج ارسلان السلجوقي ، بمدينة قونيه ، وكان قد قسم مملكته بين أولاده في حياته ، فستم دوقاط لابنه ركن الدين سليمان ، وسلم قونيه لولده كيخسرو غياث الدين ، وسلم أنقرة لولده محيي الدين ، وسلم ملطية ألي ولده معز الدين قيصر شاه ، وسلم ابلستين إلي ولده مغيث الدين ، وسلم قيسارية إلي ولده نور الدين محمود ، وستم سيواس وأقصرا إلي ولده قطب الدين ، وسلم نكسار إلي ولد آخر له ، وسلم أماسيا إلي ولد أخيه ، ثم إنه ندم علي ذلك ، وأراد أن يجمع الجميع لولده قطب الدين ، وهو الأكبر ، وخطب له ابنة السلطان صلاح الدين ، ليقوي بذلك ، فأمتنع باقي أولاده عليه ، وتوفي قلج ارسلان ، وهو محاصر ولده محمود بقيسارية ، وكان قطب الدين صاحب أقصرا وسيواس ، أراد أن يسير من إحدي

ص: 433

مدينتيه إلي الأخري ، وجعل طريقه علي قيسارية وبها أخوه نور الدين محمود ، وليست علي طريقه ، إنما كان يقصدها ليظهر لأخيه المودة والمحبة ، وفي نفسه الغدر ، فكان أخوه محمود يقصده ويجتمع به ، ففي إحدي المرات نزل بظاهر البلد علي عادته ، وحضر عنده أخوه نور الدين محمود ، غير محتاط ، فقتله أخوه قطب الدين ، وقتل معه الأمير حسن ، وكان من خيار الأمراء ، وألقاه علي الطريق ، فأكلت الكلاب من لحمه ، ثم مرض قطب الدين ، وهلك ، فسار أخوه ركن الدين سليمان ، إلي بلاد أخيه قطب الدين وملكها ، وملك ما يعود لإخوته الباقين ، ما عدا أنقرة ، فإنه حصرها ثلاث سنين متوالية ، وتسلمها في السنة 601 ووضع علي صاحبها أخيه محي الدين من يقتله إذا فارقها، فلما نزل منها قتل، وهلك ركن الدين في تلك الأيام ، قبل أن يصل إليه خبر قتل أخيه محيي الدين ( ابن الأثير 90-87/12)

وفي السنة 589 قتل سيف الدين بكتمر ، صاحب خلاط ، قتله صهره علي ابنته هزار ديناري ، طمعا في أن يحل محله ، فملك من بعده ، وكان بكتمر قد أظهر الشماتة بموت السلطان صلاح الدين الأيوبي ، وفرح بموته ، وعمل لنفسه عرشأ جلس عليه ، وأبدل اسمه من بكتمر ، فسمي نفسه عبد العزيز ، وغير لقبه من سيف الدين ، فأصبح صلاح الدين ، وكان بين موت صلاح الدين ، وقتل بكتمر شهرين اثنين ( ابن الأثير 102/12 و103).

وفي السنة 602 قتل سنجر بن مقلد بن سليمان بن مهارش ، أمير عبادة بالعراق ، قتله إخوته ، وسبب ذلك ، إنه سعي بأبيه مقلد إلي الخليفة الناصر ، فأمر بالتوكيل به ، وبقي الأب مدة موك به ، ثم أطلقه ، فقتل سنجر أحد إخوته ، فأوغر بهذه الأعمال صدور أهله وإخوته ، وركب سنجر في أحد الأيام ، مع إخوته وأصحابه ، فلما إنفرد عن أتباعه ، ضربه أخوه

ص: 434

علي بن مقلد بالسيف ، فسقط إلي الأرض ، فنزل إخوته إليه وقتلوه . ( ابن الأثير 241/12 ).

وفي السنة 605 قبل سنجر شاه بن غازي بن مودود ، صاحب جزيرة ابن عمر ، قتله ولده غازي ، بأن تسلق إلي دار أبيه ، واختفي عند بعض سواريه ، وتسلل إلي موضع مبيته لي، وضربه بالسكين أربع عشرة ضربة ، ثم ذبحه ، وتركه ملقي ، فخلفه ولده محمود ، وقبض علي أخيه غازي وقتله ، ( ابن الأثير 12/ 280 و281 ) .

وفي السنة 612 قتل السلطان جلال الدين علي بن سام الغوري ، صاحب باميان وطخارستان ، قتله خوازرم شاه ( معجم انساب الأسر الحاكمة 419)

أقول : ورد في معجم أنساب الأسر الحاكمة ص 421 إن خوارزم شاه قتل جلال الدين علي في السنة 608 وكان قد أسره في السنة 602 وهذان الخبران غير صحيحين ، فإن الذي أسر جلال الدين في السنة 602 إنما هو الأمير يلدز ( ألدز ) أحد مماليك الغوريين ، أسره بعد معركة حامية ، فأكرمه ، وأحترمه ، وأطلقه ، وقوده ، وزوجه ابنته ، أما خبر مقتله فلم يرد في ابن الأثير ولا في تاريخ أبي الفدا ، ولعل التاريخ المعين لمقتله في السنة 612 أقرب للحقيقة لأن خوارزم شاه في هذه السنة اجتاح المنطقة التي يحكمها الأمير يلدز ، واستولي علي غزنة وأعمالها من يلدز الذي فر منه إلي الهند حيث قتل في إحدي المعارك هناك ، راجع تاريخ أبي الفدا ( 107/3 و116 و 118) .

وفي السنة 616 توفي قطب الدين محمد بن زنكي ، صاحب سنجار ، فخلفه ابنه عماد الدين شاهنشاه ، وبعد شهور ، سار إلي تل أعفر ، فدخل عليه أخوه عمر بن محمد ، ومعه جماعة ، فقتلوه ، وملك أخوه عمر(ابن الأثير355/12 )

ص: 435

وفي تاريخ أبي الفداء أن الأخ القاتل اسمه محمود ( المختصر في تاريخ البشر 122/3 ).

وفي السنة 618 بعث أمير مكة ، قتادة بن إدريس العلوي ، ولده الحسن ، علي رأس جيش للاستيلاء علي المدينة ، فوثب الحسن بن قتادة ، وهو في الطريق ، علي عمه ، وكان معه في العسكر ، فقتله ، وعاد إلي أبيه بمكة ، فخنقه ، وكان الأب في التسعين من عمره ، ثم عمد الحسن إلي أخيه ، وكان نائبا عن أبيه بقلعة ينبع ، فأحضره إلي مكة ، وقتله أيضأ ، واستقر في ملك مكة ، بعد أن قتل أباه، وعمه وأخاه ( المختصر في تاريخ البشر 131/3 ) ولم يطل أمده في الإمارة ، فإن صاحب اليمن قصده في السنة 620 وطرده من مكة ( ابن الأثير 401/12 و402 و403).

وفي السنة 624 بويع للمعتصم يحيي بن محمد بن يعقوب الموحدي ، بعد أن خنق عمه العادل عبد الله بن يعقوب ، وفي السنة 626 هاجمه عمه الآخر المأمون إدريس بن يعقوب ، فانتصر ، وفر يحيي إلي الجبل ، ولكنه عاد في السنة 629 إلي مراكش ففتحها ، وكان عمه المأمون قد قتل في وادي العبيد ، وبويع لابنه عبد الواحد الملقب بالرشيد ، وهاجم الرشيد ابن عمه يحيي في مراكش ، في السنة 630 فانهزم يحيي ، ثم عاد بجيش من البربر ، فانتصر علي الرشيد ، وعلي من معه من الإفرنج ، واحتل مراكش في السنة 630، وفر الرشيد إلي سجلماسة ، ثم أعاد الكرة فهاجمه في السنة 633 ففر يحيي ، ولحق بعرب المعقل ، وقتل غيلة بفج عبد الله ، ما بين فاس وتازا في السنة 633. ( الاعلام 208/9 و209).

وفي السنة 634 قتل غيلة السلطان ركن الدين فيروز شاه ، سلطان دهلي ، بعد أن حكم سنة واحدة ، اغتالته رضية بكم ، وخلفته في الحكم ، بلقب جلالة الدين ( معجم أنساب الاسرات الحاكمة 422) .

ص: 436

وفي السنة 637 قتل الملك ناصر الدين أرتق ، صاحب ماردين ، خنقه ولده ، وهو سكران . ( النجوم الزاهرة 316/6 ).

وفي السنة 647 بويع للمستنصر أبي عبد الله محمد بن يحيي الهنتاتي ، من ملوك الدولة الحفصية بتونس ، فقتل عمين له ، وجماعة من الخوارج ، فتوطد ملكه وتوفي سنة 675 ( الاعلام 8/8 ).

وفي السنة 651 قتل الشريف أبو سعد، أمير مكة ، دخل عليه أولاد عمه إلي داره فقتلوه ، وكان الذي قتله حماد بن حسن ( العقود اللؤلؤية106/1)

وكان سلطان المغول مانكو بن تولوي (649 - 659) بدأ حكمه بتصفية أقاربه ، فأمر بوضعهم في أكياس مغلقة ، ورميهم تحت حوافر الخيل ، فهشمت عظامهم ، وقتل غيرهم برميهم بالحجارة ، ومع ذلك فقد كان بالقياس إلي من سبقه من سلاطين المغول أقلهم تعطشا للدماء ( علاقات بين الشرق والغرب 196 - 197).

وفي السنة 665 قتل شمس الملوك محمد بن أردشير ، سلطان مازندران ، قتله ابنه ( معجم انساب الأسر الحاكمة 287).

وفي السنة 665 قتل أبو حفص عمر بن اسحاق بن يوسف بن عبد المؤمن ، الملقب بالمرتضي ، من ملوك مراكش ، كان واليا برباط الفتح ، وبويع بمراكش في السنة 646 ، وفي أيامه استولي الأسبانيون علي إشبيلية بالأندلس ، واستفحل أمر بني مرين ، وخرج عليه ابن عمه أبو دبوس إدريس بن أبي عبد الله ، الملقب بالواثق بالله ، واستولي علي مراكش ، فاستر المرتضي ، فبعث إليه الواثق من قتله ( شذرات الذهب 320/5 والاعلام 198/5 ) .

وفي السنة 667 قتل في معركة بظاهر مراكش ، أبو العلاء إدريس بن

ص: 437

محمد، بن عمر بن عبد المؤمن ، الملقب بأبي دبوس ، آخر ملوك دولة الموحدين ، قتله زعيم بني مرين يعقوب بن عبد الحق ( شذرات الذهب 327/5 والاعلام 268/1 ).

وفي السنة 670 وثب أبو نمي محمد بن الحسن الحسني ، من أشراف مكة ، علي عم أبيه إدريس بن قتادة ، أمير مكة ، فقتله ، واستقر موضعه ( الاعلام 318/6 ).

وفي السنة 674 قتل إسحاق بن ابراهيم الموحدي ، آخر ملوك الموحدين بمراكش ، بايعه بقايا الموحدين ، وأقام بتنيملل ، إلي أن قبض عليه فيها مع جماعة من أصحابه ، وأحضروا أمام السلطان يعقوب بن عبد الحق المريني ، بمدينة فاس ، فأمر بهم ، فقتلوا بأجمعهم ( الاعلام 285/1)

وفي السنة 675 توفي صاحب تونس أبو عبد الله محمد بن يحيي بن عبد الواحد الهنتاتي ، وكان قد ملك تونس في السنة 647 خلفا لأبيه ، وقتل عميه وجماعة من الخوارج ، وكانت تزف إليه في كل ليلة جارية ( شذرات الذهب 349/5 ).

وفي السنة 678 وثب إبراهيم بن يحيي الحفصي ، بتونس ، بابن أخيه يحيي بن محمد بن يحيي ، الملقب بالواثق بالله ، فخلعه ، واعتقله ، وذبحه مع بنيه . ( الاعلام 210/9 ) .

وفي السنة 682 قتل أبو إسحاق إبراهيم بن يحيي بن عبد الواحد الحفصي ، الهنتاتي ، كان مقيما بالأندلس ، وبلغه موت أخيه المستنصر محمد بن يحيي أمير تونس وإفريقية ، ومبايعة ولده الواثق يحيي بن محمد ، فقدم وامتلك بجاية ، فتنازل له ابن أخيه عن الحكم ، فبويع أبو إسحاق في السنة 678 فاعتقل ابن أخيه الواثق، وقتله وقتل معه ثلاثة من بنيه ، ثم ثار

ص: 438

عليه أحمد بن مرزوق ابن أبي عماره، فتنازل أبو إسحاق عن الحكم لولده أبي فارس ، ونشبت معركة بين أحمد بن مرزوق ، وأبي فارس ، فقتل أبو فارس ، ففر أبو إسحاق ، ولكن أتباع أحمد ، أدركوه ، واعتقلوه ، فأمرهم بقتله ، فقتلوه . ( الاعلام 75/1 ).

وفي السنة 686 قتل الأمير كيخسرو بن الأمير محمد صاحب الملتان بن السلطان بلبان سلطان دهلي ، قتله ابن عمه الأمير كيقباد الذي تسلطن في السنة 686 باسم السلطان معز الدين ( معجم انساب الاسر الحاكمة 432 و 424) .

وفي السنة 694 اتفق جماعة من الأمراء والخواتين علي السلطان ايرنجين ( كيخاتو) وقتلوه ، وسلطنوا بدلا منه بايدو ، ودامت سلطنته ثمانية أشهر ، إذ حاربه غازان بن أرغون ، فمال الأمراء والعساكر إلي غازان ، وقتل بايدو ، وتسلطن غازان ، ودامت سلطنته ثماني سنوات ، وتوفي في السنة 703 ( تاريخ الغياثي 50 - 53 ).

وقص علينا ابن بطوطة ، في كتاب رحلته ، قصة فترة فظيعة ، من تاريخ الهند، (689 - 725 ) ، كان فيها التناحر في سبيل الإستئثار بالسلطان ، بالغ أقصي حدود الجنون ، فذكر أن السلطان جلال الدين الخلجي ( فيروز شاه ) ، كان نائبا للسلطان معز الدين ( كيقباد) الذي ولي الحكم سنة 686 ، فاغتال معز الدين ، واستولي علي الحكم ( في السنة 689) واستقام له الحكم سنين ( حتي السنة 694 ) ، فخرج عليه ابن أخيه ، واسمه علاء الدين ، وكان واليا علي مدينة كرا وما نكبور ونواحيها، فخرج جلال الدين لملاقاته وإصلاحه ، واجتمعا في وسط النهر بمدينة كرا ، فغدر علاء الدين بعمه ، وقتله ، وتسلطن باسم علاء الدين محمد شاه الخلجي ( في السنة 695 ) ودام ملكه عشرين سنة ( حتي السنة 715 ) ، وكان له أولاد خمسة ، هم خضرخان ، وشادي خان ، وأبو بكر خان ، وشهاب الدين

ص: 439

عمر خان ، وقطب الدين مبارك خان ، فاتفقت أم خضر خان ، مع أخيها الأمير سنجر ، أحد كبار الأمراء ، علي توليه ابنها خضر خان ، عند وفاة والده الذي كان مريضا ، وبلغ السلطان علاء الدين ذلك ، فقتل صهره سنجر ، واعتقل ولده خضر ، وسجنه في حصن كاليور ، ولما مات علاء الدين ، في السنة 715 خلفه وتده شهاب الدين عمر ، فأمر بسمل أعين أخويه أبي بكرخان وشادي خان وسجنهم في حصن كاليور ، وأمر بسمل عيني أخيه خضر خان أيضا ، فسمل ، واكتفي بسجن أخيه قطب الدين ولم يسمله ، فتآمر عليه قطب الدين مع بعض الأمراء ، واستولي علي الحكم في السنة 716 ) ، وخلع أخاه شهاب الدين عمر ، وقطع إصبعه ، وحبسه مع إخوته في سجن كاليور ، ثم بلغه أن بعض القواد يتآمرون علي خلعه ، ونصب ابن أخيه خضر خان ، وهو غلام في العاشرة ، فأخذ بيد الغلام ، وأمسك برجليه ، وظل يضرب برأسه الحجارة ، حتي نثر دماغه ، وأرسل أحد أمرائه إلي حصن كاليور ، وأمره بقتل إخوته جميعا . فقتلوا ، وكان مقتل خضر خان فاجعة ، حيث إنه سحب من احضان أمه إلي حيث لاقي مصرعه ، وحسب قطب الدين أنه استراح من الطامعين في الملك ، عندما قتل إخوته ، فسلط الله عليه أكبر امرائه ، وأسمه ناصر الدين خسروخان ، فاتفق مع آخرين أدخلهم علي السلطان ( في السنة 720 ) وقتلوه ، وتسلطن من بعده ، وأطاعه الأمراء كافة ، إلا تغلق ، أمير بوبال بور من بلاد السند ، فإنه لما جاءته خلعة السلطان ناصر الدين ، طرحها علي الأرض ، وجلس فوقها ، ثم نشبت بينهما معارك ، كانت عاقبتها ظفر تغلق ، ومقتل ناصر الدين خسروخان ، في نفس السنة ، أي 720 ، وتسلطن تغلق أربع سنين ( حتي السنة 725 ) . وفي خلال هذه المدة ، خرج عليه ولده محمد ، بإغراء بعض القواد ، ثم عاد الولد إلي أبيه نادما ، فقتل الأب أولئك القواد ، ومنهم الملك كافور المهردار، ضرب له عمودا في الأرض ، محدد الطرف ، وركز فيه عنقه ، حتي خرج طرفه من جنبه ، وكانت خاتمة تغلق أن استقر في كشك خارج دهلي ، بناه له

ص: 440

ولده محمد ، وأستعرض فيه جيشه ، فأنهدم الكشك عليه في السنة 725 وقتله ، واتهم الناس ولده بأنه دبر بناء الكشك ، بشكل هيأه ليلقي أبوه فيه حتفه ، وتسلطن محمد من بعده ( 725 - 752 ) ، وهو السلطان غياث الدين ابو المجاهد محمد شاه بن تغلق الذي زار ابن بطوطة الهند في أيامه ( مهذب رحلة ابن بطوطة 38/2 - 52) .

وفي السنة 701 توفي بمكة ، الأمير محمد بن الحسن الحسني ، أمير مكة ، وكان قد وثب علي عم أبيه إدريس بن قتادة في السنة 670 فقتله ، وأستقل بالإمرة ( الدرر الكامنة 41/4 ) .

وفي السنة 703 توقي السلطان غازان التاري ، وكان ولده بسطام عند محمد خربنده بخراسان ، فكتب الأمراء إلي بسطام كتابة ، وأرسلوه إليه خفية ، لكي يقدم عليهم ويتسلطن خلفا لوالده ، ولكن الرسول لما وصل إلي خراسان ، سلم الكتاب إلي محمد خربنده ، فلما أطلع عليه « أنفذ في الحال من قضي شغل بسطام ، ورفعه من الوسط ، أي إنه قتله ، وتسلطن خربنده ، ودامت سلطته 13 سنة وتوفي سنة 716( تاريخ الغيائي 54 و55 ).

وفي السنة 706 قتل السلطان الناصر لدين الله أبو يعقوب يوسف بن يعقوب المريني ( 638- 685- 706) فبايع قسم من رجال الدولة ولده أبا سالم ، بسعي من الوزير أبي زيد يخلف بن عمران الفودوي ، آخر وزراء السلطان أبي يعقوب ، وبايع الأخرون أبا ثابت عامر بن أبي عامر عبد الله بن يوسف ، حفيد السلطان أبي يعقوب ، وازر أبا ثابت الأمير أبو يحيي بن يعقوب ، عم والد السلطان أبي ثابت ، وضعف أمر أبي سالم ، فقر إلي جهة الغرب ، فحصره جيش أبي ثابت بندورمة ، وأسر أبو سالم ، فأمر به أبو ثابت فقتل ، وبايع الناس أبا ثابت ، وكان أول من بايعة الأمير أبو يحيي بن يعقوب ، عم أبيه ، وفي ثالث يوم البيعة، دخل السلطان أبو ثابت إلي الحرم ، ومعه عم أبيه ، وخرج وحده ، وأومأ إلي حاشيته بأن يقبضوا علي عم

ص: 441

أبيه ، فلما اعتقلوه ، وأوثقوه ، أمرهم بالإجهاز عليه ، فقتلوه ، فقر منه جميع أفراد العائلة، وقتل أبو ثابت ستمائة من أهل مراكش ممن كان يوالي إلي أقاربه ، وصلبهم علي أسوار مراكش ( ابن خلدون 233/7 و 234 والاعلام 21/4 و22).

وفي السنة 707 ملك أبو حمو موسي بن عثمان ، أول ملوك زناتة بتلمسان ، فتآمر عليه ولده أبو تاشفين عبد الرحمن ، وهجم عليه في السنة 718 فقتله ، وقتل أخاه أبا سرحان بن عثمان ، واستأصل جميع بطانة أبيه ووزرائه ، واعتقل جميع أفراد عائلة يغمراسن ، ونفاهم إلي العدوة (الأندلس) ( ابن خلدون 105/7 ).

وفي السنة 709 قتل الملك الناصر محمد بن قلاوون ، بيبرس الجاشنكير ، أحد أمرائه ، وكان قد خرج عليه وتسلطن ، فلما عاد للسلطنة ، أحضره ، وخنقه بوتر كان في يده . ( الأعلام 59/2 ).

وفي السنة 708 هاجم نصر بن محمد الفقيه النصري ، من بني الأحمر ، بغرناطة ، أخاه السلطان محمد ، وخلعه، وقتل وزيره ، واستولي علي المملكة ، واعتقل أخاه في مدينة المنكب ، ثم حدث أن أصيب السلطان نصر بسكتة في السنة 710، وتوقعوا موته ، فأحضروا أخاه محمدأ من السجن ، ليحل محله إن مات ، ولكن نصرا عوفي ، فأمر بأخيه محمد فأعيد إلي السجن ، واغرق في بركة ماء ، فمات ( الاحاطة 552 -562 الأعلام 262/7 ).

وفي السنة 715 قتل السلطان ركن الدين إبراهيم شاه ، سلطان دهلي ، قتله الأمير علاء الدين محمد ، بعد أن سمل عينيه ، وتسلطن من بعده باسم السلطان علاء الدين محمد شاه ، واستمر حكم علاء الدين محمد ، أكثر من عشرين سنة ( معجم انساب الأسر الحاكمة 422).

ص: 442

وفي السنة 715 دخل الشريف حميضة إلي مكة ، وقتل أخاه أبا الغيث المنصوب علي مكة بأمر الملك الناصر سلطان مصر ، واستولي حميضة علي مكة ، فغضب السلطان الملك الناصر، وجهز جيشا كثيفا صحبة الشريف عطيفة ، فلما علم حميضة بوصولهم هرب من مكة ، واستولي عليها عطيفة ( العقود اللؤلؤية 415/1 ).

واتهم قطب الدين مبارك شاه ( حكم 716- 720) ابن عم له اسمه أسد الدين ، بأنه قد تآمر عليه ، فأخذه وتسعة وعشرين من إخوته وأولاد إخوته ، فذبحهم ذبح النعاج (الإسلام والدول الإسلامية في الهند 15).

وفي الدرر الكامنة 401/1 - 402 إن اسماعيل بن الفرج ، من بني الأحمر ثار علي خاله أبي الجيوش في السنة 713 وطرده من غرناطة ، واستولي عليها وتلقب بالغالب بالله ، ثم أمر خاله أبا الجيوش علي وادي آش ، ولما أنكر الفرج علي ولده اسماعيل ما صنع ، قبض علي أبيه ، وحبسه « مكرمة ، وفي السنة 719 حشد الإفرنج ، وهاجموا المسلمين في ثمانين ألفة ، فاستغاث المسلمون بالمريني سلطان المغرب ، فلم ينجدهم ، فاستقتلوا وكانوا في ألف وخمسمائة فارس وأربعة آلاف راجل ، فكان النصر للمسلمين ، وقتل ملك الإفرنج بطره بن سانجه في المعركة ، وعاد الغالب بالله من المعركة منتصرا ، فوثب عليه ابن عمه فقتله ، ثم قتل قاتله ومن أعانه علي ذلك ، وتسلطن محمد بن الغالب بالله اسماعيل، في مكان أبيه ، وكان قتل الغالب اسماعيل غيلة ، وموت أبيه الفرج في الحبس ، في سنة واحدة ، أي في السنة 720 ( الدرر الكامنة 401/1 - 402).

و أقول : اثبت صاحب الإحاطة ، خبر اغتيال السلطان اسماعيل ، وذكر أنه حصل في السنة 725 ، وأيده في ذلك زامباور ، في معجمه عن أنساب الأسر الحاكمة ( ص 93) قال صاحب الاحاطة :

ص: 443

وفي السنة 725 تجهز السلطان أبو الوليد أسماعيل بن فرج النصري ، صاحب غرناطة للغزو ، فقصد مدينة مرتش، ففتحها ، وعاد إلي غرناطة منصورة، فغدر به ابن عمه محمد ابن اسماعيل ، صاحب الجزيرة ، ووثب به بباب قصره ، بين عبيده وأرباب دولته ، فاعتنقه ، وانتضي خنجرة وطعنه ثلاث طعنات إحداها في عنقه بأعلي ترقوته ، وصاح وزيره بكر ، فقتل ، ورفع السلطان وهو جريح إلي بعض دور قصره فمات ، وفر الفاتك وأصحابه ، فقتلوا بأجمعهم (الاحاطة 385- 400).

وفي السنة 725 قتل الشريف منصور بن جماز الحسيني ، صاحب المدينة ، قتله ابن أخيه حديثة بن قاسم بن جماز ، وقتل قاتله حديثة في الحال ، واستقر في الحكم بعده ولده كبيش ( الدرر الكامنة 128/5 ).

وفي السنة 727 قتل السلطان أيوب بن الكامل أبي بكر بن الموحد تقي الدين بن المعظم توران شاه ، وكان قد حج في السنة 726 ومر بمصر ، فأكرمه الملك الناصر محمد بن قلاوون ، ولما عاد من الحج عارضه أخوه محمد بن الكامل أبي بكر ، واشتبك معه في السنة 727 في معركة ، فقتل أيوب وولده ، واستولي محمد بن أبي بكر علي الملك وتلقب مجير الدين ( الدرر الكامنة 463/1 ومعجم الأنساب والاسرات الحاكمة 151.154 ).

وفي السنة 733 أراد الأمير عبد الرحمن بن السلطان أبي الحسن المريني ، صاحب المغرب ، أن يثب علي أبيه ، ويسلبه السلطنة، ولما انكشفت مؤامرته فر إلي حلة أولاد علي أمراء زغبة ، فقبض عليه أميرهم موسي بن أبي الفضل ، ورده إلي أبيه ، فاعتقله بوجدة ، وبعث إليه في السنة 792 من قتله في سجنه ( ابن خلدون 259/7 ).

وفي السنة 734 قتل عمر بن عثمان بن يعقوب المريني ، من سلاطين الدولة المرينية ، بعد حياة حافلة بالغدر في سبيل السلطان ، فقد كان ولي عهد أبيه ، وفي السنة 714 ، وسنه إذ ذاك 18 سنة ، قاتل أباه ، وجرحه ،

ص: 444

وخلعه ، ونصب نفسه سلطان بفاس ، ثم اتفق مع أبيه ، فعاد الأب إلي عرشه ، وتولي الإبن سلماسة وما والاها مستقلا ، ثم عاود الإنتقاض علي أبيه ، فلم يفلح ، وعفا عنه أبوه ، ثانية ، كما عفا عنه أو، ولما مات الأب خلفه ولده علي ، أخو عمر هذا ، فخامر عمر علي أخيه ، ووثب علي درعة فاحتلها ، وقتل عاملها ، ووجه العساكر الي مراكش ، فقصده علي ، وحصره بسجلماسة ، وأسره ، وأحضره معه إلي فاس ، فاعتقله ببعض حجر القصر أشهر ، ثم قتله فصدة وخنقأ . ( الاعلام214/5).

وأورد صاحب الدرر الكامنة ، أخبار هذا السلطان بتفصيل أوفي ، قال : وفي السنة 734 مات السلطان أبو علي عمر بن السلطان أبي سعيد عثمان بن عبد الحق المريني ، وكان أحب اولاد أبيه إليه ، ورشحه للملك بعده وهو شاب ، وصرفه في الأمور ، ثم وجهه في السنة 714 الي فاس ، فخلع أباه، ودعا لنفسه ، وجمع عسكرأ ، فالتقي به أبوه ، فانهزم الأب وجرح ، ثم تراجع عسكره ، وأعانه ولده أبو الحسن علي ، علي أخيه أبي علي عمر ، ثم تصالحوا علي أن ينزل السلطان أبو سعيد عثمان عن الأمر الولده أبي علي عمر ، وأن يقتصر الأب علي تازي ، فملك أبو علي عمر فاس ، واتفق أنه مرض ، فتسئل الناس عنه إلي أبيه ، فعاد لمحاصرة ولده ، ثم تصالحا علي أن يقتصر أبو علي علي سجلماسة ، ويعود الأب للسلطنة ، ولما استقر أبو علي بسجلماسة رتب لنفسه مملكة ، واستخدم جندة ، وفتح حصونا ، ثم خلع أباه في السنة 720 ، وفي السنة 722 ملك مراكش، واستمرت الحرب بينه وبين أبيه ، حتي مات الأب ، وخلفه ولده ابو الحسن علي ، فخرج عليه أخوه أبو علي عمر ، وحاربه ، وفي معارك دارت بين الأخوين ظفر أبو الحسن في السنة 733 بأخيه أبي علي عمر ، وقتله ، وترك أبو علي أولاد صغارا ، أخرجهم أبو عنان الذي خلف أباه أبا الحسن ، إلي الأندلس ، فنزلوا في جوار ابن الأحمر صاحب غرناطة ، وهم عبد الحكيم ،

ص: 445

وعلي ، وعبد المؤمن ، وناصر ، ومنصور ، وأبو زيان ، ثم ملك عبد الحكيم سجلماسة ، في السنة 763 فنازعه أخوه عبد المؤمن ، ففر عبد الحكيم إلي بلاد التكرور ، وقدم مصر ، ثم حج ، ومات بتروجة في السنة 767 ( الدررالكامنة 251/3 -252).

وفي السنة 735 قتل السلطان ترمه شيرين بن دوا ، صاحب سمرقند وبلخ ، قتله الذي خلفه في الحكم ، لأنه أسلم ، وترك العمل بالياسا ، أي تعاليم جنكيز خان ، ولم تطل مدة القائم بعده ( الدرر الكامنة 51/2 ).

أقول : ذكر ابن بطوطة في رحلته ( 306/1 - 313) أنه زار السلطان وسماه ( طرمشيرين ) في السنة 734 ووصفه بكرم الأخلاق ، وحب العدل ، وملازمة صلاة الجماعة ، ثم قال : وبعد سنتين من وصولي إلي الهند بلغني أن الملأ من قومه خلعوه ، لأنه كسر أحكام الياسا، التي سنها جدهم جنكيزخان ، وسلطنوا ابن عم له اسمه بوزون أوغلي ، وأراد طرمشيرين أن يلجأ إلي غزنة ، فاعتقله ابن أخيه الأمير ينقي بن السلطان كبك ، وكان طرمشيرين قد قتل أخاه السلطان كبك فحمل الأمير ينقي عمه طرمشيرين ، وأسلمه إلي خلفه بوزون أوغلي ، فأمر بقتله ، فقتل ، وأن بوزون أساء السيرة لما ملك ، فاتفق عليه الأمراء ، واعتقلوه، وقتلوه خنقأ بأوتار القسي ، وتلك عادتهم، أنهم لا يقتلون من كان من أبناء الملوك إلا خنقأ ، أما ما جاء في معجم الأنساب والأسر الحاكمة ( 370- 372) فإن ترماشيرين أسلم ، واتخذ لنفسه لقب علاء الدين ، وإنه حكم من السنة 726 حتي السنة 734 فخلفه جنكشي بن أبو قان ، وترماشيرين عمه ، وكان جنكشي وثنية ، ولم تطل مدة حكمه إذ خلفه بوزون بن دواتيمور ، وترماشيرين عمه أيضا في السنة 735.

وفي السنة 735 حشد السلطان أبو الحسن المريني ، صاحب المغرب القتال السلطان أبي تاشفين، من بني عبد الواد ، فحاصره أمدا طويلا، ثم اقتحم عليه مدينة تلمسان في السنة 737، ودافع أبو تاشفين عن المدينة ،

ص: 446

وعن قصره دفاع مجيدة ، وسقط في المعركة قتيلا هو وابناه عثمان ومسعود ، ووزيره موسي بن علي ، ووليه عبد الحق بن عثمان مع ابنه وابن أخيه ( ابن خلدون 256/7 - 257).

أقول : أورد صاحب شذرات الذهب 115/6 قصة مقتل أبي تاشفين في السنة 737 فقال : في السنة 737 قتل صاحب تلمسان أبو تاشفين عبد الرحمن بن موسي بن عثمان ، وكان قد قتل أباه ، وتسلطن بعده ، وكان الأب سيء السيرة ، وحكم أبو تاشفين نيف وعشرين سنة ، ثم حصره سلطان المغرب أبو الحسن المريني ، فبرز عبد الرحمن ليكبس المريني ، فقتل علي جواده كهلا ، راجع الدرر الكامنة 457/2 .

وفي السنة 736 قتل ملك الهند السلطان مبارك بن محمود بن مسعود الغزنوي ، وقام بالملك بعده مملوكه خسرو التركي ( الدرر الكامنة 362/3 ) .

وفي السنة 736 توقي السلطان أبو سعيد ، سلطان العراق واذربيجان ، فقام وزيرة الخواجة غياث الدين محمد بن الخواجا رشيد الدولة الهمذاني ، بنصب أرباخان سلطانأ ، ولكن علي باشا الأويرات خال أبي سعيد ، خرج عليه ، وقتل أرباخان ووزيرة الخواجا غياث الدين في السنة عينها أي 736 ( الدرر الكامنة 252/4 - 253).

وفي السنة 742 حج الملك المجاهد صاحب اليمن ، فلما رجع وجد ولده قد غلب علي المملكة ، وملك ، ولقب المؤيد، فحاربه ، وقبض عليه ، وقتله ( الدرر الكامنة 119/3 ).

أقول : ذكر صاحب العقود اللؤلؤية خبر مخالفة المؤيد لوالده الملك المجاهد ، في أخبار السنة 744، قال :

وفي السنة 744 خالف الملك المؤيد، علي والده الملك المجاهد ، صاحب اليمن ، واستولي علي مدينة المهجم ، ولكنه في السنة 745 عاد إلي

ص: 447

طاعة أبيه ، وقدم عليه مع القاضي شمس الدين بن الصاحب ، وسيف الدين الخراساني ، فلما وصل إلي أبيه ، عاتبه ، ثم ضربه ، وحبسه ، ومات في حبسه بعد أيام قلائل . ( العقد الؤلؤية 76/2 - 77) وأما زامباور ، فإنه في معجم انساب الأسر الحاكمة ( ص 184) لم يعتبر المؤيد هذا سلطانة ، وإنما ذكر ان الملك المجاهد سيف الدين علي بن داود الرسولي خلف أباه المؤيد هزبر الدين داود في السنة 721 وأنه استقر في ملكه حتي السنة 764 حيث خلفه ولده ضرغام الدين العباس . :

وفي السنة 742 خلع السلطان الملك الأشرف كجك بن الناصر محمد بن قلاوون ، عن سلطنة مصر ، ولما ولي أخوه الملك الصالح اسماعيل، اضطهد أخاه كجك ووالدته ، وصيرهما في ذل وهوان ، وكانت أم الملك الصالح ، في كل قليل إذا توعك ولدها - وكان ضعيف البنية - اتهمت أم كجك بأنها تتعمد له بالسحر، وتأخذ جواريها وحواشيها ، فتعاقبهم ، وفي السنة 746 بعث الملك الصالح إلي أخيه كجك ، أربعة خدم طواشية ، فقتلوه علي فراشه وهو ابن اثنتي عشرة سنة ( النجوم الزاهرة 49/10 ).

وفي السنة 742 ولي السلطان الملك الناصر أحمد بن محمد بن قلاوون، ثم خلع ، وأرسل إلي الكرك ، ولما تسلطن اخوه الملك الصالح اسماعيل طلب من أخيه أحمد شعائر الملك ، وما أخذه من الخزائن ، فأبي أن يجيبه، فبعث إليه في السنة 745 من قتله ، وحتي رأسه ، وأحضره إلي القاهرة ، فلما رأي الملك الصالح ، الرأس ، فزع ، واضطرب، ومرض ، ومات ( النجوم الزاهرة 71/10 - 93- 98).

وكان للسلطان محمد بن تغلق ، سلطان الهند ( 725- 752)، أخ اسمه مسعود خان ، أخوه لأبيه ، وكان من أجمل الناس صورة ، اتهمه بأنه يتآمر عليه ، فأقر بذلك خوفا من العذاب ، لأن الذي ينكر التهمة ، يعذب ، فكان من يتهم ، يري أن القتل أهون عليه من العذاب ، فأمر به ، فضربت

ص: 448

عنقه في وسط السوق ، وظل مطروحا ، هناك ثلاثة أيام ( مهذب رحلة ابن بطوطة 85/2-86).

وفي السنة 744 قتل الشيخ حسن كوجك بن تيمورتاش صاحب أذربيجان اغتالته زوجته ( معجم انساب الأسر الحاكمة 380).

وفي السنة 748 قتل السلطان أبو حفص عمر بن أبي بكر بن يحيي الحفصي ، ملك الموحدين بتونس ، خلف أباه في السنة 797 وثار عليه إخوانه أبو العباس ، وخالد وعزوز ، فقتلهم جميعا ، ولم تطل مدته ، إذ قتله الجند بقرب قابس (الأعلام 200/5 )

وكان السلطان أبو الحسن المريني ، ولي ولده أبا عنان فارس ، مدينة تلمسان ، وولي ولده منصور مدينة فاس ، وخرج بجيشه لقتال الفرنجة بالأندلس ، فانكسر أبو الحسن، وتمزق جيشه ، فلما سمع ولده أبو عنان بذلك ، خرج بجيشه فحاصر مدينة فاس ، وافتتحها وقتل أخاه منصورة ، فبلغ ذلك أباه أبا الحسن ، فانتهي إلي سجلماسة ، فزحف عليه ابنه أبو عنان ، وحاربه ، فانكسر أبو الحسن ، ونجا ، وطلبه ابنه ، فاعتل الأب ومات في السنة 752 ( الاعلام 126/5 ).

ولما توفي السلطان أبو الحسن علي المريني ، سلطان المغرب ، مريضا ، مهيضأ ، منكسرا ، في جبال هنتاتة ، بعد أن حاربه ولده أبو عنان ، وانتصر عليه وسمع أبو عنان بوفاته ، أمر باحضار جنازة أبيه إليه ، واستقبل التابوت حافية ، حاسرة ، وقبل أعواده ، ويكي ، واسترجع ، وواري أباه بمراكش ( ابن خلدون 278/7 )، فصح فيه قول القائل :

لا ألقينك بعد الموت تندبني **** وفي حياتي ما زودتني زادا

ولما ولي أبو عنان فارس بن علي المريني ، السلطنة في المغرب، اعتقل الأمير علي بن أبي علي عمر بن عثمان بن يعقوب المريني ، وكان

ص: 449

متزوج بأخت أبي عنان ، وقتله في سجنه في السنة 701 ونفي أولاده إلي الأندلس ، ثم بدا له فطلبهم من صاحب غرناطة ، فامتنع من إعادتهم إليه ( ابن خلدون 315/9 ).

أقول : طلبه إياهم من صاحب غرناطة يعني أنه أراد قتلهم .

وفي السنة 752 مات في السجن الأمير أدي بن هبة الله الحسيني ، من بيت أمراء المدينة ، جمع في السنة 727 جمعأ واحتل المدينة ، وطرد أميرها طفيل ، فاستعان طفيل بجيش مصري طرد أدي ، وحضر أدي إلي القاهرة ، فاعتقله السلطان الناصر محمد بن قلاوون ، ثم أفرج عنه في السنة 731 ثم أضيف إلي الأمير طفيل ، ثم عزل، فعاود جمع الجموع ، واستولي علي المدينة ، وصادر أموال الخدام ، ثم تركها ، فقبض عليه ، وسجن ومات في السجن ( الدرر الكامنة 369/1 ) .

وفي السنة 753 حشد بنو عبد الواد ، برئاسة أبي ثابت ، وحاربوا السلطان أبا عنان بن السلطان أبي الحسن المريني ، فوقع أبو سعيد ، أخو أبي ثابت في الأسر ، وأحضر أمام أبي عنان ، فأمر بقتله ، فقتل ، ثم أسر أبو ثابت ووزيره يحيي بن داود ، فأشهرا بتلسمان علي جملين ، ثم قتلا في ظاهر البلد ، قعصا بالرماح ( ابن خلدون 121/7 ).

وفي السنة 755 تملك محمد بن مظفر بن منصور فارس والعراق ويزد وكرمان وأصبهان ، وصير لحكمه وجها قانونية بأن أحضر شخصا عباسية وقلده الخلافة ، ولقبه المعتضد بالله ، وجعل نفسه نائبا عنه في حكم المملكة ، ثم نصب ولده شاه شجاع وليا للعهد، وفي السنة 760 قبض شاه شجاع علي والده ، وسمل عينيه ، واعتقله بقلعة سرمق من أعمال شيراز ( التاريخ الغياثي 150 -147)

وفي السنة 760 قتل السلطان أفراسياب ، صاحب مازندران ، قتله

ص: 450

صهره فخر الدولة حسن آخر الباوندئين ( معجم انساب الأسر الحاكمة 287) .

وفي السنة 762 هلك بردي بيك الذي خلف والده الملك الأشرف ، وكان الأشرف قد خلف أخاه الأمير حسن الجوباني الصغير ، وكان بردي بيك ظالم غشوما فاسق قاسي القلب ، قتل جميع إخوانه وأقاربه لكي لا ينازعه أحد في الملك ( تاريخ العراق للعزاوي 97/2).

وفي السنة 763 قتل السلطان أبو عبد الله محمد بن اسماعيل بن فرج النصري ، صاحب غرناطة ، وكان قتله بظاهر إشبيلية ، قتله صاحب قشتالة ، وقطع رأسه ورؤوس أتباعه ، وحملت إلي غرناطة ، قال عنه ابن الخطيب : إنه كان شيطانة ، دميم الخلق ، تزوج ابنة السلطان يوسف بن اسماعيل ، فارتفع شأنه ، ولما توفي السلطان يوسف ، خلفه ولده محمد في السنة 755 فداخل أبو عبد الله هذا ، أبا الوليد اسماعيل بن يوسف ، أخا السلطان الجديد ، وتآمر معه علي أخيه السلطان محمد ، وثار بجماعة ألفهم ، وقتل الحاجب رضوان ، وآخرين من رجال الدولة ، ونصبوا الأمير أبا الوليد اسماعيل سلطان في السنة 761 وفر السلطان محمد إلي وادي آش ، ثم إن أبا عبد اله ، عاد فتآمر علي صاحبه السلطان أبي الوليد اسماعيل ، وقتله ، وقتل ولده قيس وهو صبي صغير ، وتسلطن في محله ، ثم إن السلطان محمد بن يوسف هاجم غرناطة بجنډ ، ففر أبو عبد الله ولجأ إلي ملك قشتالة ، فاعتقله وثلثمائة من أتباعه ، وقتلهم بظاهر إشبيلية ، وبعث برؤوسهم إلي غرناطة ، حيث نصبت الرؤوس في المكان الذي تسوروا منه إلي القلعة ، وكان ذلك في السنة 763 ( الاحاطة 406 - 412 و531 - 540 ) .

وجاء في الدرر الكامنة 170/5 إن نوروز خان المغلي ، صاحب مملكة الدشت ، ولي عوضا عن قله خان ، فأقام في المملكة نحو نصف سنة ، وثار عليه خضر خان فقتل وولي خضر مكانه ، ثم وثب تمرخان بن

ص: 451

خضر ، علي أبيه ، فقتله ، واستقر بعده ، ثم قتل وولي بعده كلدي باك في السنة 763.

أقول : الذي في معجم أنساب الأسر الحاكمة ، أن نوروز بك محمد ، من بني باتو حكم القبجاق الغربي في السنة 790 خلفا لقولنا ( اوقولبا ) ، وإن الذي خلفه خضر خان محمود من آل شيبان ، حكم من السنة 760 - 762 ، وخلفه تيمور خواجه في السنة 762 ، ولم يذكر أنه ابن خضر خان ، بل ذكر أنه من آل أوردا ، وإن الذي خلفه كلدي باك من آل تغاتيمور ، ودام ملكه إلي السنة 763 ( معجم الأنساب الأسر الحاكمة 363 و 365 ).

وفي السنة 770 ثار عامر بن محمد ، بالمغرب ، علي السلطان عبد العزيز المريني ، وبايع أميرة من بني عبد الحق ، من أولاد أبي ثابت بن يعقوب اسمه تاشفين ، فجرد السلطان عبد العزيز جيشا لمحاربته ، واستمر الحصار سنة ، ثم أسر عامر ، وسلطانه تاشفين ، فأمر السلطان بهما ، فأشهرا علي جملين ، وأفرغ عليهما الروث وعبثت بهما أيدي الإهانة ، ثم أمر السلطان ، فضرب عامر حتي أنتن لحمه ، وورمت أعضاؤه ، وهلك بين يدي الوزعة ، أما تاشفين ، فقتل قعصة بالرماح ( ابن خلدون 326/7 ) .

وفي السنة 770 توفي محمد بن مظفر اليزدي ، صاحب يزد و شيراز ، وكان شجاعة أيدأ، وكان بين يزد و شيراز قاطع طريق شديد البأس ، ومعه جماعة ، فتربص به محمد بن مظفر ، وبارزه وقتله ، وحمل رأسه إلي ملك يزد وهو شيخ بن محمود ، فقدمه ، وقربه ، وقرره صاحب درك يزد ، فأشتهر أمره ، وانضم إليه جمع ، وصاهر قومأ من أكابر يزد ، فلما مات شيخ بن محمود صاحب يزد وثب محمد علي يزد فملكها، وسار سيرة جميلة ، ثم ملك شيراز ، ثم وثب ولده شاه شجاع فقبض علي أبيه وسجنه في بعض القلاع ، حتي مات في السنة 770 ( الدرر الكامنة 30/5 ) .

ص: 452

وفي السنة 779 قتل السلطان مجاهد شاه ، سلطان الدكن ، من ملوك البهمنيين ، قتله عمه داود وخلفه في الحكم ( معجم أنساب الأسر الحاكمة 437 و438) ...

وفي السنة 780 لاقي السلطان داود شاه مصرعه، فقتل (معجم أنساب الأسر الحاكمة 437 ).

وفي السنة 780 غزا شاه شجاع أذربيجان، فانتزعها من أويس ، وكان فيها السلطان حسين أخو أويس ، فطرده واستولي عليها ، ثم إن أخا شاه شجاع قتله في السنة 786 بعد أن طال ملكه 26 سنة ، وخلفه في الحكم ولده زين العابدين ، ونصب عمه بايزيد بن محمد أتابكأ له ( تاريخ الغيائي 153)

ولما توفي السلطان أويس بن الشيخ حسن ، كان الوزير زكريا كافظ الأحد أولاده وهو جلال الدين حسين بن أويس ، فسلطنه بتبريز ، وقتل الولد الأكبر الشيخ حسن ، ولكن السلطان حسين عكف عن الذات ، وأهمل أمور الدولة ، فقصده أخوه غياث الدين أحمد بن أويس في تبريز، وقتله في السنة 783 ( ابن خلدون 552/5 و553 ).

أقول: كان السلطان حسين بن السلطان أويس (قتل سنة 783) عظيم أولع بالنساء ، حتي أنه كان يتقنع ويتبرقع ويحضر الأعراس والولائم من دون أن يعلم به أحد، فشكا الأمراء ذلك للوزير الأمير زكريا ، فقال لهم الوزير : أشكروا الله الذي ابتلاكم بمن يجعل القناع علي رأسه ، ولم يبتلكم بمن يضع القناع علي رؤوسكم ( تاريخ العراق للعزاوي 168/2 ).

وفي السنة 784 وقعت معركة بين السلطان أبي العباس أحمد بن أبي سالم ابراهيم المريني، صاحب فاس ، وبين الأمير عبد الرحمن بن أبي يفلوسن المريني ، صاحب مراكش ، فحصر صاحب فاس ، مدينة مراكش ،

ص: 453

واقتحمها ، وحصر القلعة ، وفيها الأمير عبد الرحمن ، ومعه ولداه أبو عامر وسليم في اتباع لهم، وحاربوا جميعا، حتي قتلوا بأجمعهم ( ابن خلدون 347/7)

وكان السلطان أبو حموله أولاد خمسة ، أكبرهم أبو تاشفين عبد الرحمن ، والأربعة الباقون من أم واحدة ، وكان أبو تاشفين يتهم أباه بمراعاة إخوته الباقين وتفضيلهم عليه ، وقسم الأب مملكته بين أولاده ، لرفع الخصومة بينهم ، فزادت واشتدت ، وهاجم أبو تاشفين والده ، واعتقله ، وبعث به إلي قصبة وهران ، فاعتقله بها، واعتقل من وجده بتلمسان من إخوته ، ثم قتلهم ، وبعث أحد أتباعه إلي وهران ، لقتل أبيه ، وأحس الأب بالخطر ، ففر إلي تلمسان ، فهاجمه ابنه ، وألجأه ألي مأذنة الجامع ، فاستنزله ولده ، واعتقله بإحدي حجر القصر ، ثم نفاه إلي المشرق في سفينة ، ولكن أبو حمو نزل من السفينة ببجاية ، وجمع جندة ، وأصطدم بجيش ولده أبي تاشفين ، وكان يقودهم حفيده أبو زيان بن أبي تاشفين ، فانكسر الحفيد أبو زيان ، وقتل ، وقتل معه وزير أبيه محمد بن عبد الله بن مسلم ، وعاد السلطان أبو حمو إلي تلمسان قاعدة ملكه ( ابن خلدون 145 - 139/7).

وفي السنة 791 استنجد أبو تاشفين ، من بني عبد الواد ، بأبي العباس المريني ، صاحب فاس ، فبعث معه جندة لقتال السلطان أبي حمو ، صاحب تلمسان ، والد أبي تاشفين ، فنهض أبو حمو لقتالهم ، وانجلت المعركة عن مقتل السلطان أبي حمو ، وجيء بعمر بن أبي حمو أسيرة إلي أخيه تاشفين ، فأراد أن يقتله ، فمنعه المرينيون ، فأصر علي قتله ، وقتله ( ابن خلدون 45/7 و146 ).

ولما قتل الأمراء ، السلطان حسين بن أويس ، ونصبوا بدلا منه أخاه

ص: 454

أحمد بن أويس سلطانة ، تشوش السلطان أحمد من الأمراء الذين قتلوا أخاه ، فقتل قسم منهم ، فأنحاز الباقون إلي أخيه شهزاده الشيخ علي ببغداد ، وبايعوه بالسلطنة ، وحملوه علي محاربة أخيه ، فنهد بجيش ألي تبريز ، وجرت بين الأخوين معركة انتهت بظفر أحمد ، ومقتل أخيه الشهزاده علي في السنة 789 ( تاريخ الغياثي 102 ,103 ).

وفي السنة 788 قتل أمير مكة الشريف محمد بن أحمد بن عجلان ، قتله أبناء عمه علي أبواب مكة ، بمساعدة الجيش المصري ، وكان محمد هذا قد تولي إمارة مكة في السنة 788 باشراف عمه كبيس بن عجلان ، فكحل كبيش أعين جماعة من بني الحسن ، فكحل أحمد وحسنا ولدي أخيه ثقبة ، ومحمد بن عجلان ، وصبية عمره اثنتا عشرة سنة ، وهو ابن أحمد بن ثقبة ( نزهة النفوس 139 والاعلام 226/6 ).

وفي السنة 797 قتل الشريف علي بن عجلان ، صاحب مكة ، قتله بنو عمه ، وقتل قاتله . ( العقود اللؤلؤية 277/2 ).

وفي السنة 801 قتل القاضي برهان الدين أحمد بن عبد الله ، كان قاضيا بسيواس ، وصاهر صاحبها ، ثم عمل عليه حتي قتله ، وحل محله في حكمها ، قتل في المعركة التي نشبت بينه وبين التتار ( شذرات الذهب 4/7).

وفي السنة 802 قتل السلطان محمد بن موسي أبي حمو الزياني من سلاطين تلمسان ، حاربه أخوه أبو محمد عبد الله ، وتغلب عليه ، وقتله ، وأخذ رأسه إلي فاس ، فطيف به علي رمح . ( الاعلام 340/7 ) .

وفي السنة 812 قتل صاحب فارس محمد بن أميرزا ، ابن عم تيمورلنك ، قام عليه أخوه اسكندر شاه فقتله واستولي علي مملكته ( شذرات الذهب 96/7 ).

ص: 455

وفي السنة 808 خلع السلطان الناصر فرج بن الظاهر، ونصب بدلا منه أخوه عبد العزيز ولقب بالمنصور ، وبعد شهرين ، أعيد الناصر فرج ، فحبس أخاه عبد العزيز ثم قتله ( الضوء اللامع 168/6 ).

وفي السنة 813 وقعت معركة ، قرب تبريز ، بين السلطان أحمد بن أويس ملك العراق ، وبين قره يوسف ، ملك أذربيجان ، فانكسر السلطان أحمد ، ووقع أسيرة في يد قره يوسف ، فقتله خنقأ ، وقتل معه ولده علاء الدولة . ( التاريخ الغياثي 134 - 136).

ولماقتل السلطان أحمد بن أويس في السنة 813 قصد بغداد شاه محمد بن قرايوسف لاحتلالها ، وكان السلطان أحمد قد نصب فيها أحد أتباعه واسمه بخشايش فمنعه من دخولها ، وكان في بغداد الخاتون تاندو سلطان بنت السلطان حسين بن أويس ، أخي السلطان أحمد ، وكان عمها أحمد قد زوجها من سلطان مصر ، لما رحل إليها وكانت تاندو معه ، ثم إن سلطان مصر طلقها ، فتزوجها ابن عمها شاه ولد بن الشهزاده شيخ علي بن أويس ، ولما وصل شاه محمد بن قرايوسف إلي بغداد ، منعوه من دخولها ، بإشارة من السلطانة تاندو، التي كانت تقول لأهل بغداد إن السلطان أحمد ما زال حيا . وحصر شاه محمد بغداد ثمانية شهور بلا فائدة ، وخطب بخشايش ، ابنة السلطانة تاندو ، فلم تقدر علي مخالفته ، ولكنها نصبت له فخأ، إذ أجابته إلي الزواج منها ، وفي ليلة العرس حضر بخشايش في « الجاثليق ، وعمل عرسا عظيما ، ثم شرب إلي نصف الليل ، وقام يريد « القلندر خانة » ليدخل علي العروس ، فحين « حط رجله في الركاب » جاء إليه من قطع عنقه ، ووضع رأسه علي رمح ، ووضعوا جسده علي الفرس وخلفه من يمسك الجسد أن يميل ، والرأس علي الرمح قدام الفرس ، والدفوف تضرب قدامه إلي الصبح ، كما قتل ابن البليقي ، ونصب الحكم بغداد عبد الرحيم بن الملاح ، وكل ذلك بإشارة من السلطانة تاندو ، وبعد مدة قتل عبد الرحيم أيضأ ، ووقع

ص: 456

القتل ببغداد ، فلما طالت المدة ، وعجزت الخاتون عن ضبط البلد ، أمرت بتزيين البلد ، بزعم أن السلطان أحمد كان مختفية ، ويريد أن يظهر ، فزينوا البلد ثلاثة أيام ، وانسلت السلطانة لي؟ مع أولادها الستة ، ومعها أموالها وجماعتها، وانحدرت في السفن إلي واسط، ومنها إلي شوشتر، فلما أصبح الصباح ، ورأي الناس أن تندو سلطان قد تركت البلد ، خرجوا إلي شاه محمد ، وكان قد أيس من بغداد وكر راجع إلي بعقوبة ، فلحقوا به ببعقوبة ، وأخبروه بأن الخاتون رحلت ، فعاد ودخل إلي بغداد ، في السنة 84 ونهب البلد يوما واحدا ، ثم استقر حاكم ببغداد ( تاريخ الغيائي 244 - 247) .

أقول: الذي في معجم زمبادر (ص377) إن الذي خلف أحمد بن أويس في حكم بغداد، هو شاه ولد بن الشهزادة شيخ علي بن أويس ، زوج تاندو سلطان، وكان معه ببغداد زوجته وأولاده، ثم إن تاندو سلطان دبرت قتل زوجها في السنة 814 ونصبت ولدها محمود بن شاه ولد في موضع أبيه ، ولكن محمودا تنازل عن بغداد لشاه محمد بن قرايوسف ، وبارحت تاندو سلطان وأولادها الستة بغداد إلي شوشتر ، وأولادهاهم محمود وأويس ومحمد ، وثلاث بنات ، ونصبت تاندو سلطان ولدها محمود سلطانا في شوشتر تحت وصايتها ، ثم دبرت عليه في السنة 819 فقتل ، واستقلت تاندو سلطان من بعده بحكم المملكة ، وضربت السكة بإسمها حتي ماتت في السنة 822.

أقول : ذكر صاحب الضوء اللامع 16/12 إن شاه محمود بن شاه ولد ، الذي سلطنته تندو ، ثم قتلته ، لم يكن ابنها ، وإنما هو إبن زوجها .

وفي السنة 824 قتل أبو سعيد عثمان بن أحمد المريني ، قتله مدبر مملكته عبد العزيز الكتاني ، وقتل إخوته ، وأولاده ، وأكابر البلد ، وأبطالها ، وشيوخها ، فانقطعت دولة بني مرين من فاس ، وأقام الكتاني ، محمد بن

ص: 457

أبي سعيد في السلطنة ، واستبد هو بتدبير الأمور ( شذرات الذهب 167/7)

وفي السنة 830 اشتبك أويس بن شاه ولد صاحب بغداد ، مع محمد شاه بن قره يوسف ، في معركة ، فقتل أويس ، واستولي محمد شاه علي بغداد ( شذرات الذهب 192/7 ).

أقول : الذي ذكره الغياثي ص 240 إن جهان شاه ، خرج من عند أخيه الشاه محمد صاحب بغداد ، يريد تبريز ، فالتقي بعسكر السلطان أويس بن شاه ولد ، فأرسل إليه جهان شاه ، يطلب الجواز ، فأبي ، وامتنع من ذلك ، فأرسل يستشفع إليه في الإجازة فلم يفعل فصدمه جهان شاه صدمة واحدة بعسكره، فكسر عسكر أويس ، وأصيب أويس في المعركة بسهم ، فمات وإن ذلك كان في السنة 824.

وقد علق الغياثي علي هذا الخبر بقوله : كان أبو جهان شاه ، وهو قرايوسف ، قتل أبا السلطان أويس ، أي شاه ولد ، كما كان قرامحمد، والد قرايوسف ، السبب في مقتل الشهزادة شيخ علي ، جد أويس .

ثم قال : الجد للجد ، والأب للأب ، والابن للابن .

والغياثي ، أورد في تاريخه ( ص 244 ) إن شاه ولد توفي قبل مبارحة السلطان أحمد بن أويس لمحاربة قرايوسف ، حيث قتل في السنة 813 وبذلك أصبح مصير شاه ولد ، تارة توفي حتف أنفه ، كما ذكر الغياثي في الصحيفة 244 وتارة إن قرايوسف قتله ، وتارة إن زوجه تاندو سلطان اغتالته ( زامباور ص 377 ).

وفي السنة 835 قتل السلطان حسين بن علاء الدولة ، سلطان العراق ، قتله في 3 صفر الأمير إسكندر من قراقوينلو ( معجم أنساب الأسر الحاكمة 377)

ص: 458

أقول : هكذا ورد الخبر في معجم زامباور ، والذي ورد في التواريخ الأخري، إن السلطان حسين بن علاء الدولة ، قتله الأمير أسبان (أصبهان) ابن قرايوسف ، وكان مقتله في 3 ربيع الأول ، وقد فضلنا ذلك في موضع آخر من هذا الكتاب .

وفي السنة 836 قتل الملك الاشرف الأيوبي ، صاحب حصن كيفا ، وهو أبو المحامد أحمد بن سليمان الأيوبي ، وثب عليه ولده خليل ، فقتله وتسلطن من بعده وتسمي بالملك الصالح أبي المكارم خليل بن أحمد ، واستمر في سلطنته حتي وثب عليه ولده أحمد ، في السنة 856 فقتله صبرأ . وتسلطن من بعده ، ولقب بالعادل ، ثم تغلب عليه ابن عمه خلف بن محمد بن سليمان ، وفر أحمد إلي بغداد ثم لجأ إلي مصر ومات بها في أيام الظاهر خشقدم، وتسلطن خلف بن محمد في حصن كيفا، وتلقب بالعادل، وفي السنة 366 وثب عليه أولاد عمه زين العابدين وأيوب وعبد الرحمن أبناء علي بن محمود بن سليمان ، فقتلوه في الحمام ، وتسلطن زين العابدين ، وتلقب بالملك الصالح ، فلم تنقض السنة حتي انتزع السلطان منهم الأمير حسن بك بن علي بك قرايلوك عثماني صاحب آمد وقتلهم صبرة بين يديه ( الضوء اللامع 2941 و185/3 و192).

أقول : الذي ورد في التواريخ، إن الملك الأشرف أحمد بن سليمان، صاحب حصن كيفا ، قتل في السنة 839 غيلة ، عندما كان قادما للسلام علي الملك الاشرف برسباي صاحب مصر والشام ، عندما كان محاصرة مدينة آمد، إذ قدم عليه الأشرف أحمد يزوره ، فاغتاله نفر من أصحاب عثمان قرايلك ، وخلفه ولده خليل ، وقد أثبتنا ذلك في موضعه في هذا الكتاب .

ثم عاد صاحب الضوء اللامع ، فذكر في أخبار السنة 856 إن الملك الصالح أبي المكارم صلاح الدين خليل ، قتله ولده ناصر ، واستقر في

ص: 459

موضعه ، وبعد سبعة اشهر وثب عليه ابن عمه حسن بن عثمان وقتله حمية العمه القتيل ، واستدعي أحمد أخا ناصر ناصر فسلطنه ، وملكه الحصن ( أي حصن كيفا ) ( الضوء اللامع 196/10 ).

وفي معجم زامباور ( ص 154 ) إن الملك الأشرف أحمد بن سليمان الأيوبي ، صاحب حصن كيفا وآمد خلفه ولده خليل في السنة 836 وتسمي بالملك الصالح صلاح الدين خليل ، وخلفه ولده أحمد وتسمي بالملك الكامل ، وإن الذي خلفه هو خلف بن محمد بن أحمد، وتسمي بالملك العادل .

وفي السنة 836 قتل الأمير اسكندر بن قرايوسف ، أخاه الأمير أبا سعيد بن قرايوسف ( تاريخ الغياثي 257 ).

وفي السنة 837 قتل الأمير اسكندر بن فرايوسف ، قتله ولده شاه قباد ، وسببه أن شاه قباد عشق إحدي محظيات والده، فاتفق مع المحظية، وقتلا الأب ، ولما ظفر شاه جهان بن قرايوسف ، بالولد والمحظية ، قتلهما معا، في السنة 841 ( تاريخ العراق للعزاوي 87/3 و103).

وفي السنة 839 قتل أمير المدينة مانع بن علي بن عطية الحسيني ، خرج يتصيد فرتب عليه حيدر بن دوغان ، من ابناء عمه ، فقتله بدم أخيه خشرم بن دوغان الذي كان أمينا للمدينة قبل مانع ، وبعد قتل مانع ، رحل كبيش بن جماز الحسيني مع حيدر بن دوغان إلي القاهرة ليلي أمارة المدينة ، فصدفه علي بعد يوم واحد من القاهرة جماعة من بني حسين ، لهم عليه دم ، فقتلوه ( حوليات دمشقية 162).

وفي السنة 839 قتل السلطان الملك المظفر شهاب الدين أحمد شاه بن السلطان جلال الدين أحمد شاه بن أبي المظفر قندوكاس، ملك بنغالة من

ص: 460

بلاد الهند، ثار عليه مملوك أبيه مصباح خان ، ثم وزير خان ، وقتله ، واستولي علي بنغالة ( حوليات دمشقية 156).

أقول : ذكره صاحب معجم أنساب الأسر الحاكمة (ص 427) وسماه شمس الدين احمد ، وسمي أباه جلال الدين محمد شاه وقال عن جلال الدين إنه اعتنق الإسلام، وكان اسمه قبل اسلامه جيتمال بوربي بن راجة كانس، وذكر إن أحمد شاه تسلطن في السنة 830 ولم يذكر شيئا عن مقتله .

وفي السنة 839 مات السلطان الحفصي المنتصر أبو عبد الله محمد بن أبي عبد الله محمد بن السلطان أبي فارس ملك تونس وبلاد إفريقية ، وكان قد خلف جده أبا فارس بتلمسان في السنة 837، وقدم تونس

في السنة 838 فحصره عرب إفريقية ، وكان مريضا ، وفر من عنده الأمير زكريا بن محمد بن أبي العباس ، وأمه ابنة السلطان أبي فارس ، وأتفق مع العرب في مهاجمة تونس ، فاستعان المنتصر بأخيه عثمان ، والقائد محمد الهلالي ، وجعلهما مرجع الأمور في الدولة، فاتفقا وأخذا المنتصر إلي قصر خارج مدينة تونس، ووضعاه فيه ، وأغلقا عليه الأبواب ، يوهمان إنه نائم ، وعادا إلي المدينة ، فاستولي عثمان علي الحكم، وقام الهلالي بأمره ، فلما ثبتت دولته ، اعتقل الهلالي ، وسجنه ، وغيبه ( أي قتله ) ثم عمد إلي أقاربه فقتل منهم عدة ، فتفرقت عنه قلوب الناس ( حوليات دمشقية 148 و149).

أقول : ورد في معجم أنساب الأسر الحاكمة (ص 116 ) إن السلطان المنتصر أبا عبد الله محمد، خلف جده السلطان أبا فارس عبد العزيز المتوكل بن أحمد الحفصي في السنة 837، وإن أبا عمر عثمان بن محمد خلفه في الحكم في السنة 839 ولكنه اعتبر عثمان ابنا للمنتصر، والصحيح أنه أخوه ، فليصحح .

وفي السنة 839 قتل فيروز شاه قطب الدين بن تهمتم ، صاحب هرمز

ص: 461

والبحرين والحسا والقطيف ، قتله ولده مهار واستبد من بعده بالملك وعظم قدره ، وفخم أمره ، وصارت هرمز في أيامه بندر الدنيا ، تأتيها مراكب الهند والزيرك من بلاد الصين ، ويقصدها تجار خراسان وسمرقند وغيرها ( الضوء اللامع 173/10 ).

وفي السنة 839 قتل الأمير حسين بن أمير المسلمين أبي فارس الحفصي ، وكان أخوه السلطان حسن توفي في العام الماضي وخلفه ولده ، فتحرك الأمير حسين يريد الاستيلاء علي الملك ، فظفر به ابن أخيه، وقتله ، وقتل أخو بن له ( شذرات الذهب 230/7 ).

وفي السنة 841 قتل الأمير اصبهان ( اسبان ) والده قره يوسف ، اغتاله بقلعة النجق ( معجم الأنساب والأسرات الحاكمة لزمباور ص 384) .

أقول : ذكر صاحب التاريخ الغياثي ( ص 243 ) إن قرايوسف ، مات في السنة 823 وإن جثته ظلت مطروحة عارية معقرة، مصلومة الأذان ، بسبب الجواهر التي كانت تحلي أذنيه ، فاقتلعت لما مات ، وأحسب أن هذا الخبر أصح من الخبر الذي أورده زمباور بأنه مات قتيلا في قلعة النجق في السنة 841 وإن الذي اغتاله ولده أسبان ، لأن الخبر الذي أورده زمباور ، انفرد به وحده ، أما ما ورد في تاريخ الغياثي ، فقد استند في ايراده إلي عدة تواريخ ، وهي أنباء الغمر ، والنجوم الزاهرة ، ونزهة النفوس والابدان ، وحبيب السير ، والشرفنامة ، ولب التواريخ ، وصحائف الأخبار ، وعلي كل حال فإن الأمير أسبان هذا يعتبر من عجائب المخلوقات ، فإن ما ارتكبه من جرائم يدل علي أنه مجرد من الصفات الإنسانية كافة ، ويكفي للاستدلال علي ذلك ما صنعه مع ابن عمه ميرزا علي إذ قتله وقتل أولاده حتي الأطفال الذين في المهد، ولما بكت عليهم أختهم بلقيس بنت ميزرا علي وهي زوجة أصبهان ، أمر بها فخنقت .

ص: 462

وفي السنة 845 هلك الأشرف اسماعيل بن الأفضل يحيي ملك اليمن ، وكان ظالمة جائرة سمل عين شقيقه أحمد خوفا منه علي الملك ، وقتل أخاه حسن ، وقتل من أقربائه أحد عشر نفسا ، بل إنه قتل عمته شقيقة أبيه ، وقتل بيده امرأة أخري لاتهامه إياها بمصاحبتها ، وقطع يد امرأة أخري تضرب بالرمل ، كل ذلك لتخوفه انهم يسعون في نصب غيره للملك ، وكان لا يخلو يوما من قتل وعقوبة ومصادرة ( الضوء اللامع 308/2 ).

وفي السنة 853 قتل السلطان علاء الدولة ألوغ بك بن شاه رخ بن تيمورلنك قتله ولده عبد اللطيف ، وكان الوغ بك نشأ في كنف جده تيمورلنك ، وتزوج في أيامه ، وعمل له جده العرس المشهور ، ولما مات جده ، وآل الأمر إلي أبيه شاه رخ ولاه سمرقند وأعمالها ، فحكم فيها نيفا وثلاثين سنة ، وكان علي جانب عظيم من العلم والفضل والرغبة في جمع العلماء والفضلاء ، ثم خرج عليه ولده عبد اللطيف وحاربه فانكسر ألوغ بك وملك ولده سمرقند ، ثم أراد الوغ بك أن يعود إلي سمرقند ، ويكون الملك الولده ، ويعود هو كآحاد الناس ، فأذن له ، ثم إن عبد اللطيف قبض، علي أخيه عبد العزيز ، وقتله صبر في حضرة الوالد ألوغ بك ، فعظم ذلك علي ألوغ بك ، واستأذن من ولده أن يأذن له بمبارحة سمرقند للحج ، فأذن له ، ولما أصبح علي مسيرة يومين من سمرقند، أرسل اليه أحد أمرائه ليقتله ، فدخل عليه مخيمه وسلم عليه ، ثم خرج ، واستحي أن يقول له إنه قدم لقتله ، ثم دخل ثانية وخرج، ثم دخل ثالثا ، ففطن الوغ بك ، وقال له : لقد علمت بما جئت له ، فافعل ما أمرك به ، ثم توضأ وصلي ، وقال : لقد علمت أن هلاكي علي يد ولدي عبد اللطيف هذا من يوم ولد، ولكن أنساني القدر ذلك ، والله ، لا يعيش بعدي إلا خمسة أشهر ، ثم يقتل شر قتلة ، ثم أسلم نفسه ، فقتل ، وصح ما تنبأ به ، فإن ولده عبد اللطيف قتل بعد خمسة أشهر من مقتل أبيه ( شذرات الذهب 275/7 - 277) .

ص: 463

أقول : في معجم زامباور ( ص 401) إن علاء الدولة أولوغ بك بن شاه رخ ، خلف أباه في السنة 807 وإن ولده عبد اللطيف خلعه في السنة 850 واستولي علي السلطة باسم ركن الدين عبد اللطيف ، وإنه قتل أباه أولوغ بك في السنة 853 ولم يطل أمد حكمه من بعد ذلك ، إذ اغتيل في السنة 854.

وكان بابر بن بايسنقر بن شاه رخ، في يده هراة ، فحسده أخوه السلطان محمد بن بايسنقر علي هراة ، لأنها كانت التخت ، فسار عليه مرة ولم يظفر ، ثم سار عليه مرة ثانية ، فانكسر ، وقبض عليه بابر وقتله في السنة 854 ( تاريخ الغياثي 227- 228).

وفي السنة 860 ترك ألوند بن اسكندر بن قرا يوسف ، قلعة طبق ، وتوجه إلي الجبل ، فسار إليه ابن عمه بيربوداق بن جهان شاه ، وحاربه ، وفل عسكره ، فانهزم ألوند وحيدا ، فتصدي له احد أصحاب بيربوداق وقتله ، وحمل رأسه إلي عمه جهان شاه ( تاريخ الغياثي 312).

وفي السنة 866 انتزع حسن بك الطويل ( أوزون حسن بن علي ، زامباور ص 384)، صاحب ديار بكر ، ملك بني أيوب وقتل الإخوة الثلاثة الصالح زين العابدين ، وأخويه ، وهم اولاد علي بن محمود بن العادل سليمان ، وتوفي حسن بك الطويل في السنة 882 فخلفه ولده خليل ، فحاربه أخوه يعقوب بن حسن بك ، فانتصر علي أخيه خليل ، وقتله ، وتسلطن يعقوب ( الضوء اللامع 112/3 -113).

وفي السنة 869 سار شاه جهان ، إلي بغداد ، وبها ولده بيربوداق ميرزا ، فكبسه فيها ، وقتله في السنة 870، وقتل معه من عسكره نحو أربعة الاف صبرة ، ( تاريخ العراق للعزاوي 3/ 172- 174- 178).

وفي السنة 870 قتل السلطان ملك أرسلان بن سليمان من آل دلغادر

ص: 464

( ذي القدر ) بأمر من أخيه بوداق بك بن سليمان بك ( معجم انساب الأسر الحاكمة 236).

وفي السنة 872 قتل السلطان جهان شاه بن قرايوسف ، صاحب العراقين ، وملك الشرق ، قتله أتباع حسن بك بن قرائلك ، بالقرب من ديار بكر ، وأرسل رأسه إلي القاهرة ، فعلقت، وكان لا يتقيد بدين ، مثل أقاربه وإخوته ، بحيث أنه قتل ولده بيربوداق ، صاحب بغداد، ونشأ في كنف أبيه ، ثم في كنف أخيه اسكندر ، ولما ترعرع فر من اسكندر إلي جهة شاه رخ بن تيمورلنك ، فجهزه بجيش حارب به أخاه اسكندر ، ثم وثب علي اسكندر ولده شاه قباد وقتله في السنة 841 فرسخت قدم جهان شاه في مملكة تبريز ، ثم ملك بغداد بعد هلاك أخيه أصبهان ( أسبان ) ثم استولي علي ديار بكر وأذربيجان والرها ، وشيراز ، حتي قتل في المعركة بالقرب من ديار بكر ( الضوء اللامع 80/3).

وفي السنة 873 لما قتل السلطان حسن بيك ، جهان شاه ، سار إلي بلاده ليستولي عليها ، فعارضه السلطان أبو سعيد بن السلطان محمد بن أمير زاده ميران شاه ، وادعاها لنفسه ، فراسله السلطان حسن بيك وترضاه علي أن يقتسماها ، فأبي ، واشتبكا في معركة ، فانكسر أبو سعيد ، وسقط أسيرة في يد السلطان حسن ، فقتله ، وأرسل رأسه إلي القاهرة ( تاريخ الغياثي 230 -233)

وفي السنة 880 مرض السلطان حسن الطويل ، وسمع ولده أوغر لو محمد بمرضه ، فقدم ليعوده ، وكان عاصية عليه ، فلما بلغه قدومه ، أرسل إليه أميرا فقتله ( تاريخ العراق للعزاوي 249/3 ، تاريخ الغياثي 389).

ولما توفي السلطان حسن الطويل ، في السنة 882 ، نصب ولده خليل سلطانة خلفا له، فقتل أخاه مقصود بك ، وكثيرا من الأمراء ، وكثيرا من أقاربه . ( تاريخ العراق للعزاوي 257/3 ).

ص: 465

أقول : ورد هذا الخبر في التاريخ الغياثي ، كما يلي .

كان السلطان حسن بيك ، ملك العراق (ت 882) قد أبعد قبل وفاته ، ولده يعقوب الي ديار بكر ، وقتل ولده مقصودا ، ولما توقي حسن بيك . خلفه ولده خليل بك ، فتصادم يعقوب وخليل ، وقتل خليل في المعركة في السنة 883 ( تاريخ الغياثي 393).

وفي السنة 887 قتل الأمير سيف بن علي ، أمير العشير ، قتله ابن عمه عامر بن عجيل ، أخذا بثار سليمان بن عساف ، ووالده عساف، وكان الأمير سيف قد قتلهما وسلب الإمرة من ابن عمه عساف الذي كان أميرا للعشيرة ، وكان سيف في مجلسه فدخل عليه فداوي ، فلم يشعر به سيف إلا وهو علي رأسه ، فطعنه بسكين معه ، وبادر سيف ليقتله ، فعادت ضربته علي نفسه ، وأدركه أصحابه ، فقتلوا الفداوي ، واحتملوا سيفأ وهو حي ، إلا أن ابن عمه ، واسمه عامر بن عجيل قتله انتقاما لمن قتله من إخوانه ( الضوء اللامع 289 -288/3)

وفي السنة 896 مات يعقوب بك بن حسن بك بن علي بك بن قرايلوك عثمان ، صاحب الشرق وسلطان العراقين ، وكان قد قتل أخاه أبا الفتح خلي الذي استقر في الحكم بعد أبيهما حسن بك ، وحل في موضعه ( الضوء اللامع 283/10 ).

وفي السنة 916 توفي السلطان أحمد بن محمد ، صاحب كجرات ، من بلاد الهند ، وكان جده مظفر، قد أسلم علي يد محمد شاه صاحب دهلي ، فلما وقعت الفتن في مملكة دهلي ، وتقمت البلاد ، استولي مظفر علي كجرات ، ثم وثب عليه ولده محمد ، وسجنه ، واستولي علي السلطنة ، ثم انتصر الأب ، وقتل ولده ، وبعد سنين تحرك احمد، ابن المقتول محمد ، علي جده مظفر ، وقتله ، واستولي علي السلطنة ، وخلفه ولده غياث

ص: 466

الدين محمود ، ثم ابنه قطب الدين ، ثم أخوه داود الذي خلع بعد أيام ، واستقر أخوهم أحمد شاه المترجم في السنة 863 وهو ابن 15 سنة ( شذرات الذهب 8/ 79).

ويروي أن السلطان سليم العثماني ، قتل أباه ، ليستولي علي الحكم ، فلما تسلطن، في السنة 918، قتل أخوته جميعهم ، ولما استولي علي مصر ، وأراد الرحيل عنها ، قتل وزيره حسن باشا ، وفي طريقه إلي الشام ، غضب علي الصدر الأعظم يونس باشا ، فقطع عنقه ( خطط الشام 29/2 -230).

وكان القتل عند السلطان سليم الأول العثماني من أسهل الأمور وألطفها ، وأهونها، فقد قتل سبعة من وزرائه لأسباب تافهة . ولما تسلطن ، خنق إخوته وغيرهم من أهل بيته ، وعددهم سبعة عشر نفرة ، حتي كان الأتراك يقولون : من أراد الموت فليكن وزيرا عند السلطان سليم . ( خطط الشام 230/2 ).

أقول : أدركت الشيوخ البغداديين ، وهم يتناقلون علي سبيل الفكاهة ، قصة فيها عبرة، خلاصتها أنه كان من تقاليد نصب الصدر الأعظم ( الوزير الأول ) في سلطنة آل عثمان ، أن يتقدم موكبه ، عند نصبه للصدارة ، فارس يحمل في يده رمح قد ركز علي سنانه الرأس المقطوع لسلفه الصدر المعزول، وبعد انتهاء مراسيم نصب الصدر ، وفراغه من قبول التهاني بهذه المناسبة ، تقدم إليه آخر الناس رجل ، فقبل يده ، وسلم إليه كيس فيه عشرة آلاف دينار من الذهب ، فسأله الصدر الأعظم ، عن السبب الذي من أجله سلم إليه هذا المبلغ ، فتلكأ في الرد ، فألح عليه الصدر ، فطلب منه الأمان ، علي أن يحدثه بالقصة علي وجهها الصحيح فأمنه، فقال له : يا سيدي ، إ هذا المبلغ مودع عندي ، منذ زمن ، وقد أوصاني صاحبه ، أن أعطيه لأشد الناس حمقا ، فلما رأيت موكبك ، وفي مقدمته رأس سلفك المقطوع ، وأنت

ص: 467

تعلم بأنك في يوم من الأيام ، سوف تلاقي هذا المصير ، وأنت مع ذلك تتقبل التهاني ، أيقنت أنه لا يزاحمك أحد في استحقاق هذا المبلغ .

وقتل السلطان سليمان القانوني، ولده الأكبر مصطفي ، وقتل حفيده ، وقتل ولده بايزيد ، وأولاد بايزيد الخمسة ، وفي السنة 942 قتل وزيره إبراهيم باشا ، وكان وزيره سبع عشرة سنة ، وكان علي جانب من الأخلاق الحسنة والذكاء ( خطط الشام 237/2 ).

أقول : أوضح صاحب تراجم الأعيان في كتابه 234/1 - 237 قصة قتل السلطان سليمان اثنين من أولاده ، وأربعة من أحفاده ، وبقي ولده الثالث سليم ليخلفه في الحكم سنة 974 ، قال : وكان السلطان سليمان بن سلطان سليم ، قسم مملكته بين أولاده الثلاثة مصطفي ، وبايزيد ، وسليم ، ووقعت حرب بين مصطفي وبايزيد ، فانكسر بايزيد والتجأ إلي ملك العجم ، الشاه طهماسب ، فأكرمه ، وجرت مراسلات بين طهماسب ، وبين السلطان سليمان ، أدت الي أن بعث السلطان سليمان بعثة برئاسة خسرو باشا لقتل بايزيد ، ولما واجه خسرو باشا ، بايزيد، عرف المراد ، فاستمهل ليصلي ركعتين ، فخنقه خسروباشا ، وهو يصلي ، ثم أحضروا أولاد بايزيد وهم أربعة ، فخنقوهم معه ، وأرسلوا جثتهم إلي السلطان سليمان . (تراجم الأعيان 234/1 - 237).

وفي السنة 923 ولي عرش مراكش ، أبو العباس أحمد بن محمد السعدي الملقب بالأعرج ، فأطاعته بلاد السوس كلها ، ثم وثب عليه أخوه محمد ، فاستولي علي العرش ، وحبس أبا العباس وأولاده في السجن بمراكش ، وحدث أن قتل محمد ، فقتل من بعده أخوه أحمد ، وأولاده معه ، مخافة أن يطالب احدهم بالعرش ( الأعلام 223/1 ).

وفي السنة 924 قتل خنقا في السجن ، المهدي بن أحمد القطبي ،

ص: 468

رئيس جازان ، كان قد سير أخاه عز الدين علي رأس جيش لأحتلال زبيد، فاحتلها ، ثم كر عائدا علي أخيه المهدي فقبض عليه ، وخنقه في السجن ، كما قتل قسما من خواصه وحبس الباقين. ( الاعلام 256/8 ).

وفي خلال حكم السلطان إبراهيم لودي ، سلطان الهند (915- 932) أخذ إبراهيم يفتك بولاته وحاشيته وأقاربه ، فاضطر أخوه جلال خان ، حاكم جادينور لمحاربته ، واستولي علي مدينة أغرا ( عليكرة ) ، ثم وقع جلال خان أسيرة في يد السلطان إبراهيم ، فقتله في الحال ( الإسلام والدول الإسلامية في الهند 34). :

وفي السنة 932 وثب أبو العباس أحمد بن محمد الوطاسي ، علي عمه علي بن محمد ، فخلعه وتولي عرش فاس مكانه ، وفي السنة 956 هاجمه السعيديون ، واحتلوا فاس ، وأسروه ، وأرسل إلي درعة، فقتل ( الاعلام 212/1).

ولما مات السلطان سليم شاه ( إسلام شاه ) ملك الهند، في السنة 960، خلفه ولده ، ولكن خال الولد، واسمه مبارزخان طمع في العرش ، فقتل ابن اخته ، وتولي الحكم باسم محمد عادل شاه مبارز ولكن حكمه لم يدم طويلا ، فقد ثار عليه إسكندر خان وإبراهيم خان ابنا عم شيرشاه فريد، وقتله إبراهيم ، فتسلطن مكانه . ( الإسلام والدول الإسلامية في الهند 60).

وفي السنة 961 قتل آخر ملوك بني وطاس ، أبو الحسن علي بن محمد الوطاسي ، بويع في السنة 932 ، ثم وثب عليه ابن أخيه ، واعتقله، وفر منه ، وعاد بجيش من الأتراك ، أعانوه علي العودة إلي السلطان في السنة 961، وحشد السعدي محمد جيشا هاجم به فاس ، فانكسر أبو الحسن وفر ، فأدركه السعدي ، وقتله ( الأعلام 165/5 ).

وفي السنة 982 توفي السلطان سليم العثماني، فخلفه ، ولده السلطان

ص: 469

مراد ، فكان أول ما صنعه أن أمر بقتل إخوته «علي ما هو قاعدة سلطنتهم » وكانوا خمسة فخنقوا في الوقت ، وأمر بتجهيزهم مع والده ، فجهزوا ، وصلي عليهم جميعهم داخل السراي ، ودفنوا ( خلاصة الأثر 341/4 ).

ولما توفي الشاه طهاسب ، سلطان إيران في السنة 984، خلفه ولده الشاه إسماعيل الثاني ، فقتل جميع أخوته وأولاد عمه ، ولم يترك منهم أحدا ( تراجم الأعيان 58/2).

وفي السنة 996 قتل السلطان مرتضي نظام شاه ، سلطان الدكن بالهند ، وفي السنة 997 قتل ولده السلطان ميران حسين بن مرتضي شاه ( معجم أنساب الأسر الحاكمة 438- 439).

وفي السنة 1003 توفي السلطان مراد بن السلطان سليم العثماني ، وخلفه ولده السلطان محمد ، فكان أول ما صنعه أن عمد إلي إخوته ، وهم تسعة عشر ولدا ذكرا ، فخنقهم بأجمعهم ، ومما يبعث علي التقرز ، أن المحبي الذي روي هذا الخبر ، قال في وصف السلطان محمد أنه كان صالح ، عابد ، ساعيا في إقامة الشعائر الدينية ، مراعيا لأحكام الشريعة الشريفة ، مطيعة لأوامر الله ، مداوم للجماعة في الأوقات الخمس (خلاصة الأثر 216/4 - 354).

أقول : ذكر الأستاذ جب ، في المجتمع الإسلامي والغرب 54/1 ، 55 إن السلطان العثماني محمد الفاتح ، فاتح القسطنطينية ( 835- 856- 886) كان قد شرع آيينا أوصي بموجبه كل من يتسلطن من آل عثمان ، أن يقتل إخوته ، وهذا ما أوصي به : علي أي واحد من أولادي تؤول اليه السلطنة، أن يقتل إخوته ، فهذا يناسب نظام العالم ، وإن معظم العلماء يسمحون بذلك ، ولهذا فعليهم أن يتصرفوا بمقتضاه .

ونفذت هذه الوصية ، وظلت متبعة حتي نهاية القرن السادس عشر

ص: 470

( الميلادي ) ، حتي وضع نظام آخر ، أصبح لازم بموجبه أن يحبس أفراد العائلة المالكة والأمراء كافة ، عدا ابناء السلطان ، في مقاصير خاصة ، في القصر ، ويحرم عليهم كل إتصال بالعالم الخارجي ، وكانوا يقضون حياتهم في صحبة عدد قليل من الخصيان والجواري والحشم ، أما ما يولد لهم من الأطفال، فلا يسمح لهم بالبقاء علي قيد الحياة .

ولما توفي السلطان محمد العثماني ، وتسلطن ولده السلطان أحمد في السنة 1012 كان للسلطان محمد ولد، أصغر من السلطان أحمد، فقالوا للسلطان أحمد : لا تقتل أخاك حتي يصير لك ولد يصلح أن يكون سلطانة .

وقال صاحب تراجم الأعيان 225/1 وقد بلغنا في يوم تاريخه ، وهو 9 ذي القعدة سنة 1019 أن أخا السلطان أحمد المذكور حي باق ، وأنه محفوظ في أماكن مستورة، لا يجتمع معه فيها إلا الموكلون بحفظه .

وكان قتل الوزراء، ورجال الدولة ، في العهد العثماني ، من السهولة بحيث أن صاحب تراجم الأعيان 282/2 - 283 روي في ثلاثة أسطر ، أن السلطان أحمد (1026-1012)، قتل وزيره قاسم باشا ، وهو الذي كان قد أجلسه علي سرير السلطنة ، عند موت أبيه ، واستوزر صارقجي مصطفي باشا ، ثم قتله ، واستوزر درويش باشا ، ثم قتله قتلة شنيعة .

ويكفي للإستدلال علي طراز الحياة الحافلة بالقلق ، التي كان يحياها الأمراء العثمانيون ، أن نثبت ما أورده المحبي في خلاصة الأثر 363/4-365 قال : في السنة 1026 نصب السلطان مصطفي العثماني ، خلفا لأخيه المتوفي السلطان أحمد ، ثم ظهر أنه لا يصلح للملك ، وكان ابن أخيه عثمان محبوسا ، فذهب مصطفي أغا ضابط الحرم ، إلي محبس عثمان ، وفتح عليه الأبواب ، فذعر ، وحصل له رعب ، وتخوف أن يكون عمه قد أرسل اليه من

ص: 471

يقتله ، فقال له ضابط الحرم : لا تخف ، أنت صرت سلطانأ ، فلم يصدق، فأخذ يحلف له ، وأخذه إلي موضع العرش ، وألبسه ثياب الملك ، وأجلسه علي التخت ، وقبل يده ، كل هذا حصل، والسلطان مصطفي نائم عند والدته، ولما علم بالخبر ، وافق علي خلع نفسه ، فحبس في الموضع الذي كان فيه السلطان عثمان محبوسا ، ولما قتل السلطان عثمان في السنة 1031 أعيد مصطفي للسلطنة . ثم عزل في السنة 1032 ولم يعش بعد ذلك إلا قليلا .

وفي السنة 1027 خلع السلطان مصطفي العثماني ، وبويع ابن أخيه السلطان عثمان بن السلطان احمد، وهو ابن 14 سنة ، وكان أول ما صنعه أن أمر باحضار أخيه محمد ، فأحضروه أمامه ، وكان السلطان جالسا علي صفة ، وبيده كتاب يقرأ فيه ، فاستعطف الأمير أخاه السلطان ، واستحلفه بالله أن لا يدخل في دمه ، وأن لا يجعله خصمه يوم القيامة ، وقال له : أنا أقنع منك برغيف في اليوم، فما كان جوابه إلا أن أمر بخنق أخيه، فخنق بالوتر بين يديه ، وكان آخر ما قاله الأمير لأخيه السلطان : سلط الله عليك من لا يرحمك ، وفي السنة 1031 هاج العساكر ، واتفقوا علي قتل الوزير الأعظم دلاور باشا ، وضابط الحرم السلطاني ، والدفتردار ، ومعلم السلطان المولي عمر ، بحجة أنهم الذين حرضوا السلطان علي السفر للحج، فامتنع السلطان عن تسليمهم ، فهجموا علي دار الخلافة ، وأخرجوا السلطان مصطفي من سجنه ، وسلطنوه مجددا ، وقتلوا الصدر الأعظم دلاور باشا ، وضابط الحرم ، وحسين باشا الصدر الأعظم السابق ، وقبضوا علي السلطان عثمان ، وأحضروه أمام عمه السلطان مصطفي ، فأمر بحبسه في يدي قله ، ونصب السلطان مصطفي زوج أخته داود باشا ، وزيرة أعظم ، فذهب في عصر اليوم إلي يدي قلة ، وقام بخنق السلطان عثمان ، وغسله ، وكفنه ، وصلي عليه ، ودفنه ، وكانت سنه عند قتله سبع عشرة سنة ( خلاصة الأثر 107/3 -108).

ص: 472

وفي السنة 1039 وثب الشريف مسعود بن إدريس ، بمكة، علي أميرها أحمد بن عبد المطلب ، وقتله ، واستقر في الإمرة في موضعه ، وتوقي في السنة 1040 ( الأعلام 110/8).

وفي السنة 1040 وثب الوليد بن زيدان السعدي ، من الأشراف السعديين بمراكش ، علي أخيه عبد الملك ، سلطان مراكش ، فقتله ، وحل محله ، وقتل كثيرة من أبناء عمه الأشراف ، فقتله بعض الأتراك من جنده غيلة ، في قصره بمراكش . ( الأعلام 140/9 ).

وفي السنة 1043 جاء إلي حلب ، السردار الأعظم محمد باشا ، يحمل مرسومة سلطانية ، بقتل نوغاي باشا، فقتل ، وأرسل رأسه بلحيته البيضاء ، إلي جانب السلطنة ، وهذا الوزير ممن سبقت لهم خدم جلي للدين والدولة ، وهو من أقدر الوزراء . ( خطط الشام 261/2 ).

وروي أن السلطان مراد الرابع (ت49) قتل مائة ألف إنسان ، منهم خمسة وعشرون ألفأ بنفسه أو أمام عينيه . ( خطط الشام 267/2 ).

وروي أن السلطان إبراهيم العثماني ( قتل 1058) بعث وراء الصدر الأعظم وأمره بتدارك حطب للقصر ، فقال له : إن هذا الأمر ليس من الأمور المهمة التي يقتضي عليه أن يفكر فيها ، وأن يبعث وراءه من أجلها ، فأمر به فقتل . ( خطط الشام 269/2 ).

ولما بويع السلطان محمد الرابع بالسلطنة سنة 1058 أراد أن يقتل شقيقيه، سليمان وأحمد، فمنعته والدته ، وحال المفتي الأعظم بينه وبين قتلهما، وبذلك انقضي دور قتل أبناء ملوك آل عثمان ( خطط الشام 273/2).

وفي السنة 1064 قتل محمد بن زيدان السعدي ، من ملوك الأشراف السعديين بمراكش ، وكان قد ثار مع أخيه الوليد ، علي أخيهما عبد الملك،

ص: 473

فقاتلهما ، وهزمهما ، ولما مات عبد الملك ، تسلطن الوليد ، فسجن أخاه محمدأ ، ولما قتل الوليد ، أخرج محمد من السجن ، وبويع بالسلطنة، ثم قامت عليه الثورات ، وتقلصت رقعة حكمه ، فلم يبق له غير مراكش وبعض أعمالها ، ثم قتل بمراكش . ( الأعلام 368/6 ).

وكان سلطان الهند ، أورنك زبب عالمكبر محيي الدين أعظم شاه (1068- 1119) سيء الظن بالناس جميعا ، ولم يسلم من سوء ظنه حتي أولاده ، وقد سجن ولده الأكبر ، حتي مات في سجنه ، كما سجن ولده الثاني معظم شاه ست سنوات ، وكان قد سيره علي رأس جيش لحرب أمراء الدكن ، فعرض صاحب الدين الأمير أبو الحسن الاستسلام ، وكتب معظم شاه إلي أبيه ، يشير عليه بأن لا يفرض عليه شر وط ثقيلة ، فارتاب الأب به ، وطلبه للحضور، فحضر، فحبسه ست سنوات ( الإسلام والدول الاسلامية في الهند 124- 145-155).

ولما تسلطن أورنك زيب ، عالمگير محيي الدين اعظم شاه (1068۔ 1119) في الهند ، سير جيشا إلي لاهور ، لمحاربة أخيه دارا ، وجيء به إليه أسيرا فاجتمع « الفقهاء » في سراي الملك ، وأفتوا بكفر دارا ، لخروجه علي أخيه ، وحكم باعدامه ، وقطعت رأسه ، وحملت إلي أخيه ( الإسلام والدول الإسلامية في الهند 119).

ولما حارب أورنك زيب ، عالمكبر محيي الدين أعظم شاه ( 1068،1119) سلطان الهند، أخاه دارا ، واعتقله ، وقتله ، قبض علي ابن دارا ، واعتقله في سجن كواليور ، وكان يرغم علي تعاطي كميات كبيرة من الأفيون ، في صباح كل يوم ، قبل الطعام ، مما عجل بموته ( الإسلام والدول الإسلامية في الهند 114).

وفي السنة 1069 ( 1659 م) سير السلطان أورنك زيب ، عالمكير

ص: 474

محيي الدين أعظم شاه سلطان الهند (1068-1119) جيشأ لطرد أخيه شوجاه من الله أباد وبنارس ، ونشبت بين الجيشين معركة عنيفة ، فانكسر شوجاه ، وتراجع نحو البنغال ، فسير وراءه ابنه محمد سلطان لطرده من البنغال ، فانضم محمد سلطان إلي عمه شوجاه ، وتزوج ابنته ، ولكنه عاد الي أبيه نادمة مستغفرة ، فلم يصفح عنه أبوه ، واعتقله ، وسيره الي سجن كواليور ، حيث الاقي حتفه ( الإسلام والدول الإسلامية في الهند 115).

وفي السنة 1069 قتل أبو العباس أحمد بن محمد الشيخ ، آخر سلاطين السعيديين بالمغرب ، وكان قد خلف أباه في السنة 1064 في حكم مراكش، فوثب عليه أخواله المعروفون بالشبانات ، وحاصروه في مراكش فأشارت عليه أمه أن يذهب إليهم بنفسه لمصالحتهم، فلما وصل إليهم قتلوه . ( الأعلام 227/1 ).

وفي السنة 1131 بويع بعمان للإمام مهنا بن سلطان بن ماجد، فخرج عليه يعرب بن بلعرب ، وقبض عليه ، وقتله ( الإسلام 262/8 ).

وفي السنة 1141 توقي السلطان أبو العباس أحمد بن إسماعيل الحسني السجلماسي، وهو من سلاطين دولة الأشراف العلويين في إفريقية ، وكان قد أمر بأخيه المسجون عنده ، بأن يخنق ، فخنق ، ومات أبو العباس بعده بثلاثة أيام . ( الاعلام 95/1).

وفي السنة 1152 ( 1744 م) قام يونس بن علي باشا ، بقطع عنق أمير تونس الحسين بن علي ، عتم والده علي باشا ، وتفصيل ذلك : إن الأمير حسين بن علي ، كان يحكم تونس منذ السنة 1117 (1705 م) ، ولم يكن له ولد يرث عرشه ، فأعلن علي باي ، ابن أخيه ، وارثة لعرشه ، ثم ولد له بعد ذلك ولد ، سماه محمدأ، ورتبه ولي عهده ، وطلب لعلي باي.، لقب باشا ، وأن يمثل الباب العالي ( السلطان التركي ) في تونس ، فثار علي باي

ص: 475

في السنة 1148 (1735 م) علي عمه ، وحاربه، ولكن العم انتصر، وفر علي باي ، إلي ابراهيم باشا ، أمير الجزائر ، فحبسه الباشا عنده ، مقابل هدية يؤديها حاكم تونس ، إلي الباشا حاكم الجزائر ، مقدارها عشرة آلاف سكة ذهب في كل سنة ، وبعد سنوات قطع أمر تونس إرسال الهدية السنوية ، فقام باشا الجزائر ، باطلاق علي باي، وأعانه بالمال والسلاح ، فدخل مع عمه في معركة كانت عاقبتها أن انكسر العم حسين بن علي في السنة 1152 (1744 م) وقتل ، وقام يونس بن علي باي ، بقطع عنقه ، ونصب علي باي حاكمة لتونس ، باسم علي باشا ، ولكنه لم ينعم بالحكم ، فإن ولده يونس ثار عليه ، وحاربه ، فتدخل الجيش الجزائري وأسر يونس ، وأعدم علي باشا ، ونصب لإمارة تونس الأمير محمد بن الحسين بن علي ، صاحب تونس قب؟ ، واعترف محمد تابعيته لباشا الجزائر ( مذكرات الزهار ص 17 و 20 و21).

وذكر صاحب الاعلام 169/5 خبر مقتل علي باشا كما يلي: في السنة 1169 قتل بأي تونس ، أبو الحسن علي بن محمد بن علي تركي ، وكان قد ثار علي عمه الباي حسين بن علي ، واستعان بصاحب الجزائر ، فقتل عمه في السنة 1153، واستولي علي الحكم ، ولكن أولاد عمه الباي المقتول ، استعانوا بجيش حاصروا به تونس ، وأسروا عليها ، وقتلوه في الأسر .

وروي لنا الرحالة الدانمركي نيبور ، قصة المير مهنا ، حاكم بندريق ، وريق هذه بليدة تقع شمالي مدينة بوشهر ، إلي الجانب الشرقي من خليج البصرة ، كان يحكمها المير ناصر ، من بني صعب ، من أصل عماني ، فتأمر علي المير ناصر ، ولده مهنا ، في السنة 1168 ( 1754 م) واعتقله ، وأمر به فقتل بمحضر منه ، وكان ذنب الأب ، أنه كان يميل إلي ولده الأكبر المير حسن ، ثم قتل مهنا أمه ، لأنها عنفته علي ما ارتكب من جرائم، ثم أمر بذبح أخيه المير حسن ، وذبح معه ستة عشر رجلا من أقاربه ، كيلا يبقي له معارض في السلطان ، وأغرق أختيه ، لأن أميرأ من جيرانه خطب إحداهما ،

ص: 476

كما أنه كان يئد كافة البنات اللاتي يولدن له ، وكان عظيم القسوة في تعذيب رعاياه بجدع أنوفهم ، وصلم آذانهم ، وقد قامت ضده ثورة في السنة 1183 (1769 م) ففر إلي البصرة، حيث لاقي فيها مصرعه ( رحلة نيبور 145/2۔ 149 وبحوث المؤتمر الدولي 659- 678).

وفي السنة 1201 هلك باليمن ، إبراهيم بن محمد ، وكان قد حاول أن يغتال أمير صنعاء ، أخاه أحمد بن محمد ، ففشل ، وحبسه أخوه خمسة عشر عاما ، ولما توفي أخوه احمد ، قام بالإمارة أخوه عبد القادر ، فأرسل إليه إبراهيم من قتله ، في السنة 1192، واستولي علي الإمارة. ( الاعلام 65/1)

وفي السنة 1206 ثار المولي هشام بن محمد الحسني ، من أمراء الدولة السجلماسية العلوية بالمغرب الأقصي، علي أخيه المولي يزيد، وقتله في إحدي المعارك ( الأعلام 88/9 ).

وكان صالح باي ، صاحب قسنطينة ، قد شكا في حينه من تصرفات الخزناجي ، فغضب الأمير محمد باشا ، صاحب الجزائر، علي الخزناجي ، وقتله ، وكان للخزناجي ابنتان ، واحدة تحت حسن وكيل الخرج ، والثانية تحت الخزندار ، فحقدتا علي صالح باي ، ولما تولي حسن وكيل الخرج ، إمارة الجزائر . باسم حسن باشا ، التت زوجته عليه في قتل صالح باي ، فأمر حسن باشا بحبسه ، فحبس في السنة 1206 (1791 م) ونصب بدلا منه قائد سباو ، باية لقسنطينة ، فلما وصل الباي الجديد لقسنطينة ، ثار جماعة صالح باي ، وكسروا باب الحبس وأطلقوه ، وقتلوا الباي الجديد وجميع أتباعه ، ولما بلغ حسن باشا الخبر ، بعث جندة إلي قسنطينة ، فقتلوا صالح باي ، وحل محله الوزناجي باي تيطري ( مذكرات الزهار 65).

وفي السنة 1214 ( 1799 م ) ثار رجل من الأتراك ، اسمه والي خوجة ، علي مصطفي باشا، أمير الجزائر ، واحتل دار الإمارة ، واستولي

ص: 477

أتباعه علي السلاح الموجود فيها ، وأخذ أصحابه يرمون الناس ، وأتباع الباشا بالبنادق ، فنقب عليهم أصحاب الوالي مصطفي باشا أحد حيطان دار الإمارة ، ووصلوا إلي الثوار ، فقتلوهم جميعا ( مذكرات الزهار 80 و81).

وفي السنة 1215 (1800 م ) حدثت علي خواجة نفسه بأن يصبح أميرة علي الجزائر ، وكان علي خواجة رجلا صوفيا ، يلازم في جميع أوقاته التلفظ بكلمة : الحق ، يريد به الله سبحانه وتعالي ، وفي أحد الأيام ، جاء علي خواجة هذا ، وبيده قصبة خضراء ، وهو يقول : الحق ، فدخل إلي دار الملك ، ولم يرده أحد من الحراس ، فقصد إلي سرير الوالي ، وصادف الخزناجي ، فضربه بالقصبة ، فجرحه في وجهه ويده ، وإذا في القصبة نصل حاد قاطع ، فلحق به وكيل الخرج وغيره ، وقتلوه ، ولم يكن معه أحد، وبعد قتله سحبوه إلي خارج دار الملك وألقوه عند الباب ( مذكرات الزهار 81 و82).

وفي السنة 1217 (1802 م ) ثار ابن الأحرش ، علي حكام الجزائر الأتراك ، ودعا إلي نفسه ، وأعلن أن الحكم يجب أن يكون للعرب ، فتبعه جمع من العرب والبربر ، وكان علي قسنطينية الباي الانكليز، فقارعه ، فانهزم الباي ، فنصب مصطفي باشا، أمير الجزائر ، عثمان باي بن صالح باي ، علي قسنطينة، واشتبك مع ابن الأحرش في معركة، فقتل عثمان باي، وتمزق جيشه، فنصب الباشا مكانه عبدالله قائد الخشنة، بايا علي قسنطينة، وعبدالله هذا زوج الدايخة بنت شيخ العرب بقسنطينة ، فالتف العرب حول عبد الله باي ، وتمزق عسكر ابن الأحرش ، فقر ، وأمسك به الثائر الشريف الدرقاوي ، وقتله ( مذكرات الزهار 86 و87).

وفي السنة 1222 (1807 م ) وقعت معركة بين جند الجزائر بقيادة حسن أغا، وولد صالح باي قسنطينية ، وبين جند تونس ، فانكسر جند الجزائر ، واتهم حسن أغا ، ولد صالح باي ، بأنه السبب في الهزيمة ، وكان

ص: 478

في قسنطينة تركي اسمه أحمد شاوش ، فثار علي السلطة ، وقتل ولد صالح باي ، وحسن أغا ، وصهرة للأمير ، ونصب أحد أتباعه ، وأسمه طوبال أحمد، باية علي قسنطينة ، ثم قصد الجزائر لخلع أميرها أحمد باشا، فكاتب أحمد باشا ، طوبال أحمد، وأغراه بقتل سيده أحمد شاوش ، لقاء بقائه بايأ علي قسنطينة ، فدخل طوبال أحمد، علي سيده أحمد شاوش ، اليحييه تحية الصباح ، وقتله ( مذكرات الزهار 97 و 98 ).

وفي السنة 1222 (1807 م ) ثار العسكر في الجزائر ، علي مصطفي باشا ، أمير الجزائر (1212 - 1222) (1797 - 1807 م ) ففر منهم هو والخزناجي ، وقصدا ضريح الولي سيدي ولي داده العجمي ، ليحتميا به ، فلما وصلا إليه ، وجدا بابه مغلقأ ، فكرا عائدين ، فقتلا في الطريق ( مذكرات الزهار 89).

وفي السنة 1223 (1808 م ) اتفق العسكر في الجزائر ، وثاروا علي أميرها أحمد باشا ، ففر منهم ، ولحقوا به قرب مخزن العشور ، فقطعوا رأسه ، وسحبوه إلي السراجين ، وولوا مكانه علي باشا ( مذكرات الزهار 98 و 99 ) .

وفي السنة 1223 احس الانكشارية ، بأن السلطان سليم الثالث ينوي الحد من سلطانهم ، فخلعوه ، وبايعوا مصطفي خان بن عبد الحميد الأول فلما تسلطن ألغي كل ما أحدثه السلطان سليم الثالث من الإصلاحات ، فقدم مصطفي باشا معونة للسلطان سليم ، وأحاط بعساكره قصر السلطان ، وطالب بإطلاق السلطان سليم ، وعندئذ عمد مصطفي خان إلي قتل السلطان سليم ، وحاول أن يقتل أخاه محمودأ ، فلم يتمكن ، لأن غلمان محمود حاربوا دفاع عنه ، ودخل مصطفي باشا القصر عنوة ، فوجد السلطان سليم قتيلا ، فخلع السلطان مصطفي ، ونصب السلطان محمود بن عبد الحميد الأول، فأمر السلطان محمود بقتل أخيه السلطان مصطفي ، فقتل ( اعيان القرن الثالث عشر 101 و2 10).

ص: 479

وفي السنة 1229 قتل باي تونس الأمير عثمان بن علي التركي ، قتله ابن عمه محمود بن محمد ، واستقر في موضعه ( معجم انساب الاسر الحاكمة 131).

وفي السنة 1230 (1814م) أسرف الحاج علي باشا ، أمير الجزائر ، في قتل الناس ، فقتل جمعة من كبراء اليهود ، لأنهم ليسوا ألبسة خضراء ، وأحرق بعضهم ، متهما إياهم بأنهم أكلوا أموال الناس ، وألزم أقاربهم بسداد الأموال ، وقتل وليد جحظوم ، وابن صيام ، وابن اللمداني ، اتهمهم بأنهم كانوا من أصحاب محمد باي وهران ، وقتل رجلا غريبة من القدس ، وقتل الباي باري ، صهر أحمد باشا ، وقتل ترجمانه أيضأ ، فاتفق عمر أغا ، مع وكيل الخرج عبد الله ، علي قتل الحاج علي باشا ، وانتظر وكيل الخرج حتي دخل الباشا الحمام ، فأغلق عليه الباب ، وأمر موقد نيران الحمام ، بأن يبالغ في الوقود ، فاشتد الأمر علي الأمير ، وأخذ ينادي ويطرق الباب داخل الحمام ، ولا يجيبه أحد، حتي أغمي عليه ، فدخل عليه وكيل الخيرج وذبحه ( مذكرات الزهار 111 ، 112).

وفي السنة 1230 قتل أمير الجزائر عثمان باشا بن علي بن حسين (1176 - 1230) وقتل معه ولداه صالح باي وعلي باي ، قتله أولاد عمه ، وخلفه أحدهم محمود باشا بن محمد بن حسين ( أعيان القرن الثالث عشر 262)

وفي السنة 1244 (1828 م ) تأمر قسم من خوجات الترك ، علي قتل حسين باشا ، أمير الجزائر ، ونصب مصطفي خوجه بدلا منه ، وتعاهدوا علي ذلك في ضريح سيدي بنور ، بجبل بوزريعة ، علي أن يتم ذلك يوم عيد

ص: 480

الأضحي ، إذا دخلوا علي الأمير ليهنوه بالعيد ، وكان الموكل بالضريح تركيا أعمي ، فأخبر الباشا بما تعاقدوا عليه ، فأرسل الباشا في ليلة العيد، واعتقل مصطفي خوجه ، وقتله ، وفي الغد قتل لقمان خوجه ، وابراهيم الدخاخني ، وقبض علي الأعمي الذي أخبره بالمؤامرة ، ونفاه إلي قرية من القري ( مذكرات الزهار 169).

وفي السنة 1249 قتل مشاري بن عبد الرحمن ، من آل سعود ، وكان الإمام تركي بن عبد الله خاله ، وقد أستقام أمره علي نجد كلها ، فنصب مشاري ابن أخته أميرا علي منفوحة ، وفي السنة 1245 تعاقد مع أناس علي قتل خاله ، فبلغ خاله ذلك ، فأعاده إلي الرياض ، وأبقاه عنده مكرمة ، ثم طاف مشاري بزعماء مطير والقصيم وعنزة ، يطلب عونهم للقيام علي خاله ، فأبوا ، وقصد شريف مكة لعين الغرض فأبي ، فعاد واستغفر خاله فغفر له ، ثم عين علي خاله شخصأ رصده حتي خرج من صلاة الجمعة في الرياض ، فأطلق عليه النار ، فقتله ، واستولي مشاري علي الحكم ، ولم يمتع به إلا أربعين يوما ، فإن كلمة أهل نجد اجتمعت علي فيصل بن تركي ، وكان في الاحساء ، فاقبل ألي الرياض ، وقاتل مشاريأ ، فاستسلم، وقتل مشاري مع الأشخاص الذين أعانوه علي اغتيال خاله ، وهم خمسة . ( الاعلام 126/8 و127 ).

وفي السنة 1282 (1866م)، قتل ثويني بن سعيد بن سلطان البوسعيدي - ملك عمان ومسقط ، وليها خلفا لأبيه في السنة 1273 ، قتله ولده سالم برصاصة ، طمعا في الملك ( الأعلام 89/2 ).

وكان بندر وبدر ولدا طلال بن عبد الله ، من آل الرشيد ، قتلا في السنة 1285 عمهما أمير حائل متعب بن عبد الله الرشيد، فلما استولي أخوه محمد بن عبد الله في السنة 1288 علي الحكم ، قتل خمسة من أولاد أخيه

ص: 481

طلال ، من بينهم بندر وبدر ، قاتلي عمهما متعب ، وترك أخا سادسا لهم إسمه نايف ، لصغر سنه . ( الاعلام 122/7 ).

وفي السنة 1313 قام مبارك الصباح العنزي ، بقتل أخويه محمد وجراح ولدي صباح ، وتأمر في موضعهما . ( الاعلام 149/6 و150).

وفي السنة 1315 قتل الشيخ مزعل بن جابر الكعبي ، أمير المحمرة ، في منطقة الأهواز . علي باب قصره ، قتله أخوه الشيخ خزعل ، وتوئي الإمارة من بعده ( الاعلام 350/2) .

أقول : مات الشيخ خزعل في السنة 1355 ، في طهران ، معتقلا ، بعد أن اختطف من المحمرة ، واعترف أحد الأطباء، بأنه قتله بأن دس في أحدي أذنيه دبوسا طويلا خرق دماغه . فقتله .

وفي السنة 1315 مات أمير حائل ، محمد بن عبد الله الرشيد ، فخلفه ابن أخيه عبد العزيز بن متعب ، وقتل عبد العزيز ستة 1324 فخلفه ولده متعب ، فأقام سنة ، وقتله سلطان بن حمود بن عبيد بن علي الرشيد، سنة 1324 ، وطرد سلطان من الإمارة بعد شهور ، فخلفه أخوه سعود بن حمود ، فثار عليه حمود بن سبهان ، وأجلس علي كرسي الإمارة ، سعود بن عبد العزيز بن متعب سنة 1329 ، وقام علي هذا أحد أخواله : سعود السبهان ، وقتله في السنة 1332 ، وكان آخر أمراء آل رشيد محمد بن طلال ، وعلي يده انقرضت الامارة في السنة 1341 ( الاعلام 122/7 ).

وذكر صاحب مجلة لغة العرب البغدادية ، أنه في السنة 1345 (1926 م ) بينما كان الأمير سلطان بن نايف ، أمير دبي ، يتعشي ومعه أصغر أولاده ، فهجم عليه أخوه صقر بن نايف ، وأطلق عليه الرصاص فأراده قتيلا ، وأراد الولد الصغير أن يفر، فعاجله عمه صقر بضربة خنجر ، صرعته قتيلا ، واستولي صقر علي الإمارة من بعده ، وكان القتيل سلطان سبق له أن

ص: 482

قتل أخاه حمدان في السنة 1341 (1922 م ) واستقر بدلا منه في إمارة دبي ( مجلة لغة العرب البغدادية ج 5 سنة 4).

وفي السنة 1367 (1948 م ) اغتيل إمام اليمن المتوكل علي الله يحبي حميد الدين ، ومعه رئيس وزرائه القاضي العمري ، تأمر عليه ولده إبراهيم ، ومستشاره عبد الله بن أحمد المعروف بابن الوزير . مع آخرين، وبعثوا له من تصدي لسيارته خارج صنعاء بسيارة تحمل مدفعين رشاشين ، وخمس عشرة بندقية ، فقتلوا من كان في السيارة ، وكان الإمام يحيي في الثمانين من عمره . ( الاعلام 215/9 و216) .

وفي السنة 1377 ( 1958 م ) قامت فئة من الضباط في العراق ، بعملية إبادة للعائلة المالكة ، إذ حصروا قصرهم في وقت الفجر وأنزلوا الملك الشاب فيصل الثاني ، وخاله الأمير عبد الإله ، والملكة العجوز نفيسة ، أم عبد الإله، وجدة الملك فيصل ، وابنتها الأميرة عابدية وكانوا جميعا في ثياب النوم ، وضموا أليهم جميع خدم القصر وخادماته حتي الطباخ التركي . ثم وجهوا إلي الجميع نيران الرشاشات، فقتلوهم، وأفلت من الجميع طفل يتيم اسمه جعفر ، كانت الأميرة عابدية تقوم بتربيته ، وأراد أن يلتجيء إلي زاوية من زوايا القصر ، فعاجلوه برصاص رشاشاتهم فقتلوه . ( اسرار مقتل العائلة الحاكمة في العراق 127 - 132).

ص: 483

المبحث السادس: التوسيط

وفي القرن الثاني للهجرة ، ظهرت عقوبة القتل بالتوسيط ، أي ضرب الإنسان من وسطه بالسيف ، وقطعه إلي قطعتين ، ثم طوره السلطان محمد بن تغلق ، سلطان الهند ( 725- 752) فكان يقتل الرجل ، بقطعة إلي ثلاث قطع ، الرأس ، والصدر ، والبطن مع الساقين ( مهذب رحلة ابن بطوطة 85/2).

وفي السنة 109 قدم مرو، أبو محمد زياد مولي همدان ، الداعية العباسي ، وجعل يطعم الطعام ، ويدعو إلي بني العباس ، فأحضره اسد القسري عامل خراسان ، وأحضر معه آخرين من أصحابه ، وعرض عليهم البراءة ( يريد البراءة من علي ) فتبرا اثنان فتركا ، وأبي البراءة ثمانية منهم فقتلوا ، ونجا اثنان كانا غلامين ، ولما قدم زياد للقتل، أمر أسد أن يقط وسطه، فمد بين اثنين ، وضرب ، فنبا السيف ، فكبر أهل السوق ، فقال أسد : ما هذا ؟ فقيل له : لم يحك السيف فيه ، فأعطاهم سيفا من عنده ، وأخرج زياد في سراويل ، واجتمع عليه الناس ، فضرب، فنبا السيف ، ثم ضرب ثالثا ، فقطعه إلي نصفين ، ولما كان من الغد ، جاء أحد الغلامين ، وسأل اسدأ أن يلحقه بأصحابه ، فدعا أسد بسيف بخار خداه ، فضرب عنقه بيده ، وذلك قبل الأضحي بأربعة أيام ( الطبري 50/7 وابن الأثير 144/5 ).

ص: 484

وفي السنة 167 أحضر المهدي العباسي ، صالح بن عبد القدوس، متهما بالزندقة ، وضربه بالسيف ، فقده نصفين ، وعلقه ببغداد ( الأعلام 277/3).

أقول : صالح بن عبد القدوس البصري ، مولي الأزد ، شاعر ، أديب ، محدث ، واعظ، قاص، كان يعظ بالبصرة ويقص ، أحضره المهدي في السنة 167 وكان شيخا كبيرة ، فوجه إليه تهمة الزندقة ، هذه التهمة التي ذكرنا في موضع آخر انها التهمة التي كان المسلطون يلجأون إليها ليتخذوا منها سببا لقتل من أرادوا قتله من أنصار حرية الرأي ، فقال صالح للمهدي : يا أمير المؤمنين ، ما أشركت بالله طرفة عين فاتق الله ، ولا تسفك دمي علي الشبهة ، وقد قال النبي صلي الله عليه وسلم : ادرأو الحدود بالشبهات ، وجعل يتلو عليه القرآن ، حتي رق له ، وأمر بتخليته ، فلما ولي ، قال له : ألست القائل :

والشيخ لا يترك اخلاقه **** حتي يواري في ثري رمسه

إذا ارعوي عاد إلي غيه**** كذي الضني صار إلي نكسه

قال : بلي يا أمير المؤمنين ، قال : فأنت لا تترك أخلاقك، ونحن تحكم فيك بحكمك علي نفسك ، وضربه بالسيف فقده نصفين ، وصلبه ببغداد ، فانظر رحمك الله إلي هذه الحجة التافهة التي احتج بها المهدي ، علي هذا الشيخ حتي قتله ظلمة ، للتفصيل راجع وفيات الأعيان 303/2 وفوات الوفيات 116/2 و ميزان الاعتدال 297/2 وتاريخ بغداد للخطيب 303/9 ، وصالح بن عبد القدوس هو صاحب البيت الذي أصبح مث؟ سائرة ، وهو قوله :

لا يبلغ الأعداء من جاهل **** ما يبلغ الجاهل من نفسه

ولما حصل الصلح بين جيش بغداد وجيش سامراء ، في السنة 251 وخلع المستعين نفسه ، وبايع المعتز ، إنفصل شريح الحبشي في عدة من الحبشة ، فقطع الطريق ما بين واسط وناحية الأهواز والجبل ، وحدث أن نزل

ص: 485

في قرية ومعه خمسة عشر رجلا من اتباعه ، وشربوا الخمر وسكروا ، فوثب عليهم أهل القرية، فكتفوهم ، وحملوهم إلي واسط ، ثم إلي بغداد ، ثم إلي سامراء ، فلما وصلوا إلي سامراء ، قام بايكباك إلي شريح ، فوطه بالسيف ، وصلبه علي خشبة بابك ، وضرب أصحابه بالسياط ما بين الخمسمائة إلي الألف سوط ( الطبري 354/9 ).

وفي السنة 332 قبض أبو العباس اشكورج الديلمي ، صاحب الشرطة ببغداد ، علي ابن حمدي اللص البغدادي الشهير ، وقتله توسيطأ ، وأشهره موطأ علي الجسر ( الأوراق للصولي 259 والتكملة 138 وتجارب الأمم 55/1 و تاريخ الخلفاء 396).

أقول : كان أول ظهور ابن حمدي في السنة 332 وكان حمالا بناحية سوق الحديد ، باب درب الشوك ، بحضرة المزملة ، ثم أحترف اللصوصية بغداد ، وأخذ يقطع طريق واسط ، في موضع قريب من بغداد ، فاضطر أبو جعفر بن شيرزاد ، إلي أن يوليه طريق واسط ، وخلع عليه ( الأوراق 250) وكانت في ابن حمدي ، فتوة وظرف ، إذ لم يكن يعرض لأصحاب البضائع اليسيرة التي تكون دون ألف درهم ، وإذا أخذ من ضعيف الحال شيئا قاسمه عليه ، وترك له شطر المال ، واشتهر عنه إنه لا يفتش امرأة ، ولا يسلبها ، وروي لنا القاضي التنوخي في كتابه الفرج بعد الشدة ، في القصة رقم 450 قصة تاجر بغدادي خرج بمتاع له إلي واسط ، فقطع ابن حمدي عليه ، وعلي الكار الذي كان فيه ، والكار : القافلة من السفن تسير مجتمعة ، وسلب متاعه ، فطرح التاجر نفسه علي ابن حمدي ، وخاطبه ، ورققه ، فقاسمه ما أخذ منه ، ثم بذرقه، وأوصله إلي مأمنه ، ثم إن أبا جعفر بن شيرزاد خلع علي ابن حمدي وأثبته برسم الجند ، ووافقه علي أن يؤدي للسلطان في كل شهر خمسة عشر ألف دينار ، مما يسرقه هو وأصحابه ، وأخذ خطه بذلك ، وكان يستوفيها منه ، ويأخذ البراءات ، وروزات الجهبذ ، أي الوصولات الرسمية

ص: 486

( تجارب الأمم 52/1 ) وكان ابن شيرزاد يستعين به في سلب أموال الناس ، إذ بلغه خبر خزانة لأبي الحسين علي بن محمد بن مقلة ، بناحية سوق العطش ، فوجه اليها ابن حمدي ، فأخذ جميع ما فيها ، ثم عمد ابن حمدي الي دار ابن مقلة بمربعة أبي عبيد الله ، فأخذ جميع ما فيها ( الأوراق 256) وكان أبو العباس اشكورج الديلمي ، صاحب الشرطة ببغداد ، قد اصطنع ابن حمدي ، وأمل أن يرتدع ، ويقصر ، وأن يعرف به جميع المتلصصة ، فكان ابن حمدي يرسل أصحابه علي الناس ، فكانت لهم في كل يوم حادثة عظيمة ، وكبس ، وغارة علي الأموال ، ووقف اشكورج علي أن ابن حمدي أصل ذلك كله ، وكلم الأمير توزون ، أمير الأمراء ، بشأنه ، فأحضره في داره ، وأمر به ، فضرب وسطه ، أي قتل توسيطأ ، في دار الأمير توزون ، وحمل الي الجسر علي جمل، ونودي عليه : هذا ابن حمدي اللص ، فاعرفوه ( الأوراق 259) فخفت مكروه اللصوص عن الناس ، وانقطع شرهم ، بعد أن كانوا يتحارسون بالبوقات ، وقد امتنع عنهم النوم خوفا من كبساته ( تجارب الأمم 55/2).

وروي إثر غلامأ للأمير سنكلو التركي ، قائد الأتراك في جيش عضد الدولة البويهي ، أخذ من أحد الفلاحين بطيخة علي قارعة الطريق ، ولم يؤد اليه ثمنه ، وانتهي الخبر إلي عضد الدولة ، فطلب الغلام ، فأخفاه سيده القائد ، رجاء أن يسكن غضب السلطان ، فاستدعي عضد الدولة الأمير سنكلو ، وأقسم لئن لم يحضر الغلام ، فسيعاقبه بدلا منه ، فملكه الرعب ، وأحضر الغلام ، فأمر به عضد الدولة ، فوسط بالسيف ، وأجري الفرس بين شلويه ، علي سنة لهم في القتل ( ذيل تجارب الأمم 51).

وفي السنة 390 قتل الحاكم الفاطمي ، الوزير حسن بن عمار ، بأن أمر به فقطع الي ثلاث قطع ( النجوم الزاهرة 56).

وفي السنة 492 أخذ بسمرقند ، سيد بغداد ، الأطهر بن محمد بن زيد

ص: 487

الحسني ، وقد نصفين ، وعلق في السوق ، وأخذت أمواله ، وحريمه وخدمه ( الوافي بالوفيات 289/9 ).

أقول : أحسب أن هذا الشريف العلوي ، هو الذي ذكر ابن الأثير في تاريخه خبر مقتله، وسماه الأشرف بن محمد بن أبي شجاع العلوي السمرقندي ، قال : أن سمرقند كانت في يد أرسلان محمد بن سليمان بن داود ، وخرج عليه قدرخان ، فانتزعها منه ، ثم طمع قدرخان في خراسان ، فقصدها بجيشه ، فتصدي له السلطان سنجر ، وحاربه ، وقتله ، وأعاد ارسلان محمد إلي سلطنة سمرقند ، فظلم وجار ، فقصده السلطان سنجر ، الطرده من سمرقند، فاستعطفه أرسلان محمد ، وتعهد بأن يحسن معاملة رعاياه فعاد عنه ، ثم أصيب أرسلان محمد بفالج ، فأناب عنه ولده نصرة ، فحسن السيد العلوي الأشرف بن محمد بن أبي شجاع السمرقندي، للأمير نصر ، أن يتولي حكم البلد بدلا من أبيه ، وبلغ الأب الخبر، فقتل ولده نصرة وقتل العلوي معه ، واستمر علي سيرته السيئة في سمرقند ، فقصده السلطان سنجر ، وحصره ، وأعتقنه، ثم بعث به إلي ابنته وهي زوجة السلطان سنجر ، فأبقاه عندها حتي مات، راجع ابن الأثير 347/10 ، 348، 350، 661، 662، و 82/11 - 83 ومعجم أنساب الأسر الحاكمة 313) .

وفي السنة 479 فتح السلطان ملك شاه السلجوقي ، قلعة جعبر ، وقبض علي صاحبها واسمه سابق ، وأرادوا قتله بالسيف ، فوقعت عليه زوجته ، وقالت : لا أفارقه أو تقتلوني معه ، فألقوه من أعلي السور ، فتكر ، ثم ضرب بالسيف فقد إلي نصفين ، فألقت زوجته نفسها وراءه ، فسلمت ، وقال لها السلطان : ما حملك علي هذا ؟ فقالت : إنا قوم لم يتحدث عنا بالخنا ، فخفت أن يخلو بي الترك في القلعة، فيقول الناس ما شاءوا، فاستحسن ذلك منها ( التنظيم 28/9 ).

أقول : اقتصر ابن الأثير 149/10 وأبو الفداء 197/2 علي ذكر فتح

ص: 488

السلطان ملك شاه قلعة جعبر ، واسمها الدوسرية ، ثم عرفت بقلعة جعبر الطول مدة ملك جعبر لها ، وكان صاحبها سابق الدين جعبر القشيري وهو شيخ اعم ، وله ولدان يقطعان الطريق ويخيفان السبيل ، وكانت الأذية بهم عظيمة .

وفي السنة 493 كان السلطان بركياروق السلجوقي بواسط ، وظلم عسكره الناس ، ونهبوا البلاد ، ووثب علي السلطان قوم ليقتلوه ، فأخذوا ، وأحضروا بين يديه ، فاعترفوا بأن الأمير سرمز ، شحنة إصبهان ، وضعهم علي قتله ، فأمر السلطان برئيسهم، فبطح ، وضربه ، بالسيف فقسمه نصفين ( المنتظم 111/9 وابن الأثير 293/10 ).

وفي السنة 543 عصي الأمير بزبه صاحب إصبهان، علي السلطان مسعود ، وحاربه ، وأسر بزبه ، وجيء به أمام السلطان ، فأمر به فقطع الي نصفين ، وعلق رأسه بأزاء دار الخلافة ( المنتظم 124/10 ).

وروي لنا أسامة في كتاب الاعتبار قصة أمير ظالم ، هو صلاح الدين الغسياني من أمراء الأتابك عماد الدين زنكي ، وكان الأتابك يقول : لي ثلاثة غلمان ، أحدهم يخاف الله تعالي ، ولا يخافني، يعني زين الدين علي كوجك ، والآخر يخافني ولا يخاف الله تعالي ، يعني نصير الدين سنقر ، والآخر : لا يخاف الله، ولا يخافني يعني صلاح الدين الغسياني ، ويقول أسامة أنه شاهد من صلاح الدين هذا ما حقق قول أتابك فيه ، أنه لا يخافه ولا يخاف الله تعالي ، وذكر أن أحد رجالة الأمير صلاح الدين ، فر من عسكره خلال الحرب ، فأمر باحضار الذي كان الي جانبه ، وأمر بتوسيطه ، فحاول أتباعه صرف نيته عن قتل هذا الجندي ، فأبي إلا أن يقتل ، فقتل توسيطأ ، مع إنه لا علاقة له بالجندي الهارب ، وذكر إنه حضر معه حصار حصن ماسر ، فوقع أحد رجال الحصن أسيرة في يده ، فأمر بتوسيطه ، فحاول أسامة أن يخلصه من يده ، فلم يستطع، وقتل أمامه توسيطأ ، وكان هذا

ص: 489

الذي قتل توسيطأ ابن امرأة عجوز ، جاءت بعد فتح الحصن تسأل عن ولديها ، فإذا أحدهما قتل في المعركة والثاني وسطه الأمير ، فصاحت وكشفت رأسها وشعرها كالقطنة المندوفة ، فقال لها الناطور : اسكتي لأجل الأمير ، قالت : وأي شيء بقي الأمير يعمل بي ، كان لي ولدان فقتلهما . ( الاعتبار 159- 156).

وفي السنة 597 اتفق مملوكان من مماليك البدرية الشريفة ( باب بدر ) بدار الخلافة فقتلا كاتب البدرية ، السديد محمد بن الأستاذ ، وسبب ذلك إنه كان للسديد حرمة تامة وسطوة وهيبة ، وكان يعاقب المماليك بالبدرية علي ذنوبهم ، فهدد هذين المملوكين ، وتوعدهما بالضرب ، فاتفقا علي قتله ، ووقفا له وقد جاء بكرة ليدخل حمام البدرية، فضرباه بالسيوف ، فقتلاه ، فتقدم الخليفة الناصر ، بصلب أحدهما وتوسيط الآخر ، وتم إعدامهما وفقا الما أمر الخليفة بحضور جميع المماليك ( الجامع المختصر 77).

وفي السنة 601 قتل ببغداد شاب يعرف بابن الوتار ، ثلاثة نفر ، وهرب إلي الموصل ، فلم يطب له المقام هناك ، وعاد إلي بغداد ، وأخفي نفسه ، فعلم به غلمان الشحنة ، وأنهي حاله ، فتقدم بإقامة الحد عليه ، واستيفاء القصاص ، فأخذ وقتل بالسيف توسيطا في شارع الظفرية ( قرب الباب الوسطاني لسور بغداد ) ( الجامع المختصر 143).

وفي السنة 604 ثار جماعة من العوام علي المسالحة بباب النوبي الشريف ، واتباع الباعة ، فجرحوا خلقا منهم ، وقتل جماعة، فخيف من ذلك العيث والفساد ، فأحضر براها وعليك ، اللذان قتلا ابن حسان الي البدرية الشريفة ، وقتلا توسيطأ ، بعد أن أخذت سراويل الفتوة منهما ، وأخرجا ، فألقيا علي باب البدرية الشريفة ، فارتدع بهما أمثالهما، وانكف العوام عن تطاولهم ( الجامع المختصر 228) .

ص: 490

أقول : كان براها وعليك ، من رجال البدرية ، وكانا من دعاة الفتن ، وحدث أن واجها في المأمونية ، أحد النقباء بباب الشحنة ، ويعرف بابن حسان ، فجرت بينه وبينهما منابذة ، فجذباه وألقياه عن فرسه ، وأخرج عليك سكينة طعنه بها عدة طعنات فهرب من أيديهما ، ودخل دار ، وأغلق بابها ، وصعد إلي سطحها ، فتسور عليه جماعة من العوام، وألقوه من السطح علي رأسه ، وشدوا في رجله حب، وسحبوه وهو حي ، وحملوه إلي دجلة ، وألقوه فيها ، ثم أخرجوه فأحرقوه ، فركب الشحنة في عسكر ، وأوقع بأهل محلة المأمونية ، وقتل جماعة من العامة ، وحصلت فتنة ، وهاج البلد ، وأغلق الناس دكاكينهم ، وعلي أثر ذلك جري إعدام براها وعليك .

وفي السنة 606 فتح خوارزم شاه مدينة سمرقند ، وعاد إلي خوارزم ومعه سلطان سمرقند ، فزوجه ابنته ، ورده إلي سمرقند، وبعث معه شحنة من جند خوارزم ، وبعد سنة من هذا التاريخ ، عصي سلطان سمرقند ، وأمر بقتل الجند الخوارزمي ، فكان يأخذ الرجل منهم ويقطعه الي قطعتين ويعلقهم في الأسواق كما يعلق القصاب اللحم ، ومضي إلي القلعة ليقتل زوجته ابنة خوارزم شاه ، فأغلقت دونها الأبواب ، وبعثت إليه تقول : أنا امرأة ، وقتل مثلي قبيح ، ولم يقع مني إليك ما استوجب به هذا منك ، فتركها ، ووكل بها قوم من عنده وبلغ الخبر خوارزم شاه ، فهاجم سمرقند ، وفتحها ، وقتل السلطان وقتل معه مائتي ألف إنسان . ( ابن الأثير 267/12- 269).

وفي السنة 637 قتل بباب النوبي ثلاثة أنفس ، ضرب أحدهم عدة ضربات ، فلم يؤثر فيه السيف ، وكان في وسطه خيط ، فقطع الخيط ، فوجد فيه حرز ، ثم ضرب ضربة واحدة ، فانفصل ( الحوادث الجامعة 123).

وفي السنة 649 قتل توسيطأ علي بن أبي الفتح بن أبي الفرج بن رئيس الرؤساء المعروف بابن المسلمة ، وكان مشهورة بالفساد، مقدم علي فعل المنكرات ، تبع صيرفية يهودية معه مال ، فلما دخل داره ، هجم عليه وقتله ،

ص: 491

وأخذ المال ، فاستغاثت زوجته فقتلها أيضا ، وخرج، فتبعه الجيران ، وقبضوا عليه ، وحملوه إلي باب النوبي ، فقتل توسيط ، وقد قتل أبوه وجده ، أما أبوه أبو الفتح فكان وزيرة، وركب في موكبه عازمة علي الحج ، فلما وصل الي باب قطفتا، عرض له ثلاثة نفر من الباطنية ، في زي الصوفية ، وناولوه رقعة ، فلما مد يده ليأخذها، قتلوه ، وقتلوا في الحال ، وأما جده وهو أبو الفرج رئيس الرؤساء المعروف بابن المسلمة ، وزير القائم بأمر الله ، خاصم البساسيري القائد ، واضطهد الشيعة، وقتل منهم ، فاضطر البساسيري إلي الاستعانة بالفاطميين ، ودخل بغداد فاتحا باسم الفاطميين ، وقبض علي ابن المسلمة ، فشهره، وصلبه ، وهكذا قتل الجد والأب والإبن ، وفي تصاريف الزمان عبر ، راجع الحوادث الجامعة 255 - 256 .

وفي السنة 658 بعث السلطان هولاكو، إلي السلطان قطز رسلا ، فأمر بهم قطز ، فوطوا ( بدائع الزهور 97/1 ).

وفي السنة 660 احتل التاتار الموصل ، وقبضوا علي ملكها الملك الصالح ركن الدين اسماعيل بن بدر الدين لؤلؤ، فقتلوه، ووسطوا ولده علاء الملك ، وعلقوه علي باب الجسر ، وأجالوا السيف في أهل البلد تسعة أيام ( الوافي بالوفيات 195/9 ).

وتوفي في السنة 673 الأمير شهاب الدين أحمد بن يغمور ، وكان قد ولي الأعمال الغربية بالديار المصرية ، فقطع ، وشنق ، ووسط ، وأفرط في ذلك وراح البريء بجريرة المفسد ( الوافي بالوفيات 202/8 -203).

وفي السنة 691 تأمر قسم من الأمراء علي الملك الأشرف خليل ملك مصر ، وقتلوه ، فوطوا ، بعد أن قطعت أطرافهم ، وطيف بهم علي الجمال مستمرين ( بدائع الزهور 130/1 ).

وروي لنا صاحب الحوادث الجامعة، رواية ذات فصلين ، الفصل

ص: 492

الأول: في السنة 694 تقدم جمال الدين الدستجراني، فأخذ فخر الدين مظفر بن الطراح ، صدر واسط والبصرة ، وقتله ، فأخذ، ودوشخ ، وأسمع كل قبيح ، ثم حمل إلي بغداد ، ووكل به أياما ، وضرب ، وعوقب ( أي عذب )، وقتل ، وحمل رأسه إلي واسط ، وعلق علي الجسر ، بعد أن طيف به في شوارعها ، وكان جوادا، سخية ، كريمة ، ذا ناموس عظيم وسياسة ( الحوادث الجامعة 484) والفصل الثاني : في السنة 696 سار السلطان غازان يريد العراق ، وأمر بقتل جمال الدين الدستجراني ، فقتل توسيطأ ( الحوادث الجامعة 492).

وفي السنة 702 اشترك الشيخ احمد القباري الإسكندراني ، والشيخ محمد اليعفوري ، في إحداث الفتن بدمشق ، وقبض عليهما ، فأعترفا، فأفتي الفقهاء بجواز قتلهما ، فطيف بهما، ثم وشطا في سوق الخيل. ( الوافي بالوفيات 303/8 ).

وفي السنة 715 قتل الأمير جولجين توسيطة بالقاهرة ، بأمر من السلطان الناصر محمد بن قلاوون ، وسبب ذلك إن جولجين كان من خواص الناصر وقدم معه من الكرك إلي القاهرة ، فداخله شخص يقال له النجم الخطيبي ، وعمل له ملحمة ، أي أنه أخرج له دفترأ تظهر عليه آثار القدم ، وفيه كتابات ورموز وإشارة إلي آثار في الجسد تشير إلي أن من كان بهذه الصفة ، فإنه سوف يكون سلطانأ ، فاغتر جولجين بذلك وأسر ذلك إلي بعض الجماعة ، فوصل الخبر إلي الناصر ، فأمر بتوسيطه ( الدرر الكامنة 2/ 80).

وفي السنة 724 ولي السلطان الناصر محمد بن قلاوون ، الأمير قديدار ، ولاية القاهرة ، فضرب الخبازين والسوقة بالمقارع، وسمر بعضهم ، وعرض السجن ، ووسط جماعة من المفسدين ، وتتبع من عصر الخمور ، فأراق الكثير منها ، وكبس باب اللوق ، فأحرق الحشيش، وأقام قدر شهر لا يخلو باب زويلة في يوم منه من كسر جرار خمر ، وتحريق حشيش ،

ص: 493

واستمر والية للقاهرة ست سنوات ، وتوفي في السنة 730 ( الدرر الكامنة 328/3 و 329) .

وفي السنة 725 قتل الأمير بهادر الصقري باليمن توسيطأ ، وكان قد استولي علي زبيد ، وتسلطن ولقب نفسه بالملك الكامل ، وسبب ذلك أن ملك اليمن وهو الملك المؤيد هزبر الدين داود بن المظفر شمس الدين يوسف ، توفي في السنة 721 وخلفه ولده المجاهد سيف الدين علي ، وكان صغيرة ، فكثرت الفتن ، وأعلن الأمير بهادر سلطنته واستولي علي زبيد، وخطب باسمه ، وضربت له السكة ، وصادر كثيرا من الناس ، فبلغ ذلك السلطان الناصر محمد بن قلاوون ، فسير إلي اليمن جيشأ بقيادة الأمير بيبرس ، فاشتبكوا مع بهادر في معركة فلت جيشه ، وفر ناجي بنفسه ، ثم أن بيبرس أمن بهادر ، فحضر ، واتهمه بيبرس إنه غدر ، فقبض عليه ، ووسطه بالسيف نصفين ، وصفت البلاد للملك المجاهد ( الدرر الكامنة 2/ 32 و33).

وفي السنة 741 قتل الأمير طغاي ، أمير آخورتنكز نائب السلطنة بالشام ، وكان قتله توسيط في سوق الخيل بدمشق علي يدي بشتاك الناصري ( الدرر الكامنة 321/2 ).

وفي السنة 741 قتل توسيطأ بسوق الخيل بدمشق ، الأمير جنغاي ، مملوك تنكز نائب الشام ، وكان مقربة جدأ عند الامير تنكز ، ثم تنكر له ، وقبض عليه ، وضربه بالمقارع ، ثم جري قتله توسيط ( الدرر الكامنة 76/2)

وفي السنة 742 فتح الأمير صربغا ، خزائن السلاح ، وجهز جمعا من المماليك لقتال الأمير قوصون، فأمسك به قوصون ، ووسطه ، وعلقه علي باب زويلة ( النجوم الزاهرة 28/10 ) .

ص: 494

وفي السنة 746 قتل الأمير بكا الخضري ، أحد الأمراء بدمشق ، قتل بسبب الناصر أحمد، في ولاية الصالح إسماعيل، ووط بسوق الخيل بدمشق ( الدرر الكامنة 13/2 و14 ) .

وفي السنة 748 نقل أرغون شاه من نيابة حلب إلي نيابة دمشق ، فوط في طريقه مسلمين ، وكان مقدامأ علي سفك الدم بلا تثبت ، قتل بحلب خلقا ، ووسط ، وسمر، وقطع بدويا سبع قطع بمجرد الظن ، وغضب علي فرس له قيمة كبيرة ، مرح بالعلاقة ، فضربه حتي سقط ، ثم قام ، فضربه حتي سقط ، وهكذا مرات ، حتي عجز عن القيام ، فبكي الحاضرون علي الفرس ( المختصر لأبي الفداء 148/4 ).

وفي السنة 750 جري قتل الأمير ألجيبغا المظفري الخاصكي ، تحت قلعة دمشق ، ووسط معه الأمير فخر الدين إياس ، وعلقا علي الخشب ، وكان من الأمير ألجيبغا دون العشرين سنة «ماطر شاربه ، وكأنه البدر حسنا ، والغصن اعتدالأ ، وسبب ذلك ، إنه عهد إليه بنيابة طرابلس ، في السنة 749 ، وفي السنة 750 كتب إلي الأمير أرغون شاه نائب دمشق ، بأنه يستأذن منه لكي يتصيد في منطقته ، فأذن له ، فجاء ليلا ، فطرق أرغون شاه ، وقبض عليه وقيده ، وزور كتابة عن السلطان ، فيه أمر باعتقال أرغون شاه ، وجمع الأمراء ، وأطلعهم عليه ، فأذعنوا ، واستولي علي أموال أرغون شاه ، وقتله ، فأنكر الأمراء ذلك ، وحاربوه ، فقتل منهم جماعة ، وخرج من دمشق ، وسار إلي طرابلس ، وورد الخبر من السلطان بمصر ، ينكر كل ما وقع ، ويأمر بإمساك الجيبغا، فخرجت إليه عساكر الشام ، ففر من طرابلس ، فأدرك عند بيروت ، وأعتقل ، وحمل مقيدة إلي دمشق ، حيث جري قتله توسيط . ( خطط المقريزي 421/2 و 422). والوافي بالوفيات 357/9 و461 والنجوم الزاهرة 213/10 و216).

وفي السنة 754 طلب الأمير أرغون الكاملي ، نائب السلطنة بحلب

ص: 495

الأمير قراجا بن ذي الغادر ( ذي القدر ) أمير التركمان ، لأنه وافق أحد الخارجين علي السلطان فقر الأمير قراجا منه ، فتبعه ، وقبض عليه ، وأرسله إلي السلطان ، فلما حضر إلي القاهرة ، ومثل أمام السلطان ، أمر بتسميره ، فسروه علي جمل، وطافوا به مصر والقاهرة ، ثم و طوه في الرميلة بسوق الخيل ( الاعلام النبلاء 434/2 و435 ).

وذكر ابن بطوطة في رحلته أن سلطان ما وراء النهر وأسمه كبك ، شكت إليه امرأة فقيرة أن أميرة من أمرائه غصبها لبنة وشربه ، فأحضر الأمير ووسطه ، فخرج اللبن من معدته ( مهذب رحلة ابن بطوطة 107/1 ).

ووفد علي السلطان محمد بن تغلق سلطان الهند، طوغان الفرغاني ، وأخوه ، فأحسن إليهما، وأكرمهما ، ثم أرادا الرجوع إلي بلدهما ، فوشي بهما أحد أصحابهما ، فأمر السلطان بتوسيطهما ، فوسطا ، وأعطي الذي وشي بها جميع ما لهما ، وكذلك عادتهم إذا وشي أحد بأحد ، وثبت ما وشي به ، فقتل ، أعطي جميع ماله . (مهذب رحلة ابن بطوطة 94/2 ).

وأمر السلطان محمد بن تغلق ، سلطان الهند ، باعتقال الشريف إبراهيم المعروف بالخريطة دار ، وأتهمه بأنه أراد المخالفة ، فخاف إن أنكر أن يعذب ، فأقر للخلاص من العذاب ، فأمر به السلطان فوط . (مهذب رحلة ابن بطوطة 105/2).

وممن مارس العذاب بالتوسيط ، القائد الهندي عماد الملك سرتيز ، مملوك السلطان محمد بن تغلق ، سلطان الهند ( 725 - 750 ) وكان الأمير قيصر الرومي ، قد عصي علي السلطان ، وتحضن بسيوستان ، فحصره عماد الملك ، فطلب وأصحابه الأمان ، فأمنهم ، ولما نزلوا علي أمانه غدر بهم ، وأخذ قسما منهم فقتلهم توسيطأ ، وقتل الباقين بألوان من العذاب والقتل ( مهذب رحلة ابن بطوطة 6/2 و7) .

وذكر ابن بطوطة ، في كتاب رحلته ، إن سلطان كولم بالهند، من جزائر

ص: 496

المليبار ، كان في طريقه بين البساتين ، ومعه صهره ، زوج ابنته ، وهو من ابناء الملوك ، فأخذ حبة واحدة من العنب ، سقطت من بعض البساتين ، وكان السلطان ينظر إليه ، فأمر به عند ذلك ، فوسط ، أي قسم نصفين ، وصلب نصفه عن يمين الطريق ، ونصفه الآخر عن يساره ، وقسمت العنبة نصفتين ، فوضع علي كل نصف منه ، نصف منها. (مهذب رحلة ابن بطوطة 2/ 192).

وفي السنة 753 خرج بعض الأمراء علي الملك الصالح ملك مصر ، فقبض عليهم ، وأمر بستة منهم ، فوطوا ( بدائع الزهور 197/1 ) ( النجوم الزاهرة 276/10 و277 ).

وفي السنة 754 أحضر سلطان مصر ، إلي القاهرة ، سبعمائة أسير من العرب ، فأمر بهم ، فوطوا جميعا ( بدائع الزهور 200/1 ).

وفي السنة 758 وثب أحد المماليك السلطانية بالقاهرة ، واسمه قطلوبغا ، علي الأمير شيخو، وضربه بالسيف ثلاث ضربات ، فقبض علي قطلوبغا ، ورسم السلطان بتسميره ، فسمر ، ثم وسط في اليوم المذكور . ( النجوم الزاهرة 305/10 ) .

وفي السنة 769 جلس الملك الاشرف شعبان ، صاحب مصر والشام ، في الديوان ، بالقاهرة ، ورسم بتسمير جماعة من مماليك يلبغا نحو المائة ، وتوسيطهم . ( النجوم الزاهرة 48/11 ) .

وفي السنة 767 تسلم الأمير حسام الدين المعروف بالدم الأسود ، أولاد الكنز وكانوا في سجن القاهرة ، فأخذهم إلي قوص علي جمال ، وقد سمروا في أيديهم بمسامير حديد، علي لعب من خشب ، وشق بهم من قوص إلي أسوان ، ثم وسطهم بها . ( بدائع الزهور 40/2/1 ) .

وفي السنة 769 قبض السلطان الأشرف علي مائة مملوك من المماليك

ص: 497

اليلبغاوية ، وسمرهم ، ووسطهم في بركة الكلاب ، وأغرق جماعة آخرين في البحر . ( بدائع الزهور 71/2/1 ).

وفي السنة 771 اتهم شخص من النصاري ، بأنه سحر خوند إبنة الأمير طاز ، زوجة السلطان ، فماتت بسحره ، فرسم السلطان بتسميره ، ثم وسط ، وأحرق بالنار . ( بدائع الزهور 96/2/1 ) .

وفي السنة 772 قبض ابن السنبلي ، بأمر السلطان الأفضل ، صاحب اليمن ، علي مشايخ القرشيين ، وأمر السلطان بتلفهم ، فوط منهم خمسة نفر ، وسمر ثلاثة ، وشنق الباقين . ( العقود اللؤلؤية 198/2 ).

وفي السنة 779 أخرج والي القاهرة الأمير حسين بن الكوراني ، جماعة من العامة ، من الحبس وسمرهم ، وطاف بهم في القاهرة ، ثم وسطهم في الرملة ، ثم أخذ ثلاثة مماليك صغار اتهموا بأنهم نهبوا من خيول نائب السلطان ، فطيف بهم ، ثم وسطوا تحت القلعة (بدائع الزهور مه 203/2/1)

وفي السنة 780 سمر الأتابكي برقوق ، بالقاهرة ، اثني عشر أمير ، وطيف بهم في القاهرة ، ووشط منهم ستة . ( بدائع الزهور 226/2/1 ).

وفي السنة 782 هجم طائفة من العربان علي دمنهور، فنهبوا وقتلوا ، فخرج إليهم جيش ، فقتل كثيرا من العربان ، وأحضر معه إلي القاهرة ، أسري ، فأمر السلطان فوط منهم جماعة ، وسجن الباقين . ( بدائع الزهور 269 - 266/2/1)

وفي السنة 783 قبض علي طائفة من عربان البحيرة ، نحو 23 رجلا ، فوطهم أجمعين . ( بدائع الأزهار 2/1/ 281 ).

وفي السنة 785 اتهم السلطان برقوق ، سلطان مصر ، الخليفة المتوكل علي الله ، بأنه اتفق مع جماعة منهم الأمير قرط بن عمر التركماني ، والأمير

ص: 498

إبراهيم بن الأمير قطلوتمر العلائي أمير جندار علي قتله ، فأمر بسجن الخليفة وتقييده ، وبتسمير قرط وإبراهيم وإشهارهما، وتوسيطهما من بعد ذلك . فسمرا وأشهرا ، ووسط الأمير قرط ، ثم شفع في الأمير إبراهيم ، فنجا من التوسيط في آخر لحظة . ( نزهة النفوس والابدان 69 - 71).

وفي السنة 785 نازل يلبغا الناصري بعساكر حلب والشام ، أحمد بن رمضان التركماني عند الجسر علي الفرات ، فانكسر التركمان ، وأسر يلبغا ابراهيم بن رمضان وابنه ، وأباه ، فوسط الثلاثة الجد والابن والحفيد ( خطط الشام 158/2 ).

وفي السنة 788 رسم السلطان بالقبض علي جماعة من المماليك ، بعد أن ضربوا ضربا مبرحا بحضوره بالمقارع ، وسبب ذلك أنه بلغ السلطان عنهم أنهم قصدوا الفتك به ، وقبض أيضا علي الأمير تمر بغا الحاجب ، ومعه من المماليك عدة عشرة ، وسمروا ، فأركب كل مملوكين علي جمل ، وظهر أحدهما لظهر الأخر ، وتمر بغا بمفرده علي جمل وحده ، وأشهروا بالقاهرة ، وحريمهم نائحات ، صائحات ، حاسرات عن وجوههن ، يلطمن خدودهن ، ثم برز « المرسوم الشريف » بتوسيطهم ، فوسطوا . ( نزهة النفوس 128) بدائع الزهور 36/2/1 ).

وفي السنة 788 تجمع منسر نحو ستين رجلا ، ودخلوا القاهرة ، وكمنوا فيها ، فحاربهم والي القاهرة ، فحصل منهم ثمانية عشر نفرأ ، فسمروا علي الجمال في أيديهم بالخشب ، وألبسوا في أرجلهم قباقيب الخشب ، ووسطوا ، إلا واحدة منهم أخروه ليدل علي باقيهم ( بدائع الزهور 370/2/1 ) ( نزهة النفوس 130).

وفي السنة 790 قبض علي ابن نجم ، أمير عربان الفيوم ، بسبب قتل أولاد شادي الحاج محمد والحاج عمر ، وأحضر إلي الأبواب الشريفة

ص: 499

بالقاهرة ، ومعه عشرون نفرأ ، فرسم السلطان برقرق بتسميره ، وتوسيطه ، ومن معه ، فأنفذ ذلك فيهم ( تاريخ ابن الفرات 24/9 ) .

وفي السنة 790 رسم السلطان ، الملك الظاهر برقوق ، بالقبض علي جماعة من دمشق ، فقبض عليهم ، وسمروا ، ووسطوا ( تاريخ ابن الفرات 37/9).

وفي السنة 791 ورد القاهرة مملوك وبدوي ، كان السلطان برقوق قد أنفذهما إلي ابن باكيش صاحب غزة ، فقبض ابن باكيش عليهما ، وبعث بهما إلي القاهرة ، فأخذهما الوالي ومعهما ثالث ، وسمرهم ، ثم وسطهم ( تاريخ ابن الفرات 142/9 ).

وفي السنة 791 أمر الأمير الكبير منطاش ، الأمير حسين الكوراني ، والي القاهرة ، أن يستمر أربعة أنفس من أمراء الأتراك ، فسمرهم الوالي ومضي بهم إلي الرميلة ، فنزل مرسوم إلي الوالي بأن يخلص سودون ، أحدهم ، من الخشب ، ويصعد به إلي باب السلسلة ، فخلصه ، وطلع به إلي باب السلسلة ، فأمر بتوسيطه هناك ، فوط (تاريخ ابن الفرات 144/9)

وفي السنة 791 بلغ الأمير منطاش أن بعض الأمراء راغبين في التوجه للسلطان الظاهر ، فشهروا بالقاهرة ، وأودعوا خزانة شمائل ووسطوا بها ( نزهة النفوس 254 ).

وفي السنة 791 قبض الأمير كمشبغانائب حلب ، علي الخازندار ابراهيم بن قطلو تمر ووسطه بعد أن قاسي منه أهوالا وعقوبة زائدة ، ووسط كذلك قاضي القضاة الشافعي بحلب شهاب الدين بن أبي الرضا . ( نزهة النفوس 274 و275 ) .

وفي السنة 792 استولي الأمير منطاش علي بعلبك ، ووسط أربعة أنفار من أكابرها ، ووسط أيضا ابن الحنش . ( نزهة النفوس 302) .

ص: 500

وفي السنة 792 قبض السلطان علي جماعة من الأمراء ، وأشهرهم في القاهرة ، ثم وسط اثنين منهم ، وسجن الباقين . ( بدائع الزهور 439/2/1)

وفي السنة 792 لما تحرك أنصار الظاهر برقوق في القاهرة ، اعتقلوا والي القاهرة ، الأمير حسام الدين حسين الكوراني ، لأنه كان قد شتم الملك الظاهر ، وأهان أفراد عائلته إهانة بالغة ، فنهبت داره ، وقيد بقيد زنته ثمانون رطلا ، وفي ثاني يوم تسلمه الوالي الجديد، وقيده في باشة وزنجبيل وأنزله إلي بيته ، فضربه مقترحا ، وعصره، ثم عصر ركبته، ثم أحضره بعد ذلك وعصره عصرأ شديدة ، ثم تسلمه مشد الدواوين وعصره عصر شديدأ ، وفي السنة 793 أمر الظاهر بتوسيطه ، فقام والي القاهرة ، بتوسيطه ( تاريخ ابن الفرات 197/9 ، 198، 203، 257).

وفي السنة 792 نزل السلطان ، واعتر المساجين بخزانة شمائل ، فأفرد منهم سبعة وثلاثين ، أمر بثلاثة منهم فغرقوا في النيل ، وسمر منهم سبعة ، ثم وسطهم ، وقتل الباقين في السجن ( النجوم الزاهرة 28/12 ).

وفي السنة 792 انتفض أهالي بانقوسا ، علي كمشبغا صاحب حلب ، ونصبوا عليهم رجلا يعرف بالحرامي ، فحاربهم ثلاثة أيام ، فانكسر الحرامي ، وقبض كمشبعا عليه وعلي أخيه ، وعلي كثير من الأتراك والأمراء والباقوسية نحو الثمانمائة فوطهم أجمع، وخربت بانقوسا ، وأحرقت ، وصارت أرضها دكا قاعا صفصفا . ( نزهة النفوس 307).

وفي السنة 792 أغار الأمير يلبغا الناصري علي آل علي ، في منطقة دمشق ، وقبض علي جماعة منهم ، يبلغ عددها مائتي نفس ، فوطهم جميعا ( النجوم الزاهرة 16/12 ).

أقول : ورد الخبر في نزهة النفوس ( ص 310) أن الذي اغار علي آل علي ، ووسط المائتين هو الأمير منطاش .

ص: 501

وفي السنة 793 قبض السلطان بالقاهرة علي جماعة من الأمراء والمماليك ، فوط منهم جماعة ببركة الكلاب ( بدائع الزهور 443/2/1-444)

وفي السنة 793 أحضر للقاهرة نحو السبعين نفرا من العربان الزهور ، كانوا قد أفسدوا، وقطعوا الطريق ، فرسم السلطان بتسميرهم ، وتوسيطهم، فسمروا ووشطوا ( تاريخ ابن الفرات 248/9 ).

وفي السنة 793 قبض الملك الظاهر علي عدد من أمرائه ، وعصر منهم أسندمر وسقط ، ثم أمر السلطان بتسميرهم ، فسمرهم والي القاهرة ، في دار الوالي ، وأخرجهم، وشق بهم القاهرة ، وأطلعهم الي تحت قلعة الجبل ، ثم مضي بهم إلي المحاير ، ووسطهم، مثل الحرامية (تاريخ ابن الفرات 252/9)

وذكر صاحب نزهة النفوس ، هذا الخبر ضمن أخبار السنة 793 فقال : وفي السنة 793 سمر أسندمر الشرفي رأس نوبة ، وأقبغا الظريف البجاسي ، واسماعيل التركماني ، أمير البطالين في أيام منطاش ، وكزل القرمي ، وصربغا ، وأشهروا بالقاهرة، وتوجهوا بهم إلي الكوم فوطوا، وقال المقريزي : لم يعهد مثل هذا الأ لقطاع الطرق ( نزهة النفوس 326).

وفي السنة 793 أمر السلطان برقوق ، بتوسيط احمد بن علي بن الطشلاق ، والي قطيا ، لجريرة صدرت منه ، فوط ( تاريخ ابن الفرات 263/9)

وفي السنة 793 قبض علي خمسة من الأمراء بالقاهرة ، ومعهم قطلوبك الذي كان نائب السلطنة بصفد ، ووسطوا ، ودفنوا بالكوم ( تاريخ ابن الفرات 258/9 ).

ص: 502

وفي السنة 793 قبض السلطان برقوق ، علي أمراء آخرين بالقاهرة ، وأمر والي القاهرة بقتلهم ، فقتلهم ، قيل إنه وسطهم ، وقيل إنه خنقهم ( تاريخ ابن الفرات 259/9 ).

وفي السنة 794 عمد بعض المماليك الي قلعة دمشق ، وأخرجوا من كان في سجنها من المماليك المحبوسين ، وكانت عدتهم نحو مائة مملوك ، ثم اجتمعوا جميعا ، وقتلوا نائب القلعة ، وملكوها ، فحاصر العسكر القلعة ، وأحرقوا بابها ، وأسروا هؤلاء المماليك، ووسطوهم تحت القلعة ( بدائع الزهور 2/1/ 451).

وفي السنة 796 اعتدي قوم من عربان أولاد عيسي علي سبق سقائي السلطان فأمر السلطان برقوق ، بتوسيط أولاد عيسي الموجودين في خزانة شمائل ، فأخرجوا وعددهم واحد وعشرون ، وجري توسيطهم ( تاريخ ابن الفرات 380/9 ).

وفي السنة 799 ورد إلي مصر رسل تيمورلنك ، وهم أربعة، ومعهم رسالة من تيمورلنك ، فلما قريء الكتاب علي السلطان بمصر ، اغتاظ، وأمر بقتل الرسل ، فقتلوا توسيطأ، وعلقوا ( اعلام النبلاء 489/2 - 490).

وفي السنة 800 رسم سلطان مصر ، بتوسيط شاهين دوادار الأتابكي كمشبغا ، فسمر، وأشهر علي جمل ، وطيف به ، ثم وسط في بركة الكلاب ( بدائع الزهور 493/2/1 ).

وفي السنة 800 قبض السلطان علي سبعة أنفس من حاشية علي باي ، ورسم بتسميرهم، فسمروا علي جمال وطافوا بهم في القاهرة ، ثم وطوا جميعا عند بركة الكلاب ( بدائع الزهور 508/2/1 ).

وفي السنة 801 ثم توسيط الأمير أقبغا الفيل، من مماليك الظاهر برقوق ، وأحد إخوة علي باي المقتول ، جري توسطه مع سبعة من المماليك ( الضوء اللامع 318/2 ).

ص: 503

وفي السنة 802 قتل توسيطأ شعبان ابن شيخ الخانقاه البكتمرية بالقاهرة ، لأنه خدع امرأة ، فخنقها في تربة ، وأخذ سلبها ، وظهر امره بعد أن أخذ أبوه وحبس بالخزانة ، فلما قبض علي الولد شعبان، ضرب فاعترف ، فقتل، بعد أن سمر، ثم وسط، ( الضوء اللامع 305/3 ).

وفي السنة 803 حارب متيريك ، أمير حارثة ، دقماق المحمدي نائب صفد ، فانكسر دقماق ، واستنجد بالأمير شيخ نائب طرابلس ، فأنجده، وكسرا متيريك ، وأسرا له ولدين، وطاهما . ( بدائع الزهور 631/2/1).

وفي السنة 803 بعث تيمورلنك إلي الأمير سودون نائب الشام رسولا ، فأمر بالرسول فوط ( النجوم الزاهرة 220/12 ).

وفي السنة 807 قبض بمصر علي رجل من أهل الجرائم، بمدينة بلبيس ، فوط ، وعلق خارج المدينة ، فجاء رجل أخذ قلبه وكبده ليأكلها ، حمله الجوع علي ذلك . ( بدائع الزهور 706/2/1 ).

وفي السنة 809 وقع في قبضة الأمير شيخ ، عدة من المماليك السلطانية ، فوط منهم تسعة . ( بدائع الزهور 2/1/ 773) .

وفي السنة 809 طلب ابن التركية، من الأمير يشبك الأمان ، فأمنه ، وحلف له ، فلما قدم عليه ، قبض عليه ، وسلمه للسلطان ، فوطه ، وعلق رأسه علي باب زويلة . ( بدائع الزهور 2/1/ 771).

وفي السنة 812 غضب السلطان علي دوادار الأمير شيخ ، وعلي إمام قبة الصخرة ، فأمر بتوسيط الدوادار ، فوط، وضرب الإمام علقة قوية ( بدائع الزهور 2/1/ 800).

ففي السنة 814 خرج الأمير حزمان الظاهري عن طاعة السلطان ، وفر پريد دمشق ، فاعتقل بغزة ، وحمل الي مصر ، فحبسه الناصر أيام ، ثم قتله توسيط ( الضوء اللامع 90/3 )

ص: 504

وفي السنة 824 قبض السلطان الناصر علي الأمير سودون الظاهري ، وحبسه ، ثم أمر فوط تحت قلعة الجبل ( الضوء اللامع 282/3 ).

وفي السنة 830 قتل الأمير كمشبغا الظاهري ، قتله بعض مماليكه الأجلاب وهو نائم علي فراشه لي ، وقبض علي المملوك القاتل ، فضرب، وأشهر، وقتل توسيطا ( الضوء اللامع 230/6 ).

وفي السنة 836 كان سلطان مصر ، الملك الأشرف سيف الدين ابو النصر برسباي ، يحاصر آمد، فقدم عليه الملك الأشرف شرف الدين احمد بن الملك العادل سليمان الأيوبي ، صاحب حصن كيفا ، للسلام عليه ، فلما قارب العسكر ، خرج عليه عدة من أصحاب قرايلك المستولي علي آمد ، فقتلوه غيلة وقتلوا معه قاصد السلطان المتوجه معه ، فاشتد ذلك علي السلطان وأحضر أسري من جماعة قرايلك عشرين رجلا ، ثم أحضر ثلاثين آخرين ، ووسط الجميع تجاه قلعة آمد ، ثم احضر واحدا وعشرين آخرين بينهم قرا محمد، أحد أمراء قرائلك ، وبينهم صاحب ماردين ، فوسط قرا محمد وعشرين آخرين معه ، واتفق أن أحد الأسري انحل وثاقه ، فمر يعدو ، والعسكر ينظره فما رماه أحد بسهم ، ولا قام في طلبه ، حتي نجا، وطلع القلعة ( جوليات دمشقية 67).

ولما قوي المرض في السنة 841 علي الملك الأشرف برسباي ، وسط طبيبه العفيف الأسلمي رئيس الأطباء ، وطبيبة آخر اسمه زين الدين خضر ، فلما قدم العفيف للتوسيط استسلم وثبت حتي صار قطعتين ، وقدم خضر ، فريع ، وجزع جزعا شديدا ، ودافع عن نفسه ، وصاح ، وبكي ، فتكاثروا عليه ، ووسطوه توسيط معبأ ، لتلويه واضطرابه ( شذرات الذهب 239/7 ) .

وفي السنة 841 توفي الأمير سليمان بن أرخن ( أو رخان ) بك بن محمد كرشجي ، وعمره خمس عشرة سنة ، وكان جده ملك بلاد الروم ،

ص: 505

فلما مات قبض ابنه مراد الذي خلفه ، علي أخيه والد صاحب الترجمة الأمير سليمان ، وسمل عينيه وحبسه ، ومنعه من مراجعة النساء، كي لا يولد له ، فدت اليه جارية ، فأولدها سليمان وابنة سميت شاهزاده ، ومات الأب أرخن في حبسه ، ففر بالطفلين مملوك لهما ، وقدم بهما علي الأشرف برسباي ، فأكرمهما، وضم سليمان إلي ولده العزيز يوسف ، وأخته إلي الحرم السلطانية ، ثم رام المملوك الفرار بهما إلي الروم ، فأخذهما وركب بهما النيل ، وعلم السلطان بذلك ، فأرسل من يستدعيهما ، فلحقوا بهم قبل خروجهم إلي البحر ، وقتل المملوك توسيطا ، وقطع أيدي جماعة ممن كان معه، وأعيد الأمير سليمان فحبس بالبرج ، ثم أطلق ومات في السنة 841 بالطاعون، أما شاهزاده فتزوجها العزيز ثم خلف عليها الظاهر ( الضوء اللامع 262/3)

وفي السنة 843 عاد الأمير شهاب الدين أحمد، أحد خواص الظاهر من الحجاز وكان قد توجه لقتال بلي من عرب الحجاز ، فعاد ومعه جماعة أسري ، فسمروا ثم وسطوا الضوء اللامع 237/1 ) .

وفي السنة 850 أمر الأمير يلخجا الناصري ، نائب السلطان بغزة ، وهو علي وشك الموت، بتوسيط جماعة كانوا في سجنه ، فوشطوا ( الضوء اللامع 291/10 ).

وفي السنة 857 رسم السلطان الملك الأشرف بتوسيط ثلاثة من أهل القاهرة ثبت انهم كانوا يحضرون عندهم بنات الخطا، فإذا بتن عندهم ، قتلوهن ، وأخذوا ما عليه من القماش ، وفعلوا ذلك غير مرة ، حتي غمز عليهم ، فأشهر وهم في القاهرة، وقدامهم أقفاص حمالين فيها « عظام الأموات التي كانوا يقتلونها من النساء ، وكان لهم يوم مشهود ( بدائع الزهور 41/2)

ص: 506

وفي السنة 868 قتل توسيطأ الأمير برسباي الأشرفي الظاهري ، وكان قد تأمر علي قتل الدوادار جانبك، ثم أتفق مع بعض المماليك علي قتل السلطان ، فبلغ السلطان ذلك ، فأمر به فأحضر ، وضرب أكثر من ألف عصا ، ثم وطه في الحوش ( الضوء اللامع 7/3).

وفي السنة 878 قتل توسيط الأمير اقباي الظاهري ، لأنه قتل مملوك للزيني الاستادار، ولم يقبل السلطان منه ولا من رفقته دفع ألف دينار لمستحقي الدية ، لكثرة شره وضرر المسلمين من جهته ( الضوء اللامع 314/2 ).

وفي السنة 922 ولي الأمير خاير ، نيابة السلطنة بمصر ، ولاه السلطان سليم العثماني لما فتح مصر ، وكان من جملة ما عمله أن أحضر إبراهيم معلم دار الضرب ، وأمر بتوسيطه ، فوسط ( اعلام النبلاء 433/5 ).

وكان التوسيط ، في القرن العاشر بمصر ، جزاء من يروج العملة الزائفة ( بدائع الزهور ، صفحات لم تنشر ص 40 و52 ) .

وفي السنة 922 أمر السلطان الغوري ، بالأمير يونس ، نائب عينتاب فوط ( الاعلام النبلاء 148/3 ).

وفي السنة 922 رسم السلطان بتوسيط خمسة أنفار من المنسر الذي شاع أمره في القاهرة ، فوطوا، وكان رئيسهم يسمي أبا عزراييل ( بدائع الزهور 8/5).

وفي السنة 927 بلغ ملك الأمراء بمصر ، أن فقيها اسمه محمد بن شمس الدين الفرنوي ، تمني الخلاص من الأتراك ، فأحضره وأمر بتوسيطه ، فوط في الرملة . ( بدائع الزهور 378/5 ).

وفي السنة 927 قبض ملك الأمراء علي غلام اتهمه بأنه رسول الغزالي إلي الأمراء بالقاهرة ، فرسم بتوسيطه ، فوسط عند باب السلسلة ، قريب المغرب ( بدائع الزهور 376/5 ).

ص: 507

وفي السنة 927 رسم ملك الأمراء بتوسيط تركي اسمه إياس ، تحدث عن ملك الأمراء، بما أحنقه فوسط بسوق الخيل . ( بدائع الزهور 377/5 ).

وفي السنة 945 كان أمير الحاج المصري ، الذي وصل إلي مكة ، الأمير صغصغان مصطفي ، ويسميه العرب : مصطفي النشار ، وسبب هذه التسمية ، لأنه نشر بعض قطاع الطرق ، نصفين بالمنشار ( البرق اليماني 88)

ص: 508

الفصل الثاني : القتل بالة من آلات القتل الأخري

اشارة

آلات القتل كثيرة ، ولكن السيف كان أشهرها، وأكثرها استعمالا ، هذا إلي أن حلت الرصاصة محله ، والآلات الأخري التي كان يتم بها القتل ، منها العمود الذي يشدخ به ، وقد أفردنا له بحثا، والسهام يرشق بها، وقد أفردنا لها بحثا ، وأفردنا بحثا آخر للقتل بالطبرزين ، وبحثا رابعأ للقتل قعصة بالرماح ، وبحثا خاصا للقتل بالبارود والرصاص ، أما القتل بأدوات غير معدة للقتل ، فقد أفردنا لها فصلا خاصا ، هو الفصل الثالث ..

وعلي ذلك ، فإن الفصل الثاني ، يشتمل علي خمسة أقسام :

القسم الأول : القتل بالشدخ بالعمود .

القسم الثاني : القتل بالرشق بالسهام .

القسم الثالث : القتل بالضرب بالطبرزين .

القسم الرابع : القتل قعصة بالرماح وما يشبه الرماح .

القسم الخامس : القتل بالبارود والرصاص .

ص: 509

القسم الأول : القتل بالشدخ بالعمود

الشدخ : الكسر . والعمود : القضيب من الحديد ، وكذلك الجرز ، هو العمود من الحديد ، والبغداديون يسمونه : كراز ، وإذا كان العمود من الخشب ، سمي خشبة، والبغداديون يسمونه : دونكي.

وأول من عذب بهذا اللون من العذاب ، علي ما بلغنا، أميران غلامان أمونيان، هما الحكم وعثمان ، ولدا الوليد بن يزيد ، وكان قد بايع لهما من بعده ، فلما قتل الوليد ، اعتقل ولداه ، فلما توفي يزيد بن الوليد ، المعروف بالناقص ، وانتقض أمر أخيه إبراهيم من بعده ، سار مروان بن محمد ، المعروف بالجعدي ، من أرمينية إلي الشام ، يطلب الخلافة ، فتصدي له جند الشام بقيادة سليمان بن هشام ، في مائة وعشرين ألفا ، وكان مروان في ثمانين ألفا ، فانكسر جند الشام ، وقتل منهم نحوا من سبعة عشر ألفا ، ولما وصل سليمان مع فل العسكر إلي دمشق ، قال بعضهم لبعض : إن بقي الغلامان ابنا الوليد، حتي يقدم مروان ، ويخرجهما من الحبس ، ويصير الأمر إليهما ، لم يستبقيا أحدا من قتلة أبيهما، والرأي أن نقتلهما، وولوا ذلك يزيد بن خالد القسري ، فأرسل يزيد مولي لأبيه يقال له خالد الأسعد، في عدة من أصحابه ، فدخل السجن ، وقتل الغلامين شدخأ بالأعمدة ، وأخرج يوسف بن عمر ، فضرب عنقه ( الطبري 300/7 - 302) .

وفي السنة 135 بلغ أبا داود ، القائد العباسي ، أن أحد قواده عيسي بن

ص: 510

ماهان ، قد عابه في رسائل عدة كتبها إلي قوم ، فأحضره ، وحبسه ، ثم دعا به ، وذكره صنائعه إليه ، وإنه كان يؤثره علي أولاده ، فأقر بذلك ، فقال له أبو داود : فكان جزاء ما صنعته معك ، أن سعيت بي ، وأردت قتلي ، فأنكر ذلك ، فأخرج رسائله بخطه ، فضربه أبو داود حدين ، ثم قال له : أما إني تركت ذنبك لك ، ولكن الجند أعلم ، فأخرج في القيود ، فلما أخرج من السرادق ، وثب عليه حرب بن زياد ، وجعفر بن دينار ، فضرباه بعمود وبطبر زين فوقع إلي الأرض ، وعدا عليه الآخرون فأدخلوه في جوالق ، وضربوه بالأعمدة حتي مات ( الطبري 467/7 ) .

ولما صار عبد الله بن علي ، إلي نهر أبي فطرس ، في فلسطين ، نادي بالأمان لبني أمية ، فاجتمع إليه جماعة منهم يزيد عددهم علي الثمانين ، فلما أخذوا مجالسهم ، قام سديف الشاعر ، فأنشده :

لا يغرنك ماتري من رجال **** إن بين الضلوع داء دويأ

فضع السيف وأرفع العفو حتي **** لا تري فوق ظهرها أموا

فأمر عبد الله بن علي ، الجند ، فشد خوهم بالأعمدة ، حتي أتوا علي جميعهم ، ثم أمر بالبسط ، فبسطت علي القتلي ، وأمر بالطعام فمد بين أيدي الناس . ( العيون والحدائق 207/3 و 208).

وذكر أن السفاح دخل عليه مشايخ بني أمية ، ففاخره أحدهم ، ودخل الشاعر سديف فأنشده قصيدة ذكره فيها بظلم بني أمية وقتلهم بني هاشم ، فاحمرت عينا السفاح ، وأمر جند خراسان ، فشد خوهم بالخشب ، حتي قتلوهم راجع التفصيل في كتاب الهفوات النادرة ص 105 - 107.

أقول : كنت قد أوردت بتفصيل خبر قتل هؤلاء الأمويين ، في القسم الأول : الفتك ، من الفصل الأول : القتل بالسيف ، من هذا الباب ؛ أي

ص: 511

الباب الحادي عشر ، لاقتضاء السياق بأيراد أخبار مقاتل بني أمية في موضع واحد.

ولما حج أبو جعفر المنصور في السنة 144 أغراه رياح ، عامله علي المدينة ، بمحمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان ، وقال له : يا أمير المؤمنين ، أما أهل خراسان فشيعتك وأنصارك ، وأما أهل العراق فشيعة آل أبي طالب ، وأما أهل الشام فإن أخاهم محمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان ، فلو دعاهم ما تخلف منهم أحد، فوقع الحديث في نفس أبي جعفر ، ودعا محمد بن عبد الله ، فأغلظ له ، وقال له : يا ابن اللحناء ، وأمر به فكبل وغل ، وضربه علي وجهه بالجرز ، ثم ضرب بالردة وحمل مع بني الحسن إلي العراق ، وروي أن عبد الله بن الحسن جزع جزعا شديدا عندما آنبعث بعير محمد بن عبد الله وهو غافل لم يتأهب ، وفي رجليه سلسلة وفي عنقه زمارة ، فهوي ، وعلقت الزمارة بالمحمل ، فأصبح منوطأ بعنقه يضطرب ، وعندئذ بكي عبد الله بن حسن بكاء شديدا ، وقال : إنا لله وإنا إليه راجعون ، والله ، إن كنا لنأمن به في سلطانهم ، ثم أصيب بنا في سلطاننا ، ( الطبري 543/7 و 547).

ولما جيء إلي المنصور في السنة 145 برأس براهيم بن عبد الله بن الحسن ، قتيل باخمري ، بصق في وجه إبراهيم رجل من الحرس ، فأمر به المنصور ، فضرب بالعمد ، فهشمت أنفه ووجهه ، وضرب حتي خمد ، ثم جروا برجله فألقوه خارج الباب . ( ابن الأثير 571/5 ).

ودخل العباس بن محمد العلوي ، علي الرشيد ، فشتمه الرشيد ، وقال له : يا ابن الفاعلة ، فقال له : تلك أمك التي تواردها النخاسون ، فأمر به ، فأدني منه ، ثم ضربه بالجرز ، حتي قتله . ( مقاتل الطالبيين 498) .

وكان عبد الرحمن بن عبد الملك بن صالح العباسي، سعي بأبيه عبد الملك إلي الرشيد ، واتهمه بأنه يسعي لنفسه في طلب الخلافة ، فحبس

ص: 512

الرشيد عبد الملك عند الفضل بن الربيع ، ولما مات الرشيد أطلق الأمين عبد الملك ، وأسلم إليه ولده عبد الرحمن فهشم عبد الملك وجه ولده بالعمود حتي قتله ( اعلام النبلاء 171/1 - 177).

وفي السنة 255 لما أراد الاتراك خلع المعتز ، دخلوا عليه ، وضربوه بالدبابيس حتي خرقوا قميصه ( الطبري 389/9 ) .

واغتال جماعة من أصحاب أبي عبد الرحمن العمري ، صاحبهم ، وحملوا رأسه إلي أحمد بن طولون ، يتقربون بذلك إليه ، فأمر بهم فضربوا حتي سقطوا ، ثم أمر بهم فشدخت رؤوسهم ، حتي ماتوا ( المكافأة 117 و118).

أقول : كان سبب ظهور أبي عبد الرحمن العمري ، واسمه عبد الحميد بن عبد العزيز بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، إن البجاة ، بجنوبي مصر ، أقبلت في يوم عيد ، فنهبوا ، وقتلوا ، وعادوا غانمين ، وفعلوا ذلك مرات ، فخرج هذا العمري غضبة لله وللمسلمين ، وكمن لهم في طريقهم ، فلما عادوا خرج عليهم ، وقتل مقدمهم ، ودخل بلادهم فنهبها ، وقتل فيهم فأكثر ، وتابع عليهم الغارات حتي أدوا إليه الجزية ، فلما اشتدت شوكة العمري ، وكثر أتباعه ، سير إليه أحمد بن طولون جيش كثيفة ، فلما التقوا ، تقدم العمري ، وقال لمقدم الجيش : لا شك أن ابن طولون لم يعرف خبري علي حقيقته ، فإني لم أخرج للفساد ، ولم يتأثر بي مسلم ولاذمي ، وإنما خرجت طلبا للجهاد ، فاكتب إلي الأمير أحمد بحالي ، فإن أمرك بالإنصراف فإنصرف ، وإن أمرك بغير ذلك كنت معذورأ ، فلم يجبه إلي ذلك ، وقاتله ، مظفر العمري وانهزم جيش ابن طولون ، فلما عادوا إليه أخبروه بحال العمري ، فقال أحمد، كنتم أنهيتم حاله إلي ، فإنه نصر عليكم ببغيكم ، وتركه ( ابن الأثير 264/7 ) ثم صار إلي أحمد جماعة تقارب العشرة ومعهم رأس ، فقالوا : نحن غلمان العمري ، وهذا رأسه ، فجمع أحمد الخاص

ص: 513

والعام ، وأدخلهم ، وأستحضر قومأ آستامنوا إليه ، وسألهم عن الرأس ، فأيدوا أنه رأس العمري ، وإن الغلمان من خاصته ، فقال لهم أحمد : هل كان مسيئا إليكم ؟ قالوا : لا والله ، ولقد كان محسنا إلينا ، ومفضلا علينا ، قال : فما حملكم علي قتله ؟ قالوا : طلبنا الحظوة عندك ، والمكانة منك ، فقال : قتلتم مولاكم المحسن إليكم بالتطرب إلي المزيد ، ثم أمر بهم ، فشق عن جماعتهم ( عراهم ) ، وأخذتهم السياط حتي سقطوا ، وضربوا علي رؤوسهم بالشادوخ حتي ماتوا جميعا ، وأمر بدفن رأس أبي عبد الرحمن .

وذكر التنوخي في كتاب نشوار المحاضرة ، قصة أحد قواد المعتضد ، لما غصب امرأة راها في الطريق علي نفسها ، فقد أحضره أمامه ، وأمر بأن يحضروا الجوالق ، ومداق الجص ، وقيود ، وغلا، فقيده ، وغله ، وأدخله الجوالق ، وأمر الفراشين فدقوه بمداق الجص ، وهو يصيح ، حتي انقطع صوته ، ومات ، ثم أمر به فغرق في دجلة ، راجع القصة في نشوار المحاضرة ج 1 ص 317 رقم القصة 172 .

وظهر لدي المعتضد، أن أحد وزرائه ، أغري بعض الشهود ، فشهدوا علي زواجه بفتاة تعشقها ، فأمر بصلب الشهود ، وأن يوضع الوزير في جلد ثور طري السلخ ، ويضرب بالمزارب حتي يختلط عظمه ولحمه بدمه ، ثم أمر به أن يرمي للسباع ( تحفة المجالس للسيوطي 311 - 314) .

وفي السنة 312 قبض علي المحسن في منتصف الليل ، فحمل الي دار الوزارة ، فأوقع به مكروه غليظ ، وقيد ، وغل، وألبس جبة صوف ، وضرب علي رأسه بالدبابيس ، وعذب أنواع العذاب ، حتي تدود بدنه . ( تجارب الأمم 133/1 و136).

وفي السنة 329 نكب أبو عبد الله الكوفي كاتب بجكم ، هارون اليهودي جهبذ ابن شيرزاد ، وبقي عليه من مصادرته ستون ألف دينار ، فأخذت داره ، وكانت قديما لإبراهيم بن أحمد المادرائي ، راكبة دجلة

ص: 514

والصراة ، وفيها بستان أبي الفضل الشيرازي ، ودار المرتضي ، وحمل هذا اليهودي ألي بجكم بواسط فضرب بين يديه بالدبابيس حتي مات ( تجارب الأمم 9/2).

وكان أبو الحسن أحمد بن محمد، المعروف بابن أبي عمر ، يتقلد ديار مضر لابن رائق ، فأغار عيها عمار القرمطي ، وطالب ابن أبي عمر بالمال لأصحابه ، فقال : ما معي شيء ، ولو قتلتني وصلبتني ، فقال : علي أن أفعل بك ذلك ، وقتله ، وصلبه ، فلم يزل ابن رائق يحتال علي عمار ، حتي حضر مجلسه ، ثم قبض عليه ، وأمر من بحضرته من الأتراك بدقه بالأعمدة ، فلما كاد أن يموت ، قال : أذيقوه حد السيف ، فأخذ رأسه ، وصلبه في المكان الذي صلب فيه عامله ابن أبي عمر ، راجع التفصيل في كتاب نشوار المحاضرة في القصة 59/8 .

وفي السنة 384 وصل صمصام الدولة إلي الأهواز ، ليهاجم جند بهاء الدولة الأتراك ، فانتصر الأتراك ، واستسلم من ديلم صمصام الدولة أكثر من ألفي رجل ، فجمعهم طغان قائد بهاء الدولة في خيم ضربها لهم ، ثم قال لأصحابه : هؤلاء قوم موتورون ، وعدتهم أكثر من عدتنا، وأن استبقيناهم خفنا ثورتهم ، وأن خلينا عنهم لم نأمن عودتهم ، واستقر رأيهم علي قتلهم ، فطرحوا الخيم عليهم ، ودقوهم بالأعمدة ، حتي أتوا عليهم ( ذيل تجارب الأمم 257).

وفي السنة 465 هاجم يوسف الخوارمي ، السلطان ألب أرسلان السلجوقي ، وطعنه بخنجر ، فتصدي ليوسف أحد الفراشين ، وضربه علي رأسه بمرزبة ( عصا من الحديد ) فقتله ، وقطعه الأتراك ، وكان السلطان ألب أرسلان، واسمه محمد، قصد ما وراء النهر ، في عسكر يزيد علي مائتي ألف فارس ، فأتي بمستحفظ قلعة اسمه يوسف الخوارزمي ، وحمل إلي قرب سريره مع غلامين قد أمسكا به ، فأمر أن تضرب له أوتاد أربعة ، وأن تشد

ص: 515

أطرافه إليها ، فقال له يوسف : يا مخنث ، مثلي يقتل هذه القتلة ؟ فغضب السلطان ، وأخذ القوس والنشاب ، وقال للغلامين : خلياه ، فخلياه ، ورماه السلطان فأخطأه ، وكانت لا تخطيء رميته ، فوثب يوسف پريده ، والسلطان علي سدة ، فقام عن سدته ، فعثر ، ووقع علي وجهه ، فبرك يوسف عليه ، وطعنه بسكين كانت معه في خاصرته ، فضرب بعض القراشين يوسف بمرزبة علي رأسه ، فقتله ، وقطعه الأتراك ( ابن الأثير 73/10 ).

وفي السنة 541 قتيل أمير حاجب عبد الرحمن طغايرك ، بأن ضربه زنكي الجاندار ، بقضيب من الحديد وهو في موكبه ، علي رأسه ، فسقط إلي الأرض ، وأجهز عليه ، وكان طغايرك هذا ، صاحب خلخال ، وبعض أذربيجان ، والحاكم في دولة السلطان مسعود السلجوقي ، وليس للسلطان معه حكم ، وأصبح السلطان في يده مثل الأسير ، حتي أن غلام كان للسلطان اسمه بك أرسلان ، ويعرف بخاص بك ، رباه السلطان ، وقربه ، فأبعده عبد الرحمن عنه ، فاستدعي خاص بك ، جماعة من القواد ، وتحدث معهم في قتل عبد الرحمن ، فخافوا الإقدام علي ذلك ، إلا رجلا اسمه زنكي وكان جاندارا ، فإنه بذل من نفسه أن يبدأه بالقتل ، فبينما عبد الرحمن في موكبه ، ضربه الجاندار بمقرعة حديد كانت في يده علي رأسه ، فسقط إلي الأرض ، فأجهز عليه خاص بك ، وأعانه علي حماية زنكي والقائمين معه ، من كان واطأه علي ذلك من الأمراء ، وكان قتله بظاهر جنزة ( ابن الأثير 116/11).

ص: 516

القسم الثاني: القتل رشقة بالسهام

ومن ألوان العذاب التي مارسها المعذب ( بكسر الذال ) بقصد الانتقام من المعذب ( بفتح الذال ) أن ينصب المعذب غرضة ، ويرمي بالسهام .

وأول من عذب بهذا اللون من العذاب علي ما بلغنا، ثقيف ، فإنهم رموا عروة بن مسعود بالنبل ، فقتلوه ، وسبب ذلك ، إن عروة بن مسعود الثقفي ، وفد علي النبي صلوات الله عليه ، وأسلم ، واستأذنه في العودة إلي قومه ، ليدعوهم إلي الإسلام ، فقال النبي ، إنهم قاتلوك ، فقال : يا رسول الله ، أنا أحب إليهم من أبكارهم ، وعاد إلي قومه ، ودعاهم إلي الإسلام ، فرموه بالنبال ، فقتلوه ( نور اليقين 215) .

وفي السنة 66 بعث المختار الثقفي ، قائده عبد الله بن كامل، إلي حكيم بن طفيل الطائي ، وكان في موقعة الطف بكربلاء ، قد أصاب سلب العباس أخي الإمام الشهيد الحسين ، ورمي الحسين الشهيد بسهم ، وكان يقول : تعلق سهمي بسر باله ، وما ضره ، فأتاه عبد الله بن كامل ، فأخذه ، ثم أقبل به ، وذهب أهله فاستغاثوا بعدي بن حاتم الطائي ، فلحقهم في الطريق ، وكلم عبد الله بن كامل فيه ، فقال له : مالي من أمره شيء ، إنما أمره إلي الأمير المختار ، فذهب عدي يريد المختار ، وخشي عبد الله ، أن يشفع المختار عدية في أمره ، فنصبه في الطريق غرضة للسهام ، وقال له : سلبت ابن علي بن أبي طالب ثيابه ، والله ، لنسلبنك ثيابك وأنت حي تنظر ،

ص: 517

فنزعوا عنه ثيابه ، ثم قالوا له : رميت حسين وآتخذته غرضا لنبلك ، والله النرمينك كما رميته ، ورموه رشقا واحدا ، فخر ميتا وكأنه قنفذ لما عليه من النبل ، وعاد ابن كامل إلي المختار ، فوجد عديأ عنده ، فسأله عن حكيم ، فقال : غلبتنا عليه الشيعة ، فقتلوه ( الطبري 63/6 وابن الأثير 242/4 وانساب الاشراف 238/5 ) .

ونصبت قيس ، عبد الله بن الحارث غرضة للسهام ، وقتل رشقا بالنبال ، وتفصيل ذلك : إن عبد الله بن الحارث هجا قيس عيلان فقال :

ألم تر قيس قيس عيلان ، برقعت **** لحاها، وباعت نبلها بالمغازل

ثم إن عبد الله فارق مصعب بن الزبير ، ولحق بعبد الملك بن مروان ، وقال يعتب علي مصعب ، ويلومه علي تقديم سويد بن منجوف عليه :

بأي بلاء أم بأية علة **** يقدم قبلي مسلم والمهلب

ويدعي ابن منجوف أمامي كأنه **** خصي دنا للماء من عبر يشرب

ثم إن قيسأ أخذت عبد الله بن الحارث ، ونصبته غرضأ ، وجعلوا يرمونه بالنبل ، ويقولون له : أذات مغازل تري ؟ ولما أتي مصعب بن الزبير برأسه ، قال لسويد بن منجوف : يا أبا المنهال كيف تري ؟ قال : أيها الأمير ، هو - والله - الذي أتي الماء من عبر يشرب ( الحيوان 134/1 ).

ولما حاصر قتيبة بن مسلم ، سمرقند ، تقدم أحد المحصورين فشتم قتيبة ، فأمر قتيبة أن يختاروا له من عسكره ، أحسن راميين ، فجيء بهما ، فسألهما : أيكما يرمي هذا الذي يشتمني فإن أصابه فله عشرة آلاف درهم ، وإن أخطأه قطعت يده ، فنكص أحدهما ، وتقدم الآخر ، فرماه ، فلم يخطيء عينه وقتله ، فأمر له بعشرة آلاف درهم . ( الطبري 6/ 474 ) .

ص: 518

وفي السنة 138 قتل ملبد بن حرملة الشيباني ، من كبار الثوار في صدر أيام العباسيين ، خرج علي المنصور ، فحاربه خازم بن خزيمة ، فثبت لهم ملبد ثبات عجيبة ، فرشقوه بالنشاب حتي قتلوه . ( الاعلام 216/8) .

وفي السنة 197 احتل جيش المأمون بقيادة طاهر بن الحسين المحلات المحيطة بمدينة المنصور ، وحصر محمد الأمين ، فأمر محمد برمي الحربية بالنفط والنيران ، بالمجانيق والعرادات ، وكان الذي يرمي رجل يعرف بالسمرقندي ، ( الطبري 446/8 و447 ) كان رامية لا يخطيء حجره ، فلما قتل محمد ، وقطع الجسر ، وأحرقت المجانيق ، طلب الناس السمرقندي ، وأخذوه ، فأخرجوه إلي شاطيء دجلة من الجانب الشرقي ، فصلب حيا ، وأقبل عليه الناس رميا بالحجارة والنشاب وطعن بالرماح حتي قتلوه ، ثم أحرقوه ( الطبري 498/8 ) .

وكان قطرب النحوي ، يؤدب أولاد أبي دلف العجلي ، فلما توفي في السنة206 قام ولده الحسن بتأديب الأولاد ، وحضر الحسن ، يوما، مع أبي دلف ، إحدي المعارك ، فأصاب رأسه سهم ، فسقط ، فحامي عنه أبو دلف ، وحارب أشد حرب ، حتي استنقذه ، وحمله إلي مأمنه ، وهو مغمي عليه ، وجمع له الأطباء ، وأمرهم باستخراج السهم ، فقالوا : إن خرج السهم ولم يخالط الدماغ ، عاش ، وإن خالطه لم يعش ، ففتح الحسن عينيه ، ورفع رأسه ، وقال للأطباء : انزعوه ، فلو كان عندي دماغ ، ما حضرت المعركة . ( الوافي بالوفيات 20/5 ).

وذكر علي بن حسن الرامي ، قال : كنا قد جمعنا علي السور ، علي باب الشماسية ببغداد ، في السنة 251 ، في الحرب بين جيش المستعين ببغداد ، وجيش الأتراك المحاصر لها بأمر المعتز وكنا جماعة من الرماة ، وكان مغربي يجيء حتي يقرب من الباب ، ثم يكشف آسته ويضرط ويصيح ، قال : فأنتحيت له سهما فأنفذته في دبره ، فسقط ميت ( الطبري 305/9 ) .

ص: 519

وفي السنة 267 أسر صندل الزنجي ، أحد قواد صاحب الزنج ، وكان يكشف وجوه الحرائر المسلمات ، ورؤوسهن ، ويقلبهن تقليب الإماء ، ومن امتنعت منهن ضرب وجهها ودفعها إلي بعض علوج الزنج يبيعها ، فأمر به أبو أحمد ( الأمير الموفق ) فشت بين يديه ، ورمي بالسهام ، ثم قتل . ( الطبري588/9 ).

وذكر ابن خلدون ، في تاريخه 322/3 أن المعتضد ، ظفر في حربه مع صاحب الزنج ، ببعض قواده ، فقتلهم رشقة بالسهام .

وكان المعتضد ربما أقام الرجل في أعلي القصر، مجردة ، موثقة ، أو يرمي بالنشاب حتي يموت ( مربع الذهب 496/2 ) .

ولما ولي جيش بن خماروية حكم مصر ، اعتقل أعمامه ربيعة ، ونصر ، وشيبان ، أولاد أحمد بن طولون ، وبعث خادمة فأخذ نصرة ، وأفرده في بيت ، فأقام خمسة أيام ، لا يطعم ولا يشرب ، والباب عليه مغلق ، ودخل عليه أصحاب جيش ، فرموه بأسهم ، فقتلوه . (النجوم الزاهرة 94/3)

وفي السنة 330 دخل أبو العباس بن شقيق ، بغداد ، ومعه رأس ماكان بن كالي الديلمي ، مع هدايا صاحب خراسان إلي المتقي ، وشهر رأس ما كان في شذاءة ، وكان علي الرأس خوذة ، وفيه سهم نفذ في الخوذة والرأس ، ومر من الجانب الآخر من الخوذة (تجارب الأمم 23/2 ) .

وفي السنة 412 حج الناس من العراق ، وكانوا قد إنقطعوا عن الحج في السنتين 410 و411، فلما كانت السنة 412 قصد جماعة من أعيان خراسان ، السلطان محمود بن سبكتكين ، وقالوا له : أنت أعظم ملوك الإسلام ، وأثرك في الجهاد مشكور ، والحج قد انقطع كما تري ، والتشاغل به واجب ، وقد كان بدر بن حسنويه ، وفي أصحابك كثير أعظم منه ، يسير

ص: 520

الحاج بتدبيره وماله عشرين سنة ، فأجعل لهذا الأمر حظا من اهتمامك ، فتقدم إلي قاضي قضاته ، بأن يسير بالحاج ، وأعطاه ثلاثين ألف دينار يعطيها للعرب ، سوي النفقة في الصدقات ، ونادي في خراسان بالتأهب للحج ، فأجتمع خلق عظيم ، وساروا ، وحج بهم أبو الحسن الأقساسي ، فلما بلغوا فيدا ، حصرهم العرب ، فبذل لهم قاضي القضاة خمسة آلاف دينار فلم يقنعوا ، وصمموا علي أخذ الحاج ، وكان مقدمهم رجل يقال له حماد بن عدي ، من بني نبهان ، فركب فرسه ، وعليه درعه وسلاحه ، وجال جولة يرهب بها ، وكان من سمرقند شاب يوصف بجودة الرمي ، فرماه بسهم فقتله ، وتفرق أصحابه ، وسلم الحاج ، فحجوا ، وعادوا سالمين ( ابن الأثير 325/9)

وفي السنة 434 خرج بمصر ، إنسان اسمه سكين يشبه الحاكم الفاطمي صاحب مصر ، وادعي أنه الحاكم قد رجع بعد موته ، فاتبعه جمع ، وقصدوا دار الخلافة ، ودخلوا إليها ، فحاربه حرس دار الخلافة ، وقتلوا قسمة من أصحابه ، وأسروا الباقين ، وصلبوا أحياء ، ورماهم الجند بالنشاب حتي ماتوا . ( ابن الأثير 513/9 ).

وفي السنة 468 قتل نصر بن محمود بن مرداس ، صاحب حلب ، في يوم عيد الفطر ، فإنه عيد ، وكان الوقت ربيعا ، وأحتفل الناس بالعيد ، وتجملوا بأفخر ملابسهم ، ودخل الشعراء علي نصر فأمتدحوه ، ثم خرج وقت العصر ، إلي مضارب الأتراك ، وأراد أن ينهبهم ، فرماه تركي بسهم في حلقه ، فقتله ( اعلام النبلاء 343/1 و344 ).

وفي السنة 511 اغتيل لؤلؤ الخادم ، اغتاله جماعة من أصحابه الأتراك ، اتهموه بأنه يريد قتل سيده سلطان شاه بن رضوان صاحب حلب ، فقتلوه رميا بالنشاب . ( ابن الأثير 531/10 ) .

ص: 521

وفي السنة 518 كان نور الدولة بلك ، صاحب حلب ، يحصر قلعة منبج ، فجاءه سهم عائر ، فوقع في ترقوته اليسري ، فانتزعه ، وبصق عليه ، وقال : هذا قتل المسلمين كلهم ، ومات لوقته ، وكان نور الدولة قد لبس الدرع ، ولم يزرها علي صدره ، فوقع السهم في الرقعة التي لم يزر عليها فقتله ( اعلام النبلاء 453/1 و510 ).

ولما عزم السلطان محمود السلجوقي ، علي قتل مؤيد الدين الطغرائي (453/1 -515 ) وزير السلطان مسعود أمر أن يشد إلي شجرة ، وأن يقف تجاهه جماعة بالسهام ، وأن يقف إنسان خلف الشجرة ، يكتب ما يقول ، وقال لأصحاب السهام : لا ترموه حتي أشير لكم ، فوقفوا ، والسهام مفوقة الرميه ، فأنشد الطغرائي في تلك الحالة :

ولقد أقول لمن يسدد سهمه **** نحوي وأطراف المنية شرع

والموت في لحظات أحور طرفه **** دوني وقلبي دونه يتقطع

بالله فتش في فؤادي هل تري **** فيه لغير هوي الأحبة موضع

أهون به لو لم يكن في طبه **** عهد الحبيب وسژه المستودع

فرق السلطان له ، وأمر بإطلاقه ، لكن وزيره أغراه بقتله ، فقتله ( معجم الأدباء 52/4 ).

وفي السنة 517 ظهر بالقاهرة ، رجل اسمه حميد القصار ، وكان قصيرة دميم الخلقة ، فادعي الربوبية ، واستغري جماعة ، فأخذهم الوزير المأمون البطائحي ، وصلبهم ومعهم القضار ، علي الخشب ، ورموا بالنشاب حتي ماتوا ( خطط المقريزي 460/1 ) .

ولما استولي الأمير حسن بن الحافظ الفاطمي ، علي السلطان في عهد أبيه الحافظ ، دامت أيامه ثلاث سنين (526 - 529 ) فظلم الناس ، وقتل ، وصادر ، وأذي ، فأمر الخليفة الأستاذ ابن إسعاف أن يقصد بلاد الصعيد،

ص: 522

وأن يجمع جيشا يطردبه الأمير حسن ، ليعيد سلطان الخليفة ، فمضي وعاد بجيش عظيم ، واصطدم بجيش حسن في معركة فاصلة ، فانتصر حسن ، ووقع الأستاذ ابن إسعاف أسيرة في يد حسن ، فحمل إلي القاهرة علي جمل وعلي رأسه طرطور لبد أحمر ، فلما وصل إلي ما بين القصرين ، رشق بالنشاب حتي هلك ، ورمي من القصر بأستاذ آخر فقتل ( خطط المقريزي 18/2).

وفي السنة 702 مات الأمير أقوش العلائي غرقأ عند جزيرة أرواد ، وسبب ذلك إنه غضب علي جندي من أتباعه ، لأنه طالبه بنفقة ، فرماه بسهم ، فقتله ، فألزمه الأمير سلار بأن يؤدي ديته ، وأن يخرج بدلا منه ، فخرج في سفينة أفردت له ، فانقلبت سفينته وغرق ، وسلم جميع من معه ( الدرر الكامنة 427/1 ) .

ولما خالف عين الملك علي السلطان محمد بن تغلق (ت 752 ) ، وانكسر عين الملك ، وقبض عليه وعلي أتباعه كان من جملة من قبض عليه ابن ملك التجار ، وكان شابا صغيرة لا نبات بعارضيه ، وصهره ابن قطب الملك ، فأمر السلطان بهما، فعلقا من أيديهما في خشب ، وأمر أبناء الملوك ، فرموهما بالنشاب ، حتي ماتا . (مهذب رحلة ابن بطوطة 94/2 ).

وفي السنة 796 توجه عمر شيخ بن الأمير تيمور من شيراز ، ليلحق بأبيه « بالأوردو المبارك ، فرماه ناشب من قلعة خرماتو بسهم فأصاب وريده ، فقتله ( تاريخ الغياثي 190).

وهاجم الأمير القرماني محمد بك بن علي بك ، أمير قصريه ونكدة ، مدينة طرسوس ، واستولي عليها ، فجهز له السلطان المؤيد شيخ في السنة 822 عسكرة طرده من طرسوس وسلمها للأمير ناصر الدين محمد بن دلغادر

ص: 523

الذي أعان الجيش المصري في الحرب ، ثم إن القرماني هاجم الأمير الدلغادري ، فلم يوفق ، وسقط أسيرأ ، وقتل ولده مصطفي في المعركة ، أما الأب فحمل إلي مصر واعتقل هناك حتي السنة 824، فلما توفي المؤيد شيخ ، وخلفه ططر أطلقه ، وولاه علي بلاده ، فتوجه إليها ، وأقام بها ، ثم قصد في السنة 826 قلعة من قلاع السلطان مراد العثماني ، وحصرها، فأصابه حجر مدفع من القلعة ، فصرعه ومات ( الضوء اللامع 202/8 و203). :

وفي السنة 953 قتل غادر القنواتي بدمشق ، وكان في حلب و مسلطة من الله علي الرافضة ، قدحا فيهم ، ولعنأ لهم ، وسخرية بهم ، إجمالا تارة ، وتفصيلا أخري ، بصوت عنيف مزعج جهوري ، لا يتوقف فيه ولا يتلعثم ، ويبرزه ابرازة ، لا يتكتم ، تارة بالجامع وتارة بالأسواق ، ويصفق صفقات مهولة، وينادي بعبارات مريرة ، وصار بحيث لا يمنعه قاض ولا وال » ثم انتقل إلي دمشق ، فأخذ يجعل له في دمشق محافل مثل محافله في حلب ، فضربه واحد منهم بنشاب وهو بظاهر دمشق ، فقتله ، وأخذ قاتله فقتل به ( اعلام النبلاء 547/5 و548 ) .

ص: 524

القسم الثالث: القتل بالطبرزين

الطبرزين : أصلها فارسية : تبرزين ، تبر بمعني فأس ، وزين بمعني سرج . وإنما سمي بذلك ، لأنهم كانوا يعلقون هذه الأداة في السرج ، والفرق بين الطبرزين والفأس ، أن حد الفأس يكون متعامد مع المقبض ، أما الطبرزين ، فإن حده يكون موازية للمقبض أي في امتداده طولا ، والبغداديون يسمونه : بلطه ، ويسمونه كذلك طبر ، وهو معروف لديهم منذ القديم ، وأخر من رأيناه يحمله ، الدراويش الايرانيون ، فإن الدرويش لا بد له من كشكول وطبر ، يعلق الكشكول في ساعده ، ويحمل الطبر علي كتفه .

ولم يكن العرب يعرفون الطبرزين سلاح، وإنما عرفوه بعد دخول الفرس والأتراك في جيوشهم ، أما القتل بالفأس ، فأول ما بلغنا عنه ، ما رواه الطبري 270/8 إن سعيد بن سلم ، عامل أرمينية للرشيد، قتل في السنة 183 المنجم السلمي ، بأن ضرب عنقه بفأس .

وأول ذكر للقتل بالطبرزين ، ما بلغنا عن كيفية قتل باغر ، القائد التركي ففي السنة 251 كان باغر أحد قتلة المتوكل قد تفرعن ، وزيد في أرزاقه ، وأقطع قطائع ، وخشيه المستعين ، فأمر بأن تصير أعمال إيتاخ جميعها إلي باغر ، فتعاقد وصيف وبغا، علي تنحية باغر من دار الخليفة ، وأحس باغر بالشر ، فجمع الجماعة الذين عاقدوه علي قتل المتوكل ، وتعاقد معهم علي قتل المستعين ووصيف وبغا، وقال لهم : نقتل هؤلاء ، ونجيء بعلي بن

ص: 525

المعتصم ، أو بابن الواثق ، فنقعده خليفة ، حتي يكون الأمر لنا ، كما هو لهذين اللذين قد استوليا علي أمور الدنيا ، وبقينا نحن في غير شيء ، وبلغ المستعين ووصيف وبغا ، ما تعاقد عليه .باغر مع أصحابه ، فطلبوه ، فحضر في عدة ، وأدخل إلي بغا ، ثم عطف به إلي حمام بغا، ودعي له بالقيود ، فامتنع عليهم ، فحبسوه في الحمام ، ثم دخل عليه الأتراك ، فشدخوه بالطبرزينات حتي أسكتوه ( الطبري 278/9 - 281 ).

وفي السنة 253 شغب الأتراك والفراغنة والأشروسنية وطالبوا بأرزاقهم ، فخرج إليهم وصيف ، وقال لهم : ما تريدون ؟ قالوا : أرزاقنا ، قال : خذوا ترابا ، ما عندنا مال ، فوثبوا عليه ، وضربوه بالسيف ضربتين ، ووجأوه بسكين ، فحمله نوشري ، أحد قواده ، إلي منزله ، فقصدوه ، وأخرجوه من المنزل ، وضربوه بالطبرزينات حتي كسروا عضديه ، ثم ضربوا عنقه ، ونصبوا رأسه علي محراك تنور ( الطبري 374/9 ) .

وقبض علي المحسن بن الفرات ، وهو في زي امرأة ، وقد قص الحيته ، وخضب يديه ورجليه ، ولبس قميصا معصفرة ، فأوقع به ابن بعد شر مكروها عظيما ، وضرب علي رأسه ، وسائر جسده ، بالطبرزينات ، وقيد ، وغل ، وألبس جبة صوف ، وجبة شعر ، وعذب بكل شيء، حتي تدود بدنه ولم يبق فيه فضل لضرب ، وبقي أيام لا يطعم ، وهو في أكثر أوقاته مغشي عليه . ( الوزراء للصابي 65 ، 69 ).

وفي السنة 322 لما حاصر الغلمان الحجرية والساجية ، القاهر بالله ، هرب إلي سطح حمام في دور الحرم ، فإستتر فيه ، فقبضوا عل خادم له صغير ، وضربوه بالطبرزينات حتي دلهم علي موضعه . ( تجارب الأمم 289/1)

وفي السنة 322 خلع القاهر، واستخلف الراضي ، فأقبل هارون بن

ص: 526

غريب ، وهو ابن خال المقتدر ، يريد بغداد ، فراسلوه أن لا يقدم ، فأبي ، فحاربه الجيش العباسي ، وفي أثناء المعركة تقنطر به فرسه ، فأقدم عليه غلام له اسمه يمن ، فضربه بالطبرزين ، حتي أثخنه وكسر عظامه ، ثم نزل إليه فذبحه ( ابن الأثير 8/ 289 ).

وفي السنة 477 قتل المعتمد اللخمي ، صاحب قرطبة وإشبيلية ، ابن عمار الأندلسي ، وكان من آثر الناس عنده ، وبعثه علي رأس جيش لاحتلال مرسية ، فاستولي عليها ، وحازها لنفسه ، وعادي المعتمد ، وهجاه ، وهجا أولاده وأمهم اعتماد ، ثم ثار عليه أهل مرسية ، وأخرجوه ، فالتجأ إلي حصن شقورة ، فاعتقله صاحب الحصن ، وسلمه للمعتمد لقاء مال ، فأدخل قرطبة وإشبيلية ، مشهرة علي بغل ، بين عدلي تبن ، وقيوده ظاهرة للناس ، وحبس في غرفة علي باب قصر المعتمد بإشبيلية ، ثم دخل المعتمد عليه في محبسه لي ، وضربه بطبرزين في يده ، حتي برد ( المعجب للمراكشي 180 - 189) ووفيات الأعيان 428/4 ).

وفي السنة 713 قتل الفقيه عمر بن محمد ، باليمن ، وبحث شيخ البلد ، عن قاتله حتي اعتقله ، وجاء به إلي قبر الفقيه ، «يوم ثالث القراءة » واستدعي ولد الفقيه ، وكان صبية صغيرة ، فأعطاه شيخ البلد فأسا ، وقال له : تعال أضربه ، فهو قاتل أبيك ، وضربه بالفأس حتي قتله بعد ساعة ، الصغره ( العقود اللؤلؤية 408/1 و409).

وفي السنة 1256 قتل أمين أغا الشاهبندر بدمشق ، قطع رأسه بالبلطة ، لكونه تكلم في حق الحكم ، وكذلك قتل ابن أغات النور ، لأنهم أرادوا أن يضعوا عسكرأ في بيته ، فشتم الحكم ، فقطعوا رأسه بالبلطة ، وقتل يومها خمسة ضباط من عساكر ابراهيم باشا ، بينباشية ( برتبة مقدم ) كان مسك عليهم خيانة ( مذكرات تاريخية 222) .

ص: 527

القسم الرابع: القتل قعصة بالرماح

ومن الألوان الأخري من العذاب ، الطعن بالرماح ، وما يشبه الرماح كالحراب والزوبنيات .

والرمح : كل عود طويل في رأسه أداة جارحة ، ويتألف من ثلاثة أقسام :

القناة : وهي عود الرمح .

والسنان : وهو نصل الرمح ذو الحد القاطع الذي يحصل به الطعن .

والزج : وهو الحديدة التي في أسفل الرمح .

والحربة : والجمع حراب : آلة للحرب من الحديد، أقصر من الرمح ، وأخفت محملا منه .

والزوبين : حربة قصيرة ذات رأسين ، والكلمة فارسية .

وأول من مارس هذا اللون من العذاب معاوية بن أبي سفيان ، ففي السنة 51 قبض عامل معاوية بالموصل ، علي عمرو بن الحمق الخزاعي ، من أصحاب الإمام علي بن أبي طالب ، وكان مريضا قد اسقي بطنه ، فأمر به معاوية ، فطعن في بطنه ، فمات في الطعنة الثانية ( الطبري 265/5 ).

وفي السنة 66 كان علي الكوفة إبراهيم بن مطيع ، يليها لعبد الله بن

ص: 528

الزبير ، وعلي شرطته إياس بن مضارب ، وكان المختار بن أبي عبيد الثقفي ، يدبر للاستيلاء علي الكوفة ، وقد بايعه إبراهيم بن الأشتر ، ومر إبراهيم بعد المغرب ، بإياس بن مضارب ومعه شرطه ، فأراد إياس أن يعتقل إبراهيم ، فقال له إبراهيم : لا أبالك ، خل سبيلنا ، فأغلظ له إياس ، وكان مع إياس رجل يحمل رمحا ، فأخذ إبراهيم منه الرمح ، وطعن إياسا في ثغرة نحره ، فصرعه ، وقال الرجل من أصحابه : إنزل إليه ، فاحت رأسه ، فنزل إليه ، فإحتز رأسه ، وتفرق أصحابه ( الطبري 19/6 و 20 ).

وفي السنة 66 أمر المختار ، بعمرو بن صبيح ، أحد من قاتل الحسين ، فطعن بالرماح حتي مات ، وكان عمرو بن صبيح ، وهو من صداء ، شارك في معركة الطف ، وكان يقول : لقد طعنت بعضهم ، وجرحت فيهم ، وما قتلت منهم أحد ، فبعث إليه المختار ، فأتي ليلا، وهو علي سطحه ، لا يشعر ، بعدما هدأت العيون ، وسيفه تحت رأسه ، فأخذوه أخذ ، وأخذوا سيفه ، فقال : قبحك الله سيفا ، ما أقربك ، وأبعدك ، وجيء به إلي المختار ، فحبسه معه في القصر ، فلما أن أصبح ، أذن لاصحابه ، ودخل الناس ، فجيء به مقيدة ، فقال : أما والله يا معشر الكفرة الفجرة ، لو أن سيفي بيدي ، لعلمتم أني بنصل السيف غير رعش ولا رعديد ، ما يسرني أن كانت منيتي قتلا ، أنه قتلني من الخلق أحد غيركم ، لقد علمت أنكم شرار خلق الله ، غير أني وددت أن بيدي سيف أضرب به فيكم ساعة ، ثم رفع يده فلطم عين ابن كامل ، وهو إلي جنبه ، فضحك ابن كامل ، ثم أخذ بيده وأمسكها، وقال : أنه يزعم أنه جرح في آل محمد ، وطعن فقال المختار : علي بالرماح ، فأحضرت ، فقال : اطعنوه حتي يموت ، فطعن بالرماح حتي مات ( الطبري 64/6 و65).

ولما هزمت مضر ، يوم الجبانة بالكوفة ، خرج شمر بن ذي الجوشن ، أحد قتلة الحسين عليه السلام ، يركض فرسه خارجا من الكوفة ،

ص: 529

واتبعه غلام للمختار يدعي زربي ، فعطف عليه شمر فقتله، ولحق ببعض القري ، فنزلها ، وكتب إلي المصعب بالبصرة كتابة ، ووجه به فيجا ، فأخذت الفيج مسلحة للمختار ، فسألوه عن صاحب الكتاب فدل علي القرية التي هو فيها ، فأنهي الخبر إلي المختار ، فوجه إلي شمر خيلا ، فلم يشعر إلا وقد أحاطوا بالقرية ، فخرج إليهم يقاتلهم وهو يرتجز :

نهتم ليث عرين باسلا**** لم ير يوما عن عدو ناكلا

إلا كذا مقات؟ أو قاتلا

فقتله عبد الرحمن بن عبد الله الهمداني ، طعنه في ثغرة نحره ، ونادي : يا لثارات الحسين ، ثم أوطأه الخيل وبه رمق حتي مات ، فأحتر رأسه ، وأتي به المختار، ونبذت جيفته للكلاب ( انساب الاشراف 238/5).

وقتل الحجاج بن يوسف الثقفي ، ابن القرية ، أحد بلغاء العرب ، بيده ، إذ أمر أربعة رجال ، فأمسكوا به حتي لا يستطيع حراك ، ثم وضع الحجاج الحربة في ثندوءة ابن القرية ودفعها حتي خالطت جوفه ، ثم خضخضها ، وأخرجها ، فأتبعها دم أسود فقال الحجاج : هكذا تشخب أوداج الإبل ، وفحص ابن القرية برجليه ، وشخص ببصره ، وجعل الحجاج ينظر إليه ، حتي قضي ( الأخبار الطوال 322 و 323) .

وفي السنة 328 ، قتل بكم ، أمير الأمراء ببغداد ، كاتبأ من كتابه ، طعنا بالزوبينات ، والزوبين رمح قصير ذو رأسين ، ثم رماه في النهر ، وسبب ذلك إنه انحدر من بغداد في حديدي ، يريد واسطأ ، لمحاربة البريدي ، فوقع علي صدر الحديدي طائر ، فاصطاده غلمان بجكم ، فوجدوه يحمل ينقل أخبار بجكم الي البريدي ، وكان بخط كاتب بجكم ، فأحضره ،

ص: 530

وأراه الكتاب ، ثم أمر به فرمي بالزوبنيات إلي أن قتله ، ورمي به في النهر ، ( تجارب الأمم 414/1 ) .

وروي صاحب كتاب الهفوات النادرة ( ص 223 ) إن أمير ديلمي ، اكتشف بعد حين ، أن كاتبه لا يقرأ ولا يكتب ، فرماه بالزوبين ، فجرحه ، وكان هذا الكاتب يستر أميته عن صاحبه ، بأن يستعين في قراءة ما يرد من الرسائل ، بمعلم كتاب في جواره ، وصادف أن ورد إلي القائد كتاب من وكيله في إقطاعه ، فرمي به إلي كاتبه ، وطلب منه أن يقرأه ، فقال له : أنا لوكنت أحسن أقرأ وأكتب، كنت أكون كاتب الأمير علي بن بويه ، فغضب القائد ورماه بالزوبين ، فجرحه .

أقول : لما استولي بنو بويه علي السلطان في العراق ، كان العراقيون في الرتبة العالية من الفهم والظرف والتأنق ، وكانت سوق العلم والفضل في العراق رائجة وإليه تتجه أنظار طلاب الثقافة من جميع أنحاء العالم ، وكان البويهيون وقوادهم من الديلم علي بداوتهم وجهلهم وأميتهم ، وكان كتابهم الذين أحضروهم معهم ، مماثلين لهم في الجهل والأمية ، فلما مارسوا صناعتهم ببغداد ، ظهر البون الشاسع بينهم وبين الكتاب البغداديين ، فأصبحوا موضع سخريتهم ، فانتشرت القصص للتندر عليهم ، وقد حفل كتاب الهفوات النادرة ، بالعديد من القصص عنهم وعن سادتهم من الأمراء والقواد ، وقد رووا أن أحد قواد الديلم ، أثني علي كاتبه ، وذكر إنه أحذق الناس بأمر الدواب والضياع وشراء الأمتعة والحوائج ، وماله عيب إلا أنه لا يقرأ ولا يكتب ، وروي عن ابن أميرويه ، أحد كتاب الديلم ، إنه كتب رقعة مع جارية له إلي البقلي : يدفع البقلي - أعزه الله - في الجارية عشرين قثاءة كبارا ، فقال لها البقلي : دعيني أدفع فيك قثاءة واحدة ، بكل ما في الصين من القثاء ، وذكر أن أحد كتاب الديلم ، كتب تذكرة بأضاحي يريد تفرقتها في دار صاحبه القائد ، وقد قرب عيد الأضحي ، فكتب : القائد ثور ، امرأته

ص: 531

بقرة ، وابنه كبش ، وبنته نعجة ، والكاتب تيس ، وإذا كانت هذه القصص أو بعضها مصنعة ، حيكت للفكاهة ، فإن ما أثاره كاتب بنجاسب ، أحد قواد الديلم الأكبر من الفتنة التي كادت أن تؤدي إلي أوخم العواقب ، أمر حقيقي ، وكان بنجاسب هذا من أكبر قواد الديلم ، وهو ابن عم الأمير ، وكان له إقطاع مثبت في ديوان الاهواز ، وكان أبو عبيد الله الشيرازي ، صاحب ديوان الأهواز لمعز الدولة البويهي ، فاستدعي أبو عبيد الله ، كاتب بنجاسب ، وكان ديلميا أيضا ، وطالبه بفاضل إقطاع بنجاسب ، وقال له : علي صاحبك من فضل الإقطاع ، ما قد كشف في طلب كسره القناع ، قالها أبو عبيد الله ، علي طريقة له غالية ، في التكلم بالسجع ، فإغتاظ الديلمي كاتب بنجاسب وقال له : لا تقل هذا علي صاحبي ، فهو أمير معروف ، وهو ابن عم الأمير ، وهو لا يلبس مقنعة ، ولا هو مخنث ، فقال له أبو عبيد الله : يا جاهل ، من قال إنه يلبس المقنعة ؟ فقال له الكاتب : سوف تعلم من هو الجاهل ، وقام مبادرة إلي صاحبه ، وقال له : يا قائد. اقتلني بين يديك ، ولا أسمع فيك الكلام الرديء القبيح ، أنت بنجاسب بن با يعقوب بن با صالح ، قرابة الأمير ، يقول أبو عبيد الله فيك ، في الديوان والناس حضور يسمعون ، أنك مخنث ، وتلبس المقنعة ، وقد كشفها عن رأسك فاضل إقطاع لا يجب علينا ، فثار بنجاسب كالمجنون ، وكان قد شرب أقداحأ ، وأخذ في يده خشتا ، وركب دابة النوبة ، وأسرع يطلب أبا عبيد الله ، ليفتك به ، ورآه قوم من القواد ، وعرفوا خبره فأمسكوه ، وهو يجاذبهم ، وعدلوا به إلي دار الأمير معز الدولة ، وصارت فتنة عظيمة ، وترجم كلام أبي عبيد الله، إلي الفارسية ، ليفهمه بنجاسب ، فلم يقنع ، وقال : أنا لا أصغي إلا إلي قول كاتبي ، وحضر أبو بكر السيرجاني ، كاتب الإنشاء ، وكان موقرأ عندهم ، وحدث بالحديث ، فقال : أنا أحل هذه العقدة ، ودخل علي بنجاسب ، وسأله عن حاله ، فأعاد عليه ما قال له كاتبه ، وقال : جعلني مخنثين ألبس المقنعة ، ولئن لم ينصفني الأمير ، لأقتلت أبا عبيد لله وأعود إلي

ص: 532

ديلمان ، فقال له أبو بكر : أما كاتبك فأحسن الله جزاءه ، لأنه حمي لصاحبه وامتعض له ، إلا إنه كاتب حاسب ، ولا يعرف كلام العرب ، فإن القناع في لغتهم السيف ، ولم يزل يداريه ، حتي هدأ.

وفي السنة 429 قتل الوزير أبو جعفر أحمد بن عباس ، وزير زهير العامري ، وكان ابن عباس قد أرث فتنة بين صاحبه زهير ( صاحب المرية ) وبين باديس ( صاحب غرناطة ) حتي اشتبكا في حرب ، وظفر باديس بزهير فقتله ، وأسر أحمد بن عباس ، فاعتقله في غرناطة ، فبذل لباديس ثلاثين ألف دينار ليطلقه ، ومال باديس إلي ذلك ، وعارضه أخوه بلكين ، ثم ركب باديس وأخوه بلكين ، واستخرجا ابن عباس من سجنه ، فأقبل پرسف في قيوده ، فأقبل باديس يسبه ويبكته ، وأحمد بن عباس يتضرع ويعتذر ، فهز باديس المزراق في يده ، وطعن به ابن عباس ، فقتله ( الاحاطة 267 - 270 ) .

أقول : الذي ورد في الإحاطة ، إنه قتل سنة « سبع وعشرين » وهو خطأ من الناسخ ، لم يلتفت إليه المحقق ، والصحيح إنه قتل سنة « تسع وعشرين ، ذلك لأن المعركة بين باديس وزهير العامري كانت في السنة 429 ، وفيها وقع ابن عباس في الأسر ، هذا وقد جاء في الإعلام للزركلي 139/1 إن ابن عباس قتله باديس في السنة 530 وهو خطأ ينقضه قول صاحب الإعلام في ترجمة باديس 4/2 إن معركته مع زهير كانت في السنة 429، وأيده ابن الأثير 286/9 في ذلك ، وهي المعركة التي اعتقل فيها ابن عباس ، فاقتضي الإشارة إلي ذلك أيضا ، وقد ورد في معجم الأنساب الزامباور ( ص 87 ) إن باديس خلف أباه حبوس في الحكم في السنة 430 والصحيح إنه خلفه في السنة 429 لأن باديس لما حارب زهيرة العامري في السنة 429 كان أبوه حبوس قد مات .

وقتل صارم الدين مرجي بن ثباة البطائحي الشاعر ، بطعنة حربة في ظهره ، وسبب ذلك أنه كان هجاء ، هجا كثيرا من الناس ، ونال من

ص: 533

أعراضهم ، سواء الأقارب والأباعد وهجا المظفر صاحب البطائح ، فقال :

إن أبن حماد قد طغي وبغي **** بغي عظيم وأرهق الناسا

وكان من شؤم بخته ذنبا **** فصار من شؤم بختنا راسا

فبعث إليه المظفر أحد فتيانه ، فطعنه بحربة في ظهره ، فقتله ، راجع ترجمته في خريدة القصر ج 4 م 2 ص 532 - 546.

وفي السنة 658 غضب المستنصر أبو عبد الله محمد بن يحيي ، صاحب تونس ( 625 - 647 - 675 ) علي الفقيه أبي عبد الله محمد بن عبد الله القضاعي البلنسي ، المؤرخ ، الأديب ، الشاعر ، الكاتب ، المعروف بابن الأبار (595 - 658) فأمر به فقتل في مجلسه قعصأ بالرماح ( إعتاب الكتاب 18 والاعلام 110/7 ).

أقول : وابن الأبار هو صاحب القصيدة الشهيرة ، التي استنهض بها سلطان تونس ، لاغاثة الأندلس ، ومطلعها :

أدرك بخيلك خيل الله أندلسا **** إن السبيل إلي منجاتها درسا

وهب لها من عزيز النصر ما آلتمست **** فلم يزل منك عز النصر ملتمسا

والقصيدة في سبعة وأربعين بيتا ، أثبتها القاضي ابن خلدون بنصها في تاريخه 283/6 - 285 ووردت كذلك في نفح الطيب 457/4 - 460.

وفي السنة 706 توفي السلطان أبو يعقوب يوسف بن يعقوب المريني ( 638 - 685 - 706) فبايع قسم من رجال الدولة ولده أبا سالم بمسعي الوزير أبي زيد يخلف بن عمران الفودوي ، آخر وزراء السلطان المتوفي أبي يعقوب ، وبايع الأخرون أبا ثابت عامر ، حفيد السلطان أبي يعقوب ، وضعف أمر أبي سالم ، فانسحب وفر ، فخرج الوزير أبو زيد معلنا الطاعة للسلطان أبي ثابت ، فلما لاقاه ، أمر به فأنزل عن فرسه ، وقتل قعصة بالرماح ( ابن خلدون 234/7 ).

ص: 534

وفي السنة 753 حاصر السلطان أبو عنان المريني ، صاحب المغرب ، مدينة تلمسان ، وفتحها ، وأسر السلطان أبا سعيد عثمان الثاني بن عبد الرحمن واعتقله ، ثم ذبحه في محبسه ، وأسر الأمير أبا ثابت بن عبد الرحمن ، ومعه الوزير يحيي بن داود ، فأشهرهما علي جملين ، ثم قتلهما تعصأ بالرماح ( ابن خلدون 121/7 و28 ).

وفي السنة 756 خرج عيسي بن الحسين ، صاحب جبل الفتح والثغور الأندلسية التي تحت حكم صاحب المغرب ، علي السلطان أبي عنان ، صاحب المغرب ، فخالفه كثير من أصحابه ، واعتقلوه ، وولده ، وبعثوا به إلي السلطان أبي عنان ، فقتل عيسي قعصة بالرماح ، أما ولده أبو يحيي ، فقطعت أطرافه من خلاف ، وترك ينزف حتي مات ( ابن خلدون 295/7 و 296 ) .

وفي السنة 758 اتهم السلطان أبو عثمان المريني ، صاحب المغرب ، وزيره فارس بن ميمون ، بالسعي في مبايعة غيره ، فاعتقله ، وأمر به فقتل قعصة بالرماح ( ابن خلدون 298/7 ).

ولما مات السلطان أبو عنان المريني ، سلطان المغرب ، تحرك أخوه أبو سالم ، وكان منفيا بالاندلس ، لكي يحل محله ، فامتنع صاحب غرناطة من إعانته علي ما يريد، فالتجأ إلي ملك قشتالة، فاشترط عليه أن نجح شروطأ وافق عليها ، فأمده باسطول أنزله في طنجة ، وتحرك إلي حاضرة المملكة ، وخلع السعيد ( الطفل الذي ولي السلطنة ) ، وتمت البيعة لأبي سالم ، فقبض علي بعض خصومه ، وقتلهم قعصة بالرماح ، ثم جمع إخوته وأقاربه من المرشحين للسلطنة ، فأركبهم السفن علي أن تنقلهم إلي المشرق ( مصر ) ، ولكنه أعطي أمرأ سرية بإغراقهم ، فأغرقوا جميعا ( ابن خلدون 305/7 و306) .

ص: 535

وفي السنة 761 خرج الوزير الحسن بن عمر ، وزير السلطان أبي سالم المريني ، علي سلطانه ، ولحق بتادلا ، وأعتصم بالجبل، واستجار بالحسين بن علي الورديغي ، فبعث السلطان وزيره الحسن بن يوسف ، وبذل البعض أهل الجبل مالأ ، فانفضوا عن الحسن ، وقبضوا عليه ، وأسلموه إلي الوزير ، فحمله إلي السلطان الذي احتفل باستقباله ، ثم أشهره علي جمل، ثم أمر به فسحب علي وجهه ، ونتفت لحيته ، وضرب بالعصي ، وتل إلي محبسه ، وقتل قعصة بالرماح في ساحة البلدة ثم نصب شلوه علي سور البلد ( ابن خلدون 310/7 ) .

وفي السنة 769 شك السلطان عبد العزيز المريني ، صاحب المغرب ، في نية وزيره يحيي بن محمود بن مصمود ، لاختلاف الناس إليه ، وعكوف قواد الجند النصراني علي بابه ، فبعث إليه من اعتقله ، ثم قتله قعصة بالرماح ، وقتل كل من كان يواصله من أفراد العائلة المالكة ، وقواد الجند ( ابن خلدون 325/9 ) .

وفي السنة 770 ثار عامر بن محمد بالمغرب علي السلطان عبد العزيز المريني وبايع أمير من بني عبد الحق، من أولاد أبي ثابت ، اسمه تاشفين فجرد السلطان عبد العزيز جيشا لمحاربته ، وأسر تاشفين ، فأمر به السلطان فقتل قعصة بالرماح ( ابن خلدون 326/7 ) .

وفي السنة 857 في موسم الحج ، وكان الحاج قد حط رحاله بالمشهد الغروي (النجف ) خرج عليهم السلطان علي المشعشعي بعساكره ، فأحاط بهم ، وقتلهم إلي آخرهم ، ونهب أموالهم ، ودوابهم ، وجمالهم ، وأخذ المحمل ، والآية المذهبة ، وقماشه ، ونجا أناس قلائل ، كانوا قد سبقوا ودخلوا المشهد ، وحاصر السادة في حطيم المشهد، وطالبهم بأن يخرجوا إليه القناديل والسيوف ، وكانت خزائن السيوف من سبعمائة سنة يجمع فيها سيوف الصحابة والسلاطين ، وكلما مات سلطان أو خليفة بالعراق ، حمل

ص: 536

سيفه أليها ، فأرسلوا أليه مائة وخمسين سيفا ، واثني عشر قندي ، ستة منها من الذهب ، وستة من الفضة ، فسار إليه من بغداد جيش لقتاله ، فظفر المشعشعي بهم ، وقتلهم جميعا ، إلا قائدهم دوه بيك الذي نجا بحشاشة نفسه ، ثم قصد المشعشعي الحلة ، فهرب جميع أهلها إلي بغداد ، ومات قسم عظيم منهم في الطريق من الجوع والتعب ، ومن تخلف في الحلة قتله المشعشعي ، ونقل المشعشعي أموال الحلة والمشهدين ( الحائر والغري ) إلي البصرة ، ثم عاود قصد كربلا والنجف ، فأخذما بقي في المرقدين من القناديل والسيوف والأعتاب الفضة والستور والزلالي ، ودخل بالفرس إلي داخل الضريح ، وأمر بكسر الصندوق الذي علي القبر وإحراقه ، وقتل من أهل المشهدين من السادات وغيرهم ، ثم توجه المشعشعي إلي مهرود وطريق خراسان من ولاية بغداد ، ونهب وقتل ، وأسر الذراري والنساء ، وأحرق الغلات ، وقتل مشايخ سلمان الفارسي ، وأسر باقيهم ، ثم توجه نحو بهبهان ، وحصر قلعتها ، وبينما كان ذات يوم يسبح في النهر تحت القلعة ، ومعه ثلاثة من أصحابه ، نزل إليه من القلعة فتي اسمه محمود بن بهرام ، وادعي إنه لاجيء هرب من القلعة ، ووقف علي الساحل حتي خرجوا من الماء ، ورأي محمود أن الثلاثة يخدمون واحدة ، فعرف أنه المشعشعي ، فرماه بياسج ( رمح في يده ، فأنفذه من حالبه إلي وركه ، وعاد راكض نحو القلعة ، وحمل المشعشعي لا حراك به ألي خيمته ، ولما بلغ يبر بوداق إصابة السلطان علي المشعشعي قصده بجيشه ، وحاربه ، فآنفل جيش المشعشعي ، وقطع رأسه ، وسلخ جلده وحشي تبنا ، وأشهر ببغداد ، وحمل الرأس إلي جهان شاه ( تاريخ الغياثي 308 - 314) .

ص: 537

القسم الخامس: القتل بالبارود والرصاص

حنق السلطان إبراهيم لودي ، سلطان الهند ( 932-915) علي وزيره ميان ، فدبر له مؤامرة ، بأن أعد بناء ، فوق سرداب ملأه بأكياس من البارود ، ثم دعا الوزير ، وأمره أن يصطحب معه فريقا من الاشراف ممن كان السلطان يضمر له الكراهية ، فلما استقروا في ذلك البناء ، أشعل البارود ، فتطايرت أشلاؤهم . ( الاسلام والدول الاسلامية في الهند 34 و35).

وارتاب السلطان سليم ( اسلام شاه ) بن شيرشاه فريد ( حكم من 952 ألي 960) في إخلاص عشيرة من أكبر العشائر في الهند، وهي عشيرة نيازي ، فجمع رؤساءها ، ونسفهم بالبارود ( الاسلام والدول الاسلامية في الهند 60).

وفي السنة 1106 قتل غيلة بالقاهرة كجك محمد أوده باشا، أطلق عليه النار رجل « سجماني ، فأصابه ( الجبرتي 146/1 - 148).

وفي السنة 1149 حصلت مذبحة في بيت محمد بك الدفتردار بمصر ، باطلاع الوالي باكير باشا سببها إن صالح كاشف زوج هانم بنت إيواظ بك طلب لنفسه صنجقية ، فعارض محمد بك قيطاس في ذلك ، وأصر علي المعارضة ، وأيده في المعارضة علي بك تابع قطامش ، وخليل افندي ، فاتفق صالح كاشف مع عثمان كتخدا القازدغلي ، علي اغتيال هؤلاء الثلاثة ،

ص: 538

وانضم إلي المؤامرة رضوان بك أمير الحاج سابقا وسليمان الفراش ، فكتب محمد بك الدفتردار فرمان بالجمعية في بيت الدفتردار ( أي دعوة عامة للأمراء ) فركب الأمراء عصرا إلي بيت الدفتردار وتذاكروا في أمر الحلوان والخزينة ( أي المال الذي يرسل لإصطنبول ) ، ثم لما حل الغروب وقف الدفتردار ، وصاح : هاتوا شربت ، وكانت هذه كلمة السر ، إشارة للمتأمرين بحلول ساعة التنفيذ، ففتح المتآمرون باب خزانة ، وخرج منها جماعة بطرابيش وقد أشهروا أسلحتهم ، فوقف محمد بك قيطاس ، وصاح : هي خونة ، فأطلقوا عليه النار فأصيب في صدره وسقط ، ووقع الضرب وهاج المجلس ، وكان الظلام قد خيم علي المكان ، فأوقدوا الشموع . وتفقدوا القتلي ، فكانوا عشرة ، فعروهم من ثيابهم ، وقطعوا رؤوسهم ، ووضعوها علي البسطة في جامع السلطان حسن ، ووضعوا عند كل رأس شيئا من التبن ( الجبرتي 222/1 - 224) .

وفي السنة 1213 ثار أهالي القاهرة ، علي الجيش الإفرنسي المسيطر علي مصر ، فحاربهم الإفرنسيون ، وقتلوا منهم ، واحتلوا الجامع الأزهر ، ثم آتهموا أشخاصا بأنهم هم الذين دعوا للثورة ، واعتقلوهم وهم الشيخ سلمان الجوسقي ، شيخ طائفة العميان ، والشيخ أحمد الشرقاوي ، والشيخ عبد الوهاب الشيراوي ، والشيخ يوسف المصيلحي ، والشيخ إسماعيل البراوي ، وحبسوهم ببيت البكري ، ثم أخذوهم في نصف الليل، وحملوهم إلي القلعة ، وفي الصباح أخرجوهم وقتلوهم بالرصاص ، وألقوهم من السور خلف القلعة ( الجبرتي 222/2 و225) .

وفي السنة 1213 قتل بالقاهرة السيد محمد كريم ، وكان قد حاز بالإسكندرية شهرة واسعة ، فلما نزل الإفرنسيون بالإسكندرية اعتقلوه ، ثم أطلقوه ، ولما وصلوا إلي القاهرة اطلعوا علي رسائل صادرة منه يوصي فيها بمحاربتهم ويهون من أمرهم ، فعاودوا اعتقاله ، ثم في ظهر أحد الأيام

ص: 539

أركبوه حمارة ، وأحاط به عدة من العسكر شاكي السلاح ، وأمامه طبل يضربون به ، وذهبوا به إلي الرميلة ، وكتفوه ، وربطوه مشبوحة ، وضربوا عليه بالبنادق ، فقتلوه ( الجبرتي 2/ 280 ).

وفي السنة 1213 اعتقل الإفرنسيون بالقاهرة ، ثلاثة من الجنود الإفرنسيين ، ثبت إنهم تسلقوا دورا ونهبوا ما فيها ، ثم أحضروهم في الميدان « وبندقوا عليهم الرصاص » ( الجبرتي 242/2 ).

وفي السنة 1219 عند الاحتفال في القاهرة بكسر الخليج ، حضر الباشا ( الوالي ) والقاضي ومحمد علي ( باشا) وجميع العسكر ، وضرب الجميع بنادقهم ، ومات في ذلك اليوم عدة أشخاص نساء ورجالأ ، أصيبوا من البنادق ، ومما وقع إنه أصيب شخص من أولاد البلد برصاصة منهم ومات ، وحضر أهله يصرخون، وأرادوا أخذه ليواروه ، فمنعهم الوالي ، وطلب منهم ثلاثة آلاف درهم فضة، ولم يمكنهم من شيله حتي صالحوه علي ألف وخمسمائة ( الجبرتي 27/3 ).

وفي السنة 1266 أعدم رميا بالرصاص، علي محمد ابن المرزا رضا الشيرازي ، مؤسس البابية ، وكان قد جاهر بعقيدته ، ودعا إليها في السنة 1260 ، وقد حوكم في تبريز ، وحكم عليه فيها بالإعدام ، فأعدم . ( الاعلام 171/5 ).

وفي السنة 1333 ه- ( 1914 م)، قتل ببغداد رميا بالرصاص يامين بن يعقوب ، من محلة قنبر علي ، لأنه فر من الجندية ، وكان قتله علنا . ( تاريخ العراق للعزاوي 277/8 ).

وفي السنة 1336 ه- (1916 م)، أعدم ناحوم شلومو ومنشي حسقيل وسلمان عبد الله كجرو ، وداود ساسون ، وعبد الله قطان ، لفرارهم من الجندية . ( تاريخ العراق للعزاوي 294/8 و295 ).

ص: 540

أقول : إنما أوردت هذين الخبرين، لكي أذكر أن المسيحيين واليهود ، لم يكونوا قبل إعلان الدستور العثماني في السنة 1908 خاضعين للخدمة العسكرية ، فلما أعلن الدستور ، فوجئوا بطلبهم للخدمة العسكرية ، فكان القسم الأكبر من اليهود يفرون من الخدمة العسكرية ، وعلي هذا الأساس ، صدرت الأحكام التي أوردنا قسما منها في هذا البحث .

وفي السنة 1344 ( 1925 م) قتل بحماة ، الطبيب صالح بن محمود قنباز ، سمع أنة جريح بقرب منزله ، يوم ثارت حماة ، فنهض لإسعافه ، فرماه جندي فرنسي ، فصرعه . ( الاعلام 282/3 ).

وفي السنة 1344 (1936م) ، قتل جعفر العسكري ، القائد العراقي ، لما وقع انقلاب بكر صدقي ، فإنه قصد بكرة لإطفاء الفتنة بالإقناع ، فخشي بكر من وصوله ، لأن جعفر يعتبر أبا للجيش العراقي ، وهو الذي أسسه ، وربما كان حضوره سبأ لانتقاض الفتنة ، فبعث إليه خمسة من الضباط ، قتلوه فور مواجهته . ( الاعلام 125/2 ).

أقول : قرأت أوراق التحقيق التي قامت بها السلطة القضائية في مقتل المرحوم جعفر العسكري ، وكانت إفادات الضباط الخمسة الذين قتلوا جعفر ، متفقة علي أن خبر تحرك جعفر إليهم ، وصل إلي بكر ، فقال : من منكم يخرج ويقتل جعفرأ ؟ فلم يجب أحد ، فنادي بكر الضباط الخمسة بأسمائهم، وقد حرص علي أن يكونوا شبانة ، ومن أخص الضباط به ، ومن اديان مختلفة ، وأمرهم بالتصدي لجعفر ، وقتله عندما تقع أعينهم عليه ، وذكروا أنهم لما واجهوه ، نزل من السيارة ، فأشهروا عليه مسدساتهم ، فأشار إليهم بيده ، وهو يقول لهم : يواش ، يواش ( تركية مستعملة في العراق يعني مهلا ، مهلا ) فكان جوابهم أنهم أطلقوا عليه النار وقتلوه .

ولما قتل جعفر ، قالت مجلة بريطانيا العظمي والشرق : إن الرجل

ص: 541

الذي عجز الانكليز والاتراك عن قتله في الحرب العظمي ، مات قتيلا بأيد عربية.

وفي السنة 1359 (1940) قتل الدكتور عبد الرحمن شهبندر ، من أحرار العرب ، دخل عيادته ثلاثة أشخاص فقتلوه ، واعتقلوا ، وأعدموا ( الاعلام 80/4 ).

وفي السنة 1368 (1949 م ) قتل رميا بالرصاص ، حسني الزعيم الضابط السوري ، الذي قاد إنقلاب السنة 1949 في سورية ، وقتل معه رئيس وزرائه محسن البرازي . ( الاعلام 245/2 ) .

ص: 542

الفصل الثالث: القتل بالات غير معدة للقتل

أدرجنا في هذا القسم ، ما بلغنا من أخبار القتل بالآلات التي لم تكن معدة للقتل ، كاليد ، والمنشار ، والرحي ، والسيخ الحديد، والدبوس الدقيق ( المسمي عندنا بالمخيط بميم مكسورة وياء مفتوحة ) ، والخنجر ، والبارود .

وأول ما بلغنا عن هذا اللون من القتل ، ما حصل في السنة و في غزوة بني قريظة ، إذ قتل خلاد بن سويد من الخزرج ، طرحت عليه رحي ، فشلخته شدخأ شديدة ، ألقتها عليه امرأة يهودية من بني قريظة ( الطبري 593/2)

ولما خطب الحسن ، أصحابه ، ولاح لهم من قوله أنه يريد أن يصالح معاوية، ثاروا به ، وقطعوا كلامه ، وانتهبوا متاعه ، واختلفوا ، طائفة معه ، والأكثر عليه ، ولاقاه سنان بن الجراح الاسدي ، في مظلم ساباط ، فدنا منه، وطعنه في فخذه بالمغول، فغشي عليه ، وسبق عبيد الله الطائي ، فصرع سنانا ، وأخذ ظبيان بن عمارة المغول من يده ، فضربه به فقطع أنفه ، ثم ضربه بصخرة علي رأسه ، فقتله ( شرح نهج البلاغة 26/16 و27 ) .

وفي السنة 145 عدا علي أبي القلمس ، عبده فقتله ، فأخذ العبد وقتل ، وخلاصة القضية : إن محمد بن عبد الله بن الحسن العلوي ، الملقب

ص: 543

بالنفس الزكية ، لما خرج علي المنصور بالمدينة ، كان علي شرطته أبو القلمس عثمان بن عبيد الله بن عبد الله بن عمر بن الخطاب ، وكان شجاعة أيدة ، وكان إذا بارز في ساحة المعركة أحدة ، وضربه ، صاح : خذها وانا ابن الفاروق ، وأصابته في ساحة المعركة نشابة في ركبته ، فبقي نصلها ، فعالجه ، فأعياه ، فإنسحب من المعركة ، وذكر أحد أصحابه إنه كان معه لما انسحب من ساحة المعركة ، وإذا بأبي القلمس يستغرب ضحك ، فقلت : ليس هذا الموضع بموضع ضحك ، وخفضت بصري ، فإذا برجل من المنهزمة ، قد تقطع قميصه ، ولم يبق منه إلا جربانه ( الياخة ) وما يستر صدره إلي ثدييه ، وإذا عورته بادية وهو لا يشعر ، قال : فجعلت أضحك الضحك أبي القلمس ، وطلب أبو القلمس بعد الهزيمة ، فلحق بالحرة ، وطلبوه ، فجثا ، ونكت كنانته ، وأخذ يرميهم ، فتصدعوا عنه ، فنجا ، واختفي كانت لأبي القلمس ، فقال لها : إني قتلت سيدك ، فهلمي أتزوجك ، قالت : رويدا أتصنع لك ، فأمهلها ، فأتت السلطان فأخبرته ، فأخذ العبد ، فشدخ رأسه ، فقتله ( الطبري 559/7 ، 589 ، 598 ) .

وكان لعمرو بن الليث الصفار، المتوفي سنة 289 ، بيت ينام فيه ، ويحرسه غلمان له لي ، فانتبه في ليلة ، فوجد أحد الغلمان قد استند إلي الحائط ونام قائما ، فجعل مرفقه علي صماخ الغلام ، وغمز عليه ، حتي قتله ( نشوار المحاضرة للتنوخي ، تحقيق المؤلف ج 3 ص 99 رقم القصة 66/3)

وأورد الاستاذ عباس العزاوي ، في كتابه تاريخ بغداد بين احتلالين ج 1 ص 417 إن ايرنجن التتري ، خال أبي سعيد سلطان العراق ، حاول قتل جوبان ، فلاذ جوبان بأبي سعيد، فاعتقل أيرنجن ، فادعي أن السلطان أبا

ص: 544

سعيد هو الذي أمره بقتل جوبان ، فغضب أبو سعيد ، وضربه بسيخ في فيه ، فقتله .

وكان الأمير صغصغان مصطفي ، أمير الحاج المصري في السنة 945 قد ابتكر طريقه للقتل مستغربة ، وهي أنه كان ينشر من يقبض عليه من قطاع الطرق بالمنشار ، ويقطع بدنه إلي نصفين ، ولذلك سماه العرب : مصطفي النشار ( البرق اليماني 88 ).

وفي السنة 1883 قتل عبد الله بك الشاوي ، واتهم الوزير عمر باشا ، والي بغداد ، بأن له بدأ في قتله ، فتحرك أولاده الحاج سليمان ، وسلطان ، وجمعا عشيرة العبيد ، ولكن الوزير عاجلهم ، ففر سليمان ، وقبض علي سلطان ، وأحضر أمام الوزير فهجم الوزير عليه ، وطعنه بخنجر في يده ، حتي قتله ( تاريخ العراق للعزاوي 42/6 ) .

وفي السنة 1355 مات الشيخ خزعل بن جابر الكعبي ، أمير المحمرة ، معتقلا في طهران ، واعترف أحد الأطباء، بأنه دس في إحدي أذنيه دبوس طويلا ( مخيط ) فقتله .

أقول : في السنة 1315 قتل الشيخ خزعل ، أخاه الشيخ مزعل بن جابر الكعبي أمير المحمرة ، علي باب قصره ، وتولي الأمارة من بعده ( الاعلام 350/2)

ص: 545

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
هَلْ یَسْتَوِی الَّذِینَ یَعْلَمُونَ وَالَّذِینَ لَا یَعْلَمُونَ
الزمر: 9

عنوان المکتب المرکزي
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.