موسوعة الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) المجلد 3

اشارة

سرشناسه:قرشی، باقرشریف، 1926 - م.

Qarashi, Baqir Sharif

عنوان و نام پديدآور: موسوعة الامام امیرالمومنین علی بن ابی طالب علیه السلام/ مولف باقر شریف القرشی

مشخصات نشر:قم: مجمع جهانی شیعه شناسی

مشخصات ظاهری:11ج.

شابک:دوره: 978-600-6164-72-4 ؛ 90000 ریال: ج. 1: 978-600-6164-65-6 ؛ ج.2و3 978-600-94930-7-4 : ؛ ج. 4 978-622-962924-6:

وضعیت فهرست نویسی:فیپا

يادداشت:ناشر جلد دوم و سوم و چهارم انتشارات دارالتهذیب است .

مندرجات:ج. 1. زندگانی و فضایل امام علی علیه السلام در قرآن و سنت.- ج.2 و 3. امام علی (ع) در عهد پیامبر و دوران خلافت

موضوع:علی بن ابی طالب (ع)، امام اول، 23 قبل از هجرت - 40 ق.

موضوع:علی بن ابی طالب (ع)، امام اول، 23 قبل از هجرت - 40ق. -- سرگذشتنامه

شناسه افزوده:مجمع جهانی شیعه شناسی

شناسه افزوده:The World Center for Shite Studies

رده بندی کنگره:BP37/ق36م8041 1393

رده بندی دیویی:297/951

شماره کتابشناسی ملی:3726762

ص :1

اشارة

موسوعة الامام امیرالمومنین علی بن ابی طالب علیه السلام

مولف باقر شریف القرشی

ص :2

مقدمة التحقيق

اشارة

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ وَ أُخَرُ مُتَشابِهاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ وَ ابْتِغاءَ تَأْوِيلِهِ وَ ما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَ الرّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا وَ ما يَذَّكَّرُ إِلاّ أُولُوا الْأَلْبابِ آل عمران: 7 الر كِتابٌ أُحْكِمَتْ آياتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ هود: 1 وَ لَقَدْ صَرَّفْنا فِي هذَا الْقُرْآنِ لِلنّاسِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ وَ كانَ الْإِنْسانُ أَكْثَرَ شَيْ ءٍ جَدَلاً الكهف: 54

ص:3

ص:4

تقديم

1 القرآن الكريم كنز من كنوز اللّه، و ذخر من ذخائر الإسلام، و هبة من اللّه لعباده، أرسله إلى عبده و رسوله خاتم النبيّين ليكون معجزة له و دليل صدق على رسالته، يقيم الأود، و يصلح ما اعوجّ من نظام الدنيا، و ينير الطريق، و يوضح القصد، و يسير بالإنسان في أرحب الطرق و أضمنها أمنا و سلاما.

القرآن الكريم رسالة اللّه الخالدة، و جنّته الواقية، بعث بها أفضل عباده، و أكملهم فكرا، و أصدقهم إيمانا، و أرحمهم قلبا.

قال تعالى: لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ (1).

و صدع الرسول صلّى اللّه عليه و آله بكتاب اللّه تعالى يشيع آياته، و يذيع بياناته، و يتلو أحكامه على الناس على اختلاف قومياتهم، و تباين لغاتهم، و اختلاف أمصارهم.

ص:5


1- التوبة : ١٢٨.

2 و أوجد القرآن الكريم بما يحمل من طاقات علمية و فكرية انقلابا هائلا في ذلك المجتمع الغارق في مآثم هذه الحياة، فقد دمّر جميع عاداتهم و تقاليدهم، و صنع لهم منهجا متكاملا لجميع شئون الحياة اجتماعية و سياسية و اقتصادية، و أقام معالم العدالة الاجتماعية التي لا تدع ظلاّ للظلم و البغي و الاعتداء على حرمات الناس.

إنّ تعاليم القرآن و أحكامه و آدابه جاءت لتسمو بالإنسان، و ترفع كيانه، و تجعله خليفة للّه في أرضه، فما أعظم عائدته على جميع البشر! و ما أجلّ نعمه و أياديه عليهم! 3 و حفل القرآن الكريم بالمحكم و المتشابه، و العامّ و الخاصّ، و المطلق و المقيّد، فتأويله و الوقوف على حقيقته النازلة من ربّ العالمين لا يحيط به إلاّ الراسخون في العلم، و هم مصابيح الإسلام، و هداة الأنام، و المرتقى العالي في الإسلام، عترة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله الذين عاشوا مع القرآن، و وقفوا على دقائقه و أسراره و قيمه و آدابه، فلا بدّ من الرجوع الى ما اثر عنهم في تفسير القرآن الكريم، و ليس الرجوع إليهم نافلة أو تطوعا و إنّما هو الحقّ الذي لا بديل له.

4 و الشيء المؤكد الذي لا ريب فيه أنّ سيّد العترة النبوية الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام

ص:6

هو أوّل من عرف القرآن و وقف على محتوياته، و منه أخذ تلميذه عبد اللّه بن عباس الذي هو ألمع مفسّر للقرآن، و قد كانت نسبة علومه و معارفه في القرآن بالنسبة إلى علوم الإمام عليه السّلام كنسبة قطرة من المطر الى ماء البحر.

و استمدّ هذا الإمام الملهم العظيم تفسيره للقرآن من أخيه و ابن عمّه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، فقد أحاطه علما بتفسير كلّ آية نزلت عليه، كما أعلن الإمام ذلك بقوله:

«فلم ينزل اللّه على نبيّه آية من القرآن إلاّ و قد جمعتها، و ليست منه آية إلاّ و قد قرأنيها و علّمني تأويلها» (1).

و قال عليه السّلام:

«ما نزلت في القرآن آية إلاّ و قد علمت أين نزلت، و فيمن نزلت، و في أيّ شيء نزلت، و في سهل نزلت، أو في جبل نزلت» (2).

و بهذا كان الإمام عليه السّلام أوّل من أحاط بالقرآن علما، و وقف على مضامينه و محتوياته.

5 كان الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام في أيام حكومة الخلفاء قد انصرف إلى تفسير القرآن الكريم، و بيان مفرداته، و ما يتعلّق بآياته من شئون الكون، و امور التوحيد، و عجائب المخلوقات، و غير ذلك مما يرتبط بتفسير القرآن.

و كان هذا التفسير موضع اعتزاز الأئمّة الطاهرين، فكانوا يفخرون به، و حمل

ص:7


1- بحار الأنوار ٩٢ : ٤٠.
2- أمالي الصدوق : ١٦٦.

بعض الحاقدين على الشيعة أنّ عندهم مصحف الإمام و هو غير هذا المصحف، و اتّخذ ذلك وسيلة للطعن عليهم، و هذا من قلّة التدبّر، فإنّ الشيعة يؤمنون إيمانا لا يخامره شكّ أنّه ليس هناك مصحف آخر غير هذا المصحف، و هو الذي نزل من ربّ العالمين على خاتم المرسلين.

أمّا مصحف الإمام فهو حافل بتفسيره و أسباب نزوله و غير ذلك ممّا ذكرناه.

6 من المؤكد أنّه لو ثنيت الوسادة للإمام أمير المؤمنين عليه السّلام بعد وفاة الرسول صلّى اللّه عليه و آله، و تسلّم قيادة الحكم لتطوّرت الحياة الإسلاميّة، و سادت القيم الأصيلة و المثل العليا في الأرض، فقد كان هذا الإمام الملهم العظيم يملك طاقات هائلة من العلم لا يملكها غيره، فهو باب مدينة علم النبي صلّى اللّه عليه و آله الذي لا حدود لمعارفه و علومه.

و قد أعلن الإمام عليه السّلام أنّه لو تسلّم القيادة بعد النبي صلّى اللّه عليه و آله لأفتى جميع الملل و الأديان بما في كتبهم.

قال عليه السّلام:

«أما و اللّه! لو ثنيت لي الوسادة فجلست عليها لأفتيت أهل التّوراة بتوراتهم حتّى تنطق التّوراة فتقول: صدق علي ما كذب، لقد أفتاكم بما أنزل اللّه فيّ. و أفتيت أهل الإنجيل بإنجيلهم حتّى ينطق الإنجيل فيقول:

صدق عليّ ما كذب، لقد أفتاكم بما أنزل اللّه فيّ. و أفتيت أهل القرآن بقرآنهم حتّى ينطق القرآن فيقول: صدق عليّ ما كذب، لقد أفتاكم بما أنزل اللّه فيّ. و أنتم تتلون القرآن ليلا و نهارا، فهل فيكم أحد يعلم بما انزل فيه؟ و لو لا آية في كتاب اللّه عزّ و جلّ لأخبرتكم بما كان، و بما

ص:8

هو كائن إلى يوم القيامة، و هي قوله تعالى: يَمْحُوا اللّهُ ما يَشاءُ وَ يُثْبِتُ وَ عِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ » (1).

و دلّ حديث الإمام عليه السّلام على مدى ثرواته العلميّة التي شملت جميع ما يقع في الدنيا من أحداث فيما هو كائن و ما يكون حتى يرث اللّه الأرض و من عليها.

7 من المؤسف حقّا أنّ الامّة لم تستغلّ هذا العملاق العظيم، و لم تحتضنه ليفيض عليها بعلومه و معارفه و ثقافته، و يعرّفهم بما في كتاب اللّه العظيم من أسرار مذهلة، فقد باعدوا بينه و بين الحياة السياسية العامة في البلاد، و أعلنت بعض الشخصيات البارزة من قريش أنّه لا تجتمع الخلافة و النبوة في بيت واحد، و هو منطق مهزول باعثه الحسد للإمام، و الحقد على الاسرة النبوية، فقد آلت الخلافة إلى بني أميّة و بني العباس، و هم لا رصيد لهم من علم و تقوى و فكر، و قد واجه المسلمون في عهودهم ألوانا مريرة من الاضطهاد و التنكيل.

8 و نعود للحديث عن تفسير الإمام عليه السّلام للقرآن الكريم، فإنّا لم نعثر على تفسير كامل له لجميع آيات الكتاب العزيز، و إنّما ذكر السادة المفسّرون لقطات من آرائه في تفسير بعض الآيات، و نحن ننقلها عنهم للتدليل على مدى سعة علوم الإمام عليه السّلام و احاطته

ص:9


1- بحار الأنوار ٩٢ : ٧٨ ، والآية ٣٩ من سورة الرعد.

الكاملة بكتاب اللّه العظيم، و هو جزء من حياته العلمية التي نلقي الأضواء على بعض معالمها.

9 و قبل أن أطوي الصفحات الأخيرة من هذا التقديم أودّ أن أعرض إلى أنّ هذا الكتاب جزء من موسوعة عن الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام التي تناولت البحث عن شئون حياته، و لا أدّعي - بصورة جازمة - أنّي ألممت أو أحطت بجميع شئون حياته فذلك أمر بعيد المنال و أستغفر اللّه تعالى من أن أدّعي ذلك، فإنّ هذا الكتاب على ما فيه من سعة و شمول، و ما بذل في تأليفه من جهد شاق و عسير، فإنّه إنّما يلقي الأضواء على بعض معالم حياة هذا الإمام الملهم العظيم الذي شغل أفكار العلماء بمواهبه و عبقرياته، و تبنّيه بصورة إيجابية للعدل الخالص و الحقّ المحض.

لقد ألّف العلماء من قدامى و محدثين عشرات الكتب إن لم تكن مئات الكتب في فضائل الإمام و مناقبه و مآثره، و منها هذه الموسوعة، و هي جميعا إنّما تحكي صفحة من حياته المشرقة بالكرامة و الشرف و النبل و نكران الذات.

و في الختام إنّي أتضرّع إلى اللّه تعالى أن يتقبّل هذا الجهد، و أن يثيبني عليه يوم ألقاه، إنّه وليّ ذلك و القادر عليه.

النّجف الأشرف باقر شريف القريشي 10 /جمادى الثانية/ 1419 ه

ص:10

انحناء و تقديس

اشارة

امام القرآن الكريم

ص:11

ص:12

و انحنى الإمام إجلالا و خضوعا أمام القرآن الكريم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه و لا من خلفه، و قد أضفى عليه أجمل الأوصاف، و أسمى النعوت.

لقد كان الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام في طليعة من قيّم القرآن، و أشاد بفضله، و عظيم منزلته، و هذه كوكبة من الأخبار التي أدلى بها عن أهمية القرآن المجيد:

وصف القرآن:

و وصف الإمام عليه السّلام القرآن الكريم بهذه الصفات الرفيعة،

قال عليه السّلام:

«ظاهره أنيق، و باطنه عميق، ظاهره حكم، و باطنه علم»(1).

حكت هذه الكلمات ما حفل به ظاهر القرآن و باطنه، فظاهره حكم و آداب، و باطنه علم و فضل و خير و هدى للناس.

القرآن نور:

خطب الإمام عليه السّلام خطابا مهمّا تحدّث فيه عن نعمة الإسلام على النّاس و رحمته عليهم، ثمّ تعرّض للقرآن الكريم، فوصفه بالنور، و السراج المنير.

قال عليه السّلام:

«ثمّ أنزل عليه - أي على الرسول صلّى اللّه عليه و آله - الكتاب نورا لا تطفأ مصابيحه،

ص:13


1- البصائر والذخائر : ٧ ، وفي ربيع الأبرار زيادة على ذلك : « ولا تنقضي غرائبه ».

و سراجا لا يخبو توقّده، و بحرا لا يدرك قعره، و منهاجا لا يضلّ نهجه، و شعاعا لا يظلم ضوؤه، و فرقانا لا يخمد برهانه، و تبيانا لا تهدم أركانه، و شفاء لا تخشى أسقامه، و عزّا لا تهزم أنصاره، و حقّا لا تخذل أعوانه.

فهو معدن الإيمان و بحبوحته (1)، و ينابيع العلم و بحوره، و رياض العدل و غدرانه، و أثافيّ الإسلام و بنيانه، و أودية الحقّ و غيطانه (2)، و بحر لا ينزفه المستنزفون، و عيون لا ينضبها الماتحون، و مناهل لا يغيضها الواردون، و منازل لا يضلّ نهجها المسافرون، و أعلام لا يعمى عنها السّائرون، و آكام لا يجوز عنها القاصدون.

جعله اللّه ريّا لعطش العلماء، و ربيعا لقلوب الفقهاء، و محاجّ لطرق الصّلحاء، و دواء ليس بعده داء، و نورا ليس معه ظلمة، و حبلا وثيقا عروته، و معقلا منيعا ذروته، و عزّا لمن تولاّه، و سلما لمن دخله، و هدى لمن ائتمّ به، و عذرا لمن انتحله، و برهانا لمن تكلّم به، و شاهدا لمن خاصم به، و فلجا لمن حاجّ به، و حاملا لمن حمله، و مطيّة لمن أعمله، و آية لمن توسّم، و جنّة لمن استلأم، و علما لمن وعى، و حديثا لمن روى، و حكما لمن قضى»(3).

أ رأيتم كيف قيّم الإمام القرآن و ثمّنه بهذه الكلمات الذهبيّة، التي حفلت بما في القرآن من ذخائر العلم، و مناجم الفكر، و هي تنمّ عن إحاطة الإمام و وعيه لجميع

ص:14


1- البحبوحة : وسط المكان.
2- الغيطان : جمع غاط ، وهو المطمئن من الأرض.
3- نهج البلاغة ٢ : ١٧٧ _ ١٧٨.

ما في القرآن من دقائق و أسرار؟

القرآن ناطق:

من كلمات الإمام الرائعة في وصف القرآن الكريم قوله:

«و كتاب اللّه بين أظهركم، ناطق لا يعيا لسانه، و بيت لا تهدم أركانه، و عزّ لا تهزم أعوانه»(1).

ما أجمل هذا الوصف! و ما أروع هذا البيان! فقد حكى بما في القرآن الكريم من عظيم الصفات.

القرآن يتحدّث عن أنباء الماضي و المستقبل:

من أحاديث الإمام عليه السّلام عن القرآن الكريم أنّه تحدّث عن أنباء الامم الماضية، و الامم التي ستأتي

قال عليه السّلام:

«القرآن فيه خبر من قبلكم، و نبأ من بعدكم، و حكم فيما بينكم».

لقد قصّ القرآن الكريم أحوال الامم السابقة، و ما جرى على بعضها من الدمار و الهلاك، و ذلك بسبب انحرافها عن الحقّ، و معاداتها لرسل اللّه.

القرآن حبل اللّه:

أوصى الإمام عليه السّلام أصحابه بالتمسّك بالقرآن، و وعي آياته لأنّه حبل اللّه المتين،

قال عليه السّلام:

«عليكم بكتاب اللّه فإنّه الحبل المتين، و النّور المبين، و الشّفاء النّافع، و الرّيّ النّاقع، و العصمة للمتمسّك، و النّجاة للمتعلّق. لا يعوجّ فيقام،

ص:15


1- نهج البلاغة ٢ : ١٦. بحار الأنوار ٩٢ : ٣٣.

و لا يزيغ فيستعتب، و لا تخلقه كثرة الرّدّ و ولوج السّمع، من قال به صدق، و من عمل به سبق»(1).

إنّ كتاب اللّه العظيم حافل بكلّ مقومات الحياة، فهو النور الذي يهدي الضّال، و هو العصمة لمن تمسّك به، و النجاة لمن التجأ إليه، فما أعظم عائدته على الإنسان!

القرآن ناصح:

تحدّث الإمام عليه السّلام عن فضل القرآن و مدى أهمّيته،

قال عليه السّلام:

«و اعلموا أنّ هذا القرآن هو النّاصح الّذي لا يغشّ، و الهادي الّذي لا يضلّ، و المحدّث الّذي لا يكذب، و ما جالس هذا القرآن أحد إلاّ قام عنه بزيادة أو نقصان: زيادة في هدى، أو نقصان من عمى.

و اعلموا أنّه ليس على أحد بعد القرآن من فاقة (2)، و لا لأحد قبل القرآن من غنى؛ فاستشفوه من أدوائكم، و استعينوا به على لأوائكم (3)، فإنّ فيه شفاء من أكبر الدّاء: و هو - أي الداء - الكفر و النّفاق، و الغيّ و الضّلال، فاسألوا اللّه به، و توجّهوا إليه بحبّه، و لا تسألوا به خلقه، إنّه ما توجّه العباد إلى اللّه تعالى بمثله.

و اعلموا أنّه شافع مشفّع، و قائل مصدّق، و أنّه من شفع له القرآن يوم القيامة شفّع فيه، و من محل به القرآن يوم القيامة صدّق عليه، فإنّه

ص:16


1- بحار الأنوار ٩٢ : ٢٣.
2- الفاقة : الفقر والحاجة.
3- اللأواء : الشدّة.

ينادي مناد يوم القيامة: «ألا إنّ كلّ حارث مبتلى في حرثه و عاقبة عمله، غير حرثة القرآن». فكونوا من حرثته و أتباعه، و استدلّوه على ربّكم، و استنصحوه على أنفسكم، و اتّهموا عليه آراءكم، و استغشّوا فيه أهواءكم»(1).

وصف الإمام عليه السّلام القرآن الكريم بأجمل الصفات و أبدع النعوت، فقد وصفه بالناصح المشفق الذي يهدي الناس للتي هي أقوم، كما وصفه بالمحدث الذي لا يكذب، و إنّما يتلو الحقّ، و يأمر بالمعروف، و ينهى عن المنكر، و هو الدواء الذي يعالج جميع أمراض الإنسان و يحسم مشاكله، و هو الشافع يوم القيامة لمن قرأه بإمعان و سار على هديه. هذه بعض الصفات التي أضفاها الإمام على القرآن.

القرآن هدى و نور:

أوصى الإمام عليه السّلام أصحابه برعاية القرآن و التمسّك به فإنّه نور و هدى،

قال عليه السّلام:

«اعلموا أنّ القرآن هدى النّهار، و نور اللّيل المظلم على ما كان من جهد و فاقة...»(2).

القرآن هدى للناس، يرشد الضالّ، و ينير الطريق، و يوضح القصد، و يهدي الحائر.

الحثّ على تعلّم القرآن:

حثّ الإمام عليه السّلام أصحابه على تعلّم القرآن الكريم،

قال عليه السّلام:

ص:17


1- ربيع الأبرار ٢ : ٨٢ _ ٨٣. نهج البلاغة ٢ : ٩٢.
2- اصول الكافي ٢ : ٦٠٠.

«تعلّموا القرآن فإنّه أحسن الحديث، و تفقّهوا فيه فإنّه ربيع القلوب، و استشفوا بنوره فإنّه شفاء الصّدور، و أحسنوا تلاوته فإنّه أنفع القصص»(1).

و حفلت هذه الكلمات بآيات الثناء على كتاب اللّه العظيم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه و لا من خلفه.

حفظ القرآن:

ندب الإمام أصحابه إلى حفظ القرآن، و ممن حثّه الإمام على ذلك الفرزدق الشاعر المعروف، فقد وفد مع أبيه على الإمام عليه السّلام فقال الإمام لأبي الفرزدق:

- «من أنت؟».

- غالب بن صعصعة المجاشعي.

- «أنت ذو الإبل الكثيرة؟».

- نعم.

- «ما فعلت إبلك؟».

- أذهبتها النوائب، و ذعذعتها الحقوق.

- ذاك - أي اذهاب الحقوق لها - خير سبيلها».

ثمّ التفت الإمام إلى غالب فقال له:

- «من هذا الفتى الّذي معك؟» - و أشار إلى الفرزدق.

- ابني و هو شاعر.

فأرشده الإمام إلى تعلّم ما هو خير من الشعر قائلا:

«علّمه القرآن فهو خير له من الشّعر».

ص:18


1- نهج البلاغة : ٢١٤.

و استجاب الفرزدق لنصيحة الإمام، فعكف على حفظ القرآن، و قد قيّد نفسه سنة حتى حفظه، و في ذلك يقول:

و ما صبّ رجلي في حديد مجاشع مع القدر إلاّ حاجة لي اريدها (1)

لقد كانت الحاجة التي يريدها الفرزدق هي حفظ القرآن الكريم و الوقوف على معانيه.

دعاؤه عند ختم القرآن:

كان الإمام عليه السّلام يدعو بهذا الدعاء عند ختمه للقرآن الكريم:

«اللّهمّ إنّي أسألك إخبات المخبتين، و إخلاص الموقنين، و مرافقة الأبرار، و استحقاق حقائق الإيمان، و الغنيمة من كلّ برّ، و السّلامة من كلّ إثم، و وجوب رحمتك، و عزائم مغفرتك، و الفوز بالجنّة، و النّجاة من النّار»(2).

و أثر عنه دعاء آخر كان يدعو به عند ختمه للقرآن، و هو:

«اللّهمّ اشرح بالقرآن صدري، و استعمل بالقرآن بدني، و نوّر بالقرآن بصري، و أطلق بالقرآن لساني، و أعنّي عليه ما أبقيتني، فإنّه لا حول و لا قوّة إلاّ بك»(3).

القرآن ربيع القلوب:

أدلى الإمام عليه السّلام في بعض خطبه عمّا في القرآن الكريم من الفوائد التي

ص:19


1- نور القبس المختصر من المقتبس _ المرزباني : ٢٦٨.
2- الصحيفة العلوية الثانية : ٢٠٢.
3- الصحيفة العلوية الاولى : ٢٨٧.

لا يستغني عنها أحد، و التي منها أنّه ربيع القلوب،

قال عليه السّلام:

«فإنّ اللّه سبحانه لم يعظ أحدا بمثل هذا القرآن، فإنّه حبل اللّه المتين، و سببه الأمين، و فيه ربيع القلب، و ينابيع العلم، و ما للقلب جلاء غيره»(1).

و كثير من أمثال هذه الأحاديث أدلى بها الإمام عليه السّلام في فضل القرآن الكريم و الاشادة به، و هي تحكي بصورة واضحة عن وعيه الكامل لكتاب اللّه العزيز، و تدبّره التامّ لجميع ما فيه من حقول العلم و المعرفة، و لا شبهة أنّه ليس هناك أحد من الصحابة قد وقف على القرآن الكريم و فهم حقيقته غير الإمام عليه السّلام الذي هو باب مدينة علم النبي صلّى اللّه عليه و آله.

ص:20


1- شرح نهج البلاغة _ ابن أبي الحديد ١٠ : ٣١.

من تفسير الإمام للقرآن الكريم

اشارة

ص:21

ص:22

كان من أهمّ ما عنى به الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام تفسير القرآن الكريم الذي هو رسالة اللّه تعالى الكبرى لعباده، و منهجه الكامل لما فرض عليهم من أحكام، و ليس هناك أحد غيره أدرى بما في القرآن من ناسخ و منسوخ، و عامّ و خاصّ، و مجمل و مبيّن، و مطلق و مقيّد، فقد علّمه النبي صلّى اللّه عليه و آله جميع ذلك، و قد صرح الإمام بذلك بقوله:

«سلوني عن كتاب اللّه، فو اللّه! ما نزلت آية من كتاب اللّه في ليل و نهار و لا مسير، و لا مقام إلاّ و قد أقرأنيها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و علّمني تأويلها...».

فانبرى إليه أحد قردة ذلك المجتمع ابن الكوّاء الدنس الخبيث ساخرا فقال له: يا أمير المؤمنين، فما كان ينزل عليه، و أنت غائب عنه؟ فأجابه الإمام:

«كان يحفظ عليّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ما كان ينزل عليه من القرآن و أنا غائب عنه، حتّى أقدم عليه فيقرأنيه، و يقول: يا عليّ، أنزل اللّه بعدك عليّ كذا و كذا، و تأويله كذا و كذا، فيعلّمني تنزيله و تأويله»(1).

لقد عهد النبي صلّى اللّه عليه و آله إلى الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام بتفسير جميع ما نزل عليه من كتاب اللّه العظيم، و بيان محتوياته، و دقائقه و أسراره. و على أي حال، فإنّا نعرض إلى ما اثر عن الإمام عليه السّلام من تفسير بعض الآيات، و فيما يلي ذلك:

1

ص:23


1- بحار الأنوار ٩٢ : ٧٩. الاحتجاج : ١٣٩.

ص:24

سورة الفاتحة

اشارة

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (1) اَلْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (2) اَلرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (3 مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4) إِيّاكَ نَعْبُدُ وَ إِيّاكَ نَسْتَعِينُ (5) هنا بحوث في المقام، نعرض لها حسب ما اثر فيها عن الإمام عليه السّلام:

البسملة جزء من السورة:

اشارة

أمّا البسملة فهي جزء من السورة - عند الشيعة -، و قد وردت النصوص عن الإمام عليه السّلام في جزئيّتها من كلّ سورة.

قال عليه السّلام:

«و البسملة في أوّل كلّ سورة آية منها، و إنّما كان يعرف انقضاء السّورة بنزولها ابتداء للأخرى، و ما أنزل اللّه تعالى كتابا من السّماء إلاّ و هي فاتحته...»(1).

و أكّد الإمام عليه السّلام أنّها جزء بالخصوص من سورة الفاتحة،

قال عليه السّلام:

«إنّها - أي البسملة - من الفاتحة، و إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كان يقرؤها و يعدّها آية منها، و يقول: فاتحة الكتاب هي السّبع المثاني»(2).

ص:25


1- مواهب الرحمن ١ : ٢٠.
2- مواهب الرحمن ١ : ٢٠.
بنود البسملة:

أمّا بنود البسملة و فقراتها فهي:

اَللّهِ و هو علم لتلك الذّات المقدّسة التي لا يحيط بمعرفتها و كنهها إلاّ هو عالم الغيب و الشهادة الكبير المتعال، و قد عرف علميّته له حتّى في زمان الجاهلية، قال لبيد:

ألا كلّ شيء ما خلا اللّه باطل و كلّ نعيم لا محالة زائل

اَلرَّحْمنِ وصف الخالق العظيم نفسه المقدّسة بالرحمة دون سائر صفاته الكمالية؛ و ذلك للتدليل على شمول رحمته و عمومها للجميع، للمسلم و الكافر على حدّ سواء.

و عن الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام: «الرّحمن العاطف على خلقه بالرّزق، لا يقطع عنهم موادّ رزقه و إن انقطعوا عن طاعته»(1).

اَلرَّحِيمِ الرحيم من صفات المبدع العظيم، و هي من إفاضته المختصّة بالمؤمنين، قال تعالى: وَ كانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً (2).

أهمّية السورة:

و هي من أهمّ سور القرآن الكريم، و قد روى الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام،

ص:26


1- مواهب الرحمن ١ : ٢٣.
2- الأحزاب : ٤٣.

عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله في شأنها، قال:

«لقد سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول: قال اللّه عزّ و جلّ: قسمت فاتحة الكتاب بيني و بين عبدي، فنصفها لي و نصفها لعبدي، و لعبدي ما سأل.

إذا قال العبد:« بسم اللّه الرّحمن الرّحيم» قال الله جلّ جلاله : بدأ عبدي باسمي ، وحقّ عليّ أن اتمّم له اموره ، وابارك له في أحواله. فإذا قال : «الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ » ، قال الله جلّ جلاله : حمدني عبدي ، وعلم أنّ النّعم الّتي له من عندي ، وأنّ البلايا الّتي دفعت عنه بتطوّلي ، اشهدكم أنّي اضيف له إلى نعم الدّنيا نعم الآخرة ، وأدفع عنه بلايا الآخرة كما دفعت عنه بلايا الدّنيا.

وإذا قال : « الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ »، قال الله جلّ جلاله : شهد لي عبدي أنّي الرّحمن الرّحيم ، اشهدكم لاوفّرنّ من رحمتي حظّه ، ولاجزلنّ من عطائي نصيبه.

فإذا قال : « مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ » ، قال الله تعالى : اشهدكم كما اعترف بأنّي أنا المالك يوم الدّين ، لاسهّلنّ يوم الحساب حسابه ، ولأتقبّلنّ حسناته ، ولأتجاوزنّ عن سيّئاته.

فإذا قال : « إِيَّاكَ نَعْبُدُ » ، قال الله عزّ وجلّ : صدق عبدي ، إيّاي يعبد ، اشهدكم لاثيبنّه على عبادته ثوابا يغبطه كلّ من خالفه في عبادته لي.

فإذا قال : « وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ » ، قال الله تعالى : بي استعان عبدي وإليّ التجأ ، اشهدكم لأعيننّه على أمره ، ولأغيثنّه في شدائده ، ولآخذنّ بيده يوم نوائبه.

فإذا قال : « اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ ... » إلى آخر السورة. قال الله عزّ وجلّ :

هذا لعبدي ، ولعبدي ما سأل ، وقد استجبت لعبدي وأعطيته ما أمّل ، وآمنته ممّا منه وجل » (1).

ص:27


1- الميزان ١ : ٣٩ ، نقلا عن المعاني.

و هذه السورة من أفضل سور القرآن الكريم فقد جعلت جزءا من الصلاة التي هي من أفضل العبادات في الإسلام، و البحث عنها يقع في جهات و هي:

مكان نزولها:

نزلت هذه السورة المباركة في مكّة المقدّسة، كما ورد عن الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام، و يدلّ على ذلك أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان يصلّي في مكّة و الفاتحة جزء من الصلاة... الخ.

أسماؤها:

اشارة

و تسمّى هذه السورة المباركة بعدّة أسماء منها ما يلي:

الفاتحة:

سمّيت هذه السورة بالفاتحة لأصالتها، و تفرّع سائر القرآن منها (1).

السبع المثاني:

من أسماء هذه السورة «السبع المثاني»، سمّيت بذلك إمّا لتكرارها في الصلاة، و إمّا لأنّ المثاني اسم للقرآن الكريم. و فاتحة الكتاب سبع آيات، و هي من أعظم آيات القرآن العظيم قال تعالى: وَ لَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَ الْقُرْآنَ الْعَظِيمَ (2).

معنى الحمد:

الحمد: هو الثناء على نعم اللّه تعالى التي لا تحصى،

و روي عن أمير المؤمنين عليه السّلام في تفسيره للحمد:

«إنّ اللّه عرّف عباده بعض نعمه عليهم جملا، إذ لا يقدرون على معرفة جميعها

ص:28


1- مواهب الرحمن ١ : ٤٧ _ ٤٨.
2- الحجر : ٨٧.

بالتّفصيل لأنّها أكثر من أن تحصى أو تعرف، فقال لهم: قولوا: الحمد للّه على ما أنعم به علينا»(1).

رَبِّ الْعالَمِينَ الرّبّ: هو الخالق و المكوّن، و المحيي و المدبّر لجميع الكائنات الحيّة و غيرها بجميع ذاتياتها و شئونها،

و روي عن الإمام عليه السّلام في تفسيره لربّ العالمين:

«مالك الجماعات من كلّ مخلوق من الجمادات و الحيوانات، و خالقهم، و سائق أرزاقهم إليهم من حيث يعلمون و من حيث لا يعلمون، يقلّب الحيوانات بقدرته، و يغذوها من رزقه، و يحوطها بكنفه، و يدير كلاّ منها بمصلحته، و يمسك الجمادات بقدرته، و يمسك المتّصل منها أن يتهافت، و يمسك المتهافت أن يتلاصق، و يمسك السّماء أن تقع على الأرض إلاّ بإذنه، و الأرض أن تنخسف إلاّ بأمره...»(2).

اَلرَّحْمنِ الرَّحِيمِ تقدّم تفسيرهما في البحث السابق، فلا حاجة لإعادة الكلام فيه.

مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ أي مالك يوم الآخرة، التي هي أعظم و أشدّ هولا من امور الدنيا، و لم يؤثر عن إمام المتّقين تفسير له.

إِيّاكَ نَعْبُدُ وَ إِيّاكَ نَسْتَعِينُ المراد: إنّا نعبد اللّه تعالى و لا نعبد غيره، و نستعين به و لا نستعين بسواه، و دلّ الضمير المنفصل على الاختصاص، كما نصّ على ذلك علماء النحو.

ص:29


1- الميزان ١ : ٢٤ ، نقلا عن العيون.
2- مواهب الرحمن ١ : ٤٩.

اِهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ

روي عن الإمام عليه السّلام أنّه فسّر هذه الآية بقوله:

«أدم لنا توفيقك الّذي به أطعناك في ما مضى من أيّامنا حتّى نطيعك كذلك في مستقبل أعمارنا»(1).

و روي عن الإمام عليه السّلام أنّ المراد هو كتاب اللّه تعالى.

و قيل: إنّ المراد به هو الإسلام (2).

صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَ لاَ الضّالِّينَ

روي عن الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام أنّه فسّر الآية بقوله:

«اهدنا صراط الّذين أنعمت عليهم بالتّوفيق لدينك و طاعتك، لا بالمال و الصّحّة، فإنّهم قد يكونون كفّارا أو فسّاقا».

قال:

«و هم الّذين قال اللّه فيهم: وَ مَنْ يُطِعِ اللّهَ وَ الرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَ الصِّدِّيقِينَ وَ الشُّهَداءِ وَ الصّالِحِينَ وَ حَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً (3)»(4).

ص:30


1- مواهب الرحمن ١ : ٥٠.
2- مجمع البيان ١ : ٢٨ ، وقيل : إنّ الصراط المستقيم : هو الإمام أمير المؤمنين 7 ، كما عن تفسير العيّاشي.
3- النساء : ٦٩.
4- الميزان ١ : ٣٩.

و روي أنّ المراد بالمغضوب عليهم هم اليهود أعداء اللّه و أعداء رسوله، و المراد بالضالّين هم النصارى الذين ضلّوا عن الحقّ و اتّبعوا أهواءهم (1).

و بهذا ينتهي تفسير سورة الفاتحة التي هي من أهم سور القرآن الكريم، فقد جعلت جزءا من الصلاة لا تصح بدونها، و

في الحديث: «لا صلاة إلاّ بفاتحة الكتاب».

ص:31


1- مجمع البيان ١ : ٣٠.

سورة البقرة

بسم اللّه الرّحمن الرّحيم و هي مدنيّة كلّها إلاّ آية واحدة و هي:

وَ اتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللّهِ ثُمَّ تُوَفّى كُلُّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ وَ هُمْ لا يُظْلَمُونَ (1)؛ فإنّها نزلت في حجّة الوداع بمنى.

و عدد آياتها مائتان و ست و ثمانون آية، و هو العدد المروي عن الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام، و نحن لا نستوعب تفسير جميع سورة البقرة، و إنّما نذكر تفسير خصوص الآيات التي روي تفسيرها عن أمير المؤمنين عليه السّلام:

خَتَمَ اللّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَ عَلى سَمْعِهِمْ وَ عَلى أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ وَ لَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ (2)

خَتَمَ اللّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ ، أي جعل على قلوب الكافرين غطاء فلا ينتفعون بالمعارف الإلهية، و قد ذكر تعالى ذلك بقوله:

... وَ جَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَ فِي آذانِهِمْ وَقْراً وَ إِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ

ص:32


1- البقرة : ٢٨١.
2- البقرة : 7.

لا يُؤْمِنُوا بِها... (1).

و كذلك قوله تعالى: كَلاّ بَلْ رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ (2).

و روي عن أمير المؤمنين عليه السّلام تفسير هذه الآية:

«سبق في علمه تعالى أنّهم لا يؤمنون فختم على قلوبهم و سمعهم ليوافق قضاؤه عليهم علمه فيهم، أ لا تسمع قوله تعالى: وَ لَوْ عَلِمَ اللّهُ فِيهِمْ خَيْراً لَأَسْمَعَهُمْ (3)» (4) هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ فَسَوّاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ وَ هُوَ بِكُلِّ شَيْ ءٍ عَلِيمٌ [29]

من نعم اللّه الكبرى على الإنسان أنّه خلق له ما في الأرض من النباتات و الحيوانات لينتفع بها انتفاعا مادّيا، و قد نظر الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام إلى الجهة المعنوية أي خلق اللّه تعالى ما في الأرض للنظر و الاعتبار.

قال عليه السّلام:

«هو الّذي خلق لكم ما في الأرض جميعا لتعتبروا به، و لتتوصّلوا به إلى رضوانه، و تتوقّوا به من عذاب نيرانه، ثمّ استوى إلى السّماء أخذ في خلقها و إتقانها فسوّاهنّ سبع سماوات، و هو بكلّ شيء عليهم، و لعلمه بكلّ شيء علم المصالح فخلق ما في الأرض لمصالحكم يا بني آدم...»(5).

ص:33


1- الأنعام : ٢٥.
2- المطفّفين : ١٤.
3- الأنفال : ٢٣.
4- مواهب الرحمن ١ : ٨٥.
5- المصدر السابق : ١٤٧.

وَ إِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاّ إِبْلِيسَ أَبى وَ اسْتَكْبَرَ وَ كانَ مِنَ الْكافِرِينَ (34)

لمّا خلق اللّه تعالى آدم أمر ملائكته بالسجود شكرا للّه تعالى مع قصد التهنئة، فأبى إبليس و استكبر، فقد ردّ على اللّه تعالى أنّ آدم خلق من طين، و إبليس خلق من نار، و الطاقة النارية أفضل من التراب، فقد أخذ بالقياس.

و في الحديث: «أنّ أوّل من قاس إبليس».

و قد سأل يهودي الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام عن معجزات النبيّ صلّى اللّه عليه و آله في قبال معجزات الأنبياء فقال:

هذا آدم أسجد اللّه له ملائكته، فهل فعل بمحمّد شيئا من هذا؟ فقال الإمام عليه السّلام:

«لقد كان ذلك، و لكن أسجد اللّه لآدم ملائكته، فإنّ سجودهم لم يكن سجود طاعة، أي انّهم عبدوا آدم من دون اللّه عزّ و جلّ، و لكن اعترافا لآدم بالفضيلة، و رحمة من اللّه له، و محمّد صلّى اللّه عليه و آله اعطي ما هو أفضل من هذا، إنّ اللّه جلّ و علا صلّى عليه في جبروته و الملائكة بأجمعها و تعبّد المؤمنون بالصّلاة عليه فهذه زيادة له...» (1).

وَ اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَ الصَّلاةِ وَ إِنَّها لَكَبِيرَةٌ إِلاّ عَلَى الْخاشِعِينَ (45)

أمر تعالى بالاستعانة بالصبر و هو الصيام فيما إذا نزلت بالإنسان كارثة أو أهمّه أمر، فإنّه من الوسائل لإفاضة اللّه تعالى بإزالة ما نزل بالإنسان من همّ، و كذلك أمر بالاستعانة بالصلاة فإنّها أيضا من الوسائل التي يستدفع بها البلاء، و كان

ص:34


1- الميزان ١ : ١٢٤ ، نقلا عن الاحتجاج.

أمير المؤمنين عليه السّلام إذا هاله أمر فزع إلى الصلاة و تلا هذه الآية (1).

و اثر عن الإمام عليه السّلام أنّه قال:

«إذا نزلت بالرّجل النّازلة الشّديدة فليصم فإنّ اللّه تعالى يقول: اِسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَ الصَّلاةِ يعني الصّيام - بالنسبة للصبر»(2).

اَلَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ وَ أَنَّهُمْ إِلَيْهِ راجِعُونَ (46) نزلت هذه الآية الكريمة في الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام، و في الصحابي العظيم عمّار بن ياسر الطيّب ابن الطيّب، و في الصحابي الجليل عثمان بن مظعون.

فسّر الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام بقوله:

«يعني يوقنون أنّهم يبعثون، و يحشرون، و يحاسبون، و يجزون بالثّواب و العقاب، و الظنّ هاهنا اليقين»(3).

وَ اتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً وَ لا يُقْبَلُ مِنْها شَفاعَةٌ وَ لا يُؤْخَذُ مِنْها عَدْلٌ وَ لا هُمْ يُنْصَرُونَ (48) إن للأنبياء و أوصيائهم و المتّقين منزلة كريمة عند اللّه تعالى، و هو الذي يتولّى جزاءهم على ما عانوه من جهد شاق و عسير في هداية الناس، و أنّه تعالى يرفع شأنهم و يعلي قدرهم في يوم الجزاء الأكبر.

و قد روى الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:

ص:35


1- اصول الكافي ٣ : ٤٨٠.
2- من لا يحضره الفقيه ٢ : ٤٧.
3- مواهب الرحمن ١ : ٢١٤. الميزان ١ : ١٥٣.

«من لم يؤمن بحوضي فلا أورده اللّه حوضي، و من لم يؤمن بشفاعتي فلا أناله اللّه شفاعتي».

ثمّ قال صلّى اللّه عليه و آله: «إنّما شفاعتي لأهل الكبائر من أمّتي، فأمّا المحسنون منهم فما عليهم من سبيل...»(1).

وَ إِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ يا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلى بارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بارِئِكُمْ فَتابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوّابُ الرَّحِيمُ (54)

قال الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام: في تفسير هذه الآية:

«قالوا لموسى: ما توبتنا؟ قال: يقتل بعضكم بعضا، فأخذوا السّكاكين فجعل الرّجل يقتل أخاه و أباه و ابنه، و اللّه! لا يبالي من قتل، حتّى قتل منهم سبعون ألفا، فأوحى اللّه تعالى إلى موسى: مرهم فليرفعوا أيديهم، قد غفر لمن قتل، و تيب على من بقي»(2).

و في تفسير القمّي: «أنّ موسى لمّا خرج إلى الميقات و رجع إلى قومه و قد عبدوا العجل، قال لهم موسى:

يا قوم، إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلى بارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ (3).

فقالوا له: كيف نقتل أنفسنا؟ فقال لهم موسى: اغدوا كلّ واحد منكم إلى بيت المقدس و معه سكين

ص:36


1- أمالي الصدوق : ١٦.
2- الدرّ المنثور ١ : ٦٩.
3- البقرة : ٥٤.

أو حديدة أو سيف، فإذا صعدت أنا منبر بني إسرائيل فكونوا متلثّمين لا يعرف أحد صاحبه فاقتلوا بعضكم بعضا.

فاجتمعوا سبعين ألف رجل ممّن كانوا عبدوا العجل إلى بيت المقدس، فلمّا صلّى بهم موسى و صعد المنبر أقبل بعضهم يقتل بعضا حتى نزل جبرئيل فقال:

قل لهم يا موسى: ارفعوا القتل فقد تاب اللّه عليكم، فقتل منهم عشرة آلاف، و أنزل اللّه:

ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بارِئِكُمْ فَتابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوّابُ الرَّحِيمُ » (1).

وَ مَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَساجِدَ اللّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَ سَعى فِي خَرابِها أُولئِكَ ما كانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوها إِلاّ خائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيا خِزْيٌ وَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ (114) دلّت الآية على ذمّ من يمنع مساجد اللّه تعالى أن يتعبّد بها، و يذكر فيها اسمه، و المساجد هي الأماكن المعدّة للعبادة و الصلاة.

و قد

روى الشهيد زيد بن علي، عن آبائه، عن الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام:

«إنّ المساجد جميع الأرض؛ لقول النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله: جعلت لي الأرض مسجدا، و ترابها طهورا»(2).

إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلْنا مِنَ الْبَيِّناتِ وَ الْهُدى مِنْ بَعْدِ ما بَيَّنّاهُ لِلنّاسِ فِي الْكِتابِ أُولئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللّهُ وَ يَلْعَنُهُمُ اللاّعِنُونَ (159)

ص:37


1- الميزان ١ : ١٩.
2- مجمع البيان ١ : ٣٦١.

شجبت الآية الذين يكتمون ما أنزل اللّه من هدى و اصلاح إلى الناس من أجل أغراضهم و مطامعهم الخاصّة، و فسّرها الإمام عليه السّلام بالعلماء اذا فسدوا (1).

وَ إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ (163) اللّه واحد لا شريك له في ملكه، و لا شبيه له يعاضده.

و قد اثر عن أمير المؤمنين عليه السّلام في تفسير الواحد ما يلي: سأله أعرابي في حرب الجمل فقال له:

أ تقول: إنّ اللّه واحد؟...

فثار عليه الناس، فنهرهم الإمام، و قال لهم:

«دعوه فإنّ الّذي يريده الأعرابي هو الّذي نريده من القوم».

ثمّ وجّه الإمام كلامه صوب الأعرابي قائلا:

«إنّ القول في أنّ اللّه واحد على أربعة أقسام»:

فوجهان لا يجوزان على اللّه عزّ و جلّ، و وجهان يثبتان فيه.

فأمّا اللّذان لا يجوزان عليه فقول القائل: واحد يقصد به باب الأعداد، فهذا لا يجوز لأنّ ما لا ثاني له لا يدخل في باب الأعداد، أ ما ترى أنّه كفر من قال: إنّه ثالث ثلاثة، و قول القائل: هو واحد من النّاس، يريد به النّوع من الجنس، فهذا ما لا يجوز عليه لأنّه تشبيه و جلّ ربّنا عن ذلك و تعالى.

و أمّا الوجهان اللّذان يثبتان فيه، فقول القائل: هو واحد ليس له في الأشياء شبه، كذلك ربّنا. و قول القائل: إنّه عزّ و جلّ أحديّ المعنى، يعنى به أنّه لا ينقسم في

ص:38


1- الميزان ١ : ٣٩٢.

وجود و لا عقل و لا وهم، كذلك ربّنا عزّ و جلّ»(1).

وَ إِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدّاعِ إِذا دَعانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَ لْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ (186) دلّت الآية بأوضح بيان و أجمل اسلوب على استجابة اللّه تعالى لدعوة عبده فهو قريب منه.

يقول

الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام في وصيّته لولده الإمام الحسين عليه السّلام:

«... ثمّ جعل - أي اللّه - في يديك مفاتيح خزائنه بما أذن لك فيه من مسألته، فمتى شئت استفتحت بالدّعاء أبواب نعمته، و استمطرت شآبيب رحمته، فلا يقنّطنّك إبطاء إجابته، فإنّ العطيّة على قدر النّيّة. و ربّما أخّرت عنك الإجابة، ليكون ذلك أعظم لأجر السّائل، و أجزل لعطاء الآمل.

و ربّما سألت الشّيء فلا تؤتاه، و أوتيت خيرا منه عاجلا أو آجلا، أو صرف عنك لما هو خير لك، فلربّ أمر قد طلبته فيه هلاك دينك لو أوتيته، فلتكن مسألتك فيما يبقى لك جماله، و ينفى عنك وباله؛ فالمال لا يبقى لك و لا تبقى له...»(2).

و جمع كلام الإمام عليه السّلام فوائد الدعاء، و أنّه ضرورة للمؤمن، كما جمع بعض الأسباب التي تتأخّر فيها إجابة الدعاء.

تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللّهُ وَ رَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجاتٍ وَ آتَيْنا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّناتِ وَ أَيَّدْناهُ بِرُوحِ

ص:39


1- الميزان ١ : ٤٠٨ ، نقلا عن الخصال للصدوق.
2- نهج البلاغة ٢ : ٤٩.

اَلْقُدُسِ وَ لَوْ شاءَ اللّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّناتُ وَ لكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَ مِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ وَ لَوْ شاءَ اللّهُ مَا اقْتَتَلُوا وَ لكِنَّ اللّهَ يَفْعَلُ ما يُرِيدُ (253) حكت الآية تفضيل اللّه تعالى لبعض رسله على بعض، و قد فضّل تعالى نبيّه العظيم محمّدا صلّى اللّه عليه و آله على جميع النبيّين، و خصّه بالقرآن الكريم، و قد أيّد تعالى نبيّه الكريم عيسى بن مريم عليه السّلام بالبيّنات، كإبراء الأكمه و الأبرص و غير ذلك من وسائل الإعجاز و التأييد التي دلّلت على نبوته.

و أفادت الآية وقوع الفتن في الامم السابقة من بعد ما جاءتهم البيّنات، فمنهم من آمن و منهم من كفر، و وقع بينهم القتال الذي أشاع الثكل و الحزن في بيوتهم، و قد استشهد الإمام عليه السّلام بهذه الآية حينما سأله شخص فقال له:

يا أمير المؤمنين، كبّر القوم و كبّرنا، و هلّل القوم و هلّلنا، و صلّى القوم و صلّينا، فعلى ما نقاتلهم؟

فقال عليه السّلام:

«على هذه الآية - و قرأها - فنحن الّذين آمنّا و هم الّذين كفروا».

فقال الرجل: كفر القوم و ربّ الكعبة! ثم حمل فقاتل حتى قتل (1).

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّباتِ ما كَسَبْتُمْ وَ مِمّا أَخْرَجْنا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَ لا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَ لَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلاّ أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَ اعْلَمُوا أَنَّ اللّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ (267)

قال عليه السّلام في تفسير طَيِّباتِ ما كَسَبْتُمْ :

ص:40


1- تفسير العيّاشي ١ : ١٣٨.

«هي الذّهب و الفضّة»، و المراد: وَ مِمّا أَخْرَجْنا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ يعني من الحبّ و الثمر، و كلّ شيء عليه زكاة (1).

اَلَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَ النَّهارِ سِرًّا وَ عَلانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ (274) نزلت هذه الآية في الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام، كان معه أربعة دراهم فتصدّق بواحد ليلا، و بواحد نهارا، و بواحد سرّا، و بواحد علانيّة، فنزلت هذه الآية:

اَلَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَ النَّهارِ سِرًّا وَ عَلانِيَةً... (2).

1

ص:41


1- الدرّ المنثور ١ : ٣٤١.
2- تفسير العيّاشي ١ : ١٥١. مجمع البيان ٢ : ٦٦٧.

سورة آل عمران

« بسم اللّه الرّحمن الرّحيم » جميع آيات هذه السورة المباركة مدنية، و عددها مائتان و نعرض لبعض الآيات التي اثر تفسيرها عن الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام حليف القرآن و رائد الحكمة و البيان.

هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ وَ أُخَرُ مُتَشابِهاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ وَ ابْتِغاءَ تَأْوِيلِهِ وَ ما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَ الرّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا وَ ما يَذَّكَّرُ إِلاّ أُولُوا الْأَلْبابِ (7)

حكت الآية المباركة امورا بالغة الأهمّية و هي:

1 - أنّ القرآن الكريم فيه آيات محكمات، و اختلف في معنى المحكمات على وجوه لعلّ من أسدّها أنّ المحكم ما علم المراد منه من غير قرينة تقترن به (1).

ص:42


1- مجمع البيان ١ : ٤٠٩.

2 - أنّ القرآن المجيد فيه آيات متشابهات، و أوجه ما قيل في المتشابهات أنّها ما لا يعلم المراد منها إلاّ بقرينة و بيان، و قد ألمح الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام في حديث له عن كلا الأمرين بقوله:

«ما من آية إلاّ و لها أربعة معان: ظاهر و باطن، و حدّ و مطّلع، فالظّاهر التّلاوة و هي مدلول اللّفظ و ظاهره، و الباطن الفهم، و الحدّ هو أحكام الحلال و الحرام، و المطّلع هو مراد اللّه من العبد بها» (1).

3 - أنّ اللّه تعالى ذمّ الذين يتّبعون المتشابه و يحتجّون به على باطل آرائهم و عقائدهم ابتغاء للفتنة و الفساد، و قد نعى الإمام أمير المؤمنين هؤلاء و ذمّهم بقوله:

«ترد على أحدهم القضيّة في حكم من الأحكام فيحكم فيها برأيه، ثمّ ترد تلك القضيّة بعينها على غيره فيحكم فيها بخلاف قوله، ثمّ يجتمع القضاة بذلك عند الإمام - و هو أحد أئمّة الضلال - الّذي استقضاهم، فيصوّب آراءهم جميعا، و إلههم واحد، و نبيّهم واحد، و كتابهم واحد! أ فأمرهم اللّه سبحانه بالاختلاف فأطاعوه؟ أم نهاهم عنه فعصوه؟ أم أنزل اللّه سبحانه دينا ناقصا فاستعان بهم على إتمامه؟ أم كانوا شركاء له، فلهم أن يقولوا، و عليه أن يرضى؟ أم أنزل اللّه دينا تامّا فقصّر الرّسول صلّى اللّه عليه و آله عن تبليغه و أدائه؟ و اللّه سبحانه يقول:

ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْ ءٍ (2)؟ و ذكر أنّ الكتاب يصدّق بعضه بعضا، و أنّه لا اختلاف فيه فقال سبحانه: وَ لَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً

ص:43


1- تفسير الصافي ١ : ٢٩٦.
2- الأنعام : ٣٨.

كَثِيراً (1)، و إنّ القرآن ظاهره أنيق، و باطنه عميق، لا تفنى عجائبه، و لا تنقضي غرائبه، و لا تكشف الظّلمات إلاّ به...»(2).

4 - أنّ القرآن الكريم لا يعلم تأويله و الوقوف على حقائقه و أسراره إلاّ اللّه تعالى منزل الكتاب هدى و رحمة، و الرّاسخون في العلم، و هم المتقنون له، الواقفون على دقائقه، و هم أهل بيت الرّحمة و معدن الحكمة، و أوصياء الرسول صلّى اللّه عليه و آله و خلفاؤه على امّته.

و في حديث للإمام أمير المؤمنين عليه السّلام مع معاوية عرض فيه لذلك قال:

«يا معاوية، إنّ القرآن حقّ و نور و هدى و رحمة و شفاء للمؤمنين، و الّذين لا يؤمنون في آذانهم وقر، و هو عليهم عمى.

يا معاوية، إنّ اللّه عزّ و جلّ لم يدع صنفا من أصناف الضّلالة و الدّعاة إلى النّار إلاّ و قد ردّ عليهم و احتجّ عليهم في القرآن، و نهى عن اتّباعهم، و أنزل فيهم قرآنا ناطقا، علمه من علمه، و جهله من جهله، و إنّي سمعت من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول: ليس من القرآن آية إلاّ و لها ظهر و بطن، و لا من حرف إلاّ و له تأويل، وَ ما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَ الرّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ ، الرّاسخون نحن، و أمر اللّه الامّة أن يقولوا: آمنّا به كلّ من عند ربّنا، و ما يذّكّر إلاّ اولوا الألباب، و أن يسلّموا إلينا، و قد قال اللّه:... وَ لَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَ إِلى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ... (3) هم الّذين يسألون عنه و يطلبونه»(4).

ص:44


1- النساء : ٨٢.
2- نهج البلاغة : ٦١. الميزان ٣ : ٨٢.
3- النساء : ٨٣.
4- مواهب الرحمن ٥ : ٥٦.

هذه بعض محتويات الآية على ضوء ما ورد تفسيرها عن أمير المؤمنين عليه السّلام.

إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللّهِ الْإِسْلامُ وَ مَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ إِلاّ مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ وَ مَنْ يَكْفُرْ بِآياتِ اللّهِ فَإِنَّ اللّهَ سَرِيعُ الْحِسابِ (19) حكت هذه الآية المباركة أنّ الدين عند اللّه تعالى هو الإسلام منقذ البشرية من الضلال، و الهادي إلى طريق الحقّ.

و قد

تحدّث الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام عن الإسلام بقوله:

«لأنسبنّ الإسلام (1) نسبة لم ينسبها أحد قبلي، و لا ينسبها أحد بعدي، الإسلام هو التّسليم، و التّسليم هو التّصديق، و التّصديق هو اليقين، و اليقين هو الأداء، و الأداء هو العمل. إنّ المؤمن أخذ دينه عن ربّه و لم يأخذه عن رأيه.

أيّها النّاس، دينكم، دينكم، تمسّكوا به، لا يزلكم أحد عنه لأنّ السّيّئة فيه خير من الحسنة في غيره، و إنّ السّيّئة فيه تغفر، و الحسنة في غيره لا تقبل»(2).

تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَ تُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ وَ تُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَ تُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَ تَرْزُقُ مَنْ تَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ (27) أفادت الآية الكريمة عظيم قدرة الخالق العظيم، فمن قدرته الهائلة ولوج اللّيل في النّهار، و ولوج النّهار في اللّيل، و ذلك بإدخال أحدهما في الآخر،

ص:45


1- أي : لاعرّفنه.
2- تفسير القمّي ١ : ١٠٠.

و من قدرته إخراج الحيّ من الميّت كإخراج المؤمن من نطفة الكافر، و كإخراج الميت - و هو الكافر - من الحيّ و هو المؤمن، و من عظيم قدرته تعالى أنّه يرزق من يشاء بغير حساب.

و تحدث الإمام عليه السّلام بحديث رائع عن الرزق قال:

«الرّزق رزقان: رزق تطلبه و رزق يطلبك، فإن لم تأته أتاك. فلا تحمل همّ يومك! كفاك كلّ يوم ما فيه؛ فإن تكن السّنة من عمرك فإنّ اللّه تعالى سيؤتيك في كلّ غد جديد ما قسم لك؛ و إن لم تكن السّنة من عمرك فما تصنع بالهمّ فيما ليس لك؛ و لن يسبقك إلى رزقك طالب، و لن يغلبك عليه غالب، و لن يبطئ عنك ما قد قدّر لك...»(1).

لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَ مَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللّهِ فِي شَيْ ءٍ إِلاّ أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقاةً وَ يُحَذِّرُكُمُ اللّهُ نَفْسَهُ وَ إِلَى اللّهِ الْمَصِيرُ (28) نهت الآية الكريمة المسلمين عن اتّخاذ الكافرين أولياء لهم، و عقد صداقة و مودّة معهم، و ذلك لتباين الاتّجاهين فاتّجاه المؤمن الإيمان باللّه تعالى، و اتّجاه الكافر الكفر باللّه، فكيف يلتقيان؟ و اجازت الآية اتّصال المؤمن بالكافر للتقية و هو خوف المؤمن على نفسه و ماله و عرضه منه، فإنّه يسمح له بالاتّصال به.

و قد أعرب الإمام عليه السّلام في بعض أحاديثه عن جواز التقية و مشروعيتها مع الخوف،

قال عليه السّلام:

«و أمرك - أي اللّه - أن تستعمل التّقيّة في دينك، فإنّ اللّه تعالى يقول: و إيّاك ثمّ

ص:46


1- نهج البلاغة ٢ : ٢٣٦.

إيّاك أن تتعرّض للهلاك و أن تترك التّقيّة الّتي أمرتك بها فإنّك شائط بدمك و دماء إخوانك معرّض لزوال نعمتك و نعمهم، مذلّهم في أيدي أعداء دين اللّه، و قد أمرك اللّه تعالى بإعزازهم»(1).

فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَكُمْ وَ نِساءَنا وَ نِساءَكُمْ وَ أَنْفُسَنا وَ أَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللّهِ عَلَى الْكاذِبِينَ (61) نزلت الآية الكريمة حينما جاء و فد النصارى بزعامة رؤسائهم الروحانيّين النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فطلبوا منه المباهلة إلى اللّه تعالى أن يلعن الكاذب منهما، فاستجاب النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و أخرج للمباهلة بضعته الطاهرة سيّدة نساء العالمين فاطمة الزهراء عليها السّلام، و الحسن و الحسين عليهما السّلام سبطيه و سيّدي شباب أهل الجنة، و الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام باب مدينة علمه و نفسه - بمقتضى الآية -، فقد دلّت بوضوح على أنّ الإمام هو نفس رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، و قد ذكرنا في البحوث السابقة تفصيل هذه الحادثة و ما تحمل من تكريم و تعظيم لأهل البيت عليهم السّلام.

إِنَّ أَوْلَى النّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَ هذَا النَّبِيُّ وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ اللّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ (68)

قال الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام في تفسير هذه الآية:

«إنّ أولى النّاس بالأنبياء أعلمهم بما جاءوا به».

ثمّ تلا: إِنَّ أَوْلَى النّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَ هذَا النَّبِيُّ وَ الَّذِينَ آمَنُوا .

ص:47


1- تفسير الصافي ١ : ٣٠٢.

ثمّ قال:

«إنّ وليّ محمّد من أطاع اللّه و إن بعدت لحمته، و إنّ عدوّ محمّد من عصى اللّه و إن قربت لحمته»(1).

وَ إِذْ أَخَذَ اللّهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَ حِكْمَةٍ ثُمَّ جاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِما مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَ لَتَنْصُرُنَّهُ قالَ أَ أَقْرَرْتُمْ وَ أَخَذْتُمْ عَلى ذلِكُمْ إِصْرِي قالُوا أَقْرَرْنا قالَ فَاشْهَدُوا وَ أَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشّاهِدِينَ (81)

قال الإمام عليه السّلام في تفسير هذه الآية:

«لم يبعث اللّه نبيّا - آدم فمن بعده - إلاّ أخذ عليه العهد في محمّد صلّى اللّه عليه و آله لئن بعث و هو حيّ ليؤمننّ به و لينصرنّه و يأمره فيأخذ العهد على قومه»، ثم تلا الآية.

و روي عن الإمام عليه السّلام أنّه قال في تفسير هذه الآية:

«إنّ اللّه أخذ الميثاق على الأنبياء قبل نبيّنا أن يخبروا اممهم بمبعثه و نعته، و يبشّروهم به و يأمروهم بتصديقه»(2).

و هذا التفسير قريب من التفسير الأوّل.

إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبارَكاً وَ هُدىً لِلْعالَمِينَ (96) سأل رجل الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام عن هذه الآية قائلا: أ هو أوّل بيت؟

ص:48


1- مجمع البيان ٢ : ٧٧٠.
2- المصدر المتقدّم : ٧٨٥ _ ٧٨٦.

قال عليه السّلام:

«لا، قد كان قبله بيوت، و لكنّه أوّل بيت وضع للنّاس مباركا فيه الهدى و الرّحمة و البركة، و أوّل من بناه إبراهيم، ثمّ بناه قوم من العرب من جرهم (1)، ثمّ هدم فبنته العمالقة، ثمّ هدم فبنته قريش»(2).

و روي عن الإمام أنّه قال:

«كانت البيوت قبله، و لكنّه كان أوّل بيت وضع لعبادة اللّه»(3).

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَ لا تَمُوتُنَّ إِلاّ وَ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (102)

سأل عبد الخير الإمام عليه السّلام عن تفسير هذه الآية، فقال:

«و اللّه! ما عمل بها غير بيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، نحن ذكرناه - أي اللّه تعالى - فلا ننساه، و نحن شكرناه فلن نكفر به، و نحن أطعناه فلم نعصه...».

و لمّا نزلت هذه الآية قالت الصحابة: لا نطيق ذلك فأنزل اللّه تعالى: فَاتَّقُوا اللّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ (4).(5) وَ لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللّهُ بِبَدْرٍ وَ أَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (123)

ص:49


1- جرهم : هي من اليمن نزلوا مكّة.
2- مناقب ابن شهرآشوب ٢ : ٥٣. تاريخ ابن كثير ٢ : ٢٤٣.
3- الدرّ المنثور ٢ : ٥٢.
4- التغابن : ١٦.
5- تفسير البرهان ١ : ٣٠٤.

بيّن اللّه تعالى في هذه الآية ما أمد به المسلمين من النصر العظيم في واقعة بدر، التي انهزم فيها المشركون من قريش و كتب اللّه النصر الحاسم للرسول الأعظم صلّى اللّه عليه و آله، و كان النصر على يد بطل الإسلام الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام، فقد كان نصف القتلى من مشركي قريش بساعده و سيفه ذي الفقار، و تعتبر واقعة بدر أعظم نصر أحرزه المسلمون، فقد أدخل الرعب و الفزع في قلوب المشركين و أذلّهم، و قويت شوكة الإسلام، و قد ذكرنا هذه الواقعة في البحوث السابقة.

وَ سارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَ جَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَ الْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (133) أمرت الآية بالمسارعة إلى المغفرة و الحصول على الجنة التي هي النعيم الدائم، و قد أعدّها اللّه للمتّقين.

قال الإمام عليه السّلام في تفسير قوله تعالى: أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ :

«إنّكم لن تنالوها - أي الجنة - إلاّ بالتّقوى»(1).

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خاسِرِينَ (149) روي عن الإمام عليه السّلام أنّ هذه الآية نزلت في عبد اللّه بن ابيّ، و قد خرج مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في واقعة احد حينما هزم المسلمون، فراح يقول للمؤمنين: «ارجعوا إلى إخوانكم، و ارجعوا إلى دينكم» (2).

ص:50


1- مواهب الرحمن ٦ : ٣٥٨.
2- تفسير القمّي ١ : ١٢١.

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَ صابِرُوا وَ رابِطُوا وَ اتَّقُوا اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (200) أمر تعالى بالصبر الذي هو من أهم النزعات النفسية، فعلى المسلم أن يتحلّى بهذه الصفة الكريمة، كما أمر تعالى بالمرابطة و قد فسّرها الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام بالمرابطة على الصلاة، أي انتظروها؛ لأن المرابطة في ذلك الوقت لم تكن (1).

و بهذا انتهت بعض الآيات التي اثر تفسيرها عن الإمام في سورة آل عمران.

ص:51


1- مجمع البيان ٢ : ٩١٨.

سورة النّساء

« بسم اللّه الرّحمن الرّحيم » السورة المباركة مدنيّة كلّها إلاّ آيتين منها و هما:

الاولى: إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها (1).

و الثانية: وَ يَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّساءِ قُلِ اللّهُ يُفْتِيكُمْ فإنّهما نزلتا في مكّة، و عدد آياتها مائة و ستّ و سبعون آية.

يا أَيُّهَا النّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ وَ خَلَقَ مِنْها زَوْجَها وَ بَثَّ مِنْهُما رِجالاً كَثِيراً وَ نِساءً وَ اتَّقُوا اللّهَ الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ وَ الْأَرْحامَ إِنَّ اللّهَ كانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً (1) حثّت الآية الكريمة على تقوى اللّه و طاعته التي هي من أثمن و أعزّ ما يظفر به الإنسان في حياته من المكاسب، كما حثّت الآية على البرّ بالأرحام و الإحسان إليهم، و قد ندب الإمام عليه السّلام إلى ذلك بقوله:

«صلوا أرحامكم و لو بالتّسليم، يقول اللّه تعالى: وَ اتَّقُوا اللّهَ الَّذِي تَسائَلُونَ

ص:52


1- النساء : ٥٨.

بِهِ وَ الْأَرْحامَ ».

و روى الأصبغ بن نباتة قال: سمعت أمير المؤمنين عليه السّلام يقول:

«إنّ أحدكم ليغضب فما يرضى حتّى يدخل به النّار، فأيّما رجل منكم غضب على ذي رحمه فليدن منه فإنّ الرّحم إذا مسّتها الرّحم استقرّت، و إنّها متعلّقة بالعرش... فتنادي: اللّهمّ صل من وصلني، و اقطع من قطعني» و تلا قوله تعالى:

وَ اتَّقُوا اللّهَ الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ وَ الْأَرْحامَ (1).

حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ وَ بَناتُكُمْ وَ أَخَواتُكُمْ وَ عَمّاتُكُمْ وَ خالاتُكُمْ وَ بَناتُ الْأَخِ وَ بَناتُ الْأُخْتِ وَ أُمَّهاتُكُمُ اللاّتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَ أَخَواتُكُمْ مِنَ الرَّضاعَةِ وَ أُمَّهاتُ نِسائِكُمْ وَ رَبائِبُكُمُ اللاّتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسائِكُمُ اللاّتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ وَ حَلائِلُ أَبْنائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ وَ أَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلاّ ما قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللّهَ كانَ غَفُوراً رَحِيماً (23) عرضت الآية الكريمة إلى المحرّمات من النساء على الرجال، و كان منهنّ الربائب إذا دخل بامهاتهنّ، كما هو صريح الآية.

قال الإمام عليه السّلام:

«الرّبائب عليكم حرام مع الامّهات اللاّتي دخلتم بهنّ في الحجور و غير الحجور سواء»(2).

ص:53


1- الميزان ٤ : ١٤٨.
2- الاستبصار ٣ : ١٥٦.

وَ لا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كانَ بِكُمْ رَحِيماً (29)

استشهد الرسول بهذه الآية حينما سأله الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام، قال له:

«الجبائر تكون على الكسير كيف يتوضّأ صاحبها؟ و كيف يغتسل إذا أجنب؟ قال: يجزيه المسح بالماء عليها في الجنابة و الوضوء، قلت: فإن كان في برد يخاف على نفسه إذا أفرغ الماء على جسده، فقرأ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: وَ لا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كانَ بِكُمْ رَحِيماً »(1).

إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها وَ إِذا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللّهَ نِعِمّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللّهَ كانَ سَمِيعاً بَصِيراً (58) أمر اللّه تعالى عباده بأداء الأمانة إلى أهلها، كما أمر الحكّام و المسئولين أن يحكموا بالعدل،

قال الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام:

«حقّ على الإمام أن يحكم بما أنزل اللّه و أن يؤدّي الأمانة، فإذا فعل ذلك فحقّ على النّاس أن يسمعوا له و أن يطيعوا، و أن يجيبوا إذا دعوا»(2).

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْ ءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَ الرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ ذلِكَ خَيْرٌ وَ أَحْسَنُ تَأْوِيلاً (59)

ص:54


1- الميزان ٥ : ٣٢٢.
2- الدرّ المنثور ٢ : ١٧٥.

أمر اللّه تعالى بطاعته و طاعة رسوله و اولي الأمر، و هم آل بيت النبوة و معدن الحكمة، و قد وردت في ذلك كوكبة من الأخبار منها:

1 - روى جابر بن عبد اللّه الأنصاري: لمّا أنزل اللّه على نبيّه محمّد صلّى اللّه عليه و آله:

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ قلت:

يا رسول اللّه، عرفنا اللّه و رسوله، فمن اولو الأمر الذين قرن اللّه طاعتهم بطاعتك؟ فقال صلّى اللّه عليه و آله:

«هم خلفائي يا جابر، و أئمّة المسلمين من بعدي، أوّلهم عليّ بن أبي طالب، ثمّ الحسن، ثمّ الحسين، ثمّ عليّ بن الحسين، ثمّ محمّد بن عليّ المعروف بالتّوراة بالباقر ستدركه يا جابر، فإذا لقيته فاقرأه منّي السّلام، ثمّ الصّادق جعفر بن محمّد، ثمّ موسى بن جعفر، ثمّ عليّ بن موسى، ثمّ محمّد بن عليّ، ثمّ عليّ بن محمّد، ثمّ الحسن بن عليّ، ثمّ سميّي محمّد و كنيّي، حجّة اللّه في أرضه و بقيّته في عباده ابن الحسن بن عليّ، ذاك الّذي يفتح اللّه تعالى ذكره على يديه مشارق الأرض و مغاربها، ذاك الّذي يغيب عن شيعته و أوليائه غيبة لا يثبت فيها على القول بإمامته إلاّ من امتحن اللّه قلبه للإيمان».

قال جابر: فقلت: يا رسول اللّه، فهل يقع لشيعته الانتفاع به في غيبته؟ فقال صلّى اللّه عليه و آله:

«اي و الّذي بعثني بالنّبوّة، إنّهم يستضيئون بنوره، و ينتفعون بولايته في غيبته كانتفاع النّاس بالشّمس، و إن تجلاّها سحاب.

يا جابر، هذا من مكنون سرّ اللّه، و مخزون علم اللّه، فاكتمه إلاّ عن أهله»(1).

حكت هذه الرواية أسماء خلفاء النبي صلّى اللّه عليه و آله و أئمّة المسلمين الذين تدين الشيعة بالولاء لهم.

ص:55


1- تفسير البرهان ٥ : ٣٨١. الميزان ٥ : ٤٠٨ _ ٤٠٩.

2 -

روى أبو بصير عن الإمام أبي جعفر عليه السّلام أنّ هذه الآية نزلت في عليّ بن أبي طالب، فقال له أبو بصير: إنّ الناس يقولون لنا: فما منعه أن يسمّي عليّا و أهل بيته في كتابه؟ فقال أبو جعفر:

«قولوا لهم: إنّ اللّه أنزل على رسوله الصّلاة و لم يسمّ ثلاثا و لا أربعا، حتّى كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله هو الّذي فسّر ذلك لهم، و أنزل الحجّ و لم ينزل طوفوا سبعا حتّى فسّر ذلك لهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، و اللّه أنزل: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ نزلت في عليّ و الحسن و الحسين عليهم السّلام، و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من كنت مولاه فعليّ مولاه، و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: اوصيكم بكتاب اللّه، و أهل بيتي، إنّي سألت اللّه أن لا يفرّق بينهما حتّى يوردهما عليّ الحوض فأعطاني ذلك.

و قال: فلا تعلّموهم فإنّهم أعلم منكم، إنّهم لن يخرجوكم من باب هدى، و لن يدخلوكم في باب ضلال، و لو سكت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و لم يبيّن أهلها لادّعى آل عبّاس و آل عقيل و آل فلان، و لكن أنزل اللّه في كتابه: إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً (1)، فكان عليّ و الحسن و الحسين و فاطمة صلوات اللّه عليهم تأويل هذه الآية، فأخذ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بيد عليّ و فاطمة و الحسن و الحسين عليهم السّلام فأدخلهم تحت الكساء في بيت أمّ سلمة و قال: اللّهمّ إنّ لكلّ نبيّ ثقلا و أهلا فهؤلاء ثقلي و أهلي، و قالت أمّ سلمة: أ لست من أهلك؟ قال: إنّك إلى خير و لكنّ هؤلاء ثقلي و أهلي...»(2).

و جمع هذا الحديث الشريف الأهميّة البالغة لأهل البيت عليهم السّلام الذين هم الركيزة الاولى في الإسلام بعد كتاب اللّه تعالى، أدلاّء على مرضاة اللّه، و هداة

ص:56


1- الأحزاب : ٣٣.
2- تفسير العياشي ١ : ٢٥٠.

إصلاح و تقوى لعباد اللّه.

3 -

روى سليم بن قيس عن الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام قال له الإمام:

«أمّا أدنى ما يكون به العبد ضالاّ أن لا يعرف حجّة اللّه تبارك و تعالى، و شاهده على عباده الّذي أمر اللّه تعالى عباده بطاعته و فرض ولايته...».

و انبرى سليم قائلا:

يا أمير المؤمنين، صفهم لي...

و وصفهم الإمام قائلا:

«الّذين قرنهم اللّه بنفسه و نبيّه، فقال: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ».

و التفت سليم إلى الإمام يطلب منه زيادة التوضيح قائلا:

جعلني اللّه فداك، أوضح لي...

و أوضح الإمام له الأمر قائلا:

«الّذين قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في مواضع و في آخر خطبته يوم قبضه اللّه عزّ و جلّ إليه، إنّي تركت فيكم أمرين لن تضلّوا بعدي إن تمسّكتم بهما كتاب اللّه عزّ و جلّ و عترتي أهل بيتي، فإنّ اللّطيف الخبير قد عهد إليّ أنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض كهاتين - و جمع بين مسبحتيه - فتمسّكوا بهما و لا تقدّموهم فتضلّوا»(1).

وَ مَنْ يُطِعِ اللّهَ وَ الرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَ الصِّدِّيقِينَ وَ الشُّهَداءِ وَ الصّالِحِينَ وَ حَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً (69) قال الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام:

ص:57


1- الميزان ٥ : ٤١٢ ، نقلا عن ينابيع المودّة.

«جاء رجل من الأنصار إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله فقال:

يا رسول اللّه، ما أستطيع فراقك، و إنّي لأدخل منزلي فأذكرك فأترك ضيعتي و اقبل حتّى أنظر إليك حبّا لك، فذكرت إذا كان يوم القيامة و ادخلت الجنّة فرفعت في أعلى علّيّين، فكيف لي بك يا نبيّ اللّه؟ فنزل قوله تعالى: وَ مَنْ يُطِعِ اللّهَ وَ الرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَ الصِّدِّيقِينَ وَ الشُّهَداءِ وَ الصّالِحِينَ وَ حَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً فدعا النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله فقرأها عليه و بشّره بذاك»(1).

وَ إِذا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْها أَوْ رُدُّوها إِنَّ اللّهَ كانَ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ حَسِيباً (86) و مفاد الآية الكريمة واضح و هو أن من سلّم فيردّ عليه سلامه أو بأحسن منه، و هو من آداب الإسلام و تعاليمه القيّمة، و ينبغي أن يكون الردّ بالأحسن و لا يتجاوزه، فقد مرّ الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام على قوم فسلّم عليهم فقالوا له: عليك السّلام و رحمة اللّه و بركاته و مغفرته و رضوانه، فأنكر عليهم هذه الزيادة، و قال لهم:

«لا تجاوزوا بنا مثل ما قالت الملائكة لأبينا إبراهيم، قالوا: رَحْمَتُ اللّهِ وَ بَرَكاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ (2)»(3).

«و من صور التّحيّة في الإسلام أنّه إذا عطس شخص فينبغي أن يقال له:

يرحمكم اللّه، و هو يقول: يغفر اللّه لكم و يرحمكم، لأنّ اللّه تعالى يقول: وَ إِذا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْها » (4) هكذا قال الإمام عليه السّلام.

ص:58


1- أمالي الطوسي. مواهب الرحمن ٩ : ١٦.
2- هود : ٧٣.
3- الميزان ٥ : ٣٥ ، نقلا عن الكافي.
4- الخصال ٢ : ٦٣٣.

إِنَّ الَّذِينَ تَوَفّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ قالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قالُوا كُنّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ (97)

روي عن الإمام عليه السّلام في تحديد المستضعف:

«لا يقع اسم الاستضعاف على من بلغته الحجّة فسمعتها أذنه، و وعاها قلبه»(1).

وَ إِذا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنَّ الْكافِرِينَ كانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِيناً (101)

قال الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام:

«سأل قوم من التّجّار رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، فقالوا: يا رسول اللّه، إنّا نضرب في الأرض فكيف نصلّي؟ فأنزل اللّه: وَ إِذا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ ، ثمّ انقطع الوحي، فلمّا كان بعد ذلك بحول غزا النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله فصلّى الظّهر، فقال المشركون:

لقد أمكنكم محمّد و أصحابه من ظهورهم هلا شددتم عليهم؟ فقال قائل منهم: إنّ لهم مثلها اخرى في أثرها، فأنزل اللّه بين الصلاتين:

إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنَّ الْكافِرِينَ كانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِيناً.

وَ إِذا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ ، فنزلت صلاة الخوف»(2).

ص:59


1- شرح نهج البلاغة _ ابن أبي الحديد ٦ : ٦٨.
2- الدرّ المنثور ٢ : ٢٠٩.

وَ إِنِ امْرَأَةٌ خافَتْ مِنْ بَعْلِها نُشُوزاً أَوْ إِعْراضاً فَلا جُناحَ عَلَيْهِما أَنْ يُصْلِحا بَيْنَهُما صُلْحاً وَ الصُّلْحُ خَيْرٌ (128)

سئل الإمام عليه السّلام عن هذه الآية، فقال:

«هو الرّجل تكون عنده امرأتان، فتكون إحداهما قد عجزت، أو تكون دميمة فيريد فراقها فتصالحه على أن يكون عندها ليلة و عند الاخرى ليالي و لا يفارقها، فما طابت به نفسها فلا بأس به، فإن رجعت سوّى بينهما»(1).

وَ رُسُلاً قَدْ قَصَصْناهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَ رُسُلاً لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَ كَلَّمَ اللّهُ مُوسى تَكْلِيماً (164)

قال الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام في تفسير هذه الآية:

«كلّم اللّه موسى تكليما بلا جوارح و أدوات و شفة، و لا لهوات سبحانه و تعالى عن الصّفات»(2).

1

ص:60


1- مواهب الرحمن ٩ : ٤٠٨ ، نقلا عن سنن البيهقي.
2- مواهب الرحمن ٩ : ٢١١.

سورة المائدة

اشارة

« بسم اللّه الرّحمن الرّحيم » هذه السورة المباركة مدنيّة كلّها إلاّ آية:

اَلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ فإنّها نزلت على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله في حجّة الوداع ما بين مكّة و المدينة، و عدد آياتها مائة و عشرون آية (1).

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ إِلاّ ما يُتْلى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَ أَنْتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللّهَ يَحْكُمُ ما يُرِيدُ (1) روى ابن عباس قال: ما نزلت آية: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إلاّ و عليّ شريفها و أميرها (2).

و عن الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام: «إنّه ليس في القرآن يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إلاّ و قبالها في التّوراة: يا أيّها المساكين»(3).

ص:61


1- مجمع البيان ٣ : ١٥٠.
2- تفسير العيّاشي ١ : ٢٨٩.
3- تفسير العيّاشي ١ : ٢٨٩.

اَلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَ رَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (3) نزلت الآية الكريمة على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله حينما نصب الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام خليفة من بعده على امّته، و قائدا عاما لمسيرتها، فبولايته و إمامته قد كمل الدين، و تمّت رسالة سيّد المرسلين، و قد

قال الرسول صلّى اللّه عليه و آله:

«اللّه أكبر على إكمال الدّين، و إتمام النّعمة، و رضا الرّبّ برسالتي، و الولاية لعليّ».

ثمّ قال: «اللّهمّ وال من والاه، و عاد من عاداه، و انصر من نصره، و اخذل من خذله».

و انبرى حسّان بن ثابت فاستأذن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أن ينشد أبياتا يسجل فيها هذه المناسبة فأذن له النبيّ، فقال:

يناديهم يوم الغدير نبيّهم بخمّ و أسمع بالنبيّ مناديا

فقال فمن مولاكم و وليّكم فقالوا و لم يبدوا هناك تعاميا

إلهك مولانا و أنت وليّنا و لن تجدن فينا لك اليوم عاصيا

فقال له قم يا عليّ فإنّني رضيتك من بعدي إماما و هاديا

لقد نزلت هذه الآية بعد قوله تعالى: يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ... (1).

و قد تواترت الأخبار في حديث الغدير، فقد قال أبو المعالي الجويني:

ص:62


1- المائدة : ٦٧.

شاهدت مجلّدا ببغداد في يدي صحّاف فيه روايات عيد الغدير مكتوبا عليه:

المجلّد الثامن و العشرون من طرق: «من كنت مولاه فعليّ مولاه»، و يتلوه المجلّد التاسع و العشرون.

و قد عرض بصورة مفصّلة إلى سند الرواية في حديث الغدير سماحة المحقّق الكبير المغفور الشيخ الأميني في كتابه الخالد «الغدير»، كما عرض لذلك مير حامد في كتابه: «عبقات الأنوار».

إنّ حادثة الغدير بما اشتملت عليه من نصب الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام خليفة على المسلمين إنّما هي جزء من رسالة الإسلام، فمن أنكرها فقد أنكر الإسلام، كما يقول المغفور له العلاّمة العلائلي:

و قد بايع الخليفة الثاني الإمام عليه السّلام، و قال له: بخّ بخّ أصبحت مولاي و مولى كلّ مؤمن و مؤمنة، و بايعنه امّهات المؤمنين.

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَ أَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ وَ امْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَ أَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَ إِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا وَ إِنْ كُنْتُمْ مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَ أَيْدِيكُمْ مِنْهُ ما يُرِيدُ اللّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَ لكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَ لِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (6) دلّت الآية الكريمة - بوضوح - على غسل الوجه و الأيدي و مسح الرءوس و الرّجل للوضوء، و ظاهر المسح و المتبادر منه هو المسح على البشرة، فلا يجزي

ص:63

المسح على الخفّين في مسح الرّجل، و قد أخذ الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام بظاهر الآية فلم يجز المسح على الخفّ، و قد شاع جواز ذلك في عهد عمر،

و يقول الرواة: إنّ الإمام مرّ على رجل توضّأ و مسح على خفّيه فدخل المسجد و صلّى فيه فأمسكه الإمام، و قال له: «ويلك تصلّي على غير وضوء؟». فقال: أمرني عمر بن الخطّاب، فأخذ بيده و أقبل على عمر و قال له: «انظر ما يروي هذا عنك؟»، فقال عمر: نعم أنا أمرته، إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله مسح، فقال الإمام: «مسح قبل المائدة أو بعدها؟».

قال: لا أدري. فقال له: «فلم تفتي و أنت لا تدري، سبق الكتاب الخفّين»(1).

إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللّهَ وَ رَسُولَهُ وَ يَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَ أَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيا وَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ (33) دلّت الآية على العقاب القاسي للمفسدين و الذين يسعون في الأرض فسادا، بان يقتّلوا أو يصلّبوا أو تقطّع أيديهم و أرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض، و ذلك لحسم مادة الفساد، و نشر الأمن بين الناس، و قد كان حارثة بن بدر التميمي من أهل البصرة قد سعى في الأرض فسادا، و لكنه تاب، و كلّم رجالا من قريش أن يأخذوا له أمانا من الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام فأبى القرشيون من إجابته، و استجاب له سعيد بن قيس الهمداني، و كان من خيار أصحاب الإمام عليه السّلام، فقصد الإمام، و قال له:

يا أمير المؤمنين ما جزاء الذين يحاربون اللّه و رسوله و يسعون في الأرض فسادا؟...

فأجابه الإمام بالعقاب الصارم لهم قائلا:

ص:64


1- تفسير البرهان ٦ : ٤٥٢ ، وقريب منه في تفسير العيّاشي. الميزان ٦ : ٢٣٣ _ ٢٣٤.

«أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَ أَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ».

ثمّ قال: «إِلاَّ الَّذِينَ تابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ... » (1).

فقال سعيد: و إن كان حارثة بن بدر، و قد جاء تائبا...؟ قال الإمام: «نعم»، فأقبل حارثة نحو الإمام فبايعه و أعلن التوبة، فكتب له الأمان (2).

سَمّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكّالُونَ لِلسُّحْتِ فَإِنْ جاؤُكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَ إِنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَنْ يَضُرُّوكَ شَيْئاً وَ إِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (42) سئل الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام عن السّحت في الآية؟ فقال الرشا، فقيل له في الحكم؟ قال عليه السّلام: «ذاك الكفر» (3).

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَ يُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ يُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَ لا يَخافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذلِكَ فَضْلُ اللّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَ اللّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ (54) قيل: هذه الآية نزلت في الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام و أصحابه حين قاتل من

ص:65


1- المائدة : ٣٤.
2- الدرّ المنثور ٢ : ٢٧٩.
3- المصدر المتقدّم : ٢٨٤ ، وعرض لذلك الإمام الشيخ مرتضى الأنصاري في المكاسب.

قاتله من الناكثين و هم أصحاب الجمل، و القاسطين و هم أصحاب معاوية، و المارقين و هم الخوارج، روى ذلك عمّار و حذيفة و ابن عباس، و هو المروي عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السّلام (1).

و ذكر السيّد الطباطبائي في الميزان مؤيّدات لهذا القول.

إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ (55) هذه الآية المباركة التي قلّدت الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام و سام الولاية، و قرنتها بولاية اللّه تعالى و رسوله العظيم، و نقف وقفة قصيرة في البحث عنها.

سبب نزولها:

أمّا سبب نزول الآية فقد

رواه الصحابي الجليل أبو ذرّ الغفاري، قال في حديث له:

سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بهاتين و إلاّ فصمّتا، و رأيته بهاتين و إلاّ فعميتا، يقول:

«عليّ قائد البررة، و قاتل الكفرة، منصور من نصره، مخذول من خذله».

أما إنّي صلّيت مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يوما من الأيام صلاة الظهر فسأل سائل في المسجد فلم يعطه أحد، فرفع السائل يده إلى السماء و قال: اللّهمّ اشهد أنّي سألت في مسجد رسول اللّه فلم يعطني أحد شيئا، و كان عليّ راكعا، فأومأ إليه بخنصره اليمنى و كان يتختّم فيها، فأقبل السائل حتّى أخذ الخاتم من خنصره، و ذلك بعين

النبي صلّى اللّه عليه و آله، فلمّا فرغ من صلاته رفع رأسه إلى السماء و قال: «اللّهمّ، موسى سألك

ص:66


1- الدرّ المنثور ٢ : ٢٧٩.

فقال: رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي. وَ يَسِّرْ لِي أَمْرِي. وَ احْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسانِي.

يَفْقَهُوا قَوْلِي. وَ اجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي. هارُونَ أَخِي. اُشْدُدْ بِهِ أَزْرِي.

وَ أَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي (1)، فأنزلت عليه قرآنا ناطقا: قالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَ نَجْعَلُ لَكُما سُلْطاناً فَلا يَصِلُونَ إِلَيْكُما بِآياتِنا... (2).

اللّهمّ و أنا محمّد نبيّك و صفيّك، اللّهمّ اشرح لي صدري، و يسّر لي أمري، و اجعل لي وزيرا من أهلي، عليّا، اشدد به ظهري»، فما استتمّ كلام رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله حتى نزل عليه جبرئيل من عند اللّه تعالى، فقال:

يا محمّد، اقرأ.

قال: و ما أقرأ؟ قال: اقرأ: إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ (3).

و روى الإمام أبو جعفر عليه السّلام أنّ رهطا من اليهود أسلموا منهم عبد اللّه بن سلام، و أسد بن ثعلبة، و ابن يامين، و ابن صوريا، فأتوا النبي صلّى اللّه عليه و آله فقالوا له: يا نبيّ اللّه، إنّ موسى أوصى إلى يوشع بن نون، فمن وصيّك يا رسول اللّه؟ و من وليّنا بعدك؟ فنزلت هذه الآية: إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ .

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: «قوموا»، فقاموا معه إلى المسجد فإذا سائل خارج، فقال صلّى اللّه عليه و آله: «يا سائل، هل أعطاك أحد شيئا؟». قال: نعم، هذا الخاتم.

ص:67


1- طه : ٢٥ _ ٣٢.
2- القصص : ٣٥.
3- الميزان ٦ : ٢٠.

قال: «من أعطاكه؟». قال: أعطانيه ذلك الرجل الذي يصلّي.

قال: «على أيّ حال أعطاك؟». قال: كان راكعا، فكبّر النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و كبّر أهل المسجد.

فقال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: «عليّ وليّكم بعدي».

قالوا: رضينا باللّه ربّا، و بمحمّد نبيّا، و بعليّ بن أبي طالب وليّا، فأنزل اللّه تعالى: وَ مَنْ يَتَوَلَّ اللّهَ وَ رَسُولَهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْغالِبُونَ (1).

و روى عمّار بن ياسر قال:

وقف سائل لعليّ بن أبي طالب و هو راكع في صلاة تطوّع، فنزع خاتمه فأعطاه السائل، فأتى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فأخبره، فنزل على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله هذه الآية: إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ ،

فقرأها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله علينا، ثمّ قال:

«من كنت مولاه فعليّ مولاه، اللّهمّ و وال من والاه، و عاد من عاداه» (2).

و انبرى حسّان بن ثابت فنظم هذه المنقبة و الكرامة للإمام قائلا:

أبا حسن تفديك نفسي و مهجتي و كلّ بطيء في الهدى و مسارع

أ يذهب مدحي و المحبّين ضائعا و ما المدح في ذات الإله بضائع

فأنت الذي أعطيت إذ أنت راكع فدتك نفوس القوم يا خير راكع

بخاتمك الميمون يا خير سيّد و يا خير شار ثمّ يا خير بائع

فأنزل فيك اللّه خير ولاية و بيّنها في محكمات الشّرائع (3)

ص:68


1- البرهان ٨ : ٤٨٠. غاية المرام : ١٠٣. تفسير القمّي ١ : ١٧٠.
2- تفسير العيّاشي ١ : ٣٢٧.
3- الميزان ٦ : ٢٣.

دلالة الآية:

أمّا دلالة الآية الكريمة فهي صريحة و واضحة بإثبات الولاية المطلقة للإمام أمير المؤمنين عليه السّلام على جميع العباد، كولاية اللّه تعالى و ولاية رسوله، و قد أكّد القرآن الكريم هذه الولاية بأداة الحصر و هي «إنّما» و اسمية الجملة، و قد عبّرت الآية عن الإمام عليه السّلام بصيغة الجمع اَلَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ إلى آخر الآية، و لم تعبّر عنه بصيغة المفرد تعظيما و تكريما و تبجيلا لهذا العملاق العظيم الذي قام الإسلام بجهوده و جهاده.

وَ لَوْ أَنَّهُمْ أَقامُوا التَّوْراةَ وَ الْإِنْجِيلَ وَ ما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ وَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ ساءَ ما يَعْمَلُونَ (66)

روى أبو الصهباء الكبرى قال: سمعت عليّ بن أبي طالب عليه السّلام، دعا رأس الجالوت و أسقف النصارى فقال:

«إنّي سائلكما عن أمر و أنا أعلم به منكما فلا تكتما».

ثمّ دعا أسقف النصارى، فقال:

«انشدك باللّه الّذي أنزل الإنجيل على عيسى، و جعل على رجله البركة، و كان يبرئ الأكمه و الأبرص، و أزال ألم العين، و أحيى الميّت، و صنع لكم من الطّين طيورا، و أنبأكم بما تأكلون، و ما تدّخرون».

فقال: دون هذا أصدق...

فقال الإمام: «بكم افترقت بنو إسرائيل بعد عيسى؟».

فقال: لا و اللّه، و لا فرقة واحدة.

ص:69

فقال الإمام: «كذبت و اللّه الّذي لا إله إلاّ هو لقد افترقت اثنتين و سبعين فرقة كلّها في النّار إلاّ فرقة واحدة، إنّ اللّه يقول: مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ وَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ ساءَ ما يَعْمَلُونَ فهذه الّتي تنجو»(1).

يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَ اللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النّاسِ إِنَّ اللّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ (67) نزلت الآية الكريمة على الرسول الأعظم صلّى اللّه عليه و آله بتبليغ أمر بالغ الأهمية كان مشفوعا بالإنذار و الوعيد إذا لم يقم بإذاعته بين المسلمين، و قد وعده تعالى بالعصمة من الناس، و النجاة ممّا يخاف منه ما هو هذا الأمر الذي اهتمّت به السماء؟ ما هو هذا الأمر البالغ الخطورة؟ إنّه إقامة الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام علما لهذه الامّة و قائدا لمسيرتها، و خليفة عليها بعد رحيل الرسول صلّى اللّه عليه و آله إلى الفردوس الأعلى.

لقد تواترت الأخبار، و بلغت درجة اليقين و القطع بيوم الغدير الذي هو جزء من رسالة الإسلام، فقد رواه من الصحابة مائة و عشرة صحابيّين، و ثمانون من التابعين و قد ذكر المحقّق الأميني أسماءهم (2)، أمّا تفصيل الحادثة فقد ذكرها الرواة بالإجماع، و هي: أنّ الرسول صلّى اللّه عليه و آله لمّا قضى مناسكه و قفل راجعا إلى المدينة، فلمّا انتهى إلى غدير خم، و ذلك في اليوم الثامن عشر من ذي الحجة نزل عليه جبرئيل بهذه الآية: يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ ، فأمر رسول اللّه أن يقام

ص:70


1- تفسير العيّاشي ١ : ٣٣١.
2- الغدير ١ : ١٤ _ ٦١.

له منبر فاقيم له من حدائج الإبل، فصعد عليه و رفع عقيرته قائلا بعد حمد اللّه و الثناء عليه:

«أيّها النّاس، قد نبّأني اللّطيف الخبير أنّه لم يعمّر نبيّ إلاّ مثل نصف عمر الّذي قبله، و إنّي اوشك أن ادعى فأجيب، و إنّي مسئول، و أنتم مسئولون، فما ذا أنتم قائلون؟».

فانبروا جميعا بصوت واحد: نشهد أنّك قد بلّغت، و نصحت و جهدت فجزاك اللّه خيرا، و استمر النبيّ في خطابه قائلا:

«أ لستم تشهدون أن لا إله إلاّ اللّه، و أنّ محمّدا عبده و رسوله، و أنّ جنّته حقّ، و أنّ ناره حقّ، و أنّ الموت حقّ، و أنّ السّاعة آتية لا ريب فيها، و أنّ اللّه يبعث من في القبور...».

فهتفوا جميعا: بلى نشهد بذلك...

و رفع الرّسول صلّى اللّه عليه و آله رأسه إلى السماء قائلا:

«اللّهمّ اشهد...».

و وجّه النبي إليهم خطابه قائلا:

«أيّها النّاس أ لا تسمعون؟».

نعم.

و أنبرى الرسول ليقيم عليهم الحجّة، و يدلي بما أمره اللّه به قائلا:

«إنّي فرط على الحوض، و أنتم واردون عليّ الحوض، و إنّ عرضه ما بين صنعاء و بصرى (1)، فيه أقداح عدد النّجوم من فضّة، فانظروا كيف تخلّفوني في الثّقلين؟...».

ص:71


1- صنعاء : عاصمة اليمن. بصرى : قصبة كورة حوران من أعمال دمشق.

فناداه مناد: ما الثقلان؟ «الثّقل الأكبر كتاب اللّه، طرف بيد اللّه عزّ و جلّ، و طرف بأيديكم فتمسّكوا به لا تضلّوا، و الآخر الأصغر عترتي، و إنّ اللّطيف الخبير نبّأني أنّهما لن يتفرّقا حتّى يردا عليّ الحوض، فسألت ذلك لهما ربّي، فلا تقدّموهما فتهلكوا، و لا تقصروا عنهما فتهلكوا...».

ثمّ أخذ بيد الإمام أمير المؤمنين باب مدينة علمه، و رفعه فبان بياض إبطيهما، و قال:

«أيّها النّاس، من أولى النّاس بالمؤمنين من أنفسهم؟...».

فأجابوه جميعا:

اللّه و رسوله أعلم...

فرفع صوته عاليا:

«إنّ اللّه مولاي، و أنا مولى المؤمنين، و أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم، فمن كنت مولاه فعليّ مولاه». قال ذلك ثلاث أو أربع مرّات.

ثمّ ختم كلامه بالقول:

«اللّهمّ وال من والاه، و عاد من عاداه، و أحبّ من أحبّه، و أبغض من أبغضه، و انصر من نصره، و اخذل من خذله، و أدر الحقّ معه حيث دار، ألا فليبلّغ الشّاهد الغائب...».

و بذلك أقام النبي وصيّه خليفة من بعده، و قلّده و سام الخلافة الإسلامية، و نصبه علما و رائد خير لامّته، و قد بايعه جميع من حضر الاحتفال بالإمرة و الإمارة من بعد الرسول صلّى اللّه عليه و آله، هذا مجمل القول في بيعة الإمام في يوم الغدير (1).

ص:72


1- الغدير ١ : ٨ _ ١٠.

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ ما أَحَلَّ اللّهُ لَكُمْ وَ لا تَعْتَدُوا إِنَّ اللّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (87) نزلت هذه الآية الكريمة في الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام، و بلال الحبشي، و عثمان بن مظعون، فأمّا أمير المؤمنين فقد حلف أن لا ينام اللّيل أبدا - و ذلك ليصلّي فيه للّه تعالى -، و أمّا بلال فحلف أن لا يفطر بالنّهار أبدا - و ذلك بأن يصوم طيلة حياته -، و أمّا عثمان بن مظعون فإنّه حلف أن لا ينكح أبدا.

فدخلت امرأة عثمان على عائشة، و كانت امرأة جميلة، فقالت لها عائشة:

مالي أراك متعطلة؟ فقالت: و لمن أتزيّن، فو اللّه ما قربني زوجي منذ كذا و كذا فإنّه قد ترهب و لبس المسوح و زهد في الدنيا.

و أخبرت عائشة الرسول صلّى اللّه عليه و آله بالأمر، فأمر أن ينادي الصلاة جامعة، فاجتمع النّاس، فصعد المنبر، فحمد اللّه و أثنى عليه، ثمّ قال:

«ما بال أقوام يحرّمون على أنفسهم الطّيّبات؟ ألا إنّي أنام باللّيل، و أنكح و أفطر بالنّهار، فمن رغب عن سنّتي فليس منّي...».

فقام الجماعة، و قالوا: يا رسول اللّه، قد حلفنا على ذلك فأنزل اللّه عليه:

لا يُؤاخِذُكُمُ اللّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ (1).(2) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَ أَنْتُمْ حُرُمٌ وَ مَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفّارَةٌ طَعامُ مَساكِينَ أَوْ عَدْلُ ذلِكَ

ص:73


1- البقرة : ٢٢٥.
2- تفسير القمي ١ : ١٨٦. الميزان ٦ : ١١٢.

صِياماً لِيَذُوقَ وَبالَ أَمْرِهِ عَفَا اللّهُ عَمّا سَلَفَ وَ مَنْ عادَ فَيَنْتَقِمُ اللّهُ مِنْهُ وَ اللّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقامٍ (95)

سأل رجل الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام عن الهدي ممّا هو؟ قال الإمام:

«من الثمانية الأزواج»، فكأنّ الرجل شكّ، فقال له الإمام:

«أ تقرأ القرآن؟».

قال الرجل: نعم.

قال الإمام: «أ فسمعت اللّه يقول: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ... » (1).

قال الرّجل: نعم.

قال الإمام: «و سمعته يقول:... لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللّهِ عَلى ما رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعامِ... » (2).

قال الرجل: نعم.

قال الإمام: «أ فسمعته يقول:... مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَ مِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ ...

... وَ مِنَ الْإِبِلِ اثْنَيْنِ وَ مِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ... »(3).

قال الرجل: نعم.

قال الإمام: «أ فسمعته يقول: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَ أَنْتُمْ حُرُمٌ وَ مَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ... ».

ص:74


1- المائدة : ١.
2- الحجّ : ٣٤.
3- الأنعام : ١٤٣ و ١٤٤.

قال الرجل: نعم.

فقال الإمام: «إن قتلت ظبيا فما عليّ؟».

قال الرجل: شاة.

قال الإمام: «هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ ».

قال الرجل: نعم.

فقال الإمام: «قد سمّاه اللّه هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ كما تسمع»(1).

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَ إِنْ تَسْئَلُوا عَنْها حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللّهُ عَنْها وَ اللّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ (101) نهى اللّه تعالى عن سؤال بعض الامور التي إن بدت و ظهرت تسوء السائل، و قد

ورد عن الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام أنّه قال:

«إنّ اللّه افترض عليكم فرائض فلا تضيّعوها، و حدّد لكم حدودا فلا تعتدوها، و نهاكم عن أشياء فلا تنتهكوها، و سكت لكم عن أشياء و لم يدعها نسيانا فلا تتكلّفوها...»(2).

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (105) أمرت الآية المؤمنين أن يهذّبوا نفوسهم، و لا يضرهم و يوحشهم من ضلّ عن

ص:75


1- الدرّ المنثور ٣ : ١٩٣. الميزان ٦ : ١٤٦.
2- مجمع البيان ٣ : ٢٨٧. تفسير الصافي ٧ : ٩٢.

طريق اللّه تعالى، و قد اثرت عن إمام المتّقين عليه السّلام كوكبة من الكلمات الحكمية تدعو إلى تهذيب النفس و تزكيتها و معرفتها كان منها ما يلي:

1 -

قال عليه السّلام «أعظم الجهل جهل الإنسان أمر نفسه».

2 -

قال عليه السّلام «أعظم الحكمة معرفة الإنسان نفسه».

3 -

قال عليه السّلام «أكثر النّاس معرفة لنفسه أخوفهم لربّه».

4 -

قال عليه السّلام «عجبت لمن ينشد ضالّته و قد أضلّ نفسه فلا يطلبها».

5 -

قال عليه السّلام «عجبت لمن يجهل نفسه كيف يعرف ربّه؟».

6 -

قال عليه السّلام «غاية المعرفة أن يعرف المرء نفسه».

7 -

قال عليه السّلام «كفى بالمرء معرفة أن يعرف نفسه، و كفى بالمرء جهلا أن يجهل نفسه».

8 -

قال عليه السّلام «من عرف نفسه تجرّد»: أي تجرد عن شهوات الدنيا.

9 -

قال عليه السّلام «من عرف نفسه جاهدها، و من جهل نفسه أهملها».

10 -

قال عليه السّلام «من عرف نفسه جلّ أمره».

11 -

قال عليه السّلام «من عرف نفسه فقد انتهى إلى غاية كلّ معرفة و علم».

12 -

قال عليه السّلام «من لم يعرف نفسه بعد عن سبيل النّجاة و خبط في الضّلال و الجهالات».

13 -

قال عليه السّلام «معرفة النّفس أنفع المعارف».

14 -

قال عليه السّلام «لا تجهل نفسك فإنّ الجاهل معرفة نفسه جاهل بكلّ شيء»(1).

و كثير من أمثال هذه الكلمات الذهبية اثرت عن عملاق الفكر الإسلامي أمير

ص:76


1- الغرر والدرر _ الآمدي. الميزان ٦ : ١٧٣ _ ١٧٤.

المؤمنين عليه السّلام و هي تحثّ المسلمين على معرفة نفوسهم و ما فيها من الأجهزة العجيبة التي يحار الفكر فيها، و ممّا لا شبهة فيه أنّ معرفة الإنسان لنفسه توجب معرفته بربه تعالى خالق الكون و واهب الحياة.1

ص:77

سورة الأنعام

« بسم اللّه الرّحمن الرّحيم » هذه السورة مكّية عدا ست آيات، و عدد آياتها مائة و خمس و ستون آية وَ نُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَ أَبْصارَهُمْ كَما لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَ نَذَرُهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ (110) دلّت الآية الكريمة أنّ الكافرين لا يؤمنون باللّه و ما أنزل على رسوله قبل نزول الآيات و بعدها على حدّ سواء، و يرشد لهذا ما

روي عن الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام:

«إنّ ما تقبلون عليه من الجهاد، الجهاد بأيديكم، ثمّ الجهاد بقلوبكم، فمن لم يعرف قلبه معروفا، و لم ينكر منكرا، نكس قلبه فجعل أسفله أعلاه، فلا يقبل خيرا أبدا»(1).

ص:78


1- تفسير القمّي ١ : ٢١٣.

سورة الأعراف

« بسم اللّه الرّحمن الرّحيم » هذه السورة المباركة مكيّة، و عدد آياتها مائتان و ست آيات وَ الْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ.

وَ مَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ فَأُولئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ بِما كانُوا بِآياتِنا يَظْلِمُونَ (8) و (9)

قال الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام:

«من كان ظاهره أرجح من باطنه خفّف ميزانه يوم القيامة، و من كان باطنه أرجح من ظاهره ثقل ميزانه يوم القيامة»(1).

و روي أنّ الإمام عليه السّلام قال في تفسيره بما مضمونه:

«فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ و خَفَّتْ مَوازِينُهُ إنّما يعني أنّ الحسنات توزن، و هي توجب ثقل الميزان، و السيّئات توجب خفّة في الميزان» (2).

ص:79


1- الميزان ٨ : ١٥.
2- التّوحيد : ٢٦٨.

وَ بَيْنَهُما حِجابٌ وَ عَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ يَعْرِفُونَ كُلاًّ بِسِيماهُمْ وَ نادَوْا أَصْحابَ الْجَنَّةِ أَنْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ لَمْ يَدْخُلُوها وَ هُمْ يَطْمَعُونَ (46)

روى الأصبغ بن نباتة قال: كنت عند أمير المؤمنين عليه السّلام فقال له رجل:

وَ عَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ يَعْرِفُونَ كُلاًّ بِسِيماهُمْ .

فقال له الإمام:

«نحن الأعراف نعرف أنصارنا بسيماهم، و نحن الأعراف الّذين لا يعرف اللّه إلاّ بسبيل معرفتنا، و نحن الأعراف نقف يوم القيامة بين الجنّة و النّار فلا يدخل الجنّة إلاّ من عرفنا و عرفناه، و لا يدخل النّار إلاّ من أنكرنا و أنكرناه، و ذلك قول اللّه عزّ و جلّ»، و تلا الآية الكريمة(1).

و روى الأصبغ بن نباتة قال: كنت جالسا عند عليّ عليه السّلام فأتاه ابن الكوّاء فسأله عن هذه الآية، فقال:

«و يحك يا ابن الكواء، نحن نقف يوم القيامة بين الجنّة و النّار، فمن نصرنا عرفناه بسيماه فأدخلناه الجنّة، و من أبغضنا عرفناه بسيماه فأدخلناه النّار»(2).

إِنَّ رَبَّكُمُ اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً وَ الشَّمْسَ وَ الْقَمَرَ وَ النُّجُومَ مُسَخَّراتٍ بِأَمْرِهِ أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَ الْأَمْرُ تَبارَكَ اللّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ (54)

ص:80


1- الميزان ٨ : ١٤٥.
2- مجمع البيان ٤ : ٦٥٣.

تحدّث الإمام عليه السّلام عن العرش حينما سئل عنه، فأجاب:

«إنّ الملائكة تحمل العرش، و ليس العرش - كما تظنّ - كهيئة السّرير، و لكنّه شيء محدود، مخلوق، مدبّر، و ربّك عزّ و جلّ مالكه لا أنّه عليه، ككون الشّيء على الشّيء»(1).

و سأل الجاثليق الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام، فقال له:

اخبرني عن اللّه عزّ و جلّ يحمل العرش أو العرش يحمله؟ فأجابه الإمام بمنطق الدراية و الحكمة قائلا:

«اللّه عزّ و جلّ حامل العرش و السّماوات و الأرض، و ما فيهما و ما بينهما، و ذلك قول اللّه عزّ و جلّ: إِنَّ اللّهَ يُمْسِكُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ أَنْ تَزُولا وَ لَئِنْ زالَتا إِنْ أَمْسَكَهُما مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كانَ حَلِيماً غَفُوراً (2).

و طفق الجاثليق قائلا:

اخبرني عن قوله تعالى: وَ يَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمانِيَةٌ (3) فكيف ذاك؟ و قلت: إنّه يحمل العرش و السماوات؟...

و أجابه باب مدينة علم النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قائلا:

«إنّ العرش خلقه اللّه تبارك و تعالى من أنوار أربعة: نور أحمر منه احمرّت الحمرة، و نور أخضر منه اخضرّت الخضرة، و نور أصفر منه اصفرّت الصّفرة، و نور أبيض منه ابيضّ البياض... و هو العلم الّذي حمّله اللّه الحملة، و ذلك نور من نور

ص:81


1- التّوحيد : ٣١٩.
2- فاطر : ٤١.
3- الحاقّة : ١٧.

عظمته، فبعظمته و نوره أبصرت قلوب المؤمنين، و بعظمته و نوره عاداه الجاهلون، و بعظمته و نوره ابتغى من في السّماوات و الأرض من جميع خلائقه إليه الوسيلة بالأعمال المختلفة و الأديان المتشتّتة، فكلّ شيء محمول يحمله اللّه بنوره و عظمته و قدرته لا يستطيع لنفسه ضرّا و لا نفعا، و لا موتا و لا حياة و لا نشورا، فكلّ شيء محمول و اللّه تبارك و تعالى الممسك لهما أن تزولا، و المحيط بهما من شيء، و هو حياة كلّ شيء و نور كلّ شيء سبحانه و تعالى عمّا يقولون علوّا كبيرا...».

و راح الجاثليق يقول:

اخبرني عن اللّه أين هو؟...

فأجابه الإمام:

«هو هاهنا و هاهنا، و فوق و تحت، و محيط بنا و معنا، و هو قوله:... ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ إِلاّ هُوَ رابِعُهُمْ وَ لا خَمْسَةٍ إِلاّ هُوَ سادِسُهُمْ وَ لا أَدْنى مِنْ ذلِكَ وَ لا أَكْثَرَ إِلاّ هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ ما كانُوا... (1)، فالكرسيّ محيط بالسّماوات و الأرض وَ ما بَيْنَهُما وَ ما تَحْتَ الثَّرى. وَ إِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَ أَخْفى (2)، و ذلك قوله:... وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ لا يَؤُدُهُ حِفْظُهُما وَ هُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ (3)، فالّذين يحملون العرش هم العلماء - أي من الملائكة - الّذين حمّلهم اللّه علمه، و ليس يخرج من هذه الأربعة شيء خلقه اللّه في ملكوته، و هو الملكوت الّذي أراه اللّه أصفياءه و أراه خليله فقال: وَ كَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ لِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ (4)، و كيف يحمل حملة العرش اللّه و بحياته حييت قلوبهم،

ص:82


1- المجادلة : ٧.
2- طه : ٦ و ٧.
3- البقرة : ٢٥٥.
4- الأنعام : ٧٥.

و بنوره اهتدوا إلى معرفته»(1).

و قد حلّل السيّد الطباطبائي الحديث و بين فقراته، و يعدّ هذا الحديث من أروع البحوث الكلامية التي ألمّت ببعض الامور الغامضة و كشفت حقيقتها.

وَ جاوَزْنا بِبَنِي إِسْرائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْا عَلى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلى أَصْنامٍ لَهُمْ قالُوا يا مُوسَى اجْعَلْ لَنا إِلهاً كَما لَهُمْ آلِهَةٌ قالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ (138) نزلت الآية الكريمة في بني إسرائيل فإنّهم لمّا قطع بهم موسى البحر و هو نيل مصر، و اغرق اللّه فرعون و قومه فيه، مرّوا على قوم يعكفون على أصنامهم، فقالوا لنبيّهم: يا مُوسَى اجْعَلْ لَنا إِلهاً كَما لَهُمْ آلِهَةٌ ، و دلّ ذلك على إغراقهم في الجهل، و عدم إيمانهم باللّه الواحد القهّار، هذا ما أفادته الآية،

و قد اعترض الجاثليق على أمير المؤمنين عليه السّلام فقال له مندّدا بالمسلمين:

لم تلبثوا بعد نبيّكم إلاّ ثلاثين سنة حتّى ضرب بعضكم وجه بعض بالسيف...

فأجابه الإمام بمنطقه الفياض:

«و أنتم - يا معشر اليهود - لم تجفّ أقدامكم من ماء البحر حتّى قلتم: اِجْعَلْ لَنا إِلهاً كَما لَهُمْ آلِهَةٌ... »(2).

و لم يطق الجاثليق الردّ على الإمام بعد هذا البرهان الحاسم و الحجّة القاطعة.

وَ لَمّا جاءَ مُوسى لِمِيقاتِنا وَ كَلَّمَهُ رَبُّهُ قالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قالَ

ص:83


1- الميزان ٨ : ١٦٢ _ ١٦٧.
2- البرهان ٢ : ٣٢.

لَنْ تَرانِي وَ لكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكانَهُ فَسَوْفَ تَرانِي فَلَمّا تَجَلّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَ خَرَّ مُوسى صَعِقاً فَلَمّا أَفاقَ قالَ سُبْحانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَ أَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ (143) لمّا انتهى موسى عليه السّلام إلى الميقات و كلّمه اللّه تعالى، طلب موسى من اللّه أن يراه، فردّ اللّه عليه أنّه لن يراه، و عهد إليه أن ينظر إلى الجبل فإن استقرّ مكانه فسوف يرى اللّه تعالى، و لمّا ظهر وحي اللّه للجبل جعله دكّا، و خرّ موسى صعقا يطلب من اللّه التوبة على سؤاله،

و قد علق الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام على هذه الآية و شرح أبعادها قائلا:

«سأل موسى عليه السّلام و جرى على لسانه من حمد اللّه عزّ و جلّ:... رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ... ، فكانت مسألته تلك أمرا عظيما، و سأل أمرا جسيما، فعوقب فقال اللّه تعالى: لن تراني في الدّنيا حتّى تموت، فتراني في الآخرة، و لكن إن أردت أن تراني: ف اُنْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكانَهُ فَسَوْفَ تَرانِي ، فأبدى اللّه سبحانه بعض آياته، و تجلّى ربّنا للجبل فتقطّع الجبل فصار رميما، و خرّ موسى صعقا، ثمّ أحياه اللّه و بعثه و تاب عليه فقال:... سُبْحانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَ أَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ ، يعني أوّل مؤمن آمن بك منهم بأنّه لا يراك»(1).

و قد سئل عملاق الإيمان في الإسلام الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام فقيل له:

يا أخا رسول اللّه، هل رأيت ربّك؟... فأجاب:

«لم أكن بالّذي أعبد ربّا لم أره».

كيف رأيته؟ صفه لنا.

و أخذ الإمام في وصفه للّه تعالى قائلا:

ص:84


1- التّوحيد : ٢٦٣.

«لم تره العيون بمشاهدة الأبصار، و لكن رأته القلوب بحقائق الإيمان»(1).

و دلّ ذلك على مدى إيمانه العميق الذي امتاز على الكثيرين من أنبياء اللّه، و حسبه أنّه نفس رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله الذي هو أفضل من جميع الأنبياء.

و كان من عظيم إيمانه أنّه قال:

«ما رأيت شيئا إلاّ و رأيت اللّه قبله»(2).

و قال: «لم أعبد ربّا لم أره» (3)، إنّه رأى اللّه تعالى بقلبه المليء بالإيمان، فقد نظر إلى الكائنات الحية و غيرها و تأمّلها فرآها تنطق بوجود الخالق العظيم، المبدع و المصوّر لهذه الأكوان، و تعجز العقول أن تدرك كنهه أو تحيط بمعرفته.

وَ مِنْ قَوْمِ مُوسى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَ بِهِ يَعْدِلُونَ (159) دلّت الآية الكريمة على أن كوكبة من قوم موسى يدعون إلى الحقّ و به يحكمون،

و قد أشار الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام إلى هذه الكوكبة في حديثه مع رأس الجالوت و أسقف النصارى، فقد قال لهما:

«إنّي سائلكما عن أمر و أنا أعلم به منكما و لا تكتماني:

يا رأس الجالوت، بالّذي أنزل التّوراة على موسى، و أطعمهم المنّ و السّلوى، و ضرب لهم في البحر طريقا يبسا، و فجّر لهم من الحجر الطّوريّ اثنتي عشرة عينا، لكلّ سبط من بني إسرائيل عين إلاّ ما أخبرتني على كم افترقت بنو إسرائيل بعد موسى؟».

فقال رأس الجالوت:

ص:85


1- الميزان ٨ : ٢٥٥.
2- الميزان ٨ : ٢٦٣.
3- الميزان ٨ : ٢٦٣.

فرقة واحدة...

و شجب الإمام قوله:

«كذبت و الّذي لا إله إلاّ هو، لقد افترقت على إحدى و سبعين فرقة كلّها في النّار إلاّ واحدة، فإنّ اللّه يقول: وَ مِنْ قَوْمِ مُوسى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَ بِهِ يَعْدِلُونَ فهذه الّتي تنجو»(1).

و لا وجود لهذه الفرقة في بني إسرائيل، فجميع طوائفهم يدعون إلى المنكر، و يعدلون عن الحقّ، و يقتلون الأبرياء، و منكراتهم في فلسطين و آثامهم في العالم تدلّل على ذلك، و لعلّ تلك الفرقة كانت موجودة بعد وفاة موسى ثمّ انقرضت.

وَ سْئَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كانَتْ حاضِرَةَ الْبَحْرِ (2) إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً وَ يَوْمَ لا يَسْبِتُونَ لا تَأْتِيهِمْ كَذلِكَ نَبْلُوهُمْ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ. وَ إِذْ قالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذاباً شَدِيداً قالُوا مَعْذِرَةً إِلى رَبِّكُمْ وَ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ. فَلَمّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَ أَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذابٍ بَئِيسٍ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ. فَلَمّا عَتَوْا عَنْ ما نُهُوا عَنْهُ قُلْنا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ (163) إلى (166) ورد تفسير هذه الآيات في كتاب الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام حسب ما رواه

أبو جعفر عليه السّلام قال:

ص:86


1- تفسير العيّاشي ٢ : ٣٢.
2- حاضرة البحر : أي قريبة من البحر.

«وجدت في كتاب عليّ عليه السّلام أنّ قوما من أهل إيلة من قوم ثمود، كانت الحيتان - و هي الأسماك - قد سيقت إليهم يوم السّبت ليختبر اللّه طاعتهم في ذلك، فشرعت - أي ظهرت - في يوم سبتهم في ناديهم، و أمام بيوتهم في أنهارهم و سواقيهم، فبادروا إليها فأخذوا يصطادونها و يأكلونها، فلبثوا في ذلك ما شاء اللّه لا ينهاهم الأحبار، و لا يمنعهم العلماء عن صيدها، ثمّ إنّ الشّيطان أوحى إلى طائفة منهم إنّما نهيتم عن أكلها يوم السّبت، و لم تنهوا عن صيدها، فاصطادوها يوم السّبت و أكلوها في ما سوى ذلك من الأيّام.

فقالت طائفة منهم: الآن نصطادها، فعتت و انحازت طائفة اخرى منهم ذات اليمين، فقالوا: ننهاكم عن عقوبة اللّه أن تتعرّضوا لخلاف أمره، و اعتزلت طائفة منهم ذات اليسار، فسكتت و لم تعظهم، و قالت للطّائفة الّتي و وعظتهم: لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذاباً شَدِيداً ، فقالت الطّائفة الّتي وعظتهم: مَعْذِرَةً إِلى رَبِّكُمْ وَ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ، فقال اللّه عزّ و جلّ: فَلَمّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ ، يعني لمّا تركوا ما وعظوا به مضوا على الخطيئة، فقالت الطّائفة الّتي و وعظتهم: لا و اللّه لا نجامعكم، و لا نبايتكم اللّيلة في مدينتكم هذه الّتي عصيتم اللّه فيها مخافة أن ينزل عليكم البلاء فيعمّنا معكم.

قال: فخرجوا عنهم من المدينة مخافة أن يصيبهم البلاء، فنزلوا قريبا من المدينة، فباتوا تحت السّماء، فلمّا أصبح أولياء اللّه المطيعون لأمر اللّه غدوا لينظروا ما حال أهل المعصية، فأتوا باب المدينة فإذا هو مصمت، فدقّوا الباب فلم يجبهم أحد، فوضعوا سلّما على سور المدينة، ثمّ أصعدوا رجلا منهم فأشرف على المدينة فنظر فإذا هو بالقوم قردة و لهم أذناب، فكسروا الباب فعرفت الطّائفة أنسابها من الإنس، و لم يعرف الإنس أنسابها من القردة، فقال القوم للقردة: أ لم ننهكم».

ص:87

و قال الإمام عليه السّلام:

«و الّذي فلق الحبّة، و برأ النّسمة، إنّي لأعرف أنسابها من هذه الامّة لا ينكرون و لا يغيّرون - أي منكرا - بل تركوا ما امروا به فتفرّقوا، و قد قال اللّه: فَبُعْداً لِلْقَوْمِ الظّالِمِينَ (1)، و قال اللّه:... أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَ أَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذابٍ بَئِيسٍ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ »(2).

وَ إِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَ أَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى شَهِدْنا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنّا كُنّا عَنْ هذا غافِلِينَ (172)

روى الأصبغ بن نباتة عن الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام، قال:

أتاه ابن الكواء، فقال له: هل كلّم اللّه أحدا من ولد آدم قبل موسى؟ فقال الإمام: «قد كلّم اللّه جميع خلقه، برّهم و فاجرهم، و ردّوا عليه الجواب».

و لم يفهم ابن الكوّاء كلام الإمام، فقال له:

كيف كان ذلك يا أمير المؤمنين؟ فقال له الإمام: «أو ما تقرأ كتاب اللّه إذ يقول لنبيّه: وَ إِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَ أَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى... ، فقد أسمعهم كلامه، و ردّوا عليه الجواب، كما تسمع في قول اللّه يا ابن الكوّاء قالُوا بَلى ،

ص:88


1- المؤمنون : ٤١.
2- الميزان ٨ : ٣٠١ _ ٣٠٢ ، تقلا عن تفسير القمّي.

فقال لهم:

إنّي أنا اللّه لا إله إلاّ أنا، و أنا الرّحمن الرّحيم، فأقرّوا له بالطّاعة و الرّبوبيّة، و ميّز الرّسل و الأنبياء و الأوصياء، و أمر الخلق بطاعتهم، فأقرّوا بذلك في الميثاق، فقالت الملائكة عند إقرارهم بذلك:

شهدنا عليكم يا بني آدم أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنّا كُنّا عَنْ هذا غافِلِينَ »(1).

ص:89


1- تفسير العيّاشي ٢ : ٤١ و ٤٢. الميزان ٨ : ٣٢٤.

سورة الأنفال

« بسم اللّه الرّحمن الرّحيم » السورة المباركة مدنيّة، غير سبع آيات نزلت بمكّة، عدد آياتها خمس و سبعون آية يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفاً فَلا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبارَ (15)

استشهد الإمام عليه السّلام بالآية الكريمة في ذمّ الفارّين في ساحة الحرب قال:

«إنّ الرّعب و الخوف من جهاد المستحقّ للجهاد، و المتواطئ على الضّلال، ضلال في الدّين، و سلب للدّنيا مع الذلّ و الصّغار، و فيه استيجاب النّار بالفرار من الزّحف عند حضرة القتال، يقول اللّه عزّ و جلّ: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفاً فَلا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبارَ ».

وَ إِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَ يَمْكُرُونَ وَ يَمْكُرُ اللّهُ وَ اللّهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ (30)

ص:90

نزلت الآية الكريمة على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله حينما أجمعت قريش على قتل النبي صلّى اللّه عليه و آله، فخرج و بات الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام في فراشه، و بات المشركون يحرسونه ظانّين أنّه النبي، فلما اندلع نور الصبح ثاروا عليه، فلمّا رأوه عليّا ردّ اللّه مكرهم فقالوا له: أين صاحبك؟ قال: «لا أدري».

و قد اعتزّ الإمام عليه السّلام بهذه التضحية التي قدّمها لسيّد الكائنات،

و أثر عنه من الشعر ما يلي:

«وقيت بنفسي خير من وطىء الحصى و من طاف بالبيت العتيق و بالحجر

محمّدا لمّا خاف أن يمكروا به فوقّاه ربّي ذو الجلال من المكر

و بتّ اراعيهم متى ينشرونني و قد وطّنت نفسي على القتل و الأسر

و بات رسول اللّه في الغار آمنا هنالك في حفظ الإله و في ستر» (1)

و قد ذكرنا تفصيل الحادثة بصورة مفصلة في بعض أجزاء هذه الموسوعة.

ص:91


1- الميزان ٩ : ٨٢.

سورة التّوبة

اشارة

هذه السورة المباركة مدنيّة، عدد آياتها مائة و تسع و عشرون آية نتحدّث - بإيجاز - عن سبب نزولها، و ما رافقها من أحداث:

سبب نزولها:

كان النبي صلّى اللّه عليه و آله لمّا فتح مكّة لم يمنع المشركين من الحجّ، و كانت عادة المشركين أنّ من دخل مكّة و طاف بالبيت في ثيابه لم يحلّ له إمساكها، و كانوا يتصدّقون و لا يلبسونها بعد الطواف، فكان من وافى مكّة، يستعير ثوبا يطوف فيه ثمّ يردّه، و من لا يجد ثوبا عارية، و ليس له إلاّ ثوب واحد طاف بالبيت عريان، فنزلت هذه السورة بتحريم ذلك، و تحريم دخول المشركين إلى البيت الحرام، كما نزلت السورة بقتل المشركين أين ما كانوا إلاّ الذين عاهدهم النبيّ صلّى اللّه عليه و آله يوم فتح مكّة.

الايعاز لأبي بكر بقراءة السورة:

كلّف النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أبا بكر بقراءة السورة على أهالي مكّة، و إلزامهم بتنفيذ ما فيها من بنود، و سار أبو بكر يطوي البيداء لأداء مهمّته.

تلاوة الإمام لبنود السورة:

و سار أبو بكر يجدّ في السير لا يلوي على شيء حتى انتهى إلى ذي الحليفة،

ص:92

فنزل جبرئيل على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فأخبره أن لا يبلّغ هذه السورة إلاّ عليّ عليه السّلام، فدعاه النبيّ و أمره أن يلحق أبا بكر و يأخذ منه السورة و يقرأها عنه، و ركب الإمام ناقة النبيّ العضباء، و سار حتّى لحق بأبي بكر، و أخذ منه السورة، و فزع أبو بكر و خاف أن يكون قد نزل في حقّه شيء من السماء، فهدّأ الإمام روعه، و أخبره أنّه لم ينزل في أمره شيء.

و قام الإمام عليه السّلام بتبليغ المواد التي عهد بها النبيّ صلّى اللّه عليه و آله إليه، فقال:

«أيّها النّاس، لا يطوفنّ بالبيت عريان، و لا يحجّنّ بالبيت مشرك، و من كانت له مدّة فهو إلى مدّته، و من لم يكن له مدّة فمدّته أربعة أشهر...».

و صادف خطابه يوم النحر (1).

و من الجدير بالذكر أنّ من جملة المؤاخذات التي وجّهتها الشيعة لأبي بكر أنّ السماء لم تر له أهليّة لتبليغ هذه المقرّرات، فكيف يتقلّد الخلافة التي هي من أهمّ المراكز الحساسة في الإسلام.

وَ إِنْ نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَ طَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لا أَيْمانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ (12)

استشهد الإمام عليه السّلام بهذه الآية و طبّقها على أعضاء حزب عائشة في حرب الجمل، فقد قال لأصحابه:

«لا تعجلوا على القوم حتّى أعذر فيما بيني و بين اللّه و بينهم»، فقام و خطب قائلا:

«يا أهل البصرة، هل تجدون عليّ جورا في حكم؟».

ص:93


1- الدرّ المنثور ٤ : ١٢٤. تفسير العيّاشي ٢ : ٧٤.

فقالوا: لا.

فقال: «فحيفا في قسم؟».

قالوا: لا.

قال: «فرغبة في دنيا أخذتها لي و لأهل بيتي دونكم فنقمتم عليّ فنكثتم بيعتي؟».

قالوا: لا.

قال: «فأقمت فيكم الحدود و عطّلتها في غيركم؟».

قالوا: لا.

قال: «فما بال بيعتي تنكث و بيعة غيري لا تنكث، إنّي ضربت الأمر أنفه و عينه، فلم أجد إلاّ الكفر أو السّيف...».

ثمّ انتهى الإمام إلى أصحابه، فقال لهم:

«إنّ اللّه تبارك و تعالى يقول في كتابه: وَ إِنْ نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَ طَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لا أَيْمانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ ، و الّذي فلق الحبّة، و برأ النّسمة، و اصطفى محمّدا بالنبوّة، إنّهم لأصحاب هذه الآية»(1).

و استشهد بالآية الكريمة على غدر طلحة و الزبير و نكثهما لبيعته، فقد قال:

«عذيري من طلحة و الزّبير بايعاني طائعين غير مكرهين، ثمّ نكثا بيعتي من غير حدث»، ثم تلا الآية الكريمة(2).

أَ جَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِّ وَ عِمارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللّهِ 1

ص:94


1- قرب الاسناد _ الحميري : ٩٦.
2- أمالي المفيد : ٧٣.

وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ وَ جاهَدَ فِي سَبِيلِ اللّهِ لا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللّهِ وَ اللّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظّالِمِينَ (19)

نزلت الآية الكريمة في الاشادة بحقّ الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام حينما تفاخر شيبة و العباس بن عبد المطلب، فقال لهما الإمام:

«بما تفتخران؟».

فقال العباس: لقد اوتيت من الفضل ما لم يؤت أحد، سقاية الحاجّ.

و أدلى شيبة بما يفتخر به قائلا: اوتيت عمارة المسجد الحرام.

و أنبرى الإمام قائلا:

«و أنا أقول لكما: لقد اوتيت على صغري ما لم تؤتيا».

و طفقا قائلين: و ما اوتيت يا عليّ؟ و أظهر الإمام عليه السّلام حجّته الحاسمة قائلا:

«ضربت خراطيمكما بالسّيف حتّى آمنتما باللّه تبارك و تعالى...».

و ورم أنف العباس، و راح يجرّ ذيله حتى دخل على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله شاكيا من الإمام، فدعاه الرسول و قال له:

«يا عليّ، ما حملك على ما استقبلت به عمّك؟...».

و أجابه الإمام بمنطقه الفيّاض قائلا:

«يا رسول اللّه، صدمته بالحقّ، فإن شاء فليغضب، و إن شاء فليرض...».

و نزل جبرئيل على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و معه القرار الحاسم في هذا التفضيل، بهذه الآية المباركة: أَ جَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِّ وَ عِمارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ... الخ (1).

ص:95


1- مجمع البيان ٥ : ٢٤ _ ٢٥.

و خرج العباس، و هو نادم على ما صدر منه تجاه ابن أخيه حامي الإسلام و بطل الجهاد المقدّس.

إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللّهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتابِ اللّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ مِنْها أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَ قاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَما يُقاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَ اعْلَمُوا أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (36)

قال الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام:

«لمّا ثقل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في مرضه، قال: أيّها النّاس، إنّ السنّة اثنا عشر شهرا منها أربعة حرم»، ثمّ قال بيده: «رجب مفرد، و ذو القعدة و ذو الحجة و المحرّم ثلاثة متواليات»(1).

اَلْمُنافِقُونَ وَ الْمُنافِقاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَ يَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَ يَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنافِقِينَ هُمُ الْفاسِقُونَ (67)

فسّر الإمام عليه السّلام هذه الكلمات التي وردت في الآية: نَسُوا اللّهَ فَنَسِيَهُمْ قال عليه السّلام:

«يعني نسوا اللّه في دار الدّنيا لم يعملوا له بطاعته، فنسيهم في الآخرة، أي لم يجعل لهم في ثوابه شيئا، فصاروا منسيّين من الخير»(2).

ص:96


1- تفسير العيّاشي ٢ : ٨٨.
2- المصدر المتقدّم ١ : ١٤٤.

وَ السّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ وَ الْأَنْصارِ وَ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسانٍ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَ رَضُوا عَنْهُ وَ أَعَدَّ لَهُمْ جَنّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (100) روى ابن عباس قال: نزلت هذه الآية في الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام، فهو أسبق الناس كلّهم بالإيمان، و صلّى على القبلتين، و بايع البيعتين: بيعة بدر، و بيعة الرضوان، و هاجر الهجرتين: مع جعفر من مكة إلى الحبشة، و من الحبشة إلى المدينة (1).

و الآية و إن كانت عامّة لجميع السابقين من الأنصار و المهاجرين إلاّ أنّها تشمل أمير المؤمنين عليه السّلام لأنّه الفرد الأمثل منهم.

ص:97


1- تفسير البرهان ١١ : ١٥٤.

سورة يونس

« بسم اللّه الرّحمن الرّحيم » هذه السورة المباركة مكّية - في قول الأكثر -، إلاّ ثلاث آيات نزلت في المدينة، عدد آياتها مائة و تسع آيات أَ كانَ لِلنّاسِ عَجَباً أَنْ أَوْحَيْنا إِلى رَجُلٍ مِنْهُمْ أَنْ أَنْذِرِ النّاسَ وَ بَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ قالَ الْكافِرُونَ إِنَّ هذا لَساحِرٌ مُبِينٌ (2)

سئل الإمام عليه السّلام عن هذه الآية فقال بما مضمونه:

«إنّ البشارة للّذين آمنوا هي شفاعة النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله لهم يوم القيامة»(1).

لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَ زِيادَةٌ وَ لا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَ لا ذِلَّةٌ أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (26)

ص:98


1- الدرّ المنثور ٣ : ٣٠٠.

كتب الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام إلى محمّد بن أبي بكر أن يفسّر للناس الحسنى بالجنّة، و الزّيادة بالدنيا (1).

أَلا إِنَّ أَوْلِياءَ اللّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ (62)

روى ابن عباس أنّ الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام سئل عن هؤلاء الأولياء الذين لا خوف عليهم و لا هم يحزنون، فأجاب:

«هم قوم أخلصوا للّه تعالى في عبادته، و نظروا إلى باطن الدّنيا حين نظر النّاس إلى ظاهرها، فعرفوا أجلها حين غرّ النّاس سواهم بعاجلها، فتركوا منها ما علموا أنّه سيتركهم، و أماتوا منها ما علموا إنّه سيميتهم».

و أضاف قائلا:

«أيّها المعلّل نفسه بالدّنيا، الرّاكض على حبائلها، المجتهد في عمارة ما سيخرب منها، أ لم تر إلى مصارع آبائك في البلى، و مضاجع أبنائك تحت الجنادل و الثّرى؟ كم مرّضت بيديك، و علّلت بكفّيك تستوصف لهم الأطبّاء، و تستعتب لهم الأحبّاء، فلم يغن عنهم غناؤك، و لم ينجع فيهم دواءك»(2).

ص:99


1- أمالي المفيد : ٢٦٢.
2- المصدر المتقدّم : ٨٦ _ ٨٧.

سورة هود

« بسم اللّه الرّحمن الرّحيم » هذه السورة المباركة مكّية - في قول الأكثر -، عدد آياتها مائة و ثلاث عشرون آية وَ ما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلاّ عَلَى اللّهِ رِزْقُها وَ يَعْلَمُ مُسْتَقَرَّها وَ مُسْتَوْدَعَها كُلٌّ فِي كِتابٍ مُبِينٍ (6) عرضت الآية الكريمة إلى أنّ اللّه تعالى متكفّل برزق جميع مخلوقاته، و أنّ سعي الإنسان و عدم سعيه لا يجلبان و لا يمنعان ما كتب له،

و كان أمير المؤمنين عليه السّلام كثيرا ما يقول:

«اعلموا علما يقينا أنّ اللّه تعالى لم يجعل العبد و إن اشتدّ جهده و عظمت حيلته و كثرت مكائده أن يسبق ما سمّي في الذّكر الحكيم.

أيّها النّاس، إنّه لن يزداد امرؤ نقيرا بحذقه، و لن ينقص امرؤ نقيرا لحمقه، فالعالم بهذا، العامل به، أعظم راحة في منفعة، و العالم بهذا، التّارك له، أعظم النّاس شغلا في مضرّة، و ربّ منعم عليه مستدرج بالإحسان، و ربّ مغرور في النّاس مصنوع

ص:100

له، فارفق أيّها السّاعي من سعيك، و اقصر من عجلتك، و انتبه من سنة غفلتك، و تفكّر فيما جاء عن اللّه عزّ و جلّ على لسان نبيّه»(1).

أَ فَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَ يَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ وَ مِنْ قَبْلِهِ كِتابُ مُوسى إِماماً وَ رَحْمَةً أُولئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَ مَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الْأَحْزابِ فَالنّارُ مَوْعِدُهُ فَلا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ وَ لكِنَّ أَكْثَرَ النّاسِ لا يُؤْمِنُونَ (17) تظافرت كتب الأخبار و تفاسير القرآن الكريم على أنّ من كان على بيّنة من ربّه هو الرّسول الأعظم صلّى اللّه عليه و آله، و أنّ الشاهد هو الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام،

و قد أعلن الإمام أنّه هو الشاهد فقد قال:

«لو كسرت لي الوسادة فقعدت عليها لقضيت بين أهل التّوراة بتوراتهم، و أهل الإنجيل بإنجيلهم، و أهل الفرقان بفرقانهم، بقضاء يصعد إلى اللّه يزهر، و اللّه ما نزلت آية في كتاب اللّه في ليل أو نهار إلاّ و قد علمت فيمن أنزلت، و لا أحد ممّن مرّ على رأسه المواسين إلاّ و قد انزلت آية فيه من كتاب اللّه تسوقه إلى الجنّة أو النّار».

فقام إليه رجل فقال له:

يا أمير المؤمنين، ما الآية التي انزلت فيك؟...

فقال عليه السّلام:

«أ ما سمعت اللّه يقول: أَ فَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَ يَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ... ،

ص:101


1- نهج البلاغة _ صبحي الصالح ٥٢٣ / ح ٢٧٣.

فرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله على بيّنة من ربّه، و أنا الشّاهد له و منه»(1).

حَتّى إِذا جاءَ أَمْرُنا وَ فارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيها مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَ أَهْلَكَ إِلاّ مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَ مَنْ آمَنَ وَ ما آمَنَ مَعَهُ إِلاّ قَلِيلٌ (40)

قال الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام:

«إنّ نوحا عليه السّلام لمّا فرغ من السّفينة و كان ميعاده فيما بينه و بين ربّه في إهلاك قومه أن يفور التّنور، ففار التنور في بيت امرأة، فقالت: إنّ التّنور قد فار، فقام إليه فختمه، فقام الماء و أدخل من أراد أن يدخل، و أخرج من أراد أن يخرج، ثمّ جاء إلى خاتمه - و هو الذي كان على التنور - فنزعه، يقول اللّه عزّ و جلّ: فَفَتَحْنا أَبْوابَ السَّماءِ بِماءٍ مُنْهَمِرٍ. وَ فَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً فَالْتَقَى الْماءُ عَلى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ. وَ حَمَلْناهُ عَلى ذاتِ أَلْواحٍ وَ دُسُرٍ (2)»(3).

إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللّهِ رَبِّي وَ رَبِّكُمْ ما مِنْ دَابَّةٍ إِلاّ هُوَ آخِذٌ بِناصِيَتِها إِنَّ رَبِّي عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (56)

قال الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام في تفسير هذه الآية:

«يعني أنّه - أي اللّه تعالى - على حقّ يجزي بالإحسان إحسانا، و بالسّيّئ سيّئا، و يعفو عمّن يشاء، و يغفر، سبحانه و تعالى»(4).

ص:102


1- بصائر الدرجات : ١٣٢.
2- القمر : ١١ _ ١٣.
3- الميزان ١٠ : ٢٥٢.
4- تفسير العيّاشي ٢ : ١٥١.

يَوْمَ يَأْتِ لا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلاّ بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَ سَعِيدٌ (105) دلّت الآية الكريمة على أنّ النوع الإنساني نوعان: شقي و سعيد، فالشقي مآله جهنّم - أعاذنا اللّه منها -، و السعيد مآله إلى الفردوس الأعلى،

و يقول الرواة: إنّ الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام كان في جنازة فأخذ عودا فجعل ينكت في الأرض، و يقول:

«ما منكم أحد إلاّ كتب مقعده من الجنّة أو من النّار».

فقال قوم: أ لا نتّكل؟ قال: «اعملوا فكلّ ميسّر لما خلق له»، و قرأ فَأَمّا مَنْ أَعْطى وَ اتَّقى... (1).(2) و عرض العلاّمة الطباطبائي في تفسيره الميزان إلى إيضاح هذا الحديث، و ملخّص ما أفاده أنّ القوم الذين اعترضوا على الإمام في مقالته، قد توهّموا أنّ الجنّة قد قررت و كتبت لبعض الناس، و كذلك النار و عليه فلا داعي لعمل المقدّمات التي توصل ذلك بعد أن كانت قد كتبت الجنة و النار للفريقين، كما توهّموا أنّ المقدّمات الموصلة للجنة و النار واقعة تحت القضاء و مكتوبة، فلا يبقى للاختيار معنى و لا للاكتساب مجال.

و قد أجاب الإمام عليه السّلام عن سؤالهم عن الجهة الاولى بقوله:

«كلّ ميسّر لما خلق له»، و هو مأخوذ من قوله تعالى في صفة خلق الإنسان ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ (3)، أي إنّ كلاّ من أهل الجنة التي خلقها اللّه لهم و كذلك أهل

ص:103


1- الليل : ٥.
2- الميزان ١١ : ٣٦ ، نقلا عن صحيح الترمذي.
3- عبس : ٢٠.

النار، قد يسّر اللّه لهم السبيل إلى تلك الغاية من دون أن يجبر أحدا على ذلك.

إن الإنسان الذي كتبت له الجنة له سبيل و طريق للوصول إليها و هو الايمان و التقوى، فلا بدّ من سلوك هذا الطريق، و لم تكتب له الجنة سواء عمل صالحا أو لم يعمل صالحا، و كذلك من كتبت له النار فإنّما كتبت له عن طريق الشرك و العصيان.

أمّا الجواب عن الجهة الثانية، فقد أجاب الإمام عليه السّلام بالتيسير لما خلق له، و التيسير هو التسهيل، و هو إنّما يكون في الامور التي لا ضرورة فيها، و لو كان سبيل الجنة ضروريا على الاطلاق لكان من الامور الثابتة التي لا تتغيّر، و لم يكن معنى لتيسيره، و تسهيل سلوكه... هذا ملخص لما أفاده المحقّق الطباطبائي نضّر اللّه مثواه.

وَ أَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ وَ زُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ ذلِكَ ذِكْرى لِلذّاكِرِينَ (114) أمرت الآية الكريمة بإقامة الصلاة في طرفي النّهار و هما الصبح و المساء، و زلفا من الليل و هي الساعات القريبة من النهار، و تنطبق الآية على الصلوات الخمس، و أنّ الصلوات المقامة في تلك الأوقات تذهب السيّئات،

و يقول الرواة:

إن أمير المؤمنين عليه السّلام أقبل على الناس فقال لهم:

«أيّ آية في كتاب اللّه أرجى عندكم؟...».

فأنبرى جمع من أصحابه، فقالوا له: إنّ أرجى آية قوله تعالى: إِنَّ اللّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَ يَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ... (1).

فقال الإمام: «حسنة، و ليست إيّاها...».

و طفق جماعة قائلين: قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ

ص:104


1- النساء : ٤٨.

رَحْمَةِ اللّهِ... (1).

قال: «حسنة، و ليست إيّاها...».

و قام جماعة فقالوا له: وَ الَّذِينَ إِذا فَعَلُوا فاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ... (2).

قال «حسنة، و ليست إيّاها...».

فأحجم الناس، و لم يدل أحد منهم بشيء، و قالوا للإمام: لا و اللّه ما عندنا شيء.

فانبرى الإمام مبيّنا لهم ذلك قائلا:

«سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول: أرجى آية في كتاب اللّه وَ أَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ وَ زُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ »، و قرأ الآية كلّها.

و قال: «يا عليّ، و الّذي بعثني بالحقّ بشيرا و نذيرا إنّ أحدكم ليقوم إلى وضوئه فتساقط من جوارحه الذّنوب، فإذا استقبل بوجهه و قلبه لم ينفتل عن صلاته و عليه من ذنوبه شيء كما ولدته امّه، فإذا أصاب شيئا بين الصّلاتين كان له مثل ذلك حتّى عدّ الصّلوات الخمس».

ثم قال - أي الرسول صلّى اللّه عليه و آله -:

«يا عليّ، إنّما منزلة الصّلوات الخمس لامّتي كنهر جار على باب أحدكم، فما ظنّ أحدكم لو كان في جسده درن ثمّ اغتسل في ذلك النّهر خمس مرّات في اليوم، أ كان يبقى في جسده درن؟ فكذلك و اللّه الصّلوات الخمس لامّتي»(3).

ص:105


1- الزّمر : ٥٣.
2- آل عمران : ١٣٥.
3- تفسير العيّاشي ٢ : ١٦١ _ ١٦٢.

سورة يوسف

« بسم اللّه الرّحمن الرّحيم » هذه السورة المباركة مكّية، و عدد آياتها مائة و إحدى عشرة آية وَ لَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَ هَمَّ بِها لَوْ لا أَنْ رَأى بُرْهانَ رَبِّهِ كَذلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَ الْفَحْشاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُخْلَصِينَ (24) اختلف العلماء في تفسير هذه الآية على قولين:

الأوّل: أنّه لم يوجد من يوسف ذنب كبير و لا صغير، و أنّه معصوم شأنه شأن الأنبياء عليهم السّلام، و قد فسّر الإمام الصادق عليه السّلام بأنّ زليخا همّت بأن تفعل، و همّ يوسف بأن لا يفعل (1). و أدلت بتآويل اخرى ذكرتها مصادر التفسير.

القول الثاني: أنّ زليخا همّت بالمعصية، و كذلك يوسف، و استندوا في ذلك إلى ما

روي عن الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام:

«أنّ زليخا طمعت فيه و طمع يوسف بها، و كان من الطّمع أنّه همّ بحلّ التّكّة، فقامت إلى صنم مكلّل بالدّرّ و الياقوت في ناحية البيت فسترته بثوب أبيض بينها و بينه

ص:106


1- الميزان ١١ : ٣٦ ، نقلا عن صحيح الترمذي.

فقال: أيّ شيء تصنعين؟ فقالت: أستحي من إلهي أن يراني على هذه الصّورة.

فقال يوسف: تستحين من صنم لا يأكل و لا يشرب، و أنا لا أستحي من إلهي الّذي هو قائم على كلّ نفس بما كسبت؟ ثمّ قال: لا تناليها منّي أبدا، و هو البرهان الّذي رأى»(1).

و هذه الرواية ضعيفة لا يمكن الاعتماد عليها لأنّها تنافي عصمة الأنبياء عليهم السّلام، و قد تواترت الأخبار عن أئمّة الهدى عليهم السّلام بعصمة الأنبياء.

ص:107


1- الدرّ المنثور ٤ : ١٣.

سورة الرّعد

« بسم اللّه الرّحمن الرّحيم » هذه السورة المباركة مكّية، و عدد آياتها ثلاث و أربعون آية وَ فِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجاوِراتٌ وَ جَنّاتٌ مِنْ أَعْنابٍ وَ زَرْعٌ وَ نَخِيلٌ صِنْوانٌ وَ غَيْرُ صِنْوانٍ يُسْقى بِماءٍ واحِدٍ وَ نُفَضِّلُ بَعْضَها عَلى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (4) استشهد الرسول الأعظم صلّى اللّه عليه و آله بهذه الآية المباركة على أنّه و الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام من شجرة طيّبة مباركة

قال جابر: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول:

«يا عليّ، النّاس من شجر شتّى، و أنا و أنت من شجرة واحدة»، ثم قرأ:

وَ جَنّاتٌ مِنْ أَعْنابٍ وَ زَرْعٌ وَ نَخِيلٌ صِنْوانٌ وَ غَيْرُ صِنْوانٍ (1).

وَ يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ إِنَّما أَنْتَ

ص:108


1- الدرّ المنثور ٤ : ٤٤ ، وقريب منه في تفسير البرهان.

مُنْذِرٌ وَ لِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ (7) تظافرت الروايات عن النبي صلّى اللّه عليه و آله، أنّه هو المنذر، و الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام هو الهاد،

فقد روى أبو بريدة الأسلمي قال: دعا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بالطهور و عنده عليّ ابن أبي طالب، فأخذ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بيد عليّ بعد ما تطهّر فألصقها بصدره، ثمّ قال:

إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ و يعني نفسه، ثمّ ردّها إلى صدر عليّ ثمّ قال: وَ لِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ ، ثمّ قال له: «أنت منار الأنام، و غاية الهدى، و أمير القرّاء، أشهد على ذلك»(1).

أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَسالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِها فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَداً رابِياً وَ مِمّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النّارِ ابْتِغاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتاعٍ زَبَدٌ مِثْلُهُ كَذلِكَ يَضْرِبُ اللّهُ الْحَقَّ وَ الْباطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفاءً وَ أَمّا ما يَنْفَعُ النّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ كَذلِكَ يَضْرِبُ اللّهُ الْأَمْثالَ (17)

قال الإمام عليه السّلام في بيان هذه الآية:

«الزّبد في هذا الموضع كلام الملحدين الّذين أثبتوه في القرآن (2)، فهو يضمحلّ و يبطل و يتلاشى عند التّحصيل، و الّذي ينفع النّاس منه، فالتّنزيل الّذي لا يأتيه الباطل من بين يديه و لا من خلفه، و القلوب تقبله، و الأرض في هذا الموضع هي محلّ العلم و قراره»(3).

سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِما صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدّارِ (24)

ص:109


1- الميزان ١١ : ٣٢٧ ، نقلا عن مستدرك الحاكم. ومروي مثله في شواهد التنزيل.
2- المراد من كلام الملحدين الذين أثبتوه في القرآن هو تفسير هم له.
3- الميزان ١١ : ٣٤٨ ، نقلا عن الاحتجاج.

قال الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام:

«قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: الصّبر ثلاثة: صبر عند المصيبة، و صبر على الطّاعة، و صبر عن المعصية، فمن صبر على المصيبة حتّى يردّها بحسن عزائها كتب اللّه له ثلاثمائة درجة، ما بين الدّرجة إلى الدّرجة كما بين السّماء إلى الأرض، و من صبر على الطّاعة كتب اللّه له ستمائة درجة ما بين الدّرجة إلى الدّرجة، كما بين تخوم الأرض إلى العرش، و من صبر عن المعصية كتب له تسعمائة درجة ما بين الدّرجة إلى الدّرجة كما بين تخوم الأرض إلى منتهى العرش»(1).

اَلَّذِينَ آمَنُوا وَ تَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللّهِ أَلا بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ (28)

قال الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام:

«لما نزلت هذه الآية، قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ذاك من أحبّ اللّه و رسوله، و أحبّ أهل بيتي صادقا غير كاذب، و أحبّ المؤمنين شاهدا و غائبا، ألا بذكر اللّه يتحابّون»(2).

وَ يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلاً قُلْ كَفى بِاللّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَ بَيْنَكُمْ وَ مَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ (43) لقد زعم الذين كفروا أن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله ليس مرسلا من عند اللّه تعالى، فقال اللّه تعالى لنبيه: قل لهم: كَفى بِاللّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَ بَيْنَكُمْ على ما أقوله من النبوة

ص:110


1- الميزان ١١ : ٣٤٨ ، نقلا عن الاحتجاج.
2- الدرّ المنثور ٤ : ٥٨.

و الرسالة، و يشهد على ذلك مَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ ».

و قد تظافرت الأخبار أنّه إمام المتّقين و سيّد الموحّدين الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام،

فقد سأل أبو سعيد الخدري رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عن المعني بمن عنده علم الكتاب، فقال صلّى اللّه عليه و آله:

«ذاك أخي عليّ بن أبي طالب»(1).

ص:111


1- الميزان ١١ : ٣٨٧ ، نقلا عن المعاني.

سورة إبراهيم

« بسم اللّه الرّحمن الرّحيم » هذه السورة المباركة مكية إلاّ آيتان منها، عدد آياتها اثنتان و خمسون آية أَ لَمْ يَأْتِكُمْ نَبَؤُا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَ عادٍ وَ ثَمُودَ وَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لا يَعْلَمُهُمْ إِلاَّ اللّهُ جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْواهِهِمْ وَ قالُوا إِنّا كَفَرْنا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ وَ إِنّا لَفِي شَكٍّ مِمّا تَدْعُونَنا إِلَيْهِ مُرِيبٍ (9) عرضت الآية الكريمة إلى الاتّعاظ بقوم نوح و عاد و ثمود و الذين من بعدهم و ما أنزل اللّه تعالى بهم من العقوبات و الدمار الشامل، فقد عفت آثارهم، و لا يعرف عددهم إلاّ اللّه تعالى،

و قد التقى نسابة بالإمام أمير المؤمنين عليه السّلام فقال له: أنا أنسب الناس.

فردّ عليه الإمام: «إنّك لا تنسب النّاس».

فاصرّ الرجل على أنّه أنسب الناس.

فقال له الإمام:

ص:112

«أ رأيت قوله تعالى: وَ عاداً وَ ثَمُودَ وَ أَصْحابَ الرَّسِّ وَ قُرُوناً بَيْنَ ذلِكَ كَثِيراً (1)».

و طفق الرجل قائلا: أنا أنسب ذلك الكثير...

فردّ عليه الإمام:

«أ رأيت قوله تعالى: «أَ لَمْ يَأْتِكُمْ نَبَؤُا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَ عادٍ وَ ثَمُودَ وَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لا يَعْلَمُهُمْ إِلاَّ اللّهُ... ».

فسكت النّسابة و لم يطق أن يدلي بأي حجّة (2).

أَ لَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُها ثابِتٌ وَ فَرْعُها فِي السَّماءِ (24) تظافرت الأخبار أنّ المعني بهذه الآية هم أهل بيت النبوة و معدن الرحمة، فقد

روى ابن عقدة عن الإمام أبي جعفر عليه السّلام:

«أنّ الشّجرة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، و فرعها عليّ، و عنصر الشّجرة فاطمة، و ثمرتها أولادها، و أغصانها و أوراقها شيعتها. إنّ الرّجل من شيعتنا ليموت فتسقط من الشّجرة ورقة، و إنّ المولود من شيعتنا ليولد فيورق مكان تلك الورقة ورقة»(3).

و روى ابن عباس قال: قال جبرئيل للنبيّ صلّى اللّه عليه و آله:

«أنت الشّجرة و عليّ غصنها، و فاطمة ورقها، و الحسن و الحسين ثمارها»(4).

1

ص:113


1- الفرقان : ٣٨.
2- الدرّ المنثور ٤ : ٧٢.
3- مجمع البيان ٥ : ٣١٤.
4- مجمع البيان ٥ : ٣١٤.

وَ مَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ ما لَها مِنْ قَرارٍ (26) ورد في بعض التفاسير أنّ المعني بهذه الآية خصوم الإمام أمير المؤمنين و أعداؤه بنو أمية، روي ذلك عن الإمام أبي جعفر عليه السّلام.

أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللّهِ كُفْراً وَ أَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دارَ الْبَوارِ (28)

قال الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام:

«المعنيّ بهذه الآية هما الأفجران من قريش: بنو اميّة، و بنو المغيرة، فأمّا بنو المغيرة فقطع اللّه دابرهم يوم بدر، و أمّا بنو أميّة فمتّعوا إلى حين»(1).

ص:114


1- الدرّ المنثور ٥ : ٤١. صحيح البخاري ٤ : ٨٤.

سورة الحجر

« بسم اللّه الرّحمن الرّحيم » هذه السورة المباركة مكّية، عدد آياتها تسع و تسعون آية رُبَما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كانُوا مُسْلِمِينَ (2) دلّت الآية الكريمة على أنّ الكافرين سيندمون على كفرهم و تمرّدهم يوم القيامة، و يتمنّون أنّهم لو كانوا مسلمين و مؤمنين.

و روى الإمام أمير المؤمنين عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في تفسير هذه الآية، قال عليه السّلام:

«قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّ أصحاب الكبائر من موحّدي الامم كلّها الّذين ماتوا على كبائرهم غير نادمين و لا تائبين، من دخل منهم جهنّم لا تزرق أعينهم و لا تسود وجوههم، و لا يقرنون بالشّياطين، و لا يغلّون بالسّلاسل، و لا يجرّعون الحميم، و لا يلبسون القطران، حرّم اللّه أجسادهم على الخلود من أجل التّوحيد، و صورهم على النّار من أجل السّجود، فمنهم من تأخذه النّار إلى عقبيه، و منهم من تأخذه النّار إلى عنقه على قدر ذنوبهم و أعمالهم، و منهم من يمكث فيها شهرا ثمّ يخرج منها، و أطولهم مكثا فيها بقدر عمر الدّنيا منذ خلقت إلى أن تفنى.

فإذا أراد اللّه أن يخرجهم منها قالت اليهود و النّصارى و من في النّار من أهل

ص:115

الأديان و الأوثان لمن في النّار من أهل التّوحيد: آمنتم باللّه و كتبه و رسله فنحن و أنتم اليوم في النّار سواء، فيغضب اللّه غضبا لم يغضبه لشيء فيما مضى فيخرجهم إلى عين بين الجنّة و الصّراط فينبتون فيها نبت الطراثيث (1) في حميل السّيل (2)، ثمّ يدخلون الجنّة مكتوب في جباههم هؤلاء الجهنّميّون عتقاء الرّحمن، فيمكثون في الجنّة ما شاء اللّه أن يمكثوا.

ثمّ يسألون اللّه تعالى أن يمحو ذلك الاسم عنهم، فيبعث اللّه ملكا فيمحوه، ثمّ يبعث اللّه ملائكة معهم مسامير من نار فيطبقونها على من بقي فيها يسمّرونها بتلك المسامير... و يشتغل أهل الجنّة عنهم بنعيمهم و لذّاتهم، و ذلك قوله: رُبَما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كانُوا مُسْلِمِينَ »(3).

لَها سَبْعَةُ أَبْوابٍ لِكُلِّ بابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ (44)

روي عن الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام في تفسير هذه الآية:

«أنّ جهنّم لها سبعة أبواب أطباق بعضها فوق بعض»، و وضع إحدى يديه على الاخرى فقال: «هكذا، و أنّ اللّه تعالى وضع الجنان على العرض، و وضع النّيران بعضها فوق بعض، فأسفلها جهنّم، و فوقها لظى، و فوقها الحطمة، و فوقها سقر، و فوقها الجحيم، و فوقها السّعير، و فوقها الهاوية»(4).

وَ ما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ ما بَيْنَهُما إِلاّ بِالْحَقِّ وَ إِنَّ السّاعَةَ

ص:116


1- الطرثوث : نبت.
2- حميل السيل : غثاؤه.
3- الميزان ١٢ : ١٠٢ _ ١٠٣.
4- مجمع البيان ٥ : ٣٣٨.

لَآتِيَةٌ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ (85)

قال الإمام عليه السّلام:

«الصّفح الجميل هو العفو من غير عتاب»(1).

«أو الرّضا بغير عتاب» (2).

ص:117


1- مجمع البيان ٦ : ٥١٩.
2- الدرّ المنثور ٤ : ١٠٤.

سورة النّحل

« بسم اللّه الرّحمن الرّحيم »

هذه السورة المباركة مكّية، و عدد آياتها مائة و ثمان و عشرون

آية يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاّ أَنَا فَاتَّقُونِ (2)

حكت الآية الكريمة أنّ اللّه تعالى ينزل الملائكة بالروح، أي بالوحي، على من يشاء من عباده، و هم الصفوة المختارة من البشر و هم الأنبياء العظام.

جاء رجل إلى الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام يسأله عن الروح: أ ليس هو جبرئيل؟ فقال له أمير المؤمنين:

«جبرئيل من الملائكة، و الرّوح غير جبرئيل»، فكبر ذلك على الرجل، و قال للإمام:

لقد قلت قولا عظيما، ما أحد يزعم أنّ الروح غير جبرئيل.

فقال له الإمام عليه السّلام:

«إنّك ضالّ تروي عن أهل الضّلال، يقول اللّه لنبيّه: أَتى أَمْرُ اللّهِ

ص:118

فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحانَهُ وَ تَعالى عَمّا يُشْرِكُونَ. يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ... (1)، و الرّوح غير الملائكة»(2).

وَ عَلاماتٍ وَ بِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ (16)

قال الإمام عليه السّلام:

«قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: وَ بِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ الجدي؛ لأنّه نجم لا يدور و عليه بناء القبلة، و به يهتدي أهل البرّ و البحر»(3).

وَ قِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا ما ذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قالُوا خَيْراً لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هذِهِ الدُّنْيا حَسَنَةٌ وَ لَدارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ وَ لَنِعْمَ دارُ الْمُتَّقِينَ (30)

استشهد الإمام عليه السّلام بهذه الآية في رسالته التي كتبها لأهل مصر، فقد جاء فيها:

«يا عباد اللّه، إنّ أقرب ما يكون العبد من المغفرة و الرّحمة حين يعمل بطاعته، و ينصح في توبته، عليكم بتقوى اللّه، فإنّها تجمع الخير، و لا خير غيرها، و يدرك بها من خير الدّنيا و خير الآخرة، قال عزّ و جلّ: وَ قِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا ما ذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قالُوا خَيْراً لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هذِهِ الدُّنْيا حَسَنَةٌ وَ لَدارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ وَ لَنِعْمَ دارُ الْمُتَّقِينَ »(4).

وَ اللّهُ خَلَقَكُمْ ثُمَّ يَتَوَفّاكُمْ وَ مِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْ

ص:119


1- النحل : ١ و ٢.
2- الميزان ١٤ : ٢٢٤ ، نقلا عن الكافي..
3- تفسير العيّاشي ٢ : ٢٥٦.
4- أمالي الشيخ الطوسي : ٢٥.

لا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئاً إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ قَدِيرٌ (70)

كان من معطيات هذه الآية أنّ اللّه تعالى خلق الإنسان، و أنعم عليه بضروب من النّعم، ثمّ يقبضه إليه، و منهم من يردّ إلى أرذل العمر و أوضعه، و قد روي عن الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام:

«أنّ أرذل العمر خمس و سبعون سنة»(1).

إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَ الْإِحْسانِ وَ إِيتاءِ ذِي الْقُرْبى وَ يَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَ الْمُنْكَرِ وَ الْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (90)

اجتاز الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام على قوم يتحدّثون فقال:

«فيم أنتم - أي بأيّ شيء تتحدّثون -؟».

فقالوا: نتذاكر المروّة.

فقال عليه السّلام: «أو ما كفاكم اللّه عزّ و جلّ ذاك في كتابه إذ يقول اللّه: إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَ الْإِحْسانِ... ، فالعدل الإنصاف، و الإحسان التّفضّل»(2).

ص:120


1- مجمع البيان ٦ : ٣٧٣
2- تفسير العيّاشي ٢ : ٢٦٧.

سورة الإسراء

« بسم اللّه الرّحمن الرّحيم »

هذه السورة المباركة مكّية، عدد آياتها مائة و إحدى عشرة آية قالَ لَقَدْ عَلِمْتَ ما أَنْزَلَ هؤُلاءِ إِلاّ رَبُّ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ بَصائِرَ وَ إِنِّي لَأَظُنُّكَ يا فِرْعَوْنُ مَثْبُوراً (102) الموجود في نسخ القرآن الكريم: «لقد علمت» بالفتح، و المعنى: لقد علمت يا فرعون ما أنزل هؤلاء - أشار إلى الآيات التي تدلّ على نبوّة موسى -، إلاّ ربّ السموات و الأرض الذي خلقهنّ بصائر أو براهين للناس تدلّ على نبوته.

و روي عن الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام أنّه قرأ: «لقد علمت» بالضمّ، على أن يكون الضمير للمتكلّم.

قال عليه السّلام:

«و اللّه ما علم عدوّ اللّه - يعني فرعون - و لكنّ موسى هو الّذي علم»(1).

ص:121


1- مجمع البيان ٦ : ٦٨٥.

سورة الكهف

« بسم اللّه الرّحمن الرّحيم » هذه السورة المباركة مكّية و عدد آياتها مائة و عشر آيات وَ يَسْئَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُوا عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْراً (83)

كان الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام على المنبر يخطب، فقام إليه ابن الكوّاء، فقال له:

يا أمير المؤمنين، اخبرني عن ذي القرنين، أ نبيّا كان أم ملكا؟ و اخبرني عن قرنيه أمن ذهب أم من فضّة؟ فقال عليه السّلام:

«لم يكن نبيّا و لا ملكا، و لم يكن قرناه من ذهب و لا فضّة، و لكن كان عبدا أحبّ اللّه فأحبّه اللّه، و نصح للّه فنصحه اللّه، و إنّما سمّي ذا القرنين لأنّه دعا قومه إلى اللّه عزّ و جلّ فضربوه على قرنه، فغاب عنهم حينا ثمّ عاد إليهم، فضرب على قرنه الآخر، و فيكم مثله»(1)، يعني نفسه الشريفة التي سيعمّمها ابن ملجم المرادي بسيفه.

ص:122


1- كمال الدين : ٣٩٣ _ ٣٩٤.

وَ تَرَكْنا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ وَ نُفِخَ فِي الصُّورِ فَجَمَعْناهُمْ جَمْعاً (99)

روى الأصبغ بن نباتة عن الإمام عليه السّلام في تفسير الآية: وَ تَرَكْنا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ... «يعني يوم القيامة»(1).

قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمالاً (103)

سأل ابن الكوّاء الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام عن الأخسرين في هذه الآية فقال عليه السّلام:

«هم فجرة قريش»(2).

ص:123


1- تفسير العيّاشي ٤ : ٣٥١.
2- الدرّ المنثور ٤ : ٢٥٣.

سورة مريم

« بسم اللّه الرّحمن الرّحيم » هذه السورة المباركة مكّية، و عدد آياتها ثمان و تسعون آية فَخَرَجَ عَلى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرابِ فَأَوْحى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَ عَشِيًّا (11) عرض الإمام عليه السّلام في حديث له عن مطلق الوحي فقسّمه إلى ثلاثة أقسام:

وحي النبوة، و وحي الإلهام، و وحي الإشارة، و هو قوله تعالى:... فَأَوْحى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَ عَشِيًّا ، أي أشار إليهم كقوله تعالى:... أَلاّ تُكَلِّمَ النّاسَ ثَلاثَةَ أَيّامٍ إِلاّ رَمْزاً... (1).(2) وَ هُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُساقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيًّا (25)

استشهد الإمام عليه السّلام بالآية الكريمة في معرض حديثه عن فوائد الرطب

ص:124


1- آل عمران : ٤١.
2- تفسير النعماني : ٧٥.

قال عليه السّلام: «ما تأكل الحامل من شيء، و لا تتداوى به أفضل من الرّطب، قال اللّه تعالى لمريم: وَ هُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُساقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيًّا. فَكُلِي وَ اشْرَبِي وَ قَرِّي عَيْناً... (1)»(2).

يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمنِ وَفْداً (85)

سأل الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عن تفسير هذه الآية، فقال:

«يا عليّ، إنّ الوفد لا يكون إلاّ ركبانا، اولئك رجال اتّقوا اللّه عزّ و جلّ فأحبّهم و اختصّهم، و رضي أعمالهم فسمّاهم اللّه المتّقين»(3).

و روى الإمام عليه السّلام عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في تفسير هذه الآية أيضا، قال:

«أما و اللّه ما يحشرون على أقدامهم، و لا يساقون سوقا، و لكنّهم يؤتون بنوق من الجنّة، لم تنظر الخلائق إلى مثلها، رحالها الذّهب، و أزمّتها الزّبرجد، فيقعدون عليها حتّى يقرعوا باب الجنّة»(4).

إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصّالِحاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا (96) نزلت هذه الآية الكريمة في حقّ الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام، فقد فسّر ابن عباس «الودّ» في الآية بمحبّة الإمام في قلوب المؤمنين (5).

و في رواية البراء: أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال للامام أمير المؤمنين عليه السّلام، قل:

ص:125


1- مريم : ٢٥ و ٢٦.
2- الخصال ٢ : ٦٣٧.
3- تفسير القمّي ٢ : ٥٣.
4- الدرّ المنثور ٤ : ٢٨٥.
5- الميزان ١٤ : ١١٥.

«اللّهمّ اجعل لي عندك عهدا، و اجعل لي عندك ودّا، و اجعل لي في صدور المؤمنين مودّة»، فأنزل اللّه تعالى: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصّالِحاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا ، نزلت في عليّ (1).

ص:126


1- الدرّ المنثور ٤ : ٢٨٧.

سورة طه

« بسم اللّه الرّحمن الرّحيم » هذه السورة المباركة نزلت في مكّة المكرّمة، و عدد آياتها مائة و خمس و ثلاثون آية اَلرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى (5)

قال الإمام عليه السّلام في تفسير هذه الآية: «يعني استوى تدبيره، و علا أمره»(1).

وَ اجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي. هارُونَ أَخِي. اُشْدُدْ بِهِ أَزْرِي.

وَ أَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي (29) إلى (32) تلا الرسول الأعظم صلّى اللّه عليه و آله هذه الآيات المباركة، و طلب من اللّه تعالى أن يشدّ أزره بأخيه و ابن عمّه الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام.

روت السيّدة أسماء بنت عميس قالت: رأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بإزاء ثبير و هو يقول: «اللّهمّ إنّي أسألك بما سألك أخي موسى أن تشرح لي صدري، و أن تيسّر لي

ص:127


1- الاحتجاج : ٢٥٠.

أمري، و أن تحلّ عقدة من لساني يفقهوا قولي، و اجعل لي وزيرا من أهلي، عليّا أخي، اشدد به أزري، و أشركه في أمري، كي نسبّحك كثيرا، و نذكرك كثيرا، إنّك كنت بنا بصيرا»(1).

فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسى (67)

قال الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام:

«لم يوجس موسى خيفة على نفسه، بل أشفق من غلبة الجهّال، و دول الضّلال»(2).

فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلاً جَسَداً لَهُ خُوارٌ فَقالُوا هذا إِلهُكُمْ وَ إِلهُ مُوسى فَنَسِيَ (88)

تحدّث الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام عن السامري، و ضلاله لبني إسرائيل بإخراجه العجل لهم، و قوله: إنّ هذا إلهكم و إله موسى، قال عليه السّلام:

«لمّا تعجّل موسى إلى ربّه عمد السّامريّ فجمع ما قدر عليه من حلي بني إسرائيل فضربه عجلا، ثمّ ألقى القبضة في جوفه فإذا هو عجل جسد له خوار، فقال لهم السّامريّ: هذا إلهكم و إله موسى، فقال لهم هارون:... أَ لَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْداً حَسَناً... (3)»(4).

ص:128


1- الدرّ المنثور ٥ : ٢٩٥.
2- نهج البلاغة : ٥١.
3- طه : ٨٦.
4- الدرّ المنثور ٥ : ٣٠٥.

وَ أْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَ اصْطَبِرْ عَلَيْها لا نَسْئَلُكَ رِزْقاً نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَ الْعاقِبَةُ لِلتَّقْوى (132)

روى أبو سعيد الخدري أنّه لمّا نزلت هذه الآية على النبي صلّى اللّه عليه و آله كان يأتي إلى باب عليّ ثمانية أشهر و هو يقول:

«الصّلاة رحمكم اللّه إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً (1)»(2).

و قد تواترت الأخبار بذلك.

ص:129


1- الأحزاب : ٣٣.
2- الميزان ١٤ : ٢٤٢ ، وفي مجمع البيان أنّ النبي صلّى اللّه عليه و آله كان يجيء إلى بيت عليّ تسعة أشهر.

سورة الأنبياء

« بسم اللّه الرّحمن الرّحيم » هذه السورة المباركة مكّية، و عدد آياتها مائة و اثنتا عشرة آية كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ وَ نَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَ الْخَيْرِ فِتْنَةً وَ إِلَيْنا تُرْجَعُونَ (35)

مرض الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام فعاده اخوانه فقالوا له: كيف نجدك يا أمير المؤمنين، فقال عليه السّلام: «بشرّ».

فقالوا: ما هذا كلام مثلك؟ قال عليه السّلام: «إنّ اللّه تعالى يقول:... وَ نَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَ الْخَيْرِ فِتْنَةً... ، الخير الصّحة و الغنى، و الشّرّ المرض و الفقر»(1).

وَ نَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَ إِنْ كانَ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنا بِها وَ كَفى بِنا حاسِبِينَ (47)

ص:130


1- مجمع البيان ٧ : ٧٤.

سأل الإمام عليه السّلام رجل عمّا اشتبه عليه من الآيات، فقال عليه السّلام:

«و أمّا قوله تبارك و تعالى: وَ نَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً... فهو ميزان العدل، يؤخذ به الخلائق يوم القيامة، يدين اللّه تبارك و تعالى الخلق بعضهم من بعض بالموازين»(1).

إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ (101) وعد اللّه تعالى المتّقين من عباده بالفردوس و النعيم، و البعد عن الجحيم،

و قد استشهد النبيّ صلّى اللّه عليه و آله بهذه الآية الكريمة في حديثه مع الإمام عليه السّلام فقد قال له:

«يا عليّ، أنت و شيعتك على الحوض تسقون من أحببتم، و تمنعون من كرهتم، و أنتم الآمنون يوم الفزع الأكبر.

فيكم نزلت الآية إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ ، و فيكم نزلت: لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَ تَتَلَقّاهُمُ الْمَلائِكَةُ هذا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (2)»(3).

يَوْمَ نَطْوِي السَّماءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ للكتاب كَما بَدَأْنا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنا إِنّا كُنّا فاعِلِينَ (104)

استشهد الإمام عليه السّلام بالآية الكريمة في معرض حديثه عن الأموات قال عليه السّلام:

ص:131


1- التوحيد : ٢٦٨.
2- الأنبياء : ١٠٣.
3- أمالي الصدوق : ٤١٥.

«استبدلوا - أي الأموات - بظهر الأرض بطنا، و بالسّعة ضيقا، و بالأهل غربة، و بالنّور ظلمة، فجاؤوها كما فارقوها، حفاة عراة، قد ظعنوا عنها بأعمالهم إلى الحياة الدّائمة، و الدّار الباقية، كما قال سبحانه و تعالى:... كَما بَدَأْنا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنا إِنّا كُنّا فاعِلِينَ »(1).

ص:132


1- نهج البلاغة : ١٦٦ _ ١٦٧.

سورة الحجّ

« بسم اللّه الرّحمن الرّحيم » هذه السورة المباركة مدنية، و عدد آياتها ثمان و سبعون آية إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ الَّذِينَ هادُوا وَ الصّابِئِينَ وَ النَّصارى وَ الْمَجُوسَ وَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّ اللّهَ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ شَهِيدٌ (17) عرضت الآية الكريمة إلى بعض الأديان، و عدّت منها المجوس،

و قد كان أمير المؤمنين عليه السّلام على المنبر و هو يقول: «سلوني قبل أن تفقدوني»، فانبرى إليه المنافق الأشعث بن قيس فقال له: كيف تؤخذ من المجوس الجزية، و لم ينزل إليهم كتاب، و لم يبعث إليهم نبيّ؟ فأجابه الإمام:

«بلى يا أشعث، قد أنزل اللّه عليهم كتابا، و بعث إليهم نبيّا، و كان لهم ملك، سكر ذات ليلة فدعا بابنته إلى فراشه فارتكبها، فلمّا أصبح تسامع به قومه فاجتمعوا إلى بابه، فقالوا: أيّها الملك، دنّست علينا ديننا فأهلكته، فاخرج نطهّرك، و نقم

ص:133

عليك الحدّ.

فقال لهم: اجتمعوا و اسمعوا كلامي فإن يكن لي مخرجا ممّا ارتكبت، و إلاّ فشأنكم. فاجتمعوا.

فقال: هل علمتم أنّ اللّه عزّ و جلّ لم يخلق خلقا أكرم عليه من أبينا آدم و أمّنا حوّاء؟ قالوا: صدقّت أيّها الملك.

قال: أ فليس قد زوّج بينه بناته، و بناته من بنيه؟ قالوا: صدقت هذا هو الدّين، فتعاقدوا على ذلك، فمحا اللّه ما في صدورهم من العلم و رفع عنهم الكتاب، فهم الكفرة يدخلون النّار بلا حساب، و المنافقون أشدّ حالا منهم».

يشير بذلك إلى الأشعث الذي هو رأس المنافقين.

قال الأشعث: و اللّه ما سمعت بمثل هذا الجواب أبدا، و اللّه لا عدت إلى مثلها أبدا (1).

ص:134


1- الميزان ١٤ : ٣٦٢ ، نقلا عن التوحيد للصدوق.

سورة المؤمنون

« بسم اللّه الرّحمن الرّحيم » نزلت هذه السورة المباركة في مكّة، عدد آياتها مائة و ثماني عشرة آية اَلَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ (2) فسّر الإمام عليه السّلام الخشوع في الصلاة أن لا يلتفت المصلّي (1).

وَ الَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ (3)

قال الإمام عليه السّلام: «كلّ قول ليس للّه فيه ذكر فهو لغو»(2).

ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظاماً فَكَسَوْنَا الْعِظامَ لَحْماً ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبارَكَ اللّهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ (14)

ص:135


1- الدرّ المنثور ٥ : ٣.
2- إرشاد المفيد : ١٥٧.

قال الإمام عليه السّلام في تفسير هذه الآية:

«إذا تمّت النّطفة أربعة أشهر بعث اللّه إليها ملكا فنفخ فيها الرّوح في الظّلمات الثّلاث، فذلك قوله:... ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ ، يعني نفخ الرّوح فيه»(1).

إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ وَ إِنْ كُنّا لَمُبْتَلِينَ (30)

استشهد الإمام عليه السّلام بالفقرة الأخيرة من الآية في خطاب له جاء فيه:

«أيّها النّاس، إنّ اللّه قد أعاذكم من أن يجور عليكم، و لم يعذكم من أن يبتليكم، و قد قال جلّ من قائل: إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ وَ إِنْ كُنّا لَمُبْتَلِينَ »(2).

وَ لَقَدْ أَخَذْناهُمْ بِالْعَذابِ فَمَا اسْتَكانُوا لِرَبِّهِمْ وَ ما يَتَضَرَّعُونَ (76)

قال الإمام عليه السّلام في تفسير الآية:

«أي لم يتواضعوا في الدّعاء و لم يخضعوا، و لو خضعوا للّه لاستجاب لهم»(3).

و روى الأصبغ بن نباتة عن الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: «رفع الأيدي من الاستكانة».

فقال الإمام له: «و ما الاستكانة؟».

قال: «أ ما تقرأ هذه الآية:... فَمَا اسْتَكانُوا لِرَبِّهِمْ وَ ما يَتَضَرَّعُونَ »(4).

1

ص:136


1- الدرّ المنثور ٥ : ٧.
2- نهج البلاغة : ١٦٠.
3- الدرّ المنثور ٥ : ١٤.
4- مجمع البيان ٥ : ٥٤.

سورة النّور

« بسم اللّه الرّحمن الرّحيم » هذه السورة المباركة مدنيّة، عدد آياتها أربع و ستون آية قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ وَ يَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذلِكَ أَزْكى لَهُمْ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِما يَصْنَعُونَ (30)

روى الإمام عليه السّلام سبب نزول الآية قال:

«استقبل شابّ من الأنصار امرأة بالمدينة، و كانت النّساء يتقنّعن خلف آذانهنّ، فنظر إليها و هي مقبلة، فلمّا جازت نظر إليها و دخل في زقاق، و جعل ينظر خلفها، و اعترض وجهه عظم في الحائط أو زجاجة، فشقّ وجهه، فلمّا مضت المرأة نظر فإذا الدّماء تسيل على ثوبه و صدره، فقال: و اللّه لآتينّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و أخبرنّه، فأتاه، فنظر إليه الرّسول و قال له: ما هذا؟ - يعني ما عليه من الدماء - فأخبره بالأمر، فنزل جبرئيل على النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله بهذه الآية: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ »(1).

ص:137


1- الدرّ المنثور ٥ : ٤٠.

رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَ لا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللّهِ وَ إِقامِ الصَّلاةِ وَ إِيتاءِ الزَّكاةِ يَخافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَ الْأَبْصارُ (37)

كان الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام إذا تلى هذه الآية عقّب عليها بقوله:

«و إنّ للذّكر لأهلا أخذوه من الدّنيا بدلا، فلم تشغلهم تجارة و لا بيع عنه، يقطعون به أيّام الحياة، و يهتفون بالزّواجر عن محارم اللّه في أسماع الغافلين، و يأمرون بالقسط و يأتمرون به، و ينهون عن المنكر و يتناهون عنه، فكأنّما قطعوا الدّنيا إلى الآخرة و هم فيها، فشاهدوا ما وراء ذلك، فكأنّما اطّلعوا غيوب أهل البرزخ في طول الإقامة فيه، و حقّقت القيامة عليهم عداتها، فكشفوا غطاء ذلك لأهل الدّنيا، حتّى كأنّهم يرون ما لا يرى النّاس، و يسمعون ما لا يسمعون»(1).

و حكى هذا الكلام المواقع المشرقة لأولياء اللّه و أحبائه الذين لا تلهيهم تجارة و لا بيع عن ذكره.

وَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمالُهُمْ كَسَرابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ ماءً حَتّى إِذا جاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً وَ وَجَدَ اللّهَ عِنْدَهُ فَوَفّاهُ حِسابَهُ وَ اللّهُ سَرِيعُ الْحِسابِ (39)

«سئل الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام: كيف يحاسب اللّه عباده في حالة واحدة؟ فقال: «كما يرزقهم في حالة واحدة»(2).

أَ لَمْ تَرَ أَنَّ اللّهَ يُزْجِي سَحاباً ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكاماً فَتَرَى

ص:138


1- نهج البلاغة : ٣٤٢.
2- مجمع البيان ٧ : ٢٣٠.

اَلْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ وَ يُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ مِنْ جِبالٍ فِيها مِنْ بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشاءُ وَ يَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشاءُ يَكادُ سَنا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصارِ (43)

نقل الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله تفسير هذه الآية، قال:

«إنّ اللّه عزّ و جلّ جعل السّحاب غرابيل المطر، هي تذيب البرد حتّى يصير ماء لكي لا يضرّ شيئا يصيبه، و الّذي ترون فيه من البرد و الصّواعق نقمة من اللّه عزّ و جلّ يصيب بها من يشاء من عباده»(1).

وَعَدَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَ عَمِلُوا الصّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَ لَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ وَ لَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَ مَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ (55)

استشهد الإمام عليه السّلام بهذه الآية في نصيحته لعمر بن الخطّاب أن لا يخرج مع الجيش الذي انطلق لقتال الفرس.

قال عليه السّلام: «إنّ هذا الأمر لم يكن نصره و لا خذلانه بكثرة و لا بقلّة، و هو دين اللّه الّذي أظهره، و جنده الّذي أعدّه و أمدّه، حتّى بلغ ما بلغ، و طلع حيث طلع؛ و نحن على موعود من اللّه، حيث قال عزّ اسمه: وَعَدَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَ عَمِلُوا الصّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَ لَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ وَ لَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً... ، و اللّه تعالى منجز وعده، و ناصر جنده.

ص:139


1- روضة الكافي ٨ : ٢٤٠.

و مكان القيّم في الإسلام مكان النّظام من الخرز، فإن انقطع النّظام تفرّق، و ربّ متفرّق لم يجتمع.

و العرب اليوم و إن كانوا قلّة، فهم كثيرون بالإسلام، عزيزون بالاجتماع! فكن قطبا، و استدر الرّحا بالعرب من أطرافها و أقطارها، حتّى يكون ما تدع وراءك من العورات أهمّ إليك ممّا بين يديك»(1).

ص:140


1- نهج البلاغة _ محمد عبده : ٢٨٣.

سورة الفرقان

« بسم اللّه الرّحمن الرّحيم » هذه السورة مكّية، عدد آياتها سبع و سبعون آية أَصْحابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَ أَحْسَنُ مَقِيلاً (24)

استشهد الإمام عليه السّلام بهذه الآية في حديثه عن وضع المؤمن في قبره، قال:

«ثمّ يفسحان - يعني الملكين - في قبره مدّ بصره، ثمّ يفتحان له بابا إلى الجنّة، و يقولان له: نم قرير العين نوم الشّابّ النّاعم فإنّ اللّه يقول: أَصْحابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَ أَحْسَنُ مَقِيلاً »(1).

وَ عاداً وَ ثَمُودَ وَ أَصْحابَ الرَّسِّ وَ قُرُوناً بَيْنَ ذلِكَ كَثِيراً (38) ذكر الإمام عليه السّلام في حديث له قصة أصحاب الرّس، و ملخصه:

أنّهم كانوا قوما يعبدون شجرة صنوبرة يقال لها: شاه درخت، كان يافث بن نوح غرسها بعد الطوفان على شفير عين يقال لها: روشن آب، و كان لهم اثنتا عشرة

ص:141


1- الميزان ١٢ : ٢٠٧.

قرية معمورة على شاطئ نهر.

و قد غرسوا في كلّ قرية منها شجرة من الصنوبرة، و أجروا عليها نهرا من عين، و حرّموا شرب مائها على أنفسهم و أنعامهم، و من شرب من مائها قتلوه، و يقولون: إنّه - أي الماء - حياة الآلهة فلا ينبغي لأحد أن ينقص حياتها، و قد جعلوا في كلّ شهر من السنة يوما في كلّ قرية عيدا يخرجون فيه إلى الشجرة فيسجدون لها، و يذبحون لها الذبائح ثمّ يحرقونها، و يبكون و يتضرّعون عندها، و الشيطان يكلّمهم و كان هذا دأبهم.

و لمّا طال منهم الكفر و عبادة الشجر بعث اللّه إليهم رسولا من بني إسرائيل فدعاهم إلى عبادة اللّه تعالى، فلم يؤمنوا، فدعا اللّه على الشجرة فيبست، فلمّا رأوا ذلك جزعوا، و قالوا: إنّ هذا الرّجل - يعني النبيّ - سحر آلهتنا، و قال آخرون: إنّ آلهتنا غضبت علينا من هذا الرجل الذي يدعونا إلى الكفر بها، فاجتمعت آراؤهم على قتله فحفروا بئرا و ألقوه فيه، و شدّوا رأس البئر حتى مات، فأنزل اللّه عليهم عذابه، و أهلكهم عن آخرهم (1).

وَ هُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَ صِهْراً وَ كانَ رَبُّكَ قَدِيراً (54) قال ابن سيرين: نزلت الآية في النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و عليّ بن أبي طالب عليه السّلام زوج فاطمة فهو ابن عمّه و زوج ابنته فكان نسبا و صهرا (2).

ص:142


1- الميزان ١٥ : ٢١٩ _ ٢٢٠ ، نقلا عن عيون أخبار الرّضا علیه السلام.
2- مجمع البيان ٧ : ٢٧٣.

سورة الشّعراء

« بسم اللّه الرّحمن الرّحيم » هذه السورة المباركة مكيّة، عدد آياتها مائتان و سبع و عشرون آية وَ أَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ (214) نزلت هذه الآية على الرسول الأعظم صلّى اللّه عليه و آله في بداية الدعوة الاسلامية بإبلاغ اسرته بالدعوة إلى الإسلام، فدعا الرسول صلّى اللّه عليه و آله الإمام أمير المؤمنين، و أمره أن يدعو الاسر القرشية إلى وليمة أقامها لهم، ليبلّغهم رسالة ربّه، فدعاهم فما استجابوا له، فطلب منهم أن يستجيب له واحد منهم ليتّخذه وزيرا و خليفة، فما أجابه أحد سوى أمير المؤمنين عليه السّلام فأقامه خليفة و وزيرا له، و قد ذكرنا تفصيل ذلك في بعض أجزاء هذه الموسوعة.

ص:143

سورة القصص

« بسم اللّه الرّحمن الرّحيم » هذه السورة المباركة مكّية، عدد آياتها ثمان و ثمانون آية وَ نُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَ نَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَ نَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ (5)

استشهد الإمام عليه السّلام بالآية في هذا الحديث، قال عليه السّلام:

«لتعطفنّ الدّنيا علينا بعد شماسها عطف الضّروس على ولدها»، و تلا الآية.

و يشير الإمام في حديثه إلى حكومة المصلح الأعظم الإمام المهدي عليه السّلام الذي يقيم اعوجاج الدين و يصلح ما فسد من امور الدنيا.

و في الدرّ المنثور: أنّ الإمام عليه السّلام فسّر المستضعفين بيوسف و ولده.

وَ ابْتَغِ فِيما آتاكَ اللّهُ الدّارَ الْآخِرَةَ وَ لا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيا وَ أَحْسِنْ كَما أَحْسَنَ اللّهُ إِلَيْكَ وَ لا تَبْغِ الْفَسادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللّهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ (77)

ص:144

أثر عن الإمام عليه السّلام أنّه فسّر قوله تعالى: وَ لا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيا... ، «أي لا تنس صحّتك و قوّتك و فراغك و شبابك و نشاطك أن تطلب بها الآخرة»(1).

تِلْكَ الدّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَ لا فَساداً وَ الْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ (83)

كان الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام في أيام خلافته يمشي في الأسواق و هو يرشد الضالّ، و يعين الضعيف، و يمرّ بالبياع و البقال فيفتح عليه القرآن، و يقرأ:

تِلْكَ الدّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَ لا فَساداً ، و يقول: «نزلت هذه الآية في أهل العدل و المواضع من الصّلاة و أهل القدرة من سائر النّاس»(2).

وَ لا تَدْعُ مَعَ اللّهِ إِلهاً آخَرَ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ كُلُّ شَيْ ءٍ هالِكٌ إِلاّ وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (88)

قال عليه السّلام في تفسير هذه الآية:

«المراد كلّ شيء هالك إلاّ دينه؛ لأنّ من المحال أن يهلك منه كلّ شيء و يبقى الوجه، هو أجلّ و أعظم من ذلك، و إنّما يهلك ما ليس منه أ لا ترى أنّه قال: كُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ. وَ يَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ (3)»(4).

ص:145


1- الميزان ١٦ : ٨٥.
2- الميزان ١٦ : ٨٥.
3- الرحمن : ٢٦ و ٢٧.
4- الميزان ١٦ : ٩٥.

سورة العنكبوت

« بسم اللّه الرّحمن الرّحيم » هذه السورة المباركة مكّية، عدد آياتها تسع و ستون آية أَ حَسِبَ النّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنّا وَ هُمْ لا يُفْتَنُونَ (2)

انبرى رجل إلى الإمام عليه السّلام، فقال له: هل سألت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عن الفتنة؟ فقال عليه السّلام: «لمّا أنزل اللّه سبحانه: الم. أَ حَسِبَ النّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنّا وَ هُمْ لا يُفْتَنُونَ علمت أنّ الفتنة لا تنزل بنا و رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بين أظهرنا. فقلت:

يا رسول اللّه ما هذه الفتنة الّتي أخبرك اللّه بها؟ فقال: «يا عليّ، إنّ أمّتي سيفتنون من بعدي»(1).

مَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ اللّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللّهِ لَآتٍ وَ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (5)

قال عليه السّلام في تفسير هذه الآية: «من كان يؤمن بأنّه مبعوث فإنّ وعد اللّه لآت من الثّواب و العقاب، فاللّقاء هاهنا ليس بالرؤية، و اللّقاء هو البعث»(2).

ص:146


1- نهج البلاغة : ٢٢٠.
2- الميزان ١٦ : ١٢٠.

سورة الرّوم

« بسم اللّه الرّحمن الرّحيم » هذه السورة المباركة مكّية، عدد آياتها ستون آية وَ ما آتَيْتُمْ مِنْ رِباً لِيَرْبُوَا فِي أَمْوالِ النّاسِ فَلا يَرْبُوا عِنْدَ اللّهِ وَ ما آتَيْتُمْ مِنْ زَكاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللّهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ (39)

قال الإمام عليه السّلام في بيان هذه الآية:

«فرض اللّه تعالى الصّلاة تنزيها عن الكبر، و الزّكاة تسبيبا للرزق، و الصّيام ابتلاء لإخلاص الخلق، وصلة الأرحام منماة للعدد»(1).

ص:147


1- مجمع البيان ٨ : ٤٧٩.

سورة لقمان

« بسم اللّه الرّحمن الرّحيم » هذه السورة المباركة مكّية، عدد آياتها أربع و ثلاثون آية إِنَّ اللّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السّاعَةِ وَ يُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَ يَعْلَمُ ما فِي الْأَرْحامِ وَ ما تَدْرِي نَفْسٌ ما ذا تَكْسِبُ غَداً وَ ما تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (34) إنّ هذه الامور الخمسة: علم الساعة، و نزول الغيث، و العلم بما في الأرحام من ذكر أو أنثى، و جهل الإنسان بما يكسبه في غده، و خفاء موته عليه كلّ هذه الامور قد خفيت على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كما يقول الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام (1).

ص:148


1- الدرّ المنثور ٥ : ١٦٩.

سورة السّجدة

« بسم اللّه الرّحمن الرّحيم » هذه السورة مكّية، عدد آياتها ثلاثون آية أَ فَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُونَ (18)

نزلت هذه الآية في الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام و الوليد بن عقبة بن أبي معيط، فقد تشاجر مع الإمام، و افتخر عليه قائلا: أنا و اللّه أبسط منك لسانا، و أحدّ منك سنانا، و أمثل منك جثوا في الكتيبة.

فقال له الإمام:

«اسكت إنّما أنت فاسق»، فأنزل اللّه تعالى: أَ فَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُونَ (1).

ص:149


1- تفسير القمّي ٢ : ١٧٠.

سورة الأحزاب

« بسم اللّه الرّحمن الرّحيم » هذه السورة المباركة مدنيّة، عدد آياتها ثلاث و سبعون آية اَلنَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَ أَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُهاجِرِينَ إِلاّ أَنْ تَفْعَلُوا إِلى أَوْلِيائِكُمْ مَعْرُوفاً كانَ ذلِكَ فِي الْكِتابِ مَسْطُوراً (6)

روى بريدة قال: غزوت مع عليّ اليمن فرأيت منه جفوة، فلمّا قدمت على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ذكرت عليّا فانتقصته، فرأيت وجه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله تغيّر، و قال:

«يا بريدة، أ لست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟».

قلت: بلى يا رسول اللّه. قال: «من كنت مولاه فعليّ مولاه»(1).

إن ولاية الرسول صلّى اللّه عليه و آله على المؤمنين ولاية ذاتية، و هذه الولاية قد شاركه فيها وصيّه و باب مدينة علمه.

ص:150


1- الدرّ المنثور ٥ : ١٨٢.

وَ قَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَ لا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجاهِلِيَّةِ الْأُولى وَ أَقِمْنَ الصَّلاةَ وَ آتِينَ الزَّكاةَ وَ أَطِعْنَ اللّهَ وَ رَسُولَهُ إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً (33) نزلت الآية الكريمة إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً في حق الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام و زوجته سيّدة نساء العالمين و ولديه الإمامين الحسن و الحسين عليهم السّلام، و قد ذكرنا تفصيل ذلك في بعض أجزاء هذه الموسوعة.

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللّهَ ذِكْراً كَثِيراً (41)

قال الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام:

«من ذكر اللّه في السّرّ فقد ذكر اللّه كثيرا. إنّ المنافقين كانوا يذكرون اللّه علانية و لا يذكرونه في السّرّ، فقال اللّه عزّ و جلّ:... يُراؤُنَ النّاسَ وَ لا يَذْكُرُونَ اللّهَ إِلاّ قَلِيلاً (1)»(2).

إِنَّ اللّهَ وَ مَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَ سَلِّمُوا تَسْلِيماً (56)

قال الإمام عليه السّلام:

«صلّوا على محمّد و آل محمّد، فإنّ اللّه تعالى يقبل دعاءكم عند ذكر محمّد، و دعاءكم (له) و حفظكم إيّاه إذا قرأتم: إِنَّ اللّهَ وَ مَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ، فصلّوا

ص:151


1- النساء : ١٤٢.
2- الميزان ٦ : ٣٣١.

عليه في الصّلاة كنتم أو في غيرها»(1).

إِنّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ الْجِبالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها وَ أَشْفَقْنَ مِنْها وَ حَمَلَهَا الْإِنْسانُ إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولاً (72)

قال الإمام عليه السّلام في أهمّية الأمانة، و عظيم شأنها:

«ثمّ أداء الأمانة، فقد خاب من ليس من أهلها، إنّها عرضت على السّماوات المبنيّة، و الأرضين المدحوّة، و الجبال ذات الطّول المنصوبة، فلا أطول و لا أعرض، و لا أعلى و لا أعظم منها. و لو امتنع شيء بطول أو عرض أو قوّة أو عزّ لامتنعن؛ و لكن أشفقن من العقوبة، و عقلن ما جهل من هو أضعف منهنّ، و هو الإنسان إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولاً »(2).

ص:152


1- الخصال ٢ : ٦١٣.
2- نهج البلاغة : ٣١٨.

سورة سبأ

« بسم اللّه الرّحمن الرّحيم » هذه السورة المباركة مكّية، عدد آياتها أربع و خمسون آية وَ ما أَمْوالُكُمْ وَ لا أَوْلادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنا زُلْفى إِلاّ مَنْ آمَنَ وَ عَمِلَ صالِحاً فَأُولئِكَ لَهُمْ جَزاءُ الضِّعْفِ بِما عَمِلُوا وَ هُمْ فِي الْغُرُفاتِ آمِنُونَ (37)

فسّر الإمام عليه السّلام (جزاء الضعف في الآية بقوله:

«حتّى إذا كان يوم القيامة حسب لهم، ثمّ أعطاهم بكلّ واحدة عشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، قال اللّه عزّ و جلّ: جَزاءً مِنْ رَبِّكَ عَطاءً حِساباً (1)، و قال:

فَأُولئِكَ لَهُمْ جَزاءُ الضِّعْفِ بِما عَمِلُوا وَ هُمْ فِي الْغُرُفاتِ آمِنُونَ »(2).

قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَ يَقْدِرُ لَهُ وَ ما أَنْفَقْتُمْ

ص:153


1- النبأ : ٣٦.
2- أمالي الشيخ الطوسي : ٢٦.

مِنْ شَيْ ءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَ هُوَ خَيْرُ الرّازِقِينَ (39)

قال الإمام عليه السّلام:

«سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول: إنّ لكلّ يوم نحسا فادفعوا نحس ذلك اليوم بالصّدقة، ثمّ قال: اقرءوا مواضع الخلف فإنّي سمعت اللّه يقول:... وَ ما أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْ ءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ... إذا لم تنفقوا كيف يخلف؟»(1).

ص:154


1- الدرّ المنثور ٥ : ٢٣٩.

سورة فاطر

« بسم اللّه الرّحمن الرّحيم » هذه السورة المباركة مكّية، عدد آياتها خمس و أربعون آية اَلْحَمْدُ لِلّهِ فاطِرِ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ جاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنى وَ ثُلاثَ وَ رُباعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ ما يَشاءُ إِنَّ اللّهَ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ (1).

تحدّث الإمام عليه السّلام عن خلق الملائكة بقوله:

«و ملائكة خلقتهم و أسكنتهم سماواتك فليس فيهم فترة، و لا عندهم غفلة، و لا فيهم معصية، هم أعلم خلقك بك، و أخوف خلقك منك، و أقرب خلقك منك، و أعملهم بطاعتك، لا يغشاهم نوم العيون، و لا سهو العقول، و لا فترة الأبدان، لم يسكنوا الأصلاب، و لم تضمّهم الأرحام، و لم تخلقهم من ماء مهين، أنشأتهم إنشاء فأسكنتهم سماواتك، و أكرمتهم بجوارك، و ائتمنتهم على وحيك، و جنّبتهم الآفات، و وقيتهم البليّات، و طهّرتهم من الذّنوب، و لو لا قوّتك لم يقووا، و لو لا تثبيتك لم يثبتوا، و لو لا رحمتك لم يطيعوا، و لو لا أنت لم يكونوا. أما إنّهم على مكانتهم منك،

ص:155


1-

و طاعتهم إيّاك، و منزلتهم عندك، و قلّة غفلتهم عن أمرك، لو عاينوا ما خفي عنهم منك لاحتقروا أعمالهم، و لأزروا على أنفسهم، و لعلموا أنّهم لم يعبدوك حقّ عبادتك سبحانك خالقا و معبودا، ما أحسن بلاءك عند خلقك»(1).

ص:156


1- الميزان ١٧ : ٨.

سورة يس

« بسم اللّه الرّحمن الرّحيم » هذه السورة المباركة مكّية، عدد آياتها ثلاث و ثمانون آية إِنّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتى وَ نَكْتُبُ ما قَدَّمُوا وَ آثارَهُمْ وَ كُلَّ شَيْ ءٍ أَحْصَيْناهُ فِي إِمامٍ مُبِينٍ (12)

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في حقّ الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام:

«إنّه الإمام الّذي أحصى اللّه تبارك و تعالى فيه علم كلّ شيء»(1).

و قال الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام:

«أنا و اللّه الإمام المبين، أبين الحقّ من الباطل، ورثته من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله»(2).

اَلْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلى أَفْواهِهِمْ وَ تُكَلِّمُنا أَيْدِيهِمْ وَ تَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ (65)

ص:157


1- الميزان ١٧ : ٧٠ ، نقلا عن معاني الأخبار.
2- تفسير القمّي ٢ : ٢١٢.

و تحدّثت الآية عن أهوال يوم القيامة، و وصفها الإمام عليه السّلام بقوله:

«فيختم اللّه تبارك و تعالى عن أفواههم، و يستنطق الأيدي و الأرجل و الجلود فتشهد بكلّ معصية كانت منهم ثمّ يرفع عن ألسنتهم الختم فيقولون لجلودهم لم شهدتم علينا...»(1).

لِيُنْذِرَ مَنْ كانَ حَيًّا وَ يَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكافِرِينَ (70)

قال عليه السّلام: «المراد بالحيّ هو العاقل»(2).

إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (82)

قال عليه السّلام: «لمّا أراد - يعني اللّه تعالى - كونه - أي كون شيء -: «كن فيكون»، لا بصوت يقرع، و لا بنداء يسمع؛ و إنّما كلامه سبحانه فعل منه أنشأه و مثّله، لم يكن من قبل ذلك كائنا، و لو كان قديما لكان إلها ثانيا»(3).

ص:158


1- نهج البلاغة : ٢٧٤.
2- مجمع البيان ٨ : ٦٧٥.
3- نهج البلاغة : ٢٧٤.

سورة الصّافّات

« بسم اللّه الرّحمن الرّحيم » هذه السورة مكّية، عدد آياتها مائة و اثنتان و ثمانون آية إِنّا زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِزِينَةٍ الْكَواكِبِ (6)

قال عليه السّلام:

«إنّ هذه النّجوم الّتي في السّماء مدائن مثل المدائن الّتي في الأرض»(1).

وَ قِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ (24) روى أبو سعيد الخدري في تفسير هذه الآية: أنّ العباد يسألون عن ولاية الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السّلام (2).

و في الخصال عن الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام، قال:

«قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: لا تزول قدم عبد يوم القيامة حتّى يسأل عن أربع: عن

ص:159


1- تفسير القمي ٢ : ٢١٨.
2- مجمع البيان ٨ : ٦٨٩.

عمره فيما أفناه، و شبابه فيما أبلاه، و عن ماله من أين اكتسبه، و فيما أنفقه، و عن حبّنا أهل البيت».

وَ قالَ إِنِّي ذاهِبٌ إِلى رَبِّي سَيَهْدِينِ (99)

عرض الإمام عليه السّلام إلى تفسير هذه الآية في حديثه التالي:

سأله رجل عمّا اشتبه عليه من الآيات، قال عليه السّلام:

«قد أعلمتك أنّ ربّ شيء من كتاب اللّه عزّ و جلّ تأويله على غير تنزيله، و لا يشبه كلام البشر، و سأنبّئك بطرف منه فتكتفي إن شاء اللّه. من ذلك قول إبراهيم عليه السّلام:... وَ قالَ إِنِّي ذاهِبٌ إِلى رَبِّي سَيَهْدِينِ ، فذهابه إلى ربّه، توجّهه إليه عبادة و اجتهادا و قربة إلى اللّه عزّ و جلّ، أ لا ترى أنّ تأويله غير تنزيله؟»(1).

سَلامٌ عَلى إِلْ ياسِينَ (130)

قال الإمام عليه السّلام: «ياسين محمّد صلّى اللّه عليه و آله، و نحن آل ياسين»(2).

ص:160


1- التوحيد : ٢٦٦.
2- تفسير القمّي ٢ : ٢٢٦.

سورة ص

« بسم اللّه الرّحمن الرّحيم » هذه السورة مكّية، عدد آياتها ثمان و ثمانون آية وَ قالُوا رَبَّنا عَجِّلْ لَنا قِطَّنا قَبْلَ يَوْمِ الْحِسابِ (16)

قال الإمام عليه السّلام في تفسير - قطّنا -: «أي نصيبهم من العذاب»(1).

فَقالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي حَتّى تَوارَتْ بِالْحِجابِ (32)

قال ابن عباس: سألت عليّا عليه السّلام عن هذه الآية، فقال:

«ما بلغك فيها يا ابن عبّاس؟».

قلت: سمعت كعبا يقول: اشتغل سليمان بعرض الأفراس حتى فاتته الصلاة، فقال: ردّوها عليّ يعني الأفراس، و كانت أربعة عشر فأمر بضرب سوقها و أعناقها بالسيف فقتلها، فسلبه اللّه ملكه أربعة عشر يوما لأنّه ظلم الخيل بقتلها.

ص:161


1- الميزان ١٧ : ١٨٧.

فقال عليّ: «كذب كعب، لكن اشتغل سليمان بعرض الأفراس ذات يوم لأنّه أراد جهاد العدوّ حتّى توارت الشّمس بالحجاب، فقال: بأمر اللّه تعالى للملائكة الموكّلين بالشّمس ردّوها عليّ، فردّت، فصلّى العصر في وقتها، و إنّ أنبياء اللّه لا يظلمون، و لا يأمرون بالظّلم لأنّهم مصونون مطهّرون»(1).

إِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خالِقٌ بَشَراً مِنْ طِينٍ. فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَ نَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ (71) و (72) عرض الإمام عليه السّلام في بعض خطبه إلى إبليس و تكبّره من السجود لآدم الذي هو سجود للّه،

قال عليه السّلام: الحمد للّه الّذي لبس العزّ و الكبرياء، و اختارهما لنفسه دون خلقه، و جعلهما حمى و حرما على غيره، و اصطفاهما لجلاله.

و جعل اللّعنة على من نازعه فيهما من عباده. ثمّ اختبر بذلك ملائكته المقرّبين، ليميز المتواضعين منهم من المستكبرين، فقال سبحانه و هو العالم بمضمرات القلوب، و محجوبات الغيوب:... إِنِّي خالِقٌ بَشَراً مِنْ طِينٍ. فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَ نَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ. فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ. إِلاّ إِبْلِيسَ... اعترضته الحميّة فافتخر على آدم بخلقه، و تعصّب عليه لأصله. فعدوّ اللّه إمام المتعصّبين، و سلف المستكبرين، الّذي وضع أساس العصبيّة، و نازع اللّه رداء الجبريّة، و ادّرع لباس التّعزّز، و خلع قناع التّذلّل. أ لا ترون كيف صغّره اللّه بتكبّره، و وضعه بترفّعه، فجعله في الدّنيا مدحورا، و أعدّ له في الآخرة سعيرا؟!» (2).(3).

ص:162


1- مجمع البيان ٨ : ٧٤١.
2- ص : ٧١ _ ٧٤.
3- نهج البلاغة : ٢٨٥ _ ٢٨٦.

سورة الزّمر

« بسم اللّه الرّحمن الرّحيم » هذه السورة المباركة مكّية، عدد آياتها خمس و سبعون آية وَ الَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ وَ صَدَّقَ بِهِ أُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (33) ورد أنّ الذي جاء بالصدق هو الرسول صلّى اللّه عليه و آله، و الذي صدّق به عليّ عليه السّلام.

اَللّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها وَ الَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنامِها فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَ يُرْسِلُ الْأُخْرى إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (42)

سأل رجل الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام عمّا اشتبه عليه من الآيات، قال عليه السّلام:

«و أمّا قوله: قُلْ يَتَوَفّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ... (1).

و قوله: اَللّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها... (2).

ص:163


1- السجدة : ١١.
2- الزّمر : ٤٢.

و قوله:... تَوَفَّتْهُ رُسُلُنا وَ هُمْ لا يُفَرِّطُونَ (1).

و قوله: اَلَّذِينَ تَتَوَفّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ... (2).

و قوله: اَلَّذِينَ تَتَوَفّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمْ... (3)، فإنّ اللّه تبارك و تعالى يدبّر الأمر كيف يشاء، و يوكّل من خلقه من يشاء بما يشاء.

أمّا ملك الموت فإنّ اللّه يوكّله بخاصّة من يشاء من خلقه، و يوكّل رسله من الملائكة خاصّة بمن يشاء من خلقه و ليس كلّ العلم يستطيع صاحب العلم أن يفسّره لكلّ النّاس لأنّ منهم القويّ و الضعيف، و لأنّ منه ما يطاق حمله، و منه ما لا يطاق حمله إلاّ أن يسهّل اللّه له حمله، و أعانه عليه من خاصّة أوليائه.

و إنّما يكفيك أن تعلم أنّ اللّه هو المحيي المميت، و أنّه يتوفّى الأنفس على يدي من يشاء من خلقه من ملائكته و غيرهم»(4).

قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللّهِ إِنَّ اللّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (53)

قال الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام: «ما في القرآن آية أوسع من... يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ... »(5).

وَ سِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلى جَهَنَّمَ زُمَراً حَتّى إِذا جاؤُها فُتِحَتْ

ص:164


1- الأنعام : ٦١.
2- النحل : ٢٨.
3- النحل : ٣٢.
4- الميزان ١٧ : ٢٧٦ ، نقلا عن التوحيد.
5- مجمع البيان ٨ : ٧٨٥.

أَبْوابُها وَ قالَ لَهُمْ خَزَنَتُها أَ لَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آياتِ رَبِّكُمْ وَ يُنْذِرُونَكُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا قالُوا بَلى وَ لكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذابِ عَلَى الْكافِرِينَ (71)

قال عليه السّلام:

«أنّ جهنّم لها سبعة أبواب أطباق بعضها فوق بعض»، و وضع إحدى يديه على الاخرى فقال: «هكذا، و أنّ اللّه تعالى وضع الجنان على العرض، و وضع النّيران بعضها فوق بعض، فأسفلها جهنّم، و فوقها لظى، و فوقها الحطمة، و فوقها سقر، و فوقها الجحيم، و فوقها السّعير، و فوقها الهاوية»(1).

وَ سِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَراً حَتّى إِذا جاؤُها وَ فُتِحَتْ أَبْوابُها وَ قالَ لَهُمْ خَزَنَتُها سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوها خالِدِينَ (73)

قال الإمام عليه السّلام:

«إنّ للجنّة ثمانية أبواب، باب يدخل منه النّبيّون و الصّدّيقون، و باب يدخل منه الشّهداء و الصّالحون، و خمسة أبواب يدخل منها شيعتنا و محبّونا»(2).

ص:165


1- مجمع البيان ٦ : ١١٨.
2- الخصال ٢ : ٤٠٨.

سورة غافر

« بسم اللّه الرّحمن الرّحيم » هذه السورة مكّية، و هي خمس و ثمانون آية يَوْمَ هُمْ بارِزُونَ لا يَخْفى عَلَى اللّهِ مِنْهُمْ شَيْ ءٌ لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلّهِ الْواحِدِ الْقَهّارِ (16)

قال الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام: «يقول اللّه عزّ و جلّ:... لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ، ثمّ ينطق أرواح أنبيائه و رسله و حججه فيقولون: لِلّهِ الْواحِدِ الْقَهّارِ ، ثمّ يقول اللّه جلّ جلاله: اَلْيَوْمَ تُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ (1).

و تحدّث الإمام عليه السّلام عن فناء الدنيا، فقال: «و إنّه سبحانه يعود بعد فناء الدّنيا وحده لا شيء معه. كما كان قبل ابتدائها، كذلك يكون بعد فنائها، بلا وقت و لا زمان، و لا حين و لا مكان. عدمت عند ذلك الآجال و الأوقات، و زالت السّنون و السّاعات.

فلا شيء إلاّ اللّه الواحد القهّار الّذي إليه مصير جميع الأمور. بلا قدرة منها كان ابتداء خلقها، و بغير امتناع منها كان فناؤها، و لو قدرت على الامتناع لدام بقاؤها»(2).

ص:166


1- التوحيد _ الصدوق : ٢٣٤.
2- نهج البلاغة : ٢٧٦.

سورة فصّلت

« بسم اللّه الرّحمن الرّحيم » هذه السورة المباركة مكّية، عدد آياتها أربع و خمسون آية ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ وَ هِيَ دُخانٌ فَقالَ لَها وَ لِلْأَرْضِ ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ (11)

قال عليه السّلام في خلق السماوات:

«فمن شواهد خلقه خلق السّماوات موطّدات بلا عمد، قائمات بلا سند.

دعاهنّ فأجبن طائعات مذعنات، غير متلكّئات و لا مبطئات؛ و لو لا إقرارهنّ له بالرّبوبيّة و إذعانهنّ بالطّواعية، لما جعلهنّ موضعا لعرشه، و لا مسكنا لملائكته، و لا مصعدا للكلم الطّيّب و العمل الصّالح من خلقه...»(1).

وَ ما كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَ لا أَبْصارُكُمْ وَ لا جُلُودُكُمْ وَ لكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللّهَ لا يَعْلَمُ كَثِيراً مِمّا تَعْمَلُونَ (22)

ص:167


1- نهج البلاغة : ٢٦١.

فسّر الإمام عليه السّلام في وصيّته لمحمّد بن الحنفية (الجلود في الآية بالفروج(1).

وَ قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا رَبَّنا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلاّنا مِنَ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ نَجْعَلْهُما تَحْتَ أَقْدامِنا لِيَكُونا مِنَ الْأَسْفَلِينَ (29)

فسّر الإمام عليه السّلام اَلَّذَيْنِ أَضَلاّنا بإبليس و قابيل بن آدم الذي هو أوّل من أبدع المعصية في الأرض(2).

ص:168


1- الميزان ١٧ : ٣٨٦.
2- مجمع البيان ٩ : ١٦.

سورة الشّورى

« بسم اللّه الرّحمن الرّحيم » هذه السورة المباركة مكّية، و هي ثلاث و خمسون آية ذلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللّهُ عِبادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصّالِحاتِ قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى وَ مَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ (23)

قال الإمام عليه السّلام:

«فينا نزلت آل حم، و فيها آية لا يحفظ مودّتنا إلاّ كلّ مؤمن»، ثمّ تلا:

... قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى... ، و إلى هذا أشار شاعر العقيدة الكميت بقوله:

وجدنا لكم في آل حم آية تأوّلها منّا تقيّ و معرب (1)

وَ لَوْ بَسَطَ اللّهُ الرِّزْقَ لِعِبادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَ لكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ

ص:169


1- مجمع البيان ٩ : ٤٣.

ما يَشاءُ إِنَّهُ بِعِبادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ (27) قال الإمام عليه السّلام نزلت هذه الآية في أصحاب الصفّة، و ذلك أنّهم قالوا: لو أنّ لنا، فتمنّوا الدنيا (1) أصحاب الصفّة: هم الفقراء الذين كانوا على ضفاف الجامع يتصدّق عليهم المسلمون، و من أعلامهم أبو هريرة.

وَ ما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَ يَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ (30)

روى الأصبغ بن نباتة، عن الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام أنّه قال:

«إنّي أحدّثكم بحديث ينبغي لكلّ مسلم أن يعيه»، ثمّ أقبل علينا فقال:

«ما عاقب اللّه عبدا مؤمنا في هذه الدّنيا إلاّ كان اللّه أحلم و أمجد و أجود و أكرم من أن يعود في عقوبته يوم القيامة».

ثمّ قال: «و قد يبتلي اللّه عزّ و جلّ المؤمن بالبليّة في بدنه أو ماله أو ولده أو أهله»، ثمّ تلا هذه الآية: وَ ما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَ يَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ (2).

قال الإمام عليه السّلام: «قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: خير آية في كتاب اللّه هذه الآية.

يا عليّ، ما من خدش عود، و لا نكبة قدم إلاّ بذنب، و ما عفا اللّه عنه في الدّنيا فهو أكرم من أن يعود فيه، و ما عاقب عليه في الدّنيا فهو أعدل من أن يثني على عبده»(3).

لِلّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ يَخْلُقُ ما يَشاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ إِناثاً

ص:170


1- الدرّ المنثور ٦ : ٨٥.
2- تفسير القمّي ٢ : ٢٧٦.
3- مجمع البيان ٩ : ٤٧.

وَ يَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ الذُّكُورَ (49)

قال الإمام عليه السّلام:

«أتى رجل إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله، فقال له: يا رسول اللّه، إنّ أبي عمد إلى مملوك لي فأعتقه كهيئة المضرّة لي.

فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أنت و مالك من هبة اللّه لأبيك، أنت سهم من كنانته:

... يَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ إِناثاً وَ يَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ الذُّكُورَ. أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْراناً وَ إِناثاً وَ يَجْعَلُ مَنْ يَشاءُ عَقِيماً... (1) جازت عتاقة أبيك، يتناول والدك من مالك و بدنك، و ليس لك أن تتناول من ماله و لا من بدنه شيئا إلاّ بإذنه»(2).

و هذه الرواية تجافي ما ورد «لا عتق إلاّ في ملك» و الأب ليس مالكا للمملوك حتى يصح عتقه اللّهمّ إلاّ أن يدّعى أنّ هذه الرواية حاكمة على القاعدة.

ص:171


1- الشورى : ٤٩ و ٥٠.
2- الميزان ١٨ : ٧٢ ، نقلا عن التهذيب.

سورة الزّخرف

« بسم اللّه الرّحمن الرّحيم » هذه السورة المباركة مكّية، عدد آياتها تسع و ثمانون آية وَ سْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا أَ جَعَلْنا مِنْ دُونِ الرَّحْمنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ (45)

قال الإمام عليه السّلام:

و أمّا قوله تعالى: وَ سْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا ، فهذا من براهين نبيّنا صلّى اللّه عليه و آله الّتي آتاه اللّه إيّاها، و أوجب الحجّة على سائر خلقه لأنّه لما ختم به الأنبياء، و جعله اللّه رسولا إلى جميع الامم و سائر الملل، خصّه اللّه بالارتقاء إلى السّماء عند المعراج، و جمع له يومئذ الأنبياء، فعلم منهم ما أرسلوا به و حملوه من عزائم اللّه و آياته و براهينه»(1).

قُلْ إِنْ كانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعابِدِينَ (81)

ص:172


1- الاحتجاج : ٢٤٨ و ٢٤٩.

اثر عن الإمام عليه السّلام أنّه فسّر العابدين بالجاحدين (1)، و المعنى إن كان للرحمن ولد فأنا أوّل الجاحدين له، و هذا التأويل خلاف المتبادر من هذه الكلمة، و هو من التأويل المخالف باطنه لظاهره.

ص:173


1- الميزان ١٨ : ١٢٨.

سورة الدّخان

« بسم اللّه الرّحمن الرّحيم » مكّية، و آياتها تسع و خمسون آية فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَ الْأَرْضُ وَ ما كانُوا مُنْظَرِينَ (29)

سئل الإمام عليه السّلام: هل تبكي السماء و الأرض على أحد؟ فقال:

«إنّه ليس من عبد إلاّ له مصلّى في الأرض و مصعد في السّماء، و إنّ آل فرعون لم يكن لهم عمل صالح في الأرض و لا مصعد في السّماء»(1).

ص:174


1- الدرّ المنثور ٦ : ٣١.

سورة الجاثية

« بسم اللّه الرّحمن الرّحيم » هذه السورة مكّية، و عدد آياتها سبع و ثلاثون آية هذا كِتابُنا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنّا كُنّا نَسْتَنْسِخُ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (29)

قال الإمام عليه السّلام:

«إنّ للّه ملائكة ينزلون في كلّ يوم بشيء يكتبون فيه أعمال بني آدم»(1).

ص:175


1- فتح القدير ٥ : ١٦. تفسير جامع البيان ٥ : ٢٠٤.

سورة الأحقاف

« بسم اللّه الرّحمن الرّحيم » هذه السورة المباركة مكّية، عدد آياتها خمس و ثلاثون آية وَ وَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ إِحْساناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَ وَضَعَتْهُ كُرْهاً وَ حَمْلُهُ وَ فِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً حَتّى إِذا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَ بَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَ عَلى والِدَيَّ وَ أَنْ أَعْمَلَ صالِحاً تَرْضاهُ وَ أَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَ إِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (15)

تزوج رجل من جهينة امرأة فولدت له ولدا لستة أشهر، فانطلق بها زوجها إلى عثمان بن عفان، فأمر برجمها، فبلغ ذلك الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام فسارع إلى عثمان فقال له:

«ما صنعت؟».

فقال عثمان: ولدت لستة أشهر و هل يكون ذلك؟ فقال له الإمام: «أ ما سمعت اللّه يقول: وَ حَمْلُهُ وَ فِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً ، و قال:

ص:176

حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ (1)، فكم تجده بقي إلاّ ستّة أشهر...».

فقال عثمان: و اللّه ما فطنت لهذا، عليّ بالمرأة، فوجدوها قد فرغ من رجمها، و كانت المرأة قد قالت لأختها: لا تحزني فو اللّه ما كشف فرجي أحد قطّ غيره، و شب الغلام، و كان أشبه الناس بأبيه فاعترف به، و قد أصيب الزوج بكارثة في بدنه انتقاما منه (2).

و قد ذكرنا تفصيل هذه القصة في بعض أجزاء هذه الموسوعة، و من الجدير بالذكر أنّه وقعت نظير هذه الحادثة في أيام عمر بن الخطّاب فسأل الإمام عن الحكم فأجابه عنها، إنّا للّه و إنّا إليه راجعون.

ص:177


1- البقرة : ٢٣٣.
2- الميزان ١٨ : ٢٠٧.

سورة محمّد صلّى اللّه عليه و آله

« بسم اللّه الرّحمن الرّحيم » هذه السورة المباركة مدنية، عدد آياتها ثمان و ثلاثون آية وَ مِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتّى إِذا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ما ذا قالَ آنِفاً أُولئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَ اتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ (16)

قال الإمام عليه السّلام:

«إنّا كنّا عند رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فيخبرنا بالوحي فأعيه أنا و من يعيه، فإذا خرجنا قالوا ما ذا قال آنفا؟»(1).

وَ لَوْ نَشاءُ لَأَرَيْناكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيماهُمْ وَ لَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَ اللّهُ يَعْلَمُ أَعْمالَكُمْ (30) روي عن أبي سعيد الخدري قال: لَحْنِ الْقَوْلِ في الآية بغض الإمام

ص:178


1- مجمع البيان ٩ : ١٥٤.

عليّ بن أبي طالب، قال: ما كنا نعرف المنافقين على عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إلاّ ببغضهم عليّ بن أبي طالب.

و روي مثل ذلك عن الصحابي الجليل جابر بن عبد اللّه الأنصاري (1).

و روي أيضا عن عبد اللّه بن مسعود، قال: ما كنّا نعرف المنافقين على عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إلاّ ببغض عليّ بن أبي طالب عليه السّلام (2).

ص:179


1- مجمع البيان ٩ : ١٦٠.
2- الدرّ المنثور ٦ : ٦٧.

سورة الفتح

« بسم اللّه الرّحمن الرّحيم » هذه السورة المباركة مدنيّة، عدد آياتها تسع و عشرون آية إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجاهِلِيَّةِ فَأَنْزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ وَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَ أَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوى وَ كانُوا أَحَقَّ بِها وَ أَهْلَها وَ كانَ اللّهُ بِكُلِّ شَيْ ءٍ عَلِيماً (26)

ورد في معنى كلمة التقوى قول الإمام عليه السّلام:

«لا إله إلاّ اللّه و اللّه أكبر»(1).

و عرضت السورة بفصولها إلى قصة صلح الحديبيّة الواقعة في السنة السادسة من الهجرة، و ما وقع حولها من أحداث، و كان للإمام أمير المؤمنين عليه السّلام الدور البارز في تلك الأحداث، و قد عرض المؤرّخون و الرواة لذلك و التي كان منها كتابته للعهد الذي اصطلح به مع قريش في ترك الحرب مدّة عشر سنين، و أن يأمن فيه الناس، و يكفّ بعضهم عن بعض، و غير ذلك ممّا حفل به هذا العهد.

ص:180


1- جامع البيان ٢٦ : ١٣٥.

سورة الحجرات

« بسم اللّه الرّحمن الرّحيم » هذه السورة المباركة مدنية، عدد آياتها ثمان عشرة آية يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَ لا تَجَسَّسُوا وَ لا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَ يُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَ اتَّقُوا اللّهَ إِنَّ اللّهَ تَوّابٌ رَحِيمٌ (12) دعت الآية الكريمة إلى الترابط الاجتماعي بين المسلمين، و أن لا يؤخذ بالظنّ المعادي لهم.

قال الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام:

«ضع أمر أخيك على أحسنه حتّى يأتيك ما يقلبك منه، لا تظنّنّ بكلمة خرجت من أخيك سوءا، و أنت تجد لها في الخير محتملا»(1).

ص:181


1- نهج البلاغة : ٥٣٨.

سورة ق

« بسم اللّه الرّحمن الرّحيم » هذه السورة المباركة مكّية، عدد آياتها خمس و أربعون آية وَ جاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَها سائِقٌ وَ شَهِيدٌ (21)

قال الإمام عليه السّلام في تفسير الآية:

السّائق يسوقها إلى محشرها؛ و الشّاهد يشهد عليها بعملها...»(1).

ص:182


1- نهج البلاغة : ١١٦.

سورة الذّاريات

« بسم اللّه الرّحمن الرّحيم » هذه السورة المباركة مكّيّة، عدد آياتها ستون آية وَ الذّارِياتِ ذَرْواً. فَالْحامِلاتِ وِقْراً (1) و (2)

سأل ابن الكوّاء الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام عن وَ الذّارِياتِ ذَرْواً .

فقال عليه السّلام: «الرّيح»، و عن (الحاملات) فقال: «هي السّحاب».

فَالْجارِياتِ يُسْراً. فَالْمُقَسِّماتِ أَمْراً (3) و (4)

سئل الإمام عليه السّلام عن «الجاريات يسرا» فقال: «هي السّفن»، سئل عن «فالمقسّمات أمرا» فقال: «الملائكة»(1).

وَ السَّماءِ ذاتِ الْحُبُكِ (7)

سئل الإمام عليه السّلام عن هذه الآية فقال:

ص:183


1- تفسير القمّي ٢ : ٣٢٧.

«إنّها الحسن و الزّينة»(1).

وَ فِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ وَ ما تُوعَدُونَ (22)

فسّر الإمام عليه السّلام الرزق الذي في السماء بالمطر (2). و اثر عنه أنّ الرزق ما هو أعمّ من ذلك فقال: «اطلبوا الرّزق فإنّه مضمون لطالبه»(3).

و كان من وصية النبيّ صلّى اللّه عليه و آله للإمام عليه السّلام:

«يا عليّ، إنّ اليقين أن لا ترضي أحدا على سخط اللّه، و لا تحمدنّ أحدا على ما آتاك اللّه، و لا تذمنّ أحدا على ما لم يؤتك اللّه؛ فإنّ الرّزق لا يجرّه حرص حريص، و لا يصرفه كره كاره»(4).

فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَما أَنْتَ بِمَلُومٍ (54)

روى مجاهد قال: خرج الإمام عليّ عليه السّلام مغتمّا، مشتملا في قميصه، فقال:

«لمّا نزلت فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَما أَنْتَ بِمَلُومٍ لم يبق أحد منّا إلاّ أيقن بالهلكة حين قيل للنّبيّ: فَتَوَلَّ عَنْهُمْ ، فلمّا نزل: وَ ذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ (5) طابت نفوسنا، و معناه عظ بالقرآن من آمن من قومك فإنّ الذّكرى تنفعهم»(6).

ص:184


1- مجمع البيان ٩ : ٢٣٠.
2- الميزان ١٨ : ٤١٥.
3- إرشاد المفيد : ١٦٠.
4- التوحيد _ الصدوق : ٣٧٥.
5- الذاريات : ٥٥.
6- مجمع البيان ٩ : ٢٤٣.

سورة الطّور

« بسم اللّه الرّحمن الرّحيم » هذه السورة المباركة مكّية، عدد آياتها تسع و أربعون آية وَ السَّقْفِ الْمَرْفُوعِ (5)

فسّر الإمام عليه السّلام وَ السَّقْفِ الْمَرْفُوعِ بالسماء(1).

وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ اتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمانٍ أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَ ما أَلَتْناهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْ ءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِما كَسَبَ رَهِينٌ (21)

قال الإمام عليه السّلام: قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:

«إنّ المؤمنين و أولادهم في الجنّة»، ثمّ تلا هذه الآية(2).

1

ص:185


1- مجمع البيان ٩ : ٢٤٧.
2- المصدر المتقدّم : ٢٥١.

سورة القمر

« بسم اللّه الرّحمن الرّحيم » هذه السورة مكّية، عدد آياتها خمس و خمسون آية اِقْتَرَبَتِ السّاعَةُ وَ انْشَقَّ الْقَمَرُ (1)

قال الإمام عليه السّلام: في تفسير (انشقّ القمر): «انشقّ القمر بمكّة فلقتين، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: اشهدوا»(1).

لقد انشقّ القمر معجزة لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فما آمنت به قريش، و قالوا: إنّه سحر مستمر، و قد رأوا من آيات النبوة ما يبهر العقول فما آمنوا باللّه طرفة عين.

إِنّا كُلَّ شَيْ ءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ (49) المراد من الآية:

إنّ كلّ شيء خلقه اللّه مصحوب بقدر لا يتعدّاه و لا يتجاوزه، و ضلّت أمّة

ص:186


1- أمالي الشيخ الطوسي : ٣٤١.

زعمت أنّه لا قدر للّه تعالى.

قال الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام في ذمّهم: «لكلّ أمّة مجوس، و مجوس هذه الامّة الّذين يقولون: لا قدر»(1).

ص:187


1- ثواب الأعمال : ٢٥٤.

سورة الرّحمن

« بسم اللّه الرّحمن الرّحيم » هذه السورة المباركة مكّية، و قيل: مدنية، عدد آياتها ثمان و سبعون آية رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَ رَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ (17)

سئل الإمام عليه السّلام عن تفسير هذه الآية فقال:

«إنّ مشرق الشّمس في الشّتاء على حدة، و مشرقها في الصّيف على حدة»، ثمّ قال للسائل: «أ ما تعرف ذلك من قرب الشّمس و بعدها؟» (1).

يَسْئَلُهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ (29)

قال الإمام عليه السّلام في خطاب له:

«الحمد للّه الّذي لا يموت، و لا تنقضي عجائبه؛ لأنّه في كلّ يوم هو في شأن من إحداث بديع لم يكن» (2).

ص:188


1- الميزان ١٩ : ١٠٣.
2- المصدر المتقدّم : ١٠٤.

إحداث بديع لم يكن»(1).

هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلاَّ الْإِحْسانُ (60)

روى الإمام عليه السّلام عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله في تفسير هذه الآية فقال:

«إنّ اللّه عزّ و جلّ قال: ما جزاء من أنعمت عليه بالتّوحيد إلاّ الجنّة»(2).

ص:189


1- الميزان ١٩ : ١٠٤.
2- التوحيد : ٢٨.

سورة الواقعة

« بسم اللّه الرّحمن الرّحيم » هذه السورة المباركة مكّية، عدد آياتها ست و تسعون آية وَ السّابِقُونَ السّابِقُونَ (10)

قال عليه السّلام: «السّابقون إلى الصّلاة الخمس»(1).

و قال عليه السّلام: «وَ السّابِقُونَ السّابِقُونَ. أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ فيّ نزلت»(2).

و روى ابن عباس قال: سألت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عن قول اللّه عزّ و جلّ وَ السّابِقُونَ السّابِقُونَ فقال:

«قال لي جبرئيل: ذلك عليّ و شيعته هم السّابقون إلى الجنّة، المقرّبون من اللّه بكرامته لهم»(3).

ص:190


1- مجمع البيان ٩ : ٣٢٩.
2- مجمع البيان ٩ : ٣٢٩.
3- الميزان ١٩ : ١١٨.

سورة الحديد

« بسم اللّه الرّحمن الرّحيم » هذه السورة المباركة مدنيّة، عدد آياتها تسع و عشرون آية هُوَ الْأَوَّلُ وَ الْآخِرُ وَ الظّاهِرُ وَ الْباطِنُ وَ هُوَ بِكُلِّ شَيْ ءٍ عَلِيمٌ (1) اللّه نور السموات و الأرض المبدع و المصور و المحي و المميت، قال الإمام:

«الحمد للّه الأوّل فلا شيء قبله، و الآخر فلا شيء بعده، و الظّاهر فلا شيء فوقه، و الباطن فلا شيء دونه...» (2).

و للإمام عليه السّلام في توحيد اللّه كوكبة من الخطب عرضت بصورة موضوعية إلى تنزيه اللّه تعالى عن الزمان و المكان.

فقد سئل عليه السّلام: أين كان ربّنا قبل أن يخلق السماء و الأرض؟ فقال عليه السّلام: «أين - التي هي أداة استفهام - سؤال عن المكان، و كان اللّه و لا مكان».

ص:191


1-
2- نهج البلاغة : ١٤٠.

لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى ما فاتَكُمْ وَ لا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ وَ اللّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ (23) دعت الآية الكريمة إلى عدم الاحتفال بالدنيا و الزهد فيها.

قال أمير المؤمنين عليه السّلام:

«الزّهد كلّه بين كلمتين من القرآن: قال اللّه تعالى: لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى ما فاتَكُمْ وَ لا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ . و من لم يأس على الماضي، و لم يفرح بالآتي، فقد أخذ الزّهد بطرفيه»(1).

ص:192


1- نهج البلاغة : ٥٥٣.

سورة المجادلة

« بسم اللّه الرّحمن الرّحيم » هذه السورة المباركة مدنيّة، و هي اثنتان و عشرون آية يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً ذلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَ أَطْهَرُ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (12)

قال الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام:

«إنّ في كتاب اللّه لآية ما عمل بها أحد قبلي، و لا يعمل بها أحد بعدي، آية النّجوي: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً ، كان عندي دينار فبعته بعشرة دراهم، فكنت كلّما ناجيت النّبي صلّى اللّه عليه و آله قدّمت بين يدي نجواي درهما، ثمّ نسخت فلم يعمل بها أحد فنزلت: أَ أَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقاتٍ... (1)»(2).

ص:193


1- المجادلة : ١٣.
2- الدرّ المنثور ٦ : ١٨٥.

سورة الحشر

« بسم اللّه الرّحمن الرّحيم » هذه السورة المباركة مدنيّة، و هي أربع و عشرون آية ما أَفاءَ اللّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى فَلِلّهِ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبى وَ الْيَتامى وَ الْمَساكِينِ وَ ابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِياءِ مِنْكُمْ وَ ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ ما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَ اتَّقُوا اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ (7) عرضت الآية الكريمة إلى بيان مصرف الفيء المذكور في الآية إلى ما يختص باللّه تعالى، و هو ان ينفق في سبيل اللّه، حسب ما يراه الرّسول، و منه ما يأخذه الرّسول لنفسه، و منه ما يؤخذ لذوي القربى و اليتامى و المساكين، و هم من السادة زادهم اللّه شرفا، و قد روي ذلك عن الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام، و قال جمع من الفقهاء انّها عامة للسادة و غيرهم (1).

ص:194


1- الميزان ١٩ : ٢٠٩.

سورة الممتحنة

« بسم اللّه الرّحمن الرّحيم » هذه السورة مدنية، عدد آياتها ثلاث عشرة آية يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَ عَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَ قَدْ كَفَرُوا بِما جاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَ إِيّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللّهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهاداً فِي سَبِيلِي وَ ابْتِغاءَ مَرْضاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَ أَنَا أَعْلَمُ بِما أَخْفَيْتُمْ وَ ما أَعْلَنْتُمْ وَ مَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِيلِ (1)

نزلت هذه الآية في حاطب بن أبي بلتعة، و كان قد أسلم و هاجر إلى المدينة، و لمّا أراد الرسول صلّى اللّه عليه و آله أن يفتح مكّة، و يحرّرها من الأوثان، زحف بجيشه إليها، و قد أحاط أمره بالكتمان حتى لا تستعد قريش إلى حربه فيسفك الدم في ربوعها، و تهدر كرامتها، و كتب حاطب إلى قريش يخبرهم بزحف الجيش الإسلامي لاحتلالهم و قد أعطى الكتاب إلى امرأة فوضعته في قرونها، و أخفته فهبط جبرئيل على الرسول صلّى اللّه عليه و آله و أخبره بالأمر، فبعث في طلبها الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام و الزبير بن العوّام، فلحقا بها، و سألاها عن الكتاب فأنكرت ذلك، و قالت: ما معي شيء، فقال لها الإمام

ص:195

أمير المؤمنين عليه السّلام:

«و اللّه ما كذبنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، و لا كذّب رسول اللّه على جبرئيل، و لا كذّب جبرئيل على اللّه جلّ ثناؤه، و اللّه لتظهرنّ الكتاب أو لأوردنّ رأسك إلى رسول اللّه».

فقالت: تنحّيا عني، ثمّ أخرجت الكتاب، فأخذه الإمام و جاء به إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، و دعا رسول اللّه بحاطب فأنبه، و أعتذر حاطب إليه (1).

و نزلت هذه الآية، و كانت هذه العملية على يد الإمام.

ص:196


1- تفسير القمّي ٢ : ٣٦١

سورة الصّف

« بسم اللّه الرّحمن الرّحيم » هذه السورة المباركة مدنيّة، عدد آياتها أربع عشرة آية يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصارَ اللّهِ كَما قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوارِيِّينَ مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللّهِ قالَ الْحَوارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصارُ اللّهِ فَآمَنَتْ طائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ وَ كَفَرَتْ طائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظاهِرِينَ (14) دعت الآية الكريمة المؤمنين إلى نصرة اللّه و ذلك بنصر رسوله العظيم، و أن يكونوا كالحواريّين في استجابتهم إلى نصرة السيّد المسيح.

قال الإمام عليه السّلام في حديث له:

«و لم يخل - أي اللّه - أرضه من عالم بما تحتاج إليه الخليقة و متعلّم على سبيل نجاة اولئك هم الأقلّون عددا.

و قد بيّن اللّه ذلك من امم الأنبياء، و جعلهم مثلا لمن تأخّر مثل قوله في حوارييّ عيسى: حيث قال لسائر بني إسرائيل: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصارَ اللّهِ

ص:197

كَما قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوارِيِّينَ مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللّهِ قالَ الْحَوارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصارُ اللّهِ (1) يعني مسلّمون لأهل الفضل فضلهم، و لا يستكبرون عن أمر ربّهم، فما أجابه منهم إلاّ الحواريّون»(2).

ص:198


1- آل عمران : ٥٢.
2- الميزان ١٩ : ٢٦١.

سورة التّغابن

« بسم اللّه الرّحمن الرّحيم » هذه السورة المباركة مدنيّة، عدد آياتها ثماني عشرة آية فَاتَّقُوا اللّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَ اسْمَعُوا وَ أَطِيعُوا وَ أَنْفِقُوا خَيْراً لِأَنْفُسِكُمْ وَ مَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (16)

قال الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام:

«و اللّه ما عمل بها - أي بهذه الآية - غير أهل بيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، نحن ذكرنا اللّه فلا ننساه، و نحن شكرناه فلن نكفره، و نحن أطعناه فلم نعصه»(1).

ص:199


1- تفسير البرهان ٢٨ : ٣٤٣.

سورة التّحريم

« بسم اللّه الرّحمن الرّحيم » هذه السورة المباركة مدنية، و هي اثنتا عشرة آية يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَ أَهْلِيكُمْ ناراً وَقُودُهَا النّاسُ وَ الْحِجارَةُ عَلَيْها مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدادٌ لا يَعْصُونَ اللّهَ ما أَمَرَهُمْ وَ يَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ (6)

قال الإمام عليه السّلام في تفسير هذه الآية الكريمة:

«أي علّموا أنفسكم و أهليكم الخير و أدّبوهم»(1).

ص:200


1- الدرّ المنثور ٨ : ٢١٠. فتح القدير ٥ : ٢٥٤.

سورة الملك

« بسم اللّه الرّحمن الرّحيم » هذه السورة مكّية، عدد آياتها ثلاثون آية أَ فَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلى وَجْهِهِ أَهْدى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (22) ورد في بعض التفاسير أنّ الآية وردت في من حاد عن ولاية الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام، و من اتّبعه، و سار على منهاجه (1).

ص:201


1- الميزان ٢٠ : ٣٦١.

سورة القلم

« بسم اللّه الرّحمن الرّحيم » هذه السورة المباركة مكّية، عدد آياتها اثنتان و خمسون آية ن وَ الْقَلَمِ وَ ما يَسْطُرُونَ (1)

روى الأصبغ بن نباتة عن الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام في تفسير هذه الآية قال عليه السّلام:

«القلم قلم من نور، و كتاب من نور، في لوح محفوظ، يشهده المقرّبون»(1).

و في المجمع بإسناده عن الحاكم، بإسناده عن الضّحاك، قال:

لمّا رأت قريش تقديم النبيّ صلّى اللّه عليه و آله عليّا و إعظامه له، نالوا من عليّ، و قالوا: قد افتتن به محمّد، فانزل اللّه تعالى: ن وَ الْقَلَمِ وَ ما يَسْطُرُونَ ، قسم أقسم اللّه به ما أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ. وَ إِنَّ لَكَ لَأَجْراً غَيْرَ مَمْنُونٍ. وَ إِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ إلى قوله:... بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ... و هم النفر الذين قالوا: ما قالوا:

... وَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ، يعني علي بن أبي طالب.

ص:202


1- الميزان ٢٠ : ٣٦.

سورة الحاقّة

« بسم اللّه الرّحمن الرّحيم » هذه السورة المباركة مكّية، عدد آياتها اثنتان و خمسون آية لِنَجْعَلَها لَكُمْ تَذْكِرَةً وَ تَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ (12)

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله للإمام أمير المؤمنين عليه السّلام:

«إنّ اللّه أمرني أن أدنيك و لا اقصيك، و أن اعلّمك، و أن تعي، و حقّ لك أن تعي»، فنزلت هذه الآية... وَ تَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ (1).

لا يَأْكُلُهُ إِلاَّ الْخاطِؤُنَ (37)

روى صعصعة بن صوحان قال: جاء اعرابي إلى الإمام عليّ بن أبي طالب، فقال:

كيف هذا الحرف لا يأكله إلاّ الخاطون؟ كلّ و اللّه يخطأ.

ص:203


1- الدرّ المنثور ٨ : ٢٦١.

فتبسّم أمير المؤمنين عليه السّلام، و قال: «يا أعرابيّ لا يَأْكُلُهُ إِلاَّ الْخاطِؤُنَ ».

قال: صدقت و اللّه يا أمير المؤمنين، ما كان اللّه ليسلم عبده، ثمّ أوعز الإمام إلى أبي الأسود بصناعة النحو (1).

ص:204


1- الدرّ المنثور ٦ : ٢٦٣.

سورة المعارج

« بسم اللّه الرّحمن الرّحيم » هذه السورة المباركة مكّية، عدد آياتها أربع و أربعون آية سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ. لِلْكافِرينَ لَيْسَ لَهُ دافِعٌ (1) و (2)

لمّا نصّب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام خليفة، و أقامه مرجعا عامّا للامّة بعده، وفد على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله النّعمان بن الحارث الفهري، فقال له: أمرتنا عن اللّه أن نشهد أن لا إله إلاّ اللّه و أنّك رسول اللّه، و أمرتنا بالجهاد و الحجّ و الصوم و الصلاة و الزكاة فقبلناها، ثمّ لم ترض حتّى نصّبت هذا الغلام - يعني عليّا - و قلت: من كنت مولاه فعلي مولاه، فهذا شيء منك أو من عند اللّه؟ فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: «و اللّه الّذي لا إله إلاّ هو إنّ هذا من عند اللّه»، فولّى النّعمان و هو يقول: اللّهمّ إن كان هذا هو الحقّ من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء، فرماه اللّه بحجر على رأسه فقتله، و أنزل اللّه تعالى: سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ (1).

ص:205


1- الميزان ٢٠ : ١١.

فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشارِقِ وَ الْمَغارِبِ إِنّا لَقادِرُونَ (40)

قال عليه السّلام في تفسير هذه الآية:

«لها - أي للشمس - ثلاثمائة و ستون مشرقا، و ثلاثمائة و ستّون مغربا، فيومها الّذي تشرق فيه لا تعود فيه إلاّ من قابل»(1).

ص:206


1- الميزان ٢٠ : ٢٤.

سورة نوح

« بسم اللّه الرّحمن الرّحيم » هذه السورة المباركة مكّية، عدد آياتها ثمان و عشرون آية فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كانَ غَفّاراً (10)

أثر عن الإمام عليه السّلام أنّه قال:

«كثرة الاستغفار تجلب الرّزق»(1).

و يدعم ذلك ما جاء عقيب هذه الآية: وَ يُمْدِدْكُمْ بِأَمْوالٍ وَ بَنِينَ... .

و قال عليه السّلام في بعض خطبه:

«و قد جعل اللّه سبحانه الاستغفار سببا لدرور الرّزق و رحمة الخلق، فقال سبحانه: فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كانَ غَفّاراً. يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً . وَ يُمْدِدْكُمْ بِأَمْوالٍ وَ بَنِينَ... ، فرحم اللّه امرأ استقبل توبته، و استقال خطيئته»(2).

ص:207


1- الخصال ٢ : ٦١٥.
2- نهج البلاغة : ١٩٩.

سورة الجنّ

« بسم اللّه الرّحمن الرّحيم » هذه السورة المباركة مكّية، عدد آياتها ثمان و عشرون آية قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقالُوا إِنّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً (1)

قال الإمام عليه السّلام في حديث له:

«أقبل الجنّ و النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله ببطن النّخل، فاعتذروا له بأنّهم ظنّوا أن لن يبعث اللّه أحدا، و قد أقبل إليه منهم سبعون ألفا، فبايعوه على الصّوم و الصّلاة و الزّكاة و الحجّ و الجهاد»(1).

ص:208


1- الميزان ٢٠ : ٤٧.

سورة المزّمّل

« بسم اللّه الرّحمن الرّحيم » هذه السورة المباركة مكّية، عدد آياتها عشرون آية أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَ رَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً (4)

قال الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام سئل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عن قول اللّه:... وَ رَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً قال: «بيّنه تبيينا، و لا تنثره نثر الدّقل، و لا تهذه هذّ الشّعر، قفوا عند عجائبه، و حرّكوا به القلوب، و لا يكن همّ أحدكم آخر السّورة»(1).

ص:209


1- الدرّ المنثور ٦ : ٢٧٧.

سورة المدّثّر

« بسم اللّه الرّحمن الرّحيم » هذه السورة مكّية عدد آياتها ست و خمسون آية وَ ثِيابَكَ فَطَهِّرْ (4)

قال الإمام عليه السّلام: «إنّ تشمير الثّياب طهور لها»، و تلا الآية.

ص:210

سورة القيامة

« بسم اللّه الرّحمن الرّحيم » هذه السورة المباركة مكّية، عدد آياتها أربعون آية وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ (22)

قال الإمام عليه السّلام في تفسير الآية:

«وجوه مشرقة - في يوم القيامة - تنتظر ثواب ربّها»(1).

سورة الإنسان

« بسم اللّه الرّحمن الرّحيم » هذه السورة المباركة مدنيّة، و عدد آياتها إحدى و ثلاثون آية ذكرنا سبب نزول السورة عند عرض الآيات النازلة في حقّ أهل البيت عليهم السّلام (الجزء الأوّل من هذه الموسوعة)، فلا نعيد ذلك.

ص:211


1- مجمع البيان ١٠ : ٦٠٢.

سورة المرسلات

« بسم اللّه الرّحمن الرّحيم » هذه السورة المباركة مكّية، عدد آياتها خمسون آية أَ لَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفاتاً. أَحْياءً وَ أَمْواتاً (25) و (26)

نظر الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام في رجوعه من صفّين إلى المقابر فقال:

«هذه كفات الأموات - أي مساكنهم»، ثمّ نظر إلى بيوت الكوفة فقال: «هذه كفات الأحياء» ثم تلا الآية (1).

ص:212


1- الميزان ٢٠ : ١٥٧ ، نقلا عن أصول الكافي.

سورة النّبإ

« بسم اللّه الرّحمن الرّحيم » هذه السورة المباركة مكّية، و هي أربعون آية عَمَّ يَتَساءَلُونَ. عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ (1) و (2) في بعض الأخبار أنّ النبأ العظيم هو إمام المتّقين و رائد العدالة الاجتماعية في الإسلام الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام (1).

ص:213


1- الميزان ٢٠ : ١٦٣.

سورة النّازعات

« بسم اللّه الرّحمن الرّحيم » هذه السورة مكّية، عدد آياتها ست و أربعون آية فَالْمُدَبِّراتِ أَمْراً (5)

سأل ابن الكوّاء الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام عن فَالْمُدَبِّراتِ أَمْراً فقال:

«هي الملائكة يدبّرون ذكر الرّحمن و أمره»(1).

ص:214


1- الدرّ المنثور ٦ : ٣١١.

سورة عبس

« بسم اللّه الرّحمن الرّحيم » هذه السورة مكّية و هي اثنتان و أربعون آية قُتِلَ الْإِنْسانُ ما أَكْفَرَهُ (17)

فسّر الإمام عليه السّلام القتل باللّعن(1).

ص:215


1- الميزان ٢٠ : ٢١١.

سورة التّكوير

« بسم اللّه الرّحمن الرّحيم » هذه السورة مكّية، عدد آياتها تسع و عشرون آية فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ (15)

قال عليه السّلام في تفسير الآية:

«الخنّس هي الكواكب تكنس باللّيل - أي ترى - و تخنس بالنّهار فلا ترى»(1).

وَ اللَّيْلِ إِذا عَسْعَسَ (17)

قال الإمام عليه السّلام:

«اللّيل إذا عسعس أي أدبر بظلامه»(2).

ص:216


1- الدرّ المنثور ٦ : ٣٢٠. تفسير الفخر الرازي ١٢ : ٤٨.
2- مجمع البيان ١٠ : ٦٧٧.

سورة المطفّفين

« بسم اللّه الرّحمن الرّحيم » هذه السورة مكّية، و عدد آياتها ست و ثلاثون آية وَ إِذا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغامَزُونَ (30) نزلت هذه الآية في الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام، فقد كان في جماعة من المسلمين جاءوا إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، فسخر منهم المنافقون و ضحكوا و تغامزوا، ثمّ رجعوا إلى أصحابهم، فقالوا: رأينا اليوم الأصلع - يعني عليّا - فضحكنا منه، فنزلت الآية على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قبل أن يصل إليه الإمام و جماعته (1).

ص:217


1- الميزان ٢٠ : ٢٤٠.

سورة الانشقاق

« بسم اللّه الرّحمن الرّحيم » السورة مكّية، عدد آياتها خمس و عشرون آية إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ

قال عليه السّلام في تفسيرها: «تنشقّ السّماء من المجرّة»(1).

وَ يَنْقَلِبُ إِلى أَهْلِهِ مَسْرُوراً. وَ أَمّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ وَراءَ ظَهْرِهِ.

فَسَوْفَ يَدْعُوا ثُبُوراً (9) إلى (11)

تحدّث الإمام عليه السّلام عن أهل النعيم في دار الآخرة و أهل الشقاء، قال: «و النّاس يومئذ على صفات و منازل، فمنهم من يحاسب حسابا يسيرا، و ينقلب إلى أهله مسرورا، و منهم الّذين يدخلون الجنّة بغير حساب؛ لأنّهم لم يلبسوا من أمر الدّنيا بشيء، و إنّما الحساب هناك على من يلبس بها هاهنا، و منهم من يحاسب على النّقير و القطمير، و يصير إلى عذاب السّعير»(2).

1

ص:218


1- الدرّ المنثور ٦ : ٣٢٩.
2- الميزان ٢٠ : ٢٤٧.

سورة البروج

« بسم اللّه الرّحمن الرّحيم » هذه السورة مكّية، عدد آياتها اثنتان و عشرون آية وَ الْيَوْمِ الْمَوْعُودِ. وَ شاهِدٍ وَ مَشْهُودٍ (2) و (3)

قال عليه السّلام:

«اليوم الموعود يوم القيامة، و الشّاهد يوم الجمعة، و المشهود يوم النّحر»(1).

قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ (4)

روى الإمام عليه السّلام قصة أصحاب الأخدود قال:

«إنّ اللّه بعث رجلا حبشيا نبيّا، فكذّبه قومه، فقاتلهم فقتلوا أصحابه، فأسروه مع أصحابه، ثمّ بنوا له حثيرا و ملأوه نارا، و قالوا: من كان على ديننا

ص:219


1- الميزان ٢٠ : ٢٥٥.

و أمرنا فليعتزل، و من كان على دين هؤلاء فليرم نفسه في النّار، فجعل أصحابه يتهافتون في النّار.

فجاءت امرأة معها صبيّ عمره شهر فأرادت أن تهجم فرقّت له.

فقال لها: لا تهابي و ارميني و نفسك في النّار فإنّ هذا في ذات اللّه قليل، فرمت بنفسها، و ابنها ممّن تكلّم في المهد»(1).

ص:220


1- مجمع البيان ١٠ : ٣١٤.

سورة الطّارق

« بسم اللّه الرّحمن الرّحيم » هذه السورة مكّية، عدد آياتها سبع عشرة آية إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ. وَ ما هُوَ بِالْهَزْلِ (13) و (14) الآية الكريمة عرضت إلى القرآن الكريم أنّه الفاصل بين الحقّ و الباطل، و ليس فيه الهزل، و إنّما هو جدّ،

و قد روى الحارث الأعور قال: دخلت المسجد فإذا الناس قد وقعوا في الأحاديث، فأتيت عليّا فأخبرته، فأنكر ذلك، و قال: «أوقد فعلوها؟»، ثمّ قال: «سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول: إنّها ستكون فتنة، قلت: فما المخرج منها يا رسول اللّه، قال: كتاب اللّه فيه نبأ من قبلكم، و خبر من بعدكم، و حكم ما بينكم، هو الفصل ليس بالهزل ما تركه من جبّار إلاّ قصمه اللّه، و من ابتغى الهدى في غيره أضلّه اللّه، و هو حبل اللّه المتين، و هو الذّكر الحكيم، و هو الصّراط المستقيم. هو الّذي لا تزيغ به الأهواء، و لا يشبع منه العلماء، و لا تلتبس منه الألسن، و لا يخلق من الرّدّ، و لا تنقضي عجائبه»(1).

ص:221


1- الدرّ المنثور ٦ : ٣٣٧.

سورة الغاشية

« بسم اللّه الرّحمن الرّحيم » هذه السورة مكّية آياتها ست و عشرون آية ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا حِسابَهُمْ (26)

سئل الإمام عليه السّلام: كيف يحاسب اللّه الخلق على كثرتهم؟ قال: «كما يرزقهم على كثرتهم».

قيل: كيف يحاسبهم و لا يرونه؟ قال: «كما يرزقهم و لا يرونه»(1).

ص:222


1- الميزان ٢٠ : ٢٧٧ ، نقلا عن نهج البلاغة.

سورة الفجر

« بسم اللّه الرّحمن الرّحيم » هذه السورة مكيّة، عدد آياتها ثلاثون آية إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصادِ (14)

روي عن الإمام عليه السّلام أنّه قال في بيان هذه الآية:

«إنّ ربّك قادر أن يجزي أهل المعاصي جزاءهم»(1).

ص:223


1- مجمع البيان ١٠ : ٧٣٩.

سورة البلد

« بسم اللّه الرّحمن الرّحيم » هذه السورة مكّية، عدد آياتها عشرون آية وَ هَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ (10)

قيل للإمام أمير المؤمنين عليه السّلام: إنّ اناسا يقولون في قوله تعالى: وَ هَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ إنّهما الثديان.

فقال: «لا، هما الخير و الشّر»(1).

ص:224


1- مجمع البيان ١٠ : ٧٤٨.

سورة الشّمس

« بسم اللّه الرّحمن الرّحيم » هذه السورة مكّية عدد آياتها خمس عشرة آية فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوها فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوّاها (14)

أنّ الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام قال: إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال له:

«أ تدري من أشقى الأوّلين؟ قلت: اللّه و رسوله أعلم. قال: عاقر الناقة. قال:

أ تدري من أشقى الآخرين؟ قلت: اللّه و رسوله أعلم. قال: قاتلك»(1).

ص:225


1- تفسير القرطبي ٢٠ : ٧٨.

سورة الضّحى

« بسم اللّه الرّحمن الرّحيم » هذه السورة مكّية، و قيل إنّها مدنية، عدد آياتها إحدى عشرة آية وَ لَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى (5)

قال الإمام عليه السّلام:

«إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال: أشفع لامّتي حتّى يناديني ربّي أرضيت يا محمّد، فأقول: نعم يا ربّ رضيت»(1).

ص:226


1- الميزان ٢٠ : ٣١٢.

سورة العلق

« بسم اللّه الرّحمن الرّحيم » هذه السورة مكّية، و هي تسع عشرة آية كَلاّ لا تُطِعْهُ وَ اسْجُدْ وَ اقْتَرِبْ (19)

عن الإمام عليه السّلام قال:

«عزائم السّجود أربع: الم، و: حم تنزيل من الرحمن الرحيم، و: النجم، و:

اقرأ باسم ربّك»(1).

ص:227


1- تفسير القرطبي ٢٠ : ١١٧.

سورة البيّنة

« بسم اللّه الرّحمن الرّحيم » هذه السورة مدنية أو مكّية، عدد آياتها ثمان آيات إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ (7)

روى جابر بن عبد اللّه، قال: كنّا عند النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، فأقبل عليّ فقال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:

«و الّذي نفسي بيده إنّ هذا و شيعته لهم الفائزون يوم القيامة»، و نزلت الآية:

إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ ، فكان أصحاب النبيّ صلّى اللّه عليه و آله إذا أقبل عليّ قالوا: جاء خير البرية (1).

ص:228


1- الدرّ المنثور ٦ : ٣٧٩.

سورة التّكاثر

« بسم اللّه الرّحمن الرّحيم » هذه السورة مكّية، و هي ثمان آيات كَلاّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ. ثُمَّ كَلاّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ (3) و (4)

عن الإمام عليه السّلام قال:

«نزلت ألهاكم التّكاثر في عذاب القبر»(1).

و ورد عن الإمام عليه السّلام قوله:

«وجهه الأوّل هو في عذاب القبر، و الثّاني العذاب في النّشور»(2).

ص:229


1- جامع البيان ٣٠ : ٣٦٣.
2- تفسير روح المعاني ٣ : ٢١٥.

سورة الماعون

« بسم اللّه الرّحمن الرّحيم » هذه السورة مدنية أو مكّية، آياتها سبع آيات اَلَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ (5)

قال الإمام عليه السّلام:

«ليس عمل أحبّ إلى اللّه عزّ و جلّ من الصّلاة، فلا يشغلنّكم عن أوقاتها شيء من امور الدّنيا، فإنّ اللّه عزّ و جلّ ذمّ أقواما، فقال:

اَلَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ ، يعني أنّهم غافلون استهانوا بأوقاتها»(1).

وَ يَمْنَعُونَ الْماعُونَ (7)

قال عليه السّلام: «الماعون الزّكاة المفروضة، يمنعونها».

ص:230


1- الخصال ٢ : ٦٢١.

و قال عليه السّلام: «سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول:

المسلم أخو المسلم، إذا لقيه حيّاه بالسّلام و يردّ عليه ما هو خير منه، لا يمنع الماعون.

قلت: يا رسول اللّه، ما الماعون؟ قال صلّى اللّه عليه و آله: الحجر و الحديد و الماء و أشباه ذلك»(1).

ص:231


1- الدرّ المنثور ٦ : ٤٠٠.

سورة الكوثر

« بسم اللّه الرّحمن الرّحيم » هذه السورة مكّية، و هي ثلاث آيات إِنّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ. فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَ انْحَرْ (1) و (2)

قال الإمام عليه السّلام:

«لمّا نزلت هذه السّورة على النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله لجبرئيل:

ما هذه النّحيرة الّتي أمرني ربّي عزّ و جلّ بها؟ قال: ليست بنحيرة و لكنّه يأمرك إذا تحرمت للصّلاة أن ترفع يديك إذا كبّرت، و إذا ركعت، و إذا رفعت رأسك من الرّكوع؛ فإنّه من صلاتنا و صلاة الملائكة الّذين في السّماوات السّبع، و إنّ لكلّ شيء زينة و زينة الصّلاة رفع الأيدي عند كلّ تكبيرة»(1).

ص:232


1- الميزان ٢٠ : ٣٧١.

سورة الإخلاص

« بسم اللّه الرّحمن الرّحيم » هذه السورة مدنية أو مكّية، و عدد آياتها أربع آيات لَمْ يَلِدْ وَ لَمْ يُولَدْ. وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ (3) و (4)

قال عليه السّلام في خطبة له:

«لَمْ يَلِدْ فيكون موروثا هالكا. وَ لَمْ يُولَدْ فيكون في العزّ مشاركا»، و قال في تفسير الأحد، أي لا بتأويل عدد (1).

ص:233


1- الميزان ٢٠ : ٣٩٠ _ ٣٩١.

سورة الفلق

« بسم اللّه الرّحمن الرّحيم » هذه السورة مكّية، و هي خمس آيات كان سبب نزول هذه الآية أنّ يهوديا سحر النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فاشتكى، فهبط عليه جبرئيل فنزل عليه بالمعوذتين، و قال له: «إنّ يهوديا سحرك و السحر في بئر فلان»، فأرسل النبي عليّا فجاء به و أمره أن يحلّ العقد، و يقرأ آية، و حلّ الإمام العقد فقام النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كأنّما نشط من عقال (1).

و بهذا ينتهي بنا المطاف عن تفسير الإمام عليه السّلام لبعض آيات الكتاب العزيز.

ص:234


1- الدرّ المنثور ٦ : ٤١٧.

المحتويات

تقديم 5

انحناء و تقديس امام القرآن الكريم 11-20

وصف القرآن 13

القرآن نور 13

القرآن ناطق 15

القرآن يتحدّث عن أنباء الماضي و المستقبل 15

القرآن حبل اللّه 15

القرآن ناصح 16

القرآن هدى و نور 17

الحثّ على تعلّم القرآن 17

حفظ القرآن 18

دعاؤه عليه السّلام عند ختم القرآن 19

القرآن ربيع القلوب 19

ص:235

من تفسير الامام القرآن الكريم 21-234

سورة الفاتحة « بسم اللّه الرّحمن الرّحيم » اَلْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ. اَلرَّحْمنِ الرَّحِيمِ . مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ. إِيّاكَ نَعْبُدُ وَ إِيّاكَ نَسْتَعِينُ (1) إلى (7) 25

البسملة جزء من السورة 25

بنود البسملة 25

أهمّية السورة 26

مكان نزولها 28

أسماؤها 28

الفاتحة 28

السبع المثاني 28

معنى الحمد 28

سورة البقرة خَتَمَ اللّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَ عَلى سَمْعِهِمْ وَ عَلى أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ وَ لَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ (7) 32

ص:236

هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ فَسَوّاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ وَ هُوَ بِكُلِّ شَيْ ءٍ عَلِيمٌ (29) 33

وَ إِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاّ إِبْلِيسَ أَبى وَ اسْتَكْبَرَ وَ كانَ مِنَ الْكافِرِينَ (34) 34

وَ اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَ الصَّلاةِ وَ إِنَّها لَكَبِيرَةٌ إِلاّ عَلَى الْخاشِعِينَ (45) 34

اَلَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ وَ أَنَّهُمْ إِلَيْهِ راجِعُونَ (46) 35

وَ اتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً وَ لا يُقْبَلُ مِنْها شَفاعَةٌ وَ لا يُؤْخَذُ مِنْها عَدْلٌ وَ لا هُمْ يُنْصَرُونَ (48) 35

وَ إِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ يا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلى بارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بارِئِكُمْ فَتابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوّابُ الرَّحِيمُ (54) 36

وَ مَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَساجِدَ اللّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَ سَعى فِي خَرابِها أُولئِكَ ما كانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوها إِلاّ خائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيا خِزْيٌ وَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ (114) 37

ص:237

إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلْنا مِنَ الْبَيِّناتِ وَ الْهُدى مِنْ بَعْدِ ما بَيَّنّاهُ لِلنّاسِ فِي الْكِتابِ أُولئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللّهُ وَ يَلْعَنُهُمُ اللاّعِنُونَ (159) 37

وَ إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ (163) 38

وَ إِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدّاعِ إِذا دَعانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَ لْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ (186) 39

تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللّهُ وَ رَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجاتٍ وَ آتَيْنا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّناتِ وَ أَيَّدْناهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ وَ لَوْ شاءَ اللّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّناتُ وَ لكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَ مِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ وَ لَوْ شاءَ اللّهُ مَا اقْتَتَلُوا وَ لكِنَّ اللّهَ يَفْعَلُ ما يُرِيدُ (253) 39

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّباتِ ما كَسَبْتُمْ وَ مِمّا أَخْرَجْنا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَ لا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَ لَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلاّ أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَ اعْلَمُوا أَنَّ اللّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ (267) 40

اَلَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَ النَّهارِ سِرًّا وَ عَلانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ (274) 41

ص:238

سورة آل عمران هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ وَ أُخَرُ مُتَشابِهاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ وَ ابْتِغاءَ تَأْوِيلِهِ وَ ما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَ الرّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا وَ ما يَذَّكَّرُ إِلاّ أُولُوا الْأَلْبابِ (7) 42

إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللّهِ الْإِسْلامُ وَ مَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ إِلاّ مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ وَ مَنْ يَكْفُرْ بِآياتِ اللّهِ فَإِنَّ اللّهَ سَرِيعُ الْحِسابِ (19) 45

تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَ تُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ وَ تُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَ تُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَ تَرْزُقُ مَنْ تَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ (27) 45

لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَ مَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللّهِ فِي شَيْ ءٍ إِلاّ أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقاةً وَ يُحَذِّرُكُمُ اللّهُ نَفْسَهُ وَ إِلَى اللّهِ الْمَصِيرُ (28) 46

فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَكُمْ وَ نِساءَنا وَ نِساءَكُمْ وَ أَنْفُسَنا وَ أَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللّهِ عَلَى الْكاذِبِينَ (61) 47

ص:239

إِنَّ أَوْلَى النّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَ هذَا النَّبِيُّ وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ اللّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ (68) 47

وَ إِذْ أَخَذَ اللّهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَ حِكْمَةٍ ثُمَّ جاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِما مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَ لَتَنْصُرُنَّهُ قالَ أَ أَقْرَرْتُمْ وَ أَخَذْتُمْ عَلى ذلِكُمْ إِصْرِي قالُوا أَقْرَرْنا قالَ فَاشْهَدُوا وَ أَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشّاهِدِينَ (81) 48

إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبارَكاً وَ هُدىً لِلْعالَمِينَ (96) 48

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَ لا تَمُوتُنَّ إِلاّ وَ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (102) 49

وَ لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللّهُ بِبَدْرٍ وَ أَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (123) 49

وَ سارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَ جَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَ الْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (133) 50

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خاسِرِينَ (149) 50

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَ صابِرُوا وَ رابِطُوا وَ اتَّقُوا اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (200) 51

ص:240

سورة النساء يا أَيُّهَا النّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ وَ خَلَقَ مِنْها زَوْجَها وَ بَثَّ مِنْهُما رِجالاً كَثِيراً وَ نِساءً وَ اتَّقُوا اللّهَ الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ وَ الْأَرْحامَ إِنَّ اللّهَ كانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً (1) 52

حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ وَ بَناتُكُمْ وَ أَخَواتُكُمْ وَ عَمّاتُكُمْ وَ خالاتُكُمْ وَ بَناتُ الْأَخِ وَ بَناتُ الْأُخْتِ وَ أُمَّهاتُكُمُ اللاّتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَ أَخَواتُكُمْ مِنَ الرَّضاعَةِ وَ أُمَّهاتُ نِسائِكُمْ وَ رَبائِبُكُمُ اللاّتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسائِكُمُ اللاّتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ وَ حَلائِلُ أَبْنائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ وَ أَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلاّ ما قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللّهَ كانَ غَفُوراً رَحِيماً (23) 53

وَ لا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كانَ بِكُمْ رَحِيماً (29) 54

إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها وَ إِذا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللّهَ نِعِمّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللّهَ كانَ سَمِيعاً بَصِيراً (58) 54

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْ ءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَ الرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ ذلِكَ خَيْرٌ وَ أَحْسَنُ تَأْوِيلاً (59) 54.

ص:241

وَ مَنْ يُطِعِ اللّهَ وَ الرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَ الصِّدِّيقِينَ وَ الشُّهَداءِ وَ الصّالِحِينَ وَ حَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً (69) 57

وَ إِذا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْها أَوْ رُدُّوها إِنَّ اللّهَ كانَ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ حَسِيباً (86) 58

إِنَّ الَّذِينَ تَوَفّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ قالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قالُوا كُنّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ (97) 59

وَ إِذا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنَّ الْكافِرِينَ كانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِيناً (101) 59

وَ إِنِ امْرَأَةٌ خافَتْ مِنْ بَعْلِها نُشُوزاً أَوْ إِعْراضاً فَلا جُناحَ عَلَيْهِما أَنْ يُصْلِحا بَيْنَهُما صُلْحاً وَ الصُّلْحُ خَيْرٌ (128) 60

وَ رُسُلاً قَدْ قَصَصْناهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَ رُسُلاً لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَ كَلَّمَ اللّهُ مُوسى تَكْلِيماً (164) 60

سورة المائدة يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ إِلاّ ما يُتْلى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَ أَنْتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللّهَ يَحْكُمُ ما يُرِيدُ (1) 61

ص:242

اَلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَ رَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (3) 62

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَ أَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ وَ امْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَ أَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَ إِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا وَ إِنْ كُنْتُمْ مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَ أَيْدِيكُمْ مِنْهُ ما يُرِيدُ اللّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَ لكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَ لِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (6) 63

إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللّهَ وَ رَسُولَهُ وَ يَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَ أَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيا وَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ (33) 64

سَمّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكّالُونَ لِلسُّحْتِ فَإِنْ جاؤُكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَ إِنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَنْ يَضُرُّوكَ شَيْئاً وَ إِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (42) 65

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَ يُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ يُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَ لا يَخافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذلِكَ فَضْلُ اللّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَ اللّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ (54) 65

ص:243

إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ (55) 66

وَ لَوْ أَنَّهُمْ أَقامُوا التَّوْراةَ وَ الْإِنْجِيلَ وَ ما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ وَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ ساءَ ما يَعْمَلُونَ (66) 69

يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَ اللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النّاسِ إِنَّ اللّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ (67) 70

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ ما أَحَلَّ اللّهُ لَكُمْ وَ لا تَعْتَدُوا إِنَّ اللّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (87) 73

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَ أَنْتُمْ حُرُمٌ وَ مَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفّارَةٌ طَعامُ مَساكِينَ أَوْ عَدْلُ ذلِكَ صِياماً لِيَذُوقَ وَبالَ أَمْرِهِ عَفَا اللّهُ عَمّا سَلَفَ وَ مَنْ عادَ فَيَنْتَقِمُ اللّهُ مِنْهُ وَ اللّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقامٍ (95) 73

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَ إِنْ تَسْئَلُوا عَنْها حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللّهُ عَنْها وَ اللّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ (101) 75 1

ص:244

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (105) 75

سورة الأنعام وَ نُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَ أَبْصارَهُمْ كَما لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَ نَذَرُهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ (110) 78

سورة الأعراف وَ الْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ. وَ مَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ فَأُولئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ بِما كانُوا بِآياتِنا يَظْلِمُونَ (8) و (9) 79

وَ بَيْنَهُما حِجابٌ وَ عَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ يَعْرِفُونَ كُلاًّ بِسِيماهُمْ وَ نادَوْا أَصْحابَ الْجَنَّةِ أَنْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ لَمْ يَدْخُلُوها وَ هُمْ يَطْمَعُونَ (46) 80

إِنَّ رَبَّكُمُ اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً وَ الشَّمْسَ وَ الْقَمَرَ وَ النُّجُومَ مُسَخَّراتٍ بِأَمْرِهِ أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَ الْأَمْرُ تَبارَكَ اللّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ (54) 80

ص:245

وَ جاوَزْنا بِبَنِي إِسْرائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْا عَلى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلى أَصْنامٍ لَهُمْ قالُوا يا مُوسَى اجْعَلْ لَنا إِلهاً كَما لَهُمْ آلِهَةٌ قالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ (138) 83

وَ لَمّا جاءَ مُوسى لِمِيقاتِنا وَ كَلَّمَهُ رَبُّهُ قالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قالَ لَنْ تَرانِي وَ لكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكانَهُ فَسَوْفَ تَرانِي فَلَمّا تَجَلّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَ خَرَّ مُوسى صَعِقاً فَلَمّا أَفاقَ قالَ سُبْحانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَ أَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ (143) 83

وَ مِنْ قَوْمِ مُوسى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَ بِهِ يَعْدِلُونَ (159) 85

وَ سْئَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كانَتْ حاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً وَ يَوْمَ لا يَسْبِتُونَ لا تَأْتِيهِمْ كَذلِكَ نَبْلُوهُمْ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ. وَ إِذْ قالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذاباً شَدِيداً قالُوا مَعْذِرَةً إِلى رَبِّكُمْ وَ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ.

فَلَمّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَ أَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذابٍ بَئِيسٍ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ. فَلَمّا عَتَوْا عَنْ ما نُهُوا عَنْهُ قُلْنا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ (163) إلى (166) 86

وَ إِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَ أَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى شَهِدْنا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنّا كُنّا عَنْ هذا غافِلِينَ (172) 88

ص:246

سورة الأنفال يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفاً فَلا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبارَ (15) 90

وَ إِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَ يَمْكُرُونَ وَ يَمْكُرُ اللّهُ وَ اللّهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ (30) 90

سورة التوبة سبب نزولها 92

الايعاز لأبي بكر بقراءة السورة 92

تلاوة الإمام لبنود السورة 92

وَ إِنْ نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَ طَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لا أَيْمانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ (12) 93

وَ إِنْ نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَ طَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لا أَيْمانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ (12) 93

أَ جَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِّ وَ عِمارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ وَ جاهَدَ فِي سَبِيلِ اللّهِ لا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللّهِ وَ اللّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظّالِمِينَ (19) 94

ص:247

إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللّهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتابِ اللّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ مِنْها أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَ قاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَما يُقاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَ اعْلَمُوا أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (36) 96

اَلْمُنافِقُونَ وَ الْمُنافِقاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَ يَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَ يَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنافِقِينَ هُمُ الْفاسِقُونَ (67) 96

وَ السّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ وَ الْأَنْصارِ وَ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسانٍ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَ رَضُوا عَنْهُ وَ أَعَدَّ لَهُمْ جَنّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (100) 97

سورة يونس أَ كانَ لِلنّاسِ عَجَباً أَنْ أَوْحَيْنا إِلى رَجُلٍ مِنْهُمْ أَنْ أَنْذِرِ النّاسَ وَ بَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ قالَ الْكافِرُونَ إِنَّ هذا لَساحِرٌ مُبِينٌ (2) 98

لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَ زِيادَةٌ وَ لا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَ لا ذِلَّةٌ أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (26) 98

أَلا إِنَّ أَوْلِياءَ اللّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ (62) 99

ص:248

سورة هود وَ ما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلاّ عَلَى اللّهِ رِزْقُها وَ يَعْلَمُ مُسْتَقَرَّها وَ مُسْتَوْدَعَها كُلٌّ فِي كِتابٍ مُبِينٍ (6) 100

أَ فَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَ يَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ وَ مِنْ قَبْلِهِ كِتابُ مُوسى إِماماً وَ رَحْمَةً أُولئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَ مَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الْأَحْزابِ فَالنّارُ مَوْعِدُهُ فَلا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ وَ لكِنَّ أَكْثَرَ النّاسِ لا يُؤْمِنُونَ (17) 101

حَتّى إِذا جاءَ أَمْرُنا وَ فارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيها مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَ أَهْلَكَ إِلاّ مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَ مَنْ آمَنَ وَ ما آمَنَ مَعَهُ إِلاّ قَلِيلٌ (40) 102

إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللّهِ رَبِّي وَ رَبِّكُمْ ما مِنْ دَابَّةٍ إِلاّ هُوَ آخِذٌ بِناصِيَتِها إِنَّ رَبِّي عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (56) 102

يَوْمَ يَأْتِ لا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلاّ بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَ سَعِيدٌ (105) 103

وَ أَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ وَ زُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ ذلِكَ ذِكْرى لِلذّاكِرِينَ (114) 104

ص:249

سورة يوسف وَ لَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَ هَمَّ بِها لَوْ لا أَنْ رَأى بُرْهانَ رَبِّهِ كَذلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَ الْفَحْشاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُخْلَصِينَ (24) 106

سورة الرعد وَ فِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجاوِراتٌ وَ جَنّاتٌ مِنْ أَعْنابٍ وَ زَرْعٌ وَ نَخِيلٌ صِنْوانٌ وَ غَيْرُ صِنْوانٍ يُسْقى بِماءٍ واحِدٍ وَ نُفَضِّلُ بَعْضَها عَلى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (4) 108

وَ يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَ لِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ (7) 108

أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَسالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِها فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَداً رابِياً وَ مِمّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النّارِ ابْتِغاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتاعٍ زَبَدٌ مِثْلُهُ كَذلِكَ يَضْرِبُ اللّهُ الْحَقَّ وَ الْباطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفاءً وَ أَمّا ما يَنْفَعُ النّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ كَذلِكَ يَضْرِبُ اللّهُ الْأَمْثالَ (17) 109

سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِما صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدّارِ (24) 109

ص:250

اَلَّذِينَ آمَنُوا وَ تَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللّهِ أَلا بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ (28) 110

وَ يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلاً قُلْ كَفى بِاللّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَ بَيْنَكُمْ وَ مَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ (43) 110

سورة إبراهيم أَ لَمْ يَأْتِكُمْ نَبَؤُا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَ عادٍ وَ ثَمُودَ وَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لا يَعْلَمُهُمْ إِلاَّ اللّهُ جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْواهِهِمْ وَ قالُوا إِنّا كَفَرْنا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ وَ إِنّا لَفِي شَكٍّ مِمّا تَدْعُونَنا إِلَيْهِ مُرِيبٍ (9) 112

أَ لَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُها ثابِتٌ وَ فَرْعُها فِي السَّماءِ (24) 113

وَ مَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ ما لَها مِنْ قَرارٍ (26) 114

أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللّهِ كُفْراً وَ أَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دارَ الْبَوارِ (28) 114

ص:251

سورة الحجر رُبَما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كانُوا مُسْلِمِينَ (2) 115

لَها سَبْعَةُ أَبْوابٍ لِكُلِّ بابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ (44) 116

وَ ما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ ما بَيْنَهُما إِلاّ بِالْحَقِّ وَ إِنَّ السّاعَةَ لَآتِيَةٌ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ (85) 116

سورة النحل يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاّ أَنَا فَاتَّقُونِ (2) 118

وَ عَلاماتٍ وَ بِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ (16) 119

وَ قِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا ما ذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قالُوا خَيْراً لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هذِهِ الدُّنْيا حَسَنَةٌ وَ لَدارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ وَ لَنِعْمَ دارُ الْمُتَّقِينَ (30) 119

وَ اللّهُ خَلَقَكُمْ ثُمَّ يَتَوَفّاكُمْ وَ مِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْ لا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئاً إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ قَدِيرٌ (70) 119

ص:252

إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَ الْإِحْسانِ وَ إِيتاءِ ذِي الْقُرْبى وَ يَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَ الْمُنْكَرِ وَ الْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (90) 120

سورة الاسراء قالَ لَقَدْ عَلِمْتَ ما أَنْزَلَ هؤُلاءِ إِلاّ رَبُّ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ بَصائِرَ وَ إِنِّي لَأَظُنُّكَ يا فِرْعَوْنُ مَثْبُوراً (102) 121

سورة الكهف وَ يَسْئَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُوا عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْراً (83) 122

وَ تَرَكْنا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ وَ نُفِخَ فِي الصُّورِ فَجَمَعْناهُمْ جَمْعاً (99) 123

قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمالاً (103) 123

سورة مريم فَخَرَجَ عَلى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرابِ فَأَوْحى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَ عَشِيًّا (11) 124

ص:253

وَ هُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُساقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيًّا (25) 124

يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمنِ وَفْداً (85) 125

إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصّالِحاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا (96) 125

سورة طه اَلرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى (5) 127

وَ اجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي. هارُونَ أَخِي. اُشْدُدْ بِهِ أَزْرِي.

وَ أَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي (29) إلى (32) 127

فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسى (67) 128

فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلاً جَسَداً لَهُ خُوارٌ فَقالُوا هذا إِلهُكُمْ وَ إِلهُ مُوسى فَنَسِيَ (88) 128

وَ أْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَ اصْطَبِرْ عَلَيْها لا نَسْئَلُكَ رِزْقاً نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَ الْعاقِبَةُ لِلتَّقْوى (132) 129

ص:254

سورة الأنبياء كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ وَ نَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَ الْخَيْرِ فِتْنَةً وَ إِلَيْنا تُرْجَعُونَ (35) 130

وَ نَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَ إِنْ كانَ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنا بِها وَ كَفى بِنا حاسِبِينَ (47) 130

إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ (101) 131

يَوْمَ نَطْوِي السَّماءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَما بَدَأْنا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنا إِنّا كُنّا فاعِلِينَ (104) 131

سورة الحجّ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ الَّذِينَ هادُوا وَ الصّابِئِينَ وَ النَّصارى وَ الْمَجُوسَ وَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّ اللّهَ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ شَهِيدٌ (17) 133

سورة المؤمنون اَلَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ (2) 135

ص:255

وَ الَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ (3) 135

ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظاماً فَكَسَوْنَا الْعِظامَ لَحْماً ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبارَكَ اللّهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ (14) 135

إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ وَ إِنْ كُنّا لَمُبْتَلِينَ (30) 136

وَ لَقَدْ أَخَذْناهُمْ بِالْعَذابِ فَمَا اسْتَكانُوا لِرَبِّهِمْ وَ ما يَتَضَرَّعُونَ (76) 136

سورة النور قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ وَ يَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذلِكَ أَزْكى لَهُمْ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِما يَصْنَعُونَ (30) 137

رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَ لا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللّهِ وَ إِقامِ الصَّلاةِ وَ إِيتاءِ الزَّكاةِ يَخافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَ الْأَبْصارُ (37) 138

وَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمالُهُمْ كَسَرابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ ماءً حَتّى إِذا جاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً وَ وَجَدَ اللّهَ عِنْدَهُ فَوَفّاهُ حِسابَهُ وَ اللّهُ سَرِيعُ الْحِسابِ (39) 138

أَ لَمْ تَرَ أَنَّ اللّهَ يُزْجِي سَحاباً ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكاماً فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ وَ يُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ مِنْ جِبالٍ فِيها مِنْ بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشاءُ وَ يَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشاءُ يَكادُ سَنا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصارِ (43) 138

وَعَدَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَ عَمِلُوا الصّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَ لَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ وَ لَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَ مَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ (55) 139

سورة الفرقان أَصْحابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَ أَحْسَنُ مَقِيلاً (24) 141

وَ عاداً وَ ثَمُودَ وَ أَصْحابَ الرَّسِّ وَ قُرُوناً بَيْنَ ذلِكَ كَثِيراً (38) 141

وَ هُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَ صِهْراً وَ كانَ رَبُّكَ قَدِيراً (54) 142

سورة الشعراء وَ أَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ (214) 143

ص:256

وَ أَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي (29) إلى (32) 127

فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسى (67) 128

فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلاً جَسَداً لَهُ خُوارٌ فَقالُوا هذا إِلهُكُمْ وَ إِلهُ مُوسى فَنَسِيَ (88) 128

وَ أْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَ اصْطَبِرْ عَلَيْها لا نَسْئَلُكَ رِزْقاً نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَ الْعاقِبَةُ لِلتَّقْوى (132) 129

ص:257

سورة القصص وَ نُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَ نَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَ نَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ (5) 144

وَ ابْتَغِ فِيما آتاكَ اللّهُ الدّارَ الْآخِرَةَ وَ لا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيا وَ أَحْسِنْ كَما أَحْسَنَ اللّهُ إِلَيْكَ وَ لا تَبْغِ الْفَسادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللّهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ (77) 144

تِلْكَ الدّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَ لا فَساداً وَ الْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ (83) 145

وَ لا تَدْعُ مَعَ اللّهِ إِلهاً آخَرَ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ كُلُّ شَيْ ءٍ هالِكٌ إِلاّ وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (88) 145

سورة العنكبوت أَ حَسِبَ النّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنّا وَ هُمْ لا يُفْتَنُونَ (2) 146

مَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ اللّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللّهِ لَآتٍ وَ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (5) 146

ص:258

سورة الروم وَ ما آتَيْتُمْ مِنْ رِباً لِيَرْبُوَا فِي أَمْوالِ النّاسِ فَلا يَرْبُوا عِنْدَ اللّهِ وَ ما آتَيْتُمْ مِنْ زَكاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللّهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ (39) 147

سورة لقمان إِنَّ اللّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السّاعَةِ وَ يُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَ يَعْلَمُ ما فِي الْأَرْحامِ وَ ما تَدْرِي نَفْسٌ ما ذا تَكْسِبُ غَداً وَ ما تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (34) 148

سورة السجدة أَ فَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُونَ (18) 149

سورة الأحزاب اَلنَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَ أَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُهاجِرِينَ إِلاّ أَنْ تَفْعَلُوا إِلى أَوْلِيائِكُمْ مَعْرُوفاً كانَ ذلِكَ فِي الْكِتابِ مَسْطُوراً (6) 150

ص:259

وَ قَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَ لا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجاهِلِيَّةِ الْأُولى وَ أَقِمْنَ الصَّلاةَ وَ آتِينَ الزَّكاةَ وَ أَطِعْنَ اللّهَ وَ رَسُولَهُ إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً (33) 151

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللّهَ ذِكْراً كَثِيراً (41) 151

إِنَّ اللّهَ وَ مَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَ سَلِّمُوا تَسْلِيماً (56) 151

إِنّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ الْجِبالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها وَ أَشْفَقْنَ مِنْها وَ حَمَلَهَا الْإِنْسانُ إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولاً (72) 152

سورة سبأ وَ ما أَمْوالُكُمْ وَ لا أَوْلادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنا زُلْفى إِلاّ مَنْ آمَنَ وَ عَمِلَ صالِحاً فَأُولئِكَ لَهُمْ جَزاءُ الضِّعْفِ بِما عَمِلُوا وَ هُمْ فِي الْغُرُفاتِ آمِنُونَ (37) 153

قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَ يَقْدِرُ لَهُ وَ ما أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْ ءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَ هُوَ خَيْرُ الرّازِقِينَ (39) 153

ص:260

سورة فاطر اَلْحَمْدُ لِلّهِ فاطِرِ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ جاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنى وَ ثُلاثَ وَ رُباعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ ما يَشاءُ إِنَّ اللّهَ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ (1) 155

سورة يس إِنّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتى وَ نَكْتُبُ ما قَدَّمُوا وَ آثارَهُمْ وَ كُلَّ شَيْ ءٍ أَحْصَيْناهُ فِي إِمامٍ مُبِينٍ (12) 157

اَلْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلى أَفْواهِهِمْ وَ تُكَلِّمُنا أَيْدِيهِمْ وَ تَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ (65) 157

لِيُنْذِرَ مَنْ كانَ حَيًّا وَ يَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكافِرِينَ (70) 158

إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (82) 158

سورة الصافّات إِنّا زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِزِينَةٍ الْكَواكِبِ (6) 159 1

ص:261

وَ قِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ (24) 159

وَ قالَ إِنِّي ذاهِبٌ إِلى رَبِّي سَيَهْدِينِ (99) 160

سَلامٌ عَلى إِلْ ياسِينَ (130) 160

سورة ص وَ قالُوا رَبَّنا عَجِّلْ لَنا قِطَّنا قَبْلَ يَوْمِ الْحِسابِ (16) 161

فَقالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي حَتّى تَوارَتْ بِالْحِجابِ (32) 161

إِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خالِقٌ بَشَراً مِنْ طِينٍ. فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَ نَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ (71) و (72) 162

سورة الزمر وَ الَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ وَ صَدَّقَ بِهِ أُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (33) 163

اَللّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها وَ الَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنامِها فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَ يُرْسِلُ الْأُخْرى إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (42) 163

قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللّهِ إِنَّ اللّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (53) 164

وَ سِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلى جَهَنَّمَ زُمَراً حَتّى إِذا جاؤُها فُتِحَتْ أَبْوابُها وَ قالَ لَهُمْ خَزَنَتُها أَ لَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آياتِ رَبِّكُمْ وَ يُنْذِرُونَكُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا قالُوا بَلى وَ لكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذابِ عَلَى الْكافِرِينَ (71) 164

وَ سِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَراً حَتّى إِذا جاؤُها وَ فُتِحَتْ أَبْوابُها وَ قالَ لَهُمْ خَزَنَتُها سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوها خالِدِينَ (73) 165

سورة غافر يَوْمَ هُمْ بارِزُونَ لا يَخْفى عَلَى اللّهِ مِنْهُمْ شَيْ ءٌ لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلّهِ الْواحِدِ الْقَهّارِ (16) 166

سورة فصّلت ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ وَ هِيَ دُخانٌ فَقالَ لَها وَ لِلْأَرْضِ ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ (11) 167

وَ ما كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَ لا أَبْصارُكُمْ وَ لا جُلُودُكُمْ وَ لكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللّهَ لا يَعْلَمُ كَثِيراً مِمّا تَعْمَلُونَ (22) 167

وَ قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا رَبَّنا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلاّنا مِنَ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ نَجْعَلْهُما تَحْتَ أَقْدامِنا لِيَكُونا مِنَ الْأَسْفَلِينَ (29) 168

سورة الشورى ذلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللّهُ عِبادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصّالِحاتِ قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى وَ مَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ (23) 169

وَ لَوْ بَسَطَ اللّهُ الرِّزْقَ لِعِبادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَ لكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ ما يَشاءُ إِنَّهُ بِعِبادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ (27) 169

وَ ما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَ يَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ (30) 170

لِلّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ يَخْلُقُ ما يَشاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ إِناثاً وَ يَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ الذُّكُورَ (49) 170

ص:262

وَ أَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي (29) إلى (32) 127

فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسى (67) 128

فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلاً جَسَداً لَهُ خُوارٌ فَقالُوا هذا إِلهُكُمْ وَ إِلهُ مُوسى فَنَسِيَ (88) 128

وَ أْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَ اصْطَبِرْ عَلَيْها لا نَسْئَلُكَ رِزْقاً نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَ الْعاقِبَةُ لِلتَّقْوى (132) 129

ص:263

وَ أَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي (29) إلى (32) 127

فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسى (67) 128

فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلاً جَسَداً لَهُ خُوارٌ فَقالُوا هذا إِلهُكُمْ وَ إِلهُ مُوسى فَنَسِيَ (88) 128

وَ أْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَ اصْطَبِرْ عَلَيْها لا نَسْئَلُكَ رِزْقاً نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَ الْعاقِبَةُ لِلتَّقْوى (132) 129

ص:264

سورة الزخرف وَ سْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا أَ جَعَلْنا مِنْ دُونِ الرَّحْمنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ (45) 172

قُلْ إِنْ كانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعابِدِينَ (81) 172

سورة الدخان فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَ الْأَرْضُ وَ ما كانُوا مُنْظَرِينَ (29) 174

سورة الجاثية هذا كِتابُنا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنّا كُنّا نَسْتَنْسِخُ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (29) 175

سورة الأحقاف وَ وَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ إِحْساناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَ وَضَعَتْهُ كُرْهاً وَ حَمْلُهُ وَ فِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً حَتّى إِذا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَ بَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَ عَلى والِدَيَّ وَ أَنْ أَعْمَلَ صالِحاً تَرْضاهُ وَ أَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَ إِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (15) 176

ص:265

سورة محمّد صلّى اللّه عليه و آله وَ مِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتّى إِذا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ما ذا قالَ آنِفاً أُولئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَ اتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ (16) 178

وَ لَوْ نَشاءُ لَأَرَيْناكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيماهُمْ وَ لَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَ اللّهُ يَعْلَمُ أَعْمالَكُمْ (30) 178

سورة الفتح إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجاهِلِيَّةِ فَأَنْزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ وَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَ أَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوى وَ كانُوا أَحَقَّ بِها وَ أَهْلَها وَ كانَ اللّهُ بِكُلِّ شَيْ ءٍ عَلِيماً (26) 180

سورة الحجرات يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَ لا تَجَسَّسُوا وَ لا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَ يُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَ اتَّقُوا اللّهَ إِنَّ اللّهَ تَوّابٌ رَحِيمٌ (12) 181

ص:266

سورة ق وَ جاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَها سائِقٌ وَ شَهِيدٌ (21) 182

سورة الذاريات وَ الذّارِياتِ ذَرْواً. فَالْحامِلاتِ وِقْراً (1) و (2) 183

فَالْجارِياتِ يُسْراً. فَالْمُقَسِّماتِ أَمْراً (3) و (4) 183

وَ السَّماءِ ذاتِ الْحُبُكِ (7) 183

وَ فِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ وَ ما تُوعَدُونَ (22) 184

فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَما أَنْتَ بِمَلُومٍ (54) 184

سورة الطور وَ السَّقْفِ الْمَرْفُوعِ (5) 185

وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ اتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمانٍ أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَ ما أَلَتْناهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْ ءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِما كَسَبَ رَهِينٌ (21) 185

سورة القمر اِقْتَرَبَتِ السّاعَةُ وَ انْشَقَّ الْقَمَرُ (1) 186

إِنّا كُلَّ شَيْ ءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ (49) 186

سورة الرحمن رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَ رَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ (17) 188

يَسْئَلُهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ (29) 188

هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلاَّ الْإِحْسانُ (60) 189

سورة الواقعة وَ السّابِقُونَ السّابِقُونَ (10) 190

ص:267

وَ أَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي (29) إلى (32) 127

فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسى (67) 128

فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلاً جَسَداً لَهُ خُوارٌ فَقالُوا هذا إِلهُكُمْ وَ إِلهُ مُوسى فَنَسِيَ (88) 128

وَ أْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَ اصْطَبِرْ عَلَيْها لا نَسْئَلُكَ رِزْقاً نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَ الْعاقِبَةُ لِلتَّقْوى (132) 129

ص:268

سورة الحديد هُوَ الْأَوَّلُ وَ الْآخِرُ وَ الظّاهِرُ وَ الْباطِنُ وَ هُوَ بِكُلِّ شَيْ ءٍ عَلِيمٌ (3) 191

لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى ما فاتَكُمْ وَ لا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ وَ اللّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ (23) 192

سورة المجادلة يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً ذلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَ أَطْهَرُ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (12) 193

سورة الحشر ما أَفاءَ اللّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى فَلِلّهِ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبى وَ الْيَتامى وَ الْمَساكِينِ وَ ابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِياءِ مِنْكُمْ وَ ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ ما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَ اتَّقُوا اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ (7) 194

سورة الممتحنة يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَ عَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَ قَدْ كَفَرُوا بِما جاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَ إِيّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللّهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهاداً فِي سَبِيلِي وَ ابْتِغاءَ مَرْضاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَ أَنَا أَعْلَمُ بِما أَخْفَيْتُمْ وَ ما أَعْلَنْتُمْ وَ مَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِيلِ (1) 195

سورة الصف يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصارَ اللّهِ كَما قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوارِيِّينَ مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللّهِ قالَ الْحَوارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصارُ اللّهِ فَآمَنَتْ طائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ وَ كَفَرَتْ طائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظاهِرِينَ (14) 197

سورة التغابن فَاتَّقُوا اللّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَ اسْمَعُوا وَ أَطِيعُوا وَ أَنْفِقُوا خَيْراً لِأَنْفُسِكُمْ وَ مَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (16) 199

سورة التحريم يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَ أَهْلِيكُمْ ناراً وَقُودُهَا النّاسُ وَ الْحِجارَةُ عَلَيْها مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدادٌ لا يَعْصُونَ اللّهَ ما أَمَرَهُمْ وَ يَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ (6) 200

ص:269

وَ أَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي (29) إلى (32) 127

فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسى (67) 128

فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلاً جَسَداً لَهُ خُوارٌ فَقالُوا هذا إِلهُكُمْ وَ إِلهُ مُوسى فَنَسِيَ (88) 128

وَ أْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَ اصْطَبِرْ عَلَيْها لا نَسْئَلُكَ رِزْقاً نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَ الْعاقِبَةُ لِلتَّقْوى (132) 129

ص:270

سورة الملك أَ فَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلى وَجْهِهِ أَهْدى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (22) 201

سورة القلم ن وَ الْقَلَمِ وَ ما يَسْطُرُونَ (1) 203

سورة الحاقّة لِنَجْعَلَها لَكُمْ تَذْكِرَةً وَ تَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ (12) 203

لا يَأْكُلُهُ إِلاَّ الْخاطِؤُنَ (37) 203

سورة المعارج سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ. لِلْكافِرينَ لَيْسَ لَهُ دافِعٌ (1) و (2) 205

فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشارِقِ وَ الْمَغارِبِ إِنّا لَقادِرُونَ (40) 206

ص:271

سورة نوح فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كانَ غَفّاراً (10) 207

سورة الجنّ قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقالُوا إِنّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً (1) 208

سورة المزمّل أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَ رَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً (4) 209

سورة المدثّر وَ ثِيابَكَ فَطَهِّرْ (4) 210

سورة القيامة وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ (22) 211

سورة الإنسان

ص:272

سورة المرسلات أَ لَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفاتاً. أَحْياءً وَ أَمْواتاً (25) و (26) 212

سورة النبأ عَمَّ يَتَساءَلُونَ. عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ (1) و (2) 213

سورة النازعات فَالْمُدَبِّراتِ أَمْراً (5) 214

سورة عبس قُتِلَ الْإِنْسانُ ما أَكْفَرَهُ (17) 215

سورة التكوير فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ (15) 216

وَ اللَّيْلِ إِذا عَسْعَسَ (17) 216

ص:273

سورة المطفّفين وَ إِذا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغامَزُونَ (30) 217

سورة الانشقاق إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ (1) 218

وَ يَنْقَلِبُ إِلى أَهْلِهِ مَسْرُوراً. وَ أَمّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ وَراءَ ظَهْرِهِ.

فَسَوْفَ يَدْعُوا ثُبُوراً (9) إلى (11) 218

سورة البروج وَ الْيَوْمِ الْمَوْعُودِ. وَ شاهِدٍ وَ مَشْهُودٍ (2) و (3) 219

قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ (4) 219

سورة الطارق إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ. وَ ما هُوَ بِالْهَزْلِ (13) و (14) 221

ص:274

سورة الغاشية ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا حِسابَهُمْ (26) 222

سورة الفجر إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصادِ (14) 223

سورة البلد وَ هَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ (10) 224

سورة الشمس فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوها فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوّاها (14) 225

سورة الضحى وَ لَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى (5) 226

ص:275

سورة العلق كَلاّ لا تُطِعْهُ وَ اسْجُدْ وَ اقْتَرِبْ (19) 227

سورة البيّنة إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ (7) 228

سورة التكاثر كَلاّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ. ثُمَّ كَلاّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ (3) و (4) 229

سورة الماعون اَلَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ (5) 230

وَ يَمْنَعُونَ الْماعُونَ (7) 230

سورة الكوثر إِنّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ. فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَ انْحَرْ (1) و (2) 232

ص:276

سورة الإخلاص لَمْ يَلِدْ وَ لَمْ يُولَدْ. وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ (3) و (4) 233

سورة الفلق

ص:277

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.