ینابیع الحکمه المجلد 4

اشارة

سرشناسه : اسماعیلی یزدی، عباس، 1332 -

عنوان و نام پديدآور : ینابیع الحکمه/ تالیف عباس الاسماعیلی الیزدی.

مشخصات نشر : قم: مسجد مقدس صاحب الزمان (جمکران)، 1378.

مشخصات ظاهری : 5 ج.

شابک : دوره: 964-6705-47-2 ؛ ج.1: 964-6705-42-1 ؛ ج.2: 964-6705-43-X ؛ ج. 3، چاپ چهارم: 964-6705-44-8 ؛ ج. 4: 964-6705-45-6 ؛ ج. 5: 964-6705-46-4

يادداشت : عربی.

يادداشت : چاپ قبلی: نشر مولود کعبه، 1417ق. = 1375.

يادداشت : ج. 1 - 5 (1427 ق.= 1385).

یادداشت : کتابنامه.

موضوع : قرآن -- فهرست مطالب

موضوع : احادیث شیعه -- فهرست مطالب

شناسه افزوده : مسجد جمکران (قم)

رده بندی کنگره : BP106/الف 5ی 9 1378

رده بندی دیویی : 297/22

شماره کتابشناسی ملی : م 78-25667

ص: 1

اشارة

ینابیع الحکمه

تالیف عباس الاسماعیلی الیزدی.

مسجد مقدس صاحب الزمان (جمکران)، 1378.

ص: 2

بسم الله الرحمن الرحیم

ص: 3

عن أبي بصير، عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ذات يوم و عنده جماعة من أصحابه:

اللهمّ لقّني إخواني-مرّتين-، فقال من حوله من أصحابه: أما نحن إخوانك يا رسول اللّه؟ فقال: لا، إنّكم أصحابي، و إخواني قوم في آخر الزمان آمنوا و لم يروني، لقد عرّفنيهم اللّه بأسمائهم و أسماء آبائهم من قبل أن يخرجهم من أصلاب آبائهم و أرحام أمّهاتهم، لأحدهم أشدّ بقيّة على دينه من خرط القتاد في الليلة الظلماء، أو كالقابض على جمر الغضا، أولئك مصابيح الدجى، ينجّيهم اللّه من كلّ فتنة غبراء مظلمة.

البحار ج 52 ص 123 باب فضل انتظار الفرج ح 8

ص: 4

بسم اللّه الرحمن الرحيم

الحمد للّه الواحد الأحد الذي لا شريك له، الفرد الصمد الذي لا شبيه له، الأوّل الذي لا غاية له، الآخر الباقي الذي لا نهاية له، و الصلاة و السّلام على سيّد الأنبياء و المرسلين محمّد صلّى اللّه عليه و آله و على عترته الطاهرين و الأئمّة المعصومين، و لا سيّما مولانا المهديّ صاحب العصر و الزمان، و إمام الإنس و الجانّ أبي القاسم حجّة بن الحسن العسكريّ عجّل اللّه تعالى فرجه الشريف و اللعن الدائم على أعدائهم أجمعين إلى يوم الدين.

اللهمّ صلّ على السيّد المجتبى و الإمام المرتجى، سبط المصطفى و ابن المرتضى، علم الهدى، الشفيع بن الشفيع، المقتول بالسمّ النقيع، العالم بالفرائض و السنن، صاحب الجود و المنن، كاشف الضرّ و المحن، الإمام بالحقّ المؤتمن، أبي محمّد الحسن صلوات اللّه و سلامه عليه.

ص :1

ص:2

حرف الضاد

121- الضحك و المزاح و الدعابة

الآية

قال اللّه تعالى: فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلاً وَ لْيَبْكُوا كَثِيراً جَزاءً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ. (1)

الأخبار

1-عن الفضل بن أبي قرّة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ما من مؤمن إلاّ و فيه دعابة، قلت: و ما الدعابة؟ قال: المزاح. (2)

بيان:

الأخبار في الباب مختلفة؛ في بعضها تمدح الدعابة و في بعضها يذمّ المزاح، و مقتضى الجمع بينها أنّ المؤمن قد يحتاج إلى الدعابة لأنّ المؤمن دائم الفكر، كثير الحزن، بشره في وجهه و حزنه في قلبه، بشرط أن لا يكون فيها إيذاء مؤمن و لا فساد آخر و لا يقول إلاّ حقّا، و لكن المزاح بلا علّة و كذا المزاح عن بعض الجهّال مذموم، حيث فيه إيذاء الناس و مفاسد اخر، كغيبة المؤمن و تحقيره و غير ذلك من المفاسد.

و لا يخفى أنّ ذكر الموت مانع من المزاح المذموم. في نهج البلاغة (ص 200 خ 83) :

ص:3


1- -التوبة:82
2- الكافي ج 2 ص 486 باب الدعابة و الضحك من كتاب العشرة ح 2

عجبا لابن النابغة! (يعني عمرو بن العاص) يزعم لأهل الشام أنّ فيّ دعابة، و أنّي امرؤ تلعابة، اعافس و امارس! لقد قال باطلا، و نطق آثما. . . أما و اللّه إنّي ليمنعني من اللعب ذكر الموت. . .

2-عن يونس الشيبانيّ قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: كيف مداعبة بعضكم بعضا؟ قلت: قليل قال: فلا تفعلوا، فإنّ المداعبة من حسن الخلق، و إنّك لتدخل بها السرور على أخيك، و لقد كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يداعب الرجل يريد أن يسرّه. (1)

بيان:

«فلا تفعلوا» : في مكارم الأخلاق ص 21؛ "هلاّ تفعلوا".

و لاحظ في المستدرك (ج 8 ص 407 ب 66 من العشرة) و غيره بعض مزاح النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، كجواب النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لقول عجوز من الأنصار: «ادع لي بالجنّة» : إنّ الجنّة لا يدخلها العجوز، فبكت المرءة، فضحك النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و قال: أما سمعت قول اللّه تبارك و تعالى: إِنّا أَنْشَأْناهُنَّ إِنْشاءً فَجَعَلْناهُنَّ أَبْكاراً.

3-عن عبد اللّه بن محمّد الجعفيّ قال: سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول: إنّ اللّه عزّ و جلّ يحبّ المداعب في الجماعة بلا رفث. (2)

بيان:

«الرفث» : الفحش من القول.

4-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إيّاكم و المزاح فإنّه يذهب بماء الوجه. (3)

5-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إذا أحببت رجلا فلا تمازحه و لا تماره. (4)

ص:4


1- -الكافي ج 2 ص 486 ح 3
2- الكافي ج 2 ص 486 ح 4
3- الكافي ج 2 ص 487 ح 8
4- الكافي ج 2 ص 487 ح 9

6-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: إيّاكم و المزاح فإنّه يجرّ السخيمة، و يورث الضغينة، و هو السبّ الأصغر. (1)

بيان:

«السخيمة» : الحقد في النفس «الضغينة» : هي الحقد و العداوة و البغضاء.

7-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إيّاكم و المزاح فإنّه يذهب بماء الوجه و مهابة الرجال. (2)

8-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: لا تمار فيذهب بهاؤك، و لا تمازح فيجترأ عليك. (3)

بيان:

«فيجترأ عليك» : و ذلك لسقوط هيبتك المانعة من ذلك.

9-قال أبو الحسن عليه السّلام في وصيّة له لبعض ولده-أو قال: قال أبي لبعض ولده-: إيّاك و المزاح فإنّه يذهب بنور إيمانك و يستخفّ بمروءتك. (4)

10-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ضحك المؤمن تبسّم. (5)

11-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: كثرة الضحك تميت القلب.

و قال: كثرة الضحك تميث الدين، كما يميث الماء الملح. (6)

بيان:

«تميث» : أي تذيب.

ص:5


1- -الكافي ج 2 ص 487 ح 12
2- الكافي ج 2 ص 487 ح 16
3- الكافي ج 2 ص 488 ح 17
4- الكافي ج 2 ص 488 ح 19
5- الكافي ج 2 ص 486 ح 5
6- الكافي ج 2 ص 486 ح 6

12-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ من الجهل الضحك من غير عجب، قال: و كان يقول: لا تبدينّ عن واضحة و قد عملت الأعمال الفاضحة، و لا يأمن البيات من عمل السيّئات. (1)

بيان:

في الصحاح، «الواضحة» : الأسنان التي تبدو عند الضحك. «البيات» : أي الحوادث التي جاءت بالليل بغتة من غير أن يعلم، و في النهاية ج 1 ص 170: و تبييت العدوّ: هو أن يقصد في الليل من غير أن يعلم فيؤخذ بغتة، و هو البيات.

13-عن الحلبيّ عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: القهقهة من الشيطان. (2)

14-عن عنبسة العابد قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: كثرة الضحك تذهب بماء الوجه. (3)

15-قال أبو جعفر عليه السّلام: إذا قهقهت فقل حين تفرغ: اللهمّ لا تمقتني. (4)

بيان:

في المصباح: مقته مقتا من باب قتل: أبغضه أشدّ البغض عن أمر قبيح.

أقول: سيأتي في وصف المتّقين: «إن ضحك لم يعل صوته» .

و قد مرّ في باب الزهد: «إنّ الزاهدين في الدنيا تبكي قلوبهم و إن ضحكوا، و يشتدّ حزنهم و إن فرحوا» .

16-في وصيّة أمير المؤمنين لابنه الحسن عليهما السّلام: إيّاك أن تذكر من الكلام ما يكون مضحكا و إن حكيت ذلك عن غيرك. (5)

ص:6


1- -الكافي ج 2 ص 486 ح 7
2- الكافي ج 2 ص 487 ح 10
3- الكافي ج 2 ص 487 ح 11
4- الكافي ج 2 ص 487 ح 13
5- نهج البلاغة ص 938 في ر 31

أقول:

مرّ في باب الصمت؛ قول النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لأبي ذرّ رحمه اللّه: ويل للذي يحدّث فيكذب ليضحك به القوم، ويل له، ويل له، ويل له.

17-و قال عليه السّلام: ما مزح امرء مزحة إلاّ مجّ من عقله مجّة. (1)

بيان:

مجّ الماء من فيه: رماه، و كأنّ المازح يرمي بعقله و يقذف به في مطارح الضياع.

18-عن الرضا عن أبيه موسى بن جعفر عن الصادق عليهم السّلام قال: كم ممّن كثر ضحكه لاعبا يكثر يوم القيامة بكاؤه، و كم ممّن كثر بكاؤه على ذنبه خائفا يكثر يوم القيامة في الجنّة سروره و ضحكه. (2)

19-في مواعظ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: المؤمن دعب لعب، و المنافق قطب غضب. (3)

بيان:

«الدعب» : اللاعب و الممازح. «القطب» : العبوس.

20-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ثلاث فيهنّ المقت من اللّه: نوم من غير سهر، و ضحك من غير عجب، و أكل على الشبع. (4)

21-عن أبي عبد اللّه عن آبائه عن عليّ عليهم السّلام قال: كان ضحك النبيّ صلّى اللّه عليه و آله التبسّم، فاجتاز ذات يوم بفتية من الأنصار، و إذا هم يتحدّثون و يضحكون ملء أفواههم، فقال: مه يا هؤلاء، من غرّه منكم أمله و قصّر به في الخير عمله فليطلع القبور، و ليعتبر بالنشور، و اذكروا الموت فإنّه هادم اللذّات. (5)

ص:7


1- -نهج البلاغة ص 1294 ح 442
2- العيون ج 2 ص 3 ب 30 ح 6
3- تحف العقول ص 41
4- الوسائل ج 12 ص 115 ب 82 من العشرة ح 3
5- الوسائل ج 12 ص 119 ب 83 ح 13

أقول:

في الحديث القدسيّ ص 2 السورة 1، قال اللّه: عجبت لمن أيقن بالموت كيف يفرح. . . و عجبت لمن أيقن بالقبر كيف يضحك.

22-عن جعفر بن محمّد عن أبيه عليهما السّلام، أنّ داود عليه السّلام قال لسليمان عليه السّلام: يا بنيّ، إيّاك و كثرة الضحك، فإنّ كثرة الضحك تترك الرجل فقيرا يوم القيامة. (1)

23-في وصيّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لأبي ذرّ رحمه اللّه: عجب لمن أيقن بالنار لم يضحك؟ و قال صلّى اللّه عليه و آله: إيّاك و كثرة الضحك فإنّه يميت القلب. (2)

24-عن سلمان رضي اللّه عنه قال: أعجبتني ثلاث و ثلاث أحزنتني، فأمّا اللواتي أعجبتني: فطالب الدنيا و الموت يطلبه، و غافل لا يغفل عنه، و ضاحك ملء فيه، و جهنّم وراء ظهره لم يأته ثقة ببراءته. (3)

25-قال الصادق عليه السّلام: كثرة المزاح تذهب بماء الوجه، و كثرة الضحك تمحو الإيمان محوا. (4)

26-عن جعفر بن محمّد عن أبيه عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: الضحك هلاك. (5)

أقول:

قد مرّ في باب البكاء ف 1 عن أبي الحسن الأوّل: «كان يحيى بن زكريّا عليه السّلام يبكي و لا يضحك، و كان عيسى بن مريم عليه السّلام يضحك و يبكي، و كان الذي يصنع عيسى عليه السّلام أفضل من الذي كان يصنع يحيى عليه السّلام» .

ص:8


1- -الوسائل ج 12 ص 119 ح 15
2- البحار ج 76 ص 59 باب الدعابة و المزاح ح 6
3- البحار ج 76 ص 59 ح 9
4- البحار ج 76 ص 60 ح 15
5- البحار ج 76 ص 61 ح 18

27-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

الإفراط في المزح خرق. (الغرر ج 1 ص 40 ف 1 ح 1228)

المزاح فرقة تتبعها ضغينة. (ص 70 ح 1793)

الكامل من غلب جدّه هزله. (ص 106 ح 2221)

أعقل الناس من غلب جدّه هزله و استظهر على هواه بعقله.

(ص 212 ف 8 ح 531)

آفة الهيبة المزاح. (ص 307 ف 16 ح 29)

خير الضحك التبسّم. (ص 388 ف 29 ح 18)

في السفه و كثرة المزاح الخرق. (ج 2 ص 515 ف 58 ح 82)

غلبة الهزل تبطل عزيمة الجدّ. (ص 508 ف 57 ح 36)

كفى بالمرء جهلا أن يضحك من غير عجب. (ص 558 ف 65 ح 44)

كثرة ضحك الرجل يفسد (تفسد) وقاره. (ص 562 ف 66 ح 18)

كثرة المزاح يسقط (تسقط) الهيبة. (ح 20)

كثرة الضحك يوحش (توحش) الجليس و يشين (تشين) الرئيس.

(ص 563 ح 33)

كثرة المزاح يذهب (تذهب) البهاء و يوجب (توجب) الشحناء. (ح 43)

كثرة الهزل آية الجهل. (ص 564 ح 45)

لكلّ شيء بذر، و بذر العداوة المزاح. (ص 580 ف 70 ح 52)

من مزح استخفّ به. (ص 621 ف 77 ح 219)

من كثر صحكه قلّت هيبته. (ح 225)

من كثر مزاحه استجهل. (ص 622 ح 239)

من كثر ضحكه مات قلبه. (ص 625 ح 302)

من كثر مزاحه استحمق. (ح 305)

ص:9

من كثر هزله استجهل-من كثر ضحكه استرذل. (ص 627 ح 326 و 327)

من كثر مزاحه قلّت هيبته. (ص 634 ح 440)

من كثر باطله لم يتّبع حقّه. (ص 636 ح 480)

من كثر هزله بطل جدّه. (ص 650 ح 697)

من غلب عليه الهزل قلّ عقله. (ص 655 ح 770)

من كثر مزحه قلّ وقاره. (ح 773)

من قلّ عقله كثر هزله. (ص 663 ح 891)

من كثر مزاحه لم يخل من حاقد عليه و مستخفّ به. (ص 696 ح 1268)

من كثر كلامه كثر لغطه و من كثر هزله كثر سخفه. (ص 700 ح 1303)

لا تمازح الشريف فيحقد عليك-لا تلاح الدنيّ فيجتري عليك.

(ص 803 ف 85 ح 71 و 72)

لا تمازحنّ صديقا فيعاديك و لا عدوّا فيؤذيك. (ص 826 ح 258)

لا تكثرنّ الضحك فتذهب هيبتك، و لا المزاح فيستخفّ بك. (ح 259)

ص:10

122- باب في الضيافة

الأخبار

1-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ من الحقوق الواجبات للمسلم (للمؤمن م) أن يجيب (أن تجاب م) دعوته. (1)

2-عن جابر عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أوصي الشاهد من أمّتي و الغائب؛ أن يجيب دعوة المسلم و لو على خمسة أميال، فإنّ ذلك من الدين. (2)

3-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: هلك بالمرء المسلم أن يستقلّ ما عنده للضيف. (3)

4-عن عبد اللّه بن سنان قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: هلك لامرء احتقر لأخيه ما قدّم له، و هلك لامرء احتقر لأخيه ما قدّم إليه. (4)

5-عن هشام بن سالم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إذا أتاك أخوك فأته

ص:11


1- -الوسائل ج 24 ص 270 ب 16 من آداب المائدة ح 4
2- الوسائل ج 24 ص 269 ح 2
3- الوسائل ج 24 ص 276 ب 21 ح 1
4- الوسائل ج 24 ص 276 ح 2

بما عندك، و إذا دعوته فتكلّف له. (1)

6-عن الرضا عن آبائه عن عليّ عليهم السّلام أنّه دعاه رجل، فقال له عليّ عليه السّلام: على أن تضمن لي ثلاث خصال: لا تدخل علينا شيئا من خارج (البيت) ، و لا تدّخر عنّا شيئا في البيت، و لا تجحف بالعيال؛ قال: ذلك لك، فأجابه عليّ عليه السّلام إلى ذلك. (2)

7-عن جعفر عن أبيه عن آبائه عليهم السّلام أنّ رجلا أتى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فقال: إنّي أحسن الوضوء، و اقيم الصلاة، و اوتي الزكاة في وقتها، و أقرىء الضيف طيّبة بها نفسي، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ما لجهنّم عليك سبيل، إنّ اللّه قد برأك من الشحّ إن كنت كذلك، ثمّ نهى عن التكلّف للضيف بما لا يقدر عليه إلاّ بمشقّة، و ما من ضيف نزل بقوم إلاّ و رزقه معه. (3)

بيان:

قرى الضيف: أضافه و أحسن إليه.

8-عن الفضيل بن يسار عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إذا دخل الرجل بلدة فهو ضيف على من بها من إخوانه و أهل دينه، حتّى يرحل عنهم. (4)

9-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: الضيف يلطف ليلتين، فإذا كان الليلة الثالثة فهو من أهل البيت يأكل ما أدرك. (5)

10-عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

ص:12


1- -الوسائل ج 24 ص 278 ب 22 ح 2
2- الوسائل ج 24 ص 278 ح 3
3- الوسائل ج 24 ص 280 ب 23 ح 2
4- الوسائل ج 24 ص 313 ب 35 ح 1
5- الوسائل ج 24 ص 313 ب 36 ح 1

الضيافة أوّل يوم (حقّ) ، و الثاني و الثالث، و ما كان بعد ذلك فهو (فإنّها م) صدقة تصدّق بها عليه. قال: ثمّ قال صلّى اللّه عليه و آله: لا ينزلنّ أحدكم على أخيه حتّى يوثمه [معه، قيل] : يا رسول اللّه، كيف يوثمه؟ قال: حتّى لا يكون عنده ما ينفق عليه. (1)

بيان:

«يوثمه» : أي يوقعه في التعب و المشقّة و التكلّف في الإنفاق، يقال: و ثم الشيء: كسره و دقّه، و قد يقرء"يؤثمه"من الإثم فيكون تفسيرا باللازم و المعنى: فيوقعه في الإثم.

11-عن ابن أبي يعفور قال: رأيت لأبي عبد اللّه عليه السّلام ضيفا، فقام يوما في بعض الحوائج، فنهاه عن ذلك، و قام بنفسه إلى تلك الحاجة، و قال: نهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أن يستخدم الضيف. (2)

12-نزل بأبي الحسن الرضا عليه السّلام ضيف، و كان جالسا عنده يحدّثه في بعض الليل، فتغيّر السراج، فمدّ الرجل يده إليه ليصلحه، فزبره أبو الحسن عليه السّلام ثمّ بادره بنفسه فأصلحه، ثمّ قال: إنّا قوم لا نستخدم أضيافنا. (3)

بيان:

يقال: زبره عن الأمر: منعه و نهاه عنه.

13-قال أبو جعفر عليه السّلام: من التضعيف ترك المكافاة، و من الجفاء استخدام الضيف، فإذا نزل بكم الضيف فأعينوه، و إذا ارتحل فلا تعينوه، فإنّه من النذالة، و زوّدوه و طيّبوا زاده، فإنّه من السخاء. (4)

بيان:

في المرآة ج 22 ص 93: «من التضعيف» : أي من أسباب أن يعدّه الناس ضعيفا،

ص:13


1- -الوسائل ج 24 ص 314 ح 2
2- الوسائل ج 24 ص 315 ب 37 ح 1
3- الوسائل ج 24 ص 316 ح 3
4- الوسائل ج 24 ص 316 ب 38

أو عدّه صاحب الإحسان ضعيفا أو جعل نفسه ضعيفا. و قال الفيروزآبادي: ضعّفه تضعيفا: عدّه ضعيفا.

14-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّ الضيف إذا جاء فنزل بالقوم جاء برزقه معه من السماء، فإذا أكل غفر اللّه لهم بنزوله عليهم. (1)

15-عن جميل وزرارة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ممّا علّم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فاطمة عليها السّلام أن قال (لها) : من كان يؤمن باللّه و اليوم الآخر فليكرم ضيفه. (2)

أقول:

ح 2 مثله، إلاّ و فيه: «ممّا علّم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عليّا عليه السّلام. . .» .

16-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إذا أكل مع القوم طعاما، كان أوّل من يضع يده، و آخر من يرفعها؛ ليأكل القوم. (3)

أقول:

في ح 3: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إذا أتاه الضيف أكل معه، و لم يرفع يده من الخوان حتّى يرفع الضيف.

17-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: من كان يؤمن باللّه و اليوم الآخر فليكرم ضيفه، و الضيافة ثلاثة أيّام و لياليهنّ، فما فوق ذلك فهو صدقة و جايزة يوما و ليلة، و لا ينبغي للضيف إذا نزل بقوم أن يملّهم و يملّونه فيخرجهم أو يخرجوه. (4)

18-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: ما من مؤمن يسمع بهمس الضيف و فرح بذلك إلاّ غفرت له خطاياه، و إن كانت مطبقة ما بين السماء و الأرض.

ص:14


1- -الوسائل ج 24 ص 317 ب 39 ح 2
2- الوسائل ج 24 ص 318 ب 40 ح 1
3- الوسائل ج 24 ص 320 ب 41 ح 1 و 4
4- جامع الأخبار ص 136 ف 94

و عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال: الضيف دليل الجنّة. (1)

بيان:

«الهمس» : الصوت الخفيّ.

19-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: ما من مؤمن يحبّ الضيف إلاّ و يقوم من قبره و وجهه كالقمر ليلة البدر، فينظر أهل الجمع فيقولون: ما هذا إلاّ نبيّ مرسل، فيقول ملك: هذا مؤمن يحبّ الضيف و يكرم الضيف، و لا سبيل له إلاّ أن يدخل الجنّة. (2)

20-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: إذا أراد اللّه بقوم خيرا أهدي إليهم هديّة، قالوا: و ما تلك الهديّة؟ قال: الضيف ينزل برزقه و يرتحل بذنوب أهل البيت. (3)

21-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: ليلة الضيف حقّ واجب على كلّ مسلم و من أصبح إن شاء أخذه و إن شاء تركه، و كلّ بيت لا يدخل فيه الضيف لا تدخله الملائكة. (4)

22-رئي أمير المؤمنين عليه السّلام حزينا فقيل له: ممّ حزنك؟ قال: لسبع أتت لم يضف إلينا ضيف. (5)

23-عن عليّ عليه السّلام قال: كان إبراهيم عليه السّلام أوّل من أضاف الضيف و أوّل من شاب.

و كان عليه السّلام مضيافا و أبا أضياف فكان إذا لم يكونوا عنده خرج يطلبهم. (6)

ص:15


1- -جامع الأخبار ص 136
2- جامع الأخبار ص 136
3- جامع الأخبار ص 136
4- جامع الأخبار ص 136
5- سفينة البحار ج 2 ص 76( ضيف)
6- سفينة البحار ج 2 ص 76

بيان:

«المضياف» : الكثير الضيوف و الأضياف جمع الضيف.

24-. . . قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: لا خير فيمن لا يقري الضيف. (1)

25-في الغرر عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال: البشاشة أحد القراءين.

و قال عليه السّلام: فعل المعروف، و إغاثة الملهوف، و إقراء الضيوف، آلة السيادة.

و قال عليه السّلام: من أفضل المكارم تحمّل المغارم، و إقراء الضيوف. (2)

26-في وصيّة عليّ عليه السّلام عند وفاته: . . . و اللّه اللّه في الضيف، لا ينصرفنّ إلاّ شاكرا لكم. . . (3)

27-عن الرضا عن آبائه عن أمير المؤمنين عليهم السّلام أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال: من حقّ الضيف أن تمشي معه فتخرجه من حريمك إلى الباب. (4)

28-عن الصادق عن أبيه عليهما السّلام قال: إذا دخل أحدكم على أخيه في رحله فليقعد حيث يأمر صاحب الرحل، فإنّ صاحب الرحل أعرف بعورة بيته من الداخل عليه. (5)

بيان:

«الرحل» : المنزل و المأوى.

29-عن جعفر بن محمّد عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أضف بطعامك و شرابك من تحبّه في اللّه تعالى. (6)

ص:16


1- -المستدرك ج 16 ص 242 ب 20 من آداب المائدة ح 4
2- المستدرك ج 16 ص 242 ح 5
3- المستدرك ج 16 ص 260 ب 34 ح 4
4- البحار ج 75 ص 451 باب آداب الضيف ح 1
5- البحار ج 75 ص 451 ح 2
6- البحار ج 75 ص 461 باب فضل إقراء الضيف ح 15

30-عن جعفر بن محمّد عن أبيه عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: الضيف يأتي القوم برزقه، فإذا ارتحل ارتحل بجميع ذنوبهم. (1)

أقول:

سيأتي ما يناسب المقام في باب الطعام.

ص:17


1- -البحار ج 75 ص 461 ح 17

ص:18

حرف الطاء

123- الطعام و الإطعام

الآيات

1- وَ لا يَحُضُّ عَلى طَعامِ اَلْمِسْكِينِ. (1)

2- وَ لَمْ نَكُ نُطْعِمُ اَلْمِسْكِينَ. (2)

3- وَ يُطْعِمُونَ اَلطَّعامَ عَلى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَ يَتِيماً وَ أَسِيراً - إِنَّما نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اَللّهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزاءً وَ لا شُكُوراً. (3)

4- فَلْيَنْظُرِ اَلْإِنْسانُ إِلى طَعامِهِ. (4)

5- وَ لا تَحَاضُّونَ عَلى طَعامِ اَلْمِسْكِينِ. (5)

6- أَوْ إِطْعامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ- يَتِيماً ذا مَقْرَبَةٍ- أَوْ مِسْكِيناً ذا مَتْرَبَةٍ. (6)

7- فَذلِكَ اَلَّذِي يَدُعُّ اَلْيَتِيمَ- وَ لا يَحُضُّ عَلى طَعامِ اَلْمِسْكِينِ. (7)

ص:19


1- -الحاقّة:34
2- المدّثّر:44
3- الدهر:8 و 9
4- عبس:24
5- الفجر:18
6- البلد:14 إلى 16
7- الماعون:2 و 3

الأخبار

1-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من أطعم مؤمنا حتّى يشبعه لم يدر أحد من خلق اللّه ما له من الأجر في الآخرة، لا ملك مقّرب و لا نبيّ مرسل إلاّ اللّه ربّ العالمين، ثمّ قال: من موجبات المغفرة إطعام المسلم السغبان، ثمّ تلا قول اللّه عزّ و جلّ: أَوْ إِطْعامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ- يَتِيماً ذا مَقْرَبَةٍ- أَوْ مِسْكِيناً ذا مَتْرَبَةٍ. (1)

بيان:

«السغبان» : الجائع، المسغبة و المقربة و المتربة مصادر على وزن مفعلة من سغب إذا جاع و قرب أي قرب في النسب و ترب إذا افتقر و التصق بالتراب، و وصف اليوم بذي مسغبة مجازا باعتبار صاحبه مثل نهاره صائم.

2-عن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من أطعم ثلاثة نفر من المسلمين أطعمه اللّه من ثلاث جنان في ملكوت السموات: الفردوس و جنّة عدن و طوبى، و شجرة تخرج من جنّة عدن، غرسها ربّنا بيده. (2)

3-عن عبيد اللّه الوصّافيّ عن أبي جعفر عليه السّلام قال: لأن اطعم رجلا مسلما أحبّ إليّ من أن اعتق افقا من الناس، قلت: و كم الافق؟ فقال: عشرة آلاف. (3)

4-عن ربعيّ قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من أطعم أخاه في اللّه كان له من الأجر مثل من أطعم فئاما من الناس، قلت: و ما الفئام من الناس؟ قال: مائة ألف من الناس. (4)

ص:20


1- -الكافي ج 2 ص 161 باب إطعام المؤمن ح 6
2- الكافي ج 2 ص 160 ح 3
3- الكافي ج 2 ص 162 ح 10
4- الكافي ج 2 ص 162 ح 11

بيان:

«الفئام» : الجماعة الكثيرة من الناس.

5-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من أطعم مؤمنا موسرا كان له يعدل رقبة من ولد إسماعيل ينقذه من الذبح، و من أطعم مؤمنا محتاجا كان له يعدل مائة رقبة من ولد إسماعيل ينقذها من الذبح. (1)

6-عن زيد الشحّام عن أبي جعفر عليه السّلام في قول اللّه عزّ و جلّ: فَلْيَنْظُرِ اَلْإِنْسانُ إِلى طَعامِهِ قال: قلت: ما طعامه؟ قال: علمه الذي يأخذه، عمّن يأخذه. (2)

7-عن هشام بن سالم قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول لرجل كان يأكل: أما علمت أنّه يعرف حبّ الرجل أخاه بكثرة أكله عنده؟ (3)

8-عنه قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: يعرف حبّ الرجل بأكله من طعام أخيه. (4)

9-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من الإيمان حسن الخلق، و إطعام الطعام. (5)

10-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: خيركم من أطعم الطعام، و أفشى السّلام، و صلّى و الناس نيام. (6)

أقول:

قد مرّ بهذا المعنى في باب الصلاة ف 2.

ص:21


1- -الكافي ج 2 ص 163 ح 19
2- الكافي ج 1 ص 39 باب نوادر العلم ح 8
3- الوسائل ج 24 ص 286 ب 25 من آداب المائدة ح 7
4- الوسائل ج 24 ص 286 ح 8
5- الوسائل ج 24 ص 287 ب 26 ح 2
6- الوسائل ج 24 ص 288 ح 6

11-إنّ رجلا قال: يا رسول اللّه، أيّ الأعمال أفضل؟ فقال صلّى اللّه عليه و آله: إطعام الطعام و إطياب الكلام. (1)

12-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: الرزق أسرع إلى من يطعم الطعام من السكّين في السنام. (2)

بيان:

«السنام» : يقال بالفارسيّة: كوهان شتر

أقول: بهذا المعنى أخبار كثيرة، في بعضها: «الخير أسرع إليه» .

13-عن سدير عن أبي جعفر عليه السّلام قال: تعتق كلّ يوم نسمة؟ قلت: لا، قال: كلّ شهر؟ قلت: لا، قال: كلّ سنة؟ قلت: لا، قال: سبحان اللّه! أما تأخذ بيد واحد من شيعتنا، فتدخله إلى بيتك، فتطعمه شبعه، فو اللّه لذلك أفضل من عتق رقبة من ولد إسماعيل. (3)

أقول:

ح 28 مثله، و زاد: «قلت: موسر أو معسر؟ فقال: إنّ الموسر قد يشتهي الطعام» .

بيان: «النسمة» : أي الإنسان و تطلق على المملوك، ذكرا كان أو انثى.

14-عن الصادق عن آبائه عليهم السّلام في وصيّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لعليّ عليه السّلام قال: يا عليّ، لا وليمة إلاّ في خمس: في عرس أو خرس أو عذار، أو وكار، أو ركاز.

فالعرس التزويج، و الخرس النفاس بالولد، و العذار الختان، و الوكار في بناء الدار و شرائها، و الركاز الرجل يقدم من مكّة. (4)

ص:22


1- -الوسائل ج 24 ص 289 ح 9
2- الوسائل ج 24 ص 291 ح 18
3- الوسائل ج 24 ص 293 ح 27
4- الوسائل ج 24 ص 311 ب 33 ح 5

بيان:

«و الركاز. . .» : في ح 2 بدلها؛ "و الإياب"، و هو الرجل يدعو إخوانه إذا آب من غيبته.

15-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: و من أطعم طعاما رياء و سمعة أطعمه اللّه مثله من صديد جهنّم، و جعل ذلك الطعام نارا في بطنه، حتّى يقضي بين الناس. (1)

بيان:

«الصديد» قيل: القيح المختلط بالدم.

16-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: مالي أرى الناس إذا قرّب إليهم الطعام ليلا تكلّفوا إنارة المصابيح، ليبصروا ما يدخلون بطونهم و لا يهتمّون بغذاء النفس بأن ينيروا مصابيح ألبابهم بالعلم، ليسلموا من لواحق الجهالة و الذنوب في اعتقاداتهم و أعمالهم. (2)

17-قال الحسن بن عليّ عليهما السّلام: عجب لمن يتفكّر في مأكوله كيف لا يتفكّر في معقوله؟ ! فيجنّب بطنه ما يؤذيه، و يودع صدره ما يرديه. (3)

18-عن الصادق عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: عجبت لمن يحتمي من الطعام مخافة الداء، كيف لا يحتمي من الذنوب مخافة النار! (4)

19-في كلم أمير المؤمنين عليه السّلام: عجبت لأقوام يحتمون الطعام مخافة الأذى، كيف لا يحتمون الذنوب مخافة النار. . . (5)

ص:23


1- -الوسائل ج 24 ص 312 ب 34
2- سفينة البحار ج 2 ص 84( طعم)
3- سفينة البحار ج 2 ص 84
4- البحار ج 73 ص 347 باب الذنوب ح 34-و مثله في البحار ج 62 ص 269 عن الباقر عليه السّلام
5- البحار ج 78 ص 41

20-عن جعفر عن أبيه عليهما السّلام قال: قال رجل لعليّ بن الحسين عليهما السّلام: ما أشدّ بغض قريش لأبيك؟ قال: لأنّه أورد أوّلهم النار و ألزم آخرهم العار، قال: ثمّ جرى ذكر المعاصي فقال: عجبت لمن يحتمي عن الطعام لمضرّته و لا يحتمي من الذنب لمعرّته. (1)

بيان:

«المعرّة» : الإثم و المساءة و الأذى، الجناية، العيب، الأمر القبيح.

21-في وصايا النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لعليّ عليه السّلام: يا عليّ، ثمانية إن اهينوا فلا يلوموا إلاّ أنفسهم: الذاهب إلى مائدة لم يدع إليها، و المتأمّر على ربّ البيت، و طالب الخير من أعدائه، و طالب الفضل من اللئام، و الداخل بين اثنين في سرّ لم يدخلاه فيه، و المستخفّ بالسلطان، و الجالس في مجلس ليس له بأهل، و المقبل بالحديث على من لا يسمع منه. (2)

22-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّما ابتلي يعقوب بيوسف أنّه ذبح كبشا سمينا و رجل من أصحابه يدعى بيوم محتاج لم يجد ما يفطر عليه، فأغفله و لم يطعمه فابتلى بيوسف، و كان بعد ذلك كلّ صباح مناديه ينادي: من لم يكن صائما فليشهد غداء يعقوب، فإذا كان المساء نادى: من كان صائما فليشهد عشاء يعقوب. (3)

23-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: قال اللّه عزّ و جلّ: يابن آدم، مرضت فلم تعدني، قال: يا ربّ، كيف أعودك و أنت ربّ العالمين؟ قال: مرض فلان عبدي فلو عدته لوجدتني عنده، و استسقيتك فلم تسقني؟ فقال: كيف و أنت ربّ العالمين؟ قال: استسقاك عبدي و لو سقيته لوجدت ذلك عندي، و استطعمتك فلم تطعمني؟ قال:

ص:24


1- -البحار ج 78 ص 158 في مواعظ عليّ بن الحسين عليه السّلام
2- البحار ج 75 ص 444 باب من مشى إلى طعام لم يدع إليه ح 1
3- البحار ج 74 ص 367 باب إطعام المؤمن ح 54

كيف و أنت ربّ العالمين؟ قال: استطعمك عبدي فلان و لو أطعمته لوجدت ذلك عندي. (1)

24-عن جعفر بن محمّد عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّ أهون أهل النار عذابا ابن جذعان، فقيل: يا رسول اللّه، و ما بال ابن جذعان أهون أهل النار عذابا؟ قال: إنّه كان يطعم الطعام. (2)

25-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: من أطعم أخاه حلاوة أذهب اللّه عنه مرارة الموت.

و قال أمير المؤمنين عليه السّلام: قوت الأجساد الطعام، و قوت الأرواح الإطعام. (3)

26-في وصيّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لأبي ذرّ رحمه اللّه قال: يا أبا ذرّ، لا تصاحب إلاّ مؤمنا، و لا يأكل طعامك إلاّ تقيّ و لا تأكل طعام الفاسقين.

يا أبا ذرّ، أطعم طعامك من تحبّه في اللّه، و كل طعام من يحبّك في اللّه عزّ و جلّ. (4)

27-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: أتى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بأسارى، فقدّم منهم رجلا ليضرب عنقه، فقال له جبرئيل: يا محمّد، ربّك يقرئك السّلام و يقول: إنّ أسيرك هذا يطعم الطعام، و يقري الضيف، و يصبر على النائبة، و يحتمل الحمالات، فقال له النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: إنّ جبرئيل أخبرني عنك عن اللّه بكذا و كذا و قد أعتقتك، فقال له: و إنّ ربّك ليحبّ هذا؟ فقال: نعم، فقال: أشهد أن لا إله إلاّ اللّه و أنّك رسول اللّه، و الذي بعثك بالحقّ لا رددت عن مالي أحدا أبدا. (5)

ص:25


1- -البحار ج 74 ص 368 ح 56
2- البحار ج 74 ص 368 ح 57
3- البحار ج 75 ص 456 باب آداب الضيف ح 33
4- البحار ج 77 ص 86
5- المحاسن ص 388 ب 1 من المآكل ح 14

28-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

الطعام يؤكل على ثلاثة أضرب: مع الإخوان بالسرور، و مع الفقراء بالإيثار و مع أبناء الدنيا بالمروّة. (الغرر ج 1 ص 98 ف 1 ح 2133)

لذّة الكرام في الإطعام و لذّة اللئام في الطعام. (ج 2 ص 610 ف 76 ح 29)

من غرس في نفسه محبّة أنواع الطعام جنى ثمار فنون الأسقام.

(ص 722 ف 77 ح 1517)

ما أكلته راح و ما أطعمته فاح. (ص 747 ف 79 ح 182)

أقول:

قد مرّ ما يناسب المقام في أبواب الإيمان، الأكل، الحرام، الذنب، و السخاء.

و مرّ أنّ أوّل ما عصى اللّه تعالى لستّ: منها حبّ الطعام.

و مرّ في باب السخاء عن الرضا عليه السّلام: السخيّ يأكل من طعام الناس ليأكلوا من طعامه، و البخيل لا يأكل من طعام الناس لئلاّ يأكلوا من طعامه.

ص:26

124- ذمّ الطمع و مدح غنى النفس و الاستغناء عن الناس

الأخبار

1-عن سعدان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قلت له: ما الذي يثبت الإيمان في العبد؟ قال: الورع، و الذي يخرجه منه؟ قال: الطمع. (1)

بيان:

في المفردات، «الطمع» : نزوع النفس إلى الشىء شهوة له. . . و لمّا كان أكثر الطمع من أجل الهوى قيل: الطمع طبع و الطمع يدنّس الإهاب.

و في المقائيس: (طمع) أصل واحد صحيح يدلّ على رجاء في القلب قويّ للشيء.

و في جامع السعادات ج 2 ص 109، الطمع: هو التوقّع من الناس في أموالهم، و هو أيضا من شعب حبّ الدنيا و من أنواعه، و من الرذائل المهلكة. . .

و الأخبار في ذمّ الطمع كثيرة، و كفى به ذمّا أنّ كلّ طامع يكون ذليلا مهينا عند الناس، و أنّ وثوقه بالناس و اعتماده عليهم أكثر من وثوقه باللّه، إذ لو كان اعتماده على اللّه أكثر من أعتماده على الناس لم يكن نظره إليهم، بل لم يطمع من أحد شيئا

ص:27


1- -الكافي ج 2 ص 242 باب الطمع ح 4

إلاّ من اللّه سبحانه.

2-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ما أقبح بالمؤمن أن تكون له رغبة تذلّه. (1)

3-قال أبو جعفر عليه السّلام: بئس العبد عبد له طمع يقوده، و بئس العبد عبد له رغبة تذلّه. (2)

بيان:

في المرآة ج 10 ص 258: لعلّ المراد بالطمع ما في القلب من حبّ ما في أيدي الناس و أمله، و بالرغبة إظهار ذلك، و السؤال و الطلب من المخلوق يناسب الأوّل، كما أنّ الذلّة تناسب الثاني.

4-عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: شرف المؤمن قيام الليل، و عزّه استغناؤه عن الناس. (3)

أقول:

قد مرّ بهذا المعنى في باب الصلاة ف 2 و غيره.

بيان: ضدّ الطمع الاستغناء عن الناس، و هو من الفضائل الموجبة لتقرّب العبد إلى اللّه سبحانه، إذ من استغنى باللّه عن غير اللّه أحبّه اللّه تعالى.

5-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إذا أراد أحدكم أن لا يسأل ربّه شيئا إلاّ أعطاه فلييأس من الناس كلّهم، و لا يكون له رجاء إلاّ عند اللّه، فإذا علم اللّه عزّ و جلّ ذلك من قلبه لم يسأل اللّه شيئا إلاّ أعطاه. (4)

6-عن الزهريّ عن عليّ بن الحسين عليهما السّلام قال: رأيت الخير كلّه قد اجتمع في قطع الطمع عمّا في أيدي الناس، و من لم يرج الناس في شيء وردّ أمره إلى اللّه

ص:28


1- -الكافي ج 2 ص 241 ح 1
2- الكافي ج 2 ص 241 ح 2
3- الكافي ج 2 ص 119 باب الاستغناء عن الناس ح 1
4- الكافي ج 2 ص 119 ح 2

عزّ و جلّ في جميع اموره، استجاب اللّه عزّ و جلّ له في كلّ شيء. (1)

بيان:

في المرآة ج 10 ص 258، «الخير كلّه» : لأنّ الطمع يورث الذلّ و الحقارة و الحسد و الحقد و العداوة و الغيبة و الوقيعة و ظهور الفضايح و الظلم و المداهنة و النفاق و الرياء، و الصبر على باطل الخلق، و الإعانة عليه و عدم التوكّل على اللّه و التضرّع إليه و الرضا بقسمته و التسليم لأمره، إلى غير ذلك من المفاسد التي لا تحصى، و قطع الطمع يورث أضداد هذه الامور التي كلّها خيرات.

7-عن عبد الأعلى بن أعين قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: طلب الحوائج إلى الناس استلاب للعزّ، و مذهبة للحياء، و اليأس ممّا في أيدي الناس عزّ للمؤمن في دينه، و الطمع هو الفقر الحاضر. (2)

بيان:

«الاستلاب» : الاختلاس أي يصير سببا لسلب العزّ سريعا.

8-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: كان أمير المؤمنين عليه السّلام يقول: ليجتمع في قلبك الافتقار إلى الناس و الاستغناء عنهم، فيكون افتقارك إليهم في لين كلامك و حسن بشرك، و يكون استغناؤك عنهم في نزاهة عرضك و بقاء عزّك. (3)

بيان:

حيث إنّ الإنسان مدنيّ بالطبع يحتاج بعضهم إلى بعض في التعيّش و البقاء، فيلزم أن يعامل الناس بلين الكلام و البشر و حسن المعاشرة، و مع ذلك ليوطن نفسه على الاستغناء عنهم، و اليأس عمّا في أيديهم، و أن لا يسأل عنهم بل يكون اعتماده على اللّه و توجّهه إليه تعالى.

ص:29


1- -الكافي ج 2 ص 119 ح 3
2- الكافي ج 2 ص 119 ح 4
3- الكافي ج 2 ص 120 ح 7

9-في وصيّة أمير المؤمنين لابنه الحسن عليهما السّلام: و مرارة اليأس خير من الطلب إلى الناس. (1)

و قال عليه السّلام: ما أقبح الخضوع عند الحاجة، و الجفاء عند الغنى. (2)

10-و قال عليه السّلام: أزرى بنفسه من استشعر الطمع، و رضي بالذلّ من كشف ضرّه، و هانت عليه نفسه من أمرّ عليها لسانه. (3)

بيان:

«أزرى بنفسه» : أي احتقر و استخفّ بها.

11-و قال عليه السّلام: الطمع رقّ مؤبّد. (4)

12-و قال عليه السّلام: أكثر مصارع العقول تحت بروق المطامع. (5)

13-و قال عليه السّلام: الطامع في وثاق الذلّ. (6)

14-و قال عليه السّلام: إنّ الطمع مورد غير مصدر، و ضامن غير وفيّ، و ربّما شرق شارب الماء قبل ريّه. . . (7)

بيان:

«شرق» : أي غصّ (گلوگير شد) .

15-و قال عليه السّلام: الغنى الأكبر اليأس عمّا في أيدي الناس. (8)

ص:30


1- -نهج البلاغة ص 930 في ر 31
2- نهج البلاغة ص 935
3- نهج البلاغة ص 1088 ح 2
4- نهج البلاغة ص 1170 ح 171
5- نهج البلاغة ص 1184 ح 210- الغرر ج 1 ص 195 ف 8 ح 352
6- نهج البلاغة ص 1186 ح 217
7- نهج البلاغة ص 1221 ح 267
8- نهج البلاغة ص 1244 ح 326

16-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال: . . . و شعب الطمع أربع: الفرح و المرح و اللجاجة و التكاثر، و الفرح مكروه عند اللّه عزّ و جلّ، و المرح خيلاء، و اللجاجة بلاء لمن اضطرّته إلى حبائل الآثام، و التكاثر لهو و شغل و استبدال الذي هو أدنى بالذي هو خير، فذلك النفاق و دعائمه و شعبه. (1)

بيان:

مرح الرجل مرحا: اشتدّ فرحه و نشاطه حتّى جاوز القدر، و قيل: تبختر و اختال.

17-عن الصادق عليه السّلام قال: قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: أفقر الناس الطمع. (2)

18-عن حمّاد عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إن أردت أن تقرّ عينك و تنال خير الدنيا و الآخرة، فاقطع الطمع عمّا في أيدي الناس و عدّ نفسك في الموتى و لا تحدّثنّ نفسك أنّك فوق أحد من الناس و اخزن لسانك كما تخزن مالك. (3)

19-عن الرضا عن آبائه عليهم السّلام قال: جاء أبو أيّوب إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فقال: يا رسول اللّه، أوصني و أقلل لعلّي أن أحفظ قال: أوصيك بخمس: باليأس عمّا في أيدي الناس فإنّه الغنى، و إيّاك و الطمع فإنّه الفقر الحاضر، و صلّ صلاة مودّع، و إيّاك و ما يعتذر منه، و أحبّ لأخيك ما تحبّ لنفسك. (4)

20-عن الصادق عليه السّلام ناقلا عن حكيم: غنى النفس أغنى من البحر. (5)

21-عن ابن سنان قال: سمعت الصادق عليه السّلام يقول: ثلاثة هنّ فخر المؤمن و زينة في الدنيا و الآخرة: الصلاة في آخر الليل، و يأسه ممّا في أيدي الناس، و ولاية

ص:31


1- -البحار ج 72 ص 91 باب الكفر و لوازمه في ح 1
2- البحار ج 73 ص 168 باب الطمع ح 1
3- البحار ج 73 ص 168 ح 3
4- البحار ج 73 ص 168 ح 4
5- البحار ج 75 ص 105 باب غنى النفس. . . ح 1

الإمام من آل محمّد عليهم السّلام. (1)

22-قال رجل للنبيّ صلّى اللّه عليه و آله: علّمني شيئا إذا أنا فعلته أحبّني اللّه من السماء و أحبّني الناس من الأرض، قال: فقال: ارغب فيما عند اللّه يحبّك اللّه، و ازهد فيما عند الناس يحبّك الناس. (2)

23-في جوامع الكلم أمير المؤمنين عليه السّلام: . . . ما هدم الدين مثل البدع و لا أفسد الرجل مثل الطمع. . . (3)

24-عن أمير المؤمنين عليه السّلام في وصيّته لمحمّد بن الحنفيّة قال: إذا أحببت أن تجمع خير الدنيا و الآخرة فاقطع طمعك ممّا في أيدي الناس. (4)

25-عن الصادق جعفر بن محمّد عن آبائه عليهم السّلام قال: سئل أمير المؤمنين عليه السّلام: ما ثبات الإيمان؟ قال: الورع، فقيل: ما زواله؟ قال: الطمع. (5)

أقول:

راجع الوسائل ج 9 ب 36 من الصدقة أيضا.

26-عن هشام بن الحكم، عن الكاظم عليه السّلام قال: يا هشام، إيّاك و الطمع، و عليك باليأس ممّا في أيدي الناس، و أمت الطمع من المخلوقين، فإنّ الطمع مفتاح للذلّ، و اختلاس العقل، و اختلاف المروّات، و تدنيس العرض، و الذهاب بالعلم، و عليك بالاعتصام بربّك، و التوكّل عليه. (6)

27-عن الصادق عليه السّلام أنّه قال لعبد اللّه بن جندب: شيعتنا لا يهرّون هرير

ص:32


1- -البحار ج 75 ص 107 ح 6
2- البحار ج 75 ص 107 ح 10
3- البحار ج 78 ص 92
4- الوسائل ج 16 ص 24 ب 67 من جهاد النفس ح 5
5- الوسائل ج 16 ص 25 ح 7
6- المستدرك ج 12 ص 68 ب 67 من جهاد النفس ح 5

الكلب، و لا يطمعون طمع الغراب. (1)

أقول:

لاحظ ما بمعناه في باب السؤال، و بيان مفرداته في باب الشيعة.

28-قال الباقر عليه السّلام لجابر الجعفيّ: و اطلب بقاء العزّ بإماتة الطمع، و ادفع ذلّ الطمع بعزّ اليأس، و استجلب عزّ اليأس ببعد الهمّة. (2)

29-عن الصادق عليه السّلام (في حديث) قال: قال لقمان لابنه: فإن أردت أن تجمع عزّ الدنيا، فاقطع طمعك عمّا في أيدي الناس، فإنّما بلغ الأنبياء و الصدّيقون ما بلغوا بقطع طمعهم. (3)

30-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله (في حديث) : و إيّاكم و استشعار الطمع، فإنّه يشوب القلب شدّة الحرص، و يختم على القلوب بطابع حبّ الدنيا، و هو مفتاح كلّ سيّئة، و رأس كلّ خطيئة، و سبب إحباط كلّ حسنة. (4)

31-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

الطمع رقّ. (الغرر ج 1 ص 9 ف 1 ح 170)

الطمع أوّل الشرّ-الطمع فقر حاضر-اليأس غناء حاضر.

(ص 14 ح 350 و 360 و 361)

العبد حرّ ما قنع-الحرّ عبد ما طمع. (ص 18 ح 467 و 468)

الطمع مذلّة حاضرة. (ص 19 ح 495)

العزّ مع اليأس-الذلّ مع الطمع. (ح 498 و 500)

اليأس يريح النفس. (ص 24 ح 687)

ص:33


1- -المستدرك ج 12 ص 68 ح 6
2- المستدرك ج 12 ص 69 ح 7
3- المستدرك ج 12 ص 69 ح 8
4- المستدرك ج 12 ص 70 ح 12

الطمع رقّ مخلّد. (ص 27 ح 805)

اليأس عتق مجدّد. (ح 806)

اليأس يعزّ الأسير-الطمع يذلّ الأمير. (ص 36 ح 1133 و 1134)

الكفّ عمّا في أيدي الناس عفّة و كبر همّة. (ص 51 ح 1430)

الكفّ عمّا في أيدي الناس أحد السخائين. (ص 62 ح 1643)

المذلّة و المهانة و الشقاء في الطمع و الحرص. (ص 96 ح 2117)

أغنى الناس القانع-أفقر الناس الطامع. (ص 175 ف 8 ح 33 و 34)

أهلك شيء الطمع-أضرّ شيء الطمع (ص 176 ح 51 و 62)

أقبح الشيم الطمع (ص 177 ح 68)

أسوء شيء الطمع (ص 183 ح 169)

أصل الإخلاص اليأس عمّا في أيدي الناس. (ص 188 ح 262)

أصل الشره الطمع و ثمرته الملامة. (ص 189 ح 268)

أزرى بنفسه من استشعر الطمع (ص 192 ح 314)

أوّل الإخلاص اليأس عمّا في أيدي الناس. (ص 205 ح 265)

آفة القضاة الطمع (ص 305 ف 16 ح 22)

ثمرة الطمع الشقاء. (ص 359 ف 23 ح 23)

ثمرة الطمع ذلّ الدنيا و الآخرة. (ص 361 ح 52)

رأس الورع ترك الطمع (ص 412 ف 34 ح 28)

سبب فساد اليقين الطمع. (ص 430 ف 38 ح 4)

سبب فساد الورع الطمع. (ص 432 ح 38)

صلاح النفس قلّة الطمع-صلاح الإيمان الورع و فساده الطمع.

(ص 452 ف 43 ح 6 و 7)

ص:34

عند غرور الآمال و الأطماع تنخدع عقول الجهّال، و تختبر ألباب الرجال. (ج 2 ص 491 ف 52 ح 24)

عبد المطامع مسترقّ لا يجد أبدا العتق. (ص 499 ف 55 ح 14)

غشّ نفسه من شرّبها الطمع (ص 507 ف 57 ح 21)

قليل الطمع يفسد كثير الورع. (ص 543 ف 61 ح 109)

كيف يملك الورع من (يملكه) الطمع. (ص 553 ف 64 ح 1)

من كثر طمعه عظم مصرعه. (ص 647 ف 77 ح 644)

من لزم الطمع عدم الورع. (ح 649)

من قلّ طمعه خفّت على نفسه مؤنته. (ص 683 ح 1134)

من لم ينزّه نفسه عن دناءة المطامع، فقد أذلّ نفسه و هو في الآخرة أذلّ و أخزى. (ص 690 ح 1210)

من طمع ذلّ و تعنّى. (ص 715 ح 1466)

ما الخمر صرفا بأذهب بعقول الرجال من الطمع. (ص 740 ف 79 ح 83)

لا يفسد الدين كالطمع. (ص 835 ف 86 ح 123)

لا يصلح الدين كالورع. (ح 124)

ص:35

ص:36

حرف الظاء

125- الأظفار

الأخبار

1-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: تقليم الأظفار يمنع الداء الأعظم و يدرّ (يزيد ف ن) الرزق. (1)

2-عن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه السّلام قال: إنّما قصّوا الأظفار لأنّها مقيل الشيطان، و منه يكون النسيان. (2)

بيان:

«مقيل الشيطان» : أي محلّ قيلولته أو استراحته، و الثاني أنسب.

3-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ أستر و أخفى ما يسلّط الشيطان من ابن آدم أن صار يسكن تحت الأظافير. (3)

4-عن موسى بن بكر أنّه قال للصادق عليه السّلام: إنّ أصحابنا يقولون: إنّما أخذ الشارب و الأظفار يوم الجمعة، فقال: سبحان اللّه، خذها إن شئت في يوم

ص:37


1- -الوسائل ج 2 ص 131 ب 80 من آداب الحمّام ح 1-و مثله في الخصال عن أمير المؤمنين عليه السّلام (في ح الأربعمائة)
2- الوسائل ج 2 ص 132 ح 2
3- الوسائل ج 2 ص 132 ح 3

الجمعة، و إن شئت في سائر الأيّام. (1)

أقول:

لعلّ الراوي زعم عدم جوازه في غير يوم الجمعة فردّه عليه السّلام، و إلاّ: فلا كلام في استحبابه يوم الجمعة كما ورد في الأخبار.

5-عن الصادق عن آبائه عليهم السّلام (في حديث المناهي) قال: نهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عن تقليم الأظفار بالأسنان، و نهى عن الحجامة يوم الأربعاء و الجمعة. (2)

أقول:

في ح 2: من الوسواس تقليم الأظفار بالأسنان.

6-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال: من قلّم أظفاره يوم الجمعة لم تسعّف أنامله. (3)

بيان:

«تسعّف» : أي تشقّق، و في بعض النسخ: "تشعّث"بمعنى تفرّق.

7-و عنه عليه السّلام قال: خذ من أظفارك و من شاربك كلّ جمعة، فإذا كانت قصارا فحكّها، فإنّه لا يصيبك جذام و لا برص. (4)

8-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من قلّم أظفاره يوم السبت و يوم الخميس و أخذ من شاربه عوفي من وجع الأضراس و وجع العينين. (5)

9-عن خلف قال: رآني أبو الحسن عليه السّلام و أنا أشتكي عيني، فقال:

ص:38


1- -الوسائل ج 2 ص 133 ح 6
2- الوسائل ج 2 ص 134 ب 82 ح 1
3- مكارم الأخلاق ص 64 ب 4 ف 1
4- مكارم الأخلاق ص 64
5- مكارم الأخلاق ص 65

ألا أدلّك على شيء إذا فعلته لم تشتك عينك؟ قلت: بلى، قال: خذ من أظفارك في كلّ خميس، قال: ففعلت فلم أشتك عيني. (1)

10-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من أراد أن يأمن الفقر و شكاية العين و البرص و الجنون فليقلّم أظفاره يوم الخميس بعد العصر و ليبدأ بخنصره من اليسار. (2)

11-قال الصادق عليه السّلام: احتبس الوحي عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فقيل له: احتبس الوحي عنك يا رسول اللّه؟ قال: و كيف لا يحتبس عنيّ و أنتم لا تقلّمون أظفاركم و لا تنقون رائحتكم. (3)

12-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله (في حديث) : و قلّموا الأظفار و لا تشبّهوا باليهود. (4)

13-. . . قال الصادق عليه السّلام: يدفن الرجل شعره و أظافيره إذا أخذ منها و هي سنّة.

و في كتاب المحاسن: و هي سنّة واجبة. و روي أنّ من السنّة دفن الشعر و الظفر و الدم. (5)

14-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من قلّم أظفاره يوم السبت دفعت عنه (وقعت عليه م) الآكلة في أصابعه، و من قلّم أظفاره يوم الأحد ذهبت البركة منه، و من قلّم أظفاره يوم الاثنين يصير حافظا و كاتبا و قارئا، و من قلّم أظفاره يوم الثلثاء يخاف الهلاك عليه، و من قلّم أظفاره يوم الأربعاء يصير سيّئ الخلق، و من قلّم أظفاره يوم الخميس يخرج منه الداء، و يدخل فيه الشفاء، و من قلّم

ص:39


1- -مكارم الأخلاق ص 65
2- مكارم الأخلاق ص 66
3- مكارم الأخلاق ص 66
4- المستدرك ج 1 ص 414 ب 51 من آداب الحمّام ح 6
5- البحار ج 76 ص 123 باب قصّ الأظفار ح 12

أظفاره يوم الجمعة يزيد في عمره و ماله. . . (1)

ص:40


1- -البحار ج 76 ص 124 ح 13

126- الظلم

الآيات

1- . . . وَ اَللّهُ لا يَهْدِي اَلْقَوْمَ اَلظّالِمِينَ. (1)

2- . . . وَ اَللّهُ لا يُحِبُّ اَلظّالِمِينَ. (2)

3- . . . وَ مَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اَللّهُ فَأُولئِكَ هُمُ اَلظّالِمُونَ. (3)

4- . . . إِنَّهُ لا يُفْلِحُ اَلظّالِمُونَ. (4)

5- فَقُطِعَ دابِرُ اَلْقَوْمِ اَلَّذِينَ ظَلَمُوا وَ اَلْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ اَلْعالَمِينَ. (5)

6- قُلْ أَ رَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتاكُمْ عَذابُ اَللّهِ بَغْتَةً أَوْ جَهْرَةً هَلْ يُهْلَكُ إِلاَّ اَلْقَوْمُ اَلظّالِمُونَ. (6)

7- وَ لَقَدْ أَهْلَكْنَا اَلْقُرُونَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَمّا ظَلَمُوا. . . (7)

ص:41


1- -البقرة:258 و مثلها في المائدة:51 و الأنعام:144
2- آل عمران:57 و مثلها في الشورى:40
3- المائدة:45
4- الأنعام:21 و 135 و يوسف:23
5- الأنعام:45
6- الأنعام:47
7- يونس:13

8- . . . فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ اَلظّالِمِينَ. (1)

9- إِنَّ اَللّهَ لا يَظْلِمُ اَلنّاسَ شَيْئاً وَ لكِنَّ اَلنّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ. (2)

10- . . . وَ قِيلَ بُعْداً لِلْقَوْمِ اَلظّالِمِينَ. (3)

11- وَ لا تَرْكَنُوا إِلَى اَلَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ اَلنّارُ وَ ما لَكُمْ مِنْ دُونِ اَللّهِ مِنْ أَوْلِياءَ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ. (4)

12- . . . فَأَوْحى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ اَلظّالِمِينَ. (5)

13- . . . إِنَّ اَلظّالِمِينَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ. (6)

14- . . . وَ إِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اَللّهِ لا تُحْصُوها إِنَّ اَلْإِنْسانَ لَظَلُومٌ كَفّارٌ. (7)

15- وَ لا تَحْسَبَنَّ اَللّهَ غافِلاً عَمّا يَعْمَلُ اَلظّالِمُونَ إِنَّما يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ اَلْأَبْصارُ. (8)

16- . . . وَ مَنْ يَظْلِمْ مِنْكُمْ نُذِقْهُ عَذاباً كَبِيراً. (9)

17- . . . وَ أَعْتَدْنا لِلظّالِمِينَ عَذاباً أَلِيماً. (10)

18- . . . وَ سَيَعْلَمُ اَلَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ. (11)

ص:42


1- -يونس:39 و القصص:40
2- يونس:44
3- هود:44 و في المؤمنون:41 مثلها
4- هود:113
5- إبراهيم:13
6- إبراهيم:22 و الشورى:21
7- إبراهيم:34
8- إبراهيم:42
9- الفرقان:19
10- الفرقان:37
11- الشعراء:227

19- فَيَوْمَئِذٍ لا يَنْفَعُ اَلَّذِينَ ظَلَمُوا مَعْذِرَتُهُمْ وَ لا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ. (1)

20- . . . بَلِ اَلظّالِمُونَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ. (2)

21- . . . يا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللّهِ إِنَّ اَلشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ. (3)

22- . . . ما لِلظّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَ لا شَفِيعٍ يُطاعُ. (4)

23- . . . وَ اَلظّالِمُونَ ما لَهُمْ مِنْ وَلِيٍّ وَ لا نَصِيرٍ. (5)

24- . . . أَلا إِنَّ اَلظّالِمِينَ فِي عَذابٍ مُقِيمٍ. (6)

25- . . . فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ عَذابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ. (7)

26- . . . وَ إِنَّ اَلظّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ وَ اَللّهُ وَلِيُّ اَلْمُتَّقِينَ. (8)

الأخبار

1-قال أبو جعفر عليه السّلام: الظلم ثلاثة: ظلم يغفره اللّه، و ظلم لا يغفره اللّه، و ظلم لا يدعه اللّه، فأمّا الظلم الذي لا يغفره فالشرك، و أمّا الظلم الذي يغفره فظلم الرجل نفسه فيما بينه و بين اللّه، و أمّا الظلم الذي لا يدعه فالمداينة بين العباد. (9)

ص:43


1- -الروم:57
2- لقمان:11
3- لقمان:13
4- المؤمن:18
5- الشورى:8
6- الشورى:45
7- الزخرف:65
8- الجاثية:19
9- الكافي ج 2 ص 248 باب الظلم ح 1

بيان:

«الظلم» : في المصباح: أصل الظلم وضع الشيء في غير موضعه.

و في المفردات: الظلم عند أهل اللغة و كثير من العلماء وضع الشيء في غير موضعه المختصّ به إمّا بنقصان أو بزيادة، و إمّا بعدول عن وقته أو مكانه. . . و الظلم يقال في مجاوزة الحقّ الذي يجري مجرى نقطة الدائرة، و يقال فيما يكثر و فيما يقلّ من التجاوز، و لهذا يستعمل في الذنب الكبير و في الذنب الصغير. . .

في المرآة ج 10 ص 295: الظلم وضع الشيء في غير موضعه، فالمشرك ظالم لأنّه جعل غير اللّه تعالى شريكا له، و وضع العبادة في غير محلّها، و العاصي ظالم لأنّه وضع المعصية موضع الطاعة. . .

أقول: الظلم إمّا يكون بالمعنى العامّ فيطلق على كلّ ذنب و إثم، فالمذنب ظالم لنفسه لما ذكر، و إمّا بالمعنى الخاصّ و هو التعدّي على الغير و تضييع حقوق الآخرين و هو المقصود بالباب.

و في المرآة: «المداينة بين العباد» : أي المعاملة بينهم كناية عن مطلق حقوق الناس، فإنّها تترتّب على المعاملة بينهم أو المراد به المحاكمة بين العباد في القيامة، فإنّ سببها حقوق الناس، قال الجوهريّ: داينت فلانا إذا عاملته فأعطيت دينا و أخذت بدين، و الدين الجزاء و المكافاة، يقال: دانه دينا أي جازاه.

2-عن شيخ من النخع قال: قلت لأبي جعفر عليه السّلام: إنّي لم أزل واليا منذ زمن الحجّاج إلى يومي هذا، فهل لي من توبة؟ قال: فسكت، ثمّ أعدت عليه، فقال: لا، حتّى تؤدّي إلى كلّ ذي حقّ حقّه. (1)

3-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ما من مظلمة أشدّ من مظلمة لا يجد صاحبها

ص:44


1- -الكافي ج 2 ص 248 ح 3

عليها عونا إلاّ اللّه عزّ و جلّ. (1)

بيان:

قال الجوهريّ و غيره: المظلمة بكسر اللام و الفتح: ما تطلبه عند الظالم و هو اسم ما أخذ منك ظلما.

4-عن أبي حمزة الثماليّ عن أبي جعفر عليه السّلام قال: لمّا حضر عليّ بن الحسين عليهما السّلام الوفاة ضمّني إلى صدره، ثمّ قال: يا بنيّ، أوصيك بما أوصاني به أبي عليه السّلام حين حضرته الوفاة، و بما ذكر أنّ أباه أوصاه به، قال: يا بنيّ، إيّاك و ظلم من لا يجد عليك ناصرا إلاّ اللّه. (2)

5-عن أبي عبد اللّه عن أمير المؤمنين عليهما السّلام قال: من خاف القصاص كفّ عن ظلم الناس. (3)

6-عن إسحاق بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من أصبح لا ينوي ظلم أحد غفر اللّه له ما أذنب ذلك اليوم ما لم يسفك دما أو يأكل مال يتيم حراما. (4)

7-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من أصبح لا يهمّ بظلم أحد غفر اللّه له ما اجترم. (5)

بيان:

«ما اجترم» : أي ما اكتسب من الجرم و الإثم.

8-عن هشام بن سالم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من ظلم مظلمة اخذ بها

ص:45


1- -الكافي ج 2 ص 249 ح 4
2- الكافي ج 2 ص 249 ح 5
3- الكافي ج 2 ص 249 ح 6
4- الكافي ج 2 ص 249 ح 7
5- الكافي ج 2 ص 249 ح 8(و ح 21)

في نفسه أو في ماله أو في ولده. (1)

9-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: اتّقوا الظلم فإنّه ظلمات يوم القيامة. (2)

10-عن عبد الأعلى قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام مبتدئا: من ظلم سلّط اللّه عليه من يظلمه أو على عقبه أو على عقب عقبه قال: قلت: هو يظلم فيسلّط اللّه على عقبه أو على عقب عقبه؟ فقال: إنّ اللّه عزّ و جلّ يقول: وَ لْيَخْشَ اَلَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعافاً خافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اَللّهَ وَ لْيَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً 3. (3)

11-عن إسحاق بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ اللّه عزّ و جلّ أوحى إلى نبيّ من أنبيائه في مملكة جبّار من الجبّارين أن ائت هذا الجبّار فقل له: إنّني لم أستعملك على سفك الدماء و اتّخاذ الأموال، و إنّما استعملتك لتكفّ عنّي أصوات المظلومين، فإنّي لم أدع ظلامتهم و إن كانوا كفّارا. (4)

بيان:

في المرآة: «الظلامة» : ما تطلبه عند الظالم و هو اسم ما أخذ منك. . . و قوله: فإنّي لم أدع ظلامتهم: تهديد للجبّار بزوال ملكه، فإنّ الملك يبقى مع الكفر و لا يبقى مع الظلم.

12-عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: من أكل مال أخيه

ص:46


1- -الكافي ج 2 ص 249 ح 9
2- الكافي ج 2 ص 249 ح 10 و 11
3- الكافي ج 2 ص 250 ح 13
4- الكافي ج 2 ص 250 ح 14

ظلما و لم يردّه إليه، أكل جذوة من النار يوم القيامة. (1)

بيان:

في القاموس، «الجذوة» مثلثة: القبسة من النار و الجمرة.

13-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: العامل بالظلم و المعين له و الراضي به شركاء ثلاثتهم. (2)

14-عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من عذر ظالما بظلمه سلّط اللّه عليه من يظلمه، فإن دعا لم يستجب له و لم يأجره اللّه على ظلامته. (3)

15-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من ظلم أحدا ففاته فليستغفر اللّه له، فإنّه كفّارة له. (4)

بيان:

«فاته» : أي لم يدركه ليطلب البراءة منه و يرضيه، و يحمل على ما إذا لم يكن حقّا ماليّا و إلاّ وجب عليه الخروج عن عهدته بأن يدفع إلى ورثته مثلا.

16-عن زيد بن عليّ بن الحسين عن أبيه عليه السّلام قال: ما يأخذ المظلوم من دين الظالم أكثر ممّا يأخذ الظالم من دنيا المظلوم. (5)

17-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ اللّه عزّ و جلّ يبغض الغنيّ الظلوم. (6)

18-عن عبد اللّه بن سنان قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: من أعان

ص:47


1- -الكافي ج 2 ص 250 ح 15
2- الكافي ج 2 ص 250 ح 16
3- الكافي ج 2 ص 250 ح 18
4- الكافي ج 2 ص 251 ح 20
5- عقاب الأعمال ص 321 باب عقاب من ظلم ح 5
6- عقاب الأعمال ص 322 ح 12

ظالما على مظلوم لم يزل اللّه عليه ساخطا حتّى ينزع عن معونته. (1)

19-عن أبي حمزة عن عليّ بن الحسين عليهما السّلام (في حديث) قال: إيّاكم و صحبة العاصين و معونة الظالمين. (2)

20-عن أبي بصير قال: سألت أبا جعفر عليه السّلام عن أعمالهم؟ فقال لي: يا أبا محمّد، لا و لا مدّة قلم، إنّ أحدهم (كم ف ن) لا يصيب من دنياهم شيئا إلاّ أصابوا من دينه مثله، أو حتّى يصيبوا من دينه مثله-الوهم من ابن أبي عمير-. (3)

بيان:

«عن أعمالهم» : يعني عن تولّي أعمالهم. «المدّة» : غمس القلم في الدواة مرّة للكتابة.

21-عن يونس بن يعقوب قال: قال لي أبو عبد اللّه عليه السّلام: لا تعنهم على بناء مسجد. (4)

22-عن جعفر بن محمّد عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إذا كان يوم القيامة نادى مناد: أين أعوان الظلمة، و من لاق لهم دواة، أو ربط كيسا، أو مدّ لهم مدّة قلم، فاحشروهم معهم. (5)

أقول:

نحوه ح 16 و زاد فيه؛ قال: فيجتمعون في تابوت من حديد ثمّ يرمى بهم في جهنّم.

بيان: «لاق الدواة» : أي أصلح مدادها. «ربط كيسا» : أي شدّه و أوثقه.

23-قال عليه السّلام: من مشى إلى ظالم ليعينه و هو يعلم أنّه ظالم فقد خرج

ص:48


1- -عقاب الأعمال ص 323 ح 17
2- الوسائل ج 17 ص 177 ب 42 من ما يكتسب به ح 1
3- الوسائل ج 17 ص 179 ح 5
4- الوسائل ج 17 ص 180 ح 8
5- الوسائل ج 17 ص 180 ح 11

من الإسلام. (1)

24-عن صفوان بن مهران الجمّال قال: دخلت على أبي الحسن الأوّل عليه السّلام فقال لي: يا صفوان، كلّ شيء منك حسن جميل ما خلا شيئا واحدا، قلت: جعلت فداك أيّ شيء؟ قال: إكراؤك جمالك من هذا الرجل-يعني هارون-قال: و اللّه ما أكريته أشرا و لا بطرا و لا للصيد و لا للهو، و لكنّي أكريته لهذا الطريق-يعني طريق مكّة-و لا أتولاّه بنفسي، و لكن أبعث معه غلماني.

فقال لي: يا صفوان، أيقع كراؤك عليهم؟ قلت: نعم جعلت فداك، قال: فقال لي: أتحبّ بقاؤهم حتّى يخرج كراؤك؟ قلت: نعم، قال: من أحبّ بقاءهم فهو منهم، و من كان منهم كان ورد النار.

قال صفوان: فذهبت فبعت جمالي عن آخرها، فبلغ ذلك إلى هارون فدعاني فقال لي: يا صفوان، بلغني أنّك بعت جمالك، قلت: نعم قال: و لم؟ قلت: أنا شيخ كبير و إنّ الغلمان لا يفون بالأعمال، فقال: هيهات هيهات، إنّي لأعلم من أشار عليك بهذا، أشار عليك بهذا موسى بن جعفر، قلت: ما لي و لموسى بن جعفر؟ فقال: دع هذا عنك فو اللّه لو لا حسن صحبتك لقتلتك. (2)

أقول:

راجع الوسائل ج 16 ص 52 ب 78 من جهاد النفس أيضا.

25-روي بإسناد صحيح عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال: أربعة لا تردّ لهم دعوة و تفتح لهم (لها ف ن) أبواب السماء و تصير إلى العرش: دعاء الوالد لولده، و المظلوم على من ظلمه، و المعتر حتّى يرجع، و الصائم حتّى يفطر. (3)

ص:49


1- -الوسائل ج 17 ص 182 ح 15-و مثله في جامع الأخبار عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله
2- الوسائل ج 17 ص 182 ح 17
3- جامع الأخبار ص 155 ف 116

26-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: الظلم ندامة. (1)

27-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: من مشى مع ظالم فقد أجرم. (2)

28-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: ألا و إنّ الظلم ثلاثة: فظلم لا يغفر، و ظلم لا يترك، و ظلم مغفور لا يطلب؛ فأمّا الظلم الذي لا يغفر فالشرك باللّه، قال اللّه سبحانه: إِنَّ اَللّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ 3 و أمّا الظلم الذي يغفر فظلم العبد نفسه عند بعض الهنات، و أمّا الظلم الذي لا يترك فظلم العباد بعضهم بعضا. (3)

بيان:

«الهنة» جمع هنات: الشيء اليسير و العمل الحقير، و المراد هنا صغائر الذنوب.

29-و قال عليه السّلام: و اللّه لأن أبيت على حسك السعدان مسهّدا، و اجرّ في الأغلال مصفّدا، أحبّ إليّ من أن ألقى اللّه و رسوله يوم القيامة ظالما لبعض العباد، و غاصبا لشيء من الحطام، و كيف أظلم أحدا لنفس يسرع إلى البلى قفولها، و يطول في الثرى حلولها؟ ! . . . و اللّه لو أعطيت الأقاليم السبعة بما تحت أفلاكها على أن أعصي اللّه في نملة أسلبها جلب شعيرة ما فعلته. . . (4)

بيان:

«الحسك» : الشوك. «السعدان» : نبت ترعاه الإبل له شوك تشبه به حلمة الثدي.

«المسهّد» : من سهّده إذا أسهره. «المصفّد» : أي المقيّد. «قفولها» : أي رجوعها.

«الثرى» : التراب.

ص:50


1- -جامع الأخبار ص 155-و مثله في البحار ج 75 ص 322 عن موسى بن جعفر عن آبائه عليهم السّلام عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله
2- جامع الأخبار ص 155
3- نهج البلاغة ص 575 في خ 175
4- نهج البلاغة ص 713 خ 215- صبحي ص 346 خ 224

30-في وصيّة أمير المؤمنين للحسنين عليهم السّلام: كونا للظالم خصما، و للمظلوم عونا. (1)

31-قال في وصيّة لابنه الحسن عليهما السّلام: و لا تظلم كما لا تحبّ أن تظلم. . . (2)

و ظلم الضعيف أفحش الظلم. . . (3)

و لا يكبرنّ عليك ظلم من ظلمك، فإنّه يسعى في مضرّته و نفعك، و ليس جزاء من سرّك أن تسوءه. . . (4)

32-و قال عليه السّلام: للظالم البادي غدا بكفّه عضّة. (5)

أقول:

في ص 1193 ح 233 و قال عليه السّلام: يوم المظلوم على الظالم أشدّ من يوم الظالم على المظلوم.

بيان: «بكفّه عضّة» : أي يعضّ الظالم على يده ندما يوم القيامة، أشار عليه السّلام بقوله تعالى: وَ يَوْمَ يَعَضُّ اَلظّالِمُ عَلى يَدَيْهِ 6.

33-و قال عليه السّلام: للظالم من الرجال ثلاث علامات: يظلم من فوقه بالمعصية، و من دونه بالغلبة، و يظاهر القوم الظلمة. (6)

ص:51


1- -نهج البلاغة ص 977 في ر 47
2- نهج البلاغة ص 921 في ر 31
3- نهج البلاغة ص 931
4- نهج البلاغة ص 933
5- نهج البلاغة ص 1172 ح 177
6- نهج البلاغة ص 1251 ح 342

بيان:

«يظاهر. . .» : أي يعاونهم.

34-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: الظلم يطرد النعم، و البغي يجلب النقم. (1)

35-قال أبو جعفر عليه السّلام: إنّ في جهنّم لجبلا يقال له: الصعداء، و إنّ في الصعداء لواديا يقال له: سقر، و إنّ في سقر لجبّا يقال له: هبهب كلّما كشف غطاء ذلك الجبّ ضجّ أهل النار من حرّه و ذلك منازل الجبّارين. (2)

36-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: من خاف ربّه كفّ ظلمه. (3)

37-عن أبي عبد اللّه عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ثلاثة إن لم تظلمهم ظلموك: السفلة، و زوجتك، و خادمك. (4)

38-عن حمّاد عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال لقمان لابنه: يا بنيّ، للظالم ثلاث علامات: يظلم من فوقه بالمعصية، و من دونه بالغلبة، و يعين الظلمة. . . (5)

39-عن أبي عبد اللّه عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أفضل الجهاد من أصبح لا يهمّ بظلم أحد. (6)

40-عن الرضا عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إيّاكم و الظلم فإنّه يخرب قلوبكم. (7)

ص:52


1- -مجموعة الأخبار ص 296 ب 171-الغرر ج 1 ص 26 ف 1 ح 760 و 761
2- مجموعة الأخبار ص 299
3- البحار ج 75 ص 309 باب الظلم ح 3
4- البحار ج 75 ص 309 ح 6
5- البحار ج 75 ص 310 ح 8
6- البحار ج 75 ص 314 ح 32-و مثله ص 320 ح 47 عن موسى بن جعفر عن آبائه عليهم السّلام عنه صلّى اللّه عليه و آله
7- البحار ج 75 ص 315 ح 34

41-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله (في حديث المناهي) : من مدح سلطانا جائرا و تخفّف و تضعضع له طمعا فيه، كان قرينه إلى النار.

و قال صلّى اللّه عليه و آله: قال اللّه عزّ و جلّ: وَ لا تَرْكَنُوا إِلَى اَلَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ اَلنّارُ.

و قال صلّى اللّه عليه و آله: من دلّ جائرا على جور كان قرين هامان في جهنّم.

و قال صلّى اللّه عليه و آله: من تولّى خصومة ظالم أو أعان عليها ثمّ نزل به ملك الموت قال له: أبشر بلعنة اللّه و نار جهنّم و بئس المصير.

و قال صلّى اللّه عليه و آله: ألا و من علّق سوطا بين يدي سلطان جائر جعل اللّه ذلك السوط يوم القيامة ثعبانا من النار طوله سبعون ذراعا يسلّط عليه في نار جهنّم و بئس المصير.

و نهى صلّى اللّه عليه و آله عن إجابة الفاسقين إلى طعامهم. (1)

42-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال عيسى لبني إسرائيل: لا تعينوا الظالم على ظلمه فيبطل فضلكم. . . (2)

43-عن عليّ بن أبي حمزة قال: كان لي صديق من كتّاب بني اميّة فقال لي: استأذن لي على أبي عبد اللّه عليه السّلام، فأستأذنت له فلمّا دخل سلّم و جلس ثمّ قال: جعلت فداك إنّي كنت في ديوان هؤلاء القوم، فأصبت من دنياهم مالا كثيرا و أغمضت في مطالبه، فقال أبو عبد اللّه: لو لا أنّ بني اميّة وجدوا من يكتب لهم و يجبي لهم الفيء و يقاتل عنهم و يشهد جماعتهم لما سلبونا حقّنا، و لو تركهم الناس و ما في أيديهم ما وجدوا شيئا إلاّ ما وقع في أيديهم.

فقال الفتى: جعلت فداك فهل لي من مخرج منه؟ قال: إن قلت لك تفعل؟ قال: أفعل، قال: اخرج من جميع ما كسبت في دواوينهم، فمن عرفت منهم رددت عليه

ص:53


1- -البحار ج 75 ص 369 باب الركون إلى الظالمين ح 3
2- البحار ج 75 ص 369 ح 7

ماله، و من لم تعرف تصدّقت به، و أنا أضمن لك على اللّه الجنّة، قال: فأطرق الفتى طويلا فقال: قد فعلت جعلت فداك.

قال ابن أبي حمزة: فرجع الفتى معنا إلى الكوفة فما ترك شيئا على وجه الأرض إلاّ خرج منه حتّى ثيابه التي كانت على بدنه، قال: فقسمنا له قسمة و اشترينا له ثيابا و بعثنا له بنفقة، قال: فما أتى عليه أشهر قلائل حتّى مرض فكنّا نعوده، قال: فدخلت عليه يوما و هو في السياق ففتح عينيه ثمّ قال: يا عليّ، وفى لي و اللّه صاحبك، قال: ثمّ مات فولّينا أمره، فخرجت حتّى دخلت على أبي عبد اللّه عليه السّلام فلمّا نظر إليّ قال: يا عليّ، وفينا و اللّه لصاحبك، قال: فقلت: صدقت جعلت فداك، هكذا قال لي و اللّه عند موته. (1)

بيان:

«أطرق الفتى» : أي سكت و لم يتكلّم و أرخى عينيه ينظر إلى الأرض.

«السياق» : الشروع في نزع الروح.

44-في وصيّة أمير المؤمنين عليه السّلام لكميل: يا كميل، إيّاك، إيّاك و التطرّق إلى أبواب الظالمين و الاختلاط بهم و الاكتساب منهم، و إيّاك أن تطيعهم و أن تشهد في مجالسهم بما يسخط اللّه عليك.

يا كميل، إذا اضطررت إلى حضورهم فداوم ذكر اللّه تعالى و التوكّل عليه و استعذ باللّه من شرّهم، و أطرق عنهم و أنكر بقلبك فعلهم، و اجهر بتعظيم اللّه تعالى لتسمعهم فإنّهم يهابوك و تكفي شرّهم. (2)

بيان:

«يهابوك» : هابه: خافه، و هاب الرجل فلانا: و قّره و عظّمه.

ص:54


1- -البحار ج 75 ص 375 ح 31
2- البحار ج 77 ص 271

45-في وصيّة الباقر عليه السّلام لجابر الجعفيّ: أوصيك بخمس: إن ظلمت فلا تظلم، و إن خانوك فلا تخن، و إن كذّبت فلا تغضب، و إن مدحت فلا تفرح، و إن ذممت فلا تجزع، و فكّر فيما قيل فيك. . . (1)

46-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

الظالم لئيم. (الغرر ج 1 ص 7 ف 1 ح 75)

الجور هلاك-الجور ممحاة. (ص 12 و 13 ح 275 و 308)

البغي يسلب النعمة-الظلم يجلب النقمة. (ص 17 ح 436 و 437)

الظلم و خيم العاقبة. (ص 18 ح 484)

البغي يزيل النعم. (ص 20 ح 541)

الظلم ألأم الرذائل-الظلم بوار الرعيّة. (ص 28 ح 854 و 857)

الظلم يدمّر الديار-الظلم يردي صاحبه. (ص 36 و 37 ح 1110 و 1143)

البغي سائق إلى الحين. (ص 39 ح 1201)

المؤمن لا يظلم و لا يتأثّم. (ص 50 ح 1424)

البغي يصرع الرجال و يدني الآجال. (ص 56 ح 1531)

الظلم في الدنيا بوار و في الآخرة دمار. (ص 66 ح 1736)

الظلم يزلّ القدم و يسلب النعم و يهلك الامم. (ص 68 ح 1762)

السلطان الجائر و العالم الفاجر أشدّ الناس نكاية. (ص 79 ح 1919)

احذر الحيف و الجور فإنّ الحيف يدعو إلى السيف، و الجور يعود بالجلاء و يعجّل العقوبة و الانتقام. (ص 126 ف 2 ح 220)

اتّقوا البغي، فإنّه يجلب النقم و يسلب النعم و يوجب الغير-أبعدوا عن الظلم، فإنّه أعظم الجرائم و أكبر المآثم. (ص 134 ف 3 ح 46 و 48)

ص:55


1- -البحار ج 78 ص 162

إيّاك و الظلم، فمن ظلم كرهت أيّامه-إيّاك و الظلم، فإنّه يزول عمّن تظلمه و يبقى عليك. (ص 147 ف 5 ح 8 و 13)

إيّاك و البغي، فإنّه يعجّل الصرعة و يحلّ بالعامل به العبر-إيّاك و الظلم، فإنّه أكبر المعاصي، و إنّ الظالم لمعاقب يوم القيامة بظلمه. (ص 149 ح 27 و 35)

إيّاك و الجور، فإنّ الجائر لا يريح رائحة الجنّة. (ص 150 ح 40)

أقبح السير الظلم-أعجل شيء صرعة البغي. (ص 178 ف 8 ح 97 و 100)

أحسن العدل نصرة المظلوم-أنفذ السهام دعوة المظلوم.

(ص 181 ح 150 و 152)

أقبح شيء جور الولاة-أقطع شيء ظلم القضاة. (ص 183 ح 184 و 185)

أقبح الظلم منعك حقوق اللّه. (ص 191 ح 292)

أجور الناس من عدّ جوره عدلا منه. (ص 211 ح 521)

أظلم الناس من سنّ سنن الجور و محا سنن العدل. (ص 213 ح 535)

إنّ أعجل العقوبة عقوبة البغي. (ص 215 ف 9 ح 6)

إنّ أسوء المعاصي مغبّة الغيّ. (ح 7)

إنّ أسرع الشرّ عقابا الظلم. (ح 10)

إنّ القبح في الظلم بقدر الحسن في العدل-إنّ الزهد في ولاية الظالم بقدر الرغبة في ولاية العادل. (ص 220 ح 67 و 72)

إذا حدتك القدرة على ظلم الناس، فاذكر قدرة اللّه سبحانه على عقوبتك، و ذهاب ما أتيت إليهم عنهم و بقاءه عليك. (ص 319 ف 17 ح 135)

بالظلم تزول النعم-بالبغي تجلب النقم. (ص 331 ف 18 ح 52 و 53)

شرّ الناس من يظلم الناس. (ص 443 ف 41 ح 5)

شرّ الامراء من ظلم رعيّته. (ص 445 ح 45)

شرّ الناس من يعين على المظلوم. (ص 447 ح 64)

ص:56

ظلم الضعيف أفحش الظلم-ظلم العباد يفسد المعاد.

(ج 2 ص 475 ف 48 ح 18 و 24)

ظاهر اللّه سبحانه بالعناد من ظلم العباد-ظلم المرء في الدنيا عنوان شقاوته في الآخرة. (ص 476 ح 25 و 26)

من ظلم أفسد أمره-من جار قصم عمره. (ص 615 ف 77 ح 107 و 108)

من ظلم يتيما عقّ أولاده-و من ظلم رعيّته نصر أضداده.

(ص 618 ح 172 و 173)

من جار أهلكه جوره. (ص 619 ح 193)

من ظلم عظمت صرعته. (ص 620 ح 197)

من بغي عجّلت هلكته-من ظلم أوبقه ظلمه. (ح 198 و 204)

من ظلم عباد اللّه كان اللّه خصمه دون عباده-و من يكن اللّه خصمه دحض (1)حجّته و يعذّبه في دنياه و معاده. (ص 644 ح 595 و 596)

من ظلم قصم عمره و دمّر عليه (2)ظلمه. (ص 674 ح 1025)

من أفحش الظلم ظلم الكرام. (ص 726 ف 78 ح 24)

هيهات أن ينجو الظالم من أليم عذاب اللّه سبحانه و عظيم سطواته (3). (ص 794 ح 31)

أقول:

لاحظ ما يناسب المقام في أبواب جهنّم، السلاطين، العدل و. . .

ص:57


1- -دحض حجّته: أي بطلها
2- دمّر عليه: أي أهلكه
3- في المصباح: سطا عليه وسطا به يسطو سطوا و سطوة: قهره و أذلّه و هو البطش بشدّة

ص:58

127- حسن الظنّ باللّه تعالى

الآيات

1- . . . يَظُنُّونَ بِاللّهِ غَيْرَ اَلْحَقِّ ظَنَّ اَلْجاهِلِيَّةِ. . . (1)

2- وَ يُعَذِّبَ اَلْمُنافِقِينَ وَ اَلْمُنافِقاتِ وَ اَلْمُشْرِكِينَ وَ اَلْمُشْرِكاتِ اَلظّانِّينَ بِاللّهِ ظَنَّ اَلسَّوْءِ عَلَيْهِمْ دائِرَةُ اَلسَّوْءِ وَ غَضِبَ اَللّهُ عَلَيْهِمْ وَ لَعَنَهُمْ وَ أَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَ ساءَتْ مَصِيراً. (2)

الأخبار

1-عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: قال اللّه تبارك و تعالى: لا يتّكل العاملون [لي] على أعمالهم التي يعملونها لثوابي، فإنّهم لو اجتهدوا و أتعبوا أنفسهم- [و أفنوا] أعمارهم-في عبادتي كانوا مقصّرين غير بالغين في عبادتهم كنه عبادتي فيما يطلبون عندي من كرامتي، و النعيم في جنّاتي، و رفيع الدرجات العلى في جواري، و لكن برحمتي فليثقوا، و فضلي فليرجوا، و إلى حسن الظنّ بي فليطمئنّوا، فإنّ رحمتي عند ذلك تدركهم، و منّي يبلّغهم رضواني،

ص:59


1- -آل عمران:154
2- الفتح:6

و مغفرتي تلبسهم عفوي، فإنّي أنا اللّه الرحمن الرحيم و بذلك تسمّيت. (1)

2-عن أبي جعفر عليه السّلام قال: وجدنا في كتاب عليّ عليه السّلام أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال-و هو على منبره-: و الذي لا إله إلاّ هو ما أعطي مؤمن قطّ خير الدنيا و الآخرة إلاّ بحسن ظنّه باللّه و رجائه له، و حسن خلقه، و الكفّ عن اغتياب المؤمنين.

و الذي لا إله إلاّ هو لا يعذّب اللّه مؤمنا بعد التوبة و الاستغفار إلاّ بسوء ظنّه باللّه، و تقصيره من رجائه، و سوء خلقه، و اغتيابه للمؤمنين، و الذي لا إله إلاّ هو، لا يحسن ظنّ عبد مؤمن باللّه إلاّ كان اللّه عند ظنّ عبده المؤمن، لأنّ اللّه كريم، بيده الخيرات، يستحيي أن يكون عبده المؤمن قد أحسن به الظنّ ثمّ يخلف ظنّه و رجاءه، فأحسنوا باللّه الظنّ و ارغبوا إليه. (2)

بيان:

الفرق بين حسن الظنّ و الرجاء هو أنّ الرجاء يحصل بعد إتيان العمل و الرجاء من غير عمل غرور، كما مرّ توضيحه، كما أنّ الحارث يزرع و يرجو حصده، و لكن حسن الظنّ لا يلازم العمل بل و يستحسن للمسيئ أن يحسن الظنّ باللّه تعالى.

3-عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام قال: أحسن الظنّ باللّه، فإنّ اللّه عزّ و جلّ يقول: أنا عند ظنّ عبدي المؤمن بي، إن خيرا فخيرا و إن شرّا فشرّا. (3)

بيان:

في المرآة ج 8 ص 45: هذا الخبر مرويّ من طرق العامّة أيضا، و قال الخطابي منهم: معناه أنا عند ظنّ عبدي في حسن عمله و سوء عمله، لأنّ من حسن عمله حسن ظنّه و من ساء عمله ساء ظنّه.

ص:60


1- -الكافي ج 2 ص 58 باب حسن الظنّ باللّه ح 1
2- الكافي ج 2 ص 58 ح 2
3- الكافي ج 2 ص 58 ح 3- العيون ج 2 ص 18 ب 30 في ح 44

أقول: الصحيح في معنى الحديث؛ أنا عند ظنّ العبد إذا أحسن العبد ظنّه بي أحسنت إليه و لم أخلف ظنّه، و إذا أساء ظنّه أخذته حسب ظنّه، و يدلّ على ذلك أخبار الباب.

4-عن سفيان بن عيينة قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: حسن الظنّ باللّه أن لا ترجو إلاّ اللّه، و لا تخاف إلاّ ذنبك. (1)

بيان:

في المرآة: فيه إشارة إلى أنّ حسن الظنّ باللّه ليس معناه و مقتضاه ترك العمل و الاجتراء على المعاصي اتّكالا على رحمة اللّه، بل معناه أنّه مع العمل لا يتّكل على عمله، و إنّما يرجو قبوله من فضله و كرمه، و يكون خوفه من ذنبه و قصور عمله لا من ربّه، فحسن الظنّ لا ينافي الخوف، بل لا بدّ من الخوف و ضمّه مع الرجاء و حسن الظنّ كما مرّ.

5-في وصيّة عليّ عليه السّلام لمحمّد بن الحنفيّة، قال: و لا يغلبنّ عليك سوء الظنّ باللّه عزّ و جلّ، فإنّه لن يدع بينك و بين خليلك صلحا. (2)

6-عن ابن رئاب قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: يؤتى بعبد يوم القيامة ظالم لنفسه، فيقول اللّه: ألم آمرك بطاعتي؟ ألم أنهك عن معصيتي؟ فيقول: بلى يا ربّ، و لكن غلبت عليّ شهوتي فإنّ تعذّبني فبذنبي لم تظلمني، فيأمر اللّه به إلى النار، فيقول: ما كان هذا ظنّي بك، فيقول: ما كان ظنّك بي؟ قال: كان ظنّي بك أحسن الظنّ، فيأمر اللّه به إلى الجنّة، فيقول اللّه تبارك و تعالى: لقد نفعك حسن ظنّك بي الساعة. (3)

ص:61


1- -الكافي ج 2 ص 58 ح 4
2- الوسائل ج 15 ص 230 ب 16 من جهاد النفس ح 6
3- الوسائل ج 15 ص 232 ح 9

أقول:

وردت بهذا المعنى أخبار عديدة.

7-حدّثني أبي عن ابن أبي عمير عن عبد الرحمن بن الحجّاج قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: حديث يرويه الناس فيمن يؤمر به آخر الناس إلى النار، فقال: أما إنّه ليس كما يقولون، قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّ آخر عبد يؤمر به إلى النار فإذا أمر به التفت فيقول الجبّار: ردّوه فيردّونه فيقول له: لم التفت إليّ؟ فيقول: يا ربّ، لم يكن ظنّي بك هذا، فيقول: و ما كان ظنّك بي؟ فيقول: يا ربّ، كان ظنّي بك أن تغفر لي خطيئتي، و تسكنني جنّتك.

قال: فيقول الجبّار: يا ملائكتي، لا، و عزّتي و جلالي و آلائي و علوّي و ارتفاع مكاني، ما ظنّ بي عبدي ساعة من خير قطّ، و لو ظنّ بي ساعة من خير ما روّعته بالنار، أجيزوا له كذبه فأدخلوه الجنّة.

ثمّ قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ليس من عبد يظنّ باللّه خيرا إلاّ كان عند ظنّه به و ذلك قوله: وَ ذلِكُمْ ظَنُّكُمُ اَلَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْداكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ اَلْخاسِرِينَ. (1)

8-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال النبيّ داود عليه السّلام: يا ربّ، ما آمن بك من عرفك فلم يحسن الظنّ بك. (2)

9-قال: و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: لا يموتنّ أحدكم إلاّ و هو يحسن الظنّ باللّه، فإنّ حسن الظنّ باللّه ثمن الجنّة. (3)

10-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: و رأيت رجلا من امّتي على الصراط يرتعد كما ترتعد السعفة في يوم ريح عاصف، فجاءه حسن ظنّه باللّه فمسكت (فسكّنت ف ن)

ص:62


1- -تفسير القميّ ج 2 ص 264( فصّلت:23)
2- مشكوة الأنوار ص 36 ب 1 ف 8
3- مشكوة الأنوار ص 36

رعدته. . . (1)

بيان:

«السعفة» : جريد النخل.

11-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: الثقة باللّه و حسن الظنّ به حصن لا يتحصّن به إلاّ كلّ مؤمن، و التوكّل عليه نجاة من كلّ سوء، و حرز من كلّ عدوّ. (2)

12-و عنه عليه السّلام أنّه قال لأصحابه: إن استطعتم أن يشتدّ خوفكم من اللّه، و يحسن ظنّكم به، فاجمعوا بينهما، فإنّما يكون حسن ظنّ العبد بربّه على قدر خوفه، فإنّ أحسن الناس باللّه ظنّا أشدّهم خوفا، فدعوا الأمانيّ منكم و جدّوا و اجتهدوا، و أدّوا إلى اللّه حقّه، و إلى خلقه، فما مع أحد براءة من النار، و ليس لأحد على اللّه حجّة، و لا بين أحد و بين اللّه قرابة. (3)

13-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: إنّ حسن الظنّ باللّه من حسن العبادة. (4)

14-قال أبو جعفر عليه السّلام: يوقف عبد بين يدي اللّه يوم القيامة فيأمر به إلى النار فيقول: لا و عزّتك ما كان هذا ظنّي بك فيقول: ما كان ظنّك بي؟ فيقول: كان ظنّي بك أن تغفر لي، فيقول: قد غفرت لك.

قال أبو جعفر عليه السّلام: أما و اللّه ما ظنّ به في الدنيا طرفة عين، و لو كان ظنّ به طرفة عين ما أوقفه ذلك الموقف لمّا رأى من العفو. (5)

15-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: حبّ الدنيا رأس كلّ خطيئة و رأس العبادة حسن

ص:63


1- -المستدرك ج 11 ص 249 ب 16 من جهاد النفس ح 6
2- المستدرك ج 11 ص 250 ح 7
3- المستدرك ج 11 ص 250 ح 8
4- المستدرك ج 11 ص 252 ح 13
5- البحار ج 70 ص 387 باب الخوف و الرجاء ح 51

الظنّ باللّه تعالى. (1)

16-قال الصادق عليه السّلام: حسن الظنّ أصله من حسن إيمان المرء و سلامة صدره، و علامته أن يرى كلّما نظر إليه بعين الطهارة و الفضل من حيث ركّب فيه و قذف في قلبه من الحياء و الأمانة و الصيانة و الصدق. . .

أوحى اللّه تبارك و تعالى إلى داود عليه السّلام: ذكّر عبادي من آلائي و نعمائي، فإنّهم لم يروا منّي إلاّ الحسن الجميل لئلاّ يظنّوا في الباقي إلاّ مثل الذي سلف منّي إليهم، و حسن الظنّ يدعو إلى حسن العبادة و المغرور يتمادى في المعصية و يتمنّى المغفرة، و لا يكون محسن الظنّ في خلق اللّه إلاّ المطيع له، يرجو ثوابه و يخاف عقابه.

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يحكي عن ربّه: أنا عند حسن ظنّ عبدي بي يا محمّد، فمن زاغ عن وفاء حقيقة موجبات ظنّه بربّه، فقد أعظم الحجّة على نفسه، و كان من المخدوعين في أسر هواه. (2)

17-قال أمير المؤمنين عليه السّلام:

إيّاك أن تسيء الظنّ، فإنّ سوء الظنّ يفسد العبادة و يعظّم الوزر.

(الغرر ج 1 ص 154 ف 5 ح 78)

حسن الظنّ راحة القلب و سلامة الدين. (ص 376 ف 27 ح 14)

حسن ظنّ العبد باللّه على قدر رجائه له. (ص 377 ح 28)

حسن الظنّ من أفضل السجايا و أجزل العطايا. (ص 378 ح 31)

حسن الظنّ أن تخلص العمل و ترجو من اللّه أن يعفو عن الزلل. (ح 33)

من حسن ظنّه حسنت نيّته. (ج 2 ص 617 ف 77 ح 149)

من ساء ظنّه سائت طويّته (3). (ح 150)

ص:64


1- -البحار ج 51 ص 258 باب أخبار المعمّرين ح 7
2- مصباح الشريعة ص 58 ب 85
3- الطويّة: النيّة و الضمير

من حسن ظنّه باللّه سبحانه فاز بالجنّة. (ص 687 ح 1178)

من حسن ظنّه بالدنيا تمكّنت منه المحنة. (ح 1179)

لا دين لسيّىء الظنّ. (ص 832 ف 86 ح 78)

لا إيمان مع سوء الظنّ. (ص 834 ح 100)

ص:65

ص:66

128- حسن الظنّ بالإخوان و قبول العذر عنهم

اشارة

الآيات

1- وَ لا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ اَلسَّمْعَ وَ اَلْبَصَرَ وَ اَلْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلاً. (1)

2- يا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا اِجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ اَلظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ اَلظَّنِّ إِثْمٌ. . . (2)

الأخبار

1-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام في كلام له: ضع أمر أخيك على أحسنه حتّى يأتيك ما يغلبك منه، و لا تظنّنّ بكلمة خرجت من أخيك سوءا و أنت تجد لها في الخير محملا. (3)

بيان:

قال الشهيد رحمه اللّه في كشف الربية ص 65: اعلم أنّه كما يحرم على الإنسان سوء القول في المؤمن، و أن يحدّث غيره بلسانه بمساوي الغير، كذلك يحرم عليه سوء الظنّ

ص:67


1- -الإسراء:36
2- الحجرات:12
3- الكافي ج 2 ص 269 باب التهمة و سوء الظنّ ح 3

و أن يحدّث نفسه بذلك، و المراد من سوء الظنّ المحرّم عقد القلب و حكمه عليه بالسوء من غير يقين به، و أمّا الخواطر و حديث النفس فهو معفوّ عنه كما أنّ الشكّ أيضا معفوّ عنه، قال اللّه تعالى: اِجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ اَلظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ اَلظَّنِّ إِثْمٌ فليس لك أن تعتقد في غيرك سوءا إلاّ إذا انكشف لك بعيان لا يحتمل التأويل، و ما لم تعلمه ثمّ وقع في قلبك فالشيطان يلقيه إليك، فينبغي أن تكذّبه فإنّه أفسق الفسّاق و قد قال اللّه تعالى: يا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ فلا يجوز تصديق إبليس.

و من هنا جاء في الشرع؛ أنّ من علمت في فيه رائحة الخمر لا يجوز أن تحكم عليه بشربها و لا تحدّه عليه، لإمكان أن يكون تمضمض به و مجّه أو حمل عليه قهرا، و ذلك أمر ممكن فلا يجوز إساءة الظنّ بالمسلم، و قد قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: «إنّ اللّه تعالى حرّم من المسلم دمه و ماله و أن يظنّ به ظنّ السوء» فلا يستباح ظنّ السوء إلاّ بما يستباح به الدم و المال، و هو تيقّن (بعين ف ن) مشاهدة أو بيّنة عادلة أو ما جرى مجراهما من الامور المفيدة لليقين أو الثبوت الشرعي. . .

و طريق معرفة ما يخطر في القلب من ذلك هل هو ظنّ سوء أو اختلاج و شكّ؟ أن تختبر نفسك، فإن كانت قد تغيّرت و نفر قلبك عنه نفورا و استثقلته و فتر عن مراعاته، و تفقّده و إكرامه و الاهتمام بحاله و الاغتمام بسببه غير ما كان أوّلا، فهو أمارة عقد الظنّ، و قد قال صلّى اللّه عليه و آله: «ثلاثة في المؤمن و له منهنّ مخرج، فمخرجه من سوء الظنّ أن لا يحقّقه» أي لا يحقّق في نفسه بعقد و لا فعل، لا في قلب و لا في الجوارح، أمّا في القلب فبتغيّره إلى النفرة و الكراهة، و في الجوارح بالعمل بموجبه. . .

و من ثمرات سوء الظنّ التجسّس، فإنّ القلب لا يقنع بالظنّ و يطلب التحقيق فيشتغل بالتجسّس و هو أيضا منهيّ عنه، قال اللّه تعالى: وَ لا تَجَسَّسُوا و قد نهى اللّه سبحانه في هذه الآية الواحدة عن الغيبة و سوء الظنّ و التجسّس. و معنى

ص:68

التجسّس أن لا يترك عباد اللّه تحت ستر اللّه، فيتوصّل إلى الاطّلاع و هتك الستر، حتّى ينكشف لك ما لو كان مستورا عنك كان أسلم لقلبك و لدينك، فتدبّر ذلك راشدا و باللّه التوفيق انتهى.

في جامع السعادات ج 1 ص 280: . . . و لا ريب في أنّ من حكم بظنّه على غيره بالشرّ، بعثه الشيطان على أن يغتابه أو يتواني في تعظيمه و إكرامه، أو يقصّر فيما يلزمه من القيام بحقوقه، أو ينظر إليه بعين الاحتقار و يرى نفسه خيرا منه، و كلّ ذلك من المهلكات. على أنّ سوء الظنّ بالناس من لوازم خبث الباطن و قذارته، كما أنّ حسن الظنّ من علائم سلامة القلب و طهارته، فكلّ من يسئ الظنّ بالناس و يطلب عيوبهم و عثراتهم فهو خبيث النفس سقيم الفؤاد، و كلّ من يحسن الظنّ بهم و يستر عيوبهم فهو سليم الصدر طيّب الباطن، فالمؤمن يظهر محاسن أخيه و المنافق يطلب مساويه و كلّ إناء يترشّح بما فيه.

و السرّ في خباثة سوء الظنّ و تحريمه و صدوره عن خبث الضمير و إغواء الشيطان: أنّ أسرار القلوب لا يعلمها إلاّ علاّم الغيوب، فليس لأحد أن يعتقد في حقّ غيره سوء إلاّ إذا انكشف له بعيان لا يقبل التأويل، إذ حينئذ لا يمكنه ألاّ يعتقد ما شاهده و علمه، و أمّا ما لم يشاهده و لم يعلمه و لم يسمعه و إنّما وقع في قلبه، فالشيطان ألقاه إليه، فينبغي أن يكذّبه لأنّه أفسق الفسقة. . .

2-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: أيّها الناس، من عرف من أخيه و ثيقة دين و سداد طريق فلا يسمعنّ فيه أقاويل الرجال، أما إنّه قد يرمي الرامي و تخطئ السهام، و يحيك الكلام، و باطل ذلك يبور، و اللّه سميع و شهيد، أما إنّه ليس بين الحقّ و الباطل إلاّ أربع أصابع.

فسئل عليه السّلام عن معنى قوله هذا، فجمع أصابعه و وضعها بين أذنه و عينه، ثمّ قال:

ص:69

الباطل أن تقول: سمعت، و الحقّ أن تقول: رأيت. (1)

بيان:

أحاك الكلام فيه: أثّر و عمل. «يبور» : يهلك و يفسد.

3-و قال عليه السّلام: إذا استولى الصلاح على الزمان و أهله ثمّ أساء رجل الظنّ برجل لم تظهر منه خزية (حوبة ف ن) فقد ظلم، و إذا استولى الفساد على الزمان و أهله فأحسن رجل الظنّ برجل فقد غرّر. (2)

بيان:

«الخزية» : البليّة، الخصلة التي يخزى فيها الإنسان «الحوبة» : الإثم.

4-و قال عليه السّلام: ليس من العدل القضاء على الثقة بالظنّ. (3)

5-و قال عليه السّلام: لا تظنّنّ بكلمة خرجت من أحد سوء و أنت تجد لها في الخير محتملا. (4)

6-عن أبي جعفر عليه السّلام قال: سئل أمير المؤمنين عليه السّلام: كم بين الحقّ و الباطل؟ فقال: أربع أصابع. و وضع أمير المؤمنين عليه السّلام يده على اذنه و عينيه فقال: ما رأته عيناك فهو الحقّ و ما سمعته اذناك فأكثره باطل. (5)

7-قال النبيّ صلىّ اللّه عليه و آله: إنّ في المؤمن ثلاث خصال، ليس منها خصلة إلاّ و له منها مخرج: الظنّ، و الطيرة، و الحسد، فمن سلم من الظنّ سلم من الغيبة، و من سلم

ص:70


1- -نهج البلاغة ص 430 خ 141
2- نهج البلاغة ص 1140 ح 110
3- نهج البلاغة ص 1184 ح 211
4- نهج البلاغة ص 1254 ح 352
5- الخصال ج 1 ص 236 باب الأربعة ح 78-و ما بمعناه في الخصال (ج 2 ص 441 باب العشرة ح 33) في جواب المجتبى عليه السّلام للشاميّ

من الغيبة سلم من الزور، و من سلم من الزور سلم من البهتان. (1)

8-و قال صلىّ اللّه عليه و آله: شرّ الناس الظانّون، و شرّ الظانّين المتجسّسون، و شرّ المتجسّسين القوّالون، و شرّ القوّالين الهتّاكون. (2)

9-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: احمل ما سمعت من أخيك على سبعين محملا من محامل الخير، فإن عجزت فاقبل على نفسك و قل: التقصير منك حيث أعيت عليك محامل الخير. (3)

10-قال عليّ بن الحسين عليهما السّلام لولده: إن شتمك رجل عن يمينك ثمّ تحوّل إليك عن يسارك فاعتذر إليك فاقبل عذره. (4)

11-قال الصادق عليه السّلام: التمسوا لإخوانكم العذر في زلاّتهم و هفوات تقصيراتهم، فإن لم تجدوا لهم العذر في ذلك فاعتقدوا أنّ ذلك لقصوركم عن معرفة وجوه العذر. (5)

12-. . . قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: أحسنوا ظنونكم بإخوانكم تغتنموا بها صفاء القلب و نقاء الطبع. . . (6)

13-عن جعفر عن أبيه عليهما السّلام قال: قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: إيّاكم و الظنّ، فإنّ الظنّ أكذب الكذب. . . (7)

14-قال أبو الحسن الثالث عليه السّلام: إذا كان زمان العدل فيه أغلب من الجور

ص:71


1- -المستدرك ج 9 ص 147 ب 141 من العشرة ح 14
2- المستدرك ج 9 ص 147 ح 15
3- مجموعة الأخبار ص 88 ب 56
4- مجموعة الأخبار ص 88
5- مجموعة الأخبار ص 88
6- مصباح الشريعة ص 59 ب 85
7- البحار ج 75 ص 195 باب التهمة ح 8

فحرام أن تظنّ بأحد سوء حتّى يعلم ذلك منه، و إذا كان زمان الجور فيه أغلب من العدل، فليس لأحد أن يظنّ بأحد خيرا حتّى يبدو ذلك منه. (1)

15-في كلمات النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: احترسوا من الناس بسوء الظنّ. (2)

بيان:

«الاحتراس» : التحفّظ.

16-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: . . . أسوء الناس حالا من لم يثق بأحد لسوء ظنّه، و لم يبق به أحد لسوء فعله. . . (3)

17-في مواعظ الصادق عليه السّلام: خذ من حسن الظنّ بطرف تروح به قلبك و يروح به (و يرخّ به م) أمرك. (4)

18-و قال عليه السّلام: إذا كان الزمان زمان جور، و أهله أهل غدر، فالطمأنينة إلى كلّ أحد عجز (فلا طمأنينة إلى كلّ أحد ف ن) . (5)

19-في مواعظ الجواد عليه السّلام: من لم يرض من أخيه بحسن النيّة لم يرض منه بالعطيّة. (6)

20-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

الرجل السوء لا يظنّ بأحد خيرا، لأنّه لا يراه إلاّ بوصف نفسه.

(الغرر ج 1 ص 104 ف 1 ح 2199)

أفضل الورع حسن الظنّ. (ص 184 ف 8 ح 201)

ص:72


1- -البحار ج 75 ص 197 ح 17
2- البحار ج 77 ص 160
3- البحار ج 78 ص 93
4- البحار ج 78 ص 209
5- البحار ج 78 ص 239
6- البحار ج 78 ص 365 و 364

حسن الظنّ راحة القلب و سلامة الدين. (ص 376 ف 27 ح 14)

حسن الظنّ يخفّف الهمّ و ينجّي من تقلّد الإثم. (ص 377 ح 21)

حسن الظنّ من أحسن الشيم و أفضل القسم. (ح 22)

حسن الظنّ من أفضل السجايا و أجزل العطايا. (ص 378 ح 31)

سوء الظنّ بالمحسن شرّ الإثم و أقبح الظلم. (ص 433 ف 39 ح 24)

سوء الظنّ بمن لا يخون من اللؤم. (ح 25)

سوء الظنّ يفسد الامور و يبعث على الشرور. (ح 26)

شرّ الناس من لا يثق بأحد لسوء [ظنّه، و لا يثق به أحد لسوء] فعله. (ص 447 ف 41 ح 76)

من أحسن ظنّه أهمل. (ج 2 ص 611 ف 77 ح 10)

من ساء ظنّه تأمّل. (ح 11)

من حسن ظنّه حسنت نيّته. (ص 617 ح 149)

من ساء ظنّه سائت طويّته. (ح 150)

من ساء ظنّه ساء وهمه. (ص 626 ح 315)

من ظنّ بك خيرا فصدّق ظنّه. (ص 632 ح 411)

من كذّب سوء الظنّ بأخيه، كان ذا عقل صحيح و قلب مستريح. (ص 676 ح 1050)

من حسن ظنّه بالناس جاز منهم المحبّة (حاز منهم المحبّة ف ك)

(ص 687 ح 1180)

من ساءت ظنونه اعتقد الخيانة بمن لا يحومه (لا يخون ف ك) . (ح 1175)

من ساء ظنّه بمن لا يخون حسن ظنّه بما لا يكون. (ح 1176)

من عرّض نفسه للتهمة به، فلا يلومنّ من أساء الظنّ به. (ص 692 ح 1228)

من لم يحسن ظنّه استوحش من كلّ أحد. (ص 712 ح 1422)

ص:73

أقول:

قد مرّ في باب المجالسة عن أمير المؤمنين عليه السّلام: مجالسة الأشرار تورث سوء الظنّ بالأخيار. (البحار ج 74 ص 197)

ص:74

حرف العين

129- العبادة

الآيات

1- إِيّاكَ نَعْبُدُ وَ إِيّاكَ نَسْتَعِينُ. (1)

2- يا أَيُّهَا اَلنّاسُ اُعْبُدُوا رَبَّكُمُ اَلَّذِي خَلَقَكُمْ وَ اَلَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ. (2)

3- وَ إِذْ أَخَذْنا مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ لا تَعْبُدُونَ إِلاَّ اَللّهَ. . . (3)

4- إِنَّ اَللّهَ رَبِّي وَ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ. (4)

5- قُلْ يا أَهْلَ اَلْكِتابِ تَعالَوْا إِلى كَلِمَةٍ سَواءٍ بَيْنَنا وَ بَيْنَكُمْ أَلاّ نَعْبُدَ إِلاَّ اَللّهَ. . . (5)

6- قُلْ أَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اَللّهِ ما لا يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَ لا نَفْعاً وَ اَللّهُ هُوَ اَلسَّمِيعُ

ص:75


1- -الحمد:5
2- البقرة:21
3- البقرة:83
4- آل عمران:51 و بهذا المعنى في الأنعام:102 و مريم:36 و يونس:3 و الزخرف:64
5- آل عمران:64

اَلْعَلِيمُ. (1)

7- قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ اَلَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اَللّهِ. . . (2)

8- قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَ نُسُكِي وَ مَحْيايَ وَ مَماتِي لِلّهِ رَبِّ اَلْعالَمِينَ. (3)

9- . . . فَقالَ يا قَوْمِ اُعْبُدُوا اَللّهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ. . . (4)

10- وَ اُعْبُدْ رَبَّكَ حَتّى يَأْتِيَكَ اَلْيَقِينُ. (5)

11- وَ قَضى رَبُّكَ أَلاّ تَعْبُدُوا إِلاّ إِيّاهُ وَ بِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً. . . (6)

12- . . . فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صالِحاً وَ لا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً. (7)

13- رَبُّ اَلسَّماواتِ وَ اَلْأَرْضِ وَ ما بَيْنَهُما فَاعْبُدْهُ وَ اِصْطَبِرْ لِعِبادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا. (8)

14- إِنَّنِي أَنَا اَللّهُ لا إِلهَ إِلاّ أَنَا فَاعْبُدْنِي وَ أَقِمِ اَلصَّلاةَ لِذِكْرِي. (9)

15- يا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا اِرْكَعُوا وَ اُسْجُدُوا وَ اُعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَ اِفْعَلُوا اَلْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ. (10)

ص:76


1- -المائدة:76 و نظيرها في يونس:18 و مريم:42 و الزمر:66 و الأنبياء:66
2- الأنعام:56
3- الأنعام:162
4- الأعراف:59 و المؤمنون:23 و بهذا المعنى في الأعراف:65 و 73 و 85 و هود:50 و 61 و 84 و الرعد:36 و النحل:36 و المؤمنون:32 و النمل:45 و العنكبوت:16 و 36 و نوح:3
5- الحجر:99
6- الإسراء:23
7- الكهف:110
8- مريم:65
9- طه:14
10- الحجّ:77

16- إِذْ جاءَتْهُمُ اَلرُّسُلُ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلاّ تَعْبُدُوا إِلاَّ اَللّهَ. . . (1)

17- وَ ما خَلَقْتُ اَلْجِنَّ وَ اَلْإِنْسَ إِلاّ لِيَعْبُدُونِ. (2)

18- وَ ما أُمِرُوا إِلاّ لِيَعْبُدُوا اَللّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ اَلدِّينَ. . . (3)

الأخبار

1-عن عمر بن يزيد عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: في التوراة مكتوب: يابن آدم، تفرّغ لعبادتي أملأ قلبك غنى، و لا أكلك إلى طلبك، و عليّ أن أسدّ فاقتك، و أملأ قلبك خوفا منّي، و إن لا تفرّغ لعبادتي أملأ قلبك شغلا بالدنيا ثمّ لا أسدّ فاقتك و أكلك إلى طلبك. (4)

بيان:

«تفرّغ» : أي تخلّى من الشغل، يعني اجعل نفسك و قلبك فارغا عن أشغال الدنيا و شهواتها و علائقها «قلبك غنى» : أي عن الناس «أسدّ» يقال: سدّ الثلمة: ردمها و أصلحها، و سدّ الباب: أغلقه «العبادة» العبوديّة: إظهار التذلّل، و العبادة أبلغ منها لأنّها غاية الخضوع و التذلّل، و لا يستحقّها إلاّ من له غاية الإفضال و هو اللّه، و لهذا قال تعالى: أَلاّ تَعْبُدُوا إِلاّ إِيّاهُ و بحسب الاصطلاح هي المواظبة على فعل المأمور به، و الفاعل عابد.

و قال المحقّق الطوسيّ في الأخلاق الناصريّة: قال الحكماء: عبادة اللّه ثلاثة أنواع:

الأوّل: ما يجب على الأبدان كالصلاة و الصيام و السعي في المواقف الشريفة لمناجاته جلّ ذكره.

ص:77


1- -فصّلت:14 و بهذا المعنى في الأنبياء:25 و الأحقاف:21
2- الذاريات:56
3- البيّنة:5 و نظيرها في الزمر:2 و 11 و 14
4- الكافي ج 2 ص 67 باب العبادة ح 1

الثاني: ما يجب على النفوس كالاعتقادات الصحيحة من العلم بتوحيد اللّه و ما يستحقّه من الثناء و التمجيد و الفكر فيما أفاضه اللّه سبحانه على العالم من وجوده و حكمته ثمّ الاتّساع في هذه المعارف.

الثالث: ما يجب عند مشاركات الناس في المدن و هي في المعاملات و المزارعات و المناكح و تأدية الأمانات و نصح البعض للبعض بضروب المعاونات و جهاد الأعداء و الذبّ عن الحريم و حماية الحوزة.

2-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: قال اللّه تبارك و تعالى: يا عبادي الصدّيقين، تنعّموا بعبادتي في الدنيا فإنّكم تتنعّمون بها في الآخرة. (1)

بيان:

في المرآة ج 8 ص 83، «بعبادتي» : الظاهر أنّ الباء صلة فإنّ الصدّيقين و المقرّبين يلتذّون بعبادة ربّهم و يتقوّون بها و هي عندهم أعظم اللذّات الروحانيّة. . .

3-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أفضل الناس من عشق العبادة، فعانقها و أحبّها بقلبه، و باشرها بجسده، و تفرّغ لها، فهو لا يبالي على ما أصبح من الدنيا، على عسر أم على يسر. (2)

4-قال عيسى بن عبد اللّه لأبي عبد اللّه عليه السّلام: جعلت فداك، ما العبادة؟ قال: حسن النيّة بالطاعة من الوجوه التي يطاع اللّه منها. . . (3)

بيان:

في المرآة، «حسن النيّة. . .» : كأنّ المعنى أنّ العبادة الصحيحة المقبولة هي ما يكون مع النيّة الحسنة الخالصة من شوائب الريا و السمعة و غيرها، مع طاعة أئمّة الحقّ عليهم السّلام و تكون تلك العبادة مأخوذة من الوجوه التي يطاع اللّه منها أي لا تكون

ص:78


1- -الكافي ج 2 ص 68 ح 2
2- الكافي ج 2 ص 68 ح 3
3- الكافي ج 2 ص 68 ح 4

مبتدعة بل تكون مأخوذة عن الدلائل الحقّة و الآثار الصحيحة. . .

5-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ العبّاد ثلاثة: قوم عبدوا اللّه عزّ و جلّ خوفا، فتلك عبادة العبيد، و قوم عبدوا اللّه تبارك و تعالى طلب الثواب، فتلك عبادة الاجراء و قوم عبدوا اللّه عزّ و جلّ حبّا له، فتلك عبادة الأحرار و هي أفضل العبادة. (1)

6-عن أبي حمزة عن عليّ بن الحسين عليهما السّلام قال: من عمل بما افترض اللّه عليه فهو من أعبد الناس. (2)

7-عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ألا إنّ لكلّ عبادة شرّة، ثمّ تصير إلى فترة، فمن صارت شرّة عبادته إلى سنّتي فقد اهتدى، و من خالف سنّتي فقد ضلّ و كان عمله في تباب، أما إنّي اصلّي و أنام و أصوم و أفطر و أضحك و أبكي، فمن رغب عن منهاجي و سنّتي فليس منّي.

و قال: كفى بالموت موعظة، و كفى باليقين غنى، و كفى بالعبادة شغلا. (3)

بيان:

«الشرّة» : النشاط و الرغبة.

«الفترة» : في المصباح: فتر عن العمل فتورا من باب قعد: انكسرت حدّته و لان بعد شدّته. و في النهاية: . . . أصابني على حال فترة. . . أي في حال سكون و تقليل من العبادات و المجاهدات.

«إلى سنّتي» : أي منتهيا إليها أو"إلى"بمعنى"مع"أي لا تدعوه كثرة الرغبة في العبادة إلى ارتكاب البدع بل يعمل بالسنن أو المراد أن يكون ترك الشرّة بالاقتصاد و الإكتفاء بالسنن و ترك بعض التطوّعات.

ص:79


1- -الكافي ج 2 ص 68 ح 5
2- الكافي ج 2 ص 68 ح 7
3- الكافي ج 2 ص 69 باب آخر ح 1

«في تباب» : أي تباب العمل أو صاحبه، و التباب: الخسران و الهلاك و في بعض النسخ: "في تبار"و هو أيضا الهلاك. (المرآة ج 8 ص 107)

8-عن حفض بن البختريّ عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: لا تكرّهوا إلى أنفسكم العبادة. (1)

بيان:

حاصله؛ النهي عن الإفراط في التطوّعات بحيث يكرهها النفس.

و جدير بالذكر أنّ الأشخاص مختلفون بحسب الاستعداد و الحالات، فيجب على الإنسان أن يكلّف نفسه على العبادات بقدر وسعه و طاقته.

9-عن أبي بصير عن عبد اللّه عليه السّلام قال: مرّ بي أبي و أنا بالطواف و أنا حدث و قد اجتهدت في العبادة، فرآني و أنا أتصابّ عرقا، فقال لي: يا جعفر، يا بنيّ، إنّ اللّه إذا أحبّ عبدا أدخله الجنّة و رضي عنه باليسير. (2)

بيان:

وردت بهذا المعنى أخبار اخر، و تكون هذه الأحاديث في حقّ الأوحد من العباد الذين أحبّهم اللّه فيحبّونه حيث يبالغون و يشقّون في العبادة شوقا إلى حبيبهم، لا نحن المقصّرين في تكاليفنا، المحرومين عن جنابه و حبّه.

10-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: يا عليّ، إنّ هذا الدين متين، فأوغل فيه برفق، و لا تبغّض إلى نفسك عبادة ربّك، فإنّ المنبتّ-يعني المفرط-لا ظهرا أبقى و لا أرضا قطع، فاعمل عمل من يرجو أن يموت هرما، و احذر حذر من يتخوّف أن يموت غدا. (3)

ص:80


1- -الكافي ج 2 ص 70 باب الاقتصاد في العبادة ح 2
2- الكافي ج 2 ص 70 ح 4
3- الكافي ج 2 ص 71 ح 6 و بمدلوله ح 1

بيان:

«فأوغل» : قال في النهاية ج 5 ص 209 ذيل الخبر: الإيغال: السير الشديد. . . و الوغول: الدخول في الشيء، و قد وغل يغل وغولا. يريد سر فيه برفق، و ابلغ الغاية القصوى منه بالرفق، لا على سبيل التهافت و الخرق، و لا تحمل على نفسك و تكلّفها ما لا تطيق فتعجز و تترك الدين و العمل.

و في النهاية ج 1 ص 92: «المنبتّ» : يقال للرجل إذا انقطع به في سفره و عطبت راحلته: قد انبتّ، من البتّ: القطع، و هو مطاوع بتّ، يقال: بتّه و أبتّه، يريد أنّه بقي في طريقه عاجزا عن مقصده لم يقض و طره، و قد أعطب ظهره.

11-قال أبو الحسن موسى عليه السّلام لبعض ولده: يا بنيّ، عليك بالجدّ، لا تخرجنّ نفسك من حدّ التقصير في عبادة اللّه عزّ و جلّ و طاعته، فإنّ اللّه لا يعبد حقّ عبادته. (1)

بيان:

في المرآة: أي عدّ نفسك مقصّرا في طاعة اللّه و إن بذلت الجهد فيها، فإنّ اللّه لا يمكن أن يعبد حقّ عبادته كما قال سيّد البشر: «ما عبدناك حقّ عبادتك» .

أقول: قد مرّ ما يناسب المقام في باب حسن الظنّ باللّه و غيره.

و مرّ في باب الشهرة: قال اللّه عزّ و جلّ: إنّ من أغبط أوليائي عندي عبدا مؤمنا ذا حظّ من صلاح، أحسن عبادة ربّه، و عبد اللّه في السريرة. . .

12-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: المتعبّد على غير فقه كحمار الطاحونة يدور و لا يبرح، و ركعتان من عالم خير من سبعين ركعة من جاهل، لأنّ العالم تأتيه الفتنة، فيخرج منها بعلمه، و تأتي الجاهل فينسفه نسفا، و قليل العمل مع كثير

ص:81


1- -الكافي ج 2 ص 59 باب الاعتراف بالتقصير ح 1

العلم خير من كثير العمل مع قليل العلم و الشكّ و الشبهة. (1)

بيان:

«طاحونة» : يقال بالفارسيّة: آسياب. «لا يبرح» : يقال: برح من مكانه إذا انكشف عنه و فارقه. «فينسفه نسفا» : أي يقلعها من أصلها، من قولهم: نسفت الريح التراب: إذا أقتلعته و فرّقته. (درهم كوبيده مى شود و از بيخ كنده مى شود) .

13-قال عليّ عليه السّلام: العبوديّة خمسة أشياء: خلاء البطن، و قراءة القرآن، و قيام الليل، و التضرّع عند الصبح، و البكاء من خشية اللّه. (2)

14-قال الصادق جعفر بن محمّد عليه السّلام: إنّ الناس يعبدون اللّه عزّ و جلّ على ثلاثة أوجه: فطبقة يعبدونه رغبة في ثوابه، فتلك عبادة الحرصاء، و هو الطمع، و آخرون يعبدونه خوفا من النار، فتلك عبادة العبيد، و هي رهبة، و لكنّي أعبده حبّا له عزّ و جلّ، فتلك عبادة الكرام، و هو الأمن لقوله عزّ و جلّ: وَ هُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ (3)و لقوله عزّ و جلّ: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اَللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اَللّهُ وَ يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ (4)فمن أحبّ اللّه عزّ و جلّ أحبّه اللّه، و من أحبّه اللّه تعالى كان من الآمنين. (5)

بيان:

«الرهبة» : أي الخوف.

ص:82


1- -الاختصاص ص 238(البحار ج 1 ص 208 باب العمل بغير علم ح 10)
2- جامع الأخبار ص 178 ف 141
3- النمل:89
4- آل عمران:31
5- الوسائل ج 1 ص 62 ب 9 من مقدّمة العبادات ح 2(الخصال ج 1 ص 188 باب الثلاثة ح 259)

15-عن عمّار الساباطي قال: قال لي أبو عبد اللّه عليه السّلام: يا عمّار، الصدقة و اللّه في السرّ أفضل من الصدقة في العلانية، و كذلك و اللّه العبادة في السرّ أفضل منها في العلانية. (1)

16-عن معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: كان عليّ بن الحسين عليهما السّلام يقول: إنّي لأحبّ أن أداوم على العمل و إن قلّ. (2)

أقول:

بهذا المعنى أخبار اخر، في بعضها: فليدم عليه سنة، و ذلك أنّ ليلة القدر يكون فيها.

17-عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: قال اللّه تعالى: إنّ من عبادي المؤمنين لمن يجتهد في عبادتي، فيقوم من رقاده و لذيد و ساده، فيجتهد (فيتهجّد) لي الليالي، فيتعب (فتتعب) نفسه في عبادتي، فأضربه بالنعاس الليلة و الليلتين نظرا منّي له، و إبقاء عليه، فينام حتّى يصبح، فيقوم و هو ماقت لنفسه زارىء عليها، و لو أخلّي بينه و بين ما يريد من عبادتي لدخله العجب من ذلك، فيصيّره العجب إلى الفتنة بأعماله، فيأتيه من ذلك ما فيه هلاكه لعجبه بأعماله، و رضاه عن نفسه، حتّى يظنّ أنّه قد فاق العابدين، و جاز في عبادته حدّ التقصير، فيتباعد منّي عند ذلك و هو يظنّ أنّه يتقرّب إليّ. . . (3)

أقول:

ستأتي أخبار أخر في باب العجب.

بيان: «زرى نفسه» : أي عاتبها و عابها.

18-عن محمّد بن مسلم قال: سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول: كلّ من دان اللّه

ص:83


1- -الوسائل ج 1 ص 77 ب 17 ح 2
2- الوسائل ج 1 ص 94 ب 21 ح 2
3- الوسائل ج 1 ص 98 ب 23 ح 1( الكافي ج 2 ص 50 باب الرضا بالقضاء ح 4)

عزّ و جلّ بعبادة يجهد فيها نفسه و لا إمام له من اللّه، فسعيه غير مقبول، و هو ضالّ متحيّر، و اللّه شانئ لأعماله. . . و إن مات على هذه الحال مات ميتة كفر و نفاق، و اعلم يا محمّد، أنّ أئمّة الجور و أتباعهم لمعزولون عن دين اللّه، قد ضلّوا و أضلّوا، فأعمالهم التي يعملونها كرماد اشتدّت به الريح في يوم عاصف، لا يقدرون ممّا كسبوا على شيء، ذلك هو الضلال البعيد. (1)

أقول:

سيأتي بهذا المضمون أخبار كثيرة في باب الولاية إن شاء اللّه.

19-عن الصادق عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أعظم العبادة أجرا أخفاها. (2)

20-. . . قال الباقر عليه السّلام: لا يكون العبد عابدا للّه حقّ عبادته حتّى ينقطع عن الخلق كلّهم إليه، فحينئذ يقول: هذا خالص لي فيقبله بكرمه. (3)

21-في وصيّة أمير المؤمنين عليه السّلام عند وفاته: و اقتصد يا بنيّ، في معيشتك، و اقتصد في عبادتك، و عليك فيها بالأمر الدائم الذي تطيقه. (4)

22-عن هشام بن سالم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: العمل الدائم القليل على اليقين أفضل عند اللّه من العمل الكثير على غير يقين. (5)

أقول:

بهذا المعنى أخبار اخر، في بعضها: «لا عبادة إلاّ بيقين» راجع البحار ج 77 ص 171 و غيره.

ص:84


1- -الوسائل ج 1 ص 118 ب 29 ح 1
2- البحار ج 70 ص 251 باب العبادة و الاختفاء فيها ح 1
3- البحار ج 70 ص 111 باب العزلة ح 14
4- البحار ج 71 ص 214 باب الاقتصاد في العبادة ح 9
5- البحار ج 71 ص 214 ح 10

23-في مواعظ السجّاد عليه السّلام: . . . و لا عمل إلاّ بنيّة، و لا عبادة إلاّ بتفقّه. . . (1)

أقول:

بهذا المضمون أخبار اخر، و في تحف العقول ص 144 في حديث عن عليّ عليه السّلام: لا خير في عبادة ليس فيها تفقّه.

24-في كلم أمير المؤمنين عليه السّلام: سكّنوا في أنفسكم معرفة ما تعبدون حتّى ينفعكم ما تحرّكون من الجوارح بعبادة من تعرفون. (2)

أقول:

بهذا المعنى أخبار كثيرة.

25-عن الصادق عليه السّلام: أفضل العبادة العلم باللّه و التواضع له. (3)

26-في حديث المعراج: . . . يا أحمد، إنّ العبادة عشرة أجزاء تسعة منها طلب الحلال، فإذا طيّبت مطعمك و مشربك فأنت في حفظي و كنفي، قال: يا ربّ، ما أوّل العبادة؟ قال: أوّل العبادة الصمت و الصوم. قال: يا ربّ، و ما ميراث الصوم؟ قال: الصوم يورث الحكمة و الحكمة تورث المعرفة، و المعرفة تورث اليقين، فإذا استيقن العبد لا يبالي كيف أصبح، بعسر أم بيسر. . . (4)

يا أحمد، هل تدري متى تكون العبد عابدا؟ قال: لا يا ربّ، قال: إذا اجتمع فيه سبع خصال: ورع يحجزه عن المحارم، و صمت يكفّه عمّا لا يعنيه، و خوف يزداد كلّ يوم من بكائه، و حياء يستحيي منّي في الخلاء، و أكل ما لا بدّ منه

ص:85


1- -البحار ج 78 ص 148 و ص 138
2- البحار ج 78 ص 63
3- البحار ج 78 ص 247
4- البحار ج 77 ص 27

و يبغض الدنيا لبغضي لها، و يحبّ الأخيار لحبّي إيّاهم. (1)

أقول:

سيأتي في باب العلم حديث عنوان البصري عن الصادق عليه السّلام (و فيه) قلت: يا أبا عبد اللّه، ما حقيقة العبودية؟ قال: ثلاثة أشياء: أن لا يرى العبد لنفسه فيما خوّله اللّه ملكا، لأنّ العبيد لا يكون لهم ملك، يرون المال مال اللّه يضعونه حيث أمرهم اللّه به، و لا يدبّر العبد لنفسه تدبيرا، و جملة اشتغاله فيما أمره تعالى به و نهاه عنه.

فإذا لم ير العبد لنفسه فيما خوّله اللّه تعالى ملكا هان عليه الإنفاق فيما أمره اللّه أن ينفق فيه، و إذا فوّض العبد تدبير نفسه على مدبّره هان عليه مصائب الدنيا، و إذا اشتغل العبد بما أمره اللّه تعالى و نهاه لا يتفرّغ منهما إلى المراء و المباهاة مع الناس، فإذا أكرم اللّه العبد بهذه الثلاثة هان عليه الدنيا، و إبليس، و الخلق. . .

(البحار ج 1 ص 225)

27-في خطبة الرضا عليه السّلام في التوحيد: أوّل عبادة اللّه تعالى معرفته، و أصل معرفة اللّه توحيده. (2)

28-فيما كتب أمير المؤمنين عليه السّلام إلى الحارث الهمدانيّ: و خادع نفسك في العبادة، و ارفق بها و لا تقهرها، و خذ عفوها و نشاطها إلاّ ما كان مكتوبا عليك من الفريضة، فإنّه لا بدّ من قضائها و تعاهدها عند محلّها. (3)

29-و قال عليه السّلام: إنّ قوما عبدوا اللّه رغبة فتلك عبادة التجّار، و إنّ قوما عبدوا اللّه رهبة فتلك عبادة العبيد، و إنّ قوما عبدوا اللّه شكرا فتلك عبادة

ص:86


1- -البحار ج 77 ص 30
2- العيون ج 1 ص 124
3- نهج البلاغة ص 1070 في ر 69

الأحرار. (1)

أقول:

و في كلام له عليه السّلام: إلهي ما عبدتك خوفا من عقابك و لا طمعا في ثوابك و لكن وجدتك أهلا للعبادة فعبدتك. (البحار ج 41 ص 14 باب عبادته عليه السّلام في ح 4)

30-و قال عليه السّلام: قليل تدوم عليه أرجى من كثير مملول منه. (2)

31-و قال عليه السّلام: قليل مدوم عليه خير من كثير مملول منه. (3)

32-و قال عليه السّلام: السعادة التامّة بالعلم، و السعادة الناقصة بالزهد، و العبادة من غير علم و لا زهادة تعب الجسد. (4)

33-قال الصادق عليه السّلام: العبوديّة جوهرة كنهها الربوبيّة، فما فقد من العبوديّة وجد في الربوبيّة، و ما خفي عن الربوبيّة اصيب في العبوديّة. . . و تفسير العبوديّة بذل الكلّ، و سبب ذلك منع النفس عما تهوي، و حملها على ما تكره، و مفتاح ذلك ترك الراحة و حبّ العزلة، و طريقة الافتقار إلى اللّه تعالى.

قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: اعبد اللّه كأنّك تراه، فإن لم تكن تراه فإنّه يراك، و حروف العبد ثلاثة: (ع-ب-د) فالعين علمه باللّه، و الباء بونه عمّن سواه، و الدال دنوّه من اللّه تعالى بلا كيف و لا حجاب.

و أصول المعاملات تقع على أربعة أوجه: معاملة اللّه تعالى، و معاملة النفس، و معاملة الخلق، و معاملة الدنيا، و كلّ وجه منها منقسم على سبعة أركان.

أمّا أصول معاملة اللّه تعالى فسبعة أشياء: أداء حقّه، و حفظ حدّه، و شكر عطائه، و الرضا بقضائه، و الصبر على بلائه، و تعظيم حرمته، و الشوق إليه.

ص:87


1- -نهج البلاغة ص 1192 ح 229
2- نهج البلاغة ص 1222 ح 270
3- نهج البلاغة ص 1292 ح 436
4- شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 20 ص 307

و أصول معاملة النفس سبعة: الجهد، و الخوف، و حمل الأذى، و الرياضة، و طلب الصدق و الإخلاص، و إخراجها من محبوبها، و ربطها في الفقر.

و أصول معاملة الخلق سبعة: الحلم، و العفو، و التواضع، و السخاء، و الشفقة، و النصح، و العدل، و الإنصاف.

و أصول معاملة الدنيا سبعة: الرضا بالدون، و الإيثار بالموجود، و ترك طلب المفقود، و بغض الكثرة، و اختيار الزهد، و معرفة آفاتها، و رفض شهواتها مع رفض الرياسة، فإذا حصلت هذه الخصال في نفس واحدة، فهو من خاصّة اللّه و عباده المقرّبين و أوليائه حقّا.

قال الصادق عليه السّلام: كتاب اللّه تعالى على أربعة أشياء: العبارة، و الإشارة، و اللطائف، و الحقايق، فالعبارة للعوامّ، و الإشارة للخواصّ، و اللطائف للأولياء، و الحقايق للأنبياء عليهم السّلام. (1)

34-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

أوّل العبادة انتظار الفرج بالصبر. (الغرر ج 1 ص 44 ف 1 ح 1304)

العبادة فوز. (ص 7 ح 86)

التفكّر في ملكوت السماوات و الأرض عبادة المخلصين. (ص 72 ح 1817)

العبادة الخالصة أن لا يرجو الرجل إلاّ ربّه و لا يخاف إلاّ ذنبه.

(ص 99 ح 2150)

أفضل العبادة سهر العيون بذكر اللّه سبحانه. (ص 193 ف 8 ح 327)

أفضل العبادة الزهادة. (ص 176 ح 44)

أفضل العبادة غلبة العادة. (ص 176 ح 45)

أفضل العبادة الفكر. (ص 177 ح 79)

ص:88


1- -مصباح الشريعة ص 66 ب 100

أفضل العبادة عفّة البطن و الفرج (ص 185 ح 208)

أعلى العبادة إخلاص العمل. (ص 208 ح 489)

إذا أحبّ اللّه عبدا ألهمه حسن العبادة (ص 315 ف 17 ح 90)

ثمرة العلم العبادة (ص 359 ف 23 ح 14)

خادع نفسك عن العبادة، و ارفق بها و خذ عفوها و نشاطها إلاّ ما كان مكتوبا من الفريضة فإنّه لا بدّ من أدائها. (ص 396 ف 30 ح 27)

ربّ متنسّك و لا دين له. (ص 417 ف 35 ح 73)

زين العبادة الخشوع. (ص 426 ف 37 ح 25)

غضّ الطرف عن محارم اللّه أفضل العبادة (ج 2 ص 509 ف 57 ح 47)

في الانفراد لعبادة اللّه كنوز الأرباح. (ص 514 ف 58 ح 62)

كيف يجد لذّة العبادة من لا يصوم عن الهوى. (ص 554 ف 64 ح 12)

ما تقرّب متقرّب بمثل عبادة اللّه. (ص 738 ف 79 ح 38)

لا عبادة كالتفكّر. (ص 829 ف 86 ح 13)

لا عبادة كالصمت. (ص 831 ح 37)

أقول:

ذكرنا أهمّ الأخبار، و قد مرّ بعضها في أبواب الجهد و الاجتهاد في العمل، الشيعة، الإيمان، و الحرام، و فيه: أنّ العبادة مع أكل الحرام كالبناء على الرمل، و قيل: على الماء.

و سيأتي بعضها في أبواب العجب، الورع، التقوى، النيّة و. . .

و الأخبار في كثرة عبادة المعصومين عليهم السّلام كثيرة راجع البحار (أبواب تاريخهم) و غيره.

ص:89

ص:90

130- العجب و الإدلال

الآيات

1- قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمالاً- اَلَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي اَلْحَياةِ اَلدُّنْيا وَ هُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً. الآيات. (1)

2- أَ فَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً فَإِنَّ اَللّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ وَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ. . . (2)

3- . . . هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ اَلْأَرْضِ وَ إِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اِتَّقى. (3)

الأخبار

1-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ اللّه علم أنّ الذنب خير للمؤمن من العجب و لو لا ذلك ما ابتلي مؤمن بذنب أبدا. (4)

ص:91


1- -الكهف:103 إلى 106
2- فاطر:8
3- النجم:32
4- الكافي ج 2 ص 236 باب العجب ح 1

بيان:

في المرآة ج 10 ص 218: العجب: استعظام العمل الصالح و استكثاره، و الابتهاج له و الإدلال به، و أن يرى نفسه خارجا عن حدّ التقصير، و أمّا السرور به مع التواضع له تعالى و الشكر له على التوفيق لذلك، و طلب الاستزادة منه فهو حسن ممدوح. . .

و الخبر يدلّ على أنّ العجب أشدّ من الذنب أي من ذنوب الجوارح، فإنّ العجب ذنب القلب، و ذلك لأنّ الذنب يزول بالتوبة و يكفّر بالطاعات، و العجب صفة نفسانيّة يشكل إزالتها، و يفسد الطاعات و يهبطها عن درجة القبول، و للعجب آفات كثيرة؛ فإنّه يدعو إلى الكبر كما عرفت، و مفاسد الكبر ما عرفت بعضها، و أيضا العجب يدعو إلى نسيان الذنوب و إهمالها. . .

و المعجب يغترّ بنفسه و بربّه و يأمن مكر اللّه و عذابه، و يظنّ أنّه عند اللّه بمكان و أنّ له على اللّه منّة و حقّا بأعماله التي هي نعمة من نعمه و عطيّة من عطاياه، ثمّ إنّ إعجابه بنفسه و رأيه و علمه و عقله يمنعه من الاستفادة و الاستشارة و السؤال، فيستنكف من سؤال من هو أعلم منه، و ربّما يعجب بالرأي الخطاء الذي خطر له فيصرّ عليه و آفات العجب أكثر من أن تحصى انتهى.

و في جامع السعادات ج 1 ص 321: العجب و هو استعظام نفسه لأجل ما يرى لها من صفة كمال، سواء كانت له تلك الصفة في الواقع أم لا، و سواء كانت صفة كمال في نفس الأمر أم لا، و قيل: «هو إعظام النعمة و الركون إليها مع نسيان إضافتها إلى المنعم» و هو قريب ممّا ذكر، و لا يعتبر في مفهومه رؤية نفسه فوق الغير في هذا الكمال و هذه النعمة، و بذلك يمتاز عن الكبر. . .

و الحاصل؛ أنّ العجب مجرّد إعظام النفس لأجل كمال أو نعمة، و إعظام نفس الكمال و النعمة مع الركون و نسيان إضافتهما إلى اللّه، فإن لم يكن معه ركون و كان خائفا على زوال النعمة مشفقا على تكدّرها أو سلبها بالمرّة، أو كان فرحه بها

ص:92

من حيث إنّها من اللّه من دون إضافتها إلى نفسه لم يكن معجبا. . .

أقول: في دعاء مكارم الأخلاق: «و عبّدني لك و لا تفسد عبادتي بالعجب» .

2-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من دخله العجب هلك. (1)

3-عن عليّ بن سويد عن أبي الحسن عليه السّلام قال: سألته عن العجب الذي يفسد العمل، فقال: العجب درجات منها، أن يزيّن للعبد سوء عمله فيراه حسنا، فيعجبه و يحسب أنّه يحسن صنعا. و منها، أن يؤمن العبد بربّه فيمنّ على اللّه عزّ و جلّ، و للّه عليه فيه المنّ. (2)

أقول:

أبو الحسن يحتمل الأوّل و الثانيّ عليهما السّلام لرواية ابن سويد عنهما، و في البحار ج 78 ص 336 عن الرضا عليه السّلام مثله.

4-عن إسحاق بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: أتى عالم عابدا فقال له: كيف صلاتك؟ فقال: مثلي يسأل عن صلاته؟ و أنا أعبد اللّه منذ كذا و كذا، قال: فكيف بكاؤك؟ قال: أبكي حتّى تجري دموعي، فقال له العالم: فإنّ ضحكك و أنت خائف أفضل من بكائك و أنت مدلّ، إنّ المدلّ لا يصعد من عمله شيء. (3)

بيان:

«المدلّ» : أي المنبسط المسرور الذي لا خوف له من التقصير في العمل، فمهما انعقد في نفس المعجب أنّ له على اللّه حقّا، و عنده بمكان، و استبعد أن يجري عليه مكروه، و كان متوقّعا منه كرامة لعمله، سمّي ذلك إدلالا بالعمل، فكأنّه يرى لنفسه على اللّه دالّة، و الإدلال وراء العجب و فوقه، فلا مدلّ إلاّ و هو معجب و ربّ معجب لا يكون مدلاّ، إذ العجب مجرّد الاستعظام و نسيان الإضافة إلى اللّه، من دون توقّع

ص:93


1- -الكافي ج 2 ص 236 ح 2
2- الكافي ج 2 ص 236 ح 3
3- الكافي ج 2 ص 236 ح 5

جزاء على عمله، و الإدلال لا يتمّ إلاّ مع توقّع جزاء، فالمدلّ يتوقّع إجابة دعوته و يستنكر ردّها بباطنه، و يتعجّب من ردّها، و هو من مقدّمات الكبر و أسبابه.

5-عن أحدهما عليهما السّلام قال: دخل رجلان المسجد أحدهما عابد و الآخر فاسق، فخرجا من المسجد و الفاسق صدّيق، و العابد فاسق، و ذلك أنّه يدخل العابد المسجد مدلاّ بعبادته يدلّ بها فتكون فكرته في ذلك، و تكون فكرة الفاسق في التندّم على فسقه، و يستغفر اللّه عزّ و جلّ ممّا صنع من الذنوب. (1)

6-عن عبد الرحمن بن الحجّاج قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: الرجل يعمل العمل و هو خائف مشفق ثمّ يعمل شيئا من البرّ فيدخله شبه العجب به. فقال: هو في حاله الاولى و هو خائف أحسن حالا منه في حال عجبه. (2)

7-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: بينما موسى عليه السّلام جالسا إذ أقبل إبليس و عليه برنس ذو ألوان، فلمّا دنا من موسى عليه السّلام خلع البرنس و قام إلى موسى فسلّم عليه، فقال له موسى: من أنت؟ فقال: أنا إبليس، قال: أنت فلا قرّب اللّه دارك، قال: إنّي إنّما جئت لاسلّم عليك لمكانك من اللّه، قال: فقال له موسى عليه السّلام: فما هذا البرنس؟ قال: به أختطف قلوب بني آدم، فقال موسى: فأخبرني بالذنب الذي إذا أذنبه ابن آدم استحوذت عليه؟ قال: إذا أعجبته نفسه، و استكثر عمله، و صغر في عينه ذنبه.

و قال: قال اللّه عزّ و جلّ لداود عليه السّلام: يا داود، بشّر المذنبين و أنذر الصدّيقين قال: كيف أبشّر المذنبين و أنذر الصدّيقين؟ قال: يا داود، بشّر المذنبين أنّي أقبل التوبة و أعفو عن الذنب، و أنذر الصدّيقين ألاّ يعجبوا بأعمالهم، فإنّه ليس عبد أنصبه للحساب إلاّ هلك. (3)

ص:94


1- -الكافي ج 2 ص 237 ح 6
2- الكافي ج 2 ص 237 ح 7-و قريب منه ح 4
3- الكافي ج 2 ص 237 ح 8

بيان:

قد مرّ صدر الحديث عن أمالي المفيد مع بيان مفرداته في باب الشيطان.

8-عن الحسن بن الجهم قال: سمعت أبا الحسن عليه السّلام يقول: إنّ رجلا في بني إسرائيل عبد اللّه أربعين سنة ثمّ قرّب قربانا فلم يقبل منه، فقال لنفسه: ما أتيت إلاّ منك و ما الذنب إلاّ لك، قال: فأوحى اللّه تبارك و تعالى إليه: ذمّك لنفسك أفضل من عبادتك أربعين سنة. (1)

9-عن الفضل بن يونس قال: قال أبو الحسن عليه السّلام: أكثر من أن تقول: «اللهمّ لا تجعلني من المعارين، و لا تخرجني من التقصير» . قال: قلت: أمّا المعارون فقد عرفت أنّ الرجل يعار الدين ثمّ يخرج منه، فما معنى لا تخرجني من التقصير؟ فقال: كلّ عمل تريد به اللّه عزّ و جلّ فكن فيه مقصّرا عند نفسك، فإنّ الناس كلّهم في أعمالهم فيما بينهم و بين اللّه مقصّرون إلاّ من عصمه اللّه عزّ و جلّ. (2)

بيان:

«المعارين» : مأخوذ من العارية، أي من الذين جعل الإيمان عارية في قلوبهم بمعنى أنّه غير ثابت و لا مستقرّ.

10-قال أبو جعفر عليه السّلام: ثلاث قاصمات الظهر: رجل استكثر عمله و نسي ذنوبه و أعجب برأيه. (3)

11-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال إبليس لعنة اللّه عليه لجنوده: إذا استمكنت من ابن آدم في ثلاث لم ابال ما عمل فإنّه غير مقبول منه: إذا استكثر عمله و نسي ذنبه و دخله العجب. (4)

ص:95


1- -الكافي ج 2 ص 59 باب الاعتراف بالتقصير ح 3
2- الكافي ج 2 ص 59 ح 4
3- الخصال ج 1 ص 111 باب الثلاثة ح 85
4- الخصال ج 1 ص 112 ح 86

12-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: إعجاب المرء بنفسه دليل على ضعف عقله. (1)

13-عن أبي عبد اللّه عن آبائه عليهم السّلام في وصيّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لأمير المؤمنين عليه السّلام قال: لا مال أعود من العقل، و لا وحدة أوحش من العجب. . . (2)

14-عن الثماليّ عن أحدهما عليهما السّلام قال: إنّ اللّه تعالى يقول: إنّ من عبادي لمن يسألني الشيء من طاعتي، لاحبّه فأصرف ذلك عنه لكيلا يعجبه عمله. (3)

15-عن معاوية بن وهب قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: آفة الدين الحسد و العجب و الفخر. (4)

16-عن زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال داود النبيّ عليه السّلام: لأعبدنّ اللّه اليوم عبادة و لأقرأنّ قراءة لم أفعل مثلها قطّ، فدخل محرابه ففعل، فلمّا فرغ من صلاته إذا هو بضفدع في المحراب، فقال له: يا داود، أعجبك اليوم ما فعلت من عبادتك و قراءتك؟ فقال: نعم، فقال: لا يعجبنّك فإنّي اسبّح اللّه في كلّ ليلة ألف تسبيحة يتشعّب لي مع كلّ تسبيحة ثلاثة آلاف تحميدة، و إنّي لأكون في قعر الماء فيصوّت الطير في الهواء فأحسبه جائعا فأطفو له على الماء ليأكلني و ما لي ذنب. (5)

بيان:

«الضفدع» : يقال بالفارسيّة: قورباغه.

«فأطفو له» : طفا طفوا أي علا فوق الماء و ظهر عليه.

ص:96


1- -الوسائل ج 1 ص 100 ب 23 من مقدّمة العبادات ح 6
2- الوسائل ج 1 ص 103 ح 14
3- الوسائل ج 1 ص 105 ح 20
4- الوسائل ج 15 ص 366 ب 55 من جهاد النفس ح 5
5- البحار ج 71 ص 230 باب ترك العجب ح 7

17-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام في وصيّته لابنه محمّد بن الحنفيّة: إيّاك و العجب، و سوء الخلق، و قلّة الصبر، فإنّه لا يستقيم لك على هذه الخصال الثلاث صاحب، و لا يزال لك عليها من الناس مجانب. . . (1)

18-قال الصادق عليه السّلام: لا جهل أضرّ من العجب؟ ! (2)

19-قال الصادق عليه السّلام: إن كان الممرّ على الصراط فالعجب لماذا؟ ! (3)

20-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من لا يعرف لأحد الفضل فهو المعجب برأيه. (4)

21-قال أبو الحسن الثالث عليه السّلام: من رضي عن نفسه كثر الساخطون عليه. (5)

22-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ثلاث مهلكات: شحّ مطاع، و هوى متّبع، و إعجاب المرء بنفسه، و هو محبط للعمل، و هو داعية المقت من اللّه سبحانه. (6)

أقول:

مرّ في باب الصلاة ف 2 عنه صلّى اللّه عليه و آله: و أمّا المهلكات: فشحّ مطاع، و هوى متّبع، و إعجاب المرء بنفسه.

23-و قال المسيح عليه السّلام: يا معشر الحواريّين، كم من سراج أطفأته الريح، و كم من عابد أفسده العجب. (7)

ص:97


1- -البحار ج 72 ص 315 باب استكثار الطاعة ح 16
2- البحار ج 72 ص 315 ح 19
3- البحار ج 72 ص 314 ح 10
4- البحار ج 72 ص 316 ح 23
5- البحار ج 72 ص 316 ح 24
6- البحار ج 72 ص 321 ح 37
7- البحار ج 72 ص 322

24-قال الصادق عليه السّلام: العجب صارف عن طلب العلم، داع إلى الغمط و الجهل. (1)

بيان:

غمط الناس: استحقرهم، و غمط النعمة: لم يشكرها، و الحقّ: جحده.

25-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: و تصعد الحفظة بعمل العبد يزهر كالكوكب الدرّيّ في السماء، له دويّ بالتسبيح، و الصوم و الحجّ، فيمرّ به إلى ملك السماء الرابعة، فيقول له: قف فاضرب بهذا العمل وجه صاحبه و بطنه، أنا ملك العجب، إنّه كان يعجب بنفسه، و إنّه عمل و أدخل نفسه العجب، أمرني ربّي أن لا أدع عمله يتجاوزني إلى غيري فأضرب به وجه صاحبه. . . (2)

26-في وصيّة أمير المؤمنين لابنه الحسن عليهما السّلام: . . . و أوحش الوحشة العجب. . . (3)

27-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: . . . و لا وحدة أوحش من العجب. . . (4)

28-و قال عليه السّلام: سيّئة تسوءك خير عند اللّه من حسنة تعجبك. (5)

29-و قال عليه السّلام: الإعجاب يمنع من الازدياد. (6)

30-و قال عليه السّلام: عجب المرء بنفسه أحد حسّاد عقله. (7)

31-في وصيّة الباقر عليه السّلام لجابر الجعفيّ: . . . يا جابر، استكثر لنفسك من اللّه

ص:98


1- -المستدرك ج 1 ص 140 ب 21 من مقدّمة العبادات ح 15
2- المستدرك ج 1 ص 141 ح 17
3- نهج البلاغة ص 1104 ح 37
4- نهج البلاغة ص 1139 في ح 109
5- نهج البلاغة ص 1110 ح 43
6- نهج البلاغة ص 1167 ح 158
7- نهج البلاغة ص 1182 ح 203

قليل الرزق تخلّصا إلى الشكر، و استقلل من نفسك كثير الطاعة للّه، إزراء على النفس و تعرّضا للعفو. . . و سدّ سبيل العجب بمعرفة النفس. . . (1)

بيان:

«إزراء» : أزرى على النفس: عابها و عاتبها، و يحتمل أن يكون"ازدراء": من باب الافتعال أي احتقارا و استخفافا.

32-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من أعجب بنفسه هلك، و من أعجب برأيه هلك، و إنّ عيسى بن مريم عليه السّلام قال: داويت المرضى فشفيتهم بإذن اللّه، و أبرأت الأكمه و الأبرص بإذن اللّه، و عالجت الموتى فأحييتهم بإذن اللّه، و عالجت الأحمق فلم أقدر على إصلاحه، فقيل: يا روح اللّه، و ما الأحمق؟ قال: المعجب برأيه و نفسه، الذي يرى الفضل كلّه له لا عليه، و يوجب الحقّ كلّه لنفسه و لا يوجب عليها حقّا، فذلك الأحمق الذي لا حيلة في مداواته. (2)

33-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ اللّه عزّ و جلّ لمّا بشّر إبراهيم عليه السّلام بالخلّة، أوحى إلى جبرئيل: يا جبرئيل، أدرك إبراهيم لا يهلك. (3)

34-عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال اللّه عزّ و جلّ: إنّ من عبادي المؤمنين لمن يسألني الشيء من العبادة، فأصرفه عنه مخافة الإعجاب بنفسه، و إنّ من عبادي المومنين لمن لا يصلحه إلاّ الفقر و لو صرفته إلى الغنى لهلك. (4)

35-قال الصادق عليه السّلام: العجب كلّ العجب ممّن يعجب بعمله و هو لا يدري بم يختم له، فمن أعجب بنفسه و فعله فقد ضلّ عن منهج الرشاد و ادّعى ما ليس له، و المدّعي من غير حقّ كاذب و إن خفي دعواه و طال دهره، فإنّ أوّل

ص:99


1- -تحف العقول ص 207
2- الاختصاص ص 215(البحار ج 72 ص 320)
3- مشكوة الأنوار ص 312 ب 8 ف 4
4- مشكوة الأنوار ص 312

ما يفعل بالمعجب نزع ما أعجب به، ليعلم أنّه عاجز حقير و يشهد على نفسه لتكون الحجّة أوكد عليه كما فعل بإبليس، و العجب نبات حبّته الكفر، و أرضه النفاق، و ماؤه البغي، و أغصانه الجهل، و ورقه الضلالة، و ثمرته اللعنة و الخلود في النار، فمن اختار العجب فقد بذر الكفر و زرع النفاق، فلا بدّ من أن يثمر بأن يصير إلى النار. (1)

36-عن عليّ عليه السّلام قال: أعسر العيوب صلاحا العجب و اللجاجة. (2)

37-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

العجب هلاك. (الغرر ج 1 ص 6 ف 1 ح 65)

العجب رأس الجهل-العجب يوجب العثار. (ص 18 ح 469 و 487)

العجب عنوان الحماقة. (ص 22 ح 608)

الإعجاب يمنع الازدياد. (ص 23 ح 651)

العجب أضرّ قرين. (ح 652)

الإعجاب ضدّ الصواب. (ص 25 ح 723)

العجب يفسد العقل. (ص 26 ح 776)

العجب بالحسنة يحبطها. (ص 31 ح 945)

العجب رأس الحماقة-العجب آفة الشرف. (ص 32 ح 981 و 983)

العجب يظهر النقيصة. (ح 997)

المعجب لا عقل له. (ص 34 ح 1051)

إيّاك أن ترضى عن نفسك، فيكثر الساخط عليك. (ص 147 ف 5 ح 12)

ص:100


1- -مصباح الشريعة ص 27 ب 40
2- شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 20 ص 322

إيّاك و الإعجاب و حبّ الإطراء فإنّ ذلك من أوثق فرص الشيطان. (ص 150 ح 42)

إيّاك و الثقة بنفسك فإنّ ذلك من أكبر مصائد الشيطان. (ح 46)

إيّاك أن تعجب بنفسك فيظهر عليك النقص و الشنئان. (ص 151 ح 47)

آفة اللبّ العجب (ص 308 ف 16 ح 42)

إذا أردت أن تعظم محاسنك عند الناس فلا تعظم في عينك.

(ص 318 ف 17 ح 122)

إذا زاد عجبك بما أنت فيه من سلطانك فحدثت لك ابّهة (1)أو مخيلة، فانظر إلى عظم ملك اللّه و قدرته ممّا لا تقدر عليه من نفسك، فإنّ ذلك يليّن من جماحك (2)و يكفّ من غربك (3)و يفيء إليك بما عزب (4)عنك من عقلك. (ص 328 ح 196)

بالرضا عن النفس تظهر السوءات و العيوب. (ص 338 ف 18 ح 179)

ثمرة العجب البغضاء. (ص 359 ف 23 ح 20)

رضاك عن نفسك من فساد عقلك. (ص 422 ف 36 ح 29)

رضاء العبد عن نفسه مقرون بسخط ربّه. (ص 424 ح 57)

رضاء العبد عن نفسه برهان سخافة عقله. (ح 58)

شرّ الامور الرضا عن النفس. (ص 446 ف 41 ح 51)

من عظّم نفسه حقّر. (ص 620 ف 77 ح 215)

ص:101


1- -الأبّهة: النخوة، و الكبر، و العظمة و البهاء. و المخيلة: المظنّة.
2- «جمح الرجل» : إذا ركب هواه و أسرع إلى الشيء فلم يمكن ردّه فهو جموح تشبيها له بالجموح من الخيل
3- الغرب: الحدّة
4- عزب: بعد و غاب و خفي

من أعجب بنفسه سخر به. (ص 621 ح 220)

من أعجب برأيه ضلّ. (ص 627 ح 332)

من أعجب برأيه أهلكه العجز. (ص 642 ح 563)

من سخط على نفسه أرضاه ربّه. (ح 564)

من رضي عن نفسه أسخط ربّه. (ح 565)

من أعجب بفعله اصيب بعقله. (ص 652 ح 721)

من أعجبه قوله فقد غرب عقله. (ح 723)

من كثر إعجابه قلّ صوابه. (ح 724)

من أعجب بعمله أحبط أجره. (ح 660 ح 848)

من كان عند نفسه عظيما كان عند اللّه حقيرا. (ص 668 ح 946)

من أعجب بحسن حالته قصّر عن حسن حليته. (ص 677 ح 1063)

من ترك العجب و التواني لم ينزل به مكروه. (ص 684 ح 1142)

من اغترّ بنفسه سلّمته إلى المعاطب. (ص 685 ح 1149)

من رضي عن نفسه ظهرت عليه المعايب. (ح 1150)

ما حقّر نفسه إلاّ عاقل. (ج 2 ص 737 ف 79 ح 17)

ما نقّص نفسه إلاّ كامل. (ح 18)

ما أعجب برأيه إلاّ جاهل-ما أضرّ المحاسن كالعجب. (ح 19 و 20)

هلك من رضي عن نفسه و وثق بما تسوّله (1)له.

(ص 792 ف 84 ح 15)

ص:102


1- -تسوّل: تزيّن

131- العدل

الآيات

1- إِنَّ اَللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا اَلْأَماناتِ إِلى أَهْلِها وَ إِذا حَكَمْتُمْ بَيْنَ اَلنّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اَللّهَ نِعِمّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اَللّهَ كانَ سَمِيعاً بَصِيراً. (1)

2- وَ لَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ اَلنِّساءِ وَ لَوْ حَرَصْتُمْ. . . (2)

3- يا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَداءَ لِلّهِ وَ لَوْ عَلى أَنْفُسِكُمْ أَوِ اَلْوالِدَيْنِ وَ اَلْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيراً فَاللّهُ أَوْلى بِهِما فَلا تَتَّبِعُوا اَلْهَوى أَنْ تَعْدِلُوا وَ إِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اَللّهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً. (3)

4- يا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوّامِينَ لِلّهِ شُهَداءَ بِالْقِسْطِ وَ لا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلى أَلاّ تَعْدِلُوا اِعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوى وَ اِتَّقُوا اَللّهَ إِنَّ اَللّهَ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ. (4)

5- . . . وَ إِذا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَ لَوْ كانَ ذا قُرْبى وَ بِعَهْدِ اَللّهِ أَوْفُوا ذلِكُمْ وَصّاكُمْ بِهِ

ص:103


1- -النساء:58
2- النساء:129
3- النساء:135
4- المائدة:8

لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ. (1)

6- إِنَّ اَللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَ اَلْإِحْسانِ وَ إِيتاءِ ذِي اَلْقُرْبى وَ يَنْهى عَنِ اَلْفَحْشاءِ وَ اَلْمُنْكَرِ وَ اَلْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ. (2)

الأخبار

1-عن ابن أبي يعفور قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: بم تعرف عدالة الرجل بين المسلمين حتّى تقبل شهادته لهم و عليهم؟ فقال: أن تعرفوه بالستر و العفاف، و كفّ البطن و الفرج و اليد و اللسان، و يعرف باجتناب الكبائر التي أوعد اللّه عليها النار من شرب الخمر، و الزنا، و الربا، و عقوق الوالدين، و الفرار من الزحف، و غير ذلك، و الدلالة على ذلك كلّه أن يكون ساترا لجميع عيوبه، حتّى يحرم على المسلمين ما وراء ذلك من عثراته و عيوبه و تفتيش ما وراء ذلك، و يجب عليهم تزكيته و إظهار عدالته في الناس.

و يكون منه التعاهد للصلوات الخمس إذا واظب عليهنّ، و حفظ مواقيتهنّ بحضور جماعة من المسلمين، و أن لا يتخلّف عن جماعتهم في مصلاّهم إلاّ من علّة، فإذا كان كذلك لازما لمصلاّه عند حضور الصلوات الخمس، فإذا سئل عنه في قبيلته و محلّته قالوا: ما رأينا منه إلاّ خيرا، مواظبا على الصلوات، متعاهدا لأوقاتها في مصلاّه، فإنّ ذلك يجيز شهادته و عدالته بين المسلمين. . . (3)

بيان:

«العدالة» : في المصباح، العدل: القصد في الامور و هو خلاف الجور.

و في الصحاح، العدل: خلاف الجور.

ص:104


1- -الأنعام:152
2- النحل:90
3- الوسائل ج 27 ص 391 ب 41 من الشهادات ح 1

و في المقائيس، (عدل) : أصلان صحيحان، لكنّهما متقابلان كالمتضادّين: أحدهما يدلّ على استواء، و الآخر يدلّ على إعوجاج. فالأوّل العدل من الناس: المرضيّ المستويّ الطريقة. يقال: هذا عدل. . . و العدل: نقيض الجور.

و في مجمع البحرين، العدل: خلاف الجور. . . و لغة هو التسوية بين الشيئين. . . و العدل: القصد في الامور. . . و العادل: الواضع كلّ شيء موضعه. . .

أقول: العدل قد يستعمل في الأخبار مقابل الجور، كأكثر أخبار الغرر عن أمير المؤمنين عليه السّلام.

و قد تستعمل العدالة مقابل الفسق، كهذا الحديث و هو المراد في اصطلاح الفقهاء، و يبحث عنها في الفقه، و قد اختلفوا في معناها؛ ففي كلام أكثرهم أنّها عبارة عن ملكة باعثة على ملازمة التقوى؛ بإتيان الواجبات و ترك المحرّمات.

و في كلام بعضهم أنّه لم تثبت للعدالة حقيقة شرعيّة و لا متشرّعية، و إنّما هي بمعناها اللغوي أعني الاستقامة و عدم الانحراف، حيث قد تستند إلى الامور المحسوسة، فيقال: هذا الجدار عدل أو مستقيم مثلا، و قد تستند إلى الامور غير المحسوسة، فيقال مثلا: عقيدة فلان أو فهمه مستقيمة، و قد تستند إلى الذوات فيقال: زيد عادل، و معناه أنّه مستقيم في جادة الشرع، و أنّه مستقيم في الخروج عن عهدة التكاليف المتوجّهة إليه.

و قد يكون المراد بها العدالة الأخلاقيّة، و هي الاعتدال في جميع الامور و إليه أشار أمير المؤمنين عليه السّلام بقوله في نهج البلاغة (ص 211 في خ 86) : «قد ألزم نفسه العدل، فكان أوّل عدله نفي الهوى عن نفسه، يصف الحقّ و يعمل به» : و لا يخفى أنّ للعدالة مراتبا و هذه المرتبة لا ينالها إلاّ الأفذاذ الكاملين من المؤمنين.

2-عن الرضا عن آبائه عن عليّ عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من عامل الناس فلم يظلمهم، و حدّثهم فلم يكذبهم، و وعدهم فلم يخلفهم، فهو

ص:105

ممّن كملت مروّته و ظهرت عدالته، و وجبت اخوّته، و حرمت غيبته. (1)

3-عن أمير المؤمنين عليه السّلام في قوله: مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ اَلشُّهَداءِ. (2)قال: ممّن ترضون دينه و أمانته و صلاحه و عفّته و تيقّظه فيما يشهد به و تحصيله و تمييزه، فما كلّ صالح مميّزا، و لا محصّلا، و لا كلّ محصّل مميّز صالح. (3)

4-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّ أبا جعفر عليه السّلام قال: لا تقبل شهادة سابق الحاجّ، لأنّه قتل راحلته، و أفنى زاده، و أتعب نفسه، و استخفّ بصلاته، قلت: فالمكاري و الجمّال و الملاّح؟ فقال: و ما بأس بهم تقبل شهادتهم إذا كانوا صلحاء. (4)

أقول:

الأخبار فيمن لا تقبل شهادته كثيرة.

و لاحظ أيضا ما يناسب المقام في الوسائل ج 8 ب 11 من صلاة الجماعة و البحار و المستدرك.

5-عن الصادق عليه السّلام، أنّه سئل عن صفة العدل من الرجل، فقال: إذا غضّ طرفه من المحارم، و لسانه عن المآثم، و كفّه عن المظالم. (5)

6-في وصيّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لعليّ عليه السّلام: يا عليّ، ما كرهته لنفسك فاكره لغيرك، و ما أحببته لنفسك فأحببه لأخيك، تكن عادلا في حكمك، مقسطا في عدلك، محبّا في أهل السماء، مودودا في صدور أهل الأرض. (6)

ص:106


1- -الوسائل ج 27 ص 396 ح 15
2- البقرة:282
3- الوسائل ج 27 ص 399 ح 23
4- الوسائل ج 27 ص 381 ب 34 ح 1
5- المستدرك ج 11 ص 317 ب 37 من جهاد النفس ح 3
6- تحف العقول ص 19

أقول:

بهذا المضمون أخبار اخر، و في البحار ج 77 ص 173، عنه صلّى اللّه عليه و آله: من عفّ عن محارم اللّه كان عابدا. . . و من صاحب الناس بالذي يحبّ أن يصاحبوه كان عدلا.

7-عن الأصبغ قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: الإيمان على أربع دعائم: على الصبر و اليقين و العدل و الجهاد. . . و العدل على أربع شعب: على غائص الفهم، و غمرة العلم، و زهرة الحكمة، و روضة الحلم، فمن فهم فسّر جمل العلم، و من علم شرح غرائب الحكم، و من كان حليما (حكيما ف ن) لم يفرّط في أمر يلبّسه في الناس. . . (1)

بيان:

«غائص الفهم» : من الغوص و هو الدخول تحت الماء لإخراج اللؤلؤ و غيره، و هنا كأنّه يغور في شيء فيطّلع على ما هو عليه كمن يغوص على الدرّ و اللؤلؤ.

«غمرة العلم» : أي كثرته و في نهج البلاغة"غور العلم"أي سرّه و باطنه.

«زهرة الحكمة» الزهرة: البهجة و الغضارة، و بالضمّ: الحسن.

8-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ من أشدّ الناس عذابا يوم القيامة من وصف عدلا و عمل بغيره. (2)

أقول:

بهذا المعنى أخبار اخر مرّ بعضها في باب الحسرات.

9-عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: العدل أحلى من الماء يصيبه الظمآن، ما أوسع العدل إذا عدل فيه و إن قلّ. (3)

ص:107


1- -الخصال ج 1 ص 231 باب الأربعة ح 74(نهج البلاغة ص 1100 ح 30)
2- الكافي ج 2 ص 227 باب من وصف عدلا و عمل بغيره ح 2
3- الكافي ج 2 ص 118 باب الإنصاف و العدل ح 11

بيان:

«عدل فيه» : في الضمير وجوه ذكرها في المرآة ج 8 ص 348، منها، راجع إلى الأمر أي ما أوسع العدل إذا عدل في أمر و إن قلّ ذلك الأمر.

10-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: اتّقوا اللّه و اعدلوا، فإنّكم تعيبون على قوم لا يعدلون. (1)

11-عن معاوية بن وهب عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: العدل أحلى من الشهد، و ألين من الزبد، و أطيب ريحا من المسك. (2)

بيان:

«الشهد» : العسل.

12-و سئل أمير المؤمنين عليه السّلام: أيّما أفضل: العدل أو الجود؟ فقال عليه السّلام: العدل يضع الامور مواضعها، و الجود يخرجها من جهتها، و العدل سائس عامّ، و الجود عارض خاصّ، فالعدل أشرفهما و أفضلهما. (3)

13-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: الملك يبقى بالعدل مع الكفر، و لا يبقى بالجور مع الإيمان. (4)

14-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: عدل ساعة خير من عبادة ستّين سنة، قيام ليلها و صيام نهارها، و جور ساعة في حكم أشدّ و أعظم عند اللّه من معاصي ستّين سنة. (5)

15-و قال صلّى اللّه عليه و آله: إنّ أهون الخلق عند اللّه من ولي أمر المسلمين

ص:108


1- -الكافي ج 2 ص 118 ح 14
2- الكافي ج 2 ص 118 ح 15
3- نهج البلاغة ص 1290 ح 429
4- جامع الأخبار ص 119 ف 75
5- جامع الأخبار ص 154 ف 116

فلم يعدل. (1)

16-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: أفضل ما منّ اللّه به سبحانه على عباده؛ علم و عقل و ملك و عدل.

و قال عليه السّلام: عدل السلطان حيوة الرعيّة و صلاح البريّة. (2)

17-عن الصادق عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أعدل الناس من رضي للناس ما يرضى لنفسه، و كره لهم من يكره لنفسه. (3)

18-قال الرضا عليه السّلام: استعمال العدل و الإحسان مؤذن بدوام النعمة. (4)

19-عن أبي مالك قال: قلت لعليّ بن الحسين عليهما السّلام: أخبرني بجميع شرائع الدين، قال: قول الحقّ، و الحكم بالعدل، و الوفاء بالعهد. (5)

20-فيما أوصى به أمير المؤمنين عليه السّلام عند وفاته: اوصيك بالعدل في الرضا و الغضب. (6)

21-عن محمّد الحلبيّ أنّه سأل أبا عبد اللّه عليه السّلام عن قول اللّه عزّ و جلّ: اِعْلَمُوا أَنَّ اَللّهَ يُحْيِ اَلْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها (7)قال: العدل بعد الجور. (8)

أقول:

قد مرّ ما يناسب المقام في أبواب السلاطين، الظلم و. . .

ص:109


1- -جامع الأخبار ص 154
2- مجموعة الأخبار ص 297 ب 171
3- البحار ج 75 ص 25 باب الإنصاف و العدل ح 1
4- البحار ج 75 ص 26 ح 9
5- البحار ج 75 ص 26 ح 10
6- البحار ج 75 ص 27 ح 12
7- الحديد:17
8- البحار ج 75 ص 353 باب أحوال الملوك ح 64

22-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

العدل مألوف. (الغرر ج 1 ص 5 ف 1 ح 9)

العدل حياة. (ص 13 ح 307)

الجور ممحاة-العدل فضيلة الإنسان. (ح 308 و 309)

العدل حياة الأحكام. (ص 17 ح 440)

العدل يصلح البريّة. (ص 20 ح 551)

العدل فوز و كرامة. (ص 25 ح 735)

العدل أغنى الغنى. (ح 736)

العدل قوام الرعيّة-العدل فضيلة السلطان. (ص 26 ح 749 و 753)

العدل نظام الإمرة-العدل قوام البريّة. (ص 28 ح 824 و 856)

العدل أقوى أساس. (ص 30 ح 913)

العدل أفضل سجيّة. (ص 33 ح 1020)

إمام عادل خير من مطر وابل. (ص 56 ح 1528)

العدل أفضل السياستين-الجور أحد المدمّرين. (ص 64 ح 1696 و 1697)

العدل رأس الإيمان و جماع الإحسان. (ص 66 ح 1733)

العدل قوام الرعيّة و جمال الولاة. (ص 84 ح 1975)

العدل أنّك إذا ظلمت أنصفت، و الفضل أنّك إذا قدرت عفوت.

(ص 100 ح 2153)

اعدل تحكم. (ص 108 ف 2 ح 4)

اعدل تملك-اعدل فيما ولّيت، اشكر اللّه فيما أوليت. (ص 109 ح 29 و 41)

استعن على العدل بحسن النيّة في الرعيّة، و قلّة الطمع، و كثرة الورع.

(ص 121 ح 183)

أحسن العدل نصرة المظلوم. (ص 181 ف 8 ح 150)

ص:110

أعدل الخلق أقضاهم بالحقّ. (ص 184 ح 188)

أعدل السيرة أن تعامل الناس بما تحبّ أن يعاملوك به. (ص 195 ح 348)

أعدل الناس من أنصف من ظلمه. (ص 196 ح 362)

أجور الناس من ظلم من أنصفه. (ح 363)

أعدل الناس من أنصف عن قوّة، و أعظمهم حلما من حلم عن قدرة.

(ص 201 ح 417)

إنّ العدل ميزان اللّه سبحانه الذي وضعه في الخلق و نصبه لإقامة الحقّ، فلا تخالفه في ميزانه، و لا تعارضه في سلطانه. (ص 222 ف 9 ح 88)

بالعدل تتضاعف البركات. (ص 330 ف 18 ح 33)

بالعدل تصلح الرعيّة. (ص 331 ح 37)

جعل اللّه سبحانه العدل قوام الأنام، و تنزيها من المظالم و الآثام، و تسنية للإسلام. (ص 374 ف 26 ح 73)

سياسة العدل ثلاث: لين في حزم، و استقصاء في عدل، و إفضال في قصد.

(ص 434 ف 39 ح 43)

شيئان لا يوزن ثوابهما: العفو و العدل (ص 449 ف 42 ح 15)

غاية العدل أن يعدل المرء في نفسه (ج 2 ص 504 ف 56 ح 23)

في العدل الاقتداء بسنّة اللّه و ثبات الدول. (ص 513 ف 58 ح 54)

في العدل الإحسان. (ح 40)

في العدل اصلاح البريّة-في الجور هلاك الرعيّة. (ح 49 و 50)

في العدل سعة، و من ضاق عليه فالجور أضيق. (ص 515 ح 80)

من عمل بالعدل حصّن اللّه ملكه. (ص 677 ف 77 ح 1060)

ما عمّرت البلدان بمثل العدل (ص 741 ف 79 ح 91)

لا عدل أنفع من ردّ المظالم. (ص 851 ف 86 ح 404)

ص:111

ص:112

132- عرض الأعمال

الآيات

1- . . . وَ سَيَرَى اَللّهُ عَمَلَكُمْ وَ رَسُولُهُ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلى عالِمِ اَلْغَيْبِ وَ اَلشَّهادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ. (1)

2- وَ قُلِ اِعْمَلُوا فَسَيَرَى اَللّهُ عَمَلَكُمْ وَ رَسُولُهُ وَ اَلْمُؤْمِنُونَ وَ سَتُرَدُّونَ إِلى عالِمِ اَلْغَيْبِ وَ اَلشَّهادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ. (2)

الأخبار

1-عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: تعرض الأعمال على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أعمال العباد كلّ صباح أبرارها و فجارها فاحذروها، و هو قول اللّه تعالى: اِعْمَلُوا فَسَيَرَى اَللّهُ عَمَلَكُمْ وَ رَسُولُهُ و سكت. (3)

بيان:

«أبرارها و فجارها» : بدل تفصيل لأعمال العباد، و الضمير فيهما يرجع

ص:113


1- -التوبة:94
2- التوبة:105
3- الكافي ج 1 ص 171 باب عرض الأعمال ح 1

إلى الأعمال، و الأبرار جمع برّ بمعنى صالح الأعمال، و فجار كسلام: اسم مصدر من الفجور بمعنى طالح الأعمال.

2-عن يعقوب بن شعيب قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن قول اللّه عزّ و جلّ: اِعْمَلُوا فَسَيَرَى اَللّهُ عَمَلَكُمْ وَ رَسُولُهُ وَ اَلْمُؤْمِنُونَ قال: هم الأئمّة. (1)

3-عن سماعة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سمعته يقول: ما لكم تسوؤون رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله؟ ! فقال رجل: كيف نسوؤه؟ فقال: أما تعلمون أنّ أعمالكم تعرض عليه، فإذا رأى فيها معصية ساءه ذلك، فلا تسوؤوا رسول اللّه و سرّوه. (2)

بيان:

يقال: ساءه إذا أحزنه و فعل به ما يكره.

4-عن عبد اللّه بن أبان الزيّات و كان مكينا عند الرضا عليه السّلام قال: قلت للرضا عليه السّلام: ادع اللّه لي و لأهل بيتي، فقال: أولست أفعل؟ و اللّه إنّ أعمالكم لتعرض عليّ في كلّ يوم و ليلة، قال: فاستعظمت ذلك، فقال لي: أما تقرء كتاب اللّه عزّ و جلّ: وَ قُلِ اِعْمَلُوا فَسَيَرَى اَللّهُ عَمَلَكُمْ وَ رَسُولُهُ وَ اَلْمُؤْمِنُونَ؟ قال: هو و اللّه عليّ بن أبي طالب عليه السّلام. (3)

بيان:

في المرآة: إنّما خصّ عليه السّلام عليّا بالذكر لأنّه المصداق حين الخطاب، أو لأنّه الأصل و العمدة و الفرد الأعظم.

5-عن أبي بصير قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: إنّ أبا الخطّاب كان يقول: إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله تعرض عليه أعمال امّته كلّ خميس، فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ليس هكذا، و لكن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله تعرض عليه أعمال امّته كلّ صباح أبرارها

ص:114


1- -الكافي ج 1 ص 171 ح 2
2- الكافي ج 1 ص 171 ح 3
3- الكافي ج 1 ص 171 ح 4

و فجارها، فاحذروا، و هو قول اللّه عزّ و جلّ: وَ قُلِ اِعْمَلُوا فَسَيَرَى اَللّهُ عَمَلَكُمْ وَ رَسُولُهُ وَ اَلْمُؤْمِنُونَ و سكت، قال أبو بصير: إنّما عنى الأئمّة عليهم السّلام. (1)

6-عن سدير عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و هو في نفر من أصحابه: إنّ مقامي بين أظهركم خير لكم، و إنّ مفارقتي إيّاكم خير لكم. . . أمّا مقامي بين أظهركم خير لكم فإنّ اللّه يقول: وَ ما كانَ اَللّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَ أَنْتَ فِيهِمْ وَ ما كانَ اَللّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ يعني: يعذّبهم بالسيف، و أمّا مفارقتي إيّاكم خير لكم، فإنّ أعمالكم تعرض عليّ كلّ اثنين و خميس، فما كان من حسن حمدت اللّه عليه، و ما كان من سيّئ استغفرت لكم. (2)

أقول:

بهذا المعنى أخبار اخر، راجع بصائر الدرجات ص 444 ب 13 من الجزء 9.

7-عن داود الرقّي قال: كنت جالسا عند أبي عبد اللّه عليه السّلام إذ قال مبتدئا من قبل نفسه: يا داود، لقد عرضت عليّ أعمالكم يوم الخميس، فرأيت فيما عرض عليّ من عملك صلتك لابن عمّك فلان فسرّني ذلك، إنّي علمت أنّ صلتك له أسرع لفناء عمره و قطع أجله.

قال داود: و كان لي ابن عمّ معاندا ناصبيّا خبيثا بلغني عنه و عن عياله سوء حال، فصككت له نفقة قبل خروجي إلى مكّة، فلمّا صرت في المدينة أخبرني أبو عبد اللّه عليه السّلام بذلك. (3)

بيان:

«صككت» الصكّ: الكتاب الذي يكتب للعطايا و الأرزاق، و في المصباح: الصكّ: الكتاب الذي يكتب في المعاملات و الأقادير.

ص:115


1- -الوسائل ج 16 ص 109 ب 101 من جهاد النفس ح 9
2- الوسائل ج 16 ص 110 ح 13
3- الوسائل ج 16 ص 111 ح 15

8-قال عليّ بن موسى بن طاووس رحمه اللّه في رسالة «محاسبة النفس» : رأيت و رويت في عدّة روايات متّفقات أنّ يوم الاثنين و يوم الخميس تعرض فيهما الأعمال على اللّه و على رسوله و على الأئمّة عليهم السّلام.

ثمّ إنّه روى في ذلك أحاديث كثيرة من كتاب"التبيان"للشيخ رحمه اللّه. و من كتاب ابن عقدة و من كتاب"الدلائل"للحميري و من كتاب محمّد بن العبّاس. . . و من كتاب محمّد بن عمران. (1)

9-عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ أعمال امّة محمّد صلّى اللّه عليه و آله تعرض على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في كلّ خميس، فيستحيي أحدكم من رسول اللّه أن تعرض عليه القبيح. (2)

10-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: تعرض أعمال الناس كلّ جمعة مرّتين؛ يوم الاثنين و يوم الخميس، فيغفر لكلّ عبد مؤمن إلاّ من كانت بينه و بين أخيه شحناء، فيقال: اتركوا هذين حتّى يصطلحا. (3)

بيان:

«الشحناء» : العداوة و البغضاء، و شحنت عليه أي حقدت و أظهرت العداوة.

11-عن ابن اذينة قال: كنت عند أبي أبي عبد اللّه عليه السّلام، فقلت له: جعلت فداك قوله عزّ و جلّ: وَ قُلِ اِعْمَلُوا فَسَيَرَى اَللّهُ عَمَلَكُمْ وَ رَسُولُهُ وَ اَلْمُؤْمِنُونَ قال: إيّانا عني. (4)

12-عن بريد العجليّ قال: قلت لأبي جعفر عليه السّلام في قول اللّه: قُلِ اِعْمَلُوا فَسَيَرَى اَللّهُ عَمَلَكُمْ وَ رَسُولُهُ وَ اَلْمُؤْمِنُونَ فقال: ما من مؤمن يموت و لا كافر

ص:116


1- -الوسائل ج 16 ص 112 ح 16
2- بصائر الدرجات ص 425 ب 4 من الجزء 9 ح 12
3- المستدرك ج 12 ص 165 ب 100 من جهاد النفس ح 11
4- البحار ج 23 ص 339 باب عرض الأعمال ح 10

يوضع في قبره حتّى يعرض عمله على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و عليّ عليه السّلام، فهلمّ جرّا إلى آخر من فرض اللّه طاعته (على العباد م) .

و قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: وَ اَلْمُؤْمِنُونَ هم الأئمّة عليهم السّلام. (1)

13-كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يصوم الاثنين و الخميس، فقيل له: لم ذلك؟ فقال صلّى اللّه عليه و آله: إنّ الأعمال ترفع في كلّ اثنين و خميس، فأحبّ أن ترفع عملي و أنا صائم. (2)

14-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: آخر خميس في الشهر ترفع فيه أعمال الشهر. (3)

أقول:

ذكرنا أهمّ الأخبار، و أمّا الكلام في حلّ اختلافها فنقول: إنّ الروايات طائفتان: مفاد الأولى: عرض الأعمال في كلّ صباح و مساء، و مفاد الثانية: عرض الأعمال في الأوقات المخصوصة، ففي أكثرها عشيّ الخميس و الاثنين و لا يمكن تقييد الأولى بالثانية خصوصا مع ردّ الإمام الصادق عليه السّلام أبا الخطّاب في الخبر المرويّ عن الوسائل ج 16 ص 109

و الحقّ عندي أنّ المراد بالطائفة الأولى: علمهم بأعمال الناس و توجّههم إلى أعمالهم في كلّ صباح و مساء، خصوصا عند مجيىء الملائكة في الصباح و المساء، حيث إنّ لكلّ إنسان ملكين يكتبان الأعمال.

و بالطائفة الثانية: أنّ من شئون الأئمّة عليهم السّلام و امورهم الخاصّة هو عرض الأعمال في كلّ اسبوع مرّتين: يوم الاثنين و يوم الخميس.

ص:117


1- -البحار ج 23 ص 351 ح 67
2- البحار ج 5 ص 329 باب أنّ الملائكة يكتبون أعمال العباد ح 29
3- البحار ج 5 ص 329 ح 33

ص:118

133- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر

الآيات

1- أَ تَأْمُرُونَ اَلنّاسَ بِالْبِرِّ وَ تَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَ أَنْتُمْ تَتْلُونَ اَلْكِتابَ أَ فَلا تَعْقِلُونَ. (1)

2- وَ لْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى اَلْخَيْرِ وَ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَ يَنْهَوْنَ عَنِ اَلْمُنْكَرِ وَ أُولئِكَ هُمُ اَلْمُفْلِحُونَ. (2)

3- كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَ تَنْهَوْنَ عَنِ اَلْمُنْكَرِ. . . (3)

4- يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَ اَلْيَوْمِ اَلْآخِرِ وَ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَ يَنْهَوْنَ عَنِ اَلْمُنْكَرِ وَ يُسارِعُونَ فِي اَلْخَيْراتِ وَ أُولئِكَ مِنَ اَلصّالِحِينَ. (4)

5- . . . فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَ عِظْهُمْ وَ قُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً. (5)

6- كانُوا لا يَتَناهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ ما كانُوا يَفْعَلُونَ. (6)

7- اَلْمُنافِقُونَ وَ اَلْمُنافِقاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَ يَنْهَوْنَ

ص:119


1- -البقرة:44
2- آل عمران:104
3- آل عمران:110
4- آل عمران:114
5- النساء:63
6- المائدة:79

عَنِ اَلْمَعْرُوفِ. . . (1)

8- وَ اَلْمُؤْمِنُونَ وَ اَلْمُؤْمِناتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَ يَنْهَوْنَ عَنِ اَلْمُنْكَرِ. . . (2)

9- اِذْهَبا إِلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغى- فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشى. (3)

10- يا بُنَيَّ أَقِمِ اَلصَّلاةَ وَ أْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَ اِنْهَ عَنِ اَلْمُنْكَرِ وَ اِصْبِرْ عَلى ما أَصابَكَ إِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ اَلْأُمُورِ. (4)

11- يا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَ أَهْلِيكُمْ ناراً وَقُودُهَا اَلنّاسُ وَ اَلْحِجارَةُ. . . (5)

الأخبار

1-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: لا تزال امّتي بخير ما أمروا بالمعروف و نهوا عن المنكر، و تعاونوا على البرّ و التقوى، فإذا لم يفعلوا ذلك نزعت منهم البركات، و سلّط بعضهم على بعض، و لم يكن لهم ناصر في الأرض و لا في السماء. (6)

2-عن بكر بن محمّد عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سمعته يقول: أيّها الناس مروا بالمعروف و انهو عن المنكر، فإنّ الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر لم يقرّبا أجلا و لم يباعدا رزقا. (7)

ص:120


1- -التوبة:67
2- التوبة:71
3- طه:43 و 44
4- لقمان:17
5- التحريم:6
6- الوسائل ج 16 ص 123 ب 1 من الأمر و النهي ح 18
7- الوسائل ج 16 ص 125 ح 24

3-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: . . . من ترك إنكار المنكر بقلبه و لسانه و يده فهو ميّت بين الأحياء. (1)

4-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: رأيت ليلة اسري بي إلى السماء قوما تقرض شفاههم بمقاريض من نار، ثمّ ترمى، فقلت: يا جبرئيل، من هؤلاء؟ فقال: خطباء امّتك، يأمرون الناس بالبرّ و ينسون أنفسهم و هم يتلون الكتاب أ فلا يعقلون. (2)

5-عن جابر عن أبي جعفر عليه السّلام قال: يكون في آخر الزمان قوم يتبع فيهم قوم مراؤون يتقرّؤون و يتنسّكون حدثاء سفهاء، لا يوجبون أمرا بمعروف و لا نهيا عن منكر إلاّ إذا أمنوا الضرر، يطلبون لأنفسهم الرخص و المعاذير، يتبعون زلاّة العلماء و فساد عملهم، يقبلون على الصلاة و الصيام و ما لا يكلّمهم في نفس و لا مال، و لو أضرّت الصلاة بسائر ما يعملون بأموالهم و أبدانهم لرفضوها كما رفضوا أسمى الفرائض و أشرفها:

إنّ الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر فريضة عظيمة بها تقام الفرائض، هنالك يتمّ غضب اللّه عزّ و جلّ عليهم فيعمّهم بعقابه، فيهلك الأبرار في دار الفجّار و الصغار في دار الكبار؛ إنّ الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر سبيل الأنبياء و منهاج الصلحاء، فريضة عظيمة بها تقام الفرائض، و تأمن المذاهب، و تحلّ المكاسب، و تردّ المظالم و تعمر الأرض و ينتصف من الأعداء و يستقيم الأمر، فأنكروا بقلوبكم، و ألفظوا بألسنتكم، و صكّوا بها جباههم و لا تخافوا في اللّه لومة لائم، فإن اتّعظوا و إلى الحقّ رجعوا فلا سبيل عليهم إِنَّمَا اَلسَّبِيلُ عَلَى اَلَّذِينَ يَظْلِمُونَ اَلنّاسَ وَ يَبْغُونَ فِي اَلْأَرْضِ بِغَيْرِ اَلْحَقِّ أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ. (3)هنالك فجاهدوهم بأبدانكم و أبغضوهم بقلوبكم غير طالبين سلطانا و لا باغين مالا

ص:121


1- -الوسائل ج 16 ص 132 ب 3 ح 4
2- الوسائل ج 16 ص 151 ب 10 ح 11
3- الشورى:42

و لا مريدين بظلم ظفرا حتّى يفيئوا إلى أمر اللّه و يمضوا على طاعته.

قال: و أوحى اللّه عزّ و جلّ إلى شعيب النبيّ عليه السّلام: أنّي معذّب من قومك مائة ألف، أربعين ألفا من شرارهم و ستّين ألفا من خيارهم، فقال عليه السّلام: يا ربّ، هؤلاء الأشرار فما بال الأخيار؟ فأوحى اللّه عزّ و جلّ إليه: داهنوا أهل المعاصي و لم يغضبوا الغضبي. (1)

بيان:

«يتقرّؤون» : أي يتعبّدون و يتزهّدون يقال: تقرّأ الرجل إذا تنسّك، و التنسّك: التعبّد، فالعطف تفسيري. «ما لا يكلّمهم» : من الكلم بمعنى الجرح، أي لا يضرّهم (الوافي و المرآة) «أسمى الفرائض» : أي أعلاها.

في المرآة ج 18 ص 400، «تأمن المذاهب» : أي مسالك الدين من بدع المبطلين، أو الطرق الظاهرة، أو الأعمّ منهما «يستقيم الأمر» : أي أمر الدين و الدنيا «الصكّ» : الضرب الشديد. «هنالك» : أي حين لم يتّعظوا و لم يرجعوا إلى الحقّ «البغي» : الطلب. «داهنوا» : أي تركوا نصيحتهم و لم يتعرّضوا لهم و لم يمنعوهم من قبائحهم.

6-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: أمرنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أن نلقى أهل المعاصي بوجوه مكفهرّة. (2)

أقول:

رواه الشيخ رحمه اللّه في التهذيب (ج 6 ص 176 ح 356) إلاّ أنّه قال: أدنى الإنكار أن يلقى أهل المعاصي بوجوه مكفهرّة.

و الوجه المكفهرّ أي العابس، في قبال المنبسط.

7-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر خلقان

ص:122


1- -الكافي ج 5 ص 55 باب الأمر بالمعروف من ك الجهاد ح 1
2- الكافي ج 5 ص 58 ح 10

من خلق اللّه، فمن نصرهما أعزّه اللّه و من خذلهما خذله اللّه. (1)

8-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: إنّ اللّه عزّ و جلّ ليبغض المؤمن الضعيف الذي لا دين له، فقيل له: و ما المؤمن الذي لا دين له؟ قال: الذي لا ينهى عن المنكر. (2)

9-عن مسعدة بن صدقة قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول، و سئل عن الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر أ واجب هو على الامّة جميعا؟ فقال: لا، فقيل له: و لم؟ قال: إنّما هو على القويّ المطاع، العالم بالمعروف من المنكر، لا على الضعيف الذي لا يهتدي سبيلا إلى أيّ من أيّ يقول من الحقّ إلى الباطل، و الدليل على ذلك كتاب اللّه عزّ و جلّ قوله: وَ لْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى اَلْخَيْرِ وَ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَ يَنْهَوْنَ عَنِ اَلْمُنْكَرِ.

فهذا خاصّ غير عامّ، كما قال اللّه عزّ و جلّ: وَ مِنْ قَوْمِ مُوسى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَ بِهِ يَعْدِلُونَ. (3)و لم يقل: على امّة موسى، و لا على كلّ قومه و هم يومئذ امم مختلفة، و الامّة واحدة فصاعدا كما قال اللّه عزّ و جلّ: إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً قانِتاً لِلّهِ 4 يقول: مطيعا للّه عزّ و جلّ و ليس على من يعلم ذلك في هذه الهدنة من حرج إذا كان لا قوّة له و لا عذر و لا طاعة.

قال مسعدة: و سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: و سئل عن الحديث الذي جاء عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله «إنّ أفضل الجهاد كلمة عدل عند إمام جائر» ما معناه؟ قال: هذا على أن يأمره بعد معرفته و هو مع ذلك يقبل منه و إلاّ فلا. (4)

ص:123


1- -الكافي ج 5 ص 59 ح 11
2- الكافي ج 5 ص 59 ح 15
3- الأعراف:159
4- الكافي ج 5 ص 59 ح 16

بيان:

«أيّ من أيّ. . .» : أي لا يعلم الحقّ و الباطل، و يدعون الناس من الحقّ إلى الباطل «الهدنة» : الصلح و المراد هنا زمان صلحنا مع أهل البغي.

«و لا عذر» : و الأصوب كما في التهذيب"و لا عدد"بضمّ العين جمع عدّة أو بالفتح.

10-عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ويل لقوم لا يدينون اللّه بالأمر بالمعروف و النهي عن المنكر. (1)

11-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: كيف بكم إذا فسدت نساؤكم و فسق شبابكم و لم تأمروا بالمعروف و لم تنهوا عن المنكر! فقيل له: و يكون ذلك يا رسول اللّه؟ فقال: نعم و شرّ من ذلك كيف بكم إذا أمرتم بالمنكر و نهيتم عن المعروف، فقيل له: يا رسول اللّه، و يكون ذلك؟ قال: نعم و شرّ من ذلك، كيف بكم إذا رأيتم المعروف منكرا و المنكر معروفا. (2)

أقول:

في نهج البلاغة (ص 448 في خ 147) : «إنّه سيأتي عليكم من بعدي زمان ليس فيه شيء أخفى من الحقّ. . . و لا في البلاد شيء أنكر من المعروف و لا أعرف من المنكر» .

12-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: حسب المؤمن غيرا إذا رأى منكرا أن يعلم اللّه عزّ و جلّ من قلبه إنكاره. (3)

بيان:

في المرآة، «غيرا» : أي غيرة و أنفة عن محارم اللّه، من قولهم غار على امرأته غيرا و غيرة أو تغييرا للمنكر، فإنّه يكفي مع العجز إرادة التغيير في وقت الإمكان

ص:124


1- -الكافي ج 5 ص 56 ح 4
2- الكافي ج 5 ص 59 ح 14
3- الكافي ج 5 ص 60 باب إنكار المنكر بالقلب ح 1

و تغيير حبّه و الرضا به عن القلب. . .

13-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّما يؤمر بالمعروف و ينهى عن المنكر مؤمن فيتّعظ أو جاهل فيتعلّم، و أمّا صاحب سوط أو سيف فلا. (1)

14-عن مفضّل بن يزيد، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال لي: يا مفضّل، من تعرّض لسلطان جائر فأصابته بليّة لم يؤجر عليها و لم يرزق الصبر عليها. (2)

15-عن أبي جعفر عليه السّلام في قول اللّه عزّ و جلّ: فَلَمّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ (3)قال: كانوا ثلاثة أصناف: صنف ائتمروا و أمروا فنجوا، و صنف ائتمروا و لم يأمروا فمسخوا ذرّا، و صنف لم يأتمروا و لم يأمروا فهلكوا. (4)

16-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّما يأمر بالمعروف و ينهى عن المنكر من كانت فيه ثلاث خصال: عامل بما يأمر به و تارك لما ينهى عنه، عادل فيما يأمر، عادل فيما ينهى، رفيق فيما يأمر، و رفيق فيما ينهى. (5)

17-عن جعفر بن محمّد عن أبيه عن آبائه عليهم السّلام قال: قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: إنّ اللّه تبارك و تعالى ليبغض المؤمن الضعيف الذي لا زبر له؛ و قال: هو الذي لا ينهى عن المنكر.

قال رحمه اللّه: وجدت بخطّ البرقيّ رحمه اللّه أنّ الزبر هو العقل. . . (6)

18-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: ستكون فتن لا يستطيع المؤمن أن يغيّر فيها بيد و لا لسان، فقال عليّ بن أبي طالب عليه السّلام: يا رسول اللّه، و فيهم يومئذ مؤمنون؟ قال:

ص:125


1- -الكافي ج 5 ص 60 ح 2
2- الكافي ج 5 ص 60 ح 3
3- الأعراف:165
4- الخصال ج 1 ص 100 باب الثلاثة ح 54
5- الخصال ص 109 ح 79
6- معاني الأخبار ص 326 باب معنى الزبر

نعم، قال: فينقص ذلك من إيمانهم شيئا؟ قال: لا، إلاّ كما ينقص القطر من الصفا، إنّهم يكرهونه بقلوبهم. (1)

بيان:

«القطر» : المطر. «الصفا» : الحجر الصلد الضخم. «كما ينقص. . .» : لعلّ المراد أنّ بمرور الزمان ينقص إيمانهم إلاّ أن يكرهونه بقلوبهم فلا ينقص من إيمانهم.

19-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: و انهو غيركم عن المنكر و تناهوا عنه، فإنّما امرتم بالنهي بعد التناهي. (2)

20-و قال عليه السّلام: لعن اللّه الآمرين بالمعروف التاركين له، و الناهين عن المنكر العاملين به. (3)

21-و قال عليه السّلام: فإنّ اللّه سبحانه لم يلعن القرن الماضي بين أيديكم إلاّ لتركهم الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر، فلعن اللّه السفهاء لركوب المعاصي، و الحلماء لترك التناهي. (4)

أقول:

«الحلماء» : في البحار بدلها: "الحكماء".

22-و قال في وصيّته لابنه الحسن عليهما السّلام: و امر بالمعروف تكن من أهله، و أنكر المنكر بيدك و لسانك، و باين من فعله بجهدك، و جاهد في اللّه حقّ جهاده، و لا تأخذك في اللّه لومة لائم. (5)

23-و قال في وصيّته للحسنين عليهم السّلام: لا تتركوا الأمر بالمعروف و النهي

ص:126


1- -أمالي الطوسي ج 2 ص 88
2- نهج البلاغة ص 312 في خ 104
3- نهج البلاغة ص 401 في خ 129
4- نهج البلاغة ص 808 في خ 234-صبحي ص 299 في خ 192
5- نهج البلاغة ص 910 في ر 31

عن المنكر فيولّى عليكم أشراركم، ثمّ تدعون فلا يستجاب لكم. (1)

أقول:

في البحار ج 100 ص 77: عن الصادق عن آبائه عن أمير المؤمنين عليهم السّلام مثله و لكن فيه: «فلا يستجاب لكم دعاؤكم» .

24-و قال عليه السّلام في معنى الجهاد: فمن أمر بالمعروف شدّ ظهور المؤمنين، و من نهى عن المنكر أرغم انوف المنافقين. (2)

25-. . . و قال عليه السّلام: أيّها المؤمنون، إنّه من رأى عدوانا يعمل به و منكرا يدعى إليه فأنكره بقلبه فقد سلم و برئ، و من أنكره بلسانه فقد اجر و هو أفضل من صاحبه، و من أنكره بالسيف لتكون كلمة اللّه هي العليا و كلمة الظالمين هي السفلى فذلك الذي أصاب سبيل الهدى و قام على الطريق، و نوّر في قلبه اليقين. (3)

26-و قال عليه السّلام في كلام آخر له يجري هذا المجرى: فمنهم المنكر للمنكر بيده و لسانه و قلبه، فذلك المستكمل لخصال الخير، و منهم المنكر بلسانه و قلبه و التارك بيده فذلك متمسّك بخصلتين من خصال الخير، و مضيّع خصلة، و منهم المنكر بقلبه و التارك بيده و لسانه فذلك الذي ضيّع أشرف الخصلتين من الثلاث و تمسّك بواحدة، و منهم تارك لإنكار المنكر بلسانه و قلبه و يده فذلك ميّت الأحياء.

و ما أعمال البرّ كلّها و الجهاد في سبيل اللّه عند الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر إلاّ كنفثة في بحر لجّيّ، و إنّ الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر لا يقرّبان من أجل، و لا ينقصان من رزق، و أفضل من ذلك كلّه كلمة عدل عند إمام

ص:127


1- -نهج البلاغة ص 978 في ر 47
2- نهج البلاغة ص 1100 في ح 30-الغرر ج 2 ص 644 ف 77 ح 593 و 594
3- نهج البلاغة ص 1262 ح 365

جائر. (1)

بيان:

«النّفثة» : يراد ما يمازج النفس من الريق عند النفخ (آب دهان انداختن) .

«لجّيّ» : كثير الموج.

27-عن أبي جحيفة قال: سمعت أمير المؤمنين عليه السّلام يقول: إنّ أوّل ما تغلبون عليه من الجهاد الجهاد بأيديكم ثمّ بألسنتكم ثمّ بقلوبكم، فمن لم يعرف بقلبه معروفا و لم ينكر منكرا قلب فجعل أعلاه أسفله و أسفله أعلاه. (2)

28-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: ألا أخبركم عن أقوام ليسوا بأنبياء و لا شهداء، يغبطهم الناس يوم القيامة (3)بمنازلهم من اللّه عزّ و جلّ، على منابر من نور؟ قيل: من هم يا رسول اللّه؟ قال: هم الذين يحبّبون عباد اللّه إلى اللّه، و يحبّبون اللّه إلى عباده، قلنا: هذا حبّبوا اللّه إلى عباده، فكيف يحبّبون عباد اللّه إلى اللّه؟ قال: يأمرونهم بما يحبّ اللّه، و ينهونهم عمّا يكره اللّه، فإذا أطاعوهم أحبّهم اللّه. (4)

29-عن محمّد بن عرفة قال: سمعت الرضا عليه السّلام يقول: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إذا تركت امتّي الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر فليؤذن بوقاع من اللّه جلّ اسمه. (5)

بيان:

الأذان: الإعلام.

في مجمع البحرين، «الواقعة» : النازلة الشديدة و الجمع وقاع و وقائع.

ص:128


1- -نهج البلاغة ص 1263 ح 366
2- نهج البلاغة ص 1264 ح 367
3- في المصدر: يغبطهم يوم القيامة الأنبياء و الشهداء.
4- المستدرك ج 12 ص 182 ب 1 من الأمر و النهي ح 19
5- البحار ج 100 ص 78 باب وجوب الأمر بالمعروف ح 33

30-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ما أقرّ قوم بالمنكر بين أظهرهم لا يغيّرونه إلاّ اوشك أن يعمّهم اللّه عزّ و جلّ بعقاب من عنده. (1)

31-عن جعفر بن محمّد عن أبيه عليهما السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّ المعصية إذا عمل بها العبد سرّا لم تضرّ إلاّ عاملها، و إذا عمل بها علانية و لم يغيّر (و لم يعيّر م) عليه أضرّت العامّة.

قال جعفر بن محمّد عليهما السّلام: و ذلك أنّه يذلّ بعمله دين اللّه و يقتدي به أهل عداوة اللّه. (2)

32-بهذا الإسناد قال: قال عليّ عليه السّلام: أيّها الناس، إنّ اللّه عزّ و جلّ لا يعذّب العامّة بذنب الخاصّة إذا عملت الخاصّة بالمنكر سرّا من غير أن تعلم العامّة، فإذا عملت الخاصّة بالمنكر جهارا فلم يغيّر (فلم يعيّر م) ذلك العامّة استوجب الفريقان العقوبة من اللّه عزّ و جلّ.

و قال: لا يحضرنّ أحدكم رجلا يضربه سلطان جائر ظلما و عدوانا و لا مقتولا و لا مظلوما إذا لم ينصره، لأنّ نصرة المؤمن على المؤمن فريضة واجبة إذا هو حضره، و العافية أوسع ما لم تلزمك الحجّة الحاضرة. قال: و لمّا جعل التفضّل (وقع التقصير م) في بني إسرائيل جعل الرجل منهم يرى أخاه على الذنب فينهاه فلا ينتهي فلا يمنعه ذلك أن يكون أكيله و جليسه و شريبه حتّى ضرب اللّه عزّ و جلّ قلوب بعضهم ببعض و نزل فيه (فيهم م) القرآن حيث يقول عزّ و جلّ: لُعِنَ اَلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى لِسانِ داوُدَ وَ عِيسَى اِبْنِ مَرْيَمَ ذلِكَ بِما عَصَوْا وَ كانُوا يَعْتَدُونَ- كانُوا لا يَتَناهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ. . . 3. (3)

ص:129


1- -البحار ج 100 ص 78 ح 34
2- البحار ج 100 ص 78 ح 35( عقاب الأعمال ص 310 باب عقاب من أقرّ بالمنكر ح 2)
3- البحار ج 100 ص 78 ح 36( عقاب الأعمال ص 310 ح 3)

33-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قوله: كانُوا لا يَتَناهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ ما كانُوا يَفْعَلُونَ قال: أما إنّهم لم يكونوا يدخلون مداخلهم و لا يجلسون مجالسهم، و لكن كانوا إذا لقوهم ضحكوا في وجوههم و أنسوا بهم. (1)

34-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّ رجلا من خثعم جاء إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فقال له: أخبرني ما أفضل الأعمال؟ فقال: الإيمان باللّه، قال: ثمّ ما ذا؟ قال: صلة الرحم، قال: ثمّ ما ذا؟ فقال: الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر. (2)

35-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: لا يزال الناس بخير ما أمروا بالمعروف و نهوا عن المنكر، و تعاونوا على البرّ، فإذا لم يفعلوا ذلك نزعت عنهم البركات، و سلّط بعضهم على بعض، و لم يكن لهم ناصر في الأرض و لا في السماء. (3)

36-عن الثماليّ عن أبي جعفر عليه السّلام قال: سمعته يقول: أما إنّه ليس من سنة أقلّ مطرا من سنة، و لكن اللّه يضعه حيث يشاء، إنّ اللّه جلّ جلاله إذا عمل قوم بالمعاصي صرف عنهم ما كان قدّر لهم من المطر في تلك السنة إلى غيرهم، و إلى الفيافي و البحار و الجبال. . . و إذا لم يأمروا بمعروف و لم ينهوا عن منكر و لم يتّبعوا الأخيار من أهل بيتي سلّط اللّه عليهم شرارهم، فيدعو عند ذلك خيارهم فلا يستجاب لهم. (4)

أقول:

قد مرّ تمام الحديث في باب الذنب.

37-قال الصادق عليه السّلام: من لم ينسلخ عن هواجسه و لم يتخلّص من آفات نفسه و شهواتها و لم يهزم الشيطان و لم يدخل في كنف اللّه (و توحيده ف ن)

ص:130


1- -البحار ج 100 ص 85 ح 56
2- البحار ج 100 ص 81 ح 40
3- البحار ج 100 ص 94 ح 95
4- البحار ج 100 ص 72 ح 5

و أمان عصمته لا يصلح له الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر، لأنّه إذا لم يكن بهذه الصفة فكلّما أظهر أمرا يكون حجّة عليه و لا ينتفع الناس به. قال اللّه تعالى: أَ تَأْمُرُونَ اَلنّاسَ بِالْبِرِّ وَ تَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ و يقال له: يا خائن، أتطالب خلقي بما خنت به نفسك و أرخيت عنه عنانك.

روي أنّ ثعلبة الأسديّ سأل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عن هذه الآية: يا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اِهْتَدَيْتُمْ (1)فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: و امر بالمعروف و انه عن المنكر و الصبر على ما أصابك حتّى إذا رأيت شحّا مطاعا و هوى متّبعا و إعجاب كلّ ذي رأي برأيه، فعليك بنفسك و دع عنك أمر العامّة.

و صاحب الأمر بالمعروف يحتاج إلى أن يكون عالما بالحلال و الحرام، فارغا من خاصّة نفسه ممّا يأمرهم به و ينهاهم عنه، ناصحا للخلق رحيما لهم رفيقا بهم، داعيا لهم باللطف و حسن البيان، عارفا بتفاوت أخلاقهم، لينزّل كلاّ منزلته، بصيرا بمكر النفس و مكائد الشيطان، صابرا على ما يلحقه، لا يكافئهم بها و لا يشكو منهم و لا يستعمل الحميّة، و لا يغتاظ لنفسه، مجرّدا نيّته للّه مستعينا به و مبتغيا لوجهه، فإن خالفوه و جفوه صبر، و إن وافقوه و قبلوا منه شكر، مفوّضا أمره إلى اللّه ناظرا إلى عيبه. (2)

بيان:

هجس الشيء في صدره: خطر بباله أو هو أن يحدّث نفسه في صدره مثل الوسواس، و الهاجس جمع هواجس: ما وقع في قلبك و بالك.

«أرخيت عنه» : يقال: أرخى زمام الناقة: خلاف جذبه.

ص:131


1- -المائدة:105
2- مصباح الشريعة ص 42 ب 64

38-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

الأمر بالمعروف أفضل أعمال الخلق. (الغرر ج 1 ص 86 ف 1 ح 1998)

إنّ الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر لا يقرّبان من أجل، و لا ينقصان من رزق، لكن يضاعفان الثواب و يعظمان الأجر، و أفضل منهما كلمة عدل عند إمام جائر. (ص 253 ف 9 ح 272)

إنّي لأرفع نفسي عن (أن ظ) أنهى الناس عمّا لست أنتهي عنه أو آمرهم بما لا أسبقهم إليه بعملي أو أرضى منهم بما لا يرضي ربّي. (ص 283 ف 12 ح 9)

إنّي لا أحثّكم على طاعة إلاّ و أسبقكم إليها، و لا أنهاكم عن معصية إلاّ و أتناهى قبلكم عنها. (ح 10)

إذا رأى أحدكم المنكر و لم يستطع أن ينكره بيده و لسانه و أنكره بقلبه و علم اللّه صدق ذلك منه فقد أنكره. (ص 325 ف 17 ح 180)

غاية الدين الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و إقامة الحدود.

(ج 2 ص 505 ف 56 ح 28)

قوام الشريعة الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و إقامة الحدود.

(ص 541 ف 61 ح 104)

كفى بالمرء غواية أن يأمر الناس بما لا يأتمر به، و ينهاهم عمّا لا ينتهي عنه.

(ص 560 ف 65 ح 64)

كفى بالمرء جهلا أن ينكر على الناس ما يأتي مثله. (ح 65)

كن آمرا بالمعروف و عاملا به، و لا تكن ممّن يأمر به و ينأى عنه فتبوء بإثمه و تتعرّض لمقت ربّه. (ص 569 ف 67 ح 58)

من كنّ فيه ثلاث سلمت له الدنيا و الآخرة: يأمر بالمعروف و يأتمر به، و ينهى عن المنكر و ينتهي عنه، و يحافظ على حدود اللّه جلّ و علا.

(ص 711 ف 77 ح 1414)

ص:132

134- العزلة عن شرار الخلق و الأنس باللّه تعالى

الآيات

1- وَ إِذِ اِعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَ ما يَعْبُدُونَ إِلاَّ اَللّهَ فَأْوُوا إِلَى اَلْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَ يُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرْفَقاً. (1)

2- وَ أَعْتَزِلُكُمْ وَ ما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اَللّهِ وَ أَدْعُوا رَبِّي عَسى أَلاّ أَكُونَ بِدُعاءِ رَبِّي شَقِيًّا- فَلَمَّا اِعْتَزَلَهُمْ وَ ما يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اَللّهِ وَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَ يَعْقُوبَ وَ كُلاًّ جَعَلْنا نَبِيًّا. (2)

الأخبار

1-في حديث موسى بن جعفر عليهما السّلام لهشام: يا هشام، الصبر على الوحدة علامة قوّة العقل، فمن عقل عن اللّه اعتزل أهل الدنيا و الراغبين فيها، و رغب فيما عند اللّه، و كان اللّه انسه في الوحشة، و صاحبه في الوحدة، و غناه في العيلة، و معزّه

ص:133


1- -الكهف:16
2- مريم:48 و 49

من غير عشيرة. (1)

2-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام، قال له رجل: جعلت فداك، رجل عرف هذا الأمر، لزم بيته و لم يتعرّف إلى أحد من إخوانه؟ قال: فقال: كيف يتفقّه هذا في دينه؟ ! (2)

بيان:

في المرآة ج 1 ص 102، «لم يتعرّف إلى أحد» : أي اعتزل الناس و لم يخالطهم أو لم يسأل عنهم انتهى.

«كيف يتفقّه هذا في دينه» نهي في بعض الأخبار ترك الجماعات و الرهبانيّة و ترك التفقّه و ترك حقوق الإخوان و. . . و في بعضها أمروا عليهم السّلام بالعزلة عن الناس، فالجمع بينها يقتضي أوّلا، أنّ لزوم البيت و العزلة ممدوح مع الإتيان بالحقوق و الواجبات الشرعيّة، كالتفقّه في الدين، و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و ارشاد الضالّ، و معاونة الضعيف و نصرة المظلوم.

و ثانيا، أنّ الناس مختلفون بحسب الأحوال و الأزمان و الأمكنة، فينبغي أن ينظر العبد إلى حاله و خليطه و إلى باعث مخالطته. فالمراد بالعزلة العزلة عن أهل الدنيا الذين يشغلون الإنسان عن ذكر اللّه، لا أهل الآخرة من العلماء و العقلاء و العرفاء الذين يكتسب من أخلاقهم و يستفيد من علومهم و أحوالهم و يتوصّل إلى الأجر و الثواب بمخالطتهم. كما يشهد لذلك قول موسى بن جعفر عليه السّلام لهشام الذي قد مرّ. و لا يخفى أنّ أصل العزلة و أهمّها العزلة بالقلب، كما ورد في الأخبار (3)؛ «فصاحبهم ببدنه و لم يصاحبهم بقلبه» .

فالمؤمن شخصه مع الخلق و قلبه و توجّهه مع اللّه و إلى اللّه، و لكن في أوائل سلوكه

ص:134


1- -الكافي ج 1 ص 13 ك العقل في ح 12
2- الكافي ج 1 ص 24 باب فرض العلم ح 9
3- المستدرك ج 11 ص 386

و مجاهدته يحتاج إلى عزلة شخصه أيضا في أكثر الأوقات.

3-عن حفص بن غياث عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال: إن قدرتم أن لا تعرفوا فافعلوا، و ما عليك أن لم يثن الناس عليك، و ما عليك أن تكون مذموما عند الناس إذا كنت عند اللّه محمودا. . . إن قدرت على أن لا تخرج من بيتك فافعل، فإنّ عليك في خروجك أن لا تغتاب و لا تكذب و لا تحسد و لا ترائي و لا تتصنّع و لا تداهن، ثمّ قال: نعم صومعة المسلم بيته، يكفّ فيه بصره و لسانه و نفسه و فرجه. . . (1)

4-قال أمير المؤمنين عليه السّلام (في حديث) : طوبى لمن لزم بيته، و أكل كسرته، و بكى على خطيئته، و كان من نفسه في تعب، و الناس منه في راحة. (2)

5-عن أبي عبد اللّه عن آبائه عن عليّ عليهم السّلام قال: ثلاث منجيات: تكفّ لسانك، و تبكي على خطيئتك، و يسعك بيتك. (3)

أقول:

في الخصال ج 1 ص 85 باب الثلاثة في ح 13 عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله مثله، إلاّ و فيه: «و تلزم بيتك» .

و قد مرّ في باب البكاء ف 1، عن عليّ عليه السّلام قال: قال عيسى عليه السّلام: «طوبى لمن كان صمته فكرا، و نظره عبرا، و وسعه بيته، و بكى على خطيئته و سلم الناس من يده و لسانه» و مرّ فيه أيضا شرح الحديث.

6-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: يا أيّها الناس، طوبى لمن شغله عيبه عن عيوب الناس، و طوبى لمن لزم بيته، و أكل قوته، و اشتغل بطاعة ربّه، و بكى

ص:135


1- -الوسائل ج 15 ص 354 ب 51 من جهاد النفس ح 1
2- الوسائل ج 15 ص 355 ح 5
3- الوسائل ج 15 ص 355 ح 6

على خطيئته، فكان من نفسه في شغل، و الناس منه في راحة. (1)

7-في وصيّة أمير المؤمنين لابنه الحسن عليهما السّلام: أي بنيّ، . . . و من تفكّر اعتبر، و من اعتبر اعتزل، و من اعتزل سلم. . . أي بنيّ، العافية عشرة أجزاء: تسعة منها في الصمت إلاّ بذكر اللّه و واحد في ترك مجالسة السفهاء. . . (2)

8-في حكم الرضا عليه السّلام: يأتي على الناس زمان تكون العافية فيه عشرة أجزاء: تسعة منها في اعتزل الناس و واحد في الصمت. (3)

9-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: أيّها الناس، إنّ الطمع فقر، و اليأس غنى، و القناعة راحة، و العزلة عبادة، و العمل كنز، و الدنيا معدن. . . (4)

10-عن سفيان الثوريّ قال: قصدت جعفر بن محمّد عليهما السّلام، فأذن لي بالدخول، فوجدته في سرداب ينزل اثنى عشر مرقاة، فقلت: يابن رسول اللّه، أنت في هذا المكان مع حاجة الناس إليك، فقال: يا سفيان، فسد الزمان، و تنكّر الإخوان، و تقلّب الأعيان، فاتّخذنا الوحدة سكنا. . . (5)

11-قال الصادق جعفر بن محمّد عليهما السّلام: إنّ اللّه تبارك و تعالى أوحى إلى داود عليه السّلام: مالي أراك وحدانا؟ قال: هجرت الناس و هجروني فيك، قال: فما لي أراك ساكتا؟ قال: خشيتك أسكتتني، قال: فما لي أراك نصبا؟ قال: حبّك أنصبني، قال: فما لي أراك فقيرا و قد أفدتك؟ قال: القيام بحقّك أفقرني، قال: فما لي أراك متذلّلا؟ قال: عظيم جلالك الذي لا يوصف ذلّلني، و حقّ ذلك لك يا سيّدي، قال اللّه جلّ جلاله: فأبشر بالفضل منّي فلك ما تحبّ يوم تلقاني، خالط الناس

ص:136


1- -نهج البلاغة ص 576 في خ 175
2- تحف العقول ص 65
3- تحف العقول ص 329
4- سفينة البحار ج 2 ص 186( عزل)
5- إرشاد القلوب ص 131 ب 25

و خالفهم بأخلاقهم و زايلهم في أعمالهم تنل ما تريد منّي يوم القيامة. (1)

أقول:

قد مرّ بهذا المعنى في باب الشهرة و فيه: عنه عليه السّلام قال: طوبى لعبد نومة، عرف الناس فصاحبهم ببدنه، و لم يصاحبهم في أعمالهم بقلبه، فعرفوه في الظاهر، و عرفهم في الباطن.

بيان: «أراك نصبا» : لعلّ المعنى؛ ما لي أراك مجدّا مجتهدا في العبادة متعبا نفسك فيها «أفدتك» : أي أعطيتك. «زايلهم في أعمالهم» : أي باينهم و فارقهم في أعمالهم الرديّة و أفعالهم الرذيلة.

12-عن جابر عن أبي جعفر عليه السّلام قال: يأتي على الناس زمان يغيب عنهم إمامهم، فيا طوبى للثابتين على أمرنا في ذلك الزمان. . . قال جابر: فقلت: يابن رسول اللّه، فما أفضل ما يستعمله المؤمن في ذلك الزمان؟ قال: حفظ اللسان و لزوم البيت. (2)

13-قال الصادق عليه السّلام: إنّ اللّه جلّ و عزّ أوحى إلى نبيّ من أنبياء بني إسرائيل: إن أحببت أن تلقاني غدا في حظيرة القدس؛ فكن في الدنيا وحيدا غريبا مهموما محزونا مستوحشا من الناس، بمنزلة الطير الواحد الذي يطير في الأرض القفار، و يأكل من رؤوس الأشجار، و يشرب من ماء العيون، فإذا كان الليل أوى وحده، و لم يأو مع الطيور، استأنس بربّه، و استوحش من الطيور. (3)

بيان:

«الأرض القفار» : أي الأرض التي لا ماء فيها و لا ناس و لا كلأ.

ص:137


1- -أمالي الصدوق ص 196 م 36 ح 1
2- البحار ج 52 ص 145 باب فضل انتظار الفرج ح 66
3- البحار ج 70 ص 108 باب العزلة ح 1( أمالي الصدوق ص 198 م 36 ح 4)

14-قال أبو محمّد عليه السّلام: من آنس باللّه استوحش من الناس. (1)

أقول:

زاد في لئالي الأخبار (ج 1 ص 168) : «و علامة الانس باللّه الوحشة من الناس» .

15-عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: خالط الناس تخبرهم و متى تخبرهم تقلهم. (2)

أقول:

في نهج البلاغة (ص 1289 ح 426) عن أمير المؤمنين عليه السّلام: اخبر تقله.

بيان: يقال: قلاه يقليه إذا أبغضه و الهاء في «تقله» للسكت. و المعنى: خالط الناس و عاشرهم، فإذا اختبرتهم و جرّبتهم، عرفتهم حقيقة المعرفة، فتكشف لك مساويهم و سوء أخلاقهم فتبغضهم و تتركهم.

16-و عن أبي محمّد العسكريّ عليه السّلام قال: الوحشة من الناس على قدر الفطنة بهم. (3)

أقول:

قد مرّ في باب العبادة عن الباقر عليه السّلام: لا يكون العبد عابدا للّه حقّ عبادته حتّى ينقطع عن الخلق كلّهم إليه، فحينئذ يقول: هذا خالص لي فيقبله بكرمه.

17-عن الوليد بن صبيح قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: لو لا الموضع الذي وضعني اللّه فيه، لسرّني أن أكون على رأس جبل، لا أعرف الناس و لا يعرفوني، حتّى يأتيني الموت. (4)

18-عن عبد الواحد قال: قال لي أبو جعفر عليه السّلام: يا عبد الواحد،

ص:138


1- -البحار ج 70 ص 110 ح 11-و مثله في الغرر ج 2 ص 635 ف 77 ح 467
2- البحار ج 70 ص 111 في ح 14
3- البحار ج 70 ص 111 في ح 14
4- المستدرك ج 11 ص 384 ب 51 من جهاد النفس ح 4

ما يضرّك-أو ما يضرّ رجلا-إذا كان على الحقّ، ما قال له الناس، و لو قالوا مجنون، و ما يضرّه لو كان على رأس جبل يعبد اللّه حتّى يجيئه الموت! (1)

أقول:

بهذا المعنى أخبار اخر، في بعضها: «ما يضرّ من كان على هذا الأمر» .

و مرّ في باب الإيمان ف 1: «يقول اللّه: . . . و جعلت له من إيمانه انسا لا يحتاج فيه إلى أحد» .

19-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: أحبّ الناس إليّ منزلة رجل يؤمن باللّه و رسوله، و يقيم الصلاة، و يؤتي الزكاة، و يعمر ماله، و يحفظ دينه، و يعتزل الناس. (2)

20-عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: العزلة عبادة إذا قلّ العتب على الرجل قعوده في بيته. (3)

21-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: يأتي على الناس زمان تكون العافية (فيه) عشرة أجزاء، تسعة منها في اعتزال الناس، و واحدة في الصمت. (4)

22-عن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه السّلام قال: [كان أمير المؤمنين عليه السّلام يقول:] يأتي على الناس زمان يكون فيه أحسنهم حالا من كان جالسا في بيته. (5)

23-قال أمير المؤمنين عليه السّلام (في حديث) : و طلبت الراحة فما وجدت إلاّ بترك مخالطة الناس، لقوام عيش الدنيا، اتركوا الدنيا و مخالطة الناس، تستريحوا في الدارين، و تأمنوا من العذاب. . . (6)

ص:139


1- -المستدرك ج 11 ص 384 ح 5
2- المستدرك ج 11 ص 387 ح 14
3- المستدرك ج 11 ص 388 ح 20
4- المستدرك ج 11 ص 388 ح 21- البحار ج 70 ص 109 باب العزلة ح 7
5- المستدرك ج 11 ص 388 ح 22
6- المستدرك ج 11 ص 389 ح 24

24-عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال لعقبة بن عامر الجهنيّ، لّما سأله عن طريق النجاة، فقال له: أمسك عليك لسانك، و ليسعك بيتك، و ابك على خطيئتك. (1)

25-قال الصادق عليه السّلام: صاحب العزلة متحصّن بحصن اللّه تعالى و متحرّس بحراسته، فيا طوبى لمن تفرّد به سرّا و علانية، و هو يحتاج إلى عشرة خصال: علم الحقّ و الباطل، و تحبّب الفقر، و اختيار الشدّة، و الزهد، و اغتنام الخلوة، و النظر في العواقب، و رؤية التقصير في العبادة مع بذل المجهود، و ترك العجب، و كثرة الذكر بلا غفلة، فإنّ الغفلة مصطاد الشيطان، و رأس كلّ بليّة و سبب كلّ حجاب، و خلوة البيت عمّا لا يحتاج إليه في الوقت.

قال عيسى بن مريم عليهما السّلام: اخزن لسانك لعمارة قلبك و ليسعك بيتك، و احذر من الرياء و فضول معاشك، و استحي من ربّك، و ابك على خطيئتك، و فرّ من الناس فرارك من الأسد و الأفعي، فإنّهم كانوا دواء فصاروا اليوم داء، ثمّ الق اللّه متى شئت.

قال ربيع بن خثيم: إن استطعت أن تكون اليوم في موضع لا تعرف و لا تعرف فافعل، و في العزلة صيانة الجوارح، و فراغ القلب، و سلامة العيش، و كسر سلاح الشيطان، و المجانبة من كلّ سوء، و راحة القلب، و ما من نبيّ و لا وصيّ إلاّ و اختار العزلة في زمانه، إمّا في ابتدائه و إمّا في انتهائه. (2)

26-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

السلامة بالتفرّد. (الغرر ج 1 ص 15 ف 1 ح 380)

الراحة في الزهد. (ح 381)

ص:140


1- -المستدرك ج 11 ص 391 ح 29( صحّحنا الحديث على ما في المصدر)
2- مصباح الشريعة ص 18 ب 24

الانفراد راحة المتعبّدين. (ص 24 ح 712)

العزلة حسن (حصن ف ن) التقوى. (ص 37 ح 1152)

العزلة أفضل شيم الأكياس. (ص 52 ح 1454)

إذا رأيت اللّه سبحانه (يؤنسك بخلقه و) يوحشك (من ذكره) فقد أبغضك. (ص 313 ف 17 ح 68)

ثمرة الانس باللّه الاستيحاش من الناس. (ص 360 ف 23 ح 40)

[سلامة الدين في اعتزال الناس] . (1)

في الانفراد لعبادة اللّه كنوز الأرباح-في اعتزل أبناء الدنيا جماع الصلاح.

(ج 2 ص 514 ف 58 ح 62 و 63)

قلّة الخلطة تصون الدين، و تريح من مقارنة الأشرار. (ص 537 ف 61 ح 59)

كيف يأنس باللّه من لا يستوحش من الخلق؟ ! (ص 555 ف 64 ح 30)

كثرة المعارف محنة، و خلطة الناس فتنة. (ص 563 ف 66 ح 41)

من اعتزل سلم-من اختبر اعتزل. (ص 611 ف 77 ح 5 و 9)

من اعتزل حسنت زهادته. (ص 617 ح 154)

من عرف الناس تفرّد. (ص 619 ح 189)

من اعتزل سلم ورعه. (ص 627 ح 328)

من انفرد كفي الأحزان. (ص 628 ح 347)

من خالط الناس ناله مكرهم-من اعتزل الناس سلم من شرّهم.

(ص 637 ح 495 و 496)

من انفرد عن الناس صان دينه. (ص 645 ح 608)

من انفرد عن الناس آنس باللّه سبحانه. (ص 670 ح 981)

ص:141


1- -الطبعة الحجريّة ص 221

ملازمة الخلوة دأب الصلحاء. (ص 759 ف 80 ح 46)

مداومة الوحدة أسلم من خلطة الناس. (ص 761 ح 84)

نعم العبادة العزلة. (ص 771 ف 81 ح 13)

ينبغي لمن أراد إصلاح نفسه و إحراز دينه أن يجتنب مخالطة (أبناء) الدنيا. (ص 862 ف 87 ح 30)

أقول:

قد مرّ في باب التزويج عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: ليأتينّ على الناس زمان لا يسلم لذي دين دينه إلاّ من يفرّ من شاهق إلى شاهق، و من جحر إلى جحر كالثعلب بأشباله. . .

ص:142

135- العصبيّة و الفخر و الحميّة

الآيات

1- إِذْ جَعَلَ اَلَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ اَلْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ اَلْجاهِلِيَّةِ. . . (1)

2- اِعْلَمُوا أَنَّمَا اَلْحَياةُ اَلدُّنْيا لَعِبٌ وَ لَهْوٌ وَ زِينَةٌ وَ تَفاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَ تَكاثُرٌ فِي اَلْأَمْوالِ وَ اَلْأَوْلادِ. . . (2)

3- . . . وَ اَللّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ. (3)

الأخبار

1-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من تعصّب أو تعصّب له فقد خلع ربقة الإيمان من عنقه. (4)

بيان:

في النهاية ج 2 ص 190، الربقة في الأصل: عروة في حبل تجعل في عنق البهيمة أو

ص:143


1- -الفتح:26
2- الحديد:20
3- الحديد:23
4- الكافي ج 2 ص 232 باب العصبيّة ح 1-و مثله ح 2 عنه عليه السّلام عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله

يدها تمسكها، فاستعارها للإسلام، يعني ما يشدّ به المسلم نفسه من عرى الإسلام: أي حدوده و أحكامه و أوامره و نواهيه. و تجمع الربقة على ربق. . .

«من تعصّب» في النهاية ج 3 ص 245، و فيه: «العصبيّ من يعين قومه على الظلم» العصبيّ: هو الذي يغضب لعصبته و يحامى عنهم، و العصبة: الأقارب من جهة الأب، لأنّهم يعصّبونه و يعتصب بهم: أي يحيطون به و يشتدّ بهم. و منه الحديث: «ليس منّا من دعا إلى عصبيّة، أو قاتل عصبيّة» العصبيّة و التعصّب: المحاماة و المدافعة.

و في المرآة ج 10 ص 174: التعصّب المذموم في الأخبار هو أن يحمى قومه أو عشيرته أو أصحابه في الظلم و الباطل، أو يلج في مذهب باطل، أو مسألة باطلة، لكونه دينه أو دين آبائه أو عشيرته، و لا يكون طالبا للحقّ بل ينصر ما لم يعلم أنّه حقّ أو باطل للغلبة على الخصوم، أو لإظهار تدرّبه في العلوم أو اختار مذهبا ثمّ ظهر له خطاؤه، فلا يرجع عنه لئلا ينسب إلى الجهل أو الضلال، فهذه كلّها عصبيّة باطلة مهلكة توجب خلع ربقة الإيمان، و قريب منه الحميّة، قال سبحانه: إِذْ جَعَلَ اَلَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ اَلْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ اَلْجاهِلِيَّةِ.

قال الطبرسيّ رحمه اللّه: الحميّة: الأنفة و الإنكار يقال: فلان ذو حميّة منكرة إذا كان ذا غضب و أنفة، أي حميت قلوبهم بالغضب كعادة آبائهم في الجاهليّة أن لا يذعنوا لأحد و لا ينقادوا له.

و قال الراغب: عبّر عن القوّة الغضبيّة إذا ثارت و كثرت بالحميّة، فقيل: حميت على فلان أي غضبت عليه انتهى.

و أمّا التعصّب في دين الحقّ و الرسوخ فيه و الحماية عنه، و كذا في المسائل اليقينيّة و الأعمال الدينيّة أو حماية أهله و عشيرته بدفع الظلم عنهم، فليس من العصبيّة و الحميّة المذمومة، بل بعضها واجب.

ثمّ إنّ هذا الذمّ و الوعيد في المتعصّب ظاهر، و أمّا المتعصّب له فلا بدّ من تقييده

ص:144

بما إذا كان هو الباعث له و الراضي به، و إلاّ فلا إثم عليه. و خلع ربقة الإيمان إمّا كناية عن خروجه من الإيمان رأسا للمبالغة أو عن إطاعة الإيمان للإخلال بشريعة عظيمة من شرايعه، أو المعنى خلع ربقة من ربق الإيمان التي ألزمها الإيمان عليه من عنقه.

و في جامع السعادات ج 1 ص 366، العصبيّة: و هي السعي في حماية نفسه أو ماله إليه نسبة من الدين، و الأرقاب، و العشائر، و أهل البلد، قولا أو فعلا، فإن كان ما يحميه و يدفع عنه السوء ممّا يلزم حفظه و حمايته، و كانت حمايته بالحقّ من دون خروج من الإنصاف و الوقوع في ما لا يجوز شرعا، فهو الغيرة الممدوحة التي هي من فضائل قوّة الغضب كما مرّ، و إن كان ممّا لا يلزم حمايته، أو كانت حمايته بالباطل، بأن يخرج عن الإنصاف و ارتكب ما يحرم شرعا، فهو التعصّب المذموم، و هو من رداءة قوّة الغضب. . . و الغالب إطلاق العصبيّة في الأخبار على التعصّب المذموم، و لذا ورد بها الذمّ.

2-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من كان في قلبه حبّة من خردل من عصبيّة، بعثه اللّه يوم القيامة مع أعراب الجاهليّة. (1)

3-عن محمّد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من تعصّب عصبه اللّه بعصابة من نار. (2)

بيان:

«العصابة» كلّ ما يعصّب به الرأس أو العمامة.

4-قال عليّ بن الحسين عليهما السّلام: لم يدخل الجنّة حميّة غير حميّة حمزة بن عبد المطّلب-و ذلك حين أسلم-غضبا للنبيّ صلّى اللّه عليه و آله في حديث السّلا الذي القي

ص:145


1- -الكافي ج 2 ص 233 ح 3
2- الكافي ج 2 ص 233 ح 4

على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله. (1)

بيان:

«السّلى» : الجلدة التي فيها الولد من المواشي ألقاها المشركون (لعنهم اللّه) على رأسه صلّى اللّه عليه و آله حين وجدوه في السجود فأخذت حمزة عليه السّلام الحميّة له فأسلم.

5-عن داود بن فرقد عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ الملائكة كانوا يحسبون أنّ إبليس منهم و كان في علم اللّه أنّه ليس منهم، فاستخرج ما في نفسه بالحميّة و الغضب فقال: خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَ خَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ 2. (2)

6-عن الزهريّ قال: سئل عليّ بن الحسين عليهما السّلام عن العصبيّة، فقال: العصبيّة التي يأثم عليها صاحبها أن يرى الرجل شرار قومه خيرا من خيار قوم آخرين، و ليس من العصبيّة أن يحبّ الرجل قومه، و لكن من العصبيّة أن يعين قومه على الظلم. (3)

7-عن أبي حمزة الثمالي قال: قال عليّ بن الحسين عليهما السّلام: عجبا للمتكبّر الفخور، الذي كان بالأمس نطفة ثمّ هو غدا جيفة. (4)

بيان:

في المصباح: فخرت به فخرا من باب نفع و افتخرت مثله و الاسم الفخار بالفتح: و هو المباهاة بالمكارم و المناقب من حسب و نسب و غير ذلك إمّا في المتكلّم أو في آبائه.

و في جامع السعادات ج 1 ص 363: الافتخار أي المباهاة باللسان بما توهّمه كمالا،

ص:146


1- -الكافي ج 2 ص 233 ح 5
2- الكافي ج 2 ص 233 ح 6
3- الكافي ج 2 ص 233 ح 7
4- الكافي ج 2 ص 247 باب الفخر و الكبر ح 1

و الغالب كون المباهاة بالامور الخارجة عن ذاته، و هو بعض أصناف التكبّر-كما اشير إليه-فكلّ ما ورد في ذمّه يدلّ على ذمّه، و الأسباب الباعثة عليه هي أسباب التكبّر، و قد تقدّم أنّ شيئا منها لا يصلح لأن يكون منشأ للافتخار، فهو ناش من محض الجهل و السفاهة.

و في المفردات، الفخر: المباهاة في الأشياء الخارجة عن الإنسان كالمال و الجاه.

8-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: آفة الحسب الافتخار و العجب. (1)

أقول:

ح 6 مثله، و لكن ليس فيه كلمة"العجب".

بيان: في المرآة ج 10 ص 286، الحسب: الشرف و المجد الحاصل من جهة الآباء و قد يطلق على الشرافة الحاصلة من الأفعال الحسنة و الأخلاق الكريمة، و إن لم تكن من جهة الآباء. . .

9-قال أبو جعفر عليه السّلام: عجبا للمختال الفخور، و إنّما خلق من نطفة ثمّ يعود جيفة، و هو فيما بين ذلك لا يدري ما يصنع به. (2)

10-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: أتى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله رجل فقال: يا رسول اللّه، أنا فلان بن فلان حتّى عدّ تسعة، فقال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أما إنّك عاشرهم في النار. (3)

أقول:

قد مرّ في باب العجب: «آفة الدين الحسد و العجب و الفخر» و في باب السلاطين: «إنّ اللّه عزّ و جلّ يعذّب ستّة بستّة: العرب بالعصبيّة. . .» .

ص:147


1- -الكافي ج 2 ص 247 ح 2
2- الكافي ج 2 ص 247 ح 4
3- الكافي ج 2 ص 247 ح 5

11-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ثلاث إذا كنّ في الرجل (في المرء م) فلا تتحرّج أن تقول إنّها في جهنّم: البذاء و الخيلاء و الفخر. (1)

بيان:

«التحرّج» : تجنّب الإثم. «الخيلاء» : الكبر و العجب.

12-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: من وضع شيئا للمفاخرة حشره اللّه يوم القيامة أسود. (2)

13-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: ما لابن آدم و الفخر، أوّله نطفة، و آخره جيفة، لا يرزق نفسه، و لا يدفع حتفة. (3)

بيان:

«الحتف» : الموت.

14-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: الرجل ليعجبه شراك نعله فيدخل في هذه الآية: تِلْكَ اَلدّارُ اَلْآخِرَةُ نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي اَلْأَرْضِ وَ لا فَساداً. . . . (4)

15-عن موسى بن جعفر عن آبائه عن الحسين بن عليّ عليهم السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: أهلك الناس اثنان: خوف الفقر، و طلب الفخر. (5)

16-عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يتعوّذ في كلّ يوم من ستّ [خصال] : من الشكّ، و الشرك، و الحميّة، و الغضب،

ص:148


1- -الوسائل ج 15 ص 383 ب 59 من جهاد النفس ح 15
2- الوسائل ج 16 ص 44 ب 75 ح 9
3- نهج البلاغة ص 1294 ح 445
4- نور الثقلين ج 4 ص 144 ح 123( القصص:83)
5- الخصال ج 1 ص 68 باب الاثنين ح 102

و البغي، و الحسد. (1)

17-عن الصادق جعفر بن محمّد عن أبيه عن جدّه عليهم السّلام قال: وقع بين سلمان الفارسيّ رحمه اللّه و بين رجل كلام و خصومة، فقال له الرجل: من أنت يا سلمان؟ فقال سلمان: أمّا أوّلي و أوّلك فنطفة قذرة، و أمّا آخري و آخرك فجيفة منتنة، فإذا كان يوم القيامة و وضعت الموازين، فمن ثقل ميزانه فهو الكريم، و من خفّ ميزانه فهو اللئيم. (2)

18-عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر قال: كنت عند الرضا عليه السّلام فأمسيت عنده قال: فقلت: أنصرف؟ فقال لي: لا تنصرف فقد أمسيت قال: فأقمت عنده قال: فقال لجاريته: هاتي مضرّبتي و وسادتي فأفرش لأحمد في ذلك البيت.

قال: فلمّا صرت في البيت دخلني شيء فجعل يخطر ببالي: من مثلي في بيت وليّ اللّه، و على مهاده! فناداني يا أحمد، إنّ أمير المؤمنين عليه السّلام عاد صعصعة بن صوحان فقال: يا صعصعة بن صوحان، لا تجعل عيادتي إيّاك فخرا على قومك، و تواضع للّه يرفعك. (3)

بيان:

«المضرّبة» يقال بالفارسيّة: رختخواب.

19-قال الباقر عليه السّلام: صعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله المنبر يوم فتح مكّة، فقال: أيّها الناس، إنّ اللّه قد أذهب عنكم نخوة الجاهليّة و تفاخرها بآبائها، ألا إنّكم من آدم و آدم من طين، ألا إنّ خير عباد اللّه عبد اتّقاه. (4)

ص:149


1- -الخصال ج 1 ص 329 باب الستّة ح 24
2- البحار ج 22 ص 355 باب كيفيّة إسلام سلمان رحمه اللّه ح 1
3- البحار ج 73 ص 293 باب العصبيّة ح 23
4- جامع السعادات ج 1 ص 363( الافتخار)

20-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال: إن كنتم لا محالة متعصّبين فتعصّبوا لنصرة الحقّ و إغاثة الملهوف. (الغرر ج 1 ص 277 ف 10 ح 33)

ص:150

136- العفّة

الأخبار

1-عن زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام قال: ما عبد اللّه بشيء أفضل من عفّة بطن و فرج. (1)

بيان:

في المصباح: عفّ عن الشيء يعفّ. . . امتنع عنه، و في القاموس: عفّ عفّا و عفافا و عفافة بفتحهنّ و عفّة بالكسر فهو عفّ و عفيف: كفّ عمّا لا يحلّ و لا يجمل كاستعفّ و تعفّف.

و في المفردات: العفّة، حصول حالة للنفس تمتنع بها عن غلبة الشهوة، و المتعفّف المتاطي لذلك بضرب من الممارسة و القهر، و أصله الاقتصار على تناول الشيء القليل الجاري مجرى العفافة، و العفّة أي البقيّة من الشيء، أو مجرى العفعف و هو ثمر الأراك، و الاستعفاف طلب العفّة.

و في جامع السعادات ج 2 ص 16: «العفّة» هو انقياد قوّة الشهوة للعقل في الإقدام على ما يأمرها به من المأكل و المنكح كمّا و كيفا، و الاجتناب عمّا ينهاها عنه، و هو الاعتدال الممدوح عقلا و شرعا، و طرفاه من الإفراط و التفريط مذمومان. . .

ص:151


1- -الكافي ج 2 ص 64 باب العفّة ح 1

و في المرآة ج 8 ص 66: العفّة، في الأصل الكفّ. . . و تطلق في الأخبار غالبا على عفّة البطن و الفرج و كفّهما عن مشتهياتهما المحرّمة، بل المشتبهة و المكروهة أيضا من المأكولات و المشروبات و المنكوحات، بل من مقدّماتهما من تحصيل الأموال المحرّمة لذلك و من القبلة و اللمس و النظر إلى المحرّم، و يدلّ على أنّ ترك المحرّمات من العبادات و كونهما من أفضل العبادات [و كون العفّتين من أفضل العبادات] لكونهما أشقّهما.

2-عن سدير قال: قال أبو جعفر عليه السّلام: إنّ أفضل العبادة عفّة البطن و الفرج. (1)

3-عن أبي جعفر عليه السّلام قال: ما من عبادة أفضل عند اللّه من عفّة بطن و فرج. (2)

4-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: كان أمير المؤمنين عليه السّلام يقول: أفضل العبادة العفاف. (3)

5-عن أبي بصير قال: قال رجل لأبي جعفر عليه السّلام: إنّي ضعيف العمل قليل الصيام، و لكنّي أرجو أن لا آكل إلاّ حلالا، قال: فقال له: أيّ الاجتهاد أفضل من عفّة بطن و فرج. (4)

6-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أكثر ما تلج به امّتي النار الأجوفان: البطن و الفرج. (5)

ص:152


1- -الكافي ج 2 ص 64 ح 2-و مثله في الغرر ج 1 ص 185 ف 8 ح 208
2- الكافي ج 2 ص 65 ح 8 و 7
3- الكافي ج 2 ص 64 ح 3
4- الكافي ج 2 ص 64 ح 4
5- الكافي ج 2 ص 64 ح 5

بيان:

«تلج» أي تدخل.

7-و بإسناده قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ثلاث أخافهنّ على امّتي من بعدي: الضلالة بعد المعرفة، و مضلاّت الفتن، و شهوة البطن و الفرج. (1)

8-في وصيّة أمير المؤمنين عليه السّلام لمحمّد بن الحنفيّة قال: و من لم يعط نفسه شهوتها أصاب رشده. (2)

9-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من ضمن لي اثنتين ضمنت له على اللّه الجنّة: من ضمن لي ما بين لحييه و ما بين رجليه ضمنت له على اللّه الجنّة، يعني: ضمن لي لسانه و فرجه. (3)

10-عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد اللّه الصادق عليه السّلام يقول: من كفّ أذاه عن جاره أقاله اللّه عثرته يوم القيامة، و من عفّ بطنه و فرجه كان في الجنّة ملكا محبورا، و من أعتق نسمة مؤمنة بني له بيت في الجنّة. (4)

بيان:

في المصباح: حبرت الشيء حبرا من باب قتل: زيّنته و فرّحته و الحبر بالكسر: اسم منه فهو محبور.

11-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: و من قدر على امرأة أو جارية حراما فتركها مخافة اللّه، حرّم اللّه عليه النار و آمنه من الفزع الأكبر و أدخله الجنّة، فإن أصابها حراما حرّم اللّه عليه الجنّة و أدخله النار. (5)

ص:153


1- -الكافي ج 2 ص 65 ح 6
2- الوسائل ج 15 ص 250 ب 22 من جهاد النفس ح 9
3- الوسائل ج 15 ص 250 ح 10
4- الوسائل ج 15 ص 251 ح 11
5- الوسائل ج 15 ص 251 ح 12

12-عن المفضّل عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّما شيعة جعفر من عفّ بطنه و فرجه و اشتدّ جهاده و عمل لخالقه و رجا ثوابه و خاف عقابه، فإذا رأيت اولئك فاولئك شيعة جعفر. (1)

13-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: . . . و عفّته (أي الرجل) على قدر غيرته. (2)

14-و قال عليه السّلام: ما المجاهد الشهيد في سبيل اللّه بأعظم أجرا ممّن قدر فعفّ، لكاد العفيف أن يكون ملكا من الملائكة. (3)

15-عن الثمالي عن أبي جعفر عليه السّلام قال: عليكم بالورع، فإنّه ليس شيء أحبّ إلى اللّه من الورع، و عفّة بطن و فرج. (4)

16-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: برّوا آبائكم يبرّكم أبناءكم، و عفّوا عن نساء الناس تعفّ نساؤكم. (5)

17-عن الرضا عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أوّل من يدخل الجنّة شهيد و عبد مملوك أحسن عبادة ربّه و نصح لسيّده، و رجل عفيف متعفّف ذو عبادة. (6)

بيان:

في المرآة ج 8 ص 208 باب الحلم: «المتعفّف» إمّا تأكيد"للعفيف"أو العفيف عن المحرّمات و المتعفّف عن المكروهات. . . أو العفيف في البطن المتعفّف في الفرج، أو العفيف عن الحرام المتعفّف عن السؤال. . . أو العفيف خلقا المتعفّف تكلّفا. . .

ص:154


1- -الوسائل ج 15 ص 251 ح 13
2- نهج البلاغة ص 1110 ح 44
3- نهج البلاغة ص 1303 ح 466
4- المستدرك ج 11 ص 275 ب 22 من جهاد النفس ح 8
5- البحار ج 71 ص 270 باب العفاف ح 10
6- البحار ج 71 ص 272 ح 17

و لعلّ هذا أنسب. . .

18-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: أتى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أعرابيّ، فقال له: أوصني يا رسول اللّه، فقال: نعم اوصيك بحفظ ما بين رجليك. (1)

19-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: أوصيكم بحفظ ما بين رجليك و ما بين لحييك. (2)

20-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

العفاف زهادة. (الغرر ج 1 ص 6 ف 1 ح 53)

العفّة أفضل الفتوّة. (ص 21 ح 582)

العفاف أفضل شيمة. (ص 22 ح 617)

العفّة شيمة الأكياس. (ص 26 ح 779)

النزاهة آية العفّة. (ص 29 ح 881)

العفّة رأس كلّ خير. (ص 40 ح 1212)

[أهل] العفاف أشرف الأشراف. (ص 57 ح 1548)

العفاف يصون النفس و ينزّهها عن الدنايا. (ص 87 ح 2012)

العفّة تضعف الشهوة. (ص 102 ح 2170)

ألا و إنّ القناعة و غلبة الشهوة من أكبر العفاف. (ص 161 ف 6 ح 10)

أصل المروّة الحياء، و ثمرتها العفّة. (ص 190 ف 8 ح 280)

إذا أراد اللّه بعبد خيرا أعفّ بطنه عن الطعام و فرجه عن الحرام.

(ص 320 ف 17 ح 142)

بالعفاف تزكو الأعمال. (ص 332 ف 18 ح 60)

ص:155


1- -البحار ج 71 ص 274 ح 21
2- البحار ج 71 ص 274 ح 22

تاج الرجل عفافه و زينته انصافه. (ص 348 ف 22 ح 35)

ثمرة العفّة الصيانة (ص 358 ف 23 ح 9)

دليل غيرة الرجل عفّته. (ص 401 ف 31 ح 4)

زكاة الجمال العفاف. (ص 425 ف 37 ح 5)

سبب العفّة الحياء-سبب القناعة العفاف. (ص 431 ف 38 ح 18 و 22)

عليك بالعفّة فإنّها نعم القرين. (ج 2 ص 478 ف 49 ح 19)

عليك بالعفاف و القنوع فمن أخذ به خفّت عليه المؤن. (ص 480 ح 38)

عليك بالعفاف، فإنّه أفضل شيم الأشراف. (ح 42)

عليكم بلزوم العفّة و الأمانة، فإنّهما أشرف ما أسررتم، و أحسن ما أعلنتم، و أفضل ما ادّخرتم. (ص 484 ف 50 ح 7)

على قدر العفّة تكون القناعة-على قدر الحياء تكون العفّة.

(ص 487 ف 51 ح 8 و 10)

لم يتحلّ بالعفّة من اشتهى ما لا يجد. (ص 600 ف 74 ح 21)

من عقل عفّ. (ص 611 ف 77 ح 8)

من عفّ خفّ وزره، و عظم عند اللّه قدره. (ص 667 ح 934)

من عفّت أطرافه حسنت أوصافه. (ص 708 ح 1388)

من التحف العفّة و القناعة خالفه الغرّ. (ص 720 ح 1483)

ما زنا عفيف. (ص 743 ف 79 ح 133)

لا فاقة مع عفاف. (ص 834 ف 86 ح 105)

لا تكمل المكارم إلاّ بالعفاف و الإيثار. (ص 845 ح 309)

يستدلّ على عقل الرجل بالعفّة و القناعة. (ص 863 ف 88 ح 2)

أقول: لاحظ أبواب الإيمان، الأكل، حسن الخلق، الحياء، الحلم، الزنا، الشهوة، الشيعة، الورع و. . . أيضا.

ص:156

137- العقل

الآيات

1- إِنَّ فِي خَلْقِ اَلسَّماواتِ وَ اَلْأَرْضِ . . . وَ تَصْرِيفِ اَلرِّياحِ وَ اَلسَّحابِ اَلْمُسَخَّرِ بَيْنَ اَلسَّماءِ وَ اَلْأَرْضِ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ. (1)

2- كَذلِكَ يُبَيِّنُ اَللّهُ لَكُمْ آياتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ. (2)

3- . . . وَ ما يَذَّكَّرُ إِلاّ أُولُوا اَلْأَلْبابِ. (3)

4- إِنَّ فِي خَلْقِ اَلسَّماواتِ وَ اَلْأَرْضِ وَ اِخْتِلافِ اَللَّيْلِ وَ اَلنَّهارِ لَآياتٍ لِأُولِي اَلْأَلْبابِ- اَلَّذِينَ يَذْكُرُونَ اَللّهَ قِياماً وَ قُعُوداً وَ عَلى جُنُوبِهِمْ وَ يَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ اَلسَّماواتِ وَ اَلْأَرْضِ رَبَّنا ما خَلَقْتَ هذا باطِلاً سُبْحانَكَ فَقِنا عَذابَ اَلنّارِ. (4)

5- . . . وَ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ. (5)

ص:157


1- -البقرة:164 و بمدلولها في النحل:12 و المؤمنون:80 و الجاثية:13
2- البقرة:242 و بمضمونها في البقرة:73 و آل عمران:118 و النور:61 و الحديد:17
3- البقرة:269 و نظيرها في الرعد:19 و آل عمران:7 و إبراهيم:52 و الزمر:21
4- آل عمران:190 و 191
5- المائدة:103 و بمعناها في المائدة:58 و العنكبوت:63 و الحجرات:4

6- . . . وَ اَلدّارُ اَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَ فَلا تَعْقِلُونَ. (1)

7- إِنَّ شَرَّ اَلدَّوَابِّ عِنْدَ اَللّهِ اَلصُّمُّ اَلْبُكْمُ اَلَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ. (2)

8- . . . وَ يَجْعَلُ اَلرِّجْسَ عَلَى اَلَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ. (3)

9- إِنّا أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ. (4)

10- أَ فَلَمْ يَسِيرُوا فِي اَلْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِها أَوْ آذانٌ يَسْمَعُونَ بِها فَإِنَّها لا تَعْمَى اَلْأَبْصارُ وَ لكِنْ تَعْمَى اَلْقُلُوبُ اَلَّتِي فِي اَلصُّدُورِ. (5)

11- . . . تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَ قُلُوبُهُمْ شَتّى ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ. (6)

12- وَ قالُوا لَوْ كُنّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ ما كُنّا فِي أَصْحابِ اَلسَّعِيرِ. (7)

الأخبار

1-عن محمّد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام قال: لمّا خلق اللّه العقل استنطقه، ثمّ قال له: أقبل فأقبل. ثمّ قال له: أدبر فأدبر. ثمّ قال: و عزّتي و جلالي، ما خلقت خلقا هو أحبّ إليّ منك، و لا أكملتك إلاّ فيمن أحبّ، أما إنّي إيّاك آمر، و إيّاك أنهى، و إيّاك أعاقب، و إيّاك أثيب. (8)

ص:158


1- -الأعراف:169 و بمضمونها في الأنعام:32 و يوسف:109
2- الأنفال:22
3- يونس:100
4- يوسف:2 و بمدلولها في الأنبياء:10 و الزخرف:3
5- الحجّ:46
6- الحشر:14
7- الملك:10
8- الكافي ج 1 ص 8 ك العقل ح 1

بيان:

في المصباح: عقلت البعير عقلا. . . و عقلت الشيء عقلا من باب ضرب أيضا تدبّرته، و عقل يعقل من باب تعب لغة، ثمّ أطلق العقل الذي هو مصدر على الحجا و اللبّ، و لهذا قال بعض الناس: العقل غريزة يتهيّأ بها الإنسان إلى فهم الخطاب. . .

و في المفردات: العقل، يقال للقوّة المتهيّئة لقبول العلم، و يقال للعلم الذي يستفيده الإنسان بتلك القوّة عقل، و لهذا قال أمير المؤمنين عليه السّلام: العقل عقلان: مطبوع و مسموع. . . و أصل العقل الإمساك و الاستمساك كعقل البعير بالعقال. . .

و في مجمع البحرين: العاقل هو الذي يحبس نفسه و يردّها عن هواها، و من هذا قولهم: اعتقل لسان فلان إذا حبس و منع من الكلام، و منه عقلت البعير. . .

أقول: سيأتي في الأخبار بيان حقيقة العقل و علائمه.

و قال العلاّمة المجلسي رحمه اللّه في المرآة ج 1 ص 25 و البحار ج 1 ص 99، ما ملخّصه: إنّ العقل هو تعقّل الأشياء و فهمها في أصل اللغة، و اصطلح على أمور:

الأوّل: هو قوّة إدراك الخير و الشرّ و التمييز بينهما، و العقل بهذا المعنى مناط التكليف و الثواب و العقاب.

الثاني: ملكة و حالة في النفس تدعو إلى اختيار الخيرات و المنافع، و اجتناب الشرور و المضارّ، و بها تقوّى النفس على زجر الدواعي الشهوانيّة و الغضبيّة و الوساوس الشيطانيّة، و هل هذا هو الكامل من الأوّل أم هو صفة اخرى و حالة مغايرة للاولى؟ كلّ منهما محتمل.

الثالث: القوّة التي يستعملها الناس في نظام امور معاشهم، فإن وافقت قانون الشرع و استعملت فيما استحسنه الشارع تسمّى بعقل المعاش، و هو ممدوح في الأخبار، و إذا استعملت في الامور الباطلة و الحيل الفاسدة تسمّى بالنكراء و الشيطنة في لسان الشرع.

ص:159

الرابع: مراتب استعداد النفس لتحصيل النظريّات و قربها و بعدها عن ذلك، و أثبتوا لها مراتب أربعا سمّوها بالعقل الهيولائيّ، و العقل بالملكة، و العقل بالفعل، و العقل المستفاد.

الخامس: النفس الناطقة الإنسانيّة التي بها يتميّز عن سائر البهائم.

السادس: ما ذهب إليه الفلاسفة و أثبتوه بزعمهم: من جوهر مجرّد قديم لا تعلّق له بالمادّة ذاتا و لا فعلا، و القول به كما ذكروه مستلزم لإنكار كثير من ضروريّات الدين من حدوث العالم و غيره.

فإذا عرفت ما مهّدناه فاعلم أنّ الأخبار الواردة في هذه الأبواب أكثرها ظاهرة في المعنيين الأوّلين، الذي مآلهما إلى واحد، و في الثاني منهما أكثر و أظهر، و في بعض الأخبار يطلق العقل على نفس العلم النافع المورث للنجاة، المستلزم لحصول السعادات؛

فأمّا أخبار استنطاق العقل و إقباله و إدباره، فيمكن حملها على أحد المعاني الاربعة المذكورة أوّلا، أو ما يشملها جميعا، و حينئذ يحتمل أن يكون الخلق بمعنى التقدير، كما ورد في اللغة، أو يكون المراد بالخلق الخلق في النفس و اتّصاف النفس بها، و يكون سائر ما ذكر فيها من الاستنطاق و الإقبال و الإدبار و غيرها استعارة تمثيليّة، لبيان أنّ مدار التكاليف و الكمالات و الترقّيات على العقل.

2-عن الأصبغ عن عليّ عليه السّلام قال: هبط جبرئيل عليه السّلام على آدم عليه السّلام فقال: يا آدم، إنّي أمرت أن أخيّرك واحدة من ثلاث فاخترها ودع اثنتين. فقال له آدم: يا جبرئيل، و ما الثلاث؟ فقال: العقل و الحياء و الدين. فقال آدم: إنّي قد اخترت العقل. فقال جبرئيل للحياء و الدين: انصرفا و دعاه، فقالا: يا جبرئيل، إنّا امرنا أن نكون مع العقل حيث كان، قال: فشأنكما و عرج. (1)

ص:160


1- -الكافي ج 1 ص 8 ح 2

بيان:

«فشأنكما» الشأن: الأمر و الحال أي ألزما شأنكما أو شأنكما معكما.

3-عن بعض أصحابنا عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قلت له: ما العقل؟ قال: ما عبد به الرحمن و اكتسب به الجنان، قال: قلت: [فما] الذي كان في معاوية؟ فقال: تلك النكراء، تلك الشيطنة، و هي شبيهة بالعقل و ليست بالعقل. (1)

بيان:

«النكراء» : الدهاء و الفطنة، و هي جودة الرأي و حسن الفهم، و إذا استعملت في مشتهيات جنود الجهل، يقال لها الشيطنة.

4-عن الحسن بن الجهم قال: سمعت الرضا عليه السّلام يقول: صديق كلّ امرء عقله، و عدوّه جهله. (2)

5-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من كان عاقلا كان له دين، و من كان له دين دخل الجنّة. (3)

6-قال أبو جعفر عليه السّلام: إنّما يداقّ اللّه العباد في الحساب يوم القيامة على قدر ما آتاهم من العقول في الدنيا. (4)

7-عن سليمان الديلميّ قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: فلان من عبادته و دينه و فضله! فقال: كيف عقله؟ قلت: لا أدري، فقال: إنّ الثواب على قدر العقل، إنّ رجلا من بني إسرائيل كان يعبد اللّه في جزيرة (إلى آخر قصّته و فيه) قال العابد: ليس لربّنا بهيمة، فلو كان له حمار رعيناه في هذا الموضع. . . (5)

ص:161


1- -الكافي ج 1 ص 8 ح 3
2- الكافي ج 1 ص 8 ح 4
3- الكافي ج 1 ص 9 ح 6
4- الكافي ج 1 ص 9 ح 7
5- الكافي ج 1 ص 9 ح 8

8-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إذا بلغكم عن رجل حسن حال، فانظروا في حسن عقله، فإنّما يجازى بعقله. (1)

9-عن عبد اللّه بن سنان قال: ذكرت لأبي عبد اللّه عليه السّلام رجلا مبتلى بالوضوء و الصلاة و قلت: هو رجل عاقل. فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام: و أيّ عقل له و هو يطيع الشيطان؟ فقلت له: و كيف يطيع الشيطان؟ فقال: سله هذا الذي يأتيه من أيّ شيء هو؟ فإنّه يقول لك: من عمل الشيطان. (2)

10-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ما قسّم اللّه للعباد شيئا أفضل من العقل، فنوم العاقل أفضل من سهر الجاهل، و إقامة العاقل أفضل من شخوص الجاهل، و لا بعث اللّه نبيّا و لا رسولا حتّى يستكمل العقل، و يكون عقله أفضل من جميع عقول امّته، و ما يضمر النبيّ في نفسه أفضل من اجتهاد المجتهدين، و ما أدّى العبد فرائض اللّه حتّى عقل عنه، و لا بلغ جميع العابدين في فضل عبادتهم ما بلغ العاقل، و العقلاء هم اولوا الألباب الذين قال اللّه تعالى: وَ ما يَذَّكَّرُ إِلاّ أُولُوا اَلْأَلْبابِ 3. 4

بيان:

«شخوص الجاهل» : أي خروجه من بلده و مسافرته إلى البلاد، طلبا لمرضاته تعالى كالجهاد و الحجّ و التحصيل و غيرها. «ما يضمر النبيّ في نفسه» : أي من النيّات الصحيحة و العقائد اليقينيّة و التفكّرات الكاملة و غيرها و"ما"تكون الموصولة. «الألباب» لبّ كلّ شيء: خالصه، و لبّ الجوز و اللوز ما في جوفه،

ص:162


1- -الكافي ج 1 ص 9 ح 9
2- الكافي ج 1 ص 10 ح 10

و اللبّ العقل، سمّي بذلك لأنّه حقيقة الإنسان و ما عداه كأنّه قشر.

11-عن هشام بن الحكم قال: قال لي أبو الحسن موسى بن جعفر عليهما السّلام: يا هشام، إنّ اللّه تبارك و تعالى بشّر أهل العقل و الفهم في كتابه. . .

يا هشام، إنّ لقمان قال لابنه: تواضع للحقّ تكن أعقل الناس، و إنّ الكيّس لدى الحقّ يسير. يا بنيّ، إنّ الدنيا بحر عميق، قد غرق فيها عالم كثير، فلتكن سفينتك فيها تقوى اللّه، و حشوها الإيمان، و شراعها التوكّل، و قيّمها العقل، و دليلها العلم، و سكّانها الصبر.

يا هشام، إنّ لكلّ شيء دليلا و دليل العقل التفكّر، و دليل التفكّر الصمت، و لكلّ شيء مطيّة و مطيّة العقل التواضع، و كفى بك جهلا أن تركب ما نهيت عنه. (1)

يا هشام، ما بعث اللّه أنبياءه و رسله إلى عباده إلاّ ليعقلوا عن اللّه، فأحسنهم استجابة أحسنهم معرفة، و أعلمهم بأمر اللّه أحسنهم عقلا، و أكملهم عقلا أرفعهم درجة في الدنيا و الآخرة.

يا هشام، إنّ اللّه على الناس حجّتين: حجّة ظاهرة و حجّة باطنة؛ فأمّا الظاهرة فالرسل و الأنبياء و الأئمّة عليهم السّلام، و أمّا الباطنة فالعقول.

يا هشام، إنّ العاقل الذي لا يشغل الحلال شكره، و لا يغلب الحرام صبره.

يا هشام، من سلّط ثلاثا على ثلاث فكأنّما أعان على هدم عقله: من أظلم نور تفكّره بطول أمله، و محا طرائف حكمته بفضول كلامه، و أطفأ نور عبرته بشهوات نفسه، فكأنّما أعان هواه على هدم عقله، و من هدم عقله أفسد عليه دينه و دنياه.

يا هشام، كيف يزكو عند اللّه عملك و أنت قد شغلت قلبك عن أمر ربّك

ص:163


1- -و زاد في تحف العقول: يا هشام، لو كان في يدك جوزة و قال الناس [في يدك] لؤلؤة ما كان ينفعك و أنت تعلم أنّها جوزة، و لو كان في يدك لؤلؤة و قال الناس إنّها جوزة ما ضرّك و أنت تعلم أنّها لؤلؤة.

و أطعت هواك على غلبة عقلك.

يا هشام، الصبر على الوحدة علامة قوّة العقل، فمن عقل عن اللّه اعتزل أهل الدنيا و الراغبين فيها، و رغب فيما عند اللّه، و كان اللّه انسه في الوحشة، و صاحبه في الوحدة، و غناه في العيلة، و معزّه من غير عشيرة.

يا هشام، نصب الحقّ لطاعة اللّه، و لا نجاة إلاّ بالطاعة، و الطاعة بالعلم و العلم بالتعلّم، و التعلّم بالعقل يعتقد، و لا علم إلاّ من عالم ربّانيّ، و معرفة العلم بالعقل.

يا هشام، قليل العمل من العالم مقبول مضاعف، و كثير العمل من أهل الهوى و الجهل مردود.

يا هشام، إنّ العاقل رضي بالدون من الدنيا مع الحكمة، و لم يرض بالدون من الحكمة مع الدنيا، فلذلك ربحت تجارتهم. (1)

يا هشام، إنّ العقلاء تركوا فضول الدنيا، فكيف الذنوب، و ترك الدنيا من الفضل، و ترك الذنوب من الفرض.

يا هشام، إنّ العاقل نظر إلى الدنيا و إلى أهلها، فعلم أنّها لا تنال إلاّ بالمشقّة، و نظر إلى الآخرة، فعلم أنّها لا تنال إلاّ بالمشقّة، فطلب بالمشقّة أبقاهما.

يا هشام، إنّ العقلاء زهدوا في الدنيا و رغبوا في الآخرة، لأنّهم علموا أنّ الدنيا طالبة مطلوبة و الآخرة طالبة و مطلوبة، فمن طلب الآخرة طلبته الدنيا حتّى يستوفي منها رزقه، و من طلب الدنيا طلبته الآخرة فيأتيه الموت، فيفسد عليه دنياه و آخرته.

يا هشام، من أراد الغنى بلا مال، و راحة القلب من الحسد، و السلامة في الدين، فليتضرّع إلى اللّه عزّ و جلّ في مسألته بأن يكمّل عقله، فمن عقل قنع بما يكفيه،

ص:164


1- -و زاد في تحف العقول: يا هشام، إن كان يغنيك ما يكفيك فأدنى ما في الدنيا يكفيك. و إن كان لا يغنيك ما يكفيك فليس شيء من الدنيا يغنيك

و من قنع بما يكفيه استغنى، و من لم يقنع بما يكفيه لم يدرك الغنى أبدا.

يا هشام، إنّ اللّه حكى عن قوم صالحين؛ أنّهم قالوا: رَبَّنا لا تُزِغْ قُلُوبَنا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنا وَ هَبْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ اَلْوَهّابُ حين علموا أنّ القلوب تزيغ و تعود إلى عماها و رداها، إنّه لم يخف اللّه من لم يعقل عن اللّه، و من لم يعقل عن اللّه لم يعقد قلبه على معرفة ثابتة يبصرها و يجد حقيقتها في قلبه، و لا يكون أحد كذلك إلاّ من كان قوله لفعله مصدّقا، و سرّه لعلانيته موافقا، لأنّ اللّه تبارك اسمه لم يدلّ على الباطن الخفيّ من العقل إلاّ بظاهر منه، و ناطق عنه.

يا هشام، كان أمير المؤمنين عليه السّلام يقول: ما عبد اللّه بشيء أفضل من العقل؛ و ما تمّ عقل امرء حتّى يكون فيه خصال شتّى: الكفر و الشرّ منه مأمونان، و الرشد و الخير منه مأمولان، و فضل ماله مبذول، و فضل قوله مكفوف، و نصيبه من الدنيا القوت، لا يشبع من العلم دهره، الذلّ أحبّ إليه مع اللّه من العزّ مع غيره، و التواضع أحبّ إليه من الشرف، يستكثر قليل المعروف من غيره، و يستقلّ كثير المعروف من نفسه، و يرى الناس كلّهم خيرا منه، و أنّه شرّهم في نفسه، و هو تمام الأمر. (1)

يا هشام، إنّ العاقل لا يكذب و إن كان فيه هواه. يا هشام، لا دين لمن لا مروّة له، و لا مروّة لمن لا عقل له، و إنّ أعظم الناس قدرا الذي لا يرى الدنيا لنفسه خطرا، أما إنّ أبدانكم ليس لها ثمن إلاّ الجنّة فلا تبيعوها بغيرها.

يا هشام، إنّ أمير المؤمنين عليه السّلام كان يقول: إنّ من علامة العاقل أن يكون فيه ثلاث خصال: يجيب إذا سئل، و ينطق إذا عجز القوم عن الكلام، و يشير بالرأي

ص:165


1- -و زاد في تحف العقول: يا هشام، من صدق لسانه زكى عمله، و من حسنت نيّته زيد في رزقه، و من حسن برّه بإخوانه و أهله مدّ في عمره. يا هشام، لا تمنحوا الجهّال الحكمة فتظلموها، و لا تمنعوها أهلها فتظلموهم. يا هشام، كما تركوا لكم الحكمة فاتركوا لهم الدنيا.

الذي يكون فيه صلاح أهله، فمن لم يكن فيه من هذه الخصال الثلاث شيء فهو أحمق.

إنّ أمير المؤمنين عليه السّلام قال: لا يجلس في صدر المجلس إلاّ رجل فيه هذه الخصال الثلاث أو واحدة منهنّ، فمن لم يكن فيه شيء منهنّ فجلس فهو أحمق.

و قال الحسن بن عليّ عليهما السّلام: إذا طلبتم الحوائج فاطلبوها من أهلها، قيل: يابن رسول اللّه، و من أهلها؟ قال: الذين قصّ اللّه في كتابه و ذكرهم، فقال: إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا اَلْأَلْبابِ قال: هم أولوا العقول.

و قال عليّ بن الحسين عليهما السّلام: مجالسة الصالحين داعية إلى الصلاح، و آداب العلماء زيادة في العقل، و طاعة ولاة العدل تمام العزّ، و إستثمار المال تمام المروّة و إرشاد المستشير قضاء لحقّ النعمة، و كفّ الأذى من كمال العقل، و فيه راحة البدن عاجلا و آجلا. يا هشام، إنّ العاقل لا يحدّث من يخاف تكذيبه، و لا يسأل من يخاف منعه، و لا يعد ما لا يقدر عليه، و لا يرجو ما يعنّف برجائه، و لا يقدم على ما يخاف فوته بالعجز عنه. (1)

بيان:

«تواضع للحقّ» : أي للّه تعالى بالإقرار به و الإطاعة و الانقياد له، أو للأمر الحقّ بأن تقرّبه و تذعن له. . . «الكيّس. . .» : يحتمل أن يكون بالتشديد أي ذو الكياسة عند ظهور الحقّ بإعمال الكياسة و الإقرار بالحقّ قليل. «حشوها» : أي ما يحشى فيها و تملأ منها (آنچه درون كشتى گذاشته مى شود) . «الشراع» يقال بالفارسيّة: بادبان. «القيّم» : أي مدبّر أمر السفينة.

«الدليل» : المعلّم. «السكّان» : ذنب السفينة. «المطيّة» : الدابّة المركوبة التي تمطو في سيرها أي تسرع. «طرائف» الطريف: الأمر الجديد المستغرب، الذي فيه نفاسة

ص:166


1- -الكافي ج 1 ص 10 ح 12-و رواه ابن شعبة رحمه اللّه في تحف العقول مع اختلاف و زيادة

«كيف يزكو» : الزكاة تكون بمعنى النموّ و بمعنى الطهارة و هنا يحتمل كلاهما.

«فمن عقل عن اللّه» : أي حصل له معرفة ذاته و صفاته و أحكامه و شرايعه، أو أعطاه اللّه العقل، أو علم الامور بعلم ينتهي إلى اللّه. . .

«غناه» : أي مغنيه، أو كما أنّ أهل الدنيا غناهم بالمال، هو غناه باللّه و قربه و مناجاته. «العيلة» : الفقر. «العشيرة» : القبيلة و الرهط.

«نصب الحقّ» : أي إنّما نصب اللّه الحقّ و الدين بإرسال الرسل و إنزال الكتب ليطاع في أوامره و نواهيه «بالعقل يعتقد» أي يشتدّ و يستحكم، أو من الاعتقاد بمعنى التصديق و الإذعان. «الدنيا طالبة مطلوبة» : أي الدنيا طالبة للمرء لأن يوصل إليه ما عندها من الرزق المقدّر، و مطلوبة يطلبها الحريص طلبا للزيادة، و الآخرة طالبة تطلبه لتوصل إليه أجله المقدّر، و مطلوبة يطلبها الطالب للسعادات الاخرويّة بالأعمال الصالحة. . . «الزيغ» : الميل و العدول عن الحقّ. «رداها» الردى: الهلاك و الضلال. «المروّة» : الإنسانيّة، و كمال الرجوليّة، و هي الصفة الجامعة لمكارم الأخلاق و محاسن الآداب.

«الخطر» : القدر و المنزلة. «فهو أحمق» : أي عديم الفهم، ناقص التمييز بين الحسن و القبيح. «استثمار المال. . .» : أي استنمائه بالتجارة و المكاسب دليل تمام الإنسانيّة و موجب له أيضا لأنّه لا يحتاج إلى غيره و يتمكّن من أن يأتي بما يليق به «ما يعنّف» التعنيف: اللوم و التعيير بعنف، و ترك الرفق و الغلظة.

(المرآة ج 1 ص 55)

12-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: العقل غطاء ستير، و الفضل جمال ظاهر؛ فاستر خلل خلقك بفضلك و قاتل هواك بعقلك، تسلم لك المودّة و تظهر لك المحبّة. (1)

ص:167


1- -الكافي ج 1 ص 15 ح 13

بيان:

«الغطاء» : ما يستتر به. «الستير» : إمّا بمعنى الساتر أو بمعنى المستور، و يؤيّد الأوّل ما في نهج البلاغة: "الحلم غطاء ساتر".

«الفضل» : ما يعدّ من المحاسن و المحامد أو خصوص الإحسان إلى الخلق.

13-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ما كلّم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله العباد بكنه عقله قطّ و قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّا معاشر الأنبياء امرنا أن نكلّم الناس على قدر عقولهم. (1)

14-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: أكمل الناس عقلا أحسنهم خلقا. (2)

15-قال أبو جعفر عليه السّلام: إذا قام قائمنا وضع اللّه يده على رؤوس العباد، فجمع بها عقولهم و كملت به أحلامهم. (3)

بيان:

«الحلم» جمع أحلام: و هو العقل أي زاد اللّه في عقولهم و أكمل شعورهم بقدرته.

16-عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: حجّة اللّه على العباد النبيّ، و الحجّة فيما بين العباد و بين اللّه العقل. (4)

17-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: دعامة الإنسان العقل، و العقل منه الفطنة و الفهم و الحفظ و العلم، و بالعقل يكمل و هو دليله و مبصره و مفتاح أمره، فإذا كان تأييد عقله من النور كان عالما حافظا ذاكرا فطنا فهما، فعلم بذلك كيف و لم و حيث، و عرف من نصحه و من غشّه، فإذا عرف ذلك عرف مجراه و موصوله و مفصوله، و أخلص الوحدانيّة للّه، و الإقرار بالطاعة، فإذا فعل ذلك كان

ص:168


1- -الكافي ج 1 ص 18 ح 15
2- الكافي ج 1 ص 18 ح 17
3- الكافي ج 1 ص 19 ح 21
4- الكافي ج 1 ص 19 ح 22

مستدركا لما فات، و واردا على ما هو آت، يعرف ما هو فيه، و لأيّ شيء هو ههنا، و من أين يأتيه، و إلى ما هو صائر؛ و ذلك كلّه من تأييد العقل. (1)

بيان:

في المرآة: «دعامة الإنسان» الدعامة: عماد البيت، و المراد أنّ قيام أمر الإنسان و نظام حاله بالعقل. . . «فعلم بذلك كيف» : أي كيفيّة الأعمال و الأخلاق أو كيفيّة السلوك إلى الآخرة، و الوصول إلى الدرجات العالية أو حقائق الأشياء «لم» : أي علّة الأشياء السالفة و غايتها، أو علل وجودها و ما يؤدّي إليها كعلّة الأخلاق الحسنة فإنّه إذا عرفها يجتنبها. . .

«و حيث» : أي يعلم مواضع الامور فيضعها فيها. . . «موصوله و مفصوله» أي ما ينبغي الوصل معه من الأشخاص و الأعمال و الأخلاق و ما ينبغي أن يفصل عنه من جميع ذلك.

18-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: العقل دليل المؤمن. (2)

19-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: يا عليّ، لا فقر أشدّ من الجهل، و لا مال أعود من العقل. (3)

بيان:

«أعود» أنفع، من العائدة و هي المنفعة، أي بالعقل ينال من المنافع و الخيرات ما لا ينال بالمال، و بالجهل يفوته ما لا يفوته بالفقر.

20-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إذا رأيتم الرجل كثير الصلاة و كثير الصيام فلا تباهوا به حتّى تنظروا كيف عقله. (4)

ص:169


1- -الكافي ج 1 ص 19 ح 23
2- الكافي ج 1 ص 19 ح 24
3- الكافي ج 1 ص 20 ح 25
4- الكافي ج 1 ص 20 ح 28

بيان:

«فلا تباهوا» من المباهات بمعنى المفاخرة، و قيل: يحتمل أن يكون من المهموز فخفّف، أي لا تؤانسوا به حتّى تنظروا كيف عقله، قال الجوهريّ: بهأت بالرجل و بهئت به بالفتح و الكسر: أنست به.

21-عن مفضّل بن عمر عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: يا مفضّل، لا يفلح من لا يعقل، و لا يعقل من لا يعلم، و سوف ينجب من يفهم، و يظفر من يحلم، و العلم جنّة، و الصدق عزّ، و الجهل ذلّ، و الفهم مجد، و الجود نجح، و حسن الخلق مجلبة للمودّة، و العالم بزمانه لا تهجم عليه اللوابس، و الحزم مساءة الظنّ، و بين المرء و الحكمة نعمة؛ العالم، و الجاهل شقيّ بينهما.

و اللّه وليّ من عرفه و عدوّ من تكلّفه، و العاقل غفور و الجاهل ختور، و إن شئت أن تكرم فلن، و إن شئت أن تهان فاخشن، و من كرم أصله لان قلبه، و من خشن عنصره غلظ كبده، و من فرّط تورّط، و من خاف العاقبة تثبّت عن التوغّل فيما لا يعلم، و من هجم على أمر بغير علم جدع أنف نفسه، و من لم يعلم لم يفهم، و من لن يفهم لم يسلم، و من لم يسلم لم يكرم، و من لم يكرم يهضم، و من يهضم كان ألوم، و من كان كذلك كان أحرى أن يندم. (1)

بيان:

«سوف ينجب» النجيب: الفاضل النفيس في نوعه. «اللوابس» : الامور المشتبهة.

«ختور» قال الفيروز آبادي: الختر؛ الغدر و الخديعة، و خترت نفسه: خبثت و فسدت. «التوغّل» : الدخول في الأمر بالاستعجال من غير رويّة. «جدع أنف نفسه» : أي جهل نفسه ذليلا غاية الذلّ، و الجدع قطع الأنف. «من لم يكرم يهضم» على البناء للمفعول أي يكسر عزّه و بهاؤه، و يهان أو يترك مع نفسه و يوكل أمره

ص:170


1- -الكافي ج 1 ص 20 ح 29

إليه، أو يظلم.

22-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: من استحكمت لي فيه خصلة من خصال الخير، احتملته عليها، و اغتفرت فقد ما سواها، و لا أغتفر فقد عقل و لا دين، لأنّ مفارقة الدين مفارقة الأمن، فلا يتهنّأ بحياة مع مخافة، و فقد العقل فقد الحياة، و لا يقاس إلاّ بالأموات. (1)

بيان:

«من استحكمت» أي أثبتت و صارت بحكم الممارسة ملكة راسخة له. «احتملته عليها» أي قبلته كائنا على هذه الخصلة، و تجاوزت عن فقد ما سواها من خصال الخير، و ارتضيت حاله هذه له.

23-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ليس بين الإيمان و الكفر إلاّ قلّة العقل. قيل: و كيف ذاك يابن رسول اللّه؟ قال: إنّ العبد يرفع رغبته إلى مخلوق، فلو أخلص نيّته للّه، لأتاه الذي يريد في أسرع من ذلك. (2)

بيان:

مثّل عليه السّلام لقليل العقل مثلا يدلّ على أنّ قلّة الإيمان لقلّة العقل «رغبته» أي مرغوبه و مطلوبه و حاجته، فالمؤمن الكامل لا يتوكّل و لا يعتمد و لا يرفع مطلوبه إلاّ إلى اللّه عزّ و جلّ بعقله و كماله.

24-في بعض نسخ الكافي: عن الحسن بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في حديث طويل: إنّ أوّل الامور و مبدأها و قوّتها و عمارتها التي لا ينتفع بشيء إلاّ به، العقل الذي جعله اللّه زينة لخلقه و نورا لهم، فبالعقل عرف العباد خالقهم، و أنّهم مخلوقون، و أنّه المدبّر لهم، و أنّهم المدبّرون، و أنّه الباقي و هم الفانون،

ص:171


1- -الكافي ج 1 ص 21 ح 30
2- الكافي ج 1 ص 21 ح 33

و استدلّوا بعقولهم على ما رأوا من خلقه، من سمائه و أرضه، و شمسه و قمره، و ليله و نهاره، أنّ له و لهم خالقا و مدبّرا لم يزل و لا يزول، و عرفوا به الحسن من القبيح، و أنّ الظلمة في الجهل، و أنّ النور في العلم، فهذا ما دلّهم عليه العقل.

قيل له: فهل يكتفي العباد بالعقل دون غيره؟ قال: إنّ العاقل، لدلالة عقله الذي جعله اللّه قوامه و زينته و هدايته، علم أنّ اللّه هو الحقّ، و أنّه هو ربّه، و علم أنّ لخالقه محبّة، و أنّ له كراهية، و أنّ له طاعة، و أنّ له معصية، فلم يجد عقله يدلّه على ذلك، و علم أنّه لا يوصل إليه إلاّ بالعلم و طلبه، و أنّه لا ينتفع بعقله، إن لم يصب ذلك بعلمه، فوجب على العاقل طلب العلم و الأدب الذي لا قوام له إلاّ به. (1)

25-عن عبد اللّه بن مسكان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: لم يقسّم بين العباد أقلّ من خمس: اليقين و القنوع و الصبر و الشكر و الذي يكمل له هذا كلّه العقل. (2)

26-قال أمير المؤمنين لابنه الحسن عليهما السّلام: يا بنيّ، احفظ عنّي أربعا و أربعا لا يضرّك ما عملت معهنّ: إنّ أغنى الغنى العقل، و أكبر الفقر الحمق، و أوحش الوحشة العجب، و أكرم الحسب حسن الخلق. . . (3)

و قال عليه السّلام: لا غنى كالعقل، و لا فقر كالجهل، و لا ميراث كالأدب، و لا ظهيرة كالمشاورة. (4)

27-و قال عليه السّلام: لا مال أعود من العقل، و لا وحدة أوحش من العجب، و لا عقل كالتدبير. . . (5)

ص:172


1- -الكافي ج 1 ص 22
2- الخصال ج 1 ص 285 باب الخمسة ح 36
3- نهج البلاغة ص 1104 ح 37
4- نهج البلاغة ص 1112 ح 51
5- نهج البلاغة ص 1139 ح 109

28-و قيل له عليه السّلام: صف لنا العاقل، فقال: هو الذي يضع الشيء مواضعه، فقيل: فصف لنا الجاهل، فقال: قد فعلت. (1)

29-و قال عليه السّلام: ما استودع اللّه امرء عقلا إلاّ ليستنقذه به يوما مّا. (2)

30-و قال عليه السّلام: كفاك من عقلك ما أوضح لك سبل غيّك من رشدك. (3)

31-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: العقل نور في القلب يفرّق به بين الحقّ و الباطل. (4)

32-قال عليّ عليه السّلام: العقل عقلان: مطبوع و مسموع، و لا ينفع مسموع إذا لم يك مطبوع، كما لا تنفع الشمس وضوء العين ممنوع. (5)

33-قال أبو الدرداء: قال لي النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: يا عويمر، ازدد عقلا تزدد من اللّه قربا، قلت: بأبي و أمّي و من لي بالعقل؟ قال: اجتنب محارم اللّه تعالى و أدّ فرائض اللّه تكن عاقلا.

و قال صلّى اللّه عليه و آله: يا عليّ، للعاقل ثلاث علامات: الاستهانة بالدنيا، و احتمال الجفا، و الصبر على الشدائد، و للأحمق ثلاث علامات: التهاون في فرائض اللّه، و الاستهزاء بعباد اللّه، و كثرة الكلام في غير ذكر اللّه. (6)

34-قال الصادق عليه السّلام: العقل أوّله العلم، و أوسطه النيّة، و آخره الإخلاص. (7)

ص:173


1- -نهج البلاغة ص 1191 ح 227
2- نهج البلاغة ص 1277 ح 399
3- نهج البلاغة ص 1284 ح 413
4- إرشاد القلوب ص 276 ب 53
5- مجموعة الأخبار ص 10 ب 1
6- مجموعة الأخبار ص 10
7- مجموعة الأخبار ص 10

35-. . . قال شمعون للنبيّ صلّى اللّه عليه و آله: أخبرني عن العقل ما هو، و كيف هو، و ما يتشعّب منه و ما لا يتشعّب، و صف لي طوائفه كلّها؟ فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّ العقل عقال من الجهل و النفس مثل أخبث الدوابّ، فإن لم تعقل حارث، فالعقل عقال من الجهل، و إنّ اللّه خلق العقل فقال له: أقبل، فأقبل و قال له: أدبر فأدبر، فقال اللّه تبارك و تعالى: و عزّتي و جلالي، ما خلقت خلقا أعظم منك و لا أطوع منك، بك أبدء و بك اعيد، لك الثواب و عليك العقاب، فتشعّب من العقل الحلم، و من الحلم العلم، و من العلم الرشد، و من الرشد العفاف، و من العفاف الصيانة، و من الصيانة الحياء، و من الحياء الرزانة، و من الرزانة المداومة على الخير، و من المداومة على الخير كراهيّة الشرّ، و من كراهيّة الشرّ طاعة الناصح، فهذه عشرة أصناف من أنواع الخير، و لكلّ واحد من هذه العشرة الأصناف عشرة أنواع. . . (1)

بيان:

في البحار ج 1 ص 124: «بك أبدء و بك اعيد» أي بك خلقت الخلق و أبدأتهم.

و بك اعيدهم للجزاء. . . «الرشد» : الاهتداء و الاستقامة على طريق الحقّ مع تصلّب فيه «العفاف» : منع النفس عن المحرّمات «الصيانة» : منعها عن الشبهات و المكروهات، فلذا تتفرّع على العفاف، و بالصيانة ترتفع الغواشي و الأغطية عن عين القلب فيرى الحقّ حقا، و الباطل باطلا، فيستحيي من ارتكاب المعاصي، و إذا استحكم فيه الحياء تحصّل له «الرزانة» أي عدم الانزعاج عن المحرّكات الشهوانيّة و الغضبيّة، و عدم التزلزل بالفتن. . .

36-من كلام النبيّ صلّى اللّه عليه و آله في العلم و العقل و الجهل: . . . و العقل يلهمه اللّه السعداء، و يحرمه الأشقياء، و صفة العاقل أن يحلم عمّن جهل عليه، و يتجاوز

ص:174


1- -تحف العقول ص 19

عمّن ظلمه، و يتواضع لمن هو دونه، و يسابق من فوقه في طلب البرّ، و إذا أراد أن يتكلّم تدبّر، فإن كان خيرا تكلّم فغنم و إن كان شرّا سكت فسلم، و إذا عرضت له فتنة استعصم باللّه و أمسك يده و لسانه، و إذا رأى فضيلة انتهز بها، لا يفارقه الحياء، و لا يبدو منه الحرص، فتلك عشرة خصال يعرف بها العاقل. . . (1)

بيان:

«انتهز بها» النهزة: الفرصة، و انتهزتها أي اغتنمتها يعني إذا رأى فضيلة اغتنم الفرصة بالمبادرة إليها.

37-في مواعظ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: رأس العقل بعد الإيمان باللّه مداراة الناس في غير ترك حقّ، و من سعادة المرء خفّة لحيته. (2)

38-في مواعظ الرضا عليه السّلام: لا يتمّ عقل امرء مسلم حتّى تكون فيه عشر خصال: الخير منه مأمول، و الشرّ منه مأمون، يستكثر قليل الخير من غيره، و يستقلّ كثير الخير من نفسه، لا يسأم من طلب الحوائج إليه، و لا يملّ من طلب العلم طول دهره، الفقر في اللّه أحبّ إليه من الغنى، و الذلّ في اللّه أحبّ إليه من العزّ في عدوّه، و الخمول أشهى إليه من الشهرة.

ثمّ قال عليه السّلام: العاشرة و ما العاشرة، قيل له: ما هي؟ قال عليه السّلام: لا يرى أحدا إلاّ قال: هو خير منّي و أتقى، إنّما الناس رجلان: رجل خير منه و أتقى و رجل شرّ منه و أدنى، فإذا لقي الذي شرّ منه و أدنى قال: لعلّ خير هذا باطن و هو خير له، و خيري ظاهر و هو شرّ لي، و إذا رأى الذي هو خير منه و أتقى تواضع له ليلحق به، فإذا فعل ذلك فقد علا مجده و طاب خيره و حسن ذكره و ساد أهل زمانه. (3)

ص:175


1- -تحف العقول ص 27
2- تحف العقول ص 35
3- تحف العقول ص 326-و روى الصدوق ما بمعناه في الخصال ج 2 ص 433 ب 10 ح 17 عن أبي جعفر عليه السّلام عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، و الطوسيّ في أماليه ج 1 ص 152 عن الصادق عليه السّلام

بيان:

«لا يسأم» : أي لا يضجر و لا يملّ. «المجد» : نيل الشرف و الكرم.

أقول: قد مرّ في باب الشهوة قول عليّ عليه السّلام: «. . . فمن غلب عقله شهوته فهو خير من الملائكة، و من غلبت شهوته عقله فهو شرّ من البهائم» .

39-قال الصادق عليه السّلام: العاقل من كان ذلولا عند إجابة الحقّ، منصفا بقوله (متّصفا بقوله ف ن) ، جموحا عند الباطل، خصيما بقوله، يترك دنياه و لا يترك دينه؛ و دليل العاقل (العقل ف ن) شيئان: صدق القول و صواب الفعل، و العاقل لا يحدّث بما ينكره العقول، و لا يتعرّض للتهمة، و لا يدع مداراة من ابتلى به، و يكون العلم دليله في أعماله، و الحلم رفيقه في أحواله، و المعرفة يقينه في مذاهبه (تعينه في مذاهبه ف ب) و الهوى عدوّ العقل، و مخالف الحقّ، و قرين الباطل، و قوّة الهوى من الشهوات، و أصل علامات الشهوة (الهوى ف ن) من أكل الحرام، و الغفلة عن الفرائض، و الاستهانة بالسنن، و الخوض في الملاهي. (1)

بيان:

«خصيما بقوله» قال الفيروزآبادي: رجل خصم: مجادل. «من ابتلى به» : أي بمعاشرته و خلطته و مصاحبته. (راجع البحار ج 1 ص 130)

40-عن الصادق جعفر بن محمّد عن أبيه عن جدّه عن عليّ بن أبي طالب عليهم السّلام قال: عقول النساء في جمالهنّ، و جمال الرجال في عقولهم. (2)

41-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ما خلق اللّه عزّ و جلّ شيئا أبغض إليه من الأحمق، لأنّه سلبه أحبّ الأشياء إليه و هو عقله. (3)

42-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من كان عاقلا كان له دين، و من كان له دين

ص:176


1- -مصباح الشريعة ص 26 ب 38
2- البحار ج 1 ص 82 باب فضل العقل ح 1
3- البحار ج 1 ص 89 ح 16

دخل الجنّة. (1)

43-عن أبي محمّد عليه السّلام قال: قال عليّ بن الحسين عليهما السّلام: من لم يكن عقله أكمل ما فيه، كان هلاكه من أيسر ما فيه. (2)

44-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: قوام المرء عقله، و لا دين لمن لا عقل له. (3)

45-قال الصادق عليه السّلام: إذا أراد اللّه أن يزيل من عبد نعمة كان أوّل ما يغيّر منه عقله. (4)

46-قال أبو محمّد العسكريّ عليه السّلام: لو عقل أهل الدنيا خربت. (5)

47-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: لكلّ شيء آلة و عدّة و آلة المؤمن و عدّته العقل، و لكلّ شيء مطيّة و مطيّة المرء العقل، و لكلّ شيء غاية و غاية العبادة العقل، و لكلّ قوم راع و راعي العابدين العقل، و لكلّ تاجر بضاعة و بضاعة المجتهدين العقل، و لكلّ خراب عمارة و عمارة الآخرة العقل، و لكلّ سفر فسطاط يلجؤون إليه و فسطاط المسلمين العقل. (6)

بيان:

«البضاعة» يقال بالفارسيّة: سرمايه.

48-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: لا عدّة أنفع من العقل، و لا عدّو أضرّ من الجهل. (7)

ص:177


1- -البحار ج 1 ص 91 ح 20
2- البحار ج 1 ص 94 ح 26
3- البحار ج 1 ص 94 ح 29
4- البحار ج 1 ص 94 ح 30
5- البحار ج 1 ص 95 ح 38
6- البحار ج 1 ص 95 ح 44
7- البحار ج 1 ص 95 ح 45

49-و قال عليه السّلام: من لم يكن أكثر ما فيه عقله كان بأكثر ما فيه قتله. (1)

50-و قال عليه السّلام: الجمال في اللسان، و الكمال في العقل، و لا يزال العقل و الحمق يتغالبان على الرجل إلى ثماني عشرة سنة، فإذا بلغها غلب عليه أكثرهما فيه. (2)

51-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: سيّد الأعمال في الدارين العقل، و لكلّ شيء دعامة و دعامة المؤمن عقله، فبقدر عقله تكون عبادته لربّه. (3)

52-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: خلق اللّه العقل فقال له: أدبر فأدبر، ثمّ قال له: أقبل فأقبل، ثمّ قال: ما خلقت خلقا أحبّ إليّ منك، فأعطى اللّه محمّدا صلّى اللّه عليه و آله تسعة و تسعين جزءا، ثمّ قسّم بين العباد جزء واحدا. (4)

53-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: قسّم العقل على ثلاثة أجزاء فمن كانت فيه كمل عقله، و من لم تكن فيه فلا عقل له: حسن المعرفة باللّه عزّ و جلّ، و حسن الطاعة له، و حسن الصبر على أمره. (5)

أقول:

في تحف العقول ص 44: قسّم اللّه العقل. . .

54-عن موسى بن جعفر عن آبائه عن عليّ عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّ اللّه خلق العقل من نور مخزون مكنون في سابق علمه الذي لم يطّلع عليه نبيّ مرسل و لا ملك مقرّب، فجعل العلم نفسه، و الفهم روحه، و الزهد رأسه، و الحياء عينيه، و الحكمة لسانه، و الرأفة همّه، و الرحمة قلبه، ثمّ حشاه و قوّاه بعشرة

ص:178


1- -البحار ج 1 ص 95 ح 48
2- البحار ج 1 ص 96 ح 49
3- البحار ج 1 ص 96 ح 52
4- البحار ج 1 ص 97 باب حقيقة العقل ح 6
5- البحار ج 1 ص 106 باب علامات العقل ح 1

أشياء: باليقين و الإيمان و الصدق و السكينة و الإخلاص و الرفق و العطيّة و القنوع و التسليم و الشكر؛ ثمّ قال عزّ و جلّ: أدبر فأدبر، ثمّ قال له: أقبل فأقبل، ثمّ قال له: تكلّم فقال: الحمد للّه الذي ليس له ضدّ و لا ندّ. . . (1)

55-سئل الحسن بن عليّ عليهما السّلام عن العقل، قال: التجرّع للغصّة و مداهنة الأعداء.

في روضة الواعظين عن أمير المؤمنين عليه السّلام مثله و زاد فيه: و مداراة الأصدقاء. (2)

بيان:

قال رحمه اللّه في ص 116: الغصّة: ما يعترض في الحلق و تعسر إساغته، و يطلق مجازا على الشدائد التي يشقّ على الإنسان تحمّلها و هو المراد هنا، و تجرّعه كناية عن تحمّله و عدم القيام بالانتقام به و تداركه حتّى تنال الفرصة. . .

قال رحمه اللّه ذيل الحديث: «المداهنة» : إظهار خلاف ما تضمر و هو قريب من معنى المداراة.

56-روي أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قيل له: ما العقل؟ قال: العمل بطاعة اللّه، و إنّ العمّال بطاعة اللّه هم العقلاء. (3)

57-قال الصادق عليه السّلام: كمال العقل في ثلاث: التواضع للّه، و حسن اليقين، و الصمت إلاّ من خير. (4)

58-و قال عليه السّلام: يزيد عقل الرجل بعد الأربعين إلى خمسين و ستّين، ثمّ ينقص عقله بعد ذلك. (5)

ص:179


1- -البحار ج 1 ص 107 ح 3
2- البحار ج 1 ص 130 ح 13
3- البحار ج 1 ص 131 ح 20
4- البحار ج 1 ص 131 ح 25
5- البحار ج 1 ص 131 ح 27

59-و قال عليه السّلام: لا يلسع العاقل من جحر مرّتين. (1)

60-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: العاقل من رفض الباطل. (2)

61-قال الصادق عليه السّلام: كثرة النظر في العلم يفتح العقل. (3)

62-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّ العاقل من أطاع اللّه و إن كان ذميم المنظر حقير الخطر، و إنّ الجاهل من عصى اللّه و إن كان جميل المنظر عظيم الخطر، أفضل الناس أعقل الناس. (4)

63-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: فساد الأخلاق معاشرة السفهاء، و صلاح الأخلاق معاشرة العقلاء. (5)

64-و قال عليه السّلام: العاقل من وعظته التجارب. (6)

65-و قال عليه السّلام: من ترك الاستماع عن ذوي العقول مات عقله. (7)

66-و قال عليه السّلام: من جانب هواه صحّ عقله. (8)

67-و قال عليه السّلام: همّة العقل ترك الذنوب و إصلاح العيوب. (9)

68-في وصيّة الباقر عليه السّلام لجابر الجعفيّ: و لا عقل كمخالفة الهوى. . .

ص:180


1- -البحار ج 1 ص 132 ح 29
2- البحار ج 1 ص 159 ح 31
3- البحار ج 1 ص 159 ح 32
4- البحار ج 1 ص 160 ح 39
5- البحار ج 1 ص 160 ح 45
6- البحار ج 1 ص 160 ح 46- الغرر ج 1 ص 41 ف 1 ح 1233
7- البحار ج 1 ص 160 ح 48
8- البحار ج 1 ص 160 ح 49
9- البحار ج 1 ص 161 ح 53

و لا مصيبة كعدم العقل، و لا عدم عقل كقلّة اليقين. (1)

69-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: للجنّة مأة درجة، تسعة و تسعون منها لأهل العقل، و واحدة لسائر الناس. (2)

70-عن عليّ عليه السّلام قال: لقد سبق إلى جنّات عدن أقوام ما كانوا أكثر الناس صلاة و لا صياما و لا حجّا و لا اعتمارا، و لكن عقلوا عن اللّه أمره، فحسنت طاعتهم و صحّ ورعهم و كمل يقينهم، ففاقوا غيرهم بالحظوة و رفيع المنزلة. (3)

أقول:

لاحظ ما يناسب المقام في أبواب الأدب، الجهل، الحلم، الشهوة، الصمت، العجب، العلم و. . .

71-قال أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

العقل شفاء. (الغرر ج 1 ص 12 ف 1 ح 260)

الإنسان بعقله. (ح 289)

العقل رسول الحقّ. (ص 13 ح 326)

العاقل يألف مثله. (ص 15 ح 378)

الجاهل يميل إلى شكله. (ح 379)

العقل مصلح كلّ أمر. (ص 18 ح 458)

العاقل لا ينخدع (4). (ح 482)

العاقل عدوّ شهوته-الجاهل عبد شهوته. (ص 19 ح 503 و 504)

ص:181


1- -البحار ج 78 ص 164
2- الاثنى عشريّة ص 68 ب 2 ف 12
3- شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 20 ص 270
4- گول نمى خورد

العقل داعي الفهم-العقل أقوى أساس. (ح 528 و 530)

العقل أفضل مرجوّ-الجهل أنكى عدوّ. (ص 20 ح 534 و 535)

العقل يصلح الرويّة-العاقل من عقل لسانه. (ح 550 و 557)

العاقل يطلب الكمال. (ص 22 ح 630)

الجاهل يطلب المال. (ح 631)

العقل ينبوع الخير. (ص 24 ح 708)

العاقل يضع نفسه فيرتفع-الجاهل يرفع نفسه فيتّضع. (ص 25 ح 728 و 729)

العقل أحسن حلية-العقل يوجب الحذر. (ص 29 ح 863 و 864)

الجهل يجلب الغرر-العقل مركب العلم. (ح 865 و 866)

العقل حسام قاطع-العقل سلاح كلّ أمر. (ح 874 و 886)

العاقل مهموم مغموم. (ص 33 ح 1002)

العقل أشرف مزيّة. (ح 1019)

العقل حفظ التجارب. (ص 25 ح 724)

الهوى ضدّ العقل-الحلم تمام العقل. (ص 35 ح 1071 و 1097)

العاقل من أمات شهوته. (ص 41 ح 1239)

العاقل يعتمد على عمله. (ص 43 ح 1285)

الجاهل يعتمد على أمله. (ح 1486)

العقل منزّه عن المنكر آمر بالمعروف. (ص 44 ح 1297)

العقل حيث كان آلف مألوف. (ح 1298)

العقل شجرة ثمرها السخاء و الحياء. (ح 1301)

العاقل من بذل نداه (1)-العقل زين لمن رزقه. (ص 45 ح 1309 و 1323)

ص:182


1- -الندى: الجود و الفضل

العاقل من اتّعظ بغيره. (ص 46 ح 1330)

العقل في الغربة قربة-الحمق في الوطن غربة. (ح 1338 و 1339)

العقل رقيّ إلى علّيّين. (ص 48 ح 1373)

الدين لا يصلحه إلاّ العقل. (ص 49 ح 1389)

العاقل من صدّقت أقواله أفعاله. (ص 51 ح 1429)

العاقل من يزهد فيما يرغب فيه الجاهل. (ص 57 ح 1560)

العاقل من تغمّد الذنوب بالغفران. (ص 63 ح 1676)

العقل غريزة تزيد بالعلم و التجارب. (ص 67 ح 1746)

العاقل من هجر شهوته و باع دنياه بآخرته. (ص 68 ح 1756)

العاقل لا يتكلّم إلاّ لحاجته، أو لحجّته، و لا يشتغل إلاّ بصلاح آخرته.

(ح 1760)

العاقل من تورّع عن الذنوب و تنزّه من العيوب. (ح 1765)

العاقل من عقل لسانه إلاّ عن ذكر اللّه. (ص 69 ح 1770)

العاقل إذا سكت فكر، و إذا نطق ذكر، و إذا نظر اعتبر. (ص 74 ح 1837)

العاقل من زهد في دنيا دنيّة فانية، و رغب في جنّة سنيّة خالدة عالية.

(ص 78 ح 1890)

العاقل من وضع الأشياء مواضعها، و الجاهل ضدّ ذلك. (ص 81 ح 1933)

العاقل إذا علم عمل، و إذا عمل أخلص، و إذا أخلص اعتزل.

(ص 83 ح 1958)

العاقل يجتهد في عمله و يقصّر من أمله. (ص 85 ح 1987)

الجاهل يعتمد على أمله و يقصّر من عمله. (ح 1988)

العاقل يتقاضى نفسه بما يجب عليه، و لا يتقاضى لنفسه بما يجب له.

(ص 92 ح 2089)

ص:183

العقل صاحب جيش الرحمن، و الهوى قائد جيش الشيطان، و النفس متجاذبة بينهما، فأيّهما غلب كانت في حيّزه. (ص 96 ح 2121)

العقل و الشهوة ضدّان، و مؤيّد العقل العلم، و مزيّن الشهوة الهوى، و النفس متنازعة بينهما، فأيّهما قهر كانت في جانبه. (ح 2122)

العقل أنّك تقتصد فلا تسرف، و تعد فلا تخلف، و إذا غضبت حلمت.

(ص 99 ح 2152)

العقل أن تقول ما تعرف و تعمل بما تنطق. (ص 102 ح 2163)

العاقل من لا يضيع له نفسا فيما لا ينفعه و لا يقتني ما لا يصحبه.

(ص 103 ح 2187)

العاقل من سلّم إلى القضاء و عمل بالحزم. (ص 106 ح 2219)

العقل صديق محمود. (ص 107 ح 2241)

أغنى الغنى العقل. (ص 174 ف 8 ح 14)

أعقل الناس من أطاع العقلاء. (ص 175 ح 32)

أفضل النعم العقل. (ص 176 ح 53)

أعقل الناس أحياهم. (ص 177 ح 72)

أوّل العقل التودّد. (ص 178 ح 95)

أعقل الناس محسن خائف. (ص 179 ح 109)

أعقل الناس أعذرهم للناس. (ص 182 ح 161)

أسعد الناس العاقل المؤمن. (ح 163)

أفضل العقل مجانبة اللهو. (ص 183 ح 175)

أصل العقل الفكر و ثمرته السلامة. (ص 189 ح 267)

أعقل الناس أشدّهم مداراة للناس. (ح 276)

أعقل الناس أطوعهم للّه سبحانه. (ص 193 ح 325)

ص:184

أعقل الناس من كان بعيبه بصيرا و عن عيب غيره ضريرا (1).

(ص 200 ح 409)

أفضل الناس عقلا أحسنهم تقديرا لمعاشه و أشدّهم اهتماما بإصلاح معاده.

(ص 210 ح 515)

أفضل حظّ الرجل عقله، إن ذلّ أعزّه، و إن سقط رفعه، و إن ضلّ أرشده و إن تكلّم سدّده. (ص 212 ح 529)

أعقل الناس من ذلّ للحقّ فأعطاه من نفسه و عزّ بالحقّ فلم يهن إقامته و حسن العمل به. (ح 530)

أعقل الناس أنظرهم في العواقب. (ص 213 ح 542)

إنّ العاقل من نظر في يومه لغده، و سعى في فكاك نفسه، و عمل لما لا بدّ له منه و لا محيص له عنه. (ص 238 ف 9 ح 194)

إنّ أفضل الناس عند اللّه من أحيا عقله، و أمات شهوته، و أتعب نفسه لصلاح آخرته. (ص 240 ح 203)

إذا تمّ العقل نقص الكلام. (ص 311 ف 17 ح 39)

إذا قلّت العقول كثر الفضول. (ص 313 ح 70)

إذا كمل العقل نقصت الشهوة. (ص 314 ح 80)

إذا أراد اللّه سبحانه إزالة نعمة عن عبد كان أوّل ما يغيّر منه عقله، و أشدّ شيء عليه فقده. (ص 321 ح 151)

بالعقل يستخرج غور الحكمة. (ص 330 ف 18 ح 30)

بالعقل تنال الخيرات. (ح 34)

ص:185


1- -الضرير: الأعمى

بالعقول تنال ذروة العلوم. (ص 333 ح 97)

بالعقل كمال النفس-بالعقل صلاح كلّ أمر. (ص 336 ح 140 و 142)

ثمرة العقل الاستقامة. (ص 358 ف 23 ح 4)

ثمرة العقل لزوم الحقّ. (ص 359 ح 16)

ثمرة العقل صحبة الأخيار. (ح 20)

ثمرة العقل مداراة الناس. (ص 360 ح 41)

ثمرة العقل مقت الدنيا و قمع الهوى. (ص 361 ح 66)

ثلاث يمتحن بها عقول الرجال هنّ؛ المال و الولاية و المصيبة.

(ص 363 ف 24 ح 7)

خير المواهب العقل. (ص 387 ف 29 ح 1)

ستّة تختبر بها عقول الرجال: المصاحبة، و المعاملة، و الولاية، و العزل، و الغنى و الفقر. (ص 435 ح 51)

ستّة تختبر بها عقول الناس: الحلم عند الغضب، و القصد عند الرغب، و الصبر عند الرهب، و تقوى اللّه في كلّ حال، و حسن المداراة، و قلّة المماراة.

(ص 436 ف 39 ح 59)

صلاح البريّة العقل. (ص 452 ف 43 ح 12)

صديق كلّ امرء عقله و عدوّه جهله. (ص 456 ف 44 ح 44)

ضالّة العاقل الحكمة، فهو أحقّ بها حيث كانت. (ص 461 ف 45 ح 5)

ضياع العقول في طلب الفضول. (ح 10)

ضلال العقل يبعد من الرشاد و يفسد المعاد. (ح 12)

ضادّوا الهوى بالعقل. (ص 462 ح 25)

ضلال العقل أشدّ ضلّة، و ذلّة الجهل أعظم ذلّة. (ص 463 ح 41)

على قدر العقل يكون الدين. (ج 2 ص 487 ف 51 ح 12)

ص:186

عند الحيرة تستكشف عقول الرجال. (ص 489 ف 52 ح 8)

عند بديهة المقال تختبر عقول الرجال. (ص 490 ح 22)

عند كثرة العثار تختبر عقول الرجال. (ص 491 ح 23)

عند غرور الآمال و الأطماع تنخدع عقول الجهّال و تختبر ألباب الرجال.

(ح 24)

عقل المرء نظامه، و أدبه قوامه، و صدقه إمامه، و شكره تمامه.

(ص 502 ف 55 ح 51)

عنوان فضيلة المرء عقله و حسن خلقه. (ص 503 ح 59)

غاية العقل الاعتراف بالجهل. (ص 505 ف 56 ح 30)

غاية الفضائل العقل. (ح 31)

قيمة كلّ امرء عقله. (ص 537 ف 61 ح 51)

قبيح عاقل خير من حسن جاهل. (ص 539 ح 75)

قطيعة العاقل لك بعد نفاد الحيلة فيك. (ح 76)

كسب العقل كفّ الأذى. (ص 572 ف 69 ح 1)

كلام العاقل قوت و جواب الجاهل سكوت. (ص 573 ح 5)

كيفيّة الفعل تدلّ على حسن العقل (كيفيّة العقل ف ن) فأحسن له الاختبار و أكثر عليه الاستظهار. (ح 7)

كسب العقل الاعتبار و الاستظهار، و كسب الجهل الغفلة و الاغترار.

(ح 8)

كلام الرجل ميزان عقله-كمال المرء عقله و قيمته فضله. (ح 15 و 16)

كمال الإنسان العقل. (ص 574 ح 25)

كتاب الرجل عنوان عقله و برهان فضله. (ص 575 ح 41)

لكلّ شيء غاية، و غاية المرء عقله. (ص 578 ف 70 ح 36)

ص:187

لو عقل أهل الدنيا لخربت الدنيا. (ص 603 ف 75 ح 7)

من زاد علمه على عقله كان وبالا عليه. (ص 667 ف 77 ح 938)

ما آمن المؤمن حتّى عقل. (ص 741 ف 79 ح 101)

ما قسّم اللّه سبحانه بين عباده شيئا أفضل من العقل. (ص 745 ح 153)

لا عقل كالتدبير. (ص 829 ف 86 ح 11)

لا فقر لعاقل-لا غناء لجاهل. (ص 830 ح 15 و 16)

لا غناء كالعقل-لا فقر كالجهل. (ص 831 ح 38 و 39)

لا عقل مع شهوة. (ص 833 ح 93)

لا عقل مع هوى-لا يثوب العقل مع اللعب. (ص 834 ح 107 و 110)

لا يلقى العاقل مغرورا. (ص 835 ح 129)

لا يجتمع العقل مع الهوى. (ص 836 ح 137)

لا مال أعود من العقل. (ص 838 ح 182)

لا فقر أشدّ من الجهل. (ح 183)

لا نعمة أفضل من العقل-لا مصيبة أشدّ من الجهل. (ص 841 ح 235 و 236)

لا عقل لمن يتجاوز حدّه و قدره. (ح 240)

لا خير في عقل لا يقاربه حلم. (ص 844 ح 306)

لا دين لمن لا عقل له-لا عقل لمن لا أدب له. (ص 846 ح 332 و 333)

يستدلّ على عقل الرجل بالعفّة و القناعة. (ص 863 ف 88 ح 2)

يستدلّ على عقل كلّ امرء بما يجري على لسانه. (ح 3)

يستدلّ على العاقل بأربع: بالحزم و الاستظهار و قلّة الاغترار و تحصين الأسرار. (ح 5)

يستدلّ على عقل الرجل بكثرة وقاره، و حسن احتماله و على كرم أصله بجميل أفعاله. (ص 865 ح 20)

ص:188

138- العلم

اشارة

فيه فصول

الفصل الأوّل: فضله و وجوبه

الآيات

1- وَ عَلَّمَ آدَمَ اَلْأَسْماءَ كُلَّها ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى اَلْمَلائِكَةِ الآيات. (1)

2- . . . وَ لكِنَّ أَكْثَرَ اَلنّاسِ لا يَعْلَمُونَ. (2)

3- . . . وَ نُفَصِّلُ اَلْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ. (3)

4- وَ ما كانَ اَلْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا

ص:189


1- -البقرة:31 إلى 33
2- الأعراف:187، يوسف:21 و 40، الروم:6 و 30، سبأ:28 و 36، غافر:57، الجاثية:26 و نظيرها في يونس:55، النحل:75 و 101، النمل:61، القصص:13 و 57، لقمان:25، الزمر:29، الدخان:39، الإسراء:85
3- التوبة:11 و بهذا المعنى في يونس:5 و النمل:52

فِي اَلدِّينِ وَ لِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ. (1)

5- . . . نَرْفَعُ دَرَجاتٍ مَنْ نَشاءُ وَ فَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ. (2)

6- أَ فَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ اَلْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمى إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا اَلْأَلْبابِ. (3)

7- . . . وَ قُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً. (4)

8- . . . فَسْئَلُوا أَهْلَ اَلذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ. (5)

9- أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ آناءَ اَللَّيْلِ ساجِداً وَ قائِماً يَحْذَرُ اَلْآخِرَةَ وَ يَرْجُوا رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي اَلَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَ اَلَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا اَلْأَلْبابِ. (6)

10- اَلرَّحْمنُ- عَلَّمَ اَلْقُرْآنَ- خَلَقَ اَلْإِنْسانَ- عَلَّمَهُ اَلْبَيانَ. (7)

11- . . . يَرْفَعِ اَللّهُ اَلَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَ اَلَّذِينَ أُوتُوا اَلْعِلْمَ دَرَجاتٍ وَ اَللّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ. (8)

12- اِقْرَأْ وَ رَبُّكَ اَلْأَكْرَمُ- اَلَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ- عَلَّمَ اَلْإِنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ. (9)

ص:190


1- -التوبة:122
2- يوسف:76
3- الرعد:19
4- طه:114
5- الأنبياء:7
6- الزمر:9
7- الرحمن:1 إلى 4
8- المجادلة:11
9- العلق:3 إلى 5
الأخبار

1-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: طلب العلم فريضة على كلّ مسلم، ألا إنّ اللّه يحبّ بغاة العلم. (1)

بيان:

في الوافي: «طلب العلم فريضة» هو العلم الذي يستكمل به الإنسان بحسب نشأته الاخرويّة، و يحتاج إليه في معرفة نفسه و معرفة ربّه و معرفة أنبيائه و رسله و حججه و آياته و اليوم الآخر، و معرفة العمل بما يسعده و يقرّبه إلى اللّه، و بما يشقيه و يبعّد عنه. . . «البغاة» واحدها باغ: طالب.

2-عن عليّ بن أبي حمزة قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: تفقّهوا في الدين، فإنّه من لم يتفقّه منكم في الدين فهو أعرابيّ، إنّ اللّه يقول في كتابه: لِيَتَفَقَّهُوا فِي اَلدِّينِ وَ لِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ. (2)

بيان:

«تفقّهوا. . .» في النهاية: الفقه في الأصل الفهم. و في المصباح: الفقه: فهم الشيء. و في المقائيس: (فقه) . . . يدلّ على إدراك الشيء و العلم به. . . و كلّ علم بشيء فهو فقه.

في الوافي: أي حصّلوا لأنفسكم البصيرة في علم الدين، و الفقه أكثر ما يستعمل في القرآن و الحديث يكون بهذا المعنى، و الفقيه هو صاحب هذه البصيرة، و علم الدين هو العلم الاخرويّ الكماليّ الذي أشرنا إليه آنفا، و يدخل فيه معرفة آفات النفس و مفسدات الأعمال، و الإحاطة بحقارة الدنيا و التطلّع إلى نعيم الآخرة،

ص:191


1- -الكافي ج 1 ص 23 باب فرض العلم ح 1
2- الكافي ج 1 ص 23 ح 6

و استيلاء الخوف على القلب، كما يدلّ عليه قوله سبحانه: وَ لِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ و معرفة مهمّات الحلال و الحرام و شرايع الأحكام على ما جاء به النبيّ، و بلّغ عنه أهل البيت عليهم السّلام في محكماتهم دون ما يستنبط من المتشابهات يستكثر به المسائل و التفريعات كما اصطلح عليه القوم اليوم.

«أعرابيّ» منسوب إلى الأعراب و هم سكّان البوادي و المراد به أنّه عامّي جاهل بأمر الدين.

3-عن مفضّل بن عمر قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: عليكم بالتفقّه في دين اللّه و لا تكونوا أعرابا، فإنّه من لم يتفقّه في دين اللّه لم ينظر اللّه إليه يوم القيامة، و لم يزكّ له عملا. (1)

بيان:

«لم يزكّ له عملا» التزكية: الثناء و المدح، و المعنى؛ لم يقبل له عملا، لأنّ قبول العمل لازم لتزكيته عن شوائب النقصان، و يحتمل أن يكون من الزكاة بمعنى النموّ.

4-عن أبان بن تغلب عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: لوددت أنّ أصحابي ضربت رؤوسهم بالسياط حتّى يتفقّهوا. (2)

5-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ العلماء ورثة الأنبياء، و ذاك أنّ الأنبياء لم يورّثوا درهما و لا دينارا، و إنّما أورثوا أحاديث من أحاديثهم، فمن أخذ بشيء منها فقد أخذ حظّا وافرا، فانظروا علمكم هذا عمّن تأخذونه؟ فإنّ فينا أهل البيت في كلّ خلف عدولا ينفون عنه تحريف الغالين، و انتحال المبطلين، و تأويل الجاهلين. (3)

ص:192


1- -الكافي ج 1 ص 24 ح 7
2- الكافي ج 1 ص 24 ح 8
3- الكافي ج 1 ص 24 باب صفة العلم ح 2

بيان:

قال الجوهريّ: الخلف: القرن. «الانتحال» : أن يدّعي لنفسه ما لغيره.

(لاحظ شرح الحديث بطوله في المرآة و الوافي)

6-عن حمّاد بن عثمان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إذا أراد اللّه بعبد خيرا فقّهه في الدين. (1)

7-قال أبو جعفر عليه السّلام: الكمال كلّ الكمال: التفقّه في الدين، و الصبر على النائبة، و تقدير المعيشة. (2)

بيان:

في النهاية، «النائبة» و هي ما ينوب الإنسان: أي ينزل به من المهمّات و الحوادث «تقدير المعيشة» أي ترك الإسراف و التقتير و لزوم الوسط.

8-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: العلماء أمناء، و الأتقياء حصون، و الأوصياء سادة.

و في رواية اخرى: العلماء منار، و الأتقياء حصون، و الأوصياء سادة. (3)

بيان:

«الأتقياء حصون» أي بهم يدفع اللّه العذاب عن الامّة، أو بهم يدفعون الفساد بمشاهدة أحوالهم و أقوالهم «السيّد» جمع سادة: الجليل العظيم الذي له الفضل على غيره، و هو الرئيس الذي يعظّم و يطاع «منار» هي موضع النور و علم الطريق.

9-عن بشير الدهّان قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: لا خير فيمن لا يتفقّه من أصحابنا. يا بشير، إنّ الرجل منهم إذا لم يستغن بفقهه احتاج إليهم، فإذا

ص:193


1- -الكافي ج 1 ص 25 ح 3
2- الكافي ج 1 ص 25 ح 4
3- الكافي ج 1 ص 25 ح 5

احتاج إليهم أدخلوه في باب ضلالتهم و هو لا يعلم. (1)

10-عن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه السّلام قال: عالم ينتفع بعلمه أفضل من سبعين ألف عابد. (2)

11-عن معاوية بن عمّار قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: رجل راوية لحديثكم يبثّ ذلك في الناس و يشدّده في قلوبهم و قلوب شيعتكم، و لعلّ عابدا من شيعتكم ليست له هذه الرواية، أيّهما أفضل؟ قال: الراوية لحديثنا يشدّد به قلوب شيعتنا أفضل من ألف عابد. (3)

بيان:

«الراوية» : كثير الرواية، و التاء للمبالغة. «يبثّ» : أي ينشر.

12-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من سلك طريقا يطلب فيه علما سلك اللّه به طريقا إلى الجنّة، و إنّ الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضا به، و إنّه يستغفر لطالب العلم من في السماء و من في الأرض حتّى الحوت في البحر، و فضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر النجوم ليلة البدر، و إنّ العلماء ورثة الأنبياء، إنّ الأنبياء لم يورّثوا دينارا و لا درهما و لكن ورّثوا العلم، فمن أخذ منه أخذ بحظّ وافر. (4)

13-قال أبو جعفر عليه السّلام: من علّم باب هدى فله مثل أجر من عمل به، و لا ينقص اولئك من اجورهم شيئا. و من علّم باب ضلال كان عليه مثل أوزار من عمل به، و لا ينقص اولئك من أوزارهم شيئا. (5)

ص:194


1- -الكافي ج 1 ص 25 ح 6
2- الكافي ج 1 ص 25 ح 8
3- الكافي ج 1 ص 25 ح 9
4- الكافي ج 1 ص 26 باب ثواب العالم ح 1
5- الكافي ج 1 ص 27 ح 4

14-عن أبي حمزة عن عليّ بن الحسين عليهما السّلام قال: لو يعلم الناس ما في طلب العلم لطلبوه و لو بسفك المهج و خوض اللجج، إنّ اللّه تبارك و تعالى أوحى إلى دانيال: أنّ أمقت عبيدي إليّ، الجاهل المستخفّ بحقّ أهل العلم، التارك للاقتداء بهم، و أنّ أحبّ عبيدي إليّ، التقيّ الطالب للثواب الجزيل، اللازم للعلماء، التابع للحلماء، القابل عن الحكماء. (1)

بيان:

«المهجة» : جمع مهج و هي الدم، أو دم القلب خاصّة. «اللجّة» : جمع لجج و هي معظم الماء. «القابل عن الحكماء» : أي الآخذ عن أهل الحكمة، أخذ رواية أو دراية.

و قد مرّ معنى الحكمة في بابها.

15-عن حفص بن غياث قال: قال لي أبو عبد اللّه عليه السّلام: من تعلّم العلم و عمل به و علّم للّه، دعي في ملكوت السماوات عظيما فقيل: تعلّم للّه و عمل للّه و علّم للّه. (2)

16-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ما من أحد يموت من المؤمنين أحبّ إلى إبليس من موت فقيه. (3)

17-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إذا مات المؤمن الفقيه، ثلم في الإسلام ثلمة لا يسدّها شيء. (4)

بيان:

في المرآة، «الثلمة» : فرجة المكسور و المهدوم. و في مجمع البحرين: الخلل الواقع في الحائط و غيره.

ص:195


1- -الكافي ج 1 ص 27 ح 5
2- الكافي ج 1 ص 27 ح 6
3- الكافي ج 1 ص 29 باب فقد العلماء ح 1
4- الكافي ج 1 ص 30 ح 2

18-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: افّ لرجل لا يفرّغ نفسه في كلّ جمعة لأمر دينه فيتعاهده و يسأل عن دينه.

و في رواية اخرى: لكلّ مسلم. (1)

بيان:

«افّ» تنوينه للتكثير، و قيل للتنكير، و هو كلمة تكرّه و تضجّر.

«كلّ جمعة» الجمعة إمّا بسكون الميم فهي بمعنى الاسبوع (2)أو بضمّها فهي يوم الجمعة، و الأنسب هنا هو الأوّل، أي لا يفرّغ نفسه في كلّ اسبوع يوما لأمر دينه و إلاّ ليقال: يوم الجمعة «يتعاهده» في المرآة: الضمير إمّا راجع إلى اليوم أو إلى الدين، و على الأوّل المراد بتعاهده الإتيان بالصلاة و الوظائف المقرّرة فيه، و من جملتها تعلّم المسائل. . .

أقول: حيث قلنا إنّ الجمعة بمعنى الاسبوع: الضمير راجع إلى أمر الدين لا محالة.

19-عن جابر عن أبي جعفر عليه السّلام قال: زكاة العلم أن تعلّمه عباد اللّه. (3)

20-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قام عيسى بن مريم عليه السّلام خطيبا في بني إسرائيل فقال: يا بني إسرائيل، لا تحدّثوا الجهّال بالحكمة فتظلموها، و لا تمنعوها أهلها فتظلموهم. (4)

21-عن طلحة بن زيد قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: العامل على غير بصيرة كالسائر على غير الطريق، لا يزيده سرعة السير إلاّ بعدا. (5)

22-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من عمل على غير

ص:196


1- -الكافي ج 1 ص 32 باب سؤال العالم ح 5
2- المصباح المنير ص 150
3- الكافي ج 1 ص 33 باب بذل العلم ح 3
4- الكافي ج 1 ص 33 ح 4
5- الكافي ج 1 ص 34 باب من عمل بغير علم ح 1

علم كان ما يفسد أكثر ممّا يصلح. (1)

23-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: ما من عالم أو متعلّم يمرّ بقرية من قرى المسلمين، أو بلدة من بلاد المسلمين، و لم يأكل من طعامهم و لم يشرب من شرابهم، و دخل من جانب و خرج من جانب آخر إلاّ رفع اللّه تعالى عذاب قبورهم أربعين يوما. (2)

24-و من كلام أمير المؤمنين عليه السّلام لكميل، قال كميل بن زياد: أخذ بيدي أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السّلام فأخرجني إلى الجبّان فلمّا أصحر تنفّس الصعداء ثمّ قال:

يا كميل بن زياد، إنّ هذه القلوب أوعية فخيرها أوعاها، فاحفظ عنّي ما أقول لك: الناس ثلاثة: فعالم ربّانيّ، و متعلّم على سبيل نجاة، و همج رعاع، أتباع كلّ ناعق يميلون مع كلّ ريح، لم يستضيئوا بنور العلم، و لم يلجأوا إلى ركن وثيق.

يا كميل، العلم خير من المال، العلم يحرسك و أنت تحرس المال، و المال تنقصه النفقة، و العلم يزكو على الإنفاق، و صنيع المال يزول بزواله.

يا كميل بن زياد، معرفة العلم دين يدان به، به يكسب الإنسان الطاعة في حياته، و جميل الأحدوثة بعد وفاته. و العلم حاكم، و المال محكوم عليه.

يا كميل بن زياد، هلك خزّان الأموال و هم أحياء، و العلماء باقون ما بقي الدهر: أعيانهم مفقودة و أمثالهم في القلوب موجودة، ها إنّ ههنا لعلما جمّا -و أشار بيده إلى صدره-لو أصبت له حملة، بلى أصبت لقنا غير مأمون عليه، مستعملا آلة الدين للدنيا، و مستظهرا بنعم اللّه على عباده و بحججه

ص:197


1- -الكافي ج 1 ص 35 ح 3
2- جامع الأخبار ص 179 ف 141

على أوليائه. . . (1)

بيان:

«الجبّان» : الصحراء. «أصحر» : أي بلغ الصحراء. «أوعاها» : أي أحفظها للعلم و أجمعها. «عالم ربّانيّ» : منسوب إلى الربّ بزيادة الألف و النون على خلاف القياس قال الجوهريّ: الربّانيّ: المتألّه العارف باللّه تعالى. قال في الكشّاف: هو شديد التمسّك بدين اللّه تعالى و طاعته. و قال في مجمع البيان: هو الذي يربّ أمر الناس بتدبيره و إصلاحه إيّاه. «الهمج» واحدته همجة: و هي ذباب صغير كالبعوض، و لعلّ المراد هنا الحمقى من الناس. «الرعاع» : الأحداث الطغام (اوباش) من العوامّ و السفلة و أمثالهم.

«ناعق» النعيق: صوت الراعي بغنمه، و يقال لصوت الغراب أيضا، و المراد أنّهم لعدم ثباتهم و تزلزلهم في أمر الدين يتّبعون كلّ داع، «جميل الأحدوثة» ما يتحدّث به الناس من الثناء و الكلام الجميل أي بعد موتهم أيضا باقون بذكرهم الجميل، و الأحدوثة مفرد الأحاديث. «أمثالهم. . .» : لعلّ الأمثال جمع مثل، و المراد هنا؛ حكمهم و مواعظهم محفوظة عند أهلها يعملون بها، و يحتمل أن يكون المراد بأمثالهم أشباحهم و صورهم في قلوب محبّيهم و المهتدين بهم موجودة. «جمّا» : أي كثيرا. «لقنا» : أي من يفهم بسرعة من اللقانة و هي حسن الفهم.

(البحار ج 1 ص 189)

25-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: سيأتي زمان على الناس يفرّون من العلماء كما يفرّ الغنم من الذئب، ابتلاهم اللّه تعالى بثلاثة أشياء: الأوّل، يرفع البركة من أموالهم، و الثاني، سلّط اللّه عليهم سلطانا جائرا، و الثالث، يخرجون من الدنيا بلا إيمان. (2)

ص:198


1- -نهج البلاغة ص 1155 ح 139
2- سفينة البحار ج 2 ص 220( علم)

26-و قال صلّى اللّه عليه و آله: سيأتي زمان على امّتي لا يعرفون العلماء إلاّ بثوب حسن، و لا يعرفون القرآن إلاّ بصوت حسن، و لا يعبدون اللّه إلاّ في شهر رمضان، إذا كان كذلك سلّط اللّه عليهم سلطانا لا علم له، و لا حلم له، و لا رحم له. (1)

27-في مواعظ عليّ عليه السّلام: عليكم بالعلم، فإنّه صلة بين الإخوان، و دالّ على المروّة، و تحفة في المجالس، و صاحب في السفر، و مونس في الغربة، و إنّ اللّه تعالى يحبّ المؤمن العالم الفقيه، الزاهد الخاشع، الحييّ العليم، الحسن الخلق، المقتصد المنصف. (2)

28-قال أمير المؤمنين عليه السّلام في خطبة: و لا كنز أنفع من العلم. (3)

29-عن عليّ بن الحسين عليهما السّلام، أنّه كان إذا جاءه طالب علم قال: مرحبا بوصيّة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، ثم يقول: إنّ طالب العلم إذا خرج من منزله لم يضع رجله على رطب و لا يابس من الأرض إلاّ سبّحت له إلى الأرضين السابعة. (4)

30-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من خرج من بيته يطلب علما شيّعه سبعون ألف ملك يستغفرون له. (5)

31-عن الرضا عن آبائه عن أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليهم السّلام قال: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول: طلب العلم فريضة على كلّ مسلم، فاطلبوا العلم من مظانّه، و اقتبسوه من أهله، فإنّ تعليمه للّه حسنة، و طلبه عبادة، و المذاكرة به تسبيح، و العمل به جهاد، و تعليمه من لا يعلمه صدقة، و بذله لأهله قربة إلى اللّه تعالى، لأنّه معالم الحلال و الحرام، و منار سبل الجنّة، و المونس في الوحشة،

ص:199


1- -سفينة البحار ج 2 ص 220
2- البحار ج 78 ص 6
3- البحار ج 1 ص 165 ب 1 من العلم ح 3
4- البحار ج 1 ص 168 ح 16
5- البحار ج 1 ص 170 ح 21

و الصاحب في الغربة و الوحدة، و المحدّث في الخلوة، و الدليل على السرّاء و الضرّاء، و السلاح على الأعداء، و الزين عند الأخلاّء، يرفع اللّه به أقواما فيجعلهم في الخير قادة تقتبس آثارهم، و يهتدى بفعالهم، و ينتهى إلى رأيهم، و ترغب الملائكة في خلّتهم، و بأجنحتها تمسحهم، و في صلاتها تبارك عليهم، يستغفر لهم كلّ رطب و يابس حتّى حيتان البحر و هوامّه، و سباع البرّ و أنعامه.

إنّ العلم حياة القلوب من الجهل، و ضياء الأبصار من الظلمة، و قوّة الأبدان من الضعف، يبلغ بالعبد منازل الأخيار، و مجالس الأبرار، و الدرجات العلى في الدنيا و الآخرة، الذكر فيه يعدل بالصيام، و مدارسته بالقيام، به يطاع الربّ و يعبد، و به توصل الأرحام، و به يعرف الحلال و الحرام، العلم أمام العمل و العمل تابعه، يلهمه السعداء، و يحرمه الأشقياء، فطوبى لمن لم يحرمه اللّه منه حظّه. (1)

بيان:

«الهامّة» جمع هوامّ: ما كان له سمّ كالحيّة، و قد تطلق الهوامّ على ما لا يقتل من الحشرات.

32-عن أبي عبد اللّه جعفر بن محمّد عن آبائه عن عليّ عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: العالم بين الجهّال كالحيّ بين الأموات، و إنّ طالب العلم ليستغفر له كلّ شيء حتّى حيتان البحر و هوامّه، و سباع البرّ و أنعامه، فاطلبوا العلم فإنّه السبب بينكم و بين اللّه عزّ و جلّ، و إنّ طلب العلم فريضة على كلّ مسلم. (2)

33-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: طلب العلم فريضة في كلّ حال. (3)

أقول:

قال رحمه اللّه ذيل ح 29: هذه الأخبار تدلّ على وجوب طلب العلم، و لا شكّ

ص:200


1- -البحار ج 1 ص 171 ح 24
2- البحار ج 1 ص 172 ح 25
3- البحار ج 1 ص 172 ح 27

في وجوب طلب القدر الضروريّ من معرفة اللّه و صفاته، و سائر اصول الدين، و معرفة العبادات و شرائطها و المناهي و لو بالأخذ عن عالم عينا، و الأشهر بين الأصحاب أنّ تحصيل أزيد من ذلك إمّا من الواجبات الكفائيّة أو من المستحبّات.

34-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: من خرج من بيته ليلتمس بابا من العلم لينتفع به و يعلّمه غيره كتب اللّه له بكلّ خطوة عبادة ألف سنة صيامها و قيامها، و حفّته الملائكة بأجنحتها و صلّى عليه طيور السماء، و حيتان البحر، و دوابّ البرّ، و أنزله اللّه منزلة سبعين صدّيقا، و كان خيرا له من أن كانت الدنيا كلّها له فجعلها في الآخرة. (1)

35-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: من أحبّ أن ينظر إلى عتقاء اللّه من النار فلينظر إلى المتعلّمين، فو الذي نفسي بيده ما من متعلّم يختلف إلى باب العالم إلاّ كتب اللّه له بكلّ قدم عبادة سنة، و بنى اللّه بكلّ قدم مدينة في الجنّة و يمشي على الأرض و هي تستغفر له، و يمسي و يصبح مغفورا له، و شهدت الملائكة أنّهم عتقاء اللّه من النار. (2)

36-و قال صلّى اللّه عليه و آله: نوم مع علم خير من صلاة مع جهل. (3)

37-قال الصادق عليه السّلام: تلاقوا و تحادثوا العلم، فإنّ بالحديث تجلى القلوب الرائنة، و بالحديث إحياء أمرنا، فرحم اللّه من أحيا أمرنا. (4)

أقول:

قد مرّ ما بمعناه في باب الحديث. و «الرين» : الطبع و الدنس، الحجاب الكثيف.

ص:201


1- -البحار ج 1 ص 177 ح 57
2- البحار ج 1 ص 184 ح 95
3- البحار ج 1 ص 185 ح 102
4- البحار ج 1 ص 202 ب 4 ح 14

38-عن موسى بن جعفر عن آبائه عليهم السّلام قال: قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: النظر في وجه العالم حبا له عبادة. (1)

39-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: حديث في حلال و حرام تأخذه من صادق خير من الدنيا و ما فيها من ذهب أو فضّة. (2)

40-عن محمّد قال: قال أبو عبد اللّه و أبو جعفر عليهما السّلام: لو أتيت بشابّ من شباب الشيعة لا يتفقّه لأدّبته، قال: و كان أبو جعفر عليه السّلام يقول: تفقّهوا و إلاّ فأنتم أعراب. (3)

41-قال الجواد عليه السّلام: التفقّه ثمن لكلّ غال و سلّم إلى كلّ عال. (4)

42-قال أبو عبد اللّه الصادق عليه السّلام: إذا كان يوم القيامة جمع اللّه عزّ و جلّ الناس في صعيد واحد، و وضعت الموازين، فتوزن دماء الشهداء مع مداد العلماء، فيرجّح مداد العلماء على دماء الشهداء. (5)

43-عن أبي محمّد عليه السّلام قال: قال عليّ بن محمّد عليهما السّلام: لو لا من يبقى بعد غيبة قائمنا عليه السّلام من العلماء الداعين إليه، و الدالّين عليه و الذابّين عن دينه بحجج اللّه، و المنقذين لضعفاء عباد اللّه من شباك إبليس و مردته و من فخاخ النواصب لما بقي أحد إلاّ ارتدّ عن دين اللّه، و لكنّهم الذين يمسكون أزمّة قلوب ضعفاء الشيعة، كما يمسك صاحب السفينة سكّانها، اولئك هم الأفضلون عند اللّه عزّ و جلّ. (6)

ص:202


1- -البحار ج 1 ص 205 ب 4 ح 29
2- البحار ج 1 ص 214 ب 6 ح 13
3- البحار ج 1 ص 214 ح 16
4- البحار ج 1 ص 218 ح 41
5- البحار ج 2 ص 14 ب 8 ح 26( أمالي الصدوق م 32 ح 1)
6- البحار ج 2 ص 6 ح 12

بيان:

قال رحمه اللّه: «الذبّ» الدفع. «الشباك» : جمع الشبكة التي يصاد بها. «المردة» : المتمرّدون العاصون. «الفخّ» : المصيدة (آلة يصاد بها) . «الأزمّة» : جمع زمام، يقال بالفارسيّة: مهار.

44-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إذا كان يوم القيامة بعث اللّه عزّ و جلّ العالم و العابد، فإذا وقفا بين يدي اللّه عزّ و جلّ قيل للعابد: انطلق إلى الجنّة، و قيل للعالم: قف تشفع للناس بحسن تأديبك لهم. (1)

45-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: علماء امّتي كأنبياء بني إسرائيل. (2)

46-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: ساعة من عالم يتّكئ على فراشه ينظر في عمله خير من عبادة العابد سبعين عاما. (3)

47-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: إذا مات الإنسان انقطع عمله إلاّ من ثلاث: علم ينتفع به، أو صدقة تجري له، أو ولد صالح يدعو له. (4)

48-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: يا عليّ، إذا أتى على المؤمن أربعون صباحا و لم يجلس العلماء قسا قلبه و جرء على الكبائر. (5)

49-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

العلم بالفهم. (الغرر ج 1 ص 6 ف 1 ح 56)

الفهم بالفطنة-الفطنة بالبصيرة. (ح 57 و 58)

العلم كنز. (ص 7 ح 85)

ص:203


1- -البحار ج 2 ص 16 ح 36
2- البحار ج 2 ص 22 ح 67
3- البحار ج 2 ص 23 ح 71
4- البحار ج 2 ص 23 ح 70
5- لئالي الأخبار ج 1 ص 6

العلم عزّ. (ص 8 ح 122)

العلم دليل. (ص 9 ح 167)

العلم ينجيك. (ص 10 ح 196)

العلم حياة. (ص 11 ح 234)

العلم مجلّة-العلم حرز. (ص 12 ح 257 و 276)

العلم زين الحسب. (ص 14 ح 337)

العلم أفضل شرف. (ص 20 ح 536)

العلماء حكّام على الناس. (ح 559)

العلم مصباح العقل. (ص 21 ح 589)

العلم خير دليل-العلم أعظم كنز. (ص 23 ح 642 و 671)

العلم حياة و شفاء-الجهل داء و عياء. (ص 25 ح 738 و 739)

العلم أجلّ بضاعة. (ح 743)

العلم أعلى فوز. (ص 26 ح 781)

العلم أفضل قنية (1). (ص 29 ح 862)

العلم مركب الحلم. (ح 867)

العلم أصل كلّ خير-الجهل أصل كلّ شرّ. (ح 868 و 869)

العلم عنوان العقل-العلم لقاح المعرفة. (ح 878 و 880)

العلم ينجد الفكر-العلم نعم الدليل. (ح 882 و 887)

العلم قائد الحلم-العلم أفضل هداية. (ح 891 و 896)

العلوم نزهة الادباء. (ص 34 ح 1036)

العلم قاتل الجهل. (ص 35 ح 1072)

ص:204


1- -القنية بفتح القاف و كسرها: ما اكتسب

العلم داعي الفهم-العلم لا ينتهي. (ح 1074 و 1096)

العالم حيّ و إن كان ميّتا. (ص 37 ح 1167)

العالم من عرف قدره-العالم ينظر بقلبه و خاطره. (ص 43 ح 1283 و 1287)

العلم زين الأغنياء، و غنى الفقراء. (ص 58 ح 1563)

العامل بالعلم كالسائر على الطريق الواضح. (ح 1572)

العلم يهدي إلى الحقّ. (ص 60 ح 1617)

العلم مصباح العقل و ينبوع الفضل. (ح 1619)

العمل بغير علم ضلال-العلم كنز عظيم لا يفنى. (ص 61 ح 1622 و 1623)

العلم إحدى الحياتين. (ص 62 ح 1656)

العلم وراثة كريمة، و نعمة عميمة. (ص 64 ح 1680)

العلم أفضل الأنيسين. (ح 1694)

العلم باللّه أفضل العلمين. (ص 65 ح 1714)

العلماء غرباء لكثرة الجهّال. (ص 67 ح 1748)

العلم ينجي من الارتباك (1)و الحيرة. (ح 1754)

العلم يدلّ على العقل، فمن علم عقل. (ص 68 ح 1763)

العلم محيي النفس، و منير العقل، و مميت الجهل. (ح 1764)

العقل و العلم مقرونان في قرن، لا يفترقان و لا يتباينان. (ص 71 ح 1809)

العلم يرشدك إلى ما أمرك به، و الزهد يسهل لك الطريق إليه.

(ص 75 ح 1860)

العلماء أطهر الناس أخلاقا و أقلّهم في المطامع أعراقا. (ص 98 ح 2130)

العالم حيّ بين الموتى-الجاهل ميّت بين الأحياء. (ح 2139 و 2140)

ص:205


1- -ارتبك في الأمر: وقع فيه و لم يكد يخلص منه

أعون الأشياء على تزكية العقل التعليم. (ص 201 ف 8 ح 421)

إذا رأيت عالما فكن له خادما. (ص 313 ف 17 ح 71)

إذا أراد اللّه بعبد خيرا فقّهه في الدين، و ألهمه اليقين. (ص 322 ح 159)

ثمرة العلم معرفة اللّه. (ص 358 ف 23 ح 1)

ثمرة العلم العبادة. (ص 359 ح 14)

ثمرة العلم إخلاص العمل. (ص 361 ح 55)

غاية الفضائل العلم (ج 2 ص 505 ف 56 ح 34)

قيمة كلّ امرء ما يعلم. (ص 536 ف 61 ح 40)

من وقّر عالما فقد وقّر ربّه. (ص 675 ف 77 ح 1042)

لا شرف كالعلم (ص 831 ف 86 ح 50)

لا ينفع العلم بغير توفيق-لا خير في عمل بغير علم. (ص 841 ح 243 و 246)

لا يدرك العلم براحة الجسم. (ح 247)

لا نيّة لمن لا علم له-لا علم لمن لا بصيرة له. (ص 846 ح 336 و 337)

لا هداية لمن لا علم له. (ص 847 ح 349)

ص:206

الفصل الثانيّ: معنى العلم و أقسامه و من ينبغي أن يؤخذ منه

الأخبار

1-عن أبي الحسن موسى عليه السّلام قال: دخل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله المسجد فإذا جماعة قد أطافوا برجل فقال: ما هذا؟ فقيل: علاّمة، فقال: و ما العلاّمة؟ فقالوا له: أعلم الناس بأنساب العرب و وقائعها، و أيّام الجاهليّة، و الأشعار [و] العربيّة، قال: فقال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: ذاك علم لا يضرّ من جهله، و لا ينفع من علمه، ثمّ قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: إنّما العلم ثلاثة: آية محكمة، أو فريضة عادلة، أو سنّة قائمة، و ما خلاهنّ فهو فضل. (1)

بيان:

«ما العلاّمة؟» : أي ما حقيقة علمه الذي به اتّصف بكونه علاّمة؟ «العلم ثلاثة. . .» في الوافي: كأنّ الآية المحكمة إشارة إلى أصول العقائد، فإنّ براهينها الآيات المحكمات من العالم أو من القرآن. . . و الفريضة العادلة؛ إشارة إلى علوم الأخلاق. . . و السنّة القائمة إشارة إلى شرايع الأحكام و مسائل الحلال و الحرام. . .

2-عن جميل عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سمعته يقول: يغدو الناس على ثلاثة أصناف: عالم و متعلّم و غثاء، فنحن العلماء، و شيعتنا المتعلّمون، و سائر

ص:207


1- -الكافي ج 1 ص 24 باب صفة العلم ح 1

الناس غثاء. (1)

بيان:

في مجمع البحرين، «الغثاء» : ما يجييء فوق السيل ممّا يحمل من الزبد و الوسخ و غيره، (ثمّ قال ذيل الحديث:) يريد أراذل الناس و أسقاطهم، شبّههم بذلك لدناءة قدرهم و خفّة أحلامهم.

3-عن زيد الشحّام عن أبي جعفر عليه السّلام في قول اللّه عزّ و جلّ: فَلْيَنْظُرِ اَلْإِنْسانُ إِلى طَعامِهِ (2)قال: قلت: ما طعامه؟ قال: علمه الذي يأخذه، عمّن يأخذه. (3)

4-عن سفيان بن عيينة قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: وجدت علم الناس كلّه في أربع: أوّلها أن تعرف ربّك، و الثاني، أن تعرف ما صنع بك، و الثالث، أن تعرف ما أراد منك، و الرابع أن تعرف ما يخرجك من دينك. (4)

5-عن زرارة قال: كنت عند أبي جعفر عليه السّلام فقال له رجل من أهل الكوفة يسأله عن قول أمير المؤمنين عليه السّلام: «سلوني عمّا شئتم فلا تسألوني عن شيء إلاّ أنبأتكم به» قال: إنّه ليس أحد عنده علم شيء إلاّ خرج من عند أمير المؤمنين عليه السّلام، فليذهب الناس حيث شاؤوا، فو اللّه ليس الأمر إلاّ من ههنا -و أشار بيده إلى بيته- (5)

6-قال أبو جعفر عليه السّلام لسلمة بن كهيل و الحكم بن عتيبة: شرّقا و غرّبا،

ص:208


1- -الكافي ج 1 ص 26 باب أصناف الناس ح 4
2- عبس:24
3- الكافي ج 1 ص 39 باب النوادر من العلم ح 8
4- الكافي ج 1 ص 40 ح 11
5- الكافي ج 1 ص 329 كتاب الحجّة باب أنّه ليس شيء من الحقّ في يد الناس. . . ح 2

فلا تجدان علما صحيحا إلاّ شيئا خرج من عندنا أهل البيت. (1)

أقول:

بهذا المعنى أخبار كثيرة، راجع البحار و بصائر الدرجات و. . .

7-سئل أمير المؤمنين عليه السّلام عن العلم، فقال: أربع كلمات: أن تعبد اللّه بقدر حاجتك إليه، و أن تعصيه بقدر صبرك على النار، و أن تعمل لدنياك بقدر عمرك فيها، و أن تعمل لآخرتك بقدر بقائك فيها.

و قال عليّ عليه السّلام: العلوم أربعة؛ علم ينفع، و علم يشفع، و علم يرفع، و علم يضع، فأمّا الذي ينفع علم الشريعة، و أمّا الذي يشفع علم القرآن، و أمّا الذي يرفع فالنحو، و أمّا الذي يضع فعلم النجوم. (2)

8-عن داود بن فرقد قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: أنتم أفقه الناس إذا عرفتم معاني كلامنا، إنّ الكلمة لتنصرف على وجوه، فلو شاء إنسان لصرف كلامه كيف شاء و لا يكذب. (3)

9-عن موسى بن جعفر عليه السّلام قال: لا تجلسوا عند كلّ عالم إلاّ عالم يدعوكم من الخمس إلى الخمس: من الشكّ إلى اليقين، و من الكبر إلى التواضع، و من الرياء إلى الإخلاص، و من العداوة إلى النصيحة، و من الرغبة إلى الزهد. (4)

10-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: أفضل العبادة العلم باللّه. (5)

11-عن موسى بن جعفر عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

ص:209


1- -الكافي ج 1 ص 329 ح 3
2- الاثنى عشرية ص 163 ب 4 ف 3
3- معاني الأخبار ص 1 ب 1 ح 1
4- البحار ج 1 ص 205 ب 4 من العلم ح 28
5- البحار ج 1 ص 215 ب 6 ح 21

من انهمك في طلب النحو سلب الخشوع. (1)

أقول:

في كنز العمّال خ 7922 عنه (ص) : من انهمك في طلب العربيّة سلب الخشوع.

بيان: «انهمك» في الأمر: جدّ فيه و لجّ.

12-قال الحسن بن عليّ عليهما السّلام: عجب لمن يتفكّر في مأكوله، كيف لا يتفكّر في معقوله؟ ! فيجنّب بطنه ما يؤذيه، و يودع صدره ما يرديه. (2)

أقول:

مرّ بهذا المعنى في باب الطعام.

13-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: العلم علمان: علم الأديان و علم الأبدان. (3)

14-عن زرارة و محمّد بن مسلم و بريد قالوا: قال رجل لأبي عبد اللّه عليه السّلام: إنّ لي ابنا قد احبّ أن يسألك عن حلال و حرام لا يسألك عمّا لا يعنيه، قال: فقال: و هل يسأل الناس عن شيء أفضل من الحلال و الحرام؟ (4)

15-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: العلوم أربعة: الفقه للأديان، و الطبّ للأبدان، و النحو للسان، و النجوم لمعرفة الأزمان. (5)

16-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: العلم أكثر من أن يحصى فخذ من كلّ شيء أحسنه. (6)

17-قال الصادق عليه السّلام: العلم أصل كلّ حال سنيّ، و منتهى كلّ منزلة

ص:210


1- -البحار ج 1 ص 218 ح 37
2- البحار ج 1 ص 218 ح 43
3- البحار ج 1 ص 220 ح 52
4- البحار ج 1 ص 213 ح 9
5- البحار ج 1 ص 218 ح 42
6- البحار ج 1 ص 219 ح 50

رفيعة، لذلك قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: طلب العلم فريضة على كلّ مسلم و مسلمة، أي علم التقوى و اليقين.

و قال عليّ عليه السّلام: اطلبوا العلم و لو بالصين، و هو علم معرفة النفس، و فيه معرفة الربّ عزّ و جلّ. (1)

بيان:

قال رحمه اللّه: «علم التقوى» هو العلم بالأوامر و النواهي و التكاليف التي يتّقى بها من عذاب اللّه، و «علم اليقين» علم ما يتعلّق من المعارف بأصول الدين، و يحتمل أن يكون علم التقوى أعمّ منهما و يكون اليقين معطوفا على العلم و تفسيرا له، أي العلم المأمور به هو اليقين.

18-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: العلم علمان: علم على اللسان فذلك حجّة على ابن آدم، و علم في القلب فذلك العلم النافع. (2)

19-عن الرضا عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: اللهمّ ارحم خلفائي-ثلاث مرّات-قيل له: يا رسول اللّه، و من خلفاؤك؟ قال: الذين يأتون من بعدي و يروون أحاديثي و سنّتي فيسلّمونها الناس من بعدي. (3)

أقول:

في ح 3، قيل: يا رسول اللّه، و من خلفاؤك؟ قال: الذين يتّبعون حديثي و سنّتي ثمّ يعلّمونها امّتي.

20-عن جابر عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال لي: يا جابر، و اللّه لحديث تصيبه من صادق في حلال و حرام خير لك ممّا طلعت عليه الشمس حتّى

ص:211


1- -البحار ج 2 ص 31 ب 9 ح 20 و 21
2- البحار ج 2 ص 33 ح 26
3- البحار ج 2 ص 144 ب 19 ح 4

تغرب. (1)

21-قال أبو جعفر عليه السّلام: إنّ حديثنا يحيي القلوب، و قال: منفعته في الدين أشدّ على الشيطان من عبادة سبعين ألف عابد. (2)

22-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: من تعلّم حديثين اثنين ينفع بهما نفسه أو يعلّمهما غيره فينتفع بهما كان خيرا من عبادة ستّين سنة. (3)

23-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

العلم أكثر من أن يحاط به فخذوا من كلّ علم أحسنه.

(الغرر ج 1 ص 74 ف 1 ح 1843)

ألزم العلم بك ما دلّك على صلاح دينك و أبان لك عن فساده.

(ص 210 ف 8 ح 512)

خير العلم ما أصلحت به رشادك، و شرّه ما أفسدت به معادك.

(ص 392 ف 29 ح 75)

رأس العلم التمييز بين الأخلاق، و إظهار محمودها و قمع مذمومها.

(ص 413 ف 34 ح 44)

أقول:

قد مرّ ما يناسب المقام في الفصل الأوّل و أبواب الحديث، المجالسة، الصداقة و. . . و سيأتي في حديث عنوان البصريّ في ف 4 عن الصادق عليه السّلام: «ليس العلم بالتعلّم، إنّما هو نور يقع في قلب من يريد اللّه تعالى أن يهديه» .

و في باب التقيّة في حديث عليّ بن الحسين عليهما السّلام: «إنّما صار سلمان من العلماء لأنّه امرء منّا أهل البيت، فلذلك نسبه إلينا» .

ص:212


1- -البحار ج 2 ص 146 ح 15
2- البحار ج 2 ص 151 ح 29
3- البحار ج 2 ص 152 ح 44

الفصل الثالث: العمل بالعلم

الآية

قال اللّه تعالى: يا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ- كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اَللّهِ أَنْ تَقُولُوا ما لا تَفْعَلُونَ. (1)

الأخبار

1-عن سليم بن قيس قال: سمعت أمير المؤمنين عليه السّلام يقول: قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: العلماء رجلان: رجل عالم آخذ بعلمه فهذا ناج، و عالم تارك لعلمه فهذا هالك، و إنّ أهل النار ليتأذّون من ريح العالم التارك لعلمه، و إنّ أشدّ أهل النار ندامة و حسرة رجل دعا عبدا إلى اللّه فاستجاب له و قبل منه فأطاع اللّه فأدخله اللّه الجنّة، و أدخل الداعي النار بتركه علمه، و اتّباعه الهوى و طول الأمل، أمّا اتّباع الهوى فيصدّ عن الحقّ و طول الأمل ينسي الآخرة. (2)

أقول:

قد مرّ ما يناسب المقام في أبواب الحسرة، العدل و. . .

2-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: العلم مقرون إلى العمل، فمن علم عمل،

ص:213


1- -الصفّ:2 و 3
2- الكافي ج 1 ص 35 باب استعمال العلم ح 1

و من عمل علم، و العلم يهتف بالعمل فإن أجابه و إلاّ ارتحل عنه. (1)

أقول:

بهذا المعنى أخبار اخر، راجع البحار ج 2 ب 9 و غيره.

بيان: «العلم» : المراد بالعلم هنا نور يجعله اللّه في قلب من يشاء لا العلوم المتداولة بين الناس فإنّهم يزدادون العلم بلا عمل.

«يهتف» : يصيح و يدعو صاحبه أي العلم طالب للعمل، و يدعو الشخص إليه فإن لم يعمل بما هو مطلوب العلم و مقتضاه فارقه.

3-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ العالم إذا لم يعمل بعلمه، زلّت موعظته عن القلوب كما يزلّ المطر عن الصفا. (2)

4-جاء رجل إلى عليّ بن الحسين عليهما السّلام فسأله عن مسائل فأجاب، ثمّ عاد ليسأل عن مثلها، فقال عليّ بن الحسين عليه السّلام: مكتوب في الإنجيل: لا تطلبوا علم ما لا تعلمون و لمّا تعملوا بما علمتم، فإنّ العلم إذا لم يعمل به لم يزدد صاحبه إلاّ كفرا، و لم يزدد من اللّه إلاّ بعدا. (3)

بيان:

«و لمّا تعملوا» الواو للحال، و في الوافي: أي لا تسألوا عن المجهول و الحال أنّكم لم تعملوا بعد بالمعلوم.

5-قال أمير المؤمنين عليه السّلام في خطبة له: أيّها الناس، إذا علمتم فاعملوا بما عملتم لعلّكم تهتدون، إنّ العالم العامل بغيره كالجاهل الحائر الذي لا يستفيق عن جهله، بل قد رأيت أنّ الحجّة عليه أعظم، و الحسرة أدوم على هذا العالم المنسلخ من علمه منها على هذا الجاهل المتحيّر في جهله، و كلاهما حائر بائر،

ص:214


1- -الكافي ج 1 ص 35 ح 2( نهج البلاغة ص 1256 ح 358)
2- الكافي ج 1 ص 35 ح 3
3- الكافي ج 1 ص 35 ح 4

لا ترتابوا فتشكّوا، و لا تشكّوا فتكفروا، و لا ترخّصوا لأنفسكم فتدهنوا، و لا تدهنوا في الحقّ فتخسروا، و إنّ من الحقّ أن تفقّهوا، و من الفقه أن لا تغترّوا، و إنّ أنصحكم لنفسه أطوعكم لربّه، و أغشّكم لنفسه أعصاكم لربّه، و من يطع اللّه يأمن و يستبشر، و من يعص اللّه يخب و يندم. (1)

بيان:

«بغيره» : أي بغير علمه. «الحائر» : من حار يحار أي تحيّر في أمره و لم يكن له مخرج «لا يستفيق» : أي لا يستيقظ عن جهله و لا يتنبّه. «البائر» : أي الهالك.

«المنسلخ» يقال: انسلخ من ثيابه إذا تجرّد.

في المرآة ج 1 ص 145: «لا ترخّصوا لأنفسكم» أي لا تسهلوا لأنفسكم أمر الإطاعة و العصيان و لا تخفّفوا عليها من الحقوق، فتقعوا في المداهنة في أمر الدين و المساهلة في باب الحقّ و اليقين، فتكونوا من الخاسرين، أو لا ترخّصوا لأنفسكم في ارتكاب المكروهات و ترك المسنونات، و التوسّع في المباحات فإنّها طرق إلى المحرّمات، و يؤيّده بعض الروايات.

6-عن أبي عبد اللّه عن آبائه عليهم السّلام قال: جاء رجل إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فقال: يا رسول اللّه، ما العلم؟ قال: الإنصات قال: ثمّ مه؟ قال: الاستماع، قال: ثمّ مه؟ قال: الحفظ، قال: ثمّ مه؟ قال: العمل به، قال: ثمّ مه يا رسول اللّه؟ قال: نشره. (2)

بيان:

«الإنصات» : أي السكوت عند الاستماع.

7-قال الصادق عليه السّلام: قطع ظهري اثنان: عالم متهتّك، و جاهل متنسّك،

ص:215


1- -الكافي ج 1 ص 36 ح 6
2- الكافي ج 1 ص 38 باب نوادر العلم ح 4

هذا يصدّ الناس عن علمه بتهتّكه، و هذا يصدّ الناس عن نسكه بجهله. (1)

أقول:

سيأتي نحوه عن أمير المؤمنين عليه السّلام في ف 5.

بيان: «عالم متهتّك» هتك الستر: جذبه فقطعه من موضعه، و تهتّك فلان: افتضح، و رجل متهتّك أي لا يبالي أن يهتك ستره «المتنسّك» المتعبّد المجتهد في العبادة. و صدّ الجاهل عن نسكه لأنّ الناس لمّا يرون من جهله لا يتّبعونه على نسكه.

و في حديث أمير المؤمنين عليه السّلام: «فالجاهل يغشّ الناس بتنسّكه» و المعنى أنّه لمّا يرون أعماله و نسكه رائقة، يتّبعونه في تلك النسك و الأعمال، فيحسبون أنّ الدين هو هذه، فبذلك يصدّهم الجاهل عن حقيقة الدين.

8-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: أوحى اللّه إلى بعض أنبيائه: قل للذين يتفقّهون لغير الدين، و يتعلّمون لغير العمل، و يطلبون الدنيا لغير الآخرة، يلبسون للناس مسوك الكباش و قلوبهم كقلوب الذئاب، ألسنتهم أحلى من العسل و أعمالهم أمرّ من الصّبر: إيّاي يخادعون؟ و بي يستهزؤون؟ لاتيحنّ لهم فتنة تذر الحكيم حيرانا. (2)

أقول:

قد مرّ ما بمعناه مع شرحه في باب حبّ الدنيا.

بيان: «مسوك» جمع المسك و هي الجلد.

«لأتيحنّ» يقال: تاح له: قدّر له و تهيّأ، و أتاحه: هيّأه و قدّره.

9-عن أبي الحسن الرضا عن أبيه عن آبائه عن أمير المؤمنين عليهم السّلام أنّه قال: الدنيا كلّها جهل إلاّ مواضع العلم، و العلم كلّه حجّة إلاّ ما عمل به، و العمل

ص:216


1- -البحار ج 1 ص 208 ب 5 من العلم ح 8
2- البحار ج 1 ص 224 ب 7 ح 15( عدّة الداعي ص 70)

كلّه رياء إلاّ ما كان مخلصا، و الإخلاص على خطر حتّى ينظر العبد بما يختم له. (1)

10-عن ابن زياد قال: سمعت جعفر بن محمّد عليهما السّلام-و قد سئل عن قوله تعالى: قُلْ فَلِلّهِ اَلْحُجَّةُ اَلْبالِغَةُ (2)-فقال: إنّ اللّه تعالى يقول للعبد يوم القيامة: عبدي أكنت عالما؟ فإن قال: نعم قال له: أ فلا عملت بما علمت؟ و إن قال: كنت جاهلا، قال له: أ فلا تعلّمت حتّى تعمل؟ فيخصم فتلك الحجّة البالغة. (3)

بيان:

قال رحمه اللّه: فيخصم على البناء للمفعول، يقال: خاصمه فخصمه أي غلبه.

11-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من عمل بما علم كفي ما لم يعلم. (4)

بيان:

قال رحمه اللّه: «كفي ما لم يعلم» أي علّمه اللّه بلا تعب.

12-عن المفضّل عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ الحسرة و الندامة و الويل كلّه لمن لم ينتفع بما أبصر، و من لم يدر الأمر الذي هو عليه مقيم أنفع هو له أم ضرر؟ قال: قلت: فبما يعرف الناجي؟ قال: من كان فعله لقوله موافقا، فأثبت له الشهادة بالنجاة، و من لم يكن فعله لقوله موافقا فإنّما ذلك مستودع. (5)

13-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: نعوذ باللّه من علم لا ينفع، و هو العلم الذي يضادّ العمل بالإخلاص، و اعلم أنّ قليل العلم يحتاج إلى كثير العمل، لأنّ علم ساعة يلزم صاحبه استعماله طول عمره.

ص:217


1- -البحار ج 2 ص 29 ب 9 من العلم ح 9
2- الأنعام:149
3- البحار ج 2 ص 29 ح 10
4- البحار ج 2 ص 30 ح 14
5- البحار ج 2 ص 30 ح 17

قال عيسى عليه السّلام: رأيت حجرا مكتوبا عليه: قلّبني، فقلّبته فإذا على باطنه: من لا يعمل بما يعلم مشوم عليه طلب ما لا يعلم، و مردود عليه ما علم.

أوحى اللّه تبارك و تعالى إلى داود عليه السّلام: أنّ أهون ما أنا صانع بعالم غير عامل بعلمه أشدّ من سبعين عقوبة؛ أن أخرج من قلبه حلاوة ذكري. . . (1)

14-و قال صلّى اللّه عليه و آله: العلم الذي لا يعمل به كالكنز الذي لا ينفق منه، أتعب صاحبه نفسه في جمعه و لم يصل إلى نفعه. (2)

15-و قال صلّى اللّه عليه و آله: مثل الذي يعلم الخير و لا يعمل به مثل السراج يضيئ للناس و يحرق نفسه. (3)

16-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: كلّ علم وبال على صاحبه إلاّ من عمل به. (4)

17-و قال صلّى اللّه عليه و آله: أشدّ الناس عذابا يوم القيامة، عالم لم ينفعه علمه. (5)

18-في وصيّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لابن مسعود: يابن مسعود، من تعلّم العلم و لم يعمل بما فيه حشره اللّه يوم القيامة أعمى، و من تعلّم العلم رياء و سمعة يريد به الدنيا، نزع اللّه بركته و ضيّق عليه معيشته و وكله اللّه إلى نفسه، و من وكله إلى نفسه فقد هلك. . . (6)

19-في وصايا الباقر عليه السّلام: من عمل بما يعلم علّمه اللّه ما لم يعلم. (7)

ص:218


1- -البحار ج 2 ص 32 ح 23 و 24 و 25
2- البحار ج 2 ص 37 ح 55
3- البحار ج 2 ص 38 ح 56
4- البحار ج 2 ص 38 ح 63
5- البحار ج 2 ص 38 ح 64
6- البحار ج 77 ص 102
7- البحار ج 78 ص 189

أقول:

قد مرّ في باب العقل في حديث موسى بن جعفر عليهما السّلام لهشام: يا هشام، نصب الحقّ لطاعة اللّه، و لا نجاة إلاّ بالطاعة، و الطاعة بالعلم، و العلم بالتعلّم، و التعلّم بالعقل يعتقد، و لا علم إلاّ من عالم ربّاني، و معرفة العلم بالعقل.

20-قال عليّ عليه السّلام: ختمت التوراة بخمس كلمات، فأنا أحبّ أن أطالعها في صبيحة كلّ يوم: الأوّل، العالم الذي لا يعمل بعلمه فهو و إبليس سواء، و الثاني، سلطان لا يعدل برعيّته فهو و فرعون سواء، و الثالث، فقير يتذلّل لغنيّ طمعا في ماله فهو و الكلب سواء، و الرابع، غنيّ لا ينتفع بماله فهو و الآجر سواء و الخامس، امرأة تخرج من بيتها بغير ضرورة هي و الأمة سواء. (1)

21-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

العلم بالعمل. (الغرر ج 1 ص 12 ف 1 ح 293)

العلم كثير و العمل قليل. (ص 42 ح 1268)

العلم رشد لمن عمل به. (ص 45 ح 1324)

العلم كلّه حجّة إلاّ ما عمل به. (ص 51 ح 1441)

العمل كلّه هباء إلاّ ما اخلص فيه. (ح 1442)

العلم بغير عمل وبال-العمل بغير علم ضلال. (ص 61 ح 1621 و 1622)

العالم من شهدت بصحّة أقواله أفعاله. (ص 67 ح 1740)

العالم مقرون بالعمل، فمن علم عمل. (ص 83 ح 1965)

العلم يهتف بالعمل فإن أجابه و إلاّ ارتحل. (ص 84 ح 1966)

العمل بالعلم من تمام النعمة. (ص 91 ح 2074)

أنفع العلم ما عمل به. (ص 178 ف 8 ح 105)

ص:219


1- -الاثنى عشرية ص 206 ب 5 ف 4

أفضل العمل ما اخلص فيه. (ح 106)

أشدّ الناس ندما عند الموت العلماء غير العاملين. (ص 197 ح 374)

إنّما زهّد الناس في طلب العلم كثرة ما يرون من قلّة عمل من عمل بما علم. (ص 300 ف 15 ح 36)

إذا رمتم (شئتم ف ن) الانتفاع بالعلم، فاعملوا به، و أكثروا الفكر في معانيه، تعه القلوب. (ص 327 ف 17 ح 186)

تارك العمل بالعلم غير واثق بثواب العمل. (ص 349 ف 22 ح 51)

ثمرة العلم العمل به-ثمرة العمل الأجر عليه. (ص 360 ف 23 ح 38 و 39)

ثمرة العلم إخلاص العمل. (ص 361 ح 55)

على العالم أن يعمل بما علم، ثمّ يطلب تعلّم ما لم يعلم.

(ج 2 ص 488 ف 51 ح 25)

علم المنافق في لسانه. (ص 498 ف 55 ح 3)

علم المؤمن في عمله. (ح 4)

علم بلا عمل كشجر بلا ثمر-علم بلا عمل كقوس بلا وتر. (ح 5 و 6)

علم لا ينفع كدواء لا ينجع. (ح 7)

غاية العلم حسن العمل. (ص 504 ف 56 ح 12)

من تعلّم العلم للعمل به لم يوحشه فساده (كساده ف ن) .

(ص 644 ف 77 ح 589)

من عمل بالعلم بلغ بغيته من العلم و مراده (ح 590)

من لم يعمل بالعلم كان حجّة عليه و وبالا. (ص 700 ح 1307)

ما علم من لم يعمل بعلمه. (ص 739 ف 79 ح 60)

ما زكى العلم بمثل العمل به. (ص 742 ح 117)

لا خير في العمل إلاّ مع العلم (ص 843 ف 86 ح 271)

ص:220

لا يترك العلم بالعلم إلاّ من شكّ في الثواب عليه. (ص 854 ح 432)

لا يعمل بالعلم إلاّ من أيقن بفضل الأجر. (ح 433)

ص:221

الفصل الرابع: صفة العلم و العلماء

الآية

قال اللّه تعالى: وَ مِنَ اَلنّاسِ وَ اَلدَّوَابِّ وَ اَلْأَنْعامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ كَذلِكَ إِنَّما يَخْشَى اَللّهَ مِنْ عِبادِهِ اَلْعُلَماءُ إِنَّ اَللّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ. (1)

الأخبار

1-عن معاوية بن وهب قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: اطلبوا العلم، و تزيّنوا معه بالحلم و الوقار، و تواضعوا لمن تعلّمونه العلم، و تواضعوا لمن طلبتم منه العلم، و لا تكونوا علماء جبّارين فيذهب باطلكم بحقّكم. (2)

2-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قول اللّه عزّ و جلّ: إِنَّما يَخْشَى اَللّهَ مِنْ عِبادِهِ اَلْعُلَماءُ قال: يعني بالعلماء من صدّق فعله قوله، و من لم يصدّق فعله قوله فليس بعالم. (3)

3-عن الحلبيّ عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: ألا اخبركم بالفقيه حقّ الفقيه؟ من لم يقنّط الناس من رحمة اللّه، و لم يؤمّنهم

ص:222


1- -فاطر:28
2- الكافي ج 1 ص 28 باب صفة العلماء ح 1
3- الكافي ج 1 ص 28 ح 2

من عذاب اللّه، و لم يرخّص لهم في معاصي اللّه، و لم يترك القرآن رغبة عنه إلى غيره.

ألا لا خير في علم ليس فيه تفهّم، ألا لا خير في قراءة ليس فيها تدبّر، ألا لا خير في عبادة ليس فيها تفكّر. . . (1)

4-قال الرضا عليه السّلام: إنّ من علامات الفقه (الفقيه ف ن) الحلم و الصمت. (2)

5-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: لا يكون السفه و الغرّة في قلب العالم. (3)

بيان:

«الغرّة» : الغفلة، و في بعض النسخ: "العزّة"و هي التكبّر.

6-عن معاوية بن وهب عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: كان أمير المؤمنين عليه السّلام يقول: يا طالب العلم، إنّ للعالم ثلاث علامات: العلم و الحلم و الصمت، و للمتكلّف ثلاث علامات: ينازع من فوقه بالمعصية، و يظلم من دونه بالغلبة، و يظاهر الظلمة. (4)

بيان:

«المتكلّف» : المراد من يدّعي العلم تكلّفا. «يظاهر الظلمة» : أي يعاونهم بالفتاوى الفاسدة، و التوجيهات لأعمالهم الباطلة و. . .

7-عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: كان أمير المؤمنين عليه السّلام يقول: يا طالب العلم، إنّ العلم ذو فضائل كثيرة: فرأسه التواضع، و عينه البراءة من الحسد، و اذنه الفهم، و لسانه الصدق، و حفظه الفحص، و قلبه حسن النيّة، و عقله معرفة الأشياء و الأمور، و يده الرحمة، و رجله زيارة العلماء، و همّته

ص:223


1- -الكافي ج 1 ص 28 ح 3
2- الكافي ج 1 ص 28 ح 4
3- الكافي ج 1 ص 28 ح 5
4- الكافي ج 1 ص 29 ح 7

السلامة، و حكمته الورع، و مستقرّه النجاة، و قائده العافية، و مركبه الوفاء، و سلاحه لين الكلمة (الكلام ف ن) ، و سيفه الرضا، و قوسه المداراة، و جيشه محاورة العلماء، و ماله الأدب، و ذخيرته اجتناب الذنوب، و زاده المعروف، و ماؤه الموادعة، و دليله الهدى، و رفيقه محبّة الأخيار. (1)

بيان:

«محاورة العلماء» : مكالمتهم و مجاورتهم. «المال» : البضاعة التي يتّجر بها «الذخيرة» : ما يحرز لوقت الحاجة. «ماؤه الموادعة» الماء: الرونق، و وادعه موادعة: تاركه العداوة أي صالحه و سالمه، و في بعض النسخ: "و مأواه الموادعة"، و في مجمع البحرين: لعلّ المراد المباحثة و المذاكرة و المناظرة، لأنّ جميع ذلك حفظ للعلم، و ضبطه بعض المعاصرين"و ماءه الموادعة"و هو تصحيف. «دليله الهدى» أي ما يدلّه و يرشده إلى الحقّ و النجاة الهدى أي هدى اللّه.

«محبّة الأخيار» : في تحف العقول: "صحبة الأخيار".

8-عن حمّاد بن عثمان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: نعم وزير الإيمان العلم، و نعم وزير العلم الحلم، و نعم وزير الحلم الرفق، و نعم وزير الرفق الصبر. (2)

9-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: طلبة العلم ثلاثة فاعرفهم بأعيانهم و صفاتهم: صنف يطلبه للجهل و المراء، و صنف يطلبه للاستطالة و الختل، و صنف يطلبه للفقه و العقل، فصاحب الجهل و المراء موذ ممار، متعرّض للمقال في أندية الرجال بتذاكر العلم و صفة الحلم، قد تسربل بالخشوع و تخلّى من الورع، فدقّ اللّه من هذا خيشومه، و قطع منه حيزومه.

ص:224


1- -الكافي ج 1 ص 38 باب النوادر من العلم ح 2
2- الكافي ج 1 ص 38 ح 3

و صاحب الاستطالة و الختل، ذو خبّ و ملق، يستطيل على مثله من أشباهه، و يتواضع للأغنياء من دونه، فهو لحلوائهم هاضم، و لدينه حاطم، فأعمى اللّه على هذا خبره، و قطع من آثار العلماء أثره.

و صاحب الفقه و العقل ذو كآبة و حزن و سهر، قد تحنّك في برنسه، و قام الليل في حندسه، يعمل و يخشى وجلا داعيا مشفقا، مقبلا على شأنه، عارفا بأهل زمانه، مستوحشا من أوثق إخوانه، فشدّ اللّه من هذا أركانه، و أعطاه يوم القيامة أمانه. (1)

بيان:

«الاستطالة» : العلوّ و الترفّع. «الختل» : الخداع. «أندية الرجال» : جمع النادي أي مجتمع القوم و مجلسهم. «تسربل بالخشوع» : من السربال و هو القميص أي أظهر الخشوع للتشبّه بالخاشعين، و التزييّ بزيّهم، مع خلوّه عنه لخلوّه من الورع اللازم له. «الخيشوم» : أعلى الأنف، و المراد بدقّ الخيشوم: إذلاله و إبطال أمره، و رفع الانتظام عن أحواله و أفعاله. «الحيزوم» : وسط الصدر، و هو ما استدار بالظهر و البطن. . .

«الخبّ» : الخدعة و الخبث و الغشّ. «الملق» : المداهنة و الملاينة باللسان و الإعطاء باللسان ما ليس في القلب.

و المراد بحلوائهم ما يمنحه الأغنياء من دنياهم، و الحطم: الكسر المؤدّي إلى الفساد يعني يأكل من مطعوماتهم و أموالهم فيحطم دينه و يهدم إيمانه و يقينه. «خبره» بضمّ الخاء أي علمه، أو بالتحريك دعاء عليه بالاستيصال و الفناء، بحيث لا يبقى خبر بين الناس «أثره» المراد هنا ما يبقى من آثار علمه بين الناس، أو دعاء عليه

ص:225


1- -الكافي ج 1 ص 39 ح 5-و مثله في المجالس و الخصال ج 1 ص 194 باب الثلاثة ح 269 عن أمير المؤمنين عليه السّلام

بالموت، و الأوّل أظهر «الكآبة» سوء الحال و الانكسار من شدّة الهمّ و الحزن.

«البرنس» : قلنسوة طويلة كان يلبسها النسّاك و العبّاد في صدر الإسلام «في حندسه» : في ظلمته. «مشفقا» : أي من الانتهاء إلى الضلال أو مشفقا على الناس، متعطّفا عليهم بهدايتهم. «مقبلا على شأنه» : أي على إصلاح نفسه، و تهذيب باطنه. (راجع المرآة ج 1 ص 159)

10-عن حمّاد بن عيسى عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال لقمان لابنه: للعالم ثلاث علامات: العلم باللّه، و بما يحبّ، و ما يكره. . . (1)

أقول:

تمام الحديث في الخصال ص 121 باب الثلاثة ح 113، و فيه: فكن يا حمّاد، طالبا للعلم في آناء الليل و أطراف النهار. . .

11-عن عنوان البصريّ-و كان شيخا كبيرا قد أتى عليه أربع و تسعون سنة-قال: كنت أختلف إلى مالك بن أنس سنين، فلمّا قدم جعفر الصادق عليه السّلام المدينة اختلفت إليه، و أحببت أن آخذ عنه كما أخذت عن مالك، فقال لي يوما: إنّي رجل مطلوب و مع ذلك لي أوراد في كلّ ساعة من آناء الليل و النهار، فلا تشغلني عن وردي، و خذ عن مالك، و اختلف إليه كما كنت تختلف إليه.

فاغتممت من ذلك، و خرجت من عنده و قلت في نفسي: لو تفرّس فيّ خيرا لما زجرني عن الاختلاف إليه و الأخذ عنه، فدخلت مسجد الرسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّمت عليه، ثمّ رجعت من الغد إلى الروضة و صلّيت فيها ركعتين، و قلت: أسألك يا أللّه يا أللّه أن تعطف عليّ قلب جعفر و ترزقني من علمه ما أهتدي به إلى صراطك المستقيم، و رجعت إلى داري مغتمّا و لم أختلف إلى مالك بن أنس، لما اشرب

ص:226


1- -البحار ج 1 ص 210 ب 6 من العلم ح 2

قلبي من حبّ جعفر، فما خرجت من داري إلاّ إلى الصلاة المكتوبة حتّى عيل صبري، فلمّا ضاق صدري تنعّلت و تردّيت و قصدت جعفرا و كان بعد ما صلّيت العصر، فلمّا حضرت باب داره استأذنت عليه، فخرج خادم له فقال: ما جاجتك؟ فقلت: السّلام على الشريف، فقال: هو قائم في مصلاّه، فجلست بحذاء بابه فما لبثت إلاّ يسيرا إذ خرج خادم فقال: ادخل على بركة اللّه.

فدخلت و سلّمت عليه، فردّ السّلام و قال: اجلس غفر اللّه لك، فجلست فأطرق مليّا، ثمّ رفع رأسه، و قال: أبو من؟ قلت: أبو عبد اللّه، قال: ثبّت اللّه كنيتك و وفّقك يا أبا عبد اللّه، ما مسألتك؟ فقلت في نفسي: لو لم يكن من زيارته و التسليم غير هذا الدعاء لكان كثيرا، ثمّ رفع رأسه ثمّ قال: ما مسألتك؟ فقلت: سألت اللّه أن يعطف قلبك عليّ و يرزقني من علمك، و أرجو أنّ اللّه تعالى أجابني في الشريف ما سألته.

فقال: يا أبا عبد اللّه، ليس العلم بالتعلّم، إنّما هو نور يقع في قلب من يريد اللّه تبارك و تعالى أن يهديه، فإن أردت العلم فاطلب أوّلا في نفسك حقيقة العبوديّة، و اطلب العلم باستعماله، و استفهم اللّه يفهمك. قلت: يا شريف فقال: قل: يا أبا عبد اللّه.

قلت: يا أبا عبد اللّه، ما حقيقة العبوديّة؟ قال: ثلاثة أشياء: أن لا يرى العبد لنفسه فيما خوّله للّه ملكا، لأنّ العبيد لا يكون لهم ملك يرون المال مال اللّه يضعونه حيث أمرهم اللّه به، و لا يدبّر العبد لنفسه تدبيرا، و جملة اشتغاله فيما أمره تعالى به و نهاه عنه.

فإذا لم ير العبد لنفسه فيما خوّله اللّه تعالى ملكا هان عليه الإنفاق فيما أمره اللّه تعالى أن ينفق فيه، و إذا فوّض العبد تدبير نفسه على مدبّره هان عليه مصائب الدنيا، و إذا اشتغل العبد بما أمره اللّه تعالى و نهاه لا يتفرّغ منهما إلى المراء و المباهاة مع الناس، فإذا أكرم اللّه العبد بهذه الثلاثة هان عليه الدنيا، و إبليس،

ص:227

و الخلق، و لا يطلب الدنيا تكاثرا و تفاخرا، و لا يطلب ما عند الناس عزّا و علوّا، و لا يدع أيّامه باطلا، فهذا أوّل درجة التقى، قال اللّه تبارك و تعالى: تِلْكَ اَلدّارُ اَلْآخِرَةُ نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي اَلْأَرْضِ وَ لا فَساداً وَ اَلْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ (1).

قلت: يا أبا عبد اللّه، أوصني قال: أوصيك بتسعة أشياء فإنّها وصيّتي لمريدي الطريق إلى اللّه تعالى، و اللّه أسأل أن يوفّقك لإستعماله، ثلاثة منها في رياضة النفس، و ثلاثة منها في الحلم، و ثلاثة منها في العلم، فاحفظها و إيّاك و التهاون بها.

قال عنوان: ففرّغت قلبي له، فقال: أمّا اللواتي في الرياضة: فإيّاك أن تأكل ما لا تشتهيه فإنّه يورث الحماقة و البله، و لا تأكل إلاّ عند الجوع، و إذا أكلت فكل حلالا و سمّ اللّه، و اذكر حديث الرسول صلّى اللّه عليه و آله: ما ملأ آدميّ وعاءا شرّا من بطنه، فإن كان و لا بدّ فثلث لطعامه و ثلث لشرابه و ثلث لنفسه.

و أمّا اللواتي في الحلم: فمن قال لك: إن قلت واحدة سمعت عشرا فقل: إن قلت عشرا لم تسمع واحدة، و من شتمك فقل له: إن كنت صادقا فيما تقول فأسأل اللّه أن يغفر لي، و إن كنت كاذبا فيما تقول فاللّه أسأل أن يغفر لك، و من وعدك بالخنى فعده بالنصيحة و الرعاء.

و أمّا اللواتي في العلم فاسأل العلماء ما جهلت، و إيّاك أن تسألهم تعنّتا و تجربة، و إيّاك أن تعمل برأيك شيئا، و خذ بالاحتياط في جميع ما تجد إليه سبيلا، و اهرب من الفتيا هربك من الأسد، و لا تجعل رقبتك للناس جسرا.

قم عنّي يا أبا عبد اللّه، فقد نصحت لك و لا تفسد عليّ وردي، فإنّي امرؤ ضنين بنفسي، و السّلام على من اتّبع الهدى. (2)

ص:228


1- -القصص:83
2- البحار ج 1 ص 224 ب 7 ح 17

بيان:

اختلف إلى المكان: تردّد أي جاء مرّة بعد اخرى.

«عيل صبري» في مجمع البحرين (عيل) : على صيغة المجهول من عال: إذا غلب. . .

و قيل: رفع، من قولهم: عالت الفريضة إذا ارتفعت. «تنعّلت» : أي لبست النعل «تردّيت» : أي لبست الرداء. «المليّ» : الطويل من الزمان. «خوّله اللّه» : أي أعطاه اللّه إيّاه. «الخنى» : الفحش في الكلام.

«تعنّتا» في القاموس: العنت. . . دخول المشقّة على الإنسان، و جاءه متعنّتا أي طالبا زلّته انتهى. و تعنّته في السؤال: سأله على جهة التلبيس عليه.

12-في مواعظ أمير المؤمنين عليه السّلام: من تواضع للمتعلّمين و ذلّ للعلماء ساد بعلمه، فالعلم يرفع الوضيع، و تركه يضع الرفيع، و رأس العلم التواضع، و بصره البراءة من الحسد، و سمعه الفهم، و لسانه الصدق، و قلبه حسن النيّة، و عقله معرفة أسباب الامور.

و من ثمراته التقوى، و اجتناب الهوى، و اتّباع الهدى، و مجانبة الذنوب و مودّة الإخوان و الاستماع من العلماء، و القبول منهم، و من ثمراته ترك الانتقام عند القدرة و استقباح مقارفة الباطل، و استحسان متابعة الحقّ، و قول الصدق، و التجافي عن سرور في غفلة، و عن فعل ما يعقّب ندامة.

و العلم يزيد العاقل عقلا و يورث متعلّمه صفات حمد، فيجعل الحليم أميرا، و ذا المشورة وزيرا، و يقمع الحرص، و يخلع المكر، و يميت البخل، و يجعل مطلق الوحش مأسورا، و بعيد السداد قريبا. (1)

بيان:

«المقارفة» : قارفه أي قاربه. «المأسور» : من الإسارة.

ص:229


1- -البحار ج 78 ص 6 ح 57

13-أوحى اللّه تعالى إلى داود عليه السّلام: يا داود، إنّي وضعت خمسة في خمسة، و الناس يطلبونها في خمسة غيرها، فلا يجدونها: وضعت العلم في الجوع و الجهد و هم يطلبونها في الشبع و الراحة فلا يجدونه، و وضعت العزّ في طاعتي و هم يطلبونها في خدمة السلطان فلا يجدونه، و وضعت الغنى في القناعة و هم يطلبونه في كثرة المال فلا يجدونه، و وضعت رضائي في سخط النفس و هم يطلبونه في رضى النفس فلا يجدونه، و وضعت الراحة في الجنّة و هم يطلبونها في الدنيا فلا يجدونها. (1)

14-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: . . . و آخر تسمّى عالما و ليس به، فاقتبس جهائل من جهّال، و أضاليل من ضلاّل، و نصب للناس أشراكا من حبائل غرور، و قول زور، قد حمل الكتاب على آرائه، و عطف الحقّ على أهوائه، يؤمّن الناس من العظائم، و يهوّن كبير الجرائم، يقول: أقف عند الشبهات و فيها وقع، و يقول: أعتزل البدع و بينها اضطجع، فالصورة صورة إنسان، و القلب قلب حيوان، لا يعرف باب الهدى فيتّبعه، و لا باب العمى فيصدّ عنه، فذلك ميّت الأحياء. . . (2)

بيان:

تسمّى إلى القوم: انتسب إليهم. «عطف الحقّ» : أي حمل الحقّ على رغباته و أهوائه.

15-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

العالم كلّ العالم من لم يمنع العباد الرجاء لرحمة اللّه، و لم يؤمّنهم مكر اللّه.

(الغرر ج 1 ص 75 ف 1 ح 1863)

ص:230


1- -عدّة الداعي ص 166 في ب 4
2- نهج البلاغة ص 214 في خ 86

العلم علمان: مطبوع و مسموع، و لا ينفع المطبوع إذا لم يك مسموع.

(ص 97 ح 2124)

أعلم الناس من لم يزل الشكّ يقينه. (ص 197 ف 8 ح 384)

إنّما العالم من دعاه علمه إلى الورع و التقى، و الزهد في عالم الفناء، و التولّه بجنّة المأوى. (ص 303 ف 15 ح 51)

إذا تفقّه الرفيع تواضع-إذا تفقّه الوضيع ترفّع. (ص 314 ح 74 و 75)

إذا زاد علم الرجل زاد أدبه و تضاعفت خشيته من ربّه.

(ص 328 ف 17 ح 201)

جمال العلم نشره، و ثمرته العمل به، و صيانته وضعه في أهله.

(ص 370 ف 26 ح 38)

ربّ علم أدّى إلى مضلّتك. (ص 418 ف 35 ح 85)

غاية العلم الخوف من اللّه سبحانه. (ج 2 ص 505 ف 56 ح 32)

غاية العلم السكينة و الحلم (ح 35)

كلّ علم لا يؤيّده عقل مضلّة. (ص 546 ف 62 ح 43)

لن يثمر العلم حتّى يقارنه الحلم. (ص 590 ف 72 ح 9)

نعم قرين العلم الحلم. (ص 771 ف 81 ح 23)

لا شيء أحسن من عقل مع علم، و علم مع حلم، و حلم مع قدرة.

(ص 858 ف 86 ح 473)

لا يكون العالم عالما حتّى لا يحسد من فوقه، و لا يحتقر من دونه، و لا يأخذ على علمه شيئا من حطام الدنيا. (ح 485)

يحتاج العلم إلى الحلم و يحتاج الحلم إلى الكظم.

(ص 874 ف 91 ح 16)

ص:231

الفصل الخامس: ما يجب على العالم من إصلاح عيوبه

الأخبار

1-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من أراد الحديث لمنفعة الدنيا لم يكن له في الآخرة نصيب، و من أراد به خير الآخرة أعطاه اللّه خير الدنيا و الآخرة. (1)

2-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إذا رأيتم العالم محبّا لدنياه فاتّهموه على دينكم، فإنّ كلّ محبّ لشيء يحوط ما أحبّ.

و قال صلّى اللّه عليه و آله: أوحى اللّه إلى داود عليه السّلام: لا تجعل بيني و بينك عالما مفتونا بالدنيا، فيصدّك عن طريق محبّتي، فإنّ اولئك قطّاع طريق عبادي المريدين، إنّ أدنى ما أنا صانع بهم أن أنزع حلاوة مناجاتي عن قلوبهم. (2)

بيان:

«فاتّهموه على دينكم» : أي لا تعتمدوا على فتاويهم و قضاياهم في الدين و لا تسألوهم عن شيء من المسائل.

3-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: الفقهاء أمناء الرسل ما لم يدخلوا في الدنيا، قيل: يا رسول اللّه، و ما دخولهم في الدنيا؟ قال: اتّباع

ص:232


1- -الكافي ج 1 ص 37 باب المستأكل بعلمه ح 2
2- الكافي ج 1 ص 37 ح 4

السلطان، فإذا فعلوا ذلك فاحذروهم على دينكم. (1)

4-عن أبي جعفر عليه السّلام قال: من طلب العلم ليباهي به العلماء، أو يماري به السفهاء، أو يصرف به وجوه الناس إليه، فليتبوّء مقعده من النار، إنّ الرئاسة لا تصلح إلاّ لأهلها. (2)

5-عن حفص بن غياث عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال: يا حفص، يغفر للجاهل سبعون ذنبا قبل أن يغفر للعالم ذنب واحد. (3)

6-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال عيسى بن مريم عليه السّلام: ويل للعلماء السوء كيف تلظّى عليهم النار؟ ! (4)

بيان:

«تلظّى» : أي تتلهّب و تشتعل.

7-عن جميل بن درّاج قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: إذا بلغت النفس ههنا-و أشار بيده إلى حلقه-لم يكن للعالم توبة، ثمّ قرأ: إِنَّمَا اَلتَّوْبَةُ عَلَى اَللّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ اَلسُّوءَ بِجَهالَةٍ (5). (6)

8-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: قصم ظهري رجلان من الدنيا: رجل عليم اللسان فاسق، و رجل جاهل القلب ناسك، هذا يصدّ بلسانه عن فسقه، و هذا ينسكه عن جهله، فاتّقوا الفاسق من العلماء و الجاهل من المتعبّدين، اولئك فتنة كلّ مفتون، فإنّي سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول: يا عليّ، هلاك امّتي على يدي كلّ

ص:233


1- -الكافي ج 1 ص 37 ح 5
2- الكافي ج 1 ص 37 ح 6
3- الكافي ج 1 ص 37 باب لزوم الحجّة على العالم ح 1
4- الكافي ج 1 ص 37 ح 2
5- النساء:17
6- الكافي ج 1 ص 37 ح 3

منافق عليم اللسان. (1)

9-عن عليّ بن أبي طالب عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من طلب العلم للّه لم يصب منه بابا إلاّ ازداد في نفسه ذلاّ، و في الناس تواضعا، و للّه خوفا، و في الدين اجتهادا، و ذلك الذي ينتفع بالعلم فليتعلّمه.

و من طلب العلم للدنيا و المنزلة عند الناس و الحظوة عند السلطان لم يصب منه بابا إلاّ ازداد في نفسه عظمة، و على الناس استطالة، و باللّه اغترارا، و من الدين جفاءا، فذلك الذي لا ينتفع بالعلم فليكفّ و ليمسك عن الحجّة على نفسه، و الندامة و الخزي يوم القيامة. (2)

بيان:

«الحظوة» : أي المكانة و المنزلة عند الناس «الجفاء» : أي البعد.

10-عن موسى بن جعفر عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من أحبّ الدنيا ذهب خوف الآخرة من قلبه، و ما آتى اللّه عبدا علما فازداد للدنيا حبّا إلاّ ازداد من اللّه تعالى بعدا و ازداد اللّه تعالى عليه غضبا. (3)

11-عن جعفر بن محمّد عن أبيه عليهما السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: صنفان من امّتي إذا صلحا صلحت امّتي، و إذا فسدا فسدت امّتي: قيل: يا رسول اللّه، و من هما؟ قال: الفقهاء و الامراء. (4)

12-قال الصادق عليه السّلام: من احتاج الناس إليه ليتفقّههم في دينهم فيسألهم الاجرة، كان حقيقا على اللّه تعالى أن يدخله نار جهنّم. (5)

ص:234


1- -مشكوة الأنوار ص 135 ب 3 ف 8
2- البحار ج 2 ص 34 ب 9 من العلم ح 33
3- البحار ج 2 ص 36 ح 39
4- البحار ج 2 ص 49 ب 11 ح 10
5- البحار ج 2 ص 78 ب 13 ح 68

13-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ من العلماء من يحبّ أن يخزن علمه و لا يؤخذ عنه، فذاك في الدرك الأوّل من النار. و من العلماء من إذا وعظ أنف و إذا وعظ عنف، فذاك في الدرك الثاني من النار. و من العلماء من يرى أن يضع العلم عند ذوي الثروة و الشرف و لا يرى له في المساكين وضعا، فذلك في الدرك الثالث من النار.

و من العلماء من يذهب في علمه مذهب الجبابرة و السلاطين فإن ردّ عليه شيء من قوله أو قصّر في شيء من أمره غضب، فذاك في الدرك الرابع من النار.

و من العلماء من يطلب أحاديث اليهود و النصارى ليغزر به علمه و يكثر به حديثه، فذاك في الدرك الخامس من النار.

و من العلماء من يضع نفسه للفتيا و يقول: سلوني و لعلّه لا يصيب حرفا واحدا و اللّه لا يحبّ المتكلّفين، فذاك في الدرك السادس من النار. و من العلماء من يتّخذ علمه مروءة و عقلا، فذاك في الدرك السابع من النار. (1)

بيان:

قال رحمه اللّه: «أنف» أي استكبر عن قبول الوعظ «عنف» أي جاوز الحدّ، و العنف ضدّ الرفق «أو قصّر. . .» على المجهول من باب التفعيل أي إن وقع التقصير من أحد في شيء من أمره كإكرامه و الإحسان إليه غضب «ليغزر» أي ليكثر «مروءة و عقلا» أي يطلب العلم و يبذله ليعدّه الناس من أهل المروءة و العقل.

14-عن الصادق عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: سيأتي على امّتي زمان لا يبقى من القرآن إلاّ رسمه، و لا من الإسلام إلاّ اسمه، يسمّون به و هم أبعد الناس منه، مساجدهم عامرة و هي خراب من الهدى، فقهاء ذلك

ص:235


1- -البحار ج 2 ص 108 ب 15 ح 11

الزمان شرّ فقهاء تحت ظلّ السماء، منهم خرجت الفتنة و إليهم تعود. (1)

15-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: قصم ظهري عالم متهتّك، و جاهل متنسّك، فالجاهل يغشّ الناس بتنسّكه، و العالم يغرّهم بتهتّكه. (2)

16-قال أبو جعفر عليه السّلام: من أفتى الناس بغير علم و لا هدى من اللّه لعنته ملائكة الرحمة و ملائكة العذاب، و لحقه وزر من عمل بفتياه. (3)

17-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: أشدّ الناس عذابا يوم القيامة رجل قتل نبيّا أو قتله نبيّ، أو رجل يضلّ الناس بغير علم، أو مصوّر يصوّر التماثيل. (4)

18-في وصيّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لابن مسعود: يابن مسعود، من تعلّم العلم يريد به الدنيا و آثر عليه حبّ الدنيا و زينتها استوجب سخط اللّه عليه و كان في الدرك الأسفل من النار مع اليهود و النصارى الذين نبذوا كتاب اللّه تعالى، قال اللّه تعالى: فَلَمّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اَللّهِ عَلَى اَلْكافِرِينَ (5).

يابن مسعود، من تعلّم القرآن للدنيا و زينتها حرّم اللّه عليه الجنّة.

يابن مسعود، من تعلّم العلم و لم يعمل بما فيه حشره اللّه يوم القيامة أعمى، و من تعلّم العلم رياء و سمعة يريد به الدنيا نزع اللّه بركته و ضيّق عليه معيشته و وكله اللّه إلى نفسه، و من وكله إلى نفسه فقد هلك، قال اللّه تعالى: فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صالِحاً وَ لا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً (6). (7)

ص:236


1- -البحار ج 2 ص 109 ح 14
2- البحار ج 2 ص 111 ح 25
3- البحار ج 2 ص 118 ب 16 ح 23
4- البحار ج 2 ص 123 ح 49
5- البقرة:89
6- الكهف:110
7- البحار ج 77 ص 101

19-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: قصم ظهري رجلان من امّتي: عالم فاسق، و زاهد جاهل، فالزهد بلا علم باطل، و العلم بلا زهد عاطل. (1)

20-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: إنّ اللّه تعالى وضع أربعا في أربع: بركة العلم في تعظيم الاستاد، و بقاء الإيمان في تعظيم اللّه، و لذّة العيش في برّ الوالدين، و النجاة من النار في ترك إيذاء الخلق. (2)

21-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

أمقت العباد إلى اللّه سبحانه الفقير المزهوّ (3)، و الشيخ الزاني، و العالم الفاجر. (الغرر ج 1 ص 194 ف 8 ح 338)

أبغض العباد إلى اللّه سبحانه العالم المتجبّر. (ح 342)

أعظم الناس وزرا العلماء المفرطون. (ص 197 ح 373)

آفة العلماء حبّ الرياسة. (ص 305 ف 16 ح 16)

آفة العامّة العالم الفاجر. (ص 307 ح 38)

آفة الفقهاء عدم الصيانة. (ص 308 ح 49)

ربّ عالم قتله عمله (علمه ف ن) (ص 415 ف 35 ح 34)

ربّ مدّع للعلم ليس بعالم. (ص 418 ح 89)

ربّ عالم غير منتفع. (ص 419 ح 95)

زلّة العالم تفسد العوالم. (ص 426 ف 37 ح 28)

زلّة العالم كانكسار السفينة تغرق و تغرق معها غيرها. (ح 30)

زلّة العالم كبيرة الجناية. (ص 427 ح 39)

لو أنّ أهل العلم حملوه بحقّه لأحبّهم اللّه تعالى و ملائكته، و لكنّهم حملوه لطلب

ص:237


1- -لئالي الأخبار ج 2 ص 282
2- الاثنى عشريّة ص 157 ب 4 ف 2
3- أي المتكبّر

الدنيا فمقّتهم اللّه تعالى و هانوا عليه. (ج 2 ص 604 ف 75 ح 14)

ما قصم ظهري إلاّ رجلان: عالم متهتّك و جاهل متنسّك، هذا ينفر عن حقّه بتهتّكه، و هذا يدعو إلى الباطل بتنسّكه. (ص 750 ف 79 ح 213)

وقود النار يوم القيامة كلّ بخيل بماله على الفقراء، و كلّ عالم باع الدين بالدنيا. (ص 786 ف 83 ح 67)

لا زلّة أشدّ من زلّة العالم. (ص 841 ف 86 ح 237)

ص:238

139- المعاد

الآيات

1- كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللّهِ وَ كُنْتُمْ أَمْواتاً فَأَحْياكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ. (1)

2- أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلى قَرْيَةٍ وَ هِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها قالَ أَنّى يُحْيِي هذِهِ اَللّهُ بَعْدَ مَوْتِها فَأَماتَهُ اَللّهُ مِائَةَ عامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ . . . - وَ إِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ اَلْمَوْتى قالَ أَ وَ لَمْ تُؤْمِنْ قالَ بَلى وَ لكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ اَلطَّيْرِ. . . (2)

3- . . . لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلى يَوْمِ اَلْقِيامَةِ لا رَيْبَ فِيهِ. . . (3)

4- . . . كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ. (4)

5- وَ هُوَ اَلَّذِي يُرْسِلُ اَلرِّياحَ بُشْراً . . . فَأَنْزَلْنا بِهِ اَلْماءَ فَأَخْرَجْنا بِهِ مِنْ كُلِّ اَلثَّمَراتِ كَذلِكَ نُخْرِجُ اَلْمَوْتى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ. (5)

ص:239


1- -البقرة:28
2- البقرة:259 و 260
3- النساء:87 و الأنعام:12
4- الأعراف:29
5- الأعراف:57

6- وَ اَلَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَ لِقاءِ اَلْآخِرَةِ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ هَلْ يُجْزَوْنَ إِلاّ ما كانُوا يَعْمَلُونَ. (1)

7- . . . ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلى عالِمِ اَلْغَيْبِ وَ اَلشَّهادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ. (2)

8- إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً وَعْدَ اَللّهِ حَقًّا إِنَّهُ يَبْدَؤُا اَلْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ لِيَجْزِيَ اَلَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا اَلصّالِحاتِ بِالْقِسْطِ وَ اَلَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ شَرابٌ مِنْ حَمِيمٍ. . . (3)

9- إِلَى اَللّهِ مَرْجِعُكُمْ وَ هُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ. (4)

10- وَ لا تَحْسَبَنَّ اَللّهَ غافِلاً عَمّا يَعْمَلُ اَلظّالِمُونَ . . . لِيَجْزِيَ اَللّهُ كُلَّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ إِنَّ اَللّهَ سَرِيعُ اَلْحِسابِ. (5)

11- وَ لِلّهِ غَيْبُ اَلسَّماواتِ وَ اَلْأَرْضِ وَ ما أَمْرُ اَلسّاعَةِ إِلاّ كَلَمْحِ اَلْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ إِنَّ اَللّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ. (6)

12- ذلِكَ جَزاؤُهُمْ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِآياتِنا وَ قالُوا أَ إِذا كُنّا عِظاماً وَ رُفاتاً أَ إِنّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً أَ وَ لَمْ يَرَوْا أَنَّ اَللّهَ اَلَّذِي خَلَقَ اَلسَّماواتِ وَ اَلْأَرْضَ قادِرٌ عَلى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ وَ جَعَلَ لَهُمْ أَجَلاً لا رَيْبَ فِيهِ فَأَبَى اَلظّالِمُونَ إِلاّ كُفُوراً. (7)

13- وَ يَقُولُ اَلْإِنْسانُ أَ إِذا ما مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا- أَ وَ لا يَذْكُرُ اَلْإِنْسانُ أَنّا خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ وَ لَمْ يَكُ شَيْئاً. (8)

ص:240


1- -الأعراف:147
2- التوبة:94 و الجمعة:8
3- يونس:4
4- هود:4
5- إبراهيم:42 إلى 51
6- النحل:77
7- الإسراء:98 و 99
8- مريم:66 و 67

14- مِنْها خَلَقْناكُمْ وَ فِيها نُعِيدُكُمْ وَ مِنْها نُخْرِجُكُمْ تارَةً أُخْرى. (1)

15- يَوْمَ نَطْوِي اَلسَّماءَ كَطَيِّ اَلسِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَما بَدَأْنا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنا إِنّا كُنّا فاعِلِينَ. (2)

16- يا أَيُّهَا اَلنّاسُ اِتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ اَلسّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ- يَوْمَ تَرَوْنَها تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمّا أَرْضَعَتْ وَ تَضَعُ كُلُّ ذاتِ حَمْلٍ حَمْلَها وَ تَرَى اَلنّاسَ سُكارى وَ ما هُمْ بِسُكارى وَ لكِنَّ عَذابَ اَللّهِ شَدِيدٌ -. . . يا أَيُّهَا اَلنّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ اَلْبَعْثِ فَإِنّا خَلَقْناكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ . . . وَ أَنَّ اَلسّاعَةَ آتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيها وَ أَنَّ اَللّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي اَلْقُبُورِ. (3)

17- أَ وَ لَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اَللّهُ اَلْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ. الآيات (4)

18- يُخْرِجُ اَلْحَيَّ مِنَ اَلْمَيِّتِ وَ يُخْرِجُ اَلْمَيِّتَ مِنَ اَلْحَيِّ وَ يُحْيِ اَلْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها وَ كَذلِكَ تُخْرَجُونَ. . . (5)

19- وَ هُوَ اَلَّذِي يَبْدَؤُا اَلْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَ هُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ. . . (6)

20- . . . ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ- يا بُنَيَّ إِنَّها إِنْ تَكُ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي اَلسَّماواتِ أَوْ فِي اَلْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اَللّهُ إِنَّ اَللّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ. (7)

21- وَ اَللّهُ اَلَّذِي أَرْسَلَ اَلرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً فَسُقْناهُ إِلى بَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَحْيَيْنا بِهِ

ص:241


1- -طه:55
2- الأنبياء:104
3- الحجّ:1 إلى 7
4- العنكبوت:19 إلى 21
5- الروم:19 و 20
6- الروم:27
7- لقمان:15 و 16

اَلْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها كَذلِكَ اَلنُّشُورُ. (1)

22- وَ ضَرَبَ لَنا مَثَلاً وَ نَسِيَ خَلْقَهُ قالَ مَنْ يُحْيِ اَلْعِظامَ وَ هِيَ رَمِيمٌ - قُلْ يُحْيِيهَا اَلَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ وَ هُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ. الآيات. (2)

23- . . . ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ اَلصُّدُورِ. (3)

24- . . . لِيُنْذِرَ يَوْمَ اَلتَّلاقِ- يَوْمَ هُمْ بارِزُونَ لا يَخْفى عَلَى اَللّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِمَنِ اَلْمُلْكُ اَلْيَوْمَ لِلّهِ اَلْواحِدِ اَلْقَهّارِ- اَلْيَوْمَ تُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ لا ظُلْمَ اَلْيَوْمَ إِنَّ اَللّهَ سَرِيعُ اَلْحِسابِ الآيات. (4)

25- . . . وَ تُنْذِرَ يَوْمَ اَلْجَمْعِ لا رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي اَلْجَنَّةِ وَ فَرِيقٌ فِي اَلسَّعِيرِ. (5)

26- أَ وَ لَمْ يَرَوْا أَنَّ اَللّهَ اَلَّذِي خَلَقَ اَلسَّماواتِ وَ اَلْأَرْضَ وَ لَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ اَلْمَوْتى بَلى إِنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ. (6)

27- . . . فَقالَ اَلْكافِرُونَ هذا شَيْءٌ عَجِيبٌ . . . أَ فَعَيِينا بِالْخَلْقِ اَلْأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ. (7)

28- وَ اَلذّارِياتِ ذَرْواً. الآيات. (8)

ص:242


1- -فاطر:9
2- يس:78 إلى 81
3- الزمر:7
4- المؤمن:15 إلى 21
5- الشورى:7
6- الأحقاف:33
7- ق:2 إلى 15
8- الذاريات:1 إلى 14

29- إِذا وَقَعَتِ اَلْواقِعَةُ. الآيات. (1)

30- وَ كانُوا يَقُولُونَ أَ إِذا مِتْنا وَ كُنّا تُراباً وَ عِظاماً أَ إِنّا لَمَبْعُوثُونَ. الآيات. (2)

31- زَعَمَ اَلَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلى وَ رَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِما عَمِلْتُمْ وَ ذلِكَ عَلَى اَللّهِ يَسِيرٌ . . . يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ اَلْجَمْعِ ذلِكَ يَوْمُ اَلتَّغابُنِ. . . (3)

32- فَإِذا نُفِخَ فِي اَلصُّورِ نَفْخَةٌ واحِدَةٌ. الآيات. (4)

33- يَوْمَ تَكُونُ اَلسَّماءُ كَالْمُهْلِ- وَ تَكُونُ اَلْجِبالُ كَالْعِهْنِ. الآيات. (5)

34- يَوْمَ تَرْجُفُ اَلْأَرْضُ وَ اَلْجِبالُ وَ كانَتِ اَلْجِبالُ كَثِيباً مَهِيلاً. (6)

35- لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ اَلْقِيامَةِ. الآيات. (7)

36- أَ يَحْسَبُ اَلْإِنْسانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدىً. الآيات. (8)

37- وَ اَلْمُرْسَلاتِ عُرْفاً- فَالْعاصِفاتِ عَصْفاً. الآيات. (9)

38- وَ اَلنّازِعاتِ غَرْقاً. الآيات. (10)

39- فَإِذا جاءَتِ اَلصَّاخَّةُ. الآيات. (11)

ص:243


1- -الواقعة:1 إلى 6
2- الواقعة:47 إلى 50
3- التغابن:7 إلى 9
4- الحاقّة:13 إلى 37
5- المعارج:8 إلى 18
6- المزّمّل:14
7- القيامة:1 إلى 15
8- القيامة:36 إلى 40
9- المرسلات:1 إلى 15
10- النازعات:1 إلى 14
11- عبس:33 إلى 42

40- إِذَا اَلشَّمْسُ كُوِّرَتْ. الآيات. (1)

41- إِذَا اَلسَّماءُ اِنْفَطَرَتْ. الآيات. (2)

42- أَ لا يَظُنُّ أُولئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ- لِيَوْمٍ عَظِيمٍ. الآيات. (3)

43- إِذَا اَلسَّماءُ اِنْشَقَّتْ. الآيات. (4)

44- وَ اَلسَّماءِ ذاتِ اَلْبُرُوجِ- وَ اَلْيَوْمِ اَلْمَوْعُودِ- وَ شاهِدٍ وَ مَشْهُودٍ. (5)

45- إِنَّهُ عَلى رَجْعِهِ لَقادِرٌ- يَوْمَ تُبْلَى اَلسَّرائِرُ- فَما لَهُ مِنْ قُوَّةٍ وَ لا ناصِرٍ. (6)

46- فَما يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ- أَ لَيْسَ اَللّهُ بِأَحْكَمِ اَلْحاكِمِينَ. (7)

47- إِذا زُلْزِلَتِ اَلْأَرْضُ زِلْزالَها. الآيات. (8)

48- اَلْقارِعَةُ- مَا اَلْقارِعَةُ. الآيات. (9). (10)

ص:244


1- -التكوير:1 إلى 14
2- سورة الانفطار
3- المطفّفين:4 إلى 13 و 34 إلى 36
4- الانشقاق:1 إلى 16
5- البروج:1 إلى 3
6- الطارق:8 إلى 10
7- التين:7 و 8
8- سورة الزلزلة
9- سورة القارعة
10- قال في المحجّة البيضاء ج 8 ص 331: . . . فيا أيّها القاري الغافل، إنّما حظّك من قراءتك أن تجمع و تحرّك به اللسان و لو كنت متفكّرا فيما تقرأه لكنت جديرا بأن تنشقّ مرارتك بما شاب من هوله شعر سيّد البشر، و إذا قنعت بحركة اللسان فقد حرمت ثمرة القرآن، فالقيامة أحد ما ذكر فيه (في القرآن) ، و قد وصف اللّه بعض دواهيها و أكثر من أساميها لتقف بكثرة أساميها على كثرة معانيها فليس المقصود تكرير الأسامي و الألقاب بل الغرض تنبيه اولى الألباب، فتحت كلّ اسم من أسماء القيامة سرّ، و في كلّ نعت من نعوتها معنى فاحرص على معرفة معانيها،

ص:245

أقول:

الآيات كثيرة جدّا تبلغ ألف آية.

و اعلم أنّ اللّه تعالى قد أكثر ذكر المعاد في القرآن بطرق عديدة و سبل سديدة لصعوبته على الأفهام و كثرة ما فيه من الشبه و الأوهام، فتارة حكم تعالى بأنّه كائن لا محالة من دون ذكر دليل، بل إنّه يجب الإذعان به و التصديق، كما في قوله: أَنَّ اَللّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي اَلْقُبُورِ و قوله: وَ اَلْمَوْتى يَبْعَثُهُمُ اَللّهُ و نحو ذلك.

و تارة ذكره اللّه مشفوعا بالقسم، لكثرة الشبه و الاشتباه فيه، مثل قوله: قُلْ بَلى وَ رَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِما عَمِلْتُمْ.

و تارة أثبت اللّه المعاد مستدلاّ بكونه قادر على كلّ شيء، و على امور تشبه الحشر و النشر، فلا يستبعد قدرته تعالى على الحشر و النشر، كقوله: أَ فَرَأَيْتُمْ ما تُمْنُونَ - أَ أَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ اَلْخالِقُونَ و قوله: يا أَيُّهَا اَلنّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ اَلْبَعْثِ فَإِنّا خَلَقْناكُمْ مِنْ تُرابٍ. . . و قوله: فَلْيَنْظُرِ اَلْإِنْسانُ مِمَّ خُلِقَ - خُلِقَ مِنْ ماءٍ دافِقٍ- يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ اَلصُّلْبِ وَ اَلتَّرائِبِ- إِنَّهُ عَلى رَجْعِهِ لَقادِرٌ.

و تارة بيّن قدرته تعالى على المعاد بذكره مرتّبا على ذكر المبدء، إشارة إلى أنّ القادر على الإيجاد قادر على الإعادة، مثل قوله في البقرة: كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللّهِ وَ كُنْتُمْ أَمْواتاً فَأَحْياكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ و قوله في الروم: وَ هُوَ اَلَّذِي يَبْدَؤُا اَلْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَ هُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ و قوله في يس: قُلْ يُحْيِيهَا اَلَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ.

و تارة استدلّ تعالى على البعث و الحشر من جهة وجوب المجازاة و إثابة المحسن و تعذيب العاصي و تمييز أحدهما عن الآخر، ليتمّ عدل اللّه و حكمته في العباد،

ص:246

إذ لو لا الحساب و العقاب و الجزاء و الثواب، للزم الجور، و بطل العدل، و ضاعت الحقوق عن أربابها، و لم يبق فرق بين إحسان المحسن و إساءة المسيء، بل لكان النفع ضررا و الضرر نفعا، فإنّ الخير و الإحسان في أغلب الأزمان يوجب المشقّة و المضرّة، و نقصان القوّة و المال، و فوات اللذّة بحسب الدنيا، و الشرّ و الإساءة على خلاف ذلك بحسبها، فلا بدّ من نشأة اخرى تقع فيها المجازاة على أعمال الناس و الانتقام للمظلومين من الظالمين، و إيصال ذوي الحقوق إلى حقوقهم.

قال تعالى في يونس: إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً وَعْدَ اَللّهِ حَقًّا إِنَّهُ يَبْدَؤُا اَلْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ لِيَجْزِيَ اَلَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا اَلصّالِحاتِ بِالْقِسْطِ و قال تعالى في طه: إِنَّ اَلسّاعَةَ آتِيَةٌ أَكادُ أُخْفِيها لِتُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما تَسْعى و قال تعالى في النجم: لِيَجْزِيَ اَلَّذِينَ أَساؤُا بِما عَمِلُوا وَ يَجْزِيَ اَلَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى و قال في ص: أَمْ نَجْعَلُ اَلَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا اَلصّالِحاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي اَلْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ اَلْمُتَّقِينَ كَالْفُجّارِ.

و تارة استدلّ تعالى بإحياء الموتى في الدنيا على صحّة الحشر و النشر في الاخرى، كما في خلق آدم ابتداء من غير مادّة لأب و أمّ، منها قوله في البقرة: فَقُلْنا اِضْرِبُوهُ بِبَعْضِها كَذلِكَ يُحْيِ اَللّهُ اَلْمَوْتى و منها في قصّة الخليل و قوله: رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ اَلْمَوْتى و منها في قصّة عزير: أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلى قَرْيَةٍ وَ هِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها قالَ أَنّى يُحْيِي هذِهِ اَللّهُ بَعْدَ مَوْتِها و منها في قصّة أصحاب الكهف.

و تارة استدلّ تعالى بإحياء الأرض بعد موتها مثل قوله في الروم: وَ يُحْيِ اَلْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها وَ كَذلِكَ تُخْرَجُونَ و قوله في فاطر: فَأَحْيَيْنا بِهِ اَلْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها كَذلِكَ اَلنُّشُورُ.

إلى غير ذلك من الآيات، ثمّ إنّ المنكرين للحشر؛ منهم من لم يذكر فيه دليلا و اكتفى بالاستبعاد، و هم الأكثرون و يدلّ عليه قوله تعالى: أَ إِنّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ و مَنْ يُحْيِ اَلْعِظامَ وَ هِيَ رَمِيمٌ فبدأ أوّلا بإبطال استبعادهم بقوله: وَ نَسِيَ خَلْقَهُ ثم قال: قُلْ يُحْيِيهَا اَلَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ.

ص:247

إلى غير ذلك من الآيات، ثمّ إنّ المنكرين للحشر؛ منهم من لم يذكر فيه دليلا و اكتفى بالاستبعاد، و هم الأكثرون و يدلّ عليه قوله تعالى: أَ إِنّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ و مَنْ يُحْيِ اَلْعِظامَ وَ هِيَ رَمِيمٌ فبدأ أوّلا بإبطال استبعادهم بقوله: وَ نَسِيَ خَلْقَهُ ثم قال: قُلْ يُحْيِيهَا اَلَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ.

الأخبار

1-عن عليّ عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: لا يؤمن عبد حتّى يؤمن بأربعة: حتّى يشهد أن لا إله إلاّ اللّه وحده لا شريك له، و أنّي رسول اللّه، بعثني بالحقّ، و حتّى يؤمن بالبعث بعد الموت، و حتّى يؤمن بالقدر. (1)

بيان:

قال المظفّر رحمه اللّه في عقائد الإماميّة ص 163: نعتقد أنّ اللّه تعالى يبعث الناس بعد الموت في خلق جديد في اليوم الموعود به عباده، فيثيب المطيعين و يعذّب العاصين، و هذا أمر على جملته و ما عليه من البساطة في العقيدة اتّفقت عليه الشرائع السماويّة و الفلاسفة، و لا محيص للمسلم من الاعتراف به، عقيدة قرآنيّة جاء بها نبيّنا الأكرم صلّى اللّه عليه و آله، فإنّ من يعتقد باللّه اعتقادا قاطعا و يعتقد كذلك بمحمّد رسولا منه أرسله بالهدى و دين الحقّ، لا بدّ أن يؤمن بما أخبر به القرآن الكريم من البعث و الثواب و العقاب و الجنّة و النعيم و النار و الجحيم، و قد صرّح القرآن بذلك و لمح إليه بما يقرب من ألف آية كريمة.

و إذا تطرّق الشكّ في ذلك إلى شخص فليس إلاّ لشكّ يخالجه في صاحب الرسالة أو وجود خالق الكائنات أو قدرته، بل ليس إلاّ لشكّ يعتريه في أصل الأديان كلّها و في صحّة الشرائع جميعها انتهى.

أقول: إنّ المعاد يطلق على ثلاثة معاني: أحدها المعنى المصدريّ من العود، و هو الرجوع إلى مكان. و ثانيها و ثالثها، مكان العود و زمانه و مآل الكلّ واحد،

ص:


1- -الخصال ج 1 ص 198 باب الأربعة ح 8

و هو جسمانيّ و روحانيّ، فالجسمانيّ عبارة عن أنّ اللّه تعالى يعيد أبداننا بعد موتها، و الروحانيّ عبارة عن بقاء الروح بعد مفارقة البدن، فيرجع إلى البدن في القيامة.

و قال العلاّمة المجلسيّ رحمه اللّه في البحار ج 7 ص 47: اعلم أنّ القول بالمعاد الجسمانيّ ممّا اتّفق عليه جميع الملّيّين و هو من ضروريّات الدين، و منكره خارج عن عداد المسلمين، و الآيات الكريمة في ذلك ناصّة لا يعقل تأويلها، و الأخبار فيه متواترة لا يمكن ردّها و لا الطعن فيها، و قد نفاه أكثر ملاحدة الفلاسفة تمسّكا بامتناع إعادة المعدوم و لم يقيموا دليلا عليه، بل تمسّكوا تارة بإدّعاء البداهة، و اخرى بشبهات واهية لا يخفى ضعفها على من نظر فيها بعين البصيرة و اليقين، و ترك تقليد الملحدين من المتفلسفين. . .

و في عقائد الإماميّة ص 164: و بعد هذا، فالمعاد الجسمانيّ بالخصوص، ضرورة من ضروريّات الدين الإسلامي، دلّ صريح القرآن الكريم عليها أَ يَحْسَبُ اَلْإِنْسانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظامَهُ بَلى قادِرِينَ عَلى أَنْ نُسَوِّيَ بَنانَهُ وَ إِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَ إِذا كُنّا تُراباً أَ إِنّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ أَ فَعَيِينا بِالْخَلْقِ اَلْأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ.

و ما المعاد الجسمانيّ على إجماله إلاّ إعادة الإنسان في يوم البعث و النشور ببدنه بعد الخراب، و إرجاعه إلى هيئته الأولى بعد أن يصبح رميما، و لا يجب الاعتقاد في تفصيلات المعاد الجسمانيّ أكثر من هذه العقيدة على بساطتها التي نادى بها القرآن، و أكثر ممّا يتبعها من الحساب و الصراط و الميزان و الجنّة و النار و الثواب و العقاب بمقدار ما جاءت به التفصيلات القرآنيّة. . .

2-قال أبو جعفر عليه السّلام: أيّام اللّه عزّ و جلّ ثلاثة: يوم يقوم القائم، و يوم الكرّة، و يوم القيامة. (1)

ص:249


1- -الخصال ج 1 ص 108 باب الثلاثة ح 75

بيان:

«الكرّة» : الرجعة.

3-في حديث الصادق عليه السّلام لابن أبي العوجاء: فقال: إن يكن الأمر على ما يقول هؤلاء-و هو على ما يقولون-يعني أهل الطواف-فقد سلموا و عطبتم، و إن يكن الأمر على ما تقولون-و ليس كما تقولون-فقد استويتم و هم. فقلت له: يرحمك اللّه و أيّ شيء نقول و أيّ شيء يقولون؟ ما قولي و قولهم إلاّ واحدا. فقال: و كيف يكون قولك و قولهم واحدا و هم يقولون؟ إنّ لهم معادا و ثوابا و عقابا، و يدينون بأنّ في السماء إلها و أنّها عمران، و أنتم تزعمون أنّ السماء خراب ليس فيها أحد؟ (1)

4-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: . . . فحاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا عليها، فإنّ للقيامة خمسين موقفا كلّ موقف مقداره ألف سنة، ثمّ تلا: فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمّا تَعُدُّونَ (2). (3)

أقول:

في البحار ج 7 ص 126 مثله، و فيه تلا هذه الآية: فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ (4).

5-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: و ذلك يوم يجمع اللّه فيه الأوّلين و الآخرين لنقاش الحساب و جزاء الأعمال، خضوعا قياما، قد ألجمهم العرق، و رجفت بهم الأرض، فأحسنهم حالا من وجد لقدميه موضعا، و لنفسه متّسعا. (5)

ص:250


1- -الكافي ج 1 ص 59 باب حدوث العالم في ح 2
2- السجدة:5
3- الكافي ج 8 ص 143 في ح 108
4- المعارج:4
5- نهج البلاغة ص 300 خ 101

أقول:

قد مرّ بيان بعض مفرداته في باب الحساب.

6-عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال: ما خلقتم للفناء، بل خلقتم للبقاء، و إنّما تنقلون من دار إلى دار. (1)

7-عن هشام بن الحكم، أنّ الزنديق قال للصادق عليه السّلام: أنّى للروح بالبعث و البدن قد بلي و الأعضاء قد تفرّقت؟ فعضو في بلدة تأكلها سباعها، و عضو باخرى تمزّقه هوامّها، و عضو قد صار ترابا بني به مع الطين حائط! قال: إنّ الذي أنشأه من غير شيء و صوّره على غير مثال كان سبق إليه، قادر أن يعيده كما بدأه. . . (2)

8-عن جابر عن أبي جعفر عليه السّلام قال: كان فيما وعظ به لقمان عليه السّلام ابنه أن قال: يا بنيّ، إن تك في شكّ من الموت فارفع عن نفسك النوم و لن تستطيع ذلك، و إن كنت في شكّ من البعث فارفع عن نفسك الانتباه و لن تستطيع ذلك، فإنّك إذا فكّرت في هذا علمت أنّ نفسك بيد غيرك، و إنّما النوم بمنزلة الموت، و إنّما اليقظة بعد النوم بمنزلة البعث بعد الموت. (3)

9-عن الثمالي عن عليّ بن الحسين عليهما السّلام قال: عجبت للمتكبّر الفخور كان أمس نطفة و هو غدا جيفة! و العجب كلّ العجب لمن شكّ في اللّه و هو يرى الخلق! و العجب كلّ العجب لمن أنكر الموت و هو يرى من يموت كلّ يوم و ليلة! و العجب كلّ العجب لمن أنكر النشأة الأخرى و هو يرى الأولى! و العجب كلّ العجب لعامر دار الفناء و يترك دار البقاء. (4)

ص:251


1- -البحار ج 6 ص 249 باب البرزخ في ح 87
2- البحار ج 7 ص 37 باب إثبات الحشر ح 5
3- البحار ج 7 ص 42 ح 13
4- البحار ج 7 ص 42 ح 14

10-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: يا بني عبد المطّلب، إنّ الرائد لا يكذب أهله، و الذي بعثني بالحقّ لتموتنّ كما تنامون، و لتبعثنّ كما تستيقظون، و ما بعد الموت دار إلاّ جنّة أو نار، و خلق جميع الخلق و بعثهم على اللّه عزّ و جلّ كخلق نفس واحدة و بعثها؛ قال اللّه تعالى: ما خَلْقُكُمْ وَ لا بَعْثُكُمْ إِلاّ كَنَفْسٍ واحِدَةٍ. (1)

بيان:

في أقرب الموارد، «الرائد» : الرسول الذي يرسله القوم لينظر لهم مكانا ينزلون فيه، و منه قولهم: "الرائد لا يكذب أهله"أي لا يكذب عليهم في صفة المكان الذي يصفه لهم لأنّ المصلحة مشتركة بينه و بينهم.

11-في كتاب كتبه أمير المؤمنين عليه السّلام إلى أهل مصر مع محمّد بن أبي بكر: يا عباد اللّه، إنّ بعد البعث ما هو أشدّ من القبر، يوم يشيب فيه الصغير، و يسكر فيه الكبير، و يسقط فيه الجنين، و تذهل كلّ مرضعة عمّا أرضعت، يوم عبوس قمطرير، يوم كان شرّه مستطيرا.

إنّ فزع ذلك اليوم ليرهّب الملائكة الذين لا ذنب لهم، و ترعد (ترعب م) منه السبع الشداد، و الجبال الأوتاد، و الأرض المهاد، و تنشقّ السماء، فهي يومئذ واهية، و تتغيّر فكأنّها وردة كالدهان، و تكون الجبال سرابا مهيلا، بعد ما كانت صمّا صلابا.

و ينفخ في الصور فيفزع من في السماوات و (من في) الأرض إلاّ من شاء اللّه، فكيف من عصى بالسمع و البصر و اللسان و اليد و الرجل و الفرج و البطن إن لم يغفر اللّه له و يرحمه من ذلك اليوم؟ لأنّه يصير إلى غيره إلى نار قعرها بعيد، و حرّها شديد، و شرابها صديد، و عذابها جديد، و مقامعها حديد، لا يغيّر (لا يفتّر م) عذابها و لا يموت ساكنها، دار ليس فيها رحمة، و لا تسمع لأهلها

ص:252


1- -البحار ج 7 ص 47 ح 31

دعوة. . . (1)

بيان:

«كان شرّه» أي شدائده. «مستطيرا» أي فاشيا منتشرا غاية الانتشار.

«وردة كالدهان» في مجمع البحرين (ورد) : أي حمراء. . . و الدهان جمع دهن.

«و تكون الجبال سرابا» في مجمع البحرين (سرب) : أي أزيلت عن أماكنها فكانت كالسراب يظنّ أنّها جبال و ليست إيّاها «المهيل» قيل: أي الرمل السائل، من الهيل، و المعنى؛ أنّ الجبال تنقلع من اصولها فتصير بعد صلابتها كالرمل السائل.

12-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: أرض القيامة نار ما خلا ظلّ المؤمن، فإنّ صدقته تظلّه. (2)

13-عن أبي بصير عن الصادق عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: يا عليّ، أنا أوّل من ينفض التراب عن رأسه و أنت معي، ثمّ سائر الخلق. يا عليّ، أنت و شيعتك على الحوض تسقون من أحببتم و تمنعون من كرهتم، و أنتم الآمنون يوم الفزع الأكبر في ظلّ العرش، يفزع الناس و لا تفزعون، و يحزن الناس و لا تحزنون، فيكم نزلت هذه الآية: إِنَّ اَلَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا اَلْحُسْنى . . . تُوعَدُونَ (3)يا عليّ، أنت و شيعتك تطلبون في الموقف و أنتم في الجنان تتنعّمون. . . (4)

14-عن أبي سعيد الخدري قال: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول لعليّ:

ص:253


1- -البحار ج 7 ص 103 باب صفة المحشر ح 16
2- البحار ج 7 ص 120 ح 57( ص 291 ب 15 ح 2)
3- الأنبياء:101 إلى 103
4- البحار ج 7 ص 179 باب أحوال المتّقين ح 16

يا عليّ، أبشر و بشّر فليس على شيعتك حسرة عند الموت، (1)و لا وحشة في القبور، و لا حزن يوم النشور، و لكأنيّ بهم يخرجون من جدث القبور ينفضون التراب عن رؤوسهم و لحاهم، يقولون: اَلْحَمْدُ لِلّهِ اَلَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا اَلْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنا لَغَفُورٌ شَكُورٌ- اَلَّذِي أَحَلَّنا دارَ اَلْمُقامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لا يَمَسُّنا فِيها نَصَبٌ وَ لا يَمَسُّنا فِيها لُغُوبٌ. (2). (3)

أقول:

بهذا المعنى أخبار كثيرة، قد مرّ بعضها في باب الشيعة و غيره.

15-عن صفوان قال: سمعت أبا الحسن عليه السّلام يقول: إلينا إياب هذا الخلق، و علينا حسابهم. (4)

16-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من آثر الدنيا على الآخرة حشره اللّه يوم القيامة أعمى. (5)

17-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: أربع من كنّ فيه أمن يوم الفزع الأكبر: إذا أعطي شيئا قال: الحمد للّه، و إذا أذنب ذنبا قال: أستغفر اللّه، و إذا أصابته مصيبة قال: إِنّا لِلّهِ وَ إِنّا إِلَيْهِ راجِعُونَ، و إن كانت له حاجة سأل ربّه، و إذا خاف شيئا لجأ إلى ربّه. (6)

أقول:

لاحظ ما يناسب المقام في أبواب الإيمان، البكاء، البرزخ، الجنّة، جهنّم،

ص:254


1- -في المصدر: فليس لشيعتك كرب عند الموت
2- فاطر:34 و 35
3- البحار ج 7 ص 198 ح 73
4- البحار ج 7 ص 202 ح 88
5- البحار ج 7 ص 218 ح 127
6- الاثنى عشريّة ص 158 ب 4 ف 2

الحبّ ف 2، الحساب، الشفاعة، الشيعة، الرجعة، الموت و. . .

18-عن أمير المؤمنين عليه السّلام أنّه قال:

الآخرة فوز السعداء. (الغرر ج 1 ص 25 ف 1 ح 745)

التقوى ذخيرة معاد. (ص 28 ح 846)

الجهل يفسد المعاد. (ص 30 ح 898)

الأعمال في الدنيا تجارة الآخرة. (ص 47 ح 1354)

اشتغالك بإصلاح معادك ينجيك من عذاب النار. (ص 55 ح 1521)

الحازم من ترك الدنيا للآخرة. (ح 1524)

الرابح من باع العاجلة بالآجلة. (ص 56 ح 1525)

الرابح من باع الدنيا بالآخرة، و استبدل بالآجلة عن العاجلة.

(ص 78 ح 1901)

الحازم من لم يشغله غرور دنياه عن العمل لاخراه. (ص 86 ح 2005)

المغبون من شغل بالدنيا، وفاته حظّه من الآخرة. (ص 88 ح 2031)

اجعل همّك وجدّك لآخرتك. (ص 110 ف 2 ح 65)

اجعل همّك لمعادك تصلح. (ص 112 ح 85)

استفرغ جهدك لمعادك يصلح مثواك، و لا تبع آخرتك بدنياك.

(ص 121 ح 186)

أفضل الناس عقلا أحسنهم تقديرا لمعاشه و أشدّهم اهتماما بإصلاح معاده. (ص 210 ف 8 ح 515)

إنّ من الشقاء إفساد المعاد. (ص 216 ف 9 ح 24)

إنّك مخلوق للآخرة فاعمل لها-إنّك لن تخلق للدنيا فازهد فيها و أعرض عنها. (ص 288 ف 13 ح 24 و 25)

إنّك إن عملت للآخرة فاز قدحك. (ح 30)

ص:255

إنّك إن عملت للدنيا خسرت صفقتك. (ح 31)

إنّكم إنّما خلقتم للآخرة لا للدنيا و للبقاء لا للفناء. (ص 292 ف 14 ح 24)

إنّما خلقتم للبقاء لا للفناء و إنّكم في دار بلغة و منزل قلعة.

(ص 297 ف 15 ح 4)

ثواب الآخرة ينسي مشقّة الدنيا. (ص 366 ف 25 ح 7)

خير الاستعداد ما أصلح المعاد. (ص 391 ف 29 ح 64)

دار البقاء محلّ الصدّقين و موطن الأبرار و الصالحين.

(ص 403 ف 31 ح 26)

دعاكم اللّه سبحانه إلى دار البقاء و قرارة الخلود و النعماء و مجاورة الأنبياء و السعداء فعصيتم و أعرضتم-دعتكم الدنيا إلى قرارة الشقاء و محل الفناء و أنواع البلاء و العناء فأطعتم و بادرتم و أسرعتم. (ح 28 و 29)

ذكر الآخرة دواء و شفاء-ذكر الدنيا أدوء الأدواء.

(ص 405 ف 32 ح 17 و 18)

سعادة الرجل في إحراز دينه و العمل لآخرته. (ص 437 ف 39 ح 73)

شيمة ذوي الألباب و النهى الإقبال على دار البقاء و الإعراض عن دار الفناء و التولّه بجنّة المأوى. (ص 451 ف 42 ح 37)

صلاح المعاد بحسن العمل. (ص 452 ف 43 ح 10)

طوبى لمن ذكر المعاد فاستكثر من الزاد. (ج 2 ص 466 ف 46 ح 18)

طوبى لمن أحسن إلى العباد و تزوّد للمعاد. (ح 19)

عجبت لمن أنكر النشأة الآخرة و هو يرى النشأة الأولى.

(ص 493 ف 54 ح 3)

عجبت لعامر دار الفناء و تارك دار البقاء. (ح 4)

ص:256

عجبت لمن عرف ربّه كيف لا يسعى لدار المقام (البقاء ف ن) .

(ص 495 ح 17)

كيف يعمل للآخرة المشغول بالدنيا. (ص 553 ف 64 ح 3)

كيف يزهد في الدنيا من لا يعرف قدر الآخرة. (ص 554 ح 14)

كن في الدنيا ببدنك و في الآخرة بقلبك و عملك. (ص 566 ف 67 ح 33)

كذب من ادّعى اليقين بالباقي و هو مواصل للفاني. (ص 574 ف 69 ح 18)

ليس بمؤمن من لم يهتمّ بإصلاح معاده. (ص 598 ف 73 ح 80)

من أيقن بالجزاء أحسن. (ص 629 ف 77 ح 373)

من عمل للمعاد ظفر بالسداد. (ص 631 ح 389)

من ابتاع آخرته بدنياه ربحهما. (ص 643 ح 581)

من باع آخرته بدنياه خسرهما. (ح 582)

من أيقن بالآخرة لم يحرص على الدنيا. (ص 645 ح 601)

من عمّر دار إقامته فهو العاقل. (ص 647 ح 643)

من فسد دينه فسد معاده. (ص 649 ح 671)

من أصلح المعاد ظفر بالسداد. (ص 651 ح 709)

من أيقن بالمعاد استكثر الزاد. (ح 710)

من سرّه الفساد سائه المعاد. (ح 712)

من رضي بالدنيا فاتته الآخرة. (ص 652 ح 717)

من آمن بالآخرة أعرض عن الدنيا. (ص 654 ح 762)

من أيقن بما يبقى زهد فيما يفنى. (ح 763)

من حرص على الآخرة ملك. (ص 656 ح 782)

من جعل كلّ همّه لآخرته ظفر بالمأمول. (ص 660 ح 849)

من أحبّ الدار الباقية لهي عن اللذّات. (ص 666 ح 930)

ص:257

من خاف العقاب انصرف عن السيّئات. (ص 669 ح 966)

من أيقن بالآخرة سلا عن الدنيا. (ص 672 ح 1002)

من أيقن بالمجازاة لم يؤثر غير الحسنى. (ح 1003)

من قوى دينه أيقن بالجزاء و رضي مواقع القضاء. (ص 674 ح 1029)

من أكثر من ذكر الآخرة قلّت معصيته. (ص 681 ح 1107)

من كانت الآخرة همّته بلغ من الخير غاية امنيّته. (ص 693 ح 1241)

من أحبّ فوز الآخرة فعليه بالتقوى. (ص 694 ح 1245)

من لم يوقن بالجزاء أفسد الشكّ يقينه. (ص 699 ح 1299)

من لم يؤثر الآخرة على الدنيا فلا عقل له. (ح 1301)

من لم يعمل للآخرة لم ينل أمله. (ص 702 ح 1332)

من الشفاء إفساد المعاد. (ص 726 ف 78 ح 28)

ما أخسر من ليس له في الآخرة نصيب. (ص 746 ف 79 ح 172)

لا يشغلنّك عن العمل للآخرة شغل فإنّ المدّة قصيرة. (ص 808 ف 85 ح 137)

لا ينفع الإيمان للآخرة مع الرغبة في الدنيا. (ص 850 ف 86 ح 393)

لا يؤمن بالمعاد من لم يتحرّج عن ظلم العباد. (ص 852 ح 409)

ص:258

140- ذمّ تتبّع عيوب الناس

الآية

قال اللّه تعالى: إِنَّ اَلَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ اَلْفاحِشَةُ فِي اَلَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ فِي اَلدُّنْيا وَ اَلْآخِرَةِ وَ اَللّهُ يَعْلَمُ وَ أَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ. (1)

الأخبار

1-عن زرارة عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السّلام قالا: أقرب ما يكون العبد إلى الكفر أن يواخي الرجل على الدين فيحصي عليه عثراته و زلاّته ليعنّفه بها يوما ما. (2)

بيان:

«التعنيف» : التعيير و اللوم.

«العثرة» : الزلّة و الخطيئة، الكبوة في المشي و لعلّ المراد هنا الزلّة.

2-عن إسحاق بن عمّار قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: يا معشر من أسلم بلسانه و لم يخلص الإيمان إلى قلبه، لا تذمّوا المسلمين و لا تتبّعوا عوراتهم، فإنّه من تتبّع عوراتهم تتّبع اللّه عورته، و من تتبّع اللّه تعالى

ص:259


1- -النور:19
2- الكافي ج 2 ص 264 باب من طلب عثرات المؤمنين ح 1

عورته يفضحه و لو في بيته. (1)

بيان:

«خلص إلى المكان» : وصل. «لا تتبّعوا» : من باب التفعّل بحذف إحدى التائين، في المصباح، تتبّعت أحواله: تطلّبتها شيئا بعد شيء في مهلة. و المراد بتتبّع اللّه سبحانه عورته منع لطفه و كشف ستره، و منع الملائكة عن ستر ذنوبه و عيوبه فهو يفتضح في السماء و الأرض. . . (المرآة ج 10 ص 401 و البحار ج 75 ص 218)

«عوراتهم» العورة: كلّ أمر قبيح يستره الإنسان أنفة أو حياءا.

«و لو في بيته» : لعلّ المراد يفضحه و لو عند أهل بيته.

3-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: أبعد ما يكون العبد من اللّه أن يكون الرجل يواخي لرجل و هو يحفظ عليه زلاّته ليعيّره بها يوما ما. (2)

4-عن أبي حمزة الثماليّ عن أبي جعفر عليه السّلام قال: إنّ أسرع الخير ثوابا البرّ، و إنّ أسرع الشرّ عقوبة البغي، و كفى بالمرء عيبا أن يبصر من الناس ما يعمى عنه من نفسه، أو يعيّر الناس بما لا يستطيع تركه، أو يؤذي جليسه بما لا يعنيه. (3)

5-عن أبي حمزة قال: سمعت عليّ بن الحسين عليهما السّلام يقول: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: كفى بالمرء عيبا أن يبصر من الناس ما يعمى عليه من نفسه، و أن يؤذي جليسه بما لا يعنيه. (4)

6-عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ثلاث خصال من كنّ فيه أو واحدة منهنّ كان في ظلّ عرش اللّه يوم لا ظلّ إلاّ ظلّه: رجل أعطى الناس من نفسه ما هو سائلهم، و رجل لم يقدّم رجلا و لم يؤخّر رجلا حتّى يعلم أنّ ذلك

ص:260


1- -الكافي ج 2 ص 264 ح 2
2- الكافي ج 2 ص 265 ح 7
3- الكافي ج 2 ص 333 باب من يعيب الناس ح 1
4- الكافي ج 2 ص 333 ح 2

للّه رضا، و رجل لم يعب أخاه المسلم بعيب حتّى ينفي ذلك العيب عن نفسه، فإنّه لا ينفي منها عيبا إلاّ بدا له عيب، و كفى بالمرء شغلا بنفسه عن الناس. (1)

7-عن أبي جعفر عليه السّلام قال: سمعت جابر بن عبد اللّه الأنصاريّ يقول: إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله مرّ بنا ذات يوم فوقف و سلّم ثمّ قال: ما لي أرى حبّ الدنيا قد غلب على كثير من الناس. . . طوبى لمن شغله خوف اللّه عزّ و جلّ عن خوف الناس، طوبى لمن منعه عيبه عن عيوب المؤمنين من إخوانه. . . (2)

8-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: كان بالمدينة أقوام لهم عيوب فسكتوا عن عيوب الناس، فأسكت اللّه عن عيوبهم الناس فماتوا و لا عيوب لهم عند الناس، و كان بالمدينة أقوام لا عيوب لهم فتكلّموا في عيوب الناس، فأظهر اللّه لهم عيوبا لم يزالوا يعرفون بها إلى أن ماتوا. (3)

9-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: و أيم اللّه لئن لم يكن عصاه في الكبير و عصاه في الصغير لجرأته على عيب الناس أكبر. يا عبد اللّه، لا تعجل في عيب أحد بذنبه فعلّه مغفور له، و لا تأمن على نفسك صغير معصية فلعلّك معذّب عليه، فليكفف من علم منكم عيب غيره لما يعلم من عيب نفسه، و ليكن الشكر شاغلا له على معافاته ممّا ابتلي به غيره. (4)

10-و قال عليه السّلام: يا أيّها الناس، طوبى لمن شغله عيبه عن عيوب الناس، و طوبى لمن لزم بيته، و أكل قوته، و اشتغل بطاعة ربّه، و بكى على خطيئته، فكان من نفسه في شغل، و الناس منه في راحة. (5)

ص:261


1- -الوسائل ج 15 ص 288 ب 36 من جهاد النفس ح 1
2- الوسائل ج 15 ص 289 ح 2
3- الوسائل ج 15 ص 292 ح 10( أمالي الطوسي ج 1 ص 42)
4- نهج البلاغة ص 429 في خ 140
5- نهج البلاغة ص 576 في خ 175

11-و قال عليه السّلام: من نظر في عيب نفسه اشتغل عن عيب غيره. . . و من نظر في عيوب الناس فأنكرها ثمّ رضيها لنفسه فذلك الأحمق بعينه. . . (1)

12-و قال عليه السّلام: أكبر العيب أن تعيب ما فيك مثله. (2)

13-عن الصادق عليه السّلام أنّه قال: قال عيسى بن مريم عليه السّلام: طوبى لمن جعل بصره في قلبه، و لم يجعل بصره في عينه، لا تنظروا في عيوب الناس كالأرباب، و انظروا في عيوبكم كهيئة العبد، إنّما الناس رجلان: مبتلى و معافى، فارحموا المبتلى، و احمدوا اللّه على العافية. (3)

14-قال أمير المؤمنين عليه السّلام في وصيّة للحسين عليه السّلام: و اعلم-أي بنيّ-أنّه من أبصر عيب نفسه شغل عن عيب غيره. . . أي بنيّ، من نظر في عيوب الناس و رضي لنفسه بها فذاك الأحمق بعينه. (4)

15-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إذا رأيتم العبد متفقّدا لذنوب الناس ناسيا لذنوبه، فاعلموا أنّه قد مكر به. (5)

16-قال الصادق عليه السّلام: إنّ للّه تبارك و تعالى على عبده المؤمن أربعين جنّة فمن أذنب ذنبا كبيرا رفع عنه جنّة، فإذا عاب أخاه المؤمن بشيء يعلمه منه انكشفت تلك الجنن عنه، و يبقى مهتك الستر، فيفتضح في السماء على ألسنة الملائكة و في الأرض على ألسنة الناس، و لا يرتكب ذنبا إلاّ ذكروه، و يقول الملائكة الموكّلون به: يا ربّنا، قد بقي عبدك مهتك الستر و قد أمرتنا بحفظه؟ فيقول عزّ و جلّ: ملائكتي، لو أردت بهذا العبد خيرا ما فضحته، فارفعوا أجنحتكم عنه،

ص:262


1- -نهج البلاغة ص 1249 ح 341
2- نهج البلاغة ص 1252 ح 345
3- المستدرك ج 11 ص 313 ب 36 من جهاد النفس ح 3
4- المستدرك ج 11 ص 313 ح 4
5- البحار ج 75 ص 215 باب تتبّع عيوب الناس ح 14

فو عزّتي لا يؤول بعدها إلى خير أبدا. (1)

17-عن هشام عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من قال في مؤمن ما رأت عيناه، و سمعت أذناه كان من الذين قال اللّه: إِنَّ اَلَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ اَلْفاحِشَةُ فِي اَلَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ فِي اَلدُّنْيا وَ اَلْآخِرَةِ. (2)

18-في جوامع كلم عليّ عليه السّلام: . . . جهل المرء بعيوبه من أكبر ذنوبه. . . (3)

19-عن أمير المؤمنين عليه السّلام: أيّها الناس، طوبى لمن شغله عيبه عن عيوب الناس، و تواضع من غير منقصة، و جالس أهل الفقه و الرحمة، و خالط أهل الذلّ و المسكنة، و أنفق مالا جمعه في غير معصية. . . (4)

20-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

اشتغالك بمعايب نفسك يكفيك العار. (الغرر ج 1 ص 55 ف 1 ح 1520)

استر عورة أخيك لما تعلمه فيك. (ص 110 ف 2 ح 67)

أمقت الناس العيّاب. (ص 177 ف 8 ح 81)

أفضل الناس من شغلته معايبه عن عيوب الناس. (ص 188 ح 264)

أكبر العيب أن تعيب غيرك بما هو فيك. (ص 194 ح 345)

أعقل الناس من كان بعيبه بصيرا و عن عيب غيره ضريرا. (ص 200 ح 409)

تتبّع العورات من أعظم السوآت-تتبّع العيوب من أقبح العيوب، و شرّ السيّئات. (ص 357 ف 22 ح 118 و 119)

شرّ الناس من كان متتبّعا لعيوب الناس، عميّا عن معايبه.

(ص 447 ف 41 ح 67)

ص:263


1- -البحار ج 75 ص 216 ح 17
2- البحار ج 75 ص 213 ح 2
3- البحار ج 78 ص 91
4- البحار ج 1 ص 199 ب 4 من العلم ح 4

عجبت لمن ينكر عيوب الناس، و نفسه أكثر شيء معابا و لا يبصرها.

(ج 2 ص 495 ف 54 ح 19)

كفى بالمرء شغلا بمعايبه عن معايب الناس. (ص 558 ف 65 ح 48)

كفى بالمرء غباوة أن ينظر من عيوب الناس إلى ما خفي عليه من عيوبه.

(ص 559 ح 55)

كفى بالمرء جهلا أن يجهل عيوب نفسه، و يطعن على الناس بما لا يستطيع التحوّل عنه. (ص 560 ح 63)

ليكفّ من علم منكم من عيب غيره لما يعرف من عيب نفسه.

(ص 583 ف 71 ح 45)

ليكن أبغض الناس إليك و أبعدهم منك أطلبهم لمعائب الناس.

(ص 586 ح 65)

من تتبّع عيوب الناس كشف عيوبه. (ص 647 ف 77 ح 639)

من أبصر عيب نفسه لم يعب أحدا. (ص 652 ح 720)

من بحث عن عيوب الناس فليبدء بنفسه. (ص 659 ح 828)

من أبصر زلّته صغرت عنده زلّة غيره. (ص 680 ح 1092)

من تتبّع عورات الناس كشف اللّه عورته-من تتبّع خفيّات العيوب حرّمه اللّه سبحانه مودّات القلوب. (ص 683 ح 1133 و 1137)

من عمي عن زلّته استعظم زلّة غيره. (ص 684 ح 1141)

من أنكر عيوب الناس و رضيها لنفسه فذلك الأحمق.

(ص 689 ح 1204)

من وبّخ نفسه على العيوب ارتدعت عن كثرة الذنوب.

(ص 696 ح 1264)

ص:264

من حاسب نفسه وقف على عيوبه و أحاط بذنوبه، فاستقال الذنوب و أصلح العيوب. (ح 1265)

من شغل نفسه بغير نفسه فقد تحيّر في الظلمات، و ارتبك في الهلكات.

(ص 706 ح 1371)

من أشدّ عيوب المرء أن تخفى عليه عيوبه. (ص 727 ف 78 ح 42)

معرفة المرء بعيوبه أنفع المعارف. (ص 766 ف 80 ح 138)

ص:265

ص:266

حرف الغين

141- الغضب

الأخبار

1-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: الغضب يفسد الإيمان كما يفسد الخلّ العسل. (1)

بيان:

«الغضب» : هو كيفيّة نفسانيّة موجبة لحركة الروح من الداخل إلى الخارج للغلبة، و إنّه من المهلكات العظيمة، و ربّما أدّى إلى الشقاوة الأبديّة، من القتل و القطع، و لذا قيل: "إنّه جنون دفعيّ"و عند الغضب يستر العقل و يضعف، و لذا لا يؤثّر في صاحبه الوعظ و النصيحة، بل قد تزيده الموعظة غلظة و شدّة.

و ممّا يلزم الغضب من الآثار المهلكة؛ انطلاق اللسان بالشتم و السبّ، و إظهار السوء و الشماتة، و إفشاء الأسرار و هتك الأستار، و السخريّة و الاستهزاء و التحقير، و منع الحقوق، و توثّب الأعضاء بالضرب و الجرح و القتل، و تألّم القلب بالحقد و الحسد و العداوة و البغض، و ممّا تلزمه؛ الندامة بعد زواله، و عداوة الأصدقاء، و شماتة الأعداء، و تغيّر المزاج، و تألّم الروح، و سقم البدن، و مكافاة العاجل و عقوبة الآجل، إلى غير ذلك ممّا لا يحصى.

ص:267


1- -الكافي ج 2 ص 229 باب الغضب ح 1

ثمّ إنّ الناس في هذه القوّة على إفراط و تفريط و اعتدال، فالإفراط أن تغلب هذه الصفة حتّى يخرج عن طاعة العقل و الشرع، و لا تبقى له فكرة و بصيرة، و التفريط أن يفقد هذه القوّة أو تضعف بحيث لا تغضب عمّا ينبغي الغضب عليه شرعا و عقلا، و الاعتدال أن يصدر فيما ينبغي و لا يصدر في ما لا ينبغي، بحيث لا يخرج عن سياسة الشرع و العقل، و يكون تابعا لهما في الغضب و عدمه.

و علاج الغضب التفكّر فيما ورد في ذمّ الغضب، و مدح كظم الغيظ، و الحلم و العفو، و أن يجلس من فوره إذا كان قائما، و ذلك مجرّب، كما أنّ من جلس عند حملة الكلب وجده ساكتا لا يحوم حوله، و الوضوء بالماء البارد، و شربه بالجلوس.

و قال بعض: أمر النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أن تقول عند الغضب: «أعوذ باللّه من الشيطان الرجيم» و كان صلّى اللّه عليه و آله إذا غضبت عائشة أخذ بأنفها و قال: يا عويش، قولي «اللهمّ ربّ النبيّ محمّد، اغفر لي ذنبي و اذهب غيظ قلبي و أجرني من مضلاّت الفتن» و غير ذلك ممّا يأتي في الأخبار.

2-ذكر الغضب عند أبي جعفر عليه السّلام فقال: إنّ الرجل ليغضب فما يرضى أبدا حتّى يدخل النار، فأيّما رجل غضب على قوم و هو قائم فليجلس من فوره ذلك، فإنّه سيذهب عنه رجز الشيطان، و أيّما رجل غضب على ذي رحم فليدن منه فليمسّه، فإنّ الرحم إذا مسّت سكنت. (1)

بيان:

في المفردات، «الفور» : شدّة الغليان و يقال ذلك في النار نفسها إذا هاجت، و في القدر، و في الغضب. . . و يقال: فعلت كذا من فوري أي في غليان الحال، و قيل: سكون الأمر.

«رجز الشيطان» في النهاية ج 2 ص 200: الرجز: العذاب و الإثم و الذنب، و رجز

ص:268


1- -الكافي ج 2 ص 229 ح 2( أمالى الصدوق رحمه اللّه ص 340 م 54 ح 25)

الشيطان: وساوسه.

3-عن داود بن فرقد عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: الغضب مفتاح كلّ شرّ. (1)

4-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سمعت أبي عليه السّلام يقول: أتى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله رجل بدويّ فقال: إنّي أسكن البادية فعلّمني جوامع الكلام، فقال: آمرك أن لا تغضب، فأعاد عليه الأعرابيّ المسألة ثلاث مرّات حتّى رجع الرجل إلى نفسه، فقال: لا أسأل عن شيء بعد هذا، ما أمرني رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إلاّ بالخير.

قال: و كان أبي يقول: أيّ شيء أشدّ من الغضب، إنّ الرجل ليغضب فيقتل النفس التي حرّم اللّه و يقذف المحصنة. (2)

5-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من كفّ غضبه ستر اللّه عورته. (3)

بيان:

«عورته» : عيوبه و ذنوبه فلا يفضحه بها في الدنيا و الآخرة، و لعلّ عند الغضب تبدو المساوي و تظهر العيوب فإذا كفّ يستر عنه.

6-قال أبو جعفر عليه السّلام: مكتوب في التوراة فيما ناجى اللّه عزّ و جلّ به موسى عليه السّلام: يا موسى، أمسك غضبك عمّن ملّكتك عليه أكفّ عنك غضبي. (4)

7-عن إسحاق بن عمّار قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: إنّ في التوراة مكتوبا: يابن آدم، اذكرني حين تغضب أذكرك عند غضبي، فلا أمحقك فيمن أمحق، و إذا ظلمت بمظلمة فارض بانتصاري لك، فإنّ انتصاري لك خير

ص:269


1- -الكافي ج 2 ص 229 ح 3( الخصال ج 1 ص 7 باب الواحد ح 22) -و مثله في تحف العقول ص 362 عن الحسن العسكريّ عليه السّلام
2- الكافي ج 2 ص 229 ح 4-و بمضمونه ح 5 و 11
3- الكافي ج 2 ص 229 ح 6
4- الكافي ج 2 ص 229 ح 7

من انتصارك لنفسك. (1)

بيان:

في المرآة ج 10 ص 151، «فلا أمحقك» : المحق هنا إبطال عمله و تعذيبه و محو ذكره أو إحراقه. في القاموس، محقه كمنعه: أبطله و محاه. . . و في النهاية: المحق؛ النقص و المحو و الإبطال. «الانتصار» : الانتقام.

8-عن أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر عليه السّلام قال: إنّ هذا الغضب جمرة من الشيطان توقد في قلب ابن آدم، و إنّ أحدكم إذا غضب احمرّت عيناه و انتفخت أوداجه و دخل الشيطان فيه، فإذا خاف أحدكم ذلك من نفسه فليلزم الأرض، فإنّ رجز الشيطان ليذهب عنه عند ذلك. (2)

بيان:

«أوداجه» أي عروقه.

9-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: الغضب ممحقة لقلب الحكيم.

و قال: من لم يملك غضبه لم يملك عقله. (3)

10-عن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه السّلام قال: من كفّ غضبه عن الناس كفّ اللّه عنه عذاب يوم القيامة. (4)

11-عن صفوان الجمّال عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّما المؤمن، الذي إذا غضب لم يخرجه غضبه من حقّ، و إذا رضي لم يدخله رضاه في باطل، و إذا قدر لم يأخذ أكثر ممّا له (من ماله ف ن) . (5)

ص:270


1- -الكافي ج 2 ص 230 ح 10
2- الكافي ج 2 ص 230 ح 12
3- الكافي ج 2 ص 231 ح 13
4- الكافي ج 2 ص 231 ح 15
5- الكافي ج 2 ص 183 باب المؤمن و علاماته ح 11

بيان:

«لم يخرجه غضبه من حقّ» : بأن يحكم على من غضب عليه بغير حقّ أو يظلمه أو يكتم شهادة له عنده و غير ذلك. «إذا رضي» : أي عن أحد. «في باطل» : بأن يشهد له زورا أو يحكم له باطلا أو يحميه في باطل و أشباه ذلك.

12-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: أربعة جواهر تزيلها أربعة: أمّا الجواهر؛ فالعقل، و الدين، و الحياء، و العمل الصالح. أمّا الغضب فيزيل العقل، و أمّا الحسد فيزيل الدين، و أمّا الطمع فيزيل الحياء، و أمّا الغيبة فيزيل العمل الصالح. (1)

13-فيما كتب أمير المؤمنين عليه السّلام إلى الحارث الهمدانيّ: . . . و اكظم الغيظ و تجاوز عند المقدرة، و احلم عند الغضب. . .

و قال عليه السّلام: و احذر الغضب فإنّه جند عظيم من جنود إبليس. (2)

14-عن عبد العظيم الحسنيّ عن أبي جعفر الثاني عن أبيه عليهما السّلام قال: دخل موسى بن جعفر عليه السّلام على هارون الرشيد و قد استخفّه الغضب على رجل، فقال له: إنّما تغضب للّه عزّ و جلّ، فلا تغضب له بأكثر ممّا غضب لنفسه. (3)

15-سئل أمير المؤمنين عليه السّلام: من أحلم الناس؟ قال: الذي لا يغضب. (4)

16-عن الرضا عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رجل للنبيّ صلّى اللّه عليه و آله: يا رسول اللّه، علّمني عملا لا يحال بينه و بين الجنّة، قال: لا تغضب و لا تسأل الناس شيئا، و ارض للناس ما ترضى لنفسك. . . (5)

17-قال الصادق عليه السّلام: لو قال أحدكم إذا غضب: «أعوذ باللّه

ص:271


1- -الاثنى عشرية ص 158 ب 4 ف 2
2- نهج البلاغة ص 1067 و ص 1070 ر 69
3- البحار ج 73 ص 262 باب ذمّ الغضب ح 1
4- البحار ج 73 ص 263 ح 3
5- البحار ج 73 ص 264 ح 8

من الشيطان الرجيم» ذهب عنه غضبه. (1)

18-و قال رجل يا رسول اللّه، أوصني فقال صلّى اللّه عليه و آله: أوصيك أن لا تغضب، و قال: إذا غضب أحدكم فليتوضّأ. (2)

19-. . . عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال: شدّة الغضب تغيّر المنطق، و تقطع مادّة الحجّة، و تفرّق الفهم. (3)

أقول:

لاحظ ما يناسب المقام في أبواب الحلم، الشيطان، كظم الغيظ و. . .

و مرّ في باب العصبيّة؛ أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كان يتعوّذ في كلّ يوم من ستّ: من الشّك، و الشرك، و الحميّة، و الغضب، و البغي، و الحسد.

20-في وصيّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لعليّ عليه السّلام: يا عليّ، لا تغضب فإذا غضبت فاقعد و تفكّر في قدرة الربّ على العباد و حلمه عنهم، و إذا قيل لك: اتّق اللّه فانبذ غضبك و راجع حلمك. (4)

21-في وصيّة الباقر عليه السّلام لجابر الجعفيّ: و لا قوّة كردّ الغضب. (5)

22-في مواعظ الصادق عليه السّلام: ليس لإبليس جند أشدّ من النساء و الغضب. (6)

23-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: قال الحواريّون لعيسى عليه السّلام: أيّ الأشياء أشدّ؟ قال: أشدّ الأشياء غضب اللّه عزّ و جلّ، قالوا: بما نتّقي غضب اللّه؟ قال:

ص:272


1- -البحار ج 95 ص 339 باب ما يسكن الغضب ح 2
2- البحار ج 95 ص 339 ح 2
3- البحار ج 71 ص 428 باب الحلم ح 78
4- البحار ج 77 ص 69
5- البحار ج 78 ص 165
6- البحار ج 78 ص 246

بأن لا تغضبوا، قالوا: و ما بدء الغضب؟ قال: الكبر و التجبّر و محقرة الناس. (1)

24-قال الصادق عليه السّلام: كان أبي محمّد عليه السّلام يقول: أيّ شيء أشدّ من الغضب! إنّ الرجل إذا غضب يقتل النفس، و يقذف المحصنة. (2)

25-قال نوح عليه السّلام لإبليس: فأخبرني متى تكون أقدر على ابن آدم؟ قال: عند الغضب. (3)

26-قال الهادي عليه السّلام: الغضب على من لا تملك عجز، و على من تملك لؤم. (4)

27-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: ألا و من حفظ نفسه عند الغضب، فهو كالمجاهد في سبيل اللّه. (5)

28-في حديث، أنّ إبليس قال لموسى عليه السّلام: و إيّاك و الغضب، و إذا غضبت فقل: «لا حول و لا قوّة إلاّ باللّه العليّ العظيم» يسكن غضبك. (6)

29-نهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عن الأدب عند الغضب. (7)

30-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: ليس الشديد بالصرعة، إنّما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب. (8)

31-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: وجبت محبّة اللّه عزّ و جلّ على من أغضب

ص:273


1- -الوسائل ج 15 ص 362 ب 53 من جهاد النفس ح 15
2- المستدرك ج 12 ص 8 ب 53 من جهاد النفس ح 8
3- المستدرك ج 12 ص 10 ح 15
4- المستدرك ج 12 ص 11 ح 18
5- المستدرك ج 12 ص 14 ح 21
6- المستدرك ج 12 ص 15 ب 54 ح 4
7- مشكوة الأنوار ص 307 ب 8 ف 1
8- مشكوة الأنوار ص 308

فحلم. (1)

32-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

الغضب مركب الطيش. (الغرر ج 1 ص 29 ف 1 ح 858)

الغضب نار القلوب. (ص 33 ح 1008)

الغضب شرّ، إن أطعته دمّر. (ص 42 ح 1265)

الغضب عدوّ فلا تملّكه نفسك. (ص 48 ح 1385)

الغضب يفسد الألباب، و يبعد من الصواب. (ص 49 ح 1401)

الغضب يردي صاحبه و يبدي معايبه. (ص 67 ح 1738)

الحلم عند شدّة الغضب، يؤمن غضب الجبّار-الغضب نار موقدة، من كظمه أطفأها، و من أطلقه كان أوّل محترق بها. (ص 71 ح 1802 و 1812)

الحلم يطفئ نار الغضب، و الحدّة تؤجّج إحراقه. (ص 92 ح 2086)

الغضب يثير كوامن الحقد. (ص 103 ح 2188)

إيّاك و الغضب، فأوّله جنون، و آخره ندم. (ص 147 ف 5 ح 5)

أفضل الملك ملك الغضب. (ص 177 ف 8 ح 76)

أقدر الناس على الصواب من لم يغضب. (ص 186 ح 221)

أعظم الناس سلطانا على نفسه من قمع غضبه، و أمات شهوته.

(ص 202 ح 433)

أعدى عدوّ للمرء غضبه و شهوته، فمن ملكهما علت درجته و بلغ غايته.

(ص 203 ح 443)

إنّكم إن أطعتم سورة الغضب، أوردتكم موارد العطب. (ص 293 ف 14 ح 36)

ص:274


1- -مشكوة الأنوار ص 309

بئس القرين الغضب، يبدئ المعايب، و يدني الشرّ، و يباعد الخير.

(ص 342 ف 20 ح 34)

تجرّع غصص الحلم، يطفئ نار الغضب. (ص 348 ف 22 ح 27)

ثلاث مهلكات: طاعة النساء و طاعة الغضب و طاعة الشهوة.

(ص 363 ف 24 ح 8)

رأس الفضائل ملك الغضب و إماتة الشهوة. (ص 411 ف 34 ح 16)

طاعة الغضب ندم و طغيان. (ج 2 ص 472 ف 47 ح 42)

ظفر بالشيطان من غلب غضبه، [ظفر الشيطان بمن ملكه غضبه] .

(ص 475 ف 48 ح 13)

عقوبة الغضوب و الحقود و الحسود تبدأ بأنفسهم. (ص 501 ف 55 ح 41)

ليس لإبليس وهق (1)أعظم من الغضب و النساء- [ليس منّا من لم يملك غضبه] . (ص 595 ف 73 ح 43)

من أطلق غضبه تعجّل حتفه. (ص 625 ف 77 ح 303)

من غلب عليه غضبه و شهوته، فهو في حيّز البهائم. (ص 680 ح 1095)

من طبايع الجهّال التسرّع إلى الغضب في كلّ حال. (ص 731 ف 78 ح 102)

لا أدب مع غضب. (ص 833 ف 86 ح 96)

ص:275


1- -الوهق: حبل في طرفه انشوطة يطرح في عنق الدابّة حتّى تؤخذ (كمند)

ص:276

142- الاستغفار

الآيات

1- وَ اَلَّذِينَ إِذا فَعَلُوا فاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اَللّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَ مَنْ يَغْفِرُ اَلذُّنُوبَ إِلاَّ اَللّهُ وَ لَمْ يُصِرُّوا عَلى ما فَعَلُوا وَ هُمْ يَعْلَمُونَ. (1)

2- . . . وَ لَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جاؤُكَ فَاسْتَغْفَرُوا اَللّهَ وَ اِسْتَغْفَرَ لَهُمُ اَلرَّسُولُ لَوَجَدُوا اَللّهَ تَوّاباً رَحِيماً. (2)

3- وَ مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اَللّهَ يَجِدِ اَللّهَ غَفُوراً رَحِيماً. (3)

4- وَ ما كانَ اَللّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَ أَنْتَ فِيهِمْ وَ ما كانَ اَللّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ. (4)

5- وَ أَنِ اِسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتاعاً حَسَناً إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى وَ يُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ. . . (5)

6- وَ يا قَوْمِ اِسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ اَلسَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً وَ يَزِدْكُمْ

ص:277


1- -آل عمران:135
2- النساء:64
3- النساء:110
4- الأنفال:33
5- هود:3

قُوَّةً إِلى قُوَّتِكُمْ وَ لا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ. (1)

7- قالُوا يا أَبانَا اِسْتَغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا إِنّا كُنّا خاطِئِينَ - قالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي إِنَّهُ هُوَ اَلْغَفُورُ اَلرَّحِيمُ. (2)

8- فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ اَللّهُ وَ اِسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَ لِلْمُؤْمِنِينَ وَ اَلْمُؤْمِناتِ وَ اَللّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَ مَثْواكُمْ. (3)

9- فَقُلْتُ اِسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كانَ غَفّاراً- يُرْسِلِ اَلسَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً- وَ يُمْدِدْكُمْ بِأَمْوالٍ وَ بَنِينَ وَ يَجْعَلْ لَكُمْ جَنّاتٍ وَ يَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهاراً. (4)

10- . . . وَ اِسْتَغْفِرُوا اَللّهَ إِنَّ اَللّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ. (5)

الأخبار

1-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: خير الدعاء الاستغفار. (6)

2-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إذا أكثر العبد من الاستغفار رفعت صحيفته و هي يتلألأ. (7)

3-قال الرضا عليه السّلام: مثل الاستغفار مثل ورق على شجرة تحرّك فيتناثر،

ص:278


1- -هود:52
2- يوسف:97 و 98
3- محمّد صلّى اللّه عليه و آله:19
4- نوح:10 إلى 12
5- المزّمّل:20 و بمعناها في النساء:106 و هود:61 و 90 و النمل:46 و النصر:4
6- الكافي ج 2 ص 365 باب الاستغفار ح 1
7- الكافي ج 2 ص 366 ح 2

و المستغفر من ذنب و يفعله كالمستهزئ بربّه. (1)

4-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لا يقوم من مجلس و إنّ خفّ حتّى يستغفر اللّه عزّ و جلّ خمسا و عشرين مرّة. (2)

5-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: الاستغفار و قول: لا إله إلاّ اللّه، خير العبادة. قال اللّه العزيز الجبّار: فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ اَللّهُ وَ اِسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ. (3)

6-عن زرارة قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: إنّ العبد إذا أذنب ذنبا اجّل من غدوة إلى الليل، فإن استغفر اللّه لم يكتب عليه. (4)

7-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: العبد المؤمن إذا أذنب ذنبا أجّله اللّه سبع ساعات، فإن استغفر اللّه لم يكتب عليه شيء، و إن مضت الساعات و لم يستغفر كتبت عليه سيّئة، و إنّ المؤمن ليذكر ذنبه بعد عشرين سنة حتّى يستغفر ربّه فيغفر له، و إنّ الكافر لينساه من ساعته. (5)

أقول:

قد مرّ ما يناسب المقام في باب التوبة.

8-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ما من مؤمن يقارف في يومه و ليلته أربعين كبيرة فيقول و هو نادم: «أستغفر اللّه الذي لا إله إلاّ هو الحيّ القيّوم بديع السموات و الأرض ذو الجلال و الإكرام و أسأله أن يصلّي على محمّد و آل محمّد و أن يتوب عليّ» إلاّ غفرها اللّه عزّ و جلّ له، و لا خير فيمن يقارف في يوم أكثر من أربعين

ص:279


1- -الكافي ج 2 ص 366 ح 3
2- الكافي ج 2 ص 366 ح 4
3- الكافي ج 2 ص 366 ح 6
4- الكافي ج 2 ص 317 باب الاستغفار من الذنب ح 1
5- الكافي ج 2 ص 317 ح 3

كبيرة. (1)

بيان:

في النهاية ج 4 ص 45، يقال: قرف الذنب و اقترفه: إذا عمله، و قارف الذنب و غيره إذا داناه و لا صقه.

9-عن الرضا عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من أنعم اللّه عزّ و جلّ عليه نعمة فليحمد اللّه، و من استبطأ الرزق فليستغفر اللّه، و من حزنه أمر فليقل: «لا حول و لا قوّة إلاّ باللّه» . (2)

10-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: الاستغفار يزيد في الرزق. (3)

11-عن موسى بن جعفر عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: عليك بالاستغفار فإنّه المنجاة.

و قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من كثر همومه فليكثر من الاستغفار. (4)

12-و قال صلّى اللّه عليه و آله: ألا أخبركم بداءكم من دواءكم؟ قلنا: بلى يا رسول اللّه، قال: داءكم الذنوب و دواؤكم الاستغفار. (5)

13-. . . قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ من أجمع الدعاء الاستغفار. (6)

14-و عن محمّد بن الريّان قال: كتبت إلى أبي الحسن الثالث عليه السّلام أسأله أن يعلّمني دعاء للشدائد و النوازل و المهمّات و أن يخصّني كما خصّ آباؤه مواليهم،

ص:280


1- -الكافي ج 2 ص 318 ح 7
2- البحار ج 93 ص 277 باب الاستغفار ح 2
3- البحار ج 93 ص 277 ح 4
4- البحار ج 93 ص 283 ح 28
5- البحار ج 93 ص 282 في ح 23
6- البحار ج 93 ص 283 ح 30

فكتب إليّ: ألزم الاستغفار. (1)

15-و عن إسماعيل بن سهيل قال: قلت لأبي الحسن الرضا عليه السّلام: علّمني دعاء إذا أنا قلته كنت معكم في الدنيا و الآخرة فكتب: أكثر تلاوة إِنّا أَنْزَلْناهُ، و أرطب شفتيك بالاستغفار. (2)

16-و قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: من لزم الاستغفار جعل اللّه له من كلّ همّ فرجا و من كلّ ضيق مخرجا و يرزقه من حيث لا يحتسب. (3)

17-. . . قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّ للقلوب صداء كصداء النحاس، فاجلوها بالاستغفار. (4)

بيان:

«للقلوب صداء» : أي يركبها الرين و الدنس بمباشرة المعاصي.

18-قال عليّ عليه السّلام: الاستغفار مع الإصرار ذنوب مجدّدة. (5)

أقول:

قد مرّ في باب التوبة في حديث الرضا عليه السّلام: من استغفر اللّه بلسانه و لم يندم قلبه فقد استهزء بنفسه.

19-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: عجبت لمن يقنط و معه الاستغفار. (6)

20-و حكى عنه أبو جعفر الباقر عليهما السّلام: أنّه قال: كان في الأرض أمانان من عذاب اللّه و قد رفع أحدهما فدونكم الآخر فتمسّكوا به: أمّا الأمان الذي

ص:281


1- -البحار ج 93 ص 283 ح 30
2- البحار ج 93 ص 284 ح 30
3- البحار ج 93 ص 284 ح 30
4- البحار ج 93 ص 284 ح 32
5- البحار ج 78 ص 63
6- نهج البلاغة ص 1124 ح 84

رفع فهو رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، و أمّا الأمان الباقي فالاستغفار، قال اللّه تعالى: وَ ما كانَ اَللّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَ أَنْتَ فِيهِمْ وَ ما كانَ اَللّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ. (1)

21-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من قال: «أستغفر اللّه» مائة مرّة حين ينام بات و قد تحاتّ الذنوب كما يتحاتّ الورق من الشجر و يصبح و ليس عليه ذنب. (2)

22-عن جعفر بن محمّد عن أبيه عليهما السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: طوبى لمن وجد في صحيفة عمله يوم القيامة تحت كلّ ذنب أستغفر اللّه. (3)

23-عن جعفر بن محمّد عن أبيه عن جدّه عليهم السّلام عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال: من استغفر اللّه بعد العصر سبعين مرّة، غفر اللّه له ذنوب سبعين سنة. (4)

24-عن جعفر عن أبيه عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: لكلّ داء دواء، و دواء الذنوب الاستغفار. (5)

25-عن عليّ بن موسى الرضا عن آبائه عن أمير المؤمنين عليهم السّلام أنّه قال: تعطّروا بالاستغفار لا تفضحنّكم روائح الذنوب. (6)

26-عن جعفر بن محمّد عن أبيه عن أمير المؤمنين عليهم السّلام عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال: إنّ اللّه جلّ جلاله إذا رأى أهل قرية قد أسرفوا في المعاصي و فيها ثلاثة نفر من المؤمنين، ناداهم جلّ جلاله: يا أهل معصيتي، لو لا من فيكم من المؤمنين المتحابّين بجلالي، العامرين بصلاتهم أرضي و مساجدي و المستغفرين بالأسحار

ص:282


1- -نهج البلاغة ص 1125 ح 85
2- جامع الأخبار ص 56 ف 26
3- جامع الأخبار ص 56( البحار ج 93 ص 280)
4- جامع الأخبار ص 57
5- الوسائل ج 16 ص 68 ب 85 من جهاد النفس ح 11
6- الوسائل ج 16 ص 70 ح 17

خوفا منّي، لأنزلت بكم عذابي ثمّ لا أبالي. (1)

أقول:

قد مرّ نحوه في باب المسجد، و فيه: «لو لا الذين يتحابّون فيّ، و يعمرون مساجدي، و يستغفرون بالأسحار، لو لا هم لأنزلت عليهم عذابي» .

و مرّ ما يدلّ على المقام في باب الصلاة ف 2.

27-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ادفعوا أبواب البلايا بالاستغفار. (2)

28-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أكثروا من الاستغفار في بيوتكم، و في مجالسكم، و على موائدكم، و في أسواقكم، و في طرقكم، و أينما كنتم، فإنّكم لا تدرون متى تنزل المغفرة. (3)

29-عن جعفر بن محمّد عن آبائه عن عليّ عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّ الذنوب لتشوب أهلها لتحرقنّهم، لا يطفئها شيء إلاّ الاستغفار. (4)

30-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ثلاثة معصومون من إبليس و جنوده: الذاكرون للّه، و الباكون من خشية اللّه، و المستغفرون بالأسحار. (5)

31-في مهج الدعوات قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: من لحقته شدّة أو نكبة أو ضيق، فقال ثلاثين ألف مرّة: «أستغفر اللّه و أتوب إليه» إلاّ فرّج اللّه تعالى عنه.

قال الراوي: هذا خبر صحيح و قد جرّب. (6)

ص:283


1- -الوسائل ج 16 ص 92 ب 94 ح 2
2- المستدرك ج 5 ص 318 ب 21 من الذكر ح 9
3- المستدرك ج 5 ص 319 ح 13
4- المستدرك ج 12 ص 119 ب 85 من جهاد النفس ح 3
5- المستدرك ج 12 ص 146 ب 93 ح 5
6- المستدرك ج 12 ص 143 ب 91 ح 3

32-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من استغفر اللّه بعد صلاة العصر سبعين مرّة غفر اللّه له سبعمأة ذنب. (1)

أقول:

و زاد في ح 1: «فإن لم يكن له فلأبيه، فإن لم يكن لأبيه فلامّه، فإن لم يكن لامّه فلأخيه، فإن لم يكن لأخيه فلاخته، فإن لم يكن لأخته فللأقرب فالأقرب» .

33-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

الاستغفار يمحو الأوزار. (الغرر ج 1 ص 16 ف 1 ح 397)

الاستغفار أعظم جزاء و أسرع مثوبة. (ص 56 ح 1533)

الذنوب الداء، و الدواء الاستغفار، و الشفاء أن لا تعود. (ص 79 ح 1913)

سلاح المؤمن الاستغفار. (ص 433 ف 39 ح 13)

لا شفيع أنجح من الاستغفار. (ج 2 ص 840 ف 86 ح 221)

ص:284


1- -الوسائل ج 6 ص 482 ب 27 من التعقيب ح 2

143- الغناء

الآيات

1- . . . فَاجْتَنِبُوا اَلرِّجْسَ مِنَ اَلْأَوْثانِ وَ اِجْتَنِبُوا قَوْلَ اَلزُّورِ. (1)

2- وَ مِنَ اَلنّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ اَلْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اَللّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَ يَتَّخِذَها هُزُواً أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ. (2)

3- وَ اَلَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ اَلزُّورَ وَ إِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً. (3)

الأخبار

1-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: بيت الغناء لا تؤمن فيه الفجيعة، و لا تجاب فيه الدعوة، و لا يدخله الملك. (4)

بيان:

في القاموس، «الغناء» ككساء من الصوت: ما طرّب به.

ص:285


1- -الحجّ:30
2- لقمان:6
3- الفرقان:72
4- الوسائل ج 17 ص 303 ب 99 من ما يكتسب به ح 1

و في مجمع البحرين: الغناء ككساء: الصوت المشتمل على الترجيع المطرب أو ما يسمّى بالعرف غناء و إن لم يطرب، سواء كان في شعر أو قرآن أو غيرهما و استثنى منه الحدو للإبل. و قيل: فعله للمرأة في الأعراس مع عدم الباطل انتهى.

و قال الشيخ الأنصاريّ رحمه اللّه في المكاسب المحرّمة: الثالثة عشرة؛ الغناء لا خلاف في حرمته في الجملة، و الأخبار بها مستفيضة و ادّعى في الإيضاح تواترها، منها: ما ورد مستفيضا في تفسير قول الزور في قوله تعالى: وَ اِجْتَنِبُوا قَوْلَ اَلزُّورِ. . . منها: ما ورد مستفيضا في تفسير لهو الحديث. . . و منها: ما ورد في تفسير الزور في قوله تعالى: وَ اَلَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ اَلزُّورَ. . .

و بالجملة فالمحرّم هو ما كان من لحون أهل الفسوق و المعاصي التي ورد النهي عن قرائة القرآن بها، سواء كان مساويا للغناء أو أعمّ أو أخصّ، مع أنّ الظاهر أن ليس الغناء إلاّ هو و إن اختلف فيه عبارات الفقهاء و اللغويّين، فعن المصباح: أنّ الغناء الصوت، و عن آخر: أنّه مدّ الصوت. . . و الأحسن من الكلّ ما تقدّم من الصحاح و يقرب منه المحكيّ عن المشهور بين الفقهاء من أنّه مدّ الصوت المشتمل على الترجيع المطرب، و الطرب على ما في الصحاح: خفّة يعتري الإنسان لشدّة حزن أو سرور. . .

2-عن زيد الشحّام قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن قوله عزّ و جلّ: وَ اِجْتَنِبُوا قَوْلَ اَلزُّورِ قال: قول الزور؛ الغناء. (1)

3-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قوله عزّ و جلّ: لا يَشْهَدُونَ اَلزُّورَ قال: الغناء. (2)

4-عن محمّد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام قال: سمعته يقول: الغناء ممّا

ص:286


1- -الوسائل ج 17 ص 303 ح 2
2- الوسائل ج 17 ص 304 ح 3

وعد اللّه عليه النار، و تلا هذه الآية: وَ مِنَ اَلنّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ اَلْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اَللّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَ يَتَّخِذَها هُزُواً أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ. (1)

بيان:

«ممّا وعد اللّه عليه النار» : أي يكون من الكبائر.

5-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سئل عن الغناء و أنا حاضر، فقال: لا تدخلوا بيوتا اللّه معرض عن أهلها. (2)

6-عن الحسن بن هارون قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: الغناء مجلس لا ينظر اللّه إلى أهله، و هو ممّا قال اللّه عزّ و جلّ: وَ مِنَ اَلنّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ اَلْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اَللّهِ. (3)

7-قال الصادق عليه السّلام: شرّ الأصوات الغناء. (4)

8-عن الحسن بن هارون قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: الغناء يورث النفاق، و يعقّب الفقر. (5)

9-عن هشام عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قوله تعالى: فَاجْتَنِبُوا اَلرِّجْسَ مِنَ اَلْأَوْثانِ وَ اِجْتَنِبُوا قَوْلَ اَلزُّورِ قال: الرجس من الأوثان؛ الشطرنج، و قول الزور؛ الغناء. (6)

10-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: المغنّية ملعونة، ملعون من أكل كسبها. (7)

ص:287


1- -الوسائل ج 17 ص 304 ح 6
2- الوسائل ج 17 ص 306 ح 12
3- الوسائل ج 17 ص 307 ح 16
4- الوسائل ج 17 ص 309 ح 22
5- الوسائل ج 17 ص 309 ح 23
6- الوسائل ج 17 ص 310 ح 26
7- الوسائل ج 17 ص 121 ب 15 ح 4

11-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سأله رجل عن بيع الجواري المغنّيات، فقال: شراؤهنّ و بيعهنّ حرام، و تعليمهنّ كفر، و استماعهنّ نفاق. (1)

12-قال الريّان بن الصلت: سألت الرضا عليه السّلام يوما بخراسان: فقلت: يا سيّدي، إنّ إبراهيم بن هاشم العباسيّ حكى عنك أنّك رخّصت له في استماع الغناء، فقال: كذب الزنديق، إنّما سألني عن ذلك، فقلت له: إنّ رجلا سأل أبا جعفر عليه السّلام عن ذلك، فقال له أبا جعفر عليه السّلام: إذا ميّز اللّه بين الحقّ و الباطل فأين يكون الغناء؟ فقال: مع الباطل، فقال له أبو جعفر عليه السّلام: قد قضيت. (2)

13-عن جابر عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال: كان إبليس أوّل من ناح، و أوّل من تغنّى، و أوّل من حدا، قال: لمّا أكل آدم من الشجرة تغنّى. . . (3)

14-عن أبي بصير قال: كنت عند أبي عبد اللّه عليه السّلام فقال له رجل: بأبي و أمّي، إنّي أدخل كنيفا لي، و لي جيران و عندهم جوار يتغنّين و يضربن بالعود، فربّما أطلت الجلوس استماعا منّي لهنّ، فقال: لا تفعل.

فقال الرجل: و اللّه ما هو شيء آتيه برجلي إنّما هو سماع أسمعه باذني، فقال له: أنت أما سمعت اللّه (يقول م) : إِنَّ اَلسَّمْعَ وَ اَلْبَصَرَ وَ اَلْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلاً (4)؟ قال: بلى و اللّه، فكأنّي لم أسمع هذه الآية قطّ من كتاب اللّه من عجميّ و لا من عربيّ، لا جرم إنّي لا أعود إن شاء اللّه، و إنّي أستغفر اللّه.

فقال له: قم فاغتسل و صلّ ما بدالك، فإنّك كنت مقيما على أمر عظيم ما كان أسوأ حالك لو متّ على ذلك! احمد اللّه و سله التوبة من كلّ ما يكره، إنّه لا يكره

ص:288


1- -الوسائل ج 17 ص 124 ب 16 ح 7
2- العيون ج 2 ص 14 ب 30 ح 32
3- البحار ج 6 ص 33 باب التوبة ح 44
4- الإسراء:36

إلاّ [كلّ] القبيح، و القبيح دعه لأهله فإنّ لكلّ أهلا. (1)

15-عن حمّاد بن عثمان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سألته عن قَوْلَ اَلزُّورِ قال: منه قول الرجل للّذي يغنّي: أحسنت. (2)

16-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: الغناء رقية الزنا. (3)

بيان:

«الرقية» : هي أن يستعان بها للحصول على أمر من قوى غير الطبيعيّة مثل العوذة.

ص:289


1- -البحار ج 6 ص 34 ح 48
2- البحار ج 79 ص 245 باب الغناء ح 21
3- البحار ج 79 ص 247 ح 26

ص:290

144- الغيبة

الآيات

1- لا يُحِبُّ اَللّهُ اَلْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ اَلْقَوْلِ إِلاّ مَنْ ظُلِمَ وَ كانَ اَللّهُ سَمِيعاً عَلِيماً. (1)

2- إِنَّ اَلَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ اَلْفاحِشَةُ فِي اَلَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ فِي اَلدُّنْيا وَ اَلْآخِرَةِ وَ اَللّهُ يَعْلَمُ وَ أَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ. (2)

3- يا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا اِجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ اَلظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ اَلظَّنِّ إِثْمٌ وَ لا تَجَسَّسُوا وَ لا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَ يُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَ اِتَّقُوا اَللّهَ إِنَّ اَللّهَ تَوّابٌ رَحِيمٌ. (3)

4- وَ لا تُطِعْ كُلَّ حَلاّفٍ مَهِينٍ- هَمّازٍ مَشّاءٍ بِنَمِيمٍ. (4)

5- وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ. الآيات. (5)

ص:291


1- -النساء:148
2- النور:19
3- الحجرات:12
4- القلم:10 و 11
5- الهمزة:1

الأخبار

1-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: الغيبة أسرع في دين الرجل المسلم من الأكلة في جوفه.

قال: و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: الجلوس في المسجد انتظار الصلاة عبادة ما لم يحدث، قيل: يا رسول اللّه، و ما يحدث؟ قال: الاغتياب. (1)

بيان:

في المرآة ج 10 ص 406، «الأكلة» كفرحة: داء في العضو يأتكل منه كما في القاموس و غيره، و قد يقرء بمدّ الهمزة على وزن فاعلة أي العلّة التي تأكل اللحم و الأوّل أوفق باللغة. . . (خوره-جذام) .

«الغيبة» في المصباح: اغتابه اغتيابا إذا ذكره بما يكره من العيوب و هو حقّ و الاسم الغيبة، فإن كان باطلا فهو الغيبة في بهت.

و في القاموس، غابه: عابه و ذكره بما فيه من السوء كاغتابه.

و في المرآة، قال الجوهريّ: اغتابه اغتيابا إذا وقع فيه، و الاسم الغيبة، و هو أن يتكلّم خلف إنسان مستور بما يغمّه لو سمعه، فإن كان صدقا سمّي غيبة، و إن كان كذبا سمّي بهتانا، أقول: هذا بحسب اللغة و أمّا بحسب عرف الشرع فهو ذكر الإنسان المعيّن أو من هو بحكمه في غيبته بما يكره نسبته إليه و هو حاصل فيه، و يعدّ نقصا في العرف، بقصد الانتقاص و الذمّ قولا أو إشارة أو كناية، تعريضا أو تصريحا، فلا غيبة في غير معيّن كواحد مبهم غير محصور كأحد أهل البلد. . .

أقول: و قريب منه قول الشهيد الثاني رحمه اللّه في كشف الريبة ص 51.

و في جامع السعادات ج 2 ص 303، الغيبة: و هي أن يذكر الغير بما يكرهه لو بلغه،

ص:292


1- -الكافي ج 2 ص 266 باب الغيبة ح 1

سواء كان ذلك بنقص في بدنه أو في أخلاقه أو في أقواله، أو في أفعاله المتعلّقة بدينه أو دنياه، بل و إن كان بنقص في ثوبه أو داره أو دابّته. و الدليل على هذا التعميم-بعد إجماع الامّة على أنّ من ذكر غيره بما يكرهه إذا سمعه فهو مغتاب-ما روي عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال: «هل تدري ما الغيبة؟ قالوا: اللّه و رسوله أعلم قال: ذكرك أخاك بما يكره، قيل له: أ رأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال: إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته، و إن لم يكن فيه فقد بهته» .

و ما روي: «أنّه ذكر رجل عنده، فقالوا: ما أعجزه! فقال صلّى اللّه عليه و آله: اغتبتم أخاكم، قالوا: يا رسول اللّه: قلنا ما فيه، قال: إن قلتم ما ليس فيه فقد بهتموه» و ما روي عن عائشة قالت: «دخلت علينا امرأة، فلمّا ولّت، أو مأت بيدي أنّها قصيرة، فقال صلّى اللّه عليه و آله: اغتبتيها» . . .

و قال رحمه اللّه (ص 305) : و الحاصل أنّ الاجماع و الأخبار متطابقان على أنّ حقيقة الغيبة هو أن يذكر الغير بما يكرهه إذا سمعه، سواء كان ذلك بنقص في نفسه أو بدنه، أو في دينه أو دنياه، أو فيما يتعلّق به من الأشياء. . .

اعلم أنّ الغيبة لا تنحصر باللسان، بل كلّ ما يفهم نقصان الغير، و يعرّف ما يكرهه فهو غيبة، سواء كان بالقول أو الفعل، أو التصريح أو التعريض أو بالإشارة و الإيماء، أو بالغمز و الرمز، أو بالكتابة و الحركة. . .

أقول: أمّا الأخبار ففي بعضها: «أنّ الغيبة ذكرك أخاك بما يكره» و هذا المعنى مطابق للإجماع و اللغة. و في بعضها: «أنّ الغيبة الكشف عمّا ستره اللّه» ، فلا بدّ أن تحمل على الأولى، لأنّ إظهار العيب المستور غالبا يكره الغير، مضافا إلى قول اللغويّين و الإجماع المنقول عن النراقي رحمه اللّه و الشهرة عن الشهيد رحمه اللّه (في كشف الريبة) و غيره.

فالغيبة هي أن يذكر الإنسان غيره بما فيه من العيب بما يكرهه إذا سمعه. و أمّا كشف المستور إذا لم يكره الغير فحرام أيضا لا لكونه غيبة بل لكونه كشفا

ص:293

عن عورة المؤمن، أو كونه إشاعة الفاحشة، أو لأنّ فيه مهانة المؤمن و سقوطه عن أعين الناس، أو غير ذلك ممّا ورد ذمّه في الأخبار.

و لا يخفى أنّ الغيبة حرام بالأدلة الأربعة كما عن الشيخ الأنصاريّ رحمه اللّه في المكاسب و غيره و أنّها كبيرة موبقة.

2-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من قال في مومن ما رأته عيناه و سمعته أذناه فهو من الذين قال اللّه عزّ و جلّ: إِنَّ اَلَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ اَلْفاحِشَةُ فِي اَلَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ. (1)

3-عن داود بن سرحان قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الغيبة، قال: هو أن تقول لأخيك في دينه ما لم يفعل، و تبثّ عليه أمرا قد ستره اللّه عليه لم يقم عليه فيه حدّ. (2)

بيان:

«ما لم يفعل» : يعني ما لا يكون باختياره كالعيوب الخلقيّة، و ذلك لفرق الغيبة عن البهتان.

4-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سئل النبيّ صلّى اللّه عليه و آله؛ ما كفّارة الاغتياب؟ قال: تستغفر اللّه لمن اغتبته كلّما ذكرته. (3)

بيان:

اعلم أنّ مقتضى كون الغيبة من حقوق الناس توقّف رفعها-بعد التوبة و الندم للخروج عن حقّ اللّه-على إسقاط صاحبها حقّه و الاستحلال منه، و أمّا كونها من حقوق الناس فلأنّه ظلم على المغتاب، و للأخبار الواردة في أنّ من حقوق المؤمن على المؤمن أن لا يغتابه، و ورد: أنّ حرمة عرضه كحرمة دمه و ماله، و أمّا

ص:294


1- -الكافي ج 2 ص 266 ح 2
2- الكافي ج 2 ص 266 ح 3
3- الكافي ج 2 ص 266 ح 4

توقّف رفعها على إيراء ذي الحقّ فمعلوم.

و أمّا الأخبار ففي بعضها: أنّ الغيبة لا يغفر حتّى يغفر صاحبها، و في بعضها: أن يستغفر له، و العلماء خصّوا الأوّل-جمعا بين الروايات-بما إذا يمكن إعلام المغتاب و لا يكون في إعلامه و استرضاءه مظنّة العداوة و الفتنة، و إلاّ فليكثر له الدعاء و الاستغفار من دون أن يخبره بها.

و يستحبّ للمعتذر إليه قبول العذر و الإحلال استحبابا مؤكّدا و يدلّ على ذلك أخبار كثيرة. (لاحظ كشف الريبة ص 111 ف 5 في كفّارة الغيبة)

5-قال أبو الحسن عليه السّلام: من ذكر رجلا من خلفه بما هو فيه ممّا عرفه الناس لم يغتبه، و من ذكره من خلفه بما هو فيه ممّا لا يعرفه الناس اغتابه، و من ذكره بما ليس فيه فقد بهته. (1)

6-عن عبد الرحمان بن سيّابة قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: الغيبة أن تقول في أخيك ما ستره اللّه عليه، و أمّا الأمر الظاهر فيه مثلّ الحدّة و العجلة فلا، و البهتان أن تقول فيه ما ليس فيه. (2)

بيان:

«الحدّة» : ما يعتري الإنسان من الغضب و النزق.

«العجلة» : السرعة و المبادرة في الامور من غير تأمّل.

7-في وصيّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لأبي ذرّ رحمه اللّه قال: يا أبا ذرّ، إيّاك و الغيبة فإنّ الغيبة أشدّ من الزنا، قلت: يا رسول اللّه، و لم ذاك بأبي أنت و امّي؟ قال: لأنّ الرجل يزني فيتوب إلى اللّه فيتوب اللّه عليه، و الغيبة لا تغفر حتّى يغفرها صاحبها.

يا أبا ذرّ، سباب المسلم فسوق، و قتاله كفر، و أكل لحمه من معاصي اللّه،

ص:295


1- -الكافي ج 2 ص 266 ح 6
2- الكافي ج 2 ص 267 ح 7

و حرمة ماله كحرمة دمه، قلت: يا رسول اللّه، و ما الغيبة؟ قال: ذكرك أخاك بما يكرهه، قلت: يا رسول اللّه، فإن كان فيه ذاك الذي يذكر به؟ قال: اعلم [أنّك] إذا ذكرته بما هو فيه فقد اغتبته، و إذا ذكرته بما ليس فيه فقد بهّته.

يا أبا ذرّ، من ذبّ عن أخيه المسلم الغيبة كان حقّا على اللّه عزّ و جلّ أن يعتقه من النار.

يا أبا ذرّ، من اغتيب عنده أخوه المسلم و هو يستطيع نصره فنصره، نصره اللّه عزّ و جلّ في الدنيا و الآخرة، فإن خذله و هو يستطيع نصره خذله اللّه في الدنيا و الآخرة. (1)

8-قال الصادق جعفر بن محمّد عليه السّلام: إذا جاهر الفاسق بفسقه فلا حرمة له و لا غيبة. (2)

بيان:

قد جوّز العلماء الغيبة في موارد منها: المتجاهر بالفسق فيجوز اغتيابه في العيب المتجاهر به، إذا كان فيها نفع كترك الفاسق المعصية أو غير ذلك، و إلاّ لا يجوز لئلاّ يعتاد العبد بالغيبة، و لئلاّ تشيع الفاحشة و الفسق و الإثم و لئلاّ يجتري الفاسق على المعصية و غير ذلك.

منها: تظلّم المظلوم من الظالم.

منها: قصد حسم مادّة فساد المغتاب عن الناس كالمبتدع الذي يخاف إضلاله للناس.

منها: النصيحة للمستشير

منها: الاستفتاء بأن يقول للمفتي: ظلمني فلان في حقّي فكيف الطريق إلى الخلاص

ص:296


1- -أمالي الطوسي ج 2 ص 150( البحار ج 77 ص 91)
2- أمالي الصدوق ص 39 م 10 ح 7

و نحوه.

منها: شكاية المظلوم عند القاضي.

منها: الجرح و التعديل للشاهد و الراوي.

منها: ذكر المبتدعة و تصانيفهم الفاسدة و آرائهم المضلّة، و القدح في مقالة باطلة و إن دلّ على نقصان قائلها.

منها: دفع الضرر عن المغتاب.

منها: قصد ردع المغتاب عن المنكر إلى غير ذلك من الموارد.

و الضابط في الرخصة وجود المصلحة الغالبة على مفسدة هتك احترام المؤمن، و بالجملة فالتحرّز عنها أولى لتتّسم النفس بالأخلاق الفاضلة، و لأنّ النفس مائلة إلى الشرور، و قد يخفى علينا حيلها لحبّ أو بغض؛ فيرى أنّه لم يغتب و قد وقع في أعظمها.

يا أخي، أخوك دينك فاحتط لدينك، و طوبى لمن شغل عيبه عن عيوب الناس و باللّه اعتصمنا في الامور.

9-عن الصادق عن آبائه عن عليّ عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من مدح أخاه المؤمن في وجهه و اغتابه من ورائه فقد انقطع ما بينهما من العصمة. (1)

10-عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: المؤمن من ائتمنه المؤمنون على أنفسهم و أموالهم، و المسلم من سلم المسلمون من يده و لسانه، و المهاجر من هجر السيّئات و ترك ما حرّم اللّه، و المؤمن حرام على المؤمن أن يظلمه أو يخذله أو يغتابه أو يدفعه دفعة. (2)

ص:297


1- -أمالي الصدوق ص 581 م 85 ح 21
2- الوسائل ج 12 ص 278 ب 152 من العشرة ح 1-و قد مرّ ما بمضمونه في باب الإيمان.

11-عن الصادق عن آبائه عليهم السّلام (في حديث المناهي) أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله نهى عن الغيبة و الاستماع إليها، و نهى عن النميمة و الاستماع إليها، و قال: لا يدخل الجنّة قتّات-يعني: نمّاما-.

و نهى عن المحادثة التي تدعو إلى غير اللّه، و نهى عن الغيبة و قال: من اغتاب امرءا مسلما بطل صومه، و نقض وضوءه، و جاء يوم القيامة يفوح من فيه رائحة أنتن من الجيفة يتأذّى به أهل الموقف، و إن مات قبل أن يتوب مات مستحلاّ لما حرّم اللّه عزّ و جلّ.

ألا و من تطوّل على أخيه في غيبة سمعها فيه في مجلس فردّها عنه ردّ اللّه عنه ألف باب من الشرّ في الدنيا و الآخرة، فإن هو لم يردّها و هو قادر على ردّها كان عليه كوزر من اغتابه سبعين مرّة. (1)

12-قال الصادق جعفر بن محمّد عليه السّلام: إنّ من الغيبة أن تقول في أخيك ما ستره اللّه عليه، و إنّ من البهتان أن تقول في أخيك ما ليس فيه. (2)

13-. . . قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: إيّاكم و الغيبة، فإنّ الغيبة أشدّ من الزنا. (3)

14-في مواعظ الحسين عليه السّلام، و قال عليه السّلام لرجل اغتاب عنده رجلا: يا هذا، كفّ عن الغيبة فإنّها إدام كلاب النار. (4)

15-قال الصادق عليه السّلام: . . . فمن لم تره بعينك يرتكب ذنبا أو لم يشهد عليه بذلك شاهدان، فهو من أهل العدالة و الستر، و شهادته مقبولة، و إن كان في نفسه مذنبا، و من اغتابه بما فيه فهو خارج عن ولاية اللّه عزّ و جلّ، داخل في ولاية الشيطان.

ص:298


1- -الوسائل ج 12 ص 282 ح 13
2- الوسائل ج 12 ص 282 ح 14
3- الوسائل ج 12 ص 284 ح 18
4- تحف العقول ص 176

و لقد حدّثني أبي عن أبيه عن آبائه عليهم السّلام أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال: من اغتاب مؤمنا بما فيه لم يجمع اللّه بينهما في الجنّة أبدا، و من اغتاب مؤمنا بما ليس فيه انقطعت العصمة بينهما، و كان المغتاب في النار خالدا فيها، و بئس المصير. (1)

16-عن نوف البكاليّ عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال: اجتنب الغيبة فإنّها إدام كلاب النار.

ثمّ قال عليه السّلام: يا نوف، كذب من زعم أنّه ولد من حلال و هو يأكل لحوم الناس بالغيبة. . . (2)

17-قال الرضا عليه السّلام: من ألقى جلباب الحياء فلا غيبة له. (3)

18-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: ترك الغيبة أحبّ إلى اللّه عزّ و جلّ من عشرة ألاف ركعة تطوّعا. (4)

19-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: من اغتاب مسلما أو مسلمة لم يقبل اللّه صلاته و لا صيامه أربعين يوما و ليلة، إلاّ أن يغفر له صاحبه.

و قال صلّى اللّه عليه و آله: من اغتاب مسلما في شهر رمضان لم يؤجر على صيامه. (5)

20-و عن سعيد بن جبير عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال: يؤتى بأحد يوم القيامة يوقف بين يدي اللّه و يدفع إليه كتابه فلا يرى حسناته، فيقول: إلهي ليس هذا كتابي فإنّي لا أرى فيها طاعتي، فيقال له: إنّ ربّك لا يضلّ و لا ينسى، ذهب عملك باغتياب الناس، ثمّ يؤتى بآخر و يدفع إليه كتابه فيرى فيها طاعات كثيرة فيقول: إلهي ما هذا كتابي، فإنّي ما عملت هذه الطاعات، فيقال: لأنّ فلانا

ص:299


1- -البحار ج 75 ص 248 باب الغيبة ح 12
2- البحار ج 75 ص 248 ح 13
3- البحار ج 75 ص 260 ح 59
4- البحار ج 75 ص 261 ح 66
5- البحار ج 75 ص 258 ح 53

اغتابك فدفعت حسناته إليك. (1)

21-و قال صلّى اللّه عليه و آله: ما عمر مجلس بالغيبة إلاّ خرب من الدين، فنزّهوا أسماعكم من استماع الغيبة، فإنّ القائل و المستمع لها شريكان في الإثم. (2)

22-و قال صلّى اللّه عليه و آله: عذاب القبر من النميمة و الغيبة و الكذب. (3)

أقول:

قد مرّ في باب الغضب عنه صلّى اللّه عليه و آله: أربعة جواهر تزيلها أربعة: . . . و أمّا الغيبة فيزيل العمل الصالح.

23-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: الغيبة جهد العاجز. (4)

24-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من اغتاب مؤمنا فكأنّما قتل نفسا متعمّدا. (5)

25-إنّ اللّه تعالى قال لموسى عليه السّلام: من مات تائبا من الغيبة فهو آخر من يدخل الجنّة. و من مات مصرّا عليها فهو أوّل من يدخل النار. (6)

26-و قال صلّى اللّه عليه و آله: رأيت ليلة الإسراء رجالا تقرض شفاههم بمقاريض من نار، قيل: من هم؟ قال: الذين يغتابون الناس. (7)

27-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: لا غيبة لثلاثة (لثلاث ف ن) : سلطان جائر، و فاسق معلن، و صاحب بدعة. (8)

ص:300


1- -البحار ج 75 ص 259 ح 53
2- البحار ج 75 ص 259 ح 53
3- البحار ج 75 ص 259 ح 53
4- نهج البلاغة ص 1297 ح 453- الغرر ج 1 ص 36 ف 1 ح 1115
5- المستدرك ج 9 ص 125 ب 132 من العشرة ح 48
6- المستدرك ج 9 ص 126 ح 50
7- المستدرك ج 9 ص 126 ح 51
8- المستدرك ج 9 ص 128 ب 134 ح 1

28-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: إنّ الغيبة حرام على كلّ مسلم، و إنّ الغيبة لتأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب. (1)

29-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: إيّاكم و الغيبة، فإنّها شبيهة بالكفر و اعلموا أنّ القذف و الغيبة يهدمان عمل مأة سنة. (2)

30-قال الصادق عليه السّلام: إنّك إن اغتبت فبلغ المغتاب فاستحلّ عنه، و إن لم يبلغه فاستغفر اللّه. (3)

31-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ثلاث ليس عليهم غيبة: من جهر بفسقه، و من جار في حكمه، و من خالف قوله فعله. (4)

بيان:

ليس عليهم غيبة في خصوص الأعمال المشار إليها في الحديث.

32-و قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: الغيبة على أربعة أوجه: الأوّل ينجرّ إلى الكفر، و الثاني إلى النفاق، و الثالث إلى المعصية، و الرابع إلى المباح. أمّا أنّ الغيبة ينجرّ إلى الكفر؛ من اغتاب مسلما قيل له: لم تغتب قال: ليس هذا بغيبة، فهو كفر. و أمّا أنّه ينجرّ إلى النفاق؛ من اغتاب مسلما و لم يذكر اسمه و المستمعون يعرفونه. و أمّا أنّه ينجرّ إلى المعصية؛ من اغتاب مسلما بشيء إذا سمع يسيء. و أمّا أنّه ينجرّ إلى المباح؛ فغيبة الأمير الفاسق الجائر و الفاجر. (5)

33-أتى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله رجل فقال: يا رسول اللّه، إنّي لا أصوم إلاّ شهر رمضان لا أزيد عليه، و لا أصلّي إلاّ الخمس لا أزيد عليها، و ليس للّه عندي

ص:301


1- -مجموعة الأخبار ص 217 ب 127
2- مجموعة الأخبار ص 217
3- مجموعة الأخبار ص 218
4- الاثنى عشريّة ص 92 ب 3 ف 5
5- الاثنى عشريّة ص 158 ب 4 ف 2

صدقة و لا حجّ و لا تطوّع، أنا أين إذا متّ؟ قال: معي في الجنّة إذا حفظت لسانك من اثنين: الغيبة و الكذب، و قلبك من اثنين: الغلّ و الحسد، و نظرك من اثنين: ترك النظر إلى ما حرّم اللّه، و لا تؤذي مسلما دخلت معي في الجنّة. (1)

34-قال الصادق عليه السّلام: الغيبة حرام على كلّ مسلم، مأثوم صاحبها في كلّ حال، و صفة الغيبة؛ أن تذكر أحدا بما ليس هو عند اللّه عيب، و تذّم ما تحمده أهل العلم فيه. . . و وجوه الغيبة تقع بذكر عيب في الخلق و الخلق و العقل و الفعل و المعاملة و المذهب و الجهل و أشباهه.

و أصل الغيبة متنوّع بعشرة أنواع: شفاء غيظ، و مساعدة قوم، و تهمة، و تصديق خبر بلا كشفه، و سوء ظنّ، و حسد، و سخريّة، و تعجّب، و تبرّم، و تزيّن، فإن أردت السلامة فاذكر الخالق لا المخلوق، فيصير لك مكان الغيبة عبرة، و مكان الإثم ثوابا. (2)

بيان:

«بعشرة أنواع» : إنّ الأسباب الباعثة على الغيبة كثيرة و هذه أهمّها و منها: الغضب و الحقد و اللعب و الهزل و المطايبة و الافتخار و المباهاة، و قد ينسب إلى الآخر شيئا من القبائح فيريد أن يبرّأ نفسه منه، أو ليمهّد بذلك عذر نفسه في فعله، و قد يكون لمرافقة الأقران و الأحباب، و مساعدتهم على الكلام، فيساعدهم على إظهار عيوب المؤمنين.

و اعلم أنّه كما لا تجوز الغيبة كذلك يجب أن لا يفعل ما يوجب غيبته، لئلاّ يكون معاونا على الإثم، و لذا قالوا: رحم اللّه من جبّ غيبة الناس عن نفسه.

ص:302


1- -الاثنى عشريّة ص 39 ب 2 ف 3
2- مصباح الشريعة ص 32 ب 49

35-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

الغيبة شرّ الإفك. (الغرر ج 1 ص 20 ف 1 ح 539)

الغيبة آية المنافق. (ص 31 ح 949)

الغيبة قوت كلاب النار. (ص 38 ح 1187)

السامع للغيبة كالمغتاب. (ص 40 ح 1215)

العاقل من صان لسانه عن الغيبة. (ص 84 ح 1976)

إيّاك و الغيبة فإنّها تمقّتك إلى اللّه و الناس و تحبط أجرك.

(ص 146 ف 5 ح 2)

إيّاك أن تجعل مركبك لسانك في غيبة إخوانك أو تقول ما يصير عليك حجّة و في الإسائة إليك علّة. (ص 156 ح 94)

ألأم الناس المغتاب. (ص 177 ف 8 ح 83)

أبغض الخلائق إلى اللّه المغتاب. (ص 192 ح 306)

من نقل إليك نقل عنك. (ج 2 ص 715 ف 77 ح 1470)

من أقبح اللوم غيبة الأخيار. (ص 728 ف 78 ح 62)

لا تعوّد نفسك الغيبة، فإنّ معتادها عظيم الجرم. (ص 810 ف 85 ح 149)

يسير الغيبة إفك. (ص 866 ف 89 ح 3)

ص:303

ص:304

145- الغيرة

الأخبار

1-عن عبد اللّه بن مسكان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ اللّه عزّ و جلّ خصّ رسله بمكارم الأخلاق، فامتحنوا أنفسكم، فإن كانت فيكم فاحمدوا اللّه، و اعلموا أنّ ذلك من خير، و إن لا تكن فيكم فاسألوا اللّه و ارغبوا إليه فيها، قال: فذكر [ها] عشرة: اليقين، و القناعة، و الصبر، و الشكر، و الحلم، و حسن الخلق، و السخاء، و الغيرة، و الشجاعة، و المروءة.

قال: و روى بعضهم بعد هذه الخصال العشرة و زاد فيها: الصدق، و أداء الأمانة. (1)

بيان:

قال في المرآة ج 7 ص 348: «الغيرة» : الحميّة في الدين و ترك المسامحة فيما يرى في نسائه و حرمه من القبايح، لا تغيّر الطبع بالباطل و الحميّة فيه، و القتل و الضرب بالظنّ من غير ثبوت شيء عليه شرعا و أمثال ذلك.

و قال رحمه اللّه في ج 20 ص 375: قيل: الغيرة؛ عبارة عن تغيّر القلب و هيجان الحفيظة بسبب هتك الحريم.

ص:305


1- -الكافي ج 2 ص 46 باب المكارم ح 2-و نظيره ح 3

و في جامع السعادات ج 1 ص 264: عدم الغيرة و الحميّة، و هو الإهمال في محافظة ما يلزم محافظته؛ من الدين، و العرض، و الأولاد، و الأموال، و هو من نتائج صغر النفس و ضعفها، و من المهلكات العظيمة، و ربما يؤدّي إلى الدياثة و القيادة. . . و ضدّه (الغيرة و الحميّة) و هو السعي في محافظة ما يلزم محافظته، و هو من نتائج الشجاعة و كبر النفس و قوّتها، و هي شرائف الملكات، و بها تتحقّق الرجوليّة و الفحليّة، و الفاقد لها غير معدود من الرجال. . .

2-قال أبو جعفر عليه السّلام: أتي النبيّ صلّى اللّه عليه و آله باسارى، فأمر بقتلهم و خلّى رجلا من بينهم، فقال الرجل: يا نبيّ اللّه، كيف أطلقت عنّي من بينهم؟ فقال: أخبرني جبرئيل عن اللّه جلّ جلاله أنّ فيك خمس خصال يحبّها اللّه و رسوله: الغيرة الشديدة على حرمك، و السخاء، و حسن الخلق، و صدق اللسان، و الشجاعة، فلمّا سمعها الرجل أسلم و حسن إسلامه و قاتل مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قتالا شديدا حتّى استشهد. (1)

3-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ليس الغيرة إلاّ للرجال، فأمّا النساء فإنّما ذلك منهنّ حسد. و الغيرة للرجال و لذلك حرّم (اللّه) على النساء إلاّ زوجها و أحلّ للرجل أربعا، فإنّ اللّه أكرم من أن يبتليهنّ بالغيرة و يحلّ للرجل معها ثلاثا. (2)

4-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ اللّه غيور يحبّ كلّ غيور و من غيرته حرّم الفواحش ظاهرها و باطنها. (3)

5-عن عبد اللّه بن أبي يعفور قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: إذا لم يغر الرجل فهو منكوس القلب. (4)

ص:306


1- -الخصال ج 1 ص 282 باب الخمسة ح 28
2- الوسائل ج 20 ص 152 ب 77 من مقدّمات النكاح ح 1
3- الوسائل ج 20 ص 153 ح 2
4- الوسائل ج 20 ص 153 ح 3

6-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إذا اغير الرجل في أهله أو بعض مناكحه من مملوكه فلم يغر و لم يغيّر، بعث اللّه إليه طائرا يقال له: القفندر حتّى يسقط على عارضة بابه، ثمّ يمهله أربعين يوما، ثمّ يهتف به: إنّ اللّه غيور يحبّ كلّ غيور، فإن هو غار و غيّر فأنكر ذلك و إلاّ طار حتّى يسقط على رأسه فيخفق بجناحيه (على عينيه م) ثمّ يطير عنه فينزع اللّه بعد ذلك منه روح الإيمان و تسمّيه الملائكة الديّوث. (1)

بيان:

«العارضة» : الخشبة العليا التي يدور فيها الباب. «فيخفق» أخفق الطائر: ضرب بجناحيه.

7-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: كان أبي إبراهيم عليه السّلام غيورا و أنا أغير منه، و أرغم اللّه أنف من لا يغار من المؤمنين. (2)

أقول:

في مشكوة الأنوار ص 236 ب 5 ف 6: عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: كان إبراهيم غيورا و إذا خرج من منزله أغلق بابه و أخذ مفاتيحه.

و في سفينة البحار ج 2 ص 338(غير) : إنّ موسى عليه السّلام كان رجلا غيورا لا يصحب الرفقة لئلاّ ترى امرأته.

8-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ شيطانا يقال له: القفندر، إذا ضرب في منزل الرجل أربعين صباحا بالبربط و دخل عليه الرجال، وضع ذلك الشيطان كلّ عضو منه على مثله من صاحب البيت، ثمّ نفخ فيه نفخة، فلا يغار بعد هذا حتّى تؤتى نساؤه فلا يغار. (3)

ص:307


1- -الوسائل ج 20 ص 153 ح 4
2- الوسائل ج 20 ص 154 ح 7
3- الوسائل ج 20 ص 153 ح 5

9-عن جابر عن أبي جعفر عليه السّلام قال: غيرة النساء الحسد، و الحسد هو أصل الكفر، إنّ النساء إذا غرن غضبن و إذا غضبن كفرن إلاّ المسلمات منهنّ. (1)

10-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: يا أهل العراق، نبئّت أنّ نساءكم يدافعن الرجال في الطريق، أما تستحيون؟

و روى البرقيّ في المحاسن مثله و زاد: «و قال: لعن اللّه من لا يغار» . (2)

أقول:

«يدافعن الرجال» في المحاسن ص 115: "يوافقن الرجال".

11-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: أما تستحيون و لا تغارون، نساءكم يخرجن إلى الأسواق و يزاحمن العلوج. (3)

بيان:

«العلوج» كفّار العجم و يطلق في الأحاديث على غير الشيعة.

12-في وصيّة أمير المؤمنين لابنه الحسن عليهما السّلام: و إيّاك و التغاير في غير موضع غيرة، فإنّ ذلك يدعو الصحيحة إلى السقم، و البريئة إلى الريب. (4)

13-قال عليه السّلام: قدر الرجل على قدر همّته. . . و عفّته على قدر غيرته. (5)

14-و قال عليه السّلام: غيرة المرأة كفر، و غيرة الرجل إيمان. (6)

15-و قال عليه السّلام: ما زنى غيور قطّ. (7)

ص:308


1- -الوسائل ج 20 ص 156 ب 78 ح 3
2- الوسائل ج 20 ص 235 ب 132 ح 1
3- الوسائل ج 20 ص 235 ح 2
4- نهج البلاغة ص 939 في ر 31
5- نهج البلاغة ص 1110 ح 44
6- نهج البلاغة ص 1144 ح 119
7- نهج البلاغة ص 1232 ح 297

16-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: من الغيرة غيرة يبغضها اللّه و رسوله، و هي غيرة الرجل على أهله من غير ريبة. (1)

17-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: لا تكثر الغيرة على أهلك فترمى بالسوء من أجلك. (2)

18-قال الرضا عليه السّلام: في الديك الأبيض خمس خصال من خصال الأنبياء: معرفته بأوقات الصلاة، و الغيرة، و السخاء، و الشجاعة، و كثرة الطروقة. (3)

19-عن جعفر بن محمّد عن أبيه عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: الغيرة من الإيمان، و البذاء من النفاق. (4)

20-في مواعظ الصادق عليه السّلام: إنّ المرء يحتاج في منزله و عياله إلى ثلاث خلال يتكلّفها و إن لم يكن في طبعه ذلك: معاشرة جميلة، وسعة بتقدير، و غيرة بتحصّن. (5)

بيان:

الخلّة: الخصلة و الجمع خلال.

21-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

دليل غيرة الرجل عفّته. (الغرر ج 1 ص 401 ف 31 ح 4)

على قدر الهمّة تكون الحميّة. (ج 2 ص 487 ف 51 ح 3)

على قدر الحميّة تكون الغيرة. (ح 4)

ص:309


1- -جامع السعادات ج 1 ص 269
2- جامع السعادات ج 1 ص 269
3- البحار ج 71 ص 342 باب الغيرة و الشجاعة ح 1
4- البحار ج 71 ص 342 ح 2
5- البحار ج 78 ص 236

غيرة الرجال إيمان-غيرة المرئة عدوان. (ص 506 ف 57 ح 3 و 4)

غيرة الرجل على قدر أنفته (1). (ح 5)

غيرة المؤمن باللّه سبحانه. (ح 15)

ص:310


1- -الأنفة: عزّة النفس

حرف الفاء

146- الفحش و السباب و البذاء

الآيات

1- وَ إِذْ أَخَذْنا مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ . . . وَ قُولُوا لِلنّاسِ حُسْناً. . . (1)

2- وَ لا تَسُبُّوا اَلَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اَللّهِ فَيَسُبُّوا اَللّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ. . . (2)

الأخبار

1-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ أبغض خلق اللّه عبد اتّقى الناس لسانه. (3)

2-عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ من علامات شرك الشيطان الذي لا يشكّ فيه أن يكون فحّاشا، لا يبالي ما قال و لا ما قيل فيه. (4)

بيان:

في المرآة ج 10 ص 270، الفحّاش: من يبالغ في الفحش و يعتاد به، و هو القول السيّئ.

ص:311


1- -البقرة:83
2- الأنعام:108
3- الكافي ج 2 ص 243 باب السفة ح 4
4- الكافي ج 2 ص 243 باب البذاء ح 1

3-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إذا رأيتم الرجل لا يبالي ما قال و لا ما قيل له فإنّه لغيّة أو شرك شيطان. (1)

بيان:

ولد غيّة أي ولد زنا، و هي كلمة تقال في الشتم كما يقال هو لزنية في مقابلة فلان لرشدة.

4-عن سليم بن قيس عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّ اللّه حرّم الجنّة على كلّ فحّاش بذيّ؛ قليل الحياء لا يبالي ما قال و لا ما قيل له، فإنّك إن فتّشته لم تجده إلاّ لغيّة أو شرك شيطان، فقيل: يا رسول اللّه، و في الناس شرك شيطان؟ فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أما تقرأ قول اللّه عزّ و جلّ: وَ شارِكْهُمْ فِي اَلْأَمْوالِ وَ اَلْأَوْلادِ (2).

قال: و سأل رجل فقيها: هل في الناس من لا يبالي ما قيل له؟ قال: من تعرّض للناس يشتمهم و هو يعلم أنّهم لا يتركونه، فذلك الذي لا يبالي ما قال و لا ما قيل فيه. (3)

بيان:

«البذيّ» من البذاء: الفحش.

5-قال أبو جعفر عليه السّلام: إنّ اللّه يبغض الفاحش المتفحّش. (4)

بيان:

في النهاية ج 3 ص 415، «الفاحش» : ذو الفحش في كلامه و فعاله، و المتفحّش: الذي يتكلّف ذلك و يتعمّده. و في المرآة: يحتمل أن يكون المراد بالمتفحّش المتسبّب

ص:312


1- -الكافي ج 2 ص 243 ح 2
2- الإسراء:64
3- الكافي ج 2 ص 244 ح 3
4- الكافي ج 2 ص 244 ح 4

لفحش غيره له، أو القابل له الذي لا يبالي به كما مرّ.

6-عن سماعة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّ من شرّ عباد اللّه من تكره مجالسته لفحشه. (1)

7-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ الفحش و البذاء و السلاطة من النفاق. (2)

بيان:

«السلاطة» : القهر، و الصخب و حدّة اللسان و شدّته، من السلط و هو طويل اللسان، (زبان درازى) .

8-عن جابر عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّ اللّه يبغض الفاحش البذيّ و السائل الملحف. (3)

9-عن زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لعائشة: يا عائشة، إنّ الفحش لو كان ممثّلا لكان مثال سوء. (4)

10-عن أحمد بن محمّد عن بعض رجاله قال: قال: من فحّش على أخيه المسلم نزع اللّه منه بركة رزقه، و وكله إلى نفسه، و أفسد عليه معيشته. (5)

11-عن سماعة قال: دخلت على أبي عبد اللّه عليه السّلام فقال لي مبتدئا: يا سماعة، ما هذا الذي كان بينك و بين جمّالك؟ إيّاك أن تكون فحّاشا أو صخّابا أو لعّانا، فقلت: و اللّه لقد كان ذلك إنّه ظلمني، فقال: إن كان ظلمك لقد أربيت عليه، إنّ هذا ليس من فعالي و لا آمر به شيعتي، استغفر ربّك و لا تعد، قلت:

ص:313


1- -الكافي ج 2 ص 245 ح 8
2- الكافي ج 2 ص 245 ح 10
3- الكافي ج 2 ص 245 ح 11
4- الكافي ج 2 ص 245 ح 12
5- الكافي ج 2 ص 245 ح 13

أستغفر اللّه و لا أعود. (1)

بيان:

«صخّابا» الصخب: شدّة الصوت و الضجّة، و اضطراب الأصوات للخصام.

«أربيت عليه» أي زدت عليه، يعني أنّك بفعلك ظلمته أكثر ممّا كان ظلمك.

12-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: سباب المؤمن كالمشرف على الهلكة. (2)

بيان:

في المرآة ج 11 ص 4: السباب إمّا بكسر السين و تخفيف الباء مصدر، أو بفتح السين و تشديد الباء صيغة مبالغة. . . و السبّ: الشتم و هو بحسب اللغة يشمل القذف أيضا و لا يبعد شمول أكثر هذه الأخبار أيضا له. و في اصطلاح الفقهاء هو السبّ الذي لم يكن قذفا بالزنا و نحوه كقولك: يا شارب الخمر، أو يا آكل الربا، أو يا ملعون، أو يا خائن، أو يا حمار، أو يا كلب، أو يا خنزير، أو يا فاسق، أو يا فاجر، و أمثال ذلك ممّا يتضمّن استخفافا أو إهانة. . .

13-عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: سباب المؤمن فسوق، و قتاله كفر، و أكل لحمه معصية، و حرمة ماله كحرمة دمه. (3)

14-عن أبي الحسن موسى عليه السّلام في رجلين يتسابّان قال: البادي منهما أظلم، و وزره و وزر صاحبه عليه، ما لم يعتذر إلى المظلوم. (4)

بيان:

في المرآة، «ما لم يعتذر إلى المظلوم» : يدلّ على أنّه إذا اعتذر إلى صاحبه و عفى عنه

ص:314


1- -الكافي ج 2 ص 245 ح 14
2- الكافي ج 2 ص 268 باب السباب ح 1
3- الكافي ج 2 ص 268 ح 2
4- الكافي ج 2 ص 268 ح 4

سقط عنه الوزر بالأصالة و بالسببيّة و التعزير أو الحدّ أيضا. . .

أقول: روى رحمه اللّه في باب السفة ح 3 مثله، و لكن فيه: «ما لم يتعدّ المظلوم» لا حظ بيانه في المرآة ج 10 ص 264 أيضا.

15-عن الثمالي قال سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول: إنّ اللعنة إذا خرجت من فيّ صاحبها تردّدت بينهما فإن وجدت مساغا و إلاّ رجعت على صاحبها. (1)

16-عن جعفر بن محمّد عن آبائه عليهم السّلام في وصيّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لعليّ عليه السّلام قال: يا عليّ، أفضل الجهاد من أصبح لا يهمّ بظلم أحد.

يا عليّ، من خاف الناس لسانه فهو من أهل النار.

يا عليّ، شرّ الناس من أكرمه الناس اتّقاء فحشه و شرّه.

يا عليّ، شرّ الناس من باع آخرته بدنياه و شرّ منه من باع آخرته بدنيا غيره. (2)

17-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من سبّ مؤمنا أو مؤمنة بما ليس فيهما، بعثه اللّه في طينة الخبال، حتّى يأتي بالمخرج [ممّا قال] . (3)

18-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: من طعن في مؤمن بشطر كلمة حرّم اللّه عليه ريح الجنّة، و إنّ ريحها ليوجد من مسيرة خمسمأة عام. (4)

19-في مواعظ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: أبعدكم بي شبها البخيل البذيّ الفاحش. (5)

20-عن أمير المؤمنين عليه السّلام-و قد سمع قوما من أصحابه يسبّون أهل الشام أيّام حربهم بصفّين-: إنّي أكره لكم أن تكونوا سبّابين، و لكنّكم لو وصفتم أعمالهم،

ص:315


1- -الكافي ج 2 ص 268 ح 7-و مثله ح 6
2- الوسائل ج 16 ص 34 ب 71 من جهاد النفس ح 11
3- المستدرك ج 9 ص 136 ب 138 من العشرة ح 2
4- المستدرك ج 9 ص 140 ب 139 ح 5
5- تحف العقول ص 37

و ذكرتم حالهم، كان أصوب في القول، و أبلغ في العذر. . . (1)

21-و في رواية أنّ رجلا سبّ رجلا في مجلس رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و هو ساكت لم يردّ عليه، ثمّ شرع بردّه و جوابه، فقام رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و قال: كان ملك يجيبه من قبلك، و لمّا أخذت أنت في جوابه، ذهب و جاء الشيطان، و لم أكن أجلس مجلسا فيه الشيطان. (2)

أقول:

قد مرّ في باب الحلم؛ سمع أمير المؤمنين عليه السّلام رجلا يشتم قنبرا و قد رام قنبر أن يردّ عليه، فناداه أمير المؤمنين عليه السّلام: مهلا يا قنبر، دع شاتمك مهانا، ترضى الرحمن و تسخط الشيطان، و تعاقب عدوّك. . .

22-عن جعفر بن محمّد عن أبيه عليهما السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: لا تسبّوا الرياح فإنّها مأمورة، و لا تسبّوا الجبال و لا الساعات و لا الأيّام و لا الليالي، فتأثموا و ترجع عليكم. (3)

23-عن الرضا عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من سبّ نبيّا من الأنبياء فاقتلوه، و من سبّ وصيّا فقد سبّ نبيّا. (4)

أقول:

الأخبار في ارتداد من سبّهم عليهم السّلام و لزوم قتله كثيرة.

24-عن جابر عن أبي جعفر الباقر عليه السّلام في قول اللّه عزّ و جلّ: وَ قُولُوا لِلنّاسِ حُسْناً قال: قولوا للناس أحسن ما تحبّون أن يقال لكم، فإنّ اللّه عزّ و جلّ يبغض اللعّان السبّاب الطعّان على المؤمنين، الفاحش المتفحّش السائل

ص:316


1- -نهج البلاغة ص 659 خ 197- صبحي ص 323 خ 206
2- مجموعة الأخبار ص 74 ب 47
3- البحار ج 60 ص 9 باب الرياح ح 8
4- البحار ج 79 ص 221 باب حدّ المرتدّ ح 5

الملحف، و يحبّ الحييّ الحليم العفيف المتعفّف. (1)

25-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

الفحش و التفحّش ليسا من الإسلام. (الغرر ج 1 ص 57 ف 1 ح 1545)

احذر فحش القول و الكذب، فإنّهما يزريان بالقائل. (ص 143 ف 4 ح 30)

أسفه السفهاء المتبجّح (2)بفحش الكلام. (ص 197 ف 8 ح 375)

إنّ الفحش و التفحّش ليسا من خلائق الإسلام. (ص 218 ف 9 ح 46)

سنّة اللئام قبح الكلام. (ص 432 ف 39 ح 2)

سخف (سوء ف ن) المنطق يزري بالبهاء و المروّة. (ص 437 ح 70)

سوء المنطق يزري بالقدر و يفسد الاخوّة. (ح 71)

من قلّ عقله ساء خطابه. (ج 2 ص 627 ف 77 ح 340)

من صحبه الحياء في قوله زايله الخناء في فعله. (ص 676 ح 1051)

ما [أ] فحش كريم قطّ. (ص 737 ف 79 ح 26)

ما أفحش حليم. (ص 743 ح 130)

ما تسابّ اثنان إلاّ غلب ألأمهما. (ص 744 ح 150)

ص:317


1- -أمالي الصدوق ص 254 م 44 ح 4
2- أي المسرور

ص:318

147- الفقر

الآيات

1- اَلشَّيْطانُ يَعِدُكُمُ اَلْفَقْرَ وَ يَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشاءِ وَ اَللّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَ فَضْلاً وَ اَللّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ. (1)

2- لِلْفُقَراءِ اَلَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اَللّهِ لا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً فِي اَلْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ اَلْجاهِلُ أَغْنِياءَ مِنَ اَلتَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيماهُمْ لا يَسْئَلُونَ اَلنّاسَ إِلْحافاً وَ ما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اَللّهَ بِهِ عَلِيمٌ. (2)

3- إِنَّمَا اَلصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَ اَلْمَساكِينِ. . . (3)

4- وَ اِصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ اَلَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَ اَلْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَ لا تَعْدُ عَيْناكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ اَلْحَياةِ اَلدُّنْيا. . . (4)

5- . . . فَكُلُوا مِنْها وَ أَطْعِمُوا اَلْبائِسَ اَلْفَقِيرَ. (5)

ص:319


1- -البقرة:268
2- البقرة:273
3- التوبة:60
4- الكهف:28
5- الحجّ:28

6- وَ أَنْكِحُوا اَلْأَيامى مِنْكُمْ وَ اَلصّالِحِينَ مِنْ عِبادِكُمْ وَ إِمائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَراءَ يُغْنِهِمُ اَللّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَ اَللّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ. (1)

7- . . . رَبِّ إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ. (2)

8- يا أَيُّهَا اَلنّاسُ أَنْتُمُ اَلْفُقَراءُ إِلَى اَللّهِ وَ اَللّهُ هُوَ اَلْغَنِيُّ اَلْحَمِيدُ. (3)

9- . . . وَ مَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّما يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَ اَللّهُ اَلْغَنِيُّ وَ أَنْتُمُ اَلْفُقَراءُ. . . (4)

10- وَ أَمّا إِذا مَا اِبْتَلاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهانَنِ. (5)

الأخبار

اشارة

1-عن ابن أبي يعفور عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ فقراء المسلمين (المؤمنين ف ن) يتقلّبون في رياض الجنّة قبل أغنيائهم بأربعين خريفا، ثمّ قال: سأضرب لك مثل ذلك، إنّما مثل ذلك مثل سفينتين مرّ بهما على عاشر، فنظر في إحداهما فلم ير فيها شيئا، فقال: أسربوها، و نظر في الاخرى فإذا هي موقورة فقال: احبسوها. (6)

بيان:

قال في النهاية ج 2 ص 24: فيه «فقراء أمّتي يدخلون الجنّة قبل أغنيائهم بأربعين خريفا» «الخريف» : الزمان المعروف من فصول السنة ما بين الصيف و الشتاء، و يريد به أربعين سنة، لأنّ الخريف لا يكون في السنة إلاّ مرّة واحدة، فإذا انقضى

ص:320


1- -النور:32
2- القصص:24
3- فاطر:15
4- محمّد صلّى اللّه عليه و آله:38
5- الفجر:16
6- الكافي ج 2 ص 201 باب فضل فقراء المسلمين ح 1

أربعون خريفا فقد مضت أربعون سنة.

أقول: في رواية معاني الأخبار: الخريف سبعون سنة. و في بعض الروايات: أنّه ألف عام، و العالم ألف سنة. و لعلّ في تمثيل الإمام عليه السّلام أشارة إلى أنّ علّة تأخّر الأغنياء عن الفقراء بهذه المدّة الطويلة، هو الوقوف عند الميزان حتّى يخرجوا عن عهدة الحساب و السؤال عن مكسب المال و مخرجه، و إن كان من وجه الحلال.

«العاشر» و العشّار من يأخذ العشر على الطريق «أسربوها» أي أرسلوها و خلّوها تذهب «موقورة» في القاموس: الوقر بالكسر: الحمل الثقيل أو أعمّ.

«الفقر» ضدّ الغنى و الفقير ج فقراء: المحتاج.

أقول: الأخبار الواردة في الفقر مختلفة غايتها و لكن ليست بمتعارضة حيث كلّ منها يشير إلى معنى من معاني الفقر، و أمّا المعاني فها هي:

الأوّل: قد يراد بالفقر افتقار الناس في وجودهم إلى اللّه تعالى، و هو أمر تكوينيّ، و ذلك عامّ يشمل جميع الكون و ما فيها، فكلّ إنسان فقير إلى اللّه كما أنّ كلّ موجود يحتاج في وجوده و بقائه إليه تعالى و هو المراد في قوله تعالى: يا أَيُّهَا اَلنّاسُ أَنْتُمُ اَلْفُقَراءُ إِلَى اَللّهِ.

الثاني: و تارة يراد به حالة في الإنسان يدرك و يعلم أنّه في كلّ اموره يحتاج إلى ربّه، و لا يصل شيء إليه و لا يرفع عنه بشيء إلاّ بعد تقديره و إرادته، حتّى الجرعة من الماء، و هذا المقام لا يحصل عليه إلاّ الكمّلين من المؤمنين و الأولياء، و هو ناشئ من إدراك الإنسان و شهوده حقيقة الاحتياج إليه تعالى في الوجود أي الفقر بالمعنى الأوّل و لعلّه المراد في قول النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: «الفقر فخري و به أفتخر» و به أشار صلّى اللّه عليه و آله بقوله: «اللهمّ أغنني بالافتقار إليك، و لا تفقرني بالاستغناء عنك» . و قوله تعالى حكاية عن موسى عليه السّلام: رَبِّ إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ.

الثالث: و اخرى يراد به احتياج الإنسان إلى بني نوعه و افتقار بعضهم إلى بعض،

ص:321

حيث إنّ الإنسان مدنيّ بالطبع و يحتاج في امور معاشه إلى آخرين، و بهذا المعنى ما مرّ عن أمير المؤمنين عليه السّلام في باب الطمع حيث يقول: «ليجتمع في قلبك الافتقار إلى الناس و الاستغناء عنهم» .

الرابع: و طورا يقصد به استعمال الزهد و ترك الترفّه و التنعّم، بمعنى أنّ المؤمن يكون قليل المؤنة و يكتفي من الدنيا بمقدار يحتاج و يضطرّ إليه، و لا يدّخر أكثر من قوته، تواضعا للّه تعالى و تعفّفا و استغناء عن الدنيا و ما فيها، كي يسلم من خطراتها و مهالكها، و هو المراد في كثير من الأخبار الواردة في فضل الفقر و الفقراء كما مرّ بعضها في باب الزهد، و هو أيضا مقام لا يناله إلاّ الأندر فالأندر من الأنبياء و الأولياء و المؤمنين الكاملين، إذ أكثر الناس راغبون في جمع المال و يحبّونه حبّا جمّا و إن كانوا فقراء، بحيث يهرعون إليه لو وجدوا إليه سبيلا و لو بشقّ الأنفس، و إنّما تركوا الدنيا لعجزهم منها.

الخامس: كما قد يراد به الفقر بالمعنى المصطلح أي فقد المال و عدم ما يحتاج إليه، و الفقر بهذا المعنى يتفاوت بتفاوت الأشخاص و تفاوت شؤونهم، فبالفقر ينال المؤمن الدرجات العالية و المثوبات الأخرويّة، إذ يصبر على ما آتاه اللّه و يتعفّف، كما أنّه في راحة من الحساب في الموقف و يدخل الجنّة قبل الأغنياء، كما أنّه يسلم من خطرات الدنيا و حبائل الشيطان و الطغيان و فوائد اخرى، سيمرّ عليك أخبارها.

و هو المراد في كثير من الأخبار الواردة في فضل الفقر و الفقراء، كقول النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: «الفقر خزانة من خزانن اللّه، أو كرامة من اللّه، أو شيء لا يعطيه إلاّ نبيّا مرسلا، أو مؤمنا كريما على اللّه تعالى» . و قول عليّ عليه السّلام: «من أحبّنا أهل البيت فليستعدّ للفقر جلبابا» و عن الصادق عليه السّلام: «كلّما ازداد إيمانا ازداد ضيقا في معيشته» . و غير ذلك.

و أمّا أكثر الناس فلا يصبرون على الفقر و لا يطيقونه و يوجب كفرهم لضعف يقينهم، كما ورد في الخبر «كاد الفقر أن يكون كفرا» و مشهور بين الناس «المعاش

ص:322

ثمّ المعاد» و هو المراد في كثير من الأخبار الواردة في ذمّ الفقر.

السادس: فقر النفس أي عدم غناء النفس و هو فقر مذموم، و مرّت الأخبار في باب الطمع و غيره، فبهذا المعنى قد يكون الغنيّ بالمال فقيرا و هكذا عكسه.

السابع: قد يعبّر في الأخبار عن بعض الأوصاف المذمومة بالفقر كالحرص و الطمع كقوله عليه السّلام: «الطمع فقر حاضر» كما يستفاد أنّ ضدّ هذه الأوصاف المذمومة يكون غنى كقوله عليه السّلام: «أغنى الغنى القناعة» لاحظ أبواب القناعة و الكفاف و الحرص و الطمع. . .

الثامن: الفقر الثقافيّ و هو عبارة عن الفقر في الدين، و فقد العقل و العلم، و هو مذموم، و الأخبار في ذلك كثيرة، مرّ بعضها في أبواب الدين، العقل، العلم و. . .

كقوله عليه السّلام: «لا غنى كالعقل و لا فقر كالجهل» و قوله عليه السّلام: «الفقر الموت الأحمر قال: أي الفقر من الدين» .

فتبيّن ممّا ذكر حلّ اختلاف الأخبار في باب الفقر.

2-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: المصائب منح من اللّه، و الفقر مخزون عند اللّه. (1)

بيان:

«المنحة» : جمع منح و هي العطيّة. «الفقر مخزون» : أي ثواب الفقر مخزون عند اللّه لا يعطيه إلاّ في الآخرة لعظمته، و إنّ الدنيا لا يصلح أن يكون عوضا عنه، أو الفقر عطيّة مخزونة عند اللّه عزيزة لا تعطيه إلاّ من خصّه بمزيد العناية، كما يأتي عن مولانا أمير المؤمنين و الصادق عليهما السّلام، و الفقير هنا من لا يجد إلاّ القوت من التعفّف.

3-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: يا عليّ، إنّ اللّه جعل الفقر أمانة عند خلقه، فمن ستره أعطاه اللّه مثل أجر الصائم القائم، و من أفشاه

ص:323


1- -الكافي ج 2 ص 201 ح 2

إلى من يقدر على قضاء حاجته فلم يفعل فقد قتله؛ أما إنّه ما قتله بسيف و لا رمح و لكنّه قتله بما نكى من قلبه. (1)

بيان:

في مجمع البحرين، نكيت في العدوّ نكاية من باب رمى: إذا أكثرت فيهم الجراح و القتل. . .

4-عن مفضّل عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: كلّما ازداد العبد إيمانا ازداد ضيقا في معيشته. (2)

5-و قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: لو لا إلحاح المؤمنين على اللّه في طلب الرزق لنقلهم من الحال التي هم فيها إلى حال أضيق منها. (3)

6-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ليس لمصاص شيعتنا في دولة الباطل إلاّ القوت، شرّقوا إن شئتم أو غرّبوا لن ترزقوا إلاّ القوت. (4)

بيان:

المصاص: خالص كلّ شيء.

7-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ما كان من ولد آدم مؤمن إلاّ فقيرا و لا كافر إلاّ غنيّا حتّى جاء إبراهيم عليه السّلام فقال: رَبَّنا لا تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا 5 فصيّر اللّه في هؤلاء أموالا و حاجة، و في هؤلاء أموالا و حاجة. (5)

8-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: جاء رجل موسر إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله نقيّ

ص:324


1- -الكافي ج 2 ص 201 ح 3
2- الكافي ج 2 ص 201 ح 4
3- الكافي ج 2 ص 201 ح 5-و نظيره ح 16
4- الكافي ج 2 ص 202 ح 7
5- الكافي ج 2 ص 202 ح 10

الثوب، فجلس إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، فجاء رجل معسر درن الثوب، فجلس إلى جنب الموسر، فقبض الموسر ثيابه من تحت فخذيه، فقال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أخفت أن يمسّك من فقره شيء؟ قال: لا، قال: فخفت أن يصيبه من غناك شيء؟ قال: لا، قال: فخفت أن يوسّخ ثيابك؟ قال: لا، قال: فما حملك على ما صنعت؟ فقال: يا رسول اللّه، إنّ لي قرينا يزيّن لي كلّ قبيح و يقبّح لي كلّ حسن، و قد جعلت له نصف مالي، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله للمعسر: أتقبل؟ قال: لا، فقال له الرجل: و لم؟ قال: أخاف أن يدخلني ما دخلك. (1)

بيان:

«إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله» قال الشيخ البهائي رحمه اللّه: "إلى"إمّا بمعنى مع، أو بمعنى عند.

«درن الثوب» صفة مشبّهة من الدرن و هو الوسخ «إنّ لي قرينا» أي إنّ لي شيطانا، أو المراد النفس الأمّارة أو الأعمّ منهما.

9-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: في مناجاة موسى عليه السّلام: يا موسى، إذا رأيت الفقر مقبلا فقل: مرحبا بشعار الصالحين، و إذا رأيت الغنى مقبلا فقل: ذنب عجّلت عقوبته. (2)

10-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: طوبى للمساكين بالصبر، و هم الذين يرون ملكوت السماوات و الأرض. (3)

أقول:

ليس المراد بالمساكين الفقراء و المساكين الذين يتكدّون للمعاش، بل هم الأنبياء و الأوصياء و من يقرب منهم من الأولياء و المؤمنين، و أنّ لرؤية ملكوت السماوات و الأرض مراتب يحصل لكلّ صنف منهم مرتبة تليق بهم.

ص:325


1- -الكافي ج 2 ص 202 ح 11
2- الكافي ج 2 ص 203 ح 12
3- الكافي ج 2 ص 203 ح 13

11-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: يا معشر المساكين، طيبوا نفسا، و أعطوا اللّه الرضا من قلوبكم، يثبكم اللّه عزّ و جلّ على فقركم، فإن لم تفعلوا فلا ثواب لكم. (1)

12-عن هشام بن الحكم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إذا كان يوم القيامة قام عنق من الناس حتّى يأتوا باب الجنّة، فيضربوا باب الجنّة، فيقال لهم: من أنتم؟ فيقولون: نحن الفقراء، فيقال لهم: أ قبل الحساب؟ فيقولون: ما أعطيتمونا شيئا تحاسبونا عليه، فيقول اللّه عزّ و جلّ: صدقوا، ادخلوا الجنّة. (2)

13-عن هشام بن سالم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: الفقر أزين للمؤمن من العذار على خدّ الفرس. (3)

أقول:

في البحار ج 72 ص 52 باب الفقر: عن أبي عبد اللّه عليه السّلام مثله، و زاد فيه: «و إنّ آخر الأنبياء دخولا إلى الجنّة سليمان، و ذلك لما اعطي من الدنيا» .

بيان: «العذار» في النهاية ج 3 ص 198: العذاران من الفرس كالعارضين من وجه الإنسان، ثمّ سمّي السير الذي يكون عليه من اللجام عذارا باسم موضعه.

و في المرآة: يمكن أن يقال لتكميل التشبيه: أنّ الفقر يمنع الإنسان من الطغيان كما يمنع اللجام الفرس عن العصيان.

14-قال أمير المؤمنين عليه السّلام لابنه الحسن عليه السّلام: يا بنيّ، احفظ عنّي أربعا و أربعا لا يضرّك ما عملت معهنّ: إنّ أغنى الغنى العقل، و أكبر الفقر الحمق. . . (4)

ص:326


1- -الكافي ج 2 ص 203 ح 14
2- الكافي ج 2 ص 204 ح 19
3- الكافي ج 2 ص 204 ح 22
4- نهج البلاغة ص 1104 ح 37

15-و قال عليه السّلام: لا غنى كالعقل، و لا فقر كالجهل. . . (1)

أقول:

في تحف العقول ص 142، عنه عليه السّلام: لا غنى مثل العقل، و لا فقر أشدّ من الجهل.

16-و قال عليه السّلام: الغنى في الغربة وطن، و الفقر في الوطن غربة. (2)

17-و قال عليه السّلام: العفاف زينة الفقر، و الشكر زينة الغنى. (3)

18-و قال عليه السّلام: . . . الفقر يخرس الفطن عن حجّته، و المقلّ غريب في بلدته. . . (4)

بيان:

«يخرس» أخرسه: جعله أخرس و هو منعقد اللسان عن الكلام «المقلّ» الفقير.

19-و قال عليه السّلام: الفقر الموت الأكبر. (5)

20-و قال عليه السّلام لابنه محمّد بن الحنفيّة: يا بنيّ، إنّي أخاف عليك الفقر فاستعذ باللّه منه، فإنّ الفقر منقصة للدين، مدهشة للعقل، داعية للمقت. (6)

بيان:

«المدهشة» دهش و دهش دهشا: تحيّر و ذهل عقله.

21-و قال عليه السّلام: ألا و إنّ من البلاء الفاقة، و أشدّ من الفاقة مرض البدن، و أشدّ من مرض البدن مرض القلب، ألا و إنّ من النعم سعة المال، و أفضل

ص:327


1- -نهج البلاغة ص 1112 ح 51
2- نهج البلاغة ص 1113 ح 53
3- نهج البلاغة ص 1116 ح 65 و ص 1246 ح 333
4- نهج البلاغة ص 1089 في ح 3
5- نهج البلاغة ص 1166 ح 154-و مثله في الخصال في ح الأربعمائة
6- نهج البلاغة ص 1238 ح 311

من سعة المال صحّة البدن، و أفضل من صحّة البدن تقوى القلب. (1)

22-و قال عليه السّلام: ما أحسن تواضع الأغنياء للفقراء طلبا لما عند اللّه! و أحسن منه تيه الفقراء على الأغنياء اتّكالا على اللّه. (2)

بيان:

تاه تيها: تكبّر.

23-و قال عليه السّلام: الغنى و الفقر بعد العرض على اللّه. (3)

أقول:

في البحار ج 78 ص 55، عنه عليه السّلام: ألا و إنّه لا فقر بعد الجنّة، و لا غنى بعد النار.

24-و قال عليه السّلام: إنّ اللّه سبحانه فرض في أموال الأغنياء أقوات الفقراء، فما جاع فقير إلاّ بما منع غنيّ، و اللّه-تعالى جدّه-سائلهم عن ذلك. (4)

بيان:

«تعالى جدّه» : أي علا جلاله و عظمته.

25-قال الصادق جعفر بن محمّد عليه السّلام: إذا كان يوم القيامة وقف عبدان مؤمنان للحساب، كلاهما من أهل الجنّة، فقير في الدنيا و غنيّ في الدنيا، فيقول الفقير: يا ربّ، على ما اوقف؟ فو عزّتك إنّك لتعلم أنّك لم تولّني ولاية فأعدل فيها أو أجور، و لم ترزقني مالا فاؤدّي منه حقّا أو أمنع، و لا كان رزقي يأتيني منها إلاّ كفافا على ما علمت و قدّرت لي، فيقول اللّه جلّ جلاله: صدق عبدي خلّوا عنه يدخل الجنّة.

و يبقى الآخر حتّى يسيل منه العرق ما لو شربه أربعون بعيرا لكفاها ثمّ يدخل

ص:328


1- -نهج البلاغة ص 1270 ح 381
2- نهج البلاغة ص 1277 ح 398
3- نهج البلاغة ص 1295 ح 446
4- نهج البلاغة ص 1242 ح 320

الجنّة. فيقول له الفقير: ما حسبك؟ فيقول: طول الحساب، ما زال الشيء يجيئني بعد الشيء يغفر لي، ثمّ أسأل عن شيء آخر، حتّى تغمّدني اللّه عزّ و جلّ منه برحمته، و ألحقني بالتائبين، فمن أنت؟ فيقول: أنا الفقير الذي كنت معك آنفا، فيقول: لقد غيّرك النعيم بعدي. (1)

26-سئل النبيّ صلّى اللّه عليه و آله ما الفقر؟ فقال صلّى اللّه عليه و آله: خزانة من خزائن اللّه تعالى، قيل ثانيا: ما الفقر يا رسول اللّه؟ فقال: كرامة من اللّه، قيل ثالثا: ما الفقر؟ فقال صلّى اللّه عليه و آله: شيء لا يعطيه اللّه إلاّ نبيّا مرسلا أو مؤمنا كريما على اللّه تعالى. (2)

27-و قال صلّى اللّه عليه و آله: الفقر أشدّ من القتل. (3)

28-و قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: أوحى اللّه تعالى إلى إبراهيم عليه السّلام: خلقتك و ابتليتك بنار نمرود، فلو ابتليتك بالفقر و رفعت عنك الصبر، فما تصنع؟ قال إبراهيم: يا ربّ، الفقر أشدّ إليّ من نار نمرود، قال اللّه تعالى: فبعزّتي و جلالي، ما خلقت في السماء و الأرض أشدّ من الفقر، قال: يا ربّ، من أطعم جائعا فما جزاؤه؟ قال: جزاؤه الغفران و إن كانت ذنوبه تملأ ما بين السماء و الأرض. (4)

29-و قال صلّى اللّه عليه و آله: و لو لا رحمة ربّي على فقراء امّتي كاد الفقر يكون كفرا. . . (5)

30-قال أمير المؤمنين للحسن عليهما السّلام: لا تلم إنسانا يطلب قوته، فمن عدم قوته كثر خطاياه. يا بنيّ، الفقير حقير لا يسمع كلامه و لا يعرف مقامه، لو كان الفقير صادقا يسمّونه كاذبا، و لو كان زاهدا يسمّونه جاهلا.

ص:329


1- -أمالي الصدوق ص 360 م 57 ح 11
2- جامع الأخبار ص 109 ف 67
3- جامع الأخبار ص 109
4- جامع الأخبار ص 109
5- جامع الأخبار ص 109

يا بنيّ، من ابتلي بالفقر فقد ابتلي بأربع خصال: بالضعف في يقينه، و النقصان في عقله، و الرقّة في دينه، و قلّة الحياء في وجهه. فنعوذ باللّه من الفقر. (1)

بيان:

«الرقّة في دينه» : كناية عن الضعف في دينه.

31-و قال عليّ عليه السّلام: الفقر مخزون عند اللّه بمنزلة الشهادة يؤتيه من يشاء. (2)

32-و قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: الفقر الموت الأكبر. (3)

33-و قال صلّى اللّه عليه و آله: الفقراء ملوك أهل الجنّة، و الناس كلّهم مشتاقون إلى الجنّة، و الجنّة مشتاقة إلى الفقراء.

و قال صلّى اللّه عليه و آله: الفقر فخري.

و قال صلّى اللّه عليه و آله: الفقر شين عند الناس، و زين عند اللّه يوم القيامة. (4)

34-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: عشرون خصلة تورث الفقر: أوّله القيام من الفراش للبول عريانا، و الأكل جنبا، و ترك غسل اليدين عند الأكل، و إهانة الكسرة من الخبز، و إحراق الثوم و البصل، و القعود على أسكفّة البيت، و كنس البيت بالليل و بالثوب، و غسل الأعضاء في موضع الاستنجاء، و مسح الأعضاء المغسولة بالذيل و الكمّ، و وضع القصاع و الأواني غير مغسولة، و وضع أواني الماء غير مغطّاة الرؤوس، و ترك بيوت العنكبوت في المنزل، و الاستخفاف بالصلاة، و تعجيل الخروج من المسجد، و البكور إلى السوق، و تأخير الرجوع عنه إلى العشاء، و شراء الخبز من الفقراء، و اللعن على الأولاء، و الكذب، و خياطة الثوب

ص:330


1- -جامع الأخبار ص 110
2- جامع الأخبار ص 110
3- جامع الأخبار ص 111
4- جامع الأخبار ص 111

على البدن، و إطفاء السراج بالنفس.

و في خبر آخر: و البول في الحمّام، و الأكل على الجشاء، و التخلّل بالطرفاء، و النوم بين العشائين، و النوم قبل طلوع الشمس، و ردّ السائل الذكر بالليل، و كثرة الاستماع إلى الغناء، و اعتياد الكذب، و ترك التقدير في المعيشة، و التمشّط من قيام، و اليمين الفاجرة، و قطيعة الرحم. . . و من سبّح اللّه في كلّ يوم ثلاثين مرّة يزيد في الرزق، و دفع اللّه عزّ و جلّ عنه سبعين نوعا من البلاء أيسرها الفقر. (1)

بيان:

«الطرفاء» : شجر و له أصناف، منه الأثل (درخت گز) .

أقول:

روى المجلسيّ رحمه اللّه نظيره في البحار (ج 76 ص 317 باب ما يورث الفقر و الغنى ح 6) مع زيادة، و فيه: «الفقر من خمسة و عشرين شيئا: . . . و دعوة الوالدين باسمهما، و التخلّل بكلّ خشب، و تغسيل اليدين بالطين، و القعود على عتبة الباب، و ترك القصارة. . . و الأكل نائما. . . و دعاء السوء على الوالدين. . . و قصّ الأظفار بالأسنان.

و من موجبات الفقر:

ارتكاب الذنب، لاحظ باب الذنب ف 2.

و منها: إجارة الإنسان نفسه:

عن المفضّل بن عمر قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: من آجر نفسه فقد حظر على نفسه الرزق. (2)

و منها: الإسراف، لاحظ باب التبذير و الإسراف.

ص:331


1- -جامع الأخبار ص 124 ف 82
2- الكافي ج 5 ص 90 باب كراهية إجارة الرجل نفسه ح 1

و منها: إظهار الفقر و التباؤس، و يأتي في الباب ما يدلّ على ذلك.

و منها: الاستيكال بالأئمّة عليهم السّلام؛

عن عليّ بن الحسين عليه السّلام أنّه قال (في حديث) : و إيّاك أن تستأكل بنا فيزيدك اللّه فقرا. (1)

و منها: ترك السؤال من فضل اللّه تعالى، كما قد سبق في باب الدعاء ف 1 قول الصادق عليه السّلام: من لم يسأل اللّه عزّ و جلّ من فضله فقد افتقر.

و منها: التبذير، و قد مرّ في باب الإسراف عن الغرر: «التبذير عنوان الفاقة» .

و منها: ترك صلاة الليل، لاحظ بابها.

و منها: التضييق على العيال؛

عن موسى بن جعفر عليهما السّلام قال: إنّ عيال الرجل أسراؤه فمن أنعم اللّه عليه نعمة فليوسّع على أسرائه، فإن لم يفعل أوشك أن تزول النعمة. (2)

و منها: ترك قضاء حوائج الناس؛

و من كلمات أمير المؤمنين عليه السّلام: سبب زوال اليسار منع المحتاج. (3)

و منها: ترك الحجّ، راجع بابه.

و منها: التكسّب بالحرام؛

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله (في حديث) : و من كسب مالا من غير حلّه، أفقره اللّه تعالى. (4)

و منها: ترك قراءة القرآن؛

عن الرضا عليه السّلام عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال: اجعلوا لبيوتكم نصيبا من القرآن، فإنّ

ص:332


1- -البحار ج 2 ص 162 باب آداب الرواية في ح 22
2- البحار ج 104 ص 69 باب فضل التوسعة على العيال ح 1
3- الغرر ج 1 ص 431 ف 38 ح 17
4- المستدرك ج 13 ص 63 باب 1 ممّا يكتسب به ح 1

البيت إذا قرء فيه يسّر على أهله و كثر خيره، و كان سكّانه في زيادة، و إذا لم يقرأ فيه القرآن ضيّق على أهله، و قلّ خيره، و كان سكّانه في نقصان. (1)

و منها: ترك النهي عن المنكر؛

عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: أيّما ناش نشأ في قوم ثمّ لم يؤدّب على معصية، فإنّ اللّه عزّ و جلّ أوّل ما يعاقبهم فيه أن ينقص من أرزاقهم. (2)

و منها: التكلّم بما لا يعنيه؛

من التوراة؛ . . . يابن آدم، إذا وجدت قساوة في قلبك و سقما في جسمك و نقيصة في مالك و حريمة في رزقك، فاعلم أنّك قد تكلّمت فيما لا يعنيك. (3)

و منها: الجماع وجه الشمس يورث فقر الولد، لاحظ بابه في وصايا النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لعليّ عليه السّلام

و منها: الحكم بغير ما أنزل اللّه تعالى؛

قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: خمس بخمس، قيل: يا رسول اللّه، ما خمس بخمس؟ قال: ما نقض قوم العهد إلاّ سلّط اللّه عليهم عدوّهم، و ما حكموا بغير ما أنزل اللّه إلاّ فشا فيهم الفقر. . . (4)

و منها: الخيانة؛

عن جعفر عن أبيه عليهما السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: الأمانة تجلب الغناء، و الخيانة تجلب الفقر. (5)

ص:333


1- -البحار ج 92 ص 200 باب فضل قراءة القرآن في ح 17
2- البحار ج 100 ص 78 باب وجوب الأمر بالمعروف ح 32
3- الكشكول للشيخ البهائي رحمه اللّه ج 2 ص 290
4- الاثنى عشريّة ص 202 ب 5 ف 2
5- البحار ج 75 ص 114 باب أداء الأمانة ح 6

و منها: الدعاء على الولد؛

عن الصادق عليه السّلام قال: أيّما رجل دعا على ولده أورثه الفقر. (1)

و منها: الزنا، لاحظ بابه.

و منها: السؤال، راجع الفصل الثاني من بابه.

و منها: قطع الرحم، انظر بابه،

و قال أمير المؤمنين عليه السّلام: . . . إنّ أهل البيت ليجتمعون و يتواسون و هم فجرة فيرزقهم اللّه عزّ و جلّ، و إنّ أهل البيت ليتفرّقون و يقطع بعضهم بعضا، فيحرمهم اللّه و هم أتقياء. (2)

و منها: كفران النعم، لاحظ باب الشكر و الكفران.

و من كلمات أمير المؤمنين عليه السّلام: سبب زوال النعم الكفران. (3)

و منها: الكسل و العجز؛

قال عليّ عليه السّلام: إنّ الأشياء لمّا ازدوجت ازدوج الكسل و العجز فنتج منهما الفقر. (4)

و منها: نيّة الذنب؛

عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ المؤمن لينوي الذنب فيحرم رزقه. (5)

و منها: ترك القمامة في البيت؛

عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال: ترك نسج العنكبوت في البيت يورث الفقر،

ص:334


1- -البحار ج 104 ص 99 باب فضل الأولاد ح 77
2- البحار ج 74 ص 137 باب صلة الرحم ح 107
3- الغرر ج 1 ص 430 ف 38 ح 8
4- البحار ج 78 ص 59 ب 16 ح 136
5- البحار ج 71 ص 247 باب تضاعف الحسنات ح 6

و ترك القمامة في البيت يورث الفقر، و قال عليه السّلام: كسح الفناء يزيد في الرزق. (1)

و منها أيضا ما روي: الاتكاء على أحد زوجي الباب، و الكتابة بالقلم المعقود، و الامتشاط بالمشط المنكسر، و التعمّم قاعدا، و التسرول قائما، و التهاون في الأمور، و. . .

و ممّا ينفى الفقر:

الاقتصاد في المعيشة، لاحظ باب ذمّ التبذير و مدح الاقتصاد.

و عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ضمنت لمن اقتصد أن لا يفتقر. (2)

و منها: أكل ما يسقط من الخوان؛

قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لعليّ عليه السّلام: كل ما وقع تحت مائدتك فإنّه ينفي عنك الفقر، و هو مهور الحور العين، و من أكله حشى قلبه علما و حلما و إيمانا و نورا. (3)

و منها: إسراج السراج قبل غروب الشمس؛

قال الرضا عليه السّلام: إسراج السراج قبل مغيب الشمس ينفي الفقر و يزيد في الرزق. (4)

و منها: إكثار الحوقلة؛

عن الصادق عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: . . . و من ألحّ عليه الفقر فليكثر من قول: «لا حول و لا قوّة إلاّ باللّه» ينفي اللّه عنه الفقر. (5)

ص:335


1- -البحار ج 76 ص 176 باب كنس الدار ح 6
2- البحار ج 71 ص 346 باب الاقتصاد و ذمّ الإسراف ح 9
3- البحار ج 66 ص 431 باب أكل الكسرة في ح 15
4- المستدرك ج 3 ص 457 باب 9 من أحكام المساكن في ح 2
5- البحار ج 93 ص 190 باب الكلمات الأربع. . . ح 27-و في الغرر ج 2 ص 708 ف 77 ح 1393 مع زيادة: العليّ العظيم

و عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: من قال: «لا حول و لا قوّة إلاّ باللّه» مأة مرّة في كلّ يوم لم يصبه فقر أبدا. (1)

و منها: البرّ و الصدقة، راجع باب الصدقة، و مرّ هنا قول أبي جعفر عليه السّلام: البرّ و الصدقة ينفيان الفقر، و. . .

و منها: البرّ بالوالدين و صلة الرحم؛

عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال: من يضمن لي برّ الوالدين و صلة الرحم، أضمن له كثرة المال و زيادة العمر و المحبّة في العشيرة. (2)

و منها أيضا: التختّم بالعقيق و بالياقوت و الزمرّد و الفيروزج و الزبرجد، و التعصّي، و تقليم الأظفار و قصّ الشارب خصوصا يوم الجمعة، غسل الرأس بالخطمي، و كتابة «ما شاء اللّه» على الخاتم. و الوضوء قبل الطعام و بعده، و التنوير، و كنس البيت، و السّلام على الأهل حين الدخول إلى المنزل، و التسمية باسم محمّد و أحمد و عليّ، و. . . و إدمان الحجّ و العمرة، و التمشّط، و تسريح اللحى عقيب كلّ وضوء، و قراءة بعض السور كالواقعة و. . . و بعض الأدعية كدعاء العشرات و التمسّح بماء الورد و. . .

لاحظ باب الرزق و الخصال ج 2 ص 504 باب الستّة عشر ح 2 أيضا.

35-عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال اللّه عزّ و جلّ: إنّ من عبادي المؤمنين لعبادا لا يصلح لهم أمر دينهم إلاّ بالفاقة و المسكنة و السقم في أبدانهم. (3)

36-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: الفقر الموت الأحمر، فقلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: الفقر من الدينار و الدرهم؟ فقال عليه السّلام: لا، و لكن من الدين. (4)

ص:336


1- -البحار ج 87 ص 10 باب ما ينبغي أن يقرأ كلّ يوم في ح 17
2- المستدرك ج 15 ص 176 ب 68 من أحكام الأولاد ح 12
3- مشكوة الأنوار ص 296 ب 7 ف 6
4- البحار ج 72 ص 5 باب الفقر ح 3

37-في مناهي النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال: ألا و من استخفّ بفقير مسلم فقد استخفّ بحقّ اللّه، و اللّه يستخفّ به يوم القيامة، إلاّ أن يتوب.

و قال صلّى اللّه عليه و آله: من أكرم فقيرا مسلما لقي اللّه يوم القيامة و هو عنه راض. (1)

38-قال الرضا عليه السّلام: من لقي فقيرا مسلما، فسلّم عليه خلاف سلامه على الغنيّ، لقي اللّه عزّ و جلّ يوم القيامة و هو عليه غضبان. (2)

39-عن ابن نباتة قال: جاء رجل إلى أمير المؤمنين عليه السّلام فقال: إنّي لأدين اللّه بولايتك، و إنّي لأحبّك في السرّ كما احبّك في العلانية، فقال له: صدقت طينتك من تلك الطينة، و على ولايتنا اخذ ميثاقك، و إنّ روحك من أرواح المؤمنين، فاتّخذ للفقر جلبابا، فو الذي نفسي بيده لقد سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول: إنّ الفقر إلى محبّينا أسرع من السيل من أعلى الوادي إلى أسفله. (3)

أقول:

بهذا المعنى أخبار اخر، و في نهج البلاغة (ص 1138 في ح 108 و صبحي ص 488 ح 112) قال عليه السّلام: «من أحبّنا أهل البيت فليستعدّ للفقر جلبابا» .

و في النهاية ج 1 ص 283(آخر الحديث) ، الجلباب: الإزار و الرداء. . . كنّى به عن الصبر، لأنّه يستر الفقر كما يستر الجلباب البدن، و قيل: إنّما كنّى بالجلباب عن اشتماله بالفقر: أي فليلبس إزار الفقر. . .

40-عن عباد بن صهيب قال: سمعت جعفر بن محمّد عليه السّلام يقول: قال اللّه تعالى: لو لا أنّني أستحيي من عبدي المؤمن ما تركت له خرقة يتوارى بها، إلاّ أنّ العبد إذا تكامل فيه الإيمان ابتليته في قوته، فإن جزع رددت عليه قوته،

ص:337


1- -البحار ج 72 ص 37 باب فضل الفقر ح 30
2- البحار ج 72 ص 38 ح 31
3- البحار ج 72 ص 43 ح 50

و إن صبر باهيت به ملائكتي، فذاك الذي تشير إليه الملائكة بالأصابع. (1)

41-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من استذلّ مؤمنا لقلّة ذات يده، شهّره اللّه يوم القيامة على رؤوس الخلائق لا محالة. (2)

42-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: قال اللّه: إنّي لم اغني الغنيّ لكرامة به عليّ، و لم افقر الفقير لهوان به عليّ، و هو ممّا ابتليت به الأغنياء بالفقراء، و لو لا الفقراء لم يستوجب الأغنياء الجنّة. (3)

43-قال أبو الحسن موسى عليه السّلام: إنّ الأنبياء و أولاد الأنبياء و أتباع الأنبياء خصّوا بثلاث خصال: السقم في الأبدان، و خوف السلطان، و الفقر. (4)

44-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: لو لا ثلاثة في ابن آدم ما طأطأ رأسه شيء: المرض، و الموت، و الفقر، و كلّهنّ فيه و إنّه لمعهنّ لوثّاب. (5)

بيان:

«ما طأطأ» : أي ما خفض.

45-قال لقمان لابنه: اعلم أي بنيّ، إنّي قد ذقت الصبر و أنواع المرّ فلم أر أمرّ من الفقر، فإن افتقرت يوما فاجعل فقرك بينك و بين اللّه، و لا تحدّث الناس بفقرك، فتهون عليهم، ثمّ سل في الناس هل من أحد دعا اللّه فلم يجبه؟ أو سأله فلم يعطه؟ (6)

ص:338


1- -البحار ج 72 ص 50 ح 61
2- البحار ج 72 ص 50 ح 63
3- البحار ج 72 ص 51 ح 67
4- البحار ج 72 ص 46 ح 57
5- البحار ج 72 ص 53 ح 82( الخصال ج 1 ص 113 باب الثلاثة ح 89)
6- البحار ج 72 ص 53 ح 84

أقول:

عن عليّ عليه السّلام قال: من أظهر فقره أذلّ قدره.

(الغرر ج 2 ص 664 ف 77 ح 894)

46-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: الفقر خير للمؤمن من حسد الجيران، و جور السلطان، و تملّق الإخوان. (1)

47-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: الفقر فخري و به أفتخر. (2)

48-و قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: اطّلعت على الجنّة فوجدت أكثر أهلها الفقراء و المساكين، و إذا ليس فيها أحد أقلّ من الأغنياء و النساء. (3)

49-. . . قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: الفقر فقران: فقر الدنيا و فقر الآخرة، ففقر الدنيا غنى الآخرة، و غنى الدنيا فقر الآخرة و ذلك الهلاك. (4)

50-. . . قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: الفقر فقر القلب.

و قال صلّى اللّه عليه و آله: الفقر راحة. (5)

51-. . . شكا رجل إلى أبي عبد اللّه عليه السّلام عن الفقر، فقال: أذّن كلّما سمعت الأذان كما يؤذّن المؤذّنون. (6)

52-و عنه عن آبائه عليهم السّلام قال: من لم يسأل اللّه من فضله افتقر. (7)

ص:339


1- -البحار ج 72 ص 54 ح 85
2- البحار ج 72 ص 55
3- البحار ج 72 ص 55
4- البحار ج 72 ص 47 ح 57
5- البحار ج 72 ص 56 ح 86
6- البحار ج 76 ص 316 باب ما يورث الفقر ح 6
7- البحار ج 76 ص 316 ح 6

53-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: من تفاقر افتقر. (1)

54-عن منصور بزرج قال: قلت لأبي عبد اللّه الصادق عليه السّلام: ما أكثر ما أسمع منك سيّدي ذكر سلمان الفارسيّ فقال: لا تقل سلمان الفارسيّ، و لكن قل: سلمان المحمّديّ، أتدري ما كثرة ذكري له؟ قلت: لا، قال: لثلاث خلال: إحداها، ايثاره هوى أمير المؤمنين عليه السّلام على هوى نفسه، و الثانية: حبّه الفقراء و اختياره إيّاهم على أهل الثروة و العدد، و الثالثة: حبّه للعلم و العلماء، إنّ سلمان كان عبدا صالحا حنيفا مسلما و ما كان من المشركين. (2)

55-في خبر المعراج: يا أحمد، إنّ المحبّة للّه هي المحبّة للفقراء و التقرّب إليهم. قال: يا ربّ، و من الفقراء؟ قال: الذين رضوا بالقليل، و صبروا على الجوع، و شكروا على الرخاء، و لم يشكوا جوعهم و لا ظمأهم، و لم يكذبوا بألسنتهم، و لم يغضبوا على ربّهم، و لم يغتمّوا على ما فاتهم، و لم يفرحوا بما آتاهم.

يا أحمد، محبّتي محبّة للفقراء، فادن الفقراء و قرّب مجلسهم منك أدنك، و بعّد الأغنياء و بعّد مجلسهم منك، فإنّ الفقراء أحبّائي. (3)

56-عن أبي ذرّ رحمه اللّه قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لرجل و هو يوصيه: أقلل من الشهوات يسهل عليك الفقر، و أقلل من الذنوب يسهل عليك الموت، و قدّم مالك أمامك يسرّك اللحاق به. . . (4)

57-و فيما سأل أمير المؤمنين ابنه الحسن عليهما السّلام: . . . قيل: فما الفقر؟ قال: شره النفس إلى كلّ شيء. . . (5)

ص:340


1- -البحار ج 76 ص 316 ح 6
2- البحار ج 22 ص 327 باب فضائل سلمان ح 33( أمالي الطوسيّ ج 1 ص 133)
3- البحار ج 77 ص 23
4- البحار ج 77 ص 189 من مفردات كلماته صلّى اللّه عليه و آله
5- البحار ج 78 ص 103 باب مواعظ المجتبى عليه السّلام ح 2

أقول:

في معاني الأخبار ص 232 باب معنى الفقر: فيما سأل عنه عليّ بن أبي طالب ابنه الحسن عليهما السّلام أنّه قال له: ما الفقر؟ قال: الحرص و الشره.

58-في وصيّة الباقر عليه السّلام لجابر الجعفيّ: و لا فقر كفقر القلب، و لا غنى كغنى النفس. (1)

59-عن جعفر بن محمّد عن أبيه عليهما السّلام قال: قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و قد فقد رجلا، فقال: ما أبطأ بك عنّا؟ فقال: السقم و العيال، فقال: ألا أعلّمك بكلمات تدعو بهنّ، يذهب اللّه عنك السقم و ينفي عنك الفقر؟ تقول: «لا حول و لا قوّة إلاّ باللّه العليّ العظيم، توكّلت على الحيّ الذي لا يموت، الحمد للّه الذي لم يتّخذ ولدا و لم يكن له شريك في الملك، و لم يكن له وليّ من الذلّ و كبّره تكبيرا» . (2)

و في أمالي المفيد ص 134 م 27 ح 2: مثله و فيه؛ فقال: السقم و الفقر و ليس فيه «العليّ العظيم»

أقول:

في سفينة البحار ج 2 ص 380، من كتب على خاتمه: «ما شاء اللّه لا قوّة إلاّ باللّه أستغفر اللّه» أمن من الفقر المدقّع.

و قد مرّ في باب الحكمة: «سائلوا العلماء، و خالطوا الحكماء، و جالسوا الفقراء» .

و في باب السلاطين: «أربعة من قواصم الظهر: . . . و فقر لا يجد صاحبه له مداويا، و جار سوء في دار مقام» .

و في باب العصبيّة: عن أمير المؤمنين عليه السّلام: «أهلك الناس اثنان: خوف الفقر، و طلب الفخر» .

ص:341


1- -البحار ج 78 ص 164
2- البحار ج 95 ص 11 باب العوذات الجامعة لجميع الأمراض ح 14

و في باب الشيعة: عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: «لا تستخفّوا بفقراء شيعة عليّ و عترته من بعده، فإنّ الرجل منهم ليشفع في مثل ربيعة و مضر» .

و في باب الحسد: عنه صلّى اللّه عليه و آله: «كاد الفقر أن يكون كفرا. . .» .

و قد مرّ بعض الأخبار في باب الزكاة: منها قول الصادق عليه السّلام: «إنّما وضعت الزكاة اختبارا للأغنياء و معونة للفقراء. . . و إنّ الناس ما افتقروا و لا احتاجوا و لا جاعوا و لا عروا إلاّ بذنوب الأغنياء. . .» .

60-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

الفقر زينة الإيمان. (الغرر ج 1 ص 13 ف 1 ح 316)

القبر خير من الفقر. (ص 17 ح 446)

إظهار التباؤس يجلب الفقر. (ص 38 ح 1184)

الغنى و الفقر يكشفان جواهر الرجال و أوصافها. (ص 39 ح 1198)

الفقر مع الدين الموت الأحمر. (ص 47 ح 1355)

الفقر [من] الدين الشقاء الأكبر. (ح 1356)

الفقير في الوطن ممتهن-الفقر في الوطن غربة. (ص 52 ح 1461 و 1464)

الغنى باللّه أعظم الغنى. (ص 74 ح 1841)

الغنى بغير اللّه أعظم الفقر و الشقاء. (ح 1842)

الفقير الراضي ناج من حبائل إبليس، و الغنيّ واقع في حبائله.

(ص 82 ح 1951)

الصبر على الفقر مع العزّ أجمل من الغنى مع الذلّ. (ص 89 ح 2044)

الفقر صلاح المؤمن، و مريحه من حسد الجيران، و تملّق الإخوان، و تسلّط السلطان. (ص 94 ح 2099)

أفقر الفقر الحمق. (ص 175 ف 8 ح 20)

أكبر البلاء فقر النفس. (ص 180 ح 138)

ص:342

إنّ الفقر مذلّة للنفس، مدهشة للعقل، جالب للهموم. (ص 218 ف 9 ح 52)

حبّ الفقر يكسب الورع. (ص 380 ف 28 ح 7)

درهم الفقير أزكى عند اللّه من دينار الغنيّ. (ص 402 ف 31 ح 22)

ربّ غنى أذلّ من فقد-ربّ فقد أعزّ من أسد. (ص 414 ف 35 ح 17 و 18)

ربّ غنيّ أفقر من فقير. (ص 416 ح 59)

ربّ فقر عاد بالغنى الباقي. (ص 417 ح 60)

ربّ غنى أورث الفقر الباقي. (ح 61)

ضرورات الفقر تبعث على فظيع الأمر. (ص 461 ف 45 ح 3)

ضرر الفقر أحمد من أشر الغنى. (ح 13)

فقر النفس شرّ الفقر. (ج 2 ص 516 ف 59 ح 20)

فقر الأحمق لا يغنيه المال. (ص 517 ح 22)

قليل يحمد مغبّته خير من كثير يضرّ عاقبته. (ص 535 ف 61 ح 30)

قليل يفتقر إليه خير من كثير يستغنى عنه. (ص 536 ح 32)

قليل يكفي خير من كثير يطغى-قليل ينجي خير من كثير يردي.

(ح 38 و 39)

من أحبّ السلامة فليؤثر الفقر، و من أحبّ الراحة فليؤثر الزهد في الدنيا.

(ص 698 ف 77 ح 1285)

ملوك الدنيا و الآخرة الفقراء الراضون. (ص 763 ف 80 ح 105)

ص:343

ص:344

148- التفكّر

الآيات

1- . . . كَذلِكَ يُبَيِّنُ اَللّهُ لَكُمُ اَلْآياتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ. (1)

2- إِنَّ فِي خَلْقِ اَلسَّماواتِ وَ اَلْأَرْضِ وَ اِخْتِلافِ اَللَّيْلِ وَ اَلنَّهارِ لَآياتٍ لِأُولِي اَلْأَلْبابِ- اَلَّذِينَ يَذْكُرُونَ اَللّهَ قِياماً وَ قُعُوداً وَ عَلى جُنُوبِهِمْ وَ يَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ اَلسَّماواتِ وَ اَلْأَرْضِ رَبَّنا ما خَلَقْتَ هذا باطِلاً سُبْحانَكَ فَقِنا عَذابَ اَلنّارِ. (2)

3- . . . قُلْ هَلْ يَسْتَوِي اَلْأَعْمى وَ اَلْبَصِيرُ أَ فَلا تَتَفَكَّرُونَ. (3)

4- . . . فَاقْصُصِ اَلْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ. (4)

5- يُنْبِتُ لَكُمْ بِهِ اَلزَّرْعَ وَ اَلزَّيْتُونَ وَ اَلنَّخِيلَ وَ اَلْأَعْنابَ وَ مِنْ كُلِّ اَلثَّمَراتِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ. (5)

6- بِالْبَيِّناتِ وَ اَلزُّبُرِ وَ أَنْزَلْنا إِلَيْكَ اَلذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَ لَعَلَّهُمْ

ص:345


1- -البقرة:219-266 و بمدلولها في يونس:24 و النحل:69 و الزمر:42
2- آل عمران:190 و 191
3- الأنعام:50
4- الأعراف:176
5- النحل:11

يَتَفَكَّرُونَ. (1)

7- أَ وَ لَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ ما خَلَقَ اَللّهُ اَلسَّماواتِ وَ اَلْأَرْضَ وَ ما بَيْنَهُما إِلاّ بِالْحَقِّ وَ أَجَلٍ مُسَمًّى وَ إِنَّ كَثِيراً مِنَ اَلنّاسِ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ لَكافِرُونَ. (2)

8- وَ مِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْها وَ جَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَ رَحْمَةً إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ. (3)

9- قُلْ إِنَّما أَعِظُكُمْ بِواحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلّهِ مَثْنى وَ فُرادى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا ما بِصاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلاّ نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذابٍ شَدِيدٍ. (4)

10- وَ سَخَّرَ لَكُمْ ما فِي اَلسَّماواتِ وَ ما فِي اَلْأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ. (5)

11- . . . وَ تِلْكَ اَلْأَمْثالُ نَضْرِبُها لِلنّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ. (6)

الأخبار

1-عن أبي عبد اللّه عن أمير المؤمنين عليهما السّلام. . . و كان يقول: التفكّر حياة قلب البصير، كما يمشي الماشي في الظلمات بالنور بحسن التخلّص و قلّة التربّص. (7)

ص:346


1- -النحل:44
2- الروم:8
3- الروم:21
4- سبأ:46 و بهذا المعنى في الأعراف:184
5- الجاثية:13
6- الحشر:21
7- الكافي ج 1 ص 21 كتاب العقل ح 34-و نظيره في البحار ج 92 ص 17 باب فضل القرآن ح 17 عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله

بيان:

«بحسن التخلّص» النجاة من الوقوع في الورطة و الباطل. و في الوافي «قلّة التربّص» أي سرعة الوصول إلى المطلوب «التفكّر» في المفردات، الفكرة: قوّة مطرقة للعلم إلى المعلوم، و التفكّر جولان تلك القوّة بحسب نظر العقل و ذلك للإنسان دون الحيوان، و لا يقال إلاّ فيما يمكن أن يحصل له صورة في القلب و لهذا روي «تفكّروا في آلاء اللّه و لا تفكّروا في اللّه، إذ كان اللّه، منزّها أن يوصف بصورة» .

و في المرآة ج 7 ص 338، التفكّر: إعمال الفكر فيما يفيد العلم به قوّة الإيمان و اليقين، و الزهد في الدنيا و الرغبة في الآخرة. . . و قال المحقّق الطوسيّ رحمه اللّه: التفكّر سير الباطن من المبادي إلى المقاصد، و هو قريب من النظر و لا يرتقي أحد من النقص إلى الكمال إلاّ بهذا السير و مباديه؛ الآفاق و الأنفس، بأن يتفكّر في أجزاء العالم و ذرّاته و في الأجرام العلويّة من الأفلاك و الكواكب و حركاتها. . . و في أجزاء الإنسان و أعضائه من العظام و العضلات و العصبات و العروق و غيرها ممّا لا يحصى كثرة، و يستدلّ بها و بما فيها من المصالح و المنافع و الحكم و التغيير على كمال الصانع و عظمته و علمه و قدرته، و عدم ثبات ما سواه.

و بالجملة التفكّر فيما ذكر و نحوه من حيث الخلق و الحكمة و المصالح أثره العلم بوجود الصانع و قدرته و حكمته، و من حيث تغييره و انقلابه و فنائه بعد وجوده، أثره الانقطاع منه و التوجّه بالكلّيّة إلى الخالق الحقّ، و من هذا القبيل التفكّر في أحوال الماضين و انقطاع أيديهم عن الدنيا و ما فيها، و رجوعهم إلى دار الآخرة، فإنّه يوجب قطع المحبّة عن غير اللّه و الانقطاع إليه بالتقوى و الطاعة، و لذا أمر بهما بعد الأمر بالتفكّر.

و يمكن تعميم التفكّر بحيث يشمل التفكّر في معاني الآيات القرآنيّة و الأخبار النبويّة و الآثار المرويّة عن الأئمّة عليهم السّلام، و المسائل الدينيّة و الأحكام الشرعيّة و بالجملة كلّما أمر الشارع الصادع بالخوض فيه و العلم به.

ص:347

و قال في ج 1 ص 96: يطلق التفكّر غالبا في الأحاديث على التفكّر و الاعتبار بأحوال الدنيا و فنائها و دنائتها و زوال لذّاتها، و ما يوجب الزهد في الدنيا و ترك مشتهياتها و التوجّه إلى تحصيل الآخرة و تحصيل سعاداتها، و هذا التفكّر يحيي قلب البصير و يزهّده في الدنيا، و ينوّر له طريق الوصول إلى الآخرة، فيتخلّص من فتن الدنيا و آفاتها و مضلاّت الفتن و مشتبهاتها، و يسعى بقدمي الإخلاص و اليقين إلى أعلى منازل المقرّبين.

أقول: للتفكّر مراتب كثيرة بعضها فوق بعض، و ذلك باختلاف مقامات المتفكّرين و نوع الفكر، و لذا اختلفت الروايات في فضيلة التفكّر.

2-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: كان أمير المؤمنين عليه السّلام يقول: نبّه بالتفكّر قلبك، و جاف عن الليل جنبك و اتّق اللّه ربّك. (1)

بيان:

«نبّه» : التنبيه أي الإيقاظ عن النوم و الغفلة. «جاف عن الليل» الجفا: البعد، و جاف عنه كذا أي باعده عنه، و المراد القيام بالليل للعبادة.

3-عن الحسن الصيقل قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عمّا يروي الناس أنّ تفكّر ساعة خير من قيام ليلة، قلت: كيف يتفكّر؟ قال: يمرّ بالخربة أو بالدار فيقول: أين ساكنوك، و أين بانوك؟ ما بالك لا تتكلّمين! (2)

4-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: أفضل العبادة إدمان التفكّر في اللّه و في قدرته. (3)

بيان:

«الإدمان» : المواظبة و المداومة.

«في قدرته» كأنّه عطف تفسيري لقوله: "في اللّه"، فإنّ التفكّر في ذات اللّه و كنه

ص:348


1- -الكافي ج 2 ص 45 باب التفكّر ح 1
2- الكافي ج 2 ص 45 ح 2
3- الكافي ج 2 ص 45 ح 3

صفاته ممنوع كما ورد في الأخبار، لأنّه يورث الحيرة و الدهش و اضطراب العقل.

5-عن معمّر بن خلاّد قال: سمعت أبا الحسن الرضا عليه السّلام يقول: ليس العبادة كثرة الصلاة و الصوم، إنّما العبادة التفكّر في أمر اللّه عزّ و جلّ. (1)

6-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: [إنّ] التفكّر يدعو إلى البرّ و العمل به. (2)

أقول:

قد مرّ في باب العقل في حديث موسى بن جعفر عليهما السّلام لهشام: . . . يا هشام، إنّ لكلّ شيء دليلا و دليل العقل التفكّر، و دليل التفكّر الصمت. . .

يا هشام، من سلّط ثلاثا على ثلاث فكأنّما أعان على هدم عقله: من أظلم نور تفكّره بطول أمله، و محا طرائف حكمته بفضول كلامه، و أطفأ نور عبرته بشهوات نفسه، فكأنّما أعان هواه على هدم عقله، و من هدم عقله أفسد عليه دينه و دنياه. . .

7-في مواعظ الحسن العسكريّ عليه السّلام: ليست العبادة كثرة الصيام و الصلاة، و إنّما العبادة كثرة التفكّر في أمر اللّه. (3)

8-في مواعظ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: أوصاني ربّي بتسع: . . . و أن يكون صمتي فكرا، و منطقي ذكرا، و نظري عبرا. (4)

أقول:

بهذا المعنى أخبار اخر، قد مرّ بعضها في باب الصمت؛ منها: طوبى لمن كان سكوته فكرا. منها: كلّ صمت ليس فيه فكر فسهو. منها: كلّ سكوت ليس فيه فكر فهو

ص:349


1- -الكافي ج 2 ص 45 ح 4
2- الكافي ج 2 ص 45 ح 5
3- تحف العقول ص 362
4- تحف العقول ص 31

غفلة.

9-عن بريد العجليّ قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: خرج رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله على أصحابه فقال: ما جمعكم؟ قال: اجتمعنا نذكر ربّنا و نتفكّر في عظمته، فقال: لن تدركوا التفكّر في عظمته. (1)

10-عن أبي جعفر عليه السّلام قال: دعوا التفكّر في اللّه، فإنّ التفكّر في اللّه لا يزيد إلاّ تيها، لأنّ اللّه تبارك و تعالى لا تدركه الأبصار و لا تبلغه الأخبار. (2)

بيان:

«تيها» : أي تحيّرا و ضلالا.

11-عن محمّد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام قال: إيّاكم و التفكّر في اللّه، و لكن إذا أردتم أن تنظروا إلى عظمة اللّه فانظروا إلى عظم خلقه. (3)

12-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: كان أكثر عبادة أبي ذرّ رحمه اللّه خصلتين: التفكّر و الاعتبار. (4)

13-في وصيّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لأبي ذرّ رحمه اللّه: . . . و على العاقل ما لم يكن مغلوبا على عقله أن يكون له ساعات: ساعة يناجي فيها ربّه عزّ و جلّ، و ساعة يحاسب نفسه، و ساعة يتفكّر فيما صنع اللّه عزّ و جلّ إليه، و ساعة يخلو فيها بحظّ نفسه من الحلال، فإنّ هذه الساعة عون لتلك الساعات و استجمام للقلوب. . . (5)

بيان:

«الاستجمام» : التفريح.

ص:350


1- -توحيد الصدوق ص 455 ب 67 ح 4
2- توحيد الصدوق ص 457 ح 13
3- توحيد الصدوق ص 458 ح 20
4- الخصال ج 1 ص 42 باب الاثنين ح 33
5- الخصال ج 2 ص 525 باب العشرين ح 13

14-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: فاتّقوا اللّه-عباد اللّه-تقيّة ذي لبّ شغل التفكّر قلبه. (1)

15-و قال عليه السّلام: فإنّما البصير من سمع فتفكّر، و نظر فأبصر، و انتفع بالعبر. (2)

16-و قال عليه السّلام: رحم اللّه امرء تفكّر فاعتبر، و اعتبر فأبصر. (3)

17-و قال عليه السّلام: و لا علم كالتفكّر. (4)

18-و قال عليه السّلام: الفكر مرآة صافية، و الاعتبار منذر ناصح، و كفى أدبا لنفسك تجنّبك ما كرهته لغيرك. (5)

أقول:

نظيره في المستدرك ج 11 ص 186 ب 5 ح 13، و زاد فيه: من تفكّر اعتبر، و من اعتبر اعتزل، و من اعتزل سلم من العجب.

19-و كان لقمان يطيل الجلوس وحده، فكان يمرّ به مولاه فيقول: يا لقمان، إنّك تديم الجلوس وحدك، فلو جلست مع الناس كان آنس لك، فيقول لقمان: إنّ طول الوحدة أفهم للفكرة، و طول الفكرة دليل على (طريق م) الجنّة. (6)

أقول:

قد مرّ في باب الحكمة في خبر طويل عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: أما و اللّه ما اوتي لقمان الحكمة بحسب و لا مال و لا أهل و لا بسط في جسم و لا جمال، و لكنّه كان رجلا

ص:351


1- -نهج البلاغة ص 192 في خ 82
2- نهج البلاغة ص 473 في خ 152
3- نهج البلاغة ص 302 في خ 102
4- نهج البلاغة ص 1139 في ح 109
5- نهج البلاغة ص 1256 ح 357- صبحي ص 538 ح 365
6- المستدرك ج 11 ص 186 ب 5 من جهاد النفس ح 12

قويّا في أمر اللّه، متورّعا في اللّه، ساكتا سكينا، عميق النظر، طويل الفكر، حديد النظر، مستغن بالعبر. . .

20-قال أمير المؤمنين لابنه الحسن عليهما السّلام: لا عبادة كالتفكّر في صنعة اللّه عزّ و جلّ. (1)

21-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: تفكّر ساعة خير من عبادة سنة إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا اَلْأَلْبابِ. (2)

بيان:

قيل: لأنّ الفكر يوصلك إلى اللّه تعالى، و العبادة توصلك إلى ثواب اللّه، و أنّ الفكر عمل القلب، و الطاعة عمل الجوارح.

أقول: لأنّ تفكّر ساعة تصل العبد إلى الحياة الأبديّة.

22-في مواعظ المجتبى عليه السّلام: عليكم بالفكر فإنّه حياة قلب البصير، و مفاتيح أبواب الحكمة. (3)

23-قال الصادق عليه السّلام: اعتبر بما مضى من الدنيا، هل ما بقي على أحد، أو هل أحد فيها باق من الشريف و الوضيع و الغنيّ و الفقير و المولى و العبد فكذالك ما لم يأت منها بما مضى أشبه من الماء بالماء، قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: كفى بالموت واعظا، و بالعقل دليلا، و بالتقوى زادا، و بالعبادة شغلا، و باللّه مونسا، و بالقرآن بيانا. . .

و الفكرة مرآت الحسنات، و كفّارة السيّئات، و ضياء القلب، و فسحة للخلق، و إصابة في إصلاح المعاد، و اطّلاع على العواقب، و استزادة في العلم، و هي خصلة لا يعبد اللّه بمثلها.

ص:352


1- -البحار ج 71 ص 324 باب التفكّر و الاعتبار ح 11
2- البحار ج 71 ص 327 ح 22
3- البحار ج 78 ص 115

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: فكرة ساعة خير من عبادة سنة، و لا ينال منزلة التفكّر إلاّ من قد خصّه اللّه تعالى بنور المعرفة و التوحيد. (1)

24-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

الفكر يهدي. (الغرر ج 1 ص 6 ف 1 ح 37)

الفكر عبادة. (ح 52)

الفكر ينير اللبّ. (ص 16 ح 423)

الفكر يهدي إلى الرشاد. (ص 24 ح 699)

الفكر نزهة المتّقين. (ص 25 ح 716)

الفكر يفيد الحكمة. (ص 30 ح 928)

الفكر مرآة صافية-الفكر جلاء العقول. (ص 32 ح 969 و 978)

التفكّر في آلاء اللّه نعم العبادة. (ص 39 ح 1191)

الفكر في غير الحكمة هوس. (ص 45 ح 1325)

الفكر في الخير يدعو إلى العمل به. (ص 51 ح 1437)

الفكر في العواقب ينجي من المعاطب. (ص 54 ح 1498)

الفكر في العواقب يؤمن مكروه النوائب. (ص 60 ح 1609)

التفكّر في ملكوت السماوات و الأرض عبادة المخلصين. (ص 72 ح 1817)

الفكر في الأمر قبل ملابسته يؤمن الزلل. (ص 78 ح 1894)

الفكر يوجب الاعتبار و يؤمن العثار و يثمر الاستظهار.

(ص 99 ح 2145)

أفكر تفق-أفكر تستبصر. (ص 108 ف 2 ح 6 و 15)

أفضل العبادة الفكر. (ص 177 ف 8 ح 79)

ص:353


1- -مصباح الشريعة ص 20 ب 26

إذا قدّمت الفكر في أفعالك حسنت عواقبك و فعالك. (ص 319 ف 17 ح 131)

بالفكر تصلح الرويّة. (ص 331 ف 18 ح 38)

بتكرار الفكر ينجاب الشك. (ص 333 ح 93)

بالفكر تنجلي غياهب الامور. (ص 336 ح 144)

تفكّر قبل أن تعزم، و تشاور قبل أن تقدم، و تدبّر قبل أن تهجم.

(ص 353 ف 22 ح 83)

تفكّرك يفيدك الاستبصار و يكسبك الأعتبار. (ص 357 ح 112)

طول الفكر يحمد العواقب و يستدرك فساد الامور.

(ج 2 ص 470 ف 47 ح 20)

عليك بالفكر فإنّه رشد من الضلال، و مصلح الأعمال. (ص 481 ف 49 ح 52)

فكر العاقل هداية-فكر الجاهل غواية (1). (ص 516 ف 59 ح 3 و 4)

فكر ساعة قصيرة خير من عبادة طويلة. (ح 10)

فكرك يهديك إلى الرشاد و يحدوك إلى إصلاح المعاد. (ح 17)

فكر المرء مرآة تريه حسن عمله من قبحه. (ح 19)

فكرك في الطاعة يحدوك إلى العمل بها. (ص 518 ح 39)

فكرك في المعصية يحدوك على الوقوع فيها. (ح 40)

فكّر ثمّ تكلّم تسلم من الزلل. (ح 41)

كلّ يوم يفيدك عبرا إن أصحبته فكرا. (ص 547 ف 62 ح 74)

من طال فكره حسن نظره. (ص 615 ف 77 ح 115)

من كثرت فكرته حسنت عاقبته. (ص 630 ح 382)

من طالت فكرته حسنت بصيرته. (ص 648 ح 663)

ص:354


1- -أي الهلاكة

من فكّر قبل العمل كثر صوابه. (ص 650 ح 684)

من ضعفت فكرته قويت غرّته. (ص 651 ح 702)

من قلّ أكله صفا فكره. (ص 657 ح 803)

من تفكّر في ذات اللّه سبحانه ألحد. (ص 658 ح 826)

من تفكّر في آلاء اللّه سبحانه وفّق. (ص 660 ح 841)

من تفكّر في ذات اللّه سبحانه تزندق. (ح 842)

من كثر فكره في اللذّات غلبت عليه. (ص 664 ح 901)

من كثر فكره في المعاصي دعته إليها. (ح 898)

من فكّر أبصر العواقب. (ص 665 ح 914)

من عمّر قلبه بدوام الفكر حسنت أفعاله في السرّ و الجهر. (ص 690 ح 1211)

من تفكّر في عظمة اللّه أبلس (1). (ص 721 ح 1505)

ما زلّ من أحسن الفكر. (ص 736 ف 79 ح 6)

لا تخل نفسك من فكر يزيدك حكمة و عبرة يفيدك عصمة.

(ص 810 ف 85 ح 156)

لا عبادة كالتفكّر. (ص 829 ف 86 ح 13)

لا رشد كالفكر. (ص 830 ح 27)

لا بصيرة لمن لا فكر له-لا فكر لمن لا اعتبار له. (ص 846 ح 338 و 339)

لا اعتبار لمن لا ازدجار له. (ح 340)

لا ازدجار لمن لا اقلاع له. (ح 341)

أقول:

في القطرة (للمستنبط رحمه اللّه) ج 1 ص 338: حكى الزمخشريّ في ربيع الأبرار:

ص:355


1- -أي يئس

قال: قرب إلى عليّ بن الحسين عليه السّلام طهوره في وقت ورده فوضع يده في الإناء ليتوضّأ، ثمّ رفع رأسه فنظر إلى السماء و القمر و الكواكب فجعل يفكّر في خلقها حتّى أصبح و أذّن المؤذّن و يده في الإناء.

ص:356

149- تفويض الأمور إلى اللّه تعالى

الآيات

1- قُلْ مَنْ ذَا اَلَّذِي يَعْصِمُكُمْ مِنَ اَللّهِ إِنْ أَرادَ بِكُمْ سُوءاً أَوْ أَرادَ بِكُمْ رَحْمَةً وَ لا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اَللّهِ وَلِيًّا وَ لا نَصِيراً. (1)

2- . . . وَ أُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اَللّهِ إِنَّ اَللّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبادِ- فَوَقاهُ اَللّهُ سَيِّئاتِ ما مَكَرُوا. . . (2)

3- . . . أَلا إِلَى اَللّهِ تَصِيرُ اَلْأُمُورُ. (3)

الأخبار

1-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: الإيمان أربعة أركان: الرضا بقضاء اللّه، و التوكّل على اللّه، و تفويض الأمر إلى اللّه، و التسليم لأمر اللّه. (4)

ص:357


1- -الأحزاب:17
2- المؤمن:44 و 45
3- الشورى:53
4- الكافي ج 2 ص 47 باب المكارم ح 5-و نظيره في ص 39 باب خصال المؤمن ح 2

بيان:

في النهاية ج 3 ص 479: في حديث الدعاء «فوّضت أمري إليك» أي رددته، يقال: فوّض إليه الأمر تفويضا إذا ردّه إليه و جعله الحاكم فيه.

أقول: التفويض: عبارة عن ترك الاعتراض في الأمور الواردة عليه، و حوالتها بأسرها إلى اللّه تعالى، مع قطع تعلّقه عنها و ردّ الأمور بالكلّيّة إليه، بحيث يرى قدرته مضمحلّة في جنب قدرته تعالى، و إرادته معدومة عند إرادته تعالى، و يرى أنّه لا اختيار له، و بتعبير بعض الأكابر كالميّت بين يدي الغسّال لا تكون له إرادة و لا اختيار بل الامور موكولة إلى الغير، بل جعل اللّه تعالى قلبه في هذه المرتبة محلاّ لمشيّته تعالى.

و بالجملة التفويض اسم تجتمع فيه معاني العبوديّة، و هو فوق الرضا و التسليم و التوكّل، بل هو آخر منازل اليقين و أقصى الدرجات العالية و يكون أشرف الفضائل الخلقيّة و أفضل الكمالات النفسانيّة، و هو الكبريت الأحمر الذي لا يظفر به إلاّ الأوحد من الأولياء و أعاظم العرفاء و المؤمنين الكاملين، فهم أركان الأرض مخفيّون عن أهلها و مشهورون عند أهل السماء، و لا يكاد يوجد في العبد إلاّ بعد النيل إلى المراتب العالية و بعد المجاهدات الدائمة و التوفيقات الإلهيّة، و لا ينبغي لنا ادّعاء هذا المقام و إن ادّعاه بعض، فليس إلاّ الدعوى و الخيالات الموهومة بل و كذا سائر المقامات العالية كالزهد و الصبر و التوكّل و الرضا و التسليم فلا يكاد يوجد إلاّ في المؤمنين الكاملين.

2-عن يونس قال: سألت أبا الحسن الرضا عليه السّلام عن الإيمان و الإسلام، فقال: قال أبو جعفر عليه السّلام: إنّما هو الإسلام، و الإيمان فوقه بدرجة، و التقوى فوق الإيمان بدرجة، و اليقين فوق التقوى بدرجة، و لم يقسم بين الناس شيء أقلّ من اليقين، قال: قلت: فأيّ شيء اليقين؟ قال: التوكّل على اللّه، و التسليم للّه، و الرضا بقضاء اللّه، و التفويض إلى اللّه. قلت: فما تفسير ذلك؟ قال: هكذا قال

ص:358

أبو جعفر عليه السّلام. (1)

بيان:

في المرآة: «إنّما هو الإسلام» كأنّ الضمير راجع إلى الدين لقوله تعالى: إِنَّ اَلدِّينَ عِنْدَ اَللّهِ اَلْإِسْلامُ. . .

3-عن أبي حمزة عن عليّ بن الحسين عليهما السّلام قال: كان أمير المؤمنين عليه السّلام يقول: «اللهمّ منّ عليّ بالتوكّل عليك، و التفويض إليك، و الرضا بقدرك، و التسليم لأمرك، حتّى لا احبّ تعجيل ما أخّرت، و لا تأخير ما عجّلت، يا ربّ العالمين» . (2)

أقول:

لاحظ ما يناسب المقام في أبواب الرضا، التسليم، التوكّل، و اليقين.

4-قال الصادق عليه السّلام: عجبت لمن فزع من أربع كيف لا يفزع إلى أربع. . . و عجبت لمن مكر به كيف لا يفزع إلى قوله: وَ أُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اَللّهِ إِنَّ اَللّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبادِ فإنّي سمعت اللّه عزّ و جلّ يقول بعقبها: فَوَقاهُ اَللّهُ سَيِّئاتِ ما مَكَرُوا. . . (3)

بيان:

يقال: فزع منه: خاف. و فزع إليه: استغاثه و لجأ إليه.

5-عن البزنطي قال: سمعت الرضا عليه السّلام يقول: الإيمان أربعة أركان: التوكّل على اللّه عزّ و جلّ، و الرضا بقضائه، و التسليم لأمر اللّه، و التفويض إلى اللّه. قال عبد صالح: «و أفوّض أمري إلى اللّه» فوقاه اللّه سيّئات ما مكروا. (4)

ص:359


1- -الكافي ج 2 ص 43 باب فضل الإيمان على الإسلام ح 5
2- الكافي ج 2 ص 422 باب دعوات موجزات. . . ح 14
3- أمالي الصدوق ص 6 م 2 ح 2
4- البحار ج 71 ص 135 باب التوكّل ح 13

6-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: لا يكمل عبد الإيمان باللّه حتّى يكون فيه خمس خصال: التوكّل على اللّه، و التفويض إلى اللّه، و التسليم لأمر اللّه، و الرضا بقضاء اللّه، و الصبر على بلاء اللّه، إنّه من أحبّ في اللّه، و أبغض في اللّه، و أعطى للّه، و منع للّه، فقد استكمل الإيمان. (1)

7-في وصيّة الباقر عليه السّلام لجابر الجعفيّ: . . . و سدّ سبيل العجب بمعرفة النفس، و تخلّص إلى راحة النفس بصحّة التفويض. . . (2)

8-قال الصادق عليه السّلام: المفوّض أمره إلى اللّه تعالى في راحة الأبد، و العيش الدائم الرغد، و المفوّض حقّا هو الفاني عن كلّ همّة دون اللّه تعالى، كما قال أمير المؤمنين عليه السّلام:

رضيت بما قسّم اللّه لي و فوّضت أمري إلى خالقي

كما أحسن اللّه فيما مضى كذلك يحسن فيما بقي

و قال اللّه عزّ و جلّ في مؤمن آل فرعون: وَ أُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اَللّهِ إِنَّ اَللّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبادِ- فَوَقاهُ اَللّهُ سَيِّئاتِ ما مَكَرُوا وَ حاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ اَلْعَذابِ.

و التفويض خمسة أحرف، لكلّ حرف منها حكم، فمن أتى بأحكامه فقد أتى به. «التاء» من تركه التدبير في الدنيا، و «الفاء» من فناء كلّ همّة غير اللّه، و «الواو» من وفاء العهد و تصديق الوعد، و «الياء» اليأس من نفسك و اليقين بربّك، و «الضاد» من الضمير الصافي للّه و الضرورة إليه، و المفوّض لا يصبح إلاّ سالما من جميع الآفات، و لا يمسي إلاّ معافا بدينه (بدنه ف ن) . (3)

9-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال: من فوّض أمره إلى اللّه سدّده.

(الغرر ج 2 ص 632 ف 77 ح 415)

ص:360


1- -البحار ج 77 ص 179 في مفردات كلماته صلّى اللّه عليه و آله
2- البحار ج 78 ص 164
3- مصباح الشريعة ص 59 ب 86

حرف القاف

150- القبر و آداب زيارة أهل القبور

الأخبار

1-قال الرضا عليه السّلام: ما من عبد [مؤمن] زار قبر مؤمن فقرأ عنده إِنّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ اَلْقَدْرِ سبع مرّات إلاّ غفر اللّه له و لصاحب القبر. (1)

2-قال الرضا عليه السّلام: من أتى قبر أخيه المؤمن ثمّ وضع يده على القبر و قرء إِنّا أَنْزَلْناهُ سبع مرّات أمن يوم الفزع الأكبر. (2)

أقول:

ح 4 مثله، و زاد فيه: «فاستقبل القبلة» .

3-عن إسحق بن عمّار عن أبي الحسن عليه السّلام قال: قلت له: المؤمن يعلم بمن يزور قبره؟ قال: نعم، و لا يزال مستأنسا به ما زال عنده، فإذا قام و انصرف من قبره دخله من انصرافه عن قبره وحشة. (3)

4-عن عبد اللّه بن سنان قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: كيف أسلّم على أهل القبور؟ قال: نعم، تقول «السّلام على أهل الديار من المؤمنين

ص:361


1- -الفقيه ج 1 ص 181 ح 541
2- كامل الزيارات ص 319 ب 105 ح 3
3- كامل الزيارات ص 321 ح 8

و المسلمين، أنتم لنا فرط و نحن إن شاء اللّه بكم لاحقون» . (1)

بيان:

«الفرط» : أي المتقدّم.

5-عن جرّاح المدايني قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام كيف التسليم على أهل القبور؟ قال: تقول: «السّلام على أهل الديار من المؤمنين و المسلمين، رحم اللّه المستقدمين منكم و المستأخرين و إنّا إن شاء اللّه بكم لاحقون» . (2)

6-عن عبد اللّه بن سليمان عن الباقر عليه السّلام قال: سألته عن زيارة القبور، قال: إذا كان يوم الجمعة فزرهم، فإنّه من كان منهم في ضيق وسّع عليه ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، يعلمون بمن أتاهم في كلّ يوم، فإذا طلعت الشمس كانوا سدى؛ قلت: فيعلمون بمن أتاهم فيفرحون به؟ قال: نعم و يستوحشون له إذا انصرف عنهم. (3)

بيان:

المعنى أنّ يوم الجمعة مثل طلوع الفجر إلى طلوع الشمس في سائر الأيّام حيث يعلمون بمن أتاهم. قال رحمه اللّه: «السدى» بالضمّ و يفتح: المهمل. . . و قوله: «ما بين طلوع الفجر» استيناف كلام، أي في كلّ يوم يطّلعون على زوّارهم في ذلك الوقت. . .

7-عن ابن أبي عمير عن بعض أصحابه قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رشّ الماء على القبر، قال: يتجافى عنه العذاب ما دام الندى في التراب. (4)

8-عن عمر بن يزيد قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: نصلّي عن الميّت؟ قال:

ص:362


1- -كامل الزيارات ص 321 ح 9
2- كامل الزيارات ص 321 ح 11
3- البحار ج 6 ص 256 باب البرزخ ح 88
4- البحار ج 82 ص 23 باب الدفن ح 10

نعم، حتّى أنّه ليكون في ضيق فيوسّع اللّه عليه ذلك الضيق، ثمّ يؤتى فيقال له: خفّف عنك هذا الضيق بصلاة فلان أخيك عنك، قال: فقلت له: فأشرك بين رجلين في ركعتين؟ قال: نعم.

قال: و قال عليه السّلام: إنّ الميّت ليفرح بالترحّم عليه و الاستغفار له، كما يفرح الحيّ بالهديّة تهدى إليه. (1)

9-قال الصادق عليه السّلام: يدخل على الميّت في قبره الصلاة و الصوم و الحجّ و الصدقة و البرّ و الدعاء، و يكتب أجره للذي يفعله و للميّت. (2)

10-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: و من دخل المقابر و قرء سورء «يس» خفّف اللّه عنهم يومئذ، و كان له بعدد من فيها حسنات. (3)

11-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إذا تصدّق الرجل بنيّة الميّت أمر اللّه جبرئيل أن يحمل إلى قبره سبعين ألف ملك، في يد كلّ ملك طبق فيحملون إلى قبره، و يقولون: السّلام عليك يا وليّ اللّه، هذه هديّة فلان بن فلان إليك، فيتلألأ قبره، و أعطاه اللّه ألف مدينة في الجنّة و زوّجه ألف حوراء، و ألبسه ألف حلّة، و قضى له ألف حاجة.

و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إذا قرء المؤمن «آية الكرسيّ» و جعل ثواب قراءته لأهل القبور، جعل اللّه تعالى له من كلّ حرف ملكا يسبّح له إلى يوم القيامة. (4)

12-. . . و قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: زوروا قبور موتاكم و سلّموا عليهم، فإنّ لكم فيهم عبرة. (5)

ص:363


1- -البحار ج 82 ص 62 باب استحباب الصلاة عن الميّت ح 1
2- البحار ج 82 ص 62 ح 2
3- البحار ج 82 ص 63 ح 3
4- البحار ج 82 ص 63 ح 7
5- البحار ج 82 ص 64 ح 8

13-. . . و قال ابن عباس: إنّ رجلا ضرب حباءه على قبر و لم يعلم أنّه قبر، فقرء تَبارَكَ اَلَّذِي بِيَدِهِ اَلْمُلْكُ فسمع صائحا يقول: هي المنجية، فذكر ذلك النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فقال: هي المنجية من عذاب القبر. (1)

بيان:

«الخباء» : الخيمة.

14-. . . قال الباقر عليه السّلام: إنّ الرجل يكون بارّا بوالديه و هما حيّان، فإذا لم يستغفر لهما كتب عاقّا لهما، و إنّ الرجل ليكون عاقّا لهما في حياتهما، فإذا ماتا أكثر الاستغفار لهما فكتب بارّا. (2)

15-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إذا زرتم موتاكم قبل طلوع الشمس سمعوا و أجابوكم، و إذا زرتموهم بعد طلوع الشمس سمعوا و لم يجيبوكم. (3)

16-. . . و هذا دعا عليّ عليه السّلام لأهل القبور: « بسم اللّه الرحمن الرحيم السّلام على أهل لا إله إلاّ اللّه، من أهل لا إله إلاّ اللّه، يا أهل لا إله إلاّ اللّه، بحقّ لا إله إلاّ اللّه، كيف وجدتم قول لا إله إلاّ اللّه، من لا إله إلاّ اللّه، يا لا إله إلاّ اللّه، بحقّ لا إله إلاّ اللّه، اغفر لمن قال لا إله إلاّ اللّه، و احشرنا في زمرة من قال: لا إله إلاّ اللّه، محمّد رسول اللّه، عليّ وليّ اللّه» .

فقال عليّ عليه السّلام: إنّي سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول: من قرء هذا الدعاء أعطاه اللّه سبحانه و تعالى ثواب خمسين سنة، و كفّر عنه سيّئات خمسين سنة و لأبويه أيضا. (4)

17-و قال أمير المؤمنين عليه السّلام-و قد رجع من صفّين فأشرف على القبور

ص:364


1- -البحار ج 82 ص 64 ح 8
2- البحار ج 82 ص 65 ح 9
3- البحار ج 102 ص 297 باب زيارة المؤمنين ح 11
4- البحار ج 102 ص 301 ح 31

بظاهر الكوفة-: يا أهل الديار الموحشة، و المحالّ المقفرة، و القبور المظلمة، يا أهل التربة، يا أهل الغربة، يا أهل الوحدة، يا أهل الوحشة، أنتم لنا فرط سابق، و نحن لكم تبع لاحق، أمّا الدور فقد سكنت، و أمّا الأزواج فقد نكحت، و أمّا الأموال فقد قسمت، هذا خبر ما عندنا فما خبر ما عندكم؟

ثمّ التفت إلى أصحابه فقال: أما لو اذن لهم في الكلام لأخبروكم؛ أنّ خير الزاد التقوى. (1)

18-عن محمّد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: زوروا موتاكم فإنّهم يفرحون بزيارتكم، و ليطلب أحدكم حاجته عند قبر أبيه و عند قبر امّه بما يدعو لهما.

و روى الصدوق رحمه اللّه عنه عليه السّلام (في ح الأربعمأة) مثله، إلاّ أنّه قال: بعد ما يدعو لهما. (2)

19-عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله في حديث في فضل آية الكرسيّ، قال: و من قرءها و جعل ثوابها لأهل القبور، غفر اللّه ذنوبهم، إلاّ أن يكون عشّارا. (3)

20-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: ما من أحد يقول عند قبر ميّت إذا دفن (ثلاث مرّات م) : «اللهمّ إنّي أسألك بحقّ محمّد و آل محمّد، أن لا تعذّب هذا الميّت» إلاّ رفع اللّه عنه العذاب إلى يوم ينفخ في الصور. (4)

21-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: ما من أحد يقول عند قبر ميّت ثلاث مرّات: «اللهمّ إنّي أسألك بحقّ محمّد و آل محمّد، ألاّ تعذّب هذا الميّت» إلاّ دفع اللّه عنه العذاب

ص:365


1- -نهج البلاغة ص 1147 ح 125
2- الوسائل ج 3 ص 223 ب 54 من الدفن ح 5
3- المستدرك ج 2 ص 341 ب 32 من الدفن ح 7
4- المستدرك ج 2 ص 372 ب 49 ح 1

إلى يوم القيامة. (1)

22-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: اهدوا لموتاكم، فقلنا: يا رسول اللّه، و ما هديّة الأموات؟ قال: الصدقة و الدعاء.

و قال صلّى اللّه عليه و آله: إنّ أرواح المؤمنين تأتي كلّ جمعة إلى السماء الدنيا بحذاء دورهم و بيوتهم ينادي كلّ واحد منهم بصوت حزين باكين: يا أهلي، و يا ولدي، و يا أبي، و يا أمّي، و أقربائي، اعطفوا علينا يرحمكم اللّه بالذي كان في أيدينا، و الويل و الحساب علينا و المنفعة لغيرنا، و ينادي كلّ واحد منهم إلى أقربائه: اعطفوا علينا بدرهم أو برغيف أو بكسوة، يكسوكم اللّه من لباس الجنّة.

ثمّ بكى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و بكينا معه، فلم يستطيع النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أن يتكلّم من كثرة بكائه، ثمّ قال: اولئك إخوانكم في الدين، فصاروا ترابا رميما بعد السرور و النعيم، فينادون بالويل و الثبور على أنفسهم يقولون: يا ويلنا لو أنفقنا ما كان في أيدينا في طاعة اللّه و رضائه ما كنّا نحتاج إليكم، فيرجعون بحسرة و ندامة و ينادون: أسرعوا صدقة الأموات. (2)

23-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: ما تصدّقت لميّت، فيأخذها ملك في طبق من نور ساطع ضوؤها، يبلغ سبع سماوات، ثمّ يقوم على شفير الخندق (القبر) فينادي: السّلام عليكم يا أهل القبور، أهلكم أهدى إليكم بهذه الهديّة، فيأخذها و يدخل بها في قبره، فيوسّع عليه مضاجعه.

فقال صلّى اللّه عليه و آله: ألا من أعطف لميّت بصدقة فله عند اللّه من الأجر مثل احد، و يكون يوم القيامة في ظلّ عرش اللّه يوم لا ظلّ إلاّ ظلّ العرش، و حيّ و ميّت نجى بهذه الصدقة. (3)

ص:366


1- -المستدرك ج 2 ص 373 ح 6
2- جامع الأخبار ص 169 ف 134
3- جامع الأخبار ص 169

أقول:

قد مرّ ما يناسب المقام في باب البرزخ.

ص:367

ص:368

151- التقبيل

الأخبار

1-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ لكم لنورا تعرفون به في الدنيا، حتّى أنّ أحدكم إذا لقي أخاه قبّله في موضع النور من جبهته. (1)

بيان:

«تعرفون به» أي تعرفهم بذلك الملائكة و النبيّ و الأئمّة عليهم السّلام و بعض الكمّل من المؤمنين.

2-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: لا يقبّل رأس أحد و لا يده إلاّ [يد] رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أو من اريد به رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله. (2)

بيان:

«أو من اريد به» المراد الأئمّة عليهم السّلام إجماعا كما يستفاد من الحديث الآتي، حيث إنّ تعظيمهم تعظيما لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و مودّتهم مودّة له، و يحتمل شمول الحكم للسادات الصالحين ممّن ينتسبون إليه صلّى اللّه عليه و آله فإنّ تعظيمهم تعظيما لذوي القربى الذين أمرنا بمودّتهم، و كذلك العلماء الربّانيّون باعتبار أنّهم حملة علم

ص:369


1- -الكافي ج 2 ص 148 باب التقبيل ح 1
2- الكافي ج 2 ص 148 ح 2

رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و أهل بيته عليهم السّلام و الذابّين عن الإسلام.

3-عن عليّ بن مزيد قال: دخلت على أبي عبد اللّه عليه السّلام، فتناولت يده فقبّلتها، فقال: أما إنّها لا تصلح إلاّ لنبيّ أو وصيّ نبيّ. (1)

أقول:

قد مرّ في باب المصافحة أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قبّل ما بين عيني جعفر رحمه اللّه.

4-عن عليّ بن جعفر عن أبي الحسن عليه السّلام قال: من قبّل للرحم ذا قرابة فليس عليه شيء، و قبلة الأخ على الخدّ، و قبلة الإمام بين عينيه. (2)

5-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ليس القبلة على الفم إلاّ للزوجة [أ] و الولد الصغير. (3)

6-عليّ بن جعفر (في كتابه) عن أخيه قال: سألته عن الرجل أيصلح له أن يقبّل الرجل أو المرأة؟ قال: الأخ و الابن و الأخت و الابنة و نحو ذلك فلا بأس. (4)

أقول:

«أو المرأة» : في البحار ج 10 ص 280 أو"المرأة تقبّل المرأة؟ ".

7-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من قبّل غلاما من شهوة ألجمه اللّه يوم القيامة بلجام من نار. (5)

8-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: جاء رجل إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فقال: ما قبّلت صبيّا لي قطّ، فلمّا ولّى قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: هذا رجل عندي أنّه من أهل

ص:370


1- -الكافي ج 2 ص 148 ح 3
2- الكافي ج 2 ص 148 ح 5
3- الكافي ج 2 ص 148 ح 6
4- الوسائل ج 12 ص 235 ب 133 من العشرة ح 8
5- الوسائل ج 20 ص 340 ب 21 من النكاح المحرّم ح 1

النار. (1)

أقول:

في ح 4، قال صلّى اللّه عليه و آله-في جواب من قال: إنّ لي عشرة من الولد ما قبّلت أحدا منهم-: من لا يرحم لا يرحم.

9-قال عليه السّلام: أكثروا من قبلة أولادكم، فإنّ لكم بكلّ قبلة درجة في الجنّة مسيرة خمسائة عام. (2)

10-عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، أنّه نظر إلى رجل له ابنان فقبّل أحدهما و ترك الآخر، فقال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: فهلاّ ساويت بينهما. (3)

11-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: قبلة الولد رحمة، و قبلة المرأة شهوة، و قبلة الوالدين عبادة، و قبلة الرجل أخاه دين.

و زاد عنه الحسن البصريّ: و قبلة الإمام العادل طاعة. (4)

12-قال الصادق عليه السّلام: إذا بلغت الجارية ستّ سنين فلا تقبّلها، و الغلام لا تقبّله المرأة إذا جاوز سبع سنين. (5)

13-في مواعظ المجتبى، قال عليه السّلام: إذا لقي أحدكم أخاه فليقبّل موضع النور من جبهته. (6)

14-عن موسى بن جعفر عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إذا قبّل أحدكم ذات محرم قد حاضت: اخته أو عمّته أو خالته فليقبّل بين عينيها

ص:371


1- -الوسائل ج 21 ص 484 ب 89 من أحكام الأولاد ح 1
2- الوسائل ج 21 ص 485 ح 3-و مثله في مكارم الأخلاق عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله
3- مكارم الأخلاق ص 220 ب 8 ف 6
4- مكارم الأخلاق ص 220
5- مكارم الأخلاق ص 223
6- البحار ج 78 ص 110

و رأسها، و ليكفّ عن خدّها و عن فيها. (1)

15-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: من قبّل غلاما بشهوة عذّبه اللّه ألف عام في النار، و من جامعه لم يجد ريح الجنّة و ريحها يوجد من مسيرة خمسمأة عام، إلاّ أن يتوب.

و قال عليه السّلام: من قبّل غلاما بشهوة ألجمه اللّه بلجام من نار، و لعنته ملائكة السموات و الأرض، و ملائكة الرحمة و الغضب، و يهيّئ له جهنّم.

و في حديث: قال: كأنّه زنى بامّه سبعين مرّة. (2)

ص:372


1- -البحار ج 76 ص 42 باب المصافحة ح 43
2- مجموعة الأخبار ص 103 ب 63

152- قتل النفس

الآيات

1- . . . وَ لا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اَللّهَ كانَ بِكُمْ رَحِيماً- وَ مَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ عُدْواناً وَ ظُلْماً فَسَوْفَ نُصْلِيهِ ناراً وَ كانَ ذلِكَ عَلَى اَللّهِ يَسِيراً. (1)

2- وَ ما كانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلاّ خَطَأً وَ مَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَ دِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلى أَهْلِهِ . . . - وَ مَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِداً فِيها وَ غَضِبَ اَللّهُ عَلَيْهِ وَ لَعَنَهُ وَ أَعَدَّ لَهُ عَذاباً عَظِيماً. (2)

3- لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي ما أَنَا بِباسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ . . . مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسادٍ فِي اَلْأَرْضِ فَكَأَنَّما قَتَلَ اَلنّاسَ جَمِيعاً وَ مَنْ أَحْياها فَكَأَنَّما أَحْيَا اَلنّاسَ جَمِيعاً. . . (3)

4- . . . وَ لا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَ إِيّاهُمْ وَ لا تَقْرَبُوا اَلْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَ ما بَطَنَ وَ لا تَقْتُلُوا اَلنَّفْسَ اَلَّتِي حَرَّمَ اَللّهُ إِلاّ بِالْحَقِّ ذلِكُمْ

ص:373


1- -النساء:29 و 30
2- النساء:92 و 93
3- المائدة:28 إلى 32

وَصّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ. (1)

5- وَ إِذَا اَلْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ- بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ. (2)

الأخبار

1-عن محمّد بن مسلم قال: سألت أبا جعفر عليه السّلام عن قول اللّه عزّ و جلّ: مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسادٍ فِي اَلْأَرْضِ فَكَأَنَّما قَتَلَ اَلنّاسَ جَمِيعاً قال: له في النار مقعد، لو قتل الناس جميعا لم يرد إلاّ (إلى) ذلك المقعد. (3)

أقول:

ح 2 عن حمران عنه عليه السّلام: . . . قال: قلت: كيف كأنّما قتل الناس جميعا، فإنّما قتل واحدا؟ فقال: يوضع في موضع من جهنّم إليه ينتهى شدّة عذاب أهلها، لو قتل الناس جميعا لكان إنّما يدخل ذلك المكان، قلت: فإنّه قتل آخر؟ قال: يضاعف عليه.

2-عن الثماليّ عن عليّ بن الحسين عليهما السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: لا يغرّنّكم رحب الذراعين بالدم، فإنّ له عند اللّه قاتلا لا يموت، قالوا: يا رسول اللّه، و ما قاتل لا يموت؟ فقال: النار. (4)

بيان:

الرحب: الواسع، و رحب الذراع: أي واسع القدرة و القوّة.

3-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: لا يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دما

ص:374


1- -الأنعام:151 و بمدلولها في الإسراء:31 إلى 33
2- التكوير:8 و 9
3- الوسائل ج 29 ص 9 ب 1 من القصاص في النفس ح 1
4- الوسائل ج 29 ص 11 ح 4

حراما، قال: و لا يوفّق قاتل المؤمن متعمّدا للتوبة. (1)

4-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: لا يدخل الجنّة سافك للدم، و لا شارب الخمر، و لا مشّاء بنميم. (2)

5-فيما كتب الرضا عليه السّلام إلى محمّد بن سنان: حرّم اللّه قتل النفس لعلّة فساد الخلق في تحليله لو أحلّ، و فنائهم، و فساد التدبير. (3)

6-عن محمّد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام قال: إنّ الرجل ليأتي يوم القيامة و معه قدر محجمة من دم، فيقول: و اللّه ما قتلت و لا شركت في دم، فيقال: بلى ذكرت عبدي فلانا فترقّى ذلك حتّى قتل فأصابك من دمه. (4)

7-عن أبي حمزة عن أحدهما عليهما السّلام قال: أتي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فقيل له: يا رسول اللّه، قتيل في جهينة، فقام رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يمشي حتّى انتهى إلى مسجدهم، قال: و تسامع الناس فأتوه فقال: من قتل ذا؟ قالوا: يا رسول اللّه، ما ندري، فقال: قتيل بين المسلمين لا يدرى من قتله؟ ! و الذي بعثني بالحقّ، لو أنّ أهل السماء و الأرض شركوا في دم امرئ مسلم و رضوا به لأكبّهم اللّه على مناخرهم في النار؛ أو قال: على وجوههم. (5)

أقول:

بهذا المعنى أخبار اخر.

بيان: «جهينة» هي قبيلة من العرب.

8-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من أعان على مؤمن بشطر كلمة جاء يوم القيامة

ص:375


1- -الوسائل ج 29 ص 13 ح 8
2- الوسائل ج 29 ص 13 ح 9
3- الوسائل ج 29 ص 14 ح 11
4- الوسائل ج 29 ص 17 ب 2 ح 1
5- الوسائل ج 29 ص 17 ح 2

مكتوب بين عينيه: آيس من رحمة اللّه.

رواه في عقاب الأعمال إلاّ أنّه قال: "على قتل مؤمن". (1)

9-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام في رجل قتل رجلا مؤمنا: يقال له: مت أيّ ميتة شئت: إن شئت يهوديّا، و إن شئت نصرانيّا، و إن شئت مجوسيّا. (2)

أقول:

قد مرّ في باب الفحش: أنّ سباب المؤمن فسوق، و قتاله كفر.

10-قال أبو جعفر عليه السّلام (في حديث) : إنّ المؤمن يبتلى بكلّ بليّة و يموت بكلّ ميتة إلاّ أنّه لا يقتل نفسه. (3)

11-عن جعفر بن محمّد عن أبيه عن آبائه عن عليّ عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّ في جهنّم واديا يقال له: سعيرا، إذا فتح ذلك الوادي ضجّت النيران منه، أعدّه اللّه تعالى للقتّالين. (4)

12-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: ما عجّت الأرض إلى ربّها كعجّتها من دم حرام يسفك عليها. (5)

13-عن عبد العظيم الحسني عن أبي جعفر الثاني عن أبيه عن جدّه عن الصادق عليهم السّلام قال: قتل النفس من الكبائر لأنّ اللّه عزّ و جلّ يقول: وَ مَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِداً فِيها وَ غَضِبَ اَللّهُ عَلَيْهِ وَ لَعَنَهُ وَ أَعَدَّ لَهُ عَذاباً عَظِيماً. (6)

ص:376


1- -الوسائل ج 29 ص 18 ح 4
2- الوسائل ج 29 ص 19 ب 3 ح 1
3- الوسائل ج 29 ص 24 ب 5 ح 3
4- المستدرك ج 18 ص 205 ب 1 من القصاص في النفس ح 1
5- المستدرك ج 18 ص 207 ح 11
6- البحار ج 104 ص 371 باب عقوبة قتل النفس ح 6

14-عن سماعة بن مهران عن أبي عبد اللّه أو أبي الحسن عليهما السّلام قال: سألت أحدهما عمّن قتل مؤمنا هل له توبة؟ قال: لا حتّى يؤدّي ديته إلى أهله، و يعتق رقبة مؤمنة، و يصوم شهرين متتابعين، و يستغفر ربّه و يتضرّع إليه، فأرجو أن يتاب عليه إذا هو فعل ذلك، قلت: إن لم يكن له ما يؤدّي ديته؟ قال: يسأل المسلمين حتّى يؤدّي ديته إلى أهله. (1)

15-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: لزوال الدنيا أيسر على اللّه من قتل المؤمن. (2)

16-و قال صلّى اللّه عليه و آله: أوّل ما يقضى يوم القيامة الدماء. (3)

17-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: لو أنّ رجلا قتل بالمشرق و آخر رضي به في المغرب كان كمن قتله و شرك في دمه. (4)

18-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

سفك الدماء بغير حقّها، يدعو إلى حلول النقمة، و زوال النعمة.

(الغرر ج 1 ص 437 ف 39 ح 78)

من أعان على [قتل] مؤمن فقد برئ من الإسلام.

(ج 2 ص 722 ف 77 ح 1518)

ص:377


1- -البحار ج 104 ص 379 ح 55
2- البحار ج 104 ص 382 ح 69
3- البحار ج 104 ص 382 ح 71
4- البحار ج 104 ص 384 باب من أعان على قتل مؤمن ح 6

ص:378

153- ليلة القدر

الآيات

1- يُنَزِّلُ اَلْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاّ أَنَا فَاتَّقُونِ. (1)

2- حم- وَ اَلْكِتابِ اَلْمُبِينِ- إِنّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ إِنّا كُنّا مُنْذِرِينَ- فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ- أَمْراً مِنْ عِنْدِنا إِنّا كُنّا مُرْسِلِينَ. (2)

3- إِنّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ اَلْقَدْرِ. الآيات (3)

الأخبار

1-عن حسّان بن مهران عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سألته عن ليلة القدر، فقال: التمسها [في] ليلة إحدى و عشرين أو ليلة ثلاث و عشرين. (4)

بيان:

«ليلة القدر» : اختلف في أنّه لم سمّيت الليلة بليلة القدر؟ قيل: لأنّها ليلة يقدّر اللّه فيها ما يكون في السنة، و القدر بمعنى التقدير. و قيل: هو بمعنى الخطر و المنزلة، لأنّ

ص:379


1- -النحل:2
2- الدخان:1 إلى 5
3- سورة القدر
4- الكافي ج 4 ص 156 باب ليلة القدر ح 1

من أحياها صار ذا قدر، أو لأنّ للطاعات فيها قدرا عظيما.

(المرآة ج 16 ص 380)

ثمّ اختلف في أنّها أيّ ليلة؟ أمّا أخبارنا فمتظافرة في انحصارها في الليالي الثلاثة من شهر رمضان؛ ليلة تسع عشرة، و ليلة إحدى و عشرين، و ليلة ثلاث و عشرين، و كثير منها يدلّ على الاثنتين الأخيرتين كهذا الخبر، و ورد كثير من الأخبار في تعيين ليلة ثلاث و عشرين.

و يظهر من بعضها أنّ كلاّ منها ليلة القدر لمدخليّتها في التقدير، فالتقدير في ليلة تسع عشرة، و الإبرام في ليلة إحدى و عشرين، و الإمضاء في ليلة ثلاث و عشرين، و كانت الليلتان المتقدّمتان تمهيدا لليلة القدر و هي ليلة ثلاث و عشرين.

و قال الصدوق رحمه اللّه في الخصال ج 2 ص 519 باب العشرين ذيل ح 7: اتّفق مشايخنا على أنّها ليلة ثلاث و عشرين من شهر رمضان، و الغسل فيها من أوّل الليل، و هو يجزي إلى آخره.

2-عن عليّ بن أبي حمزة قال: كنت عند أبي عبد اللّه عليه السّلام فقال له أبو بصير: جعلت فداك، الليلة التي يرجى فيها ما يرجى (أيّ ليلة هي) ؟ فقال: في إحدى و عشرين أو ثلاث و عشرين، قال: فإن لم أقو على كلتيهما؟ فقال: ما أيسر ليلتين فيما تطلب! قلت: فربّما رأينا الهلال عندنا و جاءنا من يخبرنا بخلاف ذلك من أرض اخرى؟ فقال: ما أيسر أربع ليال تطلبها فيها! قلت: جعلت فداك، ليلة ثلاث و عشرين ليلة الجهنيّ؟ فقال: إنّ ذلك ليقال، قلت: جعلت فداك إنّ سليمان بن خالد روى في تسع عشرة يكتب وفد الحاجّ،

فقال لي: يا أبا محمّد، وفد الحاجّ يكتب في ليلة القدر و المنايا و البلايا و الأرزاق، و ما يكون إلى مثلها في قابل، فاطلبها في ليلة إحدى و عشرين و ثلاث و عشرين، وصلّ في كلّ واحدة منهما مائة ركعة، و أحيهما إن استطعت إلى النور و اغتسل فيهما.

ص:380

قال: قلت: فإن لم أقدر على ذلك و أنا قائم؟ قال: فصلّ و أنت جالس، قلت: فإن لم أستطع؟ قال: فعلى فراشك، لا عليك أن تكتحل أوّل الليل بشيء من النوم، إنّ أبواب السماء تفتح في رمضان، و تصفّد الشياطين، و تقبل أعمال المؤمنين؛ نعم الشهر (شهر) رمضان كان يسمّى على عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله المرزوق. (1)

بيان:

«ليلة الجهنيّ» : في الفقيه و غيره اسم الجهنيّ عبد اللّه بن أنيس الأنصاريّ جاء إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و قال: منزلي ناء عن المدينة و إنّ لي إبلا و غنما و غلمة، و أحبّ أن تأمرني بليلة أدخل فيها من شهر رمضان، فقال صلّى اللّه عليه و آله: أنزل ليلة ثلاث و عشرين، فإذا كانت ليلة ثلاث و عشرين دخل بإبله و غنمه و أهله و ولده و غلمته، فبات تلك اللية بالمدينة فإذا أصبح خرج بمن دخل معه، فرجع إلى مكانه، فلذلك شهّر في العرف بليلة الجهنيّ هكذا ورد في الأخبار.

في الوافي، «وفد الحاجّ» : هم القادمون إلى مكّة للحجّ فإنّ في تلك الليلة تكتب أسماء من قدّر أن يحجّ في تلك السنة.

«إلى النور» قال رحمه اللّه: كناية عن انفجار الصبح بالفلق. «المنايا» : واحدته المنيّة، و هي الموت. «لا عليك» : أي لا بأس. «تكتحل من النوم» : الاكتحال بالنوم كناية عن القليل منه. «تصفّد» في القاموس، صفده: شدّه و أوثقه، كأصفده و صفّده.

3-عن محمّد بن مسلم عن أحدهما عليهما السّلام قال: سألته عن علامة ليلة القدر، فقال: علامتها أن تطيب ريحها و إن كانت في برد دفئت و إن كانت في حرّ بردت فطابت، قال: و سئل عن ليلة القدر؟ فقال: تنزل فيها الملائكة و الكتبة إلى السماء الدنيا فتكتبون ما يكون في أمر السنة و ما يصيب العباد و أمره عنده

ص:381


1- -الكافي ج 4 ص 156 ح 2

موقوف له، و فيه المشيئة، فيقدّم منه ما يشاء، و يؤخّر منه ما يشاء، و يمحو و يثبت و عنده أمّ الكتاب. (1)

بيان:

«دفئت» الدفء: السخونة و الحرارة.

4-عن حمران أنّه سأل أبا جعفر عليه السّلام عن قول اللّه عزّ و جلّ: إِنّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ قال: نعم ليلة القدر، و هي في كلّ سنة في شهر رمضان في العشر الأواخر، فلم ينزل القرآن إلاّ في ليلة القدر، قال اللّه عزّ و جلّ: فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ قال: يقدّر في ليلة القدر كلّ شيء يكون في تلك السنة إلى مثلها من قابل؛ خير و شرّ، و طاعة و معصية، و مولود و أجل أو رزق، فما قدّر في تلك السنة و قضى فهو المحتوم و للّه عزّ و جلّ فيه المشيّة.

قال: قلت: لَيْلَةُ اَلْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ أيّ شيء عني بذلك؟ فقال: العمل الصالح فيها من الصلاة و الزكاة و أنواع الخير خير من العمل في ألف شهر ليس فيها ليلة القدر؛ و لو لا ما يضاعف اللّه تبارك و تعالى للمؤمنين ما بلغوا، و لكنّ اللّه يضاعف لهم الحسنات بحبّنا. (2)

بيان:

في المرآة: «ما بلغوا» أي غاية الفضل و الثواب.

5-إنّ رجلا سأل أبا عبد اللّه عليه السّلام عن ليلة القدر، فقال: أخبرني عن ليلة القدر كانت أو تكون في كلّ عام؟ فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام: لو رفعت ليلة القدر لرفع القرآن. (3)

ص:382


1- -الكافي ج 4 ص 157 ح 3
2- الكافي ج 4 ص 157 ح 6
3- الكافي ج 4 ص 158 ح 7

بيان:

في المرآة: «لرفع القرآن» أي تبقى ليلة القدر إلى انقضاء التكليف الذي علامته رفع القرآن إلى السماء، و يحتمل أن يكون المعنى رفع حكم القرآن و مدلوله، أي لو ذهبت ليلة القدر بطل حكم القرآن حيث يدلّ على استمراره فإنّ قوله تعالى: تَنَزَّلُ اَلْمَلائِكَةُ وَ اَلرُّوحُ فِيها يدلّ على الاستمرار التجدّدي. . .

ثمّ اعلم أنّه لا خلاف بين الإماميّة في استمرار ليلة القدر و بقائها، و إليه ذهب أكثر العامّة، و ذهب شاذّ منهم إلى أنّها كانت مختصّة بزمن الرسول صلّى اللّه عليه و آله و بعد وفاته رفعت.

6-عن زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: التقدير في ليلة تسع عشرة، و الإبرام في ليلة إحدى و عشرين، و الإمضاء في ليلة ثلاث و عشرين. (1)

بيان:

أبرمته إبراما أي أحكمته، و المراد تدبير امور العالم على ما تقتضيه حكمته البالغة من الإبقاء و الإفناء و الإعزاز و الإذلال و غير ذلك.

7-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ليلة القدر هي أوّل السنة و هي آخرها. (2)

بيان:

في المرآة: قال الوالد رحمه اللّه: الظاهر أنّ الأوّليّة باعتبار التقدير أي أوّل السنة التي يقدّر فيها الامور ليلة القدر، و الآخريّة باعتبار المجاورة، فإنّ ما قدّر في السنة الماضية انتهى إليها. . . أو يكون أوّل السنة باعتبار تقدير ما يكون في السنة الآتية، و آخر السنة المقدّر فيها الأمور.

أقول: في حديث آخر عنه عليه السّلام قال: رأس السنة ليلة القدر، يكتب فيها ما يكون

ص:383


1- -الكافي ج 4 ص 159 ح 9
2- الكافي ج 4 ص 160 ح 11

من السنة إلى السنة. (الوسائل ج 10 ص 353 ب 31 من أحكام شهر رمضان ح 8)

8-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: رأى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في منامه بني اميّة يصعدون على منبره من بعده، و يضلّون الناس عن الصراط القهقرى، فأصبح كئيبا حزينا، قال: فهبط عليه جبرئيل عليه السّلام. . . و أنزل عليه: إِنّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ اَلْقَدْرِ الآيات جعل اللّه عزّ و جلّ ليلة القدر لنبيّه صلّى اللّه عليه و آله خيرا من ألف شهر ملك بني اميّة. (1)

بيان:

في الوافي ج 2 كتاب الصيام ص 56 ب 59: قد حوسب مدّة ملك بني اميّة فكان ألف شهر من دون زيادة يوم و لا نقصان يوم. . .

9-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: في ليلة تسع عشرة من شهر رمضان التقدير، و في ليلة إحدى و عشرين القضاء، و في ليلة ثلاث و عشرين إبرام ما يكون في السنة إلى مثلها، للّه جلّ ثناؤه يفعل ما يشاء في خلقه. (2)

10-محمّد بن عيسى بإسناده عن الصالحين عليه السّلام قال: تكرّر في ليلة ثلاث و عشرين من شهر رمضان هذا الدعاء ساجدا و قائما و قاعدا و على كلّ حال، و في الشهر كلّه و كيف أمكنك، و متى حضرك من دهرك، تقول بعد تحميد اللّه تبارك و تعالى و الصلاة على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: «اللهمّ كن لوليّك فلان بن فلان في هذه الساعة و في كلّ ساعة وليّا و حافظا و ناصرا و دليلا و قائدا و عونا [و عينا] حتّى تسكنه أرضك طوعا و تمتّعه فيها طويلا» . (3)

11-عن سفيان بن السمط قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: الليالي التي يرجى فيها من شهر رمضان؟ فقال: تسع عشرة، و إحدى و عشرين، و ثلاث و عشرين، قلت: فإن أخذت إنسانا الفترة أو علّة، ما المعتمد عليه من ذلك؟

ص:384


1- -الكافي ج 4 ص 159 ح 10
2- الكافي ج 4 ص 160 ح 12
3- الكافي ج 4 ص 162 باب الدعاء في العشر الأواخر ح 4

فقال: ثلاث و عشرين. (1)

أقول:

في ح 9: . . . فإن لم تقدر على إحيائها فلا يفوتك إحياء ليلة ثلاث و عشرين، تصلّي فيها مأة ركعة. . .

بيان: «الفترة» : الإنكسار و الضعف.

12-عن أبي جعفر محمّد بن عليّ عن آبائه عن أبي جعفر الباقر عليهم السّلام قال: من أحيى ليلة القدر غفرت له ذنوبه و لو كانت عدد نجوم السماء و مثاقيل الجبال و مكاييل البحار. (2)

13-عن ابن أبي عمير عن موسى بن جعفر عليهما السّلام قال: من اغتسل ليلة القدر و أحياها إلى طلوع الفجر خرج من ذنوبه. (3)

14-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ليلة القدر في كلّ سنة، و يومها مثل ليلتها. (4)

15-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: لو قرأ رجل ليلة ثلاث و عشرين من شهر رمضان إِنّا أَنْزَلْناهُ ألف مرّة؛ لأصبح و هو شديد اليقين بالاعتراف بما يختصّ فينا، و ما ذلك إلاّ لشيء عاينه في نومه. (5)

16-. . . كان أبو عبد اللّه عليه السّلام مريضا مدنفا، فأمر فاخرج إلى مسجد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، فكان فيه حتّى أصبح ليلة ثلاث و عشرين من شهر رمضان. (6)

ص:385


1- -الوسائل ج 10 ص 357 ب 32 من أحكام شهر رمضان ح 8
2- الوسائل ج 10 ص 358 ح 10
3- الوسائل ج 10 ص 358 ح 11
4- الوسائل ج 10 ص 359 ح 15
5- الوسائل ج 10 ص 362 ب 33 ح 2
6- البحار ج 97 ص 4 باب ليلة القدر ح 4

بيان:

في مجمع البحرين، «المدنف» : أي المثقل في المرض، من الدنف: و هو المرض الملازم.

17-. . . قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ ليلة الثالث و العشرين من شهر رمضان هي ليلة الجهنيّ، فيها يفرق كلّ أمر حكيم، و فيها تثبت البلايا و المنايا و الآجال و الأرزاق و القضايا، و جميع ما يحدث اللّه فيها إلى مثلها من الحول، فطوبى لعبد أحياها راكعا و ساجدا و مثّل خطاياه بين عينيه و يبكي عليها، فإذا فعل ذلك رجوت أن لا يخيب إن شاء اللّه. . . (1)

18-قيل لأمير المؤمنين عليه السّلام: أخبرنا عن ليلة القدر؟ قال: ما أخلو من أن أكون أعلمها فأستر علمها، و لست أشكّ أنّ اللّه إنّما يسترها عنكم نظرا لكم، لأنّكم لو أعلمكموها عملتم فيها و تركتم غيرها، و أرجو أن لا تخطئكم إن شاء اللّه. (2)

19-. . . عن عليّ عليه السّلام أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كان يطوي فراشه، و يشدّ مئزره في العشر الأواخر من شهر رمضان، و كان يوقظ أهله ليلة ثلاث و عشرين، و كان يرشّ وجوه النيام بالماء في تلك الليلة.

و كانت فاطمة عليهما السّلام لا تدع أحدا من أهلها ينام تلك الليلة، و تداويهم بقلّة الطعام، و تتأهّب لها من النهار، و تقول: محروم من حرم خيرها. (3)

بيان:

في النهاية ج 1 ص 44، «كان إذا دخل العشر الأواخر أيقظ أهله و شدّ المئزر» المئزر: الإزار، و كنّى بشدّه عن اعتزال النساء، و قيل: أراد تشميره للعبادة، يقال: شددت لهذا الأمر مئزري أي تشمّرت له.

ص:386


1- -البحار ج 97 ص 4 ح 5
2- البحار ج 97 ص 5 ح 6
3- البحار ج 97 ص 10 ح 12

20-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: صبيحة يوم ليلة القدر مثل ليلة القدر، فاعمل و اجتهد. (1)

21-. . . قيل لأبي جعفر عليه السّلام: تعرفون ليلة القدر؟ فقال: و كيف لا نعرف و الملائكة يطوفون بنا فيها. (2)

22-عن أبي جعفر الثاني عليه السّلام أنّ أمير المؤمنين عليه السّلام قال لابن عبّاس: إنّ ليلة القدر في كلّ سنة، و إنّه يتنزّل في تلك الليلة أمر السنة، و لذلك الأمر ولاة بعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، فقال ابن عبّاس: من هم؟ قال: أنا و أحد عشر من صلبي أئمّة محدّثون.

و بهذا الإسناد قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لأصحابه: آمنوا بليلة القدر، إنّها تكون لعليّ بن أبي طالب عليه السّلام و ولده الأحد عشر من بعدي. (3)

23-عن ابن نباتة عن عليّ بن أبي طالب عليه السّلام قال: قال لي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: يا عليّ، أتدري ما معنى ليلة القدر؟ فقلت: لا يا رسول اللّه، فقال: إنّ اللّه تبارك و تعالى قدّر فيها ما هو كائن إلى يوم القيامة، فكان فيما قدّر عزّ و جلّ ولايتك و ولاية الأئمّة من ولدك إلى يوم القيامة. (4)

أقول:

بهذا المعنى أخبار كثيرة.

24-عن داود بن فرقد قال: سألته عن قول اللّه عزّ و جلّ: إِنّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ اَلْقَدْرِ- وَ ما أَدْراكَ ما لَيْلَةُ اَلْقَدْرِ قال: نزل فيها ما يكون من السنة إلى السنة من موت أو مولود، قلت له: إلى من؟ فقال: إلى من عسى أن يكون؟

ص:387


1- -البحار ج 97 ص 11 ح 16
2- البحار ج 97 ص 14 ح 23( تفسير القميّ ج 2 ص 432)
3- البحار ج 97 ص 15 ح 25 و 26
4- البحار ج 97 ص 18 ح 38

إنّ الناس في تلك الليلة في صلاة و دعاء و مسألة، و صاحب هذا الأمر في شغل، تنزّل الملائكة إليه بامور السنة من غروب الشمس إلى طلوعها من كلّ أمر سلام هي له إلى أن يطلع الفجر. (1)

أقول:

و الأخبار في نزول الملائكة و الروح على صاحب الأمر، يعني الإمام عليه السّلام في ليلة القدر كثيرة، راجع البحار و بصائر الدرجات و. . .

25-قيل للنبيّ صلّى اللّه عليه و آله: إن أنا أدركت ليلة القدر فما أسأل ربّي؟ قال صلّى اللّه عليه و آله: العافية. (2)

أقول:

أي العافية في الدين و الدنيا و البدن.

26-عن بعض أزواج النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، أنّها قالت: يا رسول اللّه، إن أدركت ليلة القدر، فما أقول؟ قال: قولي: اللهمّ إنّك عفوّ، تحبّ العفو، فاعف عنّي» . (3)

27-عن معلّى بن خنيس عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إذا كان ليلة القدر كتب اللّه فيها ما يكون، قال: ثمّ يريني به، قال: قلت: إلى من؟ قال: إلى من ترى يا أحمق. (4)

بيان:

«يا أحمق» في ح 7: "يا عاجز، أو قال: يا ضعيف". «يريني به» في البحار: "يرمي به".

أقول: قد مرّ ما يناسب المقام في باب الصوم.

28-في كتاب كنز اليواقيت-لأبي الفضل بن محمّد الهروي-عن

ص:388


1- -البحار ج 97 ص 22 ح 49
2- المستدرك ج 7 ص 458 ب 22 من أحكام شهر رمضان ح 12
3- المستدرك ج 7 ص 461 ح 17
4- بصائر الدرجات ص 221 ج 5 ب 3 ح 8

النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال: قال موسى عليه السّلام: إلهي أريد قربك، قال: قربي لمن يستيقظ (استيقظ ف ن) ليلة القدر.

قال: إلهي أريد رحمتك، قال: رحمتي لمن رحم المساكين ليلة القدر.

قال: إلهي أريد الجواز على الصراط، قال: ذلك لمن تصدّق بصدقة في ليلة القدر.

قال: إلهي أريد من أشجار الجنّة و ثمارها، قال: ذلك لمن سبّح تسبيحة في ليلة القدر.

قال: إلهي أريد النجاة، قال: النجاة من النار؟ قال: نعم، قال: ذلك لمن استغفر في ليلة القدر.

قال: إلهي أريد رضاك، قال: رضائي لمن صلّى ركعتين في ليلة القدر. (1)

ص:389


1- -إقبال الأعمال ص 186

ص:390

154- القرآن

الآيات

1- الم- ذلِكَ اَلْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ. (1)

2- وَ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ. الآيات. (2)

3- وَ لَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَيْكَ آياتٍ بَيِّناتٍ وَ ما يَكْفُرُ بِها إِلاَّ اَلْفاسِقُونَ. (3)

4- اَلَّذِينَ آتَيْناهُمُ اَلْكِتابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ أُولئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَ مَنْ يَكْفُرْ بِهِ فَأُولئِكَ هُمُ اَلْخاسِرُونَ. (4)

5- هُوَ اَلَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ اَلْكِتابَ مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ اَلْكِتابِ وَ أُخَرُ مُتَشابِهاتٌ فَأَمَّا اَلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ اِبْتِغاءَ اَلْفِتْنَةِ وَ اِبْتِغاءَ تَأْوِيلِهِ وَ ما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اَللّهُ وَ اَلرّاسِخُونَ فِي اَلْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا وَ ما يَذَّكَّرُ إِلاّ أُولُوا اَلْأَلْبابِ. (5)

ص:391


1- -البقرة:1 و 2
2- البقرة:23 و 24
3- البقرة:99
4- البقرة:121
5- آل عمران:7

6- هذا بَيانٌ لِلنّاسِ وَ هُدىً وَ مَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ. (1)

7- أَ فَلا يَتَدَبَّرُونَ اَلْقُرْآنَ وَ لَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اَللّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اِخْتِلافاً كَثِيراً. (2)

8- يا أَيُّهَا اَلنّاسُ قَدْ جاءَكُمْ بُرْهانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَ أَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ نُوراً مُبِيناً. (3)

9- . . . قَدْ جاءَكُمْ مِنَ اَللّهِ نُورٌ وَ كِتابٌ مُبِينٌ- يَهْدِي بِهِ اَللّهُ مَنِ اِتَّبَعَ رِضْوانَهُ سُبُلَ اَلسَّلامِ وَ يُخْرِجُهُمْ مِنَ اَلظُّلُماتِ إِلَى اَلنُّورِ بِإِذْنِهِ وَ يَهْدِيهِمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ. (4)

10- . . . وَ أُوحِيَ إِلَيَّ هذَا اَلْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَ مَنْ بَلَغَ. . . (5)

11- وَ هذا كِتابٌ أَنْزَلْناهُ مُبارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَ اِتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ. (6)

12- المص- كِتابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ فَلا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ لِتُنْذِرَ بِهِ وَ ذِكْرى لِلْمُؤْمِنِينَ- اِتَّبِعُوا ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَ لا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ قَلِيلاً ما تَذَكَّرُونَ. (7)

13- وَ اَلَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتابِ وَ أَقامُوا اَلصَّلاةَ إِنّا لا نُضِيعُ أَجْرَ اَلْمُصْلِحِينَ. (8)

14- وَ إِذا قُرِئَ اَلْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَ أَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ. (9)

ص:392


1- -آل عمران:138
2- النساء:82
3- النساء:174
4- المائدة:15 و 16
5- الأنعام:19
6- الأنعام:155
7- الأعراف:1 إلى 3
8- الأعراف:170
9- الأعراف:204

15- يا أَيُّهَا اَلنّاسُ قَدْ جاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَ شِفاءٌ لِما فِي اَلصُّدُورِ وَ هُدىً وَ رَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ. (1)

16- أَمْ يَقُولُونَ اِفْتَراهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَياتٍ. الآيات. (2)

17- الر كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ اَلنّاسَ مِنَ اَلظُّلُماتِ إِلَى اَلنُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلى صِراطِ اَلْعَزِيزِ اَلْحَمِيدِ. (3)

18- إِنّا نَحْنُ نَزَّلْنَا اَلذِّكْرَ وَ إِنّا لَهُ لَحافِظُونَ. (4)

19- . . . وَ نَزَّلْنا عَلَيْكَ اَلْكِتابَ تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ وَ هُدىً وَ رَحْمَةً وَ بُشْرى لِلْمُسْلِمِينَ. (5)

20- فَإِذا قَرَأْتَ اَلْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ مِنَ اَلشَّيْطانِ اَلرَّجِيمِ. (6)

21- وَ نُنَزِّلُ مِنَ اَلْقُرْآنِ ما هُوَ شِفاءٌ وَ رَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَ لا يَزِيدُ اَلظّالِمِينَ إِلاّ خَساراً. (7)

22- قُلْ لَئِنِ اِجْتَمَعَتِ اَلْإِنْسُ وَ اَلْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا اَلْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَ لَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً- وَ لَقَدْ صَرَّفْنا لِلنّاسِ فِي هذَا اَلْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ فَأَبى أَكْثَرُ اَلنّاسِ إِلاّ كُفُوراً. (8)

ص:393


1- -يونس:57
2- هود:13 و 14
3- إبراهيم:1
4- الحجر:9
5- النحل:89
6- النحل:98
7- الإسراء:82
8- الإسراء:88 و 89

23- كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ مُبارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آياتِهِ وَ لِيَتَذَكَّرَ أُولُوا اَلْأَلْبابِ. (1)

24- لا يَأْتِيهِ اَلْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَ لا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ. (2)

25- أَ فَلا يَتَدَبَّرُونَ اَلْقُرْآنَ أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها. (3)

26- إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ- فِي كِتابٍ مَكْنُونٍ- لا يَمَسُّهُ إِلاَّ اَلْمُطَهَّرُونَ- تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ اَلْعالَمِينَ. (4)

27- لَوْ أَنْزَلْنا هذَا اَلْقُرْآنَ عَلى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اَللّهِ. . . (5)

28- . . . وَ رَتِّلِ اَلْقُرْآنَ تَرْتِيلاً. (6)

29- . . . فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنَ اَلْقُرْآنِ . . . فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنْهُ. . . (7)

الأخبار

1-عن سماعة بن مهران عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ العزيز الجبّار أنزل عليكم كتابه و هو الصادق البارّ، فيه خبركم و خبر من قبلكم، و خبر من بعدكم، و خبر السماء و الأرض، و لو أتاكم من يخبركم عن ذلك لتعجّبتم. (8)

ص:394


1- -ص:29
2- فصّلت:42
3- محمّد صلّى اللّه عليه و آله:24
4- الواقعة:77 إلى 80
5- الحشر:21
6- المزّمّل:4
7- المزّمّل:20
8- الكافي ج 2 ص 438 كتاب فضل القرآن ح 3

2-عن أبي عبد اللّه عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أيّها الناس، إنّكم في دار هدنة، و أنتم على ظهر سفر، و السير بكم سريع، و قد رأيتم الليل و النهار و الشمس و القمر يبليان كلّ جديد، و يقرّبان كلّ بعيد، و يأتيان بكلّ موعود، فأعدّوا الجهاز (الجهاد ف ن) لبعد المجاز.

قال: فقام المقداد بن الأسود فقال: يا رسول اللّه، و ما دار الهدنة؟ قال: دار بلاغ و انقطاع، فإذا التبست عليكم الفتن كقطع الليل المظلم فعليكم بالقرآن، فإنّه شافع مشفّع و ماحل مصدّق، و من جعله أمامه قاده إلى الجنّة، و من جعله خلفه ساقه إلى النار، و هو الدليل يدلّ على خير سبيل، و هو كتاب فيه تفصيل و بيان و تحصيل، و هو الفصل ليس بالهزل، و له ظهر و بطن، فظاهره حكم و باطنه علم، ظاهره أنيق، و باطنه عميق. . . (1)

بيان:

«الهدنة» : الصلح، الدعة و السكون، و لعلّ الهدنة كناية عن المهلة التي تعطى للإنسان في الدنيا عمره ليتزوّد فيها بما ينفعه في آخرته.

«البلاغ» : اسم لما يتبلّغ و يتوصّل به إلى الشيء المطلوب. «الانقطاع» : الانفصال عن الدنيا إلى الآخرة بالموت. «الماحل» : أي الذي يسعى بصاحبه إلى اللّه تعالى إذا لم يتبع ما فيه، من قولهم: "محل بفلان"إذا سعى به إلى السلطان و قيل: معناه خصم مجادل. «الأنيق» : الحسن المعجب.

3-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ هذا القرآن فيه منار الهدى، و مصابيح الدجى، فليجل جال بصره، و يفتح للضياء نظره، فإنّ التفكّر حياة قلب البصير، كما يمشي المستنير في الظلمات بالنور. (2)

ص:395


1- -الكافي ج 2 ص 438 ح 2
2- الكافي ج 2 ص 438 ح 5

بيان:

«الدجى» : الظلمة.

4-عن أبي عبد اللّه عن آبائه عليهم السّلام قال: شكا رجل إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله وجعا في صدره، فقال صلّى اللّه عليه و آله: استشف بالقرآن، فإنّ اللّه عزّ و جلّ يقول: وَ شِفاءٌ لِما فِي اَلصُّدُورِ. (1)

5-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: لا و اللّه لا يرجع الأمر و الخلافة إلى آل أبي بكر و عمر أبدا، و لا إلى بني اميّة أبدا، و لا في ولد طلحة و الزبير أبدا، و ذلك أنّهم نبذوا القرآن و أبطلوا السنن و عطّلوا الأحكام، و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: القرآن هدى من الضلالة، و تبيان من العمى، و استقالة من العثرة، و نور من الظلمة، و ضياء من الأحداث، و عصمة من الهلكة، و رشد من الغواية، و بيان من الفتن، و بلاغ من الدنيا إلى الآخرة، و فيه كمال دينكم، و ما عدل أحد عن القرآن إلاّ إلى النار. (2)

بيان:

«نبذوا» أي نقضوا، و أصل النبذ: الطرح. «الأحداث» أي البدع.

«الغواية» : هي خلاف الرشد، و الغيّ: الضلال، و الانهماك في الباطل.

6-عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: إنّ القرآن زاجر و آمر؛ يأمر بالجنّة و يزجر عن النار. (3)

7-عن جابر عن أبي جعفر عليه السّلام قال: يجيئ القرآن يوم القيامة في أحسن منظور إليه صورة، فيمرّ بالمسلمين فيقولون: هذا الرجل منّا، فيجاوزهم إلى النبيّين فيقولون: هو منّا، فيجاوزهم إلى الملائكة المقرّبين فيقولون: هو منّا، حتّى

ص:396


1- -الكافي ج 2 ص 439 ح 7
2- الكافي ج 2 ص 439 ح 8
3- الكافي ج 2 ص 439 ح 9

ينتهي إلى ربّ العزّة عزّ و جلّ فيقول: يا ربّ، فلان بن فلان أظمأت هواجره، و أسهرت ليله في دار الدنيا، و فلان بن فلان لم أظمأ هواجره و لم أسهر ليله، فيقول تبارك و تعالى: أدخلهم الجنّة على منازلهم فيقوم فيتّبعونه، فيقول للمؤمن: اقرأ و ارقه، قال: فيقرأ و يرقى حتّى يبلغ كلّ رجل منهم منزلته التي هي له فينزلها. (1)

بيان:

«ارقه» يقال: رقى الجبل أي صعد، و ارقه أي اصعد، و الهاء للوقف، و المعنى: اصعد درجات الجنّة.

8-عن الزهريّ عن عليّ بن الحسين عليهما السّلام قال: لو مات من بين المشرق و المغرب لما استوحشت بعد أن يكون القرآن معي.

و كان عليه السّلام إذا قرأ مالِكِ يَوْمِ اَلدِّينِ يكررّها حتّى كاد أن يموت. (2)

9-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّ أهل القرآن في أعلى درجة من الآدميّين ما خلا النبيّين و المرسلين، فلا تستضعفوا أهل القرآن حقوقهم، فإنّ لهم من اللّه العزيز الجبّار لمكانا عليّا. (3)

10-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: الحافظ للقرآن العامل به مع السفرة الكرام البررة. (4)

بيان:

قال في النهاية: «السفرة» هم الملائكة، جمع سافر و هو الكاتب لأنّه يبيّن الشيء، و منه: بِأَيْدِي سَفَرَةٍ.

ص:397


1- -الكافي ج 2 ص 439 ح 11
2- الكافي ج 2 ص 440 ح 13
3- الكافي ج 2 ص 441 باب فضل حامل القرآن ح 1
4- الكافي ج 2 ص 441 ح 2

قال النوويّ: هو جمع سافر بمعنى رسول يريد أنّه يكون في الآخرة رفيقا لهم في منازله أو هو عامل بعملهم. . .

«الكرام البررة» هم الملائكة المطيعون المطهّرون من الذنوب و المآثم.

11-عن معاوية بن عمّار قال: قال لي أبو عبد اللّه عليه السّلام: من قرأ القرآن فهو غنيّ و لا فقر بعده و إلاّ ما به غنى. (1)

بيان:

«و إلاّ ما به غنى» أي إن لم يكن قرأ القرآن فليس هو بغنيّ، و الغير لا يغنيه منه شيئا، أو إن لم يرض بغنى القرآن فلا يحصل له بعده غنى، لأنّ في القرآن من المواعظ ما إذا اتّعظ به استغنى عن غير اللّه في كلّ ما يحتاج إليه.

12-عن حفص قال: سمعت موسى بن جعفر عليهما السّلام يقول لرجل: أتحبّ البقاء في الدنيا؟ فقال: نعم، فقال: و لم؟ قال: لقراءة قل هو اللّه أحد، فسكت عنه فقال له بعد ساعة: يا حفص، من مات من أوليائنا و شيعتنا و لم يحسن القرآن علّم في قبره ليرفع اللّه به من درجته، فإنّ درجات الجنّة على قدر آيات القرآن، يقال له: اقرأ وارق، فيقرأ ثمّ يرقى.

قال حفص: فما رأيت أحدا أشدّ خوفا على نفسه من موسى بن جعفر عليهما السّلام و لا أرجا الناس منه و كانت قراءته حزنا، فإذا قرأ فكأنّه يخاطب إنسانا. (2)

13-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: حملة القرآن عرفاء أهل الجنّة، و المجتهدون قوّاد أهل الجنّة، و الرسل سادة أهل الجنّة. (3)

بيان:

«عرفاء أهل الجنّة» : رؤسائهم.

ص:398


1- -الكافي ج 2 ص 443 ح 8
2- الكافي ج 2 ص 443 ح 10
3- الكافي ج 2 ص 443 ح 11

14-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: القرآن عهد اللّه إلى خلقه، فقد ينبغي للمرء المسلم أن ينظر في عهده و أن يقرأ منه في كلّ يوم خمسين آية. (1)

15-عن الزهريّ قال: سمعت عليّ بن الحسين عليهما السّلام يقول: آيات القرآن خزائن، فكلّما فتحت خزانة ينبغي لك أن تنظر ما فيها. (2)

16-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: نوّروا بيوتكم بتلاوة القرآن، و لا تتّخذوها قبورا كما فعلت اليهود و النصارى، صلّوا في الكنائس و البيع و عطّلوا بيوتهم، فإنّ البيت إذا كثر فيه تلاوة القرآن كثر خيره، و اتّسع أهله، و أضاء لأهل السماء كما تضيئ نجوم السماء لأهل الدنيا. (3)

بيان:

«لا تتّخذوها قبورا» : يعني لا تتّخذوها مهجورة من التلاوة، و هو من التمثيل البديع لأنّه شبّه النائم بالميّت و شبّه البيت الذي لا تلاوة فيه بالقبر الذي لا تتأتى العبادة من ساكنه. و يمكن أن يكون تشبيه البيت بالقبر في معنى الظلمة، بل هو الظاهر.

17-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: البيت الذي يقرأ فيه القرآن و يذكر اللّه عزّ و جلّ فيه، تكثر بركته، و تحضره الملائكة، و تهجره الشياطين، و يضيئ لأهل السماء كما تضيئ الكواكب لأهل الأرض، و إنّ البيت الذي لا يقرأ فيه القرآن و لا يذكر اللّه عزّ و جلّ فيه، تقلّ بركته و تهجره الملائكة، و تحضره الشياطين. (4)

18-عن بشر بن غالب الأسديّ عن الحسين بن عليّ عليهما السّلام قال: من قرأ

ص:399


1- -الكافي ج 2 ص 446 باب في قرائته ح 1
2- الكافي ج 2 ص 446 ح 2
3- الكافي ج 2 ص 446 باب البيوت التي يقرأ فيها القرآن ح 1
4- الكافي ج 2 ص 446 ح 3

آية من كتاب اللّه عزّ و جلّ في صلاته قائما يكتب له بكلّ حرف مائة حسنة، فإذا قرأها في غير صلاة كتب اللّه له بكلّ حرف عشر حسنات، و إن استمع القرآن كتب اللّه له بكلّ حرف حسنة، و إن ختم القرآن ليلا صلّت عليه الملائكة حتّى يصبح، و إن ختمه نهارا صلّت عليه الحفظة حتّى يمسي، و كانت له دعوة مجابة، و كان خيرا له ممّا بين السماء إلى الأرض، قلت: هذا لمن قرأ القرآن فمن لم يقرأ؟ قال: يا أخا بني أسد، إنّ اللّه جواد ماجد كريم، إذا قرأ ما معه أعطاه اللّه ذلك. (1)

19-عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من قرأ عشر آيات في ليلة لم يكتب من الغافلين، و من قرء خمسين آية كتب من الذاكرين، و من قرأ مائة آية كتب من القانتين، و من قرأ مائتي آية كتب من الخاشعين، و من قرأ ثلاث مائة آية كتب من الفائزين، و من قرأ خمسمائة آية كتب من المجتهدين، و من قرأ ألف آية كتب له قنطار من تبر (من برّ ف ن) -القنطار خمسة عشر ألف مثقال من ذهب و المثقال أربعة و عشرون قيراطا-أصغرها مثل جبل أحد، و أكبرها ما بين السماء إلى الأرض. (2)

بيان:

«التبر» : واحدته تبرة: ما كان من الذهب غير مضروب أو غير مصوغ.

«البرّ» : الطاعة و العطيّة.

20-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من قرء القرآن في المصحف متّع ببصره، و خفّف عن والديه و إن كانا كافرين. (3)

بيان:

«خفّف» أي العذاب، كما صرّح به في ح 4.

ص:400


1- -الكافي ج 2 ص 447 باب ثواب قراءة القرآن ح 3
2- الكافي ج 2 ص 448 ح 5
3- الكافي ج 2 ص 449 باب قراءة القرآن في المصحف ح 1

21-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ثلاثة يشكون إلى اللّه عزّ و جلّ: مسجد خراب لا يصلّي فيه أهله، و عالم بين جهّال، و مصحف معلّق قد وقع عليه الغبار لا يقرأ فيه. (1)

22-عن إسحاق بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قلت له: جعلت فداك، إنّي أحفظ القرآن على ظهر قلبي فأقرأه على ظهر قلبي أفضل أو أنظر في المصحف؟ قال: فقال لي: بل اقرأه و انظر في المصحف فهو أفضل، أما علمت أنّ النظر في المصحف عبادة. (2)

23-عن عبد اللّه بن سليمان قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن قول اللّه عزّ و جلّ: وَ رَتِّلِ اَلْقُرْآنَ تَرْتِيلاً، قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: بيّنه تبيانا و لا تهذّه هذّ الشعر، و لا تنثره نثر الرمل، و لكن أفزعوا قلوبكم القاسية، و لا يكن همّ أحدكم آخر السورة. (3)

بيان:

«لا تهذّه. . .» في الوافي، الهذّ: سرعة القراءة، أي لا تسرع فيه كما تسرع في قراءة الشعر، و لا تفرّق كلماته بحيث لا تجتمع كذرّات الرمل. . .

و في مجمع البحرين، الهذّ: سرعة القطع، ثمّ استعير لسرعة القرائة. . . و المعنى: لا تسرعوا بقرائة القرآن كما تسرعون في قرائة الشعر، و لا تفرّقوا بعضه عن بعض و تنثروه كنثر الرمل، و لكن بيّنوه و رتّلوه ترتيلا. و قال: نثرت الشيء نثرا: رميت به متفرّقا.

24-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ القرآن نزل بالحزن فاقرؤوه بالحزن. (4)

ص:401


1- -الكافي ج 2 ص 449 ح 3
2- الكافي ج 2 ص 449 ح 5
3- الكافي ج 2 ص 449 باب ترتيل القرآن بالصوت الحسن ح 1
4- الكافي ج 2 ص 449 ح 2

25-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: اقرؤوا القرآن بألحان العرب و أصواتها، و إيّاكم و لحون أهل الفسق (الفسوق ف ن) و أهل الكبائر، فإنّه سيجيئ من بعدي أقوام يرجّعون القرآن ترجيع الغناء و النوح و الرهبانيّة، لا يجوز تراقيهم، قلوبهم مقلوبة، و قلوب من يعجبه شأنهم. (1)

بيان:

في الصحاح، ترجيع الصوت: ترديده في الحلق كقراءة أصحاب الألحان.

«لا يجوز تراقيهم» في النهاية ج 1 ص 187، التراقي: جمع ترقوة. . . و المعنى أنّ قرائتهم لا يرفعها اللّه و لا يقبلها، فكأنّها لم تتجاوز حلوقهم. . .

26-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: كان عليّ بن الحسين عليه السّلام أحسن الناس صوتا بالقرآن، و كان السقّاؤون يمرّون فيقفون ببابه يسمعون قراءته.

و كان أبو جعفر عليه السّلام أحسن الناس صوتا. (2)

27-قال أبو جعفر عليه السّلام: قرّاء القرآن ثلاثة: رجل قرأ القرآن فاتّخذه بضاعة، و استدرّ به الملوك و استطال به على الناس، و رجل قرأ القرآن فحفظ حروفه و ضيّع حدوده، و أقامه إقامة القدح، فلا كثّر اللّه هؤلاء من حملة القرآن، و رجل قرأ القرآن فوضع دواء القرآن على داء قلبه، فأسهر به ليله و أظمأ به نهاره، و قام به في مساجده، و تجافى به عن فراشه، فباولئك يدفع اللّه العزير الجبّار البلاء، و باولئك يديل اللّه عزّ و جلّ من الأعداء، و باولئك ينزّل اللّه عزّ و جلّ الغيث من السماء، فو اللّه لهؤلاء في قرّاء القرآن أعزّ من الكبريت الأحمر. (3)

بيان:

«استدرّ» : أي استجلب. «إقامة القدح» في الوافي: يعني نبذوه وراء ظهره فإنّ

ص:402


1- -الكافي ج 2 ص 450 ح 3
2- الكافي ج 2 ص 451 ح 11
3- الكافي ج 2 ص 459 باب النوادر ح 1( أمالي الصدوق م 36 ح 15)

الراكب يعلّق قدحه من خلفه. «يديل اللّه» الإدالة: الغلبة.

28-عن جابر عن أبي جعفر عليه السّلام قال: لكلّ شيء ربيع و ربيع القرآن شهر رمضان. (1)

29-عن زيد الشحّام قال: دخل قتادة بن دعامة على أبي جعفر عليه السّلام فقال: يا قتادة، أنت فقيه أهل البصرة؟ فقال: هكذا يزعمون، فقال أبو جعفر عليه السّلام: بلغني أنّك تفسّر القرآن؟ فقال له قتادة: نعم، فقال له أبو جعفر عليه السّلام: بعلم تفسّره أم بجهل؟ قال: لا، بعلم، فقال له أبو جعفر عليه السّلام: فإن كنت تفسّره بعلم فأنت أنت و أنا أسألك، قال قتادة: سل، قال: أخبرني عن قول اللّه عزّ و جلّ في سبأ: وَ قَدَّرْنا فِيهَا اَلسَّيْرَ سِيرُوا فِيها لَيالِيَ وَ أَيّاماً آمِنِينَ (2).

فقال قتادة: ذلك من خرج من بيته بزاد حلال و راحلة و كراء حلال يريد هذا البيت كان آمنا حتّى يرجع إلى أهله. فقال أبو جعفر عليه السّلام: نشدتك اللّه يا قتادة، هل تعلم أنّه قد يخرج الرجل من بيته بزاد حلال و راحلة و كراء حلال يريد هذا البيت فيقطع عليه الطريق فتذهب نفقته و يضرب مع ذلك ضربة فيها اجتياحه؟ قال قتادة: اللهمّ نعم.

فقال أبو جعفر عليه السّلام: ويحك يا قتادة، إن كنت إنّما فسّرت القرآن من تلقاء نفسك فقد هلكت و أهلكت، و إن كنت قد أخذته من الرجال فقد هلكت و أهلكت، ويحك يا قتادة، ذلك من خرج من بيته بزاد و راحلة و كراء حلال يروم هذا البيت عارفا بحقّنا يهوانا قلبه، كما قال اللّه عزّ و جلّ: فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ اَلنّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ (3)و لم يعن البيت فيقول: إليه، فنحن و اللّه دعوة إبراهيم عليه السّلام التي من هوانا قلبه قبلت حجّته و إلاّ فلا، يا قتادة، فإذا كان كذلك

ص:403


1- -الكافي ج 2 ص 461 ح 10
2- سبأ:18
3- إبراهيم:37

كان آمنا من عذاب جهنّم يوم القيامة.

قال قتادة: لا جرم و اللّه لا فسّرتها إلاّ هكذا، فقال أبو جعفر عليه السّلام: ويحك يا قتادة، إنّما يعرف القرآن من خوطب به. (1)

بيان:

«قتادة» هو من مشاهير محدّثي العامّة و مفسّريهم. «الاجتياح» : الإهلاك «و لم يعن البيت» : أي لا يتوهّم أنّ المراد ميل القلوب إلى البيت و إلاّ لقال: إليه، بل كان مراد إبراهيم أن يجعل اللّه ذرّيته الذين أسكنهم عند البيت أنبياء و خلفاء يهوي قلوب الناس، فالحجّ وسيلة للوصول إليهم.

30-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: يا سلمان، عليك بقراءة القرآن، فإنّ قرائته كفّارة الذنوب، و سترة من النار، و أمان من العذاب. . . (2)

31-و قال صلّى اللّه عليه و آله: فضل القرآن على سائر الكلام كفضل اللّه على خلقه. (3)

32-و قال عليه السّلام: إن أردتم عيش السعداء، و موت الشهداء، و النجاة يوم الحسرة، و الظلّ يوم الحرور، و الهدى يوم الضلالة، فادرسوا القرآن، فإنّه كلام الرحمن و حرز من الشيطان، و رجحان في الميزان. (4)

33-عن عليّ عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: قراءة القرآن في الصلاة أفضل من قراءة القرآن في غير الصلاة، و قراءة القرآن في غير الصلاة أفضل من ذكر اللّه تعالى، و ذكر اللّه تعالى أفضل من الصدقة، و الصدقة أفضل من الصيام، و الصيام جنّة من النار. (5)

ص:404


1- -الكافي ج 8 ص 311 ح 485
2- جامع الأخبار ص 39 ف 21
3- جامع الأخبار ص 40
4- جامع الأخبار ص 41
5- جامع الأخبار ص 41

34-و قال عليه السّلام: اقرؤا القرآن و استظهروه، فإنّ اللّه تعالى لا يعذّب قلبا وعاء القرآن.

و قال عليه السّلام: من استظهر القرآن و حفظه، و أحلّ حلاله، و حرّم حرامه، أدخله اللّه تعالى به الجنّة، و شفّعه في عشرة من أهل بيته كلّهم قد وجبت له النار. (1)

35-و قال عليه السّلام: ليكن كلّ كلامكم ذكر اللّه و قراءة القرآن، فإنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله سئل أيّ الأعمال أفضل عند اللّه؟ قال: قراءة القرآن و أنت تموت و لسانك رطب من ذكر اللّه تعالى. (2)

36-و قال عليّ عليه السّلام: من قرأ كلّ يوم مائة آية من المصحف بترتيل و خشوع و سكون كتب اللّه له من الثواب بمقدار ما يعمله جميع أهل الأرض، و من قرأ مائتي آية كتب اللّه له من الثواب بمقدار ما يعمله أهل السماء و أهل الأرض. (3)

37-قال الحسين بن عليّ عليهما السّلام: كتاب اللّه عزّ و جلّ على أربعة أشياء: على العبارة، و الإشارة، و اللطائف، و الحقائق؛ فالعبارة للعوام، و الإشارة للخواصّ، و اللطائف للأولياء، و الحقائق للأنبياء. (4)

38-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: ربّ تالي القرآن و القرآن يلعنه. (5)

39-عن أبي عبد اللّه عن أبيه عليهما السّلام قال: ما ضرب الرجل القرآن بعضه

ص:405


1- -جامع الأخبار ص 41-و مثله في صحيح الترمذيّ عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، كما مرّ في باب الشفاعة.
2- جامع الأخبار ص 41
3- جامع الأخبار ص 41
4- جامع الأخبار ص 41-و مثله في البحار ج 92 ص 103 عن الصادق عليه السّلام
5- جامع الأخبار ص 48 ف 23

على بعض إلاّ كفر. (1)

40-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من فسّر القرآن برأيه فأصاب لم يؤجر فإن أخطأ كان إثمه عليه. (2)

41-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: كتاب ربّكم: مبيّنا حلاله و حرامه، و فرائضه و فضائله، و ناسخه و منسوخه، و رخصه و عزائمه، و خاصّه و عامّه، و عبره و أمثاله، و مرسله و محدوده، و محكمه و متشابهه، مفسّرا جمله، و مبيّنا غوامضه. (3)

42-و قال عليه السّلام: و اللّه سبحانه يقول: ما فَرَّطْنا فِي اَلْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ و قال: تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ و ذكر أنّ الكتاب يصدّق بعضه بعضا، و أنّه لا اختلاف فيه، فقال سبحانه: وَ لَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اَللّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اِخْتِلافاً كَثِيراً و إنّ القرآن ظاهره أنيق، و باطنه عميق، لا تفنى عجائبه، و لا تنقضي غرائبه، و لا تكشف الظلمات إلاّ به. (4)

43-و قال عليه السّلام: و تعلّموا القرآن فإنّه أحسن الحديث، و تفقّهوا فيه فإنّه ربيع القلوب، و استشفوا بنوره فإنّه شفاء الصدور، و أحسنوا تلاوته فإنّه أنفع القصص. (5)

44-و قال عليه السّلام: . . . و كتاب اللّه بين أظهركم ناطق لا يعيى لسانه، و بيت لا تهدم أركانه، و عزّ لا تهزم أعوانه. . . كتاب اللّه تبصرون به، و تنطقون به، و تسمعون به، و ينطق بعضه ببعض، و يشهد بعضه على بعض، و لا يختلف في اللّه

ص:406


1- -جامع الأخبار ص 48( البحار ج 92 ص 39 ب 4 من القرآن)
2- جامع الأخبار ص 49
3- نهج البلاغة ص 35 في خ 1
4- نهج البلاغة ص 74 في خ 18
5- نهج البلاغة ص 339 في خ 109

و لا يخالف بصاحبه عن اللّه. . . (1)

بيان:

«لا يعيى» عيّ بأمره و عن أمره: عجز عنه، و عيّ في النطق: حصر.

45-و قال عليه السّلام: و عليكم بكتاب اللّه؛ فإنّه الحبل المتين، و النور المبين، و الشفاء النافع، و الريّ الناقع، و العصمة للمتمسّك، و النجاة للمتعلّق، لا يعوجّ فيقام، و لا يزيغ فيستعتب، و لا تخلقه كثرة الردّ و ولوج السمع، من قال به صدق و من عمل به سبق. (2)

بيان:

«الريّ» : روي ريّا من الماء: شرب و شبع. «الناقع» نقع العطش: أزاله. «لا يزيغ» زاغ زيغا: مال و اعوجّ، و الزيغ: الميل عن الحقّ. «يستعتب» : أي يطلب منه العتبى حتّى يرضى.

«كثرة الردّ» كثرة ترديده على الألسنة بالقراءة. «لا تخلقه» : المعنى بالفارسيّة: او را كهنه نمى گرداند. «ولوج السمع» : دخول الآذان و المسامع.

46-و قال عليه السّلام: و اعلموا أنّ هذا القرآن هو الناصح الذي لا يغشّ، و الهادي الذي لا يضلّ، و المحدّث الذي لا يكذب، و ما جالس هذا القرآن أحد إلاّ قام عنه بزيادة أو نقصان: زيادة في هدى، و نقصان من عمى، و اعلموا أنّه ليس على أحد بعد القرآن من فاقة، و لا لأحد قبل القرآن من غنى، فاستشفوه من أدوائكم، و استعينوا به على لأوائكم، فإنّ فيه شفاء من أكبر الداء، و هو الكفر و النفاق و الغيّ و الضلال، فأسألوا اللّه به، و توجّهوا إليه بحبّه، و لا تسألوا به خلقه، إنّه ما توجّه العباد إلى اللّه بمثله.

ص:407


1- -نهج البلاغة ص 412 في خ 133
2- نهج البلاغة ص 490 في خ 155

و اعلموا أنّه شافع و مشفّع، و قائل و مصدّق، و أنّه من شفع له القرآن يوم القيامة شفّع فيه، و من محل به القرآن يوم القيامة صدّق عليه، فإنّه ينادي مناد يوم القيامة: «ألا إنّ كلّ حارث مبتلى في حرثه و عاقبة عمله غير حرثة القرآن» فكونوا من حرثته و أتباعه، و استدلّوه على ربّكم، و استنصحوه على أنفسكم، و اتّهموا عليه أراءكم و استغشّوا فيه أهواءكم. . . (1)

و إنّ اللّه سبحانه لم يعظ أحدا بمثل هذا القرآن، فإنّه حبل اللّه المتين، و سببه الأمين، و فيه ربيع القلب، و ينابيع العلم، و ما للقلب جلاء غيره، مع أنّه قد ذهب المتذكّرون، و بقي الناسون أو المتناسون. . . (2)

بيان:

«لأوائكم» اللأواء: الشدّة. «و اتّهموا عليه آرائكم» : أي إذا كان آرائكم مخالفا للقرآن فاتّهموا أراءكم. «استغشّوا فيه أهواءكم» : أي ظنّوا فيها الغشّ و ارجعوا إلى القرآن.

47-و قال عليه السّلام: فالقرآن آمر زاجر، و صامت ناطق، حجّة اللّه على خلقه، أخذ عليه ميثاقهم، و ارتهن عليه أنفسهم، أتمّ نوره، و أكمل به دينه. (3)

بيان:

«و ارتهن عليه أنفسهم» : أي حبس نفوسهم و جعلها رهنا على الوفاء بميثاقهم.

48-و قال عليه السّلام: ثمّ أنزل عليه الكتاب نورا لا تطفأ مصابيحه، و سراجا لا يخبو توقّده، و بحرا لا يدرك قعره، و منهاجا لا يضلّ نهجه، و شعاعا لا يظلم ضوؤه، و فرقانا لا يخمد برهانه، و تبيانا لا تهدم أركانه، و شفاء لا تخشى أسقامه،

ص:408


1- -نهج البلاغة ص 566 في خ 175
2- نهج البلاغة ص 573
3- نهج البلاغة ص 601 في خ 182

و عزّا لا تهزم أنصاره، و حقّا لا تخذل أعوانه، فهو معدن الإيمان و بحبوحته، و ينابيع العلم و بحوره، و رياض العدل و غدرانه، و أثافيّ الإسلام و بنيانه، و أودية الحقّ و غيطانه، و بحر لا ينزفه المستنزفون، و عيون لا ينضبها الماتحون، و مناهل لا يغيضها الواردون، و منازل لا يضلّ نهجها المسافرون، و أعلام لا يعمى عنها السائرون، و آكام لا يجوز عنها القاصدون.

جعله اللّه ريّا لعطش العلماء، و ربيعا لقلوب الفقهاء، و محاجّ لطرق الصلحاء، و دواء ليس بعده داء، و نورا ليس معه ظلمة، و حبلا وثيقا عروته، و معقلا منيعا ذروته، و عزّا لمن تولاّه، و سلما لمن دخله، و هدى لمن ائتمّ به، و عذرا لمن انتحله، و برهانا لمن تكلّم به، و شاهدا لمن خاصم به، و فلجا لمن حاجّ به، و حاملا لمن حمله، و مطيّة لمن أعمله، و آية لمن توسّم، و جنّة لمن استلأم، و علما لمن وعى، و حديثا لمن روى، و حكما لمن قضى. (1)

بيان:

«لا يخبو» خبت النار: انطفأت. «توقّد» توقّدت النار: اشتعلت. «المنهاج» : الطريق الواسع. «لا يضلّ نهجه» النهج هنا السلوك أي لا يكون من سلوكه إضلال «لا يخمد» خمدت النار: سكن لهبها و لم يطفأ جمرها. «بحبوحته» : وسطه.

«بحور» : جمع البحر. «الغدران» جمع غدير: و هو القطعة من الماء يغادرها السيل «الأثافيّ» جمع أثفيّة: الحجر يوضع عليه القدر، و المراد: عليه قام الإسلام.

«الغيطان» : جمع غاط أو غوط و هو المطمئنّ من الأرض. «لا ينزفه» يقال: نزف ماء البئر أي نزحه و استخرجه.

«لا ينضبها» : لا ينقصها. «الماتحون» : جمع الماتح أي نازع الماء من الحوض.

«المناهل» : مواضع الشرب من النهر. «لا يغيضها» : من غاض الماء أي لا ينقصها.

ص:409


1- -نهج البلاغة ص 641 في خ 189-صبحي ص 315 خ 198

«الأكمة» : ج أكم و جج آكام: و هو الموضع الذي يكون أشدّ ارتفاعا ممّا حوله، دون الجبل (تپه) .

«لا يجوز عنها» : لا يقطعها و لا يتجاوزها. «المحجّة» جمع محاجّ: و هي جادّة الطريق أي وسطه. «المعقل» : الملجأ. «المنيع» : العزيز الشديد الذي لا يقدر عليه، و حصن منيع: يتعذّر الوصول إليه.

«استلأم» : أي لبس اللأمة و هي الدرع أو جميع أدوات الحرب، أي إنّ من جعل القرآن لأمة حربه لمدافعة الشبه كان القرآن وقاية له.

49-و قال عليه السّلام: و من قرأ القرآن فمات فدخل النار فهو كان ممّن يتّخذ آيات اللّه هزوا. (1)

50-و قال عليه السّلام: في القرآن نبأ ما قبلكم، و خبر ما بعدكم، و حكم ما بينكم. (2)

أقول:

سيأتي في باب الولد عنه عليه السّلام: و حقّ الولد على الوالد أن يحسّن اسمه، و يحسّن أدبه، و يعلّمه القرآن.

51-عن عليّ عليه السّلام: أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال: خياركم من تعلّم القرآن و علّمه. (3)

52-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: أهل القرآن هم أهل اللّه و خاصّته.

و قال صلّى اللّه عليه و آله: أفضل العبادة قرائة القرآن. (4)

53-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: من قرأ القرآن فكأنّما أدرجت النبوّة بين جنبيه إلاّ

ص:410


1- -نهج البلاغة ص 1187 في ح 219-صبحي ص 508 ح 228
2- نهج البلاغة ص 1235 ح 305
3- الوسائل ج 6 ص 167 ب 1 من قراءة القرآن ح 6
4- الوسائل ج 6 ص 168 ح 9 و 10

أنّه لا يوحى إليه. (1)

54-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: من لم يستشف بالقرآن فلا شفاه اللّه. (2)

55-عن أبي إبراهيم عليه السّلام أنّه قال: من استكفى بآية من القرآن من المشرق إلى المغرب كفى إذا كان بيقين. (3)

56-و قال العالم عليه السّلام: في القرآن شفاء من كلّ داء. (4)

57-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّي تارك فيكم الثقلين: كتاب اللّه و عترتي أهل بيتي، فإنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض. (5)

58-عن جعفر بن محمّد عن أبيه عليهما السّلام قال: أتيت جابر بن عبد اللّه فقلت: أخبرنا عن حجّة الوداع، فذكر حديثا طويلا ثمّ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّي تارك فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا بعدي: كتاب اللّه عزّ و جلّ: و عترتي أهل بيتي، ثمّ قال: اللهمّ اشهد-ثلاثا-. (6)

أقول:

حديث الثقلين متواترة عند الخاصّة و العامّة، نقلنا في المقدّمة بعض مصادره.

59-قال موسى الرازيّ: ذكر الرضا عليه السّلام يوما القرآن، فعظّم الحجّة فيه و الآية المعجزة في نظمه، فقال: هو حبل اللّه المتين، و عروته الوثقى، و طريقته المثلى، المؤدّي إلى الجنّة، و المنجي من النار، لا يخلق من الأزمنة، و لا يغثّ على الألسنة، لأنّه لم يجعل لزمان دون زمان، بل جعل دليل البرهان، و حجّة

ص:411


1- -الوسائل ج 6 ص 191 ب 11 ح 18
2- مكارم الأخلاق ص 363 ب 11 ف 2
3- مكارم الأخلاق ص 363
4- مكارم الأخلاق ص 363
5- البحار ج 23 ص 133 باب فضائل أهل البيت ح 69
6- البحار ج 23 ص 133 ح 70

على كلّ إنسان، لا يأتيه الباطل من بين يديه و لا من خلفه، تنزيل من حكيم حميد. (1)

بيان:

«الطريقة المثلى» : هي تأنيث الأمثل أي الأفضل، و في مجمع البحرين، قوله تعالى: أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً أي أعدلهم قولا عند نفسه. «لا يغثّ» : المعنى أنّ القرآن لا يبلى و لا يرغب عنه، و لا يملّ منه بتكرار القراءة و الاستماع.

60-عن الرضا عن أبيه عليهما السّلام قال: إنّ رجلا سأل أبا عبد اللّه عليه السّلام: ما بال القرآن لا يزداد على النشر و الدرس إلاّ غضاضة؟ فقال: لأنّ اللّه تبارك و تعالى لم يجعله لزمان دون زمان، و لا لناس دون ناس، فهو في كلّ زمان جديد، و عند كلّ قوم غضّ إلى يوم القيامة. (2)

61-. . . قال الصادق عليه السّلام: لقد تجلّى اللّه لخلقه في كلامه، و لكنّهم لا يبصرون. (3)

62-عن عبد الرحمن بن الحجّاج قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: ليس أبعد من عقول الرجال من القرآن. (4)

63-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: من قال في القرآن بغير علم فليتبوّء مقعده من النار. (5)

ص:412


1- -البحار ج 92 ص 14 ب 1 من القرآن ح 6
2- البحار ج 92 ص 15 ح 8-و مثله في أمالي الطوسيّ ج 2 ص 193 عن أبي الحسن الثالث عليه السّلام
3- البحار ج 92 ص 107 ب 9 ح 2
4- البحار ج 92 ص 111 ب 10 ح 14
5- البحار ج 92 ص 111 ح 20

64-و قال صلّى اللّه عليه و آله: من تكلّم في القرآن برأيه فأصاب فقد أخطأ. (1)

65-و قال صلّى اللّه عليه و آله: من قال في القرآن بغير ما علم، جاء يوم القيامة ملجما بلجام من نار. (2)

66-و قال صلّى اللّه عليه و آله: أكثر ما أخاف على امّتي من بعدي رجل يناول القرآن يضعه على غير مواضعه. (3)

67-عن موسى بن جعفر عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: عرضت عليّ الذنوب، فلم اصب أعظم من رجل حمّل القرآن ثمّ تركه. (4)

68-قال الصادق عليه السّلام: عليكم بمكارم الأخلاق، فإنّ اللّه عزّ و جلّ يحبّها، و إيّاكم و مذامّ الأفعال، فإنّ اللّه عزّ و جلّ يبغضها، و عليكم بتلاوة القرآن، فإنّ درجات الجنّة على عدد آيات القرآن، فإذا كان يوم القيامة يقال لقارئ القرآن: اقرأ و ارق، فكلّما قرأ آية رقا درجة. . . (5)

69-في وصيّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لأبي ذرّ رحمه اللّه قال: عليك بتلاوة القرآن، و ذكر اللّه كثيرا، فإنّه ذكر لك في السماء، و نور لك في الأرض. (6)

70-عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال: قال اللّه تبارك و تعالى: من شغله قراءة القرآن عن دعائي و مسألتي أعطيته أفضل ثواب الشاكرين. (7)

71-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال: ليس شيء على الشيطان

ص:413


1- -البحار ج 92 ص 111 ح 20
2- البحار ج 92 ص 111 ح 20
3- البحار ج 92 ص 111 ح 20
4- البحار ج 92 ص 189 ب 20 ح 14
5- البحار ج 92 ص 197 ب 23 ح 4
6- البحار ج 92 ص 198 ح 7
7- البحار ج 92 ص 200 في ح 17

أشدّ من القراءة في المصحف نظرا، و المصحف في البيت يطرد الشيطان. (1)

72-قال الحسن بن عليّ عليهما السّلام: من قرأ القرآن كانت له دعوة مجابة، إمّا معجّلة و إمّا مؤجّلة. (2)

73-. . . قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إذا مررت بآية فيها ذكر الجنّة فاسأل اللّه الجنّة، و إذا مررت بآية فيها ذكر النار فتعوّذ من النار. (3)

74-قال الصادق عليه السّلام: من قرء القرآن و لم يخضع للّه و لم يرقّ قلبه و لا ينشئ حزنا و وجلا في سرّه، فقد استهان بعظم شأن اللّه تعالى و خسر خسرانا مبينا، فقارئ القرآن محتاج إلى ثلاثة أشياء: قلب خاشع، و بدن فارغ، و موضع خال، فإذا خشع للّه قلبه فرّ منه الشيطان الرجيم، قال اللّه تعالى: فَإِذا قَرَأْتَ اَلْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ مِنَ اَلشَّيْطانِ اَلرَّجِيمِ فإذا تفرّغ نفسه من الأسباب تجرّد قلبه للقرائة و لا يعترضه عارض فيحرمه بركة نور القرآن و فوائده.

فإذا اتّخذ مجلسا خاليا و اعتزل عن الخلق بعد أن أتى بالخصلتين: خضوع القلب و فراغ البدن، استأنس روحه و سرّه باللّه عزّ و جلّ، و وجد حلاوة مخاطبات اللّه عزّ و جلّ عباده الصالحين، و علم لطفه بهم و مقام اختصاصه لهم بفنون كراماته و بدايع إشاراته، فإن شرب كأسا من هذا المشرب حينئذ لا يختار على ذلك الحال حالا و [لا] على ذلك الوقت وقتا، بل يؤثره على كلّ طاعة و عبادة، لأنّ فيه المناجات مع الربّ بلا واسطة.

فانظر كيف تقرء كتاب ربّك و منشور ولايتك و كيف تجيب أوامره و تجتنب نواهيه، و كيف تمتثل حدوده، فإنّه كتاب عزيز: لا يَأْتِيهِ اَلْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ

ص:414


1- -البحار ج 92 ص 201 ح 18
2- البحار ج 92 ص 204 في ح 31
3- البحار ج 92 ص 216 ب 26 ح 20-و بمضمونه في ح 3 عن الرضا عليه السّلام

وَ لا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ (1)فرتّله ترتيلا، وقف عند وعده و وعيده، و تفكّر في أمثاله و مواعظه، و احذر أن تقع من إقامتك حروفه في إضاعة حدوده. (2)

75-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

أهل القرآن أهل اللّه و خاصّته. (الغرر ج 1 ص 55 ف 1 ح 1506)

أحسنوا تلاوة القرآن فإنّه أحسن القصص، و استشفوا به فإنّه شفاء الصدور، و اتّبعوا النور الذي لا يطفى، و الوجه الذي لا يبلى، و استسلموا و سلّموا لأمره، فإنّكم لن تضلّوا مع التسليم. (ص 136 ف 3 ح 66)

تدبّروا آيات القرآن و اعتبروا به فإنّه أبلغ العبر. (ص 348 ف 22 ح 33)

لقاح الإيمان تلاوة القرآن. (ج 2 ص 610 ف 76 ح 24)

من آنس بتلاوة القرآن لم توحشه مفارقة الإخوان.

(ص 683 ف 77 ح 1128)

من اتّخذ قول اللّه سبحانه (القرآن ف ن) دليلا، هدي إلى التي هي أقوم.

(ص 685 ح 1151)

لا تستشفينّ بغير القرآن فإنّه من كلّ داء شفاء.

(ص 811 ف 85 ح 165)

أقول:

قد مرّ في باب السفر: . . . فأمّا مروّة الحضر؛ فتلاوة القرآن و حضور المساجد، و صحبة أهل الخير و النظر في الفقه.

ص:415


1- -فصّلت:42
2- مصباح الشريعة ص 11 ب 14

ص:416

155- القرض و الدين

الآيات

1- مَنْ ذَا اَلَّذِي يُقْرِضُ اَللّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ أَضْعافاً كَثِيرَةً وَ اَللّهُ يَقْبِضُ وَ يَبْصُطُ وَ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ. (1)

2- يا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا إِذا تَدايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ. . . (2)

3- . . . وَ قالَ اَللّهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ اَلصَّلاةَ . . . وَ أَقْرَضْتُمُ اَللّهَ قَرْضاً حَسَناً لَأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَ لَأُدْخِلَنَّكُمْ جَنّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا اَلْأَنْهارُ. . . (3)

4- مَنْ ذَا اَلَّذِي يُقْرِضُ اَللّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ وَ لَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ. (4)

5- إِنَّ اَلْمُصَّدِّقِينَ وَ اَلْمُصَّدِّقاتِ وَ أَقْرَضُوا اَللّهَ قَرْضاً حَسَناً يُضاعَفُ لَهُمْ وَ لَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ. (5)

ص:417


1- -البقرة:245
2- البقرة:282
3- المائدة:12
4- الحديد:11
5- الحديد:18

6- إِنْ تُقْرِضُوا اَللّهَ قَرْضاً حَسَناً يُضاعِفْهُ لَكُمْ وَ يَغْفِرْ لَكُمْ وَ اَللّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ. (1)

7- . . . وَ أَقِيمُوا اَلصَّلاةَ وَ آتُوا اَلزَّكاةَ وَ أَقْرِضُوا اَللّهَ قَرْضاً حَسَناً. . . (2)

الأخبار

1-عن جابر عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من أقرض مؤمنا قرضا ينتظر به ميسوره كان ماله في زكاة، و كان هو في صلاة من الملائكة حتّى يؤديّه إليه. (3)

2-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ما من مسلم أقرض مسلما قرضا يريد به وجه اللّه إلاّ حسب اللّه له أجره بحساب الصدقة حتّى يرجع إليه. (4)

3-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: القرض الواحد بثمانية عشر، و إن مات احتسب بها من الزكاة. (5)

4-عن جعفر بن محمّد عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إيّاكم و الدين فإنّه شين الدين. (6)

5-قال عليّ عليه السّلام: إيّاكم و الدين، فإنّه مذلّة بالنهار و مهمّة بالليل، و قضاء في الدنيا و قضاء في الآخرة.

و روى الكلينيّ رحمه اللّه عن أبي عبد اللّه عن آبائه عن عليّ عليهم السّلام مثله. (7)

ص:418


1- -التغابن:17
2- المزّمّل:20
3- ثواب الأعمال ص 166 باب ثواب من أقرض المؤمن ح 1
4- ثواب الأعمال ص 166 ح 2
5- ثواب الأعمال ص 167 ح 3
6- الوسائل ج 18 ص 315 ب 1 من الدين ح 2
7- الوسائل ج 18 ص 316 ح 4

بيان:

همّ الأمر فلانا همّا و مهمّة: أقلقه و أحزنه.

6-عن أبي سعيد الخدريّ قال: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول: أعوذ باللّه من الكفر و الدين، قيل: يا رسول اللّه، أتعدل الدين بالكفر؟ قال: نعم. (1)

7-عن أبي موسى قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: جعلت فداك، يستقرض الرجل و يحجّ؟ قال: نعم، قلت: يستقرض و يتزوّج؟ قال: نعم إنّه ينتظر رزق اللّه غدوة و عشيّة. (2)

8-عن سدير عن أبي جعفر عليه السّلام قال: كلّ ذنب يكفّره القتل في سبيل اللّه إلاّ الدين، لا كفّارة له إلاّ أداؤه، أو يقضي صاحبه، أو يعفو الذي له الحقّ. (3)

بيان:

«أو يقضي صاحبه» : أي وصيّه أو وليّه و وارثه أو المتبرّع.

9-عن بشّار عن أبي جعفر عليه السّلام قال: أوّل قطرة من دم الشهيد كفّارة لذنوبه إلاّ الدين، فإنّ كفّارته قضاؤه. (4)

10-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من استدان دينا فلم ينو قضاؤه كان بمنزلة السارق. (5)

11-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: لأن أقرض قرضا أحبّ إليّ من أن أتصدّق بمثله.

و كان يقول: من أقرض قرضا و ضرب له أجلا فلم يؤت به عند ذلك

ص:419


1- -الوسائل ج 18 ص 317 ح 6
2- الوسائل ج 18 ص 323 ب 3
3- الوسائل ج 18 ص 324 ب 4 ح 1
4- الوسائل ج 18 ص 326 ح 5
5- الوسائل ج 18 ص 328 ب 5 ح 2

الأجل، كان له من الثواب في كلّ يوم يتأخّر عن ذلك الأجل بمثل صدقة دينار واحد في كلّ يوم. (1)

12-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله (في حديث) : و من أقرض أخاه المسلم كان له بكلّ درهم أقرضه وزن جبل أحد من جبال رضوى و طور سيناء حسنات، و إن رفق به في طلبه تعدّى (جاز ف ن) به على الصراط كالبرق الخاطف اللامع بغير حساب و لا عذاب، و من شكا إليه أخوه المسلم فلم يقرضه حرّم اللّه عزّ و جلّ عليه الجنّة يوم يجزي المحسنين. (2)

13-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله (في حديث المناهي) : و من مطل على ذي حقّ حقّه و هو يقدر على أداء حقّه، فعليه كلّ يوم خطيئة عشّار. (3)

بيان:

«المطل» : التسويف و التعلّل في أداء الحقّ، و تأخيره من وقت إلى وقت.

14-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: أربعة لا تستجاب لهم دعوة: أحدهم رجل كان له مال فأدانه بغير بيّنة، يقول اللّه عزّ و جلّ: ألم آمرك بالشهادة. (4)

15-عن حمّاد بن عثمان قال: دخل رجل على أبي عبد اللّه عليه السّلام فشكى إليه رجلا من أصحابه فلم يلبث أن جاء المشكوّ، فقال له أبو عبد اللّه عليه السّلام: ما لفلان يشكوك؟ فقال: يشكوني أنّي استقضيت منه حقّي.

قال: فجلس أبو عبد اللّه عليه السّلام مغضبا ثمّ قال: كأنّك إذا استقضيت حقّك لم تسئ، أرأيتك ما حكى اللّه عزّ و جلّ وَ يَخافُونَ سُوءَ اَلْحِسابِ (5)أترى أنّهم

ص:420


1- -الوسائل ج 18 ص 329 ب 6 ح 1
2- الوسائل ج 18 ص 331 ح 5
3- الوسائل ج 18 ص 333 ب 8 ح 2
4- الوسائل ج 18 ص 338 ب 10 ح 1
5- الرعد:21

(إنّما ف ن) خافوا اللّه أن يجور عليهم؟ لا و اللّه ما خافوا إلاّ الاستقضاء فسمّاه اللّه عزّ و جلّ سوء الحساب، فمن استقضى فقد أساء. (1)

أقول:

قد مرّ في باب الحساب نحوه عن تفسير القميّ و فيه: "خافوا الاستقصاء"و في المرآة ج 19 ص 54: قوله «استقضيت» بالضاد المعجمة أي طلبت منه القضاء، و في بعض النسخ القديمة: بالصاد المهملة في الموضعين، أي بلغت الغاية في الطلب.

16-عن إبراهيم بن عبد الحميد قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: إنّ لعبد الرحمن بن سيّابة دينا على رجل قد مات و كلّمناه على أن يحلّله فأبى، قال: ويحه، أما يعلم أنّ له بكلّ درهم عشرة دراهم إذا حلّله، فإن لم يحلّله فإنّما له درهم بدل درهم. (2)

17-عن معاوية بن عمّار قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من أراد أن يظلّه اللّه في ظلّ عرشه يوم لا ظلّ إلاّ ظلّه فلينظر معسرا أو ليدع له من حقّه. (3)

أقول:

نظيره ح 1، و زاد فيه: «ليس لمسلم أن يعسر مسلما» .

18-عن سالم الحنّاط عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قلت له: أيجزي الولد الوالد؟ قال: لا، إلاّ في خصلتين: يجده مملوكا فيشتريه فيعتقه أو يكون عليه دين فيقضيه عنه. (4)

19-عن معاوية بن وهب قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: بلغنا أنّ رجلا

ص:421


1- -الوسائل ج 18 ص 348 ب 16 ح 1
2- الوسائل ج 18 ص 363 ب 23 ح 1
3- الوسائل ج 18 ص 367 ب 25 ح 4
4- الوسائل ج 18 ص 372 ب 30 ح 2

من الأنصار مات و عليه دين، فلم يصلّ عليه النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و قال: لا تصلّون على صاحبكم حتّى يقضى عنه الدين. فقال: ذلك حقّ قال: ثمّ قال: إنّما فعل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ذلك ليتعاطوا الحقّ، و يؤدّي بعضهم إلى بعض، و لئلاّ يستخفّوا بالدين، قدمات رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و عليه دين، و مات عليّ عليه السّلام و عليه دين، و مات الحسن عليه السّلام و عليه دين، و قتل الحسين عليه السّلام و عليه دين. (1)

20-قال الصادق عليه السّلام: على باب الجنّة مكتوب: القرض بثمانية عشر، و الصدقة بعشرة، و ذلك أنّ القرض لا يكون إلاّ لمحتاج، و الصدقة ربّما وقعت في يد غير محتاج. (2)

أقول:

في ح 4: لأنّ القرض يصل إلى من لا يضع (يضيّع ف ن) نفسه لأخذ الصدقة.

21-عن سدير عن أبي جعفر عليه السّلام قال: يبعث اللّه قوما من تحت العرش يوم القيامة وجوههم من نور، و لباسهم من نور، و رياشهم من نور، جلوس على كراسيّ من نور، قال: فيشرف اللّه لهم على الخلق فيقولون: هؤلاء الأنبياء، فينادي مناد من تحت العرش: هؤلاء ليسوا بأنبياء، قال: فيقولون: هؤلاء شهداء، قال: فينادي مناد من تحت العرش: ليس هؤلاء شهداء، و لكن هؤلاء قوم ييسّرون على المؤمنين، و ينظرون المعسر حتّى ييسر. (3)

22-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: خفّفوا الدين، فإنّ في خفّة الدين زيادة العمر. (4)

23-عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من سرّه أن يقيه

ص:422


1- -العلل ج 2 ص 590 باب نوادر العلل ح 37
2- المستدرك ج 12 ص 364 ب 11 من فعل المعروف ح 3(تفسير القميّ ج 2 ص 350)
3- المستدرك ج 12 ص 365 ب 12 ح 1
4- البحار ج 103 ص 145 ب 2 من الدين ح 21

من نفحات جهنّم فلينظر معسرا أو ليدع له من حقّه. (1)

ص:423


1- -البحار ج 103 ص 151 ب 4 ح 13

ص:424

156- القلب

الآيات

1- خَتَمَ اَللّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَ عَلى سَمْعِهِمْ وَ عَلى أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ وَ لَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ. (1)

2- فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَهُمُ اَللّهُ مَرَضاً وَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ بِما كانُوا يَكْذِبُونَ. (2)

3- ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ فَهِيَ كَالْحِجارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَ إِنَّ مِنَ اَلْحِجارَةِ لَما يَتَفَجَّرُ مِنْهُ اَلْأَنْهارُ وَ إِنَّ مِنْها لَما يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ اَلْماءُ وَ إِنَّ مِنْها لَما يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اَللّهِ وَ مَا اَللّهُ بِغافِلٍ عَمّا تَعْمَلُونَ. (3)

4- . . . فَأَمَّا اَلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ اِبْتِغاءَ اَلْفِتْنَةِ وَ اِبْتِغاءَ تَأْوِيلِهِ. . . (4)

5- رَبَّنا لا تُزِغْ قُلُوبَنا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنا وَ هَبْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ

ص:425


1- -البقرة:7
2- البقرة:10
3- البقرة:74
4- آل عمران:7

اَلْوَهّابُ. (1)

6- فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ لَعَنّاهُمْ وَ جَعَلْنا قُلُوبَهُمْ قاسِيَةً يُحَرِّفُونَ اَلْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ. . . (2)

7- وَ لَقَدْ ذَرَأْنا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ اَلْجِنِّ وَ اَلْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِها وَ لَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِها وَ لَهُمْ آذانٌ لا يَسْمَعُونَ بِها أُولئِكَ كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولئِكَ هُمُ اَلْغافِلُونَ. (3)

8- . . . وَ اِعْلَمُوا أَنَّ اَللّهَ يَحُولُ بَيْنَ اَلْمَرْءِ وَ قَلْبِهِ وَ أَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ. (4)

9- اَلَّذِينَ آمَنُوا وَ تَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اَللّهِ أَلا بِذِكْرِ اَللّهِ تَطْمَئِنُّ اَلْقُلُوبُ. (5)

10- . . . وَ لا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنا وَ اِتَّبَعَ هَواهُ وَ كانَ أَمْرُهُ فُرُطاً. (6)

11- . . . وَ بَشِّرِ اَلْمُخْبِتِينَ- اَلَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اَللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ. . . (7)

12- أَ فَلَمْ يَسِيرُوا فِي اَلْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِها أَوْ آذانٌ يَسْمَعُونَ بِها فَإِنَّها لا تَعْمَى اَلْأَبْصارُ وَ لكِنْ تَعْمَى اَلْقُلُوبُ اَلَّتِي فِي اَلصُّدُورِ. (8)

13- لِيَجْعَلَ ما يُلْقِي اَلشَّيْطانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَ اَلْقاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَ إِنَّ اَلظّالِمِينَ لَفِي شِقاقٍ بَعِيدٍ. (9)

ص:426


1- -آل عمران:8
2- المائدة:13
3- الأعراف:179
4- الأنفال:24
5- الرعد:28
6- الكهف:28
7- الحجّ:33 و 34
8- الحجّ:46
9- الحجّ:53

14- يَوْمَ لا يَنْفَعُ مالٌ وَ لا بَنُونَ- إِلاّ مَنْ أَتَى اَللّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ. (1)

15- ما جَعَلَ اَللّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ. . . (2)

16- . . . وَ اَللّهُ يَعْلَمُ ما فِي قُلُوبِكُمْ وَ كانَ اَللّهُ عَلِيماً حَلِيماً. (3)

17- وَ إِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْراهِيمَ- إِذْ جاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ. (4)

18- أَ فَمَنْ شَرَحَ اَللّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ فَهُوَ عَلى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ فَوَيْلٌ لِلْقاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اَللّهِ أُولئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ. الآيات (5)

19- أَ فَرَأَيْتَ مَنِ اِتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ وَ أَضَلَّهُ اَللّهُ عَلى عِلْمٍ وَ خَتَمَ عَلى سَمْعِهِ وَ قَلْبِهِ وَ جَعَلَ عَلى بَصَرِهِ غِشاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اَللّهِ أَ فَلا تَذَكَّرُونَ. (6)

20- هُوَ اَلَّذِي أَنْزَلَ اَلسَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ اَلْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدادُوا إِيماناً مَعَ إِيمانِهِمْ. . . (7)

21- إِنَّ اَلَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْواتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اَللّهِ أُولئِكَ اَلَّذِينَ اِمْتَحَنَ اَللّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَ أَجْرٌ عَظِيمٌ. (8)

22- مَنْ خَشِيَ اَلرَّحْمنَ بِالْغَيْبِ وَ جاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ. (9)

23- أَ لَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اَللّهِ وَ ما نَزَلَ مِنَ اَلْحَقِّ

ص:427


1- -الشعراء:88 و 89
2- الأحزاب:4
3- الأحزاب:51
4- الصافّات:83 و 84
5- الزمر:22 و 23
6- الجاثية:23
7- الفتح:4
8- الحجرات:3
9- ق:33

وَ لا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا اَلْكِتابَ مِنْ قَبْلُ فَطالَ عَلَيْهِمُ اَلْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ. (1)

24- . . . فَلَمّا زاغُوا أَزاغَ اَللّهُ قُلُوبَهُمْ. . . (2)

25- ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلاّ بِإِذْنِ اَللّهِ وَ مَنْ يُؤْمِنْ بِاللّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَ اَللّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ. (3)

الأخبار

1-قال الصادق عليه السّلام: القلب حرم اللّه فلا تسكن حرم اللّه غير اللّه. (4)

2-و قال عليه السّلام: يابن آدم، علّق قلبك باللّه و لا تعلّقه بخلقه، فإنّك إن علّقته بربّك خدموك، و إن علّقته بخلقه خذلوك. (5)

3-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: لا تميتوا القلب بكثرة الطعام و الشراب، فإنّ القلوب كالزرع إذا كثر الماء أتلف الزرع. (6)

4-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: إيّاكم و فضول المطعم فإنّه يسمّ القلب بالقسوة. (7)

5-عن حمّاد عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ما من قلب إلاّ و له اذنان، على إحداهما ملك مرشد و على الاخرى شيطان مفتّن، هذا يأمره و هذا يزجره، الشيطان يأمره بالمعاصي و الملك يزجره عنها، و هو قول اللّه عزّ و جلّ:

ص:428


1- -الحديد:16
2- الصفّ:5
3- التغابن:11
4- جامع الأخبار ص 185 ف 141
5- جامع الأخبار ص 185
6- جامع الأخبار ص 183
7- عدّة الداعيّ ص 104 في ب 2

عَنِ اَلْيَمِينِ وَ عَنِ اَلشِّمالِ قَعِيدٌ- ما يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ. (1). (2)

6-عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ للقلب اذنين، فإذا همّ العبد بذنب قال له روح الإيمان: لا تفعل، و قال له الشيطان: افعل، و إذا كان على بطنها نزع منه روح الإيمان. (3)

7-عن أبان بن تغلب عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ما من مؤمن إلاّ و لقلبه أذنان في جوفه: اذن ينفث فيها الوسواس الخنّاس، و اذن ينفث فيها الملك، فيؤيّد اللّه المؤمن بالملك، فذلك قوله: وَ أَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ 4. (4)

8-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: كان أبي عليه السّلام يقول: ما من شيء أفسد للقلب من خطيئة، إنّ القلب ليواقع الخطيئة فما تزال به حتّى تغلب عليه فيصيّر أعلاه أسفله. (5)

9-عن زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام قال: ما من عبد إلاّ و في قلبه نكتة بيضاء، فإذا أذنب ذنبا خرج في النكتة نكتة سوداء، فإن تاب ذهب ذلك السواد و إن تمادى في الذنوب زاد ذلك السواد حتّى يغطّي البياض، فإذا غطّى البياض لم يرجع صاحبه إلى خير أبدا و هو قول اللّه عزّ و جلّ: كَلاّ بَلْ رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ 7. (6)

ص:429


1- -ق:17 و 18
2- الكافي ج 2 ص 205 باب أنّ للقلب اذنين ح 1
3- الكافي ج 2 ص 205 ح 2
4- الكافي ج 2 ص 205 ح 3
5- الكافي ج 2 ص 206 باب الذنوب ح 1
6- الكافي ج 2 ص 209 ح 20

أقول:

«لم يرجع صاحبه إلى خير أبدا» : في ح 13 بدلها: "فلا يفلح بعدها أبدا".

10-عن ابن أبي يعفور قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: من تعلّق قلبه بالدنيا تعلّق قلبه بثلاث خصال: همّ لا يفنى و أمل لا يدرك و رجاء لا ينال. (1)

11-فيما ناجى اللّه عزّ و جلّ به موسى عليه السّلام: يا موسى، لا تطوّل في الدنيا أملك فيقسو قلبك و القاسي القلب منّي بعيد. (2)

بيان:

قساوة القلب: غلظته و صلابته و شدّته و عدم خشوعه و تأثّره و عدم قبوله المواعظ و الحقّ و. . .

12-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ما زاد خشوع الجسد على ما في القلب فهو عندنا نفاق. (3)

13-عن عليّ بن جعفر عن أبي الحسن موسى عليه السّلام قال: إنّ اللّه خلق قلوب المؤمنين مطويّة مبهمة على الإيمان، فإذا أراد استنارة (استنارة ف ن) ما فيها نضحها بالحكمة، و زرعها بالعلم، و زارعها و القيّم عليها ربّ العالمين. (4)

بيان:

«مطويّة» طوى على الأمر: أخفاه، و يقال: «الغيّ في طيّ قلبه» أي في ضمن قلبه، و قال في المرآة ج 11 ص 252: استعار الطيّ هنا لكمون الإيمان فيها، كناية عن استعدادها لكمال الإيمان و أنّه لا يعلم ذلك غير خالقها، كالثوب المطويّ أو الكتاب المطويّ لا يعلم ما فيهما غير من طواهما.

ص:430


1- -الكافي ج 2 ص 241 باب حبّ الدنيا ح 17
2- الكافي ج 2 ص 248 باب القسوة ح 1
3- الكافي ج 2 ص 291 باب صفة النفاق ح 6
4- الكافي ج 2 ص 307 باب سهو القلب ح 3-و بمدلوله ح 7 عن أبي عبد اللّه عليه السّلام

«نضحها بالحكمة» النضح: رشاش الماء و نحوه، و في ح 7: "فتحها بالحكمة"و قال في المرآة: كأنّ المراد بالحكمة؛ العلوم اللدنيّة و الإفاضات الربّانيّة، و بالعلم ما يكتسبه الإنسان بالتفكّر و النظر و الأخذ من الكتاب و السنّة.

14-عن عمرو عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال لنا ذات يوم: تجد الرجل لا يخطئ بلام و لا واو خطيبا مصقعا و لقلبه أشدّ ظلمة من الليل المظلم، و تجد الرجل لا يستطيع يعبّر عمّا في قلبه بلسانه، و قلبه يزهر كما يزهر المصباح. (1)

بيان:

«المصقع» : البليغ أو العالي الصوت.

15-قال أبو جعفر عليه السّلام: إنّ القلوب أربعة: قلب فيه نفاق و إيمان، و قلب منكوس، و قلب مطبوع، و قلب أزهر أجرد-فقلت: ما الأزهر؟ قال: فيه كهيئة السراج-فأمّا المطبوع فقلب المنافق، و أمّا الأزهر فقلب المؤمن، إن أعطاه شكر و إن ابتلاه صبر، و أمّا المنكوس فقلب المشرك، ثمّ قرأ هذه الآية: أَ فَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلى وَجْهِهِ أَهْدى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (2)فأمّا القلب الذي فيه إيمان و نفاق فهم قوم كانوا بالطائف فإن أدرك أحدهم أجله على نفاقه هلك و إن أدركه على إيمانه نجا. (3)

بيان:

«الأزهر» : الأبيض المستنير. «الأجرد» : الذي ليس على بدنه شعر، و المراد: الذي ليس فيه غلّ و لا غشّ، فهو على أصل الفطرة. «المطبوع» الطبع: الختم، و ختم القلب عبارة عن حالة في القلب بحيث لا يؤثّر فيه الحقّ و سببه منع اللّه عزّ و جلّ ألطافه حين إعراض العبد عنه تعالى، و في النهاية: الطبع بالسكون: الختم،

ص:431


1- -الكافي ج 2 ص 308 باب في ظلمة قلب المنافق ح 1
2- الملك:22
3- الكافي ج 2 ص 309 ح 2

و بالتحريك: الدنس، و أصله من الوسخ و الدنس يغشيان السيف، يقال: طبع السيف يطبع طبعا. ثمّ استعمل فيما يشبه ذلك من الأوزار و الآثام و غيرهما من المقابح.

«المنكوس» : أي المقلوب المكبوب لا يستقرّ فيه شيء من الحقّ و الإيمان.

16-عن الثمالي عن أبي جعفر عليه السّلام قال: القلوب ثلاثة: قلب منكوس لا يعي شيئا من الخير، و هو قلب الكافر. و قلب فيه نكتة سوداء فالخير و الشرّ فيه يعتلجان فأيّهما كانت منه غلب عليه. و قلب مفتوح فيه مصابيح تزهر، و لا يطفأ نوره إلى يوم القيامة و هو قلب المؤمن. (1)

بيان:

في المرآة ج 11 ص 260: «القلوب ثلاثة» هذا لا ينافي ما مرّ أنّ القلوب أربعة، فإنّ قوله: «و قلب فيه نكتة سوداء» يشمل قسمين منها، و هما قلب فيه نفاق و إيمان، و قلب المنافق، و في القاموس، وعاه يعيه: حفظه و جمعه كأوعاه، و قال: اعتلجوا اتّخذوا صراعا و قتالا و الأمواج التطمت.

أقول: في البحار ج 70 ص 53: عن الصادق عليه السّلام عن حكيم أنّه قال: قلب الكافر أقسى من الحجر.

17-عن سلام بن المستنير قال: كنت عند أبي جعفر عليه السّلام فدخل عليه حمران بن أعين و سأله عن أشياء، فلمّا همّ حمران بالقيام قال لأبي جعفر عليه السّلام: اخبرك-أطال اللّه بقاءك لنا و أمتعنا بك-أنّا نأتيك فما نخرج من عندك حتّى ترقّ قلوبنا و تسلوا أنفسنا عن الدنيا، و يهون علينا ما في أيدي الناس من هذه الأموال، ثمّ نخرج من عندك فإذا صرنا مع الناس و التجّار أحببنا الدنيا؟ قال: فقال أبو جعفر عليه السّلام: إنّما هي القلوب مرّة تصعب و مرّة تسهل.

ص:432


1- -الكافي ج 2 ص 309 ح 3

ثمّ قال أبو جعفر عليه السّلام: أما إنّ أصحاب محمّد صلّى اللّه عليه و آله قالوا: يا رسول اللّه، نخاف علينا النفاق، قال: فقال: و لم تخافون ذلك؟ قالوا: إذا كنّا عندك فذكّرتنا و رغّبتنا، و جلنا و نسينا الدنيا و زهدنا حتّى كأنّا نعاين الآخرة و الجنّة و النار و نحن عندك، فإذا خرجنا من عندك و دخلنا هذه البيوت و شممنا الأولاد و رأينا العيال و الأهل، يكاد أن نحوّل عن الحال التي كنّا عليها عندك و حتّى كأنّا لم نكن على شيء، أفتخاف علينا أن يكون ذلك نفاقا؟

فقال لهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: كلاّ إنّ هذه خطوات الشيطان فيرغّبكم في الدنيا، و اللّه لو تدومون على الحالة التي وصفتم أنفسكم بها لصافحتكم الملائكة و مشيتم على الماء. . . (1)

بيان:

«تسلو. . .» : أي ننساها، يقال: سلاه و سلا عنه: نسيه «شممنا. . .» الشمّ: القرب و الدنوّ، و كأنّ المراد هنا الالتذاذ بقربهم و النظر إليهم تشبيها لهم بالرياحين.

18-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: إيّاكم و المراء و الخصومة، فإنّهما يمرضان القلوب على الإخوان و ينبت عليهما النفاق. (2)

19-عن أبي عبد اللّه عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ثلاثة مجالستهم تميت القلب: الجلوس مع الأنذال، و الحديث مع النساء، و الجلوس مع الأغنياء. (3)

بيان:

«النذل» : الخسيس من الناس و المحتقر في جميع أحواله و الجمع الأنذال.

20-في وصيّة أمير المؤمنين لابنه الحسن عليهما السّلام: أحي قلبك بالموعظة،

ص:433


1- -الكافي ج 2 ص 309 باب تنقّل أحوال القلب ح 1
2- الكافي ج 2 ص 227 باب المراء ح 1
3- الكافي ج 2 ص 469 باب من تكره مجالسته ح 8

و أمته بالزهادة، و قوّه باليقين، و نوّره بالحكمة، و ذلّله بذكر الموت، و قرّره بالفناء، و بصّره فجائع الدنيا، و حذّره صولة الدهر، و فحش تقلّب الليالي و الأيّام، و أعرض عليه أخبار الماضين، و ذكّره بما أصاب من كان قبلك من الأوّلين، و سر في ديارهم و آثارهم. . . (1)

و إنّما قلب الحدث كالأرض الخالية: ما ألقي فيها من شيء قبلته، فبادرتك بالأدب قبل أن يقسو قلبك، و يشتغل لبّك، لتستقبل بجدّ رأيك من الأمر ما قد كفاك أهل التجارب بغيته و تجربته. . . (2)

21-و قال أمير المؤمنين عليه السّلام: إنّ هذه القلوب تملّ كما تملّ الأبدان، فابتغوا لها طرائف الحكم. (3)

22-و قال عليه السّلام: لقد علّق بنياط هذا الإنسان بضعة هي أعجب ما فيه، و ذلك القلب، و له موادّ من الحكمة و أضداد من خلافها: فإن سنح له الرجاء أذلّه الطمع، و إن هاج به الطمع أهلكه الحرص، و إن ملكه اليأس قتله الأسف، و إن عرض له الغضب اشتدّ به الغيظ، و إن أسعده الرضا نسي التحفّظ، و إن غاله الخوف شغله الحذر، و إن اتّسع له الأمن استلبته الغرّة، و إن أصابته مصيبة فضحه الجزع، و إن أفاد مالا أطغاه الغنى، و إن عضّته الفاقة شغله البلاء، و إن جهده الجوع قعدت به الضعف، و إن أفرط به الشبع كظّته البطنة، فكلّ تقصير به مضرّ، و كلّ إفراط له مفسد. (4)

بيان:

«النياط» : عرق معلّق به القلب. «البضعة» : القطعة من اللحم، و المراد بها هنا

ص:434


1- -نهج البلاغة ص 909 في ر 31
2- نهج البلاغة ص 912
3- نهج البلاغة ص 1127 ح 89 و ص 1176 ح 188- الغرر ج 1 ص 234 ف 9 ح 173
4- نهج البلاغة ص 1136 ح 105

القلب. «سنخ» : بدا و ظهر. «التحفّظ» المراد هنا: التوقّي و التحرّز من المضرّات «غاله» : أي أهلكه و أخذه من حيث لا يدري. «الغرّة» : أي الغفلة. «عضّته» : لزمته. «جهده» : أي أعياه و أتبعه. «كظّته» : أي كربته و آلمته. «البطنة» : الامتلاء المفرط من الأكل. (صبحي ص 487 ح 108)

23-و قال عليه السّلام: إنّ للقلوب شهوة و إقبالا و إدبارا؛ فأتوها من قبل شهوتها و إقبالها، فإنّ القلب إذا أكره عمي. (1)

24-و قال عليه السّلام: إنّ للقلوب إقبالا و إدبارا، فإذا أقبلت فاحملوها على النوافل، و إذا أدبرت فاقتصروا بها على الفرائض. (2)

25-و قال عليه السّلام: ألا و إنّ من البلاء الفاقة، و أشدّ من الفاقة مرض البدن، و أشدّ من مرض البدن مرض القلب، ألا و إنّ من النعم سعة المال، و أفضل من سعة المال صحّة البدن، و أفضل من صحّة البدن تقوى القلب. (3)

26-قال الصادق عليه السّلام: ما أنعم اللّه عزّ و جلّ على عبد أجلّ من أن لا يكون في قلبه مع اللّه عزّ و جلّ غيره. (4)

27-قال الباقر عليه السّلام: ما ضرب عبد بعقوبة أعظم من قسوة القلب. (5)

28-قال أمير المؤمنين عليه السّلام (في حديث) : و إنّ كثرة المال مفسدة للدين، مقساة للقلب (للقلوب م) . (6)

29-عن أبي جعفر عليه السّلام أنّه قال لجابر: و إيّاك و الغفلة، ففيها تكون قساوة

ص:435


1- -نهج البلاغة ص 1175 ح 184- الغرر ج 1 ص 250 ف 9 ح 255
2- نهج البلاغة ص 1235 ح 304- الغرر ج 1 ص 251 ف 9 ح 257
3- نهج البلاغة ص 1270 ح 381- صبحي ص 544 ح 388
4- عدّة الداعيّ ص 219 ب 4( في علاج الرياء)
5- المستدرك ج 12 ص 93 ب 76 من جهاد النفس ح 1
6- المستدرك ج 12 ص 93 ح 2

القلب. (1)

30-روي أنّ رجلا شكى إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قساوة قلبه، فقال: إذا أردت أن يلين قلبك، فأطعم المسكين، و امسح رأس اليتيم. (2)

31-قال لقمان لابنه: يا بنيّ، جالس العلماء و زاحمهم بركبتيك، فإنّ اللّه عزّ و جلّ يحيي القلوب بنور الحكمة كما يحيي الأرض من ماء السماء. (3)

32-قال الصادق عليه السّلام: القصد إلى اللّه بالقلوب أبلغ من القصد إليه بالبدن، و حركات القلوب أبلغ من حركات الأعمال. (4)

33-قال الصادق عليه السّلام: إعراب القلوب على أربعة أنواع: رفع و فتح و خفض و وقف، فرفع القلب في ذكر اللّه تعالى، و فتح القلب في الرضا عن اللّه، و خفض القلب في الاشتغال بغير اللّه، و وقف القلب في الغفلة عن اللّه. . . (5)

34-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: يا عليّ، خمسة تميت القلب: كثرة الأكل، و كثرة النوم، و كثرة الضحك، و كثرة همّ القلب، و أكل الحرام يطرد الإيمان. (6)

35-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أربع يفسدن القلب و ينبتن النفاق في القلب كما ينبت الماء الشجر: استماع اللهو، و البذاء، و إتيان باب السلطان، و طلب الصيد.

و عنه صلّى اللّه عليه و آله قال: يا عليّ، ثلاث يقسين القلب: استماع اللهو، و طلب الصيد، و إتيان باب السلطان. (7)

ص:436


1- -المستدرك ج 12 ص 93 ح 3
2- مشكوة الأنوار ص 167 ب 3 ف 16
3- مشكوة الأنوار ص 256 ب 6 ف 3( البحار ج 1 ص 204)
4- مشكوة الأنوار ص 257
5- مصباح الشريعة ص 3 ب 2
6- مجموعة الأخبار ص 131 ب 81
7- مجموعة الأخبار ص 301 ب 172

36-عن الصادق عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: شرّ العمى عمى القلب. (1)

37-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام يقول لرجل: اعلم يا فلان، إنّ منزلة القلب من الجسد بمنزلة الإمام من الناس، الواجب الطاعة عليهم، ألا ترى أنّ جميع جوارح الجسد شرط للقلب، و تراجمة له، مؤدّية عنه: الاذنان و العينان و الأنف و الفم و اليدان و الرجلان و الفرج، فإنّ القلب إذا همّ بالنظر فتح الرجل عينيه. . .

فهذه كلّها مؤديّة عن القلب بالتحريك، و كذلك ينبغي للإمام أن يطاع للأمر منه. (2)

38-عن عليّ بن جعفر عن أخيه عن أبيه عليهم السّلام قال: أوحى اللّه عزّ و جلّ إلى موسى عليه السّلام: يا موسى، لا تفرح بكثرة المال، و لا تدع ذكري على كلّ حال، فإنّ كثرة المال تنسي الذنوب، و إنّ ترك ذكري يقسي القلوب. (3)

39-عن ابن نباته قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: ما جفّت الدموع إلاّ لقسوة القلوب، و ما قست القلوب إلاّ لكثرة الذنوب. (4)

40-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّما شيعتنا أصحاب الأربعة الأعين: عين في الرأس، و عين في القلب، ألا و الخلائق كلّهم كذلك، ألا و إنّ اللّه فتح أبصاركم و أعمى أبصارهم. (5)

أقول:

في الخصال ج 1 ص 240 باب الأربعة ح 90: قال عليّ بن الحسين عليهما السّلام

ص:437


1- -البحار ج 70 ص 51 باب القلب ح 7
2- البحار ج 70 ص 52 ح 14
3- البحار ج 70 ص 55 ح 23
4- البحار ج 70 ص 55 ح 24
5- البحار ج 70 ص 58 ح 35

(في حديث) : ألا إنّ للعبد أربع أعين: عينان يبصر بهما أمر دينه و دنياه، و عينان يبصر بهما أمر آخرته، فإذا أراد اللّه بعبد خيرا فتح له العينين اللتين في قلبه، فأبصر بهما الغيب في أمر آخرته، و إذا أراد به غير ذلك ترك القلب بما فيه.

41-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ناجى داود ربّه فقال: إلهي، لكلّ ملك خزانة فأين خزانتك؟ قال جلّ جلاله: لي خزانة أعظم من العرش، و أوسع من الكرسيّ، و أطيب من الجنّة، و أزين من الملكوت؛ أرضها المعرفة، و سماؤها الإيمان، و شمسها الشوق، و قمرها المحبّة، و نجومها الخواطر، و سحابها العقل، و مطرها الرحمة، و أثمارها الطاعة، و ثمرها الحكمة، و لها أربعة أبواب: العلم، و الحلم، و الصبر، و الرضا، ألا و هي القلب. (1)

42-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: قلب المؤمن أجرد، فيه سراج يزهر، و قلب الكافر أسود منكوس.

و قال سفيان بن عيينة: سألت الصادق عليه السّلام عن قول اللّه عزّ و جلّ: إِلاّ مَنْ أَتَى اَللّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ قال: السليم الذي يلقى ربّه و ليس فيه أحد سواه، و قال: و كلّ قلب فيه شكّ أو شرك فهو ساقط، و إنّما أرادوا الزهد في الدنيا لتفرغ قلوبهم للآخرة. (2)

43-و قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: لو لا أنّ الشياطين يحومون على قلوب بني آدم لنظروا إلى الملكوت. (3)

بيان:

«يحومون» : أي يطوفون.

44-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: على كلّ قلب جاثم من الشيطان، فإذا ذكر اسم اللّه

ص:438


1- -البحار ج 70 ص 59 ح 37
2- البحار ج 70 ص 59 ح 39
3- البحار ج 70 ص 59 ح 39

خنس و ذاب، و إذا ترك ذكر اللّه التقمه الشيطان فجذبه و أغواه و استزلّه و أطغاه. (1)

بيان:

«جثم» : أي لزم مكانه فلم يبرح، فهو جاثم. «خنس» : أي رجع و تأخّر.

45-في وصيّة الباقر عليه السّلام لجابر الجعفيّ: و اطلب راحة البدن بإجمام القلب، و تخلّص إلى إجمام القلب بقلّة الخطأ، و تعرّض لرقّة القلب بكثرة الذكر في الخلوات، و استجلب نور القلب بدوام الحزن. . . و إيّاك و الغفلة ففيها تكون تكون قساوة القلب. . . و اعلم أنّه لا علم كطلب السلامة، و لا سلامة كسلامة القلب. . . و لا فقر كفقر القلب. . . (2)

بيان:

«إجمام القلب» الجمام: الراحة، و أجمّ الفؤاد: أراحه.

46-في حديث موسى بن جعفر عليه السّلام لهشام: . . . يا هشام، إنّ المسيح عليه السّلام قال للحواريّين: . . . و اجعلوا قلوبكم بيوتا للتقوى، و لا تجعلوا قلوبكم مأوى للشهوات. . . فإنّ اللّه يحيي القلوب الميتة بنور الحكمة كما يحيي الأرض الميتة بوابل المطر. . . (3)

بيان:

«الوابل» : المطر الشديد الضخم القطر.

47-في مواعظ الجواد عليه السّلام: القصد إلى اللّه تعالى بالقلوب أبلغ من إتعاب الجوارح بالأعمال. (4)

ص:439


1- -البحار ج 70 ص 61 ح 42
2- البحار ج 78 ص 164
3- البحار ج 78 ص 308
4- البحار ج 78 ص 364 في ح 4

48-في مواعظ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: تفرغوا من هموم الدنيا ما استطعتم، فإنّه من أقبل على اللّه تعالى بقلبه جعل اللّه قلوب العباد منقادة إليه بالودّ و الرحمة، و كان اللّه إليه بكلّ خير أسرع. (1)

49-و قد وردت الرواية الصحيحة أنّه لما نزلت هذه الآية: فَمَنْ يُرِدِ اَللّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ. . . (2)سئل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عن شرح الصدر ما هو؟ فقال: نور يقذفه اللّه في قلب المؤمن، فينشرح له صدره و ينفسح، قالوا: فهل لذلك من أمارة يعرف بها؟ قال صلّى اللّه عليه و آله: نعم، الإنابة إلى دار الخلود، و التجافي عن دار الغرور، و الاستعداد للموت قبل نزول الموت. (3)

50-عن الفضيل بن يسار قال: قال لي أبو جعفر عليه السّلام: يا فضيل، إنّ حديثنا يحيي القلوب. (4)

51-عن النعمان بن بشير قال: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول: في الإنسان مضغة إذا هي سلمت و صحّت سلم بها سائر الجسد، فإذا سقمت سقم بها سائر الجسد و فسد، و هي القلب. (5)

52-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إذا طاب قلب المرء طاب جسده، و إذا خبث القلب خبث الجسد. (6)

53-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: القلب ثلاثة أنواع: قلب مشغول بالدنيا، و قلب مشغول بالعقبى، و قلب مشغول بالمولى، أمّا القلب المشغول بالدنيا فله الشدّة

ص:440


1- -البحار ج 77 ص 168
2- الأنعام:125
3- مجمع البيان ج 4 ص 363-و بمدلوله في البحار ج 77 ص 95 في وصيّته صلّى اللّه عليه و آله لابن مسعود
4- الخصال ج 1 ص 22 باب الواحد ح 76
5- الخصال ج 1 ص 31 ح 109
6- الخصال ج 1 ص 31 ح 110

و البلاء، و أمّا القلب المشغول بالعقبى فله الدرجات العلى، و أمّا القلب المشغول بالمولى فله الدنيا و العقبى و المولى. (1)

54-و ممّا أوصى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله عليّا عليه السّلام: فقال: يا عليّ، خمسة تميت القلب: كثرة الأكل، و كثرة النوم، و كثرة الضحك، و كثرة همّ القلب، و أكل الحرام يطرد الإيمان.

يا عليّ، خمسة تقسّي القلب و إذا قسّى القلب كفر الإنسان و هو: الذنب على الذنب، و الأكل على الشبع، و ظلم الناس، و تأخير الصلوة، و الأكل و الشرب بالشمال. . . و خمسة تنوّر القلب: كثرة قراءة قُلْ هُوَ اَللّهُ أَحَدٌ، و قلّة الأكل، و مجالسة العلماء، و الصلاة في الليل، و المشي في المساجد.

يا عليّ، و خمسة تجلو القلب و تذهب القساوة: مجالسة العالم (العلماء ف ن) و مسح رأس اليتيم، و كثرة الاستغفار بالأسحار، و السهر الكثير، و الصوم. . . (2)

أقول:

قد مرّ ما يناسب المقام في أبواب الحكمة، الحديث، الحرص، البكاء ف 1، الخشوع، الذنب، الزهد، الظلم، السخاء و. . .

و مرّ في باب التفكّر؛ «أنّ التفكّر حياة قلب البصير» .

و في باب الصمت؛ «من قلّ ورعه مات قلبه، و من مات قلبه دخل النار» .

و في باب الاستغفار؛ «إنّ للقلوب صداء كصداء النحاس، فاجعلوها بالاستغفار» .

و في باب أهل الدين، دعاء الغريق: «يا اللّه يا رحمن يا رحيم، يا مقلّب القلوب ثبّت قلبي على دينك» .

ص:441


1- -الاثنى عشريّة ص 91 ب 3 ف 4
2- الاثنى عشريّة ص 203 ب 5 ف 3

55-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

أصل صلاح القلب إشتغاله بذكر اللّه. (الغرر ج 1 ص 188 ف 8 ح 257)

أفضل القلوب قلب حشي بالفهم. (ح 252)

أصل قوّة القلب التوكّل على اللّه. (ح 256)

إنّ هذه القلوب أوعية فخيرها أوعاها للخير. (ص 220 ف 9 ح 73)

إذا أحبّ اللّه عبدا رزقه قلبا سليما و خلقا قويما. (ص 320 ف 17 ح 139)

شرّ ما ألقي في القلب الغلول. (ص 444 ف 41 ح 25)

شرّ القلوب الشاكّ في إيمانه. (ص 477 ح 72)

عمارة القلوب في معاشرة ذوي العقول. (ج 2 ص 500 ف 55 ح 28)

قلوب العباد الطاهرة مواضع نظر اللّه سبحانه و تعالى، فمن طهّر قلبه نظر اللّه إليه. (ص 538 ف 61 ح 65)

لقاء أهل المعرفة عمارة القلوب و مستفاد الحكمة. (ص 610 ف 76 ح 26)

لا خير في قلب لا يخشع و عين لا تدمع، و علم لا ينفع.

(ص 858 ف 86 ح 477)

من ذكر اللّه سبحانه أحيى اللّه قلبه، و نوّر عقله. (ص 690 ف 77 ح 1215)

من سكّن قلبه العلم باللّه سبحانه سكّنه الغنى عن خلق اللّه.

(ص 693 ح 1235)

ص:442

157- القمار

الآيات

1- يَسْئَلُونَكَ عَنِ اَلْخَمْرِ وَ اَلْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ وَ مَنافِعُ لِلنّاسِ وَ إِثْمُهُما أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِما. . . (1)

2- حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ اَلْمَيْتَةُ وَ اَلدَّمُ وَ لَحْمُ اَلْخِنْزِيرِ . . . وَ أَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلامِ. . . (2)

3- يا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا اَلْخَمْرُ وَ اَلْمَيْسِرُ وَ اَلْأَنْصابُ وَ اَلْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ اَلشَّيْطانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ إِنَّما يُرِيدُ اَلشَّيْطانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ اَلْعَداوَةَ وَ اَلْبَغْضاءَ فِي اَلْخَمْرِ وَ اَلْمَيْسِرِ وَ يَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اَللّهِ وَ عَنِ اَلصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ. (3)

4- . . . فَاجْتَنِبُوا اَلرِّجْسَ مِنَ اَلْأَوْثانِ وَ اِجْتَنِبُوا قَوْلَ اَلزُّورِ. (4)

ص:443


1- -البقرة:219
2- المائدة:3
3- المائدة:90 و 91
4- الحجّ:30

الأخبار

1-عن زياد بن عيسى قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن قوله عزّ و جلّ: وَ لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ (1)فقال: كانت قريش تقامر الرجل بأهله و ماله، فنهاهم اللّه عزّ و جلّ عن ذلك. (2)

أقول:

في ح 8: «قال: يعني بذلك القمار» ، و في ح 14 «قال: ذلك القمار» .

2-عن الوشّاء عن أبي الحسن عليه السّلام قال: سمعته يقول: الميسر هو القمار. (3)

3-عن جابر عن أبي جعفر عليه السّلام قال: لمّا أنزل اللّه على رسوله صلّى اللّه عليه و آله إِنَّمَا اَلْخَمْرُ وَ اَلْمَيْسِرُ. . . قيل: يا رسول اللّه، ما الميسر؟ فقال: كلّ ما تقومر به حتّى الكعاب و الجوز. قيل: فما الأنصاب؟ قال: ما ذبحوا لآلهتهم. قيل: فما الأزلام؟ قال: قداحهم التي يستقسمون بها. (4)

بيان:

«الكعاب» واحده كعب، و المعنى: العظم الذي يلعب به.

4-عن إسحاق بن عمّار قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: الصبيان يلعبون بالجوز و البيض و يقامرون، فقال: لا تأكل منه فإنّه حرام. (5)

5-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: كان ينهى عن الجوز يجيء به الصبيان

ص:444


1- -البقرة:188
2- الوسائل ج 17 ص 164 ب 35 من ما يكتسب به ح 1-و بمضمونه ح 9
3- الوسائل ج 17 ص 165 ح 3-و مثله ح 10 عن الرضا عليه السّلام
4- الوسائل ج 17 ص 165 ح 4
5- الوسائل ج 17 ص 166 ح 7

من القمار أن يؤكل، و قال: هو سحت. (1)

6-قال الرضا عليه السّلام: إنّ الشطرنج، و النرد، و أربعة عشر، و كلّ ما قومر عليه منها، فهو ميسر. (2)

7-عن عمر بن يزيد عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ للّه عزّ و جلّ في كلّ ليلة من شهر رمضان عتقاء من النار إلاّ من أفطر على مسكر، أو مشاحن، أو صاحب شاهين، قلت: و أيّ شيء صاحب الشاهين؟ قال: الشطرنج. (3)

بيان:

«شاهين» : إنّما سمّي الشطرنج شاهين لأنّ في كلّ طرف من طرفي الشطرنج قطعة تسمّى ب"شاه و وزير".

8-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّه سئل عن الشطرنج؟ فقال: دعوا المجوسيّة لأهلها لعنها اللّه. (4)

9-عن عبد الواحد قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن اللعب بالشطرنج، فقال: إنّ المؤمن لمشغول عن اللعب. (5)

10-عن زيد الشحّام قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن قول اللّه عزّ و جلّ: فَاجْتَنِبُوا اَلرِّجْسَ مِنَ اَلْأَوْثانِ وَ اِجْتَنِبُوا قَوْلَ اَلزُّورِ قال: الرجس من الأوثان؛ الشطرنج، و قول الزور؛ الغناء. (6)

11-عن الصادق عن آبائه عليهم السّلام (في حديث المناهي) قال: نهى رسول

ص:445


1- -الوسائل ج 17 ص 166 ح 6
2- الوسائل ج 17 ص 167 ح 11
3- الوسائل ج 17 ص 319 ب 102 ح 4
4- الوسائل ج 17 ص 319 ح 7
5- الوسائل ج 17 ص 321 ح 11
6- الوسائل ج 17 ص 318 ح 1 و ح 3

اللّه صلّى اللّه عليه و آله عن اللعب بالنرد و الشطرنج و الكوبة و العرطبة، و هي الطنبور و العود، و نهى عن بيع النرد. (1)

12-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: ملعون من لعب بالاستريق-يعني الشطرنج- و الناظر إليه كآكل لحم الخنزير. (2)

13-عن الرضا عن آبائه عن عليّ عليهم السّلام قال: كلّ ما ألهى عن ذكر اللّه فهو من الميسر. (3)

14-عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: بيع الشطرنج حرام، و أكل ثمنه سحت، و اتّخاذها كفر، و اللعب بها شرك، و السّلام على اللاهيّ بها معصية و كبيرة موبقة، و الخائض يده فيها كالخائض يده في لحم الخنزير، لا صلاة له حتّى يغسل يده كما يغسلها من مسّ لحم الخنزير، و الناظر إليها كالناظر في فرج امّه.

و اللاهي بها و الناظر إليها في حال ما يلهى بها، و السّلام على اللاهي بها في حالته تلك، في الإثم سواء.

و من جلس على اللعب بها فقد تبوّء مقعده في النار، و كان عيشه ذلك حسرة عليه في القيامة، و إيّاك و مجالسة اللاهي المغرور بلعبها، فإنّه من المجالس التي باء أهلها بسخط من اللّه، يتوقّعونه في كلّ ساعة فيعمّك معهم. (4)

15-. . . عن الفضل بن شاذان قال: سمعنا الرضا عليه السّلام يقول: لمّا حمل رأس الحسين بن عليّ عليهما السّلام إلى الشام أمر يزيد بن معاوية لعنه اللّه فوضع و نصب عليه مائدة، فأقبل هو و أصحابه يأكلون و يشربون الفقّاع، فلمّا فرغوا أمر

ص:446


1- -الوسائل ج 17 ص 325 ب 104 ح 6
2- المستدرك ج 13 ص 223 ب 82 من ما يكتسب به ح 1
3- البحار ج 79 ص 230 باب القمار ح 3
4- البحار ج 79 ص 234 ح 13

بالرأس فوضع في طست تحت سريره، و بسط عليه رقعة الشطرنج، و جلس يزيد لعنه اللّه يلعب بالشطرنج فيذكر الحسين و أباه و جدّه عليهم السّلام و يستهزئ بذكرهم، فمتى قمر صاحبه تناول الفقّاع فشربه ثلاث مرّات، ثمّ صبّ فضله على ما يلي الطست من الأرض.

فمن كان من شيعتنا فليتورّع عن شرب الفقّاع، و اللعب بالشطرنج، فليذكر الحسين عليه السّلام و ليلعن يزيد و آل زياد: يمحو اللّه عزّ و جلّ بذلك ذنوبه، و لو كانت كعدد النجوم. (1)

بيان:

قمره: أي غلبه في القمار.

ص:447


1- -البحار ج 79 ص 237 ح 23( العيون ج 2 ص 21 ب 30 ح 50)

ص:448

158- القناعة

الأخبار

1-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من رضي من اللّه باليسير من المعاش، رضي اللّه منه باليسير من العمل. (1)

2-قال أبو الحسن الرضا عليه السّلام: من لم يقنعه من الرزق إلاّ الكثير، لم يكفه من العمل إلاّ الكثير، و من كفاه من الرزق القليل فإنّه يكفيه من العمل القليل. (2)

3-عن أبي حمزة عن أبي جعفر أو أبي عبد اللّه عليهما السّلام قال: من قنع بما رزقه اللّه فهو من أغنى الناس. (3)

بيان:

في مجمع البحرين، «القناعة» : الرضا بالقسم، و منه القانع و هو الذي يقنع بما يصيبه من الدنيا و إن كان قليلا، و يشكر على اليسير.

و في الصحاح، القناعة: الرضا بالقسم.

و في المقائيس ج 5 ص 32: (قنع) أصلان صحيحان، أحدهما يدلّ على الإقبال

ص:449


1- -الكافي ج 2 ص 111 باب القناعة ح 3
2- الكافي ج 2 ص 112 ح 5
3- الكافي ج 2 ص 112 ح 9

على الشيء، ثمّ تختلف معانيه مع اتّفاق القياس. . . و يقولون: قنع قناعة إذا رضي، و سمّيت قناعة لأنّه يقبل على الشيء الذي له راضيا.

و في جامع السعادات ج 2 ص 104: ضدّ الحرص القناعة، و هي ملكة للنفس توجب الاكتفاء بقدر الحاجة و الضرورة من المال، من دون سعي و تعب في طلب الزائد عنه، و هي صفة فاضلة يتوقّف عليها كسب سائر الفضائل، و عدمها يؤدّي يالعبد إلى مساويء الأخلاق و الرذائل، و هي المظنّة للوصول إلى المقصد و أعظم الوسائل لتحصيل سعادة الأبد،

إذ من قنع بقدر الضرورة من المطعم و الملبس، و يقتصر على أقلّه قدرا أو أخسّه نوعا، و يرد أمله إلى يومه أو إلى شهره، و لا يشغل قلبه بالزائد عن ذلك، كان فارغ البال مجتمع الهمّ، فيتمكّن من الاشتغال بأمر الدين و سلوك طريق الآخرة، و من فاتته القناعة، و تدنّس بالحرص و الطمع و طول الأمل، و خاض في غمرات الدنيا، تفرّق قلبه و تشتّت أمره، فكيف يمكنه التشمّر لتحصيل أمر الدين و الوصول إلى درجات المتّقين؟ و لذلك ورد في مدح القناعة ما ورد من الأخبار. . .

4-شكى رجل إلى أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّه يطلب فيصيب و لا يقنع، و تنازعه نفسه إلى ما هو أكثر منه، و قال: علّمني شيئا أنتفع به، فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إن كان ما يكفيك يغنيك، فأدنى ما فيها يغنيك، و إن كان ما يكفيك لا يغنيك فكلّ ما فيها لا يغنيك. (1)

5-قال عليّ بن الحسين عليهما السّلام: من قنع بما قسم اللّه له فهو من أغنى الناس. (2)

ص:450


1- -الكافي ج 2 ص 113 ح 10-و بمضمونه ح 11 عن أمير المؤمنين 7-و سيأتي نحوه في باب الكفاف.
2- مشكوة الأنوار ص 130 ب 3 ف 7

6-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: أغنى الغنى القناعة. (1)

7-و قال عليه السّلام لرجل يعظه: اقنع بما قسم اللّه لك، و لا تنظر إلى ما عند غيرك، و لا تتمنّ ما لست نايله، فإنّه من قنع شبع، و من لم يقنع لم يشبع، و خذ حظّك من آخرتك. (2)

8-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: القناعة مال لا ينفد.

و قال صلّى اللّه عليه و آله: القناعة كنز لا يفنى. (3)

9-عن عبد العظيم الحسنيّ عن محمّد بن عليّ عن أبيه الرضا عن أبيه موسى بن جعفر عن أبيه الصادق عن أبيه عن جدّه عليهم السّلام قال: . . . و دعا سلمان أبا ذرّ رحمه اللّه ذات يوم إلى ضيافة، فقدم إليه من جرابه كسرة يابسة، و بلّها من ركوته، فقال أبو ذرّ: ما أطيب هذا الخبز لو كان معه ملح، فقام سلمان و خرج و رهن ركوته بملح و حمله إليه، فجعل أبو ذرّ يأكل ذلك الخبز و يذر عليه ذلك الملح، و يقول: «الحمد للّه الذي رزقنا هذه القناعة» فقال سلمان: لو كانت قناعة لم تكن ركوتي مرهونة. (4)

بيان:

«الجراب» : وعاء من جلد. «الركوة» : إناء صغير من جلد يشرب فيه الماء.

أقول: قد مرّ في باب الغيرة: إنّ اللّه عزّ و جلّ خصّ رسله بمكارم الأخلاق. . . فذكرها عشرة: اليقين و القناعة. . .

و في باب العقل: لم يقسم بين العباد أقلّ من خمس: اليقين و القنوع و الصبر و الشكر و. . .

ص:451


1- -مشكوة الأنوار ص 130
2- مشكوة الأنوار ص 130
3- مشكوة الأنوار ص 132
4- العيون ج 2 ص 53 ب 31 ح 203

10-عن الصادق جعفر بن محمّد عليه السّلام قال: . . . و خمس من لم تكن له فيه لم يتهنّ بالعيش: الصحّة، و الأمن، و الغنى، و القناعة، و الأنيس الموافق. (1)

بيان:

«لم يتهنّ» : أصلها لم يتهنّأ، أبدلت الهمزة ياء، ثمّ حذفت بالجازم.

11-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: القناعة مال لا ينفد. (2)

12-و قال عليه السّلام: كفى بالقناعة ملكا، و بحسن الخلق نعيما. (3)

13-و سئل عليه السّلام عن قول اللّه عزّ و جلّ: فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً فقال: هي القناعة. (4)

14-و قال عليه السّلام: . . . و لا كنز أغنى من القناعة. . . (5)

15-في كلمات النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: و اقنع بما أوتيته يخفّ عليك الحساب. (6)

16-في مواعظ الحسين عليه السّلام: . . . و القنوع راحة الأبدان. . . (7)

17-عن هشام بن سالم قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول لحمران: يا حمران، انظر إلى من هو دونك، و لا تنظر إلى من هو فوقك في المقدرة، فإنّ ذلك أقنع لك بما قسّم لك، و أحرى أن تستوجب الزيادة من ربّك. . . و لا مال أنفع

ص:452


1- -أمالي الصدوق ص 291 م 48 ح 15
2- نهج البلاغة ص 1113 ح 54 و ص 1303 ح 467-و قال السيّد الرضيّ رحمه اللّه: قد روي هذا الكلام عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله
3- نهج البلاغة ص 1188 ح 220
4- نهج البلاغة ص 1188 ح 221
5- نهج البلاغة ص 1260 في ح 363
6- البحار ج 77 ص 189( في ح 37 أعلام الدين)
7- البحار ج 78 ص 128

من القنوع باليسير المجزي، و لا جهل أضرّ من العجب. (1)

18-في مواعظ الرضا عليه السّلام: و سئل عليه السّلام عن القناعة، فقال: القناعة تجتمع إلى صيانة النفس و عزّ القدر، و طرح مؤن (مؤونة ف ن) الاستكثار، و التعبّد لأهل الدنيا، و لا يسلك طريق القناعة إلاّ رجلان: إمّا متعبّد (متعلّل ف ن) يريد أجر الآخرة، أو كريم متنزّه عن لئام الناس. (2)

19-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: كن ورعا تكن أعبد الناس، و كن قانعا تكن أشكر الناس، و أحبّ للناس ما تحبّ لنفسك تكن مؤمنا. (3)

20-إنّ أمير المؤمنين عليه السّلام اجتاز بقصّاب و عنده لحم سمين، فقال: يا أمير المؤمنين، هذا لحم سمين اشتر منه فقال: ليس الثمن حاضرا فقال: أنا أصبر يا أمير المؤمنين، فقال عليه السّلام له: أنا أصبر عن اللحم، و إنّ اللّه سبحانه وضع خمسة في خمسة: العزّ في الطاعة، و الذلّ في المعصية، و الحكمة في خلوّ البطن، و الهيبة في صلاة الليل، و الغنى في القناعة. (4)

21-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: قرأت التوراة و الإنجيل و الزبور و الفرقان، و اخترت من كلّ كتاب كلمة؛ فمن التوراة: من صمت نجا، و من الإنجيل: من قنع شبع، و من الزبور: من ترك الشهوات سلم من الآفات، و من الفرقان: وَ مَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اَللّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ. (5)

22-قال الصادق عليه السّلام: لو حلف القانع بتملّكه على الدارين لصدّقه اللّه عزّ و جلّ بذلك و لأبرّه، لعظم شأن مرتبة القناعة، ثمّ كيف لا يقنع العبد بما قسّم اللّه

ص:453


1- -البحار ج 78 ص 198 في مواعظ الصادق عليه السّلام
2- البحار ج 78 ص 349
3- جامع السعادات ج 2 ص 104
4- مجموعة الأخبار ص 155 ب 94
5- الاثنى عشرية ص 165 ب 4 ف 3

له و هو يقول: نَحْنُ قَسَمْنا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي اَلْحَياةِ اَلدُّنْيا (1)فمن أذعن و صدّقه بما شاء، و لما شاء بلا غفلة، و أيقن بربوبيّته أضاف تولية الأقسام إلى نفسه بلا سبب، و من قنع بالمقسوم استراح من الهمّ و الكرب و التعب، و كلّما نقص من القناعة زاد في الرغبة. . . (2)

بيان:

«أبرّه» : أبرّ اليمين أي أمضاه.

23-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

القناعة تغني. (الغرر ج 1 ص 6 ف 1 ح 40)

القناعة عزّ. (ص 7 ح 87)

القناعة عفاف. (ص 10 ح 205)

القناعة أبقى عزّ-المستريح من الناس القانع. (ص 23 ح 670 و 675)

القناعة علامة الأتقياء. (ص 24 ح 678)

القنوع عنوان الرضا. (ص 27 ح 809)

القناعة سيف لا ينبو. (ص 32 ح 990)

القانع غنيّ و إن جاع و عرى. (ص 52 ح 1446)

انتقم من حرصك بالقنوع كما تنتقم من عدوّك بالقصاص.

(ص 114 ف 2 ح 115)

اقنعوا بالقليل من دنياكم لسلامة دينكم، فإنّ المؤمن البلغة اليسيرة من الدنيا تقنعه. (ص 137 ف 3 ح 71)

أغنى الناس القانع. (ص 175 ف 8 ح 33)

ص:454


1- -الزخرف:32
2- مصباح الشريعة ص 21 ب 29

أطيب العيش القناعة. (ص 180 ح 137)

أهنأ الأقسام القناعة و صحّة الأجسام. (ص 186 ح 220)

أعون شيء على صلاح النفس القناعة. (ص 196 ح 367)

أغنى الناس الراضي بقسم اللّه سبحانه. (ص 199 ح 403)

أنعم الناس عيشا من منحه اللّه تعالى القناعة و أصلح له زوجه.

(ص 205 ح 469)

إنّ في القنوع لغناء. (ص 215 ف 9 ح 3)

إذا طلبت الغنى فاطلبه بالقناعة. (ص 314 ف 17 ح 83)

إذا أراد اللّه بعبد خيرا ألهمه القناعة، و أصلح له زوجه. (ص 320 ح 141)

إذا أراد اللّه بعبد خيرا ألهمه القناعة، فاكتفى بالكفاف و اكتسى بالعفاف.

(ص 322 ح 163)

بالقناعة يكون العزّ. (ص 332 ف 18 ح 66)

ثمرة القناعة الغناء. (ص 359 ف 23 ح 13)

ثمرة القناعة الإجمال في المكتسب و العزوف (1)عن الطلب. (ص 360 ح 47)

ثمرة العفّة القناعة. (ص 361 ح 50)

ثمرة القناعة العزّ. (ح 57)

عليك بالقنوع فلا شيء للفاقة أدفع منه. (ج 2 ص 478 ف 49 ح 15)

على قدر العفّة تكون القناعة (ص 487 ف 51 ح 8)

غناء الفقير قناعته. (ص 506 ف 57 ح 6)

غناء العاقل بحكمته، و عزّه بقناعته. (ص 509 ح 42)

لن توجد القناعة حتّى يفقد الحرص. (ص 590 ف 72 ح 22)

ص:455


1- -عزفت نفسه عن الشيء: زهدت فيه، يقال: «هو عزوف عن اللهو» إذا لم يشتهه

من قنع شبع. (ص 613 ف 77 ح 66)

من عقل قنع-من قنع بقسمته استراح. (ص 614 ح 82 و 95)

من قنع لم يغتمّ. (ص 616 ح 129)

من قنع حسنت عبادته. (ص 617 ح 153)

من قنع قلّ طمعه. (ص 627 ح 329)

من قنع بقسم اللّه استغنى-من لم يقنع بما قدر له تعنّى.

(ص 632 ح 409 و 410)

من عدم القناعة لم يغنه المال. (ص 635 ح 455)

من قنع برزق اللّه سبحانه استغنى عن الخلق. (ص 655 ح 775)

من وهب له القناعة صانته. (ح 776)

من قنع كفي مذلّة الطلب. (ص 656 ح 792)

من قنعت نفسه أعانته على النزاهة و العفاف. (ص 672 ح 1000)

من اقتنع بالكفاف أدّاه إلى العفاف. (ص 678 ح 1073)

من رضي بقسم اللّه سبحانه لم يحزن على ما فاته. (ص 697 ح 1271)

من أكرم الخلق التحلّي بالقناعة. (ص 732 ف 78 ح 110)

من عزّ النفس لزوم القناعة. (ص 736 ح 165)

لا كنز كالقناعة. (ص 830 ف 86 ح 23)

لا قناعة مع شره. (ص 833 ح 92)

لا يذهب الفاقة مثل الرضا و القنوع. (ص 856 ح 452)

ص:456

حرف الكاف

159- الكبر

الآيات

1- وَ إِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اُسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاّ إِبْلِيسَ أَبى وَ اِسْتَكْبَرَ وَ كانَ مِنَ اَلْكافِرِينَ. (1)

2- . . . إِنَّ اَللّهَ لا يُحِبُّ مَنْ كانَ مُخْتالاً فَخُوراً. (2)

3- . . . وَ مَنْ يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبادَتِهِ وَ يَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعاً -. . . وَ أَمَّا اَلَّذِينَ اِسْتَنْكَفُوا وَ اِسْتَكْبَرُوا فَيُعَذِّبُهُمْ عَذاباً أَلِيماً وَ لا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اَللّهِ وَلِيًّا وَ لا نَصِيراً. (3)

4- قالَ فَاهْبِطْ مِنْها فَما يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيها فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ اَلصّاغِرِينَ. (4)

5- وَ اَلَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَ اِسْتَكْبَرُوا عَنْها أُولئِكَ أَصْحابُ اَلنّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ . . . إِنَّ اَلَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَ اِسْتَكْبَرُوا عَنْها لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوابُ اَلسَّماءِ

ص:457


1- -البقرة:34 و بمدلولها في ص:74 و 75
2- النساء:36
3- النساء:172 و 173
4- الأعراف:13

وَ لا يَدْخُلُونَ اَلْجَنَّةَ حَتّى يَلِجَ اَلْجَمَلُ فِي سَمِّ اَلْخِياطِ وَ كَذلِكَ نَجْزِي اَلْمُجْرِمِينَ- لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهادٌ وَ مِنْ فَوْقِهِمْ غَواشٍ وَ كَذلِكَ نَجْزِي اَلظّالِمِينَ. (1)

6- سَأَصْرِفُ عَنْ آياتِيَ اَلَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي اَلْأَرْضِ بِغَيْرِ اَلْحَقِّ وَ إِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لا يُؤْمِنُوا بِها وَ إِنْ يَرَوْا سَبِيلَ اَلرُّشْدِ لا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً وَ إِنْ يَرَوْا سَبِيلَ اَلغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَ كانُوا عَنْها غافِلِينَ. (2)

7- إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ فَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ قُلُوبُهُمْ مُنْكِرَةٌ وَ هُمْ مُسْتَكْبِرُونَ - لا جَرَمَ أَنَّ اَللّهَ يَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَ ما يُعْلِنُونَ إِنَّهُ لا يُحِبُّ اَلْمُسْتَكْبِرِينَ. (3)

8- فَادْخُلُوا أَبْوابَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها فَلَبِئْسَ مَثْوَى اَلْمُتَكَبِّرِينَ. (4)

9- وَ لا تَمْشِ فِي اَلْأَرْضِ مَرَحاً إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ اَلْأَرْضَ وَ لَنْ تَبْلُغَ اَلْجِبالَ طُولاً. (5)

10- وَ لا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنّاسِ وَ لا تَمْشِ فِي اَلْأَرْضِ مَرَحاً إِنَّ اَللّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ. (6)

11- . . . كَذلِكَ يَطْبَعُ اَللّهُ عَلى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبّارٍ. (7)

12- إِنَّ اَلَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اَللّهِ بِغَيْرِ سُلْطانٍ أَتاهُمْ إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلاّ كِبْرٌ ما هُمْ بِبالِغِيهِ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ إِنَّهُ هُوَ اَلسَّمِيعُ اَلْبَصِيرُ. (8)

ص:458


1- -الأعراف:36 إلى 41
2- الأعراف:146
3- النحل:22 و 23
4- النحل:29 و بمدلولها في الزمر:60 و 72 و المؤمن:76
5- الإسراء:37
6- لقمان:18
7- المؤمن:35
8- المؤمن:56

13- . . . إِنَّ اَلَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ. (1)

الأخبار

1-عن حكيم قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن أدنى الإلحاد، فقال: إنّ الكبر أدناه. (2)

بيان:

ألحد فلان: مال عن الحقّ، و قد ينجرّ الإلحاد إلى الشرك باللّه أو إنكاره.

«الكبر» في المفردات: الكبر و التكبّر و الاستكبار تتقارب، فالكبر الحالة التي يتخصّص بها الإنسان من إعجابه بنفسه، و ذلك أن يرى الإنسان نفسه أكبر من غيره، و أعظم التكبّر التكبّر على اللّه بالامتناع من قبول الحقّ و الإذعان له بالعبادة. . .

و في جامع السعادات ج 1 ص 344، الكبر: و قد عرفت أنّه الركون إلى رؤية النفس فوق الغير، و بعبارة أوضح: هو عزّة و تعظيم يوجب رؤية النفس فوق الغير و اعتقاد المزيّة و الرجحان عليه، فهو يستدعي متكبّرا عليه، و به ينفصل عن العجب، إذ العجب مجرّد استعظام النفس من دون اعتبار رؤيتها فوق الغير، فالعجب سبب الكبر و الكبر من نتائجه.

ثمّ الكبر-أي العزّة الموجبة لرؤية النفس فوق الغير-هو خلق الباطن يقتضي أعمالا في الظاهر هي ثمراته، و تسمّى تلك الأعمال الظاهرة الصادرة منه تكبّرا، و لذا من تعزّز و رأى نفسه باطنا فوق الغير، من دون صدور فعل على جوارحه يقال له: «كبر» ، و إذا ظهرت الأعمال يقال له: «تكبّر» . و هذه الأعمال الظاهرة التي

ص:459


1- -المؤمن:60
2- الكافي ج 2 ص 233 باب الكبر ح 1

هي ثمرات خلق الكبر أفعال و أقوال توجب تحقير الغير و الازراء به، كالترفّع عن مؤاكلته و مجالسته، و الاستنكاف عن مرافقته و مصاحبته، و ابعاده عن نفسه، و إبائه عن الجلوس بجنبه، و انتظاره أن يسلّم عليه، و توقّعه أن يقوم ماثلا بين يديه، و الاستنكاف من قبول وعظه، و تعنيفه في إرشاده و نصحه، و تقدّمه عليه في المحافل و الطرقات، و عدم الالتفات إليه في المحاورات، و توقّع التقديم عليه في كلّ ما يدلّ على التعظيم عرفا. و بالجملة الأعمال الصادرة عن الكبر كثيرة، و لا حاجة إلى احصائها، لكونها مشهورة معروفة و من جملتها الاختيال في المشي و جرّ الثياب. . .

و في المرآة ج 10 ص 185: . . . فهذا هو الكبر و آفته عظيمة و فيه يهلك الخواصّ و العوامّ، و كيف لا تعظم آفته و قد قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: «لا يدخل الجنّة من كان في قلبه ذرّة من كبر» .

و إنّما صار حجابا عن الجنّة لأنّه يحول بين العبد و بين أخلاق المؤمنين كلّها، و تلك الأخلاق هي أبواب الجنّة، و الكبر و عزّ النفس تغلق تلك الأبواب كلّها، لأنّه مع تلك الحالة لا يقدر على حبّه للمؤمنين ما يحبّ لنفسه، و لا على التواضع و هو رأس أخلاق المتّقين، و لا على كظم الغيظ و لا على ترك الحقد، و لا على الصدق و لا على ترك الحسد و الغضب، و لا على النصح اللطيف و لا على قبوله، و لا يسلم من الازراء بالناس و اغتيابهم، فما من خلق ذميم إلاّ و صاحب الكبر و العزّ مضطرّ إليه ليحفظ به عزّه، و ما من خلق محمود إلاّ و هو عاجز عنه خوفا من أن يفوته عزّه، فعن هذا لم يدخل الجنّة.

و شرّ أنواع الكبر ما يمنع من استفادة العلم و قبول الحقّ و الانقياد له و فيه وردت الآيات التي فيها ذمّ المتكبّرين كقوله سبحانه: وَ كُنْتُمْ عَنْ آياتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ 1و أمثالها كثيرة و لذلك ذكر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله جحود الحقّ في حدّ الكبر، و الكشف عن حقيقته و قال: «من سفّه الحقّ و غمص الناس» .

ص:460

و شرّ أنواع الكبر ما يمنع من استفادة العلم و قبول الحقّ و الانقياد له و فيه وردت الآيات التي فيها ذمّ المتكبّرين كقوله سبحانه: وَ كُنْتُمْ عَنْ آياتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ (1)و أمثالها كثيرة و لذلك ذكر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله جحود الحقّ في حدّ الكبر، و الكشف عن حقيقته و قال: «من سفّه الحقّ و غمص الناس» .

ثمّ اعلم أنّ المتكبّر عليه هو اللّه أو رسله أو ساير الخلق، فهو بهذه الجهة ثلاثة أقسام:

الأوّل: التكبّر على اللّه، و هو أفحش أنواعه و لا مثار له إلاّ الجهل المحض و الطغيان، مثل ما كان لنمرود و فرعون.

الثاني: التكبّر على الرسل و الأوصياء عليهم السّلام كقولهم: أَ نُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنا (2)وَ لَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَراً مِثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذاً لَخاسِرُونَ (3)و قالوا: لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْنَا اَلْمَلائِكَةُ أَوْ نَرى رَبَّنا لَقَدِ اِسْتَكْبَرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ وَ عَتَوْا عُتُوًّا كَبِيراً (4)و هذا قريب من التكبّر على اللّه و إن كان دونه، و لكنّه تكبّر عن قبول أمر اللّه.

الثالث: التكبّر على العباد، و ذلك بأن يستعظم نفسه، و يستحقر غيره فتأبى نفسه عن الانقياد لهم، و تدعوه إلى الترفّع عليهم، فيزدريهم و يستصغرهم و يأنف عن مساواتهم، و هذا و إن كان دون الأوّل و الثاني فهو أيضا عظيم من وجهين: أحدهما؛ أنّ الكبر و العزّة و العظمة لا يليق إلاّ بالمالك القادر، فأمّا العبد الضعيف الذليل المملوك العاجز الذي لا يقدر على شيء فمن أين يليق به الكبر؟ ! فمهما تكبّر العبد فقد نازع اللّه تعالى في صفة لا تليق إلاّ بجلاله. . . و الوجه الثاني؛ أنّه يدعو إلى مخالفة اللّه تعالى في أوامره، لأنّ المتكبّر إذا سمع الحقّ من عبد من عباد اللّه استنكف عن قبوله، و يشمئزّ بجحده. . . (البحار ج 73 ص 193)

ص:


1- -الأنعام:93
2- المؤمنون:47
3- المؤمنون:34
4- الفرقان:21

2-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال أبو جعفر عليه السّلام: العزّ رداء اللّه، و الكبر إزاره، فمن تناول شيئا منه أكبّه اللّه في جهنّم. (1)

بيان:

«الإزار» و «الرداء» : هما استعارتان للصفة التي هي العزّة و العظمة، و في النهاية ج 1 ص 44: شبّههما بالإزار و الرداء لأنّ المتّصف بهما يشملانه كما يشمل الرداء الإنسان؛ و لأنّه لا يشاركه في إزاره و ردائه أحد، فكذلك اللّه تعالى لا ينبغي أن يشركه فيهما أحد.

«أكبّه اللّه» في المصباح: كببت زيدا كبّا: ألقيته على وجهه.

3-عن زرارة عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السّلام قالا: لا يدخل الجنّة من في قلبه مثقال ذرّة من كبر. (2)

أقول:

بهذا المعنى أخبار اخر، و زاد عليه السّلام في ح 7: . . . فقال: ليس حيث تذهب، إنّما أعني الجحود، إنّما هو الجحود.

4-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: الكبر أن تغمص الناس و تسفه الحقّ. (3)

بيان:

«تغمص الناس» : أي تحقّرهم. «تسفه الحقّ» : أي تستخفّ و تجهل به.

5-عن عبد الأعلى بن أعين عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّ أعظم الكبر غمص الخلق و سفه الحقّ، قال: قلت: و ما غمص الخلق و سفه الحقّ؟ قال: يجهل الحقّ و يطعن على أهله، فمن فعل ذلك فقد نازع اللّه

ص:462


1- -الكافي ج 2 ص 234 ح 3
2- الكافي ج 2 ص 234 ح 6
3- الكافي ج 2 ص 234 ح 8

عزّ و جلّ رداءه. (1)

بيان:

المراد بالناس و الخلق (في الحديثين) : إمّا مطلق الناس أو الحجج و الأئمّة عليهم السّلام كما ورد في الأخبار أنهم الناس. (المرآة)

6-عن ابن بكير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ في جهنّم لواديا للمتكبّرين يقال له: سقر؛ شكا إلى اللّه عزّ و جلّ شدّة حرّه و سأله أن يأذن له أن يتنفّس، فتنفّس فأحرق جهنّم. (2)

بيان:

في المرآة: يظهر من الآيات أن المراد بالمتكبّرين في الخبر من تكبّر على اللّه و لم يؤمن به و بأنبيائه و حججه عليهم السّلام.

7-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ المتكبّرين يجعلون في صور الذّرّ؛ يتوطّأهم الناس حتّى يفرغ اللّه من الحساب. (3)

بيان:

توطّأ فلانا برجله: داسه (او را پايمال كرد) .

8-عن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ثلاثة لا يكلّمهم اللّه و لا ينظر إليهم يوم القيامة و لا يزكّيهم و لهم عذاب أليم: شيخ زان، و ملك جبّار، و مقلّ مختال. (4)

بيان:

«المقلّ» : أي الفقير. «المختال» : المعجب بنفسه المتكبّر، و في المفردات، الخيلاء:

ص:463


1- -الكافي ج 2 ص 234 ح 9-و نظيره ح 12
2- الكافي ج 2 ص 234 ح 10
3- الكافي ج 2 ص 235 ح 11
4- الكافي ج 2 ص 235 ح 14

التكبّر عن تخيّل فضيلة تراءت للإنسان من نفسه.

9-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ يوسف عليه السّلام لمّا قدم عليه الشيخ يعقوب عليه السّلام دخله عزّ الملك، فلم ينزل إليه، فهبط جبرئيل عليه السّلام فقال: يا يوسف، ابسط راحتك فخرج منها نور ساطع، فصار في جوّ السماء، فقال يوسف: يا جبرئيل، ما هذا النور الذي خرج من راحتي؟ فقال: نزعت النبوّة من عقبك عقوبة لما لم تنزل إلى الشيخ يعقوب، فلا يكون من عقبك نبيّ. (1)

بيان:

في المرآة: النزول إمّا عن الدابّة أو عن السرير و كلاهما مرويّان، و ينبغي حمله على أنّ ما دخله لم يكن تكبّرا و تحقيرا لوالده، لكون الأنبياء منزّهين عن أمثال ذلك، بل راعى فيه المصلحة لحفظ عزّته عند عامّة الناس لتمكّنه من سياسة الخلق و ترويج الدين. . . «الراحة» باطن الكف.

10-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ما من أحد يتيه إلاّ من ذلّة يجدها في نفسه.

و في حديث آخر: عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ما من رجل تكبّر أو تجبّر إلاّ لذلّة وجدها في نفسه. (2)

بيان:

في النهاية ج 1 ص 203(تيه) : «إنّك امرؤ تائه» أي متكبّر أو ضالّ متحيّر. . . و قد تاه يتيه تيها: إذا تحيّر و ضلّ، و إذا تكبّر.

أقول: قد مرّ في باب حبّ الدنيا: أوّل ما عصي اللّه به الكبر، معصية إبليس حين أبى و استكبر و كان من الكافرين. . .

11-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: الحمد للّه الذي لبس العزّ و الكبرياء،

ص:464


1- -الكافي ج 2 ص 235 ح 15
2- الكافي ج 2 ص 236 ح 17

و اختارهما لنفسه دون خلقه، و جعلهما حمى و حرما على غيره، و اصطفاهما لجلاله، و جعل اللعنة على من نازعه فيهما من عباده، ثمّ اختبر بذلك ملائكته المقرّبين، ليميّز المتواضعين منهم من المستكبرين، فقال سبحانه و هو العالم بمضمرات القلوب و محجوبات الغيوب: إِنِّي خالِقٌ بَشَراً مِنْ طِينٍ- فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَ نَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ- فَسَجَدَ اَلْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ- إِلاّ إِبْلِيسَ (1)اعترضته الحميّة، فافتخر على آدم بخلقه، و تعصّب عليه لأصله، فعدوّ اللّه إمام المتعصّبين، و سلف المستكبرين. . .

ألا ترون كيف صغّره اللّه بتكبّره، و وضعه اللّه بترفّعه؟ فجعله في الدنيا مدحورا، و أعدّ له في الآخرة سعيرا. . .

فاعتبروا بما كان من فعل اللّه بإبليس، إذ أحبط عمله الطويل، و جهده الجهيد -و كان قد عبد اللّه ستّة ألاف سنة لا يدرى أمن سني الدنيا أن من سني الآخرة-عن كبر ساعة واحدة، فمن ذا بعد إبليس يسلم على اللّه بمثل معصيته؟ كلاّ! ما كان اللّه سبحانه ليدخل الجنّة بشرا بأمر أخرج به منها ملكا، إنّ حكمه في أهل السماء و أهل الأرض لواحد، و ما بين اللّه و بين أحد من خلقه هوادة في إباحة حمى حرّمه على العالمين. . . (2)

بيان:

«الهوادة» : اللين و الرخصة.

12-في وصيّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لأبي ذرّ رحمه اللّه قال: يا أبا ذرّ، من مات و في قلبه مثقال ذرّة من كبر لم يجد رائحة الجنّة إلاّ أن يتوب قبل ذلك، فقال: يا رسول اللّه، إنّي ليعجبني الجمال حتّى وددت أن علاقة سوطي و قبال نعلي حسن، فهل يرهب

ص:465


1- -ص:71 إلى 74
2- نهج البلاغة ص 776 خ 234 « القاصعة» -صبحي ص 285 خ 192

على ذلك؟ قال: كيف تجد قلبك؟ قال: أجده عارفا للحقّ مطمئنّا إليه، قال: ليس ذلك بالكبر و لكنّ الكبر أن تترك الحقّ و تتجاوزه إلى غيره، و تنظر إلى الناس، و لا ترى أنّ أحدا عرضه كعرضك و لا دمه كدمك.

يا أبا ذرّ، أكثر من يدخل النار المستكبرون. فقال رجل: و هل ينجو من الكبر أحد يا رسول اللّه؟ قال: نعم من لبس الصوف و ركب الحمار و حلب العنز (الشاة م) و جالس المساكين.

يا أبا ذرّ، من حمل بضاعته فقد برئ من الكبر، يعني ما يشتري من السوق.

يا أبا ذرّ، من جرّ ثوبه خيلاء لم ينظر اللّه عزّ و جلّ إليه يوم القيامة.

يا أبا ذرّ، أزرة المؤمن إلى أنصاف ساقيه و لا جناح عليه فيما بينه و بين كعبيه.

يا أبا ذرّ، من رفع ذيله، و خصف نعله، و عفّر وجهه، فقد برئ من الكبر. (1)

بيان:

«خصف نعله» : المعنى بالفارسيّة: كفش خود را وصله بزند.

13-في وصايا الباقر عليه السّلام: ما دخل قلب امرء شيء من الكبر إلاّ نقص من عقله مثل ما دخله من ذلك، قلّ ذلك أو كثر. (2)

أقول:

في الاثنى عشريّة ص 241 في الخاتمة من ب 6: قيل: إنّ آدم عليه السّلام كان جالسا في موضع، فأتاه ستّة أشخاص و جلسوا عنده؛ ثلاثة عن يمينه و ثلاثة عن يساره، ثلاثة منها بيض و ثلاثة منها سود، و قال آدم لواحد من البيض: من أنت؟ فقال: أنا العقل، فقال: أين مقامك؟ فقال: في الدماغ، فقال للثاني: من أنت؟ فقال: أنا الشفقة، فقال: أين مقامك؟ فقال: في القلب، فقال للثالث: من أنت؟ فقال: أنا

ص:466


1- -البحار ج 77 ص 92
2- البحار ج 78 ص 186 ح 16

الحياء، فقال: أين مقامك؟ فقال: في العين.

ثمّ رجع إلى يساره فقال لواحدة من السود: من أنت؟ قال: أنا الكبر، فقال: أين مقامك؟ قال: في الدماغ، قال: هل يكون العقل فيه؟ فقال: إذا دخلت يخرج العقل، فقال للثاني: من أنت؟ قال: أنا الحسد، فقال: أين مقامك؟ قال: القلب، قال: هل يكون [ال] شفقة فيه؟ قال: إذا دخلت تخرج الشفقة، ثمّ قال للثالث: من أنت؟ قال: أنا الطمع، فقال: أين مقامك؟ قال: في العين، قال: هل يكون الحياء فيه؟ قال: إذا دخلت يخرج الحياء.

14-عن حفص بن غياث عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: و من ذهب أنّ له على الآخر فضلا فهو من المستكبرين، فقلت: إنّما يرى أنّ له عليه فضلا بالعافية إذا رآه مرتكبا للمعاصي، فقال: هيهات هيهات فلعلّه أن يكون غفر له ما أتى و أنت موقوف محاسب، أما تلوت قصّة سحرة موسى عليه السّلام. . . (1)

15-عن الصادق عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أمقت الناس المتكبّر.

و عنه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من يستكبر يضعه اللّه. (2)

16-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من رقّع جيبه، و خصف نعله، و حمل سلعته، فقد أمن من الكبر. (3)

بيان:

«رقّع جيبه» : المعنى بالفارسيّة: پيراهنش را وصله زند. «السلعة» : المتاع.

17-عن أبي عبد اللّه عن آبائه عليهم السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: عجبت لابن آدم أوّله نطفة، و آخره جيفة، و هو قائم بينهما وعاء للغائط، ثمّ يتكبّر. (4)

ص:467


1- -البحار ج 73 ص 226 باب الكبر ح 18
2- البحار ج 73 ص 231 ح 23
3- البحار ج 73 ص 233 ح 30
4- البحار ج 73 ص 234 ح 33

18-قال أبو جعفر عليه السّلام: الكبر مطايا النار. (1)

بيان:

«المطيّة» جمع مطايا: و هي المركوب.

19-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أكثر أهل جهنّم المتكبّرون. (2)

20-قال الصادق عليه السّلام: الجهل في ثلاث: الكبر، و شدّة المراء، و الجهل باللّه، فاولئك هم الخاسرون. (3)

أقول:

لاحظ أبواب جهنّم، اللبس، التواضع و. . .

21-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

التكبّر يضع الرفيع. (الغرر ج 1 ص 14 ف 1 ح 362)

التواضع يرفع الوضيع. (ح 363)

التواضع ينشر الفضيلة-التكبّر يظهر الرذيلة. (ص 21 ح 575 و 576)

الكبر شرّ العيوب. (ص 22 ح 611)

التكبّر عين الحماقة. (ص 31 ح 939)

التعزّز بالتكبّر ذلّ-التكبّر بالدنيا قلّ. (ص 34 ح 1044 و 1045)

التواضع سلّم الشرف-التكبّر أسّ التلف. (ص 35 ح 1093 و 1094)

الكبر مصيدة إبليس العظمى (ص 38 ح 1175)

الكبر داع إلى التقحّم في الذنوب. (ص 59 ح 1600)

الكبر يساور القلوب مساورة السموم القاتلة. (ص 88 ح 2032)

احذر الكبر فإنّه رأس الطغيان، و معصية الرحمان. (ص 143 ف 4 ح 32)

ص:468


1- -عقاب الأعمال ص 265 باب عقاب المتكبّرين ح 6
2- عقاب الأعمال ص 265 ح 9
3- المستدرك ج 12 ص 28 ب 58 من جهاد النفس ح 8

إيّاك و الكبر فإنّه أعظم الذنوب، و ألأم العيوب، و هو حلية إبليس.

(ص 148 ف 5 ح 22)

أقبح الخلق التكبّر. (ص 177 ف 8 ح 70)

إنّك إن تواضعت رفعك اللّه-إنّك إن تكبّرت وضعك اللّه.

(ص 287 ف 13 ح 15 و 16)

آفة الشرف الكبر. (ص 304 ف 16 ح 5)

ثمرة الكبر المسبّة. (ص 359 ف 23 ح 28)

شرّ الخلائق (الأخلاق ف ن) الكبر. (ص 446 ف 41 ح 54)

شرّ آفات العقل الكبر. (ص 448 ح 80)

كلّ متكبّر حقير. (ج 2 ص 545 ف 62 ح 12)

ليس للمتكبّر صديق. (ص 593 ف 73 ح 14)

لو رخّص اللّه سبحانه في الكبر لأحد من الخلق لرخّص فيه لأنبيائه، لكنّه كرّه إليهم التكابر، و رضي لهم التواضع. (ص 606 ف 75 ح 34)

من تكبّر حقّر. (ص 612 ف 77 ح 29)

من تكبّر مقت-من تكبّر في سلطانه صغر. (ص 615 ح 104 و 117)

من تكبّر على الناس ذلّ. (ص 627 ح 334)

من لبس الكبر و السرف خلع الفضل و الشرف. (ص 678 ح 1074)

من أقبح الكبر تكبّر الرجل على ذي رحمه و أبناء جنسه.

(ص 730 ف 78 ح 92)

ما تكبّر إلاّ وضيع-ما تواضع إلاّ رفيع. (ص 737 ف 79 ح 15 و 16)

ما اجتلب المقت بمثل الكبر. (ص 738 ح 47)

لا يتعلّم من يتكبّر. (ص 836 ف 86 ح 150)

ص:469

ص:470

160- الكتمان و الإذاعة

الآية

قال اللّه تعالى: وَ إِذا جاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ اَلْأَمْنِ أَوِ اَلْخَوْفِ أَذاعُوا بِهِ. . . (1)

الأخبار

1-عن أبي حمزة عن عليّ بن الحسين عليهما السّلام قال: وددت و اللّه أنّي افتديت خصلتين في الشيعة لنا ببعض لحم ساعدي: النزق و قلّة الكتمان. (2)

بيان:

«وددت» : أحببت. «النزق» : الطيش و الخفّة عند الغضب (سبكى و شتاب نمودن هنگام غضب) .

«الكتمان» يقال: كتم السرّ أي أخفاه، و المراد: إخفاء أحاديث الأئمّة و أسرارهم عن المخالفين و كتمان أسرارهم و غوامض أخبارهم عمّن لا يحتمله عقله، و ربّما يراد به كتمان أسرار الناس بعضهم عن بعض.

2-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: أمر الناس بخصلتين فضيّعوهما فصاروا منهما

ص:471


1- -النساء:83
2- الكافي ج 2 ص 175 باب الكتمان ح 1( الخصال ج 1 ص 44 باب الأثنين ح 40)

على غير شيء: الصبر و الكتمان. (1)

بيان:

«فصاروا منهما» : أي بسببهما، يعني بسبب تضييعهما. «على غير شيء» : أي من الدين، أو ضيّعوهما بحيث لم يبق في أيديهم شيء من الصبر و الكتمان.

3-عن سليمان بن خالد قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: يا سليمان، إنّكم على دين من كتمه أعزّه اللّه و من أذاعه أذلّه اللّه. (2)

بيان:

«الإذاعة» يقال: ذاع الخبر أي انتشر، و أذاعه أي أفشاه، و المراد: إفشاء أسرار الأئمّة عليهم السّلام عند المخالفين، فيصير مفسدة و ضررا على الأئمّة و على شيعتهم و إفشاء بعض غوامض العلوم التي لا تدركها عقول عامّة الخلق، و ربما يراد بها إذاعة أسرار الناس بعضهم إلى بعض.

4-عن عبد اللّه بن بكير عن رجل عن أبي جعفر عليه السّلام قال: دخلنا عليه جماعة، فقلنا: يابن رسول اللّه، إنّا نريد العراق فأوصنا، فقال أبو جعفر عليه السّلام: ليقوّ شديدكم ضعيفكم و ليعد غنيّكم على فقيركم، و لا تبثّوا سرّنا و لا تذيعوا أمرنا، و إذا جاءكم عنّا حديث فوجدتم عليه شاهدا أو شاهدين من كتاب اللّه فخذوا به و إلاّ فقفوا عنده، ثمّ ردّوه إلينا حتّى يستبين لكم.

و اعملوا أنّ المنتظر لهذا الأمر له مثل أجر الصائم القائم، و من أدرك قائمنا فخرج معه فقتل عدوّنا كان له مثل أجر عشرين شهيدا، و من قتل مع قائمنا كان له مثل أجر خمسة و عشرين شهيدا. (3)

ص:472


1- -الكافي ج 2 ص 176 ح 2
2- الكافي ج 2 ص 176 ح 3
3- الكافي ج 2 ص 176 ح 4

بيان:

في المرآة ج 9 ص 187، «ليقوّ شديدكم» : أي بالإغاثة و الإعانة و رفع الظلم، أو بالتقوية في الدين و رفع الشبهه عنهم. «ليعد. . .» أي ليصلهم و ليحسن إليهم، يقال: عاده بمعروفه أي أفضل، و الاسم العائدة، و هي المعروف و الصلة.

5-عن عبد الأعلى قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: إنّه ليس من احتمال أمرنا التصديق له و القبول فقطّ، من احتمال أمرنا ستره و صيانته من غير أهله، فأقرئهم السّلام و قل لهم: رحم اللّه عبدا اجترّ مودّة الناس إلى نفسه، حدّثوهم بما يعرفون، و استروا عنهم ما ينكرون.

ثمّ قال: و اللّه ما الناصب لنا حربا بأشدّ علينا مؤونة من الناطق علينا بما نكره، فإذا عرفتم من عبد إذاعة فامشوا إليه و ردّوه عنها، فإن قبل منكم و إلاّ فتحمّلوا عليه بمن يثقل عليه و يسمع منه. . . (1)

بيان:

«اجترّ» الجرّ: الجذب كالاجترار

6-عن أبي عبيدة الحذّاء قال: سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول: و اللّه إنّ أحبّ أصحابي إليّ أورعهم و أفقههم و أكتمهم لحديثنا، و إنّ أسوأهم عندي حالا و أمقتهم للّذي إذا سمع الحديث ينسب إلينا و يروى عنّا فلم يقبله، اشمأزّ منه و جحده، و كفّر من دان به، و هو لا يدري لعلّ الحديث من عندنا خرج و إلينا أسند، فيكون بذلك خارجا عن ولايتنا. (2)

بيان:

في القاموس، الشمز: نفور النفس ممّا تكره. . . و اشمأزّ: انقبض و اقشعرّ أو ذعر،

ص:473


1- -الكافي ج 2 ص 176 ح 5
2- الكافي ج 2 ص 177 ح 7

و الشيء: كرهه، و المشمئزّ: النافر الكاره و المذعور.

7-عن معلّى بن خنيس قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: يا معلّى، اكتم أمرنا و لا تذعه، فإنّه من كتم أمرنا و لم يذعه أعزّه اللّه به في الدنيا، و جعله نورا بين عينيه في الآخرة، يقوده إلى الجنّة.

يا معلّى، من أذاع أمرنا و لم يكتمه أذلّه اللّه به في الدنيا، و نزع النور من بين عينيه في الآخرة، و جعله ظلمة تقوده إلى النار.

يا معلّى، إنّ التقيّة من ديني و دين آبائي، و لا دين لمن لا تقيّة له.

يا معلّى، إنّ اللّه يحبّ أن يعبد في السرّ كما يحبّ أن يعبد في العلانية.

يا معلّى، إنّ المذيع لأمرنا كالجاحد له. (1)

بيان:

في المرآة: كأنّه عليه السّلام كان يخاف على المعلّى القتل، لما يرى من حرصه على الإذاعة، و لذلك أكثر من نصيحته بذلك و مع ذلك لم تنجع نصيحته فيه و إنّه قد قتل بسبب ذلك.

8-عن البزنطي قال: سألت أبا الحسن الرضا عليه السّلام عن مسألة فأبى و أمسك، ثمّ قال: لو أعطيناكم كلّما تريدون كان شرّا لكم و اخذ برقبة صاحب هذا الأمر، قال أبو جعفر عليه السّلام: ولاية اللّه أسرّها إلى جبرئيل عليه السّلام و أسرّها جبرئيل إلى محمّد صلّى اللّه عليه و آله، و أسرّها محمّد إلى عليّ عليه السّلام، و أسرّها عليّ إلى من شاء اللّه، ثمّ أنتم تذيعون ذلك، من الذي أمسك حرفا سمعه؟ قال أبو جعفر عليه السّلام: في حكمة آل داود: ينبغي للمسلم أن يكون مالكا لنفسه، مقبلا على شأنه، عارفا بأهل زمانه، فاتّقوا اللّه و لا تذيعوا حديثنا. . . (2)

ص:474


1- -الكافي ج 2 ص 177 ح 8
2- الكافي ج 2 ص 178 ح 10

9-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: كفّوا ألسنتكم و الزموا بيوتكم، فإنّه لا يصيبكم أمر تخصّون به أبدا و لا تزال الزيديّة لكم وقاء أبدا. (1)

بيان:

«الزيديّة» : أتباع زيد بن عليّ بن الحسين عليه السّلام، و هم الذين لا يلتزمون بالتقيّة و يدعون الناس إلى القيام بالسيف كما ورد في حديث.

10-عن عثمان بن عيسى عن أبي الحسن عليه السّلام قال: إن كان في يدك هذه شيء فإن استطعت أن لا تعلم هذه فافعل؛ قال: و كان عنده إنسان فتذاكروا الإذاعة، فقال: احفظ لسانك تعزّ، و لا تمكّن الناس من قياد رقبتك فتذلّ. (2)

بيان:

في المرآة، «القياد» : حبل تقاد به الدابّة، و تمكين الناس من القياد، كناية عن تسليط المخالفين على الإنسان بسبب ترك التقيّة و إفشاء الأسرار عندهم.

11-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ أمرنا مستور مقنّع بالميثاق، فمن هتك علينا أذلّه اللّه. (3)

بيان:

في المرآة، «مقنّع» : أي مستور و أصله القناع «بالميثاق» أي بالعهد الذي أخذ اللّه رسوله و الأئمّة عليهم السّلام أن يكتموه عن غير أهله.

12-عن عيسى بن أبي منصور قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: نفس المهموم لنا المغتمّ لظلمنا تسبيح، و همّه لأمرنا عبادة، و كتمانه لسرّنا جهاد في سبيل اللّه.

ص:475


1- -الكافي ج 2 ص 178 ح 13
2- الكافي ج 2 ص 179 ح 14
3- الكافي ج 2 ص 179 ح 15

قال لي محمّد بن سعيد: اكتب هذا بالذهب، فما كتبت شيئا أحسن منه. (1)

13-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من أذاع علينا حديثنا فهو بمنزلة من جحدنا حقّنا. (2)

14-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ما قتلنا من أذاع حديثنا قتل خطأ و لكن قتلنا قتل عمد. (3)

15-عن إسحاق بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام، و تلا هذه الآية: ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كانُوا يَكْفُرُونَ بِآياتِ اَللّهِ وَ يَقْتُلُونَ اَلنَّبِيِّينَ بِغَيْرِ اَلْحَقِّ. . . (4)قال: و اللّه ما قتلوهم بأيديهم، و لا ضربوهم بأسيافهم، و لكنّهم سمعوا أحاديثهم فأذاعوها فاخذوا عليها فقتلوا فصار قتلا و اعتداء و معصية. (5)

16-عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قول اللّه عزّ و جلّ: وَ يَقْتُلُونَ اَلْأَنْبِياءَ بِغَيْرِ حَقٍّ (6)فقال: أما و اللّه ما قتلوهم بأسيافهم و لكن أذاعوا سرّهم و أفشوا عليهم فقتلوا. (7)

17-عن ابن أبي يعفور عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من أذاع علينا حديثنا سلبه اللّه الإيمان. (8)

ص:476


1- -الكافي ج 2 ص 179 ح 16
2- الكافي ج 2 ص 274 باب الإذاعة ح 2
3- الكافي ج 2 ص 275 ح 4
4- البقرة:61
5- الكافي ج 2 ص 275 ح 6
6- آل عمران:112
7- الكافي ج 2 ص 275 ح 7
8- الكافي ج 2 ص 275 ح 3

18-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: مذيع السرّ شاكّ؛ و قائله عند غير أهله كافر، و من تمسّك بالعروة الوثقى فهو ناج، قلت: و ما هو؟ قال: التسليم. (1)

19-عن أبي خالد الكابلي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّه قال: إنّ اللّه عزّ و جلّ جعل الدين دولتين: دولة آدم-و هي دولة اللّه-و دولة إبليس؛ فإذا أراد اللّه أن يعبد علانية كانت دولة آدم، و إذا أراد اللّه أن يعبد في السرّ كانت دولة إبليس، و المذيع لما أراد اللّه ستره مارق من الدين. (2)

بيان:

«مارق من الدين» : خارج عنه غير عامل بمقتضاه.

20-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من استفتح نهاره بإذاعة سرّنا، سلّط اللّه عليه حرّ الحديد، و ضيق المحابس. (3)

21-في وصيّة أمير المؤمنين لابنه الحسن عليهما السّلام: و لا تودع سرّك إلاّ عند كلّ ثقة، و لا تلفظ إلاّ بما يتعارفون به الناس، و لا تخالطهم إلاّ بما يفعلون، فاحذر كلّ الحذر و كن فردا وحيدا. (4)

22-في جوامع كلم عليّ عليه السّلام: الصمت حكم، و السكوت سلامة، و الكتمان طرف من السعادة. (5)

23-عن الباقر عن أبيه عن جدّه عن أمير المؤمنين عليهم السّلام قال: من كتم سرّه كانت الخيرة بيده، و كلّ حديث جاوز اثنين فشا. (6)

ص:477


1- -الكافي ج 2 ص 276 ح 10
2- الكافي ج 2 ص 276 ح 11
3- الكافي ج 2 ص 276 ح 12
4- البحار ج 77 ص 237
5- البحار ج 78 ص 63
6- البحار ج 75 ص 68 باب فضل كتمان السرّ ح 1

24-عن أبان بن تغلب عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: كتمان سرّنا جهاد في سبيل اللّه. (1)

25-عن عليّ بن جعفر عن أخيه عليه السّلام قال: ثلاثة يستظلّون بظلّ عرش اللّه يوم لا ظلّ إلاّ ظلّه: رجل زوّج أخاه المسلم، أو أخدمه، أو كتم له سرّا. (2)

26-قال الصادق عليه السّلام لبعض أصحابه: لا تطلع صديقك من سرّك إلاّ على ما لو اطّلع عليه عدوّك لم يضرّك، فإنّ الصديق قد يكون عدوّك يوما ما. (3)

27-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: جمع خير الدنيا و الآخرة في كتمان السرّ و مصادقة الأخيار، و جمع الشرّ في الإذاعة و مواخاة الأشرار. (4)

28-قال الصادق عليه السّلام: سرّك من دمك، فلا يجرينّ من غير أوداجك. (5)

29-قال الصادق عليه السّلام: صدرك أوسع لسرّك. (6)

30-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: أربعة يذهبن ضياعا: مودّة تمنحها من لا وفاء له، و معروف عند من لا يشكر له، و علم عند من لا استماع له، و سرّ تودعه عند من لا حصانة له. (7)

31-عن داود الرقّيّ و مفضّل و فضيل (في حديث) قالوا: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: لا تذيعوا أمرنا و لا تحدّثوا به إلاّ أهله، فإنّ المذيع علينا أمرنا أشدّ علينا

ص:478


1- -البحار ج 75 ص 70 ح 7
2- البحار ج 75 ص 70 ح 10
3- البحار ج 75 ص 71 ح 12
4- البحار ج 75 ص 71 ح 14
5- البحار ج 75 ص 71 ح 15
6- البحار ج 75 ص 71 ح 17
7- الخصال ج 1 ص 264 باب الأربعة ح 144

مؤونة من عدوّنا، انصرفوا رحمكم اللّه و لا تذيعوا سرّنا. (1)

32-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: صدر العاقل صندوق سرّه. . . (2)

33-و قال عليه السّلام: الظفر بالحزم، و الحزم بإجالة الرأي، و الرأي بتحصين الأسرار. (3)

34-و قال عليه السّلام: من كتم سرّه كانت الخيرة بيده. (4)

أقول:

قد مرّ في باب الإيمان عن الرضا عليه السّلام: لا يكون المؤمن مؤمنا حتّى يكون فيه ثلاث خصال: سنّة من ربّه، و سنّة من نبيّه، و سنّة من وليّه، فأمّا السنّة من ربّه؛ فكتمان سرّه. . .

35-في وصيّة الصادق عليه السّلام لابن النعمان-مؤمن الطاق-(في خبر طويل) : ثمّ قال: المذيع علينا سرّنا كالشاهر بسيفه علينا، رحم اللّه عبدا سمع بمكنون علمنا فدفنه تحت قدميه. . . يابن النعمان، إنّي لأحدّث الرجل منكم بحديث فيتحدّث به عنّي، فأستحلّ بذلك لعنته و البراءة منه، فإنّ أبي كان يقول: «و أيّ شيء أقرّ للعين من التقيّة، إنّ التقيّة جنّة المؤمن، و لو لا التقيّة ما عبد اللّه» . . .

يابن النعمان، إنّ المذيع ليس كقاتلنا بسيفه بل هو أعظم وزرا، بل هو أعظم وزرا، بل هو أعظم وزرا. . .

يابن النعمان، إنّ العالم لا يقدر أن يخبرك بكلّ ما يعلم، لأنّه سرّ اللّه الذى أسرّه إلى جبرئيل عليه السّلام و أسرّه جبرئيل إلى محمّد صلّى اللّه عليه و آله و أسرّه محمّد صلّى اللّه عليه و آله إلى عليّ عليه السّلام و أسرّه عليّ عليه السّلام إلى الحسن عليه السّلام. . . فلا تعجلوا، فو اللّه لقد قرب هذا الأمر ثلاث

ص:479


1- -الوسائل ج 16 ص 252 ب 34 من الأمر و النهي ح 19
2- نهج البلاغة ص 1090 ح 5
3- نهج البلاغة ص 1110 ح 45
4- نهج البلاغة ص 1166 ح 153- الغرر ج 2 ص 638 ف 77 ح 506

مرّات فأذعتموه، فأخّره اللّه و اللّه ما لكم سرّ إلاّ و عدوّكم أعلم به منكم.

يابن النعمان، ابق على نفسك فقد عصيتني لا تدع سرّي، فإنّ المغيرة بن سعد كذب على أبي، و أذاع سرّه، فأذاقه اللّه حرّ الحديد، و إنّ أبا الخطّاب كذب عليّ و أذاع سرّي، فأذاقه اللّه حرّ الحديد. و من كتم أمرنا زيّنه اللّه به في الدنيا و الآخرة، و أعطاه حظّه و وقاه حرّ الحديد و ضيق المحابس. . . (1)

36-قال الصادق عليه السّلام: الاستقصاء فرقة، الانتقاد عداوة، قلّة الصبر فضيحة، إفشاء السرّ سقوط، السخاء فطنة، اللوم تغافل. (2)

37-عن عليّ عليه السّلام قال:

انفرد بسرّك و لا تودعه حازما فيزّل و لا جاهلا فيخون.

(الغرر ج 1 ص 112 ف 2 ح 83)

ثلاث لا يستودعن سرّا: المرأة و النّمام و الأحمق. (ص 362 ف 24 ح 5)

سرّك سرور إن كتمته و إن أذعته كان ثبورك. (ص 436 ف 39 ح 65)

سرّك أسيرك فإن أفشيته صرت أسيره. (ص 437 ح 80)

كن بأسرارك بخيلا و لا تذع سرّا أودعته فإنّ الإذاعة خيانة.

(ج 2 ص 568 ف 67 ح 44)

كلّما كثر خزّان الأسرار كثر ضيّاعها. (ص 570 ف 68 ح 3)

من أسرّ إلى غير ثقة فقد ضيّع سرّه. (ص 643 ف 77 ح 583)

من ضعف عن حفظ سرّه لم يقو لسرّ غيره. (ص 697 ح 1279)

من حصّن سرّه منك فقد اتّهمك. (ص 716 ح 1475)

من أقبح الغدر إذاعة السرّ. (ص 725 ف 78 ح 13)

ص:480


1- -تحف العقول ص 227
2- تحف العقول ص 232

ما لمت أحدا على إذاعة سرّي إذ كنت به أضيق منه. (ص 756 ف 79 ح 263)

لا تودعنّ سرّك من لا أمانة له. (ص 800 ف 85 ح 17)

لا تثق بمن يذيع سرّك. (ص 803 ح 60)

لا تطّلع زوجك و عبدك على سرّك فيسترقّانك. (ح 62)

لا تسرّ إلى الجاهل شيئا لا يطيق كتمانه. (ص 807 ح 116)

لا تكونوا مساييح (1)و لا مذاييع (2). (ص 827 ح 272)

لا حزم لمن لا يسع سرّه صدره. (ص 841 ف 86 ح 239)

لا يسلم من أذاع سرّه. (ص 842 ح 251)

أقول:

سيأتي ما يناسب المقام في باب التقيّة.

ص:481


1- -جمع المسياح: من يسيح بالشرّ و النميمة و ينشرهما
2- جمع المذياع: الذي لا يكتم سرّا

ص:482

161- الكذب

الآيات

1- . . . وَ مِنَ اَلَّذِينَ هادُوا سَمّاعُونَ لِلْكَذِبِ. . . الآيات. (1)

2- وَ يَجْعَلُونَ لِلّهِ ما يَكْرَهُونَ وَ تَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ اَلْكَذِبَ أَنَّ لَهُمُ اَلْحُسْنى لا جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ اَلنّارَ وَ أَنَّهُمْ مُفْرَطُونَ. (2)

3- هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلى مَنْ تَنَزَّلُ اَلشَّياطِينُ- تَنَزَّلُ عَلى كُلِّ أَفّاكٍ أَثِيمٍ- يُلْقُونَ اَلسَّمْعَ وَ أَكْثَرُهُمْ كاذِبُونَ. (3)

4- . . . إِنَّ اَللّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ كاذِبٌ كَفّارٌ. (4)

5- فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اَللّهِ وَ كَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جاءَهُ أَ لَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْكافِرِينَ. (5)

ص:483


1- -المائدة:41 و 42
2- النحل:62
3- الشعراء:221 إلى 223
4- الزمر:3
5- الزمر:32

6- . . . إِنَّ اَللّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذّابٌ. (1)

7- وَيْلٌ لِكُلِّ أَفّاكٍ أَثِيمٍ. (2)

8- إِذا جاءَكَ اَلْمُنافِقُونَ قالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اَللّهِ وَ اَللّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَ اَللّهُ يَشْهَدُ إِنَّ اَلْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ. (3)

الأخبار

1-عن أبي جعفر عليه السّلام قال: كان عليّ بن الحسين عليهما السّلام يقول لولده: اتّقوا الكذب، الصغير منه و الكبير في كلّ جدّ و هزل؛ فإنّ الرجل إذا كذب في الصغير اجترى على الكبير، أما علمتم أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال: ما يزال العبد يصدق حتّى يكتبه اللّه صدّيقا، و ما يزال يكذب حتّى يكتبه اللّه كذّابا. (4)

بيان:

في المصباح: «الكذب» هو الإخبار عن الشيء بخلاف ما هو، سواء فيه العمد و الخطأ. . .

و في المرآة ج 10 ص 325، الكذب: الإخبار عن الشيء بخلاف ما هو عليه، سواء طابق الإعتقاد أم لا على المشهور، و قيل: الصدق مطابقة الاعتقاد، و الكذب خلافه، و قيل: الصدق مطابقة الواقع و الاعتقاد معا، و الكلام فيه يطول و لا ريب في أنّ الكذب من أعظم المعاصي، و أعظم أفراده و أشنعها الكذب على اللّه و على رسوله و على الأئمّة عليهم السّلام.

و في جامع السعادات ج 2 ص 328: الكذب و هو إمّا في القول، أي الإخبار

ص:484


1- -المؤمن:28
2- الجاثية:7
3- المنافقون:1
4- الكافي ج 2 ص 253 باب الكذب ح 2

عن الأشياء على خلاف ما هي عليه، و صدوره إمّا عن العداوة أو الحسد أو الغضب، فيكون من رذائل قوّة الغضب، أو من حبّ المال و الطمع، أو الاعتياد الحاصل من مخالطة أهل الكذب، فيكون من رذائل قوّة الشهوة. أو في النيّة و الإرادة، و هو عدم تمحيضها باللّه، بأن لا يكون اللّه سبحانه بانفراده باعث طاعاته و حركاته. . .

و إمّا في العزم، أي الجزم على الخير. . . و إمّا في الوفاء بالعزم، فإنّ النفس قد تسخو بالعزم في الحال، لعدم مشقّة في الوعد. . .

و إمّا في الأعمال، و هو أن تدلّ أعماله الظاهرة على أمر في باطنه لا يتّصف هو به أي لا يكون باطنه مثل ظاهره. . .

ص 330: و إمّا في مقامات الدين، كالكذب في الخوف و الرجاء، و الزهد و التقوى، و الحبّ و التعظيم، و التوكّل و التسليم، و غير ذلك من الفضائل الخلقيّة. . .

أقول: تدلّ على هذا التعميم أخبار كثيرة.

2-عن أبي النعمان قال: قال أبو جعفر عليه السّلام: يا أبا النعمان، لا تكذب علينا كذبة فتسلب الحنيفيّة، و لا تطلبنّ أن تكون رأسا فتكون ذنبا، و لا تستأكل الناس بنا فتفتقر؛ فإنّك موقوف لا محالة و مسئول، فإن صدقت صدّقناك، و إن كذبت كذّبناك. (1)

بيان:

«كذبة» أي كذبة واحدة فكيف بالأكثر. «الحنيفيّة» أي الملّة المحمّديّة المائلة عن الضلالة إلى الاستقامة، أو من الشدّة إلى السهولة، و أصل الحنيف: الميل. «أن تكون رأسا. . .» قد مرّ بيانها في باب الرئاسة.

3-عن محمّد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام قال: إنّ اللّه عزّ و جلّ جعل للشرّ

ص:485


1- -الكافي ج 2 ص 253 ح 1

أقفالا، و جعل مفاتيح تلك الأقفال الشراب، و الكذب شرّ من الشراب. (1)

4-قال أبو جعفر عليه السّلام: إنّ الكذب هو خراب الإيمان. (2)

بيان:

الحمل على المبالغة أي هو سبب خراب الإيمان.

5-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: الكذب على اللّه و على رسوله صلّى اللّه عليه و آله من الكبائر. (3)

أقول:

في الوسائل ج 15 ص 327 ب 46 ح 25 عنه عليه السّلام مثله، و زاد: «و على الأوصياء عليهم السّلام» .

و لا يخفى أنّ مطلق الكذب من الكبائر، كما مرّ في باب الذنب عن الرضا عليه السّلام، و لكنّ الكذب على اللّه و على رسوله و الأئمّة عليهم السّلام كان من أكبرها و أعظمها و أشنعها.

6-عن معاوية بن وهب قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: إنّ آية الكذّاب بأن يخبرك خبر السماء و الأرض، و المشرق و المغرب، فإذا سألته عن حرام اللّه و حلاله لم يكن عنده شيء. (4)

7-عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: إنّ الكذبة لتفطّر الصائم! قلت: و أيّنا لا يكون ذلك منه؟ ! قال: ليس حيث ذهبت، إنّما ذلك الكذب على اللّه و على رسوله و على الأئمّة صلوات اللّه عليه و عليهم. (5)

8-عن الأصبغ بن نباتة عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال: لا يجد عبد طعم

ص:486


1- -الكافي ج 2 ص 254 ح 3
2- الكافي ج 2 ص 254 ح 4
3- الكافي ج 2 ص 254 ح 5
4- الكافي ج 2 ص 254 ح 8
5- الكافي ج 2 ص 254 ح 9

الإيمان حتّى يترك الكذب هزله و جدّه. (1)

9-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: ينبغي للرجل المسلم أن يجتنب مواخاة الكذّاب، فإنّه يكذب حتّى يجيئ بالصدق فلا يصدّق. (2)

10-عن عبيد بن زرارة قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: إنّ ممّا أعان اللّه به على الكذّابين النسيان. (3)

11-عن عيسى بن حسّان قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: كلّ كذب مسئول عنه صاحبه يوما إلاّ كذبا في ثلاثة: رجل كائد في حربه فهو موضوع عنه، أو رجل أصلح بين اثنين يلقى هذا بغير ما يلقى به هذا، يريد بذلك الإصلاح ما بينهما، أو رجل وعد أهله شيئا و هو لا يريد أن يتمّ لهم. (4)

بيان:

في المرآة: اعلم أنّ مضمون الحديث متّفق عليه بين الخاصّة و العامّة. . .

12-عن معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: المصلح ليس بكذّاب. (5)

أقول:

قد مرّ شرحه في باب الإصلاح بين الناس.

13-كان أمير المؤمنين عليه السّلام يقول: إيّاكم و الكذب؛ فإنّ كلّ راج طالب و كلّ خائف هارب. (6)

ص:487


1- -الكافي ج 2 ص 255 ح 11
2- الكافي ج 2 ص 255 ح 14
3- الكافي ج 2 ص 255 ح 15
4- الكافي ج 2 ص 256 ح 18
5- الكافي ج 2 ص 256 ح 19
6- الكافي ج 2 ص 256 ح 21

بيان:

أي لا تكذبوا في ادّعاكم الرجاء و الخوف من اللّه سبحانه، و ذلك لأنّ كلّ راج طالب لما يرجو، ساع في أسبابه، و كلّ خائف هارب ممّا يخاف منه، مجتنب ممّا يفرّ به منه، و أنتم لستم كذلك. و هذا مثل قوله عليه السّلام في نهج البلاغة (ص 505 في خ 159) : يدّعي بزعمه أنّه يرجو اللّه! كذب و العظيم! ما باله لا يتبيّن رجاؤه في عمله؟ ! فكلّ من رجا عرف رجاؤه في عمله. . .

لاحظ باب الخوف و الرجاء أيضا.

14-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: أربع من كنّ فيه فهو منافق و إن كانت فيه واحدة منهنّ كانت فيه خصلة من النفاق حتّى يدعها: من إذا حدّث كذب، و إذا وعد أخلف، و إذا عاهد غدر، و إذا خاصم فجر. (1)

15-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: و شرّ القول الكذب. (2)

16-و قال عليه السّلام: جانبوا الكذب فإنّه مجانب للإيمان، الصادق على شفا منجاة و كرامة، و الكاذب على شرف مهواة و مهانة. (3)

17-فيما كتب أمير المؤمنين عليه السّلام إلى الحارث الهمدانيّ: و لا تحدّث الناس بكلّ ما سمعت به فكفى بذلك كذبا. (4)

18-قال الصادق عليه السّلام: كفى بالمرء كذبا أن يحدّث بكلّ ما سمع. (5)

19-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في حجّة الوداع: قد كثرت عليّ الكذّابة و ستكثر، فمن كذب عليّ متعمّدا فليتبوّء مقعده من النار، فإذا أتاكم الحديث

ص:488


1- -الخصال ج 1 ص 254 باب الأربعة ح 129
2- نهج البلاغة ص 200 في خ 83
3- نهج البلاغة ص 208 في خ 85
4- نهج البلاغة ص 1067 في ر 69
5- سفينة البحار ج 2 ص 474( كذب)

فاعرضوه على كتاب اللّه و سنّتي، فما وافق كتاب اللّه فخذوا به، و ما خالف كتاب اللّه و سنّتي فلا تأخذوا به. (1)

أقول:

الأخبار في ذمّ الكذب على النبيّ و الأئمّة عليهم السّلام كثيرة. راجع الوسائل و غيره.

20-في مواعظ عليّ عليه السّلام: . . . و تحفّظوا من الكذب، فإنّه من أدنى الأخلاق قدرا، و هو نوع عن الفحش و ضرب من الدناءة. . . (2)

21-قال الرضا عليه السّلام: إنّ الرجل ليصدق على أخيه فيناله عنت من صدقه، فيكون كذّابا عند اللّه، و إنّ الرجل ليكذب على أخيه يريد به نفعه فيكون عند اللّه صادقا. (3)

22-و روي أنّ رجلا قال للنبيّ صلّى اللّه عليه و آله: أنا يا رسول اللّه، أستسر بخلال أربع: الزنا و شرب الخمر و السرق و الكذب، فأيتهنّ شئت تركتها لك؟ قال صلّى اللّه عليه و آله: دع الكذب، فلمّا ولي همّ بالزنا، فقال: يسألني، فإن جحدت نقضت ما جعلت له، و إن أقررت حدّدت، ثمّ همّ بالسرق، ثمّ بشرب الخمر، ففكّر في مثل ذلك، فرجع إليه، فقال: قد أخذت على السبيل كلّه فقد تركتهنّ أجمع. (4)

23-قال رجل لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: يا رسول اللّه، دلّني على عمل أتقرّب به إلى اللّه، فقال: لا تكذب، فكان ذلك سببا لاجتنابه كلّ معصية للّه، لأنّه لم يقصد وجها من وجوه المعاصي إلاّ وجد فيه كذبا أو ما يدعو إلى الكذب، فزال عنه ذلك من وجوه المعاصي. (5)

ص:489


1- -سفينة البحار ج 2 ص 474
2- تحف العقول ص 161
3- الوسائل ج 12 ص 255 ب 141 من العشرة ح 10
4- شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 6 ص 357 ذيل خ 85
5- المستدرك ج 9 ص 85 من العشرة ح 8

24-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: من أعظم الخطايا اللسان الكذوب. (1)

25-و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّ المؤمن ينطبع على كلّ شيء، إلاّ على الكذب و الخيانة. (2)

26-و قال صلّى اللّه عليه و آله: و اجتنبوا الكذب و إن رأيتم فيه النجاة، فإنّ فيه الهلكة. (3)

27-و قال صلّى اللّه عليه و آله: إنّ العبد إذا كذب تباعد منه الملك من نتن ما جاء منه. (4)

28-جاء رجل إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فقال: يا رسول اللّه، ما عمل أهل النار؟ قال: الكذب، إذا كذب العبد فجر، و إذا فجر كفر، و إذا كفر دخل النار. (5)

29-عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال: إيّاكم و الكذب، فإنّ الكذب يهدي إلى الفجور، و الفجور يهدي إلى النار. (6)

30-في وصيّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لأبي ذرّ رحمه اللّه قال: يا أبا ذرّ، ويل للذي يحدّث فيكذب ليضحك به القوم ويل له ويل له ويل له.

يا أبا ذرّ، من صمت نجا، فعليك بالصدق، و لا تخرجنّ من فيك كذبة أبدا، قلت: يا رسول اللّه، فما توبة الرجل الذي يكذب متعمّدا؟ فقال: الاستغفار، و صلوات الخمس، تغسل ذلك. (7)

ص:490


1- -المستدرك ج 9 ص 85 ب 120 ح 7
2- المستدرك ج 9 ص 88 ح 23
3- المستدرك ج 9 ص 88 ح 25
4- المستدرك ج 9 ص 89 ح 27
5- المستدرك ج 9 ص 89 ح 29
6- المستدرك ج 9 ص 86 ح 14
7- البحار ج 77 ص 90

31-عن الصادق عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أقلّ الناس مروّة من كان كاذبا. (1)

32-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: لا سوء أسوء من الكذب. (2)

33-قال عليّ عليه السّلام: لا يصلح من الكذب جدّ و لا هزل، و لا أن يعد أحدكم صبيّته ثمّ لا يفي له، إنّ الكذب يهدي إلى الفجور، و الفجور يهدي إلى النار، و ما يزال أحدكم يكذب حتّى يقال: كذب و فجر، و ما يزال أحدكم يكذب حتّى لا يبقى في قلبه موضع إبرة صدق، فيسمّى عند اللّه كذّابا. (3)

34-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: اعتياد الكذب يورث الفقر. (4)

35-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: الصدق أمانة، و الكذب خيانة. (5)

36-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: لا يكذب الكاذب إلاّ من مهانة نفسه، و أصل السخريّة الطمأنينة إلى أهل الكذب. (6)

37-عن أبي محمّد العسكريّ عليه السّلام قال: جعلت الخبائث في بيت و جعل مفتاحه الكذب. (7)

38-. . . قال الصادق عليه السّلام: الكذب مذموم إلاّ في أمرين: دفع شرّ الظلمة، و إصلاح ذات البين. (8)

ص:491


1- -البحار ج 72 ص 259 باب الكذب ح 21
2- البحار ج 72 ص 259 ح 23
3- البحار ج 72 ص 259 ح 24
4- البحار ج 72 ص 261 ح 36
5- البحار ج 72 ص 261 ح 37
6- البحار ج 72 ص 262 ح 45
7- البحار ج 72 ص 263 ح 46
8- البحار ج 72 ص 263 ح 48

39-في مواعظ أمير المؤمنين عليه السّلام: لا تحدّث من غير ثقة فتكون كذّابا. . . (1)

40-عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام قال: سئل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يكون المؤمن جبانا؟ قال: نعم، قيل: و يكون بخيلا؟ قال: نعم، قيل: و يكون كذّابا؟ قال: لا. (2)

41-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: لا تلقّنوا الكذب فتكذبوا، فإنّ بني يعقوب لم يعلموا أنّ الذئب يأكل الإنسان حتّى لقّنهم أبوهم. (3)

42-عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إذا كذب العبد كذبة تباعد الملك منه مسيرة ميل من نتن ما جاء به. (4)

43-عن عليّ عليه السّلام قال:

الكذب فضّاح. (الغرر ج 1 ص 8 ف 1 ح 121)

الخرس خير من الكذب. (ص 14 ح 336)

الكاذب مهان ذليل. (ص 15 ح 394)

الكذب عيب فاضح. (ص 22 ح 605)

الكذب مهانة و خيانة. (ص 25 ح 733)

الكذب يزري بالإنسان-الكذب يوجب الوقيعة. (ص 27 ح 792 و 797)

الكذب شين الأخلاق. (ص 33 ح 1013)

الكذب يرديك و إن أمنته-الكذب فساد كلّ شيء. (ص 37 ح 1162 و 1159)

الكذب يؤدّي إلى النفاق. (ص 40 ح 1225)

الكاذب على شفا مهواة و مهانة. (ص 44 ح 1294)

ص:492


1- -البحار ج 78 ص 10
2- المحاسن ص 118 كتاب العقاب ب 59 ح 126
3- نور الثقلين ج 2 ص 415 (يوسف) خ 21
4- شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 6 ص 357 ذيل خ 85

الكذب و الخيانة ليسا من أخلاق الكرام. (ص 57 ح 1544)

الكذب زوال المنطق عن الوضع الإلهيّ. (ص 59 ح 1589)

الكذب في العاجلة عار، و في الآجلة عذاب النار. (ص 67 ح 1737)

الكذّاب متّهم في قوله و إن قويت حجّته و صدقت لهجته. (ص 76 ح 1872)

الخلال المنتجة للشرّ الكذب، و البخل، و الجور، و الجهل. (ص 88 ح 2027)

الكذّاب و الميّت سواء فإنّ فضيلة الحيّ على الميّت الثقة به فإذا لم يوثق بكلامه بطلت حياته. (ص 97 ح 2126)

أقبح الخلائق (1)الكذب. (ص 175 ف 8 ح 26)

أقبح شيء الإفك. (ص 176 ح 48)

أقلّ شيء الصدق و الأمانة. (ص 195 ح 346)

أكبر شيء الكذب و الخيانة. (ح 347)

أبعد الناس من الصلاح، الكذوب، و ذو الوجه الوقاح. (ص 209 ح 509)

ثمرة الكذب المهانة في الدنيا و العذاب في الآخرة.

(ص 361 ف 23 ح 53)

جانبوا الكذب، فإنّه مجانب الإيمان. (ص 369 ف 26 ح 24)

شرّ الأخلاق الكذب و النفاق. (ص 443 ف 41 ح 18)

شرّ الشيم الكذب. (ص 446 ح 56)

علّة الكذب شرّ علّة و زلّة المتوقّي أشدّ زلّة. (ج 2 ص 501 ف 55 ح 35)

عاقبة الكذب ملامة و ندامة. (ص 502 ح 48)

كثرة كذب المرء يفسد بهائه. (ص 562 ف 66 ح 19)

كثرة الكذب يفسد الدين و يعظّم الوزر. (ص 563 ح 40)

ص:493


1- -جمع الخليقة و هي الطبيعة و السجيّة

كذب السفير يولد الفساد و يفوت المراد و يبطل الحزم و ينقص العزم.

(ص 575 ف 69 ح 40)

ليس الكذب من خلائق الإسلام. (ص 593 ف 73 ح 10)

من كذب أفسد مروّته. (ص 617 ف 77 ح 152)

من كثر كذبه لم يصدّق. (ص 625 ح 306)

من عرف بالكذب لم يقبل صدقه. (ص 629 ح 365)

من كثر كذبه قلّ بهاءه. (ص 632 ح 420)

من عرف بالكذب قلّت الثقة به. (ص 692 ح 1227)

ما كذب عاقل و لا زنا مؤمن. (ص 740 ف 79 ح 78)

ما أقبح الكذب بذوي الفضل. (ص 741 ح 99)

لا حياء لكذّاب. (ص 829 ف 86 ح 4)

لا تجتمع الكذب و المروّة. (ص 836 ح 146)

لا شيمة أقبح من الكذب. (ص 839 ح 198)

يكتسب الكاذب بكذبه [ثلاثا] سخط اللّه سبحانه عليه، و استهانة الناس به، و مقت الملائكة له. (ص 876 ف 91 ح 30)

أقول:

قد مرّ في باب الحرص أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال لعليّ عليه السّلام: «يا عليّ، أنهاك عن ثلاث خصال عظام: الحسد و الحرص و الكذب» .

و في باب العقل: في حديث موسى بن جعفر عليه السّلام لهشام: «يا هشام، إنّ العاقل لا يكذب و إن كان فيه هواه» .

و في باب الصلاة ف 2: «إنّ الرجل ليكذب الكذبة فيحرم بها صلاة الليل، فإذا حرم بها صلاة الليل حرم بها الرزق» .

ص:494

162- كظم الغيظ و العفو

الآيات

1- . . . فَاعْفُوا وَ اِصْفَحُوا حَتّى يَأْتِيَ اَللّهُ بِأَمْرِهِ. . . (1)

2- . . . وَ اَلْكاظِمِينَ اَلْغَيْظَ وَ اَلْعافِينَ عَنِ اَلنّاسِ وَ اَللّهُ يُحِبُّ اَلْمُحْسِنِينَ. (2)

3- . . . فَاعْفُ عَنْهُمْ وَ اِصْفَحْ إِنَّ اَللّهَ يُحِبُّ اَلْمُحْسِنِينَ. (3)

4- خُذِ اَلْعَفْوَ وَ أْمُرْ بِالْعُرْفِ وَ أَعْرِضْ عَنِ اَلْجاهِلِينَ. (4)

5- . . . وَ لْيَعْفُوا وَ لْيَصْفَحُوا أَ لا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اَللّهُ لَكُمْ وَ اَللّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ. (5)

6- . . . وَ إِنْ تَعْفُوا وَ تَصْفَحُوا وَ تَغْفِرُوا فَإِنَّ اَللّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ. (6)

7- وَ اِصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ وَ اُهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلاً. (7)

ص:495


1- -البقرة:109
2- آل عمران:134
3- المائدة:13
4- الأعراف:199
5- النور:22
6- التغابن:14
7- المزّمّل:10

الأخبار

1-عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في خطبته: ألا اخبركم بخير خلائق الدنيا و الآخرة؟ العفو عمّن ظلمك، و تصل من قطعك، و الإحسان إلى من أساء إليك، و إعطاء من حرمك. (1)

بيان:

في المرآة ج 8 ص 192: الخلايق جمع الخليقة و هي الطبيعة، و المراد هنا الملكات النفسانيّة الراسخة أي خير الصفات النافعة في الدنيا و الآخرة.

«العفو» هو الصفح عن الذنب و ترك العقوبة، ضدّ الانتقام.

و في المفردات: . . . و عفوت عنه: قصدت إزالة ذنبه صارفا عنه، فالمفعول في الحقيقة متروك، و عن متعلّق بمضمر، فالعفو هو التجافي عن الذنب.

2-عن حمران بن أعين عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ثلاث من مكارم الدنيا و الآخرة: تعفو عمّن ظلمك، و تصل من قطعك، و تحلم إذا جهل عليك. (2)

3-عن أبي حمزة الثمالي عن عليّ بن الحسين عليهما السّلام قال: سمعته يقول: إذا كان يوم القيامة جمع اللّه تبارك و تعالى الأوّلين و الآخرين في صعيد واحد، ثمّ ينادي مناد: أين أهل الفضل؟ قال: فيقوم عنق من الناس فتلقّاهم الملائكة، فيقولون: و ما كان فضلكم؟ فيقولون: كنّا نصل من قطعنا، و نعطي من حرمنا، و نعفو عمّن ظلمنا، قال: فيقال لهم: صدقتم ادخلوا الجنّة. (3)

ص:496


1- -الكافي ج 2 ص 87 باب العفو ح 1-و نحوه ح 2
2- الكافي ج 2 ص 88 ح 3
3- الكافي ج 2 ص 88 ح 4

بيان:

في القاموس: «العنق» بالضمّ و بضمّتين: . . . الجماعة من الناس و الرؤساء.

4-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: عليكم بالعفو، فإنّ العفو لا يزيد العبد إلاّ عزّا، فتعافوا يعزّكم اللّه. (1)

بيان:

في المرآة، «لا يزيد العبد إلاّ عزّا» : أي في الدنيا ردّا على ما يسوّل الشيطان للإنسان بأنّ ترك الانتقام يوجب المذلّة بين الناس، و جرأتهم عليه، و ليس كذلك، بل يصير سببا لرفعة قدره، و علوّ أمره عند الناس، لا سيّما إذا عفا مع القدرة، و ترك العفو ينجرّ إلى المعارضات و المجادلات و المرافعة إلى الحكّام، أو إلى إثارة الفتن الموجبة لتلف النفوس و الأموال، و كلّ ذلك مورث للمذلّة، و العزّة الأخرويّة ظاهرة كما مرّ، و التعافي؛ عفو كلّ عن صاحبه.

5-عن حمران عن أبي جعفر عليه السّلام قال: الندامة على العفو أفضل و أيسر من الندامة على العقوبة. (2)

6-عن ابن فضّال قال: سمعت أبا الحسن (الرضا) عليه السّلام يقول: ما التقت فئتان قطّ إلاّ نصر أعظمهما عفوا. (3)

7-عن زيد الشحّام عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: نعم الجرعة الغيظ لمن صبر عليها، فإنّ عظيم الأجر لمن عظيم البلاء، و ما أحبّ اللّه قوما إلاّ ابتلاهم. (4)

8-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: كظم الغيظ عن العدوّ في دولاتهم تقيّة حزم لمن أخذ به، و تحرّز من التعرّض للبلاء في الدنيا، و معاندة الأعداء في دولاتهم

ص:497


1- -الكافي ج 2 ص 88 ح 5
2- الكافي ج 2 ص 88 ح 6
3- الكافي ج 2 ص 88 ح 8
4- الكافي ج 2 ص 89 باب كظم الغيظ ح 2

و مماظّتهم في غير تقيّة ترك أمر اللّه، فجاملوا الناس يسمن (يسمّى ف ن) ذلك لكم عندهم و لا تعادوهم فتحملوهم على رقابكم فتذلّوا. (1)

بيان:

في النهاية ج 4 ص 178، «كظم الغيظ» : تجرّعه و احتمال سببه و الصبر عليه.

و في مجمع البحرين (كظم) ، كظم غيظه كظما: إذا تجرّعه و حبسه، و هو قادر على إمضائه. و الكظيم: الحابس غيظه.

«المماظّة» : شدّة المنازعة و المخاصمة، مع طول اللزوم.

9-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ما من عبد كظم غيظا إلاّ زاده اللّه عزّ و جلّ عزّا في الدنيا و الآخرة، و قد قال اللّه عزّ و جلّ: وَ اَلْكاظِمِينَ اَلْغَيْظَ وَ اَلْعافِينَ عَنِ اَلنّاسِ وَ اَللّهُ يُحِبُّ اَلْمُحْسِنِينَ، و أثابه اللّه مكان غيظه ذلك. (2)

10-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من كظم غيظا و لو شاء أن يمضيه أمضاه، أملأ اللّه قلبه يوم القيامة رضاه. (3)

11-قال أبو جعفر عليه السّلام: من كظم غيظا و هو يقدر على إمضائه، حشا اللّه قلبه أمنا و إيمانا يوم القيامة. (4)

بيان:

«حشا اللّه قلبه» : أي ملأه.

12-عن أبي حمزة عن عليّ بن الحسين عليهما السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من أحبّ السبيل إلى اللّه عزّ و جلّ جرعتان: جرعة غيظ تردّها بحلم، و جرعة مصيبة

ص:498


1- -الكافي ج 2 ص 89 ح 4
2- الكافي ج 2 ص 89 ح 5
3- الكافي ج 2 ص 90 ح 6
4- الكافي ج 2 ص 90 ح 7

تردّها بصبر. (1)

بيان:

الفرق بين الكظم و الصبر: أنّ الكظم فيما يقدر على الانتقام، و الصبر فيما لا يقدر عليه، كنزول البلاء و المصيبة.

13-قال عبد الرزّاق: جعلت جارية لعليّ بن الحسين عليهما السّلام تسكب الماء عليه و هو يتوضّأ للصلاة، فسقط الإبريق من يد الجارية على وجهه فشجّه، فرفع عليّ بن الحسين عليه السّلام رأسه إليها، فقالت الجاريّه: إنّ اللّه عزّ و جلّ يقول: وَ اَلْكاظِمِينَ اَلْغَيْظَ فقال لها: قد كظمت غيظي، قالت: وَ اَلْعافِينَ عَنِ اَلنّاسِ قال: قد عفى اللّه عنك، قالت: وَ اَللّهُ يُحِبُّ اَلْمُحْسِنِينَ قال: اذهبي فأنت حرّة. (2)

بيان:

«فشجّه» شجّ الرأس: جرحه و كسره.

14-من ألفاظ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: عفو الملك أبقى للملك. (3)

15-عن الصادق عن آبائه عليهم السّلام عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله (في حديث المناهي) قال: و من كظم غيظا و هو يقدر على إنفاذه و حلم عنه، أعطاه اللّه أجر شهيد. (4)

16-قال ربيع بن عبد الرحمن: كان و اللّه موسى بن جعفر عليهما السّلام من المتوسّمين، يعلم من يقف عليه بعد موته و يجحد الإمام بعد إمامته، و كان يكظم غيظه عليهم، و لا يبدي لهم ما يعرفه منهم فسمّي الكاظم لذلك. (5)

ص:499


1- -الكافي ج 2 ص 90 ح 9
2- أمالي الصدوق ص 201 م 36 ح 12
3- الوسائل ج 12 ص 170 ب 112 من العشرة ح 5
4- الوسائل ج 12 ص 178 ب 114 ح 12
5- الوسائل ج 12 ص 178 ح 13( العلل ج 1 ص 235 ب 170)

بيان:

في مجمع البحرين، «المتوسّم» : المتفرّس المتأمّل المتثبّت في نظره، حتّى يعرف حقيقة سمت الشيء.

17-إنّ الحسن بن عليّ عليهما السّلام كان جالسا مع جمع من الأشراف على طعام، فجاء غلامه بطعام حارّ فحبس الفرش رجله، فصبّ الطعام على وجهه و رأسه دفعة، فنظر إلى الغلام نظر تأديب لا نظر تعذيب، فقال الغلام: إنّ اللّه يقول: وَ اَلْكاظِمِينَ اَلْغَيْظَ فقال له: قد كظمت غيظي، قال: وَ اَلْعافِينَ عَنِ اَلنّاسِ قال: قد عفى اللّه عنك، قال: وَ اَللّهُ يُحِبُّ اَلْمُحْسِنِينَ قال: اذهب فأنت حرّ لوجه اللّه، و عليّ معيشتك، فتعجّب من حلمه الحاضرون و قالوا: اللّه أعلم حيث يجعل رسالته. (1)

18-قال عليّ عليه السّلام: العفو تاج المكارم. (2)

19-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: إذا قدرت على عدوّك فاجعل العفو عنه شكرا للقدرة عليه. (3)

20-و قال عليه السّلام: و العفو زكاة الظفر. (4)

21-و قال عليه السّلام: أولى الناس بالعفو أقدرهم على العقوبة. (5)

22-و كان عليه السّلام يقول: متى أشفي غيظي إذا غضبت؟ أحين أعجز عن الانتقام فيقال لي: لو صبرت، أم حين أقدر عليه فيقال لي: لو عفوت؟ (6)

ص:500


1- -مجموعة الأخبار ص 78 ب 49
2- مجموعة الأخبار ص 73 ب 46-الغرر ج 1 ص 21 ف 1 ح 573
3- نهج البلاغة ص 1092 ح 10
4- نهج البلاغة ص 1181 في ح 202-الغرر ج 1 ص 16 ف 1 ح 412
5- نهج البلاغة ص 1112 ح 49- الغرر ج 1 ص 187 ف 8 ح 234
6- نهج البلاغة ص 1175 ح 185

23-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ثلاث من كنّ فيه استكمل خصال الإيمان: من صبر على الظلم، و كظم غيظه و احتسب، و عفا و غفر، كان ممّن يدخله اللّه عزّ و جلّ الجنّة بغير حساب، و يشفّعه في مثل ربيعة و مضر. (1)

24-عن الرضا عن آبائه عن أمير المؤمنين عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: عليكم بمكارم الأخلاق، فإنّ اللّه عزّ و جلّ بعثني بها، و إنّ من مكارم الأخلاق أن يعفو الرجل عمّن ظلمه، و يعطي من حرمه، و يصل من قطعه، و أن يعود من لا يعوده. (2)

25-عن الثمالي عن الصادق عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أولى الناس بالعفو أقدرهم على العقوبة، و أحزم الناس أكظمهم للغيظ. (3)

26-في مواعظ أمير المؤمنين عليه السّلام: العفو يفسد من اللئيم بقدر إصلاحه من الكريم. (4)

27-عن أمير المؤمنين عليه السّلام أنّه قال للحسين عليه السّلام: يا بنيّ، ما الحلم؟ قال: كظم الغيظ و ملك النفس. (5)

أقول:

إنّ في كظم الغيظ نوع من التحلّم و تكلّف للحلم، فإذا واظب عليه صار معتادا، و تحدث فيه بعد ذلك صفة الحلم، بحيث لا يهيجه الغيظ حتّى يحتاج إلى كظمه، فيكون الحلم أولى و أفضل من كظم الغيظ.

28-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ثلاثة يرزقون مرافقة الأنبياء: رجل يدفع إليه

ص:501


1- -البحار ج 71 ص 417 باب الحلم و العفو ح 44
2- البحار ج 71 ص 420 ح 53
3- البحار ج 71 ص 420 ح 55
4- البحار ج 77 ص 421
5- المستدرك ج 9 ص 11 ب 97 من العشرة ح 1

قاتل وليّه ليقتله فعفى عنه، و رجل عنده أمانة لو يشاء لخانها فيردّها إلى من ائتمنه عليها، و رجل كظم غيظه عن أخيه ابتغاء وجه اللّه. (1)

29-عن سلمان الفارسيّ رحمه اللّه قال: من كظم غيظه سلم، و من لم يكظمه ندم. (2)

30-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: في ليلة المعراج رأيت غرفا في أعلى الجنّة، فقلت: لمن هي؟ قال: للكاظمين الغيظ، و للعافين عن الناس، و للمحسنين. (3)

31-قال الصادق عليه السّلام: العفو عند القدرة من سنن المرسلين و أسرار المتّقين، و تفسير العفو أن لا تلزم صاحبك فيما أجرم ظاهرا، و تنسى من الأصل ما اصبت منه باطنا، و تزيد على الإختيارات إحسانا، و لن يجد إلى ذلك سبيلا إلاّ من قد عفى اللّه عنه و غفر له ما تقدّم من ذنبه و ما تأخّر عنه، و زيّنه بكرامته و ألبسه من نور بهائه، لأنّ العفو و الغفران صفتان من صفات اللّه تعالى أودعهما في أسرار أصفيائه ليتخلّقوا مع الخلق بأخلاق خالقهم و جاعلهم.

لذلك قال اللّه عزّ و جلّ: وَ لْيَعْفُوا وَ لْيَصْفَحُوا أَ لا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اَللّهُ لَكُمْ وَ اَللّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ و من لا يعفو عن بشر مثله، كيف يرجو عفو ملك جبّار؟ . . . (4)

32-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

العفو أفضل الإحسان. (الغرر ج 1 ص 22 ف 1 ح 637)

الكظم ثمرة الحلم. (ص 28 ح 820)

العفو زين القدرة-العفو يوجب المجد. (ح 823 و 825)

العفو زكاة القدرة. (ص 32 ح 967)

ص:502


1- -المستدرك ج 9 ص 12 ح 7
2- المستدرك ج 9 ص 12 ح 8
3- المستدرك ج 9 ص 14 ح 15
4- مصباح الشريعة ص 39 ب 60

العفو أحسن الانتصار. (ص 36 ح 1141)

الكاظم من أمات أضغانه. (ص 37 ح 1155)

العفو أعظم الفضيلتين. (ص 63 ح 1666)

المروّة؛ العدل في الإمرة، و العفو مع القدرة، و المواساة مع العسرة.

(ص 98 ح 2134)

أحسن الجود عفو بعد مقدرة. (ص 181 ف 8 ح 145)

أحسن أفعال المقتدر العفو (ص 183 ح 174)

أفضل الناس من كظم غيظه و حلم عن قدرة. (ص 190 ح 283)

أحسن من استيفاء حقّك العفو عنه. (ص 191 ح 299)

أحسن العفو ما كان عن قدرة. (ص 196 ح 360)

بالكظم يكون الحلم. (ص 331 ف 18 ح 40)

بالعفو تستنزل الرحمة. (ص 336 ح 139)

تجاوز عن الزلل و أقل العثرات، ترفع لك الدرجات.

(ص 356 ف 22 ح 104)

رأس الحلم الكظم. (ص 411 ف 34 ح 13)

شرّ الناس من لا يعفو عن الهفوة (1)و لا يستر العورة.

(ص 446 ف 41 ح 63)

شيئان لا يوزن ثوابهما: العفو و العدل. (ص 449 ف 42 ح 15)

طوبى لمن كظم غيظه و لم يطلقه و عصى إمرة نفسه فلم تهلكه.

(ج 2 ص 466 ف 46 ح 17)

عند كمال القدرة تظهر فضيلة العفو (ص 490 ف 52 ح 16)

ص:503


1- -أي الزّلة

قلّة العفو أقبح العيوب و التسرّع إلى الانتقام أعظم الذنوب.

(ص 537 ف 61 ح 54)

كن جميل العفو إذا قدرت، عاملا بالعدل إذا ملكت. (ص 566 ف 67 ح 31)

كن عفوّا في قدرتك، جوادا في عسرتك، مؤثرا مع فاقتك، تكمل لك الفضائل.

(ص 568 ح 48)

من عفى عن الجرائم فقد أخذ بجوامع الفضل. (ص 659 ف 77 ح 838)

من لم يحسن العفو أساء بالانتقام. (ص 699 ح 1297)

نصف العاقل احتمال و نصفه تغافل. (ص 775 ف 82 ح 19)

ص:504

163- الكفاف

الأخبار

1-عن أبي عبيدة الحذّاء قال: سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: قال اللّه عزّ و جلّ: إنّ من أغبظ أوليائي عندي رجلا خفيف الحال، ذا حظّ من صلاة، أحسن عبادة ربّه بالغيب، و كان غامضا في الناس، جعل رزقه كفافا، فصبر عليه، عجّلت منيّته، فقلّ تراثه و قلّت بواكيه. (1)

أقول:

مرّ الحديث مع بيانه في باب الشهرة.

بيان: «جعل رزقه كفافا» أي بقدر الحاجة و الضرورة و بقدر ما يكفّه عن السؤال. في المصباح: و قوته كفاف بالفتح: أي مقدار حاجته من غير زيادة و لا نقص، سمّي بذلك لأنّه يكفّ عن سؤال الناس و يغني عنهم. و في النهاية ج 4 ص 191: الكفاف: هو الذي لا يفضل عن الشيء، و يكون بقدر الحاجة إليه.

2-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: طوبى لمن أسلم و كان عيشه كفافا. (2)

ص:505


1- -الكافي ج 2 ص 113 باب الكفاف ح 1
2- الكافي ج 2 ص 113 ح 2

أقول:

و زاد في نوادر الراونديّ: "و قوله سدادا".

و في المستدرك ج 15 ص 231 ب 10 من النفقات ح 12 عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال: طوبى لمن هدي للإسلام، و كان عيشه كفافا و قنع.

بيان: في اللسان: «العيش» المطعم و المشرب و ما تكون به الحياة.

3-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: اللهمّ ارزق محمّدا و آل محمّد، و من أحبّ محمّدا و آل محمّد، العفاف و الكفاف و ارزق من أبغض محمّدا و آل محمّد المال و الولد. (1)

أقول:

لاحظ بهذا المعنى في أمالي الطوسيّ و غيره، و مضمون الحديث مروي عن العامّة أيضا.

بيان: في المرآة ج 8 ص 329، «العفاف» : عفّة البطن و الفرج، أو التعفّف عن السؤال من الخلق أو الأعمّ.

4-عن عليّ بن الحسين عليه السّلام قال: مرّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله براعي إبل فبعث يستسقيه، فقال: أمّا ما في ضروعها فصبوح الحيّ، و أمّا ما في آنيتنا فغبوقهم، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: اللهمّ أكثر ماله و ولده.

ثمّ مرّ براعي غنم فبعث إليه يستسقيه فحلب له ما في ضروعها، و أكفأ ما في إنائه في إناء رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، و بعث إليه بشاة و قال: هذا ما عندنا و إن أحببت أن نزيدك زدناك؟ قال: فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: اللهمّ ارزقه الكفاف.

فقال له بعض أصحابه: يا رسول اللّه، دعوت للذي ردّك بدعاء عامّتنا نحبّه، و دعوت للذي أسعفك بحاجتك بدعاء كلّنا نكره؟ ! فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّ

ص:506


1- -الكافي ج 2 ص 113 ح 3

ما قلّ و كفى خير ممّا كثر و ألهى، اللهمّ ارزق محمّدا و آل محمّد الكفاف. (1)

بيان:

«الصبوح» : شرب الغداة أو ما حلب أوّل النهار. «الغبوق» : الشرب بالعشيّ أو ما حلب آخر النهار «أكفأ الإناء» أماله و قلبه ليصبّ ما فيه «أسعفك» أسعفه بحاجته: إذا قضيها له «ألهى» أي أشغل عن اللّه و عن عبادته «الحيّ» هي قبيلة.

5-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ اللّه عزّ و جلّ يقول: يحزن عبدي المؤمن إن قتّرت عليه و ذلك أقرب له منّي، و يفرح عبدي المؤمن إن وسّعت عليه و ذلك أبعد له منّي. (2)

بيان:

«قتّرت عليه» التقتير: التضييق.

6-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: كان أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه يقول: ابن آدم، إن كنت تريد من الدنيا ما يكفيك، فإنّ أيسر ما فيها يكفيك، و إن كنت إنّما تريد ما لا يكفيك، فإنّ كلّ ما فيها لا يكفيك. (3)

أقول:

قد مرّ ما يناسب المقام في باب القناعة و. . .

7-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: . . . و الدنيا دار مني لها الفناء، و لأهلها منها الجلاء، و هي حلوة خضراء، و قد عجلت للطالب، و التبست بقلب الناظر، فارتحلوا منها بأحسن ما بحضرتكم من الزاد، و لا تسألوا فيها فوق الكفاف، و لا تطلبوا منها أكثر من البلاغ. (4)

ص:507


1- -الكافي ج 2 ص 113 ح 4
2- الكافي ج 2 ص 114 ح 5
3- الكافي ج 2 ص 112 باب القناعة ح 6
4- نهج البلاغة ص 132 خ 45

بيان:

«مني لها» : على بناء المجهول أي قدّر لها. «الجلاء» : الخروج من الأوطان. «البلاغ» : ما يتبلّغ به.

8-. . . عن جعفر بن محمّد عن أبيه عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: طوبى لمن رزق الكفاف ثمّ صبر عليه. (1)

9-في وصيّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لأبي ذرّ رحمه اللّه قال: يا أبا ذرّ، إنّ الدنيا مشغلة للقلوب و الأبدان، و إنّ اللّه تبارك و تعالى سائلنا عمّا نعّمنا في حلاله فكيف بما نعّمنا في حرامه.

يا أبا ذرّ، إنّي قد دعوت اللّه جلّ ثناؤه أن يجعل رزق من يحبّني الكفاف و أن يعطي من يبغضني كثرة المال و الولد. (2)

10-في وصيّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لعليّ عليه السّلام قال: يا عليّ، ما أحد من الأوّلين و الآخرين إلاّ و هو يتمنّى يوم القيامة أنّه لم يعط من الدنيا إلاّ قوتا. (3)

11-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

الرضا بالكفاف يؤدّي إلى العفاف. (الغرر ج 1 ص 57 ف 1 ح 1549)

إذا أراد اللّه بعبد خيرا ألهمه القناعة، فاكتفى بالكفاف، و اكتسى بالعفاف.

(ص 322 ف 17 ح 163)

من أكثر ذكر الموت رضي من الدنيا بالكفاف.

(ج 2 ص 672 ف 77 ح 999)

من قنعت نفسه أعانته على النزاهة (4)و العفاف. (ح 1000)

ص:508


1- -البحار ج 72 ص 68 باب الغنا و الكفاف ح 29
2- البحار ج 77 ص 83
3- البحار ج 77 ص 54
4- أي البعد عن السوء

و الحمد للّه أوّلا و آخرا و ظاهرا و باطنا و صلّى اللّه على سيّدنا محمّد و آله الطاهرين سيّما مولانا المهديّ عجّل اللّه تعالى فرجه الشريف.

اللهمّ عجّل فرجه و سهّل مخرجه و أيّده بالنصر و انصر ناصريه و ارزقنا رؤيته و أدركنا أيّامه.

ص:509

ص:510

فهرس

حرف الضاد

121-الضحك و المزاح و الدعابة 3

122-الضيافة 11

حرف الطاء

123-الطعام و الإطعام 19

124-ذمّ الطمع و مدح غنى النفس و الاستغناء عن الناس 27

حرف الظاء

125-الأظفار 37

126-الظلم 41

127-حسن الظنّ باللّه تعالى 59

128-حسن الظنّ بالإخوان و قبول العذر عنهم 67

حرف العين

129-العبادة 75

ص:511

130-العجب و الإدلال 91

131-العدل 103

132-عرض الأعمال 113

133-الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر 119

134-العزلة عن شرار الخلق و الأنس باللّه تعالى 133

135-العصبيّة و الفخر و الحميّة 143

136-العفّة 151

137-العقل 157

138-العلم

الفصل 1: فضله و وجوبه 189

الفصل 2: معنى العلم و أقسامه و من ينبغي أن يؤخذ منه 207

الفصل 3: العمل بالعلم 213

الفصل 4: صفة العلم و العلماء 222

الفصل 5: ما يجب على العالم من إصلاح عيوبه 232

139-المعاد 239

140-ذمّ تتبّع عيوب الناس 259

حرف الغين

141-الغضب 267

142-الاستغفار 277

143-الغناء 285

144-الغيبة 291

ص:512

145-الغيرة 305

حرف الفاء

146-الفحش و السباب و البذاء 311

147-الفقر 319

148-التفكّر 345

149-تفويض الأمور إلى اللّه تعالى 357

حرف القاف

150-القبر و آداب زيارة أهل القبور 361

151-التقبيل 369

152-قتل النفس 373

153-ليلة القدر 379

154-القرآن 391

155-القرض و الدين 417

156-القلب 425

157-القمار 443

158-القناعة 449

ص:513

حرف الكاف

159-الكبر 457

160-الكتمان و الإذاعة 471

161-الكذب 483

162-كظم الغيظ و العفو 495

163-الكفاف 505

ص:514

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.