سرشناسه : اسماعیلی یزدی، عباس، 1332 -
عنوان و نام پديدآور : ینابیع الحکمه/ تالیف عباس الاسماعیلی الیزدی.
مشخصات نشر : قم: مسجد مقدس صاحب الزمان (جمکران)، 1378.
مشخصات ظاهری : 5 ج.
شابک : دوره: 964-6705-47-2 ؛ ج.1: 964-6705-42-1 ؛ ج.2: 964-6705-43-X ؛ ج. 3، چاپ چهارم: 964-6705-44-8 ؛ ج. 4: 964-6705-45-6 ؛ ج. 5: 964-6705-46-4
يادداشت : عربی.
يادداشت : چاپ قبلی: نشر مولود کعبه، 1417ق. = 1375.
يادداشت : ج. 1 - 5 (1427 ق.= 1385).
یادداشت : کتابنامه.
موضوع : قرآن -- فهرست مطالب
موضوع : احادیث شیعه -- فهرست مطالب
شناسه افزوده : مسجد جمکران (قم)
رده بندی کنگره : BP106/الف 5ی 9 1378
رده بندی دیویی : 297/22
شماره کتابشناسی ملی : م 78-25667
ص: 1
ینابیع الحکمه
تالیف عباس الاسماعیلی الیزدی.
مسجد مقدس صاحب الزمان (جمکران)، 1378.
ص: 2
بسم الله الرحمن الرحیم
ص: 3
عن أبي بصير، عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ذات يوم و عنده جماعة من أصحابه:
اللهمّ لقّني إخواني-مرّتين-، فقال من حوله من أصحابه: أما نحن إخوانك يا رسول اللّه؟ فقال: لا، إنّكم أصحابي، و إخواني قوم في آخر الزمان آمنوا و لم يروني، لقد عرّفنيهم اللّه بأسمائهم و أسماء آبائهم من قبل أن يخرجهم من أصلاب آبائهم و أرحام أمّهاتهم، لأحدهم أشدّ بقيّة على دينه من خرط القتاد في الليلة الظلماء، أو كالقابض على جمر الغضا، أولئك مصابيح الدجى، ينجّيهم اللّه من كلّ فتنة غبراء مظلمة.
البحار ج 52 ص 123 باب فضل انتظار الفرج ح 8
ص: 4
بسم اللّه الرحمن الرحيم
الحمد للّه الواحد الأحد الذي لا شريك له، الفرد الصمد الذي لا شبيه له، الأوّل الذي لا غاية له، الآخر الباقي الذي لا نهاية له، و الصلاة و السّلام على سيّد الأنبياء و المرسلين محمّد صلّى اللّه عليه و آله و على عترته الطاهرين و الأئمّة المعصومين، و لا سيّما مولانا المهديّ صاحب العصر و الزمان، و إمام الإنس و الجانّ أبي القاسم حجّة بن الحسن العسكريّ عجّل اللّه تعالى فرجه الشريف و اللعن الدائم على أعدائهم أجمعين إلى يوم الدين.
اللهمّ صلّ على السيّد المجتبى و الإمام المرتجى، سبط المصطفى و ابن المرتضى، علم الهدى، الشفيع بن الشفيع، المقتول بالسمّ النقيع، العالم بالفرائض و السنن، صاحب الجود و المنن، كاشف الضرّ و المحن، الإمام بالحقّ المؤتمن، أبي محمّد الحسن صلوات اللّه و سلامه عليه.
ص :1
ص:2
قال اللّه تعالى: فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلاً وَ لْيَبْكُوا كَثِيراً جَزاءً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ. (1)
1-عن الفضل بن أبي قرّة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ما من مؤمن إلاّ و فيه دعابة، قلت: و ما الدعابة؟ قال: المزاح. (2)
بيان:
الأخبار في الباب مختلفة؛ في بعضها تمدح الدعابة و في بعضها يذمّ المزاح، و مقتضى الجمع بينها أنّ المؤمن قد يحتاج إلى الدعابة لأنّ المؤمن دائم الفكر، كثير الحزن، بشره في وجهه و حزنه في قلبه، بشرط أن لا يكون فيها إيذاء مؤمن و لا فساد آخر و لا يقول إلاّ حقّا، و لكن المزاح بلا علّة و كذا المزاح عن بعض الجهّال مذموم، حيث فيه إيذاء الناس و مفاسد اخر، كغيبة المؤمن و تحقيره و غير ذلك من المفاسد.
و لا يخفى أنّ ذكر الموت مانع من المزاح المذموم. في نهج البلاغة (ص 200 خ 83) :
ص:3
عجبا لابن النابغة! (يعني عمرو بن العاص) يزعم لأهل الشام أنّ فيّ دعابة، و أنّي امرؤ تلعابة، اعافس و امارس! لقد قال باطلا، و نطق آثما. . . أما و اللّه إنّي ليمنعني من اللعب ذكر الموت. . .
2-عن يونس الشيبانيّ قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: كيف مداعبة بعضكم بعضا؟ قلت: قليل قال: فلا تفعلوا، فإنّ المداعبة من حسن الخلق، و إنّك لتدخل بها السرور على أخيك، و لقد كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يداعب الرجل يريد أن يسرّه. (1)
بيان:
«فلا تفعلوا» : في مكارم الأخلاق ص 21؛ "هلاّ تفعلوا".
و لاحظ في المستدرك (ج 8 ص 407 ب 66 من العشرة) و غيره بعض مزاح النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، كجواب النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لقول عجوز من الأنصار: «ادع لي بالجنّة» : إنّ الجنّة لا يدخلها العجوز، فبكت المرءة، فضحك النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و قال: أما سمعت قول اللّه تبارك و تعالى: إِنّا أَنْشَأْناهُنَّ إِنْشاءً فَجَعَلْناهُنَّ أَبْكاراً.
3-عن عبد اللّه بن محمّد الجعفيّ قال: سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول: إنّ اللّه عزّ و جلّ يحبّ المداعب في الجماعة بلا رفث. (2)
بيان:
«الرفث» : الفحش من القول.
4-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إيّاكم و المزاح فإنّه يذهب بماء الوجه. (3)
5-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إذا أحببت رجلا فلا تمازحه و لا تماره. (4)
ص:4
6-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: إيّاكم و المزاح فإنّه يجرّ السخيمة، و يورث الضغينة، و هو السبّ الأصغر. (1)
بيان:
«السخيمة» : الحقد في النفس «الضغينة» : هي الحقد و العداوة و البغضاء.
7-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إيّاكم و المزاح فإنّه يذهب بماء الوجه و مهابة الرجال. (2)
8-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: لا تمار فيذهب بهاؤك، و لا تمازح فيجترأ عليك. (3)
بيان:
«فيجترأ عليك» : و ذلك لسقوط هيبتك المانعة من ذلك.
9-قال أبو الحسن عليه السّلام في وصيّة له لبعض ولده-أو قال: قال أبي لبعض ولده-: إيّاك و المزاح فإنّه يذهب بنور إيمانك و يستخفّ بمروءتك. (4)
10-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ضحك المؤمن تبسّم. (5)
11-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: كثرة الضحك تميت القلب.
و قال: كثرة الضحك تميث الدين، كما يميث الماء الملح. (6)
بيان:
«تميث» : أي تذيب.
ص:5
12-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ من الجهل الضحك من غير عجب، قال: و كان يقول: لا تبدينّ عن واضحة و قد عملت الأعمال الفاضحة، و لا يأمن البيات من عمل السيّئات. (1)
بيان:
في الصحاح، «الواضحة» : الأسنان التي تبدو عند الضحك. «البيات» : أي الحوادث التي جاءت بالليل بغتة من غير أن يعلم، و في النهاية ج 1 ص 170: و تبييت العدوّ: هو أن يقصد في الليل من غير أن يعلم فيؤخذ بغتة، و هو البيات.
13-عن الحلبيّ عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: القهقهة من الشيطان. (2)
14-عن عنبسة العابد قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: كثرة الضحك تذهب بماء الوجه. (3)
15-قال أبو جعفر عليه السّلام: إذا قهقهت فقل حين تفرغ: اللهمّ لا تمقتني. (4)
بيان:
في المصباح: مقته مقتا من باب قتل: أبغضه أشدّ البغض عن أمر قبيح.
أقول: سيأتي في وصف المتّقين: «إن ضحك لم يعل صوته» .
و قد مرّ في باب الزهد: «إنّ الزاهدين في الدنيا تبكي قلوبهم و إن ضحكوا، و يشتدّ حزنهم و إن فرحوا» .
16-في وصيّة أمير المؤمنين لابنه الحسن عليهما السّلام: إيّاك أن تذكر من الكلام ما يكون مضحكا و إن حكيت ذلك عن غيرك. (5)
ص:6
أقول:
مرّ في باب الصمت؛ قول النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لأبي ذرّ رحمه اللّه: ويل للذي يحدّث فيكذب ليضحك به القوم، ويل له، ويل له، ويل له.
17-و قال عليه السّلام: ما مزح امرء مزحة إلاّ مجّ من عقله مجّة. (1)
بيان:
مجّ الماء من فيه: رماه، و كأنّ المازح يرمي بعقله و يقذف به في مطارح الضياع.
18-عن الرضا عن أبيه موسى بن جعفر عن الصادق عليهم السّلام قال: كم ممّن كثر ضحكه لاعبا يكثر يوم القيامة بكاؤه، و كم ممّن كثر بكاؤه على ذنبه خائفا يكثر يوم القيامة في الجنّة سروره و ضحكه. (2)
19-في مواعظ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: المؤمن دعب لعب، و المنافق قطب غضب. (3)
بيان:
«الدعب» : اللاعب و الممازح. «القطب» : العبوس.
20-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ثلاث فيهنّ المقت من اللّه: نوم من غير سهر، و ضحك من غير عجب، و أكل على الشبع. (4)
21-عن أبي عبد اللّه عن آبائه عن عليّ عليهم السّلام قال: كان ضحك النبيّ صلّى اللّه عليه و آله التبسّم، فاجتاز ذات يوم بفتية من الأنصار، و إذا هم يتحدّثون و يضحكون ملء أفواههم، فقال: مه يا هؤلاء، من غرّه منكم أمله و قصّر به في الخير عمله فليطلع القبور، و ليعتبر بالنشور، و اذكروا الموت فإنّه هادم اللذّات. (5)
ص:7
أقول:
في الحديث القدسيّ ص 2 السورة 1، قال اللّه: عجبت لمن أيقن بالموت كيف يفرح. . . و عجبت لمن أيقن بالقبر كيف يضحك.
22-عن جعفر بن محمّد عن أبيه عليهما السّلام، أنّ داود عليه السّلام قال لسليمان عليه السّلام: يا بنيّ، إيّاك و كثرة الضحك، فإنّ كثرة الضحك تترك الرجل فقيرا يوم القيامة. (1)
23-في وصيّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لأبي ذرّ رحمه اللّه: عجب لمن أيقن بالنار لم يضحك؟ و قال صلّى اللّه عليه و آله: إيّاك و كثرة الضحك فإنّه يميت القلب. (2)
24-عن سلمان رضي اللّه عنه قال: أعجبتني ثلاث و ثلاث أحزنتني، فأمّا اللواتي أعجبتني: فطالب الدنيا و الموت يطلبه، و غافل لا يغفل عنه، و ضاحك ملء فيه، و جهنّم وراء ظهره لم يأته ثقة ببراءته. (3)
25-قال الصادق عليه السّلام: كثرة المزاح تذهب بماء الوجه، و كثرة الضحك تمحو الإيمان محوا. (4)
26-عن جعفر بن محمّد عن أبيه عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: الضحك هلاك. (5)
أقول:
قد مرّ في باب البكاء ف 1 عن أبي الحسن الأوّل: «كان يحيى بن زكريّا عليه السّلام يبكي و لا يضحك، و كان عيسى بن مريم عليه السّلام يضحك و يبكي، و كان الذي يصنع عيسى عليه السّلام أفضل من الذي كان يصنع يحيى عليه السّلام» .
ص:8
27-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:
الإفراط في المزح خرق. (الغرر ج 1 ص 40 ف 1 ح 1228)
المزاح فرقة تتبعها ضغينة. (ص 70 ح 1793)
الكامل من غلب جدّه هزله. (ص 106 ح 2221)
أعقل الناس من غلب جدّه هزله و استظهر على هواه بعقله.
(ص 212 ف 8 ح 531)
آفة الهيبة المزاح. (ص 307 ف 16 ح 29)
خير الضحك التبسّم. (ص 388 ف 29 ح 18)
في السفه و كثرة المزاح الخرق. (ج 2 ص 515 ف 58 ح 82)
غلبة الهزل تبطل عزيمة الجدّ. (ص 508 ف 57 ح 36)
كفى بالمرء جهلا أن يضحك من غير عجب. (ص 558 ف 65 ح 44)
كثرة ضحك الرجل يفسد (تفسد) وقاره. (ص 562 ف 66 ح 18)
كثرة المزاح يسقط (تسقط) الهيبة. (ح 20)
كثرة الضحك يوحش (توحش) الجليس و يشين (تشين) الرئيس.
(ص 563 ح 33)
كثرة المزاح يذهب (تذهب) البهاء و يوجب (توجب) الشحناء. (ح 43)
كثرة الهزل آية الجهل. (ص 564 ح 45)
لكلّ شيء بذر، و بذر العداوة المزاح. (ص 580 ف 70 ح 52)
من مزح استخفّ به. (ص 621 ف 77 ح 219)
من كثر صحكه قلّت هيبته. (ح 225)
من كثر مزاحه استجهل. (ص 622 ح 239)
من كثر ضحكه مات قلبه. (ص 625 ح 302)
من كثر مزاحه استحمق. (ح 305)
ص:9
من كثر هزله استجهل-من كثر ضحكه استرذل. (ص 627 ح 326 و 327)
من كثر مزاحه قلّت هيبته. (ص 634 ح 440)
من كثر باطله لم يتّبع حقّه. (ص 636 ح 480)
من كثر هزله بطل جدّه. (ص 650 ح 697)
من غلب عليه الهزل قلّ عقله. (ص 655 ح 770)
من كثر مزحه قلّ وقاره. (ح 773)
من قلّ عقله كثر هزله. (ص 663 ح 891)
من كثر مزاحه لم يخل من حاقد عليه و مستخفّ به. (ص 696 ح 1268)
من كثر كلامه كثر لغطه و من كثر هزله كثر سخفه. (ص 700 ح 1303)
لا تمازح الشريف فيحقد عليك-لا تلاح الدنيّ فيجتري عليك.
(ص 803 ف 85 ح 71 و 72)
لا تمازحنّ صديقا فيعاديك و لا عدوّا فيؤذيك. (ص 826 ح 258)
لا تكثرنّ الضحك فتذهب هيبتك، و لا المزاح فيستخفّ بك. (ح 259)
ص:10
1-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ من الحقوق الواجبات للمسلم (للمؤمن م) أن يجيب (أن تجاب م) دعوته. (1)
2-عن جابر عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أوصي الشاهد من أمّتي و الغائب؛ أن يجيب دعوة المسلم و لو على خمسة أميال، فإنّ ذلك من الدين. (2)
3-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: هلك بالمرء المسلم أن يستقلّ ما عنده للضيف. (3)
4-عن عبد اللّه بن سنان قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: هلك لامرء احتقر لأخيه ما قدّم له، و هلك لامرء احتقر لأخيه ما قدّم إليه. (4)
5-عن هشام بن سالم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إذا أتاك أخوك فأته
ص:11
بما عندك، و إذا دعوته فتكلّف له. (1)
6-عن الرضا عن آبائه عن عليّ عليهم السّلام أنّه دعاه رجل، فقال له عليّ عليه السّلام: على أن تضمن لي ثلاث خصال: لا تدخل علينا شيئا من خارج (البيت) ، و لا تدّخر عنّا شيئا في البيت، و لا تجحف بالعيال؛ قال: ذلك لك، فأجابه عليّ عليه السّلام إلى ذلك. (2)
7-عن جعفر عن أبيه عن آبائه عليهم السّلام أنّ رجلا أتى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فقال: إنّي أحسن الوضوء، و اقيم الصلاة، و اوتي الزكاة في وقتها، و أقرىء الضيف طيّبة بها نفسي، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ما لجهنّم عليك سبيل، إنّ اللّه قد برأك من الشحّ إن كنت كذلك، ثمّ نهى عن التكلّف للضيف بما لا يقدر عليه إلاّ بمشقّة، و ما من ضيف نزل بقوم إلاّ و رزقه معه. (3)
بيان:
قرى الضيف: أضافه و أحسن إليه.
8-عن الفضيل بن يسار عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إذا دخل الرجل بلدة فهو ضيف على من بها من إخوانه و أهل دينه، حتّى يرحل عنهم. (4)
9-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: الضيف يلطف ليلتين، فإذا كان الليلة الثالثة فهو من أهل البيت يأكل ما أدرك. (5)
10-عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:
ص:12
الضيافة أوّل يوم (حقّ) ، و الثاني و الثالث، و ما كان بعد ذلك فهو (فإنّها م) صدقة تصدّق بها عليه. قال: ثمّ قال صلّى اللّه عليه و آله: لا ينزلنّ أحدكم على أخيه حتّى يوثمه [معه، قيل] : يا رسول اللّه، كيف يوثمه؟ قال: حتّى لا يكون عنده ما ينفق عليه. (1)
بيان:
«يوثمه» : أي يوقعه في التعب و المشقّة و التكلّف في الإنفاق، يقال: و ثم الشيء: كسره و دقّه، و قد يقرء"يؤثمه"من الإثم فيكون تفسيرا باللازم و المعنى: فيوقعه في الإثم.
11-عن ابن أبي يعفور قال: رأيت لأبي عبد اللّه عليه السّلام ضيفا، فقام يوما في بعض الحوائج، فنهاه عن ذلك، و قام بنفسه إلى تلك الحاجة، و قال: نهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أن يستخدم الضيف. (2)
12-نزل بأبي الحسن الرضا عليه السّلام ضيف، و كان جالسا عنده يحدّثه في بعض الليل، فتغيّر السراج، فمدّ الرجل يده إليه ليصلحه، فزبره أبو الحسن عليه السّلام ثمّ بادره بنفسه فأصلحه، ثمّ قال: إنّا قوم لا نستخدم أضيافنا. (3)
بيان:
يقال: زبره عن الأمر: منعه و نهاه عنه.
13-قال أبو جعفر عليه السّلام: من التضعيف ترك المكافاة، و من الجفاء استخدام الضيف، فإذا نزل بكم الضيف فأعينوه، و إذا ارتحل فلا تعينوه، فإنّه من النذالة، و زوّدوه و طيّبوا زاده، فإنّه من السخاء. (4)
بيان:
في المرآة ج 22 ص 93: «من التضعيف» : أي من أسباب أن يعدّه الناس ضعيفا،
ص:13
أو عدّه صاحب الإحسان ضعيفا أو جعل نفسه ضعيفا. و قال الفيروزآبادي: ضعّفه تضعيفا: عدّه ضعيفا.
14-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّ الضيف إذا جاء فنزل بالقوم جاء برزقه معه من السماء، فإذا أكل غفر اللّه لهم بنزوله عليهم. (1)
15-عن جميل وزرارة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ممّا علّم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فاطمة عليها السّلام أن قال (لها) : من كان يؤمن باللّه و اليوم الآخر فليكرم ضيفه. (2)
أقول:
ح 2 مثله، إلاّ و فيه: «ممّا علّم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عليّا عليه السّلام. . .» .
16-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إذا أكل مع القوم طعاما، كان أوّل من يضع يده، و آخر من يرفعها؛ ليأكل القوم. (3)
أقول:
في ح 3: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إذا أتاه الضيف أكل معه، و لم يرفع يده من الخوان حتّى يرفع الضيف.
17-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: من كان يؤمن باللّه و اليوم الآخر فليكرم ضيفه، و الضيافة ثلاثة أيّام و لياليهنّ، فما فوق ذلك فهو صدقة و جايزة يوما و ليلة، و لا ينبغي للضيف إذا نزل بقوم أن يملّهم و يملّونه فيخرجهم أو يخرجوه. (4)
18-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: ما من مؤمن يسمع بهمس الضيف و فرح بذلك إلاّ غفرت له خطاياه، و إن كانت مطبقة ما بين السماء و الأرض.
ص:14
و عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال: الضيف دليل الجنّة. (1)
بيان:
«الهمس» : الصوت الخفيّ.
19-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: ما من مؤمن يحبّ الضيف إلاّ و يقوم من قبره و وجهه كالقمر ليلة البدر، فينظر أهل الجمع فيقولون: ما هذا إلاّ نبيّ مرسل، فيقول ملك: هذا مؤمن يحبّ الضيف و يكرم الضيف، و لا سبيل له إلاّ أن يدخل الجنّة. (2)
20-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: إذا أراد اللّه بقوم خيرا أهدي إليهم هديّة، قالوا: و ما تلك الهديّة؟ قال: الضيف ينزل برزقه و يرتحل بذنوب أهل البيت. (3)
21-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: ليلة الضيف حقّ واجب على كلّ مسلم و من أصبح إن شاء أخذه و إن شاء تركه، و كلّ بيت لا يدخل فيه الضيف لا تدخله الملائكة. (4)
22-رئي أمير المؤمنين عليه السّلام حزينا فقيل له: ممّ حزنك؟ قال: لسبع أتت لم يضف إلينا ضيف. (5)
23-عن عليّ عليه السّلام قال: كان إبراهيم عليه السّلام أوّل من أضاف الضيف و أوّل من شاب.
و كان عليه السّلام مضيافا و أبا أضياف فكان إذا لم يكونوا عنده خرج يطلبهم. (6)
ص:15
بيان:
«المضياف» : الكثير الضيوف و الأضياف جمع الضيف.
24-. . . قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: لا خير فيمن لا يقري الضيف. (1)
25-في الغرر عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال: البشاشة أحد القراءين.
و قال عليه السّلام: فعل المعروف، و إغاثة الملهوف، و إقراء الضيوف، آلة السيادة.
و قال عليه السّلام: من أفضل المكارم تحمّل المغارم، و إقراء الضيوف. (2)
26-في وصيّة عليّ عليه السّلام عند وفاته: . . . و اللّه اللّه في الضيف، لا ينصرفنّ إلاّ شاكرا لكم. . . (3)
27-عن الرضا عن آبائه عن أمير المؤمنين عليهم السّلام أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال: من حقّ الضيف أن تمشي معه فتخرجه من حريمك إلى الباب. (4)
28-عن الصادق عن أبيه عليهما السّلام قال: إذا دخل أحدكم على أخيه في رحله فليقعد حيث يأمر صاحب الرحل، فإنّ صاحب الرحل أعرف بعورة بيته من الداخل عليه. (5)
بيان:
«الرحل» : المنزل و المأوى.
29-عن جعفر بن محمّد عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أضف بطعامك و شرابك من تحبّه في اللّه تعالى. (6)
ص:16
30-عن جعفر بن محمّد عن أبيه عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: الضيف يأتي القوم برزقه، فإذا ارتحل ارتحل بجميع ذنوبهم. (1)
أقول:
سيأتي ما يناسب المقام في باب الطعام.
ص:17
ص:18
1- وَ لا يَحُضُّ عَلى طَعامِ اَلْمِسْكِينِ. (1)
2- وَ لَمْ نَكُ نُطْعِمُ اَلْمِسْكِينَ. (2)
3- وَ يُطْعِمُونَ اَلطَّعامَ عَلى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَ يَتِيماً وَ أَسِيراً - إِنَّما نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اَللّهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزاءً وَ لا شُكُوراً. (3)
4- فَلْيَنْظُرِ اَلْإِنْسانُ إِلى طَعامِهِ. (4)
5- وَ لا تَحَاضُّونَ عَلى طَعامِ اَلْمِسْكِينِ. (5)
6- أَوْ إِطْعامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ- يَتِيماً ذا مَقْرَبَةٍ- أَوْ مِسْكِيناً ذا مَتْرَبَةٍ. (6)
7- فَذلِكَ اَلَّذِي يَدُعُّ اَلْيَتِيمَ- وَ لا يَحُضُّ عَلى طَعامِ اَلْمِسْكِينِ. (7)
ص:19
1-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من أطعم مؤمنا حتّى يشبعه لم يدر أحد من خلق اللّه ما له من الأجر في الآخرة، لا ملك مقّرب و لا نبيّ مرسل إلاّ اللّه ربّ العالمين، ثمّ قال: من موجبات المغفرة إطعام المسلم السغبان، ثمّ تلا قول اللّه عزّ و جلّ: أَوْ إِطْعامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ- يَتِيماً ذا مَقْرَبَةٍ- أَوْ مِسْكِيناً ذا مَتْرَبَةٍ. (1)
بيان:
«السغبان» : الجائع، المسغبة و المقربة و المتربة مصادر على وزن مفعلة من سغب إذا جاع و قرب أي قرب في النسب و ترب إذا افتقر و التصق بالتراب، و وصف اليوم بذي مسغبة مجازا باعتبار صاحبه مثل نهاره صائم.
2-عن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من أطعم ثلاثة نفر من المسلمين أطعمه اللّه من ثلاث جنان في ملكوت السموات: الفردوس و جنّة عدن و طوبى، و شجرة تخرج من جنّة عدن، غرسها ربّنا بيده. (2)
3-عن عبيد اللّه الوصّافيّ عن أبي جعفر عليه السّلام قال: لأن اطعم رجلا مسلما أحبّ إليّ من أن اعتق افقا من الناس، قلت: و كم الافق؟ فقال: عشرة آلاف. (3)
4-عن ربعيّ قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من أطعم أخاه في اللّه كان له من الأجر مثل من أطعم فئاما من الناس، قلت: و ما الفئام من الناس؟ قال: مائة ألف من الناس. (4)
ص:20
بيان:
«الفئام» : الجماعة الكثيرة من الناس.
5-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من أطعم مؤمنا موسرا كان له يعدل رقبة من ولد إسماعيل ينقذه من الذبح، و من أطعم مؤمنا محتاجا كان له يعدل مائة رقبة من ولد إسماعيل ينقذها من الذبح. (1)
6-عن زيد الشحّام عن أبي جعفر عليه السّلام في قول اللّه عزّ و جلّ: فَلْيَنْظُرِ اَلْإِنْسانُ إِلى طَعامِهِ قال: قلت: ما طعامه؟ قال: علمه الذي يأخذه، عمّن يأخذه. (2)
7-عن هشام بن سالم قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول لرجل كان يأكل: أما علمت أنّه يعرف حبّ الرجل أخاه بكثرة أكله عنده؟ (3)
8-عنه قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: يعرف حبّ الرجل بأكله من طعام أخيه. (4)
9-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من الإيمان حسن الخلق، و إطعام الطعام. (5)
10-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: خيركم من أطعم الطعام، و أفشى السّلام، و صلّى و الناس نيام. (6)
أقول:
قد مرّ بهذا المعنى في باب الصلاة ف 2.
ص:21
11-إنّ رجلا قال: يا رسول اللّه، أيّ الأعمال أفضل؟ فقال صلّى اللّه عليه و آله: إطعام الطعام و إطياب الكلام. (1)
12-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: الرزق أسرع إلى من يطعم الطعام من السكّين في السنام. (2)
بيان:
«السنام» : يقال بالفارسيّة: كوهان شتر
أقول: بهذا المعنى أخبار كثيرة، في بعضها: «الخير أسرع إليه» .
13-عن سدير عن أبي جعفر عليه السّلام قال: تعتق كلّ يوم نسمة؟ قلت: لا، قال: كلّ شهر؟ قلت: لا، قال: كلّ سنة؟ قلت: لا، قال: سبحان اللّه! أما تأخذ بيد واحد من شيعتنا، فتدخله إلى بيتك، فتطعمه شبعه، فو اللّه لذلك أفضل من عتق رقبة من ولد إسماعيل. (3)
أقول:
ح 28 مثله، و زاد: «قلت: موسر أو معسر؟ فقال: إنّ الموسر قد يشتهي الطعام» .
بيان: «النسمة» : أي الإنسان و تطلق على المملوك، ذكرا كان أو انثى.
14-عن الصادق عن آبائه عليهم السّلام في وصيّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لعليّ عليه السّلام قال: يا عليّ، لا وليمة إلاّ في خمس: في عرس أو خرس أو عذار، أو وكار، أو ركاز.
فالعرس التزويج، و الخرس النفاس بالولد، و العذار الختان، و الوكار في بناء الدار و شرائها، و الركاز الرجل يقدم من مكّة. (4)
ص:22
بيان:
«و الركاز. . .» : في ح 2 بدلها؛ "و الإياب"، و هو الرجل يدعو إخوانه إذا آب من غيبته.
15-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: و من أطعم طعاما رياء و سمعة أطعمه اللّه مثله من صديد جهنّم، و جعل ذلك الطعام نارا في بطنه، حتّى يقضي بين الناس. (1)
بيان:
«الصديد» قيل: القيح المختلط بالدم.
16-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: مالي أرى الناس إذا قرّب إليهم الطعام ليلا تكلّفوا إنارة المصابيح، ليبصروا ما يدخلون بطونهم و لا يهتمّون بغذاء النفس بأن ينيروا مصابيح ألبابهم بالعلم، ليسلموا من لواحق الجهالة و الذنوب في اعتقاداتهم و أعمالهم. (2)
17-قال الحسن بن عليّ عليهما السّلام: عجب لمن يتفكّر في مأكوله كيف لا يتفكّر في معقوله؟ ! فيجنّب بطنه ما يؤذيه، و يودع صدره ما يرديه. (3)
18-عن الصادق عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: عجبت لمن يحتمي من الطعام مخافة الداء، كيف لا يحتمي من الذنوب مخافة النار! (4)
19-في كلم أمير المؤمنين عليه السّلام: عجبت لأقوام يحتمون الطعام مخافة الأذى، كيف لا يحتمون الذنوب مخافة النار. . . (5)
ص:23
20-عن جعفر عن أبيه عليهما السّلام قال: قال رجل لعليّ بن الحسين عليهما السّلام: ما أشدّ بغض قريش لأبيك؟ قال: لأنّه أورد أوّلهم النار و ألزم آخرهم العار، قال: ثمّ جرى ذكر المعاصي فقال: عجبت لمن يحتمي عن الطعام لمضرّته و لا يحتمي من الذنب لمعرّته. (1)
بيان:
«المعرّة» : الإثم و المساءة و الأذى، الجناية، العيب، الأمر القبيح.
21-في وصايا النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لعليّ عليه السّلام: يا عليّ، ثمانية إن اهينوا فلا يلوموا إلاّ أنفسهم: الذاهب إلى مائدة لم يدع إليها، و المتأمّر على ربّ البيت، و طالب الخير من أعدائه، و طالب الفضل من اللئام، و الداخل بين اثنين في سرّ لم يدخلاه فيه، و المستخفّ بالسلطان، و الجالس في مجلس ليس له بأهل، و المقبل بالحديث على من لا يسمع منه. (2)
22-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّما ابتلي يعقوب بيوسف أنّه ذبح كبشا سمينا و رجل من أصحابه يدعى بيوم محتاج لم يجد ما يفطر عليه، فأغفله و لم يطعمه فابتلى بيوسف، و كان بعد ذلك كلّ صباح مناديه ينادي: من لم يكن صائما فليشهد غداء يعقوب، فإذا كان المساء نادى: من كان صائما فليشهد عشاء يعقوب. (3)
23-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: قال اللّه عزّ و جلّ: يابن آدم، مرضت فلم تعدني، قال: يا ربّ، كيف أعودك و أنت ربّ العالمين؟ قال: مرض فلان عبدي فلو عدته لوجدتني عنده، و استسقيتك فلم تسقني؟ فقال: كيف و أنت ربّ العالمين؟ قال: استسقاك عبدي و لو سقيته لوجدت ذلك عندي، و استطعمتك فلم تطعمني؟ قال:
ص:24
كيف و أنت ربّ العالمين؟ قال: استطعمك عبدي فلان و لو أطعمته لوجدت ذلك عندي. (1)
24-عن جعفر بن محمّد عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّ أهون أهل النار عذابا ابن جذعان، فقيل: يا رسول اللّه، و ما بال ابن جذعان أهون أهل النار عذابا؟ قال: إنّه كان يطعم الطعام. (2)
25-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: من أطعم أخاه حلاوة أذهب اللّه عنه مرارة الموت.
و قال أمير المؤمنين عليه السّلام: قوت الأجساد الطعام، و قوت الأرواح الإطعام. (3)
26-في وصيّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لأبي ذرّ رحمه اللّه قال: يا أبا ذرّ، لا تصاحب إلاّ مؤمنا، و لا يأكل طعامك إلاّ تقيّ و لا تأكل طعام الفاسقين.
يا أبا ذرّ، أطعم طعامك من تحبّه في اللّه، و كل طعام من يحبّك في اللّه عزّ و جلّ. (4)
27-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: أتى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بأسارى، فقدّم منهم رجلا ليضرب عنقه، فقال له جبرئيل: يا محمّد، ربّك يقرئك السّلام و يقول: إنّ أسيرك هذا يطعم الطعام، و يقري الضيف، و يصبر على النائبة، و يحتمل الحمالات، فقال له النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: إنّ جبرئيل أخبرني عنك عن اللّه بكذا و كذا و قد أعتقتك، فقال له: و إنّ ربّك ليحبّ هذا؟ فقال: نعم، فقال: أشهد أن لا إله إلاّ اللّه و أنّك رسول اللّه، و الذي بعثك بالحقّ لا رددت عن مالي أحدا أبدا. (5)
ص:25
28-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:
الطعام يؤكل على ثلاثة أضرب: مع الإخوان بالسرور، و مع الفقراء بالإيثار و مع أبناء الدنيا بالمروّة. (الغرر ج 1 ص 98 ف 1 ح 2133)
لذّة الكرام في الإطعام و لذّة اللئام في الطعام. (ج 2 ص 610 ف 76 ح 29)
من غرس في نفسه محبّة أنواع الطعام جنى ثمار فنون الأسقام.
(ص 722 ف 77 ح 1517)
ما أكلته راح و ما أطعمته فاح. (ص 747 ف 79 ح 182)
أقول:
قد مرّ ما يناسب المقام في أبواب الإيمان، الأكل، الحرام، الذنب، و السخاء.
و مرّ أنّ أوّل ما عصى اللّه تعالى لستّ: منها حبّ الطعام.
و مرّ في باب السخاء عن الرضا عليه السّلام: السخيّ يأكل من طعام الناس ليأكلوا من طعامه، و البخيل لا يأكل من طعام الناس لئلاّ يأكلوا من طعامه.
ص:26
1-عن سعدان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قلت له: ما الذي يثبت الإيمان في العبد؟ قال: الورع، و الذي يخرجه منه؟ قال: الطمع. (1)
بيان:
في المفردات، «الطمع» : نزوع النفس إلى الشىء شهوة له. . . و لمّا كان أكثر الطمع من أجل الهوى قيل: الطمع طبع و الطمع يدنّس الإهاب.
و في المقائيس: (طمع) أصل واحد صحيح يدلّ على رجاء في القلب قويّ للشيء.
و في جامع السعادات ج 2 ص 109، الطمع: هو التوقّع من الناس في أموالهم، و هو أيضا من شعب حبّ الدنيا و من أنواعه، و من الرذائل المهلكة. . .
و الأخبار في ذمّ الطمع كثيرة، و كفى به ذمّا أنّ كلّ طامع يكون ذليلا مهينا عند الناس، و أنّ وثوقه بالناس و اعتماده عليهم أكثر من وثوقه باللّه، إذ لو كان اعتماده على اللّه أكثر من أعتماده على الناس لم يكن نظره إليهم، بل لم يطمع من أحد شيئا
ص:27
إلاّ من اللّه سبحانه.
2-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ما أقبح بالمؤمن أن تكون له رغبة تذلّه. (1)
3-قال أبو جعفر عليه السّلام: بئس العبد عبد له طمع يقوده، و بئس العبد عبد له رغبة تذلّه. (2)
بيان:
في المرآة ج 10 ص 258: لعلّ المراد بالطمع ما في القلب من حبّ ما في أيدي الناس و أمله، و بالرغبة إظهار ذلك، و السؤال و الطلب من المخلوق يناسب الأوّل، كما أنّ الذلّة تناسب الثاني.
4-عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: شرف المؤمن قيام الليل، و عزّه استغناؤه عن الناس. (3)
أقول:
قد مرّ بهذا المعنى في باب الصلاة ف 2 و غيره.
بيان: ضدّ الطمع الاستغناء عن الناس، و هو من الفضائل الموجبة لتقرّب العبد إلى اللّه سبحانه، إذ من استغنى باللّه عن غير اللّه أحبّه اللّه تعالى.
5-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إذا أراد أحدكم أن لا يسأل ربّه شيئا إلاّ أعطاه فلييأس من الناس كلّهم، و لا يكون له رجاء إلاّ عند اللّه، فإذا علم اللّه عزّ و جلّ ذلك من قلبه لم يسأل اللّه شيئا إلاّ أعطاه. (4)
6-عن الزهريّ عن عليّ بن الحسين عليهما السّلام قال: رأيت الخير كلّه قد اجتمع في قطع الطمع عمّا في أيدي الناس، و من لم يرج الناس في شيء وردّ أمره إلى اللّه
ص:28
عزّ و جلّ في جميع اموره، استجاب اللّه عزّ و جلّ له في كلّ شيء. (1)
بيان:
في المرآة ج 10 ص 258، «الخير كلّه» : لأنّ الطمع يورث الذلّ و الحقارة و الحسد و الحقد و العداوة و الغيبة و الوقيعة و ظهور الفضايح و الظلم و المداهنة و النفاق و الرياء، و الصبر على باطل الخلق، و الإعانة عليه و عدم التوكّل على اللّه و التضرّع إليه و الرضا بقسمته و التسليم لأمره، إلى غير ذلك من المفاسد التي لا تحصى، و قطع الطمع يورث أضداد هذه الامور التي كلّها خيرات.
7-عن عبد الأعلى بن أعين قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: طلب الحوائج إلى الناس استلاب للعزّ، و مذهبة للحياء، و اليأس ممّا في أيدي الناس عزّ للمؤمن في دينه، و الطمع هو الفقر الحاضر. (2)
بيان:
«الاستلاب» : الاختلاس أي يصير سببا لسلب العزّ سريعا.
8-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: كان أمير المؤمنين عليه السّلام يقول: ليجتمع في قلبك الافتقار إلى الناس و الاستغناء عنهم، فيكون افتقارك إليهم في لين كلامك و حسن بشرك، و يكون استغناؤك عنهم في نزاهة عرضك و بقاء عزّك. (3)
بيان:
حيث إنّ الإنسان مدنيّ بالطبع يحتاج بعضهم إلى بعض في التعيّش و البقاء، فيلزم أن يعامل الناس بلين الكلام و البشر و حسن المعاشرة، و مع ذلك ليوطن نفسه على الاستغناء عنهم، و اليأس عمّا في أيديهم، و أن لا يسأل عنهم بل يكون اعتماده على اللّه و توجّهه إليه تعالى.
ص:29
9-في وصيّة أمير المؤمنين لابنه الحسن عليهما السّلام: و مرارة اليأس خير من الطلب إلى الناس. (1)
و قال عليه السّلام: ما أقبح الخضوع عند الحاجة، و الجفاء عند الغنى. (2)
10-و قال عليه السّلام: أزرى بنفسه من استشعر الطمع، و رضي بالذلّ من كشف ضرّه، و هانت عليه نفسه من أمرّ عليها لسانه. (3)
بيان:
«أزرى بنفسه» : أي احتقر و استخفّ بها.
11-و قال عليه السّلام: الطمع رقّ مؤبّد. (4)
12-و قال عليه السّلام: أكثر مصارع العقول تحت بروق المطامع. (5)
13-و قال عليه السّلام: الطامع في وثاق الذلّ. (6)
14-و قال عليه السّلام: إنّ الطمع مورد غير مصدر، و ضامن غير وفيّ، و ربّما شرق شارب الماء قبل ريّه. . . (7)
بيان:
«شرق» : أي غصّ (گلوگير شد) .
15-و قال عليه السّلام: الغنى الأكبر اليأس عمّا في أيدي الناس. (8)
ص:30
16-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال: . . . و شعب الطمع أربع: الفرح و المرح و اللجاجة و التكاثر، و الفرح مكروه عند اللّه عزّ و جلّ، و المرح خيلاء، و اللجاجة بلاء لمن اضطرّته إلى حبائل الآثام، و التكاثر لهو و شغل و استبدال الذي هو أدنى بالذي هو خير، فذلك النفاق و دعائمه و شعبه. (1)
بيان:
مرح الرجل مرحا: اشتدّ فرحه و نشاطه حتّى جاوز القدر، و قيل: تبختر و اختال.
17-عن الصادق عليه السّلام قال: قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: أفقر الناس الطمع. (2)
18-عن حمّاد عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إن أردت أن تقرّ عينك و تنال خير الدنيا و الآخرة، فاقطع الطمع عمّا في أيدي الناس و عدّ نفسك في الموتى و لا تحدّثنّ نفسك أنّك فوق أحد من الناس و اخزن لسانك كما تخزن مالك. (3)
19-عن الرضا عن آبائه عليهم السّلام قال: جاء أبو أيّوب إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فقال: يا رسول اللّه، أوصني و أقلل لعلّي أن أحفظ قال: أوصيك بخمس: باليأس عمّا في أيدي الناس فإنّه الغنى، و إيّاك و الطمع فإنّه الفقر الحاضر، و صلّ صلاة مودّع، و إيّاك و ما يعتذر منه، و أحبّ لأخيك ما تحبّ لنفسك. (4)
20-عن الصادق عليه السّلام ناقلا عن حكيم: غنى النفس أغنى من البحر. (5)
21-عن ابن سنان قال: سمعت الصادق عليه السّلام يقول: ثلاثة هنّ فخر المؤمن و زينة في الدنيا و الآخرة: الصلاة في آخر الليل، و يأسه ممّا في أيدي الناس، و ولاية
ص:31
الإمام من آل محمّد عليهم السّلام. (1)
22-قال رجل للنبيّ صلّى اللّه عليه و آله: علّمني شيئا إذا أنا فعلته أحبّني اللّه من السماء و أحبّني الناس من الأرض، قال: فقال: ارغب فيما عند اللّه يحبّك اللّه، و ازهد فيما عند الناس يحبّك الناس. (2)
23-في جوامع الكلم أمير المؤمنين عليه السّلام: . . . ما هدم الدين مثل البدع و لا أفسد الرجل مثل الطمع. . . (3)
24-عن أمير المؤمنين عليه السّلام في وصيّته لمحمّد بن الحنفيّة قال: إذا أحببت أن تجمع خير الدنيا و الآخرة فاقطع طمعك ممّا في أيدي الناس. (4)
25-عن الصادق جعفر بن محمّد عن آبائه عليهم السّلام قال: سئل أمير المؤمنين عليه السّلام: ما ثبات الإيمان؟ قال: الورع، فقيل: ما زواله؟ قال: الطمع. (5)
أقول:
راجع الوسائل ج 9 ب 36 من الصدقة أيضا.
26-عن هشام بن الحكم، عن الكاظم عليه السّلام قال: يا هشام، إيّاك و الطمع، و عليك باليأس ممّا في أيدي الناس، و أمت الطمع من المخلوقين، فإنّ الطمع مفتاح للذلّ، و اختلاس العقل، و اختلاف المروّات، و تدنيس العرض، و الذهاب بالعلم، و عليك بالاعتصام بربّك، و التوكّل عليه. (6)
27-عن الصادق عليه السّلام أنّه قال لعبد اللّه بن جندب: شيعتنا لا يهرّون هرير
ص:32
الكلب، و لا يطمعون طمع الغراب. (1)
أقول:
لاحظ ما بمعناه في باب السؤال، و بيان مفرداته في باب الشيعة.
28-قال الباقر عليه السّلام لجابر الجعفيّ: و اطلب بقاء العزّ بإماتة الطمع، و ادفع ذلّ الطمع بعزّ اليأس، و استجلب عزّ اليأس ببعد الهمّة. (2)
29-عن الصادق عليه السّلام (في حديث) قال: قال لقمان لابنه: فإن أردت أن تجمع عزّ الدنيا، فاقطع طمعك عمّا في أيدي الناس، فإنّما بلغ الأنبياء و الصدّيقون ما بلغوا بقطع طمعهم. (3)
30-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله (في حديث) : و إيّاكم و استشعار الطمع، فإنّه يشوب القلب شدّة الحرص، و يختم على القلوب بطابع حبّ الدنيا، و هو مفتاح كلّ سيّئة، و رأس كلّ خطيئة، و سبب إحباط كلّ حسنة. (4)
31-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:
الطمع رقّ. (الغرر ج 1 ص 9 ف 1 ح 170)
الطمع أوّل الشرّ-الطمع فقر حاضر-اليأس غناء حاضر.
(ص 14 ح 350 و 360 و 361)
العبد حرّ ما قنع-الحرّ عبد ما طمع. (ص 18 ح 467 و 468)
الطمع مذلّة حاضرة. (ص 19 ح 495)
العزّ مع اليأس-الذلّ مع الطمع. (ح 498 و 500)
اليأس يريح النفس. (ص 24 ح 687)
ص:33
الطمع رقّ مخلّد. (ص 27 ح 805)
اليأس عتق مجدّد. (ح 806)
اليأس يعزّ الأسير-الطمع يذلّ الأمير. (ص 36 ح 1133 و 1134)
الكفّ عمّا في أيدي الناس عفّة و كبر همّة. (ص 51 ح 1430)
الكفّ عمّا في أيدي الناس أحد السخائين. (ص 62 ح 1643)
المذلّة و المهانة و الشقاء في الطمع و الحرص. (ص 96 ح 2117)
أغنى الناس القانع-أفقر الناس الطامع. (ص 175 ف 8 ح 33 و 34)
أهلك شيء الطمع-أضرّ شيء الطمع (ص 176 ح 51 و 62)
أقبح الشيم الطمع (ص 177 ح 68)
أسوء شيء الطمع (ص 183 ح 169)
أصل الإخلاص اليأس عمّا في أيدي الناس. (ص 188 ح 262)
أصل الشره الطمع و ثمرته الملامة. (ص 189 ح 268)
أزرى بنفسه من استشعر الطمع (ص 192 ح 314)
أوّل الإخلاص اليأس عمّا في أيدي الناس. (ص 205 ح 265)
آفة القضاة الطمع (ص 305 ف 16 ح 22)
ثمرة الطمع الشقاء. (ص 359 ف 23 ح 23)
ثمرة الطمع ذلّ الدنيا و الآخرة. (ص 361 ح 52)
رأس الورع ترك الطمع (ص 412 ف 34 ح 28)
سبب فساد اليقين الطمع. (ص 430 ف 38 ح 4)
سبب فساد الورع الطمع. (ص 432 ح 38)
صلاح النفس قلّة الطمع-صلاح الإيمان الورع و فساده الطمع.
(ص 452 ف 43 ح 6 و 7)
ص:34
عند غرور الآمال و الأطماع تنخدع عقول الجهّال، و تختبر ألباب الرجال. (ج 2 ص 491 ف 52 ح 24)
عبد المطامع مسترقّ لا يجد أبدا العتق. (ص 499 ف 55 ح 14)
غشّ نفسه من شرّبها الطمع (ص 507 ف 57 ح 21)
قليل الطمع يفسد كثير الورع. (ص 543 ف 61 ح 109)
كيف يملك الورع من (يملكه) الطمع. (ص 553 ف 64 ح 1)
من كثر طمعه عظم مصرعه. (ص 647 ف 77 ح 644)
من لزم الطمع عدم الورع. (ح 649)
من قلّ طمعه خفّت على نفسه مؤنته. (ص 683 ح 1134)
من لم ينزّه نفسه عن دناءة المطامع، فقد أذلّ نفسه و هو في الآخرة أذلّ و أخزى. (ص 690 ح 1210)
من طمع ذلّ و تعنّى. (ص 715 ح 1466)
ما الخمر صرفا بأذهب بعقول الرجال من الطمع. (ص 740 ف 79 ح 83)
لا يفسد الدين كالطمع. (ص 835 ف 86 ح 123)
لا يصلح الدين كالورع. (ح 124)
ص:35
ص:36
1-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: تقليم الأظفار يمنع الداء الأعظم و يدرّ (يزيد ف ن) الرزق. (1)
2-عن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه السّلام قال: إنّما قصّوا الأظفار لأنّها مقيل الشيطان، و منه يكون النسيان. (2)
بيان:
«مقيل الشيطان» : أي محلّ قيلولته أو استراحته، و الثاني أنسب.
3-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ أستر و أخفى ما يسلّط الشيطان من ابن آدم أن صار يسكن تحت الأظافير. (3)
4-عن موسى بن بكر أنّه قال للصادق عليه السّلام: إنّ أصحابنا يقولون: إنّما أخذ الشارب و الأظفار يوم الجمعة، فقال: سبحان اللّه، خذها إن شئت في يوم
ص:37
الجمعة، و إن شئت في سائر الأيّام. (1)
أقول:
لعلّ الراوي زعم عدم جوازه في غير يوم الجمعة فردّه عليه السّلام، و إلاّ: فلا كلام في استحبابه يوم الجمعة كما ورد في الأخبار.
5-عن الصادق عن آبائه عليهم السّلام (في حديث المناهي) قال: نهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عن تقليم الأظفار بالأسنان، و نهى عن الحجامة يوم الأربعاء و الجمعة. (2)
أقول:
في ح 2: من الوسواس تقليم الأظفار بالأسنان.
6-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال: من قلّم أظفاره يوم الجمعة لم تسعّف أنامله. (3)
بيان:
«تسعّف» : أي تشقّق، و في بعض النسخ: "تشعّث"بمعنى تفرّق.
7-و عنه عليه السّلام قال: خذ من أظفارك و من شاربك كلّ جمعة، فإذا كانت قصارا فحكّها، فإنّه لا يصيبك جذام و لا برص. (4)
8-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من قلّم أظفاره يوم السبت و يوم الخميس و أخذ من شاربه عوفي من وجع الأضراس و وجع العينين. (5)
9-عن خلف قال: رآني أبو الحسن عليه السّلام و أنا أشتكي عيني، فقال:
ص:38
ألا أدلّك على شيء إذا فعلته لم تشتك عينك؟ قلت: بلى، قال: خذ من أظفارك في كلّ خميس، قال: ففعلت فلم أشتك عيني. (1)
10-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من أراد أن يأمن الفقر و شكاية العين و البرص و الجنون فليقلّم أظفاره يوم الخميس بعد العصر و ليبدأ بخنصره من اليسار. (2)
11-قال الصادق عليه السّلام: احتبس الوحي عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فقيل له: احتبس الوحي عنك يا رسول اللّه؟ قال: و كيف لا يحتبس عنيّ و أنتم لا تقلّمون أظفاركم و لا تنقون رائحتكم. (3)
12-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله (في حديث) : و قلّموا الأظفار و لا تشبّهوا باليهود. (4)
13-. . . قال الصادق عليه السّلام: يدفن الرجل شعره و أظافيره إذا أخذ منها و هي سنّة.
و في كتاب المحاسن: و هي سنّة واجبة. و روي أنّ من السنّة دفن الشعر و الظفر و الدم. (5)
14-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من قلّم أظفاره يوم السبت دفعت عنه (وقعت عليه م) الآكلة في أصابعه، و من قلّم أظفاره يوم الأحد ذهبت البركة منه، و من قلّم أظفاره يوم الاثنين يصير حافظا و كاتبا و قارئا، و من قلّم أظفاره يوم الثلثاء يخاف الهلاك عليه، و من قلّم أظفاره يوم الأربعاء يصير سيّئ الخلق، و من قلّم أظفاره يوم الخميس يخرج منه الداء، و يدخل فيه الشفاء، و من قلّم
ص:39
أظفاره يوم الجمعة يزيد في عمره و ماله. . . (1)
ص:40
1- . . . وَ اَللّهُ لا يَهْدِي اَلْقَوْمَ اَلظّالِمِينَ. (1)
2- . . . وَ اَللّهُ لا يُحِبُّ اَلظّالِمِينَ. (2)
3- . . . وَ مَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اَللّهُ فَأُولئِكَ هُمُ اَلظّالِمُونَ. (3)
4- . . . إِنَّهُ لا يُفْلِحُ اَلظّالِمُونَ. (4)
5- فَقُطِعَ دابِرُ اَلْقَوْمِ اَلَّذِينَ ظَلَمُوا وَ اَلْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ اَلْعالَمِينَ. (5)
6- قُلْ أَ رَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتاكُمْ عَذابُ اَللّهِ بَغْتَةً أَوْ جَهْرَةً هَلْ يُهْلَكُ إِلاَّ اَلْقَوْمُ اَلظّالِمُونَ. (6)
7- وَ لَقَدْ أَهْلَكْنَا اَلْقُرُونَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَمّا ظَلَمُوا. . . (7)
ص:41
8- . . . فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ اَلظّالِمِينَ. (1)
9- إِنَّ اَللّهَ لا يَظْلِمُ اَلنّاسَ شَيْئاً وَ لكِنَّ اَلنّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ. (2)
10- . . . وَ قِيلَ بُعْداً لِلْقَوْمِ اَلظّالِمِينَ. (3)
11- وَ لا تَرْكَنُوا إِلَى اَلَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ اَلنّارُ وَ ما لَكُمْ مِنْ دُونِ اَللّهِ مِنْ أَوْلِياءَ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ. (4)
12- . . . فَأَوْحى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ اَلظّالِمِينَ. (5)
13- . . . إِنَّ اَلظّالِمِينَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ. (6)
14- . . . وَ إِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اَللّهِ لا تُحْصُوها إِنَّ اَلْإِنْسانَ لَظَلُومٌ كَفّارٌ. (7)
15- وَ لا تَحْسَبَنَّ اَللّهَ غافِلاً عَمّا يَعْمَلُ اَلظّالِمُونَ إِنَّما يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ اَلْأَبْصارُ. (8)
16- . . . وَ مَنْ يَظْلِمْ مِنْكُمْ نُذِقْهُ عَذاباً كَبِيراً. (9)
17- . . . وَ أَعْتَدْنا لِلظّالِمِينَ عَذاباً أَلِيماً. (10)
18- . . . وَ سَيَعْلَمُ اَلَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ. (11)
ص:42
19- فَيَوْمَئِذٍ لا يَنْفَعُ اَلَّذِينَ ظَلَمُوا مَعْذِرَتُهُمْ وَ لا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ. (1)
20- . . . بَلِ اَلظّالِمُونَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ. (2)
21- . . . يا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللّهِ إِنَّ اَلشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ. (3)
22- . . . ما لِلظّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَ لا شَفِيعٍ يُطاعُ. (4)
23- . . . وَ اَلظّالِمُونَ ما لَهُمْ مِنْ وَلِيٍّ وَ لا نَصِيرٍ. (5)
24- . . . أَلا إِنَّ اَلظّالِمِينَ فِي عَذابٍ مُقِيمٍ. (6)
25- . . . فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ عَذابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ. (7)
26- . . . وَ إِنَّ اَلظّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ وَ اَللّهُ وَلِيُّ اَلْمُتَّقِينَ. (8)
1-قال أبو جعفر عليه السّلام: الظلم ثلاثة: ظلم يغفره اللّه، و ظلم لا يغفره اللّه، و ظلم لا يدعه اللّه، فأمّا الظلم الذي لا يغفره فالشرك، و أمّا الظلم الذي يغفره فظلم الرجل نفسه فيما بينه و بين اللّه، و أمّا الظلم الذي لا يدعه فالمداينة بين العباد. (9)
ص:43
بيان:
«الظلم» : في المصباح: أصل الظلم وضع الشيء في غير موضعه.
و في المفردات: الظلم عند أهل اللغة و كثير من العلماء وضع الشيء في غير موضعه المختصّ به إمّا بنقصان أو بزيادة، و إمّا بعدول عن وقته أو مكانه. . . و الظلم يقال في مجاوزة الحقّ الذي يجري مجرى نقطة الدائرة، و يقال فيما يكثر و فيما يقلّ من التجاوز، و لهذا يستعمل في الذنب الكبير و في الذنب الصغير. . .
في المرآة ج 10 ص 295: الظلم وضع الشيء في غير موضعه، فالمشرك ظالم لأنّه جعل غير اللّه تعالى شريكا له، و وضع العبادة في غير محلّها، و العاصي ظالم لأنّه وضع المعصية موضع الطاعة. . .
أقول: الظلم إمّا يكون بالمعنى العامّ فيطلق على كلّ ذنب و إثم، فالمذنب ظالم لنفسه لما ذكر، و إمّا بالمعنى الخاصّ و هو التعدّي على الغير و تضييع حقوق الآخرين و هو المقصود بالباب.
و في المرآة: «المداينة بين العباد» : أي المعاملة بينهم كناية عن مطلق حقوق الناس، فإنّها تترتّب على المعاملة بينهم أو المراد به المحاكمة بين العباد في القيامة، فإنّ سببها حقوق الناس، قال الجوهريّ: داينت فلانا إذا عاملته فأعطيت دينا و أخذت بدين، و الدين الجزاء و المكافاة، يقال: دانه دينا أي جازاه.
2-عن شيخ من النخع قال: قلت لأبي جعفر عليه السّلام: إنّي لم أزل واليا منذ زمن الحجّاج إلى يومي هذا، فهل لي من توبة؟ قال: فسكت، ثمّ أعدت عليه، فقال: لا، حتّى تؤدّي إلى كلّ ذي حقّ حقّه. (1)
3-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ما من مظلمة أشدّ من مظلمة لا يجد صاحبها
ص:44
عليها عونا إلاّ اللّه عزّ و جلّ. (1)
بيان:
قال الجوهريّ و غيره: المظلمة بكسر اللام و الفتح: ما تطلبه عند الظالم و هو اسم ما أخذ منك ظلما.
4-عن أبي حمزة الثماليّ عن أبي جعفر عليه السّلام قال: لمّا حضر عليّ بن الحسين عليهما السّلام الوفاة ضمّني إلى صدره، ثمّ قال: يا بنيّ، أوصيك بما أوصاني به أبي عليه السّلام حين حضرته الوفاة، و بما ذكر أنّ أباه أوصاه به، قال: يا بنيّ، إيّاك و ظلم من لا يجد عليك ناصرا إلاّ اللّه. (2)
5-عن أبي عبد اللّه عن أمير المؤمنين عليهما السّلام قال: من خاف القصاص كفّ عن ظلم الناس. (3)
6-عن إسحاق بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من أصبح لا ينوي ظلم أحد غفر اللّه له ما أذنب ذلك اليوم ما لم يسفك دما أو يأكل مال يتيم حراما. (4)
7-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من أصبح لا يهمّ بظلم أحد غفر اللّه له ما اجترم. (5)
بيان:
«ما اجترم» : أي ما اكتسب من الجرم و الإثم.
8-عن هشام بن سالم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من ظلم مظلمة اخذ بها
ص:45
في نفسه أو في ماله أو في ولده. (1)
9-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: اتّقوا الظلم فإنّه ظلمات يوم القيامة. (2)
10-عن عبد الأعلى قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام مبتدئا: من ظلم سلّط اللّه عليه من يظلمه أو على عقبه أو على عقب عقبه قال: قلت: هو يظلم فيسلّط اللّه على عقبه أو على عقب عقبه؟ فقال: إنّ اللّه عزّ و جلّ يقول: وَ لْيَخْشَ اَلَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعافاً خافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اَللّهَ وَ لْيَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً 3. (3)
11-عن إسحاق بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ اللّه عزّ و جلّ أوحى إلى نبيّ من أنبيائه في مملكة جبّار من الجبّارين أن ائت هذا الجبّار فقل له: إنّني لم أستعملك على سفك الدماء و اتّخاذ الأموال، و إنّما استعملتك لتكفّ عنّي أصوات المظلومين، فإنّي لم أدع ظلامتهم و إن كانوا كفّارا. (4)
بيان:
في المرآة: «الظلامة» : ما تطلبه عند الظالم و هو اسم ما أخذ منك. . . و قوله: فإنّي لم أدع ظلامتهم: تهديد للجبّار بزوال ملكه، فإنّ الملك يبقى مع الكفر و لا يبقى مع الظلم.
12-عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: من أكل مال أخيه
ص:46
ظلما و لم يردّه إليه، أكل جذوة من النار يوم القيامة. (1)
بيان:
في القاموس، «الجذوة» مثلثة: القبسة من النار و الجمرة.
13-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: العامل بالظلم و المعين له و الراضي به شركاء ثلاثتهم. (2)
14-عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من عذر ظالما بظلمه سلّط اللّه عليه من يظلمه، فإن دعا لم يستجب له و لم يأجره اللّه على ظلامته. (3)
15-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من ظلم أحدا ففاته فليستغفر اللّه له، فإنّه كفّارة له. (4)
بيان:
«فاته» : أي لم يدركه ليطلب البراءة منه و يرضيه، و يحمل على ما إذا لم يكن حقّا ماليّا و إلاّ وجب عليه الخروج عن عهدته بأن يدفع إلى ورثته مثلا.
16-عن زيد بن عليّ بن الحسين عن أبيه عليه السّلام قال: ما يأخذ المظلوم من دين الظالم أكثر ممّا يأخذ الظالم من دنيا المظلوم. (5)
17-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ اللّه عزّ و جلّ يبغض الغنيّ الظلوم. (6)
18-عن عبد اللّه بن سنان قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: من أعان
ص:47
ظالما على مظلوم لم يزل اللّه عليه ساخطا حتّى ينزع عن معونته. (1)
19-عن أبي حمزة عن عليّ بن الحسين عليهما السّلام (في حديث) قال: إيّاكم و صحبة العاصين و معونة الظالمين. (2)
20-عن أبي بصير قال: سألت أبا جعفر عليه السّلام عن أعمالهم؟ فقال لي: يا أبا محمّد، لا و لا مدّة قلم، إنّ أحدهم (كم ف ن) لا يصيب من دنياهم شيئا إلاّ أصابوا من دينه مثله، أو حتّى يصيبوا من دينه مثله-الوهم من ابن أبي عمير-. (3)
بيان:
«عن أعمالهم» : يعني عن تولّي أعمالهم. «المدّة» : غمس القلم في الدواة مرّة للكتابة.
21-عن يونس بن يعقوب قال: قال لي أبو عبد اللّه عليه السّلام: لا تعنهم على بناء مسجد. (4)
22-عن جعفر بن محمّد عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إذا كان يوم القيامة نادى مناد: أين أعوان الظلمة، و من لاق لهم دواة، أو ربط كيسا، أو مدّ لهم مدّة قلم، فاحشروهم معهم. (5)
أقول:
نحوه ح 16 و زاد فيه؛ قال: فيجتمعون في تابوت من حديد ثمّ يرمى بهم في جهنّم.
بيان: «لاق الدواة» : أي أصلح مدادها. «ربط كيسا» : أي شدّه و أوثقه.
23-قال عليه السّلام: من مشى إلى ظالم ليعينه و هو يعلم أنّه ظالم فقد خرج
ص:48
من الإسلام. (1)
24-عن صفوان بن مهران الجمّال قال: دخلت على أبي الحسن الأوّل عليه السّلام فقال لي: يا صفوان، كلّ شيء منك حسن جميل ما خلا شيئا واحدا، قلت: جعلت فداك أيّ شيء؟ قال: إكراؤك جمالك من هذا الرجل-يعني هارون-قال: و اللّه ما أكريته أشرا و لا بطرا و لا للصيد و لا للهو، و لكنّي أكريته لهذا الطريق-يعني طريق مكّة-و لا أتولاّه بنفسي، و لكن أبعث معه غلماني.
فقال لي: يا صفوان، أيقع كراؤك عليهم؟ قلت: نعم جعلت فداك، قال: فقال لي: أتحبّ بقاؤهم حتّى يخرج كراؤك؟ قلت: نعم، قال: من أحبّ بقاءهم فهو منهم، و من كان منهم كان ورد النار.
قال صفوان: فذهبت فبعت جمالي عن آخرها، فبلغ ذلك إلى هارون فدعاني فقال لي: يا صفوان، بلغني أنّك بعت جمالك، قلت: نعم قال: و لم؟ قلت: أنا شيخ كبير و إنّ الغلمان لا يفون بالأعمال، فقال: هيهات هيهات، إنّي لأعلم من أشار عليك بهذا، أشار عليك بهذا موسى بن جعفر، قلت: ما لي و لموسى بن جعفر؟ فقال: دع هذا عنك فو اللّه لو لا حسن صحبتك لقتلتك. (2)
أقول:
راجع الوسائل ج 16 ص 52 ب 78 من جهاد النفس أيضا.
25-روي بإسناد صحيح عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال: أربعة لا تردّ لهم دعوة و تفتح لهم (لها ف ن) أبواب السماء و تصير إلى العرش: دعاء الوالد لولده، و المظلوم على من ظلمه، و المعتر حتّى يرجع، و الصائم حتّى يفطر. (3)
ص:49
26-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: الظلم ندامة. (1)
27-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: من مشى مع ظالم فقد أجرم. (2)
28-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: ألا و إنّ الظلم ثلاثة: فظلم لا يغفر، و ظلم لا يترك، و ظلم مغفور لا يطلب؛ فأمّا الظلم الذي لا يغفر فالشرك باللّه، قال اللّه سبحانه: إِنَّ اَللّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ 3 و أمّا الظلم الذي يغفر فظلم العبد نفسه عند بعض الهنات، و أمّا الظلم الذي لا يترك فظلم العباد بعضهم بعضا. (3)
بيان:
«الهنة» جمع هنات: الشيء اليسير و العمل الحقير، و المراد هنا صغائر الذنوب.
29-و قال عليه السّلام: و اللّه لأن أبيت على حسك السعدان مسهّدا، و اجرّ في الأغلال مصفّدا، أحبّ إليّ من أن ألقى اللّه و رسوله يوم القيامة ظالما لبعض العباد، و غاصبا لشيء من الحطام، و كيف أظلم أحدا لنفس يسرع إلى البلى قفولها، و يطول في الثرى حلولها؟ ! . . . و اللّه لو أعطيت الأقاليم السبعة بما تحت أفلاكها على أن أعصي اللّه في نملة أسلبها جلب شعيرة ما فعلته. . . (4)
بيان:
«الحسك» : الشوك. «السعدان» : نبت ترعاه الإبل له شوك تشبه به حلمة الثدي.
«المسهّد» : من سهّده إذا أسهره. «المصفّد» : أي المقيّد. «قفولها» : أي رجوعها.
«الثرى» : التراب.
ص:50
30-في وصيّة أمير المؤمنين للحسنين عليهم السّلام: كونا للظالم خصما، و للمظلوم عونا. (1)
31-قال في وصيّة لابنه الحسن عليهما السّلام: و لا تظلم كما لا تحبّ أن تظلم. . . (2)
و ظلم الضعيف أفحش الظلم. . . (3)
و لا يكبرنّ عليك ظلم من ظلمك، فإنّه يسعى في مضرّته و نفعك، و ليس جزاء من سرّك أن تسوءه. . . (4)
32-و قال عليه السّلام: للظالم البادي غدا بكفّه عضّة. (5)
أقول:
في ص 1193 ح 233 و قال عليه السّلام: يوم المظلوم على الظالم أشدّ من يوم الظالم على المظلوم.
بيان: «بكفّه عضّة» : أي يعضّ الظالم على يده ندما يوم القيامة، أشار عليه السّلام بقوله تعالى: وَ يَوْمَ يَعَضُّ اَلظّالِمُ عَلى يَدَيْهِ 6.
33-و قال عليه السّلام: للظالم من الرجال ثلاث علامات: يظلم من فوقه بالمعصية، و من دونه بالغلبة، و يظاهر القوم الظلمة. (6)
ص:51
بيان:
«يظاهر. . .» : أي يعاونهم.
34-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: الظلم يطرد النعم، و البغي يجلب النقم. (1)
35-قال أبو جعفر عليه السّلام: إنّ في جهنّم لجبلا يقال له: الصعداء، و إنّ في الصعداء لواديا يقال له: سقر، و إنّ في سقر لجبّا يقال له: هبهب كلّما كشف غطاء ذلك الجبّ ضجّ أهل النار من حرّه و ذلك منازل الجبّارين. (2)
36-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: من خاف ربّه كفّ ظلمه. (3)
37-عن أبي عبد اللّه عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ثلاثة إن لم تظلمهم ظلموك: السفلة، و زوجتك، و خادمك. (4)
38-عن حمّاد عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال لقمان لابنه: يا بنيّ، للظالم ثلاث علامات: يظلم من فوقه بالمعصية، و من دونه بالغلبة، و يعين الظلمة. . . (5)
39-عن أبي عبد اللّه عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أفضل الجهاد من أصبح لا يهمّ بظلم أحد. (6)
40-عن الرضا عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إيّاكم و الظلم فإنّه يخرب قلوبكم. (7)
ص:52
41-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله (في حديث المناهي) : من مدح سلطانا جائرا و تخفّف و تضعضع له طمعا فيه، كان قرينه إلى النار.
و قال صلّى اللّه عليه و آله: قال اللّه عزّ و جلّ: وَ لا تَرْكَنُوا إِلَى اَلَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ اَلنّارُ.
و قال صلّى اللّه عليه و آله: من دلّ جائرا على جور كان قرين هامان في جهنّم.
و قال صلّى اللّه عليه و آله: من تولّى خصومة ظالم أو أعان عليها ثمّ نزل به ملك الموت قال له: أبشر بلعنة اللّه و نار جهنّم و بئس المصير.
و قال صلّى اللّه عليه و آله: ألا و من علّق سوطا بين يدي سلطان جائر جعل اللّه ذلك السوط يوم القيامة ثعبانا من النار طوله سبعون ذراعا يسلّط عليه في نار جهنّم و بئس المصير.
و نهى صلّى اللّه عليه و آله عن إجابة الفاسقين إلى طعامهم. (1)
42-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال عيسى لبني إسرائيل: لا تعينوا الظالم على ظلمه فيبطل فضلكم. . . (2)
43-عن عليّ بن أبي حمزة قال: كان لي صديق من كتّاب بني اميّة فقال لي: استأذن لي على أبي عبد اللّه عليه السّلام، فأستأذنت له فلمّا دخل سلّم و جلس ثمّ قال: جعلت فداك إنّي كنت في ديوان هؤلاء القوم، فأصبت من دنياهم مالا كثيرا و أغمضت في مطالبه، فقال أبو عبد اللّه: لو لا أنّ بني اميّة وجدوا من يكتب لهم و يجبي لهم الفيء و يقاتل عنهم و يشهد جماعتهم لما سلبونا حقّنا، و لو تركهم الناس و ما في أيديهم ما وجدوا شيئا إلاّ ما وقع في أيديهم.
فقال الفتى: جعلت فداك فهل لي من مخرج منه؟ قال: إن قلت لك تفعل؟ قال: أفعل، قال: اخرج من جميع ما كسبت في دواوينهم، فمن عرفت منهم رددت عليه
ص:53
ماله، و من لم تعرف تصدّقت به، و أنا أضمن لك على اللّه الجنّة، قال: فأطرق الفتى طويلا فقال: قد فعلت جعلت فداك.
قال ابن أبي حمزة: فرجع الفتى معنا إلى الكوفة فما ترك شيئا على وجه الأرض إلاّ خرج منه حتّى ثيابه التي كانت على بدنه، قال: فقسمنا له قسمة و اشترينا له ثيابا و بعثنا له بنفقة، قال: فما أتى عليه أشهر قلائل حتّى مرض فكنّا نعوده، قال: فدخلت عليه يوما و هو في السياق ففتح عينيه ثمّ قال: يا عليّ، وفى لي و اللّه صاحبك، قال: ثمّ مات فولّينا أمره، فخرجت حتّى دخلت على أبي عبد اللّه عليه السّلام فلمّا نظر إليّ قال: يا عليّ، وفينا و اللّه لصاحبك، قال: فقلت: صدقت جعلت فداك، هكذا قال لي و اللّه عند موته. (1)
بيان:
«أطرق الفتى» : أي سكت و لم يتكلّم و أرخى عينيه ينظر إلى الأرض.
«السياق» : الشروع في نزع الروح.
44-في وصيّة أمير المؤمنين عليه السّلام لكميل: يا كميل، إيّاك، إيّاك و التطرّق إلى أبواب الظالمين و الاختلاط بهم و الاكتساب منهم، و إيّاك أن تطيعهم و أن تشهد في مجالسهم بما يسخط اللّه عليك.
يا كميل، إذا اضطررت إلى حضورهم فداوم ذكر اللّه تعالى و التوكّل عليه و استعذ باللّه من شرّهم، و أطرق عنهم و أنكر بقلبك فعلهم، و اجهر بتعظيم اللّه تعالى لتسمعهم فإنّهم يهابوك و تكفي شرّهم. (2)
بيان:
«يهابوك» : هابه: خافه، و هاب الرجل فلانا: و قّره و عظّمه.
ص:54
45-في وصيّة الباقر عليه السّلام لجابر الجعفيّ: أوصيك بخمس: إن ظلمت فلا تظلم، و إن خانوك فلا تخن، و إن كذّبت فلا تغضب، و إن مدحت فلا تفرح، و إن ذممت فلا تجزع، و فكّر فيما قيل فيك. . . (1)
46-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:
الظالم لئيم. (الغرر ج 1 ص 7 ف 1 ح 75)
الجور هلاك-الجور ممحاة. (ص 12 و 13 ح 275 و 308)
البغي يسلب النعمة-الظلم يجلب النقمة. (ص 17 ح 436 و 437)
الظلم و خيم العاقبة. (ص 18 ح 484)
البغي يزيل النعم. (ص 20 ح 541)
الظلم ألأم الرذائل-الظلم بوار الرعيّة. (ص 28 ح 854 و 857)
الظلم يدمّر الديار-الظلم يردي صاحبه. (ص 36 و 37 ح 1110 و 1143)
البغي سائق إلى الحين. (ص 39 ح 1201)
المؤمن لا يظلم و لا يتأثّم. (ص 50 ح 1424)
البغي يصرع الرجال و يدني الآجال. (ص 56 ح 1531)
الظلم في الدنيا بوار و في الآخرة دمار. (ص 66 ح 1736)
الظلم يزلّ القدم و يسلب النعم و يهلك الامم. (ص 68 ح 1762)
السلطان الجائر و العالم الفاجر أشدّ الناس نكاية. (ص 79 ح 1919)
احذر الحيف و الجور فإنّ الحيف يدعو إلى السيف، و الجور يعود بالجلاء و يعجّل العقوبة و الانتقام. (ص 126 ف 2 ح 220)
اتّقوا البغي، فإنّه يجلب النقم و يسلب النعم و يوجب الغير-أبعدوا عن الظلم، فإنّه أعظم الجرائم و أكبر المآثم. (ص 134 ف 3 ح 46 و 48)
ص:55
إيّاك و الظلم، فمن ظلم كرهت أيّامه-إيّاك و الظلم، فإنّه يزول عمّن تظلمه و يبقى عليك. (ص 147 ف 5 ح 8 و 13)
إيّاك و البغي، فإنّه يعجّل الصرعة و يحلّ بالعامل به العبر-إيّاك و الظلم، فإنّه أكبر المعاصي، و إنّ الظالم لمعاقب يوم القيامة بظلمه. (ص 149 ح 27 و 35)
إيّاك و الجور، فإنّ الجائر لا يريح رائحة الجنّة. (ص 150 ح 40)
أقبح السير الظلم-أعجل شيء صرعة البغي. (ص 178 ف 8 ح 97 و 100)
أحسن العدل نصرة المظلوم-أنفذ السهام دعوة المظلوم.
(ص 181 ح 150 و 152)
أقبح شيء جور الولاة-أقطع شيء ظلم القضاة. (ص 183 ح 184 و 185)
أقبح الظلم منعك حقوق اللّه. (ص 191 ح 292)
أجور الناس من عدّ جوره عدلا منه. (ص 211 ح 521)
أظلم الناس من سنّ سنن الجور و محا سنن العدل. (ص 213 ح 535)
إنّ أعجل العقوبة عقوبة البغي. (ص 215 ف 9 ح 6)
إنّ أسوء المعاصي مغبّة الغيّ. (ح 7)
إنّ أسرع الشرّ عقابا الظلم. (ح 10)
إنّ القبح في الظلم بقدر الحسن في العدل-إنّ الزهد في ولاية الظالم بقدر الرغبة في ولاية العادل. (ص 220 ح 67 و 72)
إذا حدتك القدرة على ظلم الناس، فاذكر قدرة اللّه سبحانه على عقوبتك، و ذهاب ما أتيت إليهم عنهم و بقاءه عليك. (ص 319 ف 17 ح 135)
بالظلم تزول النعم-بالبغي تجلب النقم. (ص 331 ف 18 ح 52 و 53)
شرّ الناس من يظلم الناس. (ص 443 ف 41 ح 5)
شرّ الامراء من ظلم رعيّته. (ص 445 ح 45)
شرّ الناس من يعين على المظلوم. (ص 447 ح 64)
ص:56
ظلم الضعيف أفحش الظلم-ظلم العباد يفسد المعاد.
(ج 2 ص 475 ف 48 ح 18 و 24)
ظاهر اللّه سبحانه بالعناد من ظلم العباد-ظلم المرء في الدنيا عنوان شقاوته في الآخرة. (ص 476 ح 25 و 26)
من ظلم أفسد أمره-من جار قصم عمره. (ص 615 ف 77 ح 107 و 108)
من ظلم يتيما عقّ أولاده-و من ظلم رعيّته نصر أضداده.
(ص 618 ح 172 و 173)
من جار أهلكه جوره. (ص 619 ح 193)
من ظلم عظمت صرعته. (ص 620 ح 197)
من بغي عجّلت هلكته-من ظلم أوبقه ظلمه. (ح 198 و 204)
من ظلم عباد اللّه كان اللّه خصمه دون عباده-و من يكن اللّه خصمه دحض (1)حجّته و يعذّبه في دنياه و معاده. (ص 644 ح 595 و 596)
من ظلم قصم عمره و دمّر عليه (2)ظلمه. (ص 674 ح 1025)
من أفحش الظلم ظلم الكرام. (ص 726 ف 78 ح 24)
هيهات أن ينجو الظالم من أليم عذاب اللّه سبحانه و عظيم سطواته (3). (ص 794 ح 31)
أقول:
لاحظ ما يناسب المقام في أبواب جهنّم، السلاطين، العدل و. . .
ص:57
ص:58
1- . . . يَظُنُّونَ بِاللّهِ غَيْرَ اَلْحَقِّ ظَنَّ اَلْجاهِلِيَّةِ. . . (1)
2- وَ يُعَذِّبَ اَلْمُنافِقِينَ وَ اَلْمُنافِقاتِ وَ اَلْمُشْرِكِينَ وَ اَلْمُشْرِكاتِ اَلظّانِّينَ بِاللّهِ ظَنَّ اَلسَّوْءِ عَلَيْهِمْ دائِرَةُ اَلسَّوْءِ وَ غَضِبَ اَللّهُ عَلَيْهِمْ وَ لَعَنَهُمْ وَ أَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَ ساءَتْ مَصِيراً. (2)
1-عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: قال اللّه تبارك و تعالى: لا يتّكل العاملون [لي] على أعمالهم التي يعملونها لثوابي، فإنّهم لو اجتهدوا و أتعبوا أنفسهم- [و أفنوا] أعمارهم-في عبادتي كانوا مقصّرين غير بالغين في عبادتهم كنه عبادتي فيما يطلبون عندي من كرامتي، و النعيم في جنّاتي، و رفيع الدرجات العلى في جواري، و لكن برحمتي فليثقوا، و فضلي فليرجوا، و إلى حسن الظنّ بي فليطمئنّوا، فإنّ رحمتي عند ذلك تدركهم، و منّي يبلّغهم رضواني،
ص:59
و مغفرتي تلبسهم عفوي، فإنّي أنا اللّه الرحمن الرحيم و بذلك تسمّيت. (1)
2-عن أبي جعفر عليه السّلام قال: وجدنا في كتاب عليّ عليه السّلام أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال-و هو على منبره-: و الذي لا إله إلاّ هو ما أعطي مؤمن قطّ خير الدنيا و الآخرة إلاّ بحسن ظنّه باللّه و رجائه له، و حسن خلقه، و الكفّ عن اغتياب المؤمنين.
و الذي لا إله إلاّ هو لا يعذّب اللّه مؤمنا بعد التوبة و الاستغفار إلاّ بسوء ظنّه باللّه، و تقصيره من رجائه، و سوء خلقه، و اغتيابه للمؤمنين، و الذي لا إله إلاّ هو، لا يحسن ظنّ عبد مؤمن باللّه إلاّ كان اللّه عند ظنّ عبده المؤمن، لأنّ اللّه كريم، بيده الخيرات، يستحيي أن يكون عبده المؤمن قد أحسن به الظنّ ثمّ يخلف ظنّه و رجاءه، فأحسنوا باللّه الظنّ و ارغبوا إليه. (2)
بيان:
الفرق بين حسن الظنّ و الرجاء هو أنّ الرجاء يحصل بعد إتيان العمل و الرجاء من غير عمل غرور، كما مرّ توضيحه، كما أنّ الحارث يزرع و يرجو حصده، و لكن حسن الظنّ لا يلازم العمل بل و يستحسن للمسيئ أن يحسن الظنّ باللّه تعالى.
3-عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام قال: أحسن الظنّ باللّه، فإنّ اللّه عزّ و جلّ يقول: أنا عند ظنّ عبدي المؤمن بي، إن خيرا فخيرا و إن شرّا فشرّا. (3)
بيان:
في المرآة ج 8 ص 45: هذا الخبر مرويّ من طرق العامّة أيضا، و قال الخطابي منهم: معناه أنا عند ظنّ عبدي في حسن عمله و سوء عمله، لأنّ من حسن عمله حسن ظنّه و من ساء عمله ساء ظنّه.
ص:60
أقول: الصحيح في معنى الحديث؛ أنا عند ظنّ العبد إذا أحسن العبد ظنّه بي أحسنت إليه و لم أخلف ظنّه، و إذا أساء ظنّه أخذته حسب ظنّه، و يدلّ على ذلك أخبار الباب.
4-عن سفيان بن عيينة قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: حسن الظنّ باللّه أن لا ترجو إلاّ اللّه، و لا تخاف إلاّ ذنبك. (1)
بيان:
في المرآة: فيه إشارة إلى أنّ حسن الظنّ باللّه ليس معناه و مقتضاه ترك العمل و الاجتراء على المعاصي اتّكالا على رحمة اللّه، بل معناه أنّه مع العمل لا يتّكل على عمله، و إنّما يرجو قبوله من فضله و كرمه، و يكون خوفه من ذنبه و قصور عمله لا من ربّه، فحسن الظنّ لا ينافي الخوف، بل لا بدّ من الخوف و ضمّه مع الرجاء و حسن الظنّ كما مرّ.
5-في وصيّة عليّ عليه السّلام لمحمّد بن الحنفيّة، قال: و لا يغلبنّ عليك سوء الظنّ باللّه عزّ و جلّ، فإنّه لن يدع بينك و بين خليلك صلحا. (2)
6-عن ابن رئاب قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: يؤتى بعبد يوم القيامة ظالم لنفسه، فيقول اللّه: ألم آمرك بطاعتي؟ ألم أنهك عن معصيتي؟ فيقول: بلى يا ربّ، و لكن غلبت عليّ شهوتي فإنّ تعذّبني فبذنبي لم تظلمني، فيأمر اللّه به إلى النار، فيقول: ما كان هذا ظنّي بك، فيقول: ما كان ظنّك بي؟ قال: كان ظنّي بك أحسن الظنّ، فيأمر اللّه به إلى الجنّة، فيقول اللّه تبارك و تعالى: لقد نفعك حسن ظنّك بي الساعة. (3)
ص:61
أقول:
وردت بهذا المعنى أخبار عديدة.
7-حدّثني أبي عن ابن أبي عمير عن عبد الرحمن بن الحجّاج قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: حديث يرويه الناس فيمن يؤمر به آخر الناس إلى النار، فقال: أما إنّه ليس كما يقولون، قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّ آخر عبد يؤمر به إلى النار فإذا أمر به التفت فيقول الجبّار: ردّوه فيردّونه فيقول له: لم التفت إليّ؟ فيقول: يا ربّ، لم يكن ظنّي بك هذا، فيقول: و ما كان ظنّك بي؟ فيقول: يا ربّ، كان ظنّي بك أن تغفر لي خطيئتي، و تسكنني جنّتك.
قال: فيقول الجبّار: يا ملائكتي، لا، و عزّتي و جلالي و آلائي و علوّي و ارتفاع مكاني، ما ظنّ بي عبدي ساعة من خير قطّ، و لو ظنّ بي ساعة من خير ما روّعته بالنار، أجيزوا له كذبه فأدخلوه الجنّة.
ثمّ قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ليس من عبد يظنّ باللّه خيرا إلاّ كان عند ظنّه به و ذلك قوله: وَ ذلِكُمْ ظَنُّكُمُ اَلَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْداكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ اَلْخاسِرِينَ. (1)
8-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال النبيّ داود عليه السّلام: يا ربّ، ما آمن بك من عرفك فلم يحسن الظنّ بك. (2)
9-قال: و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: لا يموتنّ أحدكم إلاّ و هو يحسن الظنّ باللّه، فإنّ حسن الظنّ باللّه ثمن الجنّة. (3)
10-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: و رأيت رجلا من امّتي على الصراط يرتعد كما ترتعد السعفة في يوم ريح عاصف، فجاءه حسن ظنّه باللّه فمسكت (فسكّنت ف ن)
ص:62
رعدته. . . (1)
بيان:
«السعفة» : جريد النخل.
11-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: الثقة باللّه و حسن الظنّ به حصن لا يتحصّن به إلاّ كلّ مؤمن، و التوكّل عليه نجاة من كلّ سوء، و حرز من كلّ عدوّ. (2)
12-و عنه عليه السّلام أنّه قال لأصحابه: إن استطعتم أن يشتدّ خوفكم من اللّه، و يحسن ظنّكم به، فاجمعوا بينهما، فإنّما يكون حسن ظنّ العبد بربّه على قدر خوفه، فإنّ أحسن الناس باللّه ظنّا أشدّهم خوفا، فدعوا الأمانيّ منكم و جدّوا و اجتهدوا، و أدّوا إلى اللّه حقّه، و إلى خلقه، فما مع أحد براءة من النار، و ليس لأحد على اللّه حجّة، و لا بين أحد و بين اللّه قرابة. (3)
13-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: إنّ حسن الظنّ باللّه من حسن العبادة. (4)
14-قال أبو جعفر عليه السّلام: يوقف عبد بين يدي اللّه يوم القيامة فيأمر به إلى النار فيقول: لا و عزّتك ما كان هذا ظنّي بك فيقول: ما كان ظنّك بي؟ فيقول: كان ظنّي بك أن تغفر لي، فيقول: قد غفرت لك.
قال أبو جعفر عليه السّلام: أما و اللّه ما ظنّ به في الدنيا طرفة عين، و لو كان ظنّ به طرفة عين ما أوقفه ذلك الموقف لمّا رأى من العفو. (5)
15-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: حبّ الدنيا رأس كلّ خطيئة و رأس العبادة حسن
ص:63
الظنّ باللّه تعالى. (1)
16-قال الصادق عليه السّلام: حسن الظنّ أصله من حسن إيمان المرء و سلامة صدره، و علامته أن يرى كلّما نظر إليه بعين الطهارة و الفضل من حيث ركّب فيه و قذف في قلبه من الحياء و الأمانة و الصيانة و الصدق. . .
أوحى اللّه تبارك و تعالى إلى داود عليه السّلام: ذكّر عبادي من آلائي و نعمائي، فإنّهم لم يروا منّي إلاّ الحسن الجميل لئلاّ يظنّوا في الباقي إلاّ مثل الذي سلف منّي إليهم، و حسن الظنّ يدعو إلى حسن العبادة و المغرور يتمادى في المعصية و يتمنّى المغفرة، و لا يكون محسن الظنّ في خلق اللّه إلاّ المطيع له، يرجو ثوابه و يخاف عقابه.
قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يحكي عن ربّه: أنا عند حسن ظنّ عبدي بي يا محمّد، فمن زاغ عن وفاء حقيقة موجبات ظنّه بربّه، فقد أعظم الحجّة على نفسه، و كان من المخدوعين في أسر هواه. (2)
17-قال أمير المؤمنين عليه السّلام:
إيّاك أن تسيء الظنّ، فإنّ سوء الظنّ يفسد العبادة و يعظّم الوزر.
(الغرر ج 1 ص 154 ف 5 ح 78)
حسن الظنّ راحة القلب و سلامة الدين. (ص 376 ف 27 ح 14)
حسن ظنّ العبد باللّه على قدر رجائه له. (ص 377 ح 28)
حسن الظنّ من أفضل السجايا و أجزل العطايا. (ص 378 ح 31)
حسن الظنّ أن تخلص العمل و ترجو من اللّه أن يعفو عن الزلل. (ح 33)
من حسن ظنّه حسنت نيّته. (ج 2 ص 617 ف 77 ح 149)
من ساء ظنّه سائت طويّته (3). (ح 150)
ص:64
من حسن ظنّه باللّه سبحانه فاز بالجنّة. (ص 687 ح 1178)
من حسن ظنّه بالدنيا تمكّنت منه المحنة. (ح 1179)
لا دين لسيّىء الظنّ. (ص 832 ف 86 ح 78)
لا إيمان مع سوء الظنّ. (ص 834 ح 100)
ص:65
ص:66
1- وَ لا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ اَلسَّمْعَ وَ اَلْبَصَرَ وَ اَلْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلاً. (1)
2- يا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا اِجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ اَلظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ اَلظَّنِّ إِثْمٌ. . . (2)
1-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام في كلام له: ضع أمر أخيك على أحسنه حتّى يأتيك ما يغلبك منه، و لا تظنّنّ بكلمة خرجت من أخيك سوءا و أنت تجد لها في الخير محملا. (3)
بيان:
قال الشهيد رحمه اللّه في كشف الربية ص 65: اعلم أنّه كما يحرم على الإنسان سوء القول في المؤمن، و أن يحدّث غيره بلسانه بمساوي الغير، كذلك يحرم عليه سوء الظنّ
ص:67
و أن يحدّث نفسه بذلك، و المراد من سوء الظنّ المحرّم عقد القلب و حكمه عليه بالسوء من غير يقين به، و أمّا الخواطر و حديث النفس فهو معفوّ عنه كما أنّ الشكّ أيضا معفوّ عنه، قال اللّه تعالى: اِجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ اَلظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ اَلظَّنِّ إِثْمٌ فليس لك أن تعتقد في غيرك سوءا إلاّ إذا انكشف لك بعيان لا يحتمل التأويل، و ما لم تعلمه ثمّ وقع في قلبك فالشيطان يلقيه إليك، فينبغي أن تكذّبه فإنّه أفسق الفسّاق و قد قال اللّه تعالى: يا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ فلا يجوز تصديق إبليس.
و من هنا جاء في الشرع؛ أنّ من علمت في فيه رائحة الخمر لا يجوز أن تحكم عليه بشربها و لا تحدّه عليه، لإمكان أن يكون تمضمض به و مجّه أو حمل عليه قهرا، و ذلك أمر ممكن فلا يجوز إساءة الظنّ بالمسلم، و قد قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: «إنّ اللّه تعالى حرّم من المسلم دمه و ماله و أن يظنّ به ظنّ السوء» فلا يستباح ظنّ السوء إلاّ بما يستباح به الدم و المال، و هو تيقّن (بعين ف ن) مشاهدة أو بيّنة عادلة أو ما جرى مجراهما من الامور المفيدة لليقين أو الثبوت الشرعي. . .
و طريق معرفة ما يخطر في القلب من ذلك هل هو ظنّ سوء أو اختلاج و شكّ؟ أن تختبر نفسك، فإن كانت قد تغيّرت و نفر قلبك عنه نفورا و استثقلته و فتر عن مراعاته، و تفقّده و إكرامه و الاهتمام بحاله و الاغتمام بسببه غير ما كان أوّلا، فهو أمارة عقد الظنّ، و قد قال صلّى اللّه عليه و آله: «ثلاثة في المؤمن و له منهنّ مخرج، فمخرجه من سوء الظنّ أن لا يحقّقه» أي لا يحقّق في نفسه بعقد و لا فعل، لا في قلب و لا في الجوارح، أمّا في القلب فبتغيّره إلى النفرة و الكراهة، و في الجوارح بالعمل بموجبه. . .
و من ثمرات سوء الظنّ التجسّس، فإنّ القلب لا يقنع بالظنّ و يطلب التحقيق فيشتغل بالتجسّس و هو أيضا منهيّ عنه، قال اللّه تعالى: وَ لا تَجَسَّسُوا و قد نهى اللّه سبحانه في هذه الآية الواحدة عن الغيبة و سوء الظنّ و التجسّس. و معنى
ص:68
التجسّس أن لا يترك عباد اللّه تحت ستر اللّه، فيتوصّل إلى الاطّلاع و هتك الستر، حتّى ينكشف لك ما لو كان مستورا عنك كان أسلم لقلبك و لدينك، فتدبّر ذلك راشدا و باللّه التوفيق انتهى.
في جامع السعادات ج 1 ص 280: . . . و لا ريب في أنّ من حكم بظنّه على غيره بالشرّ، بعثه الشيطان على أن يغتابه أو يتواني في تعظيمه و إكرامه، أو يقصّر فيما يلزمه من القيام بحقوقه، أو ينظر إليه بعين الاحتقار و يرى نفسه خيرا منه، و كلّ ذلك من المهلكات. على أنّ سوء الظنّ بالناس من لوازم خبث الباطن و قذارته، كما أنّ حسن الظنّ من علائم سلامة القلب و طهارته، فكلّ من يسئ الظنّ بالناس و يطلب عيوبهم و عثراتهم فهو خبيث النفس سقيم الفؤاد، و كلّ من يحسن الظنّ بهم و يستر عيوبهم فهو سليم الصدر طيّب الباطن، فالمؤمن يظهر محاسن أخيه و المنافق يطلب مساويه و كلّ إناء يترشّح بما فيه.
و السرّ في خباثة سوء الظنّ و تحريمه و صدوره عن خبث الضمير و إغواء الشيطان: أنّ أسرار القلوب لا يعلمها إلاّ علاّم الغيوب، فليس لأحد أن يعتقد في حقّ غيره سوء إلاّ إذا انكشف له بعيان لا يقبل التأويل، إذ حينئذ لا يمكنه ألاّ يعتقد ما شاهده و علمه، و أمّا ما لم يشاهده و لم يعلمه و لم يسمعه و إنّما وقع في قلبه، فالشيطان ألقاه إليه، فينبغي أن يكذّبه لأنّه أفسق الفسقة. . .
2-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: أيّها الناس، من عرف من أخيه و ثيقة دين و سداد طريق فلا يسمعنّ فيه أقاويل الرجال، أما إنّه قد يرمي الرامي و تخطئ السهام، و يحيك الكلام، و باطل ذلك يبور، و اللّه سميع و شهيد، أما إنّه ليس بين الحقّ و الباطل إلاّ أربع أصابع.
فسئل عليه السّلام عن معنى قوله هذا، فجمع أصابعه و وضعها بين أذنه و عينه، ثمّ قال:
ص:69
الباطل أن تقول: سمعت، و الحقّ أن تقول: رأيت. (1)
بيان:
أحاك الكلام فيه: أثّر و عمل. «يبور» : يهلك و يفسد.
3-و قال عليه السّلام: إذا استولى الصلاح على الزمان و أهله ثمّ أساء رجل الظنّ برجل لم تظهر منه خزية (حوبة ف ن) فقد ظلم، و إذا استولى الفساد على الزمان و أهله فأحسن رجل الظنّ برجل فقد غرّر. (2)
بيان:
«الخزية» : البليّة، الخصلة التي يخزى فيها الإنسان «الحوبة» : الإثم.
4-و قال عليه السّلام: ليس من العدل القضاء على الثقة بالظنّ. (3)
5-و قال عليه السّلام: لا تظنّنّ بكلمة خرجت من أحد سوء و أنت تجد لها في الخير محتملا. (4)
6-عن أبي جعفر عليه السّلام قال: سئل أمير المؤمنين عليه السّلام: كم بين الحقّ و الباطل؟ فقال: أربع أصابع. و وضع أمير المؤمنين عليه السّلام يده على اذنه و عينيه فقال: ما رأته عيناك فهو الحقّ و ما سمعته اذناك فأكثره باطل. (5)
7-قال النبيّ صلىّ اللّه عليه و آله: إنّ في المؤمن ثلاث خصال، ليس منها خصلة إلاّ و له منها مخرج: الظنّ، و الطيرة، و الحسد، فمن سلم من الظنّ سلم من الغيبة، و من سلم
ص:70
من الغيبة سلم من الزور، و من سلم من الزور سلم من البهتان. (1)
8-و قال صلىّ اللّه عليه و آله: شرّ الناس الظانّون، و شرّ الظانّين المتجسّسون، و شرّ المتجسّسين القوّالون، و شرّ القوّالين الهتّاكون. (2)
9-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: احمل ما سمعت من أخيك على سبعين محملا من محامل الخير، فإن عجزت فاقبل على نفسك و قل: التقصير منك حيث أعيت عليك محامل الخير. (3)
10-قال عليّ بن الحسين عليهما السّلام لولده: إن شتمك رجل عن يمينك ثمّ تحوّل إليك عن يسارك فاعتذر إليك فاقبل عذره. (4)
11-قال الصادق عليه السّلام: التمسوا لإخوانكم العذر في زلاّتهم و هفوات تقصيراتهم، فإن لم تجدوا لهم العذر في ذلك فاعتقدوا أنّ ذلك لقصوركم عن معرفة وجوه العذر. (5)
12-. . . قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: أحسنوا ظنونكم بإخوانكم تغتنموا بها صفاء القلب و نقاء الطبع. . . (6)
13-عن جعفر عن أبيه عليهما السّلام قال: قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: إيّاكم و الظنّ، فإنّ الظنّ أكذب الكذب. . . (7)
14-قال أبو الحسن الثالث عليه السّلام: إذا كان زمان العدل فيه أغلب من الجور
ص:71
فحرام أن تظنّ بأحد سوء حتّى يعلم ذلك منه، و إذا كان زمان الجور فيه أغلب من العدل، فليس لأحد أن يظنّ بأحد خيرا حتّى يبدو ذلك منه. (1)
15-في كلمات النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: احترسوا من الناس بسوء الظنّ. (2)
بيان:
«الاحتراس» : التحفّظ.
16-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: . . . أسوء الناس حالا من لم يثق بأحد لسوء ظنّه، و لم يبق به أحد لسوء فعله. . . (3)
17-في مواعظ الصادق عليه السّلام: خذ من حسن الظنّ بطرف تروح به قلبك و يروح به (و يرخّ به م) أمرك. (4)
18-و قال عليه السّلام: إذا كان الزمان زمان جور، و أهله أهل غدر، فالطمأنينة إلى كلّ أحد عجز (فلا طمأنينة إلى كلّ أحد ف ن) . (5)
19-في مواعظ الجواد عليه السّلام: من لم يرض من أخيه بحسن النيّة لم يرض منه بالعطيّة. (6)
20-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:
الرجل السوء لا يظنّ بأحد خيرا، لأنّه لا يراه إلاّ بوصف نفسه.
(الغرر ج 1 ص 104 ف 1 ح 2199)
أفضل الورع حسن الظنّ. (ص 184 ف 8 ح 201)
ص:72
حسن الظنّ راحة القلب و سلامة الدين. (ص 376 ف 27 ح 14)
حسن الظنّ يخفّف الهمّ و ينجّي من تقلّد الإثم. (ص 377 ح 21)
حسن الظنّ من أحسن الشيم و أفضل القسم. (ح 22)
حسن الظنّ من أفضل السجايا و أجزل العطايا. (ص 378 ح 31)
سوء الظنّ بالمحسن شرّ الإثم و أقبح الظلم. (ص 433 ف 39 ح 24)
سوء الظنّ بمن لا يخون من اللؤم. (ح 25)
سوء الظنّ يفسد الامور و يبعث على الشرور. (ح 26)
شرّ الناس من لا يثق بأحد لسوء [ظنّه، و لا يثق به أحد لسوء] فعله. (ص 447 ف 41 ح 76)
من أحسن ظنّه أهمل. (ج 2 ص 611 ف 77 ح 10)
من ساء ظنّه تأمّل. (ح 11)
من حسن ظنّه حسنت نيّته. (ص 617 ح 149)
من ساء ظنّه سائت طويّته. (ح 150)
من ساء ظنّه ساء وهمه. (ص 626 ح 315)
من ظنّ بك خيرا فصدّق ظنّه. (ص 632 ح 411)
من كذّب سوء الظنّ بأخيه، كان ذا عقل صحيح و قلب مستريح. (ص 676 ح 1050)
من حسن ظنّه بالناس جاز منهم المحبّة (حاز منهم المحبّة ف ك)
(ص 687 ح 1180)
من ساءت ظنونه اعتقد الخيانة بمن لا يحومه (لا يخون ف ك) . (ح 1175)
من ساء ظنّه بمن لا يخون حسن ظنّه بما لا يكون. (ح 1176)
من عرّض نفسه للتهمة به، فلا يلومنّ من أساء الظنّ به. (ص 692 ح 1228)
من لم يحسن ظنّه استوحش من كلّ أحد. (ص 712 ح 1422)
ص:73
أقول:
قد مرّ في باب المجالسة عن أمير المؤمنين عليه السّلام: مجالسة الأشرار تورث سوء الظنّ بالأخيار. (البحار ج 74 ص 197)
ص:74
1- إِيّاكَ نَعْبُدُ وَ إِيّاكَ نَسْتَعِينُ. (1)
2- يا أَيُّهَا اَلنّاسُ اُعْبُدُوا رَبَّكُمُ اَلَّذِي خَلَقَكُمْ وَ اَلَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ. (2)
3- وَ إِذْ أَخَذْنا مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ لا تَعْبُدُونَ إِلاَّ اَللّهَ. . . (3)
4- إِنَّ اَللّهَ رَبِّي وَ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ. (4)
5- قُلْ يا أَهْلَ اَلْكِتابِ تَعالَوْا إِلى كَلِمَةٍ سَواءٍ بَيْنَنا وَ بَيْنَكُمْ أَلاّ نَعْبُدَ إِلاَّ اَللّهَ. . . (5)
6- قُلْ أَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اَللّهِ ما لا يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَ لا نَفْعاً وَ اَللّهُ هُوَ اَلسَّمِيعُ
ص:75
اَلْعَلِيمُ. (1)
7- قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ اَلَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اَللّهِ. . . (2)
8- قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَ نُسُكِي وَ مَحْيايَ وَ مَماتِي لِلّهِ رَبِّ اَلْعالَمِينَ. (3)
9- . . . فَقالَ يا قَوْمِ اُعْبُدُوا اَللّهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ. . . (4)
10- وَ اُعْبُدْ رَبَّكَ حَتّى يَأْتِيَكَ اَلْيَقِينُ. (5)
11- وَ قَضى رَبُّكَ أَلاّ تَعْبُدُوا إِلاّ إِيّاهُ وَ بِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً. . . (6)
12- . . . فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صالِحاً وَ لا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً. (7)
13- رَبُّ اَلسَّماواتِ وَ اَلْأَرْضِ وَ ما بَيْنَهُما فَاعْبُدْهُ وَ اِصْطَبِرْ لِعِبادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا. (8)
14- إِنَّنِي أَنَا اَللّهُ لا إِلهَ إِلاّ أَنَا فَاعْبُدْنِي وَ أَقِمِ اَلصَّلاةَ لِذِكْرِي. (9)
15- يا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا اِرْكَعُوا وَ اُسْجُدُوا وَ اُعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَ اِفْعَلُوا اَلْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ. (10)
ص:76
16- إِذْ جاءَتْهُمُ اَلرُّسُلُ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلاّ تَعْبُدُوا إِلاَّ اَللّهَ. . . (1)
17- وَ ما خَلَقْتُ اَلْجِنَّ وَ اَلْإِنْسَ إِلاّ لِيَعْبُدُونِ. (2)
18- وَ ما أُمِرُوا إِلاّ لِيَعْبُدُوا اَللّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ اَلدِّينَ. . . (3)
1-عن عمر بن يزيد عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: في التوراة مكتوب: يابن آدم، تفرّغ لعبادتي أملأ قلبك غنى، و لا أكلك إلى طلبك، و عليّ أن أسدّ فاقتك، و أملأ قلبك خوفا منّي، و إن لا تفرّغ لعبادتي أملأ قلبك شغلا بالدنيا ثمّ لا أسدّ فاقتك و أكلك إلى طلبك. (4)
بيان:
«تفرّغ» : أي تخلّى من الشغل، يعني اجعل نفسك و قلبك فارغا عن أشغال الدنيا و شهواتها و علائقها «قلبك غنى» : أي عن الناس «أسدّ» يقال: سدّ الثلمة: ردمها و أصلحها، و سدّ الباب: أغلقه «العبادة» العبوديّة: إظهار التذلّل، و العبادة أبلغ منها لأنّها غاية الخضوع و التذلّل، و لا يستحقّها إلاّ من له غاية الإفضال و هو اللّه، و لهذا قال تعالى: أَلاّ تَعْبُدُوا إِلاّ إِيّاهُ و بحسب الاصطلاح هي المواظبة على فعل المأمور به، و الفاعل عابد.
و قال المحقّق الطوسيّ في الأخلاق الناصريّة: قال الحكماء: عبادة اللّه ثلاثة أنواع:
الأوّل: ما يجب على الأبدان كالصلاة و الصيام و السعي في المواقف الشريفة لمناجاته جلّ ذكره.
ص:77
الثاني: ما يجب على النفوس كالاعتقادات الصحيحة من العلم بتوحيد اللّه و ما يستحقّه من الثناء و التمجيد و الفكر فيما أفاضه اللّه سبحانه على العالم من وجوده و حكمته ثمّ الاتّساع في هذه المعارف.
الثالث: ما يجب عند مشاركات الناس في المدن و هي في المعاملات و المزارعات و المناكح و تأدية الأمانات و نصح البعض للبعض بضروب المعاونات و جهاد الأعداء و الذبّ عن الحريم و حماية الحوزة.
2-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: قال اللّه تبارك و تعالى: يا عبادي الصدّيقين، تنعّموا بعبادتي في الدنيا فإنّكم تتنعّمون بها في الآخرة. (1)
بيان:
في المرآة ج 8 ص 83، «بعبادتي» : الظاهر أنّ الباء صلة فإنّ الصدّيقين و المقرّبين يلتذّون بعبادة ربّهم و يتقوّون بها و هي عندهم أعظم اللذّات الروحانيّة. . .
3-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أفضل الناس من عشق العبادة، فعانقها و أحبّها بقلبه، و باشرها بجسده، و تفرّغ لها، فهو لا يبالي على ما أصبح من الدنيا، على عسر أم على يسر. (2)
4-قال عيسى بن عبد اللّه لأبي عبد اللّه عليه السّلام: جعلت فداك، ما العبادة؟ قال: حسن النيّة بالطاعة من الوجوه التي يطاع اللّه منها. . . (3)
بيان:
في المرآة، «حسن النيّة. . .» : كأنّ المعنى أنّ العبادة الصحيحة المقبولة هي ما يكون مع النيّة الحسنة الخالصة من شوائب الريا و السمعة و غيرها، مع طاعة أئمّة الحقّ عليهم السّلام و تكون تلك العبادة مأخوذة من الوجوه التي يطاع اللّه منها أي لا تكون
ص:78
مبتدعة بل تكون مأخوذة عن الدلائل الحقّة و الآثار الصحيحة. . .
5-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ العبّاد ثلاثة: قوم عبدوا اللّه عزّ و جلّ خوفا، فتلك عبادة العبيد، و قوم عبدوا اللّه تبارك و تعالى طلب الثواب، فتلك عبادة الاجراء و قوم عبدوا اللّه عزّ و جلّ حبّا له، فتلك عبادة الأحرار و هي أفضل العبادة. (1)
6-عن أبي حمزة عن عليّ بن الحسين عليهما السّلام قال: من عمل بما افترض اللّه عليه فهو من أعبد الناس. (2)
7-عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ألا إنّ لكلّ عبادة شرّة، ثمّ تصير إلى فترة، فمن صارت شرّة عبادته إلى سنّتي فقد اهتدى، و من خالف سنّتي فقد ضلّ و كان عمله في تباب، أما إنّي اصلّي و أنام و أصوم و أفطر و أضحك و أبكي، فمن رغب عن منهاجي و سنّتي فليس منّي.
و قال: كفى بالموت موعظة، و كفى باليقين غنى، و كفى بالعبادة شغلا. (3)
بيان:
«الشرّة» : النشاط و الرغبة.
«الفترة» : في المصباح: فتر عن العمل فتورا من باب قعد: انكسرت حدّته و لان بعد شدّته. و في النهاية: . . . أصابني على حال فترة. . . أي في حال سكون و تقليل من العبادات و المجاهدات.
«إلى سنّتي» : أي منتهيا إليها أو"إلى"بمعنى"مع"أي لا تدعوه كثرة الرغبة في العبادة إلى ارتكاب البدع بل يعمل بالسنن أو المراد أن يكون ترك الشرّة بالاقتصاد و الإكتفاء بالسنن و ترك بعض التطوّعات.
ص:79
«في تباب» : أي تباب العمل أو صاحبه، و التباب: الخسران و الهلاك و في بعض النسخ: "في تبار"و هو أيضا الهلاك. (المرآة ج 8 ص 107)
8-عن حفض بن البختريّ عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: لا تكرّهوا إلى أنفسكم العبادة. (1)
بيان:
حاصله؛ النهي عن الإفراط في التطوّعات بحيث يكرهها النفس.
و جدير بالذكر أنّ الأشخاص مختلفون بحسب الاستعداد و الحالات، فيجب على الإنسان أن يكلّف نفسه على العبادات بقدر وسعه و طاقته.
9-عن أبي بصير عن عبد اللّه عليه السّلام قال: مرّ بي أبي و أنا بالطواف و أنا حدث و قد اجتهدت في العبادة، فرآني و أنا أتصابّ عرقا، فقال لي: يا جعفر، يا بنيّ، إنّ اللّه إذا أحبّ عبدا أدخله الجنّة و رضي عنه باليسير. (2)
بيان:
وردت بهذا المعنى أخبار اخر، و تكون هذه الأحاديث في حقّ الأوحد من العباد الذين أحبّهم اللّه فيحبّونه حيث يبالغون و يشقّون في العبادة شوقا إلى حبيبهم، لا نحن المقصّرين في تكاليفنا، المحرومين عن جنابه و حبّه.
10-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: يا عليّ، إنّ هذا الدين متين، فأوغل فيه برفق، و لا تبغّض إلى نفسك عبادة ربّك، فإنّ المنبتّ-يعني المفرط-لا ظهرا أبقى و لا أرضا قطع، فاعمل عمل من يرجو أن يموت هرما، و احذر حذر من يتخوّف أن يموت غدا. (3)
ص:80
بيان:
«فأوغل» : قال في النهاية ج 5 ص 209 ذيل الخبر: الإيغال: السير الشديد. . . و الوغول: الدخول في الشيء، و قد وغل يغل وغولا. يريد سر فيه برفق، و ابلغ الغاية القصوى منه بالرفق، لا على سبيل التهافت و الخرق، و لا تحمل على نفسك و تكلّفها ما لا تطيق فتعجز و تترك الدين و العمل.
و في النهاية ج 1 ص 92: «المنبتّ» : يقال للرجل إذا انقطع به في سفره و عطبت راحلته: قد انبتّ، من البتّ: القطع، و هو مطاوع بتّ، يقال: بتّه و أبتّه، يريد أنّه بقي في طريقه عاجزا عن مقصده لم يقض و طره، و قد أعطب ظهره.
11-قال أبو الحسن موسى عليه السّلام لبعض ولده: يا بنيّ، عليك بالجدّ، لا تخرجنّ نفسك من حدّ التقصير في عبادة اللّه عزّ و جلّ و طاعته، فإنّ اللّه لا يعبد حقّ عبادته. (1)
بيان:
في المرآة: أي عدّ نفسك مقصّرا في طاعة اللّه و إن بذلت الجهد فيها، فإنّ اللّه لا يمكن أن يعبد حقّ عبادته كما قال سيّد البشر: «ما عبدناك حقّ عبادتك» .
أقول: قد مرّ ما يناسب المقام في باب حسن الظنّ باللّه و غيره.
و مرّ في باب الشهرة: قال اللّه عزّ و جلّ: إنّ من أغبط أوليائي عندي عبدا مؤمنا ذا حظّ من صلاح، أحسن عبادة ربّه، و عبد اللّه في السريرة. . .
12-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: المتعبّد على غير فقه كحمار الطاحونة يدور و لا يبرح، و ركعتان من عالم خير من سبعين ركعة من جاهل، لأنّ العالم تأتيه الفتنة، فيخرج منها بعلمه، و تأتي الجاهل فينسفه نسفا، و قليل العمل مع كثير
ص:81
العلم خير من كثير العمل مع قليل العلم و الشكّ و الشبهة. (1)
بيان:
«طاحونة» : يقال بالفارسيّة: آسياب. «لا يبرح» : يقال: برح من مكانه إذا انكشف عنه و فارقه. «فينسفه نسفا» : أي يقلعها من أصلها، من قولهم: نسفت الريح التراب: إذا أقتلعته و فرّقته. (درهم كوبيده مى شود و از بيخ كنده مى شود) .
13-قال عليّ عليه السّلام: العبوديّة خمسة أشياء: خلاء البطن، و قراءة القرآن، و قيام الليل، و التضرّع عند الصبح، و البكاء من خشية اللّه. (2)
14-قال الصادق جعفر بن محمّد عليه السّلام: إنّ الناس يعبدون اللّه عزّ و جلّ على ثلاثة أوجه: فطبقة يعبدونه رغبة في ثوابه، فتلك عبادة الحرصاء، و هو الطمع، و آخرون يعبدونه خوفا من النار، فتلك عبادة العبيد، و هي رهبة، و لكنّي أعبده حبّا له عزّ و جلّ، فتلك عبادة الكرام، و هو الأمن لقوله عزّ و جلّ: وَ هُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ (3)و لقوله عزّ و جلّ: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اَللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اَللّهُ وَ يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ (4)فمن أحبّ اللّه عزّ و جلّ أحبّه اللّه، و من أحبّه اللّه تعالى كان من الآمنين. (5)
بيان:
«الرهبة» : أي الخوف.
ص:82
15-عن عمّار الساباطي قال: قال لي أبو عبد اللّه عليه السّلام: يا عمّار، الصدقة و اللّه في السرّ أفضل من الصدقة في العلانية، و كذلك و اللّه العبادة في السرّ أفضل منها في العلانية. (1)
16-عن معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: كان عليّ بن الحسين عليهما السّلام يقول: إنّي لأحبّ أن أداوم على العمل و إن قلّ. (2)
أقول:
بهذا المعنى أخبار اخر، في بعضها: فليدم عليه سنة، و ذلك أنّ ليلة القدر يكون فيها.
17-عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: قال اللّه تعالى: إنّ من عبادي المؤمنين لمن يجتهد في عبادتي، فيقوم من رقاده و لذيد و ساده، فيجتهد (فيتهجّد) لي الليالي، فيتعب (فتتعب) نفسه في عبادتي، فأضربه بالنعاس الليلة و الليلتين نظرا منّي له، و إبقاء عليه، فينام حتّى يصبح، فيقوم و هو ماقت لنفسه زارىء عليها، و لو أخلّي بينه و بين ما يريد من عبادتي لدخله العجب من ذلك، فيصيّره العجب إلى الفتنة بأعماله، فيأتيه من ذلك ما فيه هلاكه لعجبه بأعماله، و رضاه عن نفسه، حتّى يظنّ أنّه قد فاق العابدين، و جاز في عبادته حدّ التقصير، فيتباعد منّي عند ذلك و هو يظنّ أنّه يتقرّب إليّ. . . (3)
أقول:
ستأتي أخبار أخر في باب العجب.
بيان: «زرى نفسه» : أي عاتبها و عابها.
18-عن محمّد بن مسلم قال: سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول: كلّ من دان اللّه
ص:83
عزّ و جلّ بعبادة يجهد فيها نفسه و لا إمام له من اللّه، فسعيه غير مقبول، و هو ضالّ متحيّر، و اللّه شانئ لأعماله. . . و إن مات على هذه الحال مات ميتة كفر و نفاق، و اعلم يا محمّد، أنّ أئمّة الجور و أتباعهم لمعزولون عن دين اللّه، قد ضلّوا و أضلّوا، فأعمالهم التي يعملونها كرماد اشتدّت به الريح في يوم عاصف، لا يقدرون ممّا كسبوا على شيء، ذلك هو الضلال البعيد. (1)
أقول:
سيأتي بهذا المضمون أخبار كثيرة في باب الولاية إن شاء اللّه.
19-عن الصادق عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أعظم العبادة أجرا أخفاها. (2)
20-. . . قال الباقر عليه السّلام: لا يكون العبد عابدا للّه حقّ عبادته حتّى ينقطع عن الخلق كلّهم إليه، فحينئذ يقول: هذا خالص لي فيقبله بكرمه. (3)
21-في وصيّة أمير المؤمنين عليه السّلام عند وفاته: و اقتصد يا بنيّ، في معيشتك، و اقتصد في عبادتك، و عليك فيها بالأمر الدائم الذي تطيقه. (4)
22-عن هشام بن سالم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: العمل الدائم القليل على اليقين أفضل عند اللّه من العمل الكثير على غير يقين. (5)
أقول:
بهذا المعنى أخبار اخر، في بعضها: «لا عبادة إلاّ بيقين» راجع البحار ج 77 ص 171 و غيره.
ص:84
23-في مواعظ السجّاد عليه السّلام: . . . و لا عمل إلاّ بنيّة، و لا عبادة إلاّ بتفقّه. . . (1)
أقول:
بهذا المضمون أخبار اخر، و في تحف العقول ص 144 في حديث عن عليّ عليه السّلام: لا خير في عبادة ليس فيها تفقّه.
24-في كلم أمير المؤمنين عليه السّلام: سكّنوا في أنفسكم معرفة ما تعبدون حتّى ينفعكم ما تحرّكون من الجوارح بعبادة من تعرفون. (2)
أقول:
بهذا المعنى أخبار كثيرة.
25-عن الصادق عليه السّلام: أفضل العبادة العلم باللّه و التواضع له. (3)
26-في حديث المعراج: . . . يا أحمد، إنّ العبادة عشرة أجزاء تسعة منها طلب الحلال، فإذا طيّبت مطعمك و مشربك فأنت في حفظي و كنفي، قال: يا ربّ، ما أوّل العبادة؟ قال: أوّل العبادة الصمت و الصوم. قال: يا ربّ، و ما ميراث الصوم؟ قال: الصوم يورث الحكمة و الحكمة تورث المعرفة، و المعرفة تورث اليقين، فإذا استيقن العبد لا يبالي كيف أصبح، بعسر أم بيسر. . . (4)
يا أحمد، هل تدري متى تكون العبد عابدا؟ قال: لا يا ربّ، قال: إذا اجتمع فيه سبع خصال: ورع يحجزه عن المحارم، و صمت يكفّه عمّا لا يعنيه، و خوف يزداد كلّ يوم من بكائه، و حياء يستحيي منّي في الخلاء، و أكل ما لا بدّ منه
ص:85
و يبغض الدنيا لبغضي لها، و يحبّ الأخيار لحبّي إيّاهم. (1)
أقول:
سيأتي في باب العلم حديث عنوان البصري عن الصادق عليه السّلام (و فيه) قلت: يا أبا عبد اللّه، ما حقيقة العبودية؟ قال: ثلاثة أشياء: أن لا يرى العبد لنفسه فيما خوّله اللّه ملكا، لأنّ العبيد لا يكون لهم ملك، يرون المال مال اللّه يضعونه حيث أمرهم اللّه به، و لا يدبّر العبد لنفسه تدبيرا، و جملة اشتغاله فيما أمره تعالى به و نهاه عنه.
فإذا لم ير العبد لنفسه فيما خوّله اللّه تعالى ملكا هان عليه الإنفاق فيما أمره اللّه أن ينفق فيه، و إذا فوّض العبد تدبير نفسه على مدبّره هان عليه مصائب الدنيا، و إذا اشتغل العبد بما أمره اللّه تعالى و نهاه لا يتفرّغ منهما إلى المراء و المباهاة مع الناس، فإذا أكرم اللّه العبد بهذه الثلاثة هان عليه الدنيا، و إبليس، و الخلق. . .
(البحار ج 1 ص 225)
27-في خطبة الرضا عليه السّلام في التوحيد: أوّل عبادة اللّه تعالى معرفته، و أصل معرفة اللّه توحيده. (2)
28-فيما كتب أمير المؤمنين عليه السّلام إلى الحارث الهمدانيّ: و خادع نفسك في العبادة، و ارفق بها و لا تقهرها، و خذ عفوها و نشاطها إلاّ ما كان مكتوبا عليك من الفريضة، فإنّه لا بدّ من قضائها و تعاهدها عند محلّها. (3)
29-و قال عليه السّلام: إنّ قوما عبدوا اللّه رغبة فتلك عبادة التجّار، و إنّ قوما عبدوا اللّه رهبة فتلك عبادة العبيد، و إنّ قوما عبدوا اللّه شكرا فتلك عبادة
ص:86
الأحرار. (1)
أقول:
و في كلام له عليه السّلام: إلهي ما عبدتك خوفا من عقابك و لا طمعا في ثوابك و لكن وجدتك أهلا للعبادة فعبدتك. (البحار ج 41 ص 14 باب عبادته عليه السّلام في ح 4)
30-و قال عليه السّلام: قليل تدوم عليه أرجى من كثير مملول منه. (2)
31-و قال عليه السّلام: قليل مدوم عليه خير من كثير مملول منه. (3)
32-و قال عليه السّلام: السعادة التامّة بالعلم، و السعادة الناقصة بالزهد، و العبادة من غير علم و لا زهادة تعب الجسد. (4)
33-قال الصادق عليه السّلام: العبوديّة جوهرة كنهها الربوبيّة، فما فقد من العبوديّة وجد في الربوبيّة، و ما خفي عن الربوبيّة اصيب في العبوديّة. . . و تفسير العبوديّة بذل الكلّ، و سبب ذلك منع النفس عما تهوي، و حملها على ما تكره، و مفتاح ذلك ترك الراحة و حبّ العزلة، و طريقة الافتقار إلى اللّه تعالى.
قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: اعبد اللّه كأنّك تراه، فإن لم تكن تراه فإنّه يراك، و حروف العبد ثلاثة: (ع-ب-د) فالعين علمه باللّه، و الباء بونه عمّن سواه، و الدال دنوّه من اللّه تعالى بلا كيف و لا حجاب.
و أصول المعاملات تقع على أربعة أوجه: معاملة اللّه تعالى، و معاملة النفس، و معاملة الخلق، و معاملة الدنيا، و كلّ وجه منها منقسم على سبعة أركان.
أمّا أصول معاملة اللّه تعالى فسبعة أشياء: أداء حقّه، و حفظ حدّه، و شكر عطائه، و الرضا بقضائه، و الصبر على بلائه، و تعظيم حرمته، و الشوق إليه.
ص:87
و أصول معاملة النفس سبعة: الجهد، و الخوف، و حمل الأذى، و الرياضة، و طلب الصدق و الإخلاص، و إخراجها من محبوبها، و ربطها في الفقر.
و أصول معاملة الخلق سبعة: الحلم، و العفو، و التواضع، و السخاء، و الشفقة، و النصح، و العدل، و الإنصاف.
و أصول معاملة الدنيا سبعة: الرضا بالدون، و الإيثار بالموجود، و ترك طلب المفقود، و بغض الكثرة، و اختيار الزهد، و معرفة آفاتها، و رفض شهواتها مع رفض الرياسة، فإذا حصلت هذه الخصال في نفس واحدة، فهو من خاصّة اللّه و عباده المقرّبين و أوليائه حقّا.
قال الصادق عليه السّلام: كتاب اللّه تعالى على أربعة أشياء: العبارة، و الإشارة، و اللطائف، و الحقايق، فالعبارة للعوامّ، و الإشارة للخواصّ، و اللطائف للأولياء، و الحقايق للأنبياء عليهم السّلام. (1)
34-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:
أوّل العبادة انتظار الفرج بالصبر. (الغرر ج 1 ص 44 ف 1 ح 1304)
العبادة فوز. (ص 7 ح 86)
التفكّر في ملكوت السماوات و الأرض عبادة المخلصين. (ص 72 ح 1817)
العبادة الخالصة أن لا يرجو الرجل إلاّ ربّه و لا يخاف إلاّ ذنبه.
(ص 99 ح 2150)
أفضل العبادة سهر العيون بذكر اللّه سبحانه. (ص 193 ف 8 ح 327)
أفضل العبادة الزهادة. (ص 176 ح 44)
أفضل العبادة غلبة العادة. (ص 176 ح 45)
أفضل العبادة الفكر. (ص 177 ح 79)
ص:88
أفضل العبادة عفّة البطن و الفرج (ص 185 ح 208)
أعلى العبادة إخلاص العمل. (ص 208 ح 489)
إذا أحبّ اللّه عبدا ألهمه حسن العبادة (ص 315 ف 17 ح 90)
ثمرة العلم العبادة (ص 359 ف 23 ح 14)
خادع نفسك عن العبادة، و ارفق بها و خذ عفوها و نشاطها إلاّ ما كان مكتوبا من الفريضة فإنّه لا بدّ من أدائها. (ص 396 ف 30 ح 27)
ربّ متنسّك و لا دين له. (ص 417 ف 35 ح 73)
زين العبادة الخشوع. (ص 426 ف 37 ح 25)
غضّ الطرف عن محارم اللّه أفضل العبادة (ج 2 ص 509 ف 57 ح 47)
في الانفراد لعبادة اللّه كنوز الأرباح. (ص 514 ف 58 ح 62)
كيف يجد لذّة العبادة من لا يصوم عن الهوى. (ص 554 ف 64 ح 12)
ما تقرّب متقرّب بمثل عبادة اللّه. (ص 738 ف 79 ح 38)
لا عبادة كالتفكّر. (ص 829 ف 86 ح 13)
لا عبادة كالصمت. (ص 831 ح 37)
أقول:
ذكرنا أهمّ الأخبار، و قد مرّ بعضها في أبواب الجهد و الاجتهاد في العمل، الشيعة، الإيمان، و الحرام، و فيه: أنّ العبادة مع أكل الحرام كالبناء على الرمل، و قيل: على الماء.
و سيأتي بعضها في أبواب العجب، الورع، التقوى، النيّة و. . .
و الأخبار في كثرة عبادة المعصومين عليهم السّلام كثيرة راجع البحار (أبواب تاريخهم) و غيره.
ص:89
ص:90
1- قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمالاً- اَلَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي اَلْحَياةِ اَلدُّنْيا وَ هُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً. الآيات. (1)
2- أَ فَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً فَإِنَّ اَللّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ وَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ. . . (2)
3- . . . هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ اَلْأَرْضِ وَ إِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اِتَّقى. (3)
1-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ اللّه علم أنّ الذنب خير للمؤمن من العجب و لو لا ذلك ما ابتلي مؤمن بذنب أبدا. (4)
ص:91
بيان:
في المرآة ج 10 ص 218: العجب: استعظام العمل الصالح و استكثاره، و الابتهاج له و الإدلال به، و أن يرى نفسه خارجا عن حدّ التقصير، و أمّا السرور به مع التواضع له تعالى و الشكر له على التوفيق لذلك، و طلب الاستزادة منه فهو حسن ممدوح. . .
و الخبر يدلّ على أنّ العجب أشدّ من الذنب أي من ذنوب الجوارح، فإنّ العجب ذنب القلب، و ذلك لأنّ الذنب يزول بالتوبة و يكفّر بالطاعات، و العجب صفة نفسانيّة يشكل إزالتها، و يفسد الطاعات و يهبطها عن درجة القبول، و للعجب آفات كثيرة؛ فإنّه يدعو إلى الكبر كما عرفت، و مفاسد الكبر ما عرفت بعضها، و أيضا العجب يدعو إلى نسيان الذنوب و إهمالها. . .
و المعجب يغترّ بنفسه و بربّه و يأمن مكر اللّه و عذابه، و يظنّ أنّه عند اللّه بمكان و أنّ له على اللّه منّة و حقّا بأعماله التي هي نعمة من نعمه و عطيّة من عطاياه، ثمّ إنّ إعجابه بنفسه و رأيه و علمه و عقله يمنعه من الاستفادة و الاستشارة و السؤال، فيستنكف من سؤال من هو أعلم منه، و ربّما يعجب بالرأي الخطاء الذي خطر له فيصرّ عليه و آفات العجب أكثر من أن تحصى انتهى.
و في جامع السعادات ج 1 ص 321: العجب و هو استعظام نفسه لأجل ما يرى لها من صفة كمال، سواء كانت له تلك الصفة في الواقع أم لا، و سواء كانت صفة كمال في نفس الأمر أم لا، و قيل: «هو إعظام النعمة و الركون إليها مع نسيان إضافتها إلى المنعم» و هو قريب ممّا ذكر، و لا يعتبر في مفهومه رؤية نفسه فوق الغير في هذا الكمال و هذه النعمة، و بذلك يمتاز عن الكبر. . .
و الحاصل؛ أنّ العجب مجرّد إعظام النفس لأجل كمال أو نعمة، و إعظام نفس الكمال و النعمة مع الركون و نسيان إضافتهما إلى اللّه، فإن لم يكن معه ركون و كان خائفا على زوال النعمة مشفقا على تكدّرها أو سلبها بالمرّة، أو كان فرحه بها
ص:92
من حيث إنّها من اللّه من دون إضافتها إلى نفسه لم يكن معجبا. . .
أقول: في دعاء مكارم الأخلاق: «و عبّدني لك و لا تفسد عبادتي بالعجب» .
2-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من دخله العجب هلك. (1)
3-عن عليّ بن سويد عن أبي الحسن عليه السّلام قال: سألته عن العجب الذي يفسد العمل، فقال: العجب درجات منها، أن يزيّن للعبد سوء عمله فيراه حسنا، فيعجبه و يحسب أنّه يحسن صنعا. و منها، أن يؤمن العبد بربّه فيمنّ على اللّه عزّ و جلّ، و للّه عليه فيه المنّ. (2)
أقول:
أبو الحسن يحتمل الأوّل و الثانيّ عليهما السّلام لرواية ابن سويد عنهما، و في البحار ج 78 ص 336 عن الرضا عليه السّلام مثله.
4-عن إسحاق بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: أتى عالم عابدا فقال له: كيف صلاتك؟ فقال: مثلي يسأل عن صلاته؟ و أنا أعبد اللّه منذ كذا و كذا، قال: فكيف بكاؤك؟ قال: أبكي حتّى تجري دموعي، فقال له العالم: فإنّ ضحكك و أنت خائف أفضل من بكائك و أنت مدلّ، إنّ المدلّ لا يصعد من عمله شيء. (3)
بيان:
«المدلّ» : أي المنبسط المسرور الذي لا خوف له من التقصير في العمل، فمهما انعقد في نفس المعجب أنّ له على اللّه حقّا، و عنده بمكان، و استبعد أن يجري عليه مكروه، و كان متوقّعا منه كرامة لعمله، سمّي ذلك إدلالا بالعمل، فكأنّه يرى لنفسه على اللّه دالّة، و الإدلال وراء العجب و فوقه، فلا مدلّ إلاّ و هو معجب و ربّ معجب لا يكون مدلاّ، إذ العجب مجرّد الاستعظام و نسيان الإضافة إلى اللّه، من دون توقّع
ص:93
جزاء على عمله، و الإدلال لا يتمّ إلاّ مع توقّع جزاء، فالمدلّ يتوقّع إجابة دعوته و يستنكر ردّها بباطنه، و يتعجّب من ردّها، و هو من مقدّمات الكبر و أسبابه.
5-عن أحدهما عليهما السّلام قال: دخل رجلان المسجد أحدهما عابد و الآخر فاسق، فخرجا من المسجد و الفاسق صدّيق، و العابد فاسق، و ذلك أنّه يدخل العابد المسجد مدلاّ بعبادته يدلّ بها فتكون فكرته في ذلك، و تكون فكرة الفاسق في التندّم على فسقه، و يستغفر اللّه عزّ و جلّ ممّا صنع من الذنوب. (1)
6-عن عبد الرحمن بن الحجّاج قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: الرجل يعمل العمل و هو خائف مشفق ثمّ يعمل شيئا من البرّ فيدخله شبه العجب به. فقال: هو في حاله الاولى و هو خائف أحسن حالا منه في حال عجبه. (2)
7-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: بينما موسى عليه السّلام جالسا إذ أقبل إبليس و عليه برنس ذو ألوان، فلمّا دنا من موسى عليه السّلام خلع البرنس و قام إلى موسى فسلّم عليه، فقال له موسى: من أنت؟ فقال: أنا إبليس، قال: أنت فلا قرّب اللّه دارك، قال: إنّي إنّما جئت لاسلّم عليك لمكانك من اللّه، قال: فقال له موسى عليه السّلام: فما هذا البرنس؟ قال: به أختطف قلوب بني آدم، فقال موسى: فأخبرني بالذنب الذي إذا أذنبه ابن آدم استحوذت عليه؟ قال: إذا أعجبته نفسه، و استكثر عمله، و صغر في عينه ذنبه.
و قال: قال اللّه عزّ و جلّ لداود عليه السّلام: يا داود، بشّر المذنبين و أنذر الصدّيقين قال: كيف أبشّر المذنبين و أنذر الصدّيقين؟ قال: يا داود، بشّر المذنبين أنّي أقبل التوبة و أعفو عن الذنب، و أنذر الصدّيقين ألاّ يعجبوا بأعمالهم، فإنّه ليس عبد أنصبه للحساب إلاّ هلك. (3)
ص:94
بيان:
قد مرّ صدر الحديث عن أمالي المفيد مع بيان مفرداته في باب الشيطان.
8-عن الحسن بن الجهم قال: سمعت أبا الحسن عليه السّلام يقول: إنّ رجلا في بني إسرائيل عبد اللّه أربعين سنة ثمّ قرّب قربانا فلم يقبل منه، فقال لنفسه: ما أتيت إلاّ منك و ما الذنب إلاّ لك، قال: فأوحى اللّه تبارك و تعالى إليه: ذمّك لنفسك أفضل من عبادتك أربعين سنة. (1)
9-عن الفضل بن يونس قال: قال أبو الحسن عليه السّلام: أكثر من أن تقول: «اللهمّ لا تجعلني من المعارين، و لا تخرجني من التقصير» . قال: قلت: أمّا المعارون فقد عرفت أنّ الرجل يعار الدين ثمّ يخرج منه، فما معنى لا تخرجني من التقصير؟ فقال: كلّ عمل تريد به اللّه عزّ و جلّ فكن فيه مقصّرا عند نفسك، فإنّ الناس كلّهم في أعمالهم فيما بينهم و بين اللّه مقصّرون إلاّ من عصمه اللّه عزّ و جلّ. (2)
بيان:
«المعارين» : مأخوذ من العارية، أي من الذين جعل الإيمان عارية في قلوبهم بمعنى أنّه غير ثابت و لا مستقرّ.
10-قال أبو جعفر عليه السّلام: ثلاث قاصمات الظهر: رجل استكثر عمله و نسي ذنوبه و أعجب برأيه. (3)
11-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال إبليس لعنة اللّه عليه لجنوده: إذا استمكنت من ابن آدم في ثلاث لم ابال ما عمل فإنّه غير مقبول منه: إذا استكثر عمله و نسي ذنبه و دخله العجب. (4)
ص:95
12-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: إعجاب المرء بنفسه دليل على ضعف عقله. (1)
13-عن أبي عبد اللّه عن آبائه عليهم السّلام في وصيّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لأمير المؤمنين عليه السّلام قال: لا مال أعود من العقل، و لا وحدة أوحش من العجب. . . (2)
14-عن الثماليّ عن أحدهما عليهما السّلام قال: إنّ اللّه تعالى يقول: إنّ من عبادي لمن يسألني الشيء من طاعتي، لاحبّه فأصرف ذلك عنه لكيلا يعجبه عمله. (3)
15-عن معاوية بن وهب قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: آفة الدين الحسد و العجب و الفخر. (4)
16-عن زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال داود النبيّ عليه السّلام: لأعبدنّ اللّه اليوم عبادة و لأقرأنّ قراءة لم أفعل مثلها قطّ، فدخل محرابه ففعل، فلمّا فرغ من صلاته إذا هو بضفدع في المحراب، فقال له: يا داود، أعجبك اليوم ما فعلت من عبادتك و قراءتك؟ فقال: نعم، فقال: لا يعجبنّك فإنّي اسبّح اللّه في كلّ ليلة ألف تسبيحة يتشعّب لي مع كلّ تسبيحة ثلاثة آلاف تحميدة، و إنّي لأكون في قعر الماء فيصوّت الطير في الهواء فأحسبه جائعا فأطفو له على الماء ليأكلني و ما لي ذنب. (5)
بيان:
«الضفدع» : يقال بالفارسيّة: قورباغه.
«فأطفو له» : طفا طفوا أي علا فوق الماء و ظهر عليه.
ص:96
17-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام في وصيّته لابنه محمّد بن الحنفيّة: إيّاك و العجب، و سوء الخلق، و قلّة الصبر، فإنّه لا يستقيم لك على هذه الخصال الثلاث صاحب، و لا يزال لك عليها من الناس مجانب. . . (1)
18-قال الصادق عليه السّلام: لا جهل أضرّ من العجب؟ ! (2)
19-قال الصادق عليه السّلام: إن كان الممرّ على الصراط فالعجب لماذا؟ ! (3)
20-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من لا يعرف لأحد الفضل فهو المعجب برأيه. (4)
21-قال أبو الحسن الثالث عليه السّلام: من رضي عن نفسه كثر الساخطون عليه. (5)
22-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ثلاث مهلكات: شحّ مطاع، و هوى متّبع، و إعجاب المرء بنفسه، و هو محبط للعمل، و هو داعية المقت من اللّه سبحانه. (6)
أقول:
مرّ في باب الصلاة ف 2 عنه صلّى اللّه عليه و آله: و أمّا المهلكات: فشحّ مطاع، و هوى متّبع، و إعجاب المرء بنفسه.
23-و قال المسيح عليه السّلام: يا معشر الحواريّين، كم من سراج أطفأته الريح، و كم من عابد أفسده العجب. (7)
ص:97
24-قال الصادق عليه السّلام: العجب صارف عن طلب العلم، داع إلى الغمط و الجهل. (1)
بيان:
غمط الناس: استحقرهم، و غمط النعمة: لم يشكرها، و الحقّ: جحده.
25-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: و تصعد الحفظة بعمل العبد يزهر كالكوكب الدرّيّ في السماء، له دويّ بالتسبيح، و الصوم و الحجّ، فيمرّ به إلى ملك السماء الرابعة، فيقول له: قف فاضرب بهذا العمل وجه صاحبه و بطنه، أنا ملك العجب، إنّه كان يعجب بنفسه، و إنّه عمل و أدخل نفسه العجب، أمرني ربّي أن لا أدع عمله يتجاوزني إلى غيري فأضرب به وجه صاحبه. . . (2)
26-في وصيّة أمير المؤمنين لابنه الحسن عليهما السّلام: . . . و أوحش الوحشة العجب. . . (3)
27-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: . . . و لا وحدة أوحش من العجب. . . (4)
28-و قال عليه السّلام: سيّئة تسوءك خير عند اللّه من حسنة تعجبك. (5)
29-و قال عليه السّلام: الإعجاب يمنع من الازدياد. (6)
30-و قال عليه السّلام: عجب المرء بنفسه أحد حسّاد عقله. (7)
31-في وصيّة الباقر عليه السّلام لجابر الجعفيّ: . . . يا جابر، استكثر لنفسك من اللّه
ص:98
قليل الرزق تخلّصا إلى الشكر، و استقلل من نفسك كثير الطاعة للّه، إزراء على النفس و تعرّضا للعفو. . . و سدّ سبيل العجب بمعرفة النفس. . . (1)
بيان:
«إزراء» : أزرى على النفس: عابها و عاتبها، و يحتمل أن يكون"ازدراء": من باب الافتعال أي احتقارا و استخفافا.
32-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من أعجب بنفسه هلك، و من أعجب برأيه هلك، و إنّ عيسى بن مريم عليه السّلام قال: داويت المرضى فشفيتهم بإذن اللّه، و أبرأت الأكمه و الأبرص بإذن اللّه، و عالجت الموتى فأحييتهم بإذن اللّه، و عالجت الأحمق فلم أقدر على إصلاحه، فقيل: يا روح اللّه، و ما الأحمق؟ قال: المعجب برأيه و نفسه، الذي يرى الفضل كلّه له لا عليه، و يوجب الحقّ كلّه لنفسه و لا يوجب عليها حقّا، فذلك الأحمق الذي لا حيلة في مداواته. (2)
33-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ اللّه عزّ و جلّ لمّا بشّر إبراهيم عليه السّلام بالخلّة، أوحى إلى جبرئيل: يا جبرئيل، أدرك إبراهيم لا يهلك. (3)
34-عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال اللّه عزّ و جلّ: إنّ من عبادي المؤمنين لمن يسألني الشيء من العبادة، فأصرفه عنه مخافة الإعجاب بنفسه، و إنّ من عبادي المومنين لمن لا يصلحه إلاّ الفقر و لو صرفته إلى الغنى لهلك. (4)
35-قال الصادق عليه السّلام: العجب كلّ العجب ممّن يعجب بعمله و هو لا يدري بم يختم له، فمن أعجب بنفسه و فعله فقد ضلّ عن منهج الرشاد و ادّعى ما ليس له، و المدّعي من غير حقّ كاذب و إن خفي دعواه و طال دهره، فإنّ أوّل
ص:99
ما يفعل بالمعجب نزع ما أعجب به، ليعلم أنّه عاجز حقير و يشهد على نفسه لتكون الحجّة أوكد عليه كما فعل بإبليس، و العجب نبات حبّته الكفر، و أرضه النفاق، و ماؤه البغي، و أغصانه الجهل، و ورقه الضلالة، و ثمرته اللعنة و الخلود في النار، فمن اختار العجب فقد بذر الكفر و زرع النفاق، فلا بدّ من أن يثمر بأن يصير إلى النار. (1)
36-عن عليّ عليه السّلام قال: أعسر العيوب صلاحا العجب و اللجاجة. (2)
37-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:
العجب هلاك. (الغرر ج 1 ص 6 ف 1 ح 65)
العجب رأس الجهل-العجب يوجب العثار. (ص 18 ح 469 و 487)
العجب عنوان الحماقة. (ص 22 ح 608)
الإعجاب يمنع الازدياد. (ص 23 ح 651)
العجب أضرّ قرين. (ح 652)
الإعجاب ضدّ الصواب. (ص 25 ح 723)
العجب يفسد العقل. (ص 26 ح 776)
العجب بالحسنة يحبطها. (ص 31 ح 945)
العجب رأس الحماقة-العجب آفة الشرف. (ص 32 ح 981 و 983)
العجب يظهر النقيصة. (ح 997)
المعجب لا عقل له. (ص 34 ح 1051)
إيّاك أن ترضى عن نفسك، فيكثر الساخط عليك. (ص 147 ف 5 ح 12)
ص:100
إيّاك و الإعجاب و حبّ الإطراء فإنّ ذلك من أوثق فرص الشيطان. (ص 150 ح 42)
إيّاك و الثقة بنفسك فإنّ ذلك من أكبر مصائد الشيطان. (ح 46)
إيّاك أن تعجب بنفسك فيظهر عليك النقص و الشنئان. (ص 151 ح 47)
آفة اللبّ العجب (ص 308 ف 16 ح 42)
إذا أردت أن تعظم محاسنك عند الناس فلا تعظم في عينك.
(ص 318 ف 17 ح 122)
إذا زاد عجبك بما أنت فيه من سلطانك فحدثت لك ابّهة (1)أو مخيلة، فانظر إلى عظم ملك اللّه و قدرته ممّا لا تقدر عليه من نفسك، فإنّ ذلك يليّن من جماحك (2)و يكفّ من غربك (3)و يفيء إليك بما عزب (4)عنك من عقلك. (ص 328 ح 196)
بالرضا عن النفس تظهر السوءات و العيوب. (ص 338 ف 18 ح 179)
ثمرة العجب البغضاء. (ص 359 ف 23 ح 20)
رضاك عن نفسك من فساد عقلك. (ص 422 ف 36 ح 29)
رضاء العبد عن نفسه مقرون بسخط ربّه. (ص 424 ح 57)
رضاء العبد عن نفسه برهان سخافة عقله. (ح 58)
شرّ الامور الرضا عن النفس. (ص 446 ف 41 ح 51)
من عظّم نفسه حقّر. (ص 620 ف 77 ح 215)
ص:101
من أعجب بنفسه سخر به. (ص 621 ح 220)
من أعجب برأيه ضلّ. (ص 627 ح 332)
من أعجب برأيه أهلكه العجز. (ص 642 ح 563)
من سخط على نفسه أرضاه ربّه. (ح 564)
من رضي عن نفسه أسخط ربّه. (ح 565)
من أعجب بفعله اصيب بعقله. (ص 652 ح 721)
من أعجبه قوله فقد غرب عقله. (ح 723)
من كثر إعجابه قلّ صوابه. (ح 724)
من أعجب بعمله أحبط أجره. (ح 660 ح 848)
من كان عند نفسه عظيما كان عند اللّه حقيرا. (ص 668 ح 946)
من أعجب بحسن حالته قصّر عن حسن حليته. (ص 677 ح 1063)
من ترك العجب و التواني لم ينزل به مكروه. (ص 684 ح 1142)
من اغترّ بنفسه سلّمته إلى المعاطب. (ص 685 ح 1149)
من رضي عن نفسه ظهرت عليه المعايب. (ح 1150)
ما حقّر نفسه إلاّ عاقل. (ج 2 ص 737 ف 79 ح 17)
ما نقّص نفسه إلاّ كامل. (ح 18)
ما أعجب برأيه إلاّ جاهل-ما أضرّ المحاسن كالعجب. (ح 19 و 20)
هلك من رضي عن نفسه و وثق بما تسوّله (1)له.
(ص 792 ف 84 ح 15)
ص:102
1- إِنَّ اَللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا اَلْأَماناتِ إِلى أَهْلِها وَ إِذا حَكَمْتُمْ بَيْنَ اَلنّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اَللّهَ نِعِمّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اَللّهَ كانَ سَمِيعاً بَصِيراً. (1)
2- وَ لَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ اَلنِّساءِ وَ لَوْ حَرَصْتُمْ. . . (2)
3- يا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَداءَ لِلّهِ وَ لَوْ عَلى أَنْفُسِكُمْ أَوِ اَلْوالِدَيْنِ وَ اَلْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيراً فَاللّهُ أَوْلى بِهِما فَلا تَتَّبِعُوا اَلْهَوى أَنْ تَعْدِلُوا وَ إِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اَللّهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً. (3)
4- يا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوّامِينَ لِلّهِ شُهَداءَ بِالْقِسْطِ وَ لا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلى أَلاّ تَعْدِلُوا اِعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوى وَ اِتَّقُوا اَللّهَ إِنَّ اَللّهَ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ. (4)
5- . . . وَ إِذا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَ لَوْ كانَ ذا قُرْبى وَ بِعَهْدِ اَللّهِ أَوْفُوا ذلِكُمْ وَصّاكُمْ بِهِ
ص:103
لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ. (1)
6- إِنَّ اَللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَ اَلْإِحْسانِ وَ إِيتاءِ ذِي اَلْقُرْبى وَ يَنْهى عَنِ اَلْفَحْشاءِ وَ اَلْمُنْكَرِ وَ اَلْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ. (2)
1-عن ابن أبي يعفور قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: بم تعرف عدالة الرجل بين المسلمين حتّى تقبل شهادته لهم و عليهم؟ فقال: أن تعرفوه بالستر و العفاف، و كفّ البطن و الفرج و اليد و اللسان، و يعرف باجتناب الكبائر التي أوعد اللّه عليها النار من شرب الخمر، و الزنا، و الربا، و عقوق الوالدين، و الفرار من الزحف، و غير ذلك، و الدلالة على ذلك كلّه أن يكون ساترا لجميع عيوبه، حتّى يحرم على المسلمين ما وراء ذلك من عثراته و عيوبه و تفتيش ما وراء ذلك، و يجب عليهم تزكيته و إظهار عدالته في الناس.
و يكون منه التعاهد للصلوات الخمس إذا واظب عليهنّ، و حفظ مواقيتهنّ بحضور جماعة من المسلمين، و أن لا يتخلّف عن جماعتهم في مصلاّهم إلاّ من علّة، فإذا كان كذلك لازما لمصلاّه عند حضور الصلوات الخمس، فإذا سئل عنه في قبيلته و محلّته قالوا: ما رأينا منه إلاّ خيرا، مواظبا على الصلوات، متعاهدا لأوقاتها في مصلاّه، فإنّ ذلك يجيز شهادته و عدالته بين المسلمين. . . (3)
بيان:
«العدالة» : في المصباح، العدل: القصد في الامور و هو خلاف الجور.
و في الصحاح، العدل: خلاف الجور.
ص:104
و في المقائيس، (عدل) : أصلان صحيحان، لكنّهما متقابلان كالمتضادّين: أحدهما يدلّ على استواء، و الآخر يدلّ على إعوجاج. فالأوّل العدل من الناس: المرضيّ المستويّ الطريقة. يقال: هذا عدل. . . و العدل: نقيض الجور.
و في مجمع البحرين، العدل: خلاف الجور. . . و لغة هو التسوية بين الشيئين. . . و العدل: القصد في الامور. . . و العادل: الواضع كلّ شيء موضعه. . .
أقول: العدل قد يستعمل في الأخبار مقابل الجور، كأكثر أخبار الغرر عن أمير المؤمنين عليه السّلام.
و قد تستعمل العدالة مقابل الفسق، كهذا الحديث و هو المراد في اصطلاح الفقهاء، و يبحث عنها في الفقه، و قد اختلفوا في معناها؛ ففي كلام أكثرهم أنّها عبارة عن ملكة باعثة على ملازمة التقوى؛ بإتيان الواجبات و ترك المحرّمات.
و في كلام بعضهم أنّه لم تثبت للعدالة حقيقة شرعيّة و لا متشرّعية، و إنّما هي بمعناها اللغوي أعني الاستقامة و عدم الانحراف، حيث قد تستند إلى الامور المحسوسة، فيقال: هذا الجدار عدل أو مستقيم مثلا، و قد تستند إلى الامور غير المحسوسة، فيقال مثلا: عقيدة فلان أو فهمه مستقيمة، و قد تستند إلى الذوات فيقال: زيد عادل، و معناه أنّه مستقيم في جادة الشرع، و أنّه مستقيم في الخروج عن عهدة التكاليف المتوجّهة إليه.
و قد يكون المراد بها العدالة الأخلاقيّة، و هي الاعتدال في جميع الامور و إليه أشار أمير المؤمنين عليه السّلام بقوله في نهج البلاغة (ص 211 في خ 86) : «قد ألزم نفسه العدل، فكان أوّل عدله نفي الهوى عن نفسه، يصف الحقّ و يعمل به» : و لا يخفى أنّ للعدالة مراتبا و هذه المرتبة لا ينالها إلاّ الأفذاذ الكاملين من المؤمنين.
2-عن الرضا عن آبائه عن عليّ عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من عامل الناس فلم يظلمهم، و حدّثهم فلم يكذبهم، و وعدهم فلم يخلفهم، فهو
ص:105
ممّن كملت مروّته و ظهرت عدالته، و وجبت اخوّته، و حرمت غيبته. (1)
3-عن أمير المؤمنين عليه السّلام في قوله: مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ اَلشُّهَداءِ. (2)قال: ممّن ترضون دينه و أمانته و صلاحه و عفّته و تيقّظه فيما يشهد به و تحصيله و تمييزه، فما كلّ صالح مميّزا، و لا محصّلا، و لا كلّ محصّل مميّز صالح. (3)
4-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّ أبا جعفر عليه السّلام قال: لا تقبل شهادة سابق الحاجّ، لأنّه قتل راحلته، و أفنى زاده، و أتعب نفسه، و استخفّ بصلاته، قلت: فالمكاري و الجمّال و الملاّح؟ فقال: و ما بأس بهم تقبل شهادتهم إذا كانوا صلحاء. (4)
أقول:
الأخبار فيمن لا تقبل شهادته كثيرة.
و لاحظ أيضا ما يناسب المقام في الوسائل ج 8 ب 11 من صلاة الجماعة و البحار و المستدرك.
5-عن الصادق عليه السّلام، أنّه سئل عن صفة العدل من الرجل، فقال: إذا غضّ طرفه من المحارم، و لسانه عن المآثم، و كفّه عن المظالم. (5)
6-في وصيّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لعليّ عليه السّلام: يا عليّ، ما كرهته لنفسك فاكره لغيرك، و ما أحببته لنفسك فأحببه لأخيك، تكن عادلا في حكمك، مقسطا في عدلك، محبّا في أهل السماء، مودودا في صدور أهل الأرض. (6)
ص:106
أقول:
بهذا المضمون أخبار اخر، و في البحار ج 77 ص 173، عنه صلّى اللّه عليه و آله: من عفّ عن محارم اللّه كان عابدا. . . و من صاحب الناس بالذي يحبّ أن يصاحبوه كان عدلا.
7-عن الأصبغ قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: الإيمان على أربع دعائم: على الصبر و اليقين و العدل و الجهاد. . . و العدل على أربع شعب: على غائص الفهم، و غمرة العلم، و زهرة الحكمة، و روضة الحلم، فمن فهم فسّر جمل العلم، و من علم شرح غرائب الحكم، و من كان حليما (حكيما ف ن) لم يفرّط في أمر يلبّسه في الناس. . . (1)
بيان:
«غائص الفهم» : من الغوص و هو الدخول تحت الماء لإخراج اللؤلؤ و غيره، و هنا كأنّه يغور في شيء فيطّلع على ما هو عليه كمن يغوص على الدرّ و اللؤلؤ.
«غمرة العلم» : أي كثرته و في نهج البلاغة"غور العلم"أي سرّه و باطنه.
«زهرة الحكمة» الزهرة: البهجة و الغضارة، و بالضمّ: الحسن.
8-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ من أشدّ الناس عذابا يوم القيامة من وصف عدلا و عمل بغيره. (2)
أقول:
بهذا المعنى أخبار اخر مرّ بعضها في باب الحسرات.
9-عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: العدل أحلى من الماء يصيبه الظمآن، ما أوسع العدل إذا عدل فيه و إن قلّ. (3)
ص:107
بيان:
«عدل فيه» : في الضمير وجوه ذكرها في المرآة ج 8 ص 348، منها، راجع إلى الأمر أي ما أوسع العدل إذا عدل في أمر و إن قلّ ذلك الأمر.
10-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: اتّقوا اللّه و اعدلوا، فإنّكم تعيبون على قوم لا يعدلون. (1)
11-عن معاوية بن وهب عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: العدل أحلى من الشهد، و ألين من الزبد، و أطيب ريحا من المسك. (2)
بيان:
«الشهد» : العسل.
12-و سئل أمير المؤمنين عليه السّلام: أيّما أفضل: العدل أو الجود؟ فقال عليه السّلام: العدل يضع الامور مواضعها، و الجود يخرجها من جهتها، و العدل سائس عامّ، و الجود عارض خاصّ، فالعدل أشرفهما و أفضلهما. (3)
13-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: الملك يبقى بالعدل مع الكفر، و لا يبقى بالجور مع الإيمان. (4)
14-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: عدل ساعة خير من عبادة ستّين سنة، قيام ليلها و صيام نهارها، و جور ساعة في حكم أشدّ و أعظم عند اللّه من معاصي ستّين سنة. (5)
15-و قال صلّى اللّه عليه و آله: إنّ أهون الخلق عند اللّه من ولي أمر المسلمين
ص:108
فلم يعدل. (1)
16-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: أفضل ما منّ اللّه به سبحانه على عباده؛ علم و عقل و ملك و عدل.
و قال عليه السّلام: عدل السلطان حيوة الرعيّة و صلاح البريّة. (2)
17-عن الصادق عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أعدل الناس من رضي للناس ما يرضى لنفسه، و كره لهم من يكره لنفسه. (3)
18-قال الرضا عليه السّلام: استعمال العدل و الإحسان مؤذن بدوام النعمة. (4)
19-عن أبي مالك قال: قلت لعليّ بن الحسين عليهما السّلام: أخبرني بجميع شرائع الدين، قال: قول الحقّ، و الحكم بالعدل، و الوفاء بالعهد. (5)
20-فيما أوصى به أمير المؤمنين عليه السّلام عند وفاته: اوصيك بالعدل في الرضا و الغضب. (6)
21-عن محمّد الحلبيّ أنّه سأل أبا عبد اللّه عليه السّلام عن قول اللّه عزّ و جلّ: اِعْلَمُوا أَنَّ اَللّهَ يُحْيِ اَلْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها (7)قال: العدل بعد الجور. (8)
أقول:
قد مرّ ما يناسب المقام في أبواب السلاطين، الظلم و. . .
ص:109
22-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:
العدل مألوف. (الغرر ج 1 ص 5 ف 1 ح 9)
العدل حياة. (ص 13 ح 307)
الجور ممحاة-العدل فضيلة الإنسان. (ح 308 و 309)
العدل حياة الأحكام. (ص 17 ح 440)
العدل يصلح البريّة. (ص 20 ح 551)
العدل فوز و كرامة. (ص 25 ح 735)
العدل أغنى الغنى. (ح 736)
العدل قوام الرعيّة-العدل فضيلة السلطان. (ص 26 ح 749 و 753)
العدل نظام الإمرة-العدل قوام البريّة. (ص 28 ح 824 و 856)
العدل أقوى أساس. (ص 30 ح 913)
العدل أفضل سجيّة. (ص 33 ح 1020)
إمام عادل خير من مطر وابل. (ص 56 ح 1528)
العدل أفضل السياستين-الجور أحد المدمّرين. (ص 64 ح 1696 و 1697)
العدل رأس الإيمان و جماع الإحسان. (ص 66 ح 1733)
العدل قوام الرعيّة و جمال الولاة. (ص 84 ح 1975)
العدل أنّك إذا ظلمت أنصفت، و الفضل أنّك إذا قدرت عفوت.
(ص 100 ح 2153)
اعدل تحكم. (ص 108 ف 2 ح 4)
اعدل تملك-اعدل فيما ولّيت، اشكر اللّه فيما أوليت. (ص 109 ح 29 و 41)
استعن على العدل بحسن النيّة في الرعيّة، و قلّة الطمع، و كثرة الورع.
(ص 121 ح 183)
أحسن العدل نصرة المظلوم. (ص 181 ف 8 ح 150)
ص:110
أعدل الخلق أقضاهم بالحقّ. (ص 184 ح 188)
أعدل السيرة أن تعامل الناس بما تحبّ أن يعاملوك به. (ص 195 ح 348)
أعدل الناس من أنصف من ظلمه. (ص 196 ح 362)
أجور الناس من ظلم من أنصفه. (ح 363)
أعدل الناس من أنصف عن قوّة، و أعظمهم حلما من حلم عن قدرة.
(ص 201 ح 417)
إنّ العدل ميزان اللّه سبحانه الذي وضعه في الخلق و نصبه لإقامة الحقّ، فلا تخالفه في ميزانه، و لا تعارضه في سلطانه. (ص 222 ف 9 ح 88)
بالعدل تتضاعف البركات. (ص 330 ف 18 ح 33)
بالعدل تصلح الرعيّة. (ص 331 ح 37)
جعل اللّه سبحانه العدل قوام الأنام، و تنزيها من المظالم و الآثام، و تسنية للإسلام. (ص 374 ف 26 ح 73)
سياسة العدل ثلاث: لين في حزم، و استقصاء في عدل، و إفضال في قصد.
(ص 434 ف 39 ح 43)
شيئان لا يوزن ثوابهما: العفو و العدل (ص 449 ف 42 ح 15)
غاية العدل أن يعدل المرء في نفسه (ج 2 ص 504 ف 56 ح 23)
في العدل الاقتداء بسنّة اللّه و ثبات الدول. (ص 513 ف 58 ح 54)
في العدل الإحسان. (ح 40)
في العدل اصلاح البريّة-في الجور هلاك الرعيّة. (ح 49 و 50)
في العدل سعة، و من ضاق عليه فالجور أضيق. (ص 515 ح 80)
من عمل بالعدل حصّن اللّه ملكه. (ص 677 ف 77 ح 1060)
ما عمّرت البلدان بمثل العدل (ص 741 ف 79 ح 91)
لا عدل أنفع من ردّ المظالم. (ص 851 ف 86 ح 404)
ص:111
ص:112
1- . . . وَ سَيَرَى اَللّهُ عَمَلَكُمْ وَ رَسُولُهُ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلى عالِمِ اَلْغَيْبِ وَ اَلشَّهادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ. (1)
2- وَ قُلِ اِعْمَلُوا فَسَيَرَى اَللّهُ عَمَلَكُمْ وَ رَسُولُهُ وَ اَلْمُؤْمِنُونَ وَ سَتُرَدُّونَ إِلى عالِمِ اَلْغَيْبِ وَ اَلشَّهادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ. (2)
1-عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: تعرض الأعمال على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أعمال العباد كلّ صباح أبرارها و فجارها فاحذروها، و هو قول اللّه تعالى: اِعْمَلُوا فَسَيَرَى اَللّهُ عَمَلَكُمْ وَ رَسُولُهُ و سكت. (3)
بيان:
«أبرارها و فجارها» : بدل تفصيل لأعمال العباد، و الضمير فيهما يرجع
ص:113
إلى الأعمال، و الأبرار جمع برّ بمعنى صالح الأعمال، و فجار كسلام: اسم مصدر من الفجور بمعنى طالح الأعمال.
2-عن يعقوب بن شعيب قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن قول اللّه عزّ و جلّ: اِعْمَلُوا فَسَيَرَى اَللّهُ عَمَلَكُمْ وَ رَسُولُهُ وَ اَلْمُؤْمِنُونَ قال: هم الأئمّة. (1)
3-عن سماعة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سمعته يقول: ما لكم تسوؤون رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله؟ ! فقال رجل: كيف نسوؤه؟ فقال: أما تعلمون أنّ أعمالكم تعرض عليه، فإذا رأى فيها معصية ساءه ذلك، فلا تسوؤوا رسول اللّه و سرّوه. (2)
بيان:
يقال: ساءه إذا أحزنه و فعل به ما يكره.
4-عن عبد اللّه بن أبان الزيّات و كان مكينا عند الرضا عليه السّلام قال: قلت للرضا عليه السّلام: ادع اللّه لي و لأهل بيتي، فقال: أولست أفعل؟ و اللّه إنّ أعمالكم لتعرض عليّ في كلّ يوم و ليلة، قال: فاستعظمت ذلك، فقال لي: أما تقرء كتاب اللّه عزّ و جلّ: وَ قُلِ اِعْمَلُوا فَسَيَرَى اَللّهُ عَمَلَكُمْ وَ رَسُولُهُ وَ اَلْمُؤْمِنُونَ؟ قال: هو و اللّه عليّ بن أبي طالب عليه السّلام. (3)
بيان:
في المرآة: إنّما خصّ عليه السّلام عليّا بالذكر لأنّه المصداق حين الخطاب، أو لأنّه الأصل و العمدة و الفرد الأعظم.
5-عن أبي بصير قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: إنّ أبا الخطّاب كان يقول: إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله تعرض عليه أعمال امّته كلّ خميس، فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ليس هكذا، و لكن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله تعرض عليه أعمال امّته كلّ صباح أبرارها
ص:114
و فجارها، فاحذروا، و هو قول اللّه عزّ و جلّ: وَ قُلِ اِعْمَلُوا فَسَيَرَى اَللّهُ عَمَلَكُمْ وَ رَسُولُهُ وَ اَلْمُؤْمِنُونَ و سكت، قال أبو بصير: إنّما عنى الأئمّة عليهم السّلام. (1)
6-عن سدير عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و هو في نفر من أصحابه: إنّ مقامي بين أظهركم خير لكم، و إنّ مفارقتي إيّاكم خير لكم. . . أمّا مقامي بين أظهركم خير لكم فإنّ اللّه يقول: وَ ما كانَ اَللّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَ أَنْتَ فِيهِمْ وَ ما كانَ اَللّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ يعني: يعذّبهم بالسيف، و أمّا مفارقتي إيّاكم خير لكم، فإنّ أعمالكم تعرض عليّ كلّ اثنين و خميس، فما كان من حسن حمدت اللّه عليه، و ما كان من سيّئ استغفرت لكم. (2)
أقول:
بهذا المعنى أخبار اخر، راجع بصائر الدرجات ص 444 ب 13 من الجزء 9.
7-عن داود الرقّي قال: كنت جالسا عند أبي عبد اللّه عليه السّلام إذ قال مبتدئا من قبل نفسه: يا داود، لقد عرضت عليّ أعمالكم يوم الخميس، فرأيت فيما عرض عليّ من عملك صلتك لابن عمّك فلان فسرّني ذلك، إنّي علمت أنّ صلتك له أسرع لفناء عمره و قطع أجله.
قال داود: و كان لي ابن عمّ معاندا ناصبيّا خبيثا بلغني عنه و عن عياله سوء حال، فصككت له نفقة قبل خروجي إلى مكّة، فلمّا صرت في المدينة أخبرني أبو عبد اللّه عليه السّلام بذلك. (3)
بيان:
«صككت» الصكّ: الكتاب الذي يكتب للعطايا و الأرزاق، و في المصباح: الصكّ: الكتاب الذي يكتب في المعاملات و الأقادير.
ص:115
8-قال عليّ بن موسى بن طاووس رحمه اللّه في رسالة «محاسبة النفس» : رأيت و رويت في عدّة روايات متّفقات أنّ يوم الاثنين و يوم الخميس تعرض فيهما الأعمال على اللّه و على رسوله و على الأئمّة عليهم السّلام.
ثمّ إنّه روى في ذلك أحاديث كثيرة من كتاب"التبيان"للشيخ رحمه اللّه. و من كتاب ابن عقدة و من كتاب"الدلائل"للحميري و من كتاب محمّد بن العبّاس. . . و من كتاب محمّد بن عمران. (1)
9-عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ أعمال امّة محمّد صلّى اللّه عليه و آله تعرض على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في كلّ خميس، فيستحيي أحدكم من رسول اللّه أن تعرض عليه القبيح. (2)
10-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: تعرض أعمال الناس كلّ جمعة مرّتين؛ يوم الاثنين و يوم الخميس، فيغفر لكلّ عبد مؤمن إلاّ من كانت بينه و بين أخيه شحناء، فيقال: اتركوا هذين حتّى يصطلحا. (3)
بيان:
«الشحناء» : العداوة و البغضاء، و شحنت عليه أي حقدت و أظهرت العداوة.
11-عن ابن اذينة قال: كنت عند أبي أبي عبد اللّه عليه السّلام، فقلت له: جعلت فداك قوله عزّ و جلّ: وَ قُلِ اِعْمَلُوا فَسَيَرَى اَللّهُ عَمَلَكُمْ وَ رَسُولُهُ وَ اَلْمُؤْمِنُونَ قال: إيّانا عني. (4)
12-عن بريد العجليّ قال: قلت لأبي جعفر عليه السّلام في قول اللّه: قُلِ اِعْمَلُوا فَسَيَرَى اَللّهُ عَمَلَكُمْ وَ رَسُولُهُ وَ اَلْمُؤْمِنُونَ فقال: ما من مؤمن يموت و لا كافر
ص:116
يوضع في قبره حتّى يعرض عمله على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و عليّ عليه السّلام، فهلمّ جرّا إلى آخر من فرض اللّه طاعته (على العباد م) .
و قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: وَ اَلْمُؤْمِنُونَ هم الأئمّة عليهم السّلام. (1)
13-كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يصوم الاثنين و الخميس، فقيل له: لم ذلك؟ فقال صلّى اللّه عليه و آله: إنّ الأعمال ترفع في كلّ اثنين و خميس، فأحبّ أن ترفع عملي و أنا صائم. (2)
14-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: آخر خميس في الشهر ترفع فيه أعمال الشهر. (3)
أقول:
ذكرنا أهمّ الأخبار، و أمّا الكلام في حلّ اختلافها فنقول: إنّ الروايات طائفتان: مفاد الأولى: عرض الأعمال في كلّ صباح و مساء، و مفاد الثانية: عرض الأعمال في الأوقات المخصوصة، ففي أكثرها عشيّ الخميس و الاثنين و لا يمكن تقييد الأولى بالثانية خصوصا مع ردّ الإمام الصادق عليه السّلام أبا الخطّاب في الخبر المرويّ عن الوسائل ج 16 ص 109
و الحقّ عندي أنّ المراد بالطائفة الأولى: علمهم بأعمال الناس و توجّههم إلى أعمالهم في كلّ صباح و مساء، خصوصا عند مجيىء الملائكة في الصباح و المساء، حيث إنّ لكلّ إنسان ملكين يكتبان الأعمال.
و بالطائفة الثانية: أنّ من شئون الأئمّة عليهم السّلام و امورهم الخاصّة هو عرض الأعمال في كلّ اسبوع مرّتين: يوم الاثنين و يوم الخميس.
ص:117
ص:118
1- أَ تَأْمُرُونَ اَلنّاسَ بِالْبِرِّ وَ تَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَ أَنْتُمْ تَتْلُونَ اَلْكِتابَ أَ فَلا تَعْقِلُونَ. (1)
2- وَ لْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى اَلْخَيْرِ وَ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَ يَنْهَوْنَ عَنِ اَلْمُنْكَرِ وَ أُولئِكَ هُمُ اَلْمُفْلِحُونَ. (2)
3- كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَ تَنْهَوْنَ عَنِ اَلْمُنْكَرِ. . . (3)
4- يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَ اَلْيَوْمِ اَلْآخِرِ وَ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَ يَنْهَوْنَ عَنِ اَلْمُنْكَرِ وَ يُسارِعُونَ فِي اَلْخَيْراتِ وَ أُولئِكَ مِنَ اَلصّالِحِينَ. (4)
5- . . . فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَ عِظْهُمْ وَ قُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً. (5)
6- كانُوا لا يَتَناهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ ما كانُوا يَفْعَلُونَ. (6)
7- اَلْمُنافِقُونَ وَ اَلْمُنافِقاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَ يَنْهَوْنَ
ص:119
عَنِ اَلْمَعْرُوفِ. . . (1)
8- وَ اَلْمُؤْمِنُونَ وَ اَلْمُؤْمِناتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَ يَنْهَوْنَ عَنِ اَلْمُنْكَرِ. . . (2)
9- اِذْهَبا إِلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغى- فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشى. (3)
10- يا بُنَيَّ أَقِمِ اَلصَّلاةَ وَ أْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَ اِنْهَ عَنِ اَلْمُنْكَرِ وَ اِصْبِرْ عَلى ما أَصابَكَ إِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ اَلْأُمُورِ. (4)
11- يا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَ أَهْلِيكُمْ ناراً وَقُودُهَا اَلنّاسُ وَ اَلْحِجارَةُ. . . (5)
1-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: لا تزال امّتي بخير ما أمروا بالمعروف و نهوا عن المنكر، و تعاونوا على البرّ و التقوى، فإذا لم يفعلوا ذلك نزعت منهم البركات، و سلّط بعضهم على بعض، و لم يكن لهم ناصر في الأرض و لا في السماء. (6)
2-عن بكر بن محمّد عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سمعته يقول: أيّها الناس مروا بالمعروف و انهو عن المنكر، فإنّ الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر لم يقرّبا أجلا و لم يباعدا رزقا. (7)
ص:120
3-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: . . . من ترك إنكار المنكر بقلبه و لسانه و يده فهو ميّت بين الأحياء. (1)
4-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: رأيت ليلة اسري بي إلى السماء قوما تقرض شفاههم بمقاريض من نار، ثمّ ترمى، فقلت: يا جبرئيل، من هؤلاء؟ فقال: خطباء امّتك، يأمرون الناس بالبرّ و ينسون أنفسهم و هم يتلون الكتاب أ فلا يعقلون. (2)
5-عن جابر عن أبي جعفر عليه السّلام قال: يكون في آخر الزمان قوم يتبع فيهم قوم مراؤون يتقرّؤون و يتنسّكون حدثاء سفهاء، لا يوجبون أمرا بمعروف و لا نهيا عن منكر إلاّ إذا أمنوا الضرر، يطلبون لأنفسهم الرخص و المعاذير، يتبعون زلاّة العلماء و فساد عملهم، يقبلون على الصلاة و الصيام و ما لا يكلّمهم في نفس و لا مال، و لو أضرّت الصلاة بسائر ما يعملون بأموالهم و أبدانهم لرفضوها كما رفضوا أسمى الفرائض و أشرفها:
إنّ الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر فريضة عظيمة بها تقام الفرائض، هنالك يتمّ غضب اللّه عزّ و جلّ عليهم فيعمّهم بعقابه، فيهلك الأبرار في دار الفجّار و الصغار في دار الكبار؛ إنّ الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر سبيل الأنبياء و منهاج الصلحاء، فريضة عظيمة بها تقام الفرائض، و تأمن المذاهب، و تحلّ المكاسب، و تردّ المظالم و تعمر الأرض و ينتصف من الأعداء و يستقيم الأمر، فأنكروا بقلوبكم، و ألفظوا بألسنتكم، و صكّوا بها جباههم و لا تخافوا في اللّه لومة لائم، فإن اتّعظوا و إلى الحقّ رجعوا فلا سبيل عليهم إِنَّمَا اَلسَّبِيلُ عَلَى اَلَّذِينَ يَظْلِمُونَ اَلنّاسَ وَ يَبْغُونَ فِي اَلْأَرْضِ بِغَيْرِ اَلْحَقِّ أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ. (3)هنالك فجاهدوهم بأبدانكم و أبغضوهم بقلوبكم غير طالبين سلطانا و لا باغين مالا
ص:121
و لا مريدين بظلم ظفرا حتّى يفيئوا إلى أمر اللّه و يمضوا على طاعته.
قال: و أوحى اللّه عزّ و جلّ إلى شعيب النبيّ عليه السّلام: أنّي معذّب من قومك مائة ألف، أربعين ألفا من شرارهم و ستّين ألفا من خيارهم، فقال عليه السّلام: يا ربّ، هؤلاء الأشرار فما بال الأخيار؟ فأوحى اللّه عزّ و جلّ إليه: داهنوا أهل المعاصي و لم يغضبوا الغضبي. (1)
بيان:
«يتقرّؤون» : أي يتعبّدون و يتزهّدون يقال: تقرّأ الرجل إذا تنسّك، و التنسّك: التعبّد، فالعطف تفسيري. «ما لا يكلّمهم» : من الكلم بمعنى الجرح، أي لا يضرّهم (الوافي و المرآة) «أسمى الفرائض» : أي أعلاها.
في المرآة ج 18 ص 400، «تأمن المذاهب» : أي مسالك الدين من بدع المبطلين، أو الطرق الظاهرة، أو الأعمّ منهما «يستقيم الأمر» : أي أمر الدين و الدنيا «الصكّ» : الضرب الشديد. «هنالك» : أي حين لم يتّعظوا و لم يرجعوا إلى الحقّ «البغي» : الطلب. «داهنوا» : أي تركوا نصيحتهم و لم يتعرّضوا لهم و لم يمنعوهم من قبائحهم.
6-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: أمرنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أن نلقى أهل المعاصي بوجوه مكفهرّة. (2)
أقول:
رواه الشيخ رحمه اللّه في التهذيب (ج 6 ص 176 ح 356) إلاّ أنّه قال: أدنى الإنكار أن يلقى أهل المعاصي بوجوه مكفهرّة.
و الوجه المكفهرّ أي العابس، في قبال المنبسط.
7-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر خلقان
ص:122
من خلق اللّه، فمن نصرهما أعزّه اللّه و من خذلهما خذله اللّه. (1)
8-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: إنّ اللّه عزّ و جلّ ليبغض المؤمن الضعيف الذي لا دين له، فقيل له: و ما المؤمن الذي لا دين له؟ قال: الذي لا ينهى عن المنكر. (2)
9-عن مسعدة بن صدقة قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول، و سئل عن الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر أ واجب هو على الامّة جميعا؟ فقال: لا، فقيل له: و لم؟ قال: إنّما هو على القويّ المطاع، العالم بالمعروف من المنكر، لا على الضعيف الذي لا يهتدي سبيلا إلى أيّ من أيّ يقول من الحقّ إلى الباطل، و الدليل على ذلك كتاب اللّه عزّ و جلّ قوله: وَ لْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى اَلْخَيْرِ وَ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَ يَنْهَوْنَ عَنِ اَلْمُنْكَرِ.
فهذا خاصّ غير عامّ، كما قال اللّه عزّ و جلّ: وَ مِنْ قَوْمِ مُوسى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَ بِهِ يَعْدِلُونَ. (3)و لم يقل: على امّة موسى، و لا على كلّ قومه و هم يومئذ امم مختلفة، و الامّة واحدة فصاعدا كما قال اللّه عزّ و جلّ: إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً قانِتاً لِلّهِ 4 يقول: مطيعا للّه عزّ و جلّ و ليس على من يعلم ذلك في هذه الهدنة من حرج إذا كان لا قوّة له و لا عذر و لا طاعة.
قال مسعدة: و سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: و سئل عن الحديث الذي جاء عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله «إنّ أفضل الجهاد كلمة عدل عند إمام جائر» ما معناه؟ قال: هذا على أن يأمره بعد معرفته و هو مع ذلك يقبل منه و إلاّ فلا. (4)
ص:123
بيان:
«أيّ من أيّ. . .» : أي لا يعلم الحقّ و الباطل، و يدعون الناس من الحقّ إلى الباطل «الهدنة» : الصلح و المراد هنا زمان صلحنا مع أهل البغي.
«و لا عذر» : و الأصوب كما في التهذيب"و لا عدد"بضمّ العين جمع عدّة أو بالفتح.
10-عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ويل لقوم لا يدينون اللّه بالأمر بالمعروف و النهي عن المنكر. (1)
11-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: كيف بكم إذا فسدت نساؤكم و فسق شبابكم و لم تأمروا بالمعروف و لم تنهوا عن المنكر! فقيل له: و يكون ذلك يا رسول اللّه؟ فقال: نعم و شرّ من ذلك كيف بكم إذا أمرتم بالمنكر و نهيتم عن المعروف، فقيل له: يا رسول اللّه، و يكون ذلك؟ قال: نعم و شرّ من ذلك، كيف بكم إذا رأيتم المعروف منكرا و المنكر معروفا. (2)
أقول:
في نهج البلاغة (ص 448 في خ 147) : «إنّه سيأتي عليكم من بعدي زمان ليس فيه شيء أخفى من الحقّ. . . و لا في البلاد شيء أنكر من المعروف و لا أعرف من المنكر» .
12-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: حسب المؤمن غيرا إذا رأى منكرا أن يعلم اللّه عزّ و جلّ من قلبه إنكاره. (3)
بيان:
في المرآة، «غيرا» : أي غيرة و أنفة عن محارم اللّه، من قولهم غار على امرأته غيرا و غيرة أو تغييرا للمنكر، فإنّه يكفي مع العجز إرادة التغيير في وقت الإمكان
ص:124
و تغيير حبّه و الرضا به عن القلب. . .
13-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّما يؤمر بالمعروف و ينهى عن المنكر مؤمن فيتّعظ أو جاهل فيتعلّم، و أمّا صاحب سوط أو سيف فلا. (1)
14-عن مفضّل بن يزيد، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال لي: يا مفضّل، من تعرّض لسلطان جائر فأصابته بليّة لم يؤجر عليها و لم يرزق الصبر عليها. (2)
15-عن أبي جعفر عليه السّلام في قول اللّه عزّ و جلّ: فَلَمّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ (3)قال: كانوا ثلاثة أصناف: صنف ائتمروا و أمروا فنجوا، و صنف ائتمروا و لم يأمروا فمسخوا ذرّا، و صنف لم يأتمروا و لم يأمروا فهلكوا. (4)
16-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّما يأمر بالمعروف و ينهى عن المنكر من كانت فيه ثلاث خصال: عامل بما يأمر به و تارك لما ينهى عنه، عادل فيما يأمر، عادل فيما ينهى، رفيق فيما يأمر، و رفيق فيما ينهى. (5)
17-عن جعفر بن محمّد عن أبيه عن آبائه عليهم السّلام قال: قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: إنّ اللّه تبارك و تعالى ليبغض المؤمن الضعيف الذي لا زبر له؛ و قال: هو الذي لا ينهى عن المنكر.
قال رحمه اللّه: وجدت بخطّ البرقيّ رحمه اللّه أنّ الزبر هو العقل. . . (6)
18-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: ستكون فتن لا يستطيع المؤمن أن يغيّر فيها بيد و لا لسان، فقال عليّ بن أبي طالب عليه السّلام: يا رسول اللّه، و فيهم يومئذ مؤمنون؟ قال:
ص:125
نعم، قال: فينقص ذلك من إيمانهم شيئا؟ قال: لا، إلاّ كما ينقص القطر من الصفا، إنّهم يكرهونه بقلوبهم. (1)
بيان:
«القطر» : المطر. «الصفا» : الحجر الصلد الضخم. «كما ينقص. . .» : لعلّ المراد أنّ بمرور الزمان ينقص إيمانهم إلاّ أن يكرهونه بقلوبهم فلا ينقص من إيمانهم.
19-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: و انهو غيركم عن المنكر و تناهوا عنه، فإنّما امرتم بالنهي بعد التناهي. (2)
20-و قال عليه السّلام: لعن اللّه الآمرين بالمعروف التاركين له، و الناهين عن المنكر العاملين به. (3)
21-و قال عليه السّلام: فإنّ اللّه سبحانه لم يلعن القرن الماضي بين أيديكم إلاّ لتركهم الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر، فلعن اللّه السفهاء لركوب المعاصي، و الحلماء لترك التناهي. (4)
أقول:
«الحلماء» : في البحار بدلها: "الحكماء".
22-و قال في وصيّته لابنه الحسن عليهما السّلام: و امر بالمعروف تكن من أهله، و أنكر المنكر بيدك و لسانك، و باين من فعله بجهدك، و جاهد في اللّه حقّ جهاده، و لا تأخذك في اللّه لومة لائم. (5)
23-و قال في وصيّته للحسنين عليهم السّلام: لا تتركوا الأمر بالمعروف و النهي
ص:126
عن المنكر فيولّى عليكم أشراركم، ثمّ تدعون فلا يستجاب لكم. (1)
أقول:
في البحار ج 100 ص 77: عن الصادق عن آبائه عن أمير المؤمنين عليهم السّلام مثله و لكن فيه: «فلا يستجاب لكم دعاؤكم» .
24-و قال عليه السّلام في معنى الجهاد: فمن أمر بالمعروف شدّ ظهور المؤمنين، و من نهى عن المنكر أرغم انوف المنافقين. (2)
25-. . . و قال عليه السّلام: أيّها المؤمنون، إنّه من رأى عدوانا يعمل به و منكرا يدعى إليه فأنكره بقلبه فقد سلم و برئ، و من أنكره بلسانه فقد اجر و هو أفضل من صاحبه، و من أنكره بالسيف لتكون كلمة اللّه هي العليا و كلمة الظالمين هي السفلى فذلك الذي أصاب سبيل الهدى و قام على الطريق، و نوّر في قلبه اليقين. (3)
26-و قال عليه السّلام في كلام آخر له يجري هذا المجرى: فمنهم المنكر للمنكر بيده و لسانه و قلبه، فذلك المستكمل لخصال الخير، و منهم المنكر بلسانه و قلبه و التارك بيده فذلك متمسّك بخصلتين من خصال الخير، و مضيّع خصلة، و منهم المنكر بقلبه و التارك بيده و لسانه فذلك الذي ضيّع أشرف الخصلتين من الثلاث و تمسّك بواحدة، و منهم تارك لإنكار المنكر بلسانه و قلبه و يده فذلك ميّت الأحياء.
و ما أعمال البرّ كلّها و الجهاد في سبيل اللّه عند الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر إلاّ كنفثة في بحر لجّيّ، و إنّ الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر لا يقرّبان من أجل، و لا ينقصان من رزق، و أفضل من ذلك كلّه كلمة عدل عند إمام
ص:127
جائر. (1)
بيان:
«النّفثة» : يراد ما يمازج النفس من الريق عند النفخ (آب دهان انداختن) .
«لجّيّ» : كثير الموج.
27-عن أبي جحيفة قال: سمعت أمير المؤمنين عليه السّلام يقول: إنّ أوّل ما تغلبون عليه من الجهاد الجهاد بأيديكم ثمّ بألسنتكم ثمّ بقلوبكم، فمن لم يعرف بقلبه معروفا و لم ينكر منكرا قلب فجعل أعلاه أسفله و أسفله أعلاه. (2)
28-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: ألا أخبركم عن أقوام ليسوا بأنبياء و لا شهداء، يغبطهم الناس يوم القيامة (3)بمنازلهم من اللّه عزّ و جلّ، على منابر من نور؟ قيل: من هم يا رسول اللّه؟ قال: هم الذين يحبّبون عباد اللّه إلى اللّه، و يحبّبون اللّه إلى عباده، قلنا: هذا حبّبوا اللّه إلى عباده، فكيف يحبّبون عباد اللّه إلى اللّه؟ قال: يأمرونهم بما يحبّ اللّه، و ينهونهم عمّا يكره اللّه، فإذا أطاعوهم أحبّهم اللّه. (4)
29-عن محمّد بن عرفة قال: سمعت الرضا عليه السّلام يقول: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إذا تركت امتّي الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر فليؤذن بوقاع من اللّه جلّ اسمه. (5)
بيان:
الأذان: الإعلام.
في مجمع البحرين، «الواقعة» : النازلة الشديدة و الجمع وقاع و وقائع.
ص:128
30-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ما أقرّ قوم بالمنكر بين أظهرهم لا يغيّرونه إلاّ اوشك أن يعمّهم اللّه عزّ و جلّ بعقاب من عنده. (1)
31-عن جعفر بن محمّد عن أبيه عليهما السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّ المعصية إذا عمل بها العبد سرّا لم تضرّ إلاّ عاملها، و إذا عمل بها علانية و لم يغيّر (و لم يعيّر م) عليه أضرّت العامّة.
قال جعفر بن محمّد عليهما السّلام: و ذلك أنّه يذلّ بعمله دين اللّه و يقتدي به أهل عداوة اللّه. (2)
32-بهذا الإسناد قال: قال عليّ عليه السّلام: أيّها الناس، إنّ اللّه عزّ و جلّ لا يعذّب العامّة بذنب الخاصّة إذا عملت الخاصّة بالمنكر سرّا من غير أن تعلم العامّة، فإذا عملت الخاصّة بالمنكر جهارا فلم يغيّر (فلم يعيّر م) ذلك العامّة استوجب الفريقان العقوبة من اللّه عزّ و جلّ.
و قال: لا يحضرنّ أحدكم رجلا يضربه سلطان جائر ظلما و عدوانا و لا مقتولا و لا مظلوما إذا لم ينصره، لأنّ نصرة المؤمن على المؤمن فريضة واجبة إذا هو حضره، و العافية أوسع ما لم تلزمك الحجّة الحاضرة. قال: و لمّا جعل التفضّل (وقع التقصير م) في بني إسرائيل جعل الرجل منهم يرى أخاه على الذنب فينهاه فلا ينتهي فلا يمنعه ذلك أن يكون أكيله و جليسه و شريبه حتّى ضرب اللّه عزّ و جلّ قلوب بعضهم ببعض و نزل فيه (فيهم م) القرآن حيث يقول عزّ و جلّ: لُعِنَ اَلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى لِسانِ داوُدَ وَ عِيسَى اِبْنِ مَرْيَمَ ذلِكَ بِما عَصَوْا وَ كانُوا يَعْتَدُونَ- كانُوا لا يَتَناهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ. . . 3. (3)
ص:129
33-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قوله: كانُوا لا يَتَناهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ ما كانُوا يَفْعَلُونَ قال: أما إنّهم لم يكونوا يدخلون مداخلهم و لا يجلسون مجالسهم، و لكن كانوا إذا لقوهم ضحكوا في وجوههم و أنسوا بهم. (1)
34-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّ رجلا من خثعم جاء إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فقال له: أخبرني ما أفضل الأعمال؟ فقال: الإيمان باللّه، قال: ثمّ ما ذا؟ قال: صلة الرحم، قال: ثمّ ما ذا؟ فقال: الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر. (2)
35-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: لا يزال الناس بخير ما أمروا بالمعروف و نهوا عن المنكر، و تعاونوا على البرّ، فإذا لم يفعلوا ذلك نزعت عنهم البركات، و سلّط بعضهم على بعض، و لم يكن لهم ناصر في الأرض و لا في السماء. (3)
36-عن الثماليّ عن أبي جعفر عليه السّلام قال: سمعته يقول: أما إنّه ليس من سنة أقلّ مطرا من سنة، و لكن اللّه يضعه حيث يشاء، إنّ اللّه جلّ جلاله إذا عمل قوم بالمعاصي صرف عنهم ما كان قدّر لهم من المطر في تلك السنة إلى غيرهم، و إلى الفيافي و البحار و الجبال. . . و إذا لم يأمروا بمعروف و لم ينهوا عن منكر و لم يتّبعوا الأخيار من أهل بيتي سلّط اللّه عليهم شرارهم، فيدعو عند ذلك خيارهم فلا يستجاب لهم. (4)
أقول:
قد مرّ تمام الحديث في باب الذنب.
37-قال الصادق عليه السّلام: من لم ينسلخ عن هواجسه و لم يتخلّص من آفات نفسه و شهواتها و لم يهزم الشيطان و لم يدخل في كنف اللّه (و توحيده ف ن)
ص:130
و أمان عصمته لا يصلح له الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر، لأنّه إذا لم يكن بهذه الصفة فكلّما أظهر أمرا يكون حجّة عليه و لا ينتفع الناس به. قال اللّه تعالى: أَ تَأْمُرُونَ اَلنّاسَ بِالْبِرِّ وَ تَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ و يقال له: يا خائن، أتطالب خلقي بما خنت به نفسك و أرخيت عنه عنانك.
روي أنّ ثعلبة الأسديّ سأل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عن هذه الآية: يا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اِهْتَدَيْتُمْ (1)فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: و امر بالمعروف و انه عن المنكر و الصبر على ما أصابك حتّى إذا رأيت شحّا مطاعا و هوى متّبعا و إعجاب كلّ ذي رأي برأيه، فعليك بنفسك و دع عنك أمر العامّة.
و صاحب الأمر بالمعروف يحتاج إلى أن يكون عالما بالحلال و الحرام، فارغا من خاصّة نفسه ممّا يأمرهم به و ينهاهم عنه، ناصحا للخلق رحيما لهم رفيقا بهم، داعيا لهم باللطف و حسن البيان، عارفا بتفاوت أخلاقهم، لينزّل كلاّ منزلته، بصيرا بمكر النفس و مكائد الشيطان، صابرا على ما يلحقه، لا يكافئهم بها و لا يشكو منهم و لا يستعمل الحميّة، و لا يغتاظ لنفسه، مجرّدا نيّته للّه مستعينا به و مبتغيا لوجهه، فإن خالفوه و جفوه صبر، و إن وافقوه و قبلوا منه شكر، مفوّضا أمره إلى اللّه ناظرا إلى عيبه. (2)
بيان:
هجس الشيء في صدره: خطر بباله أو هو أن يحدّث نفسه في صدره مثل الوسواس، و الهاجس جمع هواجس: ما وقع في قلبك و بالك.
«أرخيت عنه» : يقال: أرخى زمام الناقة: خلاف جذبه.
ص:131
38-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:
الأمر بالمعروف أفضل أعمال الخلق. (الغرر ج 1 ص 86 ف 1 ح 1998)
إنّ الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر لا يقرّبان من أجل، و لا ينقصان من رزق، لكن يضاعفان الثواب و يعظمان الأجر، و أفضل منهما كلمة عدل عند إمام جائر. (ص 253 ف 9 ح 272)
إنّي لأرفع نفسي عن (أن ظ) أنهى الناس عمّا لست أنتهي عنه أو آمرهم بما لا أسبقهم إليه بعملي أو أرضى منهم بما لا يرضي ربّي. (ص 283 ف 12 ح 9)
إنّي لا أحثّكم على طاعة إلاّ و أسبقكم إليها، و لا أنهاكم عن معصية إلاّ و أتناهى قبلكم عنها. (ح 10)
إذا رأى أحدكم المنكر و لم يستطع أن ينكره بيده و لسانه و أنكره بقلبه و علم اللّه صدق ذلك منه فقد أنكره. (ص 325 ف 17 ح 180)
غاية الدين الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و إقامة الحدود.
(ج 2 ص 505 ف 56 ح 28)
قوام الشريعة الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و إقامة الحدود.
(ص 541 ف 61 ح 104)
كفى بالمرء غواية أن يأمر الناس بما لا يأتمر به، و ينهاهم عمّا لا ينتهي عنه.
(ص 560 ف 65 ح 64)
كفى بالمرء جهلا أن ينكر على الناس ما يأتي مثله. (ح 65)
كن آمرا بالمعروف و عاملا به، و لا تكن ممّن يأمر به و ينأى عنه فتبوء بإثمه و تتعرّض لمقت ربّه. (ص 569 ف 67 ح 58)
من كنّ فيه ثلاث سلمت له الدنيا و الآخرة: يأمر بالمعروف و يأتمر به، و ينهى عن المنكر و ينتهي عنه، و يحافظ على حدود اللّه جلّ و علا.
(ص 711 ف 77 ح 1414)
ص:132
1- وَ إِذِ اِعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَ ما يَعْبُدُونَ إِلاَّ اَللّهَ فَأْوُوا إِلَى اَلْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَ يُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرْفَقاً. (1)
2- وَ أَعْتَزِلُكُمْ وَ ما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اَللّهِ وَ أَدْعُوا رَبِّي عَسى أَلاّ أَكُونَ بِدُعاءِ رَبِّي شَقِيًّا- فَلَمَّا اِعْتَزَلَهُمْ وَ ما يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اَللّهِ وَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَ يَعْقُوبَ وَ كُلاًّ جَعَلْنا نَبِيًّا. (2)
1-في حديث موسى بن جعفر عليهما السّلام لهشام: يا هشام، الصبر على الوحدة علامة قوّة العقل، فمن عقل عن اللّه اعتزل أهل الدنيا و الراغبين فيها، و رغب فيما عند اللّه، و كان اللّه انسه في الوحشة، و صاحبه في الوحدة، و غناه في العيلة، و معزّه
ص:133
من غير عشيرة. (1)
2-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام، قال له رجل: جعلت فداك، رجل عرف هذا الأمر، لزم بيته و لم يتعرّف إلى أحد من إخوانه؟ قال: فقال: كيف يتفقّه هذا في دينه؟ ! (2)
بيان:
في المرآة ج 1 ص 102، «لم يتعرّف إلى أحد» : أي اعتزل الناس و لم يخالطهم أو لم يسأل عنهم انتهى.
«كيف يتفقّه هذا في دينه» نهي في بعض الأخبار ترك الجماعات و الرهبانيّة و ترك التفقّه و ترك حقوق الإخوان و. . . و في بعضها أمروا عليهم السّلام بالعزلة عن الناس، فالجمع بينها يقتضي أوّلا، أنّ لزوم البيت و العزلة ممدوح مع الإتيان بالحقوق و الواجبات الشرعيّة، كالتفقّه في الدين، و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و ارشاد الضالّ، و معاونة الضعيف و نصرة المظلوم.
و ثانيا، أنّ الناس مختلفون بحسب الأحوال و الأزمان و الأمكنة، فينبغي أن ينظر العبد إلى حاله و خليطه و إلى باعث مخالطته. فالمراد بالعزلة العزلة عن أهل الدنيا الذين يشغلون الإنسان عن ذكر اللّه، لا أهل الآخرة من العلماء و العقلاء و العرفاء الذين يكتسب من أخلاقهم و يستفيد من علومهم و أحوالهم و يتوصّل إلى الأجر و الثواب بمخالطتهم. كما يشهد لذلك قول موسى بن جعفر عليه السّلام لهشام الذي قد مرّ. و لا يخفى أنّ أصل العزلة و أهمّها العزلة بالقلب، كما ورد في الأخبار (3)؛ «فصاحبهم ببدنه و لم يصاحبهم بقلبه» .
فالمؤمن شخصه مع الخلق و قلبه و توجّهه مع اللّه و إلى اللّه، و لكن في أوائل سلوكه
ص:134
و مجاهدته يحتاج إلى عزلة شخصه أيضا في أكثر الأوقات.
3-عن حفص بن غياث عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال: إن قدرتم أن لا تعرفوا فافعلوا، و ما عليك أن لم يثن الناس عليك، و ما عليك أن تكون مذموما عند الناس إذا كنت عند اللّه محمودا. . . إن قدرت على أن لا تخرج من بيتك فافعل، فإنّ عليك في خروجك أن لا تغتاب و لا تكذب و لا تحسد و لا ترائي و لا تتصنّع و لا تداهن، ثمّ قال: نعم صومعة المسلم بيته، يكفّ فيه بصره و لسانه و نفسه و فرجه. . . (1)
4-قال أمير المؤمنين عليه السّلام (في حديث) : طوبى لمن لزم بيته، و أكل كسرته، و بكى على خطيئته، و كان من نفسه في تعب، و الناس منه في راحة. (2)
5-عن أبي عبد اللّه عن آبائه عن عليّ عليهم السّلام قال: ثلاث منجيات: تكفّ لسانك، و تبكي على خطيئتك، و يسعك بيتك. (3)
أقول:
في الخصال ج 1 ص 85 باب الثلاثة في ح 13 عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله مثله، إلاّ و فيه: «و تلزم بيتك» .
و قد مرّ في باب البكاء ف 1، عن عليّ عليه السّلام قال: قال عيسى عليه السّلام: «طوبى لمن كان صمته فكرا، و نظره عبرا، و وسعه بيته، و بكى على خطيئته و سلم الناس من يده و لسانه» و مرّ فيه أيضا شرح الحديث.
6-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: يا أيّها الناس، طوبى لمن شغله عيبه عن عيوب الناس، و طوبى لمن لزم بيته، و أكل قوته، و اشتغل بطاعة ربّه، و بكى
ص:135
على خطيئته، فكان من نفسه في شغل، و الناس منه في راحة. (1)
7-في وصيّة أمير المؤمنين لابنه الحسن عليهما السّلام: أي بنيّ، . . . و من تفكّر اعتبر، و من اعتبر اعتزل، و من اعتزل سلم. . . أي بنيّ، العافية عشرة أجزاء: تسعة منها في الصمت إلاّ بذكر اللّه و واحد في ترك مجالسة السفهاء. . . (2)
8-في حكم الرضا عليه السّلام: يأتي على الناس زمان تكون العافية فيه عشرة أجزاء: تسعة منها في اعتزل الناس و واحد في الصمت. (3)
9-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: أيّها الناس، إنّ الطمع فقر، و اليأس غنى، و القناعة راحة، و العزلة عبادة، و العمل كنز، و الدنيا معدن. . . (4)
10-عن سفيان الثوريّ قال: قصدت جعفر بن محمّد عليهما السّلام، فأذن لي بالدخول، فوجدته في سرداب ينزل اثنى عشر مرقاة، فقلت: يابن رسول اللّه، أنت في هذا المكان مع حاجة الناس إليك، فقال: يا سفيان، فسد الزمان، و تنكّر الإخوان، و تقلّب الأعيان، فاتّخذنا الوحدة سكنا. . . (5)
11-قال الصادق جعفر بن محمّد عليهما السّلام: إنّ اللّه تبارك و تعالى أوحى إلى داود عليه السّلام: مالي أراك وحدانا؟ قال: هجرت الناس و هجروني فيك، قال: فما لي أراك ساكتا؟ قال: خشيتك أسكتتني، قال: فما لي أراك نصبا؟ قال: حبّك أنصبني، قال: فما لي أراك فقيرا و قد أفدتك؟ قال: القيام بحقّك أفقرني، قال: فما لي أراك متذلّلا؟ قال: عظيم جلالك الذي لا يوصف ذلّلني، و حقّ ذلك لك يا سيّدي، قال اللّه جلّ جلاله: فأبشر بالفضل منّي فلك ما تحبّ يوم تلقاني، خالط الناس
ص:136
و خالفهم بأخلاقهم و زايلهم في أعمالهم تنل ما تريد منّي يوم القيامة. (1)
أقول:
قد مرّ بهذا المعنى في باب الشهرة و فيه: عنه عليه السّلام قال: طوبى لعبد نومة، عرف الناس فصاحبهم ببدنه، و لم يصاحبهم في أعمالهم بقلبه، فعرفوه في الظاهر، و عرفهم في الباطن.
بيان: «أراك نصبا» : لعلّ المعنى؛ ما لي أراك مجدّا مجتهدا في العبادة متعبا نفسك فيها «أفدتك» : أي أعطيتك. «زايلهم في أعمالهم» : أي باينهم و فارقهم في أعمالهم الرديّة و أفعالهم الرذيلة.
12-عن جابر عن أبي جعفر عليه السّلام قال: يأتي على الناس زمان يغيب عنهم إمامهم، فيا طوبى للثابتين على أمرنا في ذلك الزمان. . . قال جابر: فقلت: يابن رسول اللّه، فما أفضل ما يستعمله المؤمن في ذلك الزمان؟ قال: حفظ اللسان و لزوم البيت. (2)
13-قال الصادق عليه السّلام: إنّ اللّه جلّ و عزّ أوحى إلى نبيّ من أنبياء بني إسرائيل: إن أحببت أن تلقاني غدا في حظيرة القدس؛ فكن في الدنيا وحيدا غريبا مهموما محزونا مستوحشا من الناس، بمنزلة الطير الواحد الذي يطير في الأرض القفار، و يأكل من رؤوس الأشجار، و يشرب من ماء العيون، فإذا كان الليل أوى وحده، و لم يأو مع الطيور، استأنس بربّه، و استوحش من الطيور. (3)
بيان:
«الأرض القفار» : أي الأرض التي لا ماء فيها و لا ناس و لا كلأ.
ص:137
14-قال أبو محمّد عليه السّلام: من آنس باللّه استوحش من الناس. (1)
أقول:
زاد في لئالي الأخبار (ج 1 ص 168) : «و علامة الانس باللّه الوحشة من الناس» .
15-عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: خالط الناس تخبرهم و متى تخبرهم تقلهم. (2)
أقول:
في نهج البلاغة (ص 1289 ح 426) عن أمير المؤمنين عليه السّلام: اخبر تقله.
بيان: يقال: قلاه يقليه إذا أبغضه و الهاء في «تقله» للسكت. و المعنى: خالط الناس و عاشرهم، فإذا اختبرتهم و جرّبتهم، عرفتهم حقيقة المعرفة، فتكشف لك مساويهم و سوء أخلاقهم فتبغضهم و تتركهم.
16-و عن أبي محمّد العسكريّ عليه السّلام قال: الوحشة من الناس على قدر الفطنة بهم. (3)
أقول:
قد مرّ في باب العبادة عن الباقر عليه السّلام: لا يكون العبد عابدا للّه حقّ عبادته حتّى ينقطع عن الخلق كلّهم إليه، فحينئذ يقول: هذا خالص لي فيقبله بكرمه.
17-عن الوليد بن صبيح قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: لو لا الموضع الذي وضعني اللّه فيه، لسرّني أن أكون على رأس جبل، لا أعرف الناس و لا يعرفوني، حتّى يأتيني الموت. (4)
18-عن عبد الواحد قال: قال لي أبو جعفر عليه السّلام: يا عبد الواحد،
ص:138
ما يضرّك-أو ما يضرّ رجلا-إذا كان على الحقّ، ما قال له الناس، و لو قالوا مجنون، و ما يضرّه لو كان على رأس جبل يعبد اللّه حتّى يجيئه الموت! (1)
أقول:
بهذا المعنى أخبار اخر، في بعضها: «ما يضرّ من كان على هذا الأمر» .
و مرّ في باب الإيمان ف 1: «يقول اللّه: . . . و جعلت له من إيمانه انسا لا يحتاج فيه إلى أحد» .
19-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: أحبّ الناس إليّ منزلة رجل يؤمن باللّه و رسوله، و يقيم الصلاة، و يؤتي الزكاة، و يعمر ماله، و يحفظ دينه، و يعتزل الناس. (2)
20-عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: العزلة عبادة إذا قلّ العتب على الرجل قعوده في بيته. (3)
21-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: يأتي على الناس زمان تكون العافية (فيه) عشرة أجزاء، تسعة منها في اعتزال الناس، و واحدة في الصمت. (4)
22-عن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه السّلام قال: [كان أمير المؤمنين عليه السّلام يقول:] يأتي على الناس زمان يكون فيه أحسنهم حالا من كان جالسا في بيته. (5)
23-قال أمير المؤمنين عليه السّلام (في حديث) : و طلبت الراحة فما وجدت إلاّ بترك مخالطة الناس، لقوام عيش الدنيا، اتركوا الدنيا و مخالطة الناس، تستريحوا في الدارين، و تأمنوا من العذاب. . . (6)
ص:139
24-عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال لعقبة بن عامر الجهنيّ، لّما سأله عن طريق النجاة، فقال له: أمسك عليك لسانك، و ليسعك بيتك، و ابك على خطيئتك. (1)
25-قال الصادق عليه السّلام: صاحب العزلة متحصّن بحصن اللّه تعالى و متحرّس بحراسته، فيا طوبى لمن تفرّد به سرّا و علانية، و هو يحتاج إلى عشرة خصال: علم الحقّ و الباطل، و تحبّب الفقر، و اختيار الشدّة، و الزهد، و اغتنام الخلوة، و النظر في العواقب، و رؤية التقصير في العبادة مع بذل المجهود، و ترك العجب، و كثرة الذكر بلا غفلة، فإنّ الغفلة مصطاد الشيطان، و رأس كلّ بليّة و سبب كلّ حجاب، و خلوة البيت عمّا لا يحتاج إليه في الوقت.
قال عيسى بن مريم عليهما السّلام: اخزن لسانك لعمارة قلبك و ليسعك بيتك، و احذر من الرياء و فضول معاشك، و استحي من ربّك، و ابك على خطيئتك، و فرّ من الناس فرارك من الأسد و الأفعي، فإنّهم كانوا دواء فصاروا اليوم داء، ثمّ الق اللّه متى شئت.
قال ربيع بن خثيم: إن استطعت أن تكون اليوم في موضع لا تعرف و لا تعرف فافعل، و في العزلة صيانة الجوارح، و فراغ القلب، و سلامة العيش، و كسر سلاح الشيطان، و المجانبة من كلّ سوء، و راحة القلب، و ما من نبيّ و لا وصيّ إلاّ و اختار العزلة في زمانه، إمّا في ابتدائه و إمّا في انتهائه. (2)
26-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:
السلامة بالتفرّد. (الغرر ج 1 ص 15 ف 1 ح 380)
الراحة في الزهد. (ح 381)
ص:140
الانفراد راحة المتعبّدين. (ص 24 ح 712)
العزلة حسن (حصن ف ن) التقوى. (ص 37 ح 1152)
العزلة أفضل شيم الأكياس. (ص 52 ح 1454)
إذا رأيت اللّه سبحانه (يؤنسك بخلقه و) يوحشك (من ذكره) فقد أبغضك. (ص 313 ف 17 ح 68)
ثمرة الانس باللّه الاستيحاش من الناس. (ص 360 ف 23 ح 40)
[سلامة الدين في اعتزال الناس] . (1)
في الانفراد لعبادة اللّه كنوز الأرباح-في اعتزل أبناء الدنيا جماع الصلاح.
(ج 2 ص 514 ف 58 ح 62 و 63)
قلّة الخلطة تصون الدين، و تريح من مقارنة الأشرار. (ص 537 ف 61 ح 59)
كيف يأنس باللّه من لا يستوحش من الخلق؟ ! (ص 555 ف 64 ح 30)
كثرة المعارف محنة، و خلطة الناس فتنة. (ص 563 ف 66 ح 41)
من اعتزل سلم-من اختبر اعتزل. (ص 611 ف 77 ح 5 و 9)
من اعتزل حسنت زهادته. (ص 617 ح 154)
من عرف الناس تفرّد. (ص 619 ح 189)
من اعتزل سلم ورعه. (ص 627 ح 328)
من انفرد كفي الأحزان. (ص 628 ح 347)
من خالط الناس ناله مكرهم-من اعتزل الناس سلم من شرّهم.
(ص 637 ح 495 و 496)
من انفرد عن الناس صان دينه. (ص 645 ح 608)
من انفرد عن الناس آنس باللّه سبحانه. (ص 670 ح 981)
ص:141
ملازمة الخلوة دأب الصلحاء. (ص 759 ف 80 ح 46)
مداومة الوحدة أسلم من خلطة الناس. (ص 761 ح 84)
نعم العبادة العزلة. (ص 771 ف 81 ح 13)
ينبغي لمن أراد إصلاح نفسه و إحراز دينه أن يجتنب مخالطة (أبناء) الدنيا. (ص 862 ف 87 ح 30)
أقول:
قد مرّ في باب التزويج عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: ليأتينّ على الناس زمان لا يسلم لذي دين دينه إلاّ من يفرّ من شاهق إلى شاهق، و من جحر إلى جحر كالثعلب بأشباله. . .
ص:142
1- إِذْ جَعَلَ اَلَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ اَلْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ اَلْجاهِلِيَّةِ. . . (1)
2- اِعْلَمُوا أَنَّمَا اَلْحَياةُ اَلدُّنْيا لَعِبٌ وَ لَهْوٌ وَ زِينَةٌ وَ تَفاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَ تَكاثُرٌ فِي اَلْأَمْوالِ وَ اَلْأَوْلادِ. . . (2)
3- . . . وَ اَللّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ. (3)
1-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من تعصّب أو تعصّب له فقد خلع ربقة الإيمان من عنقه. (4)
بيان:
في النهاية ج 2 ص 190، الربقة في الأصل: عروة في حبل تجعل في عنق البهيمة أو
ص:143
يدها تمسكها، فاستعارها للإسلام، يعني ما يشدّ به المسلم نفسه من عرى الإسلام: أي حدوده و أحكامه و أوامره و نواهيه. و تجمع الربقة على ربق. . .
«من تعصّب» في النهاية ج 3 ص 245، و فيه: «العصبيّ من يعين قومه على الظلم» العصبيّ: هو الذي يغضب لعصبته و يحامى عنهم، و العصبة: الأقارب من جهة الأب، لأنّهم يعصّبونه و يعتصب بهم: أي يحيطون به و يشتدّ بهم. و منه الحديث: «ليس منّا من دعا إلى عصبيّة، أو قاتل عصبيّة» العصبيّة و التعصّب: المحاماة و المدافعة.
و في المرآة ج 10 ص 174: التعصّب المذموم في الأخبار هو أن يحمى قومه أو عشيرته أو أصحابه في الظلم و الباطل، أو يلج في مذهب باطل، أو مسألة باطلة، لكونه دينه أو دين آبائه أو عشيرته، و لا يكون طالبا للحقّ بل ينصر ما لم يعلم أنّه حقّ أو باطل للغلبة على الخصوم، أو لإظهار تدرّبه في العلوم أو اختار مذهبا ثمّ ظهر له خطاؤه، فلا يرجع عنه لئلا ينسب إلى الجهل أو الضلال، فهذه كلّها عصبيّة باطلة مهلكة توجب خلع ربقة الإيمان، و قريب منه الحميّة، قال سبحانه: إِذْ جَعَلَ اَلَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ اَلْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ اَلْجاهِلِيَّةِ.
قال الطبرسيّ رحمه اللّه: الحميّة: الأنفة و الإنكار يقال: فلان ذو حميّة منكرة إذا كان ذا غضب و أنفة، أي حميت قلوبهم بالغضب كعادة آبائهم في الجاهليّة أن لا يذعنوا لأحد و لا ينقادوا له.
و قال الراغب: عبّر عن القوّة الغضبيّة إذا ثارت و كثرت بالحميّة، فقيل: حميت على فلان أي غضبت عليه انتهى.
و أمّا التعصّب في دين الحقّ و الرسوخ فيه و الحماية عنه، و كذا في المسائل اليقينيّة و الأعمال الدينيّة أو حماية أهله و عشيرته بدفع الظلم عنهم، فليس من العصبيّة و الحميّة المذمومة، بل بعضها واجب.
ثمّ إنّ هذا الذمّ و الوعيد في المتعصّب ظاهر، و أمّا المتعصّب له فلا بدّ من تقييده
ص:144
بما إذا كان هو الباعث له و الراضي به، و إلاّ فلا إثم عليه. و خلع ربقة الإيمان إمّا كناية عن خروجه من الإيمان رأسا للمبالغة أو عن إطاعة الإيمان للإخلال بشريعة عظيمة من شرايعه، أو المعنى خلع ربقة من ربق الإيمان التي ألزمها الإيمان عليه من عنقه.
و في جامع السعادات ج 1 ص 366، العصبيّة: و هي السعي في حماية نفسه أو ماله إليه نسبة من الدين، و الأرقاب، و العشائر، و أهل البلد، قولا أو فعلا، فإن كان ما يحميه و يدفع عنه السوء ممّا يلزم حفظه و حمايته، و كانت حمايته بالحقّ من دون خروج من الإنصاف و الوقوع في ما لا يجوز شرعا، فهو الغيرة الممدوحة التي هي من فضائل قوّة الغضب كما مرّ، و إن كان ممّا لا يلزم حمايته، أو كانت حمايته بالباطل، بأن يخرج عن الإنصاف و ارتكب ما يحرم شرعا، فهو التعصّب المذموم، و هو من رداءة قوّة الغضب. . . و الغالب إطلاق العصبيّة في الأخبار على التعصّب المذموم، و لذا ورد بها الذمّ.
2-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من كان في قلبه حبّة من خردل من عصبيّة، بعثه اللّه يوم القيامة مع أعراب الجاهليّة. (1)
3-عن محمّد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من تعصّب عصبه اللّه بعصابة من نار. (2)
بيان:
«العصابة» كلّ ما يعصّب به الرأس أو العمامة.
4-قال عليّ بن الحسين عليهما السّلام: لم يدخل الجنّة حميّة غير حميّة حمزة بن عبد المطّلب-و ذلك حين أسلم-غضبا للنبيّ صلّى اللّه عليه و آله في حديث السّلا الذي القي
ص:145
على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله. (1)
بيان:
«السّلى» : الجلدة التي فيها الولد من المواشي ألقاها المشركون (لعنهم اللّه) على رأسه صلّى اللّه عليه و آله حين وجدوه في السجود فأخذت حمزة عليه السّلام الحميّة له فأسلم.
5-عن داود بن فرقد عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ الملائكة كانوا يحسبون أنّ إبليس منهم و كان في علم اللّه أنّه ليس منهم، فاستخرج ما في نفسه بالحميّة و الغضب فقال: خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَ خَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ 2. (2)
6-عن الزهريّ قال: سئل عليّ بن الحسين عليهما السّلام عن العصبيّة، فقال: العصبيّة التي يأثم عليها صاحبها أن يرى الرجل شرار قومه خيرا من خيار قوم آخرين، و ليس من العصبيّة أن يحبّ الرجل قومه، و لكن من العصبيّة أن يعين قومه على الظلم. (3)
7-عن أبي حمزة الثمالي قال: قال عليّ بن الحسين عليهما السّلام: عجبا للمتكبّر الفخور، الذي كان بالأمس نطفة ثمّ هو غدا جيفة. (4)
بيان:
في المصباح: فخرت به فخرا من باب نفع و افتخرت مثله و الاسم الفخار بالفتح: و هو المباهاة بالمكارم و المناقب من حسب و نسب و غير ذلك إمّا في المتكلّم أو في آبائه.
و في جامع السعادات ج 1 ص 363: الافتخار أي المباهاة باللسان بما توهّمه كمالا،
ص:146
و الغالب كون المباهاة بالامور الخارجة عن ذاته، و هو بعض أصناف التكبّر-كما اشير إليه-فكلّ ما ورد في ذمّه يدلّ على ذمّه، و الأسباب الباعثة عليه هي أسباب التكبّر، و قد تقدّم أنّ شيئا منها لا يصلح لأن يكون منشأ للافتخار، فهو ناش من محض الجهل و السفاهة.
و في المفردات، الفخر: المباهاة في الأشياء الخارجة عن الإنسان كالمال و الجاه.
8-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: آفة الحسب الافتخار و العجب. (1)
أقول:
ح 6 مثله، و لكن ليس فيه كلمة"العجب".
بيان: في المرآة ج 10 ص 286، الحسب: الشرف و المجد الحاصل من جهة الآباء و قد يطلق على الشرافة الحاصلة من الأفعال الحسنة و الأخلاق الكريمة، و إن لم تكن من جهة الآباء. . .
9-قال أبو جعفر عليه السّلام: عجبا للمختال الفخور، و إنّما خلق من نطفة ثمّ يعود جيفة، و هو فيما بين ذلك لا يدري ما يصنع به. (2)
10-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: أتى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله رجل فقال: يا رسول اللّه، أنا فلان بن فلان حتّى عدّ تسعة، فقال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أما إنّك عاشرهم في النار. (3)
أقول:
قد مرّ في باب العجب: «آفة الدين الحسد و العجب و الفخر» و في باب السلاطين: «إنّ اللّه عزّ و جلّ يعذّب ستّة بستّة: العرب بالعصبيّة. . .» .
ص:147
11-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ثلاث إذا كنّ في الرجل (في المرء م) فلا تتحرّج أن تقول إنّها في جهنّم: البذاء و الخيلاء و الفخر. (1)
بيان:
«التحرّج» : تجنّب الإثم. «الخيلاء» : الكبر و العجب.
12-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: من وضع شيئا للمفاخرة حشره اللّه يوم القيامة أسود. (2)
13-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: ما لابن آدم و الفخر، أوّله نطفة، و آخره جيفة، لا يرزق نفسه، و لا يدفع حتفة. (3)
بيان:
«الحتف» : الموت.
14-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: الرجل ليعجبه شراك نعله فيدخل في هذه الآية: تِلْكَ اَلدّارُ اَلْآخِرَةُ نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي اَلْأَرْضِ وَ لا فَساداً. . . . (4)
15-عن موسى بن جعفر عن آبائه عن الحسين بن عليّ عليهم السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: أهلك الناس اثنان: خوف الفقر، و طلب الفخر. (5)
16-عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يتعوّذ في كلّ يوم من ستّ [خصال] : من الشكّ، و الشرك، و الحميّة، و الغضب،
ص:148
و البغي، و الحسد. (1)
17-عن الصادق جعفر بن محمّد عن أبيه عن جدّه عليهم السّلام قال: وقع بين سلمان الفارسيّ رحمه اللّه و بين رجل كلام و خصومة، فقال له الرجل: من أنت يا سلمان؟ فقال سلمان: أمّا أوّلي و أوّلك فنطفة قذرة، و أمّا آخري و آخرك فجيفة منتنة، فإذا كان يوم القيامة و وضعت الموازين، فمن ثقل ميزانه فهو الكريم، و من خفّ ميزانه فهو اللئيم. (2)
18-عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر قال: كنت عند الرضا عليه السّلام فأمسيت عنده قال: فقلت: أنصرف؟ فقال لي: لا تنصرف فقد أمسيت قال: فأقمت عنده قال: فقال لجاريته: هاتي مضرّبتي و وسادتي فأفرش لأحمد في ذلك البيت.
قال: فلمّا صرت في البيت دخلني شيء فجعل يخطر ببالي: من مثلي في بيت وليّ اللّه، و على مهاده! فناداني يا أحمد، إنّ أمير المؤمنين عليه السّلام عاد صعصعة بن صوحان فقال: يا صعصعة بن صوحان، لا تجعل عيادتي إيّاك فخرا على قومك، و تواضع للّه يرفعك. (3)
بيان:
«المضرّبة» يقال بالفارسيّة: رختخواب.
19-قال الباقر عليه السّلام: صعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله المنبر يوم فتح مكّة، فقال: أيّها الناس، إنّ اللّه قد أذهب عنكم نخوة الجاهليّة و تفاخرها بآبائها، ألا إنّكم من آدم و آدم من طين، ألا إنّ خير عباد اللّه عبد اتّقاه. (4)
ص:149
20-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال: إن كنتم لا محالة متعصّبين فتعصّبوا لنصرة الحقّ و إغاثة الملهوف. (الغرر ج 1 ص 277 ف 10 ح 33)
ص:150
1-عن زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام قال: ما عبد اللّه بشيء أفضل من عفّة بطن و فرج. (1)
بيان:
في المصباح: عفّ عن الشيء يعفّ. . . امتنع عنه، و في القاموس: عفّ عفّا و عفافا و عفافة بفتحهنّ و عفّة بالكسر فهو عفّ و عفيف: كفّ عمّا لا يحلّ و لا يجمل كاستعفّ و تعفّف.
و في المفردات: العفّة، حصول حالة للنفس تمتنع بها عن غلبة الشهوة، و المتعفّف المتاطي لذلك بضرب من الممارسة و القهر، و أصله الاقتصار على تناول الشيء القليل الجاري مجرى العفافة، و العفّة أي البقيّة من الشيء، أو مجرى العفعف و هو ثمر الأراك، و الاستعفاف طلب العفّة.
و في جامع السعادات ج 2 ص 16: «العفّة» هو انقياد قوّة الشهوة للعقل في الإقدام على ما يأمرها به من المأكل و المنكح كمّا و كيفا، و الاجتناب عمّا ينهاها عنه، و هو الاعتدال الممدوح عقلا و شرعا، و طرفاه من الإفراط و التفريط مذمومان. . .
ص:151
و في المرآة ج 8 ص 66: العفّة، في الأصل الكفّ. . . و تطلق في الأخبار غالبا على عفّة البطن و الفرج و كفّهما عن مشتهياتهما المحرّمة، بل المشتبهة و المكروهة أيضا من المأكولات و المشروبات و المنكوحات، بل من مقدّماتهما من تحصيل الأموال المحرّمة لذلك و من القبلة و اللمس و النظر إلى المحرّم، و يدلّ على أنّ ترك المحرّمات من العبادات و كونهما من أفضل العبادات [و كون العفّتين من أفضل العبادات] لكونهما أشقّهما.
2-عن سدير قال: قال أبو جعفر عليه السّلام: إنّ أفضل العبادة عفّة البطن و الفرج. (1)
3-عن أبي جعفر عليه السّلام قال: ما من عبادة أفضل عند اللّه من عفّة بطن و فرج. (2)
4-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: كان أمير المؤمنين عليه السّلام يقول: أفضل العبادة العفاف. (3)
5-عن أبي بصير قال: قال رجل لأبي جعفر عليه السّلام: إنّي ضعيف العمل قليل الصيام، و لكنّي أرجو أن لا آكل إلاّ حلالا، قال: فقال له: أيّ الاجتهاد أفضل من عفّة بطن و فرج. (4)
6-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أكثر ما تلج به امّتي النار الأجوفان: البطن و الفرج. (5)
ص:152
بيان:
«تلج» أي تدخل.
7-و بإسناده قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ثلاث أخافهنّ على امّتي من بعدي: الضلالة بعد المعرفة، و مضلاّت الفتن، و شهوة البطن و الفرج. (1)
8-في وصيّة أمير المؤمنين عليه السّلام لمحمّد بن الحنفيّة قال: و من لم يعط نفسه شهوتها أصاب رشده. (2)
9-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من ضمن لي اثنتين ضمنت له على اللّه الجنّة: من ضمن لي ما بين لحييه و ما بين رجليه ضمنت له على اللّه الجنّة، يعني: ضمن لي لسانه و فرجه. (3)
10-عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد اللّه الصادق عليه السّلام يقول: من كفّ أذاه عن جاره أقاله اللّه عثرته يوم القيامة، و من عفّ بطنه و فرجه كان في الجنّة ملكا محبورا، و من أعتق نسمة مؤمنة بني له بيت في الجنّة. (4)
بيان:
في المصباح: حبرت الشيء حبرا من باب قتل: زيّنته و فرّحته و الحبر بالكسر: اسم منه فهو محبور.
11-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: و من قدر على امرأة أو جارية حراما فتركها مخافة اللّه، حرّم اللّه عليه النار و آمنه من الفزع الأكبر و أدخله الجنّة، فإن أصابها حراما حرّم اللّه عليه الجنّة و أدخله النار. (5)
ص:153
12-عن المفضّل عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّما شيعة جعفر من عفّ بطنه و فرجه و اشتدّ جهاده و عمل لخالقه و رجا ثوابه و خاف عقابه، فإذا رأيت اولئك فاولئك شيعة جعفر. (1)
13-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: . . . و عفّته (أي الرجل) على قدر غيرته. (2)
14-و قال عليه السّلام: ما المجاهد الشهيد في سبيل اللّه بأعظم أجرا ممّن قدر فعفّ، لكاد العفيف أن يكون ملكا من الملائكة. (3)
15-عن الثمالي عن أبي جعفر عليه السّلام قال: عليكم بالورع، فإنّه ليس شيء أحبّ إلى اللّه من الورع، و عفّة بطن و فرج. (4)
16-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: برّوا آبائكم يبرّكم أبناءكم، و عفّوا عن نساء الناس تعفّ نساؤكم. (5)
17-عن الرضا عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أوّل من يدخل الجنّة شهيد و عبد مملوك أحسن عبادة ربّه و نصح لسيّده، و رجل عفيف متعفّف ذو عبادة. (6)
بيان:
في المرآة ج 8 ص 208 باب الحلم: «المتعفّف» إمّا تأكيد"للعفيف"أو العفيف عن المحرّمات و المتعفّف عن المكروهات. . . أو العفيف في البطن المتعفّف في الفرج، أو العفيف عن الحرام المتعفّف عن السؤال. . . أو العفيف خلقا المتعفّف تكلّفا. . .
ص:154
و لعلّ هذا أنسب. . .
18-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: أتى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أعرابيّ، فقال له: أوصني يا رسول اللّه، فقال: نعم اوصيك بحفظ ما بين رجليك. (1)
19-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: أوصيكم بحفظ ما بين رجليك و ما بين لحييك. (2)
20-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:
العفاف زهادة. (الغرر ج 1 ص 6 ف 1 ح 53)
العفّة أفضل الفتوّة. (ص 21 ح 582)
العفاف أفضل شيمة. (ص 22 ح 617)
العفّة شيمة الأكياس. (ص 26 ح 779)
النزاهة آية العفّة. (ص 29 ح 881)
العفّة رأس كلّ خير. (ص 40 ح 1212)
[أهل] العفاف أشرف الأشراف. (ص 57 ح 1548)
العفاف يصون النفس و ينزّهها عن الدنايا. (ص 87 ح 2012)
العفّة تضعف الشهوة. (ص 102 ح 2170)
ألا و إنّ القناعة و غلبة الشهوة من أكبر العفاف. (ص 161 ف 6 ح 10)
أصل المروّة الحياء، و ثمرتها العفّة. (ص 190 ف 8 ح 280)
إذا أراد اللّه بعبد خيرا أعفّ بطنه عن الطعام و فرجه عن الحرام.
(ص 320 ف 17 ح 142)
بالعفاف تزكو الأعمال. (ص 332 ف 18 ح 60)
ص:155
تاج الرجل عفافه و زينته انصافه. (ص 348 ف 22 ح 35)
ثمرة العفّة الصيانة (ص 358 ف 23 ح 9)
دليل غيرة الرجل عفّته. (ص 401 ف 31 ح 4)
زكاة الجمال العفاف. (ص 425 ف 37 ح 5)
سبب العفّة الحياء-سبب القناعة العفاف. (ص 431 ف 38 ح 18 و 22)
عليك بالعفّة فإنّها نعم القرين. (ج 2 ص 478 ف 49 ح 19)
عليك بالعفاف و القنوع فمن أخذ به خفّت عليه المؤن. (ص 480 ح 38)
عليك بالعفاف، فإنّه أفضل شيم الأشراف. (ح 42)
عليكم بلزوم العفّة و الأمانة، فإنّهما أشرف ما أسررتم، و أحسن ما أعلنتم، و أفضل ما ادّخرتم. (ص 484 ف 50 ح 7)
على قدر العفّة تكون القناعة-على قدر الحياء تكون العفّة.
(ص 487 ف 51 ح 8 و 10)
لم يتحلّ بالعفّة من اشتهى ما لا يجد. (ص 600 ف 74 ح 21)
من عقل عفّ. (ص 611 ف 77 ح 8)
من عفّ خفّ وزره، و عظم عند اللّه قدره. (ص 667 ح 934)
من عفّت أطرافه حسنت أوصافه. (ص 708 ح 1388)
من التحف العفّة و القناعة خالفه الغرّ. (ص 720 ح 1483)
ما زنا عفيف. (ص 743 ف 79 ح 133)
لا فاقة مع عفاف. (ص 834 ف 86 ح 105)
لا تكمل المكارم إلاّ بالعفاف و الإيثار. (ص 845 ح 309)
يستدلّ على عقل الرجل بالعفّة و القناعة. (ص 863 ف 88 ح 2)
أقول: لاحظ أبواب الإيمان، الأكل، حسن الخلق، الحياء، الحلم، الزنا، الشهوة، الشيعة، الورع و. . . أيضا.
ص:156
1- إِنَّ فِي خَلْقِ اَلسَّماواتِ وَ اَلْأَرْضِ . . . وَ تَصْرِيفِ اَلرِّياحِ وَ اَلسَّحابِ اَلْمُسَخَّرِ بَيْنَ اَلسَّماءِ وَ اَلْأَرْضِ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ. (1)
2- كَذلِكَ يُبَيِّنُ اَللّهُ لَكُمْ آياتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ. (2)
3- . . . وَ ما يَذَّكَّرُ إِلاّ أُولُوا اَلْأَلْبابِ. (3)
4- إِنَّ فِي خَلْقِ اَلسَّماواتِ وَ اَلْأَرْضِ وَ اِخْتِلافِ اَللَّيْلِ وَ اَلنَّهارِ لَآياتٍ لِأُولِي اَلْأَلْبابِ- اَلَّذِينَ يَذْكُرُونَ اَللّهَ قِياماً وَ قُعُوداً وَ عَلى جُنُوبِهِمْ وَ يَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ اَلسَّماواتِ وَ اَلْأَرْضِ رَبَّنا ما خَلَقْتَ هذا باطِلاً سُبْحانَكَ فَقِنا عَذابَ اَلنّارِ. (4)
5- . . . وَ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ. (5)
ص:157
6- . . . وَ اَلدّارُ اَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَ فَلا تَعْقِلُونَ. (1)
7- إِنَّ شَرَّ اَلدَّوَابِّ عِنْدَ اَللّهِ اَلصُّمُّ اَلْبُكْمُ اَلَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ. (2)
8- . . . وَ يَجْعَلُ اَلرِّجْسَ عَلَى اَلَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ. (3)
9- إِنّا أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ. (4)
10- أَ فَلَمْ يَسِيرُوا فِي اَلْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِها أَوْ آذانٌ يَسْمَعُونَ بِها فَإِنَّها لا تَعْمَى اَلْأَبْصارُ وَ لكِنْ تَعْمَى اَلْقُلُوبُ اَلَّتِي فِي اَلصُّدُورِ. (5)
11- . . . تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَ قُلُوبُهُمْ شَتّى ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ. (6)
12- وَ قالُوا لَوْ كُنّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ ما كُنّا فِي أَصْحابِ اَلسَّعِيرِ. (7)
1-عن محمّد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام قال: لمّا خلق اللّه العقل استنطقه، ثمّ قال له: أقبل فأقبل. ثمّ قال له: أدبر فأدبر. ثمّ قال: و عزّتي و جلالي، ما خلقت خلقا هو أحبّ إليّ منك، و لا أكملتك إلاّ فيمن أحبّ، أما إنّي إيّاك آمر، و إيّاك أنهى، و إيّاك أعاقب، و إيّاك أثيب. (8)
ص:158
بيان:
في المصباح: عقلت البعير عقلا. . . و عقلت الشيء عقلا من باب ضرب أيضا تدبّرته، و عقل يعقل من باب تعب لغة، ثمّ أطلق العقل الذي هو مصدر على الحجا و اللبّ، و لهذا قال بعض الناس: العقل غريزة يتهيّأ بها الإنسان إلى فهم الخطاب. . .
و في المفردات: العقل، يقال للقوّة المتهيّئة لقبول العلم، و يقال للعلم الذي يستفيده الإنسان بتلك القوّة عقل، و لهذا قال أمير المؤمنين عليه السّلام: العقل عقلان: مطبوع و مسموع. . . و أصل العقل الإمساك و الاستمساك كعقل البعير بالعقال. . .
و في مجمع البحرين: العاقل هو الذي يحبس نفسه و يردّها عن هواها، و من هذا قولهم: اعتقل لسان فلان إذا حبس و منع من الكلام، و منه عقلت البعير. . .
أقول: سيأتي في الأخبار بيان حقيقة العقل و علائمه.
و قال العلاّمة المجلسي رحمه اللّه في المرآة ج 1 ص 25 و البحار ج 1 ص 99، ما ملخّصه: إنّ العقل هو تعقّل الأشياء و فهمها في أصل اللغة، و اصطلح على أمور:
الأوّل: هو قوّة إدراك الخير و الشرّ و التمييز بينهما، و العقل بهذا المعنى مناط التكليف و الثواب و العقاب.
الثاني: ملكة و حالة في النفس تدعو إلى اختيار الخيرات و المنافع، و اجتناب الشرور و المضارّ، و بها تقوّى النفس على زجر الدواعي الشهوانيّة و الغضبيّة و الوساوس الشيطانيّة، و هل هذا هو الكامل من الأوّل أم هو صفة اخرى و حالة مغايرة للاولى؟ كلّ منهما محتمل.
الثالث: القوّة التي يستعملها الناس في نظام امور معاشهم، فإن وافقت قانون الشرع و استعملت فيما استحسنه الشارع تسمّى بعقل المعاش، و هو ممدوح في الأخبار، و إذا استعملت في الامور الباطلة و الحيل الفاسدة تسمّى بالنكراء و الشيطنة في لسان الشرع.
ص:159
الرابع: مراتب استعداد النفس لتحصيل النظريّات و قربها و بعدها عن ذلك، و أثبتوا لها مراتب أربعا سمّوها بالعقل الهيولائيّ، و العقل بالملكة، و العقل بالفعل، و العقل المستفاد.
الخامس: النفس الناطقة الإنسانيّة التي بها يتميّز عن سائر البهائم.
السادس: ما ذهب إليه الفلاسفة و أثبتوه بزعمهم: من جوهر مجرّد قديم لا تعلّق له بالمادّة ذاتا و لا فعلا، و القول به كما ذكروه مستلزم لإنكار كثير من ضروريّات الدين من حدوث العالم و غيره.
فإذا عرفت ما مهّدناه فاعلم أنّ الأخبار الواردة في هذه الأبواب أكثرها ظاهرة في المعنيين الأوّلين، الذي مآلهما إلى واحد، و في الثاني منهما أكثر و أظهر، و في بعض الأخبار يطلق العقل على نفس العلم النافع المورث للنجاة، المستلزم لحصول السعادات؛
فأمّا أخبار استنطاق العقل و إقباله و إدباره، فيمكن حملها على أحد المعاني الاربعة المذكورة أوّلا، أو ما يشملها جميعا، و حينئذ يحتمل أن يكون الخلق بمعنى التقدير، كما ورد في اللغة، أو يكون المراد بالخلق الخلق في النفس و اتّصاف النفس بها، و يكون سائر ما ذكر فيها من الاستنطاق و الإقبال و الإدبار و غيرها استعارة تمثيليّة، لبيان أنّ مدار التكاليف و الكمالات و الترقّيات على العقل.
2-عن الأصبغ عن عليّ عليه السّلام قال: هبط جبرئيل عليه السّلام على آدم عليه السّلام فقال: يا آدم، إنّي أمرت أن أخيّرك واحدة من ثلاث فاخترها ودع اثنتين. فقال له آدم: يا جبرئيل، و ما الثلاث؟ فقال: العقل و الحياء و الدين. فقال آدم: إنّي قد اخترت العقل. فقال جبرئيل للحياء و الدين: انصرفا و دعاه، فقالا: يا جبرئيل، إنّا امرنا أن نكون مع العقل حيث كان، قال: فشأنكما و عرج. (1)
ص:160
بيان:
«فشأنكما» الشأن: الأمر و الحال أي ألزما شأنكما أو شأنكما معكما.
3-عن بعض أصحابنا عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قلت له: ما العقل؟ قال: ما عبد به الرحمن و اكتسب به الجنان، قال: قلت: [فما] الذي كان في معاوية؟ فقال: تلك النكراء، تلك الشيطنة، و هي شبيهة بالعقل و ليست بالعقل. (1)
بيان:
«النكراء» : الدهاء و الفطنة، و هي جودة الرأي و حسن الفهم، و إذا استعملت في مشتهيات جنود الجهل، يقال لها الشيطنة.
4-عن الحسن بن الجهم قال: سمعت الرضا عليه السّلام يقول: صديق كلّ امرء عقله، و عدوّه جهله. (2)
5-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من كان عاقلا كان له دين، و من كان له دين دخل الجنّة. (3)
6-قال أبو جعفر عليه السّلام: إنّما يداقّ اللّه العباد في الحساب يوم القيامة على قدر ما آتاهم من العقول في الدنيا. (4)
7-عن سليمان الديلميّ قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: فلان من عبادته و دينه و فضله! فقال: كيف عقله؟ قلت: لا أدري، فقال: إنّ الثواب على قدر العقل، إنّ رجلا من بني إسرائيل كان يعبد اللّه في جزيرة (إلى آخر قصّته و فيه) قال العابد: ليس لربّنا بهيمة، فلو كان له حمار رعيناه في هذا الموضع. . . (5)
ص:161
8-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إذا بلغكم عن رجل حسن حال، فانظروا في حسن عقله، فإنّما يجازى بعقله. (1)
9-عن عبد اللّه بن سنان قال: ذكرت لأبي عبد اللّه عليه السّلام رجلا مبتلى بالوضوء و الصلاة و قلت: هو رجل عاقل. فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام: و أيّ عقل له و هو يطيع الشيطان؟ فقلت له: و كيف يطيع الشيطان؟ فقال: سله هذا الذي يأتيه من أيّ شيء هو؟ فإنّه يقول لك: من عمل الشيطان. (2)
10-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ما قسّم اللّه للعباد شيئا أفضل من العقل، فنوم العاقل أفضل من سهر الجاهل، و إقامة العاقل أفضل من شخوص الجاهل، و لا بعث اللّه نبيّا و لا رسولا حتّى يستكمل العقل، و يكون عقله أفضل من جميع عقول امّته، و ما يضمر النبيّ في نفسه أفضل من اجتهاد المجتهدين، و ما أدّى العبد فرائض اللّه حتّى عقل عنه، و لا بلغ جميع العابدين في فضل عبادتهم ما بلغ العاقل، و العقلاء هم اولوا الألباب الذين قال اللّه تعالى: وَ ما يَذَّكَّرُ إِلاّ أُولُوا اَلْأَلْبابِ 3. 4
بيان:
«شخوص الجاهل» : أي خروجه من بلده و مسافرته إلى البلاد، طلبا لمرضاته تعالى كالجهاد و الحجّ و التحصيل و غيرها. «ما يضمر النبيّ في نفسه» : أي من النيّات الصحيحة و العقائد اليقينيّة و التفكّرات الكاملة و غيرها و"ما"تكون الموصولة. «الألباب» لبّ كلّ شيء: خالصه، و لبّ الجوز و اللوز ما في جوفه،
ص:162
و اللبّ العقل، سمّي بذلك لأنّه حقيقة الإنسان و ما عداه كأنّه قشر.
11-عن هشام بن الحكم قال: قال لي أبو الحسن موسى بن جعفر عليهما السّلام: يا هشام، إنّ اللّه تبارك و تعالى بشّر أهل العقل و الفهم في كتابه. . .
يا هشام، إنّ لقمان قال لابنه: تواضع للحقّ تكن أعقل الناس، و إنّ الكيّس لدى الحقّ يسير. يا بنيّ، إنّ الدنيا بحر عميق، قد غرق فيها عالم كثير، فلتكن سفينتك فيها تقوى اللّه، و حشوها الإيمان، و شراعها التوكّل، و قيّمها العقل، و دليلها العلم، و سكّانها الصبر.
يا هشام، إنّ لكلّ شيء دليلا و دليل العقل التفكّر، و دليل التفكّر الصمت، و لكلّ شيء مطيّة و مطيّة العقل التواضع، و كفى بك جهلا أن تركب ما نهيت عنه. (1)
يا هشام، ما بعث اللّه أنبياءه و رسله إلى عباده إلاّ ليعقلوا عن اللّه، فأحسنهم استجابة أحسنهم معرفة، و أعلمهم بأمر اللّه أحسنهم عقلا، و أكملهم عقلا أرفعهم درجة في الدنيا و الآخرة.
يا هشام، إنّ اللّه على الناس حجّتين: حجّة ظاهرة و حجّة باطنة؛ فأمّا الظاهرة فالرسل و الأنبياء و الأئمّة عليهم السّلام، و أمّا الباطنة فالعقول.
يا هشام، إنّ العاقل الذي لا يشغل الحلال شكره، و لا يغلب الحرام صبره.
يا هشام، من سلّط ثلاثا على ثلاث فكأنّما أعان على هدم عقله: من أظلم نور تفكّره بطول أمله، و محا طرائف حكمته بفضول كلامه، و أطفأ نور عبرته بشهوات نفسه، فكأنّما أعان هواه على هدم عقله، و من هدم عقله أفسد عليه دينه و دنياه.
يا هشام، كيف يزكو عند اللّه عملك و أنت قد شغلت قلبك عن أمر ربّك
ص:163
و أطعت هواك على غلبة عقلك.
يا هشام، الصبر على الوحدة علامة قوّة العقل، فمن عقل عن اللّه اعتزل أهل الدنيا و الراغبين فيها، و رغب فيما عند اللّه، و كان اللّه انسه في الوحشة، و صاحبه في الوحدة، و غناه في العيلة، و معزّه من غير عشيرة.
يا هشام، نصب الحقّ لطاعة اللّه، و لا نجاة إلاّ بالطاعة، و الطاعة بالعلم و العلم بالتعلّم، و التعلّم بالعقل يعتقد، و لا علم إلاّ من عالم ربّانيّ، و معرفة العلم بالعقل.
يا هشام، قليل العمل من العالم مقبول مضاعف، و كثير العمل من أهل الهوى و الجهل مردود.
يا هشام، إنّ العاقل رضي بالدون من الدنيا مع الحكمة، و لم يرض بالدون من الحكمة مع الدنيا، فلذلك ربحت تجارتهم. (1)
يا هشام، إنّ العقلاء تركوا فضول الدنيا، فكيف الذنوب، و ترك الدنيا من الفضل، و ترك الذنوب من الفرض.
يا هشام، إنّ العاقل نظر إلى الدنيا و إلى أهلها، فعلم أنّها لا تنال إلاّ بالمشقّة، و نظر إلى الآخرة، فعلم أنّها لا تنال إلاّ بالمشقّة، فطلب بالمشقّة أبقاهما.
يا هشام، إنّ العقلاء زهدوا في الدنيا و رغبوا في الآخرة، لأنّهم علموا أنّ الدنيا طالبة مطلوبة و الآخرة طالبة و مطلوبة، فمن طلب الآخرة طلبته الدنيا حتّى يستوفي منها رزقه، و من طلب الدنيا طلبته الآخرة فيأتيه الموت، فيفسد عليه دنياه و آخرته.
يا هشام، من أراد الغنى بلا مال، و راحة القلب من الحسد، و السلامة في الدين، فليتضرّع إلى اللّه عزّ و جلّ في مسألته بأن يكمّل عقله، فمن عقل قنع بما يكفيه،
ص:164
و من قنع بما يكفيه استغنى، و من لم يقنع بما يكفيه لم يدرك الغنى أبدا.
يا هشام، إنّ اللّه حكى عن قوم صالحين؛ أنّهم قالوا: رَبَّنا لا تُزِغْ قُلُوبَنا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنا وَ هَبْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ اَلْوَهّابُ حين علموا أنّ القلوب تزيغ و تعود إلى عماها و رداها، إنّه لم يخف اللّه من لم يعقل عن اللّه، و من لم يعقل عن اللّه لم يعقد قلبه على معرفة ثابتة يبصرها و يجد حقيقتها في قلبه، و لا يكون أحد كذلك إلاّ من كان قوله لفعله مصدّقا، و سرّه لعلانيته موافقا، لأنّ اللّه تبارك اسمه لم يدلّ على الباطن الخفيّ من العقل إلاّ بظاهر منه، و ناطق عنه.
يا هشام، كان أمير المؤمنين عليه السّلام يقول: ما عبد اللّه بشيء أفضل من العقل؛ و ما تمّ عقل امرء حتّى يكون فيه خصال شتّى: الكفر و الشرّ منه مأمونان، و الرشد و الخير منه مأمولان، و فضل ماله مبذول، و فضل قوله مكفوف، و نصيبه من الدنيا القوت، لا يشبع من العلم دهره، الذلّ أحبّ إليه مع اللّه من العزّ مع غيره، و التواضع أحبّ إليه من الشرف، يستكثر قليل المعروف من غيره، و يستقلّ كثير المعروف من نفسه، و يرى الناس كلّهم خيرا منه، و أنّه شرّهم في نفسه، و هو تمام الأمر. (1)
يا هشام، إنّ العاقل لا يكذب و إن كان فيه هواه. يا هشام، لا دين لمن لا مروّة له، و لا مروّة لمن لا عقل له، و إنّ أعظم الناس قدرا الذي لا يرى الدنيا لنفسه خطرا، أما إنّ أبدانكم ليس لها ثمن إلاّ الجنّة فلا تبيعوها بغيرها.
يا هشام، إنّ أمير المؤمنين عليه السّلام كان يقول: إنّ من علامة العاقل أن يكون فيه ثلاث خصال: يجيب إذا سئل، و ينطق إذا عجز القوم عن الكلام، و يشير بالرأي
ص:165
الذي يكون فيه صلاح أهله، فمن لم يكن فيه من هذه الخصال الثلاث شيء فهو أحمق.
إنّ أمير المؤمنين عليه السّلام قال: لا يجلس في صدر المجلس إلاّ رجل فيه هذه الخصال الثلاث أو واحدة منهنّ، فمن لم يكن فيه شيء منهنّ فجلس فهو أحمق.
و قال الحسن بن عليّ عليهما السّلام: إذا طلبتم الحوائج فاطلبوها من أهلها، قيل: يابن رسول اللّه، و من أهلها؟ قال: الذين قصّ اللّه في كتابه و ذكرهم، فقال: إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا اَلْأَلْبابِ قال: هم أولوا العقول.
و قال عليّ بن الحسين عليهما السّلام: مجالسة الصالحين داعية إلى الصلاح، و آداب العلماء زيادة في العقل، و طاعة ولاة العدل تمام العزّ، و إستثمار المال تمام المروّة و إرشاد المستشير قضاء لحقّ النعمة، و كفّ الأذى من كمال العقل، و فيه راحة البدن عاجلا و آجلا. يا هشام، إنّ العاقل لا يحدّث من يخاف تكذيبه، و لا يسأل من يخاف منعه، و لا يعد ما لا يقدر عليه، و لا يرجو ما يعنّف برجائه، و لا يقدم على ما يخاف فوته بالعجز عنه. (1)
بيان:
«تواضع للحقّ» : أي للّه تعالى بالإقرار به و الإطاعة و الانقياد له، أو للأمر الحقّ بأن تقرّبه و تذعن له. . . «الكيّس. . .» : يحتمل أن يكون بالتشديد أي ذو الكياسة عند ظهور الحقّ بإعمال الكياسة و الإقرار بالحقّ قليل. «حشوها» : أي ما يحشى فيها و تملأ منها (آنچه درون كشتى گذاشته مى شود) . «الشراع» يقال بالفارسيّة: بادبان. «القيّم» : أي مدبّر أمر السفينة.
«الدليل» : المعلّم. «السكّان» : ذنب السفينة. «المطيّة» : الدابّة المركوبة التي تمطو في سيرها أي تسرع. «طرائف» الطريف: الأمر الجديد المستغرب، الذي فيه نفاسة
ص:166
«كيف يزكو» : الزكاة تكون بمعنى النموّ و بمعنى الطهارة و هنا يحتمل كلاهما.
«فمن عقل عن اللّه» : أي حصل له معرفة ذاته و صفاته و أحكامه و شرايعه، أو أعطاه اللّه العقل، أو علم الامور بعلم ينتهي إلى اللّه. . .
«غناه» : أي مغنيه، أو كما أنّ أهل الدنيا غناهم بالمال، هو غناه باللّه و قربه و مناجاته. «العيلة» : الفقر. «العشيرة» : القبيلة و الرهط.
«نصب الحقّ» : أي إنّما نصب اللّه الحقّ و الدين بإرسال الرسل و إنزال الكتب ليطاع في أوامره و نواهيه «بالعقل يعتقد» أي يشتدّ و يستحكم، أو من الاعتقاد بمعنى التصديق و الإذعان. «الدنيا طالبة مطلوبة» : أي الدنيا طالبة للمرء لأن يوصل إليه ما عندها من الرزق المقدّر، و مطلوبة يطلبها الحريص طلبا للزيادة، و الآخرة طالبة تطلبه لتوصل إليه أجله المقدّر، و مطلوبة يطلبها الطالب للسعادات الاخرويّة بالأعمال الصالحة. . . «الزيغ» : الميل و العدول عن الحقّ. «رداها» الردى: الهلاك و الضلال. «المروّة» : الإنسانيّة، و كمال الرجوليّة، و هي الصفة الجامعة لمكارم الأخلاق و محاسن الآداب.
«الخطر» : القدر و المنزلة. «فهو أحمق» : أي عديم الفهم، ناقص التمييز بين الحسن و القبيح. «استثمار المال. . .» : أي استنمائه بالتجارة و المكاسب دليل تمام الإنسانيّة و موجب له أيضا لأنّه لا يحتاج إلى غيره و يتمكّن من أن يأتي بما يليق به «ما يعنّف» التعنيف: اللوم و التعيير بعنف، و ترك الرفق و الغلظة.
(المرآة ج 1 ص 55)
12-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: العقل غطاء ستير، و الفضل جمال ظاهر؛ فاستر خلل خلقك بفضلك و قاتل هواك بعقلك، تسلم لك المودّة و تظهر لك المحبّة. (1)
ص:167
بيان:
«الغطاء» : ما يستتر به. «الستير» : إمّا بمعنى الساتر أو بمعنى المستور، و يؤيّد الأوّل ما في نهج البلاغة: "الحلم غطاء ساتر".
«الفضل» : ما يعدّ من المحاسن و المحامد أو خصوص الإحسان إلى الخلق.
13-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ما كلّم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله العباد بكنه عقله قطّ و قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّا معاشر الأنبياء امرنا أن نكلّم الناس على قدر عقولهم. (1)
14-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: أكمل الناس عقلا أحسنهم خلقا. (2)
15-قال أبو جعفر عليه السّلام: إذا قام قائمنا وضع اللّه يده على رؤوس العباد، فجمع بها عقولهم و كملت به أحلامهم. (3)
بيان:
«الحلم» جمع أحلام: و هو العقل أي زاد اللّه في عقولهم و أكمل شعورهم بقدرته.
16-عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: حجّة اللّه على العباد النبيّ، و الحجّة فيما بين العباد و بين اللّه العقل. (4)
17-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: دعامة الإنسان العقل، و العقل منه الفطنة و الفهم و الحفظ و العلم، و بالعقل يكمل و هو دليله و مبصره و مفتاح أمره، فإذا كان تأييد عقله من النور كان عالما حافظا ذاكرا فطنا فهما، فعلم بذلك كيف و لم و حيث، و عرف من نصحه و من غشّه، فإذا عرف ذلك عرف مجراه و موصوله و مفصوله، و أخلص الوحدانيّة للّه، و الإقرار بالطاعة، فإذا فعل ذلك كان
ص:168
مستدركا لما فات، و واردا على ما هو آت، يعرف ما هو فيه، و لأيّ شيء هو ههنا، و من أين يأتيه، و إلى ما هو صائر؛ و ذلك كلّه من تأييد العقل. (1)
بيان:
في المرآة: «دعامة الإنسان» الدعامة: عماد البيت، و المراد أنّ قيام أمر الإنسان و نظام حاله بالعقل. . . «فعلم بذلك كيف» : أي كيفيّة الأعمال و الأخلاق أو كيفيّة السلوك إلى الآخرة، و الوصول إلى الدرجات العالية أو حقائق الأشياء «لم» : أي علّة الأشياء السالفة و غايتها، أو علل وجودها و ما يؤدّي إليها كعلّة الأخلاق الحسنة فإنّه إذا عرفها يجتنبها. . .
«و حيث» : أي يعلم مواضع الامور فيضعها فيها. . . «موصوله و مفصوله» أي ما ينبغي الوصل معه من الأشخاص و الأعمال و الأخلاق و ما ينبغي أن يفصل عنه من جميع ذلك.
18-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: العقل دليل المؤمن. (2)
19-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: يا عليّ، لا فقر أشدّ من الجهل، و لا مال أعود من العقل. (3)
بيان:
«أعود» أنفع، من العائدة و هي المنفعة، أي بالعقل ينال من المنافع و الخيرات ما لا ينال بالمال، و بالجهل يفوته ما لا يفوته بالفقر.
20-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إذا رأيتم الرجل كثير الصلاة و كثير الصيام فلا تباهوا به حتّى تنظروا كيف عقله. (4)
ص:169
بيان:
«فلا تباهوا» من المباهات بمعنى المفاخرة، و قيل: يحتمل أن يكون من المهموز فخفّف، أي لا تؤانسوا به حتّى تنظروا كيف عقله، قال الجوهريّ: بهأت بالرجل و بهئت به بالفتح و الكسر: أنست به.
21-عن مفضّل بن عمر عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: يا مفضّل، لا يفلح من لا يعقل، و لا يعقل من لا يعلم، و سوف ينجب من يفهم، و يظفر من يحلم، و العلم جنّة، و الصدق عزّ، و الجهل ذلّ، و الفهم مجد، و الجود نجح، و حسن الخلق مجلبة للمودّة، و العالم بزمانه لا تهجم عليه اللوابس، و الحزم مساءة الظنّ، و بين المرء و الحكمة نعمة؛ العالم، و الجاهل شقيّ بينهما.
و اللّه وليّ من عرفه و عدوّ من تكلّفه، و العاقل غفور و الجاهل ختور، و إن شئت أن تكرم فلن، و إن شئت أن تهان فاخشن، و من كرم أصله لان قلبه، و من خشن عنصره غلظ كبده، و من فرّط تورّط، و من خاف العاقبة تثبّت عن التوغّل فيما لا يعلم، و من هجم على أمر بغير علم جدع أنف نفسه، و من لم يعلم لم يفهم، و من لن يفهم لم يسلم، و من لم يسلم لم يكرم، و من لم يكرم يهضم، و من يهضم كان ألوم، و من كان كذلك كان أحرى أن يندم. (1)
بيان:
«سوف ينجب» النجيب: الفاضل النفيس في نوعه. «اللوابس» : الامور المشتبهة.
«ختور» قال الفيروز آبادي: الختر؛ الغدر و الخديعة، و خترت نفسه: خبثت و فسدت. «التوغّل» : الدخول في الأمر بالاستعجال من غير رويّة. «جدع أنف نفسه» : أي جهل نفسه ذليلا غاية الذلّ، و الجدع قطع الأنف. «من لم يكرم يهضم» على البناء للمفعول أي يكسر عزّه و بهاؤه، و يهان أو يترك مع نفسه و يوكل أمره
ص:170
إليه، أو يظلم.
22-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: من استحكمت لي فيه خصلة من خصال الخير، احتملته عليها، و اغتفرت فقد ما سواها، و لا أغتفر فقد عقل و لا دين، لأنّ مفارقة الدين مفارقة الأمن، فلا يتهنّأ بحياة مع مخافة، و فقد العقل فقد الحياة، و لا يقاس إلاّ بالأموات. (1)
بيان:
«من استحكمت» أي أثبتت و صارت بحكم الممارسة ملكة راسخة له. «احتملته عليها» أي قبلته كائنا على هذه الخصلة، و تجاوزت عن فقد ما سواها من خصال الخير، و ارتضيت حاله هذه له.
23-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ليس بين الإيمان و الكفر إلاّ قلّة العقل. قيل: و كيف ذاك يابن رسول اللّه؟ قال: إنّ العبد يرفع رغبته إلى مخلوق، فلو أخلص نيّته للّه، لأتاه الذي يريد في أسرع من ذلك. (2)
بيان:
مثّل عليه السّلام لقليل العقل مثلا يدلّ على أنّ قلّة الإيمان لقلّة العقل «رغبته» أي مرغوبه و مطلوبه و حاجته، فالمؤمن الكامل لا يتوكّل و لا يعتمد و لا يرفع مطلوبه إلاّ إلى اللّه عزّ و جلّ بعقله و كماله.
24-في بعض نسخ الكافي: عن الحسن بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في حديث طويل: إنّ أوّل الامور و مبدأها و قوّتها و عمارتها التي لا ينتفع بشيء إلاّ به، العقل الذي جعله اللّه زينة لخلقه و نورا لهم، فبالعقل عرف العباد خالقهم، و أنّهم مخلوقون، و أنّه المدبّر لهم، و أنّهم المدبّرون، و أنّه الباقي و هم الفانون،
ص:171
و استدلّوا بعقولهم على ما رأوا من خلقه، من سمائه و أرضه، و شمسه و قمره، و ليله و نهاره، أنّ له و لهم خالقا و مدبّرا لم يزل و لا يزول، و عرفوا به الحسن من القبيح، و أنّ الظلمة في الجهل، و أنّ النور في العلم، فهذا ما دلّهم عليه العقل.
قيل له: فهل يكتفي العباد بالعقل دون غيره؟ قال: إنّ العاقل، لدلالة عقله الذي جعله اللّه قوامه و زينته و هدايته، علم أنّ اللّه هو الحقّ، و أنّه هو ربّه، و علم أنّ لخالقه محبّة، و أنّ له كراهية، و أنّ له طاعة، و أنّ له معصية، فلم يجد عقله يدلّه على ذلك، و علم أنّه لا يوصل إليه إلاّ بالعلم و طلبه، و أنّه لا ينتفع بعقله، إن لم يصب ذلك بعلمه، فوجب على العاقل طلب العلم و الأدب الذي لا قوام له إلاّ به. (1)
25-عن عبد اللّه بن مسكان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: لم يقسّم بين العباد أقلّ من خمس: اليقين و القنوع و الصبر و الشكر و الذي يكمل له هذا كلّه العقل. (2)
26-قال أمير المؤمنين لابنه الحسن عليهما السّلام: يا بنيّ، احفظ عنّي أربعا و أربعا لا يضرّك ما عملت معهنّ: إنّ أغنى الغنى العقل، و أكبر الفقر الحمق، و أوحش الوحشة العجب، و أكرم الحسب حسن الخلق. . . (3)
و قال عليه السّلام: لا غنى كالعقل، و لا فقر كالجهل، و لا ميراث كالأدب، و لا ظهيرة كالمشاورة. (4)
27-و قال عليه السّلام: لا مال أعود من العقل، و لا وحدة أوحش من العجب، و لا عقل كالتدبير. . . (5)
ص:172
28-و قيل له عليه السّلام: صف لنا العاقل، فقال: هو الذي يضع الشيء مواضعه، فقيل: فصف لنا الجاهل، فقال: قد فعلت. (1)
29-و قال عليه السّلام: ما استودع اللّه امرء عقلا إلاّ ليستنقذه به يوما مّا. (2)
30-و قال عليه السّلام: كفاك من عقلك ما أوضح لك سبل غيّك من رشدك. (3)
31-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: العقل نور في القلب يفرّق به بين الحقّ و الباطل. (4)
32-قال عليّ عليه السّلام: العقل عقلان: مطبوع و مسموع، و لا ينفع مسموع إذا لم يك مطبوع، كما لا تنفع الشمس وضوء العين ممنوع. (5)
33-قال أبو الدرداء: قال لي النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: يا عويمر، ازدد عقلا تزدد من اللّه قربا، قلت: بأبي و أمّي و من لي بالعقل؟ قال: اجتنب محارم اللّه تعالى و أدّ فرائض اللّه تكن عاقلا.
و قال صلّى اللّه عليه و آله: يا عليّ، للعاقل ثلاث علامات: الاستهانة بالدنيا، و احتمال الجفا، و الصبر على الشدائد، و للأحمق ثلاث علامات: التهاون في فرائض اللّه، و الاستهزاء بعباد اللّه، و كثرة الكلام في غير ذكر اللّه. (6)
34-قال الصادق عليه السّلام: العقل أوّله العلم، و أوسطه النيّة، و آخره الإخلاص. (7)
ص:173
35-. . . قال شمعون للنبيّ صلّى اللّه عليه و آله: أخبرني عن العقل ما هو، و كيف هو، و ما يتشعّب منه و ما لا يتشعّب، و صف لي طوائفه كلّها؟ فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّ العقل عقال من الجهل و النفس مثل أخبث الدوابّ، فإن لم تعقل حارث، فالعقل عقال من الجهل، و إنّ اللّه خلق العقل فقال له: أقبل، فأقبل و قال له: أدبر فأدبر، فقال اللّه تبارك و تعالى: و عزّتي و جلالي، ما خلقت خلقا أعظم منك و لا أطوع منك، بك أبدء و بك اعيد، لك الثواب و عليك العقاب، فتشعّب من العقل الحلم، و من الحلم العلم، و من العلم الرشد، و من الرشد العفاف، و من العفاف الصيانة، و من الصيانة الحياء، و من الحياء الرزانة، و من الرزانة المداومة على الخير، و من المداومة على الخير كراهيّة الشرّ، و من كراهيّة الشرّ طاعة الناصح، فهذه عشرة أصناف من أنواع الخير، و لكلّ واحد من هذه العشرة الأصناف عشرة أنواع. . . (1)
بيان:
في البحار ج 1 ص 124: «بك أبدء و بك اعيد» أي بك خلقت الخلق و أبدأتهم.
و بك اعيدهم للجزاء. . . «الرشد» : الاهتداء و الاستقامة على طريق الحقّ مع تصلّب فيه «العفاف» : منع النفس عن المحرّمات «الصيانة» : منعها عن الشبهات و المكروهات، فلذا تتفرّع على العفاف، و بالصيانة ترتفع الغواشي و الأغطية عن عين القلب فيرى الحقّ حقا، و الباطل باطلا، فيستحيي من ارتكاب المعاصي، و إذا استحكم فيه الحياء تحصّل له «الرزانة» أي عدم الانزعاج عن المحرّكات الشهوانيّة و الغضبيّة، و عدم التزلزل بالفتن. . .
36-من كلام النبيّ صلّى اللّه عليه و آله في العلم و العقل و الجهل: . . . و العقل يلهمه اللّه السعداء، و يحرمه الأشقياء، و صفة العاقل أن يحلم عمّن جهل عليه، و يتجاوز
ص:174
عمّن ظلمه، و يتواضع لمن هو دونه، و يسابق من فوقه في طلب البرّ، و إذا أراد أن يتكلّم تدبّر، فإن كان خيرا تكلّم فغنم و إن كان شرّا سكت فسلم، و إذا عرضت له فتنة استعصم باللّه و أمسك يده و لسانه، و إذا رأى فضيلة انتهز بها، لا يفارقه الحياء، و لا يبدو منه الحرص، فتلك عشرة خصال يعرف بها العاقل. . . (1)
بيان:
«انتهز بها» النهزة: الفرصة، و انتهزتها أي اغتنمتها يعني إذا رأى فضيلة اغتنم الفرصة بالمبادرة إليها.
37-في مواعظ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: رأس العقل بعد الإيمان باللّه مداراة الناس في غير ترك حقّ، و من سعادة المرء خفّة لحيته. (2)
38-في مواعظ الرضا عليه السّلام: لا يتمّ عقل امرء مسلم حتّى تكون فيه عشر خصال: الخير منه مأمول، و الشرّ منه مأمون، يستكثر قليل الخير من غيره، و يستقلّ كثير الخير من نفسه، لا يسأم من طلب الحوائج إليه، و لا يملّ من طلب العلم طول دهره، الفقر في اللّه أحبّ إليه من الغنى، و الذلّ في اللّه أحبّ إليه من العزّ في عدوّه، و الخمول أشهى إليه من الشهرة.
ثمّ قال عليه السّلام: العاشرة و ما العاشرة، قيل له: ما هي؟ قال عليه السّلام: لا يرى أحدا إلاّ قال: هو خير منّي و أتقى، إنّما الناس رجلان: رجل خير منه و أتقى و رجل شرّ منه و أدنى، فإذا لقي الذي شرّ منه و أدنى قال: لعلّ خير هذا باطن و هو خير له، و خيري ظاهر و هو شرّ لي، و إذا رأى الذي هو خير منه و أتقى تواضع له ليلحق به، فإذا فعل ذلك فقد علا مجده و طاب خيره و حسن ذكره و ساد أهل زمانه. (3)
ص:175
بيان:
«لا يسأم» : أي لا يضجر و لا يملّ. «المجد» : نيل الشرف و الكرم.
أقول: قد مرّ في باب الشهوة قول عليّ عليه السّلام: «. . . فمن غلب عقله شهوته فهو خير من الملائكة، و من غلبت شهوته عقله فهو شرّ من البهائم» .
39-قال الصادق عليه السّلام: العاقل من كان ذلولا عند إجابة الحقّ، منصفا بقوله (متّصفا بقوله ف ن) ، جموحا عند الباطل، خصيما بقوله، يترك دنياه و لا يترك دينه؛ و دليل العاقل (العقل ف ن) شيئان: صدق القول و صواب الفعل، و العاقل لا يحدّث بما ينكره العقول، و لا يتعرّض للتهمة، و لا يدع مداراة من ابتلى به، و يكون العلم دليله في أعماله، و الحلم رفيقه في أحواله، و المعرفة يقينه في مذاهبه (تعينه في مذاهبه ف ب) و الهوى عدوّ العقل، و مخالف الحقّ، و قرين الباطل، و قوّة الهوى من الشهوات، و أصل علامات الشهوة (الهوى ف ن) من أكل الحرام، و الغفلة عن الفرائض، و الاستهانة بالسنن، و الخوض في الملاهي. (1)
بيان:
«خصيما بقوله» قال الفيروزآبادي: رجل خصم: مجادل. «من ابتلى به» : أي بمعاشرته و خلطته و مصاحبته. (راجع البحار ج 1 ص 130)
40-عن الصادق جعفر بن محمّد عن أبيه عن جدّه عن عليّ بن أبي طالب عليهم السّلام قال: عقول النساء في جمالهنّ، و جمال الرجال في عقولهم. (2)
41-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ما خلق اللّه عزّ و جلّ شيئا أبغض إليه من الأحمق، لأنّه سلبه أحبّ الأشياء إليه و هو عقله. (3)
42-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من كان عاقلا كان له دين، و من كان له دين
ص:176
دخل الجنّة. (1)
43-عن أبي محمّد عليه السّلام قال: قال عليّ بن الحسين عليهما السّلام: من لم يكن عقله أكمل ما فيه، كان هلاكه من أيسر ما فيه. (2)
44-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: قوام المرء عقله، و لا دين لمن لا عقل له. (3)
45-قال الصادق عليه السّلام: إذا أراد اللّه أن يزيل من عبد نعمة كان أوّل ما يغيّر منه عقله. (4)
46-قال أبو محمّد العسكريّ عليه السّلام: لو عقل أهل الدنيا خربت. (5)
47-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: لكلّ شيء آلة و عدّة و آلة المؤمن و عدّته العقل، و لكلّ شيء مطيّة و مطيّة المرء العقل، و لكلّ شيء غاية و غاية العبادة العقل، و لكلّ قوم راع و راعي العابدين العقل، و لكلّ تاجر بضاعة و بضاعة المجتهدين العقل، و لكلّ خراب عمارة و عمارة الآخرة العقل، و لكلّ سفر فسطاط يلجؤون إليه و فسطاط المسلمين العقل. (6)
بيان:
«البضاعة» يقال بالفارسيّة: سرمايه.
48-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: لا عدّة أنفع من العقل، و لا عدّو أضرّ من الجهل. (7)
ص:177
49-و قال عليه السّلام: من لم يكن أكثر ما فيه عقله كان بأكثر ما فيه قتله. (1)
50-و قال عليه السّلام: الجمال في اللسان، و الكمال في العقل، و لا يزال العقل و الحمق يتغالبان على الرجل إلى ثماني عشرة سنة، فإذا بلغها غلب عليه أكثرهما فيه. (2)
51-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: سيّد الأعمال في الدارين العقل، و لكلّ شيء دعامة و دعامة المؤمن عقله، فبقدر عقله تكون عبادته لربّه. (3)
52-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: خلق اللّه العقل فقال له: أدبر فأدبر، ثمّ قال له: أقبل فأقبل، ثمّ قال: ما خلقت خلقا أحبّ إليّ منك، فأعطى اللّه محمّدا صلّى اللّه عليه و آله تسعة و تسعين جزءا، ثمّ قسّم بين العباد جزء واحدا. (4)
53-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: قسّم العقل على ثلاثة أجزاء فمن كانت فيه كمل عقله، و من لم تكن فيه فلا عقل له: حسن المعرفة باللّه عزّ و جلّ، و حسن الطاعة له، و حسن الصبر على أمره. (5)
أقول:
في تحف العقول ص 44: قسّم اللّه العقل. . .
54-عن موسى بن جعفر عن آبائه عن عليّ عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّ اللّه خلق العقل من نور مخزون مكنون في سابق علمه الذي لم يطّلع عليه نبيّ مرسل و لا ملك مقرّب، فجعل العلم نفسه، و الفهم روحه، و الزهد رأسه، و الحياء عينيه، و الحكمة لسانه، و الرأفة همّه، و الرحمة قلبه، ثمّ حشاه و قوّاه بعشرة
ص:178
أشياء: باليقين و الإيمان و الصدق و السكينة و الإخلاص و الرفق و العطيّة و القنوع و التسليم و الشكر؛ ثمّ قال عزّ و جلّ: أدبر فأدبر، ثمّ قال له: أقبل فأقبل، ثمّ قال له: تكلّم فقال: الحمد للّه الذي ليس له ضدّ و لا ندّ. . . (1)
55-سئل الحسن بن عليّ عليهما السّلام عن العقل، قال: التجرّع للغصّة و مداهنة الأعداء.
في روضة الواعظين عن أمير المؤمنين عليه السّلام مثله و زاد فيه: و مداراة الأصدقاء. (2)
بيان:
قال رحمه اللّه في ص 116: الغصّة: ما يعترض في الحلق و تعسر إساغته، و يطلق مجازا على الشدائد التي يشقّ على الإنسان تحمّلها و هو المراد هنا، و تجرّعه كناية عن تحمّله و عدم القيام بالانتقام به و تداركه حتّى تنال الفرصة. . .
قال رحمه اللّه ذيل الحديث: «المداهنة» : إظهار خلاف ما تضمر و هو قريب من معنى المداراة.
56-روي أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قيل له: ما العقل؟ قال: العمل بطاعة اللّه، و إنّ العمّال بطاعة اللّه هم العقلاء. (3)
57-قال الصادق عليه السّلام: كمال العقل في ثلاث: التواضع للّه، و حسن اليقين، و الصمت إلاّ من خير. (4)
58-و قال عليه السّلام: يزيد عقل الرجل بعد الأربعين إلى خمسين و ستّين، ثمّ ينقص عقله بعد ذلك. (5)
ص:179
59-و قال عليه السّلام: لا يلسع العاقل من جحر مرّتين. (1)
60-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: العاقل من رفض الباطل. (2)
61-قال الصادق عليه السّلام: كثرة النظر في العلم يفتح العقل. (3)
62-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّ العاقل من أطاع اللّه و إن كان ذميم المنظر حقير الخطر، و إنّ الجاهل من عصى اللّه و إن كان جميل المنظر عظيم الخطر، أفضل الناس أعقل الناس. (4)
63-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: فساد الأخلاق معاشرة السفهاء، و صلاح الأخلاق معاشرة العقلاء. (5)
64-و قال عليه السّلام: العاقل من وعظته التجارب. (6)
65-و قال عليه السّلام: من ترك الاستماع عن ذوي العقول مات عقله. (7)
66-و قال عليه السّلام: من جانب هواه صحّ عقله. (8)
67-و قال عليه السّلام: همّة العقل ترك الذنوب و إصلاح العيوب. (9)
68-في وصيّة الباقر عليه السّلام لجابر الجعفيّ: و لا عقل كمخالفة الهوى. . .
ص:180
و لا مصيبة كعدم العقل، و لا عدم عقل كقلّة اليقين. (1)
69-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: للجنّة مأة درجة، تسعة و تسعون منها لأهل العقل، و واحدة لسائر الناس. (2)
70-عن عليّ عليه السّلام قال: لقد سبق إلى جنّات عدن أقوام ما كانوا أكثر الناس صلاة و لا صياما و لا حجّا و لا اعتمارا، و لكن عقلوا عن اللّه أمره، فحسنت طاعتهم و صحّ ورعهم و كمل يقينهم، ففاقوا غيرهم بالحظوة و رفيع المنزلة. (3)
أقول:
لاحظ ما يناسب المقام في أبواب الأدب، الجهل، الحلم، الشهوة، الصمت، العجب، العلم و. . .
71-قال أمير المؤمنين عليه السّلام قال:
العقل شفاء. (الغرر ج 1 ص 12 ف 1 ح 260)
الإنسان بعقله. (ح 289)
العقل رسول الحقّ. (ص 13 ح 326)
العاقل يألف مثله. (ص 15 ح 378)
الجاهل يميل إلى شكله. (ح 379)
العقل مصلح كلّ أمر. (ص 18 ح 458)
العاقل لا ينخدع (4). (ح 482)
العاقل عدوّ شهوته-الجاهل عبد شهوته. (ص 19 ح 503 و 504)
ص:181
العقل داعي الفهم-العقل أقوى أساس. (ح 528 و 530)
العقل أفضل مرجوّ-الجهل أنكى عدوّ. (ص 20 ح 534 و 535)
العقل يصلح الرويّة-العاقل من عقل لسانه. (ح 550 و 557)
العاقل يطلب الكمال. (ص 22 ح 630)
الجاهل يطلب المال. (ح 631)
العقل ينبوع الخير. (ص 24 ح 708)
العاقل يضع نفسه فيرتفع-الجاهل يرفع نفسه فيتّضع. (ص 25 ح 728 و 729)
العقل أحسن حلية-العقل يوجب الحذر. (ص 29 ح 863 و 864)
الجهل يجلب الغرر-العقل مركب العلم. (ح 865 و 866)
العقل حسام قاطع-العقل سلاح كلّ أمر. (ح 874 و 886)
العاقل مهموم مغموم. (ص 33 ح 1002)
العقل أشرف مزيّة. (ح 1019)
العقل حفظ التجارب. (ص 25 ح 724)
الهوى ضدّ العقل-الحلم تمام العقل. (ص 35 ح 1071 و 1097)
العاقل من أمات شهوته. (ص 41 ح 1239)
العاقل يعتمد على عمله. (ص 43 ح 1285)
الجاهل يعتمد على أمله. (ح 1486)
العقل منزّه عن المنكر آمر بالمعروف. (ص 44 ح 1297)
العقل حيث كان آلف مألوف. (ح 1298)
العقل شجرة ثمرها السخاء و الحياء. (ح 1301)
العاقل من بذل نداه (1)-العقل زين لمن رزقه. (ص 45 ح 1309 و 1323)
ص:182
العاقل من اتّعظ بغيره. (ص 46 ح 1330)
العقل في الغربة قربة-الحمق في الوطن غربة. (ح 1338 و 1339)
العقل رقيّ إلى علّيّين. (ص 48 ح 1373)
الدين لا يصلحه إلاّ العقل. (ص 49 ح 1389)
العاقل من صدّقت أقواله أفعاله. (ص 51 ح 1429)
العاقل من يزهد فيما يرغب فيه الجاهل. (ص 57 ح 1560)
العاقل من تغمّد الذنوب بالغفران. (ص 63 ح 1676)
العقل غريزة تزيد بالعلم و التجارب. (ص 67 ح 1746)
العاقل من هجر شهوته و باع دنياه بآخرته. (ص 68 ح 1756)
العاقل لا يتكلّم إلاّ لحاجته، أو لحجّته، و لا يشتغل إلاّ بصلاح آخرته.
(ح 1760)
العاقل من تورّع عن الذنوب و تنزّه من العيوب. (ح 1765)
العاقل من عقل لسانه إلاّ عن ذكر اللّه. (ص 69 ح 1770)
العاقل إذا سكت فكر، و إذا نطق ذكر، و إذا نظر اعتبر. (ص 74 ح 1837)
العاقل من زهد في دنيا دنيّة فانية، و رغب في جنّة سنيّة خالدة عالية.
(ص 78 ح 1890)
العاقل من وضع الأشياء مواضعها، و الجاهل ضدّ ذلك. (ص 81 ح 1933)
العاقل إذا علم عمل، و إذا عمل أخلص، و إذا أخلص اعتزل.
(ص 83 ح 1958)
العاقل يجتهد في عمله و يقصّر من أمله. (ص 85 ح 1987)
الجاهل يعتمد على أمله و يقصّر من عمله. (ح 1988)
العاقل يتقاضى نفسه بما يجب عليه، و لا يتقاضى لنفسه بما يجب له.
(ص 92 ح 2089)
ص:183
العقل صاحب جيش الرحمن، و الهوى قائد جيش الشيطان، و النفس متجاذبة بينهما، فأيّهما غلب كانت في حيّزه. (ص 96 ح 2121)
العقل و الشهوة ضدّان، و مؤيّد العقل العلم، و مزيّن الشهوة الهوى، و النفس متنازعة بينهما، فأيّهما قهر كانت في جانبه. (ح 2122)
العقل أنّك تقتصد فلا تسرف، و تعد فلا تخلف، و إذا غضبت حلمت.
(ص 99 ح 2152)
العقل أن تقول ما تعرف و تعمل بما تنطق. (ص 102 ح 2163)
العاقل من لا يضيع له نفسا فيما لا ينفعه و لا يقتني ما لا يصحبه.
(ص 103 ح 2187)
العاقل من سلّم إلى القضاء و عمل بالحزم. (ص 106 ح 2219)
العقل صديق محمود. (ص 107 ح 2241)
أغنى الغنى العقل. (ص 174 ف 8 ح 14)
أعقل الناس من أطاع العقلاء. (ص 175 ح 32)
أفضل النعم العقل. (ص 176 ح 53)
أعقل الناس أحياهم. (ص 177 ح 72)
أوّل العقل التودّد. (ص 178 ح 95)
أعقل الناس محسن خائف. (ص 179 ح 109)
أعقل الناس أعذرهم للناس. (ص 182 ح 161)
أسعد الناس العاقل المؤمن. (ح 163)
أفضل العقل مجانبة اللهو. (ص 183 ح 175)
أصل العقل الفكر و ثمرته السلامة. (ص 189 ح 267)
أعقل الناس أشدّهم مداراة للناس. (ح 276)
أعقل الناس أطوعهم للّه سبحانه. (ص 193 ح 325)
ص:184
أعقل الناس من كان بعيبه بصيرا و عن عيب غيره ضريرا (1).
(ص 200 ح 409)
أفضل الناس عقلا أحسنهم تقديرا لمعاشه و أشدّهم اهتماما بإصلاح معاده.
(ص 210 ح 515)
أفضل حظّ الرجل عقله، إن ذلّ أعزّه، و إن سقط رفعه، و إن ضلّ أرشده و إن تكلّم سدّده. (ص 212 ح 529)
أعقل الناس من ذلّ للحقّ فأعطاه من نفسه و عزّ بالحقّ فلم يهن إقامته و حسن العمل به. (ح 530)
أعقل الناس أنظرهم في العواقب. (ص 213 ح 542)
إنّ العاقل من نظر في يومه لغده، و سعى في فكاك نفسه، و عمل لما لا بدّ له منه و لا محيص له عنه. (ص 238 ف 9 ح 194)
إنّ أفضل الناس عند اللّه من أحيا عقله، و أمات شهوته، و أتعب نفسه لصلاح آخرته. (ص 240 ح 203)
إذا تمّ العقل نقص الكلام. (ص 311 ف 17 ح 39)
إذا قلّت العقول كثر الفضول. (ص 313 ح 70)
إذا كمل العقل نقصت الشهوة. (ص 314 ح 80)
إذا أراد اللّه سبحانه إزالة نعمة عن عبد كان أوّل ما يغيّر منه عقله، و أشدّ شيء عليه فقده. (ص 321 ح 151)
بالعقل يستخرج غور الحكمة. (ص 330 ف 18 ح 30)
بالعقل تنال الخيرات. (ح 34)
ص:185
بالعقول تنال ذروة العلوم. (ص 333 ح 97)
بالعقل كمال النفس-بالعقل صلاح كلّ أمر. (ص 336 ح 140 و 142)
ثمرة العقل الاستقامة. (ص 358 ف 23 ح 4)
ثمرة العقل لزوم الحقّ. (ص 359 ح 16)
ثمرة العقل صحبة الأخيار. (ح 20)
ثمرة العقل مداراة الناس. (ص 360 ح 41)
ثمرة العقل مقت الدنيا و قمع الهوى. (ص 361 ح 66)
ثلاث يمتحن بها عقول الرجال هنّ؛ المال و الولاية و المصيبة.
(ص 363 ف 24 ح 7)
خير المواهب العقل. (ص 387 ف 29 ح 1)
ستّة تختبر بها عقول الرجال: المصاحبة، و المعاملة، و الولاية، و العزل، و الغنى و الفقر. (ص 435 ح 51)
ستّة تختبر بها عقول الناس: الحلم عند الغضب، و القصد عند الرغب، و الصبر عند الرهب، و تقوى اللّه في كلّ حال، و حسن المداراة، و قلّة المماراة.
(ص 436 ف 39 ح 59)
صلاح البريّة العقل. (ص 452 ف 43 ح 12)
صديق كلّ امرء عقله و عدوّه جهله. (ص 456 ف 44 ح 44)
ضالّة العاقل الحكمة، فهو أحقّ بها حيث كانت. (ص 461 ف 45 ح 5)
ضياع العقول في طلب الفضول. (ح 10)
ضلال العقل يبعد من الرشاد و يفسد المعاد. (ح 12)
ضادّوا الهوى بالعقل. (ص 462 ح 25)
ضلال العقل أشدّ ضلّة، و ذلّة الجهل أعظم ذلّة. (ص 463 ح 41)
على قدر العقل يكون الدين. (ج 2 ص 487 ف 51 ح 12)
ص:186
عند الحيرة تستكشف عقول الرجال. (ص 489 ف 52 ح 8)
عند بديهة المقال تختبر عقول الرجال. (ص 490 ح 22)
عند كثرة العثار تختبر عقول الرجال. (ص 491 ح 23)
عند غرور الآمال و الأطماع تنخدع عقول الجهّال و تختبر ألباب الرجال.
(ح 24)
عقل المرء نظامه، و أدبه قوامه، و صدقه إمامه، و شكره تمامه.
(ص 502 ف 55 ح 51)
عنوان فضيلة المرء عقله و حسن خلقه. (ص 503 ح 59)
غاية العقل الاعتراف بالجهل. (ص 505 ف 56 ح 30)
غاية الفضائل العقل. (ح 31)
قيمة كلّ امرء عقله. (ص 537 ف 61 ح 51)
قبيح عاقل خير من حسن جاهل. (ص 539 ح 75)
قطيعة العاقل لك بعد نفاد الحيلة فيك. (ح 76)
كسب العقل كفّ الأذى. (ص 572 ف 69 ح 1)
كلام العاقل قوت و جواب الجاهل سكوت. (ص 573 ح 5)
كيفيّة الفعل تدلّ على حسن العقل (كيفيّة العقل ف ن) فأحسن له الاختبار و أكثر عليه الاستظهار. (ح 7)
كسب العقل الاعتبار و الاستظهار، و كسب الجهل الغفلة و الاغترار.
(ح 8)
كلام الرجل ميزان عقله-كمال المرء عقله و قيمته فضله. (ح 15 و 16)
كمال الإنسان العقل. (ص 574 ح 25)
كتاب الرجل عنوان عقله و برهان فضله. (ص 575 ح 41)
لكلّ شيء غاية، و غاية المرء عقله. (ص 578 ف 70 ح 36)
ص:187
لو عقل أهل الدنيا لخربت الدنيا. (ص 603 ف 75 ح 7)
من زاد علمه على عقله كان وبالا عليه. (ص 667 ف 77 ح 938)
ما آمن المؤمن حتّى عقل. (ص 741 ف 79 ح 101)
ما قسّم اللّه سبحانه بين عباده شيئا أفضل من العقل. (ص 745 ح 153)
لا عقل كالتدبير. (ص 829 ف 86 ح 11)
لا فقر لعاقل-لا غناء لجاهل. (ص 830 ح 15 و 16)
لا غناء كالعقل-لا فقر كالجهل. (ص 831 ح 38 و 39)
لا عقل مع شهوة. (ص 833 ح 93)
لا عقل مع هوى-لا يثوب العقل مع اللعب. (ص 834 ح 107 و 110)
لا يلقى العاقل مغرورا. (ص 835 ح 129)
لا يجتمع العقل مع الهوى. (ص 836 ح 137)
لا مال أعود من العقل. (ص 838 ح 182)
لا فقر أشدّ من الجهل. (ح 183)
لا نعمة أفضل من العقل-لا مصيبة أشدّ من الجهل. (ص 841 ح 235 و 236)
لا عقل لمن يتجاوز حدّه و قدره. (ح 240)
لا خير في عقل لا يقاربه حلم. (ص 844 ح 306)
لا دين لمن لا عقل له-لا عقل لمن لا أدب له. (ص 846 ح 332 و 333)
يستدلّ على عقل الرجل بالعفّة و القناعة. (ص 863 ف 88 ح 2)
يستدلّ على عقل كلّ امرء بما يجري على لسانه. (ح 3)
يستدلّ على العاقل بأربع: بالحزم و الاستظهار و قلّة الاغترار و تحصين الأسرار. (ح 5)
يستدلّ على عقل الرجل بكثرة وقاره، و حسن احتماله و على كرم أصله بجميل أفعاله. (ص 865 ح 20)
ص:188
فيه فصول
1- وَ عَلَّمَ آدَمَ اَلْأَسْماءَ كُلَّها ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى اَلْمَلائِكَةِ الآيات. (1)
2- . . . وَ لكِنَّ أَكْثَرَ اَلنّاسِ لا يَعْلَمُونَ. (2)
3- . . . وَ نُفَصِّلُ اَلْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ. (3)
4- وَ ما كانَ اَلْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا
ص:189
فِي اَلدِّينِ وَ لِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ. (1)
5- . . . نَرْفَعُ دَرَجاتٍ مَنْ نَشاءُ وَ فَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ. (2)
6- أَ فَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ اَلْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمى إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا اَلْأَلْبابِ. (3)
7- . . . وَ قُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً. (4)
8- . . . فَسْئَلُوا أَهْلَ اَلذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ. (5)
9- أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ آناءَ اَللَّيْلِ ساجِداً وَ قائِماً يَحْذَرُ اَلْآخِرَةَ وَ يَرْجُوا رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي اَلَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَ اَلَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا اَلْأَلْبابِ. (6)
10- اَلرَّحْمنُ- عَلَّمَ اَلْقُرْآنَ- خَلَقَ اَلْإِنْسانَ- عَلَّمَهُ اَلْبَيانَ. (7)
11- . . . يَرْفَعِ اَللّهُ اَلَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَ اَلَّذِينَ أُوتُوا اَلْعِلْمَ دَرَجاتٍ وَ اَللّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ. (8)
12- اِقْرَأْ وَ رَبُّكَ اَلْأَكْرَمُ- اَلَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ- عَلَّمَ اَلْإِنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ. (9)
ص:190
1-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: طلب العلم فريضة على كلّ مسلم، ألا إنّ اللّه يحبّ بغاة العلم. (1)
بيان:
في الوافي: «طلب العلم فريضة» هو العلم الذي يستكمل به الإنسان بحسب نشأته الاخرويّة، و يحتاج إليه في معرفة نفسه و معرفة ربّه و معرفة أنبيائه و رسله و حججه و آياته و اليوم الآخر، و معرفة العمل بما يسعده و يقرّبه إلى اللّه، و بما يشقيه و يبعّد عنه. . . «البغاة» واحدها باغ: طالب.
2-عن عليّ بن أبي حمزة قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: تفقّهوا في الدين، فإنّه من لم يتفقّه منكم في الدين فهو أعرابيّ، إنّ اللّه يقول في كتابه: لِيَتَفَقَّهُوا فِي اَلدِّينِ وَ لِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ. (2)
بيان:
«تفقّهوا. . .» في النهاية: الفقه في الأصل الفهم. و في المصباح: الفقه: فهم الشيء. و في المقائيس: (فقه) . . . يدلّ على إدراك الشيء و العلم به. . . و كلّ علم بشيء فهو فقه.
في الوافي: أي حصّلوا لأنفسكم البصيرة في علم الدين، و الفقه أكثر ما يستعمل في القرآن و الحديث يكون بهذا المعنى، و الفقيه هو صاحب هذه البصيرة، و علم الدين هو العلم الاخرويّ الكماليّ الذي أشرنا إليه آنفا، و يدخل فيه معرفة آفات النفس و مفسدات الأعمال، و الإحاطة بحقارة الدنيا و التطلّع إلى نعيم الآخرة،
ص:191
و استيلاء الخوف على القلب، كما يدلّ عليه قوله سبحانه: وَ لِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ و معرفة مهمّات الحلال و الحرام و شرايع الأحكام على ما جاء به النبيّ، و بلّغ عنه أهل البيت عليهم السّلام في محكماتهم دون ما يستنبط من المتشابهات يستكثر به المسائل و التفريعات كما اصطلح عليه القوم اليوم.
«أعرابيّ» منسوب إلى الأعراب و هم سكّان البوادي و المراد به أنّه عامّي جاهل بأمر الدين.
3-عن مفضّل بن عمر قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: عليكم بالتفقّه في دين اللّه و لا تكونوا أعرابا، فإنّه من لم يتفقّه في دين اللّه لم ينظر اللّه إليه يوم القيامة، و لم يزكّ له عملا. (1)
بيان:
«لم يزكّ له عملا» التزكية: الثناء و المدح، و المعنى؛ لم يقبل له عملا، لأنّ قبول العمل لازم لتزكيته عن شوائب النقصان، و يحتمل أن يكون من الزكاة بمعنى النموّ.
4-عن أبان بن تغلب عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: لوددت أنّ أصحابي ضربت رؤوسهم بالسياط حتّى يتفقّهوا. (2)
5-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ العلماء ورثة الأنبياء، و ذاك أنّ الأنبياء لم يورّثوا درهما و لا دينارا، و إنّما أورثوا أحاديث من أحاديثهم، فمن أخذ بشيء منها فقد أخذ حظّا وافرا، فانظروا علمكم هذا عمّن تأخذونه؟ فإنّ فينا أهل البيت في كلّ خلف عدولا ينفون عنه تحريف الغالين، و انتحال المبطلين، و تأويل الجاهلين. (3)
ص:192
بيان:
قال الجوهريّ: الخلف: القرن. «الانتحال» : أن يدّعي لنفسه ما لغيره.
(لاحظ شرح الحديث بطوله في المرآة و الوافي)
6-عن حمّاد بن عثمان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إذا أراد اللّه بعبد خيرا فقّهه في الدين. (1)
7-قال أبو جعفر عليه السّلام: الكمال كلّ الكمال: التفقّه في الدين، و الصبر على النائبة، و تقدير المعيشة. (2)
بيان:
في النهاية، «النائبة» و هي ما ينوب الإنسان: أي ينزل به من المهمّات و الحوادث «تقدير المعيشة» أي ترك الإسراف و التقتير و لزوم الوسط.
8-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: العلماء أمناء، و الأتقياء حصون، و الأوصياء سادة.
و في رواية اخرى: العلماء منار، و الأتقياء حصون، و الأوصياء سادة. (3)
بيان:
«الأتقياء حصون» أي بهم يدفع اللّه العذاب عن الامّة، أو بهم يدفعون الفساد بمشاهدة أحوالهم و أقوالهم «السيّد» جمع سادة: الجليل العظيم الذي له الفضل على غيره، و هو الرئيس الذي يعظّم و يطاع «منار» هي موضع النور و علم الطريق.
9-عن بشير الدهّان قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: لا خير فيمن لا يتفقّه من أصحابنا. يا بشير، إنّ الرجل منهم إذا لم يستغن بفقهه احتاج إليهم، فإذا
ص:193
احتاج إليهم أدخلوه في باب ضلالتهم و هو لا يعلم. (1)
10-عن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه السّلام قال: عالم ينتفع بعلمه أفضل من سبعين ألف عابد. (2)
11-عن معاوية بن عمّار قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: رجل راوية لحديثكم يبثّ ذلك في الناس و يشدّده في قلوبهم و قلوب شيعتكم، و لعلّ عابدا من شيعتكم ليست له هذه الرواية، أيّهما أفضل؟ قال: الراوية لحديثنا يشدّد به قلوب شيعتنا أفضل من ألف عابد. (3)
بيان:
«الراوية» : كثير الرواية، و التاء للمبالغة. «يبثّ» : أي ينشر.
12-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من سلك طريقا يطلب فيه علما سلك اللّه به طريقا إلى الجنّة، و إنّ الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضا به، و إنّه يستغفر لطالب العلم من في السماء و من في الأرض حتّى الحوت في البحر، و فضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر النجوم ليلة البدر، و إنّ العلماء ورثة الأنبياء، إنّ الأنبياء لم يورّثوا دينارا و لا درهما و لكن ورّثوا العلم، فمن أخذ منه أخذ بحظّ وافر. (4)
13-قال أبو جعفر عليه السّلام: من علّم باب هدى فله مثل أجر من عمل به، و لا ينقص اولئك من اجورهم شيئا. و من علّم باب ضلال كان عليه مثل أوزار من عمل به، و لا ينقص اولئك من أوزارهم شيئا. (5)
ص:194
14-عن أبي حمزة عن عليّ بن الحسين عليهما السّلام قال: لو يعلم الناس ما في طلب العلم لطلبوه و لو بسفك المهج و خوض اللجج، إنّ اللّه تبارك و تعالى أوحى إلى دانيال: أنّ أمقت عبيدي إليّ، الجاهل المستخفّ بحقّ أهل العلم، التارك للاقتداء بهم، و أنّ أحبّ عبيدي إليّ، التقيّ الطالب للثواب الجزيل، اللازم للعلماء، التابع للحلماء، القابل عن الحكماء. (1)
بيان:
«المهجة» : جمع مهج و هي الدم، أو دم القلب خاصّة. «اللجّة» : جمع لجج و هي معظم الماء. «القابل عن الحكماء» : أي الآخذ عن أهل الحكمة، أخذ رواية أو دراية.
و قد مرّ معنى الحكمة في بابها.
15-عن حفص بن غياث قال: قال لي أبو عبد اللّه عليه السّلام: من تعلّم العلم و عمل به و علّم للّه، دعي في ملكوت السماوات عظيما فقيل: تعلّم للّه و عمل للّه و علّم للّه. (2)
16-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ما من أحد يموت من المؤمنين أحبّ إلى إبليس من موت فقيه. (3)
17-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إذا مات المؤمن الفقيه، ثلم في الإسلام ثلمة لا يسدّها شيء. (4)
بيان:
في المرآة، «الثلمة» : فرجة المكسور و المهدوم. و في مجمع البحرين: الخلل الواقع في الحائط و غيره.
ص:195
18-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: افّ لرجل لا يفرّغ نفسه في كلّ جمعة لأمر دينه فيتعاهده و يسأل عن دينه.
و في رواية اخرى: لكلّ مسلم. (1)
بيان:
«افّ» تنوينه للتكثير، و قيل للتنكير، و هو كلمة تكرّه و تضجّر.
«كلّ جمعة» الجمعة إمّا بسكون الميم فهي بمعنى الاسبوع (2)أو بضمّها فهي يوم الجمعة، و الأنسب هنا هو الأوّل، أي لا يفرّغ نفسه في كلّ اسبوع يوما لأمر دينه و إلاّ ليقال: يوم الجمعة «يتعاهده» في المرآة: الضمير إمّا راجع إلى اليوم أو إلى الدين، و على الأوّل المراد بتعاهده الإتيان بالصلاة و الوظائف المقرّرة فيه، و من جملتها تعلّم المسائل. . .
أقول: حيث قلنا إنّ الجمعة بمعنى الاسبوع: الضمير راجع إلى أمر الدين لا محالة.
19-عن جابر عن أبي جعفر عليه السّلام قال: زكاة العلم أن تعلّمه عباد اللّه. (3)
20-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قام عيسى بن مريم عليه السّلام خطيبا في بني إسرائيل فقال: يا بني إسرائيل، لا تحدّثوا الجهّال بالحكمة فتظلموها، و لا تمنعوها أهلها فتظلموهم. (4)
21-عن طلحة بن زيد قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: العامل على غير بصيرة كالسائر على غير الطريق، لا يزيده سرعة السير إلاّ بعدا. (5)
22-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من عمل على غير
ص:196
علم كان ما يفسد أكثر ممّا يصلح. (1)
23-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: ما من عالم أو متعلّم يمرّ بقرية من قرى المسلمين، أو بلدة من بلاد المسلمين، و لم يأكل من طعامهم و لم يشرب من شرابهم، و دخل من جانب و خرج من جانب آخر إلاّ رفع اللّه تعالى عذاب قبورهم أربعين يوما. (2)
24-و من كلام أمير المؤمنين عليه السّلام لكميل، قال كميل بن زياد: أخذ بيدي أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السّلام فأخرجني إلى الجبّان فلمّا أصحر تنفّس الصعداء ثمّ قال:
يا كميل بن زياد، إنّ هذه القلوب أوعية فخيرها أوعاها، فاحفظ عنّي ما أقول لك: الناس ثلاثة: فعالم ربّانيّ، و متعلّم على سبيل نجاة، و همج رعاع، أتباع كلّ ناعق يميلون مع كلّ ريح، لم يستضيئوا بنور العلم، و لم يلجأوا إلى ركن وثيق.
يا كميل، العلم خير من المال، العلم يحرسك و أنت تحرس المال، و المال تنقصه النفقة، و العلم يزكو على الإنفاق، و صنيع المال يزول بزواله.
يا كميل بن زياد، معرفة العلم دين يدان به، به يكسب الإنسان الطاعة في حياته، و جميل الأحدوثة بعد وفاته. و العلم حاكم، و المال محكوم عليه.
يا كميل بن زياد، هلك خزّان الأموال و هم أحياء، و العلماء باقون ما بقي الدهر: أعيانهم مفقودة و أمثالهم في القلوب موجودة، ها إنّ ههنا لعلما جمّا -و أشار بيده إلى صدره-لو أصبت له حملة، بلى أصبت لقنا غير مأمون عليه، مستعملا آلة الدين للدنيا، و مستظهرا بنعم اللّه على عباده و بحججه
ص:197
على أوليائه. . . (1)
بيان:
«الجبّان» : الصحراء. «أصحر» : أي بلغ الصحراء. «أوعاها» : أي أحفظها للعلم و أجمعها. «عالم ربّانيّ» : منسوب إلى الربّ بزيادة الألف و النون على خلاف القياس قال الجوهريّ: الربّانيّ: المتألّه العارف باللّه تعالى. قال في الكشّاف: هو شديد التمسّك بدين اللّه تعالى و طاعته. و قال في مجمع البيان: هو الذي يربّ أمر الناس بتدبيره و إصلاحه إيّاه. «الهمج» واحدته همجة: و هي ذباب صغير كالبعوض، و لعلّ المراد هنا الحمقى من الناس. «الرعاع» : الأحداث الطغام (اوباش) من العوامّ و السفلة و أمثالهم.
«ناعق» النعيق: صوت الراعي بغنمه، و يقال لصوت الغراب أيضا، و المراد أنّهم لعدم ثباتهم و تزلزلهم في أمر الدين يتّبعون كلّ داع، «جميل الأحدوثة» ما يتحدّث به الناس من الثناء و الكلام الجميل أي بعد موتهم أيضا باقون بذكرهم الجميل، و الأحدوثة مفرد الأحاديث. «أمثالهم. . .» : لعلّ الأمثال جمع مثل، و المراد هنا؛ حكمهم و مواعظهم محفوظة عند أهلها يعملون بها، و يحتمل أن يكون المراد بأمثالهم أشباحهم و صورهم في قلوب محبّيهم و المهتدين بهم موجودة. «جمّا» : أي كثيرا. «لقنا» : أي من يفهم بسرعة من اللقانة و هي حسن الفهم.
(البحار ج 1 ص 189)
25-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: سيأتي زمان على الناس يفرّون من العلماء كما يفرّ الغنم من الذئب، ابتلاهم اللّه تعالى بثلاثة أشياء: الأوّل، يرفع البركة من أموالهم، و الثاني، سلّط اللّه عليهم سلطانا جائرا، و الثالث، يخرجون من الدنيا بلا إيمان. (2)
ص:198
26-و قال صلّى اللّه عليه و آله: سيأتي زمان على امّتي لا يعرفون العلماء إلاّ بثوب حسن، و لا يعرفون القرآن إلاّ بصوت حسن، و لا يعبدون اللّه إلاّ في شهر رمضان، إذا كان كذلك سلّط اللّه عليهم سلطانا لا علم له، و لا حلم له، و لا رحم له. (1)
27-في مواعظ عليّ عليه السّلام: عليكم بالعلم، فإنّه صلة بين الإخوان، و دالّ على المروّة، و تحفة في المجالس، و صاحب في السفر، و مونس في الغربة، و إنّ اللّه تعالى يحبّ المؤمن العالم الفقيه، الزاهد الخاشع، الحييّ العليم، الحسن الخلق، المقتصد المنصف. (2)
28-قال أمير المؤمنين عليه السّلام في خطبة: و لا كنز أنفع من العلم. (3)
29-عن عليّ بن الحسين عليهما السّلام، أنّه كان إذا جاءه طالب علم قال: مرحبا بوصيّة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، ثم يقول: إنّ طالب العلم إذا خرج من منزله لم يضع رجله على رطب و لا يابس من الأرض إلاّ سبّحت له إلى الأرضين السابعة. (4)
30-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من خرج من بيته يطلب علما شيّعه سبعون ألف ملك يستغفرون له. (5)
31-عن الرضا عن آبائه عن أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليهم السّلام قال: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول: طلب العلم فريضة على كلّ مسلم، فاطلبوا العلم من مظانّه، و اقتبسوه من أهله، فإنّ تعليمه للّه حسنة، و طلبه عبادة، و المذاكرة به تسبيح، و العمل به جهاد، و تعليمه من لا يعلمه صدقة، و بذله لأهله قربة إلى اللّه تعالى، لأنّه معالم الحلال و الحرام، و منار سبل الجنّة، و المونس في الوحشة،
ص:199
و الصاحب في الغربة و الوحدة، و المحدّث في الخلوة، و الدليل على السرّاء و الضرّاء، و السلاح على الأعداء، و الزين عند الأخلاّء، يرفع اللّه به أقواما فيجعلهم في الخير قادة تقتبس آثارهم، و يهتدى بفعالهم، و ينتهى إلى رأيهم، و ترغب الملائكة في خلّتهم، و بأجنحتها تمسحهم، و في صلاتها تبارك عليهم، يستغفر لهم كلّ رطب و يابس حتّى حيتان البحر و هوامّه، و سباع البرّ و أنعامه.
إنّ العلم حياة القلوب من الجهل، و ضياء الأبصار من الظلمة، و قوّة الأبدان من الضعف، يبلغ بالعبد منازل الأخيار، و مجالس الأبرار، و الدرجات العلى في الدنيا و الآخرة، الذكر فيه يعدل بالصيام، و مدارسته بالقيام، به يطاع الربّ و يعبد، و به توصل الأرحام، و به يعرف الحلال و الحرام، العلم أمام العمل و العمل تابعه، يلهمه السعداء، و يحرمه الأشقياء، فطوبى لمن لم يحرمه اللّه منه حظّه. (1)
بيان:
«الهامّة» جمع هوامّ: ما كان له سمّ كالحيّة، و قد تطلق الهوامّ على ما لا يقتل من الحشرات.
32-عن أبي عبد اللّه جعفر بن محمّد عن آبائه عن عليّ عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: العالم بين الجهّال كالحيّ بين الأموات، و إنّ طالب العلم ليستغفر له كلّ شيء حتّى حيتان البحر و هوامّه، و سباع البرّ و أنعامه، فاطلبوا العلم فإنّه السبب بينكم و بين اللّه عزّ و جلّ، و إنّ طلب العلم فريضة على كلّ مسلم. (2)
33-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: طلب العلم فريضة في كلّ حال. (3)
أقول:
قال رحمه اللّه ذيل ح 29: هذه الأخبار تدلّ على وجوب طلب العلم، و لا شكّ
ص:200
في وجوب طلب القدر الضروريّ من معرفة اللّه و صفاته، و سائر اصول الدين، و معرفة العبادات و شرائطها و المناهي و لو بالأخذ عن عالم عينا، و الأشهر بين الأصحاب أنّ تحصيل أزيد من ذلك إمّا من الواجبات الكفائيّة أو من المستحبّات.
34-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: من خرج من بيته ليلتمس بابا من العلم لينتفع به و يعلّمه غيره كتب اللّه له بكلّ خطوة عبادة ألف سنة صيامها و قيامها، و حفّته الملائكة بأجنحتها و صلّى عليه طيور السماء، و حيتان البحر، و دوابّ البرّ، و أنزله اللّه منزلة سبعين صدّيقا، و كان خيرا له من أن كانت الدنيا كلّها له فجعلها في الآخرة. (1)
35-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: من أحبّ أن ينظر إلى عتقاء اللّه من النار فلينظر إلى المتعلّمين، فو الذي نفسي بيده ما من متعلّم يختلف إلى باب العالم إلاّ كتب اللّه له بكلّ قدم عبادة سنة، و بنى اللّه بكلّ قدم مدينة في الجنّة و يمشي على الأرض و هي تستغفر له، و يمسي و يصبح مغفورا له، و شهدت الملائكة أنّهم عتقاء اللّه من النار. (2)
36-و قال صلّى اللّه عليه و آله: نوم مع علم خير من صلاة مع جهل. (3)
37-قال الصادق عليه السّلام: تلاقوا و تحادثوا العلم، فإنّ بالحديث تجلى القلوب الرائنة، و بالحديث إحياء أمرنا، فرحم اللّه من أحيا أمرنا. (4)
أقول:
قد مرّ ما بمعناه في باب الحديث. و «الرين» : الطبع و الدنس، الحجاب الكثيف.
ص:201
38-عن موسى بن جعفر عن آبائه عليهم السّلام قال: قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: النظر في وجه العالم حبا له عبادة. (1)
39-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: حديث في حلال و حرام تأخذه من صادق خير من الدنيا و ما فيها من ذهب أو فضّة. (2)
40-عن محمّد قال: قال أبو عبد اللّه و أبو جعفر عليهما السّلام: لو أتيت بشابّ من شباب الشيعة لا يتفقّه لأدّبته، قال: و كان أبو جعفر عليه السّلام يقول: تفقّهوا و إلاّ فأنتم أعراب. (3)
41-قال الجواد عليه السّلام: التفقّه ثمن لكلّ غال و سلّم إلى كلّ عال. (4)
42-قال أبو عبد اللّه الصادق عليه السّلام: إذا كان يوم القيامة جمع اللّه عزّ و جلّ الناس في صعيد واحد، و وضعت الموازين، فتوزن دماء الشهداء مع مداد العلماء، فيرجّح مداد العلماء على دماء الشهداء. (5)
43-عن أبي محمّد عليه السّلام قال: قال عليّ بن محمّد عليهما السّلام: لو لا من يبقى بعد غيبة قائمنا عليه السّلام من العلماء الداعين إليه، و الدالّين عليه و الذابّين عن دينه بحجج اللّه، و المنقذين لضعفاء عباد اللّه من شباك إبليس و مردته و من فخاخ النواصب لما بقي أحد إلاّ ارتدّ عن دين اللّه، و لكنّهم الذين يمسكون أزمّة قلوب ضعفاء الشيعة، كما يمسك صاحب السفينة سكّانها، اولئك هم الأفضلون عند اللّه عزّ و جلّ. (6)
ص:202
بيان:
قال رحمه اللّه: «الذبّ» الدفع. «الشباك» : جمع الشبكة التي يصاد بها. «المردة» : المتمرّدون العاصون. «الفخّ» : المصيدة (آلة يصاد بها) . «الأزمّة» : جمع زمام، يقال بالفارسيّة: مهار.
44-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إذا كان يوم القيامة بعث اللّه عزّ و جلّ العالم و العابد، فإذا وقفا بين يدي اللّه عزّ و جلّ قيل للعابد: انطلق إلى الجنّة، و قيل للعالم: قف تشفع للناس بحسن تأديبك لهم. (1)
45-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: علماء امّتي كأنبياء بني إسرائيل. (2)
46-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: ساعة من عالم يتّكئ على فراشه ينظر في عمله خير من عبادة العابد سبعين عاما. (3)
47-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: إذا مات الإنسان انقطع عمله إلاّ من ثلاث: علم ينتفع به، أو صدقة تجري له، أو ولد صالح يدعو له. (4)
48-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: يا عليّ، إذا أتى على المؤمن أربعون صباحا و لم يجلس العلماء قسا قلبه و جرء على الكبائر. (5)
49-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:
العلم بالفهم. (الغرر ج 1 ص 6 ف 1 ح 56)
الفهم بالفطنة-الفطنة بالبصيرة. (ح 57 و 58)
العلم كنز. (ص 7 ح 85)
ص:203
العلم عزّ. (ص 8 ح 122)
العلم دليل. (ص 9 ح 167)
العلم ينجيك. (ص 10 ح 196)
العلم حياة. (ص 11 ح 234)
العلم مجلّة-العلم حرز. (ص 12 ح 257 و 276)
العلم زين الحسب. (ص 14 ح 337)
العلم أفضل شرف. (ص 20 ح 536)
العلماء حكّام على الناس. (ح 559)
العلم مصباح العقل. (ص 21 ح 589)
العلم خير دليل-العلم أعظم كنز. (ص 23 ح 642 و 671)
العلم حياة و شفاء-الجهل داء و عياء. (ص 25 ح 738 و 739)
العلم أجلّ بضاعة. (ح 743)
العلم أعلى فوز. (ص 26 ح 781)
العلم أفضل قنية (1). (ص 29 ح 862)
العلم مركب الحلم. (ح 867)
العلم أصل كلّ خير-الجهل أصل كلّ شرّ. (ح 868 و 869)
العلم عنوان العقل-العلم لقاح المعرفة. (ح 878 و 880)
العلم ينجد الفكر-العلم نعم الدليل. (ح 882 و 887)
العلم قائد الحلم-العلم أفضل هداية. (ح 891 و 896)
العلوم نزهة الادباء. (ص 34 ح 1036)
العلم قاتل الجهل. (ص 35 ح 1072)
ص:204
العلم داعي الفهم-العلم لا ينتهي. (ح 1074 و 1096)
العالم حيّ و إن كان ميّتا. (ص 37 ح 1167)
العالم من عرف قدره-العالم ينظر بقلبه و خاطره. (ص 43 ح 1283 و 1287)
العلم زين الأغنياء، و غنى الفقراء. (ص 58 ح 1563)
العامل بالعلم كالسائر على الطريق الواضح. (ح 1572)
العلم يهدي إلى الحقّ. (ص 60 ح 1617)
العلم مصباح العقل و ينبوع الفضل. (ح 1619)
العمل بغير علم ضلال-العلم كنز عظيم لا يفنى. (ص 61 ح 1622 و 1623)
العلم إحدى الحياتين. (ص 62 ح 1656)
العلم وراثة كريمة، و نعمة عميمة. (ص 64 ح 1680)
العلم أفضل الأنيسين. (ح 1694)
العلم باللّه أفضل العلمين. (ص 65 ح 1714)
العلماء غرباء لكثرة الجهّال. (ص 67 ح 1748)
العلم ينجي من الارتباك (1)و الحيرة. (ح 1754)
العلم يدلّ على العقل، فمن علم عقل. (ص 68 ح 1763)
العلم محيي النفس، و منير العقل، و مميت الجهل. (ح 1764)
العقل و العلم مقرونان في قرن، لا يفترقان و لا يتباينان. (ص 71 ح 1809)
العلم يرشدك إلى ما أمرك به، و الزهد يسهل لك الطريق إليه.
(ص 75 ح 1860)
العلماء أطهر الناس أخلاقا و أقلّهم في المطامع أعراقا. (ص 98 ح 2130)
العالم حيّ بين الموتى-الجاهل ميّت بين الأحياء. (ح 2139 و 2140)
ص:205
أعون الأشياء على تزكية العقل التعليم. (ص 201 ف 8 ح 421)
إذا رأيت عالما فكن له خادما. (ص 313 ف 17 ح 71)
إذا أراد اللّه بعبد خيرا فقّهه في الدين، و ألهمه اليقين. (ص 322 ح 159)
ثمرة العلم معرفة اللّه. (ص 358 ف 23 ح 1)
ثمرة العلم العبادة. (ص 359 ح 14)
ثمرة العلم إخلاص العمل. (ص 361 ح 55)
غاية الفضائل العلم (ج 2 ص 505 ف 56 ح 34)
قيمة كلّ امرء ما يعلم. (ص 536 ف 61 ح 40)
من وقّر عالما فقد وقّر ربّه. (ص 675 ف 77 ح 1042)
لا شرف كالعلم (ص 831 ف 86 ح 50)
لا ينفع العلم بغير توفيق-لا خير في عمل بغير علم. (ص 841 ح 243 و 246)
لا يدرك العلم براحة الجسم. (ح 247)
لا نيّة لمن لا علم له-لا علم لمن لا بصيرة له. (ص 846 ح 336 و 337)
لا هداية لمن لا علم له. (ص 847 ح 349)
ص:206
1-عن أبي الحسن موسى عليه السّلام قال: دخل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله المسجد فإذا جماعة قد أطافوا برجل فقال: ما هذا؟ فقيل: علاّمة، فقال: و ما العلاّمة؟ فقالوا له: أعلم الناس بأنساب العرب و وقائعها، و أيّام الجاهليّة، و الأشعار [و] العربيّة، قال: فقال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: ذاك علم لا يضرّ من جهله، و لا ينفع من علمه، ثمّ قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: إنّما العلم ثلاثة: آية محكمة، أو فريضة عادلة، أو سنّة قائمة، و ما خلاهنّ فهو فضل. (1)
بيان:
«ما العلاّمة؟» : أي ما حقيقة علمه الذي به اتّصف بكونه علاّمة؟ «العلم ثلاثة. . .» في الوافي: كأنّ الآية المحكمة إشارة إلى أصول العقائد، فإنّ براهينها الآيات المحكمات من العالم أو من القرآن. . . و الفريضة العادلة؛ إشارة إلى علوم الأخلاق. . . و السنّة القائمة إشارة إلى شرايع الأحكام و مسائل الحلال و الحرام. . .
2-عن جميل عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سمعته يقول: يغدو الناس على ثلاثة أصناف: عالم و متعلّم و غثاء، فنحن العلماء، و شيعتنا المتعلّمون، و سائر
ص:207
الناس غثاء. (1)
بيان:
في مجمع البحرين، «الغثاء» : ما يجييء فوق السيل ممّا يحمل من الزبد و الوسخ و غيره، (ثمّ قال ذيل الحديث:) يريد أراذل الناس و أسقاطهم، شبّههم بذلك لدناءة قدرهم و خفّة أحلامهم.
3-عن زيد الشحّام عن أبي جعفر عليه السّلام في قول اللّه عزّ و جلّ: فَلْيَنْظُرِ اَلْإِنْسانُ إِلى طَعامِهِ (2)قال: قلت: ما طعامه؟ قال: علمه الذي يأخذه، عمّن يأخذه. (3)
4-عن سفيان بن عيينة قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: وجدت علم الناس كلّه في أربع: أوّلها أن تعرف ربّك، و الثاني، أن تعرف ما صنع بك، و الثالث، أن تعرف ما أراد منك، و الرابع أن تعرف ما يخرجك من دينك. (4)
5-عن زرارة قال: كنت عند أبي جعفر عليه السّلام فقال له رجل من أهل الكوفة يسأله عن قول أمير المؤمنين عليه السّلام: «سلوني عمّا شئتم فلا تسألوني عن شيء إلاّ أنبأتكم به» قال: إنّه ليس أحد عنده علم شيء إلاّ خرج من عند أمير المؤمنين عليه السّلام، فليذهب الناس حيث شاؤوا، فو اللّه ليس الأمر إلاّ من ههنا -و أشار بيده إلى بيته- (5)
6-قال أبو جعفر عليه السّلام لسلمة بن كهيل و الحكم بن عتيبة: شرّقا و غرّبا،
ص:208
فلا تجدان علما صحيحا إلاّ شيئا خرج من عندنا أهل البيت. (1)
أقول:
بهذا المعنى أخبار كثيرة، راجع البحار و بصائر الدرجات و. . .
7-سئل أمير المؤمنين عليه السّلام عن العلم، فقال: أربع كلمات: أن تعبد اللّه بقدر حاجتك إليه، و أن تعصيه بقدر صبرك على النار، و أن تعمل لدنياك بقدر عمرك فيها، و أن تعمل لآخرتك بقدر بقائك فيها.
و قال عليّ عليه السّلام: العلوم أربعة؛ علم ينفع، و علم يشفع، و علم يرفع، و علم يضع، فأمّا الذي ينفع علم الشريعة، و أمّا الذي يشفع علم القرآن، و أمّا الذي يرفع فالنحو، و أمّا الذي يضع فعلم النجوم. (2)
8-عن داود بن فرقد قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: أنتم أفقه الناس إذا عرفتم معاني كلامنا، إنّ الكلمة لتنصرف على وجوه، فلو شاء إنسان لصرف كلامه كيف شاء و لا يكذب. (3)
9-عن موسى بن جعفر عليه السّلام قال: لا تجلسوا عند كلّ عالم إلاّ عالم يدعوكم من الخمس إلى الخمس: من الشكّ إلى اليقين، و من الكبر إلى التواضع، و من الرياء إلى الإخلاص، و من العداوة إلى النصيحة، و من الرغبة إلى الزهد. (4)
10-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: أفضل العبادة العلم باللّه. (5)
11-عن موسى بن جعفر عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:
ص:209
من انهمك في طلب النحو سلب الخشوع. (1)
أقول:
في كنز العمّال خ 7922 عنه (ص) : من انهمك في طلب العربيّة سلب الخشوع.
بيان: «انهمك» في الأمر: جدّ فيه و لجّ.
12-قال الحسن بن عليّ عليهما السّلام: عجب لمن يتفكّر في مأكوله، كيف لا يتفكّر في معقوله؟ ! فيجنّب بطنه ما يؤذيه، و يودع صدره ما يرديه. (2)
أقول:
مرّ بهذا المعنى في باب الطعام.
13-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: العلم علمان: علم الأديان و علم الأبدان. (3)
14-عن زرارة و محمّد بن مسلم و بريد قالوا: قال رجل لأبي عبد اللّه عليه السّلام: إنّ لي ابنا قد احبّ أن يسألك عن حلال و حرام لا يسألك عمّا لا يعنيه، قال: فقال: و هل يسأل الناس عن شيء أفضل من الحلال و الحرام؟ (4)
15-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: العلوم أربعة: الفقه للأديان، و الطبّ للأبدان، و النحو للسان، و النجوم لمعرفة الأزمان. (5)
16-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: العلم أكثر من أن يحصى فخذ من كلّ شيء أحسنه. (6)
17-قال الصادق عليه السّلام: العلم أصل كلّ حال سنيّ، و منتهى كلّ منزلة
ص:210
رفيعة، لذلك قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: طلب العلم فريضة على كلّ مسلم و مسلمة، أي علم التقوى و اليقين.
و قال عليّ عليه السّلام: اطلبوا العلم و لو بالصين، و هو علم معرفة النفس، و فيه معرفة الربّ عزّ و جلّ. (1)
بيان:
قال رحمه اللّه: «علم التقوى» هو العلم بالأوامر و النواهي و التكاليف التي يتّقى بها من عذاب اللّه، و «علم اليقين» علم ما يتعلّق من المعارف بأصول الدين، و يحتمل أن يكون علم التقوى أعمّ منهما و يكون اليقين معطوفا على العلم و تفسيرا له، أي العلم المأمور به هو اليقين.
18-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: العلم علمان: علم على اللسان فذلك حجّة على ابن آدم، و علم في القلب فذلك العلم النافع. (2)
19-عن الرضا عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: اللهمّ ارحم خلفائي-ثلاث مرّات-قيل له: يا رسول اللّه، و من خلفاؤك؟ قال: الذين يأتون من بعدي و يروون أحاديثي و سنّتي فيسلّمونها الناس من بعدي. (3)
أقول:
في ح 3، قيل: يا رسول اللّه، و من خلفاؤك؟ قال: الذين يتّبعون حديثي و سنّتي ثمّ يعلّمونها امّتي.
20-عن جابر عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال لي: يا جابر، و اللّه لحديث تصيبه من صادق في حلال و حرام خير لك ممّا طلعت عليه الشمس حتّى
ص:211
تغرب. (1)
21-قال أبو جعفر عليه السّلام: إنّ حديثنا يحيي القلوب، و قال: منفعته في الدين أشدّ على الشيطان من عبادة سبعين ألف عابد. (2)
22-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: من تعلّم حديثين اثنين ينفع بهما نفسه أو يعلّمهما غيره فينتفع بهما كان خيرا من عبادة ستّين سنة. (3)
23-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:
العلم أكثر من أن يحاط به فخذوا من كلّ علم أحسنه.
(الغرر ج 1 ص 74 ف 1 ح 1843)
ألزم العلم بك ما دلّك على صلاح دينك و أبان لك عن فساده.
(ص 210 ف 8 ح 512)
خير العلم ما أصلحت به رشادك، و شرّه ما أفسدت به معادك.
(ص 392 ف 29 ح 75)
رأس العلم التمييز بين الأخلاق، و إظهار محمودها و قمع مذمومها.
(ص 413 ف 34 ح 44)
أقول:
قد مرّ ما يناسب المقام في الفصل الأوّل و أبواب الحديث، المجالسة، الصداقة و. . . و سيأتي في حديث عنوان البصريّ في ف 4 عن الصادق عليه السّلام: «ليس العلم بالتعلّم، إنّما هو نور يقع في قلب من يريد اللّه تعالى أن يهديه» .
و في باب التقيّة في حديث عليّ بن الحسين عليهما السّلام: «إنّما صار سلمان من العلماء لأنّه امرء منّا أهل البيت، فلذلك نسبه إلينا» .
ص:212
قال اللّه تعالى: يا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ- كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اَللّهِ أَنْ تَقُولُوا ما لا تَفْعَلُونَ. (1)
1-عن سليم بن قيس قال: سمعت أمير المؤمنين عليه السّلام يقول: قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: العلماء رجلان: رجل عالم آخذ بعلمه فهذا ناج، و عالم تارك لعلمه فهذا هالك، و إنّ أهل النار ليتأذّون من ريح العالم التارك لعلمه، و إنّ أشدّ أهل النار ندامة و حسرة رجل دعا عبدا إلى اللّه فاستجاب له و قبل منه فأطاع اللّه فأدخله اللّه الجنّة، و أدخل الداعي النار بتركه علمه، و اتّباعه الهوى و طول الأمل، أمّا اتّباع الهوى فيصدّ عن الحقّ و طول الأمل ينسي الآخرة. (2)
أقول:
قد مرّ ما يناسب المقام في أبواب الحسرة، العدل و. . .
2-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: العلم مقرون إلى العمل، فمن علم عمل،
ص:213
و من عمل علم، و العلم يهتف بالعمل فإن أجابه و إلاّ ارتحل عنه. (1)
أقول:
بهذا المعنى أخبار اخر، راجع البحار ج 2 ب 9 و غيره.
بيان: «العلم» : المراد بالعلم هنا نور يجعله اللّه في قلب من يشاء لا العلوم المتداولة بين الناس فإنّهم يزدادون العلم بلا عمل.
«يهتف» : يصيح و يدعو صاحبه أي العلم طالب للعمل، و يدعو الشخص إليه فإن لم يعمل بما هو مطلوب العلم و مقتضاه فارقه.
3-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ العالم إذا لم يعمل بعلمه، زلّت موعظته عن القلوب كما يزلّ المطر عن الصفا. (2)
4-جاء رجل إلى عليّ بن الحسين عليهما السّلام فسأله عن مسائل فأجاب، ثمّ عاد ليسأل عن مثلها، فقال عليّ بن الحسين عليه السّلام: مكتوب في الإنجيل: لا تطلبوا علم ما لا تعلمون و لمّا تعملوا بما علمتم، فإنّ العلم إذا لم يعمل به لم يزدد صاحبه إلاّ كفرا، و لم يزدد من اللّه إلاّ بعدا. (3)
بيان:
«و لمّا تعملوا» الواو للحال، و في الوافي: أي لا تسألوا عن المجهول و الحال أنّكم لم تعملوا بعد بالمعلوم.
5-قال أمير المؤمنين عليه السّلام في خطبة له: أيّها الناس، إذا علمتم فاعملوا بما عملتم لعلّكم تهتدون، إنّ العالم العامل بغيره كالجاهل الحائر الذي لا يستفيق عن جهله، بل قد رأيت أنّ الحجّة عليه أعظم، و الحسرة أدوم على هذا العالم المنسلخ من علمه منها على هذا الجاهل المتحيّر في جهله، و كلاهما حائر بائر،
ص:214
لا ترتابوا فتشكّوا، و لا تشكّوا فتكفروا، و لا ترخّصوا لأنفسكم فتدهنوا، و لا تدهنوا في الحقّ فتخسروا، و إنّ من الحقّ أن تفقّهوا، و من الفقه أن لا تغترّوا، و إنّ أنصحكم لنفسه أطوعكم لربّه، و أغشّكم لنفسه أعصاكم لربّه، و من يطع اللّه يأمن و يستبشر، و من يعص اللّه يخب و يندم. (1)
بيان:
«بغيره» : أي بغير علمه. «الحائر» : من حار يحار أي تحيّر في أمره و لم يكن له مخرج «لا يستفيق» : أي لا يستيقظ عن جهله و لا يتنبّه. «البائر» : أي الهالك.
«المنسلخ» يقال: انسلخ من ثيابه إذا تجرّد.
في المرآة ج 1 ص 145: «لا ترخّصوا لأنفسكم» أي لا تسهلوا لأنفسكم أمر الإطاعة و العصيان و لا تخفّفوا عليها من الحقوق، فتقعوا في المداهنة في أمر الدين و المساهلة في باب الحقّ و اليقين، فتكونوا من الخاسرين، أو لا ترخّصوا لأنفسكم في ارتكاب المكروهات و ترك المسنونات، و التوسّع في المباحات فإنّها طرق إلى المحرّمات، و يؤيّده بعض الروايات.
6-عن أبي عبد اللّه عن آبائه عليهم السّلام قال: جاء رجل إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فقال: يا رسول اللّه، ما العلم؟ قال: الإنصات قال: ثمّ مه؟ قال: الاستماع، قال: ثمّ مه؟ قال: الحفظ، قال: ثمّ مه؟ قال: العمل به، قال: ثمّ مه يا رسول اللّه؟ قال: نشره. (2)
بيان:
«الإنصات» : أي السكوت عند الاستماع.
7-قال الصادق عليه السّلام: قطع ظهري اثنان: عالم متهتّك، و جاهل متنسّك،
ص:215
هذا يصدّ الناس عن علمه بتهتّكه، و هذا يصدّ الناس عن نسكه بجهله. (1)
أقول:
سيأتي نحوه عن أمير المؤمنين عليه السّلام في ف 5.
بيان: «عالم متهتّك» هتك الستر: جذبه فقطعه من موضعه، و تهتّك فلان: افتضح، و رجل متهتّك أي لا يبالي أن يهتك ستره «المتنسّك» المتعبّد المجتهد في العبادة. و صدّ الجاهل عن نسكه لأنّ الناس لمّا يرون من جهله لا يتّبعونه على نسكه.
و في حديث أمير المؤمنين عليه السّلام: «فالجاهل يغشّ الناس بتنسّكه» و المعنى أنّه لمّا يرون أعماله و نسكه رائقة، يتّبعونه في تلك النسك و الأعمال، فيحسبون أنّ الدين هو هذه، فبذلك يصدّهم الجاهل عن حقيقة الدين.
8-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: أوحى اللّه إلى بعض أنبيائه: قل للذين يتفقّهون لغير الدين، و يتعلّمون لغير العمل، و يطلبون الدنيا لغير الآخرة، يلبسون للناس مسوك الكباش و قلوبهم كقلوب الذئاب، ألسنتهم أحلى من العسل و أعمالهم أمرّ من الصّبر: إيّاي يخادعون؟ و بي يستهزؤون؟ لاتيحنّ لهم فتنة تذر الحكيم حيرانا. (2)
أقول:
قد مرّ ما بمعناه مع شرحه في باب حبّ الدنيا.
بيان: «مسوك» جمع المسك و هي الجلد.
«لأتيحنّ» يقال: تاح له: قدّر له و تهيّأ، و أتاحه: هيّأه و قدّره.
9-عن أبي الحسن الرضا عن أبيه عن آبائه عن أمير المؤمنين عليهم السّلام أنّه قال: الدنيا كلّها جهل إلاّ مواضع العلم، و العلم كلّه حجّة إلاّ ما عمل به، و العمل
ص:216
كلّه رياء إلاّ ما كان مخلصا، و الإخلاص على خطر حتّى ينظر العبد بما يختم له. (1)
10-عن ابن زياد قال: سمعت جعفر بن محمّد عليهما السّلام-و قد سئل عن قوله تعالى: قُلْ فَلِلّهِ اَلْحُجَّةُ اَلْبالِغَةُ (2)-فقال: إنّ اللّه تعالى يقول للعبد يوم القيامة: عبدي أكنت عالما؟ فإن قال: نعم قال له: أ فلا عملت بما علمت؟ و إن قال: كنت جاهلا، قال له: أ فلا تعلّمت حتّى تعمل؟ فيخصم فتلك الحجّة البالغة. (3)
بيان:
قال رحمه اللّه: فيخصم على البناء للمفعول، يقال: خاصمه فخصمه أي غلبه.
11-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من عمل بما علم كفي ما لم يعلم. (4)
بيان:
قال رحمه اللّه: «كفي ما لم يعلم» أي علّمه اللّه بلا تعب.
12-عن المفضّل عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ الحسرة و الندامة و الويل كلّه لمن لم ينتفع بما أبصر، و من لم يدر الأمر الذي هو عليه مقيم أنفع هو له أم ضرر؟ قال: قلت: فبما يعرف الناجي؟ قال: من كان فعله لقوله موافقا، فأثبت له الشهادة بالنجاة، و من لم يكن فعله لقوله موافقا فإنّما ذلك مستودع. (5)
13-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: نعوذ باللّه من علم لا ينفع، و هو العلم الذي يضادّ العمل بالإخلاص، و اعلم أنّ قليل العلم يحتاج إلى كثير العمل، لأنّ علم ساعة يلزم صاحبه استعماله طول عمره.
ص:217
قال عيسى عليه السّلام: رأيت حجرا مكتوبا عليه: قلّبني، فقلّبته فإذا على باطنه: من لا يعمل بما يعلم مشوم عليه طلب ما لا يعلم، و مردود عليه ما علم.
أوحى اللّه تبارك و تعالى إلى داود عليه السّلام: أنّ أهون ما أنا صانع بعالم غير عامل بعلمه أشدّ من سبعين عقوبة؛ أن أخرج من قلبه حلاوة ذكري. . . (1)
14-و قال صلّى اللّه عليه و آله: العلم الذي لا يعمل به كالكنز الذي لا ينفق منه، أتعب صاحبه نفسه في جمعه و لم يصل إلى نفعه. (2)
15-و قال صلّى اللّه عليه و آله: مثل الذي يعلم الخير و لا يعمل به مثل السراج يضيئ للناس و يحرق نفسه. (3)
16-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: كلّ علم وبال على صاحبه إلاّ من عمل به. (4)
17-و قال صلّى اللّه عليه و آله: أشدّ الناس عذابا يوم القيامة، عالم لم ينفعه علمه. (5)
18-في وصيّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لابن مسعود: يابن مسعود، من تعلّم العلم و لم يعمل بما فيه حشره اللّه يوم القيامة أعمى، و من تعلّم العلم رياء و سمعة يريد به الدنيا، نزع اللّه بركته و ضيّق عليه معيشته و وكله اللّه إلى نفسه، و من وكله إلى نفسه فقد هلك. . . (6)
19-في وصايا الباقر عليه السّلام: من عمل بما يعلم علّمه اللّه ما لم يعلم. (7)
ص:218
أقول:
قد مرّ في باب العقل في حديث موسى بن جعفر عليهما السّلام لهشام: يا هشام، نصب الحقّ لطاعة اللّه، و لا نجاة إلاّ بالطاعة، و الطاعة بالعلم، و العلم بالتعلّم، و التعلّم بالعقل يعتقد، و لا علم إلاّ من عالم ربّاني، و معرفة العلم بالعقل.
20-قال عليّ عليه السّلام: ختمت التوراة بخمس كلمات، فأنا أحبّ أن أطالعها في صبيحة كلّ يوم: الأوّل، العالم الذي لا يعمل بعلمه فهو و إبليس سواء، و الثاني، سلطان لا يعدل برعيّته فهو و فرعون سواء، و الثالث، فقير يتذلّل لغنيّ طمعا في ماله فهو و الكلب سواء، و الرابع، غنيّ لا ينتفع بماله فهو و الآجر سواء و الخامس، امرأة تخرج من بيتها بغير ضرورة هي و الأمة سواء. (1)
21-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:
العلم بالعمل. (الغرر ج 1 ص 12 ف 1 ح 293)
العلم كثير و العمل قليل. (ص 42 ح 1268)
العلم رشد لمن عمل به. (ص 45 ح 1324)
العلم كلّه حجّة إلاّ ما عمل به. (ص 51 ح 1441)
العمل كلّه هباء إلاّ ما اخلص فيه. (ح 1442)
العلم بغير عمل وبال-العمل بغير علم ضلال. (ص 61 ح 1621 و 1622)
العالم من شهدت بصحّة أقواله أفعاله. (ص 67 ح 1740)
العالم مقرون بالعمل، فمن علم عمل. (ص 83 ح 1965)
العلم يهتف بالعمل فإن أجابه و إلاّ ارتحل. (ص 84 ح 1966)
العمل بالعلم من تمام النعمة. (ص 91 ح 2074)
أنفع العلم ما عمل به. (ص 178 ف 8 ح 105)
ص:219
أفضل العمل ما اخلص فيه. (ح 106)
أشدّ الناس ندما عند الموت العلماء غير العاملين. (ص 197 ح 374)
إنّما زهّد الناس في طلب العلم كثرة ما يرون من قلّة عمل من عمل بما علم. (ص 300 ف 15 ح 36)
إذا رمتم (شئتم ف ن) الانتفاع بالعلم، فاعملوا به، و أكثروا الفكر في معانيه، تعه القلوب. (ص 327 ف 17 ح 186)
تارك العمل بالعلم غير واثق بثواب العمل. (ص 349 ف 22 ح 51)
ثمرة العلم العمل به-ثمرة العمل الأجر عليه. (ص 360 ف 23 ح 38 و 39)
ثمرة العلم إخلاص العمل. (ص 361 ح 55)
على العالم أن يعمل بما علم، ثمّ يطلب تعلّم ما لم يعلم.
(ج 2 ص 488 ف 51 ح 25)
علم المنافق في لسانه. (ص 498 ف 55 ح 3)
علم المؤمن في عمله. (ح 4)
علم بلا عمل كشجر بلا ثمر-علم بلا عمل كقوس بلا وتر. (ح 5 و 6)
علم لا ينفع كدواء لا ينجع. (ح 7)
غاية العلم حسن العمل. (ص 504 ف 56 ح 12)
من تعلّم العلم للعمل به لم يوحشه فساده (كساده ف ن) .
(ص 644 ف 77 ح 589)
من عمل بالعلم بلغ بغيته من العلم و مراده (ح 590)
من لم يعمل بالعلم كان حجّة عليه و وبالا. (ص 700 ح 1307)
ما علم من لم يعمل بعلمه. (ص 739 ف 79 ح 60)
ما زكى العلم بمثل العمل به. (ص 742 ح 117)
لا خير في العمل إلاّ مع العلم (ص 843 ف 86 ح 271)
ص:220
لا يترك العلم بالعلم إلاّ من شكّ في الثواب عليه. (ص 854 ح 432)
لا يعمل بالعلم إلاّ من أيقن بفضل الأجر. (ح 433)
ص:221
قال اللّه تعالى: وَ مِنَ اَلنّاسِ وَ اَلدَّوَابِّ وَ اَلْأَنْعامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ كَذلِكَ إِنَّما يَخْشَى اَللّهَ مِنْ عِبادِهِ اَلْعُلَماءُ إِنَّ اَللّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ. (1)
1-عن معاوية بن وهب قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: اطلبوا العلم، و تزيّنوا معه بالحلم و الوقار، و تواضعوا لمن تعلّمونه العلم، و تواضعوا لمن طلبتم منه العلم، و لا تكونوا علماء جبّارين فيذهب باطلكم بحقّكم. (2)
2-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قول اللّه عزّ و جلّ: إِنَّما يَخْشَى اَللّهَ مِنْ عِبادِهِ اَلْعُلَماءُ قال: يعني بالعلماء من صدّق فعله قوله، و من لم يصدّق فعله قوله فليس بعالم. (3)
3-عن الحلبيّ عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: ألا اخبركم بالفقيه حقّ الفقيه؟ من لم يقنّط الناس من رحمة اللّه، و لم يؤمّنهم
ص:222
من عذاب اللّه، و لم يرخّص لهم في معاصي اللّه، و لم يترك القرآن رغبة عنه إلى غيره.
ألا لا خير في علم ليس فيه تفهّم، ألا لا خير في قراءة ليس فيها تدبّر، ألا لا خير في عبادة ليس فيها تفكّر. . . (1)
4-قال الرضا عليه السّلام: إنّ من علامات الفقه (الفقيه ف ن) الحلم و الصمت. (2)
5-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: لا يكون السفه و الغرّة في قلب العالم. (3)
بيان:
«الغرّة» : الغفلة، و في بعض النسخ: "العزّة"و هي التكبّر.
6-عن معاوية بن وهب عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: كان أمير المؤمنين عليه السّلام يقول: يا طالب العلم، إنّ للعالم ثلاث علامات: العلم و الحلم و الصمت، و للمتكلّف ثلاث علامات: ينازع من فوقه بالمعصية، و يظلم من دونه بالغلبة، و يظاهر الظلمة. (4)
بيان:
«المتكلّف» : المراد من يدّعي العلم تكلّفا. «يظاهر الظلمة» : أي يعاونهم بالفتاوى الفاسدة، و التوجيهات لأعمالهم الباطلة و. . .
7-عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: كان أمير المؤمنين عليه السّلام يقول: يا طالب العلم، إنّ العلم ذو فضائل كثيرة: فرأسه التواضع، و عينه البراءة من الحسد، و اذنه الفهم، و لسانه الصدق، و حفظه الفحص، و قلبه حسن النيّة، و عقله معرفة الأشياء و الأمور، و يده الرحمة، و رجله زيارة العلماء، و همّته
ص:223
السلامة، و حكمته الورع، و مستقرّه النجاة، و قائده العافية، و مركبه الوفاء، و سلاحه لين الكلمة (الكلام ف ن) ، و سيفه الرضا، و قوسه المداراة، و جيشه محاورة العلماء، و ماله الأدب، و ذخيرته اجتناب الذنوب، و زاده المعروف، و ماؤه الموادعة، و دليله الهدى، و رفيقه محبّة الأخيار. (1)
بيان:
«محاورة العلماء» : مكالمتهم و مجاورتهم. «المال» : البضاعة التي يتّجر بها «الذخيرة» : ما يحرز لوقت الحاجة. «ماؤه الموادعة» الماء: الرونق، و وادعه موادعة: تاركه العداوة أي صالحه و سالمه، و في بعض النسخ: "و مأواه الموادعة"، و في مجمع البحرين: لعلّ المراد المباحثة و المذاكرة و المناظرة، لأنّ جميع ذلك حفظ للعلم، و ضبطه بعض المعاصرين"و ماءه الموادعة"و هو تصحيف. «دليله الهدى» أي ما يدلّه و يرشده إلى الحقّ و النجاة الهدى أي هدى اللّه.
«محبّة الأخيار» : في تحف العقول: "صحبة الأخيار".
8-عن حمّاد بن عثمان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: نعم وزير الإيمان العلم، و نعم وزير العلم الحلم، و نعم وزير الحلم الرفق، و نعم وزير الرفق الصبر. (2)
9-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: طلبة العلم ثلاثة فاعرفهم بأعيانهم و صفاتهم: صنف يطلبه للجهل و المراء، و صنف يطلبه للاستطالة و الختل، و صنف يطلبه للفقه و العقل، فصاحب الجهل و المراء موذ ممار، متعرّض للمقال في أندية الرجال بتذاكر العلم و صفة الحلم، قد تسربل بالخشوع و تخلّى من الورع، فدقّ اللّه من هذا خيشومه، و قطع منه حيزومه.
ص:224
و صاحب الاستطالة و الختل، ذو خبّ و ملق، يستطيل على مثله من أشباهه، و يتواضع للأغنياء من دونه، فهو لحلوائهم هاضم، و لدينه حاطم، فأعمى اللّه على هذا خبره، و قطع من آثار العلماء أثره.
و صاحب الفقه و العقل ذو كآبة و حزن و سهر، قد تحنّك في برنسه، و قام الليل في حندسه، يعمل و يخشى وجلا داعيا مشفقا، مقبلا على شأنه، عارفا بأهل زمانه، مستوحشا من أوثق إخوانه، فشدّ اللّه من هذا أركانه، و أعطاه يوم القيامة أمانه. (1)
بيان:
«الاستطالة» : العلوّ و الترفّع. «الختل» : الخداع. «أندية الرجال» : جمع النادي أي مجتمع القوم و مجلسهم. «تسربل بالخشوع» : من السربال و هو القميص أي أظهر الخشوع للتشبّه بالخاشعين، و التزييّ بزيّهم، مع خلوّه عنه لخلوّه من الورع اللازم له. «الخيشوم» : أعلى الأنف، و المراد بدقّ الخيشوم: إذلاله و إبطال أمره، و رفع الانتظام عن أحواله و أفعاله. «الحيزوم» : وسط الصدر، و هو ما استدار بالظهر و البطن. . .
«الخبّ» : الخدعة و الخبث و الغشّ. «الملق» : المداهنة و الملاينة باللسان و الإعطاء باللسان ما ليس في القلب.
و المراد بحلوائهم ما يمنحه الأغنياء من دنياهم، و الحطم: الكسر المؤدّي إلى الفساد يعني يأكل من مطعوماتهم و أموالهم فيحطم دينه و يهدم إيمانه و يقينه. «خبره» بضمّ الخاء أي علمه، أو بالتحريك دعاء عليه بالاستيصال و الفناء، بحيث لا يبقى خبر بين الناس «أثره» المراد هنا ما يبقى من آثار علمه بين الناس، أو دعاء عليه
ص:225
بالموت، و الأوّل أظهر «الكآبة» سوء الحال و الانكسار من شدّة الهمّ و الحزن.
«البرنس» : قلنسوة طويلة كان يلبسها النسّاك و العبّاد في صدر الإسلام «في حندسه» : في ظلمته. «مشفقا» : أي من الانتهاء إلى الضلال أو مشفقا على الناس، متعطّفا عليهم بهدايتهم. «مقبلا على شأنه» : أي على إصلاح نفسه، و تهذيب باطنه. (راجع المرآة ج 1 ص 159)
10-عن حمّاد بن عيسى عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال لقمان لابنه: للعالم ثلاث علامات: العلم باللّه، و بما يحبّ، و ما يكره. . . (1)
أقول:
تمام الحديث في الخصال ص 121 باب الثلاثة ح 113، و فيه: فكن يا حمّاد، طالبا للعلم في آناء الليل و أطراف النهار. . .
11-عن عنوان البصريّ-و كان شيخا كبيرا قد أتى عليه أربع و تسعون سنة-قال: كنت أختلف إلى مالك بن أنس سنين، فلمّا قدم جعفر الصادق عليه السّلام المدينة اختلفت إليه، و أحببت أن آخذ عنه كما أخذت عن مالك، فقال لي يوما: إنّي رجل مطلوب و مع ذلك لي أوراد في كلّ ساعة من آناء الليل و النهار، فلا تشغلني عن وردي، و خذ عن مالك، و اختلف إليه كما كنت تختلف إليه.
فاغتممت من ذلك، و خرجت من عنده و قلت في نفسي: لو تفرّس فيّ خيرا لما زجرني عن الاختلاف إليه و الأخذ عنه، فدخلت مسجد الرسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّمت عليه، ثمّ رجعت من الغد إلى الروضة و صلّيت فيها ركعتين، و قلت: أسألك يا أللّه يا أللّه أن تعطف عليّ قلب جعفر و ترزقني من علمه ما أهتدي به إلى صراطك المستقيم، و رجعت إلى داري مغتمّا و لم أختلف إلى مالك بن أنس، لما اشرب
ص:226
قلبي من حبّ جعفر، فما خرجت من داري إلاّ إلى الصلاة المكتوبة حتّى عيل صبري، فلمّا ضاق صدري تنعّلت و تردّيت و قصدت جعفرا و كان بعد ما صلّيت العصر، فلمّا حضرت باب داره استأذنت عليه، فخرج خادم له فقال: ما جاجتك؟ فقلت: السّلام على الشريف، فقال: هو قائم في مصلاّه، فجلست بحذاء بابه فما لبثت إلاّ يسيرا إذ خرج خادم فقال: ادخل على بركة اللّه.
فدخلت و سلّمت عليه، فردّ السّلام و قال: اجلس غفر اللّه لك، فجلست فأطرق مليّا، ثمّ رفع رأسه، و قال: أبو من؟ قلت: أبو عبد اللّه، قال: ثبّت اللّه كنيتك و وفّقك يا أبا عبد اللّه، ما مسألتك؟ فقلت في نفسي: لو لم يكن من زيارته و التسليم غير هذا الدعاء لكان كثيرا، ثمّ رفع رأسه ثمّ قال: ما مسألتك؟ فقلت: سألت اللّه أن يعطف قلبك عليّ و يرزقني من علمك، و أرجو أنّ اللّه تعالى أجابني في الشريف ما سألته.
فقال: يا أبا عبد اللّه، ليس العلم بالتعلّم، إنّما هو نور يقع في قلب من يريد اللّه تبارك و تعالى أن يهديه، فإن أردت العلم فاطلب أوّلا في نفسك حقيقة العبوديّة، و اطلب العلم باستعماله، و استفهم اللّه يفهمك. قلت: يا شريف فقال: قل: يا أبا عبد اللّه.
قلت: يا أبا عبد اللّه، ما حقيقة العبوديّة؟ قال: ثلاثة أشياء: أن لا يرى العبد لنفسه فيما خوّله للّه ملكا، لأنّ العبيد لا يكون لهم ملك يرون المال مال اللّه يضعونه حيث أمرهم اللّه به، و لا يدبّر العبد لنفسه تدبيرا، و جملة اشتغاله فيما أمره تعالى به و نهاه عنه.
فإذا لم ير العبد لنفسه فيما خوّله اللّه تعالى ملكا هان عليه الإنفاق فيما أمره اللّه تعالى أن ينفق فيه، و إذا فوّض العبد تدبير نفسه على مدبّره هان عليه مصائب الدنيا، و إذا اشتغل العبد بما أمره اللّه تعالى و نهاه لا يتفرّغ منهما إلى المراء و المباهاة مع الناس، فإذا أكرم اللّه العبد بهذه الثلاثة هان عليه الدنيا، و إبليس،
ص:227
و الخلق، و لا يطلب الدنيا تكاثرا و تفاخرا، و لا يطلب ما عند الناس عزّا و علوّا، و لا يدع أيّامه باطلا، فهذا أوّل درجة التقى، قال اللّه تبارك و تعالى: تِلْكَ اَلدّارُ اَلْآخِرَةُ نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي اَلْأَرْضِ وَ لا فَساداً وَ اَلْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ (1).
قلت: يا أبا عبد اللّه، أوصني قال: أوصيك بتسعة أشياء فإنّها وصيّتي لمريدي الطريق إلى اللّه تعالى، و اللّه أسأل أن يوفّقك لإستعماله، ثلاثة منها في رياضة النفس، و ثلاثة منها في الحلم، و ثلاثة منها في العلم، فاحفظها و إيّاك و التهاون بها.
قال عنوان: ففرّغت قلبي له، فقال: أمّا اللواتي في الرياضة: فإيّاك أن تأكل ما لا تشتهيه فإنّه يورث الحماقة و البله، و لا تأكل إلاّ عند الجوع، و إذا أكلت فكل حلالا و سمّ اللّه، و اذكر حديث الرسول صلّى اللّه عليه و آله: ما ملأ آدميّ وعاءا شرّا من بطنه، فإن كان و لا بدّ فثلث لطعامه و ثلث لشرابه و ثلث لنفسه.
و أمّا اللواتي في الحلم: فمن قال لك: إن قلت واحدة سمعت عشرا فقل: إن قلت عشرا لم تسمع واحدة، و من شتمك فقل له: إن كنت صادقا فيما تقول فأسأل اللّه أن يغفر لي، و إن كنت كاذبا فيما تقول فاللّه أسأل أن يغفر لك، و من وعدك بالخنى فعده بالنصيحة و الرعاء.
و أمّا اللواتي في العلم فاسأل العلماء ما جهلت، و إيّاك أن تسألهم تعنّتا و تجربة، و إيّاك أن تعمل برأيك شيئا، و خذ بالاحتياط في جميع ما تجد إليه سبيلا، و اهرب من الفتيا هربك من الأسد، و لا تجعل رقبتك للناس جسرا.
قم عنّي يا أبا عبد اللّه، فقد نصحت لك و لا تفسد عليّ وردي، فإنّي امرؤ ضنين بنفسي، و السّلام على من اتّبع الهدى. (2)
ص:228
بيان:
اختلف إلى المكان: تردّد أي جاء مرّة بعد اخرى.
«عيل صبري» في مجمع البحرين (عيل) : على صيغة المجهول من عال: إذا غلب. . .
و قيل: رفع، من قولهم: عالت الفريضة إذا ارتفعت. «تنعّلت» : أي لبست النعل «تردّيت» : أي لبست الرداء. «المليّ» : الطويل من الزمان. «خوّله اللّه» : أي أعطاه اللّه إيّاه. «الخنى» : الفحش في الكلام.
«تعنّتا» في القاموس: العنت. . . دخول المشقّة على الإنسان، و جاءه متعنّتا أي طالبا زلّته انتهى. و تعنّته في السؤال: سأله على جهة التلبيس عليه.
12-في مواعظ أمير المؤمنين عليه السّلام: من تواضع للمتعلّمين و ذلّ للعلماء ساد بعلمه، فالعلم يرفع الوضيع، و تركه يضع الرفيع، و رأس العلم التواضع، و بصره البراءة من الحسد، و سمعه الفهم، و لسانه الصدق، و قلبه حسن النيّة، و عقله معرفة أسباب الامور.
و من ثمراته التقوى، و اجتناب الهوى، و اتّباع الهدى، و مجانبة الذنوب و مودّة الإخوان و الاستماع من العلماء، و القبول منهم، و من ثمراته ترك الانتقام عند القدرة و استقباح مقارفة الباطل، و استحسان متابعة الحقّ، و قول الصدق، و التجافي عن سرور في غفلة، و عن فعل ما يعقّب ندامة.
و العلم يزيد العاقل عقلا و يورث متعلّمه صفات حمد، فيجعل الحليم أميرا، و ذا المشورة وزيرا، و يقمع الحرص، و يخلع المكر، و يميت البخل، و يجعل مطلق الوحش مأسورا، و بعيد السداد قريبا. (1)
بيان:
«المقارفة» : قارفه أي قاربه. «المأسور» : من الإسارة.
ص:229
13-أوحى اللّه تعالى إلى داود عليه السّلام: يا داود، إنّي وضعت خمسة في خمسة، و الناس يطلبونها في خمسة غيرها، فلا يجدونها: وضعت العلم في الجوع و الجهد و هم يطلبونها في الشبع و الراحة فلا يجدونه، و وضعت العزّ في طاعتي و هم يطلبونها في خدمة السلطان فلا يجدونه، و وضعت الغنى في القناعة و هم يطلبونه في كثرة المال فلا يجدونه، و وضعت رضائي في سخط النفس و هم يطلبونه في رضى النفس فلا يجدونه، و وضعت الراحة في الجنّة و هم يطلبونها في الدنيا فلا يجدونها. (1)
14-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: . . . و آخر تسمّى عالما و ليس به، فاقتبس جهائل من جهّال، و أضاليل من ضلاّل، و نصب للناس أشراكا من حبائل غرور، و قول زور، قد حمل الكتاب على آرائه، و عطف الحقّ على أهوائه، يؤمّن الناس من العظائم، و يهوّن كبير الجرائم، يقول: أقف عند الشبهات و فيها وقع، و يقول: أعتزل البدع و بينها اضطجع، فالصورة صورة إنسان، و القلب قلب حيوان، لا يعرف باب الهدى فيتّبعه، و لا باب العمى فيصدّ عنه، فذلك ميّت الأحياء. . . (2)
بيان:
تسمّى إلى القوم: انتسب إليهم. «عطف الحقّ» : أي حمل الحقّ على رغباته و أهوائه.
15-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:
العالم كلّ العالم من لم يمنع العباد الرجاء لرحمة اللّه، و لم يؤمّنهم مكر اللّه.
(الغرر ج 1 ص 75 ف 1 ح 1863)
ص:230
العلم علمان: مطبوع و مسموع، و لا ينفع المطبوع إذا لم يك مسموع.
(ص 97 ح 2124)
أعلم الناس من لم يزل الشكّ يقينه. (ص 197 ف 8 ح 384)
إنّما العالم من دعاه علمه إلى الورع و التقى، و الزهد في عالم الفناء، و التولّه بجنّة المأوى. (ص 303 ف 15 ح 51)
إذا تفقّه الرفيع تواضع-إذا تفقّه الوضيع ترفّع. (ص 314 ح 74 و 75)
إذا زاد علم الرجل زاد أدبه و تضاعفت خشيته من ربّه.
(ص 328 ف 17 ح 201)
جمال العلم نشره، و ثمرته العمل به، و صيانته وضعه في أهله.
(ص 370 ف 26 ح 38)
ربّ علم أدّى إلى مضلّتك. (ص 418 ف 35 ح 85)
غاية العلم الخوف من اللّه سبحانه. (ج 2 ص 505 ف 56 ح 32)
غاية العلم السكينة و الحلم (ح 35)
كلّ علم لا يؤيّده عقل مضلّة. (ص 546 ف 62 ح 43)
لن يثمر العلم حتّى يقارنه الحلم. (ص 590 ف 72 ح 9)
نعم قرين العلم الحلم. (ص 771 ف 81 ح 23)
لا شيء أحسن من عقل مع علم، و علم مع حلم، و حلم مع قدرة.
(ص 858 ف 86 ح 473)
لا يكون العالم عالما حتّى لا يحسد من فوقه، و لا يحتقر من دونه، و لا يأخذ على علمه شيئا من حطام الدنيا. (ح 485)
يحتاج العلم إلى الحلم و يحتاج الحلم إلى الكظم.
(ص 874 ف 91 ح 16)
ص:231
1-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من أراد الحديث لمنفعة الدنيا لم يكن له في الآخرة نصيب، و من أراد به خير الآخرة أعطاه اللّه خير الدنيا و الآخرة. (1)
2-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إذا رأيتم العالم محبّا لدنياه فاتّهموه على دينكم، فإنّ كلّ محبّ لشيء يحوط ما أحبّ.
و قال صلّى اللّه عليه و آله: أوحى اللّه إلى داود عليه السّلام: لا تجعل بيني و بينك عالما مفتونا بالدنيا، فيصدّك عن طريق محبّتي، فإنّ اولئك قطّاع طريق عبادي المريدين، إنّ أدنى ما أنا صانع بهم أن أنزع حلاوة مناجاتي عن قلوبهم. (2)
بيان:
«فاتّهموه على دينكم» : أي لا تعتمدوا على فتاويهم و قضاياهم في الدين و لا تسألوهم عن شيء من المسائل.
3-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: الفقهاء أمناء الرسل ما لم يدخلوا في الدنيا، قيل: يا رسول اللّه، و ما دخولهم في الدنيا؟ قال: اتّباع
ص:232
السلطان، فإذا فعلوا ذلك فاحذروهم على دينكم. (1)
4-عن أبي جعفر عليه السّلام قال: من طلب العلم ليباهي به العلماء، أو يماري به السفهاء، أو يصرف به وجوه الناس إليه، فليتبوّء مقعده من النار، إنّ الرئاسة لا تصلح إلاّ لأهلها. (2)
5-عن حفص بن غياث عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال: يا حفص، يغفر للجاهل سبعون ذنبا قبل أن يغفر للعالم ذنب واحد. (3)
6-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال عيسى بن مريم عليه السّلام: ويل للعلماء السوء كيف تلظّى عليهم النار؟ ! (4)
بيان:
«تلظّى» : أي تتلهّب و تشتعل.
7-عن جميل بن درّاج قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: إذا بلغت النفس ههنا-و أشار بيده إلى حلقه-لم يكن للعالم توبة، ثمّ قرأ: إِنَّمَا اَلتَّوْبَةُ عَلَى اَللّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ اَلسُّوءَ بِجَهالَةٍ (5). (6)
8-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: قصم ظهري رجلان من الدنيا: رجل عليم اللسان فاسق، و رجل جاهل القلب ناسك، هذا يصدّ بلسانه عن فسقه، و هذا ينسكه عن جهله، فاتّقوا الفاسق من العلماء و الجاهل من المتعبّدين، اولئك فتنة كلّ مفتون، فإنّي سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول: يا عليّ، هلاك امّتي على يدي كلّ
ص:233
منافق عليم اللسان. (1)
9-عن عليّ بن أبي طالب عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من طلب العلم للّه لم يصب منه بابا إلاّ ازداد في نفسه ذلاّ، و في الناس تواضعا، و للّه خوفا، و في الدين اجتهادا، و ذلك الذي ينتفع بالعلم فليتعلّمه.
و من طلب العلم للدنيا و المنزلة عند الناس و الحظوة عند السلطان لم يصب منه بابا إلاّ ازداد في نفسه عظمة، و على الناس استطالة، و باللّه اغترارا، و من الدين جفاءا، فذلك الذي لا ينتفع بالعلم فليكفّ و ليمسك عن الحجّة على نفسه، و الندامة و الخزي يوم القيامة. (2)
بيان:
«الحظوة» : أي المكانة و المنزلة عند الناس «الجفاء» : أي البعد.
10-عن موسى بن جعفر عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من أحبّ الدنيا ذهب خوف الآخرة من قلبه، و ما آتى اللّه عبدا علما فازداد للدنيا حبّا إلاّ ازداد من اللّه تعالى بعدا و ازداد اللّه تعالى عليه غضبا. (3)
11-عن جعفر بن محمّد عن أبيه عليهما السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: صنفان من امّتي إذا صلحا صلحت امّتي، و إذا فسدا فسدت امّتي: قيل: يا رسول اللّه، و من هما؟ قال: الفقهاء و الامراء. (4)
12-قال الصادق عليه السّلام: من احتاج الناس إليه ليتفقّههم في دينهم فيسألهم الاجرة، كان حقيقا على اللّه تعالى أن يدخله نار جهنّم. (5)
ص:234
13-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ من العلماء من يحبّ أن يخزن علمه و لا يؤخذ عنه، فذاك في الدرك الأوّل من النار. و من العلماء من إذا وعظ أنف و إذا وعظ عنف، فذاك في الدرك الثاني من النار. و من العلماء من يرى أن يضع العلم عند ذوي الثروة و الشرف و لا يرى له في المساكين وضعا، فذلك في الدرك الثالث من النار.
و من العلماء من يذهب في علمه مذهب الجبابرة و السلاطين فإن ردّ عليه شيء من قوله أو قصّر في شيء من أمره غضب، فذاك في الدرك الرابع من النار.
و من العلماء من يطلب أحاديث اليهود و النصارى ليغزر به علمه و يكثر به حديثه، فذاك في الدرك الخامس من النار.
و من العلماء من يضع نفسه للفتيا و يقول: سلوني و لعلّه لا يصيب حرفا واحدا و اللّه لا يحبّ المتكلّفين، فذاك في الدرك السادس من النار. و من العلماء من يتّخذ علمه مروءة و عقلا، فذاك في الدرك السابع من النار. (1)
بيان:
قال رحمه اللّه: «أنف» أي استكبر عن قبول الوعظ «عنف» أي جاوز الحدّ، و العنف ضدّ الرفق «أو قصّر. . .» على المجهول من باب التفعيل أي إن وقع التقصير من أحد في شيء من أمره كإكرامه و الإحسان إليه غضب «ليغزر» أي ليكثر «مروءة و عقلا» أي يطلب العلم و يبذله ليعدّه الناس من أهل المروءة و العقل.
14-عن الصادق عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: سيأتي على امّتي زمان لا يبقى من القرآن إلاّ رسمه، و لا من الإسلام إلاّ اسمه، يسمّون به و هم أبعد الناس منه، مساجدهم عامرة و هي خراب من الهدى، فقهاء ذلك
ص:235
الزمان شرّ فقهاء تحت ظلّ السماء، منهم خرجت الفتنة و إليهم تعود. (1)
15-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: قصم ظهري عالم متهتّك، و جاهل متنسّك، فالجاهل يغشّ الناس بتنسّكه، و العالم يغرّهم بتهتّكه. (2)
16-قال أبو جعفر عليه السّلام: من أفتى الناس بغير علم و لا هدى من اللّه لعنته ملائكة الرحمة و ملائكة العذاب، و لحقه وزر من عمل بفتياه. (3)
17-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: أشدّ الناس عذابا يوم القيامة رجل قتل نبيّا أو قتله نبيّ، أو رجل يضلّ الناس بغير علم، أو مصوّر يصوّر التماثيل. (4)
18-في وصيّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لابن مسعود: يابن مسعود، من تعلّم العلم يريد به الدنيا و آثر عليه حبّ الدنيا و زينتها استوجب سخط اللّه عليه و كان في الدرك الأسفل من النار مع اليهود و النصارى الذين نبذوا كتاب اللّه تعالى، قال اللّه تعالى: فَلَمّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اَللّهِ عَلَى اَلْكافِرِينَ (5).
يابن مسعود، من تعلّم القرآن للدنيا و زينتها حرّم اللّه عليه الجنّة.
يابن مسعود، من تعلّم العلم و لم يعمل بما فيه حشره اللّه يوم القيامة أعمى، و من تعلّم العلم رياء و سمعة يريد به الدنيا نزع اللّه بركته و ضيّق عليه معيشته و وكله اللّه إلى نفسه، و من وكله إلى نفسه فقد هلك، قال اللّه تعالى: فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صالِحاً وَ لا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً (6). (7)
ص:236
19-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: قصم ظهري رجلان من امّتي: عالم فاسق، و زاهد جاهل، فالزهد بلا علم باطل، و العلم بلا زهد عاطل. (1)
20-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: إنّ اللّه تعالى وضع أربعا في أربع: بركة العلم في تعظيم الاستاد، و بقاء الإيمان في تعظيم اللّه، و لذّة العيش في برّ الوالدين، و النجاة من النار في ترك إيذاء الخلق. (2)
21-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:
أمقت العباد إلى اللّه سبحانه الفقير المزهوّ (3)، و الشيخ الزاني، و العالم الفاجر. (الغرر ج 1 ص 194 ف 8 ح 338)
أبغض العباد إلى اللّه سبحانه العالم المتجبّر. (ح 342)
أعظم الناس وزرا العلماء المفرطون. (ص 197 ح 373)
آفة العلماء حبّ الرياسة. (ص 305 ف 16 ح 16)
آفة العامّة العالم الفاجر. (ص 307 ح 38)
آفة الفقهاء عدم الصيانة. (ص 308 ح 49)
ربّ عالم قتله عمله (علمه ف ن) (ص 415 ف 35 ح 34)
ربّ مدّع للعلم ليس بعالم. (ص 418 ح 89)
ربّ عالم غير منتفع. (ص 419 ح 95)
زلّة العالم تفسد العوالم. (ص 426 ف 37 ح 28)
زلّة العالم كانكسار السفينة تغرق و تغرق معها غيرها. (ح 30)
زلّة العالم كبيرة الجناية. (ص 427 ح 39)
لو أنّ أهل العلم حملوه بحقّه لأحبّهم اللّه تعالى و ملائكته، و لكنّهم حملوه لطلب
ص:237
الدنيا فمقّتهم اللّه تعالى و هانوا عليه. (ج 2 ص 604 ف 75 ح 14)
ما قصم ظهري إلاّ رجلان: عالم متهتّك و جاهل متنسّك، هذا ينفر عن حقّه بتهتّكه، و هذا يدعو إلى الباطل بتنسّكه. (ص 750 ف 79 ح 213)
وقود النار يوم القيامة كلّ بخيل بماله على الفقراء، و كلّ عالم باع الدين بالدنيا. (ص 786 ف 83 ح 67)
لا زلّة أشدّ من زلّة العالم. (ص 841 ف 86 ح 237)
ص:238
1- كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللّهِ وَ كُنْتُمْ أَمْواتاً فَأَحْياكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ. (1)
2- أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلى قَرْيَةٍ وَ هِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها قالَ أَنّى يُحْيِي هذِهِ اَللّهُ بَعْدَ مَوْتِها فَأَماتَهُ اَللّهُ مِائَةَ عامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ . . . - وَ إِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ اَلْمَوْتى قالَ أَ وَ لَمْ تُؤْمِنْ قالَ بَلى وَ لكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ اَلطَّيْرِ. . . (2)
3- . . . لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلى يَوْمِ اَلْقِيامَةِ لا رَيْبَ فِيهِ. . . (3)
4- . . . كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ. (4)
5- وَ هُوَ اَلَّذِي يُرْسِلُ اَلرِّياحَ بُشْراً . . . فَأَنْزَلْنا بِهِ اَلْماءَ فَأَخْرَجْنا بِهِ مِنْ كُلِّ اَلثَّمَراتِ كَذلِكَ نُخْرِجُ اَلْمَوْتى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ. (5)
ص:239
6- وَ اَلَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَ لِقاءِ اَلْآخِرَةِ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ هَلْ يُجْزَوْنَ إِلاّ ما كانُوا يَعْمَلُونَ. (1)
7- . . . ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلى عالِمِ اَلْغَيْبِ وَ اَلشَّهادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ. (2)
8- إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً وَعْدَ اَللّهِ حَقًّا إِنَّهُ يَبْدَؤُا اَلْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ لِيَجْزِيَ اَلَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا اَلصّالِحاتِ بِالْقِسْطِ وَ اَلَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ شَرابٌ مِنْ حَمِيمٍ. . . (3)
9- إِلَى اَللّهِ مَرْجِعُكُمْ وَ هُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ. (4)
10- وَ لا تَحْسَبَنَّ اَللّهَ غافِلاً عَمّا يَعْمَلُ اَلظّالِمُونَ . . . لِيَجْزِيَ اَللّهُ كُلَّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ إِنَّ اَللّهَ سَرِيعُ اَلْحِسابِ. (5)
11- وَ لِلّهِ غَيْبُ اَلسَّماواتِ وَ اَلْأَرْضِ وَ ما أَمْرُ اَلسّاعَةِ إِلاّ كَلَمْحِ اَلْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ إِنَّ اَللّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ. (6)
12- ذلِكَ جَزاؤُهُمْ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِآياتِنا وَ قالُوا أَ إِذا كُنّا عِظاماً وَ رُفاتاً أَ إِنّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً أَ وَ لَمْ يَرَوْا أَنَّ اَللّهَ اَلَّذِي خَلَقَ اَلسَّماواتِ وَ اَلْأَرْضَ قادِرٌ عَلى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ وَ جَعَلَ لَهُمْ أَجَلاً لا رَيْبَ فِيهِ فَأَبَى اَلظّالِمُونَ إِلاّ كُفُوراً. (7)
13- وَ يَقُولُ اَلْإِنْسانُ أَ إِذا ما مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا- أَ وَ لا يَذْكُرُ اَلْإِنْسانُ أَنّا خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ وَ لَمْ يَكُ شَيْئاً. (8)
ص:240
14- مِنْها خَلَقْناكُمْ وَ فِيها نُعِيدُكُمْ وَ مِنْها نُخْرِجُكُمْ تارَةً أُخْرى. (1)
15- يَوْمَ نَطْوِي اَلسَّماءَ كَطَيِّ اَلسِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَما بَدَأْنا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنا إِنّا كُنّا فاعِلِينَ. (2)
16- يا أَيُّهَا اَلنّاسُ اِتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ اَلسّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ- يَوْمَ تَرَوْنَها تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمّا أَرْضَعَتْ وَ تَضَعُ كُلُّ ذاتِ حَمْلٍ حَمْلَها وَ تَرَى اَلنّاسَ سُكارى وَ ما هُمْ بِسُكارى وَ لكِنَّ عَذابَ اَللّهِ شَدِيدٌ -. . . يا أَيُّهَا اَلنّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ اَلْبَعْثِ فَإِنّا خَلَقْناكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ . . . وَ أَنَّ اَلسّاعَةَ آتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيها وَ أَنَّ اَللّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي اَلْقُبُورِ. (3)
17- أَ وَ لَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اَللّهُ اَلْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ. الآيات (4)
18- يُخْرِجُ اَلْحَيَّ مِنَ اَلْمَيِّتِ وَ يُخْرِجُ اَلْمَيِّتَ مِنَ اَلْحَيِّ وَ يُحْيِ اَلْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها وَ كَذلِكَ تُخْرَجُونَ. . . (5)
19- وَ هُوَ اَلَّذِي يَبْدَؤُا اَلْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَ هُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ. . . (6)
20- . . . ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ- يا بُنَيَّ إِنَّها إِنْ تَكُ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي اَلسَّماواتِ أَوْ فِي اَلْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اَللّهُ إِنَّ اَللّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ. (7)
21- وَ اَللّهُ اَلَّذِي أَرْسَلَ اَلرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً فَسُقْناهُ إِلى بَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَحْيَيْنا بِهِ
ص:241
اَلْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها كَذلِكَ اَلنُّشُورُ. (1)
22- وَ ضَرَبَ لَنا مَثَلاً وَ نَسِيَ خَلْقَهُ قالَ مَنْ يُحْيِ اَلْعِظامَ وَ هِيَ رَمِيمٌ - قُلْ يُحْيِيهَا اَلَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ وَ هُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ. الآيات. (2)
23- . . . ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ اَلصُّدُورِ. (3)
24- . . . لِيُنْذِرَ يَوْمَ اَلتَّلاقِ- يَوْمَ هُمْ بارِزُونَ لا يَخْفى عَلَى اَللّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِمَنِ اَلْمُلْكُ اَلْيَوْمَ لِلّهِ اَلْواحِدِ اَلْقَهّارِ- اَلْيَوْمَ تُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ لا ظُلْمَ اَلْيَوْمَ إِنَّ اَللّهَ سَرِيعُ اَلْحِسابِ الآيات. (4)
25- . . . وَ تُنْذِرَ يَوْمَ اَلْجَمْعِ لا رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي اَلْجَنَّةِ وَ فَرِيقٌ فِي اَلسَّعِيرِ. (5)
26- أَ وَ لَمْ يَرَوْا أَنَّ اَللّهَ اَلَّذِي خَلَقَ اَلسَّماواتِ وَ اَلْأَرْضَ وَ لَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ اَلْمَوْتى بَلى إِنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ. (6)
27- . . . فَقالَ اَلْكافِرُونَ هذا شَيْءٌ عَجِيبٌ . . . أَ فَعَيِينا بِالْخَلْقِ اَلْأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ. (7)
28- وَ اَلذّارِياتِ ذَرْواً. الآيات. (8)
ص:242
29- إِذا وَقَعَتِ اَلْواقِعَةُ. الآيات. (1)
30- وَ كانُوا يَقُولُونَ أَ إِذا مِتْنا وَ كُنّا تُراباً وَ عِظاماً أَ إِنّا لَمَبْعُوثُونَ. الآيات. (2)
31- زَعَمَ اَلَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلى وَ رَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِما عَمِلْتُمْ وَ ذلِكَ عَلَى اَللّهِ يَسِيرٌ . . . يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ اَلْجَمْعِ ذلِكَ يَوْمُ اَلتَّغابُنِ. . . (3)
32- فَإِذا نُفِخَ فِي اَلصُّورِ نَفْخَةٌ واحِدَةٌ. الآيات. (4)
33- يَوْمَ تَكُونُ اَلسَّماءُ كَالْمُهْلِ- وَ تَكُونُ اَلْجِبالُ كَالْعِهْنِ. الآيات. (5)
34- يَوْمَ تَرْجُفُ اَلْأَرْضُ وَ اَلْجِبالُ وَ كانَتِ اَلْجِبالُ كَثِيباً مَهِيلاً. (6)
35- لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ اَلْقِيامَةِ. الآيات. (7)
36- أَ يَحْسَبُ اَلْإِنْسانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدىً. الآيات. (8)
37- وَ اَلْمُرْسَلاتِ عُرْفاً- فَالْعاصِفاتِ عَصْفاً. الآيات. (9)
38- وَ اَلنّازِعاتِ غَرْقاً. الآيات. (10)
39- فَإِذا جاءَتِ اَلصَّاخَّةُ. الآيات. (11)
ص:243
40- إِذَا اَلشَّمْسُ كُوِّرَتْ. الآيات. (1)
41- إِذَا اَلسَّماءُ اِنْفَطَرَتْ. الآيات. (2)
42- أَ لا يَظُنُّ أُولئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ- لِيَوْمٍ عَظِيمٍ. الآيات. (3)
43- إِذَا اَلسَّماءُ اِنْشَقَّتْ. الآيات. (4)
44- وَ اَلسَّماءِ ذاتِ اَلْبُرُوجِ- وَ اَلْيَوْمِ اَلْمَوْعُودِ- وَ شاهِدٍ وَ مَشْهُودٍ. (5)
45- إِنَّهُ عَلى رَجْعِهِ لَقادِرٌ- يَوْمَ تُبْلَى اَلسَّرائِرُ- فَما لَهُ مِنْ قُوَّةٍ وَ لا ناصِرٍ. (6)
46- فَما يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ- أَ لَيْسَ اَللّهُ بِأَحْكَمِ اَلْحاكِمِينَ. (7)
47- إِذا زُلْزِلَتِ اَلْأَرْضُ زِلْزالَها. الآيات. (8)
48- اَلْقارِعَةُ- مَا اَلْقارِعَةُ. الآيات. (9). (10)
ص:244
ص:245
أقول:
الآيات كثيرة جدّا تبلغ ألف آية.
و اعلم أنّ اللّه تعالى قد أكثر ذكر المعاد في القرآن بطرق عديدة و سبل سديدة لصعوبته على الأفهام و كثرة ما فيه من الشبه و الأوهام، فتارة حكم تعالى بأنّه كائن لا محالة من دون ذكر دليل، بل إنّه يجب الإذعان به و التصديق، كما في قوله: أَنَّ اَللّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي اَلْقُبُورِ و قوله: وَ اَلْمَوْتى يَبْعَثُهُمُ اَللّهُ و نحو ذلك.
و تارة ذكره اللّه مشفوعا بالقسم، لكثرة الشبه و الاشتباه فيه، مثل قوله: قُلْ بَلى وَ رَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِما عَمِلْتُمْ.
و تارة أثبت اللّه المعاد مستدلاّ بكونه قادر على كلّ شيء، و على امور تشبه الحشر و النشر، فلا يستبعد قدرته تعالى على الحشر و النشر، كقوله: أَ فَرَأَيْتُمْ ما تُمْنُونَ - أَ أَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ اَلْخالِقُونَ و قوله: يا أَيُّهَا اَلنّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ اَلْبَعْثِ فَإِنّا خَلَقْناكُمْ مِنْ تُرابٍ. . . و قوله: فَلْيَنْظُرِ اَلْإِنْسانُ مِمَّ خُلِقَ - خُلِقَ مِنْ ماءٍ دافِقٍ- يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ اَلصُّلْبِ وَ اَلتَّرائِبِ- إِنَّهُ عَلى رَجْعِهِ لَقادِرٌ.
و تارة بيّن قدرته تعالى على المعاد بذكره مرتّبا على ذكر المبدء، إشارة إلى أنّ القادر على الإيجاد قادر على الإعادة، مثل قوله في البقرة: كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللّهِ وَ كُنْتُمْ أَمْواتاً فَأَحْياكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ و قوله في الروم: وَ هُوَ اَلَّذِي يَبْدَؤُا اَلْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَ هُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ و قوله في يس: قُلْ يُحْيِيهَا اَلَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ.
و تارة استدلّ تعالى على البعث و الحشر من جهة وجوب المجازاة و إثابة المحسن و تعذيب العاصي و تمييز أحدهما عن الآخر، ليتمّ عدل اللّه و حكمته في العباد،
ص:246
إذ لو لا الحساب و العقاب و الجزاء و الثواب، للزم الجور، و بطل العدل، و ضاعت الحقوق عن أربابها، و لم يبق فرق بين إحسان المحسن و إساءة المسيء، بل لكان النفع ضررا و الضرر نفعا، فإنّ الخير و الإحسان في أغلب الأزمان يوجب المشقّة و المضرّة، و نقصان القوّة و المال، و فوات اللذّة بحسب الدنيا، و الشرّ و الإساءة على خلاف ذلك بحسبها، فلا بدّ من نشأة اخرى تقع فيها المجازاة على أعمال الناس و الانتقام للمظلومين من الظالمين، و إيصال ذوي الحقوق إلى حقوقهم.
قال تعالى في يونس: إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً وَعْدَ اَللّهِ حَقًّا إِنَّهُ يَبْدَؤُا اَلْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ لِيَجْزِيَ اَلَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا اَلصّالِحاتِ بِالْقِسْطِ و قال تعالى في طه: إِنَّ اَلسّاعَةَ آتِيَةٌ أَكادُ أُخْفِيها لِتُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما تَسْعى و قال تعالى في النجم: لِيَجْزِيَ اَلَّذِينَ أَساؤُا بِما عَمِلُوا وَ يَجْزِيَ اَلَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى و قال في ص: أَمْ نَجْعَلُ اَلَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا اَلصّالِحاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي اَلْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ اَلْمُتَّقِينَ كَالْفُجّارِ.
و تارة استدلّ تعالى بإحياء الموتى في الدنيا على صحّة الحشر و النشر في الاخرى، كما في خلق آدم ابتداء من غير مادّة لأب و أمّ، منها قوله في البقرة: فَقُلْنا اِضْرِبُوهُ بِبَعْضِها كَذلِكَ يُحْيِ اَللّهُ اَلْمَوْتى و منها في قصّة الخليل و قوله: رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ اَلْمَوْتى و منها في قصّة عزير: أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلى قَرْيَةٍ وَ هِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها قالَ أَنّى يُحْيِي هذِهِ اَللّهُ بَعْدَ مَوْتِها و منها في قصّة أصحاب الكهف.
و تارة استدلّ تعالى بإحياء الأرض بعد موتها مثل قوله في الروم: وَ يُحْيِ اَلْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها وَ كَذلِكَ تُخْرَجُونَ و قوله في فاطر: فَأَحْيَيْنا بِهِ اَلْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها كَذلِكَ اَلنُّشُورُ.
إلى غير ذلك من الآيات، ثمّ إنّ المنكرين للحشر؛ منهم من لم يذكر فيه دليلا و اكتفى بالاستبعاد، و هم الأكثرون و يدلّ عليه قوله تعالى: أَ إِنّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ و مَنْ يُحْيِ اَلْعِظامَ وَ هِيَ رَمِيمٌ فبدأ أوّلا بإبطال استبعادهم بقوله: وَ نَسِيَ خَلْقَهُ ثم قال: قُلْ يُحْيِيهَا اَلَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ.
ص:247
إلى غير ذلك من الآيات، ثمّ إنّ المنكرين للحشر؛ منهم من لم يذكر فيه دليلا و اكتفى بالاستبعاد، و هم الأكثرون و يدلّ عليه قوله تعالى: أَ إِنّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ و مَنْ يُحْيِ اَلْعِظامَ وَ هِيَ رَمِيمٌ فبدأ أوّلا بإبطال استبعادهم بقوله: وَ نَسِيَ خَلْقَهُ ثم قال: قُلْ يُحْيِيهَا اَلَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ.
1-عن عليّ عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: لا يؤمن عبد حتّى يؤمن بأربعة: حتّى يشهد أن لا إله إلاّ اللّه وحده لا شريك له، و أنّي رسول اللّه، بعثني بالحقّ، و حتّى يؤمن بالبعث بعد الموت، و حتّى يؤمن بالقدر. (1)
بيان:
قال المظفّر رحمه اللّه في عقائد الإماميّة ص 163: نعتقد أنّ اللّه تعالى يبعث الناس بعد الموت في خلق جديد في اليوم الموعود به عباده، فيثيب المطيعين و يعذّب العاصين، و هذا أمر على جملته و ما عليه من البساطة في العقيدة اتّفقت عليه الشرائع السماويّة و الفلاسفة، و لا محيص للمسلم من الاعتراف به، عقيدة قرآنيّة جاء بها نبيّنا الأكرم صلّى اللّه عليه و آله، فإنّ من يعتقد باللّه اعتقادا قاطعا و يعتقد كذلك بمحمّد رسولا منه أرسله بالهدى و دين الحقّ، لا بدّ أن يؤمن بما أخبر به القرآن الكريم من البعث و الثواب و العقاب و الجنّة و النعيم و النار و الجحيم، و قد صرّح القرآن بذلك و لمح إليه بما يقرب من ألف آية كريمة.
و إذا تطرّق الشكّ في ذلك إلى شخص فليس إلاّ لشكّ يخالجه في صاحب الرسالة أو وجود خالق الكائنات أو قدرته، بل ليس إلاّ لشكّ يعتريه في أصل الأديان كلّها و في صحّة الشرائع جميعها انتهى.
أقول: إنّ المعاد يطلق على ثلاثة معاني: أحدها المعنى المصدريّ من العود، و هو الرجوع إلى مكان. و ثانيها و ثالثها، مكان العود و زمانه و مآل الكلّ واحد،
ص:
و هو جسمانيّ و روحانيّ، فالجسمانيّ عبارة عن أنّ اللّه تعالى يعيد أبداننا بعد موتها، و الروحانيّ عبارة عن بقاء الروح بعد مفارقة البدن، فيرجع إلى البدن في القيامة.
و قال العلاّمة المجلسيّ رحمه اللّه في البحار ج 7 ص 47: اعلم أنّ القول بالمعاد الجسمانيّ ممّا اتّفق عليه جميع الملّيّين و هو من ضروريّات الدين، و منكره خارج عن عداد المسلمين، و الآيات الكريمة في ذلك ناصّة لا يعقل تأويلها، و الأخبار فيه متواترة لا يمكن ردّها و لا الطعن فيها، و قد نفاه أكثر ملاحدة الفلاسفة تمسّكا بامتناع إعادة المعدوم و لم يقيموا دليلا عليه، بل تمسّكوا تارة بإدّعاء البداهة، و اخرى بشبهات واهية لا يخفى ضعفها على من نظر فيها بعين البصيرة و اليقين، و ترك تقليد الملحدين من المتفلسفين. . .
و في عقائد الإماميّة ص 164: و بعد هذا، فالمعاد الجسمانيّ بالخصوص، ضرورة من ضروريّات الدين الإسلامي، دلّ صريح القرآن الكريم عليها أَ يَحْسَبُ اَلْإِنْسانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظامَهُ بَلى قادِرِينَ عَلى أَنْ نُسَوِّيَ بَنانَهُ وَ إِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَ إِذا كُنّا تُراباً أَ إِنّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ أَ فَعَيِينا بِالْخَلْقِ اَلْأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ.
و ما المعاد الجسمانيّ على إجماله إلاّ إعادة الإنسان في يوم البعث و النشور ببدنه بعد الخراب، و إرجاعه إلى هيئته الأولى بعد أن يصبح رميما، و لا يجب الاعتقاد في تفصيلات المعاد الجسمانيّ أكثر من هذه العقيدة على بساطتها التي نادى بها القرآن، و أكثر ممّا يتبعها من الحساب و الصراط و الميزان و الجنّة و النار و الثواب و العقاب بمقدار ما جاءت به التفصيلات القرآنيّة. . .
2-قال أبو جعفر عليه السّلام: أيّام اللّه عزّ و جلّ ثلاثة: يوم يقوم القائم، و يوم الكرّة، و يوم القيامة. (1)
ص:249
بيان:
«الكرّة» : الرجعة.
3-في حديث الصادق عليه السّلام لابن أبي العوجاء: فقال: إن يكن الأمر على ما يقول هؤلاء-و هو على ما يقولون-يعني أهل الطواف-فقد سلموا و عطبتم، و إن يكن الأمر على ما تقولون-و ليس كما تقولون-فقد استويتم و هم. فقلت له: يرحمك اللّه و أيّ شيء نقول و أيّ شيء يقولون؟ ما قولي و قولهم إلاّ واحدا. فقال: و كيف يكون قولك و قولهم واحدا و هم يقولون؟ إنّ لهم معادا و ثوابا و عقابا، و يدينون بأنّ في السماء إلها و أنّها عمران، و أنتم تزعمون أنّ السماء خراب ليس فيها أحد؟ (1)
4-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: . . . فحاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا عليها، فإنّ للقيامة خمسين موقفا كلّ موقف مقداره ألف سنة، ثمّ تلا: فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمّا تَعُدُّونَ (2). (3)
أقول:
في البحار ج 7 ص 126 مثله، و فيه تلا هذه الآية: فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ (4).
5-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: و ذلك يوم يجمع اللّه فيه الأوّلين و الآخرين لنقاش الحساب و جزاء الأعمال، خضوعا قياما، قد ألجمهم العرق، و رجفت بهم الأرض، فأحسنهم حالا من وجد لقدميه موضعا، و لنفسه متّسعا. (5)
ص:250
أقول:
قد مرّ بيان بعض مفرداته في باب الحساب.
6-عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال: ما خلقتم للفناء، بل خلقتم للبقاء، و إنّما تنقلون من دار إلى دار. (1)
7-عن هشام بن الحكم، أنّ الزنديق قال للصادق عليه السّلام: أنّى للروح بالبعث و البدن قد بلي و الأعضاء قد تفرّقت؟ فعضو في بلدة تأكلها سباعها، و عضو باخرى تمزّقه هوامّها، و عضو قد صار ترابا بني به مع الطين حائط! قال: إنّ الذي أنشأه من غير شيء و صوّره على غير مثال كان سبق إليه، قادر أن يعيده كما بدأه. . . (2)
8-عن جابر عن أبي جعفر عليه السّلام قال: كان فيما وعظ به لقمان عليه السّلام ابنه أن قال: يا بنيّ، إن تك في شكّ من الموت فارفع عن نفسك النوم و لن تستطيع ذلك، و إن كنت في شكّ من البعث فارفع عن نفسك الانتباه و لن تستطيع ذلك، فإنّك إذا فكّرت في هذا علمت أنّ نفسك بيد غيرك، و إنّما النوم بمنزلة الموت، و إنّما اليقظة بعد النوم بمنزلة البعث بعد الموت. (3)
9-عن الثمالي عن عليّ بن الحسين عليهما السّلام قال: عجبت للمتكبّر الفخور كان أمس نطفة و هو غدا جيفة! و العجب كلّ العجب لمن شكّ في اللّه و هو يرى الخلق! و العجب كلّ العجب لمن أنكر الموت و هو يرى من يموت كلّ يوم و ليلة! و العجب كلّ العجب لمن أنكر النشأة الأخرى و هو يرى الأولى! و العجب كلّ العجب لعامر دار الفناء و يترك دار البقاء. (4)
ص:251
10-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: يا بني عبد المطّلب، إنّ الرائد لا يكذب أهله، و الذي بعثني بالحقّ لتموتنّ كما تنامون، و لتبعثنّ كما تستيقظون، و ما بعد الموت دار إلاّ جنّة أو نار، و خلق جميع الخلق و بعثهم على اللّه عزّ و جلّ كخلق نفس واحدة و بعثها؛ قال اللّه تعالى: ما خَلْقُكُمْ وَ لا بَعْثُكُمْ إِلاّ كَنَفْسٍ واحِدَةٍ. (1)
بيان:
في أقرب الموارد، «الرائد» : الرسول الذي يرسله القوم لينظر لهم مكانا ينزلون فيه، و منه قولهم: "الرائد لا يكذب أهله"أي لا يكذب عليهم في صفة المكان الذي يصفه لهم لأنّ المصلحة مشتركة بينه و بينهم.
11-في كتاب كتبه أمير المؤمنين عليه السّلام إلى أهل مصر مع محمّد بن أبي بكر: يا عباد اللّه، إنّ بعد البعث ما هو أشدّ من القبر، يوم يشيب فيه الصغير، و يسكر فيه الكبير، و يسقط فيه الجنين، و تذهل كلّ مرضعة عمّا أرضعت، يوم عبوس قمطرير، يوم كان شرّه مستطيرا.
إنّ فزع ذلك اليوم ليرهّب الملائكة الذين لا ذنب لهم، و ترعد (ترعب م) منه السبع الشداد، و الجبال الأوتاد، و الأرض المهاد، و تنشقّ السماء، فهي يومئذ واهية، و تتغيّر فكأنّها وردة كالدهان، و تكون الجبال سرابا مهيلا، بعد ما كانت صمّا صلابا.
و ينفخ في الصور فيفزع من في السماوات و (من في) الأرض إلاّ من شاء اللّه، فكيف من عصى بالسمع و البصر و اللسان و اليد و الرجل و الفرج و البطن إن لم يغفر اللّه له و يرحمه من ذلك اليوم؟ لأنّه يصير إلى غيره إلى نار قعرها بعيد، و حرّها شديد، و شرابها صديد، و عذابها جديد، و مقامعها حديد، لا يغيّر (لا يفتّر م) عذابها و لا يموت ساكنها، دار ليس فيها رحمة، و لا تسمع لأهلها
ص:252
دعوة. . . (1)
بيان:
«كان شرّه» أي شدائده. «مستطيرا» أي فاشيا منتشرا غاية الانتشار.
«وردة كالدهان» في مجمع البحرين (ورد) : أي حمراء. . . و الدهان جمع دهن.
«و تكون الجبال سرابا» في مجمع البحرين (سرب) : أي أزيلت عن أماكنها فكانت كالسراب يظنّ أنّها جبال و ليست إيّاها «المهيل» قيل: أي الرمل السائل، من الهيل، و المعنى؛ أنّ الجبال تنقلع من اصولها فتصير بعد صلابتها كالرمل السائل.
12-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: أرض القيامة نار ما خلا ظلّ المؤمن، فإنّ صدقته تظلّه. (2)
13-عن أبي بصير عن الصادق عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: يا عليّ، أنا أوّل من ينفض التراب عن رأسه و أنت معي، ثمّ سائر الخلق. يا عليّ، أنت و شيعتك على الحوض تسقون من أحببتم و تمنعون من كرهتم، و أنتم الآمنون يوم الفزع الأكبر في ظلّ العرش، يفزع الناس و لا تفزعون، و يحزن الناس و لا تحزنون، فيكم نزلت هذه الآية: إِنَّ اَلَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا اَلْحُسْنى . . . تُوعَدُونَ (3)يا عليّ، أنت و شيعتك تطلبون في الموقف و أنتم في الجنان تتنعّمون. . . (4)
14-عن أبي سعيد الخدري قال: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول لعليّ:
ص:253
يا عليّ، أبشر و بشّر فليس على شيعتك حسرة عند الموت، (1)و لا وحشة في القبور، و لا حزن يوم النشور، و لكأنيّ بهم يخرجون من جدث القبور ينفضون التراب عن رؤوسهم و لحاهم، يقولون: اَلْحَمْدُ لِلّهِ اَلَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا اَلْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنا لَغَفُورٌ شَكُورٌ- اَلَّذِي أَحَلَّنا دارَ اَلْمُقامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لا يَمَسُّنا فِيها نَصَبٌ وَ لا يَمَسُّنا فِيها لُغُوبٌ. (2). (3)
أقول:
بهذا المعنى أخبار كثيرة، قد مرّ بعضها في باب الشيعة و غيره.
15-عن صفوان قال: سمعت أبا الحسن عليه السّلام يقول: إلينا إياب هذا الخلق، و علينا حسابهم. (4)
16-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من آثر الدنيا على الآخرة حشره اللّه يوم القيامة أعمى. (5)
17-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: أربع من كنّ فيه أمن يوم الفزع الأكبر: إذا أعطي شيئا قال: الحمد للّه، و إذا أذنب ذنبا قال: أستغفر اللّه، و إذا أصابته مصيبة قال: إِنّا لِلّهِ وَ إِنّا إِلَيْهِ راجِعُونَ، و إن كانت له حاجة سأل ربّه، و إذا خاف شيئا لجأ إلى ربّه. (6)
أقول:
لاحظ ما يناسب المقام في أبواب الإيمان، البكاء، البرزخ، الجنّة، جهنّم،
ص:254
الحبّ ف 2، الحساب، الشفاعة، الشيعة، الرجعة، الموت و. . .
18-عن أمير المؤمنين عليه السّلام أنّه قال:
الآخرة فوز السعداء. (الغرر ج 1 ص 25 ف 1 ح 745)
التقوى ذخيرة معاد. (ص 28 ح 846)
الجهل يفسد المعاد. (ص 30 ح 898)
الأعمال في الدنيا تجارة الآخرة. (ص 47 ح 1354)
اشتغالك بإصلاح معادك ينجيك من عذاب النار. (ص 55 ح 1521)
الحازم من ترك الدنيا للآخرة. (ح 1524)
الرابح من باع العاجلة بالآجلة. (ص 56 ح 1525)
الرابح من باع الدنيا بالآخرة، و استبدل بالآجلة عن العاجلة.
(ص 78 ح 1901)
الحازم من لم يشغله غرور دنياه عن العمل لاخراه. (ص 86 ح 2005)
المغبون من شغل بالدنيا، وفاته حظّه من الآخرة. (ص 88 ح 2031)
اجعل همّك وجدّك لآخرتك. (ص 110 ف 2 ح 65)
اجعل همّك لمعادك تصلح. (ص 112 ح 85)
استفرغ جهدك لمعادك يصلح مثواك، و لا تبع آخرتك بدنياك.
(ص 121 ح 186)
أفضل الناس عقلا أحسنهم تقديرا لمعاشه و أشدّهم اهتماما بإصلاح معاده. (ص 210 ف 8 ح 515)
إنّ من الشقاء إفساد المعاد. (ص 216 ف 9 ح 24)
إنّك مخلوق للآخرة فاعمل لها-إنّك لن تخلق للدنيا فازهد فيها و أعرض عنها. (ص 288 ف 13 ح 24 و 25)
إنّك إن عملت للآخرة فاز قدحك. (ح 30)
ص:255
إنّك إن عملت للدنيا خسرت صفقتك. (ح 31)
إنّكم إنّما خلقتم للآخرة لا للدنيا و للبقاء لا للفناء. (ص 292 ف 14 ح 24)
إنّما خلقتم للبقاء لا للفناء و إنّكم في دار بلغة و منزل قلعة.
(ص 297 ف 15 ح 4)
ثواب الآخرة ينسي مشقّة الدنيا. (ص 366 ف 25 ح 7)
خير الاستعداد ما أصلح المعاد. (ص 391 ف 29 ح 64)
دار البقاء محلّ الصدّقين و موطن الأبرار و الصالحين.
(ص 403 ف 31 ح 26)
دعاكم اللّه سبحانه إلى دار البقاء و قرارة الخلود و النعماء و مجاورة الأنبياء و السعداء فعصيتم و أعرضتم-دعتكم الدنيا إلى قرارة الشقاء و محل الفناء و أنواع البلاء و العناء فأطعتم و بادرتم و أسرعتم. (ح 28 و 29)
ذكر الآخرة دواء و شفاء-ذكر الدنيا أدوء الأدواء.
(ص 405 ف 32 ح 17 و 18)
سعادة الرجل في إحراز دينه و العمل لآخرته. (ص 437 ف 39 ح 73)
شيمة ذوي الألباب و النهى الإقبال على دار البقاء و الإعراض عن دار الفناء و التولّه بجنّة المأوى. (ص 451 ف 42 ح 37)
صلاح المعاد بحسن العمل. (ص 452 ف 43 ح 10)
طوبى لمن ذكر المعاد فاستكثر من الزاد. (ج 2 ص 466 ف 46 ح 18)
طوبى لمن أحسن إلى العباد و تزوّد للمعاد. (ح 19)
عجبت لمن أنكر النشأة الآخرة و هو يرى النشأة الأولى.
(ص 493 ف 54 ح 3)
عجبت لعامر دار الفناء و تارك دار البقاء. (ح 4)
ص:256
عجبت لمن عرف ربّه كيف لا يسعى لدار المقام (البقاء ف ن) .
(ص 495 ح 17)
كيف يعمل للآخرة المشغول بالدنيا. (ص 553 ف 64 ح 3)
كيف يزهد في الدنيا من لا يعرف قدر الآخرة. (ص 554 ح 14)
كن في الدنيا ببدنك و في الآخرة بقلبك و عملك. (ص 566 ف 67 ح 33)
كذب من ادّعى اليقين بالباقي و هو مواصل للفاني. (ص 574 ف 69 ح 18)
ليس بمؤمن من لم يهتمّ بإصلاح معاده. (ص 598 ف 73 ح 80)
من أيقن بالجزاء أحسن. (ص 629 ف 77 ح 373)
من عمل للمعاد ظفر بالسداد. (ص 631 ح 389)
من ابتاع آخرته بدنياه ربحهما. (ص 643 ح 581)
من باع آخرته بدنياه خسرهما. (ح 582)
من أيقن بالآخرة لم يحرص على الدنيا. (ص 645 ح 601)
من عمّر دار إقامته فهو العاقل. (ص 647 ح 643)
من فسد دينه فسد معاده. (ص 649 ح 671)
من أصلح المعاد ظفر بالسداد. (ص 651 ح 709)
من أيقن بالمعاد استكثر الزاد. (ح 710)
من سرّه الفساد سائه المعاد. (ح 712)
من رضي بالدنيا فاتته الآخرة. (ص 652 ح 717)
من آمن بالآخرة أعرض عن الدنيا. (ص 654 ح 762)
من أيقن بما يبقى زهد فيما يفنى. (ح 763)
من حرص على الآخرة ملك. (ص 656 ح 782)
من جعل كلّ همّه لآخرته ظفر بالمأمول. (ص 660 ح 849)
من أحبّ الدار الباقية لهي عن اللذّات. (ص 666 ح 930)
ص:257
من خاف العقاب انصرف عن السيّئات. (ص 669 ح 966)
من أيقن بالآخرة سلا عن الدنيا. (ص 672 ح 1002)
من أيقن بالمجازاة لم يؤثر غير الحسنى. (ح 1003)
من قوى دينه أيقن بالجزاء و رضي مواقع القضاء. (ص 674 ح 1029)
من أكثر من ذكر الآخرة قلّت معصيته. (ص 681 ح 1107)
من كانت الآخرة همّته بلغ من الخير غاية امنيّته. (ص 693 ح 1241)
من أحبّ فوز الآخرة فعليه بالتقوى. (ص 694 ح 1245)
من لم يوقن بالجزاء أفسد الشكّ يقينه. (ص 699 ح 1299)
من لم يؤثر الآخرة على الدنيا فلا عقل له. (ح 1301)
من لم يعمل للآخرة لم ينل أمله. (ص 702 ح 1332)
من الشفاء إفساد المعاد. (ص 726 ف 78 ح 28)
ما أخسر من ليس له في الآخرة نصيب. (ص 746 ف 79 ح 172)
لا يشغلنّك عن العمل للآخرة شغل فإنّ المدّة قصيرة. (ص 808 ف 85 ح 137)
لا ينفع الإيمان للآخرة مع الرغبة في الدنيا. (ص 850 ف 86 ح 393)
لا يؤمن بالمعاد من لم يتحرّج عن ظلم العباد. (ص 852 ح 409)
ص:258
قال اللّه تعالى: إِنَّ اَلَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ اَلْفاحِشَةُ فِي اَلَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ فِي اَلدُّنْيا وَ اَلْآخِرَةِ وَ اَللّهُ يَعْلَمُ وَ أَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ. (1)
1-عن زرارة عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السّلام قالا: أقرب ما يكون العبد إلى الكفر أن يواخي الرجل على الدين فيحصي عليه عثراته و زلاّته ليعنّفه بها يوما ما. (2)
بيان:
«التعنيف» : التعيير و اللوم.
«العثرة» : الزلّة و الخطيئة، الكبوة في المشي و لعلّ المراد هنا الزلّة.
2-عن إسحاق بن عمّار قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: يا معشر من أسلم بلسانه و لم يخلص الإيمان إلى قلبه، لا تذمّوا المسلمين و لا تتبّعوا عوراتهم، فإنّه من تتبّع عوراتهم تتّبع اللّه عورته، و من تتبّع اللّه تعالى
ص:259
عورته يفضحه و لو في بيته. (1)
بيان:
«خلص إلى المكان» : وصل. «لا تتبّعوا» : من باب التفعّل بحذف إحدى التائين، في المصباح، تتبّعت أحواله: تطلّبتها شيئا بعد شيء في مهلة. و المراد بتتبّع اللّه سبحانه عورته منع لطفه و كشف ستره، و منع الملائكة عن ستر ذنوبه و عيوبه فهو يفتضح في السماء و الأرض. . . (المرآة ج 10 ص 401 و البحار ج 75 ص 218)
«عوراتهم» العورة: كلّ أمر قبيح يستره الإنسان أنفة أو حياءا.
«و لو في بيته» : لعلّ المراد يفضحه و لو عند أهل بيته.
3-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: أبعد ما يكون العبد من اللّه أن يكون الرجل يواخي لرجل و هو يحفظ عليه زلاّته ليعيّره بها يوما ما. (2)
4-عن أبي حمزة الثماليّ عن أبي جعفر عليه السّلام قال: إنّ أسرع الخير ثوابا البرّ، و إنّ أسرع الشرّ عقوبة البغي، و كفى بالمرء عيبا أن يبصر من الناس ما يعمى عنه من نفسه، أو يعيّر الناس بما لا يستطيع تركه، أو يؤذي جليسه بما لا يعنيه. (3)
5-عن أبي حمزة قال: سمعت عليّ بن الحسين عليهما السّلام يقول: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: كفى بالمرء عيبا أن يبصر من الناس ما يعمى عليه من نفسه، و أن يؤذي جليسه بما لا يعنيه. (4)
6-عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ثلاث خصال من كنّ فيه أو واحدة منهنّ كان في ظلّ عرش اللّه يوم لا ظلّ إلاّ ظلّه: رجل أعطى الناس من نفسه ما هو سائلهم، و رجل لم يقدّم رجلا و لم يؤخّر رجلا حتّى يعلم أنّ ذلك
ص:260
للّه رضا، و رجل لم يعب أخاه المسلم بعيب حتّى ينفي ذلك العيب عن نفسه، فإنّه لا ينفي منها عيبا إلاّ بدا له عيب، و كفى بالمرء شغلا بنفسه عن الناس. (1)
7-عن أبي جعفر عليه السّلام قال: سمعت جابر بن عبد اللّه الأنصاريّ يقول: إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله مرّ بنا ذات يوم فوقف و سلّم ثمّ قال: ما لي أرى حبّ الدنيا قد غلب على كثير من الناس. . . طوبى لمن شغله خوف اللّه عزّ و جلّ عن خوف الناس، طوبى لمن منعه عيبه عن عيوب المؤمنين من إخوانه. . . (2)
8-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: كان بالمدينة أقوام لهم عيوب فسكتوا عن عيوب الناس، فأسكت اللّه عن عيوبهم الناس فماتوا و لا عيوب لهم عند الناس، و كان بالمدينة أقوام لا عيوب لهم فتكلّموا في عيوب الناس، فأظهر اللّه لهم عيوبا لم يزالوا يعرفون بها إلى أن ماتوا. (3)
9-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: و أيم اللّه لئن لم يكن عصاه في الكبير و عصاه في الصغير لجرأته على عيب الناس أكبر. يا عبد اللّه، لا تعجل في عيب أحد بذنبه فعلّه مغفور له، و لا تأمن على نفسك صغير معصية فلعلّك معذّب عليه، فليكفف من علم منكم عيب غيره لما يعلم من عيب نفسه، و ليكن الشكر شاغلا له على معافاته ممّا ابتلي به غيره. (4)
10-و قال عليه السّلام: يا أيّها الناس، طوبى لمن شغله عيبه عن عيوب الناس، و طوبى لمن لزم بيته، و أكل قوته، و اشتغل بطاعة ربّه، و بكى على خطيئته، فكان من نفسه في شغل، و الناس منه في راحة. (5)
ص:261
11-و قال عليه السّلام: من نظر في عيب نفسه اشتغل عن عيب غيره. . . و من نظر في عيوب الناس فأنكرها ثمّ رضيها لنفسه فذلك الأحمق بعينه. . . (1)
12-و قال عليه السّلام: أكبر العيب أن تعيب ما فيك مثله. (2)
13-عن الصادق عليه السّلام أنّه قال: قال عيسى بن مريم عليه السّلام: طوبى لمن جعل بصره في قلبه، و لم يجعل بصره في عينه، لا تنظروا في عيوب الناس كالأرباب، و انظروا في عيوبكم كهيئة العبد، إنّما الناس رجلان: مبتلى و معافى، فارحموا المبتلى، و احمدوا اللّه على العافية. (3)
14-قال أمير المؤمنين عليه السّلام في وصيّة للحسين عليه السّلام: و اعلم-أي بنيّ-أنّه من أبصر عيب نفسه شغل عن عيب غيره. . . أي بنيّ، من نظر في عيوب الناس و رضي لنفسه بها فذاك الأحمق بعينه. (4)
15-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إذا رأيتم العبد متفقّدا لذنوب الناس ناسيا لذنوبه، فاعلموا أنّه قد مكر به. (5)
16-قال الصادق عليه السّلام: إنّ للّه تبارك و تعالى على عبده المؤمن أربعين جنّة فمن أذنب ذنبا كبيرا رفع عنه جنّة، فإذا عاب أخاه المؤمن بشيء يعلمه منه انكشفت تلك الجنن عنه، و يبقى مهتك الستر، فيفتضح في السماء على ألسنة الملائكة و في الأرض على ألسنة الناس، و لا يرتكب ذنبا إلاّ ذكروه، و يقول الملائكة الموكّلون به: يا ربّنا، قد بقي عبدك مهتك الستر و قد أمرتنا بحفظه؟ فيقول عزّ و جلّ: ملائكتي، لو أردت بهذا العبد خيرا ما فضحته، فارفعوا أجنحتكم عنه،
ص:262
فو عزّتي لا يؤول بعدها إلى خير أبدا. (1)
17-عن هشام عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من قال في مؤمن ما رأت عيناه، و سمعت أذناه كان من الذين قال اللّه: إِنَّ اَلَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ اَلْفاحِشَةُ فِي اَلَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ فِي اَلدُّنْيا وَ اَلْآخِرَةِ. (2)
18-في جوامع كلم عليّ عليه السّلام: . . . جهل المرء بعيوبه من أكبر ذنوبه. . . (3)
19-عن أمير المؤمنين عليه السّلام: أيّها الناس، طوبى لمن شغله عيبه عن عيوب الناس، و تواضع من غير منقصة، و جالس أهل الفقه و الرحمة، و خالط أهل الذلّ و المسكنة، و أنفق مالا جمعه في غير معصية. . . (4)
20-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:
اشتغالك بمعايب نفسك يكفيك العار. (الغرر ج 1 ص 55 ف 1 ح 1520)
استر عورة أخيك لما تعلمه فيك. (ص 110 ف 2 ح 67)
أمقت الناس العيّاب. (ص 177 ف 8 ح 81)
أفضل الناس من شغلته معايبه عن عيوب الناس. (ص 188 ح 264)
أكبر العيب أن تعيب غيرك بما هو فيك. (ص 194 ح 345)
أعقل الناس من كان بعيبه بصيرا و عن عيب غيره ضريرا. (ص 200 ح 409)
تتبّع العورات من أعظم السوآت-تتبّع العيوب من أقبح العيوب، و شرّ السيّئات. (ص 357 ف 22 ح 118 و 119)
شرّ الناس من كان متتبّعا لعيوب الناس، عميّا عن معايبه.
(ص 447 ف 41 ح 67)
ص:263
عجبت لمن ينكر عيوب الناس، و نفسه أكثر شيء معابا و لا يبصرها.
(ج 2 ص 495 ف 54 ح 19)
كفى بالمرء شغلا بمعايبه عن معايب الناس. (ص 558 ف 65 ح 48)
كفى بالمرء غباوة أن ينظر من عيوب الناس إلى ما خفي عليه من عيوبه.
(ص 559 ح 55)
كفى بالمرء جهلا أن يجهل عيوب نفسه، و يطعن على الناس بما لا يستطيع التحوّل عنه. (ص 560 ح 63)
ليكفّ من علم منكم من عيب غيره لما يعرف من عيب نفسه.
(ص 583 ف 71 ح 45)
ليكن أبغض الناس إليك و أبعدهم منك أطلبهم لمعائب الناس.
(ص 586 ح 65)
من تتبّع عيوب الناس كشف عيوبه. (ص 647 ف 77 ح 639)
من أبصر عيب نفسه لم يعب أحدا. (ص 652 ح 720)
من بحث عن عيوب الناس فليبدء بنفسه. (ص 659 ح 828)
من أبصر زلّته صغرت عنده زلّة غيره. (ص 680 ح 1092)
من تتبّع عورات الناس كشف اللّه عورته-من تتبّع خفيّات العيوب حرّمه اللّه سبحانه مودّات القلوب. (ص 683 ح 1133 و 1137)
من عمي عن زلّته استعظم زلّة غيره. (ص 684 ح 1141)
من أنكر عيوب الناس و رضيها لنفسه فذلك الأحمق.
(ص 689 ح 1204)
من وبّخ نفسه على العيوب ارتدعت عن كثرة الذنوب.
(ص 696 ح 1264)
ص:264
من حاسب نفسه وقف على عيوبه و أحاط بذنوبه، فاستقال الذنوب و أصلح العيوب. (ح 1265)
من شغل نفسه بغير نفسه فقد تحيّر في الظلمات، و ارتبك في الهلكات.
(ص 706 ح 1371)
من أشدّ عيوب المرء أن تخفى عليه عيوبه. (ص 727 ف 78 ح 42)
معرفة المرء بعيوبه أنفع المعارف. (ص 766 ف 80 ح 138)
ص:265
ص:266
1-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: الغضب يفسد الإيمان كما يفسد الخلّ العسل. (1)
بيان:
«الغضب» : هو كيفيّة نفسانيّة موجبة لحركة الروح من الداخل إلى الخارج للغلبة، و إنّه من المهلكات العظيمة، و ربّما أدّى إلى الشقاوة الأبديّة، من القتل و القطع، و لذا قيل: "إنّه جنون دفعيّ"و عند الغضب يستر العقل و يضعف، و لذا لا يؤثّر في صاحبه الوعظ و النصيحة، بل قد تزيده الموعظة غلظة و شدّة.
و ممّا يلزم الغضب من الآثار المهلكة؛ انطلاق اللسان بالشتم و السبّ، و إظهار السوء و الشماتة، و إفشاء الأسرار و هتك الأستار، و السخريّة و الاستهزاء و التحقير، و منع الحقوق، و توثّب الأعضاء بالضرب و الجرح و القتل، و تألّم القلب بالحقد و الحسد و العداوة و البغض، و ممّا تلزمه؛ الندامة بعد زواله، و عداوة الأصدقاء، و شماتة الأعداء، و تغيّر المزاج، و تألّم الروح، و سقم البدن، و مكافاة العاجل و عقوبة الآجل، إلى غير ذلك ممّا لا يحصى.
ص:267
ثمّ إنّ الناس في هذه القوّة على إفراط و تفريط و اعتدال، فالإفراط أن تغلب هذه الصفة حتّى يخرج عن طاعة العقل و الشرع، و لا تبقى له فكرة و بصيرة، و التفريط أن يفقد هذه القوّة أو تضعف بحيث لا تغضب عمّا ينبغي الغضب عليه شرعا و عقلا، و الاعتدال أن يصدر فيما ينبغي و لا يصدر في ما لا ينبغي، بحيث لا يخرج عن سياسة الشرع و العقل، و يكون تابعا لهما في الغضب و عدمه.
و علاج الغضب التفكّر فيما ورد في ذمّ الغضب، و مدح كظم الغيظ، و الحلم و العفو، و أن يجلس من فوره إذا كان قائما، و ذلك مجرّب، كما أنّ من جلس عند حملة الكلب وجده ساكتا لا يحوم حوله، و الوضوء بالماء البارد، و شربه بالجلوس.
و قال بعض: أمر النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أن تقول عند الغضب: «أعوذ باللّه من الشيطان الرجيم» و كان صلّى اللّه عليه و آله إذا غضبت عائشة أخذ بأنفها و قال: يا عويش، قولي «اللهمّ ربّ النبيّ محمّد، اغفر لي ذنبي و اذهب غيظ قلبي و أجرني من مضلاّت الفتن» و غير ذلك ممّا يأتي في الأخبار.
2-ذكر الغضب عند أبي جعفر عليه السّلام فقال: إنّ الرجل ليغضب فما يرضى أبدا حتّى يدخل النار، فأيّما رجل غضب على قوم و هو قائم فليجلس من فوره ذلك، فإنّه سيذهب عنه رجز الشيطان، و أيّما رجل غضب على ذي رحم فليدن منه فليمسّه، فإنّ الرحم إذا مسّت سكنت. (1)
بيان:
في المفردات، «الفور» : شدّة الغليان و يقال ذلك في النار نفسها إذا هاجت، و في القدر، و في الغضب. . . و يقال: فعلت كذا من فوري أي في غليان الحال، و قيل: سكون الأمر.
«رجز الشيطان» في النهاية ج 2 ص 200: الرجز: العذاب و الإثم و الذنب، و رجز
ص:268
الشيطان: وساوسه.
3-عن داود بن فرقد عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: الغضب مفتاح كلّ شرّ. (1)
4-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سمعت أبي عليه السّلام يقول: أتى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله رجل بدويّ فقال: إنّي أسكن البادية فعلّمني جوامع الكلام، فقال: آمرك أن لا تغضب، فأعاد عليه الأعرابيّ المسألة ثلاث مرّات حتّى رجع الرجل إلى نفسه، فقال: لا أسأل عن شيء بعد هذا، ما أمرني رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إلاّ بالخير.
قال: و كان أبي يقول: أيّ شيء أشدّ من الغضب، إنّ الرجل ليغضب فيقتل النفس التي حرّم اللّه و يقذف المحصنة. (2)
5-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من كفّ غضبه ستر اللّه عورته. (3)
بيان:
«عورته» : عيوبه و ذنوبه فلا يفضحه بها في الدنيا و الآخرة، و لعلّ عند الغضب تبدو المساوي و تظهر العيوب فإذا كفّ يستر عنه.
6-قال أبو جعفر عليه السّلام: مكتوب في التوراة فيما ناجى اللّه عزّ و جلّ به موسى عليه السّلام: يا موسى، أمسك غضبك عمّن ملّكتك عليه أكفّ عنك غضبي. (4)
7-عن إسحاق بن عمّار قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: إنّ في التوراة مكتوبا: يابن آدم، اذكرني حين تغضب أذكرك عند غضبي، فلا أمحقك فيمن أمحق، و إذا ظلمت بمظلمة فارض بانتصاري لك، فإنّ انتصاري لك خير
ص:269
من انتصارك لنفسك. (1)
بيان:
في المرآة ج 10 ص 151، «فلا أمحقك» : المحق هنا إبطال عمله و تعذيبه و محو ذكره أو إحراقه. في القاموس، محقه كمنعه: أبطله و محاه. . . و في النهاية: المحق؛ النقص و المحو و الإبطال. «الانتصار» : الانتقام.
8-عن أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر عليه السّلام قال: إنّ هذا الغضب جمرة من الشيطان توقد في قلب ابن آدم، و إنّ أحدكم إذا غضب احمرّت عيناه و انتفخت أوداجه و دخل الشيطان فيه، فإذا خاف أحدكم ذلك من نفسه فليلزم الأرض، فإنّ رجز الشيطان ليذهب عنه عند ذلك. (2)
بيان:
«أوداجه» أي عروقه.
9-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: الغضب ممحقة لقلب الحكيم.
و قال: من لم يملك غضبه لم يملك عقله. (3)
10-عن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه السّلام قال: من كفّ غضبه عن الناس كفّ اللّه عنه عذاب يوم القيامة. (4)
11-عن صفوان الجمّال عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّما المؤمن، الذي إذا غضب لم يخرجه غضبه من حقّ، و إذا رضي لم يدخله رضاه في باطل، و إذا قدر لم يأخذ أكثر ممّا له (من ماله ف ن) . (5)
ص:270
بيان:
«لم يخرجه غضبه من حقّ» : بأن يحكم على من غضب عليه بغير حقّ أو يظلمه أو يكتم شهادة له عنده و غير ذلك. «إذا رضي» : أي عن أحد. «في باطل» : بأن يشهد له زورا أو يحكم له باطلا أو يحميه في باطل و أشباه ذلك.
12-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: أربعة جواهر تزيلها أربعة: أمّا الجواهر؛ فالعقل، و الدين، و الحياء، و العمل الصالح. أمّا الغضب فيزيل العقل، و أمّا الحسد فيزيل الدين، و أمّا الطمع فيزيل الحياء، و أمّا الغيبة فيزيل العمل الصالح. (1)
13-فيما كتب أمير المؤمنين عليه السّلام إلى الحارث الهمدانيّ: . . . و اكظم الغيظ و تجاوز عند المقدرة، و احلم عند الغضب. . .
و قال عليه السّلام: و احذر الغضب فإنّه جند عظيم من جنود إبليس. (2)
14-عن عبد العظيم الحسنيّ عن أبي جعفر الثاني عن أبيه عليهما السّلام قال: دخل موسى بن جعفر عليه السّلام على هارون الرشيد و قد استخفّه الغضب على رجل، فقال له: إنّما تغضب للّه عزّ و جلّ، فلا تغضب له بأكثر ممّا غضب لنفسه. (3)
15-سئل أمير المؤمنين عليه السّلام: من أحلم الناس؟ قال: الذي لا يغضب. (4)
16-عن الرضا عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رجل للنبيّ صلّى اللّه عليه و آله: يا رسول اللّه، علّمني عملا لا يحال بينه و بين الجنّة، قال: لا تغضب و لا تسأل الناس شيئا، و ارض للناس ما ترضى لنفسك. . . (5)
17-قال الصادق عليه السّلام: لو قال أحدكم إذا غضب: «أعوذ باللّه
ص:271
من الشيطان الرجيم» ذهب عنه غضبه. (1)
18-و قال رجل يا رسول اللّه، أوصني فقال صلّى اللّه عليه و آله: أوصيك أن لا تغضب، و قال: إذا غضب أحدكم فليتوضّأ. (2)
19-. . . عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال: شدّة الغضب تغيّر المنطق، و تقطع مادّة الحجّة، و تفرّق الفهم. (3)
أقول:
لاحظ ما يناسب المقام في أبواب الحلم، الشيطان، كظم الغيظ و. . .
و مرّ في باب العصبيّة؛ أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كان يتعوّذ في كلّ يوم من ستّ: من الشّك، و الشرك، و الحميّة، و الغضب، و البغي، و الحسد.
20-في وصيّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لعليّ عليه السّلام: يا عليّ، لا تغضب فإذا غضبت فاقعد و تفكّر في قدرة الربّ على العباد و حلمه عنهم، و إذا قيل لك: اتّق اللّه فانبذ غضبك و راجع حلمك. (4)
21-في وصيّة الباقر عليه السّلام لجابر الجعفيّ: و لا قوّة كردّ الغضب. (5)
22-في مواعظ الصادق عليه السّلام: ليس لإبليس جند أشدّ من النساء و الغضب. (6)
23-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: قال الحواريّون لعيسى عليه السّلام: أيّ الأشياء أشدّ؟ قال: أشدّ الأشياء غضب اللّه عزّ و جلّ، قالوا: بما نتّقي غضب اللّه؟ قال:
ص:272
بأن لا تغضبوا، قالوا: و ما بدء الغضب؟ قال: الكبر و التجبّر و محقرة الناس. (1)
24-قال الصادق عليه السّلام: كان أبي محمّد عليه السّلام يقول: أيّ شيء أشدّ من الغضب! إنّ الرجل إذا غضب يقتل النفس، و يقذف المحصنة. (2)
25-قال نوح عليه السّلام لإبليس: فأخبرني متى تكون أقدر على ابن آدم؟ قال: عند الغضب. (3)
26-قال الهادي عليه السّلام: الغضب على من لا تملك عجز، و على من تملك لؤم. (4)
27-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: ألا و من حفظ نفسه عند الغضب، فهو كالمجاهد في سبيل اللّه. (5)
28-في حديث، أنّ إبليس قال لموسى عليه السّلام: و إيّاك و الغضب، و إذا غضبت فقل: «لا حول و لا قوّة إلاّ باللّه العليّ العظيم» يسكن غضبك. (6)
29-نهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عن الأدب عند الغضب. (7)
30-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: ليس الشديد بالصرعة، إنّما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب. (8)
31-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: وجبت محبّة اللّه عزّ و جلّ على من أغضب
ص:273
فحلم. (1)
32-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:
الغضب مركب الطيش. (الغرر ج 1 ص 29 ف 1 ح 858)
الغضب نار القلوب. (ص 33 ح 1008)
الغضب شرّ، إن أطعته دمّر. (ص 42 ح 1265)
الغضب عدوّ فلا تملّكه نفسك. (ص 48 ح 1385)
الغضب يفسد الألباب، و يبعد من الصواب. (ص 49 ح 1401)
الغضب يردي صاحبه و يبدي معايبه. (ص 67 ح 1738)
الحلم عند شدّة الغضب، يؤمن غضب الجبّار-الغضب نار موقدة، من كظمه أطفأها، و من أطلقه كان أوّل محترق بها. (ص 71 ح 1802 و 1812)
الحلم يطفئ نار الغضب، و الحدّة تؤجّج إحراقه. (ص 92 ح 2086)
الغضب يثير كوامن الحقد. (ص 103 ح 2188)
إيّاك و الغضب، فأوّله جنون، و آخره ندم. (ص 147 ف 5 ح 5)
أفضل الملك ملك الغضب. (ص 177 ف 8 ح 76)
أقدر الناس على الصواب من لم يغضب. (ص 186 ح 221)
أعظم الناس سلطانا على نفسه من قمع غضبه، و أمات شهوته.
(ص 202 ح 433)
أعدى عدوّ للمرء غضبه و شهوته، فمن ملكهما علت درجته و بلغ غايته.
(ص 203 ح 443)
إنّكم إن أطعتم سورة الغضب، أوردتكم موارد العطب. (ص 293 ف 14 ح 36)
ص:274
بئس القرين الغضب، يبدئ المعايب، و يدني الشرّ، و يباعد الخير.
(ص 342 ف 20 ح 34)
تجرّع غصص الحلم، يطفئ نار الغضب. (ص 348 ف 22 ح 27)
ثلاث مهلكات: طاعة النساء و طاعة الغضب و طاعة الشهوة.
(ص 363 ف 24 ح 8)
رأس الفضائل ملك الغضب و إماتة الشهوة. (ص 411 ف 34 ح 16)
طاعة الغضب ندم و طغيان. (ج 2 ص 472 ف 47 ح 42)
ظفر بالشيطان من غلب غضبه، [ظفر الشيطان بمن ملكه غضبه] .
(ص 475 ف 48 ح 13)
عقوبة الغضوب و الحقود و الحسود تبدأ بأنفسهم. (ص 501 ف 55 ح 41)
ليس لإبليس وهق (1)أعظم من الغضب و النساء- [ليس منّا من لم يملك غضبه] . (ص 595 ف 73 ح 43)
من أطلق غضبه تعجّل حتفه. (ص 625 ف 77 ح 303)
من غلب عليه غضبه و شهوته، فهو في حيّز البهائم. (ص 680 ح 1095)
من طبايع الجهّال التسرّع إلى الغضب في كلّ حال. (ص 731 ف 78 ح 102)
لا أدب مع غضب. (ص 833 ف 86 ح 96)
ص:275
ص:276
1- وَ اَلَّذِينَ إِذا فَعَلُوا فاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اَللّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَ مَنْ يَغْفِرُ اَلذُّنُوبَ إِلاَّ اَللّهُ وَ لَمْ يُصِرُّوا عَلى ما فَعَلُوا وَ هُمْ يَعْلَمُونَ. (1)
2- . . . وَ لَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جاؤُكَ فَاسْتَغْفَرُوا اَللّهَ وَ اِسْتَغْفَرَ لَهُمُ اَلرَّسُولُ لَوَجَدُوا اَللّهَ تَوّاباً رَحِيماً. (2)
3- وَ مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اَللّهَ يَجِدِ اَللّهَ غَفُوراً رَحِيماً. (3)
4- وَ ما كانَ اَللّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَ أَنْتَ فِيهِمْ وَ ما كانَ اَللّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ. (4)
5- وَ أَنِ اِسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتاعاً حَسَناً إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى وَ يُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ. . . (5)
6- وَ يا قَوْمِ اِسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ اَلسَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً وَ يَزِدْكُمْ
ص:277
قُوَّةً إِلى قُوَّتِكُمْ وَ لا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ. (1)
7- قالُوا يا أَبانَا اِسْتَغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا إِنّا كُنّا خاطِئِينَ - قالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي إِنَّهُ هُوَ اَلْغَفُورُ اَلرَّحِيمُ. (2)
8- فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ اَللّهُ وَ اِسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَ لِلْمُؤْمِنِينَ وَ اَلْمُؤْمِناتِ وَ اَللّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَ مَثْواكُمْ. (3)
9- فَقُلْتُ اِسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كانَ غَفّاراً- يُرْسِلِ اَلسَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً- وَ يُمْدِدْكُمْ بِأَمْوالٍ وَ بَنِينَ وَ يَجْعَلْ لَكُمْ جَنّاتٍ وَ يَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهاراً. (4)
10- . . . وَ اِسْتَغْفِرُوا اَللّهَ إِنَّ اَللّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ. (5)
و المستغفر من ذنب و يفعله كالمستهزئ بربّه. (1)
4-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لا يقوم من مجلس و إنّ خفّ حتّى يستغفر اللّه عزّ و جلّ خمسا و عشرين مرّة. (2)
5-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: الاستغفار و قول: لا إله إلاّ اللّه، خير العبادة. قال اللّه العزيز الجبّار: فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ اَللّهُ وَ اِسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ. (3)
6-عن زرارة قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: إنّ العبد إذا أذنب ذنبا اجّل من غدوة إلى الليل، فإن استغفر اللّه لم يكتب عليه. (4)
7-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: العبد المؤمن إذا أذنب ذنبا أجّله اللّه سبع ساعات، فإن استغفر اللّه لم يكتب عليه شيء، و إن مضت الساعات و لم يستغفر كتبت عليه سيّئة، و إنّ المؤمن ليذكر ذنبه بعد عشرين سنة حتّى يستغفر ربّه فيغفر له، و إنّ الكافر لينساه من ساعته. (5)
أقول:
قد مرّ ما يناسب المقام في باب التوبة.
8-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ما من مؤمن يقارف في يومه و ليلته أربعين كبيرة فيقول و هو نادم: «أستغفر اللّه الذي لا إله إلاّ هو الحيّ القيّوم بديع السموات و الأرض ذو الجلال و الإكرام و أسأله أن يصلّي على محمّد و آل محمّد و أن يتوب عليّ» إلاّ غفرها اللّه عزّ و جلّ له، و لا خير فيمن يقارف في يوم أكثر من أربعين
ص:279
كبيرة. (1)
بيان:
في النهاية ج 4 ص 45، يقال: قرف الذنب و اقترفه: إذا عمله، و قارف الذنب و غيره إذا داناه و لا صقه.
9-عن الرضا عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من أنعم اللّه عزّ و جلّ عليه نعمة فليحمد اللّه، و من استبطأ الرزق فليستغفر اللّه، و من حزنه أمر فليقل: «لا حول و لا قوّة إلاّ باللّه» . (2)
10-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: الاستغفار يزيد في الرزق. (3)
11-عن موسى بن جعفر عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: عليك بالاستغفار فإنّه المنجاة.
و قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من كثر همومه فليكثر من الاستغفار. (4)
12-و قال صلّى اللّه عليه و آله: ألا أخبركم بداءكم من دواءكم؟ قلنا: بلى يا رسول اللّه، قال: داءكم الذنوب و دواؤكم الاستغفار. (5)
13-. . . قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ من أجمع الدعاء الاستغفار. (6)
14-و عن محمّد بن الريّان قال: كتبت إلى أبي الحسن الثالث عليه السّلام أسأله أن يعلّمني دعاء للشدائد و النوازل و المهمّات و أن يخصّني كما خصّ آباؤه مواليهم،
ص:280
فكتب إليّ: ألزم الاستغفار. (1)
15-و عن إسماعيل بن سهيل قال: قلت لأبي الحسن الرضا عليه السّلام: علّمني دعاء إذا أنا قلته كنت معكم في الدنيا و الآخرة فكتب: أكثر تلاوة إِنّا أَنْزَلْناهُ، و أرطب شفتيك بالاستغفار. (2)
16-و قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: من لزم الاستغفار جعل اللّه له من كلّ همّ فرجا و من كلّ ضيق مخرجا و يرزقه من حيث لا يحتسب. (3)
17-. . . قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّ للقلوب صداء كصداء النحاس، فاجلوها بالاستغفار. (4)
بيان:
«للقلوب صداء» : أي يركبها الرين و الدنس بمباشرة المعاصي.
18-قال عليّ عليه السّلام: الاستغفار مع الإصرار ذنوب مجدّدة. (5)
أقول:
قد مرّ في باب التوبة في حديث الرضا عليه السّلام: من استغفر اللّه بلسانه و لم يندم قلبه فقد استهزء بنفسه.
19-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: عجبت لمن يقنط و معه الاستغفار. (6)
20-و حكى عنه أبو جعفر الباقر عليهما السّلام: أنّه قال: كان في الأرض أمانان من عذاب اللّه و قد رفع أحدهما فدونكم الآخر فتمسّكوا به: أمّا الأمان الذي
ص:281
رفع فهو رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، و أمّا الأمان الباقي فالاستغفار، قال اللّه تعالى: وَ ما كانَ اَللّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَ أَنْتَ فِيهِمْ وَ ما كانَ اَللّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ. (1)
21-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من قال: «أستغفر اللّه» مائة مرّة حين ينام بات و قد تحاتّ الذنوب كما يتحاتّ الورق من الشجر و يصبح و ليس عليه ذنب. (2)
22-عن جعفر بن محمّد عن أبيه عليهما السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: طوبى لمن وجد في صحيفة عمله يوم القيامة تحت كلّ ذنب أستغفر اللّه. (3)
23-عن جعفر بن محمّد عن أبيه عن جدّه عليهم السّلام عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال: من استغفر اللّه بعد العصر سبعين مرّة، غفر اللّه له ذنوب سبعين سنة. (4)
24-عن جعفر عن أبيه عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: لكلّ داء دواء، و دواء الذنوب الاستغفار. (5)
25-عن عليّ بن موسى الرضا عن آبائه عن أمير المؤمنين عليهم السّلام أنّه قال: تعطّروا بالاستغفار لا تفضحنّكم روائح الذنوب. (6)
26-عن جعفر بن محمّد عن أبيه عن أمير المؤمنين عليهم السّلام عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال: إنّ اللّه جلّ جلاله إذا رأى أهل قرية قد أسرفوا في المعاصي و فيها ثلاثة نفر من المؤمنين، ناداهم جلّ جلاله: يا أهل معصيتي، لو لا من فيكم من المؤمنين المتحابّين بجلالي، العامرين بصلاتهم أرضي و مساجدي و المستغفرين بالأسحار
ص:282
خوفا منّي، لأنزلت بكم عذابي ثمّ لا أبالي. (1)
أقول:
قد مرّ نحوه في باب المسجد، و فيه: «لو لا الذين يتحابّون فيّ، و يعمرون مساجدي، و يستغفرون بالأسحار، لو لا هم لأنزلت عليهم عذابي» .
و مرّ ما يدلّ على المقام في باب الصلاة ف 2.
27-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ادفعوا أبواب البلايا بالاستغفار. (2)
28-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أكثروا من الاستغفار في بيوتكم، و في مجالسكم، و على موائدكم، و في أسواقكم، و في طرقكم، و أينما كنتم، فإنّكم لا تدرون متى تنزل المغفرة. (3)
29-عن جعفر بن محمّد عن آبائه عن عليّ عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّ الذنوب لتشوب أهلها لتحرقنّهم، لا يطفئها شيء إلاّ الاستغفار. (4)
30-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ثلاثة معصومون من إبليس و جنوده: الذاكرون للّه، و الباكون من خشية اللّه، و المستغفرون بالأسحار. (5)
31-في مهج الدعوات قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: من لحقته شدّة أو نكبة أو ضيق، فقال ثلاثين ألف مرّة: «أستغفر اللّه و أتوب إليه» إلاّ فرّج اللّه تعالى عنه.
قال الراوي: هذا خبر صحيح و قد جرّب. (6)
ص:283
32-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من استغفر اللّه بعد صلاة العصر سبعين مرّة غفر اللّه له سبعمأة ذنب. (1)
أقول:
و زاد في ح 1: «فإن لم يكن له فلأبيه، فإن لم يكن لأبيه فلامّه، فإن لم يكن لامّه فلأخيه، فإن لم يكن لأخيه فلاخته، فإن لم يكن لأخته فللأقرب فالأقرب» .
33-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:
الاستغفار يمحو الأوزار. (الغرر ج 1 ص 16 ف 1 ح 397)
الاستغفار أعظم جزاء و أسرع مثوبة. (ص 56 ح 1533)
الذنوب الداء، و الدواء الاستغفار، و الشفاء أن لا تعود. (ص 79 ح 1913)
سلاح المؤمن الاستغفار. (ص 433 ف 39 ح 13)
لا شفيع أنجح من الاستغفار. (ج 2 ص 840 ف 86 ح 221)
ص:284
1- . . . فَاجْتَنِبُوا اَلرِّجْسَ مِنَ اَلْأَوْثانِ وَ اِجْتَنِبُوا قَوْلَ اَلزُّورِ. (1)
2- وَ مِنَ اَلنّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ اَلْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اَللّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَ يَتَّخِذَها هُزُواً أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ. (2)
3- وَ اَلَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ اَلزُّورَ وَ إِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً. (3)
1-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: بيت الغناء لا تؤمن فيه الفجيعة، و لا تجاب فيه الدعوة، و لا يدخله الملك. (4)
بيان:
في القاموس، «الغناء» ككساء من الصوت: ما طرّب به.
ص:285
و في مجمع البحرين: الغناء ككساء: الصوت المشتمل على الترجيع المطرب أو ما يسمّى بالعرف غناء و إن لم يطرب، سواء كان في شعر أو قرآن أو غيرهما و استثنى منه الحدو للإبل. و قيل: فعله للمرأة في الأعراس مع عدم الباطل انتهى.
و قال الشيخ الأنصاريّ رحمه اللّه في المكاسب المحرّمة: الثالثة عشرة؛ الغناء لا خلاف في حرمته في الجملة، و الأخبار بها مستفيضة و ادّعى في الإيضاح تواترها، منها: ما ورد مستفيضا في تفسير قول الزور في قوله تعالى: وَ اِجْتَنِبُوا قَوْلَ اَلزُّورِ. . . منها: ما ورد مستفيضا في تفسير لهو الحديث. . . و منها: ما ورد في تفسير الزور في قوله تعالى: وَ اَلَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ اَلزُّورَ. . .
و بالجملة فالمحرّم هو ما كان من لحون أهل الفسوق و المعاصي التي ورد النهي عن قرائة القرآن بها، سواء كان مساويا للغناء أو أعمّ أو أخصّ، مع أنّ الظاهر أن ليس الغناء إلاّ هو و إن اختلف فيه عبارات الفقهاء و اللغويّين، فعن المصباح: أنّ الغناء الصوت، و عن آخر: أنّه مدّ الصوت. . . و الأحسن من الكلّ ما تقدّم من الصحاح و يقرب منه المحكيّ عن المشهور بين الفقهاء من أنّه مدّ الصوت المشتمل على الترجيع المطرب، و الطرب على ما في الصحاح: خفّة يعتري الإنسان لشدّة حزن أو سرور. . .
2-عن زيد الشحّام قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن قوله عزّ و جلّ: وَ اِجْتَنِبُوا قَوْلَ اَلزُّورِ قال: قول الزور؛ الغناء. (1)
3-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قوله عزّ و جلّ: لا يَشْهَدُونَ اَلزُّورَ قال: الغناء. (2)
4-عن محمّد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام قال: سمعته يقول: الغناء ممّا
ص:286
وعد اللّه عليه النار، و تلا هذه الآية: وَ مِنَ اَلنّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ اَلْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اَللّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَ يَتَّخِذَها هُزُواً أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ. (1)
بيان:
«ممّا وعد اللّه عليه النار» : أي يكون من الكبائر.
5-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سئل عن الغناء و أنا حاضر، فقال: لا تدخلوا بيوتا اللّه معرض عن أهلها. (2)
6-عن الحسن بن هارون قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: الغناء مجلس لا ينظر اللّه إلى أهله، و هو ممّا قال اللّه عزّ و جلّ: وَ مِنَ اَلنّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ اَلْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اَللّهِ. (3)
7-قال الصادق عليه السّلام: شرّ الأصوات الغناء. (4)
8-عن الحسن بن هارون قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: الغناء يورث النفاق، و يعقّب الفقر. (5)
9-عن هشام عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قوله تعالى: فَاجْتَنِبُوا اَلرِّجْسَ مِنَ اَلْأَوْثانِ وَ اِجْتَنِبُوا قَوْلَ اَلزُّورِ قال: الرجس من الأوثان؛ الشطرنج، و قول الزور؛ الغناء. (6)
10-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: المغنّية ملعونة، ملعون من أكل كسبها. (7)
ص:287
11-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سأله رجل عن بيع الجواري المغنّيات، فقال: شراؤهنّ و بيعهنّ حرام، و تعليمهنّ كفر، و استماعهنّ نفاق. (1)
12-قال الريّان بن الصلت: سألت الرضا عليه السّلام يوما بخراسان: فقلت: يا سيّدي، إنّ إبراهيم بن هاشم العباسيّ حكى عنك أنّك رخّصت له في استماع الغناء، فقال: كذب الزنديق، إنّما سألني عن ذلك، فقلت له: إنّ رجلا سأل أبا جعفر عليه السّلام عن ذلك، فقال له أبا جعفر عليه السّلام: إذا ميّز اللّه بين الحقّ و الباطل فأين يكون الغناء؟ فقال: مع الباطل، فقال له أبو جعفر عليه السّلام: قد قضيت. (2)
13-عن جابر عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال: كان إبليس أوّل من ناح، و أوّل من تغنّى، و أوّل من حدا، قال: لمّا أكل آدم من الشجرة تغنّى. . . (3)
14-عن أبي بصير قال: كنت عند أبي عبد اللّه عليه السّلام فقال له رجل: بأبي و أمّي، إنّي أدخل كنيفا لي، و لي جيران و عندهم جوار يتغنّين و يضربن بالعود، فربّما أطلت الجلوس استماعا منّي لهنّ، فقال: لا تفعل.
فقال الرجل: و اللّه ما هو شيء آتيه برجلي إنّما هو سماع أسمعه باذني، فقال له: أنت أما سمعت اللّه (يقول م) : إِنَّ اَلسَّمْعَ وَ اَلْبَصَرَ وَ اَلْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلاً (4)؟ قال: بلى و اللّه، فكأنّي لم أسمع هذه الآية قطّ من كتاب اللّه من عجميّ و لا من عربيّ، لا جرم إنّي لا أعود إن شاء اللّه، و إنّي أستغفر اللّه.
فقال له: قم فاغتسل و صلّ ما بدالك، فإنّك كنت مقيما على أمر عظيم ما كان أسوأ حالك لو متّ على ذلك! احمد اللّه و سله التوبة من كلّ ما يكره، إنّه لا يكره
ص:288
إلاّ [كلّ] القبيح، و القبيح دعه لأهله فإنّ لكلّ أهلا. (1)
15-عن حمّاد بن عثمان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سألته عن قَوْلَ اَلزُّورِ قال: منه قول الرجل للّذي يغنّي: أحسنت. (2)
16-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: الغناء رقية الزنا. (3)
بيان:
«الرقية» : هي أن يستعان بها للحصول على أمر من قوى غير الطبيعيّة مثل العوذة.
ص:289
ص:290
1- لا يُحِبُّ اَللّهُ اَلْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ اَلْقَوْلِ إِلاّ مَنْ ظُلِمَ وَ كانَ اَللّهُ سَمِيعاً عَلِيماً. (1)
2- إِنَّ اَلَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ اَلْفاحِشَةُ فِي اَلَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ فِي اَلدُّنْيا وَ اَلْآخِرَةِ وَ اَللّهُ يَعْلَمُ وَ أَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ. (2)
3- يا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا اِجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ اَلظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ اَلظَّنِّ إِثْمٌ وَ لا تَجَسَّسُوا وَ لا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَ يُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَ اِتَّقُوا اَللّهَ إِنَّ اَللّهَ تَوّابٌ رَحِيمٌ. (3)
4- وَ لا تُطِعْ كُلَّ حَلاّفٍ مَهِينٍ- هَمّازٍ مَشّاءٍ بِنَمِيمٍ. (4)
5- وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ. الآيات. (5)
ص:291
1-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: الغيبة أسرع في دين الرجل المسلم من الأكلة في جوفه.
قال: و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: الجلوس في المسجد انتظار الصلاة عبادة ما لم يحدث، قيل: يا رسول اللّه، و ما يحدث؟ قال: الاغتياب. (1)
بيان:
في المرآة ج 10 ص 406، «الأكلة» كفرحة: داء في العضو يأتكل منه كما في القاموس و غيره، و قد يقرء بمدّ الهمزة على وزن فاعلة أي العلّة التي تأكل اللحم و الأوّل أوفق باللغة. . . (خوره-جذام) .
«الغيبة» في المصباح: اغتابه اغتيابا إذا ذكره بما يكره من العيوب و هو حقّ و الاسم الغيبة، فإن كان باطلا فهو الغيبة في بهت.
و في القاموس، غابه: عابه و ذكره بما فيه من السوء كاغتابه.
و في المرآة، قال الجوهريّ: اغتابه اغتيابا إذا وقع فيه، و الاسم الغيبة، و هو أن يتكلّم خلف إنسان مستور بما يغمّه لو سمعه، فإن كان صدقا سمّي غيبة، و إن كان كذبا سمّي بهتانا، أقول: هذا بحسب اللغة و أمّا بحسب عرف الشرع فهو ذكر الإنسان المعيّن أو من هو بحكمه في غيبته بما يكره نسبته إليه و هو حاصل فيه، و يعدّ نقصا في العرف، بقصد الانتقاص و الذمّ قولا أو إشارة أو كناية، تعريضا أو تصريحا، فلا غيبة في غير معيّن كواحد مبهم غير محصور كأحد أهل البلد. . .
أقول: و قريب منه قول الشهيد الثاني رحمه اللّه في كشف الريبة ص 51.
و في جامع السعادات ج 2 ص 303، الغيبة: و هي أن يذكر الغير بما يكرهه لو بلغه،
ص:292
سواء كان ذلك بنقص في بدنه أو في أخلاقه أو في أقواله، أو في أفعاله المتعلّقة بدينه أو دنياه، بل و إن كان بنقص في ثوبه أو داره أو دابّته. و الدليل على هذا التعميم-بعد إجماع الامّة على أنّ من ذكر غيره بما يكرهه إذا سمعه فهو مغتاب-ما روي عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال: «هل تدري ما الغيبة؟ قالوا: اللّه و رسوله أعلم قال: ذكرك أخاك بما يكره، قيل له: أ رأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال: إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته، و إن لم يكن فيه فقد بهته» .
و ما روي: «أنّه ذكر رجل عنده، فقالوا: ما أعجزه! فقال صلّى اللّه عليه و آله: اغتبتم أخاكم، قالوا: يا رسول اللّه: قلنا ما فيه، قال: إن قلتم ما ليس فيه فقد بهتموه» و ما روي عن عائشة قالت: «دخلت علينا امرأة، فلمّا ولّت، أو مأت بيدي أنّها قصيرة، فقال صلّى اللّه عليه و آله: اغتبتيها» . . .
و قال رحمه اللّه (ص 305) : و الحاصل أنّ الاجماع و الأخبار متطابقان على أنّ حقيقة الغيبة هو أن يذكر الغير بما يكرهه إذا سمعه، سواء كان ذلك بنقص في نفسه أو بدنه، أو في دينه أو دنياه، أو فيما يتعلّق به من الأشياء. . .
اعلم أنّ الغيبة لا تنحصر باللسان، بل كلّ ما يفهم نقصان الغير، و يعرّف ما يكرهه فهو غيبة، سواء كان بالقول أو الفعل، أو التصريح أو التعريض أو بالإشارة و الإيماء، أو بالغمز و الرمز، أو بالكتابة و الحركة. . .
أقول: أمّا الأخبار ففي بعضها: «أنّ الغيبة ذكرك أخاك بما يكره» و هذا المعنى مطابق للإجماع و اللغة. و في بعضها: «أنّ الغيبة الكشف عمّا ستره اللّه» ، فلا بدّ أن تحمل على الأولى، لأنّ إظهار العيب المستور غالبا يكره الغير، مضافا إلى قول اللغويّين و الإجماع المنقول عن النراقي رحمه اللّه و الشهرة عن الشهيد رحمه اللّه (في كشف الريبة) و غيره.
فالغيبة هي أن يذكر الإنسان غيره بما فيه من العيب بما يكرهه إذا سمعه. و أمّا كشف المستور إذا لم يكره الغير فحرام أيضا لا لكونه غيبة بل لكونه كشفا
ص:293
عن عورة المؤمن، أو كونه إشاعة الفاحشة، أو لأنّ فيه مهانة المؤمن و سقوطه عن أعين الناس، أو غير ذلك ممّا ورد ذمّه في الأخبار.
و لا يخفى أنّ الغيبة حرام بالأدلة الأربعة كما عن الشيخ الأنصاريّ رحمه اللّه في المكاسب و غيره و أنّها كبيرة موبقة.
2-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من قال في مومن ما رأته عيناه و سمعته أذناه فهو من الذين قال اللّه عزّ و جلّ: إِنَّ اَلَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ اَلْفاحِشَةُ فِي اَلَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ. (1)
3-عن داود بن سرحان قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الغيبة، قال: هو أن تقول لأخيك في دينه ما لم يفعل، و تبثّ عليه أمرا قد ستره اللّه عليه لم يقم عليه فيه حدّ. (2)
بيان:
«ما لم يفعل» : يعني ما لا يكون باختياره كالعيوب الخلقيّة، و ذلك لفرق الغيبة عن البهتان.
4-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سئل النبيّ صلّى اللّه عليه و آله؛ ما كفّارة الاغتياب؟ قال: تستغفر اللّه لمن اغتبته كلّما ذكرته. (3)
بيان:
اعلم أنّ مقتضى كون الغيبة من حقوق الناس توقّف رفعها-بعد التوبة و الندم للخروج عن حقّ اللّه-على إسقاط صاحبها حقّه و الاستحلال منه، و أمّا كونها من حقوق الناس فلأنّه ظلم على المغتاب، و للأخبار الواردة في أنّ من حقوق المؤمن على المؤمن أن لا يغتابه، و ورد: أنّ حرمة عرضه كحرمة دمه و ماله، و أمّا
ص:294
توقّف رفعها على إيراء ذي الحقّ فمعلوم.
و أمّا الأخبار ففي بعضها: أنّ الغيبة لا يغفر حتّى يغفر صاحبها، و في بعضها: أن يستغفر له، و العلماء خصّوا الأوّل-جمعا بين الروايات-بما إذا يمكن إعلام المغتاب و لا يكون في إعلامه و استرضاءه مظنّة العداوة و الفتنة، و إلاّ فليكثر له الدعاء و الاستغفار من دون أن يخبره بها.
و يستحبّ للمعتذر إليه قبول العذر و الإحلال استحبابا مؤكّدا و يدلّ على ذلك أخبار كثيرة. (لاحظ كشف الريبة ص 111 ف 5 في كفّارة الغيبة)
5-قال أبو الحسن عليه السّلام: من ذكر رجلا من خلفه بما هو فيه ممّا عرفه الناس لم يغتبه، و من ذكره من خلفه بما هو فيه ممّا لا يعرفه الناس اغتابه، و من ذكره بما ليس فيه فقد بهته. (1)
6-عن عبد الرحمان بن سيّابة قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: الغيبة أن تقول في أخيك ما ستره اللّه عليه، و أمّا الأمر الظاهر فيه مثلّ الحدّة و العجلة فلا، و البهتان أن تقول فيه ما ليس فيه. (2)
بيان:
«الحدّة» : ما يعتري الإنسان من الغضب و النزق.
«العجلة» : السرعة و المبادرة في الامور من غير تأمّل.
7-في وصيّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لأبي ذرّ رحمه اللّه قال: يا أبا ذرّ، إيّاك و الغيبة فإنّ الغيبة أشدّ من الزنا، قلت: يا رسول اللّه، و لم ذاك بأبي أنت و امّي؟ قال: لأنّ الرجل يزني فيتوب إلى اللّه فيتوب اللّه عليه، و الغيبة لا تغفر حتّى يغفرها صاحبها.
يا أبا ذرّ، سباب المسلم فسوق، و قتاله كفر، و أكل لحمه من معاصي اللّه،
ص:295
و حرمة ماله كحرمة دمه، قلت: يا رسول اللّه، و ما الغيبة؟ قال: ذكرك أخاك بما يكرهه، قلت: يا رسول اللّه، فإن كان فيه ذاك الذي يذكر به؟ قال: اعلم [أنّك] إذا ذكرته بما هو فيه فقد اغتبته، و إذا ذكرته بما ليس فيه فقد بهّته.
يا أبا ذرّ، من ذبّ عن أخيه المسلم الغيبة كان حقّا على اللّه عزّ و جلّ أن يعتقه من النار.
يا أبا ذرّ، من اغتيب عنده أخوه المسلم و هو يستطيع نصره فنصره، نصره اللّه عزّ و جلّ في الدنيا و الآخرة، فإن خذله و هو يستطيع نصره خذله اللّه في الدنيا و الآخرة. (1)
8-قال الصادق جعفر بن محمّد عليه السّلام: إذا جاهر الفاسق بفسقه فلا حرمة له و لا غيبة. (2)
بيان:
قد جوّز العلماء الغيبة في موارد منها: المتجاهر بالفسق فيجوز اغتيابه في العيب المتجاهر به، إذا كان فيها نفع كترك الفاسق المعصية أو غير ذلك، و إلاّ لا يجوز لئلاّ يعتاد العبد بالغيبة، و لئلاّ تشيع الفاحشة و الفسق و الإثم و لئلاّ يجتري الفاسق على المعصية و غير ذلك.
منها: تظلّم المظلوم من الظالم.
منها: قصد حسم مادّة فساد المغتاب عن الناس كالمبتدع الذي يخاف إضلاله للناس.
منها: النصيحة للمستشير
منها: الاستفتاء بأن يقول للمفتي: ظلمني فلان في حقّي فكيف الطريق إلى الخلاص
ص:296
و نحوه.
منها: شكاية المظلوم عند القاضي.
منها: الجرح و التعديل للشاهد و الراوي.
منها: ذكر المبتدعة و تصانيفهم الفاسدة و آرائهم المضلّة، و القدح في مقالة باطلة و إن دلّ على نقصان قائلها.
منها: دفع الضرر عن المغتاب.
منها: قصد ردع المغتاب عن المنكر إلى غير ذلك من الموارد.
و الضابط في الرخصة وجود المصلحة الغالبة على مفسدة هتك احترام المؤمن، و بالجملة فالتحرّز عنها أولى لتتّسم النفس بالأخلاق الفاضلة، و لأنّ النفس مائلة إلى الشرور، و قد يخفى علينا حيلها لحبّ أو بغض؛ فيرى أنّه لم يغتب و قد وقع في أعظمها.
يا أخي، أخوك دينك فاحتط لدينك، و طوبى لمن شغل عيبه عن عيوب الناس و باللّه اعتصمنا في الامور.
9-عن الصادق عن آبائه عن عليّ عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من مدح أخاه المؤمن في وجهه و اغتابه من ورائه فقد انقطع ما بينهما من العصمة. (1)
10-عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: المؤمن من ائتمنه المؤمنون على أنفسهم و أموالهم، و المسلم من سلم المسلمون من يده و لسانه، و المهاجر من هجر السيّئات و ترك ما حرّم اللّه، و المؤمن حرام على المؤمن أن يظلمه أو يخذله أو يغتابه أو يدفعه دفعة. (2)
ص:297
11-عن الصادق عن آبائه عليهم السّلام (في حديث المناهي) أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله نهى عن الغيبة و الاستماع إليها، و نهى عن النميمة و الاستماع إليها، و قال: لا يدخل الجنّة قتّات-يعني: نمّاما-.
و نهى عن المحادثة التي تدعو إلى غير اللّه، و نهى عن الغيبة و قال: من اغتاب امرءا مسلما بطل صومه، و نقض وضوءه، و جاء يوم القيامة يفوح من فيه رائحة أنتن من الجيفة يتأذّى به أهل الموقف، و إن مات قبل أن يتوب مات مستحلاّ لما حرّم اللّه عزّ و جلّ.
ألا و من تطوّل على أخيه في غيبة سمعها فيه في مجلس فردّها عنه ردّ اللّه عنه ألف باب من الشرّ في الدنيا و الآخرة، فإن هو لم يردّها و هو قادر على ردّها كان عليه كوزر من اغتابه سبعين مرّة. (1)
12-قال الصادق جعفر بن محمّد عليه السّلام: إنّ من الغيبة أن تقول في أخيك ما ستره اللّه عليه، و إنّ من البهتان أن تقول في أخيك ما ليس فيه. (2)
13-. . . قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: إيّاكم و الغيبة، فإنّ الغيبة أشدّ من الزنا. (3)
14-في مواعظ الحسين عليه السّلام، و قال عليه السّلام لرجل اغتاب عنده رجلا: يا هذا، كفّ عن الغيبة فإنّها إدام كلاب النار. (4)
15-قال الصادق عليه السّلام: . . . فمن لم تره بعينك يرتكب ذنبا أو لم يشهد عليه بذلك شاهدان، فهو من أهل العدالة و الستر، و شهادته مقبولة، و إن كان في نفسه مذنبا، و من اغتابه بما فيه فهو خارج عن ولاية اللّه عزّ و جلّ، داخل في ولاية الشيطان.
ص:298
و لقد حدّثني أبي عن أبيه عن آبائه عليهم السّلام أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال: من اغتاب مؤمنا بما فيه لم يجمع اللّه بينهما في الجنّة أبدا، و من اغتاب مؤمنا بما ليس فيه انقطعت العصمة بينهما، و كان المغتاب في النار خالدا فيها، و بئس المصير. (1)
16-عن نوف البكاليّ عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال: اجتنب الغيبة فإنّها إدام كلاب النار.
ثمّ قال عليه السّلام: يا نوف، كذب من زعم أنّه ولد من حلال و هو يأكل لحوم الناس بالغيبة. . . (2)
17-قال الرضا عليه السّلام: من ألقى جلباب الحياء فلا غيبة له. (3)
18-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: ترك الغيبة أحبّ إلى اللّه عزّ و جلّ من عشرة ألاف ركعة تطوّعا. (4)
19-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: من اغتاب مسلما أو مسلمة لم يقبل اللّه صلاته و لا صيامه أربعين يوما و ليلة، إلاّ أن يغفر له صاحبه.
و قال صلّى اللّه عليه و آله: من اغتاب مسلما في شهر رمضان لم يؤجر على صيامه. (5)
20-و عن سعيد بن جبير عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال: يؤتى بأحد يوم القيامة يوقف بين يدي اللّه و يدفع إليه كتابه فلا يرى حسناته، فيقول: إلهي ليس هذا كتابي فإنّي لا أرى فيها طاعتي، فيقال له: إنّ ربّك لا يضلّ و لا ينسى، ذهب عملك باغتياب الناس، ثمّ يؤتى بآخر و يدفع إليه كتابه فيرى فيها طاعات كثيرة فيقول: إلهي ما هذا كتابي، فإنّي ما عملت هذه الطاعات، فيقال: لأنّ فلانا
ص:299
اغتابك فدفعت حسناته إليك. (1)
21-و قال صلّى اللّه عليه و آله: ما عمر مجلس بالغيبة إلاّ خرب من الدين، فنزّهوا أسماعكم من استماع الغيبة، فإنّ القائل و المستمع لها شريكان في الإثم. (2)
22-و قال صلّى اللّه عليه و آله: عذاب القبر من النميمة و الغيبة و الكذب. (3)
أقول:
قد مرّ في باب الغضب عنه صلّى اللّه عليه و آله: أربعة جواهر تزيلها أربعة: . . . و أمّا الغيبة فيزيل العمل الصالح.
23-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: الغيبة جهد العاجز. (4)
24-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من اغتاب مؤمنا فكأنّما قتل نفسا متعمّدا. (5)
25-إنّ اللّه تعالى قال لموسى عليه السّلام: من مات تائبا من الغيبة فهو آخر من يدخل الجنّة. و من مات مصرّا عليها فهو أوّل من يدخل النار. (6)
26-و قال صلّى اللّه عليه و آله: رأيت ليلة الإسراء رجالا تقرض شفاههم بمقاريض من نار، قيل: من هم؟ قال: الذين يغتابون الناس. (7)
27-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: لا غيبة لثلاثة (لثلاث ف ن) : سلطان جائر، و فاسق معلن، و صاحب بدعة. (8)
ص:300
28-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: إنّ الغيبة حرام على كلّ مسلم، و إنّ الغيبة لتأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب. (1)
29-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: إيّاكم و الغيبة، فإنّها شبيهة بالكفر و اعلموا أنّ القذف و الغيبة يهدمان عمل مأة سنة. (2)
30-قال الصادق عليه السّلام: إنّك إن اغتبت فبلغ المغتاب فاستحلّ عنه، و إن لم يبلغه فاستغفر اللّه. (3)
31-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ثلاث ليس عليهم غيبة: من جهر بفسقه، و من جار في حكمه، و من خالف قوله فعله. (4)
بيان:
ليس عليهم غيبة في خصوص الأعمال المشار إليها في الحديث.
32-و قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: الغيبة على أربعة أوجه: الأوّل ينجرّ إلى الكفر، و الثاني إلى النفاق، و الثالث إلى المعصية، و الرابع إلى المباح. أمّا أنّ الغيبة ينجرّ إلى الكفر؛ من اغتاب مسلما قيل له: لم تغتب قال: ليس هذا بغيبة، فهو كفر. و أمّا أنّه ينجرّ إلى النفاق؛ من اغتاب مسلما و لم يذكر اسمه و المستمعون يعرفونه. و أمّا أنّه ينجرّ إلى المعصية؛ من اغتاب مسلما بشيء إذا سمع يسيء. و أمّا أنّه ينجرّ إلى المباح؛ فغيبة الأمير الفاسق الجائر و الفاجر. (5)
33-أتى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله رجل فقال: يا رسول اللّه، إنّي لا أصوم إلاّ شهر رمضان لا أزيد عليه، و لا أصلّي إلاّ الخمس لا أزيد عليها، و ليس للّه عندي
ص:301
صدقة و لا حجّ و لا تطوّع، أنا أين إذا متّ؟ قال: معي في الجنّة إذا حفظت لسانك من اثنين: الغيبة و الكذب، و قلبك من اثنين: الغلّ و الحسد، و نظرك من اثنين: ترك النظر إلى ما حرّم اللّه، و لا تؤذي مسلما دخلت معي في الجنّة. (1)
34-قال الصادق عليه السّلام: الغيبة حرام على كلّ مسلم، مأثوم صاحبها في كلّ حال، و صفة الغيبة؛ أن تذكر أحدا بما ليس هو عند اللّه عيب، و تذّم ما تحمده أهل العلم فيه. . . و وجوه الغيبة تقع بذكر عيب في الخلق و الخلق و العقل و الفعل و المعاملة و المذهب و الجهل و أشباهه.
و أصل الغيبة متنوّع بعشرة أنواع: شفاء غيظ، و مساعدة قوم، و تهمة، و تصديق خبر بلا كشفه، و سوء ظنّ، و حسد، و سخريّة، و تعجّب، و تبرّم، و تزيّن، فإن أردت السلامة فاذكر الخالق لا المخلوق، فيصير لك مكان الغيبة عبرة، و مكان الإثم ثوابا. (2)
بيان:
«بعشرة أنواع» : إنّ الأسباب الباعثة على الغيبة كثيرة و هذه أهمّها و منها: الغضب و الحقد و اللعب و الهزل و المطايبة و الافتخار و المباهاة، و قد ينسب إلى الآخر شيئا من القبائح فيريد أن يبرّأ نفسه منه، أو ليمهّد بذلك عذر نفسه في فعله، و قد يكون لمرافقة الأقران و الأحباب، و مساعدتهم على الكلام، فيساعدهم على إظهار عيوب المؤمنين.
و اعلم أنّه كما لا تجوز الغيبة كذلك يجب أن لا يفعل ما يوجب غيبته، لئلاّ يكون معاونا على الإثم، و لذا قالوا: رحم اللّه من جبّ غيبة الناس عن نفسه.
ص:302
35-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:
الغيبة شرّ الإفك. (الغرر ج 1 ص 20 ف 1 ح 539)
الغيبة آية المنافق. (ص 31 ح 949)
الغيبة قوت كلاب النار. (ص 38 ح 1187)
السامع للغيبة كالمغتاب. (ص 40 ح 1215)
العاقل من صان لسانه عن الغيبة. (ص 84 ح 1976)
إيّاك و الغيبة فإنّها تمقّتك إلى اللّه و الناس و تحبط أجرك.
(ص 146 ف 5 ح 2)
إيّاك أن تجعل مركبك لسانك في غيبة إخوانك أو تقول ما يصير عليك حجّة و في الإسائة إليك علّة. (ص 156 ح 94)
ألأم الناس المغتاب. (ص 177 ف 8 ح 83)
أبغض الخلائق إلى اللّه المغتاب. (ص 192 ح 306)
من نقل إليك نقل عنك. (ج 2 ص 715 ف 77 ح 1470)
من أقبح اللوم غيبة الأخيار. (ص 728 ف 78 ح 62)
لا تعوّد نفسك الغيبة، فإنّ معتادها عظيم الجرم. (ص 810 ف 85 ح 149)
يسير الغيبة إفك. (ص 866 ف 89 ح 3)
ص:303
ص:304
1-عن عبد اللّه بن مسكان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ اللّه عزّ و جلّ خصّ رسله بمكارم الأخلاق، فامتحنوا أنفسكم، فإن كانت فيكم فاحمدوا اللّه، و اعلموا أنّ ذلك من خير، و إن لا تكن فيكم فاسألوا اللّه و ارغبوا إليه فيها، قال: فذكر [ها] عشرة: اليقين، و القناعة، و الصبر، و الشكر، و الحلم، و حسن الخلق، و السخاء، و الغيرة، و الشجاعة، و المروءة.
قال: و روى بعضهم بعد هذه الخصال العشرة و زاد فيها: الصدق، و أداء الأمانة. (1)
بيان:
قال في المرآة ج 7 ص 348: «الغيرة» : الحميّة في الدين و ترك المسامحة فيما يرى في نسائه و حرمه من القبايح، لا تغيّر الطبع بالباطل و الحميّة فيه، و القتل و الضرب بالظنّ من غير ثبوت شيء عليه شرعا و أمثال ذلك.
و قال رحمه اللّه في ج 20 ص 375: قيل: الغيرة؛ عبارة عن تغيّر القلب و هيجان الحفيظة بسبب هتك الحريم.
ص:305
و في جامع السعادات ج 1 ص 264: عدم الغيرة و الحميّة، و هو الإهمال في محافظة ما يلزم محافظته؛ من الدين، و العرض، و الأولاد، و الأموال، و هو من نتائج صغر النفس و ضعفها، و من المهلكات العظيمة، و ربما يؤدّي إلى الدياثة و القيادة. . . و ضدّه (الغيرة و الحميّة) و هو السعي في محافظة ما يلزم محافظته، و هو من نتائج الشجاعة و كبر النفس و قوّتها، و هي شرائف الملكات، و بها تتحقّق الرجوليّة و الفحليّة، و الفاقد لها غير معدود من الرجال. . .
2-قال أبو جعفر عليه السّلام: أتي النبيّ صلّى اللّه عليه و آله باسارى، فأمر بقتلهم و خلّى رجلا من بينهم، فقال الرجل: يا نبيّ اللّه، كيف أطلقت عنّي من بينهم؟ فقال: أخبرني جبرئيل عن اللّه جلّ جلاله أنّ فيك خمس خصال يحبّها اللّه و رسوله: الغيرة الشديدة على حرمك، و السخاء، و حسن الخلق، و صدق اللسان، و الشجاعة، فلمّا سمعها الرجل أسلم و حسن إسلامه و قاتل مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قتالا شديدا حتّى استشهد. (1)
3-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ليس الغيرة إلاّ للرجال، فأمّا النساء فإنّما ذلك منهنّ حسد. و الغيرة للرجال و لذلك حرّم (اللّه) على النساء إلاّ زوجها و أحلّ للرجل أربعا، فإنّ اللّه أكرم من أن يبتليهنّ بالغيرة و يحلّ للرجل معها ثلاثا. (2)
4-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ اللّه غيور يحبّ كلّ غيور و من غيرته حرّم الفواحش ظاهرها و باطنها. (3)
5-عن عبد اللّه بن أبي يعفور قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: إذا لم يغر الرجل فهو منكوس القلب. (4)
ص:306
6-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إذا اغير الرجل في أهله أو بعض مناكحه من مملوكه فلم يغر و لم يغيّر، بعث اللّه إليه طائرا يقال له: القفندر حتّى يسقط على عارضة بابه، ثمّ يمهله أربعين يوما، ثمّ يهتف به: إنّ اللّه غيور يحبّ كلّ غيور، فإن هو غار و غيّر فأنكر ذلك و إلاّ طار حتّى يسقط على رأسه فيخفق بجناحيه (على عينيه م) ثمّ يطير عنه فينزع اللّه بعد ذلك منه روح الإيمان و تسمّيه الملائكة الديّوث. (1)
بيان:
«العارضة» : الخشبة العليا التي يدور فيها الباب. «فيخفق» أخفق الطائر: ضرب بجناحيه.
7-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: كان أبي إبراهيم عليه السّلام غيورا و أنا أغير منه، و أرغم اللّه أنف من لا يغار من المؤمنين. (2)
أقول:
في مشكوة الأنوار ص 236 ب 5 ف 6: عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: كان إبراهيم غيورا و إذا خرج من منزله أغلق بابه و أخذ مفاتيحه.
و في سفينة البحار ج 2 ص 338(غير) : إنّ موسى عليه السّلام كان رجلا غيورا لا يصحب الرفقة لئلاّ ترى امرأته.
8-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ شيطانا يقال له: القفندر، إذا ضرب في منزل الرجل أربعين صباحا بالبربط و دخل عليه الرجال، وضع ذلك الشيطان كلّ عضو منه على مثله من صاحب البيت، ثمّ نفخ فيه نفخة، فلا يغار بعد هذا حتّى تؤتى نساؤه فلا يغار. (3)
ص:307
9-عن جابر عن أبي جعفر عليه السّلام قال: غيرة النساء الحسد، و الحسد هو أصل الكفر، إنّ النساء إذا غرن غضبن و إذا غضبن كفرن إلاّ المسلمات منهنّ. (1)
10-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: يا أهل العراق، نبئّت أنّ نساءكم يدافعن الرجال في الطريق، أما تستحيون؟
و روى البرقيّ في المحاسن مثله و زاد: «و قال: لعن اللّه من لا يغار» . (2)
أقول:
«يدافعن الرجال» في المحاسن ص 115: "يوافقن الرجال".
11-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: أما تستحيون و لا تغارون، نساءكم يخرجن إلى الأسواق و يزاحمن العلوج. (3)
بيان:
«العلوج» كفّار العجم و يطلق في الأحاديث على غير الشيعة.
12-في وصيّة أمير المؤمنين لابنه الحسن عليهما السّلام: و إيّاك و التغاير في غير موضع غيرة، فإنّ ذلك يدعو الصحيحة إلى السقم، و البريئة إلى الريب. (4)
13-قال عليه السّلام: قدر الرجل على قدر همّته. . . و عفّته على قدر غيرته. (5)
14-و قال عليه السّلام: غيرة المرأة كفر، و غيرة الرجل إيمان. (6)
15-و قال عليه السّلام: ما زنى غيور قطّ. (7)
ص:308
16-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: من الغيرة غيرة يبغضها اللّه و رسوله، و هي غيرة الرجل على أهله من غير ريبة. (1)
17-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: لا تكثر الغيرة على أهلك فترمى بالسوء من أجلك. (2)
18-قال الرضا عليه السّلام: في الديك الأبيض خمس خصال من خصال الأنبياء: معرفته بأوقات الصلاة، و الغيرة، و السخاء، و الشجاعة، و كثرة الطروقة. (3)
19-عن جعفر بن محمّد عن أبيه عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: الغيرة من الإيمان، و البذاء من النفاق. (4)
20-في مواعظ الصادق عليه السّلام: إنّ المرء يحتاج في منزله و عياله إلى ثلاث خلال يتكلّفها و إن لم يكن في طبعه ذلك: معاشرة جميلة، وسعة بتقدير، و غيرة بتحصّن. (5)
بيان:
الخلّة: الخصلة و الجمع خلال.
21-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:
دليل غيرة الرجل عفّته. (الغرر ج 1 ص 401 ف 31 ح 4)
على قدر الهمّة تكون الحميّة. (ج 2 ص 487 ف 51 ح 3)
على قدر الحميّة تكون الغيرة. (ح 4)
ص:309
غيرة الرجال إيمان-غيرة المرئة عدوان. (ص 506 ف 57 ح 3 و 4)
غيرة الرجل على قدر أنفته (1). (ح 5)
غيرة المؤمن باللّه سبحانه. (ح 15)
ص:310
1- وَ إِذْ أَخَذْنا مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ . . . وَ قُولُوا لِلنّاسِ حُسْناً. . . (1)
2- وَ لا تَسُبُّوا اَلَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اَللّهِ فَيَسُبُّوا اَللّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ. . . (2)
1-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ أبغض خلق اللّه عبد اتّقى الناس لسانه. (3)
2-عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ من علامات شرك الشيطان الذي لا يشكّ فيه أن يكون فحّاشا، لا يبالي ما قال و لا ما قيل فيه. (4)
بيان:
في المرآة ج 10 ص 270، الفحّاش: من يبالغ في الفحش و يعتاد به، و هو القول السيّئ.
ص:311
3-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إذا رأيتم الرجل لا يبالي ما قال و لا ما قيل له فإنّه لغيّة أو شرك شيطان. (1)
بيان:
ولد غيّة أي ولد زنا، و هي كلمة تقال في الشتم كما يقال هو لزنية في مقابلة فلان لرشدة.
4-عن سليم بن قيس عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّ اللّه حرّم الجنّة على كلّ فحّاش بذيّ؛ قليل الحياء لا يبالي ما قال و لا ما قيل له، فإنّك إن فتّشته لم تجده إلاّ لغيّة أو شرك شيطان، فقيل: يا رسول اللّه، و في الناس شرك شيطان؟ فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أما تقرأ قول اللّه عزّ و جلّ: وَ شارِكْهُمْ فِي اَلْأَمْوالِ وَ اَلْأَوْلادِ (2).
قال: و سأل رجل فقيها: هل في الناس من لا يبالي ما قيل له؟ قال: من تعرّض للناس يشتمهم و هو يعلم أنّهم لا يتركونه، فذلك الذي لا يبالي ما قال و لا ما قيل فيه. (3)
بيان:
«البذيّ» من البذاء: الفحش.
5-قال أبو جعفر عليه السّلام: إنّ اللّه يبغض الفاحش المتفحّش. (4)
بيان:
في النهاية ج 3 ص 415، «الفاحش» : ذو الفحش في كلامه و فعاله، و المتفحّش: الذي يتكلّف ذلك و يتعمّده. و في المرآة: يحتمل أن يكون المراد بالمتفحّش المتسبّب
ص:312
لفحش غيره له، أو القابل له الذي لا يبالي به كما مرّ.
6-عن سماعة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّ من شرّ عباد اللّه من تكره مجالسته لفحشه. (1)
7-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ الفحش و البذاء و السلاطة من النفاق. (2)
بيان:
«السلاطة» : القهر، و الصخب و حدّة اللسان و شدّته، من السلط و هو طويل اللسان، (زبان درازى) .
8-عن جابر عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّ اللّه يبغض الفاحش البذيّ و السائل الملحف. (3)
9-عن زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لعائشة: يا عائشة، إنّ الفحش لو كان ممثّلا لكان مثال سوء. (4)
10-عن أحمد بن محمّد عن بعض رجاله قال: قال: من فحّش على أخيه المسلم نزع اللّه منه بركة رزقه، و وكله إلى نفسه، و أفسد عليه معيشته. (5)
11-عن سماعة قال: دخلت على أبي عبد اللّه عليه السّلام فقال لي مبتدئا: يا سماعة، ما هذا الذي كان بينك و بين جمّالك؟ إيّاك أن تكون فحّاشا أو صخّابا أو لعّانا، فقلت: و اللّه لقد كان ذلك إنّه ظلمني، فقال: إن كان ظلمك لقد أربيت عليه، إنّ هذا ليس من فعالي و لا آمر به شيعتي، استغفر ربّك و لا تعد، قلت:
ص:313
أستغفر اللّه و لا أعود. (1)
بيان:
«صخّابا» الصخب: شدّة الصوت و الضجّة، و اضطراب الأصوات للخصام.
«أربيت عليه» أي زدت عليه، يعني أنّك بفعلك ظلمته أكثر ممّا كان ظلمك.
12-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: سباب المؤمن كالمشرف على الهلكة. (2)
بيان:
في المرآة ج 11 ص 4: السباب إمّا بكسر السين و تخفيف الباء مصدر، أو بفتح السين و تشديد الباء صيغة مبالغة. . . و السبّ: الشتم و هو بحسب اللغة يشمل القذف أيضا و لا يبعد شمول أكثر هذه الأخبار أيضا له. و في اصطلاح الفقهاء هو السبّ الذي لم يكن قذفا بالزنا و نحوه كقولك: يا شارب الخمر، أو يا آكل الربا، أو يا ملعون، أو يا خائن، أو يا حمار، أو يا كلب، أو يا خنزير، أو يا فاسق، أو يا فاجر، و أمثال ذلك ممّا يتضمّن استخفافا أو إهانة. . .
13-عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: سباب المؤمن فسوق، و قتاله كفر، و أكل لحمه معصية، و حرمة ماله كحرمة دمه. (3)
14-عن أبي الحسن موسى عليه السّلام في رجلين يتسابّان قال: البادي منهما أظلم، و وزره و وزر صاحبه عليه، ما لم يعتذر إلى المظلوم. (4)
بيان:
في المرآة، «ما لم يعتذر إلى المظلوم» : يدلّ على أنّه إذا اعتذر إلى صاحبه و عفى عنه
ص:314
سقط عنه الوزر بالأصالة و بالسببيّة و التعزير أو الحدّ أيضا. . .
أقول: روى رحمه اللّه في باب السفة ح 3 مثله، و لكن فيه: «ما لم يتعدّ المظلوم» لا حظ بيانه في المرآة ج 10 ص 264 أيضا.
15-عن الثمالي قال سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول: إنّ اللعنة إذا خرجت من فيّ صاحبها تردّدت بينهما فإن وجدت مساغا و إلاّ رجعت على صاحبها. (1)
16-عن جعفر بن محمّد عن آبائه عليهم السّلام في وصيّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لعليّ عليه السّلام قال: يا عليّ، أفضل الجهاد من أصبح لا يهمّ بظلم أحد.
يا عليّ، من خاف الناس لسانه فهو من أهل النار.
يا عليّ، شرّ الناس من أكرمه الناس اتّقاء فحشه و شرّه.
يا عليّ، شرّ الناس من باع آخرته بدنياه و شرّ منه من باع آخرته بدنيا غيره. (2)
17-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من سبّ مؤمنا أو مؤمنة بما ليس فيهما، بعثه اللّه في طينة الخبال، حتّى يأتي بالمخرج [ممّا قال] . (3)
18-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: من طعن في مؤمن بشطر كلمة حرّم اللّه عليه ريح الجنّة، و إنّ ريحها ليوجد من مسيرة خمسمأة عام. (4)
19-في مواعظ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: أبعدكم بي شبها البخيل البذيّ الفاحش. (5)
20-عن أمير المؤمنين عليه السّلام-و قد سمع قوما من أصحابه يسبّون أهل الشام أيّام حربهم بصفّين-: إنّي أكره لكم أن تكونوا سبّابين، و لكنّكم لو وصفتم أعمالهم،
ص:315
و ذكرتم حالهم، كان أصوب في القول، و أبلغ في العذر. . . (1)
21-و في رواية أنّ رجلا سبّ رجلا في مجلس رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و هو ساكت لم يردّ عليه، ثمّ شرع بردّه و جوابه، فقام رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و قال: كان ملك يجيبه من قبلك، و لمّا أخذت أنت في جوابه، ذهب و جاء الشيطان، و لم أكن أجلس مجلسا فيه الشيطان. (2)
أقول:
قد مرّ في باب الحلم؛ سمع أمير المؤمنين عليه السّلام رجلا يشتم قنبرا و قد رام قنبر أن يردّ عليه، فناداه أمير المؤمنين عليه السّلام: مهلا يا قنبر، دع شاتمك مهانا، ترضى الرحمن و تسخط الشيطان، و تعاقب عدوّك. . .
22-عن جعفر بن محمّد عن أبيه عليهما السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: لا تسبّوا الرياح فإنّها مأمورة، و لا تسبّوا الجبال و لا الساعات و لا الأيّام و لا الليالي، فتأثموا و ترجع عليكم. (3)
23-عن الرضا عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من سبّ نبيّا من الأنبياء فاقتلوه، و من سبّ وصيّا فقد سبّ نبيّا. (4)
أقول:
الأخبار في ارتداد من سبّهم عليهم السّلام و لزوم قتله كثيرة.
24-عن جابر عن أبي جعفر الباقر عليه السّلام في قول اللّه عزّ و جلّ: وَ قُولُوا لِلنّاسِ حُسْناً قال: قولوا للناس أحسن ما تحبّون أن يقال لكم، فإنّ اللّه عزّ و جلّ يبغض اللعّان السبّاب الطعّان على المؤمنين، الفاحش المتفحّش السائل
ص:316
الملحف، و يحبّ الحييّ الحليم العفيف المتعفّف. (1)
25-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:
الفحش و التفحّش ليسا من الإسلام. (الغرر ج 1 ص 57 ف 1 ح 1545)
احذر فحش القول و الكذب، فإنّهما يزريان بالقائل. (ص 143 ف 4 ح 30)
أسفه السفهاء المتبجّح (2)بفحش الكلام. (ص 197 ف 8 ح 375)
إنّ الفحش و التفحّش ليسا من خلائق الإسلام. (ص 218 ف 9 ح 46)
سنّة اللئام قبح الكلام. (ص 432 ف 39 ح 2)
سخف (سوء ف ن) المنطق يزري بالبهاء و المروّة. (ص 437 ح 70)
سوء المنطق يزري بالقدر و يفسد الاخوّة. (ح 71)
من قلّ عقله ساء خطابه. (ج 2 ص 627 ف 77 ح 340)
من صحبه الحياء في قوله زايله الخناء في فعله. (ص 676 ح 1051)
ما [أ] فحش كريم قطّ. (ص 737 ف 79 ح 26)
ما أفحش حليم. (ص 743 ح 130)
ما تسابّ اثنان إلاّ غلب ألأمهما. (ص 744 ح 150)
ص:317
ص:318
1- اَلشَّيْطانُ يَعِدُكُمُ اَلْفَقْرَ وَ يَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشاءِ وَ اَللّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَ فَضْلاً وَ اَللّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ. (1)
2- لِلْفُقَراءِ اَلَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اَللّهِ لا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً فِي اَلْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ اَلْجاهِلُ أَغْنِياءَ مِنَ اَلتَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيماهُمْ لا يَسْئَلُونَ اَلنّاسَ إِلْحافاً وَ ما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اَللّهَ بِهِ عَلِيمٌ. (2)
3- إِنَّمَا اَلصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَ اَلْمَساكِينِ. . . (3)
4- وَ اِصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ اَلَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَ اَلْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَ لا تَعْدُ عَيْناكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ اَلْحَياةِ اَلدُّنْيا. . . (4)
5- . . . فَكُلُوا مِنْها وَ أَطْعِمُوا اَلْبائِسَ اَلْفَقِيرَ. (5)
ص:319
6- وَ أَنْكِحُوا اَلْأَيامى مِنْكُمْ وَ اَلصّالِحِينَ مِنْ عِبادِكُمْ وَ إِمائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَراءَ يُغْنِهِمُ اَللّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَ اَللّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ. (1)
7- . . . رَبِّ إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ. (2)
8- يا أَيُّهَا اَلنّاسُ أَنْتُمُ اَلْفُقَراءُ إِلَى اَللّهِ وَ اَللّهُ هُوَ اَلْغَنِيُّ اَلْحَمِيدُ. (3)
9- . . . وَ مَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّما يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَ اَللّهُ اَلْغَنِيُّ وَ أَنْتُمُ اَلْفُقَراءُ. . . (4)
10- وَ أَمّا إِذا مَا اِبْتَلاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهانَنِ. (5)
1-عن ابن أبي يعفور عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ فقراء المسلمين (المؤمنين ف ن) يتقلّبون في رياض الجنّة قبل أغنيائهم بأربعين خريفا، ثمّ قال: سأضرب لك مثل ذلك، إنّما مثل ذلك مثل سفينتين مرّ بهما على عاشر، فنظر في إحداهما فلم ير فيها شيئا، فقال: أسربوها، و نظر في الاخرى فإذا هي موقورة فقال: احبسوها. (6)
بيان:
قال في النهاية ج 2 ص 24: فيه «فقراء أمّتي يدخلون الجنّة قبل أغنيائهم بأربعين خريفا» «الخريف» : الزمان المعروف من فصول السنة ما بين الصيف و الشتاء، و يريد به أربعين سنة، لأنّ الخريف لا يكون في السنة إلاّ مرّة واحدة، فإذا انقضى
ص:320
أربعون خريفا فقد مضت أربعون سنة.
أقول: في رواية معاني الأخبار: الخريف سبعون سنة. و في بعض الروايات: أنّه ألف عام، و العالم ألف سنة. و لعلّ في تمثيل الإمام عليه السّلام أشارة إلى أنّ علّة تأخّر الأغنياء عن الفقراء بهذه المدّة الطويلة، هو الوقوف عند الميزان حتّى يخرجوا عن عهدة الحساب و السؤال عن مكسب المال و مخرجه، و إن كان من وجه الحلال.
«العاشر» و العشّار من يأخذ العشر على الطريق «أسربوها» أي أرسلوها و خلّوها تذهب «موقورة» في القاموس: الوقر بالكسر: الحمل الثقيل أو أعمّ.
«الفقر» ضدّ الغنى و الفقير ج فقراء: المحتاج.
أقول: الأخبار الواردة في الفقر مختلفة غايتها و لكن ليست بمتعارضة حيث كلّ منها يشير إلى معنى من معاني الفقر، و أمّا المعاني فها هي:
الأوّل: قد يراد بالفقر افتقار الناس في وجودهم إلى اللّه تعالى، و هو أمر تكوينيّ، و ذلك عامّ يشمل جميع الكون و ما فيها، فكلّ إنسان فقير إلى اللّه كما أنّ كلّ موجود يحتاج في وجوده و بقائه إليه تعالى و هو المراد في قوله تعالى: يا أَيُّهَا اَلنّاسُ أَنْتُمُ اَلْفُقَراءُ إِلَى اَللّهِ.
الثاني: و تارة يراد به حالة في الإنسان يدرك و يعلم أنّه في كلّ اموره يحتاج إلى ربّه، و لا يصل شيء إليه و لا يرفع عنه بشيء إلاّ بعد تقديره و إرادته، حتّى الجرعة من الماء، و هذا المقام لا يحصل عليه إلاّ الكمّلين من المؤمنين و الأولياء، و هو ناشئ من إدراك الإنسان و شهوده حقيقة الاحتياج إليه تعالى في الوجود أي الفقر بالمعنى الأوّل و لعلّه المراد في قول النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: «الفقر فخري و به أفتخر» و به أشار صلّى اللّه عليه و آله بقوله: «اللهمّ أغنني بالافتقار إليك، و لا تفقرني بالاستغناء عنك» . و قوله تعالى حكاية عن موسى عليه السّلام: رَبِّ إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ.
الثالث: و اخرى يراد به احتياج الإنسان إلى بني نوعه و افتقار بعضهم إلى بعض،
ص:321
حيث إنّ الإنسان مدنيّ بالطبع و يحتاج في امور معاشه إلى آخرين، و بهذا المعنى ما مرّ عن أمير المؤمنين عليه السّلام في باب الطمع حيث يقول: «ليجتمع في قلبك الافتقار إلى الناس و الاستغناء عنهم» .
الرابع: و طورا يقصد به استعمال الزهد و ترك الترفّه و التنعّم، بمعنى أنّ المؤمن يكون قليل المؤنة و يكتفي من الدنيا بمقدار يحتاج و يضطرّ إليه، و لا يدّخر أكثر من قوته، تواضعا للّه تعالى و تعفّفا و استغناء عن الدنيا و ما فيها، كي يسلم من خطراتها و مهالكها، و هو المراد في كثير من الأخبار الواردة في فضل الفقر و الفقراء كما مرّ بعضها في باب الزهد، و هو أيضا مقام لا يناله إلاّ الأندر فالأندر من الأنبياء و الأولياء و المؤمنين الكاملين، إذ أكثر الناس راغبون في جمع المال و يحبّونه حبّا جمّا و إن كانوا فقراء، بحيث يهرعون إليه لو وجدوا إليه سبيلا و لو بشقّ الأنفس، و إنّما تركوا الدنيا لعجزهم منها.
الخامس: كما قد يراد به الفقر بالمعنى المصطلح أي فقد المال و عدم ما يحتاج إليه، و الفقر بهذا المعنى يتفاوت بتفاوت الأشخاص و تفاوت شؤونهم، فبالفقر ينال المؤمن الدرجات العالية و المثوبات الأخرويّة، إذ يصبر على ما آتاه اللّه و يتعفّف، كما أنّه في راحة من الحساب في الموقف و يدخل الجنّة قبل الأغنياء، كما أنّه يسلم من خطرات الدنيا و حبائل الشيطان و الطغيان و فوائد اخرى، سيمرّ عليك أخبارها.
و هو المراد في كثير من الأخبار الواردة في فضل الفقر و الفقراء، كقول النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: «الفقر خزانة من خزانن اللّه، أو كرامة من اللّه، أو شيء لا يعطيه إلاّ نبيّا مرسلا، أو مؤمنا كريما على اللّه تعالى» . و قول عليّ عليه السّلام: «من أحبّنا أهل البيت فليستعدّ للفقر جلبابا» و عن الصادق عليه السّلام: «كلّما ازداد إيمانا ازداد ضيقا في معيشته» . و غير ذلك.
و أمّا أكثر الناس فلا يصبرون على الفقر و لا يطيقونه و يوجب كفرهم لضعف يقينهم، كما ورد في الخبر «كاد الفقر أن يكون كفرا» و مشهور بين الناس «المعاش
ص:322
ثمّ المعاد» و هو المراد في كثير من الأخبار الواردة في ذمّ الفقر.
السادس: فقر النفس أي عدم غناء النفس و هو فقر مذموم، و مرّت الأخبار في باب الطمع و غيره، فبهذا المعنى قد يكون الغنيّ بالمال فقيرا و هكذا عكسه.
السابع: قد يعبّر في الأخبار عن بعض الأوصاف المذمومة بالفقر كالحرص و الطمع كقوله عليه السّلام: «الطمع فقر حاضر» كما يستفاد أنّ ضدّ هذه الأوصاف المذمومة يكون غنى كقوله عليه السّلام: «أغنى الغنى القناعة» لاحظ أبواب القناعة و الكفاف و الحرص و الطمع. . .
الثامن: الفقر الثقافيّ و هو عبارة عن الفقر في الدين، و فقد العقل و العلم، و هو مذموم، و الأخبار في ذلك كثيرة، مرّ بعضها في أبواب الدين، العقل، العلم و. . .
كقوله عليه السّلام: «لا غنى كالعقل و لا فقر كالجهل» و قوله عليه السّلام: «الفقر الموت الأحمر قال: أي الفقر من الدين» .
فتبيّن ممّا ذكر حلّ اختلاف الأخبار في باب الفقر.
2-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: المصائب منح من اللّه، و الفقر مخزون عند اللّه. (1)
بيان:
«المنحة» : جمع منح و هي العطيّة. «الفقر مخزون» : أي ثواب الفقر مخزون عند اللّه لا يعطيه إلاّ في الآخرة لعظمته، و إنّ الدنيا لا يصلح أن يكون عوضا عنه، أو الفقر عطيّة مخزونة عند اللّه عزيزة لا تعطيه إلاّ من خصّه بمزيد العناية، كما يأتي عن مولانا أمير المؤمنين و الصادق عليهما السّلام، و الفقير هنا من لا يجد إلاّ القوت من التعفّف.
3-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: يا عليّ، إنّ اللّه جعل الفقر أمانة عند خلقه، فمن ستره أعطاه اللّه مثل أجر الصائم القائم، و من أفشاه
ص:323
إلى من يقدر على قضاء حاجته فلم يفعل فقد قتله؛ أما إنّه ما قتله بسيف و لا رمح و لكنّه قتله بما نكى من قلبه. (1)
بيان:
في مجمع البحرين، نكيت في العدوّ نكاية من باب رمى: إذا أكثرت فيهم الجراح و القتل. . .
4-عن مفضّل عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: كلّما ازداد العبد إيمانا ازداد ضيقا في معيشته. (2)
5-و قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: لو لا إلحاح المؤمنين على اللّه في طلب الرزق لنقلهم من الحال التي هم فيها إلى حال أضيق منها. (3)
6-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ليس لمصاص شيعتنا في دولة الباطل إلاّ القوت، شرّقوا إن شئتم أو غرّبوا لن ترزقوا إلاّ القوت. (4)
بيان:
المصاص: خالص كلّ شيء.
7-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ما كان من ولد آدم مؤمن إلاّ فقيرا و لا كافر إلاّ غنيّا حتّى جاء إبراهيم عليه السّلام فقال: رَبَّنا لا تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا 5 فصيّر اللّه في هؤلاء أموالا و حاجة، و في هؤلاء أموالا و حاجة. (5)
8-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: جاء رجل موسر إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله نقيّ
ص:324
الثوب، فجلس إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، فجاء رجل معسر درن الثوب، فجلس إلى جنب الموسر، فقبض الموسر ثيابه من تحت فخذيه، فقال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أخفت أن يمسّك من فقره شيء؟ قال: لا، قال: فخفت أن يصيبه من غناك شيء؟ قال: لا، قال: فخفت أن يوسّخ ثيابك؟ قال: لا، قال: فما حملك على ما صنعت؟ فقال: يا رسول اللّه، إنّ لي قرينا يزيّن لي كلّ قبيح و يقبّح لي كلّ حسن، و قد جعلت له نصف مالي، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله للمعسر: أتقبل؟ قال: لا، فقال له الرجل: و لم؟ قال: أخاف أن يدخلني ما دخلك. (1)
بيان:
«إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله» قال الشيخ البهائي رحمه اللّه: "إلى"إمّا بمعنى مع، أو بمعنى عند.
«درن الثوب» صفة مشبّهة من الدرن و هو الوسخ «إنّ لي قرينا» أي إنّ لي شيطانا، أو المراد النفس الأمّارة أو الأعمّ منهما.
9-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: في مناجاة موسى عليه السّلام: يا موسى، إذا رأيت الفقر م