موسوعه العذاب المجلد 4

اشارة

موسوعه العذاب

تاليف: عبود الشالجي

مشخصات: 7ج

الدارالعربيه للموسوعات

بيروت - لبنان

ص: 1

اشارة

ص: 2

ص: 3

ص: 4

الباب السادس : التعذيب بالطعام والشراب

اشارة

الطعام : اسم جامع لكل ما يؤكل .

والطعم ( بطاء مفتوحة ) : ما يؤديه الذوق ( المذاق ).

والطعم ( بطاء مضمومة ) : ما أكل .

والشراب : ما يشرب من أي نوع كان ، ويشمل كل ما لا يمضغ .

والشرب ( بشين مفتوحة وراء ساكنة ) : اسم جمع لشارب ، واسم من اسماء الماء ، واسم للمورد ، وللنصيب من الماء ، وللجماعة يشربون سوية .

والشريب : المولع بالشراب .

والشراب : الكثير الشرب .

والشراب : تعبير بغدادي يطلق علي كل من يكثر من شرب الخمر ، ويقول البغداديون :

الشراب مزته جمع ( بجيم وميم مكسورين ) ، يعني إنه بعد أن يتناول كأسه يمسح شفتيه بقبضة يده مجموعة ، ويكتفي بذلك نقلا . والشوارب : مجري الماء في الحلق .

والشاربان : ما سال علي الفم من الشعر .

والتعذيب بالطعام والشراب ، يحصل بإطعام ما ليس بطعام ، كإطعام

ص: 5

الرسول ، الرسالة التي أحضرها ، أو إطعام الانسان سلحه ، أو إطعامه قطعة من لحم بدنه ، وقد بلغ ببعض الناس ، أن أطعم أسيره لحم ولده الذي قتله أمامه .

وأما التعذيب بالشراب ، فيكون بسقي المسهل، أو الماء مخلوطة بالرماد ، أو خلط الماء بمواد غريبة كالغائط ، وإجبار المعذب علي شربه .

ويدخل في هذا الباب ، التعذيب بالملح ، إما بأن يسقاه المعذب ، مذابة في الماء ، وإما بإسعاطه إياه في أنفه ، وإما برشه علي جروحه ، ويشتمل هذا الباب علي ثلاثة فصول :

الفصل الأول : التعذيب باطعام ما ليس بطعام .

الفصل الثاني : التعذيب بسقي الدواء المسهل .

الفصل الثالث : التعذيب بالملح ، وهو علي ثلاثة ألوان :

اللون الأول : رش الملح علي جروح المعذب.

اللون الثاني : إسعاط المعذب بالملح .

اللون الثالث : سقي المعذب الماء المخلوط بالملح والرماد .

ص: 6

الفصل الأول : التعذيب بإطعام ما ليس بطعام

في السنة 72 كتب عبد الملك بن مروان ، إلي عبد الله بن خازم السلمي ، أمير خراسان لابن الزبير ، يدعوه إلي بيعته ، ويطعمه خراسان سبع سنين ، فقال عبد الله ، للرسول : لولا أنك رسول لضربت عنقك ، ثم أطعمه الرسالة ، فأكلها . ( الطبري 176/6 و 178 ).

وكان الحجاج بن يوسف الثقفي ، يطعم المسجونين في سجنه ، الشعير مخلوطة بالرماد ( محاضرات الأدباء 195/3 ) .

وروي صاحب الأغاني 282/11 : إن نصرانية اسمه شمعلة ، دخل علي أحد الخلفاء الأمويين ، فقال له : أسلم يا شمعلة ، فأبي ، فغضب ، وأمر فقطعت بضعة من فخذه ، وشويت بالنار ، فأطعمها .

وهجا أحد الشعراء مالك بن طوق ، فطلبه ، فهرب منه إلي البصرة ،

وكان عليها إسحاق بن العباس العباسي ، فقبض عليه ، ودعا له بالسيف والنطع ، فتضرع إليه ، فأعفاه من القتل ، ودعا له بالعصا ، فضربه حتي سلح ، وأمر به ، فألقي علي قفاه ، وفتح فمه ، فرد سلحه فيه، والمقارع تأخذ رجليه ، وهو يحلف ألا يكف عنه حتي يبلع سلحه ، فما رفعت عنه العصا، حتي بلع سلحه كله . ( الاغاني 185/20 و 186).

وفي السنة 247 وقعت حرب عظيمة بين ملوك الهند، وبين جيش

ص: 7

السلطان غياث الدين الغوري ، وكان بقيادة أخيه شهاب الدين ، فانهزم جيش الغوري ، وأصاب شهاب الدين ضربة بطلت فيها يده اليسري ، وضربة أخري علي رأسه ، سقط منها الأرض ، فأنقذه غلمانه ، وحملوه علي رؤوسهم حتي وصلوا به إلي مدينة أغرا ، فأول ما عمل أنه أخذ قواده الذين فروا عنه ، وأسلموه ، فملا مخالي خيلهم شعير ، وحلف أنهم لا بد أن يأكلوه ، فأكلوه ضرورة . ( ابن الأثير 173/11 ).

وحارب الأمير زنكي بن خليفة الشيباني ، صاحب طخارستان ، الأمير فماج صاحب بلخ ، فانكسر زنكي ، وأخذه الأمير قماج ، هو وابنه أسيرين ، فقتل قماج ، ابن زنكي ، وجعل يطعم أباه لحمه ، ثم قتل الأب أيضأ ، ثم أن الأمير قماج دخل في حرب مع الغير، فانكسر ، وأسر هو وولده ، فقتلهما الغير سنة 548 . ( ابن الأثير 179/11 ).

وفي السنة 550 قتل نصر بن عباس ، الظافر الفاطمي ، بأمر من أبيه عباس وزير الظافر ، فقصدهما الملك الصالح طلائع بن رژيك ، ففرا إلي الشام ، وقتل عباس ، وأسر نصر ، وأعيد إلي القاهرة ، فعذب ، وأدخل إلي نساء الظافر فقطعن لحمه ، وأطعمنه إياه . ( النجوم الزاهرة 311/5 ) .

وغضب السلطان محمد بن تغلق ، سلطان الهند ، علي الشيخ شهاب الدين بن شيخ الجام الخراساني ، من كبار المشايخ الصلحاء ، فأمر بأن يطعم خمسة أستار من العذرة ، وهي رطلان ونصف من أرطال المغرب ، فأخذه الموكلون بمثل هذه الأمور ، وهم طائفة من كفار الهنود ، فمدوه علي ظهره ، وفتحوا فمه بالكلبتين ، وحلوا العذرة بالماء ، وسقوه ذلك ( رحلة ابن بطوطة ، طبعة صادر 472 و473) .

وفي السنة 916 مات القاضي بدر الدين حسن ، كاتب أسرار القاهرة ، بعد أن صودر ، وحبس ، وضرب بحضرة السلطان الغوري ، ثم عصر بدنه ،

ص: 8

ثم لف القصب والمشاق علي يديه وأحرقت ، ثم عصر رأسه ، ثم أحمي له الحديد ، ووضع علي يديه ، وقطع ثديه ، وأطعم لحمه ، واستمر في العذاب الشديد إلي أن مات بقلعة مصر ( شذرات الذهب 74/8 ).

أقول : ذكر صاحب الكواكب الزاهرة 176/1 آن تعذيب القاضي بدر الدين ، جري في السنة 910.

وفي السنة 930 أمر أحمد باشا ، والي مصر ، بمحاسبة مباشري الأمير فارس ، وأحضرهم ، وعذبهم عذابا شديدا ، وقطع من لحومهم وأطعمهم منها ( الكواكب السائرة 156/1 ).

وفي السنة 1156 صدر بمصر فرمان بتحريم الدخان ( التبغ ) ، ونزل الأغا والوالي فنادوا بذلك ، وجري التشديد والانكار علي من يفعل ذلك من عال أو دون ، وصار الأغا يشق البلد في التبديل كل يوم ثلاث مرات ، وكل من رأي في يده آلة الدخان ( السبيل) عاقبه ، وربما أطعمه الحجر الذي يوضع فيه الدخان بالنار ( الجبرتي 228/1 ) .

أقول السبيل : عند البغداديين ، هو الأداة التي يوضع فيها التبغ للتدخين ، وهي الأداة المسماة عند الإفرنج ( البايب ) و ( الغليون ) وهي أداة ذات فوهة مدورة ، يوضع فيها التبغ ، ولها من طرفها الآخر ذنب يمتص منه المدخن الدخان بعد إشعال التبغ ، وكانت تصنع في العراق من الطين ، وتسمي : سبيل ( بكسر السين ) وجمعها: سبلان ، وأحسب أنها كانت في مصر من الطين أيضا ، وان سماه الجبرتي حجرة ، لأن الطين إذا صهرته النار انقلب إلي صلابة الحجارة.

وفي السنة 1208 أصبحت الفتن في حلب متواصلة بين الانكشارية والسادة الأشراف ، وبينما كان بعض الأشراف مارين أمام جامع الأطروش ، انقض عليهم الانكشارية ، فهربوا منهم إلي داخل الجامع ، وأغلقوا عليهم

ص: 9

الباب ، فأحرق الانكشارية الباب ، ودخلوا عليهم ، ففروا منهم إلي المنارة ، فلحقوا بهم ، فألقوا بأنفسهم إلي سطح الجامع ، ومنه إلي بيوت الخلاء ، فلحقوا بهم ، وقبضوا عليهم ، فاستغاثوا بهم ، فلم يغاثوا ، بل بالوا بأفواههم ، ثم ذبحوهم ( اعلام النبلاء 371/3 ) وفي السنة 1227 قبض والي حلب جلال الدين باشا علي زعماء الانكشارية ، وهم ابراهيم أغا الحربلي وياسين أغا بن تل قراصية ، ومعهما ثمانية عشر شخصا ، وقتلهم بأجمعهم ( اعلام النبلاء 375/3 ).

ولما تسلطن أورنك زيب، سلطان الهند (1119-1068) سير جيشا المقاتلة أخيه دارا ، فأسر دار وقتله ، وقبض علي ابن لأخيه دارا فاعتقله في سجن كواليور ، وكان يرغم في السجن علي تعاطي كميات كبيرة من الأفيون في صباح كل يوم قبل الطعام مما عجل بموته ( الاسلام والدول الاسلامية في الهند 114) .

ص: 10

الفصل الثاني : التعذيب بسقي الدواء المسهل

وهذا اللون من العذاب ، المقصود منه الإهانة والإيذاء ، لا القتل .

وأول من مارسه ، عبيد الله بن زياد ، عذب به يزيد بن مفرغ الحميري ، لأنه هجا أباه زياد ، وهجا أولاده ، فقبض عليه ، وأمر به فسقي نبيذة حلوة ، خلط معه الشبرم ، فأسهل بطنه ، وطيف به في الطرق ، وهو في تلك الحال ، مغلوط ، وقرن بهرة وخنزيرة ، وكلاب ينهشنه ، فجعل يسلح والصبيان يتبعونه ، ثم رد إلي محبسه ، وقامت الشرط علي رأسه تصب عليه السياط ( الاغاني 264/18 و267 ) ، ثم أخرجه عبيد الله إلي أخيه عباد بسجستان ، ووكل به رجالا ألزموه بأن يمحو بأظافره جميع ما كتبه من الشعر في هجاء زياد وأولاده ، وكتبه علي حيطان الخانات التي نزلها في الطريق ، ما بين سجستان والبصرة ، فكان يحك ذلك بأظافره ، حتي ذهبت أظافره ، فكان يمحوه بعظام أصابعه ودمه ( الاغاني 299/18 ) . كما أمر عبيد الله ، الموكلين بابن مفرغ، أن لا يتركوه يصلي إلا إلي قبلة النصاري ، إلي المشرق ( الاغاني 269/18 ) ، راجع أنساب الاشراف 78/2/4 .

وشتم أبو حزابة ، قريشأ في قصيدة ، فغضب منه عون بن عبد الرحمن بن سلامة، وأغلظ له ، ثم أمر ابن أخ له ، فدعا أبا حزابة ، وأطعمه ، وسقاه ، وخلط في شرابه شبرما ( شراب مسهل ) ، فسلحه ، فخرج أبو حزابة ، وقد أخذه بطنه ، فسلح علي بابهم ، وفي طريقه ، حتي بلغ أهله ، ومرض أشهر ، ثم عوفي ، وهجا عون ( الاغاني 263/22 ) .

ص: 11

ص: 12

الفصل الثالث : التعذيب بالملح

ويحصل إما برش الملح علي جروح المعذب ، أو بإسعاطه بالملح في أنفه ، وإما أن يذاب في الماء ، ويسقاه .

أما اللون الأول من هذا العذاب ، وهو رش الملح علي جروح المعذب ، فإن أول من مارسه الحجاج بن يوسف الثقفي ، فإنه اعتقل فيروز ، أعظم مولي بالعراق قدرة ، وأمر فشق له قصب ، ثم شد عليه ، وجعل يسله قصبة قصبة ، ثم صب عليه الخل والملح حتي مات ( المعارف لابن قتيبة 337 ).

وفي السنة 800 ضرب الأمير بكلمش ، موقعه صفي الدين الدميري ، بالمقارع، حتي مات ، وسبب ذلك ، أن الأمير بكلمش ضرب صفي الدين ، وصادره ، فشكاه إلي السلطان بقصيدة قال فيها : أتأكلني الذئاب وأنت لي ؟ فسمع الأمير بكلمش بذلك ، فطلبه ، وضربه بالمقارع، وكانوا كلما ضربوه رشوا عليه الملح ، وكلما استغاث أجابه بكلمش : قل لليث يخلصك من الذيب ، ولم يزل يضربه حتي مات ( نزهة النفوس 459 ).

وكان المعذبون في الهند في عهد السلطان محمد بن تغلق ، يوضع علي جروحهم الرمل والبول ، زيادة في الامهم . ( رحلة ابن بطوطة طبعة صادر 475) .

ص: 13

وأما اللون الثاني من العذاب ، وهو إسعاط المعذب بالملح ، فقد مارسه المتسلطون في مصر ، مضافة إلي العذاب بالضرب .

وكان من جملة ألوان العذاب التي عذب بها الصاحب شمس الدين موسي المتوفي سنة 771 أن سقط بالماء والملح والخل والجير ( النجوم الزاهرة 110/11 - 112).

وفي السنة 799 ضرب سعد الدين بن البقري ، هو وولده ضربا كبيرة بالمقارع والعصي ، وسقطا بالملح مرات ، إلي أن مات سعد الدين ، وغسل بالميضأة ، ودفن بالخندق ، ولم يمش في جنازته أحد. (نزهة النفوس 442)

وفي السنة 799 ضرب محمد بن محمود الأستادار ، فوق أربعمائة عصاة ، وسقط ، بسبب دواة ذكر أنها عنده ، بألقاب مثل ألقاب السلطنة الشريفة ، وأحضرت الدواة ، ولم يثبت ما ذكر . ( نزهة النفوس 447) .

وأما اللون الثالث من العذاب ، وهو سقي الماء المخلوط بالملح والرماد ، فإن أول من مارسه ، الحجاج بن يوسف الثقفي ، اذ كان لا يسمح لمن يسجنهم بشرب الماء إلا مخلوط بالملح والرماد . ( محاضرات الأدباء 195/3)

حبس الحجاج ، مالك بن أسماء بن خارجة ، وضيق عليه كل أحواله ، حتي كان يشاب له الماء الذي كان يشربه بالرماد والملح ، فأشتاق الحجاج إلي حديثه يوما ، فأحضره ، فبينما هو يحدثه استسقي ماء ، فأتي به ، فلما نظر إليه الحجاج ، قال : لا هات ماء السجن، فأتي به ، وقد خلط بالملح والرماد فسقيه . ( الاغاني 231/17 ).

وكان عبد الله بن علي العباسي ، يعذب من ظفر به من بني أمية ، بأن

ص: 14

يسقيهم النورة والصبر ، والرماد والخل ، يخلط لهم ذلك مع ماء شربهم ( شرح نهج البلاغة 156/7 ) .

وفي السنة 800 غضب سلطان مصر ، علي علاء الدين والي القاهرة ، فكان مما عاقبه به ، أن سقاه الماء مخلوط بالجير والملح . ( بدائع الزهور 309/1)

ولما احتل التار، أمسكوا بالشريف أبي الحسن علي بن محمد الحسيني ، وملؤا له سطل نحاس من الماء والملح ليسقوه إياه ، وشرعوا في ربطه ، فجاء ثور فشربه في لحظة ، فعجبوا ، وأطلقوه ، ولم يعاقبوه ، وكان ذلك في السنة 803. ( اعلام النبلاء 131/5).

ص: 15

ص: 16

الباب السابع : التعذيب بالحلق والنتف

اشارة

اللحي : عظم الحنك الذي عليه الأسنان .

واللحية : شعر الخدين والذقن ، فاللحية تجمع الوجه كله ، فما كان من الصدغ إلي منبت الأسنان ، فهو العذار، وما أنسبل من مقدمها ، فهو السبلة ، والسبال فوق الشارب ، والشارب حرف الشفة العليا ، أقول : البغداديون الآن يسمون السبال : شارب ، ويجمعونه علي شوارب ، والعنفقة : ما تحت الشفة السفلي ، والعثنون طرف اللحية مما يلي الصدر ، فإذا كانت اللحية في الذقن ، فالرجل كوسج ، فارسية : كوسه ، فإذا كان الرجل أمرد فهو سناط وسنوط .

واللمة : بكسر اللام ، الشعر المجاوز شحمة الأذن ، أما مجتمع شعر الرأس ، فهو الجمة .

الحلق : إزالة الشعر بالموسي ، أو بأية آلة حادة .

والنتف : الإنتزاع.

واللحية عند العرب واجبة الكرامة ، ويقسم الواحد منهم بلحيته ، أو بلحية من يخاطبه ، وجاء الإسلام ، فأقر لها حرمتها وكرامتها ، وقد أمر النبي صلوات الله عليه بتوقير اللحي ، فقال : أحفوا الشوارب وأعفوا اللحي ، وكان من يمين عائشة : لا والذي زين الرجال باللحي ، وبلغ من حرمة اللحي

ص: 17

عندهم ، انهم كانوا يحصون السناط الأشراف أي الذين لا لحية لهم ، ولا يحصون الأشراف من ذوي اللحي ، لأن الشريف عندهم لا بد أن تكون له الحية ، وهم يعدون من السناط الأشراف عبد الله بن الزبير ، وقيس بن سعد بن عبادة ، أحد دهاة العرب ، وسيد قومه غير مدافع ، وكان يلقب : خصي الأنصار لأنه لم تكن في وجهه طاقة شعر ، وقال الشاعر يذم قوما بأنهم سناط :

زرق إذا لاقيتهم سناط**** ليس لهم في نسب رباط

ولا إلي حبل الهدي سراط**** فالسب والعار بهم مناط

وكان الأحنف بن قيس من السادات الطلس ( وفيات الأعيان504/2)والأطلس : الذي لا لحية له ، وكان رهطه يقولون : وددنا أنا أشترينا للأحنف الحية بعشرين ألفا ( الاعلام 263/1 ).

وكان أبو الحسن علي بن هلال ، المعروف بابن البواب ، صاحب الخط المشهور ، طويل اللحية جدأ ، ذكر صاحب الهفوات ، إنه كان في الديوان كاتب يعرف بأبي نصر بن مسعود ، فلقي يوما أبا الحسن بن البواب ، فسلم عليه ، وقبل يده ، فقال له ابن البواب : الله ، الله ، يا سيدي ، ما أنا وهذا ؟ فقال له : لو قبلت الأرض بين يديك ، لكان قليلا ، قال : ولم ذلك يا سيدي ؟ قال : لأنك تفردت بأشياء ما في بغداد كلها من يشاركك فيها ، مثل الخط الحسن ، وأنه لم أر في عمري كاتب من طرف عمامته إلي طرف الحيته ذراعان ونصف ذراع غيرك ، فضحك ابن البواب منه ، وجزاه خيرا ، وقال له : أسألك أن تكتم هذه الفضيلة علي ، ولا تكرمني لأجلها ( معجم الأدباء 453/5 ) .

وكان رسول الله صلوات الله عليه ، إذا أهتم بأمر ، أكثر من مس لحينه ( البصائر والذخائر 228/1/2 ) .

ص: 18

وقال يزيد بن المهلب : ما رأيت عاق ينوء به أمر ، إلا كان معوله علي الحيته ( البصائر والذخائر 228/1/2 ) . اقول : يعني انه يكثر عندئذ من مست الحيته .

وحدثني صالح خضوري رحمه الله ، قال : كان أبي صيرفيا في مدينة العمارة ، وكنت وأنا صبي أقعد في دكانه ، أقض حاجاته فيما يرسلني فيه ، وأحفظ الدكان إذا بارحه ، وكنت أري الناس يراجعونه ، فيقترضون منه ، وكلما سلم إلي أحد منهم مالأ ، أخذ من المدين ورقة صغيرة مطبقة ، وكان يطويها أولا بعناية ، ثم يكتب عليها إسم صاحبها ، ومقدار الدين ، ثم يودعها صندوقه ، وكنت أتعجب مما أشاهد، ولكني لم أجسر علي السؤال من والدي عن ذلك ، وأغتنمت ذات يوم فرصة مبارحة والدي الدكان ، ليتغدي في الدار ، ففتحت الصندوق ، وأخرجت إحدي الوريقات ، وفتحتها، فوجدت في باطنها شعرة واحدة ، فبهت ، وتحيرت ، وأعدت لفت الشعرة ، ثم طويت عليها الورقة ، وأعدتها إلي موضعها من الصندوق ، وهاج بي الفضول ، حتي إذا عاد والدي إلي الدكان ، سألته عن قصة هذه الشعرة ، وأخبرته بأنني قد اطلعت علي ورقة من الأوراق التي تشتمل عليها صندوقه ، فقال : يا ولدي ، هذه الشعارات هي الرهن الذي يقدمه لي هؤلاء لقاء ما يقترضون من مال ، فإن كل واحد منهم يقترض ما يحتاج إليه من مال ، فلا أكتب عليه صكا ، وإنما يعطيني شعرة من لحيته ، أحفظها عندي ، تقوم مقام الرهن ، ويعود في وقت الإستحقاق ، فيؤدي الدين ، ويسترد الشعرة التي أودعها ، قال صالح : ولم يضع علي والدي دين من هذه الديون قط .

ومن أمثال البغداديين التي تدل علي عنايتهم باللحية ، قولهم : إذا طلعت لحية إبنك زين ( احلق ) لحيتك ، ويعني المثل إنه إذا كبر ولدك وتصدي للرئاسة ، فأترك له موضعك ليتصدر خلفا لك ، كني عن الرئاسة والمقام الرفيع باللحية ، وكني عن التنازل عن الرئاسة بحلق اللحية .

ص: 19

وكان هجو الرجل ، بالإشارة الي لحيته ، شدي - الوقع علي المهجو ، ومن قول المتنبي في الفخر ، من قصيدة له في مدح الأمير سيف الدولة :

إذا شاء أن يلهو بلحية أحمق**** أراه غباري ثم قال له الحق

وروي لنا صاحب كتاب زهر الربيع قصة طريفة عن رجل طويل اللحية ، خلاصتها : إن جلساء أحد الأمراء ، أجمعوا في مجلسه علي انه اذا توفرت في الرجل ثلاث صفات ، كان من الحمقي ، إحداها طول اللحية ، فأمر الأمير بالبحث عن رجل يتصف بهذه الصفات ، ووجدوا رجلا طويل اللحية ، فأحضروه للتحقق من الصفتين الباقيتين ، وكان الأمير منهمكا في بعض الأمور ، فأجلسوه حتي يفرغ ، وكان جلوسه علي كرسي من خيزران ، فلما فرغ الأمير ، أمرهم باحضار الرجل ، فقام والكرسي ملصق بعجيزته ، وقد أمسكه براحتيه ، فعجب منه الأمير ، وسأله عن السبب ، فقال : إني لما جلست علي هذا الكرسي ، تحسست بأصابعي فروج خيوط الخيزران تحتي ، فوجدتها متباعدة ، وأردت أن أقيس مقدار تباعدها، فاجتهدت حتي أدخلت إحدي بيضتي في فرجة من هذه الفروج ، ولما حاولت أن أخرجها أعياني ذلك ، فقال الأمير : لا حاجة بنا إلي التحقيق عن الصفتين الباقيتين ، فإنه بتصرفه هذا قد أغنانا عن ذلك .

وحدثونا عن صوفي طويل اللحية ، كان مقيمة بالتكية الخالدية بالنجف ، وكان يدخل الي قبر أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام ، ويمسك بلحيته ، ثم يرفع بصره الي السماء ، ويقول : يا رب ، بحق هذه اللحية ، إغفر لصاحب هذا القبر .

راجع في الفصل الأول من الباب الأول : الشتيمة ، من هذا الكتاب ، قصة الفخر الجنيدي ، الذي أمر الرشيد بإشخاصه إليه من مصر ، فلما أدخل عليه إذا لحيته قد وصلت إلي سرته طولا ، وإلي أباطه عرضأ ، فلما رآه قال :

ص: 20

أحمق ورب الكعبة ، فلما فاتشه ظهرت حماقته .

وأراد ماجن أن يضحك من طبيب ، فقال له : أجد في أطراف شعري مغصأ ، وفي بطني ظلمة ، والطعام الذي آكله يتغير في جوفي ، فقال له : أما ما تجد من المغص في أطراف شعرك ، فأحلق لحيتك ورأسك ، فإنه يزول ، وأما الظلمة في بطنك فعلق علي باب دبرك مصباحأ ، وأما تغير الطعام في جوفك ، فكل خراك ، وأربح النفقة ( البصائر والذخائر 116/4 ).

وكان أبو خالد القاص ، يقول في دعائه : يا ساتر عورة الكبش ، لما عرف من فضله وصلاحه ، وهاتك عورة التيس ، لما علم من قذره وفجوره ، أستر علينا وارحمنا، وأهتك ستر أعدائنا ، فقيل له : وما فضيلة الكبش ؟ قال : لأنه يقال كبش إبراهيم الذي فدي به ابنه ، ولأنه يذبح في العقيقة ، قيل : فما ذنب التيس ؟ قال : يشرب بوله ، وينزو علي الشاة التي لم تستحق النزو، ويؤذي المسلمين بنتن ريحه ، ويعلم الناس الزنا، وبه يعاب أصحاب اللحي الكبار ، يقال : جاءني بلحية التيس ( البصائر والذخائر 486/1 و487) .

وكان محمد بن عمرو بن حزم ، أمير المدينة في العهد الأموي ، عظيم اللحية ، له جارية موكلة بلحيته ، إذا ائتزر عليها ، وكان إذا جلس للناس ، جمعها ، ثم أدخلها تحت فخذه ( الاغاني 146/19 ).

وكان الفضل بن غانم الخزاعي ، قاضي مصر في السنة 198 كبير اللحية جدأ ، فكان يجعل في لحيته عوذة ، خوفا عليها من العين ( القضاة للكندي 420) .

وكان الشيخ ضياء الدين القرمي ، المتوفي سنة 780 ذا هيأة غريبة ، له الحية طويلة جدا تصل إلي رجليه ، وكان إذا نام يجعلها في كيس ، وإذا ركب آنفرقت حول وجهه فرقتين ( بدائع الزهور 35/2/1 ) .

ص: 21

وذكر أبو العباس المبرد في كتابه الكامل 128/2 : إن يزيد بن مزيد الشيباني ، نظر إلي رجل ذي لحية عظيمة ، وقد تلقفت علي صدره ، وإذا هو خاضب ، فقال له : إنك من لحيتك في مؤونة ، فقال : أجل، ولذلك أقول : ( وفيات الأعيان 336/6 ).

لها درهم للدهن في كل ليلة ****وآخر للحناء يبندران

ولولا نوال من يزيد بن مزيد**** الصوت في حافاتها الجلمان

ومن اللحي المشهورة لحية عباد بن زياد ، وكانت كأنها جوالق لكبرها ، وحدث ذات يوم أن كان راكبا ودخلت الريح في لحيته فنفشتها ، فضحك الشاعر ابن مفرغ وقال لرجل من لخم كان الي جانبه :

ألا ليت اللحي كانت حشيشأ**** فنعلفها خيول المسلمينا

فبلغ ذلك عبادة ، فنكبه وأذاه ، راجع تفصيل ذلك في الأخبار الطوال 296 ووفيات الأعيان 342/6 ومعجم البلدان 903/2 .

وكان أبو بكر محمد بن منصور القصري ، المفسر ، المقريء المتوفي سنة 547 ، طويل اللحية ، وكان إذا جلس تصل إلي حجره ( الوافي بالوفيات 68/5)

إن العناية الزائدة باللحية ، تجاوزت في بعض الأحيان الحد، فأصبحت مجالا للتعليق أو السخرية ، إذ كان بعض أصحاب اللحي ، يتعاهدها في كل ليلة بالدهن والحناء ، وأطال بعضهم لحيته حتي تجاوزت سرته ، وأطالها بعضهم حتي تجاوزت ركبته، وكان بعضهم يضعها في كيس إذا نام ، ويطويها تحته إذا قعد، واتخذ بعضهم جارية كان عملها مقصورة علي العناية بلحية سيدها، فوجد الساخرون بهم ، طريقة للسخرية ، قال الشاعر :

ص: 22

إذا عرضت للفتي لحية**** وطالت وصارت الي سرته

فنقصان عقل الفتي عندنا**** بمقدار ما زيد في لحيته

وقال الشاعر البصري ابن لنكك :

لا تخدعنك اللحي ولا الصور**** تسعة أعشار من تري بقر

في شجر السرو منهم مثل ****له رواء وماله ثمر

وروي الذهبي في تاريخ الإسلام ، انه كان في السنة 368 في بغداد ، قاض اسمه أحمد بن سيار ، له لحية طويلة ، ويلبس دنية طويلة ، وله هيبة ، تقدمت إليه امرأتان ، فأدلت الأولي بدعواها ، وسأل المدعي عليها عما تجيب به ، فقالت : أفزع أيد الله القاضي ، فقال لها : مم تفزعين ؟ قالت : لحية

طولها ذراع، ووجه طوله ذراع، ودنية طولها ذراع ، فأخذتني هيبتها ، فوضع القاضي دنيته عن رأسه ، وغطي بكمه لحيته ، وقال لها : قد نقصتك ذراعين ، فأجيبي عن دعواها .

أقول : الدين ، وجمعه دنان، كهيأة الحب إلا إنه أصغر منه ، في أسفله كهيأة قونس البيضة ، فلا يقعد حتي يحفر له ، والدنية : قلنسوة أشبه شيء بالدن اختص بها الفقهاء والقضاة .

وقال الجاحظ : قيل لرجل طويل اللحية : مالك لا تأخذ من لحيتك ؟ فقال : أنا أصون بها عرضي ، فإن الناس اذا نظروا إليها قالوا : انظروا إلي الحيته كأنها كارة ، ويقولون : لحيته كأنها جوالق ، ويقولون : لا بارك الله في هذه اللحية ، فما لي أعرض لشيء يصون عرضي ( المحاسن والمساوي ء 232/2)

وذكر محيي الدين بن الجوزي ، عن البرد في قونية ، إن إنسانا خرج من الحمام في تلك المدينة ، في زمن الشتاء ، فجمدت لحيته ، ثم زلق ، فانكسرت ، وذهب منها قطعة ( الحوادث الجامعة 186).

ص: 23

وقال رؤبة في لحية حرب بن قطن : ( شرح المقامات الحريرية 34/1)

هلوفة كأنها جوالق**** نكراء لا بارك فيها الخالق

لها فضول ولهانفائق**** اذا الرياح العصف السوابق

طيرنها طارت لها عقائق**** أن الذي يحملها لمائق

وقال الشاعر يهجو : ( مجمع الأمثال 117/1 ) .

وله لحية تيس**** وله منقار نسر

وله نكهة لي**** خالطت نكهة صقر

وأنشد أبو علي : ( شرح المقامات الحريرية 1/ 34).

وأنت أمرؤ قد كثات لك لحية**** كأنك منها قاعد في جوالق

وقال الشاعر في رجل قصير طويل اللحية : ( شرح المقامات الحريرية 35/1)

ماطول داود إلا طول لحيته**** يظل داود فيها غير موجود

تكنه خصلة منها إذا نفخت**** ريح الشمال وجف الماء في العود

وكان مع المهدي رجل من أهل الموصل ، يقال له سليمان بن المختار ، وكانت له لحية طويلة عظيمة ، فذهب يوما ليركب ، فوقعت لحيته تحت قدمه في الركاب ، فذهب عامتها ، فقال آدم بن عبد العزيز في ذلك : ( الوافي بالوفيات 296/5 ).

قد آستوجب في الحكم****سليمان بن مختار

بماطول من لحي ****ته جزا بمنشار

أو النتف أو الحلق**** أو التحريق بالنار

فقد صار بها أش****هر من راية بيطار

ص: 24

وسارت الأبيات ، وأنشدت للمهدي ، فقال أسيد بن أسيد الأزدي ، وكان وافر اللحية ، ينبغي الأمير المؤمنين أن يكف هذا الماجن عن الناس ، فبلغ آدم ذلك ، فقال :

الحية طالت وتمت**** الأسيد بن أسيد

كشراع من عباء ****قطعت حبل الوريد

بعجب الناظر منها ****من قريب وبعيد

هي أن زادت قليلا ****قعطت خيل البريد

ولبعض المحدثين : ( الحيوان 89/6 ) .

بالحية طالت علي نوكها**** كأنها لحية جبريل

لو كان ما ينصب من مائها**** نهرأ إذا طم علي النيل

أو كان ما يقطر من دهنها ****كيلوي ألف قنديل

ولو تراها وهي قد سرحت ****حسبتها بندأ علي فيل

ومن اللحي المشهورة ، لحية العوفي القاضي ، كانت تبلغ الي حد ركبته ، وقال فيها الشاعر :

الحية العوفي أبدت**** ما اختفي من حسن شعر

هي لو كانت شراعا ****لذوي متجر بحر

جعل السير من الصين ****إلينا نصف شهر

هي في الطول وفي العر**** ض تعدت كل قدر

وكان يوسف بن عمر الثقفي ، الملقب أحمق ثقيف ، من أقصر الناس قامة ، وأطولهم لحية ، وكان يلي العراق للأمويين ، فلما قبض عليه بعد قتل الوليد بن يزيد ، أخذ عامل الحرس بلحيته ، فهرها، ونتف بعضها ، فلما أدخل علي يزيد بن الوليد ، أمسك بلحيته ، وانها لتجوز سرته ، وجعل يقول : نتفت - والله - لحيتي يا أمير المؤمنين ، فما بقي فيها شعرة ( الطبري 275/7)

ص: 25

وقال ابن المعتز ، في ارجوزته ، يصف ما يصيب المسجونين ، من ضرب وصفع ، ونتف لحية : ( ديوان ابن المعتز 131).

وويل من مات أبوه موسرا**** ألبس هذا محكما مشهرا

وطال في دار البلاء سجنه**** وقيل : من يدري بأنك أبنه

فقال : جيراني ، ومن يعرفني**** فتفوا سباله حتي فني

وأسرفوا في لكمه ودفعه**** وانطلقت أكفهم في صفعه

ولم يزل في أضيق الحبوس**** حتي رمي إليهم بالكيس

وكان حلق اللحية ، أو نتفها ، من العقوبات التي يمارسها المتسلطون ضد خصومهم من وجوه الناس ، من أمراء ورؤساء ، وقضاة وفقهاء .

ويمكن حصر ألوان العذاب الذي ينطوي تحت عنوان الحلق والنتف ، بحلق اللحية ، أو حلق اللمة ، أو حلقهما معا ، أو مسح الوجه ، ويعني ذلك حلق اللحية والشارب والحاجبين ، وبنتف اللحية ، أو نتف شعر الرأس ، أو نتفهما معا ، وبنتف شعر البدن وشعر الرأس جميعا .

ويشتمل هذا الباب ، علي فصلين اثنين ، وهما :

الفصل الأول : الحلق ، وينقسم الي ثلاثة أقسام :

القسم الأول : حلق اللحي واللمم .

القسم الثاني : حلق اللمم

القسم الثالث : المسح

الفصل الثاني : النتف ، وينقسم الي ثلاثة أقسام :

القسم الأول : نتف اللحية .

القسم الثاني : نتف شعر الرأس

القسم الثالث : نتف شعر البدن

ص: 26

الفصل الأول : الحلق

القسم الأول : حلق اللحي واللمم

ولي عبد الله بن عامر ، أمير العراق ، في السنة 43 ، قيس بن الهيثم خراسان ، فأبطأ في حمل الخراج ، وأمسك عن إرسال « الهدية » ، فوجد عليه ابن عامر ، وولي عبد الله بن خازم خراسان ، فبلغ ذلك قيس فأقبل علي ابن عامر ، تاركة خراسان ، فازداد ابن عامر عليه غضبا، وقال له : ضيعت الثغر ، فضربه مائة ، وحلقه ، وحبسه . ( الطبري 209/5 و210)

وكان مصعب بن الزبير ، يعاقب من تخلف عن البعث ، بأن يحلق رأسه ولحيته ، وتخلع عمامته ، ويقام للناس ، فلما ولي بشر بن مروان ، أضاف إليه تعليق المتخلف بمسمارين في يده في حائط ، فيخترق المسماران يده ، وربما مات ، فلما جاء الحجاج ، ترك ذلك كله ، وجعل عقوبة المتخلف القتل ( تاريخ ابن خلدون 41/3 و42) .

وتحرك أهل البصرة في السنة 71 علي مصعب بن الزبير ، وكان إذ ذاك بالكوفة ، فقدم ، وأحضر قومأ من رؤسائهم ، وسبهم ، ثم ضربهم مائة مائة ، وحلق رؤوسهم ولحاهم، وهدم دورهم ، وصهرهم في الشمس ثلاثا ، وحملهم علي طلاق نسائهم ، وجمر أولادهم في البعوث ، وطاف بهم في أقطار البصرة ، وأحلفهم أن لا ينكحوا الحرائر ( أنساب الأشراف 162/2/4 والطبري 155/6 ) .

ص: 27

ووجد مصعب بن الزبير ، علي الفرات بن معاوية البكائي ، فأمر به ، فحلق رأسه ولحيته في غداة يوم ، فراح إليه الفرات من يومه ، وقد اعتم، فسلم عليه ، فتذمم مصعب ، وقال : رجل فعل به ما فعلت ، وأتاني في عشية يومه ، فأحسن إليه ، وأكرمه، ووصله ، وولاه ( أنساب الأشراف 280/5)

وكتب عبد الملك بن مروان ، إلي عماله بالبيعة للوليد ثم لسليمان من بعده ، فأحضر هشام بن إسماعيل ، عامل عبد الملك علي المدينة ، سعيد بن المسيب، وأراده علي البيعة ، فأبي ، وقال : لا أبايع بيعتين، وقد قال النبي صلي الله عليه وسلم : إذا كانت بيعتان في الإسلام فاقتلوا الأحدث منهما، فأخذه هشام ، وجلده مائة سوط ، وحلق رأسه ولحيته ، وأوقفه في السوق ، راجع التفصيل في كتاب الإمامة والسياسة 45/2 و46.

وغضب الوليد بن عبد الملك ، علي عبيدة بن عبد الله ، عامله علي الأردن ، فعزله ، وضربه ، وحلقه ، وأقامه للناس ، راجع التفصيل في كتاب الفرج بعد الشدة للتنوخي في القصة المرقمة 290 ج 3 ص 133 و134 .

ولما حلقت لحية ربيعة بن أبي عبد الرحمن ، كانت امرأة بالمسجد، تقف عليه كل يوم في حلقته ، وتقول : لك الله يا ابن أبي عبد الرحمن ، من حلق لحيتك . فلما أبرمته ، قال لها : يا هذه ، إن ذاك حلقها في جزة واحدة ، وأنت تحلقينها في كل يوم . ( العقد الفريد 44/4 ) .

وكتب الحجاج إلي محمد بن القاسم الثقفي ، أن أذع عطية بن سعد العوفي ، فإن سب علي بن أبي طالب ، وإلا فأضربه أربعمائة سوط ، وأحلق رأسه ولحيته ، فأحضره ، فأبي أن يفعل ، فضربه أربعمائة سوط ، وحلق رأسه ولحيته . ( الاعلام 32/5 ) .

وذكر أن قاضي البصرة ، هشام بن هبيرة ، رفع إليه قوم يخلطون دقيق

ص: 28

الشعير ، بدقيق البر، فحلق أنصاف رؤوسهم ، وأنصاف لحاهم ( اخبار القضاة 300/1 ) .

وكان إياس بن عبد الله بن عمر ، عامل خوارزم علي حربها لقتيبة ، فاستضعفه أهلها ، فجمعوا له ، فعزله قتيبة ، ووجه أخاه عبد الله بن مسلم إليها وأمره أن يضرب إياس بن عبد الله ، وحيان النبطي مائة مائة ، وأن يحلقهما . (الطبري 6/ 480) .

وفي السنة 104 ولي عمر بن هبيرة ، معقل بن عروة ، عام علي هراة ، فأتي هراة ، ولم يأت الحرشي عامل خراسان ، فأمر الحرشي بإحضاره، وقال له : ما منعك أن تأتيني قبل أن تأتي هراة ؟ قال : أنا عامل الابن هبيرة ، ولأني كما ولاك ، فضربه سعيد مائتي سوط وحلقه ( الطبري 16/7)

وكان القعقاع بن ضرار علي شرطة الكوفة ، وكان يقف بين يديه حجام ، وسفرة موضوعة فيها المواسي ، فإذا أتي بشراب النبيذ، حلق رؤوسهم ولحاهم . ( الاغاني 413/20 ).

وفي السنة 106 وقعت الفتنة بخراسان ، بين مصر واليمن ، وكان سبب ذلك ، ان مسلم بن سعيد غزا ، فتباطأ الناس عنه ، وكان ممن تباطأ البختري بن أبي درهم ، فرد مسلم ، نصر بن سيار وجماعة معه إلي بلخ ، لكي يخرجوا الناس ، فيلتحقوا بجيش مسلم ، فأحرق نصر باب البختري بن أبي درهم ، وباب زياد بن طريف الباهلي ، فغضب عمرو بن مسلم ، أخو قتيبة ، فاجتمعت مضر علي نصر بن سيار ، وربيعة والأزد علي عمرو بن مسلم ، وحمل أصحاب عمرو علي نصر وأصحابه ، فاشتبكوا ، فكان أول قتيل من باهلة من أصحاب عمرو بن مسلم ، وقتل معه ثمانية عشر رجلا ، وانهزم عمرو ، وأرسل يطلب الأمان من نصر ، فأمنه ، وقاده وفي عنقه حبل ،

ص: 29

وضربه مائة ، وضرب البختري وزياد بن طريف مائة مائة ، وحلق رؤوسهم ولحاهم ، وألبسهم المسوح ( الطبري 30/7 و 31 وابن الأثير 127/5 و 128 ).

وفي السنة 109 تعصب أسد بن عبد الله القسري ، أمير خراسان ، الليمانية ، فضرب من المضرية نصر بن سيار ونفرأ معه بالسياط ، ثم حلقهم بعد الضرب ، وبعث بهم إلي أخيه خالد بالعراق ، وكتب إليه أنهم أرادوا الوثوب عليه ، فكان الموكل بهم كلما نبت شعر أحدهم ، حلقه . ( الطبري 49/7)

وكان سليمان بن هشام بن عبد الملك ، يساعد أباه ويشاركه في ذم الوليد بن يزيد ، فلما ولي الوليد الخلافة ، كان من جملة ما عاقب به سليمان ، أن أمر به فحلفت لحيته ، وضربه مائة سوط ، وغربه الي معان من أرض الشام ( الطبري 7/ 231 و 232 والعيون والحدائق 3/ 130 والعقد الفريد 462/4 وتاريخ ابن خلدون 109/3 ). وكان المثني بن يزيد بن عمر بن هبيرة ، واليا علي اليمامة ، من قبل أبيه لما كان أميرا علي العراق ، فضرب عدة من بني حنيفة ، وحلقهم ( تاريخ ابن خلدون 106/3 ).

وفي السنة 142 نقض أصبهبذ طبرستان العهد الذي بينه وبين المسلمين ، فحاصروه ، فقال أبو الخصيب لأصحابه : أضربوني ، وأحلقوا رأسي ولحيتي ، ففعلوا ، ولجأ إلي الأصبهبذ وزعم أنه عائذ به ، حتي أمنه ، فتح باب الحصن للمسلمين ، فمص الأصبهبذ خاتمأ له فيه سم ، فقتل نفسه . ( الطبري 513/7 ).

وتهدد المنصور العباسي ، علي لسان الربيع ، جمعا من أتباعه ، بضربهم وحلق لحاهم ، فقال ابن عياش المنتوف للربيع : يا شبه عيسي بن

ص: 30

مريم ( لأن الربيع لم يعرف أبوه ) أبلغ أمير المؤمنين ، أننا لا نتحمل الضرب ، أما حلق اللحي فإذا شئت ( وكان ابن عياش منتوفا ، اي لا لحية له ) فذكر ذلك للمنصور ، فضحك ، وقال : قاتله الله ( الطبري 79/8 ) .

وفي السنة 147 خرج هشام بن عذرة ، علي عبد الرحمن الداخل بالأندلس ، وتحضن بطيطلة ، فسير إليه عبد الرحمن جندة بقيادة بدر مولاه ، فحصره ، وضيق عليه ، وأسره هو وحياة بن الوليد اليحصبي ، وعثمان بن حمزة بن عبيد الله بن عمر بن الخطاب ، فجيء بهم إلي عبد الرحمن مشهرين علي حمير ، وقد حلقت رؤوسهم ولحاهم ، وألبسوا جباب صوف ، وقيدوا بالسلاسل ( ابن الأثير 583/5 ).

وهجا أبو سماعة المطيعي الشاعر ، سليمان بن أبي جعفر المنصور ، عم الرشيد ، وكان إليه محسنأ ، فأمر به الرشيد، فحلقت لحيته ورأسه ( نشوار المحاضرة ، رقم القصة 128/7 ).

وروي أبو صدقة المغني للرشيد ، قصة صوت ، دفع في سبيل أخذه أربعة دراهم ، وأخذ من الرشيد لما غناه به أربعة آلاف دينار ، فقال : إن مولاه في الحجاز ، كان قد شرط عليه في كل يوم درهمين ضريبة ، فدفع الدرهمين في سبيل الصوت ، أول يوم ، ثم دفع درهمين اثنين ، في سبيل الصوت في اليوم الثاني ، فلما انقطعت الضريبة عن المولي ، سبه ، وقال له : يا ابن اللحناء ثم بطحه ، وضربه خمسين جريدة بأشد ضرب ، وحلق الحيته ورأسه ( مروج الذهب 285/2 ).

وخرج ابراهيم بن صالح ، عامل دمشق للرشيد، مع وفد من الشاميين ، للسلام علي الخليفة ، واستخلف علي عمله ولده اسحاق ، فحصلت في دمشق فتنة ، فحبس اسحاق رؤساء من قيس ، وأخذ أربعين رجلا من محارب ، فضربهم ، وحلق رؤوسهم ولحاهم ، وضرب كل واحد منهم ثلثمائة سوط ( خطط الشام 191/1 ).

ص: 31

وفي السنة 195 ظهر شخص من بني أمية بالشام ، ادعي أنه السفياني ، ويلقب : العميطر ، فقاومه محمد بن صالح بن بيهس الكلابي ، وبعث إليه العميطر جيشأ مكونة من اثني عشر ألف محارب ، فانتصر الكلابي ، وقتل منهم ألفين ، وأسر ثلاثة آلاف فحلق رؤوسهم ، ولحاهم ، وأحلفهم أنهم يصيرون إلي العميطر ، ويصيحون : نحن عتقاء آبن بيهس . ( خطط الشام 185/1 ).

أقول : إن ابن بيهس هذا ، أسر في السنة 227 في دمشق ، وحمل إلي سامراء ، ومعه أبو حرب المبرقع الذي أسر بفلسطين ، فجعلا في المطبق ( الطبري 118/9 ) .

وفي السنة 235 غضب المتوكل علي ابن أبي الليث قاضي مصر ، فأمر بحبسه وولده وأصحابه وأعوانه ، فاستصفيت أموالهم كلهم ، ثم ورد كتاب المتوكل يأمر بلعنه علي المنابر ، فلعن ، ثم ورد كتاب المتوكل في السنة 237 بتخليته وأصحابه وأولاده من السجن ، وإعادته إلي القضاء ، وتكليفه بالنظر في قضية الجروي ، فحكم فيها ، ثم ورد كتاب المتوكل في السنة نفسها (237 ) بأن يحلق رأس ابن أبي الليث القاضي ولحيته ، وأن يضرب بالسوط ، وأن يحمل علي حمار بأكاف ويطاف به في الفسطاط ففعل به ذلك ، وحبس ، ثم نفي إلي العراق . ( اخبار القضاة 463 - 465) .

وفي السنة 262 بعث أحمد بن محمد بن طاهر ، أبا العباس النوفلي ، في خمسة آلاف رجل ، ليخرج أحمد بن عبد الله الخجستاني من نيسابور ، فبلغ أحمد خبره ، فأرسل إلي النوفلي ، ينهاه عن سفك الدماء ، فأخذ النوفلي الرسل ، وأمر بضربهم ، وحلق لحاهم ، وفاجأهم الخجستاني بجيشه، فأسر النوفلي ، وبلغه ما صنع برسله ، فقال له : إن الرسل ، تختلف إلي بلاد الكفار ، فلا يتعرضون لهم ، أفلم تستح أن تأمر برسلي بما

ص: 32

أمرت ؟ فقال له النوفلي : أخطأ ، فقال له : لكنني سأصيب في أمرك ، ثم قتله ( ابن الأثير 302/7 ) .

وفي السنة 286 قبض عامل القطيف علي يحيي بن المهدي ، الداعي القرمطي ، فضربه ، وحلق رأسه ولحيته . ( الكامل لابن الأثير 495/7 ) .

وذكر الوزير ابن الفرات ، أن المثني من أهل همينيا ، حلقت نصف الحيته عقوبة علي اقتطاع اقتطعه . ( الوزراء للصابي 283 ) .

وفي السنة 318 شغب الرجالة المصافية ، ببغداد ، علي المقتدر ، فأمر محمد بن ياقوت صاحب الشرطة ، فطردهم عن دار المقتدر ، وأخرجهم من بغداد ، وظفر بقوم منهم لم يخرجوا ، فضربهم ، وحلق لحاهم ، وشهر بهم . (ابن الأثير 217/8 ) .

وفي السنة 337 أرسل المرزبان محمد بن مسافر ، رسولا إلي معز الدولة ، فحلق معز الدولة لحيته ، وسبه ، وسب صاحبه ، فغضب المرزبان ، وهاجم الري . ( تجارب الأمم 2/ 131 ابن الأثير 8/ 479) .

وروي الفارس أسامة الكناني ، إنه حضر مع الأمير صلاح الدين الغسياني ، فتح حصن ماسر ، وكان الغسياني ظالمة ، فحضر إليه شيخ مليح الشيبة ، يمشي علي عصاتين ، فسلم علي صلاح الدين ، فقال : أي شيء هو هذا الشيخ ؟ قالوا : هو إمام الحصن ، فقال له : تقدم يا شيخ، ومد يده فقبض علي لحيته ، وأخرج سكينة مشدودة في بند قبائه ، وقطع لحيته من حكمته ( مقدم وجهه ) ، فقال له ذلك الشيخ : يا مولاي ، بأي شيء آستوجبت أن تفعل بي هذا الفعل ؟ قال : بعصيانك علي السلطان ، فقال له : والله ، ما علمت بوصولكم حتي جاء الناطور الساعة ، أعلمني واستدعاني . ( الاعتبار 109 ).

أقول : ورد في اعلام النبلاء 16/1 ه أن لقبه: الغسياني ، فاقتضي التنبيه .

ص: 33

وفي السنة 514 أساء نجم الدين ايلغازي ، صاحب حلب ، إلي جماعة من التركمان في عسكره ، لشيء أنكره عليهم ، فبالغ في إهانتهم ، وحلق لحي بعضهم ، وقطع أعصابهم ( اعلام النبلاء 436/1 ).

وفي السنة 515 قبض سليمان بن ايلغازي علي حجاب أبيه ، فصفعهم ، وحلق لحاهم ( اعلام النبلاء 440/1 ) .

وفي السنة 530 حكم بخلع الراشد، فبارح الموصل، إلي أذربيجان ، ثم إلي همذان ، فأفسد جماعته بها، وقتلوا جماعة ، وصلبوا آخرين ، وحلقوا لحي جماعة من العلماء ( تاريخ الخلفاء 436 ).

ورسم السلطان بدمشق ، أن تحلق لحية شخص له بين الناس وجاهة ، فحلق نصفها ، ثم شفع فيه ، فعفا عن حلق الباقي ، فقال مهذب الدين ابن الخيمي : ( وفيات الأعيان 56/6 ) .

رزت ابن آدم لما قيل قد حلقوا ****جميع لحيته من بعدما ضربا

فلم أر النصف محلوقة فعدت له**** مهنئا بالذي منها له وهبا

فقام ينشدني والدمع يخنقه**** بيتين ما نظما مينا ولا كذبا

إذا أتتك لحلق الذقن طائفة ****فأخلع ثيابك منها ممعنا هربا

وإن أتوك وقالوا : إنها نصف**** فإن أطيب نصفيها الذي ذهبا

وفي السنة 591 حصلت معركة الزلاقة بين أبي يوسف يعقوب بن يوسف أمير الموحدين ، وبين الفونس صاحب طليطلة ، فانكسر الفونس ، وقتل أكثر جنده ، وعاد الفونس إلي طليطلة ، فحلق رأسه ولحيته ، ونكس صليبه ، والي أن لا ينام علي فراش ، ولا يقرب النساء ، ولا يركب فرسأ ، حتي يأخذ الثار . ( النجوم الزاهرة 138/6).

وفي السنة 605 قتل سنجر شاه ، صاحب جزيرة ابن عمر ، وكان

ص: 34

ظالمين ، سيء السيرة ، حلق من لحي رعيته ، ما لا يحصي . ( ابن الأثير 282/12)

وكان ببغداد ، في رباط شيخ الشيوخ ، صوفي كبير اللحية جدا ، وكان معني بها بها أغلب زمانه ، يدهنها ، ويسرحها ، ويجعلها ليلا عند نومه في كيس ، فقام بعض المريدين إليه في الليل وهو نائم ، فقصها من الأذن إلي الأذن ، فأصبحت كالصريم ، وأصبح الصوفي شاكيا إلي شيخ الرباط ، فجمع الصوفية ، وسألهم ، فقال المريد : أنا قصصتها ، فقال له : لماذا فعلت ذلك ، ويلك ، فقال : أيها الشيخ ، إنها كانت صنمه ، وكان يعبدها من دون الله ، فأنكرت ذلك بقلبي ، وأردت اجعله عبد الله ، لا عبدا للحيته ( شرح نهج البلاغة 208/11 ).

وفي السنة 617 بعث جنكيز خان ، إلي بلاد ما وراء النهر ، جماعة من التجار من رعيته ، فقتلهم نائب خوارزم شاه ، وأخذ أموالهم ، فبعث جنكيز خان ، إلي خوارزم شاه ، رسولا ، ومعه جماعة ، يعتب علي خوارزم شاه ، ويطلب إعادة المال ، والاقتصاص ممن ارتكب القتل ، فأمر خوارزم شاه ، بالرسول ، فقتل ، ثم حلق لحي الذين كانوا معه ، فكان ذلك من أسباب اقتحام التتار ، بلاد المسلمين ( ابن الأثير 363/12 ).

وفي السنة 658 اتفق ببغداد علي بهادر شحنة بغداد ، وعماد الدين القزويني وجماعة من صدور العراق ، وقصدوا السلطان هولاكو في الشام ، . ورفعوا علي صاحب الديوان علاء الدين عطا ملك الجويني ، فحوكم وأمر السلطان بقتله ، ثم خفف العقوبة إلي حلق لحيته ، فحلقت ، وكان يجلس في الديوان ويستر وجهه ( تاريخ العراق للعزاوي 238/1 ) .

وفي السنة 719 اعتقل السلطان أبو سعيد، سلطان العراق ، الأمير قرشي فأمر به فحلقت لحيته ، ثم أشهر ، وقتل. ( تاريخ العراق للعزاوي 462/1)

ص: 35

وفي السنة 755 حج الشاعر شمس الدين محمد بن يوسف الخياط الدمشقي ، الملقب بالضفدع، فلم يترك أحدأ في الركب من الأعيان إلا هجاه ، فشكوه إلي أمير الركب ، فأحضره ، وأهانه ، وحلق لحيته ، وطوفه ، ينادي عليه . ( الاعلام 27/8 ) .

وفي السنة 921 وصل السلطان الغوري ، سلطان مصر والشام إلي حلب ، وأرسل إلي السلطان سليم العثماني رسولا يطلب فيه أن يصالحه مع الشاه إسماعيل شاه العجم ، فلما وصل الرسول إلي السلطان سليم ، قبض عليه وحلق لحيته، وأعاده إلي الغوري وقال له : قل لأستاذك ، إن اسماعيل خارجي ، وأنت مثله ، وأنا أقاتلك قبله ، والميعاد بيننا وبينك في مرج دابق ( الكواكب السائرة 296/1 ).

وقص علينا صاحب إعلام النبلاء قصة حلق لحية هذا السفير ، بتفصيل أكثر ، فقال في كتابه : وفي السنة 922 ارسل السلطان الغوري ، سلطان مصر والشام ، إلي السلطان العثماني ، السلطان سليم ، رسولا ومعه جماعة ، فأمر السلطان سليم بقتلهم ، أما الرسول فاكتفي بحلق لحيته ، وتفصيل ذلك ، أن السلطان الغوري ، أرسل رسوله ، من امرائه ، إلي السلطان سليم ، في عشرة فرسان دارعين مدججين ، من خيرة فرسانه ، فلما وقعت عليهم عين سليم ، علم أن الغوري أراد إرهاب عسكره برؤية هؤلاء الفرسان ، فتميز غيظا ، وقال للسفير : اما كان عند مولاك رجل من أهل العلم يرسله إلينا ، حتي أرسلك وأصحابك هؤلاء يهول بكم علي جندي ؟ وأمر بضرب أعناقهم ، فشفع فيهم وزيره يوسف باشا ، وقال له : إن الرسول لا يقتل ، فأبقي عليه وحده ، وقتل الباقين ، ثم أمر بالسفير بعد يومين ، فحلقت الحيته إهانة له ، وألبسه ثوب أسمال ، وأركبه علي حمار ظالع ، وقال له : اذهب إلي مولاك ، وقل له يفرغ ما في وطابه ( اعلام النبلاء 124/3 ).

وكان الشيخ الزاهد أبو بكر الحديدي ، المتوفي في السنة 925 شديد

ص: 36

الحرص علي السنة ، لا يسامح أحدا في شيء من أدائها ، وكان معه مقراض ، من رأي شاربه طويلا قصه ، فإن امتنع تبعه قائلا : واديناه ، يا محمداه ، حتي يمكنه من قصه ( الكواكب السائرة 119/1 ).

وفي السنة 1089 توقي عبد الواحد الأنصاري قاضي القنفذة ، وكان أمير القنفذة قد بلغه عنه ما أوجب أن يقبض عليه ، وأمر به فحلقت لحيته ، وأراد قتله ، فشفع فيه ، فتركه ( خلاصة الأثر 96/3 ) .

وفي السنة 1108 أحضر الباشا بمصر ، الشيخ محمد الزرقاني ، أحد شهود المحكمة ، بسبب إنه كتب حجة وقف تتعلق بمنزل آل إلي بيت المال ، فأمر به فحلقت لحيته ، وأشهر ، ونفي (تاريخ الجبرتي 49/1 و50).

وفي السنة 1179 ( 1765 م ) بعثت الحكومة الإيرانية ، للمير مهنا، حاكم بندرريق ، أحد كبار موظفيها ، لاستيفاء الجعالة السنوية المقررة علي حاكم بندرريق ، فأهان المير مهنا الموظف، وأمر بلحيته فحلقت ( رحلة نيبور (148/2)

وفي السنة 1199 قتل أحد أتباع سردار الاسكندرية ، رجلا ، فثار العامة بالسردار ، وقبضوا عليه ، وحلقوا نصف لحيته ، وجرسوه ، وأهانوه . ( تاريخ الجبرتي 594/1 ).

وفي السنة 1229 زور رجل من أهل مصر ، أوراقأ علي امرأة غائبة ، وباع أملاكها ، فأمر كتخدا محمد علي باشا ، بإشهاره ، وحلق نصف لحيته وشاربه . ( الجبرتي 469/3 ) .

وجيء إلي أحد الأمراء ، بأناس من الشطار ، فأمر بضربهم ، وحلق

ص: 37

رؤوسهم ولحاهم ، وكان فيهم رجل سناط ( لا لحية له ) ، فقيل له : إن هذا ليست له لحية ، فهل نزيده في الضرب ؟ قال : لا ، ولكن احلقوا لحية هذا الشرطي مكانه ( المحاسن والمساويء 154/2) .

ص: 38

القسم الثاني : حلق اللمم

كان هاشم بن عتبة بن أبي وقاص ، الملقب هاشم المرقال ، وابنه عبد الله ، من أصحاب الإمام علي ، وكانت وطأتهما شديدة علي أهل الشام في حروب صفين ، وقتل هاشم في أحد أيام صفين ، فلما انقضي أمر صفين ، وتسلم الأمر معاوية ، استتر عبد الله بالبصرة ، فكتب معاوية إلي زياد بن أبيه ، عامله علي البصرة ، أن أطلب عبد الله بن هاشم أشد طلب ، فإذا ظفرت به ، فأحلق رأسه ، وألبسه جبة شعر ، وقيده ، وغل يده إلي عنقه ، وأحمله علي قتب بلا غطاء ولا وطاء ، وأنفذه إلي ، ففعل زياد ذلك ( شرح نهج البلاغة 30/8 - 33).

وشبب يزيد بن الطثرية ، بامرأة من جرم ، فشكوه إلي صاحب اليمامة ، فجعل عقوبته حلق لمته ، فحلقها ، فقال يزيد : ( الاغاني 178/8)

أقول لثوړ وهو يحلق لمتي****بحجناء مردود عليها نصابها

ترفق بها يا ثور ليس ثوابها****بهذا ، ولكن غير هذا ثوابها

وشرب طخيم الأسدي بالحيرة ، فأخذه العباس بن معبد المري ، وكان علي شرطة يوسف بن عمر ، فحلق رأسه ، فقال : ( الاغاني 8/ 179) .

ص: 39

لقد حلقوا مني غدافا كأنها ****عناقيد كرم أينعت فأسبطت

يظل العذاري حين تحلق لمتي**** علي عجل يلقطنها حين جزت

وفي السنة 306 لما عزل الوزير ابن الفرات عن وزارته الثانية للمقتدر ، وخلفه حامد بن العباس ، أحضر المحسن بن الفرات ، وطالبه ، فبلح ، فأمر بصفعه ، فصفع ، فرأي علي رأسه شعرأ كثيرة ، فقال : هذا لا يتألم بالصفع ، هاتوا من يحلق شعره ، فأخرج من بين يديه ، فحلق شعره ، ثم أعيد إليه ، فصفعه حتي كاد يتلف . ( تجارب الأمم 65/1 ).

وفي السنة 431 اتهم باديس صاحب غرناطة ، أبا الفتوح ثابت بن محمد الجرجاني بالتآمر ضده ، ففر منه إلي إشبيلية ، ثم استسلم إليه ، فكان مما عذبه به ، أن حلق رأسه ، وأشهره ، وحبسه ، وقتله ( الاحاطة 462-466)

ولم يكن حلق اللمة مقصورة علي الرجال ، وإنما كان يمارس علي النساء في بعض الأحوال ، فقد أخذت أمرأة في زنا ، فحلقت ، وسود وجهها ، وأشهرت علي جمل ، فكانت وهي يطاف بها ، تقول : من رآني فلا بزنين ، فصاحت بها إحدي النسوة : يا فاجرة ، أمرنا الله بذلك فلم نطعه ، افنطيعك أنت ، وأنت محلوقة ، مسودة الوجه ، مشهرة علي جمل ؟

أقول : وقد جرت ممارسة هذا اللون من العذاب ، أي حلق اللمم ، في فرنسا ، اثر اندحار المانيا الهتلرية ، في الحرب العالمية الثانية ، في السنة 1945 ، وانسحاب جنودها وعسكرييها من فرنسا ، فاقتيدت الفتيات والنسوة اللاتي صاحبن وعاشرن الألمان المحتلين ، وحلقت لممهن .

ص: 40

القسم الثالث : المسح

أما المسح ، وهو أوسع مدي من الحلق ، لأنه يعني حلق اللحية والشارب والحاجبين ، فقد مارسه إبراهيم بن هشام ، أمير المدينة علي رجل من الموالي ، تزوج بعربية من بني سليم ، فأحضره ، وفرق بينه وبين زوجته ، وضربه مائتي سوط ، وحلق رأسه ولحيته وحاجبيه . ( الاغاني 106/16)

وفي السنة 598 اخذ الخليفة الناصر العباسي ، قوام الدين بن الزاهد ، وكيل ولي العهد ( الخليفة الظاهر ) وضرب ظاهر باب النوبي الشريف مائة عصا ، ومسح وجهه ، وأحدر واسطأ فحبس بها ، قيل في سبب ذلك ، إنه عثر عليه وهو يطلب كتاب السموم لابن وحشية ، ومات قوام الدين هذا وهو في الحبس ( الجامع المختصر 83 و 104).

ص: 41

ص: 42

الفصل الثاني : النتف

القسم الأول : نتف اللحية

أول لحية نتفت في الإسلام ، لحية عثمان بن حنيف ، عامل الإمام علي علي البصرة ، في السنة 39 ، لما قدمها طلحة والزبير ، فحاربهم عثمان بن حنيف ، ثم هادنهم ، وكتبوا بينهم كتابة ، ثم عمد قوم من أصحاب طلحة والزبير ، إلي عثمان ، فأسروه ، ونتفوا شعر لحيته ، وشعر رأسه ، وحاجبيه ، وأشفار عينيه ، وحبسوه ، ثم أطلقوه ، فقدم علي الإمام علي بالربذة ، فقال : يا أمير المؤمنين ، بعثتني ذا لحية ، وجئتك أمرد ، فقال له : أصبت خيرا وأجرة ( الطبري 466/4 و469 و480 وابن الأثير 216/6 - 226) .

ولما استباح يزيد بن معاوية ، المدينة ، في وقعة الحرة ، فقتل ، ونهب ، وسبي ، وانتهك الحرمات ، أحضر قائد الجيش وهو مسلم بن عقبة المري ، عمرو بن عثمان بن عفان ، وقال : يا أهل الشام ، هل تعرفون هذا ؟ هذا الخبيث بن الطيب ، هيه يا عمرو ، إذا ظهر أهل المدينة ، قلت : أنا رجل منكم ، وان ظهر أهل الشام ، قلت : أنا ابن أمير المؤمنين عثمان ، ثم أمر به فنتفت لحيته ، حتي ما تركت فيها شعرة ( الطبري 494/5 وابن الأثير 120/4 والاخبار الطوال 266 وأنساب الأشراف 39/2/4 ).

ودخل بعض الأفراد من جند الشام علي أبي سعيد الخدري ، صاحب رسول الله صلوات الله عليه ، في وقعة الحرة ، فوجدوه يصلي ، ولم يجدوا

ص: 43

عنده شيئا ، فضربوا به الأرض ونتفوا لحيته. ( الاخبار الطوال 268 و 269 ).

ولما قتل الوليد بن يزيد ، وتوئي يزيد بن الوليد ، ولي منصور بن جمهور العراق ، ففر يوسف بن عمر إلي الشام ، واستتر ، فقبض عليه وقد لبس لبسة النساء وجلس بين نسائه وبناته ، فجروا برجله ، ونتفوا قسما من لحيته ، وكان من أعظم الناس لحية ، وأقصرهم قامة ، وحبس في السجن مع الحكم وعثمان ابن الوليد ، فلما مات يزيد، وولي إبراهيم ، وانتقض أمره ، دخل يزيد بن خالد القسري السجن فأخرج يوسف بن عمر وقتله . ( الطبري 274/7)

وبايع المأمون في السنة 201 بولاية عهده للإمام علي بن موسي الرضا فغضب العباسيون ، وبايعوا بالخلافة في بغداد إبراهيم بن المهدي ، وكان الفضل بن سهل يكتم هذه الأخبار عن المأمون ، فأخبره بها الإمام علي الرضا ، فقال : هل يعلم بذلك قوم من أهل عسكري ؟ فسمي له أشخاصة ، فأحضرهم ، وسألهم فحدثوه بالصحيح ، وبلغ ذلك الفضل بن سهل ، فأخذهم ، وضرب بعضهم بالسياط ، وحبس بعضهم ، ونتف لحي بعضهم . ( العيون والحدائق 356/3 و357 الطبري 565/8 ).

وحدث علي أثر قتل الأمين ، ببغداد ، اختلال في الأمن ، وظهر رجل اسمه سهل بن سلامة الأنصاري ، دعا إلي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وضرب علي أيدي الفساق والشطار ، وكان إبراهيم بن المهدي ، قد أعلن خلافته ببغداد ، فاعتقل سهلا ، وأخذ رجلا من أصحابه ، فتقدم إليه إبراهيم وضربه ، ونتف لحيته ، وحبسه . ( الطبري 551/8 و 552 ,563 ) .

وفي السنة 253 حصر يعقوب بن الليث الصفار ، مدينة شيراز ، ودخلها عنوة ، وأخذ عاملها علي بن الحسين بن قريش أسيرة ، فلما أحضر

ص: 44

أمامه قنعه بيده عشرة أسواط ، وأخذ حاجبه بلحيته فنتف أكثرها ، وقيده بقيد فيه عشرون رط ، ثم أبدله بقيد أربعين رطلا ، ثم عذبه بألوان العذاب ( وفيات الأعيان 409/6 ).

وفي السنة 309 تسلم الوزير حامد بن العباس ، وزير المقتدر ، الحلاج الصوفي ، فكان يخرجه إلي من حضره ، فيصفع ، وتنتف لحيته ( صلة الطبري 52 ).

وناظر الوزير حامد بن العباس ، أبا الحسن بن الفرات ، لما عزل عن وزارته الثانية ، فشتمه حامد شتما مسرفأ ، وأمر أن تنتف لحيته ، فلم يقدم عليه أحد ، فمد حامد يده إلي لحية ابن الفرات ، ونتف منها خصلة . ( وزراء 108).

وفي السنة 354 كاتب أهالي طرسوس ، نقفور ملك الروم ، يبذلون له إتاوة ، فأحضر الرسول وأحرق الكتاب علي رأسه ، فاحترقت لحيته . ( ابن الأثير 8/ 56 ) .

وغضب القاضي أبو القاسم التنوخي ، علي غلام لأبي الحسين هلال الصابي ، اسمه جميلة ، فضربه ، ونتف ذقنه ، وقال له : يا ماص بظر أمه ، أنا شاهد الخرا، راجع القصة في بحث الشتيمة ، وفي معجم الأدباء (306 و307).

وفي السنة 535 حصلت مراسلة بين الخطا وبين السلطان سنجر ، فكتب سنجر إلي زعيم الخطا يتهدده بعسكره الذين بالغ في وصفهم ، فقال عنهم : إنهم يشقون الشعرة بسهامهم ، ولم يرض وزيره طاهر حفيد نظام الملك بهذا الكتاب ، ولكن سنجر أصر علي إرساله ، فلما وصل إلي كوخان زعيم الخطا ، أمر بنتف لحية الرسول ، وأعطاه إبرة ، وكلفة أن يشق بها شعرة من لحيته ، فلم يقدر ، فقال : كيف يزعم ملكك أن عنده من يشق الشعرة

ص: 45

بالسهم وأنت عاجز عن شقها بإبرة ؟. ( ابن الأثير 85/11 ) .

وفي السنة 676 هجم أتباع الملك السعيد صاحب مصر والشام ، علي نائب السلطنة ، الأمير شمس الدين الفارقاني ، وسحبوه إلي داخل القلعة ، وبالغوا في ضربه وأذيته ، ونتفوا لحيته ، واعتقلوه بالقلعة ، فلم يلبث إلا أياما يسيرة ، ومات ( تاريخ ابن الفرات 95/7 ).

وغضب السلطان محمد بن تغلق ، سلطان الهند ، علي الشيخ شهاب الدين الخراساني ، من كبار المشايخ الصلحاء ، فأمر الشيخ ضياء الدين السمناني ، بنتف لحيته ، فأبي وامتنع ، فأمر السلطان بنتف لحيتيهما جميعا ، فنتفتا . (مهذب رحلة ابن بطوطة 87/2 ).

وفي السنة 761 خرج الوزير الحسن بن عمر ، وزير السلطان أبي سالم المريني ، علي سلطانه ، ولحق تبادلا ، واعتصم بالجبل ، واستجار بالحسين بن علي الورديغي ، فبعث السلطان وزيره الحسن بن يوسف ، وبذل لبعض أهل الجبل ماله ، فانفضوا عن الحسن ، وقبضوا عليه ، وأسلموه إلي الوزير ، فحمله إلي السلطان الذي احتفل باستقباله ، ثم أشهره علي جمل ، ثم أمر به فسحب علي وجهه ، ونتفت لحيته ، وضرب بالعصي ، وتل إلي محبسه ، وقتل قعصة بالرماح في ساحة البلد ، ثم نصب شلوه علي سور البلد ( ابن خلدون 310/7 ) .

وفي السنة 1205 غضب والي مصر ، علي واعظ بشناقي اسمه عبد الوهاب ، اتهمه بالتصرف في تركة كان أمينا عليها ، فلطمه علي وجهه ، ونتف لحيته ، وأمر به فحبس ، وحوسب ، واستعيد منه ما أخذه من التركة (الجبرتي 93/2 ) .

ولما هلك الجزار صاحب عكا ودمشق في السنة 1219 بلغ أهل دمشق خبر هلاكه ، فتوجه الناس إلي القلعة ، وأخرجوا المحبوسين من سجونهم ،

ص: 46

وتتبعوا أعوان الجزار فقتلوهم ، وبحثوا عن الأكراد ، الذين كان الجزار قد وكلهم بعذاب الناس ، فعثروا عليهم في قرية التل ، فأحضروهم ، وعذبوهم بمثل الأنواع التي عذبوا بها الناس ، ثم نتفوا لحاهم ، وقتلوهم شر قتلة . ( مجموعة محمود الحمزاوي ) .

ص: 47

القسم الثاني : نتف شعر الرأس

وعذب أبو الحسن بن أبي البغل، ابن جبير النصراني ، كاتب ابن الفرات ، بأن دعا بمزين ، وأمره بأن ينتف بالمنقاش ربع شعر رأس ابن جبير ، فرشي الموكلين ، وحلقوا قسما منه حلق ، وأعلموه أنه قد نتف ، فأمر أن يقير الموضع النظيف من الرأس بقير حار ، فكاد يتلف ، راجع تفصيل القصة في كتاب نشوار المحاضرة وأخبار المذاكرة للتنوخي ، في القصة رقم 41/8)

ص: 48

القسم الثالث : نتف شعر البدن

وبلغ أماجور التركي ، أمير دمشق للمعتمد ، أن أعرابيا أهان جنديا من جنوده ، بأن نتف شعرتين من شاربه ، فأمر بالأعرابي ، فنتف شعر بدنه كله ، من أجفانه ، ورأسه ، ولحيته ، وما ترك علي جسمه شعرة ، ثم ضربه ألف سوط ، وقطع يديه ورجليه ، وصلبه .

وقد روي الصفدي ، في الوافي بالوفيات 375/9 هذه القصة بتفصيل ، فأحببت أن أوردها بنصها ، قال : بعث أماجور التركي ، أمير دمشق ، في أيام المعتمد ، جنديا إلي أذرعات في رسالة ، فنزل اليرموك ، فصادف أعرابيا في قرية ، فجلس الجندي إليه ، فمد الأعرابي يده، ونتف من سبال الجندي خصلتي شعر ، وعاد الجندي إلي دمشق ، وبلغ الخبر أماجور ، فدعاه وسأله عن القصة ، فاعترف ، فحبسه ، ثم استدعي بمعلم صبيان ، وأعطاه مالا ، وقال له : أذهب إلي المكان الفلاني ، وأظهر أنك تعلم الصبيان ، فلا بد أن تري الأعرابي هناك فشاغله ، وأعطاه طيورة ، وقال : عرفني الأخبار يوما بيوم ، ففعل المعلم ما أمره ، فرأي الأعرابي ، وشاغله ، وأطلق الطيور ، فركب أماجور بنفسه ، ووصل إليها في يوم واحد ، وأخذ الأعرابي مكتوفة ، ودخل دمشق ، وقال له : ما حملك علي ما فعلت برجل من أولياء السلطان ؟ قال : كنت سكرانا لم أعقل ، فأمر بنتف كل شعرة فيه من أجفانه ولحيته ورأسه ، وما ترك علي جسمه شعرة ، وضربه ألف

ص: 49

سوط ، وقطع يديه ورجليه ، وصلبه ، وأخرج الجندي من الحبس ، وضربه مائة سوط ، وطرده من الخدمة ، وقال : أنت ما دافعت عن نفسك ، فكيف تدافع عني ؟ ( الوافي بالوفيات 375/9 و376) .

ص: 50

الباب الثامن : التعذيب بالتعرض للعورة

اشارة

للعورة : كل ما يستحيا منه إذا ظهر .

والعورة من الرجل : ما بين السرة إلي الركبة .

ومن المرأة : جميع جسدها ، الا الوجه واليدين إلي الكوعين .

ولما كنا قد أفردنا للمرأة بحثا مفردة ، فإن البحث في هذا الباب مقصور علي ما يتعلق بالرجل وحده .

وينقسم التعذيب بالتعرض للعورة بالنسبة للرجل ، إلي فصلين :

الفصل الأول : التعذيب بالتعرض للقبل ، وينقسم إلي ثلاثة أقسام :

القسم الأول : التعذيب بالخصاء.

القسم الثاني : التعذيب بعصر الخصية .

القسم الثالث : التعذيب بجب الذكر .

الفصل الثاني : التعذيب بالتعرض للدبر ، وينقسم إلي قسمين :

القسم الأول : التعذيب بالخوزقة .

القسم الثاني : التعرض للدبر بألوان أخري من العذاب

ص: 51

ص: 52

الفصل الأول : التعذيب بالتعرض للقبل

اشارة

ص: 53

ص: 54

القسم الأول : التعذيب بالخصاء

الخصاء : سل الخصيتين ، سواء بالقطع ، أو بأن تعصب مجامعها من أصلها، وتترك معقودة بخيط شديد، فلا تلبث أن تسقط ( الحيوان 131/1 ). راجع بحث الخصاء في كتاب الحيوان للجاحظ (106/1 -181)

والخصاء من المثلة المحرمة في الإسلام ، وعن ابن عباس ، إنه قال في قوله تعالي : ( ولآمرنهم فليغير خلق الله و قال : هو الخصاء .

ودخل معاوية يوما ، علي امرأته ميسون ابنة بحدل ، وهي أم يزيد ، ومعه خصي له ، فاستترت ميسون من الخصي ، فقال لها معاوية : أتستترين منه ، وإنما هو مثل المرأة ، قالت : أتري أن المثلة به ، تحل ما حرم الله تعالي ؟. ( الحيوان 177/1 ).

وخطب من عقيل بن علفة، سلاماني ، إحدي بناته ، فغضب ، وأخذ السلاماني فكتفه ، ودهن آسته بشحم ، وألقاه في قرية النمل، فأكلن خصيتيه ، حتي ورم جسده ، ثم حله ، وقال له : يخطب إلي عبد الملك بن مروان فأرده ، وتجتريء أنت علي . ( الاغاني 255/12 ).

وكان سليمان بن عبد الملك من أشد الناس غيرة ، سمع رجلا يتغني فأمر به فخصي ، وأمر بأن يخصي المخنثون في كل بلد، راجع القصة مفضلة في كتاب الهفوات النادرة ص 39 - 42 ، وص 89 - 91.

ص: 55

أقول : جاء في الأغاني أن الأمر صدر بإحصاء المختثين ، وأن نقطة وقعت علي الحاء ، فصيرتها خاء ، ولا أظن الأمر كما قال ، إذ ما فائدة الخليفة من إحصاء المخنثين ومعرفة عددهم .

وأثبت الجاحظ في كتابه الحيوان 121/1 و 122 قصة خصاء الدلال ونومة الضحي المختثين المدنيين ، قال : خصاهما عثمان بن حيان المري ، والي المدينة ، بكتاب هشام بن عبد الملك ، ومن بني مروان من يدعي أن عامل المدينة صحف ، لأنه رأي في الكتاب : إحص من قبلك من المختثين ، فقرأها : إخص من قبلك من المخنثين ، وذكر عن الهيثم الكاتب الذي تولي قراءة الكتاب ، إنه قال : كيف يقولون ذلك ، ولقد كانت الخاء معجمة بنقطة كأنها سهيل ، أو تمرة صيحانية ، وقال اليقطري : ما وجه كتاب هشام في إحصاء عدد المخنثين ؟ وهذا لا معني له ، وما كان الكتاب إلا بالخاء المعجمة ،، دون الحاء المهملة ، وذكر عن مشايخ المدينة ، عن الدلال ونومة الضحي ، إنهما قالا : الآن صرنا نساء بالحق ، كأن الأمر لو كان إليهما لاختارا أن يكونا امرأتين ، قال : وذكر إنهما خرجا بالخصلتين من الخصاء والتخنيث ، من فتور الكلام ، ولين المفاصل والعظام ، ومن التفكك والتشي، إلي مقدار لم يروا أحدا بلغه ، لا من مختثات النساء ، ولا من مؤنثي الرجال.

وفي السنة 289 واقع أبو سعيد القرمطي ، بني ضبة ، وظفر بهم ، وأخذ منهم خلقا ، وبني لهم حبسا عظيما جمعهم فيه ، وسده عليهم ، ومنعهم الطعام والشراب ، فمكثوا شهرة ، ثم فتح عليهم ، فوجد أكثرهم موتي ، ويسير بحال الموتي ، قد تغذوا بلحوم الموتي ، فخصاهم ، وخلاهم ، فمات أكثرهم ( اتعاظ الحنفا 164 ).

وبعث السلطان طغرلبك ، وزيره عميد الملك الكندري ، ليخطب له

ص: 56

امرأة ، فخطبها الكندري لنفسه وتزوجها ، فاغتاظ منه طغرلبك ، واستبقاه في خدمته لكفاءته ، ولكنه خصاه ، عقوبة له ، فقال الشاعر : ( الفخري 70) .

قالوا محا السلطان عنه بفعله**** سمة الفحول وكان قرمصائلا

قلت : آسكتوا ، فالآن زاد، فحولة**** لما غدا من أنثييه عاطلا

والفحل يأنف أن يسمي بعضه**** أنثي لذلك جدها مستاصلا

وكان مجاهد الدين بهروز ، صاحب تكريت (ت 540 ) ، في أول أمره بدوين ، فاتهم بزوجة بعض الأمراء ، فأخذه صاحب دوين ، فخصاه ، فلما مثل به لم يقدر علي الإقامة بالبلد ، فخرج واتصل بمحمد بن ملكشاه السلجوقي ، وكان ذلك أول تقدمه . ( وفيات الأعيان 256/1 ).

وفي السنة 734 قبض بالقاهرة علي عبد أسود كان يتعرض لأولاد الناس ، فخصي ، فمات ( تاريخ ابي الفدا 112/4 ) .

ص: 57

القسم الثاني : التعذيب بعصر الخصية

وكان من جملة ألوان العذاب ، الذي مارسه يوسف بن عمر الثقفي ، علي بلال بن أبي بردة ، أن جعل الوتر في خصيتيه ( البيان والتبيين 220/1)

وفي السنة 245 بذل الحسن بن مخلد وموسي بن عبد الملك ، ألفي ألف دينار في نجاح بن سلمة ، فأسلمه المتوكل إليهما ، فضرباه بالمقارع مرارة ، وعذباه ، وخنق ، وعصرت خصاه ، فمات . ( تجارب الأمم 554/6 والطبري 214/9 - 217) .

أقول : كان نجاح بن سلمة ، علي ديوان التوقيع، والتتبع علي العمال ، فكان جميع العمال يتقونه ، ويقضون حوائجه ، وكان المتوكل ربما نادمه ، وكان الحسن بن مخلد علي ديوان الضياع، وموسي بن عبد الملك علي ديوان الخراج ، وكان الحسن وموسي منقطعين إلي الوزير عبيد الله بن يحيي بن خاقان ، فكتب نجاح بن سلمة إلي المتوكل رقعة ذكر فيها خيانات الحسن وموسي ، وإنه يستخرج منها أربعين ألف ألف درهم ، فأدناه المتوكل ، وشاربه تلك العشية ، وقال له : بكر إلي غدا حتي أدفعهما إليك ، فغدا وقد رتب أصحابه ، وقال : يا فلان خذ أنت الحسن ، ويا فلان خذ أنت موسي ، وبلغ الوزير عبيد الله الخبر ، فأمر بأن يحجب نجاح عن المتوكل ، وأحضره وقال له يا أبا الفضل ، أنا أشير عليك بأمر فيه لك

ص: 58

صلاح ، وهو أن أصلح بينك وبين الحسن وموسي ، وتكتب رقعة تذكر فيها انك كنت شارب وانك تكلمت بأشياء تحتاج إلي معاودة النظر فيها ، وأنا أصلح الأمر عند أمير المؤمنين ولم يزل يخدعه حتي كتب رقعة بما أمره به ، فأدخلها عبيد الله علي المتوكل ، وقال له : يا أمير المؤمنين قد رجع نجاح عما قال البارحة ، وهذه رقعة موسي والحسن يتقبلان نجاح بما كتبا، فتأخذ ما ضمناه به ، ثم تعطف عليهما، فتأخذ منهما قريبا مما ضمنا لك ، فسر المتوكل ، وطمع فيما قال عبيد الله ، وقال له : إدفع نجاح إليهما ، فدفعه إليهما ، فأخذاه وصار به موسي إلي ديوان الخراج ، وأخذ ولده أبو الفرج ، وكاتبه إسحاق بن سعد ، وعبد الله بن مخلد المعروف بابن البواب وكان منقطعة إلي نجاح ، وأخذ جميع ما لنجاح من صامت وغيره ، وضرب مرارة بالمقارع « في غير موضع الضرب » نحوا من مائتي مقرعة ، وغمز ، وخنق ، ثم عصرت مذاكيره وخصيتاه ، فمات .

وفي السنة 256 قتل الخليفة المهتدي العباسي ، بعصر خصيتيه ، وتفصيل ذلك ، إن النزاع اشتد بين المهتدي وبين الأتراك ، وحاول المهتدي أن يتقرب إلي قلوب العامة ، فبني قبة للمظالم ، وجلس فيها للخاص والعام ، وأمر بالمعروف ، ونهي عن المنكر ، وحرم الشراب ، ونهي عن القيان ، وأظهر العدل ، وكان يخطب بالناس ، ويؤمهم في أيام الجمع ، فشغب عليه الأتراك فخرج إليهم في السلاح ، معلقا في عنقه مصحفا ، واستنفر العامة ، وأباحهم دماء الأتراك ، وأموالهم ، ونهب منازلهم ، فحاربه الأتراك ، وانتصروا عليه ، وقبضوا عليه ، فداسوا خصيتيه ، وصفعوه حتي مات ، وأشهدوا علي موته إنه سليم ، ليس به أثر ، لزيادة التفصيل راجع الطبري 458/9 و 468 و 469 ومروج الذهب 2/ 464 وفوات الوفيات 535/2 و تاريخ الخلفاء163 وابن الأثير 228/7 - 233.

وفي السنة 257 ظهر في موضع ببغداد ، يقال له : بركة زلزل ، علي

ص: 59

خناق ، وقد قتل خلق كثير من النساء ، ودفنه في دار كان فيها ساكنة ، فحمل إلي المعتمد ، فضرب ألفي سوط ، وأربعمائة أرزن ، فلم يمت ، حتي ضرب الجلادون أنثييه بخشب العقابين ، فمات ، ورد إلي بغداد فصلب بها ، ثم أحرق ( الطبري 479/9 ) .

أقول : الأرزن : شجر صلب ، تتخذ منه عصي صلبة ، والعقابان : خشبتان يشبح الرجل بينهما للجلد .

ولما فتح يعقوب بن الليث (ت 265 ) شيراز ، أسر أميرها علي بن الحسين ، فقنعه عشرة أسواط بيده ، وأخذ حاجبه بلحيته فنتف اكثرها ، وقيده بقيد فيه عشرون رطلا ، ثم عذبه بأنواع العذاب ، وعصر أنثييه ، وشد الجوزتين علي صدغيه ، وألح عليه بالعذاب ، حتي خلط ووسوس من شدة العذاب ، ثم قيده بقيد أربعين رطلا ، ولما ارتحل من شيراز حمله معه ، فلما أتي كرمان ألبسه المصبغ من الثياب ، وقنعه بمقنعة ، ونادي عليه وحبسه . ( وفيات الأعيان 409/6 و410) .

وفي السنة 296 خلع المقتدر ، وبويع ابن المعتز بالخلافة ، وانتقض أمر ابن المعتز فقبض عليه المقتدر ، وحبس إلي الليل ، وعصرت خصيتاه حتي مات ، ولفت في كساء وسلم إلي أهله ( ابن الأثير 18/8 و تاريخ ابن خلدون 359/3 ) .

وسئل الحافظ النسائي ، إمام عصره في الحديث ، وهو بجامع دمشق ، عما روي في فضائل معاوية بن أبي سفيان ، فقال : أما يرضي معاوية ، أن يخرج رأسا برأس ، حتي يفضل ؟ وفي رواية أخري إنه قال : ما أعرف له فضيلة إلا «لا أشبع الله بطنك » ، فما زالوا يدفعون في خصييه ، وداسوه ، فحمل إلي الرملة ، فمات فيها سنة 303 ( وفيات الأعيان 77/1 ) .

أقول : قوله «لا أشبع الله بطنك » حديث مروي عن الرسول صلوات الله عليه ، قاله لمعاوية ، بعد أن أرسل إليه مرتين ، فقيل هو يأكل .

ص: 60

وذكر صاحب وفيات الأعيان 61/2 أن ناصر الدولة الحمداني ، قتل عمه سعيد بن حمدان ، والد أبي فراس الحمداني ، بأن أمر فعصرت مذاكيره فمات .

أقول : كان ذلك في السنة 323 ، وقد ذكر صاحب تجارب الأمم سبب ذلك ، أن أبا العلاء شرع في تضمن الموصل وديار ربيعة ، وضمن ذلك سرا ، وخلع عليه ، مع أنها تحت ضمان ناصر الدولة ابن أخيه ، وأصعد أبو العلاء إلي الموصل ، وأظهر أنه يريد مواقفة ابن أخيه ناصر الدولة علي ما عليه من مال الضمان ، وعرف ابن أخيه خبر موافاته ، فخرج نحوه مظهرة تلقيه ، وأعتمد أن يخالفه في الطريق ، فلم يلتقيا ، ومضي أبو العلاء إلي دار ناصر الدولة ، فنزلها ، وسأل عن خبره ، فقيل له : إنه خرج ليتلقاه ، فجلس ينتظره ، ولما علم ناصر الدولة بأن عمه قد حصل في داره ، وجه بغلمانه ، فدخلوا علي عمه ، وقيدوه ، ثم وجه اليه من قتله . ( تجارب الأمم 323/1 و 324) .

وفي السنة 422 تآمر رجلان وامرأة علي أبي علي بن ماكولا، فقتلوه بعصر خصاه . ( النجوم الزاهرة 21/4/4 ) .

وذكر أن خمسة من الخدم ، هاجموا الملك معز الدين أيبك ، ملك مصر ، سنة 656 في الحمام ، وربطوا محاشمه بوتر ، وجذبوه حتي مات . ( بدائع الزهور 91/1 ).

وفي السنة 744 قتلت الأميرة عزة الملك زوجها الأمير حسن الجوباني بأن عصرت خصيتيه حتي قضي . ( تاريخ العراق للعزاوي 2/ 45).

وفي السنة 1010 مات في سجنه بدمشق ، الحاج أحمد العجمي ، أمين البهار ، بالضرب ، وعصر مذاكيره . ( تراجم الأعيان 135/1 ).

وفي السنة1043 قتل إبراهيم باشا ، إبن عبد المنان الدفتردار بدمشق ، وكان من جملة ما عذب به أن عصرت مذاكيره ( خلاصة الأثر 30/1 ) .

ص: 61

القسم الثالث : التعذيب بجب الذكر

الحب : القطع .

والمجبوب : الخصي الذي استؤصل ذكره وخصيتاه .

والمرأة الجباء : التي لا أليتين لها ، وتسمي كذلك : رسحاء .

والبعير الأجب : الذي قطع سنامه .

واستعار النابغة الذبياني ، هذا الوصف للعيش ، فقال :

فإن يهلك أبو قابوس يهلك**** ربيع الناس والبلد الحرام

ونمسك بعده بذناب عيش**** أجب الظهر ليس له سنام

وكان التعذيب بجب الذكر ، يمارس ضد الأطفال الذين يؤسرون أو يخطفون ثم يجبون ، ليكونوا خدما في الحريم ، وليس هؤلاء موضوع بحثنا ، وإنما يقتصر بحثنا عمن عذب بهذا اللون من العذاب ، إنتقاما منه أو إيذاء له

وأول خبر بلغنا من هذا الباب ، ما حصل علي يسار الكواعب ، وكان يسار هذا ، عبدا لبعض رجال العرب ، وكان لمولاه بنات ، فجعل يتعرض لهن ، فقلت له : يا يسار ، إياك والتعرض لبنات الأحرار ، فأبي ، فلما أكثر ، واعدنه ليلا ، فأتاه ، وقد أعددن له موسي ، فلما خلا بهن ، قبضن عليه ، وجبين مذاكيره . ( الاغاني 334/9 والبصائر والذخائر 776/2/2 ) .

ص: 62

وكان لزنباع بن روح الجذامي ، غلام اسمه سندر ، فوجده يقبل جارية له ، فجبه ، وجدع أنفه ، وصلم أذنه ، فأتي سندر رسول الله صلوات الله عليه ، فأرسل الي زنباع ، وقال له : لا تحملوهم من العمل ما لا يطيقون ، وأطعموهم مما تأكلون ، وألبسوهم مما تلبسون ، فإن رضيتم فأمسكوا ، وإن كرهتم فبيعوا ، ولا تعذبوا خلق الله ، ومن مثل به ، أو أحرق بالنار ، فهو حر، وهو مولي الله ورسوله ، فأعتق سندر . ( خطط المقريزي 136/2 ).

وتسمع سليمان بن عبد الملك الأموي ، إلي رجل يتغني ، فأحضره وقال له : ما حملك علي الغناء وأنت بالقرب مني وبجانبي حرمي ، ثم أمر به فجب . ( التكملة 2).

وفي السنة 127 انتقضت حمص علي مروان الحمار الأموي ، فحصرها ، فطلبوا منه الأمان ، فأمنهم علي أن يمكنوه من أشخاص منهم رجل حبشي كان يشتم مروان، وكان يشد في ذكره ذكر حمار، ويقول: يا بني شليم ، يا أولاد كذا وكذا ، هذا لواؤ كم ، ولما تسلم الحبشي ، سلمه إلي بني شليم ، فقطعوا ذكره ، وجدعوا أنفه ، ومثلوا به . ( الطبري 7/ 327 ) وابن الأثير 333/5 ) .

وأمر الهادي ، بتعذيب غلام سندي ، بأفظع ما يمكن من العذاب ، وقتله من بعد ذلك ، وأن يطرد من مملكته كل سندي ، وسبب ذلك أن شريف من أولاد المهلب في المنصورة من بلاد السند، وجد زوجته مع غلامه السندي علي ريبة ، فجب ذكر الغلام ، فتحين الغلام الفرصة ، وأخذ غلامين ابنين لسيده ، وصعد بهما إلي أعلي مكان في داره ، وهدد سيده بأن يرمي بهما ، أو أن يجب ذكر نفسه ، كما جبه من قبل ، ووجد المهلبي أن لا محيض ، فجب ذكره أمام الغلام ، وعندئذ رمي الغلام بالطفلين ، فتقطعا ،

ص: 63

وقال : ما صنعت بنفسك ، مقابل ما صنعت بي ، وقتل الطفلين زيادة ، راجع القصة مفصلة في كتاب المحاسن والمساويء للبيهقي 210 و211 وفي مروج الذهب 258/2 .

ولما قدم بدر الجمالي إلي القاهرة في السنة 266 فر ابن أخي ابن المدبر، وهو عبد الله بن يحيي بن المدبر، في زي المكدين ، وكان متزوجة بإحدي بنات نزار بن الخليفة المستنصر ، فاعتقل ، وقطع ذكره ، ووضع في فيه ، ثم قتل . ( النجوم الزاهرة 22/5 ).

وكان الأتابك عماد الدين زنكي ، شديد الغيرة علي نساء الأجناد ، ويعتبر التعرض لهن ، من الذنوب التي لا تغتفر ، وكان يقول : إن جندي لا يفارقونني في أسفاري ، وقلما يقيمون عند أهلهم ، فعلينا أن نمنع من التعرض لحرمهم ، وبلغه أن الدزدار الذي أقامه بقلعة الجزيرة ، واسمه حسن البربطي ، يتعرض لحرم الأجناد فيها ، فأمر حاجبه صلاح الدين الباغسياني ، أن يسير مجد ، وأن يدخل الجزيرة ، فإذا دخلها أخذ البربطي ، وقطع ذكره ، وقلع عينيه ، وصلبه ، فلم يشعر البربطي ، إلا وقد وصل الباغسياني البلد ، فخرج إلي لقائه ، فأكرمه ، ودخل معه البلد ، وقال له : المولي أتابك يسلم عليك ، ويريد أن يعلي قدرك ، ويرفع من منزلتك ، ويسلم اليك قلعة حلب ، ويوليك جميع البلاد الشامية ، فتتجهز، وتحدر أموالك إلي الموصل ، ففرح ، وجمع كل أمواله، ووضعها في السفن ليحدرها إلي الموصل ، فحين فرغ من جميع ذلك ، أخذه ، ونفذ فيه ما أمر به الأتابك ( اعلام النبلاء 516/1 ).

ولما حصر الافرنج حلب ، في السنة 518 ، كانوا إذا ظفروا بأحد المسلمين ، قطعوا يديه ومذاكيره ( اعلام النبلاء 457/1 ) .

وفي السنة 520 قتل صاحب الموصل قسيم الدين آفسنقر البرسقي ،

ص: 64

قتله الباطنية عندما كان يصلي في الجامع ، وبعد البحث ذكر أن هؤلاء القتلة كانوا يجلسون عند إسكان بالموصل فطولب بأن يقر علي الباطنية ، ثم قطعت يداه ورجلاه وذكره ، ورجم بالحجارة ، فمات . ( ابن الأثير 635/10 ).

وفي السنة 542 توفي صاحب قابس ، فاستولي علي البلد مولي له إسمه يوسف ، وكاتب رجار الصقلي ، وأطاعه ، وسير له رجار خلعة وعهدأ ، فحاصر الحسن صاحب إفريقية ، قابس ، وثار أهل البلدة بيوسف ، وتسلم الحسن البلد ، وأخذ يوسف أسيرة ، فعذب أنواع العذاب ، وقطعوا ذكره ، وجعلوه في فمه . ( ابن الأثير 120/11 ).

وفي السنة 600 أخذ معلم يعرف بيحيي بن أبي سعد البصري ، وحبس بحجرة باب النوبي ، ثم أخرج إلي ظاهر الباب ، وأحضر جميع المعلمين بمدينة السلام ، وجب ذكره بمشهد من الجميع ، وحمل إلي المارستان ، وسبب ذلك أنه لاط بصبي كان عنده يعلمه الخط . ( الجامع المختصر 121 ).

وفي السنة 754 توفي محمد بن محمد بن محمد الغرناطي الأندلسي ، استقر مؤذنة بالحرم الشريف بالمدينة ، وكان في بداية أمره قد جب مذاكيره ، ثم ندم علي ذلك لانقطاع نسله فلما مات وجدوا له مالا طائلا ، وتوفي وله إحدي وثمانون سنة ( الدرر الكامنة 355/4 ) .

أقول : قصة هذا الرجل داخلة ضمن بحثنا في العذاب بقطع الذكر ، وان كان هو الذي صنع بنفسه ما صنع .

وفي السنة 1231 تعلق في القاهرة شخص عسكري ، بغلام من أولاد البلد ، وأراد أن يرتكب منه الفاحشة في الطريق ، فخادعه الغلام ، وقال له : إن كان ولا بد، فأدخل بنا إلي مكان لا يرانا فيه أحد، فدخل معه إلي درب حلب ، حيث دور الأمراء التي أصبحت خرائب ، وحل العسكري

ص: 65

سراويله ، فقال له الغلام : ارني « بتاعك ، فلعله يكون عظيما لا أتحمله جمعه ، وقبض عليه ، وكان بيده موسي مخفية في يده الأخري ، فقطع ذكره بتلك الموسي سريعا ، وسقط العسكري مغشيا عليه ، وتركه الغلام ، وذهب في طريقه ، وحضر رفقاء العسكري ، وحملوه ، وأحضروا له سليما الجرائحي ، فقطع ما بقي من مذاكيره ، وأخذ في معالجته ومداواته ، ولم يمت ( الجبرتي 516/3 ) .

ص: 66

الفصل الثاني : التعذيب بالتعرض للدبر

اشارة

ص: 67

ص: 68

القسم الأول : التعذيب بالخوزقة

اشارة

الخزق : إقحام الشيء الصلب .

والخازق : سنان الرمح .

والمخزقة : الحربة .

والخازوق : وتد طويل محدد الرأس ، يسميه البغداديون : قازوغ ، والبغدادي ، إذا ضايق خصمه أو أحرجه ، يكني عن ذلك بقوله : قوغته ، أي أقعدته علي القازوغ.

وقد استعمل الوتد في التعذيب ، في ألوان عدة ، فأستعمله المنصور العباسي ، بأن دقه في عيني مطير بن عبد الله ، لما غضب عليه ( المحاسن والمساويء 138/2 ) واستعمله الأمير خاير بك الجركسي ، بأن كان يشك الرجل به من أضلاعه ، ويسميه « شك الباذنجان ( إعلام النبلاء 433/5 ) وكان أهالي الماليبار يستعملونه في تعذيب السارق ، بأن يمدونه علي لوح من الخشب ، فيه وتد ناتيء يدخل في بطنه ، ويخرج من ظهره ( مهذب رحلة ابن بطوطة 2/ 180)، وروي أن السلطان غياث الدين محمد بن تغلق ، سلطان الهند ، اتهم المهردار الملك كافور ، فأمر ، فضرب له عمود في الأرض محدد الطرف ، وركز في عنقه ، حتي خرج طرفه من جنبه ( مهذب رحلة ابن بطوطة 50/2)

ص: 69

أما الخوزقة ، بإقعاد الإنسان علي الخازوق، فإن هذا اللون من التعذيب متأخر ، ولم تقتصر ممارسته ضد الذكور من المعذبين ، وإنما عذبت به المرأة أيضا .

ففي السنة 480 قبض علي تركي أخذ صبيا ، فأدخل في دبره دبوسة ، فمات ، فأخذ التركي ، وصلب . (( المنتظم 37/9 ).

وفي السنة 666 قتلت امرأة ببغداد اسمها عروس خاتون ، كانت زوجة بعض أصحاب توكال بخشي شحنة بغداد ، اسمه حسين أغا، وسبب ذلك ، إنها هويت غلاما أمرد مليحا ، فلما عرف بذلك أرادوا قتله ، فأبي الشحنة ، وقال : يقتلان جميعا ، أو يستبقيان بعد أخذ الحد منهما ، فأخرج الغلام إلي ظاهر السور ، وضرب له وتد في الأرض ، وأقعد عليه فمات ، ثم قدم المرأة وقتلها بيده وهو يبكي أسفا عليها ( الحوادث الجامعة 361) .

وفي السنة 702 قتل في وقعة شقحب ، الأمير سيف الدين ايدمر القشاش ، وكان قاسيا علي أهل الفساد ، ومن ألوان العذاب التي كان يعذب بها الناس أنه كان يغرس خازوقة في الأرض ، ويجعل محدده قائما ، وبجانبه صاري كبير يعلق فيه الرجل ، ثم يرسله فيسقط علي الخازوق ، فيدخل فيه ويخرج من بدنه . ( النجوم الزاهرة 205/8 ).

وكان من جملة مظالم الأمير يشبك الدوادار ، في السنة 874 في صعيد مصر ، أن أقعد علي الخازوق ، جماعة من العربان ( بدائع الزهور 116/2)

وفي السنة 902 قتل القاضي شمس الدين بن الزلق ، بدمشق ، قتلته سرتاه ، بتحريض من الدوادار ، وأمير آخور ، واستدار ( استاذ دار ) الحاجب تمر بغا ، فأخذ الجميع وخوزقوا ، خلا الجارية الصغري ، فإنها غرقت ، لأنها كانت حبلي ( قضاة دمشق 182).

ص: 70

وكان الأمير خاير بك ، المتوفي سنة 928 كافي حلب للسلطان الغوري ، ثم نائب مصر للسلطان سليم العثماني ، طالما ، قاسية ، قتل ما لا يحصي من الخلائق ، وشنق رجلا علي عود خيار شنبر ، وشنق جماعة كثيرة من الناس ، ووسط ، وخوزق ، واقترح لهم أشياء في عذابهم ، فكان يخوزقهم في أضلاعهم ، ويسميه شك الباذنجان ، وقتل بمصر أكثر من عشرة آلاف رجل ، راح أغلبهم ظلما ( اعلام النبلاء 433/5 ) .

وعاقب ملك الأمراء ، نائب السلطان بمصر ، فتي سرق ثورة ، بأن أمر به فقطع أنفه ، وأذنه ، وأشهر علي الثور المسروق ، ثم قتله بإقعاده علي الخازوق . ( بدائع الزهور 358/5 ).

وفي السنة 1017 تولي الحكم بدمشق سنان باشا ، المعروف بكجك سنان لقصره ، وحارب السكبانية المتفقين مع عرب المفارجة ، فقتل منهم نحو ثلثمائة ، وأمسك منهم نحو خمسين رجلا ، دخل بهم إلي دمشق راكبين الجمال ، وعلي كتف كل واحد منهم خشبة طويلة ، هي خازوق له ، وفي اليوم الثاني ، أتلفوهم بالخازوق ، وفرقوا أجسادهم علي المحلات بدمشق ، وكان أحدهم أقرع أشقر ، لما ضرب الخازوق في بدنه ، كان يطلب الماء فلا يسقي ، ثم إنه في الليل هرب من الخازوق ، ومشي من تحت القلعة إلي أن دخل في سوق برا ، فوجد في الصباح ميتا ، وهو إلي القبلة ، وما علم الناس كيف نزل عن الخازوق ، مع أنه مربوط اليدين ، موثق الرجلين . ( تراجم الأعيان 233/2 وخطط الشام 255/2 ).

وفي السنة 1098 كان والي حماة ، إذا غضب علي شخص أمر به فأعدم بإقعاده علي الخازوق ( خطط الشام 2/ 277 ).

وفي السنة 1215 قتل سليمان الحلبي ، الجنرال كليبر قائد الجيش الفرنسي بمصر ، فحكمت عليه المحكمة العسكرية ، التي شكلت لمحاكمته

ص: 71

بالقاهرة ، بأن تحرق يده اليمني ، وأن يوضع علي الخازوق حتي يموت . ( الجبرتي 389/2 ) .

ومما يجدر ذكره، أن الفرنسيين احتفظوا بالهيكل العظمي لسليمان ، وعرضوه في متحف حديقة الحيوان والنبات بباريس ، كما احتفظوا بجمجمته في غرفة التشريح بمدرسة الطب بباريس ، كما أن الخنجر الذي استعمله في قتل الجنرال كليبر حفظ في مدينة كاركاسون بفرنسا . ( الاعلام 197/3 ).

وفي أيام الجزار (ت 1218) حصلت فتنة في بلاد بشارة ، فأرسل الجزار علي العصاة عسكر قتلوا منهم ما ينيف علي ثلثمائة رجل ، وأسروا عددا منهم ، فأحضروا إلي عكا، حيث جعلهم الجزار علي الأوتاد ( أي أقعدهم علي الخازوق ) وقتلهم ( خطط الشام 19/3 و 20 ).

وذكر الجبرتي ، أن كاشف الغربية، كان يخوزق الناس . (تاريخ الجبرتي 57/3 ).

وفي السنة 1230 خوزقوا شيخ عرب بلي ، فيما بين العزب والهايل ، بالديار المصرية ، بعد حبسه أربعة أشهر ( الجبرتي 476/3 ) .

وفي السنة 1231 تعرض بعض العيارين بالقاهرة ، القهوة الباشا بشبرا ، وسرقوا جميع ما بالنصبة من الأواني والبكارج والفناجين والظروف ، فأحضر الباشا بعض أرباب الدرك بتلك الناحية ، وألزمه بإحضار السراق والمسروق ، وإنه لا يقبل له عذرا في التأخير ، فاستهمله أياما ، ثم أحضر المسروق بأجمعه ، وأحضر خمسة أشخاص كانوا هم السراق ، فأمر الباشا بالسراق فخوزقوا في نواحي متفرقة ، بعد أن قرروهم علي أمثالهم وعرفوا عن أماكنهم ، وجمع منهم زيادة علي الخمسين ، وشنق الجميع في نواحي متفرقة بالأقاليم مثل القليوبية والغربية والمنوفية ( الجبرتي 515/3)

ص: 72

طرائف

أمر المتوكل العباسي ، بأن تدس في دبر نديمه ابن حمدون ، فجلة .

ذكر أن أبا إسحاق الأهوازي ، عابر الرؤيا ، حمل إلي المتوكل ، فلما أدخل عليه ، قال المتوكل النديمه ابن حمدون : اعبث به ، فقال له ابن حمدون : متي تعلمت العبارة ( أي تفسير الرؤيا ) ، فقال له : أنا معبر ، قبل أن تكون مضحكة ، قال : فما تقول في رؤ يا رأيتها ؟ قال : وما هي ؟ قال : رأيت كأن أمير المؤمنين حملني علي فرس أشهب أخضر الذنب ، قال : إن صدقت رؤياك ، فإن أمير المؤمنين يأمر بأن يدخل في أستك فجلة ، فيغيب أصلها الأبيض ، وتبقي الخضرة بين فخذيك ، فضحك المتوكل ، وقال : صدقت رؤياك يا ابن حمدون ، هاتوا فجلة ، فقال له : يا أمير المؤمنين ، أنت أمرتني ، قال : ولكنك رأيت الرؤيا قبل أمري لك ، وأمر بأن يفعل به ذاك ، ففعل ( الهفوات النادرة 230 و231 ) .

ورفع إلي القاضي عبد المعطي بن محمد الريشي ، نائب القاضي الحنفي بالقاهرة (ت 833 ) شاب آتهم بأنه فسق بصبي ، فأمر من بحضرته من الفعلة أن يفسقوا به ، قصاصا بزعمه لما صنع ( الضوء اللامع 82/5 ).

وجاءت امرأة إلي أبي العطوف القاضي بفتي ، فقالت : إن هذا آفتض ابنتي ، فقال للرجل : أفعلت ؟ قال : نعم ، قال : ولم ؟ قال : لاعبتني امرة

ص: 73

مطاعة ، فقمرتني ، فأدخلت في آستي مدقة الهاون، ولاعبتها ، فقمرتها ، فافتضضتها ، فقال أبو العطوف : يا هذه ، إن الذي أدخلت ابنتك في است هذا ، أشد مما أدخل هذا في حر ابنتك . ( البصائر والذخائر 233/4 ).

ويتندر البغداديون ، بقصة فتي تدهدي من أعلي السلم ، وكان في أسفل السلم إبريق ، فدخلت البلبلة فيه ، فقال : الحمد لله ، فقيل له : علي م تحمد الله ؟ فقال : أحمده لأن البلبلة صادفت ثقب فدخلت فيه ، ولو أنها صادفت بطني أو صدري لخرقته وقتلتني .

ص: 74

القسم الثاني : التعرض للدبر بألوان أخري من العذاب

وثمة ألوان أخري من العذاب ، حصل فيها التعرض للدبر ، منها ما صنعه عمر بن هبيرة ، أمير العراقين ، بسعيد الحرشي ، عامله علي خراسان ، لما عزله عنها ، فإنه نفخ في دبره النمل ( العيون والحدائق 84/3 والحيوان للجاحظ 33/4).

أقول : كان عمر بن هبيرة أمير العراق ، بعث في السنة 104 جميل بن عمران إلي خراسان ، لينظر في الدواوين ، فقيل للحرشي عامل خراسان : ما قدم جميل لينظر في الدواوين ، وانما قدم ليتعرف أخبارك ، فسم الحرشي بطيخة ، وبعث بها إلي جميل ، فأكلها ومرض ، وتساقط شعره ، وعاد إلي ابن هبيرة ، فعولج ، وصح ، وقال لابن هبيرة : إن الحرشي لا يري إلا أنك عامل من عماله ، فغضب ابن هبيرة ، وعزل الحرشي ، وأحضره ، واعتقله ، وعذبه بأن نفخ في دبره النمل ، ولما ورد خالد القسري عام في العراق ، وحبس ابن هبيرة ، وفر من حبسه ، بعث خالد سعيد الحرشي في طلبه ، فادر كه قبل أن يقطع الفرات ، فقال لعمر بن هبيرة : يا أبا المثني ، ما ظنك بي ؟ قال : ظني بك أنك لا تدفع رجلا من قومك ، فقال له : هو ذاك ، فالنجاء ، وتركه ، وعاد عنه ( الطبري 15/7 و 17 ).

وفي السنة 106 كانت الوقعة بين المصرية واليمانية ، في أرض بلخ ،

ص: 75

وانتصر المضرية ، فقال لهم أحد قوادهم : لا تقتلوا الأسري ، بل جردوهم ، وجوبوا ( اكشفوا ) سراويلاتهم عن أدبارهم ، ففعلوا . ( الطبري 32/7 ).

وفي السنة 251 حاصر أبو أحمد ( الأمير الموفق العباسي ) وجند الأتراك ، بغداد ، وفيها المستعين ، وأميرها محمد بن عبد الله بن طاهر ، وكان علي السور بباب الشماسية ( الصليخ ) من الرماة جماعة ، فكان مغربي يجيء حتي يقرب من الباب ، ثم يكشف استه ، ثم يضرط ويصيح ، فحرر عليه أحد الرماة سهما ، فأنفذه في دبره ، فقتله ( الطبري 305/9 ) .

ومارس هذا اللون من العذاب ، المعتضد مع أحد اللصوص ، إذ أحتال عليه بكل حيلة ، وعذبه ألوان العذاب ، فلم يقر بالسرقة ، ثم احتال عليه بحيلة أخري فأقر ، وهو لا يعي ، وأرشد إلي موضع المسروق ، فأمر المعتضد به ، فشد يداه ورجلاه ، وأمر بمنفاخ فنفخ في دبره ، وحشي قطنا في أذنيه ، وفمه ، وخيشومه ، وظل ينفخ فيه حتي أصبح كالزق المنفوخ ، وورمت سائر أعضائه ، حتي كاد أن ينشق ، ثم أمر ففصد له عرقان فوق الجبين ، فخرجت الريح منهما مع الدم ، إلي أن خمد وتلف ، راجع تفصيل القصة في مروج الذهب 507/2 -509)

وفي السنة 489 علب الملك رضوان ، في حلب ، بركات بن فارس الفوعي ، بأن نفخ في دبره بالكير . ( اعلام النبلاء 375/1 ) .

وفي السنة 510 أقطع السلطان محمد، الأمير جاولي سقاوو ، بلاد فارس ، فحاصر أبا سعد بن مما في قلعته بمنطقة كازرون ، وكانت حصينة ، فأقام عليها سنتين ، ولم يظفر ، فبعث إلي أبي سعد رسولا ، فقتل أبو سعد الرسول ، فبعث إليه جماعة من الصوفية ، فأطعمهم أبو سعد الهريسة والقطائف ، ثم أمر بهم ، فخبطت أدبارهم ، وألقوا في الشمس ، فهلكوا . ( ابن الأثير 518/10)

ص: 76

وفي السنة 693 لما تأمر بعض الأمراء بمصر ، علي السلطان الملك الأشرف خليل ، وضربوه بالسيوف ، جاء سيف الدين بيدرا رأس نوبه ، وأدخل فيه السيف من أسفله وشقه إلي حلقه . ( فوات الوفيات 407/1 ) .

ص: 77

ص: 78

الباب التاسع : التعذيب بالتعرض للجوارح

اشارة

الجرح والاحتراج : الكسب .

والجوارح : أعضاء الإنسان ، سميت جوارح ، لأنه يجترحن الخير والشر ، أي يكسبنه .

وقد قسمنا هذا الباب المتعلق بالتعذيب بالتعرض للجوارح ، إلي فصلين :

الفصل الأول : التعرض للعين بالسمل .

الفصل الثاني : التعرض لبقية الجوارح ، وقسمناه الي ستة أقسام

القسم الأول : قطع الأطراف أي الأيدي والأرجل

القسم الثاني : سل اللسان .

القسم الثالث : جدع الأنف وصلم الأذن .

القسم الرابع : قلع الأضراس .

القسم الخامس : سل الأظافر

القسم السادس : خلع المفاصل .

ص: 79

ص: 80

الفصل الأول : السمل

السمل ، وقد يسمي : الكحل ، إزالة البصر من العين ، بآلة حادة ، أو بدواء كالكحل ، يوضع فيها ، وتربط عليه الأجفان .

وكان السمل من نصيب الطبقة العالية ، إذ كان مقصورة علي الخلفاء والملوك ، والوزراء ، والقواد ، والدعاة .

ولم يكن السمل معروفة في القرن الأول الهجري ، وندر أن مارسه أحد في القرن الثاني ، إذ لم يمارسه إلا أسد القسري ، ضد أحد الدعاة العباسيين ، كما مارسه مروان الحمار ، ضد يزيد بن خالد القسري ، بأن أحضره أمامه ، ومد أصابعه فاقتلع عينيه بيده ، ومارسه المنصور ضد شخص شتمه ، فأمر به فدقت الأوتاد في عينيه ، وضرب محمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان ، فأصاب السوط إحدي عينيه ، فسالت . فلما حل القرن الثالث أصبح السمل أسلوبا رسميا من أساليب التعذيب ، يمارسه المتغلبون ضد خصومهم السياسيين ، وأصبح صناعة معروفة ، بحيث أن الراضي لما أراد أن يسمل عمه القاهر ، أحضر طبيب ، وسأله « عمن يحسن أن يسمل»، فذكر له رجلا ، فأحضره ، وقام بالعمل المطلوب فيه .

ويتضح لنا من كتاب « البرق اليماني » أن السمل كان في القرن العاشر الهجري ، في اليمن ، يمارسه القائد المنتصر ، في أسراه ، إذ كانت خاتمة

ص: 81

الأسير ، واحدة من اثنتين ، أما القتل بقطع العنق ، وأما السمل ، وإن سلمان الريس ، أحد قواد العثمانيين ، لما دخل مدينة زبيد باليمن ، في السنة 933، علي أثر معركة أسر فيها جماعة من الجنود ، مع قائدهم ابن حمزة ، فكان يأمر بقتل البعض، وبسمل عيون البعض الآخر ، إلي أن سمل عيون طائفة كبيرة ، أولهم ابن حمزة ( البرق اليماني 51 و52).

وفي كتاب «سياحة في آسيا الوسطي » قص علينا مؤلفه ، وهو يهودي مجري ، سافر إلي آسيا الوسطي ، متنكرا باسم الحاج محمد رشيد افندي ، أن التعذيب بالسمل كان يمارسه حكام امارة خيوه في آسيا الوسطي ، بأن يطرح المعذب علي الأرض ، وقد ربطت يداه الي ظهره ، ثم تحض عيناه بالسكين أو الموسي ، راجع كتابنا موسوعة الكنايات العامية البغدادية ج 1 ص 575 و576.

وأول من مارس هذا اللون من العذاب ، أسد بن عبد الله القسري ، عامل خراسان لبني أمية ، إذ قبض في السنة 118 علي عمار بن يزيد ، الداعية العباسي ، الملقب بخداش ، فلما مثل بين يديه سأله عن حاله ، فأغلظ خداش له القول ، فأمر به فقطعت يده ، وقلع لسانه ، وسملت عينه ، ثم دفعه الي يحيي بن نعيم الشيباني عامل آمل ، فقتله وصلبه بأمل ( الطبري 109/7 وابن الأثير 197/5 ).

ومارس هذا اللون من العذاب من بعده ، مروان الحمار ، آخر الحكام الأمويين ، فقد أدخل عليه يزيد بن خالد القسري ، وكان قد حاربه قبل أن يلي الخلافة ، فلف مروان مندي” علي إصبعه ، ثم أدخلها في عين يزيد فقلعها ، واستخرج الحدقة ، ثم أدار يده فاستخرج الحدقة الأخري ( فوات الوفيات 127/4 ).

ومارس هذا اللون من العذاب ، عبد الملك بن قطن الفهري ، أمير

ص: 82

الأندلس ، إذ قبض علي زياد بن عمرو اللخمي ، وسمل عينيه ، وسبب ذلك : إن البربر حصروا كلثوم بن عياض القشيري ، بسبته، وكان معه ابن أخيه بلج ، وجند من أهل الشام ، حتي جاعوا ، واستغاثوا بوالي الأندلس عبد الملك ، فتقاعس عن نصرتهم ، لخوفه علي سلطانه منهم ، فأغاثهم زياد بن عمرو اللخمي بمركبين مشحونين ميرة ، وبلغ ذلك عبد الملك ، فأخذ زياد ، وضربه سبعمائة سوط ، وسمل عينيه ، ثم ضرب عنقه ، وصلبه ، وصلب علي يساره كلبأ ، وعبر بلج إلي الأندلس بجيشه ، وأسر عبد الملك في السنة 123 فصلبه بقرطبة ، وصلب علي يمينه خنزير ، وعلي يساره كلبا ( نفح الطيب 19/3 - 21) .

وكان داود بن علي العباسي ، يمثل بمن يعثر عليه من بني أمية ، يسمل العيون ويبقر البطون ، ويجدع الأنوف ، ويصلم الآذان ( شرح نهج البلاغة 156/7)

وجيء بني الحسن ، مغلولين ، إلي الربذة ، وأدخلوا علي أبي جعفر المنصور ، ومعهم العثماني محمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان ، وأمه فاطمة بنت الحسين بن علي بن أبي طالب ، فأمر بالعثماني فضرب بالسياط ، فأخرج كأنه زنجي ، قد غيرت السياط لونه ، وأصاب سوط منها إحدي عينيه فسالت ( مقاتل الطالبيين 220 ).

ولما حمل إلي المنصور ، رأس محمد بن عبد الله بن الحسن ( النفس الزكية ) ، قال المنصور لمطير بن عبد الله : أما تشهد أن محمدا بايعني ؟ ، قال : أشهد بالله ، أنك أخبرتني بأن محمد خير بني هاشم ، وأنك بايعت له ، فقال له : يا ابن الزانية ، أنا قلت ذلك؟ قال : الزانية ولدتك ، قال : يا ابن الزانية الفاعلة ، أتدري ما تقول ؟ قال : التي تعني خير من أمك ، فأمر به ، فوتد في عينيه ، فما نطق . ( المحاسن والمساويء 138/2 ).

ص: 83

وفي السنة 182 سملت عينا ملك الروم قسطنطين بن ليون ( الطبري 269/8 والعيون والحدائق 301/3 ).

وكان أحمد عبد الله الخجستاني له غلام اسمه قتلغ ، وهو علي شرابه ، فسقاه يوما ، فرأي في الكون شيئا ، فأمر به فقلعت إحدي عينيه ، فأضمرها له، واتفق مع غلام آخر اسمه رامجور ، علي قتله ، وقتلاه . ( ابن الأثير 303/7 ).

وكان القاهر ، محمد بن المعتضد، من اعظم الناس شرا ، وأقساهم قلب ، وكان يعامل الراضي معاملة سيئة ، فلما قبض عليه في السنة 322، كان يعرف ماله عند الراضي ، فعذب عذابا شديدا ، وخلع ، وأشار القائد سيما بسمله ، فاستحضر الراضي بختيشوع بن يحيي الطبيب ، وسأله عمن يحسن أن يسمل ، فذكر له رجلا، فأحضر ، وكحل القاهر بمسمار محمي دفعتين ، فسمل عينيه حتي سالتا جميعا علي خديه ( مروج الذهب 553/2 والتكملة 82 والمنتظم 265/6 وتاريخ الخلفاء 388 وتجارب الأمم 292/1 والعيون والحدائق ج 4 ق 2 ص 25).

وفي السنة 223 أوقع توفيل ملك الروم ، بأهل زبطرة ، فخرب بلدهم ، ومثل بهم ، فسمل أعينهم ، وقطع آذانهم وأنافهم ( العيون والحدائق 389/3 )

وفي السنة 327 حمل عبد الصمد بن المكتفي إلي دار الخلافة ، فذكر انه كحل في ليلته ، أي سملت عيناه ، وحمل إلي داره ميتأ . ( العيون والحدائق ج 4 ق 2 ص 79 ).

وفي السنة 331 ظفر ناصر الدولة بعدل البجكمي ، وكان قد عاث في بلاد ناصر الدولة ، فسمله ناصر الدولة ، وسيره وابنه الي بغداد ، فشهرا فيها . ( ابن الأثير 394/8 و395 ).

ص: 84

وفي السنة 331 تنازع الإمارة بالعراق ، القائدان التركيان توزون (طوسون ) وجخجخ ، ثم أستقر الحال علي أن يكون توزون أميرة ، وجخجخ صاحب الجيش ، وتصاهرا ، ثم بلغ توزون أن جخجخ بسبيل خيانته والإنحياز إلي البريدي ، فسار إليه جريدة في مائتي غلام ، وكبسه في فراشه ، فلما أحس به، ركب دابة بقميص ، وفي يده لت ، ودفع عن نفسه قليلا ، ثم أخذ، وحمل إلي توزون ، فحمله الي واسط ، وفي ثاني يوم وصوله سمله فأعماه ( ابن الأثير 397/8 و 398 ).

وفي السنة 333 قبض علي اسكورج الديلمي ، وسملت عيناه ، وكانت إليه شرطة بغداد في عهد المتقي ( العيون والحدائق ج 4 ق 2 ص 159).

وفي السنة 332 قلد ناصر الدولة الحمداني ، أبا عبد الله الحسين بن سعيد بن حمدان ، ( أخا الأمير أبي فراس الحمداني ) حلب وأعمالها ، وديار مضر والعواصم ، وما يفتحه من بلاد الشام ، فحارب أهل الرقة ، فدخلها عنوة ، وأسر أميرها محمد بن حبيب ، وسمل عينيه ( اعلام النبلاء 247/1 )

وفي السنة 333 وصل الخليفة المتقي ، إبراهيم بن جعفر المقتدر بالله ، إلي بغداد ، ونزل بالسندية ، فاستقبله أمير الأمراء توزون ، القائد التركي ، وترجل له ، وقبل الأرض بين يديه ، وأنزله في مضرب نفسه ، ثم سمله بحضرة علم ، قهرمانة المستكفي بالله ، وكانت قد رتبت معه ذلك ، ليكون المستكفي بالله ، خلفا له ، وكان الذي كحله ، اسمه سنيدي ، من أصحاب علم ، فلما كحل المتقي ، صاح ، وصاح النساء والخدم لصياحه ، فأمر توزون بضرب الدبادب حول المضرب ، فخفي الصراخ ، وحمل إلي الحضرة ، مسمول العينين ( الأوراق للصولي ، اخبار الراضي والمتقي 282 و283 والفخري 284 ومروج الذهب 575/2 و تاريخ الخلفاء 396 وتجارب الأمم 72/2 و 76 والمنتظم لابن الجوزي 338/6 و 339 ) .

ص: 85

أقول : كان هذا التصرف من توزون ، بعد أن أمن المتقي ، وحلف له أيمانا مؤكدة ، بمحضر من القضاة والعدول والعباسيين والطالبيين ومشايخ الكتاب ، فقد حلف بحضرتهم للمتقي ، وكتب بذلك كتابة ، وأحكم ، ووقعت فيه الشهادة من جميع من حضر علي توزون . ( تجارب الأمم 67/2)

وفي السنة 334 اتهم معز الدولة ، المستكفي ، بأنه يكاتب خصومه الحمدانيين ، فانحدر إلي دار الخلافة ، فسلم علي الخليفة المستكفي ، وقبل الأرض ، وقبل يد الخليفة ، وطرح له كرسي ، فجلس ، ثم تقدم رجلان من الديلم ، فمذا أيديهما إلي المستكفي ، فظن أنهما يريدان تقبيل يده ، فناولهما يده ، فجذباه ، فنكساه عن السرير ، ووضعا عمامته في عنقه ، وجراه، وحمل راجلا إلي دار مع الدولة ( وهي التي كانت دار مؤنس ) فأعتقل بها ، وخلع من الخلافة ، وسميت عيناه . ( المنتظم 343/6 وتاريخ الخلفاء 397 ومروج الذهب 15/2 والفخري 287).

وفي السنة 334 قبض علي علم قهرمانة المستكفي ، فسملت عيناها ، وقطع لسانها ( تجارب الأمم 2/ 100).

أقول : علم هذه ، اسمها الأول څن الشيرازية ( بحاء مضمومة وسين ساكنة ) وكانت جزلة ، ذات لسان ، تتكلم بالعربية والفارسية ، وهي التي سعت للمستكفي في الخلافة ، وكلمت بعض المتصلين بتوزون ، وجمعت بين المستكفي وتوزون ، إذ أخرجت المستكفي من دار ابن طاهر ، في زي امرأة ، فقام توزون بسمل المتقي ، واستخلاف المستكفي في السنة 333 ، فلما تمت الخلافة للمستكفي ، غيرت اسمها، وجعلته علم ( بعين ولام مفتوحين ) وصارت قهرمانة للمستكفي ، واستولت علي أمره كله ، واتخذت لها حاشية من شرار الناس ، ألبستهم سيوف ومناطق ، وصاروا حجابا في دار الخلافة ، وأخذت تتولي عرض الغلمان والحجاب والرجالة في دار الخلافة ،

ص: 86

وأخذ حاشيتها يكبسون التجار والمستورين ويسلبون أموال الناس ظلمة ، وفي السنة 334 مات توزون ، واستولي أبو الحسين أحمد بن بويه علي بغداد ، ودخل علي المستكفي فلقبه معز الدولة ، كما لقب أخويه عماد الدولة ، وركن الدولة ، واستحلف المستكفي معز الدولة لنفسه ، ولعلم قهرمانته ، ولأبي أحمد الشيرازي كاتبه ، وهو زوج ابنة علم ، ثم ان معز الدولة ارتاب في تصرفات علم ، وساء ظنه فيها، لأنها أخذت تقيم الولائم لقواد الديلم ، وتداخلهم ، فأتهمها بأنها تريد إفسادهم عليه ، وعلم بما سبق من جسارتها وإقدامها علي قلب الدول ، فخلع المستكفي ، وقبض علي علم هذه وسملت عيناها ، ثم قطع لسانها، راجع التفصيل في تجارب الأمم75/2 و85 و 86 و 100 .

وفي السنة 334 استعان أبو سالم ديسم بن إبراهيم الكردي ، بسيف الدولة الحمداني فأعانه ، فقصد مدينة سلماس ، وملكها ، وخطب بها لسيف الدولة ، وكان السلار المرزبان بن محمد غائبا بناحية باب الأبواب ، مشغو؟ بقوم خرجوا عليه هناك ، فلما عاد وأصلح أمره ، قصد ديسم ، فاستأمن رجال ديسم إلي سلار ، وفر ديسم فالتجأ إلي ابن الديراني صاحب ارمينية ، مستجير به ، فقبله ، ثم غدر به ، وقبض عليه وقيده ، وحمله إلي السلار ، فسمل عينيه ثم قتله ( تجارب الأمم 161/2 ).

وفي السنة 334 خلع الجند الساماني بنيسابور ، طاعة أميرهم نوح ، صاحب خراسان وما وراء النهر ، ورأسوا عليهم إبراهيم بن أحمد بن إسماعيل الساماني ، عم نوح ، وبعد معارك عدة ، تصالح إبراهيم ونوح ، ثم إن نوح آرتاب بعمه إبراهيم ، فقبض عليه وعلي أخويه محمدوأحمد، فسمل أعينهم ، وقتل طغان الحاجب ( ابن الأثير 459/8 - 461 و465) .

وفي السنة 335 أسر ناصر الدولة الحمداني ، تكين الشيرزادي القائد

ص: 87

التركي ، فسمل عينيه ، ثم أنفذه الي قلعة من قلاعه، فاعتقله بها ( تجارب الأمم 110/2 ).

وفي السنة 357 أصيب الأمير اليسع بن أبي علي بن ألياس ، في خوارزم ، برمد شديد فحمله الضجر ، علي أن قلع عينه الرمدة بيده ، وكان ذلك سبب هلاكه . ( ابن الأثير 585/8 - 587 ).

أقول : تذكرني هذه القصة ، بقصة مماثلة ، قصها علينا المستر ريج ، المقيم البريطاني ببغداد ، في أيام الوزير داود باشا ، فقد ذكر أنه زار عثمان باشا بابان في السليمانية ، فوجد عنده أحد الرؤساء ، بعين واحدة ، والأخري غائرة عليها أثر جرح بليغ ، وذكروا له إن الرجل ، وكان شديد الحدة ، وقعت علي عينه ذبابة ، فطردها ، فعادت ، وعاود الطرد ، فعاودت العودة ، ووالي طردها ، فوالت عودتها ، حتي ملأته غيظا ، فسل خنجره ، وطعن به عينه ، فسالت العين ، وفرت الذبابة .

وفي السنة 363 أصعد بختيار إلي الموصل، لمحاربة أبي تغلب الحمداني ، فارتفع عنه أبو تغلب ، واحتل بختيار الموصل، ثم تم الصلح بينهما، وأنحدر بختيار ، ودخل أبو تغلب الموصل، وظفر بجماعة ، كانوا مالوا إلي بختيار ، فسمل أعينهم ( تجارب الأمم 2/ 320) .

وفي السنة 366 اعتقل مؤيد الدولة البويهي ، وزيره أبا الفتح بن العميد ، وسمل عينه الواحدة ، ونگل به ، وجر لحيته ، وجدع أنفه ، وعذبه بأنواع العذاب إلي أن تلف ( معجم الأدباء 349/5 و 350 وابن الأثير 675/8)

أقول : كان أبو الفتح بن العميد الملقب بذي الكفايتين ( أي كفاية

ص: 88

السيف والقلم ) قد وژر بعد أبيه لركن الدولة البويهي ، ثم لولده مؤيد الدولة ، ونال الوزارة وهو ابن 22 سنة ، وقتل وهو ابن 29 سنة ، وسبب قتله انه تمكن من الدولة ، وسيطر علي الجند والقواد ، فخيفت عائلته ، فقبض عليه مؤيد الدولة ، وحمله إلي بعض القلاع ، ثم أنهض إليه من تكفل بتعذيبه ، فنگل به، وسملت عينه الواحدة ، وجرت لحيته ، وجدع أنفه ، وعذب بأنواع العذاب إلي أن تلف .

وفي السنة 367 بعث عضد الدولة إلي ابن عمه بختيار ، يطالبه بتسليم ابن بقية وزيره ، فسمله بختيار ثم بعث به إلي عضد الدولة ، وسمل معه صاحبة المعروف بابن الراعي ، وحمل ابن بقية مسمو" إلي عضد الدولة ، وكان ناز بالزعفرانية ( وهي منطقة جنوبي بغداد ، وما زال هذا اسمها) فأشهر في العسكر علي جمل ، ثم طرح إلي الفيلة ( تجارب الأمم 377/2 و 380) .

وفي السنة 370 قتل نقفور ملك الروم ، وسملت عين أخيه لاون ( ذيل تجارب الأمم 13).

وفي السنة 376 اصطلح الأخوان صمصام الدولة وشرف الدولة ولدا عضد الدولة البويهي ، ثم مال العسكر إلي شرف الدولة ، فانحدر صمصام الدولة إلي أخيه راضية بما يعامله به ، فلما وصل إليه ، قبل الأرض بين يديه ثلاث دفعات ، ثم قبل يده ، فقال له أخوه : تمضي وتغير ثيابك ، وتتودع من تعبك ، وحمل إلي خيمة وخركاه قد ضربا له من دون سرادق ، ثم أمر به فحمل إلي إحدي القلاع ، ومرض شرف الدولة في السنة 379 ، فألح تحرير الخادم علي شرف الدولة في قتل أخيه صمصام الدولة ، فأبي ، فألح عليه أن يسمل عينيه ، فأنفذ فراشأ اسمه محمد لسمل عيني صمصام الدولة ، وأعطاه « شيئأ » أمره أن يكحله به ثلاثة أيام ، وأن يشد عليه عينيه ، وكان

ص: 89

الفراش في طريقه إلي صمصام الدولة لا توفي شرف الدولة ، ولكن أمره بسمل أخيه نقذ رغم موت الآمر ( ذيل تجارب الأمم 149- 150، والمنتظم 132/7 ، وابن الأثير 48/9 و61 وتاريخ الخلفاء 409).

وفي السنة 381 خلع الخليفة الطائع ، وأسلم إلي خلفه القادر بالله ، بعد أن سملت عيناه ، وقطعت قطعة من إحدي أذنيه ، ولما تسلمه القادر بالله ، تقدم بجدع أنفه ، فقطع يسير من مارن أنفه ، مع ما كان قطع أو من أذنه ، وتوفي الطائع في السنة 393 . ( شذرات الذهب 143/3 ).

أقول : لم يرد في الكامل لابن الأثير 79/9 - 82، وفي تجارب الأمم 201/2 - 208 أي ذكر لسمل الطائع ، أو لقطع أذنه ، أو جدع أنفه ، إلا أني وجدت في المنتظم 158/7 أن الخلافة لما تقررت للقادر ، وكان لاجئ في البطيحة خوفا من الطائع ، أنفذ إليه مع الرسل قطعة من أذن الطائع ، راجع تعليقي علي هذا الخبر في حاشية القصة 108/7 من كتاب نشوار المحاضرة وأخبار المذاكرة للقاضي التنوخي ج 7 ص 281.

وفي السنة 389 تامر قائدان سامانيان ، هما بكتوزون وفائق ، علي أميرهما منصور بن نوح الساماني ، صاحب بخاري وما وراء النهر ، فخلعاه ، وسملا عينيه ، فعمي، وأقاما مقامه أخاه عبد الملك ، وهو صبي صغير ( ابن الأثير 145/9 ).

أقول : ذكر صاحب معجم أنساب الأسرات الحاكمة ( ص 292) إن السمل حصل في السنة 386 وإن الذي قام به هو الأمير أبو الفوارس بكتوزون.

وفي السنة 392 تامر أبو عبد الله الحيري ، كاتب الحسن بن المسيب ، وهو من شرار الخلق ، علي أبي الحسين بن شهرويه ، كاتب قرواش ، وأبي عبد الله المستخرج ، وكيل قرواش ، فقتلهما ، وقتل كثيرا من

ص: 90

الناس غيرهما، وسم سيده الحسن ، فأغروا به مرح ، أخا الحسن بن المسيب ، الذي خلفه في ضمان الموصل، فقبض عليه ، وسمل عينيه ، فمات ، فلما دفن ، نبش أهل الموصل قبره ، وأحرقوه لسوء معاملته لهم ، وما قدمه من القبيح إليهم ( تاريخ الصابي 444/8 - 446) .

وفي السنة 392 قبض عميد الجيوش بواسط علي أبي القاسم بن العاجز ، وأمر به فسملت عيناه ، ثم قطعت عنقه ، وطيف برأسه في جانبي مدينة السلام ( تاريخ الصابي 442/8 ) .

وفي السنة 398 كثرت العملات ببغداد ، وكبس الذعار عدة مواضع ، وقصد قوم منهم مسجد براثا ليلة الجمعة ، وأخذوا حصره ، وستوره ، وقناديله ، فجد أصحاب الشرطة في طلبهم ، فظفروا ببعضهم ، فشهر وا ، وكحلوا ، وقطعوا ( المنتظم . / 237 ).

وفي السنة 411 ملك مشرف الدولة أبو علي بن بهاء الدولة البويهي ، العراق ، وكان الجند قد شغبوا علي سلطان الدولة ببغداد ، وأرادوا أن يبايعوا أخاه مشرف الدولة ، فأراد سلطان الدولة أن يعتقله ، فلم يتمكن ، وانحدر إلي واسط ، ونصب أخاه مشرف الدولة نائبا عنه ببغداد ، فلما وصل سلطان الدولة الي تستر ، استوزر ابن سهلان ، وكان قد وعد أخاه مشرف الدولة أن لا يستوزره ، فاستوحش منه مشرف الدولة ، وقطع خطبته بالعراق ، فسير إليه جيشة بقيادة ابن سهلان ، فالتقي الجيشان بواسط ، وكان النصر لمشرف الدولة، وقبض علي ابن سهلان ، فكحله وأعماه ( ابن الأثير 317/9 و 318) .

وفي السنة 421 توقي السلطان يمين الدولة محمود بن سبكتكين ، وأوصي بالملك لابنه محمد، وكان أصغر سنا من أخيه مسعود ، فطالب مسعود بالسلطنة ، وحارب أخاه محمدا وتسلطن في موضعه ، وسمل أخاه وحبسه (ابن الأثير 398/9 - 400 و485 والوافي بالوفيات 8/5 ) .

ص: 91

أقول : جاء في معجم الأنساب الأسرات الحاكمة ( ص 416) أن الأخوين محمد ومسعود توأمان .

وفي السنة 439 قبض الأكراد الكرية ، علي سرخاب أخي أبي الشوك ، لأنه أساء السيرة فيهم ، ووترهم ، وحملوه إلي إبراهيم ينال ، فقلع إحدي عينيه ( المنتظم 132/8 وابن الأثير 536/9 ).

وفي السنة 441 طلب السلطان طغرل بك من أخيه لأمه إبراهيم ينال بن يوسف أن يسلم إليه مدينة همدان ، فامتنع ، واتهم وزيره أبا علي بالسعي بينهما بالفساد ، فقبض عليه ، وأمر به فضرب بين يديه ، وسمل إحدي عينيه ، وقطع شفتيه . ( ابن الأثير 556/9 ) .

وكان الأمير ألطنطاش ، الذي استولي علي صرخد و بصري ، سمل عيني أخيه خطلخ ، ونفاه ، ولما عزل ألطنطاش وعاد إلي دمشق ، حاكمه خطلخ إلي الشرع ، وسملت عيناه قصاصأ ، فبقيا أعميين ( الوافي بالوفيات 369/9 )

ولما تسلطن ملكشاه ، خلفا لوالده ألب أرسلان ، حاربه عمه قاورد بك ، وأنكسر ، فأسره ملكشاه ، وخنقه ، وجمع أولاد عمه قاورد ، وصهره إبراهيم ينال ، وكحلهم بين يديه ، وقدم أولهم سلطان شاه إسحاق بن قاورد ، وهو أكبرهم ، وكان شابا كما بقل عذاره ، فأخذ إخوته الصغار ، واحدة بعد واحد، وجعل يضمهم إليه ، ويقبلهم ، ويقول لهم : هذا قضاء الله ، فلا تجزعوا ، فإن الموت يأتي علي جميع الناس ، وكحل ، وكحلوا ، فمات منهم اثنان ، وظل سلطان شاه معتقلا من السنة 465 في همدان ، ثم فر إلي كرمان ، وتملك هناك ، حتي مات في السنة 476 ( نكت الهميان 118).

ووجدت أن الصفدي ، صاحب نكت الهميان ، اشار إلي هذا الخبر في كتابه الوافي بالوفيات 421/8 اذ ذكر ان إسحاق بن قاورد بك ، لما سمل

ص: 92

هو واخوته ، اعتقل في همذان في السنة 465 ، وفي السنة 466 دبر سلطان شاه حيلة مع بعض الموكلين به ، فنقبوا له السقف ، وفر ومعه أخوه ، إلي كرمان ، وعاد إلي الحكم هناك مقام أبيه ، إلي أن توفي في السنة 476 فقصدت أمه السلطان ملكشاه بهدايا وألطاف ، فأكرمها ، وأقر أخا سلطان شاه في موضعه .

أقول : ورد اسم عم ملكشاه ، في نكت الهميان ( فاورت ) مصحفا ، كما ورد في الوافي بالوفيات ( فاورد بل) مصحف ايضأ ، والصحيح : قاورد بك ، وقد ورد اسمه في الكامل لابن الأثير ( قاورت ) وفي معجم زامباور ( قاورد ) ، وفي المعجم الذهبي : إن «قاورد » بالفارسية ، اسم لنوع من الحلوي ، وقاورد هذا ، أو قاورد بك ، أخو السلطان ألب أرسلان ، وكان حاكما علي كرمان منذ السنة 433 باسم السلطان عماد الدين قرا أرسلان قاورد بن داود ، فلما تسلطن أخوه السلطان عضد الدولة أبو شجاع محمد ألب أرسلان بن داود ، تحرك عليه في السنة 459 وأراد السلطنة لنفسه ، فسار إليه أخوه السلطان ألب أرسلان ، وحاربه ، فآنفل عسكر قاورد واستسلم إلي أخيه ، فعفا عنه أخوه ، وأعاده إلي مملكته ، وأكرمه إكرامة زائدة، وأقر قاورد في سلطنته علي كرمان ، فلما قتل ألب أرسلان في السنة 465 وبويع ولده ملكشاه بالسلطنة ، تحرك قاورد مجددا يريد السلطنة لنفسه ، وجرت المعركة بين جنده وجند ملكشاه ، فأنفل جيش قاورد ، وأحضر هو أسير أمام ملكشاه ، فأمر به فخنق ، وأقر كرمان بيد أولاده ، أي أولاد قاورد ، وفي المنتظم : إن ملكشاه لما أحضر أمامه عمه أسيرة، قال له : يا عم، أما تستحي من هذا الفعل، اطرحت وصية أخيك، وأظهرت الشماتة به، وقصدت ولده ، ثم أمر باعتقاله في همدان ، ولما وافاها ملكشاه ، أمر به فخنق ، ويظهر من معجم زامباور ، ما يؤيد ما جاء في تاريخ ابن الأثير ، بأن ملكشاه أقر حكم كرمان لأولاد عمه قاورد ، وقد جاء في معجم زامباور آن كرمان شاه ، خلف

ص: 93

أباه قاورد في حكم كرمان في السنة 466 ، ثم خلفه أخوه سلطان شاه بن قاورد في السنة 467 ثم خلفه أخوه توران شاه بن قاورد في السنة 477، وذكر ابن الأثير في الكامل : إن ملكشاه قصد بعسكره كرمان في السنة 472 فخرج إليه سلطانها سلطان شاه ، وهو ابن عم ملكشاه ، وتلقاه ، وهاداه ، وخدمه ، فأقره علي كرمان ، ولم أجد في جميع ما لدي من المراجع ، ما يؤيد ما جاء في نكت الهميان ، عن سمل عيون أولاد قاورد بك ، وعن اعتقال سلطان شاه ، ولا أدري من اين جاء صاحب نكت الهميان بهذا الخبر ، وقد أثبت ما قاله وما ناقضه ، والحكم للقاريء ، راجع ابن الأثير 53/10 ، 79، 115 ومعجم الاسرات الحاكمة لزمباور 333 و335 والمنتظم . 278/8 .

وفي السنة 490 خالف أمير أميران ، علي السلطان بركياروق ، فحاربه السلطان سنجر ، وأسره ، وسمل عينيه ( الكامل لابن الأثير 266/10 ) .

وفي السنة 491 عصي الأمير دولت شاه علي السلطان سنجر السلجوقي ، فحاربه ، وأسره سنجر ، فحبسه ، وكحله ( ابن الأثير 279/10)

وفي السنة 495 وقع الصلح بين السلطان بركياروق ، وأخيه السلطان محمد ولدي السلطان ملكشاه ، فنسب السلطان محمد ، للأمراء الذين كانوا معه ، ممن وافق علي الصلح ، وسعي فيه ، أنهم خامروا عليه ، فقتل الأمير بسمل ، وكحل الأمير إيتكين ( ابن الأثير 332/10 ).

وفي السنة 500 اقطع السلطان محمد، الأمير جاولي سقاوو ، الموصل ، وكان جاولي قد استولي علي البلاد التي بين خوزستان وفارس ، وأقام بها سنين ، وعمر قلاعها ، وأساء السيرة في أهلها ، وقطع أيديهم ، وجدع أنوفهم ، وسمل أعينهم ( ابن الأثير 422/10 ) .

ص: 94

وكان أبو البركات الأنصاري الدمشقي ، المعروف بابن البقلي ، قد ور الصاحب حمص، ثم بلغه إنه يكاتب صاحب دمشق ، فقبض عليه ، وكحله ، وتوفي أبو البركات سنة 517 ( النجوم الزاهرة 227/5 ) .

وفي السنة 474 ابن بهمنيار ، كاتب خمارتكين الشرابي ، علي الوزير نظام الملك ، وزير السلطان ملكشاه السلجوقي ، فقبض علي ابن بهمنيار ، وسمل . ( المنتظم 330/8 ).

وفي السنة 475 هلك أحمد بن سليمان بن محمد بن هود ، الملقب بالمقتدر بالله ، وكان أبوه قد قسم مملكته بين أولاده ، فاحتال أحمد علي ثلاثة من إخوته ، فاستولي علي ممالكهم ، واعتقلهم ، وسمل بعضهم ( الاعلام 128/1 و129 ).

وفي السنة 476 قتل سيد الرؤساء أبو المحاسن بن كمال الملك بن أبي الرضا ، وكان قد قرب من السلطان ملكشاه قربأ عظيمة ، وكان أبوه يكتب الطغراء ، فقال أبو المحاسن للسلطان : سلم إلي نظام الملك وأصحابه ، وأنا أسلم إليك منهم ألف ألف دينار ، فإنهم يأكلون الأموال ويقتطعون الأعمال ، فبلغ ذلك نظام الملك ، فعمل سماطأ عظيمأ ، وأقام عليه مماليكه ، وهم ألوف من الأتراك ، وأقام خيلهم ، وسلاحهم علي خيولهم ، فلما حضر السلطان قال له : إني خدمتك ، وخدمت أباك وجدك ، ولي حق خدمة ، وقد بلغك أني آخذ عشر أموالك ، وهذا صحيح ، أنا آخذه وأصرفه إلي هؤلاء الغلمان الذين جمعتهم لك ، وأصرفه أيضا إلي الصدقات والصلاة والوقوف التي يكون ذكرها ، وشكرها ، وأجرها لك ، وها أموالي ، وجميع ما أملكه ، بين يديك ، وأقنع أنا بمرقعة وزاوية ، فأمر السلطان بالقبض علي أبي المحاسن ، وحمل إلي قلعة ساوة ، وقورت عيناه بالسكين ، وحملت الي السلطان فتقدم بطرحها لكلب الصيد ( المنتظم 6/9 والكامل لابن الأثير 131/10)

ص: 95

وفي السنة 477 عصي الأمير تكش علي أخيه السلطان ملكشاه ، فقصده السلطان ، وأخذه ، وكان قد حلف له بالأيمان إنه لا يؤذيه ، ولا يناله منه مكروه ، فأفتاه بعض من حضر ، بأن يجعل الأمر إلي ولده أحمد، ففعل ذلك ، فأمر أحمد بكحله ( أي سمل عينيه ) فسملتا ، وأودع السجن ( ابن الأثير 138/10 ).

وفي السنة 508 لما استولي أرسلان شاه بن مسعود الغزنوي ، علي السلطنة ، قبض علي إخوته ، فقتل بعضأ منهم ، وسمل أعين البعض الآخر ( الكامل لابن الأثير 505/10)

وفي السنة 514 سمل السلطان محمود السلجوقي ، عين أخي دبيس بن صدقة صاحب الحلة ( الكامل لابن الأثير 600/10 ).

وفي السنة 515 عصي سليمان بن ايلغازي علي أبيه ، وتحضن بحلب ، وكان قد تجاوز العشرين من عمره ، حمله علي ذلك جماعة من أصحابه ، فسمع والده بالخبر ، فسار إليه مجدا ، فلما وصل إلي حلب ، خرج سليمان إليه معتذرة، فأمسك عنه ، وقبض علي من أغراه بذلك ، منهم أمير من الأمراء ، كان أرتق والد ايلغازي قد التقطه ورباه ، واسمه ناصر ، فقلع ايلغازي عينيه وقطع لسانه ، ومنهم انسان حموي من بيت قرناص كان قد رأسه ايلغازي علي أهل حلب ، فسمل عينيه ، وقطع يديه ورجليه ، فمات ( ابن الأثير 591/10 و 592 واعلام النبلاء 441/1 و 442) .

وفي السنة 521 تسلم القائد قتلغ آبه قلعة حلب ، فظهر منه جور علي الناس شديد ، وظلم عظيم ، ومد يده إلي أموال الناس ، ولا سيما التركات ، فإنه أخذها ، وكانت حلب قد أعطاها السلطان العماد الدين زنكي ، فاستنزل قتلغ آبه من القلعة ، وسلمه إلي رئيس البلد فضائل بن بديع ، فكحله ( سمل عينه ) ( ابن الأثير 650/10 ).

ص: 96

وفي السنة 551 مات خوارزم شاه آتسز، وخلفه ولده أرسلان ، فبدأ ملكه ، بأن قتل نفرا من أعمامه ، وسمل أخأ من اخوانه . ( الكامل لابن الأثير 209/11 ).

وذكر الأمير أسامة بن مرشد (ت 584 ) ، أنه زار القدس مرة ، مع الأمير معين الدين ، فجاء إليه شاب مسلم مسمول العينين ، كان يحتال علي الإفرنج ويقتلهم ، فأجروا محاكمته ، وكيفية ذلك ، بأن ملأوا له بتية عظيمة ماء ، وكتفوه ، ورموه في البتية ، وعندهم أنه إن كان بريئا غاص في الماء ، فيرفعوه عندئذ ، وان كان مذنب طفا فوق الماء ، ولما رموه في الماء ، حاول أن يغوص فلم يتمكن ، فوجب عليه حكمهم ، فسملوا عينيه ( الاعتبار 139 و140 ).

وذكر الفارس أسامة بن مرشد الكناني ، إن تانكارد صاحب أنطاكية ، أسر فتي كرديا من أصحاب أسامة ، في المعركة ، فعذبه أنواع العذاب ، وأراد أصحابه قلع عينه اليسري ، فقال : إقلعوا عينه اليمين ، حتي إذا حمل الترس استترت عينه اليسار ، فلا يعود يبصر شيئا ، فقلعوا عينه اليمين ، وافتداه والد أسامة بحصان أدهم من جياد الخيل . ( الاعتبار 66 67 ).

وفي السنة 556 قبض المؤيد، صاحب نيسابور ، علي السلطان محمود بن محمد السلجوقي ، وعلي ولده جلال الدين محمد ، فسمل أعينهما، وسجنهما ، فمات الأب ، ثم مات ولده بعده حزنا علي أبيه . الكامل لابن الأثير 273/11 ) .

وفي السنة 582 توفي طغان شاه ، صاحب نيسابور ، فقصد خوارزم شاه ، نيسابور ، وفتحها ، وأخذ سنجر شاه بن طغان شاه ، فتزوج خوارزم شاه بأمه ، وزوج سنجر شاه ، بابنته ، فماتت ، فزوجه بأخته ، ثم بلغه أنه يريد العودة لحكم نيسابور ، فسمله وأعماه ، وأبقاه عنده إلي أن مات في السنة 595 . ( ابن الأثير 380/11 ) .

ص: 97

وفي السنة 600 ملك الإفرنج مدينة القسطنطينية ، وأزالوا ملك الروم عنها، وكان ملك الروم تزوج أخت ملك الافرنج ، فرزق منها ولدا ، ثم وثب علي الملك أخ له ، فقبض عليه ، وسمل عينيه ( الجامع المختصر 123)

وفي السنة 602 لما توفي شهاب الدين الغوري ، كان الحسين بن خرميل والي هراة ، فحاول أن يستعين بخوارزم شاه ، ولكن أهل هراة كانوا مع غياث الدين الغوري ، وكان مدرس النظامية بهراة ، الفقيه علي بن عبد الخلاق بن زياد ، من أنصار الغورية ، فقال لابن خرميل : ينبغي أن تخطب للسلطان غياث الدين ، وتترك المغالطة ، فحقدها عليه ، ثم قبض عليه ، وسمل عينيه فأعماه ( ابن الأثير 228/12 ) .

وفي السنة 643 مات مسمول العينين يوسف بن هلال ، صهر محمد بن مردنيش صاحب بلنسية بالأندلس ، وكان قد عصي علي ابن مردنيش ، واستولي علي مرتلة ، وبعد حواث أسر يوسف بن هلال ، فأخذه ابن مردنيش إلي حصن مرئلة ، وطلب منه أن يأمر أصحابه بتسليمها ، فامتنع ، فأمر بنزع إحدي عينيه ، فنزعت عينه اليمني بعود ، ثم طلب منه ثانية أن يأمر أصحابه بتسليمها ، فعاود الإمتناع ، فأمر به ، فنزعت عينه اليسري أيضأ . ( الاعلام 337/9)

وفي السنة 659 دعا الأمير يحيي بن محمد السراجي ، من أشراف اليمن ، إلي نفسه ، في ناحية حصور ، باليمن ، وأطاعه أهل تلك الناحية ، فقاتله الأمير علم الدين سنجر ، فانهزم يحيي ، ولجأ إلي بلد بني فاهم ، فأمسكوه ، وسلموه إلي الأمير علم الدين ، فكحله في السنة 660 ، فعمي . ( العقود اللؤلؤية 137/1 والاعلام 209/9 ).

وفي السنة 715 لما توفي السلطان علاء الدين الخلجي ، سلطان

ص: 98

الهند ، خلفه ولده شهاب الدين عمر ، فأمر بإخوته الثلاثة ، أبي بكر خان ، وشادي خان ، وخضر خان ، فسملت أعينهم ، أما أخوه قطب الدين ، فاكتفي بسجنه ولم يسمله ، وفي السنة 719 تامر قطب الدين مع بعض الأمراء ، واعتقل أخاه شهاب الدين عمر ، وتسلطن مكانه ، ثم أمر بقتل إخوته جميعا ، فقتلوا ( مهذب رحلة ابن بطوطة52-38/2)

وفي السنة 718 قبض السلطان الناصر محمد بن قلاوون ، علي الأمير بهادر الإبراهيمي ، أمير الحاج لأنه جبن عن مواجهة الشريف حميضة ، وفي السنة 720 أمر به فسملت عيناه ، فذهب بصره ( الدرر الكامنة 31/2 ).

وسمل السلطان محمد بن تغلق ، سلطان الهند، أعين قاضي مدينة كول ، ومحتسبها ، لأنهما كانا في مجلس ذكر فيه أحد أعدائه بخير ، فلم يعترضا، (مهذب رحلة ابن بطوطة 92/2 ) .

وفي السنة 726 تحرك العوارين بزبيد، باليمن ، فتولي أمرهم الأمير الظاهر ، أمير زبيد ، وشنق طائفة منهم ، وكحل طائفة أخري ( العقود اللؤلؤية 42/2)

وفي السنة 733 أحضر الأمير سيف الدين تنكز ، نائب دمشق ، حاجب العرب علاء الدين علي بن مقلد ، وضربه بالمقارع ضربا شديدا مبرحا ، وكحله ، واعتقله ، فتكلم في السجن بما لا يليق ، فقطع لسانه ، ومات في الحبس . (نكت الهميان 219).

وفي السنة 740 اعتقل الأمير صارم الدين صاروخا المظفري ، بدمشق ، بأمر من السلطان الناصر محمد بن قلاوون ، ثم صدر مرسوم السلطان بمصر ، بكحله ، فكحل وعميت عيناه ( نكت الهميان 171 ).

أقول : جاء في الدرر الكامنة 296/2 إن الأمير صاروجا مات في السنة 743.

ص: 99

ولما قتل شاه محمد ، في طريق بغداد ، في السنة 837 جمع ولده شاه علي إخوانه ونساءه ونساء أبيه ، وعاد إلي إربل ، وفيها مرزه علي ، فاعتقله ، ففر من حبسه ، واستولي علي قلعة الكرخيني ، وأقام فيها ، فقصده عمه الأمير أسبان ، ففر منه إلي تبريز ، إلي عمه جهان شاه ، فلما وصل إليه ، اعتقله ، وسمل عينيه ، فظل بتبريز أعمي ( تاريخ الغياثي 200 ).

أقول : جاء في تاريخ العزاوي 3/ 90 : إن الشاه محمد بن الأمير إسكندر ، لما قتل ، تسلطن ولده شاه علي ، فأخذه الأمير أصبهان ( أسبان ) وكحله .

وفي السنة 852 قصد ألغ بيك بن شاہ رخ ، مدينة هراة ، وكان بها علاء الدولة بن بايسنقر بن شاہ رخ ، مع جدته كوهرشاد زوجة شاہ رخ ، فاستولي ألغ بيك علي هراة ، والتجأ علاء الدولة إلي أخيه بابر الذي أمر بسجنه ، ثم سمل عينيه في السنة 855 وتوفي علاء الدولة في السنة 865 ( تاريخ الغياثي 223 و 224 ).

وفي السنة 755 كان نائب السلطنة بحلب الأمير طاز بن قطناج ، فرام العصيان وجمع جموعا ، فخذله بعض الأمراء في حلب ، وعزله السلطان ، وطلبه إلي مصر ، فامتنع أولا ، وأذعن ثانية ، فلما جاوز دمشق في طريقه إلي مصر ، أدركه أخو نائب دمشق ، واعتقله ، وكحله ( سمل عينيه ) فعمي ، واعتقل بالكرك ( الدرر الكامنة 315/2 ).

وفي السنة 755 تملك محمد بن مظفر بن منصور ، فارس ، والعراق ، ويزد، وكرمان ، وأصبهان ، وصير لحكمه وجها شرعيا ، بأن أحضر شخصا عباسيا ، وقلده الخلافة ، ولقبه المعتضد بالله ، وجعله نائبا عنه في حكم المملكة ، ثم نصب ولده شاه شجاع وليا للعهد ، وفي السنة 760 قبض شاه شجاع علي والده ، وسمل عينيه ، واعتقله بقلعة سرمق من اعمال شيراز ( التاريخ الغياثي 147. 150 ) .

ص: 100

وقد ورد هذا الخبر في شذرات الذهب 297/6 فذكر إنه في السنة 706 ( الصحيح في السنة 760) اتفق الإخوة الخمسة شاه شجاع ، وشاه محمود ، وشاه ولي ، وأحمد، وأبو يزيد، علي أبيهم ( محمد بن مظفر) فاعتقلوه ، وسملوا عينيه فأعموه ، وحبسوه في قلعة من عمل شيراز ، وتولوا الحكم مكانه .

أقول : في السنة 787 مات شاه شجاع بن محمد بن مظفر اليزدي ، وكانت علته أنه لا يشبع ، فكان لا يسير إلا والمأكول علي البغال صحبته ، فلا يزال يأكل ، وكان مظفر جد شاه شجاع ، صاحب درك يزد و كرمان في أيام السلطان أبي سعيد بن خربندا ، ولما مات قام ولده محمد مقامه ، ولم يزل أمره يقوي حتي ملك كرمان ، انتزعها من شيخ بن محمود شاه ، وفر شيخ إلي شيراز ، فحاصره محمد بن مظفر بها، إلي أن ظفر به فقتله ، ولما مات أبو سعيد ، استقل محمد بملك العراق كله ، وكان له من الأولاد خمسة ، شاه ولي ، وشاه محمود ، وشاه شجاع ، وأحمد ، وأبو يزيد ، فاتفق هؤلاء علي والدهم ، فسملوا عينيه وسجنوه في قلعة من أعمال شيراز ، في السنة 760 وتولي شاه شجاع شيراز و كرمان و يزد ، وتولي شاه محمود أصبهان ، ومات شاه ولي ، وأستمر أحمد وأبو يزيد في كنف شاه شجاع ، ووقع الخلف بين شاه محمود وشاه شجاع ، فانتصر شاه شجاع ، ومات شاه محمود ، واستولي شاه شجاع علي أذربيجان ، انتزعها من أويس ، وكان شاه شجاع عالمة ، محبا للعلم والعلماء ، ينظم الشعر بالعربية والفارسية ويكتب الخط الفائق ، ولما مات أستقر ولده زين العابدين في الحكم من بعده ، إلي أن خرج عليه تيمورلنك فقتله وقتل أقاربه ( شذرات الذهب 297/6 )، وجاء في تاريخ الغياثي 158 - 160 و184 في مصير زين العابدين بن شاه شجاع ، إن تيمورلنك لما فتح في السنة 795 مدينة شيراز ، وقتل صاحبها شاه منصور بن شاه مظفر ، قتل جميع الحكام من آل مظفرما عدا ولدي شاه شجاع ، أولهما

ص: 101

شبلي ، وكان أبوه شاه شجاع قد سمل عينيه ، وثانيهما زين العابدين وكان ابن عمه شاه منصور قد سمل عينيه ، وأخذ تيمورلنك شبلي بن شاه شجاع ، وبعث به إلي سمرقند ، وعين له اقطاعا .

وحصلت معركة بين سلطان زين العابدين ، يعاونه آل مظفر ، وبين شاه منصور ، فانتصر شاه منصور ، وفر سلطان زين العابدين هاربا ، ولكنه اعتقل وأحضر أمام شاه منصور ، فكحله فأعماه ، وسجنه بقلعة سفيد ( التاريخ الغياثي 1160).

وسلط الله تيمورلنك علي شاه منصور ، فحاربه بقرب شيراز ، في موقعة أسفرت عن مقتل شاه منصور ، وجاءوا برأسه الي تيمور ( التاريخ الغياثي 164)

وأطلق تيمور السلطان زين العابدين من سجنه ، وأخرجه مكحولا ، وأنعم عليه ، ( التاريخ الغياثي 162).

وقال صاحب الدرر الكامنة ( 209/2 ) : أن زين العابدين بن شاه شجاع بن محمد بن مظفر اليزدي ، ملك شيراز بعد أبيه ، بعهد منه ، فوثب عليه ابن عمه شاه منصور واستولي علي شيراز ، وأسر زين العابدين ، وسمل عينيه ، ولما توجه تيمورلنك إلي شيراز ، وفتك بالذي استولي عليها ، خلص زين العابدين من الأسر ، وقرر له من الرواتب ما يكفيه .

وفي السنة 762 أفرج الملك المنصور محمد بن الناصر محمد بن قلاوون ، عن الأمير طاز اليوسفي ، وكان معتقلا بالإسكندرية ، وقد سبق للسلطان الملك الناصر حسن أن كحله ( سمل عينه ) ، فحضر طاز أمام السلطان ، وعلي عينيه شعرية ( غشاء أسود رقيق يغطي به وجه المرأة والأرمد ) . ( النجوم الزاهرة 4/11) .

وفي السنة 788 توفي أمير مكة أحمد بن عجلان ، فخلفه ولده

ص: 102

محمد ، وكان الأمير المتوقي ، قد حبس جماعة من أقربائه الاشراف ، إذ كانوا قد نفروا منه ، وتركوا مكة ، وخرجوا ، فتبعهم أخوه محمد بن عجلان ، وكفل لهم عن أخيه الرضا التام ، فعادوا معه ، فأمر الشريف أحمد بحبسهم ، فقال له أخوه : إني كفلت لهم عنك الرضا ، فلا تخيبني معهم ، فاما أن تطلقهم وترضي عنهم، واما أن تتركهم يخرجون من مكة ، فأبي ، فقال له أخوه : إذن فأحبسني معهم ، لأني أنا الذي أتيت بهم ، فحبسه معهم ، فأقاموا في الحبس ثلاث سنين ، فلما مات الشريف أحمد ، وخلفه ولده محمد، سمل أعينهم وهم في الحبس ، وسمل عين عمه محمد معهم كذلك ، وفي نفس السنة قتل الشريف محمد ، قتله أمير الحاج المصري لما بلغه ظلمه وتعديه ، فخلفه الشريف عنان بن مغامس أحد المساجين وكان قد فر من السجن ، وشارك في الحكم محمد بن عجلان ، الذي كحله ابن أخيه ( العقود اللؤلؤية 2/ 187 - 189).

وروي صاحب نزهة النفوس والابدان ص 139 هذه القصة بصورة أكثر اختصارة ، وأشد فجيعة ، فذكر أن الشريف أحمد بن عجلان ، شريف مكة ، توفي في السنة 788 فأقيم مكانه ولده محمد ، بأمرة عمه كبيش بن عجلان ، فكحل كبيش أعين جماعة من بني حسن ، وهم أحمد وحسن ابنا أخيه ثقبة ، ومحمد بن عجلان ، وابن أحمد بن ثقبة ، وكان عمره اثنتي عشرة سنة (نزهة النفوس والابدان 139).

وفي السنة 793 أخذ في مدينة تعز ، باليمن ، رجل من البهادرة ، ذكروا إنه ساحر ، وكان يتشبه بالمسلمين ، فسملت عيناه ، وقطعت يده . ( العقود اللؤلؤية 223/2 ) .

وفي السنة 799 خلع السلطان غياث الدين ، من ملوك البهمنيين بالدكن ، وسملت عيناه ، بعد أن مكث في الحكم شهرين اثنين ( انساب الاسرات الحاكمة 437) .

ص: 103

وفي السنة 802 حاول أحد اليمانيين أن يخرج من مدينة زبيد ، وكان الوالي قد منعه من مبارحتها ، فاتفق مع جمال ، علي أن يخرجه في محارة علي ظهر جمله ، فلما وصل به إلي باب المدينة ، أراد البوابون أن يختبروا ما في المحارة ، فضربوا عليها بالحديد ، فتوجع الرجل وأن ، فلزموا الجمل، وأبركوه ، وأخرجوا الرجل ، وقدموه إلي الأمير ، فأمر الأمير به وبالجمال ، فسملت عيناهما معا . ( العقود اللؤلؤية 312/2 ) .

وفي السنة 872 قصد جهان شاه بن قرا يوسف بلاد حسن بيك ، فتحصن منه ، وظل مراقبأ له ، ثم إن جهان شاه « أعطي العسكر دستور ، وبقي هو وجماعة قليلة ، ليمضي وراءهم ، فأحس حسن بيك بقلة من معه ، ونزل إليه ، وصدمه صدمة عنيفة ، فركب جهان شاه وفر هاربا ، فصادفه أحد الغلمان ، فضربه بالسيف ، وقطع رأسه ، وحمله إلي حسن بيك ، فبعث به حسن بيك إلي مصر، وأسر حسن بيك ، ولدي جهان شاه وهما محمدي ميرزا ويوسف نويان ، فأمر بمحمدي ميرزا ، فقتل ، وأمر بيوسف نويان فسملت عيناه بقضبان ملتهبة ( تاريخ الغياثي 293 - 299 ) .

وذكر الغياثي في تاريخه 381 - 383 أنه علي أثر المعركة بين جهان شاه وحسن بيك ، وقتل جهان شاه ، أسر حسن بيك ولدي جهان شاه وهما محمدي ميرزا ويوسف نويان ، فقتل محمدي ميرزا ، وأخذ يوسف معه ، ولما حصر حسن بيك بغداد ، وامتنع التواجي بير محمد من تسليمها ، قيل لحسن بيك إن يوسف نويان أرسل إلي التواجي بير محمد يقول له : لا تسلم بغداد ، فإني هارب إليك ، وعندئذ أمر حسن بيك بسمل عيني يوسف نويان ، فأعماه ، ثم إن يوسف فر من حسن بيك إلي شيراز ، واستقر عند حاكمها كور بير علي بن علي شكر الذي جاهر حسن بيك بالعصيان ، فأرسل إليه حسن بيك جيشا قتل كوربير علي ويوسف نويان معا في السنة 874.

أقول : ذكر العزاوي رحمه الله في تاريخه ، تاريخ العراق بين احتلالين

ص: 104

178/3 إن المعركة بين شاه جهان وحسن بك الطويل حصلت في السنة 871 وان حسن بك ، قبض علي ولدي شاه جهان ، وهما محمدي ميرزا ويوسف ميرزا ، بعد قتل أبيهما ، فسمل أعينهما .

وفي السنة 894 سمل سلطان المغرب ، عين الأمير محمد بن سعد ، الملقب بالزغل، وألقاه في السجن حتي مات ، إذ نقم عليه ما صنع ، من تسليم القسم الذي كان تحت حكمه من مملكة غرناطة إلي الأسبان ، فأدي ذلك إلي ضياع غرناطة بأجمعها . ( محاكم التفتيش 14 و15 ).

وفي السنة 904 قبض سلطان مصر ، علي حرامي يقال له : ابن الوارث ، فقطع لسانه ، وكحل عينيه بالنار ، والطريف في الأمر ، أن ابن الوارث لم يكفت عن السرقة ، إذ قبض عليه بعد ذلك ، وعلي رأسه عملة ( مال مسروق ) ( بدائع الزهور 353/2 ) .

وفي السنة 950 هلك الحسن بن محمد الحفصي ، من الملوك الحفصيين بتونس ، وكان قد تسلطن بعد وفاة أبيه في السنة 932 ، فاستولي جيش السلطان سليم العثماني ، بقيادة خير الدين باشا علي تونس ، فحاربه الحسن ، فانكسر ، فاستعان بصاحب أسبانيا فأمده بأسطول ، فانتصر علي العثمانيين ، وطردهم من تونس ، ولكن تونس أصبحت تحت حكم الأسبان ، ثم انتقضت القيروان علي الحسن ، فخرج لإخضاعها ، فوثب علي الحكم بتونس ولده أحمد بن الحسن ، فاستعان الحسن عليه بالأسبان ، ولكن الظفر كان لأحمد بن الحسن ، فقبض علي أبيه ، وسمل عينيه ، فأعماه ، ففر منه وهو أعمي إلي القيروان ، فهلك فيها، أما أحمد فقد طرده الأتراك من تونس ، فرحل الي صقلية ومات بها . ( الاعلام 107/1 و 108 و 234/2 و235 ) .

وثار قمران بن بابر ، أكثر من مرة ، علي أخيه السلطان ناصر الدين

ص: 105

همايون بن السلطان ظهير الدين بابر ، سلطان الهند ، ( حكمه 937 - 962)، فاعتقله وسمل عينيه ، ونفاه إلي مكة . ( الاسلام والدول الإسلامية في الهند 56 ) .

وكان الحكيم شفائي ، الطبيب الخاص للشاه عباس ، شاه العجم (ت 1038) ونديمه ، وشاعره ، وكان عند الشاه بالمكانة المكينة ، ثم غضب عليه ، فحمي ميلا من الحديد ، وكحله به ، فأعماه ، وأبعده عن مجلسه ( خلاصة الأثر 269/2 ).

وفي السنة 1148 قام نادر شاه ، بعزل الشاه عباس الثالث ، وسمل عينيه ، وكان نادر شاه قد نصبه سلطان في السنة 1144 ثم خلعه وسمل عينيه ، حيث توفي في السنة 1149 ( معجم انساب الأسرات الحاكمة 388)

ولما قتل نادر شاه في السنة 1160 خلفه ابن أخيه علي قولي خان ، وتربع علي العرش باسم علي شاه ، وكان مستشاره أخوه ابراهيم ميرزاخان ، وفي السنة 1161 اختلفا وتحاربا ، فظفر إبراهيم ميرزاخان ، وقبض علي أخيه علي شاه فسمل عينيه ( تاريخ العراق للعزاوي 289/5 ) .

وفي السنة 1163 عزل شاه رخ حفيد نادر شاه ، عن العرش ، وسملت عيناه ، فعمي ( معجم انساب الاسرات الحاكمة 389)، ويذكر صاحب المعجم ان شاہ رخ أعيد إلي السلطنة في نفس السنة، ثم عزل، ثم أعيد إلي السلطنة في السنة 1168 وعزل في السنة 1210.

وفي السنة 1192 عين لولاية بغداد ، الوزير حسن باشا، والي كركوك ، فكتب إلي أحمد باشا والي بابان بأن يحضر لمعونته ، فبادر أحمد باشا لامتثال الأمر ، إلا أنه كان قد حبس أخاه محمد باشا في قلعة سروجك ،

ص: 106

فأشير عليه بقتله ، إلا أنه رق له واكتفي بسمل عينيه ، ثم بارح إلي بغداد . ( تاريخ العراق للعزواي 78/6 ) .

وفي السنة 1202 قتل حمزة كاشف المعروف بالدودار ، رجلا نصرانية روميأ صائغأ ، اتهمه مع زوجته ، فقبض عليه وعذبه أيامأ ، وقلع عينيه ، وأسنانه ، وجدع أنفه ، وقطع شفتيه وأطرافه حتي مات ، وأراد أن يقتل زوجته، فهربت ، والتجأت إلي الست نفيسة زوجة مراد بك ، فطلقها ( الجبرتي 52/2 ).

وفي السنة 1207 توفي تيمور شاه ، ملك الأفغان ، وخلفه ولده همايون شاه ، فنفس عليه أخوه زمان شاه الملك ، وحاربه ، فأنفل جيش همايون ، ثم عاد فجند جيشأ آخر ، وحارب أخاه زمان شاه ، فآنفل جيشه ثانية ، وفر إلي الملتان ، فأسره عامل الملتان ، وبعث به إلي أخيه زمان ، فسمل عينيه ، وحبسه ، ثم خرج عليه أخوه محمود بهراة ، وتحاربا ، فأنفل جيش محمود ، ولجأ إلي فتح علي شاه سلطان العجم ، ثم إلي شاه مراد صاحب بخاري ، ثم إلي خوارزم ، ثم عاد إلي شاه إيران ، فأعانه بجيش حارب به أخاه زمان شاه ، وانتصر محمود شاه ، وأسر أخاه زمان شاه ، فأمر به فسمل عينيه وحبسه ، ثم ثار الأفغانيون علي محمود شاه ، اتهموه بالميل إلي التشيع واعتقلوه ، وحبسوه ، وأخرجوا أخاه زمان شاه من السجن ، وسلطنوه ، وأحضروا أمامه أخاه محمود ، ليقتص منه ، فعفا عنه ، واكتفي بحبسه ، ثم فر محمود من السجن ، وسعي حتي عاد إلي السلطنة ، وأطلق لأخيه زمان شاه أن يسافر للحج ، فقصد مكة ، ومات في الحجاز في السنة 1222 ( اعيان القرن الثالث عشر 278 - 281 ).

وفي عهد محمود شاه بن تيمورشاه ، ملك الأفغان (1027 - 1246) توجه وزيره فتح محمد خان ، علي رأس جيش للاستيلاء علي خراسان ، فلم يوفق ، وانفل جيشه وعاد ، فكتب شاه إيران إلي ملك الأفغان يتهدده ، فرد

ص: 107

عليه محمود شاه يعتذر ، ويدعي أن الوزير صنع ذلك بدون موافقته ، فكتب إليه شاه إيران يطلب منه إما أن يبعث إليه بالوزير فتح محمد خان ، واما أن بسمل عينيه ، ويتهدده إن لم يفعل ذلك أن يهجم بجيشه علي بلاد الأفغان ، فأمر محمود شاه ، بوزيره فتح محمد خان فسملت عيناه ، فغضب أخوة فتح محمد خان ، وكانوا عشرين ، واتفقوا مع أخوة محمود شاه ، وكانوا إثنين وثلاثين، وخلعوا محمود شاه ، ونادوا بسلطنة شاه زاده أيوب ، واستولوا علي أكثر بلاد الأفغان ، بحيث لم يبق في يد محمود شاه غير هراة ( اعيان القرن الثالث عشر 282 و283).

ص: 108

الفصل الثاني : التعرض لبقية الجوارح

اشارة

ص: 109

ص: 110

القسم الأول : قطع الأطراف

التعذيب بقطع الأطراف ، كان متعارف منذ ابتداء العهد الأموي ، واول من مارسه معاوية بن أبي سفيان ، ضد خارجي حاول قتله ، إذ أن ثلاثة من الخوارج تعاهدوا علي قتل الامام علي ومعاوية وعمرو بن العاص ، وأقبل الذي تعهد بقتل معاوية ، واسمه النزال بن عامر ، فقام خلفه في الصلاة ، ووجاه في أليته بخنجر كان معه ، فأخذ، وأدخل عليه ، فقال له : ألم أقتلك يا عدو الله ؟ فقال معاوية : كلا يا ابن أخي ، وأمر به معاوية ، فقطعت يداه ورجلاه ، ونزع لسانه ، فمات ، ثم أمر فاتخذت المقاصير في الجوامع ( الأخبار الطوال 215) .

وفي السنة 50 توقي المغيرة بن شعبة ، أمير الكوفة لمعاوية ، فولاها زياد ، جمع له البصرة والكوفة ، وقدم زياد الكوفة ، فصعد المنبر ، فخطب ، فلما فرغ من الخطبة حصبوه وهو علي المنبر ، فجلس حتي أمسكوا ، ثم دعا قوما من خاضته ، وأمرهم بأخذ أبواب المسجد، ثم جلس علي كرسي بباب المسجد ، فدعاهم أربعة أربعة ، يحلفون بالله ، ما ما من حصبك ، فمن حلف خلاه ، ومن لم يحلف حبسه ناحية ، حتي صار إلي ثلاثين ( أو ثمانين ) فقطع أيديهم علي المكان ، ثم اتخذ من بعد ذلك المقصورة ( الطبري 235/5 و 236 وتاريخ الكوفة 43 ).

وكان عبد الله بن عمر بن غيلان ، عامل البصرة لمعاوية ، يخطب علي

ص: 111

المنبر ، فحصبه رجل من بني ضبة ، فأمر به فقطعت يده ( الطبري 299/5)

وأمر زياد بن أبيه ، عامل معاوية علي العراق ، بجويرية بن مسهر العبدي ، فقطعت يداه ورجلاه ، ثم صلبه بالكوفة ( تاريخ الكوفة 66 ، 271)

ولما أخذ بيهس الخارجي ، قطعت يداه ورجلاه ، ثم ترك يتمرغ في التراب ، فلما أصبح ، قال : هل أحد يفرغ علي دلوين ، فإني أحتلمت في هذه الليلة . ( البصائر والذخائر 515/2/3 ).

وجيء إلي زياد ، برشيد الهجري ، من أصحاب الإمام علي ، فأمر به فقطعت يداه ، ورجلاه ، ثم قطع لسانه ، ثم صلب خنقا في عنقه ( شرح نهج البلاغة 294/2 ) .

وجيء إلي عبيد الله بن زياد ، بابن مكعبر ، فقطع يديه ورجليه ، وسمل عينيه ( أنساب الأشراف 82/2/4 ).

وأخذ عبيد الله بن زياد ، في السنة 58 عروة بن أدية ، أخا أبي بلال ، فقطع يديه ورجليه ، وصلبه علي باب داره ، فقال عروة لأهله ، وهو مصلوب : انظروا إلي هؤلاء الموكلين بي ، فأحسنوا إليهم ، فإنهم أضيافكم ( العقد الفريد 234/1 ) .

وجعل لأحد الناس جعل علي أن يلطم سيد بني تميم ، فجاء إلي الأحنف ، فلطمه ، فقال له الأحنف : يا ابن أخي ما دعاك إلي هذا ؟ قال : قد جعل لي جعل، علي أن ألطم سيد بني تميم ، فقال له : ما أنا بسيد تميم ، وإنما سيدها حارثة بن قدامة ، وكان حديدا ، فذهب الرجل ، فلطم حارثة ، فقطع يده ، فبلغ ذلك الأحنف ، فقال : أنا قطعتها . ( المحاسن والمساويء 166/2 ).

ص: 112

وكان مالك بن النسير البدي ، قد ضرب الحسين الشهيد في موقعة الطفت علي رأسه ، وعليه برنس ، فامتلا دما ، فألقاه ، فجاء مالك فأخذه ، فبعث المختار لما ظهر بالكوفة ، مالك بن عمرو النهدي ، فجاء بمالك ، فأمر بنار فأججت في الرحبة ، ثم أمر فقطعت يده وألقيت في تلك النار، ثم قطعت رجله فألقيت فيها ، وهو ينظر ، ولم يزل يفعل ذلك بعضو منه بعد عضو حتي مات ( انساب الأشراف 239/5 ).

وفي السنة 66 بعث المختار الثقفي ، قائده عبد الله بن كامل ، إلي مرة بن منقذ العبدي ، قاتل علي بن الحسين ، فخرج عليهم مرة ، وبيده الرمح ، وهو علي فرس جواد ، فضربه عبد الله بن كامل بالسيف علي يده ، فأسرع فيها السيف وشلت ، وأفلت منهم ، فلحق بمصعب بن الزبير بالبصرة ( الطبري 6/ 64 ) .

وقطع أحد ولاة المدينة ، رجل حريث مولي بني بهز ، من سليم ، فكان إذا مشي كأنه يرقص ، فسمي : حريث رقاصة ، وكان حريث هذا من أشد الناس علي بني أمية ، لما أخرج الحجازيون بني أمية من مكة والمدينة أيام يزيد بن معاوية ، راجع التفصيل في الاغاني 23/1 - 26.

وكان إبراهيم بن حيان ، وهو مولي لبني عجل ، شخص من البصرة إلي مكة ، فأشار علي عبد الله بن الزبير ، بأن يولي علي البصرة ولده حمزة ، وأخبره بأن أهل البصرة يحبون ولايته ، فعزل أخاه المصعب ، وولي ولده حمزة ، فغضب المصعب ، وشخص إلي مكة ، فأرضاه عبد الله وأعاده واليأ علي المصرين ( البصرة والكوفة ) ، وظفر المصعب بإبراهيم بن حيان ، فقطع يده ونفاه ، فصار إلي الروم ، وجني هناك جناية فقطعوا رجله . ( أنساب الأشراف 256/5 و336 ).

وفي السنة 84 أحضر الحجاج حطيط الزيات الكوفي ، وكان عابدأ ، زاهدا ، يصدع بالحق ، وقال له : ما تقول في أبي بكر وعمر ؟

ص: 113

قال : أقول فيهما خيرا .

فقال له : ما تقول في عثمان ؟

قال : ما ولدت في زمانه .

فقال له : يا ابن اللخناء ، ولدت في زمن أبي بكر وعمر ، ولم تولد في زمن عثمان ؟

فقال : إني وجدت الناس اجتمعوا في أبي بكر وعمر ، فقلت بقولهم ، ووجدتهم اختلفوا في عثمان ، فوسعني السكوت .

فقال معد ، صاحب عذاب الحجاج : إني أريد أن تدفعه إلي ، فوالله لأسمعنك صياحه .

فسلمه إليه ، فجعل يعذبه ليلته كلها ، وهو ساكت ، فلما كان وقت الصبح كسر ساق حطيط ، ثم أعاده إلي الحجاج ، فعذبه بأنواع العذاب ، وكان يأتي بالمسال فيعززها في جسمه وهو صابر ، ثم لفه في بارية ، وأبقاه حتي مات . ( النجوم الزاهرة 208/1 ).

وطلب الحجاج الثقفي ، الهيصم بن جابر المدائني ، فهرب الهيصم إلي المدينة ، وطول شعره ، واختضب ، ولعب بالحمام ، فلم يعرفه بها أحد ، وبحث عنه الحجاج ، فأعياه ، ولم يعرف موضعه ، ثم بلغ الوليد بن عبد الملك إنه بالمدينة ، فكتب إلي عامله بها عثمان بن حيان بطلبه ، ووصف له صفته ، فقرأ عثمان الكتاب علي الناس ، والهيصم جالس ، فنظر إليه رجل إلي جنبه ، فقبض عليه ، وجاء به إلي حيان ، فأقر إنه الهيصم ، فحبسه ، وكتب إلي الوليد بوجدانه ، وكان عثمان بن حيان يرسل إلي الهيصم في كل ليلة فيسامره ، فأضحي معجبة به ، وأتاه كتاب الوليد أن أقطع يده ورجله ، وأقتله من بعد ذلك ، فقال له عثمان : اعهد، فقد كتب إلي أمير

ص: 114

المؤمنين في قتلك ، فقال : جميعا أم متفرقأ ؟ قال : متفرقة ، قال : إنا لله وإنا إليه راجعون ، وأوصي ببنية له أن ترد إلي أهله ، وأنفذ فيه أمر الوليد ، فمر به عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان ، وقد قطعوا يده ورجله ، فقال له : إصبر يا هميس وكان هذا لقبه ( العيون والحدائق 15/3 و16).

وأمر هشام بن عبد الملك ، بغيلان بن مسلم الدمشقي ، رأس المقالة الغيلانية ، فقطعت يداه ورجلاه ، وصلبه علي باب كيسان بدمشق ( الطبري 203/7 )

أقول : كان غيلان ، رأس المقالة الغيلانية ، وكان يقول بالقدر خيره وشره من العبد ، وإن الإمامة تصلح في غير قريش ، وان كل من قام بالكتاب والسنة فهو مستحق لها ، ولا تثبت إلا باجماع الأمة ، فأحضره هشام ، وقال له : ويحك يا غيلان ، قد أكثر الناس فيك ، فأخبرنا بأمرك ، فإن كان حقا اتبعناه ، وان كان باطلا نزعت عنه ، قال : نعم ، فدعا هشام ميمون بن مهران ليكلمه ، فقال له ميمون : سل ، فإن أقوي ما تكونون إذا سألتم ، فقال له : أشاء الله أن يعصي ؟ فقال له ميمون : أفعصي كارها ؟ فسكت ، فقال له هشام : أجبه ، فلم يجبه ، فقال هشام : لا أقالني الله إن أقلتك ، وأمر به فقطعت يداه ورجلاه ، وصلبه علي باب كيسان بدمشق .

وفي السنة 107 قبض أسد بن عبد الله القسري ، أمير خراسان ، علي جماعة من دعاة بني العباس ، فقطع أيديهم وأرجلهم وصلبهم . ( الطبري 40/7)

ثم قبض في السنة 108 علي عمار العبادي ، أحد دعاة بني العباس أيضا ، فقطع يديه ورجليه أيضا . ( ابن الأثير 140/5 والطبري 43/7 ).

وفي السنة 118 كان عمار بن يزيد واليأ علي دعاة بني العباس بخراسان ، وتسمي : خداش ، فاعتقله أسد بن عبد الله القسري أمير

ص: 115

خراسان ، وأحضره وأمر به فقطعت يده ، وقلع لسانه ، وسملت عينه ، وصلبه ( الطبري 109/7 ).

وفي السنة 118 نزل أسد القسري ، عامل خراسان ، مدينة بلخ ، وسرح جديعة الكرماني إلي قلعة التبوشكان في طخارستان ، وهي التي تحضن فيها الحارث بن سريج وأصحابه وأصهاره ، فحصرهم الكرماني حتي فتحها وقتل جميع أصهار الحارث ، وسبي عامة أهلها من العرب والموالي ، وباعهم فيمن يزيد ، في سوق بلخ ، وكان قد نقم علي الحارث أربعمائة وخمسون رجلا من أصحابه ، يرأسهم جرير بن ميمون القاضي ، فقال لهم الحارث : إن كنتم لا بد مفارقي ، فأطلبوا الأمان وأنا شاهد ، فإنهم يجيبونكم ، وإن ارتحلت قبل ذلك لم يعطوا الأمان ، فقالوا له : إرتحل أنت وخلنا ، فلما رحل ، أرسلوا يطلبون الأمان ، فأبي أسد ، وسرح إليهم جديعأ في ستة آلاف ، فحصرهم ، وسألوا أن ينزلوا علي حكم أسد علي أن يترك لهم نساءهم وأولادهم ، فنزلوا علي حكمه ، فأمر الكرماني بأن يحمل إليه خمسين رجلا من وجوههم فيهم المهاجر بن ميمون ، فحملوا إليه فقتلهم ، وكتب إلي الكرماني بأن يجعل الذين بقوا عنده أثلاثة ، فثلث يقتلهم ، وثلث يقطع أيديهم وأرجلهم ، وثلث يقطع أيديهم ، ففعل الكرماني ذلك ( ابن الأثير 197/5 و198).

ولما خرج يحيي بن زيد بن علي بن الحسين ، ثائرة بالجوزجان ، كان ممن لحق به الحسحاس الأزدي ، فلما قتل يحيي ، قبض نصر بن سيار علي الحسحاس ، فقطع يديه ورجليه ، وقتله ( مقاتل الطالبيين 157 ) .

وفي السنة 127 أسر مروان الجعدي ، ثابت بن نعيم الجذامي ، وثلاثة من أولاده ، وهم نعيم ، وبكر ، وعمران ، فأمر بهم فقطعت أيديهم وأرجلهم ، وطرحوا علي أبواب جامع دمشق ، ثم صلبهم علي أبواب دمشق ( الطبري 296/7 - 315 وابن الأثير 328/5 - 330 ).

ص: 116

أقول : إن ثابت بن نعيم الجذامي ، وأولاده ، لهم تاريخ طويل في الفساد وإشعال نيران الفتن ، وأول ما بلغنا من أخبار ثابت ، إنه كان بإفريقية في عهد هشام بن عبد الملك ، وكانت له يد طولي في إشعال نار الفتنة بها ، وكانت عاقبة تلك الفتن ، أن قتل كلثوم بن عياض القسري ، أمير إفريقية ، فوجه هشام إلي إفريقية حنظلة بن صفوان علي رأس جيش ، لإصلاح أمورها ، فسعي ثابت في إفساد الجيش علي حنظلة ، فكتب حنظلة إلي هشام يشكو إليه أمر ثابت ، فكتب هشام إليه بتوجيه ثابت إلي دمشق في الحديد ، فوجهه حنظلة إليه ، فوضعه في السجن ، فلم يزل في حبسه ، حتي قدم مروان بن محمد، وكان يلي ارمينية ، علي هشام ، في بعض وفاداته ، فسألوه أن يكتم هشامأ في إطلاق ثابت ، فاستوهبه مروان منه ، فوهبه له ، فأخذه معه إلي ارمينية ، وولاه ، وحباه ، ولكن نفس ثابت اللئيمة ، أبت عليه إلا أن يسيء إلي من أحسن إليه ، فأخذيد إلي قواد مروان ، ويثيرهم عليه ، واستطاع أن يختزل جماعة صالحة منهم ، انضموا إليه ورأسوه عليهم ، وجاهروا مروان بالعصيان ، فحشد مروان لهم ، فلما رأوا منه الجد ، عادوا فأنقادوا له ، وأمكنوه من صاحب الفتنة ثابت بن نعيم ومن أولاده الأربعة ، نعيم ، وبكر وعمران ، ورفاعة ، فأمر بهم ، فأنزلوا عن خيولهم ، وأخذ سلاحهم ، ووضعت السلاسل في أرجلهم ، ووكل بهم من يحرسهم ، حتي ورد حران ، والظاهر إنه أطلقهم ، ولما أعلن مروان خلافته ، ظهر ثابت بن نعيم مجددا ، ودعا أهل الشام إلي الانتفاض علي مروان ، وراسلهم ، وكاتبهم ، فانتقضوا ، وانتقض أهل حمص ، فأخمد مروان ثورات أهل الشام ، فحرك ثابت بن نعيم ، أهل فلسطين ، وجند منهم جيشا حصر به طبرية ، فوجه إليه جيشا ، فأنفل جيش ثابت ، وانصرف إلي فلسطين منهزمة ، وأسر ثلاثة من أولاده ، وهم نعيم ، وبكر ، وعمران ، وأفلت ثابت ، وولده رفاعة ، ثم إن عامل مروان علي فلسطين ظفر بثابت ، فبعث به موثقة إلي مروان ، فأمر به وبأولاده الثلاثة ، فقطعت أيديهم وأرجلهم ،

ص: 117

وحملوا إلي دمشق ، فطرحوا علي أبواب الجامع ، ثم صلبهم علي أبواب دمشق ، أما رفاعة بن ثابت ، وكان أخبثهم جميعا ، فإنه أفلت من مروان ، ولحق بمنصور بن جمهور بالسند ، فأكرمه منصور ، وولاه ، وخلفه مع أخ له اسمه منظور بن جمهور ، فوثب رفاعة عليه ، فقتله ، وبلغ منصورة ذلك ، وهو متوجه إلي الملتان بالسند ، وكان منظور بالمنصورة ، فعاد منصور الي رفاعة ، فأخذه ، وبني عليه أسطوانة من أجر مجوفة ، وأدخله فيها ثم سمره إليها ، وبني عليه ( الطبري 296/7 - 315 وابن الأثير 328/5 - 330 ).

وفي السنة 128 كان مروان الجعدي يحارب الخوارج ، وبعث إليهم كاتبه محمد بن سعيد رسولا ، فمالأهم وانحاز إليهم ، ثم جيء به إلي مروان أسيرة ، فقطع يده ورجله ولسانه ( الطبري 347/7 ).

وفي السنة 128 حصر مروان الجعدي ، شيبان الخارجي بالموصل، وقد انضم إلي شيبان ، سليمان بن هشام ، في جماعة من بني أمية ، فجيء إلي مروان بإبن أخ لسليمان بن هشام ، يقال له : أمية بن معاوية بن هشام ، وكان قد بارز رجلا من فرسان مروان ، فأسره الرجل ، وجاء به إلي مروان ، فقال له : أنشدك الله والرحم يا عم ، فقال : ما بيني وبينك اليوم من رحم ، وأمر به ، وعمه سليمان وإخوته ينظرون ، فقطعت يداه ، وضربت عنقه ( الطبري 350/7 ) .

وفي السنة 141 خلع عبد الجبار بن عبد الرحمن ، عامل خراسان للمنصور ، فوجه إليه المنصور جيشا بقيادة ولده المهدي ، فأقام بالري ، ووجه خازم بن خزيمة لحرب عبد الجبار ، وبعد معركة ضارية ، انكسر عبد الجبار ، وأخذه خزيمة أسيرة ، فألبسه جبة صوف ، وحمل علي بعير ووجهه إلي ذنب البعير ، وحمل إلي المنصور ومعه ولده وأصحابه ، فبسط المنصور عليهم العذاب ، وضربوه بالسياط ، ثم أمر المسيب بن زهير ، فقطع يدي

ص: 118

عبد الجبار ورجليه ، وضرب عنقه ، وأمر بتسيير ولده إلي دهلك ( الطبري 503/7 - 509 وابن الأثير 505/5 و506).

وكان عبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر الطيار (ت 131 ) من أقسي خلق الله قلبأ ، وغضب علي غلام له وهو في غرفة بإصبهان ، فأمر بأن برمي به منها إلي أسفل ففعل به ذلك ، فتعلق بدرابزين كان علي الغرفة ، فأمر بقطع يده التي أمسكه بها ، ومر الغلام يهوي حتي بلغ إلي الأرض فمات ( الاغاني 232/12 ).

أقول : راجع ترجمة عبد الله بن معاوية في هذا الكتاب في الباب الثالث : الضرب .

ولما قتل يحيي بن زيد، الثائر بالجوزجان ، احتز رأسه رجل اسمه سورة بن محمد ، وأخذ سلبه رجل من موالي عنزة اسمه عيسي ، وبقيا حتي أدركهما أبو مسلم الخراساني ، فقبض عليها ، وقطع أيديهما وأرجلهما، وقتلهما ، وصلبهما ( مقاتل الطالبيين 158 ) .

وكان داود بن علي العباسي ، يمثل بمن يقبض عليه من بني أمية ، فيقطع أيديهم وأرجلهم ، كما كان يصلبهم منگسين ( شرح نهج البلاغة 156/7)

وفي السنة 145 ولي المنصور العباسي علي المدينة ، عبد الله بن الربيع ، فقدمها مع جند ، وأخذ الجنود ينازعون تجار المدينة فيما يشترون ، ولا يؤدون لهم ثمنه ، فخرجت طائفة من التجار إلي ابن الربيع ، وشكوا ذلك إليه ، فنهرهم ، وشتمهم ، فطمع الجند فيهم ، وحدث أن رجلا من الجند آشتري من جزار لحما ، وأبي ان يعطيه ثمنه ، فطعنه الجزار بشفرته ، فقتله ، وتنادي سودان المدينة علي الجند، فقتلوهم بالعمد في كل ناحية ، فهرب ابن الربيع وجنده ، وأخرج أهل المدينة ابن أبي سبرة من الحبس ، فرقي

ص: 119

المنبر وهو في كبله ، ثم عاد ابن الربيع إلي المدينة ، فقطع أيدي رؤساء السودان ، وهم : وثيق ، وأبو النار ، ويعقل ، ومسعر ( الطبري 610/7 -614)

وبعث المنصور ، في السنة 151 أسد بن المرزبان إلي البصرة ، وكلفه النظر في أمر من الأمور فبلغه أنه قصر في تنفيذ أمره ، فبعث إليه أبا سويد الخراساني ، وكان صديق أسد، فلما وصل إليه ، قال له : يا أسد هل أنت سامع مطيع ؟ قال : نعم ، قال : مد يدك ، فمد يده ، فضربها ، فأطنها ، ثم أمره فمد رجله ، ثم يده ، ثم رجله ، حتي قطع أطرافه الأربعة ، ثم قال له : مد عنقك ، فمده ، فضرب عنقه . ( الطبري 40/8 ) .

وفي السنة 154 قتل المنصور وزيره أبا أيوب المورياني ، وأخاه خالد ، وأمر بقطع أيدي أبناء أخي أبي أيوب وأرجلهم ، وضرب أعناقهم ، ففعل ذلك . ( ابن الأثير 612/5 والطبري 44/8 ) .

وفي السنة 156 ظفر الهيثم بن معاوية ، عامل البصرة للمنصور ، بعمرو بن شداد الذي ولي فارس لإبراهيم بن عبد الله العلوي ، قتيل باخمري ، فقطع يديه ورجليه ثم ضرب عنقه ( الطبري 50/8 ومقاتل الطالبيين 330 و 331 ).

أقول : ولي إبراهيم بن عبد الله ، عمرو بن شداد، فارس ، فصار إليها ، وطرد ولاة المنصور ، فلما قتل إبراهيم ، ورده نعيه وهو في أقاصي فارس ، وبلغ الخبر الرؤساء وهم مقيمون معه ، فتأمروا به ، وقالوا : ما يغسل ما عند أبي جعفر علينا إلا توجيه هذا إليه ، وعلم عمرو بما أجمعوا عليه ، فلم يظهر عليه شيء، وطعموا علي مائدته ، ثم ركب وركبوا يريدون أداني فارس وهم علي ثقة بأنه لا يمكن أن يفوتهم ، غير انه آنسل من ليلته ، ففاتهم ، وطلبوه فأعجزهم ، ودخل البصرة ، فاستخفي فيها ، ثم ظفر به الهيثم عامل

ص: 120

البصرة ، فإن عمرا ضرب غلامأ له ، فذهب إلي عامل البصرة ودل عليه ، فأخذ ، وكتب الهيثم إلي المنصور ، فبعث إليه من بغداد رسو" تسلمه ، وجاء به إلي الرحبة ، فأمر ابن دعلج ( أحسبه اسم رسول المنصور ) بقطع يده ، فمدها ، فقطعت ، ثم مد اليسري فقطعت ، ثم رجله اليمني فقطعت ، ثم مد اليسري فقطعت ، وما يقربه أحد ولا يمسه ، ثم قال له ، مد عنقك ، فمها ، فضربه ضارب بسيف كليل فلم يصنع شيئا ، فقال : اطلبوا سيف صارمة ، فعجل الضارب فنبا ، فلم يصنع شيئا ، فقال عمرو : سيف أصرم من هذا ، فقال ابن دعلج لعمرو : والله ، أنت الصارم ، وسل ابن دعلج سيفا كان عليه ، فدفعه إلي الرجل ، فضرب به عمر ، فقطع عنقه .

وفي السنة 160 خرج بخراسان يوسف بن إبراهيم ، المعروف بيوسف البرم ، فوجه إليه المهدي العباسي ، يزيد بن مزيد الشيباني ، فأسره ، وبعث به إلي المهدي ، وبعث معه جماعة من وجوه أصحابه ، فلما انتهي بهم إلي النهروان ، حمل يوسف علي بعير وقد حول وجهه إلي ذنب البعير ، وأصحابه كل علي بعير ، فأدخلوا الرصافة ، وأدخلوا إلي المهدي ، فأمر هرثمة بن أعين ، فقطع يدي يوسف ورجليه ، وضرب عنقه ، وأعناق أصحابه ، وصلبهم علي جسر دجلة الأعلي ، مما يلي عسكر المهدي ( الطبري 124/8 وابن الأثير 43/6 ) .

وفي السنة 193 كان الرشيد بطوس ، يعالج سكرات الموت ، لما أحضر أخو الثائر رافع بن الليث ، فأدخل عليه وهو علي سرير مرتفع عن الأرض بقدر عظم الذراع ، وعليه فرش بقدر ذلك ، فقال له : أما والله . يا ابن اللغناء ، إني أرجو أن لا يفوتني خامل ( پريد رافعا ) ، ثم دعا بقصاب ، وقال له : لا تشحذ مداك ، اتركها علي حالها، وفضل هذا الفاسق ابن الفاسق وعجل ، لا يحضرن أجلي وعضوان من اعضائه في جسمه ، ففضله

ص: 121

حتي جعله أشلاء فقال : عد أعضاءه ، فعدها ، فإذا هي أربعة عشر عضوا ( الطبري 342/8 ).

أقول : لزيادة التفصيل راجع كتاب الفرج بعد الشدة للقاضي التنوخي تحقيق المؤلف ، رقم القصة 358.

وزور بعض الكتاب ، في ديوان إسحاق بن إبراهيم المصعبي ، أمير بغداد ، تزويرا بمال أخذوه ، فوقف إسحاق علي ذلك ، فأخذ بعضهم فقطع أيديهم ، وفر الباقون.

للتفصيل راجع كتاب الفرج بعد الشدة للقاضي التنوخي ، تحقيق المؤلف ، رقم القصة 390.

وقدمت يوما لإسحاق بن إبراهيم المصعبي ، هريسة ، وإذا فيها شعرة ، فأمر بالطباخ ، فقطعت يده . ( الديارات 123 و 124 ).

وكان المعتصم ، قوي العضلات ، شديد البطش ، وكان يجعل زند الرجل ، بين إصبعيه ، فيكسره . (تاريخ الخلفاء 334).

ولما ثار المازيار علي حكم المعتصم ، كان الدرني ، قائد جيشه في السهل ، وكان شجاعا بطلا ، فلما استولي جيش عبد الله بن طاهر علي الجبل ، أراد الدرني الإنحياز إلي الغيضة ، فأسر ، وأحضر أمام محمد بن إبراهيم بن مصعب ، فأمر به ، فمدت يداه فقطعت من مرفقيه ، ومدت رجلاه فقطعنا من الركبة ، فقعد الدرني علي استه، ولم يتكلم ، ولا تغير ، فأمر محمد بضرب عنقه ( تجارب الأمم 513/6 - 515 والطبري 101/9 ).

وفي السنة 223 وافي الأفشين سامراء ، ومعه بابك الخرمي ، الثائر الفارسي ، أسيرة ، وألبس بابك قباء ديباج ، وقلنسوة سمور مدورة ، وحمل علي الفيل ، من المطيرة إلي باب العامة ، فلما مثل أمام المعتصم ، أمر

ص: 122

فنودي علي سياف بابك ، فلما حضر ، أمره المعتصم ، بقطع يديه ورجليه ، فبدأ بيمناه فقطعها ، فلما جري دمها، مسح به وجهه كله ، حتي لم يبق من حلية وجهه ، وصورة سحنته شيء ، فقال المعتصم : سلوه لم فعل هذا ؟ فسئل ، فقال : إن الخليفة لما أمر بقطع أربعتي ، فإن في نفسه قتلي ، وهذا يعني إنه سوف لا يكوي مكان القطع ، ويبقي دمي ينزف ، فخشيت إذا خرج الدم مني ، أن تتبين في وجهي صفرة يقدر من يراها إني قد فزعت من الموت ، فغطيت وجهي بما مسحته عليه من الدم ، حتي لا تبين الصفرة ، فأعجب المعتصم جوابه ، وقال : لولا أن أفعاله لا توجب العفو عنه ، لكان حقيقة بالإستبقاء لهذا الفضل ، وأمر بامضاء أمره فيه ، فقطعت أربعته ، ثم ضرب عنقه ، وجعل الجميع علي القطن ، وصب عليه النفط وضرب بالنار ، وصنع مثل ذلك بأخيه عبد الله ، ببغداد ، فما كان فيهما من صاح أو تأوه ، للتفصيل راجع كتاب نشوار المحاضرة واخبار المذاكرة للقاضي التنوخي تحقيق المؤلف ج1 ص 147 و148 رقم القصة 74/1 .

أقول : بابك الخرمي ، ثائر فارسي ، خرج في السنة 201 بريد إرجاع دولة الفرس ، وإعادة الدين المجوسي ، وهزم من جيوش السلطان عدة ، وقتل من قواده جماعة ، ودامت حركته عشرين سنة ، قتل فيها ربع مليون من البشر ، ولما تمزق جيشه في آخر معركة خاضها مع الجيش العباسي ، تسلل متجها إلي أرمينية ، يريد اللجوء إلي بلاد الروم ، ونزل بابن سنباط الأرمني ، فأخبر ابن سنباط الأفشين بموضع بابك عنده ، فبعث إليه من تسلمه منه ، وحمله إلي سامراء حيث تم إعدامه ، ولما تسلل بابك بعد أن خسر المعركة ، بعث إليه الافشين ، صحبة رسولين من أصحابه ، بكتاب أمان إذا استسلم ، وبعث معهما برسالة إلي بابك من ابنه ، يسأله فيها أن يصير إلي الأمان ، فلما تسلم بابك الكتاب لم يفتحه ، وقتل أحد الرسولين ، وأعاد الثاني بجواب منه إلي ولده ، يقول له فيه : أنت لست إبني ، تعيش يوما واحدا وأنت رئيس ،

ص: 123

خيرا من أن تعيش أربعين سنة وأنت عبد ذليل ، ولما أسر بابك ، استنقذ من أسره من المسلمين سبعة آلاف وستمائة ، فلما نظر الأسري إلي بابك أسيرة ، صاحوا وبكوا حتي ارتفعت أصواتهم ، فقال لهم الافشين : لعنة الله عليكم ، أنتم بالأمس تقولون أسرنا ، وأنتم اليوم تبكون عليه ، فقالوا : إنه كان يحسن إلينا ( الطبري 31/9 - 50 ) .

ولما قتل بابك الخرمي في سامراء ، حمل أخوه ، واسمه عبد الله ، إلي بغداد ، وكان إسحاق بن إبراهيم المصعبي ينتظره في رأس الجسر ، فأمر بقطع يديه ورجليه ، فلم ينطق ، ولم يتكلم وأمر بصلبه ، فصلب في الجانب الشرقي بين الجسرين ، بمدينة السلام ( الطبري 9/ 54).

وفي السنة 253 شغب الأتراك والفراغنة بسامراء ، وطالبوا بأرزاقهم ، فخاشنهم وصيف ، فوثبوا عليه ، وضربه أحدهم بالسيف ضربتين ، ووجأه آخر بسكين ، ثم ضربوه بالطبرزينات حتي كسروا عضديه ، ثم ضربوا عنقه ، ونصبوا رأسه علي محراك تنور . ( الطبري 374/9 ) .

وخرج ابن الصوفي العلوي ، بمصر ، في السنة 253 ، فوجه إليه ابن طولون بقائده ابن أزداد في جيش ، فانهزم اين ازداد ، وظفر به العلوي فقطع يديه ورجليه وصلبه . ( الولاة للكندي 213) .

وفي السنة 254 تمكن المعتر من بغا الشرابي ، فأمر بقتله ، فضربه وليد المغربي ضربة علي جبهته ورأسه ، ثم قطع يديه ، ثم ضربه حتي صرعه ، وذبحه ، وحمل رأسه في بركة قبائه إلي المعتز ، فوصله بعشرة آلاف دينار . (الطبري 380/9 ) .

وفي السنة 258 أسر يحيي بن محمد الأزرق البحراني ، من كبار قواد الزنج ، رشق بالسهام ، فأصابه منها ثلاثة في عضديه وساقه اليسري ، وتسلمه أصحاب السلطان ، فحمل الي أبي أحمد ( الموقق ) فحمله أبو أحمد إلي

ص: 124

سامراء ، فأدخل علي جمل ، وبنيت له دكة في الحير ، ثم رفع للناس حتي أبصروه ، فضرب بالسياط ، ضرب مائتي سوط بثمارها ، ثم قطعت يداه ورجلاه من خلاف ، ثم خبط بالسيوف ، ثم ذبح ، ثم أحرق ، وعظم قتل يحيي علي صاحب الزنج ( الطبري ( 497/9 - 499) .

وفي السنة 268 قبض أحمد بن طولون علي ولده العباس الذي خرج عليه وحاربه ، فأمر فبنيت له دكة عظيمة رفيعة ، ثم أمر بأحد أصحاب العباس وهو جعفر بن جدار ، فضرب ثلثمائة سوط ، ثم أمر العباس فتقدم إليه فقطع يديه ورجليه . ( الولاة للكندي 224) .

وفي السنة 268 ظفر الموقق بالذوائبي العلوي ، وكان مماي لصاحب الزنج فاعتقله ( الطبري 611/9 ) ،وفي السنة 272 نقب الذوائبي المطبق ببغداد وخرج مع اثنين آخرين ، فنذر بهم ، وغلقت أبواب مدينة المنصور ، فأخذ الذوائبي ومن خرج معه ، فركب محمد بن طاهر أمير بغداد إلي مجلس الجسر بالجانب الغربي وأحضر الذوائبي هناك ، فقطعت يد الذوائبي ورجله من خلاف ، أي اليد اليمني والقدم اليسري ، ثم كوي ( لقطع نزف الدم ) . ( الطبري 9/10).

وبلغ أماجور التركي ، أمير دمشق للمعتمد ، أن أعرابيا أهان جنديا من جنوده ، بأن نتف شعرتين من شاربه ، فاحتال علي الأعرابي ، حتي اعتقله ، فنتف شعر بدنه كله ، ثم ضربه ألف سوط ، ثم قطع يديه ورجليه ، ثم صلبه ، راجع القصة مفصلة في هذا الكتاب ، في الباب السابع : الحلق والنتف ، الفصل الثاني : النتف ، القسم الثالث : نتف شعر البدن .

وفي السنة 274 دخل صديق الفرغاني ، دور سامراء ، فأغار علي أموال التجار ، وأكثر العيث في الناس ، وكان صديق هذا يخفر الطريق ، ثم تحول التها خاربة يقطع الطريق ( الطبري 13/10 ) فوجه الطائي - وكان إليه طريق

ص: 125

سامراء - جيشا إلي سامراء في السنة 275 وراسل صديقا ومناه ، فصار إلي الطائي ، فاعتقله الطائي ، ومن دخل معه ، وقطع يد صديق ورجله ، وأيدي جماعة من أصحابه وأرجلهم ، وحملهم في محامل إلي مدينة السلام ، وقد أبرزت أيديهم وأرجلهم المقطعة ، ليراها الناس ، ثم حبسهم ( الطبري 14/10)

وقتل العلويان محمد بن علي بن إبراهيم ، وعلي بن محمد بن علي بن عبد الله ، ببغداد ، جري قتلهما علي الدكة ، مع القرمطي المعروف بصاحب الخال ، من غير أن يكونا خرجا معه ، وإنما اتهما بذلك ، فأخذا ، فقطعت أيديهما ، وأرجلهما ، وضربت أعناقهما صبرا ( مقاتل الطالبيين 697).

وكان في بغداد هاشمي ، من أولاد علي بن ريطة ( من أولاد المهدي ) من شرار الناس ، أحب مغنية ، وأرادت سيدتها بيعها ، فطلب أن تحضر لأخر مرة ، وبعث جذرها لثلاثة أيام ، ثم إنه قتلها وفضل أعضاءها، ووضعها في جراب ، وألقاها في دجلة ، فأحضر المعتضد الهاشمي ، وقرره فاعترف فحبسه ، وكان ذلك آخر العهد به ، راجع تفصيل القصة ، وكيف تمكن المعتضد من اكتشاف المجرم في كتاب نشوار المحاضرة وأخبار المذاكرة للتنوخي ، تحقيق المؤلف رقم القصة 45/7 .

ولما فتح محمد بن سليمان ، مصر ، أسرف في الشدة علي أهل مصر ، من ضرب أعناق ، وقطع أيدي وأرجل ، وتمزيق الظهور بالسياط ، والصلب علي جذوع النخل ونحو ذلك من أصناف النكال . ( النجوم الزاهرة 139/3)

وظفر الجيش العباسي في السنة 289 بابن أبي الفوارس ، أحد قواد القرامطة ، ومعه جماعة من أتباعه ، فأخذ أبو الفوارس ، فقلعت أضراسه ، ثم شد في إحدي يديه بكرة ، وفي الأخري صخرة ، ورفعت البكرة ، ولم

ص: 126

يزل علي حاله إلي وقت الظهر ، ثم قطعت يداه ورجلاه ، ثم قطعت عنقه ( النجوم الزاهرة 126/3 والطبري 86/10 ومروج الذهب 522/2 ).

وفي السنة 290 وافي القرمطي بن زكروية الرقة ، فكسر جميع الجيوش التي واجهته وأجابه أكثر أهل البوادي ، وفتح حماة ومعرة النعمان فقتل أهلها حتي النساء والأطفال ، ثم سار إلي بعلبك ، فقتل عامة أهلها ، ولم يبق منهم إلا اليسير ، ثم سار إلي سلمية ، فدخلها وقتل أهل سلمية أجمعين حتي صبيان الكتاتيب ، ثم قتل البهائم أيضا ، ثم دار في القري يحرق ويسبي ويقتل ، وكتب أهل مصر إلي المكتفي يشكون ما لقوا من ابن زكروية المعروف بصاحب الشامة وأنه قد أخرب البلاد وقتل الناس ، فجهز إليه المكتفي جيشا ، فأسر صاحب الشامة وقسما من أتباعه ( الطبري 97/10 - 109)، وفي السنة 290 استعدت بغداد لاستقبال صاحب الشامة القرمطي وأتباعه ، منهم المدثر والمطوق وجماعة من الأسري ، وكان الرأي أن يدخل القرمطي بغداد مصلوبا علي دقل، والدقل علي ظهر فيل ، فأمر بهدم طاقات الأبواب التي تقصر عن هذا العلو ، مثل باب الطاق ، وباب الرصافة ، ثم غير المكتفي رأيه ، وأمر دميانة فعمل كرسيا، وركب الكرسي علي ظهر الفيل ، وكان ارتفاعه عن ظهر الفيل ذراعين ونصف ذراع ، وأدخل الأسري إلي بغداد علي جمال مقيدين، عليهم دراريع حرير وبرانس حرير ، والمطوق في وسطهم ، غلام ما نبتت لحيته ، قد جعل في فيه خشبة مخروطة ، شدت إلي قفاه كهيأة اللجام ، لأنه لما دخل الرقة كان يشتم الناس إذا دعوا عليه ، ويبزق عليهم ، ففعل به ذلك لئلا يشتم أحدا ، وأمر المكتفي ببناء دكة في المصلي العتيق من الجانب الشرقي ، عشرين ذراعا في عشرين ، وارتفاعها نحو عشرة أذرع ، وبني لها درج ، ثم أمر المكتفي القواد والغلمان بحضور الدكة ، وخرج خلق كثير من الناس للرؤية ، وحضر الواثقي صاحب شرطة بغداد ، وحمل الأسري ، وكان عددهم ثلثمائة وستين أسيرة ،

ص: 127

ووكل بكل واحد منهم عونان ، وجيء بالقرمطي الحسين بن زكرويه صاحب الشامة ، ومعه ابن عمه المدثر علي بغل في عقارية ، وقد أسبل عليها الغشاء ، يحيط بهما جماعة من الفرسان والرجالة ، فأصعدا إلي الدكة ، وأقعدا ، وقدم أربعة وثلاثون إنسانة من الأساري ، فقطعت أيديهم وأرجلهم ، وضربت أعناقهم واحدأ بعد واحد، كان يؤخذ الرجل فيبطح علي وجهه ، فتقطع يمني يديه ، ويلقي بها إلي أسفل ليراها الناس ، ثم تقطع رجله اليسري ، ثم يسري يديه ، ثم يمني رجليه ، ويرمي بما قطع إلي أسفل ، ثم يقعد فيمد رأسه ، فيضرب عنقه ، ويرمي برأسه وجثته إلي أسفل ، فلما فرغ من قتل هؤلاء الأربعة والثلاثين ، وكانوا من وجوه أصحاب القرمطي ، وكبرائهم ، قدم المدثر ، فقطعت يداه ورجلاه ، وضربت عنقه ، ثم قدم القرمطي ، فضرب مائتي سوط ، ثم قطعت يداه ورجلاه ، وكوي ، فغشي عليه ، ثم أخذ خشب فأضرمت فيه النار ، ووضع في خواصره وبطنه ، فجعل يفتح عينيه ثم يغمضهما ، فلما خافوا أن يموت ضربت عنقه ، ورفع رأسه علي خشبة ، وكبر الحاضرون ، ثم قام الواثقي بضرب أعناق باقي الاسري ، فلما كان من غير ذلك اليوم حملت رؤوس القتلي من المصلي إلي الجسر ، وصلب بدن القرمطي في طرف الجسر الأعلي ببغداد ، وحفرت لأجساد القتلي آبار إلي جانب الدكة ، وطرحت فيها ، وطمت ، ثم أمر بعد أيام بهدم الدكة . ( الطبري 113/10 و 114).

وفي السنة 294 اعترض زكروية القرمطي ، قافلة الحاج الخراسانية ، بالعقبة ، من طريق مكة ، فأوقع بها ، وقتل النساء والرجال ، وسبي من النساء من أراد ، واحتوي القرامطة علي من كان وما كان في القافلة ، ثم واجهوا القافلة الثانية فقتلوا من فيها عن آخرهم ، إلا من استعبدوه ، ثم لحقوا من أفلت من السيف ، فأعطوهم الأمان ، فعادوا ، فقتلوهم أجمعين ، وسبوا من النساء والأولاد من أرادوا ، وكان في القافلة الثانية أبو العشائر الحمداني ،

ص: 128

فوضعوا القتلي بعضهم فوق بعض ، حتي صاروا كالتل العظيم ، ثم قطعوا يد أبي العشائر ورجليه ، ثم ضربوا عنقه ، وكان نساء القرامطة يطفن مع صبيانهم في القتلي ، يعرضون عليهم الماء ، فمن كلمهم أجهزوا عليه ( الطبري 131/10 و 132).

وفي السنة 304 قبض ذكا الأعور ، عامل مصر للمقتدر ، علي قوم من أهل مصر اتهمهم بمكاتبة صاحب إفريقية ، فقطع أيديهم وأرجلهم ( الولاة اللكندي 274 ) .

وفي السنة 307 تحرك السعر في بغداد ، فهاجت العامة ، وكسروا المنابر ، وقطعوا الصلاة ، ونهبوا دكاكين الدقاقين ( أصحاب الدقيق ) وسلبوا الثياب ، ورجموا بالأجر ، وأحرقوا الجسرين ، وفتحوا السجون ، وأخرجوا المحبسين منها، ونهبوا دار صاحب الشرطة، ودار غيره ، فأنفذ لهم المقتدر ، خاله غريب القائد ، مع جيش ، فقاتل العامة ، فهربوا من بين يديه ، ودخلوا الجامع باب الطاق ( الصرافية ) فوكل بأبواب الجامع ، وأخذ من فيه ، فحبسهم ، وضرب بعضهم ، بالسياط ، وقطع أيدي من عرف منهم بالفساد ( ابن الأثير 116/8 و 117 وتجارب الأمم 74/1 ).

وفي السنة 309 قتل الحسين بن منصور الحلاج ، الصوفي المشهور ، وكان للعامة فيه اعتقادات عجيبة ، منها أنه يحيي الموتي ، وأن الجن يخدمونه ، وكان الحلاج ينكر ذلك ، ويقول : أنا رجل أعبد الله ، وعاداه الوزير حامد بن العباس ، فاستصدر فتوي بإباحة دمه ، ولما صدر الحكم بإعدام الحلاج ، امتنع المقتدر من المصادقة عليه ، فألح عليه الوزير حامد بن العباس إلحاحا شديدا ، فأصدر الخليفة موافقته علي الحكم ، واتخذت احتياطات أمن مشددة ، فقد كان رجال الحكم يخشون أن يغلبهم الناس علي الحلاج ويستنقذوه من أيديهم ، وأحضر في يوم تنفيذ الحكم في رحبة الجسر ، حيث مجلس صاحب الشرطة ، واجتمع من الناس خلق لا يحصي

ص: 129

عددهم ، فضرب إلي تمام الألف سوط ، ثم قطعت يده ، ثم رجله ، ثم يده ، ثم رجله ، ثم حر رأسه ، وأحرقت جثته ، ولما صارت رمادا ألقيت في دجلة ، راجع في كتاب نشوار المحاضرة للتنوخي ج 79/6 - 92 رقم القصة 51 كيفية محاكمة الحلاج وإعدامه ، وقد اختلف المؤرخون في الحلاج اختلافا بينا ، فمن مادح غال ، ومن ذام قال ، والذي يظهر من محضر محاكمته أنه لم يرتكب ذنبا يستوجب العقوبة ، فضلا عن القتل .

وفي السنة 317 هاجم الجنود القاهر ، وكان معه أبو الهيجاء عبد الله بن حمدان ، والد سيف الدولة ، فتعلق القاهر بأبي الهيجاء وقال له : تسلمني ؟ فهاجت الحمية والأنفة في أبي الهيجاء ، وقال له : لا والله ، لا أسلمك ، وجرد سيفه ، وأخذ يدافع عن القاهر ، فاضطر المحاربون إلي قتله ، ورموه بالسهام ، فأصابه سهم تحت ثديه ، وآخر أصاب ترقوته ، وثالث شك فخذيه ، وهو يصيح : يا آل تغلب ، أأقتل بين الحيطان ، أين الكميت ؟ أين الدهماء ؟ ثم سقط ، فأسرع إليه أسود ، فضرب يده اليمني فقطعها وفيها السيف وغشيه أسود آخر فحز رأسه . ( ابن الأثير 200/8 - 205 وتجارب الأمم 198/1 والتكملة 60 و61).

وفي السنة 321 جلس القاهر العباسي بالميدان ، وأحضر رجلا قطع الطريق في دجلة ، فضرب بحضرته ألف سوط ، ثم ضربت عنقه ، وضرب جماعة من أصحابه ، وقطعت أيديهم وأرجلهم ( المنتظم 249/6 ).

وفي السنة 326 قطعت يد الوزير أبي علي بن مقلة ، وقطع لسانه ، وسبب ذلك : إن الراضي استوزره ، ولكن الأمور كانت كلها في يد أمير الأمراء ابن رائق ، وليس في يد الوزير منها شيء ، وكان ابن رائق قد قبض أموال ابن مقلة وأملاكه ، وأملاك ابنه ، فخاطبه في أمر ردها ، فلم يردها ، فسأل أصحابه أن يكتموه في ردها ، فوعدوه ، ولم تقض حاجته ، فلما رأي ذلك سعي بابن رائق ، وكاتب بجكم يطمعه في موضع ابن رائق ، كما كتب

ص: 130

إلي وشمگير بمثل ذلك ، وهو بالري ، وكتب إلي الراضي يشير عليه بالقبض علي ابن رائق ويضمن له أن يستخرج منه ومن أصحابه ثلاثة آلاف ألف دينار ، وأشار عليه باستدعاء بجكم ، وإقامته مقام ابن رائق ، وتعجل ابن مقلة ، فكتب إلي بجكم يعرفه إجابة الراضي إلي إحلاله محل ابن رائق ، ويحته علي الحركة والمجيء إلي بغداد ، ثم طلب ابن مقلة من الراضي أن يأذن له في أن ينتقل ويقيم عنده بدار الخلافة إلي أن يتم علي ابن رائق ما اتفقا عليه ، فأذن له، فحضر متنكر آخر ليلة من رمضان ، فلما حصل بدار الخلافة ، أمر الراضي ، فاعتقل في حجرة ، وأنفذ إلي ابن رائق فأعلمه الحال ، وعرض عليه خط ابن مقلة ، وما زالت الرسل تتردد بين الخليفة وابن رائق ، إلي منتصف شوال ، فأخرج ابن مقلة من محبسه ، وقطعت يده في حجرة بدار السلطان ( دار الخلافة ) بحضرة فاتك ، حاجب ابن رائق ، وجماعة من القواد ، وعالجه علي أثر القطع ثابت بن سنان ، في آخر اليوم الذي قطع فيه ، فوجده في حال صعبة ، ووجد ساعده قد ورم ورما عظيما، وعلي موضع القطع خرقة غليظة كردوانية كحلية ، مشدودة بخيط قنب ، فحل الشد، ونحي الخرقة ، فوجد تحتها في موضع القطع سرجين الدواب ، فنفضه عنه ، وإذا رأس الساعد، أسفل القطع مشدود بخيط قبب قد غاص في ذراعه لشدة الورم ، وابتدأ ساعده يسود ، فعالجه ، ثم كاتب الراضي مرة أخري ، يطلب الوزارة ، ويذكر أن قطع يده لا يمنعه من عمله ، وكان يشد القلم علي يده المقطوعة ويكتب ، فلما اقترب بجكم من بغداد ، طمع ابن مقلة في الخلاص ، فأمر الراضي وابن رائق ، بقطع لسانه ، فقطع ، وألبس جبة صوف ، وترك معه في الحبس دورق واحد، يشرب منه ، ووكل به خادم صبي أعجمي ، فكان لا يفهم عنه ولا يخدمه ، ثم فرق بينه وبين الخادم ، فبقي وحده ، ولحقه ذرب في الحبس ، فال به الحال أن كان يستقي الماء من البئر بيده اليسري ، ويمسك الحبل بفيه ، ولحقه شقاء شديد ثم أمر الراضي بقطع الخبز عنه أياما ، فمات ، للتفصيل راجع تجارب الأمم 387/1 و 390.

ص: 131

والأوراق للصولي 105 والتكملة 109 و110 ووفيات الأعيان 114/5 - 117 و تاريخ ابن خلدون 406/3 وابن الأثير 345/8 و346 والمنتظم 293/6 و 311.

ومما يقتضي إيراده ، أن ابن مقلة كان قد أصدر أمره ، وهو وزير ، بقتل الحسين بن القاسم بن عبيد الله ، الذي وژر للمقتدر ، ولما وقعت الفتنة ببغداد في أيام المتقي ، أخرج من الخزانة سفط فيه يد مقطوعة ، ورأس مقطوع ، وعلي اليد رقعة ملصقة عليها مكتوب عليها : هذه اليد يد أبي علي بن مقلة ، وعلي الرأس : هذا رأس الحسين بن القاسم ، فكانت هذه اليد ، هي التي وقعت بقطع هذا الرأس ( الفخري 274).

وفي السنة 330 نصب المتقي ، الأمير ناصر الدولة بن حمدان ، أميرة للأمراء ( تجارب الأمم 28/2 ) ولما دخل بغداد ، أخذ ينظر في قصص أصحاب الجنايات وفيما ينظر فيه صاحب الشرطة ، وتقام الحدود الواجبة عليهم من ضرب وقطع يد ورجل بحضرته ، وتعرض عليه الأيدي والأرجل إذا قطعت ، وتعد بحضرته ، ويستوفي العدد عليهم ، لئلا يرتفق أصحاب الشرطة من الجناة ويطلقوا من دون علمه ( تجارب الأمم 38/2 ) .

وفي السنة 341 أسر معبد بن حرز الزناتي بالمغرب ، وجيء به إلي المنصورية ، وطيف به وبابنه في مدينة القيروان ، وقد أشهرا ، وقطعت يدا ولده ورجلاه وهو يري ذلك في باب أبي الربيع ، وصلب ، ثم سلخ جلد معبد ، وهو حي ، ولم يتحرك ، وحشي بالتبن ( العيون والحدائق ج 4 ق 2 ص 195).

وأقر ملاح للأبزاعجي صاحب شرطة بغداد ، أنه حمل في سفينته امرأة وطفلتين ، ينقلهن من بغداد إلي باب الشماسية ( الصليخ)، فراودها في الطريق علي نفسها ، فأبت ، فأغرق طفلتيها الواحدة بعد الأخري ، وأراد

ص: 132

إغراقها ، فاستسلمت له ، ثم أغرقها ، فأمر الأبزاعجي به ، فقطع يديه ورجليه ، ثم ضرب عنقه ، واحرق جسده بالنار، راجع تفصيل القصة في كتاب نشوار المحاضرة للتنوخي ج 3 ص 214 - 220 رقم القصة 141/3 .

وفي السنة 367 كان الأمير علي الموسم بمكة باديس بن زيري ، بعثه العزيز الفاطمي ، فلما وصل مكة ، أحضر ممثلي اللصوص بها، واتفق معهم علي تقبل الموسم منهم بخمسين ألف درهم يقبضونها ولا يتعرضون لأحد خلال موسم الحج ، فوافق ، وقال : إجمعوا إلي أصحابكم ، حتي يكون العقد مع جميعكم ، فاجتمعوا ، وكانوا نيفا وثلاثين رجلا ، فقال : هل بقي منكم أحد؟ فحلفوا له أنه لم يبق منهم أحد، فقطع أيديهم كلهم . ( ابن الأثير 8 / 694).

وذكر القاضي التنوخي ، في كتابه نشوار المحاضرة واخبار المذاكرة ، في القصة المرقمة 60/3 ( ج 3 ص 88-90)، أن الخوارج في سجستان ، يقطعون السارق من المرفق .

أقول : إن الاختلاف الحاصل بين الطوائف الإسلامية ، في موضوع مقدار ما يقتضي قطعه من السارق ، يرجع إلي الاختلاف في تحديد اليد ، تطبيق لحكم الآية الكريمة : و والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا و ( 38 م المائدة 5 ) ، وقد فسر أكثر الفقهاء ، اليد ، بأنها الكفت بكامله ، وحكموا في القطع للسرقة ، بأن يتم من الرسغ ، وهو المفصل بين الكفت والساعد ( مجمع البيان ج 3 ص 192)، أما الإمامية ، فإنهم قرروا ، أن الآية الكريمة : و وإن المساجد لله » (18 ك الجن 72)، منعت قطع الكف بكامله ، لأن المساجد، مفردها مسجد ( بفتح الجيم ) هي الأعضاء التي يسجد عليها ، والمساجد أو الأراب السبعة التي يسجد عليها ، هي : الجبهة ، والأنف ، واليدان ، والركبتان ، والرجلان ( لسان العرب ، مادة : سجد) وحيث أن السجود يقتضي وجود الكف ، فلا تقطع ، وحكموا في

ص: 133

القطع للسرقة بأن تقطع الأصابع من أصولها، ويترك الإبهام والكف ( مجمع البيان ج 3 ص 192)، أما الخوارج ، فقرروا أن الآية الكريمة، في الوضوء ، وفاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلي المرافق ، 6م المائدة 5 ) ، حددت اليد إلي المرفق ، ولذلك أفتي فقهاؤهم بقطع اليد، وفقا للتحديد الوارد في هذه الآية ، بأن يشمل الكف والساعد ، ويتم من المرفق .

وروي أن منصور بن سهل ، وكان يلي البصرة في السنة 384 ( تجارب الأمم 259/3 ) قبض علي سارق ، وأراد قطع يده ، فقيل له : إنه خياط حاذق ، فقال : اقطعوا رجله ، ودعوا يده ، فقطعت رجله ( أخبار الحمقي والمغفلين 95).

وكان غلمان حسام الدولة المقلد بن المسيب العقيلي ، قد استولوا علي دوابه ، وفروا بها ، فتبعهم ، وظفر بهم ، وقتل ، وقطع أحد عشر غلاما منهم ، وأعادهم إلي خدمته ، فاغتاله أحدهم في السنة 391 . (تاريخ الصابي 389/81 ) .

وفي السنة 398 كثرت العملات ببغداد ، وكبس الذعار عدة مواضع ، وقصد قوم منهم مسجد براثا ، ليلة الجمعة ، وأخذوا حصره ، وستوره ، وقناديله ، فجد أصحاب الشرطة في طلبهم ، فظفروا ببعضهم ، فشهر وا ، وعوقبوا، وكحلوا ، وقطعوا . ( المنتظم 237/7 ).

وفي السنة 400 قتل المهدي الأموي ، أبو المطرف محمد بن هشام بن عبد الجبار بن عبد الرحمن الناصر ، وكان قد استخلف بقرطبة ، فهاجمه سليمان بن الحكم ، الملقب بالمستعين بالله ، وطرده من قرطبة ، فاستعان بالإفرنج ، وهاجم قرطبة ، فأنكسر ، وأسر ، فقطعت أربعته ، ثم ضربت عنقه ( الوافي بالوفيات 163/5 - 165).

وقطع الحاكم الفاطمي (ت 411 ) أيدي كثير من الكتاب ، بالساطور

ص: 134

علي الخشبة من وسط الذراع . ( خطط المقريزي 287/2 ) .

ومن عجائب الحاكم الفاطمي ، إنه كان يأمر بقطع يد أحد أصحابه ، ثم يعيده إلي خدمته ، ثم يقطع يده الأخري ، ويبعث إليه بالأطباء لعلاجه ، ويبره بالذهب ، ثم يقطع لسانه ، ويبعث إليه بالأطباء لعلاجه ، وقد صنع ذلك بأحد أتباعه المسمي غبن ، راجع خطط المقريزي 297/2 و 298 والنجوم الزاهرة 63 و65.

وغضب الحاكم الفاطمي ، صاحب مصر ، علي أبي القاسم الجرجرائي (ت 436) وكان يتقلد أحد الدواوين ، فأمر به فقطعت يداه ، فعصب يديه بعد قطعهما ، وانصرف إلي الديوان ، فجلس كعادته ، وقال : إن أمير المؤمنين لم يعزلني ، وإنما عاقبني لجنايتي ، فعجب الناس منه ، واستعظمه الحاكم ، فرفعه إلي الوزارة . ( اعتاب الكتاب 199).

أقول : إن الظافر الفاطمي ، الذي خلف أباه الحافظ استوزر الجرجرائي ، رغم أنه مقطوع اليدين ، فكان القاضي أبو عبد الله القضاعي ، يكتب عنه العلامة : وهي : الحمد لله ، شكرأ لنعمته ( النجوم الزاهرة 248/4)

وفي السنة427 توفي رافع بن الحسين بن مقن ، صاحب تكريت ، وكان شجاعا حازما ، وكانت يده قد قطعت ، لأن بعض عبيد بني عمه كان يشرب معه، وجري بينه وبين آخر كلام ، فجدا سيفيهما ، وقام رافع يصلح بينهما، فضرب العبد بسيفه فأصابت يد رافع غلطة فقطعها ، فعمل رافع لنفسه كفا أخري يمسك بها العنان ، ويقاتل . ( ابن الأثير 451/9 ).

وذكر أسامة بن منقذ في كتاب الاعتبار 155 و156 أنه كان في جيش الأمير أتابك زنكي ، لما حاصر حصن الصور في ديار بكر ، وكان فيه رماة جرخية ، فأمر من ناداهم ، بأنه إذا أصيب أحد من رجاله بنشابة منهم ، فإنه

ص: 135

سيقطع أيديهم ، ولما استولي علي الحصن ، اتفق أن نشابة جرخ ضربت رجلا من الخراسانية في ركبته ، قطعت الفلكية التي علي مفصل الركبة ، فمات ، فاستدعي أتابك الرجخية ، وهم تسعة نفر ، فجاءوا ، وقسيهم موتورة علي أكتافهم ، فأمر بحر إبهاماتهم من زنودهم ، فأسترخت أيديهم وتلفت .

وذكر صاحب الإحاطة في أخبار غرناطة (305.311 ) ان من جملة ألوان العذاب التي كان يمارسها إبراهيم بن محمد بن همشك ، صاحب شقورة بالأندلس (ت 571) قطع وإخراج الأعصاب والرباطات عن الظهور .

وثمة تقاليد، هي في الواقع ، لون من العذاب ، منها أن السلطان محمود بن سبكتكين ، كان إذا هادن ملك، بعث إليه قباء ، وعمامة ، وسيف ، ومنطقة ، وفرسأ ، ومركبة ، وخفا ، وخاتما عليه اسمه ، وأمره أن يقطع إصبعه ، ويبعث به إليه ، وهي عادة للتوثقة عندهم ، وكان عند محمود ، من أصابع هؤلاء الذين هادنوه ، الكثير ( المنتظم 53/8 ) ، أقول : لو كان قطع الإصبع يقوم به الطرفان المتقابلان ، لكان محمود بن سبكتكين ، بعد عشر مهادنات ، بلا إصبع .

وفي السنة 481 حاول سعد الدولة كوهرائين ، صد بعض العامة عن امرأة تبيع الماء ، فطعنه أحدهم بأسفل رمحه ، فسقط في الطين ، فأخذ من العامة ثمانية نفر، قتل واحدة منهم ، وقطع أعصاب ثلاثة نفر ( ابن الأثير 164/10)

وفي السنة 495 قتل تيران شاه بن توران شاه ، صاحب كرمان ، وكان قاسية، قتل ألفي رجل من الإسماعيلية ، أتباع أمير اسمه إسماعيل صبرة ، وقطع أيدي ألفي رجل آخرين . ( ابن الأثير 320/10 ).

وفي السنة 515 عصي سليمان بن ايلغازي علي أبيه ، وتحضن بحلب ، وكان قد تجاوز العشرين من عمره ، حمله علي ذلك جماعة من

ص: 136

أصحابه ، فسمع والده بالخبر ، فسار إليه مجدا ، فلما وصل إلي حلب ، خرج سليمان إليه معتذرة ، فأمسك عنه ، وقبض علي من أغراه بذلك ، منهم أمير من الأمراء كان قد التقطه أرتق ، والد ايلغازي ، ورباه ، واسمه ناصر ، فقلع ايلغازي عينيه ، وقطع لسانه ، ومنهم إنسان حموي من بيت قرناص ، كان قد رأسه ايلغازي علي أهل حلب ، فقطع يديه ورجليه وسمل عينيه ، فمات ( ابن الأثير 591/10 و 592 ).

وفي السنة 546 قطعت يد رجل متفقه ، يقال له شجاع الدين ، كان يتخادم للفقهاء والوعاظ ، ظهرت عليه عدة عملات ، فقطع ( المنتظم 145/10)

وفي السنة 564 قبض وزير الخليفة المستنجد بالله ، وهو شرف الدين أبو جعفر أحمد بن محمد بن سعيد المعروف بابن البلدي ، علي الحسين بن محمد المعروف بابن السيبي ، وعلي أخيه الأصغر ، وكانا ابني عمة عضد الدين استاذ دار الخليفة ، وكان الأصغر عامل البيمارستان ، فاتهم بخيانة ، وقطعت يده ورجله ، وحمل إلي البيمارستان ، فمات به ( ابن الأثير 349/11 )

وفي السنة 574 كبس بالكرخ علي رجل يقال له أبو السعادات بن قرايا ، كان ينشد علي الدكاكين ، اتهم بالترفض ( أي التشيع ) فأخذ، فقطع لسانه ، ثم قطعت يده ، ثم رجم حتي مات ، ثم أحرق ( المنتظم 286/10)

ولما ولي الظافر الفاطمي ، الخلافة ، فتك بأبني الأنصاري ، وكانا قد استعليا في دولة أبيه الحافظ ، فركب الظافر بعد العشاء الآخرة ، ووقف علي باب الملك ، وأحضر ابني الأنصاري ، واستدعي متولي الستر، وهو صاحب العذاب ، وأحضرت آلات العقوبة ، فضرب الأكبر بحضوره بالسياط إلي أن

ص: 137

قارب الهلاك ، وثني بأخيه ، وأمر بإخراجهما ، وقطع أيديهما، وسل السنتهما من القفا ، وصلبا علي بابي زويلة زمنا ( النجوم الزاهرة 295/5 ).

وكان الوزير ابن البلدي ، وزير المستنجد ، في أيام وزارته ، قطع أنف امرأة ، ويد رجل ، فلما توفي المستنجد ، واستخلف المستضيء ، أسلمه إلي أولياء الثأر ، فقطعوا أنفه ، ثم بتروا يده ، ثم ضرب بالسيوف ، وألقي في دجلة ، وكان ذلك في السنة 566 ( المنتظم 233/10 ) .

وفي السنة 604 قطعت يدا أبي الغنائم نصر بن ساوي النصراني ، الناظر في أعمال دجيل ورجلاه ، وصلب ، وعلق مقابل دار الأمير علاء الدين تتامش الناصري ، وسبب ذلك انه قد نسب الي أبي الغنائم أنه توصل الي قتل الأمير تتامش بالسم ، وكان تتامش مقطع دقوقا ، فلما مات مسموما ، نسب إلي أبي الغنائم انه دست له السم ، فتقدم بأخذه ، وأن يفعل به ما سبق ذكره ، وكان شيخا مليح الهيأة ، مترفة ، منعم ، وبلغني إنه بذل عشرة آلاف دينار علي أن لا يقتل ، فلم يقبل منه ، ثم أحرق بعد صلبه ، فطيف به المحال مسحوبا ( الجامع المختصر 220).

وفي السنة 629 جرت فتنة بين أهل باب الأزج وأهل المختارة ، وتراموا بالبندق والمقاليع والآجر، وتجالدوا بالسيوف ، فقتل من الفريقين وجرح جماعة . فتقدم في عشية اليوم التالي بخروج الجند ، وكفهم عن ذلك ، فخرج نائب باب النوبي ، ومعه جماعة من الجند ، وكفهم ، وقبض علي جماعة منهم ، فضربهم ، وقطع أعصابهم ، فسكنت الفتنة ( الحوادث الجامعة 31).

وفي السنة 637 تحيل قوم غرباء ، كانوا في حبس الوزير ، وهو داره بدرب البطيخ ، ونقبوه ، وخرجوا ليلا ، ومضوا لا يعلمون أين يقصدون ، فساقهم القضاء الي دار حاجب باب النوبي تاج الدين بن الدوامي ، فأنكرهم

ص: 138

الغلمان ، وسألوهم عن حالهم ، فاستجاروا بهم ، وقالوا : قد هربنا من حبس الوزير ، فقبضوا عليهم ، وعرفوا حاجب الباب ، فحبسهم ، وأنهي حالهم ، فتقدم بقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف ر الحوادث الجامعة 127 ).

وفي السنة 653 نبش قبر امرأة في مقبرة معروف الكرخي ، وأخذت أكفانها ، فخرج بعض أهل قطفنا ليصلي ، فرأي النباش ، فهرب ، فأنهي ذلك ، فكبس عليه وأخذ ، فوجدوا عنده عدة أكفان ، فقطعت يداه وعلقتا في حلقه ، وأشهر ببغداد ( الحوادث الجامعة 307) .

وفي السنة 653 وثب أهل النيل علي الشحنة بها فقتلوه ، لكونه أساء السيرة فيهم ، وكان يهجم علي نسائهم ويفتك به ، فشكو أمره إلي الخليفة والوزير وصاحب الديوان ، فلم يلتفت إليهم ، فقتلوه ، فلما بلغ الخليفة خبر قتله ، أمر الأمير سيف الدين قليج، بالمسير إليهم ومؤاخذة من فعل ذلك ، فسار إليهم ، وأخذ جماعة ، فقتل منهم ، وصلب ، وقطع أعصاب آخرين وأيديهم ، وأحرق دورا كثيرة ، ونهب أموال أصحابها ( الحوادث الجامعة 302)

وفي السنة 690 قتل ببغداد ، شاب يهودي ، وقطعت أطرافه ، وطاف به العوام في دروب بغداد ( الحوادث الجامعة 465).

وفي السنة 692 وثب باطني علي نفاجو ، أمير المسلحة بالعراق ، علي رأس الجسر العضدي ببغداد ( يريد رأس الجسر من الجانب الغربي حيث كان البيمارستان العضدي ) . وطعنه بخنجر فقتله ، فقبض عليه ، وتسلمه ابن نفاجو ، فمثل به ، وقطع أطرافه وهو حي ( تاريخ العراق للعزاوي 356/1)

وفي السنة 693 تأمر بعض الأمراء المماليك بمصر ، علي الملك الاشرف خليل ، وقتلوه ضربا بالسيوف ، وكان علي رأسهم الأمير بيدرا ،

ص: 139

فانتصر للسلطان قسم من الأمراء ، علي رأسهم الأمير كتبغا ، وقبضوا علي بيدرا ، وقطعوا يده ، ثم قطعوا كتفه ، وقتلوه ، ثم قبضوا علي أميرين اشتركا في قتل الملك الاشرف وهما الأمير سيف الدين بهادر ، وجمال الدين اقشي ، فضرب عنقاهما وأحرقت جثتاهما، ثم قبض علي سبعة أمراء آخرين ، اشتركوا في قتل الملك الأشرف ، فقطعت أيديهم ، وأرجلهم ، وسمروا علي الجمال ، وطيف بهم ، وأيديهم في أعناقهم ، وماتوا شر ميتة ( تاريخ ابن الفرات 170/8 - 174).

وفي السنة 694 تأمر الأمير لاجين والأمير كتبغا نائب السلطان ، علي خلع السلطان الملك الناصر محمد ابن قلاوون ، علي أن يبايع كتبغا بالسلطنة ، وبلغ ذلك الأمراء الأشرفية ، فهاجوا ، ووثبوا ، فقبض عليهم الأمير كتبغا ، وقطع أيدي بعضهم ، وأرجلهم ، وكحل البعض وقطع ألسنة آخرين ، وصلب جماعة منهم ، علي باب زويلة ، ثم خلع السلطان الناصر محمد بن قلاوون من السلطنة ، وتسلطن بدلا منه . ( النجوم الزاهرة 48/8 و49) .

وفي السنة 702 قطعت يد تاج الدين ابن المناديلي الناسخ بدمشق ، إذ وجدت بخطه كتابة باسم نصيحة أريد بها احداث فتنة . ( الوافي بالوفيات . 303/8)

وفي أيام ملك الأمراء أرغون شاه ، في حكم دمشق ، قام بعض العامة بخطف الخبز من دكاكين الخبازين ، فجمعهم بحجة توزيع الخبز عليهم ، وأمر بقطع أيديهم وأرجلهم . (مهذب رحلة ابن بطوطة 271/2 و 272 ) .

وذكر ابن بطوطة ، إنه لما وصل إلي مدينة كنكار ، في جزيرة سيلان ، وجد خارجها مسجد الشيخ عثمان الشيرازي ، وسلطان المدينة وأهلها يعظمونه ، وكان الدليل إلي القدم ( قدم آدم ) ، ولكن قطعت يده ورجله ،

ص: 140

فصار الادلاء أولاده وغلمانه ، وسبب قطع أطرافه ، إنه ذبح بقرة ، وحكم كفار الهنود إن من ذبح بقرة ، قتل، إما ذبحا ، وإما وضع في جلدها وأحرق ، وكان الشيخ عثمان معظم عندهم ، فاكتفوا بقطع أطرافه (مهذب رحلة ابن بطوطة 215/2 ) .

وفي السنة 739 غضب السلطان الملك الناصر محمد بن قلاوون ، سلطان مصر ، علي أحمد بن يحيي العمري الكاتب ، فحبسه ، ثم إن بعض الكتاب نقل عنه إنه زور توقيعا فأمر الناصر به فقطعت يده في السجن ، ثم أطلق وتوفي 749 ( الدرر الكامنة 352/1 - 354 ).

وفي السنة 756 خرج عيسي بن الحسين ، صاحب جبل الفتح والثغور الأندلسية التي تحت حكم صاحب المغرب ، علي السلطان أبي عنان صاحب المغرب ، فخالفه كثير من أصحابه ، واعتقلوه وولده ، وبعثوا به إلي السلطان أبي عنان ، فقتل عيسي قعصة بالرماح ، وقطعت اطراف ولده أبي يحيي من خلاف ، وترك ينزف حتي مات ( ابن خلدون 295/7 و 296 ) .

وفي السنة 761 وصل جماعة من الشرفاء ، إلي المهجم في اليمن ، فاعتدي بعض غلمان الأشراف ، علي واحد من أهل المدينة ، فقبض عليه ، وقطعت يده . ( العقود اللؤلؤية 112/2 ).

وفي السنة 782 ادعي شخص افرنجي ، ضد آخر من المسلمين ، أمام الأمير بركة ، بالقاهرة ، فلم تثبت دعوي الإفرنجي ، فغضب الإفرنجي ، وأخرج سكينا ، طعن بها الترجمان ، فقتله في مجلس الحكم ، فأمر الأمير بركة ، بالإفرنجي ، فسمر ، وطيف به في القاهرة علي جمل ، بعد أن قطعت يداه ورجلاه ، ثم أحرق بالنار ، خارج القاهرة . (بدائع الزهور 255/2/1)

وفي السنة 787 أمر السلطان الملك الظاهر برقوق في القاهرة ، بإبطال

ص: 141

ما كان الناس يتعاطونه في النيروز من رش الماء ، والرجم بالبيض ، والمصافعة ، وتوعد من يتعاطي ذلك منهم ، ورسم لوالي القاهرة ، بالقبض علي المخالفين ، فقبض الوالي علي جماعة ، وضربهم بالمقارع، وقطع أيدي جماعة منهم . ( بدائع الزهور 365/2/1 ).

وفي السنة 788 لما توفي السلطان أبوفارس موسي ، صاحب المغرب ، طلب وزيره مسعود بن ماسي ، من صاحب غرناطة ، الأمير الواثق بالله أبا زيان محمد بن أبي الفضل بن علي ، فأحضره وبايعه ، ثم اختلف الوزير مع ابن الأحمر صاحب غرناطة ، فأطلق ابن الأحمر السلطان المخلوع أبا العباس المريني ، وسيره إلي المغرب للمطالبة بعرشه ، فاجتمع عليه جمع من أنصاره ، وحاصر الوزير مسعود بن ماسي ، ومعه السلطان الواثق بالله أبو فارس ، ودام الحصار ثلاثة أشهر، ثم حصل الصلح بين الطرفين علي أن يستسلم الواثق ووزيره ، لأبي العباس ، علي أن يمكن الواثق من الجواز للأندلس ، وأن يستوزر مسعود بن ماسي ، ويطلق يده في الدولة ، وتم الأمان والصلح علي هذا الوجه ، ودخل السلطان أبو العباس البلد في السنة 789 وقبض علي الواثق ، وبعث به معتقلا إلي طنجة ، حيث قتله هناك ، ثم قبض علي الوزير مسعود بن ماسي وإخوته ، وحاشيته ، وأمتحنهم جميعا ، فهلكوا في العذاب ، وسلط علي الوزير مسعود من العذاب والانتقام ، ما لا يعبر عنه ، ونقم عليه ما كان يفعله في دور بني مرين ، فإنه كان ينهب بيوتهم ، ويخربها ، فأمر السلطان بعقوبته في أطلالها ، فكان يؤتي به إلي كل بيت منها ، فيضرب عشرين سوطأ ، ولما تجاوز العذاب به الحد ، أمر السلطان بقطع أطرافه ، فهلك عند قطع الطرف الثاني من أطرافه ( ابن خلدون 357/7)

وفي السنة 791 أعيد حسين بن الكوراني ، إلي ولاية القاهرة ، لأن الزعر كثر عتوهم وفسادهم ، فتتبع الزعر ، وقبض علي أربعة عشر نفرا ،

ص: 142

فقطع أيديهم وشهرهم في البلد ، ثم قبض علي ستة آخرين من الزعر، ومعهم السلاح ، فقطع أيديهم وشهرهم . ( نزهة النفوس 245 و 248).

وفي السنة 792 حدثت فتنة بدمشق ، فركب الأمير يلبغا الناصري ، وحارب أهل الفتنة ، وكسرهم ، وقبض علي أكابرهم ، فوسطهم تحت القلعة ، وحبس عدة منهم ، وقطع أيدي سبعمائة إنسان . ( نزهة النفوس 310)

وفي السنة 792 قطع الأمير صارم الدين ، والي القاهرة ، أيدي سبعة نفر من الزعر . (تاريخ ابن الفرات 203/9 ).

وفي السنة 793 أخذ في مدينة تعز ، باليمن ، رجل من البهادرة ، ذكروا إنه ساحر ، وكان يتشبه بالمسلمين ، فسملت عيناه ، وقطعت يده . ( العقود اللؤلؤية 223/2 ) .

وفي السنة 800 أمر السلطان الأشرف ، سلطان اليمن ، بقطع يد ابن الرباحي نقاش السكة في تعز ، فقطعت ( العقود اللؤلؤية 294/2 ).

وفي السنة 801 وصل صاحب حيس باليمن ، إلي السلطان برجل اسمه عثمان بن مطير كان يسرق بالليل وينهب بالنهار ، فأمر السلطان بقطع يده ورجله من خلاف ، فاقام أيام بعد القطع ، وهلك ( العقود اللؤلؤية 305/2)

وفي السنة 803 اتفق قوم علي اغتيال نائب الإسكندرية ، فقبض عليهم وقتل بعضهم ، وقطع أيدي بعضهم . ( بدائع الزهور 632/2/1 ) .

وفي السنة 805 قام جماعة من المماليك الناصرية ، بالقاهرة ، بضرب بعض الأمراء ، فرسم السلطان بإحضار أولئك المماليك ، فضربهم بالمقارع ، وأشهرهم علي جمال ، وقطع أيدي جماعة منهم ( بدائع الزهور 668/2/1)

ص: 143

وفي السنة 903 جيء إلي سلطان مصر ، بسارق ، فأمر بقطع يده ورجله ، والطريف في الأمر ، أن السلطان ألزم السارق نفسه بتنفيذ العقوبة ، بأن قطع أطرافه بيده ( بدائع الزهور 42/1 ) .

وفي السنة 911 ظهر علي الشيخ سنطباي بالقاهرة، وكان يدعي التصوف ، وله جماعة من أصحابه ، إنه يسك النقود المغشوشة ( يضرب الزغل ) فأحضره السلطان الغوري ، وأحضر أتباعه ، وضربهم بحضرته ، فأقروا بصنع الزغل، وإن شيخهم سنطباي معهم في العمل ، فأمر السلطان بهم فقطعت أيديهم ، وأمر بقطع يد الشيخ سنطباي ، فشفع له الأمير قرقماش ، فعفا السلطان عن قطعه ، ونفاه إلي القدس ( الكواكب السائرة يا 212/1 )

وكان ملك الأمراء ، نائب السلطان العثماني بمصر ، مولعا بقطع الأطراف ، ففي السنة 926 قبض علي صيرفي يهودي ، اتهم بأنه تعامل في مسكوكات مغشوشة ، فضربه ، وقطع يده ، وعلقها في أنفه ، وأشهره ( بدائع الزهور 5/ 337 ).

وكان لعبد الكريم بن محمود الطاراني ، المتوفي سنة 1041 أخ اسمه محمد حسن الخط الي الغاية ، سافر إلي مصر ، وقلد الطغراء السلطانية ، فأحضره حاكم مصر ، وسأله ، فاعترف بالتقليد ، فأمر به حاكم مصر ، فقطعت يده اليمني ، وكان بعد ذلك يلفت علي يده خرقة ، ويمسك بها القلم ، ويكتب ( خلاصة الأثر 3/ 12 ).

وكان المير مهنا بن المير ناصر ، حاكم بندر ريق علي خليج البصرة من السنة 1168 - 1183 عظيم القسوة في تعذيب رعاياه ، بجدع آنافهم وصلم آذانهم ، كما أنه قتل أباه ، وأمه ، وأخاه ، وستة عشر رجلا من أفراد عائلته (رحلة نيبور 145/2- 149).

ص: 144

وفي السنة 1185 اختلف الأمير محمد بك أبو الذهب مع سيده الأمير علي بك ، وترك القاهرة إلي الصعيد، ثم وقع علي مراسلة بين سيده علي بك وبين الأمير أيوب بك ، فأحضر أيوب بك ، واتهمه بوجود مراسلة بينه وبين علي بك ، فأنكر وحلف ، وقال إنه إذا صح ذلك فيجب أن تقطع يده ولسانه ، فأظهر له محمد بك الرسالة المكتوبة بخط يده ، الي علي بك ، ولم يحر جوابأ ، فأمر به فقطعت يده ، ثم شبكوا في لسانه ستارة ، وجذبوه اليقطعوه ، فتخلص منهم ورمي بنفسه في النيل، فغرق ( الجبرتي 408/1)

وفي السنة 1192 أمر مراد بك ، بمصر ، بقطع يدي عبد الرحمن اغا، وسلمه السواس الخيل ، فصفعوه ، ثم قطعت يده ، ثم قتل ( تاريخ الجبرتي 532/1 ).

،وكان أحمد باشا الجزار (ت 1219)، مشتهرا بالتمثيل بالناس ، بقطع الأطراف والأناف والآذان ( تاريخ الجبرتي 49/3 ) .

وفي السنة 1327 استولي محمد بن علي الإدريسي ، علي صبيا ، وقطع يدي حاكمها الشريف أحمد الخواجي ، من زعماء أبي عريش ( الاعلام 196/7)

ص: 145

القسم الثاني : سل اللسان

أما التعذيب بسل اللسان ، فإن أول من مارسه ، زياد بن أبيه ، جيء إليه برشيد الهجري ، من أصحاب الإمام علي ، فأمر به فقطعت يداه ورجلاه ، ثم قطع لسانه ، ثم صلب خنقأ في عنقه ( شرح نهج البلاغة 294/2)

ومارس هذا اللون من العذاب ، من بعد زياد ، هشام بن عبد الملك الأموي إذ قطع لسان غيلان بن مسلم الدمشقي ، لأنه كان يقول بالقدر ، فأمر به فقطعت يداه ورجلاه ، وألقي في الكناسة ، فاحتوشه الناس ، فأمر بقطع لسانه ، ثم ضرب عنقه ( العقد الفريد 380/2 ) .

أقول : الظاهر أن هشام قتله لأنه كان يري أن الإمامة تصح في غير قريش ، وأن كل من كان قائما بالكتاب والسنة فهو مستحق لها، وأنها لا تثبت إلا بإجماع الأمة .

وفي السنة 118 قبض أسد بن عبد الله القسري ، علي خداش ، أحد دعاة العباسيين ، فقطع لسانه ، وسمل عينيه ( ابن الأثير 197/5 ).

وفي السنة 128 كان مروان الجعدي ، يحارب الخوارج ، وبعث إليهم كاتبه محمد بن سعيد رسولا ، فمالأهم وانحاز إليهم ، ثم جيء به إلي مروان أسيرة ، فقطع يده ورجله ولسانه ( الطبري 347/7 ).

ص: 146

وفي السنة 132 لما وصل مروان الجعدي إلي « أبو صير » بمصر ، فارا من بني العباس ، اتهم أحد قواده بمكاتبة العباسيين ، فقطع لسانه ( فوات الوفيات 128/4 ).

وأمر هشام بن عبد الرحمن الداخل، بالأندلس ، بأبي المخشي عاصم بن زيد العبادي ، شاعر الأندلس ، فقطع لسانه ، وسبب ذلك ، إن أبا المخشي مدح أبا أيوب ، أخا هشام ، فعرض في القصيدة بهشام ، إذ قال :

وليس كمن إذا ما سيل عرفة**** يقلب مقل فيها أعورار

وكان هشام في إحدي عينيه نكتة بياض ، كجده هشام بن عبد الملك ، ثم ظفر هشام ، وكان يلي الحرب بماردة ، بأبي المخشي ، فأمر به فقطع لسانه ( بدائع البدائه 38 ).

وغضب المأمون علي أبي الحسن الشاعر ، المعروف بالعكوك ، فأمر باعتقاله ، وأحضر أمامه ، فقال له : يا ابن اللحناء ، أنت القائل للقاسم بن عيسي ( أبي دلف )

كل من في الأرض من عرب**** بين باديه إلي حضرة

مستعير منك مكرمة**** يرتديها يوم مفتخره

جعلتنا ممن يستعير منه المكارم ، فقال : يا أمير المؤمنين ، أنتم أهل بيت لا يقاس بكم، وإنما عنيت بقولي ، أقرانا وأشكالا لأبي دلف ، فقال له المأمون : أنا أستحل دمك بكفرك في شعرك ، حيث قلت في عبير ذليل مهين

أنت الذي تنزل الأيام منزلها ****وتنقل الدهر من حال إلي حال

وما مددت مدي طرفي إلي أحد**** إلا قضيت بأرزاق وآجال

ص: 147

ذاك هو الله عز وجل ، فجعلت بشعرك مع الله شريكا ، ثم أمر به فسل لسانه من قفاه ، فمات . ( وفيات الأعيان 353/3 ).

أقول : يغلب علي ظني أن المأمون آنما قتله لأنه عرض به ، وعيره بأن أمه أمة ، في شعر مدح به الأمين من جملته هذا البيت :

لم تلده أمة تع**** رف في السوق التجارا

وقد سبق أن أوردنا ما يشبه ذلك في هذا الكتاب ، في الفصل الأول من الباب الثاني : الضرب ، اذ غني الرشيد ببيتين في مدح علي بن المهدي ، وأمه ريطة بنت أبي العباس السفاح ، وفيهما تعريض بالرشيد بأن أمه أمة ، فراجع القصة في موضعها .

وكان يعقوب بن السكيت ، النحوي ، اللغوي ، يؤدب أولاد المتوكل ، فقال له المتوكل يومأ : أيما أحب إليك ، ابناي هذان ، أم الحسن والحسين ؟ فأجاب بجواب لم يرضه المتوكل ، فأمر الأتراك فداسوا بطنه ، وسلوا لسانه ، فقتلوه ( معجم الأدباء 301/7 ).

وقطع الراضي لسان وزيره أبي علي بن مقلة ، في السنة 328، بعد آن قطع يده . ( الوافي بالوفيات 109/4 ).

وفي السنة 334 قطع لسان علم ، التي كانت قهرمانة المستكفي وكانت قد سملت عيناها أيضا. ( تجارب الأمم 2/ 100). :

وفي السنة 379 قبض بهاء الدولة البويهي، علي الحسين الفراش ، وأحضره إلي بغداد ، وأمر باخراج لسانه من قفاه ، فمات ، ورمي به إلي دجلة ( ذيل تجارب الأمم 169).

وفي السنة 474 حاول أحد خدم الأمير شرف الدولة مسلم بن قريش ، صاحب الموصل أن يخنقه ، وهرب قبل أن يتم خنقه ، وأدرك الأمير

ص: 148

أصحابه ، فنجا من الموت ، وقبض علي الخادم ، فقطع لسانه ، ثم قتله ( المنتظم 331/8 ).

وفي السنة 475 بلغ جمال الملك بن الوزير نظام الملك ، أن جعفرك ، مضحك السلطان ملكشاه ، يحاكي نظام الملك في كلامه وهيأته ، ويضحك السلطان ، فترك بلخ ، وكان والية بها ، ووافي إصبهان حيث والده والسلطان ، وأغلظ لإخوته القول لسكوتهم عن جعفرك ، ثم أمر بالقبض علي جعفرك، وسل لسانه من قفاه ، فيقال ان السلطان ملكشاه ، وضع علي جمال الملك من سقاه سما في كوز فقاع ، فلما شربه مات ( ابن الأثير 123/10 و124).

وفي السنة 515 عصي سليمان بن ايلغازي علي أبيه ، وتحضن بحلب ، وكان قد تجاوز العشرين من عمره ، حمله علي ذلك جماعة من أصحابه ، فبلغ والده الخبر ، فسار إليه مجدا ، فلما وصل إلي حلب ، خرج سليمان إليه معتذرة ، فأمسك عنه ، وقبض علي من أغراه بذلك ، منهم أمير من الأمراء اسمه ناصر ، كان ارتق والد ايلغازي ، قد التقطه ورباه ، فقلع ايلغازي عينيه ، وقطع لسانه ( ابن الأثير 591/10 و 592 ).

ولما ولي الظافر الفاطمي ، الخلافة ، في السنة 544 قتل ابني الأنصاري ، وكانا قد استعليا في دولة أبيه الحافظ ، فضربهما بالسياط ، وقطع أيديهما، وسل ألسنتهما من القفا، ثم صلبهما . ( النجوم الزاهرة 295/5)

وقطع الخليفة الناصر ، في السنة 110 لسان الفقيه المأموني ، وألقاه في مطمورة ، حتي مات ( الوافي بالوفيات 159/9 ).

وفي السنة 611 غضب الخليفة الناصر ، علي ابن الماشطة الحنبلي ، وكان يلي ضياع الخاص ، فأمر به فضرب مائة خشبة ، وقطع لسانه ، وأعطوه

ص: 149

لسانه في مداسه ، ونادوا عليه : هذا جزاء من يكثر كلامه . ( الذيل علي الروضتين 85 ).

وفي السنة 625 نقل عن عبد الله بن اسماعيل ، صاحب ابن المني الواعظ ما اقتضي أن أحضر إلي دار الوزارة ، وضرب مائة عصا، وقطع لسانه ، وحمل إلي المارستان العضدي ، وحبس في حجرة المجانين ( الحوادث الجامعة 14 ).

وفي السنة 626 أحضر أبو القاسم علي بن البوري ، إلي باب النوبي ، وضرب مائة عصا ، وقطع لسانه ، وحمل إلي حبس المدائن ، وكان شابا حسن الصورة ، تام الخلقة ، جميلا ، نقل عنه ما اقتضت السياسة أن يعمل به ذلك ( الحوادث الجامعة 3 و4 ).

وفي السنة 628 جيء من همذان ، بإنساني ادعي أن له اتصالا بالخليفة المستنصر ، فقطع لسانه ، وحبس في المارستان ( الحوادث الجامعة 24) .

وفي السنة 709 هجا بعض العوام بمصر ، السلطان بيبرس الجاشنكير ، فقطع ألسنتهم ( بدائع الزهور 151/1 ).

وفي السنة 733 أخذ حاجب العرب بدمشق علي بن مقلد ، فضرب ، وحبس ، وأخذ ماله ، وقطع لسانه ، ثم قطع لسانه مرة ثانية ، فمات آخر النهار ( المختصر في تاريخ البشر 109/4 ).

وفي السنة 735 قتل حمزة التركماني ، قتله الأمير تنكز نائب السلطنة في الشام ، وكان من خواص تنكز ، ثم تغير عليه ، فأعتقله ، وعذبه بأن أمر به فرمي بالبندق ، حتي تورم جسده ، ثم أطلقه ، وبلغه إنه تكلم عنه بسوء ، فبعث به إلي البقاع ، حيث قطع لسانه من أصله ، فمات ( الدرر الكامنة 166/2 و تاريخ ابي الفدا 114/4 ).

وفي السنة 751 كان الأمير أبو عنان فارس بن علي ، مستوليا علي فاس ، فأعلن بها سلطنته ضد أبيه السلطان أبي الحسن المريني ، الذي كان

ص: 150

مقيما بمراكش ، وقبض أبو عنان علي كاتب الجباية يحيي بن حمزة بن شعيب بن محمد بن أبي مدين ، واتهمه بممالأة أبيه السلطان عليه، فقطع لسانه ، فمات ( ابن خلدون 286/7 ).

وكان الأمير يلبغا العمري ، في السنة 768 بالقاهرة ، فقتله مماليكه ، لأنه كان ظالمة ، وكان يتنوع في فرض العقاب علي مماليكه ، علي أدني جرم ، وكان إذا غضب علي أحد مماليكه ، فربما قطع لسانه ، فاتفقوا علي قتله ، وقتلوه ( النجوم الزاهرة 35/11 - 40 وبدائع الزهور 45/2/1 ) .

وفي السنة 822 توفي أحمد بن يوسف الشاعر المعروف بابن الزعيفريني وكان قد مدح الأمير جمال الدين الاستادار بأبيات تنبأ له فيها بأنه سيملك مصر ، ويملك بعده ابنه ، فأطلع الملك الناصر فرج علي الأبيات ، فأمر بقطع لسانه ، وعقدتين من أصابع يده اليمني ، فرفق به عند القطع ، فلم يمنعه من النطق ، وأظهر الخرس مدة أيام الناصر ، ثم تكلم بعد ذلك ، وكتب بيده اليسري ( شذرات الذهب 155/7 ).

وكان سليمان باشا بن قباد ، محافظ دمشق ، المتوفي سنة 997 شديد السطوة ينوع أنواع العذاب ، وقتل حمدان وهو بالمرجة ، وسل لسانه من تحت حنكه ، ثم شنقه في شجرة ( الكواكب السائرة 158/3 ) .

وفي السنة 1122 وقعت محاربة بين القيسية واليمنية ببلاد الشام ، فقتل كثير من اليمنية ، وخمسة أمراء من بني علم الدين ، وأمسك الشيخ محمود أبو هرموش ، وقطع الأمير حيدر الشهابي لسانه ، وأباهم يديه . ( خطط الشام 2882)

وفي السنة 1185 اتهم الأمير محمد بك أبو الذهب ، بمصر ، أحد الأمراء ، و سمه أيوب بك ، بخيانته ، فأمر بقطع يده ولسانه ( تاريخ الجبرتي 407/1 و408) .

ص: 151

القسم الثالث : جدع الأنف وصلم الأذن

اشارة

الجدع : القطع ، وترد علي قطع الأنف، والأجدع : مقطوع الأنف ، وقال الحسين بن مطير الأسدي ، يرثي معن بن زائدة الشيباني :

ولما مضي مع مضي الجود وانقضي**** وأصبح عرنين المكارم أجدعا

والصلم : قطع الشيء من أصله ، وترد علي قطع الأذن ، والأصلم : من كانت أذناه مقطوعتان .

والعذاب بجدع الأنف وصلم الأذن ، قد يمارس كل لون منهما علي انفراد ، وقد يمارسان مجتمعين ، ولذلك فقد قسمت هذا القسم إلي ثلاثة أبحاث .

البحث الأول : جدع الأنف

البحث الثاني : صلم الأذن

البحث الثالث : جدع الأنف وصلم الأذن مجتمعين .

ص: 152

البحث الأول : جدع الأنف

من أوائل من مارس العذاب بجدع الأنف حميد بن الحارث بن بحدل ، في كلب ، بعد وقعة مرج راهط ، فإنه بعد أن قتل وأسر ، عمد إلي من ظفر به من القتلي والأسري ، فقطع سبالهم وأنافهم ، وجعلها في خيط ، وبعث بها إلي الشام ( الأغاني 200/19 ).

ومن اخبار جدع الأنف ، ما صنعته حليلة هدبة بن الخشرم ، وكانت من اجمل النساء ، فإنها جدعت أنفها لما قدم زوجها للقتل ، وكان هدبة شاعرة راوية ، كان رواية الحطيئة ، والحطيئة راوية كعب بن زهير ، وكان جميل بثينة راوية هدبة ، وكثير راوية جميل ، وكان لهدية أخوة ثلاثة ، كلهم شاعر ، وكانت أم هدية شاعرة أيضا ، وكان هدبة مقبلا من الشام في ركب من قومه ، وفيهم زيادة بن زيد ، وهو شاعر ، وكان زيادة وهدية يتناوبان سوق الابل ، فارتجز زيادة رجزا ذكر فيه أخت هدبة ، فحمي هدبة ، ولما جاء دوره ارتجز فذكر أخت زيادة ، فتسابا ، وتشاتما طويلا ، وحجز القوم بينهما ، فلما قضيا حجهما مع الناس ، جعل هدية وزيادة يتهاديان الأشعار ، وأصاب هدبة غرة من زيادة فقتله ، فطلبه والي المدينة سعيد بن العاص ، فأعياه ، فاعتقل عم هدية وأهله ، فلما بلغه ذلك ، أقبل فأمكن من نفسه ، وشخص أخو زيادة إلي معاوية بدمشق ، واستعدي علي هدبة ، فكتب معاوية إلي سعيد أن يقيده به اذا قامت البينة ، وكره سعيد أن يحكم بينهما ، فبعث بهما إلي معاوية ،

ص: 153

وأقر هدية بقتل زيادة ، وأراد معاوية تأجيل القصاص ، وأمر بأن يحبس هدبة ، حتي يبلغ ابن لزيادة ، لم يكن قد بلغ الحلم ، فلما بلغ بعد ثلاث سنين ، وأصر علي القود ، أخرج هدية من الحبس ، وحمل ليقتل ، أبصر امرأته بين النظارة فأنشدها شعرأ صرح فيه بأنه يغار عليها أن تتزوج من بعده ، فعمدت الزوجة الي مدية جدعت بها أنفها ، وأقبلت عليه مجدوعة تدمي ، وقال له : يا هدية ، اتخاف أن يكون بعد هذا نكاح ؟ فقال : الآن طاب الموت ، راجع أخبار هدبة في الأغاني 254/21 - 274 وفي خزانة الادب للبغدادي 84/4 - 87 وفي الاعلام 69/9 ، ومن ابيات هدية ، التي أصبحت مثلا سائرا قوله :

عسي الكرب الذي أمسيت فيه**** يكون وراءه فرج قريب

ودخل الجحاف بن حكيم بن عاصم السلمي ، علي عبد الملك بن مروان ، والأخطل التغلبي عنده ، فقال الأخطل :

ألا سائل الجحاف هل هو ثائر**** بقتلي أصيبت من تميم وعامر

فأثار ذلك حفيظة الجحاف ، وأجابه قائلا :

بلي ، سوف نبكيهم بكل مهند**** ونبكي عميرة بالرماح الشواجر

وكان الجحاف يأكل رطبا ، فجعل يتساقط من يده من فرط غيظه ، ثم قال للاخطل : يا ابن النصرانية ، ما كنت أظن أنك تجتريء علي بمثل هذا ، فأرعد الأخطل من خوفه ، وقام إلي عبد الملك فأمسك ذيله ، وقال له : هذا مقام العائذ بك ، وقام الجحاف يمشي ويجر ثوبه وهو لا يعقل ، ثم اصطنع كتابة بعهده علي صدقات تغلب وبكر بالجزيرة ، وقال لأصحابه : إن أمير المؤمنين قد ولاني علي هذه الصدقات ، فمن أراد اللحاق بي فليفعل، فصحبه منهم جماعة ، فلما وصل الي رصافة هشام ، أخبرهم بما كان من الأخطل إليه ، وإنه افتعل الكتاب ، وإنه ليس بوال ، فمن أحب أن يشاركه

ص: 154

في غسل العار فليصحبه ، ومن أراد العودة فليعد ، فرجعوا غير ثلثمائة قالوا : إنهم يموتون بموته ويحيون بحياته ، فسار إلي تغلب بأصحابه ، فقتل منهم مقتلة عظيمة ، وكان الأخطل بينهم فرمي بنفسه في جت ، فسلم ، ولحق الجحاف ببلاد الروم ، حتي أخذوا له الأمان من عبد الملك ، فقدم عليه ، فألزمه ديات من قتل ، فقام بجمعها وأوصلها ، ثم أظهر التوبة هو وأصحابه ، ومضي معهم حجاجأ إلي مكة ، وقد زموا أنفسهم ( أي إنهم خرقوا حاجز بين المنخرين ، ووضعوا فيه زمامة ) وتعلق الجاف بأستار الكعبة ، وهو يصيح : اللهم أغفر لي ، وما أظنك تفعل ، فسمعه محمد بن الحنفية ، فقال له : يا شيخ ، القنوط ش من الذنب ( أنساب الأشراف 328/5 - 331 وابن الأثير اصل 322 - 320/4)

وفي السنة 78 وثب الروم علي ملكهم ، فخلعوه ، وجدعوا أنفه ، ونفوه ( شذرات الذهب 84/1 ).

وفي السنة 127 انتقضت حمص علي مروان الحمار الأموي ، فحصرها ، ثم امنهم ، بشرط أن يسلموا إليه أشخاصة ، منهم حبشي كان يسب مروان ، وقت الحصار ، وكان يشد في ذكره ، ذكر حمار ، ويقول : يا بني شليم ، هذا لواؤكم ، فلما تسلمه مروان ، أسلمه لبني شليم ، فجدعوا أنفه ، وقطعوا ذكره ، ومثلوا به . ( ابن الأثير 333/5 ).

وقدمت إلي عبد الرحمن بن حجيرة ، قاضي مصر (69 - 83)، امرأة من حمير ، جدعت أنف أمة لها ، فأعتقها ابن حجيرة ، وحكم بولائها للمسلمين يعقلون عنها ويرثونها . ( الولاة للكندي 317 و 318 ).

وأنشد حريث الطائي ، شعرأ في هجاء بني عتود ، فسمعه واحد منهم اسمه أوفي بن حجر ، فأمسك هراوة جمع بها يديه ، وضرب بها أنفه فحطمه . ( الاغاني 383/14 - و384) .

ص: 155

وكان داود بن علي العباسي، يمثل بمن يعثر عليه من بني أمية ، فيجدع أنوفهم ، ويصلم آذانهم ، ويسمل عيونهم ويبقر بطونهم ( شرح نهج البلاغة 156/7)

ولما جيء إلي المنصور ، برأس إبراهيم بن عبد الله بن الحسن ، قتيل باخمري ، وضع بين يديه في ترس ، فأكب عليه بعض السيافة ، فبصق في وجهه ، فنظر إليه أبو جعفر وأمر بدق أنفه ، فدق ، وأخذته أعمدة الحرس ، فما زال يهشم بها ، حتي خمد ( الطبري 11/8 و82).

وفي السنة 164 ولي مصر للمهدي العباسي ، سالم بن سوادة التميمي ، وكان أجدع جدعته اليمانية ( الولاة للكندي 123).

أقول : يريد إنه قد جدع أنفه أيام الفتنة التي وقعت بخراسان بين القيسية واليمانية ، فكان القيسيون إذا ظفروا بيماني ، قتلوه أو مثلوا به ، وكذلك اليمانية إذا ظفروا بقيسي .

ولما خلع المطيع في فتنة الأتراك ، ادعي محمد بن عبد الواحد بن المقتدر ، الخلافة ، وتلقب المستجير بالله ، فلما استقرت الخلافة للطائع ، طلبه ، فظفر به ، وقطع أنفه ، وبقي إلي أن توفي في السنة 183 ، وكان له ولد أسود يضرب علي المغنيات ( الوافي بالوفيات 69/4 ).

وفي السنة 357 ظهر ببغداد رجل يأمر بالمعروف وينهي عن المنكر ، ويجدد ما عفا من أمور الدين ، فبايعه قوم ، وسمي نفسه محمد بن عبد الله ، يدعي تارة إنه علوي ، ويدعي تارة إنه عباسي ، فأخذ ومعه أخ له ، فأسلمهما بختيار إلي الخليفة المطيع ، فجدع أنفه ، ثم خفي خبره ( يعني إنه قتله » ( ابن الأثير584/8 و585 ) وورد ذلك في الوافي بالوفيات كما يلي : وفي السنة 357 قبض عز الدولة بختيار علي أبي الحسين محمد بن الخليفة عبد الله المستكفي بن علي المكتفي العباسي ، وأنفذه إلي دار الخلافة ،

ص: 156

فجدع أنفه ، وقطعت شفته العليا ، وشحمتا أذنيه ، وحبس في دار الخلافة ، وكان معه أخوه علي ، وكان أبو الحسن هذا قد هرب من بغداد لما خلع أبوه المستكفي وسملت عيناه ، ثم عاد في السنة 357 إلي بغداد سر ، وطلب الخلافة ، وادعي أن أباه كان قد نصبه وليا لعهده ، فبايعه جماعة من الديلم ، وخلق من أهل بغداد ، منهم أبو القاسم اسماعيل بن محمد، المعروف بزنجي ، وترتب له وزيرة ، وتلقب بالمستجير بالله ، فأخذه بختيار ، وأنفذه إلي دار الخليفة ، حيث جدع أنفه وقطعت شفته وشحمتا أذنه ( الوافي بالوفيات 313/3 و69/4 ).

وقبض فخر الدولة بن ركن الدولة البويهي ، علي وزيره أبي الفتح بن العميد ، واجتاح ماله ، وسمل عينه الواحدة ، وقطع أنفه ، وجر لحيته ، وقطع يديه ، وما زال يعرضه علي ألوان العذاب حتي تلف ( وفيات الأعيان 111/5)

وفي السنة 463 خرج أرمانوس ملك الروم ، في مائتي ألف مقاتل ، وقصد بلاد الإسلام ، وكانت مقدمته بقيادة مقدم الروسية ، فاصطدم بمقدمة الملك فانهزمت الروسية ، وأسر مقدمهم ، وحمل إلي السلطان ، فجدع أنفه ( المنتظم 261/8 وابن الأثير 65/10 ) .

وفي السنة 566 قتل الوزير ابن البلدي ، وزير المستنجد، فقطع أنفه ، ثم قطعت يده ، لأنه في أيام وزارته كان قد قطع أنف امرأة ، ويد رجل ، ثم ضرب بالسيوف ، وألقي في دجلة ( المنتظم 233/10 ).

وفي السنة 568 أنفذ الأمير شملة التركماني ، ابن أخيه ، ابن سنكا ، الاحتلال نهاوند، فتحصن منه أهلها، وشتموه أقبح شتم ، فعاد عنهم ، ثم كبسهم ، واستولي علي البلد ، فقبض علي القاضي والرؤساء وصلبهم ، ونهب البلد وأحرقه ، وأخذ الوالي فقطع أنفه وأطلقه ( ابن الأثير 391/11)

ص: 157

وفي السنة 598 اجتمع مملوكان تركيان في دار يشربان خمرة ، وعندهما مغنية ، فسكر أحدهما ، فراود المغنية عن نفسها ، فغار الآخر منه ، وضربه بسكين فقتله ، فتقدم بصلب القاتل ، فصلب علي رأس درب الباهقي ببغداد ، وجدع أنف المغنية ( الجامع المختصر 82).

أقول : صلب القاتل أمر مفهوم ، ولكن ما هو ذنب المغنية لكي يجدع أنفها ؟

وفي السنة 605 قتل سنجر شاه ، صاحب جزيرة ابن عمر ، وكان قبيح السيرة ، ظالم ، غاشمة ، لا يمتنع من قبيح يفعله ، من غصب ، وقتل ، وإهانة ، وكان يكثر من قطع الألسنة والأنوف والأذان ، أما اللحي ، فإنه حلق منها ما لا يحصي ، وكان جل فكره في ظلم يفعله ، وكان من شدة ظلمه ، أنه كان إذا استدعي إنسان ليحسن إليه ، لا يصل إلا وقد قارب الموت من شدة الخوف ( ابن الأثير 281/12 و282 ) .

وفي السنة 708 أمر السلطان بيبرس الجاشنكير ، سلطان مصر ، الأمير أقوش الرومي ، بإنشاء جسر من القاهرة إلي دمياط ، فتشدد في إتمامه ، وضرب كثيرا من الناس بالمقارع ، وخزم أنوفهم ، وصلم آذانهم . ( خطط المقريزي 171/2 ).

وثار الراجا الهندوسي بولاية ديفاجيري ، علي قطب الدين مبارك شاه (716- 720) سلطان الهند، فقطع أذنيه وأنفه ( الإسلام والدول الاسلامية في الهند 15).

وجاء في كتاب الدرر الكامنة 89/2 آن تاج الدين أحمد بن محمد قاضي بغداد ، غضب عليه حاكم بغداد وهو ابن قرا يوسف ، فأمر به فجدع أنفه ، ففر هو وأخوه إلي القاهرة ، ثم استقرا بدمشق .

وعاقب ملك الأمراء ، نائب السلطان بمصر ، فتي سرق ثورة ، فقطع

ص: 158

أنفه ، وأذنه ، وشهره علي الثور المسروق ، ثم قتله علي الخازوق ( بدائع الزهور 358/5 ).

وعاقب ملك الأمراء ، نائب السلطان بمصر ، صيرفية حجازية ، اتهمه بأنه صرف أشرفية ذهبية ، بأكثر مما قرر صرفه به ، فخزم أنفه ، وعلق فيه الميزان ، وأشهره في القاهرة ، ثم شنقه ( بدائع الزهور 341/5 ).

وفي السنة 926 قبض ملك الأمراء ، نائب السلطان بمصر ، علي صيرفي يهودي ، اتهم بأنه تعامل في مسكوكات مغشوشة ، فضربه ، وقطع يده ، وعلقها في أنفه ، وأشهره ( بدائع الزهور 5 / 337 ).

وفي السنة 961 شكا أحد أهالي حلب ، إلي القاضي ، أحد أتباع قباد باشا ، والي حلب ، فبعث القاضي بالمدعي مع محضر باشي لتبليغ تابع الوالي بالشكوي ، فعمد الوالي إلي المدعي ، فجدع أنفه ( اعلام النبلاء 210/3)

وروي الرحالة نيبور ، أن المير مهنا بن ناصر ، حاكم بندر ريق ، علي الساحل الشرقي لخليج البصرة (ت 1183)، كان عظيم القسوة في تعذيب رعاياه يجدع أنوفهم ويصلم آذانهم ( رحلة نيبور 148/2 ).

وفي السنة 1216 خالف ، بالقاهرة ، بعض الخبازين والجزارين ، التسعيرة ، فقبض عليهم المحتسب ، وخزم آنافهم ، وعلق الخبز في آناف الخبازين ، واللحم في آناف الجزارين ( تاريخ الجبرتي 513/2 ).

وفي السنة 1216 خالف بعض الباعة التسعيرة ، بالقاهرة ، فعلق بعضهم علي حوانيتهم ، وخزموا آنافهم ( الجبرتي 514/2 )

وكان أحمد باشا الجزار (ت 1219 مشتهرأ بقطع الأطراف وجدع الأنوف ، وصلم الآذان ( تاريخ الجبرتي 3/ 49) .

ص: 159

وذكر أن أحمد باشا الجزار (ت 1219)، استراب من بعض سراريه ومماليكه ، فقتل من قويت فيه الشبهة ، وأحرقهم ، ومثل بالباقين ذكورة وإناثا ، وقطع آنافهم ، ونفاهم ( تاريخ الجبرتي 49/3 ) .

وفي السنة 231 خزم المحتسب ، بالقاهرة ، آناف أشخاص من الجزارين ، وعلق فيها قطعة من اللحم ، لأنهم باعوه بأكثر من التسعيرة ( تاريخ الجبرتي 561/3 ) .

وذكر أبو الفرج بن الجوزي : إن قاضي تاهرت ( بلد بأقصي المغرب ، مراصد الاطلاع 251/1 ) ، عرض عليه رجل جني جناية ليس لها في القرآن ولا في السنة حد منصوص ، فقرر أن يضرب أوراق المصحف ببعض ثلاث مرات ، ثم يعمل بما يخرج ، وفعل، فخرج قوله تعالي : نيمه علي الخرطوم ، فأمر بالرجل ، فقطع أنفه ( أخبار الحمقي والمغفلين 104).

ص: 160

البحث الثاني : صلم الأذن

أما اللون الثاني ، وهو صلم الأذن ، فقد مارسه المتوكل علي نديمه أحمد بن إبراهيم بن حمدون ، إذ غضب عليه ، فنفاه إلي تكريت ، ثم بعث إليه من قطع أذنه ( معجم الأدباء 365/1 ).

وفي السنة 381 خلع بهاء الدولة البويهي ، الخليفة الطائع ، وكان الطائع قد احتفل في جلوسه لاستقباله ، فلما دخل عليه قبل الأرض ، وطرح له كرسي فجلس عليه وتقدم أصحاب بهاء الدولة من الطائع ، فجذبوه بحمائل سيفه ، وأنزلوه عن السرير ، ولقوه في كساء ، وحملوه إلي زبزب ، وأصعدوا به إلي الخزانة في دار المملكة « المخرم »، وانصرف بهاء الدولة إلي داره ، وأظهر أمر القادر بالله ، وأشهد علي الطائع بأنه خلع نفسه ، وأرسل المحضر مع أذن الطائع إلي القادر في البطيحة ، فأصعد إلي بغداد ، وكان قد أقام بالبطيحة سنتين وأشهر . ( المنتظم 156/7 و 157).

وفي السنة 1206 ارتفعت أسعار الغلة في القاهرة ، وضجت الرعية « وعيطوا علي الحكام » فصار الأغا يركب علي الرقع والسواحل، ويضرب المتسببين في الغلة ، ويسمرهم علي آذانهم ( تاريخ الجبرتي 134/2).

وفي السنة 1232 نصب الباشا محمد علي بالقاهرة ، مصطفي كاشف كرد ، محتسبأ ، فركب « في كبكبة » وطاف علي الباعة ، وأخذ يضرب بالدبوس هشمة ، ويعاقب بقطع شحمة الأذن . (تاريخ الجبرتي 562/3 ) .

ص: 161

ص: 162

البحث الثالث : جدع الأنف وصلم الأذن

أما اللون الثالث ، وهو جدع الأنف وصلم الأذن ، مجموعين ، فإن أقدم ما بلغنا بشأنه ، ما أورده الطبري ، بأن أهل بيكند، في السنة 87 صالحوا قتيبة بن مسلم الباهلي ، أمير خراسان ، فاستعمل عليهم رجلا ، وسار عنهم مرحلة أو مرحلتين ، فقتلوا العامل وأصحابه ، وجدعوا أنوفهم وآذانهم ، فبلغ قتيبة ذلك ، فعاد إلي بيكند ، وهي أدني مدائن بخاري إلي النهر ، وقاتلهم ، حتي فتح المدينة ( الطبري 431/6 ) .

وفي السنة 223 أوقع ملك الروم ، بأهل زبطرة ، فسبي المسلمات ، ومثل بمن صار في يده من المسلمين ، وسمل أعينهم ، وقطع آذانهم وآنافهم . ( الطبري 9/ 55).

وفي السنة 300 ورد إلي بغداد رسول من عامل برقة ، ( وهي من عمل مصر إلي ما خلفها بأربع فراسخ ، ثم ما بعد ذلك من عمل المغرب ) ، بخبر خارجي خرج ، وإنه ظفر بعسكر الخارجي وقتل خلق من أصحابه ، وبعث خيوطا فيها آذان وأنوف من قتله . ( الطبري 146/10 والمنتظم 115/6 ) .

في السنة 329 حارب الديلم ابن رائق بغداد ، وظهر عليهم ابن رائق ، فانهزموا ، وبقيت منهم بقية ، فظفر ابن رائق منهم بنحو ثلثمائة فحبسوا بدار الفيل في ظهر سور الحسني وأدخل إليهم الرجالة السودان

ص: 163

فخبطوهم حتي أتوا عليهم ، وكان جماعة منهم في دار فاتك حاجب ابن رائق ، فجعل يرمي بهم من الأروقة إلي السطوح ، ويقال للعامة خذوهم ، فيبادر العامة بقطع آنافهم ، وأنافهم ، وآذانهم ، وأصابعهم ، وهم قيام أحياء ، واستفظع الناس هذا الفعل، واستعظموه ، وكرهوه ( الأوراق للصولي ، أخبار الراضي والمتقي 208 ).

وفي أيام عز الدولة ، بختيار الديلمي ( 356 - 367 ) ، قبض ببغداد علي أبي الحسن محمد بن المستكفي بالله العباسي ، وكان ببغداد لما قبض معز الدولة علي أبيه ، وخلعه وسمل عينيه واعتقله ، ففر إلي الشام ، ثم إلي مصر ، وعاد إلي بغداد ، وطلب الخلافة ، واتبعه جماعة ، فقبض عليه عز الدولة بختيار ، وجدع أنفه ، وقطع شحمتي أذنيه وشفته العليا ، وحبس في دار الخلافة ، ومعه أخ له اسمه علي ، فهربا من السجن ، وقصدا خراسان ، وانقطع خبر أبي الحسن . ( الوافي بالوفيات 313/3 والاعلام 98/7 ).

أقول : إن جدع الأنف ، وقطع شحمة الأذن ، والشفة العليا ، لم يقصد بها المثلة فقط ، وإنما قصد بها حرمان الانسان من طلب الخلافة ، لأن المشروط في الخليفة أن يكون سالم الحواس ، وعلي هذا الأساس ، كان يقع سمل الخلفاء ، لئلا يحق لهم في مستقبل الأيام من بعد سملهم ، أن يطالبوا بالعودة إلي منصب الخلافة .

وفي السنة 381 خلع بهاء الدولة ، الخليفة الطائع ، وقطع قطعة من إحدي أذنيه وسملت عيناه ، وسلم إلي القادر بالله ، فتقدم بجدع أنفه ، فقطع يسير من مارن أنفه ، مع ما كان قطع أو من أذنه . ( شذرات الذهب 143/3)

أقول : لم يرد في بقية التواريخ أن الطائع سملت عيناه ، وقد انفرد صاحب شذرات الذهب برواية هذا الخبر .

وفي السنة 529 حارب الخليف المسترشد ، السلطان مسعود ، وانهزم

ص: 164

جيش الخليفة ، وأسمر المسترشد ، فهجم عليه في خيمته عدد من الرجال فجدعوا أنفه ، وأذنيه ، وعروه ، ثم قتلوه ( ابن الأثير 27/11 ).

وفي السنة 552 حاصر الأتراك من جند محمد شاه ، بغداد ، وكان الضعفاء من أهل بغداد ، يعبرون جند الأتراك ، ثم يعودون إلي بغداد يجلبون علف وحطب فبيبيعونه ويعيشون بثمنه ، وربما حشوا فيه اللحم والتفاح والخضرة ، ففطن بهم الأتراك فمنعوهم ، فلم يمتنعوا ، فحصر كوجك زعيم الأتراك ، جماعة منهم ، وقطع آذانهم ، وخرم أنوفهم ، فعادوا ودماؤهم تسيل ، وشكوا إلي الخليفة أمرهم بأن وقفوا تحت التاج واستغاثوا ، فقسم فيهم مالا وأمر بمداواتهم . ( المنتظم 173/10 ).

وكان سنجر شاه ، صاحب جزيرة ابن عمر (ت 605 ) ظالما ، عذب رعيته ، وكان يكثر من قطع الألسنة ، والأنوف ، والآذان ، أما اللحي ، فإنه حلق منها ما لا يحصي ( ابن الأثير 282/12 ) .

وسرق فتي بمصر ، ثورة ، فأمر به ملك الأمراء بمصر فقطع أنفه ، وأضاف إلي ذلك أن قطع أذنه ، ثم شهره علي الثور المسروق ، ثم قتله بالخازوق ( بدائع الزهور 358/5 ).

وغضب ملك الأمراء ، نائب السلطان بمصر ، علي أحد الرعية ، فقطع أنفه وأذنيه ، ورسم بنفيه إلي مكة ، وأنزله من القلعة ، والدم يقطر من أنفه ومن أذنيه . ( بدائع الزهور 394/5 ).

وكان أحمد باشا الجزار (ت 1219) ، مشتهرة بالتمثيل بالناس ، بقطع الأطراف والأنوف والآذان ( تاريخ الجبرتي 49/3 ) .

وجاء في كتاب «اعيان دمشق في القرن الثالث عشر ونصف القرن الرابع عشر لمحمد جميل الشطي : أسرف أحمد باشا الجزار في القتل والتعذيب ، وقطع الأناف ، والآذان ، والأطراف ، وسلب النعم ، ومات في

ص: 165

سجنه ما لا يحصي من الأعيان والعلماء وغيرهم ، ومنهم من أطال حبسه حتي مات في سجنه ،.

وقال صاحب خطط الشام 21/3 : كان الجزار يقتل الصغير والكبير ، من وزراء وعلماء وأفندية وأغوات ، وكان إذا عامل أحد المغضوب عليهم بالرفق ، وعزف عن قتله ، يجذم أنفه ، ثم يصلم أذنه اليمني ، ثم يقلع عينه اليمني .

ص: 166

القسم الرابع : قلع الأضراس

الضرس : بالكسر ، السن الذي من جانبي الفك ، والبغداديون يسمونه : الرحي لأنه يطحن الطعام .

والأسنان كلها إناث ، إلا الأضراس والأنياب ، قال الشاعر :

وسرب سلاح قد رأينا وجوهه ****إناثا أدانيه ذكورا أواخره

والتعذيب بقلع الضرس ، قليل الممارسة ، وأول ما بلغنا خبره ، أنه مارسه يوسف بن عمر الثقفي ، الملقب : أحمق ثقيف ، عامل هشام الأموي ، علي العراق ، فإنه قال لكاتبه : ما حبسك عني ؟ قال : اشتكيت ضرسي ، فقال : تشتكي ضرسك ، وتقعد عن الديوان ؟ ثم دعا بالحجام ، وأمره ، فقلع ضرسين من اضراسه ( المحاسن والمساويء 143/1 ).

ولما ولي هشام بن عبد الملك ، الخلافة ، أحضر فقاش الفقعسي ، وأمر بقلع أضراسه وأظفار يديه ، فلما فعل به ذلك قال :

عذبوني بعذاب**** قلعوا جوهر راسي

ثم زادوني عذابا**** نزعوا عني طساسي

الطساس : الأظفار ، ويريد بجوهر الراس : الأضراس . ( شفاء الغليل 131).

ص: 167

ولما حبس المنصور العباسي ، آل الحسن ، أرسل عبد الله بن الحسن ، إلي عيسي بن علي ، فاستأذن أبا جعفر ، وصار إليه في الحبس ، فاستسقاه ماء باردة ، فأتي بقلة فيها ماء وثلج ، فإنه ليشرب ، إذ دخل أبو الأزهر ، فأبصره يشرب من القلة ، وهي علي فيه ، فضرب القلة برجله ، فألقي ثنيتيه ، فأخبر عيسي أبا جعفر بذلك ، فقال له : أله عن هذا يا أبا العباس ( مقاتل الطالبيين 225) .

وفي السنة 255 تخاصم القائد صالح بن وصيف ، والكتاب ، فقبض علي أحمد بن اسرائيل وضربه حتي كسر أسنانه ( الطبري 387/9 ) .

أقول : كان أول ما ذكر عن صالح بن وصيف ، إنه اشترك مع إخوة له أربعة أولاد وصيف ، في مقتل المتوكل في السنة 247، ولما انخزل المستعين عن سامراء في السنة 251 وأستقر ببغداد ، كان صالح بن وصيف أحد قواده ، وكان موك؟ بباب الشماسية ( الصليخ ) وكانت من المناطق المهمة في المواجهة بين العسكرين ، ولما تنازل المستعين عن الخلافة ، وتصالح الجند الأتراك فيما بينهم ، عاد صالح إلي سامراء مع من عاد ، وأصبح ذا صولة في الدولة ، وفي السنة 255 تحرك الجند الأتراك في سامراء بقيادة صالح يريدون أرزاقهم ، وكانت الفتن المتواصلة ، وتمزق رقعة الدولة ، واستبداد أصحاب الأطراف بما تحت أيديهم ، قد أفرغ خزانة الدولة من المال ، وكان الجند يحيلون الذنب في خلو الخزينة من المال علي الكتاب ، ويتهمونهم باحتجان الأموال لأنفسهم ، ونشبت خصومة عنيفة ، أمام المعتر ، بين صالح بن وصيف ممثلا الجند الأتراك ، وبين أحمد بن إسرائيل وزير الخليفة ، شكا خلالها صالح للمعتز من انقطاع أرزاق الجند الأتراك ، واتهم الكتاب بأنهم « ذهبوا بأموال الدنيا ، فاغتاظ أحمد بن اسرائيل ، وشتم صالح بن وصيف ، وقال له : يا عاصي يا ابن العاصي ، يشير إلي موقفه ، وموقف أبيه ، من مقتل المتوكل أولا ، ومن إعانة المستعين ثانية ، فاشتد

ص: 168

انزعاج صالح ، وتظاهر بالإغماء ، فرشوا علي وجهه الماء ، وبلغ الخبر أصحابه وهم علي الباب ، فهاجوا ، ودخلوا علي المعتز ، وقد أشهروا سيوفهم ، فدخل المعتز وتركهم ، فنهض صالح ، وأخذ أحمد بن إسرائيل وأبا نوح عيسي بن ابراهيم والحسن بن مخلد ، فقيدهم ، وأثقلهم بالحديد ، وحملهم إلي داره ، وتوسل إليه المعتز أن يترك له أحمد بن اسرائيل ، وقال : إنه كاتبي ، وقد رباني ، فلم يلتفت إليه صالح ، وضرب ابن اسرائيل حتي كسر أسنانه ( الطبري 227/9 ، 341، 381، 387) .

وفي السنة 289 ظفر شبل غلام الطائي ، برئيس من رؤساء القرامطة ، يعرف بابن أبي الفوارس ، وبعث به إلي الحضرة ، فدعا به المعتضد، وأمر به فقلعت أضراسه ، ثم خلعت مفاصله بمد إحدي يديه ببكرة ، وعلق بالأخري صخرة ، وترك علي حاله تلك من نصف النهار إلي المغرب ، ثم قطعت يداه ورجلاه من غد ذلك اليوم ، وضربت عنقه ، وصلب بالجانب الشرقي ، ثم حملت جثته بعد أيام إلي الياسرية ، فصلب مع من صلب هناك من القرامطة ( الطبري 86/10 ).

وكان ابن صلايا العلوي ، نائب إربل (ت 656 ) ، يعاقب شارب الخمر بقلع أضراسه ( الوافي بالوفيات 129/5 ).

وفي السنة 749 لما قتل السلطان الملك المظفر حاجي بن محمد بن قلاوون ، قبض علي نديمه الشيخ علي الكسيح ، وقلعت أسنانه وأضراسه ، شيئا بعد شيء ، وضرب بالمقارع والكسارات ضربا عظيما ، ونوع له العذاب أنواعا حتي هلك ، وكان بشع المنظر ، له حدبة في ظهره ، وحدبة في صدره ، كسيحة لا يستطيع القيام ، وإنما يحمل علي ظهر غلامه ، وكان يضحك الملك المظفر ، ثم نادمه ، وعاقره الشراب ، وزوجة الملك باحدي حظاياه ، ولما قتل الملك المظفر ، أخذ الشيخ علي ، وعذب حتي هلك ( النجوم الزاهرة 191/10 ).

ص: 169

وكان الأمير سودون الشيخوني ، بالقاهرة ، يعاقب من استعمل الحشيشة ، بقلع أضراسه ، فقلع في السنة 780 أضراس كثير من العامة ( خطط المقريزي 128/2 ).

وفي السنة 882 قبض سلطان مصر علي برهان الدين النابلسي وكيل بيت المال ، وبعد أن ضرب أكثر من الفين وستمائة عصا ، أمر به فقلعت أضراسه ودقت في رأسه ( بدائع الزهور 172/2 ).

وفي السنة 1202 قتل حمزة كاشف المعروف بالدوديدار ، رجلا نصرانيا رومية صائغ ، اتهمه مع زوجته ، فقبض عليه ، وعذبه أياما ، ومن جملة ما عذبه به ، أن قلع عينيه ، وأسنانه ، وجدع أنفه ، وقطع شفتيه وأطرافه حتي مات ( الجبرتي 52/2 ) .

وفي السنة 1217 حصلت معركة بين المماليك الذين في الصعيد، وجماعة من الجيش العثماني ، وكانت الدائرة علي الجيش العثماني فقتل أكثر الجماعة ، وأسر رئيسها واسمه أجدر وكان موصوفة بالشجاعة والاقدام ، فأحضر أمام الأمير الألفي ، رأس المماليك ، فقال له : لأي شيء سموك أجدر ؟ فقال : الأجدر معناه الأفعي العظيمة ، فقال له : يحتاج إلي تطريمك وإخرج سمك ، وأمر به فقلعت أسنانه ، ثم قتلوه ( الجبرتي 538/2 ) .

ص: 170

القسم الخامس : سل الأظافر من الاصابع

أول ما بلغنا عن هذا اللون من العذاب ، مارسه هشام بن عبد الملك ، بفقاش الفقعسي ، وكان فقاش تولي أمر وليمة في قريش ، فأجلس عمارة الكلبي فوق هشام بن عبد الملك ، فأحفظه ذلك ، والي علي نفسه ، أنه متي أفضت إليه الخلافة عاقبه ، فلما استخلف ، أمر أن يؤتي به ، وان تقلع أضراسه ، وأظفار يديه ، ففعل به ذلك ( شفاء الغليل 131).

وعذب أبو القاسم البريدي ، أبا جعفر الكرخي ، المعروف بالجرو ، بسل أظافيره ، راجع كتاب نشوار المحاضرة واخبار المذاكرة ، في القصة المرقمة 4/ 124 .

وعذب أبو جعفر بن شيرزاد ، أبا الحسين البريدي ، في السنة 333 ببغداد ، بسل أظافيره ( التكملة 145).

وكان من جملة ما عذب به المعتضد، قرطاس ، أحد رماة صاحب الزنج ، بأن قلع أظفاره . ( القصة 78/1 من نشوار المحاضرة ) .

وكان الأمير سيف الدين الناصري (ت 738 ) ، مشد الدواوين بمصر ، يعذب الناس ، بدق الليط تحت أظافرهم ( الوافي بالوفيات 348/9 ) .

ص: 171

ص: 172

القسم السادس : خلع المفاصل

عذب الأتراك المهتدي ، بألوان من العذاب ، كان من جملتها خلع مفاصل يديه ورجليه ( الطبري 86/10 وابن الأثير 233/7 ).

وذكر صاحب فوات الوفيات 3/ 320 أن جملة ما عذب به المعتز أنهم نزعوا أصابع يديه ورجليه .

ولما جيء إلي المعتضد، بابن أبي الفوارس ، أمر بخلع مفاصله فمدت إحدي يديه ببكرة ، وعلق في اليد الأخري صخرة ، حتي خلعت يده ، وترك كذلك من نصف النهار إلي المغرب ، ثم قطعت أطرافه ، وقتل ( الطبري 86/10 ).

ولما قتل نصر بن عباس ، الظافر الفاطمي ، في السنة 550 ، وفر إلي الشام ، فأسر ، وأعيد ، أمرت أخت الظافر ، فخلعت يد نصر . ( النجوم الزاهرة 310/5 ).

ولما فتح تيمورلنك دمشق في السنة 803 كان من جملة ما عذب به الدمشقيون خلع المفاصل، بأن يربط كتفا المعذب بحبل ، ويلوي الحبل بالعصا ، حتي ينخلع مفصل الكتفين ( النجوم الزاهرة 12/ 244 و245 ) .

ص: 173

ص: 174

الباب العاشر : ألوان من العذاب

اشارة

يشتمل هذا الباب علي ألوان من العذاب ، رأينا أن يقسم علي ثلاثة فصول :

الفصل الأول : تعذيب الوزراء والعمال المصروفين

الفصل الثاني : أصناف مختلفة من العذاب ، وقد أثبتنا فيه خمسة عشرة بحثا ، عن خمسة عشر لونا من ألوان العذاب ، وهي :

1- محنة القرامطة

2- حمل الأثقال

3- المساهرة

4 - إرسال السباع والحشرات علي المعذب

5 - شق لحم البدن بالقصب الفارسي .

6- العصر

7 - الدهق

8- التعذيب بالزمارة

9 - التعذيب بالمضرسة

10 - التعذيب بالدوشاخة

11 - ثقب الكعاب

12 - تنعيل الناس بنعال الدواب

ص: 175

13 - قطع أجزاء من لحم البدن

14 - قرض لحم البدن بالمقاريض

15 - قتل الأسير ووضع رأسه في حجر أقرب الناس إليه .

الفصل الثالث : التعذيب في قصص الاضطهاد الديني

ص: 176

الفصل الأول : تعذيب الوزراء والعمال المصر وفين

كان صرف الوزير أو العامل ، في العهد الأموي والعباسي ، يعني نقله من دار العمل إلي السجن ، حيث يطالب هو وجميع أفراد حاشيته ، ويعذبون ، كما كان يعني عزل الوزير، أو صاحب الديوان ، نهب داره أيضا ، ولذلك نجد في الأخبار، أن الوزير الفلاني ، صرف علي تكرمة ، بأن أنفذ إلي داره من حماها من النهب ، ولم يسلم أحد من الوزراء ، أو العمال أو أصحاب الدواوين ، بعد الصرف ، من المطالبة ، والحبس والعذاب ، إلا قليلا ، وكأن دخول السجن بعد الصرف ، شرط من شروط استعمالهم ، حتي أن صاحب الضوء اللامع، ذكر في أخبار الوزير سعد الدين إبراهيم بن بركة القبطي الوزير ، إن السلطان المؤيد لما قبض عليه عندما عزله في السنة 816 «لم يتفق له عند القبض أن يضرب ، ولا تمكنت أعداؤه منه ، ولزم منزله حتي مات في السنة 818 ( الضوء اللامع 33/1)

وقال أبو دلامة لما حبسه المهدي عندما وجده سكرانة : ( العقد الفريد 261/1)

أمير المؤمنين فدتك نفسي****علام حبستني وخرقت ساجي

أقاد إلي السجون بغير ذنب ****كأني بعض عمال الخراج

ص: 177

وكان أبو الحسن الكاتب الملقب بابن الماشطة ، عزل عن عمل كان إليه وحبس ، فقال : ( معجم الأدباء 114/5 ).

قالوا حبست فقلت الحبس لاعجب**** حبس الكرامة لا حبس الجنايات

حبس العمالة بعد العزل عادتنا**** ريث التتبع أو رفع الجماعات

ونظر إسماعيل بن عمار إلي عمال يوسف بن عمر ، يعذبون ، فقال : ( الاغاني 369/11 ) .

رأيت صبيحة النيروز أمرأ ****فظيعا عن إمارتهم نهاني

أعجل - ان أتي - أجلي بوقت**** وحسبي بالمجرحة المتان

فما عذري اذا عرضت ظهري**** لألف من سياط الشاهجان

وأسحب في سراويلي بقيدي**** إلي حسان معتقل اللسان

وكانت مصادرة العمال والكتاب ، وكل من كان له تصرف في الدولة ، قد أصبحت آيينا ، بحيث أن من العيوب التي نسبت إلي الوزير علي بن عيسي ، لما شغبوا عليه عند المقتدر ، أن أخبروه ، أن الوزير علي بن عيسي لا يصادر أحد من عماله ، ويقول : لا أخون عام بعد أن ائتمنته . ( تجارب الأمم43/1 ).

وكان السلطان يصل في المكروه بالمعذبين المطالبين ، وبأتباعهم ، إلي حد القتل ، ولما عزل الوزير ابن الفرات عن وزارته الثانية للمقتدر في السنة 306 أحضر أحد أتباعه واسمه موسي بن خلف ، وكان شيخ في التسعين ، وسئل عن ودائع الوزير ابن الفرات وأمواله ، فأنكر معرفته بشيء منها ، فأمر الوزير حامد بن العباس بصفعه ، وعاوده بالمكروه مرات ، حتي مات تحت الضرب ، وأمر بجر رجله وهو ميت ، فجر ، وتعلقت أذنه في رزة عتبة الباب ، فانقلعت ( تجارب الأمم 64/1 و65).

ص: 178

ولما توفي الوزير المهلبي ، وزير معز الدولة في السنة 352 ، تصدي أتباع مع الدولة للبحث عما خلف من أموال وودائع ، واعتقلوا زوجته وابنه ، وأخذ كاتبه أبو العلاء عيسي بن الحسن بن أبرونا ، وطولب ببيان ما يعرفه عن أموال سيده ، وعوقب أشد عقوبة ، وضرب أبرح ضرب ، وهو لا يزيد علي إنكار معرفته بأي شيء ، ولما صدر الأمر بضرب أبي الغنائم ، ابن الوزير ، بكت أمه ، وسألت أبا العلاء أن يكشف عما يعلمه من أموال سيده ، ليتخلص ولدها من الضرب ، فكشف لها عن أموال طائلة ، فقال له بعض من حضر : ويلك ، ألست من الآدميين ؟ تقتل هذا القتل ، ويفضي حالك إلي التلف ، وأنت لا تعترف ( التكملة 185).

وكان المنصور العباسي ، ولي محمد بن خالد القسري ، علي المدينة ، ثم عزله برياح بن عثمان المري ، فلما قدم رياح المدينة ، اعتقل سلفه القسري ، وطالبه ، فأحاله علي كاتبه مولاه رزام ، فغضب رياح ، وأمر به ، فضرب أسواطأ ، ووجئت عنقه ، وأخذ كاتبه رزامة ، وأمره أن يرفع علي محمد بن خالد ، فأمتنع ، فبسط عليه العذاب ، وكان يضربه في كل غب خمسة عشر سوطأ ، مغلولة يداه إلي عنقه ، من بكرة إلي أول الليل ، ويدار به في أفناء المسجد والرحبة ، حتي أصبح ما بين قرنه إلي قدمه قرحة واحدة ، حتي إنه أخرج يوما للضرب ، فلم يكن في بدنه موضع للضرب ، فضرب علي باطن كفيه ( الطبري 533/7 و534 ) ، وكانت آخرة هذا الظالم أن قتل أشنع قتلة ، فإنه لما ظهر النفس الزكية ، محمد بن عبد الله بن الحسن ، اعتقله ، ولما قتل محمد ، عمد أحد أنصاره إلي السجن ، فاقتحمه علي رياح ، وذبحه ، ولم يجهز عليه ، بل تركه يضطرب حتي مات ، ثم تركت جثته للصبيان ، يدورون حولها، وينشدون ، ( العيون والحدائق 244/3 و247).

سلحت أم رياح ****فأتتنا برياح

ص: 179

فأتتنا بأمسير**** ليس من أول الصلاح

ما سمعنا بأمير**** قبل هذا من سفاح

ويمكن أن يتخذ ما أصاب الوزير ابن مقلة من أذي ، مثالا لما يصيب الوزراء والعمال والكتاب والقواد ، إذا نحوا عن مناصبهم في الدولة ، ذلك لأن ما أصاب ابن مقلة ، وصل إلينا مفصلا ، أما الباقون ، فقد أجمل المؤرخون ما أصابهم ، بأن ذكروا أنهم قتلوا ، أو أنهم ماتوا تحت العذاب .

وكان أول ما عذب به الوزير ابن مقلة ، أن استدرجه الخليفة الراضي إلي قصره ، حيث اعتقله في إحدي حجر القصر ، ثم أخذ إلي بيت البوابين وأحضر له من قطع يده بحضور ابن بدر الشرابي ، صاحب الشرطة ، وجماعة من أصحابه القواد في الشرطة ، ثم رد إلي محبسه ، وساءت حالته الصحية في آخر النهار ، فاستدعي له الراضي الطبيب ثابت بن سنان ، فوجد محل القطع قد ورم واسود ، فعالجه ، ثم عاودت الراضي هواجسه منه ، فأمر بقطع لسانه ، فقطع ، وألبس جبة صوف ، وأفرد في الحبس ، لا يدخل إليه أحد ، فكان يري من شقوق الباب يستقي الماء من باطن البئر ، مستعينا بفمه ، وبيده اليسري الصحيحة ، ولحقه شقاء شديد .

ثم أمر الراضي بقطع الخبز عنه ، فقطع عنه أياما ، حتي مات جوعا ، ودفن في دار السلطان . ( تجارب الأمم 386/1 - 395 ).

ولمن أراد الاطلاع بتفصيل أوفي ، علي ما أصاب الوزراء ، أن يراجع كتابنا « الرواتب في الإسلام ، الباب الثاني «الوزارة والوزراء » الفصل الرابع « مصير الوزراء ».

كان عمر بن هبيرة ، أمير العراق ، ولي سعيد بن عمرو الحرشي ، خراسان ، في السنة 103 ، ثم بلغه عنه ما حقده عليه ، فعزله ، وأحضره ، وعذبه بأن أمر فنفخ في دبره النمل ( الحيوان 4 / 33 والاعلام 1523 ).

ص: 180

وفي السنة 116 عزل هشام بن عبد الملك ، عامله علي خراسان ، الجنيد بن عبد الرحمن ، وولي عليها عاصم بن عبد الله الهلالي ، فقدم وقد مات الجنيد ، واستخلف عمارة بن حريم ، فحبس عاصم ، عمارة ، وعمال الجنيد ، وعذبهم ( الطبري 93/7 ).

ولما عزل هشام بن عبد الملك ، خالد بن عبد الله القسري عن العراق ، ووتي بدلا منه يوسف بن عمر الثقفي ، خطب الناس يوسف بالكوفة ، فذكر أن الخليفة أمره بأن يأخذ عمال خالد ، وأن يشفيه منهم ، وأنه سوف يفعل ذلك ويزيد ، وهدد العراقيين بأنه سوف يقتل منافقيهم بالسيف وجناتهم وفاقهم بالعذاب ( الطبري 151/7 ).

ولم يقصر يوسف بن عمر ، الملقب « أحمق ثقيف ، في تنفيذ رغبة هشام فإنه قبض علي جميع عمال خالد ، وهم ثلثمائة وخمسون ، وعذبهم ، وضرب مولي لخالد اسمه داود ، حتي مات ( العيون والحدائق 103/3 )، وقبض علي طارق ، صاحب خالد القسري ، وضربه خمسمائة سوط ( الطبري 150/7 و151).

وكان المنصور العباسي ، لا يعزل أحد من عماله ، إلا ألقاه في دار خالد البطين ، فيستخرج منه مالا ( الطبري 81/8 )

وكان لعيسي بن موسي ، أمير الكوفة ، صاحب عذاب ، اسمه بطين ، يتسلم من وقعت عليه مطالبته ، فيعذبه ويستأديه ( الاغاني 150/18 ).

وكان التعذيب يقع بمحضر من الشخص الذي تناط به مناظرة المصروف المطالب ( القصة 27/5 من كتاب نشوار المحاضرة ) ، وقد يقع التعذيب بمحضر من الوزير ( القصة 47/8 من كتاب نشوار المحاضرة )، وفي بعض الأحيان يقع التعذيب بمحضر من الأمير ( القصة 48/8 من كتاب نشوار المحاضرة ) .

ص: 181

وكان العمال والكتاب المصروفون ، يحبسون ، ويضربون ، ولكن مع حفظ حياتهم ، حتي أن الخليفة ربما وكل بالمسجون المطالب ، شخصا من قبله ، هو في الظاهر لزيادة المطالبة ، والتشدد فيها ، وفي الباطن لحفظ حياة العامل ، كي لا يتجاوز الوزير حده في المطالبة إلي قتل المطالب ، وكانوا يقولون : هؤلاء أكابر العمال الذين قامت هيبتهم في نفوس الرعية ، وعرفوا أقطار البلاد ، وهم أركان الدولة ، وأنداد الوزارة ، والمرشحون لها ، فإن لم تحفظ نفوسهم ، وضع ذلك من الأمر ، وأثر فيه ( القصة 40/8 من كتاب نشوار المحاضرة للتنوخي ).

وقد لاقي العمال المصروفون ، فترات من الترفيه ، ارتفع فيها عنهم العذاب ، أذكر منها الفترة التي حكم فيها الخليفة الصالح عمر بن عبد العزيز ، فإنه أول ما استخلف كتب إلي عماله أن لا يغل مسجون ( العيون والحدائق 63/3 ).

وكتب عدي بن أرطأة ، عامل العراق ، إلي عمر بن عبد العزيز ، يستأذنه في عذاب العمال ، فكتب إليه : كأني لك جنة من عذاب الله ، وكأن رضاي ينجيك من سخط الله ، من قامت عليه بينة ، أو أقر بما لم يكن مضطهدة مضطرة إلي الإقرار به ، فخذه بأدائه ، فإن كان قادرا عليه فاستأده ، وإن أبي فأحبسه ، وإن لم يقدر فخل سبيله بعد أن تحلفه بالله إنه لا يقدر علي شيء ( شرح نهج البلاغة 20/17 ).

وكان كثير من أهل الذمة ، في العراقين وخراسان ، قد أسلموا ، وكان المقتضي حسب أحكام الإسلام ، أن ترفع عنهم الجزية ، ولكن الحجاج بن يوسف الثقفي ، لما رأي أن ذلك يستوجب نقصا في الخراج ، أمر بإبقاء الجزية علي رقابهم ، وأن تؤخذ منهم ، وقد أسلموا ، كما كانت تؤخذ منهم ، وهم كفار ، فكان ذلك من الأسباب التي أدت إلي ثورة الناس علي الحجاج ، وتأييدهم لابن الأشعث لما خرج عليه وحاربه ، فلما ولي الخليفة

ص: 182

الصالح عمر بن عبد العزيز ، كتب إلي كل واحد من عماله : أنظر من صلي قبلك إلي القبلة ، فأرفع عنه الجزية ، فكتب بعضهم إلي عمر : إن الناس قد سارعوا إلي الإسلام ، نفورة من الجزية ، فلو أمتحناهم بالختان ، فكتب عمر في جواب ذلك : إن الله بعث محمدا * داعيا ، ولم يبعثه خاتنا (الكامل الابن الأثير101,51/5)

راجع ما كتبناه عن الحجاج ، وقسوته ، وجرائمه ، وسياسته المالية المخربة ، في كتاب الفرج بعد الشدة لقاضي التنوخي ، في حواشي القصص المرقمات 67 و 149 و182 وفي كتابنا « الكنايات العامية البغدادية » في الفقرة « ظلم الحجاج ، وفي هذا الكتاب في الباب الحادي عشر : القتل ، الفصل الأول : القتل بالسيف ، القسم الثاني : القتل في المعركة .

ويكفي لبيان رجحان سياسة عمر بن عبد العزيز ، في اللين والعدل ، أن نورد أن جباية سواد العراق ، كانت في عهد الخليفة عمر بن الخطاب ، مائة ألف ألف ، وثمانية وعشرين ألف ألف درهم ، فنزلت في عهد الحجاج إلي ثمانية عشر ألف ألف درهم ، أي أنها نزلت إلي الشبع ، ثم عادت فارتفعت في عهد الخليفة عمر بن عبد العزيز، إلي مائة ألف ألف وأربعة وعشرين ألف ألف درهم ( أحسن التقاسيم للمقدسي 133 ).

ولما ظهر إبراهيم بن عبد الله بن الحسن ، بالبصرة ، محاربأ للمنصور العباسي ، أخذ حميد بن القاسم ، أحد عمال أبي جعفر ، فقال له المغيرة : أدفعه إلي ، قال : ما تصنع به ؟ قال : أعذبه ، قال : لا حاجة لي في مال لا يؤخذ إلا بالعذاب . ( مقاتل الطالبيين 334 ).

ولما وزر أبو الحسن علي بن عيسي ، للمقتدر ، في السنة 301 كتب إليه عامل با دوريا ، إن قوما من أهالي بادوريا ، ألطوا بالخراج ، واستأذنه في إطلاق يده في تقويمهم » فكتب إليه : إن الخراج - عافاك الله - دين ،

ص: 183

وليس يجب فيه غير الملازمة ، فلا تتعد ذلك إلي غيره ، والسلام . ( تجارب الأمم 31/1 ) .

وكان المتوكل يضيف إلي عذاب من يأمر بتعذيبه ، أن يبعث إليه بمن يعيره أو يكايده ، أو يعبث به ، أو يسخر منه ، كما صنع مع وزيره محمد بن عبد الملك الزيات ، فإنه حبسه ، وأحمي له التنور الحديد الذي كان محمد قد صنعه لتعذيب ضحاياه ، وأقعده فيه ، ثم أمر المتوكل نديمه عبادة المخنث ، المجاهر بالعهر والبغاء ، أن يدخل إلي محمد ، فيكايده ، فدخل إليه ، فوقف بإزائه ، ثم قال له : اسمع يا محمد ، كان في جيراننا حفار يحفر القبور ، فمرضت مخنثة من جيراني ، وكانت صاحبة لي ، فبادر ، فحفر لها قبرة ، فبرأت هي ، ومرض هو بعد أيام ، فدخلت إليه صاحبتي ، وهو في النزع ، فقالت له : وي ، فلان ، حفرت لي قبرأ وأنا في عافية ، أو ما علمت ان من حفر بئر سوء وقع فيها ؟ وحياتك يا محمد ، لقد دفناه في ذلك القبر ، والعقبي لك ، قال : فما برح من إزاء محمد بن عبد الملك ، يؤذيه ، ويكايده ، حتي مات . ( الاغاني 73/23 و 74 ) .

وفي السنة 299 قبض المقتدر علي الوزير أبي الحسن بن الفرات ، ووكل بداره ، وهتك حرمه أقبح هتك ، ونهبت داره ، ودور كتابه وأسبابه ، وقبض علي كتابه ، ونهبت دورهم وهدمت ، وناظرهم ابن أبي البغل ، وعذبهم ، وناظر ابن الفرات ، غير أنه لم يمكن من إيقاع مكروه به ، ومكن من جميع أسبابه وكتابه ( تجارب الأمم 20/1 و21).

راجع في كتاب نشوار المحاضرة ، وأخبار المذاكرة للقاضي التنوخي ، في القصة المرقمة 41/8 ، كيف عذب ابن أبي البغل هذا ، أحد كتاب الوزير ابن الفرات ، وكيف نتف ربع شعر رأسه ، ثم قيره بقير حار ، حتي اضطره إلي أن يؤدي سبعين ألف دينار .

ولما عزل الوزير علي بن عيسي في السنة 304 وأعيد ابن الفرات

ص: 184

الوزارة المقتدر ، قبض ابن الفرات علي أسباب علي بن عيسي ، وإخوته ، وكتابه ، وجميع عماله بالسواد وبالمشرق والمغرب ، وصادرهم ، وقبض علي الوزير الأسبق ، أبي علي الخاقاني ، وتتبع أسبابه ، وألزمهم مصادرة ثانية . ( تجارب الأمم 42/1 ).

وكان الوزراء والعمال والكتاب ، إذا اتهموا بوجود مال في حوزتهم ، اعتقلوا ، وعذبوا ، وطولبوا ، ولما عزل الوزير ابن الفرات ، عن وزارته الثانية للمقتدر في السنة 306، وحبس في دار الخلافة ، قال له مناظره : أصدق عن نفسك ، فقد وصل إليك من ضياعك وغلاتك في كل سنة ألف ألف ومائتا ألف دينار ، ومن وجوه إرتفاقاتك مثلها ، فأكتب خطك بألف ألف دينار معجلة ، تقدمها ، إلي أن ينظر في أمرك ، حتي تسلم نفسك ، وإلا سلمت إلي من يعاملك بمثل ما يعامل به مثلك من الخونة الذين دبروا علي المملكة . ( تجارب الأمم 64/1 ).

وفي السنة 310 اتهم المقتدر ، قهرمانته أم موسي ، بأنها تسعي في نقل الخلافة إلي غيره ، فأعتقلها ، وأسلمها إلي ثمل القهرمانة ، وأعتقل معها أخاها ، وأختها ، فاستخرجت ثمل منهم أموالا عظيمة ، وجواهر نفيسة ، ومن الثياب والكسوة والطيب والفرش ما يعظم مقداره ، حتي أن الوزير علي بن عيسي نصب لذلك ديوان خاصأ سماه : ديوان المقبوضات عن أم موسي وأسبابها . ( تجارب الأمم 1/ 84).

ولما عزل حامد بن العباس عن وزارة المقتدر في السنة 311 وولي الوزارة ابن الفرات ، أمر بحبس مواضع فيها أسباب حامد وكتابه ، فأثارهم ، وكان المحسن يسرف في المكروه الذي يوقعه بمن يحصل في يده منهم . (تجارب الأمم 93/1 ).

ولما وزر ابن الفرات للمقتدر ، في وزارته الثالثة ، عمد إلي أصحاب

ص: 185

الوزير علي بن عيسي وأسبابه ، فصادرهم جميعا ، منهم ابن مقلة ، والشافعي ، ولما لم يجد علي النعمان بن عبد الله سبيلا ، لأنه كان قد تاب من التصرف ، أحدره إلي واسط ، فقبض عليه البزوفري ، في جامع واسط ، لما رأي من إكرام الناس له ، وأخذ منه سبعة آلاف دينار ، كما صادر المادرائيين وأبا الحسن الإسكافي ، ونفي ابن مقلة إلي البصرة . ( التكملة 41 و42) .

وفي السنة 321 لما اعتقل الوزير ابن الفرات ، استتر ولده المحن ، وكان يخرج متنكر في زي امرأة ، ثم يعود ، وحدث ذات يوم أن تأخرت عودته ، فالتجأ مع النساء إلي دار امرأة ، كان زوجها قد أحضر في دار المحسن ليصادره ، فلما رأي الناس في داره يجلدون ويشقصون ، ويعذبون ، مات فجأة ، فلما رأت المرأة المحن ، واطلعت علي أنه رجل، أخبرت نصر الحاجب ، فأمر صاحب الشرطة بالقبض عليه ، فأخذ ، وحبس في دار الوزير . ( ابن الأثير 150/8 - 155).

ولما استوزر المقتدر أبا العباس الخصيبي في السنة 312، اعتقل سلفه الخاقاني ، واستتر ولده ، وكتابه ، وأسبابه ، وصادرهم . ( تجارب الأمم 143/1 و144 ).

وفي السنة 324 عزل الراضي ، وزيره ابن مقلة ، واستوزر عبد الرحمن بن عيسي ، وسلم ابن مقلة إلي الوزير عبد الرحمان ، فضربه بالمقارع . وانتهب الناس داره ودار ابنه ، وطرحوا فيها النار ، ونهب جماعة من كتابه ( تجارب الأمم 337/1 ).

وفي السنة 331 عبر وزير المتقي ، أبو إسحاق القراريطي ، إلي ناصر الدولة ببغداد ، فاعتقله ، وجماعة معه ، واستوزر للمتقي أبا العباس أحمد بن عبد الله الإصبهاني ، وصودر القراريطي والكتاب والمتصرفون . ( تجارب الأمم 38/2 ) .

ص: 186

وفي السنة 361 استوزر بختيار، ابن بقية ، فقبض علي سلفه أبي الفضل الشيرازي الوزير ، وعلي جميع كتابه ، ومن يتصل به ( تجارب الأمم 311/2)

وفي السنة 375 قتل بالعذاب أبو العباس بن سابور المستخرج ، أي الذي يقوم بتعذيب الناس لاستخراج ما يتقرر عليهم علي سبيل المصادرة ، فقيل أنه عرضت فتوي علي أبي بكر الخوارزمي الفقيه ، مضمونها : ما يقول الشيخ في رجل مطالب ، معاقب ، قد ترددت عليه مكاره هونت عليه الموت ، هل له فسحة في قتل نفسه ، وإراحتها مما تلاقيه ؟ فكتب في الجواب : إنه لا يجوز ، ولا يحل له فعله ، والصبر علي ما هو فيه أدعي إلي تضاعف ثوابه ، وتمحيص ذنوبه ، فلما انصرف حاملها ، قال بعض الحاضرين ، لزهير بن أبي بكر : هذه رقعة ابن سابور المستخرج ، فقال أبو بكر : ردوا حاملها ، فردوه ، فسأله عنها ، فأخبره أنها لابن سابور ، فقال أبو بكر : قل له ، إن قتلت نفسك ، أو أبقيت عليها ، فعاقبتك إلي الخسارة ، ومصيرك إلي النار . ( ذيل تجارب الأمم 118) .

وفي السنة 393 عزل بهاء الدولة وزيره أبا غالب ، واستوزر أبا الفضل محمد بن القاسم بن سودمند ، فقبض أبو الفضل علي أبي غالب وحواشيه وأصحابه ، وصادرهم جميعا ، وعسف أبا غالب وأرهقه . ( ذيل تجارب الأمم 459 و460) .

وفي السنة 689 قتل الملك الأشرف خليل، الأمير حسام الدين طرنطاي بالقاهرة ، وكان طرنطاي ، هو المتصرف في دولة المنصور قلاوون ، والد الأشرف خليل ، فلما توفي قلاوون ، وولي الأشرف ، قبض عليه وبسط عليه العذاب ، وعصره إلي أن هلك ، وصبر علي العذاب صبرا لم يعهد مثله ، ولما غسلوه وجدوه قد تهرأ لحمه ، وتزايلت أعضاؤه ، وإن جوفه كان مشقوقة ، كل ذلك ولم تسمع منه كلمة ، ( النجوم الزاهرة 384/7 ) .

ص: 187

وفي السنة 739 أمر السلطان الملك الناصر محمد قلاوون باعتقال النشو ناظر الخاص وأفراد عائلته ، فانتحر أخو النشو واسمه مجد الدين رزق الله بن فضل ، بأن نحر نفسه بسكين ، ثم ضرب المخلص أخو النشو حتي هلك ، ثم ماتت أمه عقيب ذلك ، ثم عذب صهره ولي الدولة فمات تحت « العقوبة » ورمي للكلاب ، ثم صبت ألوان « العقوبة » علي النشو حتي هلك ( النجوم الزاهرة 135/9 و142 ).

وغضب السلطان الملك الناصر محمد بن قلاوون (ت 741 ) علي مضحك له يدعي عزيز ، فأمر المماليك ، فعروه ، وربطوه مع قواديس الساقية ، ودارت به البقر ، فصار عزيز تارة ينغمس في الماء ، وتارة يظهر وهو يستغيث وقد عاين الموت ، حتي مضي نحو ساعتين وانقطع حته ، فتدخل أميران في استعطاف السلطان حتي أمر بإطلاقه ( النجوم الزاهرة 54/9 ).

وفي السنة 753 قبض الأمير صرغتمش بالقاهرة علي الوزير علم الدين المعروف بابن زنبور ، وصادره ، ونهب أمواله ، وضربه عريانين ، ثم أخذ أبنه الصغير وضربه ، بمرأي من أمه ، فأسمعته الأم كلام جافيأ ، فأمر بها فعصرت ، ثم أخرج ابن زنبور وفي عنقه باشه وجنزير ، وضرب عريانا قدام باب قاعة الصاحب بالقلعة ، ثم عصر ، وسقي الماء والملح ، ثم سلم لشاد الدواوين ، فنوع عليه العذاب ، ثم أخرج الي قوص منفيأ ، فمات هناك ( النجوم الزاهرة 284/10 ) .

أقول : أورد المقريزي في خططه 61/2 و62 قصة تعذيب الوزير ابن زنبور ، بتفصيل أكثر ، فذكر انه في السنة 753 غضب الأمير صرغتمش ، رأس نوبة بالقاهرة علي الوزير ابن زنبور ، وأمر أتباعه فاعتقلوه ، وطلب ولد الوزير ، وصار به إلي بيت أبيه ، وأحضر أمه ليعاقبه وهي تنظره ، حتي يدلوه علي المال ، ثم ألزم والي مصر بإحضار بناته ، فنودي عليهن في مصر والقاهرة ، ثم حمل الي داره وعري ليضرب ، وبعد أن ضرب ، عريت

ص: 188

زوجته ، وضرب ولده ، ثم أخرجه في باشا وزنجير ، وضرب في رحبة قاعة الصاحب من القلعة بالمقارع، وتوالت عقوبته ، وأسلم لشاد الدواوين ليعاقبه حتي يموت ، فحال الأمير شيخو دون ذلك ، ثم عاد صرغتمش ، فسلمه لشاد الدواوين ، وعاقبه عقوبة الموت ، فغضب الأمير شيخو ، ومنع من ضربه ، وكاد الأمر أن يتسع بين شيخو وصرغتمش ، ثم آل الأمر إلي تسفير ابن زنبور الي قوص ، حيث مات هناك بعد أحد عشر يوما ، في السنة 754 . ( خطط المقريزي 61/2 و62) .

وفي السنة 771 توفي الوزير الصاحب شمس الدين موسي ، وكان في شبابه ضعيف البنية ، نحيف البدن ، قليل الأكل ، مصابا بالربو، وضيق النفس ، وقد لزمته الحمي الصالبة ، ولا يبرح محتمية ،، يلبس الفراء صيفا وشتاء ، فلما صودر ، وتسلمه والي القاهرة ، وأخذ يعذبه ألوان العذاب ، إذ ضربه أول يوم مائتي شيب (سوط ) وسعطه بالماء والملح ، والخل ، والجير ، حتي حسب أنه مات ، ولكنه أصبح حيا سويا ، فضربه ، وعقد له المقرعة ، حتي كانت اذا نزلت علي جنبيه أحدثت فيه ثقوبة ، وبعد المعاقبة ، كان يرمي عريانة في الشتاء علي البلاط ، فيتمرغ عليه ، وهو لا يعي من شدة الضرب ، ثم عصروه في كعبه وصدغيه ، ثم عوقبت زوجته ، وكانت مثله ضعيفة وحاملا ، فولدت وهي تعصر بالمعصرة ، وعاش ولدها حتي كبر ، وقيل إن الصاحب شمس الدين ضرب ستة عشر ألف شيب ، وقد ضرب مرة فسقط من ظهره قطعة لحم بقدر الرغيف ، فلما أطلق تعافي من جميع أمراضه ، وصار صحيح البدن ( النجوم الزاهرة 110/11 - 112).

وفي السنة 798 قبض السلطان الظاهر برقوق ، بالقاهرة علي الأمير محمود بن علي الاستادار ، ثم أحضره أمامه وهو في ألم عظيم من العصر والضرب والعقوبة ، وكلمه ، فامتلأ عليه غضبا وأمر بعقوبته حتي يموت ، واستمر تحت العذاب حتي مات في السنة 799 بعدما أخذ منه ألف ألف دينار

ص: 189

عينا، وأربعمائة ألف دينار ، وألف ألف درهم فضة ، وبضائع وغلال ثمنها أكثر من ألف ألف درهم فضة ( النجوم الزاهرة 63/12 و 64 و 159).

أقول : في السنة 791 قبض علي الأمير جمال الدين محمود الاستادار بالقاهرة، وعلي ولده محمد، وصفد كل واحد منهما بقيد زنته أربعون رطلا ، خارجة عن قوائمه ، فإنها عشرة أرطال ، وجعل في عنق محمود ثلاث باشات ، ثم أفرج عن الأمير محمود في السنة عينها وخلع عليه خلعة سنية ، وكان له موكب جسيم « إلي الغاية »، ثم أعيد القبض عليه في نفس السنة ، ثم أطلق في السنة 792 واستقر مشيرا للدولة ، ثم قبض عليه في السنة 793 وصودر ، ثم أعيد إلي الاستادارية ، وخلع عليه السلطان ، للدلالة علي رضاه عنه ، ولما عاد من دمشق إلي القاهرة ، جري له استقبال حافل ، فدخل في موكب جسيم يشبه موكب السلطان ، وفرشت له الشقق الكمخا والحرير علي الأرض ليطأها بفرسه ، واجتمع أهالي القاهرة لرؤيته ، ومرض الأمير محمود ، فعاده السلطان وجلس عنده ساعة ، وطال مرض الأمير محمود ، فأصدر السلطان أمره في السنة 798 إلي والي القاهرة بأن ينقل الأمير محمودة ( وهو مريض ) إلي داره ( دار والي القاهرة ) من أجل استخلاص ما يمكن استخلاصه منه من أموال ، فنقله والي القاهرة إلي داره ، وعصره ، وعاقبه ، وأفحش في عقوبته ، ثم نقل من بيت الوالي إلي خزانة شمائل ( أي السجن ) ، وفي السنة 799 مات الأمير جمال الدين محمود بن علي الطازي ، استادار العالية ، وكان موته بخزانة شمائل ( احد سجون القاهرة ) ولم يدفنوه إلا بعد الكشف لجماعة من الشهود « بأنه سالم من الخنق والسقي ( أي السم ) وغيرهما ، وإنه مات « بقضاء الله وقدره » بعد مسكه ، وضربه ، وإهانته ، ومصادرته ، وأخذ ما فوقه وما تحته ( نزهة النفوس 221 - 454)

وفيما أصاب الوزير الصاحب سعد الدين نصر الله ، المعروف بابن

ص: 190

البقري ، بالقاهرة ، عبرة لمن يعمل في خدمة دواوين الحكم ، ولكن الناس لا يتعظون ، فقد ولاه السلطان الظاهر برقوق في السنة 783 نظر الديوان المفرد ، والديوان الخاص ، بمصر ، وقبض عليه في السنة 785 ، وصودر ، وأخذ منه مائتا ألف دينار ، وسلم لشاد الدواوين ، فضربه بقاعة الصاحب ، بالقلعة ، نيفا وثلاثين شيبة ، ثم أطلق ، وفي السنة 792 أعيد إلي الوزارة ، ثم صرف بعد خمسة أشهر ، واعتقل هو وولده ، ثم أطلقا ، واستخدم مستوفية للدولة ، ثم قبض عليه وصودر علي سبعين ألف درهم ، وأطلق ، ثم أعيد إلي الوزارة في السنة 795 ، وفي السنة 796 اعتقل هو وولده ، ثم صودرا ، وأطلقا ، وفي السنة 797 استخدم ناظرة للاملاك ، وفي السنة 798 أعيد إلي الوزارة ، وفي السنة 799 قبض عليه ، وصودر ، وعوقب عقابا شديدا ، وأخرج نهارة ، وهو عاري البدن ، مكشوف الرأس ، مربوطا بحبل يجر به ، وثيابه مضمومة بيده ، وقد انتهك بدنه من شدة الضرب ، ثم أعيد إلي السجن ، وخنق في السنة 799 ( خطط المقريزي 95/2 و 96) .

أقول : لا بد لي أن أشير إلي تصرف وضيع ، قام به السلطان الظاهر برقوق ، مع نساء ابن البقري ، فإن برقوق بلغه في السنة 780 أن في دار ابن البقري احتفال ضخم ، وأن نساءه والنساء المدعوات قد ظهرن في زينتهن وتحلين بجواهرهن ، فشره إلي الإستيلاء عليها، وكان ابن البقري عنده ، فأمر به فاعتقل ، وأوعز إلي أمراء من لدنه ، فهجموا علي النساء في دار ابن البقري ، وسلبوهن جواهرهن ، واستولوا علي ما وجدوا في الدار من أموال ومتاع ، فإذا كان السلطان يصنع هذا ، فلا لوم علي اللصوص في ممارسة اللصوصية ( نزهة النفوس 77) .

وقد حفظ لنا ، صاحب كتاب أنساب الأشراف ، قصيدة لأحد الشعراء كتب بها إلي عبد الله بن الزبير ، يشكو فيها من عماله بالعراق ، ويتهمهم

ص: 191

بالخيانة ، ويسميهم واحدة واحدة ، ويصف أعمالهم ، ويعين عقوبتهم ، منها : ( أنساب الأشراف 191/5 - 194).

يا ابن الزبير أمير المؤمنين ألم**** يبلغك ما فعل العمال بالعمل

باعوا التجار طعام الأرض واقتسموا**** صلب الخراج شحاحا قسمة النفل

فاشدد يديك بزيد إن ظفرت به ****وأشف الأرامل من دحروجة الجعل

خذ العصيفير فانتف ريش ناهضه ****حتي ينوء بشر بعد مقتبل

وخذ حجيرة فأتبعه محاسبة**** وإن عذرت فلا تعذر بني قفل

لا تجعلن مال بيت المال مأكلة**** لكل أزرق من همدان مكتحل

والحارثي سيرضي إن تقاسمه**** إذا تجاوزت عن أعماله الأول

وأدع الأقارع فأقرعهم بداهية**** وأحمل خيانة مسعود علي جمل

كانوا أتونا رجالأ لا ركاب لهم ****فأصبحوا اليوم أهل الخيل والإبل

لن يعتبوك ولما يعل هامهم**** ضرب السياط وشد بعد في الحجل

إن السياط إذا عضت غواربهم**** أبدوا ذخائر من مال ومن حلل

وقد أورد صاحب الصلة ( ص 34 ) أبياتا ، أثبت قائلها فيها ، ألوانا من العذاب الذي كان يصب علي العمال والمتصرفين المصروفين ، منها :

اين ضرب المقارع الأرزنيا**** ت(1) وأين الترهيب والانتهار

أين صفع القفا وأين التهاوي****ل (2) إذا علقت عليها الثفار(3)

أين ضيق القيود والألسن الف**** أين القيام والإخطار

أين عرك الأذان واللطم للها****م وعصر الخصي وأين الزيار(4)

أين نتف اللحي وشد الحيازي****م) وأين الحبوس والمضمار

ص: 192

وفي وفيات الأعيان 469/4 و470 أبيات لابن التعاويذي ، ذكر فيها ما أنزله الوزير ابن البلدي ، بالعمال المصروفين ، من ألوان العذاب ، وأول القصيدة :

يا قاصدا بغداد حد عن بلدة**** للجور فيها زخرة وعباب

ومنها :

شهدوا معادهم فعاد مصدقة**** من كان قبل ببعثه پرتاب

حشر وميزان وعرض جرائد**** وصحائف منشورة وحساب

وبها زبانية تبث علي الوري ****وسلاسل ومقامع وعذاب

ما فاتهم من كل ما وعدوا به**** في الحشر إلا راحم وهاب

ص: 193

ص: 194

الفصل الثاني : أصناف مختلفة من العذاب

اشارة

ص: 195

ص: 196

البحث الأول : محنة القرامطة

كانت القرامطة ، تسلم من اعتبروه مجاوزة أحكام قوانينهم ، الي المحنة ، وكانوا إذا نقموا علي رجل ، استدعوه من حيه ، إلي الأحساء بلدهم ، فطرحوه ، إما مقيدا يكدي في البلد ، أو سائس للخيل ، أو راعية للغنم أو الإبل ، أو ضربوه ، وجددوا عليه ، في كل يوم ، لونا من العقاب ، ولا يزال عندهم حوله ، وأكثر ، وربما عاقبوه بألوان أخر ، فجميع ما يعملونه من التأديب ، يسمونه ( محنة ،، راجع التفصيل في القصة ( 75/8 ) من كتاب نشوار المحاضرة للتنوخي ، تحقيق المؤلف .

ص: 197

البحث الثاني : حمل الأثقال

والمراد بالأثقال ، كل ما هو ثقيل بصورة عامة ، سواء كان حجارة ، أو حطبة ، أو جرارة مملوءة .

وهذا اللون من العذاب ، يمارس بقصد الإيذاء والإذلال ، وأكثر ما يمارس ضد المطالبين بالأموال ، من مصادرين ، أو عمال معزولين .

ويظهر مما ذكره سليمان بن سهل البرقي ، أن العمال المعزولين ، كان عذابهم حمل الحجارة علي أكتافهم ، والمقارع تأخذهم ، راجع القصة المرقمة 379 من كتاب الفرج بعد الشدة للقاضي التنوخي ، تحقيق مؤلف هذا الكتاب .

وجاء في الغرر للوطواط (ص 278 ) إن أبا الشمقمق ، وفد علي محمد بن مروان بنيسابور ، يريد محمد بن عبد السلام ، فلما دخلها، صار إلي منزل محمد ، فأخبر أنه في دار الخراج مطالب ، فقصده ودخل عليه وهو قائم في الشمس وعلي عنقه صخرة عظيمة فتغير له ، فلما رآه محمد ، قال :

ولقد قمت علي رجال طالما**** قدم الرجال عليهم فتمولوا

أخني الزمان عليهم فكأنهم ****كانوا بأرض أقفرت فتحولوا

وذكر يوسف بن إبراهيم الكاتب (ت 265) : إن أحمد بن محمد بن المدبر ، عامل الخراج بمصر ، اعتقله مع من اعتقل ، وطالبه ببقايا ، وكان

ص: 198

يغدو علي المعتقلين في كل يوم غلام لابن المدير يحجبه ، فيكتب علي كل رجل ما يؤديه في يومه ، فإن لم يكتب شيئا أخرج ، فحملت عليه الحجارة ، وطولب أعنف مطالبة ( المكافأة 190 ).

ولما قبض محمد بن خلف النيرماني ، في السنة 321 علي أبي عبد الله البريدي ، وعلي أخويه أبي يوسف ، وأبي الحسين ، رفه أبا عبد الله ، وأوقع بأخويه ، وعلق عليهما الجرار المملوءة ، ودهقهما . ( تجارب الأمم 247/1 ).

وكان مرداويج الديلمي ، من قواد أسفار بن شيرويه ، المتغلب علي الري ، ثم خرج عليه ، وقتله ، وتغلب علي الري وأصبهان ، ثم ملك الجبل بأسره إلي حلوان ، فطغي وتجبر ، وقال : أريد أن أبطل دولة العرب وأرد دولة العجم ، وكتب إلي ابن وهبان عامله علي الأهواز ، أن يعد له إيوان كسري منزلا إذا تقدمه إلي الحضرة ، وأن يعمره ويعيده كهيأته قبل الإسلام ، وصاغ لنفسه تاجأ عظيمة ، ورضعه بالجوهر ، وكان يجلس علي سرير من الذهب ، قد جعل عليه منصة عظيمة ، ودونه سرير من فضة ، وكراسي كبار مذهبة ، من أجل جلوس أصحابه ، وحدث في السنة 323 أن تقدم بإسراج الدواب ليعود إلي داره بعد أن طاف بالصحراء ، ثم نعس نعسة ، ونام فأبطأ ، واتفق أن شغبت دواب الغلمان ، وارتفعت أصواتها ، وأصوات من يزجرها، ولم يكن ممكن أن يفرق بينها لازدحامها بالباب ، ولأن أكثرها بأيدي غلمان الغلمان ينتظرون ركوب الأمير ، فيركب الغلمان بركوبه ، فانتبه مرداويج مذعورا ، وقام بنفسه ليري بنفسه سبب الضجة ، فلما عرف حقيقة الأمر ، أمر أن تحط السروج عن ظهور الدواب ، وتجعل علي ظهور الغلمان ، وتدفع الدواب بأرسانها إليهم ، ليقودوها بأنفسهم إلي الإصطبلات ، ففعلوا ذلك ، وكانت صورة قبيحة جدا ، ثم ركب وهو يتوعد الغلمان ، فاتفقوا علي الفتك به ، فلما دخل الحمام ، هجموا عليه فسند الباب بسرير ، فتعذر عليهم فتح الباب ، فصعد نفر منهم إلي قبة الحمام ، وكسر الجامات ، ورموه بالنشاب

ص: 199

فدخل البيت الحار ، فعادوا إلي الباب وكسروه ودخلوا إليه فشق بعضهم جوفه بسكين ، وخرجوا من عنده ، ثم عادوا إليه لح رأسه ، فوجدوه قد جمع حشوة بطنه وردها وقبض عليها بشماله ، وقاتلهم بكرنيب في يده ساعة ، ثم تغلبوا عليه فحوا رأسه . ( تجارب الأمم 161/1 و162 و 213 و313 و 314 و317 و 318 ).

واجتاز بدر بن حسنويه (ت 405 ) في بعض مرتحلاته برجل متحطب ، قد حط حمله عن ظهره ، وكان أحد فرسان بدر أخذ منه رغيفين كانا معه ، فشكا المتحطب حاله إلي بدر ، وقال له : أيها الأمير ، لقد غصبني أحد فرسانك رغيفين من الخبز كنت أعددتهما لأتغدي بهما في البلد ، حيث أبيع حطبي وأعود بثمنه علي عيالي ، فقال له : هل تعرف الرجل ؟ قال : نعم ، بوجهه ، فجاء به إلي مضيق جبل ، وأوقفه ووقف معه وأمر العسكر بالاجتياز ، وعرف المتحطب صاحبه ، فأنزله بدر وحطه عن فرسه ، وأمره بأن يحمل الحطب علي ظهره إلي البلد ، وأن يدخل به السوق ، إلي أن يباع ويتسلم صاحبه ثمنه ، وكان الفارس موسرة فحاول أن يفتدي نفسه بمال ، فأبي إلا أن يحمل الحطب إلي البلد علي ظهره . ( ذيل تجارب الأمم 289 ).

وفي السنة 550 فتح علاء الدين الغوري غزنة ، وكان أهلها قد ثاروا علي سلطانهم ، أخيه سيف الدين ، وأسروه ، وصلبوه ، فانتقم منهم ، وكان من جملة ما صنعه بهم ، أن أخذ منهم جماعة كثيرة ، وحملهم مخالي ملئت تراب ، وأخذهم إلي فيروزكوه ، حيث بني بذلك التراب قلعة في فيروزكوه . ( ابن الأثير 266/11 ).

وفي السنة 785 رسم السلطان برقوق ، سلطان مصر ، بالقبض علي والي اطفيح علي بن بدر ، وتقييده ، وأن يكون مع المقيدين بنقل التراب ، ففعل به ذلك ، وسجن بالقلعة . ( نزهة النفوس والابدان 72 ).

ص: 200

البحث الثالث : المساهرة

وفي السنة 234 قبض المتوكل علي وزيره محمد بن عبد الملك الزيات ، وعذب أول الأمر ، بأن سوهر ، ومنع من النوم ، وكلما أغفي نخس بمسلة ، وكان قد اتخذ تنورة من خشب ، فيه مسامير حديد قيام ، وكان عذب به ابن أسباط المصري ، ثم ابتلي هو به ، فعذب فيه حتي مات . ( تجارب الأمم 6/ 539 ) .

ومارس المعتضد ، التعذيب بالمساهرة ، مع أحد اللصوص ، اتهمه بسرقة من بيت المال ، فأمر بإحضار ثلاثين أسود ، وأمرهم بأن يتناوبوا في ملازمته ، بحيث لا يمكن من الإتكاء ، ولا الإستناد ، ولا الإستلقاء ، ولا الإضطجاع ، فإذا خفق خفقة وجيء فكه ، وقمع رأسه ، فداموا علي ذلك أيام حتي قارب الرجل التلف ، راجع تفصيل القصة في مروج الذهب مد509 - 507/2.

وكان من جملة العذاب الذي عذب به بكر الصوباشي ، ببغداد ، في السنة 1032 أن سوهر سبعة أيام ، كوي خلالها بالنار ، ثم أحرق هو وأخوه ، راجع التفصيل في هذا الكتاب ، في الباب الرابع عشر : التعذيب بالنار والماء المغلي ، الفصل الأول : التعذيب بالنار .

ص: 201

البحث الرابع : إرسال السباع والحشرات

إن هذا اللون من العذاب ، كان يمارس لإيذاء الأسير وإرهابه ، ولم يكن المقصود به قتله .

وأول من مارسه عبد الله بن الزبير ، فإنه حبس أخاه عمرو بن الزبير ، وضربه أشد ضرب ، ثم أرسل عليه الجعلان ، فكانت تدت عليه فتثقب لحمه ، وهو مقيد مغلول ، يستغيث فلا يغاث ، حتي مات . ( الاغاني 74/5 و75 و 237/14 ).

أقول : كان عمرو بن الزبير ، يلي شرطة المدينة للأمويين ، فهدم دور بني هاشم ، ودور بني الزبير ( بني أبيه ) وبلغ منهم كل مبلغ ، وضرب محمد بن المنذر بن الزبير مائة سوط ، ثم دعا بعروة بن الزبير ( أخيه ) ليضربه ، فقال له محمد : أتضرب عروة ؟ فقال له : نعم ، إلا أن تحتمل ذلك عنه ، فقال : أنا احتمله، فضربه مائة سوط أخري ، وضرب عمرو الناس ضربة شديدة ، فهربوا من المدينة إلي عبد الله بن الزبير بمكة ، ثم إن عمرة قاد جيشأ لحرب أخيه عبد الله ، وقصده في مكة ، وأعد له جامعة ، ليجمع فيها يديه إلي عنقه ، ولما وقعت المعركة انفل جيش عمرو ، ووقع أسيرة في يد أخيه ، فأقاد الناس منه ، وضربه ضربا شديدا ، حتي قاح جسده ، فأرسل عليه الجعلان تدت عليه فتثقب لحمه حتي مات ، فأمر بدفنه في مقابر

ص: 202

المشركين ( الاغاني 74/5 و75 و 237/14 والطبري 344/5و345وأنساب الأشراف 23/2/4 - 25 و 28 ) .

ولما عزل عمر بن هبيرة ، سعيد الحرشي عن خراسان ، عذبه بأن نفخ في دبره النمل ، ( العيون والحدائق 84/3 والحيوان للجاحظ 33/4 ) .

وقال القاسم بن الرشيد ، (173 - 208 ) لقوام حمامه ، نوروا الناس بالمجان ، ففعلوا ذلك ، فلم يبق محتاج إلا جاء يتنور ، فلما علم أنهم قد كثروا ، أخرج عليهم الأسد، من باب كان يدخل منه إلي الحمام ، فخرج الناس عراة ، مغمي عليهم ، مع ما عليهم من النورة ، هاربين من الأسد، فصاروا إلي شارع قصره ، وأشرف عليهم وهو يضحك . ( المحاسن والمساويء 134/1).

كان محمد بن مناذر الشاعر ، يرسل العقارب في المسجد بالبصرة ، حتي تلسع الناس ، وكان يصب المداد بالليل في أماكن الوضوء حتي يسود وجوههم . ( معجم الأدباء 108/7 ).

وكان المتوكل ، يرسل الحيات والعقارب والأسود علي ندمائه ليفعهم ويضحك هو منهم . ( العيون والحدائق 556/3 وتجارب الأمم 556/6 والطبري 228/9 ) .

وروي إبراهيم النظام ، إنه أبصر صاحب مسلحة ، في أجمة البصرة ، غضب علي ملاح نبطي ، فشده قماط ، ورمي به في الأجمة حيث البعوض ، فصاح الملاح ، اقتلني أي قتلة شئت ، وأرحني ، فأبي ، وطرحه ، فظل الملاح يصيح ، ثم عاد صياحه أنينا ، ثم خفت ، فجاء إلي المقموط وقت العتمة ، فإذا هو ميت ، وإذا هو أشد سوادا من الزنجي ، وأشد انتفاخا من الزق المنفوخ ( الحيوان الجاحظ 399/6 و 400) .

ص: 203

وذكر المقريزي في خططه ، لونا من ألوان العقوبة ، كان يمارس بمصر ، وهو أن يحلق رأس الإنسان ، وتشد عليه خنافس، وقال : إن هذا اللون من العذاب لا يصبر عليه الإنسان ساعة . (خطط المقريزي 427/1)

وكان أحمد باشا الجزار (ت 1219 ) يعذب النساء ، بوضع السنانير في سراويلهن ( مجلة العرفان ، المجلد 29 ج 10 ص 1197 كانون الأول 1974 نقلا عن العقد المنضد في شرح قصيدة علي الأسعد ) .

ص: 204

البحث الخامس : شق لحم البدن بالقصب الفارسي

أمر الحجاج بن يوسف الثقفي ، بفيروز ، فعذب ، ثم أمر بأن يشد عليه القصب الفارسي المشقوق ، ثم يجر عليه حتي يجرح بدنه ، ثم ينضح عليه الخل ، ثم قتله ( الكامل لابن الأثير 488/4 و489 ).

وعذب أبو القاسم البريدي ، بالبصرة ، أبا جعفر الكرخي ، المعروف بالجرو ، بأن سمر يديه في حائط ، وسل أظافيره ، وضرب لحمه بالقصب الفارسي . ( القصة 124/4 من نشوار المحاضرة ) .

ص: 205

البحث السادس : العصر

ويتم بعصر البدن بين لوحين ، أو بين خشبتين ، أو بعصر الصدغين بالجوزتين ، بأن تشد كرتان ، تشبهان الجوزتين علي الصدغين .

وممن عذب بالعصر ، خالد بن عبد الله القسري ، أمير العراقين ، عذبه به خلفه يوسف بن عمر الثقفي ، فقد وضع قدميه بين خشبتين ، وعصرهما ، حتي انقصفا ، ثم رفع الخشبة إلي ساقيه ، وعصرهما حتي انقصفا، ثم إلي وركيه ، ثم إلي صلبه ، فلما انقصف صلبه ، مات . ( وفيات الأعيان 229/2 ) .

وعذب يعقوب الصقار ، علي بن الحسين ، في فارس ، لما فتح شيراز ، بأنواع العذاب ومنها أنه شد الجوزتين علي صدغيه . ( وفيات الأعيان 452/5)

ومن طريف أخبار العذاب بالعصر ، ما أورده صاحب فوات الوفيات 194/2 و195 عن الوزير المصري الصاحب صفي الدين عبد الله بن علي ، المعروف بابن شكر ، المتوفي سنة 622 فإنه عرض له إسهال وزحير أنهكه ، حتي أيس الأطباء منه ، فدعا من حبسه عشرة من شيوخ الكتاب والعمال ، وقال لهم : أنتم تشمتون بي ، وركب عليهم المعاصير ، فكان يزحر ، وهم يصيحون .

ص: 206

أقول : مما هجي به الوزير ابن شكر ، قول ابن عنين فيه :

ضاق صدري ، وضاع في الناس قدري**** من حضوري باب اللئيم أبن شكر

لو أتته حوالة بخراء**** قال ستوا بلحيتي باب جحري

وقال فيه ابن شمس الخلافة :

مدحت السنة الأنام مخافة**** وتقارضت لك بالثناء الأحسن

أتري الزمان مؤخرا في مدتي**** حتي أعيش إلي انطلاق الألسن

وفي السنة 1980 قتل الأمير علم الدين سنجر اشجاعي ، بأن عصر بالمعاصير ، وكسرت رجلاه حتي مات ( بدائع الزهور 117/1 ) .

وفي السنة 693 ضرب الصاحب شمس الدين بن السلعوس ، وعصر حتي مات ( بدائع الزهور 130/1 والوافي بالوفيات 87/4 ).

وفي السنة 770 قبض السلطان الاشرف بمصر ، علي الأمير بيدمر الخوارزمي نائب الشام ، وألزمه بحمل ثمانمائة ألف دينار ، وعصره ( بدائع الزهور 87/2/1 ). .

وفي السنة 771 توفي الصاحب شمس الدين بن موسي ، وكان قد صودر ، وعصر ، وعذب بأنواع العذاب ، وضربه والي القاهرة أول يوم مائتي شيب ( سوط ) وسعطه بالماء والملح والخل والجير ، وعقد له المقرعة ، حتي كانت إذا نزلت علي جنبه أحدثت فيه ثقوبا ، وكان بعد المعاقبة يرمي عريانا في الشتاء علي البلاط ، فيتمرغ عليه وهو لا يعي ، ثم عصروه في كعبه واصداغه ، وقيل إنه احصي مقدار ما ضرب فكان ستة عشر ألف شيب ، وقد ضرب مرة فسقط من ظهره قطعة لحم بقدر الرغيف ، ومن أعجب العجب ، إن هذا الرجل ، كان قبل العذاب مريضأ ، ضعيف البنية ، نحيف البدن ، قليل الأكل ، مصابة بالربو ، وضيق النفس ، وكانت الحمي الصالبة تلازمه ،

ص: 207

ولا يبرح محتميا ، يلبس الفراء صيفا وشتاء، فلما عذب هذا العذاب وأطلق ، تعافي من جميع أمراضه وصار صحيح البدن ، ومن العجائب ايضا ان امرأته عذبت كذلك بألوان العذاب ، وكانت ضعيفة وحاملا ، وولدت وهي تعصر بالمعصرة ، وعاش ولدها حتي كبر ( النجوم الزاهرة 110/11 - 112). .

وفي السنة 789 أرسل الملك الظاهر ، صاحب مصر والشام ، إلي الأمير جمال الدين محمود ، شاد الدواوين ، يأمره بالعودة من الشام ، بعد أن أوقع الحوطة علي الأمير بيدمر ملك الأمراء بدمشق ، وعلي أهله ، وحاشيته ، وأصحابه ، حتي أحتاط علي موجوده ، وعصره ، وعصر جواريه ، وأصحابه ، وحاشيته ( تاريخ ابن الفرات 3/9 ).

وفي السنة 791 قبض الأمير الكبير تمر بغا منطاش ، بالقاهرة ، علي الأمير سيف الدين أرغون العثماني الجمقدار ، واتهمه بالمخامرة عليه ، وعصره مرارا كثيرة ( تاريخ ابن الفرات 133/9 و134).

وفي السنة 791 عوقب الطواشي صندل المنجكي ، وقرر علي ذخائر السلطان الملك الظاهر ، وعصر مرارة بالقاهرة ( نزهة النفوس 242).

وفي السنة 792 لما تحرك أنصار الظاهر برقوق بالقاهرة ، اعتقلوا والي القاهرة الأمير حسام الدين حسين الكوراني ، لأنه كان قد شتم الظاهر ، وأهان أفراد عائلته إهانة بالغة ، فنهبت داره ، وقيد بقيد زنته ثمانون رطة، وفي ثاني يوم تسلمه الوالي الجديد ، وقيده في باشة وزنجيل ، وأنزله إلي بيته ، فضربه مقترحة ، وعصره ، ثم عصر ركبتيه ، ثم أحضره بعد ذلك وعصره عصرة شديدة ، وفي السنة 793 أمر الظاهر بتوسيطه ، فقام والي القاهرة بتوسيطه ( تاريخ ابن الفرات 197/9 ، 198 ، 203 ، 257 ).

أقول : ذكر صاحب بدائع الزهور 445/2/1 أن الكوراني بعد ضربه وعصره قتل خنقأ .

ص: 208

وفي السنة 793 أمر سلطان مصر ، بقاضي قضاة الشام ، شهاب الدين القرشي ، فأحضر من السجن وضرب بالمقارع ، ثم سلم إلي والي القاهرة ، فضربه وعصره مرارا حتي مات . ( نزهة النفوس 326 - 329) .

وفي السنة 795 قبض علي الأمير منطاش، وأخذ إلي حلب، فسافر إليه الأمير طولومن علي باشاه ، فعاقبه ، وقرره ، وعصره ، وأهلكه بالعقوبة ، ثم ذبحه . ( نزهة النفوس 361 ).

وفي السنة 798 رسم بمصر لشاد الدواوين ، أن يحضر محمود الاستادار ، فأحضر ، وعصره من ليلته ، حتي كاد أن يهلكه ( نزهة النفوس والابدان 428) .

وفي السنة 798 قبض علي الأمير محمد بن جمال الدين ، وسجن ، وعوقب ، وعصر ، ثم خنق ( بدائع الزهور 479/2/1 ) .

أقول : الأمير ناصر الدين محمد بن الأمير جمال الدين محمود ، كان أبوه الأمير محمود استادارة للسلطان الظاهر برقوق ، أما الأمير محمد، فقد نصبه السلطان الظاهر في السنة 794 نائبا للسلطان في الإسكندرية ، وفي السنة 797 قدم الأمير محمد من الاسكندرية وقدم للسلطان تقدمة ( هدية ) عظيمة ، اشتملت علي الذهب والحرير والخيل ، فقبلها السلطان وشكره علي هديته ، وفي السنة 798 اعتقل الأمير محمد مع أبيه الأمير محمود ، وأسلم الأمير محمد إلي ابن الطبلاوي الوزير « ليخلص » منه مائة ألف دينار ، فأهانه الوزير ، وأخرق به ، وبالغ في تنقيصه ، وجرده من ثيابه ليضربه بحضور الخاص والعام ، فقال له : يا أمير ، قد رأيت عنا ، وما كنا فيه ، وقد زال ، وعزك أيضأ ما يدوم ، فترك ضربه لما سمع هذا الكلام ( نزهة النفوس 342 ،404 ، 424 ) ، ويتضح مما أورده صاحب بدائع الزهور إن محمد عذب وخنق في السنة 798 أما أبوه فقد أوردنا في موضع آخر من هذا

ص: 209

الكتاب إنه عذب ، وصودر ، ومات في سجنه في السنة 799 فأحضروا إليه جماعة ليطلعوا علي أنه « سالم من الخنق والسقي وغيرهما ، ويكاد المريب أن يقول خذوني .

وفي السنة 800 اتهم السلطان بمصر ، الأمير علي باي ، بالتآمر عليه ، فاعتقله ، وأحضره ، وأحضر المشاعلي ( الجلاد ) ، وأمر بإحضار المعاصير ، فأحضرت ، وعصر بحضرته ، وفي اليوم التالي عذب كذلك بحضور السلطان عذابا شديدا حتي كسرت رجلاه وركبتاه ، ثم إن السلطان ضربه بعكاز كان في يده من الفولاذ ، فخسف صدره ، فأخذ إلي الخارج وخنق ( بدائع الزهور 507,506/2/1)

أقول : أنا أوردنا هذا الخبر ، في موضعه من الباب الثاني عشر : القتل بكتم النفس ، الفصل الأول : الخنق ، وإنما أثبتناه هنا، لأن تعذيب هذا الأسير بالعصر ، جري علي خلاف المعتاد ، لأن التعذيب بالعصر يجري عادة حيث توجد المعصرة ، وهي أغلب ما يكون موضعها في السجن ، ولكن العصر ها هنا، جري بحضور السلطان ، إذ أوعز بإحضار آلة العصر ، فأحضرت ، وجري عصر الأسير وتعذيبه بمحضر من السلطان ، حتي كسرت ساقاه وركبتاه ، ولم يشتف السلطان بما حصل لأسيره ، حتي نهض إليه وضربه بعكاز من الفولاذ ، فخسف صدره ، الأمر الذي يدل علي أن السلطان كان شديد الغضب عليه ، وقد أوضح لنا صاحب نزهة النفوس ( ص470) سبب هذا الغضب ، فإنه هو الذي اشتري علي باي ، وكان إذ ذاك صبيا صغيرة ، فأذبه ، ورباه مثل ولده في حجره ، ونصبه دوادارة ، ومنحه إقطاع ثقيلا ، ثم ولاه الخازاندارية ، وكان عنده بمنزلة عظيمة ، وكان لا يرد له طلبأ ، ويركن إليه في جميع أموره ، فكان جزاء السلطان منه ، أن رتب مؤامرة لقتله ، لا عجب أن غضب السلطان عليه هذا الغضب .

وفي السنة 800 قبض السلطان بمصر ، علي الأمير علاء الدين بن

ص: 210

الطبلاوي ، وعلي أخيه ، وابن عمه ، وعلي جميع عياله ، وحاشيته ، وأصحابه ، فضرب بين يدي السلطان ، وسجن ، ثم تسلمه الأستادار ، فعذبه ، وعصره بالمعاصير في كعابه ، وسقاه الماء بالجير والملح ، وضربه كسارات ، وأذاقه ما كان يفعله بالناس ، ثم ألبسه خوذة حديد محمية بالنار ، ولما استصفيت أمواله ، أعيد إلي السجن . ( بدائع الزهور 499/2/1 ) .

وفي السنة 801 أحضر السلطان ، الوزير ابن الطوخي ، وطالبه مشافهة بمال ، فذكر أنه ليس لديه مال ، فسلمه إلي الوزير تاج الدين ، فأخذه إلي داره ، وعصره . ( بدائع الزهور 519/2/1).

وفي السنة 803 قبض الأمير شهاب الدين أحمد شاد الدواوين ، علي يلبغا السالمي وضربه ضربا مبرحا ، وبالغ في عصره وتعذيبه ( بدائع الزهور 630/2/1)

ولما فتح تيمورلنك دمشق في السنة 803 كان من جملة ما عذب به الدمشقيون العصر ( النجوم الزاهرة 12/ 244 و245 ).

وفي السنة 824 هلك تحت العذاب الأمير الحسن بن عبد الله البدر الطرابلسي ، وكان قد ولي الأستادارية ، فظلم الناس ، فقبض عليه المؤيد ، وشتمه ، وهمم بقتله ، وأمر به فعصر ، وعذب ، وعوقب أتباعه ، حتي إن زوجته الشريفة عذبت معه أيضا ، ثم أفرج عنه ، واستقر في كشف الوجه القبلي ، فظلم وجار ، فصودر وأهين ، ثم ولي الوزارة في أيام المؤيد ، ثم أعطي تقدمة طرابلس ، فلما عصي جقمق انتمي إليه ، فاعتقله الأمير ططر ، وضربه ، وعصره ، واستمر تحت العقوبة ( العذاب ) حتي هلك ( الضوء اللامع 102/3 ).

وفي السنة 857 تسلطن الملك المنصور عثمان بن الملك الظاهر ، فقبض علي الأمير زين الدين الاستادار ، وأحضر له المعاصير ، وعصر في

ص: 211

أركابه ( پريد ركبه ) حتي كسرها . ( بدائع الزهور 17/2 ).

ولما عصي الأمير تغري ورمش علي السلطان ، عذب بأن عصر بين أبواب القلعة . ( اعلام النبلاء 38/3 ) .

وعذب السلطان الغوري ، جمال الدين الحلبي ، بوضعه بالمقشرة . ( اعلام النبلاء 530/5 و 531 ).

وكان من جملة ما عذب به السلطان الغوري ، القاضي بدر الدين بن مزهر ، كاتب أسرار القاهرة ، في السنة 916، أن عصر بدنه ورأسه ( شذرات الذهب 74/8 ).

وفي السنة 1255 أحضر شريف باشا، متسلم دمشق ، وحقق معه ، فلم يقر ، وعذب ، فلم يقر ، فوضعوا له الكعاب علي مصادغه ، فلم يقر فعقدوا المرسة ، وصاروا يبرمونها علي أصداغه ، فلم يقر ، فقام الوزير ، وجرد سيفه ، بحمق ( بغضب ) لأجل أن يقر ، فما أقر ، بل مد رقبته لأجل ( أن ) يقتله ويستريح ( مذكرات تاريخية 200 ).

وفي السنة 1255 أجري التحقيق بدمشق ، مع حلاق يهودي ، اسمه سليمان ، وأحضره المتسلم شريف باشا أمامه ، وقرره ، وضرب فلم يقر ، فوضعوا له الكعاب علي مصادغه ( أصداغه ) وصار القواص باشي يبرم بند السيف علي الكتاب ، والضرب « عمال » علي ظهره ، وعلي كعب رجليه ( مذكرات تاريخية 193 ) .

ص: 212

البحث السابع : الدهق

الده : آلة تعذيب ، تشتمل علي خشبتين ، يضيق بهما علي ساقي المعذب ، أو علي أحد أجزاء بدنه .

وقد عذب الحجاج بن يوسف الثقفي ، آزادمرد ، بأن دق يده علي رجله ، ودهقه ، ودق ساقه .

راجع التفصيل في القصة 69/1 من كتاب نشوار المحاضرة ، وأخبار المذاكرة ، للقاضي التنوخي ، تحقيق المؤلف .

وحبس الحجاج ، يزيد بن المهلب ، وأخويه المفضل وعبد الملك ، وأخذ يعذبهم ، وكان يزيد يصبر علي العذاب ، فيغتاظ الحجاج من صبره ، فقيل له : إنه رمي بنشابة فثبت نصلها في ساقه ، فلا يمسها شيء إلا صاح ، فأمر أن يعذب بدهق ساقه ، فدهقت ، فصاح ، وكانت أخته هند بنت المهلب عند الحجاج ، فلما سمعت صباح يزيد صاحت ، فطلقها الحجاج . ( الطبري 448/6 ).

وكان من جملة العذاب الذي عذب به بلال بن أبي بردة ، أن دهق حتي دقت ساقه ، وجعل الوتر في خصيتيه . ( البيان والتبيين 220/1 ) .

وروي لنا صاحب المحاسن والمساويء ، أن المنصور العباسي ، حضر

ص: 213

تعذيب جارية مدنية ، وأنها دهقت بأمر منه ، وبحضوره ، حتي أغمي عليها . ( المحاسن والمساويء 114/1 ) .

وقبض المأمون ، علي أحد عماله ، وهو عمرو بن بهنوي ، فأسلمه إلي الفضل بن مروان ، فطالبه ، ودهنه، راجع القصة 68/1 من نشوار المحاضرة وأخبار المذاكرة للقاضي التنوخي.

وكان الوزير أبو علي بن مقلة ، يشكو طول حياته من ضيق النفس لأن الدستواني دهقه علي صدره . ( التكملة 94).

ولما قبض محمد بن خلف النيرماني ، علي آل البريدي الثلاثة ، رقه أبا عبد الله وأوقع بأخويه أبي يوسف وأبي الحسين ، ودهقهما ( تجارب الأمم 247/1)

وفي السنة 344 تعرض عمران بن شاهين ، صاحب البطائح ، لكار كبير فيه أموال لمعز الدولة والتجار ، فأخذه ، وقبض علي المرعبل ، ملاح معز الدولة ، فصادره ، وضربه ضربأ عظيمة ، ودهقه إلي أن أزمنه . ( تجارب الأمم 159/2 ).

ص: 214

البحث الثامن : التعذيب بالزمارة

الزمارة : ساجور يعلق في العنق ، مثل القلادة أو الخشبة التي تعلق في عنق الكلب .

ولما أحضر الحجاج بن يوسف الثقفي ، سعيد بن جبير ليقتله ، جيء به إليه ، وفي عنقه زمارة ( لسان العرب ، مادة : زمر والبيان والتبيين 74/3)

ولما حمل محمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان ، مع بني الحسن ، إلي العراق بأمر المنصور ، كان في عنق محمد زمارة ، وحدث أن انبعث بعير محمد وهو غافل لم يتأهب له ، وفي رجليه سلسلة ، وفي عنقه الزمارة ، فهوي ، وعلقت الزمارة بالمحمل ، فظل منوطا بعنقه يضطرب ، فبكي عبد الله بن الحسن وجزع جزعة شديدة ( مقاتل الطالبين 222) .

ص: 215

البحث التاسع : التعذيب بالمضرسة

المضرسة : آلة تعذيب فيها من باطنها نتوءات تشبه الأضراس .

وقد قتل يوسف بن عمر ، خالد بن عبد الله القسري ، بأن نقله من الشام إلي العراق ، لابس عباءة ، علي محمل ليس تحته وطاء ، ثم وضع المضرسة علي صدره ، فقتله ، وكان ذلك في السنة 126 فإن الوليد بن يزيد لما استخلف ، أمر بحمل خالد إليه ، وكان لا يطيق المشي ، وإنما يحمل في كرسي ، فلما حمل إليه ، أمره بالكشف عن موضع ولده يزيد ، وتهدده ، فغضب خالد ، وقال له : إنه لو كان تحت قدمي ما رفعتهما ، فأمر الوليد غيلان صاحب حرسه ، بأن يبسط عليه العذاب ، وقال له : أسمعني صوته ، فعذبه غيلان بالسلاسل ، ثم حبسه عنده ، حتي قدم يوسف بن عمر من العراق ، وكان يحقد علي خالد، فاشتراه من الوليد بخمسين ألف ألف درهم ، فدفعه إلي يوسف ، فنزع يوسف عنه ثيابه ، ودرعه عباءة ، وألحفه بأخري ، وحمله في محمل بغير وطاء ، وزميله أبو قحافة المري بن أخي الوليد بن تليد ، وكان عاملا لهشام علي الموصل ، وبدأ يوسف يعذب خالد وهو في طريقه إلي العراق ، ولما قدم يوسف الحيرة ، بسط العذاب علي خالد ، بأن أمر بعود فوضع علي قدميه ، ثم قامت عليه الرجال حتي كسرت قدماه ، ثم علي ساقيه حتي كسرتا ، ثم علي حقويه ، ثم وضع المضرسة علي صدره فقتله ( الطبري 259/7 و260).

ص: 216

أقول : كان يوسف بن عمر ، كثير المساويء ومن جملة مساوئه انه كان الثيم القدرة ، ولما حمل خالدة إلي العراق بلغه أن زيد بن تميم القيني ، بعث إلي خالد بشربة سويق حب رمان معمولي له اسمه سالم فضرب زيدا خمسمائة سوط ، وضرب سالم ألف سوط ، وبلغه أن عامر بن سهلة الأشعري مر بقبر خالد ، فعقر فرسه علي القبر ، فأخذ عامرة وضربه سبعمائة سوط ( الطبري 27/7 ) .

ص: 217

البحث العاشر : التعذيب بالدوشاخة

واستحدث في أيام المغول ، التعذيب بالدوشاخة ، وهي خشبة ذات شعبتين ، تعلق في رقبة المراد تعذيبه ( القاموس الذهبي 283). فاذا شدد ضغطها علي العنق ، انقصف ، ومات المعذب .

وبهذه الآلة عذب مجد الدين ، ملك واسط ، لما قبض عليه في السنة 660 وضرب ، وشهر ، ودوشخ ( الحوادث الجامعة 349 ).

وفي السنة 680 رفع علي الصاحب علاء الدين ، صاحب الديوان ، ببغداد ، فاعتقل، وصودر ، ودوشخ ، وألقي تحت دار المسناة التي بأعلي بغداد ، علي شاطيء دجلة مكتوفة ، عليه قميص واحد ، وكان البرد شديدأ جدا ( تاريخ العراق للعزاوي 299/1 و 300) .

وفي السنة 683 لما تسلطن أرغون ، قبض علي الخواجة هارون ، صاحب الديوان ، وعلي شمس الدين نائبه ، وعز الدين جلال المشارك في كتابة السلة ، ونظام الدين عبد الله بن قاضي البندنيجين ، فأخذوا ، ووكل بهم ، ودوشخوا ، وطوق خواجه هارون ، وحملوا جميعا إلي العصمتية ، المجاورة لمشهد عبيد الله ، وحبسوا هناك ، ثم أخرج نظام الدين بن قاضي البندنيجين ، من الغد ، في دوشاخة ، وقد سود وجهه ، وأركب علي بهيم ، وشهر في بغداد ، والعوام يطرقون بين يديه استهزاء به ( أي يصيحون بين يديه

ص: 218

الطريق ، الطريق ) ثم أعيد إلي موضعه ، وقبض علي شرف الدين محمد بن يصلا وكيل الديوان ، ودوشخ أيضا ، وضرب ، وطولب بمال كثير ، أما النظام ( أي نظام الدين ابن قاضي البندنيجين ) فقد أدي مالأ عظيما ، وعوقب معاقبة عظيمة ، وقصفت رقبته بدوشاخة فمات ، وأما خواجه هارون ، فحمل فحمل إلي الأمير أروق ، والطوق في حلقه ( الحوادث الجامعة 437) .

وفي السنة 686 ضرب جماعة من حكام العراق ، ودوشخوا، منهم زين الدين الحظائري ، ونجم الدين أحمد كاتب الجريد ( تاريخ العراق للعزاوي 340/1 ).

وفي السنة 694 اعتقل صدر واسط والبصرة ، فخر الدين مظفر ابن الطراح ، ودوشخ ، وطوق ، وضرب ، وعوقب ، ثم قتل ، وحمل رأسه إلي واسط ، وعلق علي الجسر بعد أن طيف به في شوارعها وسوقها (تاريخ العراق للعزاوي 369/1 ).

ص: 219

البحث الحادي عشر : ثقب الكعاب

ويحصل بثقب مؤخر القدم ، بمثقب من الحديد، ويضرب فيها الرزز والحلق . وقد حصل هذا اللون من العذاب في حلب ، مارسه رضوان بن تتش السلجوقي في السنة 489 علي أحد المتزعمين في حلب واسمه بركات بن فارس الفوعي ويلقب بالمجن، وكان في أول أمره من قطاع الطريق ، ثم تقدم ورأس أهالي حلب ، ثم عصي علي الملك رضوان ، فقبض عليه ، وسجنه ، وعذبه عذابا شديدا ، ومما عذبه به أن أحمي الطشت حتي صار مثل النار ووضعه علي رأسه ، ونفخ في دبره بكير الحداد ، وثقب كعابه ، وضرب فيها الرزز والحلق ، ولما وضع النجار المثقب علي كعبه ، قطع الجلد واللحم ووقف المثقب ، لطم المجن النجار ، وقال له : ويلك لا تعرف صنعتك ، أحضر خشبة وضعها علي الكعب ، وأظهر عند العذاب جلدأ عظيما . ( إعلام النبلاء 375/1 ).

وفي السنة 521 خلف الأمير مسعود أباه الأمير آقسنقر ، علي حلب والموصل ، ثم توفي فجأة ، فقيل انه سم ، وقصد الأمير ختلغ آبه حلب ، فتسلمها ، وصعد إلي قلعتها ، فطمع في أموال أهلها ، وصادر قسمأ منهم ، وقبض علي شرف الدين أبي طالب ابن العجمي ، وعمه أبي عبد الله ، واعتقلهما بقلعة حلب ، وثقب كعاب أبي طالب ، وصادره ، فقام عليه أهل حلب ، وحصروه ، وأخرجوه من القلعة ، واستولي عماد الدين زنكي علي حلب ( اعلام النبلاء 474/1 ) .

ص: 220

البحث الثاني عشر : تنعيل الناس بنعال الدواب

ومن ألوان العذاب ، هذا اللون العجيب ، وهو تنعيل الناس بنعال الدواب ، وذلك بأن تلصق القطعة الحديد التي تنقل بها الدواب ، علي باطن قدم الأسير ، وتدق فيها المسامير ، فتخرق باطن القدم .

وقد سجل التاريخ ، أن أبا عبد الله البريدي ، وإخوته ، كانوا يمارسون تنعيل الناس بنعال الدواب ، من جملة ألوان العذاب الذي كانوا يصبونه علي الناس ( تجارب الأمم 14/2 ).

وفي السنة 740 هلك الأمير علاء الدين علي بن حسن البرواني ، والي القاهرة ، بعدما قاسي أمراضأ شنيعة مدة سنة ، وكان ظالما عسوف سقاك للدماء ، وكان ينعل الرجل في رجليه بالحديد كما تنعل الخيل ( النجوم الزاهرة 323/9 ) .

ص: 221

البحث الثالث عشر : قطع أجزاء من لحم البدن

ومن ألوان العذاب الذي يدل علي أشد القسوة ، قطع أجزاء من لحم البدن ، وهذا اللون من العذاب ، قليل الممارسة .

وأول ما بلغنا عنه ، أن نصرانية اسمه شمعلة ، دخل علي أحد الخلفاء الأمويين ، فقال له : أسلم يا شمعلة ، فأبي ، فغضب ، وأمر فقطعت بضعة من فخذه ، وشويت بالنار ، فأطعمها ( الاغاني 282/11 ).

وفي السنة 850 حاصر جهان شاه بغداد ، وفتحها ، وقبض علي الأمير شيخي بك ، وقرن مع ابن العرية الجلاد ، وأسلما إلي نساء الأمير با يزيد ، الذي سبق أن قتله شيخي بك ، فسحبنهما علي الشوك ، وقطعن لحم جسديهما بالسكاكين ، حتي ماتا ( تاريخ العراق للعزاوي 133/3 و135).

وكان الأمير محمد أغا بن محمد كتخدا أباظة ، المتوفي سنة 1209 قد تولي الحسبة بمصر ، وعاقب عقوبات شديدة ، منها إنه وزن مرة جانبا من اللحم وجده مع من آشتراه ، فوجده ناقصأ ، فأكمل الوزن بقطعة من جسد الجزار ( الجبرتي 171/2 و172) .

وفي السنة 1232 لما دخل داود باشا بغداد ، وتولي إدارتها ، أخذ حمادي بن أبي عقلين ، وكان أثيرأ عند سعيد باشا ، سلف داود باشا في حكم بغداد ، فعذبه بتقطيع لحمه حيا ، فكان يلتمس أن يعجل بقتله فلا يجاب ( تاريخ العراق للعزاوي 244/6 ) .

ص: 222

البحث الرابع عشر : قرض لحم البدن بالمقاريض

ومن ألوان العذاب التي عرفت في العهد العباسي ، قرض لحم البدن بالمقاريض.

وأول ما بلغنا عن هذا اللون من العذاب ، ما ذكر أنه في السنة 332 قتل أبو طاهر القرمطي ، وبعض قواده ، قتلهم خادم له أصبهاني ، فقبض عليه ، وقرض لحمه بالمقاريض إلي أن مات ( تجارب الأمم 57-55/2)

وفي السنة 333 اتهم ابن شيرزاد ، أبا الحسين البريدي ، بأنه يخطب كتابة توزون ، فقبض عليه ، وضربه ضربا مبرحا ، وقرض لحم فخذيه بالمقاريض ، وانتزعت أظفاره ، ثم جلس له المستكفي ، وأحضر الفقهاء والقضاة ، وأحضر البريدي ، وبسط النطع ، وجرد السيف ، وتليت فتوي سابقة كانت قد صدرت بإباحة دمه ، وأبو الحسين يسمع ، ورأسه مشدود ، فأمر المستكفي بضرب عنقه ، من دون أن يحتج لنفسه بحجة . ( تكملة تاريخ الطبري 145 ).

وفي السنة 549 قتل نصر بن عباس ، الخليفة الفاطمي ، الظافر ، فقصد الصالح بن رژيك ، والي منية بن خصيب ، القاهرة ، وفر نصر ، وأبوه ، وأصحابه ، وقصدوا طريق الشام ، فخرج عليهم الإفرنج ، وقتلوا عباسة ، وأسروا نصرة ، فجعلوه في قفص من حديد ، وأعادوه إلي القاهرة ، فقطعوا يدية ، وقرضوا جسمه المقاريض ، وصلبوه علي باب زويلة ، وبقي سنة ونصف مصلوبة . ( شذرات الذهب 153/4 ووفيات الأعيان 492/3 ) .

ص: 223

البحث الخامس عشر : قتل الأسير ووضع رأسه في حجر أقرب الناس إليه

وثمة لون من ألوان العذاب ، دلت ممارسته علي قسوة بالغة ، وهو قتل الأسير ، وقطع رأسه ، ووضعه في حضن زوجه أو أبيه .

وأول من مارس هذا اللون من العذاب ، معاوية بن أبي سفيان ، فإنه لما قتل الإمام علي بن أبي طالب ، واستولي معاوية علي السلطة ، أخذ معاوية يحاسب أصحاب علي علي تصرفاتهم السابقة ، ويطالبهم بالبراءة من علي ، فإن لم يبرأوا ، جرد لهم السيف ، وأعد لهم أكفانهم ، وحفر لهم قبورهم ، وقتلهم أمام قبورهم المحفورة ، وأكفانهم المنشورة في العقد الفريد 234/3)

ولما استتب له الأمر ، فر منه من عمرو بن الحمق الخزاعي ، وكان من أنصار علي ، فأذكي عليه العيون والأرصاد ، واعتقل امرأته ، وحبسها في سجن من سجون دمشق ، ثم أمسك بعمرو ، فقتله ، وقطع رأسه ، وأمر أحد أعوانه ، بأن يدخل علي المرأة في سجنها ، وأن يضع رأس زوجها في حجرها ( بلاغات النساء 64 والديارات 179 و 180).

وسار من بعده بهذه السيرة هشام بن عبد الملك ، إذ أمر برأس الإمام زيد بن علي بن الحسين ، فوضع في حجر والدته ، ريطة بنت عبد الله بن محمد بن الحنفية .

ص: 224

وقابل عامر بن إسماعيل، قائد الجيش العباسي، صنع هشام ، بأن أمر أن يوضع رأس مروان الحمار ، آخر الحكام الأمويين ، في حجر أبنته ( بلاغات النساء 145).

ولما قتل المنصور إبراهيم بن عبد الله بن الحسن ، قتيل باخمري ، بعث برأسه إلي أبيه عبد الله بن الحسن ، وهو مسجون عنده ، فلما وضع الرأس بين يديه ، قال : أهلا وسهلا ، يا أبا القاسم ، والله ، لقد كنت من الذين يوفون بعهد الله إذا عاهدوا ، ولا ينقضون الميثاق ، والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل ، ويخشون ربهم ، ويخافون سوء الحساب ، ثم تمثل : ( مروج الذهب 237/2 وزهر الاداب 76/1 ).

فتي كان يحميه من الذل سيفه ****ويكفيه سوءات الأمور اجتنابها

ولما قتل المستعين ، أمر المعتر برأسه ، فوضع بين يدي جاريته التي كان يتحظاها، فأخذت تصرخ : يا قوم ، أخذتموني غصبا ، ثم تجيئوني برأس مولاي ، فتضعونه بين يدي ( الديارات 170) .

ولما أصدر المقتدر أمره إلي نازوك ، بقتل الوزير ابن الفرات ، وولده المحسن ، جاء نازوك إلي الحجرة التي كان ابن الفرات معتقلا فيها، وجلس ، وبعث عجيبة خادمه ، ومعه جماعة من السودان ، فضرب عنق المحسن ابنه ، وجاءوا برأسه إلي أبيه ، فوضعوه بين يديه ، فارتاع لذلك آرتياعا شديدا ، ثم عرض هو علي السيف فضربت عنقه ( الوزراء للصابي 71)

وفي السنة 321 اعتقل القاهر كلا من القائد علي بن يلبق ، وأبيه القائد يلبق ، والقائد مؤنس المظفر ، ودخل القاهر إلي موضع اعتقالهم ، فذبح علي بن يلبق بحضرته، وأخذ الرأس إلي أبيه ، فوضع بين يديه ، فلما راه جزع ، وبكي بكاء عظيما ، ثم ذبح يلبق ، وأخذ الرأسين إلي مؤنس ، ثم

ص: 225

أمر القاهر ، فجر برجل مؤنس إلي البالوعة ، وذبح كما تذبح الشاة ، والقاهر يراه ( تجارب الأمم 268 و 267/1 ).

وفي السنة 534 قتل الحافظ الفاطمي ، وزيره رضوان ، وبعث برأسه إلي زوجته ، وكانت في حبسه ، فوضع الرأس في حجرها ، فنظرت المرأة إلي الرأس ، وقالت : هكذا يكون الرجال ( ابن الأثير 49/11 ).

وأسر الأمير قماج ، صاحب بلخ ، الأمير زنكي ، صاحب طخارستان ، وولده ، فقتل الولد ، وجعل يطعم أباه لحمه ، ثم قتل الأب أيضا ( ابن الأثير 179/11)

وفي السنة 818 عصي بعض النواب ، علي الملك المؤيد شيخ ، فخرج إليهم بنفسه ، ولما قبض علي نائب حلب ، إينال الصصلاني ، قتله علي صدر أبيه ، ثم قتل الأب بعد ذلك ( بدائع الزهور 5/2).

ص: 226

الفصل الثالث : التعذيب في قصص الاضطهاد الديني

اشارة

بدأ الإضطهاد الديني ، منذ أن نشأت العقيدة عند الإنسان ، إذ أختلفت العقائد باختلاف الناس ، وتعاقب الأيام ، وقد نال الأنبياء ، ومن تبعهم ، من الأذي من جراء الدعوة إلي دياناتهم ، ما قد سطر في صحائف التاريخ .

وأخبار الإضهاد الديني ، من القدم والكثرة ، بحيث لا يمكن أن تجمع في مؤلف ، وقد رأيت أن أوجز في هذا الفصل بحثا عما لاقي النبي صلوات الله عليه ، والمسلمون الأولون من مشركي قريش ، وبحثا عما لاقي المسيح عليه السلام ، وأتباع الدين المسيحي من اضطهاد ، وأتبعت هذين البحثين ببحث ثالث عن ألوان العذاب التي مارستها محاكم التفتيش علي من اتهمت أو أدانت ، أما ألوان الاضطهاد الديني الأخري ، فقد أوردتها متفرقة في مواضعها ، عند البحث عن أصناف العذاب .

ص: 227

البحث الأول : اضطهاد أتباع الديانة الإسلامية

أول من عذب في سبيل الإسلام ، رسول الله صلوات الله عليه ، فإنه لما جهر بدعوة الإسلام ، لاقي ، ومن اتبعه من المسلمين الأولين ، ألوانا من الإضطهاد ، من مشركي قريش ، بدأ بالسخرية ، وترتفع إلي ما فوق ذلك من ألوان الاضطهاد ، فاتهموه بالسحر مرة ، وبالكذب أخري وبالكهانة تارة ( نور اليقين 55).

ولما باشر النبي صلوات الله عليه ، بالدعوة إلي الإسلام ، بدأ بدعوة بني عبد المطلب ، فأعد لهم مأدبة ، فأكلوا ، ثم تكلم ، فقال : يا بني عبد المطلب ، إني - والله - ما أعلم أحد من العرب ، جاء قومه ، بأفضل مما قد جئتكم به ، إني قد جئتكم بخير الدنيا والآخرة ، وقد أمرني الله تعالي ، أن ادعوكم إليه ، فأيكم يؤازرني علي هذا الأمر ، علي أن يكون أخي ، ووصيتي وخليفتي فيكم ؟ فأحجم القوم بأجمعهم ، ونهض ابن عمه علي بن أبي طالب ، وكان أحدثهم ستا ، وقال : يا نبي الله ، أنا أكون وزيرك عليه ، فقال له النبي : إجلس ، ثم كرر قوله ثلاث مرات ، وفي كل مرة ، كان علي يقوم إليه ، فلما قام في الثالثة ، أخذ النبي بعنق علي ، وقال : إن هذا أخي ، ووصيتي ، وخليفتي فيكم ، فقام القوم يضحكون ، ويقولون لأبي طالب : أمرك ابن أخيك ، أن تسمع لابنك وتطيع ( الطبري 320/2 و 321).

ولما أعيت مشركي قريش الحيل ، جاءوا إلي أبي طالب ، وطلبوا منه

ص: 228

أن يسلم إليهم النبي صلوات الله عليه ، يقتلونه ، وأن يأخذ من أولادهم من شاء يتبناه ، ويكون له ولدا ، فقال لهم : عجبا لكم ، تعطوني إبنكم أغذوه لكم ، وأعطيكم إبني تقتلونه ؟ فلما أجابهم بذلك ، أجمعوا أمرهم علي منابذة بني هاشم وبني المطلب ولدي عبد مناف ، وإخراجهم من مكة ، ومقاطعتهم فلا يبيعونهم شيئا ولا يبتاعون منهم ، حتي يسلموا محمدا للقتل ، وكتبوا بذلك صحيفة وضعوها في جوف الكعبة ، فانحاز بنو هاشم بسبب ذلك في شعب أبي طالب ، ودخل معهم بنو المطلب ، سواء في ذلك مسلمهم وكافرهم ، ما عدا أبا لهب ، وجهد القوم في الشعب من جراء المقاطعة ، حتي كانوا يأكلون أوراق الأشجار ، وكان مشركو قريش يمنعون التجار من مبايعتهم ( الطبري 333/2 ونور اليقين 53 ).

ولما اشتد اضطهاد قريش للمسلمين ، هاجر جماعة منهم إلي الحبشة ، فبعثت قريش في أثرهم عمرو بن العاص ، وعمارة بن الوليد، وبعثوا معهما هدايا للنجاشي ، صاحب الحبشة ، لكي يطرد المسلمين من أرضه ، فأعادهما النجاشي خائبين ( نور اليقين 54).

مر أبو جهل بن هشام ، بالنبي صلوات الله عليه ، وهو جالس عند الصفا ، فاذاه وشتمه ، فلم يكلمه رسول الله ، وكانت امرأة تتسمع الحديث ، ولما رأت حمزة ، عم النبي ، عائدا من الصيد، حدثته المرأة بالقصة ، وقالت له : يا أبا عمارة ، لو رأيت ما لقي ابن أخيك محمد آنفا من أبي الحكم بن هشام ، وجده ها هنا جالسا ، فسه وآذاه ، فامتلأ حمزة غضب لما أصاب ابن أخيه ، وذهب ، وهو في فورة غضبه ، إلي حيث وجد أبا جهل في مجلسه ، ورفع قوسه ، وضربه بها ضربة ، فشجه بها شجة منكرة ، وقال له : أتشتم ابن أخي وأنا علي دينه ، فرد علي إن استطعت ( الطبري 333/2 و334 ).

وكان أبو لهب بن عبد المطلب ، عم النبي ، عظيم الإيذاء للنبي ،

ص: 229

وكان يرمي القذر علي بابه ، فكان النبي يميطه ويطرحه ، ويقول : يا بني عبد مناف ، أي جوار هذا ؟ وكانت تشاركه في قبيح عمله هذا ، زوجته أم جميل بنت حرب بن أمية ، وهي عمة معاوية ، وكانت كثيرا ما تسب رسول الله صلوات الله عليه ( نور اليقين 37).

أقول : دخل عقيل بن أبي طالب ، علي معاوية ، في مجلسه بالشام ، فقال معاوية لجلاسه : هل تعلمون من هو الذي أنزلت فيه الآية : و تبت يدا أبي لهب وتب 4 ، إن أبا لهب هو عم هذا ، وأشار إلي عقيل ، فقال عقيل : وهل تعلمون أن امرأته حمالة الحطب ، هي عمة هذا، وأشار إلي معاوية ( وفيات الأعيان 156/6 ).

وكان عقبة بن أبي معيط ، من أشد الناس علي رسول الله صلوات الله عليه ، لقيه مرة فوجأ عنقه ، وبزق في وجهه ، ولطم عينه ، ولقيه مرة أخري فوضع ثوبه في عنق رسول الله ، فخنقه خنقا شديدا ، وجاء أبو بكر فأخذ بمنكبه ، حتي دفعه عن رسول الله ( نور اليقين 38):

وحدث مرة أن كان النبي النبي صلوات الله عليه ، يصلي في المسجد ، فقام إليه عقبة بن أبي معيط ، وأخذ فرث جزور ، فألقاه علي النبي وهو ساجد ، وظل النبي في سجوده ، حتي جاءت ابنته فاطمة الزهراء عليها السلام ، فأماطت عنه الفرث ( نور اليقين 37 ).

ولما قصد النبي الطائف ، ودعا ثقيف إلي الإسلام ، رجموه بالحجارة ، حتي أدموا رجله ، وقال رسول الله : ما كنت أرفع قدما وأضعها إلا علي حجر ( الفرج بعد الشدة ج 1 ص 191 ، واليعقوبي 36/2 ).

ولما توفيت أم المؤمنين خديجة ، ثم توفي أبو طالب ، نال مشركو

قريش من النبي ، ما لم يمكنهم نيله منه في حياة أبي طالب ، فكانوا ينشرون التراب علي رأسه وهو سائر ، ويضعون أوساخ الشاة عليه في صلاته ،

ص: 230

ويتعلقون به يتجاذبونه ، ويصرخون في وجهه (نور اليقين 57 والطبري 344/2)

ولما أسلم قوم من الأنصار ، من أهل المدينة ، وأعلنوا إسلامهم ، غاظ ذلك مشركي قريش في مكة ، وتشاوروا ما يصنعون برسول الله ، فقال قوم : نخرجه من أرضنا، ونستريح منه ، فرفض هذا الرأي ، وقالوا : إذا خرج اجتمعت حوله الجموع لما يرونه من حلاوة منطقة وعذوبة لفظه ، وقال قوم : نوثقه ونحبسه حتي يموت ، فرفض هذا الرأي ، وقالوا : إن أتباعه سوف يتفانون في تخليصه ، ويجر ذلك علينا حربا نحن في غني عنها ، وقال قوم : نأخذ من كل قبيلة شاب جلدة ، يجتمعون أمام داره ، فإذا خرج ضربوه ضربة رجل واحد ، فيفترق دمه في القبائل ، ولا يقدر بنو عبد مناف علي حرب قريش كلها ، فأقروا هذا الرأي ، وعينوا ليلة لتنفيذ مؤامرتهم ، وبلغ رسول الله خبرهم ، فبارح مكة ، مهاجرة إلي المدينة ، وأمر ابن عمه عليا أن يبيت في فراشه تلك الليلة ، كي لا يشك المتآمرون في وجوده اثناء الليل ، وكانوا يردون النظر من شقوق الباب ، فيرون عليا مسجي ببردة النبي ، فيحسبونه النبي ، ولما نهض علي في الصباح ، ورآه المتآمرون ، علموا بفساد مكرهم ، وانتهروا عليا ، وضربوه ، وأخرجوه إلي المسجد ، فحبسوه ساعة ، ثم تركوه ، وأرسلوا الطلب في كل جهة ، وجعلوا الجوائز لمن يأتي بمحمد أو يدل عليه ( الطبري 373/2 و 375 ونور اليقين 69 و70) .

ولما هاجر رسول الله إلي المدينة ، ومعه أبو بكر ، جاء إلي دار أبي بكر نفر من قريش فخرجت إليهم إبنته أسماء ، فقال لها أبو جهل بن هشام ، أين أبوك يا بنية ؟ فقالت : لا أدري فرفع أبو جهل يده ، فلطم خدها لطمة طرح منها قرطها ( الطبري 379/2 و 380 ).

ولما أرادت زينب ، ابنة رسول الله ، الهجرة إلي المدينة ، لتلحق بأبيها صلوات الله عليه ، حملها أخو زوجها ، في هودج علي بعير ، وحمل سلاحه

ص: 231

ورافقها ، قاصدين المدينة ، فقصدها قوم من مشركي قريش ، وسبق إليها هبار بن الاسود ، فردعها بالرمح وهي في هودجها ، وكانت حاملا ، فطرحت حملها ( الطبري 2/ 469 و 470) .

وقبض مشركوا قريش علي سعد بن عبادة ، لما أسلم ، وربطوا يديه إلي عنقه ، بنسع نعله ، وأقبلوا به حتي أدخلوه إلي مكة ، يضربونه ، ويجذبونه بجمته ، وكان ذا شعر كثير ، وتقدم منه سهيل بن عمرو ، فلطمه لطمة شديدة ( الطبري 367/2 و 368) .

وكان بلال بن رباح ، مؤذن النبي صلوات الله عليه ، ممن أوذي في سبيل الإسلام ، وكان مملوكا لأمية بن خلف الجمحي القرشي ، فكان أمية يجعل في عنقه حبلا ، ويدفعه إلي الصبيان يلعبون به ، وكان أمية يخرج به في وقت الظهيرة إلي الرمضاء ، أي الرمل الشديد الحرارة ، لو وضعت عليه قطعة لحم لنضجت ، ثم يأمر بالصخرة العظيمة ، فتوضع علي صدره ، ثم يقول له : لا تزال هكذا حتي تموت ، أو تكفر بمحمد، فيقول : أحد، أحد ، وظل بلال في العذاب ، حتي اشتراه أبو بكر وأعتقه ( نور اليقين 41 و42) .

وعذب خباب بن الأرت عذابا شديدا ، وكانوا يعرونه ويلصقون ظهره بالرمضاء ، ثم بالرضف ، وهي الحجارة المحماة بالنار ، ويلوون عنقه ( ابن الأثير 67/2 و68 ).

ومن الذين عذبوا في سبيل الإسلام ، صهيب بن سنان ، وحمامة بن بلال ، وعامر بن فهيرة ، الذي كان يعذب حتي لا يدري ما يقول ، وأبو فكيهة الذي لما أسلم ، أخذه أمية بن خلف ، وربط في رجله حبلا ، وأمر به فجر ، ثم ألقاه في الرمضاء ، وخنقه خنقا شديدا حتي حسبوه قد مات ، ثم اشتراه أبو بكر وأعتقه ( ابن الأثير 68/2 و 69 ونور اليقين 42) .

ص: 232

وممن عذب في سبيل الإسلام من النساء أم عنيس ، كان يضربها الأسود بن عبد يغوث ، ومولاة لبني نهد ، ولبيبة وزنيرة ، جاريتان لبني عدي ، وقد عذبت زنيرة حتي عميت ( ابن الأثير 69/2 و 70 ونور اليقين 42) .

وممن عذب في سبيل الإسلام ، أبو ذر الغفاري ، فإنه لما أسلم ، خرج إلي الكعبة ، فصاح بأعلي صوته : أشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله ، فقام إليه مشركوا قريش ، فضربوه حتي أضجعوه ، وعاود الإعلان بالشهادة في اليوم الثاني ، فعادوا إلي ضربه ( نور اليقين 31) .

وممن عذب في سبيل الإسلام ، عمار بن ياسر ، وأبوه ياسر، وأمه سمية ، وكان مشركوا قريش يأخذونهم إلي الأبطح ، إذا حميت الرمضاء ، يعذبونهم بحر الرمضاء ، وكان أبو جهل يحمي لعمار دروع الحديد في اليوم الصائف ، ويلبسه إياها ، وشددوا عليه العذاب بالحر تارة ، وبوضع الصخر علي صدره أخري ، وبالتغريق تارة أخري ، ومات ياسر تحت العذاب ، أما سمية فإن أبا جهل طعنها في قبلها بحربة فماتت ، وكانت أول شهيدة في الإسلام ( ابن الأثير 67/2 ونور اليقين 42 و43) .

ص: 233

البحث الثاني : اضطهاد اتباع الديانة المسيحية

أول من اضطهد من أجل الديانة المسيحية، المسيح عليه السلام ، وأخذ إلي ساحة الإعدام في ظاهر بيت المقدس ، وهو يضرب ، وقد لفت علي رأسه إكليل من الشوك ، يحمل صليبه الذي سمر مصلوبا عليه ، حتي إذا وصل إلي موضع إعدامه ، سمر إلي الصليب بمسامير خرقت كفيه وقدميه .

وممن اضطهد من تلامذة المسيح عليه السلام وحواريه ، القديس بطرس ( 10 ق - 67) وكان سماكا في بحيرة طبرية ، وأسمه سمعان ، فسماه المسيح بطرس ، وجعله رئيس الرسل ، وقد قتل مصلوبا في رومه .

وممن اضطهد أيضأ القديس أندراوس ، أخو القديس بطرس ، وقد قتل مصلوبة علي خشتين ، بشكل علامة الضرب في الحساب ، فسميت صليب القديس أندراوس .

وممن مات شهيدا من تلامذة المسيح عليه السلام ، يوحنا الإنجيلي الملقب يوحنا الحبيب ، ويعقوب المسمي بالأصغر ، وفيليبوس ، ومتي العشار .

كان أول مظاهر الإضطهاد الدامي ضد المسيحيين ، حصل في السنة 64 م في عهد الطاغية نيرون ، محرق روما ، فإنه أحرق روما ، وألقي التهمة

ص: 234

علي المسيحيين ، فأخذهم ، وألقي بعضهم للكلاب تنهش جسمه ، وطلي أجساد بعضهم بالقار والشمع ، وأشعل فيهم النار ، فأحرقهم أحياء ، وأقام حفلة ألعاب في بستانه ، وأخذ قسما من المسيحيين ، فاتخذهم مشاعل ، بأن ربطهم ، وأشعلهم ، لينير بهم الملعب . ( قصة الاضطهاد الديني 34).

وجري ، في روما ، ما بين السنتين 161 - 181 اضطهاد المسيحيين ، فكانوا يجمعونهم في مدرج عام ، ويلقي بهم إلي الوحوش الضارية ، فتفترسهم أمام المخرجين الذين يحضرون للتلهي بمشاهدتهم ، وهم يتعذبون . (قصة الاضطهاد الديني 35 ).

وفي عهد قسطنطين الكبير 274 - 337 كان يعاقب بالإحراق ، كل مسيحي يتهود ، وكل يهودي ألقي علي مسيحي حجرة ، ويعاقب بالاعدام كل مسيحي تزوج بيهودية ( قصة الاضطهاد الديني 49) .

وفي السنة 305 أمر دقلديانوس ، باضطهاد المسيحيين ، فهدم كنائسهم ، وأعدم كتبهم المقدسة ، وقبض علي الكهان ، وسائر رجال الدين ، وعذبهم بأن مرق أجسادهم بالسياط ، وكلاليب الحديد ، وأحرقهم بالنار ، وقطع أجسادهم بالسيوف ، وطرح قسم منهم للسباع ، وأراد من المسيحيين بمصر ، أن يؤلهوه ، فلما أبوا ، اعتقلهم ، وعذبهم بإحراقهم علي نار بطيئة ، حتي سمي عصره : عصر الشهداء . ( قصة الاضطهاد الديني40)

وظهر في القرن الرابع والقرن الخامس الميلادي ، طائفة من المسيحيين ، يسمون الدوناتست ، قام المسيحيون الأخرون باضطهادهم ، وهدم كنائسهم ، وإحراق كتبهم ، ونفي كهانهم ، ومصادرة اجتماعاتهم . ( قصة الاضطهاد الديني 52 ).

وفي السنة 385 أعدم الامبراطور ماكسيموس ، بمعونة رجال

ص: 235

الاكليروس ، بريسكليان الأسباني ، وأتباعه ، بتهمة الإلحاد . ( قصة الاضطهاد الديني 55).

وفي مصر ، قبيل الفتح العربي ، فكر هرقل ملك الروم ، في توحيد المذاهب المسيحية ، وأقر ذلك مجمع خلقيدونيه ، وتولي قبرس بمصر تطبيق ذلك ، وعندما أخفق في إقناع المصريين ، أخذ بنيامين كبير أساقفة مصر ، وسلط علي جسمه نيران المشاعل ، فأخذ جسمه يحترق حتي سال دهنه علي الأرض ، ثم أمر به فقلعت أسنانه ، ثم أغرقه في البحر . ( قصة الاضطهاد الديني 17 و18 ).

وفي السنة 1215م اتهمت الكنيسة ، الألبيين ، من رعايا أمير تولوز ، بفرنسا ، بالهرطقة ( تهمة عامة ، تتخذ حجة للقتل، مثل تهمة الزندقة في الدولة العباسية ) . فتعقبتهم رجالا ، ونساء ، وأطفالا ، شنقا ، وإحراقا ، وأعدام ( قصة الاضطهاد الديني 67 ).

وفي السنة 1478م أصدر البابا سكستوس الرابع ، مرسومة بإنشاء محكمة التفتيش في أسبانيا ، فأنشئت أول محكمة في قشتالة ، ثم إشبيلية ، وغرناطة ، وغيرها من مدن أسبانيا ، وصبت هذه المحاكم عذابها علي اليهود ، وعلي المسلمين ، وكان أسلوب المحاكمة فيها، أن كل من يساق إليها يعتبر مجرم إلا إذا اثبتت براءته ، وكان مبدأ المحكمة : لأن يدان مائة بريء ، زورا وبهتانا ، ويعانون العذاب ألوان ، خير من أن يفلت من العقاب مذنب واحد . ( قصة الاضطهاد الديني 71 و73 ).

وذكر المؤرخ لورنتي ، وكان سكرتيرة لديوان التحقيق ، إن محكمة التفتيش في أسبانيا ، قدمت إلي النار أكثر من واحد وثلاثين ألف إنسان ، وحكمت علي أكثر من مائتين وتسعين ألف إنسان ، بعقوبات تلي الإعدام صرامتها ، وهذا الرقم ، لا يشمل الدين أودت بحياتهم فروع هذه المحكمة ،

ص: 236

في مكسيكو ، وليما ، وقرطاجنة ، وجزر الهند الغربية ، وصقلية ، وسردينيا ، ووهران ، ومالطة .

وحدد بعض المؤرخين عدد الذين أعدموا في عهد شارل الخامس ( شارلكان ) في الأراضي الواطئة ( بلجيكا وهولاندة ) وحدها بخمسة آلاف نسمة .

وفي عهد ولده فيليب الثاني ، لاقي خمسون ألفا حتفهم ، وعندما أصدر الديوان المقدس قرارا بإدانة جميع سكان الأراضي الواطئة والحكم عليهم بالإعدام ، بتهمة الهرطقة ، واستثني من هذا القرار بضعة أفراد ، ذكرت أسماؤهم نضا في القرار ، وصادق الملك علي القرار ، قدم للإعدام ملايين من الرجال والنساء والأطفال . ( قصة الاضطهاد الديني 78-80) .

وكان العذاب الذي يصيب المحكوم عليهم في محاكم التفتيش ، بطيئة ، فإن الذي يحكم عليه بالإحراق بالنار ، كانت النار التي يحرقون بها ، بطيئة لا تأتي عليهم دفعة واحدة ، وكان يسبق الإحراق مراحل من الكي بالنار ، وكان اعتراف الشخص بالإلحاد لا يكفي ، بل يواصل تعذيبه بحجة آن مواصلة التعذيب تؤدي إلي اكتشاف شركائه في الجريمة . ( قصة الاضطهاد الديني 75).

وكانت محاكم التفتيش ، تصدر أحكامها علي المائلين أمامها ، بأنهم مرقوا من الدين ، فتتولي السلطات تعذيبهم ، وإعدامهم حرقة ، ويجري إحراقهم في محارق تقام في ميادين عامة في المدن الكبيرة ، وتنظم لذلك احتفالات تشهدها الجماهير ، والأحبار ، وأحيانا الملوك . ( قصة الاضطهاد الديني 27 و 28 ).

وفي حركة الإصلاح الديني ، في أوربا ، في القرن السادس عشر الميلادي ، كان أتباع المذهب البروتستنتي ، يتقدون حماسة ، فكان

ص: 237

الكاثوليك يوقدون لهم النار لإحراقهم ، وهم يتقدمون إليها من دون خوف ، وهم ينادون بالدعاية للمذهب البروتستنتي ، فاضطر معذبوهم إلي قطع ألسنتهم ، قبل إحراقهم ( قصة الاضطهاد الديني 19 و 20).

وفي السنة 1572 دبر الكاثوليك بفرنسا، مذبحة الهيجونوت ( البروتستانت ) ، فذبح منهم عشرة آلاف نسمة ، منهم ألفا نسمة في باريس ( قصة الاضطهاد الديني 90).

وفي السنة 1625 تأمر بعض الكاثوليك علي نسف البرلمان الانكليزي ، أثناء افتتاحه ، وافتضحت المؤامرة ، وأعدم مدبروها بعد عذاب مرير جسيم . ( قصة الاضطهاد الديني 94). .

وفي السنة 1553 اعتقل في سويسره ، سرفيتوس الاسباني لأنه كان لا يقول بعقيدة التثليث ، فحاكمته حكومة كلفن وأدين ، وأعدم إحراقة . ( قصة الاضطهاد الديني 105).

وأصدر البابا في العام 1670 قرارا بحرمان أليزابيت ، ملكة انكلترا البروتستانتية ، وأباح لرعاياها حق التمرد عليها ، فقابلت أليزابيت ذلك ، بالتخلص من وريثة عرشها الكاثوليكية ، ماري ، بأن دبرت ضدها تهمة بأنها أنتمرت بأليزابيت ، وحاكمتها ، وأعدمتها ( قصة الاضطهاد الديني 88 ) .

ص: 238

البحث الثالث : العذاب الذي مارسه ديوان التفتيش في اسبانيا واوربا

كان من جملة ألوان العذاب ، التي مارسها ديوان التفتيش :

1- الاحراق بالنار .

2 - الدفن حيا .

3 - سمل العيون

4 - سحب الأظافر

5- سل الالسنة .

6 - قلع الأثداء .

7- فسخ الفك . 8 خلع الأطراف .

9- تمزيق الأرجل .

10 - سحق العظام .

11 - التعذيب بالماء ، سقيأ وتقطيرة .

12 - التعذيب بالجاروكا .

13 - التعذيب بالأسياخ المحماة .

14 - التعذيب بالقوالب الحديد المحماة .

للتفصيل راجع كتاب محاكم التفتيش للدكتور علي مظهر ص 91- 93 و 115 ، وكتاب نهاية الأندلس لعبد الله عنان ص 244 .

ص: 239

وكان من جملة الآلات التي احتوت عليها قاعات التعذيب في ديوان التفتيش :

1- أسواط بها قطع من الحديد الشائك .

2 - كلاليب لانتزاع اللحم من العظم .

3 - قدور من الحديد لصهر الرصاص وصبه علي المعذبين .

4 - قدور لغلي الزيت والماء وصبه علي المعذبين .

5- دواليب وسحابات ذات مسامير حادة لتمزيق الأجساد .

6- عضاضات حديد لعض اللحم .

7- أكاليل حديد ذات مسامير حادة ناتئة من الداخل، تطوق بها جبهة

المعذب ، وتضيق بمفتاح يدور بلولب يغرز المسامير في الجبين.

8- كلاليب ذات رؤوس حادة لقلع أثداء النساء من صدورهن .

9- آلات لسل الألسنة .

10 - الات لتكسير الأسنان .

11 - أحذية حديد تعرض علي النار ، فإذا حميت وأحمرت حشرت فيها قدم المعذب .

12 - أحذية فيها مسامير من داخلها .

13 - سفافيد حديد ، توضع في النار ، ويكوي بها البدن .

14 - مشنقة معلقة في السقف تخنق المعذب ، ولا تقتله ، ليكون ذلك أطول لعذابه .

15 - سلاسل غليظلة أنيطت بها أثقال حديد ، معلقة بالسقف ، تعلق بأطراف السجين ، فتجذبه الأثقال ، وتمزق أعضاءه .

16 - توابيت من الحديد، يحشر المعذب في باطنها، وفي بابها سكاكين حادة ، فإذا أطبق باب التابوت ، اخترقت عيني المعذب سكينان ، ونفذتا إلي باطن الدماغ ، وثالثة إلي قلبه ، وأخري إلي معدته .

ص: 240

17 - آلات لطي بدن المعذب ، وكسر عظام ظهره .

18 - مطارق ثقيلة لسحق الرؤوس .

19 - صليب ، يدعي : صليب أندراوس ، لصلب الضحايا .

20 - آلة تسمي : الجحش الخشبي ، يربط إليها الأسير ، ويطوق صدره بالة من حديد ، تضيق بلوالب ، حتي تنقطع أنفاسه .

21 - آلة من الحديد توضع في فم الأسير، كي لا يتمكن من الصراخ ، إذا بوشر بتعذيبه .

الزيادة التفصيل راجع كتاب محاكم التفتيش للدكتور علي مظهر ، ص 50 و51 و 79 - 81.

ص: 241

ص: 242

الباب الحادي عشر : القتل

اشارة

القتل : بفتح القاف : الإماتة ، وإزهاق الروح .

والقتل ، في جميع الشرائع ، من اعظم الجرائم ، والقاتل ، في شريعة الإسلام ، مخلد في جهنم ، قال تعالي : ومن يقتل مؤمنا متعمدا ، فجزاؤه جهنم خالدا فيها (93 م النساء 4) ، وقال : ومن قتل نفسا بغير نفس ، أو فساد في الأرض ، فكأنما قتل الناس جميعا (32م المائدة 55 ).

ومما جاء في عهد الإمام علي عليه السلام ، للاشتر : إياك والدماء ، وسفكها بغير حلها ، فإنه ليس شيء أدعي لنقمة ، ولا أعظم تبعة ، ولا أحري بزوال نعمة ، وانقطاع مدة ، من سفك الدماء بغير حقها ، فلا تقوين سلطانك بسفك دم حرام ، فإن ذلك مما يضعفه ويوهنه ، بل يزيله وينقله ( نهاية الأرب 31/6)

وقد أورد الثعالبي في الطائف المعارف ( ص 191 ) : إن أربعة في الإسلام قتل كل واحد منهم أكثر من ألف ألف رجل ، وهم الحجاج بن يوسف الثقفي ، وأبو مسلم الخراساني ، وبابك الخرمي ، والبرقعي ، وأحسبه يريد بالبرقعي ، المقنع الخراساني ، الثائر سنة 159 بخراسان .

وإذا كان هؤلاء ، قتل كل واحد منهم - طول حياته - ألف ألف رجل ، فإن هولاكو - علي ما يقول الذهبي ، قد قتل في السنة 656، في موقعة

ص: 243

واحدة ، عند احتلاله بغداد أكثر من ألف ألف رجل ( فوات الوفيات 233/2)

وقد كانت الدماء التي أراقها يزيد بن معاوية ، في وقعة الطفت بكربلاء ، وفي وقعة الحرة بالمدينة ، مما كره الناس في آل أبي سفيان ، فانقرض ملكهم بهلاكه ، كما إن ما أراقه الحجاج من الدماء ، كان السبب الأقوي في زوال ملك بني مروان ( السيادة العربية لفان فلوتن 44 ) إذ تألب عليهم الناس في كل مكان ، حتي إذا باد ملكهم ، عاد عليهم العباسيون بالسيف ، قتلا واستئصالا ، فلم يسلم منهم حتي الصبيان ، بل لم يسلم منهم حتي الموتي في قبورهم ، حيث نبشت قبور آل مروان ، وأحرقت عظامهم .

وقد أفردنا هذا الباب الحادي عشر ، لأخبار القتل بالة من الآلات ، وقسمناه إلي ثلاثة فصول :

الفصل الأول : القتل بالسيف .

الفصل الثاني : القتل بالة من الآلات المعدة للقتل غير السيف .

الفصل الثالث : القتل بأداة من الأدوات غير المعدة للقتل .

ص: 244

الفصل الأول : القتل بالسيف

اشارة

كان القتل بالسيف أول الأمر ، مقصورة علي قطع العنق بالسيف ، ثم تنوق المعبون في تحويره ، فابتكروا التوسيط ، وهو قطع الوسط بالسيف ، ثم زاد فيه جلادوا السلطان محمد بن تغلق ، سلطان الهند ( 725 - 752) فابتكروا قطع البدن حمائل ، ويعني ذلك ، أن يسري السيف في البدن ، علي الموضع الذي تعلق عليه حمالة السيف ، فيقطع العنق ، والكتف وفيه الذراع ، وجزءا من الصدر ، كما ابتكروا قطع البدن إلي ثلاث قطع ، الرأس ، والصدر مع الذراعين ، والجذع مع الساقين .

والقتل بالسيف ، بالنسبة لأصنافه ، ينقسم إلي أقسام خمسة :

القسم الأول : القتل صبرة ، ويعني قتل الإنسان ، وهو مجرد من أسباب الدفاع .

القسم الثاني : القتل في المعركة ، وهذا اللون من القتل ، لا يحتاج إلي تفصيل ، وهو من الكثرة بحيث لا يتسع الكتاب ، إلا لإيراد ما اشتهر

القسم الثالث : القتل غدرة ، ويعني قتل الإنسان بعد إعطائه الأمان ، أو ما هو في حكم الأمان ، كما لو كان قد دخل إلي بيت القاتل ، أو تحرم بطعامه .

ص: 245

القسم الرابع : القتل غيلة ، وهو مهاجمة الإنسان تسلط، أو خفية ، وقتله .

القسم الخامس : القتل في سبيل الاستئثار بالسلطان ، ويختص بقتل الانسان أخاه أو أباه ، رغبة في التفرد بالسلطان ، وقد شاع هذا اللون من القتل ، ما بين القرنين الخامس والعاشر للهجرة .

القسم السادس : التوسيط .

ص: 246

القسم الأول : القتل صبرة

الصبر : الحبس ، ومن حبس شيئا فقد صبره ( لسان العرب ).

والقتل صبرأ : نصب الانسان للقتل .

وقد نهي النبي صلوات الله عليه عن صبر ذي الروح ، وكل ذي روح يصبر حيا ثم يرمي حتي يقتل ، فقد قتل صبرة ، ومنه قيل للرجل يقدم فيضرب عنقه ، قتل صبرا يعني أنه أمسك علي الموت .

وحوادث القتل صبرة في التاريخ لا يمكن الاحاطة بها ، لكثرتها ، وقد اقتصرنا في هذا البحث علي ايراد المشهور منها ، مما تيسر لنا اثباته .

وقد اضفنا إلي اخبار القتل صبرأ ، اخبار القتل فتك ، والفتك : القتل مجاهرة ( لسان العرب ) والفاتك : الجريء الشجاع ، قال شاعر العربية احمد شوقي رحمه الله من قصيدة :

الم تبق فينا يا فؤاد بقية**** لفتوة أو نهزة لعراك

كنا إذا صققت نستبق الهوي**** ونشد شد العصبة الفتاك

واليوم تبعث في حين تهزني**** ما يبعث الناقوس في النساك

في السنة 2 أسر المسلمون ، النضر بن الحارث بن علقمة ، من بني عبد الدار من قريش ، فأمر النبي صلوات الله عليه بقتله ، فقتل ، فرثته إبنته بأبيات من عيون الشعر ، قالت : ( الاعلام 28/6 ) .

ص: 247

يا راكبا إن الأثيل مظنة**** من بعد خامسة وأنت موفق

أبلغ بها ميتأ بأن تحية**** ما أن تزال بها الركائب تخفق

مني إليك وعبرة مسفوحة**** جادت بوابلها وأخري تخنق

أمست رماح بني أبيه تنوشه**** الله أرحام هناك تمزق

أمحمد ولأنت نجل نجيبة ****في قومها والفحل فحل معرق

ما كان ضرك لو منت وربما**** من الفتي وهو المغيظ المحنق

وفي السنة 2، في موقعة بدر ، أسر عقبة بن أبي معيط ، وكان شديد الأذي للمسلمين عند ظهور الدعوة ، فقتله المسلمون ، ثم صلبوه ، وهو أول مصلوب في الإسلام . ( الاعلام 5/ 36).

وفي السنة 3 ه ، في موقعة أحد، أمر النبي صلوات الله عليه ، بقتل أبي عزة عمرو بن عبد الله الجمحي ، الشاعر، وكان النبي قد أسره مشركا يوم بدر ، فقال له : يا رسول الله ، لقد علمت مالي من مال ، وإني لذو حاجة ، فامنن علي ، ولك أن لا أظاهر عليك أحد ، فأطلقه ، فلما تأهب المشركون لموقعة أحد، أغراه صفوان بن أمية ، فخرج مع المشركين يحارب النبي والمسلمين ، فأسره المسلمون ، فقال : يا رسول الله من علي ، فقال النبي : لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين ، لا ترجع إلي مكة تمسح عارضيك ، وتقول خدعت محمد مرتين ، وأمر به فضربت عنقه ( الاعلام 251/5)

وفي السنة 8 عند فتح مكة ، قتل مقيس بن صبابة بن حزن ، الشاعر ، وكان له أخ اسمه هشام ، أسلم ، فقتله رجل من الأنصار خطأ ، وقدم مقيس مظهرة الإسلام ، فأسلم ، وأمر له النبي صلوات الله عليه ، بدية أخيه فقبضها ، ثم تربص بقاتل أخيه ، فقتله ، وأرتد، ولحق بقريش ، وقال في ذلك شعرة ، فأهدر النبي دمه ، فلما كان يوم فتح مكة ، قتل بين الصفا والمروة . ( الاعلام 210/8 ) .

ص: 248

وفي السنة 11 هاجم خالد بن الوليد ، مالك بن نويرة ، اتهمه بأنه قد آرتد عن الإسلام ، وقتله ، واختلف أصحاب خالد ، فقال بعضهم : سمعنا الأذان من جماعة مالك ، فلم يكن لخالد أن يقتله ، واشتد عمر علي أبي بكر في طلب عزل خالد ومحاكمته ، فأبي أبو بكر ، وأدي لورثة مالك ديته . ( ابن الأثير 357/2 -360) .

وفي السنة 11 قتل الأسود العنسي ، وهو الأسود ذو الخمار عبهلة بن كعب ، العنسي ، وكان كاهنا شعباذأ ، فتنبأ باليمن ، واتبعه أقوام من العرب ، وغلب في السنة 10 علي اليمن ، فآنسل اليه في السنة 11 بعض المسلمين من الأبناء ، وتقدم أحدهم فأخذ برأسه فوق عنقه ، ثم وضع ركبته علي ظهره فدقه ، ثم أراد أن يح عنقه ، فاضطرب ، وحاول أن يقوم ، فجلس اثنان علي صدره ، وأخذ ثالث بشعره ، وأغلق فاه بخرقة من القماش ، ثم أمر الشفرة علي حلقه ، فخار خوار الثور ومات ( الطبري 235 ، 185 ، 147/3)

وفي السنة 30 هجم الثائرون علي دار الخليفة عثمان بن عفان ، واقتحموها ، دخلوا إليها من دار مجاورة ، حتي ملؤوها ، وكان كل من ينتدب لقتله ، يدخل ، ثم يعود ناكصأ ، وكان ممن دخل عليه محمد بن أبي بكر ، ثم عاد منكسرا ، فثار ثلاثة من الناس ، ودخلوا عليه وضربوه ، فقتلوه . ( ابن الأثير 3/ 178 ).

وفي السنة 36 لما قدم الزبير وطلحة البصرة ، لمحاربة الإمام علي ، أخذا عثمان بن حنيف ، عامل علي علي البصرة ، فضربوه ضرب الموت ، ونتفوا كل شعرة في رأسه ووجهه ، حتي حاجبيه وأشفار عينيه ، وأرادوا الإستيلاء علي بيت المال ، فحفظه السبابجة وكان منوطأ بهم حراسة بيت المال ، فأسروا منهم سبعين ، ذبحهم عبد الله بن الزبير كما تذبح الغنم ، وبقيت منهم طائفة متمسكة بحفظ بيت المال ، فأوقع بهم الزبير ليلا ، وأخذ

ص: 249

منهم خمسين أسير ، فقتلهم صبر أيضا ، والسبابجة قوم من السند، كانوا بالبصرة جلاوزة وحراس السجن و بيت المال ( شرح نهج البلاغة 321/9 ).

وفي السنة 37 قتل قوم من خوارج البصرة عبد الله بن خباب بن الأرت ، صاحب رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم ، لاقوه يسوق حمارا ، وكانت امرأته معه ، فسألوه عن الخلفاء الأربعة الراشدين ، فأثني عليهم ، فأمسكوا به ، وأضجعوه ، وذبحوه ، ثم أخذوا امرأته وهي حبلي متم فبقروا بطنها ( الطبري 81/5 و82).

وفي السنة 38 قتل محمد بن أبي بكر الصديق ، عامل مصر للإمام علي ، وهو ابن 28 سنة ، قتله معاوية بن حديج ، من أصحاب معاوية بن أبي سفيان ، ووضعه في جيفة حمار ، ثم أحرقه ، فجزعت عليه أخته أم المؤمنين عائشة ، جزعا شديدا ، وأخذت عياله إليها ، ولم تأكل منذ ذلك الوقت شواء ، حتي ماتت . ( ابن الأثير 357/3 ).

وأول من سن قتل الأطفال والنساء ، في الإسلام ، معاوية بن أبي سفيان ، فإنه بعث بسر بن أرطأة ، وبعث معه جيش ، وأمره أن يسير في البلاد ، فيقتل كل من وجده من شيعة علي بن أبي طالب وأصحابه ، ولا يكفوا أيديهم عن النساء والصبيان ، فاجتاح المدينة ، ومكة ، والسراة ، واليمن ، قت ، وهدمة ، ووجد آبنين صبين لعبيد الله بن العباس في اليمن ، فأخذهما ، وذبحهما بيده ، بمدية كانت معه ، ثم آنكفأ راجعا إلي معاوية (الاغاني 266/16 ).

أقول : لما أخذ بسر الصبيين ليذبحهما، قام أمامه رجل من بني كنانة ، فحامي عنهما ، فقال له بسر : ثكلتك أمك ، لم عرضت نفسك للقتل ، فقال : أقتل دون جاري ، فقتله بسر ، ثم قدم الغلامين فذبحهما ، فخرج نسوة من بني كنانة ، فقالت إحداهن لبسر : هذه الرجال تقتل ، فيما

ص: 250

بال الولدان، والله ، ما كانوا يقتلون في جاهلية ولا إسلام ، والله ، إن سلطان لا يشتد إلا بقتل الضرع الضعيف ، والشيخ الكبير ، ورفع الرحمة ، وقطع الأرحام ، لسلطان سوء ، فقال بسر : والله ، لهممت أن أضع فيكن السيف ، قالت : والله ، إنه لأحب إلي أن فعلت ، ثم إن بسرا قتل مائة شيخ من أبناء فارس باليمن ، لأن ابني عبيد الله بن العباس ، كانا مستترين في بيت امرأة من أبنائهم ، ( شرح نهج البلاغة 14/3 و16 ).

وخاطر رجل ، أن يقوم إلي زياد بن أبيه ، وهو يخطب ، فيقول له : أيها الأمير من أبوك ؟ ففعل ، فقال له زياد : هذا يخبرك ، وأشار إلي صاحب الشرطة ، فقدمه ، فضرب عنقه ( العقد الفريد 54/1 ) .

وفي السنة 40 ثاور الجراح بن سنان الأسدي ، الإمام الحسن بن علي ، بالمدائن ليغتاله ، فأصابته الضربة في فخذه ، وقطع الجراح بالسيوف ( الطبري 4/ 121 ) وفي تاريخ اليعقوبي 215/2 إنه قبض علي لحية الجراح ولويت فاندقت عنقه .

وفي السنة 41 خرج يزيد بن مالك الباهلي ، الملقب بالخطيم ، وسهم بن غالب الهجيمي ، فأصبحوا عند الجسر ، فوجدوا عبادة بن قرص الليثي ، من الصحابة ، وهو يصلي عند الجسر ، فقتلوه ، ثم خرج سهم إلي الأهواز ، وعاد ، فظفر به زياد أمير البصرة فقتله ، وصلبه علي بابه ، وأما الخطيم فإن زياد نفاه إلي البحرين ، ثم أذن له فقدم البصرة وأمره بملازمة بيته ، ثم شك في أمره ، فأمر به ، فقتل ، وألقي في باهلة ( الطبري 171/5 و 228) .

وفي السنة 41 قتل المغيرة بن شعبة ، عامل معاوية علي الكوفة ، معين بن عبد الله المحاربي ، أحضره ، وسأله : أتشهد أن معاوية خليفة ، وأنه أمير المؤمنين ، فقال : أشهد أن الله عز وجل حق ، وأن الساعة آتية لا ريب فيها : وأن الله يبعث من في القبور ، فأمر به فقتل . ( الاعلام 195/8 ) .

ص: 251

وفي السنة 45 قتل خالد بن عبد الرحمن بن خالد بن الوليد المخزومي ، الطبيب ابن أثال النصراني طبيب معاوية ، وسبب ذلك إن معاوية الما رغب في نصب ولده يزيد لولاية العهد، خطب في أهل الشام ، وقال لهم : إن أمير المؤمنين قد كبرت سنه ، ورق جلده . ودق عظمه ، واقترب أجله ، ويريد أن يستخلف عليكم ، فمن ترون ؟ فقالوا : عبد الرحمن بن خالد بن الوليد ، ذلك لأن عبد الرحمن ، كان قد عظم شأنه بالشام ، ومال إليه أهلها ، لما كان عندهم من آثار أبيه خالد بن الوليد ، ولغنائه عن المسلمين في أرض الروم ، وبأسه ، فلما سمع معاوية منهم ذلك ، سكت ، ود إلي عبد الرحمن ، الطبيب ابن أثال ، فسقاه شربة مسمومة فمات ، وقدم ولده خالد المدينة ، فجلس يوما إلي عروة بن الزبير ، فسلم عليه ، وانتسب له ، فلما عرف انه ابن عبد الرحمن ، قال له : ما فعل أبن أثال ؟ فقام خالد من عنده متوجها إلي حمص ورصد بها ابن أثال ، فاعترضه بالسيف ، فقتله ، ثم عاد إلي الحجاز ، فأتي عروة ، فقال له عروة : ما فعل ابن أثال ؟ فقال : قد كفيتك ابن أثال ، ولكن ما فعل ابن جرموز ؟ ( پريد قاتل الزبير) فسكت عروة ( الاغاني 197/16 والطبري 227/9 و 228 وكتاب اسماء المغتالين 168 و 160).

أقول : الذي في الأغاني إن الذي فتك بابن أثال هو خالد بن المهاجر بن خالد بن الوليد ، غضب لعمه عبد الرحمن . ولما فتح مصعب بن الزبير العراق ، قبض علي ابن جرموز قاتل أبيه الزبير ، واعتقله ، وكتب إلي أخيه عبد الله يسأله عما يفعل به ، فكتب إليه عبد الله : إني لا اقتل ابن جرموز بالزبير ، وأمره باطلاقه .

وأحضر عروة بن أدية ، من نساك الخوارج ، أمام زياد بن أبيه ، فسأله عن قوله في أبي بكر وعمر ، فقال خيرا ، فقال له : ما تقول في عثمان وعلي ، فتولي عثمان ست سنين من خلافته ، ثم شهد علبه بالكفر ، وتولي

ص: 252

عليا مثل ذلك إلي أن حكم ، ثم شهد عليه بالكفر ، ثم سأله عن معاوية ، فسبه سبا قبيحة ، ثم سأله عن نفسه ، فقال له : أولك لزنية ، وآخرك لدعوة ، وأنت بعد ذلك عاص ربك ، فأمر به فقتل ( شرح نهج البلاغة 80/5 ).

وفي السنة 51 قتل معاوية بن أبي سفيان ، حجر بن عدي ، الصحابي ، الناسك ، الزاهد ، مع ستة من أصحابه ، وهم شريك بن شداد الحضرمي ، وصيفي بن فسيل، وقبيصة بن ضبيعة ، وكدام بن حيان ، ومحرز بن شهاب وعبد الرحمن بن حسان ، وكانت التهمة التي استوجبوا بها القتل ، أنهم من شيعة الإمام علي ، وأنهم أبوا أن يتبرؤا منه ، وكان مقتل الستة الأولين في وضع بالغ القسوة ، فإن معاوية أمر أن يطالبوا بالبراءة من علي ، فإن أبوا ، فتحفر قبورهم أمامهم ، وتهيا لهم أكفانهم ، ثم يقتلون من بعد ذلك ، ولما مشوا إلي حجر بالسيف ، ارتعد ، فقيل له : إنك زعمت أنك لا تجزع من الموت فقال : وكيف لا أجزع، وأنا أري قبرأ محفورة ، وكفنا منشورة ، وسيفا مشهورة .

أما السادس ، عبد الرحمن بن حسان ، فإنه أحضر أمام معاوية ، فسأله عن قوله في علي ، فأثني عليه ، فرده معاوية ، إلي زياد ، وأمره أن يقتله شر قتلة ، فدفنه حيا ( الطبري 275/5 -277 وابن الأثير 3/ 472 - 488) .

وكان سعيد بن عثمان بن عفان ، ولي خراسان ، لمعاوية بن أبي سفيان ، وناهضه الصغد ، فقاتلهم ، وهزمهم ، وحصرهم في مدينتهم ، فصالحوه ، وأعطوه رهنما ، خمسين غلاما ، من أبناء عظمائهم ، فلما عزل عن خراسان ، لم يعد الغلمان الرهائن إلي أهليهم ، وإنما أخذهم معه عبيدة أرقاء إلي المدينة ، وخلع عنهم كسوتهم ومناطقهم ، وألبسهم جباب صوف ، وألزمهم السواني والعمل الصعب ، فدخلوا عليه ، وفتكوا به ، ثم قتلوا أنفسهم ( الطبري 306/5 والمعارف لابن قتيبة 202 وانساب الأشراف 117/5 و119) .

ص: 253

وجيء الي عبيد الله بن زياد ، بأحد الخوارج النساك ، ويعرف بابن سعاد ، وسعاد أمه ، فسأله ما تقول في أبي بكر وعمر ؟ فأثني عليهما ، فقال له : ما تقول في عثمان ومعاوية ، ألا تتولاهما ؟ فقال : إن كانا وليين لله ، فلست معادية لهما ، فأعجزه ، وأمر بإخراجه إلي رحبة البصرة ليقتل هناك ، فلما وافي الرحبة ، جعل الشرط يروغون عن قتله ، لأنه كان زاهدأ متقشفة ، فأقدم المثلم بن مسروح الباهلي ، فقتله ، فائتمر به الخوارج أن يقتلوه ، وكان المثلم مغرما باللقاح ( النوق الغزيرة اللبن ) فدوا إليه فتي لقيه بالمربد ، وأخبره بأن لديه لقحة صفي ، فجاء معه ، حتي أدخله إلي دار ، وأغلق عليه بابها ، وثار به الخوارج فقتلوه ، وكان يحمل دراهم ، فشقوا بطنه ، ووضعوا دراهمه في داخل بطنه ، وأطلقوا فرسه في الليل ، فذلك حيث يقول أبو الأسود الدؤلي من أبيات : ( شرح نهج البلاغة 87/5 و 88 ) .

واليت لا أغدو إلي رب لقحة**** أساومه حتي يؤوب المثلم

وفي السنة 60 قدم الكوفة ، مسلم بن عقيل ، داعيأ للحسين بن علي عليه السلام وهو في طريقه إلي العراق ، فنزل علي هاني بن عروة ، ولما أحس به عبيد الله بن زياد ، عامل يزيد علي الكوفة ، حارب مسلما ، وأسره ، ثم أحضر هانيء بن عروة ، وقال له : جئت بمسلم ، فأدخلته دارك ، وجمعت له السلاح والرجال ، فقال : جاء علي بابي ، ونزل علي ، فاستحييت من رده ، ولزمني من ذلك ذمام ، فأمر ابن زياد بمسلم ، فأصعد إلي أعلي القصر ، ورمي به إلي الأرض ، وأمر بهانيء ، فأخرج إلي السوق ، فقتل ، فقال الفرزدق : ( ابن الأثير 35/4 و 36 ).

إذا كنت لا تدرين ما الموت فانظري**** إلي هاني في السوق وابن عقيل

إلي بطل قد هشم السيف وجهه ****وأخر يهوي من طمار قتيل

وفي السنة 60 لما قتل عبيد الله بن زياد ، مسلم بن عقيل ، وهانيء بن عروة ، دعا بعبد الأعلي الكلبي ، وكان قد قبض عليه ، وهو يريد أن يمضي

ص: 254

إلي مسلم بن عقيل لينصره ، فقال له : أخبرني بأمرك ، فقال : أصلحك الله ، إنما خرجت لأنظر ما يصنع الناس ، فاستحلفه يمينا إنه صادق في قوله ، فأبي أن يحلف ، فأمر به ، فضربت عنقه ( الطبري 370/5 و 379) .

وكان عمارة بن صلخب الأزدي ، استعد لنصرة مسلم بن عقيل ، فلما قتل ، أحضره عبيد الله بن زياد ، قال له : ممن أنت ؟ قال : من الأزد ، قال : انطلقوا به إلي قومه ، فضربت عنقه فيهم ( الطبري 379/5 ).

وأخذ عبيد الله رجلا يقال له مالك بن نمير ، فأمر أبا عة النميري الشرطي أن يقتله ، فأبي ، وقال : دمي دون ديني ، فأمر غيره فقتل مالكة ( أنساب الأشراف 89/2/4 ).

وخطب عبيد الله بن زياد ، بعد معركة الطف ، فقال : الحمد لله الذي أظهر الحق وأهله ، ونصر أمير المؤمنين يزيد وجنده ، وقتل الكذاب بن الكذاب الحسين بن علي وشيعته ، فوثب إليه عبد الله بن عفيف الأزدي ، وكان قد أضر ، فقال له : يا ابن مرجانة ، إن الكذاب بن الكذاب هو أنت وأبوك ، والذي ولاك وأبوه ، فقال عبيد الله بن زياد : علي به ، فوثب فتية من الأزد فانتزعوه من الشرط ، وأخذوه إلي أهله ، فأرسل إليه عبيد الله ، من أتاه به ، فقتله ، وصلبه في السبخة ( الطبري 458/5 و459).

وفي السنة 62 لما انتهت معركة الحرة ، التي استباح فيها جيش يزيد بن معاوية ، مدينة الرسول صلوات الله عليه ، قتلا ، ونهبا ، وسلبة ، وسبيا ، وانتهاك حرمات ، جلس قائد الجيش مسلم بن عقبة ، لأهل المدينة ، وطلب منهم أن يبايعوه علي أنهم عبيد قن ليزيد بن معاوية ، إن شاء استرق ، وإن شاء عفا ، وجاء يزيد بن عبد الله بن زمعة بن الأسود ، ومحمد بن أبي الجهم العدوي ، فقالا له : نبايعك علي كتاب الله وسنة نبيه ، فقدمهما ، فضرب عنقيهما ، فقال له مروان بن الحكم : سبحان الله ، أتقتل رجلين أتيا

ص: 255

ليؤمنا ؟ فنخس خاصرته بالقضيب ، وقال : وأنت - والله - لو قلت مقالتهما ، ما رأيت السماء إلا برقة .

وجاء معقل بن سنان ، وكان صديقا لمسلم بن عقبة من قبل ، فقال له مسلم : أي الشراب أحب إليك ؟ قال : العسل ، قال : آسقوه ، فشرب حتي آرتوي ، ثم قال له : والله ، لا تشرب بعده شرابا إلا الحميم في نار جهنم ، وقدمه ، فضرب عنقه . ( الطبري 491/5 - 495) .

وفي السنة 64 لما هلك يزيد بن معاوية ، دعا عبيد الله بن زياد ، أهل البصرة لأن يبايعوه ، علي أن يقوم بأمرهم حتي يصطلح الناس علي إمام ، فبايعوه ، ثم خافهم ، فالتجأ إلي دار مسعود بن عمرو ، رأس الأزد ، علي كره من مسعود ، ونصب البصريون عبد الله بن الحارث المعروف باسم : ببه ، رأسا عليهم ، إلي أن يجتمع الناس علي إمام ، وتحرك مسعود لإصلاح حال عبيد الله بن زياد مع أهل البصرة ، فجاء إلي الجامع وصعد المنبر ، واعتدي أصحابه في طريقهم علي الناس ، فهاجت تميم ، ودخلوا المسجد ومسعود علي المنبر ، فقتلوه ، فوداء الأحنف عشر ديات ( الطبري 510/5 - 528 ) .

وبعث مروان بن الحكم جيشأ بقيادة حبيش بن دلجة ، فقاتلهم أهل المدينة ، وأهل البصرة من أتباع ابن الزبير ، وانتصروا عليهم ، ونزل منهم خمسمائة علي حكم عباس بن سهل ، أمير المدينة لابن الزبير ، فأمر بهم فضربت أعناقهم جميعا ( الامامة والسياسة 15/2).

وفي السنة 65 قتل النعمان بن بشير الأنصاري ، وهو الأنصاري الوحيد الذي كان في صف معاوية ، في معارك صفين ، ولما هلك يزيد، كان النعمان علي حمص ، وبايع لابن الزبير ، وأعان الضحاك في معركته مع الأمويين ، فلما بلغه خبر انكسار الضحاك ، خرج من حمص فار بأهله ، فخرج بعض أهل حمص في طلبه ، ولحقه منهم عمرو الكلاعي ، فقتله ( ابن الأثير 151/4 ).

ص: 256

وفي السنة 66 وقعت حرب بين فئات متنازعة بالبصرة ، فقتل رجل من تمهم عقبة بن عشيرة الشتي ، ثم قتل التميمي ، فجاء أخو عقبة ، فولغ في دم ( الطبري 68/6 ) .

وفي السنة 66 كان علي الكوفة إبراهيم بن مطبع ، يليها لعب-د الله الزبير ، وعلي شرطته إياس بن مضارب ، وكان المختار بن أبي عبيد الثقفي يدير للإستيلاء علي الكوفة ، وقد بايعه إبراهيم بن الاشتر ، ومن إبراهيم بعد المغرب ، بإياس بن مضارب ، ومعه شرطة ، فأراد إياس أن يعتقل إسراهيم ، فقال له إبراهيم : لا أبالك ، خل سبيلنا ، فأبي ، وكان مع إياس رجل يحمل رمحاً ، فأخذ إبراهيم منه الرمح ، وطعن به إياساً في ثغره نحره ، فصرعه ، وقال لرجل من أصحابه : انزل إليه فاختر رأسه ، فنزل إليه فاحت-ر رأسه ، وتفرق أصحابه ( الطبري 19/6 و20 )

وفي السن-ة 66 اشتبك المخ-ار بن أبي عبيد الثقفي ، وإبراهيم بن مطيع ، والي الكوفة لابن الزبير ، في معركة انتهت بظفر المختار ، وأحضر إليه خمسمائة أسير ، فأمر المختار بأن يعرضوا عليه ، وأن يدلوا علي من محضر منهم مقتل الحين ، فعرضوا عليه ، فقدم منهم م-التين وثمانية وأربعين ، ممن شهد مقتل الحسين ، فضرب أعناقهم ، وأمر المختار ف-ودي في الكوفة كل من أغلق بابه فهو آمن ، إلا رجلا أشرك في دم آل محمد ( الطبري 50/6 - 52 )

وفي السنة 66 لما ظهر المختار بالكوفة ، واحتل قصر الإمارة ، جلس يابع الناس ، فجاء إليه المنذر بن حسان بن ضرار الضبي ، فسلم عليه وبايعه ، ومعه ولد، حيان بن المنذر ، قراء الناس عند الباب ، فقال أحدهم هذا - والله - من رؤوس الح-ارين ، وش-دوا عليه وعلي ابنه ، فقتلوهما ( الطبري 32/6)

ص: 257

وفي السنة 66 لما استقر المختار بالكوفة ، أخذ في طلب قتلة الحسين ، ففر منه شمر بن ذي الجوشن ، يريد البصرة ، وفيها مصعب بن الزبير ، فعرف أبو عمرة صاحب شرطة المختار مكان شمر ، وكان أبو عمرة في موضع يبعد عن موضع شمر ثلاثة فراسخ ، فقصده وحصره بأصحابه ، فخرج شمر يحاربهم ، وقد أعجلوه عن لبس سلاحه وثيابه ، فقتلوه ( الطبري 68/6)

وفي السنة 66 أحضر المختار الثقفي بالكوفة ، عبد الله بن أسيد الجهني ، ومالك بن النسير البدي ، وحمل بن مالك المحاربي ، وهؤلاء ممن اشترك في قتل الحسين ، في معركة الطف ، فقال المختار لهم : يا أعداء الله ، وأعداء كتابه ، وأعداء رسوله ، أين الحسين بن علي ؟ أدوا إلي الحسين ، قتلتم من أمرتم بالصلاة عليه ، فقالوا : رحمك الله ، بعثنا ونحن كارهون ، فامنن علينا وأستبقنا ، فقال المختار ، هلا مننتم علي الحسين ابن بنت نبيكم ، وأستبقيتموه وسقيتموه ، ثم قال المختار للبدي : أنت صاحب برنسه ، فقال عبد الله بن كامل : نعم ، هوهو ، فقال المختار : إقطعوا يدي هذا ورجليه ، ودعوه يضطرب حتي يموت ، ففعل به ذلك ، وترك ، فلم يزل ينزف الدم حتي مات ، وأمر بالآخرين ، فقدما فقطع عنقاهما ( الطبري 19/6 و20 ).

وفي السنة 66 دل المختار علي جماعة ممن شارك في موقعة الطف وحضر مقتل الحسين ، فأحضرهم ، ومنهم زياد بن مالك ، وعمران بن خالد، وعبد الرحمن بن أبي خشكارة الجبلي ، وعبد الله بن قيس الخولاني ، وكانوا قد أصابوا من الورس الذي كان مع الحسين ، فقال لهم المختار : يا قتلة الصالحين ، وقتلة سيد شباب أهل الجنة ، ألا ترون الله قد أقاد منكم اليوم ، لقد جاءكم الورس ، بيوم نحس ، ثم أمر بهم فأخرجوا إلي السوق ، فضربت أعناقهم ( الطبري 08/6 ) .

وفي السنة 66 بعث المختار ، فأحضر عبد الله وعبد الرحمن ابني

ص: 258

صلخب ، وعبد الله بن وهب ، وهم ممن حضر معركة الطف ، وقاتل الحسين ، فأمر بهم فقتلوا في السوق ( الطبري 58/6 ) .

وفي السنة 66 بعث المختار عبد الله بن كامل، إلي عثمان بن خالد بن أسير الجهني ، وإلي أبي أسماء بشر بن سوط القابضي ، وكانا ممن شهد قتل الحسين ، واشتركا في دم عبد الرحمن بن عقيل بن أبي طالب ، وفي سلبه ، فأحاط عبد الله بن كامل عند العصر بمسجد بني دهمان ، ثم قال : علي مثل خطايا بني دهمان منذ خلقوا إلي يوم يبعثون ، إن لم أوت بعثمان بن خالد بن أسير ، إن لم أضرب أعناقكم من عند آخركم ، فقالوا له : أمهلنا نطلبه ، وخرجوا مع الخيل في طلبه ، فوجدوه وأبا أسماء القابضي جالسين في الجبانة ، يريدان أن يخرجا إلي الجزيرة ، فحملوهما إلي ابن كامل ، فقال : الحمد لله الذي كفي المؤمنين القتال ، لو لم يجدوا هذا مع هذا ، العنانا إلي منزله في طلبه ، فالحمد لله الذي حينك حتي أمكن منك ، وخرج بهما إلي بئر الجعد ، فضرب عنقيهما ، ثم عاد فأخبر المختار بخبرهما ، فأمره أن يرجع فيحرقهما بالنار ، فعاد وأحرقهما ( الطبري 59/6 ).

وفي السنة 66 بعث المختار ، أبا عمرة صاحب شرطته ، ومعاذ بن هانيء بن عدي الكندي ، ابن أخي حجر بن عدي ، فأحاطا بدار خولي بن يزيد الاصبحي ، صاحب رأس الحسين ، الذي جاء به ، فاختبأ خولي في المخرج ( الكنيف ) فأمر معاذ أبا عمرة أن يطلبه في الدار ، فخرجت امرأته إليهم ، فقالوا لها : أين زوجك ؟ فقالت : لا أدري أين هو، وأشارت بيدها إلي المخرج ، فدخلوا ، فوجدوه قد وضع علي رأسه قوصرة ، فأخرجوه ، وقتلوه إلي جانب أهله ، ثم أحرقوه ( الطبري 59/6 و60).

وفي السنة 66 بعث المختار أبا عمرة ، صاحب شرطته ، إلي عمر بن سعد ، قائد الجيش الذي قتل الحسين وأهل بيته ، فدخل عليه ، وقال له : أجب الأمير ، فنهض عمر ، فعثر في جبة له ، وضربه أبو عمرة بسيفه ،

ص: 259

فقتله ، وجاء برأسه في أسفل قبائه ، حتي وضعه بين يدي المختار ، وكان حفص بن عمر بن سعد في مجلس المختار ، فقال المختار لحفص : أتعرف هذا الرأس ؟ فقال حفص : نعم ، ولا خير في العيش بعده ، فقال له المختار : صدقت ، فإنك لا تعيش بعده ، وأمر به ، فضربت عنقه ، وقال المختار ، هذا بحسين ، وهذا بعلي بن الحسين ، ولا سواء ( الطبري 60/6 و61 ).

وفي السنة66 طلب المختار ، عمرو بن الحجاج الزبيدي ، أحد من شارك في قتل الحسين في موقعة الطف ، ففر حتي صار بواقصة ، فأدركه أصحاب المختار ، وقد سقط من العطش ، وبه رمق ، فذبحوه ( انساب الأشراف 240/5 ).

وفي السنة 67 قتل مصعب بن الزبير كلا من عبد الرحمن وعبد الرب ابني حجر بن عدي الذي قتله معاوية لأنه أبي أن يبرأ من الإمام علي ، وقتل عمران بن حذيفة بن اليمان من التابعين ، قتلهم كلهم صبرا ، بعد قتله المختار الثقفي ، وقتل أصحابه ( ابن الأثير 250/4 والاعلام 2232/5 ).

وفي السنة 67 عزل عبد الله بن الزبير ، أخاه المصعب عن البصرة ، وولاها ابنه حمزة ، وكانت فيه خفة وضعف ، ومن جملة ما صنع إنه بعث إلي مردان شاه ، فاستحثه بالخراج ، فأبطأ به ، فقام إليه بسيفه فضربه ، فقتله ، فقال الأحنف : ما أحد سيف الأمير ( الطبري 117/6 ) .

وفي السنة 99 قتل نجدة الحروري الحنفي ، وكان قد تسمي بأمير المؤمنين ، نقم عليه أصحابه أمورأ ، فقتلوه . ( الاعلام 324/8 و 325 ).

وفي السنة 72 قتل عبد الله بن خازم السلمي ، أمير خراسان ، كان يلي خراسان لبني أمية عشر سنين ، ولما أعلن ابن الزبير خلافته، كتب إليه بطاعته ، ولما قتل عبد الملك ، المصعب بن الزبير ، بعث إليه برأسه ،

ص: 260

فغسله ، وصلي عليه ، ودفنه ، ولم يعط للأمويين طاعة ، فانتقض عليه بعض أهل خراسان وقتلوه ، وبعثوا برأسه إلي عبد الملك . ( الاعلام 215/4 ) .

وفي السنة 76 لما خرج شبيب ، من رؤساء الخوارج ، ارتفع إلي أرض الموصل ، فلقي سلامة بن سيار بن المضاء التيمي ( تيم شيبان ) ، فدعاه للخروج معه ، فاشترط عليه سلامة ، أن يعيره ثلاثين فارسا من أصحابه ينتخبهم ، ثم لا يغيب عنه إلا ثلاث ليال ، ففعل ، وانتخب ثلاثين فارس وانطلق بهم نحو عنزة ، أرادهم ليشفي نفسه منهم ، لقتلهم أخاه فضالة ، وذلك إن فضالة كان قد خرج قبل ذلك في ثمانية عشر فارسا ، فلما رأته عنزة قتلوهم ، وأتوا برؤوسهم إلي عبد الملك بن مروان ، فأكرمهم ، وأنزلهم بانقيا ، وفرض لهم ، فخرج سلامة في أصحابه الثلاثين ، حتي انتهي إلي عنزة ، فجعل يقتل المحلة بعد المحلة ، حتي انتهي إلي فريق منهم فيهم خالته وقد أكبت علي ابن لها ، وهو غلام حين احتلم ، فأخرجت ثديها السلامة ، وقالت : أنشدك برحم هذا يا سلامة ، فأبي إلا أن يقتله ، وقتله ( الطبري 224/6 و225) .

وفي السنة 77 قتل أمية بن عبد الله بن خالد بن أسيد، عامل خراسان ، بكير بن وشاح السعدي ، عامل طخارستان ، وذلك إن أمية كان قد ولي بكيرة غزو ما وراء النهر ، ثم بدا له فأمره بالمقام ، ثم نهض أمية يريد بخاري ووتي بكير، مرو، فعاد بكير ، وخلع أمية ، وتحضن في مرو، وبلغ أمية ذلك ، فعاد من بخاري ، وحصر بكيرا في مرو ، ثم تصالحا ، وعاد بكير للطاعة ، ثم بلغه أنه يريد أن يعاود الخروج ، فحبسه وابني أخيه بد وشمردل ، ثم قتل بكير، وقتل ابني أخيه معه ( الطبري 311/6 - 317 ).

وكانت لبكير ، جارية أثيرة عنده ، إسمها العارمة ، ولما قاتل بكير أمية ، جعل علي شرطته أبا رستم العبشمي ، فنادوه : يا صاحب شرطة عارمة ، فغضب ، وأحجم ، فهدأه بكير ، ثم أن أمية ، لما قتل بكير ،

ص: 261

اعتقل العارمة ، وأهداها إلي بحير، خصم بكير ( الطبري 6/ 314۔ 317)

وفي أثناء المعارك بين أمية ، وبكير بن وساج ، نادي رجل من تميم : يا أمية ، يا فاضح قريش ، فالي أمية إن ظفر به ، أن يذبحه بين شرفتين من سور المدينة ، وظفر به ، فذبحه ( الطبري 6/ 314).

وفي السنة 75 قتل الحجاج ، عمير بن ضابيء البرجمي ، جاء يستأذن منه في التخلف عن البعث لشيخوخته ، فقتله . ( الاعلام 265/5 ).

أقول : إن قتلي الحجاج يزيد علي الألف ألف شخص ، وإنما ذكرت هذا الرجل ، لأنه أول شخص قتله الحجاج عند قدومه الكوفة .

ووافي الحجاج بن يوسف الثقفي البصرة ، فأمر الناس بالخروج لحرب الخوارج ، فجيء إليه بشيخ أعور ، يضع علي عينه العوراء صوفة ، فكان يلقب ذا الكرسفة ، فقال : أصلح الله الأمير ، إن بي فتقأ ، وقد عذرني بشر بن مروان ، وقد رددت العطاء ، فقال له الحجاج : إنك عندي لصادق ، ثم أمر به فضربت عنقه ، وجيء إليه بآخر ، فقال : أنشدك الله أيها الأمير في دمي ، فوالله ، ما قبضت ديوانا قط ، ولا شهدت عسكر قط ، وأنا حائك ، أخذت من تحت الجقة ، فقال : اضربوا عنقه ، فقتل ( شرح نهج البلاغة 183/4 و 184).

ولما قاتل المهلب الخوارج ، في يوم سلي وسلبري ، وقتل رأس الخوارج عبيد الله بن بشير بن الماحوز ، وجه المهلب ، أحد الأزد ، برأسه إلي الحارث بن عبد الله عامل البصرة لابن الزبير ، فلما وصل الأزدي حامل الرأس إلي كربج ( موضع قرب سوق الأهواز ) لقيه إخوة عبيد الله ، وهم حبيب وعبد الملك وعلي أولاد بشير بن الماحوز ، فسألوه : ما الخبر ؟ فقال لهم ، وهو لا يعرفهم : قتل الله ابن الماحوز ، وهذا رأسه معي ، فوثبوا عليه

ص: 262

فقتلوه ، وصلبوه ، وأخذوا رأس أخيهم فدفنوه ، فلما ولي الحجاج ، دخل عليه علي بن بشير ، وكان وسيما جسيمة ، فقال : من هذا ؟ فأخبروه ، فأمر به فضربت عنقه ، وأخذ ولدين له ابنه الأزهر وابنته ، فوهبهما لأهل الأزدي المقتول ( شرح نهج البلاغة 158/4 و159).

وفي السنة 82، دعا الحجاج ، بكميل بن زياد ، أحد شيعة علي ، فقال له : أنت المقتص من أمير المؤمنين عثمان ؟ قد كنت أحب أن أجد عليك سبية ، فقال له : علي إينا أنت أشد غضبا ، عليه حين أقاد من نفسه ، أو علي حين عفوت عنه ؟ ثم قال له : يا أيها الرجل من ثقيف ، لا تصف علي أنيابك ، ولا تكشر علي كالذئب ، فما بقي من عمري إلا ظمء الحمار ، إقض ما أنت قاض ، فإن الموعد الله ، والقتل بعده الحساب ، فأمر به فقتل ( ابن الأثير 481/4 ) .

أقول : كان كميل بن زياد النخعي ، برح الكوفة ، وقصد الخليفة عثمان بن عفان بالمدينة ، فناقشه في أمور ، فأغضب عثمان ، فوجأ عثمان وجهه ، فوقع علي استه ، فقال : أوجعتني يا أمير المؤمنين ، فندم عثمان علي ما صنع ، وقال لكميل : اقتد مني ، فقال كميل : قد عفوت ، فلما قدم الحجاج العراق ، طلب كميل ، فاستتر منه ، فأخذ به عشيرته النخع ، فقال الأسود بن الهيثم للحجاج ، ما تريد من شيخ قد كفاكه الكبر ، فقال له الحجاج : أما والله لتحبسن عني لسانك ، أو لأحسن رأسك بالسيف ، فلما رأي كميل ما لقي قومه من الخوف ، وهم ألفا مقاتل ، قال : الموت خير من الخوف ، إذا أخيف بسببي ألفان وحرموا ، فخرج حتي أتي الحجاج ، فقتله (الطبري 403/4 و404) .

وفي السنة 83 بعد انتهاء معركة دير الجماجم ، التي انتصر الحجاج فيها علي عبد الرحمن بن الأشعث ، جلس الحجاج يبايع الناس من أصحاب ابن الأشعث ، وكان لا يبايعه أحد، إلا سأله : أتشهد إنك كفرت بخروجك

ص: 263

علي ، فإذا قال نعم بايعه ، وإلا قتله ، فجاء إليه رجل من خثعم ، كان معتز الناس جميعا من وراء الفرات ، فسأله عن حاله ، فقال : ما زلت معتز" وراء هذه النطفة ، فقال : متربص ، أتشهد أنك كافر ؟ قال : بئس الرجل أنا إن كنت عبدت الله ثمانين سنة ثم أشهد علي نفسي بالكفر ، قال : إذن أقتلك ، قال : وإن قتلتني ، فوالله ، ما بقي من عمري إلا ضمء حمار ، فقال : اضربوا عنقه ، فضربت عنقه ( الطبري 365/6 ).

وفي السنة 83 في معركة مسكن ، قتل زياد بن غنيم الطائي من أصحاب الحجاج ، وقتل من أصحاب ابن الأشعث أبو البختري الطائي ، وعبد الرحمن بن أبي ليلي ، ومشي بسطام بن مصقلة الشيباني في أربعة آلاف من أهل الحفاظ من أصحاب ابن الأشعث ، فكسروا جفون السيوف ، وقاتلوا قتالا شديدا ، فقتل قسم عظيم منهم ، وأخذ منهم بكير بن ربيعة أسيرة ، فقتله الحجاج صبرا ( الطبري 366/6 و 367 ).

وفي السنة 83 في يوم مسكن ، قتل الحجاج من أصحاب عبد الرحمن بن الأشعث ، أربعة آلاف رجل ، بعد انتهاء المعركة ، سوي من قتل في المعركة ، وكان ممن قتل من الأشراف ، مع ابن الأشعث ، عبد الله بن شداد الهاد، وبسطام بن مصقلة بن هبيرة ، وعمر بن ضبيعة الرقاشي ، وبشر بن المنذر بن الجارود ، والحكم بن مخرمة ، وبكير بن ربيعة الضبي ، وأحضرت رؤوسهم إلي الحجاج علي ترس ، فنظر إليهم ، ثم قال : ضع هذا الترس بين يدي مسمع بن مالك بن مسمع ، فوضع بين يديه ، فبكي ، فقال له الحجاج : ما أبكاك ، أحزنا عليهم ؟ قال : بل جزع لهم من النار ( الطبري 383 382/6)

وفي السنة 83 أحضر الحجاج ابن القرية ، أيوب بن زيد الهلالي ، أحد بلغاء الدهر ، وكان قد لحق بابن الأشعث ، فاعتذر إليه ابن القرية ،

ص: 264

فقال له الحجاج : كلا والله ، لأرينك جهنم ، ثم قال : قدمه يا حرسي ، فأضرب عنقه ، فضرب عنقه ( الطبري 385/6 و386) .

أقول : في الأخبار الطوال 322 و 323 إن الحجاج قتل ابن القرية بيده ، وإنه طعنه عندما قتله بحربة ، راجع الخبر في كتابنا هذا في الفصل الثاني من الباب الحادي عشر ( القتل بأنواع السلاح غير السيف ) القسم الرابع ( القتل قعصة بالرماح ).

وفي السنة 83 جيء إلي الحجاج ، بعمر بن موسي بن عبيد الله بن معمر ، صاحب شرطة عبد الرحمن بن الأشعث ، فقال له : يا عبد المرأة ، تقوم بالعمود علي رأس ابن الحائك ( يريد ابن الأشعث ) ، فقال له : أصلح الله الأمير ، كانت فتنة شملت البر والفاجر ، فدخلنا فيها، وقد أمكنك الله منا، فإن عفوت فبحلمك ، وفضلك ، وإن عاقبت عاقبت ظلمة مذنبين ، فقال الحجاج : أما قولك إنها شملت البر والفاجر ، فكذبت ، ولكنها شملت الفجار ، وعوفي منها الأبرار ، وأما اعترافك بذنبك ، فعسي أن ينفعك ، فرجا الناس له العافية ، ثم نظر إليه وقد نحي عنه ، فقال : اضربوا عنقه ، فضربت عنقه ( الطبري 6/ 374).

وفي السنة 83 دعا الحجاج بالهلقام بن نعيم ، وقال له : إجعل ابن الأشعث طلب ما طلب ، ما الذي أملت أنت معه ؟ قال : أمل أن يملك فيوليني العراق ، كما ولاك عبد الملك ، فقال الحجاج : يا حوشب ، قم فأضرب عنقه ، فقام إليه ، فقال الهلقام : يا ابن لقيطة ، أتنكأ الجرح ، فضرب عنقه .

ثم أتي بعبد الله بن عامر ، فلما قام بين يديه ، قال له : لا رأت عيناك يا حجاج الجنة ، إن أقل ابن المهلب بما صنع ، قال : وما صنع ؟ قال :

لأنه كاس في إطلاق أسرته**** وقاد نحوك في أغلالها مضرا

ص: 265

وقتي بقومك ورد الموت أسرته****وكان قومك أدني عنده خطرا

فأطرق الحجاج مليا ، ووقرت في قلبه ، ثم قال له : وما أنت وذاك ؟ إضرب عنقه ، فضربت عنقه .

ثم جيء بفيروز ، فقال له الحجاج : يا أبا عثمان ، ما أخرجك مع هؤلاء ، فوالله ما لحمك من لحومهم ، ولا دمك من دمائهم ، فقال : فتنة عمت الناس فكنا فيها ، فقال : فاكتب لي أموالك ، قال : ثم ماذا ؟ قال : أكتبها أولا ، قال : ثم أنا آمن علي دمي ؟ قال : أكتبها ثم أنظر ، قال : اكتب يا غلام ، ألف ألف ، ألفا ألف ، فذكر مالا كثيرة ، فقال الحجاج : أين هذه الأموال ؟ قال : عندي ، قال : أدها ، قال : وأنا آمن علي دمي ؟ قال : والله ، لتوؤدينها ثم لأقتلنك ، قال : لا تجمع مالي ودمي ، فأمر بفيروز فعب ، وكان مما عذب به ، إنه كان يشد علي بدنه القصب الفارسي المشقوق ، ثم يجر عليه حتي يخرق جسده ، ثم ينضح عليه الخل والملح ، فلما أحست بالموت ، قال لصاحب العذاب ، إن الناس لا يشكون أني قتلت ، ولي ودائع وأموال عند الناس ، فأظهروني ليعلموا أني حي فيؤدوا المال ، فأعلم الحجاج ، فقال : أظهروه ، فأخرج إلي باب المدينة ، فقال للناس : أنا فيروز حصين ، إن لي عند أقوام مالأ ، فمن كان لي عنده شيء فهو له ، وهو منه في حل ، فلا يؤذين منه درهما واحدا ، ليبلغ الشاهد الغائب ، فأمر الحجاج به فقتل ( الطبري 378/6 - 384) .

وفي السنة 83 جيء للحجاج ، بأعشي همدان ، وكان قد ناصر ابن الأشعث بيده ولسانه ، آزره بسلاحه ، ومدحه بشعره ، فقال له الحجاج : إيه يا عدو الله أنت القائل في مدح ابن الأشعث .

بين الأشج وبين قيس باذخ**** بخ بخ لوالده وللمولود

ص: 266

لا والله ، لا تبخبخ بعدها لأحد أبدأ ، وقدمه فضرب عنقه ( الطبري 378/6)

وفي السنة 83 جيء للحجاج بمحمد بن سعد بن أبي وقاص ، وكان من أصحاب ابن الأشعث ، فقال له الحجاج : إيها يا ظل الشيطان ، أعظم الناس تيها وكبرة ، تأبي بيعة يزيد بن معاوية ، وتتشبه بحسين وابن عمر ، ثم صرت مؤذنين لابن كناز ، وجعل يضرب رأسه بعود في يده حتي أدماه ، ثم أمر بضرب عنقه ، فقتل ( الطبري 379/6 ) .

وبلغ الحجاج ، أن عمرو بن يزيد النهدي ، رثي مصعب بن الزبير ، فقال :

ألم تر أن الجود إذ مات مصعب**** دفناه واسترعي الأمانة ذيب

فهبنا أناسا أوبقتنا ذنوبنا**** أمالثقيف حوبة وذنوب

فأحضره الحجاج ، وقال له : أنت القائل ما قلت ؟ فقال : فقدنا مصعبأ ، ففقدنا به عدۀ شام ، وعطاء جزة ، فأمر به الحجاج ، فضربت عنقه . ( انساب الأشراف 281/5 ).

وفي السنة 85 قتل الحجاج ، مثجور بن غيلان الضبي ، من أشراف أهل البصرة ، وكان خطيبا ، نسابة ( الاعلام 156/6 ).

وفي السنة 85 قتل الحجاج قيس بن عباد ، من ثقات التابعين ، ومن كبار صالحيهم ، وكان ممن خرج مع ابن الأشعث ( الاعلام 57/6 ) .

وفي السنة 91 اتفق المهاجر بن ابي المثني التجيبي ، بالإسكندرية ، مع مائة من المصريين ، علي أن يفتكوا بقرة بن شريك ، أمير مصر ، وكان أحد الظلمة ، فاطلع عليهم رجل يكني أبا سليمان ، فأخبر قرة ، فأخذهم ، وقتلهم بأجمعهم ، فكان يزيد بن حبيب مفتي مصر ، إذا أراد أن يتكلم

ص: 267

بشيء ، قال : إحذروا أبا سليمان ، ثم قال : الناس كلهم أبو سليمان ( الاعلام 254/8 ).

أقول : كان قرة بن شريك من شرار الخلق ، وكان أمير مصر للوليد بن عبد الملك ، وهلك في أيامه ، وكان عمر بن عبد العزيز يقول : الوليد بالشام ، وقرة بمصر ، والحجاج بن يوسف بالعراق ، ومحمد بن يوسف باليمن ، امتلأت الأرض ظلما وجورا .

وفي السنة 93 غزا عبد الرحمان بن مسلم ، ملك خام جرد ، وقاتله ، فقتله عبد الرحمان ، وقدم علي قتيبة بأربعة آلاف أسير فقتلهم ، أمر قتيبة بسريره فأخرج ، وبرز للناس ، وأمر بقتل الأسري ، فقتل بين يديه ألف ، وعن يمينه ألف ، وعن شماله ألف ، وخلف ظهره ألف ( الطبري 470/6 ) .

وفي السنة 95 قتل الحجاج بالعراق سعيد بن جبير التابعي الفقيه الزاهد، وكان قد خرج مع عبد الرحمان بن الأشعث، ولما انكسر عبد الرحمان تنقل في البلاد ثم لجأ إلي مكة ، فاعتقله خالد القسري ، وبعث به إلي الحجاج فقتله ( ابن الأثير 579/4 و 580 ).

و أقول : كان أول من قتل الحجاج في إمارته علي العراق عمير بن ضابيء البرجمي ، وقد أسلفنا إيراد ذلك في موضعه ، وكان سعيد بن جبير آخر من قتله الحجاج ، قتله في شعبان سنة 95 وهلك الحجاج في رمضان من تلك السنة ، وكان سعيد أعلم الناس ، أخذ العلم عن ابن عباس وابن عمر ، ولما خرج ابن الأشعث علي الحجاج خرج معه العدد العديد من العلماء والقراء والزهاد ، حسبة وديانة ، يريدون الخلاص من ظلم الحجاج ، وظلم عبد الملك بن مروان ، ولما انتصر الحجاج ، وتشتت جيش ابن الأشعث ، التجا سعيد إلي إصبهان ، فطلبه الحجاج من عامله عليها ، فتحرج من إرساله ، وأرسل إلي سعيد أن تحول عني ، فتنحي عنه ولجأ الي أذربيجان ،

ص: 268

ومكث زمان، ثم خرج إلي مكة ، فلما وليها خالد القسري ، قبض علي سعيد ، وبعث به إلي الحجاج مقيدا ، فلما حضر أمام الحجاج ، أخذ يتشقي منه ، وقال له ما اسمك ؟ قال : سعيد بن جبير ، فقال : بل أنت شقي بن كسير ، قال : أمي أعلم باسمي منك ، فقال له : شقيت أنت وشقيت أمك ، ثم أمر به فقتل ( الطبري 487/6 - 491 ووفيات الأعيان 371/2 - 374) .

أقول : كان الحجاج يقول : إني - والله - لا أعلم علي وجه الأرض خلق هو أجرأ علي دم مني ( العقد الفريد 176/2 ) وقيل لعبد الله بن المبارك : أبو مسلم كان خيرة أو الحجاج ؟ فقال : لا أقول إن أبا مسلم كان خيرا من أحد ، ولكن الحجاج كان شرا منه ( ابن الأثير 479/5 ) وبلغ من شنيع سمعة الحجاج ، واشتهاره بالظلم ، أن أبا مسلم الخراساني ، الذي اشتهر بقسوته ، وضراوته علي الدم الحرام ، قيل في حقه : إنه حجاج زمانه ( مرآة الجنان 285/1 ).

راجع ترجمة حياة الحجاج بن يوسف الثقفي في كتابنا هذا ، في الباب الحادي عشر : القتل، في القسم الثاني من الفصل الأول : ( القتل في المعركة ).

وفي السنة 96 لما قتل وكيع بن حسان بن أبي سود ، قتيبة بن مسلم ، نادي : لا يسلبن قتيل ، فمر عبيد الهجري ، علي أبي الحجر الباهلي وهو قتيل ، فسلبه ، فبلغ ذلك وكيعا ، فضرب عنقه ( الطبري 519/6 ) .

وجيء إلي وكيع بسكران ، فأمر به فقتل ، فقيل له : ليس عليه القتل وإنما عليه الحد، فقال : أنا لا أعاقب بالسياط ، وإنما أعاقب بالسيف الطبري 519/6).

أقول : وفي أيام الملك الظاهر بمصر ، قبض علي ابن الكازروني وهو

ص: 269

سكران فصلب ، وفي عنقه جرة خمر ، فقال الحكيم ابن دانيال الموصلي : ( الوافي بالوفيات 54/3 ) .

لقد كان حد الخمر من قبل صلبه**** خفيف الأذي إذ كان في شرعنا جلدا

فلما بدا المصلوب قلت لصاحبي : ****ألا تب فإن الحد قد جاوز الحدا

وجلس الوليد بن عبد الملك (ت 96 ) علي المنبر في يوم جمعة، حتي اصفرت الشمس ، فقام إليه رجل ، فقال : يا أمير المؤمنين ، إن الوقت لا ينتظرك ، وإن الرب لا يعذرك ، قال : صدقت ، ومن قال مثل مقالك ، لا ينبغي له أن يقوم مقامك ، من هنا من أقرب الحرس إليه ، يقوم فيضرب عنقه ، فضربت عنقه ( العقد الفريد 53/1 ).

وفي السنة 98 غزا يزيد بن المهلب ، أمير خراسان ، دهستان ، فبعث إليه صول دهقان دهستان ، يسأله الأمان علي نفسه وماله وأهل بيته ، علي أن يدفع إليه المدينة ، وما فيها ، وأهلها ، فقبل منه ، ودخل المدينة ، وأخذ ما كان فيها من أموال وكنوز ، ومن السبي ما لا يحصي ، وقتل أربعة عشر ألف تركي صبرة ( الطبري 6/ 534 ) .

ولما كان يزيد بن المهلب في غزو طبرستان ، غدر أهل جرجان ، وخلعوا ، وقتلوا من كان عندهم من المسلمين ، وعددهم أربعة آلاف ، أميرهم عبد الله بن المعمر ، قتلوا جميعا في ليلة واحدة ، فحلف يزيد بن المهلب ، إنه إن ظفر بهم ، لا يرفع عنهم السيف حتي يطحن بدمائهم ، ويختبر ذلك الطحين ، ويأكل منه ، ثم قصد جرجان ، فتحصنوا منه ، فأقام عليها سبعة أشهر ، لا يجد إلي مناجزتهم سبيلا ، حتي عثر علي موضع ينفذ منه إلي عسكرهم ، فبعث ولده خالدا ، في ثلثمائة أنجاد ، وقال له : إن غلبت علي الحياة ، فلا تغلبن علي الموت ، وإياك أن أراك عندي منهزمة ، ثم ناجزهم في اليوم الثاني ، وجاءهم بعث خالد بن يزيد من ورائهم ، فانفل

ص: 270

جيشهم ، وأعطوا بأيديهم ، ونزلوا علي حكم يزيد، فسبي ذراريهم ، وقتل مقاتلتهم ، وصلبهم فرسخين عن يمين الطريق ويساره ، وقاد منهم اثني عشر ألفا إلي الأندرهز ، وادي جرجان ، فقتلهم هناك ، وأجري الماء في الوادي علي الدم ، وعليه أرحاء ، ليطحن بدمائهم ، لتبر يمينه ، فطحن ، واختبز ، وأكل ( الطبري 541/6 - 543 ) .

وخطب يوسف بن عمر ، في مسجد الكوفة ، فتكلم إنسان مجنون ، فقال : يا أهل الكوفة ، ألم أنهكم أن يدخل مجانينكم المسجد، اضربوا عنقه ، فضربت عنقه ( المحاسن والمساويء 143/1 ).

وفي السنة 102 خرج يزيد بن المهلب بالبصرة ، علي يزيد بن عبد الملك بن مروان ، ومعه جميع آل المهلب ، فحاربه الجيش الأموي بقيادة مسلمة بن عبد الملك والعباس بن الوليد بن عبد الملك ، فقتل يزيد وقتل معه أخواه حبيب ومحمد وآنسحب الباقون من آل المهلب ، وتحملوا ومعهم نساؤهم وأولادهم إلي السند ، فبعث إليهم مسلمة بن عبد الملك ، جيشأ تعقبهم ، وحاربهم بقندابيل فقتل أكثرهم ، وأسر الباقين وهم أحد عشر رجلا، وحملوا إلي يزيد بن عبد الملك بالشام ، فأمر بهم فقتلوا بين يديه صبرة ، وبقي منهم صبي صغير ، فقال لهم : اقتلوني فلست بصغير ، ولا خير في العيش بعد أهلي ، فأمر يزيد به فقتل ( فقيل ضحي بنو أمية بالدين يوم الطف ، وبالكرم يوم العقر ، ففي يوم الطف قتل الحسين عليه السلام وأصحابه ، وفي يوم العقر قتل يزيد بن المهلب وأصحابه ( في التراث العربي 538 و 539 وشرح نهج البلاغة 254/3 ).

وفي السنة 102 لما خرج يزيد بن المهلب ، علي يزيد بن عبد الملك أصعد من البصرة إلي واسط ، وحبس في واسط اثنين وثلاثين رجلا منهم عدي بن أرطأة ، عامل البصرة للأمويين ، وابنه محمد ، ومالك وعبد الملك

ص: 271

ابن مسمع ، فلما قتل يزيد في المعركة ، أخرج معاوية ابنه جميع المحبوسين ، فضرب أعناقهم ، وانحدر الي البصرة ( ابن الأثير 84/5 و85).

ولما قتل يزيد بن المهلب ، في موقعة العقر ، في السنة 102 أمر يزيد بن عبد الملك بقتل الأسري ، فأخرج العريان بن الهيثم جماعة منهم ليقتلهم ، فقام نحو من ثلاثين رجلا من تميم ، وقالوا : نحن الذين آنهزمنا بالناس ، فابدأوا بنا ، فقال لهم العريان : أخرجوا علي اسم الله ، فقطع أعناقهم ، فما فرغ منهم حتي جاء أمر الأمير مسلمة بن عبد الملك ينهي عن القتل ( الطبري 598/6 ) .

وفي السنة 103 قتل يزيد بن عمر بن هبيرة ، أمير واسط للأمويين ، صالح بن عبد الرحمن التميمي ، الكاتب الذي نقل دواوين الخراج في العراق من الفارسية إلي العربية ، كان يلي الديوان للحجاج ، وولاه سليمان بن عبد الملك خراج العراق ، وأقره عمر بن عبد العزيز سنة واحدة ، ثم عزله ، ولما ولي يزيد بن عبد الملك ، كان صالح بالشام ، فكتب يزيد بن عمر بن هبيرة ، إليه ، يطلب أن يبعث إليه صالحا ، فبعثه إليه ، فقتله . ( الاعلام 277/3 ).

وفي السنة 109 قتل عمر بن يزيد بن عمير الأسيدي ، ذكره يزيد بن عبد الملك مرة ، فقال : هذا رجل العراق ، ولعل ذلك استقر في ذهن خالد القسري ، فإنه لما ولي البصرة ، أمر صاحب شرطته ، أن يحتج بحجة فيقتل عمر بن يزيد ، فقتله . ( الاعلام 231/5 ).

وفي السنة 110 أسر الترك بخراسان ، الحجاج بن حميد النضري ، وكان مرابطا في قلعة كمرجة بخراسان ، وطالبوه بأن يأمر أتباعه بإسلام القلعة ، فلما أبي ، قتلوه صبرة . ( الاعلام 174/2 ).

ص: 272

وفي السنة 112 قتل أحد رجال المسلمين ، في موقف من مواقف الشهامة والنبل ، والتضحية ونكران الذات ، وذلك إن الخزر والترك ، اشتبكوا مع الجراح بن عبد الله الحكمي وجنده ، في مرج اردبيل ، فقتلوه ، وكثيرة ممن كان معه ، ثم انتشروا ، وأوغلوا في بلاد الإسلام ، فسير إليهم هشام بن عبد الملك جيشأ بقيادة سعيد الحرشي ، وكان الخزر قد حصروا مدينة ورثان ، وأوشك أهلها علي الإستسلام ، فخاف الحرشي أن تضعف مقاومة أهلها ، فبعث إليهم رسولا من أصحابه ، يأمرهم بالصبر ، ويخبرهم بأنه قادم إليهم ، فسار القاصد ، ولقيه بعض الخزر في الطريق ، فأخذوه ، وسألوه عن حاله ، فأخبرهم ، وصدقهم ، فقالوا له : إن فعلت ما نأمرك به أحسنا إليك وأطلقناك ، وإلا قتلناك ، قال : فما الذي تريدون ؟ قالوا : تقول لأهل ورثان إنكم ليس لكم مدد ، ولا من يكشف ما بكم ، وتأمرهم بتسليم البلد ، فأجابهم إلي ذلك ، فلما قارب المدينة ، وقف بحيث يسمع أهلها كلامه ، فقال لهم : أتعرفونني ؟ قالوا : نعم ، قال : قال فإن الحرشي قد وصل إلي مكان كذا في عساكر كثيرة ، وهو يأمركم بحفظ البلد والصبر ، ففي هذين اليومين يصل إليكم ، فرفعوا أصواتهم بالتهليل والتكبير ، وقتلت الخزر الرجل ، ورحلوا عن ورثان ( ابن الأثير 159/5 - 162 )

وفي السنة 117 خرج بإفريقية ميسرة السقاء ، وقتل القائد عمر بن عبد الله المرادي بطنجة ، وسبب ذلك : إن ميسرة وجماعة معه من البربر ، بضعة عشر إنسانا ، قصدوا الخليفة هشام بن عبد الملك بدمشق ، فلما قدموا عليه طلبوا الإذن ، فصعب عليهم ، فأتوا الأبرش ، فقالوا : أبلغ أمير المؤمنين ، إن أميرنا يغزو بنا وبجنده ، فإذا أصاب نقلهم دوننا ، وقال : هم أحق به ، فقلنا : هو أخلص لجهادنا ، لأنا لا نأخذ منه شيئا ، فإن كان لنا فهم منه في حل ، وإن لم يكن لنا لم نرده ، وقالوا : إذا حاصرنا مدينة قال : تقدموا ، وأخر جنده ، فقلنا : تقدموا ، فإنه إزدياد من الجهاد ، ومثلكم كفي أخوانه ،

ص: 273

فوقيناهم بأنفسنا ، وكفيناهم ، ثم إنهم عمدوا إلي ماشيتنا، فجعلوا يبقرونها علي السخال ، يطلبون الفراء البيض لأمير المؤمنين ، فيقتلون ألف شاة في جلد ، فقلنا : ما أيسر هذا الأمير المؤمنين ، فاحتملنا ذلك ، وخليناهم وذلك ، ثم إنهم سامونا أن يأخذوا كل جميلة من بناتنا ، فقلنا : لم نجد هذا في كتاب ولا سنة ، ونحن مسلمون ، فأحببنا أن نعلم أعن رأي أمير المؤمنين ذلك أم لا ؟ فقال الأبرش : نفعل ، فلما طال عليهم ، ونفدت نفقاتهم ، كتبوا أسماءهم في رقاع ، ورفعوها إلي الوزراء ، وقالوا : هذه أسماؤنا وأنسابنا ، فإن سألكم أمير المؤمنين عنا ، فأخبروه ، ثم كان وجههم إلي إفريقية ، فخرجوا علي عامل هشام ، فقتلوه ، واستولوا علي إفريقية ، وبلغ هشام الخبر ، وسأل عن النفر ، فرفعت إليه أسماؤهم ، فإذا هم الذين جاء الخبر إنهم صنعوا ما صنعوا ( الطبري 254/4 و255 .

أقول : ميسرة هذا ، ويسمي ميسرة السقاء، خارجي صفري ، وقد خرج هو وأصحابه في السنة 117 وقتلوا عمر بن عبد الله المرادي ، القائد في طنجة ، واستولوا علي طنجة ، وبويع ميسرة بالخلافة ، وتسمي بأمير المؤمنين ، وكثر جمعه من البربر ، ثم إن أصحاب ميسرة أنكروا أشياء من سيرته فقتلوه ، وولوا عليهم خالد بن حميد الزناتي ، ووجه إليهم جيش ، فاستقتلوا فقتل خالد وأصحابه ، وقتل في الوقعة حماة العرب وفرسانها ، واستمرت القلاقل والحروب إلي السنة 123 فوجه هشام واليأ جديدة علي إفريقية ، هو كلثوم بن عياض القشيري ، فقتله البربر ، فوجه بأمير جديد هو حنظلة بن صفوان الكلبي ، فخاض عدة معارك ضارية انتصر فيها علي البربر ، راجع التفصيل في الكامل لابن الأثير 190/5 - 194 .

وفي السنة 121 قتل عبد الملك بن قطن الفهري ، المتغلب علي الأندلس ، زياد بن عمرو اللخمي ، والسبب في ذلك إن البربر هاجوا بإفريقية ، وحصروا عامل إفريقية وجنده بمدينة سبتة ، فاستغاثوا بعرب

ص: 274

الأندلس ، فمنع عبد الملك من معونتهم ، وأشفق عليهم زياد بن عمرو اللخمي ، فأرسل إليهم مركبين مملوءين ميرة ، فأمسكت الميرة أرماقهم ، وبلغ عبد الملك ما صنع زياد ، فأحضره ، وضربه سبعمائة سوط ، وسمل عينيه ثم قتله ، وصلبه ، وصلب معه كلبأ ( نفح الطيب 20/1 ).

وفي السنة 121 غزا نصر بن سيار ، ما وراء النهر ، فأسر كورصول ، عظيم الترك ، فقال له نصر : الحمد لله الذي أمكن منك يا عدو الله ، فقال له : ما ترجو من قتل شيخ مثلي ، أنا أعطيك أربعة آلاف بعير من إبل الترك ، وألف برذون ، فسأله : كم غزوت ؟ ( يريد غزوه للمسلمين ) ، فقال : اثنين وسبعين غزوة ، فقال له : أشهدت يوم العطش ؟ قال : نعم ، قال : لو أعطيتني ما طلعت عليه الشمس ، ما أفلت من يدي بعدما ذكرت من مشاهدك ، وقال لعاصم بن عمير السعدي ، أحد كبار قواده ، وهو الذي أسر كورصول : قم إلي سلبه فخذه ، فقال كورصول : من أسرني ؟ فقال له وهو يضحك : أسرك يزيد بن قران الحنظلي ، وأشار إليه ، فقال كورصول : هذا لا يستطيع أن يغسل استه ، فكيف يأسرني ، أخبرني من أسرني ، قال : أسرك عاصم بن عمير ، وكان بطلا ، يلقب : هزار مرد ، فقال : لست أجد ألم القتل ، إذا كان الذي أسرني فارسا من فرسان العرب ، فقتله ، وصلبه علي شاطيء النهر ، فلما قتل كورصول أحرقت الترك أبنيته ( خيامه ) وقطعوا آذانهم ، وقضوا شعورهم ، وأذناب خيلهم حزنا عليه ، فلما أراد نصر الرجوع ، أحرقه ، لئلا يحملوا عظامه ( ابن الأثير 237/5 والطبري 175/7)

وفي السنة 126 قبل الوليد بن يزيد بن عبد الملك ، قتله ابن عمه يزيد بن الوليد الذي لقب بالناقص ، خرج عليه بدمشق ، وبايع له أهلها سرا ، ثم احتل دمشق ، وبعث من يحارب الوليد ، وكان الوليد بالبخراء ، فحصروه ، وتسوروا عليه الحائط ، وقتلوه . ( ابن الأثير 280/5 - 289 ).

ص: 275

وفي السنة 126 لما قتل الوليد بن يزيد ، وبايع الناس يزيد بن الوليد ، ثار أهل حمص ، وأغلقوا أبوابها ، وأقاموا النوائح والبواكي علي الوليد ، وهدموا دار العباس بن الوليد، لأنه أعان يزيد علي الثورة علي الوليد ، وسلبوا حرم العباس ، وأخذوا بنيه فحبسوهم ، وكان عامل حمص مروان بن عبد الله بن عبد الملك بن مروان ، فتابع أهل حمص علي ما أرادوا ، وخرج الحمصيون لمحاربة يزيد بن الوليد في دمشق ، وبعث إليهم يزيد جندا يقودهم عبد العزيز بن الحجاج ، فطلب عاملهم مروان منهم أن يرصدوا البعث الذي قصدهم ، وأن يتركوا محاربة يزيد الآن ، فاتهمه الحمصيون بالخيانة ، وقتلوه ، وقتلوا ولده ، واشتبك الحمصيون في معركة مع جيش يزيد ، فتصدع جيش الحمصيين ، وانفل، بعد أن قتل منهم ثلثمائة رجل ( الطبري 262/7-266)

وفي السنة 126 لما ولي يزيد بن الوليد الخلافة ، دعا الناس إلي بيعته ، فبايعه قيس بن هانيء العبسي ، وقال له : يا أمير المؤمنين ، اتق الله ، ودم علي ما أنت عليه ، فما قام مقامك أحد من أهل بيتك ، وإن قالوا عمر بن عبد العزيز ، فأنت أخذتها بحبل صالح ، وأخذها عمر بحبل سوء ، فبلغ مروان بن محمد قوله ، فقال : ما له قاتله الله ، ذمنا جميعا ، وذم عمر ، فلما ولي مروان في السنة 127 بعث رجلا ، وقال له : إذا دخلت مسجد دمشق ، فانظر قيس بن هانيء، فأقتله ، فانطلق الرجل ، فدخل مسجد دمشق ، فرأس قيس يصلي ، فقتله ( الطبري 274/7 و 275 ) .

وفي السنة 127 لما بويع يزيد بن الوليد بالخلافة ، ولي منصور بن جمهور علي العراق ، فاستتر يوسف بن عمر الثقفي ، الذي كان عاملا علي العراق ، ثم فر إلي البلقاء ، فبعث إليه يزيد أحد قواده لاعتقاله ، فوجدوه قد اختبأ بين نسائه تحت قطيفة خير قد أخفينه تحتها ، وجلسن علي حواشيها حاسرات ، فجروا برجله ، وأقبلوا به إلي يزيد، فلقيه في الطريق أحد

ص: 276

أصحاب الحرس ، فأخذ بلحيته فهزها ونتف بعضها ، وكان من أعظم الناس الحية ، وأقصرهم قامة ، فأدخلوه علي يزيد ، فقبض علي لحية نفسه ، وكانت تجوز سرته ، وجعل يقول : نتفت يا أمير المؤمنين لحيتي ، فما بقيت منها شعرة ، فأمر به يزيد فحبسه في الخضراء ، ثم نقل إلي سجن الشام ، فلما قدم مروان الشام ، قام يزيد بن خالد القسري بقطع عنق يوسف ، انتقاما لأبيه ( الطبري 274/7 - 275 ).

وفي السنة 127 شخص مروان الجعدي إلي الرقة ، لتوجيه ابن هبيرة إلي العراق لمحاربة الضحاك بن قيس الشيباني الخارجي ، فاستأذن سليمان بن هشام من مروان ، في المقام أيام لإصلاح أمره ، فأذن له ، فأقبل قسم من الجند علي سليمان ، ودعوه إلي خلع مروان ومحاربته ، وقالوا له : أنت أرضي منه عند أهل الشام ، وأولي بالخلافة ، فأجابهم ، وخرج إليهم بإخوته ومواليه ، وسار مع من اتبعه من الجند إلي قنسرين ، وكاتب أهل الشام ، فانفضوا إليه من كل جانب ، فواقعهم مروان ، فانكسر سليمان ، فأمر مروان بقتل الأسري ، فكان مجموع من قتل في المعركة وبعدها من عسكر سليمان ، ما يزيد علي الثلاثين ألفا ، منهم إبراهيم بن سليمان ، أكبر ولده ، وأسر خالد بن هشام المخزومي ، أحد أخوال هشام بن عبد الملك ، وكان بادنة ، كثير اللحم ، فأدني إليه وهو يلهث ، فقال له مروان : أما كان لك في خمر المدينة وقيانها ، ما يكفك عن الخروج مع الخراء تقاتلني ؟ فقال : يا أمير المؤمنين ، إنه أكرهني ، فأنشدك الله والرحم ، فقال له : وتكذب أيضا ، كيف أكرهك ، وقد خرجت بالقيان والزقاق والبرابط معك في عسكره ، ثم قتله ، ثم شخص مروان الي سليمان وقد تحصن بحمص ، فلما دنا منهم ، تبايع قسم من عسكر سليمان ، سبعمائة فارس ، علي الموت في حرب مروان ، ودخلوا في معركة ضارية مع جند مروان ، بقيادة معاوية السكسكي وثبيت البهراني ، فأسر السكسكي ، فقال لمروان : استبقني ، فإني فارس

ص: 277

العرب ، فقال له : كذبت ، الذي أسرك أفرس منك ، وأمر به فأوثق ، وقتل مروان من جند سليمان علي حمص نحوا من ستة آلاف ، ثم صالحوه علي أن يمكنوه من سعيد بن هشام ( أخي سليمان ) وابنيه عثمان ومروان ، ومن رجل كان يغير علي عسكرهم ، ومن حبشي كان يشتمه وأمضي لهم الصلح ( الطبري 323/7 - 327) .

وفي السنة 128 التحق محارب بن موسي ، مولي بني يشكر ، بعبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر ، وكان محارب عظيم القدر بفارس ، فجاء يمشي في نعلين إلي دار الإمارة باصطخر ، فطرد عامل عبد الله بن عمر بن عبد العزيز عنها ، وطلب من الناس أن يبايعوه لعبد الله بن معاوية ، وخرج محارب إلي كرمان ، فأغار عليها، وانضم إلي محارب ، الأمراء والقواد من أهل الشام ، فقصد المسيب ، عامل ابن عمر علي شيراز ، فقتله ، ثم خرج إلي إصبهان ، ونافر ابن معاوية ، وقاتل جنده بسابور ، فانهزم محارب ، وأتي كرمان ، فأقام بها ، حتي قدم ابن الأشعث ، فصار معه ، ثم نافره ، فقتله ابن الأشعث ، وقتل معه أربعة وعشرين إبنأ له ( الطبري 371/7 و 372 )

وفي السنة 129 بعث يزيد بن هبيرة ، عامل العراقين للأمويين ، جيشا القتال عبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر ، فالتقوا عند مرور الشاذان ، فأنفل جيش ابن معاوية ، وقتل جمع من أصحابه ، وأسر جماعة حملوا إلي يزيد بن هبيرة ، فأمر بالأسري فأطلقوا ، إلا حصين بن وعلة السدوسي ، فإنه أمر بقتله ، فقال له : أقتل من بين الأسراء ؟ قال : نعم ، أنت مشرك ، لأنك قلت : ( الطبري 373/7 ).

ولو أمر الشمس لم تشرق

وفي السنة 129 قتل نصر بن سيار ، أمير خراسان ، جديع بن علي

ص: 278

الكرماني ، الأزدي ، فارس خراسان ، وكان قد خرج علي نصر ، ثم صالحه ، ثم اتفق مع أبي مسلم الخراساني ، فخافه نصر ، وبعث إليه ثلثمائة فارس ، فقتلوه ( الاعلام 104/2 ).

ولما استولي أبو حمزة الخارجي علي مكة والمدينة ، سير إليه مروان الجعدي جيشا علي رأسهم عبد الملك بن عطية ، فالتقوا عند بئر ميمون ، فقتل أبو حمزة وكثير من أصحابه ، وأسر من أصحابه أربعمائة ، فقال لهم ابن عطية : ويلكم ما دعاكم إلي الخروج مع هذا ؟ فقالوا : إنه ضمن لنا الكنة ، يريدون الجنة ، فقتلهم بأجمعهم ، ثم تمتد إلي اليمن ، واستخلف علي المدينة ابن أخيه الوليد بن عروة ، وكتب مروان الجعدي ، إلي عبد الملك بن عطية ، أن يحج بالناس ، فخرج من اليمن مخفا في نفر من أصحابه ، عددهم إثنا عشر رجلا ، فلما نزل الجرف أحاط به وبأصحابه إبنا جمانة المراديان ، وقالا لعبد الملك وأصحابه : أنتم لصوص ، فأراهم كتاب الخليفة بتأميره علي الموسم فقالا : هذا باطل ، وقتلوا عبد الملك ومن معه ، فلما أبطأ عبد الملك ، افتعل ابن اخيه الوليد بن عروة ، كتابا من عمه يأمره بالحج بالناس ، وحج بهم ، ولما بلغه قتل عمه ، مضي إلي الذين قتلوه ، فقتل منهم مقتلة عظيمة ، وبقر بطون نسائهم ، وقتل الصبيان ، وحرق من قدر عليه منهم ( الطبري 398/7 ، 400 ، 410 ، 411) .

وفي السنة 130 بعث أبو مسلم الخراساني ، وهو بمرو، لاهز بن قريظ التميمي ، يدعو نصر بن سيار إليه ، فلما رأي لاهز نصر ، قرأ له آية من القرآن « إن الملا يأتمرون بك ليقتلوك ، فأخرج إني لك من الناصحين » ففطن نصر ، وقال لغلامه : ضع لي وضوء ، يعني ماء للوضوء ، وقام كأنه يريد الوضوء ، فدخل بستانة ، وخرج منه فركب ، وهرب ، وعلم أبو مسلم بما صنع لاهز ، فقال له : يا لاهز ، أتدغل في الدين ؟ وضرب عنقه ( الطبري 383/7 - 385) .

ص: 279

وفي السنة 130 دخل أبو مسلم الخراساني مرو ، وبعث إلي نصر بن سيار ، أمير خراسان ، ففر منه ، فأخذ أبو مسلم ثقات نصر ، وصناديدهم ، فكتفهم ، وفيهم سلم بن أحوز صاحب شرطة نصر ، والبختري كاتب نصر ، و آبنان لنصر ، ويونس بن عبد ربه ، ومحمد بن قطن ، ومجاهد بن يحيي بن حصين ، والنصر بن إدريس ، ومنصور بن عمر ، وعقيل بن معقل الليثي ، وسيار بن عمر السلمي ، مع رجال من رؤوس مضر ، فاستوثق منهم بالحديد ، وكانوا في الحبس عنده ، واستشار أبا طلحة بشأنهم فقال له : إجعل سوطك السيف ، وسجنك القبر ، فأمر بقتلهم جميعا ، وكانوا أربعة وعشرين رج؟ ( الطبري 384/7 و 385 وابن الأثير 381/5 و 382) .

وفي السنة 130 قتل مروان الجعدي ، الشاعر عطية بن الأسود الكلبي لأنه قال شعرأ هجاه به ، وحرض اليمانيين علي الثورة عليه ( الاعلام32/5)

وفي السنة 132 قتل أبو مسلم الخراساني ، سليمان بن كثير ، أحد كبار الدعاة العباسيين ، وسبب ذلك إن سليمان ساير عبيد الله بن الحسين الأعرج العلوي ، فقال سليمان للأعرج : يا هذا ، إنا كنا نرجو أن يتم أمركم ، فإن شئتم فادعونا إلي ما تريدون ، فظن عبيد الله إنه دسيس من أبي مسلم ، وخاف ذلك ، فجاء إلي أبي مسلم ، وحدثه بما قال سليمان ، فبعث أبو مسلم إلي سليمان ، وقال له : أتحفظ قول الإمام لي ، من اتهمته فأقتله ؟ قال : نعم ، قال : فإني قد اتهمتك، قال : أنشدك الله ، قال : لا تناشدني الله وأنت منطو علي غش الإمام ، وأمر بضرب عنقه ( الطبري 450/7 ).

وفي السنة 132 كان في حبس مروان بحران ، سعيد بن هشام بن عبد الملك ، وابناه عثمان ومروان ، وإبراهيم بن علي بن عبد الله بن العباس ، وعبد الله بن عمر بن عبد العزيز، والعباس بن الوليد ، وأبو محمد السفياني ، واسمه زياد بن عبد الله بن يزيد بن معاوية ، وكان يقال له

ص: 280

البيطار ، فهلك منهم بالوباء العباس بن الوليد، وإبراهيم بن محمد، وعبد الله بن عمر ، فلما كانت وقعة الزاب ، وانكسر مروان ، خرج سعيد بن هشام ومن معه من الحبس ، وقتلوا صاحب السجن ، وتخلف أبو محمدالسفياني في الحبس ، فاجتمع أهل حان ، وقتلوا سعيد بن هشام ، وشراحيل بن مسلمة بن عبد الملك ، وعبد الملك بن بشير التغلبي ، وبطريق ارمينية الرابعة ، واسمه كوشان ، رميا بالحجارة ولم يخرج السفياني فيمن خرج ، ولم يلبث مروان بعد قتلهم إلا خمس عشرة ليلة ، وقدم حان منهزمة ، فأطلق أبا محمد ، وبقية من كان في حبسه ( الطبري 436/7 ) .

وفي السنة 132 وجه أبو مسلم محمد بن الأشعث علي فارس ، وأمره أن يأخذ عمال أبي سلمة ، فيضرب أعناقهم ، ففعل ذلك ( الطبري 458/7)

وفي السنة 132 قام العباسيون بمذبحة عامة للأمويين ، فأبادوا منهم خلقا ، وتولي كبر ذلك عبد الله بن علي ، عم السفاح ، فإنه قتلهم قتلا ذريعا في حران ، وفي دمشق ، والبلقاء ، وقتل علي نهر أبي فطرس بضعة وثمانين رجلا، فيهم الغمر بن يزيد بن عبد الملك ، وبعث قسما ممن قبض عليهم من بني أمية إلي أبي العباس السفاح ، فقتلهم ، وصلبهم بالحيرة ، وكان ممن قتلهم عبد الله بن علي بدمشق يزيد بن معاوية بن عبد الملك بن مروان ، وعبد الجبار بن يزيد بن عبد الملك بن مروان ، فإنه قتلهما وصلبهما ، وقتل بالبلقاء سليمان بن يزيد بن عبد الملك ، وتتبع عبد الله ، بني أمية من أولاد الخلفاء وغيرهم ، ولم يفلت منهم إلا الرضيع ، أو من فر إلي الأندلس ، وقتل عبد الصمد بن علي نحوا مما قتل أخوه عبد الله ، وقتل داود بن علي من ظفر به من بني أمية بمكة والمدينة ( مروج الذهب 194/2 وابن الأثير 431/5 ، و448 ) وقال أبو سعيد مولي فائد ، يرثي من قتل من بني أمية ، ويذكر مواضع مصارعهم : ( معجم البلدان 336/4 ).

ص: 281

أفاض المدامع قتلي كدا**** وقتلي بكثرة لم ترمس

وقتلي بوج وباللابتين ****وأخري بنهر أبي فطرس

أولئك قومي أناخت بهم**** نوائب من زمن متعس

هم أضرعوني لريب الزمان**** وهم ألصقوا الرغم بالمعطس

وفي السنة 132 دخل شبل بن عبد الله الشاعر ، مولي بني هاشم ، علي عبد الله بن علي العباسي ، عم السفاح ، وعنده نحو تسعين رجلا من بني أمية علي الطعام ، فأنشده :

أصبح الملك ثابت الأساس**** بالبهاليل من بني العباس

طلبوا وتر هاشم فشفوها**** بعد ميل من الزمان وياس

لا تقيل عبد شمس عثارة**** وأقطعن كل رقلة وغراس

وأذكروا مصرع الحسين وزيدأ ****وقتي بجانب المهراس

والامام الذي بحران أضحي**** ثاويا بين غربة وتناسي

فأمر بهم عبد الله ، فضربوا بالعمد ، حتي قتلوا ، وبسط الأنطاع ، فأكل طعامه ، وهو يسمع أنين بعضهم حتي ماتوا . ( ابن الأثير 430/5 ) .

أقول : علق ابن الأثير 431/5 علي القصة بقوله : قيل إن سديف الشاعر أنشد هذا الشعر أمام السفاح ، ومعه كانت الحادثة وهو الذي قتلهم ، وكذلك ذكر البيهقي في المحاسن والمساويء 62/2 ، ويتراءي لي أن الحادثة كانت أمام السفاح ، أما الشاعر فهو شبل بن عبد الله مولي بني هاشم ، وهو قد أثبت اسمه في البيت الأخير من المقطوعة حيث قال :

نعم كلب الهراش مولاك شبل**** لو نجا من حبائل الإفلاس

أما سديف ، فهو صاحب الأبيات التي قتلت سليمان بن هشام بن عبد الملك ، وكان سليمان قد بايع مروان الجعدي ، ثم خرج عليه في السنة 127 وجمع سبعين ألفا وعسكر بقنسرين ، فحاربه مروان ، وفل جيشه ، فلجأ

ص: 282

إلي حمص ، ومني هناك بهزيمة ثانية ، فانصرف إلي عبد الله بن عمر بن عبد العزيز بالعراق ، حيث بايع الضحاك بن قيس الشيباني الخارجي ، ولما هلك الضحاك في السنة 129 انصرف سليمان إلي عبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر وبايعه ، ولما فسد أمر عبد الله ، ركب سليمان ومن معه من أهله السفن وسار إلي السند ، ولما ولي السفاح الخلافة ، قصده سليمان ، وحضر عنده ، فأكرمه ، وأعطاه يده فقبلها ، فقام سديف وأنشد السفاح أبياتا منها :

لا يغرنك ما تري من رجال**** إن تحت الضلوع داء دوا

فضع السيف وأرفع السوط حتي**** لاتري فوق ظهرها أموية

فأقبل سليمان علي سديف ، وقال له : قتلتني يا شيخ، وقام السفاح فدخل ، وأخذ سليمان ، فقتل ( ابن الأثير 337/5 ، 355 ، 371)

وفي السنة 132 قتل سليمان بن علي ، أمير البصرة ، جماعة من بني أمية ، كانت عليهم الثياب الموشية ، وأمر بهم فجروا بأرجلهم ، وألقوا في الطريق ، فأكلتهم الكلاب ( ابن الأثير 5/ 431 ).

وتقلد شاب عراقي ، من موالي السفاح ، مدينة حمص ، فلما وافاها ، عمد إلي دار رئيس من رؤسائها ، فذبحه وذبح جماعة من غلمانه .

ذكر مصقلة الحمصي ، عن مشايخ من أهل حمص ، قالوا : كان يسكن حمص ، شاب من أهل العراق حسن الصورة ، لين العريكة ، فأقام مدة ، حتي صار الأمر لبني العباس ، فتقلد ذلك الفتي حمص ، وكان مولي من موالي أبي العباس ( السفاح )، فلما دخلها ، قصد إلي دار رئيس كان بها من أصحاب بني أمية ، فذبحه فيها ، وجماعة من غلمانه ، ثم خرج ، فأحسن السيرة ، وألان الجانب ، فقيل له : ليس يشبه ما أنت عليه ، ما فرط منك إلي الرجل الذي ذبحته وشمله ، فقال : اسمعوا مني ما جري علي

ص: 283

علته ، إجتزت به ، وقد نظفت أثوابأ لا أملك غيرها، وقد دعيت لأمر لا يسعني التأخر عنه ، احتاج فيه إلي حسن الهيأة وإظهار التجمل ، ومعي رسول من استحضرني ، وهو قاعد علي الباب ، فراثت دابتي بحيث تقع عينه من رحبة مبلطة لداره ، فأمضني ( أي قال لي يا ماص بظر أمه ) ، وأمر غلمانه بترجيلي ، وضربي ، فركبتني أيديهم ، ثم حلف ألا أبرح حتي أكنس روث دابتي بيدي في كمي ، وأحمله في ثوبي وحجري ، وأخذت فجررت إلي ذلك ، ولم تزل حاشيته تضحك مما نزل بي ، فحدثت مولاي بما جري ، فاستحلفني بحقه علي غليظ ما أتيته إليه ( المكافأة 126 و127).

وفي السنة 133 خرج علي أبي مسلم ، شريك بن شيخ المهري ، ببخاري ، وقال : ما علي هذا اتبعنا آل محمد ، علي أن نسفك الدماء ، ونعمل بغير الحق ، وتبعه علي رأيه أكثر من ثلاثين ألفا ، فوجه إليه أبو مسلم جندة فقتلوه ( الطبري 459/7 ) .

وفي السنة 133 قتل عمرو بن سهيل بن عبد العزيز بن مروان ، وكان قد خرج علي مروان بن محمد المعروف بمروان الجعدي ، ومروان الحمار ، فقبض عليه ، وحبسه بالفسطاط ، فلما قتل مروان ، فر عمرو من الحبس ، فطلبه صالح بن علي العباسي ، وظفر به ، فقتله ( الاعلام 247/5 ) .

وفي السنة 134 بعث أبو العباس السفاح جندة إلي السند، لقتال منصور بن جمهور ، فلاقاه ، وحاربه ، وكان منصور في اثني عشر ألفأ، فهزمه ومن معه ، ومضي فمات عطشا في الرمال ( الطبري 464/7 ) .

وفي السنة 134 خلع بسام بن إبراهيم ، فوجه إليه السفاح ، القائد خازم بن خزيمة ، فانهزم بسام ، وإستبيح عسكره ، فاتبعه خازم ، ومر في طريقه بذات المطامير ، وبها أخوال السفاح ، من بني عبد المدان ، فمر بهم في مجلسهم، فلم يسلم عليهم، فلما جاز شتموه، فعاد وقتلهم وآنتهت أموالهم،

ص: 284

وبلغ اليمانيين ما صنع خازم ، فشكوه إلي أبي العباس السفاح ، فهم بقتل خازم ، فكلمه بعض حاشيته ، وقالوا : إن صممت علي قتله ، فأبعثه في البحوث المخوفة ، فإن ظفر كان ظفره لك ، وإن قتل ، فهو الذي أردت ، فبعثه مع سبعمائة إلي الخوارج بعمان ، فأوقع بهم ، وقتل من أصحاب خازم عدد كبير ، وكان النصر من نصيبه ، فقتل منهم عشرة آلاف ، بعث برؤوسهم إلي البصرة ، فحملت إلي السفاح ( الطبري 461/7 - 463) .

وفي السنة 135 قتل سباع بن النعمان الأزدي ، أحد القائمين بالدعوة العباسية ، ولاه أبو مسلم الخراساني سمرقند، لما تغلب علي خراسان ، فاستقر فيها إلي أن ظهر السفاح، وبويع، فاشتبه به أبو مسلم أنه يريد أن يثب عليه ، فاعتقله ، وحبسه بأمل ، ثم أوعز إلي عامل آمل أن يقتله ، فقتله . ( الاعلام 119/3 ).

ولما خرج عبد الله بن علي العباسي ، علي ابن أخيه المنصور ، مطالبة بالخلافة ، وادعي أن أبا العباس السفاح ، طلب منه أن ينتدب لقتال مروان ، علي أن يكون ولي عهده ، بعث المنصور محمد بن صول إلي عبد الله بن علي ، ليمكر به ، فلما أتاه ، قال : أشهد أني سمعت أبا العباس يقول : الخليفة بعدي عمي عبد الله ، فقال له عبد الله : كذبت ، إنما وضعك أبو جعفر ، وضرب عنقه ( ابن الأثير 5 / 465) .

وفي السنة 137 قتل المنصور ، أبا مسلم الخراساني ، وقد كانت له اليد الطولي في بناء الدولة العباسيين ، ثم بدرت منه بوادر ، غرست الشكوك في قلب المنصور ، فدبر له من يفتك به في مجلسه ، ولما دخل عليه ، أخذ في تعداد ما عاب عليه من تصرفاته ، ثم صفق بيديه ، وكانت هذه الإشارة ، إيذانا بالفتك به ، فخرجوا ووضعوا عليه سيوفهم فقتلوه . ( ابن الأثير 478 - 468/5 )

ص: 285

وروي صاحب الفخري ( ص 170 ) كيفية قتل أبي مسلم ، قال : لما دخل أبو مسلم علي المنصور ، ساعة وصوله ، أدناه وأكرمه ، وأمره أن يعود إلي خيمته ، ويستريح ، ويدخل الحمام ، ويعود من الغد ، فمضي ، وأعد له المنصور جماعة من أصحابه خلف الستور ، بأيديهم السلاح ، وأوصاهم انه إذا صفق بيديه ، أن يخرجوا ويقتلوا أبا مسلم ، فلما دخل عليه أبو مسلم ، شرع في توبيخه ، وتقريعه علي ذنب ذنب ، وأبو مسلم يعتذر عن كل واحد بعذر ، فعدد عليه عدة ذنوب ، فقال أبو مسلم : يا أمير المؤمنين ، مثلي لا يقال له هذا ، ولا تعدد عليه مثل هذه الذنوب بعد أن فعلت ما فعلت ، فاغتاظ المنصور ، وقال له : يا ابن اللحناء ، أنت فعلت هذا ؟ والله ، لو كانت مكانك أمة سوداء لفعلت ما فعلت ، وهل نلت ما نلت الا بنا وبدولتنا ، فقال أبو مسلم : دع هذا ، فقد أصبحت لا أخشي غير الله ، فصفق المنصور بيده ، فخرج أولئك النفر ، وخبطوه بالسيوف ، فصاح : استبقني يا أمير المؤمنين لعدوك ، فقال المنصور : وأي عدو أعدي لي منك ، ثم أمر به فكف في بساط.

وفي السنة 138 خرج بالأندلس عامر بن عمرو بن وهب القرشي ، علي يوسف بن عبد الرحمان الفهري ، واحتل سرقسطه ، فقصده يوسف ، فقبض أهل سرقسطة علي عامر وعلي ولده وهب ، وأسلموهما إلي يوسف ، فقتلهما . ( الاعلام 23/4 ).

وفي السنة 138 خرج علي المنصور أحد قواده ، جهور بن مرار العجلي ، فوجه إليه المنصور محمد بن الأشعث الخزاعي ، فانكسر جيش جهور ، وقتل من أصحابه خلق كثير ، ولحق جهور بأذربيجان ، فأخذ، وقتل (الطبري 497/7 ) .

وقتل المنصور العباسي ، رجلا عفيف نزيهأ ، من أهل الكوفة ، اسمه الفضيل بن عمران وكان قد ضمه إلي ولده جعفر ، فسعت به حاضنة جعفر

ص: 286

إلي المنصور ، واتهمته بأنه يعبث بجعفر ، فأرسل المنصور اثنين من أتباعه ، وأمرهما بقتل الفضيل فقتلاه ( الطبري 99/8 و100) راجع تفصيل القصة في هذا الكتاب في الباب الأول : الشتيمة ، في الفصل الخامس : الرفث في الشتيمة .

وفي السنة 140 قتل أبو المغيرة ، خالد بن كثير، أحد كبار القواد العباسيين ، قتله أمير خراسان للمنصور ، عبد الجبار بن عبد الرحمن ، اتهمه بالدعوة للعلويين ( الاعلام 2/ 339 ).

وفي السنة 140 قتل عبد الجبار بن عبد الرحمن ، أمير خراسان للمنصور ، مجاشع بن حريث الأنصاري ، أحد كبار العمال ، اتهمه بالتشيع الأولاد الإمام علي ( الاعلام 159/6 ).

وفي السنة 140 جيش بيوسف الفهري ، الذي كان أميرا علي الأندلس جيشا ، وقصد إشبيلية وعليها عامل لعبد الرحمن الداخل ، فاقتل الجيشان ، وهزم جيش يوسف ، وقتل يوسف ، وجيء برأسه إلي عبد الرحمن ، وكان عنده عبد الرحمن بن يوسف رهينة ، فقتله ، ونصب رأسه مع رأس أبيه ( ابن الأثير 499/5 ) .

أقول : أورد صاحب نفح الطيب خبر مقتل يوسف الفهري وولده بتفصيل أكثر ، ولكنه جعله من أخبار السنة 142 قال : وفي السنة 142 تحرك يوسف بن عبد الرحمن الفهري ، علي عبد الرحمن الداخل بالاندلس ، واشتبك يوسف وعبد الملك بن عمير ، أمير إشبيلية ، وانكسر يوسف ، فمر پريد طليطلة ، فلاقاه عبد الله بن عمرو الأنصاري ، وقال : هذا الفهري ، وفي قتله الراحة له ، والراحة منه ، وقتله ، وأحتر رأسه ، وقدم به علي عبد الرحمن الداخل بقرطبة ، فلما وصل إلي قرطبة ، أمر عبد الرحمن بقتل عبد الرحمن بن يوسف الفهري ، وكان في السجن بقرطبة ، وضم راس الإبن إلي

ص: 287

رأس الأب ، ووضعهما علي قناتين ، وأشهرهما بباب قصره ( نفح الطيب 34/3 و35 ).

وفي السنة 143 قتل عبد الرحمن الداخل ، بإشبيلية ، رزق بن النعمان الغساني من أمراء الأندلس ، وكان قد خاصمه وقاومه ، واحتل إشبيلية ، فحصره عبد الرحمن فيها ، فأسلمه أهلها إليه ، فقتله . ( الاعلام 45/3 ) .

وفي السنة 144 ثار بطليطلة ، هشام بن عذرة الفهري ، علي عبد الرحمن الداخل ، فسار إليه عبد الرحمن ، وشدد عليه الحصار ، فمال إلي الصلح ، وأعطاه ابنه أفلح رهينة ، فأخذه عبد الرحمن وعاد إلي قرطبة ، فعاد هشام الي الخلع ، وعاد إليه عبد الرحمن ، وحاصره ، ونصب عليه المجانيق ، فلم تؤثر في طليطلة ، لحصانتها ، فقتل ولده أفلح ، ورمي إليه رأسه في المنجنيق ، وعاد إلي قرطبة ( ابن الأثير 527/5 و528 ).

وفي السنة 144 غضب أبو الأزهر ، أحد قواد المنصور ، علي مدني ، فبعج بطنه بسيفه فقتله ، وسبب ذلك ، إن المنصور العباسي ، غضب علي زياد بن عبيد الله الحارثي ، عامله علي المدينة ، لأنه لم يستطع القبض علي محمد بن عبد الله بن الحسن ، الملقب بالنفس الزكية ، وعلي أخيه إبراهيم ، فوجه المنصور أبا الأزهر ، أحد قواده وأمره بشد زياد في الحديد ، ومصادرة أمواله ، وقبض جميع ما وجد له ، وأخذ عماله ، وإشخاصه وإياهم إلي العراق ، فقدم أبو الأزهر، وقام بما أمره به ، وكبل زيادأ بأربعة كبول ، وحدث أن كان أبو الأزهر راكبا ، فلصق به رجل، فقال : إن عندي نصيحة في محمد وإبراهيم ، فقال له أبو الأزهر : إذهب عنا ، قال : إنها نصيحة الأمير المؤمنين ، فكرر عليه أبو الأزهر : إذهب عنا ، ويلك قد قتلنا الخلق ، قال : فأبي أن ينصرف ، فتركه أبو الأزهر ، حتي خلا الطريق ، ثم بعج بسيفه بطنه بعجة ألقاه ناحية ( الطبري 517/7 - 530).

ص: 288

وفي السنة 145 لما خرج محمد بن عبد الله ( النفس الزكية ) علي المنصور ، واعتقل أمير المدينة رباح بن عثمان المري ، عمد صاحب شرطة محمد ، واسمه إبراهيم بن خضير ، إلي رياح ، فذبحه ، ولم يجهز عليه ، وتركه يضطرب حتي مات . ( العيون والحدائق 244/3 ).

وفي السنة 145 قتل المنصور عثمان بن محمد الزبيري ، وكان قد خرج علي المنصور مع النفس الزكية ، بالمدينة ، فلما قتل محمد، لجأ إلي البصرة فقبض عليه ، وحمل إلي المنصور ، فقتله . ( الاعلام 376/4 ).

وكان محمد بن عبد الملك بن مروان ، الذي ولي مصر لأخيه هشام ، من جملة من ظفر بهم عبد الله بن علي في السنة 145 وذبحه صبرا . ( الوافي بالوفيات 31/4 ) .

وفي السنة 146 خرج عبد الرحمن الداخل ، لملاقاة العلاء بن مغيث اليحصبي ، وكان قد ثار بباجة ، ودعا للمنصور العباسي ، ولبس السواد ، شعار العباسيين ، فحاربه عبد الرحمن بجهة إشبيلية ، وهزمه ، وجيء به ، وبكبار أصحابه ، فقطع يديه ورجليه ، ثم ضرب عنقه وأعناق أصحابه ، وأمر فقطت الصكاك ( البطاقات ) في آذانهم بأسمائهم ، وأودعت الرؤوس في جوالق ، ومعها اللواء الأسود ( العباسي ) وأنفذ بالجوالق تاجرأ من ثقاته ، وأمره أن يضعه بمكة أيام الموسم ، ففعل ، ووافق أبا جعفر المنصور قد حج ، فوضعه علي باب سرادقه ( نفح الطيب 3/ 36).

وفي السنة 147 هجم خدم محمد بن أبي العباس السفاح ، علي أحد رجال حرس المنصور ، فقتلوه ، وسبب ذلك إن المنصور كان قد ولي ابن أخيه محمد بن أبي العباس السفاح ، البصرة ، ووجه معه بجماعة من المجان ، فأقاموا معه بالبصرة ، يظهر منهم المجون ، أراد بذلك أن يبغضه للناس ، ثم أرسل المنصور رسولا الي الخصيب المتطبب يأمره أن يتوخي قتل

ص: 289

محمد بن أبي العباس ، فصنع سما قات ، ثم انتظر علة تحل بمحمد ، فوجد حرارة، فأوصاه الطبيب الخصيب بأن يأخذ شربة دواء، فطلب منه محمد، أن يهينها له ، فهاها ، وجعل فيها ذلك السم ، ثم سقاه إياها ، فمات منها ، فكتبت بذلك أم سلمة ، الي المنصور ، تعلمه أن الخصيب قتل ابنها ، فكتب المنصور يأمر بحمله إليه ، فلما صار إليه ضربه ثلاثين سوطا ، ضربة خفيفة ، وحبسه أياما ، ثم وهب له ثلثمائة درهم ( الطبري 86/8 ) ولما مات محمد ، صاحت امرأته البغوم بنت علي بن الربيع : واقتيلاه ، فضربها رجل من الحرس علي عجيزتها بجلويز (فارسية : المقود ) ، فتعاوره خدم محمد فقتلوه ، وطل دمه ( الطبري 25/8 ).

وفي السنة 150 خرج أستاذ سيس علي المنصور في جيوش عظيمة ، فبعث إليه المنصور أجشم المروزي ، فقتل أجشم وأستبيح عسكره ، فبعث الحربه خازم بن خزيمة ، فالتحم مع أستاذ سيس في معركة قتل فيها سبعون ألفا ، وأسر أربعة عشر ألفا فضرب أعناقهم ( الطبري 31/8 وتاريخ الخلفاء 262)

وفي السنة 151 كان معن بن زائدة الشيباني ، ببست ، وهو أمير سجستان ، فهجم عليه خوارج ، وهو في بيته يحتجم ، ففتكوا به ، وشق بعضهم بطنه بخنجر ، فقتلهم ابن أخيه يزيد بن مزيد ، ولم ينج منهم أحد ( ابن الأثير 606/5 ).

وفي السنة 154 غضب المنصور علي وزيره أبي أيوب المورياني ، فاعتقله ، وعذبه ، وصادره وقتله ، وقتل معه أخاه ، وابني أخيه ، راجع حاشية القصة 58/8 كتاب نشوار المحاضرة وأخبار المذاكرة للقاضي التنوخي تحقيق المؤلف .

وفي السنة 155 قبض محمد بن سليمان العباسي ، عامل المنصور علي

ص: 290

الكوفة ، علي عبد الكريم ابن أبي العوجاء ، وهو خال معن بن زائدة الشيباني ، فضرب عنقه ، لاتهامه إياه بالإلحاد ( الطبري 48/8 ) .

وفي السنة 156 ثار أهل إشبيلية علي عبد الرحمن الداخل ، فبعث إليهم ابن عمه عبد الملك بن عمر لحربهم ، فلما قارب عبد الملك إشبيلية ، قدم ابنه أمية ليعرف حالهم ، فرجع إلي أبيه ، فلامه أبوه علي إظهار الوهن ، وقام إليه فضرب عنقه ، وجمع أهل بيته وخاصته ، وقال لهم : طردنا من المشرق ، إلي أقصي هذا الصقع، ونحسد علي لقمة تبقي الرمق ، إكسروا جفون السيوف ، فإما موت وإما ظفر ، ففعلوا ، وحمل بين أيديهم ، فظفر ( ابن الأثير 9/6 و10).

وفي السنة 158 بعد وفاة المنصور العباسي ، فتح ولده المهدي بابا أفضي إلي أزج كبير ، فيه جماعة من قتلي الطالبيين ، وفي آذانهم رقاع فيها أنسابهم ، وإذا فيهم أطفال ، وشباب ، ومشايخ ، عدة كبيرة ، فارتاع المهدي ، وأمر ، فحفرت لهم حفيرة ، فدفنوا فيها ، وعمل عليهم دكان دكة ) ( الطبري 105/8 ).

وفي السنة 161 قتل المهدي محمد ابن وزيره أبي عبيد الله ، بتهمة الزندقة ، وكان الذي دس عليه عند المهدي ، الربيع الحاجب ، إتهمه ببعض حرم المهدي ، فأحضره ، وطلب منه أن يقرأ آيات من القرآن ، فاستعجم عليه ، فأمر أباه أن يتقدم إليه ، فيضرب عنقه ، فنهض الأب ، فعثر ، فقال العباس بن محمد ، إن رأيت يا أمير المؤمنين أن تعفي الشيخ ، ففعل ، وأمر به فأخرج ، فضربت عنقه ( الطبري 8/ 139).

أقول : أسلفت في موضع آخر من هذا الكتاب ، أن الزندقة ، ليس لها حد في اللغة ، ولعل اقرب تحديد لها، أنها الانحراف عن الطريق السوي ، وقد أبتدع الإتهام بالزندقة ، من أجل أن يقتل أصحاب السلطان من يريدون

ص: 291

قتله من أقرب السبل ، ولذلك فإن من جملة ما قرروه ، أن من ألصقت به هذه التهمة لا تقبل توبته ، وفي هذه القصة مصداق لما أوردنا ، فإن جهل الإنسان بقراءة القرآن لا يعتبر جرما يستوجب من أجله أن يقتل ، وقد أورد الطبري في صلب القصة أن الربيع الحاجب ، وكانت صناعته الدس ، دس علي هذا الفتي ابن الوزير عند المهدي ، واتهمه ببعض حرم المهدي ، فأدي ذلك إلي اتهامه بالزندقة ، وقد ذكر بعض المؤرخين ، أن المهدي بلغه عن ابنة وزيره ، وهي أخت الفتي ، جمال ، فأمر جاريته الخيزران أن تستزيرها ، فزارتها، ودخلت وإياها الحمام ، فهجم المهدي عليهما، فتسترت بالخيزران ، واحتمت بها منه ، وعادت فأبلغت أخاها ، بما كان من المهدي ، فطلب منها بعد حين ، أن تستزير الخيزران ، فزارتها، ودخلتا الحمام ، فدخل الفتي عليهما ، وقال للخيزران : هذه بتلك ، وإن كنت لا أستحل هذا ، ثم كر راجعة ، وعلم المهدي بما حدث ، فكانت عاقبته تهمة الزندقة التي أوردته المنون .

وروي لنا أبو العتاهية ، إن المهدي حبسه في سجن الجرائم ، فوجد في السجن الرجل المسمي حاضرة داعية عيسي بن زيد العلوي ، وإن المهدي أحضرهما أمامه ، وسأل حاضرة عن عيسي بن زيد وأراد أن يدله علي موضع آستتاره ، فقال له : ما يدريني أين عيسي بن زيد ، طلبته ، وأخفته ، فهرب منك في البلاد ، وأخذتني فحبستني ، فمن أين أقف علي موضع هارب منك ، وأنا محبوس ، فقال له : والله لتدلني عليه أو لأضرب عنقك الساعة ، فقال له : إصنع ما بدالك ، أنا أدلك علي ابن رسول الله لتقتله ، وألقي الله ورسوله يطالبانني بدمه ؟ والله لو كان بين جلدي وثوبي ما كشفت عنه ، فأمر به المهدي ، فضربت عنقه ، راجع التفصيل في كتاب الفرج بعد الشدة للتنوخي في القصة رقم 173 ج 2 ص 116 - 119 .

وفي السنة 161 قبض علي عبد الله بن مروان الجعدي بالشام ، فحمل

ص: 292

الي المهدي ، فحبسه بالمطبق ، وجاء عمرو بن سهلة الأشعري ، فادعي علي عبد الله إنه قتل أباه ، وحاكمه عند القاضي ، وفي خلال المرافعة جاء عبد العزيز بن مسلم العقيلي الي القاضي ، وقال : زعم عمرو بن سهلة أن عبد الله قتل أباه ، وكذب ، والله ، ما قتل أباه غيري ، أنا قتلته يأمر مروان ، وعبد الله بريء من دمه ، فترك عبد الله ، ولم يعرض المهدي لعبد العزيز ، لأنه قتله بأمر مروان ( ابن الأثير 54/6 و55 ) .

أقول : ورد في موضع آخر من هذا الكتاب أن عبد الله حبسه ، السفاح وأطلقه الرشيد .

وفي السنة 163 أعلن عبد الرحمن الداخل في الأندلس ، عزمه علي التجه للخروج إلي المشرق ، لمحو الدولة العباسية ، فعصي عليه سليمان بن يقظان ، والحسين بن يحيي الأنصاري بسرقسطة ، واشتد أمرهما ، فترك ما كان عزم عليه ، وسير إليهما في السنة 164 جيشأ بقيادة ثعلبة بن عبيد ، وبعد معارك عدة أسر سليمان ثعلبة ، وفرق جيشه ، ثم استعان بكارلوس ملك الافرنج ، وتعهد له أن يسلم إليه البلد وثعلبة ، فلما وصل كارلوس ، أسلم إليه ثعلبة ، فأخذه وعاد إلي بلاده ، وسار عبد الرحمن علي رأس جيش إلي سرقسطة ، وكان الحسين قد قتل صاحبه سليمان ، ورغب الحسين في الصلح ، وأذعن للطاعة ، فصالحه عبد الرحمن ، وأخذ ابنه سعيد رهينة ، وعاد عنه وفي السنة 165 عاد الحسين بن يحيي إلي العصيان بسرقسطة ، فسير إليه عبد الرحمن ، غالب بن ثمامة في جند كثيف ، فاقتتلوا ، فأسر جماعة من أصحاب الحسين ، فيهم ولده يحيي ، فسيرهم إلي الأمير عبد الرحمن ، فقتلهم جميعا ، وشدد ثمامة في حصر سرقسطة ، ثم سار عبد الرحمن إلي الحسين بنفسه ، فحصر سرقسطة ، ونصب عليها ستة وثلاثين منجنيقة ، وملكها عنوة ، وقتل الحسين أقبح قتلة ( ابن الأثير 62/6 - 68 ).

ص: 293

وفي السنة 166 تأمر العلاء بن حميد القشيري ، والمغيرة بن الوليد بن معاوية بن هشام ( ابن أخي عبد الرحمن الداخل ) وهذيل بن الصميل، وسمرة بن جبلة ، علي خلع عبد الرحمن ، فأنبأه العلاء القشيري بخبرهم ، فقتلهم جميعا ( ابن الأثير 74/6 ).

وفي السنة 169 قبض الفضل بن صالح العباسي ، أمير مصر علي دحية بن مصعب بن الأصبغ بن عبد العزيز بن مروان ، وقتله ، وكان دحية ممن بايع محمد بن عبد الله بن الحسن ( النفس الزكية ) في السنة 145 علي يد ولده علي الذي قدم مصر في ذلك الحين ، وفي السنة 167 خرج بصعيد مصر ، ودعا لنفسه بالخلافة ، وعظم أمره ، فسار إليه أمير مصر موسي بن مصعب علي رأس جيش ، فظفر دحية بموسي وقتله وفل جيشه ، وأستعان دحية بالخوارج والبربر الذين في الواحات ، فأعانوه أولا ، وانصرفوا عنه آخر الاختلافهم وإياه في أمر الخليفة عثمان ، فضعف أمره ، فاعتقله الفضل بن صالح العباسي ، بعد قتال شديد ، وقتله ، وكانت نعم أم ولد دحية تقاتل معه في حروبه ( ولاه مصر للكندي 113 و 114 و128 130 وخطط المقريزي -308/1)

وفي السنة 169 جيء إلي موسي الهادي ، بأسري ستة ، ممن أسر في معركة فخ التي قتل فيها الحسين بن علي العلوي ، فأمر موسي بالاسيرين الأولين فقتلا ، واستبقي الثالث والرابع ، أما الخامس والسادس وهما عذافر الصيرفي وعلي بن السابق القلاس الكوفي ، فأمر بهما فقتلا وصلبا بباب الجسر ( الطبري 198/8 ).

ولما قتل الحسين صاحب فخ في السنة 169 كان معه إدريس بن عبد الله العلوي ، أبو الأدارسة بالمغرب ، فوقع إلي مصر ، وعلي بريد مصر واضح مولي صالح بن المنصور ، وكان يتشيع ، فحمل إدريس علي البريد إلي المغرب ، فضرب الهادي عنق واضح ، وصلبه ( الطبري 198/8 ) .

ص: 294

وكان موسي الهادي ، لما استخلف ، يريد من هارون أن يخلع نفسه

من ولاية العهد، لتكون لولده جعفر بن موسي ، وأيده في ذلك بعض القواد ، وحدث يوما أن كان هارون وابن اخيه جعفر بن موسي راكبين ، فبلغا قنطرة من قناطر عيساباذ ، فالتفت القائد أبو عصمة ، وكان مرافقة لجعفر ، وقال لهارون : مكانك ، حتي يجوز ولي العهد، فقال هارون السمع والطاعة للأمير ، ووقف حتي جاز جعفر ، فلما مات موسي ، كان هارون بعيسابان ، فلما دعي ليقدم إلي بغداد ، أمر بأبي عصمة ، فقطعت عنقه ، وشد جمته في رأس قناة ، وكانت في مقدمة موكبه الذي دخل به بغداد ( الطبري 232/8)

وفي السنة 171 كان أميرا علي الجزيرة للرشيد ، القائد أبو هريرة محمد بن فروخ ، فخرج الصحصاح الخارجي ، وهزم جيش أبي هريرة ، وغلب علي ديار ربيعة ، فسير إليه الرشيد جيشأ حارب الصحصاح وقتله ، وعزل الرشيد أبا هريرة عن الجزيرة ، ووجه إليه القائد أبا حنيفة حرب بن قيس ، فحمل أبا هريرة إلي بغداد ، حيث قتله الرشيد ( ابن الأثير 112/6 و114).

وفي السنة 178 قتل الفضل بن روح بن حاتم ، أمير إفريقية للرشيد ، قدم إفريقية في السنة 177 ، فخاصمه أهل إفريقية ، وقاتلوه ، وقتلوه في القيروان ( الاعلام 354/5 ).

وفي السنة 180 خرجت المحمرة بجرجان ، فكتب علي بن عيسي بن ماهان ، أمير خراسان ، بأن الذي هيج ذلك عمرو بن محمد العمركي ، فأمر الرشيد بقتله ، فقتل بمرور الطبري 266/8 ).

وفي السنة 181 عصي القائد مخلد بن مرة الأزدي ، في إفريقية ، علي أميرها محمد بن مقاتل ، والتف حوله جمع من الجند ، وحارب ابن مقاتل ، وظفر ابن مقاتل به ، فذبحه ( الاعلام 74/8 ) .

ص: 295

وفي السنة 184 قتل الحكم بن هشام بن عبد الرحمن الداخل، عمه سليمان بن عبد الرحمن ، وكان سليمان قد خرج علي أخيه هشام ، ثم اختفي ، وظهر في عهد الحكم ، وجمع الجموع ، فظفر به الحكم ، وقتله ( الاعلام 3/ 189 ).

وفي السنة 187 قتل الرشيد ، جعفر البرمكي ، وزيره ، بالعمر الذي عند الانبار ، أرسل مسرورا الخادم ، ليلا ، وأمره بقتله ، فسأله إمهاله لكي يوصي ، فأمهله ، فتوالت رسل الرشيد علي مسرور ، تستحثه ، فعاد مسرور المراجعته ، فقال له : يا ما بظر أمه ائتني برأسه ، قال مسرور : فعدت ، فطلب مني جعفر ، أن أكرر مراجعته ، فعدت إليه ، فحذفني بعمود في يده ، وحلف انه إن لم يأته برأسه ليقتله ، فعاد إليه ، وقطع رأسه ، وأحضره إلي الرشيد ، فأمر أن يقطع بدنه إلي قطعتين ، تنصب كل قطعة علي جسر ، وأن ينصب رأسه علي جسر ، وحبس أباه وإخوته . ( ابن الأثير 175/6 - 179)

وفي السنة 187 قتل عثمان بن إبراهيم ، أباه إبراهيم بن عثمان بن نهيك ، وكان إبراهيم من رجال دولة الرشيد ، وكان من خلصاء جعفر البرمكي ، فلما قتل الرشيد جعفر ، جاء عثمان فأوصل الي الرشيد أن أباه يبكي جعفرة ، ويتوعد بقتل قاتله ، واستشهد بخادم لأبيه إسمه نوال ، فأيد ذلك ، وأراد الرشيد أن يمتحن إبراهيم ، فدعاه ، وتعشي معه ، وشرب ، فلما انتشي إبراهيم ، قال له الرشيد : يا إبراهيم ، إني ندمت علي قتل جعفر بن يحيي ندامة ما أحسن أن أصفها ، فما وجدت طعم النوم من فارقته ، فلما سمع منه إبراهيم ذلك ، أسبل عبرته ، وقال : رحم الله أبا الفضل ، والله يا سيدي لقد أخطأت في قتله ، وأين يوجد في الدنيا مثله ، فصاح به الرشيد : قم عليك لعنة الله ، يا ابن اللحناء ، فقام ما يعقل ما يطأ ، فانصرف إلي أمه ، فقال : يا أم ، ذهبت والله نفسي ، قالت : كلا إن شاء الله ، وما

ص: 296

ذاك يا بني ؟ قال : إن الرشيد امتحني بمحنة ، لو كان لي ألف نفس ، ما خرجت بواحدة منها ، وبعد ليال قلائل ، دخل عليه ابنه ، فضربه بسيفه ، حتي مات ( الطبري 310/8 -312) .

وفي السنة 191 خرج أبو النداء ( قاطع طريق ) بالشام ، فوجه الرشيد في طلبه يحيي بن معاذ ، وعقد له علي الشام ، فأسره يحيي في السنة 192 وقدم به علي الرشيد ، وهو بالرقة ، فقتله ( الطبري 323/8 و 339 ).

أقول : أوردنا في هذا الكتاب ، في ذيل الفصل الأول من الباب الثالث « الضرب » في بحث « طرائف عن الضرب »، قصة الرجل الذي قصد الخصيب بن عبد الحميد ، عامل مصر، مستميحة ، فحرمه ، ولما انصرف أخذه أبو الندي ، وطالبه أن يخرج ما أعطاه الخصيب ، وضر به مائتي مقرعة ، يقرره علي ما ظن إنه ستره عنه ، وقدم الرجل علي الخصيب ثانية ، فلم يعطه شيئا ، فقال له : جعلت فداك ، تكتب إلي أبي الندي ، إنك لم تعطني شيئا ، لئلا يضربني ( الملح والنوادر 201).

وفي السنة 198 حصلت وقعة الربض بقرطبة ، حيث كره القرطبيون الحكم ، لتشاغله باللهو والصيد والشرب ، ثم قتل جماعة من أعيانهم ، فصاروا يسبونه ، فعمد إلي عشرة من رؤساء من شتمه فقتلهم ، وصلبهم ، فهاج أهل الربض ، وحصروه في قصره ، فحاربهم الحكم ومعه قسم من جنده ، فانهزم أهل الربض ، وقتل منهم كثيرة ، وأسر منهم جماعة ، وانتقي من الأسري ثلثمائة من وجوههم ، فقتلهم ، وصلبهم منكسين ( ابن الأثير 299/6 و300) .

وقد أوردت في هذا الكتاب ، في الباب الأول « الشتيمة » في الفصل الخامس « الرفث في الشتيمة » قصة عن الحكم لما حصره أهل الربض في قصره ، فطلب من أحد غلمانه أن يحضر له قارورة الغالية ، فتلكأ الغلام ،

ص: 297

وقال : يا مولاي ، هذا وقت الغالية ، فقال له : ويلك ، يا ابن الفاعلة ، بم يعرف رأسي اذا قطع ، إن لم يكن مغلفا بالغالية ( المعجب للمراكشي 45)

أقول : إذا صحت القصة ، فإنها تدل علي رباطة جأش نادرة المثيل .

وفي السنة 198 كان عياد بن محمد ، قد ولي مصر للمأمون ، فكتب الأمين إلي ربيعة بن قيس الحوفي بولايته علي مصر ، ونشبت بين الأميرين معركة ، انتهت بالقبض علي عباد ، وإرساله إلي الأمين ، فقتله ببغداد . ( الاعلام 29/4 ).

وفي السنة 198 شدد طاهر بن الحسين ، حصار بغداد ، فأرسل الأمين إلي القائد هرثمة ، يطلب أن يخرج إليه بالأمان ، فأنعم له هرثمة لذلك ، واشتد ذلك علي طاهر ، وقال : هو في الجانب الذي أنا فيه ، وأنا الذي أحرجته بالحصار حتي طلب الأمان ، فلا أرضي أن يخرج إلي هرثمة ، فيكون له الفتح دوني ، وبلغ ذلك هرثمة ، فاجتمع القواد في منزل خزيمة بن خازم ، وحضر طاهر وقواده ، وهرثمة ، وسليمان بن المنصور ، والسندي ، وأخبروا طاهر ، أن الأمين لا يخرج إليه ، واتفقوا علي أن يخرج الأمين إلي هرثمة ، وأن تدفع إلي طاهر الخاتم ، والقضيب والبردة ، عدة الخلافة ، فأجاب إلي ذلك ، ثم بلغه أن الأمين وعدة الخلافة ، ستصرف إلي هرثمة ، فاغتاظ ، وبعث قوما من أصحابه ، ترصدوا للأمين ، حتي إذا خرج لينصرف إلي هرثمة ، أمهله حتي ركب في الحراقة ، ثم عمد أصحابه إلي الحراقة فأغرقوها ، وسقط من فيها إلي الماء ، فسبح الأمين إلي الشاطيء ، وأخذه أصحاب طاهر ، فحبسوه في بيت ، ثم دخل إليه جماعة منهم ، فطرحوه علي وجهه ، وذبحوه من قفاه ، وأخذوا رأسه إلي طاهر ، حيث نصبه علي برج . ( ابن الأثير 282/6 - 287).

ص: 298

أقول : يظهر من أبيات اثبتها الإمام الطبري في تاريخه 489/8 ، أن جثة الأمين ربطت بحبل ، وجرت في الطرقات ، قال :

لم يكفه أن حر أوداجه**** ذبح الهدايا بمدي الجازر

حتي أتي يسحب أوصاله**** في شطن يفني مدي السائر

وقد سجل الوراق عمرو بن عبد الملك العتري ، كثيرا من الوقائع التي حصلت ببغداد في هذا الحصار ، وقد أثبت الإمام الطبري في تاريخه مقطوعات من شعره الذي نظمه في ذكر هذه الوقائع ، وكان ما نظمه من الشعر مرآة صادقة لما حصل في بغداد ، وكان إذا أدلهمت الخطوب ، وبرج به القلق ، لجأ إلي الشراب ، يرفه عن نفسه بعض ما نابها من القلق ، وقال في ذلك : ( الطبري 475/8 ) .

وقائل كانت لهم وقعة**** في يومنا هذا وأشياء

قلت له : أنت امرؤ جاهل**** فيك عن الخيرات إبطاء

إشرب ودعنا من أحاديثهم**** يصطلح الناس إذا شاءوا

وكان القائد هرثمة بن أعين ، عظيم الإدلال علي المأمون ، لما كان منه في نصيحته له ولآبائه ، وكان قد فارق الحسن بن سهل في السنة 200 علي نزاع ، وتوجه إلي خراسان ، فكتب إليه المأمون أن يأتي الشام أو الحجاز ، أميرة ، فأبي ، وأصر علي التوجه لخراسان ، فشوش عليه الفضل بن سهل ذهن المأمون ، فلما دخل عليه هرثمة ، خاشنه المأمون واتهمه ، فلما ذهب هرثمة ليدافع عن نفسه، أمر به المأمون ، فديس بطنه ، ووجيء أنفه ، وسحب من بين يديه ، فحبس ، ود إليه الفضل من قتله في الحبس ، وقالوا إنه مات . ( ابن الأثير 314/6 و315) .

وفي السنة 200 أسر أبو السرايا ، السري بن منصور ، وكان قد أقام بالعراق دولة واسعة المساحة ، قصيرة المدة ، وكان أبو السرايا من رجال

ص: 299

هرثمة ، فمطله بأرزاقه ، ففارقه ، وبايع محمد بن إبراهيم العلوي بالكوفة ، وحارب جند المأمون ، وانتصر عليهم في معارك ، ثم أسر في آخر معركة ، وحمل إلي الحسن بن سهل ، فأمر بضرب عنقه ، فذكر أنه لم ير أحد عند القتل أشد جزعا منه ، كان يضطرب بيديه ورجليه ، ويصيح أشد ما يكون من الصياح ، حتي جعل في رأسه حبل ، وهو يضطرب ويتلوي ويصيح ، حتي ضربت عنقه ( الطبري 535/8 وتجارب الأمم 423/6 ).

وفي السنة 201 عصي محمد بن أبي خالد القائد علي الحسن بن سهل ، وطرد علي بن هشام عن بغداد ، واستولي عليها ، وعلي ما في جنوبها من السواد ، حتي اقترب من واسط ، وفيها الحسن بن سهل وجنده ، وبعث محمد ولده هارون إلي إسكاف بني الجنيد ، ففتحها ، وأسر زهير بن المسيب عامل الحسن عليها، وأصعده إلي بغداد ، وحبسه بها عند ولده جعفر بن محمد ، ثم قصد الحسن محمد بن أبي خالد، واشتبك معه في معركة عنيفة ، كان الظفر فيها للحسن ، وأفلت محمد و به جراحات ، فحمله ابنه أبو زنبيل حتي أدخله بغداد ، فمات بها من ليلته ، فعمد ولده إلي زهير بن المسيب فضرب عنقه ، ذبحه ذبحا ، وأخذ رأسه فبعث به إلي أخيه عيسي بن محمد، فنصبه علي رمح ، وأخذوا جسده ، فشدوا في رجليه حبلا ، ثم طافوا به في بغداد ، فلما جنهم الليل طرحوه في دجلة ( الطبري 546/8 - 548)

وفي السنة 205 ولي طاهر بن الحسين خراسان للمأمون ، ولما خرج إليها كان ممن خرج معه أسد بن أبي أسد، فلما كان طاهر بمرو، احتاج أن يوجه قوما الي خوارزم و بخاري ، فسمي أسد، فيمن سمي ليخرج مع القائد الذي أمره بالتوجه إلي تلك الناحية ، فالتوي أسد ، وكتب إلي طاهر يشتط في المسألة والأرزاق ، فوقع طاهر في كتابه :

لا تكون جاهلا**** أنت في البعث يا أسد

ص: 300

فعاوده ، وضرب أصحابه حتي كاد أن يبطل أمر القائد المتوجه إلي تلك الناحية ، فدعا به ، وقال له : لعلك تحسب أنك ببغداد ، أتريد أن تفسد علي عملي ، وأمر فضربت عنقه بين يديه ( تاريخ بغداد لابن طيفور 66).

وفي السنة 210 تامر إبراهيم بن محمد بن عبد الوهاب العباسي ، المعروف بابن عائشة ، ومحمد بن إبراهيم الإفريقي ، ومالك بن شاهي ، وآخرون ، علي خلع المأمون ، ونصب إبراهيم بن المهدي ، وسعي بهم أحد من آشترك معهم في المؤامرة ، وهو عمران القطربلي ، فحبسهم المأمون ، وأرادوا أن ينقبوا السجن ، فبلغ المأمون خبرهم ، فأحضرهم ، وقتلهم صبرأ ، وصلب ابن عائشة ، وهو أول عباسي صلب في الإسلام ( ابن الأثير 391/6 و 392 ).

وفي السنة 214 تحرك جعفر بن داود القمي ، فظفر به عزيز مولي عبد الله بن طاهر ، ورده إلي مصر ، ثم هرب الي قم ، وخلع بها ، فحاربه علي بن عيسي القمي ، وأسره ، وبعث به إلي بغداد ، فضربت عنقه ( الطبري 622/8، 626، 630 ).

وفي السنة 215 قتل الافشين بمصر ، علي بن عبد العزيز الجردي ، وكان قد أحدث بمصر فتنة ، فأخمدها عبد الله بن طاهر ، وحمل ابن الجردي إلي العراق ، وعاد به الافشين إلي مصر ، علي أن يسلم ما لديه من أموال ، فلما وصل إلي مصر، لم يؤد شيئا ، فقتله الافشين ( الاعلام 113/5)

وفي السنة 216 وثب عبدوس الفهري بمصر ، علي عمال المعتصم ( وكانت إليه مصر في أيام المأمون ) فقتل بعضهم ، وفي السنة 217 دخل المأمون مصر ، وجيء إليه بعبدوس الفهري ، فضرب عنقه ( ابن الأثير 419/6 و421) .

ص: 301

وفي السنة 217 فتك المأمون بعلي بن هشام ، وأخيه الحسين ، وكان علي من أثر الناس عن المأمون ، خدمه منذ ابتداء أمره إلي أن تمت خلافته ، واستقام الأمر في يده ، وكان المأمون ولاه الجبل ، فظلم ، وجار ، وقتل ، وصادر ، فوجه المأمون إليه عجيف القائد ، فأراد أن يبطش بعجيف ، ويلحق ببابك ، فظفر به عجيف ، وقدم به وبأخيه الحسين ، فأمر بهما فضرب عنقاهما ، وطيف برأس علي بن هشام في بغداد ، وخراسان ، والشام ، والجزيرة ، ثم ذهبوا به إلي مصر ، ثم ألقي في البحر ، وكان المأمون أمر أن تصلب جثته وتعلق عليها رقعة ذكر فيها سبب قتله ليقرأها الناس ، وفيها : أما بعد ، فإن أمير المؤمنين كان دعا علي بن هشام فيمن دعا من أهل خراسان أيام المخلوع ، إلي معاونته والقيام بحقه ، وكان فيمن أجاب وأسرع الإجابة ، وعاون فأحسن المعاونة ، فرعي أمير المؤمنين ذلك له ، وأصطنعه ، وهو يظن به تقوي الله وطاعته ، والإنتهاء إلي أمر أمير المؤمنين في عمل إن أسند إليه في حسن السيرة وعفاف الطعمة ، وبدأه أمير المؤمنين بالإفضال عليه ، فولاه الأعمال السنية ، ووصله بالصلات الجزيلة التي أمر المؤمنين بالنظر في قدرها ، فوجدها أكثر من خمسين ألف ألف درهم ، فمد يده إلي الخيانة ، والتضييع لما استرعاه من الأمانة ، فباعده عنه وأقصاه ، ثم استقال أمير المؤمنين عثرته فأقاله إياها ، وولاه الجبل وأذربيجان وكور أرمينية ، ومحاربة أعداء الله الخرمية ، علي ألا يعود لما كان منه ، فعاود أكثر مما كان بتقديمه الدينار والدرهم علي العمل لله ودينه ، وأساء السيرة ، وعسف الرعية ، وسفك الدماء المحرمة ، فوجه أمير المؤمنين عجيف بن عنبسة مباشرة الأمره ، ورامية إلي تلافي ما كان منه ، فوثب بعجيف يريد قتله ، فقوي الله عجيفة بنيته الصادقة في طاعة أمير المؤمنين ، حتي دفعه عن نفسه ، ولو تم ما أراد بعجيف لكان في ذلك ما لا يستدرك ولا يستقال ، ولكن الله إذا أراد أمر كان مفعولا ، فلما أمضي أمير المؤمنين حكم الله ، في علي بن هشام ، رأي أن لا يؤاخذ من خلفه بذنبه ، فأمر أن يجري لولده ولعياله ، ولمن أتصل

ص: 302

بهم ، ومن كان يجري عليهم ، مثل الذي كان جارية في حياته ، ولولا أن علي بن هشام أراد العظمي بعجيف ، لكان في عداد من كان في عسكره ، ممن خالف وخان ، كعيسي بن منصور ونظرائه ، والسلام ( الطبري 628 و 627/8).

وفي السنة 226 قتل رجاء بن أبي الضحاك الجرجرائي ، صاحب خراج دمشق ، في أيام المعتصم ، قتله علي بن إسحاق ، نائب صاحب المعونة بدمشق ، راجع القصة مفصلة في كتاب الفرج بعد الشدة للقاضي التنوخي تحقيق المؤلف رقم القصة 219 ج 2 ص 299 وه 29 .

وفي السنة 231 قتل الخيفة هارون الواثق ، أحمد بن نصر الخزاعي ، ضربه بالسيف بيده ، وسبب ذلك إنه أراد الخروج ، وعين وأصحابه يوما لذلك ، واتفقوا علي أن تكون الإشارة بينهم للخروج ، أن يضرب الطبل في موضع معين ، وحدث أن الموكل بالطبل سكر قبل الموعد بليلة ، فقام إلي الطبل فضربه ، فلم يجتمع عليه أحد ، وسمع صاحب الشرطة ضرب الطبل ، فبعث من يتحقق له السبب ، وأخذ رجلا في الحمامات اسمه عيسي الأعور ، فأقر له بالقصة ، وسمي الذين دخلوا مع أحمد بن نصر في المؤامرة ، فأخذ منهم أبو هارون وداره بالجانب الشرقي ، وطالب ، وكانت داره بالجانب الغربي ، وقيدهما بسبعين رطلا من الحديد، ثم أخذ خصي لأحمد بن نصر ، فاعترف علي سيده ، فأخذ أحمد، وإبنان له ، وخصيان ، ورجل كان يغشاه اسمه إسماعيل بن محمد الباهلي ، فحملوا إلي سامراء علي بغال بأكف ، ليس تحتهم وطاء ، وقيد أحمد بزوج قيود ، فجلس لهم الواثق مجلس عامة ، وناظر أحمد بن نصر ، وحاول ابن أبي دؤاد أن يؤخر أمره ، حتي يهدأ الواثق ، فقال الواثق : إذا رأيتموني قمت إليه ، فلا يقوم أحد معي ، فإني احتسب خطاي إليه ، ودعا بالصمصامة ، وبنطع ، فصير أحمد في وسطه ، وشد رأسه بحبل ، ومد الحبل ، فضربه الواثق ضربة ، فوقعت

ص: 303

علي حبل العائق ، ثم ضربه أخري علي رأسه ، ثم انتضي سيما الدمشقي سيفه ، فضرب عنقه ، وحر رأسه ، وصلب في الموضع الذي صلب فيه بابك ، وفي رجليه زوج قيود ، وعليه سراويل ، وقميص ، وحمل رأسه إلي بغداد ، فنصب في الجانب الشرقي أيامأ ، وفي الجانب الغربي أيام ، وجري تتبع أصحاب أحمد بن نصر ، فوضعوا في الحبوس المظلمة ، ومنعوا من أخذ الصدقة التي يعطاها أهل السجون ، ومنعوا من الزوار ، وثقلوا بالحديد ( الطبري 135/9 - 139).

وفي السنة 237 وثب أهل أرمينية بعاملهم يوسف بن أبي سعيد محمد بن يوسف الثغري ، فقتلوه ، وقتلوا كل من قاتل معه ، ومن لم يقاتل أمروه أن يتعري وينجو بنفسه ، فمات كثير منهم من البرد ، وسقطت أصابع قسم منهم ، فبعث إليهم الخليفة القائد بغا ، فتبع قتلة يوسف وأصحابه فقتل منهم زهاء ثلاثين ألفا ، وسبي منهم خلقا كثيرة ، فباعهم بأرمينية ( الطبري 187/9 و188).

وفي السنة 240 وثب أهل دمشق بعاملهم سالم بن حامد ، فقتلوه علي باب الخضراء ، وقتلوا من قدروا عليه من رجاله ، فغضب المتوكل ، وأرسل جيشأ من سبعة آلاف بقيادة أفريدون التركي ، وأباح له القتل والنهب ثلاثة أيام ، ولكن أفريدون قتل برمحة دابة ، وهو علي أبواب دمشق ( خطط الشام 193/9 ).

وفي السنة 248 قتل محمد بن هارون الكاتب ، أصيب علي فراشه مقتولا ، وبه عدة ضربات بالسيوف ، وأخذ خادم له أسود ، اعترف بأنه قتله ، فضربت عنقه ، وصلب عند خشبة بابك ( الطبري 255/9 ).

وفي السنة 248 خرج محمد بن عمرو الشاري بناحية الموصل ، فخرج إليه إسحاق بن ثابت الفرغاني ، فأسره وجماعة من أصحابه ، فقتلوا ، وصلبوا ( الطبري 255/9 ).

ص: 304

وفي السنة 249 قتل القائد أوتامش ، وكاتبه شجاع بن القاسم ، وكان المستعين ، لما أفضت إليه الخلافة ، أطلق يد أوتامش وشاهك في بيوت الأموال ، فكانت الأموال التي ترد من الآفاق ، يصير معظمها إلي أم المستعين ، وإلي أوتامش ، وشاهك الخادم ، وبقي كبار القواد مثل وصيف وبنا بمعزل ، فأغريا الموالي بأوتامش ، فتحركوا عليه ، وبلغه الخبر فأراد الهرب ، فلم يمكنه ، فاستجار بالمستعين ، فلم يجره ، فأخذه الأتراك وقتلوه ، وقتلوا كاتبه شجاع بن القاسم ( الطبري 263/9 و 264 ).

وفي السنة 251 كان جيش المعتر، قد حاصر بغداد وبها المستعين ، فأراد بعض الموكلين بالسور ببغداد أن يصبح : مستعين يا منصور ، فصاح : معتر يا منصور ، فقتله المولون بالباب ، إذ حسبوه من خصومهم ، وبعثوا برأسه إلي دار محمد بن عبد الله بن طاهر ، أمير بغداد ، فأمر بنصبه ، فجاءت أمه وأخوه في عشية اليوم بجثته في محمل ، يصيحان ، ويطلبان رأسه ، فلم يدفع إليهما ، ولم يزل منصوب علي الجسد إلي أن أنزل مع ما أنزل من الرؤوس ( الطبري 304/9 ).

ولما خلع المستعين في السنة 251 وبايع المعتر ، بعث إليه القائد سعيد الحاجب فيقال إن سعيدة أنزله من القبة التي كان فيها علي الدابة ، وكانت تعادله دايته ، وضربه بالسيف ، فصاح وصاحت دايته ، فقتلهما معا ، وقيل إن سعيدا لما استقبله سأله أن يمهله ليصلي ركعتين ، فلما سجد في الركعة الثانية ، قتله واخذ رأسه ( الطبري 363/9 و 364 ).

وفي السنة 254 اتفق المعتز، وجماعة من القواد الأتراك يرأسهم بايكباك ، علي الفتك ببغا الشرابي ، فتحرز منهم ، وعسكر مع جماعته في تل عكبرا ، ثم بداله فعاد إلي سامراء ، ليلا في زورق ، فاعتقله وليد المغربي صاحب الجسر وجاء فأبلغ المعتز، فأمره بقتله ، وقال له : ويلك جئني برأسه ، فرجع الوليد ، وقال للموكلين به : تنحوا حتي أبلغه رسالة ، فلما

ص: 305

تنخوا ، ضربه بسيفه علي جبهته ورأسه ، ثم تناهي علي يديه فقطعها، ثم ضربه حتي صرعه ، وذبحه ، وحمل رأسه في بركة قبائه ، وأتي به المعتز ، فوهب له عشرة آلاف دينار، وخلع عليه ، ونصب رأسه بسامراء ، ثم ببغداد ، ووثب المغاربة علي جثته فأحرقوها بالنار ( الطبري 379/9 و 380 ).

وفي السنة 256 كان صالح بن وصيف ، القائد التركي المسيطر علي جميع أمور الدولة ، بعد أن خلع المعتر، وقتله ، واستخلف المهتدي ، وقتل جماعة من الكتاب ، وخشي بقية القواد سطوته ، فكاتبوا موسي بن بغا، فلما حضر موسي بجيشه إلي بغداد ، استر صالح ، ثم عثر عليه صبي ، فأخبر عنه ، فقصده خمسة من اصحاب السلطان ، وأخرجوه حافية ، مكشوف الرأس ، وعليه قميص ومبطنة ملحم وسراويل ، فحمل علي برذون ، والعامة تعدو خلفه ، حتي انتهوا به إلي دار موسي بن بغا ، ثم أخرجوه ليذهبوا به إلي الجوسق ، فقتلوه في الطريق ، وأحتوا رأسه ، وحمل علي قناة ، وطيف به ، ونودي عليه : هذا جزاء من قتل مولاه ، إشارة إلي قتله المعتز ، ونصب بباب العامة ساعة ، ثم نخي ، وفعل به مثل ذلك ثلاثة أيام تتابع ( الطبري 454 - 440/9)

وفي السنة 256 كان الخليفة المهتدي ، بعث القائد التركي بايكباك في جيش مع موسي بن بغا ومفلح ، فعاد بايكباك الي سامراء بدون إذنه ، فلما دخل عليه غضب ، وأمر الكرخي محمد بن المباشر ، فضرب عنق بايكباك ، وأمر القائد عتاب بن عتاب ، أن يلقي برأس بايكباك إلي أتباعه ، فأخذ عتاب الرأس ، ورمي به إليهم ، فجاشوا ، وهجموا علي عتاب فقتلوه ، فوجه المهتدي وأحضر من أطاعه من الجند، واشتبك مع الأتراك ، وخرج المهتدي ، والمصحف في عنق أحد أصحابه ، فأنفل جمعه ، ومضي منهزم والسيف مشهور في يده ، وهو يصيح : أيها الناس ، أنصروا خليفتكم ، فقبض الأتراك عليه ، وأخذوا يصفعونه ويبزقون في وجهه ، ثم عصرت

ص: 306

خصيتاه ، فمات ( الطبري 456/9 - 458) .

ولما اعتقل المهتدي ، عمد أبن عم لبايكباك ، فجرح المهتدي بخنجر في أوداجه ، وانكب عليه فالتقم الجرح ، والدم يفور منه ، وأقبل وهو سكران يمتص الدم حتي روي ( مروج الذهب 464/2 ) .

ولما اقتحم الزنج البصرة في السنة 207 وقتلوا من فيها ، وأخربوها ، كان ممن قتل أبو الفضل الرياشي ، الراوية المحدث ، قتل وهو في المسجد ، فلما خرج الزنج من البصرة ، دخل الناس إلي المسجد بعد سنتين من مقتل الرياشي ، فوجدوه صحيح الخلق ، لم يتغير له حال ، سوي أن جلده لصق بعظمه ويبس ( المنتظم 6/5).

أقول : هذا الخبر ، يعني أن المسجد الجامع بالبصرة ، ظل بعد أن خرب الزنج البصرة ، سنتين كاملتين ، لم يدخل إليه إنسان ، ولم يصل فيه أحد ، وفي هذا دليل علي مقدار الخراب الذي أصاب البصرة ، حتي ضرب بخرابها الأمثال ، فقيل في الأمر الذي يصعب تداركه : بعد خراب البصرة .

وفي السنة 258 ضرب عنق قاض لصاحب الزنج ، كان قد نصبه قاضية بعبادان ، وضربت أعناق أربعة عشر رجلا من الزنج بباب العامة بسامراء ، وكانوا قد أسروا بناحية البصرة ( الطبري 490/9 ) .

وفي السنة 259 قتل القائد التركي كنجور عامل الكوفة ، وسب ذلك إنه ترك موضع عمله ، وانصرف بريد سامراء ، بدون إذن ، فأمر بالرجوع ، فأبي ، فحمل إليه مال ليفرقه في أصحابه ويعود ، فلم يقنع ، فلما وصل إلي عكبرا ، توجه إليه عدة من القواد ، فذبحوه ذبحا، وحمل رأسه إلي سامراء ، وكان معه كاتبه النصراني فضرب ألف سوط ، فمات ( الطبري 502/9 ) .

وفي السنة 259 حمل إلي سامراء جماعة من أسري الزنج ، فوثب بهم العامة ، فقتلوا أكثرهم ، ودخل الزنج الأهواز في هذه السنة ، فقتلوا زهاء خمسين ألفا ( المنتظم 19/5 ) .

ص: 307

وفي السنة 265 فتح أحمد بن طولون أنطاكية ، وقتل عاملها سيما الطويل ( الطبري 543/9 ) .

أقول : سيما الطويل أحد القواد الأتراك ، كان في صف بايكباك واشترك في السنة 256 في محاربة المهتدي وقتله ، ولي أنطاكية في السنة 258 ولاه إياها أبو أحمد الموفق .

وفي السنة 265 وثب القاسم بن مما ، بدلف بن عبد العزيز بن أبي دلف ، بإصبهان ، فقتله ، فوثب جماعة من أصحاب أبي دلف ، علي القاسم ، فقتلوه ، ورأسوا عليهم أحمد بن عبد العزيز ( الطبري 543/9 ).

وفي السنة 265 قتل جماعة من الأعراب ، بدقما، جعلان الملقب بالعيار ، وكان قد خرج لبذرقة قافلة ، فوجه السلطان في طلب الذين قتلوه جماعة من الموالي ، فهرب الأعراب ، وبلغ الذين شخصوا في طلبهم عين التمر ، ثم عادوا إلي بغداد ، وقد مات منهم من البرد جماعة ( الطبري 543/9)

وفي السنة 266 قتل أهل حمص عاملهم عيسي الكرخي ( الطبري206/9)

وفي السنة 267 قتل أبو زكريا يحي بن محمد ، الملقب بحيكان ، إمام أهل الحديث بنيسابور ، وكان قد صد هجوم أحمد بن عبد الله الخجستاني ، لما هاجم نيسابور ، فظفر الخجستاني ، وأسر حيكان ، وحبسه ، ثم دخل عليه السجن ، فقتله ( الاعلام 206/9 ).

وفي السنة 270 قتل صاحب الزنج ، علي بن محمد الورزنيني ، بعد فتنة دامت خمس عشرة سنة ، وكان قد قتل من المسلمين ألف ألف وخمسمائة ألف ، ما بين شيخ وشاب ، ذكر وأنثي ، وقتل في يوم واحد بالبصرة ثلثمائة ألف إنسان (النجوم الزاهرة 48/3 ).

ص: 308

وكان طغج بن جف ، يلي دمشق وطبرية لخمارويه بن أحمد بن طولون ، وكان ولده محمد ( الاخشيد فيما بعد ) خليفة أبيه بطبرية ، وكان بطبرية أبو الطيب محمد بن أبي حمزة العلوي ، وكان وجه طبرية شرفأ ، وملكة ، وقوة ، فكتب محمد إلي أبيه طغج ، يذكر له إنه ليس له أمر ولا نهي مع أبي الطيب العلوي ، فكتب إليه أبوه : أعز نفسك ، فأسري محمد علي العلوي أبي الطيب ، فوجده في بستان له فقتله ( خطط الشام 213/1 ) .

وفي السنة 272 كانت للزنج حركة بواسط ، فصاحوا : أنكلاي ، يا منصور ، وأنكلاي هو ابن صاحب الزنج ، وكان قد أودع الحبس بعد مقتل أبيه ، ومعه جماعة من قواد الزنج منهم علي بن أبان المهلبي وإبراهيم بن جعفر الهمذاني ، وسليمان بن جامع ، والشعراني ، وكانوا قد حبسوا في دار محمد بن عبد الله بن طاهر ، في دار السلام ، وفي دار البطيخ ، في يد غلام من غلمان الموفق ، يقال له : فتح السعيدي ، فكتب الموفق إلي فتح ، أن يوجه إليه برؤوس هؤلاء الستة ، فدخل إليهم ، وجعل يخرج الأول فالأول منهم ، فذبحهم غلام له ، وقلع رأس بالوعة في الدار ، وطرحت أجسادهم فيها ، وسد رأسها، ووجه برؤوسهم إلي الموفق ثم ورد كتاب الموقق علي محمد بن عبد الله بن طاهر ، أمير بغداد ، بأن يصلب جثث هؤلاء الستة ، فأخرجوا من البالوعة ، وقد انتفخوا ، وتغيرت روائحهم ، وتقشر بعض جلودهم ، فحملوا في المحامل ، المحمل بين رجلين ، وصلب ثلاثة منهم بالجانب الشرقي ، وثلاثة بالجانب الغربي ، وركب محمد ، حتي صلبوا بحضرته ( الطبري 11/10 ).

وفي السنة 273 قتل هاشم بن عبد العزيز بن هاشم ، قتله المنذر بن محمد بن عبد الرحمن الأموي ، سلطان الأندلس ، وكان هاشم وزير أبيه محمد ، عظيم المكانة عنده ، فلما ولي المنذر نكبه لأشياء حقدها عليه في خلافة أبيه ، فحبسه ، وعذبه ، ثم قتله ( الاعلام 48/9 ) .

ص: 309

وفي السنة 280 وجه يوسف بن أبي الساج اثنين وثلاثين رجلا من الخوارج ، من طريق الموصل، فضربت أعناق خمسة وعشرين منهم ، وصلبوا ، وحبس سبعة منهم في الحبس الجديد ( الطبري 34/10 ).

وفي السنة 283 عزم الجند علي خلع جيش بن خمارويه ، وأرادوا تولية عمه ، وبلغ جيش ذلك ، فقتل عمين من أعمامه ، ورمي برأسيهما إلي الجند، فهجم الجند عليه ، وقتلوه ، وأقعدوا أخاه هارون في الإمرة ( ابن الأثير 478/7 ) .

وفي السنة 284 وثب أبو ليلي الحارث بن عبد العزيز بن أبي دلف ، بشفيع الخادم الموكل به ، فقتله ، واستولي علي قلعة الزر، وكان عمر بن عبد العزيز ، قد أخذ أخاه الحارث ، وقيده ، وحبسه في قلعة الزر، وفيها كل ما كان لآل أبي دلف من مال ومتاع نفيس ، وقد كان عمر ، وكل بالقلعة وبأخيه ، الخادم شفيعا ، فكلمه الحارث في أمر إطلاقه فأبي ، وقال : لا أفعل إلا ما يأمرني به أخوك عمر ، فاحتال الحارث حتي برد قيده ، وأصبح يستطيع أن يخرجه من ساقيه متي شاء ، وكان شفيع الخادم يزور الحارث في كل ليلة ، فيجلس عنده ، ثم يخرج ويقفل الباب عليه ، واحتال الحارث في سكين أدخلها إليه غلامه ، وفي إحدي الليالي شرب مع شفيع الخادم ، فلما قام الخادم لحاجته ( ليبول ) ، أمر الحارث جاريته ، فوضعت ثيابا في الفراش وغطتها ، وآختبأ هو خارج الحجرة ، فلما عاد شفيع ، قالت له الجارية : إنه قد نام ، فأقفل شفيع الباب ، والحارث خارجها، وذهب شفيع إلي فراشه ، فتسلل الحارث إلي شفيع ، وذبحه بالسكين التي كانت عنده ، ثم أخذ سيف شفيع ، وانتضاه ، فوثب الغلمان الذين كانوا في حراسة شفيع فزعين ، فصاح بهم ، وأمنهم ، علي أن يخرجوا من الدار ، فخرجوا بأجمعهم ، فجاء الحارث ، وقعد علي باب القلعة ، وجمع من كان في القلعة ، ووعدهم الإحسان ، وأستحلفهم علي طاعته ، وجمع جماعة من الأكراد والزموم ،

ص: 310

وخرج علي السلطان ، فتوجه إليه عيسي النوشري علي رأس جيش ، فاشتبك الجيشان دون إصبهان ، فأصاب أبا ليلي الحارث سهم في حلقه ، فنحره ، وسقط عن دابته ، وانهزم أصحابه ، وحمل رأسه إلي إصبهان ، ثم جيء به إلي بغداد ( الطبري 63/10 - 67).

وفي السنة 287 خرج القائد عباس بن عمرو الغنوي ، من البصرة ، علي رأس جيش يقصد أبا سعيد الجنابي القرمطي ، فلما التقي الجيشان ، اشتبكا في معركة ضارية ، فانكسر جيش العباس ، وقتل منهم كثير ، وأسر العباس ، وأسر معه نحو سبعمائة من أصحابه ، فلما كان من غد يوم الوقعة ، أحضر الجنابي الأسري ، وقتلهم جميعا ، ثم أمر بحطب فطرح عليهم وأحرقهم ، وأطلق قائدهم العباس ، وحمله رسالة إلي المعتضد ( الطبري 77/10 و78 ).

أقول : راجع نص الرسالة ، وتفصيل القصة ، في كتاب نشوار المحاضرة للقاضي التنوخي تحقيق المؤلف ج 4 ص 130 - 132 رقم القصة 62.

وقتل إبراهيم بن أحمد بن محمد بن الأغلب ، أمير إفريقية ( توفي سنة 289 ) كثيرة من أصحابه ، وحجابه ، ونسائه ، وقتل اثنين من أبنائه ، وثمانية من إخوته ، وقتل سائر بناته ، فعزله المعتضد ، فرحل إلي صقلية ، ومات بها ( الاعلام 22/1 ) .

أقول : اقتصر ابن الأثير 520/7 عند ذكر إبراهيم بن الأغلب هذا ، علي وصفه بسوء الأخلاق ، وقد تبسط ابن خلدون 203/4 و 204 في ذكر ما آرتكبه من جرائم ، وعلل ارتكابه لها بأنه أصيب بالماليخوليا ، وهذا هو أقرب تعليل لتصرفاته ، فإن الذي يقتل نساءه ، وأبناءه ، وبناته ، ورجاله وخدمه ، لا بد أن يكون مجنونة ، حتي إنه افتقد ذات يوم مندي" لشرابه ، فقتل بسببه ثلثمائة خادم .

ص: 311

وفي السنة 289 خلع محمد بن هارون ، قائد إسماعيل بن أحمد الساماني ، وبيض ( أي لبس البياض ، وهذا يعني الخروج علي الدولة العباسية التي كان شعارها السواد ) والسبب في ذلك إن أهل الري كاتبوه ، وسألوه المصير إليهم ليستولي عليها، لأن عاملهم أوكرتمش التركي ، أساء السيرة فيهم ، فقصدهم محمد ، وحارب أوكرتمش، وقتله ، وقتل آبنين له ، وقائد من قواد السلطان ، واستولي علي الري ( الطبري 88/10 و89).

وقتل المعتضد العباسي ( توفي سنة 289 ) ، أحد السودان ، لأنه أخذ عذقا من بسر ، وخلاصة القصة إن المعتضد خرج يوما فعسكر بباب الشماسية ( الصليخ ) ، ونهي أن يأخذ أحد من جنده شيئا من البساتين ، فأتي بأسود ، قد أخذ عذق من بسر ( البسر : التمر اذا لون ولم ينضج ) ، فأمر المعتضد بضرب عنقه ، فضربت عنقه ، ثم التفت المعتضد إلي أصحابه ، وقال : ويلكم ، أتدرون ما تقول العامة ؟ قالوا : لا ، قال : يقولون ، ما في الدنيا أقسي قلبأ من هذا الخليفة ، ولا أقل دينا منه ، لأن النبي ، قال : لاقطع في تمر ولا كثر ( الكثر : الجمار ) فما رضي هذا الخليفة أن يقطع في هذا ، حتي قتل ، والله ، ما قتل هذا الأسود بسبب هذا ، ولكن لي معه خبر طريفة ، استأمن هذا من عسكر الزنج ، إلي أبي الموقق ، فخلع عليه ، ووصله ، فرأيته يوما ، وقد نازع رجلا في شيء ، فضربه بفأس ، فقطع يده ، فمات الرجل ، فحمله الناس إلي أبي الموقق ، فأهدر دم المقطوع اليد ، وأطلق الأسود ، يتألف الزنج بهذا الفعل ، فاغتظث ، وقلت : تري أتمكن من قتل هذا الأسود ، وأنفذ حد الله عز وجل فيه ؟ فوالله ، ما وقعت عيني عليه إلا في هذه الساعة ، فقتلته بذلك الرجل ( المنتظم 136/5 ).

وفي السنة 289 أمر المعتضد عند موته بقتل عمرو بن الليث الصفار ، وكان في حبسه ، وكان لاحتضاره لا يطيق النطق ، فأشار إلي صافي ، بأن وضع يده علي رقبته وعلي عينه ، يعني إذبح الأعور ، فلم يفعل صافي

ص: 312

ذلك ، ثم ذبحه القاسم بن عبيد الله الوزير ( الطبري 88/10 ) .

وفي السنة 290 هرب من مدينة السلام ، القائد المستأمن أبو سعيد الخوارزمي ، وأخذ نحو طريق الموصل ، فكتب إلي عبد الله ، المعروف بغلام نون ، وكان يتقلد المعاون بتكريت والأعمال المتصلة بها إلي حد سامراء وإلي الموصل ، في معارضته وأخذه ، فعارضه عبد الله ، فخدعه أبو سعيد ، وفتك به فقتله ، ومضي نحو شهرزور ، حيث صاهر ابن أبي الربيع الكردي ، واتفقا علي حرب السلطان ، ثم قتل أبو سعيد بعد ذلك ( الطبري 98/10.

وفي السنة 292 بعث المكتفي إلي مصر جيش بقيادة محمد بن سليمان ، لاستئصال بني طولون ، فاستولي علي دمشق ، ثم قصد مصر واستولي عليها ، وذبح الأمراء بني طولون ، وكان عشرين إنسانأ ، هم وقوادهم ، ذبحوا بين يديه كما تذبح الشياه ، وأشخص من أبقي عليه منهم إلي بغداد ( خطط الشام 207/1 ).

وفي السنة 297 قتل العباس بن الحسن ، وزير المكتفي ، ووزير المقتدر من بعده ، قتله الحسين بن حمدان ، وقتل معه فاتك المعتضدي ، وسبب ذلك ، إن المتكفي لما ثقل في علته ، فكر الوزير العباس فيمن يقتضي أن يبايع بالخلافة من بعده ، وذاكر كبار رجال الدولة ، فأشاروا بابن المعتز، ووصفوه بالفضل والكفاية ، فأداره أبو الحسن علي بن محمد بن الفرات عن رأيه ، وأشار عليه باستخلاف جعفر بن المعتضد، وكان ما يزال صبية ، فقال له الوزير : إن جعفر صبي ، فقال : المصلحة في أن تستخلف من يسلم الأمر إليك ، ويدعك تدبره أنت ، فذلك خيرا من أن تستخلف من يباشر التدبير بنفسه ، وقد عرف دار هذا ، ونعمة هذا ، وبستان هذا ، وجارية هذا ، وفرس هذا ، فمال العباس الوزير إلي رأي ابن الفرات ، وقام بمبايعة جعفر بن المعتضد ، ولقب بالمقتدر بالله ، فاتفق محمد بن داود بن الجراح ،

ص: 313

أحد كبار الكتاب ، مع الحسين بن حمدان ، أحد كبار القواد ، علي إزالة أمر المقتدر بالله ، ونصب عبد الله بن المعتز مكانه ، ووافقا علي ذلك جماعة من القواد والكتاب والقضاة ، فركب الوزير العباس بن الحسن يوما يريد بستانه ، فأعترضه الحسين بن حمدان ، وقتله ، فصاح عليه فاتك المعتضدي ، فقتل فاتكأ ، واجتمع رجال الدولة ، في دار سليمان بن وهب ، بالمخرم ( العلوازية ) ، وهي الدار التي أصبحت من بعد ذلك دار الوزارة ، وحضر عبد الله بن المعتز ، من داره التي علي الصراة ، وبايعوا ابن المعتز بالخلافة ، ولقب المرتضي بالله ، واستوزر أبا عبد الله محمد بن داود بن الجراح ، وقلد من أراد تقليده من الكتاب ، ونفذت الكتب إلي الأمصار عن ابن المعتز ، ووجه إلي المقتدر لكي ينتقل من دار الخلافة ، فاجتمع القواد الذين مكثوا مع المقتدر ، وأجمع رأيهم علي محاربة أصحاب ابن المعتز، فأصعدوا إليهم ، ففزع أصحاب ابن المعتز ، وتهاربوا ، وتفرق شملهم ، وعادت الدولة إلي المقتدر ، وقبض علي وصيف بن صوار تكين ، وخطارمش ، ويمن ، وفاتك ، وجماعة ممن حضر مبايعة ابن المعتز ، وفيهم القاضي أبو عمر محمد بن يوسف ، والقاضي أبو المثني أحمد بن يعقوب والقاضي وكيع محمد بن خلف ، واعتقلوا جميعا في دار الخلافة ، ثم أسلموا إلي مؤنس الخازن ، الذي تولي الشرطة ، فقتلهم تلك الليلة ، سوي علي بن عيسي ، ومحمد بن عبدون ، والقاضي أبي عمر ، والقاضي محمد بن خلف ، وكان القاضي أبو المثني ، أول قاض قتل صبرة في الإسلام ، وكان قد بايع ابن المعتز ، فلما انتقض أمره ، أراده أصحاب المقتدر ، أن يقر علي نفسه بالخطأ، ويسلم ، فأبي ، وقال : إن المقتدر لصغر سنه لا يصلح للخلافة ، وأصر علي قوله ، فذبح ( راجع القصة مفصلة في كتاب الفرج بعد الشدة للقاضي التنوخي ، تحقيق المؤلف ، في القصة المرقمة 179) ولما فسد أمر ابن المعتز ، استتر وزيره محمد بن داود بن الجراح ، ثم خرج في إحدي الليالي ، فظفر به ، وتسلمه مؤنس الخازن ، فقتله ، وطرحه علي

ص: 314

الطريق ، فأخذه أهله ودفنوه ، واستوزر المقتدر ، أبا الحسن علي بن محمد بن الفرات ، فأحس ابن الفرات أن سوسن حاجب المقتدر ، يسعي في الوزارة لمحمد بن عبدون ، من كبار الكتاب ، فقتل سوسن من ليلته ، وأنفذ إلي محمد بن عبدون، من أسلمه إلي مؤنس الخازن ، فقتله ( تجارب الأمم 1302/1)

وفي السنة 296 فتح أبو عبد الله الشيعي ، مدينة سجلماسة ، وقبض علي صاحبها المنتصر أليسع بن ميمون بن مدرار ، وقتله . ( الاعلام 77/8)

وفي السنة 296 قتل اليقظان بن محمد بن أفلح الرستمي ، من أئمة الأباظيين بالجزائر ، قتله الفاطميون مع طائفة من أسرته ، وانتهت به الدولة الرستمية . ( الاعلام 274/9 ) .

وفي السنة 298 إلتمر أهالي سجلماسة بالأمير الكتامي إبراهيم بن غالب ، فثاروا عليه ، وقتلوه ، هو ومن كان معه من كتامة ( الاعلام 77/8)

وفي السنة 298 قتل المهدي عبيد الله الفاطمي ، داعيته أبا عبد الله الشيعي ، وأخا أبي عبد الله ، أبا العباس ، وكان قد بلغه أنه وأخاه يتآمران عليه ، فأمر بعض رجاله أن يقتلوهما ، ولما حملوا عليهما ، قال لهم أبو عبد الله الشيعي : لا تفعلوا ، فقالوا له : إن الذي أمرتنا بطاعته ، أمرنا بقتلك ، وقتلوهما ، ثم قتل المهدي من اتفق معهما . ( ابن الأثير 50/8-52)

وقتل الأمير علي بن أحمد الراسبي (ت 301) علي مائدة طعامه ، أحد الرؤساء الأكراد ، لما أقر بأنه قتل رجلا ظلم ، وخلاصة القصة إن الراسبي كان يتغذي ، وعلي مائدته خلق فيهم رجل من رؤساء الأكراد ، كان

ص: 315

يقطع الطريق ، واستأمن إلي الراسبي ، فأمنه ، وقدم علي المائدة حجل، فألقي الراسبي منه ، واحدة إلي الكردي ، كما يلاطف الرؤساء مؤاكليهم ، فأخذها الكردي وجعل يضحك ، فسأله الراسبي عن سبب ضحكه ، فقال : كنت أيام قطعي الطريق ، رأيت رجلا يسير وحده ، فسلبته ما كان معه ، وعريته من ثيابه فأخذتها ، ثم علوته بالسيف لأقتله ، فقال لي : إنك قد أخذت جميع ما عندي ، حتي عريتني من ثيابي ، فلماذا تريد قتلي ؟ فلم ألتفت إليه ، وأقبلت أقنعه بالسيف ، فتلقت كأنه يطلب شيئأ ، فأبصر حجلة قائمة ، فقال : يا حجلة اشهدي لي عند الله إنه يقتلني ظالمأ، فما زلت أضربه حتي قتلته ، فلما رأيت هذه الحجلة ، تذكرت حماقة ذلك الرجل ، فضحكت ، فلما سمع الراسبي ذلك ، انقلبت عيناه حردة ، وقال له : لا جرم إن شهادة الحجلة لا تضيع ، يا غلام اضرب عنقه ، فبار إليه الغلمان يخبطونه بسيوفهم ، فكأن رأسه قثاءة قطعت نصفين ، وتدحرج الرأس بين أيدي الطاعمين ، وجرت جثته ، ومضي الراسبي في الأكل ( راجع القصة مفصلة في كتاب نشوار المحاضرة واخبار المذاكرة للقاضي التنوخي ، تحقيق المؤلف ج 3 ص 208 - 210 رقم القصة 136/3)

أقول : الأمير علي بن أحمد الراسبي ، كان يتقلد جند يسابور والسوس وماذرايا إلي آخر حدودها، وكان يورد من ذلك ( يؤدي للدولة ) ألف ألف دينار وأربعمائة ألف دينار ، في كل سنة ، ولم يكن معه أحد يشركه في العمل من أصحاب السلطان ، لأنه تضمن الحرب والضياع والشحنة وسائر ما في عمله ، وكان واسع الصنيعة ، كثير الغلة ، وكان له ثمانون طرازة ينسج له فيها الثياب من الخير وغيره ، وتوفي في السنة 301 وخلف ثروة عظيمة ( صلة الطبري 23 ) .

وفي السنة 303 خرج جماعة من الأعراب علي قافلة الحجاج ، فآذوهم ، وحاربهم أبو حامد ورقاء المرتب علي الثعلبية لحفظ الطريق ، فقتل

ص: 316

منهم جماعة ، وأسر الباقين ، وأحضرهم إلي بغداد ، فأمر المقتدر بتسليمهم إلي صاحب الشرطة ليحبسهم ، ولكن العامة ثاروا بهم ، فقتلوهم ، وألقوهم في دجلة . ( ابن الأثير 95/8 ).

وفي السنة 306 قتل الحسين بن حمدان التغلبي ، عم الأمير سيف الدولة الحمداني ، وكان قد خرج عن طاعة المقتدر ، ثم عاد إلي الطاعة ، ثم عاود الخروج فحورب ، وأسر ، وحمل إلي بغداد في السنة 303 فحبسه المقتدر ، ثم قتله . ( الاعلام 254/2 - 255 ).

وفي السنة 309 فتح جيش العبيديين سجلماسة ، وقبض علي حاكمها أحمد بن ميمون وقتله ( الاعلام 77/8 ) .

وفي السنة 310 خرج ألياس بن إسحاق بن أحمد الساماني ، علي عمه نصر بن أحمد ، واستعان بمحمد بن الحسين بن مت ، فاجتمع له ثلاثون ألف عنان ، فقصد سمرقند، فسير إليه عمه نصر قوادة في ألفين وخمسمائة ، فكمنوا له كمينأ ، وفاجأوه ، فانهزم ، ووصل ابن مت إلي طراز ، فأخذه دهقان الناحية ، وقتله ، وأنفذ رأسه إلي بخاري ( ابن الأثير 133/8 ).

ولما حوكم الحلاج ، في مجلس يرأسه الوزير حامد بن العباس ، وكان متعبأ عليه ، أصدر الفقهاء حكما بقتله ، فامتنع المقتدر عن تنفيذ الحكم ، وألح حامد ، فكتب المقتدر ، بأن يسلم الحلاج إلي صاحب الشرطة ، وأن يضربه ألف سوط ، فإن تلف تحت الضرب ، وإلا ضربت عنقه ، فأخذه صاحب الشرطة لي ، بين جماعة من الساسة ليخفي أمره ، فإنه كان يخاف أن ينتزع من يده ، وأخرج في الصباح إلي رحبة مجلس صاحب الشرطة ، وهو في الجانب الغربي من بغداد ، في رأس الجسر ، وضرب ألف سوط ، ثم قطعت يده ، ثم رجله ، ثم يده ، ثم رجله ، وحر رأسه ، وأحرقت جثته ، فلما صارت رمادأ ألقيت في دجلة ، راجع تفصيل محاكمة الحلاج في كتاب نشوار المحاضرة للتنوخي ، رقم القصة 51/6 ج 6 ص 79 - 92 حيث

ص: 317

يتضح لمن يطالعها ، أن الحلاج لم يرتكب ذنبا يستوجب العقوبة فضلا عن القتل.

وفي السنة 311 أخذ شاكر ، خادم الحلاج ، وضربت عنقه ( النجوم الزاهرة 207/3 ).

ولما ور ابن الفرات للمقتدر ، وزارته الثالثة ، في السنة 311، اعتقل عبد الوهاب بن احمد بن ما شاء الله البيع ( يسمي الآن ببغداد البياع ) ، وحبسه ، ثم قتله ، فقال الناس : إن كان دم لا يطالب الله به ابن الفرات ، فهو دم ابن ما شاء الله ، ولمقتل هذا الرجل قصة وردت في كتاب الوزراء للصابي ( ص 239 - 237 ) قال : كان الفضل بن الحسن الواسطي ، يتولي بيع غلات أبي العباس وأبي الحسن ابني الفرات ، وكانت عظيمة ، لكثرة ضياعهما ، وزيادة آرتفاعهما ، فاتفق أن مات ، فأقاما مقامه عبد الوهاب بن أحمد بن ما شاء الله ، أحد غلمانه الرقاشين بين يديه ، وقدماه ، ورفعا منه ، ونوها بأسمه ، وأكسباه ما جزيلا ، فتأئلت به حاله ، وصرف أبو الحسن عن وزارته الأولي ، فخدم علي بن عيسي ، وباع غلاته ، فلما عاد أبو الحسن بن الفرات إلي الوزارة ثانية ، لم يؤاخذه بخدمة علي بن عيسي ، وأجراه علي رسمه في بيع غلاته ، وخاطب أبا عمر القاضي ، في قبول شهادته ، وإظهار عدالته ، وقبض علي ابن الفرات ، وتقلد حامد بن العباس ، وزارة المقتدر ، فلما صرف حامد، ووزر ابن الفرات الوزارة الثالثة ، قبض علي ابن ما شاء الله ، فأنفذ مفلح الأسود ، خادم المقتدر بالله ، وكانت له قدم متمكنة ، ومنزلة متقدمة ، ودالة قوية علي ابن الفرات ، لأنه قام بأمره ، عند عوده في هذا الوقت إلي الوزارة يسأله في بابه ، وحضر كاتبه برسالة في معناه ، فقال ابن الفرات : الأستاذ هو الصاحب ، وأمره الممتثل ، وأنت أيها الرسول المأمون ، لكنني أحضر ابن ما شاء الله ، وأواقفه بين يديك علي ما تسمعه ، فإن أردت بعد ذلك أن تأخذه ، سلمته إليك ، ولم أراجعك فيه ، ثم تقدم بإحضار ابن ماشاء الله ، فحضر يرسف في

ص: 318

قيوده ، فأمر بنزع الحديد عنه ، فنزع من وقته ، ثم قال له : اجلس ، فامتنع ، فكر عليه القول ، فجلس ، ثم أحلفه يمينا استوفاها عليه ، إنه يسمع ما يقول له ، ويجيب بما عنده ، من غير تقية ولا تورية ولا مواربة ، ومتي ذكر له ما فيه تزيد رده ، أو تعنت دفعه ، وناظره مناظرة النظير لنظيره ، من غير مراعاة لموضعه ، ولا أحتشام لمكانه ، فلما فرغ من ذلك ، قال له : ألم يكن الفضل بن الحسن الواسطي بيعي ، وبيع أبي العباس أخي ، وله الحال والجاه والمنزلة والوجاهة بمعاملتنا ، وتولي غلاتنا ، وكنت رفاشأ بين يديه ؟ قال : بلي ، قال : فلما مات ألم نصطنعك ، وقمك في خدمتنا مقامه ، ونرتبك الترتيب الذي شاع ذكرك به ؟ ومال الناس إلي معاملتك به ، من أبي الحسن علي بن عيسي خصمنا ، وغيره من أصحاب السلطان ، حتي كثر مالك ، وتريشت حالك ؟ قال : بلي ، قال : فلما سخط علي السلطان وانصرفت عما كنت أخدمه فيه ألم تعدل إلي أبي الحسن علي بن عيسي - وهو عدوي - تعامله وتداخله ؟ قال : بلي ، قال : ثم عدت إلي خدمة السلطان فهل واخذتك بذلك ، أو نقمته عليك ، أو عدلت في خدمتي عنك ؟ قال : لا ، قال : فهل أستعنا بك في نكبة ، أو حملناك من أمرنا كلفة ، أو حملت إلينا قط مراعاة أو ملاطفة ، أو فعلت ذلك مع أحد من أسبابنا ، في وقت استغناء أو حاجة ؟ قال : لا ، قال : أفلم نرفع من قدرك ، وألزمنا أبا عمر القاضي قبول شهادتك حتي زدت علي الأماثل من نظرائك ؟ قال : بلي ؟ ثم قال له المحسن إبنه ، وكان حاضرة : أما جئتك ليلة في سميرية ، ومعي خديجة بنت الفضل بن جعفر بن الفرات ، بنت عمي ، وزوجتي ، وثلاثون بدرة عينا نقلتها علي كتفي إلي المسجد المجاور لدارك بشارع الماديان ، وعلي قريب من سوق الطعام ، وأجلست المرأة تحفظ البدر ، وطرقت بابك متخفيا ، وعلي كنانة سوداء ، وبيدي طبرزين ، ودفعت الباب ففتحت لي جاريتك ، وهجمت عليك ، وأنت وحرمك في صفة دارك ، فارتعت ، وقلت : من أنت ؟ فلما تبينت وجهي ، قلت : سيدنا الوزير ؟ قلت : لست

ص: 319

الوزير ، أنا سرور خادم خديجة بنت الفضل بن جعفر ، أخرج معي وأبعد من معك عنك ، فخرجت ، ونقلنا البدر إلي دارك ، ومعها زوجتي ، وقلت لك : هذه خديجة بنت عمي ، وزوجتي ، وهي طالق مني ثلاثا بتاتا إن كان هذا المال لي أو لأبي ، بل هو ملكها ، وإرثها من أبيها ، وهو وديعة لها عندك ، وأمانة في عنقك ، لا تعط أحدا منه دينارة فما فوقه سواها ، فقلت : نعم ، وتسلمت البدر ؟ قال : نعم ، قال : أفلم أخاطبك بعد مدة من ذلك ، علي أن تقرضني من الجملة بدر تين ، فما فعلت ، وأعتذرت بما كان جري ، فعذرتك ، وقلت لك : إنما أعتبرتك وأختبرتك ؟ قال : نعم ، فقال له أبو الحسن بن الفرات : أفلم تحضر مع الشهود عند مصادرتنا ، وقد جمع الناس للكشف عن حالنا ، وبقية إن كانت بقيت من أموالنا ، ثم انتهي الأمر يومئذ إلي استحلافنا، فحلفنا - أنا والمحسن إبني - بالأيمان المغلظة السلطانية المشتملة علي الطلاق والعتاق وصدقة المال ، انه لم يبق لنا موجود ، ولا مذخور ، ولا مودوع ، وأقسمنا بعد القسم بالله ، بحق رأس أمير المؤمنين علي مثل ذلك ، وأحللناه من دمنا ، إن كنا كاذبين ؟ قال : نعم ، قال : أفلم تسمع اليمين وأنت تعلم اننا صادقان فيها ، بخروج ما عندك عما نملكه مع ما قاله لك المحبين في أمره إنه لزوجته من دونه ودون غيره ، وإنه مال ورثته عن أبيها ، ما استفادته منا ، قال : نعم ، قال : أفلم تقم في ذلك المجلس ، مع علمك ما تعلم ، وقلت : كذب ، له عندي ثلاثون بدرة عين أو دعنيها ابنه المحن ؟ ولو لم نبلغك ما بلغناك ونقدمك من منزلة الشهود إلي ما قدمناك ، لما حضرت ذلك المجلس ، ويا ليتك ، لما فعلت ما فعلت ، صدقت عن باطن الأمر ، فقد كان يسعك أن تعطي ما أعطيت ، وتسلم ما سلمت ، بعد أن تذكر ما جري بين المحسن وبينك .

فلما سمع كاتب مفلح ، من قول ابن الفرات لابن ما شاء الله ما قال ، واعترافه له بجميع ذلك ، نهض ، وقال : أستودع الله الوزير ، وانصرف .

ص: 320

وأمر الوزير برد ابن ما شاء الله إلي محبسه ، ثم قتله .

وقال الناس : إن كان دم لا يطالب الله بن ابن الفرات ، فدم ابن ما شاء الله ( الوزراء 234 - 237 ).

وفي السنة 312 سلم المحسن بن الفرات إلي أحد أتباعه ، جماعة من العمال والكتاب والتجار ، فيهم النعمان بن عبد الله ، وعبد الوهاب بن ما شاء الله ، ومؤنس خادم حامد ، فأظهر انه يطالبهم بما بقي عليهم من مبالغ المصادرة ، فلما حصلوا في يده ذبحهم ذبح الغنم . (تجارب الأمم 123/1)

وفي السنة 312 قتل محمد بن خزر الزناتي ، مصالة بن حبوس المكناسي ، من أكبر قواد عبيد الله المهدي ، وولي للمهدي علي تاهرت والمغرب الأوسط، واستولي علي فاس وسجلماسة . ( الاعلام 128/8 ).

وفي السنة 315 نشبت معركة ضارية بين أبي طاهر القرمطي ، والجيش العباسي بقيادة يوسف بن أبي الساج ، فانكسر الجيش العباسي ، وأسر يوسف جريحا ، فقتله . ( ابن الأثير 170/8 - 173).

وفي السنة 316 كان أسفار بن شيرويه الديلمي ، قد ملك الري ، وطبرستان وجرجان ، وقزوين ، وزنجان ، وأبهر ، وقم ، والكرج ، وعظمت جيوشه ، فطغي وتجبر ، وقرر أن يجعل لنفسه تاجأ ، وأن ينصب لنفسه بالري سريرة من الذهب ، وبطش بأهل قزوين ، وأخذ أموالهم ، وعذبهم ، وقتل كثيرة منهم ، وعسفهم عسفا شديدا ، حتي إنه سمع المؤذن يؤذن ، فأمر به فألقي من أعلي المنارة إلي الأرض ، فاستغاث الناس من شره وظلمه ، وخرج أهل قزوين بأجمعهم ، إلي الصحراء ، رجا" ، ونساء ، وولدانا ، يتضرعون إلي الله ، ويدعون عليه ، ويسألون الله كشف ما بهم ، فبلغه ذلك ، فضحك منهم ، وشتمهم ، وكان قد بعث أحد قواده مرداويج ، إلي سلار صاحب

ص: 321

شميران الطرم ، يدعوه إلي طاعته ، فاتفق مرداويج مع سلار ، علي محاربة أسفار ، وتخليص الناس مما يلاقون من الجهد والبلاء من حكمه ، وكتب مرداويج إلي جماعة من القواد الذين يثق بهم من جماعة أسفار ، يعرفهم ما اتفق عليه هو وسلار ، فأجابوه ، وكانوا قد سئتموا حكم أسفار لظلمه وجوره ، حتي أن مطرف بن محمد ، وزير أسفار ، وافقهم علي التخلص منه ، فلما قصده مرداويج وسلار ، ثار به جنده ، فهرب منهم في جماعة ، وركب المفازة ، يريد قلعة ألموت ، حيث أمواله وذخائره ، وبلغ مرداويج خبره ، فخرج في أثره ، وقدم بعض قواده بين يديه ، فلحقه ذلك القائد وقد نزل يستريح ، فسلم عليه بالإمرة ، فقال له أسفار : لعل خبري قد اتصل بكم ، وأرسلوك في طلبي ، قال : نعم ، فبكي أصحابه ، فأنكر عليهم أسفار ذلك ، وقال لهم : بمثل هذه القلوب تتجندون ؟ أما علمتم أن الولايات مقرون بها البليات ، ثم أقبل علي القائد وهو يضحك ، وسأله عن قواده الذين أسلموه وخذلوه ، فأخبره بأن مرداويج قتلهم ، فتهلل وجهه ، وقال : كانت حياة هؤلاء غصة في حلقي ، وقد طابت نفسي الآن ، فحمله القائد إلي مرداويج ، فلما راه ، نزل إليه وذبحه ( ابن الأثير 193/8 - 195 ) .

ولما عزل المقتدر ، في السنة 317 ونصب أخوه القاهر خليفة ، حضر قسم من الجند بعد يومين من بيعة القاهر ، يطالبون بمال البيعة ، واقتربوا من مجلس القاهر ، فخرج إليهم نازوك ، وكانت إليه الشرطة والحجابة ، فشهروا عليه السلاح ، فولي منهم ، فعدوا خلفه ، وقتلوه وقتلوا غلامه عجيبأ ، وصاحوا : مقتدر ، يا منصور ، وصلبوا نازوك وعجيبة علي خشب الستارة التي علي شاطيء دجلة ، وأعادوا المقتدر إلي الخلافة . ( تجارب الأمم 196و 195/1).

وفي السنة 321 احتال القاهر ، علي القواد مؤنس ويلبق وولده علي فاعتقلهم ، ثم دخل علي علي بن يلبق ، وأمر به فذبح أمامه ، وآحت رأسه ،

ص: 322

فوضعوه في طشت ، ومضي القاهر والطشت يحمل بين يديه ، حتي دخل علي يلبق ، فوضع الطشت بين يديه ، وفيه رأس ولده ، فلما رآه بكي ، فأمر به القاهر فذبح أيضا ، وجعل رأسه في الطشت ، وحمل بين يدي القاهر ، ومضي حتي دخل علي مؤنس ، فوضع الطشت بين يديه ، فلما رأي الرأسين ، استرجع ، وتشهد ، فقال القاهر : جوا برجل الكلب الملعون ، فجروه ، وذبحوه ، ووضعوا رأسه في الطشت ، وطيف بالرؤوس في بغداد . ( ابن الأثير 260/8 و261).

أقول : الطشت بالشين ، لغة في الطست بالسين .

وفي السنة 321 اتهم مرداويج ، وزيره مطرف بن محمد ، بأنه مال إلي جانب السامانية ، فقتله ( ابن الأثير 263/8 ).

وفي السنة 322 قتل الراضي ، الحسين بن القاسم بن عبيد الله بن سليمان بن وهب ، وكان سبب ذلك إن الحسين بن القاسم سبق أن وژر في السنة 319 للمقتدر ، فخاصم مؤنسأ ، وأوقع في قلب المقتدر أن مؤنسأ يحاول خلع المقتدر ، ويحاول أن يأخذ أبا العباس أحمد بن المقتدر ( الراضي فيما بعد ) من داره بالمخرم ويسير به نحو الشام ، فيبايعه هناك ، فرد المقتدر ولده أبا العباس أحمد إلي دار الخلافة ، وعلم أبو العباس بالسبب ، فحقدها علي الحسين ، فلما ولي الخلافة ، وتبين من محاكمة ابن الشلمغاني ، الذي أنشأ ديانة جديدة ، أن الحسين من أتباعه ، وكان الحسين بالرقة ، فأنفذ الراضي إليه من قتله ، وحمل رأسه إلي بغداد ( ابن الأثير 232/8 و 294 ) .

وفي السنة 322 اشتبك عماد الدولة بن بويه ، مع القائد ياقوت ، وياقوت علي رأس جيش عباسي ، بقرب شيراز ، وكان من سعادة عماد الدولة أن جماعة من أصحابه استأمنوا إلي ياقوت ، فحين رآهم ياقوت ، أمر بضرب رقابهم ، فأيقن أصحاب عماد الدولة أنه لا أمان لهم عند ياقوت ، فاستقتلوا ،

ص: 323

وكسب عماد الدولة المعركة ، وانفل الجيش العباسي ، وانهزم ياقوت ، ووجدوا في مخلفات ياقوت ، برانس لبود عليها أذناب الثعالب ، وقيودا وأغلالا ، فسألوا عنها أصحاب ياقوت ، فقالوا : إن هذه أعدت لكم لتجعل عليكم ، ويطاف بكم في البلاد ، فأشار أصحاب عماد الدولة عليه أن يفعل بهم مثل ذلك ، فامتنع ، وقال : إنه بغي ، ولؤم ظفر ، ثم أحسن إلي الأساري وأطلقهم ، وخيرهم بين المقام عنده ، أو اللحاق بياقوت ، فاختاروا المقام عنده ، فخلع عليهم ، وأحسن إليهم ، واستولي علي شيراز ( ابن الأثير 275/8 و 276 ) .

وفي السنة 322 قتل هارون بن غريب الخال ، وغريب هو خال المقتدر ، وكان سبب قتله إنه لما استخلف الراضي ، وجد هارون إنه أحق بالدولة من غيره ، لقرابته ، وإنه ابن خال المقتدر ، فكاتب القواد ببغداد يعدهم الإحسان والزيادة في الأرزاق ، وسار من الدينور يريد خانقين ، فانزعج القواد في بغداد ، وشكوه إلي الراضي ، فأذن لهم في منعه ، فراسلوه ، وبذلوا له طريق خراسان ، زيادة علي ما في يده من الأعمال ، فلم يقنع ، وتقدم إلي النهروان ، وشرع في جباية الأموال ، فخرج إليه محمد بن ياقوت القائد ، وكانت إليه حجية الخليفة ، في جيش بغداد ، فاصطدم الجيشان ، وكانت الكفة الراجحة لجند هارون ، وسار محمد بن ياقوت ليقطع قنطرة نهربين ، وهي في طريقه إلي بغداد ، فبلغ ذلك هارون ، فسار نحو القنطرة منفردة من أصحابه ، طمعا في قتل محمد بن ياقوت ، أو أسره ، فتقنطر به فرسه ، فسقط في ساقية ، فلحقه غلام له اسمه يمن ، فضربه بالطبرزين حتي أثخنه ، وكسر عظامه ، ثم نزل إليه فذبحه ، ثم رفع الرأس وكبر ، فانهزم أصحابه وتفرقوا ، وقتل جماعة من قواده ، وأسر جماعة ، ودخل محمد بن ياقوت بغداد ورأس هارون بين يديه ، ورؤوس جماعة من قواده ، فنصب بغداد ( ابن الأثير 288/8 و 289 ) .

ص: 324

وفي السنة 331 استقدم الأمير نوح الساماني ، محمد بن أحمد النسفي البردهي ، وكان قد طعن فيه عنده ، فقتله ، وصلبه ، فسرق من الجذع ، ولم يعلم من سرقه ( ابن الأثير 404/8 ) .

وفي السنة 332 صار محمد بن ينال الترجمان إلي سيف الدولة ، وهو بالرقة ، فعاتبه سيف الدولة علي أشياء بلغته عنه ، وكان اتهم بأنه عقد الرئاسة لنفسه علي العجم ، وواطأ المتقي علي الإيقاع بسيف الدولة ، فجحد محمد بن ينال ذلك ، فلما خرج من حضرته بعد العتاب ، وثب به غلمان سيف الدولة ، فقتلوه بسيوفهم ( تجارب الأمم 55/2 ).

وفي السنة 332 قتل أبو عبد الله البريدي ، أخاه أبا يوسف البريدي ، وكان أبو عبد الله عظيم البذل للمال ، بخلاف أبي يوسف فإنه كان جماعة للمال ، مقتصدة في الصرف ، وكان أبو عبد الله كلما احتاج إلي مال ، وطلب من أبي يوسف أن يقرضه ، خاشنه أبو يوسف ، وعيره بالتبذير ، واحتاج أبو عبد الله مرة إلي مال ، فبعث إليه علي سبيل الرهن ، جوهرة كان بجكم قد أعطاه لسارة ابنة أبي عبد الله البريدي لما تزوجها ، فأحضر أبو يوسف الجوهرية ، وأراهم الجوهر لتقدير ثمنه ، فلما أثنوا علي الجوهر ، خاشنهم أبو يوسف وقال لهم إنه لا يساوي أكثر من خمسين ألف درهم ، وبعث إلي أخيه خمسين ألف درهم ، وحفظ الجوهر في حوزته ، فدمعت عينا أبي عبد الله ، وعدد ما فعله مع أخيه أبي يوسف من الإحسان ، فلما كان من الغد ، أقام غلمانه في طريق مسقوف بين داره والشط ، وأقبل أخوه أبو يوسف من الشط ، فدخل في ذلك الطريق ، فثاروا به ، فقتلوه ، وهو يصيح : يا أخي ، يا أخي ، قتلوني ، وأخوه يسمعه ، ويقول : إلي لعنة الله ، حتي قتلوه ( ابن الأثير 409/8 و410) .

وفي السنة 333 ضربت عنق طاهر الهاشمي ، من ولد إبراهيم الإمام ، وابن السوسي الحجري ( من الغلمان الحجرية ) ، بحضرة الحسين ، أي في

ص: 325

الساحة بمقبرة الحسين الحلاج ، وصلبوا هناك ، وضربت أيضا عنق ممراح اليلبقي ، أي من أتباع يلبق القائد التركي الذي قتله القاهر ، وكان ممراح يكبس المنازل ويقطع الطريق في السماريات ، والسمارية من وسائل الانتقال في الماء ( العيون والحدائق ج 4 ق 2 ص 157 ) .

وفي السنة 333 قدم أبو الحسين البريدي ( ثالث الأخوة البريديين )، بغداد ، مستأمنا إلي توزون ، فأمنه ، وأكرمه أبو جعفر بن شيرزاد وزير توزون ، وطلب أن يعان علي ابن أخيه الذي استولي علي البصرة ، فأنفذ ابن أخيه مالا إلي توزون وابن شيرزاد ، فأنفذوا له الخلع ، وأقروه علي عمله ، فلما أيس أبو الحسين من البصرة ، عمل علي أن يحل عند توزون ، محل ابن شيرزاد ، وعلم ابن شيرزاد بذلك ، فقبض عليه وقيده ، وعذبه ، وضربه ضربا عنيفا ، وأحضر له فتوي كانت قد صدرت أيام ناصر الدولة بإباحة دمه ، وأحضر الفقهاء، وتليت الفتوي أمامهم ، ثم قطعت عنقه ( ابن الأثير 442/8)

وحضر أبو القاسم عبد الله بن محمد بن الحسين العبقسي ، مجلس صاحب الشرطة بنصيبين ، وقد أحضر أمامه سبعة من اللصوص قاطعي الطريق ، فشهد لثلاثة منهم ، فخلصهم من العقوبة ، وأطلقوا ، وضربت أعناق الباقين ، راجع تفصيل ذلك في كتاب نشوار المحاضرة وأخبار المذاكرة اللقاضي التنوخي ج 5 ص 254 - 258 رقم القصة 132 .

واعترف فتي بغدادي ، من أولاد الجند ، بأنه قتل فتاة بغدادية وصاحبها الأسود ، ودلالة عجوزة ، لأنهم أرادوا قتله ، وحاز الألوف مما وجده عندهم من أموال ، راجع تفصيل ذلك في كتاب نشوار المحاضرة للتنوخي ج 5 ص 259 - 264 رقم القصة 133 .

وفي السنة 334 خرج أبو علي بن محتاج ، علي أميره نوح

ص: 326

الساماني ، صاحب خراسان وما وراء النهر ، واستولي علي عدة مدن ، منها مرو ، وولي عليها أبا أحمد محمد بن علي القزويني ، فبعث الأمير نوح ، قائده منصور بن قراتكين إلي مرو ، فخرج إليه القزويني مستسلمة ، فأكرمه ، وسيره إلي بخاري ، مع ماله وأصحابه ، فأكرمه الأمير نوح ، وأحسن إليه ، إلا إنه وكل به ، يعني إنه . وضعه تحت المراقبة الدقيقة ، فظفر في بعض الأيام ، برقعة كتبها القزويني ، بما أنكره ، فأحضره ، وبكته بذنوبه ، ثم قتله ، ( ابن الأثير 461/8 و462) .

وفي السنة 335 كان جنود الدولة السامانية ، قد أزعجهم محمد بن أحمد الحاكم ، المتولي للأمور لسوء سيرته ، فقالوا لأميرهم نوح الساماني ، صاحب خراسان وما وراء النهر ، إن الحاكم أفسد عليك الأمور بخراسان ، وأحوج أبا علي إلي العصيان ، وأوحش الجنود ، وطلبوا تسليمه إليهم، وإلا ساروا إلي عمه فأمروه ، فأسلمه إليهم ، فقتلوه ( ابن الأثير 9/8 و4 ).

وفي السنة 349 غزا سيف الدولة الروم في ثلاثين ألفا ، وعند عودته ، أخذ عليه الروم الدروب ، وسدوا طريقه ، وكان مع سيف الدولة أربعمائة أسير من الروم ، فضرب أعناقهم ، ونجا في ثلثمائة من أصحابه ، واستباح الروم بقية الجيش ، وقتل منهم كثير ( خطط الشام 219/1 ) .

وفي السنة 349 ظهر بأذربيجان ، رجل من أولاد عيسي بن المكتفي ، تلقب بالمستجير بالله ، ولبس الصوف ، وأظهر العدل ، وأمر بالمعروف ، ونهي عن المنكر ، وكثر أتباعه ، فقصده جستان وابراهيم ولدا المزربان ، فلما التقوا ، انهزم أصحاب المستجير ، وأسر ، فقتل ( ابن الأثير 529/8 و 530 ) .

وفي السنة 353 خرج نجا غلام سيف الدولة ، علي سيده ، واستولي علي أكثر بلاد أرمينية ، وأعلن عصيانه ، وكاتب معز الدولة ، ووعده المعاضدة والمساعدة علي مواليه الحمدانيين ، فقصده سيف الدولة بجيش ،

ص: 327

فقر نجا منه ، ثم استأمن إليه ، فأحسن إليه سيف الدولة ، وأعاده إلي مرتبته ، ثم إن غلمان سيف الدولة ، وثبوا بنجا في السنة 354 فقتلوه بين يديه ، فغشي علي سيف الدولة ، وأخرج نجا ، فطرح في مجري الماء والأقذار ، ثم أخرج ودفن ( ابن الأثير 551/8 و 552).

وفي السنة 359 قتل الأمير سليمان بن محمد، من بني ألياس ، صاحب كرمان قتله البويهيون ( معجم انساب الأسر الحاكمة 327) .

وفي السنة 359 قبض الوزير أبو الفرج بن فسانجس ، علي سلفه الوزير أبي الفضل الشيرازي ، وعلي أسبابه ، فصادرهم ، وقتل بالعذاب صهرة لابي الفضل إسمه ابراهيم بن محمد ( تجارب الأمم 264/2 ).

وفي السنة 360 هلك أبو طاهر الحسين بن الحسن عامل البصرة ، وكان ذاشهامة وكفاية وتهور ، فطمع في الوزارة ، وحاول إرضاء بختيار بالمرافق والأموال ، فصادر الناس ، وبسط يده في القبض علي التجار والعوام واستخرج منهم أموالا كثيرة ، وأحس الوزير أبو الفضل الشيرازي بأنه طامع في الوزارة ، فكتب إلي بختيار يعرفه أنه قد أخرب البصرة وأفسد نيات أهلها ، وأنهم عرب لا يتحملون ما يتحمله غيرهم ، وما دامت أموالهم قد حصلت ، فالصواب يقضي بإرضائهم بالقبض علي هذا العامل ، والاستبدال به ، فأمر بالقبض عليه ، فقبض الوزير عليه وعلي أخيه والمتصلين به حتي زوجته ، وعياله وأقاربه ، وأسبابه كلهم وكان العامل من أهل الشر ، فكثر خصماؤه ، فعسفه علي بن الحسين خلفه في عمالة البصرة ، وسلمه إلي مستخرج كان قد وتره ، فنالته منه مكاره عظيمة ، خاف معها أن يسلم فيكون بواره علي يده ، فأتي علي نفسه ، ثم ألحق به أخاه ، وأقاربه ، وزوجته ، فأتلف الجماعة بأسرها ، وعقي آثارها . ( تجارب الأمم 293/2 - 299 ).

وفي السنة 361 سار محمد بن هانيء الأندلسي الشاعر مع المعز

ص: 328

العلوي قاصدا مصر ، فلما وصل إلي برقة ، رؤي ملقي علي جانب البحر قتيلا لا يدري من قتله . ( ابن الأثير 621/8 ).

وفي السنة 361 اجتمع عوام بغداد ، علي صاحب شرطة بختيار ، واسمه خمار ، فحملوا عليه ، وقتلوه خفقا بالسيوف واللتوت ، وفضلوا جثته آراب ، حتي أخذ كبده بعض السفهاء، وقلبه آخر ، وكل جارحة منه ، وجدت في يد سفيه ، ثم أحرقوا باقي جثته بالنار . ( تجارب الأمم 305/2 و306).

وفي السنة 361 قتل الخير بن محمد بن محمد بن خزر ، الملقب بالمنتصر ، من سلاطين المغرب الأوسط ، وهو من بني مغراوة ( معجم أنساب الأسر الحاكمة 112).

وفي السنة 363 قصد القرامطة مصر ، في جمع عظيم ، فصمد لهم المعز لدين الله ، وحاربهم ، فانكشفوا ، وفروا ، واستولي المعز علي المعسكر القرمطي ، وأسر من القرامطة نحو ألف وخمسمائة أسير ، فضرب أعناقهم ( ابن الأثير 323/2).

وفي السنة 363 خشي ابن بقية وزير بختيار ، علي منصبه ، أن يخلفه عليه محمد بن أحمد الجراجرائي ، لأنه وجده قد خفت علي قلب بختيار ، فأرسله إلي البصيرة في مهمة ، ثم كتب إلي وكيل له بالبصرة ، أن يقبض عليه ، فاعتقله ، وأحدره إلي واسط ، وكتب ابن بقية إلي عامله علي واسط ، فتسلمه ، ومكث عنده أياما ، وقتله ، وأظهر أنه أعتل ومات . ( تجارب الأمم 323/2)

وقبض الأبزاعجي ، صاحب شرطة بغداد ، في عهد معز الدولة البويهي ، علي ملاح غرق امرأة وإبنتيها، من أجل الإستيلاء علي حليها، والعبث بها ، فأمر به ، فقطعت يداه ، ورجلاه ، ثم قطعت عنقه ، وأحرق

ص: 329

جسده بالنار، راجع القصة مفصلة في كتاب نشوار المحاضرة للتنوخي ، رقم القصة 141/3 ج 3 ص 214 - 220 .

وفي السنة 366 هاجم سجلماسة ، خزرون بن فلفول ، من رؤساء مغراوة ، وانتصر علي المعتز بالله أبي محمد بن الشاكر لله محمد ، وقتله ، وبعث برأسه إلي قرطبة ، وبقتله انتهي أمر بني مدرار . ( الاعلام 78/8 ).

وبعث العزيز الفاطمي بمصر ، إلي كتامة بالمغرب ، داعيا يقال له : أبو الفهم الحسن بن نصر ، يدعوهم إلي طاعته ، ويطلب أن تميل كتامة إليه ، وترسل إليه جندة يقاتلون المنصور الصنهاجي المستولي علي إفريقية ، فدعاهم أبو الفهم ، وكثر من تبعه منهم ، فعزم المنصور علي قصده ، فكتب العزيز إلي المنصور يحذره من ذلك ، فلم يستمع المنصور ، وتجهز لحرب كتامة ، وقاتلهم ، فهزمهم ، وهرب أبو الفهم إلي جبل وعر ، والتجأ إلي قوم من كتامة يقال لهم : بنوا إبراهيم ، فأرسل إليهم المنصور يهددهم ، فقالوا : لا نسلم ضيفنا ، فأرسل ، فأخذه قسرا ، وضربه ضربا شديدا ، ثم قتله ، وسلخه ، وأكلت صنهاجة وعبيد المنصور لحمه ( ابن الأثير 54/9 ).

وفي السنة 367 نشبت معركة بين بختيار البويهي ، وابن عمه عضد الدولة ، بقصر الجص ، بنواحي تكريت ، فأسر بختيار ، وحمل إلي عضد الدولة ، فأمر بقتله ، فقتل ( ابن الأثير 691/8 ) .

وفي السنة 368 قتل مروان بن عبد الرحمن بن مروان بن عبد الرحمن الناصر ، بالأندلس ، أباه عبد الرحمن بن مروان ، وسبب القتل أنه كان يتعشق جارية رباها أبوه معه ، ثم استأثر بها أبوه ، فاشتدت غيرته ، وقتل أباه فسجنه المنصور بن أبي عامر ست عشرة سنة ، ثم خرج من السجن ، فعاش ست عشرة سنة ، وتوفي سنة 400 ، وكان في ملاحة الشعر وحسن التشبيه ، في بني أمية ، كابن المعتر في بني العباس . ( الاعلام 96/8 ).

ص: 330

وفي اسنة 369 وقعت الحرب بين أبي تغلب ، وبين الفضل وابن الجراح ، بالرملة ، فأصابت أبا تغلب ضربة علي رأسه ، وعرقب فرسه ، فسقط إلي الأرض ، فأسره ابن الجراح ، وسيره علي ناقة ، وقد شد رجليه بسلسلة إلي بطنها ، فأراد الفضل أن يأخذه منه ، فبادر ابن الجراح ، وأناخ الناقة ، وضرب أبا تغلب بسيفه فقتله . ( تجارب الأمم 403/2 ) .

وفي السنة 370 كان عضد الدولة ، قد خلع علي بدر بن حسنويه ، وأمره مكان أبيه ، فحسده أخواه عاصم وعبد الملك ، وخرجا عليه ، فسير إليهما عضد الدولة جيشأ أوقع بعاصم ، وأسره، وقتل أولاد حسنويه ، إلا بدرا . ( ابن الأثير 5/9 و6 ).

وفي السنة 372 اعتقل الحاجب المنصور، إبن أبي عامر ، الوزير جعفر المصحفي ، وصادر أمواله ، ثم قتله ، وبعث بجسده إلي أهله . ( الاعلام 119/2)

وفي السنة 372 قتل أبو علي الحسن بن بشر الراعي ، عامل نصيبين ، وكان ظالما شريرة ، لما بلغ الناس خبر وفاة عضد الدولة ، إذ هاجمه أهل البلد ، للفتك به ، فخرج في لباس امرأة ، وغمز عليه فأخذ وقتل ، وكان الراعي هذا ، نصرانية من أهل رأس عين صحب بني حمدان ، وأسلم ، وفر إلي بغداد ، فقلده ابن بقية الوزير واسط ، ثم استخلفه ببغداد ، وفي السنة 366 قتل عددا من الناس بأمر من الوزير ابن بقية ، ولما اعتقل بختيار وزيره ابن بقية ، اعتقل الراعي معه ، ثم سمله ( تجارب الأمم 8/2 و3 و 359 و 369 وذيل تجارب الأمم 83).

وفي السنة 372 لما توفي عضد الدولة ببغداد ، كان ولده شرف الدولة شيرزيل بكرمان ، فلما بلغه خبر وفاة أبيه ، سار مجدأ إلي فارس فملكها، وقبض علي نصر بن هارون النصراني ، وزير أبيه ، فقتله ، لأنه كان يسيء صحبته أيام أبيه ( ابن الأثير 23/9 ) .

ص: 331

وفي السنة 375 تحرك أبو الحسين بن عضد الدولة ، بأصبهان ، وأراد الاستيلاء عليها ، فاعتقله أبو العباس الضبي ، وقيده ، وحبس في قلعة ببلاد الديلم ، ولما اشتدت العلة بفخر الدولة ، أنفذ إليه من قتله في السنة 387، ووجدوا مكتوبة في حبسه من نظمه : ( ذيل تجارب الأمم 122 و123).

هب الدهر أرضاني ، وأعتب صرفه**** وأعقب بالحسني وفك من الأسر

فمن لي بأيام الشباب التي مضت**** ومن لي بما قدفات في الحبس من عمري

وفي السنة 377 جهز شرف الدولة البويهي عسكر كثيفا بقيادة قراتكين الجهشياري وهو مقدم عسكره وكبيرهم ، لقتال بدرين حسنويه ، فعاد قراتكين منكسرة ، فقبض شرف الدولة عليه ، وقيده ، ثم قتله في يومه ( ابن الأثير 52/9 و53 وذيل تأارب الأمم 140).

وفي السنة 379 قتل أبو الفضل بن أبي مكتوم ، وزير الأمير أبي علي البويهي ، بأرجان ، قتله القائد التركي البكي ، وكان قد قدم أرجان ، فخرج الأمير والوزير لاستقباله ، فتقدم جند أتراك من الوزير ، وجوه إلي حيث ذبحوه ، ثم جاء البكي إلي الأمير وأعتذر إليه ، بأنه وقف علي سوء نية الوزير ، فقتله ، فلم يجد الأمير بدأ من السكوت . ( ذيل تجارب الأمم 161 و162).

وفي السنة 379 قبض بهاء الدولة البويهي ، علي تحرير الخادم واعتقل في الخزانة ، أي في دار الإمارة ، ثم خير فاختار أن يعتقل في دار أبي جعفر الحجاج ، ثم ألح الحسين الفراش ، فأذن له بهاء الدولة بأن ينقله إلي داره ( دار الحسين ) ويعتقله فيها، فنقله إلي داره ، وقتله في الحبس . ( ذيل تجارب الأمم 154 - 157 ).

وفي السنة 379 خرج إنسان من كتامة يقال له أبو الفرج ، واتخذ البنود والطبول ، وضرب السكة ، وجرت بينه وبين المنصور بن يوسف بن بلكين

ص: 332

وقائع عديدة ، فسار إليه المنصور في عساكره ، فانهزم أبو الفرج ، وقتل من كتامة مقتلة عظيمة ، واختفي أبو الفرج في غار في جبل ، فوثب عليه غلامان له ، فأخذاه إلي المنصور ، فقتله ( ابن الأثير 67/9 ).

وفي السنة 380 قبض علي أبي الفرج محمد بن أحمد ، المعروف بابن الزطي ، صاحب المعونة ببغداد ، وكان ظالما شريرة ، وتر الناس ، وعرف بكثرة المال فقبض عليه ، واعتقل بالخزانة ، وكرر الضرب عليه أياما ، ثم ضمنه أبو القاسم الشيرازي بألف ألف وخمسمائة ألف درهم ، وقال : إن المال لا يصح وهو حي ، يخافه أصحاب الودائع ، فقتل ، وحمل رأسه إلي المعلم ، فأنفذه إلي محمد بن مكرم ، فوضعه في دهليزه ليراه الناس . ( ذيل تجارب الأمم 179 - 181 ).

وكان بكجور ، مولي قرغويه غلام سيف الدولة ، علي حمص ، في السنة 372 ولاه عليها أبو المعالي ابن سيف الدولة الحمداني ، فعصي عليه ، وكاتب العزيز الفاطمي ، فولاه دمشق ، فأساء السيرة فيها ، فعزله ، فحارب العزيز ، ولكنه آنكسر ، وتوجه إلي الرقة ، وراسل بهاء الدولة البويهي الينضم إليه ، وكاتب كذلك باد الكردي المتغلب علي ديار بكر ، وراسل في الوقت عينه سعد الدولة أبا المعالي ، بأن يعود إلي طاعته ، ويعيد إليه حمص ، فرفضه جميع الذين كاتبهم ، وبقي في الرقة ، فكاتب العزيز يغريه بالإستيلاء علي حلب ، فوافقه العزيز في الظاهر ، وكتب إلي والي طرابلس أن يعينه بالعساكر ، وكتب سيرا إلي والي طرابلس ، أن يترك بكجور حتي يتورط مع سعد الدولة ، ثم يتخلي عنه ، وتم الأمر علي ذلك ، فإن بكجور قصد حلب ، وأغتر بوعد والي طرابلس أن ينجده بالعساكر ، فلما نشبت المعركة بين بكجور وسعد الدولة ، انكسر بكجور ، وتفرق عنه أصحابه ، فأخذه أحد الأعراب وحمله إلي سعد الدولة ، فأمر بقتله ، فقتل ، وكان قتله في السنة 381 ( ابن الأثير 17/9 و 18 ، 58 و85-87 ) .

ص: 333

وفي السنة 381 قتل الحاكم الفاطمي ، أرجوان الخادم ، وكان أرجوان يأخذ الحاكم بالسلوك الحسن ، وينصحه ، ويصده عن التبذير ، فضجر منه ، وكان ريدان الصقلبي، أحد خدم الحاكم ، يغريه بأرجوان ، فأمر ريدان أن يقتله إذا ساروا في البستان ، ولما جاء أرجوان ، دخلوا إلي البستان ، ومشي الحاكم وأرجوان خلفه ، ومن بعده ريدان ، فأهوي ريدان بالسكين في ظهر أرجوان ، فقال أرجوان للحاكم : يا مولاي ، غدرت ، فصاح الحاكم بالخدم، وتكاثروا ، وأجهزوا عليه . ( ذيل تجارب الأمم 230 و 231 ).

وفي السنة 381 اعتقل القائد أبو منصور فولاذ بن ماناذر ، الوزير أبا القاسم العلاء بن الحسن ، وزير صمصام الدولة البويهي ، في حجرة من حجر دار الإمارة ، وكانت بينهما من قبل مودة ، ثم انقلبت لتعارض المصالح إلي عداوة ، فاعتقل فولاذ الوزير ، لما زاره ، وخرجا معا ، حتي وقفا بباب بيت ، فدفعه فولاذ إلي داخل البيت وأغلق عليه بابه ، وولي به قومأ من أتباعه ، وكان للبيت باب آخر مسمر ، غفل عنه فولاذ ، فقلع الوزير مساميره ، ونفذ منه إلي صمصام الدولة ، وخوفه من فولاذ، وأغراه بأن يقبض عليه ، فوضع صمصام الدولة من يقبض عليه إذا قدم ، وسمع الحديث علي الأرزناني النديم ، وكان يتجسس لفولاذ ، فلما وافي فولاذ، أشار عليه أن يعود ، فرجع فولاذ ، ومضي علي وجهه إلي الأكراد الخسروية ، فنزل عليهم ، وعلم صمصام الدولة بما صنع علي الأرزناني ، فأمريه ، فقتل. ( ذيل تجارب الأمم 199 - 201).

وفي السنة 385 حارب الأمير مأمون بن محمد ، والي الجرجانية اللسامانيين ، خوارزم شاه أبا عبد الله محمد بن أحمد ، وأسره ، وأمر به فقتل بين يديه ، وسبب ذلك ، إنه في السنة 383 اختلف أبو علي بن أبي الحسن بن سيمجور ، مع الأمير نوح بن منصور الساماني ، صاحب خراسان

ص: 334

وما وراء النهر ، فكاتب بغراخان التركي يحضه علي الإستيلاء علي بخاري عاصمة السامانية ، فسار بغراخان قاصدأ بخاري ، وطرد الأمير نوحأ منها ، ثم مرض بغراخان ، ورحل عن بخاري ، فعاد إليها نوح ، وعندئذ كاشف أبو علي الأمير نوحا بالعصيان ، فكتب الأمير نوح إلي محمود بن سبكتكين بولاية خراسان ، فحضر بجيش وطرد أبا علي ، فانسحب إلي جرجان ، ثم عاود أبو علي الطمع في خراسان ، وقصدها بجيشه ، وبعد معارك إنفل جيشه، وقتل منه الكثير ، ونجا أبو علي إلي قرية بقرب خوارزم ، فأرسل له أبو عبد الله محمد بن أحمد ، خوارزم شاه ، ضيافة ، فلما كان الليل أرسل إليه جماعة من عسكره فاعتقلوه ، فبلغ ذلك الأمير مأمون بن محمد ، والي الجرجانية ، فعظم عليه ذلك ، وسار في جيش فحارب خوارزم شاه ، وأسره ، وأطلق أبا علي من الحبس ، وفك قيوده ، وعاد إلي الجرجانية ، وأحضر خوارزم شاه محمد بن أحمد ، وقتله بني يدي أبي علي ، وذلك في السنة 385 ، ثم كتب مأمون إلي الأمير نوح ، يشفع في أبي علي ، ويطلب الصفح عنه ، فأجيب إلي ذلك ، فقصد أبو علي بخاري ، فيمن بقي من أهله وأصحابه ، فلما بلغوا بخاري استقبلوا استقبالا حسنأ ، فلما دخلوا علي الأمير نوح ، أمر بالقبض عليهم ، وبلغ سبكتكين الخبر ، فأرسل يطلب أن يحبس أبو علي عنده ، فأخذه وحبسه ومات في حبسه سنة 387 ، وكان ابنه الحسن قد لحق بفخر الدولة بن بويه ، فأكرمه ، فسار عنه إلي خراسان ، فظهر حاله ، فأسر ، وحبس مع والده أبي علي ( ابن الأثير 98/9 - 109).

وفي السنة 387 امر الحاكم الفاطمي ، بالقاهرة ، بقطع عنق عيسي بن نسطورس ، فقطعت عنقه بالمقس ، وكان عيسي هذا أثيرا عند العزيز الفاطمي ، فلما توفي ، قتله الحاكم ، وقال عيسي ، وهو ماض ليقتل : كل شيء كنت أحسبه إلا موت العزيز بالله ، ولكن الله لا يظلم أحد ، والله ، إتي الأذكر ، وقد ألقيت في السنة 386 أوراق علي بعض المتهمين بالنهب ، وكان

ص: 335

في بعضها القتل ، وفي بعضها الضرب ، فأخذ شاب ممن كان فيهم رقعة ، كان فيها القتل ، فأمرت بقتله ، فصاحت أمه ، ولطمت وجهها، وحلفت أنها ، وأبنها ، ما كانا ليلة النهب في شيء من أعمال مصر ، وإنما وردا مصر بعد النهب بثلاثة أيام ، وناشدتني الله تعالي . أن أجعله ممن يضرب بالسوط ، وأن يعفي من القتل، فلم ألتفت إليها ، وأمرت بضرب عنقه ، فقالت أمه : إن كنت لا بد قاتله ، فأجعله آخر من يقتل ، لا تمتع به ساعة ، فأمرت به، فجعل أول من ضرب عنقه ، فلطخت بدمه وجهها، وسبقتني إلي القصر ، وهي منبوشة الشعر ، ذاهلة العقل ، فلما وافيت ، قالت لي : قتلته ، كذلك يقتلك الله ، فأمرت بها فضربت حتي سقطت إلي الأرض ، ثم ترون الأن ما ترون . راجع في بحث المرأة الباب التاسع عشر من هذا الكتاب ، الفصل الثاني عشر ( تعذيب المرأة بالضرب ) سبب كتابة هذه الرقع وتوزيعها علي المتهمين . ( خطط المقريزي 196/2 ).

وفي السنة 387 قتل مجد الدولة وزيره أبا علي بن حمولة ، وكان قد خرج لاحتلال جرجان ، فعاد مفلولا ، فقبض عليه ، وحبس في قلعة استوناوند ، ثم أنفذ إليه من قتله ( ذيل تجارب الأمم 299 ).

أقول : أبو علي أحمد بن الحسن بن حمولة ، ورد اسمه في نشوار المحاضرة للتنوخي ، حمولي ، بالياء ، لأن البغداديين يلفظونها بالإمالة ، كما ورد لفظ هلال ، في النشوار ، مكتوب بالياء : هليل ، راجع القصص 169/1 و 47/2 من النشوار ، نشأ أبو علي ضعيف الحال جدا ، وتحدث عن نفسه ، أنه كان ببغداد ، زمانأ ، أمينا علي زورق ، ما بين سورا ( منطقة الحلة ) والقصر ( قصر ابن هبيرة أي المسيب ) ، وذكر أبو الفرج الأصبهاني ، أنه رآه وهو حارس لمتاع التجار في خان يطرح فيه متاع الموصل، ثم ترقت به الحال في أيام معز الدولة فأصبح أثير عنده ، وصار - علي ما يقول التنوخي في نشواره - في السماء رفعة ، وجلالأ ، ويسارا ، وإليه طراز الحرم الديباج ،

ص: 336

وابتياع الثياب ، ومرتبته عند معز الدولة ، أجل مرتبة ، وكانت داره ببغداد من السعة ، بحيث أنه لما ترك بغداد ، أصبحت ديوانا من دواوين الدولة ، ولما خلا دست الوزارة من الصاحب ابن عباد ، بذل أبو علي الفخر الدولة ستة آلاف ألف درهم ، فاستوزره وأبا العباس الضبي ، فأصبح كل واحد منهما يقوم بعمل الوزارة يومأ ، وأراد أن يؤثر أثرأ فخرج علي رأس جيش الاحتلال جرجان ، فعاد مفلو ، فأجتمع في دار الإمارة بزميله وبالأمراء ، وكانوا قد اجمعوا علي اعتقاله ، فاتفق أنه خرج من القاعة ليقضي حاجة ، فعدل به إلي موضع في الدار ، وقيد ، وحمل إلي القلعة ، حيث قتل، راجع ذيل تجارب الامم 263 و 264 و 298 و 299 .

وفي السنة 388 قتل صمصام الدولة بن عضد الدولة ، وحمل رأسه إلي أبي نصر بن بختيار ، فلما وضع الرأس بين يديه ، قال يخاطب الرأس : هذه سنة سنها أبوك ، يشير إلي أن عضد الدولة ، هو الذي ست هذه السنة بقتله ابن عمه بختيار ، والد أبي نصر . ( ابن الأثير 142/9 و143).

وفي السنة 388 رحل صمصام الدولة من شيراز ، يريد الأهواز ، فنهبه الأكراد في طريقه ، وصار إلي الدودمان ، وهي علي مرحلتين من شيراز ، وطمع طاهر الدودماني رئيس القرية في صمصام الدولة ، فاعتقله ، إلي أن وافي خصومه أصحاب ابن بختيار ، فأخذوه وقتلوه ، فلما حصل بهاء الدولة أخو صمصام الدولة ، بفارس ، أمر بنهب قرية الدودمان ، وأحرقها ، وقتل كل من وجد بها من أهلها حتي استأصل شأفتهم ، انتقاما لأخيه . (تاريخ الصابي 314/8 و 315 و 327).

وفي السنة 389 قبض أولاد بختيار علي أبي القاسم بن الرضيع، وقتلوه ، وكان يلي أرجان ، ثم اعتقله أبو علي ، وأنفذه إلي القلعة ، وأطلقه صمصام الدولة ، واعتقلا معأ ، وقتلا. ( ذيل تجارب الأمم 159 و160 و315) .

ص: 337

وفي السنة 389 جرت منازعة بين أبي عبد الله محمد بن علي بن هدهد ، وبين أبي الحسن بن رهزاد الأحول، فبذل أبو الحسن فيه بذ" كثيرة ، يعني أنه دفع للوزير مالأ لكي يعتقل خصمه ويسلمه إليه ، فقبض أبو نصر سابور علي ابن هدهد، وسلمه إلي أبي الحسن الأحول ، وقتل ابن هدهد في دار الأحول ، وادعي أن العيارين كبسوا عليه وقتلوه . (تاريخ الصابي 338/8)

وفي السنة 389 قتل زهمان بن هندي الذي كان صاحب خانقين ، وقتل معه أولاده الثلاثة ، دلف ، ومقداد ، وهندي ، وكيفية ذلك أن أبا الفتح محمد بن عناز كان قد احتال عليهم ، فاعتقلهم ، ونقلهم إلي قلعة البردان ، وحبسهم فيها ، وملك نواحيهم ، ومضت مدة ، فثار أولاد زهمان في القلعة ، وكسروا قيودهم ، وحاولوا الفتك بالموكلين بهم ، فتجمع عليهم حماة القلعة ، وقتلوا الأولاد الثلاثة بحضرة أبيهم ، وأخذوا الأب فجعلوه في بيت ، وسدوا بابه ، وأبقوا كوة كانوا يلقون إليه منها قرص من الشعير وقليل ماء ، فبقي أيام، ومات ( تاريخ الصابي 8/ 339 ).

في السنة 390 قتل أبو نصر بن بختيار البويهي ، وكان قد قصد كرمان وانتصر علي الجيش الموجود فيها ، فعظم الأمر علي بهاء الدولة البويهي ، وسير إليه جيشا بقيادة المرفق علي بن إسماعيل ، فقصد ابن بختيار في ثلثمائة من شجعان أصحابه ، فأدركه بدرابزين ، واشتبك معه في معركة ، فغدر بابن بختيار أحد أصحابه ، وضربه بلت فألقاه ، وحمل رأسه إلي الموفق ، فحمله إلي بهاء الدولة ، ولما عاد الموفق إلي بهاء الدولة ، خرج إليه بنفسه ، وأكرمه ، وعظمه ، ثم قبض عليه بعد أيام ، وحبسه ، ثم قتله في السنة 394 ( ابن الأثير 160/9 - 162).

وفي السنة 391 قبض بمصر ، علي رجل من أهل الشام ، سئل عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ، فقال : لا أعرفه ، فأعتقله قاضي القضاة

ص: 338

حسن بن النعمان قاضي الحاكم الفاطمي ، وبعث به إلي السجن ، وبعث إليه في السجن أربعة من الشهود ، فأقر بالنبي صلوات الله عليه ، وأنه نبي مرسل ، وسئل عن علي بن أبي طالب ، فقال : لا أعرفه ، فأمر قائد القواد الحسين بن جوهر بإحضاره ، فأحضر ، وخلا به ، ورفق القول له ، فلم يرجع عن إنكاره معرفة علي بن أبي طالب ، فطولع الحاكم بأمره ، فأمر بضرب عنقه ، فضربت عنقه ، وصلب . ( خطط المقريزي 341/2 ) .

وفي السنة 391 قتل أبو الحسن علي بن طاهر الكاتب ، وكان سافر إلي مصر ، ثم عاد مع الحاج ، وتحدث الناس أنه ورد باتفاق مع صاحب مصر ، علي الشروع في إفساد الدولة العباسية ، فكبسه العيارون في داره بدرب المقير من سويقة غالب ، وضربوه بالسيوف ، فقامت جاريته دونه ، فضربوا يدها ضربة أبانتها ، وقتلوه . (تاريخ الصابي 398/8 ).

وفي السنة 392 حصلت بين أبي الحسن بن أبي الوزير، وبين أبي القاسم بن مسرة ، وحشة ، فوقع فيه أبو الحسن عند الأمير مرح بن المسيب ، صاحب الموصل ، وأمير بني عقيل ، وكثر ماله عنده ، وأغراه بمصادرته ، فصادره ، ثم قال له : هذا شاعر ، وقد أسأت إليه ، فإن أفلت من يدك ، هجاك ، ومرق عرضك ، فقتله مرح ، وشق بطنه ، وملاه حصي ، ورمي به في دجلة . ( ذيل تجارب الأمم 447) .

وفي السنة 395 قتل أبو إبراهيم إسماعيل بن نوح الساماني ، آخر ملوك الدولة السامانية في ما وراء النهر ، وكان معتقلا مع بقية السامانيين في سجن إيلك خان ملك الترك ، ففر من سجنه ، ولم شمل السامانيين ، وتلقب بالمنتصر ، واحتل بخاري ، ثم تفرق عن أصحابه ، فوثب بعض أنصار إيلك خان عليه ، وقتلوه . ( الاعلام 327/1 ) .

وفي السنة 396 قبض بالقاهرة علي رجل سب عائشة ، وزوجها صلوات الله عليه ، فشهر ، وضربت عنقه . ( خطط المقريزي 343/2 ).

ص: 339

وفي السنة 396 قتل بهاء الدولة البويهي ، أبا عباس بن واصل ، وكان قد غلب علي البطيحة والبصرة والأهواز، وتفصيل القصة إن أبا العباس بن واصل ، كان في ابتداء حاله ينوب عن طاهر بن زيرك الحاجب في الجهبذة ، وارتفع معه ، ثم فارقه وقصد شيراز ، واتصل بخدمة فولاذ ، فلما قبض علي فولاذ عاد أبو العباس إلي الأهواز ، ثم أصعد إلي بغداد ، وخدم مهذب الدولة بالبطيحة ، فجد معه عسكرة لحرب لشكرستان لما استولي علي البصرة ، فوصل بعسكره إلي سيراف ، وغلب علي أسافل دجلة ، وخلع طاعة مهذب الدولة ، فسير إليه مهذب الدولة جيشا ، فظفر به أبو العباس ، ثم حارب لشكرستان وهزمه واستولي علي البصرة ، فاتفق لشكرستان ومهذب الدولة علي أبي العباس وحارباه ، فانهزم لشكرستان ، وأصعد إلي البطيحة مفلولا ، فأخلي مهذب الدولة البطيحة ، فاستولي عليها أبو العباس وأضافها إلي البصرة ، ثم تحرك عليه أهل البطائح وحاربوه ، فطردوه ، فعاد إلي البصرة ، واستعد بهاء الدولة البويهي لمحاربته ، فواقعه أبو العباس وانتصر عليه ، واشتغل أبو العباس بالتجهز لغزو خوزستان ، وأعاد بهاء الدولة مهذب الدولة إلي البطائح ، ثم إن العباس قصد الأهواز في السنة 395 والتقي جيشه بجيش بهاء الدولة بظاهر الأهواز ، فكان النصر لأبي العباس ، ثم تصالح وبهاء الدولة ، وعاد إلي البصرة وفي السنة 396 عاد أبو العباس إلي غزو الأهواز ، فانحاز عنه بهاء الدولة ، واستولي أبو العباس علي الأهواز ، ثم اقتتل وبهاء الدولة ، فانكسر أبو العباس ، وعاد إلي البصرة مهزوما ، فقصده وزير بهاء الدولة بعسكر ، وحصره ، فهاجمه أبو العباس وهزمه ، ثم اقتلا مرة أخري فانكسر أبو العباس ، وأصعد منهزمة إلي الكوفة ، ثم سار منها إلي خانقين ، وكان قد تعب فنام ، وبلغ خبره إلي أبي الفتح بن عناز الكردي ، فسار إليه ، وأخذه ، وحمله إلي بغداد ، فحمل إلي بهاء الدولة ، فلقيهم قاصد في الطريق ، أرسله بهاء الدولة يأمر بقتله ، فقتل ، وحمل رأسه إلي بهاء الدولة ، وطيف به في خوزستان وفارس ( ابن الأثير 9/ 180 - 196).

ص: 340

وفي السنة 396 قتل السلطان شهريار بن دارا ، سلطان مازندران ، قتله قابوس بن وشمگير ، واستولي علي بلاده ( معجم انساب الأسر الحاكمة 286)

وفي السنة 397 ظفر الحاكم الفاطمي ، بأبي ركوة ، واسمه الوليد، وإنما كني بأبي ركوة لركوة كان يحملها معه في أسفاره علي سنة الصوفية ، وهو أموي من أولاد هشام بن عبد الملك ، نزح من الأندلس ، وقد أناف علي العشرين ، ودرس بمصر ، ثم قصد مكة واليمن ، وعاد إلي مصر، ودعا بها إلي القائم ، فأجابه كثيرون من بني قرة وزناته ، وتظاهر بالنسك والديانة ، وأمهم في الصلوات ، وعلم صبيانهم الخط ، فبايعوه بالإمامة ، فسار بهم إلي برقة ، واستولي عليها ، وأظهر العدل ، فسير إليه الحاكم جيشأ ، ففله وانتصر عليه ، وأخذ يبث السرايا إلي مصر ، ثم قصد الصعيد، فوجه إليه الحاكم جيشأ من اثني عشر ألفا ، سوي العرب ، ثم أضاف إليهم أربعة آلاف فارس ، فأسري أبو ركوة ، وكبس عسكر الحاكم بالجيزة، وقتل منهم ألف فارس ، ونزل أبو ركوة عند الهرمين ، وفي آخر معركة مع عسكر الحاكم ، انهزم أبو ركوة ، وقتل من عسكره ألوف كثيرة ، فسار إلي بلد النوبة، ولحق به رسول الحاكم ، فتسلمه ، وحمله إلي مصر ، فأشهر بها ، وطيف به ، وقد ألبس طرطورة ، وجعل خلفه قرد يصفعه ، ثم حمل إلي ظاهر القاهرة ليقتل ويصلب ، فمات قبل وصوله ، فقطع رأسه ، وصلب ( ابن الأثير 197/9 - 203)

أقول : لما خرج أبو ركوة ، علي الحاكم الفاطمي بمصر ، أجمع المنجمون ، علي أن دولة الفاطميين ستندثر ، وأن أبا ركوة سينتصر ، ويأخذ الحاكم أسيرة ، ولم يبق بمصر منجم إلا حكم بذلك ، وأكبرهم المعروف بالفكري ، منجم الحاكم ، فسير الحاكم عسكرأ ظفر بأبي ركوة ، وأسره ،

ص: 341

وأدخله إلي مصر مشهرة حيث قتل، فأحضر الحاكم منجمه الفكري ، وقتله ( الفلاكة والمفلوكون 27 ) .

وفي السنة 397 قتل عيسي بن سعيد، الوزير الأندلسي ، المعروف بابن القطاع ، وكان عظيم التمكن في دولة ابن أبي عامر بالأندلس ، وصاهره في السنة 399 ثم ساء ما بينه وبين عبد الملك بن محمد بن أبي عامر ، فاستدعاه وهو في مجلس شراب ، وقتله ، وقتل معه بعض أصحابه ، وقضي علي عصبته وأنصاره . ( الاعلام د/287 ).

وفي السنة 398 عزل الحاكم الفاطمي صالح بن علي الروذباري ، وقرر مكانه ابن عبدون النصراني الكاتب ، ثم قتل ابن عبدون وأخذ ماله ( خطط المقريزي 287/2 ).

وفي السنة 399 ظهر بقرطبة محمد بن هشام بن عبد الجبار بن عبد الرحمن الناصر، فبايعه الناس ، وتلقب بالمهدي ، فخرج عليه هشام بن سليمان بن عبد الرحمن الناصر ، وأنتصر محمد عليه وأسره ، فقتله ، وقتل معه عدة من قواده ، وفر منه ابن أخي هشام ، وهو سليمان بن الحكم بن سليمان بن الناصر ، وحشد، واستعان بالنصاري ، وحارب محمد بن هشام ، فكسره ، ففر إلي طليطلة ، واستعان بالنصاري ، وعاد إلي قرطبة ، ثم تأمر عليه بعض الجند ، واعتقلوه ، وأخرجوا هشام المؤيد ، وبايعوه ، وأحضروا محمدا ، وحاكموه ، وقتلوه . ( ابن الأثير 679/8 -682 ).

وفي السنة 400 خرج عبد الرحمن بن المنصور بن أبي عامر ، غازي ، فظهر بقرطبة محمد بن هشام الأموي ، وخلع هشام المؤيد، فانقلب يريد قرطبة وتفرق عنه أصحابه ، قبل وصوله إلي قرطبة ، فبعث إليه محمد بن هشام ، فأحيط به ، وذبح ، وحمل إلي قرطبة ، فصبر بدنه ، وكسي قميصا وسراويل ، وعلق علي خشبة طويلة بقرطبة . ( الاعلام 101/4 ).

ص: 342

وفي السنة 400 قتل الحاكم الفاطمي بمصر ، أبا الحسن علي بن الحسين المغربي الكاتب ، وكان إليه نظر الشام ، وتدبير الرجال والأموال . ( الاعلام 88/5 ) .

وفي السنة 400 قتل الحاكم الفاطمي ، القائد فضل بن صالح الوزيري ، من أعيان الدولة الفاطمية بمصر . ( الاعلام 355/5 ) .

وفي السنة 401 قتل الحاكم الفاطمي بمصر الحسين وعبد العزيز ، ولدي القائد جوهر ، فاتح مصر للفاطميين ، وباني مدينة القاهرة . ( الاعلام 252/2)

وفي السنة 401 نصب الحاكم أحمد بن محمد القشوري الكاتب ، في الوساطة والسفارة ثم قتله بعد عشرة أيام . ( خطط المقريزي 287/2 ).

وفي السنة 403 قتل في قرطبة ، أبو بكر عبد الله بن حسين بن إبراهيم ، كان يلي الشرطة بقرطبة ، ولما استولي عليها البربر ، قتلوه ( الاعلام 208/4 ).

وفي السنة 404 قود الحاكم الفاطمي ، الأمير باروح التركي ، ولقبه علم الدولة ، أمير الأمراء ، وولاه الشام ، وسيره إليها ، فحمل معه زوجته إبنة الوزير يعقوب بن كلس ، فاعترضه في غزة المفرج بن دغفل بن الجراح ، فأوقع به ، وأسره ، وقتله ، واستولي علي ما يحمله ( خطط الشام با245/1)

وفي السنة 404 ولي الحاكم الفاطمي ، ولاية عهده لأبي القاسم عبد الرحمن بن ألياس ، وجعله الخليفة من بعده ، وسيره إلي الشام ، فثار عليه الجند ، وكتب إليه الحاكم بأن يعود إلي مصر ، فلما ترك دمشق ، تسلط عليها فتي من أهلها اسمه محمد بن أبي طالب ، واجتمع إليه جمع من

ص: 343

أحداث دمشق ورعاع حوران ، فحارب الجند ، وطردهم من دمشق ، فلما تمكن من دمشق ، قتل قاضيها ، وتسلط هو والأحداث عليها ، وقتل جماعة من الناس ونهبهم ، فهاج عليه الدمشقيون ، وقبضوا عليه ، وقتلوه ، وصلبوه علي باب الجابية ، وقتلوا من كان علي رأيه ، واستقام أمر دمشق ( خطط الشام 247/1 ).

وفي السنة 405 قتل الحاكم الفاطمي ، قاضي القضاة مالك بن سعيد الفارقي ، وكان قد استقر في قضاء القضاة سبع سنين إلا أشهرا ، وكان إقطاعه في السنة خمسة عشر ألف دينار . ( خطط المقريزي 288/2 ).

وفي السنة 405 قتل الحاكم الفاطمي ، الحسين بن طاهر الوزان ، بعد أن قضي ناظرأ في الوساطة سنتين وشهرين ، ونصب بدلا منه عبد الرحيم بن أبي السيد الكاتب وأخاه أبا عبد الله الحسين في الوساطة والسفارة ، ثم قتلهما بعد اثنين وستين يوما . ( خطط المقريزي 288/2 ).

وفي السنة 405 قلد الحاكم الفاطمي ، الفضل بن جعفر بن الفرات ، الوساطة ، ثم قتله في اليوم الخامس من ولايته. (خطط المقريزي 288/2)

وفي السنة 407 بايع أهل قرطبة ، عبد الرحمن بن هشام بن عبد الجبار بن عبد الرحمن الناصر ، وتلقب بالمستظهر بالله ، فأخذ قسمأ من أعيان قرطبة ، وحبسهم ، فألبوا عليه الناس من السجن ، فأجابهم صاحب الشرطة ، والناس ، وهاجموا المستظهر ، وقتلوه ، فدامت خلافته شهر واحد وسبعة عشر يوما . ( ابن الأثير 276/9 ) .

وفي السنة 407 قتل الشيعة بجميع بلاد إفريقية ، وسبب ذلك إن المعز بن باديس ، ركب ، ومشي في القيروان ، والناس يسلمون عليه ، فاجتاز بجماعة ، فسأل عنهم ، فقل : هؤلاء رافضة ، يسبون أبا بكر وعمر ،

ص: 344

فقال : رضي الله عن أبي بكر وعمر ، فانصرفت العامة من فورها إلي درب المقلي من القيروان ، وكان اجتماع الشيعة فيه ، فقتلوا منهم ، وكان ذلك شهوة العسكر وأتباعهم ، طمعا في النهب ، وأغراهم عامل القيروان ، وحرضهم ، والسبب إنه كان قد أصلح أمور البلد ، فبلغ أن المعز يريد عزله ، فأراد إفساد البلد ، فقتل من الشيعة خلق كثير ، وأحرقوا بالنار ، ونهبت ديارهم ، وقتلوا في جميع إفريقية ، واجتمع منهم جماعة إلي قصر المنصور ، قريب القيروان ، وتحصنوا به ، فحصرهم العامة ، وضيقوا عليهم ، فاشتد عليهم الجوع ، فأقبلوا يخرجون والناس يقتلونهم ، حتي قتلوا عن آخرهم ، ولجأ من كان منهم بالمهدية ، إلي الجامع ، فقتلوا كلهم . ( ابن الأثير 294/9 و295 ).

وفي السنة 405 قتل هلال بن بدر بن حسنويه ، وكان قد خالف أباه ، وعصي عليه ، واستولي علي ملكه ، وأسره ، ثم أطلقه ، فطفق بدر يحرض عليه ، حتي استقر معتقلا عند بهاء الدولة ، وعاد بدر إلي سلطانه ، فلما قتل بدر ، أطلق سلطان الدولة ابنه هلال ، وأعانه بجيش ليستعيد ملك أبيه ، فنشبت معركة بين هلال وبين شمس الدولة بن فخر الدولة ، وانكسر هلال ، وأسر ، فقتل . ( ابن الأثير 249/9 ) .

وفي السنة 406 قتل الأمير طاهر بن هلال بن بدر بن حسنويه ، صاحب كردستان ، قتله الأمير أبو الشوك حسام الدولة فارس بن محمد صاحب حلوان وقرميسين ودقوقا ( معجم أنساب الأسر الحاكمة 321) .

وفي السنة 406 تحرك علي الأمير باديس بن المنصور بن بلكين ، عمه حماد بن بلكين ، فبعث إليه أخا حماد واسمه إبراهيم بن بلكين ، لكي يصلح أمره ، فاتفق حماد وإبراهيم ، وجاهرا باديس بالخلاف ، وسفكا الدماء وقتلا الأطفال ، وأحرقا الزروع والمساكن ، وسبيا النساء ، وحدث أن فر إلي باديس جماعة من جند قلعة حماد ، وكان فيها إبراهيم ، فأخذ إبراهيم أبناءهم ،

ص: 345

وذبحهم علي صدور أمهاتهم ، فقيل إنه ذبح بيده منهم ستين طفلا ، فلما فرغ من الأطفال ذبح الأمهات ( ابن الأثير 254/9 ).

وفي السنة 406 قبض سلطان الدولة ، علي وزيره فخر الملك أبي غالب ، وقتله ، ووجد له ألف ألف دينار عينأ ، سوي الأعراض ، وسوي ما نهب ، وكان أبو غالب كافية ، حسن الولاية والآثار . ( ابن الأثير 260/9 ).

واستدعي الحاكم الفاطمي ( 375 - 386 - 411 ) ، أحد الركابية ، فأوقفه بين اثنين ، ورماه برمح ، ثم أضجعه ، واستدعي سكينة فذبحه بيده ، ثم استدعي ساطورة ، ففرق بين رأسه وجسده ، ثم استدعي ماء ، فغسل يده بأشنان ، ثم ركب ( النجوم الزاهرة 67 ).

وطلب الحاكم الفاطمي ، خادما ، ففر والتجأ إلي الحجرة التي فيها قبور آبائه مستجير ، فأمر به ، فضرب بالسيوف حتي مات ( النجوم الزاهرة 63)

وفي السنة 407 ولي الأندلس علي بن حمود العلوي ، بمعونة خيران العامري الذي خرج علي سليمان بن الحكم بن سليمان بن عبد الرحمن الناصر ، وكان علي بمدينة سبتة ، فقدم الأندلس ، وحصر قرطبة ، وحارب سليمان بن الحكم ، فانهزم سليمان والبربر ، وقتل منهم خلق كثير ، وأخذ سليمان أسيرة ، فحمل إلي علي بن حمود ، ومعه أخوه وأبوه ، فقتل علي بن حمود ، سليمان ، وقتل معه أخاه وأباه ، وكان الأب شيخ صالحا منقبضأ ، لم يتدنس بشيء من أحوال ابنه ، واستقر علي بقرطبة ، ثم خرج عليه خيران في السنة عينها ، وبايع عبد الرحمن بن محمد بن عبد الملك بن عبد الرحمن الناصر ، وتبعه قوم فحاصروا غرناطة ، ولكن عبد الرحمن انكسر وقتل .

وفي السنة 408 تجهز علي بن حمود ليقصد جيان ، فبرز عسكره إلي ظاهر قرطبة ، ووقفوا ينتظرون خروجه ، فدخل الحمام ، ومعه غلمانه ، فقتله غلمانه في الحمام ( ابن الأثير 269/9 - 273 ) .

ص: 346

وفي السنة 412 طلب الديلم الذين عند مشرف الدولة البويهي ببغداد ، أن يأذن لهم بأن ينحدروا إلي بيوتهم بخوزستان ، فأذن لهم ، وأمر وزيره أبا غالب بالإنحدار معهم ، فقال له : إني إن فعلت ، خاطر بنفسي ، ولكني أبذلها في خدمتك ، وأنحدر بالعساكر ، فلما وصل إلي الأهواز ، نادي الديلم بشعار سلطان الدولة ، وهجموا علي أبي غالب ، فقتلوه ( ابن الأثير 323/9)

وفي السنة 413 قتل المعز بن باديس ، صاحب إفريقية، وزيره وصاحب جيشه أبا عبد الله محمد بن الحسن ، وسبب ذلك لأن الوزير أقام سبع سنين ، يجبي الأموال ، ويرفعها عنده ، ولم يحمل إلي المعز شيئا منها ، فعظم ذلك عليه ، وقتله . ( ابن الأثير 327/9 ) .

ولما قتل المعز بن باديس ، صاحب إفريقية ، وزيره أبا عبد الله محمد بن الحسن ، في السنة 413 بلغ خبر قتله أخاه عبد الله ، أمير طرابلس ، فأرسل إلي زناته ، وأدخلهم مدينة طرابلس ، وقتلوا من كان بها من صنهاجة ، وسائر الجيش ، واحتلوا المدينة ، فلما سمع المعز بذلك أخذ أولاد عبد الله و نفرا من أهله وحبسهم ، ثم قتلهم بعد أيام ، لأن نساء المقتولين بطرابلس استغثن إلي المعز، في قتلهم ، فقتلهم . ( ابن الأثير 328/9)

وفي السنة 414 قتل مشرف الدولة أبو علي الحسن البويهي ، وزيره أبا محمد الحسن بن سهلان ، وذلك بعد أن سمل عينيه في السنة 412 ( معجم أنساب الأسر الحاكمة 325) .

وفي السنة 414 نهض في البيت الحرام بمكة ، يوم الجمعة ، يوم النفر الأول ، رجل من مصر ، بإحدي يديه سيف مسلول ، وفي الأخري دبوس ،

ص: 347

بعد فراغ الإمام من الصلاة ، وقصد الحجر الأسود ، وضرب الحجر ثلاث ضربات بالدبوس ، وقال : إلي متي يعبد الحجر الأسود ؟ فثار به رجل وطعنه بخنجر ، فقتله وقطعه الناس ، وأحرقوه ، وقتل جماعة ممن أتهم بمصاحبته ( ابن الأثير 332/9 و 333 ).

وفي السنة 414 بويع بالخلافة في قرطبة ، أبو المطرف عبد الرحمن بن هشام بن عبد الجبار بن عبد الرحمن الناصر ، وهو ابن 22 سنة وتلقب بالمستظهر بالله ، ودامت خلافته 47 يوما، فأخذ بعض أعيان قرطبة فسجنهم ، فوثب عليه محمد بن عبد الرحمن مع طائفة من الغوغاء فقتلوه ( الاعلام 116/4 و 117) .

وفي السنة 415 توقي الملك سلطان الدولة البويهي بشيراز ، وخلفه أبو الفوارس أخوه ، وطالب الأجناد بحق البيعة ، فتقوم أبو محمد بن مكرم ، الملقب بالأوحد، وتأخر في إيصال المال ، فقبض عليه أبو الفوارس ، وقتله ( ابن الأثير 337/9 ) .

وفي السنة 415 دخل حسان بن الجراح ، عسقلان ، وخشب سبعين رجلا من العسكرية ، وقتل طائفة من الحمدانية والغلمان ، ووضع السيف والنهب في بلد الرملة ( اخبار مصر للمسبحي 51).

وفي السنة 415 دخل صيرفي إلي الجامع العتيق ليصلي المغرب ، فتبعه راجل أراد أن يأخذ كيسه ، وضربه بسكين كبير ، فصاح الصيرفي ، وفر الراجل ، فقبض عليه ، وضرب عنقه بباب البرادع ، وصلب علي جذع في كوم دينار ، وحمل الصيرفي في قفص وقيذا إلي بيته ومعه كيسه ، وعوفي بعد ذلك ، وعاد إلي حانوته ( اخبار مصر للمسبحي 52 و 53 و 98 ).

وفي السنة 415 قبض علي الشيخ العميد محسن بن بدوس ، وهو في ديوانه بالقاهرة ، فاعتقل ، وأخرج بالعشي إلي مجاز القصر الكبير ، فضربت

ص: 348

عنقه ، وهو يصيح ويستغيث ويقول : والله ، ما خنت ، ولا سرقت ، ولا غششت ( اخبار مصر للمسبحي 95 ).

وفي السنة 415 قبض بالقاهرة ، علي رجل ذكر إنه نبش قبرأ في صحراء المقطم ، وضربت عنقه بالقرافة ، وصلب هناك ( اخبار مصر للمسبحي 98) .

وفي السنة 415 ضربت رقبة حدث نصراني ، كان أسلم ، وحج ، وربي ذؤابتين ، وجعلهما مسبلتين ، وأدعي الشرف ( أي إنه أنتسب للعلويين ) ، ثم عاد فتنصر ، فقتل ، وصلب في كوم دينار ( اخبار مصر للمسبحي 99).

وفي السنة 415 ذبح أبو الحسن السوسنجردي ، وكان شيخأذا سمت ، وذبح غلامه معه ، في داره بحايز الأوز بالقاهرة ، طرقه لصوص نهارا فذبحوه وأخذوا ما وجدوا له فقبض متولي الشرطة علي واحد منهم ، وضرب رقبته ( اخبار مصر للمسبحي 106).

وفي السنة 415 قتل المخنث البغدادي ، وكان دلالا في المتاع والجوهر النفيس والأعلاق الثمينة ، وكان موسرة كثير المال ، وكان يزمر مليحا ، وله جوار في منزله يغنين ، وكان يحب المردان ، وينفق عليهم ، وقيل إن قاتله ولد للقاضي ابن منهال ، كان يهواه ، في دار ابن مزبان المقامر ( أخبار مصر للمسيحي 104).

وفي السنة 415 قتل الأعراب بنو قرة ، شجاعأ، قاضي سفط الجيزة ودليلها ( أخبار مصر للمسبحي 111) .

وفي السنة 415 ضربت أعناق اثنين وعشرين رجلا بالقاهرة ، منهم واحد وعشرون من العبيد الذين نزلوا لنهب مصر ، ورميت جثثهم للكلاب ، والثاني والعشرون إنسان كتامي ، تعرض للنهب أيضا ( أخبار مصر للمسبحي 111)

ص: 349

وفي السنة 416 ملك نصر الدولة بن مروان مدينة الرها، وكانت الرها الرجل شرير جاهل من بني نمير ، اسمه عطير ، وكان يحكمها نائب له اسمه أحمد بن محمد ، حسن السيرة ، عادل في الرعية ، فاحتج عطير علي نائبه بحجج واهية ، فقتله ، فأنكرت الرعية علي عطير قتله ، وكاتبوا نصر الدولة بن مروان ، ليحضر ويتسلم البلد ، فبعث زنك أحد قواده ، فتسلم البلد ، وتوسط عطير بصالح بن مرداس صاحب حلب ، فأعطاه نصر الدولة نصف البلد ، وخرج عطير يومأ إلي السوق في الرها ، فتعلق به ابن أحمد الذي قتله عطير ، وقتل عطير، وقتل معه ثلاثة من بني نمير ، فاتهم بنو نمير القائد زنك بأنه قد حرك الولد علي صاحبهم ، ونصبوالزنك كمينا ، وقتلوه بحجر مقلاع أصابه فسقط ، وكان قتل زنك في السنة 418 ، ثم أن صالح بن مرداس شفع من جديد لدي نصر الدولة ، فأعاد الرها إلي ابن عطير وابن شبل النميريين ، وباع ابن عطير حصته من الرها، لملك الروم ، بعشرين ألف دينار ، فاستولي الروم عليها ، وخربوا مسجدها ، وقتلوا قسما من أهلها ( ابن الأثير 347/9 و 348) .

وفي السنة 417 نشبت حرب شديدة بين الأكراد الجوزقان وعساكر علاء الدولة بن كاكويه ، وسبب ذلك ان علاء الدولة استعمل ابن عمه أبا جعفر علي سابورخواست ، وضم إليه أبا الفرج البابوني ، فجرت بين الإثنين مشاجرة أدت إلي المنافرة ، فضرب أبو جعفر ، أبا الفرج ، بل كان في يده فقتله ، فنفر أتباعه الأكراد الجوزقان ، وقتلوا أبا جعفر . ( ابن الأثير 351/9 و352) .

وفي السنة 421 توفي السلطان يمين الدولة محمود بن سبكتكين ، وأوصي بأن يخلفه ولده محمد ، فخلفه ، إلا أن علي خويشاند الحاجب ، ويوسف بن سبكتكين القائد ، أخا السلطان محمود ، خلعا محمد، واعتقلاه ،

ص: 350

وكتبا إلي السلطان مسعود بن محمود ، وهو أكبر سنا من محمد، بأن يحضر ليتسلطن ، فحضر ، وتسلطن ، وكان أول ما فعله ، أن قتل الحاجب علي ، وعمه يوسف . ( ابن الأثير 399/9 و 400) .

وفي السنة 421 قتل الوزير أبو علي بن ماكولا ، وزير جلال الدولة البويهي ، كان له غلام وجارية اتفقا علي فساد ، فعلم بهما، وعرفا إنه قد علم بحالهما ، فقتلاه ( ابن الأثير 407/9 ) .

وفي السنة 423 اجتمع ناس كثير من الشيعة بإفريقية ، وساروا إلي أعمال نفطة ، فاستولوا علي بلد منها ، وسكنوه ، فجرد إليهم المعز بن باديس عسكرأ ، فدخلوا البلاد ، وحاربوا الشيعة ، وقتلوهم أجمعين ( ابن الأثير 427/9)

وفي السنة 424 قبض عسكر السلطان مسعود علي شهريوش ، صاحب ساوة ، فقتل وصلب علي سور ساوة ، وكانت له ساوة ، وقم ، وتلك النواحي ، فطمع في الري ، وسار إليها فحاصرها، فبعث إليه السلطان مسعود الغرنوي جيشا ، فقبض عليه وقتله ( ابن الأثير 429/9 ) .

وفي السنة 428 اتهم السلطان جلال الدولة البويهي ، بارسطفان ، حاجب الحجاب ، وكان من أكابر الأمراء . بأنه يسعي في تحريض الأتراك عليه ، فخاف بارسطغان ، والتجأ إلي دار الخلافة ، ثم كشف القناع لجلال الدولة ، وراسل الملك أبا كاليجار ، وأكره الخطباء علي الخطبة له ، ثم فارقه الديلم فضعف أمره ، وانحدر إلي واسط ، فبعث إليه جلال الدولة من لحقه في الطريق وقاتلوه ، وأسر ، وحمل إلي جلال الدولة ، فقتله ، وكان عمره نحو سبعين سنة ( ابن الأثير 454/9 ).

وفي السنة 431 قتل باديس الصنهاجي ، صاحب غرناطة ، أبا الفتوح

ص: 351

ثابت بن محمد الجرجاني ، وكان باديس قد اتهمه بالتآمر عليه مع ابن عم باديس پذير بن حباشه ، ففر ثابت إلي إشبيلية ، فقبض باديس علي زوجة أبي الفتوح ثابت وولديه الطفلين ، وحبسهم بالمنكب ، عند قداح صاحب عذابه ، وكان أبو الفتوح يحب زوجته ، فلم يطق صبرا علي فراقها ، فرمي بنفسه علي باديس ، وتوسل إليه أن يعفو عنه ، فبعث به إلي غرناطة ، صحبة حارسين ، وتسلمه قداح ، علي أبواب غرناطة ، فحلق رأسه ، وأركبه علي بعير ، وجعل خلفه أسود فظ ضخم يوالي صفعه ، فادخل البلد مشهرا ، وأودع حبس ضيقة ، ولما قدم باديس غرناطة أحضر أبا الفتوح ، وسبه ، وبكته ، ثم جرد سيفه ، وخبطه به فجدله ، وأمر بحر رأسه ، وكان معه في الحبس صنهاجي من أصحاب ابن عمه يدير ، فأحضره ليقتله ، فجزع ، وألح في ضراعته ، فغضب منه باديس ، وقال له : أما تستحي ، يا ابن الفاعلة ، يصبر المعلم الضعيف القلب علي الموت ، وأنت تجزع هذا الجزع ، وتعتبر نفسك من أشد الرجال ، وأمر به فضربت عنقه ( الاحاطة 462 - 466) .

وفي السنة 431 قتل حسن بن يوسف بن عبد الله الكلبي ، الملقب صمصام الدولة ، أخر الأمراء الكلبيين في صقلية ، تولي الحكم فيها سنة 417 بعد مقتل أخيه أحمد الأكحل ، ثم ثارت عليه بعض أجزاء صقلية ، فخلعوه ، وولوا قائدأ بدله ، فكان أول ما صنعه القائد أن فتك بالصمصام . ( الاعلام 243/2 ) .

وفي السنة 432 سار مودود بن السلطان مسعود ، لما بلغه قتل والده ، إلي غزنة ، فتصاف هو عمه الملك محمد ، فانكسر جيش محمد، وقبض مودود عليه ، وعلي أولاده ، وقتلهم جميعا ، إلا عبد الرحيم ، فإن تصرفه مع عمه مسعود لما حبس نجاه من القتل ، وخلاصة القصة ، أن مسعود لما حبس دخل عليه ولدا أخيه عبد الرحمن وعبد الرحيم ، فعمد عبد الرحمن ، فأخذ القلنسوة من رأس عمه مسعود ، فأنكر ذلك عبد الرحيم ، وأخذ القلنسوة

ص: 352

من يد أخيه ، وقبلها ، ووضعها علي رأس عمه ، وشتم أخاه ، فنجاه ذلك من القتل . ( ابن الأثير 488/9 ) .

وفي السنة 434 قتل قرواش العقيلي ، صاحب الموصل ، كاتبه أبا الفتح بن المفرج ، صبرة . ( ابن الأثير 514/9 ).

وهجا الشاعر ، محمد بن منظور القرشي ، من أهل قزوين ، آل عبد العزيز المذحجيين ، وكانوا ينزلون الري وقزوين .

بنو عبد العزيز إذا أرادوا ****سماح لم يلق بهم السماح

لهم عن كل مكرمة حجاب**** فقد تركوا المكارم واستراحوا

فقتله موسي بن عبد العزيز . ( الوافي بالوفيات 77/5 ) .

وفي السنة 434 أصاب خوارزم شاه ألتونتاش جراحة وهو محاصر قلعة دبوسية ، فلما عاد إلي خوارزم ، مرض منها ومات ، وخلفه ولده الأكبر هارون ، وتولي ضبط أموره الوزير أبو نصر أحمد بن محمد بن عبد الصمد ، واتفق أن وزير السلطان مسعود الغزنوي مات ، فاستوزر أبا نصر ، فاستناب أبو نصر عند هارون ولده عبد الجبار ، فاختلف هارون وعبد الجبار ، وأراد هارون قتله ، فاختفي ، ووضع جماعة علي الفتك بهارون ، ففتكوا به ، وقام عبد الجبار بحفظ البلد ، وبعد أيام يسيرة ، وثب غلمان هارون بعبد الجبار فقتلوه ، وولوا البلد إسماعيل بن التونتاش ، أخا هارون ، وعصوا علي مسعود الغزنوي ، فكتب مسعود إلي شاه ملك بن علي ، أحد أصحاب الأطراف ، بأن يقصد خوارزم ، فقصدها واستولي عليها ، وطرد إسماعيل ، فالتجأ إسماعيل إلي طغرل بك السلجوقي ، فأعانه بجيش فاستعادها ( ابن الأثير 506-504/9)

وفي السنة 436 أوقع بغراخان ، صاحب ما وراء النهر ، بجمع كثير من الإسماعيلية ، وكانوا قد قصدوا ما وراء النهر ، ودعوا إلي طاعة المستنصر

ص: 353

بالله العلوي ، صاحب مصر ، فتبعهم جمع كثير ، وسمع ملكها بغراخان بخبرهم ، وأراد الإيقاع بهم ، فخاف أن يسلم منه بعض من أجابهم من أهل البلاد ، فأظهر لبعضهم إنه يميل إليهم ، ويريد الدخول في مذهبهم ، وأحضرهم مجالسه ، حتي عرف من أجابهم إلي مقالتهم ، ثم قتل من بحضرته منهم ، وكتب إلي سائر البلاد بقتلهم ، فقتلوا بأجمعهم ( ابن الأثير 524/9)

وفي السنة 439 قبض الملك أبو كاليجار ، علي وزيره محمد بن جعفر بن فسانجس ، وسجنه ، ومات في السجن في السنة 440 وهو ابن إحدي وخمسين سنة ، وقيل أن أبا كاليجار بعث إليه من قتله . ( ابن الأثير 542/9)

وفي السنة 440 قتل المستنصر الفاطمي بمصر ، وزيره فخر الملك صدقة بن يوسف الفلاحي ، وكان أول أمره يهوديا فأسلم ، واتصل بالدزبري ، وخدمه بالشام ، ثم خافه فعاد إلي مصر، وخدم الجرجرائي الوزير ، ونفق عليه ، فلما توفي الجرجرائي ، استوزره المستنصر ، فلما ور سعي في قتل الحسن بن علي الانباري ، مزاحمه في الوزارة ، ليتخلص منه ، فقتله ، ثم إن المستنصر ، عزل صدقة بن يوسف الفلاحي عن الوزارة واعتقله ، وقتله في الحبس الذي قتل فيه سلفه ابن الانباري ( خطط المقريزي 424/1 و425 وابن الأثير 552/9 وبدائع الزهور 60/1 ).

وفي السنة 444 قتل السلطان عبد الرشيد بن محمود بن سبكتكين ، وكان قد ولي السلطنة في السنة 441 خلفا للسلطان مودود الغزنوي ، إذ كان محبوسا ، فأخرج من حبسه في القلعة وبويع ، وفي السنة 444 وثب عليه حاجبه طغرل، وكان قد بعث به علي رأس جيش لإجلاء الغز من خراسان ، فعاد إلي عبد الرشيد وقتله ، فغضب لقتله أمير اسمه خيرخيز ، وكاتب الأمراء في غزنة يعيرهم باستيلاء طغرل، وتحكمه فيهم ، فدخل جماعة منهم علي

ص: 354

طغرل ، وضربه أحدهم بسيفه ، وتبعه الباقون فقتلوه ، ونصبوا فرخ زاد بن مسعود سلطانأ ، وكان محبوسا في إحدي القلاع ، فأحضر ، وأجلس سلطانة ، وقام خيرخيز بتدبير الأمور ، وأخذ كل من أعان في قتل عبد الرشيد فقتله ( ابن الأثير 582/9 - 585 ) .

وفي السنة 444 ملك الموصل قريش بن بدران العقيلي ، فأخرج عمه قرواش العقيلي من السجن ، وقتله صبرة ( فوات الوفيات 199/3 ).

أقول : قرواش ( بكسر القاف ) هو معتمد الدولة ، أبو المنيع ، قرواش بن المقلد العقيلي ، أمير بني عقيل، صاحب الموصل، والكوفة ، والمدائن ، وسقي الفرات ، خلف أباه في الحكم ، في السنة 391 ، ودامت إمارته خمسين سنة ، وفي السنة 441 وثب عليه أخوه زعيم الدولة بركة ، فقبض عليه ، وقيده ، وحبسه في قلعة الجراحية ، إحدي قلاع الموصل ، ولما توفي بركة ، خلفه ابن أخيه أبو المعالي قريش بن بدران ، وكان أول ما فعله ، أن قتل عمه قرواش في السنة 444 ، وكان قرواش كريما ، وهاب نهابا ، وقد مدحه كثير من الشعراء ، ومن جملة مادحيه الطاهر الجزري ، وله فيه ، وهو من باب الاستطراد من علم البديع :

وليل كوجه البرقعيدي ظلم**** وبرد أغانيه، وطول قرونه

سريت ونومي فيه نوم مشرد**** كعقل سليمان بن فهد ودينه

علي أولق فيه انزعاج كأنه**** أبو جابر في طيشه وجنونه

إلي أن بدا ضوء الصباح كأنه**** سنا وجه قرواش وضوء جبينه

وقد سبقه إلي هذا اللون من الإستطراد ، البحتري ، في قوله في فرس :

ما إن يعاف قذي ولو أوردته**** يومأ خلائق حمدويه الأحول

ولابن عنين الدمشقي ، أبيات من هذا اللون ، في فقيهين دمشقيين ،

ص: 355

تناظرا ، وكان أحدهما ينبز بالبغل ، والآخر بالجاموس ، قال : ( وفيات الأعيان 263/5 - 268 ).

البغل والجاموس في جدليهما**** قد أصبحا عظه لكل مناظر

برزا عشية ليلة فتباحثا ****هذا بقرنيه وذا بالحافر

ما أتقنا غير الصباح كأنما**** لقنا جدال المرتضي بن عساكر

لفظ طويل تحت معني قاصر**** كالعقل في عبد اللطيف الناظر

اثنان مالهما وحقك ثالث**** إلا رقاعة مدلويه الشاعر

وفي السنة 445 اعتقل المعتضد بن عباد ، صاحب إشبيلية ، عز الدولة ، محمد بن نوح الزناتي ، صاحب مدينة مورور ، بالأندلس ، وحبسه في حمام بإشبيلية ، وكبله بالحديد ، مع بعض أمراء زناته ، ثم قتله ، وسبب ذلك أنه بايع للمهدي الحمودي ، فأغضب ذلك المعتضد، وقد وجد رأس محمد ، ورؤوس الزناتين الأخرين بعد مدة ، في صندوق بقصر المعتضد، كان يحتفظ به رؤوس الملوك والرؤساء الذين قتلهم . ( الاعلام 349/7 ).

وفي السنة 446 توقي القائد بن حماد بن بلكين ، بإفريقية ، وخلفه ولده محسن ، فبادر عند تقلده الحكم ، فقتل أربعة من أعمامه ، وفي السنة 447 بعث إلي ابن عمه بلكين بن محمد ، ليحضر ، فلما قرب منه ، أوصي أتباعه بقتله ، وكان بلكين محسنا إليهم ، فأخبروه ، فحاربه ، ففر محسن ، فأدركه بلكين ، وقتله ، واستولي علي قلعته ( ابن الأثير 355/9 ، 600، 601)

وفي السنة 448 تقدم رئيس الرؤساء ابن المسلمة ، وكان شديدا علي الشيعة ، إلي صاحب المعونة ابن النسوي ، بقتل أبي عبد الله بن الجلاب ، شيخ البزاز بن بباب الطاق « لما كان يتظاهر به من الغلو في الرفض ، فقتل ، وصلب علي باب دكانه ( المنتظم 8/ 172 و 173 ).

ص: 356

وفي السنة 448 قتل السامي بالله إدريس بن يحيي من آل حمود العلويين ، من ملوك الحموديين في مالقة وسبتة والأندلس ، وكان قد خلف عمه محمد بن إدريس ، ثم ترك الحكم ، فاعتقل ، وسيق إلي سبتة ، فقتل . (الاعلام 269/1 ) . .

وفي السنة 449 اكتشف المعتضد اللخمي ، صاحب إشبيلية ، واسمه عباد بن محمد ، أن ولده إسماعيل ، وهو خليفته ، وولي عهده ، يأتمر به ، فحبسه في قصره ، ثم أحضره ، وقتله بيده ، وقتل الوزير الذي تواطأ معه ، وآخرين ( الاعلام 30/4 ) .

وفي السنة 450 وثب علي السلطان فرخ زاد الغزنوي ، مماليكه ، واتفقوا علي قتله ، وقصدوه وهو في الحمام ، وكان معه سيف ، فسله ، وقاتلهم ، ومنعهم حتي أدركه أصحابه وخلصوه ، وقتلوا أولئك الغلمان . ( ابن الأثير 5/10) .

وفي السنة 452 قتل أمير اليمن المؤيد نجاح ، قتله علي الصليحي ، فخلفه ولده سعيد الأحول الذي توفي في السنة 481، ونجاح هذا عبد حبشي أسس دولة في اليمن في السنة 412، واستمر في حكم اليمن حتي قتله علي الصليحي في السنة 452 ( معجم انساب الأسر الحاكمة 179 و181).

وفي السنة 454 قتل سلطان المغرب الأوسط بلكين بن محمد، من بني حماد ، وكانت حاضرته قلعة بني حماد بإفريقية ( معجم انساب الاسر الحاكمة 110) .

وفي السنة 456 توفي بلكين بن باديس الصنهاجي ، صاحب إفريقية ، فاتهم والده باديس جواري ولده ، وبعض فتيانه وبني عمه ، فقتلهم ، وفي السنة 459 اتهم وزيرة اليهودي ابن نفراله ، بأنه هو الذي دس السم لولده بلكين ، فقتله ( الاحاطة 439 - 442) .

ص: 357

وفي السنة 456 قتل الوزير عميد الملك الكندري ، بأمر من السلطان ألب أرسلان ، وكان الكندري وزيرة للسلطان طغرلبك ، فلما تسلطن ألب أرسلان ، بعث به إلي مروالروذ ، ثم أرتاب فيه ، فبعث غلمان لقتله ، فدخلوا عليه ، فقال له أحدهم : قم ، فصل ركعتين ، وتب إلي الله تعالي ، فعرف ما يراد به ، وقال : أدخل فأودع أهلي ، ودخل إلي زوجته ، فارتفع الصياح ، وتعلق به الجواري ، ونشرن شعورهن، وحثين التراب علي رؤوسهن ، فدخل إليه الغلام ، وقال له : قم ، فقال : خذ بيدي ، فقد منعني الجواري من الخروج ، وخرج إلي مسجد كان هناك ، فصلي ركعتين ، ثم مشي حافية إلي وراء المسجد ، فجلس ، وخلع فرجية سمور عليه ، فأعطاهم إياها، وخرق قميصه وسراويله ، حتي لا يؤخذا ، وجاءوه بشاروفة ، فقال : لست بعيار ولا لص فأخنق ، والسيف أروح لي ، فشدوا عينيه بخرقة خرقها من طرف كمه ، وضربوه بالسيف ، وأخذوا رأسه ، وتركوا جثته ، فأخذتها أخته إلي بلده كندر ، وكان عمره نيفا وأربعين سنة ( المنتظم 239/8)

أقول : كان السلطان قد غضب علي الكندري ، فخصاه بخوارزم ، وقد أثبتنا هذا الخبر في موضعه من هذا الكتاب ، قال ابن خلكان ، في وفيات الأعيان 142/5 : من العجائب ان الكندري أريق دمه بمروالروذ ، ودفنت جثته بكندر ، وحمل رأسه إلي نيسابور حيث دفن هناك ، وكانت مذاكيره قد دفنت بخوارزم .

وفي السنة 457 استولي الجلالقة ، علي مدينة قلمرية ، وكانت تحت حكم المظفر بن الأفطس ، صاحب بطليموس ، وكان استيلاء الجلالقة عليها بخيانة أميرها وهو أحد عبيد المظفر ، فضرب المظفر عنقه . ( الاعلام 102/7)

ص: 358

وفي السنة 457 علي أثر المعركة الطاحنة التي انتصر فيها تميم بن المعز ، صاحب إفريقية ، علي ابن عمه الناصر بن علناس ، آثر تميم إصلاح ذات البين ، وبعث رسولا منه اسمه محمد بن البعبع ، وكان تميم قد أفضل عليه إفضا تاما ، فلما ذهب محمد إلي الناصر ، غدر بتميم ، وحسن للناصر أن يستولي علي ملك ابن عمه تميم ، واتفق معه علي أن يتجسس له أخبار تميم ، وحدث أن أطلع تميم علي خيانة رسوله ، فأحضره ، وكاشفه ، فقال له الرسول : العفو يا مولانا ، فقال له تميم : لا عفا الله عنك ، وأمر به فقتل ، وغرقت جثته ( ابن الأثير 47/10 - 49) .

وفي السنة 460 قتل المعتضد بن عباد ، صاحب إشبيلية ، أبا حفص عمر بن حسن الهوزني ، شاعر ، عالم ، سياسي، من أهل إشبيلية ، كان من أصحاب المعتضد ، ثم فارقه عاتبأ ، ثم عاد إليه ، فقتله بيده ، في قصره ، ودفنه داخل القصر بثيابه وقلنسوته . ( الاعلام 201/5 ).

وفي السنة 465 قتل السلطان ألب أرسلان السلجوقي ، لما عبر جيحون ، جاءه أصحابه بمستحفظ قلعة يعرف بيوسف الخوارزمي ، فأمر أن تضرب له أربعة أوتاد ، وتشد أطرافه إليها ، فقال له يوسف : يا مخنث ، مثلي يقتل هذه القتلة ؟ فغضب السلطان ، وقال للغلمان : خلوه ، وأخذ القوس والنشاب ، وكان راميا لا يخطيء سهمه ، فوثب يوسف يريده ، فلما رأي السلطان ذلك ، قام عن سدته ، ونزل عنها ، فعثر ووقع علي وجهه ، فبرك عليه يوسف ، وضربه بسكين كانت معه في خاصرته ، وضرب أحد الفراشين ، يوسف ، بمرزبة علي رأسه ، فقتله ، وقطعه الأتراك ، ومات السلطان بعد أربعة أيام . ( ابن الأثير 73/10 ).

وفي السنة 465 قتل ناصر الدولة الحمداني ، بمصر ، وهو أبو علي الحسن بن حمدان من أحفاد الأمير ناصر الدولة الحمداني صاحب الموصل ، وسبب قتله أن أم المستنصر الفاطمي ، كانت قد عينت أبا سعيد إبراهيم

ص: 359

التستري اليهودي ، وزيرا لها ، فأشار عليها أن تستوزر أبا نصر الفلاحي ، فاستوزرته للمستنصر ، وخشي الفلاحي علي مركزه من التستري ، فوضع غلمانا علي قتل اليهودي ، فقتلوه ، فغضبت أم المستنصر ، وأغرت به ولدها ، فقتله ، وولي الوزارة أبو محمد اليازوري ، فقتل، وكان ناصر الدولة ، أكبر قائد بمصر ، فتولي تدبير الأمور ، وحصلت بين الجند الأتراك ، وبين العبيد ، معارك ضارية ، أبادت العبيد ، وأضعفت الأتراك ، فعظم أمر ناصر الدولة ، وحاربه الأتراك ، فانتصر عليهم ، وكاتب الخليفة العباسي ببغداد ، ليخطب له بمصر ، فتآمر عليه قواد الأتراك ، ودخلوا عليه سحرا ، فضربوه بالسيوف ، وقتلوه ، وقتلوا أخاه فخر العرب ، كما قتلوا أخاه الثالث تاج المعالي ، فانقطع ذكر الحمدانية بمصر . ( ابن الأثير 80/10 – 87 ).

وفي السنة 471 سير أمير الجيوش بدر ، عسكرأ من مصر ، فحصر دمشق ، فاستنجد صاحبها إقسيس ، بتاج الدولة تتش السلجوقي ، فسارتش النصرته ، فلما وصل تتش إلي الشام ، انصرف المصريون ، وخرج إقسيس التلقيه عند سور البلد ، فاغتاظ منه تتش حيث لم يبعد في تلقيه ، فاعتذر له إقسيس بأعذار لم يقبلها تتش ، فقبض عليه ، وقتله من ساعته . ( ابن الأثير 111/10)

وفي السنة 479 قتل ببغداد رجلان ، كان السبب في قتلهما أن امرأة كانت تطر ( أي إنها نشالة ) وتأخذ أموال الناس وتنفق عليهما، ثم مالت إلي أحدهما دون الآخر، فظفر به الآخر فقتله ، فظفرت بالقاتل ، أخت المقتول ، فجرحته فجاء أخوها فقتله ، وقبرا من ساعتهمار المنتظم 26/9 ).

ولما أسر المعتمد بن عباد اللخمي ، صاحب إشبيلية وقرطبة ، في السنة 484 لما اقتحم عليه المرابطون إشبيلية ، قتل ولداه الفتح ويزيد بين يديه صبرا ( ابن الأثير 191/10 ).

ص: 360

أقول : في هذا القول نظر ، فإن المراكشي ، وهو أعلم بالموضوع ، ذكر في المعجب ص 206 و205 إن ولدي المعتمد، أبا خالد يزيد الراضي ، والمعتد بالله ، كان معتصمين بمعقلين من معاقل الأندلس الحصينة ، وإن أباهما كتب إليهما ، يتول أن يستسلما ، فنزلا بعد عهود مبرمة ، ومواثيق محكمة ، فغدر المرابطون بهما ، وقتلاهما ، وقد بسطنا هذا الخبر في بحث الغدر من هذا الكتاب ، القسم الثالث : القتل غدرة من الفصل الأول : القتل بالسيف ، من الباب الحادي عشر : القتل .

وفي السنة 485 حصر جيش المرابطين ، عمر بن الأفطس ، صاحب بطليوس ، وكان قد أعان المرابطين ، علي محاربة المعتمد بن عباد صاحب إشبيلية ، فلما فرغ المرابطون من المعتمد، وأسروه ، واستولوا علي إشبيلية ، وحملوا المعتمد إلي أغمات بالمغرب وسجنوه. بها ، قصد جيش المرابطين ، بطليوس ، وحاربوه ، وفتحوا بلده ، وأسروه ، وأسروا ولديه ، فلما عرضوا علي السيف ، قال عمر : قدموا ولدي للقتل قبلي حتي أحتسبهما ، ويكونا في صحيفتي ، فقتل ولداه قبله ، وقتل هو من بعدهما ( ابن الأثير 193/10 ).

أقول : عمر بن الأفطس هذا هو المتوكل علي الله أبو محمد عمر بن المظفر ، كان يملك بطليوس وأعمالها ، ويابره ، وشنترين ، وإشبونة ، وله قدم راسخة في صناعة النظم والنثر ، مع شجاعة مفرطة ، وفروسية تامة ، وكانت أيامه وأيام سلفه بالأندلس أعيادومواسم ، وكانوا ملجأ لأهل الآداب ، خلدت فيهم ولهم قصائد أشادت بمآثرهم وأبقت علي غابر الدهر حميد ذكرهم ، وفيهم نظم الوزير ابن عبدون ، قصيدته الشهيرة ، في خمسة وسبعين بيتا ، التي مطلعها : ( المعجب للمراكشي 127 - 140).

الدهر يفجع بعد العين بالأثر ****فما البكاء علي الأشباح والصور

ص: 361

ومنها :

بني المظفر والأيام ما برحت**** مراح والوري منها علي سفر

سحقا ليومكم يومأ ولا حملت**** بمثله ليلة في سالف العمر

من للأسرة أو من للأعنة أو ****من للأسنة يهديها إلي الثغر

من الليراعة أو من للبراعة أو**** من للسماحة أو للنفع والضرر

أودفع كارثة ، أو ردع ازفة**** أو قمع حادثة ، تعيا علي القدر

وفي السنة 486 هجم غلمان نظام الملك ، علي تاج الملك أبي الغنائم المرزبان بن خسرو ، وكان متهما بالمواطأة علي قتل نظام الملك ، فقطعوه إربا إربا ، وفضلوه أجزاء ، وحملت إلي بغداد إحدي أصابعه . ( المنتظم 9/ 74 وابن الأثير 216/10 ) .

وفي السنة 486 حرضت تركان خاتون ، زوجة السلطان ملكشاه ، إسماعيل ياقوتي ، وهو خال بركياروق ، وابن عم السلطان ملكشاه ، أن يحارب بركياروق ، وأطعمته في الزواج بها ، وأمدته بجند ، فحارب بركياروق ، وانكسر ، فانحاز إلي جانب تركان خاتون ، فرفضه قوادها ، وطردوه ، فعاد إلي بركياروق ، فأتهمه قواد بركياروق ، ووثبوا عليه فقتلوه . ( ابن الأثير 224/10 ) .

وفي السنة 486 كان إبراهيم بن قريش بن بدران يملك الموصل، فحاربه تاج الدولة تتش بن ألب أرسلان ، فظفر تتش ، وأسر إبراهيم وجماعة من أمراء العرب ، فقتلهم صبرا ( ابن الأثير 221/10 ) .

وفي السنة 486 عصي عامل صور للمستنصر الفاطمي ، واسمه منير الدولة الجيوشي علي المستنصر ، فسير إليه عسكرأ فتحوا صور ، وأخذ منير الدولة ومن معه من أصحابه محمولين إلي مصر ، فقتلوا هناك بأجمعهم ، ولم يعف عن أحد منهم ( ابن الأثير 223/10 ) .

ص: 362

وفي السنة 486 قتل السلطان بركياروق ، الأمير بلبرد ، أحد أمرائه الكبار ، وكان من كبار أمراء السلطان ملكشاه ، وزاده بركياروق اقطاع كوهرائين وشحنكية بغداد ، إذ بلغ السلطان بركياروق عنه ، إنه تكلم فيما يتعلق بوالدته ( والدة السلطان ) بكلام شنيع فأصبح مقتولا ( ابن الأثير 226/10)

وفي السنة 486 قتل الأمير أبو نصر علي بن هبة الله بن علي بن جعفر ، المعروف بابن ماكولا مصنف كتاب الإكمال ، قتله غلمانه الأتراك بكرمان ( ابن الأثير 227/10 ).

وفي السنة 487 سار تاج الدولة تتش ، صاحب دمشق ، قاصدأ أخذ حلب من قسيم الدولة أقسنقر ، ونشبت بينهما معركة ضارية ، ففر أصحاب أقسنقر ، وثبت هو ، فأسر ، وأحضر عند تتش ، فقال له : لو ظفرت بي ، ما كنت صنعت ؟ قال : كنت أقتلك ، فقال له : أنا أحكم عليك ، بما كنت حكمت به علي ، فقتله صبرة . ( ابن الأثير 232/10 ).

وفي السنة 487 استولي تاج الدولة تتش علي حلب ، وأسر الأميرين كربوقا وبوزان ، وأراد أن يستولي علي حران والرها ، وكانتا لبوزان ، فامتنع حفظتها من تسليمها إليه ، فقطع عنق بوزان ، وبعث إليهم برأسه ، فسلموا البلدين . ( ابن الأثير 232/10 ).

وكان الأمير تتش بن ألب أرسلان ، قد استنجد به أتسز الخوارزمي ، صاحب دمشق ، فجاء بجيشه إلي دمشق ، وقتل أتسز واستولي علي الشام ، كما قتل آق سنقر ، وبوزان ، وجماعة من أمرائهم ، واما من جملتهم بكجور ، فإنه فر منه ، فقبض علي أولاده الستة وقتلهم ، ثم صاف الأمير تتش ، بركياروق إبن أخيه ملكشاه ، فجاء بكجور إلي بركياروق وهو يبكي ، وقال له : إن عمك قتل أولادي ، وأنا قاتله بأولادي ، فقال له : إفعل ، فهاجمه في المعركة ، وقتله ( النجوم الزاهرة 155/5 ) .

ص: 363

وفي السنة 488 قتل أحمد خان بن خضر ، والي بخاري للسلاجقة ، وكان السلطان ملكشاه قد أسره في السنة 482 ( معجم أنساب الأسرات الحاكمة 312) .

وفي السنة 489 صادر أرسلان أرغون ، صاحب خراسان ، وزيره عماد الملك أبا القاسم بن نظام الملك ، علي ثلثمائة ألف دينار ، ثم قتله ( ابن الأثير 264/10 ).

وفي السنة 489 تحرك بحلب إنسان يلقب بالمجن ، كان سوادية يشق الخشب ، ثم صار رئيس الأحداث بها ، وصار له أتباع كثيرون ، فسيطر علي حلب ، وقتل أناسا فيها، فحدثته نفسه أن يتفرد في الحكم عن الملك رضوان ، وأحس رضوان بذلك ، فقصده ، فاختفي ، ثم اعتقل بعد ثلاثة أيام ، فأخذ ، وعوقب ، وعذب ثم قتل هو أولاده . ( ابن الأثير 255/10 ، 256)

وفي السنة 490 قتل عثمان ، وكيل دار نظام الملك ، اتهم بأنه يكاتب صاحب غزنة بأخبار السلطان ، فأخذ وحبس ، ثم اطلع عليه في الحبس مستمر علي المكاتبة ، فقتل . ( ابن الأثير 270/10 ) .

وفي السنة 490 قتل الأمير أرسلان أرغون ، أخو السلطان ملكشاه ، وكان سبب قتله إنه كان شديد علي غلمانه ، فاتفق إنه طلب غلامأ له ، فدخل عليه وليس معه أحد ، فأنكر عليه تأخره ، فاعتذر ، فلم يقبل عذره ، وضربه ، فأخرج الغلام سكينا معه وقتله ، وأخذ الغلام ، فقيل له : لم فعلت هذا ؟ فقال : لأريح الناس من ظلمه ( ابن الأثير 262/10 ) .

وفي السنة 490 قصد الأمير مسعود بن تاجر ، وكان له منزلة عظيمة عند السلاجقة ، وكان أبوه مقدم عسكر داود ، جد الملك ملكشاه ، قصد الأمير آخور زائرأ له ، ومعه ولده ، فأخذهما أمير آخور وقتلهما، وفي السنة 492

ص: 364

أرسل امير آخور ، وجماعة من القواد الي السلطان بركياروق ، يطلبون منه أن يسلم إليهم مجد الملك البلاساني ، مستشاره ، ليقتلوه ، فحاول السلطان أن يحميه ، فلم يتمكن ، وأسلمه ، فقتل ، وفي السنة 493 هلك المير آخور ، فائهم مؤيد الملك وزير السلطان محمد ، بأنه قد دس السم له وقوي هذا الظن ، أن وزير المير آخور هرب عقيب موته ، فقبض عليه وقتل ، وكان أمير آخور قد اتخذ الأمير إياز بمثابة الولد ، وأوصي له بجميع أمواله ، فأخذ الأمير إياز يطالب مؤيد الملك بدم المير آخور ، وغاضب السلطان محمد من أجل ذلك ، وانحاز الي السلطان بركياروق ، واقتتل الأخوان ، وكان مع السلطان بركياروق خمسون ألفا ، ومع أخيه السلطان محمد خمسة عشر ألفة ، فانتصر بركياروق ، وانهزم محمد ، وأسر وزيره مؤيد الملك ، وحمل إلي السلطان بركياروق فقتله ، وسنه اذ ذاك خمسون سنة ( ابن الأثير 264/10 ).

أقول : ذكر صاحب كتاب الأعلام 347/4 إن مقتل الوزير جري في السنة 495 وإن الذي قتله هو السلطان بركياروق ، قتله بيده ، اما ابن الأثير 264/10 فقد ذكر إن مقتل الوزير حصل في السنة 493 وان الذي قتله هو الأمير إياز .

وفي السنة 490 (1096م) قام أميكو الالماني بقيادة حملة صليبية ، وأوهم الناس أن المسيح نصبه إمبراطورة علي بيت المقدس ، وهاجم مدينة شباير في ألمانيا ، وقام بمذبحة في الحي اليهودي بالمدينة ، وقتل منهم أحد عشر زعيما دينيا ، وهدموا المعبد، ومزقوا التوراة ، وساقوا الزعيم موسي بن إسحاق إلي المعبد، حيث أعدموه هناك (علاقات بين الشرق والغرب51و50)

وفي السنة 490 لما اجتازت الحملة الصليبية الأولي بلاد الشام ، مروا بالمعرة ، واستولوا عليها ، ووضعوا السيف في أهلها ، فقتلوا منهم ما يزيد علي مائة ألف إنسان ، وسبوا منهم ، ثم ساروا عن المعرة بعد أن قتلوا أهلها، وقطعوا أشجارها، وذكر أحد المؤرخين إن الصليبيين قتلوا أهل

ص: 365

المعرة ، حتي الذين اعتصموا بالجوامع ، وأختبأوا في السراديب ، وهدموا أسوارها وأبراجها ، وأحرقوا مساجدها، وكسروا منابرها، وهدموا دورها ، ولما جاعوا أخذوا يأكلون جثث الموتي ( خطط الشام 281/1 ) .

وفي السنة 492 قتل بنيسابور ، الفقيه أبو القاسم ابن إمام الحرمين أبي المعالي الجويني ، وكان خطيب نيسابور ، فاتهم العامة أبا البركات الثعلبي بأنه هو الذي سعي في قتله ، فوثبوا به ، فقتلوه ، وأكلوا لحمه ( ابن الأثير 291/10)

وفي السنة 492 قتل مجد الملك البلاساني ، أبو الفضل أسعد بن محمد، وكان متحكما في دولة السلطان بركياروق ، وكان سبب قتله أن الباطنية ، والواقتل الأمراء الأكابر في الدولة ، فنسب ذلك إلي مجد الملك ، وتظافر الأمراء علي مطالبة السلطان بتسليم مجد الملك إليهم لقتله ، فأبي عليهم ، فأرسل مجد الملك إلي السلطان ، يقول : المصلحة أن تحفظ أمراء دولتك ، وتقتلني أنت ، فلم تطب نفس السلطان بقتله ، وأرسل إليهم واستحلفهم علي أنه إن سلمه إليهم ، فإنهم يحبسونه في إحدي القلاع ، فحلفوا ، فسلمه إليهم ، فقتله الغلمان قبل وصوله إليهم . ( ابن الأثير 289/10 و290 ).

وفي السنة 492 لما استولي الصليبيون علي بيت المقدس ، أخذوا يقتلون في المسلمين أسبوعا كاملا، وقتل من المسلمين في المسجد الأقصي ما يزيد علي سبعين ألفا ، منهم جماعة كثيرة من أئمة المسلمين وعلمائهم وعبادهم وزهادهم، ممن جاور في ذلك الموضع الشريف ( خطط الشام 282/1)

وجاء في كتاب «علاقات بين الشرق والغرب ص 71 ، إنه في السنة 492 (1099م) استولي الصليبيون علي بيت المقدس . وقاموا بمذبحة

ص: 366

وخاض رجالهم فيها بالدماء إلي ركبهم ، واندفعوا يذبحون كل من رأوه ، حتي الذين استسلموا وأسروا ، وجمعوا اليهود في معبدهم ، ثم أحرقوا المعبد ، وأحرقوهم في داخله .

وفي السنة 493 قتل الأمير بلكابك سرمز، بأصبهان ، بدار السلطان محمد ، وكان كثير الإحتياط من الباطنية ، لا يفارقه لبس الدرع ، ففي ذلك اليوم لم يلبس درعا ، فهاجمه اثنان من الباطنية ، وقتلاه ، فقتل أحدهما ، ونجا الأخر . ( ابن الأثير 301/10 ).

وفي السنة 493 عزل الوزير عميد الدولة بن جهير ، وصودر علي خمسة وعشرين ألف دينار ، وقبض عليه وعلي إخوته ، وحبس في دار الخلافة ، فمات في حبسه بعد شهر من اعتقاله ( ابن الأثير 299/10 ).

أقول : موت الوزير ، بعد حبسه بشهر ، يعني إنه قتل ، ومما يبعث علي التأمل ، ما ذكره ابن الأثير 337/10 إنه في السنة 493 بيع رحل بني جهير ودورهم بباب العامة ، ووصل ثمن ذلك إلي مؤيد الملك بن نظام الملك ، وزير السلطان محمد ، ولما قتل مؤيد الملك في السنة 494 أخذ ماله وبركه ، وحمل إلي الوزير الأعين أبي المحاسن ، وفي السنة 495 قتل الوزير الأعز أبو المحاسن ، وبيع رحله واقتسمت أمواله ، وأخذ السلطان ، والوزير الذي ولي بعده ، أبو منصور الميذي ، أكثر أمواله ، وتفرق الباقي أيدي سبا ، قال ابن الأثير : وهذه عاقبة خدمة الملوك .

وفي السنة 493 فتح تميم بن المعز، صاحب إفريقية ، مدينة سفاقس ، وكان صاحبها حمو قد تغلب عليها ، واشتد أمره بوزير كان عنده ، حسن الرأي والتدبير ، فأرسل إليه تميم يطلبه ليستخدمه ، ووعده ، وبالغ في استمالته ، فلم يقبل، فسير تميم جيشا لحصار سفاقس ، وأمر الأمير مقدم الجيش ، أن يهدم ما حول المدينة ويحرقه ، ويقطع الأشجار ، سوي ما يعود

ص: 367

لذلك الوزير ، فلا يتعرض له ، ويبالغ في صيانته ، ففعل ذلك ، فلما رأي حمو ذلك ، اتهم وزيره ، فقتله ، فانتشر أمره ، وأنحل نظام دولته ، واستولي جند تميم علي المدينة ( ابن الأثير 298/10 ).

وفي السنة 493 نشبت معركة بين السلطان بركياروق ، وأخيه السلطان سنجر ، وكان أمير داذ حبشي صاحب خراسان وطبرستان وجرجان ، مع بركياروق ، فأنكسر بركياروق ، وأسر أمير داذ حبشي ، فقتل. ( ابن الأثير 297/10).

وفي السنة 494 اتهم تيران شاه بن توران شاه بن قاورت بك ، صاحب كرمان ، بالنحلة الباطنية ، أفسده انسان إسمه أبو زرعة ، فطردهما أهالي كرمان ، ونصبوا مكانه واليأ ، إسمه أرسلان شاه ، فجرد أرسلان وراءهما عسكر ، فقتلهما . ( ابن الأثير 321/10 ) .

وفي السنة 494 قتل جاوولي سقاووه ، صاحب رامهرمز وأرجان ، كثيرة من الباطنية ، فإنهم ملكوا قلاعأ بخوزستان وفارس ، وعظم شرهم ، فوافق جماعة من أصحابه ، أظهروا الشغب عليه ، وفارقوه إلي الباطنية ، واستقروا معهم ، ثم إنه أظهر رغبته في مفارقة بلاده ، وحمل أمواله وسار ، فنزل الباطنية لسلب أمواله ، فلما تقابلوا ، إنحاز إليه أصحابه الذين لجأوا إليهم ، واتفقوا عليهم فأبادوهم ، ولم يفلت منهم إلا ثلاثة نفر ( ابن الأثير 319/10 و 320).

وفي السنة 494 قتل السلطان بركياروق كل من اتهم بأنه من الباطنية في عسكره ، وسبب ذلك أنهم ازدادوا في عسكره حتي خيف أن يستولوا علي العسكر وأصبح الناس يتهمونه بأنه من مذهبهم . ( ابن الأثير 313/10 و322). وكان أول قتيل قتله الباطنية ، مؤن من أهالي ساوة ، دعوه إلي نحلتهم ، فأباها ، فخافوا أن ينم عليهم ، فقتلوه ، وبلغ ذلك نظام الملك ،

ص: 368

فأمر بأخذ من يتهم بقتله ، فأخذ نجار اسمه طاهر ، فقتل ، ومثل به ، وجروا برجله في الأسواق فهو أول قتيل منهم ، وكان والد هذا النجار واعظ ، قدم بغداد ، ثم قصد البصرة ، وتوجه في رسالة إلي كرمان ، فاتهم بأنه باطني ، وقتلته العامة . ( ابن الأثير 313/10 ) .

وهجا الشاعر أبو بكر الأبيض ، الزبير بن عمر ، أمير قرطبة للملئمين ، فقتله .

وتفصيل ذلك : إن أبا بكر الأبيض هجا الزبير ، أمير قرطبة ، فقال :

عكف الزبير علي الضلالة جاهدة****ووزيره المشهور كلب النار

ما زال يأخذ سجدة في سجدة**** بين الكؤوس ونغمة الأوتار

فإذا أعتراه السهو سبح خلفه ،****صوت القيان ورتة المزمار

وبلغ قوله الزبير ، فأحضره ، وقرعه ، فقال له الأبيض : إني لم أر أحق منك بالهجو ، ولو علمت بما أنت فيه من المخازي لهجوت نفسك ، فأمر بقتله ، فقتل ( نفح الطيب 490/3 ) .

أقول : أبو بكر محمد بن أحمد الاشبيلي الأنصاري ، الملقب بالأبيض ، كان من فحول الشعراء ، ومما يؤثر عنه إنه سئل عن كلمة لغوية ، فلم يجب ، فالي علي نفسه ، أن يقيد نفسه بقيد حديد ، ولا ينزعه عنه حتي يحفظ « الغريب المصنف ، ودخلت عليه أمه وهو في الحديد ، فجزعت ، فقال :

ريعت عجوزي أن رأتني لابسة**** حلق الحديد ومثل ذاك يروع

قالت : جننت ؟ فقلت : بل هي همة ****هي عنصر العلياء والينبوع

سن الفرزدق سته فتبعتها ****إني لما سن الكرام تبوع

ص: 369

وسنة الفرزدق أشار إليها ، هي أن الفرزدق قيد نفسه حتي حفظ القرآن ، وقد ذكرنا قصته في موضع آخر من هذا الكتاب ، راجع الباب الرابع : الحبس والقيد ، الفصل الثاني ، القسم الأول : القيد والغل .

وفي السنة 495 نشبت معركة بين عامة بغداد ، وبين عسكر الأمير إيلغازي بن أرتق ، شحنة بغداد ، وسببها ، أن جماعة من عسكر إيلغازي جاءوا ليعبروا دجلة ، فنادرا ملاح ليعبر بهم ، فتأخر ، فرماه أحدهم بنشابة ، فوقعت في مشعره ، فمات ، فأخذوا العامة القاتل، وقصدوا باب النوبي ، بدار الخلافة ، فلقيهم ولد إيلغازي في جماعة ، فاستنقذه ، فرجمهم العامة بسوق الثلاثاء ، فمضي إلي أبيه إيلغازي مستغيثا ، فعبر إيلغازي مع جنده إلي محلة الملاحين ، المعروفة بمربعة القطانين ، فنهبها، فعطف عليه العيارون ، فقتلوا أكثر جنده ، ونزل من سلم منهم في السفن ليعبروا دجلة ، فلما توطوها ، ألقي الملاحون أنفسهم في الماء ، وتركوهم فغرقوا . ( ابن الأثير 338/10 ).

وفي السنة 495 طمع قدرخان ، جبريل بن عمر ، صاحب سمرقند ، بالإستيلاء علي خراسان ، فقصد خراسان ، فبادر السلطان سنجر ، وحاربه ، ونشبت بينهما معركة ، فانكسر قدرخان ، وأسر ، فلما وصل أمام السلطان سنجر ، قبل الأرض واعتذر ، فقال له سنجر : إن خدمتنا ، أولم تخدمنا ، فما جزاؤك إلا السيف ، ثم أمر به فقتل . ( ابن الأثير 338/10 ) .

وفي السنة 495 قتل الأمير جناح الدولة الحسين بن ايتكين ، زوج خاتون أم الملك رضوان السلجوقي صاحب حلب ، قتله ثلاثة من الأعجام الإسماعيلية بعث بهم حكيم منجم بحمص اسماعيلي المذهب ، وقتلوا معه بعض أصحابه ، فأمسك الإسماعيلية وقتلوا ( اعلام النبلاء 348/10 ).

وفي السنة 502 قتل قاضي أصبهان عبيد الله بن علي الخطيبي

ص: 370

بهمذان ، وكان قد تجرد في أمر الباطنية ، تجرد عظيمة ، وصار يلبس درعة ، حذرا منهم ، ويحتاط ، ويحترز ، فقصده إنسان أعجمي ، يوم جمعة ، فقتله ، وكذلك قتل أبو العلاء صاعد بن محمد بن عبد الرحمن قاضي نيسابور ، قتله باطني ، وقتل الباطني . ( ابن الأثير 471/10 و472) .

وفي السنة 502 ، وصل إلي المهدية ، ثلاثة نفر غرباء ، وكتبوا إلي أميرها يحيي بن تميم ، يقولون : إنهم يعملون الكيمياء ، فأحضرهم ، وأمرهم بالعمل أمامه ، وقعد معهم ، هو والشريف أبو الحسن ، وقائد جيشه ، واسمه إبراهيم ، فلما رأي هؤلاء المكان خالية ، ثاروا بهم ، فضرب أحدهم يحيي بن تميم ، علي رأسه ، فوقعت السكين في عمامته فلم تصنع شيئا ، ورفسه يحيي فألقاه علي ظهره ، ودخل يحيي بابا وأغلقه علي نفسه ، وضرب الثاني الشريف فقتله ، أما القائد، فسل سيفه وقاتل ، ووقع الصوت ، فدخل أصحاب الأمير ، وقتلوا هؤلاء الغرباء الثلاثة . ( ابن الأثير 473/10)

وفي السنة 502 قتل رئيس سروج ، وكان مسلمأ ثم أرتد لما استولي النصاري علي سروج ، قتله بردويل القمص الأفرنجي ، صاحب سروج والرها وغيرهما ، وسبب ذلك : إن جاولي كان قد أسر بردويل ، وبقي في أسره خمس سنين ، ثم أطلقه بشروط ، وبعث معه من ينظر في تنفيذ ما اتفقا عليه ، وكان بسروج ثلثمائة مسلم ضعفي ، فعمر أصحاب جاولي مسجدهم ، فقال رئيس سروج المرتد، في الإسلام قولا شنيع ، فغضب أصحاب جاولي ، وضربوه ، وجري بينهم وبين الإفرنج نزاع بسبب ذلك ، فذكر ذلك للقمص بردويل ، فقال : هذا لا يصلح لنا ولا للمسلمين ، وقتله ( ابن الأثير 461/10 و462) .

وفي السنة 495 توقي قوام الدولة كرابوقا ، فاختلف علي الزعامة ، كل من سنقرجه ، وموسي التركماني ، فلما تلاقيا ، جرت بينهما محاورات ،

ص: 371

وجذب سنقرجة سيفه ، وضرب موسي صفحة علي رأسه ، فجذب موسي سنقرجه وألقاه علي الأرض ، وكان معه ولد منصور بن مروان ، الذي كان أبوه صاحب ديار بكر ، فجذب سكينا ، وضرب رأس سنقرجه ، فأبانه ، وصارت الموصل لموسي التركماني ، ولكن موسي لم يهنأ بالحكم ، فإن الغلمان القوامية ( نسبة الي قوام الدولة كرابوقا)، وثب عليه عدة منهم ، ورماه أحدهم بنشابة ، فقتله . ( ابن الأثير 341/10 - 343) .

وفي السنة 499 ظهر بنهاوند ، رجل من السواد ، ادعي النبوة ، وسمي أربعة من أصحابه : أبا بكر ، وعمر، وعثمان ، وعلي ، فأطاعه خلق كثير من السوادية ، وأتبعوه ، وباعوا أملاكهم ، ودفعوا إليه أثمانها ، فقتل بنهاوند . ( ابن الأثير 399/10 ).

وفي السنة 500 قصد الأمير جاولي سقاووه الموصل، وكانت في بد جكرمش ، فكسره وأسره ، ومات في يده ، فكتب قاضي الموصل أبو القاسم بن ودعان ، للأمير جاولي ، يقول له : إن قتلت أبا طالب بن كسيرات ، وهو من أعيان الموصل، سلمت الموصل إليك ، فقتله جاولي ، وبعث برأسه إليه ، فأظهر الشماتة به ، فغضب الأتراك من تصرف القاضي ابن ودعان ، وثاروا به فقتلوه ، وكان بين مقتلهما شهر واحد. ( ابن الأثير 424/10و424/10 و425) .

وفي السنة 503 توجه الوزير نظام الملك أحمد بن نظام الملك ، وزير السلطان محمد السلجوقي ، إلي الجامع ، فوثب به الباطنية ، فضربوه بالسكاكين ، فجرح في عنقه ومرض مدة ، ثم عوفي ، وأخذ الباطني الذي جرحه ، وسقي الخمر حتي سكر ، ثم سئل عن أصحابه ، فأقر علي جماعة بمسجد المأمونية ، فأخذوا وقتلوا ( ابن الأثير 478/10 ) .

وفي السنة 503 توفي فاتك بن جاش ، صاحب مدينة زبيد باليمن ،

ص: 372

فخلفه ولده منصور ، فثقل عليه تحكم وزيره أنيس الفاتكي ، فاستدعاه إليه ، وأمر به ، فقتل أمامه ( الاعلام 241/8 ).

وفي السنة 504 في أيام الأمر الفاطمي ، قصد بردويل الافرنجي صاحب القدس وعكا ويافا ، مصر ، فدخل الفرما ، وأحرقها ، وأحرق جامعها ومساجدها ، وقتل بها رجلا مقعدا وابنته ، ذبحها علي صدره ، ثم رحل وهو مريض ، فهلك في طريقه قبل وصوله إلي العريش ، فشق أصحابه بطنه ، ورموا حشوته هناك ، فهي ترجم إلي اليوم . ( وفيات الأعيان 301/5 ).

وفي السنة 508 قتل السلطان سنجر السلجوقي ، وزيره أبا جعفر محمد بن فخر الملك أبي المظفر بن نظام الملك ، ووجد له في أمواله من العين ألفا ألف دينار ، ومن الجوهر والأموال ما لا حد له . ( ابن الأثير 549/10 )

وفي السنة 510 هلك جاولي سقاووه ، صاحب فارس ، وكان السلطان محمد أقطعه فارس ، فخرج إليها من بغداد ، ومعه طفل من أولاد السلطان ، عمره سنتان ، إسمه : جغري ، فمر ببلاد الأمير بلدجي ، وكان قد علم الطفل جغري ، ابن السلطان ، أن يقول بالفارسية : خذوه ، وهو لا يعرف معناها ، فلما جاء الأمير بلدجي ، ليقدم التحية لابن السلطان ، قال الطفل بالفارسية : خذوه ، فأخذ وقتل ، وطلب جاولي سقاووه ، غيره من الأمراء ، فأبوا الحضور ، ومن جملتهم أبو سعد بن مما ، فاضطر إلي محاصرته في قلعته ، وبعث إليه رسولا ، فقتل الرسول ، وبعث إليه قوما من الصوفية ، فأطعمهم الهريسة والقطائف ، ثم أمر بهم فخبطت أدبارهم ، وألقوا في الشمس ، فهلكوا ، فاضطر جاولي أن يؤمن أبا سعد ، فخرج بالأمان ، ثم احتال عليه ، فقتله ، وفي السنة 009 توقي الطفل جغري ، وقد بلغ الخامسة ، ثم هلك جاولي من بعده . ( ابن الأثير 516/10 -520 ).

ص: 373

وفي السنة 513 نشبت حرب بين السلطان سنجر ، وبين ابن أخيه السلطان محمود ، فانكسر محمود ، وظفر سنجر بأتابكه غر أوغلي ، فقتله ، وكان غز أوغلي ظالمة . ( ابن الأثير 552/10 ).

وفي السنة 513 وقع صاحب زردنا، وهو القومس الأبرص روبارد ( روبرت ) أسيرة ، إذا سقط عن فرسه في المعركة ، فأسر ، وحمل إلي إيلغازي بظاهر حلب ، فأنفذه إلي أتابك طغتكين ، فقتله صبرة ( اعلام النبلاء 434/1)

وفي السنة 513 استولي علي بن سلمان علي البصرة ، وكانت في إقطاع الأمير آقسنقر البخاري ، فاتفق عليه أميران ، هما غز أوغلي وسنقر ألب ، وقبضا علي البخاري وقيداه ، ثم وثب عليه سنقرألب ، فقتله ، فوثب غزأوغلي علي سنقر ألب وقتله ، وكان غز أوغلي يحقد علي علي بن سكمان ، أمير الحاج ، أمورة ، فلما عاد علي مع الحاج ، أوعز غز أوغلي إلي الأعراب ، أن يقصدوا الحجاج ، وينهبوهم ، فتعرضوا للحجاج ، فقاتلهم علي بن سكمان ، وطردهم ، ولما وصل بالحجاج إلي البصرة ، منعه غزأوغلي من دخولها ، ثم خرج إليه فحاربه ، فقتل غزاوغلي ، وملك علي بن سلمان البصرة ( ابن الأثير 559/10 ).

وفي السنة 513 قتل الأمير منكوبرس شحنة بغداد ، وكان ظالما ، جائرة ، جسور علي المنكرات ، وكان قد خرج علي السلطان سنجر ، ولما انتصر سنجر علي ابن أخيه السلطان محمود ، جاء منكوبرس، ودخل علي السلطان سنجر ، ومعه سيف وكفن ، فقال له سنجر : أنا لا أؤاخذ أحدأ ، وسلمه إلي السلطان محمود ، وقال له : هذا مملوكك ، فاصنع به ما تريد ، فأخذه ، وكان في نفسه منه غيظ شديد، لتعديه ، وظلمه ، وجرأته علي المنكرات ، فقتله صبرا ( ابن الأثير 556/10 ).

ونصب الأمر الفاطمي ، الذي ولد بالقاهرة سنة 490، واستخلف وهو

ص: 374

طفل سنة 495، لوزرائه ، ففي السنة 515 قتل وزيره الأفضل ، واستوزر بعده ابن فاتك البطائحي ، ولقبه بالمأمون ، ثم قتله سنة 521 مع اخوته الخمسة ، ونصب بدلا من الوزير صاحبي ديوان أحدهما جعفر بن عبد المنعم ، والآخر سامري اسمه إبراهيم ومعهما مستوف ، يعرف بابن أبي نجاح كان راهبأ ، فظلم الراهب الناس ، وتفاقم شره ، حتي قبض عليه الأمر ، وأمر به فقتل ضربا بالنعال ، في مجلس الشرطة ، وجر إلي كرسي الجسر ، وسمر علي لوح ، وطرح في النيل ، وجذف ، حتي خرج إلي البحر الملح . ( خطط المقريزي 291/2 ).

وفي السنة 515 قتل العميد فخر الكتاب مؤيد الدين وزير السلطان مسعود ( معجم أنساب الأسر الحاكمة 340 ) .

وفي السنة 516 قتل الأمير جيوش بك ، صاحب أذربيجان ، قتله السلطان محمد بباب تبريز ( ابن الأثير 10/ 604).

وفي السنة 517 قتل السلطان محمود ، وزيره شمس الملك عثمان بن نظام الملك ، قبض عليه أولا ، وسلمه إلي طغايرك ، فبعثه إلي بلده خلخال ، فحبسه فيها ، وتحرك أبو نصر المستوفي ، أحمد بن حامد ، الملقب بالعزيز ، فأغري السلطان محمود بقتله ، فأمر بقتله ، فلما دخل عليه السياف ليقتله ، قال له : أمهلني حتي أصلي ركعتين ، فلما صلي جعل يرتعد ، وقال للسياف : سيفي أجود من سيفك ، فاقتلني به ، ولا تعذبني ، أما أبو نصر المستوفي ، الذي سعي في قتل شمس الملك ، فلم تطل أيامه حتي قتل في السنة 525 إذ اعتقله الأنساباذي ، وزير السلطان محمود ، وبعث به إلي مجاهد الدين بتكريت فقتله ( ابن الأثير 164/10 و 670) .

وفي السنة 518 قتل بجامع همذان ، أبو سعد محمد بن نصر الهروي ، وكان ينفذه الخليفة المستظهر العباسي في رسائله إلي الأقطار . ( الاعلام 347/7 ) .

ص: 375

وفي السنة 520 قتل أبو منصور محمد بن ناصر الصائغ الصراف ، الفقيه المحدث ، قبض عليه علاء الدولة كرشاسب بن علي بن فرامرز ، وحمله إلي طبس ، وقتله هناك ، ودفنه في البرية ( الوافي بالوفيات 107/5)

وفي السنة 523 شرع تاج الملوك بوري بن طغدكين ، صاحب دمشق ، في الترتيب لقتل وزيره المزدقاني، اتهمه بمباطنة الإسماعيلية ، فلما كان في سابع عشر رمضان ، وانصرف الناس من مجلسه ، قام الوزير للخروج ، فتقدم إليه بعض الأصحاب ، وأشغله بحديث ، ثم أشار تاج الملوك الإشارة التي قررها مع المرتبين له ، فوثبوا به فقتلوه ، وقطعوا رأسه ، وأمر بجثته فأخرجت إلي باب الحديد ( عيون التواريخ 203).

أقول : ثم فتك صاحب دمشق بالإسماعيلية ، فقتل منهم في السنة 523 ستة آلاف نفس ، اتهمهم بأنهم كاتبوا الإفرنج لكي يسلموا إليهم مدينة دمشق ( خطط الشام 4/2) .

وفي السنة 525 لما مرض السلطان محمود السلجوقي ، خاف وزيره أبو القاسم الأنساباذي ، من بعض الأمراء والأعيان ، فأرسل عزيز الدين أبا نصر أحمد بن حامد المستوفي ، مقبوض عليه ، إلي مجاهد الدين بهروز ، بتكريت ، فقتل هناك في السنة 526 ، أما الأمير أنوشتكين المعروف بشير كير ، وولده عمر ، وهو أمير حاجب السلطان ، فقتلا قبل وفاة السلطان . ( ابن الأثير 199/10 و 970 و 683 ).

وفي السنة 529 نشبت معركة بين السلطان سنجر ، وابن أخيه السلطان مسعود ، فانكسر مسعود ، وأسر الأمير قراجه الساقي من اصحاب مسعود ، فلما أحضر أمام السلطان سنجر ، قال له : با مفسد ، أي شيء كنت ترجو بقتالي ؟ قال : كنت أرجو أن أقتلك ، وأقيم سلطان أحكم عليه ، فقتله صبر . ( ابن الأثير 677/10 و678) .

ص: 376

وفي السنة 526 قتل السلطان محمود السلجوقي ، صاحب خزانته ، أحمد بن حامد الإصبهاني ، وكان قد اطلع علي سر من اسراره ، فخشي أن يفشيه ، فقبض عليه ببغداد ، وحبسه في قلعة تكريت ، ثم قتله . ( الاعلام 104/1)

وفي السنة 527 وثب أحد المماليك ، علي شمس الملوك صاحب دمشق ، وضربه بسيف ، فخابت الضربة ، فأخذ، وقرر ، فقال : أردت اراحة المسلمين من شرك وظلمك ، ولم يزل يضرب ، حتي أقر علي جماعة ، فأخذوا وقتلوا من غير تحقيق ، كما قتل شمس الملوك أخاه سونج . ( ابن الأثير 8/11 و9) .

وفي السنة 529 قتل محمد بن احمد بن خلف ، قاضي قرطبة ، قتل في جامع قرطبة ، وهو ساجد . ( الاعلام 210/6 ) .

وفي السنة 530 اتفق الأمراء بدمشق علي قتل الحاجب يوسف بن فيروز ، وبينما كان الحاجب يسير مع صاحب دمشق شمس الملوك ، وكان إلي جانب الحاجب الأمير بزاوش يحادثه ، إذ جرد بزاوش ، سيفه ، وضرب الحاجب فقتله ( ابن الأثير 39/11 ).

وفي السنة 532 نشبت حرب بين السلطان مسعود ، وبين الأمير منكوبرس صاحب فارس ، ونائبه بخوزستان الأمير بوزابه ، والأمير عبد الرحمن طغايرك صاحب خلخال ، والملك داود بن السلطان محمود ، فانتصر السلطان مسعود ، وأخذ الأمير منكوبرس أسيرأ، فقتل بين يديه صبرا ، وتفرق عسكر مسعود في اتباع المنهزمين ، فكر بوزابة ، وعبد الرحمن طغايرك علي عسكر مسعود ، ففروا ، وقبض بوزابة علي جماعة من أمراء السلطان مسعود ، منهم صدقة بن دبيس صاحب الحلة ، ومنهم ولد أتابك قراسنقر صاحب أذربيجان ، وعنتر بن أبي العسكر ، وغيرهم ، فلما بلغه قتل صاحبه منكوبرس ، قدمهم وقتلهم أجمعين . ( ابن الأثير 60/11 و61) .

ص: 377

وفي السنة 533 قتل السلطان مسعود وزيره كمال الدين محمد بن الحسين الخازن ، وسبب قتله أنه كان شجاعا ، عادلا ، كشف أشياء كانت مستورة ، يخان فيها ويسرق ، فثقل علي المتصرفين وأرباب الأعمال ، فأغروا به الأمراء ، لاسيما قراسنقر صاحب أذربيجان ، فإنه فارق السلطان وأرسل يقول : أما أن تنفذ رأس الوزير، وإلآ خدمنا سلطانا آخر ، فقتله السلطان علي كره منه ، وأرسل رأسه إلي قراسنقر ، وكانت وزارته سبعة أشهر . ( ابن الأثير 64/11 ).

وفي السنة 539 قتل الكاتب الأندلسي محمد بن يحيي الشلطيشي ، المعروف بابن القابلة ، وكان أثيرا عند صاحبه ابن قسي ، ثم نقم عليه فقتله ( الاعلام 7/8) .

وفي السنة 541 قتل السلطان مسعود ، الأمير عباس ، صاحب الري ، وكان السلطان يتخوف منه ، وكيفية قتله ، إنه دعي لمواجهة السلطان ، فلما دخل ، منع أصحابه من الدخول معه ، وعدلوا به إلي حجرة ، وقالوا له : اخلع الزردية : فقال : إن لي مع السلطان أيمانا وعهودة ، فلكموه ، وعندئذ تشاهد ، وخلع الزردية ، وألقاها ، فضربوه بالسيوف ، واحتوا رأسه ، وأخذوه للسلطان ، ، ومن الإتفاق العجيب ، أن العبادي الواعظ ، كان يعظ يوما ، وعباس صاحب الري حاضر ، فتواجد بعض أهل المجلس ، ورمي نفسه نحو عباس ، فضربه أصحابه ، ومنعوه من الإقتراب من عباس ، لأنه كان شديد الإحتراز من الباطنية ، لأنه قتل كثيرة منهم ، وكان ما يزال لابسة الزردية لا تفارقه ، ويحيط به غلمانه الأجلاد ، فقال له العبادي : يا أمير ، إلي م هذا الإحتراز ، واللله ، لئن قضي عليك بأمر ، لتحلن أنت بيدك أزرار الزردية ، فينفذ القضاء فيك ، فكان الأمر كما قال . ( ابن الأثير 117/11)

وفي السنة 541 أسر عبد المؤمن الموحدي ، آخر ملوك المرابطين بمراكش ، إبراهيم بن تاشفين بن علي بن يوسف اللمتوني ، وكان إبراهيم

ص: 378

صغير السن ، فأدركت عبد المؤمن عليه رأفة ، وأراد استبقاءه ، فقال له أحد أصحابه : أتحب أن تربي فرخ سبع ؟ فأمر بقتله ومن معه جميعا . ( الاعلام 27/1)

وفي السنة 542 لما ملك عبد المؤمن الموحدي ، مدينة مراكش ، أحضر أمامه الأمير إسحاق ، وجميع من معه من أمراء المرابطين ، فقتلوا ، وجعل إسحاق يرتعد رغبة في الحياة ، ويدعو لعبد المؤمن ، ويبكي ، فقام إليه الأمير سير بن الحاج ، وكان إلي جانبه مكتوفة ، وبزق في وجهه ، وقال له : تبكي علي أبيك وأمك ؟ إصبر صبر الرجال ، فهذا رجل لا يخاف الله ، ولا يدين بدين ، فقام إليه الموحدون بالخشب ، فضربوه ، حتي قتلوه ، وكان من الشجعان المعروفين ، وقدم إسحاق ، فضربت عنقه ، علي صغر سنه وهو اخر ملوك المرابطين . ( ابن الأثير 10/ 584 ) .

ولما بلغ الأمير بوزابة ، مقتل عباس صاحب الري ، خرج في جيشه من فارس و خوزستان لمحاربة السلطان مسعود ، والتقيا بمرج فراتكين ، فانكسر بوزابة ، وأسر ، وحمل إلي السلطان ، فقتل بين يديه في السنة 542. ( ابن الأثير 119/11 ).

وفي السنة 543 قتل الملك الأفضل رضوان ، وزير الحافظ الفاطمي ، وحمل رأسه إلي الحافظ ، فأرسله إلي زوجته ، فوضع الرأس في حجرها ، فقالت : هكذا يكون الرجال . ( ابن الأثير 49/11 ) .

وفي السنة 544 قتل دولت شاه بن بهرام شاه ، من آل البتكين ، قتله جهانسوز الغوري ( معجم انساب الأسر الحاكمة 418 ).

وفي السنة 544 توفي الحافظ الفاطمي ، فخلفه الظافر ، واستوزر ابن مصال ، فاستمرت وزارته أربعين يوما ، وقصده العادل بن السلار، من ثغر الاسكندرية ، فأصبح وزير بدله ، وسير ربيبه ، ابن زوجته ، واسمه عباس بن

ص: 379

أبي الفتوح ، إلي ابن مصال ، فظفر به وقتله ، وفي السنة 548 قتل عباس ، العادل ، وولي الوزارة مكانه ، وكان ولده نصر ، يعاشر الظافر ، فاتفق عباس وولده نصر علي الظافر وقتلاه ، في السنة 549 ، واتهم عباس أخوي الظافر بقتله ، فقتلهما ، فثار عليه المصريون جميعهم ، واستغاثوا بطلائع بن رژيك ، فقصد القاهرة ، وفر عباس وولده ، فلاقاهم الإفرنج في الطريق ، وقتلوا عباسأ ، وأسروا ولده نصر، وأعادوه إلي المصريين ، حيث عذب ، وقتل . ( ابن الأثير 142/11 ، 191 - 194 ).

وذكر أسامة بن مرشد في كتابه : الإعتبار ، إن الملك العادل ، وزير الظافر من السنة 544 إلي 548 ، اعتقل شابا اتهمه بتزوير التواقيع ، وأمر بضرب رقبته ( الاعتبار 10).

وفي السنة 546 قتل أبو القاسم أحمد بن الحسين بن قسي ، أول ثائر في الأندلس علي الملثمين ، ادعي الهداية ، وتسمي بالإمام ، واستولي علي قلعة ميرتله في غرب الأندلس ، وولاه الموحدون مدينة شلب ، وقتل فيها . ( الاعلام 113/1 و114).

وفي السنة 548 قتل أبو سعد محمد بن يحيي النيسابوري ، رئيس الشافعية بنيسابور ، قتله الغير لما استولوا علي نيسابور ، في وقعتهم مع السلطان سنجر السلجوقي . ( الاعلام 7/8).

وفي السنة 547 توفي السلطان مسعود السلجوقي ، ونصب بدله ابن اخيه ملكشاه بن محمود بن محمد ، وكان مقدم العسكر خاص بك ، فطمع في السلطنة ، وقال الملكشاه : إني أريد لك الملك من غير منازع ، وأخوك ينازعك ، والمصلحة اني أقبض عليك ، وأكتب إلي أخيك محمد ، فإذا وصل قبضت عليه وأسلمته إليك فقال : افعل ، فقبض عليه ، وكتب إلي محمد بن محمود ، فحضر ، وأجلسه علي العرش ، وأحس محمد بمطامع خاص بك ، فدعاه إلي القصر هو وزنكي الجندار وشمله التركماني ، فلما

ص: 380

صعدوا الدرج ، قال شمله الخاص بك : إرجع ، فما هذا علامة خير ، فلم يرجع ، فلما حصلوا في بعض مضايق القصر ، أخذتهم السيوف ، فقتل خاص بك ، وزنكي الجدار ، وفر شمله ، فرموا برأسي خاص بك وزنكي ، وأكلت الكلاب لحومهما ، واستولي محمد علي أموالهما ومماليكهما ( عيون التواريخ 462 و463 وابن الأثير 164/11 ).

وفي السنة 548 غضب مجير الدين ابق ، صاحب دمشق ، علي وزيره الحيدرة ابن الصوفي ، فاستدعاه إلي القلعة ، وضرب عنقه ، وأخرج رأسه إلي حافة الخندق ، ونهب العامة دوره وأمواله ، ووزر من بعده ، رضي الدين ابن القلانسي ، وخلع عليه خلعة الوزارة ، ولقب بالألقاب التالية : وجيه الدولة ، سديد الملك ، فخر الكفاة ، عز المعالي ، شرف الرؤساء ( عيون التواريخ 473)

وحارب الأمير قماج ، صاحب بلخ ، الأمير زنكي ، صاحب طخارستان ، فانكسر زنكي ، فأخذه الأمير قماج ، هو وابنه أسيرين ، وقتل قماج ابن زنكي ، وجعل يطعم أباه لحمه ، ثم قتل الأب أيضأ .

ثم دخل الأمير قماج في حرب مع الغير ، فأنكسر ، وأسر هو وولده ، فقتلهما الغير سنة 548 . ( ابن الأثير 179/11 ).

وكان جزاء شراب الخمر ، في بعض الأحيان ، القتل ، في مملكة السلطان أبي يوسف الموحدي ، ملك المغرب (554 - 595 ) . ( وفيات الأعيان 11/7 ).

وفي السنة 549 ، قتلت امرأة ، ببغداد ، قتلتها جاريتها ، فأخرجت الجارية ، إلي الرحبة ، وقتلها زوج المرأة ، بحضرة الناس ، كما يقتل الرجال ( المنتظم 159/10 ).

أقول : قوله كما يقتل الرجال ، أي إنها قتلت صبر بقطع عنقها بالسيف .

ص: 381

وفي السنة 552 كان بخراسان غلاء شديد ، أكلت فيه سائر الدواب ، حتي أكل فيه لحم البشر ، وكان بنيسابور طباخ ، فذبح إنسانة علوية ، وطبخه ، وباعه في الطبيخ ، ثم ظهر عليه ذلك ، فقتل . ( ابن الأثير 228/11)

وفي السنة 553 قتل عبد المؤمن الموحدي صاحب المغرب ، وزيره أبا جعفر أحمد بن أبي جعفر بن عطية القضاعي ، وقتل معه أخاه أبا عقيل عطية ، اتهم وزيره بالميل إلي المرابطين الذين كانوا ملوك المغرب ، إذ تزوج أبو جعفر من ابنة يحيي الحمار من أمرائهم ، وكانت أمها زينب بنت علي بن يوسف اللمتوني ، فوجد أعداؤه السبيل إلي نكبته ، فاعتقله عبد المؤمن ، وقيد إلي المسجد في اليوم الثاني من اعتقاله ، حاسر الرأس ، وأقيم للناس ، ثم لف معه أخوه عطية ، وتوجه عبد المؤمن إلي تربة المهدي محمد بن تومرت ، فاستصحبهما منكوبين بحالة ثقاف ، ولما عاد قتلهما في الطريق ( الاحاطة 271 - 275 ونفح الطيب 184/5 ).

وفي السنة 556 قتل الأمير ترشك ، مقطع بلد اللحف ، وكان الخليفة قد أمره بالحضور إلي بغداد ، ليخرج علي رأس جيش ، لطرد جمع من التركمان ، فأبي أن يحضر ، وقال : أبعثوا العسكر ، وأنا أقاتل بهم ، فجهز الخليفة عسكرة ، ولما وصل ترشك إليهم ، قتلوه ، وبعثوا برأسه إلي الخليفة . ( ابن الأثير 290/11 ) .

وبلغ من تعظيم العدوية ، للشيخ حسن ، حفيد أبي البركات ، أخي الشيخ عدي بن مسافر (ت 07ه ) ، إنه قدم عليه واعظ ، فوعظه حتي رق قلبه ، وبكي ، وغشي عليه ، فوثب العدوية علي الواعظ ، فذبحوه ، وأفاق

ص: 382

الشيخ ، فرآه يتشحط في دمه ، فقال : ما هذا ؟ فقالوا : أيش هذا من الكلاب حتي يبكي سيدنا الشيخ ؟ ( فوات الوفيات 335/1 ).

أقول : تذكرني هذه القصة بقصة شاه ولي ، وهي - علي ما بلغنا - قصة علوي ، قصد بلاد الأفغان ، ومكث زمن ، فاشتهر أمره عند أهلها ، وأصبحت له في قلوبهم منزلة عظيمة ، ثم اشتاق إلي أهله ، فعزم علي العودة إليهم ، وحاول أتباعه أن يقنعوه بالبقاء ما بين ظهرانيهم ، فأبي وأصر ، فتركوه ، حتي إذا بارحهم ، كمنوا له في الطريق ، وقتلوه ، وعادوا به ، فدفنوه في احتفال جمع أسمي مظاهر الاحترام.

وفي السنة 559 قتل منكبرس عامل البصرة قتله الخليفة المستنجد ( معجم انساب الاسر الحاكمة 67 وابن الأثير 323/11 ).

وفي السنة 559 قتل السيد أبو سعيد ، صاحب غرناطة ، أبا جعفر أحمد بن عبد الملك بن سعيد العنسي ، من أولاد عمار بن ياسر صاحب رسول الله صلوات الله عليه ، وهو من بيت مشهور بالأندلس ، وكان من الشعراء الأدباء ، وكان يتعشق الشاعرة الأديبة حفصة بنت الحاج الركوني ، وكان يزاحمه في حبها السيد أبو سعيد صاحب غرناطة ، فنشأت بينهما من أجل ذلك عداوة ، وحدث أن أخا أبي جعفر ، وهو عبد الرحمن بن عبد الملك ، وقريبه حاتم بن حاتم بن سعيد ، ظاهرا الثائر ابن مردنيش ، فاستغل أبو سعيد موقفهما ، وقبض علي أبي جعفر وقتله صبرا ( الاحاطة 224 - 227)

وفي السنة 559 تقدم بقتل تسعة من اللصوص ، فأخرجوا من الحبس فقتلوا ، واحد بباب الأزج ( محلة باب الشيخ ) ، والآخر بالرحبة ( ساحة قصابي لحم البقر بالشورجة ) ، وآخر بباب الغربة ( أحد أبواب دار الخلافة ، وكان قريب من مشرعة الإبريين ( شريعة التمر ، وقد دخل هذا الباب في شارع

ص: 383

المستنصر ) ، وآخر بالأكافين ( لا أعرف موضعه ) ، وأربعة علي عقد سوق السلطان في الميدان ) ، وواحد بسوق السلطان ( شارع الميدان المؤدي لباب المعظم ) .

أقول : تذكرني هذه القصة ، بقصة مماثلة لها ، سواء في القتل ، أو في العدد ، حصلت في السنة 1931 او 1932 وكنت إذ ذاك ، كاتبأ في المحكمة الكبري لمنطقة بغداد ( محكمة الجنايات ) ، إذ رفع شيخ بغدادي ، شكوي إلي الملك فيصل الأول رحمه الله ، قال فيها إن له أولاد ثلاثة ، وإن شخصا تنازع وأحد أولاده وقتله ، وحكم عليه بالإعدام ، وخفض الحكم إلي الأشغال الشاقة المؤبدة ، وإن القاتل أطلق بعد تسع سنين ، فقتل ولده الثاني ، وحكم عليه بالإعدام ، وخفف الحكم إلي الأشغال الشاقة المؤبدة ، وهو في شكواه هذه لا يحتج علي تخفيف الحكم ، وإنما يريد من الملك أن يحمي له ولده الثالث ، إذ لم يبق له غيره ، وكان لهذه الشكوي أبلغ الأثر لدي الملك فيصل رحمه الله ، فأحالها علي وزرائه مع الوصية بإعدام من اكتسب الحكم بحقه القطيعة ، علنأ ، فأعد تسعة أشخاص من هؤلاء ، وأعدموا شنقا ، علنا ، في يوم واحد ، منهم إثنان في باب الشيخ ، وثالث في الميدان ، واثنان في الكاظمية ، وواحد في الأعظمية ، والباقون في أماكن متفرقة من منطقة بغداد.

وفي السنة 564 قتل الوزير شاور السعدي ، الملقب بأمير الجيوش ، وزير العاضد الفاطمي ، قتله صلاح الدين الأيوبي ، بعد الإتفاق بين العاضد وشيركوه ، إذ اتهم بممالأة الإفرنج ، والاستعانة بهم لطرد جيش نور الدين من مصر ( ابن الأثير 340/11 والاعلام 225/3 ).

أقول : في السنة 558 عزل العادل ، وزير العاضد الفاطمي ، شاور عامل الصعيد، فحشد شاور ، وقصد العادل بمصر ، ففر العادل منه ، ولكنه قبض عليه ، وقتله ، وحل في الوزارة بدلا منه ، فخرج عليه ضرغام ، ونازعه

ص: 384

الوزارة ، ففر منه شاور إلي الشام ، واستغاث بنور الدين بن زنكي ، فبعث معه جيشأ بقيادة شيركوه ( عم صلاح الدين الأيوبي ) ، فحارب ضرغام ، وقتله عند مشهد السيدة نفيسة ، وأعاد شاور للوزارة ، ثم اتهم شيركوه شاور بأنه راسل الإفرنج للتخلص من جيش نور الدين ، فانسحب شيركوه وجيشه إلي الشام في السنة 559 ثم عاد في السنة 562 إلي مصر، فعاود شاور الإستنجاد بالافرنج ، فأنجدوه ، فاشتبك شيركوه معهم ، وظفر بهم ، وهزمهم ، وملك الإسكندرية ، واستناب بها صلاح الدين ، ابن أخيه ، ثم قصد الصعيد فملكه ، ثم تم الصلح مع الإفرنج علي أن يبارحوا مصر جميعهم ، فبارحوها ، وعاد شيركوه إلي الشام ، ثم عاود الإفرنج الدخول إلي مصر ، والتحكم فيها ، وجعلوا لهم شحنة في القاهرة ، وتسلموا أبوابها ، وشرع إفرنج الشام في التأهب لاحتلالها ، وسار قسم منهم لاحتلال بلبيس ، فاحتلوها ، ونهبوها ، وقتلوا ، وأسروا ، وسبوا ، فخافهم المصريون ، ولما حصروا مصر ، أمر شاور بإحراقها ، والإنتقال إلي القاهرة ، خيفة أن يملكها الافرنج ، وأرسل العاضد الفاطمي إلي نور الدين يستغيث به ، وأرسل طي الكتب شعور النساء ، فحمي نور الدين ، وجهز جيشأ بقيادة أسد الدين شيركوه ، فلما قدم الجيش مصر ، رحل عنها الإفرنج ، وخشي القواد معرة شاور ، فقتلوه ، ولما قتل شاور التجأ أولاده إلي قصر الخليفة ، فكان آخر العهد بهم ( يعني إنهم قتلوا ) ( ابن الأثير 290/11 - 299 و 324 - 327 و335 - 340 ).

وفي السنة 564 قتل مؤتمن الخلافة بالقاهرة ، وهو خصي كان بقصر العاضد، وإليه الحكم فيه ، ذكر إنه اتفق مع جماعة وكاتب الإفرنج لإزاحة صلاح الدين ، ووضع الكتاب في أحد نعلين جديدين ، وعثر إنسان تركماني علي القاصد ، ورأي النعلين ، فأشبته بهما، وأخذهما إلي صلاح الدين ، ففتقهما ، واطلع علي مافيهما، واستشعر مؤتمن الخلافة ، فلزم القصر لا

ص: 385

يخرج منه ، ولم يظهر له صلاح الدين شيئا ، ثم أطمأن بعد حين ، وخرج إلي قرية له تعرف بالحراقانية ، للتنزه ، فبعث إليه صلاح الدين من أخذه وقتله ، فغضب السودان الذي بمصر لقتله ، لأنه كان يتعصب لهم ، فحشدوا ، وكانت عدتهم تزيد علي خمسين ألفا ، فاشتبكوا مع جيش صلاح الدين في معركة ضارية ، كانت عاقبتها إبادتهم ( ابن الأثير 345/11 و346).

وفي السنة 566 لما بويع الخليفة المستضيء، دعي الوزير ابن البلدي للبيعة ، فقصد دار الخلافة ، ولما دخلها صرف إلي موضع ، فقتل ، وقطع جسده الي قطع ، وألقيت في دجلة ( ابن الأثير 361/11 ).

وفي السنة 568 نزح آل شهاب من حوران إلي وادي التيم ، وكانوا خمسة عشر ألفا ، فجيش عليهم الإفرنج خمسين ألفا ، بقيادة البطريق الكبير قنطورا ، وأمده صاحب قلعة الشقيف بخمسة عشر ألفا ، واشتبك الجيشان في معركة دامت ثلاثة أيام ، قتل فيها من الإفرنج ثلاثة آلاف ، ومن آل شهاب ثلاثمائة ، ونقب بنو شهاب حيطان قلعة حاصبيا، مدة عشرة أيام ، وأخذوا قنطور البطريق الكبير وثلثمائة من جماعته وقتلوهم، وأرسلوا رؤوسهم إلي السلطان نور الدين محمود ( خطط الشام 41/2 ).

وفي السنة 568 مات خوارزم شاه أرسلان بن أنسز ، وملك بعده ولده سلطان شاه محمود ، ودبرت والدته الملك والعساكر ، فأنف الولد الأكبر علاء الدين تكش ، من طاعة أخيه الأصغر ، واستعان بالخطا ، وقصد أخاه في جيش كثيف ، فاستعان سلطان شاه ، بالمؤيد صاحب نيسابور ، فجمع جيوشه وخاض المعركة بجانب سلطان شاه ، فانكسر عسكر المؤيد، وأخذهو أسيرة ، وأحضر أمام خوارزم شاه علاء الدين تكش فأمر بقتله ، فقال له المؤيد : يا مخنث ، هذا فعل الناس ؟ فلم يلتفت إليه ، وقتل بين يديه صبرا ( ابن الأثير 377/11 و 385).

ص: 386

وفي السنة 569 سير الخليفة من بغداد جيشا ، حارب ابن سنكا، فأسره جيش الخليفة ، وقتله ، وحمل رأسه إلي بغداد فعلق بباب النوبي ( ابن الأثير 409/11 ).

وفي السنة 582 قتل الناصر العباسي استاذ داره مجد الدين أبا الفضل بن الصاحب ، وكان متحكما في الدولة ، وهو الذي قام ببيعة الناصر ، وظهرت له أموال عظيمة أخذها الخليفة ، وكان حسن السيرة ، والذي سعي به عبيد الله بن يونس ، أحد صنائعه ( أبن الأثير 592/11 ).

وفي السنة 583 لما انتصر السلطان صلاح الدين الأيوبي ، علي الأفرنج ، في موقعه حطين ، وأسر ملوكهم وأمراءهم ، قتل البرنس أرناط صاحب الكرك ، وحقن دماء الباقين ( ابن الأثير 562/11 ).

أقول : كان البرنس أرناط ، صاحب الكرك ، عنيفة في الخصومة ، وسبق له مرة أن صنع سفنا وضعها في خليج العقبة ، ليسير بها إلي مكة والمدينة ليخر بهما ، فلم يتم له شيء من ذلك ، وفي السنة 582 صادر قافلة عظيمة للمسلمين ، برغم الهدنة التي كانت بنيه وبينهم ، فناشده أهل القافلة الصلح الذي بينه وبين المسلمين ، فصدر منه قول يتضمن الإستخفاف بالنبي محمد صلوات الله عليه ، فلما وقع في الأسر ، جلس صلاح الدين في خيمته ، وأحضر الأسري من الملوك والأمراء ، وكانوا في أشد العطش، فأمر السلطان للملك جفري بشربة من الجلاب والثلج فشرب ، ثم ناول البرنس أرناط ليشرب ، فقال السلطان صلاح الدين للترجمان قل للملك جفري إنك أنت الذي سقيته ، ولم اسقه أنا ، ذهب في قوله هذا ، إلي أن من جميل عادات المسلمين وكريم أخلاقهم أن الأسير إذا أكل أو شرب عندهم فهو أمان اله عندهم ، ثم أمر السلطان لهم بطعام وبعد أن أكلوا ، أحضر البرنس أرناط ، وقرعه بذنوبه ، وعرض عليه الإسلام ، فأبي ، فقام إليه وضربه بالنمجاه فقتله ، وقال : إني نذرت دفعتين أن أقتله إن ظفرت به ، الأولي لما

ص: 387

أراد المسير إلي مكة والمدينة ، والثانية : لما أخذ القفل غدرة ، ولما قتل البرنس أرناط ، حملت جثته إلي خارج الخيمة ، فرآها الملك جفري ، وكان في دهليز الخيمة ، فظن إنه سوف يلحق به ، فاستحضره السلطان صلاح الدين ، فطيب قلبه ، وقال له : لم تجر عادة الملوك أن يقتلوا الملوك ، ولكن هذا تجاوز الحد ، وتجرأ علي الأنبياء ( وفيات الأعيان 176/7 و 177 وسيرة صلاح الدين لابن شداد 78 و 79).

وفي السنة 584 وثب اثنان في زي الصوفية ، علي الشيخ محمد بن قائد، في رباطه بدمشق ، فقتلاه ، وقتلا خادمه عبد الحميد، وهربا ، فلقيهما فلاح في يده مر ، فقتلهما ( الوافي بالوفيات 352/4 ).

وفي السنة 584 قتل أبو المنصور عيسي بن مودود بن علي ، والي تكريت ، قتله إخوته . ( الاعلام 296/5 ).

وفي السنة 587 قتل تاج الدولة خسرو ملك بن خسرو شاه ، صاحب البنجاب ( معجم أنساب الأسر الحاكمة 418).

وفي السنة 588 غزا السلطان شهاب الدين الغوري ، الهند ، ونشبت بينه وبين ملك الهند معركة انتهت بانكسار ملك الهند، وجيء به ، إلي شهاب الدين أسيرا ، فقال له شهاب الدين : لو أسرتني ما كنت تعمل بي ؟ فقال : كنت قد أعددت لك قيدأ من الذهب ، أقيدك به ، فقال له شهاب الدين : نحن لا نجعل لك من القدر ما نقيدك ، ثم قتله . ( ابن الأثير 93-91/12)

وفي السنة 592 قتل صدر الدين محمود بن عبد اللطيف الخجندي ، رئيس الشافعية بأصبهان ، قتله ملك الدين سنقر الطويل ، شحنة أصفهان بها ، وكان صدر الدين قدم بغداد ، واستوطنها ، وولي النظر في المدرسة

ص: 388

النظامية ، ولما ملك جند الخليفة إصبهان ، عاد الخجندي وأقام في إصبهان ، فقتله سنقر ( ابن الأثير 124/12 ).

وفي السنة 598 قتل الملك المعز إسماعيل بن طغتكين بن أيوب بن شادي ، وكان أهوجا، سيء السيرة ، زعم أنه أموي ، وادعي الخلافة ، وتلقب بالإمام الهادي بنور الله ، المعز لدين الله ، أمير المؤمنين ، فلما سمع بذلك عمه العادل الأيوبي ، ساءه وهمه ، وكتب اليه يلومه ويوبخه ، ويأمره بالعدول إلي نسبه الصحيح ، وأن يترك ما ارتكبه مما يضحك الناس منه، فلم يلتفت إليه ، ولم يرجع ، وانضاف إلي ذلك إنه أساء السيرة في اجناده وأمراءه ، فوثب عليه أخوان من امرائه ، فقتلاه ، ومن شعره : ( الوافي بالوفيات 125/9 وابن الأثير 130/12 ).

وإني أنا الهادي الخليفة والذي**** أدوس رقاب الغلب بالضمر الجرد

ولا بد من بغداد أطوي ربوعها****وأنشرها نشر السماسر للبرد

وأنصب اعلامي علي شرفاتها **** وأحيي بها ما كان أسسه جذي

ويخطب لي فيها علي كل منبر**** وأظهر دين الله في الغور والنجد

وفي السنة 600 نهض الناس بواسط علي قوم من الباطنية، كانوا يخفون أمرهم ، ويسترون أحوالهم ، وقتلوا منهم جماعة ، وأحرقوهم ، ونهبوا دورهم ، وكان أمر هؤلاء قد ظهر بواسط ، وصار اليهم جماعة من أهلها ، وصار لهم بها جاه وتقدم ، فاتفق أن قدم اليها رجل يعرف بالزكي محمد بن عصية ، أصله من الفاروث ، وقد كان مقيما ببلاد العجم مدة ، ونسب إلي هذا المذهب ، ونزل دارا تعرف بدار الهمام مجاورة لدور بني الهروي ، في الموضع المعروف بسوق الخشب ، وتحدث الناس فيه ، وأكثروا غشيانهم له ، وممن كان يغشاه رجل يعرف بحسن الصابوني ، فجاز هذا الرجل علي شخص نجار بالموضع المعروف بالسويقة ، فعرض له النجار بشيء من أمرهم ، فرد عليه الصابوني جوابأ أغلظ له فيه وتوعده ، فنهض له النجار

ص: 389

وقتله ، فتسامع الناس بذلك ، فوثبوا ، وقتلوا جميع من وجدوا ممن ينسب إلي هذا المذهب ، وقصدوا دار ابن عصية ، وقد اجتمع بها جماعة ممن كان يري رأي هؤلاء ، وأغلقوها ، وصعدوا إلي سطحها ، ورموا بالبندق ، ورماهم الناس بالأجر والنشاب ، وتسوروا عليهم الدور ووصلوا إلي سطح الدار المذكورة ، وقتلوا من كان بها وأحرقوهم ، وتحصن ابن عصية وجماعة بغلق الأبواب ، فنزل جماعة من الشبان إلي الدار ، وفتحوا الباب ، فدخلها خلق كثير ، وقتل ابن عصية ومن كان معه ، وقتل في ذلك ثلاثون رجلا ( الجامع المختصر 118). :

وفي السنة 600 لما انكسر السلطان شهاب الدين الغوري ، في معركة مع الخطا ، قصد أحد مماليكه ، واسمه أيبك بالترا ، بلاد المولتان بالهند، وقتل نائب السلطان بها ، وأعلن سلطنته فيها ، وكان يشجعه علي ذلك إنسان اسمه عمر بن يزال ، فبلغ خبره إلي السلطان شهاب الدين ، فسار إلي الهند ، وأخذ مملوكه أيبك ، وصاحبه عمر بن يزال ، فقتلهما أقبح قتلة ( ابن الأثير 12/ 187 و 188).

وفي السنة 601 خرج عسكر من الغورية ، مقدمهم الأمير زنكي بن مسعود ، إلي مدينة مرو ، فلقيهم نائب خوارزم شاه بمدينة سرخس ، وهو الأمير جقر ، وكمن لهم كمينا، فلما وصلوا إليه هزمهم ، وأخذ وجوه القواد أسري ، فلم يفلت منهم إلا القليل ، وأخذ أميرهم زنكي أسيرة ، فضربت عنقه ، وعلقت الرؤوس بمرو أياما ( ابن الأثير 206/12 ).

وفي السنة 601 قتل ببغداد ولد ابن الفضلي ، وكان شابة مليحة حسن الصورة ، قتله يوسف بن كيش ، ضربه بسكين في درب حبيب ، فهرب من بين يديه ، فلحق به وقد وصل إلي السوق ، فضربه ضربة أخري ، فقتله ، فأخذ ، وتقدم بتسليمه إلي أولياء المقتول ، وكان القاتل يوسف « أيضا ، شابة مليحا جميل الصورة ، فأشير علي أولياء ابن الفضلي ، بإطلاقه «صدقة عن

ص: 390

الخليفة صلوات الله عليه ، وقيل لهم : لو أراد قتله لما أطلق وستم إليكم ، فمضوا به إلي باب البدرية الشريفة ، وأطلقوه هناك ( الجامع المختصر 143)

وفي السنة 602 ظفر الأمير ألدز ، بجيش أرسله إليه علاء الدين بن محمد صاحب غزنة ، وأسر منه ألف أسير من جملتهم جلال الدين أخو علاء الدين ، ثم قصد ألدز غزنة ، وطلب من علاء الدين أن يسلم إليه القلعة ، وإلا قتل من عنده من الأسري ، فلم يسلمها ، فأحضر ألدز أربعمائة أسير ، أمام القلعة ، وقتلهم بأجمعهم ، فاضطر علاء الدين لتسليم القلعة ( ابن الأثير 236/12)

وفي السنة 602 قطع ابن الشحيح عامل الأعلي بالخالص ، الماء عن الخالص ، فانقطع عن نهر موسي الذي يسقي البستان بالدار العزيزة ( دار الخلافة ) فتقدم إلي الحماة بقتل ابن الشحيح ( الجامع المختصر 167).

وفي أيام الناصر الموحدي (ت 610) قتل القائد أبو عبدالله الجزيري ، وقتل معه أصحابه ، وتفصيل ذلك : إن أبا عبدالله الجزيري ، كان يطعن في الحكام والموحدين ويتهمهم بمخالفة تعاليم المهدي محمد بن تومرت ، وبأنهم صيروا الخلافة ملكا، وتوسعوا في الرفاهية وأهملوا حق الرعية ، ومن جملة ما قاله :

في أم رأسي سر ****يبدو لكم بعد حين

الأبلغن مرادي **** إن كان سعدي معيني

أولا فاكتب ممن**** سعي لإظهار دين

فطلبه الناصر الموحدي ، محمد بن يعقوب بن يوسف بن عبد المؤمن ، ففر منه ، واستر ، وأخذ ينتقل مستخفيا مع أصحابه ، إلي أن حصل في حصن قولية من عمل مدنية بسطة ، فبينما هو ذات يوم في جامعها مع أصحابه ، وكانوا يأكلون بطيخة ، ويرمون القشور في صحن الجامع ، إذ

ص: 391

أنكر عليهم ذلك رجل من العامة ، وقال لهم : أما تتقون الله تعالي ، تتهاونون ببيت من بيوته ، فضحكوا منه ، واستهزؤا به ، فصاح الرجل بفقيه من العامة ، فحملوهم إلي الوالي ، فعرفه الوالي ، وقتله ، وقتل جميع من معه من أصحابه، فأعفي الناصر أرض قولية، من جميع التكاليف ( أي أنه أسقط عن أهلها جميع الضرائب ) ( نفح الطيب 65/4 و66).

وفي السنة 604 أمر خوارزم شاه ، خاله أمير ملك ، الذي نصبه أميرة علي هراة ، أن يقصد غياث الدين محمود الغوري، آخر سلاطين الغور ، وأن يقبض عليه ، وعلي أخيه علي شاه بن خوارزم شاه ، فقبض عليهما ، فأمره بقتلهما، فقتلا ، وبقتل غياث الدين ، انتهت دولة الغوريين ( ابن الأثير 266/12 و267).

وفي السنة 604 قتل الحسين بن خرميل ، من كبار قواد الغوريين ، وكان قد تقلب مرارا ، تارة مع الغوريين ، علي خوارزم شاه ، وتارة مع خوارزم شاه ضد الغوريين ، وفي آخر أمره ، وكان علي هراة ، حبس بعض الخوارزمين لتعديهم علي الرعية ، فبعث إليه خوارزم شاه قائدأ ، وأمره سرا باعتقال ابن خرميل ، والإستيلاء علي بلده، ولما وصل القائد اعتقل ابن خرميل ، فثار أهل هراة ، وامتنعوا فيها ، فتهددهم القائد بأن يقتل ابن خرميل إن لم يسلموا البلد ، فأصروا علي الامتناع ، فقتله . ( ابن الأثير 260/12 -262)

وفي السنة 604 حصر خوارزم شاه مدينة هرات ، وبعث إلي وزير الحسين بن خرميل ، يقول إنك امتنعت عن تسليم المدينة لأحد، إلا إذا حضر خوارزم شاه ، وها أنا قد حضرت ، فأجابه قائلا : لا أفعل، لأنكم غدارون ، لا تبقون علي أحد، فغضب خوارزم شاه من قوله ، وشدد في حصاره حتي ملك البلد عنوة ، وقبض علي الوزير فقتله ( ابن الأثير 265/12)

ص: 392

وفي السنة 605 قبل السلطان معز الدين سنجر شاه ، صاحب جزيرة ابن عمر ، قتله ولده غازي ، وكان سنجر سيء السيرة مع الناس كلهم من الرعية والجند والحريم والأولاد ، وبلغ من قبح فعله إنه سير ابنيه محمود ومودود إلي قلعة فرح من بلد الزوزان ، وأخرج ابنه غازي إلي دار بالمدينة أسكنه فيها ، ووكل به من يمنعه من الخروج ، فأعمل الابن الحيلة حتي نزل من الدار ، وتسلق إلي دار أبيه ، واختفي عند بعض سراريه ، وعلم به أكثر من بالدار ، فستروا عليه بغضأ لأبيه ، وتوقعة للخلاص منه ، وفي إحدي الليالي دخل عليه ولده في إحدي الحجر ، والأب سكران، فطعنه أربع عشرة طعنة بالسكين ، ثم ذبحه ، وتركه ملقي ، ولما علم استاذ دار سنجر بما حصل ، أغلق الأبواب علي غازي ، وأحضر محمود بن سنجر شاه من موضع اعتقاله في قلعة فرح ، وجمع أعيان الدولة فبايعوه ، ثم فتحوا باب الدار علي غازي وأرادوا أخذه ، فمانعهم ، فقتلوه ، وألقوه علي باب الدار ، ولما استقر محمود في السلطنة ، أخذ كثير من الجواري اللواتي لأبيه ، فغرقه في دجلة ، وأحرق وجوه بعضهن بالنار قبل تغريقهن ( ابن الأثير 12/ 280 - 282 ) .

أقول : كان سنجر شاه هذا ، مخلوق شريرة ، قال فيه السلطان ص لاح الدين الأيوبي : ما قيل لي عن أحد شيء من الشر، فرأيته ، إلأ كان دون ما يقال فيه ، إلا سنجرشاه ، فإنه كان يقال لي عنه أشياء استعظمتها ، فلما رأيته صغر في عيني ما قيل فيه ( ابن الأثير 62/12 ) وكان سنجرشاه ، قبيح السيرة ، ظالمأ، غاشمة ، كثير المخاتلة ، والمواربة ، لا يمتنع عن قبيح يفعله مع رعيته وغيرهم ، من القتل والسلب، والأهانة ، وقطع الألسنة ، والأنوف ، والأذان ، أما اللحي فإنه حلق منها ما لا يحصي ، وبلغ من شدة ظلمه ، إنه كان إذا استدعي إنسان ليحسن إليه لا يصل إلا وقد قارب الموت من شدة الخوف ، ونفقت في أيامه سوق الأشرار والساعين بالناس، فخرب البلد ، وتفرق أهله ( ابن الأثير 282/12 ).

ص: 393

وفي السنة 606 انتصر خوارزم شاه علي الخطا ، وعاد إلي خوارزم ومعه سلطان سمرقند ، وكان من أحسن الناس صورة ، فكان أهل خوارزم يجتمعون حتي ينظروا اليه ، فزوجه خوارزم شاه ابنته ، ورده إلي سمرقند ، وبعث معه شحنة يكون معه بسمرقند ، كما كان رسم الخطا ، فلما عاد إلي سمرقند ، أقام سنة ، فرأي من سوء سيرة الخوارزميين ما أزعجه فأمر السمرقنديين بقتلهم ، وكان يجعل الرجل منهم قطعتين ، ويعلقهم في الأسواق كما يعلق القضاب اللحم ، وأراد قتل زوجته ابنة خوارزم شاه ، فأغلقت الأبواب ، وأرسلت اليه تقول : أنا امرأة ، وقتل مثلي قبيح ، فتركها ، وبلغ الخبر خوارزم شاه ، فكتب إلي صاحب سمرقند : إنك قد صنعت ما لم يصنعه مسلم ، فأخرج من البلد ، وامض حيث شئت، فأبي عليه ذلك ، فأمر عسكره ، فزحف علي سمرقند ، واحتلها ، وقتل سلطانها، وقتل معه مائتي ألف إنسان ( ابن الأثير 268/12 -269).

وفي السنة 610 قتل الأمير ايدغمش ، الذي كان صاحب همذان ، استولي عليها منكلي ، وطرده ، فقصد بغداد ، فأكرمه الخليفة ، وسير معه جيشأ لاستعادة همدان ، فبعث إليه منكلي من اخذه وقتله ( ابن الأثير 301/12)

وفي السنة 610 ظفر عز الدين كيكاوس بن كيخسرو ، صاحب بلاد الروم ، بعمه طغريل شاه ، وقتله ، وذبح أكثر امرائه ، وأراد أن يقتل أخاه علاء الدين كيقباد ، فشفع فيه بعض أصحابه ، فعفا عن قتله ، وحبسه ، ولما مات كيكاوس في السنة 616 أخرج الجند أخاه كيقباد من حبسه، وسلطنوه ودامت سلطنته 17 سنة وتوفي في السنة 633 ( تاريخ أبي الفدا 115/3،124 ،156)

وفي السنة 611 قتل مؤيد الملك الشحري . وزير شهاب الدين الغوري ، ووزير تاج الدين ألدز من بعده ، جاء إليه أربعون نفرة من الأتراك ،

ص: 394

وأخبروه أن السلطان يريده أن يحضر جريدة لمهم تجدد، فسار معهم في عشرة مماليك ، فلما انفردوا به قتلوه ، وهربوا ، فظفر بهم خوارزم شاه محمد ، فقتلهم . ( ابن الأثير 304/12 ).

وفي السنة 112 استولي الأمير أتاج الدين ألدز ، علي الهاوور في الهند ، ثم قصد دهلي ، فحاربه صاحبها شمس الدين الترمش ، فانكسر ألدز ، وأخذ ، فقتل . ( ابن الأثير 311/12 ، 312).

وفي السنة 612 قتل السلطان جلال الدين علي بن سام الغوري ، صاحب باميان ، قتله خوارزم شاه ، وكان قد أسره في السنة 602 ( معجم انساب الأسر الحاكمة 419).

أقول : ورد في المعجم ، في الصحيفة 421 إن السلطان جلال الدين قتله خوارزم شاه في السنة 608 وهو خطأ، لأن خوارزم شاه اجتاح المنطقة التي كان جلال الدين يحكم جزء منها في السنة 612، وورد في تاريخ أبي الفدا 107/3 إن الذي أسر جلال الدين هو الأمير يلدز التركي أحد مماليك غياث الدين الغوري ، وإنه بعد أسر جلال الدين أكرمه واحترمه ، ولكنه لم يذكر شيئا عن مقتل جلال الدين ، وإنما ذكر إن خوارزم شاه فتح في السنة 912 غزنة وأعمالها، وإن الأمير يلدز فر منه إلي داخل الهند حيث قتل في احدي المعارك هناك ( تاريخ ابن الفدا 116/3 )

. وفي السنة 612 كان الأمير قتلغ تكين ، علي غزنة ، نائبا عن الأمير تاج الدين ألدز ، فغدر به ، وأسلم غزنة إلي خوارزم شاه ، فلما دخل خوارزم شاه البلد ، أحضر قتلغ تكين ، وسأله عن حاله مع ألدز ، فقال : إن ألدز يعتمد علي ، ويثق بي ، وأنا المرجع في كل الأمور ، فقال له خوارزم شاه : إذا كنت قد غدرت برفيقك ومن أحسن إليك ، فكيف أثق بك ، ثم استخرج جميع ماله ، وقتله . ( ابن الأثير 309/12 و 310) .

ص: 395

وفي السنة 616 قطع عنق افرنجي بالسيف ، أمام ضريح النبي صلوات الله عليه ، وسبب ذلك إنه لما حاصر السلطان الملك الكامل الايوبي ( 576 - 635 ) الافرنج في دمياط ، في السنة 616 ، كان أحد علوجهم ، يعلن في أثناء الحصار ، بسب النبي محمد صلوات الله عليه ، فلما استولي الكامل علي دمياط ، كان هذا العلج في جملة الأسري ، فبعث به إلي المدينة ، وأمر أن يؤخذ إلي قبر النبي ، وأن يقطع عنقه أمام القبر ، فأخذ، وأقيم ، وقطع رأسه ، أول يوم عيد الفطر للسنة 616. ( وفيات الأعيان 91/5 ).

وفي السنة 116 هاجم التار بلاد خوارزم شاه علاء الدين محمد بن تكش ، وانجفل الناس ، أمرت أم خوارزم شاه ، بقتل من كان كان محبوسا من الملوك بخوارزم ، فقتلوا وكانوا بضعة عشر نفسا ، ثم سارت بالخزائن إلي قلعة ايلال بمازندران ( شذرات الذهب 65/5 ).

وفي السنة 618 حصلت معركة بين جنكيز خان ، ومنكوبرتي جلال الدين خوارزمشاه ، في خوارزم ، ففر خوارزمشاه ، وأسر ولده وهو ابن سبع سنين أو ثمان ، فقتل بين يدي جنكيز خان صبر . ( تاريخ العراق بين احتلالين 122/1 ).

وفي السنة 622 تحالف رئيس تبريز وشمس الدين الطغرائي علي الإمتناع عن طاعة جلال الدين بن خوارزم شاه محمد بن تكش ، فعاد جلال الدين إلي تبريز ، وأمر بالرئيس أن يطاف به في البلد ، وكل من كان له قبله مظلمة فليأخذها منه ، وكان ظالما ، ففرح الناس بذلك ، ثم قتله . ( ابن الأثير 437/12 ) .

وخرج الظافر البياسي ، من بني عبد المؤمن ، بالأندلس ، علي العادل الموحدي ، سلطان مراكش ، واسمه أبو محمد عبد الله بن أبي يوسف يعقوب ، بن أبي يعقوب يوسف بن عبد المؤمن الموحدي وكانت مدة سلطنة العادل ( 621 - 624) وانتصر الظافر أولا ، ثم تردت أحواله ، وقتله أحد

ص: 396

الفرسان ، وأحضر رأسه إلي الأمير إدريس أخي العادل ، فأجازه بألف دينار ، ثم إنه قتله من بعد ذلك ، وقال : لا أستطيع أن أبصر من قتل ملكا ( الوافي الوفيات 320/8 و 321) .

أقول : لما خرج الظافر بالأندلس ، علي العادل ، ترك العادل الأندلس في عهدة أخيه إدريس ومضي هو إلي مراكش ، فاستولي البياسي علي معظم بلاد الأندلس ، وانحاز إدريس إلي إشبيلية من دون مال ولا رجال ، وحصره البياسي في إشبيلية ، واشتبكا في معركة ضارية ، فظفر إدريس ، وفر البياسي إلي قرطبة ، فد إدريس إلي أهل قرطبة من خوفهم من البياسي وإنه علي وشك الاستعانة بالنصاري ، فهاج أهل قرطبة علي البياسي وطردوه ، ففر منهم ولحق به فارس فقتله ، وحمل رأسه إلي إدريس ، فأعطاه ألف دينار ، وجعله من خاصته ، ثم إنه قتله من بعد ذلك ، وقال : لا أستطيع أن أبصر من قتل ملكة .

وفي السنة 624 قتل العادل الموحدي سلطان مراكش ، فهجم ابن هود بالأندلس علي حصن من حصون مرسية ، وانتزعه من الموحدين وخطب فيه البني العباس ، ثم اتفق ابن هود مع قاضي مرسية علي أن يحتال علي أمير مرسية الموحدي ، فدخل عليه القاضي وأخذ يده ليقبلها ثم أمسكها ، وقبض جماعته علي الأمير ، وأخرجوه من مرسية ، وتسلم ابن هود مرسية ، فكان أول شيء فعله ، أن قتل القاضي الذي دبر له هذه الحيلة . (الوافي بالوفيات 322/8 ).

وفي السنة 624 قتل السلطان العادل الموحدي ، صاحب المغرب ، خنقا بمراكش ، وخلفه ابن أخيه يحيي بن الناصر محمد ، فأعلن إدريس ، أخو العادل ، خلافته بالأندلس ، وعصت عليه مرسية ، فحصرها بجيشه ، وغضب علي جماعة من قواده ، فقتلهم بأنواع القتل ، فهاج ذلك أهل الأندلس عليه ، واستولي ابن هود علي جميع البلاد ، ولم تبق في يد إدريس إلا إشبيلية ،

ص: 397

فترك ولده علي فيها ، وانصرف الي مراكش ، فقبض أهل إشبيلية علي علي ، وسجنوه ، ودخلوا في طاعة ابن هود ، ولما وصل إدريس إلي مراكش ، حارب ابن أخيه يحيي بن الناصر محمد ، وهزمه ، ودخل مراكش ، وأمر باعتقال اثنين وأربعين من أعيان مراكش ، وضرب أعناقهم جميعا ، فأبغضه الناس ، فاستنصر إدريس بالنصاري ، فثار عليه أخوه عمران بن المنصور ، فخرج إدريس لمحاربته ، فدخل يحيي بن الناصر الي مراكش ، وتحضن بها، وفتك بالنصاري أصحاب إدريس ، وبلغت الأخبار إدريس ، فمات حزنا ، وكان إدريس قد لقبه أهل المغرب ، بحجاج المغرب لقسوته وسفكه الدماء ، فقال : ( الوافي بالوفيات 320/8 - 323) .

أنا الحجاج لكني صبور**** مقر بالحساب وبالعقاب

وأعلم أن لي بفناء قوم ****عموا عن رشدهم ذخر الثواب

وفي السنة 627 أرسل الملك الأشرف مملوكه عز الدين أيبك الي خلاط ، وأمره بالقبض علي الحاجب حسام الدين علي بن حماد ، المتولي الخلاط والوالي بها من قبل الأشرف ، فقبض عليه عز الدين أيبك وقتله ، فلما قتل ظهرت كفايته ، فإن خوارزم شاه جلال الدين احتل ولاية خلاط ، وقتل عز الدين أيبك ، وكان سبب قتله إن مملوكة لحسام الدين ، كان قد التجأ الي خوارزم شاه ، فلما احتل خلاط ، وأسر أيبك ، طلبه ذلك المملوك منه ليقتله بصاحبه حسام الدين ، فسلمه اليه ، فقتله ( ابن الأثير 485/12 و486 ).

وفي السنة 627 قبض محمد بن يوسف بن هود ، بماردة ، علي عبد الله بن محمد بن سيدراي بن وزير القيسي ، من أمراء المغرب ، كان يلي قصر الفتح ، وأخرجه الإفرنج منها، فالتجأ إلي مراكش ، ثم زار إشبيلية ، فقبض عليه ابن هود ، وقتله ( الاعلام 269/4 ) .

وفي السنة 628 قتل خوارزم شاه جلال الدين ، وزيره ، وقتل أحد

ص: 398

أتباعه لأنه قال له إن خادمه الخصي قد مات ( ابن الأثير 495 - 497) .

أقول : قال ابن الأثير ، إن خوارزم شاه جلال الدين ، كان سيء السيرة ، قبيح التدبير لملكه ، لم يترك أحدا من الملوك المجاورين له إلا عاداه ، ونازعه الملك ، وأساء مجاورته ، ثم ظهر من قلة عقله ما لم يسمع بمثله ، فقد كان له خادم خصي ، اسمه قلج ، وكان يهواه ، فاتفق أن الخادم مات ، فأظهر من الهلع والجزع عليه ما لم يسمع بمثله ، ولا لمجنون ليلي ، وأمر الجنود والأمراء أن يمشوا في جنازته رجالة ، ومشي بعض الطريق راجلا ، فألزمه أمراؤه ووزيره بالركوب ، ولما وصل إلي تبريز ، أرسل إلي أهل البلد ، فأمرهم بالخروج عن البلد لتلقي تابوت الخادم ، ففعلوا ، فأنكر عليهم حيث لم يبعدوا ، ولم يظهروا من الحزن والبكاء أكثر مما فعلوا ، ثم لم يدفن ذلك الخصي ، وإنما كان يستصحبه معه حيث سار ، وهو يلطم ويبكي ، وامتنع عن الأكل والشرب ، وكان إذا قدم له طعام ، يقول : احملوا منه إلي قلج ( يعني خادمه الميت ) ، ولا يتجاسر أحد أن يقول له إنه مات ، فإنه قيل له مرة إنه مات ، فقتل من قال له ذلك، فكانوا يحملون الطعام ويعودون ، ويقولون : إنه يقبل الأرض ، ويقول إنني الآن أصلح مما كنت ، فلحق أمراؤه ، من الغيظ والأنفة من هذه الحال ، ما حملهم علي مفارقة طاعته ، والانحياز عنه مع وزيره فبقي حيران ، وعند ذلك دفن الغلام الخصي ، وراسل الوزير ، واستماله حتي عاد إليه ، فبقي أياما ، ثم أمر بقتل الوزير ، فقتل .

وفي السنة 628 قتل صاحب بعلبك ، الملك الأمجد مجد الدين أبو المظفر بهرام شاه بن فروخ شاه بن شاهنشاه بن أيوب بن شادي ، ملك بعلبك خمسين سنة ، خلفا لوالده ، قتله أحد مماليكه ، وسبب ذلك إنه سرقت له دواة من ذهب تساوي مائتي دينار ، فظهرت عند هذا المملوك ، فحبسه ، ففتح المملوك الخزانة بسكين قلع بها رژة الباب ، وأخذ سيف الأمجد ، وكان

ص: 399

يلعب بالشطرنج ، فضربه فحل كتفه ، وطعنه بالسيف في خاصرته ، فقتله ، وفر المملوك ، فتبعه بعض المماليك ، وقتلوه ( شذرات الذهب 127/5 ).

وفي السنة 631 قتل الموقق أبو العباس السبتي ( الينشتي ) صاحب سبتة أبا جعفر احمد بن محمد بن طلحة ، الشاعر ، الأديب ، وكان يحقد عليه إنه يغتابه ، ويسخر منه ، وبلغه إنه هجاه ، فقال فيه :

سمعنا بالموقق فارتحلنا**** وشافعناله أدب وعلم

ورمت يدا أقبلها وأخري**** أعيش بفضلها أبدأ وأسمو

فأنشدنا لسان الحال عنه**** بد شد وأمر لا يتم

فاشتدت موجدته عليه ، وتربص به ، حتي بلغه إنه قال في شهر رمضان أبياتعلي سبيل العبث ، فاتخذها حجة ، وبعث إليه من هجم عليه وقتله ، أما الأبيات فهي : ( الاحاطة 243 - 247 ونفح الطيب 307/3 -310 والوافي بالوفيات 47/8 ) .

يقول أخو الفضول وقد رانا****علي الإيمان يغلبنا الجنون

أتنتهكون شهر الصوم هلا**** حماه منكم عقل ودين

فقلت أصحب سوانا نحن قوم**** زنادقة مذاهبنا فنون

ندين بكل دين غير دين إلي**** رعاع فمابه أبدأ ندين

بحي علي الصيوح الدهر ندعو**** و إبليس يقول لنا أمين

أيا شهر الصيام إليك عنا ****فانا فيك أكفر مانكون

وفي السنة 636 قتل زبان بن مدافع ، عزيز بن عبد الملك الأزدي ، من أمراء الأندلس ، وكان عزيز ولي مرسية لابن هود ، واستقل بها بعد وفاته ، ودعا لنفسه ، فبويع ، وبعد تسعة أشهر ، تغلب عليه زبان ، فاعتقله ، وقتله ( الاعلام 24/5 ).

وكانت خاتمة حياة الملك المعظم توران شاه ، آخر سلاطين الأيوبيين

ص: 400

بمصر ، في السنة 648 فاجعة من الفواجع ، فقد خلف أباه الملك الصالح علي العرش ، علي أثر إنتصار عظيم ، انتصر فيه الجيش المصري علي الافرنج ، فأسر ملك فرنسا ، قائدهم ، ومعه مائة ألف أسير ، واستعاد منه دمياط ، وكان قد استولي عليها ، ولكنه لم يستقر في السلطنة سوي أربعين يوما ، إذ تأمر عليه الأمراء ، فلما جلس علي السماط ، ليأكل ، تقدم إليه أحد المماليك ، وضربه بسيف فقطع أصابع يديه ، ففر إلي برج علي الساحل من الخشب ، فاقتحموا عليه البرج ، وسيوفهم مصلتة ، فصعد إلي أعلاه ، فرموه بالنشاب ، وأطلقوا النار في البرج ، فألقي نفسه ، وركض الي البحر ، وهو . يقول : لا أريد ملككم، دعوني أرجع إلي الحصن ، يا مسلمين ، ما فيكم من يصطنعني ويجيرني ، فلم يجبه أحد من العساكر والنشاب يأخذه من كل ناحية ، وأدركوه فقطعوه بالسيوف ، فمات قتي حريقأ غريقا . ( خطط المقريزي 223/1 ) .

وكان الأمير شمس الدين لؤلؤ ، مقدم عسكر حلب ، يظهر الإستهانة بالمماليك الذين بمصر ، ويقول عنهم : كل عشرة من المماليك مقابل كري ، ويقول : أخذ القاهرة بمائتي قناع ( يعني مائتي امرأة ) ، ولما حصلت المعركة بين جنده ، وبين المصريين ، انكسر جيشه ، ووقع أسيرا في أيدي المماليك ، وجيء به إلي المعز أيبك ، فاقترح أحد المماليك ، الإبقاء عليه ، فقالوا : هذا جعلنا مخانيث ، كيف نتركه ، وضربوا عنقه . ( النجوم الزاهرة

7/7 ) .

وكان الملك الصالح إسماعيل ، يعادي الملك الصالح نجم الدين أيوب ، وفي السنة 648 وقع الصالح إسماعيل أسيرة في يد مماليك الصالح نجم الدين ، فأدخلوه الي القاهرة ، وأوقفوه أمام تربة (قبر) سيدهم الصالح نجم الدين ، وصاحوا : يا خوند ، اين عينك تري عدوك أسيرا بين أيدينا

ص: 401

، ثم سحبوه إلي الحبس ، حيث غيبوه إلي يومنا هذا ( يعني قتلوه في الحبس ) . ( النجوم الزاهرة 9/7).

وكان الملك السعيد حسن ، حفيد العادل الأيوبي ، قد انضم الي التتار ، وحارب معهم جيش الملك المظفر قطز ، ولما انكسر جيش التتار ، جيء بالملك السعيد ، أمام المظفر قطز ، فاعتذر إليه ، فلم يقبل عذره ، وأمر به ، فضربت عنقه . ( النجوم الزاهرة 80/7 ).

وفي السنة 652 (1254 م) سير السلطان مانكو بن تولوي ، سلطان المغول ، أخاه هولاكو، إلي الغرب ، فاستولي علي جميع المدن التي مر بها ، وهاجم معاقل الإسماعيلية ونزل شيخ الجبل ركن الدين خرمشاه ، علي أمان هولاكو ، فبعث به إلي السلطان مانكو في قره قوم ، ولكن مانكو رفض أن يواجهه وأعاده الي هولاكو ، وقتله الجند في الطريق ، بناء علي تعليمات من السلطان ، كما إنه أمر بإبادة الاسماعيلية كافة ، فتظاهر هولاكو بالعفو عنهم ، حتي إذا برزوا من مكامنهم ، أمر بهم فأعدموا جميعا ( علاقات بين الشرق والغرب 198).

وفي السنة 655 قتلت شجرة الدر ، زوجها الملك معز الدين أيبك ، سلطان مصر ، قتله خدمها بأمر منها في الحمام . ( خطط المقريزي 238/2)

أقول : انتقم علي بن معز الدين أيبك ، من زوجة أبيه شجرة الدر ، فقتلها ، راجع كيفية مقتلها في هذا الكتاب ، في الباب التاسع عشر : المرأة ، في الفصل الخامس : ألوان من القتل .

وفي السنة 656 قتل هولاكو، أبا المكارم محمد بن ناصر بن صلايا العلوي ، نائب إربل ، وكان من رجالات العالم رأيا وعقلا وحزمة ، وسبب قتله ، إن بدر الدين لؤلؤة صاحب الموصل، أغري به هولاكو، وقال له :

ص: 402

هذا شريف ( علوي ) ، ونفسه تحدثه بالخلافة ، ولو قام تبعه الناس ، فقتله هولاكو ، بقرب توريز . ( الوافي بالوفيات 128/5 ).

وفي السنة 656 لما فتح جيش هولاكو بغداد ، كان الفئام من الناس يجتمعون في الخانات ، ويغلقون عليهم الأبواب ، فيفتحها التتار ، إما كسرا ، وإما حريقأ ، ثم يدخلون عليهم ، فيهربون منهم إلي الأسطحة ، فيقتلونهم حتي تجري الميازيب من الدماء ، في الأزقة ، وكذلك كانوا يفعلون بهم في المساجد والجوامع والأربطة ( في التراث العربي 441/1 نقلا عن تاريخ ابن كثير ) .

وجاء في كتاب «علاقات بين الشرق والغرب 200 )، إنه في السنة 656 حصر هولاكو بغداد ، وفتحها عنوة ، وأباد الجيش العباسي ، وقتل الخليفة وجميع الأمراء العباسيين ، وأفراد عوائلهم ، ورجال الدولة ، ولم يتعرض للمسيحيين ، بتأثير زوجته دقوز خاتون ، وكانت نسطورية ، وبدأ جيش هولاكو بنهب المدينة في اليوم الثالث عشر من فتحها ، وظلت عمليات القتل والنهب بغداد أربعين يوما ، وقدر عدد القتلي ببغداد بثمانين ألفا، وملأت الجثث الشوارع والأزقة ، فاضطر هولاكو إلي الإنسحاب من المدينة للروائح الخبيثة ، ولخوفه من انتشار الأوبئة في جيشه .

أقول: لما فتح هولاكو بغداد ، أرسل في طلب بدر الدين لؤلؤ ، صاحب الموصل ، وكان شيخا داهية في الثمانين من عمره ، وكان أصحابه قد نصحوه بأن لا يذهب الي هولاكو ، فعصاهم ، وقال : إني سوف أتمكن من ترويضه وسوف أقوده من أذنيه ، وقصد هولاكو، ومعه هدايا قيمة ، نثرها أمامه ، واستخرج من بينها قرطين ثمينين ، قال لهولاكو : أتوسل إلي السلطان أن يسمح لي بتعليقها في أذنيه ، ليزيدني هذا الشرف اعتبارا بين أتباعي ، فسمح له هولاكو بذلك ، وقام بدر الدين بتعليق القرطين في أذني هولاكو ، ونظر إلي

ص: 403

أتباعه ، وكأنه يقول لهم : ألا ترونني قد قدت القند المغولي من أذنيه ( علاقات بين الشرق والغرب 200).

وفي السنة 657 مات بدر الدين لؤلؤ صاحب الموصل ، وكانت وفاته بالموصل، في عشر التسعين سنة ، وكان أول أمره يقوم بتدبير أستاذه نور الدين أرسلان شاه ، فلما مات نور الدين ، قام بتدبير ولده عز الدين مسعود ، فلما مات ، أقام صبيين من بعده ، ثم انه قتلهما غيلة ، الواحد بعد الآخر ، واستولي علي الحكم . ( النجوم الزاهرة 70/7 ).

وفي السنة 658 قتل الملك المظفر قطز بن عبد الله المعزي ، ثالث ملوك المماليك ، بمصر والشام ، وهو الذي كسر التتار بعين جالوت في السنة 108 ، ولما عاد إلي مصر ، تقدم منه بعض أمرائه وتناولوه بسيوفهم فقتلوه ( الاعلام 47/6 ) .

وفي السنة 658 استولي التتار أصحاب هولاكو، علي ميافارقين ، بعد أن حصروها سنتين ، حتي فنيت أزوادهم ، ومات أكثرهم بالوباء وبالقتل ، فقتلوا صاحبها الكامل محمد بن المظفر بن العادل الأيوبي ، وحملوا رأسه علي رمح ، وطافوا به في حلب وحماة ودمشق ، بالمغاني والطبول ، وعلقوه في شبكة بسور باب الفراديس ، إلي أن عادت دمشق الي المسلمين ( خطط الشام 114/2 ) .

وفي السنة 658 جرت محاكمة نجم الدين أحمد بن عمران الباجسري ، اذ قبض عليه ، وأخرج مكتوفة الي ظاهر بغداد ، وأحضر أمام صاحب ديوان العراق علاء الدين الجويني ، والخواجه نصير الدين الطوسي ، وجلال الدين ابن الدويدار ، فحاكموه وفقا لشريعة جنكيز خان ، وصدر الحكم بقتله ، فقتل ، وأخذ ابن الدويدار مرارته ، وطيف برأسه علي خشبة ونهبت داره ( الحوادث الجامعة ) .

ص: 404

وفي السنة 658 حصر هولاكو التتاري بجنده مدينة حلب ، واستولي عليها ، وحصر قلعتها ، فوثب جماعة من أهلها علي صفي الدين بن طرزة رئيس حلب ، وعلي نجم الدين أحمد بن عبد العزيز ، فقتلوهما ، إتهموهما بمواطأة التتار ( اعلام النبلاء 286/2 ).

وفي السنة 659 اشتبك التتار مع الجيش الشامي ، في حمص ، وانكسر التتار كسرة شنيعة ، وعاد فلهم إلي حلب ، فأخرجوا من فيها من الرجال والنساء ، وأفرزوا الغرباء عن أهالي حلب ، ثم أخذوا الغرباء إلي ناحية بابلا ، وضربوا أعناقهم بأجمعهم ( اعلام النبلاء 300/2 ) .

وفي السنة 659 لما وصل إلي هولاكو ، خبر انكسار عسكر التتار بأرض الشام ، ومقتل قائده كتبغا ، وانكسار عسكره مرة ثانية خارج حمص ، غضب ، واستدعي الملك الناصر يوسف ، وأخاه الظاهر غازي ، وقال للناصر : أنت قلت إن عسكر الشام في طاعتك ، فغررت بي ، وقتلت عساكري ، فقال له الملك الناصر : لو كنت أنا بالشام ، ما ضرب أحد وجه عساكرك بالسيف ، ومن يكون في بلاد توريز ( تبريز ) كيف يحكم علي بلاد الشام ، فتناول هولاكو ( ناصج ) وضربه به ، ثم رماه بفردة ثانية ، فقتله ، ثم أمر بضرب رقاب الباقين ، فقتلوا الظاهر أخا الناصر ، والصالح ابن صاحب حمص ، والجماعة الذين كانوا معهم ( تاريخ ابي الفدا 211/3 و 212).

وفي السنة 660 قتل بالموصل ، أبو المحاسن محيي الدين يوسف بن يوسف المعروف بابن زيلاق الموصلي ، الشاعر ، الكاتب ، كان كاتب الانشاء بالموصل ، وقتله التتار لما استولوا علي الموصل ( الاعلام 342/9)

وفي السنة 661 قبض السلطان الملك الظاهر ، سلطان مصر ، علي شمس الدين افوش البرلي ، وحبسه « وكان آخر العهد به »، أي انه قتله ( اعلام النبلاء 312/2 ).

ص: 405

وفي السنة 662 اتهم الملك الناصر يوسف ، طبيبه زين الدين سليمان بن المؤيد العقرباني ، بأنه كاتب الملك الظاهر ، فأمر به فقتل بين يديه ، وقتل معه أقاربه وخاصته ، وكانوا خمسين ( شذرات الذهب 309/5 ) .

وفي السنة 671 قتل الحافظ المفسر ، أبو المحامد محمود بن محمد البخاري ، في بخاري ، في وقعة التتار . ( الاعلام 60/8 ).

ومر هولاكو بحران ومعه وزيره نصير الدين الطوسي ، فوقف له جمع من الفقراء القلندرية ، فقال السلطان لنصير الدين : من هؤلاء ؟ فقال : هؤلاء فضلة في العالم ، لأن الناس أربع طبقات ، بين إمارة ، وتجارة ، وصناعة ، وزراعة ، فمن لم يكن منهم ، كان كلا عليهم ، فأمر هولاكو بقتلهم ، فقتلوا ( الحوادث الجامعة 343) . :

وفي السنة 675 حشد التتار ، وزحفوا علي البلستين ، فحاربهم الملك الناصر بجيشه ، واستقتل الجيشان ، ثم ظفر المسلمون ، وقتل من التتار خلق كثير ، وقتل مقدمهم ، وغالب كبرائهم ، وأسر جماعة كثيرة منهم ، فلما بلغ سلطانهم أباقا بن هولاكو ، خبر الوقعة ، جاء في جموع المغول الي موضع المعركة ، فأبصر القتلي من التتار ، فاشتد غضبه ، وقتل من أهالي قيسارية ، وأهل تلك الناحية قريبا من مائتي ألف إنسان ( وقيل خمسمائة ألف ) وقتل القاضي جلال الدين حبيب ، ثم أمر بقتل ( البروانا ) واسمه سليمان ، والبروانا لقب معناه الحاجب بالعجمي ، حقد عليه أباقا، لأنه أبصر القتلي من التتار فقط ، ولم يشاهد قتلي من الروم جماعة البروانا ، فاتهم البروانا بانه لم ينصح في المعركة ( اعلام النبلاء 325/2 - 327) .

وفي السنة 677 قتل الامير تاج الدين شاه بن خليل ، أتابك لورستان الصغري ، وكان قتله بأمر من السلطان أبانا المغولي ( معجم أنساب الاسر الحاكمة 354 ) .

وفي السنة 680 مات منكوتمر بن هولاكو ، بجزيرة إبن عمر ، جريحا ،

ص: 406

علي أثر آنكساره في المعركة بينه وبين السلطان سيف الدين قلاوون ، فتقدم شخص يدعي القرقوبي ، وذكر لأم منكو تمر ، أن أبنها مات مسمومأ ، وأن الذي دس له السم القاضي جمال الدين محمد المعروف بابن العجمية ، فقبضت أم منكو تمر علي القاضي جمال الدين وجميع أولاده وذبحتهم ، واستولت علي أمواله ، وبعد ذلك اعتقل التاتار القرقوبي الذي سعي بالقاضي جمال الدين ، وقتلوه شر قتلة ، هو وأولاده ( تاريخ ابن الفرات 235/7 ).

وفي السنة 681 قتل الصاحب علاء الدين الجويني ، صاحب الديوان بالعراق ، مجد الملك اليزدي ، توني قتله شرف الدين هارون بن شمس الدين أخي علاء الدين، وحملت أطرافه إلي البلاد، وسلخ رأسه وحمل إلي بغداد، وشوي الخربندية لحمه وأكلوه ، وشربوا الخمر في قحف رأسه (تاريخ العراق بين احتلالين للعزاوي 305/1 ) .

وفي السنة 682 حصر الجند المصريون ، حصن مرقية ، فحضر ابن صاحب الحصن ، مستخفيا الي أبواب السلطان الملك المنصور برقوق ، وتدرك ( تعهد ) تحصيل هذا الحصن ، وتسليمه لمولانا السلطان ، وتوجه إلي عكا مختفية علي البريد ، فأمسكه أهل عكا ، وأتصل خبره بأبيه ، فحضر من طرابلس الي عكا ، وتسلمه ، وقتله بيده في وسط عكا ( سيرة الملك المنصور 89)

وفي السنة 683 قتل أحمد بن أبي مرزوق ، المعروف بابن أبي عمارة ، وكان قد ادعي أنه الفاطمي المنتظر ، وانتسب إلي آل البيت ، وتسلطن علي المغرب ثلاث سنين ، ثم قصده أبو حفص عمر بن يحيي ، المعروف بالمستنصر بالله ، فانخذل ابن أبي عمارة واستر ، فاعتقله المستنصر ، ومثل به ، وقتله . ( الاعلام 240/1 ).

وفي السنة 683 قتل شمس الدين الجويني ، صاحب ديوان الممالك ،

ص: 407

بأذربيجان ، وكتب ساعة قتله وصية ، قال في آخرها : فإن وجد فيها الناظر خلط ، فلا غرو ، فإني سطرتها وأنا عريان ، والسيف مشهر علي رأسي ( تاريخ العراق بين احتلالين للعزاوي 325/1 ) .

ولما تسلطن السلطان أرغون بن أبانا التاري ( 683 .690 ) بأن له غدر من الأمير بوغانوين ، فعاتبه علي ذلك ، فاعترف بذنبه ، فقتله ، وقتل كل من وافقه ( تاريخ الغياثي 47).

وفي السنة 686 دخلت العرب في يوم جمعة إلي الجامع بالمحول ، فأخذوا ثياب كل من كان فيه ، ثم قصدوا ناحية الحارثية ، وكبسوها ليلا ، وأخذوا ما قدروا عليه ، وقتلوا جماعة من أهلها ، فلم يزل شحنة بغداد يفحص عنهم ، حتي ظفر بأكثرهم ، وضرب أعناقهم ، وبني رؤوسهم في قبة الجسر ، وجعل وجوههم ظاهرة ليعتبر بها كل مفسد ( الحوادث الجامعة 451)

وفي السنة 689 سأل السلطان أرغون ، عمن بقي من أولاد شمس الدين الجويني ، فأخبر بهم ، فأمر بقتلهم ، فقتل منهم في تبريز مسعود فرج الله ، وكان مسعود قد أعرس منذ ليال ، وأما فرج الله فقد كان صبيا في المكتب ، فلما أخرج ليقتل، توهم أنهم يريدون تأديبه لئلا ينقطع عن المكتب ، فجعل يقول بالفارسية : والله ، ما بقيت انقطع عن المكتب فرق له الناس ، وكان أخوهما نوروز في الروم ، فسارت الأيلجية إليه ، فقتل هناك . ( الحوادث الجامعة 462 وتاريخ العراق للعزاوي 348/1 ) .

وفي السنة 688 قتل مجد الدين إسماعيل بن ألياس البغدادي ، الصاحب ، ببغداد تحت الدار الشاطئية ، وكان قتله آخر النهار ، وهو صائم ، فطلب ماء ليشرب ، فلما أتي به ، نظر إلي الشمس وقد قرب غروبها ، فلم يشرب ، وقال للسياف : إضرب ضربة واحدة ، فقال له : نعم ، وسلمت

ص: 408

جثته بعد قتله إلي أولاده ، وكان رحمه الله من محاسن الزمان ( في التراث العربي 598/1 ) .

وفي السنة 689 قتل الملك الأشرف خليل بن المنصور قلاوون ، نائب السلطنة بمصر ، الأمير حسام الدين طرنطاي ، وكانا يتعاديان قبل أن يتسلطن الأشرف ، فلما تسلطن ، ظل الأمير طرنطاي علي استهانته بالاشرف ، ويقال إنه دبر لقتله ، فعاجله الأشرف بأن قبض عليه ، وأمر به فعذب أمامه ، واشترك السلطان في تعذيبه حتي قتله ، وادعي إنه دخل عليه لابسة آلة الحرب ، وندب الأشرف علم الدين سنجر الشجاعي ، وكان يكره طرنطاي ، أن يقوم بإيقاع الحوطة علي موجودات طرنطاي ، فلم يترك الشجاعي قليلا ولا كثيرة ، وبعد أيام من قتل الأمير طرنطاي ، سأل ولد طرنطاي ، وكان أعمي ، الدخول علي الملك الأشرف ، فأذن له ، فلما دخل عليه ، جعل المنديل علي وجهه ويكي ، ومد يده وقال : شيء لله ( يعني إنه يستعطي ) وذكر أن الأهله أياما « ما عندهم ما يأكلونه ، ، فرق عليه السلطان ، وأفرج عن أملاك طرنطاري ، وقال : تبلغوا بريعها ( سيرة الملك المنصور 284 - 287 ) .

وفي السنة 689 قتل السلطان شمس الدين كيومرث ، سلطان دهلي ، ودام حكمه أقل من سنة ( معجم أنساب الأسر الحاكمة 422).

وفي السنة 690 توفي السلطان أرغون التتاري ، فقتل الأمراء ، سعد الدولة ابن الصفي الماشعيري ( نسبة الي ماء الشعير) اليهودي ، وكان سعد الدولة وأخواه قد تقاسموا السلطان علي العراق ، إذ كان سعد الدولة هو المشرف علي ديوان العراق ، وبعد قتل سعد الدولة ، تقدموا الي الملك نور الدين ، بالقبض علي مهذب الدولة أخي سعد الدولة ، فقبض عليه ، ونهبت داره ، ودور اليهود كافة ، وأخذت أموالهم ودام ذلك ثلاثة أيام ، حتي ركب جمال الدين في جماعة من الجند والكلجية ، ومنعوا العوام عن ذلك ، وحبسوا جماعة منهم ، وقتلوا نفرين ، فسكنت الفتنة ، ولما استجوب مهذب

ص: 409

الدولة عن الأموال ، وطولب بإخراجها، أجاب : أما مال الديوان ففي الخزانة ، وأما ما يخصني ، فأنت تعلم أني لم أجمع مالا ، فضرب ، فلم يقر بشيء فأمروا بقتله في الديوان ، فضرب بالسكاكين والسيوف ، وكان بالإتفاق في الديوان نجار ، قد جاء متفرجا ومعه فأس ، فضربه عدة ضربات ، ثم قطع إربا إربا ، وتناهبه العوام ، فتعمم نقاط بمصرانه ، وطافوا به في شوارع بغداد ودروبها ، ثم أحرق بباب جامع الخليفة ، ما عدا رأسه ، فإنه سلخ وحشي تبنا، وطيف به في جانبي بغداد ، وحمل إلي واسط ، فعلق علي جسرها ( الحوادث الجامعة 465) .

وفي السنة 691 حصلت ملاسنة بين الأمير علم الدين سنجر البندقداري ، وبين الأمير زين الدين كتبغا ، فجر البندقداري سيفه ليضرب به الأمير كتبغا ، فلما رأي بدر الدين بلبان الأزرق مملوك كتبغا ذلك ، جرد سيفه ، وضرب به البندقداري من ورائه ، فحل كتفه ويده ، ونزل بقية مماليك الأمير كتبغا فألقوا البندقداري عن فرسه وذبحوه بسوق الخيل ( سيرة الملك المنصور 278 ).

وفي السنة 693 قتل بالقاهرة ، الأمير علم الدين سنجر الشجاعي ، وزير السلطان الملك الناصر ، وكان ظالمة ، عسوفا ، فتكاثر عليه المماليك ، وضربوه بالسيوف ، فقتلوه ، ورفعوا رأسه علي رمح ، وأعطوه للمشاعلية ، فجبوا عليه مصر والقاهرة ، وحصل للمشاعلية مال كثير لبعض الناس قاطبة له ، وقيل إنهم كانوا يأخذون الرأس من المشاعلية ، ويدخلونه الي البيوت فتضربه النساء بالمداسات . ( النجوم الزاهرة 46/8 ) .

وفي السنة 693 قتل السلطان الملك الاشرف خليل بن قلاوون ، بالحمامات ، بمصر ، وقد خرج للصيد، إذ جاءه بعض الأمراء ، وقد استعدوا لقتله ، فابتدره الأمير بدرا ، فضربه بالسيف ضربه قطع بها يده مع كتفه ، فجاء الأمير حسام الدين لاجين ، وقال لبيدرا : يا نحس ، من يريد

ص: 410

ملك مصر والشام تكون هذه ضربته ؟ ثم ضرب السلطان علي كتفه ، فحلها ، ووقع السلطان علي الأرض ، فجاء الأمير بهادر راس نوبه ، وشق بدن السلطان بالسيف ، وتركوه في موضعه قتيلا ، وبايع المتآمرون الأمير بيدرا ، فبات ليلة واحدة وهو سلطان ، ولما بلغ بقية الأمراء مقتل السلطان ، هاجموا بيدرا وأصحابه المتآمرين ، وقبضوا علي بيدرا ، فقطعوا يده ، ثم حوا رأسه ، وحملوا الرأس علي رمح ، وسيروه إلي القاهرة ، ثم قبضوا علي بقية الأمراء الذين شاركوا في قتل الأشرف ، فاعتقل سيف الدين بهادر وجمال الدين آقوش ، وضرب عنقاهما ، وأحرقا ، أما الأمراء سيف الدين نوعيه ، وسيف الدين النهاق ، وعلاء الدين الطنبغا الجمدار ، وشمس الدين سنقر، وحسام الدين طرنطاي ، ومحمد خواجا، وسيف الدين أردس ، فقد أمر السلطان محمد بن قلاوون ، بأن تقطع أيديهم ، فقطعت ، وسمروا علي الجمال ، وعلقت أيديهم في حلوقهم ، وظلوا كذلك حتي ماتوا . ( النجوم الزاهرة 17/8 - 22) .

أقول : سبق أن أوردنا نقلا عن كتاب سيرة الملك المنصور 284 - 287 : إن الأشرف خليل ، قتل الأمير حسام الدين طرنطاي في السنة 989 ، ولعل الأمير حسام الدين طرنطاي المذكور في هذا الخبر . هو غير سميه الذي قتل في السنة 689 , فاقتضي التنبيه علي ذلك .

وفي السنة 694 قتل السلطان جلال الدين فيروز شاه ، سلطان دهلي ، قتله الأمير علاء الدين محمد الذي تسلطن من بعده باسم السلطان علاء الدين محمد شاه ( معجم أنساب الأسر الحاكمة 422) .

وفي السنة 694 أحدث بعض المماليك ، وعددهم أكثر من ثلثمائة ، فتنة بالقاهرة ، وفشلت حركتهم ، فأعتقلوا ، وأحضروا أمام الأمير كتبغا ، نائب السلطان ، بباب القلعة ، فضربت رقاب بعضهم بين يديه ، وقطع أيدي بعضهم وأرجلهم ، وكحل بعضهم ( سملت أعينهم)، وقطعت ألسنة

ص: 411

بعضهم ، وصلب منهم جماعة علي باب زويلة ، ونفي بعضهم ، وفرق باقيهم علي الأمراء . (تاريخ ابن الفرات 192/8 ).

وفي السنة 694 قبض علي صدر واسط ، فخر الدين بن الطراح ، وعلي أصحابه ، ثم دوشخ ، وطوق ، وأسمع كل قبيح ، وحمل إلي الديوان ببغداد ، ورجمه - وهو في طريقه - أولاد حصينة العلويون ، ووكل به في بغداد أياما ، وضرب ، وعوقب ، ثم قتل ، وحمل رأسه إلي واسط ، وعلق علي الجسر أيام بعد أن طيف به في شوارعها وسوقها ( تلخيص مجمع الآداب ج 410/2 -412 والحوادث الجامعة ) .

وفي السنة 697 قتل احمد بن عبد الرزاق الخالدي ، صاحب ديوان الممالك الغازانية ، وكان ظالما عسوفة ، قتل هو وأخواه قطب الدين وزين الدين ( الوافي بالوفيات 58/7 ) .

وفي السنة 694 فتك الأمير حسام الدين لاجين نائب السلطنة ، بالأميرين بتخاص وبكتوت العادليين ، فقتلهما، وهجم علي مخيم السلطان كتبغا ، ليقتله ، فصد ، وأحس السلطان بذلك ، ففر إلي دمشق ، وبويع لاجين بالسلطنة ( النجوم الزاهرة 64/8).

وفي السنة 698 تأمر قسم من الأمراء بالقاهرة ، علي قتل السلطان الملك المنصور لاجين ، فدخل عليه الأمير كرجي ، والسلطان يلعب الشطرنج ، وعنده خواضه ، وتقدم كرجي كأنه يصلح الشمعة ، ثم ضرب السلطان بالسيف علي كتفه ، فنهض السلطان ، فضربه الأمير نوعيه بالسيف علي رجله فقطعها ، وأغلقوا الباب ، وذهبوا إلي الأمير منكو تمر نائب السلطنة ، وأخذوه ، فأنزلوه إلي الجب في القلعة، ثم أخرجوه وذبحوه علي باب الجب ، ثم حصلت قلاقل بين الأمراء ، فقتل علي أثرها الأمراء كرجي

ص: 412

وطنجي ونوغيه الكرموني ، وجيء بالسلطان الملك الناصر من الكرك ( النجوم الزاهرة 102/8 -105).

وفي السنة 699 قصد السلطان غازان ، حفيد هولاكو ، بلاد الشام ، في مائتي ألف ، فقابله السلطان الناصر محمد بن قلاوون ، في مائتي ألف ، فانتصر غازان ، ودخل عسكره مدينة دمشق ، فخرب عسكره الدور والمساكن بدمشق ، وضواحيها، مما لم يخربه الحريق ، وأسروا من أهل البلد أربعة آلاف نسمة ، وقتلوا بالتعذيب ما بين ثلثمائة إلي أربعمائة ، مطالبين بالأموال ( خطط الشام 140/2).

وفي السنة 701 قتل الفقيه فتح الدين أحمد بن محمد البقي المصري ، وكان فقيها ، تأدب وناظر ، وقطع المتناظرين ، وفاق الأقران ، وكان يستخف ببعض الفقهاء والقضاة ومنهم القاضي المالكي ، فتربص القاضي المالكي به وحكم بقتله بتهمة الإنحلال واستحلال المحرمات ، والإستهزاء بالدين ، فأخذ يتلفظ بالشهادتين ، ويصيح يا مسلمين ، كنت كافرا وأسلمت ، فلم يجده ذلك ، وضربت رقبته بين القصرين بالقاهرة ( الدرر الكامنة 329/1

- 333).

وفي السنة 702 هاجم سيف الدين أسندمر الكرجي ، جزيرة أروادي وكان الإفرنج قد تحصنوا بها ، وبنوا عليها سورة ، وأخذوا يقطعون الطريق علي المسلمين ، فحصرها أسندمر ، وفيها جمع كثير من الإفرنج ، وبعد معركة عنيفة، انتصر المسلمون ، وملكوا الجزيرة وقتلوا وأسروا جميع أهلها ، وبلغ عدد القتلي نحوا من ألفين ، والأسري نحوا من خمسمائة ( خطط الشام 142/2)

وفي السنة 4 70 ضربت رقبة كمال الدين الأحدب ، وكان قد جاء إلي القاضي المالكي جمال الدين يستفتيه ، وهو لا يعلم إنه القاضي ، فقال له :

ص: 413

ما تقول في إنسان تخاصم مع إنسان فقال له الخصم : تكذب ولو كنت رسول الله ، فقال له القاضي : من قال هذا ؟ قال : أنا ، فأشهد عليه القاضي من كان حاضرا ، وحبسه وأحضره من الغد بدار العدل ، وحكم بقتله (شذرات الذهب 9/6 و 10).

وفي السنة 706 قتل ظهر الدين محمد بن الحسن بن محاسن الصرصري ، رئيس العراق في دولة أبغا ( أباقا ) ومن بعده ، وكان يتردد إليه حكام البلد ، وله جود ومكارم ، وكان يفطر في رمضان في كل ليلة مائة فقير وفقيرة ، وتزوج زبيدة بنت هارون بن الوزير الجويني واتفق أنه وعد غلامأ له بأن يزوجه بنت جارية له ، ثم زوجها لغيره ، فبادر الغلام وقتل الزوج ، فبلغ ذلك ظهير الدين، فخرج ، فطعنه القاتل بسكين في خاصرته ، فقتله ( الدرر الكامنة 41/4)

وفي السنة 706 قتل ملك المغرب أبو يعقوب يوسف بن يعقوب بن عبد الحق وكان قد خضب رجليه بالحناء ، وهو مستلق علي قفاه ، فوثب عليه أحد مواليه واسمه سعادة الخصي ، وطعنه طعنات قطع بها أمعاءه ، وخرج ، وأدركوه فقتلوه ، ومات الملك علي أثر ذلك ( النجوم الزاهرة 225/8 )

وفي السنة 707 قام برلغي ، مقدم التتار المقيمين بلاد الروم، بقتل صاحب سيس هيثوم بن ليون ، بعد أن ذبح ابن أخيه تروس الصغير علي صدره ، فمضي أخو هيثوم إلي السلطان خدابنده ملك التتار ، وشكا اليه برلغي ، فأمر السلطان بقتل برلغي ، فقطع عنقه بالسيف ( المختصر في تاريخ البشر 54/4 ).

وفي السنة 708 يوم عيد الفطر ، قتل بغرناطة ، ذو الوزارتين ، الوزير أبو عبدالله محمد بن عبد الرحمن الأندلسي ، المعروف بابن الحكيم ، وزير السلطان أبي عبدالله النصري ، سلطان غرناطة ، علي أثر خلع السلطان أبي

ص: 414

عبدالله ، وقتل معه صاحبه الفقيه الصوفي أبو عبدالله محمد بن خميس التلمساني ( نفخ الطيب 362/5 و 498).

أقول : زاد في الخبر صاحب الدرر الكامنة 115/4 و 116 : أن الوزير لما قتل ، نهبت أمواله ، وطيف بجسده بعد القتل ومثل به .

وفي السنة 709 خلف أبو بكر بن الواثق يحيي الحفصي ، أخاه المستنصر في حكم تونس ، فدامت ولايته 17 يوما ، إذ وثب عليه خالد بن يحيي الحفصي ، فاعتقله وقتله ( الاعلام 47/2 ).

وغضب السلطان محمد بن محمد بن محمد النصري (ت 710) علي طائفة من مماليك أبيه فسجنهم في المطبق بحمراء غرناطة ، ومنعهم القوت ، حتي أكل بعضهم بعضا، وأشفق عليهم أحد حراسهم ، فطرح لهم خبز يسيرة ، ونمي ذلك إلي السلطان ، فأمر به فذبح علي حافة الجب ، فسالت عليهم دماؤه ( الاحاطة 555 و 556).

وفي السنة 710 تمرد جماعة من الأمراء علي السلطان محمد خربنده ، فقصدهم السلطان ، وقتل منهم جماعة ، كان من بينهم ملك الأمراء قتلغ شاه ( تاريخ الغياثي 54، 55).

وفي السنة 711 رفع إلي السلطان خربندا ، سلطان العراق ، إن الوزير مبارك شاه ، ويحيي بن إبراهيم صاحب سنجار، ومحمد بن الساوجي العجمي من كبار رجال الدولة بالعراق ، قد اتفقوا علي قتله ، فأمر بهم فقتلوا جميعا ، وحين قدم الساوجي للقتل ، صلي ركعتين ، وودع أهله ، وثبت للقتل ، وخلع فرجيته علي قاتله ( الدرر الكامنة 219/4 ).

وفي السنة 715 أمر السلطان الملك الناصر ، باعتقال الأمير أيد غدي المعروف بشقير ، وكان أثيرا عند السلطان ، عظيم المكانة عنده ، فسعي به الأمراء ، واتهموه بأنه يريد خلع السلطان ، فأمر السلطان ، باعتقاله ،

ص: 415

فاعتقل ، وقتل في يومه ، ومن عجيب ما يذكر إن السلطان كان قد أمر له في صباح ذلك اليوم بألفي دينار ذهبا ، فلما قبض عليه بعد الظهر ، كان الكيسان من جملة ما قبض من موجوده ( الدرر الكامنة 455/1 ).

وفي السنة 715 قتل أحمد الرويس الأقباعي بدمشق ، وكان له كشف وإخبار عن المغيبات ، فضل به الجهلة ، وكان يقول : أتاني النبي صلوات الله عليه وحدثني ، وكان يأكل الحشيشة ، ويترك الصلاة ، وعليه قباء ( شذرات الذهب 35/6 ).

ولما مات السلطان خربندا ( خدابندا ) سلطان التتار ، اتهم وزيره رشيد

الدولة أبو الفضل فضل الله بن أبي الخير الهمذاني ، بأنه قتله ، وأحضر طبيب خربندا اليهودي الجلال بن الحزان ، وسئل عن موت خربندا ، فقال : أصابته هيضة قوية انسهل بسببها ثلثمائة مجلس ، وتقيأ قيأ كثيرة ، فاتفقنا علي أن نعطيه أدوية قابضة مخشنة، فقال الرشيد، هو إلي الآن يحتاج إلي الإستفراغ ، فسقيناه برأيه مسه ، فانسهل به سبعين مجلسأ ، فسقطت قوته ومات ، وصدقه الرشيد علي ذلك ، فقال الجوبان للرشيد : فأنت قتلته ، وأمر به فقتل ، وفصلوا أعضاءه ، وبعثوا إلي كل بلد بعضو ، وأحرقوا بقية جسده ، وحمل رأسه إلي تبريز ، ونودي عليه : هذا رأس اليهودي الملحد، وكان موت السلطان خربندا في السنة 716 (الدرر الكامنة 315/3 ).

وفي السنة 716 قتل الأمير بكتمر المنصوري ، وكان عظيما في دولة الناصر محمد بن قلاوون ، وكان السلطان يقول له : يا عمي ، ثم اتهمه بموافقة بتخاص علي خلع الناصر ، وإقامة موسي بن الصالح علي بن المنصور، فقبض عليه ، وحبس في سجن الإسكندرية ، ثم نقل إلي الكرك وقتل في حبسه ( الدرر الكامنة 18/2 و 19).

وفي السنة 716 قتل في السجن بالكرك ، الأمير قطلو بك المنصوري الكبير ، وكانت اليه نيابة صفد ، فاعتقل في السنة 711 ونقل إلي السجن

ص: 416

بالكرك ، حيث قتل ، وكان كريما جوادة ، كما كان ظالما متعذيأ لا يدفع الأحد ثمن ما يشتريه إلا بشق الأنفس ، وذكر أن تاجر له عليه حق ، دخل عليه ومعه الشيخ ابن تيمية ، يشفع له في قضاء حقه ، فقال قطلوبك لابن تيمية : إذا رأيت الأمير بباب الفقيه ، فنعم الأمير ونعم الفقيه ، وإذا رأيت الفقيه بباب الأمير ، فبئس الأمير وبئس الفقيه ، فقال له ابن تيمية : كان فرعون أنحس منك ، وموسي خيرأ مني ، وكان يأتي إلي بابه كل يوم يأمره بالإيمان ، وأنا أمرك أن تدفع لهذا حقه ، فلم يسعه إلا امتثال أمره ( الدرر الكامنة 3/ 337 و 338 ).

وفي السنة 717 ظهر في جبال بلاطنس ، من أعمال اللاذقية ، إنسان من النصيرية ، ادعي أنه الإمام المهدي محمد بن الحسن العسكري ، ثاني عشر الأئمة فتبعه ثلاثة آلاف من النصيرية ، وهاجم بهم مدينة جبلة ، ونهبها ، فجود إليه عسكر من طرابلس ، فتفرق جمعه ، وأخذ فقتل ( خطط الشام 147/2)

وفي السنة 718 قتل في الحبس ، بأمر من السلطان الناصر محمد بن قلاوون ، الأمير موسي بن علي بن قلاوون ، وكان الناصر قد أمره ، وزوجه الأمير سلار ابنته ، ثم بلغ السلطان أن بكتم الخزندار وبتخاص المنصوري اتفقا مع الأمير موسي علي إقامته سلطانأ ، وإنهما استمالا كثيرا من الجند ، فقبض الناصر علي بكتمر وبتخاص وتغيب الأمير موسي ، فشدد السلطان في البحث عنه ، حتي قبض عليه ، وأراد السلطان قتله ، فشفعت فيه « أردني » زوجة الناصر ، فأمر بسجنه ، وأرسله الناصر إلي قوص ، وبقي مسجون من السنة 710 حتي « أشيع موته ، في السنة 718 ( الدرر الكامنة 148/5 و 149)

وفي السنة 820 قتل الفقيه اسماعيل بن سعيد الكردي المقريء المصري ، اتهم بالزندقة ، وشهدوا عليه بأنه سب لوطة، وجاء أحد مدعي التقوي إلي القاضي فأخبره بأنه رأي النبي في منامه ، وقال له : قل للقاضي

ص: 417

يضرب رقبة اسماعيل ، فإنه ست أخي لوطأ ، فحكم القاضي المالكي بقتله ، فقتل بحكم القاضي المالكي ، بالقاهرة ، بين القصرين ( الدرر الكامنة 391/1 و392).

أقول : ذكر صاحب النجوم الزاهرة 250/9 أن الشيخ اسماعيل الكردي كان عارفة بعلوم كثيرة ، حتي إنه كان يحفظ التوراة والإنجيل .

وفي السنة 720 قتل سيف الدين آقجبا مملوك الأمير ركن الدين بيبرس وكان عنده فضيلة ، إلا أنه ادعي النبوة ، وشاع ذلك عنه ، حتي قتل ( النجوم الزاهرة 250/9 ).

وفي السنة 723 طلع ضياء الدين عبدالله الدربندي ، إلي قلعة دمشق ، وهو يحمل طبرة ، فأبصر مسلم) يقبل يد نصراني من الكتاب ، والنصراني يزجره ، فغضب ، وضرب الكاتب بالطبر علي كتفه فهدله ، وأخذ يصيح : يا عدو الله ، تفعل بالمسلم هكذا ، فقبضوا عليه ، وبلغ الناصر خبره فظنه من الفداوية ، فأمر بقتله، فقتل ( الدرر الكامنة 418/2 ).

وفي السنة 725 قتل حديث الحسني ، بالمدينة ، عمه أمير المدينة الشريف منصور بن جماز .

وفي السنة 720 قتل الشاعر اليماني منصور بن عيسي بن سحبان ، في صبيا ، باليمن ، قتله أحد أشراف اليمن ( الاعلام 241/8 ).

وفي السنة 726 ضربت عنق الفقيه ناصر المقريء الصالحي المعروف ، بابن الهيتي ، قبض عليه بحلب ، وأرسل مقيدة إلي دمشق ، وأقيمت البينة علي زندقته أمام القاضي شرف الدين المالكي ، فحكم بقتله ، ولم يتكلم بشيء ، بل تشهد ، وصلي ركعتين ، وتلا القرآن ، وضربت عنقه وهو يقول : ( الدرر الكامنة 159/5 و 160).

إن كان سفك دمي أقصي مرامهم****فما غلت نظرة منهم بسفك دمي

ص: 418

وفي السنة 727 قتل السلطان أبو سعيد بن خربندا ، ملك العراق وأذربيجان ، الأمير دمشق خواجة ، وهو ابن الأمير جوبان ، وسبب قتله إن السلطان خربندا لما توفي كان السلطان أبو سعيد صبيا ، فقام الأمير جوبان بتدبير المملكة ، ونصب ولده دمشق خواجه أميرا علي الأردو ( الجيش) ، ولما كبر السلطان أبو سعيد حقد علي جوبان وولده تحكمهما بحيث لم يكن له من الأمر شيء ، واتفق أن سافر الأمير جوبان الي خراسان ، فانتهز أبو سعيد الفرصة ، وأمر بالقبض علي دمشق خواجه وقتله متهمة إياه بأن صلات غير شرعية بينه وبين إحدي نساء والده السلطان خربندا ، فقبض أتباع السلطان أبي سعيد علي دمشق خواجه ، وقطعوا رأسه ، وأحضروه إلي بين يدي السلطان أبي سعيد ، فأخذ المغل يرفسون رأسه ، راجع التفصيل في المختصر لأبي الفدا 96/4 والتاريخ الغياثي58.

وعلي أثر ذلك فر الأمير جوبان والد دمشق خواجه من السلطان أبي سعيد، والتجأ إلي هراة ، فقبض عليه ملكها غياث الدين في السنة 728 وقتله ، وقتل معه ولده جلوخان ( التاريخ الغياثي 60).

وفي السنة 727 وقعت بالاسكندرية مشاجرة بين تجار من النصاري وأهل الاسكندرية ، وحسب الاسكندريون أن أمير المدينة ويلقب بالكركي أعان النصاري عليهم ، فثاروا به وحصروه في قصره ، فاستغاث بالملك الناصر محمد بن قلاوون ، فأعانه بجيش أعاد الأمن في البلاد ، وقتل من أهل البلد ستة وثلاثين رج قطع بدن كل واحد منهم إلي قطعتين ، وصلبهم صفين ( رحلة ابن بطوطة 18/1 ).

وفي السنة 728 قتل السلطان الناصر محمد بن قلاوون الأمير تمرتاش ( دمرداش ) بن النوين جوبان ، وكان من أكابر امراء السلطان أبو سعيد سلطان العراق واذربيجان ، فقتل أخاه دمشق خواجه ، ففر تمرتاش إلي السلطان

ص: 419

الناصر بمصر ، فأكرمه وأمره ، فكتب أبو سعيد إلي الناصر يطلب منه ارسال تمرتاش ، فقطع عنقه وأرسل إليه رأسه ، وطلب منه مقابل ذلك أن يرسل إليه رأس قراسنقر أحد الأمراء المصريين ، وقد فر منه ، وصادف أن قراسنقر مات حتف أنفه عند وصول كتاب الناصر ، فكتب أبو سعيد إلي الناصر أنه مات حتف أنفه ، ولو قتله لبعث برأسه ( الدرر الكامنة 53/2 ).

وفي السنة 729 قتل الوزير أبو عبد الله الغرناطي ، المعروف ، بابن المحروق، وكان وكيلا عن أبي الجيوش صاحب غرناطة، ثم عن خلفه أبي الوليد ، فتآمر عليه محمد بن أبي الوليد وقتله ( الدرر الكامنة 455/3 ).

وفي السنة 730 حصلت فتنة بمكة سببها تعدي العبيد فيها علي بعض حجاج العراق ، وكانت عاقبة الفتنة أن قتل من الأمراء المصريين الأمير الدمر ، وولده، ومملوكه ، وأمير عشرة يعرف بابن التاجي ، وقتل معهم خلق من الحجاج ، ولما بلغ الخبر الملك الناصر محمد بن قلاوون ، بعث الي مكة جيشأ كثيفة ، فقتلوا جماعة من العبيد وأسرفوا في ذلك ، وشردوا أشراف مكة والعبيد عن أوطانهم ، وأخذوا أموالهم . ( النجوم الزاهرة 283/9 ).

وفي السنة 731 قتل بغرناطة أبو عبدالله محمد بن إبراهيم المكي الحسيني ، قدم من مكة علي السلطان أبي سعيد المريني سلطان المغرب ، وتأثل مالأ وجاهة ، ثم دخل غرناطة بنية الجهاد ، فأكرمه صاحبها ، واستوطنها إلي أن قتله بعض مماليكه، فقتل بعده ( الدرر الكامنة 383/3 ).

وفي السنة 731 أوقع ابن مؤمن ، أحد أصحاب السلطان المجاهد صاحب اليمن، فتنة بين السلطان وبين أتابكه الزعيم ، فاستوحش منه السلطان، ولا علم للزعيم بشيء من ذلك ، فاتفق أن عمل الزعيم سماطا اللعسكر كافة ، وسأل السلطان حضور السماط ، فدس ابن مؤمن إلي السلطان أن الزعيم يقصد القبض عليه ، فاستدعي الزعيم ، ولما وصل ، أمر بقتله ،

ص: 420

فقتل ، واعتقل جماعة من أصحابه فقيدهم، وحبسهم ( العقود اللؤلؤية 57/2 و 58).

وفي السنة 731 أخذ ابن مؤمن ، يدس للغياث بن السناني ، عند السلطان المجاهد، صاحب اليمن ، وسعي حتي أحضر أمام القاضي ، وادعي عليه أنه قتل شخصأ ظلمة ، وأظهر السلطان كتابة بخطه اعترف فيه بقتل الرجل ، فحكم بإعدامه، وقتل . ( العقود اللؤلؤية 58/2 و 59).

وفي السنة 733 ثار الجند بظاهر جبل الفتح ( جبل طارق ) علي سلطانهم سلطان غرناطة محمد بن اسماعيل النصري الأنصاري الخزرجي ، وطعنه أحدهم ، فقتله وهو ابن ثماني عشرة سنة ( الدرر الكامنة 10/4 ).

وفي السنة 734 لاقي القاضي جمال الدين بن مؤمن ، المصير الذي كان يبعث إليه أفراد حاشية المجاهد ، صاحب اليمن ، فإن ابن مؤمن كان رجلا حسودأ ، يغري السلطان بذوي المكانة ، فيهلكهم ، وتلف بسعايته كثير من الناس ، وآخر من دس له عند السلطان ، القاضي موقق الدين بن الصاحب ، فأذن السلطان لابن مؤمن ، في مصادرته ، فضيق عليه ضيقا شديدا ، يريد إهلاكه ، فتوصل القاضي موفق الدين ، إلي كتابة رسالة إلي السلطان يستغيث به فيها ، فأمر السلطان بإطلاقه ، بعد أن فدي نفسه بعشرة آلاف دينار ، ثم اتفق القاضي موفق الدين ، والقاضي جمال الدين محمد بن حسان ، وزورا رسائل بخط يشبه خط ابن مؤمن ، فيها ما يدل علي اشتراكه في مؤامرة ضد السلطان ، وألقيا الأوراق بحيث وصلت إلي السلطان، فأمر السلطان بالقبض عليه ، وقتله ، وصادر أمواله ، للتفصيل راجع كتاب العقود اللؤلؤية 62/2- 64.

وفي السنة 736 توفي السلطان أبو سعيد بهادر بن الجايتو محمد خدابنده ، سلطان العراق ، وكان وزيره غياث الدين خواجا بن الوزير رشيد

ص: 421

الدولة، هو المتحكم في الدولة ، فعمد إلي شاب من بقايا النسل اسمه أرباكاون ، ومهد له الأمور ، ونصبه سلطان ، باسم معين الدين أرباكاون ، فخرج عليه علي باشا ، خال السلطان أبي سعيد ، ورشح للسلطنة رج اسمه موسي ، وانتصر علي باشا ، وتسلطن موسي ، فقتل أرباكاون وقتل معه الوزير غياث الدين خواجا ( شذرات الذهب 113/6 والوافي بالوفيات 329/4 ).

وفي السنة 736 قتل شرف الدين محمود شاه ، المسمي طمطاح ، صاحب بلاد فارس ، جري قتله بأمر من السلطان معز الدين أرباكاون ( معجم انساب الأسر الحاكمة 380) .

وذكر الرحالة ابن بطوطة عن السلطان محمد بن تغلق ، سلطان الهند (725- 752)، إنه كان لا يخلو بابه عن مقتول الأ في النادر ، قال : وكنت كثيرا ما أري الناس يقتلون علي بابه ، ويطرحون هنالك ، ولقد جئت يوما ، فنفر بي الفرس ، ونظرت إلي قطعة بيضاء في الأرض ، فقلت : ما هذه ؟ فقال بعض أصحابي : هي صدر رجل ، قطع ثلاث قطع ، وكان يعاقب علي الصغيرة والكبيرة ، ولا يحترم أحد من أهل العلم والصلاح والشرف ، وفي كل يوم يرد علي المشور ( البلاط ) من المسلسلين ، والمغلولين ، والمقيدين ، مئون ، فمن كان للقتل، قتل ، أو للعذاب عذب ، أو للضرب ضرب ، وعادته أن يؤتي كل يوم بجميع من في سجنه من الناس ، إلي المشور ، ما عدا يوم الجمعة ، فإنهم لا يخرجون فيه ، وهو يوم راحتهم ، يتنظفون فيه ، ويستريحون . (مهذب رحلة ابن بطوطة 85/2).

وخرج بمدينة سيوستان ، بالهند، الأمير قيصر الرومي ، علي ملك الهند غياث الدين محمد بن تغلق ( 725- 752)، وأعلن العصيان ، واستولي علي ما بها من أموال السلطان ، فنهد اليهم عماد الملك سرتيز ، مملوك السلطان ، وهو يومئذ أمير أمراء السند ، فانهزم قيصر ، وتحصن بالمدينة ، ولما اشتد عليهم الحصار ، طلبوا الأمان ، فأمنهم عماد الملك ، ولما نزلوا

ص: 422

غدر بهم ، وأخذ أموالهم ، وأمر بقتلهم ، فكان في كل يوم يضرب أعناق بعضهم ، ويوط بعضهم ، ويسلخ آخرين ، ويملا جلودهم تبنا ، ويعلقها علي السور ، فكان علي معظم السور ، تلك الجلود مصلوبة ، ترعب من ينظر إليها ، وجمع رؤوسهم في وسط المدينة، فكانت مثل التل هناك ، ونزلت بتلك المدينة، إثر هذه الوقيعة ، بمدرسة فيها كبيرة ، وكنت أنام علي سطحها ، فإذا استيقظت في الليل أري تلك الجلود المصلوبة ، فتشمئ نفسي منها ، ولم تطب نفسي بالسكن بالمدرسة ، فانتقلت عنها (مهذب رحلة ابن بطوطة 6/2 و7 ).

وكان السلطان محمد بن تغلق ، سلطان الهند ( 725- 752)، شديدا في أمر الصلاة ، ولقد قتل في يوم واحد، تسعة رجال ، علي تركها ، وكان أحدهم مغنية . (مهذب رحلة ابن بطوطة 2/ 83).

وذكر ابن بطوطة، أن ابن أخي النائب عن السلطان بقالقوط ( كلكتا) غصب سيفا لبعض تجار المسلمين ، فشكا التاجر إلي عمه ، فلما حضر ابن أخيه ، قال له : هذا سيف المسلم ؟ قال : نعم ، قال : اشتريته منه؟ قال : لا ، فقال لأعوانه : أمسكوه، ثم أمر به فضربت عنقه بذلك السيف ( مهذب رحلة ابن بطوطة 2/ 192).

وبلغ السلطان محمد بن تغلق ، سلطان الهند، أن الفقيه عفيف الدين تكلم في بعض الأمور ، فسجنه ، ثم أطلقه، فلقيه بعد خروجه من السجن، صاحبان له من الفقهاء، فقالا له: الحمد لله علي خلاصك ، فقال : الحمد الله الذي نجانا من القوم الظالمين ، فلم يصلوا إلي دورهم حتي بلغ السلطان الخبر ، فأحضر الثلاثة بين يديه ، وأمر بعفيف الدين أن تقطع عنقه حمائل ( أي أن يقطع الموضع الذي تم عليه حمالة السيف ، الرأس والصدر والكتف مع إحدي اليدين )، وأمر بضرب عنق الفقيهين الأخرين أيضا . فقالا : أما هو فيستحق العقاب لما قال وأما نحن فبأي جريمة تقتلنا؟ فقال

ص: 423

لهما : إنكما سمعتما كلامه فلم تنكراه ، فقتلوا جميعا . ( مهذب رحلة ابن بطوطة 98/2 و 99).

وكان الذي يتولي عذاب المخالفين للسلطان محمد بن تغلق سلطان الهند ، الأمير المعروف ، بأجدر ملك ، وهو نائب الوزير ، واسمه محمد بن النجيب ، وكان ظالما قاسي القلب ، وكان السلطان يسميه : أسد الأسواق ، وكان لقسوته، ربما عض المعذبين بأسنانه (مهذب رحلة ابن بطوطة 102/2)

وأمر السلطان محمد بن تغلق ، قائدا من قواده ، بالخروج إلي قتال بعض الهنود والكفار ، فتخلف بعض العسكر ، فأمر بالقبض عليهم ، وأحضر ثلثمائة وخمسين نفرا منهم ، فأمر بقتلهم ، فقتلوا . (مهذب رحلة ابن بطوطة 86/2)

ووصف لنا ابن بطوطة ، في كتاب رحلته ، قسوة السلطان غياث الدين الدامغاني ، سلطان بلاد المعبر ، فإنه أمر بقطع أشجار إحدي الغابات في مملكته وأمبر بأسر كل من يعثر عليه من الكفار الهنود في تلك الغابة ، فكانوا إذا قبضوا علي أسري من هؤلاء ، صنعوا خشبة محددة الطرفين ، وأجبروه علي حملها ، ومعه امرأته وأولاده ، وفي الصباح يقسم الأسري أربعة أقسام ، ويؤتي إلي كل باب من أبواب الكتكر ( أي المعسكر ) بقسم منهم ، فتركز الخشب التي حملوها بالأمس ، ثم يركزون عليها حتي تنفذ في أجسامهم ، ثم تذبح نساؤهم ، ويربطن بشعورهن إلي الخشبات التي قتل عليها أزواجهن ، ثم يذبح الأولاد الصغار في حجورهن ، ويتركون هناك ، ثم يشتغلون بقطع غيضة أخري ويصنعون بمن أسروه كذلك ، وذلك أمر شنيع ما علمته لأحد من الملوك . قال : وقد رأيته يوما ، والقاضي عن يمينه ، وأنا عن شماله ، وهو يأكل معنا ، وقد أتي بكافر ، معه امرأته وولده وسنه سبع سنوات ، فأشار إلي السيافين أن يقطعوا رأسه ، وقال لهم : وابنه وزوجته ،

ص: 424

فقطعت رقابهم ، وصرفت بصري عنهم ، فلما قمت ، وجدت رؤوسهم مطروحة بالأرض . قال : وقد حضرت عنده يوما ، وقد أتي برجل من الكفار ، فتكلم بما لم أفهمه ، فإذا بجماعة من الزبانية قد آستلوا سكاكينهم ، فبادرت الي القيام ، فقال لي : إلي أين ؟ ، فقلت : أصلي العصر ، ففهم عني ، وضحك ، وأمر بقطع يديه ورجليه ، فلما عدت وجدته متشطأ في دمائه . (مهذب رحلة ابن بطوطة 223/2 - 224) .

وفي السنة 740 غضب السلطان الملك الناصر محمد بن قلاوون ، علي الأمير تنكز نائب الشام ، فبعث من قبض عليه ، وأحتاط علي أمواله ، وأحضره إلي القاهرة ، واعتقله فيها نحو شهر ، ثم قتله في محبسه في 11 محرم سنة 741 . ( خطط المقريزي 54/2 ).

وفي السنة 741 أفسد المعازبة ، بالتهائم ، في اليمن ، فهاجمهم السلطان المجاهد ، وقتل منهم عدة مستكثرة ، ورمي بعضهم للفيلة ، وغرق الباقين في البحر ، ثم آل أمرهم أن شيخ عليهم أمرأة يقال لها : بنت العاطف ، وكساها ، فكانت تركب دابة من الحمر ، أو ناقة ، وتقود المعازبة بأسرهم . ( العقود اللؤلؤية 69/2 ).

وفي السنة 742 قتل السلطان المنصور أبو بكر بن الناصر محمد بن قلاوون ، وكان قد خلف أباه في السنة 741 فانحاز الي قسم من الأمراء ، واستهان بالآخرين ، فتأمروا عليه ، ورأسوا عليهم الأمير شوصون ، فاعتقله قوصون ونفاه الي قوص ، وكتب إلي متوليها يأمره بقتله ، فقتله ، وحمل رأسه سرا إلي قوصون ( الدرر الكامنة 494/1 و495) .

وفي السنة 742 قتل في سجن الاسكندرية ، الأمير بشتاك الناصري ، وهو اول أمير اعتقل وقتل بعد وفاة الناصر في السنة 741 وكان الناصر محمد بن قلاوون قد اشتراه بستة آلاف درهم ، وقربه وقدمه ، ولما توفي

ص: 425

الأمير بكتمر ، أعطي لبشتاك دار بكتمر ، وإصطبله ، ووجه بأم أحمد بن بكتمر ، ووصل إقطاعه الي سبع عشرة طبلخانة ، ولما توفي الناصر ، كان صغو الأمير قوصون لابنه المنصور ، وصغو بشتاك لابنه الناصر أحمد ، فظفر قوصون ، وتسلطن المنصور بوصية من أبيه الناصر ، فطلب بشتاك نيابة دمشق ، فأمر له بها ، ولما تجهز للسفر ، وصعد ليودع السلطان ، اعتقل ، وحمل إلي الإسكندرية حيث قتل في الحبس ( الدرر الكامنة 11/2 و 12 ).

وفي السنة 742 قتل الأمير طاجار المارديني الناصري ، اتهمه الأمير قوصون بأنه سعي به وحسن للسلطان المنصور أبي بكر أن يقتله ، فاعتقله قوصون ، وبعث به إلي الإسكندرية ، وقتل هناك ( الدرر الكامنة 314/2) .

وفي السنة 743 قتل الأمير جلال الدين مسعود اينجو، قتله الملك ياغي باستي بن تيمورطاش صاحب أذربيجان ، وفي السنة 745 ثأر أخو الأمير مسعود لأخيه فقتل الملك باغي باستي ( معجم أنساب الأسر الحاكمة 380 )

وفي السنة 744 قتل الشيخ حسن كوجك بن تيمورتاش ، صاحب أذربيجان اغتالته زوجته ( معجم انساب الاسر الحاكمة 380 ).

وفي السنة 742 قتل في سجن الإسكندرية الأمير برسبغا الحاجب الناصري وكان هو الذي يتولي عقوبة المباشرين اذا صودروا ، فهلك علي يده النشو، وأقاربه ، والصاحب أمين الدين وغيرهم ( الدرر الكامنة 7/2).

وفي السنة 742 قتل في سجن الإسكندرية الأمير جركتمر بن بهادر ، وكان الأمير الوحيد الذي أعان بيبرس الجاشنكير في سلطنته ، وسلم من الناصر محمد بن قلاوون ، وسبب سلامته أن قرا سنقر كان صهره فحماه ، وشفع فيه إلي السلطان ، فعفا عنه ( الدرر الكامنة 71/2 ).

وفي السنة 742 قتل في محبسه بالإسكندرية ، الأمير قوصون الساقي

ص: 426

الناصري ، وكان من غلمان التار، فأشتراه السلطان الناصر محمد بن قلاوون ، وقدمه ، وزوجه بابنته ، ولما توفي الناصر تعصب لولده المنصور أبي بكر ، حتي سلطنه ، وقام هو بأمر المملكة ، ثم دبت بينهما الوحشة ، فأمر قوصون بالمنصور فأبعد إلي قوص ، وكتب إلي عاملها بقتله فقتله ، ولما أراد أحمد بن الناصر أن يتسلطن ، أباها عليه قوصون ، وسير إليه جيش المحاربته ، فانحاز الجيش إلي أحمد، وثار الأمراء والعوام بقوصون فاعتقلوه ، وبعث به الناصر أحمد إلي الاسكندرية حيث حبس هناك ، ثم بعث إليه من قتله في حبسه ( الدرر الكامنة 342/3 و 343) .

وفي السنة 742 اعتقل السلطان الناصر أحمد بن قلاوون ، الأمير طشتمر الساقي حمص أخضر ، والأمير قطلوبغا الفخري ، وحبسهما في غزة ، وأمر بقتلهما بالجوع ، فأقيما يومين وليلتين لا يأكلان ، فكسرا قيديهما ، وخلعا باب السجن ، وحاولا الهرب ، فأمسكا، وأقيما علي الخندق ، وقطعت أعناقهما بحضور السلطان . ( النجوم الزاهرة 69/1 و 70 ).

وفي السنة 743 قتل الأمير طغاي بن سوتاي ، صاحب ديار بكر ، قتله ابراهيم شاه أخو علي باشا خال « أبو سعيد ، لأن الأمير طغاي سبق له أن قتل علي باشا فثأر إبراهيم شاه لأخيه ( الدرر الكامنة 322/2 ) .

وفي السنة 744 حمل الأمير أقبغا بن عبد الواحد، صاحب إمرة دمشق ، إلي القاهرة ، « فكان آخر العهد به »، أي إنه قتل ، وكان جبارة شديدا علي الناس ( الدرر الكامنة 418/1 و419) .

وفي السنة 744 قتل بالقاهرة الأميران الأخوان قطلوبغا الساقي الناصري المعروف بالفخري ، وطشتمر نائب السلطنة بحلب ، وكانا قد قاما بنصرة الناصر أحمد بن الناصر محمد بن قلاوون ، فنصب السلطان أحمد الأمير قطلوبغا نائبا للسلطنة بدمشق ، ثم غدر السلطان الناصر أحمد بهما ،

ص: 427

وأمر باعتقالهما ، فاعتقلا ، وأحضرا إلي القاهرة ، ويقال انه لما قدما للقتل، قال قطلوبغا : ابدأوا بي قبل طشتمر ، فإنه لا ذنب له ، فلعل أن تحصل فيه شفاعة ، وقتلا معا ( الدرر الكامنة 335/3 و 336 ).

أقول : سبق ان اثبت ما ورد في النجوم الزاهرة 69/10و 70 أن مقتل هذين الأميرين كان في السنة 742 فليلاحظ .

وفي السنة 744 ضربت عنق حسن بن محمد بن أبي بكر السكاكيني ، بسوق الخيل بدمشق ، حكم عليه قاضي دمشق بأنه زنديق « لغلوه في الرفض » ( الدرر الكامنة 119/2 ).

وفي السنة 744 قتل السلطان خليل التتاري ، سلطان ما وراء النهر ، وزيرة العلوي الحسيني ، وكان قد أعانه في تأسيس دولته ، وحارب في سبيل توطيد ملكه ، فدوا له عند السلطان ، وأوغروا عليه صدره ، وأوهموه أن الوزير يطلب السلطنة ، ويقول إنه لنسبه الشريف ، أحق بالسلطنة من السلطان خليل ، فأمر بقتله فقتل ، وكان ذلك سبب خراب ملكه ( مهذب رحلة ابن بطوطة 313/1 ) .

وفي السنة 744 قتل إبراهيم بن يوسف المقصاتي « الرافضي إلي لعنة الله » شهد عليه بسب الصحابة رضي الله عنهم ( شذرات الذهب 140/6 ).

وفي السنة 745 قتل ذبحا ، بالكرك ، السلطان الناصر أحمد بن الناصر محمد بن قلاوون ، ولد في السنة 716 وبعث به والده إلي الكرك يتعلم الفروسية ، فتولع بغلام يقال له الشهيب وتهتك فيه ، وحاول أبوه إبعاده عنه ، فلم ينجح فيه ترغيب ولا ترهيب ، فأعاده إلي الكرك ، وأوصي بولاية العهد لابنه الآخر أبي بكر سيف الدين ، ولما توفي الناصر ، خلفه ولده أبو بكر سيف الدين وتلقب بالمنصور ، ولكن بعض الأمراء تعصب لأخيه أحمد، فسلطنوه ولقبوه بالناصر ، لقب أبيه ، فتوجه بعد أربعين يوما إلي الكرك ،

ص: 428

فقبض هناك علي الأميرين اللذين أعاناه علي السلطنة وهما الأمير طشتمر حمص أخضر ، وكانت إليه نيابة السلطنة بمصر ، والأمير قطلوبغا الفخري ، وكانت إليه نيابة السلطنة بدمشق ، فضرب عنقيهما صبرة ، وسبي حريمهما، ومكن منهن نصاري الكرك ، فأشمأزت منه النفوس، وخلعه الأمراء بمصر ، وسلطنوا أخاه الصالح إسماعيل ، وجهزوا إليه عساكر حاصرت الكرك ، وأمسك في السنة 745 وذبح ، وحمل رأسه إلي القاهرة ( الدرر الكامنة 315/1 و316) .

وفي السنة 747 قتل السلطان الملك الكامل شعبان بن الناصر محمد بن قلاوون ، وكان قد ولي السلطنة في السنة 746 خلفا لأخيه الصالح اسماعيل ، بعهد منه إليه ، وأهمل أمور الملك ، فثار عليه الأمير يلبغا اليحياوي ، نائب السلطنة بدمشق ، وأشاع خلعه معتمدا علي أن السلطان الملك الناصر ، كان قد أوصي الأمراء، بأن من تسلطن من أولاده ، اذا لم يسلك الطرق المرضية ، فجروا برجله وملكوا غيره ، فلما بلغ الكامل شعبان خبر نائب السلطنة بدمشق ، جهز اليه جيش كثيفة ، فثار به من بقي من الأمراء في القاهرة ، وخلعوه ، وبايعوا أخاه المظفر حاجي ، وقتلوا الكامل ( الدرر الكامنة 2/ 289).

وفي السنة 747 قبض السلطان الملك المظفر حاجي علي يلبغا اليحياوي ، وأصعده إلي قلعة قاقون ، وقتل فيها ( النجوم الزاهرة 162/10)

وفي السنة 747 بلغ السلطان باليمن ، أن جماعة من المماليك الغرباء ، علي وشك المناداة ابن أخيه الملك الفائز أبي بكر بن حسن ، سلطانا بدله ، فاعتقل ابن اخيه في تعز ، حيث مات في سجنه بعد قليل ، ثم اعتقل جماعة من الممليك الغرباء ، وأتلفهم قت، وشنقأ ، وتغريق . ( العقود اللؤلؤية 2/ 79 - 80) .

ص: 429

وفي السنة 747 قتل الأمير قماري الناصري ، أخو بكتمر الساقي ، أمره الناصر ، وخرج مع الفخري لحصار الناصر أحمد بالكرك ، ثم نصب نائب بطرابلس ، ثم اعتقل وحمل الي مصر ، ونقل إلي سجن الإسكندرية « فكان آخر العهد به ، أي إنه قتل ( الدرر الكامنة 341/3 ).

وفي السنة 747 قتل الأمير سيف الدين الحاج النائب ، المعروف بال ملك ، كان أثيرأ جدأ عند السلطان الملك الناصر ، وفي أيام الصالح إسماعيل كانت إليه نيابة السلطنة بمصر ، ثم أخرجه الكامل لنيابة الشام ، وأرسل إليه في الطريق من توجه به إلي صفد ، ثم اعتقل في غزة ، ونقل إلي الإسكندرية ، فاعتقل بها ، وأعدم ( الدرر الكامنة 439/1 ).

وفي السنة 748 مات المغني أبو سعيد الكردي ، عمر بن خضر ، وكان أبوه خضر قد أتصل بهولاكو، ثم سخط عليه ، فقتله ، وباع أولاده ، فاشتري الصاحب شرف الدين هارون الجويني عمر هذا وهو صغير جدا ، فاجتهد حتي فاق في الغناء ، وتنقل حتي استقر عند السلطان الناصر ، فرتب له راتبأ ، وألف كتابا في الغناء ( الدرر الكامنة 240/3 ).

وفي السنة 748 قبض بالقاهرة علي الأميرين آق سنقر ، والحجازي ، فقطعا قطعا ( النجوم الزاهرة 159/10 ).

وفي السنة 748 أخرج من القاهرة الأمراء طغاي تمر النجمي ، وسيف الدين بيدمر البدري ونجم الدين محمود الوزير ، علي الهجن إلي الشام ، وأدركهم الأمير سيف الدين منجك ، وقتلهم في الطريق ( خطط المقريزي 425/2)

وفي السنة 748 قتل السلطان شهاب الدين بن عمر ، سلطان جزيرة مالديف ( ذيبة المهل ) وخلفته أخته ملكت رهندي بنت عمر ، وحكم معها زوجها محمد جمال الدين في السنة 764 ثم زوجها الثاني عبد الله كلاغه في

ص: 430

السنة 775 وتوقيت الملكة ملكت رهندي في السنة 781 فخلفتها أختها ملكت ددفتي بنت عمر ( معجم أنساب الأسر الحاكمة 450 ).

وفي السنة 748 قتل في غزة ، بأمر من السلطان حاجي بن الناصر محمد بن قلاوون ، وزير بغداد نجم الدين محمود بن علي بن شروين البغدادي ، وكان قد فر من بغداد ، وهو وزير فيها ، لما خشي الفتك به ، فالتجأ إلي الناصر ، ولما سلم عليه قبل يده ، ووضع في كفه حجر بلخش وزنه أربعون درهما ، فأكرمه السلطان ، وأمره ، ووضي بأن يرتب وزيرة من بعده ، فلما توفي الناصر، استوزره ولده المنصور ، فأحسن إلي الناس واستمر في وزارته في عهد الصالح إسماعيل، وعزل في دولة الكامل شعبان ، فلما ولي المظفر حاجي أعيد إلي الوزارة ، ثم أخذ مع أمراء آخرين إلي غزة ، حيث قتلوا بها في السنة 748 ( الدرر الكامنة 99/5 و100).

وفي السنة 748 قتل السلطان المظفر، الأمير ملكتمر الناصري الحجازي ، وأصله من بغداد ، وتقدم عند السلطان الملك الناصر محمد بن قلاوون ، وسجن بعد وفاة الناصر ، ثم أطلق ، وأعيد إلي إمرته ، وقام بدولة المظفر ابن الناصر ، وعظم في دولته ، ثم سعي به إلي المظفر بأنه يريد « أن يركب عليه ، فاعتقله ، وكان آخر العهد به ( الدرر الكامنة 128/5 ).

وفي السنة 748 قتل الأمير آق سنقر الناصري ، تزوج بابنة الملك الناصر محمد بن قلاوون ، وتنقل في أعمال عدة وتأمر في دولة الملك الكامل ، ثم سعي في إزالة السلطنة عن الملك الكامل ، وأصبح أكبر الأمراء في دولة المظفر حاجي ، ثم فسد ما بينهما ، فاعتقله المظفر وقتله ( الدرر الكامنة 422/1)

وفي السنة 748 قتل الأمير أغرلو ، وكان قد قتل ثلاثين أميرة في مدة أربعين يوما ، ولما قتل أخرجه العامة من قبره ، وأقاموه في الصفة التي كان

ص: 431

فيها ، ثم نوعوا به النكال ، وصلبوه ، لما كان في قلوبهم له من البغض لشدة ظلمه ، فبلغ السلطان ذلك ، فأنكره ، وأرسل الأوجاقية فأوقعوا بالعوام ، وأذاقوهم الضرب والقطع ( أي قطع الأيدي ) فكان كما يقال : ظالم في حياته ، مشؤوم في وفاته ( الدرر الكامنة 417/1 و418) .

وفي السنة 748 قتل السلطان حاجي بن الناصر محمد بن قلاوون ، وهو ابن سبع عشرة سنة ، خرج عليه قسم من أمرائه ، فحاربهم ، فجرح ، وسقط ، فأخذوه إلي تربة ثم قتلوه هناك ( الدرر الكامنة 83/2 - 85 ).

أقول : ولد حاجي في السنة 732 وأبوه الناصر محمد في الحجاز ، فسمي حاجي ، وكان أخوه الكامل قد قبض عليه وسجنه وسجن معه أخاه حسينا ، وذلك في السنة 747 وقتل أخاهما يوسف ، وأمر لاجين زوج أم حاجي أن يطلقها، فطلقها، وأمر أن يكون محبس حاجي وحسين بالقرب منه ، ثم ثار الأمراء علي الكامل ، فاعتقلوه ، وحبسوه في موضع حاجي ، وأخرجوا حاجي من الحبس ، وسلطنوه ، وكان ذلك في نفس السنة أي في السنة 797 وفرح الناس بحاجي أول الأمر ، ثم أنعكس مزاجهم لما رأوا لعبه وإقباله علي اللهو ، حتي وصلت قيمة عصابة حظيته اتفاق التي تلفها علي جبينها مائة ألف دينار ، وبلغت النفقة علي حظيرة الحمام سبعين ألف درهم ، ثم باشر بقتل أمرائه فقتل الحجازي ، وأقسنقر ، وقرابغا ، وأغرلوا شاد الدواوين ، وبيدمر البدري ، والوزير نجم الدين وزير بغداد ، وطقشتمر الدوادار ، وأوصي غلمانه بقتل أمراء آخرين ، فأحست هؤلاء بذلك ، فاجتمعوا وحشدوا ، وحاربوه ، وأسروه ، وقتلوه .

وفي السنة 750 تل أرغون شاه الناصري ، نائب دمشق ، وكان السلطان أبو سعيد أرسله إلي الناصر، فحظي عنده ، وتأمر ، وناب في عدة بلدان ، حتي وصل إلي نيابة دمشق ، ثم برز الأمر بامساكه ، فأمسك وذبح ( شذرات الذهب 166/6 ).

ص: 432

وفي السنة 750 رتب السلطان المجاهد، صاحب اليمن ، بواسطة القاضي صفي الدين أحمد بن محمد بن عمار ، مؤامرة ، قتل بها الشيخ عكم بن وهبان صاحب أبيات حسين ، وكان قد خرج عن طاعته ، فلما قتله القاضي ، قطع رأسه ورأس آخر معه ، وخرج بالرأسين إلي السلطان ( العقود اللؤلؤية 83/2 ) .

وفي السنة 752 ذبح لي أحمد بن محمد بن قرصة الأنصاري، وكان شاعرة هجاء ، فسبب له الهجاء ذهاب روحه ، رحل مرة من مصر إلي دمشق ، ونزل في بيت منها، فأصبح مذبوحة ، لا يدري من ذبحه ، فقال فيه حسن الزعاري : ( الدرر الكامنة 313/1 ) .

مات ابن قرصة بعد طول تعرض**** للموت ميتة شر كلب نسابح

ما زال يشحذ مدية الهجو التي ****طلعت عليه طلوع سعد الذابح

حتي فري ودجيه عبد صالح **** عقر النطيحة عقر ناقة صالح

وفي السنة 753 قتل ذبحا عثمان بن عبد الرحمن العبد وادي ، من ملوك الدولة العبدوادية في تلمسان ، وكان قد قام بتلمسان ، فحاربه السلطان أبو عنان المريني ، ففر عثمان ، واستتر ، ثم قبض عليه ، وحبس ، فامتنع عن الطعام ليموت جوعا ، فأمر السلطان أبو عنان بقتله ، فقتل ذبحأ . ( الاعلام 369/4 ).

وفي السنة 753 تأمر بنو عبد الواد ، علي عمر بن علي أمير تلمسان للمريني ، فباكره أحدهم بداره ، وانحني عليه كأنه يقبل يده ، ثم طعنه بخنجر ، فقر الأمير إلي داخل الدار ، فاتبعوه وأجهزوا عليه ( ابن خلدون 290/9)

وفي السنة 753 عصي الأمير بيبغا أروس نائب حلب ، علي السلطان ، وأعانه في ذلك الأمير بكلمش نائب طرابلس ، والأمير أحمد نائب حماة ،

ص: 433

فأمر السلطان بمحاربتهم ، وتوجه إلي الشام ، ففر أولئك الأمراء ، وتوجهوا إلي بلاد التركمان ، فقطع التركمان رؤوسهم ، وأرسلوها إلي السلطان ، فرسم بأن تعلق علي باب زويلة ، فعلقت ثلاثة أيام ( أعلام النبلاء

433/2 و 434)

وورد الخبر في الدرر الكامنة كما يلي : وفي السنة 754 قتل بحلب الأمير بكلمش الناصري ، وكان ظالمة جائرة ، يتعرض لحريم الناس ، ثم اشترك مع ببغاروس في فتنته في السنة 753 ثم فر إلي دلغادر بمرعش ، فغدر به وسيره إلي حلب ، فاعتقل، وقتل فيها في السنة 754 وحمل رأسه إلي مصر ( الدرر الكامنة 23/2 ) وكذلك جري مع بيغاروس فإنه قتل بحلب مع بكلمش ، وحمل رأسه إلي مصر ( الدرر الكامنة 2/ 45).

وفي السنة 754 ولي شجاع الدين عمر بن العماد ، علي التهائم ، فعسف الشيخ أحمد عمر الأشعري ، عسفا شديدا ، وطالبه بخمسة آلاف دينار ، فامتنع، فأصر علي قتله ، فقصده علي بن الشيخ أحمد ومعه أتباع له ، ودخلوا علي الأمير ابن العماد، وقتلوه ، راجع التفصيل في كتاب العقود اللؤلؤية 94/2 و 95).

وفي السنة 755 قتل علي بن الحسن الحلبي «الرافضي ، لأنه شق الصفوف في الجامع الأموي ، وهو يلعن من ظلم آل محمد ، فانتهره عماد الدين بن كثير ، وأغري به العامة ، وقال : إن هذا يسب الصحابة ، فحكم نائب المالكي بضرب عنقه ، وضربت عنقه بسوق الخيل ، وأحرق العوام جسده ( الدرر الكامنة 3/ 110).

أقول : ذكره صاحب الدرر الكامنة مرة ثانية ( 168/3 و 169) وسماه علي بن أبي الفضل بن محمد بن حسين الحلبي « الرافضي ).

وفي السنة 756 ضربت عنق الملك الأشرف بن تيمورتاش ، صاحب

ص: 434

أذربيجان ، بأمر من جاني بك ، صاحب القبجاق ، وكانت مدة حكمه 12 سنة ( معجم انساب الاسرات الحاكمة 380).

وفي السنة 757 قتل ثابت بن محمد الطرابلسي ، أمير طرابلس الغرب ، تسلل الفرنج إلي طرابلس علي هيأة التجار ، ثم هجموا علي البلد وقتلوا كثيرا من أهلها ، واستولوا عليها وحاصروا القلعة ، فهرب ثابت منهم بأن تدلي بعمامته من القصر ، ففطن له بعض العرب ممن يعاديه ، فقتله ( الدرر الكامنة 2/ 64 - 65 ).

وفي السنة 758 قام جاني بيك ، صاحب بلاد الدشت ، وهو من أحفاد جنكيزخان بقتل الملك الأشرف بن تمرتاش بن جوبان ، وعلق رأسه في تبريز ، وكان الملك الأشرف ظالما ( تاريخ الغياثي 85 ) .

وفي السنة 759 قتل الأمير طرغتمش الناصري ، وكان قد أفرط في الإدلال ، فاعتقل بأمر السلطان حسن ، وجهز إلي الإسكندرية مع جماعة من الأمراء نحو العشرة ، فأصبح من دونهم مقتولا ( الدرر الكامنة 306/2 ).

وفي السنة 761 قتل الحسن بن عمر الفودوي ، الذي كان وزيرة بفاس للسلطان المريني ، أبي عنان فارس بن علي ، ولم يكن الحسن علي ولاء مع ولي عهده أبي زيان ، فلما توفي أبو عنان ، أحضر الفودوي طفلا من ابناء السلطان ، وبايع له بالملك ، وأخذ ولي العهد أبا زيان فقتله ، وطارد بقية أبناء السلطان الآخرين ، فتحرك أحد إخوان السلطان أبي عنان ، واسمه إبراهيم بن علي ، وأحتل العاصمة ، فبايعه الفودوي ، ثم هرب منه ، وأعلن العصيان ، فأسر ، وحمل إلي فاس ، وطيف به علي جمل ، وأحضر أمام السلطان إبراهيم ، فأمر فسحب علي وجهه، وضرب، ثم قتل. ( الأعلام 226/2)

وفي السنة 762 قتل السلطان المستعين بالله أبو سالم إبراهيم بن أمير

ص: 435

المسلمين أبي الحسن المريني ، سلطان المغرب ، وحمل رأسه إلي وزيره عمر بن عبدالله الفودوي في مخلاة ( الأعلام 46/1 ) أقول : كان أبو سالم إبراهيم يلي سجلماسة في حياة أبيه ، فلما توفي أبوه ، استولي ولده فارس علي السلطنة ، ونفي أبا سالم وأخاه أبا محمد إلي الأندلس ، فاستقرا بغرناطة في السنة 752 ، وفي السنة 759 توفي أمير المسلمين فارس ، وخلفه ولده أبو بكر سعيد ، وهو صبي ، فخرج أبو سالم ، ولحق بصاحب قشتالة ، وهو يومئ بإشبيلية ، فأعانه بمال وسلاح ، فنزل ببلاد غمارة ، وزحف فاستولي علي طنجة وسبتة ، واستولي علي المغرب ، فتسلطن ، وكان أول ما صنعه أن جمع جميع الأمراء من شجرة أبيه، فالتقط من الصبية من بين مراهق ومحتلم ومستجمع ، طائفة تناهز العشرين ، غلمانا روقة ، فأمر بهم فأغرقوا ، وفي السنة 792 ثار عليه وزيره عمر بن عبدالله الفودوي ، ففر أبو سالم منه ، ولجأ الي بعض بيوت البادية ، فأمسك، وسيق إلي مصرعه ، وقتل بظاهر البلد ( الاحاطة 311- 318).

وفي السنة 762 توفي بردي خان المغلي ، صاحب بلاد الدشت ، فأرسلت جدته طيطو خاتون إلي قلته خان ، فقررته في المملكة ، فأقام ثمانية أشهر ، وأساء السيرة، فقتلوه ، وقرروا عوضه نوروزخان ، من أقاربه ( الدرر الكامنة 7/2).

أقول : جاء في قاموس زامباور معجم أنساب الأسر الحاكمة ص 363 إن المتوفي اسمه « بردي بك محمد » وأنه من بني باتو من القبيل الأزرق ، بالقبجاق الغربي ، حكم منذ السنة 758، وإن الذي خلفه « قولتا» والذي خلفه « نوروز بك محمد» ولم يعين تاريخأ لانتهاء حكم الأول ولتستم الآخرين الحكم من بعده .

وفي السنة 762 هجم الأمراء بالقاهرة علي السلطان الناصر حسن بن الناصر محمد بن قلاوون ، وخلعوه ، وعذبوه حتي هلك بعد أيام ، ودفن في

ص: 436

مصطبة في داره ، وسلطنوا صلاح الدين محمد بن المظفر حاجي بن الناصر محمد ( شذرات الذهب 196/6 ).

أقول : روي صاحب النجوم از اهرة 313/10 قصة مقتل السلطان الناصر حسن ، بشكل آخر ، فذكر أنه في السنة 762 قبض علي الملك الناصر حسن ومعه ايدمر الدواداري ، وهما في زي الأعراب ، يريدان التوجه إلي الشام ، فحملا إلي يلبغا ، فقتلهما يلبغا قبل طلوع الشمس .

وفي السنة 767 قتل أحمد بن محمود بن صدقة الحلبي الأديب ، وكان مشتغلا بالتصوف ، فضبطت عليه ألفاظ ، حكم عليه من أجلها القاضي المالكي صدر الدين الدميري ، بالقتل، فقتل بمشهد من الناس تحت قلعة حلب ( الدرر الكامنة 335/1 و 336).

وفي السنة 767 قتل السلطان أويس بن الشيخ حسن الجلائري ، سلطان العراق (ت 776) أحمد بن أخيه حسين ، اتهمه بأنه كان قد حرض تابعه مرجان الطواشي أمير العراق علي العصيان « وسر بقتله أهل السنة لأنه كان ينصر الرافضة » ( الدرر الكامنة 134/1 ).

وفي السنة 768 قتل في سجنه الأمير يلبغا بن عبدالله الخاصكي الناصري ، وكان أول ما أمره الناصر حسن ، ثم أنه قام علي أستاذه الناصر حسن حتي قتل ، وتسلطن المنصور محمد بن حاجي ، واستقر يلبغا أتابك له ، ثم خلعه في السنة 764 ونصب الأشرف شعبان ، وزاد يلبغا رفعة ولقب نظام الملك ، وصار اليه الأمر والنهي ، وهو السلطان في الحقيقة ، والأشرف له الإسم فقط ، وأصبح مماليكه نواب السلطنة في البلاد ، واستكثر من المماليك ، فبلغت عدة مماليكه ثلاثة آلاف مملوك ، وكان يركب في ألف مملوك ، ثم إن مماليكه أجمعوا علي قتله ، فحاربهم بليغا ، وأقام سلطانة جديدة هو أنوك ، أخا الأشرف ، ولكن عسكره أنفل، ففر، ثم عاد طائعا في

ص: 437

عنقه منديل ، فأمر السلطان بحبسه ، ثم أذن في قتله ، فقتله بعض مماليكه في السجن ( الدرر الكامنة 213/5 - 215).

وفي السنة 768 قتل الأمير أسندمر اليحياوي، نائب السلطنة في طرابلس الشام ، وشاع أن ولده قتله ( الدرر الكامنة 413/1 ).

وفي السنة 768 قتل الوزير عمر بن عبد الله الفودوي بعد حياة حافلة بالفتك وهو من وزراء الدولة المرينية بالمغرب ، وكان يخدم السلطان أبا سالم إبراهيم بن علي ، ثم تنكر له ، فاتفق مع غرسيه بن انطون قائد جند النصاري ، وخلع أبا سالم ، وقتله ، في السنة 762 ، وجيء له برأسه في مخلاة ، ونصب للسلطنة فتي معتوه من بني مرين واسمه تاشفين ، ثم غدر بغرسية وأصحابه فقتلهم ، ثم خلع تاشفين ونصب مكانه في السنة 763 أبا زيان محمد بن يعقوب المريني ثم قتله خنقأ رألقاه في بئر ، وأشاع أنه سقط في البئر وهو سكران ، وجاء بأمير غيره من بني مرين اسمه عبد العزيز بن علي ، فبايعه ، وكان عبد العزيز يقظة حازمة ، فأعد له جماعة من الخصيان في زوايا داره ، ولما حضر عنده عمر ، أشار إليهم ، فقتلوه هبرة بالسيوف ( الاعلام 12/5 ).

وروي ابن خلدون ، في تاريخه قصة مقتل هذا الوزير ، وأقاربه ، وأتباعه ، فقال في السنة 768 تشدد الوزير عمر بن عبدالله بن علي ، في الأستبداد علي السلطان أبي فارس عبد العزيز المريني ، سلطان المغرب ، فحجره ، ومنعه من التصرف ، ومنع الناس من النهوض له ، ثم إن الوزير خطب أميرة مرينية ، وشرط لأهلها أن يولي أخاها السلطنة ، وبلغ السلطان ذلك، فأعد له من يغتاله إذا دخل عليه ، فلما دخل الوزير تناوله أصحاب السلطان هبرة بالسيوف حتي قتلوه ، ثم أمر السلطان باعتقال ابن الوزير وأخيه ، وعمه ومن يتعلق بهم ، وقتلوا جميعا ( ابن خلدون 323/7 ) .

وفي السنة 770 قبض السلطان الأفضل باليمن علي ثمانية عشر شيخا ،

ص: 438

من مشايخ العنسيين ، وقتلهم جميعا ( العقود اللؤلؤية 138/2 ).

وفي السنة 771 قتل الأمير يونس النوروزي ، وكان أثير عند الظاهر برقوق ، ولما كانت فتنة يلبغا الناصري ، خرج مع الأمراء الذين جهزهم الظاهر لمحاربة بليغا وأصحابه ، فانكسر جيش برقوق ، وانهزم الأمير يونس ، مع من انهزم ، فظفر به الأمير عنقاء بن شطي من آل مزين ، فقتله ، وقطع رأسه ، وتقرب به إلي الناصري ( الدرر الكامنة 264/5 ).

وفي السنة 773 رسم السلطان بمصر ، بضرب عنق بعيادة ، مشارف ديوان المواريث الحشرية ، فأعدم ( بدائع الزهور 106/2/1 ).

وفي السنة 779 قبض علي الأمير ينبك بالقاهرة ، وأرسل إلي سجن الاسكندرية « فكان ذلك آخر العهد به ، ( النجوم الزاهرة 8/11 و15).

وفي السنة 780 أعلن موت الأمير بركة في سجنه بالإسكندرية ، فبعثوا من القاهرة ، من حقق في أمر موته ، فظهر أنه قد قتل ، وأن قاتله الأمير خليل بن عرام ، نائب الإسكندرية ، فاعتقل ابن عرام ، وحمل إلي القاهرة حيث عري من ثيابه، وضرب بالمقارع ستة وثمانين شيبة ، ثم سمر علي جمل بلعبة تسمير عطب ، وطيف به في البلد ، فهجم عليه جماعة من مماليك بركة ، وهبروه بالسيوف ، فقطعوه قطعأ عديدة ، وتناهبوا أعضاءه ، فأخذ أحدهم أذنه ، والآخر رجله ، وقطع رأسه ، وعلق بباب زويلة ( النجوم الزاهرة 184/11 و 185).

وفي السنة 784 اتفق الأمراء ، وقتلوا السلطان حسين بن أويس بن الشيخ حسن بزرك ( الكبير) وأجلسوا مكانه أخاه السلطان أحمد ، وكان السلطان حسين ، مولعا بحب النساء ، واللهو والطرب ، وكان يرتدي ألبسة النساء ويدخل الولائم والأعراس متنكرة ليطلع علي النساء ، فنفرت منه النفوس ، وشكا الأمراء ذلك إلي الأمير زكريا ، فقال لهم : أشكروا الله الذي بلاكم بمن يجعل القناع علي رأسه ، ولم يبلكم بمن يجعل القناع علي

ص: 439

رؤوسكم ، وكانت مدة حكم السلطان حسين ثماني سنوات ( التاريخ الغياثي 100 و101).

وفي السنة 785 ارتد ستة أنفار إلي النصرانية ، بعد إسلامهم ، فضربت أعناقهم تحت المدرسة الصالحية بالقاهرة ( بدائع الزهور 331/2/1 ).

وفي السنة 785 احتال الأمير طغاي تمر ، نائب الكرك ، علي الأمير خاطر أمير العربان، فظفر به وبأبنية الإثنين ، فذبح الثلاثة بيده . ( بدائع الزهور 2/1/ 331).

وفي السنة 785 ( أو 786)، قتل محمد بن مكي العراقي ، الفقيه الشيعي ، كبير الرافضة ( الشيعة ) بدمشق ، لإظهاره الرفض ، ضربت عنقه تحت القلعة ، وقتل رفيقه عرفة بطرابلس بتهمة التشيع أيضأ ( نزهة النفوس 88 وتاريخ العراق للعزاوي 179/2 ).

وفي السنة 786 أمر السلطان الأشرف ، صاحب اليمن ، بقتل ابن شرف الصنعاني ، وكان سفيرة بينه وبين الإمام ، اتهمه بأنه خان في سفارته، وأفشي سرة أودعه إياه، فقتل ( العقود اللؤلؤية 2/ 180).

وفي السنة 788 هاجم اثنان من الفداوية، الشريف محمد بن أحمد بن عجلان ، أمير مكة ، وقتلاه طعنا بالخناجر ( النجوم الزاهرة 246/11 ).

وفي السنة 789 حصر المستنصر أبو العباس احمد بن إبراهيم المريني ، مدينة فاس ، وفتحها، وخلع صاحبها الواثق بالله محمد بن أبي الفضل المريني ، وبعث به إلي طنجة ، حيث قتل ( الأعلام 222/7 ).

وفي السنة 789 قبض المستنصر أبو العباس احمد بن ابراهيم المريني ، سلطان فاس ، علي وزيره مسعود بن عبد الرحمن بن ماساي ، وعلي إخوته ، وحاشيته ، وعذبهم، حتي هلكوا جميعا ( الأعلام 112/8 ، و 113)

ص: 440

وفي السنة 789 ضربت عنق ميخائيل الأسلمي بالإسكندرية ، وكان نصرانيا فأسلم ، وعمل تاجر الخاص ، ثم قرر في نظر إسكندرية ، وسبب قتله أتهامه بالزندقة «وشهد عليه بذلك خمسون إلا واحدا ، ( شذرات الذهب 306/6 و 307).

وفي السنة 789 دخل تيمورلنك إصبهان، « ورمي عليهم مال الأمان » وأرسل عليهم المحصلين لتحصيله ، فعصوا عليه ، « ومسكوا » المحصلين ، وقتلوهم ، فكر عليهم تيمورلنك ، وحاصرهم ، وأخذهم ، وقتل منهم سبعين ألفا ( تاريخ الغياثي 182).

وفي السنة 791 قتل قاضي القضاة شهاب الدين أبو الخير أحمد بن عمر الحموي ، وكان الملك الظاهر قد ولاه القضاء ، وقدمه ، فأفتي شهاب الدين بوجوب محاربته ، وقام بنصر أعدائه ، وشهر السيف ، وركب بنفسه ، والمنادي ينادي بين يديه : قوموا انصروا الدولة المنصورية ، بأنفسكم ، وأموالكم ، فإن الظاهر من المفسدين العصاة الخارجين ، فلما انتصر الظاهر ، أخذه وحبسه بالقلعة ، ثم حمل مقيدا إلي قريب من خان شيخون ، وقتل هناك ( النجوم الزاهرة 11/ 382 وشذرات الذهب 215/6 ).

وفي السنة 791 قتل السلطان غياث الدين سالار تغلق شاه ، سلطان دهلي ، بعد أن حكم ستة أشهر ( معجم أنساب الأسر الحاكمة 423).

وفي السنة 791 جاء إلي الكرك ، قاصد من القاهرة، لقتل السلطان الملك الظاهر برقوق ، فاجتمع انصار برقوق ، ووثبوا علي القاصد فقتلوه ، وجروا برجله إلي حيث الظاهر برقوق ، وقالوا له : دس برجلك علي رأس عدوك . ( النجوم الزاهرة 349/11 و 350).

وفي السنة 792 قبض السلطان برقوق علي مملوك اتهمه بإثارة الفتنة بين المماليك ، فضرب ضربا مبرحا ، وسمر علي جمل، وشهر ثم سجن

ص: 441

بخزانة شمائل « فلم يعرف له خبر بعد ذلك » يعني أنه قتل . ( النجوم الزاهرة 14/12)

وفي السنة 792 قبض السلطان علي عدة من الأمراء ، فسجن في قلعة القاهرة ، « وكان ذلك آخر العهد بهم » ( النجوم الزاهرة 27/12 ).

وفي السنة 792 أغار جماعة من بني الدريهم علي عبيد العبادل ، ليأخذوا شيئا من ماشيتهم ، فيفدونه منهم ، وكان العبيد علي حذر ، فتقاتلوا ، فقتل أحد مشايخ العبيد ، فانتقم العبيد ، فقتلوا رئيس الحرس وهو علي بن النهاري ، وكان أبوه شيخ بني الدريهم وكبيرهم ، فلما حمل إلي أبيه قتيلا ، أقسم أن يقتل به أكبر العبادل ، وكانت العبادل أكثر عددا وبني الدريهم أكثر شرا ، ثم وجدوا غرة من الشيخ علي بن محمد العجمي ، شيخ الأشاعر ، فقتلوه ، وفي السنة 799 قتل الشيخ النهاري بن عيسي الأشعري ، شيخ بني الدريهم ، قتله أولاد علي بن العجمي ، بأبيهم ، وقتل معه الشيخ علي بن جهيض الأشعري ( العقود اللؤلؤية 217/2 ، 260).

وفي السنة 792 قتل الأمير منطاش بدمشق ، الأمير محمد بن بلبان بن المهمندار نائب القلعة بحلب ، وكان واسع الثروة جدا ( الدرر الكامنة 17/4)

وفي السنة 793 اعترض السلطان برقوق ، الأمراء المحبوسين، وأفرد منهم جماعة للقتل ، فأخرجوا من خزانة شمائل ، ومضوا بهم الجبلية ، مثل الحرامية ، في القيود والباشات ، إلي خارج القاهرة ، بالترب ، بالصحراء ، وضربوا رقابهم ، ( تاريخ ابن الفرات 258/9 ).

وفي السنة 793 رسم للأمير علاء الدين الطبلاوي ( والي القاهرة ) أن يتسلم عدة من الأمراء ، « ويوقع فيهم قضاء الله وقدره ، فتسلمهم ، وقتلهم ، وهم صراي تمر دوادار منطاش ، وتكا الأشرفي ، ودمرداش اليوسفي ،

ص: 442

ودمرداش القشتمري ، وتسلم أيضا علي الجركتمري فلم يقتله معهم ، وإنما عصره وقتله بعد ، وقطلو بك نائب صفد( نزهة النفوس 330) ، وفي اليوم التالي لمقتلهم، رسم لوالي القاهرة بعرض المسجونين من المنطاشية (أتباع الأمير منطاش ) فعرضوا بين يديه ، فميز منهم جماعة ورسم للوالي « بانفاذ قضاء الله وقدره فيهم ، فقتلوا ، وهم جنتمر أخو طاز، وولده ، وألطنبغا الجربغاوي ، وتقطاي الطواشي الطشتمري ، وفتح الدين محمد بن الشهيد ، فضربت أعناقهم بالصحراء ( نزهة النفوس 331 ).

وفي السنة 793 اجتمع القضاة ، وأحضر الأمير الطنبغا الدوادار ، والطنبغا الحلبي ، وادعي عليها، فحكم بإراقة دمهما، وقتلا، وحمل رأساهما علي رمحين ، ونودي عليهما في شوارع القاهرة . ( النجوم الزاهرة 25/12)

وفي السنة 793 قتل بالقاهرة « بسيف السلطان » الرئيس فتح الدين أبو الفتح محمد بن إبراهيم النابلسي ، كانت ولادته سنة 728 ( الدرر الكامنة با383/3)

وفي السنة 793 أمر الإمام صلاح الدين بن علي ، امام اليمن ، بقتل الفقيه أحمد بن زيد اليمني من رؤساء أهل صعدة ، فاستجار الفقيه بالمصحف ، وحمله علي رأسه ، فلم يغن عنه ذلك ، وقتل ، ولحق الإمام به بعد موته بيسير ( الدرر الكامنة 134/1 وشذرات الذهب 327/6 ) .

وفي السنة 794 اعتقل السلطان برقوق ، الأمير قرا دمرداش ، نائب السلطنة في حلب ، « فكان أخر العهد به ، أي أنه قتله ( الدرر الكامنة 329/3 و 330 ).

وفي السنة 793 أرسل سلطان مصر ، إلي دمشق بقتل جانتمر أخي طاز نائب الشام ، وابنه ، والطواشي طقطاي ، والشيخ فتح الله محمد بن الشهيد

ص: 443

الدمشقي ، صاحب ديوان الإنشاء بدمشق ، فضربت أعناقهم في الصحراء . ( بدائع الزهور 445/2/1 ) .

وفي السنة 793 أرسل الغني بالله محمد بن يوسف النصري ، صاحب غرناطة ، أتباعه إلي دار وزيره أبي عبد الله محمد بن يوسف ، المعروف بابن زمرك ، فقتلوه في داره ، وهو رافع يديه بالمصحف ، وقتل من وجد معه من بنيه وخدمه ، وكان ابن زمرك قد سعي بأستاذه لسان الدين بن الخطيب فقتل خنقا . فلقي جزاء عمله . ( الاعلام 29/8 ) .

وفي السنة 793 اطلع السلطان برقوق ، صاحب مصر والشام ، وهو في الشام ، علي خيانة الأمير يلبغا الناصري ، نائب السلطان بدمشق ، فقبض عليه ، وذبحه ، بعد توبيخ كثير ، وقيل إن مماليك السلطان هبروا الناصري بالسيوف ( تاريخ ابن الفرات 271/9 ) .

أقول : أورد صاحب اعلام النبلاء الخبر بتفصيل أكثر ، قال : في السنة 793 قدم السلطان دمشق ، واستصحب معه الأمير يلبغا الناصري ، ثم أمتد إلي حلب ، فأقام بها شهورة ، وفي ليلة عوده ، قتل يلبغا الناصري وثلاثة وعشرين أميرة ، اتهمهم بالخيانة ، فأحضر يلبغا ، وواجهه بالتهمة ، ووبخه ، فلم ينطق بحجة ، وانعقد لسانه عن الكلام ، فأمر السلطان بالقبض عليه وعلي جماعة الأمراء الذين اتهمهم ، وحبسهم بقلعة حلب ، ثم أمر بقتلهم ، فقتلوا ( اعلام النبلاء 471/2 و472) .

وفي السنة 793 قتل كاتب السر ، فتح الدين أبو بكر محمد بن إبراهيم النابلسي ، المعروف بابن الشهيد ، وكان قد اشترك في الثورة علي الظاهر برقوق ، فلما انتصر برقوق ، اعتقل في دمشق ونقل إلي القاهرة مقيدة ، وأودع السجن مع أهل الجرائم ، ثم أمر به ، فأخرج إلي ظاهر القاهرة ، فضربت عنقه بالقرب من القلعة ( شذرات الذهب 329/6 و 330 ).

ص: 444

وفي السنة 794 لما تغير الملك الظاهر برقوق ، علي الأمير يلبغا نائب حلب ، وقتله ، اعتقل البيري علي بن عبد الله بن يوسف ، كاتب يلبغا ، وأخذه معه إلي القاهرة ، حيث قتله أيضا . ( الاعلام 122/5 ).

وفي السنة 795 قتل أمير قسطموني وسينوب ، الأمير سليمان بن بايزيد بن آل جندار أوغلو الأسفندياري ، بعد أن حكم منذ السنة 787 ، قتله السلطان بايزيد العثماني ( معجم أنساب الأسر الحاكمة 224) .

وفي السنة 795 حصر تيمورلنك قلعة سفيد ، وكانت حصينة للغاية ، حتي قيل إن ثلاثة أشخاص من الرجال فيها بإمكانهم أن يمنعوا جيشأ بأكمله ، فشدد تيمورلنك في حصارها ، حتي فتحها ، وقتل حاكمها محمد آزاد مهتر الذي كان من قبل شاه منصور ، وأخرج السلطان زين العابدين بن شاه شجاع من محبسه في القلعة ، وكان شاه منصور قد سمل عينيه وحبسه في القلعة ، فأطلقه تيمورلنك ، وأنعم عليه ، ووعده بأن «يأخذ حيفه من شاه منصور » ( تاريخ الغياثي 162).

وفي السنة 795 كانت شيراز وأصبهان وأبرقوه لشاه منصور ، وكانت يزد الشاه يحيي وهو مع ولديه فيها ، والسلطان أحمد بكرمان ، والسلطان أبو إسحاق بالسيرجان ، ففتح تيمورلنك شيراز ، وقتل شاه منصور ، ثم طلب حضور جميع أولاد وأسباط آل مظفر ، فحضر شاه يحيي وأولاده من يزد ، والسلطان أحمد من كرمان ، وأما السلطان مهدي بن شاه شجاع ، والسلطان غضنفر بن الشاه منصور ، فقد كانا في شيراز ، وجاء السلطان أبو إسحاق حفيد شاه شجاع من السيرجان ، فأخذهم تيمورلنك معه ، متوجها إلي إصبهان ، وفي الطريق أمر تيمورلنك بقتل جميع آل مظفر ، فقتلوهم جميعا ، صغارا وكبارا ، وما بقي في البلاد من نسلهم قتلهم الولاة ، وكان للسلطان أحمد ، أخي شاه شجاع ولدان صغيران بكرمان ، فأمر متولي كرمان ، أحد الجلادين بقتلهما ، فقتلهما ( تاريخ الغياثي 164 و165).

ص: 445

وفي السنة 797 قتل السلطان أبو يعقوب يوسف بن يعقوب المريني ، وزير ولده الأمير علي بمراكش ، غيظا منه ، وحنقأ عليه وسبب قتله : أن السلطان يوسف كان قد سخط علي اثنين من مشايخ المصامدة فأمر ولده الأمير علي باعتقالهما ، فاعتقلهما مع أولادهما وحاشيتهما ، وكان أحمد بن الملياني، أحد كتاب السلطان ، يحقد علي الشيخين المذكورين ، فزور كتابا عن لسان السلطان الي ولده الأمير علي ، يأمره بقتلهما ، فقتلهما ، وفر الكاتب ابن الملياني ، علي أثر إرسال الكتاب ، إلي الأندلس ، وبعث الأمير علي ، وزيره إلي أبيه يخبره بإنفاذ أمره ، فاشتد غضب السلطان ، لما أبلغه الوزير الخبر ، وأمر بالوزير فقتل من فوره ، كما أمر باعتقال ولده الأمير علي ، فاعتقل، وأمر بالقبض علي الكاتب ابن الملياني ، ففاته ، وفر إلي الأندلس ، ومات بها ( ابن خلدون 231/7 ، 232).

وفي السنة 798 حدثت في مدينة زبيد باليمن ، حوادث قطع طريق ، وبعد البحث ظهر أن جماعة ، يظهرون أنهم من الفقراء ، يخرجون ليلا فيسرقون وينهبون ويقطعون الطريق ، ففتشوا مساكنهم ، فوجدوا فيها كثيرا من الثياب الفاخرة ، ووجدوا أنهم قد أعدوا لهم طعاما وهيأوه للأكل، مع أن الوقت رمضان ، فظهر أنهم لا يصومون وأنهم يتزون بزي الفقراء وأهل الفاقة ، فأمر السلطان بتلفهم ، أي بقتلهم . ( العقود اللؤلؤية 286/2 ).

وفي السنة 799 وقع الغلاء بدمشق ، وكان بها أمير يقال له ابن النشو ، كان يشتري الغلال ويخزنها حتي يبيعها بالسعر الزائد ، فاجتمع العوام وحصل بينهم وبينه كلام ، وهو راكب ، فرجموه ، ورموه عن فرسه ، وقتلوه ، وذبحوه ، وقطعوا رأسه ثم أحرقوه بالنار ، ولم ينتصر له نائب دمشق ولا أحد من أمرائها ( تاريخ ابن الفرات 462/9 ).

وفي السنة 801 أرسل تيمورلنك إلي السلطان أحمد بن أويس ، ببغداد ، أحد قواده واسمه شروان ، فتظاهر بأنه قد فر من تيمور ، لاجئة إلي

ص: 446

السلطان أحمد بن أويس ، فأكرمه ، وأقطعه ، ثم عثر أحد خدم السلطان علي ورقة بخط شروان ، بالمبالغ التي وهبها إلي قواد السلطان أحمد ، ليحوزهم إلي جانبه ، فقدم الخادم الورقة إلي السلطان أحمد ، وكان من جملة الأسماء المدونة في تلك الورقة ، اسم الخادم الذي قدمها للسلطان ، ومقدار ما أخذه من شروان ، فقتل السلطان ذلك الخادم بيده ، ثم أمر بعض القواد بقتل شروان ، فقتلوه ، ثم قتل جميع القواد الذي وردت أسماؤهم في تلك الورقة ، وذلك بأن يقول للقائد : إذهب فاقتل القائد الفلاني ، ولك بيته وماله ، فيقتله ويستولي علي جميع ما يعود له ، ثم يرسل من يقتل ذلك القائد ، وهكذا قتل القواد واحدة بعد الآخر ، حتي قتل في أسبوع واحد، أكثر من ألفي نفس من أمرائه وأقاربه ومقربيه ، حتي أنه قتل عمته وفاخاتون ، وكانت بمثابة أمه ، وهي التي ربته منذ نعومة أظافره ، كما قتل أكثر حريمه وخدمه الذين كانوا عنده ، قتلهم بيده ، وألقاهم في دجلة ( تاريخ الغياثي 119-121).

وفي السنة 801 قتل إبراهيم بن برية ، مستوفي البيمارستان المنصوري ، وكان مسيحية من كتاب الأقباط ، أسلم ، ثم ارتد عن الإسلام ، وعرض عليه الرجوع مرارة فأبي ، وأصر ، ولم يبد سبأ لذلك ، فضربت عنقه بباب القلة من القلعة بحضرة الطواشي شاهين الحسني أحد خاصكية السلطان ( الضوء اللامع 33/1 ).

وفي السنة 802 قتل السلطان أبو سعيد المريني ، صاحب أعنته ، القائد عبد الرحمن بن أحمد القبائلي ، وقتل معه أباه . ( الاعلام 67/4 ).

ولما فتح تيمورلنك بغداد للمرة الثانية ، في السنة 803 أمر كل نفر من عساكره بأن يحضر رأس إنسان ، وقال أحد الأمراء ، وكان أسيرأ عند تيمورلنك ، إنه أمر كل واحد من عسكره أن يحضر رأسين ، بحيث كان الواحد منهم إذا عجز عن إحضار رأسين يقطع رأس امرأة ، ويزيل شعرها ،

ص: 447

وقد اختلفت تقديرات المؤرخين في مقدار القتلي من بغداد في هذه الواقعة ، فقدروا القتلي ما بين تسعين ألفا إلي مائتين وخمسين ألفا ، وهذه التقديرات تدل علي ضخامة عدد القتلي ( تاريخ الغياثي 129-126).

أقول : لما بارح السلطان أحمد بن أويس بغداد في السنة 802 فارا من تيمورلنك ، ترك بغداد في عهدة شخص من قواده ، اسمه فرج ، لضبط أمورها ، وتوجه أحمد مع قره يوسف إلي الروم ، فقام فرج بمقاومة تيمورلنك لما حصر بغداد ، فإن جند تيمورلنك لما طلبوا تسليم البلد ، قال لهم فرج : إن السلطان أحمد أمرني أن لا أسلم بغداد إلا إذا حضر تيمورلنك بنفسه ، وأخبروا تيمورلنك بقوله ، فقدم وأرسل إلي فرج يخبره بحضوره ، فأنكر فرج صحة مجيئه ، فسأل تيمور أن يبعثوا شخصا يثق به أهل بغداد ، فذكروا شخص اسمه الشيخ بشار من محلة أبي حنيفة الإمام الأعظم ، قالوا إنهم يعتقدون فيه ، فأحضره تيمورلنك ، وجاء معه إلي خارج السور ، فقال الشيخ بشار لفرج وللحاضرين معه ، وحلف لهم علي مصحف كان معه ، بأن تيمورلنك موجود إلي جانبه ، فكذبه فرج ومن معه ، وشتموه ، ورموه بالنشاب ، وعندئذ شدد تيمورلنك الحصار علي بغداد واستولي عليها في السنة 803 ، وكانت عاقبة فرج أن مات غرقا ( تاريخ الغياثي 123- 125).

وفي السنة 802 قتل الأمير نوروز الظاهري ، كانت اليه حجوبية دمشق ، فقتله نائب السلطنة بها الأمير تنم الحسني بعد خروجه علي الناصر فرج ( الضوء اللامع 205/10 ).

وفي السنة 802 قتل بقلعة دمشق ، الأمير طيفور الظاهري ، وكان في حجوبية دمشق الكبري ، وكان ممن وافق تنم الحسني علي العصيان ، فقبض عليه ، وقتل بالقلعة ( الضوء اللامع 14/4 ).

وفي السنة 802 قتل الأمير أقبغا الطولوني علاء الدين الظاهري ، وكان

ص: 448

قتله مع الأمير إيتمش، وكان قد عين لنيابة غزة ، ثم أمسك قبل دخوله إليها ، وحمل إلي قلعة الصبيبة فاعتقل بها ، ثم قتل ( الضوء اللامع 318/2 ).

وفي السنة 802 قتل الأمير أرغون شاه ، والأمير إيتمش بقلعة دمشق ، وكان أرغون شاه أسيرة عند الظاهر برقوق ( الضوء اللامع 267/2 ).

وفي السنة 802 قتل الأمير ألطنبغا شادي من مماليك يلبغا العمري ، قتل مع ايتمش البجاسي ( الضوء اللامع 2/ 320).

وفي السنة 802 قتل بقلعة دمشق الأمير ايتمش البجاسي الجركسي أتابك العسكر في أيام الظاهر برقوق ، وكان مقدم العسكر الذي جهزه برقوق القتال يلبغا الناصري ، فظفر به يلبغا وحبس بدمشق ، ثم أطلق لما عاد حكم برقوق ، وجعله المنظم في الدولة ، وقتل بعد موت برقوق ( الضوء اللامع 324/2)

وفي السنة 802 قتل الأمير يعقوب شاه الظاهري ، وكان قتله بقلعة دمشق ، وقد أناف علي الثلاثين ( الضوء اللامع 281/10 ).

وفي السنة 802 قتل في محبسه بقلعة دمشق ، الأمير يونس الظاهري ، الخروجه مع تنم الحسني نائب الشام ، وكان ظالما غشوما ، قتل جماعة من طرابلس ، ولما عصي مع تنم ، قتل قاضي طرابلس المالكي ، وقاضيها الحنفي ، وخطيبها ( الضوء اللامع 346/10 ).

وفي السنة 802 قتل الأمير سيف الدين تنم ، بدمشق ، وكان قد قصد مصر ليتسلطن ، فاشتبك مع الأمراء المصريين في معركة بالرملة ، انكسر علي أثرها وأسر ، فحمل إلي دمشق ، وقتل فيها ( الضوء اللامع 3/ 44).

وفي السنة 802 وافي تيمورلنك مرج دابق ، وجهز رسولا إلي حلب ، فأمر سودون نائب السلطنة بحلب بقتل الرسول ، فقتل ، فحصر تيمورلنك

ص: 449

حلب ، وفتحها عنوة ، فلجأ النساء والأطفال إلي الجوامع والمساجد، فلم يجدهم ذلك ، واستمر القتل والأسر في أهالي حلب ، فقتلوا الرجال ، وسبوا النساء والأطفال ، وقتل خلق كثير من الأطفال تحت حوافر الخيل وعلي الطرقات ، وأحرقت المدينة ، ثم رحل إلي دمشق ، فاستولي عليها ، وصنع بها أعظم مما فعله بحلب ، ونهب المدينة ، وخربها خرابأ فاحشة ، ولم يصل تخريب هولاكو للشام إلي قريب مما حصل في أيام تيمور ، ثم عاد إلي حلب فأحرقها مرة ثانية ، وقتلوا، وسبوا ، وأسروا ( الضوء اللامع 46/3 - 48).

وفي السنة 803 قتل بغزة علاء الدين علي بن عبدالله الطبلاوي ، وكانت إليه جميع الأمور في دولة الظاهر برقوق ، ثم غضب عليه السلطان ، فقبض عليه وعلي ابن عمه ناصر الدين شاد الدواوين وعلي أخيه ناصر الدين والي القاهرة ، فاجتمع العامة بالرميلة ، ورفعوا المصاحف والأعلام ، وطالبوا بإطلاقه وإعادته ، فقوبلوا بالضرب والشتم ، فتفرقوا ، وأرسله الأمير يلبغا ، راكبا علي فرس ، وفي عنقه باشة حديد، فسلم عليه ما عنده من أموال وعروض ، ثم طلب الحضور بين يدي السلطان ، ليسر اليه كلامأ ، فأبي السلطان ، فأخرج الطبلاوي سكينة وطعن بها نفسه ، ثم ضربه يلبغا مجددا ، وسجن بالخزانة ، ثم أطلق ، ففرج به العامة ، وزينوا له البلد ، وأكثروا من الخلوق بالزعفران ، فنفاه السلطان إلي الكرك ، وقتل بغة ( الضوء اللامع 252/5 و 253).

وفي السنة 803 قتل الفقيه شمس الدين أبو عبدالله محمد بن أحمد المعري ، قتله تيمورلنك، لأنه لقيه بكلام شديد ( الضوء اللامع 13/7 ).

وفي السنة 803 حصر تيمورلنك قلعة النجق بنفسه ، وكانت عساكره تحصرها منذ عشر سنوات ، فلما حصرها بنفسه استولي عليها ، وأحضروا أمامه كوتوال القلعة ( الكوتوال : هندية ، بمعني محافظ أو حامي ) فأمر تيمورلنك بقتله ، فقتل ( تاريخ الغياثي 201 ) .

ص: 450

وفي السنة 803 قتل الشيخ شمس الدين محمد بن عبد الرحمن بن الحافظ الذهبي ، أخذه العسكر التيموري ، فقتلوه ( شذرات الذهب 36/7 ) .

وفي السنة 804 قتل فضل الله التبريزي ، صاحب النحلة المسماة بالحروفية ، وكان ملتجئأ إلي أمير زاده بن تيمورلنك ، وأمر تيمورلنك ولده أمير زاده بقتله ، فقتله بيده ، وبعث برأسه وجثه إلي أبيه تيمورلنك فأحرقهما ، ونشأ في أتباعه واحد يقال له نسيم الدين ، وكان بحلب ، فأمر المؤيد بقتله ، فقتل ، وسلخ جلده في السنة 821 ( الضوء اللامع 173/6 ).

وفي السنة 804 كان أمير زاده بن تيمورلنك ، يحكم أذربيجان ، وقتل بيده فضل الله التبريزي ، بأمر من أبيه تيمور ، وكان لفضل الله اتباع ومريدون ، فوثب اثنان من مريدي فضل الله ، علي أمير زاده في الجامع ، وقت صلاة الجمعة ، وجرحاه جرحا بالغا لزم من أجله الفراش مدة طويلة ، وقتل الرجلان شر قتلة ( الضوء اللامع 174/6 ).

وفي السنة 804 فتح تميورلنك بغداد ، وأمر كل نفر من عسكره أن يحضر له رأسا ، وبني منائر من الرؤوس المقطوعة ، وأخرب عسكره البيوت وأحرقوها ، وأخربوا العمارات والمساكن ( التاريخ الغياثي 203).

أقول : سبق للغياثي أن ذكر أن تيمورلنك فتح بغداد في السنة 803 راجع الصحيفة 123 - 125 وهو التاريخ الصحيح ، فإن تيمورلنك استولي علي بغداد ثانية في 27 ذي القعدة سنة 803 راجع معجم زامباور لأنساب الأسر الحاكمة . :

وفي السنة 805 قتل الأمير قرقماس الظاهري في دمشق، بسيف السلطان الناصر ، وكان قد أراد الإلتجاء إلي نائب السلطنة بحلب ، فأمسك في بعلبك ، وجيء به إلي دمشق ، فحبسه نائبها ، ثم جاء المرسوم بقتله ، فقتل وقتل معه جماعة من المماليك ( الضوء اللامع 218/6 ).

وفي السنة 806 جيء إلي تيمورلنك بالأمير نور الورد ، ابن السلطان

ص: 451

أحمد ، سلطان العراق، وكان نور الورد شابا في الثامنة عشرة ، فأمر تيمورلنك بقتله ، فقتل ( التاريخ الغياثي 130).

وفي السنة 806 قتل بقلعة المرقب ، بالإسكندرية ، الأمير سودون طاز ، وكان عظيما في دولة الناصر بن برقوق ، ثم فسد، ما بينهما ، فخرج بمماليكه مطالبة بعزل الأمير يشبك، فلم يجب إلي ذلك ، وخرج الناصر المحاربته ، فاذعن الأمير سودون واستسلم ، فحمل إلي إسكندرية ، وقتل هناك في حبسه ( الضوء اللامع 3/ 280، 281).

وفي السنة 807 خرج السلطان الناصر من مصر وقصد الشام لقتال الأمير شيخ الذي عصي عليه ، فانكسر الناصر ، وقبض شيخ علي الأمير صرق الظاهري فأمر به ، فقتل بين يديه صبرأ ( الضوء اللامع 322/3 ).

وفي السنة 808 قتل السلطان جكم ، الأمير دقماق الظاهري ، نائب حماة ، صبرأ بظاهرها ( الضوء اللامع 218/3 ) .

وفي السنة 808 قتل الأمير دقماق المحمدي ، كافل حماة ، حاصره شيخ وجكم ، واشتبكا معه في معركة ، فانكسر دقماق، وأحضر بين يدي جكم ، فقتله ( اعلام النبلاء 150/5 ).

وفي السنة 808 قتل الأمير نعير بن حيار بن مهنا، أمير آل فضل بالشام ، وكان قد أجار الأمير منطاش لما انكسر في معركته مع برقوق ، ثم أغراه برقوق بالمواعيد، فأسلم منطاشا ، وعد ذلك عليه عيبا عظيما ، ثم جرت بينه وبين الأمير جكم حرب ، فانكسر نعير ، وجيء به إلي حلب ، فقتل ، وقد نيف علي السبعين ( اعلام النبلاء 148/5 ).

وفي السنة 809 قتل الأمير جكم ، وكان قد خرج علي الظاهر برقوق ، وأعلن نفسه سلطانا ، وقصد مدينة آمد، وحارب صاحبها قرايلك، فانكسر قرايلك ، وسقط ولده ابراهيم أسيرة في يد جكم ، فقتله بيده ، ثم اقتحم

ص: 452

جكم بعساكره أرضا موحلة ، فوحلت فرسه ، فرجمة التركمان حتي قتلوه ، وقطع قرايلك رأسه وبعث به إلي الظاهر برقوق ( أعلام النبلاء 151/5 ۔ 156)

وفي السنة 809 قتل اميران شاه بن تيمور كوركان (تيمورلنك)، والد خليل ، وكان أبوه أي تيمور كوركان قد ولاه أذربيجان ، وجعل معه أخويه أبا بكر وعمر ، وجماعة من أمرائه، وكانت تخته تبريز ، وقتل بعده ولده ( الضوء اللامع 321/2 ).

وفي السنة 810 قبض علي الأمير سودون الظاهري ، وسجن بالإسكندرية ، ثم قتل بأمر السلطان ( الضوء اللامع 275/3 ) .

وفي السنة 810 قتل الأمير يشبك الشعباني ، قتله الأمير نوروز علي بعلبك ، وأرسل برأسه إلي السلطان الناصر ، فطيف بها، وعلقت أياما ( الضوء اللامع 279/10 ).

وفي السنة 810 ضربت عنق والي الفيوم ، بين يدي الاستادار جمال الدين ( بدائع الزهور 2/1/ 777).

وفي السنة 811 قتل بأمر السلطان الناصر ، الأمير سودون المارداني ، وكان دوا دارة كبيرة ، وكان ممن قاتل السلطان الناصر، لما أراد الناصر الطلوع إلي القلعة . فلما ظفر الناصر اعتقله ، وحبسه بالإسكندرية ، ثم قتله في محبسه ( الضوء اللامع 285/3 ).

وفي السنة 812 قتل الوزير جمال الدين يوسف بن أحمد البيري ، وكان عظيما في الدولة ، بحيث أصبح مرجعا في الإقليمين المصري والشامي ( شذرات الذهب 100/7 ).

وفي السنة 812 قتل بالقاهرة شريف ، لأنه جري تعزيره ، فقال : قد ابتلي الأنبياء ، فزجر عن هذا القول ، فقال : قد جري علي رسول الله صلي الله عليه وسلم

ص: 453

في حارة اليهود أكره من هذا ، فاستفتي في حقه ، فافتوا بكفره ، فضربت عنقه بين القصرين بحكم القاضي المالكي شمس الدين المدني ( شذرات الذهب 96/7 ).

أقول : ما اجرأ هذا القاضي المالكي علي دماء الناس

وفي السنة 812 قتل الأمير إينال المصلاي ، نائب السلطنة بحلب ، وكان قد وليها عن المؤيد، ثم عصي عليه ، فقتل بقلعة حلب ( الضوء اللامع 327/2)

وفي السنة 812 غضب السلطان علي الأمير بلاط أحد المقدمين بالقاهرة ، فأمر به فحبس بالإسكندرية ، ثم أخرج منها إلي دمياط ، فقتل في الطريق ( الضوء اللامع 18/3)

وفي السنة 813 قتل السلطان أحمد بن أويس ، قتله قرا يوسف صاحب تبريز حصره ببغداد ، وحاربه ، وأسره ، فقتله ، وكان قد خلف في السلطنة أخاه الشيخ حسين بن أويس في السنة 784 وكان سلطان فاتكأ سفاك للدماء ، وعنده جور وظلم ( شذرات الذهب 101/7 ).

وفي السنة 813 دخل شاه محمد بن قرا يوسف بغداد ، وكان ببغداد الشيخ أحمد السهروردي، وله ولد هو عمل غير صالح ، فسعي بأبيه عند شاه محمد وأخبره بأنه يتقول بأن السلطان أحمد - خصم قره يوسف - ما زال حية ، فأمر شاه محمد ، باحضار الشيخ أحمد ، فأحضروه ، وسألوه، فأنكر ، فبهته الولد وأصر علي السعي بأبيه ، فقال له شاه محمد : إن كنت صادقأ ، فخذ هذا السيف واقتل به أباك ، فأخذ السيف ، وقطع عنق أبيه ، فأمر شاه محمد بالولد ، فأحرق ( التاريخ الغياثي 247).

وفي السنة 814 أخذ السلطان الملك الناصر فرج بن الظاهر برقوق ، يذبح مماليك أبيه بيده مثل الغنم ، ثم قبض علي جماعة من الأمراء ، فوط

ص: 454

منهم خمسة ، وغرق الباقين ، وذبح عشرين مملوكة من مماليك أبيه ، ووسط تحت القلعة خمسة عشر مملوكة ، ثم ذبح ليلا مائة مملوك من الجراكسة ، ثم نزل في الصباح ، وقتل عشرة أخرين ، ثم نادي للمماليك الظاهرية بالأمان ، فظهروا ، وقبض عليهم وسجنهم ، وفي ليلة واحدة ذبح منهم مائة وعشرين مملوكا ، ثم صار يذبح منهم في كل ليلة ، ويرميهم من سور القلعة ( بدائع الزهور 812/2/1 -814).

وفي السنة 814 قتل أمير ينبع ، الأمير وبير بن نخبار بن محمد الحسني ، وكان قتله غيلة ، فقتل أخوه مقبل ، وابنه علي ، قتلي كثيرة ممن أتهموهم بقتله ، واستقر في أمرة ينبع من بعده أخوه مقبل ، وبعد سبع عشرة سنة خلع ، ونصب في موضعه عقيل بن وبير ( الضوء اللامع 210/10 ) .

وفي السنة 814 قبض السلطان الناصر ، علي الأمير قانبك الظاهري ، وقتله ( الضوء اللامع 198/6 ).

وقتل في السنة 814 بالإسكندرية ، الأمير يشبك الظاهري ، وكان قد ولي نيابة غزة، فظلم أهلها ظلما فاحشا ( الضوء اللامع 280/10 ).

وقتل في السنة 814 يحيي بن غريب شاه ، ويلقب خان جهان ، وزير صاحب الهند الغياث أبي المظفر اعظم شاه بن اسكندر شاه ( الضوء اللامع 240/10)

وفي السنة 815 قتل الأمير نانباي العمري ، قتله الأمير سنبغا نائب الغيبة بالقاهرة ، وكان السلطان الناصر ، خارج الديار المصرية ، وكان الأمير قانباي مسجونا بأمر الناصر ، فلما انكسر الناصر بادر سنبغا فقتل الأمير قانباي ، قيل أنه قتله من دون أمر الناصر ، وقيل أنه قتله بناء علي أمر منه ، فلما تسلطن المؤيد ، وقفت أم قانباي ، وهي أخت الظاهر برقوق للسلطان ،

ص: 455

فأمر المؤيد بقتل سنبغا ، فقتل بمحضر من أم قانباي ، فهجمت علي جثته ونهشت كبده ( الضوء اللامع 196/6 ).

وفي السنة 816 قتل الأمير العجل بن نعير ، أمير آل فضل بالشام والعراق ، وكان قد خرج عن طاعة أبيه في السنة 806 وأعان جكم لما خرج علي الظاهر برقوق ، وظل يقاتل بين يديه إلي أن قتل علي يد طوخ ، وحمل رأسه ، فعلق علي باب قلعة حلب وهو ابن ثلاثين سنة ( إعلام النبلاء 167/5)

وفي السنة 816 قتل الأمير فضل بن عيسي بن رملة بن جماز، أمير ال علي ، قتله الأمير نوروز ، وكان الأمير فضل ممن نصر برقوق لما خرج من الكرك ، فصار وجيها عنده ، ودامت إمارته خمسة وثلاثين سنة ( الضوء اللامع 174/6)

وفي السنة 816 أمر المؤيد شيخ بحبس الأميرين تغري بردي وأخيه قرقماس بالإسكندرية، وقتلهما، ثم أمر في السنة 818 بقتل عمهما الأمير دمرداش المحمدي ( الضوء اللامع 219/6 ).

وفي السنة 819 ظهر بدمشق ، رجل ادعي أنه السفياني ، وكان من الفقهاء ، فأطاعه جماعة ، وسامحهم بخراج سنة ، وصار يكتب في مراسيمه تحت البسملة ، من السفياني الملك الأعظم ، ثم قبض عليه نوروز نائب الشام وقتله ( بدائع الزهور 7/2).

وفي السنة 817 قتل ذبحة ، الأمير طوخ الظاهري ، نائب السلطنة بحلب ، وكان قد عصي علي الناصر ابن استاذه برقوق ، وانضم لشيخ ونوروز ، فلما اقتسما البلاد ولاه نوروز نيابة حلب ، وكان معه علي المؤيد ، فلما انتصر المؤيد، قبض عليه ، وقتله ذبحا بقلعة دمشق ( الضوء اللامع 9/4).

وفي السنة 817 قتل الأمير يشبك بن أزدمر الظاهري ، نائب السلطنة

ص: 456

بحلب، قتله المؤيد وقتل معه صاحبه الأمير نوروز الحافظي ، وكان الأمير يشبك شجاعة ، اشترك في المعركة التي دارت مع تيمورلنك ، فقتل أبوه ، وحمل أسيرة الي تيمورلنك وفي بدنه ما يزيد علي ثلاثين جرحا بين ضربة سيف وطعنة رمح ، فأعجب به تيمورلنك ، وأمر بالعناية به وبمداواته، فعولج حتي شفي ، ثم هرب وعاد إلي الناصر ( الضوء اللامع 270/10 ).

أقول: عاد صاحب الضوء اللامع ( 279/10 ) فذكر أن الأمير يشبك ، نائب السلطنة بحلب ، قتل في السنة 824، وهو التاريخ الصحيح لمقتله ، وأيد ذلك صاحب كتاب اعلام النبلاء ( 13/3 - 15)أما كيفية مقتله فذكر أن السلطان المؤيد توفي في السنة 824 والعساكر المصرية بحلب ، فلما بلغهم خبر وفاة السلطان ، اتفقوا علي العودة إلي دمشق ، تركوا حلب ، فبدا للأمير يشبك أن يلحق بهم ويطوقهم ( ولعله طمع في السلطنة )، فخلي سماط طعامه ، وخرج لمواقعتهم، فقتل، وحمل رأسه إلي القرمشي رأس المماليك السلطانية ، فعاد القرمشي إلي حلب ، ووجد سماط طعام يشبك حاضرا قد مد، فأكله ومن معه .

وفي السنة 817 قتل السلطان المؤيد، الأمير قمش أحد الأمراء المقدمين من مماليك الظاهر برقوق ، وكان نائب السلطنة بطرابلس ( الضوء اللامع 225/6 ).

وفي السنة 817 قتل السلطان المؤيد، الأمير برصيغا ، أحد مقدمي الظاهرية وكان خيرا عاقلا يحفظ القرآن ( الضوء اللامع 10/3).

وفي السنة 818 قتل الأمير سودون المحمدي الظاهري ، وكان السلطان شيخ قد اعتقله ، وحبسه بالإسكندرية ، ثم قتل في محبسه ( الضوء اللامع 285/3)

وفي السنة 818 قتل الأمير طوغان الظاهري ، في سجنه بالإسكندرية ،

ص: 457

وكان دوادارة كبيرة ، وأرسله الناصر ، سلطان مصر ، لمحاربة شيخ ونوروز مع أمراء آخرين ، فخامر علي الناصر، وانحاز إلي شيخ ونوروز ، فلما ظفر شيخ ، تزايدت عظمته جدأ ، ثم اتفق مع بعض المماليك « وركبوا علي السلطان ، وانتظر من تواعد معه فلم يحضر أحد ، فاختفي ، ثم وجد بمصر القديمة ، وحمل إلي القلعة ، ثم حمل إلي الإسكندرية ، حيث سجن فيها ، ثم قتل ( الضوء اللامع 11/4 ).

وفي السنة 818 قتل الأمير قانباي الظاهري ، ويعرف بقانباي الصغير ، وكانت إليه نيابة السلطنة بدمشق ، فعصي علي السلطان، وحاربه ، وانكسر ، وقبض عليه ، وقتل بقلعة دمشق ( الضوء اللامع 196/6 ).

أقول : أورد صاحب خطط الشام 195/2 و 196 الخبر بتفصيل أوفي ، قال : في السنة 818 أعلن الأمير قانباي المحمدي ، نائب دمشق ، والأمير إينال الصصلاني ، نائب حلب ، العصيان علي الملك شيخ ، الملك المؤيد ، فخرج اليهم المؤيد شيخ من مصر، وواقعهم ، فانتصر عليهم ، وقبض علي الأمير قانباي المحمدي ، نائب الشام ، فقطع رأسه ، ثم قبض علي الأمير إينال الصصلاني ، وقتله علي صدر أبيه ، ثم قتل الأب من بعد ذلك .

وفي السنة 818 قتل بالإسكندرية الأمير دمرداش الظاهري ، نائب السلطنة في حلب ( الضوء اللامع 3/ 219) .

وفي السنة 818 قتل الأمير أسبغا الزردكاش ، إذ قبض عليه ، وحبس بالإسكندرية ، ثم قتل في حبسه ( الضوء اللامع 312/2 ).

وفي السنة 820 قتل الأمير أقباي المؤيدي ، نائب السلطنة بالشام ، وكان قتله بالقلعة بدمشق ، بأمر من السلطان الملك المؤيد ( الضوء اللامع 314/2)

ص: 458

وفي السنة 821 قتل في حبسه الأمير أقبغا شيطان علاء الدين الظاهري، وكانت اليه حسبة القاهرة وشد الدواوين ، قبض عليه ، وحبس، ثم قتل ( الضوء اللامع 318/2 ) .

وفي السنة 283 قتل القاضي بدر الدين محمد بن إسرائيل ، المعروف بابن قاضي سماونة ، اتهم بأنه يسعي ليتسلطن ، فأخذ، وقتل بسيروز ( الاعلام 10/8 - 41).

وفي السنة 823 قتل أبو سعيد عثمان بن أحمد المريني ، صاحب المغرب ، بويع في السنة 800 وقتله وزيره عبد العزيز اللبابي . ( الاعلام 362/4)

وفي السنة 824 قتل بحبس الإسكندرية ، الأمير جلبان المؤيدي ، أحد المقدمين في الدولة المؤدية بمصر ( الضوء اللامع 78/3).

وفي السنة 824 قتل صبرة ، بقلعة دمشق ، الأمير جقمق سيف الدين التركماني ، وكان يلي دمشق ، فأظهر العصيان ، فاعتقله الأمير ططر ، وحبسه بقلعة دمشق ، وعصره ، ثم أمر بقتله فقتل صبرة ( الضوء اللامع 74/3 و75).

وفي السنة 824 قتل الأمير قجعار الحسني ، قبض عليه الأمير ططر ، وحبسه بالإسكندرية ثم قتله ( الضوء اللامع 612/6 ).

وفي السنة 824 قتل الأمير الطنبغا سيف الدين القرمشي ، وكان قد استولي علي حلب ثم قصد دمشق، وجاء العسكر المصري ، فاستقبلهم القرمشي ، وعانق زعيمهم الأمير ططر ، فخلع عليه ، وصعد إلي القلعة ، فأمر ططر بالقبض علي الطنبغا ، فاعتقل ، وقتل ( الضوء اللامع 319/2 ).

وفي السنة 825 تشوش شاه محمد بن قرا يوسف ، سلطان بغداد ، من جماعة من أصحابه ، فاعتقلهم ، وقتلهم ، وكان شاه محمد في أول حكمه

ص: 459

بغداد ، في حال حسنه ، ثم اختل عقله ، وقال : أنا لا أحتاج إلي عسكر ، يكفيني للحماية نهر دجلة وسور بغداد ، وفض عساكره ، ثم ترك مطالبة الناس بالخراج ، ثم اشتبه بقسم من أصحابه ، فقبض عليهم ، وأحضرهم إلي شاطيء الدجلة، تحت القلندرخانه ، وجلس يشرب الخمر ، وكان الفصل صيفأ ، ضحوة النهار ، وطلب من يقتلهم ، وكان مع المعتقلين اثنان من الحمالين ، فقال لأحدهما : اقتل هؤلاء وأطلقك ، فلم يفعل، فقام الآخر وقتلهم ، وهم أحد عشر نفرأ ، وقتل معهم الحمال الذي لم يرض بقتلهم ، فأطلق شاه محمد الحمال القاتل ، فقال له : أخاف أن أخرج إلي الناس فيقتلوني ، فوضعه في سفينة عبرت به إلي الجانب الغربي ( تاريخ الغياثي 247-250).

وكان ثمة مودة بين الشاه علي بن الشاه محمد صاحب بغداد وبين خواجه ولي وأبصر الشاه علي صاحبه خواجه ولي وقد أقيم في النطع وضرب السياف عنقه بالسيف فقطع منها شيئا وبقي البلعوم وبعض الودج ، فاستغاث خواجه ولي بالشاه علي ، فأقامه وأخرجه من النطع ، وأمر بحمله ومعالجته ، فعولج وخيط قفاه فعاش بعد ذلك أربعين سنة ( التاريخ الغياثي 261).

وفي السنة 827 قتل الأمير تاني بك البجاسي، نائب السلطنة بدمشق ، كان قد بلغ السلطان عنه شيء، فكتب إلي الحاجب «بالركوب عليه » فركبوا ، فظفر تاني بهم ، وسار في أثرهم ، فسقطت رجل فرسه في حفرة من القناة فسقط ، فأمسكوه ، وحملوه إلي قلعة دمشق ، حيث قتل ( الضوء اللامع 26/3)

وفي السنة 828 غضب السلطان الأشرف ، سلطان مصر ، علي الأمير طوغان أمير آخور ، وحبسه بالمرقب، ثم قتله ( الضوء اللامع 11/4 )

وفي السنة 830 كانت بغداد قد اصبحت تحت حكم أويس بن شاه ولد بن شاه زاده بن أويس ، فحاربه شاه محمد بن قرا يوسف ، واستولي علي

ص: 460

بغداد مرة أخري ، وقتل أويسا ( الضوء اللامع 324/2 وشذرات الذهب 192/7)

وفي السنة 830 قتل علي باك بن خليل الدلغادري ، وكان قد حصر حلب في السنة 829 وحاربه أهلها ، وقتل منهم ، وقتلوا من أصحابه ، ثم جلا عنها لما بلغه أن الأمير نوروز ، نائب السلطنة بدمشق قد قصده المحاربته ، ولما نصب الأمير جارقطلو كاف؟ لحلب ، بث عليه الأرصاد ، حتي أخبروه بأنه قد دخل عينتاب ، فخرج جارقطلو سرا من حلب ، ووصل إلي عينتاب بكرة النهار ، وإذا بعلي باك قد سكر وبات عند قينة ، وكان ما يزال نائما، فأرسل اليه من أيقظه ، وأخبره بأن الكافل في انتظاره ، فنزل وفي عنقه منديل ( إشارة الإستسلام ) فاعتقله ، وأخذه إلي حلب ، وأحضر من أدعي عليه قتل ابن عمه ، وفي خلال المحاكمة ، أمسك علي باك بسيف الحاجب ليقتل غريمه المدعي ، فجذبه الحاجب بجنزيره، فسقط علي الأرض ، وقتل ( اعلام النبلاء 182/5 -183).

وفي السنة 832 ضربت عنق نور الدين علي بن محمد التوريزي ، من كبار التجار بمصر ، وجدت لديه رسالة من ملك الحبشة يطلب فيها منه أن يصوغ له بعض الصلبان والنواقيس ، ويحضه علي شراء مسمار من المسامير التي سمر بها المسيح عليه السلام ، فحبس ، وفوض السلطان أمره إلي القاضي المالكي ، فحكم بقتله ، وضربت عنقه بين القصرين ، وهو يعلن بالشهادتين ، وتبين لأكثر الناس أنه مظلوم ( الضوء اللامع 29/6 ).

وفي السنة 833 قتل الظاهر الرسولي يحيي بن اسماعيل صاحب اليمن، شهاب الدين أحمد بن عبد الله العلوي الزبيدي ، وسبب ذلك إن الملك الظاهر رأي زوجة اسماعيل أخي شهاب الدين فأعجبه جمالها ، فأمر زوجها اسماعيل بطلاقها، وضيق عليه حتي اضطره إلي طلاقها، فتزوجها الظاهر ، وفر اسماعيل إلي مكة ، فلما بلغ الظاهر فراره ، قتل أخاه شهاب

ص: 461

الدين ، ونهب بيوتهم وأزال نعمتهم ( الضوء اللامع 360/1 ) وذكر إنه دس إلي اسماعيل من قتله بالسم بمكة ( الضوء اللامع 301/2 ).

وفي السنة 834 قتل بدمشق رجل راود امرأة عن نفسها، فامتنعت عليه ، فقتلها ، وقتل زوجها ، فرسم النائب بقتله ( حوليات دمشقية 5).

وفي السنة 836 ضربت بالقاهرة رقبة رجل ارتد عن الإسلام ، وكان من خبره إنه كان نصرانية ، ووجده رجل مع زوجته ، فتخلص من القتل بأن أعلن إسلامه ، ثم ندم علي ذلك وجاء بعد أشهر إلي أحد القضاة ، وأخبره برغبته في العودة إلي النصرانية ، فتلطف به القاضي ، ومن عنده ، وهو يلح ويعاند ، فسجن ، وعرض عليه الإسلام مرارة ، فلما أعياهم أمره ، ضربت رقبته ، وأحرقت جثته ( حوليات دمشقية 45).

وفي السنة 836 كان الملك الأشرف برسباي ، صاحب مصر والشام ، يحصر مدينة آمد، فأسر جماعة من أصحاب صاحب آمد، فقتل بعضهم، وترك بعضهم في الحديد ( حوليات دمشقية 66 و 67).

وفي السنة 839 أوهم رجل من استراباد ، اسمه نظام الدين أسدالله الحسيني ، الأمير أسبان بن قرا يوسف، بأنه يعمل الأكسير ، الذي يقلب المعادن الخسيسة إلي معادن نفيسة، فطلب منه أن يعمل ذلك أمامه ، فقال : إن عمل الإكسير يحتاج فيه إلي أعشاب وأدوية لا توجد إلا في ماردين ، فأرسله أسبان إلي ماردين مع وزيره خواجه بير أحمد ، فلم يعودا ، وظهرا بعد ذلك في مصر ، وقصدا سلطانها الملك الظاهر جقمق ، وأوهماه ، كذلك بأنهما يصنعان الإكسير ، وحصلا منه علي مال كثير ، فلم يصح ما ادعياه ، وضاع علي السلطان ما صرفه ، فاستفتي العلماء في حقهم ، فأفتوا بقتلهم ، فقتلهم ( تاريخ الغياثي 268، 269).

ولما فتح الأمير أسبان ، قلعة إربل في السنة 839، أخذ حاكمها ، وهو

ص: 462

ابن عمه ميرزا علي ، هو وجميع عائلته ، وتزوج بابنته بلقيس باشا ، ولما وصل أسبان إلي الحلة، مرض ، فدخل عليه الأمير شيخي ، وأخبره بأن جماعة من القواد قد اتفقوا مع مرزا علي علي قتل الأمير أسبان ، والمناداة بمرزا علي سلطانة بدله ، وعدد له من المتآمرين الأمير زاهد، وقطلو بك العراقي ، فأمر الأمير أسبان باعتقالهم جميعهم ، ثم احضر ميرزا علي وأولاده، فأمر بقتلهم بحضرته ، وبحضرة زوجته بلقيس باشا بنت مرزا علي ، فقتل أبوها وأخوتها وأولادهم حتي الأطفال الذين في المهد ، ولما أبصرت بلقيس باشا مصرع أبيها وأخوتها ، بكت ، فأمر أسبان بخنقها ، فقتلت خنقأ ، وكان ذلك في السنة 841 ( تاريخ الغياثي 270، 271).

وفي السنة 840 قتل الأمير قرمش الظاهري ، وكان قد اشترك مع جان بك في العصيان ، ثم استر ، فقبض عليه بعد أن استتر عشر سنين ، وسجن بقلعة حلب ، ثم قتل ( الضوء اللامع 221/6 ).

وفي السنة 842 قتل الأمير إينال الحكمي ، نائب السلطنة بالشام ، إذ خرج عن طاعة السلطان ، فأمر به فقتل ، وحمل رأسه إلي القاهرة ( الضوء اللامع 327/2 ).

وفي السنة 842 قتل الأمير يخشباني المؤيدي ، بناء علي حكم صدر بكفره ، وكان الظاهر جقمق قد حقد عليه أمورأ ، فقبض عليه ، وبعث به إلي إسكندرية مقيدة ، ولم يلبث حتي اثبت كفره ، وهو في السجن ، وحكم بضرب عنقه ، فضربت وكانت التهمة الموجهة إليه أنه سب شريفا من أهل منفلوط ، وشهد عليه بذلك ، فأنكر الأمير التهمة ، وحلف إنه لم يفعل ، فقيل له : إن الإنكار لا يفيد بعد قبول الشهادة ، فاستسلم للقتل ، وضربت عنقه ( الضوء اللامع 269/10 ).

وفي السنة 842 قتل بدمشق ، محمد شيخ كرك نوح ، ويعرف ببلبان ،

ص: 463

قتله هو وولده عامة دمشق ، وقتلوا معهما من قومها جماعة ، بغية وعدوانا ، ولكنهم احتجوا في قتله بأنه كان يهم بالرفض ( أي التشيع)، وكان محمد القتيل صاحب همة عالية ، ومروءة غزيرة ، وأفضال وكرم ( الضوء اللامع 119/10)

وفي السنة 842 عصي الأمير تغري ويرمش السيفي ، كافل حلب ، علي السلطان الظاهر سيف الدين جقمق ، صاحب مصر والشام ، فجد عليه عسكر من مصر ، فأسر ، وأدخل إلي حلب راكبا بغلة ، وخلفه شخص بيده خنجر ، وفي يده صولجان يلعب به ، فأسمعه الناس ما يكره ، وأصعد إلي القلعة ، وأودع السجن في قيد ثقيل ، فقال : بقي بيني وبين القتل مسافة الطريق ، يريد مسافة ما يكتب إلي السلطان بالقاهرة ، ليأمر فيه بما يراه ، ولما ورد المرسوم بقتله، أنزلوه من السجن ، وعصروه بين أبواب القلعة ، ليقر علي المال ، فلم يعترف، فأحضروه إلي باب القلعة ، وقدموه لضرب الرقبة ، فنادي عليه الجلاد : هذا جزاء من خرج عن الطاعة ، فقال : قل هذا جزاء من لم يرع نعمة الله ، وبعد قطع عنقه ، دفنت جثته في حانوت من مدرسته التي بناها ووقفها في حلب ( اعلام النبلاء 38/3 ) .

وفي السنة 844 مات الأمير مغلباي ، مسجونة في قلعة دمشق بأمر من السلطان الظاهر جقمق ( الضوء اللامع 165/10 ).

وفي السنة 846 قتل القائد أحمد بن علي بن سنان ، أحد قواد مكة ، وطيف برأسه بجدة ثم دفن من يومه ، وكان من أعيان القواد ( الضوء اللامع 20/2)

وفي السنة 848 هلك الأمير أسبان ، ونصب الأمراء ولده فولاذ ، سلطانا من بعده علي بغداد ، وكان فولاذ صغيرة ، فلما سمع الأمير الوند بن اسكندر ، بأنهم تعدوه إلي فولاذ، غضب ، وقصد بغداد بجيش ، فلما وصل

ص: 464

إلي أنحاء الخالص ، قابله جيش بغداد ، واشتبك الجيشان في معركة ، وكان الظفر من نصيب الوند، فلما ظفر ، ترك الإحتياط ، فكبسه عسكر بغداد وهو في غفلته ، فانفل عسكر الوند ، ومضي هارب ناجي بنفسه ، وانحاز أكثر عسكره الي عسكر بغداد ، فلما وصلوا إلي بغداد ، قبض الأمير شيخوبيك علي جميع الأفراد والأمراء من عسكر ألوند الذين استسلموا، وقتلهم بأجمعهم ( تاريخ الغياثي 280، 281).

ولما فتح الأمير جهان شاه بن قرا يوسف ، مدينة بغداد ، في السنة 849 أمر بنهب بغداد ثلاثة أيام وثلاث ليالي ، وعذب الناس وعاقبهم، فمات كثير من الناس في العقوبة ( العذاب ) ، وأمر بقبض الإسفاهية ( العساكر ) البغدادية وقتلهم، ثم فرض علي كل خيمة من عسكره ، عشرة رؤوس ، فقتلوا ما مقداره عشرة آلاف رأس ، وهذه القتلة «ما كانت أقل من قتلة تيمور » ( تاريخ الغياثي 286).

وفي السنة 853 قتل أبو زكريا يحيي بن زيان الوطاسي المريني ، وزير المغرب الأقصي، واستقر بعده قريبه أبو حسن علي بن يوسف بن زيان ، وكان يحيي يلقب بالأزرق لزرقة عينيه ( الضوء اللامع 226/10 ).

وفي السنة 854 ضربت عنق أبي الفتح محمد بن محمد بن علي الطيبي ، بدمشق ، تحت القلعة ، استنادا إلي « محاضر كتبت بكفره » وكان الناس قد منعوا السياف من قتله ، بحيث لم يتمكن منه أياما ، إلي أن أخذ علي حين غفلة منهم ، وكان لما قتل يكثر من التهليل والذكر ، وانتاب الناس قبره أياما ، وأكثروا من البكاء عليه ، وسموه الشهيد المظلوم ( الضوء اللامع 141/9)

وفي السنة 757 أمرت الشريفة فاطمة بنت الحسن بن الناصر ، ملكة اليمن ، بقتل حسن بن محمد مداعس ، خلف باب سويدان ، فقتل ( الاعلام 326/5)

ص: 465

وفي السنة 857 قتل الأمير تغري بردي الظاهري ، وكان السلطان الأشرف إينال قد ولاه البهنسية ، فلما خرج إليها ، ندم السلطان ، وأرسل إليه سونج بغا ليقبض عليه ، فتلقاه صاحب الترجمة مع علمه بسبب مجيئه ، وأذعن بالطاعة وتقدم فسلم عليه ، فلما حاذاه قبض عليه سونج بغا وأخبره بأنه مأمور بوضعه في الحديد ، فقال له : الطائع لا يحتاج إلي هذا، فقال له : لابد من هذا ، فاستعان تغري بردي بأصحابه ، فرموا سونج بغا بسهم فقتلوه ، فهجم أصحاب سونج بغا علي تغري بردي وقتلوه ( الضوء اللامع 29/3 ).

وفي السنة 861 دخل الأمير بير بوداق بن جهان شاه ، مدينة يزد ، وصادر اهلها ، وعسفهم ، ونصب ساتلمش الشيرجي محلا، وكان داروغة يزد ، واسمه قنبر الخزنجي ، نوكر، ( خادما) لجهان شاه ، والد الأمير بير بوداق ، ولم يكن حاضرة في يزد بل كان ملازمة خدمة جهان شاه، فطمع ساتلمش الشيرجي ، في امرأة قنبر وأولاده ، وفسق بهم ، فلما حضر قنبر الي يزد . علم بالقصة ، فعمد إلي امرأته وولده وابنتيه ، فقطع رؤوسهم ، ووضعها في مخلاة ، وطرحها أمام جهان شاه وقال له : هذا جزاء من يواظب في خدمتك ، وحدثه عن القصة ، فأرسل جهان شاه إلي ولده بيربوداق يطلب منه إرسال ساتلمش الشيرجي ، فامتنع ، وأصر علي الإمتناع علي رغم إلحاح الأب وتكرار المطالبة ، فغضب جهان شاه، وعزله عن إمرة بغداد ، وطلب منه أن يقنع بشيراز، فأبي ، فقصده جهان شاه بجيشه إلي شيراز ، فانحاز بير بوداق إلي بغداد ، وعسف أهلها، فكرهوه ، وفي السنة 869 تحرك جهان شاه ، إلي بغداد، وحصرها، فأعطي بيربوداق لقسم من العسكر « دستورة » لقلة الأقوات في بغداد ، كما إنه أذن لمن أراد الخروج من الرعية أن يخرج بشرط أن يسلم جميع أمواله ويخرج ، ولما ضاق الحصار علي الأمراء ببغداد ، خامر بعضهم وراسلوا جهان شاه ، ليسلموا البلد إليه ، فأحس بهم بيربوداق ، وضرب أعناقهم ورماها إلي جهان شاه خارج السور ،

ص: 466

وبعد حصار دام سنة ونصف سنة ، وافق بيربوداق علي أن يترك بغداد، بأن يعبر إلي الجانب الغربي ، ويأخذ معه مائة فارس من جماعته، ويذهب حيث يشاء ، وكان في خاطره أن يتوجه إلي شاه سوار دلغادر ( ذي القدر ) ثم بلغ جهان شاه أن ولده بيربوداق ينوي العودة إلي التحصن داخل بغداد ، فأرسل إليه أخاه محمدي ميرزا مع آخرين ، ولما دخلوا عليه ، جرد محمدي ميرزا سيفه ، وضرب أخاه بيربوداق . فقتله ، وكان قتله في السنة 870 ( تاريخ الغياثي 290، 291 ، 315 - 325 ).

وفي السنة 866 قام حسن باك بن علي بن قرايلوك صاحب ديار بكر ، بقتل آخر أمراء حصن كيفا من بني أيوب ، أيوب بن علي بن محمود ، وكان هو القائم بتدبير المملكة الأخيه الصالح زين الدين ، فقام حسن باك ، بقتل الملك الصالح ، وأخيه أيوب ، وقتل أخا لهما آخر اسمه عبد الرحمن ، واستولي علي الحصن ( الضوء اللامع 332/2 ).

وفي السنة 866 قتل السلطان عبد الحق المريني بفاس ، وزيره يحيي بن يحيي بن زيان الوطاسي ، وقتل معه جميع الوطاسيين إلا من نجا منهم ( الاعلام 224/9 ).

وفي السنة 869 قتل السلطان عبد الحق بن عثمان المريني ، اخر ملوك بني مرين ، وكان ظالما فاتك ، فثار عليه الناس ، بفاس ، وولوا عليهم الشريف أبا عبدالله الحفيد، واعتقلوا السلطان عبد الحق ، وأشهروه علي بغل ، ثم ضربت عنقه ( الاعلام 53/4 ) .

وفي السنة 870 غضب السلطان الظاهر خشقدم علي الوزير الاستادار منصور بن الصفي ، فصادره ، وضربه ، وقيده بالحديد ، وحكم فيه أعداءه ، وأمر المالكي ( القاضي ) بقتله ، فقتل عند خيمة الغلمان ، وتزايد الصراخ عليه من العامة ، واسمعوا أخصامه من السب والمكروه ، ما الله به عليم ( الضوء اللامع 171/10 ).

ص: 467

وفي السنة 872 قتل جهان شاه ، وخلفه علي أذريبجان ولده حسن علي ، وكان جهان شاه أبوه قد حبسه، فلما قتل ، أخرج من السجن وأجلس علي العرش ، فكان أول ما صنعه ، الانتقام من أقارب زوجة أبيه بيكم خاتون ، إذ كان ينسب إليها إنها كانت تحرض أباه علي حبسه ، فلما جلس علي عرش تبريز ، أمر بأقوامها وأهلها وإخوانها، فعاقبهم ، وعذبهم، وصلبهم، وقتلهم بأجمعهم ( التاريخ الغياثي 378).

ولما قتل جهان شاه ، وسمعت امرأته بموته ، تحصنت في قلعة النجق ، وكان فيها جملة خزائن مال ، فأرسلت جملة من الخزائن إلي ولدها حسن بك ابن جهان شاه واستعجلته علي القدوم إلي قلعة النجق ، فوقعت الخزائن في يد حسن علي بن جهان شاه أخي حسن بك، فاستولي عليها ، وتقدم فحصر قلعة النجق فلم يقدر عليها ، فبعث من أغري حراس القلعة ، فخامروا علي المرأة ، وقبضوا عليها ، وسلموا الي حسن علي المرأة والخزائن والقلعة ، فأخذ حسن علي زوجة أبيه إلي تبريز ، حيث صلبها بثدييها ، فاستمرت في هذا العذاب ثلاثة أيام حتي ماتت ، ولما سمع حسن بك ، بما صنعه أخوه حسن علي ، بوالدته ( والدة حسن بك ) غضب ، وكان يحاصر بغداد فترك حصارها وتوجه إلي تبريز ، فحاصر أخاه حسن علي، وفي أثناء الحصار فر قائدان من قواد حسن علي إلي حسن بك ، وهما شاه علي وإبراهيم شاه ، فقبض حسن علي علي أولادهما ونسائهما فقتلهم جميعا ، كما قتل كل من كانت له علاقة بالقائدين المذكورين ، وفر حسن علي من تبريز الي همدان ، فاتبعه حسن بك ، ففر منه إلي جبل ألوند ، فأرسل إليه من حصره هناك ، فلما عرف حسن علي أنه مقبوض عليه أخرج سكينا وذبح نفسه ، فمات وكان ذلك في السنة 873 ، وكان مدة حكمه سنة واحدة . ( التاريخ الغياثي 326-331).

وتقدم حسن بك ، صاحب ديار بكر، في السنة 873 فحاصر بغداد ،

ص: 468

وكان يحكمها التواجي بير محمد ، من قبل جهانشاه ، فأحضر حسن بك أخا للتواجي وقدمه الي قريب السور ، وطلب من بير محمد أن يسلم البلد، وإلا قتل أخاه ، فلم يجب إلي التسليم ، فقتل أخاه بمرأي منه ( التاريخ الغيائي 379)

وفي السنة 873 نصب حسين علي بن زينل بن بير علي ، سلطانا علي العراق ، وكان أول ما صنعه ، أن شكا إليه أهل بغداد، من جماعة «عوانية » منهم فضيل ، وناصر مصطفي ، وخواجه شيخي ، ويوسف الاسكافي ، وغيرهم ، فأمر بقتلهم ، فقتلوا في التاريخ الغياثي 332).

وأعطي سلطان العراق ، حسين علي زينل ، مدينة الحلة ، إلي ابن قراموسي، فاتفق مع درويش يقال له : شاه علي بن الاسكندر ، وعصي علي سلطان بغداد ، فسير إليه جيشا ، فأسروا الإثنين ، وقتلوهما ، وكان الدرويش قد لجأ إلي موضع الغيبة في الحلة ، وهو مقام صاحب الزمان ، وصاح أنا درويش ، وهذا « بالغصب جابني » فلم يسمعوا منه ، وقطعوا رأسه ، ونصب حسين علي زينل أخاه شاه منصور حاكما في الحلة في السنة 874 ( تاريخ الغياثي 332- 333).

وفي السنة 874 مرض السلطان حسين علي زينل ، ببغداد فبلغه أن جماعة من الأمراء تأمروا علي قتله ، فأحضر أخاه شاه منصور من الحلة ، وأخبره بالقصة ، فاحتالوا علي أولئك الأمراء ، وكانوا خمسة ، فأحضروهم ، وقتلوهم ، ورموا جثتهم في الميدان ، ثم مات السلطان حسين وخلفه أخوه الشاه منصور ( تاريخ الغياثي 333).

وفي السنة 878 قتل الصدر العثماني محمود باشا ، وزير السلطان محمد بن مراد العثماني ( معجم أنساب الأسر الحاكمة 241).

وفي السنة 882 توقي الشيخ حسن الطويل ، سلطان العراق ، فخلفه

ص: 469

ولده خليل ، وقتل خليل في السنة 884، قتله بعض أمرائه ، وتسلطن بعده أخوه يعقوب الشيخ حسن ( أعلام النبلاء 81/3 ).

وفي السنة 883 أتهم الحاج ناصر القتباني ، وأولاده ، وغلامه شعبان ببغداد ، بأن لهم علاقة بالمشعشع ، فقتل الحاج ناصر وأولاده ، أما غلامه شعبان فقتل رميا بالحجارة ( التاريخ الغياثي 395).

وفي السنة 885 قتل الأمير يشبك الظاهري الصغير ، وكان قد سار علي رأس عسكر هائل إلي حلب ، قاصدا البلاد العراقية ، فلما قطع الفرات وتوجه إلي الرها ، قبض عليه أحد أمراء يعقوب بن حسن بك ، وضرب عنقه صبرا ، وبعث بجثته إلي مصر ( الضوء اللامع 274/10 ).

وفي السنة 885 فرضت ضريبة علي الدور بحلب ، فهاج العامة ، واتهموا بوضعها محمد بن حسن الباعوري ، وكانت إليه الكثير من الأمور السلطانية بحلب ، ورجموا داره بالحجارة ، ولما ركب في عصر ذلك اليوم من الميدان إلي تحت القلعة ، خرجوا عليه ، ففر منهم ، فأدركوه بالكلاسة ، وقتلوه ، وحملوه إلي تحت القلعة ، وأحرقوه ( الضوء اللامع 224/7 ).

وفي السنة 886 قام محمد بن همياران شاه ملك كلبرجة ، بقتل وزيره خواجه جهان محمود ملك التجار ، وكان ملك التجار قد اتصل بأبيه همياران شاه فاستوزره ، ولما توفي أوصاه بأولاده ، فقرر ولده نظام شاه ، ولم يستكمل خمس عشرة سنة . فلم يلبث أن مات ، فقرر أخاه محمد شاه ، وهو ابن سبع سنين ، وساس الخواجا جهان المملكة ، ولكنه استبد بالتصرف ، وحجر علي السلطان ، فاتفق السلطان مع جماعة من حاشيته ، وطلب حضور خواجه جهان ، فلما دخل عليه وثب عليه عبد حبشي من عبيد السلطان ، فقتله ، بالسيف ، ثم قتل غلامه ( الضوء اللامع 245/10 ). ولم يلبث محمد شاه أن قتل في السنة 887 بعد قتله وزيره بسنة واحدة ( الضوء اللامع 10/ 69).

ص: 470

وفي السنة 896 قبض علي عبد الملك بن علي الساوجي ببغداد، وكان قد نال رتبه عالية ، في عهد أبن اخته القاضي مسيح الدين عيسي الساوجي ، قاضي السلطان يعقوب بن السلطان حسن الطويل ، فلما مات السلطان يعقوب ، قتل القاضي مسيح الدين ، وعذب خاله عبد الملك الساوجي ، حتي مات ( تاريخ العراق للعزاوي 3/ 3/ 283).

وفي السنة 901 وقع قتال بين الأمير علي الشهابي، في جماعة وادي التيم ورجال الشوف ، وبين عمه الأمير بكر الشهابي ، وانتصر الأمير علي ، فقتل عمه بيده وقتل معه بيده أيضأ ثلاثين من جماعته. ( خطط الشام 209/2)

وفي السنة 902 قتل قاضي القضاة شمس الدين محمد بن المزلق ، . بدمشق ، تآمرت عليه جاريتاه ، واتفقتا مع ثلاثة مماليك علي قتله ( الكواكب السائرة 37/1 ).

وفي السنة 903 قتل الفقيه الإمامي ، صدر الدين الكبير ، محمد إبراهيم الحسني ، بشيراز، قتله التركمان ، وكان له منصب الصدارة للسلطان شاه طهماسب الصفوي ( الاعلام 192/6 ).

وفي السنة 904 قتل الملك الناصر أبو السعادات محمد بن قايتباي ، خلف أباه في السلطنة ، ثم اتهم بارتكاب الجرائم ، فقتل ( شذرات الذهب 23/8)

وفي السنة 904 قتل لطف الله الشهير بمولانا لطفي التوقاتي ، وكان يطيل لسانه علي أقرانه من العلماء ، فأبغضوه ، ونسبوه إلي الإلحاد والزندقة ، فحكم عليه المولي خطيب زاده بإباحة دمه ، فقتلوه ، وهو يكرر كلمتي الشهادة ، ويژه عقيدته عما نسبوه إليه من الإلحاد ( شذرات الذهب 24/8 ).

وفي السنة 906 أمر الملك العادل طومان باي ، بعد نصف شهر من

ص: 471

سلطنته، بقتل الأمراء قصروه ، والرماح أمير سلاح ، والأشرف الغوري الدوادار الكبير ، وغيرهم « فركب عليه الأمراء » فنزل السلطان من القلعة هاربا ، واختفي ، فبحثوا عنه حتي وجدوه، فقتلوه، وقطعوا رأسه ، وخلفه الملك الأشرف أبو النصر قانصوه الغوري ، آخر ملوك الجراكسة ( أعلام النبلاء 112/3 ).

وفي السنة 908 قتل أبو السعود قاضي قضاة مكة ، قتله الشريف بركات أمير مكة ( الكواكب السائرة 121/1 وشذرات الذهب 36/8).

وفي السنة 913 قتل الشيخ زين الدين عبد الغفار الضرير ، ببلدة مطبوس ، بالقرب من الإسكندرية ، وسبب قتله أن بلدة مطبوس كانت جارية في إقطاع الأمير طراباي وبها رجل متدارك لمالها اسمه أبو عمرو ، فوقع بينه وبين أهل البلدة شر ، فشكوه للأمير طراباي ، فأرسل طراباي أخاه للتحقيق ، فضرب أخو طراباي أحد أهالي البلدة بالدبوس ، فهاج أهل البلدة ورجموه ، فأمر « بضرب السيف فيهم » فقتل منهم ما يزيد علي ثلاثين نفرة ، فقال له الشيخ زين الدين : هذا لا يحل لك ، فضرب عنقه ، وألقي بجثته في البحر ( الكواكب السائرة 240/1 ).

وفي السنة 916 قتل الشيخ محمد العجمي الشهير ، بالطواقي ، شيخ الزاوية الخوارزمية بدمشق ، بتحريض من الدوادار ، إذ دس اليه ليلا جماعة من غوغاء دمشق، فطعنوه بالسكاكين ، ثم ذبحوه، وقطعوا رأسه واقتلعوا قلبه ، وألقوا جثته في بئر الزاوية ( الكواكب السائرة 77/1 و78).

وكان أول ما مهد به السلطان سليم العثماني ، لمحاربة الشاه اسماعيل الصفوي ، شاه العجم ، أن بدأ السلطان سليم فقتل الشيعة ببلاده ، وكانوا نحوا من أربعين ألفا، ثم زحف في السنة 920 علي بلاد الشاه اسماعيل الصفوي (خطط الشام 216/2 ).

ص: 472

وفي السنة 921 قتل السلطان سليم العثماني ، الأمير علي دولات ( الكواكب السائرة 283/1 ).

وكان الشاه اسماعيل علي الصفوي ، شاه العجم ، قتل صاحب هراة ، وولده وبعث برأس الأب إلي السلطان سليم العثماني ، وبرأس الولد إلي السلطان قانصوه الغوري ، سلطان مصر والشام ، وكتب إلي السلطان سليم بطاقة بعث بها مع الرأس، فيها : (اعلام النبلاء 133/3 ).

نحن أناس شأننا دائمأ**** حب علي ابن أبي طالب

يعيبنا الناس علي حبه****فلعنة الله علي العائب

وبعث إلي السلطان الغوري مع الرأس ، بطاقة فيها :

السيف والخنجر ريحاننا**** أف من النرجس والأس

وشربنا من دم أعدائنا **** وكأسنا جمجمة الرأس

لما اجتاز السلطان سليم العثماني بالبيرة ، يريد الشاه اسماعيل الصفوي ، أساء علاء الدولة عامل الغوري علي البيرة معاملته ، فلما عاد من غزو الصفوي ، قبض علي علاء الدولة وذبحه وذبح معه أولاده ، وأرسل الرؤوس إلي الغوري ، ( خطط الشام 218/2 ).

وفي السنة 922 لما قتل السلطان سليم العثماني ، السلطان قانصوه الغوري ، وفتح حلب ، كان مع الغوري خلفاء المشايخ ، مثل خليفة سيدي أحمد البدوي ، وخليفة سيدي عبد القادر الجيلاني ، وخليفة سيدي إبراهيم الدسوقي ، وأمثالهم، فلما وقعت الكسرة علي الغوري ، بقي المشايخ وأتباعهم بحلب ، فلما سمعوا بأن السلطان قادم إلي حلب ، خافوا من سطوته، وقصدوا الشام ، فرآهم السلطان سليم عن بعد ، ومعهم الرايات ، فسأل عنهم ، فأخبروه بأنهم خلفاء المشايخ الذين كانوا قدموا مع الغوري وهم

ص: 473

يريدون الآن الذهاب إلي مصر ، فأمر بهم فأحضروا بين يديه ، وأمر بضرب أعناقهم، فقتلوا بأجمعهم ( أعلام النبلاء 172/3 ).

وفي السنة 923 قتل القاضي حسام الدين محمد بن عبد البر ، المعروف بابن الشحنة ، قاضي الحنفية بالقاهرة المعزية، قتله السلطان طومان باي بالصعيد، وكان السلطان الأشرف طومان باي ، قد خلف السلطان الغوري الذي قتل في معركة مرج دابق التي انتصر فيها السلطان سليم العثماني ، فلما دخل السلطان سليم القاهرة ، في السلطان طومان باي الي الصعيد ، وأرسل يطلب الأمان ، فأرسل اليه الأمان صحبة جماعة من القضاة منهم القاضي حسام الدين ، فقتله طومان باي ، وقتل معه بعض الجماعة الآخرين الذين حضروا معه رسلا ( أعلام النبلاء 398/5 والكواكب السائرة 305/1)

وفي السنة 923 والسلطان سليم العثماني في طريقه إلي مصر ، بلغه أن أهالي مدينة الرملة ، قتلوا جماعة من عسكره ، فأمر السلطان بقتل جميع أهالي بلد الرملة ، فقتلوا بأجمعهم « ولم يبق فيها ديار ولا نافخ نار » ( خطط الشام 226/2 ).

وفي السنة 923 لما تلاقي الجيش العثماني ، وجيش المماليك المصري ، بمصر ، أشيع في مدينة غزة ، أن جيش المماليك قد انتصر علي الجيش العثماني ، فبادر علي باي الدوادار ، نائب غزة ، وأجناده ، فنهبوا وطاق العثمانيين الموجودين عندهم ، وأحرقوا خيامهم ، وقتلوا من كان في الوطاق والمدينة من العثمانيين ، وكانوا أربعمائة، بين شيخ، وصبي، ومريض قد تخلف عن اللحاق بالجيش لمرضه، فعاد سنان باشا، قائد الجيش العثماني الي غزة، وجمع أهلها وسألهم عمن فعل ذلك بأفراد جيشه ؟ فأحالوا علي نائب غزة وأجناده ، فأمر سنان باشا بكبس بيوت غزة ، فوجدوا فيها قماش العثمانية ، وخيولهم، وخيامهم، فقال لهم سنان باشا ، نحن لما دخلنا غزة،

ص: 474

هل شوشنا علي احد منكم؟ قالوا : لا، قال : إذن لماذا فعلتم بعسكرنا ما فعلتم ؟ فلم يأتوا بجواب ولا عذر ولا حجة ، فأمر عسكره بأن « يلعبوا » فيهم بالسيف ، فقتلوا منهم ما لا يحصي عدده ( خطط الشام ، 226/2 ، 227) .

وفي السنة 924 عصي الأمير ناصر الدين ، والي صيدا ، علي السلطان سليم العثماني ، وأعانه الأمراء زين الدين وقرقماس وعلم الدين سليمان ، فقبض جان بردي الغزالي ، والي دمشق ، عليهم ، وبعث برأس الأمير ناصر الدين ، ورأس ابن الحرفوش ، إلي السلطان سليم ، وأطلق سراح الباقين ( خطط الشام 227/2 ).

وكان الأمير جان بردي الغزالي ، من أمراء السلطان الغوري ، ثم خانه ، والتحق بالسلطان سليم العثماني ، فنصبه نائبا في الشام ، ثم فكر في الخروج علي الأتراك ، فادعي السلطنة ، وتلقب بالملك الأشرف ، فحاربه الجيش العثماني ، فانكسر الغزالي ، ودخل إلي الشام ، وكان فيها خمسة آلاف جندي تركي إنكشاري ، كان السلطان سليم قد جعلهم حامية في دمشق ، فأولم لهم الغزالي وليمة ، وجمعهم، ثم قتلهم علي بكرة أبيهم ( خطط الشام 233/2 ).

وفي السنة 928 حضر فرهاد باشا ، بأمر من السلطان العثماني ، وأحضر علي بك صاحب مرعش وأخوته الثلاثة إلي ارتيقاباد قرب توقات ، وقطع رؤوسهم بأجمعهم ، وكان علي بك قد خلف عمه علاء الدولة بعد مقتله في المعركة في السنة 921 ( معجم انساب الأسر الحاكمة 236).

وفي السنة 929 قتل الشيخ شهاب الدين أحمد بن اسكندر الحلبي ، بدمشق ، قتله اللصوص بدرب الروم ( الكواكب السائرة 131/1 ).

وفي السنة 930 أمر احمد باشا ، والي مصر ، بمحاسبة مباشري الأمير

ص: 475

فارس ، وأحضرهم وعذبهم ، فاعترض الأمير فارس علي تعذيبهم ، فأمر أحمد ، باشا بضرب عنقه ، فضربت ( الكواكب السائرة 156/1 ).

وفي السنة 930 صادر أحمد باشا ، والي مصر ، الأمير جانم الحمزاوي ، علي مائة وستين ألف دينار ، فشفع له الأمير قراموسي ، فغضب أحمد باشا ، وأمر بالأمير قراموسي، فضربت عنقه ( الكواكب السائرة 156/1 ).

وفي السنة 930 أعلن والي مصر أحمد باشا، الخروج علي السلطنة العثمانية ، فعصي عليه من في قلعة الجبل من الينكجرية والجراكسة ، وأعلنوا بقاء طاعتهم للدولة ، فحصر أحمد باشا القلعة ، وفتحها عنوة ، وقتل جميع من فيها حتي أئمة الجوامع والمؤذنين ، ولم يرحم صغيرة ولا كبيرة ، فقتل نحو ألف من الينكجرية ، وستمائة من الجراكسة ، وألف من المصريين ، ونهبوا بيوت من بقي ، واستباحوا حريمهم ( الكواكب السائرة 157/1 ).

وفي السنة 930 قتل أحمد باشا، والي مصر للسلطان سليمان العثماني ، وكان السلطان سليمان قد نصبه نائبا عنه في مصر ، وهو من خواص السلطان سليم العثماني فأراد أن يستقل بحكم مصر ، وكاتب الشاه اسماعيل الصفوي ، شاه إيران ، فتحرك الأمراء المصريون ضده ، وأعانهم جند بعث بهم السلطان سليمان ، فانفل جمع أحمد باشا وقتل مع ستة أنفار من خواصه ، وعلي رأسه بباب زويلة، ثم جهز إلي السلطان سليمان ( الكواكب السائرة 156/1 - 159).

وفي السنة 930 قطعت رأس المولي ظهير الدين الأردبيلي الحنفي ، الشهير بقاضي زاده ، بالقاهرة ، لأنه قال علي المنبر : إن مدح الصحابة علي المنبر ليس بفرض ، ولا يخل بالخطبة ، فاتهم بإظهار شعار الرفض واعتقاد الإمامية ، فقطع رأسه وعلق علي باب زويلة بالقاهرة ( شذرات الذهب 173/8)

ص: 476

وفي السنة 933 قتل بدر الدين أحمد بن قاضي القضاة تقي الدين ، وكان ناظر أوقاف الحرمين بحلب، وسبب قتله إنه انضم إلي قرا قاضي مفتش أوقاف حلب وأملاكها ، فلما قتل قرا قاضي بجامع حلب ، قتل معه، وأراد العامة إحراقه ، فاستخلصه أهله ودفنوه ( شذرات الذهب 193/8 ).

وكان الواعظ محمد بن عمر الانطاكي ، المتوفي سنة 938، المعروف بملاعرب ، شديدة في الوعظ علي الشاه اسماعيل الصفوي ، وعلي الرافضة ( الشيعة)، واتفق أن حضر مجلسه رجل فارسي من أتباع الألجي الذي بعث به الشاه اسماعيل ، إلي السلطان الغوري ، فلما سمع منه قوله في الشاه والشيعة، جرد سيفه ليضربه ، فاجتمع عليه الحلبيون وقتلوه ، وكان في جميع خطبة « يقدح في الرافضة علي أكمل وجه ، إلا إنه « أخذ في النهي عن أخذ أموالهم ، فقيل له : قد كنت تبيحها بالأمس ، فما لك اليوم تنهي عن أخذها ؟ فقال : لأن الخنكار ( يريد السلطان سليم ) قد أمنهم ( اعلام النبلاء 493/5 و494) .

وفي السنة 944 قتل الأمير جانم الحمزاوي ، وولده يوسف ، قتلهما سليمان باشا كافل القاهرة ، وكان الأمير جانم قد ولي ولايات عدة في عهد السلاطين المماليك، ثم تولي نظارة الأموال السلطانية بالديار المصرية ، ولما أراد سليمان باشا كافل القاهرة ، أن يسافر علي رأس حملة لحرب الهند، طلب من الأمير جانم ، أن يكون مرافقة له في الحملة، فأجاب ، وذهب مع سليمان باشا إلي اصطنبول ، حتي اخذ موافقة الباب العالي ، ولكنه لما رجع إلي مصر ، بدا له أن لا يسافر ، وبلغ ذلك سليمان باشا ، فكتب الي السلطنة يستأذن في عقاب من يحاول تخريب سفر الحملة ، فأذن له السلطان في أن يتصرف التصرف الذي يراه مناسبا ، وعندئذ أحضر الأمير جانم ، وولده يوسف ، وقطع رأسيهما وسلخ جلديهما وحشاه تبنا ، وصلبها بباب زويلة ( أعلام النبلاء 512/5. 514).

ص: 477

ووصف صاحب البرق اليماني ، كيفية قتل الأمير جانم الحمزاوي ، وولده يوسف بك أمير الحج ، فقال : في السنة 944 كان سليمان باشا الخادم ، يلي مصر للسلطان سليمان ، فاختلف مع الأمير جانم الحمزاوي ، فكتب فيه وفي ولده يوسف ، إلي السلطان ، فكتب إليه : إدفع شرهما ، فطلب منهما أن يحضرا عنده ، فحضر الإبن يوسف بك أمير الحج ، فأجلسه عند الكيخيا ، وأمره أن يشاغله حتي يحضر أبوه، فشاغله باللعب بالشطرنج ، حتي حضر الأب ، فأسلموه إلي الجلاد ، فلما أيقن بالقتل ، صلي ركعتين ، وطلب إلي الجلاد أن يقتله بسيفه ، لأنه كان حادا، وأراد الكيخيا أن يخلص الإبن من القتل ، فتوسل إلي سليمان باشا أن يعفو عنه ، فسبه، وصاح به : ائتني برأسه وإلا ألحقتك به ، فأمر الجلاد بأن يدخل عليه ، فدخل عليه مع اثنين من غلمانه ، وصرعوه، وقطعوا رأسه، فأمر سليمان باشا بالرأسين ، فسلخا، وحشيا تبنا، وعلقا علي باب زويلة ( البرق اليماني 71- 73).

أقول : وكان الأمير جانم الحمراوي ، بمصر ، يحقد علي القاضي شرف الدين ، المعروف بالصغير ، فذهب الي الباب العالي ( اصطنبول )، وسعي في قتل شرف الدين وحصل علي مرسوم سلطاني بقتله ، فخاف شرف الدين ، وسافر بعده إلي اصطنبول ، فواجهه الأمير جانم ، في اسكدار ، وخدعه، وجامله، وعاد معه، حتي إذا وصل إلي مصر، أبرز المرسوم، وسلم شرف الدين إلي الصوباشي ، فعذبه بالاسكنجة، واستصفي أمواله ، ثم قبض علي أحد أقارب شرف الدين وكان شابا، مانم عذاره ، وكانت له أم حنون ، هو وحيدها، وكانت مولعة به، مجنونة بحبه ، فدارت علي جميع العلماء والصلحاء ، وتوسلت بالمشايخ والأولياء ، وحملت الجميع علي الأمير جانم ليعيد لها ولدها ، فأظهر لهم إجابة سؤالهم ، وواعد بتسليمه في ليلة معينة، ودس له السم ، فلم يعمل فيه ، فأمر بخنقه ، وسلم إليها مخنوقأ ، فلما قام الوالي سليمان باشا ، والي مصر ، بقتل الأمير چانم الحمزاوي، وولده ، في

ص: 478

السنة 944 وعلق رأسيهما بباب زويلة ، تخلقت ( تحت ) أم الشاب قريب القاضي شرف الدين بالزعفران ، شماتة بهما، وجاءت حتي وقفت تحت رأسيهما ، وأظهرت فرحها وحبورها ( البرق اليماني 73- 75).

وفي السنة 945 قتل شاه رخ بن فرخ ميرزا ، ملك شروان ، قتله الشاه طهماسب الصفوي ( معجم انساب الاسر الحاكمة 280).

وفي السنة 940 قتيل أمير عدن عامر بن داود ، من بني طاهر ، قتله الوزير سليمان باشا، الذي وجهه السلطان سليمان العثماني لدفع البرتغال عن الهند . ( الاعلام 17/4 ).

وفي السنة 961 قتل السلطان محمود شاه بن لطيف شاه ، سلطان كجرات بالهند ، قيل إنه مات بالسم ، وقيل إنه قتل غيلة ، وبعد قتله بعث قتلته علي الوزراء بحجة أن السلطان يطلبهم ، وكل من قدم من الوزراء قتلوه (شذرات الذهب 328/8 ).

وفي السنة 966 قتل الشهيد الثاني زين الدين بن علي الجبعي العاملي ، وشي به للسلطان العثماني ، فطلبه ، فذهب إلي الأستانة محفوظة ، فقتله المحافظ عليه في الطريق ، وأحضر رأسه للسلطان، فأمر السلطان بقتل قاتله فقتل . ( الاعلام 105/3).

وفي السنة 968 جاء جنكيزخان الي سرت وأحرق دورها، وخربها، وسبي أهلها ، وقتل صاحبها خداوندخان الذي كان أمير جلي رفيع المنزلة حسن الاخلاق طيب السيرة ( شذرات الذهب 352/8 ).

وفي السنة 974 كان درويش باشا بن رستم باشا، نائب السلطنة بطرابلس ، أميرة للركب الشامي إلي مكة ، فقتل بطريق مكة ، معصوم بيك وزير الشاه ومن معه ثم رجع إلي محل نيابته بطرابلس ثم ولي نيابة الشام (الكواكب السائرة 150/3).

ص: 479

وفي السنة 974 أعدم بأمر من السلطان العثماني سليمان القانوني أرسلان باشا بن محمد يحيي زاده ، والي بلاد المجر ، وكان قد ولي الحكم ببلاد المجر في السنة 972 ( معجم انساب الأسر الحاكمة 255).

وفي السنة 975 كان محمود باشا ، والي مصر للعثمانيين ، ناز من القلعة علي بركة الناصرية ، فأصيب برصاصة ، تحت كتفه الأيسر ، واستقرت تحت ثديه الأيمن ، فهجم مماليكه علي الموضع الذي جاءت منه الرصاصة ، فرأوا البندقية، وقد تركها الرامي وهرب ، ووجدوا فلاحين يمشيان ، فأخذوهما ، وسألوهما عن صاحب البندقية ، فقالا إنهما سمعا صوتا، ولم يريا شخصا ، فقطعوا عنقيهما ظلما وعدوانا ( البرق اليماني 155).

وفي السنة 975 هاجم اليمنيون ، مراد باشا ، المعروف بكورمراد والي اليمن ، فكسروه ، وأسروه مع كبار رجاله ، فأخذه صاحب المضح ، وهو طالب ثأر ، لأن سليمان باشا الوالي العثماني ، كان قد صلب جده ، فأخذ مراد باشا، وقطع رأسه بيده ( البرق اليماني 181).

وفي السنة 975 قتل السلطان إبراهيم الثالث الأفغاني، سلطان دهلي ، من بني سور ، بعد أن حكم من السنة 961 قتله سليمان قراراني حاكم بنغالة ( معجم انساب الأسر الحاكمة 422).

وفي السنة 980 قتل السلطان برهان بن توفال ، سلطان الدكن ، قتله مرتضي نظام شاه ، واستولي علي الحكم ( معجم الأسر الحاكمة 438).

وفي السنة 982 قبل الطبيب الياس القرماني ، وسبب قتله إنه طبب الوزير فرهاد باشا ، وكان مصابة بسلس البول ، فمات في أيام قلائل بالزحير ، فاتهم بقتله ، وترصد له جماعة فرهاد باشا حين خرج من داره فضربوه بالسكاكين فقتلوه ، فغضب السلطان لذلك ، وصلب بعضهم ونفي الباقين ( شذرات الذهب 397/8 ) .

ص: 480

وفي السنة 984 قتل السلطان داود شاه ، بن سليمان خان قراراني حاكم بنغالة وبهار ، قتله خان جهان الذي ولي حكم بنغالة من قبل أباطرة دهلي ( معجم أنساب الأسر الحاكمة 428).

وفي السنة 986 قتل جمال الدين محمد طاهر الهندي ، « وكان يقوم علي طائفتي الرافضة والمهدوية ، ويناظرهم ، ويريد إرجاعهم إلي الحق ، وقهرهم في مجالس وأظهر فضائحهم ، وقال بكفرهم ، فسعوا عليه واحتالوا ، حتي قتلوه » ( شذرات الذهب 410/8 ).

وفي السنة 987 قتل الوزير محمد باشا ، بالقسطنطينية ، وكان وزيرة للسلطان سليمان ، ثم للسلطان سليم ، ثم للسلطان مراد ( شذرات الذهب 414/8)

أقول : ليس العجب من موت الوزير محمد باشا قتلا ، وإنما العجب من طول سلامته بحث استمر وزير لثلاثة من السلاطين العثمانيين .

وفي السنة 987 قتل ذبحا يحيي القدسي الشهير بالسايس ، قطعت رأسه لأنه سب شريفة وسب جده ، وأثبت ذلك عليه « بالتعصب ، وضربه الجلاد مرتين أو ثلاثا بالسيف ، فلم ينقطع عنقه ، فذبحه ذبحا، فشار النيكجرية بالجلاد وقطعوه بالسكاكين ( الكواكب السائرة 3/ 220).

وفي السنة 997 قتل بخاري شهاب الدين عبدالله بن محمود الخراساني ، الفقيه الإمامي ، وجري قتله علي التشيع ، وأحرق جسده في ميدانها ( الاعلام 279/4 ).

وفي السنة 997 قتل محافظ دمشق ، سليمان باشا بن قباد ، قتله عبيده في داره ( الكواكب السائرة 158/3 ).

وفي السنة 997 قتل فرهاد باشا ، والي المجر للسلطان العثماني مراد الثالث ، قتله جنوده ( معجم انساب الأسر الحاكمة 255).

ص: 481

وفي السنة 1004 قاد السلطان محمد بن مراد العثماني ، المعركة مع ملك المجر بنفسه ، وانتصر عليه ، وفي ثاني يوم النصر عزل وزيره الأعظم إبراهيم باشا ، ونصب مكانه سنان باشا بن جفال ، وعزل خان التتار غازي كراي خان ، ونصب في موضعه أخاه فتح كراي خان ، ولما وصل إلي أدرنة بعد خمسة وأربعين يوما ، عزل سنان باشا ، وأعاد إبراهيم باشا ، وعزل فتح كراي خان ، وقتله، وأعاد غازي كراي ، وفي السنة 1006 عزل إبراهيم باشا وزيره ، وولي حسن باشا الخادم في موضعه، ثم غضب علي حسن باشا ، وحبسه في يدي قله ، وقتله بعد ثمانية أيام ( خلاصة الأثر 218/4 ، 219).

وفي السنة 1008 قتل والي حلب إبراهيم باشا ، سبعة عشر شخصا من الإنكشارية ، جاءوا من الشام وأخذوا يجبون أموالا من الناس بحجة أنهم من محلي الأموال الأميرية، فلما ظهر كذبهم ، أمر والي حلب بهم فقتلوا ( أعلام الناس 3/ 219، و220).

وفي السنة 1011 قتل مدرس مدرسة بهرام ، عبد الرحمن المعروف بصاري ، اتهم بالالحاد ، فأمر السلطان العثماني بقتله ، فقتل ( خلاصة الأثر 219/4)

وفي السنة 1011 بلغ السلطان العثماني محمد الثاني بن مراد (1003۔ 1012) أين ولده محمود ، أكبر أولاده ، قد تكلم عن أمور تتعلق بالدولة، فأحضره، وسأله، فأجابه بجواب لم يرضه ، فقتله بيده ، وكان عمره 18 سنة ( خلاصة الأثر 4/ 221).

وفي السنة 1011 شكا العساكر من غضنفر أغا حافظ الباب السلطاني ، وعثمان أغا ضابط الحرم ، فأمر السلطان بقتلهما ، فقتلا ، ثم اجتمع العسكر بات ميدان ، وشغبوا، فأحضر السلطان رؤساءهم بويزار عثمان ، واكوز محمود ، ودبه كور رضوان ، فقتلوا بحضرة السلطان ( خلاصة الأثر 219/4 ۔ 221)

ص: 482

وفي السنة 1012 عزل السلطان وزيره الأعظم حسن باشا اليمشجي ، ونصب پاوز علي باشا وزير اعظم بدلا منه ، فطلب العساكر أعادة اليمشجي للوزارة، فغضب السلطان من جرأتهم، وأرسل الي اليمشجي من قتله وهو في بستانه ( خلاصة الأثر 4/ 221).

وفي السنة 1013 قتل الوزير إبراهيم باشا، نائب السلطان بمصر ، قتلته العساكر المصرية ، وقالوا أنهم قتلوه حمية للشيخ زين العابدين الذي أحضره الي قلعة الجبل ، ومات عند دخوله ، فرجح الناس إنه خنقه أو سمه بأمر سلطاني ، فلم يبق بعده إلا أياما يسيرة، ولما أراد التفتيش علي عسكر مصر ، هاجوا عليه وقتلوه وادعوا أنهم قتلوه حمية للشيخ زين العابدين ( خلاصة الأثر 61/1 ، 62).

وفي السنة 1014 قتل الأمير حسين باشا جانبولاد الكردي، أمير الأمراء بحلب ، قتله الوزير سنان باشا بن جغاله ، لأنه كان قد طلب منه أن يحضر مع عساكره ، لمحاربة شاه العجم ، فتقاعس عنه ، حتي إذا عاد سنان باشا من حربه مع العجم ظافرأ، لاقاه حسين باشا بمدينة وان ، فأمر به ، فقتل ( خلاصة الأثر 87/2 ).

وفي السنة 1017 قتل السلطان توقتيمش كراي بن غازي ، قتله محمد كراي بن سعادت ، وكان قد تسلطن في السنة 1016 ( معجم انساب الاسر الحاكمة 367).

وذكر إن السلطان جهانكير سلطان الهند ( 1014- 1037 ) كان شديد القسوة ، وإنه قتل سكرتيره لمجرد شكه في إخلاصه ، من دون تحقيق ، وإنه قتل خادمة، لأنه كسر آنية . ( الإسلام والدول الإسلامية في الهند 89).

وفي السنة 1018 قتل يحيي بن عيسي الكركي السلطي ، متهما بالإلحاد والزندقة ، وكان في أول أمره ، قد أعلن عن اعتقادات فاسدة ،

ص: 483

فأحضره قاضي عجلون، وأدبه، بأن ضربه خمسمائة سوط علي رجليه وعلي بدنه ، ثم قصد الشام ، وأعلن عن معتقداته ، فأحضره القاضي بدمشق ، ورآه مجنونة ، فأمر بإيداعه البيمارستان ، ولكن بعض المتعصبين راجعوه والكوا في أمر محاكمته ، فأحضر ، وحوكم، فاعترف بما كتب ، فحكم عليه بالقتل ، وأرادوا إشهاره في البلد، ثم خافوا أن يتعصب له العوام فيخلصوه ، فضربت عنقه بفناء المحكمة وطمس قبره ( خلاصة الأثر 478/4 - 480).

وفي السنة 1020 قتل بأمر سلطاني ، الأمير علي بن جانبولاد، أمير لواء الأكراد بحلب ، فإنه لما قتل عمه حسين باشا، خرج علي الدولة العثمانية ، وجمع جموعة من السكبانية ، ودبر علي قتل حسين باشا والي حلب، واستولي علي حلب ، فنصب السلطان الأمير يوسف بن سيفا صاحب عكار أميرا علي عساكر الشام ، وكلفه بمحاربة الأمير علي بن جانبولاد ، فجمع له ابن سيفا جيشأ عرمرمة ، ولكنه انكسر أمام عسكر ابن جانبولاد ، فاتصل الأمير علي بن جانبولاد، بالأمير فخر الدين معن ، أمير الشوف وبلاد صيدا ، واتفقا علي حرب الأمير يوسف بن سيفا ، وقصدوا طرابلس الشام ، واستوليا عليها ، وامتنعت القلعة عليهما، واستقرا في البقاع ، فقصدتهما عساكر الدولة من الشام ، ولما نشبت المعركة انكسرت عساكر الدولة ، وأحاط عسكر ابن جانبولاد بالشام ، فأرضاه الشاميون بفدية ، فعاد عنهم ، وتصالح مع الأمير يوسف بن سيفا الذي دخل تحت حكمه ، وأصبحت البلاد من حماة إلي أدنة تحت حكم ابن جانبولاد ، فوجه السلطان الصدر الأعظم مراد باشا لحربه ، فقصدوه علي رأس ثلثمائة ألف عسكري ، واشتبك معه في معركة ضارية فانفل عسكر ابن جانبولاد ، وفر إلي ملطية ، ثم قصد اصطنبول، ومثل أمام السلطان ، فعفا عنه السلطان ، وعينه واليا علي طمشوار ، ثم أصدر السلطان أحمد أمر بقتله ، فقتل ، وأرسل رأسه الي باب السلطنة ( خلاصة الأثر 135/3- 140).

ص: 484

وفي السنة 1020 عزل السلطان أحمد بن السلطان محمد العثماني ، وزيره الأول الصدر الأعظم درويش باشا، وأعدمه ( معجم انساب الأسر الحاكمة 242).

وفي السنة 1022 خرج الأمير عبدالله كتخدا الوزير جعفر باشا والي اليمن ، علي الوالي ، وتحضن في صنعاء ، فحاربه جعفر باشا ، فاستسلم ونزل اليه ، فأمر به فقطعت عنقه ( خلاصة الأثر 487/1 ).

وفي السنة 1023 قتل السلطان أحمد، وزيره الأعظم نصوح باشا ، وكان قد ولاه الوزارة العظمي في السنة 1020 وزوجه بابنته ، ثم قتله بعد ذلك ، وكان نصوح باشا ، قد ولي كفالة حلب ، فأصلح أمورها ، وأزال نفوذ العسكر الذين كانوا قد تسلطوا عليها ، وفرقهم ، وطرد رؤساءهم ، ثم نقل إلي ولاية أنا طولي ، ثم عين واليأ علي بغداد ، ثم نائبا للسلطان في ديار بكر ، ثم واليا علي مصر ، ثم عينه السلطان صدرأ أعظم ، فعقد الصلح مع شاه العجم ، ودخل القسطنطينية في السنة 1020 فقابله السلطان أحمد بالقبول والإقبال ، وزوجه ابنته ، ثم قتله ( خلاصة الأثر 448/4 - 451).

وفي السنة 1026 عزل الشريف إدريس بن الحسن ، شريف مكة ، وزيره أحمد بن يونس ، وكان قد عظم شأنه ، وقبض عليه ، فسجنه، وكبله بالحديد ، وقتله في وادي النار ( خلاصة الأثر 372/1 ).

وفي السنة 1030 كان الأمير فروخ صاحب القدس ونابلس ، وأمير الحاج الشامي ، قد قصد مكة مع المحمل ، وفوض أمر حكومة القدس ونابلس إلي مملوك له يدعي يوسف ، فعمد ولده الأمير محمد بن فروخ ، إلي يوسف فقتله، واستولي علي الحكم، وصادف أن والده الأمير فروخ مات بالحجاز ، فسافر الأمير محمد بن فروخ إلي الروم ، وتعين أميرة للحج بدلا من والده ، ودامت له الإمارة 18 سنة ، وتوفي في السنة 1081 وفيه نظم ابن النحاس قصيدته المشهورة التي مطلعها: ( خلاصة الأثر 108/4 ).

ص: 485

بات ساجي الطرف والشوق يلح****والدجي إن يمض جنح يأت جنح

ويقول فيها :

واذا قيل ابن فروخ أتي ****سقطوا، لو أن ذاك القون مزح

وفي السنة 1031 قتل الصدر الأعظم دولار باشا، الوزير الأول للسلطان العثماني عثمان الثاني ( معجم انساب الأسر الحاكمة 243).

وفي السنة 1031 قام قره داود ، زوج أخت السلطان مصطفي العثماني ، بقتل السلطان العثماني عثمان الثاني ، وأعاد صهره السلطان مصطفي للسلطنة ، فقتله السلطان مصطفي في السنة عينها ( معجم انساب الأسر الحاكمة 243).

وفي السنة 1032 قتل السلطان مصطفي الأول العثماني وزيره الأول الصدر الأعظم كورجي محمد ( معجم أنساب الأسر الحاكمة 243).

وفي السنة 1032 لما استولي الشاه عباس ، شاه العجم ، علي بغداد ، نصب السلطان أحمد باشا حافظ وزيرة أعظم ، وأمره بالتوجه إلي بغداد وطرد العجم منها، فوافي بغداد ، وحصرها، فلم يتمكن من احتلالها ، وضاق الأمر علي عساكره ، ووقع فيهم الغلاء ، وهرب غالبهم ، واجتمع جمع كبير منهم ، ورجموا أحمد باشا قائدهم ، وطلبوا منه أن يرفع الحصار لكي يعودوا إلي أوطانهم ، فأستمهلهم ، فأمهلوه، ثم هجموا عليه ووضعوا في عنقه محرمة ، وجذبوه فقلعوه من مجلسه ، فاضطر إلي أن يرحل بهم ويفك الحصار عن بغداد ، ولما وصل إلي حلب أبلغ بقرار عزله ، فعاد إلي اصطنبول ، ثم نصب صدرة أعظم في السنة 1061 فاجتمع العساكر ، وهاجوا ، وطالبوا السلطان برأسه ، فخيره السلطان بين أن يقتله بنفسه ، أو أن يسلمه الي العساكر ، فاختار الثانية فأسلمه إلي العساكر ، فقتلوه ( خلاصة الأثر 385/1).

ص: 486

أقول : جاء في معجم زامباور ( ص 243) إن حافظ احمد باشا نصبه السلطان مراد الرابع ، صدرأ أعظم في السنة 1034 وعزله في السنة 1036 ثم نصبه صدرا أعظم مرة ثانية في ربيع الأول من السنة 1041 وقتل في رجب من السنة 1041.

وجاء في تاريخ العراق للعزاوي 4 / 172 : إنه في السنة 1032 حاصر حافظ أحمد باشا والي ديار بكر ، بغداد لتأديب بكر الصوباشي ، الذي قتل والي بغداد يوسف باشا ، وعصي فيها ، فانكسر جيش بغداد ، وقتل منه 3700 جندي وأسر منه 2500 أسير ، فأمر الباشا بقتلهم جميعا ، فقتلوا .

وفي السنة 1033 اختلف الأمير فخر الدين بن معن ، مع كيوان بن عبدالله ، سردار عسكر دمشق ، وأحد كبراء جنود الشام ، فضربه بخنجر فقتله ، وكان كيوان آية في الظلم والجور ، والإعتداء علي الناس ، وكان قد اتفق مع بعض القضاة والشهود ، واستولي علي كثير من الأوقاف والأملاك ، وكان يحتال للحصول علي المال بأنواع عجيبة من الحيل ، ثم اتفق مع الأمير فخر الدين بن معن ، وخرجا علي الدولة العثمانية ، وأصلح بين الأمير فخر الدين وبين الأمير علي بن جانبولاد ، فاتحدا ضد الدولة ، وما زال يتقلب بين الدولة وأعدائها حتي وقعت الفتنة بينه وبين الأمير فخر الدين بن معن ، فطعنه الأمير فخر الدين بخنجر ، فقتله ( خلاصة الأثر 3/ 299 - 302) .

وفي السنة 1033 قتل السلطان مراد الرابع العثماني وزيره الأول الصدر الأعظم كما نكش قره علي ( معجم أنساب الأسر الحاكمة 243) .

وفي السنة 1037 نسب القضاة والمدرسون في الأستانة ، إلي الصدر الأعظم مره حسين باشا ، أنه قال عن صاحب الرسالة ، النبي صلي الله عليه وسلم : إن من مات من ألف سنة ، كيف يعتبر كلامه وقد صار عظما رميمة ، فقدم حسين باشا ، لضرب عنقه ، وضج العساكر يطلبون التأني في

ص: 487

أمره ، فصاح المفتي المولي حسين بن محمد، المعروف بأخي زاده ، بالجلاد ، بصوت هائل : أضرب عنق هذا اللعين ، فضرب الجلاد عنقه في الحال ( خلاصة الأثر 110/2 ).

وفي السنة 1039 دخل الأمير قانصوه باشا ، مكة ، في طريقه إلي بلاد اليمن ، نائبا للسلطان فيها ، ومعه جيش عظيم ، فلما دخل مكة اختلف مع الشريف أحمد بن عبد المطلب ، فقبض عليه وقتله ، وأقام مكانه الشريف مسعود بن إدريس ، وأرسل يوسف الكتخدا إلي اليمن فقبض علي عابدين باشا ، وحبسه ، وقتله صبر بعد ثلاثة أيام ، ووصل قانصوه باشا إلي اليمن فقبض علي الفقيه أحمد بن محمد بن جعفر العجيل، وحبسه ، وصادره ثم صلبه ، ثم قتل الأمير سليمان في السنة 1060 ثم أمر باعتقال يوسف الكتخذا ، وضرب عنقه، فقام عليه العسكر، وحصروه في القلعة ، فاستغاث بالإمام الحسن الزيدي ، فخلصه ( خلاصة الأثر 297/3 - 299).

وفي السنة 1040 قتل الأمير قانصوه باشا، الأمير سليمان ، بإصرار من عساكره ، وكانوا قد شرطوا عليه قبض سبعة أنفار من القواد من جماعته ، فقتلوا اثنين منهم ، وحبسوا أربعة ، وفر السابع ونجا بنفسه ، واستمر خلافه مع عسكره ، حتي التجا الأمير قانصوه في السنة 1045 إلي الإمام الحسن الزيدي ، فحماه ، وزوده، وسيره إلي مكة ( خلاصة الأثر 297/3 -299).

وفي السنة 1040 ولي حلب مرتضي باشا نوغاي ، وفي السنة 1043 وافي حلب السردار محمد باشا ، فاستقبله مرتضي باشا ، وظهر للسردار أن مرتضي باشا قد تساهل في القبض علي بعض المفسدين، فأنهي أمره للدولة ، فجاء الأمر بقتل مرتضي نوغاي باشا، وكلف السردار بأن يتولي هذه المهمة بنفسه ، فقتله وبعث برأسه إلي الاستانة ( أعلام النبلاء 246/3 ۔ 247)

ص: 488

أقول : ورد هذا الخبر في خطط الشام كما يلي :

وفي السنة 1043 جاء الصدر الأعظم محمد باشا ، إلي حلب ، يحمل مرسوم سلطانية ، بقتل نوغاي باشا، بحجة أنه أهمل في تأديب الأشقياء فقطعت عنقه ، وأرسل رأسه بلحيته البيضاء إلي جانب السلطنة ( خطط الشام 261/2 ).

وفي السنة 1041 قتل السلطان مراد الرابع العثماني، وزيره الأول الصدر الأعظم خسرو باشا ( معجم الأسر الحاكمة 243) .

وفي السنة 1041 قتل السلطان مراد الرابع العثماني ، وزيره الأول ، الصدر الأعظم حافظ احمد باشا ( معجم انساب الأسر الحاكمة 243).

وقد سبق أن أوردنا هذا الخبر ، ولكن أتساق قتل السلطان لأثنين من وزرائه في نسق واحد في سنة واحدة ، أوجب ذكرها هنا .

وفي السنة 1042 بلغ الوزير الأعظم العثماني بيرام باشا ، إن الشاعر عمر المعروف بنفعي قد هجاه ، فحنق عليه وقتله ( خلاصة الأثر 229/3 ).

وفي السنة 1043 ثار الانكشارية بحلب علي رئيسهم كوسا محمد أغا ، وطلبوا عزله ، وأحدثوا فتنة ، فخرج كوسا محمد أغا متوجها إلي الاستانة ، وقابل السلطان ، وعدد له خدماته ، فأمر السلطان بقتله ، فقتل ( أعلام النبلاء 248-247/3)

وفي السنة 1043 قتل بأمر سلطاني الأمير فخر الدين بن قرقماس بن معن الدرزي ، وكان قد علا شأنه ، واستولي علي بلاد كثيرة منها صيدا وصفد ، وبيروت ، وما حولها ، ثم استولي علي طرابلس ، ثم قصده مصطفي باشا

ص: 489

بعساكر الشام ، فحاربهم وانتصر عليهم ، وأسر مصطفي باشا ، ثم اطلقه ، فوجه إليه السلطان أحمد باشا المعروف بالكوجك، فقتل ولده الأمير علي بن فخر الدين في المعركة ، ثم حصر فخر الدين في قلعة جزين ، فنزل إليه طائعا مستسلما ، فأخذه ودخل به إلي دمشق في موكب حافل ، وكان فخر الدين في الموكب خلف الباشا ، علي فرس ، مقيدة ، ثم أرسله الي جهة السلطان، فأمر السلطان بقتله ، فقتل ( خلاصة الأثر 386/1 ، 387 و 267/3 ، 268 ) كما خنق ولده مسعود ( سلك الدرر 59/2).

وقتل امام اليمن ، محمد بن أحمد بن الحسن (1047- 1130) ولده ، إرهابا لعسكره ، وقال : ما فرطت في ابني إلا ليعلم الناس أني لا أعرف إلا القتل ، ولا أتوقف فيه بحال ( خلاصة الأثر 311/4 ).

وفي السنة 1052 وقع بين علي بن حسين الأرنود ، أحد كبراء جند الشام ، وبين نائب السلطان الوزير أحمد باشا ، مغاضبة، فأمر احمد باشا بإحضاره ، فأحضر، فأمر بقتله، فقتل ، وألقي خارج باب السعادة ( خلاصة الأثر 6/3 و1).

وفي السنة 1055 فتح القائد البحري يوسف باشا ، جزيرة كريت ، فلما قدم القسطنطينية ، قتله السلطان إبراهيم لأمر نقمه عليه ( خلاصة الأثر 14/1)

وفي السنة 1057 قتل السلطان العثماني إبراهيم الأول ، وزيره الأول ، الصدر الأعظم صالح باشا ( معجم انساب الأسر الحاكمة 243).

وفي السنة 1008 قتل السلطان إبراهيم الأول العثماني، وزيره الأول ، الصدر الأعظم أحمد هزار پاره ( معجم الأسر الحاكمة 243) .

وفي السنة 1058 قام العسكر باصطنبول علي السلطان إبراهيم ، واجتمعوا في جامع السلطان أحمد ، وحضر العلماء والصدور، فعزم القاضي

ص: 490

مصطفي ، قاضي القسطنطينية ، علي الحضور معهم ، فنصحه أصحابه أن لا يحضر ، فأبي وأصر علي الحضور ، فلما وافي الجامع ، تعرض له العسكر ، وقتلوه بباب الجامع ( خلاصة الأثر 394/4 ).

وفي السنة 1058 اتفق أرباب الدولة العثمانية ، وخلعوا السلطان ابراهيم من السلطنة ، وخلفه ولده محمد، وفي ثالث يوم من خلعه ، قتلوه ، وقد اتفق له ما لم يتفق لغيره من السلاطين ، فإنه رأي سلطنة أبيه وعمه وأخويه وولده ( خلاصة الأثر 15/1).

وفي السنة 1058 قتل المولي حسين الشهير بالجنجي ، قاضي العسكر في دولة السلطان إبراهيم ، وكان سبب اتصاله بالسلطان إبراهيم العثماني ، إن السلطان لم يكن يولد له ، فتلا عليه المولي حسين بعض العزائم والأدعية ، فحملت إحدي جواريه وولد له ولد، فانهالت الدنيا علي المولي حسين ، وحصل علي أموال عظيمة ، وصار له جاه كبير ، فلما خلع السلطان إبراهيم ، حبس المولي حسين، وصودر ، وحمل الي قصبة ميخاليج حيث قتل هناك ( خلاصة الأثر 123/2 ).

وفي السنة 1065 هاج العسكر علي الوزير الأعظم مصطفي باشا ، الشهير بأبشير وكان قد ولي الوزارة العظمي في السنة 1064 فلم تطل مدته في الوزارة ، إذ هاج عليه العسكر ، وقتلوه ( خلاصة الأثر396/4 ).

وفي السنة 1065 قتل بدمشق عبد السلام بن عبد النبي المرعشي ، أحد أعيان الجند ، مع آخرين ، بموجب أمر سلطاني ، لأنهم تحركوا في وجه الوالي الذي نصبه السلطان ، وحالوا دون مباشرته بعمله ، ومنعوه من دخول دمشق ، فعاد الوالي إلي أدنه ، وكتب إلي السلطنة ، فصدر الأمر بنصب وال جديد ، وبقتل هؤلاء الذين تحركوا ، فقتلوا ( خلاصة الأثر 418/2 ).

وفي السنة 1070 صدر أمر سلطاني بعزل غازي باشا بن شاہ سوار

ص: 491

الجركسي ، عن محافظة مصر ، وحبسه، فحبس أيام ، ثم صدر الأمر بقتله ، فقتل ( خلاصة الأثر 245/3).

وفي السنة 1071 قتل الرئيس مصطفي رمضان الدفتري بمدينة أدرنة ، اتهم بالتصرف في أموال الخزينة بدمشق ، فأمر السلطان بقتله ، فقتل ، قال المحبي : من العجائب أن الرئيس مصطفي ولد بدمشق ومات بأدرنة، أما والده رمضان فقد ولد بأدرنة ومات بدمشق ( خلاصة الأثر 372/4 ).

وفي السنة 1071 اتصل بمسامع الصدر الأعظم ، أن أبا النور محمد باشا ، والي حلب، صار « يضرب السكة المغشوشة » لنفسه ، فعرض ذلك علي الحضرة السلطانية، فأمر السلطان بعزله ، وأحضر إلي الأستانة ، ولما وصل ، أمر بقتله ، فقتل ( أعلام النبلاء 272/3 ).

وفي السنة 1072 قتل حسين باشا المعروف بدالي حسين ، أحد الوزراء الكبار في الدولة العثمانية ، وكان شديد الصلة بالسلطان مراد فاتح بغداد ، وقد صحبه في سفر بغداد ، وبعد وفاة السلطان مراد ، ولي حكومة بغداد ، ثم ولي وزارة البحر ، وفي عهد السلطان إبراهيم عين واليا لجزيرة كريت ، فأقام فيها سبع عشرة سنة ، وفتح أكثر بلادها وقراها، ثم أرسل اليه السلطان ختم الوزارة العظمي ، أي أنه طلب حضوره ليكون صدرأ أعظم ، وقبل أن يصل إلي إسطنبول فوضت الوزارة إلي غيره ، فلما دخل حسين باشا إلي أدرنة في موكب حافل ، اجتمع بالسلطان محمد بن إبراهيم ، فأرسله إلي اصطنبول وحبس في المكان المعروف بيتي قله ، واستفتي مفتي الدولة في قتله ، فامتنع، فعزل المفتي ، وولي مكانه آخر أفتي بقتله ، فقتل ( خلاصة الأثر 123/2 و 124).

وفي السنة 1072 توقي محمد باشا الكوبري ، الوزير الأعظم للسلطان محمد بن السلطان إبراهيم ، وكانت أمور الدولة قد اختلت، وكان الوزير بولي

ص: 492

أياما ، ثم يعزل أو يقتل ، وبلغ من تفلت الأمور أن جماعة من الخدم العبيد في قصر السلطان، هجموا علي جدته صاحبة الخيرات ، فقتلوها ليلا، فأشار علي أغا الطويل ، من أغوات الحرم ، باستيزار محمد باشا الكوبري ، فنصبه السلطان وزير اعظم ، فكان أول ما صنعه أن نفي علي أغا الطويل إلي قبرس ، ولما سئل عن سبب ذلك ، قال : إن الذي يملك التعيين يملك العزل ، ثم قتل كثيرا من رجال الدولية ، حتي أن أحد الباشاوات ، واسمه خسرو باشا ، كان بينه وبين الكوبري محبة زائدة ومواثيق ، فأحضره، وقال له : إني أريد أن أقتلك ، فقال له : لم يحصل مني ما يستوجب القتل، وأنا علي عهدك وميثاقك ، فقال له : إن في قتلك إرهابا للقوم ، إذ يقولون إن الوزير قتل أقرب الناس إليه ، فهو لا يتوقف في أمر القتل ، فألقي بذلك الرعب في قلوبهم، فتوسل خسرو باشا إليه أن يبقي عليه ، فأبي ، وقتله ( خلاصة الأثر 311/4 ).

وفي السنة 1073 قتل في محبسه ، بأمر من السلطان العثماني، حسين باشا بن حسن حاكم غزة ، وكان أميا ، خلف أباه في حكم غزة ، وقدمت بشأنه شكوي إلي السلطان بعدم اهتمامه بحراسة الحجاج وهم في طريقهم إلي الحج ، فاعتقل بأمر السلطان ، وسجن بقلعة دمشق ، ثم حمل إلي اصطنبول ، فقتل في سجنه ( خلاصة الأثر 88/2 و 89).

وفي السنة 1073 قتل الأميران منصور بن الشهاب التيماني ، أمير وادي التيم ، وابن عمه الأمير علي ، وكان قد اشتركا في حركة ضد الدولة العثمانية ، ثم انفق عسكرهما ، فلجأ الأمير منصور إلي القسطنطينية ليسترضي السلطان ، فلما وافي القسطنطينية عوجل بالقتل ، أما ابن عمه الأمير علي ، فإنه أستتر ، ثم ظفروا به فقتلوه في السنة عينها ( خلاصة الأثير 430/4 ).

وفي السنة 1086 ورد أحمد باشا واليا علي مصر، وأراد فرض ضرائب علي العقار ، فاجتمع العسكر ، وهاجوا ، وصادف أن كان كاتب مقاطعة

ص: 493

الغلال عبد الفتاح افندي الشعراوي ، نازلا من الديوان، وكان قد قدم صحبته أحمد باشا إلي مصر ، فاتهموه بأنه هو الذي أغري الباشا علي فرض تلك الضرائب ، وهجموا عليه ، وقطعوه قطعأ ( الجبرتي 149/1 ، 150).

وفي السنة 1088 قتل الأتراك بمكة ، جماعة من العجم اتهموهم بتلويث البيت الشريف ، إذ اطلع علي هذا التلويث بعض سدنة البيت الحرام ، فاجتمع خاصة أهل مكة ، والشريف ، والقاضي ، وقرروا إن هذا المتجري لابد أنه من الرافضة ( الشيعة ) وجزموا به ، وقرروا أن يقتلوا كل من اشتهر بالرفض ووسم به ، وصادفوا بالحرم خمسة انفار من القوم ( الشيعة ) ومنهم السيد محمد مؤمن ، وكان رجلا مسنا ، متعبدا ، متزهدا الا أنه معروف بالتشيع، فقتلوه ، وقتلوا الأربعة الآخرين ( خلاصة الأثر 432/3 و 433).

وفي السنة 1091 باغت الأمير عمر الحرفوش ، مع آل حمادة ، جماعة الأمير فارس شهاب ، في نيحا ، قرب الفرزل، فقتله، وقتل معه خمسين رجلا من شيوخ وادي التيم ( خطط الشام 276/2 ).

وفي السنة 1094 خرج الوزير الأعظم مصطفي باشا المرزيفوني ، المحاربة ملك المجر ، فانكسر جيشه ، وعاد إلي مدينة بلغراد ، فورد امر السلطان بقتله في السنة 1095 فقتل ( 397/4 - 403).

أقول : ذكر صاحب معجم أنساب الحاكمة (ص 244) إ اسم الوزير المقتول قره مصطفي باشا مرزونلي ، وأن إعدامه تم في السنة 1090 بأمر من السلطان محمد الرابع العثماني ، وأنه أعدم في بلغراد .

وفي السنة 1099 قتل السلطان محمد الرابع العثماني ، وزيره الصدر الأعظم أبازه باشا سياوش ( معجم انساب الأسر الحاكمة 244).

وفي السنة 1101 اعدم بأمر من السلطان سليمان الثاني العثماني ،

ص: 494

الصدر الأعظم وزيره الأول نشانجي اسماعيل باشا ( معجم انساب الأسر الحاكمة 244).

وفي السنة 1106 ورد أمر سلطاني من اصطنبول ، بقتل حسن بن علي الرومي الدفتري ، « أحد خواجكان الدولة ، وكان قد عاد من مهمة أرسله بها السلطان إلي بلاد النمسا ، فوصل الأمر بقتله ، وهو في داره بحماة ، وكان مريضا قد عبر الثمانين ، فقتل ( سلك الدرر 32/2 ).

أقول : جاء في خطط الشام 285/2 في أخبار السنة 1106 خبر مقتل هذا الرجل بتفصيل أكثر ، قال : في السنة 1106 قام الحمويون علي متسلم حماة سعد بن مزيد ، لظلمه وجوره ، وأخرجوه من البلد ، فشكاهم إلي الدولة في اصطنبول ، واتهم أحد وجهاء حماة ، واسمه حسن الدفتري المشهور بابن قنيف ، بأنه هو الذي أثار الفتنة ، فجاء أمر السلطان بقتله ، فقتل ( خطط الشام 285/2).

وفي السنة 1108 قامت العساكر علي باسف ( يوسف ) اليهودي ، وقتلوه ، وجوه من رجله ، وطرحوه في الرميلة ، وجمعوا حطب وأحرقوه ، وسبب ذلك إن يوسف اليهودي رحل إلي اصطنبول ، وحضر ومعه فرمان بزيادات في الضرائب ، واستقبله اليهود في بولاق ، ولما أعلن ما جاء به ، اغتم الناس ، وراجعوا الباشا ، فلم يجبهم بما يرضيهم ، فهاجوا، وأخذوا اليهودي ، وقتلوه، وأحرقوه ( تاريخ الجبرتي 49/1 ).

وفي السنة 1110 ظهر بمصر رجل من أهل الفيوم ، يدعي العليمي ، واجتمع عليه كثير من العوام ، وادعوا فيه الولاية ، وأقبل الناس عليه من كل جهة ، فقامت عليه العساكر ، وقتلوه بالقلعة ، ودفن بمشهد السيدة نفيسة ( تاريخ الجبرتي 50/1 ).

وفي السنة 1111 ظهر باليمن ابراهيم بن علي بن حسن الشرفي

ص: 495

المحطوري ، وحرم الدخان ، وادعي الخلافة ، فتبعه كثير من الناس، واستمرت فتنته ثلاثة أشهر ، قتل فيها عشرون ألفا، ثم ظفر به صاحب صعدة ، فذبحه ، وصلبه ( الأعلام 48/1 ).

وفي السنة 1114 قتل بأمر سلطاني الصدر الأعظم علي باشا المعروف بالعربجي، وثم قتله في قبرس ، وكان وزير شديد البأس، حاد المزاج ( سلك الدرر 3/4).

وفي السنة 1122 عزل الداماد علي باشا الجور ليلي ، الصدر الأعظم ، وزوج بنت السلطان مصطفي خان ، ونفي إلي جزيرة مدللي ، وقتل هناك ( اعلام النبلاء 308/3 ).

وفي السنة 1123 وقعت بمصر فتن بين الجند المماليك والينكجرية ، فقتل إيواظ بك زعيم القاسمية ، وكان شجاعأ، أطلق خصومه عليه الرصاص ، فأصابته رصاصة في صدره ، فقتل ( تاريخ الجبرتي 75/1 ) ثم تغلب المماليك وعزلوا الباشا نائب السلطان بمصر ، وأنزلوه من القلعة ، وقام المماليك بالإقتصاص ممن قتل إيواظ بك فقتلوا حسني أغا مستحفظان ، رأوه خارج من بيته من باب المطبخ فقطعوه ، وقطعوا اسماعيل افندي بالمحجر ، وكذلك عمر أغات الجراكسة قتل بحضرة اسماعيل بن إيواظ ، ونزل إفرنج أحمد وكجك أحمد أوده باشا إلي المحجر متنكرين ، فعرفهما الجالسون بالمحجر فقبضوا عليها ، وذهبوا بهما إلي باب العزب ، وقطعوا رأسيهما ، وقبض علي احمد كتخدا وطلعوا به إلي الباب حيث خنق ، وحمل إلي منزله في تابوت ( تاريخ الجبرتي 80/1 و 81).

وفي السنة 1126 قتل الأمير قيطاس بك ، من أمراء المماليك بمصر ، قتله عابدي باشا ، والي مصر ، إذ دبر عليه بأن طلب منه الحضور إليه ليرافقه الي موضع اسمه سبيل علام ، فنصحه بعض الأمراء أن لا يحضر في

ص: 496

الموعد ، فلم يأبه للنصيحة ، وحضر لمقابلة الباشا ، فلما صعد إليه ، هجم عليه أتباع الباشا وقتلوه بالخناجر ، وقطعوا رأسه ورموه إلي أتباعه من الشباك ، بعد أن سلخ وجهه ( تاريخ الجبرتي 157/1 ). فهاج أتباع قيطاس بك في السنة 1127 وقتلوا الكتخدا شريف حسين وإبراهيم باش أوده باشا، ثم تحرك أخو الشريف حسين وهو محمد كتخدا كدك ، وقتل حسن كتخدا النجدلي ، وناصف كتخدا القاز دغلي، وهرب كور عبدالله ، ثم قبض عليه بعد ستة أيام ، وأحضر راكب حصانأ وفي عنقه جنزير ، وعلي رأسه ملاءة ، فأمر به الباشا ، فقتل ( الجبرتي 158/1 ).

وفي السنة 1130 عين السلطان العثماني ، رجب باشا، واليأ علي مصر ، وأوعز اليه بأن يقتل علي باشا والي مصر المعزول ، فلما وصل رجب باشا إلي مصر ، واستقر بالقلعة ، أمر بعمل حساب علي باشا ، ثم أحضره ، وقطع رأسه ، وسلخها، وأرسلها إلي الباب العالي ، ودفنت جثته بالقرافة ، وعرف قبره ، بقبر علي باشا المظلوم ( الجبرتي 96/1 ).

وفي السنة 1130 توقي المهدي الزيدي ، محمد بن أحمد ، من أئمة الزيدية ، وكان جبارة بطاشا ، قتل أبنأ له في جرم يسير إرهابأ للناس ، وقتل عالم من الناس سفك دماءهم بمجرد الظنون والشكوك ، خلع من الحكم سنة 1129 ( الإعلام 239/6 ).

وثار السيك ، في البنجاب ، بالهند، علي السلطان فروخ سير (1124- 1131) فجرد عليهم جيشأ أوقع فيهم مذبحة عظيمة ، قتل فيها الآلاف، حتي إنه بعث إلي دلهي ألفي رأس ، وألف أسير ، من بينهم « بندا » زعيم السيك ، وابنه الصبي البالغ من العمر ثماني سنوات ، فأدخل الأسري مشهرين علي الجمال وأمر السلطان بقتل الأسري ، ومن افظع ما حصل أن بندا زعيم السيك ، أمر بأن يقتل ولده بيده ، وظهر من السيك تضامن وارتباط يثيران الإعجاب ، حتي أن السلطان أصدر أمرا بالعفو عن أحد هؤلاء

ص: 497

الأسري ، ولما أريد اطلاقه ، أبي ، وأصر إلا أن يشارك رفاقه مصيرهم ( الإسلام والدول الإسلامية في الهند 186 و 187).

وفي السنة 1136 قتل الأمير أحمد بك المسلماني . قتله والي مصر محمد باشا بأن أرسله إلي ولاية جرجا « ليشهل غلال الميري » ثم أرسل إلي سليمان كاشف فرمانأ بقتل الأمير احمد ، فذهب سليمان كاشف إلي الأمير احمد ، بحجة السلام عليه ، ثم غمز عليه بعض أتباعه ، فضربوه، وقتلوه ، وقطعوا رأسه ( الجبرتي 177/1 ).

وفي السنة 1136 قتل إسماعيل بك إيواظ واسماعيل بك جرجا، في قاعة كتخدا الوالي ، بالقلعة بمصر ، بناء علي اتفاق مع الوالي محمد باشا ، إذ تقدم منه الأمير ذو الفقار وقدم له عريضة، فأخذ في قراءتها فهجم عليه ذو الفقار ، وقتله بخنجر ، وكان آخرون من الأمراء متآمرين مع ذي الفقار ، فلما رأوه طعن اسماعيل بك إيواظ سلوا سيوفهم وقتلوا اسماعيل بك جرجا، وقطعوا رأس الأميرين ، وسلخوهما ( الجبرتي 183/1 ).

أقول : قتل اسماعيل بك إيواظ وهو ابن ثمان وعشرين سنة .

وفي السنة 1139 لما قتل إسماعيل بك إيواظ بالقاهرة ، باتفاق مع الوالي محمد باشا ، قرر أن يقتل من بعده كلا من عبدالله بك زوج أخت اسماعيل إيواظ والأمير محمد بك إيواظ والأمير إبراهيم بك تابع الجزار ، فاحتال عليهم حتي حضروا عند الكتخدا ، ثم دخل الجوخدارية علي عبدالله بك ، فأخذوا ثيابه ، وما في جيوبه ، وأنزلوه وسلموه إلي الوالي ، فأركبه علي ظهر كديش ، ونزلوا بمحمد بك إيواظ ومعه الأمير إبراهيم بك الجار علي حمارين ، وأخذ الثلاثة إلي مركب في النيل وقام المشاعلية بقتلهم وسلخوا رؤوسهم ، ورموا جثتهم في البحر ( الجبرتي 185/1 -187)

ص: 498

وفي السنة 1138 اتفق بمصر ثلاثة من أمراء المماليك وهم مصطفي بك إيواظ وعلي بك أبو العذب ، وأبو دفية ، علي قتل الباشا نائب السلطان بمصر ، والدفتردار علي بك الهندي ومحمد بك ذي الفقار ، وبلغ الباشا الخبر ، فلما طلع علي بك أبو العذب قبض عليه الباشا وقتله ، ثم أمر بالقبض علي الآخرين ، فقبض علي مصطفي بك إيواظ وأركب حمارة ، وصحبته مقدمه ، وأحضروهما أمام الباشا ، فأمر بقتله ، وقتل مقدمه ، فقتلا معا ( الجبرتي 110/1 و 111 ) .

وفي السنة 1140 كان الأمير محمد بك بن يوسف بك الجزار ، في كشوفية المنوفية فعينوا له بأمر الباشا ، تجريدة لقتله ، وبلغه ذلك ، فارتحل في مركب إلي رشيد، مع مملوكين من مماليكه ، فنمي خبره إلي حسين جربجي ، فقبض عليه وعلي أحد المملوكين ، وكتب إلي القاهرة ، فأرسل الباشا إليه فرمانا بقتل الأمير محمد بك ، وقتل مملوكه معه ، ومع الفرمان اغا من قبل الباشا ، فقتلوا محمد بك ومملوكه ، وسلخوا رأسيهما، ورجع بهما الأغا المعين من قبل الباشا إلي القاهرة ( الجبرتي 200/1 ).

وفي السنة 1140 قتل الأمير علي بك الهندي ، والأمير ذو الفقار قانصوه ، إذ احتيل علي الأمير علي بك حتي أحضروه إلي دار ذي الفقار بك ، ثم أخذوا حصانه والكرك الذي كان عليه ، وأركبوه كديشا عريانا ، ثم أخذوا معه ذا الفقار قانصوه وسحبوهما عريانين إلي سبيل المؤمن ، وقطعوا رأسيهما، ووضعوا جثتيهما في تابوتين ، وأرسلوا التابوتين إلي بيتيهما ( الجبرتي 199/1 ).

وفي السنة 1161 قتل الشاه حسين الأول ، قتله السلطان الأفغاني أشرف ، وكان الشاه حسين قد عزله السلطان محمود الأفغاني في السنة 1135 ( معجم انساب الأسر الحاكمة 388) .

ص: 499

وفي السنة 1142 قتل عبدالغفار اغا بن تنسن افندي ، وكان قتله خطأ ، إذ أنه ورد إلي الباشا والي مصر ، رسالة من اصطنبول تتضمن الوصية بعبد الغفار اغا ، فأمر كتخدا الشاويشيه بأن يحضره من أجل تلطيفه ، فأمر كتخدا الوالي باحضاره امام الباشا، وحسب الوالي أن المطلوب قتله ، فأحضره ، وواجه الباشا ، ولما أراد العودة إلي داره ، أوصلوه إلي باب بيته ثم أمسكوا به وقتلوه ، فصرخت والدته ، وزوجته ، وجواريه ، وتظلموا إلي الباشا ، وقالت والدته : إذا كان الباشا أراد قتله كان يفعل ذلك بعيدا عنا ، فتعجب الباشا ، وسأل عن القصة ، فأخبروه بما حصل ، فاغتاظ ، وعزل الوالي ( الجبرتي 215/1 و 216).

وفي السنة 1143 قتل الصدر الأعظم الداماد ابراهيم باشا، الوزير الأول للسلطان أحمد الثالث العثماني ( معجم انساب الأسر الحاكمة 245 ) .

وفي السنة 1147 غلت الأسعار في حلب ، وقلت الأقوات ، فتحرك العامة لنهب الخبز من الخبازين ، فصادفوا في طريقهم خليل المداري دائرة علي الأفران ، يقبض ثمن الطحين ، فهاجموه ، ففر منهم نحو البرية ، فأدركوه ، وقتلوه ( اعلام النبلاء 6 / 488) .

وفي السنة 1147 ظهر بالجامع الأزهر ، رجل تكروري ، وأدعي النبوة ، فأحضروه بين يدي الشيخ أحمد العماري ، فسأله عن حاله ، فأخبره إنه كان في شربين ، فنزل عليه جبريل ، وعرج به إلي السماء ليلة سبع وعشرين رجب ، وإنه صلي بالملائكة ركعتين ، وأذن له جبريل ، ولما فرغ من الصلاة أعطاه جبريل ورقة ، وقال له : أنت نبي مرسل ، فأنزل وبلغ الرسالة ، وأظهر المعجزات ، فلما سمع الشيخ كلامه ، قال له : أنت مجنون ، فقال : لست بمجنون ، وإنما أنا نبي مرسل ، فأمر بضربه ، فضربوه وأخرجوه من الجامع ، ثم سمع به عثمان كتخدا ، فأحضره ، وسأله ، فقال له مثل ما قاله للشيخ العماوي ، فأرسله إلي المارستان ، واجتمع عليه الناس

ص: 500

والعامة ، رجالا ونساء ، ثم إنهم أخفوه عن أعين الناس ، ثم طلبه الباشا، فأجابه بمثل كلامه الأول ، فأمر بحبسه في « العرقانة » ثلاثة أيام ، ثم إنه جمع العلماء ، وسألوه فلم يتحول عن كلامه ، وأمروه بالتوبة فامتنع ، وأصر علي أقواله ، فأمر الباشا بقتله ، فقتلوه بحوش الديوان ، وهو يقول : فأصبر كما صبر أولوا العزم من الرسل ( الجبرتي 1/ 219).

وفي السنة 1149 قتل الأمراء عثمان كاشف ، ورضوان بك أمير الحاج سابقا ، ومملوكه سليمان بك ، إذ أن المؤامرة التي اشتركوا فيها وقتلوا فيها الأمير محمد قطامش وأصحابه ، خابت ، وانعكس الحال عليهم ، فاختفوا بخان النحاس في خان الخليلي ، وصحبتهم صالح كاشف ، ثم دبروا رأيا في ظهورهم ، وذهب عثمان كاشف إلي إبراهيم جاويش قازدغلي ، بعد المغرب ، واستجار به ، وأخبره بأن رفاقه في خان النحاس ، فأخره عنده ، وأرسل إلي محمد جاويش الطويل يخبره بأن عثمان كاشف عنده ، فأرسل إليه جماعة وقفوا له في الطريق ، ولما خرج قتلوه ، ثم إن ابراهيم جاويش ، أخبر أغات مستحفظات بمكان اختباء الجماعة الآخرين ، فكبسهم وقبض علي رضوان بك وصحبته ثلاثة ، أخذهم إلي الباشا ، فقطع رؤوسهم ، أما صالح كاشف ، فلما سمع بقتل أصحابه ، فر متسترا ، حتي وصل إلي اصطنبول ، وواجه دار السعادة ( أحسبه أحد خدم السلطان الأغوات ) وكان هذا من أتباع والد محمد بك الدفتردار ، فعرفه عن نفسه ، فقال له : أنت السبب في خراب بيت ابن سيدي ، واستأذن في قتله ، فقتلوه بين الأبواب ، في المحل الذي قتل فيه الصيفي ، سراح جركس ، فكان تحرك هؤلاء الجماعة ، وطلبهم الظهور ، كالباحث عن حتفه بظلفه ( الجبرتي 287/1 ، 258).

وفي السنة 1149 قتل الأمير محمد بك بن اسماعيل بك الدفتردار ، وهو الذي حصلت مذبحة الأمراء في داره ، بمعرفة منه ، فإنه لما حصل المذبحة ، « وانقلب التخت عليهم ، اختفي في مكان لم يعرف به أحد.

ص: 501

فمرضت أمه مرض الموت ، ولهجت بذكر ولدها ، تريد أن تراه ، فأحضروه إليها، مرتدية ملابس النساء ، فنظرت إليه وتأوهت ، وماتت ، وعاد إلي موضعه ، فدلت عليه امرأة بلانة ، ذهبت إلي أغات البنكجرية ، وأخبرته بموضعه فكبسوه ، وأخذوه ، وأركبوه حمارة ، وطلعوا به إلي القلعة ، « ورموا عنقه ، ( الجبرتي 257/1 ).

وفي السنة 1152 كبس وزير صيدا ( الوالي ) ، بلاد الشقيف ، وقتل الشيخ أحمد فارس وأولاده ( خطط الشام 2/ 293 ) .

وفي السنة 1153 قتل الأمير علي كتخدا الجلفي ، بمؤامرة دبرها والي مصر سليمان باشا الشامي ، المعروف بابن العظم ، إذ أتفق مع الأمير عمر بك بن علي بك قطامش علي قتل الأمراء أصحاب الرياسة بمصر ومن جملتهم الكتخدا الأمير علي الجلفي ، فدبر الأمير عمر بك ، لكل واحد من الأمراء من يقوم بقتله ، وكان المعين لقتل الأمير علي الجلفي ، شخص من اتباع يوسف كتخدا اسمه «لاظ ابراهيم ، وفي الوقت المعين ترصد لاظ ابراهيم للأمير علي ، فلما وصل إلي الموضع ، خرج لاظ ابراهيم ، وتقدم إلي المترجم كأنه يريد أن يقبل يده ، فلما قبض علي يده ، ضربه بالطنبجة في صدره ، فسقط إلي الأرض ، وسحبوه إلي الخرابة ، وفيه الروح ، فقطعوا رأسه ، ووضعوها تحت مصطبة الباب ( الجبرتي 254/1 ) وكان الذي قام بتدبير المؤامرة أحمد كتخدا البركاوي ، فغضب الأمراء لمقتل علي بك الجلفي ، وطاف أحمد كتخدا البركاوي علي الأمراء طول الليل ، فلم يقبله لم يجره ) أحد منهم ، فضاقت الدنيا في وجهه ، وتوفي في تلك الليلة الأمير محمد كتخدا الطويل ، فاجتمع الأمراء في بيته لحضور مشهده ، فدخل عليهم أحمد كتخدا البركاوي ، وقال لهم : انا في عرض هذا الميت ، فأمروه بالانتظار في إحدي الحجر حتي يعودون من الجنازة ، وجلس لاظ ابراهيم ( قاتل الأمير علي الجلفي ) بالحوش مع اثنين من السراجين ، وعندئذ قتل

ص: 502

السراجون لاظ ابراهيم وأحمد كتخدا كذلك أما لاظ ابراهيم فقطعوه قطعة ، وأما أحمد كتخدا ، فقطعوا رأسه ، وأخذوها إلي رضوان كتخدا ، فأعطاهم البقاشيش ، وقطع رجل ذراعه ، وذهب بها إلي الست الجلفية ، زوجة علي كتخدا الجلفي ، وأخذ منها بقشيشة أيضا ، واستمر أحمد كتخدا مرمية علي الأرض بلا رأس ولا ذراع ، حتي دفنوه بعد الغروب ، ثم دفنوا معه الرأس والذراع ( الجبرتي 255/1 و 256 ) .

وفي السنة 1160 اتفق والي مصر محمد راغب باشا، مع الأمير حسين بك الخشاب علي قتل الأمراء خليل بك ، وعلي بك الدمياطي ، وعمر بك بلاط ، ومحمد بك ، علي أن يتم ذلك في يوم الإجتماع في الديوان ، فلما كان يوم الديوان ، أحدث عثمان أغا أغات المتفرقة ، وكان من جملة المتأمرين شغبأ ، فسحب عثمان أغا أبو يوسف النمشة ، وضرب خليل بك ، فأسرع الباقون وضربوا عمر بك بلاط ، فقتلا ، ودخلوا برأسيهما إلي الباشا ، فقام علي بك الدمياطي ومحمد بك ، ونزلا ماشيين ، ودخلا إلي نوبة الجاويشية ، فأرسل الباشا إلي الإختيارية ، يقول : إنهما مطلوبان للدولة ( أي أنه أمر بقتلهما)، وأخذهما ، وقطع رأسيهما أيضا ( الجبرتي 229/1 و 230 ).

وفي السنة 1160 قتل نادر شاه طهماسب قلي خان ، شاه إيران ( معجم انساب الأسر الحاكمة 389) .

وفي السنة 1167 قتل علي مراد خان ، الذي تولي الحكم في إيران ، قتله محمد خان الزند ( معجم انساب الأسر الحاكمة 389) .

وفي السنة 1169 أعدم السلطان عثمان الثالث العثماني ، وزيره الأول الصدر الأعظم نشانجي بيقلي علي باشا ( معجم انساب الأسر الحاكمة 247)

ص: 503

وفي السنة 1171 قتل الأمير سليم الباباني ، المستولي علي شهرزور وبشدر ، قتله سليمان باشا والي بغداد ( معجم انساب الأسر الحاكمة 398)

وفي السنة 1171 وصل الأمر العالي السلطاني ، علي يد محمد اغا الأورفه لي ، رئيس البوابين بالباب العالي ، بالقبض علي أسعد باشا العظم ، والي حلب ، ونفيه إلي جزيرة كريت ، ثم قتل بمدينة أنقرة بداخل حمام ( اعلام النبلاء 335/3 ).

وفي السنة 1171 استعدي أهالي دمشق ، إلي السلطنة العثمانية ، من الدفتردار فتحي افندي ، حيث إنه ظلم الناس في دمشق ، وبالغ في أذاهم ، فأمر السلطان بإحضاره إلي اصطنبول ، ومحاكمته ، فأحضر ، وحوكم ، وثبتت عليه التهم ، فأمر السلطان بإعدامه ، فبذل فتحي افندي أموالا ، فأدخلوا علي السلطان شخصا آخر بدلا منه ، وأوهموه بأنه فتحي افندي ، وقتل أمام السلطان ، أما فتحي افندي ، فعاد إلي دمشق يزاول أفاعيله المنكرة ، حتي إذا تكررت الشكوي منه ، ورد أمر سلطاني بقطع رأسه ، فقطعت ، وجرت جثته في شوارع المدينة ، وترك من بعد ذلك ، فأكلته الكلاب ( خطط الشام 2/ 298 ).

وفي السنة 1171 تأمر قسم من الأمراء بالقاهرة ، علي قتل الأمير حسين بك الصابونجي ، واتفقوا مع أصحابه علي قتله ، وحضروا عنده يوم الجمعة علي جاري عادتهم ، وزاروا معه ضريح الإمام الشافعي ، ثم رجع صحبتهم إلي مصر القديمة ، وباتوا صحبته في أنس وضحك ، وفي الصباح حضر لهم الفطور فأكلوه ، وطلبوا منه إنعامة ، فكتب إلي كل واحد منهم وصولا بألف ريال وألف أردب قمح وغلال ، ووضعوا الأوراق في جيوبهم ، ثم سحبوا عليه السلاح وقتلوه ، وقطعوه قطعأ ، فقام مماليكه بوضع أعضائه في خرج ،

ص: 504

وأخذوه علي هجين فدخلوا به المدينة حيث غسلوه وكفنوه ودفنوه ( الجبرتي 294/1)

وفي السنة 1174 تقلد الأمير حسين بك كشكش إمارة الحج ، ووقف له العرب في مضيق ، وطلبوا عوائدهم ، وحضر إليه كبراؤهم ، فأمر بقتلهم ، فنزلوا عليهم بالسيوف ، وفيهم نيف وعشرون كبير من مشايخ العربان خلاف هزاع المذكور ، وعاد بالحاج إلي مصر ولم يمكن العرب من مديد الأذي إليه أو إلي أحد من الحاج ( الجبرتي 309/1 ).

وفي السنة 1177 قتل صلابت جنك بن نظام الملك ، نظام حيدر آباد ، وكان قد استولي علي الحكم في السنة 1164 تحت وصاية الفرنسيين ، فعزل في السنة 1175 وقتله نظام علي في السنة 1177 ( معجم انساب الأسر الحاكمة 446 ).

وفي السنة 1177 قتل الأمير سليمان الباباني ، وهو ابن الأمير سليم المقتول سنة 1171 وكان قد استرد سلطانه في السنة 1171 واستولي علي أردلان في السنة 1176 ( معجم أنساب الأسر الحاكمة 398 ).

وفي السنة 1178 (1764م) قامت ثورة في بغداد علي الوالي علي باشا ، فهرب من السراي متنكر في زي امرأة ، والتجأ إلي إحدي الدرر القريبة منه ، ولكن الثوار علموا بمقره فأخرجوه ، وحملوه إلي القلعة ، وقتلوه

حكم المماليك في العراق لعلاء موسي كاظم نورس ص 35 ).

وفي السنة 1178 عزل الصدر الأعظم مصطفي باشا ، ونفي إلي جزيرة مدللي ، وهناك أعدم ، وقطعت رأسه ، وأحضرت للأستانة ( اعلام النبلاء 339/3)

وفي السنة 1179 كان علي بك بلوط قبان ، صاحب السلطة بمصر ، فأرسل إلي حسين بك كشكش فرمانا بنفيه إلي جهة عينها له ، فلم يطع ،

ص: 505

وجاء إلي القاهرة ، ونزل في داره ، فأراد علي بك أن يسمه ، وأوعز للطبيب عبدالله الحكيم أن يدس له السم ، وكان حسين بك قد طلب منه معجون اللباءة ، فوضع له فيه سمأ ، فارتاب به حسين بك ، وطلب من الطبيب أن يأكل منه فأبي ، فأمر بقتله ( الجبرتي 315/1 ).

وفي السنة 1182 تأمر علي بك واتباعه بالقاهرة علي قتل الأمير صالح بك القاسمي ، وفي اليوم المتفق عليه ، اجتمع الأمراء بمنزل علي بك علي العادة وفيهم صالح بك ، فلما انقضي المجلس وركب صالح بك ، ركب معه محمد بك وأيوب بك ورضوان بك وأحمد بك بشناق المعروف بالجزار ، وأحدقوا بصالح بك ، فلما وصلوا إلي مضيق الطريق تأخر محمد بك ومن معه عن صالح بك ، وتظاهر بأنه قد غضب علي سائسه ، وسل سيفه وضرب صالح بك ، وسحب الأخرون سيوفهم ، وضربوا بها صالح بك ، حتي قتلوه ، إلا أحمد بك بشناق ، فإنه لم يسل سيفه ، وصعد الأمراء القتلة إلي القلعة ، وأخذوا في عتاب أحمد بك بشناق إذ اتهموه بأنه لم يشترك معهم في قتل صالح بك ، فأنكر أحمد بك التهمة ، وقال : إني اشتركت معكم ، فكذبوه ، وقالوا له : أرنا سيفك ، فامتنع ، وقال : إن سيفي لا يخرج من غمده بقصد الفرجة ، ثم أوجس أحمد بك خيفة من جماعة علي بك من جراء هذه التهمة ، فخرج من القاهرة خلسة إلي الإسكندرية ، ثم بارحها وآل أمره إلي أن صار أحمد باشا الجزار ، الذي تملك عكا ، وتولي الشام ، وطار صيته في الممالك ( الجبرتي 359/1 -361) .

وفي السنة 1183 أرسل علي بك ، رأس المماليك بالقاهرة ، تجريدة القتال عرب الحبايبة والهنادي ، وكان شيخهم سويلم بن حبيب منعزلا في خيمة صغيرة عند امرأة بدوية بعيدا عن المعركة ، فدلهم عليه بعض العرب ، فكبسوه ، وقتلوه ، وقطعوا رأسه ، ورفعوها علي رمح ( الجبرتي 375/1) .

وفي السنة 1183 ، قتل عمر باشا، والي بغداد ، الأمير عبدالله بن

ص: 506

شاوي الحميري ، رأس أسرة الشاوي في العراق ، خوفا من اتساع نفوذه ، واتهمه بالمخامرة علي الدولة . ( الاعلام 4/ 222 و 223) .

وفي السنة 1183 أعدم السلطان مصطفي الثالث ، وزيره الأول الصدر الأعظم يعليقجي زاده نيشانجي محمد أمين باشا ( معجم انساب الأسر الحاكمة 246).

وفي السنة 1184 أرسل علي بك رأس المماليك بالقاهرة ، عبدالرحمن آغا مستحفظان ، إلي ناحية غزة، وأمره بقتل سليط شيخ عربان غزة ، فلم يزل يتحيل عليه حتي قتله هو وإخوته وأولاده ( الجبرتي 1/ 399 ).

وفي السنة 1185 نفي حسين باشا الداماد ، والي حلب ، إلي قلعة البيرة ، وبعد أيام أرسل إليه من قتله ، وأرسل رأسه للدولة ( اعلام النبلاء 348/3)

وفي السنة 1186 قدم الأمير محمد بك أبو الذهب إلي القاهرة ، المحاربة سيده علي بك ، فخرج علي بك من القاهرة ، وسار نحو الشام ، فدخل محمد بك القاهرة ، واستقر بها ، وأرسل عبدالرحمن آغا مستحفظان ، إلي الأمير عبدالله كتخدا الباشا الوالي ، فذهب إليه بداره ، وقطع رأسه ( الجبرتي 1/ 416) .

وفي السنة 1184 أمر علي بك ، أمير مصر ، بارسال تجريدة من العسكر إلي الشام ، لمعونة الشيخ ظاهر العمر علي الدولة ، وكان قد أرسل أحد رجاله إلي غزة فقتل سليطأ شيخ عربان غزة ، هو وإخوته وأولاده ، ثم بعث تجريدة عظيمة بقيادة الأمير محمد بك أبي الذهب ، في جند كثير من المغاربة والهنود والأتراك واليمانية والمناولة ( الشيعة ) ، فحصر محمد بك أبو الذهب يافا ، واستولي عليها ، ثم استولي علي الممالك الشامية إلي حلب ، ثم عاد فجأة إلي مصر، وفي السنة 1188 عاد علي رأس جيش إلي بلاد

ص: 507

الشام ، ولكن لمحاربة الظاهر عمر ، فحصر يافا ، وضيق علي أهلها ، فكانوا يصعدون علي السور ، ويسبون المصريين وأميرهم سبا قبيحة ، فأوغروا صدر محمد بك أبي الذهب ، فلما فتحها، قبض علي أهلها ، وأمر بهم فربطوا بالحبال والسلاسل ، وسبوا النساء والصبيان ، وقتلوا منهم مقتلة عظيمة ، ثم جمعوا الأسري خارج البلد ، وأعملوا فيهم السيف ، وقتلوهم عن آخرهم ، لم يميزوا بين مسلم ومسيحي وموسوي ، ولا بين العالم والجاهل ، والعامي والسوقي ، وبنوا من رؤوس القتلي عدة صوامع ، وجوهها بارزة ( خطط الشام 308/2)

أقول : هذا ما ورد في كتاب خطط الشام ، أما ما جاء في كتاب سلك الدرر عن هذا الخبر فهو :

في السنة 1189 توجه محمد بك أبو الذهب ، من مصر ، بعسكر المحاربة عمر الظاهر صاحب عكا ويافا ، ففتح قلعة يافا عنوة ، وأمر بالقبض علي أتباع عمر الظاهر ، وربطهم بحبل « علي بعضهم بعضا ، ثم جلس علي كرسي ، وأمر بضرب أعناقهم ، فضربت أعناقهم عن آخرهم ، وهو جالس ينظر إليهم ( سلك الدرر 57/1 ).

وأعاد صاحب سلك الدرر 184/3 و 185 وصف كيفية فتح الجيش المصري بقيادة محمد بك أبي الذهب يافا ، قال : لما حاصر محمد بك أبو الذهب يافا، كان أهلها يصعدون علي السور ، ويسبون الجنود المصريين وأميرهم سبأ قبيحا ، فلما فتحها أبو الذهب ، نهبها جنده ، وسبوا النساء والصبيان ، وقتلوا منهم مقتلة عظيمة ، وجمعوا الأسري خارج البلد ، وقتلوهم عن آخرهم ، ولم يميزوا بين الشريف والوضيع ، والعالم والجاهل ، واليهودي والنصراني ، والعامي والسوقي ، والظالم والمظلوم ، وبنوا من رؤوس القتلي ، عدة صوامع ، وجوهها بارزة ، ثم ارتحل عنها أبو الذهب قاصدأ عكا ، فلما بلغ الظاهر ما صنع أبو الذهب بيافا، فر من عكا هاربا ،

ص: 508

فدخل إليها أبو الذهب بلا مقاومة ، ولكن القدر لم يمهله ، فمات في عكا .

وأورد الجبرتي في تاريخه ، قصة افتتاح يافا ، فقال : وفي السنة 1189 حضر محمد بك ابو الذهب ، بجيشه المصري ، مدينة يافا ، فحاربه أهلها ، وكانوا يصعدون إلي أعلي السور ، ويسبون المصريين وأميرهم سبا قبيحة ، ثم فتحها محمد بك عنوة ، وقبضوا علي أهلها ، وربطوهم بالحبال والجنازير ، وسبوا النساء والصبيان ، وقتلوا منهم مقتلة عظيمة ، ثم جمعوا الأسري خارج البلد ، « ودوروا فيهم السيف » وقتلوهم عن آخرهم ( الجبرتي 1/ 474 ).

وفي السنة 1189 ( 1775م) تل عمر باشا والي بغداد بأمر من السلطان العثماني فقطع رأسه وأرسل إلي الأستانة ( حكم المماليك في العراق لعلاء موسي كاظم نورس 37 ).

وفي السنة 1189 امتنع الأمير ظاهر العمر ، صاحب عكا ، من أداء الأموال الأميرية ، فأرسلت إليه الدولة قائد البحر حسن باشا الجزائري لمطالبته بالأداء ، فأغراه مستشاره ابراهيم الصباغ أن لا يؤدي شيئا ، فضرب حسن باشا عكا بالقنابل ، ففر الأمير ظاهر إلي خارج عكا ، فاغتاله أحد عبيده ، وأحضر رأسه إلي القائد التركي حسن باشا ، يتقرب إليه بذلك ، ولما علم القائد أن هذا العبد ، هو عند الأمير ظاهر منذ خمس عشرة سنة ، غضب منه لخيانته ، وأمر بقتله ، فقتل ، وأرسل القائد رأس الأمير ظاهر العمر ، إلي اصطنبول ( خطط الشام 2/ 310) .

أقول : ورد الخبر في سلك الدرر ببعض الاختلاف ، سواء في اسم الأمير أو في تاريخ مقتله ، وفي كيفية قتله ، قال : وفي السنة 1190 قتل الشيخ عمر بن صالح الظاهر الصفدي ، صاحب عكا ويافا ، قتله الوزير حسن باشا القبودان ، وكان الوزير سليمان باشا العظم قد قتل أخاه مصطفي ، وشنقه بدمشق ، ثم قصده فلم يتمكن منه ، إذ أنه لما وصل إلي قرب عكا ، دس

ص: 509

إليه من سمه في طعامه ، فمات وأعيد إلي دمشق جثة هامدة ، ثم قصده محمد بك أبو الذهب من مصر، فأحتل يافا، ثم قصده إلي عكا ، ففر منه ، ومات أبو الذهب بعكا ، ثم كان قتل الشيخ عمر علي يد الوزير حسن باشا القبودان ( سلك الدرر 184/3 و 185 ).

وفي السنة 1190 بعد قتل الأمير ظاهر العمر ، أمرت الدولة بالبطش بأولاده ، فاعتقلهم حسن باشا ، قائد البحر ، وحملهم معه إلي الأستانة ، وقتل أحدهم في الطريق ، واسمه أحمد ، لأنه طعن في حسن باشا ، وأفلت من يد الدولة ، أحد أولاد الأمير ظاهر ، واسمه الشيخ علي ، فأرسلت الدولة إلي محمد باشا العظم ، بأن يرسل إليها رأس الأمير علي الظاهر ، أو يؤخذ رأسه هو بدلا منه ، فقتل والي دمشق ، الأمير علي ، وأرسل رأسه ومعه رؤوس ثلاثة من أصحابه ، وانكر قوم أن الرأس رأس الأمير علي الظاهر ، فأحضر ولداه الحسن والحسين ، وعرضت عليهما الرؤوس المقطوعة ، فبكيا ، وقالا : هذا رأس أبينا الأمير علي ، وكان عظيم العارضين ، حتي إنه كان يدعي أبو سبعة شنبات ( خطط الشام 2 / 310 و 311) .

وفي السنة 1191 قتل الأمير يوسف بك ، من كبار المماليك بالقاهرة ، وكان قبل قتله ، قد قتل الشيخ صادومة وأمر برمي جثته في البحر ( النيل )، وسبب ذلك إن هذا الشيخ واسمه أحمد ويلقب بصادومة ، كان يدعي طول الباع في الروحانيات واتفق أن الأمير يوسف بك اختلي ذات ليلة بمحظيته ، فرأي علي سوأتها كتابة ، فسألها عن ذلك ، وتهددها بالقتل ، فأخبرته أن امرأة ذهبت بها إلي الشيخ صادومة ، وهو الذي كتب هذه الكتابة علي سوأتها اليحببها إلي سيدها ، فنزل يوسف بك وأمر بالقبض علي الشيخ صادومة ، وقتله ، وإلقاء جثته في النيل ، ففعلوا ذلك ، وأرسل إلي داره فأحتاطوا علي ما فيها ، وأخرجوا منها أشياء كثيرة ، وتماثيل ، منها تمثال قطيفة علي هيأة الذكر ، فأحضروا له تلك الأشياء ، فصار بريها للجالسين عنده ، والمترددين

ص: 510

عليه من الأمراء وغيرهم ، ووضع ذلك التمثال بجانبه علي الوسادة ، فيأخذه بيده ، ويشير لمن يجلس معه، ويتعجبون ويضحكون ( الجبرتي 511/1).

وفي السنة 1191 تأمر كل من الأمراء حسن الجداوي واسماعيل بك الصغير أخو علي بك العزاوي وسليم بك الإسماعيلي وعبدالرحمن بك العلوي ، علي الأمير يوسف بك ، فجلسوا عنده ، وحادثوه ، ثم سحب عبد الرحمن بك النمشاة ، وضرب بها يوسف بك ، فأراد أن يهم قائمة ، فداس علي ملوطة اسماعيل بك ، ووقع علي ظهره ، فنزلوا عليه بالسيوف وقتلوه ( الجبرتي 502/1 ) .

وفي السنة 1192 قتل الأمير عبدالرحمن اغا ، اغات مستحفظان ، قتل بحلوان ، وكان قد نجا من خصومه الذين يحكمون القاهرة ، ومر بحلوان يريد السفر إلي قبلي ( الصعيد ) فلما وصل إلي حلوان ، أرسل مملوكة له ليجيء له بلوازم من داره ، فعلم مراد بك بوجوده فسار بنفسه إلي حلوان ، وحصرها ، وأخذوا عبد الرحمن اغا قبضا باليد ، وعروه ثيابه حتي السراويل ، وسحبوه بينهم عريانا مكشوف الرأس والسوأتين ، وأحضروه بين يدي مراد بك ، فلما وقعت عينه عليه ، أمر بقطع يديه ، وسلموه لسواس الخيل يصفعونه ويلطمونه علي وجهه ، ثم قطعوا عنقه بسكين حرا ، وهم يقولون له : أنظر قرص البرغوث ، يذكرونه بقوله لمن كان يقتله : لا تخف يا ولدي ، إنما هي كقرصة البرغوث ، ودخل مراد بك القاهرة ، ورأس عبدالرحمن آغا ، أمامه ، علي رأس رمح ( الجبرتي 532/1).

وفي السنة 1192 غلت أسعار القمح بحلب ، فقام الناس علي القاضي ، وأخذوه معهم إلي السرايا ، وأهانوه وشتموه ، ووضعوه في الجاويشخانة ، وأرادوا قتله ، فسكن الوالي إبراهيم باشا خاطرهم ، وسير القاضي إلي إسلامبول ، ووافي حلب قاضي جديد هو إمام زاده السيد محمد

ص: 511

صادق أفندي ، فصار يدور بنفسه في الأسواق ، ونظر في أمور الخبز، وصار يرسل إلي المحكمة أناس يعاقبهم بضرب العصي ، وأنا يرفعهم إلي القلعة ، وفي تلك الأثناء ، قام الناس علي أحمد الخباز في السقطية ، وجاؤوا إلي القاضي ، فأمر برفعه إلي القلعة ، فذهب به الناس إلي الباشا ، فحال وصوله إلي السرايا ، أمر الباشا بقتله ، فقطع رأسه في الحال ( اعلام النبلاء 351/3 و 352).

وفي السنة 1194 في عهد الوزير عبدي باشا سرعسكر أنا طولي ، والي حلب ، توجه كاتب الديوان ، وإبن جيان ، إلي دار أحمد أفندي الخنكارلي - وابنه محمد أغا إذ ذاك كان متسلمة . فطلبوه من الحرم بعدما حاطوا داره بالتفنكجية، المسلحين بالسلاح الكامل ، فخرج إليهم ، وتلقاهم أحسن ملتقي ، وجلس لمؤانستهم ، فلم يشعر إلا وقد أحاطوا به وقبضوا عليه ، وذبحوه ، وحزوا رأسه ، ورجعوا به إلي السرايا ، ثم أخذوا ولده محمد أغا المتسلم ، والسيد أحمد أفندي الكواكبي ، وعينوا معهما بيارق، وأخذهما مع الرأس إلي ناحية أعزاز ، فحبسوهما في جادر ( خيمة ) وركزوا الرأس حذاء إبنه ، ثم نفي الكواكبي إلي قلعة البيرة ، وعين معه بيارق ، وأرسل الرأس للدولة العلية ( اعلام النبلاء 356/3) .

وفي سنة 1195 قتل بشير از صادق الزند ، حاكم إيران ( معجم أنساب الأسر الحاكمة 389) .

وفي السنة 1198 أعدم السلطان شاهين كراي بن أحمد ، آخر خانات القرم ، جري إعدامه بجزيرة رودس ، وضمت القرم إلي روسيا ( معجم أنساب الأسر الحاكمة 329).

وفي السنة 1200 أرسل القبطان حسن باشا، وكان بالقاهرة ، إلي أحمد بن عياد المغربي ، وكان ببولاق، يطلب منه مالا بالقرض ، فأبي أن يدفع

ص: 512

شيئا، فتوجه إليه إسماعيل كتخدا القبطان ، وكانت له عداوة سابقة مع إبن عياد ، فدخل عليه في داره ، والتجأ إبن عياد إلي الحريم ، وضرب علي الكتخد الرصاص ، فقتل إثنين من أتباعه ، فهجم الكتخدا وأصحابه عليه ، وأمسكوا به ، وقطعوا رأسه ، وألقوا جثته في الطريق ( الجبرتي 657/1 ) .

وفي السنة 1200 ورد إلي الديار المصرية ، جيش علي رأسه القبطان حسن باشا . وحدث عندما كان في القاهرة ، أن قبض علي ثلاثة من العسكر خطفوا أمتعة وأقمشة من الدكاكين في سوق الغورية ، كما قبض علي ثلاثة من العسكر « أفسدوا بالنساء » فرفعوا أمرهم إلي القبطان ( حسن باشا) فأمر بقتلهم ، فضربوا أعناق ثلاثة بالرميلة ، وثلاثة في جهات متفرقة ( الجبرتي 634/1)

وفي السنة 1201 قبض علي عثمان التوقتلي ، تابع أحمد قبودان حمامجي أوغلي ، وعوقب بأنواع العذاب ، وصودرت أمواله ، ثم قتل بالرميلة ( الجبرتي 2 / 23).

وفي السنة 1202 ضربت بالقاهرة أعناق خمسة أشخاص من أتباع الشرطة ، يقال لهم : البصاصون ، وسبب قتلهم أنهم أخذوا « عملة » وأخفوها عن حاكمهم ، واختصوا بها دونه ، ولم يشركوه معهم ( الجبرتي 54/2)

وفي السنة 1202 قام إسماعيل باشا، كبير الأرناؤط ، بقتل رئيس عسكره ، إتهمه بالمخامرة عليه ، فأحضره ، ولاطفه ، وأكرمه ، واختلي به ، ثم أغتاله ، وقطع رأسه ، وألقاها من الشباك إلي جماعته ( الجبرتي 53/2)

وفي السنة 1205 قبض أحمد باشا الجزار في دمشق ، علي أولاد السيد عبيد وسجنهم ، وصادرهم ، ثم قبض علي ثلاثين من أتباعه ، فسجنهم

ص: 513

في القلعة ، ففدوا أنفسهم بمائتين وخمسين ألف قرش ، فأذوها ثم قتلهم ، وقبض علي مفتي عكا ، وعلي رئيس مينائها، فقتلهم صبرا ( خطط الشام 22/3)

وفي السنة 1205 تنازع بطال أغا زاده نوري محمد أغا ، متصرف عينتاب مع الإنكشارية ، فاستغاث أهل عينتاب بمتصرف كلز محمد علي باشا آل طال زاده ، فجاء إلي عينتاب ، وطرد نوري محمد أغا ، ثم أخذ في ظلم الرعية ، أكثر مما ظلمها نوري محمد اغا ، فاتفق عليه أهالي عينتاب ، وقتلوه ، فلما بلغ نوري محمد اغا ، ذلك ، عاد إلي نواحي عينتاب ، وأخذ يقطع الطريق ، فعينت الدولة كوسا مصطفي باشا لقمع فتنته ، فتوجه إلي عينتاب وحصرها ، فنزل نوري محمد اغا مستسلمة ، فأعدم ( اعلام النبلاء 369/3)

وفي السنة 1207 قبض أحمد باشا الجزار ، علي محمد بن حسن بن علي العاملي ، وأحرق كتبه ، وسجنه أربعة أشهر، ثم قتله . ( الأعلام 323/6)

وفي السنة 1211 قتل لطف علي الزند، آخر حكام إيران من آل الزند ، قتله أغا محمد القاجاري ( معجم أنساب الأسر الحاكمة 389) .

وفي السنة 1211 قتل غيلة أغا محمد القاجاري ، بعد أن حكم إيران مدة تقل عن السنة ( معجم أنساب الأسر الحاكمة 389) .

وفي السنة 1211، قتل أحمد الجزار ، الحاكم التركي في تبنين ، زين بن خليل بن موسي الزين ، الأنصاري ، الخزرجي ، العاملي ( نسبة إلي جبل عامل ) ، ولم يكتف بقتله ، بل أحرق جثته ، ومكتبته . ( الأعلام 104/3)

وفي السنة 1212 قام الإنكشارية علي أعيان حلب ، وقتلوا كثيرا

ص: 514

منهم ، حتي كانوا يقتلون السيد وهو يصلي في المحراب ، فعرض الحال علي الدولة ، فأرسلت شريف باشا، واليا علي حلب فمنعه الإنكشارية من دخولها ،، فتعهد لهم بأن يكون في جانبهم ، ثم إنه راسل الإنكشارية سرا ، فثاروا بالسادات ، وكبسوهم ليلا، وقتلوا منهم مائتين وخمسين نفسا ( خطط الشام 11/3 ).

وفي السنة 1213 لما قصد نابليون بونابارت بلاد الشام ، بعث إلي الجزار صاحب عكا ، رسولا ، فلم يرد عليه جوابا ، فأرسل إليه رسولا ثانية ، فقتله الجزار ( خطط الشام 17/3 ).

وفي السنة 1213 إعتقل الإفرنسيون بالقاهرة شيخ العرب سليمان الشواربي شيخ قليوب ، ومعه ثلاثة من عرب الشرقية ، وحبسوهم بالقلعة ، ثم أنزلوهم إلي الرميلة ، علي يد الأغا، وقطعوا أعناقهم ثم وضعوا جثة الشواربي مع رأسه في تابوت ، وأخذه أتباعه إلي بلاد قليوب ، ليدفن هناك ( الجبرتي 241/2 ).

وفي السنة 1213 هاج غلام مملوك بالقاهرة ، في أول يوم عيد الأضحي ، وخرج إلي السوق وسيفه مسلول ، وصادف ثلاثة من الإفرنسيين فقتل واحدة منهم ، ثم قبض عليه ، وسأل عن سبب صنعه ، فقال : إنه يوم الأضحية، وأحببت أن أضحي بالإفرنسيين ، فحبس وقتل ( الجبرتي 275/2)

وفي السنة 1213 قبض الإفرنسيون بالقاهرة ، علي شخص من الأجناد المماليك إسمه مصطفي كاشف ، ورد إلي القاهرة من دون إذن ، فقطعوا رأسه ، وطافوا بها ينادي عليها المنادي بأن هذا جزاء من يدخل إلي مصر من دون إذن الفرنسيس ( الجبرتي 2/ 237 ).

وفي السنة 1214 قتل الإفرنسيون بالقاهرة الأمير عبد الله أغا، أمير

ص: 515

- افا ، وكانوا قد أسروه عند افتتاحهم مدينة يافا ، فاعتقلوه ، ثم قتلوه جبرتي 2/ 297 ) .

وفي السنة 1214 لما استعرت الحرب بين الجيش الإفرنسي ، وبين المماليك وأهل القاهرة ، بعث القائد الإفرنسي إلي أهالي بولاق رسولا إفرنسية ، ينادي : الأمان الأمان ، سواسوا ، فأنزلوه عن فرسه ، وقتلوه (الجبرتي 2/ 337 ).

وفي السنة 1214 هاجم جماعة من الجيش العثماني ، قلعة أبو قير ، وكان فيها جماعة من الجيش الإفرنسي ، فانتصر الإفرنسيون ، وأسر قائد الجيش السيد مصطفي باشا ، ومعه عثمان خجا، فنقلوا مصطفي باشا إلي الجيزة ، أما عثمان فاعتقلوه بالإسكندرية ، ثم نقلوه إلي رشيد ، فدخلوا به البلد وهو مكشوف الرأس ، حافي القدمين ، وطافوا به البلد يزفونه بطبولهم ، حتي وصلوا به إلي داره فقطعوا رأسه تحتها، ثم رفعوا رأسه ، وعلقوها في شباك داره ليراها من يمر بالسوق (الجبرتي 301/2 ).

وفي السنة 1214 كان الجيش الإفرنسي بمصر ، قد اتفق مع العثمانيين علي الجلاء عن مصر ، ثم اتهموا الوزير العثماني يوسف باشا ، بأنه قد اتفق سرا مع الإنكليز خصومهم علي استئصالهم ، فعادوا وتحصنوا في مواقع حصنوها حول القاهرة ، وراسلوا الوزير يوسف باشا، وطالبوه بالرحيل خلال أربع ساعات ، ولم يكن الوزير متهيأ للحرب ، فاضطر للرحيل ، ودخل أمراء المماليك القاهرة ولما دخل نصوح باشا إلي القاهرة ، قال للعامة : أقتلوا النصاري ، وجاهدوا فيهم ، فهاج العامة ، وصاحوا ، ومروا مسرعين يقتلون من صادفوه من نصاري القبط والشوام ، وذهبوا إلي حارات النصاري ، وأخذوا يكسبون الدور ، ويقتلون من يصادفون من الرجال والنساء والصبيان ، وينهبون ، وأعلن عثمان كتخدا أن كل من جاءه برأس نصراني أو يهودي أو فرنساوي ، حيا أو ميتا ، يأخذ البقشيش ( الجبرتي 2 / 323 - 325) .

ص: 516

وفي السنة 1214( 1799م دخلت النجف قافلة من الوهابيين تمتار، وشاهد أفرادها ، شيخ الخزاعل وهو يقبل عتبة باب مرقد الإمام علي بن أبي طالب ، فهجموا عليه وقتلوه ( حكم المماليك في العراق 55 ).

وفي السنة 1216 مات بالقاهرة تسعة أشخاص في شربة عرقسوس ، وذلك إن شخصا من العسكر الأرنؤد بالحملة ، شرب من العرقسوسي ، شربة عرقسوس ، ولم يدفع له ثمنها، فشكاه العرقسوسي إلي القلق الإنكشاري ، فأحضره وأمره أن يدفع ثمنها ، ونهره ، وأراد ضربه ، فاستل العسكري طبنجته ، وضرب الحاكم ( القلق ) فقتله ، وهرب إلي حارة الجوانية ، ودخل إلي دار ، وامتنع فيها ، وصار يضرب بالرصاص علي كل من قصده ، فقتل خمسة أنفار ، ومر شخصان من الأرنؤد بتلك الخطة ، فقتلهما الإنكشارية ، لكون الغريم أرنؤدية من جنسهما ، فلما أعياهم أمره ، حرقوا عليه الدار ، فخرج هاربة من النار ، فقبضوا عليه وقتلوه ، ومات تسعة أشخاص في شربة عرقسوس ( الجبرتي 2 / 479) .

وفي السنة 1216 لما دخل العسكر العثماني القاهرة ، ورحل الإفرنسيون ، أعدم بالرميلة شخص إسمه حجاج ، كان متولي الأحكام ببولاق أيام الفرنسيين ، وقتل معه آخر قيل إنه أخوه ، كما قتل آخرون بالأزبكية ، وجهات مصر ( الجبرتي 2/ 482) .

وفي السنة 1216 حدث بالقاهرة، أن شخصين من القليوبية ، دخلا دار رجل نصراني فأخذا من داره بقجتين من الثياب، وخرجا، فوجدا شخصين من الفلاحين مازين ، فسخراهما في حمل البقجتين ، وخرج النصراني ، وشكا إلي القلق ، فأمر بالقبض علي الشخصين العسكريين ، فتخلصا وهربا، وأخذوا الشخصين المسخرين، فقطعوا رأسيهما ظلما وعدوانا ، ( الجبرتي 480/2)

ص: 517

وفي السنة 1216 أمر الباشا والي مصر ، بقتل محمد أغات ، المعروف بالوسيع ، أغات المغاربة ، فقطع رأسه علي الجسر ببركة الأزبكية ، وكتب سبب قتله في رقعة وضعت عند رأسه ( الجبرتي515/2 ).

وفي السنة 1216 أمر الباشا والي مصر ، برمي رقبتي محمد أغا والي القاهرة ، وسليم أغا المحتسب ، فقطعوا رأس الوالي تحت بيت الباشا علي الجسر ، وقطعوا رأس المحتسب عند باب الهواء وختم علي دورهما (الجبرتي 512/2).

وفي السنة 1216 قتل بالقاهرة رجل إسمه مصطفي الصيرفي ، قطعوا رأسه تحت داره عند حانوته ، وسبب قتله إتهامه بأنه كان قد تعاون مع نصاري القبط في أيام الفرنسيين في توزيع الفرد ( الجبرتي 495/2) .

وفي السنة 1216 قطعوا بالقاهرة رأس علي جلبي تابع حسن أغا شنن ، بباب الخرق ، بأمر من الوزير العثماني ، إتهم بأنه دل الفرنسيين علي مخبات كان يوسف باشا الكبير قد أودعها عند حسن أغا شنن ، وثبت ذلك عند القاضي ، فقتل ، وترك مرمية ثلاثة أيام بلياليها ( الجبرتي509/2).

وفي السنة 1219 (1801م) هاجم الوهابيون كربلا، واقتحموها وأسرفوا في القتل والنهب ، ولم يعمل عمر أغا حاكم البلدة شيئا لحمايتها ومقاومة الغزاة فأمر سليمان باشا والي بغداد باعتقال عمر أغا، وإعدامه، فأعدم ( حكم المماليك في العراق 58 ) .

وفي السنة 1217 قتل بالقاهرة ، شخص عسكري نصراني ، عند باب الخرق ، قتله أغات التبديل ، بسبب أنه كان يقف عند باب داره ، بحارة عابدين ، هو ورفيقان له ، ويخطفون من مر بهم من النساء في النهار إلي أن قبض عليه ، وهرب رفيقاه ( تاريخ الجبرتي 554/2 ).

وفي السنة 1217 قتل الباشا والي مصر ، ثلاثة أشخاص من النصاري

ص: 518

المشاهير ، وهم ألطون أبو طاقية ، وإبراهيم زيدان ، وبركات معلم الديوان ، وختم الدفتر دار علي دورهم ، وأملاكهم ، وشرعوا في نقل موجوداتهم إلي بيت الدفتردار لتباع بالمزاد ( الجبرتي 530/2 ).

وفي السنة 1217 أراد جماعة من العسكر العثماني بالإسكندرية ، القبض علي امرأة من النساء اللاتي يصاحبن الإنكليز ، فمنعها عسكر الإنكليز منهم ، فتضاربوا ، وقتل إثنان من الإنكليز ، فاجتمع الإنكليز ، وراسلوا الحاكم خورشيد باشا، بأن يخرج إلي خارج البلدة ، وأن يحاربهم ، فامتنع ، فأمروه بالنزول من القلعة ، وأسكنوه في دار بالبلد ، وجردوا العسكر العثماني من السلاح ( الجبرتي 2 / 534 ) .

وفي السنة 1217 غضب الباشا والي مصر ، علي محمد كتخدا ، محافظ البحيرة ، وأحضره ، فلما حضر أمر بقتله ، فنزل به لعسكر ، ورموا رقبته عند باب الباشا ، ثم نقلوه إلي بين المفارق ، واستمر مرميأ عريانا إلي قبيل الظهر ، ثم شالوه إلي بيته ( الجبرتي 2/ 545 ) .

وفي السنة 1218 قتل علي باشا والي بغداد كلا من محمد بك الشاوي وأخيه عبد العزيز ( حكم المماليك في العراق 65).

وفي السنة 1218 أمر طاهر باشا ، قائمقام الوالي بمصر ، فقبض علي المعلم ملطي القبطي من أعيان كتبة القبط ، وكان قاضيا أيام الفرنسيس ، فرموا رقبته عند باب زويلة ، وكذلك قطعوا رأس المعلم حنا الصبحاني ، أخي يوسف الصبحاني ، من تجار الشوام ، عند باب الخرق ، وأقاما مرميين إلي ثاني يوم ( الجبرتي 2/ 574 ).

وفي السنة 1218 طارد ثلاثة من العسكر ، بالقاهرة ، رجلا تاجرا ، فهرب منهم إلي حمام الطنبدي ، فدخلوا خلفه وقتلوه ، في داخل الحمام ،

ص: 519

وأخذوا ما في جيبه من الدراهم ، وذهبوا ، وحضر أهله ، وأخذوه في تابوت ودفنوه ( الجبرتي 616/2 ).

وفي السنة 1218 راجع الإنكشارية بالقاهرة ، طاهر باشا، قائمقام الوالي بمصر ، وطالبوا بجماكيهم المنكسرة ، فقال لهم : ليس لكم عندي شيء، ولا أعطيكم إلا من وقت ولايتي ، فأوغر ذلك صدورهم ، وألحوا عليه ، فنتر فيهم، فضربه أحدهم بسيفه ، فطير رأسه ، ورماها من الشباك إلي الحوش ، وهاجوا علي أتباعه فقتلوا منهم جماعة ، ووقع الحريق والنهب في الدار ، وشق الوالي والأغا ينادون بالأمان حسبما رسم الوالي أحمد باشا، وظلت جثة طاهر باشا مرمية لم يلتفت إليها أحد ( الجبرتي 575/2 ) ، فهاج الأرنؤد لمقتل طاهر باشا ، وحصروا أحمد باشا مع الإنكشارية ، حتي استسلموا ، فاعتقلوا أحمد باشا ، والشخصين اللذين قتلا طاهر باشا ، وهما إسماعيل أغا وموسي أغا، وقطعوا رأسيهما ، وذهبوا بهما إلي زوجة طاهر باشا ، وإلي أخي طاهر باشا ( الجبرتي 581/2 ).

وفي السنة 1218 كان عرضي ( اوردي ) الباشا والي مصر ، بناحية شلقان ، وأرسل أمير آخوره علي جمال لجلب برسيم، فوجدوا جمالأ للأمير الألفي ، فطردوها ، وعلم الألفي بدلك ، فأمر أحد كشافه بالركوب عليهم ، فذهب إليهم وقتل المير اخور وساق معه الجمال ، وبلغ الباشا الخبر فغضب ، فترضاه رضوان كتخدا إبراهيم بك وأعاد إليه الجمال ، وذهب دم المير آخور هدرأ ( الجبرتي 618 ) ، ثم إن عسكر الأرنؤد اتفقوا مع المماليك ورتبوا مؤامرة ، وافتعلوا مضاربة كان من جرائها أن قتل الوالي علي باشا ، وقتل معه إبن أخته حسن بك ، وكتخداه ، وثمانية عشر رجلا من أتباعه ، وروي أن الباشا لما سقط وفيه رمق ، رأي أحد الأمراء المصريين ، فقال له : في عرضك يا فلان ، إن معي كفنا بداخل الخرج ، فكفني فيه ، وادفني ، ولا تتركني مرميا ، فصنع له ما طلب ( الجبرتي 621/2).

ص: 520

وفي السنة 1218 هاج عسكر الأرنؤد بمصر ، وجاء جماعة منهم إلي بيت الدفتر دار بالقاهرة وكان معه يوسف كتخدا بك ، فدخلوا وأغلقوا الباب ، وقبضوا أولا علي الدفتر دار ، وشلحوه من ثيابه ، وهو يقول: عيبتر ، وأخرجوه إلي فسحة في الدار ، وقطعوا رأسه بعد ضربات ، وهو يصيح مع كل ضربة ، لكون المشا علي ( الجلاد لا يحسن الضرب ، ولم يكن معه سلاح، بل ضربه بسلاح بعض العسكر الحاضرين ، ثم فعلوا ذلك بيوسف كتخدا بك وهو ساكت لم يتكلم ، وأخذوا الرأسين ، وتركوهما مرميين ، وخرجوا بعدما نهبوا ما وجدوه ( الجبرتي 579/2 ).

وخرج أحمد باشا الجرار ذات يوم ، قبل طلوع الشمس ، إلي باب السراي ، وأمر بإغلاق أبواب المدينة ، وقبض علي كثيرين من العمال والكتاب والأهالي ، وسجنهم ، وكانوا مائتين وثلاثين إنسانة ، ثم قبض علي النواب وسجنهم معهم ، ثم أحضر الفعلة وسجن منهم جملة، ثم أحضر التجار وأرباب الصنائع والحمالين ، وسجن منهم جماعة ، فامتلأت السجون ، وفي غد ذلك اليوم ، أحضر المغاربة ، وأمرهم أن يخرجوا السجناء إلي خارج البلد ، وأن يقتلوا الجميع ، ففعلوا ما أمرهم به ، وكان يوما عصيبا ، لم تكن تسمع فيه إلا صراخ المقتولين ظلمأ، وعويلهم ، وأنينهم ، وبقي القتلي مطروحين خارج البلد ، ثم أذن لأهاليهم أن يدفنونهم ، وأنذر كل امرأة ترفع صوتها أن تقتل حا" ، ثم أرسل جنوده فأحضر مشايخ البلاد ، وأصحاب الإقطاعات ، فمنهم من قتله ، ومنهم من اكتفي بجدع أنفه ، وصلم أذنه ( خطط الشام 22/3 ).

وفي السنة 1218 اعطيت للجزار ولاية دمشق ، فبعث إليها وهو في عكا، تعريفة إلي دمشق ، صحبة المفتي أسعد افندي المحاسني ، وبعد تلاوته، أخرجت الأوامر الصادرة منه ، فإذا أحدها تعيين القائمقام ، فجري ايجابه ، وإذا أوامر أخري بالقبض علي عبد الرحمن افندي المرادي ، المفتي

ص: 521

السابق ، وجملة من الرؤساء والوجوه ، فسجنوا في القلعة ، وفي غيرها ، وكتب للجرار بذلك ، فحضر الجواب بعد ليلتين بإعدامهم الحياة ، فقتلوا عبد الرحمن افندي المرادي ، والدفتر دار حسن افندي ليلا ، ثم قتلوا جملة ذوات معتبرين ، وبادروا بسلب الأموال ( مجموعة السيد محمود الحمزاوي ).

وجاء في خطط الشام 3/ 20 إن الدولة العثمانية ، لما بلغها مقتل من قتل في دمشق ، كتبت إلي الجزار تلومه علي قتل عبد الرحمن افندي المرادي ، فألقي تبعة قتله علي وكيله محمد بن عقيل ، وقبض علي وكيله ، وقطع جسمه إربا .

وقال الشيخ البيطار في تاريخه : كان أحمد باشا الجزار ، مجبوط علي الفظاظة والقسوة ، مطبوعة علي الفسوق والآثام ، سقاكا للدماء ، وفي السنة 1218 أضيف إلي حكمه ، ولاية دمشق ، فزاد في طغيانه ، وقتل الأنفس ، وسلب الأموال ، حتي قتل خلق كثيرا من أعيان دمشق ، ومن أفضلهم عبد الرحمن افندي المرادي ، مفتي دمشق ، وأسعد افندي المحاسني ، فقيهها أيضا ، واصطنع للناس أنواع العذاب ، بالات أخترعها له طائفة من الأكراد ، عاونوه علي ظلم العباد ، وأقروه علي دعواه بأنه مجدد الوقت ، وكان رئيسهم يدعي التصوف ، ويقول : إن الشيخ الأكبر أخبر عنه في فتوحاته ، وأدعوا أن ما يرتكبه من القتل والنهب ، ليس حراما ، بل إنه حلال، حتي إنهم أكفروا من أنكر عليهم ذلك من علماء عصرهم .

أقول : قرأت في كتاب لا يحضرني اسمه ، لوزير مغربي ، لقي الجزار في مكة ، وجالسه ، وتحدث إليه ، وتناول معه الطعام ، فذكر أن الجزار كان لا يثق بأحد من الناس ، حتي إنه كان يحضر طعامه بيده ، إذ لا يطمئن الأتباعه ، وإنه أراه كراس يظهر عليه أثر القدم ، فيه رموز وإشارات فيها أوصاف الجزار ، وإنه صاحب الزمان ، قال : وسألني عن رأيي فيما جاء في

ص: 522

الكراس ، فصدقته ، وأخبرته بأن ما جاء في الكراس مخاريق يصنعها بعض المحتالين لاصطياد الدراهم ، وإن في أمكاني أن أصنع له كراسأ مثل هذا الكراس ، وأكتب فيه ما أريد، ثم أعالجه حتي تظهر عليه دلائل القدم ، فلما سمع ذلك مني ، بانت عليه دلائل الإنكسار ، ودخلت عليه يوما ، وكان مع أصحابه ، فكلمهم بالتركية ، وهو يحسب أني لا أحسنها ، وقال لهم : إن هذا الرجل، كلمني كلاما كسر به رأسي . أقول : ليس هذا نص ما ورد في الكتاب ، وانما ألممت بالمعني .

ولما هلك الجزار في السنة 1219 كان أحد الباشاوات ، واسمه اسماعيل باشا الأرناؤطي في حبسه ، فخرج من الحبس ، واستولي علي متروكات الجزار ، وعلي منصبه ، قاضطرت الدولة إلي قتاله ، وجيشت عليه جيشأ حصره في عكا أربعة أشهر ، حتي أخذ وقتل ( خطط الشام 26/3 ).

وفي السنة 1219 مر بالقاهرة جماعة من العسكر العثماني بخط الدرب الأحمر ، فأرادوا أخذ قنديل من قناديل السوق ، فقام عليهم الخفير بريد منعهم ، فذبحوه ، وأخذوا القنديل ، كما وجدوا عسكريا مقتولا جهة الموسكي ( الجبرتي 25/3 ).

وفي السنة 1219 تشاجر في القاهرة شخص من العسكر العثماني ، مع شخص حكيم فرنساوي ، عند حارة الإفرنج بالموسكي ، فأراد العسكري قتل الفرنساوي ، فعاجله الفرنساوي فضربه وقتله ، وفر هاربا ، فاجتمع العسكر وأرادوا نهب الحارة ، فوصل الخبر إلي محمد علي ، فركب في الوقت ومنع العسكر من النهب ، وأغلق باب الحارة ، وقبض علي وكيل قنصل الفرنساوية ، وأخذه معه ، وحبسه عنده ، حتي سكن العسكر ( الجبرتي

25/3)

وفي السنة 1219 وصل إلي القاهرة شخص رومي بمراسلة من الأمير

ص: 523

الألفي من المماليك ألي والي مصر أحمد رشيد باشا، ولما قرأ الباشا الرسالة ، أمر بقتل الرسول ، فرموا عنقه برحية القلعة ( الجبرتي 14/3 ).

وفي السنة 1219 أرسل الألفي الصغير ، من أمراء المماليك ، ورقة إلي شخص من كبار العسكر بالقاهرة مقطوع الأنف ، كان من أتباعه حين كان بمصر ، يدعوه في الورقة للحضور إليه ، ويعده بالإكرام ، فأخذ الورقة والرسول إلي الوالي أحمد خورشيد باشا، فأمر الوالي بقتل الرسول ، فرموا رأسه بالرميلة ، وأنعم علي مقطوع الأنف بعشرين ألف نصف فضة وشكره ( الجبرتي 15/3 ).

وفي السنة 1219 قبض والي القاهرة علي شخص يشتري طربوشا عتيقة من سوق العصر بسويقة لاجين ، وإتهمه بأنه يشتري الطرابيش للماليك النازحين إلي الصعيد، ورمي رقبته عند باب الخرق ظلمأ (الجبرتي 653/2)

وفي السنة 1219 نزل الباشا في التبديل ( متنكرأ ) ومر من سوق السمكرية ، فرأي عسكريأ يشتري كوز صفيح ، فأعطاه خمسة أنصاف ، فأبي السمكري إلا عشرة ، فلم يدفع له إلا خمسة ، فتدخل الباشا، وقال للعسكري : أعطه ثمنه ، فقال له العسكري ، ولم يعرف إنه الباشا : وايش علاقتك ؟ فقال له : أما تخاف من الباشا ؟ فقال العسكري : الباشا علي زبي ، فضربه الباشا ، وقتله ( الجبرتي 3/ 32).

وفي السنة 1219 ركب الباشا ( والي مصر ) بالتبديل، ونزل من جهة التبانة ، فوجد في طريقه عسكريا يأخذ حمل تبن من صاحبه قهرأ ، فكلمه ، وهو لم يعرفه ، فأغلظ له في الجواب ، فقتله ، ثم نزل إلي جهة باب الشعرية ، وخرج علي ناحية قناطر الأوز ، فوجد جماعة من العسكر غاصبين قطعة زبدة من رجل فلاح ، وهو يصيح ، فأدركهم وهم سبعة ،

ص: 524

وفيهم شخص ابن بلد أمرد ، لابس ملابس العسكر ، فأمر بقتلهم ، فقبضوا علي ثلاثة منهم ، وفيهم ابن البلد ، وقتلوهم ، وهرب الباقون ، ثم نزل إلي ناحية قنطرة الدكة ، وقتل شخصين أيضا ، وبناحية بولاق كذلك ، وبالجملة فإنه قتل في ذلك اليوم نيف وعشرين شخصأ ، وأراد بذلك الإخافة ، فانكف العسكر عن الإيذاء قليلا ( الجبرتي 37/3 ) .

وفي السنة 1220 مر بالقاهرة ثلاثة من العساكر « السجمان ، بناحية مرجوش فصادفوا غلام حمامية من اللاذنجية ، خرج ليشتري قهوة ، فأرادوا أخذه ، ففر منهم ، فضربوه برصاصة وقتلوه ، فتبعهم الناس ، فوصلوا إلي النحاسين ، وعطفوا علي خان الخليلي ، وأرادوا الخلوص إلي جهة المشهد الحسيني ، فأغلقوا البوابة في وجوههم ، فضربوا علي من يلاحقهم ، فقتلوا شخصا وجرحوا آخر ، وفرغ ما عندهم من البارود ، فطلعوا إلي ربع وكالة الشبراوي ، فاجتمع الناس وكسروا باب الربع ، فنزلوا يريون الهرب ، فقتلهم الناس ( الجبرتي 65/3 ).

وفي السنة 1220 مر بعض أولاد البلد بجهة الخرنفش بالقاهرة ، فضربه بعض عسكر حجو المقيم بيت شاهين كاشف فقتله ، افشار أهل الناحية ، وتضاربوا بالرصاص ، وقتل من الطرفين أشخاص ، وتسلقوا علي بيت حسن بك مملوك عثمان الحمامي الحكيم ، وذبحوه ، وكذلك رجل زيات ، وعبد صالح أغا الجلفي ، وحسن ابن كاتب الخردة ، وكان سبب الحادثة إن عسكرية اشتري من رجل خردجي ملاعق ، وأراد أن يردها من الغد فلم يقبل . وتسابا ، فضربه العسكري ، فصاح الخردجي : هذا ما يحل من الله ، النصراني يضرب الشريف ، فاجتمع الناس ، وسحبوه إلي بيت النقيب ، فلما اقتربوا من البيت ، ضربوه وقتلوه ، وأخرجوه إلي تل البرقية ، ورموه هناك الجبرتي 75/3 ).

وفي السنة 1220 دخل إلي القاهرة قسم من المماليك جاءوا من خلف

ص: 525

الجبل ، فأحاط بهم العسكر ، وضاربهم ، فدخلوا إلي جامع البرقوقية ، وأغلقوا الباب علي أنفسهم ، فأحرق العسكر الباب ، وقبضوا عليهم ، وعروهم ، وذبحوا منهم نحو الخمسين مثل الأغنام ، وساقوا نحو الخمسين أيضا وهم عراة ورؤوسهم مكشوفة وأقدامهم حافية ، مكتوفين ، يضربونهم ، ويصفعونهم علي أقفيتهم ووجوههم ويسبونهم ، وأخذوهم إلي بيت الباشا ، محمد علي ) بالأزبكية ، وكان من جملتهم احمد بك تابع البرديسي ، وقد كان أميرة بدمياط ، فطلب أحمد بك ماء ، فحلوا اكتافه وجاءوا اليه بماء ليشرب ، فخطف بطقان من وسط بعض الواقفين ، وهاج فيهم ، وأراد قتل محمد علي باشا ، وقتل أنفارة ، فقام الباشا وصعد إلي فوق ، وتكاثروا علي أحمد بك وقتلوه ، ووضعوا باقي الجماعة في جنازير ، وفي أرجلهم القيود ، وربطوهم بالحوش ، وهم علي الحالة التي حضروا فيها من العري والحقارة والذلة ، وفي ثاني يوم أحضروا الجزارين ، وأمروهم بسلخ الرؤوس بين يدي المعتقلين ، وهم ينظرون إلي ذلك ، وأحضروا جماعة من الإسكافية فحشوها تبنا وخيطوها ، ثم عادوا فقتلوا جميع المعتقلين ما عدا حسن شبكة ومعه اثنان قيل إنهم عملوا علي أنفسهم ثلثمائة كيس ( أي تعهدوا بدفعها ) فأبقوهم ، وقتلوا الباقين قتلا شنيعأ ، وعذبوهم في القتل من أول الليل إلي آخره ، ثم قطعوا رؤوسهم وحشوها تبنا ، ووسقوها في مركب ، وبعثوا من يوصلها إلي إسلامبول ( إصطنبول ) ( الجبرتي 3/ 85 و 86).

وفي السنة 1220 قبض المحافظون بالقاهرة علي خيال مقبل من جهة مصر القديمة ، يريد الطلوع إلي القلعة آخر النهار ، ووجدوا معه أوراقا ، فأخذوه إلي محمد علي باشا ، فوجدوا في ضمنها خطابا إلي الباشا المخلوع من علي باشا وياسين بك مضمونها أنه في صباح يوم الجمعة نطلق من الجيزة سبعة سواريخ تكون اشارة بيننا وبينكم ، فعندما ترونها تضربون بالمدافع والبمب علي بيت محمد علي ، ونحن نعدي إلي مصر القديمة ، ويصل

ص: 526

البرديسي من خلف الجبل ، ويأتي باقي المصريين من ناحية طرا ، ويقوم من بالبلدة علي من فيها ، ويتم المرام ، فاشتد غيظ محمد علي علي الرجل ، فاستجار الرجل بالقاضي ، فلم يجره وأمر به فأخذوه وقتلوه ، ورموه ببركة الأزبكية ( الجبرتي 79/3 ).

وفي السنة 1221 هاج الإنكشارية علي السلطان سليم الثالث العثماني ، وخلعوه وقتلوه ، لأنه حاول إصلاح الإدارة والجندية في الدولة العثمانية ، وتولي مكانه السلطان مصطفي الرابع ، فدام ملكه أربعة عشر شهرة ، ثم قتله الإنكشارية كذلك ( خطط الشام 28/3 ).

وفي السنة 1222 ظهر بناحية فيها العسل ، رجل اسمه الشيخ سليمان ، ادعي الولاية وتبعه كثير من الناس ، ولما كثر أتباعه ، قدم القاهرة ، فأحضره الكتخدا ، وبعث معه أشخاصا ذهبوا به إلي بولاق ، وأنزلوه في مركب ، وانحدروا به ومعه أربعة من تلاميذه ، ثم قتلوه ، وألقوه في البحر ( النيل) وألقوا تلاميذه الأربعة ، فنجا منهم واحد سبح في الماء وطلع إلي البر وهرب ( الجبرتي 213/3 ) .

وفي السنة 1223 مر بلاد النصيريين طبيب انكليزي ، فقتله الرعاع هناك ، فأرسل سليمان باشا والي صيدا ، عسكر، بزعامة مصطفي بربر ، اللقبض علي القتلة ، فاكتسح العسكر بلاد النصيرية ، وقتل سبعين رجلا من كبارهم ، وحشي رؤوسهم تبنا ، وبعث بها إلي سليمان باشا ( خطط الشام 28/3 و 29 ).

وفي السنة 1223 وردت الأخبار من اصطنبول بأن طائفة النيكجرية قاموا علس السلطان سليم وعزلوه وأجلسوا مكانه السلطان مصطفي ، وأبطلوا النظام الجديد ، وقتلوا الدفتر دار وكتخدا الدولة ، وقطعوهم ، وكان السلطان سليم قد أرسل يستنجد بمصطفي باشا البيرقدار وكان القائد بالروملي ، فركب في

ص: 527

عدة وافرة من العسكر وقدم إصطنبول ، ودخل إلي القصر السلطاني ، فوجد السلطان سليم مقتولا ، فعزل السلطان مصطفي ونصب السلطان محمود في مكانه ( الجبرتي 3/ 237 و 238 ).

وفي السنة 1224 قتل محمد علي باشا ، الأمير مصطفي أغا تابع حسن بك في قصبة رضوان ، وسبب ذلك إن أختلاف وقع بين قبودان بولاق وأحد العساكر الأرناؤد ، فسل القبود ان سيفه ليضربه ، فعاجله الأرناؤدي وضربه بالطبنجة فقتله ، وفر القاتل إلي حيث اجتمع جماعة من الدقة فالتجأ إليهم ، فحموه ، وكان مصطفي اغا ملتزم البلدة ، فخشي أن تخرب البلدة ، وقال لهم : يا جماعة ، نذهب إلي الباشا ، ليري رأيه ، فذهبوا بأجمعهم ، والقاتل معهم ، فلما طلعوا إلي ساحل بولاق فر القاتل والتجأ إلي عمر بك الأرناؤدي ، وأراد مصطفي اغا أن يأخذه ، فقال له عمر بك : قل للباشا إنه عندي ، فذهب إلي الباشا ( محمد علي ) وأخبره بالحال ، فغضب ، وقال له : لماذا تركته يهرب ، وأمر بقتل الامير مصطفي فأنزلوه إلي الرميلة ، ورموا رقبته عند باب القلعة ( الجبرتي 257/3 ).

وفي السنة 1227 (1812 م ) ثار محمد باي ، بوهران ، علي أمير الجزائر ، الحاج علي باشا ، فبعث إليه الأمير جيشأ بقيادة عمر اغا، وكان عمر أغا يحقد علي محمد باي ، لأنه سبق أن قتل أخا له ، فقصد الأغا وهران ، وكتب إلي حاشية محمد باي ، يأمرهم بالقاء القبض عليه واعتقاله ، فألقوا القبض عليه ، وأوثقوه ، فلما وصل عمر اغا ، عذبه ، ثم قتله ، وسلخ جلدة رأسه ، وحشاها قطنأ ، وبعث بالرأس إلي الأمير في الجزائر ، فأمر الأمير بأن ينصب الرأس علي عمود بركز فوق باب البلدة ، وظل هناك عدة سنين ( مذكرات الزهار 107).

وفي السنة 1227 قتل بالإسكندرية محمد افندي الودنلي ، الذي كان ناظر المهمات وكان أثيرا عند محمد علي باشا ، فحسده الكتخدا ودست عليه ،

ص: 528

فعزله الباشا ، ولما أراد العودة إلي وطنه في تركيا ، أذن له ظاهرا ، وكتب إلي حاكم اسكندرية ، بقتله ، فقتله ، وكان كريم ، محسنأ ( تاريخ الجبرتي 392 - 385/3)

ومن أغرب أنواع الفتك ، الفتك بقصد الإرهاب ، وقد مارسه رجل من شرار الخلق ، وهو جلال الدين ، والي حلب في السنة 1227 فانه كان إذا أراد النزول إلي السوق ، أمر فزينت له الأسواق نهارة ، فينزل ، ومعه البلطجية والعساكر عن يمينه وشماله ، فيدور في الأسواق ، ومتي أدار الوالي نظره إلي رجل ، فإن البلطجية يأتون فيضربون رقبة صاحب ذلك الحانوت ، يفعل ذلك بثلاثة أو أربعة أشخاص ، ثم يعود ، وتكرر منه هذا الفعل ، فسأله وجوه البلد ، عن سبب قتل هؤلاء ، وعن ذنبهم ، فقال : إنهم لا ذنب لهم ، غير أني أريد إرهاب الناس ( اعلام النبلاء 377/3 و 378) .

وفي السنة 1228 (1813 م ) نشبت معركة بين والي بغداد عبد الله باشا وبين حمود الثامر ، أمير المنتفق ، لأن سعيد باشا بن سليمان باشا التجأ إلي حمود ، فطالب الوالي حمود بتسليمه ، فأبي ، وأسفرت المعركة عن انكسار جيش بغداد ، وأسر الوالي عبد الله باشا، والكتخدا طاهر أغا، والقواد ، وكان برغش بن حمود الثامر قد جرح في المعركة ، فلما مات ، قطع أصحاب حمود رأس الوالي والكتخدا ( حكم المماليك في العراق 86 والاعلام 315/2).

وفي السنة 1228 أرسل محمد علي باشا، إلي اصطنبول ، ولده إسماعيل ، ومعه مفاتيح مكة والمدينة وجدة ، وكان يحملها لطيف أغا، أحد خدم محمد علي باشا ، ومعه مضيان أمير المدينة للوهابيين ، فأعدم مضيان، وكرم لطيف أغا، وأنعم عليه الخنكار بطوخين فأصبح لطيف باشا ( الجبرتي 401/3 و 411).

ص: 529

وفي السنة 1228 ارتاب محمد علي باشا، ببعض تصرفات لطيف باشا، الذي كان لطيف أغا ، فأمر الكتخدا باستئصاله ، وبارح القاهرة ، ليتم الاستئصال في غيابه ، وأحس لطيف باشا بما يحيط به ، فأمر أتباعه بالإجتماع بسلاحهم ، وبلغ الكتخدا ذلك ، فعاجله ، وجمع القواد ، وأرسل اليه يطلب حضوره ، فامتنع عن الحضور ، فأرسل الكتخدا قسما من قواده فأحاطوا بدار لطيف باشا ، واقتحموا عليه الدار ، فاختبأ، وانتقل إلي موضع آخر ، فأحسوا به واعتقلوه وأخذوه إلي الكتخدا ، فتعلق لطيف باشا بالقائد محمود بك وقال له بالتركية : أنا في عرضك ، وماتت يده علي قبطان سيف محمود بك ، بحيث إنهم اضطروا إلي قطع القيطان بالسكين ، وأخذوا لطيف باشا ، وأزاحوا عمامته ، وضربه المشاعلي ( الجلاد ) بالسيف ضربات، ووقع إلي الأرض ولم ينقطع عنقه ، فكملوا ذبحه مثل الشاة ، وقطعو رأسه ، وعلقوها تجاه زويلة ( الجبرتي 411/3 - 415).

وفي السنة 1228 قتل عثمان بن عبد الرحمن المضايفي ، من أمراء الحجاز ، كان من أنصار الشريف صاحب مكة ، واختلف معه ، فرحل إلي نجد ، وانحاز إلي السعوديين ، ثم فتح الطائف ، فولاه السعوديون عليها ، ولما استولي الجيش المصري علي الطائف ، هاجمها عثمان بشرذمة من القبائل ، فقبض عليه الشريف غالب ، وسجنه ، ثم قتله . ( الاعلام 370/4)

ومن طريف ما روي الحاج الزهار في مذكراته ( ص 111 و 112) إن الحاج علي باشا، أمير الجزائر (1224 - 1230) قتل جماعة من كبراء اليهود ، لأنهم ليسوا ألبسة خضراء ...

وفي السنة 1231 اتهم محمد علي باشا ، بالقاهرة ، أحد قواده واسمه احمد أغا البخورجي المدللي ، بأنه يلقي الفتن بين أولاد الباشا وبين كبار

ص: 530

العسكر ، فأحضره ، وعنفه ، ثم أمر بقتله ، فنزلوا به إلي باب زويلة ، وقطعوا رأسه هناك ، وتركوه مرميا طول النهار ( الجبرتي 508/3 ).

ولما تولي علي باشا ، حكم الجزائر في السنة 1232 (1819 م) أظهر شهامة وجرأة ، فأوجس العسكر منه خيفة ، وثاروا عليه ، وكان مستعدا المواجهة من يثور عليه ، فتحصن منهم ، وفشلت ثورتهم ، فقبض علي سبعة من زعمائهم، وأمر بهم ، فقطعت رؤوسهم عند باب القصبة ، وكان أمره بقطع رؤوسهم ، إهانة لهم ، لأن العسكري الذي يستوجب القتل ، يخنق في دار سركاجي ( مذكرات الزهار 130 و139 ).

ولما تولي علي باشا ، إمارة الجزائر ، في السنة 1232 (1816 م) ثار عليه جافر باي قسنطينة ، وجند جندة ، فأخمد علي باشا الثورة ، وبعث جندا إلي قسنطينة، فقتلوا جافر باي ، ونصب بدلا منه مملوك من مماليك الأغا اسمه أحمد ، وعين صهره مصطفي بن مالك ، ليكون ناظرة عليه ، ( مذكرات الزهار 137 و 139).

وفي السنة 1233 قتل الوزير فتح خان الأفغاني ، قتله السلطان كامران صاحب هراة بعد أن سمل عينيه ( معجم انساب الأسر الحاكمة 448).

ومن أعجب أنواع الفتك ، قتل الأبرياء ، بدلا من المحكوم عليهم بالإعدام ، الذين كانوا يطلقون لقاء رشوة يعطونها، ويؤخذ مكانهم أناس أبرياء ، فيعدمون ، وكان ذلك يجري في السنة 1233 في حلب ، في ولاية

خورشيد باشا ، وتقدمت شكاوي في الموضوع وأجري التحقيق في القضية ، فظهر أن كبار موظفي الولاية لهم يد في الموضوع، فاضطر الأغا القائم بالتفتيش إلي السكوت، ومثل هذه الأمور ليست مختصة بولاية واحدة، بل يوجد كثير من هؤلاء الرجال، في نفس العاصمة اصطنبول ، ولم يكن للرجل قيمة ، ولا للدم حرمة ، وكان يذبح الإنسان كما تذبح الدجاجة الصغيرة ( اعلام النبلاء 386/3 و 387) .

ص: 531

وفي السنة 1233 (1817 م) قام السيد علوي ، أغا الانكشارية ببغداد ، بأمر من داود باشا ، بقطع رأس سعيد باشا ، سلفه في حكم بغداد ، وصهره أخي زوجته ، فقطع السيد عليوي رأسه ، وغطوا بدنه بحصيرة ، بينما أندفعت أمه مذعورة ، ولما عثرت علي جثته ألقت بنفسها عليها ، فأخذوها من بين يديها ، وبعد حين اتهم داود باشا، السيد عليوي ، أغا الإنكشارية ، بالخيانة، فقطع عنقه ، وبعث برأسه إلي الأستانة ( حكم المماليك في العراق 101 و 106).

وفي السنة 1233 قتل محمد بن احمد الرفيدي المتحمي ، من أمراء عسير ، وكان أميرة في السراة ، وحارب جيش محمد علي ، ثم توالت عليه حملات الأتراك ، وأعانهم محمد بن عون ، شريف مكة، ورجال من العرب ، فأسر المتحمي ، وقتل وهو مريض ( الأعلام 242/6 ).

وفي السنة 1234 تحرك الإنكشارية بحلب علي الوالي ، وعلي العسكر السلطاني ، وكبسوا أفراد العسكر السلطاني ، وقتلوا من وجدوه منهم ، وكان في المدينة من قبل الوالي موظفان غير المتسلم ، وهما الجوخدار والأربا أميني ، فلما علما بالثورة هربا ، وحث الجوخدار ابنه علي الهرب ، فأبي أن يبرح مكانه ، فحصره الثائرون، ونقبوا عليه داره ، ففر من السطح إلي دار جاره ، فلحقوا به ، وقتلوه ، ومثلوا به ، وألقوا جثته من إحدي الكوي إلي البرية ، ثم هاجموا كاتب السر وقتلوه ، وقتلوا معه اثنين وعشرين رجلا من العسكر ( إعلام النبلاء 390/3 و 391).

وفي السنة 1234 قتل بالأستانة الأمير عبد الله بن سعود ورفيقان له هما سري وعبد العزيز بن سلمان ، وكان سعود قد حاربه إبراهيم باشا بن محمد علي ، وطلب سعود الصلح ، وأخذه إبراهيم إلي مصر، وطلبته الحكومة العثمانية من محمد علي ، فأرسله إلي اصطنبول ، حيث طيف به وبرفيقيه في شوارعها ، ثم أعدموا في ميدان مسجد أيا صوفيا . ( الإعلام 222/4 ).

ص: 532

وفي السنة 1235 كان أحد الإفرنج في الإسكندرية ، بالديار المصرية ، وخرج إلي كفر حشاد يصطاد الطير ، فضرب طيرأ ببندقيته ، فأصابت بعض الفلاحين في رجله ، وصادف وجود عسكري من الأرنؤود بيده هراوة ، فجاء إلي الإفرنجي ، وقال له : أما تخشي أن يأتي إليك بعض الفلاحين ويضربك علي رأسك هكذا ، وأشار بما في يده علي رأس الإفرنجي ، فضربه الإفرنجي ببندقيته فقتله ، فأخذ الإفرنجي والمقتول إلي الكتخدا ، واجتمع الأرنؤود ، وطالبوا بقتل الإفرنجي ، وتهددوا بنهب البلد ، وقتل جميع الإفرنج ، فأمر الكتخدا بقتل الإفرنجي فنزلوا به إلي الرميلة ، وقطعوا رأسه ( الجبرتي 609/3 ).

وفي السنة 1239 حضر إبراهيم باشا بن محمد علي باشا ، من الصعيد إلي القاهرة ، وأحضر معه أربعة أشخاص ، قبض عليهم ، من المفسدين ، وهم في الجنازير الحديد ، فشق بهم البلد ، ثم حبسوهم، ثم قتلوهم إثنان بالرميلة ، وأثنان بباب زويلة ( الجبرتي 3/ 120).

وفي السنة 1241 (1825 م) قتل عبدالله الجزار والي عكا ، بشير بن قاسم جان بولاد ( جنبلاط )، اختلف مع الأمير بشير الشهابي ، فسجن في دمشق ، ونقل إلي عكا ، فأطلقه واليها عبد الله الجزار ، فكتب الأمير بشير الي محمد علي باشا صاحب مصر ، يشير بقتله ، فقتله الجزار ( الإعلام 29/2).

وفي السنة 1241 قتل صبرأ ، الحكيم اليماني محمد بن صالح الصنعاني ، من مجتهدي الزيدية ، إذ أوغروا عليه صدر المهدي ، صاحب اليمن ، فضرب بالجريد ، ونفي إلي كمران ، ثم اعتقل في الحديدة ، ثم أفتي الفقهاء بقتله ، فضربت عنقه . ( الاعلام 33/7 ).

وفي السنة 1242 عزم الشريف يحيي بن سرور ، شريف مكة ، علي

ص: 533

إزاحة أحد أقاربه وهو الشريف شنبر من طريقه ، فقتله وهو في المسجد الحرام ، عند باب الصفا ، بعد صلاة المغرب ( أعيان القرن الثالث عشر 132)

وفي السنة 1244 قتل أحمد بك بن إبراهيم باشا بحلب ، وكان قد صدر له أمر بأن يتوجه إلي أرضروم بمائة وخمسين عسكريأ ، فخرج من حلب ، ولكنه أصيب بمرض ، فعاد إلي حلب فصدر أمر سلطاني إلي علي باشا والي حلب ، بقتل احمد بك ، فتوجه علي باشا لزيارة أحمد بك ، فتلقاه وأحسن استقباله ، وتحادثا مدة ، ثم نهض علي باشا ، وخرج من باب القصر ، فشيعه احمد بك ، وكان علي باشا قد أوعز لثلاثة من أتباعه ، أن يطلقوا النار علي أحمد بك إذا خرج لتوديعه ، فلما خرج معه ، أطلقوا عليه النار ، وقتلوه ، ثم قطعوا رأسه ، وأدخلوا الجنة إلي الحريم ، وأرسل الوالي الرأس إلي الأستانة ، فأحضر السلطان ، مصطفي بك ميرآخور ، أخا أحمد بك ، وعرض عليه الرأس ، وقال له : هل هذا هو رأس أخيك ؟ ولما أجاب بالإيجاب ، أمر السلطان بقتله، فقتل ، وأصدر السلطان أمرأ بمصادرة أملاك الأخوين ، ونفي أولادهما ، وكافة من يلوذ بهما ، البعض منهم إلي سيواس ، والبعض إلي عينتاب ، والبعض إلي امكنة أخري ( اعلام النبلاء 412/3 - 414)

وفي السنة 1247 (1831 م) كان في اصطنبول رجل بغدادي تاجر ، صاحب ثروة وجاه ، اسمه قاسم أغا العقيلي ، فلما صدر أمر الدولة بأخذ صليان من الشام ( الصليان ضريبة علي الأشجار ، أخذت من ساليانه ، تركية بمعني سنوية ) فمن طمع قاسم أغا، وحبه في الدنيا ، ضمن مادة الصليان من الدولة ، وأحضر معه البراءة إلي الشام ، بانتظار الوزير ( الوالي ) ، فلما حضر محمد سليم باشا ، وفرض الصليان، ثار عليه أهل الشام ، وحصروه في القلعة ، فهرب قاسم أغا، واختفي في الصالحية ، وحلق ذقنه حتي لا

ص: 534

يعرف ، لكنهم عرفوه ، وقطعوه « أربع شقف » في الصالحية ( مذكرات تاريخية 18).

وفي السنة 1249 قتل إبراهيم باشا بن محمد علي باشا ، بمدينة حلب ، أحمد اغا بن هاشم ، أحد زعماء الإنكشارية ، أتهمه بأنه جمع الإنكشارية ، وأغراهم بقتل إبراهيم باشا ، ولما أمر بقتله ، أخذ وقتل أمام قهوة الأغا بحلب ، وبعد مدة دعا إبراهيم باشا الأغوات إلي المكان المعروف بالشيخ أبي بكر ، فلما اجتمعوا ، ضرب عليهم « زنجير » وقبض عليهم ، وأمر بقتلهم فقتلوا ، ونظم الشيخ عبد الرحمن الموقت ، في هذه الحادثة ، قصيدة يشير بها إلي سرور أهل حلب بالخلاص من شرهم ، مطلعها: ( اعلام النبلاء 424/3 و425) .

أهل الفساد شرهم****في حلب الشهباء دائم

وفي السنة 1240 انتقضت نابلس ، علي حكم إبراهيم باشا، ثم أخضعها وفر مشايخها وعددهم 120 رجلا إلي ابن دوحي رئيس غزة ، فطلبهم إبراهيم باشا ، وأحضرهم إلي دمشق في الأغلال، فقطع رؤوس اثنين منهم في دمشق ، وبعث الباقين إلي عكا حيث قطعت رؤوسهم هناك ( مذكرات تاريخية 114).

وفي السنة 1250 تحرك الدروز علي إبراهيم باشا ، وأرسلوا رسائل ثلاث إلي شيخ ضيعة الهجانة ، ليوصلها إلي المفتي وشمدين أغا والبوظلي ، فنزل شيخ الهجانة وسلم الرسائل ، أما المفتي ، حالا أحرق الرسالة، وأما شمدين أغا فإنه أخذها إلي متسلم الشام وسلمها إليه ، فأرسل المتسلم الي المفتي ، وسأله ، فأخبره بأنه أحرق الرسالة ، فبعث الأوضه باشي إلي البوظلي لإحضاره ، فأحس البوظلي بالشر واحتال علي الأوضة باشي ، وأفلت منه ، وهرب من الشام ، فلما علم المتسلم بذلك قطع رأس الأوضه باشي ، ورأس شيخ الهجانة ، ورأس واحد آخر من الميدان (مذكرات تاريخية 125 و 126).

ص: 535

وفي السنة 1255 جرت في دمشق محاكمة علي أغا خزينة كاتبي ( كاتب الخزينة ) ونسب إليه إنه تكلم في حق الحكم بكلام غير لائق ، وكان المجلس برئاسة شريف باشا، متسلم دمشق ، وأحد أعضائه بحري بك ، وكانا راغبين في قتله ، لأنه «لسانه طويل ، وما يعرف خاطر أحد » وكان حكم القاضي نسيب افندي « من حيث المذكور ، ثبت إنه تكلم بحق الحكم ، وما راعي الشرف الحاصل له من ولي الأمر ، فترتيب جزاه منوط بأولياء الأمور » ونبه شريف باشا علي القواص ، أن يأخذ علي أغا، صباح اليوم التالي ، ويقطع رأسه أمام باب السراي ، وفي الصباح ذهب القواص إلي علي أغا وقال له : قم كلم أفندينا ، فلما نزل من الكشك ، قال له : أفندينا برا في أرض السرايا ، وأخذه لأودة القهوة ، وسگر ( أغلق ) الباب ، وصار يعريه ، وأخذ ساعته ، وكيس الخرجية ، وشق قميصه ، وربط له عيونه ، وكتفه ، وجاء به إلي باب السراي ، فبركه ، وقطع رأسه ، وظل مرميا بباب السراي طول النهار ( مذكرات تاريخية 183 - 185 ).

وفي السنة 1255 تحرك الشيخ حسين جنبلاط، في ناحية سعسع، وأخذ يقطع الطريق ، فأرسل إليه الأمير خليل جماعة من رجاله ، وحصروه ، وقتلوا من رجاله أربعة ، وأسروه ومعه أحد عشر من رجاله ، وأحضروهم للشام ( دمشق ) مكتوفين ، فلما وصلوا إلي السراي ، قطعوا رؤوسهم، أربعة في باب السراي ، وأربعة في الشاغور ، وأربعة في الميدان ( مذكرات تاريخية 175، 176).

وفي السنة 1256 دخل إبراهيم باشا إلي دمشق ، ويوم دخوله رمي رقبة نقولا ظاهر ، الذي كان معتمد إمارة حاصبيا ، لأنه كان عليه مبلغ للميري ، وهرب ، وأسره المير بشير ، وبعث به إلي دمشق ، وبقي محبوسا ، حتي وصل إبراهيم باشا ، وقال للمتسلم : إلي الآن ما قتلت نقولا ظاهر ؟ بدي

ص: 536

بمروري من باب السرايا ، أنظر رأسه مرمي ، فحا أرسل شريف باشا ناس من طرفه ، بسرعة ، وقطع رأسه . ( مذكرات تاريخية 222).

وفي السنة 1257 ( 1841 م ) قتل السلطان أكبر بن دوست محمد ، من سلاطين الأفغان، السير ماكناتن ، وقد توفي أكبر في السنة 1266 ( معجم انساب الأسر الحاكمة 448).

وفي السنة 1257 تحرك قسم من الدروز، وحضروا إلي سعسع، وقطعوا الطريق ، فحصرهم إبراهيم باشا، وقتل منهم جماعة ، وأرسل إلي دمشق آذان الذين قتلوا ، وأرسل منهم مرابيط ( أسري ) إلي دمشق ، وبوصوله إلي دمشق ، أمر علي 12 منهم ، فقطعت رؤوسهم ، ورموهم من باب السراي إلي الدرويشية ( مذكرات تاريخية 226).

وفي السنة 1265 فتح المتوكل الزيدي ، محمد بن يحيي ، صنعاء بمعونة من الجيش التركي . وطرد صاحبها الناصر علي بن عبدالله ، ولما انتشر جنود الترك في صنعاء ، طلب بعضهم من أحد أهلها خمرة ، فثار أهل صنعاء ، وغضبوا علي المتوكل للإستعانة بالترك ، وسقط المتوكل أسيرا في بد العامة ، فعاد الناصر وأمر بالمتوكل فضربت عنقه في السنة 1266( الاعلام 13/8)

وفي السنة 1274 (1857م ) ثار الهنود علي الإنكليز، ونادوا ببهادر شاه ملكا علي الهند، وانتهت الثورة بالفشل ، وقبض علي بها درشاه ، وحكم عليه بالإعدام، وأبدل الحكم بالسجن مدي الحياة ، ونفي إلي مدينة رانغون حيث مات سنة 1892 وكان أشد ما يثير الألم ، أن الضابط الإنكليزي هدسن ، جاء بأبناء بهادر شاه الثلاثة ، وأعدمهم أمام والدهم ( الإسلام والدول الإسلامية في الهند 211 و 212).

وفي السنة 1277 حصلت في بلاد الشام مذبحة النصاري ، وهي التي

ص: 537

أصبحت تسمي «مذبحة الستين ، لأنها استعرت في السنة 1860 ميلادية ، وكان أول أمرها في بيت مري من لبنان ، إذ هجم قسم من الدروز ، علي قرية بيت مري ، وأحرقوا ثلاث قري ، وقتلوا بعض رجالها، ثم أوعز خورشيد باشا ، قائد الجند في الساحل ، إلي سعيد بك جنبلاط ، أن يقوم بقتل النصاري ، فأوعز إلي رجاله بالهجوم علي النصاري ، فقتل الدروز بضعة عشر من النصاري في الطريق ، وأرغم طاهر باشا ، قائد الحامية في دير القمر ، النصاري علي تسليم سلاحهم ، فلما تسلمه ، سمح للدروز بالهجوم علي المدينة ، فسالت الدماء أنهارة ثلاثة أيام ، ولم ينج من النصاري إلا القليل ، ويقال إنه بلغ عدد القتلي في دير القمر نحوا من ألفي قتيل ، وفي حاصبيا نزع من النصاري سلاحهم ، ففتك بهم الدروز ، حيث قتل من المسيحيين سبعمائة وأربعة وعشرون، وفي نفس اليوم الذي قتل فيه النصاري في حاصبيا ، هجم دروز حوران ، علي نصاري راشيا الوادي في بيوتهم ، وفي السراي ، وأجهزوا عليهم ، وقتلوهم مع أمراء الشهابية ، وبلغ عدد قتلي المسيحيين في راشيا الخمسمائة ، بين رجل وامرأة وطفل ، وهاجم الدروز بقيادة اسماعيل الأطرش ، مدينة زحلة فقاومه أهلها، وقتل من أهل زحلة مائة ، ومما يذكر الإسماعيل الأطرش ، إنه وجد في راشيا مائة وخمسة وثلاثين مسيحية ، التجأوا إلي شيخ المسلمين في قرية كناكر ، فقتلهم ، وسرت الفتنة إلي دمشق ، فهجم جماعة من الأوباش علي النصاري ، ووضعوا فيهم السيف ، وقدر عدد من قتل من النصاري بدمشق ثلاثة آلاف وخمسمائة نسمة ، يضاف إليهم ألف نسمة من الغرباء الذين التجأوا إلي دمشق فرارا من الموت ، فلاقوه فيها ، ويقال إن قتلي المسيحيين في الجبل لا يتجاوز الأربعة آلاف ، فأرسل السلطان العثماني وزيره فؤاد باشا ، وخوله أن ينزل العقوبة بمن كان سببا في هذه الفتنة ، فأعاد فؤاد باشا الأمن إلي نصابه ، وأعدم والي دمشق المشير أحمد باشا رميا بالرصاص

، كما أعدم 11 مسلما بالرصاص ، وشنق 56 ونفي 145 وحكم بالأشغال الشاقة علي 186

ص: 538

استخدموا في إنشاء الطرق ، كما أعدم قائد حي النصاري ، وقائد حامية حاصبيا ، وقائد حامية راشيا ، وعزل خورشيد باشا قائد الجند في الساحل ( خطط الشام 81/3-90).

أقول : لمن أراد الاطلاع بتفصيل علي مذابح الستين ، أن يرجع إلي كتاب « حسر اللثام عن نكبات الشام » المطبوع بمصر في السنة 1895 ولم يذكر فيه اسم مؤلفه.

وفي السنة 1302 قتل جنود الإمام المهدي السوداني ، غوردون باشا ، في الخرطوم ، وقطعوا رأسه ، وحملوه علي رمح . ( الاعلام 245/6 ).

وفي السنة 1304 قام مصطفي الكاتب في المحكمة الشرعية ، ومأمور صندوق القاصرين ، بقتل نجم الدين نائب القاضي ، بأن طعنه بخنجر ، حتي قتله ، في محلة الفضل ببغداد ، فحوكم القاتل ، وصدر الفرمان بقتله ، فقتل في ساحة الميدان علنا ، بحضور جمع عظيم من الناس ، بقطع عنقه بالسيف ، في السنة 1305( تاريخ العراق بين احتلالين للعزاوي 80/8 ).

وفي السنة 1313 بدأت مذابح الأرمن في بلاد الدولة العثمانية ، ثم همدت بعد مداخلة سفراء الدول الأجنبية، ثم اشتدت واستعرت، فذبح قسم عظيم من الأرمن ، وأجلي الباقون ، ولم يكن لدي وقت تحرير هذه السطور مرجع لبيان التفاصيل، ولذلك اكتفيت بما أورد محمد كردعلي في خطط الشام 111/3 و127 بأن الأتراك والأكراد ذبحوا من الأرمن الثائرين نحوا من مائة ألف نفس .

أقول : للشاعر العربي الكبير معروف الرصافي ، قصيدة في مذابح الأرمن ، رثي فيها لهم، وبرأ الدين من الجرائم التي ترتكب باسمه ، وعنوان القصيدة « أم اليتيم » تحدث فيها عن فتاة أرمنية قتل زوجها، وتركها وحيدة

ص: 539

مع طفلها ابن السنوات الخمس ، وذكر إن القتيل لم يرتكب ذنبأ ، إنما قتله التعصب الذميم.

مشي أرمنية في المعاهد فارتمت**** به في مهاوي الموت ضربة مسلم

علي حين ثارت للنوائب ثورة **** أتت عن حزازات الي الدين تنتمي

فقامت لها بين الديار مذابح ****تخوض منها الأرمنيون بالدم

وليس بدين كل ما يفعلونه**** ولكنه جهل وسوء تفهم

لئن ملأوا الأرض الفضاء جرائما**** فهم أجرموا والدين ليس بمجرم

وفي السنة 1320 (1902 م) ذبح ابن صنيتان ، رئيس الضفير ، ولده ، وبعث برأسه إلي عشيرة العمور من شمر ، وكانت في جواره ، وسبب ذلك أن العمور ، وهم فخذ من شمر ، كانوا نازلين في جوار الضفير جماعة ابن صنيتان ، وخرج العمور مرة للغزو ، فلحق بهم أحد أولاد ابن صنيتان ، وغزا معهم ، فغنموا ، وأراد ولد ابن صنيتان أن يأخذ ناقة من نوق الغزو ، فمنعه رئيس العمور ، لأن من تقاليد الغزو ، أن العقيد ( رئيس الحملة ) له وحده أن يختار ، ولا حق لغيره في الإختيار ، فغضب ولد ابن صنيتان، وأسرها في نفسه ، وبعد أيام قدم رئيس العمور إلي خباء ابن صنيتان زائرا ، فلما أخذ مكانه في المضيف، أطلق ولد ابن صنيتان عليه النار، فقتله، وفر ، فقوض أفراد العمور خيامهم ، يريدون ترك جوار ابن صنيتان ، ولما بلغ ابن صنيتان الخبر ، دعا إخوته وقومه ، وقال لهم : إن لم تأتوني بالصبي ولدي قبل المغرب فإني سوف أنتحر ، فبحثوا عن الولد ، وأحضروه إلي أبيه ، فقام إليه أبوه ، وقال له : إن ولدأ يهين جواري ، ويقتل جاري في بيتي ، لا يجازي بغير الذبح ، وأمسك بولده فذبحه ، وبعث برأسه إلي عشيرة العمور التي قتل رئيسها ( مجلة لغة العرب البغدادية ج7 سنة 3).

وفي السنة 1324 قتل الأمير طلال بن نايف ، من آل الرشيد، قتله

ص: 540

الأمير سلطان بن حمود من أبناء عمه من آل رشيد ( معجم انساب الاسر الحاكمة 192).

وفي السنة 1332 قتل الأمير زامل بن سالم من فرع بني سبحان ، من آل الرشيد ( معجم انساب الأسر الحاكمة 192).

وفي السنة 1367 (1948 م)، قتل الإمام أحمد ، صاحب اليمن، عبدالله بن الوزير ، الذي حكم اليمن ، علي أثر مقتل الإمام يحيي حميد الدين وقتل معه وزير خارجيته حسين الكبسي اليماني ، وكانا قد اشتركا في التدبير علي الفتك بالإمام الشيخ يحيي حميد الدين ( الأعلام 283/2 ).

ص: 541

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
هَلْ یَسْتَوِی الَّذِینَ یَعْلَمُونَ وَالَّذِینَ لَا یَعْلَمُونَ
الزمر: 9

عنوان المکتب المرکزي
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.