ینابیع الحکمه المجلد 3

اشارة

سرشناسه : اسماعیلی یزدی، عباس، 1332 -

عنوان و نام پديدآور : ینابیع الحکمه/ تالیف عباس الاسماعیلی الیزدی.

مشخصات نشر : قم: مسجد مقدس صاحب الزمان (جمکران)، 1378.

مشخصات ظاهری : 5 ج.

شابک : دوره: 964-6705-47-2 ؛ ج.1: 964-6705-42-1 ؛ ج.2: 964-6705-43-X ؛ ج. 3، چاپ چهارم: 964-6705-44-8 ؛ ج. 4: 964-6705-45-6 ؛ ج. 5: 964-6705-46-4

يادداشت : عربی.

يادداشت : چاپ قبلی: نشر مولود کعبه، 1417ق. = 1375.

يادداشت : ج. 1 - 5 (1427 ق.= 1385).

یادداشت : کتابنامه.

موضوع : قرآن -- فهرست مطالب

موضوع : احادیث شیعه -- فهرست مطالب

شناسه افزوده : مسجد جمکران (قم)

رده بندی کنگره : BP106/الف 5ی 9 1378

رده بندی دیویی : 297/22

شماره کتابشناسی ملی : م 78-25667

ص: 1

اشارة

بسم اللّه الرّحمن الرّحيم

ص :2

عن أبي عبد الله علیه السلام أنه قال:

« إنا أنزلناه في ليلة القدر» الليلة ؛ فاطمة ، و القدر ؛ الله ، فمن عرف فاطمة حق معرفتها، فقد أدرك ليلة القدر و إنما سميت فاطمة لأن الخلق فطموا عن معرفتها.

تفسیر فرات الكوفي ص 581

البحار ج 43 ص 65 باب مناقبها ح 58

ص:3

بسم اللّه الرحمن الرحيم

الحمد للّه الواحد الأحد الفرد الصمد الحيّ القادر العليم الحكيم العليّ العظيم، المتعالي عن صفة المخلوقين، ذي الجلال و الإكرام، و الصلاة و السّلام على أفضل سفرائه و خاتم أنبيائه و أشرف بريّته محمّد صلّى اللّه عليه و آله و عترته الطاهرين و لا سيّما مولانا المهديّ، الكهف الحصين، و غياث المضطرّ المستكين، و الإمام المبين، أبي القاسم حجّة بن الحسن العسكريّ عجّل اللّه تعالى فرجه و اللعن الدائم على أعدائهم أجمعين إلى يوم الدين.

اللهمّ صلّ و سلّم على السيّدة الجليلة، المعصومة المظلومة، الرضيّة الحليمة، ذات الأحزان الطويلة في المدّة القليلة، المجهولة قدرا و المخفيّة قبرا، المدفونة سرّا و المغصوبة جهرا، سيّدة النساء، الإنسيّة الحوراء، أمّ الأئمّة النقباء النجباء، بنت خير الأنبياء الطاهرة المطهّرة، فاطمة الزهراء عليها الصلاة و السّلام.

ص:1

ص :2

حرف الزاى

77- الزكوة

الآيات

1- وَ أَقِيمُوا اَلصَّلاةَ وَ آتُوا اَلزَّكاةَ وَ اِرْكَعُوا مَعَ اَلرّاكِعِينَ. (1)

2- وَ أَقِيمُوا اَلصَّلاةَ وَ آتُوا اَلزَّكاةَ وَ ما تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اَللّهِ إِنَّ اَللّهَ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ. (2)

3- . . . وَ لكِنَّ اَلْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ . . . وَ أَقامَ اَلصَّلاةَ وَ آتَى اَلزَّكاةَ. . . (3)

4- إِنَّ اَلَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا اَلصّالِحاتِ وَ أَقامُوا اَلصَّلاةَ وَ آتَوُا اَلزَّكاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ. (4)

5- . . . وَ رَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُها لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَ يُؤْتُونَ اَلزَّكاةَ وَ اَلَّذِينَ هُمْ بِآياتِنا يُؤْمِنُونَ. (5)

6- إِنَّمَا اَلصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَ اَلْمَساكِينِ وَ اَلْعامِلِينَ عَلَيْها وَ اَلْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ

ص:3


1- -البقرة:43
2- البقرة:110
3- البقرة:177
4- البقرة:277
5- الأعراف:156

وَ فِي اَلرِّقابِ وَ اَلْغارِمِينَ وَ فِي سَبِيلِ اَللّهِ وَ اِبْنِ اَلسَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اَللّهِ وَ اَللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ. (1)

7- وَ اَلْمُؤْمِنُونَ وَ اَلْمُؤْمِناتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَ يَنْهَوْنَ عَنِ اَلْمُنْكَرِ وَ يُقِيمُونَ اَلصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ اَلزَّكاةَ وَ يُطِيعُونَ اَللّهَ وَ رَسُولَهُ أُولئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اَللّهُ إِنَّ اَللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ. (2)

8- قالَ إِنِّي عَبْدُ اَللّهِ . . . وَ أَوْصانِي بِالصَّلاةِ وَ اَلزَّكاةِ ما دُمْتُ حَيًّا. (3)

9- وَ جَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا وَ أَوْحَيْنا إِلَيْهِمْ فِعْلَ اَلْخَيْراتِ وَ إِقامَ اَلصَّلاةِ وَ إِيتاءَ اَلزَّكاةِ وَ كانُوا لَنا عابِدِينَ. (4)

10- رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَ لا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اَللّهِ وَ إِقامِ اَلصَّلاةِ وَ إِيتاءِ اَلزَّكاةِ. . . (5)

11- . . . وَ ما آتَيْتُمْ مِنْ زَكاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اَللّهِ فَأُولئِكَ هُمُ اَلْمُضْعِفُونَ. (6)

12- هُدىً وَ رَحْمَةً لِلْمُحْسِنِينَ- اَلَّذِينَ يُقِيمُونَ اَلصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ اَلزَّكاةَ وَ هُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ. (7)

13- . . . وَ وَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ- اَلَّذِينَ لا يُؤْتُونَ اَلزَّكاةَ وَ هُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كافِرُونَ. (8)

ص:4


1- -التوبة:60
2- التوبة:71
3- مريم:31
4- الأنبياء:73
5- النور:37
6- الروم:39
7- لقمان:3 و 4
8- فصلت:6 و 7

14- وَ ما أُمِرُوا إِلاّ لِيَعْبُدُوا اَللّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ اَلدِّينَ حُنَفاءَ وَ يُقِيمُوا اَلصَّلاةَ وَ يُؤْتُوا اَلزَّكاةَ وَ ذلِكَ دِينُ اَلْقَيِّمَةِ. (1)

الأخبار

1-عن أبي الحسن موسى بن جعفر عليه السّلام قال: إنّما وضعت الزكاة قوتا للفقراء و توفيرا لأموالهم. (2)

بيان:

وفّر الشي: كثّره و جعله وفرا. في المرآة ج 16 ص 5: قال في المدارك: «الزكاة» : لغة الطهارة و الزيادة و النموّ، و في الشرع اسم لحقّ يجب في المال يعتبر في وجوبه النصاب.

و في مجمع البحرين: قد تكرّر ذكر الزكاة في الكتاب و السنّة، و هي إمّا مصدر «زكى» إذا نمى، لأنّها تستجلب البركة في المال و تنميه و تفيد النفس فضيلة الكرم، و إمّا مصدر «زكا» إذا طهر، لأنّها تطهّر المال من الخبث، و النفس البخيلة من البخل، و في الشرع، صدقة مقدّرة بأصل الشرع ابتداء تثبت في المال أو في الذمّة للطهارة لهما، فزكاة المال طهر للمال و زكاة الفطرة، طهر للأبدان.

2-قال الصادق عليه السّلام: إنّما وضعت الزكاة اختبارا للأغنياء و معونة للفقراء، و لو أنّ الناس أدّوا زكاة أموالهم ما بقي مسلم فقيرا محتاجا و لاستغنى بما فرض اللّه له، و إنّ الناس ما افتقروا و لا احتاجوا و لا جاعوا و لا عروا إلاّ بذنوب الأغنياء، و حقيق على اللّه تبارك و تعالى أن يمنع رحمته ممّن منع حقّ اللّه في ماله، و أقسم بالذي خلق الخلق و بسط الرزق أنّه ما ضاع مال في برّ و لا بحر إلاّ بترك

ص:5


1- -البيّنة:5
2- الوسائل ج 9 ص 10 ب 1 من ما تجب فيه الزكاة ح 4

الزكاة، و ما صيد صيد في برّ و لا بحر إلاّ بتركه التسبيح في ذلك اليوم، و إنّ أحبّ الناس إلى اللّه تعالى أسخاهم كفّا، و أسخى الناس من أدّى زكاة ماله، و لم يبخل على المؤمنين بما افترض اللّه لهم في ماله. (1)

3-عن محمّد بن سنان عن الرضا عليه السّلام أنّه كتب إليه-فيما كتب من جواب مسائله-: إنّ علّة الزكاة من أجل قوت الفقراء، و تحصين أموال الأغنياء، لأنّ اللّه عزّ و جلّ كلّف أهل الصحّة القيام بشأن أهل الزمانة و البلوى، كما قال اللّه تبارك و تعالى: لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوالِكُمْ وَ أَنْفُسِكُمْ في أموالكم: إخراج الزكاة، و في أنفسكم: توطين الأنفس على الصبر، مع ما في ذلك من أداء شكر نعم اللّه عزّ و جلّ، و الطمع في الزيادة.

مع ما فيه من الزيارة (الزيادة م) و الرأفة و الرحمة لأهل الضعف، و العطف على أهل المسكنة، و الحثّ لهم على المواساة، و تقوية الفقراء و المعونة (لهم) على أمر الدين، و هو عظة لأهل الغنى و عبرة لهم ليستدلّوا على فقر الآخرة بهم، و ما لهم من الحثّ في ذلك على الشكر للّه تبارك و تعالى لما خوّلهم و أعطاهم، و الدعاء و التضرّع و الخوف من أن يصيروا مثلهم. في أمور كثيرة في أداء الزكاة و الصدقات و صلة الأرحام و اصطناع المعروف. (2)

4-عن جعفر عن أبيه عليهما السّلام (في حديث) قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: داووا مرضاكم بالصدقة، و حصّنوا أموالكم بالزكوة. (3)

5-قال أبو جعفر عليه السّلام: إنّ اللّه تبارك و تعالى قرن الزكاة بالصلاة فقال:

وَ أَقِيمُوا اَلصَّلاةَ وَ آتُوا اَلزَّكاةَ فمن أقام الصلوة و لم يؤت الزكاة فكأنّه لم يقم

ص:6


1- -الوسائل ج 9 ص 12 ح 6
2- الوسائل ج 9 ص 12 ح 7
3- الوسائل ج 9 ص 14 ح 14

الصلوة. (1)

6-عن محمّد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام أنّه قال: ما من عبد منع من زكاة ماله شيئا إلاّ جعل اللّه ذلك يوم القيامة ثعبانا من نار مطوّقا في عنقه ينهش من لحمه حتّى يفرغ من الحساب، و هو قول اللّه عزّ و جلّ: سَيُطَوَّقُونَ ما بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ اَلْقِيامَةِ 2 يعني: ما بخلوا به من الزكاة. (2)

7-عن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه السّلام قال: وجدنا في كتاب عليّ عليه السّلام: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إذا منعت الزكاة منعت الأرض بركاتها. (3)

أقول:

و زاد في البحار: بركاتها من الزرع و الثمار و المعادن كلّها.

8-عن رفاعة بن موسى أنّه سمع أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: ما فرض اللّه على هذه الامّة شيئا أشدّ عليهم من الزكاة، و فيها تهلك عامّتهم. (4)

9-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ما ضاع مال في برّ و لا بحر إلاّ بتضييع الزكاة، فحصّنوا أموالكم بالزكوة، و داووا مرضاكم بالصدقة، و ادفعوا أبواب البلايا بالاستغفار، و الصاعقة لا تصيب ذاكرا، و ليس يصاد من الطير إلاّ ما ضيّع تسبيحه. (5)

10-قال أبو الحسن الرضا عليه السّلام: إذا كذبت الولاة حبس المطر، و إذا جار

ص:7


1- -الوسائل ج 9 ص 22 ب 3 ح 2
2- الوسائل ج 9 ص 22 ح 3
3- الوسائل ج 9 ص 26 ح 12
4- الوسائل ج 9 ص 28 ح 18
5- الوسائل ج 9 ص 28 ح 21

السلطان هانت الدولة، و إذا حبست الزكاة ماتت المواشي. (1)

11-عن الصادق عن آبائه عليهم السّلام في وصيّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لعليّ عليه السّلام قال: يا عليّ، كفر باللّه العظيم من هذه الامّة عشرة: -و عدّ منهم-مانع الزكاة.

ثمّ قال: يا عليّ، ثمانية لا يقبل اللّه منهم الصلاة: -و عدّ منهم-مانع الزكاة.

ثمّ قال: يا عليّ، من منع قيراطا من زكاة ماله فليس بمؤمن و لا بمسلم و لا كرامة. يا عليّ، تارك الزكاة يسأل اللّه الرجعة إلى الدنيا، و ذلك قوله عزّ و جلّ:

حَتّى إِذا جاءَ أَحَدَهُمُ اَلْمَوْتُ قالَ رَبِّ اِرْجِعُونِ. . . (2).

12-عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من منع قيراطا من الزكاة فليمت إن شاء يهوديّا أو نصرانيّا. (3)

أقول:

قال العلاّمة رحمه اللّه في التذكره (ج 5 ص 7) : أجمع المسلمون كافّة على وجوبها في جميع الأعصار، و هي أحد أركان الإسلام الخمسة. إذا عرفت هذا، فمن أنكر وجوبها ممّن ولد على الفطرة و نشأ بين المسلمين، فهو مرتدّ يقتل من غير أن يستتاب، و إن لم يكن عن فطرة بل أسلم عقيب كفر، استتيب-مع علمه بوجوبها-ثلاثا فإن تاب و إلاّ فهو مرتدّ وجب قتله، و إن كان ممّن يخفى وجوبها عليه؛ لأنّه نشأ بالبادية، أو كان قريب العهد بالإسلام عرّف وجوبها و لم يحكم بكفره.

(المرآة ج 16 ص 14)

13-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: ثمّ إنّ الزكاة جعلت مع الصلاة قربانا لأهل الإسلام، فمن أعطاها طيّب النفس بها، فإنّها تجعل له كفّارة، و من النار حجازا و وقاية، فلا يتبعنّها أحد نفسه، و لا يكثرنّ عليها لهفه، فإنّ من أعطاها غير طيّب

ص:8


1- -الوسائل ج 9 ص 31 ح 29
2- الوسائل ج 9 ص 34 ب 4 ح 7
3- الوسائل ج 9 ص 33 ح 5

النفس بها يرجو بها ما هو أفضل منها فهو جاهل بالسنّة، مغبون الأجر، ضالّ العمل، طويل الندم. (1)

بيان:

لهف لهفا على ما فات: حزن و تحسّر.

14-و قال عليه السّلام: و العفو زكاة الظفر. (2)

15-في حكم الصادق عليه السّلام: المعروف زكاة النعم، و الشفاعة زكاة الجاه، و العلل زكاة الأبدان، و العفو زكاة الظفر، و ما أدّيت زكاته فهو مأمون السلب. (3)

16-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: إنّ اللّه فرض عليكم زكاة جاهكم، كما فرض عليكم زكاة ما ملكت أيمانكم. (4)

17-عن أمير المؤمنين عليه السّلام في وصيّته عند وفاته: و عليك بالصوم فإنّه زكاة البدن و جنّة لأهله. (5)

18-في وصيّة الباقر عليه السّلام لجابر الجعفي: الزكاة تزيد في الرزق. (6)

19-عن الصادق عن آبائه عن أمير المؤمنين عليهم السّلام قال: عليكم بالزكوة فإنّي سمعت نبيّكم صلّى اللّه عليه و آله يقول: الزكاة قنطرة الإسلام، فمن أدّاها جاز القنطرة، و من منعها احتبس دونها، و هي تطفئ غضب الربّ. (7)

ص:9


1- -نهج البلاغة ص 644 في خ 190-صبحي ص 317 في خ 199
2- نهج البلاغة ص 1181 في ح 202
3- تحف العقول ص 282
4- البحار ج 74 ص 223 باب حقوق الإخوان ح 7
5- البحار ج 78 ص 99
6- البحار ج 96 ص 14 باب وجوب الزكاة ح 27
7- البحار ج 96 ص 15 ح 31

20-عن المفضّل بن عمر قال: كنت عند أبي عبد اللّه عليه السّلام فسأله رجل في كم تجب الزكاة من المال؟ فقال له: الزكاة الظاهرة أم الباطنة تريد؟ قال:

أريدهما جميعا، فقال: أمّا الظاهرة ففي كلّ ألف خمسة و عشرون درهما، و أمّا الباطنة فلا تستأثر على أخيك بما هو أحوج إليه منك. (1)

21-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: العلل زكاة البدن، و المعروف زكاة النعم. (2)

22-قال الصادق عليه السّلام: على كلّ جزء من أجزائك زكاة واجبة للّه تعالى، بل على كلّ منبت شعر من شعرك، بل على كلّ لحظة من لحظاتك زكاة؛

فزكاة العين النظرة بالعبرة و الغضّ عن الشهوات و ما يضاهيها.

و زكاة الاذن استماع العلم و الحكمة و القرآن و فوائد الدين من الموعظة و النصيحة و ما فيه نجاتك، و بالإعراض عمّا هو ضدّه من الكذب و الغيبة و أشباههما.

و زكاة اللسان النصح للمسلمين و التيقّظ للغافلين و كثرة التسبيح و الذكر و غيرها.

و زكاة اليد البذل و العطاء و السخاء بما أنعم اللّه عليك به، و تحريكها بكتابة العلم و منافع ينتفع بها المسلمون في طاعة اللّه تعالى و القبض عن الشرور.

و زكاة الرجل السعي في حقوق اللّه تعالى من زيارة الصالحين و مجالس الذكر و إصلاح الناس و صلة الأرحام و الجهاد و ما فيه صلاح قلبك و سلامة دينك.

هذا ممّا تتحمّل القلوب فهمه و النفوس استعماله و ما لا يشرف عليه إلاّ عباده المخلصون المقرّبون أكثر من أن تحصى و هم أربابه و هو شعارهم دون غيرهم. (3)

ص:10


1- -البحار ج 96 ص 39 باب زكاة النقدين ح 10
2- البحار ج 96 ص 136 باب فضل الصدقة ح 69
3- مصباح الشريعة ص 17 ب 22

أقول:

الأخبار في الباب كثيرة ذكرنا بعضها في أهميّة الزكاة.

و سيأتي ما يناسب المقام: في أبواب الصدقة، المرض، و. . .

23-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

زكاة العلم نشره. (الغرر ج 1 ص 424 ف 37 ح 1)

زكاة الجاه بذله-زكاة المال الإفضال. (ص 425 ح 2 و 3)

زكاة القدرة الإنصاف-زكاة الجمال العفاف. (ح 4 و 5)

زكاة الظفر الإحسان-زكاة البدن الجهاد و الصيام. (ح 6 و 8)

زكاة اليسار برّ الجيران و صلة الأرحام. (ح 9)

زكاة الصحّة السعي في طاعة اللّه. (ح 10)

زكاة الشجاعة الجهاد في سبيل اللّه. (ح 11)

زكاة السلطان إغاثة الملهوف-زكاة النعم اصطناع المعروف. (ح 12 و 13)

زكاة العلم بذله لمستحقّه و إجهاد النفس بالعمل به. (ح 14)

لكلّ شيء زكاة، و زكاة العقل احتمال الجهّال.

(ج 2 ص 578 ف 70 ح 37)

ص:11

7B22426F6F6B506167654944223A32303534393736322C22426F6F6B4944223A31363732302C2253656374696F6E4E756D223A312C22506167654E756D223A31322C2253686F77506167654E756D223A223132222C22436F6E74656E7454797065223A322C22486173496D616765223A747275652C2248617354657874223A66616C73652C22496E7465726E616C4964223A6E756C6C2C22496D616765436F6E74656E7455726C223A222F424F4F4B494D41474553312F424B31353931342F424B3135393134473030332F424B31353931344730303353312F424B31353931344730303353315031322E676966222C22536F6C72426F6F6B506167654964223A307D

ص:

78- الزنا

الآيات

1- وَ لا تَقْرَبُوا اَلزِّنى إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً وَ ساءَ سَبِيلاً. (1)

2- اَلزّانِيَةُ وَ اَلزّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ وَ لا تَأْخُذْكُمْ بِهِما رَأْفَةٌ فِي دِينِ اَللّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَ اَلْيَوْمِ اَلْآخِرِ وَ لْيَشْهَدْ عَذابَهُما طائِفَةٌ مِنَ اَلْمُؤْمِنِينَ - اَلزّانِي لا يَنْكِحُ إِلاّ زانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَ اَلزّانِيَةُ لا يَنْكِحُها إِلاّ زانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَ حُرِّمَ ذلِكَ عَلَى اَلْمُؤْمِنِينَ. (2)

3- وَ اَلَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اَللّهِ إِلهاً آخَرَ وَ لا يَقْتُلُونَ اَلنَّفْسَ اَلَّتِي حَرَّمَ اَللّهُ إِلاّ بِالْحَقِّ وَ لا يَزْنُونَ وَ مَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ يَلْقَ أَثاماً- يُضاعَفْ لَهُ اَلْعَذابُ يَوْمَ اَلْقِيامَةِ وَ يَخْلُدْ فِيهِ مُهاناً. (3)

4- يا أَيُّهَا اَلنَّبِيُّ إِذا جاءَكَ اَلْمُؤْمِناتُ يُبايِعْنَكَ عَلى أَنْ لا يُشْرِكْنَ بِاللّهِ شَيْئاً وَ لا يَسْرِقْنَ وَ لا يَزْنِينَ . . . فَبايِعْهُنَّ وَ اِسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اَللّهَ إِنَّ اَللّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ. (4)

ص:13


1- -الإسراء:32
2- النور 2 و 3
3- الفرقان:68 و 69
4- الممتحنة:12

الأخبار

1-عن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه السّلام قال: وجدنا في كتاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

إذا ظهر الزنا من بعدي كثر الموت الفجأة. . (1)

2-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إذا فشا أربعة ظهرت أربعة: إذا فشا الزنى ظهرت الزلزلة. . . (2)

3-عن محمّد بن عبده قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: لا يزني الزاني و هو مؤمن؟ قال: لا، إذا كان على بطنها سلب الإيمان منه فإذا قام ردّ إليه فإذا عاد سلب، قلت: فإنّه يريد أن يعود؟ فقال: ما أكثر من يريد أن يعود فلا يعود إليه أبدا. (3)

أقول:

قد مرّ ما يناسب المقام في باب الذنب، و مرّ أنّ الزنا من الكبائر.

4-عن أبي عبد اللّه عن أبيه عليهما السّلام قال: للزاني ستّ خصال: ثلاث في الدنيا و ثلاث في الآخرة: أمّا التي في الدنيا فيذهب بنور الوجه و يورث الفقر، و يعجّل الفناء، و أمّا التي في الآخرة فسخط الربّ، و سوء الحساب و الخلود في النار. (4)

5-عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: في الزنا خمس خصال: يذهب بماء الوجه، و يورث الفقر، و ينقص العمر، و يسخط الرحمن، و يخلد في النار، نعوذ باللّه من النار. (5)

ص:14


1- -الكافي ج 2 ص 277 باب عقوبات المعاصي العاجلة ح 2
2- الكافي ج 2 ص 325 باب تفسير الذنوب ح 3
3- الكافي ج 2 ص 212 باب الكبائر ح 6
4- عقاب الأعمال ص 311 باب عقاب الزانى ح 1(الخصال ج 1 ص 321 باب الستّة ح 4)
5- الوسائل ج 20 ص 309 ب 1 من النكاح المحرّم ح 6

6-قال أبو إبراهيم عليه السّلام: اتّق الزنا فإنّه يمحق الرزق و يبطل الدين. (1)

7-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: الزنا يورث الفقر و يدع الديار بلاقع. (2)

بيان:

«البلقع و البلقعة» جمع بلاقع: الأرض القفر، أي يدع الديار بلا أهل إمّا بموتهم أو بانقراضهم.

8-و قال صلّى اللّه عليه و آله: ما عجّت الأرض إلى ربّها عزّ و جلّ كعجيجها من ثلاث:

من دم حرام يسفك عليها، أو اغتسال من زنا، أو النوم عليها قبل طلوع الشمس. (3)

بيان:

عجج عجيجا: أي صاح و رفع صوته.

9-عن محمّد بن سنان عن الرضا عليه السّلام فيما كتب إليه من جواب مسائله:

و حرّم اللّه الزنا لما فيه من الفساد من قتل النفس، و ذهاب الأنساب، و ترك التربية للأطفال، و فساد المواريث، و ما أشبه ذلك من وجوه الفساد. (4)

10-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: إنّ اللّه أوحى إلى موسى عليه السّلام: لا تزنوا فتزني نساؤكم، و من وطأ فراش امرء مسلم وطئ فراشه، كما تدين تدان. (5)

أقول:

في البحار ج 71 ص 270، عنه عليه السّلام: عفّوا عن نساء الناس تعفّ نساؤكم.

11-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ أشدّ الناس عذابا يوم القيامة رجل أقرّ

ص:15


1- -الوسائل ج 20 ص 309 ح 7
2- الوسائل ج 20 ص 310 ح 11
3- الوسائل ج 20 ص 310 ح 12
4- الوسائل ج 20 ص 311 ح 15
5- الوسائل ج 20 ص 313 ح 20

نطفته في رحم يحرم عليه. (1)

12-عن الصادق عن آبائه عليهم السّلام عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله (في حديث المناهي) قال:

ألا و من زنا بامرأة مسلمة أو يهوديّة أو نصرانيّة أو مجوسيّة حرّة أو أمة ثمّ لم يتب منه و مات مصرّا عليه، فتح اللّه تعالى له في قبره ثلاثمائة باب يخرج منها حيّات و عقارب و ثعبان من النار، فهو يحترق إلى يوم القيامة، فإذا بعث من قبره تأذّى الناس من نتن ريحه فيعرف بذلك و بما كان يعمل في دار الدنيا حتّى يؤمر به إلى النار.

ألا و إنّ اللّه حرّم الحرام و حدّ الحدود فما أحد أغير من اللّه، و من غيرته حرّم الفواحش. (2)

13-عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السّلام قالا: ما من أحد إلاّ و هو يصيب حظّا من الزنا، فزنا العينين النظر، و زنا الفم القبلة، و زنا اليدين اللمس، صدّق الفرج ذلك أم كذّب. (3)

أقول:

نظيره في جامع الأخبار ص 145 ف 107 عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، و زاد فيه: و الرجلان زناهما المشي.

14-قال الزنديق (في خبر طويل) : فلم حرّم الزنا؟ قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:

لما فيه من الفساد، و ذهاب المواريث و انقطاع الأنساب، لا تعلم المرأة في الزنا من أحبلها، و لا المولود يعلم من أبوه، و لا أرحام موصولة، و لا قرابة معروفة. (4)

ص:16


1- -الوسائل ج 20 ص 317 ب 4 ح 1
2- الوسائل ج 20 ص 321 ب 9 ح 1
3- الوسائل ج 20 ص 326 ب 14 ح 2
4- الاحتجاج ج 2 ص 93

15-عن جعفر بن محمّد عن آبائه عن عليّ عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: لا يجتمع الزنا و الخير في بيت. (1)

16-في الغرر عن أمير المؤمنين عليه السّلام أنّه قال: أبغض الخلائق إلى اللّه تعالى الشيخ الزاني.

و قال عليه السّلام: ما زنى غيور قطّ.

و قال عليه السّلام: ما كذب عاقل، و لا زنى مؤمن. (2)

17-عن أبي جعفر عليه السّلام في قوله تعالى: وَ لا تَقْرَبُوا اَلزِّنى إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً يقول: معصية و مقتا، فإنّ اللّه يمقته و يبغضه، قال: وَ ساءَ سَبِيلاً هو أشدّ الناس عذابا، و الزنا من أكبر الكبائر. (3)

18-. . . في وصيّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لعليّ عليه السّلام قال: يا عليّ، كفر باللّه العظيم من هذه الامّة عشرة: و ذكر منها ناكح المرأة حراما في دبرها، و من نكح ذات محرم منه. (4)

19-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: كذب من زعم أنّه ولد من حلال و هو يحبّ الزنا. . . (5)

20-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: لن يعمل ابن آدم عملا أعظم عند اللّه تبارك و تعالى من رجل قتل نبيّا أو إماما أو هدم الكعبة التي جعلها اللّه عزّ و جلّ قبلة لعباده، أو أفرغ ماءه في امرأة حراما. (6)

ص:17


1- -المستدرك ج 14 ص 327 ب 1 من النكاح المحرّم ح 1
2- المستدرك ج 14 ص 331 ح 16
3- البحار ج 79 ص 19 باب الزنا ح 5
4- البحار ج 79 ص 23 ح 17
5- البحار ج 79 ص 29 ح 39
6- البحار ج 79 ص 20 ح 9

21-قال الصادق عليه السّلام: من شغف بمحبّة الحرام و شهوة الزنا فهو شرك شيطان، ثمّ قال: إنّ لولد الزنا علامات: أحدها بغضنا أهل البيت، و ثانيها أنّه يحنّ إلى الحرام الذي خلق منه. . . (1)

أقول:

«أحدها بغضنا أهل البيت» بهذا المعنى أخبار كثيرة، مرّ بعضها في باب الحبّ ف 2.

ص:18


1- -البحار ج 79 ص 21 ح 12

79- الزواج

اشارة

فيه فصول:

الفصل الأوّل: فضله

الآيات

1- . . . هُنَّ لِباسٌ لَكُمْ وَ أَنْتُمْ لِباسٌ لَهُنَّ. . . (1)

2- وَ لا تَنْكِحُوا اَلْمُشْرِكاتِ حَتّى يُؤْمِنَّ وَ لَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَ لَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَ لا تُنْكِحُوا اَلْمُشْرِكِينَ حَتّى يُؤْمِنُوا وَ لَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَ لَوْ أَعْجَبَكُمْ. . . - نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنّى شِئْتُمْ وَ قَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ وَ اِتَّقُوا اَللّهَ وَ اِعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلاقُوهُ وَ بَشِّرِ اَلْمُؤْمِنِينَ. (2)

3- . . . أَنَّ اَللّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيى مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِنَ اَللّهِ وَ سَيِّداً وَ حَصُوراً وَ نَبِيًّا

ص:19


1- -البقرة:187
2- البقرة:221 و 223

مِنَ اَلصّالِحِينَ. (1)

4- وَ إِنْ خِفْتُمْ أَلاّ تُقْسِطُوا فِي اَلْيَتامى فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ اَلنِّساءِ مَثْنى وَ ثُلاثَ وَ رُباعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاّ تَعْدِلُوا فَواحِدَةً أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ ذلِكَ أَدْنى أَلاّ تَعُولُوا. (2)

5- وَ اَللّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً. . . (3)

6- وَ أَنْكِحُوا اَلْأَيامى مِنْكُمْ وَ اَلصّالِحِينَ مِنْ عِبادِكُمْ وَ إِمائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَراءَ يُغْنِهِمُ اَللّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَ اَللّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ- وَ لْيَسْتَعْفِفِ اَلَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكاحاً حَتّى يُغْنِيَهُمُ اَللّهُ مِنْ فَضْلِهِ. . . (4)

7- وَ مِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْها وَ جَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَ رَحْمَةً إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ. (5)

الأخبار

1-عن محمّد بن مسلم أنّ أبا عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال:

تزوّجوا فإنّي مكاثر بكم الامم غدا في القيامة حتّى أنّ السقط يجيء محبنطئا على باب الجنّة فيقال له: ادخل الجنّة، فيقول: لا، حتّى يدخل أبواي الجنّة قبلي. (6)

بيان:

«مكاثر بكم» : كاثره أي غالبه في الكثرة و فاخره بكثرة العدد.

ص:20


1- -آل عمران:39
2- النساء:3
3- النحل:72 و بمعناها في الشورى:11
4- النور:32 و 33
5- الروم:21
6- الوسائل ج 20 ص 14 ب 1 من مقدّمات النكاح ح 2

في النهاية ج 1 ص 331، «المحبنطئ» بالهمز و تركه: المتغضّب المستبطىء للشيء، و قيل: هو الممتنع امتناع طلبة، لا امتناع إباء، يقال: احبنطأت، و احبنطيت.

2-عن جابر عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ما يمنع المؤمن أن يتّخذ أهلا؟ ! لعلّ اللّه يرزقه نسمة تثقل الأرض بلا إله إلاّ اللّه. (1)

بيان:

«النسمة» : أي الإنسان، و تطلق على المملوك ذكرا كان أو انثى.

3-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من تزوّج أحرز نصف دينه. (2)

قال الكليني رحمه اللّه: و في حديث آخر: فليتّق اللّه في النصف الآخر أو الباقي.

4-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ركعتان يصلّيهما المتزوّج أفضل من سبعين ركعة يصلّيها أعزب.

و رواه الصدوق رحمه اللّه و زاد: و قال: قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: ركعتان يصلّيهما متزوّج أفضل من رجل عزب يقوم ليله و يصوم نهاره. (3)

5-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أكثر أهل النار العزّاب. (4)

6-عن جعفر بن محمّد عن أبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من ترك التزويج مخافة العيلة فقد ساء ظنّه باللّه عزّ و جلّ، إنّ اللّه عزّ و جلّ يقول:

إِنْ يَكُونُوا فُقَراءَ يُغْنِهِمُ اَللّهُ مِنْ فَضْلِهِ . (5)

ص:21


1- -الوسائل ج 20 ص 14 ح 3
2- الوسائل ج 20 ص 16 ح 11
3- الوسائل ج 20 ص 18 ب 2 ح 1
4- الوسائل ج 20 ص 20 ح 7
5- الوسائل ج 20 ص 42 ب 10 ح 2

بيان:

«العيلة» : الفقر و الفاقة.

7-عن عليّ بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر عليهما السّلام قال: ثلاثة يستظلّون بظلّ عرش اللّه يوم القيامة يوم لا ظلّ إلاّ ظلّه، رجل زوّج أخاه المسلم، أو أخدمه، أو كتم له سرّا. (1)

8-عن الصادق عليه السّلام أنّه كتب إلى النجاشيّ: حدّثني أبي عن آبائه عن عليّ عليهم السّلام عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: و من زوّج أخاه المؤمن امرأة يأنس بها و تشدّ عضده و يستريح إليها، زوّجه اللّه من الحور العين، و آنسه بمن أحبّ من الصدّيقين من أهل بيت نبيّه صلّى اللّه عليه و آله و إخوانه، و آنسهم به. . . (2)

9-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: تناكحوا تناسلوا تكثروا فإنّي اباهي بكم الامم يوم القيامة و لو بالسقط. (3)

10-و قال صلّى اللّه عليه و آله: يفتح أبواب السماء بالرحمة في أربع مواضع: عند نزول المطر، و عند نظر الولد في وجه الوالدين، و عند فتح باب الكعبة و عند النكاح. (4)

11-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ليأتينّ على الناس زمان لا يسلم لذي دين دينه إلاّ من يفرّ من شاهق إلى شاهق و من جحر إلى جحر كالثعلب بأشباله، قالوا: و متى ذلك الزمان؟ قال صلّى اللّه عليه و آله: إذا لم ينل المعيشة إلاّ بمعاصي اللّه، فعند ذلك حلّت العزوبة.

قالوا: يا رسول اللّه، أمرتنا بالتزويج، قال: بلى و لكن إذا كان ذلك الزمان فهلاك الرجل على يدي أبويه، فإن لم يكن له أبوان فعلى يدي زوجته و ولده،

ص:22


1- -الوسائل ج 20 ص 45 ب 12 ح 3
2- المستدرك ج 14 ص 173 ب 11 من مقدّمات النكاح ح 2
3- جامع الأخبار ص 101 ف 58
4- جامع الأخبار ص 101

فإن لم يكن له زوجة و لا ولد فعلى يدي قرابته و جيرانه، قالوا: و كيف ذلك يا رسول اللّه؟ قال: يعيّرونه لضيق المعيشة و يكلّفونه ما لا يطيق حتّى يوردونه موارد الهلكة. (1)

بيان:

«الشاهق» : الجبل المرتفع. «الجحر» : ثقب الحيّة و نحوها. «الشبل» : جمع أشبال أي الولد. و إنّما مثّل بالثعلب لشدّة محبّته لولده في الحيوانات، و خوفه من الذئب فيفرّ من شاهق إلى شاهق، و من جحر إلى جحر لحفظ ولده، و وجه التشبيه شدّة اهتمام المؤمن بدينه.

12-قال الصادق عليه السّلام: قيل لعيسى بن مريم: مالك لا تتزوّج؟ قال ما أصنع بالتزويج؟ قالوا: يولد لك، قال: و ما أصنع بالأولاد، إن عاشوا فتنوا و إن ماتوا أحزنوا؟ (2)

13-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: يا معشر الشباب من استطاع منكم الباه فليتزوّج، و من لم يستطعها فليدمن الصوم فإنّه له و جاء. (3)

بيان:

«الباه» في النهاية ج 1 ص 160، فيه: «عليكم بالباءة» يعني النكاح و التزويج يقال: فيه الباءة و الباء، و قد يقصر، و هو من المباءة: المنزل. . .

في القاموس، الباه كالجاه: النكاح، و باهها: جامعها.

في مجمع البحرين، «الوجاء» : رضّ عروق البيضتين حتّى تنفضخ فيكون شبيها بالخصاء، و قيل: هو رضّ الخصيتين، شبّه الصوم به لأنّه يكسر الشهوة كالوجاء.

14-عن موسى بن جعفر عن آبائه عليهم السّلام قال: قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: ما من شابّ

ص:23


1- -سفينة البحار ج 2 ص 184( عزب)
2- البحار ج 103 ص 219 باب كراهة العزوبة ح 16
3- البحار ج 103 ص 220 ح 20

تزوّج في حداثة سنّه إلاّ عجّ شيطانه يا ويله يا ويله عصم منّي ثلثي دينه، فليتّق اللّه العبد في الثلث الباقي. (1)

15-و بهذا الإسناد قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: زوّجوا أياماكم فإنّ اللّه يحسن لهم في أخلاقهم و يوسّع لهم في أرزاقهم و يزيدهم في مروّاتهم. (2)

بيان:

في مجمع البحرين، «الأيّم» جمع أيامى: الذي لا زوج له من الرجال و النساء، سواء كان تزوّج من قبل أو لم يتزوّج.

16-قال الصادق عليه السّلام: جاء رجل إلى أبي، فقال له: هل لك زوجة؟ قال:

لا، قال: لا أحبّ أنّ لي الدنيا و ما فيها و أنّي أبيت ليلة ليس لي زوجة، قال: ثمّ قال: إنّ ركعتين يصلّيهما رجل متزوّج أفضل من رجل يقوم ليله و يصوم نهاره أعزب، ثمّ أعطاه أبي سبعة دنانير قال: تزوّج بهذه. و حدّثني بذلك سنة ثمان و تسعين و مائة.

ثمّ قال أبي: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: اتّخذوا الأهل فإنّه أرزق لكم. (3)

17-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: من نكح للّه و أنكح للّه استحقّ ولاية اللّه. (4)

18-عن عليّ عليه السّلام قال: إذا تزوّج الرجل فقد ركب البحر، فإن ولد له فقد كسر به. (5)

أقول:

ذكرنا أهمّ الأخبار.

ص:24


1- -البحار ج 103 ص 221 ح 34
2- البحار ج 103 ص 222 ح 38
3- البحار ج 103 ص 217 ح 1
4- المحجّة البيضاء ج 3 ص 54
5- شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 20 ص 301

الفصل الثانيّ: اختيار الزوج و الزوجة

الأخبار

1-قال جابر بن عبد اللّه: كنّا عند النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فقال: إنّ خير نسائكم الولود الودود العفيفة، العزيزة في أهلها، الذليلة مع بعلها، المتبرّجة مع زوجها، الحصان على غيره، التي تسمع قوله و تطيع أمره، و إذا خلا بها بذلت له ما يريد منها، و لم تبذّل كتبذّل الرجل. (1)

بيان:

«المتبرّجة» تبرّجت المرأة: أظهرت زينتها و محاسنها (آراستن) . «الحصان» : أي العفيفة. «لم تبذّل» التبذّل: ضدّ التصاون، و المعنى: عدم التشبّث بالرجل و ترك الحياء رأسا، و طلب الوطيء كما هو شأن الرجل، و يحتمل أن يكون من التبذّل بمعنى ترك التزيّن أي لا تترك الزينة. (راجع المرآة ج 20 ص 11)

2-عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: خير نسائكم التي إذا خلت مع زوجها خلعت له درع الحياء، و إذا لبست لبست معه درع الحياء. (2)

3-عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: خير نسائكم

ص:25


1- -الوسائل ج 20 ص 28 ب 6 من مقدّمات النكاح ح 2
2- الوسائل ج 20 ص 29 ح 3

الخمس، قيل: و ما الخمس؟ قال: الهيّنة الليّنة المؤاتية، التي إذا غضب زوجها لم تكتحل بغمض حتّى يرضى، و إذا غاب عنها زوجها حفظته في غيبته، فتلك عامل من عمّال اللّه، و عامل اللّه لا يخيب. (1)

بيان:

«الهيّنة» : أي اللينة و السهلة و الذلّة. «المؤاتية» في الوافي: أي المطيعة.

«لم تكتحل بغمض» : قال الفيروزآبادي: ما اكتحلت غمضا بالضمّ: ما نمت.

4-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: خير نسائكم العفيفة الغلمة. (2)

بيان:

في النهاية، «الغلمة» : هيجان شهوة النكاح من المرأة و الرجل و غيرهما.

5-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أفضل نساء أمّتي أصبحهنّ وجها و أقلّهنّ مهرا. (3)

بيان:

«أصبحهنّ وجها» صبح الوجه: أشرق و أنار، و في البحار ج 103 ص 237، بدلها؛

"أحسنهنّ وجها".

6-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّما المرأة قلادة فانظر ما تتقلّد، و ليس للمرأة خطر، لا لصالحتهنّ و لا لطالحتهنّ، فأمّا صالحتهنّ فليس خطرها الذهب و الفضّة، هي خير من الذهب و الفضّة، و أمّا طالحتهنّ فليس خطرها التراب، التراب خير منها. (4)

ص:26


1- -الوسائل ج 20 ص 29 ح 4
2- الوسائل ج 20 ص 30 ح 7
3- الوسائل ج 20 ص 31 ح 8
4- الوسائل ج 20 ص 33 ح 16

بيان:

«الخطر» : المثل و العدل.

7-عن جابر بن عبد اللّه قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أ لا أخبركم بشرار نساءكم؟ الذليلة في أهلها، العزيزة مع بعلها، العقيم الحقود التي لا تتورّع من قبيح، المتبرّجة إذا غاب عنها بعلها، الحصان معه إذا حضر، لا تسمع قوله و لا تطيع أمره، و إذا خلا بها بعلها تمنّعت منه كما تمنّع الصعبة عند ركوبها، و لا تقبل منه عذرا و لا تغفر له ذنبا. (1)

8-عن الأصبغ بن نباتة عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال: سمعته يقول: يظهر في آخر الزمان و اقتراب الساعة، و هو شرّ الأزمنة، نسوة كاشفات عاريات متبرّجات، من الدين خارجات، في الفتن داخلات، مائلات إلى الشهوات، مسرعات إلى اللذّات، مستحلاّت المحرّمات، في جهنّم خالدات.

و قال عليه السّلام: لو لا النساء لعبد اللّه حقّا حقّا. (2)

9-عن الصادق عن آبائه عليهم السّلام عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال للناس: إيّاكم و خضراء الدمن، قيل: يا رسول اللّه، و ما خضراء الدمن؟ قال: المرأة الحسناء في منبت السوء. (3)

بيان:

«خضراء الدمن» الدمنة: جمع دمن و هي ما تدمنه الأبل و الغنم بأبوالها و أبعارها في مرابضها، فربما نبت فيها النبات الحسن.

10-عن زيد بن ثابت قال: قال لي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: يا زيد، تزوّجت؟ قلت: لا، قال: تزوّج تستعفّ مع عفّتك، و لا تزوّجنّ خمسا، قال زيد: من هنّ؟

ص:27


1- -الوسائل ج 20 ص 33 ب 7 ح 1
2- الوسائل ج 20 ص 35 ح 5 و 6
3- الوسائل ج 20 ص 35 ح 7

قال: لا تزوّجنّ شهبرة و لا لهبرة و لا نهبرة و لا هيدرة و لا لفوتا، قال زيد:

ما عرفت ممّا قلت شيئا، قال: أ لستم عربا؟ ! أمّا الشهبرة فالزرقاء البذيّة، و أمّا اللهبرة فالطويلة المهزولة، و أمّا النهبرة فالقصيرة الدميمة، و أمّا الهيدرة فالعجوز المدبرة، و أمّا اللفوت فذات الولد من غيرك. (1)

بيان:

«الزرقاء» يقال: رجل أزرق العين و امرأة زرقاء العين، و الزرق لون كلون السماء، ثمّ إنّ الزرقة أبغض شيء من ألوان العيون عند العرب. «البذيّة» : المراد الفحّاشة.

«الدميمة» : دمّ دمامة: كان حقيرا و قبح منظره فهو دميم و دميمة. الدمّة: الرجل القصير الحقير.

11-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: خير نساءكم نساء قريش، ألطفهنّ بأزواجهنّ و أرحمهنّ بأولادهنّ، المجون لزوجها، الحصان على غيره، قلنا: و ما المجون؟ قال: التي لا تمنع. (2)

12-عن محمّد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام قال: أتى رجل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يستأمره في النكاح، فقال: نعم، انكح و عليك بذوات الدين تربت يداك، و قال:

إنّما مثل المرأة الصالحة مثل الغراب الأعصم الذي لا يكاد يقدر عليه، قال:

و ما الغراب الأعصم؟ قال: الأبيض إحدى رجليه. (3)

بيان:

«تربت يداك» : المراد هنا؛ المثل ليرى المأمور به بذلك الجدّ و أنّه إن خالفه فقد أساء. و في النهاية ج 1 ص 184: هذه الكلمة جارية على ألسنة العرب لا يريدون بها الدعاء على المخاطب، و لا وقوع الأمر به، كما يقولون: قاتله اللّه.

ص:28


1- -الوسائل ج 20 ص 35 ح 8
2- الوسائل ج 20 ص 37 ب 8 ح 3
3- الوسائل ج 20 ص 38 ب 9 ح 2

و قيل: معناها «للّه درّك» . و قيل: أراد به المثل ليرى المأمور بذلك الجدّ و أنّه إن خالفه فقد أساء. لاحظ مجمع البحرين (ترب) أيضا

13-قال أبو الحسن الرضا عليه السّلام: ما أفاد عبد فائدة خيرا من زوجة صالحة، إذا رآها سرّته و إذا غاب عنها حفظته في نفسها و ماله. (1)

أقول:

بهذا المعنى أخبار اخر.

14-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إذا تزوّج الرجل المرأة لجمالها أو لمالها و كل إلى ذلك، و إذا تزوّجها لدينها رزقه اللّه المال و الجمال. (2)

15-قال أبو جعفر عليه السّلام: حدّثني جابر بن عبد اللّه أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:

من تزوّج امرأة لمالها وكّله اللّه إليه، و من تزوّجها لجمالها رأى فيها ما يكره، و من تزوّجها لدينها جمع اللّه له ذلك. (3)

16-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: من نكح امرأة حلالا بمال حلال غير أنّه أراد به فخرا و رياء و سمعة لم يزده اللّه بذلك إلاّ ذلاّ و هوانا، و أقامه بقدر ما استمتع منها على شفير جهنّم، ثمّ يهوي به فيها سبعين خريفا. (4)

بيان:

«الخريف» : الزمان المعروف من فصول السنة، و مقداره بحسب الأخبار مختلف، في بعضها: سبعون سنة، و في بعضها: ألف عام، و العام: ألف سنة، إلى غير ذلك.

17-عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: جاء رجل إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فقال: يا نبيّ اللّه، إنّ لي ابنة عمّ قد رضيت جمالها و حسنها و دينها

ص:29


1- -الوسائل ج 20 ص 39 ح 6
2- الوسائل ج 20 ص 49 ب 14 ح 1
3- الوسائل ج 20 ص 51 ح 5
4- الوسائل ج 20 ص 52 ح 8

و لكنّها عاقر، فقال: لا تزوّجها، إنّ يوسف بن يعقوب لقى أخاه فقال: يا أخي، كيف استطعت أن تزوّج النساء بعدي؟ فقال: إنّ أبي أمرني و قال: إن استطعت أن تكون لك ذرّية تثقل الأرض بالتسبيح فافعل.

قال: و جاء رجل من الغد إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فقال له مثل ذلك، فقال له: تزوّج سوءاء ولودا، فإنّي مكاثر بكم الامم يوم القيامة.

قال: فقلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: ما السوءاء؟ قال: القبيحة. (1)

أقول:

الأخبار في كراهة تزويج العاقر و استحباب تزويج الولود كثيرة، في بعضها:

«تزوّجوا بكرا ولودا» .

18-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: تزوّجوا سمراء عيناء عجزاء مربوعة فإن كرهتها فعليّ مهرها. (2)

بيان:

«السمراء» : كانت لونها بين السواد و البياض (گندم گون) . «العيناء» : أي الحسنة العين و عظيم العين و سواد عينها في سعة. «العجزاء» أي العظيمة العجز و العجز من الرجل و المرأة: ما بين الوركين. «المربوعة» : الوسيط القامة.

19-عن عبد اللّه بن المغيرة عن أبي الحسن عليه السّلام قال: سمعته يقول: عليكم بذوات الأوراك فإنّهنّ أنجب. (3)

بيان:

«الورك» بالفتح و الكسر: ج أوراك، ما فوق الفخذ كالكتف فوق العضد.

20-في الفقيه، قال عليه السّلام: إذا أراد أحدكم أن يتزوّج فليسأل عن شعرها

ص:30


1- -الوسائل ج 20 ص 53 ب 15 ح 1
2- الوسائل ج 20 ص 56 ب 18 ح 1
3- الوسائل ج 20 ص 57 ح 2

كما يسأل عن وجهها، فإنّ الشعر أحد الجمالين. (1)

21-عن الرضا عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: اطلبوا الخير عند حسان الوجوه، فإنّ فعالهم أحرى أن يكون حسنا. (2)

22-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من سعادة الرجل أن لا تحيض ابنته في بيته. (3)

23-كتب عليّ بن أسباط إلى أبي جعفر عليه السّلام في أمر بناته و أنّه لا يجد أحدا مثله، فكتب إليه أبو جعفر عليه السّلام: فهمت ما ذكرت من أمر بناتك و أنّك لا تجد أحدا مثلك، فلا تنظر في ذلك رحمك اللّه، فإنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال: إذا جاءكم من ترضون خلقه و دينه فزوّجوه إِلاّ تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي اَلْأَرْضِ وَ فَسادٌ كَبِيرٌ. 4 . (4)

أقول:

بهذا المعنى أخبار اخر.

24-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: الكفو أن يكون عفيفا و عنده يسار. (5)

بيان:

«اليسار» : أي الغنى، و المراد القدرة على النفقة كما فهمه الأصحاب.

25-عن الرضا عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: النكاح رقّ،

ص:31


1- -الوسائل ج 20 ص 59 ب 21 ح 3-و مثله في البحار ج 103 ص 237 عن موسى بن جعفر عن آبائه عليهم السّلام عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله
2- الوسائل ج 20 ص 59 ح 4.
3- الوسائل ج 20 ص 64 ب 23 ح 12
4- الوسائل ج 20 ص 76 ب 28 ح 1
5- الوسائل ج 20 ص 78 ح 4

فإذا أنكح أحدكم وليدة فقد أرقّها، فلينظر أحدكم لمن يرقّ كريمته. (1)

26-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من زوّج كريمته من شارب خمر فقد قطع رحمها. (2)

27-عن الحسين بن بشّار قال: كتبت إلى أبي الحسن الرضا عليه السّلام: أنّ لي قرابة قد خطب إليّ و في خلقه سوء؟ قال: لا تزوّجه إن كان سيّئ الخلق. (3)

28-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: لا تناكحوا الزنج و الخزر فإنّ لهم أرحاما تدلّ على غير الوفاء، قال: و السند و الهند و القند ليس فيهم نجيب، يعني القندهار. (4)

بيان:

في الوافي، «الزنج» بالفتح و الكسر: صنف من السودان، واحدهم زنجي.

و قال رحمه اللّه: «الخزر» هو ضيّق العين و صغرها، سمّي به صنف من الناس هذه صفتهم.

و في أقرب الموارد «السند» : بلاد و طائفة من الناس يتأخمون الهند و ألوانهم إلى الصفرة، الواحد سنديّ.

29-عن أبي الربيع الشامي قال: قال لي أبو عبد اللّه عليه السّلام: لا تشتر من السودان أحدا. . . و لا تنكحوا من الأكراد أحدا فإنّهم جنس من الجنّ كشف عنهم الغطاء. (5)

30-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: إيّاكم و تزويج الحمقاء، فإنّ صحبتها بلاء، و ولدها ضياع. (6)

ص:32


1- -الوسائل ج 20 ص 79 ح 8
2- الوسائل ج 20 ص 79 ب 29 ح 1
3- الوسائل ج 20 ص 81 ب 30 ح 1
4- الوسائل ج 20 ص 82 ب 31 ح 2
5- الوسائل ج 20 ص 83 ب 32
6- الوسائل ج 20 ص 84 ب 33 ح 1

31-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: لا تنكح المرأة لأربعة: لمالها و جمالها و نسبها و لذّتها، فعليك بذات الدين. (1)

32-عن ابن أبي يعفور عن الصادق عليه السّلام قال: قلت [له]: إنّي أردت أن أتزوّج امرأة و إنّ أبويّ أرادا غيرها، قال عليه السّلام: تزوّج التي هويت ودع التي هوى أبواك. (2)

33-عن موسى بن جعفر عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

لا خيل أبقى من الدهم، و لا امرأة كابنة العمّ. (3)

بيان:

«الأدهم» : جمع دهم، الذي يشتدّ سواده.

34-و بهذا الإسناد قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: اختاروا لنطفكم فإنّ الخال أحد الضجيعين. (4)

بيان:

في المرآة ج 20 ص 22، «أحد الضجيعين» : لعلّ المراد بيان مدخليّة الخال في مشابهة الولد في أخلاقه، فكان الخال ضجيع الرجل لمدخليّته فيما تولّد منه عند المضاجعة من الولد. أو المراد بيان قرب أقارب المرأة من الزوج، و شدّة ارتباطهم به، فكان الخال ضجيع الإنسان، لشدّة قربه و اطلاّعه على سرائره، و الأولّ أظهر، و الضجيعان إمّا الزوجان أو المرأة و الخال.

و في الوافي: كما أنّ الأب ضجيع ابنه و مربّيه، فقد يكون الخال ضجيعه و مربّيه فكما أنّه يكتسب من أخلاق الأب كذلك يكتسب من أخلاق الخال.

ص:33


1- -جامع الأخبار ص 101 ف 58
2- مكارم الأخلاق ص 237 ب 8 ف 10
3- البحار ج 103 ص 236 باب أصناف النساء ح 27
4- البحار ج 103 ص 236 ح 28

35-عن الرضا عليه السّلام: . . . و اعلم أنّ النساء شتّى، فمنهنّ الغنيمة و الغرامة و هي المتحبّبة لزوجها و العاشقة له، و منهنّ الهلال إذا تجلّى، و منهنّ الظلام الحنديس المقطبة، فمن ظفر بصالحتهنّ يسعد، و من وقع في طالحتهنّ فقد ابتلى و ليس له انتقام. . . (1)

بيان:

«الغنيمة» : في الأصل هي الفائدة المكتسبة.

36-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من زوّج كريمته بفاسق نزل عليه كلّ يوم ألف لعنة و لا يصعد له عمل إلى السماء و لا يستجاب له دعاؤه و لا يقبل منه صرف و لا عدل. (2)

ص:34


1- -البحار ج 103 ص 234 ح 15
2- المستدرك ج 5 ص 279 ب 62 من الدعاء ح 6

الفصل الثالث: حقوق الزوج و الزوجة

الأخبار

1-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: قول الرجل للمرأة: إنّي أحبّك، لا يذهب من قلبها أبدا. (1)

2-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: أغلب الأعداء للمؤمن زوجة السوء. (2)

3-جاء رجل إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فقال: إنّ لي زوجة إذا دخلت تلقّتني، و إذا خرجت شيّعتني، و إذا رأتني مهموما قالت لي: ما يهمّك، إن كنت تهتمّ لرزقك فقد تكفّل لك به غيرك، و إن كنت تهتمّ بأمر آخرتك فزادك اللّه همّا، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّ للّه عمّالا، و هذه من عمّاله، لها نصف أجر الشهيد. (3)

4-عن جابر قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: . . . أ لا اخبركم بخيار رجالكم؟ قلنا: بلى يا رسول اللّه، قال: إنّ من خير رجالكم التقيّ النقيّ، السمح الكفّين، السليم الطرفين، البرّ بوالديه، و لا يلجئ عياله إلى غيره، ثمّ قال: أ لا اخبركم بشرّ رجالكم؟ فقلنا: بلى، فقال: إنّ من شرّ رجالكم البهّات البخيل الفاحش، الآكل

ص:35


1- -الوسائل ج 20 ص 23 ب 3 من مقدّمات النكاح ح 9
2- الوسائل ج 20 ص 25 ب 4 ح 4
3- الوسائل ج 20 ص 32 ب 6 ح 14

وحده، المانع رفده، الضارب أهله و عبده، الملجئ عياله إلى غيره، العاقّ بوالديه. (1)

بيان:

الرفد: العطاء و العون. «السليم الطرفين» : كأنّه كناية عن سلامة لسانه عن الفحش و البذاء و عورته عن الفحشاء، أو سلامة نسب أبيه و أمّه.

5-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: كان من دعاء رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أعوذ بك من امرأة تشيّبني قبل مشيبي. (2)

6-عن الثمالي عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: الناجي من الرجال قليل، و من النساء أقلّ و أقلّ، قيل: و لم؟ قال: لأنهنّ كافرات الغضب، مؤمنات الرضا. (3)

7-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ قوما أتوا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فقالوا: يا رسول اللّه، إنّا رأينا اناسا يسجد بعضهم لبعض، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: لو أمرت أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها. (4)

8-عن أبي إبراهيم عليه السّلام قال: جهاد المرأة حسن التبعّل. (5)

بيان:

قال في مجمع البحرين ذيل الحديث، التبعّل: حسن العشرة و حسن صحبة المرأة مع بعلها.

9-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: من كان له امرأة تؤذيه لم يقبل اللّه صلاتها و لا حسنة

ص:36


1- -الوسائل ج 20 ص 34 ب 7 ح 2
2- الوسائل ج 20 ص 34 ح 4
3- الوسائل ج 20 ص 49 ب 13 ح 5
4- الوسائل ج 20 ص 162 ب 81 ح 1
5- الوسائل ج 20 ص 163 ح 2- نهج البلاغة ص 1152 في ح 131

من عملها حتّى تعينه و ترضيه، و إن صامت الدهر و قامت و أعتقت الرقاب و أنفقت الأموال في سبيل اللّه و كانت أوّل من ترد النار.

ثمّ قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: و على الرجل مثل ذلك الوزر و العذاب إذا كان لها مؤذيا ظالما.

و من صبر على سوء خلق امرأته و احتسبه أعطاه اللّه له بكلّ مرّة يصبر عليها من الثواب مثل ما أعطى أيّوب على بلائه و كان عليها من الوزر في كلّ يوم و ليلة مثل رمل عالج فإن مات قبل أن تعتبه (تعينه ف م) و قبل أن يرضى عنها حشرت يوم القيامة منكوسة مع المنافقين في الدرك الأسفل من النار، و من كانت له امرأة و لم توافقه و لم تصبر على ما رزقه اللّه و شقّت عليه و حملته ما لم يقدر عليه لم يقبل اللّه لها حسنة تتّقي بها النار و غضب اللّه عليها ما دامت كذلك. (1)

بيان:

«رمل عالج» : هو ما تراكم من الرمل و دخل بعضه على بعض.

10-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّما المرأة لعبة من اتّخذها فلا يضيّعها. (2)

بيان:

«اللعبة» : كلّ ملعوب به و الجمع لعب، و منه الحديث: «نساؤكم بمنزلة اللعب» .

(مجمع البحرين)

11-عن سماعة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: اتّقوا اللّه في الضعيفين، يعني بذلك اليتيم و النساء. (3)

12-عن أبي جعفر عليه السّلام و عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قالا: في رسالة أمير المؤمنين

ص:37


1- -الوسائل ج 20 ص 163 ب 82( عقاب الاعمال ص 335 و ص 339 في حديث طويل)
2- الوسائل ج 20 ص 167 ب 86 ح 2
3- الوسائل ج 20 ص 167 ح 3

إلى الحسن عليهما السّلام: لا تملّك المرأة من الأمر ما يجاوز نفسها فإنّ ذلك أنعم لحالها و أرخى لبالها و أدوم لجمالها فإنّ المرأة ريحانة و ليست بقهرمانة و لا تعد بكرامتها نفسها و اغضض بصرها بسترك و اكففها بحجابك و لا تطمعها أن تشفع لغيرها فيميل من شفعت له عليك معها و استبق من نفسك بقيّة فإنّ إمساكك عنهنّ و هنّ يرين أنّك ذو اقتدار خير من أن يرين حالك على انكسار. (1)

أقول:

يأتي في باب النساء عن نهج البلاغة نظيره باختلاف.

بيان: «أرخى» : رخي رخا و رخوة: لان و سهل «بالها» أي شأنها و حالها.

في المرآة ج 20 ص 323، «و لا تعد بكرامتها» : أي لا تجاوز بسبب كرامتها أن تفعل بها ما يتعلّق بنفسها لئلاّ تمنعها عن الإحسان إلى أقاربه و غير ذلك من الخير لحسدها و ضعف عقلها.

13-عن إسحاق بن عمّار قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: ما حقّ المرأة على زوجها الذي إذا فعله كان محسنا؟ قال: يشبعها و يكسوها و إن جهلت غفر لها، و قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: كانت امرأة عند أبي عليه السّلام تؤذيه فيغفر لها. (2)

14-عن محمّد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

أوصاني جبرئيل بالمرأة حتّى ظننت أنّه لا ينبغي طلاقها إلاّ من فاحشة مبيّنة. (3)

15-قال الصادق عليه السّلام: رحم اللّه عبدا أحسن فيما بينه و بين زوجته فإنّ اللّه عزّ و جلّ قد ملّكه ناصيتها و جعله القيّم عليها. (4)

ص:38


1- -الوسائل ج 20 ص 168 ب 87 ح 1
2- الوسائل ج 20 ص 169 ب 88 ح 1
3- الوسائل ج 20 ص 170 ح 4
4- الوسائل ج 20 ص 170 ح 5

16-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ملعون ملعون من ضيّع من يعول. (1)

17-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: خيركم خيركم لأهله و أنا خيركم لأهلي. (2)

18-و قال صلّى اللّه عليه و آله: عيال الرجل اسراؤه و أحبّ العباد إلى اللّه عزّ و جلّ أحسنهم صنعا إلى اسرائه. (3)

19-قال أبو الحسن عليه السّلام: عيال الرجل اسراؤه فمن أنعم اللّه عليه بنعمة فليوسّع على اسرائه، فإن لم يفعل أوشك أن تزول تلك النعمة. (4)

20-عن أبي عبد اللّه عن أبيه عليهما السّلام قال: تقاضى عليّ و فاطمة إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في الخدمة، فقضى على فاطمة عليها السّلام بخدمتها ما دون الباب، و قضى على عليّ عليه السّلام بما خلفه، قال: فقالت فاطمة: فلا يعلم ما دخلني من السرور إلاّ اللّه بإكفائي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله تحمل أرقاب الرجال. (5)

21-قال عليه السّلام: الامرأة الصالحة خير من ألف رجل غير صالح و أيّما امرأة خدمت زوجها سبعة أيّام أغلق اللّه عنها سبعة أبواب النار و فتح لها ثمانية أبواب الجنّة تدخل من أيّها شاءت. (6)

22-و قال عليه السّلام: ما من امرأة تسقي زوجها شربة من ماء إلاّ كان خيرا لها من عبادة سنة صيام نهارها و قيام ليلها و يبني اللّه لها بكلّ شربة تسقي زوجها مدينة في الجنّة و غفر لها ستّين خطيئة. (7)

ص:39


1- -الوسائل ج 20 ص 171 ح 6
2- الوسائل ج 20 ص 171 ح 8
3- الوسائل ج 20 ص 171 ح 9
4- الوسائل ج 20 ص 171 ح 10
5- الوسائل ج 20 ص 172 ب 89 ح 1
6- الوسائل ج 20 ص 172 ح 2
7- الوسائل ج 20 ص 172 ح 3

23-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ إبراهيم شكا إلى اللّه ما يلقى من سوء خلق سارة فأوحى اللّه إليه: إنّما مثل المرأة مثل الضلع المعوج إن أقمته كسرته و إن تركته استمتعت به اصبر عليها. (1)

24-عن الصادق عن آبائه عليهم السّلام (في حديث المناهي) عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال: و من صبر على خلق امرأة سيّئة الخلق و احتسب في ذلك الأجر أعطاه اللّه ثواب الشاكرين. (2)

25-عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ رجلا من الأنصار على عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله خرج في بعض حوائجه فعهد إلى امرأته عهدا أن لا تخرج من بيتها حتّى يقدم، قال: و إنّ أباها قد مرض فبعثت المرأة إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله تستأذنه أن تعوده، فقال: لا، اجلسي في بيتك و أطيعي زوجك، قال: فثقل فأرسلت إليه ثانيا بذلك، فقال: اجلسي في بيتك و أطيعي زوجك قال: فمات أبوها فبعثت إليه إنّ أبي قد مات فتأمرني أن اصلّي عليه فقال: لا، اجلسي في بيتك و أطيعي زوجك قال: فدفن الرجل فبعث إليها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّ اللّه قد غفر لك و لأبيك بطاعتك لزوجك. (3)

بيان:

«فثقل» ثقل المريض: اشتدّ مرضه.

26-عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: خطب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله النساء فقال: يا معشر النساء، تصدّقن و لو من حليكنّ و لو بتمرة و لو بشقّ تمرة فإنّ أكثركنّ حطب جهنّم إنّكنّ تكثرن اللعن و تكفرن العشرة (العشيرة م) فقالت امرأة (من بني سليم لها عقل م) : يا رسول اللّه، أ ليس نحن الامّهات

ص:40


1- -الوسائل ج 20 ص 173 ب 90 ح 3
2- الوسائل ج 20 ص 174 ح 5
3- الوسائل ج 20 ص 174 ب 91 ح 1

الحاملات المرضعات، أ ليس منّا البنات المقيمات و الأخوات المشفقات؟ (فرقّ لها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله م) فقال: حاملات والدات مرضعات رحيمات لو لا ما يأتين إلى بعولتهنّ ما دخلت مصلّية منهنّ النار. (1)

أقول:

ح 4: جاءت امرأة سائلة إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: والدات والهات، رحيمات بأولادهنّ، لو لا ما يأتين إلى أزواجهنّ، لقيل لهنّ: ادخلن الجنّة بغير حساب.

بيان: في المرآة ج 20 ص 329، «تكفرن العشيرة» في النهاية: و منه الحديث «فرأيت أكثر أهلها (أي النار) النساء، لكفرهنّ. قيل: أ يكفرن باللّه؟ قال: لا، و لكن يكفرن الإحسان و يكفرن العشير» أي يجحدن إحسان أزواجهنّ.

و قال الزمخشري في الفائق: . . . العشير هو المعاشر. . . و المراد به الزوج.

27-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: لا يحلّ لامرأة أن تنام حتّى تعرض نفسها على زوجها، تخلع ثيابها و تدخل معه في لحافه فتلزق جلدها بجلده، فإذا فعلت ذلك فقد عرضت. (2)

28-عن محمّد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام قال: جاءت امرأة إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فقالت: يا رسول اللّه، ما حقّ الزوج على المرأة؟ فقال لها: أن تطيعه، و لا تعصيه، و لا تصدّق من بيته إلاّ بإذنه، و لا تصوم تطوّعا إلاّ بإذنه، و لا تمنعه نفسها و إن كانت على ظهر قتب و لا تخرج من بيتها إلاّ بإذنه، و إن خرجت بغير إذنه لعنتها ملائكة السماء و ملائكة الأرض و ملائكة الغضب و ملائكة الرحمة حتّى ترجع إلى بيتها، قالت: يا رسول اللّه، من أعظم الناس حقّا على الرجل؟

ص:41


1- -الوسائل ج 20 ص 175 ح 2
2- الوسائل ج 20 ص 176 ح 5

قال: والده، قالت: (يا رسول اللّه، م) فمن أعظم الناس حقّا على المرأة؟ قال:

زوجها، قالت: فما لي عليه من الحقّ مثل ما له عليّ؟ قال: لا، و لا من كلّ مأة واحدة. . . (1)

بيان:

«القتب» : ما يوضع على سنام البعير و يركب عليه (پالان) .

29-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إذا صلّت المرأة خمسها و صامت شهرها و حجّت بيت ربّها و أطاعت زوجها و عرفت حقّ عليّ عليه السّلام فلتدخل من أيّ أبواب الجنان شاءت. (2)

30-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: أيّما امرأة باتت و زوجها عليها ساخط في حقّ لم يتقبّل (لم تقبل م) منها صلاة حتّى يرضى عنها، و أيّما امرأة تطيّبت لغير زوجها لم يقبل اللّه منها صلاة حتّى تغتسل من طيبها كغسلها من جنابتها. (3)

31-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أيّ امرأة تطيّبت و خرجت من بيتها فهي تلعن حتّى ترجع إلى بيتها متى ما رجعت. (4)

32-عن جعفر بن محمّد عن آبائه عليهم السّلام (في حديث المناهي) قال: نهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أن تخرج المرأة من بيتها بغير إذن زوجها، فإن خرجت لعنها كلّ ملك في السماء و كلّ شيء تمرّ عليه من الجنّ و الإنس حتّى ترجع إلى بيتها، و نهى أن تتزيّن لغير زوجها، فإن فعلت كان حقّا على اللّه أن يحرقها بالنار. (5)

33-عن جميل بن درّاج عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: أيّما امرأة قالت

ص:42


1- -الوسائل ج 20 ص 157 ب 79 ح 1
2- الوسائل ج 20 ص 159 ح 4
3- الوسائل ج 20 ص 160 ب 80 ح 1
4- الوسائل ج 20 ص 161 ح 4
5- الوسائل ج 20 ص 161 ح 6

لزوجها: ما رأيت قطّ من وجهك خيرا فقد حبط عملها. (1)

34-عن عليّ عليه السّلام قال: دخل علينا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و فاطمة جالسة عند القدر و أنا انقي العدس قال: يا أبا الحسن قلت: لبّيك يا رسول اللّه، قال: اسمع منّي و ما أقول إلاّ من أمر ربّي، ما من رجل يعين امرائة في بيتها إلاّ كان له بكلّ شعرة على بدنه عبادة سنة، صيام نهارها و قيام ليلها، و أعطاه اللّه تعالى من الثواب مثل ما أعطاه اللّه الصابرين و داود النبيّ و يعقوب و عيسى عليهم السّلام.

يا عليّ، من كان في خدمة العيال في البيت و لم يأنف كتب اللّه تعالى اسمه في ديوان الشهداء و كتب اللّه له بكلّ يوم و ليلة ثواب ألف شهيد و كتب له بكلّ قدم ثواب حجّة و عمرة و أعطاه اللّه تعالى بكلّ عرق في جسده مدينة في الجنّة. . . (2)

بيان:

«لم يأنف» : أنف من الشيء: إذا كرهه و عزفت نفسه عنه.

35-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّي أتعجّب ممّن يضرب امرأته و هو بالضرب أولى منها، لا تضربوا نساءكم بالخشب فإنّ فيه القصاص و لكن اضربوهنّ بالجوع و العرى حتّى تربحوا في الدنيا و الآخرة.

و أيّما رجل رضي بتزيين امرأته و تخرج من باب دارها فهو ديّوث و لا يأثم من يسمّيه ديّوثا، و المرأة إذا خرجت من باب دارها متزيّنة متعطّرة و الزوج بذلك راض بنى لزوجها بكلّ قدم بيت في النار، فقصّروا أجنحة نساءكم و لا تطوّلوها فإنّ في تطويل أجنحتها ندامة و جزاؤها النار و في قصر أجنحتها رضى و سرورا و دخول الجنّة بغير حساب، احفظوا وصيّتي في أمر نساءكم حتّى

ص:43


1- -الوسائل ج 20 ص 162 ح 7
2- جامع الأخبار ص 102 ف 59

تنجوا من شدّة الحساب و من لم يحفظ وصيّتي فما أسوء حاله بين يدي اللّه تعالى.

و قال صلّى اللّه عليه و آله: النساء حبائل الشيطان. (1)

36-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: أيّما رجل ضرب امرأته فوق ثلاث أقامه اللّه يوم القيامة على رؤوس الخلائق، فيفضحه فضيحة ينظر إليه الأوّلون و الآخرون. (2)

37-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: لا تؤدّي المرأة حقّ اللّه عزّ و جلّ حتّى تؤدّي حقّ زوجها. (3)

38-عن محمّد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من صدق لسانه زكا عمله، و من حسنت نيّته زاد اللّه في رزقه، و من حسن برّه بأهله زاد اللّه في عمره. (4)

39-عن أبي عبد اللّه عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من أطاع امرأته أكبّه اللّه على وجهه في النار قال: و ما تلك الطاعة؟ قال: تطلب إليه الذهاب إلى الحمّامات و العرسات و العيدان و النايحات و الثياب الرقاق فيجيبها. (5)

أقول:

قد مرّ ما بمعناه مع شرحه في باب الحمّام.

40-عن موسى بن جعفر عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

اضربوا النساء على تعليم الخير. (6)

ص:44


1- -جامع الأخبار ص 158 ف 121
2- المستدرك ج 14 ص 250 ب 66 من مقدّمات النكاح ح 6
3- المستدرك ج 14 ص 257 ب 71 ح 5
4- البحار ج 103 ص 225 باب فضل حبّ النساء ح 9
5- البحار ج 103 ص 228 ح 27
6- البحار ج 103 ص 249 باب أحوال الرجال و النساء ح 39

41-في مواعظ الصادق عليه السّلام: لا غنى بالزوج عن ثلاثة أشياء فيما بينه و بين زوجته، و هي الموافقة ليجتلب بها موافقتها و محبّتها و هواها، و حسن خلقه معها، و استعماله استمالة قلبها بالهيئة الحسنة في عينها، و توسعته عليها.

و لا غنى بالزوجة فيما بينها و بين زوجها الموافق لها عن ثلاث خصال و هنّ:

صيانة نفسها عن كلّ دنس حتّى يطمئنّ قلبه إلى الثقة بها في حال المحبوب و المكروه، و حياطته ليكون ذلك عاطفا عليها عند زلّة تكون منها، و إظهار العشق له بالخلابة و الهيئة الحسنة لها في عينه. (1)

بيان:

حاطه حياطة: حفظه و تعهّده. «الخلابة» : الخديعة باللسان بالقول اللطيف.

42-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال: أيّما امرأة رفعت من بيت زوجها شيئا من موضع إلى موضع تريد بها صلاحا نظر اللّه عزّ و جلّ إليها، و من نظر اللّه إليه لم يعذّبه.

فقالت امّ سلمة رضي اللّه عنها: ذهب الرجال بكلّ خير، فأيّ شىء للنساء المساكين؟ فقال صلّى اللّه عليه و آله: بلى إذا حملت المرءة كانت بمنزلة الصائم القائم المجاهد بنفسه و ماله في سبيل اللّه، فإذا وضعت كان لها من الأجر ما لا تدري ما هو لعظمه، فإذا أرضعت كان لها بكلّ مصّة كعدل عتق محرّر من ولد اسماعيل، فإذا فرغت من رضاعه ضرب ملك على جنبها و قال: استأنفي العمل فقد غفر لك. (2)

أقول:

سيأتي ما يناسب المقام في باب النساء و. . .

ص:45


1- -البحار ج 78 ص 237 ح 70
2- البحار ج 104 ص 106 باب ثواب النساء في خدمة الأزواج ح 1

7B22426F6F6B506167654944223A32303534393737362C22426F6F6B4944223A31363732302C2253656374696F6E4E756D223A312C22506167654E756D223A34362C2253686F77506167654E756D223A223436222C22436F6E74656E7454797065223A322C22486173496D616765223A747275652C2248617354657874223A66616C73652C22496E7465726E616C4964223A6E756C6C2C22496D616765436F6E74656E7455726C223A222F424F4F4B494D41474553312F424B31353931342F424B3135393134473030332F424B31353931344730303353312F424B31353931344730303353315034362E676966222C22536F6C72426F6F6B506167654964223A307D

ص:

80- الزهد

الآيات

1- . . . لِكَيْلا تَحْزَنُوا عَلى ما فاتَكُمْ وَ لا ما أَصابَكُمْ وَ اَللّهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ. (1)

2- وَ لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ زَهْرَةَ اَلْحَياةِ اَلدُّنْيا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَ رِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَ أَبْقى. (2)

3- لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى ما فاتَكُمْ وَ لا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ وَ اَللّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ. (3)

الأخبار

1-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من زهد في الدنيا أثبت اللّه الحكمة في قلبه و أنطق بها لسانه و بصّره عيوب الدنيا داءها و دواءها و أخرجه من الدنيا سالما إلى دار السّلام. (4)

ص:47


1- -آل عمران:153
2- طه:131
3- الحديد:23
4- الكافي ج 2 ص 104 باب ذمّ الدنيا و الزهد فيها ح 1

بيان:

في المصباح: زهد في الشيء، و زهد عنه زهدا و زهادة بمعنى تركه و أعرض عنه فهو زاهد.

و في مجمع البحرين: الزهد في الشيء خلاف الرغبة فيه، تقول: زهد في الشيء بالكسر زهدا و زهادة بمعنى تركه و أعرض عنه، فهو زاهد.

و في جامع السعادات ج 2 ص 57: «الزهد» ضدّ حبّ الدنيا و الرغبة إليها هو الزهد، و هو ألاّ يريد الدنيا بقلبه، و يتركها بجوارحه، إلاّ بقدر ضرورة بدنه، و بعبارة اخرى: هو الإعراض من متاع الدنيا و طيّباتها، من الأموال و المناصب و سائر ما يزول بالموت، و بتقرير آخر: هو الرغبة عن الدنيا عدولا إلى الآخرة، أو عن غير اللّه عدولا إلى اللّه، و هو الدرجة العليا، فمن رغب عن كلّ ما سوى اللّه حتّى الفراديس (جمع الفردوس) و لم يحبّ إلاّ اللّه، فهو الزاهد المطلق.

و من رغب عن حظوظ الدنيا خوفا من النار أو طمعا في نعيم الجنّة، من الحور و القصور و الفواكه و الأنهار، فهو أيضا زاهد، و لكنّه دون الأوّل، و من ترك بعض حظوظ الدنيا دون بعض، كالذي يترك المال دون الجاه، أو يترك التوسّع في الأكل دون التجمّل في الزينة، لا يستحقّ اسم الزاهد مطلقا.

و بما ذكر يظهر: أنّ الزهد إنّما يتحقّق إذا تمكّن من نيل الدنيا و تركها، و كان باعث الترك هو حقارة المرغوب عنه و خساسته، أعني الدنيا بالإضافة إلى المرغوب إليه و هو اللّه و الدار الآخرة، فلو كان الترك لعدم قدرته عليها، أو لغرض غير اللّه تعالى و غير الدار الآخرة، من حسن الذكر و استمالة القلوب أو الاشتهار بالفتوّة و السخاء، أو الاستثقال لما في حفظ الأموال من المشقّة و العنا أو أمثال ذلك، لم يكن من الزهد أصلا.

2-عن حفص بن غياث عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سمعته يقول: جعل الخير كلّه في بيت و جعل مفتاحه الزهد في الدنيا.

ص:48

ثمّ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: لا يجد الرجل حلاوة الإيمان في قلبه حتّى لا يبالي من أكل الدنيا.

ثمّ قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: حرام على قلوبكم أن تعرف حلاوة الإيمان حتّى تزهد في الدنيا. (1)

بيان:

في المرآة ج 8 ص 268، «جعل الخير. . .» : لمّا كان الزهد في الدنيا سببا لحصول جميع السعادات العلميّة و العمليّة شبّه تلك الكمالات بالأمتعة المخزونة في بيت و الزهد بمفتاح ذلك البيت.

3-عن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: إنّ من أعون الأخلاق على الدين الزهد في الدنيا. (2)

بيان:

في المرآة: ذلك لأنّ الاشتغال بالدنيا و صرف الفكر في طرق تحصيلها و وجه ضبطها و رفع موانعها مانع عظيم من تفرّغ القلب للامور الدينيّة و تفكّره فيها، بل حبّها لا يجتمع مع حبّ اللّه تعالى و طاعته و طلب الآخرة، كما روي: «أنّ الدنيا و الآخرة ضرّتان» إذ الميل بأحدهما يضرّ بالآخر.

4-إنّ رجلا سأل عليّ بن الحسين عليهما السّلام عن الزهد؟ فقال: عشرة أشياء:

فأعلى درجة الزهد أدنى درجة الورع و أعلى درجة الورع أدنى درجة اليقين و أعلى درجة اليقين أدنى درجة الرضا.

ألا و إنّ الزهد في آية من كتاب اللّه عزّ و جلّ: لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى ما فاتَكُمْ وَ لا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ. (3)

ص:49


1- -الكافي ج 2 ص 104 ح 2
2- الكافي ج 2 ص 104 ح 3
3- الكافي ج 2 ص 104 ح 4-و روى رحمه اللّه صدر الخبر في باب الرضا ح 10، و فيه: «الزهد

بيان:

«لا تأسوا. . .» : أي لا تحزنوا على ما فاتكم من نعم الدنيا.

5-عن محمّد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: إنّ علامة الراغب في ثواب الآخرة زهده في عاجل زهرة الدنيا، أما إنّ زهد الزاهد في هذه الدنيا لا ينقصه ممّا قسم اللّه عزّ و جلّ له فيها و إن زهد، و إنّ حرص الحريص على عاجل زهرة الحيوة الدنيا لا يزيده فيها و إن حرص، فالمغبون من حرم حظّه من الآخرة. (1)

بيان:

في المرآة: المراد ب «زهرة الدنيا» بهجتها و نضارتها أو متاعها، تشبيها له بزهرة النبات لكونها أقلّ الرياحين ثباتا. . .

«إنّ زهد الزاهد. . .» : بهذا المعنى أخبار كثيرة، مرّ بعضها في باب الحرص.

و يأتي في باب العقل في حديث موسى بن جعفر عليه السّلام: يا هشام، إنّ العقلاء زهدوا في الدنيا و رغبوا في الآخرة، لأنّهم علموا أنّ الدنيا طالبة مطلوبة، و الآخرة طالبة و مطلوبة، فمن طلب الآخرة طلبته الدنيا حتّى يستوفي منها رزقه، و من طلب الدنيا طلبته الآخرة فيأتيه الموت فيفسد عليه دنياه و آخرته.

6-عن عبد اللّه بن القاسم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إذا أراد اللّه بعبد خيرا زهّده في الدنيا و فقّهه في الدين و بصّره عيوبها، و من أوتيهنّ فقد أوتي خير الدنيا و الآخرة، و قال: لم يطلب أحد الحقّ بباب أفضل من الزهد في الدنيا، و هو ضدّ لما طلب أعداء الحقّ، قلت: جعلت فداك ممّا ذا؟ قال: من الرغبة فيها، و قال:

ألا من صبّار كريم، فإنّما هي أيّام قلائل، ألا إنّه حرام عليكم أن تجدوا طعم

ص:50


1- الكافي ج 2 ص 105 ح 6

الإيمان حتّى تزهّدوا في الدنيا.

قال: و سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: إذا تخلّى المؤمن من الدنيا سما و وجد حلاوة حبّ اللّه و كان عند أهل الدنيا كأنّه قد خولط و إنّما خالط القوم حلاوة حبّ اللّه فلم يشتغلوا بغيره.

قال: و سمعته يقول: إنّ القلب إذا صفا ضاقت به الأرض حتّى يسمو. (1)

بيان:

في الوافي، «ألا من صبّار كريم» : الهمزة استفهاميّة و"لا"نافية و"من"مزيدة و المعنى: أ لا يوجد صبّار كريم النفس يصبر عن الدنيا (و على فقرها و شدّتها) و يزهد فيها؟ و قرء بعضهم"إلاّ"بالتشديد استثناء من الرغبة، يعني إلاّ أن تكون الرغبة فيها من صبّار كريم، فإنّها لا تضّره. . . «فإنّما هي» : أي الدنيا. «القلائل» :

مفردها القليلة و هي أيّام العمر.

في المرآة، «إذا تخلّى. . .» : أي جعل نفسه خالية من حبّ الدنيا و قطع تعلّقه بها أو تفرّغ (للآخرة) و العبادة مجتنبا من الدنيا و معرضا عنها. «سما» : أي علا و ارتفع من السموّ.

«قد خولط» في المرآة: قال في النهاية: «يقال: خولط فلان في عقله إذا اختلّ عقله» فقوله خولط بهذا المعنى و «خالط» بمعنى الممازجة، و هذا أعلى درجات المحبّين حيث استقرّ حبّ اللّه تعالى في قلوبهم و أخرج حبّ كلّ شيء غيره منها، فلا يلتفتون إلى غيره تعالى و يتركون معاشرة عامّة الخلق لمباينة طوره أطوارهم فهم يعدّونه سفيها مخالطا كما نسبوا الأنبياء عليهم السّلام إلى الجنون لذلك.

«حتّى يسمو» : أي يرتفع، لعلّ المراد الموت فإذا صفا قلبه ضاقت به الأرض فلم يرض إلاّ بالصعود إلى جنّة المأوى و يستصعدون بقرب المولى و يسمو إلى عالم

ص:51


1- -الكافي ج 2 ص 105 ح 10

النور فيشاهد العالم الأعلى بالعيان و ينظر إلى الحقّ بعين العرفان.

7-عن أبي عبيدة الحذّاء قال: قلت لأبي جعفر عليه السّلام: حدّثني بما أنتفع به، فقال: يا أبا عبيدة، أكثر ذكر الموت، فإنّه لم يكثر إنسان ذكر الموت إلاّ زهد في الدنيا. (1)

8-عن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال عليّ بن الحسين عليهما السّلام: إنّ الدنيا قد ارتحلت مدبرة، و إنّ الآخرة قد ارتحلت مقبلة، و لكلّ واحدة منهما بنون، فكونوا من أبناء الآخرة، و لا تكونوا من أبناء الدنيا، ألا و كونوا من الزاهدين في الدنيا الراغبين في الآخرة.

ألا إنّ الزاهدين في الدنيا اتّخذوا الأرض بساطا، و التراب فراشا، و الماء طيبا، و قرّضوا من الدنيا تقريضا،

ألا و من اشتاق إلى الجنّة سلا عن الشهوات، و من أشفق من النار رجع عن المحرّمات، و من زهد في الدنيا هانت عليه المصائب.

ألا إنّ للّه عبادا كمن رأى أهل الجنّة في الجنّة مخلّدين، و كمن رأى أهل النار في النار معذّبين، شرورهم مأمونة، و قلوبهم محزونة، أنفسهم عفيفة، و حوائجهم خفيفة، صبروا أيّاما قليلة، فصاروا بعقبى راحة طويلة، أمّا الليل فصافّون أقدامهم تجري دموعهم على خدودهم و هم يجأرون إلى ربّهم، يسعون في فكاك رقابهم، و أمّا النهار فحلماء، علماء، بررة، أتقياء، كأنّهم القداح، قد برأهم الخوف من العبادة، ينظر إليهم الناظر فيقول: مرضى-و ما بالقوم من مرض-أم خولطوا فقد خالط القوم أمر عظيم؛ من ذكر النار و ما فيها. (2)

ص:52


1- -الكافي ج 2 ص 106 ح 13
2- الكافي ج 2 ص 107 ح 15

بيان:

«البساط» : أي ما يبسط، فعال بمعنى المفعول، أي اكتفوا بالأرض عوضا عن الفرش. «قرّضوا» : من القرض بمعنى القطع أي قطعوا أنفسهم عن الدنيا و علائقها تقطيعا بإقلاع قلوبهم عنها. «سلا عن الشهوات» : أي نسيها و تركها.

«فصافّون أقدامهم» : أي يصفّون أقدامهم للصلاة. «القدح» جمع قداح: السهم بلا ريش و لا نصل، شبّههم في نحافة أبدانهم بالسهام، و أشار إلى وجه التشبيه بقوله: «قد برأهم الخوف» أي نحلهم و ذبلهم كما يبرئ السهم.

«يجأرون» في القاموس، جأر جأرا و جؤارا: رفع صوته بالدعاء و تضرّع و استغاث.

9-عن سفيان بن عيينة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سألته عن قول اللّه عزّ و جلّ: إِلاّ مَنْ أَتَى اَللّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ قال: القلب السليم الذي يلقى ربّه و ليس فيه أحد سواه، قال: و كلّ قلب فيه شرك أو شكّ فهو ساقط، و إنّما أرادوا الزهد في الدنيا لتفرغ قلوبهم للآخرة. (1)

10-جاء رجل إلى أمير المؤمنين عليه السّلام فقال: يا أمير المؤمنين، أوصني بوجه من وجوه البرّ أنج به. قال أمير المؤمنين عليه السّلام: أيّها السائل، استمع ثمّ استفهم ثمّ استيقن ثم استعمل، و اعلم أنّ الناس ثلاثة: زاهد و صابر و راغب، فأمّا الزاهد فقد خرجت الأحزان و الأفراح من قلبه، فلا يفرح بشيء من الدنيا و لا يأسى على شيء منها فاته فهو مستريح، و أمّا الصابر فإنّه يتمنّاها بقلبه فإذا نال منها ألجم نفسه عنها لسوء عاقبتها و شنآنها، لو اطّلعت على قلبه عجبت من عفّته و تواضعه و حزمه، و أمّا الراغب فلا يبالي من أين جاءته الدنيا من حلّها أو من حرامها، و لا يبالي ما دنس فيها عرضه و أهلك نفسه و أذهب مروءته، فهم

ص:53


1- -الكافي ج 2 ص 13 باب الإخلاص ح 5

في غمرة يضطربون. (1)

بيان:

في المرآة ج 11 ص 366، «الشناءة» كالشناعة: البغض، و المراد هنا قباحتها في نظر عقله و إن مال طبعه إليها «الغمرة» قال رحمه اللّه: أي الزحمة و الشدّة و الانهماك في الباطل، و معظم البحر، و كأنّه عليه السّلام شبّهه بمن غرق في البحر يضطرب و لا يمكنه الخروج منه «يضطربون» في بعض النسخ: "يعمهون"، و في بعضها: "يصطرخون".

11-عن حفص بن غياث قال: سمعت موسى بن جعفر عليهما السّلام عند قبر و هو يقول: إنّ شيئا هذا آخره لحقيق أن يزهد في أوّله، و إنّ شيئا هذا أوّله لحقيق أن يخاف من آخره. (2)

12-عن فاطمة بنت الحسين عن أبيها عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّ صلاح أوّل هذه الامّة بالزهد و اليقين، و هلاك آخرها بالشحّ و الأمل. (3)

13-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لشمعون: و أمّا علامة الزاهد فعشرة: يزهد في المحارم، و يكفّ نفسه، و يقيم فرائض ربّه، فإن كان مملوكا أحسن الطاعة، و إن كان مالكا أحسن المملكة، و ليس له حميّة و لا حقد، يحسن إلى ما أساء إليه، و ينفع من ضرّه، و يعفو عمّن ظلمه، و يتواضع لحقّ اللّه. (4)

14-في حكم أمير المؤمنين عليه السّلام: من زهد في الدنيا و لم يجزع من ذلّها و لم ينافس في عزّها هداه اللّه بغير هداية من مخلوق و علّمه بغير تعليم و أثبت الحكمة في صدره و أجراها على لسانه. (5)

ص:54


1- -الكافي ج 2 ص 330 باب محاسبة العمل ح 13
2- الوسائل ج 16 ص 15 ب 62 من جهاد النفس ح 14
3- الوسائل ج 16 ص 15 ح 15
4- تحف العقول ص 22
5- تحف العقول ص 160

15-في مواعظ الصادق عليه السّلام: الرغبة في الدنيا تورث الغمّ و الحزن، و الزهد في الدنيا راحة القلب و البدن. (1)

16-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: ليس الزهد في الدنيا لبس الخشن و أكل الجشب و لكنّ الزهد في الدنيا قصر الأمل. (2)

بيان:

في مجمع البحرين، «الجشب» : الغليظ الخشن، و يقال: «طعام جشب» للذي ليس معه إدام.

17-و قال صلّى اللّه عليه و آله: حرام على قلوبكم أن تعرف حلاوة الإيمان حتّى تزهدوا في الدنيا. (3)

18-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: أيّها الناس، الزهادة قصر الأمل، و الشكر عند النعم، و الورع عند المحارم، فإن عزب ذلك عنكم فلا يغلب الحرام صبركم، و لا تنسوا عند النعم شكركم، فقد أعذر اللّه إليكم بحجج مسفرة ظاهرة و كتب بارزة العذر واضحة. (4)

19-و قال عليه السّلام: . . . إنّ الزاهدين في الدنيا تبكي قلوبهم و إن ضحكوا، و يشتدّ حزنهم و إن فرحوا، و يكثر مقتهم أنفسهم و إن اغتبطوا بما رزقوا، قد غاب عن قلوبكم ذكر الآجال. . . (5)

20-قال عليه السّلام: الزهد ثروة. (6)

ص:55


1- -تحف العقول ص 263
2- مشكوة الأنوار ص 114 ب 3 ف 3
3- مشكوة الأنوار ص 116
4- نهج البلاغة ص 180 خ 80
5- نهج البلاغة ص 349 في خ 112
6- نهج البلاغة ص 1089 في ح 3-الغرر ج 1 ص 10 ف 1 ح 185

21-و قال عليه السّلام: أفضل الزهد إخفاء الزهد. (1)

22-عن نوف البكالي قال: رأيت أمير المؤمنين عليه السّلام ذات ليلة و قد خرج من فراشه فنظر إلى النجوم فقال: يا نوف، أ راقد أنت أم رامق؟ فقلت: بل رامق يا أمير المؤمنين، قال: يا نوف، طوبى للزاهدين في الدنيا الراغبين في الآخرة، أولئك قوم اتّخذوا الأرض بساطا، و ترابها فراشا، و ماءها طيبا، و القرآن شعارا، و الدعاء دثارا، ثمّ قرضوا الدنيا قرضا على منهاج المسيح. . . (2)

بيان:

أراد بالرامق اليقظان، مقابل الراقد بمعنى النائم.

23-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: ازهد في الدنيا يبصّرك اللّه عوراتها و لا تغفل فلست بمغفول عنك. (3)

24-و قال عليه السّلام: الزهد كلّه بين كلمتين من القرآن: قال اللّه سبحانه:

لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى ما فاتَكُمْ وَ لا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ و من لم يأس على الماضي و لم يفرح بالآتي فقد أخذ الزهد بطرفيه. (4)

أقول:

قد مرّ بعض كلامه عليه السّلام في باب حبّ الدنيا، لاحظ ص 507 خ 159 أيضا.

25-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: الزهد في الدنيا ثلاثة أحرف: زاء و هاء و دال، فأمّا الزاء فترك الزينة، و أمّا الهاء فترك الهوى، و أمّا الدال فترك الدنيا. (5)

26-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: علامة الزهد ثلاثة: البعد من جليس السوء

ص:56


1- -نهج البلاغة ص 1098 ح 27- الغرر ج 1 ص 184 ف 8 ح 190
2- نهج البلاغة ص 1133 ح 101
3- نهج البلاغة ص 1272 ح 383- الغرر ج 1 ص 116 ف 2 ح 138
4- نهج البلاغة ص 1291 ح 431
5- جامع الأخبار ص 109 ف 66

و من الكذب و من المحرّمات. (1)

27-عن جعفر بن محمّد عن آبائه عن عليّ عليهم السّلام قال: الزاهد [في الدنيا] من وعظ فاتّعظ، و من علم فعمل، و من أيقن فحذر، فالزاهدون في الدنيا قوم وعظوا فاتّعظوا، و أيقنوا فحذروا، و علموا فعملوا، إن أصابهم يسر شكروا، و إن أصابهم عسر صبروا. (2)

28-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: ما عبد اللّه بشيء أفضل من الزهد في الدنيا.

و قال صلّى اللّه عليه و آله: إذا رأيتم الرجل قد اعطي زهدا في الدنيا فاقتربوا منه فإنّه يلقن الحكمة.

و قال صلّى اللّه عليه و آله: ما اتّخذ اللّه نبيّا إلاّ زاهدا.

و قال صلّى اللّه عليه و آله لمعاذ لمّا بعثه إلى اليمن: ادعهم إلى الزهد في الدنيا، و الرغبة في الآخرة، و أن يحاسبوا أنفسهم.

و قال رجل: يا رسول اللّه، دلّني على عمل يحبّني اللّه و يحبّني الناس، فقال:

ازهد في الدنيا يحبّك اللّه، و ازهد عمّا في أيدي الناس يحبّك الناس.

و قال صلّى اللّه عليه و آله: ليس الزهد في الدنيا تحريم الحلال و لا إضاعة المال، و لكن الزهد في الدنيا الرضا بالقضاء، و الصبر على المصائب، و اليأس عن الناس.

و قال صلّى اللّه عليه و آله: خياركم عند اللّه أزهدكم في الدنيا و أرغبكم في الآخرة.

و قال صلّى اللّه عليه و آله: ما زهد عبد في الدنيا إلاّ أثبت اللّه الحكمة في قلبه و بصّره عيوبها. (3)

29-فقال عزّ و جلّ: . . . يا موسى، إنّ عبادي الصالحين زهدوا فيها بقدر علمهم بي، و سائرهم من خلقي رغبوا فيها بقدر جهلهم بي، و ما من أحد

ص:57


1- -مجموعة الأخبار ص 159 ب 97
2- المستدرك ج 12 ص 44 ب 62 من جهاد النفس ح 11
3- المستدرك ج 12 ص 50 ح 25

من خلقي عظّمها فقرّت عينه، و لم يحقّرها أحد إلاّ انتفع بها. . . (1)

30-في خبر الشاميّ، سأل أمير المؤمنين عليه السّلام: أيّ الناس خير عند اللّه عزّ و جلّ؟ قال: أخوفهم للّه، و أعملهم بالتقوى، و أزهدهم في الدنيا. (2)

31-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قيل لأمير المؤمنين عليه السّلام: ما الزهد في الدنيا؟ قال: تنكّب حرامها. (3)

بيان:

«تنكّب حرامها» : أي تنحّى و أعرض عنها.

32-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ليس الزهد في الدنيا بإضاعة المال و لا بتحريم الحلال، بل الزهد في الدنيا أن لا تكون بما في يدك أوثق منك بما في يد اللّه عزّ و جلّ. (4)

33-عن أبي جعفر الثاني عن أبيه عن جدّه عليهم السّلام قال: سئل الصادق عليه السّلام عن الزاهد في الدنيا قال: الذي يترك حلالها مخافة حسابه، و يترك حرامها مخافة عذابه. (5)

34-سأل النبيّ صلّى اللّه عليه و آله جبرئيل عليه السّلام عن تفسير الزهد، قال: الزاهد يحبّ من يحبّ خالقه، و يبغض من يبغض خالقه، و يتحرّج من حلال الدنيا و لا يلتفت إلى حرامها، فإنّ حلالها حساب و حرامها عقاب، و يرحم جميع المسلمين كما يرحم نفسه، و يتحرّج من الكلام كما يتحرّج من الميتة التي قد اشتدّ نتنها،

ص:58


1- -البحار ج 13 ص 339 باب مناجاة موسى عليه السّلام في ح 14-و نظيره في الكافي ج 2 ص 239 ح 9 و البحار ج 73 ص 21 باب حبّ الدنيا ح 10 عن أبي عبد اللّه عليه السّلام
2- البحار ج 70 ص 309 باب الزهد ح 1
3- البحار ج 70 ص 310 ح 2
4- البحار ج 70 ص 310 ح 4
5- البحار ج 70 ص 310 ح 6

و يتحرّج عن حطام الدنيا و زينتها، كما يتجنّب النار أن يغشاها، و أن يقصر أمله، و كان بين عينيه أجله. (1)

بيان:

«يتحرّج» : يتجنّب.

35-سئل الرضا عليه السّلام عن صفة الزاهد، فقال: متبلّغ بدون قوته، مستعدّ ليوم موته، متبرّم بحياته. (2)

36-روي أنّ نوحا عليه السّلام عاش ألفي عام و خمسمائة عام و مضى من الدنيا و لم يبن فيها بيتا، و كان إذا أصبح يقول: لا امسي و إذا أمسى يقول: لا اصبح، و كذلك نبيّنا صلّى اللّه عليه و آله خرج من الدنيا و لم يضع لبنة على لبنة.

و أمّا إبراهيم عليه السّلام فكان لباسه الصوف و أكله الشعير، و أمّا يحيى عليه السّلام فكان لباسه الليف و أكله ورق الشجر، و أمّا سليمان عليه السّلام فقد كان مع ما هو فيه من الملك يلبس الشعر، و إذا جنّه الليل شدّ يديه إلى عنقه فلا يزال قائما حتّى يصبح باكيا، و كان قوته من سفائف الخوص، يعملها بيده. . . (3)

37-في مواعظ عليّ عليه السّلام: الزاهد في الدنيا من لم يغلب الحرام صبره و لم يشغل الحلال شكره. (4)

38-في مواعظ الصادق عليه السّلام: إنّ الزهّاد في الدنيا نور الجلال عليهم، و أثر الخدمة بين أعينهم، و كيف لا يكونون كذلك و إنّ الرجل لينقطع إلى بعض ملوك الدنيا فيرى عليه أثره فكيف بمن ينقطع إلى اللّه تعالى لا يرى أثره عليه. (5)

ص:59


1- -البحار ج 70 ص 312 ح 14
2- البحار ج 70 ص 319 ح 33
3- البحار ج 70 ص 321 ح 38-و بمضمونه في نهج البلاغة ص 507 في خ 159
4- البحار ج 78 ص 37
5- البحار ج 78 ص 278

39-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: و من يرغب في الدنيا فطال فيها أمله أعمى اللّه قلبه على قدر رغبته فيها، و من زهد فيها فقصّر فيها أمله أعطاه اللّه علما بغير تعلّم، و هدى بغير هداية، و أذهب عنه العماء و جعله بصيرا. (1)

40-قال اللّه تعالى في خبر المعراج: . . . يا أحمد، إن أحببت أن تكون أورع الناس فازهد في الدنيا و ارغب في الآخرة، فقال: يا إلهي، كيف أزهد في الدنيا و أرغب في الآخرة؟ قال: خذ من الدنيا خفّا من الطعام و الشراب و اللباس و لا تدّخر لغد، و دم على ذكري. فقال: يا ربّ، و كيف أدوم على ذكرك؟ فقال: بالخلوة عن الناس و بغضك الحلو و الحامض، و فراغ بطنك و بيتك من الدنيا.

يا أحمد، فاحذر أن تكون مثل الصبيّ إذا نظر إلى الأخضر و الأصفر أحبّه و إذا اعطي شيء من الحلو و الحامض اغترّ به. . . (2)

يا أحمد، هل تعرف ما للزاهدين عندي في الآخرة؟ قال: لا يا ربّ، قال:

يبعث الخلق و يناقشون بالحساب و هم من ذلك آمنون، إنّ أدنى ما اعطي للزاهدين في الآخرة أن اعطيهم مفاتيح الجنان كلّها حتّى يفتحوا أيّ باب شاؤوا، و لا أحجب عنهم وجهي و لأنعّمنّهم بألوان التلذّذ من كلامي، و لاجلسنّهم في مقعد صدق و أذكرنّهم ما صنعوا و تعبوا في دار الدنيا و أفتح لهم أربعة أبواب:

باب تدخل عليهم الهدايا منه بكرة و عشيّا من عندي، و باب ينظرون منه إليّ كيف شاؤوا بلا صعوبة، و باب يطلعون منه إلى النار فينظرون منه إلى الظالمين كيف يعذّبون، و باب تدخل عليهم منه الوصايف و الحور العين.

قال: يا ربّ، من هؤلاء الزاهدون الذين وصفتهم؟ قال: الزاهد هو الذي ليس

ص:60


1- -البحار ج 77 ص 165 في كمات النبيّ صلّى اللّه عليه و آله في ح 187
2- البحار ج 77 ص 22

له بيت يخرب فيغتمّ بخرابه، و لا له ولد يموت فيحزن لموته، و لا له شيء يذهب فيحزن لذهابه، و لا يعرفه إنسان يشغله عن اللّه طرفة عين، و لا له فضل طعام ليسأل عنه، و لا له ثوب لين.

يا أحمد، وجوه الزاهدين مصفرّة من تعب الليل و صوم النهار، و ألسنتهم كلال إلاّ من ذكر اللّه تعالى، قلوبهم في صدورهم مطعونة من كثرة ما يخالفون أهواءهم، قد ضمّروا أنفسهم من كثرة صمتهم، قد اعطوا المجهود من أنفسهم لا من خوف نار و لا من شوق جنّة، و لكن ينظرون في ملكوت السماوات و الأرض فيعلمون أنّ اللّه سبحانه و تعالى أهل للعبادة كأنّما ينظرون إلى من فوقها.

قال: يا ربّ، هل تعطي لأحد من امّتي هذا؟ قال: يا أحمد، هذه درجة الأنبياء و الصدّيقين من امّتك و امّة غيرك و أقوام من الشهداء، قال: يا ربّ، أيّ الزهّاد أكثر؛ زهّاد امّتي أم زهّاد بني إسرائيل؟ قال: إنّ زهّاد بني إسرائيل في زهّاد امّتك كشعرة سوداء في بقرة بيضاء، فقال: يا ربّ، كيف يكون ذلك و عدد بني إسرائيل أكثر من امّتي؟ قال: لأنّهم شكّوا بعد اليقين و جحدوا بعد الإقرار. قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: فحمدت اللّه للزاهدين كثيرا و شكرته و دعوت لهم. . . (1)

بيان:

«الوصيفة» جمع وصائف: و هي الخادمة.

41-في وصيّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لأبي ذرّ رحمه اللّه: يا أبا ذرّ، إذا أراد اللّه عزّ و جلّ بعبد خيرا فقّهه في الدين و زهّده في الدنيا و بصّره بعيوب نفسه.

يا أبا ذرّ، ما زهد عبد في الدنيا إلاّ أنبت اللّه الحكمة في قلبه، و أنطق بها لسانه و يبصّره عيوب الدنيا و داءها و دواءها و أخرجه منها سالما إلى دار السّلام.

ص:61


1- -البحار ج 77 ص 25

يا أبا ذرّ، إذا رأيت أخاك قد زهد في الدنيا فاستمع منه فإنّه يلقى الحكمة.

فقلت: يا رسول اللّه، من أزهد الناس؟ قال: من لم ينس المقابر و البلى، و ترك فضل زينة الدنيا، و آثر ما يبقى على ما يفنى، و لم يعدّ غدا من أيّامه، و عدّ نفسه في الموتى. . .

يا أبا ذرّ، إنّي ألبس الغليظ، و أجلس على الأرض، و ألعق أصابعي، و أركب الحمار بغير سرج، و أردف خلفي، فمن رغب عن سنّتي فليس منّي. . .

يا أبا ذرّ، إنّ الدنيا مشغلة للقلوب و الأبدان و إنّ اللّه تبارك و تعالى سائلنا عمّا نعّمنا في حلاله فكيف بما نعّمنا في حرامه.

يا أبا ذرّ، إنّي قد دعوت اللّه جلّ ثناؤه أن يجعل رزق من يحبّني الكفاف و أن يعطي من يبغضي كثرة المال و الولد.

يا أبا ذرّ، طوبى للزاهدين في الدنيا، الراغبين في الآخرة، الذين اتّخذوا أرض اللّه بساطا و ترابها فراشا و ماؤها طيبا، و اتّخذوا كتاب اللّه شعارا و دعاؤه دثارا يقرضون الدنيا قرضا. . . (1)

يا أبا ذرّ، إنّ أهل الورع و الزهد في الدنيا هم أولياء اللّه حقّا. . . (2)

42-في وصيّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لابن مسعود: . . . قال اللّه تعالى: وَ آتَيْناهُ اَلْحُكْمَ صَبِيًّا يعني الزهد في الدنيا، و قال اللّه تعالى لموسى: يا موسى، إنّه لن يتزيّن المتزيّنون بزينة أزين في عيني مثل الزهد. . . و من ترقّب الموت أعرض عن اللذّات، و من زهد في الدنيا هانت عليه المصيبات. . . (3)

43-قال الصادق عليه السّلام: الزهد مفتاح باب الآخرة و البراءة من النار، و هو تركك كلّ شيء يشغلك عن اللّه تعالى من غير تأسّف على فوتها، و لا إعجاب

ص:62


1- -البحار ج 77 ص 82
2- البحار ج 77 ص 89
3- البحار ج 77 ص 96

في تركها، و لا انتظار فرج منها، و لا طلب محمدة عليها و لا غرض لها، بل يرى فوتها راحة و كونها آفة، و يكون أبدا هاربا من الآفة معتصما بالراحة، و الزاهد الذي يختار الآخرة على الدنيا، و الذلّ على العزّ، و الجهد على الراحة، و الجوع على الشبع، و عافية الآجل على محنة العاجل، و الذكر على الغفلة، و تكون نفسه في الدنيا و قلبه في الآخرة.

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: حبّ الدنيا رأس كلّ خطيئة. [و قال صلّى اللّه عليه و آله: الدنيا جيفة و طالبها كلاب]أ لا ترى كيف أحبّ ما أبغضه اللّه، و أيّ خطيئة أشدّ جرما من هذا.

و قال بعض أهل البيت عليهم السّلام: لو كانت الدنيا بأجمعها لقمة في فم طفل لرجمناه، فكيف حال من نبذ حدود اللّه وراء ظهره في طلبها و الحرص عليها. . . (1)

44-و سئل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عن الزهد، قال: ترك ما يشغلك عن اللّه، الدنيا يوم و لنا فيه صوم. (2)

45-عن أمير المؤمنين عليه السّلام أنّه قال:

الراحة في الزهد. . . (الغرر ج 1 ص 15 ف 1 ح 381)

الزهد ثمرة الدين-الزهد أصل الدين. . . (ص 18 و 20 ح 466 و 542)

الزهد ثمرة اليقين-الزهد أساس اليقين. . . (ص 19 و 21 ح 514 و 569)

الزهد متجر رابح. . . (ص 22 ح 603)

الزهد سجيّة المخلصين. . . (ص 24 ح 713)

الزهد مفتاح صلاح. . . (ص 27 ح 799)

الزهد قصر الأمل. . . (ص 30 ح 922)

ص:63


1- -مصباح الشريعة ص 22 ب 31
2- لئالي الأخبار ج 1 ص 32

التزهّد يؤدّي إلى الزهد. . . (ص 37 ح 1163)

الزهد أن لا تطلب المفقود حتّى يعدم الموجود. . . (ص 44 ح 1306)

الزهد في الدنيا الراحة العظمى. . . (ص 47 ح 1363)

الزهد شيمة المتّقين و سجيّة الأوّابين. . . (ص 67 ح 1742)

العلم يرشدك إلى ما أمرك به و الزهد يسهّل لك الطريق إليه.

(ص 75 ح 1860)

الزهد تقصير الآمال و إخلاص الأعمال. . . (ص 76 ح 1867)

الزهد أقلّ ما يوجد و أجلّ ما يعهد، يمدحه الكلّ و يتركه الجلّ.

(ص 89 ح 2043)

ازهد في الدنيا تنزل عليك الرحمة. . . (ص 110 ف 2 ح 52)

أوّل الزهد التزهّد. . . (ص 178 ف 8 ح 94)

أفضل الطاعات الزهد في الدنيا. . . (ص 183 ح 172)

أصل الزهد حسن الرغبة فيما عند اللّه. . . (ص 188 ح 260)

أصل الزهد اليقين، و ثمرته السعادة-أعظم الناس سعادة أكثرهم زهادة.

(ص 189 ح 273 و 274)

أحقّ الناس بالزهادة من عرف نقص الدنيا. . . (ص 197 ح 385)

إنّكم إن زهدتم خلصتم من شقاء الدنيا و فزتم بدار البقاء.

(ص 292 ف 14 ح 27)

إذا هرب الزاهد من الناس فاطلبه-إذا طلب الزاهد الناس فاهرب منه.

(ص 316 ف 17 ح 104 و 105)

ثمرة اليقين الزهادة. . . (ص 359 ف 23 ح 15)

ثمرة الزهد الراحة. . . (ص 360 ح 32)

ثمن الجنّة الزهد في الدنيا. . . (ص 366 ف 25 ح 15)

ص:64

زهدك في الدنيا ينجيك و رغبتك فيها ترديك. . . (ص 426 ف 37 ح 33)

زهد المرء فيما يفنى على قدر يقينه بما يبقى. . . (ص 427 ح 44)

كيف يزهد في الدنيا من لا يعرف قدر الآخرة. (ج 2 ص 554 ف 64 ح 14)

كيف يصل إلى حقيقة الزهد من لم يمت شهوته. . . (ص 555 ح 25)

كسب العلم الزهد في الدنيا. . . (ص 572 ف 69 ح 2)

من عرف الدنيا تزهّد. . . (ص 619 ف 77 ح 190)

من زهد هانت عليه المحن. . . (ص 649 ح 669)

من أيقن بما يبقى زهد فيما يفنى. . . (ص 654 ح 763)

من زهد في الدنيا حسن (حصّن ف ن) دينه. . . (ص 657 ح 809)

من زهد في الدنيا لم تفته-من رغب فيها أتعبته و أشقّته.

(ص 658 ح 819 و 820)

من زهد في الدنيا استهان بالمصائب. . . (ص 669 ح 963)

من أيقن بالآخرة سلا عن الدنيا. . . (ص 672 ح 1002)

من أكثر من ذكر الموت قلّت في الدنيا رغبته. . . (ص 681 ح 1104)

من زهد في الدنيا أعتق نفسه و أرضى ربّه. . . (ص 685 ح 1153)

من زهد في الدنيا قرّت عيناه بجنّة المأوى-من لم يزهد في الدنيا لم يكن له نصيب في جنّة المأوى. . . (ص 711 و 712 ح 1413 و 1428)

مع الزهد تثمر الحكمة. . . (ص 758 ف 80 ح 22)

يسير المعرفة يوجب الزهد في الدنيا. . . (ص 866 ف 89 ح 9)

أقول:

الأخبار في الباب وافرة، قد مرّ بعضها في باب حبّ الدنيا، و يدلّ على ذلك ما في سيرة الأنبياء و الأولياء عليهم السّلام من شدّة زهدهم و تركهم للدنيا.

و ينبغي الإيمان بهذه الأخبار و التسليم لأئمّتنا عليهم السّلام لا ردّها لكونها مخالفا لحالنا

ص:65

و سيرتنا.

و يجب علينا بيان نكات:

الأولى: أنّ منشأ اختلاف الأخبار في الباب هو أنّ بعضها يكون في مقام بيان معنى الزهد أو لوازمه، و عدّة منها في صدد بيان درجاته، و شطر منها في مقام ذكر علامات الزهد و الزاهد.

الثانية: أنّه لا تغفل عن مكائد المتصوّفة و المرتاضين، حيث إنّهم تركوا الدنيا للدنيا، بل يجب علينا سلوك طريق الشرع و تحمّل الرياضات الشرعية لا سلوك طريق أهل البدع، فهم في غمرات الجهل يعمهون و عن الصراط لناكبون.

و في عدّة الداعي ص 93: سئل أمير المؤمنين عليه السّلام: من أعظم الشقاء؟ قال عليه السّلام:

رجل ترك الدنيا للدنيا، ففاتته الدنيا و خسر الآخرة، و رجل تعبّد و اجتهد و صام رئاء الناس، فذلك الذي حرم لذّات الدنيا من دنايا و لحقه التعب الذي لو كان به مخلصا لاستحقّ ثوابه، فورد الآخرة و هو يظنّ أنه قد عمل ما يثقل به ميزانه فيجده هباء منثورا. . .

الثالثة: أنّه في ابتداء الأمر يحتاج إلى التزهّد و التكلّف بالزهد حتّى يوجد في القلب عدم الرغبة و بغض الدنيا، قد مرّ من الغرر عن أمير المؤمنين عليه السّلام: التزهّد يؤدّي إلى الزهد. و عنه عليه السّلام: أوّل الزهد التزهّد.

الرابعة: أنّ الزهد و إن كان أمرا قلبيّا و هو أن لا يأسى الإنسان على ما فاته و لا يفرح بما آتاه اللّه، و يكون قصير الأمل، و لكن لا بدّ أن تظهر آثاره في العمل و الجوارح.

و جدير بالذكر أنّ للزهد درجات متفاوته ففي مرتبة يترك الزاهد الحرام مخافة عقاب اللّه تعالى، و في مرتبة يترك الشبهات لئلاّ يقع في الحرام، و في مرتبة يترك أيضا حلال الدنيا و لا يدّخر منها و لا يجمعها، و يقنع بأقلّ ما يحتاج إليه و يكتفي بالضرورة، بل يكون أكله كأكل المضطرّ إلى الميتة، تواضعا للّه تعالى و فرارا

ص:66

من آفات الدنيا و شرورها و عن حسابها في الموقف و. . . و قد يعبّر في الأخبار و الآثار عن تلك المرتبة ببغض الدنيا، و قد مرّ في باب حبّ الدنيا حديث عيسى عليه السّلام من الأنوار النعمانيّة، و حديث بكاء سلمان عند موته و عنده مطهرة و إجانة و جفنة، و حديث الإمام المجتبى عليه السّلام لجنادة و فيه: «و اعلم أنّ في حلالها حساب، و في حرامها عقاب، و في الشبهات عتاب، فأنزل الدنيا بمنزلة الميتة، خذ منها ما يكفيك، فإن كان ذلك حلالا كنت قد زهدت فيها و إن كان حراما لم يكن فيه وزر، فأخذت كما أخذت من الميتة و إن كان العتاب فإنّ العتاب يسير» .

و يدلّ على ذلك الأخبار الواردة في سيرة الأنبياء و الأوصياء و الأئمّة عليهم السّلام و أصحابهم و أكابر الدين في مأكلهم و ملبسهم و مسكنهم و في نهج البلاغة (ص 966 في ر 45) في كتاب أمير المؤمنين عليه السّلام إلى عثمان بن حنيف: «ألا و إنّ لكلّ مأموم إماما يقتدي به، و يستضيء بنور علمه، ألا و إنّ إمامكم قد اكتفى من دنياه بطمريه، و من طعمه بقرصيه» و مرّ أيضا في باب حبّ الدنيا خ 159 من نهج البلاغة (ص 507) في سيرة الأنبياء عليهم السّلام.

و المرتبة الأعلى من الزهد ترك الدنيا و ترك الهوى بل ترك جميع ما سوى اللّه تعالى، و هي درجة النبيّ و الأئمّة عليهم السّلام و لا توجد في غيرهم إلاّ القليل غاية القلّة.

الخامسة: أنّ ذكر الموت يوجب الزهد في الدنيا كما مرّ في الأخبار، و يأتي ما يدلّ على ذلك في باب الموت ف 2.

ص:67

7B22426F6F6B506167654944223A32303534393737382C22426F6F6B4944223A31363732302C2253656374696F6E4E756D223A312C22506167654E756D223A36382C2253686F77506167654E756D223A223638222C22436F6E74656E7454797065223A322C22486173496D616765223A747275652C2248617354657874223A66616C73652C22496E7465726E616C4964223A6E756C6C2C22496D616765436F6E74656E7455726C223A222F424F4F4B494D41474553312F424B31353931342F424B3135393134473030332F424B31353931344730303353312F424B31353931344730303353315036382E676966222C22536F6C72426F6F6B506167654964223A307D

ص:

81- الزيارة

اشارة

و فيه فصول:

الفصل الأوّل: فضل زيارة الحجج المعصومين عليهم السّلام

1-عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: بينما الحسين بن عليّ عليهما السّلام في حجر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إذ رفع رأسه فقال له: يا أبة، ما لمن زارك بعد موتك، فقال: يا بنيّ، من أتاني زائرا بعد موتي فله الجنّة، و من أتى أباك زائرا بعد موته فله الجنّة، و من أتى أخاك زائرا بعد موته فله الجنّة، و من أتاك زائرا بعد موتك فله الجنّة. (1)

بيان:

«الحجر» بالكسر أو الضمّ: حضن الإنسان (دامن انسان-آغوش-بغل) .

2-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال الحسين عليه السّلام لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ما جزاء من زارك؟ فقال: يا بنيّ، من زارني حيّا أو ميّتا أو زار أباك أو زار أخاك أو

ص:69


1- -كامل الزيارات ص 10 ب 1 ح 1

زارك كان حقّا عليّ أن أزوره يوم القيامة حتّى أخلّصه من ذنوبه. (1)

3-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: يا عليّ، من زارني في حياتي أو بعد موتي، أو زارك في حياتك أو بعد موتك، أو زار ابنيك في حياتهما أو بعد موتهما، ضمنت له يوم القيامة أن اخلّصه من أهوالها و شدائدها حتّى أصيّره معي في درجتي. (2)

4-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من أتى مكّة حاجّا و لم يزرني بالمدينة جفوته يوم القيامة، و من زارني زائرا وجبت له شفاعتي و من وجبت له شفاعتي وجبت له الجنّة، و من مات في أحد الحرمين مكّة أو المدينة لم يعرض إلى الحساب و مات مهاجرا إلى اللّه و حشر يوم القيامة مع أصحاب بدر. (3)

5-عن موسى بن جعفر عن أبيه جعفر بن محمّد عن أبيه عن عليّ بن الحسين عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من زار قبري بعد موتي كان كمن هاجر إليّ في حيوتي، فإن لم تستطيعوا فابعثوا إليّ السّلام فإنّه يبلغني (4).

6-عن زيد الشحّام قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: ما لمن زار قبر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله؟ قال: كمن زار اللّه في عرشه. (5)

7-عن أبي وهب البصري قال: دخلت المدينة فأتيت أبا عبد اللّه عليه السّلام فقلت: جعلت فداك، أتيتك و لم أزر قبر أمير المؤمنين عليه السّلام، قال: بئس ما صنعت لو لا أنّك من شيعتنا ما نظرت إليك، أ لا تزور من يزوره اللّه تعالى مع الملائكة و يزوره الأنبياء مع المؤمنين؟ ! قلت: جعلت فداك، ما علمت ذلك، قال: فاعلم أنّ أمير المؤمنين عليه السّلام أفضل عند اللّه من الأئمّة كلّهم و له ثواب أعمالهم، و على قدر

ص:70


1- -كامل الزيارات ص 11 ح 2
2- كامل الزيارات ص 11 ح 3
3- كامل الزيارات ص 13 ب 2 ح 9
4- كامل الزيارات ص 14 ح 17
5- كامل الزيارات ص 15 ح 20

أعمالهم فضّلوا. (1)

أقول:

«مع المؤمنين» في بعض النسخ: "و يزوره المؤمنون".

8-عن عنبسة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سمعته يقول: و كلّ اللّه بقبر الحسين بن عليّ عليهما السّلام سبعين ألف ملك يعبدون اللّه عنده، الصلاة الواحدة من صلاة أحدهم تعدل ألف صلوة من صلوة الآدميّين، يكون ثواب صلاتهم لزوّار قبر الحسين بن عليّ عليه السّلام و على قاتله لعنة اللّه و الملائكة و الناس أجمعين أبد الآبدين. (2)

9-عن محمّد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام قال: مروا شيعتنا بزيارة قبر الحسين عليه السّلام، فإنّ إتيانه مفترض على كلّ مؤمن يقرّ للحسين عليه السّلام بالإمامة من اللّه عزّ و جلّ. (3)

أقول:

في ح 3: فإنّ زيارة قبر الحسين واجبة على الرجال و النساء.

10-عن الوشاء قال: سمعت الرضا عليه السّلام يقول: إنّ لكلّ إمام عهدا في عنق أوليائه و شيعته، و إنّ من تمام الوفاء بالعهد و حسن الأداء زيارة قبورهم، فمن زارهم رغبة في زيارتهم و تصديقا لما رغبوا فيه كان أئمّتهم شفعائهم يوم القيامة. (4)

11-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: لو أنّ أحدكم حجّ دهره ثمّ لم يزر الحسين بن عليّ عليهما السّلام لكان تاركا حقّا من حقوق اللّه و حقوق رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، لأنّ حقّ

ص:71


1- -كامل الزيارات ص 38 ب 10 ح 1
2- كامل الزيارات ص 121 ب 42 ح 1
3- كامل الزيارات ص 121 ب 43 ح 1
4- كامل الزيارات ص 121 ح 2

الحسين عليه السّلام فريضة من اللّه واجبة على كلّ مسلم. (1)

12-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من أتى قبر أبي عبد اللّه عليه السّلام فقد وصل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و وصلنا و حرمت غيبته و حرم لحمه على النار، و أعطاه اللّه بكلّ درهم أنفقه عشرة ألف مدينة له في كتاب محفوظ، و كان اللّه له من وراء حوائجه، و حفظ في كلّ ما خلّف، و لم يسأل اللّه شيئا إلاّ أعطاه و أجابه فيه إمّا أن يعجّله و إمّا أن يؤخّره له. (2)

13-عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام (في حديث طويل) قال: قلت: جعلت فداك، ما تقول فيمن ترك زيارته و هو يقدر على ذلك؟ قال: أقول: إنّه قد عقّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و عقّنا و استخفّ بأمر هو له، و من زاره كان اللّه له من وراء حوائجه و كفى ما أهمّه من أمر دنياه، و إنّه ليجلب الرزق على العبد، و يخلف عليه ما أنفق، و يغفر له ذنوب خمسين سنة، و يرجع إلى أهله و ما عليه وزر و لا خطيئة إلاّ و قد محيت من صحيفته.

فإن هلك في سفره نزلت الملائكة فغسلته و فتحت له أبواب الجنّة و يدخل عليه روحها (عليها روحه ظ) حتّى ينشر، و إن سلم فتح له الباب الذي ينزل منه الرزق، و يجعل له بكلّ درهم أنفقه عشرة آلاف درهم، و ذخر ذلك له فإذا حشر قيل له: لك بكلّ درهم عشرة آلاف درهم، و إنّ اللّه نظر لك و ذخرها لك عنده. (3)

14-عن عبد اللّه الطحّان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سمعته يقول:

ما من أحد يوم القيامة إلاّ و هو يتمنّى أنّه من زوّار الحسين لما يرى ممّا يصنع

ص:72


1- -كامل الزيارات ص 122 ح 4
2- كامل الزيارات ص 127 ب 46 ح 1
3- كامل الزيارات ص 127 ح 2

بزوّار الحسين عليه السّلام من كرامتهم على اللّه تعالى. (1)

15-عن أبي الحسن الرضا عن أبيه عليهما السّلام قال: قال أبو عبد اللّه الصادق عليه السّلام: إنّ أيّام زائري الحسين عليه السّلام لا تحسب من أعمارهم و لا تعدّ من آجالهم. (2)

16-عن محمّد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام قال: لو يعلم الناس ما في زيارة قبر الحسين عليه السّلام من الفضل لماتوا شوقا، و تقطّعت أنفسهم عليه حسرات، قلت: و ما فيه، قال: من أتاه تشوّقا كتب اللّه له ألف حجّة متقبّلة، و ألف عمرة مبرورة، و أجر ألف شهيد من شهداء بدر، و أجر ألف صائم، و ثواب ألف صدقة مقبولة، و ثواب ألف نسمة اريد بها وجه اللّه، و لم يزل محفوظا سنته من كلّ آفة أهونها الشيطان، و وكّل به ملك كريم يحفظه من بين يديه و من خلفه و عن يمينه و عن شماله و من فوق رأسه و من تحت قدمه.

فإن مات سنته حضرته ملائكة الرحمة، يحضرون غسله و أكفانه و الاستغفار له و يشيّعونه إلى قبره بالاستغفار له، و يفسح له في قبره مدّ بصره، و يؤمنه اللّه من ضغطة القبر و من منكر و نكير أن يروّعانه، و يفتح له باب إلى الجنّة و يعطى كتابه بيمينه و يعطى له يوم القيامة نورا يضيء لنوره ما بين المشرق و المغرب، و ينادي مناد: هذا من زوّار الحسين شوقا إليه فلا يبقى أحد يوم القيامة إلاّ تمنّى يومئذ أنّه كان من زوّار الحسين عليه السّلام. (3)

17-عن منصور بن حازم قال: سمعناه يقول: من أتى عليه حول لم يأت قبر الحسين عليه السّلام أنقص اللّه من عمره حولا، و لو قلت: إنّ أحدكم ليموت قبل أجله بثلاثين سنة لكنت صادقا، و ذلك لأنّكم تتركون زيارة الحسين عليه السّلام، فلا تدعوا زيارته يمدّ اللّه في أعماركم و يزيد في أرزاقكم، و إذا تركتم زيارته نقّص اللّه

ص:73


1- -كامل الزيارات ص 135 ب 50 ح 1
2- كامل الزيارات ص 136 ب 51
3- كامل الزيارات ص 142 ب 56 ح 3

من أعماركم و أرزاقكم، فتنافسوا في زيارته و لا تدعوا ذلك، فإنّ الحسين شاهد لكم في ذلك عند اللّه و عند رسوله و عند فاطمة و عند أمير المؤمنين عليهم السّلام. (1)

18-عن صفوان الجمّال قال: قال لي أبو عبد اللّه عليه السّلام لمّا أتى الحيرة:

هل لك في قبر الحسين عليه السّلام؟ قلت: و تزوره جعلت فداك؟ قال: و كيف لا أزوره و اللّه يزوره في كلّ ليلة جمعة يهبط مع الملائكة إليه، و الأنبياء و الأوصياء و محمّد أفضل الأنبياء و نحن أفضل الأوصياء. فقال صفوان: جعلت فداك، فتزوره في كلّ جمعة حتّى تدرك زيارة الربّ، قال: نعم يا صفوان، ألزم ذلك يكتب لك زيارة قبر الحسين عليه السّلام و ذلك تفضيل و ذلك تفضيل. (2)

19-عن الوشّاء قال: قلت للرضا عليه السّلام: ما لمن زار قبر أبيك أبي الحسن عليه السّلام؟ فقال: زره، قال: فقلت: فأيّ شيء فيه من الفضل؟ قال: له مثل من زار قبر الحسين عليه السّلام. (3)

20-عن الحسين بن محمّد الأشعري قال: قال لي الرضا عليه السّلام: من زار قبر أبي ببغداد كان كمن زار رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و قبر أمير المؤمنين عليه السّلام، إلاّ أنّ لرسول اللّه و أمير المؤمنين فضلهما. (4)

21-قال أبو الحسن الرضا عليه السّلام: من زارني على بعد داري و شطون مزاري أتيته يوم القيامة في ثلاث مواطن حتّى أخلّصه من أهوالها: إذا تطايرت الكتب يمينا و شمالا و عند الصراط و عند الميزان. (5)

ص:74


1- -كامل الزيارات ص 151 ب 61 ح 2
2- كامل الزيارات ص 112 ب 38 ح 4
3- كامل الزيارات ص 299 ب 99 ح 3
4- كامل الزيارات ص 299 ح 6
5- كامل الزيارات ص 304 ب 101 ح 4

بيان:

«الشطون» : أي البعد. «تطايرت الكتب» : أي تفرّقت.

22-عن البزنطيّ قال: قرأت في كتاب أبي الحسن الرضا عليه السّلام: أبلغ شيعتي أنّ زيارتي تعدل عند اللّه ألف حجّة، قال: فقلت لأبي جعفر عليه السّلام: ألف حجّة؟ قال:

إي و اللّه و ألف ألف حجّة لمن زاره عارفا بحقّه. (1)

23-عن عليّ بن مهزيار قال: قلت لأبي جعفر عليه السّلام: جعلت فداك، زيارة الرضا أفضل أم زيارة أبي عبد اللّه حسين بن عليّ عليهما السّلام؟ قال عليه السّلام: زيارة أبي أفضل، و ذلك أنّ أبا عبد اللّه عليه السّلام يزوره كلّ الناس و أبي لا يزوره إلاّ الخواصّ من الشيعة. (2)

أقول:

رواه الكليني رحمه اللّه في الفروع و الشيخ رحمه اللّه في التهذيب، و لعلّ التعليل يدلّ على أنّ زيارة الرضا عليه السّلام أفضل في خصوص زمان قلّ زائره و رغب عنه الناس لعارض كالخوف و بعد الطريق، كما سيأتي ما يدلّ على ذلك في ح 27 عن عبد العظيم الحسنيّ عليه السّلام.

24-عن يحيى بن سليمان عن أبي الحسن موسى بن جعفر عليهما السّلام قال:

من زار قبر ولدي كان له عند اللّه سبعين حجّة مبرورة، قال: قلت: سبعين حجّة؟ ! قال: نعم و سبعمأة حجّة، قلت: سبعمأة حجّة؟ ! قال: نعم و سبعين ألف حجّة، قلت: و سبعين ألف حجّة؟ ! قال: نعم و ربّ حجّة لا تقبل، من زاره و بات عنده ليلة كان كمن زار اللّه في عرشه. . . (3)

25-قال عليّ بن موسى الرضا عليه السّلام: لا تشدّ الرحال إلى شيء من القبور

ص:75


1- -كامل الزيارات ص 306 ح 9
2- كامل الزيارات ص 306 ح 11
3- كامل الزيارات ص 307 ح 13

إلاّ إلى قبورنا، ألا و إنّي مقتول بالسمّ ظلما و مدفون في موضع غربة فمن شدّ رحله إلى زيارتي استجيب دعاؤه و غفر له ذنوبه. (1)

26-قال أبو الحسن الرضا عليه السّلام: إنّ بخراسان لبقعة يأتي عليها زمان تصير مختلف الملائكة و لا يزال فوج ينزل من السماء و فوج يصعد إلى أن ينفخ في الصور، فقيل له: يا بن رسول اللّه، و أيّ بقعة هذه؟ قال: هي بأرض طوس و هي و اللّه روضة من رياض الجنّة، من زارني في تلك البقعة كان كمن زار رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و كتب اللّه تعالى له ثواب ألف حجّة مبرورة و ألف عمرة مقبولة و كنت أنا و آبائي شفعائه يوم القيامة. (2)

27-عن عبد العظيم الحسنيّ رحمه اللّه قال: قلت لأبي جعفر عليه السّلام: قد تحيّرت بين زيارة قبر أبي عبد اللّه عليه السّلام و بين زيارة قبر أبيك عليه السّلام بطوس فما ترى؟ فقال لي:

مكانك، ثمّ دخل و خرج و دموعه تسيل على خدّيه فقال: زوّار قبر أبي عبد اللّه عليه السّلام كثيرون، و زوّار قبر (أبي) عليه السّلام بطوس قليلون. (3)

28-عن أبي الصلت الهرويّ قال: سمعت الرضا عليه السّلام يقول: و اللّه ما منّا إلاّ مقتول شهيد، فقيل له: و من يقتلك يا بن رسول اللّه؟ قال: شرّ خلق اللّه في زماني يقتلني بالسمّ، ثمّ يدفنني في دار مضيقة و بلاد غربة، ألا فمن زارني في غربتي كتب اللّه تعالى له أجر مأة ألف شهيد و مأة ألف صدّيق و مأة ألف حاجّ و معتمر و مأة ألف مجاهد، و حشر في زمرتنا و جعل في الدرجات العلى في الجنّة رفيقنا. (4)

29-عن أبي جعفر محمّد بن عليّ عن أبيه عليّ بن الحسين عن الحسين بن عليّ عن أمير المؤمنين عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ستدفن بضعة منّي بأرض

ص:76


1- -العيون ج 2 ص 258 ب 66 ح 1
2- العيون ج 2 ص 259 ح 5
3- العيون ج 2 ص 259 ح 8
4- العيون ج 2 ص 260 ح 9

خراسان، ما زارها مكروب إلاّ نفّس اللّه كربته، و لا مذنب إلاّ غفر اللّه ذنوبه. (1)

30-قال أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السّلام: سيقتل رجل من ولدي بأرض خراسان بالسمّ ظلما، اسمه اسمي و اسم أبيه اسم ابن عمران موسى عليه السّلام، ألا فمن زاره في غربته غفر اللّه تعالى ذنوبه ما تقدّم منها و ما تأخّر و لو كانت مثل عدد النجوم و قطر الأمطار و ورق الأشجار. (2)

31-عن زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام قال: إنّما أمر الناس أن يأتوا هذه الأحجار فيتطوّفوا بها ثمّ يأتوننا فيخبرونا بولايتهم و يعرضوا علينا نصرتهم. (3)

أقول:

بهذا المعنى أخبار اخر، يأتي بعضها في باب الولاية.

32-عن عليّ الهادي عليه السّلام قال: من كانت له إلى اللّه حاجة فليزر قبر جدّي الرضا عليه السّلام بطوس، و هو على غسل، و ليصلّ عند رأسه ركعتين و ليسأل اللّه حاجته في قنوته، فإنّه يستجيب له ما لم يسأل في مأثم أو قطيعة رحم، و إنّ موضع قبره لبقعة من بقاع الجنّة، لا يزورها مؤمن إلاّ أعتقه اللّه من النار و أحلّه إلى دار القرار. (4)

33-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من زار أمير المؤمنين عليه السّلام ماشيا كتب اللّه له بكلّ خطوة حجّة و عمرة، فإن رجع ماشيا كتب اللّه له بكلّ خطوة حجّتين و عمرتين. (5)

ص:77


1- -العيون ج 2 ص 261 ح 14
2- العيون ج 2 ص 262 ح 17
3- العيون ج 2 ص 266 ح 30
4- العيون ج 2 ص 266 ح 32
5- الوسائل ج 14 ص 380 ب 24 من المزار

34-عن سدير قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: يا سدير، تزور الحسين عليه السّلام في كلّ يوم؟ قلت: جعلت فداك لا، قال: فما أجفاكم! قال: فتزورونه في كلّ جمعة؟ قلت: لا، قال: فتزورونه في كلّ شهر؟ قلت: لا، قال: فتزورونه في كلّ سنة؟ قال:

قلت: قد يكون ذلك، قال: يا سدير، ما أجفاكم للحسين!

أما علمت أنّ للّه عزّ و جلّ ألفي ألف ملك شعثا غبرا يبكونه، و يزورونه، لا يفترون، و ما عليك-يا سدير-أن تزور قبر الحسين عليه السّلام في كلّ جمعة خمس مرّات أو في كلّ يوم مرّة، قلت: جعلت فداك، (إنّ) بيننا و بينه فراسخ كثيرة، فقال لي: اصعد فوق سطحك ثمّ التفت يمنة و يسرة ثمّ ترفع رأسك إلى السماء، ثمّ تنحو نحو القبر فتقول: «السّلام عليك يا أبا عبد اللّه، السّلام عليك و رحمة اللّه و بركاته» تكتب لك زورة، و الزورة حجّة و عمرة. (1)

بيان:

في المصباح، «الجمعة» بسكون الميم: اسم لأيّام الأسبوع. . .

35-عن هشام قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إذا بعدت بأحدكم الشقّة و نأت به الدار فليصعد (فليعل يب) أعلى منزله فليصلّ ركعتين و ليؤمّ بالسلام إلى قبورنا فإنّ ذلك يصل إلينا. (2)

36-عن سليمان بن عيسى عن أبيه قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: كيف أزورك إذا لم أقدر على ذلك؟ قال: قال لي: يا عيسى، إذا لم تقدر على المجيء، فإذا كان في يوم الجمعة فاغتسل أو توضّأ، و اصعد إلى سطحك، و صلّ ركعتين و توجّه نحوي، فإنّه من زارني في حياتي فقد زارني في مماتي و من زارني في مماتي فقد زارني في حياتي. (3)

ص:78


1- -الوسائل ج 14 ص 493 ب 63 ح 2
2- الوسائل ج 14 ص 577 ب 95 ح 1
3- الوسائل ج 14 ص 578 ح 5

37-عن عبد اللّه بن مسعود قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّ للّه ملائكة سيّاحين في الأرض يبلغونني عن امّتي السّلام. (1)

38-عن أمير المؤمنين عليه السّلام عن فاطمة عليها السّلام قالت: قال لي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

يا فاطمة، من صلّى عليك غفر اللّه له و ألحقه بي حيث كنت من الجنّة. (2)

أقول:

الأخبار في هذا الفصل كثيرة جدّا ذكرنا بعضها.

ص:79


1- -البحار ج 100 ص 181 ب 6 من المزار ح 1
2- البحار ج 100 ص 194 ب 8 ح 10

الفصل الثانيّ: آداب الزيارة و دخول المشاهد المشرّفة

الآيات

1- يا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ. . . (1)

2- . . . فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوادِ اَلْمُقَدَّسِ طُوىً. (2)

3- فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اَللّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَ يُذْكَرَ فِيهَا اِسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بِالْغُدُوِّ وَ اَلْآصالِ. الآيات (3).

4- يا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ اَلنَّبِيِّ إِلاّ أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ. . . (4)

5- يا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اَللّهِ وَ رَسُولِهِ وَ اِتَّقُوا اَللّهَ إِنَّ اَللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ- يا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ اَلنَّبِيِّ وَ لا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمالُكُمْ وَ أَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ- إِنَّ اَلَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْواتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اَللّهِ أُولئِكَ اَلَّذِينَ اِمْتَحَنَ اَللّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوى لَهُمْ

ص:80


1- -الأعراف:31
2- طه:12
3- النور:36 إلى 38
4- الأحزاب:53

مَغْفِرَةٌ وَ أَجْرٌ عَظِيمٌ. (1)

الأخبار

1-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قوله تعالى: خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ قال: الغسل عند لقاء كلّ إمام. (2)

2-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من اغتسل بعد طلوع الفجر كفاه غسله إلى الليل في كلّ موضع يجب فيه الغسل، و من اغتسل ليلا كفاه غسله إلى طلوع الفجر. (3)

3-عن معلّى بن خنيس قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: إذا انصرف الرجل من إخوانكم من زيارتنا أو زيارة قبورنا فاستقبلوه، و سلّموا عليه، و هنّؤوه بما وهب اللّه له، فإنّ لكم مثل ثوابه، و يغشاكم ثواب مثل ثوابه من رحمة اللّه، و إنّه ما من رجل يزورنا أو يزور قبورنا إلاّ غشيته الرحمة و غفرت له ذنوبه. (4)

4-عن أبي عامر واعظ أهل الحجاز قال: أتيت أبا عبد اللّه عليه السّلام فقلت له:

ما لمن زار قبره-يعني أمير المؤمنين عليه السّلام-و عمّر تربته؟ فقال: يا أبا عامر، حدّثني أبي، عن أبيه، عن جدّه الحسين بن عليّ، عن عليّ عليهم السّلام أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال له: و اللّه لتقتلنّ بأرض العراق و تدفن بها، قلت: يا رسول اللّه، ما لمن زار قبورنا و عمّرها و تعاهدها؟

فقال لي: يا أبا الحسن، إنّ اللّه جعل قبرك و قبور ولدك بقاعا من بقاع الجنّة و عرصة من عرصاتها، و إنّ اللّه جعل قلوب نجباء من خلقه و صفوة من عباده

ص:81


1- -الحجرات:1 إلى 3
2- البحار ج 100 ص 132 باب آداب الزيارة ح 21
3- البحار ج 100 ص 133 ح 23
4- البحار ج 102 ص 302 باب إكرام القادم من الزيارة

تحنّ إليكم، و تحتمل المذلّة و الأذى فيكم، فيعمرون قبوركم، و يكثرون زيارتها تقرّبا منهم إلى اللّه، و مودّة منهم لرسوله، أولئك-يا عليّ-المخصوصون بشفاعتي، و الواردون حوضي، و هم زوّاري غدا في الجنّة.

يا عليّ، من عمّر قبوركم و تعاهدها فكأنّما أعان سليمان بن داود على بناء بيت المقدّس، و من زار قبوركم عدل ذلك له ثواب سبعين حجّة بعد حجّة الإسلام، و خرج من ذنوبه حتّى يرجع من زيارتكم كيوم ولدته امّه، فأبشر و بشّر أوليائك و محبّيك من النعيم و قرّة العين بما لا عين رأت و لا اذن سمعت و لا خطر على قلب بشر، و لكن حثالة من الناس يعيرون زوّار قبوركم بزيارتكم كما تعير الزانية بزناها، أولئك شرار امّتي لا أنالهم اللّه شفاعتي و لا يردون حوضي. (1)

عن الصادق عن أبيه عن جدّه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لعليّ عليه السّلام: إنّ اللّه جعل قبرك و قبر ولدك بقاعا من بقاع الجنّة. . . ثمّ ذكر بقيّة الحديث إلاّ أنّه قال:

فمن عمّر قبورهم ثمّ قال: و من زار قبورهم. (2)

بيان:

«التعاهد» : التعهّد و التحفّظ بالشيء. «حثالة من الناس» : رذالتهم.

5-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إذا أردت زيارة قبر أمير المؤمنين عليه السّلام فتوضّأ و اغتسل و امش على هيئتك، و قل، ثمّ ذكر زيارة طويلة. (3)

6-عن الصادق عليه السّلام أنّه قال لمحمّد بن مسلم: إذا أتيت مشهد أمير المؤمنين عليه السّلام فاغتسل غسل الزيارة و البس أنظف ثيابك، و شمّ شيئا من الطيب و امش و عليك السكينة و الوقار. . . (4)

ص:82


1- -الوسائل ج 14 ص 382 ب 26 من المزار ح 1
2- الوسائل ج 14 ص 383 ح 2
3- الوسائل ج 14 ص 390 ب 29 ح 1
4- الوسائل ج 14 ص 392 ح 6

7-عن الحسين بن ثوير قال: كنت أنا و يونس بن ظبيان عند أبي عبد اللّه عليه السّلام. . . فقال: إذا أردت زيارة الحسين كيف أصنع و كيف أقول؟ قال: إذا أتيت أبا عبد اللّه عليه السّلام فاغتسل على شاطىء الفرات و البس ثيابك الطاهرة، ثمّ امش حافيا، فإنّك في حرم من حرم اللّه و حرم رسوله، و عليك بالتكبير و التهليل و التسبيح [و التحميد]و التمجيد و التعظيم للّه كثيرا، و الصلاة على محمّد و أهل بيته حتّى تصير إلى باب الحير (ثمّ ذكر عليه السّلام الزيارة إلى أن قال:) ثمّ تدور فتجعل قبر أبي عبد اللّه عليه السّلام بين يديك، فصلّ ستّ ركعات، و قد تمّت زيارتك، فإن شئت فانصرف. (1)

8-عن حفص بن البختري قال: من خرج من مكّة أو المدينة أو مسجد الكوفة أو حائر الحسين عليه السّلام قبل أن ينتظر الجمعة نادته الملائكة: أين تذهب؟ لا ردّك اللّه. (2)

9-قال الصادق عليه السّلام (في حديث) : إنّ من زار إماما مفترض الطاعة بعد وفاته و صلّى عنده أربع ركعات، كتبت له حجّة و عمرة. (3)

أقول:

في ح 9: . . . ركعتين أو أربع ركعات.

10-عن محمّد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قلت له: إذا خرجنا إلى أبيك أ فلسنا في حجّ؟ قال: بلى، قلت: فيلزمنا ما يلزم الحاجّ؟ قال: ما ذا؟ قلت:

من الأشياء التي تلزم الحاجّ، قال: يلزمك حسن الصحابة لمن صحبك، و يلزمك قلّة الكلام إلاّ بخير، و يلزمك كثرة ذكر اللّه، و يلزمك نظافة الثياب، و يلزمك الغسل قبل أن تأتي الحائر، و يلزمك الخشوع و كثرة الصلاة، و الصلاة على محمّد

ص:83


1- -الوسائل ج 14 ص 490 ب 62
2- الوسائل ج 14 ص 542 ب 78
3- الوسائل ج 14 ص 521 ب 69 ح 10

و آل محمّد، و يلزمك التوقير لأخذ ما ليس لك، و يلزمك أن تغضّ بصرك، و يلزمك أن تعود على أهل الحاجة من إخوانك إذا رأيت منقطعا، و يلزمك المواساة، و يلزمك التقيّة التي هي قوام دينك بها، و الورع عمّا نهيت عنه، و الخصومة و كثرة الأيمان و الجدال الذي فيه الأيمان، فإذا فعلت ذلك تمّ حجّك و عمرتك، و استوجبت من الذي طلبت ما عنده بنفقتك أن تنصرف بالمغفرة و الرحمة و الرضوان. (1)

11-عن هشام بن سالم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام (في حديث طويل) قال: أتاه رجل فقال له: يا بن رسول اللّه، هل يزار والدك؟ فقال: نعم و يصلّى عنده، و قال:

يصلّى خلفه و لا يتقدّم عليه. (2)

12-كتب الحميريّ إلى الناحية المقدّسة. . . و سأل عن الرجل يزور قبور الأئمّة عليهم السّلام، هل يجوز أن يسجد على القبر أم لا؟ و هل يجوز لمن صلّى عند بعض قبورهم عليهم السّلام أن يقوم وراء القبر و يجعل القبر قبلة و يقوم عند رأسه و رجليه؟ و هل يجوز أن يتقدّم القبر و يصلّي و يجعل القبر خلفه أم لا؟

فأجاب عليه السّلام: أمّا السجود على القبر، فلا يجوز في نافلة و لا فريضة و لا زيارة، و الذي عليه العمل أن يضع خدّه الأيمن على القبر، و أمّا الصلاة فإنّها خلفه، و يجعل القبر أمامه، و لا يجوز أن يصلّي بين يديه و لا عن يمينه و لا عن يساره، لأنّ الإمام صلّى اللّه عليه و آله لا يتقدّم عليه و لا يساوى. . . (3)

13-عن بكر بن محمّد قال: و خرجنا من المدينة نريد منزل أبي عبد اللّه عليه السّلام فلحقنا أبو بصير خارجا من زقاق من أزقّة المدينة و هو جنب و نحن لا علم لنا (لا نعلم ف ن) حتّى دخلنا على أبي عبد اللّه عليه السّلام فسلّمنا عليه، فرفع رأسه

ص:84


1- -الوسائل ج 14 ص 527 ب 71 ح 1
2- الوسائل ج 5 ص 162 ب 26 من مكان المصلّي ح 7
3- الاحتجاج ج 2 ص 312

إلى أبي بصير فقال له: يا أبا بصير، أما تعلم أنّه لا ينبغي للجنب أن يدخل بيوت الأنبياء، فرجع أبو بصير و دخلنا. (1)

بيان:

«الزقاق» يقال بالفارسيّة: كوچه.

14-عن أبي هاشم الجعفري قال: دخلت أنا و محمّد بن حمزة على أبي الحسن عليه السّلام نعوده و هو عليل فقال لنا: وجّهوا قوما إلى الحائر من مالي، فلمّا خرجنا من عنده، قال لي محمّد بن حمزة المشير: يوجّهنا إلى الحائر و هو بمنزلة من في الحائر قال: فعدت إليه فأخبرته، فقال لي: ليس هو هكذا، إنّ للّه مواضع يحبّ أن يعبد فيها، و حائر الحسين عليه السّلام من تلك المواضع. (2)

و في ح 1. . . إنّما هي مواطن يحبّ اللّه أن يذكر فيها فأنا أحبّ أن يدعى لي حيث يحبّ اللّه أن يدعى فيها و الحائر من تلك المواضع.

أقول: قال الشهيد رحمه اللّه في الدروس ص 158 للزيارة آداب:

أحدها: الغسل قبل دخول المشهد و الكون على طهارة، فلو أحدث أعاد الغسل قاله المفيد رحمه اللّه، و إتيانه بخضوع و خشوع في ثياب طاهرة نظيفة جدد.

و ثانيها: الوقوف على بابه و الدعاء و الاستيذان بالمأثور، فإن وجد خشوعا و رقّة دخل و إلاّ فالأفضل له تحرّي زمان الرقّة، لأنّ الغرض الأهمّ حضور القلب ليلقى الرحمة النازلة من الربّ، فإذا دخل قدّم رجله اليمنى و إذا خرج فباليسرى.

و ثالثها: الوقوف على الضريح ملاصقا له أو غير ملاصق، و توهّم أن البعد أدب وهم، فقد نصّ على الاتّكاء على الضريح و تقبيله.

ص:85


1- -قرب الاسناد ص 21( البحار ج 100 ص 126)
2- كامل الزيارات ص 273 ب 90 ح 2

و رابعها: استقبال وجه المزور و استدبار القبلة حال الزيارة، ثمّ يضع عليه خدّه الأيمن عند الفراغ من الزيارة و يدعو متضرّعا، ثمّ يضع خدّه الأيسر و يدعو سائلا من اللّه تعالى بحقّه و حقّ صاحب القبر أن يجعله من أهل شفاعته و يبالغ في الدعاء و الإلحاح، ثمّ ينصرف إلى ما يلي الرأس ثمّ يستقبل القبلة و يدعو.

و خامسها: الزيارة بالمأثور و يكفى السّلام (و الحضور) .

و سادسها: صلاة ركعتين للزيارة عند الفراغ فإن كان زائرا للنبيّ صلّى اللّه عليه و آله ففي الروضة، و إن كان لأحد الأئمّة عليهم السّلام فعند رأسه، و لو صلاّهما بمسجد المكان جاز، و رويت رخصة في صلاتهما إلى القبر و لو استدبر القبر و صلّى جاز و إن كان غير مستحسن إلاّ مع البعد.

و سابعها: الدعاء بعد الركعتين بما نقل، و إلاّ فبما سنح له في امور دينه و دنياه و ليعمّم الدعاء فإنّه أقرب إلى الإجابة.

و ثامنها: تلاوة شيء من القرآن عند الضريح و إهداؤه إلى المزور، و المنتفع بذلك الزائر و فيه تعظيم للمزور.

و تاسعها: إحضار القلب في جميع أحواله مهما استطاع، و التوبة من الذنب و الاستغفار و الإقلاع.

و عاشرها: التصدّق على السدنة (الخدّام) و الحفظة للمشهد بإكرامهم و إعظامهم فإنّ فيه إكرام صاحب المشهد عليه الصلاة و السّلام، و ينبغي لهؤلاء أن يكونوا من أهل الخير و الصلاح و الدين و المروّة و الاحتمال و الصبر و كظم الغيظ، خالين من الغلظة على الزائرين، قائمين بحوائج المحتاجين، مرشدين ضالّ الغرباء و الواردين، و ليتعهّد أحوالهم الناظر فيه، فإن وجد من أحد منهم تقصيرا نبّهه عليه فإن أصرّ زجره. . .

و حادي عشرها: أنّه إذا انصرف من الزيارة إلى منزله استحبّ له العود إليها ما دام مقيما، فإذا حان الخروج ودّع وداعا بالمأثور، و سأل اللّه تعالى العود إليه.

ص:86

و ثاني عشرها: أن يكون الزائر بعد الزيارة خيرا منه قبلها، فإنّها تحطّ الأوزار إذا صادفت القبول.

و ثالث عشرها: تعجيل الخروج عند قضاء الوطر من الزيارة لتعظّم الحرمة و يشتدّ الشوق، و روي أنّ الخارج يمشي القهقرى حتّى يتوارى.

و رابع عشرها: الصدقة على المحاويج بتلك البقعة فإنّ الصدقة مضاعفة هنالك و خصوصا على الذرّيّة الطاهرة كما تقدّم بالمدينة.

و يستحبّ الزيارة في المواسم المشهورة قصدا، و قصد الإمام الرضا عليه السّلام في رجب فإنّه من أفضل الأعمال.

و لا كراهة في تقبيل الضرايح بل هو سنّة عندنا، و لو كان هناك تقيّة فتركه أولى، و أمّا تقبيل الأعتاب فلم نقف فيه على نصّ نعتدّ به و لكن عليه الإماميّة. . .

و إذا أزار النساء فليكن منفردات عن الرجال، و لو كان ليلا فهو أولى، و ليكن متنكّرات مستترات، و لو زرن بين الرجال جاز و إن كره، و ينبغي مع كثرة الزائرين أن يخفّف السابقون إلى الضريح الزيارة و ينصرفوا ليحضر من بعدهم فيفوزوا من القرب إلى الضريح بما فاز أولئك.

و قال رحمه اللّه: و يستحبّ لمن حضر مزارا أن يزور عن والديه و أحبّائه و عن جميع المؤمنين فيقول: «السّلام عليك يا مولاي من فلان بن فلان أتيتك زائرا عنه فاشفع له عند ربّك» و تدعوا له. . .

(البحار ج 100 ص 134)

و في البحار ج 100 ص 137: . . . من زار الرضا عليه السّلام أو واحدا من الأئمّة عليهم السّلام فصلّى عنده صلاة جعفر فإنّه يكتب له بكلّ ركعة ثواب من حجّ ألف حجّة و اعتمر ألف عمرة و أعتق ألف رقبة و وقف ألف وقفة في سبيل اللّه مع نبيّ مرسل، و له بكلّ خطوة ثواب مأة حجّة و مأة عمرة و عتق مأة رقبة في سبيل اللّه و كتب له مأة حسنة و حطّ منه مأة سيّئة.

ص:87

الفصل الثالث: فضل زيارة الذرّيّة الطاهرة عليهم السّلام

الأخبار

1-عن سعد بن سعد عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام قال: سألته عن زيارة فاطمة بنت موسى عليه السّلام؟ قال: من زارها فله الجنّة (1)

2-عن ابن الرضا عليه السّلام: من زار قبر عمّتي بقم فله الجنّة. (2)

3-عن بعض أهل الريّ قال: دخلت على أبي الحسن العسكريّ عليه السّلام فقال: أين كنت؟ فقلت: زرت الحسين بن عليّ عليه السّلام فقال: أما إنّك لو زرت قبر عبد العظيم عندكم لكنت كمن زار الحسين عليه السّلام. (3)

بيان:

«أما إنّك» : كأنّه إشارة إلى أنّ الرجل كان ممّن لا يزور عبد العظيم عليه السّلام مع قربه منه و كان يزهد و يرغب عنه و لا يعرف مكانته و فضله.

4-قال الصادق عليه السّلام: ألا إنّ للّه حرما و هو مكّة، ألا إنّ لرسول اللّه حرما و هو المدينة، ألا إنّ لأمير المؤمنين حرما و هو الكوفة، ألا إنّ حرمي و حرم ولدي

ص:88


1- -كامل الزيارات ص 324 ب 106 ح 1
2- كامل الزيارات ص 324 ح 2
3- كامل الزيارات ص 324 ب 107

من بعدي قم، ألا و إنّ قم كوفة صغيرة، ألا إنّ للجنّة ثمانية أبواب؛ ثلاث منها إلى قم، تقبض فيها امرأة هي من ولدي و اسمها فاطمة بنت موسى، تدخل بشفاعتها شيعتي الجنّة بأجمعهم. (1)

5-عن الرضا عليه السّلام: من زار المعصومة بقم كمن زارني. (2)

6-قال الصادق عليه السّلام: إنّ للّه حرما و هو مكّة، و لرسوله حرما و هو المدينة، و لأمير المؤمنين حرما و هو الكوفة، و لنا حرما و هو قم، و ستدفن فيه امرأة من ولدي تسمّى فاطمة من زارها وجبت له الجنّة.

قال عليه السّلام ذلك و لم تحمل بموسى امّه، و بسند آخر عنه عليه السّلام: أنّ زيارتها تعدل الجنّة. (3)

7-قال الرضا عليه السّلام: من زارني بعد موتي ضمنت له الجنّة، و من لم يقدر على زيارتي فليزر أخي عبد العظيم الحسنيّ بالريّ. (4)

أقول:

قال السيّد عليّ بن طاووس رحمه اللّه ذكر زيارة قبور أولاد الأئمّة عليهم السّلام: إذا أردت زيارة أحد منهم كالقاسم بن الكاظم عليه السّلام أو العبّاس بن أمير المؤمنين عليه السّلام أو عليّ بن الحسين عليه السّلام المقتول بالطفّ، و من جرى في الحكم مجراهم، تقف على قبر المزور منهم صلوات اللّه عليهم فقل:

«السّلام عليك أيّها السيّد الزكيّ الطاهر الوليّ، و الداعي الحفيّ، أشهد أنّك قلت حقّا و نطقت حقّا و صدقا، و دعوت إلى مولاي و مولاك علانية

ص:89


1- -مجالس المؤمنين ج 1 ص 83( في فضل بلدة قم) -(البحار ج 60 ص 228 و النقض ص 196)
2- رياحين الشريعة ج 5 ص 35- ناسخ التواريخ (موسى بن جعفر عليه السّلام) ج 3 ص 68
3- البحار ج 102 ص 267 باب زيارة فاطمة بنت موسى عليهما السّلام ح 5
4- لئالي الأخبار ج 3 ص 160

و سرّا، فاز متّبعك (مسعدك ف ن) و نجى مصدّقك و خاب و خسر مكذّبك و المتخلّف عنك، اشهد لي بهذه الشهادة لأكون من الفائزين بمعرفتك و طاعتك و تصديقك و اتّباعك، و السّلام عليك يا سيّدي و ابن سيّدي، أنت باب اللّه المؤتى منه و المأخوذ عنه، أتيتك زائرا و حاجاتي لك مستودعا و ها أنا ذا أستودعك ديني و أمانتي و خواتيم عملي و جوامع أملي إلى منتهى أجلي و السّلام عليك و رحمة اللّه و بركاته» . (1)

ص:90


1- -البحار ج 102 ص 272 باب آداب زيارة أولاد الأئمّة عليهم السّلام.

الفصل الرابع: فضل زيارة المؤمنين و الإخوان

الأخبار

1-عن عمرو بن عثمان قال: سمعت أبا الحسن الأوّل عليه السّلام يقول: من لم يقدره أن يزورنا فليزر صالحي موالينا، يكتب له ثواب زيارتنا، و من لم يقدر على صلتنا فليصل على صالحي موالينا يكتب له ثواب صلتنا. (1)

2-عن أبي حمزة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من زار أخاه للّه لا لغيره التماس موعد اللّه و تنجّز ما عند اللّه و كّل اللّه به سبعين ألف ملك ينادونه: ألا طبت و طابت لك الجنّة. (2)

3-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من زار أخاه في اللّه قال اللّه عزّ و جلّ: إيّاي زرت و ثوابك عليّ، و لست أرضى لك ثوابا دون الجنّة. (3)

4-قال جعفر بن محمّد عليه السّلام: إنّ ضيف اللّه عزّ و جلّ رجل حجّ و اعتمر فهو ضيف اللّه حتّى يرجع إلى منزله، و رجل كان في صلاته فهو في كنف اللّه عزّ و جلّ حتّى ينصرف، و رجل زار أخاه المؤمن في اللّه عزّ و جلّ فهو زائر اللّه في عاجل

ص:91


1- -كامل الزيارات ص 319 ب 105 ح 1-و نظيره ح 2 عن الرضا عليه السّلام
2- الكافي ج 2 ص 140 باب زيارة الإخوان ح 1
3- الكافي ج 2 ص 141 ح 4

ثوابه و خزائن رحمته. (1)

5-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: و من مشى زائرا لأخيه فله بكلّ خطوة حتّى يرجع إلى أهله عتق مأة ألف رقبة، و يرفع له مأة ألف درجة، و يمحى عنه مأة ألف سيّئة. (2)

6-عن خيثمة قال: قال لي أبو جعفر عليه السّلام: تزاوروا في بيوتكم فإنّ ذلك حياة لأمرنا، رحم اللّه عبدا أحيا أمرنا. (3)

7-في وصيّة أمير المؤمنين لابنه الحسن عليهما السّلام: و لقاء أهل الخير عمارة القلب. (4)

أقول:

قد مرّ في باب الاخوّة ف 4 عن أبي جعفر الثانيّ عليه السّلام: ملاقاة الإخوان نشرة و تلقيح العقل، و إن كان نزرا قليلا.

8-في وصيّة أمير المؤمنين لابنه الحسين عليهما السّلام: كثرة الزيارة تورث الملالة. (5)

9-عن جعفر بن محمّد عن أبيه عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

الزيارة تنبت المودّة.

و قال صلّى اللّه عليه و آله: زر غبّا تزدد حبّا. (6)

ص:92


1- -الوسائل ج 14 ص 586 ب 97 من المزارح 12
2- الوسائل ج 14 ص 590 ب 99 ح 5
3- البحار ج 2 ص 144 ب 19 من العلم ح 6
4- البحار ج 77 ص 210
5- البحار ج 77 ص 239
6- البحار ج 74 ص 355 باب تزاور الإخوان ح 36

أقول:

و في الغرر، عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال: إغباب الزيارة أمان من الملالة.

و قال عليه السّلام: من كثرت زيارته قلّت بشاشته.

بيان: في مجمع البحرين، «غبّا» : يعني في يوم و في يوم لا يكون، و مثله «زر غبّا تزدد حبّا» .

و في أقرب الموارد ج 2 ص 857، غبّ عن القوم غبّا: أتاهم يوما و ترك يوما و غبّ الرجل: جاء زائرا بعد أيّام، و قيل: كلّ اسبوع، و منه: «زر غبّا تزدد حبّا» .

أقول: قد مرّ ما يناسب المقام في باب الاخوّة و. . .

و سيأتي أخبار زيارة قبور المؤمنين في باب القبر.

ص:93

7B22426F6F6B506167654944223A32303534393737392C22426F6F6B4944223A31363732302C2253656374696F6E4E756D223A312C22506167654E756D223A39342C2253686F77506167654E756D223A223934222C22436F6E74656E7454797065223A322C22486173496D616765223A747275652C2248617354657874223A66616C73652C22496E7465726E616C4964223A6E756C6C2C22496D616765436F6E74656E7455726C223A222F424F4F4B494D41474553312F424B31353931342F424B3135393134473030332F424B31353931344730303353312F424B31353931344730303353315039342E676966222C22536F6C72426F6F6B506167654964223A307D

ص:

حرف السين

82- السؤال

اشارة

فيه فصلان

الفصل الأوّل: طلب الحوائج و السؤال عن العلم

الآيات

1- يا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ. . . (1)

2- . . . فَسْئَلُوا أَهْلَ اَلذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ. (2)

الأخبار

1-عن زرارة و محمّد بن مسلم و بريد العجليّ، قالوا: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام لحمران بن أعين في شيء سأله: إنّما يهلك الناس لأنّهم لا يسألون. (3)

ص:95


1- -المائدة:101
2- النحل:43 و الأنبياء:7
3- الكافي ج 1 ص 31 باب سؤال العالم ح 2

2-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ هذا العلم عليه قفل و مفتاحه المسألة. (1)

3-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: لا يسع الناس حتّى يسألوا و يتفقّهوا و يعرفوا إمامهم، و يسعهم أن يأخذوا بما يقول، و إن كان تقيّة. (2)

أقول:

الأخبار في لزوم السؤال عن العلم كثيرة راجع البحار ج 1 ص 196 ب 3 من العلم.

4-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: فوت الحاجة أهون من طلبها إلى غير أهلها. (3)

5-و قال عليه السّلام: ماء وجهك جامد يقطره السؤال، فانظر عند من تقطره. (4)

6-عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: جائت فخذ من الأنصار إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، فسلّموا عليه، فردّ عليهم السّلام، فقالوا: يا رسول اللّه، لنا إليك حاجة، فقال: هاتوا حاجتكم، قالوا: إنّها حاجة عظيمة، فقال: هاتوها، ما هي؟ قالوا: تضمن لنا على ربّك الجنّة، قال: فنكس رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله رأسه ثمّ نكت في الأرض ثمّ رفع رأسه فقال: أفعل ذلك بكم على أن لا تسألوا أحدا شيئا، قال:

فكان الرجل منهم يكون في السفر فيسقط سوطه فيكره أن يقول لإنسان:

ناولنيه، فرارا من المسألة، و ينزل فيأخذه، و يكون على المائدة فيكون بعض الجلساء أقرب إلى الماء منه فلا يقول: ناولني، حتّى يقوم فيشرب. (5)

ص:96


1- -الكافي ج 1 ص 31 ح 3
2- الكافي ج 1 ص 31 ح 4
3- نهج البلاغة ص 1115 ح 63
4- نهج البلاغة ص 1248 ح 338
5- الوسائل ج 9 ص 439 ب 32 من الصدقة ح 4

بيان:

في مجمع البحرين، «الفخذ» : دون القبيلة و فوق البطن.

«نكت في الأرض» في النهاية ج 5 ص 113: هو ينكت أي يفكّر و يحدّث نفسه، و أصله من النكت بالحصى، و نكت الأرض بالقضيب، و هو أن يؤثّر فيها بطرفه، فعل المفكّر المهموم.

7-عن أبي الحسن الرضا عن آبائه عليهم السّلام أنّه قال: إنّما اتّخذ اللّه إبراهيم خليلا لأنّه لم يردّ أحدا و لم يسأل أحدا قطّ غير اللّه تعالى. (1)

8-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: لا تسألوا إخوانكم الحوائج فيمنعوكم فتغضبون فتكفرون. (2)

9-قال سلمان الفارسيّ رحمه اللّه: أوصاني خليلي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بسبع لا أدعهنّ على كلّ حال: أن أنظر إلى من هو دوني و لا أنظر إلى من هو فوقي، و أن أحبّ الفقراء و أدنو منهم، و أن أقول الحقّ و إن كان مرّا، و أن أصل رحمي و إن كانت مدبرة، و أن لا أسأل الناس شيئا، و أوصاني أن أكثر من قول «لا حول و لا قوّة إلاّ باللّه» فإنّها كنز من كنوز الجنّة. (3)

10-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: لو يعلم السائل ما عليه من الوزر ما سأل أحد أحدا، و لو يعلم المسؤول ما عليه إذا منع ما منع أحد أحدا. (4)

11-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: استعفف عن السؤال ما استطعت. (5)

12-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: أيّما مؤمن سأل أخاه المؤمن حاجة و هو يقدر

ص:97


1- -الوسائل ج 9 ص 441 ح 9
2- الوسائل ج 9 ص 442 ح 11
3- الوسائل ج 9 ص 442 ح 12
4- الوسائل ج 9 ص 443 ح 17
5- جامع الأخبار ص 137 ف 95

على قضائها فردّه عنها سلّط اللّه عليه شجاعا في قبره ينهش من أصابعه. (1)

أقول:

بهذا المعنى أخبار كثيرة، قد مرّ بعضها في أبواب الاخوّة، الإيمان، و. . .

13-عن هشام قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن قول اللّه تعالى: فَسْئَلُوا أَهْلَ اَلذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ من هم؟ قال: نحن، قلت: علينا أن نسألكم؟ قال:

نعم، قال: قلت: فعليكم أن تجيبونا؟ قال: ذلك إلينا. (2)

14-عن الرضا عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رجل للنبيّ صلّى اللّه عليه و آله: علّمني عملا لا يحال بينه و بين الجنّة، قال: لا تغضب! و لا تسأل الناس شيئا، و ارض للناس ما ترضى لنفسك. (3)

15-عن حنان قال: سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول: لا تسألوهم فتكلّفونا قضاء حوائجهم يوم القيامة. (4)

16-قال أبو جعفر عليه السّلام: لا تسألوهم الحوائج فتكونوا لهم الوسيلة إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في القيامة. (5)

بيان:

«لا تسألوهم» : أي لا تسألوا أعداء الدين و المخالفين.

17-. . . قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ قوما أتوا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فقالوا:

يا رسول اللّه، اضمن لنا على ربّك الجنّة، قال: فقال: على أن تعينوني بطول السجود، قالوا: نعم يا رسول اللّه، فضمن لهم الجنّة، قال: فبلغ ذلك

ص:98


1- -أمالي الطوسي ج 2 ص 278
2- أمالي الطوسي ج 2 ص 278
3- البحار ج 96 ص 150 باب ذمّ السؤال ح 2
4- البحار ج 96 ص 150 ح 4
5- البحار ج 96 ص 150 ح 5

قوما من الأنصار قال: فأتوه فقالوا: يا رسول اللّه، اضمن لنا الجنّة، قال: على أن لا تسألوا أحدا شيئا، قالوا: نعم يا رسول اللّه، فضمن لهم الجنّة، فكان الرجل منهم يسقط سوطه و هو على دابّته فينزل حتّى يتناوله، كراهية أن يسأل أحدا شيئا، و إن كان الرجل لينقطع شسعه فيكره أن يطلب من أحد شسعا. (1)

18-قال الرضا عليه السّلام: المسألة مفتاح البؤس. (2)

19-. . . و قال الباقر عليه السّلام: طلب الحوائج إلى الناس استلاب للعزّة و مذهبة للحياء، و اليأس ممّا في أيدي الناس عزّ المؤمنين، و الطمع هو الفقر الحاضر. (3)

بيان:

«الاستلاب» : الاختلاس (ربودن) .

20-عن عليّ عليه السّلام قال:

القلوب أقفال و مفاتحها السؤال. (الغرر ج 1 ص 52 ف 1 ح 1465)

التقرّب إلى اللّه بمسألته و إلى الناس بتركها. (ص 73 ح 1825)

السؤال يضعف لسان المتكلّم و يكسر قلب الشجاع البطل و يوقف الحرّ العزيز موقف العبد الذليل و يذهب بهاء الوجه و يمحق الرزق. (ص 98 ح 2132)

المسألة طوق المذلّة، تسلب العزيز عزّه، و الحسيب حسبه. (ص 99 ح 2151)

اسأل تعلم. (ص 108 ف 2 ح 2)

إذا سألت فاسأل تفقّها و لا تسأل تعنّتا، فإنّ الجاهل المتعلّم شبيه بالعالم، و إنّ العالم المتعنّت شبيه بالجاهل. (ص 323 ف 17 ح 173)

سل عمّا لا بدّ لك من عمله و لا تعذر في جهله. (ص 435 ف 39 ح 46)

ص:99


1- -البحار ج 96 ص 157 ح 34
2- البحار ج 96 ص 157 ح 35
3- البحار ج 96 ص 158 ح 37

كثرة السؤال يورث الملال. (ج 2 ص 561 ف 66 ح 12)

من سأل علم-من علم، أحسن السؤال. (ص 612 ف 77 ح 27 و 36)

من سأل استفاد. (ص 614 ح 92)

من سأل غير اللّه استحقّ الحرمان. (ص 628 ح 348)

من أكثر مسألة الناس ذلّ. (ص 638 ح 499)

من صان نفسه عن المسألة جلّ. (ح 500)

من ألحّ في السؤال ابرم. (ص 644 ح 588)

من سأل في صغره أجاب في كبره. (ص 645 ح 615)

من ألحّ في السؤال حرم. (ص 653 ح 740)

من سأل ما لا يستحقّ قوبل بالحرمان. (ص 662 ح 876)

من سأل فوق قدره استحقّ الحرمان. (ص 665 ح 916)

من تكرّر سؤاله للناس ضجروه. (ح 911)

من شرفت نفسه نزّهها عن ذلّة المطالب. (ص 669 ح 964)

ص:100

الفصل الثانيّ: السؤال بالكفّ و كراهية ردّ السائل

الآيات

1- لِلْفُقَراءِ اَلَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اَللّهِ لا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً فِي اَلْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ اَلْجاهِلُ أَغْنِياءَ مِنَ اَلتَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيماهُمْ لا يَسْئَلُونَ اَلنّاسَ إِلْحافاً وَ ما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اَللّهَ بِهِ عَلِيمٌ. (1)

2- وَ فِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ لِلسّائِلِ وَ اَلْمَحْرُومِ. (2)

3- وَ أَمَّا اَلسّائِلَ فَلا تَنْهَرْ. (3)

الأخبار

1-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: لا تقطعوا على السائل مسألته، فلو لا أنّ المساكين يكذبون ما أفلح من ردّهم. (4)

2-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ما منع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله سائلا قطّ، إن كان عنده

ص:101


1- -البقرة:273
2- الذاريات:19 و بمعناها في المعارج:24 و 25
3- الضحى:10
4- الوسائل ج 9 ص 418 ب 22 من الصدقة ح 3

أعطى، و إلاّ قال: يأتي اللّه به. (1)

3-عن جعفر بن محمّد عن آبائه عليهم السّلام في وصيّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لعليّ عليه السّلام قال:

يا عليّ، لئن أدخل يدي في فم التنّين إلى المرفق أحبّ إليّ من أن أسأل من لم يكن ثمّ كان. . .

ثمّ قال: يا أبا ذر، إيّاك و السؤال فإنّه ذلّ حاضر، و فقر تتعجّله، و فيه حساب طويل يوم القيامة. . . يا أبا ذر، لا تسأل بكفّك و إن أتاك شيء فاقبله. (2)

بيان:

«التنّين» : الحيّة العظيمة.

4-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: شيعتنا من لا يسأل الناس و لو مات جوعا. (3)

5-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: شهادة الذي يسأل في كفّه تردّ. (4)

6-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: إنّ المسكين رسول اللّه، فمن منعه فقد منع اللّه، و من أعطاه فقد أعطى اللّه. (5)

7-. . . قال أمير المؤمنين عليه السّلام: ردّوا السائل و لو بشقّ تمرة، و أعطوا السائل و لو جاء على فرس. (6)

8-و عنه عليه السّلام أنّه قال: ربّما ابتلى اللّه أهل البيت بالسائل ما هو من الجنّ و لا من الإنس، ليبلوهم به، و إنّ للّه ملائكة في صورة الإنس يسألون بني آدم،

ص:102


1- -الوسائل ج 9 ص 418 ح 4
2- الوسائل ج 9 ص 440 ب 32 ح 6
3- الوسائل ج 9 ص 443 ح 15
4- الوسائل ج 9 ص 443 ح 16
5- نهج البلاغة ص 1232 ح 296
6- المستدرك ج 7 ص 200 ب 20 من الصدقة ح 7

فإذا أعطوهم شيئا أعطوه المساكين. (1)

9-عن أبي جعفر عليه السّلام أنّه قال يوما لبعض أهله: لا تردّوا سائلا، فقال له رجل كان بحضرته من أصحابه: يا بن رسول اللّه، إنّه قد يسأل من لا يستحقّ، قال: نخشى أن يردّوا من رأوا أنّه لا يستحقّ، و يكون ممّن يستحقّ، فينزل بهم -و أعوذ باللّه-ما نزل بيعقوب. . . (فذكر عليه السّلام قصّة يعقوب عليه السّلام) . (2)

10-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ما كان في شيعتنا فلا يكون فيهم ثلاثة أشياء:

لا يكون فيهم من يسأل بكفّه، و لا يكون فيهم بخيل، و لا يكون فيهم من يؤتى في دبره. (3)

11-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: لا تصلح المسألة إلاّ في ثلاث: في دم مقطع أو غرم مثقل أو حاجة مدقعة. (4)

بيان:

«دم مقطع» : في المصدر"دم منقطع"و المراد: ما لا يوجد لديتها وفاء. «الغرم» :

الدين و الضرر و المشقّة. «المدقع» : أي ملصق بالدقعاء و هو التراب.

12-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من سأل الناس و عنده قوت ثلاثة أيّام لقي اللّه عزّ و جلّ يوم يلقاه و ليس على وجهه لحم. (5)

13-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ما من عبد يسأل من غير حاجة فيموت حتّى يحوجه اللّه إليها و يثبت له بها النار. (6)

ص:103


1- -المستدرك ج 7 ص 200 ح 8
2- المستدرك ج 7 ص 200 ح 9
3- البحار ج 96 ص 150 باب ذمّ السؤال ح 7-و بهذا المعنى ح 9 و 10 و 12 و 13
4- البحار ج 96 ص 152 ح 15
5- البحار ج 96 ص 154 ح 20
6- البحار ج 96 ص 154 ح 21

14-عن محمّد بن مسلم قال: قال أبو جعفر عليه السّلام: يا محمّد، لو يعلم السائل ما في المسألة ما سأل أحد أحدا، و لو يعلم المعطي ما في العطيّة ما ردّ أحد أحدا، ثمّ قال: يا محمّد، إنّه من سأل بظهر غنى لقي اللّه مخموشا وجهه يوم القيامة. (1)

بيان:

«مخموشا» خمش وجهه: خدشه و لطمه و ضربه و قطع عضوا منه.

15-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: ما من عبد فتح على نفسه بابا من المسألة إلاّ فتح اللّه عليه سبعين بابا من الفقر. (2)

16-قال الرضا عليه السّلام: المسألة مفتاح البؤس. (3)

بيان:

«البؤس» : الفقر و سوء الحال و شدّة الإفلاس.

17-قال الصادق عليه السّلام: من سأل من غير فقر فإنّما يأكل الخمر. (4)

18-و عنهم عليهم السّلام: إنّا لنعطي غير المستحقّ حذرا من ردّ المستحقّ. (5)

19-. . . عن موسى بن جعفر عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

انظروا إلى السائل فإن رقّت قلوبكم له فأعطوه، فإنّه صادق. (6)

أقول:

سيأتي ما يناسب المقام في باب الصدقة و. . .

ص:104


1- -البحار ج 96 ص 155 ح 26 و 34
2- البحار ج 96 ص 156 ح 29
3- البحار ج 96 ص 157 ح 35
4- البحار ج 96 ص 158 ح 37
5- البحار ج 96 ص 159
6- البحار ج 96 ص 171 باب كراهية ردّ السائل ح 4

20-عن عليّ عليه السّلام قال:

المسألة مفتاح الفقر (الغرر ج 1 ص 34 ف 1 ح 1062)

الكفّ عمّا في أيدي الناس عفّة و كبر همّة (ص 51 ح 1430)

الكفّ عمّا في أيدي الناس أحد السخائين (ص 62 ح 1643)

الدعاء للسائل إحدى الصدقتين (ح 1651)

سبب زوال اليسار منع المحتاج (ص 431 ف 38 ح 17)

من حرم السائل مع القدرة عوقب بالحرمان. (ج 2 ص 684 ف 77 ح 1146)

من الواجب على الغنيّ أن لا يضنّ على الفقير بماله. (ص 732 ف 78 ح 113)

لا تعظمنّ النوال (1)و إن عظم فإنّ قدر السؤال أعظم منه.

(ص 802 ف 85 ح 52)

لا تستحيي من إعطاء القليل فإنّ الحرمان أقلّ منه. (ص 807 ح 114)

لا تردّ السائل و صن مروّتك من حرمانه (ح 117)

ص:105


1- -أي العطاء

7B22426F6F6B506167654944223A32303534393736312C22426F6F6B4944223A31363732302C2253656374696F6E4E756D223A312C22506167654E756D223A3130362C2253686F77506167654E756D223A22313036222C22436F6E74656E7454797065223A322C22486173496D616765223A747275652C2248617354657874223A66616C73652C22496E7465726E616C4964223A6E756C6C2C22496D616765436F6E74656E7455726C223A222F424F4F4B494D41474553312F424B31353931342F424B3135393134473030332F424B31353931344730303353312F424B3135393134473030335331503130362E676966222C22536F6C72426F6F6B506167654964223A307D

ص:

83- التسبيح

الآيات

1- . . . وَ اُذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيراً وَ سَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَ اَلْإِبْكارِ. (1)

2- إِنَّ اَلَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِهِ وَ يُسَبِّحُونَهُ وَ لَهُ يَسْجُدُونَ. (2)

3- فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَ كُنْ مِنَ اَلسّاجِدِينَ. (3)

4- تُسَبِّحُ لَهُ اَلسَّماواتُ اَلسَّبْعُ وَ اَلْأَرْضُ وَ مَنْ فِيهِنَّ وَ إِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَ لكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كانَ حَلِيماً غَفُوراً. (4)

5- فَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ وَ سَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ اَلشَّمْسِ وَ قَبْلَ غُرُوبِها وَ مِنْ آناءِ اَللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَ أَطْرافَ اَلنَّهارِ لَعَلَّكَ تَرْضى. (5)

6- . . . فَنادى فِي اَلظُّلُماتِ أَنْ لا إِلهَ إِلاّ أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ اَلظّالِمِينَ -

ص:107


1- -آل عمران:41 و بمضمونها في غافر:55 و مريم:11 و الأحزاب:42
2- الأعراف:206
3- الحجر:98
4- الإسراء:44
5- طه:130

فَاسْتَجَبْنا لَهُ وَ نَجَّيْناهُ مِنَ اَلْغَمِّ وَ كَذلِكَ نُنْجِي اَلْمُؤْمِنِينَ. (1)

7- فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اَللّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَ يُذْكَرَ فِيهَا اِسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بِالْغُدُوِّ وَ اَلْآصالِ. (2)

8- أَ لَمْ تَرَ أَنَّ اَللّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي اَلسَّماواتِ وَ اَلْأَرْضِ وَ اَلطَّيْرُ صَافّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وَ تَسْبِيحَهُ وَ اَللّهُ عَلِيمٌ بِما يَفْعَلُونَ. (3)

9- فَلَوْ لا أَنَّهُ كانَ مِنَ اَلْمُسَبِّحِينَ- لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ. (4)

10- . . . وَ اَلْمَلائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَ يَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي اَلْأَرْضِ. . . (5)

11- فَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ وَ سَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ اَلشَّمْسِ وَ قَبْلَ اَلْغُرُوبِ- وَ مِنَ اَللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَ أَدْبارَ اَلسُّجُودِ. (6)

12- . . . وَ سَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ- وَ مِنَ اَللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَ إِدْبارَ اَلنُّجُومِ. (7)

13- سَبَّحَ لِلّهِ ما فِي اَلسَّماواتِ وَ ما فِي اَلْأَرْضِ وَ هُوَ اَلْعَزِيزُ اَلْحَكِيمُ. (8)

14- إِنَّ لَكَ فِي اَلنَّهارِ سَبْحاً طَوِيلاً. (9)

15- وَ مِنَ اَللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَ سَبِّحْهُ لَيْلاً طَوِيلاً. (10)

ص:108


1- -الأنبياء:87 و 88
2- النور:36
3- النور:41
4- الصافّات:143 و 144
5- الشورى:5
6- ق:39 و 40
7- الطور:48 و 49
8- الحشر:1 و بمعناها في الحديد:1، و الحشر:24، و الصفّ:1، و الجمعة:1، و التغابن:1
9- المزمّل:7
10- الإنسان:26

الأخبار

1-سأل رجل عمر بن الخطّاب فقال: ما تفسير سبحان اللّه؟ قال: إنّ في هذا الحائط رجلا كان إذا سئل أنبأ، و إذا سكت ابتدأ، فدخل الرجل فإذا هو عليّ بن أبي طالب عليه السّلام فقال: يا أبا الحسن، ما تفسير سبحان اللّه؟ قال: هو تعظيم جلال اللّه عزّ و جلّ و تنزيهه عمّا قال فيه كلّ مشرك، فإذا قالها العبد صلّى عليه كلّ ملك. (1)

بيان:

«سبحان اللّه» في النهاية ج 2 ص 331: قد تكرّر في الحديث ذكر"التسبيح" على اختلاف تصرّف اللفظة، و أصل التسبيح: التنزيه و التقديس و التبرئة من النقائص، ثمّ استعمل في مواضع تقرب منه اتّساعا. . . و قد يطلق التسبيح على غيره من أنواع الذكر مجازا، كالتحميد و التمجيد و غيرهما، و قد يطلق على صلاة التطوّع و النافلة. و يقال أيضا للذكر و لصلاة النافلة: سبحة. . .

2-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: قال إبليس: خمسة أشياء ليس لي فيهنّ حيلة و سائر الناس في قبضتي: من اعتصم باللّه عن نيّة صادقة و اتّكل عليه في جميع أموره، و من كثر تسبيحه في ليله و نهاره، و من رضي لأخيه المؤمن بما يرضاه لنفسه، و من لم يجزع على المصيبة حين تصيبه، و من رضي بما قسم اللّه له و لم يهتمّ لرزقه. (2)

أقول:

يأتي في باب الوسوسة: تسبيح عيسى عليه السّلام لردّ الشيطان.

ص:109


1- -توحيد الصدوق: ص 312 ب 45 ح 1( معاني الأخبار ص 9)
2- الخصال ج 1 ص 285 باب الخمسة ح 37

3-عن جعفر عن أبيه عليهما السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: داووا مرضاكم بالصدقة، و ادفعوا أبواب البلاء بالدعاء، و حصّنوا أموالكم بالزكاة، فإنّه ما يصاد ما تصيد من الطير إلاّ بتضييعهم التسبيح. (1)

أقول:

«فإنّه ما يصاد. . .» : بهذا المعنى أخبار كثيرة، قد مرّ بعضها في باب الزكاة، و هذه الأخبار ردّ على من قال: إنّ تسبيح الموجودات حاليّ و تكوينيّ.

4-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من سبّح تسبيح فاطمة عليها السّلام قبل أن يثني رجله من صلاة الفريضة غفر اللّه له، و يبدأ بالتكبير. (2)

5-عن أبي هارون المكفوف عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: يا أبا هارون، إنّا نأمر صبياننا بتسبيح فاطمة عليها السّلام كما نأمرهم بالصلاة، فألزمه، فإنّه لم يلزمه عبد فشقي. (3)

6-عن محمّد بن مسلم قال: قال أبو جعفر عليه السّلام: من سبّح تسبيح فاطمة عليها السّلام ثمّ استغفر غفر له، و هي مائة باللسان، و ألف في الميزان، و تطرد الشيطان و ترضي الرحمن. (4)

7-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: تسبيح فاطمة عليها السّلام في كلّ يوم في دبر كلّ صلاة أحبّ إليّ من صلاة ألف ركعة في كلّ يوم. (5)

أقول:

قد مرّ في باب الذكر أنّ تسبيح فاطمة عليها السّلام من الذكر الكثير.

ص:110


1- -قرب الاسناد ص 55
2- الوسائل ج 6 ص 439 ب 7 من التعقيب ح 1
3- الوسائل ج 6 ص 441 ب 8 ح 2
4- الوسائل ج 6 ص 442 ح 3
5- الوسائل ج 6 ص 443 ب 9 ح 2

8-عن أبي بصير قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال لأصحابه ذات يوم: أ رايتم لو جمعتم ما عندكم من الثياب و الآنية ثمّ وضعتم بعضه على بعض، أ ترونه يبلغ السماء؟ قالوا: لا يا رسول اللّه، (1)فقال: يقول أحدكم إذا فرغ من صلاته: «سبحان اللّه و الحمد للّه و لا إله إلاّ اللّه و اللّه أكبر» ثلاثين مرّة، و هنّ يدفعن الهدم و الغرق و الحرق، و التردّي في البئر و أكل السبع، و ميتة السوء، و البليّة التي نزلت على العبد في ذلك اليوم. (2)

بيان:

تردّى في البئر: سقط فيه.

9-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من صلّى صلاة مكتوبة ثمّ سبّح في دبرها ثلاثين مرّة لم يبق شيء من الذنوب على بدنه إلاّ تناثر. (3)

10-سئل أبو عبد اللّه عليه السّلام عن استعمال التربتين من طين قبر حمزة و الحسين عليهما السّلام و التفاضل بينهما؟ فقال عليه السّلام: السبحة التي من طين قبر الحسين عليه السّلام تسبّح بيد الرجل من غير أن يسبّح. (4)

أقول:

بهذا المعنى أخبار اخر، راجع باب تربة الحسين عليه السّلام.

11-عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من قال «سبحان اللّه و بحمده، سبحان اللّه العظيم و بحمده» كتب اللّه له ثلاثة آلاف حسنة، و محى عنه ثلاثة آلاف سيّئة، و رفع له ثلاثة آلاف درجة، و يخلق منها طائرا في الجنّة يسبّح،

ص:111


1- -في ثواب الأعمال و معاني الأخبار زيادة: «قال: أ لا أدلّكم على شيء أصله في الأرض و أصله في السماء؟ قالوا: بلى يا رسول اللّه»
2- الوسائل ج 6 ص 453 ب 15 ح 1
3- الوسائل ج 6 ص 454 ح 5
4- الوسائل ج 6 ص 455 ب 16 ح 2

و كان أجر تسبيحه له. (1)

12-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: التسبيح نصف الميزان، و الحمد للّه يملأ الميزان، و اللّه أكبر يملأ ما بين السماء و الأرض. (2)

13-عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من قال: «سبحان اللّه» غرس اللّه له بها شجرة في الجنّة، و من قال: «الحمد للّه» غرس اللّه له بها شجرة في الجنّة، و من قال: «لا إله إلاّ اللّه» غرس اللّه له بها شجرة في الجنّة، و من قال:

«اللّه أكبر» غرس اللّه له بها شجرة في الجنّة، فقال رجل من قريش: يا رسول اللّه، إنّ شجرنا في الجنّة لكثير، فقال: نعم، و لكن إيّاكم أن ترسلوا عليها نيرانا فتحرقوها، و ذلك أنّ اللّه عزّ و جلّ يقول: يا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اَللّهَ وَ أَطِيعُوا اَلرَّسُولَ وَ لا تُبْطِلُوا أَعْمالَكُمْ 3 . (3)

14-روي أنّ سليمان بن داود عليه السّلام كان معسكره مأة فرسخ في مأة فرسخ:

خمس و عشرون للجنّ، و خمس و عشرون للإنس، و خمس و عشرون للطير، و خمس و عشرون للوحش، و كان له ألف بيت من قوارير على الخشب فيها ثلاثمائة منكوحة، و سبع مأة سرّيّة، و قد نسجت الجنّ له بساطا من ذهب و أبريسم فرسخان في فرسخ، و كان يوضع منبره في وسطه و هو من ذهب، فيقعد عليه و حوله ستّمأة ألف كرسي من ذهب و فضّة، فيقعد الأنبياء على كراسيّ الذهب و العلماء على كراسيّ الفضّة، و حوله الناس، و حول الناس الجنّ و الشياطين، و تظلّه الطير بأجنحتها حتّى لا تقع عليه الشمس. . .

فيحكى أنّه مرّ بحرّاث فقال: لقد اوتي ابن داود ملكا عظيما، فألقاه الريح

ص:112


1- -الوسائل ج 7 ص 182 ب 29 من الذكر ح 1
2- الوسائل ج 7 ص 185 ب 31 ح 1
3- الوسائل ج 7 ص 186 ح 5

في اذنه، فنزل و مشى إلى الحرّاث و قال: إنّما مشيت إليك لئلاّ تتمنّى ما لا تقدر عليه، ثمّ قال: لتسبيحة واحدة يقبلها اللّه تعالى خير ممّا اوتي آل داود.

و في حديث آخر: لأنّ ثواب التسبيحة يبقى و ملك سليمان يفنى. (1)

بيان:

في مجمع البحرين (سرر) ، «السرّيّة» : أي الأمة، منسوبة إلى السرّ و هو الجماع و الإخفاء، لأنّ الإنسان كثيرا ما يسرّها و يسترها عن الحرّة. . .

«الحرّاث» يقال بالفارسيّة: برزگر.

15-عن جميل عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: لمّا اسري بي إلى السماء دخلت الجنّة فرأيت فيها ملائكة يبنون لبنة من ذهب و لبنة من فضّة و ربّما أمسكوا، فقلت لهم: ما لكم ربما بنيتم و ربما أمسكتم؟ فقالوا: حتّى تجيئنا النفقة، فقلت لهم: و ما نفقتكم؟ فقالوا: قول المؤمن في الدنيا: «سبحان اللّه و الحمد للّه و لا إله إلاّ اللّه و اللّه أكبر» فإذا قال، بنينا و إذا أمسك أمسكنا. (2)

16-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ما من طير يصاد في برّ و لا بحر و لا يصاد شيء من الوحوش إلاّ بتضييعه التسبيح. (3)

17-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: التفت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إلى أصحابه فقال:

اتّخذوا جننا، فقالوا: يا رسول اللّه، أ من عدوّ قد أظلّنا؟ قال: لا، و لكن من النار، قولوا: «سبحان اللّه و الحمد للّه و لا إله إلاّ اللّه و اللّه أكبر» . (4)

أقول:

زاد في ح 20: «و لا حول و لا قوّة إلاّ باللّه» فإنّهن يوم القيامة مقدّمات منجيات

ص:113


1- -عدّة الداعي ص 246 ب 5( البحار ج 93 ص 184)
2- البحار ج 8 ص 123 باب الجنّة ح 19( تفسير القميّ ج 1 ص 21 في مقدّمة الكتاب)
3- البحار ج 64 ص 24 ب 1 من الحيوان ح 1
4- البحار ج 93 ص 171 باب فضل التسبيحات الأربع ح 13

و معقّبات، و هنّ عند اللّه الباقيات الصالحات.

بيان: «الجنّة» جمع جنن: السترة و كلّ ما وقى من السلاح و نحوه.

18-قال الصادق عليه السّلام: من سبّح اللّه كل يوم ثلاثين مرّة دفع اللّه تبارك و تعالى عنه سبعين نوعا من البلاء أدناها الفقر. (1)

19-عن ابن مسعود قال: قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: من قال: «سبحان اللّه و الحمد للّه و لا إله إلاّ اللّه و اللّه أكبر» صعد بها ملك إلى السماء، فلا يمرّ بها على ملأ من الملائكة إلاّ استغفروا لقائلها، حتّى يجيء بها إلى ربّ العالمين. (2)

20-عن ابن عباس قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: الباقيات الصالحات:

«سبحان اللّه و الحمد للّه و لا إله إلاّ اللّه و اللّه أكبر» . (3)

ص:114


1- -البحار ج 93 ص 178 باب التسبيح ح 8
2- المستدرك ج 5 ص 327 ب 28 من الذكر ح 9
3- المستدرك ج 5 ص 327 ح 8

84- السجود

الآيات

1- وَ لِلّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي اَلسَّماواتِ وَ اَلْأَرْضِ طَوْعاً وَ كَرْهاً وَ ظِلالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَ اَلْآصالِ. (1)

2- وَ لِلّهِ يَسْجُدُ ما فِي اَلسَّماواتِ وَ ما فِي اَلْأَرْضِ مِنْ دابَّةٍ وَ اَلْمَلائِكَةُ وَ هُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ. (2)

3- أَ لَمْ تَرَ أَنَّ اَللّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي اَلسَّماواتِ وَ مَنْ فِي اَلْأَرْضِ وَ اَلشَّمْسُ وَ اَلْقَمَرُ وَ اَلنُّجُومُ وَ اَلْجِبالُ وَ اَلشَّجَرُ وَ اَلدَّوَابُّ وَ كَثِيرٌ مِنَ اَلنّاسِ وَ كَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ اَلْعَذابُ. . . (3)

4- يا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا اِرْكَعُوا وَ اُسْجُدُوا وَ اُعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَ اِفْعَلُوا اَلْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ. (4)

ص:115


1- -الرعد:15
2- النحل:49
3- الحجّ:18
4- الحجّ:77

5- وَ عِبادُ اَلرَّحْمنِ . . . وَ اَلَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَ قِياماً. (1)

6- أَلاّ يَسْجُدُوا لِلّهِ اَلَّذِي يُخْرِجُ اَلْخَبْءَ فِي اَلسَّماواتِ وَ اَلْأَرْضِ وَ يَعْلَمُ ما تُخْفُونَ وَ ما تُعْلِنُونَ. (2)

7- أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ آناءَ اَللَّيْلِ ساجِداً وَ قائِماً يَحْذَرُ اَلْآخِرَةَ وَ يَرْجُوا رَحْمَةَ رَبِّهِ. . . (3)

8- مُحَمَّدٌ رَسُولُ اَللّهِ وَ اَلَّذِينَ مَعَهُ أَشِدّاءُ عَلَى اَلْكُفّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ تَراهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اَللّهِ وَ رِضْواناً سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ اَلسُّجُودِ. . . (4)

9- وَ أَنَّ اَلْمَساجِدَ لِلّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اَللّهِ أَحَداً. (5)

10- وَ مِنَ اَللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَ سَبِّحْهُ لَيْلاً طَوِيلاً. (6)

الأخبار

1-عن الوشّاء قال: سمعت الرضا عليه السّلام يقول: أقرب ما يكون العبد من اللّه تعالى و هو ساجد، و ذلك قوله تعالى: وَ اُسْجُدْ وَ اِقْتَرِبْ . (7)

2-عن الوشّاء قال: سمعت الرضا عليه السّلام يقول: إذا نام العبد و هو ساجد قال اللّه تعالى: عبدي قبضت روحه و هو في طاعتي. (8)

ص:116


1- -الفرقان:63 و 64
2- النمل:25
3- الزمر:9
4- الفتح:29
5- الجنّ:18
6- الإنسان:26
7- الوسائل ج 6 ص 379 ب 23 من السجود ح 5
8- الوسائل ج 6 ص 380 ح 7

أقول:

في العيون ج 2 ص 7 ب 30 ح 19 مثله، و لكن فيه: قال اللّه عزّ و جلّ للملائكة:

انظروا إلى عبدي قبضت روحه و هو في طاعتي.

3-عن أبي عبد اللّه عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من سجد سجدة حطّ عنه بها خطيئة و رفع له بها درجة. (1)

4-عن عليّ عليه السّلام (في ح الأربعمائة) قال: لا تستصغروا قليل الآثام، فإنّ القليل يحصى و يرجع إلى الكثير، و أطيلوا السجود، فما من عمل أشدّ على إبليس من أن يرى ابن آدم ساجدا، لأنّه امر بالسجود فعصى و هذا امر بالسجود فأطاع فنجا. (2)

5-عن جعفر بن محمّد عليهما السّلام قال: كان أبي يصلّي في جوف النهار فيسجد السجدة فيطيل السجود حتّى يقال: إنّه راقد. (3)

6-كان أبو الحسن موسى بن جعفر عليه السّلام يسجد بعد ما يصلّي فلا يرفع رأسه حتّى يتعالى النهار. (4)

7-كان الرضا عليه السّلام إذا أصبح صلّى الغداة، فإذا سلّم جلس في مصلاّه يسبّح اللّه و يحمده و يكبّره و يهلّله، و يصلّي على النبيّ و آله، حتّى تطلع الشمس، ثمّ يسجد سجدة يبقى فيها حتّى يتعالى النهار. (5)

8-عن ابن أبي عمير عمّن ذكره قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: لم اتّخذ اللّه

ص:117


1- -الوسائل ج 6 ص 381 ح 10
2- الوسائل ج 6 ص 381 ح 11-و نظيره في العلل ج 2 ص 340 ب 39 عن الصادق عن آبائه عليهم السّلام عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله
3- الوسائل ج 6 ص 381 ح 14
4- الوسائل ج 7 ص 8 ب 2 من أبواب سجدتي الشكر ح 1
5- الوسائل ج 7 ص 9 ح 6

إبراهيم خليلا؟ قال: لكثرة سجوده على الأرض. (1)

9-كان أبو الحسن موسى عليه السّلام يصلّي نوافل الليل و يصلها بصلاة الصبح، ثمّ يعقّب حتّى تطلع الشمس و يخرّ للّه ساجدا، فلا يرفع رأسه من الدعاء و التحميد حتّى يقرب زوال الشمس، و كان يدعوا كثيرا فيقول: «اللهمّ إنّي أسألك الراحة عند الموت و العفو عند الحساب» و يكرّر ذلك. (2)

10-عن سليمان بن حفص أنّه قال: كتب إليّ أبو الحسن الرضا عليه السّلام:

قل في سجدة الشكر مأة مرّة: شكرا شكرا، و إن شئت: عفوا عفوا. (3)

11-قال الصادق عليه السّلام: إنّ العبد إذا سجد فقال: يا ربّ يا ربّ، حتّى ينقطع نفسه، قال له الربّ تبارك و تعالى: لبّيك، ما حاجتك. (4)

12-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إذا ذكر أحدكم نعمة اللّه عزّ و جلّ فليضع خدّه على التراب شكرا للّه، فإن كان راكبا فلينزل فليضع خدّه على التراب، و إن لم يكن يقدر على النزول للشهرة فليضع خدّه على قربوسه، فإن لم يقدر فليضع خدّه على كفّه، ثمّ ليحمد اللّه على ما أنعم عليه. (5)

بيان:

«قربوس» يقال بالفارسيّة: كوهه زين.

13-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: أيّما مؤمن سجد (للّه م) سجدة لشكر نعمة في غير صلاة كتب اللّه له بها عشر حسنات، و محى عنه عشر سيّئات و رفع له

ص:118


1- -الوسائل ج 7 ص 10 ح 7
2- الوسائل ج 7 ص 10 ح 9
3- الوسائل ج 7 ص 16 ب 6 ح 2
4- الوسائل ج 7 ص 16 ح 3
5- الوسائل ج 7 ص 19 ب 7 ح 3

عشر درجات في الجنان. (1)

14-عن جابر عن أبي جعفر الباقر عليه السّلام قال: إنّ أبي-عليّ بن الحسين عليه السّلام-ما ذكر للّه عزّ و جلّ نعمة عليه إلاّ سجد، و لا قرأ آية من كتاب اللّه عزّ و جلّ فيها سجود إلاّ سجد، و لا دفع اللّه عنه سوء يخشاه أو كيد كائد إلاّ سجد، و لا فرغ من صلاة مفروضة إلاّ سجد، و لا وفّق لإصلاح بين اثنين إلاّ سجد، و كان أثر السجود في جميع مواضع سجوده، فسمّي السجّاد لذلك. (2)

15-الكشّي في رجاله عن الفضل بن شاذان، قال: دخلت العراق فرأيت واحدا يعاتب صاحبه و يقول له: أنت رجل عليك عيال: و تحتاج أن تكسب (تكتسب ف ن) عليهم و ما آمن أن تذهب عيناك بطول سجودك، قال: فلمّا أكثر عليه قال: أكثرت عليّ ويحك، لو ذهبت عين أحد من السجود لذهبت عين ابن أبي عمير، ما ظنّك برجل سجد سجدة الشكر بعد صلاة الفجر، فلا يرفع رأسه إلاّ عند الزوال. (3)

كان عليّ بن مهزيار إذا طلعت الشمس سجد، فكان لا يرفع رأسه حتّى يدعو لألف من إخوانه بمثل ما دعى لنفسه، و كان على جبهته سجّادة مثل ركبة البعير. (4)

16-فيما كتب الرضا عليه السّلام للمأمون: . . . و إنّ من دينهم (الأئمّة عليهم السّلام) الورع و العفّة و الصدق و الصلاح و الاستقامة و الاجتهاد و أداء الأمانة إلى البرّ و الفاجر و طول السجود. . . (5)

ص:119


1- -الوسائل ج 7 ص 20 ح 7
2- الوسائل ج 7 ص 20 ح 8
3- المستدرك ج 5 ص 129 ب 2 من سجدة الشكر ح 3
4- المستدرك ج 5 ص 129 ح 4
5- العيون ج 2 ص 121 ب 35

أقول:

بهذا المعنى أخبار كثيرة.

17-عن أبي بصير قال: قال لي أبو عبد اللّه عليه السّلام: يا أبا محمّد، عليكم بالورع و الاجتهاد و صدق الحديث، و أداء الأمانة، و حسن الصّحابة لمن صحبكم، و طول السجود، فإنّ ذلك من سنن الأوّابين و قال: سمعته يقول: الأوّابون هم التوّابون. (1)

18-عن الصادق عليه السّلام قال: جاء رجل إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فقال: يا رسول اللّه، كثرت ذنوبي و ضعف عملي، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أكثر السجود فإنّه يحطّ الذنوب كما تحطّ الريح ورق الشجر. (2)

19-سأل ربيعة بن كعب النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أن يدعو له بالجنّة، فأجابه و قال:

أعنّي بكثرة السجود.

و قال الصادق عليه السّلام: السجود منتهى العبادة من بني آدم. (3)

20-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: جاء رجل و دخل إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فقال:

يا رسول اللّه، إنّي اريد أن أسألك، فقال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: سل ما شئت، قال:

تحمّل لي على ربّك الجنّة، قال: تحمّلت لك، و لكن أعنّي على ذلك بكثرة السجود. (4)

بيان:

«تحمّل لي» قال رحمه اللّه: أريد بالتحمّل هنا الضمان أو الشفاعة.

أقول: قد مرّ في باب السؤال ف 1، أنّ قوما أتوا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فقالوا: يا رسول

ص:120


1- -مشكوة الأنوار ص 146 ب 3 ف 10
2- البحار ج 85 ص 162 باب فضل السجود ح 6
3- البحار ج 85 ص 164 ح 11
4- البحار ج 85 ص 164 ح 13

اللّه، اضمن لنا على ربّك الجنّة، فقال: على أن تعينوني بطول السجود.

(أمالي الطوسي ج 2 ص 277)

21-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال: جاء رجل إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فقال: علّمني عملا يحبّني اللّه عليه، و يحبّني المخلوقون و يثري اللّه مالي، و يصحّ بدني، و يطيل عمري، و يحشرني معك، قال: هذه ستّ خصال تحتاج إلى ستّ خصال: إذا أردت أن يحبّك اللّه فخفه و اتّقه، و إذا أردت أن يحبّك المخلوقون فأحسن إليهم و ارفض ما في أيديهم، و إذا أردت أن يثري اللّه مالك فزكّه، و إذا أردت أن يصحّ اللّه بدنك فأكثر من الصدقة، و إذا أردت أن يطيل اللّه عمرك فصل ذوي أرحامك، و إذا أردت أن يحشرك اللّه معي فأطل السجود بين يدي اللّه الواحد القهّار. (1)

22-قال الصادق عليه السّلام: ما خسر و اللّه قطّ من أتى بحقيقة السجود و لو كان في عمره مرّة واحدة، و ما أفلح من خلا بربّه في مثل ذلك الحال شبيها بمخادع نفسه غافل لاه عمّا أعدّ اللّه تعالى للساجدين من البشر العاجل و راحة الآجل و لا بعد عن اللّه تعالى أبدا من أحسن تقرّبه في السجود و لا قرب إليه أبدا من أساء أدبه و ضيّع حرمته بتعليق قلبه بسواه في حال السجود.

فاسجد سجود متواضع للّه ذليل علم أنّه خلق من تراب يطؤه الخلق و أنّه ركّب من نطفة يستقذرها كلّ أحد و كوّن و لم يكن، و قد جعل اللّه معنى السجود سبب التقرّب إليه بالقلب و السرّ و الروح، فمن قرب منه بعد عن غيره، أ لا ترى في الظاهر أنّه لا يستوي حال السجود إلاّ بالتواري من جميع الأشياء و الاحتجاب عن كلّ ما تراه العيون، كذلك أراد اللّه تعالى أمر الباطن، فمن كان قلبه متعلّقا في صلاته بشيء دون اللّه تعالى فهو قريب من ذلك الشيء بعيد

ص:121


1- -البحار ج 85 ص 164 ح 12

عن حقيقة ما أراد اللّه تعالى منه في صلاته، قال اللّه تعالى: ما جَعَلَ اَللّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ (1).

و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: قال اللّه عزّ و جلّ: ما اطّلع على قلب عبد فأعلم فيه حبّ الإخلاص لطاعتي لوجهي و ابتغاء مرضاتي إلاّ تولّيت تقويمه و سياسته، و تقرّبت منه و من اشتغل في صلاته بغيري فهو من المستهزئين بنفسه اسمه مكتوب في ديوان الخاسرين. (2)

أقول:

لاحظ في باب تربة الحسين عليه السّلام أخبار فضل السجود على تربته عليه السّلام.

23-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

السجود الجسمانيّ هو وضع عتائق الوجوه على التراب و استقبال الأرض بالراحتين و الركبتين و أطراف القدمين مع خشوع القلب و إخلاص النيّة.

(الغرر ج 1 ص 107 ف 1 ح 2234)

السجود النفساني فراغ القلب من الفانيات و الإقبال بكنه الهمّة على الباقيات و خلع الكبر و الحميّة و قطع العلائق الدنيويّة و التحلّي بالخلائق النبويّة.

(ح 2235)

طول القنوت و السجود ينجي من عذاب النار. (ج 2 ص 471 ف 47 ح 23)

لا يقرّب من اللّه سبحانه إلاّ كثرة السجود و الركوع.

(ص 856 ف 86 ح 451)

ص:122


1- -الأحزاب:4
2- مصباح الشريعة ص 12 ب 16

85- المسجد

الآيات

1- وَ مَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَساجِدَ اَللّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اِسْمُهُ وَ سَعى فِي خَرابِها أُولئِكَ ما كانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوها إِلاّ خائِفِينَ لَهُمْ فِي اَلدُّنْيا خِزْيٌ وَ لَهُمْ فِي اَلْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ. (1)

2- قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَ أَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَ اُدْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ اَلدِّينَ كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ . . . يا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ. . . (2)

3- ما كانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَساجِدَ اَللّهِ شاهِدِينَ عَلى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُولئِكَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ وَ فِي اَلنّارِ هُمْ خالِدُونَ- إِنَّما يَعْمُرُ مَساجِدَ اَللّهِ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَ اَلْيَوْمِ اَلْآخِرِ وَ أَقامَ اَلصَّلاةَ وَ آتَى اَلزَّكاةَ وَ لَمْ يَخْشَ إِلاَّ اَللّهَ فَعَسى أُولئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ اَلْمُهْتَدِينَ. (3)

4- وَ اَلَّذِينَ اِتَّخَذُوا مَسْجِداً ضِراراً وَ كُفْراً وَ تَفْرِيقاً بَيْنَ اَلْمُؤْمِنِينَ وَ إِرْصاداً لِمَنْ حارَبَ اَللّهَ وَ رَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ وَ لَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنا إِلاَّ اَلْحُسْنى وَ اَللّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ

ص:123


1- -البقرة:114
2- الأعراف:29 و 31
3- التوبة:17 و 18

لَكاذِبُونَ- لا تَقُمْ فِيهِ أَبَداً لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى اَلتَّقْوى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَ اَللّهُ يُحِبُّ اَلْمُطَّهِّرِينَ. (1)

الأخبار

1-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: لا صلاة لجار المسجد إلاّ في مسجده. (2)

2-عن جعفر بن محمّد عن أبيه عن عليّ عليهم السّلام قال: لا صلاة لمن لم يشهد الصلوات المكتوبات من جيران المسجد إذا كان فارغا صحيحا. (3)

3-قال عليّ عليه السّلام: الجلسة في الجامع خير لي من الجلسة في الجنّة، لأنّ الجنّة فيها رضى نفسي و الجامع فيه رضى ربّي. (4)

4-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من مشى إلى المسجد لم يضع رجلا على رطب و لا يابس إلاّ سبّحت له الأرض إلى الأرضين السابعة. (5)

5-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من مشى إلى مسجد من مساجد اللّه فله بكلّ خطوة خطاها حتّى يرجع إلى منزله عشر حسنات، و محي عنه عشر سيّئات، و رفع له عشر درجات. (6)

6-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ثلاثة يشكون إلى اللّه عزّ و جلّ: مسجد خراب لا يصلّي فيه أهله، و عالم بين جهّال، و مصحف معلّق قد وقع عليه الغبار

ص:124


1- -التوبة:107 و 108
2- الوسائل ج 5 ص 194 ب 2 من أحكام المساجد ح 1
3- الوسائل ج 5 ص 194 ح 3
4- الوسائل ج 5 ص 199 ب 3 ح 6
5- الوسائل ج 5 ص 200 ب 4 ح 1
6- الوسائل ج 5 ص 201 ح 3

لا يقرأ فيه. (1)

7-عن أبي عبيدة الحذّاء قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: من بنى مسجدا بنى اللّه له بيتا في الجنّة.

قال أبو عبيدة: فمرّ بي أبو عبد اللّه عليه السّلام في طريق مكّة و قد سوّيت بأحجار مسجدا، فقلت له: جعلت فداك، نرجو أن يكون هذا من ذاك؟ قال: نعم. (2)

8-عن ابن أبي عمير عن بعض أصحابه قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: إنّي لأكره الصلاة في مساجدهم، فقال: لا تكره فما من مسجد بني إلاّ على قبر نبيّ أو وصيّ نبيّ قتل فأصاب تلك البقعة رشّة من دمه، فأحبّ اللّه أن يذكر فيها، فأدّ فيها الفريضة و النوافل، و اقض ما فاتك. (3)

9-عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام عن آبائه عن عليّ عليهم السّلام قال:

من أكل شيئا من المؤذيات ريحها فلا يقربنّ المسجد. (4)

10-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: جنّبوا مساجدكم البيع و الشراء، و المجانين، و الصبيان، و الأحكام، و الضالّة، و الحدود، و رفع الصوت. (5)

11-قال الصادق عليه السّلام: خير مساجد نسائكم البيوت. (6)

12-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من كنس المسجد يوم الخميس و ليلة الجمعة فأخرج منه من التراب ما يذرّ في العين غفر اللّه له. (7)

ص:125


1- -الوسائل ج 5 ص 201 ب 5 ح 1
2- الوسائل ج 5 ص 203 ب 8 ح 1
3- الوسائل ج 5 ص 225 ب 21 ح 1
4- الوسائل ج 5 ص 228 ب 22 ح 9
5- الوسائل ج 5 ص 233 ب 27 ح 1
6- الوسائل ج 5 ص 237 ب 30 ح 2 و 3 و 4
7- الوسائل ج 5 ص 238 ب 32 ح 1

13-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: جاء أعرابيّ إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فسأله عن شرّ بقاع الأرض و خير بقاع الأرض؟ فقال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: شرّ بقاع الأرض الأسواق. . . و خير البقاع المساجد، و أحبّهم إلى اللّه أوّلهم دخولا و آخرهم خروجا منها (1).

14-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لأبي ذرّ رحمه اللّه: يا أبا ذرّ، الكلمة الطيّبة صدقة، و كلّ خطوة تخطوها إلى الصلاة صدقة.

يا أبا ذرّ، من أجاب داعي اللّه و أحسن عمارة مساجد اللّه، كان ثوابه من اللّه الجنّة، فقلت: بأبي أنت و أمّي يا رسول اللّه، كيف يعمر مساجد اللّه؟ قال: لا يرفع فيها الأصوات، و لا يخاض فيها بالباطل، و لا يشترى فيها و لا يباع، فاترك اللغو ما دمت فيها، فإن لم تفعل فلا تلومنّ يوم القيامة إلاّ نفسك.

يا أبا ذرّ، إنّ اللّه تعالى يعطيك ما دمت جالسا في المسجد بكلّ نفس تنفّست فيه درجة في الجنّة، و تصلّي عليك الملائكة، و يكتب لك بكلّ نفس تنفّست فيه عشر حسنات و يمحى عنك عشر سيّئات. (2)

15-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: يا أبا ذرّ، كلّ جلوس في المسجد لغو إلاّ ثلاثة:

قرائة مصلّ، أو ذاكر اللّه تعالى، أو سائل عن علم. (3)

16-عن ابن مسعود عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله (في حديث طويل) أنّه رأى ليلة الإسراء، هذه الكلمات مكتوبة على الباب السادس من الجنّة: «لا إله إلاّ اللّه، محمّد رسول اللّه، عليّ وليّ اللّه، من أحبّ أن يكون قبره واسعا فسيحا فليبن المساجد، و من أحبّ أن لا تأكله الديدان تحت الأرض فليكنس المساجد، و من أحبّ أن لا يظلم لحده فلينوّر المساجد، و من أحبّ أن يبقى طريّا تحت

ص:126


1- -الوسائل ج 5 ص 293 ب 68 ح 1
2- مكارم الإخلاق ص 467 ب 12 ف 5
3- المستدرك ج 3 ص 371 ب 11 من أحكام المساجد ح 2

الأرض فلا يبلى جسده فليشتر بسط المساجد» (1).

أقول:

قد مرّ الحديث بطوله عن البحار ج 8 ص 144 في باب الجنّة.

17-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: المساجد أنوار اللّه. (2)

18-عن الأصبغ قال: كان أمير المؤمنين عليه السّلام يقول: من اختلف إلى المساجد أصاب إحدى الثمان: أخا مستفادا في اللّه، أو علما مستطرفا، أو آية محكمة، أو رحمة منتظرة، أو كلمة تردّه عن ردى، أو يسمع كلمة تدلّه على هدى، أو يترك ذنبا خشية أو حياء (3).

بيان:

«أخا مستفادا في اللّه» : أي يكون استفادة اخوّته و تحصيلها للّه لا للأغراض الدنيويّة. «علما مستطرفا» : أي علما بديعا حسنا. «ردى» : أي الضلالة.

19-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: سيأتي على امّتي زمان لا يبقى من القرآن إلاّ رسمه، و لا من الإسلام إلاّ اسمه، يسمّون به و هم أبعد الناس منه، مساجدهم عامرة و هي خراب من الهدى، فقهاء ذلك الزمان شرّ فقهاء تحت ظلّ السماء، منهم خرجت الفتنة و إليهم تعود. (4)

20-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: يأتي على الناس زمان لا يبقى فيهم من القرآن إلاّ رسمه، و من الإسلام إلاّ اسمه، و مساجدهم يومئذ عامرة من البناء،

ص:127


1- -المستدرك ج 3 ص 385 ب 24 ح 2
2- المستدرك ج 3 ص 447 ب 54 ح 20
3- الخصال ج 2 ص 409 باب الثمانية ح 10(ثواب الأعمال ص 46 باب ثواب الاختلاف إلى المساجد و الأمالي ص 234 و التهذيب ج 3 باب فضل المساجد ح 1 و أمالي الطوسي ج 2 ص 46 و المحاسن ص 48 و قرب الاسناد ص 33 و النهاية للشيخ رحمه اللّه ص 23)
4- عقاب الأعمال ص 301 باب عقاب المعاصي ح 4

خراب من الهدى، سكّانها و عمّارها شرّ أهل الأرض؛ منهم تخرج الفتنة، و إليهم تأوي الخطيئة، يردّون من شذّ عنها فيها، و يسوقون من تأخّر عنها إليها، يقول اللّه سبحانه: فبي حلفت لأبعثنّ على اولئك فتنة أترك الحليم فيها حيران، و قد فعل، و نحن نستقيل اللّه عثرة الغفلة. (1)

21-قال أمير المؤمنين عليه السّلام (في خطبة له) : . . . مساجدهم في ذلك الزمان عامرة من الضلالة، خربة من الهدى، فقرّاؤها و عمّارها أخائب خلق اللّه و خليقته، من عندهم جرت الضلالة و إليهم تعود، فحضور مساجدهم و المشي إليها كفر باللّه العظيم، إلاّ من مشى إليها و هو عارف بضلالهم، فصارت مساجدهم من فعالهم على ذلك النحو خربة من الهدى، عامرة من الضلالة. . . (2)

22-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: كونوا في الدنيا أضيافا و اتّخذوا المساجد بيوتا، و عوّدوا قلوبكم الرقّة، و أكثروا من التفكّر و البكاء من خشية اللّه، و اجعلوا الموت نصب أعينكم، و ما بعده من أهوال القيامة، تبنون ما لا تسكنون، و تجمعون ما لا تأكلون، فاتّقوا اللّه الذي إليه ترجعون. (3)

23-عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال: يأتي في آخر الزمان قوم يأتون المساجد فيقعدون حلقا، ذكرهم الدنيا و حبّ الدنيا، لا تجالسوهم فليس للّه فيهم حاجة. (4)

24-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: في التوراة مكتوب: أنّ بيوتي في الأرض المساجد، فطوبى لعبد تطهّر في بيته ثمّ زارني في بيتي، ألا إنّ على المزور كرامة

ص:128


1- -نهج البلاغة ص 1258 ح 361- صبحي ص 540 ح 369
2- الكافي ج 8 ص 388 ح 586
3- البحار ج 83 ص 351 باب فضل المساجد ح 3
4- البحار ج 83 ص 368 ح 27

الزائر، ألا بشّر المشّائين في الظلمات إلى المساجد بالنور الساطع يوم القيامة. (1)

25-قال الصادق عليه السّلام: عليكم بإتيان المساجد، فإنّها بيوت اللّه في الأرض و من أتاها متطهّرا طهّره اللّه من ذنوبه، و كتب من زوّاره، فأكثروا فيها من الصلاة و الدعاء، و صلّوا من المساجد في بقاع مختلفة، فإنّ كلّ بقعة تشهد للمصلّي عليها يوم القيامة. (2)

26-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: المساجد سوق من أسواق الآخرة، قراها المغفرة و تحفتها الجنّة. (3)

27-عن جعفر بن محمّد عن آبائه عليهم السّلام قال: إنّ اللّه عزّ و جلّ إذا أراد أن يصيب أهل الأرض بعذاب يقول: لو لا الذين يتحابّون فيّ و يعمرون مساجدي و يستغفرون بالأسحار، لو لا هم لأنزلت عليهم عذابي. (4)

28-قال الصادق عليه السّلام: إذا بلغت باب المسجد فاعلم أنّك قد قصدت باب ملك عظيم لا يطأ بساطه إلاّ المطهّرون و لا يؤذن لمجالسته (لمجلسه ف ن) إلاّ الصدّيقون، فهب القدوم إلى بساط هيبة (خدمة ف ن) الملك فإنّك على خطر عظيم إن غفلت، فاعلم أنّه قادر على ما يشاء من العدل و الفضل معك و بك، فإن عطف عليك برحمته و فضله قبل منك يسير الطاعة و أجزل لك عليها ثوابا كثيرا، و إن طالبك باستحقاقه الصدق و الإخلاص عدلا بك حجبك و ردّ طاعتك و إن كثرت، و هو فعّال لما يريد، و اعترف بعجزك و تقصيرك و انكسارك و فقرك بين يديه، فإنّك قد توجّهت للعبادة له و المؤانسة به، و أعرض أسرارك عليه و ليعلم أنّه لا يخفى عليه أسرار الخلايق أجمعين و علانيتهم.

ص:129


1- -البحار ج 83 ص 373 ح 37
2- البحار ج 83 ص 384 ح 59
3- البحار ج 84 ص 4 باب فضل المساجد ح 76
4- البحار ج 84 ص 16 ح 96

و كن كأفقر عباده بين يديه و أخل قلبك عن كلّ شاغل يحجبك عن ربّك، فإنّه لا يقبل إلاّ الأطهر و الأخلص، و انظر من أيّ ديوان يخرج اسمك فإن ذقت حلاوة مناجاته و لذيذ مخاطباته و شربت بكأس رحمته و كراماته من حسن إقباله عليك و إجابته، فقد صلحت لخدمته فادخل فلك الإذن و الأمان و إلاّ فقف وقوف من قد انقطع عنه الحيل و قصر عنه الأمل و قضى عليه الأجل، فإن علم اللّه عزّ و جلّ من قلبك صدق الالتجاء إليه نظر إليك بعين الرأفة و الرحمة و اللطف، و وفّقك لما يحبّ و يرضى فإنّه كريم يحبّ الكرامة لعباده المضطرّين إليه المحدقين على بابه لطلب مرضاته، قال تعالى: أَمَّنْ يُجِيبُ اَلْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ وَ يَكْشِفُ اَلسُّوءَ 1 . (1)

بيان:

«هب» : أمر من هاب يهاب. «الهيبة» : أي المهابة و هي الإجلال و المخافة، يقال:

هابه يهاب هيبة و مهابة: خافه و اتّقاه و حذره، و هابه أي وقّره و عظّمه.

ص:130


1- مصباح الشريعة ص 10 ب 12

86- السخاء و الجود

اشارة

قال اللّه تعالى: فَاتَّقُوا اَللّهَ مَا اِسْتَطَعْتُمْ وَ اِسْمَعُوا وَ أَطِيعُوا وَ أَنْفِقُوا خَيْراً لِأَنْفُسِكُمْ وَ مَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ اَلْمُفْلِحُونَ. (1)

الأخبار

1-قال أبو الحسن الرضا عليه السّلام: السخيّ يأكل من طعام الناس ليأكلوا من طعامه، و البخيل لا يأكل من طعام الناس لئلاّ يأكلوا من طعامه. (2)

بيان:

في المصباح، «السخاء» : الجود و الكرم.

و في مجمع البحرين: السخاء ملكة بذل المال لمستحقّه بقدر ما ينبغي ابتداء.

و في المرآة ج 7 ص 348، باب المكارم: السخاء هو بذل المال بسهولة على قدر لا يؤدّي إلى الإسراف في موضعه، و أفضله ما كان بغير سؤال.

و في جامع السعادات ج 2 ص 112: البخل و هو الإمساك حيث ينبغي البذل، كما أنّ الإسراف هو البذل حيث ينبغي الإمساك، و كلاهما مذمومان، و المحمود هو

ص:131


1- -التغابن:16
2- العيون ج 2 ص 11 ب 30 ح 26

الوسط، و هو الجود و السخاء. . . فالجود وسط بين الإقتار و الإسراف، و بين البسط و القبض، و هو تقدير البذل و الإمساك بقدر الواجب اللائق، و لا يكفي في تحقّق الجود و السخاء أن يفعل ذلك بالجوارح ما لم يكن قلبه طيبا غير منازع له فيه، فإن بذل في محلّ وجوب البذل و نفسه تنازعه و هو يضايرها فهو متسخّ و ليس بسخيّ. . .

و قال في ص 116: ضدّ البخل السخاء، و قد عرفت معناه، و هو من ثمرة الزهد كما أنّ البخل من ثمرة حبّ الدنيا، فينبغي لكلّ سالك لطريق الآخرة أن يكون حاله القناعة إن لم يكن له مال، و السخاء و اصطناع المعروف إن كان له مال، و لا ريب في كون الجود و السخاء من شرائف الصفات و معالي الأخلاق، و هو أصل من أصول النجاة، و أشهر أوصاف النبيّين و أعرف أخلاق المرسلين، و ما ورد في مدحه خارج عن حدّ الإحصاء. . .

2-عن الوشّاء قال: سمعت أبا الحسن عليه السّلام يقول: السخيّ قريب من اللّه، قريب من الجنّة، قريب من الناس، بعيد من النار، و البخيل (بعيد من اللّه،) بعيد من الجنّة، بعيد من الناس، قريب من النار، قال: و سمعته يقول: السخاء شجرة في الجنّة أغصانها في الدنيا، من تعلّق بغصن من أغصانها دخل الجنّة (1).

3-عن ابن محبوب عن بعض أصحابنا عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قلت له:

ما حدّ السخاء؟ قال: تخرج من مالك الحقّ الذي أوجبه اللّه عليك فتضعه في موضعه (2).

4-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: السخيّ الكريم الذى ينفق ماله في حقّ (3).

5-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: السخاء أن تسخو نفس العبد عن الحرام

ص:132


1- -العيون ج 2 ص 11 ح 27
2- معاني الأخبار ص 242 باب معنى السخاء ح 1
3- معاني الأخبار ص 243 ح 2

أن تطلبه، فإذا ظفر بالحلال طابت نفسه أن ينفقه في طاعة اللّه عزّ و جلّ (1).

بيان:

يقال: سخوت نفسي عن الشيء: تركته.

6-قال أمير المؤمنين عليه السّلام لابنه الحسن عليه السّلام في بعض ما سأله عنه: يا بنيّ، ما السماحة؟ قال: البذل في العسر و اليسر (2).

بيان:

في المصباح: «سمح» بكذا يسمح بفتحتين سموحا و سماحا و سماحة: جاد و أعطى أو وافق على ما أريد منه. . . و في النهاية ج 2 ص 398، يقال: سمح و أسمح إذا جاد و أعطى عن كرم و سخاء. . .

7-سأل رجل أبا الحسن عليه السّلام و هو في الطواف فقال له: أخبرني عن الجواد، فقال: إنّ لكلامك وجهين: فإن كنت تسأل عن المخلوق، فإنّ الجواد الذي يؤدّي ما افترض اللّه عليه، و إن كنت تسأل عن الخالق، فهو الجواد إن أعطى و هو الجواد إن منع، لأنّه إن أعطاك أعطاك ما ليس لك و إن منعك منعك ما ليس لك. (3)

بيان:

في المفردات: الجود بذل المقتنيات مالا كان أو علما، و يقال: رجل جواد و فرس جواد يجود بمدّخر عدوه، و الجمع الجياد. . .

و في الفروق اللغويّة ص 142: الفرق بين السخاء و الجود؛ أنّ السخاء هو أن يلين الإنسان عند السؤال و يسهل مهره للطالب، من قولهم: سخوت النار أسخوها سخوا، إذا ألينتها و سخوت الأديم ليّنته، و أرض سخاويه لينة، و لهذا لا يقال للّه

ص:133


1- -معاني الأخبار ص 243 ح 3
2- معاني الأخبار ص 243 باب معنى السماحة
3- معاني الأخبار ص 244 باب معنى الجواد (العيون ج 1 ص 116 ب 11 ح 41)

تعالى سخيّ. و الجواد كثرة العطاء من غير سؤال من قولك: جادت السماء إذا جادت بمطر غزير، و الفرس الجواد الكثير الإعطاء للجري، و اللّه تعالى جواد لكثرة عطائه فيما تقضيه الحكمة. . .

8-روي أنّ اللّه أوحى إلى موسى عليه السّلام: أن لا تقتل السامريّ، فإنّه سخيّ. (1)

9-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: من أدّى ما افترض اللّه عليه فهو أسخى الناس. (2)

10-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من أيقن بالخلف سخت نفسه بالنفقة، و قال اللّه عزّ و جلّ: وَ ما أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَ هُوَ خَيْرُ اَلرّازِقِينَ (3).

بيان:

«الخلف» : أي العوض، إمّا عاجلا من مال أو دفع سوء، أو آجلا من الثواب و الأجر في الآخرة، فكم من منفق قلّ ما يقع له الخلف الماليّ. (مجمع البحرين)

11-عن أبي الحسن موسى عليه السّلام: قال: السخيّ الحسن الخلق في كنف اللّه لا يتخلّى اللّه منه حتّى يدخله اللّه الجنّة، و ما بعث اللّه نبيّا و لا وصيّا إلاّ سخيّا، و لا (ما ف ن) كان أحد من الصالحين إلاّ سخيّا، و ما زال أبي يوصيني بالسخاء حتّى مضى.

و قال: من أخرج من ماله الزكاة تامّة فوضعها في موضعها لم يسأل من أين اكتسبت مالك. (4)

12-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: شابّ سخيّ مرهق في الذنوب أحبّ

ص:134


1- -الوسائل ج 9 ص 18 ب 2 من ما تجب فيه الزكاة ح 6 و ج 21 ص 546 ب 22 من النفقات ح 8
2- الوسائل ج 9 ص 18 ح 7
3- الوسائل ج 9 ص 18 ح 9
4- الوسائل ج 21 ص 544 ب 22 من النفقات ح 2

إلى اللّه من شيخ عابد بخيل. (1)

بيان:

في الوافي، المرهق: المفرط في الشرّ. و في النهاية ج 2 ص 284: . . . يقال: رجل فيه رهق، إذا كان يخفّ إلى الشرّ و يغشاه، و الرهق: السفه و غشيان المحارم. . .

«فلان مرهّق» : أي متّهم بسوء و سفه، و يروى مرهّق أي ذو رهق. . .

13-عن الباقر عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: الجنّة دار الأسخياء (2).

14-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: أبواب الجنّة مفتّحة على الفقراء، و الرحمة نازلة على الرحماء، و اللّه راض عن الأسخياء. (3)

15-روي أنّ أمير المؤمنين عليه السّلام أتى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بأسيرين، فأمر النبيّ بضرب عنقهما، فضرب عنق واحد منهما ثمّ قصد الآخر، فنزل جبرئيل، فقال:

يا محمّد، إنّ ربّك يقرئك السّلام و يقول: لا تقتله فإنّه حسن الخلق سخيّ قومه، فقال اليهوديّ تحت السيف: هذا رسول ربّك يخبرك؟ فقال: نعم قال: و اللّه ما ملكت درهما مع أخ لي قطّ، و لا قطبت وجهي في الحرب، و أنا أشهد أن لا إله إلاّ اللّه و أنّك محمّد رسول اللّه، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: هذا ممّن جرّه حسن خلقه و سخاؤه إلى جنّات النعيم. (4)

بيان:

«قطب» : أي قبض ما بين عينيه كما يفعل العبوس.

16-كتب الرضا عليه السّلام إلى أبي جعفر عليه السّلام: يا أبا جعفر، بلغني أنّ المواليّ إذا ركبت أخرجوك من الباب الصغير و إنّما ذلك من البخل بهم لئلاّ ينال منك أحد

ص:135


1- -الوسائل ج 21 ص 546 ح 7
2- مشكوة الأنوار ص 229 ب 5 ف 4
3- مشكوة الأنوار ص 231
4- مشكوة الأنوار ص 232

خيرا، فأسألك بحقّي عليك لا يكن مدخلك و مخرجك إلاّ من الباب الكبير، و إذا ركبت فليكن معك ذهب و فضّة، ثمّ لا يسألك أحد إلاّ أعطيته، و من سألك من عمومتك أن تبرّه فلا تعطه أقلّ من خمسين دينارا و الكثير إليك، و من سألك من عمّاتك فلا تعطيهنّ أقلّ من خمسة و عشرين دينارا و الكثير إليك، إنّي إنّما أريد أن يرفعك اللّه فأنفق و لا تخش من ذي العرش إقتارا. (1)

17-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: إنّ اللّه جاء بالإسلام فوضعه على السخاء. (2)

18-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: لمّا خلق اللّه الجنّة قالت: يا ربّ، لمن خلقتني؟ قال:

لكلّ سخيّ تقيّ، قالت: رضيت يا ربّ. (3)

19-عن جعفر بن محمّد عن آبائه عن عليّ عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّ اللّه عزّ و جلّ جواد يحبّ الجود و معالي الامور. . . (4)

20-عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه سئل: أيّ الأخلاق أفضل؟ قال: الجود و الصدق.

و قال عيسى عليه السّلام لإبليس: من أحبّ الخلق إليك؟ قال: مؤمن بخيل، قال:

فمن أبغضهم إليك؟ قال: فاسق سخيّ، أخاف أن يغفر له بسخائه.

و قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: السخاء كمال المؤمن. (5)

21-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: خير خصال المسلمين السماحة و السخاء.

و قال صلّى اللّه عليه و آله: ما جبل وليّ اللّه إلاّ على السخاء. (6)

22-و قال صلّى اللّه عليه و آله: السخاء شجرة في الجنّة متدلّية إلى الدنيا، فمن تعلّق بغصن

ص:136


1- -مشكوة الأنوار ص 233
2- المستدرك ج 7 ص 18 ب 2 من ما تجب فيه الزكاة ح 17
3- المستدرك ج 7 ص 18 ح 19
4- المستدرك ج 15 ص 256 ب 16 من النفقات ح 1
5- المستدرك ج 15 ص 258 ح 10
6- المستدرك ج 15 ص 258 ح 11

من أغصانها جذبته إلى الجنّة، و البخل شجرة في النار فمن تمسّك بغصن من أغصانها جذبته إلى النار. (1)

23-و قال صلّى اللّه عليه و آله: إنّ اللّه خلق الجنّة ثوابا لأوليائه، فحفّها بالجود و الكرم، و خلق النار عقابا لأعدائه، فحفّها باللؤم و البخل. (2)

24-قال الصادق عليه السّلام: أربع خصال يسود بها المرء: العفّة و الأدب و الجود و العقل. (3)

25-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لعديّ بن حاتم: إنّ اللّه دفع عن أبيك العذاب الشديد لسخاء نفسه. (4)

26-سئل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عن القلب السليم؟ فقال: هذا قلب من لا يدخل الجنّة بكثرة الصلاة و الصيام، و لكن يدخلها برحمة اللّه، و سلامة الصدر، و سخاوة النفس، و الشفقة على المسلمين. (5)

27-قال الصادق عليه السّلام: إنّ اللّه تبارك و تعالى رضي لكم الإسلام دينا فأحسنوا صحبته بالسخاء و حسن الخلق. (6)

28-عن جميل بن درّاج عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: خياركم سمحاؤكم و شراركم بخلاؤكم، و من صالح الأعمال البرّ بالإخوان، و السعي في حوائجهم، و ذلك مرغمة للشيطان، و تزحزح عن النيران، و دخول الجنان.

يا جميل، أخبر بهذا الحديث غرر أصحابك، قال: فقلت له: جعلت فداك،

ص:137


1- -المستدرك ج 15 ص 259 ح 15
2- المستدرك ج 15 ص 259 ح 16
3- المستدرك ج 15 ص 259 ح 18
4- المستدرك ج 15 ص 260 ح 20
5- المستدرك ج 15 ص 260 ح 21
6- البحار ج 71 ص 350 باب السخاء ح 2

من غرر أصحابي؟ قال: هم البارّون بالإخوان في العسر و اليسر. ثمّ قال: يا جميل، أما إنّ صاحب الكثير يهون عليه ذلك، و قد مدح اللّه عزّ و جلّ صاحب القليل فقال: وَ يُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَ لَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ وَ مَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ اَلْمُفْلِحُونَ . (1)

بيان:

«مرغمة. . .» أرغمه: أذلّه و أسخطه و حمله على فعل ما يكره. و المراد أنّه موجب لطرده و إذلاله و كراهته. «تزحزح» : أي تباعد.

29-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: ثلاث من أبواب البرّ: سخاء النفس و طيب الكلام و الصبر على الأذى. (2)

30-. . . قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: الرجال أربعة: سخيّ و كريم و بخيل و لئيم، فالسخيّ الذي يأكل و يعطي، و الكريم الذى لا يأكل و يعطي، و البخيل الذي يأكل و لا يعطي، و اللئيم الذي لا يأكل و لا يعطي. (3)

31-عن العبد الصالح عليه السّلام عن أبي ذرّ رحمه اللّه قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

من صدّق بالخلف جاد بالعطيّة. (4)

32-. . . قال الصادق عليه السّلام: جاهل سخيّ أفضل من ناسك بخيل.

و قال عليه السّلام: السخاء ما كان ابتداء، فأمّا ما كان من مسألة فحياء و تذمّم.

و قال عليه السّلام: الكرم أعطف من الرحم. (5)

ص:138


1- -البحار ج 71 ص 350 ح 3
2- البحار ج 71 ص 354 ح 15
3- البحار ج 71 ص 356 ح 18
4- البحار ج 71 ص 357 ح 20
5- البحار ج 71 ص 357 ح 21

أقول:

في كنز العمّال خ 16212 و خ 16213: قال النبيّ (ص) : تجافوا عن ذنب السخيّ، فإنّ اللّه آخذ بيده كلّما عثر.

33-عن جعفر بن محمّد عن أبيه عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

طعام السخيّ دواء، و طعام الشحيح داء. (1)

34-في مواعظ الصادق عليه السّلام: لا يكون الجواد جوادا إلاّ بثلاثة: يكون سخيّا بماله على حال اليسر و العسر، و أن يبذله للمستحقّ و يرى أنّ الذي أخذه من شكر الذي اسدى إليه (يسدي إليه ف ن) أكثر ممّا أعطاه. (2)

بيان:

في النهاية ج 2 ص 356: أسدى و أولى و أعطى بمعنى، يقال: أسديت إليه معروفا أسدي إسداء.

35-و قال عليه السّلام: . . . إنّ الجواد السيّد من وضع حقّ اللّه موضعه، و ليس الجواد من يأخذ المال من غير حلّه و يضع في غير حقّه. . . (3)

36-في مواعظ الحسن العسكري عليه السّلام: إنّ للسخاء مقدارا فإن زاد عليه فهو سرف. . . (4)

37-في كلمات النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: إنّ اللّه يحبّ الجواد في حقّه. (5)

38-قال الصادق عليه السّلام: السخاء من أخلاق الأنبياء و هو عماد الإيمان و لا يكون مؤمن إلاّ سخيّا و لا يكون سخيّا إلاّ ذو يقين و همّة عالية، لأنّ السخاء

ص:139


1- -البحار ج 71 ص 357 ح 22
2- البحار ج 78 ص 231
3- البحار ج 78 ص 267
4- البحار ج 78 ص 377
5- البحار ج 77 ص 141

شعاع نور اليقين، من عرف ما قصد هان عليه ما بذل.

قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: «ما جبل وليّ اللّه إلاّ على السخاء» و السخاء ما يقع على كلّ محبوب أقلّه الدنيا، و من علامة السخاء أن لا يبالي من أكل الدنيا و من ملكها مؤمن أو كافر، و مطيع أو عاص، و شريف أو وضيع، يطعم غيره و يجوع، و يكسو غيره و يعرى و يعطي غيره و يمتنع من قبول عطاء غيره و يمنّ بذلك و لا يمنّ، و لو ملك الدنيا بأجمعها لم ير نفسه فيها إلاّ أجنبيّا و لو بذلها في ذات اللّه عزّ و جلّ في ساعة واحدة ما ملّ. . .

قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: السخيّ بما ملك (يملك ف ن) و أراد به وجه اللّه تعالى، و أمّا المتسخّي في معصية اللّه تعالى، فحمّال (فمحالّ ف ن) سخط اللّه و غضبه، و هو أبخل الناس لنفسه فكيف لغيره حيث اتّبع هواه و خالف أمر اللّه عزّ و جلّ. . . (1)

39-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

السخاء سجيّة (الغرر ج 1 ص 5 ف 1 ح 13)

الجود رياسة (ح 31)

السخاء خلق (ص 7 ح 82)

السخاء زين الإنسان (ص 13 ح 314)

السخاء يزرع المحبّة (ص 14 ح 359)

الجود عزّ موجود-الجود حارس الأعراض (ص 15 ح 382 و 388)

السخاء خلق الأنبياء-السخاء يثمر الصفاء (ص 28 ح 827 و 829)

السخاء ستر العيوب (ص 31 ح 956)

السخاء يكسب الحمد (ص 36 ح 1135)

السخاء عنوان المروّة و النبل (ص 40 ح 1230)

ص:140


1- -مصباح الشريعة ص 34 ب 53

السخاء حبّ السائل و بذل النائل (ص 56 ح 1529)

الكريم من جاد بالموجود (ص 60 ح 1604)

السخاء يكسب المحبّة و يزيّن الأخلاق (ص 61 ح 1632)

السخاء إحدى السعادتين (ص 64 ح 1685)

السخاء يمحّص الذنوب و يجلب محبّة القلوب (ص 68 ح 1766)

الجود في اللّه عبادة المقرّبين (ص 70 ح 1782)

السخاء و الشجاعة غرائز شريفة، يضعها اللّه سبحانه فيمن أحبّه و امتحنه.

(ص 74 ح 1844)

الجواد محبوب محمود و إن لم يصل من جوده إلى مادحه شيء، و البخيل ضدّ ذلك (ص 80 ح 1932)

السخاء أن تكون بمالك متبرّعا و عن مال غيرك متورّعا.

(ص 82 ح 1950)

السخاء ما كان ابتداء فإن كان عن مسألة فحياء و تذمّم. (ص 90 ح 2061)

الجود من غير خوف و لا رجاء مكافاة حقيقة الجود. (ص 93 ح 2095)

إعطاء هذا المال في حقوق اللّه دخل في باب الجود (ح 2096)

السخاء ثمرة العقل و القناعة برهان النبل (ص 102 ح 2167)

الجواد في الدنيا محمود و في الآخرة مسعود (ص 103 ح 2174)

السخاء و الحياء أفضل الخلق (ص 104 ح 2193)

أسمحكم أربحكم (ص 174 ف 8 ح 11)

أفضل السخاء الإيثار (ص 176 ح 60)

أشجع الناس أسخاهم (ص 177 ح 71)

أحسن المكارم الجود (ص 178 ح 102)

أحسن الجود عفو بعد مقدرة (ص 181 ح 145)

ص:141

أفضل الناس السخيّ الموقن (ص 182 ح 164)

أفضل الجود بذل الموجود (ص 184 ح 193)

أفضل العطيّة ما كان قبل مذلّة السؤال (ص 193 ح 321)

أفضل الجود إيصال الحقوق إلى أهلها (ح 331)

أحسن المكارم عفو المقتدر وجود المفتقر (ص 194 ح 343)

أفضل الجود ما كان عن عسرة (ص 196 ح 361)

أفضل الناس في الدنيا الأسخياء و في الآخرة الأتقياء. (ص 198 ح 386)

أكرم الأخلاق السخاء و أعمّها نفعا العدل (ح 395)

أفضل الجود بذل الجهد (ص 209 ح 502)

إنّ سخاء النفس عمّا في أيدي الناس لأفضل من سخاء البذل.

(ص 232 ف 9 ح 161)

آفة السخاء المنّ (ص 304 ف 16 ح 8)

آفة الجود الفقر (ص 307 ح 37)

آفة الجود التبذير (ص 308 ح 50)

بالجود تسود الرجال (ص 333 ف 18 ح 82)

بالسخاء تستر العيوب (ص 335 ح 123)

بالجود يبتنى المجد و يجلب الحمد (ص 337 ح 157)

تحلّ بالسخاء و الورع فهما حلية الإيمان و أشرف خلالك.

(ص 349 ف 22 ح 50)

جود الولاة بفيء المسلمين جور و ختر (ص 368 ف 26 ح 9)

جود الفقير أفضل الجود (ح 10)

جود الرجل يحبّبه إلى أضداده و بخله يبغّضه إلى أولاده. (ح 12)

جود الفقير يجلّه و فقر البخيل يذلّه (ص 369 ح 13)

ص:142

جودوا بما يفنى تعتاضوا عنه بما يبقى-جودوا في اللّه و جاهدوا أنفسكم على طاعته يعظم لكم الجزاء و يحسن لكم الحباء. (ح 16 و 17)

رأس السخاء تعجيل العطاء (ص 412 ف 34 ح 29)

سبب المحبّة السخاء-سبب السيادة السخاء. (ص 430 ف 38 ح 1 و 14)

عليك بالسخاء فإنّه ثمرة العقل (ج 2 ص 477 ف 49 ح 4)

عليكم بالسخاء و حسن الخلق فإنّهما يزيدان الرزق و يوجبان المحبّة.

(ص 485 ف 50 ح 12)

كثرة السخاء يكثر الأولياء و يستصلح الأعداء.

(ص 562 ف 66 ح 25)

كن جوادا بالحقّ بخيلا بالباطل. (ص 565 ف 67 ح 18)

لا فضيلة كالسخاء (ص 831 ف 86 ح 55)

لا سخاء مع عدم. (1)(ص 833 ح 90)

لا فخر في المال إلاّ مع الجود (ص 845 ح 310)

لا يستحقّ اسم الكرم إلاّ من بدء بنواله قبل سؤاله (ح 315)

لا إيمان كالحياء و السخاء (ح 317)

لا سيادة لمن لا سخاء له (ص 847 ح 350)

لا يكمل الشرف إلاّ بالسخاء و التواضع (ص 849 ح 379)

أقول:

لاحظ ما يناسب المقام في أبواب حسن الخلق، الغيرة، و

ص:143


1- -أي الفقدان

7B22426F6F6B506167654944223A32303534393736332C22426F6F6B4944223A31363732302C2253656374696F6E4E756D223A312C22506167654E756D223A3134342C2253686F77506167654E756D223A22313434222C22436F6E74656E7454797065223A322C22486173496D616765223A747275652C2248617354657874223A66616C73652C22496E7465726E616C4964223A6E756C6C2C22496D616765436F6E74656E7455726C223A222F424F4F4B494D41474553312F424B31353931342F424B3135393134473030332F424B31353931344730303353312F424B3135393134473030335331503134342E676966222C22536F6C72426F6F6B506167654964223A307D

ص:

87- السفر

اشارة

و فيه فصلان:

الفصل الأوّل: فضله و آدابه

الآيات

1- . . . فَسِيرُوا فِي اَلْأَرْضِ فَانْظُروا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ اَلْمُكَذِّبِينَ. (1)

2- أَ فَلَمْ يَسِيرُوا فِي اَلْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِها أَوْ آذانٌ يَسْمَعُونَ بِها فَإِنَّها لا تَعْمَى اَلْأَبْصارُ وَ لكِنْ تَعْمَى اَلْقُلُوبُ اَلَّتِي فِي اَلصُّدُورِ. (2)

3- قُلْ سِيرُوا فِي اَلْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ اَلْخَلْقَ ثُمَّ اَللّهُ يُنْشِئُ اَلنَّشْأَةَ اَلْآخِرَةَ إِنَّ اَللّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ. (3)

4- أَ وَ لَمْ يَسِيرُوا فِي اَلْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ اَلَّذِينَ كانُوا مِنْ قَبْلِهِمْ

ص:145


1- -آل عمران:137 و النحل:36 و بهذا المعنى في الأنعام:11 و النمل:69
2- الحجّ:46
3- العنكبوت:20

كانُوا هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَ آثاراً فِي اَلْأَرْضِ فَأَخَذَهُمُ اَللّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَ ما كانَ لَهُمْ مِنَ اَللّهِ مِنْ واقٍ. (1)

الأخبار

1-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: سافروا تصحّوا، و جاهدوا تغنموا، و حجّوا تستغنوا. (2)

2-و قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: سافروا، فإنّكم إن لم تغنموا مالا أفدتم عقلا. (3)

3-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من أراد السفر فليسافر في يوم السبت، فلو أنّ حجرا زال عن جبل في يوم السبت لردّه اللّه تعالى إلى مكانه، و من تعذّرت عليه الحوائج فليلتمس طلبها يوم الثلاثاء فإنّه اليوم الذي ألان اللّه فيه الحديد لداود عليه السّلام. (4)

4-عن أبي جعفر عليه السّلام قال: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يسافر يوم الخميس و قال عليه السّلام: يوم الخميس يوم يحبّه اللّه و رسوله و ملائكته. (5)

5-قال الرضا عليه السّلام: إذا خرجت من منزلك في سفر أو حضر فقل «بسم اللّه آمنت باللّه، توكّلت على اللّه، ما شاء اللّه لا حول و لا قوّة إلاّ باللّه» فتلقاه الشياطين فتضرب الملائكة وجوهها و تقول: ما سبيلكم عليه و قد سمّى اللّه و آمن به و توكّل عليه و قال: ما شاء اللّه لا قوّة إلاّ باللّه. (6)

ص:146


1- -المؤمن (غافر) :21 و بمضمونها في يوسف:109 و الروم:9 و محمّد صلّى اللّه عليه و آله:10 و فاطر:44
2- مكارم الأخلاق ص 240 ب 9 ف 1
3- مكارم الأخلاق ص 240
4- مكارم الأخلاق ص 240
5- مكارم الأخلاق ص 240
6- مكارم الأخلاق ص 246 ف 3

6-عن الصادق عليه السّلام: أنّه كان إذا وضع رجله في الركاب يقول: سُبْحانَ اَلَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا وَ ما كُنّا لَهُ مُقْرِنِينَ 1 و يسبّح اللّه سبعا و يحمد اللّه سبعا و يهلّل اللّه سبعا. (1)

7-عن الصادق عن آبائه عليهم السّلام في وصيّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لعليّ عليه السّلام قال: يا عليّ، لا ينبغي للعاقل أن يكون ظاعنا إلاّ في ثلاث: مرمّة لمعاش، أو تزوّد لمعاد، أو لذّة في غير محرّم. . .

يا عليّ، سر سنتين برّ والديك، سر سنة صل رحمك، سر ميلا عد مريضا، سر ميلين شيّع جنازة، سر ثلاثة أميال أجب دعوة، سر أربعة أميال زر أخا في اللّه، سر خمسة أميال أجب الملهوف، سر ستّة أميال انصر المظلوم، و عليك بالاستغفار. (2)

بيان:

ظعن ظعنا فهو ظاعن من باب نفع: أي سار و ارتحل. و رممت الشيء رمّا و مرمّة:

إذا أصلحته.

8-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: لا تخرج يوم الجمعة في حاجة، فإذا كان يوم السبت و طلعت الشمس فاخرج في حاجتك. (3)

9-عن أبي أيّوب الخرّاز أنّه قال: أردنا أن نخرج فجئنا نسلّم على أبي عبد اللّه عليه السّلام فقال: كأنّكم طلبتم بركة الاثنين؟ قلنا: نعم، قال: فأيّ يوم أعظم شؤما من يوم الاثنين، فقدنا فيه نبيّنا صلّى اللّه عليه و آله، و ارتفع الوحي عنّا، لا تخرجوا

ص:147


1- مكارم الأخلاق ص 247 ف 3
2- الوسائل ج 11 ص 344 ب 1 من آداب السفر ح 3
3- الوسائل ج 11 ص 349 ب 3 ح 4

يوم الاثنين و اخرجوا يوم الثلاثاء. (1)

10-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من سافر أو تزوّج و القمر في العقرب لم ير الحسنى. (2)

11-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من ركب راحلة فليوص. (3)

12-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: تصدّق و اخرج أيّ يوم شئت. (4)

أقول:

في ح 2: . . . افتتح سفرك بالصدقة و اخرج إذا بدا لك. .

13-عن أبي عبد اللّه عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

ما استخلف رجل على أهله بخلافة أفضل من ركعتين يركعهما إذا أراد الخروج إلى سفر و يقول: «اللهمّ إنّي أستودعك نفسي و أهلي و مالي و ذرّيّتي و دنياي و آخرتي و أمانتي و خاتمة عملي» (فما قال ذلك أحد ف ت) إلاّ أعطاه اللّه عزّ و جلّ ما سأل. (5)

14-عن معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في سفره إذا هبط سبّح و إذا صعد كبّر. (6)

15-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أ لا أنبّئكم بشرّ الناس؟ قالوا: بلى يا رسول اللّه، قال: من سافر وحده و منع رفده و ضرب

ص:148


1- -الوسائل ج 11 ص 351 ب 4 ح 1
2- الوسائل ج 11 ص 367 ب 11 ح 1
3- الوسائل ج 11 ص 369 ب 13 ح 1
4- الوسائل ج 11 ص 375 ب 15 ح 1
5- الوسائل ج 11 ص 379 ب 18 ح 1
6- الوسائل ج 11 ص 391 ب 21 ح 1

عبده. (1)

16-عن الصادق عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: السفر قطعة من العذاب، فإذا قضى أحدكم سفره فليسرع العود إلى أهله. (2)

17-قال أبو الحسن موسى بن جعفر عليه السّلام: أنا ضامن لمن خرج يريد سفرا معتمّا تحت حنكه ثلاثا، أن لا يصيبه السرق و الغرق و الحرق. (3)

بيان:

قال رحمه اللّه: «ثلاثا» مفعول ضامن.

18-قال جعفر بن محمّد عليه السّلام: إذا سافر أحدكم فقدم من سفره، فليأت أهله بما تيسّر و لو بحجر. . . (4)

19-عن أبي الحسن عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إذا ركب الرجل الدابّة فسمّى، ردفه ملك يحفظه حتّى ينزل، فإذا ركب و لم يسمّ، ردفه شيطان. . . (5)

أقول:

الأخبار في آداب السفر و قرائة الأدعية و بعض السور كثيرة.

و سيأتي ما يناسب المقام في أبواب التسمية، الصدقة، و. . .

ص:149


1- -الوسائل ج 11 ص 409 ب 30 ح 4
2- الوسائل ج 11 ص 450 ب 58 ح 1
3- الوسائل ج 11 ص 452 ب 59 ح 1
4- الوسائل ج 11 ص 459 ب 67 ح 1
5- البحار ج 76 ص 296 باب آداب الركوب ح 25

الفصل الثانيّ: آداب المسافر

الأخبار

1-في وصية أمير المؤمنين لابنه الحسن عليهما السّلام: سل عن الرفيق قبل الطريق، و عن الجار قبل الدار. (1)

2-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ما اصطحب اثنان إلاّ كان أعظمهما أجرا و أحبّهما إلى اللّه أرفقهما بصاحبه. (2)

3-قال أبو جعفر عليه السّلام: إذا صحبت فأصحب نحوك، و لا تصحب من يكفيك، فإنّ ذلك مذلّة للمؤمن. (3)

4-عن صفوان الجمّال قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: إنّ معي أهلي و إنّي اريد الحجّ فأشدّ نفقتي في حقوي قال: نعم، إنّ أبي عليه السّلام كان يقول: من قوّة المسافر حفظ نفقته. (4)

ص:150


1- -نهج البلاغة ص 936 في ر 31
2- الوسائل ج 11 ص 412 ب 31 من آداب السفر ح 2
3- الوسائل ج 11 ص 414 ب 33 ح 3
4- الوسائل ج 11 ص 419 ب 38 ح 1

بيان:

في مجمع البحرين، «الحقو» : موضع شدّ الإزار، و هو الخاصرة، ثمّ توسّعوا حتّى سمّوا الإزار الذي يشدّ على العورة حقوا.

5-عن حمّاد بن عيسى عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: في وصية لقمان لابنه:

يا بنيّ، سافر بسيفك و خفّك و عمامتك و حبالك (خبائك ف ك) و سقائك و خيوطك و مخرزك، و تزوّد معك من الأدوية ما تنتفع به أنت و من معك، و كن لأصحابك موافقا إلاّ في معصية اللّه عزّ و جلّ. (1)

بيان:

«الحبل» : جمع حبال. «الخباء» : الخيمة. «مخرز» : يقال بالفارسيّة: درفش چرم دوزى.

6-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من أعان مؤمنا مسافرا فرج اللّه عنه ثلاثا و سبعين كربة، و أجاره في الدنيا و الآخرة من الغمّ و الهمّ و نفّس كربه العظيم يوم يغصّ الناس بأنفاسهم.

و في حديث آخر: «حيث يتشاغل الناس بأنفاسهم» . (2)

بيان:

غصّ بالطعام و الماء: اعترض في حلقه شيء منه فمنعه التنفّس.

7-عن جعفر بن محمّد الصادق عليهما السّلام قال: كان عليّ بن الحسين عليه السّلام لا يسافر إلاّ مع رفقة لا يعرفونه، و يشترط عليهم أن يكون من خدّام الرفقة فيما يحتاجون إليه، فسافر مرّة مع قوم فرآه رجل فعرفه، فقال لهم: أ تدرون من هذا؟ قالوا: لا، قال: هذا عليّ بن الحسين عليه السّلام، فوثبوا إليه فقبّلوا يديه و رجليه، فقالوا:

ص:151


1- -الوسائل ج 11 ص 425 ب 43 ح 1
2- الوسائل ج 11 ص 429 ب 46 ح 1

يا بن رسول اللّه، أردت أن تصلينا نار جهنّم لو بدرت إليك منّا يد أو لسان، أما كنّا قد هلكنا آخر الدهر؟ فما الذي حملك على هذا؟ فقال: إنّي كنت سافرت مرّة مع قوم يعرفونني فأعطوني برسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ما لا أستحقّ، فأخاف أن تعطوني مثل ذلك، فصار كتمان أمري أحبّ إليّ. (1)

بيان:

بدر إلى الشيء: أسرع، و البادرة: ما يبدو من الإنسان عند غضبه.

8-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: المروءة مروءتان: مروءة في السفر و مروءة في الحضر، فأمّا مروّة الحضر، فتلاوة القرآن و حضور المساجد و صحبة أهل الخير، و النظر في الفقه، و أمّا مروءة السفر، فبذل الزاد، و المزاح في غير ما يسخط اللّه عزّ و جلّ، و قلّة الخلاف على من صحبك، و ترك الرواية عليهم إذا أنت فارقتهم. (2)

أقول:

بهذا المعنى أخبار كثيرة، و زاد في ح 15: و قلّة الخلاف على من صحبك، و كثرة ذكر اللّه في كلّ مصعد و مهبط و نزول و قيام و قعود.

9-عن حمّاد بن عيسى عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال لقمان لابنه: إذا سافرت مع قوم فأكثر استشارتهم في أمرك و أمورهم، و أكثر التبسّم في وجوههم، و كن كريما على زادك بينهم، و إذا دعوك فأجبهم، و إن استعانوا بك فأعنهم، و استعمل طول الصمت و كثرة الصلاة و سخاء النفس بما معك من دابّة أو ماء أو زاد. . .

و إذا رأيت أصحابك يمشون فامش معهم، و إذا رأيتهم يعملون فاعمل معهم،

ص:152


1- -الوسائل ج 11 ص 430 ح 2
2- الوسائل ج 11 ص 436 ب 49 ح 12

و إذا تصدّقوا و أعطوا قرضا فأعط معهم، و اسمع لمن هو أكبر منك سنّا، و إذا أمروك بأمر و سألوك شيئا فقل: نعم، و لا تقل: لا. . .

و إذا ارتحلت فصلّ ركعتين، و ودّع الأرض التي حللت بها، و سلّم عليها و على أهلها، فإنّ لكلّ بقعة أهلا من الملائكة فإن استطعت أن لا تأكل طعاما حتّى تبدء فتصدّق منه فافعل، و عليك بقراءة كتاب اللّه عزّ و جلّ ما دمت راكبا، و عليك بالتسبيح ما دمت عاملا عملا و عليك بالدعاء ما دمت خاليا، و إيّاك و السير من أوّل الليل و سر في آخره، و إيّاك و رفع الصوت في مسيرك. (1)

10-عن جعفر عن أبيه عن جدّه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إذا كنتم في سفر فمرض أحدكم فأقيموا عليه ثلاثة أيّام. (2)

11-روي أنّ رفقة كانوا في سفر، فلمّا قدموا قالوا: يا رسول اللّه، ما رأينا أفضل من فلان، كان يصوم النهار، فإذا نزلنا قام يصلّي حتّى نرحل، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من كان يمهّد له و يكفيه و يعمل له؟ فقالوا: نحن، قال: كلّكم أفضل منه. (3)

12-استوصى رجل أمير المؤمنين عليه السّلام عند خروجه إلى السفر، فقال عليه السّلام:

إن أردت الصاحب فاللّه يكفيك، و إن أردت الرفيق فالكرام الكاتبون تكفيك، و إن أردت المونس فالقرآن يكفيك، و إن أردت العبرة فالدنيا تكفيك، و إن أردت العمل فالعبادة تكفيك، و إن أردت الوعظ فالموت يكفيك، و إن لم يكفك ما ذكرت فالنار يوم القيامة تكفيك. (4)

13-عن أبي الربيع الشاميّ قال: كنّا عند أبي عبد اللّه عليه السّلام و البيت غاصّ

ص:153


1- -الوسائل ج 11 ص 440 ب 52 ح 1
2- الوسائل ج 11 ص 457 ب 64 ح 2
3- المستدرك ج 8 ص 220 ب 35 من آداب السفر ح 3
4- جامع الأخبار ص 181 ف 141

بأهله، فقال عليه السّلام: ليس منّا من لم يحسن صحبة من صحبه و مرافقة من رافقه و ممالحة من مالحه و مخالقة من خالقه. (1)

بيان:

«الممالحة» : أي المؤاكلة، يقال: مالحه أي أكل معه.

«المخالقة» يقال: خالقه أي عاشره بخلق حسن.

14-قال صلّى اللّه عليه و آله: سيّد القوم خادمهم في السفر. (2)

15-عن المفضّل قال: دخلت على أبي عبد اللّه عليه السّلام فقال: من صحبك؟ قلت: رجل من إخواني، قال: فما فعل؟ قلت: منذ دخلت المدينة لم أعرف مكانه، فقال لي: أما علمت أنّ من صحب مؤمنا أربعين خطوة سأله اللّه عنه يوم القيامة؟ !

و عن المفيد رحمه اللّه عن الصادق جعفر بن محمّد عليه السّلام قال: من صحب أخاه المؤمن في طريق فتقدّمه فيه بقدر ما يغيب عنه بصره فقد ظلمه. (3)

16-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله في سفر: من كان يسيء الجوار فلا يصاحبنا.

و قال صلّى اللّه عليه و آله: احتمل الأذى عمّن هو أكبر منك و أصغر منك و خير منك و شرّ منك، فإنّك إن كنت كذلك تلقى اللّه جلّ جلاله يباهي بك الملائكة. . . (4)

ص:154


1- -مكارم الأخلاق ص 250 ب 9 ف 4
2- مكارم الأخلاق ص 251
3- البحار ج 76 ص 275 باب حسن الخلق و. . . و سائر آداب السفر ح 30
4- البحار ج 76 ص 275 ح 31

88- المسكن

اشارة

قال اللّه تعالى: وَ اَللّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَناً. . . (1)

الأخبار

1-عن هشام بن الحكم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من السعادة سعة المنزل. (2)

أقول:

بهذا المعنى أخبار أخر، و ح 8 عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال: من سعادة المسلم سعة المسكن، و الجار الصالح، و المركب الهنيء.

2-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ثلاثة للمؤمن فيها راحة: دار واسعة تواري عورته و سوء حاله من الناس، و امرأة صالحة تعينه على أمر الدنيا و الآخرة، و ابنة أو أخت يخرجها من منزله إمّا بموت أو بتزويج. (3)

ص:155


1- -النحل:80
2- الوسائل ج 5 ص 299 ب 1 من أحكام المساكن ح 1
3- الوسائل ج 5 ص 299 ح 2

3-عن أبي جعفر عليه السّلام قال: من شقاء العيش ضيق المنزل. (1)

أقول:

سعة المسكن و ضيقه مختلفة بحسب اختلاف الناس من حيث شئونهم و قلّة عيالهم و كثرتهم، و لا يكون المراد من سعة الدار في الأخبار توسيعها على نحو العمارات الكبيرة المعمولة في هذا الزمان، بل ما يواري عورة المؤمن و سوء حاله عن غيره، و سيأتي في الأحاديث ما يدلّ على ذلك.

4-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: أنّ عليّا عليه السّلام كره الصور في البيوت. (2)

5-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ اللّه عزّ و جلّ و كلّ ملكا بالبناء يقول لمن رفع سقفا فوق ثمانية أذرع: أين تريد يا فاسق؟ ! (3)

أقول:

في ح 7: يا أفسق الفاسقين أين تريد؟ !

6-عن محمّد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ابن بيتك سبعة أذرع، فما كان بعد ذلك سكنته الشياطين، إنّ الشياطين ليست في السماء و لا في الأرض و إنّما تسكن الهواء. (4)

7-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: شكى إليه رجل عبث أهل الأرض بأهل بيته و بعياله، فقال: كم سقف بيتك؟ فقال: عشرة أذرع، فقال: اذرع ثمانية أذرع، ثم اكتب آية الكرسيّ فيما بين الثمانية إلى العشرة كما تدور، فإنّ كلّ بيت سمكه أكثر من ثمانية أذرع فهو محتضر تحضره الجنّ تكون فيه (مسكنه ف ن) تسكنه. (5)

ص:156


1- -الوسائل ج 5 ص 302 ب 2 ح 2
2- الوسائل ج 5 ص 304 ب 3 ح 3
3- الوسائل ج 5 ص 310 ب 5 ح 2
4- الوسائل ج 5 ص 311 ح 4
5- الوسائل ج 5 ص 312 ب 6 ح 1

بيان:

«السمك» : من أعلى البيت إلى أسفله.

8-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إذا كان البيت فوق ثمانية أذرع، فاكتب في أعلاه آية الكرسي. (1)

9-عن عيص بن القاسم قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن السطح، ينام عليه بغير حجرة؟ قال: نهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عن ذلك، فسألته عن ثلاثة حيطان؟ فقال: لا، إلاّ أربعة، قلت: كم طول الحائط؟ قال: أقصره ذراع و شبر. (2)

10-عن جعفر بن محمّد عن آبائه عليهم السّلام في وصية النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لعليّ عليه السّلام قال:

و كره النوم فوق سطح ليس بمحجّر، و قال: من نام على سطح غير محجّر فقد برئت منه الذمّة. (3)

بيان:

في مجمع البحرين (برى) ، «برئت منه الذمّة» معناه: أنّ لكلّ أحد من اللّه عهدا بالحفظ و الكلائة، فإذا ألقى بيده إلى التهلكة أو فعل ما حرّم أو خالف ما أمر به خذلته ذمّة اللّه.

11-عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ الشيطان أشدّ ما يهمّ بالإنسان إذا كان وحده، فلا تبيتنّ وحدك، و لا تسافرنّ وحدك. (4)

12-عن الصادق عن آبائه عليهم السّلام في وصيّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لعليّ عليه السّلام قال: و كره أن ينام الرجل في بيت وحده. يا عليّ، لعن اللّه ثلاثة: آكل زاده وحده، و راكب الفلاة وحده، و النائم في بيت وحده.

ص:157


1- -الوسائل ج 5 ص 312 ح 2
2- الوسائل ج 5 ص 314 ب 7 ح 3
3- الوسائل ج 5 ص 315 ح 7
4- الوسائل ج 5 ص 334 ب 21 ح 1

يا عليّ، ثلاث يتخوّف منهنّ الجنون: التغوّط بين القبور، و المشي في خفّ واحد، و الرجل ينام وحده. (1)

13-عن ابن أبي عمير عن هشام بن الحكم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:

من كسب مالا من غير حلّه، سلّط عليه البناء و الماء و الطين. (2)

14-عن عليّ عليه السّلام (في ح الأربعمائة) قال: إذا دخل أحدكم منزله فليسلّم على أهله، يقول: «السّلام عليكم» فإن لم يكن له أهل، فليقل: «السّلام علينا من ربّنا» ، و ليقرأ: قُلْ هُوَ اَللّهُ أَحَدٌ حين يدخل منزله، فإنّه ينفي الفقر. (3)

15-عن جابر بن عبد اللّه قال: ذكر عند رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله الفرش: فقال:

فراش للرجل، و فراش للمرأة، و فراش للضيف، و الرابع للشيطان. (4)

16-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: كلّ بناء ليس بكفاف فهو و بال على صاحبه يوم القيامة. (5)

17-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من بنى فوق ما يسكنه كلّف حمله يوم القيامة. (6)

18-عن الصادق عن آبائه عليهم السّلام (في حديث المناهي) قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: و من بنى بنيانا رياء و سمعة حمله اللّه يوم القيامة من الأرض السابعة و هو نار يشتعل منه، ثمّ يطوّق في عنقه و يلقى في النار فلا يحبسه شيء منها دون قعرها إلاّ أن يتوب، فقيل: يا رسول اللّه، كيف يبني رياء و سمعة؟ فقال: يبني فضلا

ص:158


1- -الوسائل ج 5 ص 332 ب 20 ح 9
2- الوسائل ج 5 ص 315 ب 8 ح 1
3- الوسائل ج 5 ص 323 ب 15 ح 1
4- الوسائل ج 5 ص 337 ب 23 ح 6
5- الوسائل ج 5 ص 337 ب 25 ح 1
6- الوسائل ج 5 ص 338 ح 3

على ما يكفيه استطالة به على جيرانه و مباهاة لإخوانه. (1)

19-و من كلام أمير المؤمنين عليه السّلام بالبصرة، و قد دخل على العلاء بن زياد الحارثيّ-و هو من أصحابه-يعوده، فلمّا رأى سعة داره قال:

ما كنت تصنع بسعة هذه الدار في الدنيا؟ و أنت إليها في الآخرة كنت أحوج، و بلى إن شئت بلغت بها الآخرة تقري فيها الضيف، و تصل فيها الرحم، و تطلع منها الحقوق مطالعها، فإذا أنت قد بلغت بها الآخرة. . . (2)

بيان:

«تطلع منها الحقوق مطالعها» : أي تظهر الحقوق الشرعيّة كأداء الخمس و الزكاة و الصدقات و غيرها.

20-و فيما كتب عليه السّلام إلى الحارث الهمدانيّ. . . و اسكن الأمصار العظام فإنّها جماع المسلمين، و احذر منازل الغفلة و الجفاء و قلّة الأعوان على طاعة اللّه. . . (3)

أقول:

قد مرّ في باب السفر عنه عليه السّلام: «سل. . . عن الجار قبل الدار» .

21-أوصى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لعليّ عليه السّلام: يا عليّ، لا تسكن الرستاق فإنّ شيوخهم جهلة، و شبابهم عرمة، و نساؤهم كشفة، و العالم بينهم كالجيفة بين الكلاب. (4)

بيان:

في النهاية ج 3 ص 223، رجل عارم: أي خبيث شرّير (و الجمع العرمة) .

22-و قال صلّى اللّه عليه و آله: من لم يتورّع في دين اللّه ابتلاه اللّه تعالى بثلاث خصال:

ص:159


1- -الوسائل ج 5 ص 338 ح 4
2- نهج البلاغة ص 662 خ 200- صبحي ص 324 خ 209
3- نهج البلاغة ص 1069 في ر 69
4- جامع الأخبار ص 139 ف 100

إمّا أن يميته شابّا أو يوقعه في خدمة السلطان أو يسكنه في الرساتيق. (1)

23-قال رجل للحسين عليه السّلام: بنيت دارا أحبّ أن تدخلها و تدعو اللّه، فدخلها فنظر إليها فقال: أخربت دارك، و عمّرت دار غيرك، غرّك من في الأرض، و مقتك من في السماء.

و مرّ الحسين عليه السّلام بدار بعض المهالبة، فقال: رفع الطين و وضع الدين. (2)

24-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: إذا أراد اللّه بعبد سوء أهلك ماله في الماء و الطين. (3)

25-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إذا أراد اللّه بعبد هوانا أنفق ماله في البنيان. (4)

26-في لبّ اللباب: روي أنّ من دخل بيته فقال: بِسْمِ اَللّهِ يقول الشيطان: لا مبيت هيهنا. (5)

27-عن المفضل عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من كان له دار و احتاج مؤمن إلى سكناها فمنعه إيّاها قال اللّه عزّ و جلّ: ملائكتي عبدي بخل على عبدي بسكنى الدنيا، و عزّتي لا يسكن جناني أبدا. (6)

28-روي أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله رأى رجلا من أصحابه يبني بيتا بجصّ و آجر، فقال: الأمر أعجل من هذا. (7)

29-عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال: إنّ جبرائيل عليه السّلام قال: إنّا لا ندخل بيتا فيه كلب و لا صورة إنسان و لا بيتا فيه

ص:160


1- -جامع الأخبار ص 139 ف 100
2- المستدرك ج 3 ص 467 ب 18 من أحكام المساكن ح 4(تنبيه الخواطر ج 1 ص 78)
3- المستدرك ج 3 ص 467 ح 6
4- المستدرك ج 3 ص 468 ح 7 و ب 6 ح 1
5- المستدرك ج 3 ص 471 ب 23 ح 4
6- البحار ج 74 ص 389 باب من أسكن مؤمنا بيتا
7- البحار ج 76 ص 155 باب سعة الدار ح 37

تمثال. (1)

أقول:

في ح 4 قال: إنّا معشر الملائكة لا ندخل بيتا فيه كلب و لا تمثال جسد، و لا إناء يبال فيه.

30-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال: ترك نسج العنكبوت في البيت يورث الفقر، و ترك القمامة في البيت يورث الفقر.

و قال عليه السّلام: كسح الفناء يزيد في الرزق. (2)

بيان:

«القمامة» يقال بالفارسيّة: خاكروبة.

ص:161


1- -البحار ج 76 ص 159 باب تزويق البيوت. . . ح 3
2- البحار ج 76 ص 176 باب كنس الدار ح 6

7B22426F6F6B506167654944223A32303534393736342C22426F6F6B4944223A31363732302C2253656374696F6E4E756D223A312C22506167654E756D223A3136322C2253686F77506167654E756D223A22313632222C22436F6E74656E7454797065223A322C22486173496D616765223A747275652C2248617354657874223A66616C73652C22496E7465726E616C4964223A6E756C6C2C22496D616765436F6E74656E7455726C223A222F424F4F4B494D41474553312F424B31353931342F424B3135393134473030332F424B31353931344730303353312F424B3135393134473030335331503136322E676966222C22536F6C72426F6F6B506167654964223A307D

ص:

89- السلاطين و الأمراء

الآيات

1- أَ لَمْ تَرَ إِلَى اَلْمَلَإِ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسى إِذْ قالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ اِبْعَثْ لَنا مَلِكاً نُقاتِلْ فِي سَبِيلِ اَللّهِ . . . -وَ قالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اَللّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طالُوتَ مَلِكاً قالُوا أَنّى يَكُونُ لَهُ اَلْمُلْكُ عَلَيْنا وَ نَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَ لَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ اَلْمالِ قالَ إِنَّ اَللّهَ اِصْطَفاهُ عَلَيْكُمْ وَ زادَهُ بَسْطَةً فِي اَلْعِلْمِ وَ اَلْجِسْمِ وَ اَللّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشاءُ وَ اَللّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ. (1)

2- . . . فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ اَلْكِتابَ وَ اَلْحِكْمَةَ وَ آتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً. (2)

3- . . . اُذْكُرُوا نِعْمَتَ اَللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِياءَ وَ جَعَلَكُمْ مُلُوكاً وَ آتاكُمْ ما لَمْ يُؤْتِ أَحَداً مِنَ اَلْعالَمِينَ. (3)

4- وَ لا تَرْكَنُوا إِلَى اَلَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ اَلنّارُ وَ ما لَكُمْ مِنْ دُونِ اَللّهِ مِنْ أَوْلِياءَ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ. (4)

ص:163


1- -البقرة:246 و 247
2- النساء:54
3- المائدة:20
4- هود:113

5- رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ اَلْمُلْكِ وَ عَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ اَلْأَحادِيثِ. . . (1)

6- قالَتْ إِنَّ اَلْمُلُوكَ إِذا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوها وَ جَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِها أَذِلَّةً وَ كَذلِكَ يَفْعَلُونَ. (2)

7- اِصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ وَ اُذْكُرْ عَبْدَنا داوُدَ ذَا اَلْأَيْدِ إِنَّهُ أَوّابٌ . . . وَ شَدَدْنا مُلْكَهُ وَ آتَيْناهُ اَلْحِكْمَةَ وَ فَصْلَ اَلْخِطابِ. (3)

8- قالَ رَبِّ اِغْفِرْ لِي وَ هَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ اَلْوَهّابُ. (4)

الأخبار

1-عن جعفر بن محمّد عن أبيه عليهما السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: صنفان من امّتي إذا صلحا صلحت امّتي، و إذا فسدا فسدت امّتي، قيل: يا رسول اللّه، و من هما؟ قال: الفقهاء و الامراء. (5)

2-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: رجلان لا تنالهما شفاعتي: صاحب سلطان عسوف غشوم، و غال في الدين مارق. (6)

بيان:

«العسوف» : الظلوم و الآخذ على غير الطريق. «الغشوم» : الظالم، الغاصب «الغالي» : المتجاوز عن الحقّ. «المارق» : الخارج من الدين.

ص:164


1- -يوسف:101
2- النمل:34
3- ص:17 إلى 20
4- ص:35
5- الخصال ج 1 ص 36 باب الاثنين ح 12
6- الخصال ج 1 ص 63 ح 93

3-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ثلاثة يدخلهم اللّه الجنّة بغير حساب، و ثلاثة يدخلهم اللّه النار بغير حساب، فأمّا الذين يدخلهم اللّه الجنّة بغير حساب: فإمام عادل، و تاجر صدوق، و شيخ أفنى عمره في طاعة اللّه عزّ و جلّ، و أمّا الثلاثة الذين يدخلهم اللّه النار بغير حساب: فإمام جائر، و تاجر كذوب، و شيخ زان. (1)

4-عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّ في الجنّة درجة لا ينالها (لا يبلغها ف ن) إلاّ إمام عادل، أو ذو رحم وصول، أو ذو عيال صبور. (2)

5-عن جعفر بن محمّد عن أبيه عن جدّه عليهم السّلام قال: كان عليّ عليه السّلام يقول:

العامل بالظلم و المعين عليه و الراضي به شركاء ثلاثة. (3)

6-عن أبي عبد اللّه جعفر بن محمّد عن أبيه عن آبائه عن عليّ عليهم السّلام قال:

قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: تكلّم النار يوم القيامة ثلاثة: أميرا و قاريا و ذا ثروة من المال، فتقول للأمير: يا من وهب اللّه له سلطانا فلم يعدل، فتزدرده كما يزدرد الطير حبّ السمسم، و تقول للقاريء: يا من تزيّن للناس و بارز اللّه بالمعاصي فتزدرده، و تقول للغنيّ: يا من وهب اللّه له دنيا كثيرة واسعة فيضا و سأله الفقير اليسير قرضا فأبى بخلا فتزدرده. (4)

بيان:

«الازدراد» : الابتلاع. «السمسم» يقال بالفارسيّة: كنجد.

7-قال جعفر بن محمّد عليه السّلام: إنّي لأرجو النجاة لهذه الامّة لمن عرف حقّنا

ص:165


1- -الخصال ج 1 ص 80 باب الثلاثة ح 1
2- الخصال ج 1 ص 93 ح 39
3- الخصال ج 1 ص 107 ح 72
4- الخصال ج 1 ص 111 ح 84

منهم إلاّ لأحد ثلاثة: صاحب سلطان جائر، و صاحب هوى، و الفاسق المعلن. (1)

8-عن سليم بن قيس قال: سمعت أمير المؤمنين عليّا عليه السّلام يقول: احذروا على دينكم ثلاثة. . . و رجلا آتاه اللّه عزّ و جلّ سلطانا فزعم أنّ طاعته طاعة اللّه و معصيته معصية اللّه و كذب، لأنّه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، لا ينبغي للمخلوق أن يكون حبّه لمعصية اللّه، فلا طاعة في معصيته و لا طاعة لمن عصى اللّه، إنّما الطاعة للّه و لرسوله و لولاة الأمر، و إنّما أمر اللّه عزّ و جلّ بطاعة الرسول لأنّه معصوم مطهّر لا يأمر بمعصيته، و إنّما أمر بطاعة أولي الأمر لأنّهم معصومون مطهّرون لا يأمرون بمعصيته. (2)

9-عن جعفر بن محمّد عن أبيه عن جدّه عن عليّ بن أبي طالب عليهم السّلام قال:

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في وصيّته لي: يا عليّ، أربعة من قواصم الظهر: إمام يعصي اللّه و يطاع أمره، و زوجة يحفظها زوجها و هي تخونه، و فقر لا يجد صاحبه له مداويا، و جار سوء في دار مقام. (3)

10-عن جعفر بن محمّد عن أبيه عن آبائه عليهم السّلام أنّ عليّا عليه السّلام قال: إنّ في جهنّم رحى تطحن خمسا أ فلا تسألون ما طحنها؟ فقيل له: فما طحنها يا أمير المؤمنين؟ قال: العلماء الفجرة، و القرّاء الفسقة، و الجبابرة الظلمة، و الوزراء الخونة، و العرفاء الكذبة. . . (4)

بيان:

«العريف» جمع عرفاء: هو القيّم بأمور القبيلة أو الجماعة من الناس يلي أمورهم.

ص:166


1- -الخصال ج 1 ص 119 ح 107
2- الخصال ج 1 ص 139 ح 158
3- الخصال ج 1 ص 206 باب الأربعة ح 24
4- الخصال ج 1 ص 296 باب الخمسة ح 65

11-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: إنّ اللّه عزّ و جلّ يعذّب ستّة بستّة: العرب بالعصبيّة، و الدهاقنة بالكبر، و الأمراء بالجور، و الفقهاء بالحسد، و التجّار بالخيانة، و أهل الرستاق بالجهل. (1)

12-من كلام لأمير المؤمنين عليه السّلام في الخوارج لمّا سمع قولهم (لا حكم إلاّ للّه) قال: كلمة حقّ يراد بها الباطل، نعم إنّه لا حكم إلاّ للّه، و لكن هؤلاء يقولون: لا إمرة إلاّ للّه، و إنّه لا بدّ للناس من أمير برّ أو فاجر، يعمل في إمرته المؤمن، و يستمتع فيها الكافر، و يبلّغ اللّه فيها الأجل، و يجمع به الفيء، و يقاتل به العدوّ، و تأمن به السبل، و يؤخذ به للضعيف من القويّ حتّى يستريح برّ و يستراح من فاجر.

و في رواية اخرى أنّه لمّا سمع تحكيمهم قال عليه السّلام: حكم اللّه أنتظر فيكم.

و قال: أمّا الإمرة البرّة فيعمل فيها التقيّ، و أمّا الإمرة الفاجرة فيتمتّع فيها الشقيّ إلى أن تنقطع مدّته و تدركه منيّته. (2)

13-في عهده إلى مالك الأشتر حين ولاّه مصر: إنّ شرّ وزرائك من كان للأشرار قبلك وزيرا، و من شركهم في الآثام فلا يكوننّ لك بطانة، فإنّهم أعوان الأثمة و إخوان الظلمة، و أنت واجد منهم خير الخلف ممّن له مثل آرائهم و نفاذهم، و ليس عليه مثل آصارهم و أوزارهم ممّن لم يعاون ظالما على ظلمه و لا آثما على إثمه، اولئك أخفّ عليك مؤنة و أحسن لك معونة و أحنى عليك عطفا و أقلّ لغيرك إلفا، فاتّخذ اولئك خاصّة لخلواتك و حفلاتك. (3)

بيان:

بطانة الرجل: خاصّته و هو من بطانة الثوب خلاف ظهارته. «الإصر» جمع آصار:

ص:167


1- -الخصال ج 1 ص 325 باب الستّة ح 14
2- نهج البلاغة ص 125 خ 40
3- نهج البلاغة ص 999 في ر 53

و هو الذنب و الإثم. «الإلف» : الألفة و المحبّة. «حفلاتك» : أي مجالستك جمع حفلة و منه المحفل.

14-من كتابه عليه السّلام إلى الأسود بن قطبة: أمّا بعد فإنّ الوالي إذا اختلف هواه منعه ذلك كثيرا من العدل، فليكن أمر الناس عندك في الحقّ سواء، فإنّه ليس في الجور عوض من العدل. . . (1)

15-و قال عليه السّلام: من ملك استأثر (2)و من استبدّ برأيه هلك و من شاور الرجال شاركها في عقولها. (3)

16-سأل رجل أبا عبد اللّه عليه السّلام عن قوم من الشيعة يدخلون في أعمال السلطان و يعملون لهم و يحبّونهم و يوالونهم؟ قال: ليس هم من الشيعة و لكنّهم من اولئك، ثمّ قرأ أبو عبد اللّه عليه السّلام هذه الآية: لُعِنَ اَلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى لِسانِ داوُدَ وَ عِيسَى اِبْنِ مَرْيَمَ . . . وَ لكِنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ فاسِقُونَ قال: الخنازير على لسان داود و القردة على لسان عيسى عليه السّلام. (4)

17-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أحسنوا إلى رعيّتكم فإنّها اساريكم. (5)

18-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: يا عليّ، ثلاث يقسين القلب: استماع اللهو و طلب الصيد و إتيان باب السلطان. (6)

19-عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال اللّه عزّ و جلّ: أيّ قوم عصوني جعلت الملوك عليهم نقمة، ألا لا تولعوا بسبّ الملوك، توبوا إلى اللّه عزّ و جلّ يعطف

ص:168


1- -نهج البلاغة ص 1043 ر 59
2- خود رأى شد
3- نهج البلاغة ص 1165 ح 152
4- تفسير القميّ ج 1 ص 176( المائدة:78)
5- مجموعة الأخبار ص 295 ب 170
6- مجموعة الأخبار ص 301 ب 172

بقلوبهم عليكم. (1)

20-عن جعفر بن محمّد عن آبائه عليهم السّلام في وصيّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لعليّ عليه السّلام قال:

يا عليّ، إنّ إزالة الجبال الرواسي أهون من إزالة ملك لم تنقض أيّامه. (2)

21-عن موسى بن جعفر عليهما السّلام أنّه قال لشيعته: لا تذلّوا رقابكم بترك طاعة سلطانكم، فإن كان عادلا فاسألوا اللّه بقاه، و إن كان جائرا فاسألوا اللّه إصلاحه، فإنّ صلاحكم في صلاح سلطانكم، و إنّ السلطان العادل بمنزلة الوالد الرحيم، فأحبّوا له ما تحبّون لأنفسكم، و أكرهوا له ما تكرهون لأنفسكم. (3)

بيان:

المراد بالطاعة هنا و كذا في خبر فيه: «طاعة السلطان واجبة» ، هي إطاعته في القوانين المدنيّة و الاجتماعيّة و الامور التي يقال عنها بالفارسيّة: "قوانين ادارى و راهنمائى و. . . "و أمثال ذلك لاطاعتهم في الامور الدينيّة و الشرعيّة و لا طاعتهم في معصية اللّه، إذ هي منهيّ عنها، و يدلّ على ذلك أخبار كثيرة، نعم يجوز طاعة السلطان للتقيّة كما ورد في الأخبار.

22-قال موسى بن جعفر عليهما السّلام (في حديث طويل) : لو لا أنّي سمعت في خبر عن جدّي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أنّ طاعة السلطان للتقيّة واجبة، إذا ما أجبت. (4)

23-عن جعفر بن محمّد عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إيّاكم و أبواب السلطان و حواشيها، فإنّ أقربكم من أبواب السلطان و حواشيها أبعدكم من اللّه عزّ و جلّ، و من آثر السلطان على اللّه أذهب اللّه عنه الورع و جعله

ص:169


1- -مجموعة الأخبار ص 310 ب 175
2- الوسائل ج 15 ص 53 ب 13 من جهاد العدوّ ح 9
3- الوسائل ج 16 ص 220 ب 27 من الأمر و النهي ح 1
4- الوسائل ج 16 ص 221 ح 3

حيرانا. (1)

24-عن الصادق جعفر بن محمّد عن أبيه عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله (في حديث المناهي) : . . . من تولّى خصومة ظالم أو أعان عليها ثمّ نزل به ملك الموت قال له: أبشر بلعنة اللّه و نار جهنّم و بئس المصير.

قال: و قال صلّى اللّه عليه و آله: من مدح سلطانا جائرا و تخفّف و تضعضع له طمعا فيه كان قرينه في النار. . .

و قال عليه السّلام: من ولّى جائرا على جور كان قرين هامان في جهنّم. (2)

بيان:

«تضعضع له» : أي خضع و ذلّ له.

25-عن سليمان الجعفريّ قال: قلت لأبي الحسن الرضا عليه السّلام: ما تقول في أعمال السلطان؟ فقال: يا سليمان، الدخول في أعمالهم و العون لهم و السعي في حوائجهم عديل الكفر، و النظر إليهم على العمد من الكبائر التي يستحقّ بها النار. (3)

26-عن عليّ بن يقطين قال: قال لي أبو الحسن موسى بن جعفر عليهما السّلام: إنّ للّه تبارك و تعالى مع السلطان أولياء يدفع بهم عن أوليائه. (4)

أقول:

يدلّ بعض الأخبار على جواز الولاية من قبل الجائر، لنفع المؤمنين و الدفع عنهم، مع إذن المعصوم عليه السّلام و لا يجوز بدون إذنه عليه السّلام، و الأخبار في منع قبول الولاية من قبل الجائر بدون إذن المعصوم و لزوم التوبة مع القبول و ردّ المظالم إلى أهلها

ص:170


1- -الوسائل ج 17 ص 181 ب 42 من ما يكتسب به ح 13
2- الوسائل ج 17 ص 183 ب 43 ح 1
3- الوسائل ج 17 ص 191 ب 45 ح 12
4- الوسائل ج 17 ص 192 ب 46 ح 1

و غير ذلك كثيرة، راجع الوسائل و غيره.

27-قال الصادق عليه السّلام: كفّارة عمل السلطان قضاء حوائج الإخوان. (1)

28-في مواعظ أمير المؤمنين عليه السّلام: الناس بأمرائهم أشبه منهم بآبائهم. (2)

أقول:

و ورد أيضا: إنّ الناس على دين ملوكهم. (البحار ج 105 ص 8)

29-في مواعظ الصادق عليه السّلام: أفضل الملوك من أعطي ثلاث خصال:

الرأفة و الجود و العدل، و ليس يحبّ للملوك أن يفرطوا في ثلاث: في حفظ الثغور، و تفقّد المظالم، و اختيار الصالحين لأعمالهم.

ثلاث خلال تجب للملوك على أصحابهم و رعيّتهم: الطاعة لهم، و النصيحة لهم في المغيب و المشهد، و الدعاء بالنصر و الصلاح.

ثلاثة تجب على السلطان للخاصّة و العامّة: مكافاة المحسن بالإحسان ليزدادوا رغبة فيه، و تغمّد ذنوب المسيء ليتوب و يرجع عن غيّه، و تألّفهم جميعا بالإحسان و الإنصاف. . . (3)

30-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: شرار الخلق الملوك، و ذلك أنّه ضدّ صاحب الحقّ. (4)

31-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من أرضى سلطانا بسخط اللّه خرج من دين اللّه. (5)

32-عن الصادق عن آبائه عليهم السّلام قال: قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: أقلّ الناس وفاء

ص:171


1- -الوسائل ج 17 ص 192 ح 3
2- تحف العقول ص 148
3- تحف العقول ص 235
4- مشكوة الأنوار ص 317 ب 8 ف 6
5- مشكوة الأنوار ص 318

الملوك، و أقلّ الناس صديقا الملوك، و أشقى الناس الملوك. (1)

33-قال الصادق عليه السّلام: من تولّى أمرا من امور الناس، فعدل و فتح بابه و رفع شرّه و نظر في امور الناس، كان حقّا على اللّه عزّ و جلّ أن يؤمن روعته يوم القيامة و يدخله الجنّة. (2)

34-عن المفضل قال: قال الصادق عليه السّلام: إذا أراد اللّه عزّ و جلّ برعيّة خيرا جعل لها سلطانا رحيما، و قيّض له وزيرا عادلا. (3)

35-عن الصادق جعفر بن محمّد عن أبيه عن آبائه عن عليّ بن أبي طالب عليهم السّلام عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال: قال اللّه جلّ جلاله: أنا اللّه لا إله إلاّ أنا، خلقت الملوك و قلوبهم بيدي، فأيّما قوم أطاعوني جعلت قلوب الملوك عليهم رحمة، و أيّما قوم عصوني جعلت قلوب الملوك عليهم سخطة، ألا لا تشغلوا أنفسكم بسبّ الملوك، توبوا إليّ أعطف قلوبهم عليكم. (4)

36-عن الرضا عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أوّل من يدخل النار أمير متسلّط لم يعدل، و ذو ثروة من المال لم يعط المال حقّه، و فقير فخور. (5)

37-عن جعفر بن محمّد عن آبائه عليهم السّلام قال: قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: السلطان ظلّ اللّه في الأرض يأوي إليه كلّ مظلوم، فمن عدل كان له الأجر و على الرعيّة الشكر، و من جار كان عليه الوزر، و على الرعيّة الصبر حتّى يأتيهم الأمر. (6)

ص:172


1- -البحار ج 75 ص 340 باب أحوال الملوك ح 17
2- البحار ج 75 ص 340 ح 18
3- البحار ج 75 ص 340 ح 19
4- البحار ج 75 ص 340 ح 21
5- البحار ج 75 ص 341 ح 22
6- البحار ج 75 ص 354 ح 69

38-عن المفضّل قال: قال لي أبو عبد اللّه عليه السّلام: يا مفضّل، إنّه من تعرّض لسلطان جائر فأصابته منه بليّة لم يؤجر عليها و لم يرزق الصبر عليها. (1)

39-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: من مشى مع ظالم ليعينه و هو يعلم أنّه ظالم فقد خرج من الإسلام. . .

و قال صلّى اللّه عليه و آله: شرّ الناس المثلّث قيل: يا رسول اللّه، و ما المثلّث؟ قال: الذي يسعى بأخيه إلى السلطان فيهلك نفسه، و يهلك أخاه، و يهلك السلطان.

و قال صلّى اللّه عليه و آله: من مشى مع ظالم أجرم. (2)

40-عن جابر عن أبي جعفر عليه السّلام قال: من مشى إلى سلطان جائر فأمره بتقوى اللّه و وعظه و خوّفه كان له مثل أجر الثقلين من الجنّ و الإنس و مثل أعمالهم. (3)

أقول:

سيأتي في باب العلم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: الفقهاء امناء الرسل ما لم يدخلوا في الدنيا، قيل: و ما دخولهم في الدنيا؟ قال: اتّباع السلطان، فإذا فعلوا ذلك فاحذروهم على دينكم.

و لاحظ ما يناسب المقام في أبواب جهنّم، الرشوة، الرئاسة، الزكاة، الظلم، القلب، العدل، التقيّة و. . .

41-في مواعظ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: ما من أحد ولي شيئا من أمور المسلمين فأراد اللّه به خيرا إلاّ جعل اللّه له وزيرا (معه قرينا ف ن) صالحا، إن نسي ذكّره، و إن ذكر أعانه، و إن همّ بشرّ كفّه و زجره. (4)

ص:173


1- -البحار ج 75 ص 372 باب الركون إلى الظالمين ح 16
2- البحار ج 75 ص 377 ح 35
3- البحار ج 75 ص 378 ح 40
4- البحار ج 77 ص 175

42-عن عليّ عليه السّلام قال: إذا كان الراعي ذئبا فالشاة من يحفظها! (1)

43-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

آلة الرياسة سعة الصدر (الغرر ج 1 ص 44 ف 1 ح 1303)

السلطان الجائر و العالم الفاجر أشدّ الناس نكاية. (ص 79 ح 1919)

المكانة من الملوك مفتاح المحنة و بذر الفتنة (ص 105 ح 2208)

اصحب السلطان بالحذر، و الصديق بالتواضع و البشر، و العدوّ بما تقوم به عليه حجّتك (ص 129 ف 2 ح 238)

أفضل الملوك العادل (ص 176 ف 8 ح 50)

أفضل الملوك أعفّهم نفسا (ص 183 ح 183)

أفضل الملوك سجيّة من عمّ الناس بعدله (ص 186 ح 233)

أجلّ الملوك من ملك نفسه و بسط العدل (ص 197 ح 382)

أفضل الملوك من حسن فعله و نيّته و عدل في جنده و رعيّته. (ص 200 ح 410)

أحسن الملوك حالا من حسن عيش الناس في عيشه و عمّ رعيّته بعدله.

(ص 202 ح 435)

آفة الملوك سوء السيرة (ص 305 ف 16 ح 14)

آفة الوزراء سوء السريرة-آفة الرعيّة مخالفة الطاعة. (ح 15 و 20)

آفة الملك ضعف الحماية (ص 307 ح 31)

آفة العمران جور السلطان (ص 308 ح 40)

آفة الاقتدار البغي و العتوّ (ص 309 ح 57)

إذا تغيّرت نيّة السلطان تغيّر الزمان (ص 311 ف 17 ح 37)

ص:174


1- -شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 20 ص 300

إذا استشاط السلطان تسلّط الشيطان (1)(ح 38)

إذا ملك الأراذل هلك الأفاضل-إذا ساد السفل خاب الأمل.

(ص 312 ح 60 و 61)

إذا استولى اللئام اضطهد الكرام (2)(ص 313 ح 62)

إذا فسد الزمان ساد اللئام (ح 63)

إذا بنى الملك على قواعد العدل و دعائم العقل نصر اللّه مواليه و خذل معاديه.

(ص 320 ح 144)

تاج الملك عدله (ص 347 ف 22 ح 12)

تولّى الأرذال و الأحداث الدول دليل إنحلالها و إدبارها.

(ص 350 ح 61)

خير الامراء من كان على نفسه أميرا (ص 390 ف 29 ح 52)

خير الملوك من أمات الجور و أحيى العدل (ح 59)

دولة الأكارم من أفضل الغنائم-دول اللئام مذلّة الكرام-دولة الأشرار محن الأخيار-دول الفجّار مذلّة الأبرار-دول اللئام من نوائب الأيّام.

(ص 402 ف 31 ح 12 إلى 16)

شرّ الملوك من خالف العدل (ص 443 ف 41 ح 10)

شرّ الوزراء من كان للأشرار وزيرا (ص 444 ح 21)

شرّ الامراء من كان الهوى عليه أميرا (ح 22)

شرّ الامراء من ظلم رعيّته (ص 445 ح 45)

ص:175


1- -في النهاية ج 2 ص 518، فيه «إذا استشاط السلطان تسلّط الشيطان» أي إذا تلهّب و تحرّق من شدّة الغضب و صار كأنّه نار، تسلّط عليه الشيطان فأغراه بالإيقاع بمن غضب عليه، و هو استفعل، من شاط يشيط إذا كاد يحترق.
2- اضطهده أي قهره و جار عليه، و الطاء بدل من تاء الافتعال.

من عدل في سلطانه استغنى عن أعوانه (ج 2 ص 672 ف 77 ح 1006)

من أشفق على سلطانه قصّر عن عدوانه (ح 1007)

من عمل بالعدل حصّن اللّه ملكه (ص 677 ح 1060)

من عمل بالجور عجّل اللّه سبحانه هلكه (ح 1061)

من جار في سلطانه و أكثر عداوته هدم اللّه سبحانه بنيانه و هدّ أركانه.

(ص 695 ح 1253)

من جعل ملكه خادما لدينه انقاد له كلّ سلطان (ص 704 ح 1354)

من جعل دينه خادما لملكه طمع فيه كلّ إنسان (ح 1355)

من حقّ الملك أن يسوّس نفسه قبل رعيّته (ص 729 ف 78 ح 84)

من أمارات الدولة التيقّظ لحراسة الامور (ص 732 ح 111)

لا تكثرنّ الدخول على الملوك، فإنّهم إن صحبتهم ملّوك و إن نصحتهم غشّوك.

(ص 812 ف 85 ح 170)

لا ترغب في خلطة الملوك، فإنّهم يستكثرون من الكلام ردّ السّلام، و يستقلّون من العقاب ضرب الرقاب (ح 172)

لا تطمعنّ في مودّة الملوك فإنّهم يوحشونك آنس ما تكون بهم و يقطعونك أقرب ما تكون إليهم (ص 828 ح 279)

يستدلّ على إدبار الدول بأربع: تضييع الاصول، و التمسّك بالفروع، و تقديم الأراذل و تأخير الأفاضل (ص 864 ف 88 ح 12)

ص:176

90- التسليم

اشارة

فيه فصلان

الفصل الأوّل: التسليم لأمر اللّه تعالى

الأخبار

1-قال أبو جعفر عليه السّلام: أحقّ خلق اللّه أن يسلّم لما قضى اللّه عزّ و جلّ، من عرف اللّه عزّ و جلّ، و من رضي بالقضاء أتى عليه القضاء و عظّم اللّه أجره، و من سخط القضاء مضى عليه القضاء و أحبط اللّه أجره. (1)

بيان:

«التسليم» : قد مرّ أنّ الرضا هو إطمينان النفس بقضاء اللّه تعالى عند البلاء، و عدم الاعتراض عليه سبحانه قولا و فعلا و قلبا في شيء من الأشياء، و أمّا التسليم مضافا إلى عدم الاعتراض هو الانقياد التامّ و الخضوع له تعالى في قضائه و قدره و أوامره و نواهيه.

ص:177


1- -الكافي ج 2 ص 51 باب الرضا بالقضاء ح 9

فتكون مرتبة التسليم فوق الرضا و لا يوجد هذا في أحد إلاّ أن يكون مؤمنا كاملا فمن عرف اللّه حقّ معرفته فهو يرضى و يسلّم له.

«من عرف اللّه» : أي من عرف اللّه حقّ معرفته و عدله و لطفه و إحسانه فهو أحقّ أن يسلّم بما قضاه اللّه تعالى عليه من غيره، لأنّ التسليم له تعالى تابع للمعرفة، و كلّما كانت المعرفة أكمل و أكثر كان التسليم أولى و أجدر.

2-قال أبو جعفر عليه السّلام: بينا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في بعض أسفاره إذ لقيه ركب، فقالوا: السّلام عليك يا رسول اللّه، فقال: ما أنتم؟ فقالوا: نحن مؤمنون يا رسول اللّه، قال: فما حقيقة إيمانكم؟ قالوا: الرضا بقضاء اللّه و التفويض إلى اللّه و التسليم لأمر اللّه، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: علماء حكماء (حلماء ف ن) كادوا أن يكونوا من الحكمة أنبياء، فإن كنتم صادقين فلا تبنوا ما لا تسكنون و لا تجمعوا ما لا تأكلون و اتّقوا اللّه الذي إليه ترجعون. (1)

3-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: لأنسبنّ الإسلام نسبة لا ينسبه أحد قبلي و لا ينسبه أحد بعدي إلاّ بمثل ذلك: إنّ الإسلام هو التسليم و التسليم هو اليقين، و اليقين هو التصديق، و التصديق هو الإقرار، و الإقرار هو العمل، و العمل هو الأداء.

إنّ المؤمن لم يأخذ دينه عن رأيه و لكن أتاه من ربّه فأخذه، إنّ المؤمن يرى يقينه في عمله و الكافر يرى إنكاره في عمله، فو الذي نفسي بيده ما عرفوا أمرهم، فاعتبروا إنكار الكافرين و المنافقين بأعمالهم الخبيثة. (2)

ص:178


1- -الكافي ج 2 ص 44 باب حقيقة الإيمان ح 1-و روى رحمه اللّه (في ص 40 باب خصال المؤمن ح 4) نظيره عن الرضا عليه السّلام عنه صلّى اللّه عليه و آله
2- الكافي ج 2 ص 38 باب نسبة الإسلام ح 1-و صدر الحديث في نهج البلاغة ص 1144 ح 120

بيان:

في الوافي: أريد بالإسلام هيهنا الإيمان، لا معناه الأعمّ، أ لا ترى إلى قوله: «إنّ المؤمن لم يأخذ دينه عن رأيه» و قوله: «إنّ المؤمن يرى يقينه في عمله» .

4-عن كامل التّمار قال: قال أبو جعفر عليه السّلام: قَدْ أَفْلَحَ اَلْمُؤْمِنُونَ أ تدري من هم؟ قلت: أنت أعلم، قال: قد أفلح المؤمنون المسلّمون، إنّ المسلّمين هم النجباء، فالمؤمن غريب فطوبى للغرباء. (1)

بيان:

«المؤمن غريب» : أي لا يجد من يأنس به لقلّة من يوافقه في دينه.

أقول: قد مرّ ما يناسب المقام في باب الرضا، و يأتي أيضا في أبواب التفويض، اليقين، و. . .

5-عن الأصبغ عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال: أوحى اللّه عزّ و جلّ إلى داود عليه السّلام: يا داود، تريد و اريد و لا يكون إلاّ ما اريد، فإن أسلمت لما اريد أعطيتك ما تريد، و إن لم تسلم لما اريد أتعبتك فيما تريد، ثمّ لا يكون إلاّ ما اريد. (2)

6-عن أبي حمزة الثمالي قال: سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول: العبد بين ثلاثة:

بلاء و قضاء و نعمة، فعليه في البلاء من اللّه الصبر فريضة، و عليه في القضاء من اللّه التسليم فريضة، و عليه في النعمة من اللّه عزّ و جلّ الشكر فريضة. (3)

7-عن الزهريّ قال: كنت عند عليّ بن الحسين عليهما السّلام فجائه رجل من أصحابه. . . ثمّ قال عليّ بن الحسين عليهما السّلام: جهلوا و اللّه أمر اللّه و أمر أوليائه معه، إنّ المراتب الرفيعة لا تنال إلاّ بالتسليم للّه جلّ ثناؤه و ترك الاقتراح عليه، و الرضا بما يدبّر بهم (به) إنّ أولياء اللّه صبروا على المحن و المكاره صبرا

ص:179


1- -الكافي ج 1 ص 322 باب التسليم و فضل المسلّمين ح 5
2- توحيد الصدوق رحمه اللّه ص 337 باب المشيّة و الإرادة ح 4(البحار ج 71 ص 138)
3- الخصال ج 1 ص 86 باب الثلاثة ح 17

لم يساوهم فيه غيرهم، فجازاهم اللّه عزّ و جلّ عن ذلك بأن أوجب لهم نجح جميع طلباتهم لكنّهم مع ذلك لا يريدون منه إلاّ ما يريده لهم. (1)

بيان:

اقترح عليه كذا: أي اشتهى أن يصنعه له (خواهش) .

8-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قلت له: بأيّ شيء علم المؤمن أنّه مؤمن؟ قال: بالتسليم للّه و الرضا فيما ورد عليه من سرور أو سخط. (2)

9-. . . و عن أبي جعفر عليه السّلام في قول اللّه جلّ ثناؤه: فَلا وَ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتّى يُحَكِّمُوكَ. . . (3)قال: التسليم و الرضا و القنوع بقضائه. (4)

10-عن كامل التّمار قال: قال أبو جعفر عليه السّلام: يا كامل، قَدْ أَفْلَحَ اَلْمُؤْمِنُونَ المسلّمون. يا كامل، إنّ المسلّمين هم النجباء. يا كامل، الناس أشباه الغنم إلاّ قليلا من المؤمنين و المؤمن قليل. (5)

11-عن المفضّل بن عمر قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: بأيّ شيء علمت الرسل أنّها رسل؟ قال: قد كشف لها عن الغطاء، قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: بأيّ شيء علم المؤمن أنّه مؤمن؟ قال: بالتسليم للّه في كلّ ما ورد عليه. (6)

12-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: كلّ من تمسّك بالعروة الوثقى فهو ناج، قلت:

ص:180


1- -أمالي الصدوق ص 455 م 69 في ح 3
2- الوسائل ج 3 ص 252 ب 75 من الدفن ح 7
3- النساء:65
4- البحار ج 71 ص 157 باب التوكّل ح 75
5- البحار ج 2 ص 200 ب 26 من العلم ح 66(بصائر الدرجات ص 522 الجزء 10 ب 20 ح 12)
6- البحار ج 2 ص 201 ح 69

ما هي؟ قال: التسليم. (1)

ص:181


1- -البحار ج 2 ص 204 ح 87

الفصل الثانيّ: التسليم للنبيّ و الأئمّة عليهم السّلام

اشارة

قال اللّه تعالى: فَلا وَ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمّا قَضَيْتَ وَ يُسَلِّمُوا تَسْلِيماً . (1)

الأخبار

1-عن غير واحد عن أحدهما عليهما السّلام أنّه قال: لا يكون العبد مؤمنا حتّى يعرف اللّه و رسوله و الأئمّة كلّهم و إمام زمانه و يردّ إليه و يسلّم له، ثمّ قال: كيف يعرف الآخر و هو يجهل الأوّل. (2)

بيان:

في المرآة ج 4 ص 278، التسليم: هو الانقياد التامّ فيما يصدر عنهم عليهم السّلام قولا و فعلا، و عدم الاعتراض عليهم في قيامهم بالأمر و قعودهم عنه، و ظهورهم و غيبتهم، و ما يصدر عنهم من الأحكام و غيرها على وجه التقيّة أو المصلحة أو غيرهما. و «الردّ إليهم» : استعلام الأمر منهم عند حضورهم، أو العرض على سائر ما ورد عنهم من الامور القطعيّة و القواعد الكليّة التي بيّنوها في الجمع بين الأخبار

ص:182


1- -النساء:65
2- الكافي ج 1 ص 138 باب معرفة الإمام ح 2

المتعارضة عند غيبتهم، أو ردّ علمه إليهم مع صعوبته على الأفهام، بأن يقال لا نفهمه و إن كان هذا منهم فهو حقّ و هم أعلم بما قالوا، و لا يبادر إلى ردّه و نفيه، و قد صرّح بجميع ذلك في الأخبار. . .

2-عن سدير قال: قلت لأبي جعفر عليه السّلام: إنّي تركت مواليك مختلفين، يتبرّأ بعضهم من بعض قال: فقال: و ما أنت و ذاك، إنّما كلّف الناس ثلاثة: معرفة الأئمّة و التسليم لهم فيما ورد عليهم و الردّ إليهم فيما اختلفوا فيه. (1)

بيان:

في المرآة، «تركت مواليك» : أي بالكوفة. «ما أنت و ذاك» : الاستفهام للتوبيخ و الإنكار، و"الواو"بمعنى"مع"و المعنى لا يضرّك اختلافهم، و لا ينبغي لك التعرّض لهم.

3-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: لو أنّ قوما عبدوا اللّه وحده لا شريك له و أقاموا الصلاة و آتوا الزكاة و حجّوا البيت و صاموا شهر رمضان، ثمّ قالوا لشيء صنعه اللّه أو صنعه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ألاّ صنع خلاف الذي صنع، أو وجدوا ذلك في قلوبهم لكانوا بذلك مشركين، ثمّ تلا هذه الآية: فَلا وَ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمّا قَضَيْتَ وَ يُسَلِّمُوا تَسْلِيماً ثمّ قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: عليكم بالتسليم. (2)

4-عن زيد الشحّام عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قلت له: إنّ عندنا رجلا يقال له: كليب، فلا يجيء عنكم شيء إلاّ قال: أنا اسلّم، فسمّيناه كليب تسليم، قال: فترحّم عليه، ثمّ قال: أ تدرون ما التسليم؟ فسكتنا فقال: هو و اللّه الإخبات، قول اللّه عزّ و جلّ: اَلَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا اَلصّالِحاتِ وَ أَخْبَتُوا إِلى رَبِّهِمْ 3 . 4

ص:183


1- -الكافي ج 1 ص 321 باب التسليم و فضل المسلّمين ح 1
2- الكافي ج 1 ص 321 ح 2

بيان:

في المرآة، «الإخبات» : الخشوع في الظاهر و الباطن، و التواضع بالقلب و الجوارح، و الطاعة في السرّ و العلن، من الخبت و هي الأرض المطمئنّة. . .

5-عن محمّد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام في قول اللّه تبارك و تعالى:

وَ مَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً 5 قال: الإقتراف التسليم لنا و الصدق علينا و ألاّ يكذب علينا. (1)

بيان:

في الوافي، «الاقتراف» : اكتساب الحسنة، أصل الاقتراف الاكتساب، و ربما يفسّر اقتراف الحسنة هنا بمحبّة أهل البيت عليهم السّلام، و المعنيان متقاربان.

6-عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن قول اللّه عزّ و جلّ:

اَلَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ اَلْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ. . . (2)قال: هم المسلّمون لآل محمّد، الذين إذا سمعوا الحديث لم يزيدوا فيه و لم ينقصوا منه، جاؤوا به كما سمعوه. (3)

7-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: يهلك أصحاب الكلام و ينجوا المسلّمين، إنّ المسلّمين هم النجباء (4).

8-عن جميل بن درّاج عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ من قرّة العين التسليم إلينا، أن تقولوا لكلّ ما اختلف عنّا: أن تردّوا إلينا. (5)

ص:184


1- الكافي ج 1 ص 321 ح 4
2- الزمر:18
3- الكافي ج 1 ص 322 ح 8
4- بصائر الدرجات ص 521 الجزء 10 ب 20 ح 4
5- بصائر الدرجات ص 525 ح 31

9-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: تدري بما امروا؟ امروا بمعرفتنا و الردّ إلينا و التسليم لنا. (1)

10-عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قول اللّه تعالى: إِنَّ اَلَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اَللّهُ ثُمَّ اِسْتَقامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ اَلْمَلائِكَةُ أَلاّ تَخافُوا وَ لا تَحْزَنُوا 2 قال:

هم الأئمّة و يجري فيمن استقام من شيعتنا و سلّم لأمرنا و كتم حديثنا عند عدوّنا، فتستقبلهم الملائكة بالبشرى من اللّه بالجنّة، و قد و اللّه مضى أقوام كانوا على مثل ما أنتم عليه من الدين فاستقاموا و سلّموا لأمرنا و كتموا حديثنا و لم يذيعوه عند عدوّنا و لم يشكّوا كما شككتم فاستقبلهم الملائكة بالبشرى من اللّه بالجنّة. (2)

11-عن الحسين بن خالد عن أبي الحسن الأوّل عليه السّلام قال: كيف تقرأ هذه الآية؟ يا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا اِتَّقُوا اَللّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَ لا تَمُوتُنَّ إِلاّ وَ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ما ذا؟ قلت: مسلمون، فقال: سبحان اللّه يوقع عليهم الإيمان فسماّهم مؤمنين ثمّ يسألهم الإسلام؟ ! و الإيمان فوق الإسلام، قلت: هكذا يقرأ في قراءة زيد، قال: إنّما هي في قراءة عليّ عليه السّلام و هو التنزيل الذي نزل به جبرائيل على محمّد صلّى اللّه عليه و آله إلاّ و أنتم مسلّمون لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ثمّ الإمام من بعده. (3)

12-قال الرضا عليه السّلام: إنّ العبادة على سبعين وجها فتسعة و ستّون منها في الرضا و التسليم للّه عزّ و جلّ و لرسوله و لأولي الأمر صلّى اللّه عليهم. (4)

13-عن عبد اللّه بن أبي يعفور قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: و اللّه لو فلقت رمّانة بنصفين، فقلت: هذا حرام و هذا حلال، لشهدت أنّ الذي قلت حلال

ص:185


1- -بصائر الدرجات ص 525 ح 32
2- بصائر الدرجات ص 524 ح 22
3- البحار ج 2 ص 206 ب 26 من العلم ح 93
4- البحار ج 2 ص 212 ح 112

حلال، و أنّ الذي قلت حرام حرام، قال: رحمك اللّه رحمك اللّه. (1)

ص:186


1- -سفينة البحار ج 2 ص 124( عبد)

91- التسليم و التحيّة

الآيات

1- وَ إِذا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْها أَوْ رُدُّوها إِنَّ اَللّهَ كانَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيباً. (1)

2- وَ إِذا جاءَكَ اَلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآياتِنا فَقُلْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلى نَفْسِهِ اَلرَّحْمَةَ. . . (2)

3- . . . تَحِيَّتُهُمْ فِيها سَلامٌ. (3)

4- اَلَّذِينَ تَتَوَفّاهُمُ اَلْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمْ اُدْخُلُوا اَلْجَنَّةَ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ. (4)

5- يا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتّى تَسْتَأْنِسُوا وَ تُسَلِّمُوا عَلى أَهْلِها ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ. (5)

ص:187


1- -النساء:86
2- الأنعام:54
3- إبراهيم:23
4- النحل:32
5- النور:27

6- . . . فَإِذا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اَللّهِ مُبارَكَةً طَيِّبَةً كَذلِكَ يُبَيِّنُ اَللّهُ لَكُمُ اَلْآياتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ. (1)

7- . . . وَ إِذا خاطَبَهُمُ اَلْجاهِلُونَ قالُوا سَلاماً. (2)

8- . . . اَلْمَلِكُ اَلْقُدُّوسُ اَلسَّلامُ اَلْمُؤْمِنُ اَلْمُهَيْمِنُ. . . (3)

الأخبار

1-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: السّلام تطوّع و الردّ فريضة. (4)

2-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من بدء بالكلام قبل السّلام فلا تجيبوه، و قال: ابدؤوا بالسلام قبل الكلام، فمن بدأ بالكلام قبل السّلام فلا تجيبوه. (5)

3-و عنه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أولى الناس باللّه و برسوله من بدأ بالسلام. (6)

4-عن محمّد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام قال: كان سلمان رحمه اللّه يقول:

أفشوا سلام اللّه فإنّ سلام اللّه لا ينال الظالمين. (7)

5-قال أبو جعفر عليه السّلام: إنّ اللّه عزّ و جلّ يحبّ إفشاء السّلام. (8)

ص:188


1- -النور:61
2- الفرقان:63
3- الحشر:23
4- الكافي ج 2 ص 471 باب التسليم ح 1
5- الكافي ج 2 ص 471 ح 2
6- الكافي ج 2 ص 471 ح 3
7- الكافي ج 2 ص 471 ح 4
8- الكافي ج 2 ص 471 ح 5

6-عن معاوية بن وهب عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ اللّه عزّ و جلّ قال:

إنّ البخيل من يبخل بالسلام. (1)

7-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إذا سلّم أحدكم فليجهر بسلامه لا يقول: سلّمت فلم يردّوا عليّ، و لعلّه يكون قد سلّم و لم يسمعهم، فإذا ردّ أحدكم فليجهر بردّه و لا يقول المسلم: سلّمت فلم يردّوا عليّ.

ثمّ قال: كان عليّ عليه السّلام يقول: لا تغضبوا و لا تغضبوا أفشوا السّلام و أطيبوا الكلام و صلّوا بالليل و الناس نيام تدخلوا الجنّة بسلام، ثمّ تلا عليه السّلام عليهم قول اللّه عزّ و جلّ: اَلسَّلامُ اَلْمُؤْمِنُ اَلْمُهَيْمِنُ (2).

بيان:

«لا تغضبوا» في بعض النسخ: "لا تعصّبوا".

و في النهاية ج 2 ص 392: في أسماء اللّه تعالى «السّلام» ، قيل: معناه سلامته ممّا يلحق الخلق من العيب و الفنا، و السّلام في الأصل السلامة، يقال: سلم يسلم سلامة و سلاما، و منه قيل للجنّة دار السّلام، لأنّها دار السلامة من الآفات. . .

و قيل: التسليم مشتقّ من السّلام اسم اللّه تعالى لسلامته من العيب و النقص. . .

8-عن الحسن بن المنذر قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: من قال:

السّلام عليكم فهي عشر حسنات، و من قال [ال]سلام عليكم و رحمة اللّه فهي عشرون حسنة، و من قال [ال]سلام عليكم و رحمة اللّه و بركاته فهي ثلاثون حسنة. (3)

9-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ثلاثة تردّ عليهم ردّ الجماعة و إن كان واحدا:

عند العطاس يقال: «يرحمكم اللّه» و إن لم يكن معه غيره، و الرجل يسلّم

ص:189


1- -الكافي ج 2 ص 471 ح 6
2- الكافي ج 2 ص 471 ح 7
3- الكافي ج 2 ص 471 ح 9

على الرجل فيقول: «السّلام عليكم» و الرجل يدعو للرجل فيقول: «عافاكم اللّه» و إن كان واحدا فإنّ معه غيره. (1)

بيان:

«فإنّ معه غيره» : من كتبة الأعمال أو الملائكة الحفظة أو شموله لجميع إخوانه أو جميع المؤمنين.

10-كان أبو عبد اللّه عليه السّلام يقول: ثلاثة لا يسلّمون: الماشي مع الجنازة و الماشي إلى الجمعة و في بيت الحمّام. (2)

11-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: يسلّم الراكب على الماشي، و الماشي على القاعد، و إذا لقيت جماعة جماعة سلّم الأقلّ على الأكثر، و إذا لقي واحد جماعة سلّم الواحد على الجماعة. (3)

أقول:

و زاد عليه السّلام في ح 1: يسلّم الصغير على الكبير.

12-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إذا مرّت الجماعة بقوم أجزأهم أن يسلّم واحد منهم، و إذا سلّم على القوم و هم جماعة أجزأهم أن يردّ واحد منهم. (4)

13-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: لا تبدؤوا أهل الكتاب بالتسليم و إذا سلّموا عليكم فقولوا: و عليكم. (5)

14-عن أبي عبد اللّه عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من بدأ بالكلام قبل السّلام فلا تجيبوه.

ص:190


1- -الكافي ج 2 ص 472 ح 10
2- الكافي ج 2 ص 472 ح 11
3- الكافي ج 2 ص 473 باب من يجب أن يبدأ بالسلام ح 3
4- الكافي ج 2 ص 473 باب إذا سلّم واحد من الجماعة أجزأهم ح 1
5- الكافي ج 2 ص 474 باب التسليم على أهل الملل ح 2

و قال عليه السّلام: لا تدع إلى طعامك أحدا حتّى يسلّم. (1)

15-عن جعفر بن محمّد عن آبائه عليهم السّلام في وصيّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لعليّ عليه السّلام:

يا عليّ، ثلاث كفّارات: إفشاء السّلام، و إطعام الطعام، و الصلاة بالليل و الناس نيام. (2)

16-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّ أعجز الناس من عجز عن الدعاء، و إنّ أبخل الناس من بخل بالسلام. (3)

17-عن جعفر بن محمّد عن آبائه عليهم السّلام عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال: خمس لست بتاركهنّ حتّى الممات: لباس الصوف، و ركوبي الحمار مؤكفا، و أكلي مع العبيد، و خصفي النعل بيدي، و تسليمي على الصبيان لتكون سنّة من بعدي. (4)

بيان:

«مؤكفا» في بعض النسخ: "مردفا".

«خصف النعل» : المعنى بالفارسيّة: كفش وصله زدن.

18-قال عليّ بن موسى الرضا عليه السّلام: من لقي فقيرا مسلما فسلّم عليه خلاف سلامه على الغنيّ لقي اللّه عزّ و جلّ يوم القيامة و هو عليه غضبان. (5)

19-في حكم الحسين عليه السّلام: للسلام سبعون حسنة، تسع و ستّون للمبتديء، و واحدة للرادّ. (6)

20-عن جابر عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إذا تلاقيتم

ص:191


1- -الوسائل ج 12 ص 56 ب 32 من العشرة ح 6
2- الوسائل ج 12 ص 59 ب 34 ح 5
3- الوسائل ج 12 ص 61 ب 34 ح 10
4- الوسائل ج 12 ص 63 ب 35 ح 2
5- الوسائل ج 12 ص 64 ب 36 ح 1
6- تحف العقول ص 179-و مثله في جامع الأخبار ص 88 ف 46 عن عليّ عليه السّلام

فتلاقوا بالتسليم و التصافح، و إذا تفرّقتم فتفرّقوا بالاستغفار. (1)

21-عن الصادق عن أبيه عليهما السّلام قال: لا تسلّموا على اليهود و لا على النصارى، و لا على المجوس، و لا عبدة الأوثان، و لا على موائد شرّاب الخمر، و لا على صاحب الشطرنج و النرد، و لا على المخنّث، و لا على الشاعر الذي يقذف المحصنات، و لا على المصلّي و ذلك لأنّ المصلّي لا يستطيع أن يردّ السّلام، لأنّ التسليم من المسلّم تطوّع و الردّ عليه فريضة، و لا على آكل الربا، و لا على رجل جالس على غائط، و لا على الذي في الحمّام، و لا على الفاسق المعلن بفسقه. (2)

أقول:

و في ح 32: «نهى أن يسلّم على من يعمل التماثيل» و في ح 33: «و على المتفكّهين بسبّ الامّهات» و في ح 42: «و السّلام على اللاهي بالشطرنج كفر» و في ح 43:

«السّلام على اللاهي بالشطرنج معصية، و كبيرة موبقة. . . و السّلام على اللاهي بها في حالته تلك في الإثم سواء» .

22-. . . قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: السّلام تحيّة لملّتنا و أمان لذمّتنا. . . (3)

23-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أ لا اخبركم بخير أخلاق أهل الدنيا و الآخرة؟ قالوا: بلى يا رسول اللّه، فقال: إفشاء السّلام في العالم. . . (4)

24-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: أ لا أدلّكم على أكسل الناس و أسرق الناس و أبخل الناس و أجفى الناس و أعجز الناس؟ قالوا: بلى يا رسول اللّه، قال: أمّا أبخل الناس فرجل يمرّ بمسلم فلا يسلّم عليه، و أمّا أكسل الناس عبد صحيح فارغ لا يذكر اللّه بشفة و لا بلسان، و أمّا أسرق الناس فالذي يسرق من صلاته تلفّ

ص:192


1- -البحار ج 76 ص 4 باب إفشاء السّلام ح 13
2- البحار ج 76 ص 9 ح 35
3- البحار ج 76 ص 12 ح 46
4- البحار ج 76 ص 12 ح 50

كما يلفّ الثوب الخلق فيضرب بها وجهه، و أمّا أجفى الناس فرجل ذكرت بين يديه فلم يصلّ عليّ، و أمّا أعجز الناس فمن عجز عن الدعاء. (1)

أقول:

قد مرّ في باب الإيمان، أنّ من حقوق المؤمن السّلام إذا لقيه.

و مرّ في باب المسكن عن عليّ عليه السّلام: إذا دخل أحدكم منزله فليسلّم على أهله، يقول: «السّلام عليكم» فإن لم يكن له أهل، فليقل: «السّلام علينا من ربّنا» .

ص:193


1- -الاثنى عشرية ص 204 ب 5 ف 3

7B22426F6F6B506167654944223A32303534393736352C22426F6F6B4944223A31363732302C2253656374696F6E4E756D223A312C22506167654E756D223A3139342C2253686F77506167654E756D223A22313934222C22436F6E74656E7454797065223A322C22486173496D616765223A747275652C2248617354657874223A66616C73652C22496E7465726E616C4964223A6E756C6C2C22496D616765436F6E74656E7455726C223A222F424F4F4B494D41474553312F424B31353931342F424B3135393134473030332F424B31353931344730303353312F424B3135393134473030335331503139342E676966222C22536F6C72426F6F6B506167654964223A307D

ص:

92- الافتتاح بالتسمية

الأخبار

1-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: لا تدع بِسْمِ اَللّهِ اَلرَّحْمنِ اَلرَّحِيمِ و إن كان بعده شعر. (1)

2-عن الحسن العسكريّ عليه السّلام في قول اللّه عزّ و جلّ: بِسْمِ اَللّهِ اَلرَّحْمنِ اَلرَّحِيمِ فقال: اللّه هو الذي يتألّه إليه عند الحوائج و الشدائد كلّ مخلوق عند انقطاع الرجاء من كلّ من هو دونه. . .

ثمّ قال الصادق عليه السّلام: و لربما ترك بعض شيعتنا في افتتاح أمره بِسْمِ اَللّهِ اَلرَّحْمنِ اَلرَّحِيمِ فيمتحنه اللّه بمكروه لينبّهه على شكر اللّه تبارك و تعالى و الثناء عليه و يمحق عنه و صمة تقصيره عند تركه قول بِسْمِ اَللّهِ اَلرَّحْمنِ اَلرَّحِيمِ . . . (2)

3-عن الرضا عليّ بن موسى عليه السّلام أنّه قال: إنّ بِسْمِ اَللّهِ اَلرَّحْمنِ اَلرَّحِيمِ . . . 2

3-عن الرضا عليّ بن موسى عليه السّلام أنّه قال: إنّ بِسْمِ اَللّهِ اَلرَّحْمنِ اَلرَّحِيمِ أقرب إلى اسم اللّه الأعظم من سواد العين إلى بياضها.

و قال الرضا عليه السّلام: كان أبي عليه السّلام إذا خرج من منزله قال: «بسم اللّه الرحمن الرحيم خرجت بحول اللّه و قوّته لا بحولي و قوّتي بل بحولك و قوّتك يا ربّ

ص:195


1- -الكافي ج 2 ص 493( في أواخر كتاب العشرة)
2- توحيد الصدوق رحمه اللّه ص 230 باب معنى بسم اللّه ح 5

متعرّضا به لرزقك فأتني به في عافية» . (1)

4-عن فرات بن أحنف عن أبي جعفر عليه السّلام قال: سمعته يقول: أوّل كلّ كتاب نزل من السماء بِسْمِ اَللّهِ اَلرَّحْمنِ اَلرَّحِيمِ فإذا قرأت بِسْمِ اَللّهِ اَلرَّحْمنِ اَلرَّحِيمِ فلا تبالي أن لا تستعيذ، و إذا قرأت بِسْمِ اَللّهِ اَلرَّحْمنِ اَلرَّحِيمِ سترتك فيما بين السماء و الأرض. (2)

5-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إذا توضّأ أحدكم و لم يسمّ كان للشيطان في وضوئه و صلاته شرك، و إن أكل أو شرب أو لبس و كلّ شيء صنعه ينبغي له أن يسمّي عليه، فإن لم يفعل كان للشيطان فيه شرك. (3)

أقول:

بهذا المعنى أخبار كثيرة، لاحظ أبواب الأكل، الجماع، آداب الخلاء، الشيطان، الماء و. . .

6-عن الحسن بن عليّ العسكريّ عن آبائه عن عليّ عليهم السّلام (في حديث) أنّ رجلا قال له: إن رأيت أن تعرّفني ذنبي الذي امتحنت به في هذا المجلس، فقال:

تركك حين جلست أن تقول: بِسْمِ اَللّهِ اَلرَّحْمنِ اَلرَّحِيمِ إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله حدّثني عن اللّه عزّ و جلّ أنّه قال: كلّ أمر ذي بال لا يذكر بسم اللّه فيه فهو أبتر. (4)

أقول:

في كنز العمّال خ 2491 عن النبيّ (ص) : كلّ أمر ذي بال لا يبدأ فيه ب بِسْمِ اَللّهِ اَلرَّحْمنِ اَلرَّحِيمِ أقطع.

ص:196


1- -العيون ج 2 ص 5 ب 30 ح 11
2- الوسائل ج 6 ص 59 ب 11 من القراءة في الصلاة ح 8
3- الوسائل ج 7 ص 170 ب 17 من الذكر ح 3
4- الوسائل ج 7 ص 170 ح 4

بيان: في النهاية ج 1 ص 93: «الأبتر» أي أقطع، و البتر القطع.

و في مجمع البحرين، الأبتر: المقطوع الذنب، يقال: بتر الشيء بترا من باب قتل:

قطعه قبل الإتمام. «ذي بال» : أي ذي شأن و خطر يهتمّ به.

7-قال أبو الحسن الثالث عليه السّلام لداود الصرميّ: . . . يا داود، لو قلت إنّ تارك التسمية كتارك الصلاة، لكنت صادقا. (1)

8-عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، أنّه إذا قال المعلّم للصبيّ: قل بِسْمِ اَللّهِ اَلرَّحْمنِ اَلرَّحِيمِ فقال الصبيّ: بِسْمِ اَللّهِ اَلرَّحْمنِ اَلرَّحِيمِ كتب اللّه براءة للصبيّ، و براءة لأبويه، و براءة للمعلّم. (2)

9-عن ابن مسعود عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال: من أراد أن ينجيه اللّه من الزبانية (التسعة عشر م) فليقرء بِسْمِ اَللّهِ اَلرَّحْمنِ اَلرَّحِيمِ (فإنّها) تسعة عشر حرفا، ليجعل اللّه كلّ حرف منها جنّة من واحد منهم. (3)

10-و عنه عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال: من قرء بِسْمِ اَللّهِ اَلرَّحْمنِ اَلرَّحِيمِ كتب اللّه له بكلّ حرف أربعة ألاف حسنة، و محى عنه أربعة آلاف سيّئة و رفع له أربعة آلاف درجة. (4)

11-و قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: إذا قال العبد عند منامه: بِسْمِ اَللّهِ اَلرَّحْمنِ اَلرَّحِيمِ يقول اللّه: ملائكتي اكتبوا (بالحسنات) نفسه إلى الصباح. (5)

12-عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من توضّأ فذكر اسم اللّه، طهر جميع جسده، و كان الوضوء إلى الوضوء كفّارة لما بينهما من الذنوب،

ص:197


1- -البحار ج 76 ص 50 باب التكاتب ح 6
2- البحار ج 92 ص 257 باب فضائل سورة الفاتحة ح 52
3- البحار ج 92 ص 257 ح 52( جامع الأخبار ص 42 ف 22)
4- البحار ج 92 ص 257
5- البحار ج 92 ص 257

و من لم يسمّ لم يطهر من جسده إلاّ ما أصابه الماء. (1)

13-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: اغلقوا أبواب المعصية بالاستعاذة، و افتحوا أبواب الطاعة بالتسمية. (2)

14-و قال صلّى اللّه عليه و آله: لا يردّ دعاء أوّله: بسم اللّه الرحمن الرحيم. (3)

15-عن خالد بن المختار قال: سمعت جعفر بن محمّد عليهما السّلام يقول: ما لهم قاتلهم اللّه، عمدوا إلى أعظم آية في كتاب اللّه، فزعموا أنّها بدعة إذا أظهروها، و هي: بِسْمِ اَللّهِ اَلرَّحْمنِ اَلرَّحِيمِ (4)

16-قال الصادق عليه السّلام: بِسْمِ اَللّهِ اَلرَّحْمنِ اَلرَّحِيمِ اسم اللّه الأكبر، أو قال: الأعظم.

و برواية ابن عباس قال صلّى اللّه عليه و آله: بِسْمِ اَللّهِ اَلرَّحْمنِ اَلرَّحِيمِ اسم من أسماء اللّه الأكبر، و ما بينه و بين اسم اللّه الأكبر، إلاّ كما بين سواد العين و بياضها. (5)

ص:198


1- -ثواب الأعمال ص 30 باب ثواب من ذكر اسم اللّه على وضوئه ح 1
2- المستدرك ج 5 ص 304 ب 16 من الذكر ح 4
3- المستدرك ج 5 ص 304 ح 5
4- المستدرك ج 4 ص 166 ب 8 من القرائة ح 7
5- نور الثقلين ج 1 ص 8 (الحمد) ح 22 و 23

93- الأسماء و الألقاب و الكنى

اشارة

قال اللّه تعالى: . . . وَ لا تَنابَزُوا بِالْأَلْقابِ بِئْسَ اَلاِسْمُ اَلْفُسُوقُ بَعْدَ اَلْإِيمانِ وَ مَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولئِكَ هُمُ اَلظّالِمُونَ. (1)

الأخبار

1-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: إنّ للولد على الوالد حقّا. . . و حقّ الولد على الوالد أن يحسّن اسمه، و يحسّن أدبه، و يعلّمه القرآن. (2)

2-عن الرضا عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إذا سمّيتم الولد محمّدا، فأكرموا و أوسعوا له في المجالس، و لا تقبّحوا له وجها. (3)

3-و بهذا الإسناد قال: و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ما من مائدة وضعت و حضر عليها من اسمه أحمد و محمّد إلاّ قدّس ذلك المنزل في كلّ يوم مرّتين. (4)

4-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: سمّوا أسقاطكم، فإنّ

ص:199


1- -الحجرات:11
2- نهج البلاغة ص 1274 ح 391
3- العيون ج 2 ص 28 ب 31 ح 29
4- العيون ج 2 ص 28 ح 31

الناس إذا دعوا يوم القيامة بأسمائهم تعلّق الأسقاط بآبائهم فيقولون: لم لم تسمّونا؟ ! . . . (1)

5-عن موسى بن بكر عن أبي الحسن عليه السّلام قال: أوّل ما يبرّ الرجل ولده أن يسمّيه باسم حسن، فليحسن أحدكم اسم ولده. (2)

6-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: استحسنوا أسماءكم فإنّكم تدعون بها يوم القيامة؛ قم يا فلان بن فلان إلى نورك، و قم يا فلان بن فلان لا نور لك. (3)

7-عن جعفر عن آبائه عليهم السّلام: أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كان يغيّر الأسماء القبيحة في الرجال و البلدان. (4)

8-عن أبي جعفر عليه السّلام قال: أصدق الأسماء ما سمّي بالعبوديّة، و أفضلها أسماء الأنبياء. (5)

9-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: لا يولد لنا ولد إلاّ سمّيناه محمّدا، فإذا مضى سبعة أيّام فإن شئنا غيّرنا و إلاّ تركنا. (6)

10-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال: من ولد له أربعة أولاد لم يسمّ أحدهم باسمي فقد جفاني. (7)

ص:200


1- -الوسائل ج 21 ص 388 ب 21 من أحكام الأولاد ح 2
2- الوسائل ج 21 ص 388 ب 22 ح 1
3- الوسائل ج 21 ص 389 ح 2
4- الوسائل ج 21 ص 390 ح 6
5- الوسائل ج 21 ص 391 ب 23 ح 1
6- الوسائل ج 21 ص 392 ب 24 ح 1
7- الوسائل ج 21 ص 392 ح 2

أقول:

في ح 5، قال صلّى اللّه عليه و آله: «من ولد له ثلاث بنين و لم يسمّ أحدهم محمّدا فقد جفاني» .

11-عن جابر عن أبي جعفر عليه السّلام (في حديث) أنّه قال لابن صغير:

ما اسمك؟ قال: محمّد، قال: بم تكنّى؟ قال: بعليّ، فقال أبو جعفر عليه السّلام: لقد احتظرت من الشيطان احتظارا شديدا، إنّ الشيطان إذا سمع مناديا ينادي: يا محمّد، أو يا عليّ، ذاب كما يذوب الرصاص، حتّى إذا سمع مناديا ينادي باسم عدوّ من أعدائنا اهتزّ و اختال. (1)

بيان:

«احتظر» : بمعنى حظر، و حظره الشيء: منعه و حجره، و حظر الشيء: حازه و كأنّه منعه عن غيره. «الرصاص» يقال بالفارسيّة: سرب يا قلع.

12-عن أبي هارون قال: كنت جليسا لأبي عبد اللّه عليه السّلام بالمدينة ففقدني أيّاما، ثمّ إنّي جئت إليه فقال: لم أرك منذ أيّام يا أبا هارون؟ فقلت: ولد لي غلام، فقال: بارك اللّه لك، فما سميّته؟ قلت: سمّيته محمّدا، فأقبل بخدّه نحو الأرض و هو يقول: محمّد محمّد محمّد، حتّى كاد يلصق خدّه بالأرض، ثمّ قال: بنفسي و بولدي و بأهلي و بأبويّ و بأهل الأرض كلّهم جميعا الفداء لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، لا تسبّه و لا تضربه و لا تسيء إليه، و اعلم أنّه ليس في الأرض دار فيها اسم محمّد إلاّ و هي تقدّس كلّ يوم. . . (2)

13-عن الرضا عن أبائه عليهم السّلام عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال: ما من قوم كانت لهم مشورة فحضر من اسمه محمّد أو أحمد فأدخلوه في مشورتهم إلاّ كان خيرا لهم. (3)

ص:201


1- -الوسائل ج 21 ص 393 ح 3
2- الوسائل ج 21 ص 393 ح 4
3- الوسائل ج 21 ص 394 ح 8

أقول:

في البحار ج 75 ص 98 و ج 104 ص 128: «من اسمه محمّد أو حامد أو محمود أو أحمد فأدخلوه. . .» و لعلّه سقط في الطبع.

14-عن جعفر بن محمّد عن آبائه عليهم السّلام عن ابن عبّاس قال: إذا كان يوم القيامة نادى مناد: ألا ليقم كلّ من اسمه محمّد فليدخل الجنّة لكرامة سميّه محمّد صلّى اللّه عليه و آله. (1)

15-استعمل معاوية مروان بن الحكم على المدينة و أمره أن يفرض لشباب قريش، ففرض لهم، فقال عليّ بن الحسين عليهما السّلام، فأتيته فقال: ما اسمك؟ فقلت: عليّ بن الحسين، فقال: ما اسم أخيك؟ فقلت: عليّ، فقال: عليّ و عليّ، ما يريد أبوك أن يدع أحدا من ولده إلاّ سماّه عليّا؟ ! ثمّ فرض لي، فرجعت إلى أبي فأخبرته، فقال: و يلي على ابن الزرقاء دبّاغة الأدم، لو ولد لي مائة لأحببت أن لا اسمّي أحدا منهم إلاّ عليّا. (2)

بيان:

في أقرب الموارد، «أن يفرض» : فرض له في الديوان، رسم له فيه شيئا معلوما و أثبت رزقه فيه.

16-عن سليمان الجعفريّ قال: سمعت أبا الحسن عليه السّلام يقول: لا يدخل الفقر بيتا فيه اسم محمّد أو أحمد أو عليّ أو الحسن أو الحسين أو جعفر أو طالب أو عبد اللّه أو فاطمة من النساء. (3)

17-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: جاء رجل إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فقال: ولد لي

ص:202


1- -الوسائل ج 21 ص 395 ح 10
2- الوسائل ج 21 ص 395 ب 25 ح 1
3- الوسائل ج 21 ص 396 ب 26 ح 1

غلام، فما ذا أسمّيه؟ قال: بأحبّ الأسماء إليّ: حمزة. (1)

18-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من السنّة و البرّ أن يكنّى الرجل باسم ابنه. (2)

19-عن السكونيّ قال: دخلت على أبي عبد اللّه عليه السّلام و أنا مغموم مكروب فقال لي: يا سكونيّ، ما غمّك؟ فقلت: ولدت لي ابنة، فقال: يا سكونيّ، على الأرض ثقلها و على اللّه رزقها، تعيش في غير أجلك و تأكل من غير رزقك، فسرّى و اللّه عنّي، فقال: ما سمّيتها؟ قلت: فاطمة، قال: آه آه آه، ثمّ وضع يده على جبهته. . . ثمّ قال: قال لي: أما إذا سمّيتها فاطمة، فلا تسبّها و لا تلعنها و لا تضربها. (3)

بيان:

في المرآة ج 21 ص 85، «فسرّى. . .» : أي انكشف الغمّ عنّي.

20-عن أبي بصير قال: سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول: إنّ أبا ذرّ، قال لرجل على عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: يا بن السوداء، قال: فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: تعيّره بامّه! قال: فلم يزل يمرّغ رأسه و وجهه بالتراب، حتّى رضي عنه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله. (4)

21-قيل لأبي عبد اللّه عليه السّلام: جعلت فداك، إنّا نسمّي بأسمائكم و أسماء آبائكم فينفعنا ذلك؟ فقال: إي و اللّه و هل الدين إلاّ الحبّ؟ قال اللّه: إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اَللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اَللّهُ وَ يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ 5 (5).

ص:203


1- -الوسائل ج 21 ص 396 ح 2
2- الوسائل ج 21 ص 397 ب 27 ح 2
3- الوسائل ج 21 ص 482 ب 87 ح 1
4- المستدرك ج 15 ص 133 ب 21 من أحكام الأولاد
5- البحار ج 104 ص 130 باب الأسماء و الكنى ح 19

22-قال أبو الحسن موسى عليه السّلام (و هو في المهد) ليعقوب بن السرّاج بلسان فصيح: اذهب فغيّر اسم ابنتك التي سمّيتها أمس، فإنّه اسم يبغضه اللّه، و كان ولدت لي ابنة سمّيتها بالحميراء. (1)

ص:204


1- -الكافي ج 1 ص 247 باب النصّ على أبي الحسن موسى عليه السّلام في ح 11

94- من سنّ سنّة

الأخبار

1-عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: من علّم خيرا فله مثل أجر من عمل به، قلت: فإن علّمه غيره يجري ذلك له؟ قال: إن علّمه الناس كلّهم جرى له، قلت: فإن مات؟ قال: و إن مات. (1)

2-عن أبي جعفر عليه السّلام قال: من علّم باب هدى فله مثل أجر من عمل به و لا ينقص اولئك من اجورهم شيئا، و من علّم باب ضلال كان عليه مثل أوزار من عمل به و لا ينقص أولئك من أوزارهم شيئا. (2)

3-عن فضيل بن عياض قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الجهاد أسنّة هو أم فريضة؟ فقال: الجهاد على أربعة أوجه: . . . و أمّا الجهاد الذي هو سنّة فكلّ سنّة أقامها الرجل و جاهد في إقامتها و بلوغها و إحيائها فالعمل و السعي فيها من أفضل الأعمال، لأنّها إحياء سنّة، و قد قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من سنّ سنّة حسنة فله أجرها و أجر من عمل بها إلى يوم القيامة من غير أن ينقص

ص:205


1- -الكافي ج 1 ص 27 باب ثواب العالم ح 3
2- الكافي ج 1 ص 27 ح 4

من أجورهم شيء. (1)

4-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: الدالّ على الخير كفاعله. (2)

5-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: لا يتكلّم الرجل بكلمة حقّ يؤخذ بها إلاّ كان له مثل أجر من أخذ بها، و لا يتكلّم بكلمة ضلال يؤخذ بها إلاّ كان عليه مثل وزر من أخذ بها. (3)

6-قال الصادق جعفر بن محمّد عليه السّلام: ليس يتبع الرجل بعد موته من الأجر إلاّ ثلاث خصال: صدقة أجراها في حياته فهي تجري بعد موته، و سنّة هدى سنّها فهي يعمل بها بعد موته، و ولد صالح يستغفر له. (4)

أقول:

بهذا المعنى أخبار اخر.

7-عن إسماعيل الجعفي قال: سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول: من استنّ بسنّة عدل فاتّبع كان له أجر من عمل بها من غير أن ينتقص من أجورهم شيء، و من استنّ سنّة جور فاتّبع كان عليه مثل وزر من عمل به من غير أن ينتقص من أوزارهم شيء. (5)

8-عن إسحاق بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ما من مؤمن سنّ على نفسه سنّة حسنة أو شيئا من الخير ثمّ حال بينه و بين ذلك حائل إلاّ كتب اللّه له ما أجرى على نفسه أيّام الدنيا. (6)

ص:206


1- -الوسائل ج 15 ص 24 ب 5 من جهاد العدوّ ح 1
2- الوسائل ج 16 ص 173 ب 16 من الأمر و النهي ح 3
3- الوسائل ج 16 ص 173 ح 4
4- الوسائل ج 16 ص 174 ح 6
5- الوسائل ج 16 ص 174 ح 7
6- الوسائل ج 16 ص 175 ح 10

9-عن أمير المؤمنين عليه السّلام أنّه قال: أظلم الناس من سنّ سنن الجور و محا سنن العدل. (1)

10-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: يجيء الرجل يوم القيامة و له من الحسنات كالسحاب الركام أو كالجبال الرواسي فيقول:

يا ربّ، أنّى لي هذا و لم أعملها؟ فيقول: هذا علمك الذي علّمته الناس يعمل به من بعدك. (2)

بيان:

«الركام» : الضخم المتراكم بعضه فوق بعض.

11-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ستّ خصال ينتفع بها المؤمن بعد موته:

ولد صالح يستغفر له، و مصحف يقرأ منه، و قليب يحفره، و غرس يغرسه، و صدقة ماء يجريه، و سنّة حسنة يؤخذ بها بعده. (3)

بيان:

«القليب» : البئر.

ص:207


1- -المستدرك ج 12 ص 231 ب 15 من الأمر و النهي ح 13
2- البحار ج 2 ص 18 ب 8 من العلم ح 44
3- البحار ج 71 ص 257 باب ثواب من سنّ سنّة حسنة ح 2

7B22426F6F6B506167654944223A32303534393736372C22426F6F6B4944223A31363732302C2253656374696F6E4E756D223A312C22506167654E756D223A3230382C2253686F77506167654E756D223A22323038222C22436F6E74656E7454797065223A322C22486173496D616765223A747275652C2248617354657874223A66616C73652C22496E7465726E616C4964223A6E756C6C2C22496D616765436F6E74656E7455726C223A222F424F4F4B494D41474553312F424B31353931342F424B3135393134473030332F424B31353931344730303353312F424B3135393134473030335331503230382E676966222C22536F6C72426F6F6B506167654964223A307D

ص:

95- الأخذ بالسنّة

اشارة

الآيات

1- . . . وَ أْتُوا اَلْبُيُوتَ مِنْ أَبْوابِها. . . (1)

2- . . . وَ ما آتاكُمُ اَلرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ ما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَ اِتَّقُوا اَللّهَ إِنَّ اَللّهَ شَدِيدُ اَلْعِقابِ. (2)

الأخبار

1-عن أبي بصير قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: ترد علينا أشياء ليس نعرفها في كتاب اللّه و لا سنّة فننظر فيها؟ قال: لا أما إنّك إن أصبت لم توجر، و إن أخطات كذبت على اللّه عزّ و جلّ. (3)

بيان:

«السنّة» في اللغة: الطريقة و السيرة، و في الشرع: الطريقة المنسوبة إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قولا و فعلا و تقريرا، بلغتنا من طريق الحديث المرويّ عنه صلّى اللّه عليه و آله أم عن الأئمّة عليهم السّلام،

ص:209


1- -البقرة:189
2- الحشر:7
3- الكافي ج 1 ص 46 باب البدع ح 11

و قد يراد بالسنّة الحديث المرويّ عن المعصوم عليه السّلام مقابل الكتاب.

2-عن ابن أبي عمير عن بعض أصحابه قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: من خالف كتاب اللّه و سنّة محمّد صلّى اللّه عليه و آله فقد كفر. (1)

3-عن جعفر عن آبائه عن أمير المؤمنين عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

لا قول إلاّ بعمل، و لا قول و لا عمل إلاّ بنيّة، و لا قول و لا عمل و لا نيّة إلاّ بإصابة السنّة. (2)

4-عن أبي عبد اللّه عن آبائه عن أمير المؤمنين عليهم السّلام قال: السنّة سنّتان:

سنّة في فريضة الأخذ بها هدى و تركها ضلالة، و سنّة في غير فريضة الأخذ بها فضيلة و تركها إلى غير خطيئة. (3)

بيان:

«في غير فريضة» أي المستحبّة.

5-قال عليّ بن الحسين عليهما السّلام: إنّ أفضل الأعمال عند اللّه ما عمل بالسنّة و إن قلّ. (4)

6-في رسالة الصادق عليه السّلام إلى أصحابه. . . و قال: أيّتها العصابة الحافظ اللّه لهم أمرهم، عليكم بآثار رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سنّته، و آثار الأئمّة الهداة من أهل بيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله من بعده و سنّتهم، فإنّه من أخذ بذلك فقد اهتدى، و من ترك ذلك و رغب عنه ضلّ، لأنّهم هم الذين أمر اللّه بطاعتهم و ولايتهم، و قد قال أبونا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: المداومة على العمل في اتّباع الآثار و السنن و إنّ قلّ، أرضى للّه و أنفع عنده في العاقبة، من الاجتهاد في البدع و اتّباع الأهواء، ألا إنّ اتّباع الأهواء

ص:210


1- -الكافي ج 1 ص 56 باب الأخذ بالسنّة ح 6
2- الكافي ج 1 ص 56 ح 9
3- الكافي ج 1 ص 56 ح 12
4- الكافي ج 1 ص 56 ح 7

و اتّباع البدع بغير هدى من اللّه ضلال، و كلّ ضلالة بدعة، و كلّ بدعة في النار. . . (1)

7-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: . . . فإنّ الناس رجلان: متّبع شرعة و مبتدع بدعة، ليس معه من اللّه برهان سنّة و لا ضياء حجّة. . . (2)

8-عن أبي اسامة قال: كنت عند أبي عبد اللّه عليه السّلام فسأله رجل من المغيريّة عن شيء من السنن، فقال عليه السّلام: ما من شيء يحتاج إليه أحد من ولد آدم إلاّ و قد جرت فيه من اللّه و من رسوله سنّة، عرفها من عرفها و أنكرها من أنكرها. . . (3)

9-عن مرازم بن حكيم قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: من خالف سنّة محمّد صلّى اللّه عليه و آله فقد كفر. (4)

10-قال الصادق عليه السّلام: كذب من زعم أنّه يعرفنا، و هو مستمسك بعروة غيرنا. (5)

11-عن الفضيل بن يسار قال: سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول: كلّ ما لم يخرج من هذا البيت فهو باطل. (6)

12-عن كميل عن أمير المؤمنين عليه السّلام أنّه قال في وصيّته إليه: يا كميل، إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أدّبه اللّه عزّ و جلّ، و هو أدّبني، و أنا أؤدّب المؤمنين، و أورّث الأدب المكرمين.

ص:211


1- -الكافي ج 8 ص 8 ح 1
2- نهج البلاغة ص 573 في خ 175
3- العلل ج 1 ص 276 ب 184 ح 4( البحار ج 80 ص 164)
4- مشكوة الأنوار ص 151 ب 3 ف 12( المحاسن ص 220)
5- الوسائل ج 27 ص 129 ب 10 من صفات القاضي ح 16
6- الوسائل ج 27 ص 130 ح 18

يا كميل، ما من علم إلاّ و أنا أفتحه، و ما من شيء إلاّ و القائم عليه السّلام يختمه.

يا كميل، ذرّيّة بعضها من بعض و اللّه سميع عليم.

يا كميل، لا تأخذ إلاّ عنّا تكن منّا.

يا كميل، ما من حركة إلاّ و أنت محتاج فيها الى معرفة. . . (1)

13-قال أبو إسحق النحويّ: دخلت على أبي عبد اللّه عليه السّلام، قال: إنّ اللّه أدّب نبيّه صلّى اللّه عليه و آله على محبّته فقال: وَ إِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ 2 ثمّ فوّض إليه و قال:

وَ ما آتاكُمُ اَلرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ ما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا 3 و مَنْ يُطِعِ اَلرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اَللّهَ 4 و إنّ نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه و آله فوّض إلى عليّ عليه السّلام و أثبته، فسلّمتم و جحد الناس، فو اللّه ليحبّكم أن تقولوا إذا قلنا، و أن تصمتوا إذا صمتنا، و نحن فيما بينكم و بين اللّه، و اللّه ما جعل اللّه لأحد من خير في خلاف أمرنا. (2)

أقول:

الأخبار بهذا المعنى كثيرة جدّا، راجع الكافي ج 1 و بصائر الدرجات ص 378 إلى 387 الجزء 8 ب 4 و 5 و البحار ج 25 ص 328.

14-عن أبي عبد اللّه عن آبائه عن أمير المؤمنين عليهم السّلام قال: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول: عليكم بسنّة، فعمل قليل في سنّة خير من عمل كثير في بدعة. (3)

15-عن أبي جعفر عن أبيه عليهما السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من تمسّك

ص:212


1- -المستدرك ج 17 ص 267 ب 7 من صفات القاضي ح 1(تحف العقول ص 119)
2- المستدرك ج 17 ص 272 ح 17
3- البحار ج 2 ص 261 ب 32 من العلم ح 3

بسنّتي في اختلاف امّتي كان له أجر مائة شهيد. (1)

16-عن هشام عن الصادق عليه السّلام قال: امر إبليس بالسجود لآدم فقال:

يا ربّ، و عزّتك إن أعفيتني من السجود لآدم لأعبدنّك عبادة ما عبدك أحد قطّ مثلها، قال اللّه جلّ جلاله: إنّي احبّ أن اطاع من حيث اريد. (2)

17-عن صفوان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من بلغه شيء من الثواب على شيء من الخير، فعمله، كان له أجر ذلك و إن كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لم يقله. (3)

18-عن محمّد بن مروان قال: سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول: من بلغه ثواب من اللّه على عمل فعمل ذلك العمل التماس ذلك الثواب، أوتيه و إن لم يكن الحديث كما بلغه. (4)

بيان:

قال رحمه اللّه: هذا الخبر من المشهورات، رواه الخاصّة و العامّة بأسانيد.

و في الوافي: و ذلك لأنّ الأعمال الجسمانيّة لا قدر لها عند اللّه إلاّ بالنيّات القلبيّة، و من يعمل بما سمع أنّه عبادة فإنّما يعمل به طاعة للّه و انقيادا لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، فيكون عمله مشتملا على نيّة التقرّب و هيئة التسليم و إن كان نسبته إلى الرسول صلّى اللّه عليه و آله خطأ. . .

أقول: لورود هذه الأخبار أصحابنا رحمهم اللّه كثيرا ما يستدلّون بالأخبار الضعيفة على السنن و الآداب، و يحكمون بها بالاستحباب و الكراهة. لكن يشكل اثبات الأحكام الشرعيّة بهذه الأخبار سوى ترتّب الثواب، لأنّ الاستحباب أيضا

ص:213


1- -البحار ج 2 ص 262 ح 6
2- البحار ج 2 ص 262 ح 5
3- البحار ج 2 ص 256 ب 30 من العلم ح 1
4- البحار ج 2 ص 256 ح 4- الكافي ج 2 ص 71 باب من بلغه ثواب من اللّه على عمل ح 2

حكم شرعيّ كالوجوب، فلا وجه للفرق بينهما.

19-قال الصادق عليه السّلام: ما أتى جبرئيل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إلاّ كئيبا حزينا و لم يزل كذلك منذ أهلك اللّه فرعون، فلمّا أمره اللّه بنزول هذه الآية: آلْآنَ وَ قَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَ كُنْتَ مِنَ اَلْمُفْسِدِينَ نزل عليه و هو ضاحك مستبشر.

فقال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ما أتيتني يا جبرئيل، إلاّ و تبيّنت الحزن في وجهك حتّى الساعة؟ قال: يا محمّد، لمّا أغرق اللّه فرعون قال: آمنت أنّه لا إله إلاّ اللّه الذي آمنت به بنو إسرائيل و أنا من المسلمين، فأخذت حمأة فوضعتها في فيه، ثمّ قلت له: آلْآنَ وَ قَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَ كُنْتَ مِنَ اَلْمُفْسِدِينَ و عملت ذلك من غير أمر اللّه خفت أن تلحقه الرحمة من اللّه و يعذّبني على ما فعلت فلمّا كان الآن و أمرني اللّه أن أؤدّي إليك ما قلته أنا لفرعون أمنت و علمت أنّ ذلك كان للّه رضى. (1)

بيان:

في القاموس، «الحمأة» : الطين الأسود المنتن.

أقول: الأخبار في الباب كثيرة ذكرنا بعضها، و قد مرّ بعضها في أبواب البدعة، الحديث، و. . .

ص:214


1- -تفسير القمّيّ ج 1 ص 316( يونس:91)

96- إكرام السادات

الأخبار

1-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من صنع إلى أحد من أهل بيتي يدا كافأته به يوم القيامة. (1)

2-قال الصادق عليه السّلام: إذا كان يوم القيامة نادى مناد: أيّها الخلائق أنصتوا فإنّ محمّدا صلّى اللّه عليه و آله يكلّمكم، فتنصت الخلائق، فيقوم النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فيقول: يا معشر الخلائق، من كانت له عندي يد أو منّة أو معروف فليقم حتّى اكافئه، فيقولون:

بآبائنا و امّهاتنا و أيّ يد و أيّ منّة، و أيّ معروف لنا، بل اليد و المنّة و المعروف للّه و لرسوله على جميع الخلائق.

فيقول لهم: بلى من آوى أحدا من أهل بيتي، أو برّهم، أو كساهم من عري، أو أشبع جائعهم فليقم حتّى اكافئه، فيقوم اناس قد فعلوا ذلك، فيأتي النداء من عند اللّه تعالى: يا محمّد، يا حبيبي، قد جعلت مكافأتهم إليك، فأسكنهم من الجنّة حيث شئت، قال: فيسكنهم في الوسيلة حيث لا يحجبون عن محمّد و أهل بيته عليهم السّلام. (2)

ص:215


1- -الوسائل ج 16 ص 332 ب 17 من فعل المعروف ح 1
2- الوسائل ج 16 ص 333 ح 3

3-عن عليّ بن موسى الرضا عن أبيه عن آبائه عن عليّ عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أربعة أنا الشفيع لهم يوم القيامة، و لو أتوني بذنوب أهل الأرض:

معين أهل بيتي، و القاضي لهم حوائجهم عند ما اضطرّوا إليه، و المحبّ لهم بقلبه و لسانه، و الدافع (المكروه ف ن) عنهم بيده. (1)

4-عن عليّ بن موسى (موسى بن جعفر م) عن آبائه عليهم السّلام أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال: أيّما رجل اصطنع إلى رجل من ولدي صنيعة فلم يكافئه عليها، فأنا المكافىء له عليها. (2)

5-عن عليّ بن موسى الرضا عن أبيه عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أربعة أنا لهم شفيع يوم القيامة: المكرم لذرّيّتي من بعدي، و القاضي لهم حوائجهم، و الساعي لهم في أمورهم عند ما اضطرّوا إليه، و المحبّ لهم بقلبه و لسانه. (3)

6-عن أبي جعفر الباقر عن أبيه عن جدّه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

من أراد التوسّل إليّ، و أن يكون له عندي يد أشفع له بها يوم القيامة، فليصل أهل بيتي، و يدخل السرور عليهم. (4)

7-عن الصادق عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من وصل أحدا من أهل بيتي في دار الدنيا بقيراط كافأته (يوم القيامة) بقنطار. (5)

بيان:

«القيراط» : الشيء اليسير، و نصف عشر من الدينار. . . «القنطار» : المال الكثير.

ص:216


1- -الوسائل ج 16 ص 333 ح 4
2- الوسائل ج 16 ص 333 ح 5
3- الوسائل ج 16 ص 334 ح 6
4- الوسائل ج 16 ص 334 ح 7
5- الوسائل ج 16 ص 335 ح 8

8-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من وصلنا وصل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، و من وصل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فقد وصل اللّه تبارك و تعالى. (1)

9-الشيخ الأقدم الحسن بن محمّد القميّ في كتاب تاريخ قم: رويت عن مشايخ قم: أنّ الحسين بن الحسن بن الحسين بن جعفر بن محمّد بن إسماعيل بن جعفر الصادق عليه السّلام كان بقم يشرب علانية، فقصد يوما لحاجة إلى باب أحمد بن إسحاق الأشعريّ، و كان وكيلا في الأوقاف بقم، فلم يأذن له، فرجع إلى بيته مهموما، فتوجّه أحمد بن إسحاق إلى الحجّ، فلمّا بلغ سرّ من رأى، فاستأذن على أبي محمّد العسكريّ عليه السّلام فلم يأذن له، فبكى أحمد طويلا و تضرّع حتّى أذن له.

فلمّا دخل قال: يا بن رسول اللّه، لم منعتني الدخول عليك، و أنا من شيعتك و مواليك؟ قال عليه السّلام: لأنّك طردت ابن عمّنا عن بابك، فبكى أحمد و حلف باللّه أنّه لم يمنعه من الدخول عليه إلاّ لأن يتوب من شرب الخمر، قال: صدقت، و لكن لا بدّ من إكرامهم و احترامهم على كلّ حال، و أن لا تحقّرهم و لا تستهين بهم لا نتسابهم إلينا فتكون من الخاسرين.

فلمّا رجع أحمد إلى قم، أتاه أشرافهم و كان الحسين معهم، فلمّا رآه أحمد وثب إليه و استقبله و أكرمه و أجلسه في صدر المجلس، فاستغرب الحسين ذلك منه و استبدعه، و سأله عن سببه فذكر له ما جرى بينه و بين العسكريّ عليه السّلام في ذلك، فلمّا سمع ذلك ندم من أفعاله القبيحة و تاب منه، و رجع إلى بيته و أهرق الخمور و كسر آلاتها، و صار من الأتقياء المتورّعين و الصلحاء المتعبّدين، و كان ملازما للمساجد و معتكفا فيها حتّى أدركه الموت. (2)

ص:217


1- -الوسائل ج 16 ص 336 ح 10
2- المستدرك ج 12 ص 374 ب 17 من فعل المعروف ح 4

أقول:

في البحار ج 50 ص 323 مثله، و زاد: حتّى أدركه الموت، و دفن قريبا من مزار فاطمة عليها السّلام.

10-و عن ابن أبي عمير عن بعض أصحابه عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّه قال:

قال جدّنا محمّد صلّى اللّه عليه و آله: إنّي سأشفع في يوم القيامة لأربع طوائف، و لو كان لهم مثل ذنوب أهل الدنيا: الأوّل، من سلّ سيفه لذرّيتي و نصرهم، الثانية؛ من أعانهم في حال فقرهم وفاقتهم بما يقدر عليه من المال، الثالثة؛ من أحبّهم بقلبه و لسانه، الرابعة؛ من قضى حوائجهم إذا اضطرّوا إليها، و سعى فيها. (1)

11-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: حقّت شفاعتي لمن أعان ذرّيّتي بيده و لسانه و ماله. (2)

12-و قال صلّى اللّه عليه و آله: أكرموا أولادي و حسّنوا آدابي. (3)

13-و قال صلّى اللّه عليه و آله: أحبّوا (أكرموا م) أولادي، الصالحون للّه، و الطالحون لي. (4)

14-و قال صلّى اللّه عليه و آله: من أكرم أولادي فقد أكرمني. (5)

15-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: لا تدعوا صلة آل محمّد عليهم السّلام من أموالكم، من كان غنيّا فعلى قدر غناه و من كان فقيرا فعلى قدر فقره، و من أراد أن يقضي اللّه له أهمّ الحوائج إلى اللّه، فليصل آل محمّد عليهم السّلام و شيعتهم، بأحوج ما يكون إليه

ص:218


1- -المستدرك ج 12 ص 375 ح 5
2- المستدرك ج 12 ص 376 ح 8
3- المستدرك ج 12 ص 376 ح 8
4- المستدرك ج 12 ص 376 ح 8
5- المستدرك ج 12 ص 376 ح 8

من ماله. (1)

16-عن الرضا عليه السّلام قال: النظر إلى ذرّيّتنا عبادة، فقيل له: يا بن رسول اللّه، النظر إلى الأئمّة منكم عبادة، أم النظر إلى جميع ذرّيّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله؟ فقال:

بل النظر إلى جميع ذرّيّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله عبادة. (2)

أقول:

في العيون ج 2 ص 50 ب 31 ح 196 مثله، و زاد في آخره: «ما لم يفارقوا منهاجه، و لم يتلوّثوا بالمعاصي» .

17-عن الصادق عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إذا قمت المقام المحمود تشفّعت في أصحاب الكبائر من امّتي، فيشفّعني اللّه فيهم و اللّه لا تشفّعت فيمن آذى ذرّيّتي. (3)

18-عن الرضا عن آبائه عليهم السّلام قال: قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: بغض عليّ عليه السّلام كفر، و بغض بني هاشم نفاق. (4)

19-عن موسى بن جعفر عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: عيادة بني هاشم فريضة و زيارتهم سنّة. (5)

20-عن عليّ عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من لم يحبّ عترتي فهو لإحدى ثلاث: إمّا منافق و إمّا لزنية و إمّا امرء حملت به امّه في غير طهر. (6)

21-عن الرضا عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: كلّ نسب

ص:219


1- -المستدرك ج 12 ص 382 ح 21
2- البحار ج 96 ص 218 باب مدح الذرّية الطيّبة ح 2
3- البحار ج 96 ص 218 ح 4
4- البحار ج 96 ص 221 ح 11
5- البحار ج 96 ص 234 ح 33
6- البحار ج 27 ص 147 باب أنّ حبّهم علامة طيب الولادة ح 8

و صهر منقطع يوم القيامة سترا من اللّه عليه إلاّ نسبي و سببي. (1)

أقول:

بهذا المعنى أخبار كثيرة.

22-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: من رأى أولادي فصلّى عليّ طائعا راغبا زاده اللّه في السمع و البصر. (2)

23-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من رأى أولادي و لم يقم بين يديه فقد جفاني و من جفاني فهو منافق.

و في حديث آخر: من رأى أولادي و لا يقوم قياما تامّا ابتلاه اللّه تعالى ببلاء لا دواء له. (3)

24-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من أكرم أولادي فقد أكرمني و من أهانهم فقد أهانني. (4)

25-في ثواب الأعمال عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من زارني أو زار أحدا من ذرّيّتي زرته يوم القيامة فأنقذته من أهوالها.

و في جامع الأخبار عنه صلّى اللّه عليه و آله: من زار واحدا من أولادي في الحيوة و بعد الممات فكأنّما زارني، غفر له ألبتّة. (5)

26-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: من أكل الطعام مع أولادي حرم اللّه جسده على النار. (6)

ص:220


1- -البحار ج 25 ص 246 باب في أنّ كلّ نسب و سبب منقطع. . . ح 1
2- القطرة ج 2 ص 74 في فضائل العلويّين ح 1
3- القطرة ج 2 ص 74 ح 3
4- القطرة ج 2 ص 74 ح 5
5- القطرة ج 2 ص 79 ح 18
6- القطرة ج 2 ص 79 ح 20

27-روى العيّاشيّ عن الصادق عليه السّلام أنّه سئل عن قوله تعالى: وَ إِنْ مِنْ أَهْلِ اَلْكِتابِ إِلاّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ 1 فقال: هذه نزلت فينا خاصّة إنّه ليس رجل من ولد فاطمة يموت و لا يخرج من الدنيا حتّى يقرّ للإمام و بإمامته كما أقرّ ولد يعقوب ليوسف حين قالوا: تَاللّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اَللّهُ . (1)

أقول:

سيأتي ما يدلّ على المقام في باب الشفاعة ف 3 و 4.

ص:221


1- القطرة ج 1 ص 322 في ب 14 ح 7(تفسير العياشي ج 1 ص 283)

7B22426F6F6B506167654944223A32303534393736382C22426F6F6B4944223A31363732302C2253656374696F6E4E756D223A312C22506167654E756D223A3232322C2253686F77506167654E756D223A22323232222C22436F6E74656E7454797065223A322C22486173496D616765223A747275652C2248617354657874223A66616C73652C22496E7465726E616C4964223A6E756C6C2C22496D616765436F6E74656E7455726C223A222F424F4F4B494D41474553312F424B31353931342F424B3135393134473030332F424B31353931344730303353312F424B3135393134473030335331503232322E676966222C22536F6C72426F6F6B506167654964223A307D

ص:

97- السواك

الأخبار

1-عن محمّد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: ما زال جبرئيل يوصيني بالسواك حتّى خفت أن أحفي أو أدرد. (1)

بيان:

«أحفي» : في النهاية ج 1 ص 410، فيه «لزمت السواك حتّى كدت أحفي فمي» أي أستقصي على أسناني فأذهبها بالتسوّك انتهى. و قيل: لعلّ المراد رقّة الأسنان يقال:

حفي الرجل حفا أي رقّت قدمه من كثرة المشي و هنا لمّا أكثر من الاستياك رقّت أسنانه.

«أدرد» : في النهاية ج 2 ص 112، في الحديث «لزمت السواك حتّى خشيت أن يدردني» أي يذهب بأسناني. و الدرد: سقوط الأسنان.

2-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من سنن المرسلين السواك. (2)

أقول:

في ح 3 عنه عليه السّلام قال: «من أخلاق الأنبياء السواك» و في ح 4 عنه عليه السّلام قال: «ثلاث

ص:223


1- -الوسائل ج 2 ص 5 ب 1 من السواك ح 1
2- الوسائل ج 2 ص 5 ح 2

أعطيهنّ الأنبياء: العطر، و الأزواج، و السواك» .

3-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: في السواك اثنتا عشرة خصلة: هو من السنّة و مطهّرة للفم، و مجلاة للبصر، و يرضي الربّ، و يذهب بالغمّ (بالبلغم م) و يزيد في الحفظ، و يبيّض الأسنان، و يضاعف الحسنات، و يذهب بالحفر، و يشدّ اللثة، و يشهّي الطعام، و تفرح به الملائكة. (1)

بيان:

في مجمع البحرين، «الحفرة» : صفرة تعلو الأسنان.

4-عن الصادق عن آبائه عليهم السّلام (في حديث المناهي) قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ما زال جبرئيل يوصيني بالسواك حتّى ظننت أنّه سيجعله فريضة. (2)

5-عن جعفر بن محمّد عن آبائه عليهم السّلام في وصيّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لعليّ عليه السّلام، قال:

يا عليّ، ثلاثة يزدن في الحفظ، و يذهبن البلغم: اللبان و السواك و قراءة القرآن،

يا عليّ، السواك من السنّة، و مطهّرة للفم، و يجلو البصر، و يرضي الرحمن، و يبيّض الأسنان و يذهب بالحفر، و يشدّ اللثة، و يشهّي الطعام، و يذهب بالبلغم، و يزيد في الحفظ، و يضاعف الحسنات و تفرح به الملائكة. (3)

6-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال أبو جعفر عليه السّلام: لو يعلم الناس ما في السواك لأباتوه معهم في لحاف. (4)

7-عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال: لو لا أن أشقّ على امّتي لأمرتهم بالسواك عند وضوء كلّ صلاة. (5)

ص:224


1- -الوسائل ج 2 ص 7 ح 12
2- الوسائل ج 2 ص 9 ح 16
3- الوسائل ج 2 ص 9 ح 17
4- الوسائل ج 2 ص 12 ح 28
5- الوسائل ج 2 ص 17 ب 3 ح 4

8-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ركعتان بالسواك أفضل من سبعين ركعة بغير سواك. (1)

9-و عنه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: لو لا أن أشقّ على امّتي لأمرتهم بالسواك مع كلّ صلاة. (2)

10-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إذا قمت بالليل فاستك، فإنّ الملك يأتيك فيضع فاه على فيك، فليس من حرف تتلوه و تنطق به إلاّ صعد به إلى السماء، فليكن فوك طيّب الريح. (3)

11-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: إنّ أفواهكم طرق القرآن فطهّروها بالسواك. (4)

أقول:

في البحار ج 76 ص 130 باب السواك ح 19، قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: «أفواهكم طرق من طرق ربّكم فنظّفوها» و ص 138 في ح 48 عنه صلّى اللّه عليه و آله: «طهّروا أفواهكم فإنّها مسالك التسبيح» .

12-عن جعفر بن محمّد عن أبيه عن آبائه عن عليّ عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: استاكوا عرضا و لا تستاكوا طولا. (5)

13-عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، أنّه نهى عن السواك بالقصب و الريحان و الرمّان. (6)

ص:225


1- -الوسائل ج 2 ص 19 ب 5 ح 2
2- الوسائل ج 2 ص 19 ح 3
3- الوسائل ج 2 ص 21 ب 6 ح 3
4- الوسائل ج 2 ص 23 ب 7 ح 3
5- المستدرك ج 1 ص 368 ب 6 من السواك ح 1
6- المستدرك ج 1 ص 373 ب 10 ح 5

14-عن أبي جعفر عليه السّلام قال: شكت الكعبة إلى اللّه ما تلقى من أنفاس المشركين، فأوحى اللّه إليها أن قرّي كعبة، فإنّي أبدّلك بهم قوما يتخلّلون بقضبان الشجر، فلمّا بعث اللّه محمّدا صلّى اللّه عليه و آله أوحى إليه مع جبرئيل بالسواك و الخلال. (1)

15-كان النبيّ صلّى اللّه عليه و آله إذا استاك استاك عرضا، و كان يستاك كلّ ليلة ثلاث مرّات: مرّة قبل نومه، و مرّة إذا قام من نومه إلى ورده، و مرّة قبل خروجه إلى صلاة الصبح، و كان يستاك بالأراك، أمره بذلك جبرئيل. (2)

16-قال موسى بن جعفر عليه السّلام: أكل الإشنان يذيب البدن، و التدلّك بالخزف يبلي الجسد، و السواك في الخلاء يورث البخر.

عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال: السواك يزيد الرجل فصاحة.

. . . و قال صلّى اللّه عليه و آله: نعم السواك الزيتون من شجرة مباركة، و يذهب بالحفر، و هو سواكي و سواك الأنبياء قبلي. (3)

بيان:

«البخر» : أي نتن الفم.

أقول: قد مرّ في باب الحمّام «و إيّاك و السواك في الحمّام، فإنّه يورث و باء الأسنان» .

17-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: عليكم بالسواك فإنّه يذهب وسوسة الصدر. (4)

18-عن جعفر بن محمّد عن أبيه عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

السواك شطر الوضوء و الوضوء شطر الإيمان. (5)

ص:226


1- -البحار ج 76 ص 130 باب السواك ح 20
2- البحار ج 76 ص 135 ح 47
3- البحار ج 76 ص 135 ح 48
4- البحار ج 76 ص 139 ح 52
5- البحار ج 76 ص 140 ح 54

حرف الشين

98- الشباب و الشيب و العمر

الآيات

1- وَ اَللّهُ خَلَقَكُمْ ثُمَّ يَتَوَفّاكُمْ وَ مِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلى أَرْذَلِ اَلْعُمُرِ لِكَيْ لا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئاً إِنَّ اَللّهَ عَلِيمٌ قَدِيرٌ. (1)

2- اَللّهُ اَلَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً وَ شَيْبَةً يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَ هُوَ اَلْعَلِيمُ اَلْقَدِيرُ. (2)

3- . . . وَ ما يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَ لا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلاّ فِي كِتابٍ إِنَّ ذلِكَ عَلَى اَللّهِ يَسِيرٌ. (3)

4- وَ مَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي اَلْخَلْقِ أَ فَلا يَعْقِلُونَ. (4)

5- هُوَ اَلَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخاً وَ مِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفّى مِنْ قَبْلُ وَ لِتَبْلُغُوا أَجَلاً مُسَمًّى

ص:227


1- -النحل:70 و بمعناها في الحجّ:5
2- الروم:54
3- فاطر:11
4- يس:68

وَ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ. (1)

الأخبار

1-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لأبي ذرّ رحمه اللّه: . . . يا أبا ذرّ، اغتنم خمسا قبل خمس:

شبابك قبل هرمك، و صحّتك قبل سقمك، و غناك قبل فقرك، و فراغك قبل شغلك، و حياتك قبل موتك. . . (2)

2-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من إجلال اللّه إجلال ذي الشيبة المسلم. (3)

أقول:

بهذا المعنى أخبار اخر، في بعضها: «إجلال الشيخ الكبير» .

3-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ليس منّا من لم يوقّر كبيرنا و يرحم صغيرنا. (4)

4-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: عظّموا كباركم وصلوا أرحامكم، و ليس تصلونهم بشيء أفضل من كفّ الأذى عنهم. (5)

5-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من عرف فضل كبير لسنّه فوقّره آمنه اللّه من فزع يوم القيامة. (6)

6-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ثلاثة لا يجهل حقّهم إلاّ منافق معروف

ص:228


1- -المؤمن:67
2- مكارم الأخلاق ص 459 ب 12 ف 5-و نظيره في الخصال ج 1 ص 239 باب الأربعة ح 85 و 86
3- الكافي ج 2 ص 132 باب إجلال الكبير ح 1
4- الكافي ج 2 ص 132 ح 2
5- الكافي ج 2 ص 132 ح 3
6- الكافي ج 2 ص 481 كتاب العشرة باب وجوب إجلال ذي الشيبة المسلم ح 2

بالنفاق؛ ذو الشيبة في الإسلام، و حامل القرآن، و الإمام العادل. (1)

7-عن عبد اللّه بن سنان قال: قال لي أبو عبد اللّه عليه السّلام: من إجلال اللّه عزّ و جلّ إجلال المؤمن ذي الشيبة، و من أكرم مؤمنا فبكرامة اللّه بدأ، و من استخفّ بمؤمن ذي شيبة أرسل اللّه إليه من يستخفّ به قبل موته. (2)

8-في رسالة حقوق السجّاد عليه السّلام: و أمّا حقّ الكبير؛ فإنّ حقّه توقير سنّه و إجلال إسلامه، إذا كان من أهل الفضل في الإسلام بتقديمه فيه، و ترك مقابلته عند الخصام، و لا تسبقه إلى طريق و لا تؤمّه في طريق، و لا تستجهله و إن جهل عليك تحمّلت و أكرمته بحقّ إسلامه مع سنّه، فإنّما حقّ السنّ بقدر الإسلام، و لا قوّة إلاّ باللّه.

و أمّا حقّ الصغير؛ فرحمته و تثقيفه و تعليمه و العفو عنه و الستر عليه و الرفق به و المعونة له و الستر على جرائر حداثته فإنّه سبب للتوبة، و المداراة له و ترك مماحكته، فإنّ ذلك أدنى لرشده. (3)

بيان:

«تثقيفه» : ثقّف الولد فتثقّف: هذّبه و علّمه فتهذّب و تعلّم.

«مماحكته» : ماحك مماحكة فلانا: خاصمه و لاجّه.

9-في وصيّة أمير المؤمنين عليه السّلام لابنه الحسن عليه السّلام: و ارحم من أهلك الصغير، و وقّر منهم الكبير. (4)

10-عن رزيق قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: ما رأيت شيئا أسرع إلى شيء من الشيب إلى المؤمن، و إنّه وقار للمؤمن في الدنيا، و نور ساطع يوم

ص:229


1- -الكافي ج 2 ص 481 ح 4
2- الكافي ج 2 ص 482 ح 5
3- تحف العقول ص 193
4- أمالي الطوسي ج 1 ص 7

القيامة، به وقّر اللّه تعالى خليله إبراهيم عليه السّلام فقال: ما هذا يا ربّ؟ قال له: هذا وقار، فقال: يا ربّ، زدني وقارا.

قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: فمن إجلال اللّه إجلال شيبة المؤمن. (1)

11-قال (رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ظ) : إنّ اللّه ليستحيي أن يعذّب الشيخ الكبير. (2)

12-عن الصادق عن آبائه عليهم السّلام قال: جاء رجلان إلى النبيّ شيخ و شابّ، فتكلّم الشابّ قبل الشيخ، فقال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: الكبير الكبير. (3)

13-عن الصادق عليه السّلام قال: يا صاحب الشعر الأبيض و القلب الأسود، أمامك النار، و خلفك ملك الموت، فما ذا تريد أن تعمل، كنت صبيّا و كنت جاهلا، و كنت شابّا و كنت فاسقا، و كنت شيخا و كنت مرائيا، فأين أنت و أين عملك؟ ! (4)

14-و مرّ برسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله رجل و هو في أصحابه، فقال بعض القوم:

مجنون، فقال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: بل هذا رجل مصاب، إنّما المجنون عبد أو أمة أبليا شبابهما في غير طاعة اللّه. (5)

15-عن الصادق عليه السّلام عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال: إذا بلغ المرء أربعين سنة آمنه اللّه من الأدواء الثلاثة: من الجنون و الجذام و البرص، فإذا بلغ الخمسين خفّف اللّه عليه حسابه، فإذا بلغ الستّين رزقه اللّه الإنابة إليه، فإذا بلغ السبعين أحبّه اللّه و أهل السماء، فإذا بلغ الثمانين أمر اللّه عزّ و جلّ بإثبات حسناته و إلقاء سيّئاته،

ص:230


1- -أمالي الطوسي ج 2 ص 310
2- مشكوة الأنوار ص 168 ب 3 ف 17
3- مشكوة الأنوار ص 168
4- مشكوة الأنوار ص 169
5- مشكوة الأنوار ص 169

فإذا بلغ التسعين غفر اللّه عزّ و جلّ له ما تقدّم من ذنبه و ما تأخّر، و كتب أسير اللّه في الأرض. (1)

أقول:

المراد من عاش في الإيمان عمره، و سيأتي ما يدلّ على ذلك.

16-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إذا بلغ الرجل أربعين سنة و لم يغلب خيره شرّه قبّل الشيطان بين عينيه و قال: هذا وجه لا يفلح. (2)

17-و قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: من جاوز الأربعين و لم يغلب خيره شرّه فليتجهّز إلى النار. (3)

18-قال الباقر عليه السّلام: إذا بلغ الرجل أربعين سنة، نادى مناد من السماء:

قد دنا الرحيل فأعدّ الزاد. (4)

19-عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال: من عاش في الإسلام ستّين سنة حقّ على اللّه أن لا يعذّبه بالنار، و من عاش في الإسلام سبعين سنة آمنه اللّه من الفزع الأكبر، و من عاش في الإسلام ثمانين سنة رفع عنه القلم و لا يحاسب منه. (5)

20-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ما مشى الحسين عليه السّلام بين يدي الحسن عليه السّلام قطّ، و لا بدره بمنطق إذا اجتمعا، تعظيما له. (6)

21-قال الصادق عليه السّلام: و إذا بلغ العبد ثلاثا و ثلاثين سنة فقد بلغ أشدّه،

ص:231


1- -مشكوة الأنوار ص 169 و بهذا المعنى في الخصال ج 2 ص 545 إلى 547 باب الأربعين ح 21 و 25 و 27 و 28
2- مشكوة الأنوار ص 169
3- مشكوة الأنوار ص 169
4- مشكوة الأنوار ص 170
5- مشكوة الأنوار ص 170
6- مشكوة الأنوار ص 170

و إذا بلغ أربعين سنّة فقد بلغ منتهاه، و إذا طعن في إحدى و أربعين فهو في النقصان، و ينبغي لصاحب الخمسين أن يكون كمن كان في النزع. (1)

22-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ما من شابّ ينشأ في عبادة اللّه حتّى يموت على ذلك إلاّ أعطاه اللّه أجر تسعة و تسعين صدّيقا. (2)

23-عن أبي بصير قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ العبد لفي فسحة من أمره ما بينه و بين أربعين سنة، فإذا بلغ أربعين سنة أوحى اللّه عزّ و جلّ إلى ملكيه قد عمّرت عبدي هذا عمرا فغلّظا و شدّدا و تحفّظا و اكتبا عليه قليل عمله و كثيره و صغيره و كبيره. (3)

24-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: المغبون من غبن عمره ساعة بعد ساعة. (4)

25-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّه قال: من استوى يوماه فهو مغبون، و من كان آخر يوميه خيرهما فهو مغبوط، و من كان آخر يوميه شرّهما فهو ملعون، و من لم ير الزيادة في نفسه فهو إلى النقصان، و من كان إلى النقصان فالموت خير له من الحياة. (5)

أقول:

بهذا المعنى أخبار اخر، راجع البحار ج 78 ص 277 في مواعظ الصادق عليه السّلام أيضا.

26-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: أعمار امّتي ما بين الستّين إلى السبعين و قلّ من يتجاوزها. (6)

ص:232


1- -مشكوة الأنوار ص 170-الخصال ج 2 ص 545 باب الأربعين ح 23
2- مشكوة الأنوار ص 171 ف 18
3- الوسائل ج 16 ص 100 ب 97 من جهاد النفس ح 1(الخصال ج 2 ص 545 ح 24)
4- الوسائل ج 16 ص 94 ب 95 ح 4
5- الوسائل ج 16 ص 94 ح 5
6- ارشاد القلوب ص 47 ب 8

27-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّ اللّه ينظر في وجه الشيخ المؤمن صباحا و مساءا فيقول: يا عبدي، كبر سنّك و دقّ عظمك و رقّ جلدك و قرب أجلك، و حان قدومك عليّ، فاستحي منّي فأنا أستحي من شيبتك أن اعذّبك في النار. (1)

28-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عن اللّه جلّ جلاله: الشيبة نوري فلا أحرق نوري بناري. (2)

29-عن الصادق جعفر بن محمّد عن أبيه عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من أحسن فيما بقي من عمره لم يؤاخذ بما مضى من ذنبه، و من أساء فيما بقي من عمره أخذ بالأوّل و الآخر. (3)

30-عن ابن عباس قال: قال رجل: يا رسول اللّه، أسرع إليك الشيب، قال: شيّبتني «هود» و «الواقعة» و «المرسلات عرفا» و «عمّ يتسائلون» . (4)

31-قال أمير المؤمنين عليه السّلام (في ح الأربعمائة) : لا تنتفوا الشيب فإنّه نور المسلم، و من شاب شيبته في الإسلام كان له نورا يوم القيامة. (5)

32-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ للّه في كلّ يوم و ليلة ملكا ينادي: مهلا مهلا عباد اللّه عن معاصي اللّه، فلو لا بهائم رتّع، و صبية رضّع، و شيوخ ركّع، لصبّ عليكم العذاب صبّا و ترضّون به رضّا. (6)

أقول:

قد مرّ بيان مفرداته في باب الذنب.

ص:233


1- -جامع الأخبار ص 92 ف 50
2- جامع الأخبار ص 92
3- أمالي الصدوق ص 57 م 13 ح 9
4- أمالي الصدوق ص 233 م 41 ح 4
5- الخصال ج 2 ص 612
6- الخصال ج 1 ص 128 باب الثلاثة ح 131

33-. . . قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من يموت بالذنوب أكثر ممّن يموت بالآجال، و من يعيش بالإحسان أكثر ممّن يعيش بالأعمار. (1)

أقول:

ممّا يزيد في العمر حسن النيّة، و البرّ بالأهل و العيال، و صلة الرحم، و تعظيم الوالدين و البرّ بهما، و زيارة الأئمّة خصوصا الإمام الحسين عليهم السّلام، و الصدقة و البرّ. . .

و ممّا ينقص العمر قطع الرحم و عقوق الوالدين و. . . راجع أبوابها.

34-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: بقيّة عمر المرء لا قيمة له، يدرك بها ما قد فات، و يحيي ما مات. (2)

35-قال أبو جعفر عليه السّلام: أصبح إبراهيم عليه السّلام فرأى في لحيته شيبا شعرة بيضاء، فقال: الحمد للّه ربّ العالمين الذي بلغني هذا المبلغ و لم أعص اللّه طرفة عين. (3)

36-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ما أكرم شابّ شيخا إلاّ قضى اللّه له عند سنّه (شيبته م) من يكرمه.

و قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: البركة مع أكابركم.

و قال عليه السّلام: الشيخ في أهله كالنبيّ في امّته. (4)

37-في وصيّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لأبي ذرّ رحمه اللّه قال: يا أبا ذرّ، كن على عمرك أشحّ منك على درهمك و دينارك. . . (5)

ص:234


1- -البحار ج 73 ص 354 باب الذنوب ح 59
2- البحار ج 6 ص 138 باب حبّ لقاء اللّه ح 46
3- البحار ج 12 ص 8 ح 20
4- البحار ج 75 ص 137 باب رحم الصغير. . . ح 4
5- البحار ج 77 ص 78

يا أبا ذرّ، ما من شابّ يدع للّه الدنيا و لهوها و أهرم شبابه في طاعة اللّه إلاّ أعطاه اللّه أجر اثنين و سبعين صدّيقا. (1)

أقول:

قد مرّ في باب السلاطين عن الصادق عليه السّلام: ثلاثة يدخلهم اللّه الجنّة بغير حساب:

إمام عادل و تاجر صدوق و شيخ أفنى عمره في طاعة اللّه. . .

38-في خبر الشاميّ قال عليّ عليه السّلام: يا شيخ، من اعتدل يوماه فهو مغبون، و من كانت الدنيا همّته اشتدّت حسرته عند فراقها، و من كانت غده شرّ يوميه فمحروم، و من لم يبال ما رزء من آخرته إذا سلمت له دنياه فهو هالك، و من لم يتعاهد النقص من نفسه غلب عليه الهوى و من كان في نقص فالموت خير له. (2)

بيان:

رزأه: أصابه و نقصه.

39-و من كلام عليّ عليه السّلام: من صرف يومه في غير حقّ قضاه، أو فرض أداه، أو حمد فضله (حصله ف ن) ، أو خير أسّسه، أو علم اقتبسه، فقد عقّ يومه. (3)

40-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

الساعات تنقّص الأعمار (الغرر ج 1 ص 36 ف 1 ح 1109)

المشيب رسول الموت (ص 41 ح 1247)

الشيب آخر مواعيد الفناء (ص 54 ح 1494)

ص:235


1- -البحار ج 77 ص 86
2- البحار ج 77 ص 378 في مواعظ عليّ عليه السّلام في ح 1
3- الاثنى عشريّة ص 208 ب 5 ف 4

احفظ عمرك من التضييع له في غير العبادة و الطاعات (الطاعة ف ن) .

(ص 125 ف 2 ح 213)

إنّ عمرك مهر سعادتك إن أنفذته في طاعة ربّك. (ص 218 ف 9 ح 53)

إنّ أنفاسك أجزاء عمرك فلا تفنها إلاّ في طاعة تزلفك. (ص 219 ح 54)

إنّ عمرك عدد أنفاسك و عليها رقيب يحصيها (ح 58)

إنّ المغبون من غبن عمره و إنّ المغبوط من أنفذ عمره في طاعة ربّه.

(ص 227 ح 126)

إنّ أوقاتك أجزاء عمرك فلا تنفد لك وقتا إلاّ فيما ينجيك. (ص 252 ح 266)

إنّ الليل و النهار يعملان فيك فاعمل فيهما، و يأخذان منك فخذ منهما.

(ص 271 ح 329)

إذا شابّ العاقل شبّ عقله، إذا شابّ الجاهل شبّ جهله.

(ص 328 ف 17 ح 197)

بركة العمر في حسن العمل (ص 343 ف 21 ح 13)

تدارك في آخر عمرك ما أضعته في أوّله، تسعد بمنقلبك.

(ص 357 ف 22 ح 110)

شيئان لا يعرف فضلهما إلاّ من فقدهما: الشباب و العافية.

(ص 449 ف 42 ح 11)

ضياع العمر بين الآمال و المنى (ص 461 ف 45 ح 14)

ليس شيء أعزّ من الكبريت إلاّ ما بقي من عمر المؤمن.

(ج 2 ص 598 ف 73 ح 74)

كفى بالشيب نذيرا (ص 556 ف 65 ح 10)

كفى بالشيب واعيا (ص 557 ح 22)

وقار الشيب نور و زينة (ص 781 ف 83 ح 14)

ص:236

وقار الشيب أحبّ إليّ من نضارة الشباب (ص 783 ح 40)

لا بقاء لأعمار مع تعاقب الليل و النهار. (ص 844 ف 86 ح 307)

لا يعرف قدر ما بقي من عمره إلاّ نبيّ أو صدّيق. (ص 848 ح 365)

أقول:

مرّ في باب الحبّ ف 2، عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتّى يسأل عن أربع: عن عمره فيما أفناه، و شبابه فيما أبلاه، و عن ماله من أين كسبه و فيما أنفقه، و عن حبّنا أهل البيت.

و في دعاء مكارم الأخلاق عن السجّاد عليه السّلام: «و عمّرني ما كان عمري بذلة في طاعتك، فإذا كان عمري مرتعا للشيطان فاقبضني إليك قبل أن يسبق مقتك إليّ، أو يستحكم غضبك عليّ» .

ص:237

7B22426F6F6B506167654944223A32303534393736392C22426F6F6B4944223A31363732302C2253656374696F6E4E756D223A312C22506167654E756D223A3233382C2253686F77506167654E756D223A22323338222C22436F6E74656E7454797065223A322C22486173496D616765223A747275652C2248617354657874223A66616C73652C22496E7465726E616C4964223A6E756C6C2C22496D616765436F6E74656E7455726C223A222F424F4F4B494D41474553312F424B31353931342F424B3135393134473030332F424B31353931344730303353312F424B3135393134473030335331503233382E676966222C22536F6C72426F6F6B506167654964223A307D

ص:

99- التوقّف عند الشبهات و الاحتياط في الدين

الأخبار

1-عن أبي سعيد الزهري عن أبي جعفر عليه السّلام قال: الوقوف عند الشبهة خير من الاقتحام في الهلكة، و تركك حديثا لم تروه خير من روايتك حديثا لم تحصه. (1)

بيان:

«الاقتحام» : الدخول في الشيء بشدّة و قوّة و مشقّة، كأنّه مأخوذ من اقتحام الفرس النهر. «لم تروه» : على المجهول من باب الإفعال أو التفعيل أي لم تحمل على روايته.

«لم تحصه» في المرآة ج 1 ص 168: الإحصاء لغة العدّ، و لمّا كان عدّ الشيء يلزمه الاطّلاع على واحد واحد ممّا فيه، استعمل في الاطّلاع على جميع ما في شيء و الإحاطة العلميّة التامّة بما فيه، فإحصاء الحديث هو العلم بجميع أحواله متنا و سندا و انتهاء إلى المأخذ الشرعيّ.

2-عن هشام بن سالم قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: ما حقّ اللّه على خلقه؟

ص:239


1- -الكافي ج 1 ص 40 باب النوادر من العلم ح 9

فقال: أن يقولوا ما يعلمون و يكفّوا عمّا لا يعلمون، فإذا فعلوا ذلك فقد أدّوا إلى اللّه حقّه. (1)

3-عن عمر بن حنظلة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: . . . و إنّما الأمور ثلاثة:

أمر بيّن رشده فيتّبع، و أمر بيّن غيّه فيجتنب، و أمر مشكل يردّ علمه إلى اللّه و إلى رسوله، قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: حلال بيّن، و حرام بيّن، و شبهات بين ذلك، فمن ترك الشبهات نجا من المحرّمات، و من أخذ بالشبهات ارتكب المحرّمات و هلك من حيث لا يعلم. . (2)

4-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: و إنّما سمّيت الشبهة شبهة لأنّها تشبه الحقّ، فأمّا أولياء اللّه فضياؤهم فيها اليقين، و دليلهم سمت الهدى، و أمّا أعداء اللّه فدعاؤهم فيها الضلال، و دليلهم العمى، فما ينجو من الموت من خافه، و لا يعطى البقاء من أحبّه. (3)

بيان:

«سمت الهدى» : طريقته.

5-و قال عليه السّلام: إنّ الامور إذا اشتبهت اعتبر آخرها بأوّلها. (4)

6-و قال عليه السّلام: و لا ورع كالوقوف عند الشبهة. (5)

أقول:

و قال عليه السّلام لمالك: . . . ثمّ اختر للحكم بين الناس. . . و أوقفهم في الشبهات، و آخذهم بالحجج. . . (نهج البلاغة ص 1009 في ر 53)

ص:240


1- -الكافي ج 1 ص 40 ح 12
2- الكافي ج 1 ص 54 باب اختلاف الحديث ح 10
3- نهج البلاغة ص 122 خ 38
4- نهج البلاغة ص 1118 ح 73
5- نهج البلاغة ص 1139 في ح 109

7-عن زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: لو أنّ العباد إذا جهلوا وقفوا، و لم يجحدوا، لم يكفروا. (1)

8-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: . . . و أمر الفرج شديد، و منه يكون الولد، و نحن نحتاط، فلا يتزوّجها. (2)

9-عن جعفر عن آبائه عليهم السّلام قال: قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: لا تجامعوا في النكاح على الشبهة، وقفوا عند الشبهة. . . فإنّ الوقوف عند الشبهة خير من الاقتحام في الهلكة. (3)

10-خطب أمير المؤمنين عليه السّلام الناس فقال: حلال بيّن، و حرام بيّن، و شبهات بين ذلك، فمن ترك ما اشتبه عليه من الإثم فهو لما استبان له أترك، و المعاصي حمى اللّه، فمن يرتع حولها يوشك أن يدخلها. (4)

11-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: أورع الناس من وقف عند الشبهة. . . (5)

أقول:

سيأتي بهذا المعنى في باب الورع إن شاء اللّه.

12-عن فضيل بن عياض عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قلت له: من الورع من الناس؟ قال: الذي يتورّع عن محارم اللّه، و يجتنب هؤلاء، فإذا لم يتّق الشبهات وقع في الحرام، و هو لا يعرفه. . . (6)

13-عن النعمان بن بشير قال: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول: إنّ لكلّ ملك

ص:241


1- -الوسائل ج 27 ص 158 ب 12 من صفات القاضي ح 11
2- الوسائل ج 27 ص 158 ح 14
3- الوسائل ج 27 ص 159 ح 15
4- الوسائل ج 27 ص 161 ح 27
5- الوسائل ج 27 ص 162 ح 29
6- الوسائل ج 27 ص 162 ح 30

حمى و إنّ حمى اللّه حلاله و حرامه، و المشتبهات بين ذلك، كما لو أنّ راعيا رعى إلى جانب الحمى لم تثبت غنمه أن تقع في وسطه، فدعوا المشتبهات. (1)

14-عن الرضا عليه السّلام: أنّ أمير المؤمنين عليه السّلام قال لكميل بن زياد: أخوك دينك، فاحتط لدينك بما شئت. (2)

15-عن جابر عن أبي جعفر عليه السّلام في وصيّة له لأصحابه قال: إذا اشتبه الأمر عليكم فقفوا عنده، و ردّوه إلينا، حتّى نشرح لكم من ذلك ما شرح لنا، فإذا كنتم كما أوصيناكم لم تعدوه إلى غيره، فمات منكم ميّت من قبل أن يخرج قائمنا كان شهيدا، و من أدرك قائمنا فقتل معه كان له أجر شهيدين، و من قتل بين يديه عدوّا لنا كان له أجر عشرين شهيدا. (3)

16-عن أبي جعفر الباقر عليه السّلام قال: قال جدّي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أيّها الناس، حلالي حلال إلى يوم القيامة، و حرامي حرام إلى يوم القيامة، ألا و قد بيّنهما اللّه عزّ و جلّ في الكتاب، و بيّنتهما لكم في سنّتي و سيرتي، و بينهما شبهات من الشيطان و بدع بعدي، من تركها صلح له أمر دينه، و صلحت له مروّته و عرضه، و من تلبّس بها و وقع فيها و اتّبعها كان كمن رعى غنمه قرب الحمى، و من رعى ماشيته قرب الحمى، نازعته نفسه إلى أن يرعاها في الحمى، ألا و إنّ لكلّ ملك حمى، ألا و إنّ حمى اللّه عزّ و جلّ محارمه، فتوقّوا حمى اللّه و محارمه. . . (4)

17-عن أبي ذرّ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: يا أبا ذرّ، إنّ المتّقين الذين

ص:242


1- -الوسائل ج 27 ص 167 ح 45
2- الوسائل ج 27 ص 167 ح 46
3- الوسائل ج 27 ص 168 ح 48
4- الوسائل ج 27 ص 169 ح 52

يتّقون اللّه من الشيء الذى لا يتّقى منه خوفا من الدخول في الشبهة. . . (1)

18-في الغرر عن أمير المؤمنين عليه السّلام أنّه قال: إذا اتّقيت المحرّمات و تورّعت عن الشبهات، و أدّيت المفروضات، و تنفّلت بالنوافل، فقد أكملت في الدين الفضائل.

و قال عليه السّلام: الورع؛ الوقوف عند الشبهة.

و قال عليه السّلام: من الحزم، الوقوف عند الشبهة. (2)

أقول:

و في الغرر (ج 1 ص 156 ف 5 ح 92) قال عليه السّلام: إيّاك و الوقوع في الشبهات، و الولوع بالشهوات فإنّهما يقتادانك إلى الوقوع في الحرام و ركوب كثير من الآثام.

19-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: . . . أصل الحزم الوقوف عند الشبهة. . . (3)

20-في حديث عنوان البصريّ عن الصادق عليه السّلام: . . . و أمّا اللّواتي في العلم: فاسأل العلماء ما جهلت، و إيّاك أن تسألهم تعنّتا و تجربة و إيّاك أن تعمل برأيك شيئا، و خذ بالاحتياط في جميع ما تجد إليه سبيلا، و اهرب من الفتيا هربك من الأسد، و لا تجعل رقبتك للناس جسرا. . . (4)

أقول:

سيأتي تمام الخبر في باب العلم ف 4.

21-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: من اتّقى الشبهات فقد استبرأ لدينه. (5)

ص:243


1- -المستدرك ج 17 ص 323 ب 12 من صفات القاضي ح 5
2- المستدرك ج 17 ص 324 ح 11
3- تحف العقول ص 153 في مواعظ أمير المؤمنين عليه السّلام
4- البحار ج 1 ص 226 باب آداب طلب العلم ح 17
5- البحار ج 2 ص 259 ب 31 من العلم ح 8

7B22426F6F6B506167654944223A32303534393737302C22426F6F6B4944223A31363732302C2253656374696F6E4E756D223A312C22506167654E756D223A3234342C2253686F77506167654E756D223A22323434222C22436F6E74656E7454797065223A322C22486173496D616765223A747275652C2248617354657874223A66616C73652C22496E7465726E616C4964223A6E756C6C2C22496D616765436F6E74656E7455726C223A222F424F4F4B494D41474553312F424B31353931342F424B3135393134473030332F424B31353931344730303353312F424B3135393134473030335331503234342E676966222C22536F6C72426F6F6B506167654964223A307D

ص:

100- الشيطان

الآيات

1- يا أَيُّهَا اَلنّاسُ كُلُوا مِمّا فِي اَلْأَرْضِ حَلالاً طَيِّباً وَ لا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ اَلشَّيْطانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ- إِنَّما يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَ اَلْفَحْشاءِ وَ أَنْ تَقُولُوا عَلَى اَللّهِ ما لا تَعْلَمُونَ. (1)

2- يا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا اُدْخُلُوا فِي اَلسِّلْمِ كَافَّةً وَ لا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ اَلشَّيْطانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ. (2)

3- اَلشَّيْطانُ يَعِدُكُمُ اَلْفَقْرَ وَ يَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشاءِ وَ اَللّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَ فَضْلاً وَ اَللّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ. (3)

4- . . . فَقاتِلُوا أَوْلِياءَ اَلشَّيْطانِ إِنَّ كَيْدَ اَلشَّيْطانِ كانَ ضَعِيفاً. (4)

5- . . . وَ لَوْ لا فَضْلُ اَللّهِ عَلَيْكُمْ وَ رَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ اَلشَّيْطانَ إِلاّ قَلِيلاً. (5)

ص:245


1- -البقرة:168 و 169
2- البقرة:208
3- البقرة:268
4- النساء:76
5- النساء:83

6- وَ لَأُضِلَّنَّهُمْ وَ لَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَ لَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذانَ اَلْأَنْعامِ وَ لَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اَللّهِ وَ مَنْ يَتَّخِذِ اَلشَّيْطانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اَللّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْراناً مُبِيناً- يَعِدُهُمْ وَ يُمَنِّيهِمْ وَ ما يَعِدُهُمُ اَلشَّيْطانُ إِلاّ غُرُوراً- أُولئِكَ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَ لا يَجِدُونَ عَنْها مَحِيصاً. (1)

7- وَ كَذلِكَ جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَياطِينَ اَلْإِنْسِ وَ اَلْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ زُخْرُفَ اَلْقَوْلِ غُرُوراً. . . (2)

8- . . . وَ إِنَّ اَلشَّياطِينَ لَيُوحُونَ إِلى أَوْلِيائِهِمْ لِيُجادِلُوكُمْ وَ إِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ. (3)

9- وَ لَقَدْ خَلَقْناكُمْ ثُمَّ صَوَّرْناكُمْ ثُمَّ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اُسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاّ إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنَ اَلسّاجِدِينَ . . . قالَ فَبِما أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِراطَكَ اَلْمُسْتَقِيمَ- ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَ مِنْ خَلْفِهِمْ وَ عَنْ أَيْمانِهِمْ وَ عَنْ شَمائِلِهِمْ وَ لا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شاكِرِينَ- قالَ اُخْرُجْ مِنْها مَذْؤُماً مَدْحُوراً لَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكُمْ أَجْمَعِينَ. الآيات (4)

10- إِنَّ اَلَّذِينَ اِتَّقَوْا إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ اَلشَّيْطانِ تَذَكَّرُوا فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ. (5)

11- وَ قالَ اَلشَّيْطانُ لَمّا قُضِيَ اَلْأَمْرُ إِنَّ اَللّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ اَلْحَقِّ وَ وَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَ ما كانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ إِلاّ أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلا تَلُومُونِي وَ لُومُوا أَنْفُسَكُمْ ما أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَ ما أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِما أَشْرَكْتُمُونِ

ص:246


1- -النساء:119 إلى 121
2- الأنعام:112
3- الأنعام:121
4- الأعراف:11 إلى 27
5- الأعراف:201

مِنْ قَبْلُ إِنَّ اَلظّالِمِينَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ. (1)

12- فَسَجَدَ اَلْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ . . . قالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ- قالَ فَإِنَّكَ مِنَ اَلْمُنْظَرِينَ- إِلى يَوْمِ اَلْوَقْتِ اَلْمَعْلُومِ- قالَ رَبِّ بِما أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي اَلْأَرْضِ وَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ- إِلاّ عِبادَكَ مِنْهُمُ اَلْمُخْلَصِينَ الآيات. (2)

13- فَإِذا قَرَأْتَ اَلْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ مِنَ اَلشَّيْطانِ اَلرَّجِيمِ- إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطانٌ عَلَى اَلَّذِينَ آمَنُوا وَ عَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ- إِنَّما سُلْطانُهُ عَلَى اَلَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَ اَلَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ. (3)

14- إِنَّ اَلْمُبَذِّرِينَ كانُوا إِخْوانَ اَلشَّياطِينِ وَ كانَ اَلشَّيْطانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً. (4)

15- وَ اِسْتَفْزِزْ مَنِ اِسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَ أَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَ رَجِلِكَ وَ شارِكْهُمْ فِي اَلْأَمْوالِ وَ اَلْأَوْلادِ وَ عِدْهُمْ وَ ما يَعِدُهُمُ اَلشَّيْطانُ إِلاّ غُرُوراً- إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ وَ كَفى بِرَبِّكَ وَكِيلاً. (5)

16- وَ إِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اُسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاّ إِبْلِيسَ كانَ مِنَ اَلْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَ فَتَتَّخِذُونَهُ وَ ذُرِّيَّتَهُ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِي وَ هُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظّالِمِينَ بَدَلاً. (6)

17- يا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ اَلشَّيْطانِ وَ مَنْ يَتَّبِعْ خُطُواتِ اَلشَّيْطانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ وَ اَلْمُنْكَرِ وَ لَوْ لا فَضْلُ اَللّهِ عَلَيْكُمْ وَ رَحْمَتُهُ ما زَكى مِنْكُمْ

ص:247


1- -إبراهيم:22
2- الحجر:30 إلى 43
3- النحل:98 إلى 100
4- الإسراء:27
5- الإسراء:64 و 65
6- الكهف:50

مِنْ أَحَدٍ أَبَداً. . . (1)

18- . . . وَ كانَ اَلشَّيْطانُ لِلْإِنْسانِ خَذُولاً. (2)

19- إِنَّ اَلشَّيْطانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّما يَدْعُوا حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحابِ اَلسَّعِيرِ. (3)

20- أَ لَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا اَلشَّيْطانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ- وَ أَنِ اُعْبُدُونِي هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ- وَ لَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلاًّ كَثِيراً أَ فَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ. (4)

21- إِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خالِقٌ بَشَراً مِنْ طِينٍ . . . قالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ- إِلاّ عِبادَكَ مِنْهُمُ اَلْمُخْلَصِينَ- قالَ فَالْحَقُّ وَ اَلْحَقَّ أَقُولُ- لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَ مِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ. (5)

22- وَ مَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ اَلرَّحْمنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ. (6)

23- اِسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ اَلشَّيْطانُ فَأَنْساهُمْ ذِكْرَ اَللّهِ أُولئِكَ حِزْبُ اَلشَّيْطانِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اَلشَّيْطانِ هُمُ اَلْخاسِرُونَ. (7)

الأخبار

1-عن الصادق جعفر بن محمّد عن أبيه عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول

ص:248


1- -النور:21
2- الفرقان:29
3- فاطر:6
4- يس:60 إلى 62
5- ص:71 إلى 85
6- الزخرف:36
7- المجادلة:19

اللّه صلّى اللّه عليه و آله لأصحابه: أ لا اخبركم بشيء إن أنتم فعلتموه تباعد الشيطان منكم تباعد المشرق من المغرب؟ قالوا: بلى قال: الصوم يسوّد وجهه، و الصدقة تكسر ظهره، و الحبّ في اللّه و المؤازرة على العمل الصالح يقطعان دابره، و الاستغفار يقطع و تينه، و لكلّ شيء زكاة و زكاة الأبدان الصيام. (1)

بيان:

«المؤازرة» : أي المعاونة.

في النهاية ج 5 ص 150، «الوتين» : عرق في القلب إذا انقطع مات صاحبه.

في المرآة ج 16 ص 198، «دابره» : أي آخر جزء منه بمعنى استيصاله أو دابر عسكره، قال الجوهري: قطع اللّه دابرهم أي آخر من بقي منهم، و قال: دابرة الإنسان عرقوبه، و الدابر التابع انتهى. فيحتمل أن يكون المراد هنا أحد المعنين الأخيرين.

2-قال أبو جعفر عليه السّلام: لما ترون من بعثه اللّه عزّ و جلّ للشقاء على أهل الضلالة من أجناد الشياطين و أزواجهم أكثر ممّا ترون خليفة اللّه الذي بعثه للعدل و الصواب من الملائكة. . . إنّه ليس من يوم و لا ليلة إلاّ و جميع الجنّ و الشياطين، تزور أئمّة الضلالة، و يزور إمام الهدى عددهم من الملائكة حتّى إذا أتت ليلة القدر، فيهبط فيها من الملائكة إلى وليّ الأمر، خلق اللّه-أو قال: قيّض اللّه-عزّ و جلّ من الشياطين بعددهم، ثمّ زاروا وليّ الضلالة فأتوه بالإفك و الكذب حتّى لعلّه يصبح فيقول: رأيت كذا و كذا، فلو سأل وليّ الأمر عن ذلك لقال: رأيت شيطانا أخبرك بكذا و كذا حتّى يفسّر له تفسيرا و يعلمه الضلالة التي هو عليها. . . (2)

ص:249


1- -أمالي الصدوق ص 61 م 15 ح 1( الكافي ج 4 ص 62)
2- الكافي ج 1 ص 196 باب في شأن إنّا أنزلناه ح 9

بيان:

«قيّض اللّه» : أي قدّر اللّه و سبّب اللّه.

3-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ما اجتمع ثلاثة من المؤمنين فصاعدا إلاّ حضر من الملائكة مثلهم، فإن دعوا بخير أمّنوا، و إن استعاذوا من شرّ دعوا اللّه ليصرفه عنهم، و إن سألوا حاجة تشفّعوا إلى اللّه و سألوه قضاها، و ما اجتمع ثلاثة من الجاحدين إلاّ حضرهم عشرة أضعافهم من الشياطين، فإن تكلّموا تكلّم الشياطين بنحو كلامهم، و إذا ضحكوا ضحكوا معهم، و إذا نالوا من أولياء اللّه نالوا معهم.

فمن ابتلي من المؤمنين بهم فإذا خاضوا في ذلك فليقم و لا يكن شرك شيطان و لا جليسه، فإنّ غضب اللّه عزّ و جلّ لا يقوم له شيء، و لعنته لا يردّها شيء، ثمّ قال عليه السّلام: فإن لم يستطع فلينكر بقلبه و ليقم، و لو حلب شاة أو فواق ناقة. (1)

أقول:

قد مرّ في باب الأخوّة عن أبي الحسن عليه السّلام: ليس شيء أنكى لإبليس و جنوده من زيارة الإخوان في اللّه بعضهم لبعض. . .

بيان: في الوافي، «إذا نالوا. . .» : أي سبّوهم و قالوا فيهم ما لا يليق بهم.

«شرك شيطان» : أي شريكه. «فواق الناقة» : الفترة ما بين الحلبتين لإراحتها، و المراد يقوم لإظهار حاجة أو عذر و لو بأحد هذين المقدارين من الزمان.

4-عن حمّاد عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ما من قلب إلاّ و له اذنان، على إحداهما ملك مرشد و على الأخرى شيطان مفتّن، هذا يأمره و هذا يزجره، الشيطان يأمره بالمعاصي و الملك يزجره عنها، و هو قول اللّه عزّ و جلّ:

ص:250


1- -الكافي ج 2 ص 150 باب تذاكر الإخوان ح 6

عَنِ اَلْيَمِينِ وَ عَنِ اَلشِّمالِ قَعِيدٌ- ما يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ 1 (1).

5-عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ للقلب اذنين، فإذا همّ العبد بذنب قال له روح الإيمان: لا تفعل، و قال له الشيطان: افعل، و إذا كان على بطنها نزع منه روح الإيمان. (2)

أقول:

بهذا المعنى أخبار اخر، راجع الكافي و غيره.

و مرّ في باب الإيمان أحاديث كثيرة عن الكافي و غيره و مفادها أن الشيطان يؤذي المؤمن و لو على قلّة الجبل.

6-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: لا تأووا التراب خلف الباب فإنّه مأوى الشياطين. (3)

7-في مواعظ الجواد عليه السّلام: من أصغى إلى ناطق فقد عبده، فإن كان الناطق عن اللّه فقد عبد اللّه، و إن كان الناطق ينطق عن لسان إبليس فقد عبد إبليس. (4)

8-في حكم الصادق عليه السّلام: ليس لإبليس جند أشدّ من النساء و الغضب. (5)

9-فيما كتب أمير المؤمنين عليه السّلام إلى الحارث الهمدانيّ: و احذر الغضب فإنّه

ص:251


1- الكافي ج 2 ص 205 باب أنّ للقلب اذنين ح 1
2- الكافي ج 2 ص 205 ح 2
3- الكافي ج 6 ص 531 باب النوادر ح 6
4- تحف العقول ص 336
5- تحف العقول ص 268

جند عظيم من جنود إبليس. (1)

10-عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال: إنّ الشيطان ليجري من ابن آدم مجرى الدم، فضيّقوا مجاريه بالجوع. (2)

11-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: لو لا أنّ الشياطين يحومون على قلوب بني آدم لنظروا إلى الملكوت. (3)

12-عن جابر عن أبي جعفر عليه السّلام قال: لمّا دعا نوح عليه السّلام ربّه عزّ و جلّ على قومه آتاه إبليس لعنه اللّه فقال: يا نوح، إنّ لك عندي يدا اريد أن اكافيك عليها، فقال نوح: و اللّه إنّي لبغيض إليّ أن يكون لك عندي يد، فما هي؟ قال:

بلى دعوت اللّه على قومك فأغرقتهم فلم يبق أحد أغويه، فأنا مستريح حتّى ينشأ قرن آخر فاغويهم، فقال له نوح: ما الذي تريد أن تكافئني به؟ قال له: اذكرني في ثلاثة مواطن فإنّي أقرب ما أكون إلى العبد إذا كان في إحديهنّ: اذكرني إذا غضبت، و اذكرني إذا حكمت بين اثنين، و اذكرني إذا كنت مع امرأة خاليا ليس معكما أحد. (4)

13-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: يقول إبليس لعنه اللّه: ما أعياني في ابن آدم فلن يعييني منه واحدة من ثلاث: أخذ مال من غير حلّه، أو منعه من حقّه، أو وضعه في غير وجهه. (5)

بيان:

«ما أعياني» : أي ما أعجزني. لاحظ باب حبّ المال أيضا.

ص:252


1- -نهج البلاغة ص 1070 في ر 69
2- المستدرك ج 16 ص 220 ب 2 من آداب المائدة ح 16
3- أسرار الصلاة للشهيد الثاني رحمه اللّه ص 34
4- الخصال ج 1 ص 132 باب الثلاثة ح 140
5- الخصال ج 1 ص 132 ح 141

14-عن الأصبغ عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال: قال اللّه تبارك و تعالى لموسى عليه السّلام: يا موسى، احفظ وصيّتي لك بأربعة أشياء: أوّلهنّ، ما دمت لا ترى ذنوبك تغفر فلا تشتغل بعيوب غيرك، و الثانية؛ ما دمت لا ترى كنوزي قد نفدت فلا تغتمّ بسبب رزقك، و الثالثة؛ ما دمت لا ترى زوال ملكي فلا ترج أحدا غيري، و الرابعة؛ ما دمت لا ترى الشيطان ميّتا فلا تأمن مكره. (1)

15-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: قال إبليس: خمسة أشياء ليس لي فيهنّ حيلة و سائر الناس في قبضتي: من اعتصم باللّه عن نيّة صادقة و اتّكل عليه في جميع أموره، و من كثر تسبيحه في ليله و نهاره، و من رضي لأخيه المؤمن بما يرضاه لنفسه، و من لم يجزع على المصيبة حين تصيبه، و من رضي بما قسم اللّه له و لم يهتمّ لرزقه. (2)

16-قال أمير المؤمنين عليه السّلام (في ح الأربعمائة) : . . . و أطيلوا السجود، فما من عمل أشدّ على إبليس من أن يرى ابن آدم ساجدا، لأنّه امر بالسجود فعصى و هذا امر بالسجود فأطاع فنجا. . . (3)

و قال عليه السّلام: من قرأء «قُلْ هُوَ اَللّهُ أَحَدٌ» [و «إنّا أنزلناه»]قبل أن تطلع الشمس لم يصبه في ذلك اليوم ذنب و إن جهد إبليس. . . (4)

و قال عليه السّلام: إذا وسوس الشيطان إلى أحدكم فليتعوّذ باللّه و ليقل: «آمنت باللّه و برسوله مخلصا له الدين» . . . (5)

ص:253


1- -الخصال ج 1 ص 217 باب الأربعة ح 41
2- الخصال ج 1 ص 285 باب الخمسة ح 37
3- الخصال ج 2 ص 616
4- الخصال ج 2 ص 622
5- الخصال ج 2 ص 624

و قال عليه السّلام: إذا تعرّى الرجل نظر إليه الشيطان فطمع فيه، فاستتروا. . . (1)

و قال عليه السّلام: الغنا نوح إبليس على الجنّة. . . (2)

و قال عليه السّلام: اغسلوا صبيانكم من الغمر، فإنّ الشياطين تشمّ الغمر فيفزع الصبيّ في رقاده و يتأذّى به الكاتبان. . .

و قال عليه السّلام: إذا قام الرجل إلى الصلاة أقبل إبليس ينظر إليه حسدا لما يرى من رحمة اللّه التي تغشاه. . . (3)

و قال عليه السّلام: من صدئ بالإثم عشي (اعشى ف ن) عن ذكر اللّه عزّ و جلّ، و من ترك الأخذ عن أمر اللّه عزّ و جلّ بطاعته قيّض اللّه له شيطانا فهو له قرين. . . (4)

و قال عليه السّلام: إذا أراد أحدكم أن يأتي أهله فليتوقّ أوّل الأهلّة و أنصاف الشهور، فإنّ الشيطان يطلب الولد في هذين الوقتين، و الشياطين يطلبون الشرك فيهما فيجيئون و يحبلون. . . (5)

بيان:

«صدئ» : بدلها في البحار ج 63 ص 192: "تصدّى"أي تعرّض له.

«عشا» : إشارة إلى الآية وَ مَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ اَلرَّحْمنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ و المعنى أي يظلم بصره عنه كأنّ عليه غشاوة، و قيل: أي أن يعرض عن ذكر الرحمن. «و قيّض اللّه له» أي سلّط اللّه عليه شيطانا. «الغمر» : يقال بالفارسيّة: چربى.

17-عن الحسن بن عطية قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: حدّثني كيف قال

ص:254


1- -الخصال ج 2 ص 630
2- الخصال ج 2 ص 631
3- الخصال ج 2 ص 632
4- الخصال ج 2 ص 633
5- الخصال ج 2 ص 637

اللّه لإبليس: فَإِنَّكَ مِنَ اَلْمُنْظَرِينَ- إِلى يَوْمِ اَلْوَقْتِ اَلْمَعْلُومِ قال: لشيء كان تقدّم شكره عليه، قلت: و ما هو؟ قال: ركعتان ركعهما في السماء في ألفي سنة، أو في أربعة آلاف سنة. (1)

أقول:

يأتي في باب أولياء اللّه عن العلل أيضا: «إذا ولد وليّ اللّه خرج إبليس فصرخ صرخة. . .» .

18-عن وهب بن جميع قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن قول إبليس:

فَأَنْظِرْنِي إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ- قالَ فَإِنَّكَ مِنَ اَلْمُنْظَرِينَ- إِلى يَوْمِ اَلْوَقْتِ اَلْمَعْلُومِ قال له وهب: جعلت فداك، أيّ يوم هو؟ قال: يا وهب، أ تحسب أنّه يوم يبعث اللّه فيه الناس، إنّ اللّه أنظره إلى يوم يبعث فيه قائمنا، فإذا بعث اللّه قائمنا كان في مسجد الكوفة و جاء إبليس حتّى يجثو بين يديه على ركبتيه، فيقول: يا ويله من هذا اليوم، فيأخذ ناصيته فيضرب عنقه، فذلك اليوم الوقت المعلوم. (2)

أقول:

في الآية أيضا دلالة على أنّ الوقت المعلوم ليس يوم القيامة، إذ قال الشيطان:

فَأَنْظِرْنِي إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ أي يوم القيامة، فقال اللّه تعالى في جوابه: فَإِنَّكَ مِنَ اَلْمُنْظَرِينَ- إِلى يَوْمِ اَلْوَقْتِ اَلْمَعْلُومِ أي وقت ظهور القائم عليه السّلام، و يدلّ على ذلك أخبار اخر.

19-و فيما سأل الزنديق الصادق عليه السّلام: . . . فقال: أ فمن حكمته أن جعل لنفسه عدوّا، و قد كان و لا عدوّ له، فخلق كما زعمت «إبليس» فسلّطه على عبيده يدعوهم إلى خلاف طاعته، و يأمرهم بمعصيته و جعل له من القوّة كما زعمت

ص:255


1- -العلل ج 2 ص 525 ب 305 ح 1
2- نور الثقلين ج 3 ص 14( الحجر) ح 46

ما يصل بلطف الحيلة إلى قلوبهم، فيوسوس إليهم فيشكّكهم في ربّهم، و يلبس عليهم دينهم، فيزيلهم عن معرفته، حتّى أنكر قوم لمّا وسوس إليهم ربوبيّته، و عبدوا سواه، فلم سلّط عدوّه على عبيده، و جعل له السبيل إلى إغوائهم؟

قال عليه السّلام (في جوابه) : إنّ هذا العدوّ الذي ذكرت لا تضرّه عداوته، و لا تنفعه ولايته، و عداوته لا تنقص من ملكه شيئا، و ولايته لا تزيد فيه شيئا، و إنّما يتّقى العدوّ إذا كان في قوّة يضرّ و ينفع، إن همّ بملك أخذه، أو بسلطان قهره.

فأمّا إبليس؛ فعبد خلقه ليعبده و يوحّده، و قد علم حين خلقه ما هو و إلى ما يصير إليه، فلم يزل يعبده مع ملائكته حتّى امتحنه بسجود آدم، فامتنع من ذلك حسدا، و شقاوة غلبت عليه، فلعنه عند ذلك و أخرجه عن صفوف الملائكة و أنزله إلى الأرض ملعونا مدحورا فصار عدوّ آدم و ولده بذلك السبب، ما له من السلطنة على ولده إلاّ الوسوسة، و الدعاء إلى غير السبيل، و قد أقرّ مع معصيته لربّه بربوبيّته. (1)

أقول:

إن قلت: لم سلّط اللّه إبليس على عبيده حتّى يدعوهم إلى خلاف طاعته و يأمرهم بمعصيته؟

قلنا: أوّلا: يتميّز الإنسان عن غيره بكونه مختارا، فأرسل اللّه تعالى لهدايته الأنبياء و الرسل، و أنزل معهم الكتاب، و أعطى الإنسان العقل الذي هو الرسول الباطني، هذا من ناحية، و من جهة اخرى أسباب ضلالة الإنسان كالنفس الأمّارة و الشيطان موجودة، فتعرف قيمة الإنسان و عظمته مع وجود أسباب الضلالة و تهيّئها لديه، بأن هل يتّبع الرسول الظاهريّ و الباطنيّ، و يكفّ نفسه عن سلوك طرق الضلالة مع قدرته عليه أم لا؟ قال اللّه تعالى: إِنّا هَدَيْناهُ اَلسَّبِيلَ إِمّا

ص:256


1- -الاحتجاج ج 2 ص 80

شاكِراً وَ إِمّا كَفُوراً .

و ثانيا: لا تكون سلطنة الشيطان على الإنسان تامّة، بحيث يسلب اختياره بل الشيطان يوسوس للإنسان و يزيّن الفحشاء و المنكرات له، كما دلّ على ذلك الآيات و الأخبار.

و ثالثا: كيد الشيطان يكون ضعيفا، قال اللّه تعالى: إِنَّ كَيْدَ اَلشَّيْطانِ كانَ ضَعِيفاً .

و رابعا: لا يكون للشيطان سلطة على العباد الصالحين و المؤمنين المتوكّلين، قال اللّه تعالى: لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ- إِلاّ عِبادَكَ مِنْهُمُ اَلْمُخْلَصِينَ و قال: إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ و قال: إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطانٌ عَلَى اَلَّذِينَ آمَنُوا وَ عَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ .

و خامسا: صرّح اللّه في كتابه بعداوته للإنسان، قال اللّه تعالى: وَ لا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ اَلشَّيْطانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ و قال: أَ لَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا اَلشَّيْطانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ مع ذلك نطيع الشيطان مع علمنا بعداوته.

و سادسا: إنّ الشيطان يسلّط على الغافل، فلا بدّ أن يكون الإنسان ذاكرا، قال اللّه تعالى: وَ مَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ اَلرَّحْمنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ و قال:

إِنَّ اَلَّذِينَ اِتَّقَوْا إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ اَلشَّيْطانِ تَذَكَّرُوا .

و سابعا: لا بدّ للإنسان أن يلوم نفسه، قال اللّه: وَ قالَ اَلشَّيْطانُ لَمّا قُضِيَ اَلْأَمْرُ . . . إِلاّ أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلا تَلُومُونِي وَ لُومُوا أَنْفُسَكُمْ .

مخلّص الكلام؛ كيف لا نلوم أنفسنا بعد العلم بعداوة الشيطان، و عهدنا أن لا نعبده، و عدم سلطانه علينا؟ !

20-في خطبة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله بمنى: . . . ثمّ قال: ألا و إنّ الشيطان قد يئس أن يعبد بأرضكم هذه و لكنّه راض بما تحتقرون من أعمالكم، ألا و إنّه إذا اطيع

ص:257

فقد عبد. (1)

21-عن أبي عبد اللّه جعفر بن محمّد عليهما السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: بينما موسى بن عمران عليه السّلام جالس إذ أقبل عليه إبليس و عليه برنس ذو ألوان، فلمّا دنا من موسى خلع البرنس، و أقبل عليه فسلّم عليه، فقال موسى: من أنت؟ قال: أنا إبليس، قال موسى: فلا قرّب اللّه دارك، فبم جئت؟ قال: إنّما جئت لأسلّم عليك لمكانك من اللّه عزّ و جلّ، فقال له موسى: فما هذا البرنس؟ قال: أختطف به قلوب بني آدم.

قال له موسى: أخبرني بالذنب الذي إذا أذنبه ابن آدم استحوذت عليه؟ فقال: إذا أعجبته نفسه، و استكثر عمله، و صغر في عينه ذنبه.

ثمّ قال له: اوصيك بثلاث خصال يا موسى: لا تخل بامرأة، و لا تخل بك، فإنّه لا يخلو رجل بامرأة و لا تخلو به إلاّ كنت صاحبه دون أصحابي، و إيّاك أن تعاهد اللّه عهدا، فإنّه ما عاهد اللّه أحد إلاّ كنت صاحبه دون أصحابي، حتّى أحول بينه و بين الوفاء به، و إذا هممت بصدقة فامضها، فإنّه إذا همّ العبد بصدقة كنت صاحبه دون أصحابي، أحول بينه و بينها، ثمّ ولّى إبليس و يقول: يا ويله و يا عوله علّمت موسى ما لا يعلّمه بني آدم. (2)

أقول:

لاحظ صدر الحديث في الكافي ج 2 باب العجب ح 8.

بيان: «فلا قرّب اللّه دارك» : أي لا قرّبك اللّه منّا، أو من أحد. «ذو ألوان» : كأنّ الألوان في برنسه كانت صورة شهوات الدنيا و زينتها و آلات إضلاله للناس.

«اختطف» : أي استلب. «استحوذ عليه» : أي غلبه و استولى عليه.

ص:258


1- -تفسير القمّي ج 1 ص 172( المائدة:67)
2- أمالي المفيد ص 93 م 19 ح 7

22-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: اتّخذوا الشيطان لأمرهم ملاكا، و اتّخذهم له أشراكا، فباض و فرّخ في صدورهم، و دبّ و درج في حجورهم، فنظر بأعينهم و نطق بألسنتهم، فركب بهم الزلل، و زيّن لهم الخطل، فعل من قد شركه الشيطان في سلطانه، و نطق بالباطل على لسانه. (1)

بيان:

«ملاك» الشيء: قوامه الذي يملك به. «الشرك» : جمع أشراك و هو ما يصاد به، فكأنّهم آلة الشيطان للإضلال. «باض و فرّخ» : كناية عن توطّنه صدورهم و طول مكثه فيها، لأنّ الطائر لا يبيض إلاّ في عشّه، و فراخ الشيطان: وساوسه.

«دبّ و درج» : تربى في حجورهم كما يربى الطفل في حجر والديه. «الخطل» : أقبح الخطأ. (صبحي)

23-قال أمير المؤمنين عليه السّلام (في خطبة الغرّاء) : . . . اوصيكم بتقوى اللّه الذي أعذر بما أنذر، و احتجّ بما نهج، و حذّركم عدوّا نفذ في الصدور خفيّا، و نفث في الآذان نجيّا، فأضلّ و أردى، و وعد فمنّى، و زيّن سيّئات الجرائم، و هوّن موبقات العظائم، حتّى إذا استدرج قرينته، و استغلق رهينته، أنكر ما زيّن، و استعظم ما هوّن، و حذّر ما أمّن. . . (2)

بيان:

«النجيّ» : من تحادثه سرّا، من النجوى. «استدرج قرينته» : أي ضلّ قرينه تدريجا. «استغلق رهينته» : أي جعله بحيث لا يمكن تخليصه.

24-و قال عليه السّلام: فاعتبروا بما كان من فعل اللّه بإبليس، إذ أحبط عمله الطويل، و جهده الجهيد-و كان قد عبد اللّه ستّة آلاف سنة لا يدرى أمن سني

ص:259


1- -نهج البلاغة ص 59 خ 7
2- نهج البلاغة ص 194 في خ 82

الدنيا أم من سني الآخرة-عن كبر ساعة واحدة. . . فاحذروا عباد اللّه، عدوّ اللّه أن يعديكم بدائه، و أن يستفزّكم بندائه، و أن يجلب عليكم بخيله و رجله. . . (1)

بيان:

«يعديكم بدائه» : أي يصيبكم بشيء من دائه. «يستفزّكم» : أي يستنهضكم لما يريد. «و أن يجلب عليكم بخيله و رجله» : المراد أعوانه.

25-و قال عليه السّلام: و الشيطان موكّل به، يزيّن له المعصية ليركبها، و يمنّيه التوبة ليسوّفها، حتّى تهجم منيّته عليه أغفل ما يكون عنها. فيا لها حسرة على ذي غفلة أن يكون عمره عليه حجّة. (2)

بيان:

«حتّى تهجم منيّته» : أي يأتيه الموت بغتة و غفلة.

و قد مرّ في باب التوبة، لمّا نزلت هذه الآية: وَ اَلَّذِينَ إِذا فَعَلُوا فاحِشَةً. . .

صعد إبليس جبلا بمكّة يقال له: ثور، فصرخ بأعلا صوته بعفاريته، فاجتمعوا إليه، فقالوا: يا سيّدنا، لم دعوتنا؟ قال: نزلت هذه الآية فمن لها؟ فقام عفريت من الشياطين فقال: أنا لها بكذا و كذا قال: لست لها، فقام آخر فقال: مثل ذلك فقال:

لست لها، فقال الوسواس الخنّاس: أنا لها قال: بما ذا؟ قال: أعدهم و أمنّيهم حتّى يواقعوا الخطيئة، فإذا واقعوا الخطيئة أنسيتهم الاستغفار، فقال: أنت لها، فوكّله بها إلى يوم القيامة.

26-و قال عليه السّلام: و مجالسة أهل الهوى منساة للإيمان، و محضرة للشيطان. (3)

ص:260


1- -نهج البلاغة ص 779 في خ 234-صبحي ص 287 في خ 192
2- نهج البلاغة ص 153 في خ 63
3- نهج البلاغة ص 208 في خ 85

27-عن عبد الحميد أبي العلاء عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال لي:

يا أبا محمّد، و اللّه لو أنّ إبليس سجد للّه بعد المعصية و التكبّر عمر الدنيا ما نفعه ذلك، و لا قبله اللّه عزّ و جلّ منه ما لم يسجد لآدم كما أمره اللّه أن يسجد له. . . (1)

أقول:

قد مرّ ما بمعناه في باب الأخذ بالسنّة.

28-قال الصادق عليه السّلام: إذا أتى أحدكم أهله فليذكر اللّه فإنّ من لم يذكر اللّه عند الجماع فكان منه ولد كان شرك شيطان، و يعرف ذلك بحبّنا و بغضنا. (2)

بيان:

«شرك الشيطان» : أي مشاركا فيه مع الشيطان. (مجمع البحرين)

29-قال أبو جعفر عليه السّلام: إذا انكشف أحدكم لبول أو لغير ذلك فليقل:

«بسم اللّه» فإنّ الشيطان يغضّ بصره عنه حتّى يفرغ. (3)

30-عن عليّ بن أسباط عن الرضا عليه السّلام قال: قال لي: إذا خرجت من منزلك في سفر أو حضر فقل: «بسم اللّه آمنت باللّه توكّلت على اللّه ما شاء اللّه لا حول و لا قوّة إلاّ باللّه» فتلقّاه الشياطين فتضرب الملائكة وجوهها و تقول:

ما سبيلكم عليه قد سمّى اللّه و آمن به، و توكّل على اللّه، و قال: ما شاء اللّه لا حول و لا قوّة إلاّ باللّه. (4)

31-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إذا أكلت الطعام فقل: بسم اللّه في أوّله و في آخره، فإنّ العبد إذا سمّى في طعامه قبل أن يأكل لم يأكل معه الشيطان [و إذا لم يسمّ أكل معه الشيطان]و إذا سمّى بعد ما يأكل و أكل الشيطان منه تقيّأ

ص:261


1- -البحار ج 63 ص 198 باب إبليس ح 10
2- البحار ج 63 ص 201 ح 19
3- البحار ج 63 ص 201 ح 20
4- البحار ج 63 ص 201 ح 21-( صحّحنا الحديث على ما في المصدر)

ما كان أكل. (1)

32-و قال عليه السّلام: إذا توضّأ أحدكم و لم يسمّ كان للشيطان في وضوئه شرك، و إن أكل أو شرب أو لبس [و كلّ شيء صنعه]ينبغي أن يسمّي عليه فإن لم يفعل كان للشيطان فيه شرك. (2)

33-قال العسكريّ عليه السّلام: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: تعوّذوا باللّه من الشيطان الرجيم فإنّ من تعوّذ باللّه أعاذه اللّه، و تعوّذوا من همزاته و نفخاته و نفثاته، أ تدرون ما هي؟ أمّا همزاته: فما يلقيه في قلوبكم من بغضنا أهل البيت، قالوا:

يا رسول اللّه، و كيف نبغضكم بعد ما عرفنا محلّكم من اللّه و منزلتكم؟ قال:

أن تبغضوا أولياءنا و تحبّوا أعداءنا.

قيل: يا رسول اللّه، و ما نفخاتهم؟ قال: هي ما ينفخون به عند الغضب في الإنسان الذي يحملونه على هلاكه في دينه و دنياه، و قد ينفخون في غير حال الغضب بما يهلكون به، أ تدرون ما أشدّ ما ينفخون؟ و هو ما ينفخون بأن يوهموا أنّ أحدا من هذه الامّة فاضل علينا أو عدل لنا أهل البيت، و أمّا نفثاته: فإنّه يرى أحدكم أنّ شيئا بعد القرآن أشفى له من ذكرنا أهل البيت و من الصلاة علينا. (3)

34-عن الرضا عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: في أوّل يوم من شهر رمضان تغلّ [المردة من]الشياطين. (4)

بيان:

«المارد» جمع مردة: العاتي كأنّه تجرّد من الخير.

ص:262


1- -البحار ج 63 ص 203 ح 25
2- البحار ج 63 ص 203 ح 27
3- البحار ج 63 ص 204 ح 29
4- البحار ج 63 ص 205 ح 32

35-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أكثروا من الدواجن في بيوتكم تتشاغل بها الشياطين عن صبيانكم. (1)

بيان:

«الداجن» جمع دواجن: و هو الحمام والديك و الشاة و غيرها ممّا ألف البيوت و استأنس.

36-عن سليم بن قيس عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

إنّ اللّه حرّم الجنّة على كلّ فحّاش بذيء، قليل الحياء، لا يبالي ما قال و لا ما قيل له، فإنّك إن فتّشته لم تجده إلاّ لغيّة أو شرك شيطان، قيل: يا رسول اللّه، و في الناس شرك شيطان؟ فقال صلّى اللّه عليه و آله: أما تقرأ قول اللّه عزّ و جلّ: وَ شارِكْهُمْ فِي اَلْأَمْوالِ وَ اَلْأَوْلادِ . . . (2)

بيان:

في القاموس، ولد غيّة و يكسر: زنية.

37-عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: حيث علّمه الدعاء إذا دخلت عليه امرأته، و قال فيه: و لا تجعل فيه شركا للشيطان، قال: قلت: و بأيّ شيء يعرف ذلك؟ قال: أما تقرأ كتاب اللّه عزّ و جلّ: وَ شارِكْهُمْ فِي اَلْأَمْوالِ وَ اَلْأَوْلادِ ثمّ قال: إنّ الشيطان ليجيء حتّى يقعد من المرأة كما يقعد الرجل منها و يحدث كما يحدث و ينكح كما ينكح، قلت: بأيّ شيء يعرف ذلك؟ قال: بحبّنا و بغضنا فمن أحبّنا كان نطفة العبد، و من أبغضنا كان نطفة الشيطان. (3)

38-قيل للإمام العسكريّ عليه السّلام: فعلى هذا لم يكن إبليس أيضا ملكا فقال: لا، بل كان من الجنّ، أما تسمعون اللّه عزّ و جلّ يقول: وَ إِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ

ص:263


1- -البحار ج 63 ص 206 ح 38
2- البحار ج 63 ص 206 ح 39
3- البحار ج 63 ص 207 ح 40

اُسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاّ إِبْلِيسَ كانَ مِنَ اَلْجِنِّ و هو الذي قال اللّه عزّ و جلّ:

وَ اَلْجَانَّ خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نارِ اَلسَّمُومِ 1 . . . (1)

بيان:

قال الشيخ المفيد رحمه اللّه في كتاب المقالات: إنّ إبليس من الجنّ خاصّة و إنّه ليس من الملائكة و لا كان منها، قال اللّه تعالى: إِلاّ إِبْلِيسَ كانَ مِنَ اَلْجِنِّ و جاءت الأخبار متواترة عن أئمّة الهدى من آل محمّد عليهم السّلام بذلك، و هو مذهب الإماميّة كلّها و كثير من المعتزلة و أصحاب الحديث. (البحار ج 63 ص 286)

39-عن جميل بن درّاج عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سألته عن إبليس أ كان من الملائكة أو هل كان يلي شيئا من أمر السماء؟ قال: لم يكن من الملائكة، و لم يكن يلي شيئا من أمر السماء، و كان من الجنّ، و كان مع الملائكة، و كانت الملائكة ترى أنّه منها، و كان اللّه يعلم أنّه ليس منها، فلمّا أمر بالسجود كان منه الذي كان. (2)

40-عن حفص بن غياث عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ظهر إبليس ليحيى بن زكريّا عليه السّلام و إذا عليه معاليق من كلّ شيء، فقال له يحيى: ما هذه المعاليق يا إبليس؟ فقال: هذه الشهوات التي أصبتها من ابن آدم، قال: فهل لي منها شيء؟ قال: ربما شبعت فثقّلتك عن الصلاة و الذكر، قال يحيى: للّه عليّ أن لا أملأ بطني من طعام أبدا، فقال إبليس: للّه عليّ أن لا أنصح مسلما أبدا.

ثمّ قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: يا حفص، و للّه على جعفر و آل جعفر أن لا يملأوا بطونهم من طعام أبدا و للّه على جعفر و آل جعفر أن لا يعملوا للدنيا أبدا. (3)

ص:264


1- البحار ج 63 ص 212 ح 47
2- البحار ج 63 ص 218 ح 55
3- البحار ج 63 ص 216 ح 52

41-عن الرضا عن آبائه عليهم السّلام قال: قال عليّ عليه السّلام: إنّ لإبليس كحلا و سفوفا و لعوقا، فأمّا كحله فالنوم و أمّا سفوفه فالغضب و أمّا لعوقه فالكذب. (1)

بيان:

«السفوف» يقال بالفارسيّة: داروى كوبيده و غيره. «اللعوق» يقال بالفارسيّة:

چيز ليسيدنى مثل عسل و دارو و غيره.

قال رحمه اللّه: مناسبة الكحل للنوم ظاهر، و أمّا السفوف للغضب فلأنّ أكثر السفوفات من المسهلات التي توجب خروج الامور الرديّة، و الغضب أيضا يوجب صدور ما لا ينبغي من الإنسان و بروز الأخلاق الذميمة به و يكثر منه، و أمّا اللعوق فلأنّه غالبا ممّا يتلذّذ به و يكثر منه، و الكذب كذلك.

42-عن عبد العظيم الحسنيّ عن عليّ بن محمّد العسكريّ عليه السّلام قال: جاء إبليس إلى نوح عليه السّلام فقال: إنّ لك عندي يدا عظيمة فانتصحني فإنّي لا أخونك، فتأثّم نوح بكلامه و مساءلته، فأوحى اللّه إليه: أن كلّمه و سله، فإنّي سأنطقه بحجّة عليه.

فقال نوح عليه السّلام: تكلّم، فقال إبليس: إذا وجدنا ابن آدم شحيحا أو حريصا أو حسودا أو جبّارا أو عجولا تلقّفناه تلقّف الكرة، فإن اجتمعت لنا هذه الأخلاق سمّيناه شيطانا مريدا.

فقال نوح عليه السّلام: ما اليد العظيمة التي صنعت؟ قال: إنّك دعوت اللّه على أهل الأرض فألحقتهم في ساعة بالنار، فصرت فارغا، و لو لا دعوتك لشغلت بهم دهرا طويلا. (2)

ص:265


1- -البحار ج 63 ص 217 ح 53
2- البحار ج 63 ص 250 ح 112

بيان:

«الانتصاح» : قبول النصيحة. «التأثّم» : التحرّج و الامتناع مخافة الإثم. «التلقّف» :

الأخذ بسرعة. «الكرة» : كلّ جسم مستدير (توپ)

43-عن عليّ بن محمّد الصوفيّ أنّه لقي إبليس و سأله فقال له: من أنت؟ قال: أنا من ولد آدم، فقال: لا إله إلاّ اللّه، أنت من قوم يزعمون أنّهم يحبّون اللّه و يعصونه و يبغضون إبليس و يطيعونه، فقال: من أنت؟ فقال: أنا صاحب الميسم و الاسم الكبير و الطبل العظيم، و أنا قاتل هابيل، و أنا الراكب مع نوح في الفلك، أنا عاقر ناقة صالح، أنا صاحب نار إبراهيم (إلى أن قال لعنه اللّه بعد ذكر معاصيه:) أنا إمام المنافقين، أنا مهلك الأوّلين، أنا مضلّ الآخرين، أنا شيخ الناكثين، أنا ركن القاسطين، أنا ظلّ المارقين، أنا أبو مرّة مخلوق من نار لا من طين، أنا الذي غضب اللّه عليه ربّ العالمين.

فقال الصوفيّ: بحقّ اللّه عليك إلاّ دللتني على عمل أتقرّب به إلى اللّه و أستعين به على نوائب دهري، فقال: اقنع من دنياك بالعفاف و الكفاف، و استعن على الآخرة بحبّ عليّ بن أبي طالب عليه السّلام و بغض أعدائه، فإنّي عبدت اللّه في سبع سماواته و عصيته في سبع أرضيه، فلا وجدت ملكا مقرّبا و لا نبيّا مرسلا إلاّ و هو يتقرّب بحبّه، قال: ثمّ غاب عن بصري فأتيت أبا جعفر عليه السّلام فأخبرته بخبره، فقال:

آمن الملعون بلسانه و كفر بقلبه. (1)

44-عن جابر عن أبي جعفر عليه السّلام قال: إنّ إبليس عليه لعائن اللّه يبثّ جنود الليل من حين تغيب الشمس و تطلع، فأكثروا ذكر اللّه عزّ و جلّ في هاتين الساعتين و تعوّذوا باللّه من شرّ إبليس و جنوده، و عوّذوا صغاركم في هاتين

ص:266


1- -البحار ج 63 ص 253 ح 117

الساعتين فإنّهما ساعتا غفلة. (1)

45-عن الخزاعيّ قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يذكر في حديث غدير خمّ أنّه لمّا قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لعليّ عليه السّلام ما قال، و أقامه للناس صرخ إبليس صرخة فاجتمعت له العفاريت، فقالوا: يا سيّدنا ما هذه الصرخة؟ فقال: ويلكم يومكم كيوم عيسى، و اللّه لأضلّنّ فيه الخلق، قال: فنزل القرآن: وَ لَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلاّ فَرِيقاً مِنَ اَلْمُؤْمِنِينَ . . .

قال: ثمّ صرخ إبليس صرخة فرجعت إليه العفاريت فقالوا: يا سيّدنا، ما هذه الصرخة الثالثة؟ قال: و اللّه من أصحاب عليّ، و لكن و عزّتك و جلالك يا ربّ، لازيّننّ لهم المعاصي حتّى أبغضهم إليك قال: فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام: و الذي بعث بالحقّ محمّدا، للعفاريت و الأبالسة على المؤمن أكثر من الزنابير على اللحم، و المؤمن أشدّ من الجبل، و الجبل تدنو إليه بالفأس فتنحت منه، و المؤمن لا يستقلّ عن دينه. (2)

أقول:

بهذا المعنى أخبار كثيرة قد مرّ بعضها في باب الإيمان.

بيان: «الفأس» يقال بالفارسيّة: تبر. «النحت» يقال بالفارسيّة: تراشيدن.

46-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ما من أحد يحضره الموت إلاّ وكّل به إبليس من شياطينه من يأمره بالكفر و يشكّكه في دينه حتّى تخرج نفسه، فمن كان مؤمنا لم يقدر عليه، فإذا حضرتم موتاكم فلقّنوه شهادة أن لا إله إلاّ اللّه و أنّ محمّدا رسول اللّه حتّى يموت.

و في رواية اخرى قال: فلقّنه كلمات الفرج و الشهادتين و تسمّي له الإقرار

ص:267


1- -البحار ج 63 ص 257 ح 127
2- البحار ج 63 ص 256 ح 125

بالأئمّة عليهم السّلام واحدا بعد واحد حتّى ينقطع عنه الكلام. (1)

47-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: يقول إبليس لجنوده: ألقوا بينهم الحسد و البغي، فإنّهما يعدلان عند اللّه الشرك. (2)

بيان:

«يعدلان» : أي في الإخراج من الدين و العقوبة و التأثير في الفساد، و شيوع المعاصي إنّما نشأت من هاتين الخصلتين.

48-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: بيت الشيطان من بيوتكم بيوت العنكبوت. (3)

49-عن محمّد بن مسلم عن أحدهما عليهما السّلام أنّه قال: لا تشرب و أنت قائم و لا تبل في ماء نقيع، و لا تطف بقبر و لا تخل في بيت وحدك، و لا تمش بنعل واحدة (في نعل واحد ف ن) ، فإنّ الشيطان أسرع ما يكون إلى العبد إذا كان على بعض هذه الأحوال.

و قال: إنّه ما أصاب أحدا شيء على هذه الحال فكاد أن يفارقه إلاّ أن يشاء اللّه عزّ و جلّ. (4)

بيان:

«لا تطف» : أي لا تتغوّط، في القاموس، الطوف: الغائط، و طاف: ذهب ليتغوّط كاطّاف على افتعل.

50-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّ الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم. (5)

ص:268


1- -البحار ج 63 ص 257 ح 128
2- البحار ج 63 ص 260 ح 136
3- البحار ج 63 ص 260 ح 137
4- البحار ج 63 ص 261 ح 139
5- البحار ج 63 ص 268 ح 154

51-قال عليّ عليه السّلام: . . . و أكثر الدعاء تسلم من سورة الشيطان. . . (1)

بيان:

«سورة الشيطان» : أي سطوته (القهر و الغلبة) .

52-في حديث موسى بن جعفر عليهما السّلام لهشام. . . قال هشام: فقلت له:

فأيّ الأعداء أوجبهم مجاهدة؟ قال عليه السّلام: أقربهم إليك و أعداهم لك و أضرّهم بك و أعظمهم لك عداوة و أخفاهم لك شخصا مع دنوّه منك، و من يحرّض (يحرّص ف ن) أعداءك عليك و هو إبليس الموكّل بوسواس [من]القلوب، فله فلتشتدّ عداوتك، و لا يكوننّ أصبر على مجاهدتك لهلكتك منك على صبرك لمجاهدته، فإنّه أضعف منك ركنا في قوّته، و أقلّ منك ضررا في كثرة شرّه، إذا أنت اعتصمت باللّه فقد هديت إلى صراط مستقيم. . . (2)

بيان:

«الركن» : العزّ و المنعة، و أيضا ما يقوى به، و الأمر العظيم، أي لا يكون صبره في المجاهدة أقوى منك، فمع قوّته و كثرة شرّه أضعف منك ركنا و أقلّ ضررا مع مجاهدتك و اعتصامك باللّه تعالى.

53-روى أبو أمامة أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال: إنّ إبليس لمّا انزل إلى الأرض قال: يا ربّ، أنزلتني إلى الأرض و جعلتني رجيما فاجعل لي بيتا، قال: الحمّام، قال: فاجعل لي مجلسا، قال: الأسواق و مجامع الطرق، قال: فاجعل لي طعاما، قال: ما لم يذكر اسم اللّه عليه، قال: اجعل لي شرابا، قال: كلّ مسكر، قال: اجعل لي مؤذّنا، قال: المزامير، قال: اجعل لي قرآنا، قال: الشعر، قال:

اجعل لي كتابا، قال: الوشم، قال: اجعل لي حديثا، قال: الكذب، قال: اجعل لي

ص:269


1- -البحار ج 78 ص 9 في مواعظ عليّ عليه السّلام
2- البحار ج 78 ص 315

مصائد، قال: النساء. (1)

بيان:

«الوشم» يقال بالفارسيّة: نقش و نگار و خال در بدن كوبيدن.

54-عن أبي عبد اللّه عن أبيه عن أمير المؤمنين عليهم السّلام قال: خرجت ذات يوم إلى ظهر الكوفة و بين يدي قنبر، فقلت له: يا قنبر، ترى ما أرى؟ فقال: ضوّء اللّه عزّ و جلّ لك يا أمير المؤمنين، عمّا عمي عنه بصري، فقلت: يا أصحابنا ترون ما أرى؟ فقالوا: لا قد ضوّء اللّه لك يا أمير المؤمنين عمّا عمي عنه أبصارنا، فقلت:

و الذي فلق الحبّة و برأ النسمة لترونه كما أراه، و لتسمعنّ كلامه كما أسمع، فما لبثنا أن طلع شيخ عظيم الهامة مديد القامة، له عينان بالطول، فقال: السّلام عليك يا أمير المؤمنين و رحمة اللّه و بركاته، فقلت: من أين أقبلت يا لعين؟ قال:

من الأنام، فقلت: و أين تريد؟ قال: الأنام، فقلت: بئس الشيخ أنت، فقال:

لم تقول هذا يا أمير المؤمنين؟

فو اللّه لأحدّثنك بحديث عنّي عن اللّه عزّ و جلّ ما بيننا ثالث، فقلت: يا لعين عنك عن اللّه عزّ و جلّ ما بينكما ثالث؟ قال: نعم، إنّه لما هبطت بخطيئتي إلى السماء الرابعة ناديت: إلهي و سيّدي ما أحسبك خلقت خلقا هو أشقى منّي، فأوحى اللّه تبارك و تعالى: بلى قد خلقت من هو أشقى منك، فانطلق إلى مالك يريكه، فانطلقت إلى مالك فقلت: السّلام يقرء عليك السّلام و يقول: أرني من هو أشقى منّي، فانطلق بي مالك إلى النار فرفع الطبق الأعلى فخرجت نار سوداء ظننت أنّها قد أكلتني و أكلت مالكا، فقال لها: إهدئي فهدأت، ثمّ انطلق بي إلى الطبق الثاني فخرجت نار هي أشدّ من تلك سوادا و أشدّ حمى، فقال لها: اخمدي فخمدت، إلى أن انطلق بي إلى الطبق السابع، و كلّ نار تخرج من طبق هي أشدّ

ص:270


1- -المحجّة البيضاء ج 5 ص 62

من الأولى، فخرجت نار ظننت أنّها قد أكلتني و أكلت مالكا و جميع ما خلقه اللّه عزّ و جلّ، فوضعت يدي على عيني و قلت: مرها يا مالك، أن تخمد و إلاّ خمدت فقال: إنّك لن تخمد إلى الوقت المعلوم، فأمرها فخمدت.

فرأيت رجلين في أعناقهما سلاسل النيران معلّقين بها إلى فوق و على رؤوسهما قوم معهم مقامع النيران يقمعونهما بها، فقلت: يا مالك، من هذان؟ فقال: أو ما قرأت على ساق العرش؟ و كنت (قبل) قد قرأته قبل أن يخلق اللّه الدنيا بألفي عام، لا إله إلاّ اللّه محمّد رسول اللّه أيّدته و نصرته بعليّ، فقال: هذان من أعداء أولئك أو ظالميهم-الوهم من صاحب الحديث-. (1)

55-قال الصادق عليه السّلام: لا يتمكّن الشيطان بالوسوسة من العبد إلاّ و قد أعرض عن ذكر اللّه و استهان بأمره، و سكن إلى نهيه، و نسي اطّلاعه على سرّه، فالوسوسة ما تكون من خارج القلب بإشارة معرفة العقل (2)و مجاورة الطبع، و أمّا إذا تمكّن في القلب فذلك غيّ و ضلالة و كفر، و اللّه عزّ و جلّ دعا عباده بلطف دعوته و عرّفهم عداوة إبليس، فقال تعالى: إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ و قال: إِنَّ اَلشَّيْطانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا .

فكن معه كالغريب مع كلب الراعي يفزع إلى صاحبه في صرفه عنه، كذلك إذا أتاك الشيطان موسوسا ليضلّك عن سبيل الحقّ، و ينسيك ذكر اللّه، فاستعذ منه بربّك و ربّه، فإنّه يؤيّد الحقّ على الباطل، و ينصر المظلوم بقوله عزّ و جلّ: إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطانٌ عَلَى اَلَّذِينَ آمَنُوا وَ عَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ و لن يقدر على هذا و معرفة إيتانه و مذاهب وسوسته، إلاّ بداوم المراقبة و الاستقامة على بساط الخدمة، و هيبة المطّلع و كثرة الذكر، و أمّا المهمل لأوقاته فهو صيد الشيطان

ص:271


1- -الاختصاص ص 105
2- في نسخة: بإشارة القلب

لا محالة.

و اعتبر بما فعل بنفسه من الإغواء و الاغترار و الاستكبار حيث غرّه و أعجبه عمله و عبادته و بصيرته و رأيه و جرأته عليه، قد أورثه علمه و معرفته و استدلاله بعقله اللعنة إلى الأبد، فما ظنّك بنصحه و دعوته غيره.

فاعتصم بحبل اللّه الأوثق و هو الالتجاء إلى اللّه و الاضطرار بصحّة الافتقار إلى اللّه في كلّ نفس، و لا يغرّنّك تزيينه للطاعة عليك، فإنّه يفتح عليك تسعة و تسعين بابا من الخير ليظفر بك عند تمام المائة، فقابله بالخلاف و الصدّ عن سبيله و المضادّة باستهوائه. (1)

56-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

أشعر قلبك التقوى و خالف الهوى تغلب الشيطان.

(الغرر ج 1 ص 115 ف 2 ح 132)

احذروا عدوّا نفذ في الصدور خفيّا و نفث في الآذان نجيّا. (ص 145 ف 4 ح 46)

احذروا عدوّ اللّه إبليس أن يعديكم بدائه أو يستفزّكم بخيله و رجله، فقد فوّق لكم سهم الوعيد و رماكم من مكان قريب (ح 48)

ليس لإبليس وهق (2)أعظم من الغضب و النساء.

(ج 2 ص 595 ف 73 ح 43)

أقول:

الأخبار في الباب كثيرة و قد ذكرنا بعضها، و قد مرّ ما يناسب المقام في أبواب الافتتاح بالتسمية، الأكل، الجماع، آداب الخلاء، الحرص، الحديث، الذنب، الذكر، السجود، و المجالسة، و يأتي أيضا في باب الوسوسة.

ص:272


1- -مصباح الشريعة ص 26 ب 39
2- كمند

و سيأتي في باب الصلاة عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: «لا يزال الشيطان ذعرا من المؤمن ما حافظ الصلوات الخمس، فإذا ضيّعهنّ تجرّأ عليه و أوقعه في العظائم» .

و قال عليّ عليه السّلام: «الصلاة حصن من سطوات الشيطان» .

و قال عليه السّلام: «الصلاة حصن الرحمن و مدحرة الشيطان» .

و في المفاتيح عن السجّاد عليه السّلام في مناجاة الشاكّين: «إلهي أشكو إليك عدوّا يضلّني، و شيطانا يغويني، قد ملأ بالوسواس صدري، و أحاطت هواجسه بقلبي، يعاضد لي الهوى، و يزيّن لي حبّ الدنيا، و يحول بيني و بين الطاعة و الزلفى» .

ص:273

7B22426F6F6B506167654944223A32303534393737312C22426F6F6B4944223A31363732302C2253656374696F6E4E756D223A312C22506167654E756D223A3237342C2253686F77506167654E756D223A22323734222C22436F6E74656E7454797065223A322C22486173496D616765223A747275652C2248617354657874223A66616C73652C22496E7465726E616C4964223A6E756C6C2C22496D616765436F6E74656E7455726C223A222F424F4F4B494D41474553312F424B31353931342F424B3135393134473030332F424B31353931344730303353312F424B3135393134473030335331503237342E676966222C22536F6C72426F6F6B506167654964223A307D

ص:

101- الشعر

الآيات

1- وَ اَلشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ اَلْغاوُونَ- أَ لَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وادٍ يَهِيمُونَ- وَ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ ما لا يَفْعَلُونَ- إِلاَّ اَلَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا اَلصّالِحاتِ وَ ذَكَرُوا اَللّهَ كَثِيراً وَ اِنْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ ما ظُلِمُوا وَ سَيَعْلَمُ اَلَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ. (1)

2- وَ ما عَلَّمْناهُ اَلشِّعْرَ وَ ما يَنْبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلاّ ذِكْرٌ وَ قُرْآنٌ مُبِينٌ. (2)

الأخبار

1-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من قال فينا بيت شعر بنى اللّه تعالى له بيتا في الجنّة. (3)

2-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ما قال فينا قائل بيتا من الشعر حتّى يؤيّد

ص:275


1- -الشعراء:224 إلى 227
2- يس:69
3- العيون ص 4( في المقدّمة) ح 1

بروح القدس. (1)

3-عن الحسن الجهم قال: سمعت الرضا عليه السّلام يقول: ما قال فينا مؤمن شعرا يمدحنا به إلاّ بنى اللّه تعالى له مدينة في الجنّة أوسع من الدنيا سبع مرّات يزوره فيها كلّ ملك مقرّب، و كلّ نبي مرسل. (2)

أقول:

روى رحمه اللّه في ج 2 ص 172 ب 43 بعض أشعار أبي الحسن الرضا عليه السّلام.

4-عن أبي هارون المكفوف قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: يا أبا هارون، أنشدني في الحسين عليه السّلام قال: فأنشدته فبكى فقال: أنشدني كما تنشدون، يعني بالرقّة، قال: فأنشدته.

امرر على جدث الحسين فقل لأعظمه الزكيّة

قال: فبكى ثمّ قال: زدني قال: فأنشدته القصيدة الاخرى قال: فبكى و سمعت البكاء من خلف الستر قال: فلمّا فرغت قال لي: يا أبا هرون، من أنشد في الحسين عليه السّلام شعرا فبكى و أبكى عشرا كتبت له الجنّة، و من أنشد في الحسين شعرا فبكى و أبكى خمسة كتبت له الجنّة، و من أنشد في الحسين شعرا فبكى و أبكى واحدا كتبت لهما الجنّة، و من ذكر الحسين عليه السّلام عنده فخرج من عينه من الدموع مقدار جناح ذباب كان ثوابه على اللّه و لم يرض له بدون الجنّة. (3)

أقول:

بمضمونه ح 2 عن أبي عمارة المنشد عنه عليه السّلام، و في آخره: و من أنشد في الحسين شعرا فتباكى فله الجنّة.

5-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من أنشد في الحسين عليه السّلام بيت شعر فبكى

ص:276


1- -العيون ص 4 ح 2
2- العيون ص 4 ح 3
3- كامل الزيارات ص 104 ب 33 ح 1

و أبكى عشرة فله و لهم الجنّة، و من أنشد في الحسين بيتا فبكى و أبكى تسعة فله و لهم الجنّة، فلم يزل حتّى قال: من أنشد في الحسين بيتا فبكى-و أظنّه قال: أو تباكى-فله الجنّة. (1)

6-عن زيد الشحّام (في حديث) : أنّ أبا عبد اللّه عليه السّلام قال لجعفر بن عفّان الطائي: بلغني أنّك تقول الشعر في الحسين عليه السّلام و تجيّد؟ قال: نعم، فأنشده فبكى و من حوله حتّى سالت الدموع على وجهه و لحيته، ثمّ قال: يا جعفر، و اللّه لقد شهدك ملائكة اللّه المقرّبون هيهنا يسمعون قولك في الحسين عليه السّلام، و لقد بكوا كما بكينا و أكثر، و لقد أوجب اللّه لك يا جعفر، في ساعتك الجنّة بأسرها و غفر لك، فقال: أ لا أزيدك؟ قال: نعم يا سيّدي، قال: ما من أحد قال في الحسين عليه السّلام شعرا فبكى و أبكى به، إلاّ أوجب اللّه له الجنّة و غفر له. (2)

أقول:

بهذا المعنى أخبار كثيرة، قد مرّ بعضها في باب البكاء ف 2.

7-عن الكميت بن زيد قال: دخلت على أبي جعفر عليه السّلام فقال: و اللّه يا كميت، لو كان عندنا مال لأعطيناك منه، و لكن لك ما قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لحسان: لا يزال معك روح القدس ما ذببت عنّا. (3)

بيان:

«ذببت عنّا» في مجمع البحرين، الذبّ: المنع، و منه: «ذبّ عن حريمه ذبّا» ، حمى و دفع.

8-عن خلف بن حمّاد قال: قلت للرضا عليه السّلام: إنّ أصحابنا يروون عن آبائك عليهم السّلام إنّ الشعر ليلة الجمعة و يوم الجمعة و في شهر رمضان و في الليل

ص:277


1- -كامل الزيارات ص 105 ح 4
2- الوسائل ج 14 ص 593 ب 104 من المزار ح 1
3- الوسائل ج 14 ص 594 ح 2

مكروه، و قد هممت أن أرثى أبا الحسن [في ليلة الجمعة]و هذا شهر رمضان، فقال لي: ارث أبا الحسن في ليلة الجمعة و في شهر رمضان و في الليل و في سائر الأيّام، فإنّ اللّه يكافئك على ذلك. (1)

9-عن دعبل الخزاعيّ قال: لمّا أنشدت مولاي عليّ بن موسى الرضا عليه السّلام قصيدتي التي أوّلها:

مدارس آيات خلت من تلاوة و منزل وحي مقفر العرصات

فلمّا انتهيت إلى قولي:

خروج امام لا محالة خارج يقوم على اسم اللّه و البركات

يميّز فينا كلّ حقّ و باطل و يجزي على النعماء و النقمات

بكى الرضا عليه السّلام بكاء شديدا، ثمّ رفع رأسه إليّ فقال لي: يا خزاعيّ، نطق روح القدس على لسانك بهذين البيتين. . . (2)

أقول:

الأخبار في فضل شعراءهم وصلتهم عليهم السّلام لهم كثيرة، راجع كتب الأخبار.

10-عن حمّاد عن أبي جعفر عليه السّلام في قول اللّه عزّ و جلّ: وَ اَلشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ اَلْغاوُونَ قال: هل رأيت شاعرا يتّبعه أحد؟ إنّما هم قوم تفقّهوا لغير الدين فضلّوا و أضلّوا. (3)

أقول:

في مجمع البيان ج 7 ص 208(ذيل الآية) : روى العيّاشيّ عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:

هم قوم تعلّموا و تفقّهوا بغير علم فضلّوا و أضلّوا.

و في الحديث عن الزهريّ قال: حدّثني عبد الرحمن بن كعب بن مالك قال:

ص:278


1- -الوسائل ج 14 ص 599 ب 105 ح 8
2- المستدرك ج 10 ص 393 ب 84 من المزارح 9
3- البحار ج 2 ص 108 ب 15 من العلم ح 9

يا رسول اللّه، ما ذا تقول في الشعر؟ قال: إنّ المؤمن مجاهد بسيفه و لسانه، و الذي نفسي بيده لكأنّما ينضحونهم بالنبل (أي يرمونهم بالحجارة) .

و في تفسير عليّ بن إبراهيم ج 2 ص 125(ذيل الآية) قال: نزلت في الذين غيّروا دين اللّه بآرائهم، و خالفوا أمر اللّه، هل رأيتم شاعرا قطّ تبعه أحد؟ إنّما عنى بذلك الذين وضعوا دينا بآرائهم فيتبعهم الناس على ذلك. . .

11-عبد اللّه بن غالب الشاعر الذي قال له أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ ملكا يلقي عليه الشعر، و إنّي لأعرف ذلك الملك. (1)

12-في مواعظ الصادق عليه السّلام: إيّاكم و ملاحاة الشعراء، فإنّهم يضنّون بالمدح و يجودون بالهجاء. (2)

بيان:

«الملاحاة» : المنازعة و المخاصمة. «يضنّون» : أي يبخلون.

13-عن نوف قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: يا نوف، إيّاك أن تكون عشّارا، أو شاعرا، أو شرطيّا، أو عريفا، أو صاحب عرطبة و هي الطنبور، أو صاحب كوبة و هو الطبل، فإنّ نبيّ اللّه خرج ذات ليلة فنظر إلى السماء فقال:

إنّها الساعة التي لا يردّ فيها دعوة إلاّ دعوة عريف، أو دعوة شاعر، أو شرطيّ، أو صاحب عرطبة، أو صاحب كوبة. (3)

بيان:

«أو شاعرا» : المراد هنا هو الذي يقول الأباطيل، و يمدح الناس و يهجوهم، و يتقرّب به عند السلاطين، و يقذف المحصنات بشعره. و بهذا المعنى أخبار اخر.

14-سأل الشاميّ أمير المؤمنين عليه السّلام عن أوّل من قال الشعر، فقال:

ص:279


1- -البحار ج 26 ص 231 باب فضل إنشاد الشعر في مدحهم ح 7
2- البحار ج 78 ص 207
3- البحار ج 79 ص 290 باب الشعر ح 3

آدم عليه السّلام. . . (1)

15-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: إنّ من الشعر لحكما، و إنّ من البيان لسحرا. . . (2)

16-عن سماعة عن أبي عبد اللّه قال: يا معشر الشيعة، علّموا أولادكم شعر العبديّ فإنّه على دين اللّه (3).

17-سئل أمير المؤمنين عليه السّلام عن أشعر الشعراء، فقال: إنّ القوم لم يجروا في حلبة تعرف الغاية عند قصبتها، فإن كان و لا بدّ، فالملك الضلّيل، يريد امرأ القيس. (4)

أقول:

الأخبار في ذكر أشعارهم عليهم السّلام في المناجاة و غيرها كثيرة، لم يسع المجال ذكرها.

ص:280


1- -البحار ج 79 ص 290 ح 4
2- البحار ج 79 ص 290 ح 5
3- البحار ج 79 ص 293 ح 16
4- نهج البلاغة ص 1295 ح 447

102- باب في الشفاعة

اشارة

و فيه فصول

الفصل الأوّل: آيات الشفاعة

و هي على أقسام:

القسم الأوّل: الآيات التي تنفي الشفاعة

1- وَ اِتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً وَ لا يُقْبَلُ مِنْها شَفاعَةٌ. . . (1)

2- وَ اِتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً وَ لا يُقْبَلُ مِنْها عَدْلٌ وَ لا تَنْفَعُها شَفاعَةٌ وَ لا هُمْ يُنْصَرُونَ. (2)

3- يا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمّا رَزَقْناكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَ لا خُلَّةٌ وَ لا شَفاعَةٌ وَ اَلْكافِرُونَ هُمُ اَلظّالِمُونَ. (3)

ص:281


1- -البقرة:48
2- البقرة:123
3- البقرة:254

أقول:

هذه الآيات الثلاثة و إن تدلّ على نفي الشفاعة في النظر البدوي، إلاّ أنّ الآيتين:

الأولى و الثانية، لا تنفيان الشفاعة مطلقا، بل تدلاّن على أنّ الشفاعة لا تقبل و لا تنفع لبعض الناس، و الثالثة و إن تكون ظاهرة في نفي الشفاعة لكن تخصّص و تفسّر بالآيات الأخرى التي يلي ذكرها في الأقسام الآتية حيث تثبت الشفاعة لبعض (و هم المؤمنون) دون بعض (و هم الظالمون) كما قال اللّه عزّ و جلّ:

ما لِلظّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَ لا شَفِيعٍ يُطاعُ و عن بعض دون بعض كالنبيّ صلّى اللّه عليه و آله و من أذن اللّه له دون أولياء الكفر.

و أمثال هذا الجمع بين الآيات كثيرة، منها قوله تعالى: وَ اِتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ . . . وَ لا هُمْ يُنْصَرُونَ 1 حيث تنفي نصرة اللّه للناس مطلقا، و من جانب آخر نرى قول اللّه تعالى: إِنّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَ اَلَّذِينَ آمَنُوا فِي اَلْحَياةِ اَلدُّنْيا وَ يَوْمَ يَقُومُ اَلْأَشْهادُ 2 و يجمعها القول بأن نفي النصرة لعامّة الناس من الكفّار و المنافقين دون الرسل و المؤمنين حيث ينصرون في الدنيا و الآخرة.

القسم الثاني: الآيات التي تدلّ على ندم المجرمين، و تمنّيهم للشافع و إظهارهم بأن ليس لهم شفعاء.

4- هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاّ تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ اَلَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ قَدْ جاءَتْ رُسُلُ رَبِّنا بِالْحَقِّ فَهَلْ لَنا مِنْ شُفَعاءَ فَيَشْفَعُوا لَنا أَوْ نُرَدُّ. . . (1)

5- فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ- وَ لا صَدِيقٍ حَمِيمٍ. (2)

ص:282


1- الأعراف:53
2- الشعراء:100 و 101

أقول:

الآيتان أيضا تثبتان الشفاعة، إذ إن لم تكن الشفاعة في يوم القيامة فكيف يتمنّاها هؤلاء و كيف يقولون: فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ و يقولون: فَهَلْ لَنا مِنْ شُفَعاءَ فيعلم وجود شفعاء يوم القيامة يشفعون، و لكن ليس لهم شفيع و لا صديق حميم.

القسم الثالث: الآيات التي مفادها أنّ الشفاعة لا تقبل من أولياء الكفر و الأوثان و. . .

6- . . . وَ ما نَرى مَعَكُمْ شُفَعاءَكُمُ اَلَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكاءُ لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَ ضَلَّ عَنْكُمْ ما كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ. (1)

7- وَ يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اَللّهِ ما لا يَضُرُّهُمْ وَ لا يَنْفَعُهُمْ وَ يَقُولُونَ هؤُلاءِ شُفَعاؤُنا عِنْدَ اَللّهِ. . . (2)

8- أَ أَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آلِهَةً إِنْ يُرِدْنِ اَلرَّحْمنُ بِضُرٍّ لا تُغْنِ عَنِّي شَفاعَتُهُمْ شَيْئاً وَ لا يُنْقِذُونِ. (3)

9- أَمِ اِتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اَللّهِ شُفَعاءَ قُلْ أَ وَ لَوْ كانُوا لا يَمْلِكُونَ شَيْئاً وَ لا يَعْقِلُونَ- قُلْ لِلّهِ اَلشَّفاعَةُ جَمِيعاً. . . (4)

أقول:

هذه الآيات أيضا كما ترى تدلّ على نفي الشفاعة من الشفعاء الذين زعم المشركون أنّهم شفعائهم في الدنيا و الآخرة من الأوثان و الآلهة لا على نفي الشفاعة مطلقا.

ص:283


1- -الأنعام:94
2- يونس:18
3- يس:23
4- الزمر:43 و 44

القسم الرابع: الآيات التي مفادها أنّ الشفاعة للّه تعالى.

10- . . . لَيْسَ لَها مِنْ دُونِ اَللّهِ وَلِيٌّ وَ لا شَفِيعٌ. . . (1)

11- . . . لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَ لا شَفِيعٌ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ. (2)

12- . . . ما لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَ لا شَفِيعٍ أَ فَلا تَتَذَكَّرُونَ. (3)

13- قُلْ لِلّهِ اَلشَّفاعَةُ جَمِيعاً. . . (4)

أقول:

هذه الآيات تكون على نحو آيات الهداية و الضلالة، و آيات علم الغيب و غيرها، ففيها أنّ الهداية للّه تعالى و الضلالة بيده و. . . فنقول: إنّ الشفاعة للّه تعالى فيأذن لأوليائه أن يشفعوا، و أنّ الشفيع حقيقة هو اللّه سبحانه، و غيره تعالى من الشفعاء لهم الشفاعة بإذن منه.

و أمثالها في القرآن كثيرة كالآيات الناطقة في الخلق و التوفّي و الرزق و علم الغيب و. . . حيث ينفي عزّ و جلّ كلّ كمال عن غيره تعالى ثمّ يثبته لنفسه ثمّ يثبته لغيره بإذنه و مشيّته فتفيد أنّ غيره لا يملك ما يملك من هذه الكمالات بنفسه و استقلاله و إنّما يملكها بتمليك اللّه له إيّاها، و من هنا يظهر أنّ الشفاعة للّه تعالى بنحو الأصالة و لغيره بإذنه و تمليكه.

القسم الخامس: الآيات التي مفادها أنّ الشفاعة بإذن اللّه تعالى.

ص:284


1- -الأنعام:70
2- الأنعام:51
3- السجدة:4
4- الزمر:44

14- . . . مَنْ ذَا اَلَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاّ بِإِذْنِهِ. . . (1)

15- . . . ما مِنْ شَفِيعٍ إِلاّ مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ. . . (2)

16- وَ لا تَنْفَعُ اَلشَّفاعَةُ عِنْدَهُ إِلاّ لِمَنْ أَذِنَ لَهُ. . . (3)

أقول:

يستفاد من هذه الآيات أنّ الشفاعة للّه تعالى فيأذن لأوليائه فيشفعوا.

القسم السادس: الآيات التي وردت في شرائط الشافعين.

17- لا يَمْلِكُونَ اَلشَّفاعَةَ إِلاّ مَنِ اِتَّخَذَ عِنْدَ اَلرَّحْمنِ عَهْداً. (4)

18- . . . وَ لا يَشْفَعُونَ إِلاّ لِمَنِ اِرْتَضى وَ هُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ. (5)

19- وَ لا يَمْلِكُ اَلَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ اَلشَّفاعَةَ إِلاّ مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَ هُمْ يَعْلَمُونَ. (6)

القسم السابع: الآيات التي وردت في شرائط الذين يشفع لهم في القيامة.

20- يَوْمَئِذٍ لا تَنْفَعُ اَلشَّفاعَةُ إِلاّ مَنْ أَذِنَ لَهُ اَلرَّحْمنُ وَ رَضِيَ لَهُ قَوْلاً. (7)

21- وَ لا تَنْفَعُ اَلشَّفاعَةُ عِنْدَهُ إِلاّ لِمَنْ أَذِنَ لَهُ. . . (8)

ص:285


1- -البقرة:255
2- يونس:3
3- سبأ:23
4- مريم:87
5- الأنبياء:28
6- الزخرف:86
7- طه:109
8- سبأ:23

22- . . . ما لِلظّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَ لا شَفِيعٍ يُطاعُ. (1)

23- وَ كَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي اَلسَّماواتِ لا تُغْنِي شَفاعَتُهُمْ شَيْئاً إِلاّ مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اَللّهُ لِمَنْ يَشاءُ وَ يَرْضى. (2)

القسم الثامن: الآيات التي تثبت الشفاعة للنبيّ صلّى اللّه عليه و آله:

24- وَ مِنَ اَللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نافِلَةً لَكَ عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً. (3)

25- وَ لَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى. (4)

أقول:

هذه الآيات كلّها تثبت الشفاعة كما لا يخفى، و تثبت الشفاعة للنبيّ صلّى اللّه عليه و آله في يوم القيامة.

ص:286


1- -غافر:18
2- النجم:26
3- الإسراء:79
4- الضحى:5

الفصل الثانيّ: إثبات الشفاعة في الأخبار

1-قال الصادق جعفر بن محمّد عليه السّلام: من أنكر ثلاثة أشياء فليس من شيعتنا: المعراج و المسائلة في القبر و الشفاعة. (1)

بيان:

«الشفاعة» في المصباح، شفعت الشيء شفعا من باب نفع: ضممته إلى الفرد، و شفعت الركعة جعلتها ثنتين. . . و شفعت في الأمر شفعا و شفاعة: طالبت بوسيلة أو ذمام، و اسم الفاعل شفيع. . . في المقائيس ج 3 ص 201(شفع) : أصل صحيح يدلّ على مقارنة الشيئين، من ذلك الشفع خلاف الوتر، تقول: كان فردا فشفعته. . . شفع فلان لفلان: إذا جاء ثانيه ملتمسا مطلبه و معينا له. . .

و في المفردات، الشفع: ضمّ الشيء إلى مثله. . . و الشفاعة الانضمام إلى آخر ناصرا له و سائلا عنه، و أكثر ما يستعمل في انضمام من هو أعلى حرمة و مرتبة إلى من هو أدنى، و منه الشفاعة في القيامة انتهى.

و قال المحقّق الطوسي رحمه اللّه في التجريد: و الإجماع على الشفاعة، فقيل: لزيادة المنافع و يبطل منّا في حقّه. . . و قيل: في إسقاط المضارّ، و الحقّ صدق الشفاعة فيهما و ثبوت الثاني له صلّى اللّه عليه و آله لقوله: «ادّخرت شفاعتي لأهل الكبائر من امّتي» .

ص:287


1- -أمالي الصدوق ص 294 م 49 ح 5

قال العلاّمة رحمه اللّه في شرحه على التجريد: اتّفقت العلماء على ثبوت الشفاعة للنبيّ صلّى اللّه عليه و آله، و يدلّ عليه قوله تعالى: عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً قيل: إنّه الشفاعة، و اختلفوا فقالت الوعيديّة: إنّها عبارة عن طلب زيادة المنافع للمؤمنين المستحقّين للثواب، و ذهبت التفضّليّة إلى أنّ الشفاعة للفسّاق من هذه الامّة في إسقاط عقابهم. . .

ثمّ بيّن المصنّف رحمه اللّه أنّها تطلق على المعنيين معا، كما نقول: «شفع فلان في فلان» إذا طلب له زيادة منافع أو إسقاط مضارّ، و ذلك متعارف عند العقلاء، ثمّ بيّن أنّ الشفاعة بالمعنى الثاني أعني إسقاط المضارّ ثابتة للنبيّ لقوله صلّى اللّه عليه و آله: «ادّخرت شفاعتي لأهل الكبائر من امّتي» و هذا حديث مشهور. (شرح التجريد ص 330) قال شبّر رحمه اللّه في حقّ اليقين ج 2 ص 134: اعلم أنّه لا خلاف بين المسلمين في ثبوت الشفاعة لسيّد المرسلين في امّته، بل في سائر الامم الماضين، بل ذلك من ضروريّات الدين قال اللّه تعالى: عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً و إنّما اختلف في معناها فالذي عليه الفرقة المحقّة و أكثر العامّة؛ أنّ الشفاعة كما تكون في زيادة الثواب كذلك تكون لإسقاط العقاب عن فسّاق المسلمين المستحقّين للعذاب. . .

و قال الطبرسيّ في مجمع البيان (البقرة:48) : و هي (يعني الشفاعة) ثابتة عندنا للنبيّ صلّى اللّه عليه و آله و لأصحابه المنتجبين و الأئمّة من أهل بيته الطاهرين و لصالحي المؤمنين، و ينجي اللّه تعالى بشفاعتهم كثيرا من الخاطئين.

و يؤيّده الخبر الذي تلقّته الامّة بالقبول و هو قوله صلّى اللّه عليه و آله: «ادّخرت شفاعتي لأهل الكبائر من امّتي» و ما جاء في روايات أصحابنا رحمهم اللّه عنهم مرفوعا إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، أنّه قال: «إنّي أشفع يوم القيامة فأشفّع، و يشفع عليّ (عليه السّلام) فيشفّع، و يشفع أهل بيتي فيشفّعون، و إنّ أدنى المؤمنين شفاعة ليشفع في أربعين من إخوانه كلّ قد استوجب النار» . . .

ص:288

و قال النوويّ من العامّة في شرح صحيح مسلم: قال القاضي عياض: مذهب أهل السنّة جواز الشفاعة عقلا و وجوبها سمعا بصريح الآيات، و بخبر الصادق، و قد جاءت الآثار التي بلغت بمجموعها التواتر بصحّة الشفاعة في الآخرة لمذنبي المؤمنين، و أجمع السلف الصالح و من بعدهم من أهل السنّة عليها، و منعت الخوارج و بعض المعتزلة منها، و تعلّقوا بمذاهبهم في تخليد المذنبين في النار، و احتجّوا بقوله تعالى: فَما تَنْفَعُهُمْ شَفاعَةُ اَلشّافِعِينَ 1 و أمثاله و هي في الكفّار، و أمّا تأويلهم أحاديث الشفاعة بكونها في زيادة الدرجات فباطل، و ألفاظ الأحاديث في الكتاب و غيره صريحة في بطلان مذهبهم، و إخراج من استوجب النار، لكنّ الشفاعة خمسة أقسام:

أوّلها: مختصّة بنبيّنا محمّد (ص) و هو الإزاحة من هول الموقف و تعجيل الحساب.

الثانية: في إدخال قوم الجنّة بغير حساب، و هذه أيضا وردت لنبيّنا (ص)

الثالثة: الشفاعة لقوم استوجبوا النار فيشفع فيهم نبيّنا (ص) و من يشاء اللّه.

الرابعة: فيمن دخل النار من المؤمنين و قد جاءت الأحاديث بإخراجهم من النار بشفاعة نبيّنا (ص) و الملائكة و إخوانهم من المؤمنين، ثمّ يخرج اللّه تعالى كلّ من قال: لا إله إلاّ اللّه كما جاء في الحديث: لا يبقى فيها إلاّ الكافرون.

الخامسة: الشفاعة في زيادة الدرجات في الجنّة لأهلها و هذه لا ينكرها المعتزلة و لا ينكرون أيضا شفاعة الحشر الأولى.

(البحار ج 8 ص 62-صحيح الترمذي ج 7 ص 127 ب 11 من المجلّدات العشرة ذيل حديث شفاعتي لأهل الكبائر من امّتي)

و قال قاضي عبد الجبّار من العامّة في شرح أصول خمسة ص 677: «لا خلاف بين الامّة في أنّ شفاعة النبيّ (ص) ثابتة للامّة إنّما الخلاف في أنّها يثبت لمن» انتهى.

ص:289

أقول: قال بعض من أهل الفضل بعد ذكر معنى الشفاعة من اللغة:

انّ الشفاعة إمّا تكويني في العالم المحسوس حيث إنّ الموجودات تشفع بعضها لبعض، مثلا إنّ الشمس تشفع للنباتات في نموّها و. . .

و إمّا تشريعيّ على منوال التكوين، حيث إنّ الإنسان يحتاج في عالم التشريع إلى أن ينضمّ بآخر ليرفع درجته أو ليكفر ذنوبه، و الشفاعة في عالم التشريع عامّ إمّا لترفيع الدرجة لقوله عليه السّلام: «ما من أحد من الأوّلين و الآخرين إلاّ و هو يحتاج إلى الشفاعة» و إمّا لتكفير الذنوب و إسقاط عقوباتهم لقوله صلّى اللّه عليه و آله: «شفاعتي لأهل الكبائر من امّتي» و أشار إليه غير واحد من العلماء، و الحقّ أنّ كلّ الشبهات حول الشفاعة من عدم الإدراك الصحيح لمعنى الشفاعة، و عدم إدمان التفكّر في أدلّة الشفاعة و إلاّ لا يبقى إشكال انتهى.

2-عن الرضا عن آبائه عليهم السّلام قال: قال عليّ عليه السّلام: من كذّب بشفاعة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لم تنله. (1)

3-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: لكلّ نبيّ دعوة قد دعا بها و قد سأل سؤلا، و قد خبأت دعوتي لشفاعتي لامّتي يوم القيامة (2).

بيان:

«قد خبأت» في النهاية ج 2 ص 3، يقال: خبأت الشيء: إذا أخفيته و في الحديث «اختبأت عند اللّه خصالا. . .» أي ادّخرتها و جعلتها عنده لي خبيئة. «السؤل» :

ما يسأل.

4-عن ابن عبّاس عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال: اعطيت خمسا لم يعطها أحد قبلي: جعلت لي الأرض مسجدا و طهورا، و نصرت بالرعب، و احلّ لي المغنم،

ص:290


1- -العيون ج 2 ص 65 ب 31 ح 292
2- الخصال ج 1 ص 29 باب الواحد ح 103

و اعطيت جوامع الكلم، و اعطيت الشفاعة. (1)

5-عن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه السّلام قال: إنّ لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله شفاعة في امّته. (2)

6-دخل أبو أيمن على أبي جعفر عليه السّلام فقال: يغرّون الناس فيقولون:

شفاعة محمّد صلّى اللّه عليه و آله قال: فغضب أبو جعفر عليه السّلام حتّى تربّد وجهه، ثمّ قال: ويحك (أو ويلك) يا أبا أيمن، أغرّك أن عفّ بطنك و فرجك؟ أما و اللّه أن لو قد رأيت أفزاع يوم القيامة لقد احتجت إلى شفاعة محمّد صلّى اللّه عليه و آله ويلك و هل يشفع إلاّ لمن قد وجبت له النار؟ (3)

بيان:

«تربّد» : أي تغيّر.

7-عن أنس قال: رأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله مقبلا على عليّ بن أبي طالب عليه السّلام و هو يتلو هذه الآية: فَتَهَجَّدْ بِهِ نافِلَةً لَكَ عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً فقال: يا عليّ، إنّ ربّي عزّ و جلّ ملّكني بالشفاعة في أهل التوحيد من امّتي، و حظر ذلك عمّن ناصبك أو ناصب ولدك من بعدك. (4)

8-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إذا قمت المقام المحمود تشفّعت في أصحاب الكبائر من امّتي فيشفّعني اللّه فيهم، و اللّه لا تشفّعت فيمن أذى ذرّيّتي. (5)

9-قال اللّه تعالى: عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً قال رسول

ص:291


1- -الخصال ج 1 ص 292 باب الخمسة ح 56
2- المحاسن ص 184 ب 45 من الصفوة و النور ح 188
3- المحاسن ص 183 ب 44 ح 185
4- نور الثقلين ج 3 ص 207( الإسراء:79) ح 397
5- نور الثقلين ج 3 ص 207 ح 398

اللّه صلّى اللّه عليه و آله: المقام الذي أشفع فيه لامّتي. (1)

10-عن الصادق عليه السّلام قال: دخل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله على فاطمة عليها السّلام و عليها كساء من ثلّة الإبل و هي تطحن بيدها و ترضع ولدها، فدمعت عينا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لمّا أبصرها، فقال: يا بنتاه، تعجّلي مرارة الدنيا بحلاوة الآخرة، فقد أنزل اللّه عليّ: وَ لَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى و قال الصادق عليه السّلام: رضا جدّي أن لا يبقى في النار موحّد. (2)

بيان:

«الثلّة» : الصوف.

11-عن أحدهما عليهما السّلام في قوله: عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً قال: هي الشفاعة. (3)

12-عن سماعة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سألته عن شفاعة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله يوم القيامة، قال: يلجم الناس يوم القيامة العرق فيقولون: انطلقوا بنا إلى آدم يشفع لنا (عند ربّه ف ن) فيأتون آدم فيقولون: اشفع لنا عند ربّك، فيقول: إنّ لي ذنبا و خطيئة فعليكم بنوح، فيأتون نوحا فيردّهم إلى من يليه، و يردّهم كلّ نبيّ إلى من يليه حتّى ينتهون إلى عيسى فيقول: عليكم بمحمّد رسول اللّه-صلّى اللّه عليه و آله و على جميع الأنبياء-فيعرضون أنفسهم عليه و يسألونه فيقول: انطلقوا، فينطلق بهم إلى باب الجنّة و يستقبل باب الرحمن و يخرّ ساجدا فيمكث ما شاء اللّه فيقول اللّه عزّ و جلّ: ارفع رأسك و اشفع تشفّع و سل تعط، و ذلك قوله: عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً . (4)

ص:292


1- -نور الثقلين ج 3 ص 208 ح 399
2- نور الثقلين ج 5 ص 595( الضحى) ح 11
3- البحار ج 8 ص 48 باب الشفاعة ح 49
4- البحار ج 8 ص 35 ح 7( تفسير القمّي رحمه اللّه ج 2 ص 25)

أقول:

بهذا المعنى أخبار كثيرة، روتها العامّة و الخاصّة، ذكرنا هذا الخبر لاختصاره، راجع البحار و جامع الأصول لابن أثير ج 11 من العامّة و. . .

بيان: «يلجم الناس العرق» : أي يبلغ عرقهم إلى أفواههم من شدّة الخوف و الهول و التعب و الحرّ، فيصير بمنزلة اللجام يمنعهم عن الكلام «تشفّع» على بناء المجهول من التفعيل يقال: شفّعه تشفيعا أي قبل شفاعته.

13-في خبر سلمان و أبي ذرّ قالا: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّ اللّه أعطاني مسألة فأخّرت مسألتي لشفاعة المؤمنين من امّتي يوم القيامة ففعل ذلك. . . (1)

14-عن عبيد بن زرارة قال: سئل أبو عبد اللّه عليه السّلام عن المؤمن: هل له شفاعة؟ قال: نعم، فقال له رجل من القوم: هل يحتاج المؤمن إلى شفاعة محمّد صلّى اللّه عليه و آله يومئذ؟ قال: نعم إنّ للمؤمنين خطايا و ذنوبا، و ما من أحد إلاّ يحتاج إلى شفاعة محمّد صلّى اللّه عليه و آله يومئذ.

قال: و سأله رجل عن قول رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله «أنا سيّد ولد آدم و لا فخر» قال:

نعم قال: يأخذ حلقة باب الجنّة فيفتحها فيخرّ ساجدا، فيقول اللّه: ارفع رأسك اشفع تشفّع، اطلب تعط، فيرفع رأسه ثمّ يخرّ ساجدا فيقول اللّه: ارفع رأسك اشفع تشفّع و اطلب تعط، ثمّ يرفع رأسه فيشفع فيشفّع و يطلب فيعطى. (2)

15-عن بشر بن شريح البصريّ قال: قلت لمحمّد بن عليّ عليهما السّلام أيّة آية في كتاب اللّه أرجى؟ قال: ما يقول فيها قومك؟ قال: قلت: يقولون: يا عِبادِيَ اَلَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اَللّهِ ، قال: لكنّا أهل البيت لا نقول ذلك، قال: قلت: فأيّ شيء تقولون فيها؟ قال: نقول: وَ لَسَوْفَ يُعْطِيكَ

ص:293


1- -البحار ج 8 ص 37 ح 14
2- البحار ج 8 ص 48 ح 51

رَبُّكَ فَتَرْضى الشفاعة، و اللّه الشفاعة، و اللّه الشفاعة. (1)

أقول:

و تدلّ على إثبات الشفاعة الأخبار المذكورة في الفصول الآتية أيضا.

ص:294


1- -البحار ج 8 ص 57 ح 72

الفصل الثالث: الشافعين

الأخبار

1-قال أبو جعفر الباقر عليه السّلام: سمعت جابر بن عبد اللّه يقول: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إذا كان يوم القيامة تقبل ابنتي فاطمة على ناقة من نوق الجنّة. . .

عن يمينها سبعون ألف ملك، و عن شمالها سبعون ألف ملك، و جبرئيل أخذ بخطام الناقة، ينادي بأعلا صوته: غضّوا أبصاركم حتّى تجوز فاطمة بنت محمّد صلّى اللّه عليه و آله، فلا يبقى يومئذ نبيّ و لا رسول و لا صدّيق و لا شهيد إلاّ غضّوا أبصارهم، حتّى تجوز فاطمة فتسير حتّى تحاذى عرش ربّها جلّ جلاله فتزجّ بنفسها عن ناقتها.

و تقول: إلهي و سيّدي، احكم بيني و بين من ظلمني، اللهمّ احكم بيني و بين من قتل ولدي، فإذا النداء من قبل اللّه جلّ جلاله: يا حبيبتي و ابنة حبيبي، سليني تعطى و اشفعي تشفّعى، فو عزّتي و جلالي لأجازني ظلم ظالم.

فتقول: إلهي و سيّدي، ذرّيّتي و شيعتي و شيعة ذرّيّتي و محبّي و محبّي ذرّيّتي، فإذا النداء من قبل اللّه جلّ جلاله: أين ذرّيّة فاطمة و شيعتها و محبّوها و محبّو ذرّيّتها؟ فيقبلون و قد أحاط بهم ملائكة الرحمة فتقدمهم فاطمة عليها السّلام حتّى تدخلهم الجنّة. (1)

ص:295


1- -أمالي الصدوق ص 17 م 5 ح 4

بيان:

«الناقة» جمع نوق: الانثى من الإبل. «خطام الناقة» : أي زمامها (مهار) .

2-عن أبي الحسن موسى بن جعفر عن أبيه عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: لا تستخفّوا بفقراء شيعة عليّ و عترته من بعده، فإنّ الرجل منهم ليشفع في مثل ربيعة و مضر. (1)

بيان:

«ربيعة و مضر» : اسما قبيلتين من العرب، يضرب المثل بهما في الكثرة.

3-عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه الصادق عليه السّلام قال: إذا كان يوم القيامة جمع اللّه الأوّلين و الآخرين في صعيد واحد، فتغشاهم ظلمة شديدة، فيضجّون إلى ربّهم و يقولون: يا ربّ، اكشف عنّا هذه الظلمة، قال: فيقبل قوم يمشي النور بين أيديهم قد أضاء أرض القيامة، فيقول أهل الجمع: هؤلاء أنبياء اللّه، فيجيئهم النداء من عند اللّه: ما هؤلاء بأنبياء، فيقول أهل الجمع: فهؤلاء ملائكة، فيجيئهم النداء من عند اللّه: ما هؤلاء بملائكة، فيقول أهل الجمع: هؤلاء شهداء، فيجيئهم النداء من عند اللّه: ما هؤلاء بشهداء.

فيقولون: من هم؟ فيجيئهم النداء: يا أهل الجمع، سلوهم من أنتم، فيقول أهل الجمع: من أنتم؟ فيقولون: نحن العلويّون، نحن ذرّيّة محمّد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، نحن أولاد عليّ وليّ اللّه، نحن المخصوصون بكرامة اللّه، نحن الآمنون المطمئنّون، فيجيئهم النداء من عند اللّه عزّ و جلّ: اشفعوا في محبّيكم و أهل مودّتكم و شيعتكم فيشفعون فيشفّعون. (2)

ص:296


1- -أمالي الصدوق ص 307 م 50 ح 16
2- أمالي الصدوق ص 284 م 47 ح 18

بيان:

في مجمع البحرين، «صعيد واحد» قيل: هي أرض واسعة مستوية.

«أهل الجمع» : أي الحاضرون في المحشر.

4-عن جعفر بن محمّد عن أبيه عن آبائه عن عليّ عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ثلاثة يشفعون إلى اللّه عزّ و جلّ فيشفّعون: الأنبياء، ثمّ العلماء، ثمّ الشهداء. (1)

5-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: و اعلموا أنّه (أي القرآن) شافع و مشفّع، و قائل و مصدّق، و أنّه من شفع له القرآن يوم القيامة شفّع فيه، و من محل به القرآن يوم القيامة صدّق عليه. (2)

6-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قول اللّه: فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ- وَ لا صَدِيقٍ حَمِيمٍ قال: «الشافعون» الأئمّة، و «الصديق» من المؤمنين. (3)

7-عن أبي حمزة قال: قال أبو جعفر عليه السّلام: للنبيّ صلّى اللّه عليه و آله شفاعة في امّته، و لنا شفاعة في شيعتنا، و لشيعتنا شفاعة في أهل بيتهم. (4)

8-قوله: وَ لا تَنْفَعُ اَلشَّفاعَةُ عِنْدَهُ إِلاّ لِمَنْ أَذِنَ لَهُ قال: لا يشفع أحد من أنبياء اللّه و رسله يوم القيامة حتّى يأذن اللّه له، إلاّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فإنّ اللّه قد أذن له في الشفاعة من قبل يوم القيامة، و الشفاعة له و للأئمّة من ولده، ثمّ بعد ذلك للأنبياء عليهم السّلام. (5)

9-حدّثني أبي عن ابن أبي عمير. . . قال: دخل أبو أيمن على أبي جعفر عليه السّلام

ص:297


1- -الخصال ج 1 ص 156 باب الثلاثة ح 197
2- نهج البلاغة ص 567 في خ 175
3- المحاسن ص 184 ب 45 من الصفوة و النور ح 187
4- المحاسن ص 184 ح 189
5- تفسير القمّي ج 2 ص 201( سبأ:23)

فقال: يا أبا جعفر، يغرّون الناس و يقولون: «شفاعة محمّد شفاعة محمّد» فغضب أبو جعفر عليه السّلام حتّى تربّد وجهه، ثمّ قال: ويحك يا أبا أيمن، أغرّك أن عفّ بطنك و فرجك، أما لو قد رأيت أفزاع القيامة لقد احتجت إلى شفاعة محمّد صلّى اللّه عليه و آله، ويلك فهل يشفع إلاّ لمن وجبت له النار؟

ثمّ قال: ما أحد من الأوّلين و الآخرين إلاّ و هو محتاج إلى شفاعة محمّد صلّى اللّه عليه و آله يوم القيامة، ثمّ قال أبو جعفر عليه السّلام: إنّ لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله الشفاعة في امّته، و لنا الشفاعة في شيعتنا، و لشيعتنا الشفاعة في أهاليهم، ثمّ قال: و إنّ المؤمن ليشفع في مثل ربيعة و مضر، فإنّ المؤمن ليشفع حتّى لخادمه و يقول: يا ربّ، حقّ خدمتي كان يقيني الحرّ و البرد. (1)

10-قال أمير المؤمنين عليه السّلام (في ح الأربعمائة) : لا تعنونا في الطلب و الشفاعة لكم يوم القيامة فيما قدّمتم.

و قال عليه السّلام: لنا شفاعة و لأهل مودّتنا شفاعة. (2)

11-عن أبي عبد اللّه عن أبيه عن جدّه عن عليّ عليهم السّلام قال: إنّ للجنّة ثمانية أبواب: باب يدخل منه النبيّون و الصدّيقون، و باب يدخل منه الشهداء و الصالحون، و خمسة أبواب يدخل منها شيعتنا و محبّونا، فلا أزال واقفا على الصراط أدعو و أقول: ربّ سلّم شيعتي و محبّي و أنصاري و من توالاني في دار الدنيا.

فإذا النداء من بطنان العرش: قد اجيبت دعوتك، و شفّعت في شيعتك، و يشفع كلّ رجل من شيعتي و من تولاّني و نصرني و حارب من حاربني بفعل أو قول في سبعين ألفا من جيرانه و أقربائه؛ و باب يدخل منه سائر الناس

ص:298


1- -تفسير القمّي ج 2 ص 202
2- البحار ج 8 ص 34 باب الشفاعة ح 3

المسلمين ممّن يشهد أن لا إله إلاّ اللّه و لم يكن في قلبه مقدار ذرّة من بغضنا أهل البيت. (1)

12-عن معاوية بن وهب قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: قوله: مَنْ ذَا اَلَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاّ بِإِذْنِهِ. . . قال: نحن أولئك الشافعون. (2)

13-قال رجل لأبي عبد اللّه عليه السّلام: إنّ لنا جارا من الخوارج يقول: إنّ محمّدا يوم القيامة همّه نفسه فكيف يشفع؟ فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ما أحد من الأوّلين و الآخرين إلاّ و هو يحتاج إلى شفاعة محمّد صلّى اللّه عليه و آله يوم القيامة. (3)

14-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: إنّي لأشفع يوم القيامة فأشفّع، و يشفع عليّ عليه السّلام فيشفّع، و يشفع أهل بيتي فيشفّعون. (4)

15-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إذا كان يوم القيامة بعث اللّه العالم و العابد، فإذا وقفا بين يدي اللّه عزّ و جلّ قيل للعابد: انطلق إلى الجنّة، و قيل للعالم: قف تشفع للناس بحسن تأديبك لهم. (5)

16-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: لكلّ مؤمن خمس ساعات يوم القيامة يشفع فيها. (6)

17-عن أبان بن تغلب قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: إنّ المؤمن ليشفع يوم القيامة لأهل بيته، فيشفّع فيهم حتّى يبقى خادمه، فيقول-فيرفع

ص:299


1- -البحار ج 8 ص 39 ح 19
2- البحار ج 8 ص 41 ح 30
3- البحار ج 8 ص 42 ح 31
4- البحار ج 8 ص 43 ح 43
5- البحار ج 8 ص 56 ح 66
6- البحار ج 8 ص 59 ح 78

سبّابتيه-: يا ربّ، خويدمي كان يقيني الحرّ و البرد، فيشفّع فيه. (1)

18-عن سيف التمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سمعته يقول: زائر الحسين عليه السّلام مشفّع يوم القيامة لمأة رجل كلّهم قد وجبت لهم النار ممّن كان في الدنيا من المسرفين. (2)

أقول:

قد مرّ ما يناسب المقام في باب الزيارة، و في ف 3، عن الصادق عليه السّلام: تدخل بشفاعتها (فاطمة بنت موسى عليها السّلام) شيعتي الجنّة بأجمعهم.

ص:300


1- -البحار ج 8 ص 61 ح 86
2- كامل الزيارات ص 165 ب 68 ح 2( البحار ج 101 ص 77 ب 27 ح 36)

الفصل الرابع: فيمن تناله الشفاعة و من أذن اللّه له أن يشفع

1-عن عليّ بن موسى الرضا عن أبيه عن آبائه عن أمير المؤمنين عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من لم يؤمن بحوضي فلا أورده اللّه حوضي، و من لم يؤمن بشفاعتي فلا أناله اللّه شفاعتي، ثمّ قال صلّى اللّه عليه و آله: إنّما شفاعتي لأهل الكبائر من امّتي، فأمّا المحسنون فما عليهم من سبيل.

قال الحسين بن خالد: فقلت للرضا عليه السّلام: يا بن رسول اللّه، فما معنى قول اللّه عزّ و جلّ: وَ لا يَشْفَعُونَ إِلاّ لِمَنِ اِرْتَضى قال: لا يشفعون إلاّ لمن ارتضى اللّه دينه. (1)

2-عن الصادق جعفر بن محمّد عن أبيه عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إذا قمت المقام المحمود تشفّعت في أصحاب الكبائر من امّتي، فيشفّعني اللّه فيهم، و اللّه لا تشفّعت فيمن آذى ذرّيّتي. (2)

3-عن أبي عبد اللّه الصادق عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: لا ينال شفاعتي غدا من أخّر الصلاة المفروضة بعد وقتها. (3)

4-عن أبي بصير قال: دخلت على امّ حميدة أعزّيها بأبي عبد اللّه

ص:301


1- -أمالي الصدوق ص 7 م 2 ح 4
2- أمالي الصدوق ص 294 م 49 ح 3
3- أمالي الصدوق ص 399 م 62 ح 15

الصادق عليه السّلام فبكت و بكيت لبكائها، ثمّ قالت: يا أبا محمّد، لو رأيت أبا عبد اللّه عليه السّلام عند الموت لرأيت عجبا، فتح عينيه ثمّ قال: اجمعوا إليّ كلّ من بيني و بينه قرابة، قالت: فلم نترك أحدا إلاّ جمعناه، قالت: فنظر إليهم ثمّ قال: إنّ شفاعتنا لا تنال مستخفّا بالصلاة (1).

5-عن أبي عبد اللّه الصادق عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

ما من مؤمن أو مؤمنة مضى من أوّل الدهر أو هو آت إلى يوم القيامة إلاّ و هم شفعاء لمن يقول في دعائه: «اللهمّ اغفر للمؤمنين و المؤمنات» و إنّ العبد ليؤمر به إلى النار يوم القيامة فيسحب، فيقول المؤمنون و المؤمنات: يا ربّنا، هذا الذي كان يدعو لنا فشفّعنا فيه، فيشفّعهم اللّه فيه فينجو. (2)

بيان:

سحبه سحبا: جرّه على وجه الأرض.

6-عن زيد بن عليّ عن آبائه عن عليّ عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّ أقربكم منّي غدا و أوجبكم عليّ شفاعة؛ أصدقكم لسانا و أدّاكم للأمانة، و أحسنكم خلقا، و أقربكم من الناس. (3)

7-عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام قال: إنّي مقتول و مسموم و مدفون بأرض غربة، أعلم ذلك بعهد عهده إليّ أبي عن أبيه عن آبائه عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله.

ألا فمن زارني في غربتي كنت أنا و آبائي شفعاؤه يوم القيامة، و من كنّا شفعاؤه نجى و لو كان عليه مثل وزر الثقلين. (4)

ص:302


1- -أمالي الصدوق ص 484 م 73 ح 10
2- أمالي الصدوق ص 456 م 70 ح 3
3- أمالي الصدوق ص 508 م 76 ح 5
4- أمالي الصدوق ص 611 م 89 ح 8

أقول:

بهذا المعنى أخبار عديدة، قد مرّ بعضها في باب الزيارة.

8-عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قوله: لا يَمْلِكُونَ اَلشَّفاعَةَ إِلاّ مَنِ اِتَّخَذَ عِنْدَ اَلرَّحْمنِ عَهْداً قال: لا يشفع و لا يشفّع لهم و لا يشفعون إلاّ من اتّخذ عند الرحمن عهدا؛ إلاّ من أذن له بولاية أمير المؤمنين و الأئمّة عليهم السّلام من بعده، فهو العهد عند اللّه. . . (1)

9-عن أبي اسامة عن أبي عبد اللّه و أبي جعفر عليهما السّلام قالا: و اللّه لنشفعنّ في المذنبين من شيعتنا حتّى يقولوا أعداؤنا إذا رأوا ذلك: فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ- وَ لا صَدِيقٍ حَمِيمٍ- فَلَوْ أَنَّ لَنا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ اَلْمُؤْمِنِينَ قال: من المهتدين، قال:

لأنّ الإيمان قد لزمهم بالإقرار. (2)

10-عن الرضا عن آبائه عن الحسين بن عليّ عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لعليّ عليه السّلام: بشّر لشيعتك أنّي لشفيع لهم يوم القيامة، يوم لا تنفع إلاّ شفاعتي. (3)

أقول:

بهذا المضمون أخبار كثيرة، سيأتي بعضها في باب الشيعة ف 1.

11-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ الجار ليشفع لجاره، و الحميم لحميمه، و لو أنّ الملائكة المقرّبين و الأنبياء المرسلين شفعوا في ناصب ما شفّعوا. (4)

أقول:

وردت بهذا المعنى روايات عديدة، لاحظ عقاب الأعمال (ص 246 باب عقاب الناصب) و غيره.

ص:303


1- -تفسير القمّي ج 2 ص 57( مريم:87)
2- تفسير القمّي ج 2 ص 123( الشعراء:100)
3- العيون ج 2 ص 67 ب 31 ح 313
4- المحاسن ص 184 ب 45 من الصفوة و النور ح 190

12-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ المؤمن منكم يوم القيامة ليمرّ عليه بالرجل و قد امر به إلى النار فيقول له: يا فلان أغثني، فقد كنت أصنع إليك المعروف في الدنيا، فيقول المؤمن للملك: «خلّ سبيله» ، فيأمر اللّه الملك أن أجز قول المؤمن فيخلّي الملك سبيله. (1)

13-عن أبي جعفر الجواد عن آبائه عليهم السّلام قال: قيل لأمير المؤمنين عليه السّلام:

صف لنا الموت، فقال: . . . و أمّا المبهم أمره الذي لا يدرى ما حاله فهو المؤمن المسرف على نفسه لا يدري ما يؤول إليه حاله، يأتيه الخبر مبهما مخوفا، ثمّ لن يسوّيه اللّه عزّ و جلّ بأعدائنا لكن يخرجه من النار بشفاعتنا، فاعملوا و أطيعوا و لا تتّكلوا و لا تستصغروا عقوبة اللّه عزّ و جلّ، فإنّ من المسرفين من لا تلحقه شفاعتنا إلاّ بعد عذاب ثلاثمائة ألف سنة. . . (2)

14-عن الحسن بن عليّ عليهما السّلام (في حديث طويل) : أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال في جواب نفر من اليهود سألوه عن مسائل: و أمّا شفاعتي ففي أصحاب الكبائر ما خلا أهل الشرك و الظلم. (3)

15-عن عليّ بن موسى الرضا عن آبائه عن أمير المؤمنين عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أربعة أنا لهم شفيع يوم القيامة: المكرم لذرّيّتي، و القاضي لهم حوائجهم، و الساعي في امورهم عند ما اضطرّوا إليه، و المحبّ لهم بقلبه و لسانه. (4)

16-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في رسالته إلى أصحابه قال: و اعلموا أنّه ليس يغني عنكم من اللّه أحد من خلقه شيئا، لا ملك مقرّب، و لا نبيّ مرسل، و لا من

ص:304


1- -المحاسن ص 184 ب 46 ح 192
2- البحار ج 6 ص 153 باب سكرات الموت ح 9
3- البحار ج 8 ص 38 باب الشفاعة ح 18
4- البحار ج 8 ص 49 ح 53

دون ذلك، فمن سرّه أن تنفعه شفاعة الشافعين عند اللّه فليطلب إلى اللّه أن يرضى عنه. (1)

17-قال أبو جعفر عليه السّلام: لا تسألوهم الحوائج فتكونوا لهم الوسيلة إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في القيامة. (2)

18-عن عبد الحميد الوابشيّ عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قلت له: إنّ لنا جارا ينتهك المحارم كلّها، حتّى إنّه ليترك الصلاة فضلا عن غيرها؟ فقال: سبحان اللّه و أعظم ذلك؟ أ لا اخبركم بمن هو شرّ منه؟ قلت: بلى، قال: الناصب لنا شرّ منه، أما إنّه ليس من عبد يذكر عنده أهل البيت فيرقّ لذكرنا، إلاّ مسحت الملائكة ظهره، و غفر له ذنوبه كلّها، إلاّ أن يجيء بذنب يخرجه من الإيمان، و إنّ الشفاعة لمقبولة و ما تقبل في ناصب.

و إنّ المؤمن ليشفع لجاره و ما له حسنة، فيقول: يا ربّ، جاري كان يكفّ عنّي الأذى فيشفع فيه، فيقول اللّه تبارك و تعالى: أنا ربّك و أنا أحقّ من كافى عنك، فيدخله الجنّة و ماله من حسنة، و إنّ أدنى المؤمنين شفاعة ليشفع لثلاثين إنسانا، فعند ذلك يقول أهل النار: فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ- وَ لا صَدِيقٍ حَمِيمٍ . (3)

19-عن ابن عبّاس عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال: كأنّي أنظر إلى ابنتي فاطمة و قد أقبلت يوم القيامة على نجيب من نور، عن يمينها سبعون ألف ملك، و عن يسارها سبعون ألف ملك (و بين يديها سبعون ألف ملك م) و خلفها سبعون ألف ملك، تقود مؤمنات امّتي إلى الجنّة، فأيّما امرأة صلّت في اليوم و الليلة خمس صلوات و صامت شهر رمضان و حجّت بيت اللّه الحرام و زكّت مالها و أطاعت

ص:305


1- -البحار ج 8 ص 53 ح 61( الكافي ج 8 ص 11 في ح 1)
2- البحار ج 8 ص 55 ح 65
3- البحار ج 8 ص 56 ح 70( الكافي ج 8 ص 101 ح 72)

زوجها و والت عليّا بعدي، دخلت الجنّة بشفاعة ابنتي فاطمة. . . (1)

20-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إذا كان يوم القيامة نشفع في المذنب من شيعتنا، فأمّا المحسنون فقد نجّاهم اللّه. (2)

أقول:

ليست الشفاعة مختصّة بغفران الذنوب فقط، و أمّا المحسنون فيشفعون لترفيع درجاتهم، و قد مرّ: «ما أحد من الأوّلين و الآخرين إلاّ و هو محتاج إلى شفاعة محمّد صلّى اللّه عليه و آله يوم القيامة» .

21-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لعليّ عليه السّلام: يا عليّ، من صلّى عليّ كلّ يوم أو كلّ ليلة وجبت له شفاعتي، و لو كان من أهل الكبائر. (3)

22-عن محمّد بن أبي عمير قال: سمعت موسى بن جعفر عليهما السّلام يقول:

لا يخلّد اللّه في النار إلاّ أهل الكفر و الجحود و أهل الضلال و الشرك، و من اجتنب الكبائر من المؤمنين لم يسأل عن الصغائر، قال اللّه تبارك و تعالى: إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَ نُدْخِلْكُمْ مُدْخَلاً كَرِيماً 4 قال: فقلت له: يا بن رسول اللّه، فالشفاعة لمن تجب من المذنبين؟

قال: حدّثني أبي عن آبائه عن عليّ عليهم السّلام قال: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول:

«إنّما شفاعتي لأهل الكبائر من امّتي، فأمّا المحسنون منهم فما عليهم من سبيل» قال ابن أبي عمير: فقلت له: يا بن رسول اللّه، فكيف تكون الشفاعة لأهل الكبائر و اللّه تعالى ذكره يقول: وَ لا يَشْفَعُونَ إِلاّ لِمَنِ اِرْتَضى وَ هُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ

ص:306


1- -البحار ج 8 ص 58 ح 76
2- البحار ج 8 ص 59 ح 77
3- البحار ج 94 ص 63 باب الصلاة على النبيّ في ح 52

مُشْفِقُونَ 1 و من يرتكب الكبائر لا يكون مرتضى؟ فقال: يا أبا أحمد، ما من مؤمن يرتكب ذنبا إلاّ ساءه ذلك و ندم عليه، و قد قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: «كفى بالندم توبة» و قال عليه السّلام: «من سرّته حسنته و ساءته سيّئته فهو مؤمن» فمن لم يندم على ذنب يرتكبه فليس بمؤمن و لم تجب له الشفاعة و كان ظالما، و اللّه تعالى ذكره يقول: ما لِلظّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَ لا شَفِيعٍ يُطاعُ.

فقلت له: يا بن رسول اللّه، و كيف لا يكون مؤمنا من لم يندم على ذنب يرتكبه؟ فقال: يا أبا أحمد، ما من أحد يرتكب كبيرة من المعاصي و هو يعلم أنّه سيعاقب عليها إلاّ ندم على ما ارتكب، و متى ندم كان تائبا مستحقّا للشفاعة، و متى لم يندم عليها كان مصرّا و المصرّ لا يغفر له، لأنّه غير مؤمن بعقوبة ما ارتكب و لو كان مؤمنا بالعقوبة لندم، و قد قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: «لا كبيرة مع الاستغفار و لا صغيرة مع الإصرار» و أمّا قول اللّه عزّ و جلّ: وَ لا يَشْفَعُونَ إِلاّ لِمَنِ اِرْتَضى فإنّهم لا يشفعون إلاّ لمن ارتضى اللّه دينه، و الدين الإقرار بالجزاء على الحسنات و السيّئات، فمن ارتضى اللّه دينه ندم على ما ارتكبه من الذنوب لمعرفته بعاقبته في القيامة. (1)

ص:307


1- التوحيد للصدوق رحمه اللّه ص 407 باب الأمر و النهي ح 6

الفصل الخامس: فيما تثبت الشفاعة من أخبار العامّة

اشارة

أقول: حيث أنكر بعض العامّة الشفاعة نذكر شطرا ممّا رووا من أخبارها.

1-قال رسول اللّه (ص) : كلّ نبيّ سأل سؤالا أو قال لكلّ نبيّ دعوة قد دعاها لامّته و إنّي اختبأت دعوتي شفاعة لامّتي يوم القيامة.

أخرجه البخاري و مسلم، و لمسلم قال رسول اللّه (ص) : أنا أوّل الناس يشفع في الجنّة، و أنا أكثر الأنبياء تبعا يوم القيامة، و أنا أوّل من يقرع باب الجنّة. (1)

2-قال رسول اللّه (ص) : لكلّ نبيّ دعوة مستجابة، فتعجّل كلّ نبيّ دعوته و إنّي اختبأت دعوتي شفاعة لامّتي يوم القيامة، فهي نائلة-إن شاء اللّه-من مات من امّتي لا يشرك باللّه شيئا.

و في رواية: أنّ أبا هريرة قال لكعب الأحبار: إنّ نبيّ اللّه قال: لكلّ نبيّ دعوة يدعوها، فاريد إن شاء اللّه أختبئ دعوتي شفاعة لامّتي يوم القيامة فقال كعب لأبي هريرة: أنت سمعت هذا من رسول اللّه؟ قال: نعم.

أخرجه البخاري و مسلم و أخرج الترمذيّ الاولى و الموطّأ المسند من الثانية. (2)

ص:308


1- -جامع الاصول لابن أثير ج 11 ص 123 ف 5 في الشفاعة خ 7984
2- جامع الاصول ج 11 ص 124 خ 7986

3-قال رسول اللّه (ص) : شفاعتي لأهل الكبائر من امّتي.

أخرجه الترمذيّ و أبو داود مثله. (1)

4-قال رسول اللّه (ص) : أتاني آت من عند ربّي فخيّرني بين أن يدخل نصف امّتي الجنّة و بين الشفاعة، فأخترت الشفاعة، فهي نائلة من مات لا يشرك باللّه شيئا.

أخرجه الترمذي. (2)

5-رواية طويلة في الشفاعة و مجيء الناس إلى الأنبياء و عدم قبولهم و قبول نبيّنا (ص) و فيها: فيقول: يا محمّد، ارفع رأسك، و قل يسمع لك، و سل تعطه، و اشفع تشفّع، فأقول: يا ربّ، امّتي امّتي انطلق فمن كان في قلبه مثقال حبّة من برّة أو شعيرة من إيمان فأخرجه منها، ثمّ أرجع إلى ربّي فأحمده بتلك المحامد، ثمّ أخرّ له ساجدا، فيقال لي: يا محمّد، ارفع رأسك و قل يسمع لك، و سل تعطه، و اشفع تشفّع، فأقول: يا ربّ، امّتي امّتي فيقال لي: انطلق فمن كان في قلبه مثقال حبّة من خردل من إيمان فأخرجه منها فأنطلق فأفعل.

ثمّ أعود إلى ربّي فأحمده بتلك المحامد، ثمّ أخرّ له ساجدا فيقال لي: يا محمّد، ارفع رأسك و قل، يسمع لك، و سل تعطه و اشفع تشفّع، فأقول: يا ربّ، امّتي امّتي فيقال لي: انطلق فمن كان في قلبه أدنى أدنى أدنى من مثقال حبّة من خردل من إيمان فأخرجه من النار فأنطلق فأفعل.

و في خبر: آخر ما بقي في النار إلاّ من حبسه القرآن (أي وجب عليه الخلود) ثمّ تلا هذه الآية: عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً قال: و هذا المقام المحمود الذي وعده اللّه نبيّكم (ص) . (3)

ص:309


1- -جامع الاصول ج 11 ص 124 خ 7987
2- جامع الاصول ج 11 ص 125 خ 7988
3- جامع الاصول ج 11 ص 125 خ 7989

6-قال يزيد بن صهيب الفقير: كنت قد شغفني رأي من رأى الخوارج، فخرجنا في عصابة ذوي عدد، نريد أن نحجّ، ثمّ نخرج على الناس، قال: فمررنا على المدينة فإذا جابر بن عبد اللّه جالس إلى سارية يحدّث القوم عن رسول اللّه (ص) و إذا هو ذكر الجهنّميّين، فقلت: يا صاحب رسول اللّه، ما هذا الذي تحدّثوننا و اللّه يقول: رَبَّنا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ اَلنّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ. (1)و كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها أُعِيدُوا فِيها 2 فما هذا الذي تقولون؟

قال: أ تقرأ القرآن؟ قلت: نعم قال: فاقرأ ما قبله إنّه في الكفّار، ثمّ قال:

هل سمعت بمقام محمّد الذي يبعثه اللّه فيه؟ قلت: نعم قال: فإنّه مقام محمّد المحمود الذي يخرج اللّه به من يخرج. . . (2)

7-قال أبو الزبير: سمعت جابرا يسأل عن الورد. . . ثمّ تحلّ الشفاعة و يشفعون حتّى يخرج من النار من قال: لا إله إلاّ اللّه، و كان في قلبه من الخير ما يزن شعيرة، فيجعلون بفناء الجنّة. . . (3)

8-إنّ سواد بن قارب أنشد لرسول اللّه قصيدته التي فيها التوسّل و يقول:

و أشهد أنّ اللّه لا ربّ غيره و أنّك مأمون على كلّ غائب

و أنّك أدنى المرسلين وسيلة إلى اللّه يا ابن الأكرمين الأطائب

فمرنا بما يأتيك يا خير مرسل و إن كان فيما فيه شيب الذوائب

و كن لي شفيعا يوم لا ذو شفاعة بمغن فتيلا عن سواد بن قارب (4)

ص:310


1- -آل عمران:192
2- جامع الاصول ج 11 ص 132 خ 7993
3- جامع الاصول ج 11 ص 132 خ 7994
4- الدرر السنية ص 29

أقول:

فيما يلي نذكر من الصحاح الستّة و غيرها المواضع التي تورد فيها أحاديث الشفاعة، و جدير بالإشارة إليه أنّا أسقطنا كثيرا منها، احترازا عن التكرار أو لفقدان لفظ الشفاعة في الخبر أو سهوا:

صحيح مسلم لمسلم بن الحجّاج النيسابوري (المطبوع في المجلّدين) ج 1 كتاب الإيمان ص 116 باب معرفة طريق الرؤية-ص 117 باب إثبات الشفاعة و إخراج الموحّدين من النار.

ص 118 باب آخر أهل النار خروجا-ص 120 و باب أدنى أهل الجنّة منزلة فيها.

ص 122 و 123 و 124 و 125 و 126 و 127 و 128 و 129 و 130.

خ عرض الشفاعة على الأنبياء و عدم قبولهم و قبول نبيّنا (ص) في ص 127 إلى 129.

ص 132 باب دعاء النبيّ لامّته و بكائه شفقة عليهم.

و لاحظ أحاديث الشفاعة أيضا في المطبوع في ثمانية أجزاء (الناشر: دار الفكر- بيروت) المجلّد الأوّل ص 116 و 117 و 118 و 122 و 126 و 127 و 131 و 132.

و المجلّد الثاني ص 4 و 63.

صحيح البخاري لمحمّد بن اسماعيل البخاريّ الجزء 2 ص 130.

الجزء 6 ص 21 تفسير سورة البقرة خ 1 عرض الشفاعة على الأنبياء.

ص 105 تفسير سورة الإسراء خ عرض الشفاعة.

و ص 108. . . حتّى تنتهي الشفاعة إلى النبيّ (ص) فذلك يوم يبعثه اللّه المقام المحمود، و قال (ص) : من قال حين يسمع النداء: اللهمّ ربّ. . . حلّت له شفاعتي يوم القيامة. (ط آخر ص 19 و 96)

ص:311

الجزء 8 ص 144 باب صفة الجنّة و النار خ عرض الشفاعة على الأنبياء، و ص 145 يخرج قوم من النار بشفاعة محمّد (ص) . (ط آخر ص 126 ب 51)

الجزء 9 كتاب التوحيد ص 149 باب ما يذكر في الذات و النعوت خ عرض الشفاعة على الأنبياء ص 158.

و ص 161 باب و كان عرشه على الماء، خ معرفة الرؤية و عرض الشفاعة على الأنبياء.

ص 170 باب قوله تعالى: إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْءٍ. . . خ لكلّ نبيّ دعوة.

و ص 179 باب كلام الربّ مع الأنبياء «إذا كان يوم القيامة شفعت» و خ سؤال الشفاعة و عرض الشفاعة على الأنبياء.

و ص 182 عرض الشفاعة على آدم و عدم قبوله.

(ط آخر كتاب التوحيد ب 19 ب 24 ب 36 و ص 140)

و راجع الأحاديث أيضا في الصحيح الناشر من دار الفكر-بيروت، في ثمانية أجزاء، الجزء الأوّل ص 113.

و الرابع ص 113.

و الخامس ص 236.

و السابع ص 145 و 202 و 203.

و الثامن ص 193 و 201.

مسند أحمد لأحمد بن حنبل ج 1 في مسند أبي بكر ص 4 خ عرض الشفاعة على الأنبياء. في مسند عمر ص 23، قال النبيّ (ص) : و إنّه سيكون من بعدكم قوم يكذبون بالرجم، و بالدجّال، و بالشفاعة، و بعذاب القبر، و بقوم يخرجون من النار بعد ما امتحشوا.

في مسند عليّ بن أبي طالب عليه السّلام ص 148: قال النبيّ (ص) : من قرء القرآن فاستظهره شفّع في عشرة من أهل بيته قد وجبت لهم النار.

ص:312

في مسند عبد اللّه بن عباس ذيل ص 277: . . . فإنّي سمعت رسول اللّه يقول: ما من مسلم يموت فيقوم على جنازته أربعون رجلا لا يشركون باللّه شيئا إلاّ شفّعهم اللّه فيه. و ص 281: لكلّ نبيّ دعوة و خ عرض الشفاعة على الأنبياء.

و ص 301. . . و أعطيت الشفاعة. . .

ج 2 في مسند عبد اللّه بن عمر ص 75: خيّرت بين الشفاعة أو يدخل نصف امّتي، فأخترت الشفاعة لأنّها أعمّ و أكفى، أ ترونها للمتّقين؟ لا و لكنّها للمتلوّثين الخطّاؤون.

و ص 168: . . . فمن سئل لي الوسيلة حلّت عليه الشفاعة، و ص 174: الصيام و القرآن يشفعان للعبد.

في مسند أبي هريرة ص 293 و ص 294: خ معرفة الرؤية ص 299: إنّ من سورة القرآن ثلاثون آية شفعت لرجل حتّى غفر له و هي تَبارَكَ اَلَّذِي بِيَدِهِ اَلْمُلْكُ .

و ص 307: . . . و شفاعتي لمن شهد أن لا إله إلاّ اللّه مخلصا و ص 312: لكلّ نبيّ دعوة. و ص 344: إذا دخل أهل الجنّة و ص 368 و ص 369: . . . ثمّ يقال: يا أهل النار، فيطلعون مستبشرين يرجون الشفاعة و ص 373: . . . أسعد الناس بشفاعتي. . . و ص 400: . . . فيدخلهم الجنّة برحمته بعد شفاعة من يشفع.

و ص 444: قوله تعالى: عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً قال: الشفاعة ص 445 و ص 540: . . . و أوّل شافع و أوّل مشفّع.

ج 4 ص 108: من صلّى على محمّد. . . وجبت له الشفاعة، و ص 138: خ عثمان بن حنيف و هو يأتي في الشفاعة في الدنيا و ص 212: . . . و إنّ من امّتي يدخل الجنّة بشفاعة مثل مضر. . . ص 404: . . . فخيّرني بين الشفاعة. . . و ص 416: . . .

و أعطيت الشفاعة و ليس من نبيّ إلاّ و قد سأل شفاعة. . .

ج 5 ص 43: . . . ثمّ يؤذن للملائكة و النبيّين و الشهداء أن يشفعوا فيشفعون. . .

ص 137: كنت إمام النبيّين و خطيبهم و صاحب شفاعتهم و لا فخر.

ص:313

أخرج بهذا المضمون أخبارا كثيرة.

ص 249: اقرؤا القرآن، فإنّه شافع لأصحابه يوم القيامة. ص 347: إنّي لأرجو أن أشفع يوم القيامة عدد ما في الأرض من شجرة و مدرة. ص 402: يخرج اللّه قوما. . . بشفاعة الشافعين. . . ص 326: . . . فاسأل يا محمّد، تعط فقلت: مسألتي شفاعة لامّتي. . .

ج 6 ص 23: . . . فخيّرني بين أن يدخل. . . ص 428: فسألته أن يولّيني شفاعة يوم القيامة فيهم ففعل. . .

و لاحظ أحاديث الشفاعة أيضا في المسند طبعة «دار صادر-بيروت» .

المجلّد الأوّل ص 24 و 281 و 295 و 301.

و المجلّد الثاني ص 75 و 168 و 275 و 307 و 313 و 369 و 382 و 401 و 409 و 427 و 430 و 444 و 454 و 478 و 487 و 499 و 518.

و المجلّد الثالث ص 11 و 20 و 25 و 26 و 79 و 134 و 218 و 219 و 258 و 276 و 292 و 330 و 345 و 354 و 384 و 396 و 470.

و المجلّد الرابع ص 404 و 415 و 416 و 434.

و المجلّد الخامس ص 145 و 148 و 149 و 162 و 232 و 257 و 261 و 267 و 326 و 366 و 402.

و المجلّد السادس ص 24 و 29 و 428.

صحيح الترمذيّ لمحمّد بن عيسى الترمذيّ (المطبوع في خمسة أجزاء) ج 4 ص 43 ب 10 من صفة القيامة، باب فيما جاء في الشفاعة خ 2551 عرض الشفاعة على الأنبياء.

ب 11 خ 2552 و 2553 شفاعتي لأهل الكبائر من امّتي.

ص 46 خ 2555 يدخل الجنّة رجل من امّتي أكثر من بني تميم، قيل: يا رسول اللّه، سواك؟ قال: سواي.

ص:314

خ 2556 قال: إنّ من امّتي من يشفع للفئام من الناس، و منهم من يشفع للقبيلة، و منهم من يشفع للعصبة، و منهم من يشفع للرجل حتّى يدخلوا الجنّة.

خ 2557 و خ 2558: فخيّرني بين أن يدخل نصف امّتي و بين الشفاعة. . .

ص 114 ب 8 من أبواب صفة جهنّم خ 2727: ليخرجنّ قوم من امّتي من النار بشفاعتي يسمّون الجهنّميّون.

ص 345 ب 13 من فضائل القرآن خ 3069: حديث من قرأ القرآن فاستظهره. . .

ص 365: سورة بني إسرائيل خ 5145: في قوله تعالى: عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً و سئل عنها، قال: هي الشفاعة.

ج 5 ص 247 ب 22 من المناقب خ 3692: إذا كان يوم القيامة كنت إمام النبيّين و خطيبهم، و صاحب شفاعتهم غير فخر.

ص 248 خ 3695: . . . و أنا أوّل شافع و أوّل مشفّع يوم القيامة و لا فخر. . .

راجع المطبوع في عشرة أجزاء. الجزء 5 ص 303-الجزء 7 ص 120 و ص 121 و ص 130 و ص 131 و ص 132 و ص 317 إلى غير ذلك، الجزء 8 ص 572- الجزء 10 ص 82 و ص 83 و ص 84.

سنن ابن ماجة لمحمّد بن يزيد القزوينيّ ج 2 ص 1440 كتاب الزهد ب 37 في ذكر الشفاعة خ 4307: لكلّ نبيّ دعوة خ 4308: . . . أنا أوّل شافع و أوّل مشفّع.

ص 1441 خ 4310: إنّ شفاعتي يوم القيامة لأهل الكبائر من امّتي، خ 4311:

خيّرت بين الشفاعة. . .

ص 1442 خ 4312: حديث عرض الشفاعة على الأنبياء.

ص 1443 خ 4313: قال: يشفع يوم القيامة ثلاثة: الأنبياء ثمّ العلماء ثمّ الشهداء.

خ 4314: كنت إمام النبيّين و خطيبهم و صاحب الشفاعة غير فخر.

الموطّأ لمالك بن أنس ج 1 ص 214.

ص:315

سنن النسائي شرح جلال الدين السيوطيّ ج 4 ص 75: كتاب الجنائز في فضل من صلّى عليه مائة.

خ 1: ما من ميّت يصلّي عليه امّة من المسلمين يبلغون أن يكونوا مائة يشفعون إلاّ شفّعوا فيه. (و بمضمونه خ 2 و 3)

و راجع السنن المطبوع في ثمانية أجزاء (دار الفكر-بيروت) الجزء الأوّل ص 211 و الثاني ص 26 و 229.

سنن أبي داود لسليمان بن الأشعث السجستانيّ ج 2 ص 64 كتاب الجنائز، باب فضل الصلاة على الجنائز: ما من مسلم يموت فيقوم على جنازته. . .

ص 278: في كتاب السنّة باب في الشفاعة «شفاعتي لأهل الكبائر من امّتي» و قال:

يخرج من النار بشفاعة محمّد (ص) .

و ص 268 باب في التخيير بين الأنبياء: أنا سيّد ولد آدم. . . و أوّل شافع و أوّل مشفّع.

و لاحظ أيضا سنن المطبوع في مجلّدين مع تحقيق سعيد محمد اللحام، الناشر دار الفكر في مجلّد الأوّل ص 128 و 129 و الثاني ص 422

مسند أبي داود ص 134 في الجزء 4 خ 998: . . . إنّه أتاني آت من ربّي فخيّرني. . .

ص 181 في الجزء 6 خ 1283: ليدخلنّ الجنّة بشفاعة رجل من امّتي أكثر من بني تميم.

ص 236 في الجزء 7 خ 1703: حمّاد بن زياد قال: قلت لعمرو بن دينار سمعت جابر أنّ رسول اللّه (ص) قال: إنّ قوما يخرجون من النار بالشفاعة؟ قال عمرو:

نعم.

خ 1804: قال: يخرجون من النار بالشفاعة ثمّ يدخلون الجنّة.

سنن الدارمي لعبد اللّه بن بهرام الدارميّ (جزآن في مجلّد واحد، تحقيق محمد

ص:316

أحمد دهمان، الناشر: مطبعة الإعتدال-دمشق) ج 1 ص 323 و ج 2 ص 224 و 328 و 332.

مجمع الزوائد و منبع الفوائد لنور الدين الهيثمي (المطبوع في عشرة مجلّدات) المجلّد الأوّل ص 169 و 261 و 333.

و السابع ص 13 و 164 و 207 و 224 و 248.

و الثامن ص 250 و 258 و 259 و 269.

و العاشر ص 112 و 330 و 367 و 368 و 369 و 370 و 371 و 372 و 376 و 377 و 378 و 379 و 380 و 381 و 384 و 404.

مستدرك الحاكم لمحمّد بن محمّد الحاكم النيسابوريّ (أربع مجلّدات، تحقيق الدكتور يوسف المرعشلي، الناشر: دار المعرفة-بيروت) ج 1 ص 15 و 66 و 67 و 68 و 69 و 70 و 71.

و ج 2 ص 336 و 424.

ج 3 ص 405 و 408 و 610.

ج 4 ص 498 و 570.

إلى غير ذلك من الأخبار.

ص:317

الشفاعة في الدنيا

و ممّا يجب ذكره وجود أخبار كثيرة في كتبهم التي تثبت الشفاعة في الدنيا خلافا لما ادّعاه الوهّابيّون من اختصاصها بالآخرة فنذكر شطرا منها:

1-إنّ رجلا ضرير البصر أتى النبيّ (ص) فقال: ادع اللّه أن يعافيني قال:

إن شئت أن دعوت لك، و إن شئت أخّرت ذاك فهو خير، فقال: ادعه فأمره أن يتوضّأ، فيحسن وضوءه، فصلّى ركعتين و يدعو بهذا الدعاء: «اللهمّ إنّي أسألك و أتوجّه إليك بنبيّك محمّد نبيّ الرحمة يا محمّد، إنّي توجّهت بك إلى ربّي في حاجتي هذه فتقضي لي اللهمّ شفّعه فيّ» . (1)

أقول:

في بعض المآخذ زيادة: «قال ابن حنيف: فو اللّه ما تفرّقنا و طال بنا الحديث حتّى دخل علينا كأن لم يكن به ضرّ.

2-قال النبيّ (ص) : ما من ميّت يصلّي عليه أمّة من المسلمين يبلغون أن يكونوا مائة يشفعون إلاّ شفّعوا فيه.

أخرج ثلاثة أحاديث مثله. (2)

3-قال النبيّ (ص) : ما من مسلم يموت فيقوم على جنازته أربعون رجلا

ص:318


1- -مسند أحمد ج 4 ص 138 خبر عثمان بن حنيف-سنن ابن ماجة ج 1 ص 441 ح 1385 -المستدرك للحاكم ج 1 ص 313 و نقل عنه السيوطيّ في جامع الصغير ص 59
2- سنن النسائيّ ج 4 ص 75 كتاب الجنائز في فضل من صلّى عليه مائة

لا يشركون باللّه شيئا إلاّ شفّعوا فيه. (1)

4-في مسند عبد اللّه بن عبّاس. . . فإنّي سمعت رسول اللّه (ص) يقول:

ما من مسلم يموت فيقوم على جنازته أربعون رجلا لا يشركون باللّه شيئا إلاّ شفّعهم اللّه فيه. (2)

5-عن عمر بن الخطّاب عن رسول اللّه (ص) : لمّا أذنب آدم الذي أذنبه رفع رأسه إلى السماء فقال: أسألك بحقّ محمّد إلاّ غفرت لي فأوحى إليه؛ و من محمّد؟ فقال: تبارك اسمك، لمّا خلقت رفعت رأسي إلى عرشك فإذا فيه مكتوب: «لا إله إلاّ اللّه و محمّد رسول اللّه» ، فقلت: إنّه ليس أحد أعظم عندك قدرا ممّن جعلت اسمه مع اسمك. فأوحى إليه إنّه آخر النبيّين من ذرّيّتك و لو لا هو لما خلقتك. (3)

6-استسقى عمر بن الخطّاب بالعبّاس عام الرمادة لمّا اشتدّ القحط فسقاهم اللّه تعالى به و اخصبت الأرض. فقال عمر هذا: و اللّه الوسيلة إلى اللّه و المكان منه. . . و لمّا سقي الناس طفقوا يتمسّحون بالعبّاس و يقولون: هنيا لك ساقي الحرمين. (4)

7-سأل منصور الدوانيقيّ عن الإمام مالك بن أنس في حرم الرسول فقال: يا أبا عبد اللّه، أستقبل القبلة و أدعو أم أستقبل رسول اللّه؟ قال: لم تصرف وجهك عنه و هو وسيلتك و وسيلة أبيك آدم عليه السّلام إلى اللّه يوم القيامة بل استقبله

ص:319


1- -سنن أبي داود ج 2 ص 73 كتاب الجنائز باب فضل الصلاة على الجنائز
2- مسند أحمد ج 1 ص 278- صحيح مسلم ج 3 ص 54
3- الدرّ المنثور ج 1 ص 59- المستدرك للحاكم ج 2 ص 615-روح المعاني ج 1 ص 217
4- أسد الغابة ج 3 ص 11( المواهب اللدنّيّة ج 3 ص 380) - صحيح البخاري ج 2 ص 32 باب صلاة الإستسقاء-وفاء الوفاء ج 3 ص 375

و استشفع به، فيشفعك اللّه، قال اللّه تعالى: وَ لَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ. . . (1)

ص:320


1- -وفاء الوفاء ج 2 ص 1376- الدرر السنيّة ص 10

الفصل السادس: شبهات حول الشفاعة

اشارة

قد تبيّن لك أيّها القارئ الكريم، أنّ المسلمين مجمعون على ثبوت الشفاعة و هي ممّا لا ينكره العقل بل يتلقّاه بالقبول، و الآيات و الأخبار متظافرة في إثباتها و كيفيّتها.

هذا و لكن نشاهد في هذا الأوان بعض من يغرّب و يشرّق و يرتأي الأفكار الجاهليّة الحديثة ينكر هذه المسألة التي هي من ضروريّات الدين، أو يؤوّل النصوص بعد قبول أصلها لشبهات طرأت عنده، و الحقّ أنّ هذه الشبهات تنشأ من عدم الإدراك الصحيح لمعنى الشفاعة، و عدم التدبّر في أدلّتها من الآيات و الأخبار. مع أنّ الواجب علينا إذا جاء الصادق المصدّق بخبر هو القبول و التصديق به، لا إنكاره أو تأويله.

ثمّ هؤلاء القوم ما يقولون في مسألة التوبة و الاستغفار؟ مع توافر الآيات و الأخبار فيها، فما يجيبون عنه هناك نجيب به هنا، على أنّه جاء في القرآن: وَ لَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جاؤُكَ فَاسْتَغْفَرُوا اَللّهَ وَ اِسْتَغْفَرَ لَهُمُ اَلرَّسُولُ لَوَجَدُوا اَللّهَ تَوّاباً رَحِيماً 1 و قوله تعالى في سورة يوسف: يا أَبانَا اِسْتَغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا إِنّا كُنّا خاطِئِينَ . و قال يعقوب عليه السّلام في جوابهم: سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ

ص:321

رَبِّي إِنَّهُ هُوَ اَلْغَفُورُ اَلرَّحِيمُ .

ثمّ إنّ الشبهات حول المسألة هي على أصعدة مختلفة نتعرّض لأهمّها و الجواب عنها موجزا، و من أراد التفصيل فليراجع كتب الأصحاب.

الشبهة الأولى إنّ الاعتقاد بالشفاعة من عقائد الوثنيّة
اشارة

إنّ الاعتقاد بالشفاعة من عقائد الوثنيّة.

في دائرة المعارف للوجديّ ج 5 ص 402: الشفاعة هي السؤال في التجاوز عن الذنوب، و في الاصطلاح الدينيّ سؤال بعض الصالحين من اللّه التجاوز عن معاقبة بعض المذنبين، و قد أضرّت هذه العقيدة بأكثر الأديان، و ما هي إلاّ تحريف تقصده الكهّان ليكون لهم شأن عند الناس، و قد جاء في الإسلام فقوّم عقائد الامم من هذه الجهة فذكر الشفاعة ثمّ قال: مَنْ ذَا اَلَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاّ بِإِذْنِهِ و قال تعالى: وَ كَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي اَلسَّماواتِ لا تُغْنِي شَفاعَتُهُمْ شَيْئاً إِلاّ مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اَللّهُ لِمَنْ يَشاءُ وَ يَرْضى 1 فمتى علم المسلم أنّ الشافع و المشفّع هو اللّه و أن لا أحد يمكنه أن يغني فتيلا رفع وجهه من الاستشفاع بمثله إلى الاستشفاع بربّه و ناهيك بهذا بعدا عن الوثنيّة و قربا من الديانة الإلهيّة.

الجواب

و للأسف أنّ المؤلّف مع أنّه يعدّ نفسه من أهل التحقيق كأنّه لم يراجع الكتاب و السنّة، حيث إنّهما مشحونان بالآيات و الأخبار المثبتة للشفاعة إذ لو راجع مرّة لما قال: الشفاعة من عقائد الوثنيّة، أما رأى قوله تعالى: وَ لَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جاؤُكَ فَاسْتَغْفَرُوا اَللّهَ وَ اِسْتَغْفَرَ لَهُمُ اَلرَّسُولُ لَوَجَدُوا اَللّهَ تَوّاباً

ص:322

رَحِيماً و قوله تعالى: يا أَبانَا اِسْتَغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا إِنّا كُنّا خاطِئِينَ . الآيات حيث تقول الآية الأولى: بشفاعة نبيّنا في الذنوب، و الثانية؛ بشفاعة يعقوب في ذنوب بنيه، و هل يكون الرسول من الكهّان-العياذ باللّه-أم القرآن كتاب الوثنيّة-نستجير باللّه-؟ ! !

و من حسن الحظ أنّ الخصم استدلّ بالآيتين اللتين تثبتان الشفاعة حيث إنّهما تسجّلان أنّ الشافعين من الملائكة و غيرهم لا يشفعون إلاّ من بعد إذنه و لا يأذن اللّه إلاّ لمن يشاء و يرضى، و ليس فيهما نفي الشفاعة، مضافا إلى ما سبق منّا؛ أنّ الشفاعة للّه تعالى، و في الحقيقة هو الشافع لكن يأذن لأوليائه أن يشفعوا، و هل هذه عقيدة النصارى أو الوثنيّة؟ مع أنّا نرى الشفاعة و الوساطة في التكوين، و لا تنافي هذه المسألة مع الاعتقاد بأنّ الامور بيد اللّه حيث أبى اللّه أن يجري الأمور إلاّ بأسبابها فكذلك في التشريع.

الشبهة الثانية و هي أنّ الاعتقاد بالشفاعة شرك باللّه تعالى
اشارة

و هي أنّ الاعتقاد بالشفاعة شرك باللّه تعالى، حيث يؤول إلى أنّ في الكون معبودا آخر غير اللّه، و كان و لا يزال الوهّابيّون يؤكّدون على هذه الشبهة، بل يدّعون أنّها من أعلى مصاديق الشرك و يرمون المسلمين كافّة بالشرك لاعتقادهم بالشفاعة، و يتشبّثون بأيّ طحلب تناولت أيديهم كما يتمسّكون بآيات و أخبار تبعد عن مقصودهم بمراحل؛ منها قوله تعالى: وَ يَقُولُونَ هؤُلاءِ شُفَعاؤُنا عِنْدَ اَللّهِ حيث ذمّ المشركين لاعتقادهم بأنّ أوثانهم و أوليائهم وسائط بينهم و بين اللّه، مع أنّهم لا يعتقدون بتأثير شركائهم أصالة بل تبعا.

الجواب

الشرك عبارة عن الاعتقاد بمدبّر للعالم و معبود غير اللّه تعالى و لا نجد

ص:323

في المسلمين من يعتقد بهذا و ليس في الشفاعة ما يوهم ذلك بل نحن نقول: إنّ اللّه تعالى أذن لأوليائه أن يشفعوا لطائفة من المسلمين بل لجميعهم بحيث لا يبقى في النار غير الكفّار و المنافقين و الشاكّين، و الدليل عليه صريح كثير من الآيات و الروايات مرّ بعضها، كما أذن لعباده أن يستشفعوا و يتوسّلوا بأوليائه حيث يقول: وَ لَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جاؤُكَ فَاسْتَغْفَرُوا اَللّهَ وَ اِسْتَغْفَرَ لَهُمُ اَلرَّسُولُ لَوَجَدُوا اَللّهَ تَوّاباً رَحِيماً و قوله تعالى عن إخوة يوسف: يا أَبانَا اِسْتَغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا إِنّا كُنّا خاطِئِينَ- قالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي فكيف يحكمون بأنّ الاعتقاد بالشفاعة شرك مع أنّ للآيات دلالة واضحة على ثبوت الشفاعة و الأعجب منه اعترافهم بتواتر أحاديث الشفاعة:

هذا كتاب فتح المجيد للشيخ عبد الرحمن بن حسن، الذي هو من أشهر كتبهم بحيث صار من الكتب الدراسيّة في مدارس الحجاز، يقول في ص 211 نقلا عن ابن القيم عبارة هذه مفادها: الأحاديث بها (الشفاعة) متواترة عن النبيّ (ص) و قد أجمع الصحابة عليها و أهل السنّة قاطبة. . .

ثمّ إنّ الفرق بين قولنا: «يا رسول اللّه استغفر لنا» و بين قول إخوة يوسف:

يا أَبانَا اِسْتَغْفِرْ لَنا تحكّم، كما أنّ الفرق بين قولنا: «يا رسول اللّه اشفع لنا في ذنوبنا» و قولنا: «يا رسول اللّه استغفر لنا» الذي تدلّ عليه الآية السابقة ممّا لا يصغى إليه.

و أمّا ذمّ اللّه تعالى للمشركين في الآية، ليس إلاّ لأجل عدم إذن اللّه بشفاعة شركائهم، بل إنّهم كانوا يعبدون هؤلاء من دون اللّه، و يقولون: هؤلاء شفعاؤنا عند اللّه، كما يعتقدون بتأثيرهم في العالم، و ما هذا و عقيدة المسلمين بالشفاعة؟ ! حيث إنّهم لا يعبدون الرسول صلّى اللّه عليه و آله و الأولياء المعصومين و لا يعتقدون بولايتهم مستقلّين عن اللّه، بل لا يشفعون إلاّ من بعد إذنه تعالى.

هذا و يمكن دفع الشبهة بطريق آخر: و هو أنّ الشرك على أقسام: الشرك

ص:324

في الذات، و الشرك في الصفات، و الشرك في الأفعال، و الشرك في العبادة. و الثلاثة الأولى ممّا لا يقول به أحد من المسلمين و لا يرمى به، بل بعض أقسامه لم يتطرّق إلى أذهان أكثر الناس فضلا عن الاعتقاد به.

و أمّا الرابعة فهي ما ينسبه الوهّابيّون إلى المسلمين، و معناه أن يعبد الإنسان شيئا غير اللّه، و لكنّه كما ترى، إذ طلب الشفاعة ليست عبادة غير اللّه بل هو طلب الدعاء من عباد اللّه الصالحين بالضبط، و كلّ من يخاطب أحد أولياء اللّه و يقول:

«يا وجيها عند اللّه اشفع لنا عند اللّه» لا يقصد إلاّ طلب الدعاء منه.

و طلب الدعاء من الأخ المؤمن ممّا لا ينكره أحد من علماء الإسلام و المذاهب، بل يستحسن كلّهم فضلا عن الأنبياء و الأولياء، و تدلّ عليه آيات كثيرة مرّ بعضها، و منها في سورة الأعراف:134 وَ لَمّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ اَلرِّجْزُ قالُوا يا مُوسَى اُدْعُ لَنا رَبَّكَ بِما عَهِدَ عِنْدَكَ لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا اَلرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ. . . حيث سأل المجرمون نبيّهم موسى أن يدعو لهم بكشف العذاب عنهم، و منها سؤال بني إسرائيل لموسى: وَ إِذْ قُلْتُمْ يا مُوسى لَنْ نَصْبِرَ عَلى طَعامٍ واحِدٍ فَادْعُ لَنا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنا مِمّا تُنْبِتُ اَلْأَرْضُ. . . 1 على أنّ ديدن الناس طلب الحاجة بعضهم عن بعض آخر.

و لا فرق بين أن يكون الاستشفاع و طلب الدعاء في الدنيا أو الآخرة كما زعمه الوهّابيّون بأنّ الآيات و الأخبار ناظرة إلى الشفاعة في الآخرة، و ما يكون شركا هو الشفاعة في الدنيا، و هو كما ترى، ألم يكن سؤال إخوة يوسف لأبيهم في الدنيا؟ أما كان قولهم لموسى اُدْعُ لَنا رَبَّكَ فيها؟ و أ ليس محطّ قوله تعالى: وَ لَوْ أَنَّهُمْ . . . جاؤُكَ . . . وَ اِسْتَغْفَرَ لَهُمُ اَلرَّسُولُ. . . هنا؟ مضافا إلى ما ورد من الأخبار الكثيرة في كتب أهل السنّة التي تتضمّن الشفاعة و التوسّل في الدنيا

ص:325

بالأولياء و أرواحهم، مرّ بعضها.

ثمّ لو كان الاعتقاد بالشفاعة و طلبها شرك فما الفرق بين أن يكون في الدنيا أو في الآخرة، على أنّ لو سلّمنا عدم قيام الدليل على ثبوت الشفاعة في الدنيا يكون الاعتقاد بالشفاعة لغوا لا شركا، فمن أين تحكمون بكون الاعتقاد بها شركا؟ و ممّا تجدر الإشارة إليه أنّ للوهّابيّين شبهات حول زيارة القبور، إن أردت التفصيل فراجع الكتاب القيّم الغدير للعلاّمة الأميني رحمه اللّه و غيره من كتب أصحابنا.

الشبهة الثالثة [إنّ وعد الشفاعة يوجب تجرّي الناس على المعصية]
اشارة

إنّ وعد الشفاعة من اللّه تعالى و تبليغها بواسطة الأنبياء عليهم السّلام يوجب تجرّي الناس على المعصية و الطغيان و اغترارهم على هتك المحارم و اكتساب المآثم، و هو مناف للغرض الوحيد من تشريع الدين، و هو سوق الناس إلى عبوديّة اللّه و طاعته، فلا يمكن الالتزام بها و لا بدّ لنا من تأويل ما يدلّ عليها من الكتاب و السنّة.

الجواب

و هذه شبهة قد ألقيت منذ زمن الأئمّة عليهم السّلام كما مرّ في الفصول المتقدّمة حديث أبي أيمن حيث قال لأبي جعفر عليه السّلام: يغرّون الناس و يقولون: «شفاعة محمّد، شفاعة محمّد» فغضب أبو جعفر عليه السّلام حتّى تربّد وجهه، ثمّ قال: ويحك يا أبا أيمن، . . . أما لو قد رأيت أفزاع القيامة لقد احتجت إلى شفاعة محمّد صلّى اللّه عليه و آله. . . ثمّ قال: ما أحد من الأوّلين و الآخرين إلاّ و هو محتاج إلى شفاعة محمّد صلّى اللّه عليه و آله. . .

فإنّك ترى كم من بون بعيد بين قول الإمام عليه السّلام و بين هذه الشبهة، حيث يقول الإمام عليه السّلام: إنّ الأوّلين و الآخرين حتّى الأنبياء يحتاجون إلى الشفاعة و بدونها لا يتمّ شأنهم، و لذا لا يليق لأحد أن يغرّ بعمله، فالشفاعة في رؤية الإمام سبب

ص:326

لدفع الغرور، لا موجب له.

و ثانيا، أنّ وعد الشفاعة إنّما يستلزم تجرّي الناس و غرورهم إذا كان المجرمون المشمولون للشفاعة عيّنوا من قبل، و أيضا أعلن أنّ جميع الذنوب في كلّ الظروف مشمول لهذه السنّة، و أمّا إذا أبهم الأمر بحيث لا يعلم أنّ الشفاعة مقبولة في أيّ الذنوب، و في حقّ أيّ المذنبين، و أنّ العقاب المرفوع بالشفاعة هل هو جميع العقوبات و في جميع الظروف أم لا، فلذا لا تعلم نفس ما أخفي لها، و هل تنال الشفاعة أم لا، فلا يتجرّء العبد أن يعصي.

و ثالثا، أنّه لم يقل أحد بأنّ معنى الشفاعة عدم تعذيب المجرمين بأسره بل يمكن أن تنال قوما الشفاعة بعد عذاب القبر بتلك الشدّة التي وردت في الروايات بل بعد أمد بعيد من عذابهم يوم القيامة، كما مرّ في الفصول الماضية ما عن عليّ عليه السّلام:

فإنّ من المسرفين من لا تلحقه شفاعتنا إلاّ بعد عذاب ثلاثمائة ألف سنة.

و ممّا يناسب المقام خبر الصدوق رحمه اللّه في التوحيد ص 407 باب الأمر و النهي ح 6(كما مرّ في ف 4) و بعض الأخبار المناسبة في باب جهنّم، لا سيّما حديث أسرار الصلوة. فأنّى للشفاعة بإغرار الناس؟ !

و رابعا، ليس نطاق الشفاعة محدود بغفران الذنوب فقطّ بل قد تكون الشفاعة لترفيع الدرجات كما رأيت في حديث أبي أيمن قول الإمام عليه السّلام: ما أحد من الأوّلين و الآخرين إلاّ و هو محتاج إلى شفاعة محمّد صلّى اللّه عليه و آله.

و خامسا، بالنقض بالآيات الدالّة على شمول المغفرة وسعة الرحمة و الآيات و الأخبار الواردة في باب التوبة و الدعاء.

و سادسا، أنّ الإنسان يحتاج لارتقائه و كماله إلى جناحي الإنذار و التبشير معا، لأنّ الإنسان له حالات مختلفة، قد يحتاج إلى الإنذار و الوعيد، و مرّة إلى الوعد و التشويق، كما نشاهد في سيرة القرآن فتارة ينذر بالنار و العذاب و اخرى يعد بالجنّة و الشفاعة، و لذا نرى أنّ الذي بشّر بالشفاعة أنذر إلى جانبه بأنّ أشدّ

ص:327

الذنوب ما استخفّ به صاحبه، كما مرّ في باب الذنب.

الشبهة الرابعة أنّ القول بالشفاعة يوهم في الذهن نوعا من المحسوبيّة
اشارة

أنّ القول بالشفاعة يوهم في الذهن نوعا من المحسوبيّة (پارتى بازى) و هي التي تعدّ من المنكرات و القبائح و لذا لا يمكن الالتزام به.

الجواب

لا يخفى أنّ بين الوساطة و المحسوبيّة بون بعيد، و ما يعدّ من المنكرات هو المحسوبيّة و أمّا الوساطة فهي أمر حسن لا ينكره أحد بل يضطرّ إليه كلّ الناس لأنّ كثيرا من الامور يحتاج إلى توسّط شيء أو أشياء أو شخص، مثلا إذا التجأ امرؤ إلى شخص لإنقاذ غريقه أو أمر آخر فلا أظنّ عاقلا يشكّ في حسنه قطّ فضلا عن إنكاره، و هذه السنّة جارية في عالم التشريع أيضا.

ص:328

103- الشكر و الكفران

الآيات

1- فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَ اُشْكُرُوا لِي وَ لا تَكْفُرُونِ. (1)

2- . . . وَ لكِنَّ أَكْثَرَ اَلنّاسِ لا يَشْكُرُونَ. (2)

3- . . . وَ لِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ- وَ اُذْكُرُوا نِعْمَةَ اَللّهِ عَلَيْكُمْ . . . - يا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا اُذْكُرُوا نِعْمَتَ اَللّهِ عَلَيْكُمْ. . . (3)

4- . . . فَاذْكُرُوا آلاءَ اَللّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ -. . . فَاذْكُرُوا آلاءَ اَللّهِ وَ لا تَعْثَوْا فِي اَلْأَرْضِ مُفْسِدِينَ. (4)

5- وَ إِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَ لَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذابِي لَشَدِيدٌ. (5)

6- . . . وَ جَعَلَ لَكُمُ اَلسَّمْعَ وَ اَلْأَبْصارَ وَ اَلْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ. (6)

ص:329


1- -البقرة:152
2- البقرة:243 و بمضمونها في المؤمن:61 و يونس:60 و يوسف:38 و النمل:73
3- المائدة:6 و 7 و 11
4- الأعراف:69 و 74
5- إبراهيم:7
6- النحل:78

7- فَكُلُوا مِمّا رَزَقَكُمُ اَللّهُ حَلالاً طَيِّباً وَ اُشْكُرُوا نِعْمَتَ اَللّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيّاهُ تَعْبُدُونَ. (1)

8- . . . إِنَّ اَللّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ خَوّانٍ كَفُورٍ. (2)

9- . . . إِنَّ اَلْإِنْسانَ لَكَفُورٌ. (3)

10- وَ هُوَ اَلَّذِي أَنْشَأَ لَكُمُ اَلسَّمْعَ وَ اَلْأَبْصارَ وَ اَلْأَفْئِدَةَ قَلِيلاً ما تَشْكُرُونَ. (4)

11- . . . قالَ هذا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَ أَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَ مَنْ شَكَرَ فَإِنَّما يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَ مَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ. (5)

12- وَ لَقَدْ آتَيْنا لُقْمانَ اَلْحِكْمَةَ أَنِ اُشْكُرْ لِلّهِ وَ مَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّما يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَ مَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اَللّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ. (6)

13- . . . اِعْمَلُوا آلَ داوُدَ شُكْراً وَ قَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ اَلشَّكُورُ. (7)

14- إِنّا هَدَيْناهُ اَلسَّبِيلَ إِمّا شاكِراً وَ إِمّا كَفُوراً. (8)

15- وَ أَمّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ. (9)

16- إِنَّ اَلْإِنْسانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ- وَ إِنَّهُ عَلى ذلِكَ لَشَهِيدٌ. (10)

ص:330


1- -النحل:114
2- الحجّ:38
3- الحجّ:66 و بهذا المعنى في الشورى:48 و الزخرف:15
4- المؤمنون:78
5- النمل:40
6- لقمان:12
7- سبأ:13
8- الإنسان:3
9- الضحى:11
10- العاديات:6 و 7

أقول:

و من أسمائه تعالى"الشاكر"، كما جاء في الآيات.

الأخبار

1-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: الطاعم الشاكر، له من الأجر كأجر الصائم المحتسب، و المعافى الشاكر له من الأجر كأجر المبتلى الصابر، و المعطى الشاكر له من الأجر كأجر المحروم القانع. (1)

بيان:

«الطاعم» يطلق على الآكل و الشارب. «المحتسب» يقال: فلان احتسب عمله و بعمله: إذا نوى به وجه اللّه. «المعطى» : اسم مفعول. «المعافى» : اسم مفعول من عافاه اللّه: إذا سلّمه من الأسقام و البلايا، و العافية اسم منه. «المحروم» :

من حرم العطاء من اللّه أو من الخلق «القانع» الراضي بما قسم.

في المفردات، «الشكر» : تصوّر النعمة و إظهارها، قيل: و هو مقلوب عن الكشر أي الكشف، و يضادّه الكفر و هو نسيان النعمة و سترها. . . و الشكر ثلاثة أضرب:

شكر القلب، و هو تصوّر النعمة. و شكر اللسان، و هو الثناء على المنعم.

و شكر سائر الجوارح، و هو مكافاة النعمة بقدر استحقاقه انتهى.

و في المصباح، شكرت للّه: اعترفت بنعمته و فعلت ما يجب من فعل الطاعة و ترك المعصية و لهذا يكون الشكر بالقول و العمل انتهى.

و في المرآة ج 8 ص 145، قال المحقّق الطوسيّ رحمه اللّه: الشكر أشرف الأعمال و أفضلها، و اعلم أنّ الشكر مقابلة النعمة بالقول و الفعل و النيّة، و له أركان ثلاثة:

الأوّل: معرفة المنعم و صفاته اللائقة به و معرفة النعمة من حيث إنّها نعمة، و لا تتمّ

ص:331


1- -الكافي ج 2 ص 77 باب الشكر ح 1

تلك المعرفة إلاّ بأن يعرف أنّ النعم كلّها، جليّها و خفيّها من اللّه سبحانه، و أنّه المنعم الحقيقيّ و أنّ الأوساط كلّها منقادون لحكمه مسخّرون لأمره.

الثانيّ: الحال التي هي ثمرة تلك المعرفة، و هي الخضوع و التواضع و السرور بالنعم من حيث إنّها هديّة دالّة على عناية المنعم بك، و علامة ذلك أن لا تفرح من الدنيا إلاّ بما يوجب القرب منه.

الثالث: العمل الذي هو ثمرة تلك الحال فإنّ تلك الحال إذا حصلت في القلب حصل فيه نشاط للعمل الموجب للقرب منه.

و هذا العمل يتعلّق بالقلب و اللسان و الجوارح، أمّا عمل القلب؛ فالقصد إلى تعظيمه و تحميده و تمجيده، و التفكّر في صنايعه و أفعاله و آثار لطفه، و العزم على إيصال الخير و الإحسان إلى كافّة خلقه، و أمّا عمل اللسان فإظهار ذلك المقصود بالتحميد و التمجيد و التسبيح و التهليل، و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر إلى غير ذلك، و أمّا عمل الجوارح فاستعمال نعمه الظاهرة و الباطنة في طاعته و عبادته، و التوقّي من الاستعانة بها في معصيته و مخالفته، كاستعمال العين في مطالعة مصنوعاته و تلاوة كتابه و تذكّر العلوم المأثورة من الأنبياء و الأوصياء عليهم السّلام، و كذا سائر الجوارح.

فظهر أنّ الشكر من امّهات صفات الكمال و تحقّق الكامل منه نادر كما قال سبحانه: وَ قَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ اَلشَّكُورُ و لمّا كان الشكر بالجوارح التي هي من نعمه تعالى و لا يتأتّى إلاّ بتوفيقه سبحانه، فالشكر أيضا نعمة من نعمه و يوجب شكرا آخر، فينتهي إلى الاعتراف بالعجز عن الشكر، فآخر مراتب الشكر الاعتراف بالعجز عنه، كما أنّ آخر مراتب المعرفة و الثناء الاعتراف بالعجز عنهما، و كذا العبادة كما قال سيّد العابدين و العارفين و الشاكرين صلّى اللّه عليه و آله: «لا أحصي ثناء عليك، أنت كما أثنيت على نفسك» ، و قال صلّى اللّه عليه و آله: «ما عبدناك حقّ عبادتك، و ما عرفناك حقّ معرفتك» .

ص:332

2-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ما فتح اللّه على عبد باب شكر فخزن عنه باب الزيادة. (1)

أقول:

في نهج البلاغة (ص 1289 ح 427) قال أمير المؤمنين عليه السّلام: ما كان اللّه ليفتح على عبد باب الشكر و يغلق عنه باب الزيادة. . .

بيان: و هما إشارتان إلى قوله تعالى: لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ . «فخزن» : أي أحرز و منع.

3-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: مكتوب في التوراة: اشكر من أنعم عليك و أنعم على من شكرك، فإنّه لا زوال للنعماء (من نعمائي ف ن) إذا شكرت، و لا بقاء لها إذا كفرت، الشكر زيادة في النعم و أمان من الغير. (2)

بيان:

«الغير» : اسم للتغيّر أي تغيّر النعمة بالنقمة و تغيّر الحال و انتقالها من الصلاح إلى الفساد.

4-عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه السّلام قال: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عند عائشة ليلتها، فقالت: يا رسول اللّه، لم تتعب نفسك و قد غفر اللّه لك ما تقدّم من ذنبك و ما تأخّر؟ فقال: يا عائشة، أ لا أكون عبدا شكورا؟

قال: و كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقوم على أطراف أصابع رجليه فأنزل اللّه سبحانه و تعالى: طه- ما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ اَلْقُرْآنَ لِتَشْقى . (3)

أقول:

لاحظ حديث جابر مع الإمام عليّ بن الحسين عليه السّلام في البحار ج 46 ص 78. . . ثمّ

ص:333


1- -الكافي ج 2 ص 77 ح 2
2- الكافي ج 2 ص 77 ح 3
3- الكافي ج 2 ص 77 ح 6

أقبل جابر يقول: يا بن رسول اللّه، أما علمت أنّ اللّه إنّما خلق الجنّة لكم و لمن أحبّكم. . . فما هذا الجهد الذي كلّفته نفسك؟ !

فقال له عليّ بن الحسين: يا صاحب رسول اللّه، أما علمت أنّ جدّي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قد غفر اللّه له ما تقدّم من ذنبه و ما تأخّر، فلم يدع الاجتهاد له، و تعبّد -بأبي هو و أمّي-حتّى انتفخ الساق و ورم القدم، و قيل له: أ تفعل هذا و قد غفر اللّه لك ما تقدّم من ذنبك و ما تأخّر؟ قال: أ فلا أكون عبدا شكورا. . .

5-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ما أنعم اللّه على عبد من نعمة فعرفها بقلبه، و حمد اللّه ظاهرا بلسانه، فتمّ كلامه، حتّى يؤمر له بالمزيد. (1)

6-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: شكر النعمة اجتناب المحارم، و تمام الشكر قول الرجل: اَلْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ اَلْعالَمِينَ . (2)

7-عن صفوان الجمّال عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال لي: ما أنعم اللّه على عبد بنعمة صغرت أو كبرت، فقال: «الحمد للّه» إلاّ أدّى شكرها. (3)

8-عن أبي بصير قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ الرجل منكم ليشرب الشربة من الماء فيوجب اللّه له بها الجنّة، ثمّ قال: إنّه ليأخذ الإناء فيضعه على فيه فيسمّي ثمّ يشرب فينحّيه و هو يشتهيه فيحمد اللّه، ثمّ يعود فيشرب، ثمّ ينحّيه فيحمد اللّه، ثمّ يعود فيشرب، ثمّ ينحّيه فيحمد اللّه، فيوجب اللّه عزّ و جلّ بها له الجنّة. (4)

9-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إذا ورد عليه أمر يسرّه قال: الحمد للّه على هذه النعمة، و إذا ورد عليه أمر يغتمّ به قال: الحمد للّه على كلّ

ص:334


1- -الكافي ج 2 ص 78 ح 9
2- الكافي ج 2 ص 78 ح 10
3- الكافي ج 2 ص 79 ح 14
4- الكافي ج 2 ص 79 ح 16

حال. (1)

بيان:

في المرآة، قيل: في كلّ بلاء خمسة أنواع من الشكر:

الأوّل: يمكن أن يكون دافعا أشدّ منه كما أنّ موت دابّته دافع لموت نفسه فينبغي الشكر على عدم ابتلائه بالأشدّ.

الثاني: أنّ البلاء إمّا كفّارة للذنوب أو سبب لرفع الدرجة فينبغي الشكر على كلّ منهما.

الثالث: أنّ البلاء مصيبة دنيويّة فينبغي الشكر على أنّه ليس مصيبة دينيّة. . .

الرابع: أنّ البلاء كان مكتوبا في اللوح المحفوظ و كان في طريقه لا محالة، فينبغي الشكر على أنّه مضى و وقع خلف ظهره.

الخامس: أنّ بلاء الدنيا سبب لثواب الآخرة و زوال حبّ الدنيا من القلب فينبغي الشكر عليها.

أقول: إنّ العبد إذا ابتلى و صبر فهو كمال له، هذا، لكن فوقه أنّه إذا ابتلى يشكر و يحتسب أنّه نعمة من عند اللّه تعالى.

10-عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه السّلام قال: تقول ثلاث مرّات إذا نظرت إلى المبتلى من غير أن تسمعه: «الحمد للّه الذي عافاني ممّا ابتلاك به، و لو شاء فعل» قال: من قال ذلك لم يصبه ذلك البلاء أبدا. (2)

11-عن عبد اللّه بن مسكان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كان في سفر يسير على ناقة له، إذ [ا]نزل فسجد خمس سجدات، فلمّا أن ركب قالوا: يا رسول اللّه، إنّا رأيناك صنعت شيئا لم تصنعه؟ فقال: نعم استقبلني

ص:335


1- -الكافي ج 2 ص 79 ح 19
2- الكافي ج 2 ص 79 ح 20

جبرئيل عليه السّلام فبشّرني ببشارات من اللّه عزّ و جلّ، فسجدت للّه شكرا لكلّ بشرى سجدة. (1)

بيان:

يدلّ الخبر على استحباب سجدة الشكر عند تجدّد كلّ نعمة و البشارة بها، و لا خلاف فيه بين أصحابنا، و يدلّ على ذلك أخبار كثيرة قد مرّ بعضها في باب السجدة.

12-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: فيما أوحى اللّه عزّ و جلّ إلى موسى عليه السّلام:

يا موسى، اشكرني حقّ شكري، فقال: يا ربّ، و كيف أشكرك حقّ شكرك و ليس من شكر أشكرك به إلاّ و أنت أنعمت به عليّ؟ قال: يا موسى، الآن شكرتني حين علمت أنّ ذلك منّي. (2)

13-عن عمّار الدهني قال: سمعت عليّ بن الحسين عليهما السّلام يقول: إنّ اللّه يحبّ كلّ قلب حزين، و يحبّ كلّ عبد شكور، يقول اللّه تبارك و تعالى لعبد من عبيده يوم القيامة: أشكرت فلانا؟ فيقول: بل شكرتك يا ربّ، فيقول:

لم تشكرني إذ لم تشكره، ثمّ قال: أشكركم للّه أشكركم للناس. (3)

14-عن أبي حمزة الثمالي قال: سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول: العبد بين ثلاثة:

بلاء و قضاء و نعمة، فعليه في البلاء من اللّه عزّ و جلّ الصبر فريضة، و عليه في القضاء من اللّه التسليم فريضة، و عليه في النعمة من اللّه عزّ و جلّ الشكر فريضة. (4)

ص:336


1- -الكافي ج 2 ص 80 ح 24
2- الكافي ج 2 ص 80 ح 27
3- الكافي ج 2 ص 81 ح 30
4- الخصال ج 1 ص 86 باب الثلاثة ح 17-و مثله في المحاسن ص 6 عنه عن أبي عبد اللّه عليه السّلام

أقول:

إنّ القلوب كالظروف و خيرها أوعاها، و يدلّ عليه ما قال أمير المؤمنين عليه السّلام لكميل رحمه اللّه: «إنّ هذه القلوب أوعية فخيرها أوعاها» . (1)

و إنّ كمالات الإنسان بحسب استيعابه، فكلّما زاد قابليّته ازداد كماله، فيلزم لإزياد كماله ازدياد قابليّته و استيعابه، و لإزياد القابليّة طرق:

منها، الشكر قال تعالى: لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ .

و منها، الدعاء قال عليه السّلام: «الدعاء يردّ القضاء» .

و منها، التقرّب و التوسّل و التمسّك بالنفوس العالية من النبيّ و الأئمّة عليهم السّلام و خواصّ أوليائهم.

و منها، الصبر على البلايا ففي الصبر على البلاء يرتقي العبد حتّى كان كالجبل الراسخ بل أشدّ.

و منها، التفكّر في صنع اللّه و. . .

15-عن سفيان بن عيينة قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: ما من عبد إلاّ و للّه عليه حجّة إمّا في ذنب اقترفه و إمّا في نعمة قصر عن شكرها. (2)

16-عن أبي عبد اللّه جعفر بن محمّد عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من ردّ عن عرض أخيه المسلم (المؤمن ف ن) كتب من أهل الجنّة ألبتّة، و من اتي إليه معروف فليكاف، فإن عجز فليثن به، فإن لم يفعل فقد كفر النعمة. (3)

17-عن محمود بن أبي البلاد قال: سمعت الرضا عليه السّلام يقول: من لم يشكر المنعم من المخلوقين لم يشكر اللّه عزّ و جلّ. (4)

ص:337


1- -نهج البلاغة ص 1155 في ح 139
2- أمالي الطوسي ج 1 ص 215( البحار ج 71 ص 46)
3- أمالي الطوسي ج 1 ص 238
4- العيون: ج 2 ص 23 ب 31 ح 2

18-في مواعظ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: الإيمان نصفان: نصف في الصبر، و نصف في الشكر. (1)

19-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: إذا وصلت إليكم أطراف النعم فلا تنفّروا أقصاها بقلّة الشكر. (2)

20-و قال عليه السّلام: إنّ للّه تعالى في كلّ نعمة حقّا، فمن أدّاه زاده منها، و من قصّر فيه خاطر بزوال نعمته. (3)

21-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إذا أحسنتم فاحمدوا اللّه، و إذا أسأتم فاستغفروا اللّه. (4)

22-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: أحسنوا جوار النعم، قيل: و ما جوار النعم؟ قال: الشكر لمن أنعم بها و أداء حقوقها. (5)

23-قال الصادق عليه السّلام: إنّ اللّه عزّ و جلّ أنعم على قوم بالمواهب فلم يشكروا فصارت عليهم وبالا، و ابتلى قوما بالمصائب فصبروا فصارت عليهم نعمة. (6)

24-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال: استتمّوا نعم اللّه بالتسليم لقضائه، و الشكر على نعمائه، فمن لم يرض بهذا فليس منّا و لا إلينا. (7)

25-عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عن جبرئيل قال: قال اللّه عزّ و جلّ: أهل ذكري

ص:338


1- -تحف العقول ص 40
2- نهج البلاغة ص 1093 ح 13
3- نهج البلاغة ص 1194 ح 236
4- مشكوة الأنوار ص 27 ب 1 ف 6
5- مشكوة الأنوار ص 30(البحار ج 71 ص 54)
6- مشكوة الأنوار ص 33
7- مشكوة الأنوار ص 33

في نعمتي، و أهل شكري في زيارتي، و أهل طاعتي في كرامتي، و أهل معصيتي لم أقنطهم من رحمتي، فإن مرضوا فأنا طبيبهم و إن تابوا فأنا حبيبهم، و إن لم يتوبوا فبالمصائب و البلايا أطهّرهم. (1)

26-عن سدير قال: سأل رجل أبا عبد اللّه عليه السّلام عن قول اللّه عزّ و جلّ:

فَقالُوا رَبَّنا باعِدْ بَيْنَ أَسْفارِنا وَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ. . . 2 فقال: هؤلاء قوم كانت لهم قرى متّصلة ينظر بعضها إلى بعض، و أنهار جارية، و أموال ظاهرة، فكفروا نعم اللّه و غيّروا ما بأنفسهم من عافية اللّه، فغيّر اللّه ما بهم من نعمة، و إِنَّ اَللّهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ ، فأرسل اللّه عليهم سيل العرم، فغرق قراهم و خرب ديارهم، و ذهب بأموالهم، و أبدلهم مكان جنّاتهم جَنَّتَيْنِ ذَواتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَ أَثْلٍ وَ شَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ ثمّ قال: ذلِكَ جَزَيْناهُمْ بِما كَفَرُوا وَ هَلْ نُجازِي إِلاَّ اَلْكَفُورَ (2).

أقول:

قد مرّ ما بمعناه في باب الذنب ف 2.

بيان: «العرم» عرم يعرم: اشتدّ و خرج عن الحدّ، و العرمة جمع عرم، و قيل: العرم هنا اسم الجرذ و هو الفارة الكبيرة التي نقبت سدّهم و قيل: المطر الشديد.

«الخمط» : الحامض أو المرّ من كلّ شيء، و كلّ شجر لا شوك له و قيل: الخمط:

ضرب من الأراك له حمل يؤكل. «الأثل» يقال بالفارسيّة: درخت گز.

27-عن عليّ بن الحسين عليهما السّلام قال: الذنوب التي تغيّر النعم:

البغي على الناس، و الزوال عن العادة في الخير و اصطناع المعروف، و كفران النعم، و ترك الشكر، قال اللّه تعالى: إِنَّ اَللّهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتّى يُغَيِّرُوا

ص:339


1- -جامع الأخبار ص 127 ف 85
2- الوسائل ج 15 ص 314 ب 44 من جهاد النفس ح 1

ما بِأَنْفُسِهِمْ . . . (1)

28-عن الرضا عن آبائه عليهم السّلام قال: قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: أسرع الذنوب عقوبة كفران النعمة. (2)

29-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: سجدة الشكر واجبة على كلّ مسلم، تتمّ بها صلاتك و ترضي بها ربّك و تعجب الملائكة منك، و إنّ العبد إذا صلّى ثمّ سجد سجدة الشكر فتح الربّ تبارك و تعالى الحجاب بين العبد و بين الملائكة فيقول:

يا ملائكتي، انظروا إلى عبدي، أدّى قربتي (فرضي ف ف) و أتمّ عهدي، ثمّ سجد لي شكرا على ما أنعمت به عليه، ملائكتي، ما ذا له عندي؟ قال: فتقول الملائكة:

يا ربّنا، رحمتك.

ثمّ يقول الربّ تبارك و تعالى: ثمّ ما ذا له؟ فتقول الملائكة: يا ربّنا، جنّتك، فيقول الربّ تعالى: ثمّ ما ذا؟ فتقول الملائكة: يا ربّنا كفاية مهمّه، فيقول الربّ تعالى: ثمّ ما ذا؟ فلا يبقى شيء من الخير إلاّ قالته الملائكة، فيقول اللّه تعالى:

يا ملائكتي ثمّ ما ذا؟ فتقول الملائكة: يا ربّنا، لا علم لنا، فيقول اللّه تعالى:

لأشكرنّه كما شكرني، و أقبل إليه بفضلي و اريه رحمتي.

و روى الصدوق رحمه اللّه نحوه إلاّ أنّه قال: و اريه وجهي. (3)

30-عن جابر عن أبي جعفر عن أمير المؤمنين عليهما السّلام أنّه قال: أيّها الناس، كفر النعمة لوم، و صحبة الجاهل شؤم. (4)

31-كتب الحميريّ إلى القائم عليه السّلام يسأله عن سجدة الشكر بعد

ص:340


1- -الوسائل ج 16 ص 281 ب 41 من الأمر و النهي ح 8
2- الوسائل ج 16 ص 312 ب 8 من فعل المعروف ح 11
3- الوسائل ج 7 ص 6 ب 1 من سجدتي الشكر ح 5
4- المستدرك ج 11 ص 352 ب 44 من جهاد النفس ح 2

الفريضة. . . فأجاب عليه السّلام: سجدة الشكر من ألزم السنن و أوجبها. . . (1)

32-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من سجد سجدة ليشكر نعمة و هو متوضّىء كتب اللّه له عشر حسنات، و محى عنه عشر خطيئات عظام. (2)

33-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من لم ينكر الجفوة لم يشكر النعمة. (3)

34-و عنه عليه السّلام: من احتمل الجفاء لم يشكر النعمة. (4)

35-و عنه عليه السّلام: من لم تغضبه الجفوة لم يشكر النعمة. (5)

بيان:

«الجفوة» : الجفاء و الجفاءة: غلظ الطبع و البعد و الإعراض، و لعلّ المراد أعمّ منه و من الظلم و التعدّي، أي من احتمل الظلم و لم يدفعه عن نفسه مع القدرة عليه فهو لم يشكر النعمة.

36-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال: شكر كلّ نعمة الورع عمّا حرّم اللّه. (6)

37-قال الصادق عليه السّلام: في كلّ نفس من أنفاسك شكر لازم لك بل ألف أو أكثر، و أدني الشكر رؤية النعمة من اللّه تعالى من غير علّة يتعلّق القلب بها دون اللّه عزّ و جلّ و الرضا بما أعطى و أن لا تعصيه بنعمته و تخالفه بشيء من أمره و نهيه بسبب نعمته، فكن للّه عبدا شاكرا على كلّ حال، تجد اللّه ربّا كريما على كلّ حال، و لو كان عند اللّه تعالى عبادة تعبّد بها عباده المخلصون أفضل من الشكر على كلّ حال لأطلق لفظة فيهم من جميع الخلق بها، فلمّا لم يكن أفضل منها خصّها من بين

ص:341


1- -البحار ج 86 ص 194 باب سجدة الشكر ح 1
2- البحار ج 86 ص 219 ح 38
3- البحار ج 71 ص 42 باب الشكر ح 35
4- البحار ج 71 ص 42 ح 37
5- البحار ج 71 ص 42 ح 38
6- البحار ج 71 ص 42 ح 39

العبادات و خصّ أربابها فقال: وَ قَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ اَلشَّكُورُ .

و تمام الشكر الاعتراف بلسان السرّ خالصا للّه عزّ و جلّ بالعجز عن بلوغ أدنى شكره، لأنّ التوفيق للشكر نعمة حادثة يجب الشكر عليها، و هي أعظم قدرا و أعزّ وجودا من النعمة التي من أجلها وفّقت له، فيلزمك على كلّ شكر شكر أعظم منه إلى ما لا نهاية له، مستغرقا في نعمه قاصرا عاجزا عن درك غاية شكره. . . (1)

38-عن أمير المؤمنين عليه السّلام أنّه قال:

الشكر زيادة (الغرر ج 1 ص 6 ف 1 ح 51)

الشكر مفروض (ص 10 ح 178)

الشكر حصن النعم (ص 19 ح 523)

النعم تدوم بالشكر (ص 36 ح 1130)

إظهار الغنى من الشكر (ص 38 ح 1183)

الكريم يشكر القليل-اللئيم يكفر الجزيل. (ص 42 ح 1270 و 1271)

الجزاء على الإحسان بالإساءة كفران (ص 43 ح 1282)

الشكر ترجمان النيّة و لسان الطويّة. (ص 46 ح 1347)

الشكر زينة الرخاء و حصن النعماء (ص 49 ح 1396)

الشكر أحد الجزائين (ص 66 ح 1726)

الشكر على النعمة جزاء لماضيها و اجتلاب لآتيها. (ص 91 ح 2066)

الشكر أعظم قدرا من المعروف، لأنّ الشكر يبقى و المعروف يفنى.

(ص 104 ح 2200)

ص:342


1- -مصباح الشريعة ص 6 ب 6

أحسنوا جوار نعم الدين و الدنيا بالشكر لمن دلّكم عليها.

(ص 134 ف 3 ح 42)

اغتنموا الشكر فأدنى نفعه الزيادة (ص 135 ح 58)

أحسن السمعة شكر ينشر (ص 184 ف 8 ح 187)

آفة النعم الكفران (ص 304 ف 16 ح 3)

إذا أنعمت بالنعمة فقد قضيت شكرها (ص 311 ف 17 ح 41)

بالشكر تدوم النعمة (ص 329 ف 18 ح 1)

ثمرة الشكر زيادة النعم (ص 360 ف 23 ح 36)

خير الناس من إذا أعطي شكر، و إذا ابتلي صبر، و إذا ظلم غفر.

(ص 391 ف 29 ح 72)

زوال النعم بمنع حقوق اللّه منها و التقصير في شكرها. (ص 426 ف 37 ح 31)

سبب المزيد الشكر-سبب تحوّل النعم الكفر. (ص 431 ف 38 ح 34 و 35)

شكر إلهك بطول الثناء-شكر من فوقك بصدق الولاء-شكر نظيرك بحسن الإخاء-شكر من دونك بسيب العطاء (ص 441 ف 40 ح 1 إلى 4)

شكر المنعم عصمة من النقم (ح 5)

شكر الإله يدرّ النعم-شكر النعمة يقضي بمزيدها و يوجب تجديدها-شكر النعمة أمان من تحويلها و كفيل بتأييدها (ح 6 إلى 8)

شكر المؤمن يظهر في عمله-شكر المنافق لا يتجاوز لسانه. (ح 9 و 10)

شكر النعم يوجب مزيدها، و كفرها برهان جحودها-شكر النعمة أمان من حلول النقمة (ص 442 ح 13 و 14)

شكر العالم على علمه عمله به و بذله لمستحقّه (ح 15)

شكرك للراضي عنك يزيده رضا و وفاء. (ح 16)

شكرك للساخط عليك يوجب لك منه صلاحا و تعطّفا. (ح 17)

ص:343

شكر الإحسان من أثنى على مسديه و ذكر بالجميل موليه (ح 19)

شرّ الناس من لا يشكر النعمة و لا يرعى الحرمة (ص 445 ف 41 ح 34)

كفران النعم يزلّ القدم، و يسلب النعم (ج 2 ص 574 ف 69 ح 20)

كفر النعمة لؤم و صحبة الأحمق شؤم (ح 21)

كفر النعم مزيلها-كافل المزيد الشكر (ح 23 و 28)

كفران الإحسان يوجب الحرمان (ص 575 ح 30)

كافر النعمة كافر فضل اللّه سبحانه-كفر النعم مجلبة لحلول النقم.

(ح 36 و 38)

كافر النعمة مذموم عند الخلق و الخالق (ح 43)

لن يقدر أحد أن يحصّن النعم بمثل شكرها-لن يستطيع أحد أن يشكر النعم بمثل الإنعام بها (ص 591 ف 72 ح 33 و 34)

ليس من التوفيق كفران النعم (ص 594 ف 73 ح 35)

من أدام الشكر استدام البرّ (ص 649 ف 77 ح 679)

من استعان بالنعمة على المعصية فهو الكفور (ص 656 ح 796)

من لم يشكر الإنعام فليعدّ من الأنعام (ص 672 ح 997)

من لم يحط النعم بالشكر فقد عرّضها لزوالها (ص 701 ح 1319)

من شكر اللّه تعالى وجب عليه شكر ثان، إذ وفّقه لشكره و هو شكر شكر.

(ص 714 ح 1455)

أقول:

قال السجّاد عليه السّلام (في مناجاة الشاكرين) : إلهي أذهلني عن إقامة شكرك تتابع طولك . . . و نعماؤك كثيرة، قصر فهمي عن إدراكها فضلا عن استقصائها، فكيف لي بتحصيل الشكر، و شكري إيّاك يفتقر إلى شكر، فكلّما قلت: «لك الحمد» وجب عليّ لذلك أن أقول: لك الحمد. . . (مفاتيح الجنان)

ص:344

104- الشماتة

اشارة

قال اللّه تعالى: . . . قالَ اِبْنَ أُمَّ إِنَّ اَلْقَوْمَ اِسْتَضْعَفُونِي وَ كادُوا يَقْتُلُونَنِي فَلا تُشْمِتْ بِيَ اَلْأَعْداءَ وَ لا تَجْعَلْنِي مَعَ اَلْقَوْمِ اَلظّالِمِينَ. (1)

الأخبار

1-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّه قال: لا تبدي الشماتة لأخيك، فيرحمه اللّه و يصيّرها بك، و قال: من شمت بمصيبة نزلت بأخيه لم يخرج من الدنيا حتّى يفتتن به. (2)

بيان:

في المصباح، شمت به يشمت: إذا فرح بمصيبة نزلت به، و الاسم الشماتة.

قال الجوهري: الشماتة: الفرح ببليّة العدوّ، يقال: شمت به يشمت شماتة.

أقول: الشماتة: الفرح ببليّة الغير عدوّا كان أو لا، و يدلّ على ذلك قوله عليه السّلام «لا تبدي الشماتة لأخيك» .

«لا تبدي» : أي لا تظهر. «يفتتن به» : يبتلى به و يمتحن.

ص:345


1- -الأعراف:150
2- الكافي ج 2 ص 267 باب الشماتة

2-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: لا تظهر الشماتة بأخيك، فيرحمه اللّه و يبتليك. (1)

3-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام. . . و سئل أيّوب بعد ما عافاه اللّه: أيّ شيء كان أشدّ عليك ممّا مرّ عليك؟ قال: شماتة الأعداء. . . (2)

ص:346


1- -البحار ج 75 ص 213 باب تتبّع عيوب الناس ح 5
2- البحار ج 12 ص 344 باب قصص أيّوب ح 3(و ص 351 آخر ح 21)

105- الاستشارة و المشورة

الآيات

1- فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اَللّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَ لَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ اَلْقَلْبِ لاَنْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَ اِسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَ شاوِرْهُمْ فِي اَلْأَمْرِ فَإِذا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اَللّهِ إِنَّ اَللّهَ يُحِبُّ اَلْمُتَوَكِّلِينَ. (1)

2- وَ اَلَّذِينَ اِسْتَجابُوا لِرَبِّهِمْ وَ أَقامُوا اَلصَّلاةَ وَ أَمْرُهُمْ شُورى بَيْنَهُمْ وَ مِمّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ. (2)

الأخبار

1-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إذا أراد أحدكم أمرا فلا يشاورنّ فيه أحدا من الناس حتّى يبدأ فيشاور اللّه، قلت: و ما مشاورة اللّه؟ قال: يبدأ فيستخير اللّه فيه أوّلا، ثمّ يشاور فيه، فإنّه إذا بدأ باللّه تبارك و تعالى أجرى اللّه له الخيرة على لسان من يشاء من الخلق. (3)

ص:347


1- -آل عمران:159
2- الشورى:38
3- المحاسن ص 598 كتاب المنافع ب 1 ح 2

أقول:

بهذا المعنى أخبار كثيرة، راجع باب الاستخارة.

بيان: «يستخير اللّه» : أي يطلب الخير من اللّه تعالى.

2-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: فيما أوصى به رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عليّا عليه السّلام أن قال: لا مظاهرة أوثق من المشاورة، و لا عقل كالتدبير. (1)

أقول:

في نهج البلاغة (ص 1112 في ح 51) قال أمير المؤمنين عليه السّلام: و لا ظهير كالمشاورة.

بيان: ظاهر فلانا مظاهرة: عاونه، و الظهير: المعين.

3-عن أبي جعفر عليه السّلام قال: في التوراة أربعة أسطر: من لا يستشر يندم، و الفقر الموت الأكبر، و كما تدين تدان، و من ملك استأثر. (2)

بيان:

استأثر فلان بالشيء: استبدّ به.

4-عن سماعة بن مهران عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: لن يهلك امرء عن مشورة (3).

5-عن الحسن بن الجهم قال: كنّا عند أبي الحسن الرضا عليه السّلام فذكرنا أباه عليه السّلام فقال: كان عقله لا يوازن به العقول، و ربّما شاور الأسود من سودانه، فقيل له: تشاور مثل هذا؟ ! قال: إنّ اللّه تبارك و تعالى ربّما فتح لسانه، قال: فكانوا ربّما أشاروا عليه بالشيء فيعمل به من الضيعة و البستان. (4)

ص:348


1- -المحاسن ص 601 ب 3 ح 15 و صدره في نهج البلاغة ص 1139 في ح 109
2- المحاسن ص 601 ح 16
3- المحاسن ص 601 ح 18
4- المحاسن ص 602 ح 23

بيان:

«الضيعة» : العقار و الأرض المغلّة (زمين زراعتى-زمين غلّه خيز) .

6-عن سليمان بن خالد قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: استشر العاقل من الرجال؛ الورع، فإنّه لا يأمر إلاّ بخير، و إيّاك و الخلاف، فإنّ خلاف الورع العاقل مفسدة في الدين و الدنيا. (1)

7-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: مشاورة العاقل الناصح رشد و يمن و توفيق من اللّه، فإذا أشار عليك الناصح العاقل، فإيّاك و الخلاف فإنّ في ذلك العطب. (2)

بيان:

«العطب» : الهلاك.

8-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من استشار أخاه فلم ينصحه محض الرأي سلبه اللّه رأيه. (3)

بيان:

«فلم ينصحه» النصح: خلاف الغشّ، و أصل النصيحة في اللغة الخلوص.

9-عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ المشورة لا تكون إلاّ بحدودها فمن عرفها بحدودها و إلاّ كانت مضرّتها على المستشير أكثر من منفعتها له، فأوّلها؛ أن يكون الذي يشاوره عاقلا.

و الثانية؛ أن يكون حرّا متديّنا.

و الثالثة، أن يكون صديقا مؤاخيا.

و الرابعة؛ أن تطلعه على سرّك، فيكون علمه به كعلمك بنفسك، ثمّ يستر ذلك

ص:349


1- -المحاسن ص 602 ح 24
2- المحاسن ص 602 ح 25
3- المحاسن ص 602 ح 27

و يكتمه، فإنّه إذا كان عاقلا انتفعت بمشورته، و إذا كان حرّا متديّنا جهد نفسه في النصيحة لك، و إذا كان صديقا مؤاخيا كتم سرّك إذا أطلعته على سرّك، و إذا أطلعته على سرّك فكان علمه به كعلمك تمّت المشورة و كملت النصيحة. (1)

10-في وصيّة أمير المؤمنين لابنه الحسن عليهما السّلام: و إيّاك و مشاورة النساء، فإنّ رأيهنّ إلى أفن و عزمهنّ إلى وهن. (2)

بيان:

«الأفن» : النقص و ضعف الرأي.

11-و قال عليه السّلام في عهده لمالك: و لا تدخلنّ في مشورتك بخيلا يعدل بك عن الفضل و يعدك الفقر، و لا جبانا يضعفك عن الامور، و لا حريصا يزيّن لك الشره بالجور، فإنّ البخل و الجبن و الحرص غرائز شتّى يجمعها سوء الظنّ باللّه. (3)

12-و قال عليه السّلام: رأي الشيخ أحبّ إليّ من جلد الغلام. (4)

بيان:

«الجلد» : البسالة و الصلابة و الشدّة و القوّة.

13-و قال عليه السّلام: من ملك استأثر، و من استبدّ برأيه هلك، و من شاور الرجال شاركها في عقولها. (5)

14-و قال عليه السّلام: من استقبل وجوه الآراء عرف مواقع الخطاء. (6)

ص:350


1- -المحاسن ص 602 ح 28
2- نهج البلاغة ص 938 في ر 31
3- نهج البلاغة ص 998 في ر 53-و نظيره في العلل ج 2 ص 559 ب 350 عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال لعليّ عليه السّلام
4- نهج البلاغة ص 1124 ح 83
5- نهج البلاغة ص 1165 ح 152
6- نهج البلاغة ص 1169 ح 164- الغرر ج 2 ص 685 ف 77 ح 1156

15-و قال عليه السّلام: الجود حارس الأعراض. . . و الاستشارة عين الهداية، و قد خاطر من استغنى برأيه. . . (1)

16-عن معاوية بن وهب عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: استشر في أمرك الذين يخشون ربّهم. (2)

17-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال عليّ عليه السّلام في كلام له: شاور في حديثك الذين يخافون اللّه (3).

18-كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إذا أراد الحرب دعا نساءه فاستشارهنّ ثمّ خالفهنّ. (4)

19-عن سليمان بن خالد قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: إيّاكم و مشاورة النساء فإنّ فيهنّ الضعف و الوهن و العجز. (5)

أقول:

في كراهة استشارة النساء أخبار كثيرة، راجع باب النساء.

20-قال عليّ عليه السّلام: جهل المشير هلاك المستشير. (6)

21-قال الصادق عليه السّلام: شاور في امورك مما يقتضي الدين من فيه خمس خصال: عقل و علم و تجربة و نصح و تقوى، و إن لم تجد فاستعمل الخمسة و اعزم و توكّل على اللّه، فإنّ ذلك يؤدّيك إلى الصواب، و ما كان من امور الدنيا التي هي غير عائدة إلى الدين قاقضها (فارفضها ف ن) و لا تتفكّر فيها، فإنّك إذا فعلت

ص:351


1- -نهج البلاغة ص 1181 ح 202
2- الوسائل ج 12 ص 41 ب 22 من العشرة ح 3
3- الوسائل ج 12 ص 42 ح 4
4- الوسائل ج 20 ص 179 ب 94 من مقدّمات النكاح ح 4
5- الوسائل ج 20 ص 182 ب 96 ح 2
6- مجموعة الأخبار ص 307 ب 174

ذلك أصبت بركة العيش و حلاوة الطاعة.

و في المشاورة اكتساب العلم، و العاقل من يستفيد منها علما جديدا و يستدلّ به على المحصول من المراد، و مثل المشورة مع أهلها مثل التفكّر في خلق السموات و الأرض و فنائهما و هما عينان من العبد لأنّه كلّما قوّى تفكّره فيهما غاص في بحار نور المعرفة و ازداد بهما اعتبارا و يقينا، و لا تشاور من لا يصدّقه عقلك و إن كان مشهورا بالعقل و الورع.

و إذا شاورت من يصدّقه قلبك فلا تخالفه فيما يشير به عليك، و إن كان بخلاف مرادك، فإنّ النفس تجمح عن قبول الحقّ، و خلافها عند قبول الحقايق أبين، قال اللّه تعالى: وَ شاوِرْهُمْ فِي اَلْأَمْرِ و قال اللّه تعالى: وَ أَمْرُهُمْ شُورى بَيْنَهُمْ أي متشاورون فيه. (1)

22-عن الرضا عن آبائه عليهم السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: من غشّ المسلمين في مشورة فقد برئت منه. (2)

23-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: استرشدوا العاقل و لا تعصوه فتندموا. (3)

24-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال: من لم يستشر يندم. (4)

25-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: لا رأي لمن انفرد برأيه.

و قال عليه السّلام: ما عطب من استشار.

و قال عليه السّلام: من شاور ذوي الألباب دلّ على الرشاد، و نال النصح ممّن قبله.

و قال عليه السّلام: رأي الشيخ أحبّ إليّ من حيلة الشباب.

و قال عليه السّلام: ربّ واثق خجل.

ص:352


1- -مصباح الشريعة ص 36 ب 56
2- البحار ج 75 ص 99 باب المشورة ح 8
3- البحار ج 75 ص 100 ح 14
4- البحار ج 75 ص 104 ح 35

و قال عليه السّلام: اللجاجة تسلب الرأي. (1)

26-. . . قال الصادق عليه السّلام: لا تشر على المستبدّ برأيه. (2)

27-عن أمير المؤمنين عليه السّلام أنّه قال:

المشاورة استظهار. (الغرر ج 1 ص 11 ف 1 ح 230)

الاستشارة عين الهداية. (ص 34 ح 1064)

المستشير متحصّن من السقط. (ص 42 ح 1252)

المستبدّ متهوّر في الخطاء و الغلط. (ح 1253)

المستشير على طرف النجاح. (ح 1262)

المشورة تجلب لك صواب غيرك. (ص 57 ح 1546)

المشاورة راحة لك، و تعب لغيرك. (ص 77 ح 1880)

الحزم النظر في العواقب و مشاورة ذوي العقول. (ص 81 ح 1937)

الشركة في الرأي تؤدّي إلى الصواب. (ص 83 ح 1964)

استشر أعدائك تعرف من رأيهم مقدار عداوتهم و مواضع مقاصدهم.

(ص 128 ف 2 ح 236)

استشر عدوّك العاقل، و احذر رأي صديقك الجاهل. (ص 129 ح 445)

اضربوا بعض الرأي ببعض يتولّد منه الصواب. (ص 139 ف 3 ح 89)

امخضوا (3)الرأي مخض السقاء ينتج سديد الآراء. (ح 91)

أفضل من شاورت ذو التجارب، و شرّ من قارنت ذو المعائب.

(ص 204 ف 8 ح 453)

ص:353


1- -البحار ج 75 ص 105 ح 39
2- البحار ج 75 ص 105 ح 41
3- مخض الشيء: حرّكه شديدا، و بالدلو: ضرب بها في ماء البئر لتمتلئ، و الرأي: قلّبه و تدبّر عواقبه حتّى ظهر له الصواب

إنّما حضّ على المشاورة لأنّ رأي المشير صرف و رأي المستشير مشوب بالهوى. (ص 303 ف 15 ح 49)

حقّ على العاقل أن يضيف إلى رأيه رأي العقلاء، و يضمّ إلى (علمه) علوم العلماء. (ص 384 ف 28 ح 53)

خير من شاورت ذوو النهى و العلم، و اولوا التجارب و الحزم.

(ص 389 ف 29 ح 44)

خيانة المستسلم و المستشير من أفظع الامور و أعظم الشرور و موجب عذاب السعير (ص 397 ف 30 ح 38)

شرّ الآراء ما خالف الشريعة. (ص 443 ف 41 ح 3)

شاور قبل أن تعزم، و فكّر قبل أن تقدم-شاور ذوي العقول تأمن الزلل و الندم-شاور في امورك الذين يخشون اللّه ترشد. (ص 448 ف 42 ح 1 إلى 3)

من خالف المشورة ارتبك (1). (ج 2 ص 615 ف 77 ح 102)

من استشار العاقل ملك. (ص 616 ح 128)

من جهل وجوه الآراء أعيته الحيل. (ص 621 ح 223)

من نصح مستشيره صلح تدبيره-من غشّ مستشيره سلب تدبيره.

(ص 631 ح 391 و 400)

من شاور ذوي العقول استضاء بأنوار العقول-من شاور ذوي النهى و الألباب فاز بالنجح و الصواب. (ص 670 ح 971 و 978)

من شاور الرجال شاركها في عقولها. (ص 671 ح 989)

من استعان بذوي الألباب سلك سبيل الرشاد-من استشار ذوي النهى و الألباب فاز بالحزم و السداد. (ص 694 ح 1251 و 1252)

ص:354


1- -ارتبك في الأمر: وقع فيه و لم يكد يتخلّص منه

ما ضلّ من استشار. (ص 736 ف 79 ح 2)

ما استنبط الصواب بمثل المشاورة. (ص 740 ح 74)

لا تشاورنّ في أمرك من يجهل. (ص 802 ف 85 ح 55)

لا تدخلنّ في مشورتك بخيلا، فيعدل بك عن القصد و يعدك الفقر-لا تشركنّ في رأيك جبانا يضعفك عن الأمر، و يعظّم عليك ما ليس بعظيم.

(ص 815 ح 196 و 197)

لا تستشر الكذّاب، فإنّه كالسراب يقرّب إليك البعيد، و يبعّد عليك القريب.

(ص 816 ح 199)

لا تشركنّ في مشورتك حريصا، يهوّن عليك الشرّ و يزيّن لك الشره.

(ح 201)

ص:355

7B22426F6F6B506167654944223A32303534393737322C22426F6F6B4944223A31363732302C2253656374696F6E4E756D223A312C22506167654E756D223A3335362C2253686F77506167654E756D223A22333536222C22436F6E74656E7454797065223A322C22486173496D616765223A747275652C2248617354657874223A66616C73652C22496E7465726E616C4964223A6E756C6C2C22496D616765436F6E74656E7455726C223A222F424F4F4B494D41474553312F424B31353931342F424B3135393134473030332F424B31353931344730303353312F424B3135393134473030335331503335362E676966222C22536F6C72426F6F6B506167654964223A307D

ص:

106- الشهرة و الإخفاء

اشارة

قال اللّه تعالى: تِلْكَ اَلدّارُ اَلْآخِرَةُ نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي اَلْأَرْضِ وَ لا فَساداً وَ اَلْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ. (1)

الأخبار

1-عن أبي عبيدة الحذّاء قال: سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: قال اللّه عزّ و جلّ: إنّ من أغبط أوليائي عندي رجلا خفيف الحال، ذا حظّ من صلاة، أحسن عبادة ربّه بالغيب، و كان غامضا في الناس، جعل رزقه كفافا، فصبر عليه، عجّلت منيّته فقلّ تراثه و قلّت بواكيه. (2)

بيان:

«أغبط» : مأخوذ من الغبطة، و هي حسن الحال و المسرّة، يقال: غبطته إذا تمنّيت مثل ما له من غير أن تريد زواله منه.

«خفيف الحال» : أي قليل المال و الحظّ من الدنيا، و في بعض النسخ"حفيف الحال" و المعنى قريب منه، قال في النهاية: الحفف: الضيق و قلّة المعيشة.

ص:357


1- -القصص:83
2- الكافي ج 2 ص 113 باب الكفاف ح 1

قال في النهاية ج 3 ص 387: «غامضا في الناس» : أي مغمورا غير مشهور.

و في مجمع البحرين (غمض) : أي من كان خفيّا عنهم لا يعرف سوى اللّه تعالى «رزقه كفافا» : أي بقدر الحاجة و الضرورة و بقدر ما يكفّه عن السؤال.

«عجّلت منيّته» المنيّة: الموت من المنى بمعنى القدر لأنّه مقدّرة علينا، كأنّ ذكر تعجيل المنيّة لأنّه من المصائب التي ترد عليه، و علم اللّه صلاحه في ذلك، لخلاصه من أيدي الظلمة أو بذله نفسه للّه بالشهادة، و قيل: كأنّ المراد بعجلة منيّته زهده في مشتهيات الدنيا و عدم افتقاره إلى شيء منها كأنّه ميّت، و قد ورد في الحديث المشهور: «موتوا قبل أن تموتوا» . . .

أقول: لعلّ كثرة مجاهداته و طول حزنه و كثرة بلائه و مصائبه و غصصه توجب تعجيل موته.

«التراث» : مصدر ورث و أصل التاء فيه واو ثمّ انقلب تاء، و قلّة إرثه لكفاف رزقه و لكونه خفيف الحال. «قلّت بواكيه» : لقلّة عياله و أولاده و غموضه و عدم اشتهاره. (المرآة ج 8 ص 327)

2-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: قال اللّه عزّ و جلّ: إنّ من أغبط أوليائي عندي عبدا مؤمنا ذا حظّ من صلاح، أحسن عبادة ربّه، و عبد اللّه في السريرة، و كان غامضا في الناس فلم يشر إليه بالأصابع، و كان رزقه كفافا، فصبر عليه فعجّلت به المنيّة، فقلّ تراثه و قلّت بواكيه. (1)

3-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: و ذلك زمان لا ينجو فيه إلاّ كلّ مؤمن نومة، إن شهد لم يعرف و إن غاب لم يفتقد، أولئك مصابيح الهدى و أعلام السرى، ليسوا بالمساييح، و لا المذاييع البذر، أولئك يفتح اللّه لهم أبواب رحمته، و يكشف

ص:358


1- -الكافي ج 2 ص 114 ح 6

عنهم ضرّاء نقمته. (1)

بيان:

قال رحمه اللّه: «مؤمن نومة» فإنّما أراد به الخامل الذكر القليل الشرّ، و المساييح: جمع مسياح و هو الذي يسيح بين الناس بالفساد و النمائم، و المذاييع: جمع مذياع، و هو الذي إذا سمع لغيره بفاحشة أذاعها و نوّه بها، و البذر: جمع بذور و هو الذي يكثر سفهه و يلغو منطقه.

و في النهاية ج 1 ص 110، «ليسوا بالمذاييع البذر» : البذر جمع بذور، يقال: بذرت الكلام بين الناس كما تبذر الحبوب: أي أفشيته و فرّقته، و قال في ج 2 ص 174:

المذاييع: جمع مذياع، من أذاع الشيء إذا أفشاه، و قيل: أراد الذين يشيعون الفواحش، و هو بناء مبالغة.

4-في وصيّة الباقر عليه السّلام لجابر الجعفيّ: يا جابر، اغتنم من أهل زمانك خمسا: إن حضرت لم تعرف، و إن غبت لم تفتقد، و إن شهدت لم تشاور، و إن قلت لم يقبل قولك، و إن خطبت لم تزوّج. . . (2)

5-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: كفى بالرجل بلاء أن يشار إليه بالأصابع في دين أو دنيا. (3)

أقول:

في كنز العمّال خ 5936 عن النبيّ (ص) : حسب امرئ من الشرّ أن يشار إليه بالأصابع، في دين أو دنيا إلاّ من عصمه اللّه تعالى.

و خ 5949، قال النبيّ (ص) : كفى بالمرء من الإثم أن يشار إليه بالأصابع، قالوا:

ص:359


1- -نهج البلاغة ص 305 في خ 102-و نظيره في الكافي ج 2 ص 178 باب الكتمان ح 12 عنه عليه السّلام و في ح 11 عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله
2- تحف العقول ص 206
3- مشكوة الأنوار ص 320 ب 8 ف 8

يا رسول اللّه، و إن كان خيرا؟ ! قال: و إن كان خيرا فهو شرّ له إلاّ من رحمه اللّه، و إن كان شرّا فهو شرّ.

6-قال الصادق عليه السّلام: الاشتهار بالعبادة ريبة. . . (1)

7-عن الفضيل قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: طوبى لكلّ عبد لومة (نومة ف ن) ، عرف الناس قبل أن يعرفوه. (2)

8-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ اللّه يبغض الشهرتين: شهرة اللباس، و شهرة الصلاة. (3)

أقول:

سيأتي بهذا المعنى في باب اللبس.

9-و عنه عليه السّلام قال: الشهرة خيرها و شرّها في النار. (4)

10-عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال: إنّ اللّه يحبّ الأخفياء الأتقياء الأبرياء، الذين إذا غابوا لم يفقدوا، و إذا حضروا لم يعرفوا. (5)

11-. . . و قال صلّى اللّه عليه و آله: إنّ اللّه يحبّ التقيّ النقيّ الخفيّ. (6)

12-عن جعفر بن محمّد عن أبيه عليهما السّلام أنّ عليّا عليه السّلام وفد إليه رجل من أشراف العرب، فقال له عليّ عليه السّلام: هل في بلادك قوم قد شهّروا أنفسهم بالخير لا يعرفون إلاّ به؟ قال: نعم، قال: فهل في بلادك قوم قد شهّروا أنفسهم بالشرّ لا يعرفون إلاّ به؟ قال: نعم، قال: فهل في بلادك قوم يخرجون السيّئات

ص:360


1- -الوسائل ج 1 ص 79 ب 17 من مقدّمة العبادات ح 9
2- الوسائل ج 15 ص 355 ب 51 من جهاد النفس ح 4
3- المستدرك ج 1 ص 119 ب 16 من مقدّمة العبادات ح 10
4- المستدرك ج 1 ص 120 ح 11
5- المستدرك ج 11 ص 392 ب 51 من جهاد النفس ح 31
6- المستدرك ج 11 ص 392 ح 33

و يكتسبون الحسنات؟ قال: نعم، قال: تلك خيار امّة محمّد صلّى اللّه عليه و آله، تلك النمرقة الوسطى يرجع إليهم الغالي. (1)

بيان:

«النمرقة الوسطى» النمرقة: الوسادة، و استعار عليه السّلام لفظ النمرقة بصفة الوسطى لهم لاعتدالهم في الامور، و لاتّكاء الخلق و استنادهم إليهم.

13-عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام: من شهّر نفسه بالعبادة فاتّهموه على دينه، فإنّ اللّه عزّ و جلّ يكره شهرة العبادة و شهرة اللباس. . . (2)

14-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: حدّثني أبي عن آبائه عليهم السّلام أنّ أمير المؤمنين عليه السّلام قال لكميل: تبذّل و لا تشهر، و وار شخصك و لا تذكر، و تعلّم و اعمل، و اسكت تسلم، تسرّ الأبرار و تغيظ الفجّار، و لا عليك إذا عرّفك اللّه دينه أن لا تعرف الناس و لا يعرفوك. (3)

بيان:

في النهاية ج 1 ص 111، «التبذّل» : ترك التزيّن، و التهيّئ بالهيئة الحسنة الجميلة على جهة التواضع انتهى. و يحتمل هنا معنى آخر بأن يكون المراد ابتذال النفس بالخدمة و ارتكاب خسائس الأعمال. (البحار ج 2 ص 55)

15-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: . . . كونوا ينابيع الحكمة، مصابيح الهدى، أحلاس البيوت، سرج الليل، جدد القلوب، خلقان الثياب، تعرفون في أهل السماء، و تخفون في أهل الأرض. (4)

ص:361


1- -أمالي الطوسي ج 2 ص 262
2- أمالي الطوسي ج 2 ص 263( البحار ج 70 ص 251)
3- البحار ج 2 ص 37 ب 9 من العلم ح 51، و بمضمونه في ص 55 ب 11 ح 27
4- البحار ج 2 ص 38 ح 60

بيان:

«أحلاس البيوت» : كناية عن لزوم البيت و عدم التشهّر في الناس.

«الجدد» : جمع الجديد.

16-عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: طوبى لعبد نومة، عرف الناس فصاحبهم ببدنه، و لم يصاحبهم في أعمالهم بقلبه، فعرفوه في الظاهر، و عرفهم في الباطن. (1)

17-عن حفص بن غياث قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من أحبّ أن يذكر خمل، و من أحبّ أن يخمل ذكر. (2)

أقول:

في البحار ج 78 ص 264، في مواعظ الصادق عليه السّلام: من أراد أن يطول اللّه عمره فليقم أمره، و من أراد أن يحطّ وزره فليرخ ستره، و من أراد أن يرفع ذكره فليخمل أمره.

بيان: أرخى الستر: أرسله و أسد له، و المراد بالستر؛ الحياء و الخوف.

18-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: لا يستكمل العبد (حقيقة ف ن) الإيمان حتّى يكون قلّة الشيء أحبّ إليه من كثرته، و حتّى يكون أن لا يعرف أحبّ إليه من أن يعرف. (3)

أقول:

الأخبار في الباب كثيرة، لاحظ أخبار إخفاء العبادة و الدعاء، و أخبار باب الرئاسة. و يأتي ما يناسب المقام في باب العزلة.

و سيأتي في باب الشيعة: «شيعتنا من لا يعدو صوته سمعه. . . إن شهدوا لم يعرفوا

ص:362


1- -البحار ج 69 ص 272 باب صفات خيار العباد ح 5
2- التحصين ح 38
3- تنبيه الخواطر ص 239( التحصين لابن فهد الحلّي رحمه اللّه ح 23)

و إن غابوا لم يفتقدوا. . .»

و في جامع السعادات ج 2 ص 361 في فصل ذمّ حبّ الجاه و الشهرة: . . . الأخبار بهذه المضامين كثيرة، و لكثرة آفاتها لا يزال أكابر العلماء و أعاظم الأتقياء يفرّون منهما، فرار الرجل من الحيّة السوداء، حتّى أنّ بعضهم إذا جلس إليه أكثر من ثلاثة قام من مجلسه، و بعضهم يبكي لأجل أنّ اسمه بلغ المسجد الجامع.

و بعضهم إذا تبعه اناس من عقبه التفت إليهم و قال: «على م تتّبعوني، فو اللّه لو تعلمون ما أغلق عليه بابي ما تبعني منكم رجلان» و بعضهم يقول: «لا أعرف رجلا أحبّ أن يعرف إلاّ ذهب دينه و افتضح» و آخر يقول: «لا يجد حلاوة الآخرة رجل يحبّ أن يعرفه الناس» و آخر يقول: «و اللّه ما صدق اللّه عبد إلاّ سرّه ألاّ يشعر بمكانه» . . .

و قال بعض أساتذتنا: إنّ عالما من علمائنا المتأخّرين أنيطت به المرجعيّة و الزعامة العامّة، فطلب من إخوانه و أصدقائه أن يدعو له في حرم مولانا الحسين عليه السّلام، و يطلبوا من اللّه موته إذا كانت الرئاسة تجلب له ضررا، و لبّ الإخوان الطلب و دعوا فمات رحمه اللّه بعد مدّة قليلة.

و دعا بعض العلماء متضرّعا يطلب الموت من اللّه تعالى و قد أناخت المرجعيّة ببابه فمات هو الآخر.

و عن بعض المراجع المتأخرين أنّه قال-مشيرا إلى الاشتغالات و الموانع التي شغلته عن تهذيب نفسه و إصلاح أمره-: «ما كنت أظنّ و لا خطر ببالي أنّني أبلغ هذه الحياة و حالاتها الخاصّة» .

ص:363

7B22426F6F6B506167654944223A32303534393737332C22426F6F6B4944223A31363732302C2253656374696F6E4E756D223A312C22506167654E756D223A3336342C2253686F77506167654E756D223A22333634222C22436F6E74656E7454797065223A322C22486173496D616765223A747275652C2248617354657874223A66616C73652C22496E7465726E616C4964223A6E756C6C2C22496D616765436F6E74656E7455726C223A222F424F4F4B494D41474553312F424B31353931342F424B3135393134473030332F424B31353931344730303353312F424B3135393134473030335331503336342E676966222C22536F6C72426F6F6B506167654964223A307D

ص:

107- الشهوات و الأهواء

الآيات

1- زُيِّنَ لِلنّاسِ حُبُّ اَلشَّهَواتِ مِنَ اَلنِّساءِ وَ اَلْبَنِينَ وَ اَلْقَناطِيرِ اَلْمُقَنْطَرَةِ مِنَ اَلذَّهَبِ وَ اَلْفِضَّةِ وَ اَلْخَيْلِ اَلْمُسَوَّمَةِ وَ اَلْأَنْعامِ وَ اَلْحَرْثِ ذلِكَ مَتاعُ اَلْحَياةِ اَلدُّنْيا وَ اَللّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ اَلْمَآبِ. (1)

2- وَ اَللّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَ يُرِيدُ اَلَّذِينَ يَتَّبِعُونَ اَلشَّهَواتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيماً. (2)

3- وَ اُتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ اَلَّذِي آتَيْناهُ آياتِنا فَانْسَلَخَ مِنْها فَأَتْبَعَهُ اَلشَّيْطانُ فَكانَ مِنَ اَلْغاوِينَ- وَ لَوْ شِئْنا لَرَفَعْناهُ بِها وَ لكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى اَلْأَرْضِ وَ اِتَّبَعَ هَواهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ اَلْكَلْبِ. . . (3)

4- . . . وَ لا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنا وَ اِتَّبَعَ هَواهُ وَ كانَ أَمْرُهُ فُرُطاً. (4)

5- فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضاعُوا اَلصَّلاةَ وَ اِتَّبَعُوا اَلشَّهَواتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ

ص:365


1- -آل عمران:14
2- النساء:27
3- الأعراف:175 و 176
4- الكهف:28

غَيًّا. (1)

6- أَ رَأَيْتَ مَنِ اِتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ أَ فَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلاً. (2)

7- فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّما يَتَّبِعُونَ أَهْواءَهُمْ وَ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اِتَّبَعَ هَواهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اَللّهِ إِنَّ اَللّهَ لا يَهْدِي اَلْقَوْمَ اَلظّالِمِينَ. (3)

8- بَلِ اِتَّبَعَ اَلَّذِينَ ظَلَمُوا أَهْواءَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ فَمَنْ يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اَللّهُ وَ ما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ. (4)

9- . . . وَ لا تَتَّبِعِ اَلْهَوى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اَللّهِ إِنَّ اَلَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اَللّهِ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ بِما نَسُوا يَوْمَ اَلْحِسابِ. (5)

10- أَ فَرَأَيْتَ مَنِ اِتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ وَ أَضَلَّهُ اَللّهُ عَلى عِلْمٍ وَ خَتَمَ عَلى سَمْعِهِ وَ قَلْبِهِ وَ جَعَلَ عَلى بَصَرِهِ غِشاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اَللّهِ أَ فَلا تَذَكَّرُونَ. (6)

11- . . . أُولئِكَ اَلَّذِينَ طَبَعَ اَللّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَ اِتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ. (7)

12- وَ أَمّا مَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ وَ نَهَى اَلنَّفْسَ عَنِ اَلْهَوى- فَإِنَّ اَلْجَنَّةَ هِيَ اَلْمَأْوى. (8)

ص:366


1- -مريم:59
2- الفرقان:43
3- القصص:50
4- الروم:29
5- ص:26
6- الجاثية:23
7- محمّد صلّى اللّه عليه و آله:16
8- النازعات:40 و 41

الأخبار

1-عن الصادق جعفر بن محمّد عن آبائه عن عليّ عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: طوبى لمن ترك شهوة حاضرة لموعد لم يره. (1)

بيان:

في المصباح، «الشهوة» : اشتياق النفس إلى الشيء، و الجمع شهوات.

و في المفردات: أصل الشهوة نزوع النفس إلى ما تريده و ذلك في الدنيا ضربان:

صادقة و كاذبة، فالصادقة ما يختلّ البدن من دونه كشهوة الطعام عند الجوع، و الكاذبة ما لا يختلّ من دونه، و قد يسمّى المشتهى شهوة، و قد يقال للقوّة التي تشتهي الشيء: شهوة.

2-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: احذروا أهواءكم كما تحذرون أعداءكم، فليس شيء أعدى للرجال من اتّباع أهوائهم و حصائد ألسنتهم. (2)

بيان:

في النهاية ج 1 ص 394، «حصائد ألسنتهم» : أي ما يقتطعونه من الكلام الذي لا خير فيه، واحدتها حصيدة، تشبيها بما يحصد من الزرع، و تشبيها للسان و ما يقتطعه من القول بحدّ المنجل الذي يحصد به انتهى.

«الهوى» : جمع أهواء و هو مصدر أي الحبّ و الاشتهاء أو إرادة النفس و ميلانها إلى ما تستلذّ، ثمّ سمّي به المهويّ المشتهى محمودا كان أو مذموما ثمّ غلب على المذموم.

و في المفردات، الهوى: ميل النفس إلى الشهوة، و يقال ذلك للنفس المائلة

ص:367


1- -الوسائل ج 15 ص 309 ب 42 من جهاد النفس ح 3
2- الكافي ج 2 ص 251 باب اتّباع الهوى ح 1

إلى الشهوة، و قيل: سمّي بذلك لأنّه يهوي بصاحبه في الدنيا إلى كلّ داهية و في الآخرة إلى الهاوية. . .

3-عن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: يقول اللّه عزّ و جلّ: و عزّتي و جلالي و عظمتي و كبريائي و نوري و علوّي و ارتفاع مكاني، لا يؤثر عبد هواه على هواي إلاّ شتّتّ عليه أمره، و لبست عليه دنياه، و شغلت قلبه بها و لم اؤته منها إلاّ ما قدّرت له، و عزّتي و جلالي و عظمتي و نوري و علوّي و ارتفاع مكاني، لا يؤثر عبد هواي على هواه إلاّ استحفظته ملائكتي، و كفّلت السموات و الأرضين رزقه و كنت له من وراء تجارة كلّ تاجر و أتته الدنيا و هي راغمة. (1)

أقول:

بهذا المعنى أخبار اخر، راجع الوسائل ج 15 ب 32 من جهاد النفس و المستدرك.

بيان: «شتّتّ عليه أمره» : كناية عن تحيّره في اموره و عدم انتظامها. «لبست عليه دنياه» : أي خلطتها أو أشكلتها و ضيّقت عليه المخرج منها. «أتته الدنيا و هي راغمة» : أي ذليلة منقادة، كناية عن تيسّر حصولها بلا مشقّة و لا مذلّة أو مع هوانها عليه، و ليست لها عنده منزلة لزهده فيها. . . (المرآة ج 10 ص 314)

4-. . . قال: و كان أبو عبد اللّه عليه السّلام يقول: لا تدع النفس و هواها، فإنّ هواها [في]رداها، و ترك النفس و ما تهوى أذاها (داؤها ف ن) و كفّ النفس عمّا تهوى دواؤها. (2)

بيان:

«رداها» : أي هلاكها.

ص:368


1- -الكافي ج 2 ص 251 ح 2
2- الكافي ج 2 ص 252 ح 4

أقول: قد مرّ في باب الأمل عن الكافي: في حديث موسى بن جعفر عليه السّلام لهشام:

و من أطفأ نور عبرته بشهوات نفسه فكأنّما أعان هواه على هدم عقله.

و عن أمير المؤمنين عليه السّلام: إنّما أخاف عليكم اثنتين: اتّباع الهوى و طول الأمل، أمّا اتّباع الهوى فإنّه يصدّ عن الحقّ، و أمّا طول الأمل فينسي الآخرة.

و مرّ في باب التوبة عنه عليه السّلام: و كم من شهوة ساعة اورثت حزنا طويلا.

و مرّ ما يناسب المقام في باب جهاد النفس.

5-قال (الصادق ظ) عليه السّلام: من غلب علمه هواه فهو علم نافع و من جعل شهوته تحت قدميه فرّ الشيطان من ظلّه. (1)

6-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: . . . فإنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كان يقول: «إنّ الجنّة حفّت بالمكاره و إنّ النار حفّت بالشهوات» و اعلموا أنّه ما من طاعة اللّه شيء إلاّ يأتي في كره، و ما من معصية اللّه شيء إلاّ يأتي في شهوة، فرحم اللّه رجلا نزع عن شهوته و قمع هوى نفسه، فإنّ هذه النفس أبعد شيء منزعا، و إنّها لا تزال تنزع إلى معصية في هوى، و اعلموا عباد اللّه، أنّ المؤمن لا يمسي و لا يصبح إلاّ و نفسه ظنون عنده، فلا يزال زاريا عليها و مستزيدا لها. . . (2)

بيان:

قد مرّ كلام النبيّ صلّى اللّه عليه و آله من هذا الحديث مع شرحه في باب الجنّة. «نزع عن شهوته» :

أي كفّ و انتهى عنها. «قمع هوى» يقال: قمعه أي صرفه عمّا يريد، و قهره و ذلّله.

«تنزع إلى معصية» يقال: نزع إلى أهله أي اشتاق. «زاريا عليها» : أي عائبا عليها.

في مجمع البحرين، «ظنون عنده» : أي متّهمة لديه بالخيانة و التقصير في طاعة اللّه

ص:369


1- -جامع الأخبار ص 100 ف 57
2- نهج البلاغة ص 566 في خ 175

عزّ و جلّ.

7-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: عباد اللّه، إنّ من أحبّ عباد اللّه إليه عبدا أعانه اللّه على نفسه. . . قد خلع سرابيل الشهوات، و تخلّى من الهموم إلاّ همّا واحدا انفرد به، فخرج من صفة العمى، و مشاركة أهل الهوى. . . فهو من معادن دينه، و أوتاد أرضه، قد ألزم نفسه العدل، فكان أوّل عدله نفي الهوى عن نفسه. . . (1)

8-و قال عليه السّلام: قاتل هواك بعقلك. (2)

9-و قال عليه السّلام: كم من عقل أسير عند هوى أمير (3).

10-و قال عليه السّلام: من كرمت عليه نفسه هانت عليه شهواته (4).

11-في وصيّة الباقر عليه السّلام لجابر الجعفيّ: . . . و توقّ مجازفة الهوى بدلالة العقل، وقف عند غلبة الهوى باسترشاد العلم. . . (5)

و لا عقل كمخالفة الهوى. . . و لا قوّة كغلبة الهوى. . . و لا جور كموافقة الهوى. . . و لا جهاد كمجاهدة الهوى. . . (6)

12-في مواعظ الجواد عليه السّلام: قال له رجل: أوصني؟ قال عليه السّلام: و تقبل؟ قال:

نعم، قال: توسّد الصبر، و اعتنق الفقر، و ارفض الشهوات، و خالف الهوى، و اعلم أنّك لن تخلو من عين اللّه فانظر كيف تكون. (7)

13-في مواعظ الصادق عليه السّلام: قيل له: أين طريق الراحة؟ فقال عليه السّلام:

ص:370


1- -نهج البلاغة ص 210 خ 86
2- نهج البلاغة ص 1285 في ح 416
3- نهج البلاغة ص 1182 في ح 202
4- نهج البلاغة ص 1293 ح 441
5- تحف العقول ص 207
6- تحف العقول ص 208
7- تحف العقول ص 335

في خلاف الهوى، قيل: فمتى يجد عبد الراحة؟ فقال عليه السّلام: عند أوّل يوم يصير في الجنّة. (1)

14-في وصيّة موسى بن جعفر عليهما السّلام لهشام قال: . . . يا هشام، قليل العمل من العاقل مقبول مضاعف، و كثير العمل من أهل الهوى و الجهل مردود. (2)

يا هشام، قال اللّه جلّ و عزّ: و عزّتي و جلالي و عظمتي و قدرتي و بهائي و علوّي في مكاني، لا يؤثر عبد هواي على هواه إلاّ جعلت الغنى في نفسه، و همّه في آخرته، و كففت عليه في ضيعته، و ضمّنت السموات و الأرض رزقه، و كنت له من وراء تجارة كلّ تاجر. . . (3)

يا هشام، أوحى اللّه تعالى إلى داود عليه السّلام: يا داود، حذّر، فأنذر أصحابك عن حبّ الشهوات، فإنّ المعلّقة قلوبهم بشهوات الدنيا، قلوبهم محجوبة عنّي. . . (4)

و إذا مرّ بك أمران لا تدري أيّهما خير و أصوب، فانظر أيّهما أقرب إلى هواك فخالفه، فإنّ كثير الصواب في مخالفة هواك. . . (5)

15-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من سلم من امّتي من أربع خصال فله الجنّة: من الدخول في الدنيا، و اتّباع الهوى، و شهوة البطن، و شهوة الفرج. (6)

16-عن عبد اللّه بن سنان قال: سألت أبا عبد اللّه جعفر بن محمّد عليهما السّلام

ص:371


1- -تحف العقول ص 273
2- تحف العقول ص 286
3- تحف العقول ص 291
4- تحف العقول ص 293
5- تحف العقول ص 294
6- المستدرك ج 12 ص 110 ب 81 من جهاد النفس ح 2

فقلت: الملائكة أفضل أم بنو آدم؟ فقال: قال أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السّلام:

إنّ اللّه عزّ و جلّ ركّب في الملائكة عقلا بلا شهوة، و ركّب في البهائم شهوة بلا عقل، و ركّب في بني آدم كليهما، فمن غلب عقله شهوته فهو خير من الملائكة، و من غلبت شهوته عقله فهو شرّ من البهائم. (1)

17-قال الصادق عليه السّلام: إنّي لأرجو النجاة لهذه الامّة لمن عرف حقّنا منهم، إلاّ لأحد ثلاثة: صاحب سلطان جائر، و صاحب هوى، و الفاسق المعلن. (2)

18-عن الثمالي عن الصادق عليه السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: أشجع الناس من غلب هواه (3).

19-قال زيد بن صوحان: يا أمير المؤمنين، أيّ سلطان أغلب و أقوى؟ قال: الهوى. (4)

20-قال الجواد عليه السّلام: من أطاع هواه أعطى عدوّه مناه.

و قال عليه السّلام: راكب الشهوات لا تستقال له عثرة. (5)

21-في وصيّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لأبي ذرّ، قال: يا أبا ذرّ، الحقّ ثقيل مرّ، و الباطل خفيف حلو، و ربّ شهوة ساعة تورث حزنا طويلا. (6)

22-في كلم أمير المؤمنين عليه السّلام: لن يستكمل العبد حقيقة الإيمان حتّى يؤثر

ص:372


1- -علل الشرايع ج 1 ص 4 ب 6
2- البحار ج 70 ص 76 باب ترك الشهوات ح 4
3- البحار ج 70 ص 76 ح 5
4- البحار ج 70 ص 76 ح 6
5- البحار ج 70 ص 78 ح 11
6- البحار ج 77 ص 84

دينه على شهوته، و لن يهلك حتّى يؤثر شهوته على دينه. (1)

23-قال الصادق عليه السّلام: من رعى قلبه عن الغفلة و نفسه عن الشهوة و عقله عن الجهل فقد دخل في ديوان المتنبّهين، ثمّ من رعى علمه عن الهوى و دينه عن البدعة و ماله عن الحرام، فهو من جملة الصالحين.

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: طلب العلم فريضة على كلّ مسلم و مسلمة و هو علم الأنفس، فيجب أن يكون نفس المؤمن على كلّ حال في شكر أو عذر على معنى إن قبل ففضل و إن ردّ فعدل، و تطالع الحركات في الطاعات بالتوفيق و تطالع السكون عن المعاصي بالعمصة، و قوام ذلك كلّه بالافتقار إلى اللّه تعالى و الاضطرار إليه و الخشوع و الخضوع، و مفتاحها الإنابة إلى اللّه تعالى مع قصر الأمل بدوام ذكر الموت و عيان الوقوف بين يدي الجبّار، لأنّ في ذلك راحة من الحبس و نجاة من العدوّ و سلامة النفس، و سبب الإخلاص في الطاعات التوفيق، و أصل ذلك أن يردّ العمر إلى يوم واحد.

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: الدنيا ساعة فاجعلها طاعة، و باب ذلك كلّه ملازمة الخلوة بمداومة الفكر، و سبب الخلوة القناعة و ترك الفضول من المعاش، و سبب الفكر الفراغ، و عماد الفراغ الزهد، و تمام الزهد التقوى، و باب التقوى الخشية، و دليل الخشية التعظيم للّه و التمسّك بخالص طاعته في أوامره، و الخوف و الحذر مع الوقوف عن محارمه و دليلها العلم، قال اللّه عزّ و جلّ: إِنَّما يَخْشَى اَللّهَ مِنْ عِبادِهِ اَلْعُلَماءُ 2 . (2)

24-قال اللّه لداود: يا داود، احذر القلوب المعلّقة بشهوات الدنيا فإنّ

ص:373


1- -البحار ج 78 ص 81
2- مصباح الشريعة ص 4 ب 3

عقولها محجوبة عنّي. (1)

25-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

الشهوة تغري. (الغرر ج 1 ص 6 ف 1 ح 44)

اللذّة تلهي-الهوى يردي. (ح 45 و 46)

الشهوات آفات-اللذّات مفسدات. (ص 7 ح 69 و 70)

الهوى صبوة. (ص 10 ح 186)

الشهوات قاتلات. (ص 11 ح 333)

الشهوة حرب. (ص 12 ح 281)

الهوى عدوّ العقل. (ص 13 ح 321)

الهوى آفة الألباب-الهوى عدوّ متبوع. (ص 15 ح 366 و 377)

الهوى شريك العمى. (ص 22 ح 632)

الشهوات مصائد الشيطان. (ح 635)

الهوى داء دفين. (ص 23 ح 653)

الشهوة أضرّ الأعداء. (ص 29 ح 871)

الشهوات تسترقّ الجهول. (ص 32 ح 965)

الهوى قرين مهلك. (ص 33 ح 1000)

الهوى أسّ المحن-الهوى مطيّة الفتن. (ص 35 ح 1090 و 1103)

العاقل من أمات شهوته. (ص 41 ح 1239)

الهوى هويّ إلى أسفل السافلين. (ص 48 ح 1374)

الناجون من النار قليل، لغلبة الهوى و الضلال. (ص 67 ح 1749)

الشهوات آفات قاتلات و خير دواءها اقتناء الصبر عنها. (ص 79 ح 1910)

ص:374


1- -الاختصاص ص 330(البحار ج 14 ص 39)

العقل صاحب جيش الرحمن، و الهوى قائد جيش الشيطان، و النفس متجاذبة بينهما، فأيّهما غلب كانت في حيّزه-العقل و الشهوة ضدّان، و مؤيّد العقل العلم، و مزيّن الشهوة الهوى، و النفس متنازعة بينهما، فأيّهما قهر كانت في جانبه.

(ص 96 ح 2121 و 2122)

العفّة تضعف الشهوة. (ص 102 ح 2170)

الهوى إله معبود-العقل صديق محمود. (ص 107 ح 2240 و 2241)

اهجروا الشهوات، فإنّها تقودكم إلى ارتكاب الذنوب، و التهجّم على السيّئات. (ص 132 ف 3 ح 28)

اغلبوا أهوائكم و حاربوها، فإنّها إن تقيّدكم توردكم من الهلكة أبعد غاية.

(ص 138 ح 82)

إيّاك و طاعة الهوى فإنّه يقود إلى كلّ محنة. (ص 150 ف 5 ح 41)

إيّاكم و تمكّن الهوى منكم، فإنّ أوّله فتنة و آخره محنة.

(ص 159 ح 113)

إيّاكم و غلبة الشهوات على قلوبكم، فإنّ بدايتها ملكة، و نهايتها هلكة.

(ح 114)

أقوى الناس من غلب هواه. (ص 187 ف 8 ح 248)

أفضل الناس من جاهد هواه. (ص 189 ح 265)

أوّل الشهوة طرب و آخرها عطب-أصل الورع تجنّب الشهوات.

(ص 192 ح 311 و 312)

أغلب الناس من غلب هواه بعلمه. (ص 196 ح 357)

أجلّ الامراء من لم يكن الهوى عليه أميرا-أدين الناس من لم تفسد الشهوة دينه. (ص 197 ح 378 و 383)

أفضل الناس من عصى هواه، و أفضل منه من رفض دنياه، و أشقى الناس

ص:375

من غلبه هواه فملكته دنياه و أفسد أخراه. (ص 200 ح 412)

إنّك إن أطعت هواك أصمّك و أعماك، و أفسد منقلبك و أرداك.

(ص 287 ف 13 ح 21)

إنّكم إن أمّرتم عليكم الهوى أصمّكم و أعمالكم و أرداكم.

(ص 292 ف 14 ح 30)

آفة العقل الهوى. (ص 304 ف 16 ح 10)

إذا كمل العقل نقصت الشهوة. (ص 314 ف 17 ح 80)

إذا أبصرت العين الشهوة عمي القلب عن العاقبة. (ص 315 ح 89)

بملك الشهوة التنزّه عن كلّ عاب. (ص 338 ف 18 ح 177)

حرام على كلّ عقل مغلول بالشهوة أن ينتفع بالحكمة. (ص 383 ف 28 ح 36)

خدمة الجسد إعطاؤه ما يستدعيه من الملاذّ و الشهوات و المقتنيات، و في ذلك هلاك النفس. (ص 400 ف 30 ح 60)

رأس التقوى ترك الشهوة-رأس الفضائل ملك الغضب و إماتة الشهوة.

(ص 411 ف 34 ح 15 و 16)

رأس الدين مخالفة الهوى. (ص 412 ح 35)

ردع النفس عن الهوى هو الجهاد الأكبر. (ص 421 ف 36 ح 11)

ردع النفس عن الهوى هو الجهاد النافع. (ح 13)

ردع الهوى من شيمة العقلاء-ردع الشهوة و الغضب جهاد النبلاء.

(ح 19 و 20)

سبب فساد العقل الهوى. (ص 430 ف 38 ح 6)

سبب فساد الدين الهوى. (ص 431 ح 32)

طاعة الهوى تفسد العقل-طاعة الشهوة تفسد الدين.

(ج 2 ص 469 ف 47 ح 1 و 3)

ص:376

طهّروا أنفسكم من دنس الشهوات، تدركوا رفيع الدرجات. (ص 472 ح 37)

طهّروا أنفسكم من دنس الشهوات تضاعف لكم الحسنات. (ح 38)

طاعة الشهوة هلك و معصيتها ملك. (ح 43)

عند حضور الشهوات و اللذّات، يتبيّن ورع الأتقياء. (ص 491 ف 52 ح 26)

عبد الشهوة أذلّ من عبد الرقّ. (ص 498 ف 55 ح 13)

عبد الشهوة أسير لا ينفكّ أسره. (ص 499 ح 15)

غير منتفع بالعظات قلب متعلّق بالشهوات. (ص 507 ف 57 ح 26)

غلبة الشهوة أعظم هلك و ملكها أشرف ملك. (ح 30)

غلبة الشهوة تبطل العصمة و تورد الهلك. (ح 31)

غلبة الهوى يفسد الدين و العقل. (ص 508 ح 34)

غالب الشهوة قبل قوّة ضراوتها (1)، فإنّها إن قويت ملّكتك و استقادتك و لم تقدر على مقاومتها. (ص 510 ح 64)

في طاعة الهوى كلّ الغواية. (ص 514 ف 58 ح 76)

قاتل هواك لعقلك تملك رشدك. (ص 535 ف 61 ح 25)

قرين الشهوات أسير التبعات. (ص 536 ح 43)

قرين الشهوة، مريض النفس معلول العقل. (ص 539 ح 78)

قاتل هواك بعلمك، و غضبك بحلمك. (ص 540 ح 86)

كيف يستطيع الإخلاص من بقلبه الهوى. (ص 553 ف 64 ح 4)

كيف يجد لذّة العبادة من لا يصوم عن الهوى. (ص 554 ح 12)

كيف يصبر عن الشهوة من لم تعنه العصمة. (ح 19)

كيف يصل إلى حقيقة الزهد من لم يمت شهوته. (ص 555 ح 25)

ص:377


1- -الضراوة: العادة بحيث لا يصبر صاحبها عمّا تعود عليه.

كيف يستطيع الهدى من يغلبه الهوى. (ح 28)

ليس في المعاصي أشدّ من اتّباع الشهوة، فلا تطيعوها فشغلكم عن ذكر اللّه.

(ص 597 ف 73 ح 69)

من ملكه هواه ضلّ. (ص 611 ف 77 ح 14)

من أطاع هواه هلك. (ص 613 ح 63)

من ملك هواه ملك النهى. (ص 615 ح 110)

من غلب شهوته ظهر عقله. (ص 625 ح 308)

من وافق هواه خالف رشده-من قوي هواه ضعف عزمه.

(ص 626 ح 312 و 314)

من ركب هواه زلّ. (ص 627 ح 333)

من اتبع هواه أردى نفسه. (ص 628 ح 361)

من زادت شهوته قلّت مروّته. (ص 629 ح 377)

من ملك شهوته كان تقيّا. (ص 646 ح 628)

من ركب الهوى أدرك العمى. (ص 650 ح 694)

من أطاع هواه باع آخرته بدنياه. (ح 695)

من غلب عقله هواه أفلح-من غلب هواه عقله افتضح. (ح 698 و 699)

من أمات شهوته أحيى مروّته-من كثرت شهوته ثقلت مؤنته.

(ح 700 و 701)

من اشتاق إلى الجنّة، سلا عن الشهوات. (ص 666 ح 928)

من غلب هواه على عقله، ظهرت عليه الفضائح. (ص 675 ح 1036)

من غلب عليه غضبه و شهوته فهو في حيّز البهائم. (ص 680 ح 1095)

من ملك شهوته كملت مروّته و حسنت عاقبته. (ص 681 ح 1108)

من أطاع نفسه في شهوتها، فقد أعانها على هلكتها. (ص 683 ح 1131)

ص:378

من أحب نيل الدرجات العلى فليغلب الهوى. (ص 694 ح 1246)

من لم يداو شهوته بالترك لها لم يزل عليلا. (ص 703 ح 1337)

من عرى عن الهوى عمله حسن أثره في كلّ أمر. (ص 708 ح 1384)

من اتّبع هواه [أعماه و أصمّه]، و أزلّه و أضلّه. (ص 718 ح 1466)

من استقاده هواه استحوذ عليه الشيطان. (ص 721 ح 1495)

من نظر بعين هواه افتتن و جار و عن نهج السبيل زاغ و حار.

(ص 722 ح 1520)

مغلوب (مملوك ف ن) الشهوة، أذّل من مملوك الرقّ-مغلوب الهوى دائم الشقا، مؤبّد الرقّ. (ص 764 ف 80 ح 125 و 126)

نظام الدين مخالفة الهوى و التنزّه عن الدنيا. (ص 776 ف 82 ح 32)

لا يجتمع العقل و الهوى. (ص 836 ف 86 ح 137)

لا تجتمع الشهوة و الحكمة. (ح 139)

يستدلّ على الإيمان بكثرة التقى و ملك الشهوة، و غلبة الهوى.

(ص 864 ف 88 ح 14)

ص:379

7B22426F6F6B506167654944223A32303534393737342C22426F6F6B4944223A31363732302C2253656374696F6E4E756D223A312C22506167654E756D223A3338302C2253686F77506167654E756D223A22333830222C22436F6E74656E7454797065223A322C22486173496D616765223A747275652C2248617354657874223A66616C73652C22496E7465726E616C4964223A6E756C6C2C22496D616765436F6E74656E7455726C223A222F424F4F4B494D41474553312F424B31353931342F424B3135393134473030332F424B31353931344730303353312F424B3135393134473030335331503338302E676966222C22536F6C72426F6F6B506167654964223A307D

ص:

108- الشيعة

اشارة

و فيه فصلان:

الفصل الأوّل: فضائل الشيعة و الصفح عنهم

الآيات

1- وَ مَنْ يُطِعِ اَللّهَ وَ اَلرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ اَلَّذِينَ أَنْعَمَ اَللّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ اَلنَّبِيِّينَ وَ اَلصِّدِّيقِينَ وَ اَلشُّهَداءِ وَ اَلصّالِحِينَ وَ حَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً. (1)

2- وَ مَنْ يَتَوَلَّ اَللّهَ وَ رَسُولَهُ وَ اَلَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اَللّهِ هُمُ اَلْغالِبُونَ. (2)

3- وَ إِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْراهِيمَ. (3)

ص:381


1- -النساء:69
2- المائدة:56
3- الصافّات:83
الأخبار

1-عن ميسر عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال لي: أ تخلون و تتحدّثون و تقولون ما شئتم؟ فقلت: إي و اللّه إنّا لنخلوا و نتحدّث و نقول ما شئنا، فقال:

أما و اللّه لوددت أنّي معكم في بعض تلك المواطن، أما و اللّه إنّي لاحبّ ريحكم و أرواحكم، و إنّكم على دين اللّه و دين ملائكته فأعينوا بورع و اجتهاد. (1)

بيان:

«تقولون ما شئتم» : أي من فضائلنا و أسرارنا و ذمّ أعادينا و. . .

في المرآة ج 9 ص 86، «لوددت» : أي أحببت أو تمنّيت، و فيه غاية الترغيب فيه و التحريض عليه.

2-عن ابن أبي عمير عن عمرو بن أبي المقدام قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: خرجت أنا و أبي حتّى إذا كنّا بين القبر و المنبر، إذا هو باناس من الشيعة فسلّم عليهم، ثمّ قال: إنّي و اللّه لاحبّ رياحكم و أرواحكم، فأعينوني على ذلك بورع و اجتهاد، و اعلموا أنّ ولايتنا لا تنال إلاّ بالورع و الاجتهاد، و من ائتمّ منكم بعبد فليعمل بعمله.

أنتم شيعة اللّه و أنتم أنصار اللّه، و أنتم السابقون الأوّلون، و السابقون الآخرون، و السابقون في الدنيا و السابقون في الآخرة إلى الجنّة، قد ضمنّا لكم الجنّة بضمان اللّه عزّ و جلّ و ضمان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، و اللّه ما على درجة الجنّة أكثر أرواحا منكم، فتنافسوا في فضائل الدرجات، أنتم الطيّبون و نساؤكم الطيّبات، كلّ مؤمنة حوراء عيناء، و كلّ مؤمن صدّيق.

و لقد قال أمير المؤمنين عليه السّلام لقنبر: يا قنبر، أبشر و بشّر و استبشر، فو اللّه

ص:382


1- -الكافي ج 2 ص 149 باب تذاكر الإخوان ح 5

لقد مات رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و هو على امّته ساخط إلاّ الشيعة، ألا و إنّ لكلّ شيء عزّا و عزّ الإسلام الشيعة، ألا و إنّ لكلّ شيء دعامة و دعامة الإسلام الشيعة. ألا و إنّ لكلّ شيء ذروة و ذروة الإسلام الشيعة.

ألا و إنّ لكلّ شيء شرفا و شرف الإسلام الشيعة، ألا و إنّ لكلّ شيء سيّدا و سيّد المجالس مجالس الشيعة، ألا و إنّ لكلّ شيء إماما و إمام الأرض أرض تسكنها الشيعة،

و اللّه لو لا ما في الأرض منكم ما رأيت بعين عشبا أبدا، و اللّه لو لا ما في الأرض منكم ما أنعم اللّه على أهل خلافكم، و لا أصابوا الطيّبات، ما لهم في الدنيا و لا لهم في الآخرة من نصيب، كلّ ناصب و إن تعبّد و اجتهد منسوب إلى هذه الآية:

عامِلَةٌ ناصِبَةٌ- تَصْلى ناراً حامِيَةً 1 فكلّ ناصب مجتهد فعمله هباء، شيعتنا ينطقون بنور اللّه (عزّ و جلّ بأمر اللّه ف ن) و من يخالفهم ينطقون بتفلّت.

و اللّه ما من عبد من شيعتنا ينام إلاّ أصعد اللّه عزّ و جلّ روحه إلى السماء فيبارك عليها، فإن كان قد أتى عليها أجلها جعلها في كنوز رحمته و في رياض جنّته و في ظلّ عرشه، و إن كان أجلها متأخّرا بعث بها مع أمنته من الملائكة ليردّوها إلى الجسد الذي خرجت منه لتسكن فيه، و اللّه إنّ حاجّكم و عمّاركم لخاصّة اللّه عزّ و جلّ، و إنّ فقراءكم لأهل الغنى، و إنّ أغنيائكم لأهل القناعة، و إنّكم كلّكم لأهل دعوته و أهل إجابته. (1)

عن أبي عبد اللّه عليه السّلام مثله، و زاد فيه: ألا و إنّ لكلّ شيء جوهرا و جوهر ولد آدم محمّد صلّى اللّه عليه و آله و نحن و شيعتنا بعدنا، حبّذا شيعتنا ما أقربهم من عرش اللّه عزّ و جلّ، و أحسن صنع اللّه إليهم يوم القيامة.

ص:383


1- الكافي ج 8 ص 212 ح 259( أمالي الصدوق م 91 ح 4 و فضائل الشيعة ص 9 ح 8 و أمالي الطوسي ج 2 ص 332)

و اللّه لو لا أن يتعاظم الناس ذلك أو يدخلهم زهو لسلّمت عليهم الملائكة قبلا، و اللّه ما من عبد من شيعتنا يتلو القرآن في صلاته قائما إلاّ و له بكلّ حرف مائة حسنة، و لا قرأ في صلاته جالسا إلاّ و له بكلّ حرف خمسون حسنة، و لا في غير صلاة إلاّ و له بكلّ حرف عشر حسنات، و إنّ للصامت من شيعتنا لأجر من قرأ القرآن ممّن خالفه.

أنتم و اللّه على فرشكم نيام لكم أجر المجاهدين، و أنتم و اللّه في صلاتكم لكم أجر الصافّين في سبيله، أنتم و اللّه الذين قال اللّه عزّ و جلّ: وَ نَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْواناً عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ (1)إنّما شيعتنا أصحاب الأربعة الأعين: عينان في الرأس و عينان في القلب، ألا و إنّ الخلائق كلّهم كذلك، ألا إنّ اللّه عزّ و جلّ فتح أبصاركم و أعمى أبصارهم. (2)

بيان:

«الشيعة» : قد يكون المراد منها ما يقابل العامّة، و هم من يعتقدون بإمامة الأئمّة عليهم السّلام، و قد يراد منها الكاملون الذين يتّبعون أمير المؤمنين عليه السّلام في أعماله و خصاله كسلمان رحمه اللّه و هم احدان الناس و هم قليل غاية القلّة، و لا يكاد يوجد إلاّ نادرا و لا يجوز تسمية غيرهم بهذا الاسم، و سيأتي في ف 2 أوصافهم و علامهم.

«الرياح» : جمع الريح، أي الطيبة العطرة. «الأرواح» إمّا جمع الروح بالضمّ، أو بالفتح بمعنى النسيم و الراحة. «حوراء عيناء» : أي في الجنّة على صفة الحوريّة في الحسن و الجمال.

«أبشر» : أي خذ هذه البشارة. «بشّر» : أي غيرك. «و استبشر» : أي افرح.

«بتفلّت» : أي يصدر عنهم فلتة من غير تفكّر و رويّة و الأخذ من صادق.

ص:384


1- -الحجر:47
2- الكافي ج 8 ص 214 ح 260

«لأهل الغنى» : أي غنى النفس و الاستغناء عن الخلق بتوكّلهم على ربّهم. «أهل إجابته» : أي دعاكم اللّه إلى دينه و طاعته فأجبتموه إليهما.

«إنّ لكلّ شيء جوهرا. . .» في مجمع البحرين: أي حقيقة، و في المرآة: أي كما أنّ الجواهر ممتازة من سائر أجزاء الأرض بالحسن و البهاء و النفاسة و الندرة، فكذا هم بالنسبة إلى سائر ولد آدم عليه السّلام. «الزهو» : الكبر و الفخر. «قبلا» : أي عيانا و مقابلة. «الغلّ» : العداوة و الشحناء.

3-عن ابن عباس قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لعليّ عليه السّلام: يا عليّ، شيعتك هم الفائزون يوم القيامة، فمن أهان واحدا منهم فقد أهانك، و من أهانك فقد أهانني، و من أهانني أدخله اللّه نار جهنّم خالدا فيها و بئس المصير.

يا عليّ، أنت منّي و أنا منك، روحك من روحي و طينتك من طينتي، و شيعتك خلقوا من فضل طينتنا، فمن أحبّهم فقد أحبّنا، و من أبغضهم فقد أبغضنا، و من عاداهم فقد عادانا، و من ودّهم فقد ودّنا.

يا عليّ، إنّ شيعتك مغفور لهم على ما كان فيهم من ذنوب و عيوب.

يا عليّ، أنا الشفيع لشيعتك غدا إذا قمت المقام المحمود فبشّرهم بذلك.

يا عليّ، شيعتك شيعة اللّه، و أنصارك أنصار اللّه، و اوليائك أولياء اللّه، و حزبك حزب اللّه.

يا عليّ، سعد من تولاّك و شقي من عاداك.

يا عليّ، لك كنز في الجنّة و أنت ذو قرنيها. (1)

بيان:

في النهاية ج 4 ص 51: في الحديث «أنّه قال لعليّ: إنّ لك بيتا في الجنّة، و إنّك ذو قرنيها» أي طرفي الجنّة و جانبيها.

ص:385


1- -أمالي الصدوق ص 15 م 4 ح 8

4-عن أبي حمزة الثمالي عن عليّ بن الحسين عليهما السّلام قال: قال سلمان الفارسيّ رحمه اللّه: كنت ذات يوم جالسا عند رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إذ أقبل عليّ بن أبي طالب عليه السّلام فقال له: أ لا أبشّرك يا عليّ؟ قال: بلى يا رسول اللّه، قال: هذا حبيبي جبرئيل يخبرني عن اللّه جلّ جلاله أنّه قد أعطى محبّيك و شيعتك سبع خصال: الرفق عند الموت، و الانس عند الوحشة، و النور عند الظلمة، و الأمن عند الفزع، و القسط عند الميزان، و الجواز على الصراط، و دخول الجنّة قبل سائر الناس من الامم بثمانين عاما. (1)

5-عن موسى بن جعفر عن أبيه عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

لا تستخفّوا بفقراء شيعة عليّ و عترته من بعده، فإنّ الرجل منهم ليشفع في مثل ربيعة و مضر. (2)

6-عن أبي الحسن الرضا عن أبيه عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: شيعة عليّ هم الفائزون يوم القيامة. (3)

7-عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال: إنّ اللّه تبارك و تعالى يبعث اناسا وجوههم من نور، على كراسيّ من نور، عليهم ثياب من نور، في ظلّ العرش بمنزلة الأنبياء و ليسوا بالأنبياء، و بمنزلة الشهداء و ليسوا بالشهداء، فقال رجل: أنا منهم يا رسول اللّه؟ قال: لا، و قال آخر: أنا منهم يا رسول اللّه؟ قال: لا، قيل: من هم يا رسول اللّه؟ قال: فوضع يده على رأس عليّ عليه السّلام و قال: هذا و شيعته. (4)

أقول:

الرجلان في الخبر؛ هما أبو بكر و عمر، كما ورد في أخبار اخر.

ص:386


1- -أمالي الصدوق ص 336 م 54 ح 15
2- أمالي الصدوق ص 307 م 50 ح 16
3- أمالي الصدوق ص 361 م 57 ح 13( العيون ج 2 ص 52 ب 31 ح 201)
4- أمالي الصدوق ص 244 م 42 ح 15

8-عن عليّ بن موسى الرضا عن أبيه عن آبائه عن عليّ بن أبي طالب عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إذا كان يوم القيامة وليّنا حساب شيعتنا، فمن كانت مظلمته فيما بينه و بين اللّه عزّ و جلّ حكمنا فيها فأجابنا، و من كانت مظلمته فيما بينه و بين الناس استوهبناها فوهبت لنا، و من كانت مظلمته بينه و بيننا كنّا أحقّ ممّن عفا و صفح. (1)

9-عن الرضا عن آبائه عن الحسين بن عليّ عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لعليّ: بشّر لشيعتك أنّي الشفيع لهم يوم القيامة، يوم لا تنفع إلاّ شفاعتي. (2)

أقول:

راجع قول الصادق عليه السّلام مع خواصّ أصحابه في ف 1 من باب الإيمان.

10-عن أمير المؤمنين عليه السّلام (في ح الأربعمائة) : شيعتنا بمنزلة النحل لو يعلم الناس ما في أجوافها لأكلوها. (3)

و قال عليه السّلام: إنّ أهل الجنّة لينظرون إلى منازل شيعتنا كما ينظر الإنسان إلى الكواكب في السماء. (4)

و قال عليه السّلام: إنّ اللّه تبارك و تعالى أطلع إلى الأرض فاختارنا، و اختار لنا شيعة، ينصروننا و يفرحون لفرحنا و يحزنون لحزننا و يبذلون أموالهم و أنفسهم فينا، أولئك منّا و إلينا، ما من الشيعة عبد يقارف أمرا نهيناه عنه فيموت حتّى يبتلى ببليّة تمحّص بها ذنوبه، إمّا في مال و إمّا في ولد و إمّا في نفسه، حتّى يلقى اللّه عزّ و جلّ و ما له ذنب، و إنّه ليبقى عليه الشيء من ذنوبه فيشدّد به عليه عند موته.

الميّت من شيعتنا صدّيق شهيد، صدّق بأمرنا و أحبّ فينا و أبغض فينا يريد

ص:387


1- -العيون ج 2 ص 58 ب 31 ح 213
2- العيون ج 2 ص 67 ح 313
3- الخصال ج 2 ص 625
4- الخصال ج 2 ص 629

بذلك اللّه عزّ و جلّ، مؤمن باللّه و برسوله، قال اللّه عزّ و جلّ: وَ اَلَّذِينَ آمَنُوا بِاللّهِ وَ رُسُلِهِ أُولئِكَ هُمُ اَلصِّدِّيقُونَ وَ اَلشُّهَداءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَ نُورُهُمْ 1 . (1)

بيان:

محّص اللّه عن فلان ذنوبه: أي نقّصها و طهّره منها.

11-عن أبي حمزة قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: أنتم أهل تحيّة اللّه و سلامه، و أنتم أهل أثرة اللّه برحمته، و أهل توفيق اللّه و عصمته، و أهل دعوة اللّه و طاعته، لا حساب عليكم و لا خوف و لا حزن. (2)

بيان:

«أثرة اللّه» : اسم من أثر بمعنى اختاره لنفسه أحسن الأشياء.

12-عنه قال: و سمعت أبا عبد اللّه جعفر بن محمّد عليه السّلام يقول: رفع القلم عن الشيعة بعصمة اللّه و ولايته. (3)

13-عنه قال: و سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: إنّي لأعلم قوما قد غفر اللّه لهم و رضي عنهم و عصمهم و رحمهم، و حفظهم من كلّ سوء، و أيّدهم و هداهم إلى كلّ رشد، و بلغ بهم غاية الإمكان، قيل: من هم يا أبا عبد اللّه؟ قال: اولئك شيعتنا الأبرار، شيعة عليّ. (4)

14-و قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: نحن الشهداء على شيعتنا، و شيعتنا شهداء على الناس، و بشهادة شيعتنا يجزون و يعاقبون. (5)

ص:388


1- الخصال ج 2 ص 635
2- فضائل الشيعة للصدوق رحمه اللّه ص 13 ح 13
3- فضائل الشيعة ص 14 ح 14
4- فضائل الشيعة ص 14 ح 15
5- فضائل الشيعة ص 14 ح 16

15-عن معاوية بن عمّار عن جعفر بن محمّد عن أبيه عن جدّه عليهم السّلام قال:

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إذا كان يوم القيامة يؤتى بأقوام على منابر من نور تتلألأ وجوههم كالقمر ليلة البدر، يغبطهم الأوّلون و الآخرون، ثمّ سكت ثمّ أعاد الكلام ثلاثا، فقال عمر بن خطّاب: هم الشهداء؟ قال: هم الشهداء و ليس هم الشهداء الذين تظنّون، قال: هم الأوصياء؟ قال: هم الأوصياء و ليس هم الأوصياء الذين تظنّون، قال: فمن أهل السماء أو من أهل الأرض؟ قال: هم من أهل الأرض، قال: فأخبرني من هم؟

قال: فأومأ بيده إلى عليّ عليه السّلام فقال: هذا و شيعته، ما يبغضه من قريش إلاّ سفاحيّ، و لا من الأنصار إلاّ يهوديّ، و لا من العرب إلاّ دعيّ و لا من سائر الناس إلاّ شقيّ، يا عمر، كذب من زعم أنّه يحبّني و يبغض عليّا. (1)

بيان:

«السفاحيّ» : الزنيّ (ولد الزنا) . «الدعيّ» : أي المتّهم و المشكوك في نسبه.

16-عن ابن أبي نجران قال: سمعت أبا الحسن عليه السّلام يقول: من عادى شيعتنا فقد عادانا، و من والاهم فقد والانا، لأنّهم منّا، خلقوا من طينتنا، من أحبّهم فهو منّا و من أبغضهم فليس منّا، شيعتنا ينظرون بنور اللّه، و يتقلّبون في رحمة اللّه، و يفوزون بكرامة اللّه، ما من أحد من شيعتنا يمرض إلاّ مرضنا لمرضه، و لا اغتمّ إلاّ اغتممنا لغمّه، و لا يفرح إلاّ فرحنا لفرحه، و لا يغيب عنّا أحد من شيعتنا أين كان في شرق الأرض أو غربها، و من ترك من شيعتنا دينا فهو علينا، و من ترك منهم مالا فهو لورثته.

شيعتنا الذين يقيمون الصلاة، و يؤتون الزكاة، و يحجّون البيت الحرام، و يصومون شهر رمضان، و يوالون أهل البيت، و يتبرّؤن من أعدائهم (من

ص:389


1- -فضائل الشيعة ص 30 ح 25

أعدائنا ف ن) ، اولئك أهل الإيمان و التقى، و أهل الورع و التقوى، و من ردّ عليهم فقد ردّ على اللّه، و من طعن عليهم فقد طعن على اللّه، لأنّهم عباد اللّه حقّا، و أولياؤه صدقا، و اللّه إنّ أحدهم ليشفع في مثل ربيعة و مضر، فيشفّعه اللّه تعالى فيهم لكرامته على اللّه عزّ و جلّ. (1)

17-عن ابن عبّاس قال: سألت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عن قول اللّه عزّ و جلّ:

وَ اَلسّابِقُونَ اَلسّابِقُونَ- أُولئِكَ اَلْمُقَرَّبُونَ- فِي جَنّاتِ اَلنَّعِيمِ. 2 فقال: قال لي جبرئيل: ذلك عليّ و شيعته، هم السابقون إلى الجنّة، المقرّبون من اللّه بكرامته لهم. (2)

18-عن أبي ذرّ رحمه اللّه قال: رأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و قد ضرب كتف عليّ بن أبي طالب بيده و قال: يا عليّ، من أحبّنا فهو العربيّ، و من أبغضنا فهو العلج، شيعتنا أهل البيوتات و المعادن و الشرف و من كان مولده صحيحا، و ما على ملّة إبراهيم إلاّ نحن و شيعتنا، و سائر الناس منها برآء، إنّ للّه ملائكة يهدمون سيّئات شيعتنا كما يهدم القوم البنيان. (3)

بيان:

«العلج» : أي الكافر، في مجمع البحرين: و العلج: الرجل الضخم من كفّار العجم، و بعضهم يطلقه على الكافر مطلقا، و الجمع علوج و أعلاج.

«أهل البيوتات و المعادن» في البحار ج 68 ص 23: المراد القبائل الشريفة و الأنساب الصحيحة، في القاموس، البيت: الشرف و الشريف، و في النهاية، بيت الرجل: شرفه. . .

ص:390


1- -صفات الشيعة للصدوق رحمه اللّه ص 3 ح 5
2- أمالي الطوسي ج 1 ص 70
3- أمالي الطوسي ج 1 ص 194

19-عن الصادق عليه السّلام قال: شيعتنا جزء منّا، خلقوا من فضل طينتنا، يسوؤهم ما يسوؤنا و يسرّهم ما يسرّنا، فإذا أرادنا أحد فليقصدهم، فإنّهم الذين يوصل منه إلينا. (1)

20-عن أبي الحسن الثالث عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

يا عليّ، إنّ اللّه عزّ و جلّ قد غفر لك و لشيعتك، و لمحبّي شيعتك، و محبّي محبّي شيعتك، فأبشر، فإنّك الأنزع البطين؛ منزوع من الشرك، بطين من العلم. (2)

أقول:

قد مرّ معنى «الأنزع البطين» في باب الحبّ ف 2 ح 50.

21-عن عليّ بن عبد العزيز قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: و اللّه إنّي لاحبّ ريحكم و أرواحكم و رؤيتكم و زيارتكم، و إنّي لعلى دين اللّه و دين ملائكته، فأعينوا على ذلك بورع، أنا في المدينة بمنزلة الشعرة، أتقلقل حتّى أرى الرجل منكم فأستريح إليه. (3)

بيان:

«بمنزلة الشعرة» : أي كشعرة بيضاء مثلا في ثور أسود، و هي كناية عن قلّة الأشباه و الموافقين في المسلك و المذهب. «التقلقل» : أي التحرّك و الاضطراب.

«الاستراحة» : أي الانس و السكون.

22-عن زيد بن أرقم عن الحسين بن عليّ عليهما السّلام قال: ما من شيعتنا إلاّ صدّيق شهيد، قال: قلت: جعلت فداك، أنّى يكون ذلك و عامّتهم يموتون على فراشهم؟ فقال: أما تتلو كتاب اللّه في الحديد: وَ اَلَّذِينَ آمَنُوا بِاللّهِ وَ رُسُلِهِ أُولئِكَ هُمُ اَلصِّدِّيقُونَ وَ اَلشُّهَداءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ قال: فقلت: كأنّي لم أقرأ هذه الآية

ص:391


1- -أمالي الطوسي ج 1 ص 305
2- أمالي الطوسي ج 1 ص 300- البحار ج 68 ص 101
3- المحاسن ص 163 كتاب الصفوة ب 31 ح 113

من كتاب اللّه عزّ و جلّ قطّ، قال: لو كان الشهداء ليس إلاّ كما تقول لكان الشهداء قليلا. (1)

23-سأل رجل أبا عبد اللّه عليه السّلام-و أنا جالس-عن قول اللّه عزّ و جلّ:

هَلْ يَسْتَوِي اَلَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَ اَلَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا اَلْأَلْبابِ 2 قال:

نحن اَلَّذِينَ يَعْلَمُونَ و عدوّنا اَلَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ و شيعتنا أُولُوا اَلْأَلْبابِ . (2)

24-عن جابر عن أبي جعفر عليه السّلام في قول اللّه تعالى: اَلَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا اَلصّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ اَلْبَرِيَّةِ 4 قال: هم شيعتنا أهل البيت. (3)

25-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: كان أبي يقول: إنّ شيعتنا آخذون بحجزتنا، و نحن آخذون بحجزة نبيّنا، و نبيّنا آخذ بحجزة اللّه. (4)

بيان:

في النهاية ج 1 ص 344: فيه «إنّ الرحم أخذت بحجزة الرحمن» أي اعتصمت به و التجأت إليه مستجيرة. . . و أصل الحجزة: موضع شدّ الإزار، ثمّ قيل للإزار:

حجزة للمجاورة. . . فاستعاره للاعتصام و الالتجاء و التمسّك بالشيء و التعلّق به.

26-عن أبي الربيع الشاميّ قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: بلغني عن عمرو بن إسحق حديث، فقال: اعرضه قال: دخل على أمير المؤمنين عليه السّلام فرأي صفرة في وجهه قال: ما هذه الصفرة؟ فذكر وجعا به، فقال له عليّ عليه السّلام: إنّا لنفرح

ص:392


1- -المحاسن ص 163 ب 32 ح 115
2- المحاسن ص 169 ب 36 ح 134
3- المحاسن ص 171 ح 140
4- المحاسن ص 182 ب 44 ح 179

لفرحكم، و نحزن لحزنكم، و نمرض لمرضكم، و ندعو لكم فتدعون فنؤمّن، قال عمرو: قد عرفت ما قلت، و لكن كيف ندعو فتؤمّن؟ فقال: إنّا سواء علينا البادي و الحاضر، فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام: صدق عمرو. (1)

أقول:

قد مرّ نظيره في باب الإيمان ف 1.

27-عن معاوية بن عمّار عن جعفر عن أبيه عن جدّه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: يا عليّ، لقد مثّلت لي امّتي في الطين، حتّى رأيت صغيرهم و كبيرهم أرواحا قبل أن يخلق الأجساد، و إنّي مررت بك و بشيعتك فأستغفرت لكم، فقال عليّ: يا نبيّ اللّه، زدني فيهم، قال: نعم يا عليّ، تخرج أنت و شيعتك من قبورهم (قبوركم ف) و وجوهكم كالقمر ليلة البدر، و قد فرّجت عنكم الشدائد، و ذهبت عنكم الأحزان، تستظلّون تحت العرش يخاف الناس و لا تخافون، و يحزن الناس و لا تحزنون، و توضع لكم مائدة و الناس في الحساب. (2)

بيان:

«امّتي في الطين» : المراد عالم الذرّ، قبل خلق الأجساد، حيث كان آدم بين الماء و الطين.

28-عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لعليّ عليه السّلام: إنّ ربّي مثّل لي امّتي في الطين، و علّمني أسمائهم كلّها كما عَلَّمَ آدَمَ اَلْأَسْماءَ كُلَّها فمرّ بي أصحاب الرايات، فأستغفرت لك و لشيعتك يا عليّ، إنّ ربّي وعدني في شيعتك خصلة؛ قلت: و ما هي يا رسول اللّه؟ قال: المغفرة لمن آمن منهم و اتّقى، لا يغادر منهم

ص:393


1- -بصائر الدرجات ص 260 ب 16 من الجزء 5 ح 2
2- بصائر الدرجات ص 84 ب 14 من ج 2 ح 5-فضائل الشيعة ص 32 ح 27

صغيرة و لا كبيرة، و لهم تبدّل سيّئاتهم حسنات. (1)

بيان:

«لا يغادر منهم. . .» : أي لا يترك منهم أحدا.

29-عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال لعليّ عليه السّلام: يا عليّ، إنّي سألت اللّه عزّ و جلّ أن لا يحرم شيعتك التوبة حتّى تبلغ نفس أحدهم حنجرته، فأجابني إلى ذلك و ليس ذلك لغيرهم. (2)

30-. . . فلمّا وافى خراسان وجد الذين ردّ عليهم أموالهم ارتدّوا إلى الفطحيّة، و شطيطة على الحقّ، فبلّغها سلامه و أعطاها صرّته و شقّته، فعاشت كما قال عليه السّلام فلمّا توفّيت شطيطة جاء الإمام (موسى بن جعفر عليه السّلام) على بعير له، فلمّا فرغ من تجهيزها ركب بعيره و انثنى نحو البرية و قال: عرّف أصحابك و أقرءهم منّي السّلام و قل لهم: إنّي و من يجري مجراي من الأئمّة لا بدّ لنا من حضور جنائزكم في أيّ بلد كنتم، فاتّقوا اللّه في أنفسكم. (3)

31-عن الرضا عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: توضع يوم القيامة منابر حول العرش لشيعتي و شيعة أهل بيتي المخلصين في ولايتنا، و يقول اللّه عزّ و جلّ: هلّم يا عبادي إليّ لأنشر عليكم كرامتي، فقد أوذيتم في الدنيا. (4)

32-عن عليّ عليه السّلام عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال: مثلي مثل شجرة أنا أصلها، و عليّ فرعها، و الحسن و الحسين ثمرتها، و الشيعة ورقها، فأبى أن يخرج من الطيّب إلاّ الطيّب. (5)

ص:394


1- -بصائر الدرجات ص 85 ح 11
2- البحار ج 27 ص 137 باب ثواب حبّهم ح 138
3- البحار ج 48 ص 75 باب معجزات موسى بن جعفر عليه السّلام في ح 100
4- البحار ج 68 ص 19 باب فضائل الشيعة ح 30
5- البحار ج 68 ص 24 ح 45

33-عن فضيل بن يسار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: أنتم و اللّه نور في ظلمات الأرض. (1)

34-عن عبد اللّه بن الوليد قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول و نحن جماعة:

و اللّه إنّي لأحبّ رؤيتكم و أشتاق إلى حديثكم. (2)

35-عن أبي بصير قال: سمعت جعفر بن محمّد عليهما السّلام و هو يقول: نحن أهل بيت الرحمة، و بيت النعمة، و بيت البركة، و نحن في الأرض بنيان و شيعتنا عرى الإسلام، و ما كانت دعوة إبراهيم إلاّ لنا و شيعتنا، و لقد استثنى اللّه إلى يوم القيامة إلى إبليس فقال: إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ 3 . (3)

بيان:

قال رحمه اللّه: «البنيان» : البناء المبنيّ، و المراد بيت الشرف و النبوّة و الإمامة و الكرامة، و لا يبعد أن يكون في الأصل بنيان الإيمان. «عرى الإسلام» : أي يستوثق و يستمسك بهم الإسلام، أو من أراد الصعود إلى الإسلام أو إلى ذروته يتعلّق بهم، و يأخذ منهم. . . و كأنّ المراد بدعوة إبراهيم قوله عليه السّلام: رَبَّنَا اِغْفِرْ لِي وَ لِوالِدَيَّ وَ لِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ اَلْحِسابُ 5 و يحتمل أن يكون المراد قوله: فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ اَلنّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ 6 و الأوّل أظهر.

36-عن محمّد بن إسحاق قال: سمعت جعفر بن محمّد عليهما السّلام يقول: نحن

ص:395


1- -البحار ج 68 ص 28 ح 54
2- البحار ج 68 ص 29 ح 56
3- البحار ج 68 ص 35 ح 75

خيرة اللّه من خلقه، و شيعتنا خيرة اللّه من امّة نبيّه. (1)

37-عن خيثمة قال: دخلت على أبي جعفر عليه السّلام فقال لي: يا خيثمة، أبلغ موالينا منّا السّلام، و أعلمهم أنّهم لم ينالوا ما عند اللّه إلاّ بالعمل، و قال رسول اللّه: «سلمان منّا أهل البيت» إنّما عنى بمعرفتنا و إقراره بولايتنا و هو قوله تعالى:

خَلَطُوا عَمَلاً صالِحاً وَ آخَرَ سَيِّئاً عَسَى اَللّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ 2 و عسى من اللّه واجب، و إنّما نزلت في شيعتنا المذنبين. (2)

38-عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: يأتي يوم القيامة قوم عليهم ثياب من نور، على وجوههم نور، يعرفون بآثار السجود، يتخطّون صفّا بعد صفّ حتّى يصيروا بين يدي العالمين، يغبطهم النبيّون و الملائكة و الشهداء و الصالحون، ثمّ قال: اولئك شيعتنا و عليّ إمامهم (3).

39-عن جابر الجعفي قال: قال محمّد بن عليّ عليهما السّلام: ما من أحد من هذه الامّة يدين بدين إبراهيم غيرنا و شيعتنا. (4)

40-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: و اللّه إنّكم لعلى دين اللّه و دين ملائكته فأعينوني بورع و اجتهاد، فو اللّه ما يقبل اللّه إلاّ منكم، فاتّقوا اللّه و كفّوا ألسنتكم، صلّوا في مساجدهم، فإذا تميّز القوم فتميّزوا. (5)

41-عن ابن أبي يعفور قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: إنّي اخالط الناس فيكثر عجبي من أقوام لا يتولّونكم و يتولّون فلانا و فلانا، لهم أمانة و صدق

ص:396


1- -البحار ج 68 ص 43 ح 88
2- البحار ج 68 ص 55 ح 100
3- البحار ج 68 ص 68 ح 123
4- البحار ج 68 ص 85 باب أنّ الشيعة هم أهل دين اللّه ح 5
5- البحار ج 68 ص 87 ح 13

و وفاء؟ ! و أقوام يتولّونكم ليس لهم تلك الأمانة و لا الوفاء و لا الصدق! قال:

فاستوى أبو عبد اللّه عليه السّلام جالسا و أقبل عليّ كالغضبان.

ثمّ قال: لا دين لمن دان بولاية إمام جائر ليس من اللّه، و لا عتب على من دان بولاية إمام عدل من اللّه، قال: قلت: لا دين لاولئك و لا عتب على هؤلاء؟ ! فقال: نعم، لا دين لاولئك و لا عتب على هؤلاء، ثمّ قال: أما تسمع لقول اللّه:

اَللّهُ وَلِيُّ اَلَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ اَلظُّلُماتِ إِلَى اَلنُّورِ يخرجهم من ظلمات الذنوب إلى نور التوبة و المغفرة، لولايتهم كلّ إمام عادل من اللّه، و قال: وَ اَلَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِياؤُهُمُ اَلطّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ اَلنُّورِ إِلَى اَلظُّلُماتِ قال: قلت: أ ليس اللّه عنى بها الكفّار حين قال: وَ اَلَّذِينَ كَفَرُوا ؟

قال: فقال: و أيّ نور للكافر و هو كافر فأخرج منه إلى الظلمات؟ إنّما عنى اللّه بهذا أنّهم كانوا على نور الإسلام، فلمّا أن تولّوا كلّ إمام جائر ليس من اللّه، خرجوا بولايتهم إيّاهم من نور الإسلام إلى ظلمات الكفر، فأوجب لهم النار مع الكفّار، فقال: أُولئِكَ أَصْحابُ اَلنّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ . (1)

42-عن صفوان الجمّال قال: دخلت على أبي عبد اللّه عليه السّلام فقلت: جعلت فداك، سمعتك تقول: شيعتنا في الجنّة و فيهم أقوام مذنبون، يركبون الفواحش، و يأكلون أموال الناس، و يشربون الخمور و يتمتّعون في دنياهم. فقال عليه السّلام: هم في الجنّة، اعلم أنّ المؤمن من شيعتنا لا يخرج من الدنيا حتّى يبتلي بدين أو بسقم أو بفقر، فإن عفي عن هذا كلّه شدّد اللّه عليه في النزع عند خروج روحه حتّى يخرج من الدنيا و لا ذنب عليه.

قلت: فداك أبي و أمّي، فمن يردّ المظالم؟ قال: اللّه عزّ و جلّ يجعل حساب الخلق

ص:397


1- -البحار ج 68 ص 104 باب الصفح عن الشيعة ح 18- الكافي ج 1 ص 307 باب فيمن دان اللّه بغير إمام من اللّه ح 3

إلى محمّد و عليّ عليهما السّلام، فكلّ ما كان على شيعتنا حاسبناهم ممّا كان لنا من الحقّ في أموالهم، و كلّ ما بينه و بين خالقه استوهبناه منه، و لم نزل به حتّى ندخله الجنّة برحمة من اللّه، و شفاعة من محمّد و عليّ عليهما السّلام. (1)

43-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال: ما من شيعتنا أحد يقارف أمرا نهيناه عنه فيموت حتّى يبتليه اللّه ببليّة تمحّص بها ذنوبه، إمّا في ماله أو ولده، و إمّا في نفسه حتّى يلقى اللّه محبّنا و ما له ذنب، و إنّه ليبقى عليه شيء من ذنوبه فيشدّد عليه عند موته فتمحّص ذنوبه (2).

44-عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال: لمّا خلق اللّه إبراهيم الخليل عليه السّلام كشف اللّه عن بصره، فنظر إلى جانب العرش فرأى نورا، فقال: إلهي و سيّدي ما هذا النور؟ قال: يا إبراهيم، هذا محمّد صفيّي، فقال: إلهي و سيّدي أرى إلى جانبه نورا آخر، فقال: يا إبراهيم، هذا عليّ ناصر ديني. . .

قال: إلهي و سيّدي أرى عدّة أنوار حولهم لا يحصي عدّتهم إلاّ أنت، قال:

يا إبراهيم، هؤلاء شيعتهم و محبّوهم، قال: إلهي و بما يعرفون شيعتهم و محبّوهم؟ قال: بصلاة الإحدى و الخمسين، و الجهر ببسم اللّه الرحمن الرحيم، و القنوت قبل الركوع، و سجدة الشكر، و التختّم باليمين، قال إبراهيم: اللهمّ اجعلني من شيعتهم و محبّيهم، قال: قد جعلتك منهم، فأنزل اللّه فيه وَ إِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْراهِيمَ- إِذْ جاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ قال المفضّل بن عمر: إنّ أبا حنيفة لمّا أحسّ بالموت روى هذا الخبر و سجد فقبض في سجدته. (3)

بيان:

«إنّ أبا حنيفة» : الصحيح"إنّ إبراهيم"كما في المصدرين و سفينة البحار ج 1

ص:398


1- -البحار ج 68 ص 114 ح 33
2- البحار ج 68 ص 115 ح 36
3- البحار ج 36 ص 213 باب نصوص اللّه على الأئمّة ح 15

ص 732(شيع) و المستدرك ج 3 ص 287 ب 30 من أحكام الملابس ح 3.

45-في وصيّة الصادق عليه السّلام لابن جندب: يا بن جندب، لو أنّ شيعتنا استقاموا لصافحتهم الملائكة، و لأظلّهم الغمام، و لأشرقوا نهارا، و لأكلوا من فوقهم و من تحت أرجلهم، و لما سألوا اللّه شيئا إلاّ أعطاهم. (1)

46-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: خرجت أنا و أبي ذات يوم فإذا هو باناس من أصحابنا بين المنبر و القبر فسلّم عليهم ثم قال: أما و اللّه إنّي لاحبّ ريحكم و أرواحكم، فأعينوني على ذلك بورع و اجتهاد، من ائتمّ بعبد فليعمل بعمله، و أنتم شيعة آل محمّد صلّى اللّه عليه و آله و أنتم شرط اللّه، و أنتم أنصار اللّه، و أنتم السابقون الأوّلون و السابقون الآخرون في الدنيا و السابقون في الآخرة إلى الجنّة، قد ضمّنا لكم الجنّة بضمان اللّه و ضمان رسول اللّه و أهل بيته، أنتم الطيّبون و نساؤكم الطيّبات، كلّ مؤمنة (حوراء) و كلّ مؤمن صدّيق.

كم مرّة قد قال أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السّلام لقنبر: يا قنبر، أبشر و بشّر و استبشر، و اللّه لقد قبض رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و هو ساخط على جميع امّته إلاّ الشيعة، ألا و إنّ لكلّ شيء شرفا و إنّ شرف الدين الشيعة، ألا و إنّ لكلّ شيء عروة و إنّ عروة الدين الشيعة، ألا و إنّ لكلّ شيء إماما و إمام الأرض أرض يسكنها الشيعة، ألا و إنّ لكلّ شيء سيّدا و سيّد المجالس مجالس الشيعة، ألا و إنّ لكلّ شيء شهوة و شهوة الدنيا سكنى شيعتنا فيها. . . (2)

و قد قال أمير المؤمنين عليه السّلام: يخرج أهل ولايتنا من قبورهم يوم القيامة، مشرقة وجوههم، قرّت أعينهم، قد اعطوا الأمان، يخاف الناس و لا يخافون، و يحزن الناس و لا يحزنون، و اللّه ما من عبد منكم يقوم إلى صلاته إلاّ و قد اكتنفته

ص:399


1- -البحار ج 78 ص 280
2- البحار ج 27 ص 108 باب ثواب حبّهم ح 81

الملائكة من خلفه يصلّون عليه و يدعون له حتّى يفرغ من صلاته، ألا و إنّ لكلّ شيء جوهرا و جوهر ولد آدم نحن و شيعتنا.

و زاد في الحديث عيثم بن أسلم، عن معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: و اللّه لولاكم ما زخرفت الجنّة، و اللّه لولاكم ما خلقت الحور، و اللّه لولاكم ما نزلت قطرة، و اللّه لولاكم ما نبتت حبّة، و اللّه لولاكم ما قرّت عين، و اللّه لا للّه أشدّ حبّا لكم منّي، فأعينونا على ذلك بالورع و الاجتهاد و العمل بطاعته. (1)

بيان:

«أنتم شرط اللّه» في النهاية ج 2 ص 460، شرط السلطان: نخبة أصحابه الذين يقدّمهم على غيرهم من جنده. «أنتم السابقون الأوّلون» : أي في الميثاق.

47-عن أبي حمزة الثماليّ عن أبي جعفر عليه السّلام قال: إنّ اللّه عزّ و جلّ خلقنا من أعلى علّيّين، و خلق قلوب شيعتنا ممّا خلقنا منه، و خلق أبدانهم من دون ذلك، و قلوبهم تهوي إلينا، لأنّها خلقت ممّا خلقنا، ثمّ تلا هذه الآية: كَلاّ إِنَّ كِتابَ اَلْأَبْرارِ لَفِي عِلِّيِّينَ- وَ ما أَدْراكَ ما عِلِّيُّونَ- كِتابٌ مَرْقُومٌ- يَشْهَدُهُ اَلْمُقَرَّبُونَ 2 .

و خلق عدوّنا من سجّين، و خلق قلوب شيعتهم ممّا خلقهم منه، و أبدانهم من دون ذلك، فقلوبهم تهوي إليهم، لأنّها خلقت ممّا خلقوا منه، ثمّ تلا هذه الآية:

كَلاّ إِنَّ كِتابَ اَلفُجّارِ لَفِي سِجِّينٍ- وَ ما أَدْراكَ ما سِجِّينٌ- كِتابٌ مَرْقُومٌ-[ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ] 3 . (2)

48-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: خلقنا من علّيّين و خلق أرواحنا من فوق

ص:400


1- -البحار ج 27 ص 110
2- البحار ج 67 ص 127 باب طينة المؤمن ح 32

ذلك، و خلق أرواح شيعتنا من علّيّين، و خلق أجسادهم من دون ذلك، فمن أجل تلك القرابة بيننا و بينهم قلوبهم تحنّ إلينا. (1)

49-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ الكرّوبيّين قوم من شيعتنا من الخلق الأوّل، جعلهم اللّه خلف العرش، لو قسّم نور واحد منهم على أهل الأرض لكفاهم.

ثمّ قال: إنّ موسى عليه السّلام لمّا أن سأل ربّه ما سأل، أمر واحدا من الكرّوبيّين فتجلّى للجبل فجعله دكّا. (2)

ص:401


1- -بصائر الدرجات ص 20 الجزء 1 ب 10 ح 1
2- بصائر الدرجات ص 69 ج 2 آخر ب 6 ح 2(البحار ج 13 ص 224 باب نزول التوراة ح 18)

الفصل الثانيّ: صفات الشيعة

الآيات

1- إِنَّ أَوْلَى اَلنّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اِتَّبَعُوهُ وَ هذَا اَلنَّبِيُّ وَ اَلَّذِينَ آمَنُوا وَ اَللّهُ وَلِيُّ اَلْمُؤْمِنِينَ. (1)

2- . . . فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي. . . (2)

3- وَ إِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْراهِيمَ- إِذْ جاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ. (3)

الأخبار

1-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: شيعتنا هم الشاحبون، الذابلون، الناحلون، الذين إذا جنّهم الليل استقبلوه بحزن. (4)

بيان:

في النهاية ج 2 ص 448، «الشاحب» : المتغيّر اللون و الجسم لعارض من سفر أو

ص:402


1- -آل عمران:68
2- إبراهيم:36
3- الصافّات:83 و 84
4- الكافي ج 2 ص 183 باب المؤمن و علاماته ح 7

مرض و نحوهما. «الذابل» : الذي ذهب نضارته و ماء جلده. «الناحل» : أي مهزول الجسم.

2-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: شيعتنا أهل الهدى، و أهل التقى، و أهل الخير، و أهل الإيمان، و أهل الفتح و الظفر. (1)

3-عن مفضّل قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إيّاك و السفلة، فإنّما شيعة عليّ من عفّ بطنه و فرجه، و اشتدّ جهاده، و عمل لخالقه، و رجا ثوابه، و خاف عقابه، فإذا رأيت اولئك فاولئك شيعة جعفر. (2)

بيان:

«السفلة» : اسم مصدر، بمعنى الخسّة؛ نقيض العلوة.

4-عن ابن أبي يعفور عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ شيعة عليّ كانوا خمص البطون، ذبل الشفاه، أهل رأفة و علم و حلم، يعرفون بالرهبانيّة، فأعينوا على ما أنتم عليه بالورع و الاجتهاد. (3)

بيان:

«خمص بطنه» : أي ضمر كأنّه لصق بطنه بظهره، كناية عن قلّة الأكل أو كثرة الصوم أو فقرهم. «ذبل الشفاه» : أي جفّت و يبست، كناية عن الصوم أو كثرة التلاوة و الدعاء و الذكر. «يعرفون بالرهبانيّة» : أي بترك زوائد الدنيا و عدم الانهماك في لذّاتها، أو بصلاة الليل كما ورد في الخبر.

5-عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: شيعتنا المتباذلون في ولايتنا، المتحابّون في مودّتنا، المتزاورون في إحياء أمرنا، الذين إن غضبوا

ص:403


1- -الكافي ج 2 ص 183 ح 8
2- الكافي ج 2 ص 183 ح 9
3- الكافي ج 2 ص 183 ح 10-و قريب منه ح 20

لم يظلموا، و إن رضوا لم يسرفوا، بركة على من جاوروا، سلم لمن خالطوا. (1)

بيان:

«إن رضوا لم يسرفوا» : أي إن رضوا عن أحد لم يجاوزوا الحدود الشرعيّة بالغلوّ و الإفراط في مدحه أو تفويته سائر وظائفه.

6-عن مهزم الأسدي قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: يا مهزم، شيعتنا من لا يعدو صوته سمعه و لا شحناؤه بدنه، و لا يمتدح بنا معلنا و لا يجالس لنا عائبا و لا يخاصم لنا قاليا؛ إن لقي مؤمنا أكرمه و إن لقي جاهلا هجره، قلت: جعلت فداك فكيف أصنع بهؤلاء المتشيّعه؟ قال: فيهم التمييز و فيهم التبديل و فيهم التمحيص، تأتي عليهم سنون تفنيهم و طاعون يقتلهم و اختلاف يبدّدهم، شيعتنا من لا يهرّ هرير الكلب، و لا يطمع طمع الغراب، و لا يسأل عدوّنا و إن مات جوعا.

قلت: جعلت فداك فأين أطلب هؤلاء؟ قال: في أطراف الأرض، اولئك الخفيض عيشهم، المنتقلة ديارهم، إن شهدوا لم يعرفوا و إن غابوا لم يفتقدوا، و من الموت لا يجزعون، و في القبور يتزاورون و إن لجأ إليهم ذو حاجة منهم رحموه، لن تختلف قلوبهم و إن اختلف بهم الدار، ثمّ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

«أنا المدينة و عليّ الباب، و كذب من زعم أنّه يدخل المدينة لا من قبل الباب، و كذب من زعم أنّه يحبّني و يبغض عليّا صلوات اللّه عليه» . (2)

أقول:

بمضمونه في البحار ج 68 ص 164 و في غيبة النعمانيّ ص 107(و في صدره) :

عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّه دخل عليه بعض أصحابه فقال له: جعلت فداك إنّي و اللّه

ص:404


1- -الكافي ج 2 ص 185 ح 24( صفات الشيعة للصدوق رحمه اللّه ص 13 ح 23)
2- الكافي ج 2 ص 186 ح 27

أحبّك و أحبّ من يحبّك، يا سيّدي، ما أكثر شيعتكم؟ فقال له: اذكرهم فقال: كثير، فقال: تحصيهم؟ فقال: هم أكثر من ذلك، فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام: أما لو كملت العدّة الموصوفة ثلاثمائة و بضعة عشر كان الذي تريدون و لكن شيعتنا من لا يعدو صوته سمعه، و لا شحناؤه بدنه. . .

بيان: «لا يعدو صوته» : أي لا يتجاوز صوته سمعه الدالّ على لين طبعه أو خضوعه. «و لا شحناؤه بدنه» : أي لا تتجاوز عداوته بدنه أي لا يعادي غيره.

في المرآة: «لا يمتدح بنا معلنا» . . . الامتداح بمعنى المدح أي لا يمدح معلنا لإمامتنا، فإنّه لتركه التقيّة لا يستحقّ المدح، أو يكون الامتداح بمعنى التمدّح كما في بعض النسخ أي لا يطلب المدح و لا يمدح نفسه بسبب قوله بإمامتنا علانية، و ذلك أيضا لترك التقيّة. . . «لا يخاصم لنا قاليا» : أي مبغضا لنا. «إن لقي جاهلا» : كأنّ المراد به غير المؤمن الكامل بقرينة المقابلة. «طاعون يقتلهم» في خبر النعمانيّ: "سيوف تقتلهم".

في المرآة ج 9 ص 269، «فيهم التمييز. . .» : ذكر عليه السّلام امورا توجب خروجهم من الفرقة الناجية أو هلاكهم بالأعمال و الأخلاق الشنيعة في الدنيا و الآخرة:

أحدها، التمييز بين الثابت الراسخ و غيره. . . و ثانيها: التبديل أي تبديل حالهم بحال أخسّ أو تبديلهم بقوم آخرين لا يكونوا أمثالهم. . .

و ثالثها: التمحيص و هو الابتلاء و الاختبار و التخليص، يقال: محّصت الذهب بالنار: إذا خلصته ممّا يشوبه.

و رابعها: السنون و هي الجدب و القحط. . .

و خامسها: الطاعون و هو الموت من الوباء، و سادسها: اختلاف يبدّدهم أي اختلاف بالتدابر و التقاطع و التنازع يبدّدهم و يفرّقهم تفريقا شديدا، تقول:

بدّدت الشيء إذا فرّقته، و التثقيل مبالغة و تكثير.

أقول: في غيبة النعماني ص 298 ب 12 ح 7: عن ابن أبي يعفور عن أبي عبد

ص:405

اللّه عليه السّلام أنّه سمعه يقول: ويل لطغاة العرب من شرّ قد اقترب، قلت: جعلت فداك كم مع القائم من العرب؟ قال: شيء يسير، فقلت: و اللّه إنّ من يصف هذا الأمر منهم لكثير! فقال: لا بدّ للناس من أن يمحّصوا، و يميّزوا، و يغربلوا و يخرج من الغربال خلق كثير. (البحار ج 52 ص 114) . وردت بهذا المعنى روايات عديدة.

«لا يهرّ هرير الكلب» : أي لا يجزع عند المصائب أو لا يصول على الناس بغير سبب كالكلب. «طمع الغراب» : طمعه معروف يضرب به المثل، فإنّه يذهب إلى فراسخ كثيرة لطلب طعمته. «الخفيض عيشهم» : أي هم خفيفوا المؤنة يكتفون من الدنيا بأقلّها. «إن غابوا لم يفتقدوا» : زاد في الخبر المرويّ عن النعمانيّ: "و إن مرضوا لم يعادوا، و إن خطبوا لم يزوّجوا، و إن ماتوا لم يشهدوا".

في المرآة، «في القبور يتزاورون» : أي أنّهم لشدّة التقيّة و تفرّقهم قلّما يمكنهم زيارة بعضهم لبعض، و إنّما يتزاورون في عالم البرزخ لحسن حالهم و رفاهيّتهم، أو أنّهم مختفون من الناس لا يزارون إلاّ بعد الموت. . . «أنا المدينة. . .» : كأنّ ذكر هذا الخبر لبيان أنّ تلك الصفات إنّما تنفع إذا كانت مع الولاية، أو لبيان لزوم اختيار تلك الصفات فإنّها من أخلاق مولى المؤمنين عليه السّلام، و هو باب مدينة الدين و العلم و الحكمة، فلا بدّ لمن ادّعى الدخول في الدين أن يتّصف بها، أو المراد إذا تمنّى العبد هذه الصفات فلا بدّ له أن يتمسّك و يتوسّل بصاحب الولاية و أن يحبّه و يتابعه حتّى توجد فيه.

7-عن أبي المقدام قال: قال لي أبو جعفر عليه السّلام: يا أبا المقدام، إنّما شيعة عليّ عليه السّلام الشاحبون، الناحلون، الذابلون، ذابلة شفاههم، خميصة بطونهم، متغيّرة ألوانهم، مصفرّة وجوههم، إذا جنّهم الليل اتّخذوا الأرض فراشا، و استقبلوا الأرض بجباههم، كثير سجودهم، كثيرة دموعهم، كثير دعاؤهم، كثير بكاؤهم،

ص:406

يفرح الناس و هم يحزنون. (1)

8-عن المفضّل بن عمر قال: قال الصادق عليه السّلام: كذب من زعم أنّه من شيعتنا و هو متمسّك بعروة غيرنا. (2)

9-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: امتحنوا شيعتنا عند مواقيت الصلوات، كيف محافظتهم عليها؟ و إلى أسرارنا كيف حفظهم لها عند عدوّنا؟ و إلى أموالهم كيف مواساتهم لإخوانهم فيها؟ (3)

10-روي أنّ أمير المؤمنين عليه السّلام خرج ذات ليلة من المسجد، و كانت ليلة قمراء فأمّ الجبّانة، و لحقه جماعة يقفون أثره، فوقف عليهم ثمّ قال: من أنتم؟ قالوا:

شيعتك يا أمير المؤمنين، فتفرّس في وجوههم ثمّ قال: فما لي لا أرى عليكم سيماء الشيعة؟ قالوا: و ما سيماء الشيعة يا أمير المؤمنين؟ فقال: صفر الوجوه من السهر، عمش العيون من البكاء، حدب الظهور من القيام، خمص البطون من الصيام، ذبل الشفاه من الدعاء، عليهم غبرة الخاشعين. (4)

بيان:

«أمّ الجبّانة» في أمالي الطوسيّ: "أتى الجبّانة"و الجبّانة هي الصحراء. «فتفرّس» : أي نظر و ثبت نظره فيه. «عمش» : جمع أعمش من عمشت عينه: ضعف بصرها مع سيلان دمعها في أكثر الأوقات.

«حدب الظهور» قال رحمه اللّه: الحدب جمع الأحدب و الحدب: خروج الظهر و دخول الصدر و البطن (خميدگى) . «غبرة الخاشعين» : أي ذلّهم و شعثهم و اغبرارهم.

ص:407


1- -الخصال ج 2 ص 444 باب العشرة ح 40(صفات الشيعة ص 10 ح 19)
2- صفات الشيعة ص 3 ح 4
3- البحار ج 68 ص 149 باب صفات الشيعة ح 1
4- البحار ج 68 ص 150 ح 4( الإرشاد ص 114- أمالي الطوسيّ ج 1 ص 219- صفات الشيعة ص 10 ح 20)

11-عن جابر عن أبي جعفر عليه السّلام قال: إنّما شيعتنا من أطاع اللّه عزّ و جلّ. (1)

12-دخل سدير الصيرفي على أبي عبد اللّه عليه السّلام و عنده جماعة من أصحابه، فقال: يا سدير، لا تزال شيعتنا مرعيّين محفوظين مستورين معصومين، ما أحسنوا النظر لأنفسهم فيما بينهم و بين خالقهم، و صحّت نيّاتهم لأئمّتهم، و برّوا إخوانهم فعطفوا على ضعيفهم، و تصدّقوا على ذوي الفاقة منهم، إنّا لا نأمر بظلم و لكنّا نأمركم بالورع، الورع الورع، و المواساة المواساة لإخوانكم، فإنّ أولياء اللّه لم يزالوا مستضعفين قليلين منذ خلق اللّه آدم عليه السّلام. (2)

13-عن أبي بصير عن الصادق عليه السّلام قال: شيعتنا أهل الورع و الاجتهاد، و أهل الوفاء و الأمانة، و أهل الزهد و العبادة، أصحاب إحدى و خمسين ركعة في اليوم و الليلة، القائمون بالليل، الصائمون بالنهار، يزكّون أموالهم و يحجّون البيت و يجتنبون كلّ محرّم. (3)

14-قال الرضا عليه السّلام: شيعتنا المسلّمون لأمرنا، الآخذون بقولنا، المخالفون لأعدائنا، فمن لم يكن كذلك فليس منّا. (4)

15-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: و اللّه ما شيعة عليّ عليه السّلام إلاّ من عفّ بطنه و فرجه، و عمل لخالقه، و رجا ثوابه و خاف عقابه. (5)

أقول:

نظيره في صفات الشيعة ص 11 ح 21، و زاد فيه: «فإذا رأيت أولئك فأولئك

ص:408


1- -البحار ج 68 ص 153 ح 7
2- البحار ج 68 ص 153 ح 10
3- البحار ج 68 ص 167 ح 23
4- البحار ج 68 ص 167 ح 24
5- البحار ج 68 ص 168 ح 26

شيعة جعفر» .

16-سئل أبو عبد اللّه عليه السّلام عن شيعتهم، فقال: شيعتنا من قدّم ما استحسن و أمسك ما استقبح، و أظهر الجميل، و سارع بالأمر الجليل، رغبة إلى رحمة الجليل، فذاك منّا و إلينا و معنا حيثما كنّا (1).

17-عن حمران بن أعين، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: كان عليّ بن الحسين عليهما السّلام قاعدا في بيته، إذ قرع قوم عليهم الباب فقال: يا جارية، انظري من بالباب؟ فقالوا: قوم من شيعتك، فوثب عجلا حتّى كاد أن يقع، فلمّا فتح الباب و نظر إليهم رجع فقال: كذبوا فأين السمت في الوجوه؟ أين أثر العبادة؟ أين سيماء السجود؟

إنّما شيعتنا يعرفون بعبادتهم و شعثهم، قد قرحت العبادة منهم الآناف، و دثرت الجباه و المساجد، خمص البطون، ذبل الشفاه، قد هيّجت العبادة وجوههم، و أخلق سهر الليالي و قطع الهواجر جثثهم، المسبّحون إذا سكت الناس، و المصلّون إذا نام الناس، و المحزونون إذا فرح الناس، يعرفون بالزهد، كلامهم الرحمة، و تشاغلهم بالجنّة. (2)

بيان:

«فوثب عجلا» : أي قام بسرعة. في النهاية: «السمت» الهيئة الحسنة. «الآناف» :

جمع الأنف، و قرحها إمّا لكثرة السجود، لأنّها من المساجد المستحبّة، أو لكثرة البكاء. «دثرت الجباه و المساجد» : المراد ورمت الجباه و المساجد و لعلّ الصحيح دبرت الجباه (پينه كرده پيشانى و محل سجده ايشان) . «هيّجت» : يقال: هاج النبت أي يبس و اصفرّ (چهره هاى آنان را درهم كشيده)

ص:409


1- -البحار ج 68 ص 169 ح 29
2- البحار ج 68 ص 169 ح 30

18-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ أحقّ الناس بالورع آل محمّد و شيعتهم كي تقتدي الرعيّة بهم. (1)

أقول:

قد مرّ في باب الجهد و الاجتهاد في العمل، قال أبو جعفر عليه السّلام (في خبر طويل) : يا جابر، أ يكتفي من انتحل التشيّع أن يقول بحبّنا أهل البيت؟ فو اللّه ما شيعتنا إلاّ من اتّقى اللّه و أطاعه. . .

19-و قال رجل للحسن بن عليّ عليهما السّلام: إنّي من شيعتكم، فقال الحسن بن عليّ عليه السّلام: يا عبد اللّه، إن كنت لنا في أوامرنا و زواجرنا مطيعا فقد صدقت، و إن كنت بخلاف ذلك فلا تزد في ذنوبك بدعواك مرتبة شريفة لست من أهلها، لا تقل لنا: أنا من شيعتكم، و لكن قل: أنا من مواليكم و محبّيكم و معادي أعدائكم، و أنت في خير و إلى خير.

و قال رجل للحسين بن عليّ عليهما السّلام: يا بن رسول اللّه، أنا من شيعتكم، قال: اتّق اللّه و لا تدّعينّ شيئا يقول اللّه لك: كذبت و فجرت في دعواك، إنّ شيعتنا من سلمت قلوبهم من كلّ غشّ و غلّ و دغل، و لكن قل: أنا من مواليكم و محبّيكم.

و قال رجل لعليّ بن الحسين عليهما السّلام: يا بن رسول اللّه، أنا من شيعتكم الخلّص، فقال له: يا عبد اللّه، فإذا أنت كإبراهيم الخليل عليه السّلام الذي قال اللّه: وَ إِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْراهِيمَ- إِذْ جاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ فإن كان قلبك كقلبه فأنت من شيعتنا، و إن لم يكن قلبك كقلبه و هو طاهر من الغشّ و الغلّ، فأنت من محبّينا و إلاّ فإنّك إن عرفت أنّك بقولك كاذب فيه، إنّك لمبتلى بفالج لا يفارقك إلى الموت أو جذام

ص:410


1- -البحار ج 68 ص 167 ح 21

ليكون كفّارة لكذبك هذا. . . (1)

قال عليه السّلام: و لمّا جعل المأمون إلى عليّ بن موسى الرضا عليه السّلام ولاية العهد دخل عليه آذنه و قال: إنّ قوما بالباب يستأذنون عليك يقولون: نحن شيعة عليّ، فقال عليه السّلام: أنا مشغول فاصرفهم، فصرفهم فلمّا كان من اليوم الثاني جاؤوا و قالوا كذلك مثلها، فصرفهم إلى أن جاؤوا هكذا يقولون و يصرفهم شهرين، ثمّ أيسوا من الوصول و قالوا للجاجب: قل لمولانا: إنّا شيعة أبيك عليّ بن أبي طالب عليه السّلام و قد شمت بنا أعداؤنا في حجابك لنا، و نحن ننصرف هذه الكرّة و نهرب من بلدنا خجلا و أنفة ممّا لحقنا، و عجزا عن احتمال مضض ما يلحقنا بشماتة الأعداء!

فقال عليّ بن موسى الرضا عليه السّلام: ائذن لهم ليدخلوا، فدخلوا عليه فسلّموا عليه فلم يردّ عليهم و لم يأذن لهم بالجلوس، فبقوا قياما فقالوا: يا بن رسول اللّه، ما هذا الجفاء العظيم و الاستخفاف بعد هذا الحجاب الصعب؟ أيّ باقية تبقى منّا بعد هذا؟

فقال الرضا عليه السّلام: اقرؤوا وَ ما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَ يَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ 2 ما اقتديت إلاّ بربّي عزّ و جلّ فيكم، و برسول اللّه و بأمير المؤمنين و من بعده من آبائي الطاهرين عليهم السّلام، عتبوا عليكم فاقتديت بهم. قالوا: لماذا يا بن رسول اللّه؟ قال: لدعواكم أنّكم شيعة أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السّلام.

ويحكم إنّما شيعته الحسن و الحسين و أبو ذرّ و سلمان و المقداد و عمّار و محمّد بن أبي بكر الذين لم يخالفوا شيئا من أوامره، و لم يركبوا شيئا من فنون زواجره، فأمّا أنتم إذا قلتم إنّكم شيعته، و أنتم في أكثر أعمالكم له مخالفون، مقصّرون في كثير من الفرائض، متهاونون بعظيم حقوق إخوانكم في اللّه، و تتّقون حيث لا يجب

ص:411


1- -البحار ج 68 ص 156 في ح 11

التقيّة، و تتركون التقيّة حيث لا بدّ من التقيّة، فلو قلتم إنّكم موالوه و محبّوه و الموالون لأوليائه و المعادون لأعدائه، لم أنكره من قولكم و لكن هذه مرتبة شريفة ادّعيتموها، إن لم تصدّقوا قولكم بفعلكم هلكتم، إلاّ أن تتدارككم رحمة من ربّكم. . . (1)

أقول:

الخبر طويل عن الإمام العسكريّ عليه السّلام، و فيه أخبار و قصص لم يسع المجال بذكرها، و فيه قصّة عمّار الدهني و قصّة والي بلدة الإمام العسكريّ عليه السّلام.

بيان: «المضض» : أي وجع المصيبة.

20-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ليس من شيعتنا من قال بلسانه و خالفنا في أعمالنا و آثارنا و لكن شيعتنا من وافقنا بلسانه و قلبه، و اتّبع آثارنا و عمل بأعمالنا، اولئك شيعتنا.

و عن أبي زيد عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ليس من شيعتنا من يكون في مصر يكون فيه آلاف و يكون في المصر أورع منه. (2)

21-عن جابر عن أبي جعفر عليه السّلام قال: سمعت جابر بن عبد اللّه الأنصاريّ يقول: لو نشر سلمان و أبو ذرّ رحمهما اللّه لهؤلاء الذين ينتحلون مودّتكم أهل البيت لقالوا: هؤلاء كذّابون، و لو رأى هؤلاء اولئك لقالوا: مجانين. (3)

بيان:

«نشر» يقال: نشر الموتى: حيوا. «ينتحلون» : أي ينتسبون.

22-عن نوف البكاليّ قال: قال لي عليّ عليه السّلام: يا نوف، خلقنا من طينة طيّبة، و خلق شيعتنا من طينتنا، فإذا كان يوم القيامة الحقوا بنا، قال نوف: فقلت:

ص:412


1- -البحار ج 68 ص 157 في ح 11
2- البحار ج 68 ص 164 ح 13
3- البحار ج 68 ص 164 ح 14

صف لي شيعتك يا أمير المؤمنين، فبكى لذكري شيعته و قال:

يا نوف، شيعتي و اللّه الحلماء، العلماء باللّه و دينه، العاملون بطاعته و أمره، المهتدون بحبّه، أنضاء عبادة، أحلاس زهادة، صفر الوجوه من التهجّد، عمش العيون من البكاء، ذبل الشفاه من الذكر، خمص البطون من الطوى، تعرف الربّانيّة في وجوههم و الرهبانيّة في سمتهم، مصابيح كلّ ظلمة و ريحان كلّ قبيل، لا يثنون من المسلمين سلفا، و لا يقفون لهم خلفا، شرورهم مكنونة، و قلوبهم محزونة، و أنفسهم عفيفة، و حوائجهم خفيفة، أنفسهم منهم في عناء، و الناس منهم في راحة، فهم الكاسة الألبّاء، و الخاصة النجباء، فهم الروّاغون فرارا بدينهم، إن شهدوا لم يعرفوا، و إن غابوا لم يفتقدوا، اولئك شيعتي الأطيبون و إخواني الأكرمون، ألا هاه شوقا إليهم. (1)

أقول:

بمضمونه ح 47 في ص 191، و فيه: «قال: قلت: يا أمير المؤمنين، جعلني اللّه فداك، أين أطلب هؤلاء؟ قال: فقال لي: في أطراف الأرض» .

بيان: «الأنضاء» : جمع النضو، و هو المهزول. «أحلاس زهادة» : المراد أنّهم ملازمون للزهد أو ملازمون للبيوت لزهدهم. «الطوى» : أي الجوع. «ريحان كلّ قبيل» : لعزّهم و كرامتهم بين كلّ قبيلة بمنزلة الريحان. «لا يثنون من المسلمين سلفا» : لعلّ المراد أنّهم لا ثاني لهم و هم وحيد في السلف، و لذا لا يثنون قبلهم من المسلمين، و لا يتّبعون بعدهم.

«لا يقفون» : أي لا يتّبعونهم غيرهم من خلفهم. «الروّاغون» : أي يميلون عن الناس و مخالطتهم. «ألا هاه» "ألا"حرف تنبيه و"ها"إمّا اسم فعل بمعنى خذ، أو حكاية عن تنفّس طويل تحسّرا على عدم لقائهم. «شوقا» : أي أشتاق شوقا

ص:413


1- -البحار ج 68 ص 177 ح 34

فيكون مصدر لفعل محذوف.

23-قال مرازم: دخلت المدينة فرأيت جارية في الدار التي نزلتها فعجبتني، فأردت أن أتمتّع منها، فأبت أن تزوّجني نفسها قال: فجئت بعد العتمة، فقرعت الباب فكانت هي التي فتحت لي، فوضعت يدي على صدرها، فبادرتني حتّى دخلت فلمّا أصبحت دخلت على أبي الحسن عليه السّلام فقال: يا مرازم، ليس من شيعتنا من خلا ثمّ لم يرع قلبه. (1)

بيان:

«العتمة» : أي صلاة العشاء أو وقت صلوة العشاء الآخرة

24-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ ممّن ينتحل هذا الأمر لمن هو شرّ من اليهود و النصارى و المجوس و الذين أشركوا. (2)

25-عن محمّد بن عجلان قال: كنت مع أبي عبد اللّه عليه السّلام فدخل رجل فسلّم، فسأله كيف من خلّفت من إخوانك؟ فأحسن الثناء و زكّى و أطرى، فقال:

كيف عيادة أغنيائهم لفقرائهم؟ قال: قليلة، قال: فكيف مواصلة أغنيائهم لفقرائهم في ذات أيديهم؟ فقال: إنّك تذكر أخلاقا ما هي فيمن عندنا، قال:

كيف يزعم هؤلاء أنّهم لنا شيعة. (3)

26-عن ميسّر قال: قال أبو جعفر عليه السّلام: يا ميسّر، أ لا اخبرك بشيعتنا؟ قلت: بلى جعلت فداك قال: إنّهم حصون حصينة و صدور أمينة و أحلام رزينة، ليسوا بالمذاييع البذر، و لا بالجفاة المرائين، رهبان بالليل، اسد بالنهار.

و البذر: القوم الذين لا يكتمون الكلام.

و عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ أصحاب عليّ عليه السّلام: كانوا المنظور إليهم في القبائل

ص:414


1- -البحار ج 68 ص 153 ح 9
2- البحار ج 68 ص 166 ح 19
3- البحار ج 68 ص 168 ح 27

و كانوا أصحاب الودايع، مرضيّين عند الناس، سهّار الليل، مصابيح النهار. (1)

27-في مواعظ أمير المؤمنين عليه السّلام قال: . . . شيعتنا هم العارفون باللّه، العاملون بأمر اللّه، أهل الفضائل، الناطقون بالصواب، مأكولهم القوت، و ملبسهم الاقتصاد، و مشيهم التواضع، بخعوا للّه تعالى بطاعته و خضعوا له بعبادته، فمضوا غاضّين أبصارهم عمّا حرّم اللّه عليهم، واقفين أسماعهم على العلم بدينهم، نزلت أنفسهم منهم في البلاء كالذي نزلت منهم في الرخاء، رضوا عن اللّه تعالى بالقضاء.

فلو لا الآجال التي كتب اللّه تعالى لهم لم تستقرّ أرواحهم في أبدانهم طرفة عين، شوقا إلى لقاء اللّه و الثواب، و خوفا من أليم العقاب، عظم الخالق في أنفسهم و صغر ما دونه في أعينهم، فهم و الجنّة كمن رآها، فهم على أرائكها متّكئون، و هم و النار كمن رآها فهم فيها معذّبون

صبروا أيّاما قليلة، فأعقبتهم راحة طويلة، أرادتهم الدنيا فلم يريدوها، و طلبتهم فأعجزوها، أمّا الليل فصافّون أقدامهم، تالّون لأجزاء القرآن يرتّلونه ترتيلا، يعظون أنفسهم بأمثاله، و يستشفون لدائهم بدوائه تارة، و تارة يفترشون جباههم و أنفسهم و ركبهم و أطراف أقدامهم، تجري دموعهم على خدودهم، يمجّدون جبّارا عظيما و يجأرون إليه في فكاك أعناقهم، هذا ليلهم.

و أمّا نهارهم؛ فحلماء علماء بررة أتقياء، براهم خوف بارئهم فهم كالقداح تحسبهم مرضى، و قد خولطوا و ما هم بذلك، بل خامرهم من عظمة ربّهم، و شدّة سلطانه ما طاشت له قلوبهم، و ذهلت منه عقولهم، فإذا اشتاقوا من ذلك بادروا إلى اللّه تعالى بالأعمال الزكيّة، لا يرضون له بالقليل، و لا يستكثرون له الجزيل،

ص:415


1- -البحار ج 68 ص 180 ح 38

فهم لأنفسهم متّهمون، و من أعمالهم مشفقون. . . (1)

أقول:

قد مرّ شرح بعض ألفاظ الحديث في باب الإيمان، و سيأتي بعضه في باب التقوى.

بيان: «بخعوا للّه» يقال: بخع بخوعا بالحقّ: أقرّ به و خضع له.

«طاش» : ذهب عقله.

28-في وصيّة الصادق عليه السّلام لابن جندب: . . . يا ابن جندب، بلّغ معاشر شيعتنا و قل لهم: لا تذهبنّ بكم المذاهب فو اللّه لا تنال ولايتنا إلاّ بالورع و الاجتهاد في الدنيا، و مواساة الإخوان في اللّه، و ليس من شيعتنا من يظلم الناس.

يا ابن جندب، إنّما شيعتنا يعرفون بخصال شتّى: بالسخاء و البذل للإخوان، و بأن يصلّوا الخمسين ليلا و نهارا، شيعتنا لا يهرّون هرير الكلب، و لا يطمعون طمع الغراب، و لا يجاورون لنا عدوّا، و لا يسألون لنا مبغضا و لو ماتوا جوعا، شيعتنا لا يأكلون الجريّ، و لا يمسحون على الخفّين، و يحافظون على الزوال، و لا يشربون مسكرا. قلت: جعلت فداك فأين أطلبهم؟ قال عليه السّلام: على رؤوس الجبال و أطراف المدن، و إذا دخلت مدينة فسل عمّن لا يجاورهم و لا يجاورونه، فذلك مؤمن كما قال اللّه: وَ جاءَ مِنْ أَقْصَا اَلْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعى (2)و اللّه لقد كان حبيب النجّار وحده. . . (3)

بيان:

«الجرّي» : سمك طويل أملس و ليس عليه فلوس و قيل: مار ماهى.

29-في مواعظ العسكريّ عليه السّلام، و قال عليه السّلام لشيعته: أوصيكم بتقوى اللّه،

ص:416


1- -البحار ج 78 ص 29
2- يس:20
3- البحار ج 78 ص 281

و الورع في دينكم، و الاجتهاد للّه، و صدق الحديث، و أداء الأمانة إلى من ائتمنكم من برّ أو فاجر، و طول السجود، و حسن الجوار، فبهذا جاء محمّد صلّى اللّه عليه و آله، صلّوا في عشائرهم و اشهدوا جنائزهم و عودوا مرضاهم و أدّوا حقوقهم، فإنّ الرجل منكم إذا ورع في دينه و صدق في حديثه، و أدّى الأمانة و حسن خلقه مع الناس قيل: هذا شيعيّ فيسرّني ذلك.

اتّقوا اللّه و كونوا زينا و لا تكونوا شينا، جرّوا إلينا كلّ مودّة، و ادفعوا عنّا كلّ قبيح، فإنّه ما قيل فينا من حسن فنحن أهله، و ما قيل فينا من سوء فما نحن كذلك. لنا حقّ في كتاب اللّه، و قرابة من رسول اللّه، و تطهير من اللّه، لا يدّعيه أحد غيرنا إلاّ كذّاب. أكثروا ذكر اللّه و ذكر الموت و تلاوة القرآن و الصلاة على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، فإنّ الصلاة على رسول اللّه عشر حسنات، احفظوا ما وصيّتكم به، و استودعكم اللّه و أقرأ عليكم السّلام. (1)

بيان:

«صلّوا في عشائرهم» : الضمير يرجع إلى المخالفين أو مطلق الناس، و في بعض نسخ المصدر كلّها بضمير الخطاب.

30-عن موسى بن بكر الواسطي قال: قال لي أبو الحسن عليه السّلام: لو ميّزت شيعتي لم أجدهم (ما وجدتهم ف ن) إلاّ واصفة، و لو امتحنتهم لما وجدتهم إلاّ مرتدّين، و لو تمحّصتهم لما خلص من الألف واحد، و لو غربلتهم غربلة لم يبق منهم إلاّ ما كان لي، إنّهم طال ما اتّكوا على الأرائك، فقالوا: نحن شيعة عليّ، إنّما شيعة عليّ من صدّق قوله فعله. (2)

ص:417


1- -البحار ج 78 ص 372
2- الكافي ج 8 ص 228 ح 290

أقول:

وردت بهذا المعنى روايات عديدة.

بيان: «الأرائك» واحدته الأريكة: السرير و التخت.

ص:418

109- تشييع الجنازة

الأخبار

1-قال أبو جعفر عليه السّلام: كان فيما ناجى به موسى ربّه أن قال: يا ربّ، ما لمن شيّع جنازة؟ قال: اوكّل به ملائكة من ملائكتي، معهم رايات يشيّعونهم من قبورهم إلى محشرهم. (1)

2-عن جابر عن أبي جعفر عليه السّلام قال: إذا دخل المؤمن قبره نودي: ألا إنّ أوّل حبائك الجنّة، [ألا و إنّ أوّل]حباء من تبعك المغفرة. (2)

بيان:

«الحباء» : العطاء بلا جزاء و لا منّ.

3-عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله (في حديث) قال: من شيّع جنازة فله بكلّ خطوة حتّى يرجع مائة ألف ألف حسنة، و يمحا عنه مائة ألف ألف سيّئة، و يرفع له مائة ألف ألف درجة، فإن صلّى عليها شيّعه في جنازته مائة ألف ألف ملك، كلّهم يستغفرون له حتّى يرجع، فإن شهد دفنها و كلّ اللّه به ألف ملك كلّهم يستغفرون له حتّى يبعث من قبره.

ص:419


1- -الوسائل ج 3 ص 142 ب 2 من الدفن ح 2
2- الوسائل ج 3 ص 142 ح 3

و من صلّى على ميّت صلّى عليه جبرئيل و سبعون ألف ملك و غفر له ما تقدّم من ذنبه، و إن أقام عليه حتّى يدفنه و حثا عليه من التراب انقلب من الجنازة و له بكلّ قدم من حيث شيّعها حتّى يرجع إلى منزله قيراط من الأجر؛ و القيراط مثل جبل أحد يكون في ميزانه من الأجر. (1)

بيان:

«القيراط» : نصف عشر من الدينار و المراد هنا قدر من الثواب.

4-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: المشي خلف الجنازة أفضل من المشي بين يديها. (2)

5-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: مات رجل من الأنصار من أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، فخرج رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في جنازته يمشي، فقال له بعض أصحابه: أ لا تركب يا رسول اللّه؟ فقال: إنّي لأكره أن أركب و الملائكة يمشون. (3)

6-عن جابر عن أبي جعفر عليه السّلام قال: من حمل جنازة من أربع جوانبها غفر اللّه له أربعين كبيرة. (4)

7-عن أبي حمزة قال: كان عليّ بن الحسين عليهما السّلام إذا رأى جنازة قد أقبلت قال: «الحمد للّه الذي لم يجعلني من السواد المخترم» . (5)

بيان:

«السواد المخترم» : السواد يطلق على الشخص، و على القرية، و المخترم أي الهالك أو المستأصل. في المرآة ج 14 ص 5 و البحار ج 81 ص 266: الظاهر أنّ المراد هنا

ص:420


1- -الوسائل ج 3 ص 143 ح 6
2- الوسائل ج 3 ص 148 ب 4 ح 1
3- الوسائل ج 3 ص 152 ب 6 ح 1
4- الوسائل ج 3 ص 153 ب 7 ح 1
5- الوسائل ج 3 ص 157 ب 9 ح 1-و مثله ح 3 عن أبي جعفر عليه السّلام

الجنس أي لم يجعلني من الجماعة الهالكين، فيكون شكرا لنعمة الحياة. . . أو المراد بالمخترم الهالك بالهلاك المعنويّ، إمّا لأنّ غالب أهل زمانهما عليهما السّلام كانوا منافقين، فلمّا رأيا جنازتهم و علما ما أصابهم من العذاب شكرا اللّه على نعمة الهداية، و إمّا أنّ عند رؤية الموتى ينبغي تذكّر أحوال الآخرة، فينبغي الشكر على ما هو العمدة في حصول السعادات الاخرويّة أعنى الإيمان. و على الأخير لا يختصّ برؤية جنازة المنافق، و إذا كان المراد"بالسواد"القرية، كان المراد القرية الهالكة أهلها بالهلاك المعنويّ، أي جعلني في بلاد المسلمين. . .

و قال الشيخ البهائيّ رحمه اللّه: يمكن أن يراد بالسواد"عامّة الناس"كما هو أحد معاني السواد في اللغة، ليكون المراد: الحمد للّه الذي لم يجعلني من عامّة الناس الذين يموتون على غير بصيرة و لا استعداد للموت.

8-عن أمير المؤمنين عليه السّلام و قد تبع جنازة فسمع رجلا يضحك، فقال عليه السّلام:

كأنّ الموت فيها على غيرنا كتب، و كأنّ الحقّ فيها على غيرنا وجب، و كأنّ الذي نرى من الأموات سفر عمّا قليل إلينا راجعون! نبوّؤهم أجداثهم، و نأكل تراثهم، كأنّا مخلّدون بعدهم، ثمّ نسينا كلّ واعظ و واعظة، و رمينا بكلّ جائحة!

طوبى لمن ذلّ في نفسه، و طاب كسبه، و صلحت سريرته، و حسنت خليقته، و أنفق الفضل من ماله، و أمسك الفضل من لسانه، و عزل عن الناس شرّه، و وسعته السنّة، و لم ينسب إلى بدعة. (1)

بيان:

«الموت فيها» : أي في الدنيا. «نبوّؤهم» : أي ننزلهم. «أجداثهم» : قبورهم.

«التراث» : الميراث.

في النهاية ج 1 ص 311(جوح) ، «الجاحة» : هي الآفة التي تهلك الثمار و الأموال

ص:421


1- -نهج البلاغة ص 1143 ح 118

و تستأصلها، و كلّ مصيبة عظيمة و فتنة مبيرة: جائحة.

9-عن موسى بن سيّار، عن الرضا عليه السّلام (في حديث) أنّه قال: يا موسى بن سيّار، من شيّع جنازة وليّ من أوليائنا خرج من ذنوبه كيوم ولدته امّه لا ذنب عليه. . . (1)

10-عن الصادق عن آبائه عليهم السّلام قال: نهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عن الرنّة عند المصيبة، و نهى عن النياحة و الاستماع إليها، و نهى عن اتّباع النساء الجنائز. . . (2)

بيان:

«رنّ» الرجل: أي صاح و رفع صوته بالبكاء، و الرنّة أيضا صوت القوس و نحوه.

«النياحة» : المراد النوح بالباطل على الجنائز. «و نهى عن اتّباع النساء» : وردت بهذا المعنى أخبار كثيرة سيأتي بعضها في باب النساء، و المشهور بين الأصحاب كراهة اتّباع النساء الجنائز.

11-عن موسى بن جعفر عليهما السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: سر سنتين برّ والديك، سر سنة صل رحمك، سر ميلا عد مريضا، سر ميلين شيّع جنازة. . . (3)

12-عن الصادق عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: عودوا المرضى، و اتّبعوا الجنائز، يذكّركم الآخرة. (4)

13-و كان النبيّ صلّى اللّه عليه و آله إذا تبع جنازة غلبته كأبة، و أكثر حديث النفس، و أقلّ الكلام. (5)

ص:422


1- -المستدرك ج 2 ص 294 ب 2 من الدفن ح 2
2- البحار ج 81 ص 257 باب تشييع الجنازة ح 3
3- البحار ج 81 ص 265 ح 22
4- البحار ج 81 ص 266 ح 24
5- البحار ج 81 ص 266 ح 24

بيان:

«غلبته كأبة» : أي استولى على نفسه الشريفة غمّ و انكسار شديد.

14-. . . قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: شارب الخمر إن مرض فلا تعودوه، و إن شهد فلا تقبلوه، و إن ذكر فلا تزكّوه، و إن خطب فلا تزوّجوه، و إن حدّث فلا تصدّقوه، و إن مات فلا تشهدوه. (1)

أقول:

قد مرّ في باب الإيمان: أنّ من حقّ المؤمن على المؤمن إذا مات أن يشيّعه.

ص:423


1- -البحار ج 81 ص 267 ح 25

7B22426F6F6B506167654944223A32303534393737352C22426F6F6B4944223A31363732302C2253656374696F6E4E756D223A312C22506167654E756D223A3432342C2253686F77506167654E756D223A22343234222C22436F6E74656E7454797065223A322C22486173496D616765223A747275652C2248617354657874223A66616C73652C22496E7465726E616C4964223A6E756C6C2C22496D616765436F6E74656E7455726C223A222F424F4F4B494D41474553312F424B31353931342F424B3135393134473030332F424B31353931344730303353312F424B3135393134473030335331503432342E676966222C22536F6C72426F6F6B506167654964223A307D

ص:

حرف الصاد

110- الصبر

الآيات

1- وَ اِسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَ اَلصَّلاةِ وَ إِنَّها لَكَبِيرَةٌ إِلاّ عَلَى اَلْخاشِعِينَ. (1)

2- يا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا اِسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَ اَلصَّلاةِ إِنَّ اَللّهَ مَعَ اَلصّابِرِينَ . . .

وَ بَشِّرِ اَلصّابِرِينَ- اَلَّذِينَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قالُوا إِنّا لِلّهِ وَ إِنّا إِلَيْهِ راجِعُونَ- أُولئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَ رَحْمَةٌ وَ أُولئِكَ هُمُ اَلْمُهْتَدُونَ. (2)

3- . . . وَ اَلصّابِرِينَ فِي اَلْبَأْساءِ وَ اَلضَّرّاءِ وَ حِينَ اَلْبَأْسِ أُولئِكَ اَلَّذِينَ صَدَقُوا وَ أُولئِكَ هُمُ اَلْمُتَّقُونَ. (3)

4- . . . وَ إِنْ تَصْبِرُوا وَ تَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً إِنَّ اَللّهَ بِما يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ. (4)

5- بَلى إِنْ تَصْبِرُوا وَ تَتَّقُوا وَ يَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هذا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلافٍ مِنَ اَلْمَلائِكَةِ مُسَوِّمِينَ. (5)

ص:425


1- -البقرة:45
2- البقرة:153 إلى 157
3- البقرة:177
4- آل عمران:120
5- آل عمران:125

6- وَ كَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَما وَهَنُوا لِما أَصابَهُمْ فِي سَبِيلِ اَللّهِ وَ ما ضَعُفُوا وَ مَا اِسْتَكانُوا وَ اَللّهُ يُحِبُّ اَلصّابِرِينَ. (1)

7- . . . وَ إِنْ تَصْبِرُوا وَ تَتَّقُوا فَإِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ اَلْأُمُورِ. (2)

8- يا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا اِصْبِرُوا وَ صابِرُوا وَ رابِطُوا وَ اِتَّقُوا اَللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ. (3)

9- . . . رَبَّنا أَفْرِغْ عَلَيْنا صَبْراً وَ تَوَفَّنا مُسْلِمِينَ. (4)

10- . . . وَ تَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ اَلْحُسْنى عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ بِما صَبَرُوا. . . (5)

11- . . . وَ اِصْبِرُوا إِنَّ اَللّهَ مَعَ اَلصّابِرِينَ. (6)

12- يا أَيُّهَا اَلنَّبِيُّ حَرِّضِ اَلْمُؤْمِنِينَ عَلَى اَلْقِتالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ الآيات. (7)

13- . . . إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَ يَصْبِرْ فَإِنَّ اَللّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ اَلْمُحْسِنِينَ. (8)

14- وَ اَلَّذِينَ صَبَرُوا اِبْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَ أَقامُوا اَلصَّلاةَ وَ أَنْفَقُوا مِمّا رَزَقْناهُمْ (إلى قوله تعالى) سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِما صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى اَلدّارِ. (9)

ص:426


1- -آل عمران:146
2- آل عمران:186
3- آل عمران:200
4- الأعراف:126 و في البقرة:250، رَبَّنا أَفْرِغْ عَلَيْنا صَبْراً وَ ثَبِّتْ أَقْدامَنا
5- الأعراف:137
6- الأنفال:46
7- الأنفال:65 و 66
8- يوسف:90
9- الرعد:22 إلى 24

15- . . . وَ لَنَجْزِيَنَّ اَلَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ ما كانُوا يَعْمَلُونَ. (1)

16- وَ إِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ وَ لَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصّابِرِينَ- وَ اِصْبِرْ وَ ما صَبْرُكَ إِلاّ بِاللّهِ وَ لا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَ لا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمّا يَمْكُرُونَ. (2)

17- وَ اِصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ اَلَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَ اَلْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ. . . (3)

18- قالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً- وَ كَيْفَ تَصْبِرُ عَلى ما لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً . الآيات. (4)

19- فَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ وَ سَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ. . . (5)

20- وَ إِسْماعِيلَ وَ إِدْرِيسَ وَ ذَا اَلْكِفْلِ كُلٌّ مِنَ اَلصّابِرِينَ. (6)

21- . . . نِعْمَ أَجْرُ اَلْعامِلِينَ- اَلَّذِينَ صَبَرُوا وَ عَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ. (7)

22- . . . وَ اِصْبِرْ عَلى ما أَصابَكَ إِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ اَلْأُمُورِ. (8)

23- وَ جَعَلْنا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا لَمّا صَبَرُوا وَ كانُوا بِآياتِنا يُوقِنُونَ. (9)

24- . . . إِنَّما يُوَفَّى اَلصّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسابٍ. (10)

ص:427


1- -النحل:96
2- النحل:126 و 127
3- الكهف:28
4- الكهف:67 إلى 82
5- طه:130 و صدرها في ص:17 و المزّمّل:10
6- الأنبياء:85
7- العنكبوت:58 و 59
8- لقمان:17
9- السجدة:24
10- الزمر:10

25- فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا اَلْعَزْمِ مِنَ اَلرُّسُلِ وَ لا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ. . . (1)

26- فَاصْبِرْ صَبْراً جَمِيلاً. (2)

27- وَ جَزاهُمْ بِما صَبَرُوا جَنَّةً وَ حَرِيراً. (3)

28- ثُمَّ كانَ مِنَ اَلَّذِينَ آمَنُوا وَ تَواصَوْا بِالصَّبْرِ وَ تَواصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ. (4)

29- . . . وَ تَواصَوْا بِالْحَقِّ وَ تَواصَوْا بِالصَّبْرِ. (5)

الأخبار

1-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد، فإذا ذهب الرأس ذهب الجسد، كذلك إذا ذهب الصبر ذهب الإيمان (6).

أقول:

وردت بهذا المعنى أخبار اخر، في بعضها: «لا إيمان لمن لا صبر له» و في بعضها:

«الصبر رأس الإيمان» .

بيان: في المفردات، «الصبر» : الإمساك في ضيق، يقال: صبرت الدابّة: حبستها بلا علف، و صبرت فلانا: خلفته خلفة لا خروج له منها، و الصبر حبس النفس على ما يقتضيه العقل و الشرع أو عمّا يقتضيان حبسها عنه، فالصبر لفظ عامّ و ربّما خولف بين أسمائه بحسب اختلاف مواقعه، فإن كان حبس النفس لمصيبة سمّي صبرا لا غير، و يضادّه الجزع، و إن كان في محاربة سمّي شجاعة و يضادّه

ص:428


1- -الأحقاف:35
2- المعارج:5
3- الدهر (الإنسان) :12
4- البلد:17
5- العصر:3
6- الكافي ج 2 ص 71 باب الصبر ح 2

الجبن، و إن كان في نائبة مضجرة سمّي رحب الصدر و يضادّه الضجر، و إن كان في إمساك الكلام سمّي كتمانا و يضادّه المدل، و قد سمّى اللّه تعالى كلّ ذلك صبرا و نبّه عليه بقوله: وَ اَلصّابِرِينَ فِي اَلْبَأْساءِ وَ اَلضَّرّاءِ - وَ اَلصّابِرِينَ عَلى ما أَصابَهُمْ - وَ اَلصّابِرِينَ وَ اَلصّابِراتِ و سمّي الصوم صبرا لكونه كالنوع له. . .

و في المرآة ج 8 ص 120، قال المحقّق الطوسيّ رحمه اللّه: الصبر؛ حبس النفس عن الجزع عند المكروه، و هو يمنع الباطن عن الاضطراب، و اللسان عن الشكاية، و الأعضاء عن الحركات غير المعتادة.

و في جامع السعادات ج 3 ص 280: ضدّ الجزع «الصبر» ، و هو ثبات النفس و عدم اضطرابها في الشدائد و المصائب، بأن تقاوم معها، بحيث لا تخرجها عن سعة الصدر و ما كانت عليه قبل ذلك من السرور و الطمأنينة، فيحبس لسانه عن الشكوى، و أعضاءه عن الحركات الغير المتعارفة. و هذا هو الصبر على المكروه، و ضدّه الجزع. و له أقسام آخر لها أسماء خاصّة تعدّ فضائل اخر: كالصبر في الحرب، و هو من أنواع الشجاعة، و ضدّه الجبن.

و الصبر في كظم الغيظ، و هو الحلم، و ضدّه الغضب. و الصبر على المشاقّ، كالعبادة، و ضدّه الفسق أي الخروج عن العبادات الشرعيّة، و الصبر على شهوة البطن و الفرج من قبائح اللذّات، و هي العفّة. . . و ضدّه الشره. و الصبر عن فضول العيش، و هو الزهد، و ضدّه الحرص. و الصبر في كتمان السرّ، و ضدّه الإذاعة. . .

و يظهر من ذلك: أنّ أكثر أخلاق الإيمان داخل في الصبر، و لذلك لمّا سئل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عن الإيمان، قال: «هو الصبر، لأنّه أكثر أعماله و أشرفها» كما قال: «الحجّ عزم» و قد عرّف مطلق الصبر بأنّه مقاومة النفس مع الهوى، و بعبارة اخرى: أنّه ثبات باعث الدين في مقابلة باعث الهوى.

و في ص 283: الصبر على المكروه، و مشاقّ العبادات، و عن ترك الشهوات، إن كان بيسر و سهولة فهو الصبر حقيقة، و إن كان بتكلّف و تعب فهو التصبّر مجازا،

ص:429

و إذا أدام التقوى و قوى التصديق بما في العاقبة من الحسنى، تيسّر الصبر و لم يكن له تعب و مشقّة. . . و متى تيسّر الصبر و صار ملكة راسخة أورث مقام الرضا، و إذا أدام مقام الرضا أورث مقام المحبّة، و كما أنّ مقام المحبّة أعلى من مقام الرضا، فكذلك مقام الرضا أعلى من مقام الصبر، و لذلك قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: «اعبد اللّه على الرضا، فإن لم تستطع ففي الصبر على ما تكره خير كثير» .

قال بعض العارفين: «أهل الصبر على ثلاث مقامات:

الأوّل: ترك الشكوى، و هذه درجة التائبين.

الثانيّ: الرضا بالمقدّر، و هذه درجة الزاهدين.

الثالث: المحبّة لما يصنع به مولاه، و هذه درجة الصدّيقين» .

و كأنّ هذا الانقسام مخصوص بالصبر على المكروه من المصائب و المحن. . .

و في ص 285: الصبر منزل من منازل السالكين، و مقام من مقامات الموحّدين، و به ينسلك العبد في سلك المقرّبين، و يصل إلى جوار ربّ العالمين، و قد أضاف اللّه أكثر الدرجات و الخيرات إليه، و ذكره في نيّف و سبعين موضعا من القرآن، و وصف اللّه الصابرين بأوصاف. . .

أقول: للصبر أقسام اخر: منها، الصبر عن المعصية. منها، الصبر على سوء أخلاق الخلق و تحمّل الأذى منهم. منها، الصبر على إمساك الكلام. منها، الصبر عند النائبة. منها، الصبر على الوحدة و. . . كما يستفاد من الآيات و الأخبار.

2-قال أبو جعفر عليه السّلام: الجنّة محفوفة بالمكاره و الصبر، فمن صبر على المكاره في الدنيا دخل الجنّة، و جهنّم محفوفة باللذّات و الشهوات، فمن أعطى نفسه لذّتها و شهوتها دخل النار. (1)

ص:430


1- -الكافي ج 2 ص 73 ح 7

أقول:

مدلول الخبر متّفق عليه بين الخاصّة و العامّة، و قد مرّ شرحه في باب الجنّة.

3-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إذا دخل المؤمن في قبره، كانت الصلاة عن يمينه، و الزكاة عن يساره، و البرّ مطلّ عليه، و يتنحّى الصبر ناحية، فإذا دخل عليه الملكان اللذان يليان مساءلته، قال الصبر للصلاة و الزكاة و البرّ: دونكم صاحبكم، فإن عجزتم عنه فأنا دونه. (1)

بيان:

«مطلّ عليه» : أي مشرف عليه. «دونكم» : اسم فعل بمعنى خذوا.

4-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: دخل أمير المؤمنين عليه السّلام المسجد، فإذا هو برجل على باب المسجد، كئيب حزين، فقال له أمير المؤمنين عليه السّلام: ما لك؟ قال:

يا أمير المؤمنين، اصبت بأبي و امّي و أخي و أخشى أن أكون قد وجلت، فقال له أمير المؤمنين عليه السّلام: عليك بتقوى اللّه و الصبر، تقدم عليه غدا، و الصبر في الامور بمنزلة الرأس من الجسد، فإذا فارق الرأس الجسد فسد الجسد، و إذا فارق الصبر الامور فسدت الامور. (2)

بيان:

«أصبت بأبي و. . .» : على بناء المجهول، كناية عن موتهم.

في المرآة، «الوجل» : استشعار الخوف، و كأنّ المعنى: أخشى أن يكون حزني بلغ حدّا مذموما شرعا فعبّر عنه بالوجل أو أخشى أن تنشقّ مرارتي من شدّة الألم أو أخشى الوجل الذي يوجب الجنون.

5-عن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه السّلام قال: لمّا حضرت أبي عليّ بن

ص:431


1- -الكافي ج 2 ص 73 ح 8
2- الكافي ج 2 ص 73 ح 9

الحسين عليهما السّلام الوفاة، ضمّني إلى صدره و قال: يا بنيّ، اوصيك بما أوصاني به أبي حين حضرته الوفاة، و بما ذكر أنّ أباه أوصاه به؛ يا بنيّ، اصبر على الحقّ و إن كان مرّا. (1)

6-قال أبو جعفر عليه السّلام: الصبر صبران: صبر على البلاء، حسن جميل، و أفضل الصبرين الورع عن المحارم. (2)

7-عن عليّ عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: الصبر ثلاثة: صبر عند المصيبة، و صبر على الطاعة، و صبر عن المعصية، فمن صبر على المصيبة حتّى يردّها بحسن عزائها، كتب اللّه له ثلاثمائة درجة، ما بين الدرجة إلى الدرجة كما بين السماء إلى الأرض. و من صبر على الطاعة كتب اللّه له ستّمائة درجة، ما بين الدرجة إلى الدرجة كما بين تخوم الأرض إلى العرش، و من صبر عن المعصية كتب اللّه له تسعمائة درجة ما بين الدرجة إلى الدرجة كما بين تخوم الأرض إلى منتهى العرش. (3)

بيان:

«يردّها» : أي المصيبة. «بحسن عزائها» : أي بحسن الصبر اللائق لتلك المصيبة.

«تخوم» في الصحاح، التخم: منتهى كلّ قرية أو أرض و الجمع تخوم.

أقول: قد مرّ أنّ أقسام الصبر أكثر من الثلاثة، فذكر الثلاثة أو غيرها ذكر أهمّ أقسامه.

8-عن أبي حمزة الثمالي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من ابتلي من المؤمنين ببلاء فصبر عليه، كان له مثل أجر ألف شهيد. (4)

ص:432


1- -الكافي ج 2 ص 74 ح 13
2- الكافي ج 2 ص 74 ح 14
3- الكافي ج 2 ص 75 ح 15
4- الكافي ج 2 ص 75 ح 17

9-عن أبي جميلة، عن بعض أصحابه قال: لو لا أنّ الصبر خلق قبل البلاء لتفطّر المؤمن كما تتفطّر البيضة على الصفا. (1)

بيان:

«التفطّر» : التشقّق من الفطر و هو الشقّ. «الصفا» واحدته الصفاة و هي الحجر الصلد الضخم.

10-عن أبي عبد اللّه أو أبي جعفر عليهما السّلام قال: من لا يعدّ الصبر لنوائب الدهر يعجز. (2)

بيان:

في المرآة، «من لا يعدّ الصبر» : أي لم يجعل الصبر ملكة راسخة في نفسه يدفع صولة نزول النوائب و المصائب به يعجز طبعه و نفسه عن مقاومتها و تحمّلها فيهلك بالهلاك الصوريّ و المعنويّ أيضا بالجزع و تفويت الأجر، و ربّما انتهى به إلى الفسق بل الكفر.

11-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّا صبّر و شيعتنا أصبر منّا، قلت: جعلت فداك، كيف صار شيعتكم أصبر منكم؟ قال: لأنّا نصبر على ما نعلم و شيعتنا يصبرون على ما لا يعلمون. (3)

بيان:

«الصبّر» : جمع الصابر. «أصبر منّا» : أي الصبر عليهم أشقّ و أشدّ.

12-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قول اللّه عزّ و جلّ: اِصْبِرُوا وَ صابِرُوا وَ رابِطُوا قال: اصبروا على الفرائض، و صابروا على المصائب، و رابطوا

ص:433


1- -الكافي ج 2 ص 75 ح 20
2- الكافي ج 2 ص 76 ح 24
3- الكافي ج 2 ص 76 ح 25

على الأئمّة عليهم السّلام. (1)

بيان:

«رابطوا. . .» في مجمع البحرين، أصل الرباط: الملازمة و المواظبة على الأمر انتهى.

و المراد هنا ربط النفس على طاعتهم و الانقياد لهم و انتظار فرجهم.

13-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: فصبرت و في العين قذى، و في الحلق شجا. (2)

بيان:

«الشجا» : ما اعترض في الحلق من عظم و نحوه. «القذى» يقال بالفارسيّة:

خاشاك و غبار.

14-و قال عليه السّلام: الصبر صبران: صبر على ما تكره، و صبر عمّا تحبّ. (3)

15-و قال عليه السّلام: اوصيكم بخمس لو ضربتهم إليها آباط الإبل لكانت لذلك أهلا: لا يرجونّ أحد منكم إلاّ ربّه، و لا يخافنّ إلاّ ذنبه، و لا يستحينّ أحد منكم إذا سئل عمّا لا يعلم أن يقول، لا أعلم، و لا يستحينّ أحد إذا لم يعلم الشيء أن يتعلّمه، و عليكم بالصبر فإنّ الصبر من الإيمان كالرأس من الجسد، و لا خير في جسد لا رأس معه، و لا في إيمان لا صبر معه. (4)

بيان:

«ضرب آباط الإبل» : كناية عن شدّ الرحال و حثّ المسير، و الآباط جمع إبط و هو باطن المنكب و الكتف.

16-و قال عليه السّلام: ينزل الصبر على قدر المصيبة، و من ضرب على فخذه

ص:434


1- -الكافي ج 2 ص 66 باب أداء الفرائض ح 3
2- نهج البلاغة ص 46 في خ 3(الشقشقيّة)
3- نهج البلاغة ص 1112 ح 52- الغرر ج 1 ص 79 ف 1 ح 1914
4- نهج البلاغة ص 1123 ح 79

عند مصيبته حبط أجره. (1)

أقول:

الضرب يكون منهيّا عنه، يحبط العمل، إذا كان فيه الشكوى من اللّه أو غيره ممّا نهي عنه.

17-و قال عليه السّلام: لا يعدم الصبور الظفر و إن طال به الزمان. (2)

18-و قال عليه السّلام: من لم ينجه الصبر أهلكه الجزع. (3)

19-و قال عليه السّلام: من صبر صبر الأحرار، و إلاّ سلا سلوّ الأغمار.

و في خبر آخر أنّه عليه السّلام قال للأشعث بن قيس معزّيا: إن صبرت صبر الأكارم، و إلاّ سلوت سلوّ البهائم. (4)

بيان:

«الغمر» جمع أغمار: و هو الجاهل الذي لم يجرّب الامور. «سلا» : سلوا و سلوّا الشيء: نسيه.

20-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: إنّا وجدنا الصبر على طاعة اللّه أيسر من الصبر على عذابه. (5)

أقول:

في تحف العقول ص 157، في مواعظه عليه السّلام قال: أيّها الناس، اتّقوا اللّه، فإنّ الصبر على التقوى أهون من الصبر على عذاب اللّه.

21-أوحى اللّه إلى داود عليه السّلام: تخلّق بأخلاقي، فإنّ من أخلاقي أنّي أنا

ص:435


1- -نهج البلاغة ص 1153 ح 136
2- نهج البلاغة ص 1163 ح 145
3- نهج البلاغة ص 1173 ح 180- الغرر ج 2 ص 640 ف 77 ح 540
4- نهج البلاغة ص 1279 ح 405 و 406
5- إرشاد الديلميّ ص 173 ب 38

الصبور، و الصابر إن مات مع الصبر مات شهيدا، و إن عاش عاش عزيزا. (1)

22-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: أيّها الناس، عليكم بالصبر، فإنّه لا دين لمن لا صبر له. (2)

23-و قال عليه السّلام: إنّك إن صبرت جرت عليك المقادير و أنت مأجور، و إن جزعت جرت عليك المقادير و أنت مأزور. (3)

24-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله: قال اللّه تعالى: إذا وجّهت إلى عبد من عبيدي مصيبة في بدنه أو ماله أو ولده، ثمّ استقبل ذلك بصبر جميل، أستحييت منه أن أنصب له ميزانا أو أنشر له ديوانا. (4)

25-و سئل محمّد بن عليّ عليهما السّلام عن الصبر، فقال: شيء لا شكوى فيه.

ثمّ قال: و ما في الشكوى من الفرج، و إنّما هو يحزن صديقك و يفرح عدوّك. (5)

26-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: إنّ الصبر، و حسن الخلق، و البرّ، و الحلم من أخلاق الأنبياء. (6)

27-عن هشام بن الحكم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إذا كان يوم القيامة يقوم عنق من الناس فيأتون باب الجنّة [فيضربونه]، فيقال [لهم]: من أنتم؟ فيقولون: نحن أهل الصبر، فيقال لهم: على ما صبرتم؟ فيقولون: كنّا نصبر على طاعة اللّه، و نصبر عن معاصي اللّه، فيقول اللّه عزّ و جلّ: صدقوا أدخلوهم

ص:436


1- -إرشاد الديلميّ ص 174
2- جامع الأخبار ص 116 ف 71
3- جامع الأخبار ص 116
4- جامع الأخبار ص 116
5- جامع الأخبار ص 116
6- جامع الأخبار ص 116

الجنّة، و هو قول اللّه عزّ و جلّ: إِنَّما يُوَفَّى اَلصّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسابٍ . (1)

28-عن جعفر عن أبيه عن عليّ عليهم السّلام قال: لا يذوق المرء من حقيقة الإيمان حتّى يكون فيه ثلاث خصال: الفقه في الدين، و الصبر على المصائب، و حسن التقدير في المعاش. (2)

29-عن عليّ عليه السّلام أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و اله قال: علامة الصابر في ثلاث: أوّلها، أن لا يكسل و الثانية، أن لا يضجر و الثالثة، أن لا يشكو من ربّه عزّ و جلّ، لأنّه إذا كسل فقد ضيّع الحقّ، و إذا ضجر لم يؤدّ الشكر، و إذا شكى من ربّه عزّ و جلّ فقد عصاه. (3)

بيان:

في المصباح، «ضجر» من الشيء: اغتمّ منه و قلق (أي اضطرب) مع كلام منه.

30-سأل النبيّ صلّى اللّه عليه و اله جبرئيل: ما تفسير الصبر؟ قال: تصبر في الضرّاء كما تصبر في السرّاء، و في الفاقة كما تصبر في الغنى، و في البلاء كما تصبر في العافية، فلا يشكو حاله عند المخلوق بما يصيبه من البلاء. (4)

31-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: ثلاث من أبواب البرّ: سخاء النفس، و طيب الكلام، و الصبر على الأذى. (5)

32-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: كم من صبر ساعة قد أورثت فرحا طويلا،

ص:437


1- -الوسائل ج 15 ص 236 ب 19 من جهاد النفس ح 1(الكافي ج 2 ص 60 باب الطاعة و التقوى ح 4)
2- البحار ج 71 ص 85 باب الصبر ح 29
3- البحار ج 71 ص 86 ح 35
4- البحار ج 71 ص 87 ح 38
5- البحار ج 71 ص 89 ح 41

و كم من لذّة ساعة قد أورثت حزنا طويلا. (1)

33-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ العبد ليكون له عند اللّه الدرجة لا يبلغها بعمله، فيبتليه اللّه في جسده أو يصاب بماله أو يصاب في ولده، فإن هو صبر بلّغه اللّه إيّاها. (2)

34-عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ما من مؤمن إلاّ و هو مبتلى ببلاء، منتظر به ما هو أشدّ منه، فإن صبر على البليّة التي هو فيها، عافاه اللّه من البلاء الذي ينتظر به، و إن لم يصبر و جزع نزل به من البلاء المنتظر أبدا حتّى يحسن صبره و عزاؤه. (3)

35-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: إنّ للنكبات غايات لا بدّ أن ينتهي إليها، فإذا حكم على أحدكم بها فليتطأطأ لها، و يصبر حتّى يجوز، فإنّ إعمال الحيلة فيها عند إقبالها زائد في مكروهها. (4)

بيان:

«ليتطأطأ لها» : أي ليخضع لها.

36-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله: بالصبر يتوقّع الفرج، و من يد من قرع الباب يلج. (5)

37-و قال أمير المؤمنين عليه السّلام: الصبر مطيّة لا تكبو، و القناعة سيف لا ينبو.

و قال عليه السّلام: أفضل العبادة الصبر و الصمت و انتظار الفرج.

و قال عليه السّلام: الصبر جنّة من الفاقة.

ص:438


1- -البحار ج 71 ص 91 ح 45
2- البحار ج 71 ص 94 ح 50
3- البحار ج 71 ص 94 ح 51
4- البحار ج 71 ص 95 ح 57
5- البحار ج 71 ص 96 ح 61

و قال عليه السّلام: من ركب مركب الصبر اهتدى إلى ميدان النصر. (1)

38-في وصيّة أمير المؤمنين لابنه الحسن عليهما السّلام: و التصبّر على المكروه يعصم القلب. (2)

39-في مواعظ عليّ عليه السّلام: الشجاعة صبر ساعة. (3)

أقول:

في نهج البلاغة ص 1089 في ح 3، قال عليه السّلام: الصبر شجاعة.

40-و قال عليه السّلام: الصبر مفتاح الدرك، و النجح عقبى من صبر، و لكلّ طالب حاجة وقت يحرّكه القدر. (4)

بيان:

«النجح» : الفوز و الظفر.

41-و قال عليه السّلام: الصبر على المصيبة مصيبة على الشامت بها. (5)

42-في مواعظ الصادق عليه السّلام: لا ينبغي. . . لمن لم يكن صبورا أن يعدّ كاملا. . . (6)

43-في حديث موسى بن جعفر عليهما السّلام لهشام: . . . يا هشام، الصبر على الوحدة علامة قوّة العقل. . . (7)

يا هشام، اصبر على طاعة اللّه، و اصبر عن معاصي اللّه، فإنّما الدنيا ساعة،

ص:439


1- -البحار ج 71 ص 96 ح 61
2- البحار ج 77 ص 209
3- البحار ج 78 ص 11 في ح 70
4- البحار ج 78 ص 45
5- البحار ج 78 ص 81
6- البحار ج 78 ص 246
7- البحار ج 78 ص 301

فما مضى منها فليس تجد له سرورا و لا حزنا، و ما لم يأت منها فليس تعرفه، فاصبر على تلك الساعة التي أنت فيها فكأنّك قد اغتبطت. (1)

بيان:

«اغتبط» : كان في مسرّة و حسن حال.

44-في مواعظه عليه السّلام قال: المصيبة للصابر واحدة، و للجازع اثنتان. (2)

45-قال الصادق عليه السّلام: الصبر يظهر ما في بواطن العباد من النور و الصفاء، و الجزع يظهر ما في بواطنهم من الظلمة و الوحشة، و الصبر يدّعيه كلّ أحد، و ما يثبت عنده إلاّ المخبتون، و الجزع ينكره كلّ أحد و هو أبين على المنافقين، لأنّ نزول المحنة و المصيبة مخبر عن الصادق و الكاذب.

و تفسير الصبر ما يستمرّ مذاقه، و ما كان عن اضطراب لا يسمّى صبرا، و تفسير الجزع اضطراب القلب و تحزّن الشخص و تغيّر اللون و تغيّر الحال، و كلّ نازلة خلت أوائلها من الإخبات و الإنابة و التضرّع إلى اللّه فصاحبها جزوع غير صابر، و الصبر ما أوّله مرّ و آخره حلو لقوم، و لقوم مرّ أوّله و آخره، فمن دخله من أواخره فقد دخل، و من دخله من أوائله فقد خرج، و من عرف قدر الصبر لا يصبر عمّا منه الصبر.

قال اللّه تعالى في قصّة موسى و الخضر عليهما السّلام: وَ كَيْفَ تَصْبِرُ عَلى ما لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً 3 فمن صبر كرها و لم يشك إلى الخلق و لم يجزع بهتك ستره فهو من العامّ، و نصيبه ما قال اللّه عزّ و جلّ وَ بَشِّرِ اَلصّابِرِينَ أي بالجنّة و المغفرة، و من استقبل البلاء بالرحب و صبر على سكينة و وقار فهو من الخاصّ، و نصيبه

ص:440


1- -البحار ج 78 ص 311
2- البحار ج 78 ص 326

ما قال اللّه تعالى: إِنَّ اَللّهَ مَعَ اَلصّابِرِينَ 1 . (1)

بيان:

«من دخله من أواخره فقد دخل» : أي من نظر إلى حلو عاقبته. «من أوائله» : أي من نظر إلى مرّ أوّله.

46-عن عليّ عليه السّلام قال:

الصبر ملاك. . . (الغرر ج 1 ص 7 ف 1 ح 78)

الصبر مدفعة. . . (ص 11 ح 216)

الصبر ظفر. . . (ص 12 ح 270)

الصبر جنّة الفاقة. . . (ص 16 ح 402)

الصبر يهوّن الفجيعة. . . (ص 21 ح 586)

الصبر عدّة للبلاء. . . (ص 27 ح 807)

الصبر كفيل بالظفر-الصبر عنوان النصر. . . (ح 810 و 811)

الصبر أدفع للبلاء. . . (ح 812)

الصبر يرغم الأعداء. . . (ح 813)

الصبر عدّة الفقر-الصبر أدفع للضرّ. . . (ح 814 و 815)

الصبر عون على كلّ أمر-الصبر أفضل العدد. . . (ح 816 و 817)

الصبر مطيّة لا تكبو. . . (ص 32 ح 992)

الصبر ثمرة الإيمان. . . (ص 25 ح 730)

الصبر يمحّص الرزيّة. . . (ص 24 ح 705)

الصبر أقوى لباس. . . (ص 29 ح 873)

ص:441


1- مصباح الشريعة ص 62 ب 91

الجزع أتعب من الصبر. . . (ص 41 ح 1243)

الصبر أعون شيء على الدهر. . . (ص 44 ح 1295)

الحزم و الفضيلة في الصبر-الصبر خير جنود المؤمن. . . (ح 1296 و 1299)

الصبر ينزل على قدر المصيبة. . . (ص 53 ح 1481)

المصيبة بالصبر أعظم المصائب. . . (ص 40 ح 1216)

الصبر على المصائب من أفضل المواهب. . . (ص 54 ح 1497)

الصبر أوّل لوازم الإيقان. . . (ص 60 ح 1616)

الصبر على النوائب ينيل شرف المراتب. . . (ص 67 ح 1751)

الصبر على البلاء أفضل من العافية في الرخاء. . . (ص 74 ح 1846)

الصبر أحسن حلل الإيمان و أشرف خلائق الإنسان. . . (ح 1915)

الصبر عن الشهوة عفّة و عن الغضب نجدة و عن المعصية ورع. . . (ص 82 ح 1949)

الصبر صبران: صبر في البلاء حسن جميل و أحسن منه الصبر في المحارم. . . (ص 88 ح 2022)

الجزع عند المصيبة يزيدها و الصبر عليها يبيدها. . . (ص 91 ح 2065)

الصبر أن يتحمّل الرجل ما ينوبه و يكظم ما يغضبه. . . (ص 78 ح 1896)

الزم الصبر فإنّ الصبر حلو العاقبة ميمون المغبّة (1). . . (ص 117 ف 2 ح 153)

الزموا الصبر فإنّه دعامة الإيمان و ملاك الامور. . . (ص 136 ف 3 ح 65)

أفضل الصبر عند مرّ الفجيعة. . . (ص 181 ف 8 ح 148)

أفضل الصبر التصبّر. . . (ص 177 ح 69)

أفضل الصبر الصبر عن المحبوب. . . (ص 185 ح 205)

ص:442


1- -المغبّة: عاقبة الشيء

أصل الصبر حسن اليقين باللّه. . . (ص 188 ح 258)

إنّ للمحن غايات لا بدّ من انقضائها، فناهوا (إليها ظ) لها إلى حين انقضائها، فإنّ إعمال الحيلة فيها قبل ذلك زيادة لها. . . (ص 243 ف 9 ح 219)

إنّ للمحن غايات و للغايات نهايات، فاصبروا لها حتّى تبلغ نهاياتها، فالتحرّك لها قبل انقضائها زيادة لها. . . (ح 220)

إن ابتلاكم اللّه بمصيبة فاصبروا. . . (ص 271 ف 10 ح 2)

إنّ تصبروا ففي اللّه من كلّ مصيبة خلف. . . (ص 272 ح 3)

إن صبرت جرى عليك القلم و أنت مأجور. . . (ح 5)

و إن جزعت جرى عليك القدر و أنت مأزور. . . (ح 6)

إن صبرت أدركت بصبرك منازل الأبرار، و إن جزعت أوردك جزعك عذاب النار. . . (ح 7)

إنّك لن تدرك ما تحبّ من ربّك إلاّ بالصبر عمّا تشتهي. . . (ص 286 ف 13 ح 9)

بالمكاره تنال الجنّة. . . (ص 330 ف 18 ح 26)

بالصبر تخفّ المحنة. . . (ح 27)

بالصبر تدرك الرغائب. . . (ص 331 ح 49)

بالصبر تدرك معالي الامور. . . (ص 333 ح 98)

ثواب الصبر يذهب مضض المصيبة. . . (ص 366 ف 25 ح 6)

ثواب المصيبة على قدر الصبر عليها-ثواب الصبر أعلى الثواب. . . (ح 8 و 9)

حسن الصبر طليعة النصر. . . (ص 379 ف 27 ح 56)

حسن الصبر عون على كلّ أمر. . . (ح 57)

حسن الصبر ملاك كلّ أمر. . . (ص 380 ح 60)

حلاوة الظفر تمحو مرارة الصبر. . . (ص 381 ف 28 ح 16)

صبرك على المصيبة يخفّف الرزيّة و يجزل المثوبة. . . (ص 454 ف 44 ح 18)

ص:443

عليك بالصبر فإنّه حصن حصين و عبادة الموقنين. . . (ج 2 ص 482 ف 49 ح 54)

عليك بالصبر فبه يأخذ العاقل و إليه يرجع الجاهل. . . (ح 58)

عليك بلزوم الصبر فبه يأخذ الحازم و إليه يؤول الجازع. . . (ح 63)

ليس شيء أحمد عاقبة، و لا ألذّ مغبّة، و لا أدفع بسوء أدب، و لا أعون على درك مطلب من الصبر. . . (ص 596 ف 73 ح 57)

من انتظر العواقب صبر. . . (ص 618 ف 77 ح 167)

من ادّرع جنّة الصبر هانت عليه النوائب. . . (ص 673 ح 1019)

من تجلبب الصبر و القناعة عزّ و نبل. . . (ص 720 ح 1481)

من صبر على طاعة اللّه و عن معاصيه فهو المجاهد الصبور. . . (ح 1488)

من كنوز الإيمان الصبر على المصائب. . . (ص 728 ف 78 ح 64)

ما أصيب من صبر. . . (ص 736 ف 79 ح 5)

ما خاب من لزم الصبر. . . (ح 7)

ما دفع اللّه سبحانه عن العبد المؤمن شيئا من بلاء الدنيا و عذاب الآخرة إلاّ برضاه بقضائه، و حسن صبره على بلائه. . . (ص 750 ح 218)

نعم الظهير الصبر. . . (ص 772 ف 81 ح 37)

نعم المعونة الصبر على البلاء. . . (ص 773 ح 60)

لا إيمان كالصبر. . . (ص 831 ف 86 ح 42)

لا عثار مع صبر. . . (ص 833 ح 86)

لا عون أفضل من الصبر. . . (ص 840 ح 216)

لا ينعم بنعيم الآخرة إلاّ من صبر على بلاء الدنيا. . . (ص 845 ح 316)

أقول:

مرّ ما يناسب المقام في باب الشكر.

ص:444

111- الصدق

الآيات

1- قالَ اَللّهُ هذا يَوْمُ يَنْفَعُ اَلصّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا اَلْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً رَضِيَ اَللّهُ عَنْهُمْ وَ رَضُوا عَنْهُ ذلِكَ اَلْفَوْزُ اَلْعَظِيمُ. (1)

2- يا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا اِتَّقُوا اَللّهَ وَ كُونُوا مَعَ اَلصّادِقِينَ. (2)

3- مِنَ اَلْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اَللّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَ مِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَ ما بَدَّلُوا تَبْدِيلاً- لِيَجْزِيَ اَللّهُ اَلصّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ. . . (3)

4- وَ اَلَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ وَ صَدَّقَ بِهِ أُولئِكَ هُمُ اَلْمُتَّقُونَ. الآيات. (4)

الأخبار

1-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ اللّه عزّ و جلّ لم يبعث نبيّا إلاّ بصدق

ص:445


1- -المائدة:119
2- التوبة:119
3- الأحزاب:23 و 24
4- الزمر:33 إلى 35

الحديث، و أداء الأمانة إلى البرّ و الفاجر. (1)

بيان:

في المرآة ج 7 ص 272، باب درجات الإيمان: «الصدق» : هو القول المطابق للواقع و يطلق أيضا على مطابقة العمل للقول و الاعتقاد، و على فعل القلب و الجوارح المطابقين للقوانين الشرعيّة و الموازين العقليّة، و منه الصدّيق و هو من حصل له ملكة الصدق في جميع هذه الامور، و لا يصدر منه خلاف المطلوب عقلا و نقلا كما صرّح به المحقّق الطوسي رحمه اللّه في أوصاف الأشراف.

أقول: سيأتي في باب الكذب وجه آخر في معناه.

2-عن إسحاق بن عمّار و غيره، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: لا تغترّوا بصلاتهم و لا بصيامهم، فإنّ الرجل ربما لهج بالصلاة و الصوم حتّى لو تركه استوحش، و لكن اختبروهم عند صدق الحديث و أداء الأمانة. (2)

بيان:

اللهج بالشيء: الولوع به، و الحرص عليه.

3-عن أبي كهمس قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: عبد اللّه بن أبي يعفور يقرئك السلام، قال: عليك و عليه السّلام، إذا أتيت عبد اللّه فأقرأه السلام و قل له: إنّ جعفر بن محمّد يقول لك: انظر ما بلغ به عليّ عليه السّلام عند رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله فالزمه، فإنّ عليّا عليه السّلام إنّما بلغ ما بلغ به عند رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله بصدق الحديث و أداء الأمانة. (3)

4-عن الربيع بن سعد قال: قال لي أبو جعفر عليه السّلام: يا ربيع، إنّ الرجل

ص:446


1- -الكافي ج 2 ص 85 باب الصدق ح 1
2- الكافي ج 2 ص 85 ح 2
3- الكافي ج 2 ص 85 ح 5

ليصدق حتّى يكتبه اللّه صدّيقا. (1)

أقول:

ح 9: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ العبد ليصدق حتّى يكتب عند اللّه من الصادقين. . .

بيان: في المرآة ج 8 ص 184، «الصدّيق» مبالغة في الصدق أو التصديق و الإيمان بالرسول قولا و فعلا، قال الطبرسي رحمه اللّه: في قوله تعالى: إِنَّهُ كانَ صِدِّيقاً (2)أي كثير التصديق في امور الدين عن الجبائي، و قيل: صادقا مبالغا في الصدق فيما يخبر عن اللّه.

5-عن ابن أبي يعفور عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: كونوا دعاة للناس بالخير بغير ألسنتكم، ليروا منكم الاجتهاد و الصدق و الورع. (3)

6-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من صدق لسانه زكى عمله، و من حسنت نيّته زيد في رزقه، و من حسن برّه بأهل بيته مدّ له في عمره. (4)

بيان:

«زكى عمله» : أي بسبب الصدق يصير عمله زاكيا أي ناميا في الثواب أو طهر عمله من الرياء و غيره.

7-عن زيد بن عليّ عن آبائه عليهم السّلام عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله قال: إنّ أقربكم منّي غدا و أوجبكم عليّ شفاعة أصدقكم للحديث، و آداكم للأمانة، و أحسنكم خلقا، و أقربكم من الناس. (5)

8-عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله لعليّ عليه السّلام: يا عليّ، أوصيك

ص:447


1- -الكافي ج 2 ص 86 ح 8
2- مريم:41 و 56
3- الكافي ج 2 ص 86 ح 10
4- الكافي ج 2 ص 86 ح 11
5- الوسائل ج 12 ص 163 ب 108 من العشرة ح 8

في نفسك بخصال فاحفظها، ثمّ قال: اللهمّ أعنه، أمّا الاولى، فالصدق لا يخرجنّ من فيك كذبة أبدا، و الثانية؛ الورع لا تجتر أنّ على خيانة أبدا، و الثالثة؛ الخوف من اللّه كأنّك تراه، و الرابعة؛ كثرة البكاء من خشية اللّه عزّ و جلّ، يبني لك بكلّ دمعة بيت في الجنّة، و الخامسة؛ بذل مالك و دمك دون دينك، و السادسة؛ الأخذ بسنّتي في صلاتي و صيامي و صدقتي

أمّا الصلاة فالخمسون ركعة، و أمّا الصوم فثلاثة أيّام في كلّ شهر خميس في أوّله، و أربعاء في وسطه و خميس في آخره، و أمّا الصدقة فجهدك حتّى يقال:

أسرفت و لم تسرف، و عليك بصلاة الليل و عليك بصلاة الليل و عليك بصلاة الليل، و عليك بصلاة الزوال، و عليك بقرائة القرآن على كلّ حال، و عليك برفع يديك في الصلاة و تقليبهما، عليك بالسواك عند كلّ (وضوء و كلّ يه) صلاة.

عليك بمحاسن الأخلاق فاركبها، عليك بمساوئ الأخلاق فاجتنبها، فإن لم تفعل فلا تلومنّ إلاّ نفسك. (1)

بيان:

«دون دينك» : أي عند حفظ دينك. «عليك برفع يديك» : أي في التكبيرات و تقليبهما إلى القبلة.

9-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: الصادق على شفا منجاة و كرامة، و الكاذب على شرف مهواة و مهانة. (2)

10-عن أبي جعفر الثانيّ عن آبائه عليهم السّلام قال: قال النبيّ صلّى اللّه عليه و اله: لا تنظروا إلى كثرة صلاتهم و صومهم، و كثرة الحجّ و المعروف، و طنطنتهم بالليل، و لكن

ص:448


1- -الوسائل ج 15 ص 181 ب 4 من جهاد النفس ح 2-و مثله في الكافي ج 8 ص 79 ح 33 عن الصادق عليه السّلام
2- نهج البلاغة ص 208 في خ 85-الغرر ج 1 ص 44 ف 1 ح 1293 و 1294

انظروا إلى صدق الحديث و أداء الأمانة. (1)

بيان:

«طنطنتهم» : طنطنة الجرس و الطست و الذباب و نحوها: صوته، و المراد صوتهم عند المناجاة و الدعاء و التضرّع في الليل.

11-قال أمير المؤمنين عليه السّلام (في ح الأربعمائة) : الزموا الصدق فإنّه منجاة. (2)

12-عن جعفر بن محمّد عن أبيه عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله:

زينة الحديث الصدق. (3)

13-قيل لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله: بم يعرف المؤمن؟ قال: بوقاره، و لينه، و صدق حديثه. (4)

14-قال عليّ عليه السّلام: الصدق يهدي إلى البرّ، و البرّ يدعو إلى الجنّة، و ما يزال أحدكم يصدق حتّى لا يبقى في قلبه موضع إبرة من كذب، حتّى يكون عند اللّه صادقا. (5)

15-قال عليّ بن الحسين عليهما السّلام: أربع من كنّ فيه كمل إسلامه، و محيت ذنوبه، و لقي ربّه و هو عنه راض: وفاء للّه بما يجعل على نفسه للناس، و صدق لسانه مع الناس، و الاستحياء من كلّ قبيح عند اللّه و عند الناس، و حسن خلقه مع أهله. (6)

ص:449


1- -البحار ج 71 ص 9 باب الصدق ح 15
2- البحار ج 71 ص 9 ح 17
3- البحار ج 71 ص 17 ح 34
4- المستدرك ج 8 ص 455 ب 91 من العشرة ح 4
5- المستدرك ج 8 ص 455 ح 7
6- المستدرك ج 8 ص 456 ح 10

16-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

الصدق فضيلة. (الغرر ج 1 ص 7 ف 1 ح 102)

الصدق مرفعة. (ص 10 ح 215)

الصدق ينجي. (ص 12 ح 264)

الصدق أمانة اللسان-الصدق أخو العدل. (ص 13 ح 310 و 320)

الصدق لسان الحقّ. (ص 14 ح 329)

الصدق خير القول. (ح 356)

الصادق مكرم جليل-الكاذب مهان ذليل. (ص 15 ح 393 و 394)

الصدق حياة التقوى. (ص 16 ح 408)

الصدق روح الكلام. (ص 17 ح 441)

الصدق لباس الدين. (ص 19 ح 513)

الصدق لباس اليقين. (ص 20 ح 543)

الصدق رأس الدين. (ص 21 ح 570)

الصدق نجاة و كرامة. (ص 25 ح 732)

الصدق أنجح دليل. (ص 27 ح 796)

النجاة مع الصدق. (ص 28 ح 849)

الصدق حقّ صادع. (ص 29 ح 875)

الصدق أشرف رواية. (ص 30 ح 897)

الصدق أفضل رواية. (ص 34 ح 1065)

الصدق خير منبئ-الصدق كمال النبل. (ص 35 ح 1076 و 1098)

الصدق صلاح كلّ شيء-الكذب فساد كلّ شيء. (ص 37 ح 1158 و 1159)

الصدق ينجيك و إن خفته. (ح 1161)

الصدق أشرف خلائق الموقن. (ص 44 ح 1300)

ص:450

الصدق أمانة اللسان و حلية الإيمان. (ص 54 ح 1489)

الصدق مطابقة المنطق للوضع الإلهي. (ص 59 ح 1588)

الكذب زوال المنطق عن الوضع الإلهي. (ح 1589)

الصدق أقوى دعائم الإيمان. (ص 60 ح 1615)

الصدق عماد الإسلام و دعامة الإيمان. (ص 69 ح 1780)

الصدق رأس الإيمان و زين الإنسان. (ص 87 ح 2016)

أربع من أعطيهنّ فقد أعطي خير الدنيا و الآخرة: صدق حديث، و أداء أمانة، و عفّة بطن، و حسن خلق. (ص 102 ح 2164)

الزم الصدق و الأمانة فإنّهما سجيّة الأخيار. (ص 113 ف 2 ح 103)

الزم الصدق و إن خفت ضرّه، فإنّه خير لك من الكذب المرجوّ نفعه.

(ص 115 ح 129)

أسوء الصدق النميمة. (ص 179 ف 8 ح 111)

أقلّ شيء الصدق و الأمانة. (ص 195 ح 346)

إذا أحبّ اللّه عبدا ألهمه الصدق. (ص 318 ف 17 ح 127)

بالصدق تكون النجاة-بالصدق تكمل المروّة. (ص 331 ف 18 ح 42 و 45)

بالصدق و الوفاء تكمل المروءة لأهلها. (ص 335 ح 129)

على الصدق و الأمانة مبنى الإيمان. (ج 2 ص 488 ف 51 ح 27)

عاقبة الصدق نجاة و سلامة. (ص 502 ف 55 ح 49)

ليكن أوثق الناس لديك أنطقهم بالصدق. (ص 586 ف 71 ح 63)

لو تميّزت الأشياء لكان الصدق مع الشجاعة، و كان الجبن مع الكذب.

(ص 605 ف 75 ح 30)

ص:451

لسان الصدق خير للمرء من المال يورثه من لا يحمده.

(ص 608 ف 76 ح 6)

من صدق أصلح ديانته. (ص 617 ف 77 ح 151)

من قال الصدق أنجح. (ص 618 ح 165)

من عرف بالصدق جاز كذبه. (ص 629 ح 364)

من صدّق مقاله زاد جلاله. (ص 650 ح 691)

من صدقت لهجته قويت حجّته. (ص 658 ح 821)

ملاك الإسلام صدق اللسان. (ص 758 ف 80 ح 15)

يبلغ الصادق بصدقه ما يبلغه الكاذب باحتياله. (ص 873 ف 91 ح 1)

يكتسب الصادق بصدقه ثلاثا: حسن الثقة [به]، و المحبّة له، و المهابة منه (عنه ف ن) . (ص 876 ح 29)

أقول:

في البحار (ج 74 ص 230 باب حقوق الإخوان ح 27) عن عبد العظيم الحسنيّ، عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام قال: يا عبد العظيم، أبلغ عنّي أوليائي السلام، و قل لهم أن:

لا تجعلوا للشيطان على أنفسهم سبيلا، و مرهم بالصدق في الحديث، و أداء الأمانة، و مرهم بالسكوت و ترك الجدال فيما لا يعنيهم، و إقبال بعضهم على بعض و المزاورة، فإنّ ذلك قربة إليّ، و لا يشغلوا أنفسهم بتمزيق بعضهم بعضا، فإنّي آليت على نفسي أنّه من فعل ذلك و أسخط وليّا من أوليائي دعوت اللّه ليعذّبه في الدنيا أشدّ العذاب، و كان في الآخرة من الخاسرين.

و عرّفهم أنّ اللّه قد غفر لمحسنهم، و تجاوز عن مسيئهم إلاّ من أشرك بي (به ف ن) أو آذى وليّا من أوليائي أو أضمر له سوء فإنّ اللّه لا يغفر له حتّى يرجع عنه، فإن رجع عنه، و إلاّ نزع روح الإيمان عن قلبه، و خرج عن ولايتي، و لم يكن له نصيب في ولايتنا، و أعوذ باللّه من ذلك.

ص:452

112- الصدقة

الآيات

1- . . . وَ آتَى اَلْمالَ عَلى حُبِّهِ ذَوِي اَلْقُرْبى وَ اَلْيَتامى وَ اَلْمَساكِينَ وَ اِبْنَ اَلسَّبِيلِ وَ اَلسّائِلِينَ وَ فِي اَلرِّقابِ. . . (1)

2- وَ أَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اَللّهِ. . . (2)

3- يا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمّا رَزَقْناكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَ لا خُلَّةٌ وَ لا شَفاعَةٌ وَ اَلْكافِرُونَ هُمُ اَلظّالِمُونَ. (3)

4- مَثَلُ اَلَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فِي سَبِيلِ اَللّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَ اَللّهُ يُضاعِفُ لِمَنْ يَشاءُ وَ اَللّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ- اَلَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فِي سَبِيلِ اَللّهِ ثُمَّ لا يُتْبِعُونَ ما أَنْفَقُوا مَنًّا وَ لا أَذىً لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ- قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَ مَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُها أَذىً . . . إِنْ تُبْدُوا اَلصَّدَقاتِ فَنِعِمّا هِيَ وَ إِنْ تُخْفُوها وَ تُؤْتُوهَا اَلْفُقَراءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَ يُكَفِّرُ عَنْكُمْ

ص:453


1- -البقرة:177
2- البقرة:195
3- البقرة:254

مِنْ سَيِّئاتِكُمْ وَ اَللّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ. (1)

5- لَنْ تَنالُوا اَلْبِرَّ حَتّى تُنْفِقُوا مِمّا تُحِبُّونَ وَ ما تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اَللّهَ بِهِ عَلِيمٌ. (2)

6- . . . أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ- اَلَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي اَلسَّرّاءِ وَ اَلضَّرّاءِ. . . (3)

7- إِنَّمَا اَلصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَ اَلْمَساكِينِ وَ اَلْعامِلِينَ عَلَيْها وَ اَلْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَ فِي اَلرِّقابِ وَ اَلْغارِمِينَ وَ فِي سَبِيلِ اَللّهِ وَ اِبْنِ اَلسَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اَللّهِ وَ اَللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ. (4)

8- خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَ تُزَكِّيهِمْ بِها . . . أَ لَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اَللّهَ هُوَ يَقْبَلُ اَلتَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ وَ يَأْخُذُ اَلصَّدَقاتِ وَ أَنَّ اَللّهَ هُوَ اَلتَّوّابُ اَلرَّحِيمُ. (5)

9- . . . وَ أَنْفَقُوا مِمّا رَزَقْناهُمْ سِرًّا وَ عَلانِيَةً. . . (6)

10- . . . وَ اَلْمُتَصَدِّقِينَ وَ اَلْمُتَصَدِّقاتِ . . . أَعَدَّ اَللّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَ أَجْراً عَظِيماً. (7)

11- وَ ما لَكُمْ أَلاّ تُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اَللّهِ وَ لِلّهِ مِيراثُ اَلسَّماواتِ وَ اَلْأَرْضِ. . . (8)

12- إِنَّ اَلْمُصَّدِّقِينَ وَ اَلْمُصَّدِّقاتِ وَ أَقْرَضُوا اَللّهَ قَرْضاً حَسَناً يُضاعَفُ لَهُمْ وَ لَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ. (9)

ص:454


1- -البقرة:261 إلى 271
2- آل عمران:92
3- آل عمران:133 و 134
4- التوبة:60
5- التوبة:103 و 104
6- الرعد:22
7- الأحزاب:35
8- الحديد:10
9- الحديد:18

الأخبار

1-عن عبد اللّه بن سنان قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: داووا مرضاكم بالصدقة، و ادفعوا البلاء بالدعاء (بالصدقة ف ن) ، و استنزلوا الرزق بالصدقة، فإنّها تفكّ من بين لحي سبعمأة شيطان و ليس شيء أثقل على الشيطان من الصدقة على المؤمن، و هي تقع في يد الربّ تبارك و تعالى قبل أن تقع في يد العبد. (1)

2-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ما أحسن عبد الصدقة في الدنيا إلاّ أحسن اللّه الخلافة على ولده من بعده. و قال: حسن الصدقة يقضي الدين و يخلف على البركة. (2)

بيان:

في المرآة ج 16 ص 125، قال في الدروس: «الصدقة» : هي العطيّة المتبرّع بها من غير نصاب للقربة.

و في مجمع البحرين، الصدقة: ما أعطى الغير به تبرّعا بقصد القربة غير هديّة، فتدخل فيها الزكاة و المنذورات و الكفّارة و أمثالها. . .

و في عدّة الداعي ص 62: الصدقة على خمسة أقسام:

الأوّل: صدقة المال.

الثانيّ: صدقة الجاه و هي الشفاعة، قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله: «أفضل الصدقة صدقة اللسان، قيل: يا رسول اللّه، و ما صدقة اللسان؟ قال: الشفاعة تفكّ بها الأسير و تحقن بها الدم، و تجرّ بها المعروف إلى أخيك، و تدفع بها الكريهة» ، و قيل: المواساة

ص:455


1- -الكافي ج 4 ص 3 باب فضل الصدقة ح 5
2- الوسائل ج 9 ص 367 ب 1 من الصدقة ح 3

في الجاه و المال عوذة بقائها.

الثالث: صدقة العلم و الرأي و هي المشورة، و عن النبيّ صلّى اللّه عليه و اله: «تصدّقوا على أخيكم بعلم يرشده، و رأي يسدّده» .

الرابع: صدقة اللسان و هي واسطة بين الناس، و السعي فيما يكون سببا لإطفاء النائرة، و إصلاح ذات البين، قال اللّه تعالى: لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْواهُمْ إِلاّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ اَلنّاسِ .

الخامس: صدقة العلم، و هي بذله لأهله و نشره على مستحقّه. و عن النبيّ صلّى اللّه عليه و اله:

«من الصدقة أن يتعلّم الرجل العلم و يعلّمه الناس» ، و قال صلّى اللّه عليه و اله: «زكاة العلم تعليمه من لا يعلمه» ، و عن الصادق عليه السّلام: «لكلّ شيء زكاة و زكاة العلم أن يعلّمه أهله» .

3-قال أبو جعفر عليه السّلام: البرّ و الصدقة ينفيان الفقر، و يزيدان في العمر، و يدفعان عن (صاحبهما ف ف) سبعين ميتة السوء. (1)

4-عن أبي جعفر عليه السّلام في قول اللّه عزّ و جلّ: فَأَمّا مَنْ أَعْطى وَ اِتَّقى- وَ صَدَّقَ بِالْحُسْنى بأنّ اللّه يعطي بالواحدة عشرة إلى مائة ألف فما زاد فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى قال: لا يريد شيئا من الخير إلاّ يسّره اللّه له. . . (2)

5-عن زرارة عن الصادق عليه السّلام (في حديث) قال: استنزلوا الرزق بالصدقة، من أيقن بالخلف جاد بالعطيّة، إنّ اللّه ينزل المعونة على قدر المؤونة. (3)

أقول:

بمعناه ما في نهج البلاغة و قد مرّ شرحه في باب السخاء.

6-عن جابر عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال عليّ بن أبي طالب عليه السّلام: تصدّقت

ص:456


1- -الوسائل ج 9 ص 368 ح 4
2- الوسائل ج 9 ص 368 ح 5
3- الوسائل ج 9 ص 370 ح 11

يوما بدينار، فقال لي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله: أما علمت يا عليّ، أنّ صدقة المؤمن لا تخرج من يده حتّى يفكّ عنها من لحي سبعين شيطانا كلّهم يأمره بأن لا يفعل، و ما تقع في يد السائل حتّى تقع في يد الربّ جلّ جلاله، ثمّ تلا هذه الآية:

أَ لَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اَللّهَ هُوَ يَقْبَلُ اَلتَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ وَ يَأْخُذُ اَلصَّدَقاتِ. . . . (1)

بيان:

«يفكّ» : في النهاية ج 3 ص 466، أصل الفكّ: الفصل بين الشيئين و تخليص بعضهما من بعض.

في المرآة ج 16 ص 126، «في يد الربّ» : كناية عن قبوله تعالى انتهى. و لكنّ المعنى أدقّ من ذلك و يدلّ على ذلك أخبار الباب.

أقول: قد مرّ في باب الشيطان، أنّ إبليس قال لموسى عليه السّلام: و إذا هممت بصدقة فامضها، فإنّه إذا همّ العبد بصدقة كنت صاحبه دون أصحابي، أحول بينه و بينها.

و مرّ عن النبيّ صلّى اللّه عليه و اله: . . . الصوم يسوّد وجه الشيطان و الصدقة تكسر ظهره. . .

7-عن جعفر بن محمّد عن آبائه عن عليّ عليهم السّلام قال: الصدقة جنّة (من النار) . (2)

8-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله: تصدّقوا و لو بصاع من تمر، و لو ببعض صاع، و لو بقبضة و لو ببعض قبضة، و لو بتمرة، و لو بشقّ تمرة، فمن لم يجد فبكلمة طيّبة، فإنّ أحدكم لاقى اللّه فقائل له: ألم أفعل بك؟ ألم أفعل بك؟ ألم أجعلك سميعا بصيرا؟ ألم أجعل لك مالا و ولدا؟ فيقول: بلى، فيقول اللّه تبارك و تعالى: فانظر ما قدّمت لنفسك، قال: فينظر قدّامه و خلفه و عن يمينه و عن شماله فلا يجد شيئا يقي به وجهه من النار. (3)

ص:457


1- -الوسائل ج 9 ص 370 ح 12
2- الوسائل ج 9 ص 371 ح 17
3- الوسائل ج 9 ص 379 ب 7 ح 1

9-عن عليّ عليه السّلام قال: قال النبيّ صلّى اللّه عليه و اله: كلّ معروف صدقة إلى غنيّ أو فقير، فتصدّقوا و لو بشقّ التمرة، و اتّقوا النار و لو بشقّ التمرة، فإنّ اللّه يربّيها لصاحبها كما يربّي أحدكم فلوّه أو فصيله، حتّى يوفّيه إيّاها يوم القيامة، و حتّى يكون أعظم من الجبل العظيم. (1)

أقول:

ح 8 عن عليّ بن الحسين عليهما السّلام عنه صلّى اللّه عليه و اله قال: إنّ اللّه ليربّي لأحدكم الصدقة كما يربّي أحدكم ولده، حتّى يلقاه يوم القيامة و هو مثل احد.

بيان: في النهاية ج 3 ص 474 «الفلوّ» : المهر (ولد الفرس) الصغير، و قيل: هو الفطيم من أولاد ذوات الحافر. «الفصيل» ولد الناقة أو البقرة إذا فصل عن امّه.

10-قال الصادق عليه السّلام: باكروا بالصدقة فإنّ البلايا لا تتخطّاها، و من تصدّق بصدقة أوّل النهار دفع اللّه عنه شرّ ما ينزل من السماء في ذلك اليوم، فإن تصدّق أوّل الليل دفع اللّه عنه شرّ ما ينزل من السماء في تلك الليلة. (2)

11-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام (في حديث) قال: إنّ صدقة الليل تطفئ غضب الربّ، و تمحو الذنب العظيم، و تهوّن الحساب، و صدقة النهار تثمر المال و تزيد في العمر. (3)

أقول:

في الوسائل ج 9 ص 405 ب 17 عنه عن أبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله: إذا طرقكم سائل ذكر بليل فلا تردّوه.

12-عن عمّار الساباطي قال: قال لي أبو عبد اللّه عليه السّلام: يا عمّار، الصدقة و اللّه في السرّ أفضل من الصدقة في العلانية، و كذلك و اللّه العبادة في السرّ أفضل

ص:458


1- -الوسائل ج 9 ص 381 ح 5
2- الوسائل ج 9 ص 385 ب 8 ح 5
3- الوسائل ج 9 ص 393 ب 12 ح 2

منها في العلانية. (1)

13-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: صدقة العلانية تدفع سبعين نوعا من أنواع البلاء، و صدقة السرّ تطفئ غضب الربّ. (2)

14-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سئل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله: أيّ الصدقة أفضل؟ قال: على ذي الرحم الكاشح. (3)

بيان:

في النهاية ج 4 ص 175، «الكاشح» : العدوّ الذي يضمر عداوته و يطوي عليها كشحه أي باطنه. . .

15-قال الصدوق رحمه اللّه: قال عليه السّلام: لا صدقة و ذو رحم محتاج. (4)

16-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: إذا أملقتم فتاجروا اللّه بالصدقة. (5)

17-و قال عليه السّلام: سوسوا إيمانكم بالصدقة، و حصّنوا أموالكم بالزكاة، و ادفعوا أمواج البلاء بالدعاء. (6)

بيان:

«سوسوا» : أمر من السياسة، و هي حفظ الشيء بما يحوطه من غيره.

18-عن الصادق عن آبائه عن عليّ عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله: يدفع بالصدقة الداء و الدبيلة، و الغرق و الحرق، و الهدم و الجنون-فعدّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله-إلى سبعين بابا من الشرّ.

ص:459


1- -الوسائل ج 9 ص 395 ب 13 ح 3
2- الوسائل ج 9 ص 396 ح 6
3- الوسائل ج 9 ص 411 ب 20 ح 1
4- الوسائل ج 9 ص 412 ح 4
5- نهج البلاغة ص 1200 ح 250- الغرر ج 1 ص 312 ف 17 ح 47
6- نهج البلاغة ص 1154 ح 138

و في حديثه صلّى اللّه عليه و اله: إنّ امرأة من بني إسرائيل أخذ ولدها الذئب، فأتبعته و معها رغيف تأكل منه، فلقيها سائل فناولته الرغيف، فألقى الذئب ولدها فسمعت قائلا يقول و هي لا تراه: خذي اللقمة بلقمة. (1)

بيان:

«الدبيلة» : الداهية، و داء في الجوف. «بابا من الشرّ» : في الوسائل بدلها: "بابا من السوء".

19-عن محمّد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ما من شيء إلاّ وكّل به ملك، إلاّ الصدقة فإنّها تقع في يد اللّه. (2)

20-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ملعون ملعون من وهب اللّه له مالا فلم يتصدّق منه بشيء، أما سمعت أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و اله قال: صدقة درهم أفضل من صلاة عشر ليال. (3)

21-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله: من أعطى درهما في سبيل اللّه، كتب اللّه له سبعمأة حسنة. (4)

22-قال لقمان لابنه: إذا أخطأت خطيئة، فأعط صدقة. (5)

23-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله: أمسك لسانك فإنّها صدقة تصدّق بها على نفسك. (6)

ص:460


1- -المستدرك ج 7 ص 153 ب 1 من الصدقة ح 2
2- المستدرك ج 7 ص 155 ح 9
3- المستدرك ج 7 ص 157 ح 15
4- المستدرك ج 7 ص 159 ح 22
5- المستدرك ج 7 ص 159 ح 24
6- البحار ج 71 ص 298 باب السكوت و الكلام ح 71

24-في مفردات كلمات النبيّ صلّى اللّه عليه و اله: ترك الشرّ صدقة. (1)

25-في خبر مناهي النبيّ صلّى اللّه عليه و اله: . . . و من اصطنع إلى أخيه معروفا فامتنّ به أحبط اللّه عليه عمله، و ثبت وزره، و لم يشكر له سعيه. . .

و قال: ألا و من تصدّق بصدقة فله بوزن كلّ درهم مثل جبل احد من نعيم الجنّة، و من مشى بصدقة إلى محتاج كان له كأجر صاحبها من غير أن ينقص من أجره شيء. . . (2)

26-في مواعظ موسى بن جعفر عليه السّلام: عونك للضعيف من أفضل الصدقة. (3)

27-عن أبي عبد اللّه عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله: كلّ معروف صدقة، و الدالّ على الخير كفاعله، و اللّه يحبّ إغاثة اللهفان. (4)

28-قال أمير المؤمنين عليه السّلام (في ح الأربعمائة) : أنفقوا ممّا رزقكم اللّه عزّ و جلّ، فإنّ المنفق بمنزلة المجاهد في سبيل اللّه، فمن أيقن بالخلف سخت نفسه بالنفقة. (5)

29-عن جعفر بن محمّد عن أبيه عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله:

خصلتان لا احبّ أن يشاركني فيهما أحد: وضوئي فإنّه من صلاتي، و صدقتي من يدي إلى يد سائل، فإنّها تقع في يد الرحمن. (6)

30-بإسناد صحيح، قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: أنفق و أيقن بالخلف، و اعلم أنّه من لم ينفق في طاعة اللّه ابتلي بأن ينفق في معصية اللّه عزّ و جلّ، و من لم يمش

ص:461


1- -البحار ج 77 ص 162
2- البحار ج 76 ص 336
3- البحار ج 78 ص 326
4- البحار ج 96 ص 119 باب فضل الصدقة ح 20
5- البحار ج 96 ص 120 في ح 22
6- البحار ج 96 ص 128 ح 50

في حاجة وليّ اللّه ابتلي بأن يمشي في حاجة عدوّ اللّه عزّ و جلّ.

و قال النبيّ صلّى اللّه عليه و اله: من منع ماله من الأخيار اختيارا صرف اللّه ماله إلى الأشرار اضطرارا. (1)

31-عن النبيّ صلّى اللّه عليه و اله قال: سألت جبرئيل عليه السّلام عن الصدقة؟ فقال: يا محمّد، خمسة أوجه: الواحدة بعشرة، و الواحدة بسبعين، و الواحدة بسبعمأة، و الواحدة بسبعين ألفا، و الواحدة بمأة ألف. فقلت: يا جبرئيل، أخبرني عن الواحدة بعشرة.

فقال: تدفعها إلى رجل صحيح اليدين و الرجلين و العينين، و الواحدة التي بسبعين تدفعها إلى زمن، و التي بسبعمأة تدفعها إلى الوالدين، و التي بسبعين ألفا تدفعها إلى الأموات، و التي بمأة ألف تدفعها إلى طالب العلم. (2)

بيان:

«الزمن» : الذي أصابته الزمانة، و هي عاهة و مرض يدوم زمانا طويلا أو عدم بعض الأعضاء.

32-عن النبيّ صلّى اللّه عليه و اله أنّه سأل إبليس عن الصدقة، فقال له: يا ملعون، لم تمنع الصدقة؟ فقال: يا محمّد، كأنّ المنشار يوضع على رأسي و ينشر كما ينشر الخشب، فقال النبيّ صلّى اللّه عليه و اله: لما ذا؟ قال: لأنّ في الصدقة خمس خصال: أوّلها يزيد في الأموال، و ثانيها شفاء للمريض، و ثالثها، تدفع البلاء و رابعها، يمرّون على الصراط كالبرق الخاطف، و خامسها، يدخلون الجنّة بغير حساب و لا عذاب. فقال النبيّ صلّى اللّه عليه و اله: زادك اللّه عذابا فوق العذاب.

و قال النبيّ صلّى اللّه عليه و اله: إذا خرجت الصدقة من يد صاحبها، تتكلّم بخمس كلمات:

أوّلها كنت فانيا فاثبتني، و كنت صغيرا فكبّرتني، فكنت عدوّا فاحببتني، و كنت

ص:462


1- -البحار ج 96 ص 130 ح 57
2- الاثنى عشرية ص 205 ب 5 ف 3

تحرسني و الآن أنا أحرسك إلى يوم القيامة. (1)

أقول:

ذكرنا أهمّ الأخبار، و لم نذكر أخبار فضل الصدقة في يوم الجمعة و العرفة و شهر رمضان على سائر الأيّام، و قد مرّ ما يناسب المقام في أبواب الإحسان، المعروف، الزكاة، السخاء و. . .

و في كنز العمّال خ 16246: عن النبيّ (ص) : المعتدي في الصدقة كمانعها.

و خ 16305: عنه (ص) قال: تبسّمك في وجه أخيك صدقة، و أمرك بالمعروف صدقة، و نهيك عن المنكر صدقة، و إرشادك الرجل في أرض الضلال لك صدقة، و إماطتك الحجر و الشوك و العظم عن الطريق لك صدقة، و إفراغك من دلوك في دلو أخيك صدقة.

33-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

الصدقة كنز. (الغرر ج 1 ص 12 ف 1 ح 262)

الصدقة تقي. (ح 267)

الصدقة أفضل القرب-الصدقة أفضل الحسنات. (ص 14 ح 340 و 346)

الصدقة كنز الموسر. (ص 35 ح 1106)

الصدقة تقي مصارع السوء. (ص 57 ح 1552)

الصدقة في السرّ من أفضل البرّ. (ح 1555)

الصدقة أعظم الربحين. (ص 65 ح 1713)

الصدقة أفضل الذخرين. (ص 66 ح 1719)

الصدقات تستنزل الرحمة. (ص 102 ح 2171)

الصدقة تستدفع البلاء و النقمة. (ص 107 ح 2238)

ص:463


1- -الاثنى عشرية ص 222 الخاتمة من ب 5

استنزلوا الرزق بالصدقة. (ص 131 ف 3 ح 10)

بركة المال في الصدقة. (ص 343 ف 21 ح 5)

ثقّلوا موازينكم بالصدقة. (ص 367 ف 25 ح 19)

خير الصدقة أخفاها. (ص 388 ف 29 ح 30)

سوسوا إيمانكم بالصدقة. (ص 434 ف 39 ح 38)

سوسوا أنفسكم بالورع، و داووا مرضاكم بالصدقة. (ح 39)

صدقة السرّ تكفّر الخطيئة، و صدقة العلانية مثراة في المال.

(ص 456 ف 44 ح 38)

صدقة العلانية تدفع ميتة السوء. (ح 41)

ص:464

113- الصداقة

الأخبار

1-عن أبي عبد اللّه عن أمير المؤمنين عليهما السّلام قال: لا عليك أن تصحب ذا العقل و إن لم تحمد كرمه (و إن لم تجد كرمه ف ن) و لكن انتفع بعقله، و احترس من سيّئ أخلاقه، و لا تدعنّ صحبة الكريم و إن لم تنتفع بعقله و لكن انتفع بكرمه بعقلك، و افرر كلّ الفرار من اللئيم الأحمق. (1)

2-عن عبيد اللّه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: لا تكون الصداقة إلاّ بحدودها، فمن كانت فيه هذه الحدود أو شيء منها فأنسبه إلى الصداقة، و من لم يكن فيه شيء منها فلا تنسبه إلى شيء من الصداقة، فأوّلها؛ أن تكون سريرته و علانيته لك واحدة، و الثاني؛ أن يرى زينك زينه و شينك شينه، و الثالثة؛ أن لا تغيّره عليك ولاية و لا مال، و الرابعة؛ أن لا يمنعك شيئا تناله مقدرته، و الخامسة؛ و هي تجمع هذه الخصال أن لا يسلّمك عند النكبات. (2)

بيان:

«لا يسلّمك. . .» المعنى بالفارسيّة: "تو را در سختيها تنها نگذارد". لاحظ باب

ص:465


1- -الكافي ج 2 ص 466 باب من تجب مصادقته ح 1
2- الكافي ج 2 ص 467 ح 6

الجار. «النكبة» : ما يصيب الإنسان من الحوادث و المصيبة.

3-عن محمّد بن مسلم و أبي حمزة عن أبي عبد اللّه عن أبيه عليهما السّلام قال: قال لي أبي عليّ بن الحسين صلوات اللّه عليهما: يا بنيّ، انظر خمسة فلا تصاحبهم و لا تحادثهم و لا ترافقهم في طريق، فقلت: يا أبت، من هم عرّفنيهم؟ قال: إيّاك و مصاحبة الكذّاب، فإنّه بمنزلة السراب يقرّب لك البعيد و يبعّد لك القريب، و إيّاك و مصاحبة الفاسق، فإنّه بايعك بأكلة أو أقلّ من ذلك، و إيّاك و مصاحبة البخيل، فإنّه يخذلك في ماله أحوج ما تكون إليه، و إيّاك و مصاحبة الأحمق فإنّه يريد أن ينفعك فيضرّك، و إيّاك و مصاحبة القاطع لرحمه، فإنّي وجدته ملعونا في كتاب اللّه عزّ و جلّ في ثلاثة مواضع:

قال اللّه عزّ و جلّ: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي اَلْأَرْضِ وَ تُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ- أُولئِكَ اَلَّذِينَ لَعَنَهُمُ اَللّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَ أَعْمى أَبْصارَهُمْ 1 و قال عزّ و جلّ: وَ اَلَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اَللّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ وَ يَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اَللّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَ يُفْسِدُونَ فِي اَلْأَرْضِ أُولئِكَ لَهُمُ اَللَّعْنَةُ وَ لَهُمْ سُوءُ اَلدّارِ 2 و قال في البقرة: اَلَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اَللّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ وَ يَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اَللّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَ يُفْسِدُونَ فِي اَلْأَرْضِ أُولئِكَ هُمُ اَلْخاسِرُونَ 3 . (1)

4-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّه قال: لا تصحبوا أهل البدع و لا تجالسوهم فتصيروا عند الناس كواحد منهم؛ قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله: المرء على دين خليله و قرينه. (2)

ص:466


1- الكافي ج 2 ص 468 باب من تكره مجالسته ح 7
2- الكافي ج 2 ص 469 ح 10

بيان:

«على دين خليله» في المرآة ج 12 ص 535: الظاهر أنّ المراد أنّه عند الناس على دين خليله أي يتّهم بذلك، فيكون استشهادا بقوله عليه السّلام، و يحتمل أن يكون المراد إفادة مفسدة اخرى بأنّه يسري إليه دين خليله واقعا كما مرّ أنّ صاحب الشرّ يعدي.

5-عن عبيد بن زرارة قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إيّاك و مصادقة الأحمق، فإنّك أسرّ ما تكون من ناحيته أقرب ما يكون إلى مساءتك. (1)

6-قال لقمان لابنه: يا بنيّ، اتّخذ ألف صديق و ألف قليل، و لا تتّخذ عدوّا واحدا و الواحد كثير. (2)

7-عن الرضا عليه السّلام أنّه قال: قال عليّ بن الحسين عليهما السّلام: إذا رأيتم الرجل قد حسن سمته و هديه، و تماوت في منطقه و تخاضع في حركاته، فرويدا لا يغرّنّكم، فما أكثر من يعجزه تناول الدنيا و ركوب الحرام منها لضعف نيّته و مهانته و جبن قلبه، فنصب الدين فخّا لها، فهو لا يزال يختلّ الناس بظاهره، فإن تمكّن من حرام اقتحمه، و إذا وجدتموه يعفّ عن المال الحرام فرويدا لا يغرّنّكم، فإنّ شهوات الخلق مختلفة، فما أكثر من ينبو عن المال الحرام و إن كثر، و يحمل نفسه على شوهاء قبيحة فيأتي منها محرّما، فإذا وجدتموه يعفّ عن ذلك فرويدا لا يغرّنّكم حتّى تنظروا ما عقده عقله.

فما أكثر من ترك ذلك أجمع، ثمّ لا يرجع إلى عقل متين، فيكون ما يفسده بجهله أكثر ممّا يصلحه بعقله، فإذا وجدتم عقله متينا فرويدا لا يغرّكم حتّى تنظروا أ مع هواه يكون على عقله أم يكون مع عقله على هواه؟ و كيف محبّته

ص:467


1- -الكافي ج 2 ص 469 ح 11
2- الوسائل ج 12 ص 16 ب 7 من العشرة ح 2

للرئاسات الباطلة و زهده فيها؟ فإنّ في الناس من خسر الدنيا و الآخرة يترك الدنيا للدنيا، و يرى أنّ لذّة الرياسة الباطلة أفضل من لذّة الأموال و النعم المباحة المحلّلة، فيترك ذلك أجمع طلبا للرياسة، حتّى إذا قيل له: اتّق اللّه أخذته العزّة بالإثم فحسبه جهنّم و لبئس المهاد، فهو يخبط خبط عشواء يقوده أوّل باطل إلى أبعد غايات الخسارة، و يمدّه ربّه بعد طلبه لما لا يقدر عليه في طغيانه.

فهو يحلّ ما حرّم اللّه، و يحرّم ما أحلّ اللّه، لا يبالي ما فات من دينه إذا سلمت له رياسة التي قد شقي من أجلها، فاولئك الذين غضب اللّه عليهم و لعنهم و أعدّ لهم عذابا مهينا.

و لكنّ الرجل كلّ الرجل نعم الرجل هو الذي جعل هواه تبعا لأمر اللّه، و قواه مبذولة في رضى اللّه، يرى الذلّ مع الحقّ أقرب إلى عزّ الأبد من العزّ في الباطل، و يعلم أنّ قليل ما يحتمله من ضرّائها يؤدّيه إلى دوام النعيم في دار لا تبيد و لا تنفد، و إنّ كثيرا ما يلحقه من سرّائها إن اتّبع هواه يؤدّيه إلى عذاب لا انقطاع له و لا يزول، فذلكم الرجل نعم الرجل، فبه فتمسّكوا، و بسنّته فاقتدوا، و إلى ربّكم فتوسّلوا، فإنّه لا تردّ له دعوة، و لا تخيب له طلبة. (1)

بيان:

«السمت» : الهيئة الحسنة و هيئة أهل الخير. «الهدي» : الطريقة و السيرة.

في النهاية: «تماوت» الرجل: إذا أظهر من نفسه التخافت و التضاعف، من العبادة و الزهد و الصوم. و قال الفيروزآبادي: المتماوت: الناسك المرائي. «تخاضع» : أي أظهر الخضوع في جميع حركاته. «رويدا» : أي أمهل و تأنّ و لا تبادر إلى متابعته.

«مهانته» : أي مذلّته و حقارته. «الفخ» : آلة يصاد بها (دام) .

«يختلّ الناس» : أي يخدعهم. «اقتحمه» : أي دخله مبادرا من غير رويّة. «ينبو

ص:468


1- -احتجاج الطبرسي ج 2 ص 52( البحار ج 2 ص 84)

عن المال الحرام» : أي ينفر عنه و لا يتوجّه إليه. «الشوهاء» : أي المرأة العابسة و القبيحة الوجه، قال في البحار ج 2 ص 86: أي يحمل نفسه على امرأة قبيحة مشوّهة الخلقة فيزني بها و لا يتركها فضلا عن الحسناء. «أخذته العزّة» : أي حملته الأنفة و حميّة الجاهليّة على الإثم لجاجا.

«فهو يخبط خبط عشواء» : قال الجوهريّ: العشواء: الناقة التي لا تبصر أمامها فهي تخبط أي تضرب بيديها كلّ شيء، و ركب فلان العشواء إذا خبط أمره على غير بصيرة انتهى. و الخبط: المشي على غير طريق، و خبط الليل أي سار فيه على غير هدى، و المعنى يتصرّف في الامور على غير بصيرة.

«يمدّه ربّه» : أي يقوّيه، و في البحار: أي بعد أن طلب ما لا يقدر عليه من دعوى الإمامة، و رئاسة الخلق، و إفتاء الناس، فعجز عنها لنقصه و جهله استحقّ منع لطفه تعالى عنه، فصار ذلك سببا لتماديه في طغيانه و ضلاله: «لا تبيد» . أي لا تهلك و لا تفنى.

8-قال الصادق عليه السّلام لبعض أصحابه: من غضب عليك من إخوانك ثلاث مرّات، فلم يقل فيك شرّا، فاتّخذه لنفسك صديقا. (1)

9-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله: العافية عشرة أجزاء: تسعة منها الصمت إلاّ بذكر اللّه، و واحدة في ترك مجالسة السفهاء. (2)

10-قال أمير المؤمنين لابنه الحسن عليهما السّلام: يا بنيّ، . . . إيّاك و مصادقة الأحمق فإنّه يريد أن ينفعك فيضرّك، و إيّاك و مصادقة البخيل فإنّه يقعد عنك أحوج ما تكون إليه، و إيّاك و مصادقة الفاجر فإنّه يبيعك بالتافه، و إيّاك و مصادقة الكذّاب فإنّه كالسراب يقرّب عليك البعيد، و يبعّد عليك القريب. (3)

ص:469


1- -المستدرك ج 8 ص 330 ب 12 من العشرة ح 2
2- المستدرك ج 8 ص 337 ب 16 ح 5
3- نهج البلاغة ص 1104 في ح 37

بيان:

«التافه» : القليل.

11-و قال عليه السّلام: لا يكون الصديق صديقا حتّى يحفظ أخاه في ثلاث:

في نكبته، و غيبته، و وفاته. (1)

12-و قال عليه السّلام: لا تصحب المائق، فإنّه يزيّن لك فعله، و يودّ أن تكون مثله. (2)

بيان:

«المائق» : الأحمق.

13-و قال عليه السّلام: أصدقائك ثلاثة، و أعدائك ثلاثة، فأصدقائك: صديقك، و صديق صديقك، و عدوّ عدوّك، و أعداؤك: عدوّك، و عدوّ صديقك، و صديق عدوّك. (3)

14-قال الصادق عليه السّلام: لا تطلبوا من الدنيا أربعة، فإنّك لا تجدها و أنت لا بدّ لك منها: عالما يستعمل علمه فتبقى بلا عالم، و عملا بغير رياء فتبقى بلا عمل، و طعاما بلا شبهة فتبقى بلا طعام، و صديقا بلا عيب فتبقى بلا صديق. (4)

15-قال موسى عليه السّلام: من قطع قرين السوء فكأنّما عمل بالتوراة. و قال داود عليه السّلام: من منع نفسه عن الشهوات فكأنّما عمل بالزبور. و قال عيسى عليه السّلام:

من رضي بقسمة اللّه فكأنّما عمل بالإنجيل. و قال النبيّ صلّى اللّه عليه و اله: من حفظ لسانه فكأنّما عمل بالقرآن. (5)

ص:470


1- -نهج البلاغة ص 1150 ح 129
2- نهج البلاغة ص 1228 ح 285
3- نهج البلاغة ص 1229 ح 287
4- جامع الأخبار ص 180 ف 141
5- جامع الأخبار ص 180

16-استوصى رجل أمير المؤمنين عليه السّلام عند خروجه إلى السفر، فقال عليه السّلام:

إن أردت الصاحب فاللّه يكفيك، و إن أردت الرفيق فالكرام الكاتبون تكفيك، و إن أردت المونس فالقرآن يكفيك، و إن أردت العبرة فالدنيا تكفيك، و إن أردت العمل فالعبادة تكفيك، و إن أردت الوعظ فالموت يكفيك، و إن لم يكفك ما ذكرت فالنار يوم القيامة تكفيك. (1)

17-قال (النبيّ) صلّى اللّه عليه و اله: خير الأعمال صحبة الأخيار، و شرّ الأعمال صحبة الفجّار. (2)

18-في موعظة المجتبى عليه السّلام حين شهادته لجنادة: و إذا نازعتك إلى صحبة الرجال حاجة فاصحب من إذا صحبته زانك، و إذا خدمته صانك، و إذا أردت منه معونة أعانك، و إن قلت صدّق قولك، و إن صلت شدّ صولك، و إن مددت يدك بفضل مدّها، و إن بدت عنك ثلمة سدّها، و إن رأى منك حسنة عدّها، و إن سألته أعطاك، و إن سكتّ عنه ابتداك، و إن نزلت إحدى الملمّات به ساءك، من لا تأتيك منه البوائق، و لا يختلف عليك منه الطرائق، و لا يخذلك عند الحقائق، و إن تنازعتما منقسما آثرك. (3)

بيان:

«صانك» : حفظك. «الصول» : السطوة و الاستطالة، يقال: صال على قرنه: إذا سطا عليه و قهره حتّى يذلّ له. «الثلمة» : الخلل الواقع في الحائط و نحوه ثمّ استعمل لمطلق الخلل. «الملّمة» : النازلة الشديدة من نوازل الدنيا. «البوائق» : واحدها البائقة: الشرّ و الداهية.

19-في كلم أمير المؤمنين عليه السّلام: فساد الأخلاق بمعاشرة السفهاء و صلاح

ص:471


1- -جامع الأخبار ص 181
2- جامع الأخبار ص 185
3- البحار ج 44 ص 139

الأخلاق بمنافسة العقلاء، و الخلق أشكال فكلّ يعمل على شاكلته، و الناس إخوان، فمن كانت إخوته في غير ذات اللّه فإنّها تحوز عداوة، و ذلك قوله تعالى:

اَلْأَخِلاّءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ اَلْمُتَّقِينَ (1) (2).

20-في مواعظ موسى بن جعفر عليهما السّلام: اجتهدوا في أن يكون زمانكم أربع ساعات: ساعة لمناجات اللّه و ساعة لأمر المعاش، و ساعة لمعاشرة الإخوان و الثقات الذين يعرّفونكم عيوبكم و يخلصون لكم في الباطن، و ساعة تخلون فيها للذّاتكم في غير محرّم، و بهذه الساعة تقدرون على الثلاث ساعات. . . (3)

21-في مواعظ الصادق عليه السّلام: يمتحن الصديق بثلاث خصال، فإن كان مؤاتيا فيها فهو الصديق المصافي و إلاّ كان صديق رخاء لا صديق شدّة: تبتغي منه مالا، أو تأمنه على مال، أو تشاركه في مكروه. (4)

بيان:

«مؤاتيا» : أي موافقا. «المصافي» : أي المخلص في الودّ.

22-في رسالة الحقوق للإمام السجّاد عليه السّلام: و أمّا حقّ الصاحب فأن تصحبه بالتفضّل و الإنصاف، و تكرمه كما يكرمك و لا تدعه يسبق إلى مكرمة، فإن سبق كافأته، و تودّه كما يودّك، و تزجره عمّا يهمّ به من معصية، و كن عليه رحمة و لا تكن عليه عذابا و لا قوّة إلاّ باللّه. (5)

23-قال الصادق عليه السّلام لبعض أصحابه: لا تطلع صديقك من سرّك إلاّ

ص:472


1- -الزخرف:67
2- البحار ج 78 ص 82
3- البحار ج 78 ص 321
4- البحار ج 78 ص 235
5- البحار ج 74 ص 7

على ما لو اطّلع عليه عدوّك لم يضرّك، فإنّ الصديق قد يكون عدوّك يوما مّا. (1)

24-عن غير واحد، أنّ أبا الحسن عليه السّلام سئل عن أفضل عيش الدنيا؟ فقال: سعة المنزل و كثرة المحبّين. (2)

25-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: جمع خير الدنيا و الآخرة في كتمان السرّ و مصادقة الأخيار، و جمع الشرّ في الإذاعة و مؤاخاة الأشرار. (3)

26-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ الذين تراهم لك أصدقاء، إذا بلوتهم وجدتهم على طبقات شتّى: فمنهم كالأسد في عظم الأكل و شدّة الصولة، و منهم كالذئب في المضرّة، و منهم كالكلب في البصبصة، و منهم كالثعلب في الروغان و السرقة، صورهم مختلفة و الحرفة واحدة، ما تصنع غدا إذا تركت فردا وحيدا لا أهل لك و لا ولد إلاّ اللّه ربّ العالمين. (4)

بيان:

«بصبص» الكلب: حرّك ذنبه، و بصبص فلان: تملّق. «الرواغ و الروغان» : المكر و الحيلة.

27-عن سفيان بن عيينة قال: سمعت جعفر بن محمّد عليهما السّلام يقول في مسجد الخيف: إنّما سمّوا إخوانا لنزاهتهم عن الخيانة، و سمّوا أصدقاء لأنّهم تصادقوا حقوق المودّة. (5)

28-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: لا تسمّ الرجل صديقا سمة معروفة حتّى تختبره بثلاث: تغضبه فتنظر غضبه يخرجه من الحقّ إلى الباطل؟ و عند الدينار و الدرهم

ص:473


1- -البحار ج 74 ص 177 باب فضل الصديق ح 15
2- البحار ج 74 ص 177 ح 16
3- البحار ج 74 ص 178 ح 17
4- البحار ج 74 ص 179 ح 22
5- البحار ج 74 ص 179 ح 26

و حتّى تسافر معه. (1)

29-. . . و قال الصادق عليه السّلام: من لم يرض من صديقه إلاّ بالإيثار على نفسه دام سخطه، و من عاتب على ذنب كثر معتبته. (2)

بيان:

«المعتبة» : أي العتاب و الموجدة و الغضب، يعنى من عاتب و لام أخاه على ذنبه كثر غضبه على أخيه.

30-عن الصادق عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله: أسعد الناس من خالط كرام الناس. (3)

31-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و اله: الجليس الصالح خير من الوحدة، و الوحدة خير من جليس السوء. (4)

32-عن الصادق عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله: أحكم الناس من فرّ من جهّال الناس. (5)

33-في خبر الشاميّ سئل أمير المؤمنين عليه السّلام: أيّ صاحب شرّ؟ قال:

المزيّن لك معصية اللّه. (6)

34-عن سفيان الثوريّ عن الصادق عليه السّلام قال: لا تصحب الفاجر فيعلّمك من فجوره، ثمّ قال عليه السّلام: أمرني والدي بثلاث و نهاني عن ثلاث: فكان فيما قال لي: يا بنيّ، من يصحب صاحب السوء لا يسلم، و من يدخل مداخل السوء يتّهم،

ص:474


1- -البحار ج 74 ص 180 ح 28
2- البحار ج 74 ص 180 ح 28
3- البحار ج 74 ص 185 باب من ينبغي مجالسته ح 2
4- البحار ج 74 ص 189 آخر ح 18
5- البحار ج 74 ص 190 باب من لا ينبغي مجالسته ح 1
6- البحار ج 74 ص 190 ح 3

و من لا يملك لسانه يندم. . . (1)

35-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و اله: لا خير لك في صحبة من لا يرى لك مثل الذي يرى لنفسه.

. . . و قال الجواد عليه السّلام: إيّاك و مصاحبة الشرير فإنّه كالسيف المسلول يحسن منظره و يقبح أثره. (2)

أقول:

لاحظ ما يناسب المقام في أبواب الأخوّة، المجالسة، الصمت و. . .

36-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

الأصدقاء نفس واحدة في جسوم متفرّقة. (الغرر ج 1 ص 92 ف 1 ح 2082)

اصحب أخا التقى و الدين تسلم، و استرشده تغنم. (ص 113 ف 2 ح 111)

اجتنب مصاحبة الكذّاب، فإن اضطررت إليه فلا تصدّقه، و لا تعلمه أنّك تكذّبه، فإنّه ينتقل عن ودّك و لا ينتقل عن طبعه. (ص 122 ح 190)

ابذل لصديقك كلّ المودّة، و لا تبذل له كلّ الطمأنينة، و أعطه من نفسك كلّ المواساة و لا تقصّ إليه بكلّ أسرارك. (ص 129 ح 237)

الصديق الصدوق من نصحك في عيبك و حفظك في غيبك و آثرك على نفسه.

(ص 80 ح 1926)

أسرع الموّدات انقطاعا مودّات الأشرار. (ص 191 ف 8 ح 303)

إنّما سمّي الصديق صديقا لأنّه يصدقك في نفسك و معايبك، فمن فعل ذلك فاستنم إليه فإنّه الصديق. (ص 298 ف 15 ح 19)

ص:475


1- -البحار ج 74 ص 191 ح 7
2- البحار ج 74 ص 198 ح 34

إنّما سمّي الرفيق رفيقا لأنّه يرفقك على صلاح دينك، فهو الرفيق الشفيق.

(ح 20)

خلطة أبناء الدنيا رأس البلوى و فساد التقوى. (ص 396 ف 30 ح 23)

خلطة أبناء الدنيا تشين الدين و تضعف اليقين. (ص 397 ح 35)

خليل المرء دليل عقله، و كلامه برهان فضله. (ص 399 ح 51)

خير الأصحاب أعونهم على الخير و أعملهم بالبرّ و أرفقهم بالمصاحب.

(ص 400 ح 58)

شرط المصاحبة قلّة المخالفة. (ص 451 ف 42 ح 29)

صحبة الأخيار تكتسب الخير، كالريح إذا مرّت بالطيب حملت طيبا.

(ص 454 ف 44 ح 16)

صاحب العقلاء تغنم و أعرض عن الدنيا تسلم. (ص 455 ح 25)

صاحب العقلاء و جالس العلماء و اغلب الهوى ترافق الملأ الأعلى.

(ح 27)

صاحب الحكماء و جالس الحلماء و أعرض عن الدنيا تسكن جنّة المأوى.

(ح 28)

صحبة الأشرار تكسب الشرّ، كالريح إذا مرّت بالنتن حملت نتنا. (ح 29)

صحبة الأحمق عذاب الروح. (ح 31)

صحبة الوليّ اللبيب حياة الروح. (ح 32)

صديق الأحمق معرض للعطب. (ص 457 ح 46)

صديقك من نهاك و عدوّك من أغراك. (ح 47)

عند زوال القدرة يتبيّن الصديق من العدوّ. (ج 2 ص 490 ف 52 ح 15)

عين المحبّ عمية عن معايب المحبوب، و اذنه صماّء عن قبح مساويه.

(ص 500 ف 55 ح 29)

ص:476

في الشدّة يختبر الصديق. (ص 512 ف 58 ح 30)

من صحب الأشرار لم يسلم. (ص 644 ف 77 ح 587)

من بصّرك عيبك و حفظك في غيبك فهو الصديق فاحفظه. (ص 679 ح 1084)

من ساترك عيبك و عابك في غيبك فهو العدوّ فاحذره. (ح 1083)

من ناقش الإخوان قلّ صديقه. (ص 681 ح 1110)

من دعاك إلى الدار الباقية و أعانك على العمل لها، فهو الصديق الشفيق.

(ح 1113)

من اتّخذ أخا من غير اختبار ألجأه الاضطرار إلى مرافقة الأشرار.

(ص 695 ح 1259)

من اتّخذ أخا بعد حسن الاختبار دامت صحبته و تأكّدت مودّته. (ح 1260)

من كانت صحبته في اللّه، كانت صحبته كريمة و مودّته مستقيمة.

(ص 701 ح 1315)

من لم تكن مودّته في اللّه فاحذره، فإنّ مودّته لئيمة و صحبته مشومة.

(ح 1316)

مصاحبة العاقل مأمونة. (ص 760 ف 80 ح 54)

مجالسة الأشرار توجب التلف. (ح 55)

معاشرة الأبرار توجب الشرف. (ح 56)

مصاحبة ذوي الفضائل حياة (القلوب) . (ح 57)

مجالسة السفل تضنّ القلوب. (ح 58)

مواصلة الأفاضل توجب السموّ. (ح 61)

مودّة الأحمق كشجرة النار يأكل بعضها بعضا. (ص 763 ح 116)

مودّة أبناء الدنيا تزول لأدنى عارض يعرض. (ح 117)

ص:477

مودّة الجهّال متغيّرة الأحوال، و شيكة (1)الانتقال. (ص 764 ح 122)

مجالسة أهل الدنيا منساة للإيمان و قائدة إلى طاعة الشيطان.

(ص 767 ح 149)

مودّة العوام تنقطع كانقطاع السحاب، و تنقشع (2)كما تنقشع السراب.

(ص 768 ح 157)

مجالسة الحكماء حيوة العقول و شفاء النفوس. (ح 160)

ص:478


1- -الوشيك: السريع و القريب.
2- يقال: انقشع السحاب: إذا زال و انكشف.

114- المصافحة و المعانقة و الالتزام

الأخبار

1-عن أبي جعفر عليه السّلام قال: إنّ المؤمنين إذا التقيا و تصافحا، أدخل اللّه يده بين أيديهما، فصافح أشدّهما حبّا لصاحبه. (1)

بيان:

«المصافحة» : وضع صفح الكفّ بالكفّ، و إلصاق اليد باليد عند الملاقات كما هو المتعارف في العرف.

و في النهاية ج 3 ص 34: هي مفاعلة من إلصاق صفح الكفّ بالكفّ، و إقبال الوجه على الوجه.

و قال الفيروزآبادي: المصافحة: الأخذ باليد كالتصافح.

2-عن أبي جعفر عليه السّلام قال: إنّ المؤمنين إذا التقيا فتصافحا أدخل اللّه عزّ و جلّ يده بين أيديهما، و أقبل بوجهه على أشدّهما حبّا لصاحبه، فإذا أقبل اللّه عزّ و جلّ بوجهه عليهما تحاتّت عنهما الذنوب كما يتحاتّ الورق من الشجر. (2)

ص:479


1- -الكافي ج 2 ص 144 باب المصافحة ح 2
2- الكافي ج 2 ص 144 ح 3

بيان:

«تحاتّت» : أي تساقط.

3-عن مالك الجهنيّ قال: قال أبو جعفر عليه السّلام: يا مالك، أنتم شيعتنا، [أ]لا ترى أنّك تفرط في أمرنا، إنّه لا يقدر على صفة اللّه، فكما لا يقدر على صفة اللّه كذلك لا يقدر على صفتنا، و كما لا يقدر على صفتنا كذلك لا يقدر على صفة المؤمن، إنّ المؤمن ليلقى المؤمن فيصافحه، فلا يزال اللّه ينظر إليهما و الذنوب تتحاتّ عن وجوههما كما يتحاتّ الورق من الشجر، حتّى يفترقا، فكيف يقدر على صفة من هو كذلك. (1)

4-عن هشام بن سالم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سألته عن حدّ المصافحة، فقال: دور نخلة. (2)

5-عن أبي جعفر عليه السّلام قال: ينبغي للمؤمنين إذا توارى أحدهما عن صاحبه بشجرة ثمّ التقيا أن يتصافحا. (3)

بيان:

توارى عنه: استتر، و وارى الشيء: أخفاه.

6-عن جابر عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله: إذا لقي أحدكم أخاه فليسلّم عليه و ليصافحه، فإنّ اللّه عزّ و جلّ أكرم بذلك الملائكة فاصنعوا صنع الملائكة. (4)

بيان:

«أكرم بذلك الملائكة» : أي إذا لقي بعضهم بعضا يسلّمون و يصافحون.

ص:480


1- -الكافي ج 2 ص 144 ح 6 و قريب منه ح 20-و روى البرقيّ رحمه اللّه في المحاسن مثله
2- الكافي ج 2 ص 145 ح 8
3- الكافي ج 2 ص 145 ح 9
4- الكافي ج 2 ص 145 ح 10

7-عن جابر عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله: إذا التقيتم فتلاقوا بالتسليم و التصافح، و إذا تفرّقتم فتفرّقوا بالاستغفار. (1)

بيان:

«بالاستغفار» : بأن يقول غفر اللّه لنا و لكم مثلا.

8-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ما صافح رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله رجلا قطّ فنزع يده حتّى يكون هو الذي ينزع يده منه. (2)

أقول:

يدلّ الحديث على استحباب عدم نزع اليد قبل نزع الآخر يده.

9-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: تصافحوا فإنّها تذهب بالسخيمة. (3)

بيان:

«السخيمة» : أي الضغينة و الحقد و الموجدة في النفس (كينه) .

10-عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السّلام قالا: أيّما مؤمن خرج إلى أخيه يزوره عارفا بحقّه كتب اللّه له بكلّ خطوة حسنة، و محيت عنه سيّئة، و رفعت له درجة، و إذا طرق الباب فتحت له أبواب السماء، فإذا التقيا و تصافحا و تعانقا أقبل اللّه عليهما بوجهه، ثمّ باهى بهما الملائكة، فيقول: انظروا إلى عبديّ تزاورا و تحابّا فيّ، حقّ عليّ ألاّ اعذّبهما بالنار بعد هذا الموقف، فإذا انصرف شيّعه الملائكة عدد نفسه و خطاه و كلامه، يحفظونه من بلاء الدنيا و بوائق الآخرة إلى مثل تلك الليلة من قابل، فإن مات فيما بينهما اعفي من الحساب، و إن كان

ص:481


1- -الكافي ج 2 ص 145 ح 11
2- الكافي ج 2 ص 146 ح 15-و بمضمونه في الكافي ج 2 ص 492 باب النوادر من العشرة ح 1
3- الكافي ج 2 ص 146 ح 18

المزور يعرف من حقّ الزائر ما عرفه الزائر من حقّ المزور، كان له مثل أجره. (1)

بيان:

في المرآة ج 9 ص 75، قال الجوهريّ: عانقه إذا جعل يديه على عنقه و ضمّه إلى نفسه. . . و كأنّه لا خلاف بيننا في استحباب المعانقة إذا لم يكن فيها غرض باطل أو داعي شهوة أو مظنّة هيجان ذلك، كالمعانقة مع الأمرد و كذا التقبيل، و استحبّ المعانقة جماعة من العامّة أيضا و أبو حنيفة كرّهها. . .

قال الجوهريّ: «الخطوة» : ما بين القدمين و جمع القلّة خطوات و الكثير خطا.

«البائقة» : جمع بوائق و هي الداهية و المصيبة.

«إلى مثل تلك الليلة» : كأنّ ذكر الليلة لأنّهم كثيرا يتزاورون بالليل.

11-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ المؤمنين إذا اعتنقا غمرتهما الرحمة، فإذا التزما لا يريدان بذلك إلاّ وجه اللّه و لا يريدان غرضا من أغراض الدنيا قيل لهما:

مغفورا لكما فاستأنفا. . . (2)

بيان:

في المرآة ج 9 ص 76، الالتزام في اللغة: الاعتناق، و المراد هنا إمّا إدامة الاعتناق طويلا، أو المراد بالاعتناق جعل كلّ منهما يديه في عنق الآخر و بالالتزام ضمّه إلى نفسه و الالتصاق به.

12-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ من تمام التحيّة للمقيم المصافحة، و تمام التسليم على المسافر المعانقة. (3)

13-عن أبي حمزة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: أنتم في تصافحكم في مثل

ص:482


1- -الكافي ج 2 ص 147 باب المعانقة ح 1
2- الكافي ج 2 ص 147 ح 2
3- الوسائل ج 12 ص 73 ب 44 من العشرة

اجور المجاهدين. (1)

14-قال أبو جعفر عليه السّلام: إنّ المؤمن إذا صافح المؤمن تفرّقا من غير ذنب. (2)

15-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: مصافحة المؤمن بألف حسنة. (3)

16-عن الصادق عن آبائه عليهم السّلام عن النبيّ صلّى اللّه عليه و اله (في حديث المناهي) قال:

و نهى عن مصافحة الذمّيّ. (4)

17-قال عليّ عليه السّلام (في ح الأربعمائة) : إذا لقيتم إخوانكم فتصافحوا و أظهروا لهم البشاشة و البشر، تتفرّقوا و ما عليكم من الأوزار قد ذهب، صافح عدوّك و إن كره، فإنّه ممّا أمر اللّه عزّ و جلّ به عباده يقول: اِدْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ اَلسَّيِّئَةَ الآيتين. (5)

18-عن الحسن بن عليّ العسكريّ عن آبائه عليهم السّلام قال: إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله لمّا جاءه جعفر بن أبي طالب من الحبشة قام إليه و استقبله اثنتي عشرة خطوة، و عانقه و قبّل ما بين عينيه. . . و بكى فرحا برؤيته. (6)

19-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و اله: تحيّاتكم بينكم بالمصافحة. (7)

20-عن ابن بسطام قال: كنت عند أبي عبد اللّه عليه السّلام: فأتى رجل فقال:

جعلت فداك، إنّي رجل من أهل الجبل، و ربّما لقيت رجلا من إخواني فالتزمته،

ص:483


1- -الوسائل ج 12 ص 221 ب 126 ح 12
2- الوسائل ج 12 ص 221 ح 13
3- الوسائل ج 12 ص 223 ح 18
4- الوسائل ج 12 ص 225 ب 127 ح 7
5- الوسائل ج 12 ص 225 ح 8
6- الوسائل ج 12 ص 226 ب 128 ح 1
7- البحار ج 76 ص 42 باب المصافحة ح 44

فيعيب عليّ بعض الناس و يقولون: هذه من فعل الأعاجم و أهل الشرك، فقال عليه السّلام: و لم ذاك؟ فقد التزم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله جعفرا و قبّل بين عينيه. (1)

ص:484


1- -البحار ج 76 ص 42 ح 47

115- الإصلاح بين الناس

الآيات

1- وَ لا تَجْعَلُوا اَللّهَ عُرْضَةً لِأَيْمانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَ تَتَّقُوا وَ تُصْلِحُوا بَيْنَ اَلنّاسِ وَ اَللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ. (1)

2- لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْواهُمْ إِلاّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ اَلنّاسِ وَ مَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ اِبْتِغاءَ مَرْضاتِ اَللّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً. (2)

3- مَنْ يَشْفَعْ شَفاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْها. . . (3)

4- . . . فَاتَّقُوا اَللّهَ وَ أَصْلِحُوا ذاتَ بَيْنِكُمْ. . . (4)

5- إِنَّمَا اَلْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَ اِتَّقُوا اَللّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ. (5)

ص:485


1- -البقرة:224
2- النساء:114
3- النساء:85
4- الأنفال:1
5- الحجرات:10

الأخبار

1-عن حبيب الأحول قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: صدقة يحبّها اللّه: إصلاح بين الناس إذا تفاسدوا، و تقارب بينهم إذا تباعدوا. (1)

2-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: لأن أصلح بين اثنين أحبّ إليّ من أن أتصدّق بدينارين. (2)

3-عن مفضّل قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إذا رأيت بين اثنين من شيعتنا منازعة فافتدها من مالي. (3)

أقول:

في ح 4: إنّ المفضّل صالح بين اثنين بأربعمأة درهم، فدفعها و قال: أما إنّها ليست من مالي. . . فهذا من مال أبي عبد اللّه عليه السّلام.

بيان: فداه من الأسر: إذا استنقذه بمال، و اسم ذلك المال الفدية و هو عرض الأسير، و كأنّ الافتداء هنا مجاز فإنّ المال يدفع المنازعة كما أنّ الدية تدفع بطلب الدم أو كما أنّ الأسير ينقذ بالفداء فكذلك كلّ منهما ينقذ من الآخر بالمال، فالإسناد إلى المنازعة على المجاز. (المرآة ج 9 ص 145)

4-عن معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: المصلح ليس بكاذب. (4)

بيان:

في المرآة: يعني إذا نقل المصلح كلاما من أحد الجانبين إلى الآخر لم يقله و علم

ص:486


1- -الكافي ج 2 ص 166 باب الإصلاح بين الناس ح 1
2- الكافي ج 2 ص 167 ح 2
3- الكافي ج 2 ص 167 ح 3
4- الكافي ج 2 ص 167 ح 5

رضاه به، أو ذكر فعلا لم يفعله للإصلاح، ليس من الكذب المحرّم بل هو حسن. .

5-في وصيّة أمير المؤمنين للحسنين عليهم السّلام: . . . أوصيكما و جميع ولدي و أهلي و من بلغه كتابي بتقوى اللّه، و نظم أمركم، و صلاح ذات بينكم، فإنّي سمعت جدّكما صلّى اللّه عليه و اله يقول: صلاح ذات البين أفضل من عامّة الصلاة و الصيام. . . (1)

بيان:

«عامّة الصلاة» : أي جميعها، و قال الشيخ الطوسيّ رحمه اللّه في أماليه ج 2 ص 135: إنّ المعنى في ذلك يكون صلاة التطوّع و الصوم.

6-قال الصادق عليه السّلام: من أصلح بين اثنين فهو صديق اللّه في الأرض و [إنّ]اللّه لا يعذّب من هو صديقه. (2)

7-و قال عليه السّلام: أكرم الخلق على اللّه بعد الأنبياء العلماء الناصحون، و المتعلّمون الخاشعون، و المصلح بين الناس في اللّه. (3)

8-و قال عليه السّلام: من أصلح بين الناس أصلح اللّه بينه و بين العباد في الآخرة، و الإصلاح بين الناس من الإحسان، و رأس المال العلم و الصبر، و ذكر الجنّة عبادة، و لا يكون العبد في الأرض مصلحا حتّى يسمّى في السماء مصلحا. (4)

9-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و اله: رحم اللّه عبدا تكلّم فغنم، أو سكت فسلم، إنّ اللسان أملك شيء للإنسان، ألا و إنّ كلام العبد كلّه عليه إلاّ ذكر اللّه، أو أمرا بمعروف أو نهيا عن منكر أو إصلاحا بين الناس و قال اللّه تعالى: لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْواهُمْ إِلاّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ اَلنّاسِ . (5)

ص:487


1- -نهج البلاغة ص 977 في ر 47
2- جامع الأخبار ص 185 ف 141
3- جامع الأخبار ص 185
4- جامع الأخبار ص 185
5- جامع الأخبار ص 185

10-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ملعون ملعون رجل يبدؤه أخوه بالصلح فلم يصالحه. (1)

11-عن الصادق عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله: ما عمل امرؤ عملا بعد إقامة الفرائض خيرا من إصلاح بين الناس، يقول خيرا و ينمي خيرا. (2)

12-بهذا الإسناد قال: قال النبيّ صلّى اللّه عليه و اله: إصلاح ذات البين أفضل من عامّة الصلاة و الصوم. (3)

ص:488


1- -البحار ج 74 ص 236 باب حقوق الإخوان ح 35
2- البحار ج 76 ص 43 باب الإصلاح بين الناس ح 1
3- البحار ج 76 ص 43 ح 2

116- الصلاة

اشارة

فيه فصلان

الفصل الأوّل: فضلها و آثارها

الآيات

1- . . . هُدىً لِلْمُتَّقِينَ- اَلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَ يُقِيمُونَ اَلصَّلاةَ وَ مِمّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ. (1)

2- وَ اِسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَ اَلصَّلاةِ وَ إِنَّها لَكَبِيرَةٌ إِلاّ عَلَى اَلْخاشِعِينَ. (2)

3- يا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا اِسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَ اَلصَّلاةِ إِنَّ اَللّهَ مَعَ اَلصّابِرِينَ. (3)

4- حافِظُوا عَلَى اَلصَّلَواتِ وَ اَلصَّلاةِ اَلْوُسْطى وَ قُومُوا لِلّهِ قانِتِينَ. (4)

ص:489


1- -البقرة:2 و 3
2- البقرة:45
3- البقرة:153
4- البقرة:238

5- فَإِذا قَضَيْتُمُ اَلصَّلاةَ فَاذْكُرُوا اَللّهَ قِياماً وَ قُعُوداً وَ عَلى جُنُوبِكُمْ فَإِذَا اِطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا اَلصَّلاةَ إِنَّ اَلصَّلاةَ كانَتْ عَلَى اَلْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً. (1)

6- . . . وَ اَلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ يُحافِظُونَ. (2)

7- وَ اَلْمُؤْمِنُونَ وَ اَلْمُؤْمِناتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَ يَنْهَوْنَ عَنِ اَلْمُنْكَرِ وَ يُقِيمُونَ اَلصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ اَلزَّكاةَ. . . (3)

8- وَ أَقِمِ اَلصَّلاةَ طَرَفَيِ اَلنَّهارِ وَ زُلَفاً مِنَ اَللَّيْلِ إِنَّ اَلْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ اَلسَّيِّئاتِ ذلِكَ ذِكْرى لِلذّاكِرِينَ. (4)

9- قُلْ لِعِبادِيَ اَلَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا اَلصَّلاةَ وَ يُنْفِقُوا مِمّا رَزَقْناهُمْ سِرًّا وَ عَلانِيَةً مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَ لا خِلالٌ. (5)

10- . . . وَ أَوْصانِي بِالصَّلاةِ وَ اَلزَّكاةِ ما دُمْتُ حَيًّا. (6)

11- فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضاعُوا اَلصَّلاةَ وَ اِتَّبَعُوا اَلشَّهَواتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا. (7)

12- قَدْ أَفْلَحَ اَلْمُؤْمِنُونَ- اَلَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ . . . وَ اَلَّذِينَ هُمْ عَلى صَلَواتِهِمْ يُحافِظُونَ. (8)

13- هُدىً وَ بُشْرى لِلْمُؤْمِنِينَ- اَلَّذِينَ يُقِيمُونَ اَلصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ اَلزَّكاةَ

ص:490


1- -النساء:103
2- الأنعام:92
3- التوبة:71
4- هود:114
5- إبراهيم:31
6- مريم:31
7- مريم:59
8- المؤمنون:1 و 2 و 9

وَ هُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ. (1)

14- . . . وَ أَقِمِ اَلصَّلاةَ إِنَّ اَلصَّلاةَ تَنْهى عَنِ اَلْفَحْشاءِ وَ اَلْمُنْكَرِ وَ لَذِكْرُ اَللّهِ أَكْبَرُ وَ اَللّهُ يَعْلَمُ ما تَصْنَعُونَ. (2)

15- هُدىً وَ رَحْمَةً لِلْمُحْسِنِينَ- اَلَّذِينَ يُقِيمُونَ اَلصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ اَلزَّكاةَ وَ هُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ. (3)

16- يا بُنَيَّ أَقِمِ اَلصَّلاةَ. . . (4)

17- . . . إِنَّما تُنْذِرُ اَلَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَ أَقامُوا اَلصَّلاةَ. . . (5)

18- يا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا إِذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ اَلْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ اَللّهِ وَ ذَرُوا اَلْبَيْعَ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ. (6)

19- إِنَّ اَلْإِنْسانَ خُلِقَ هَلُوعاً . . . إِلاَّ اَلْمُصَلِّينَ- اَلَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ دائِمُونَ . . . وَ اَلَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ يُحافِظُونَ. (7)

20- قالُوا لَمْ نَكُ مِنَ اَلْمُصَلِّينَ. (8)

21- فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ- اَلَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ. (9)

ص:491


1- -النمل:2 و 3
2- العنكبوت:45
3- لقمان:3 و 4
4- لقمان:17
5- فاطر:18
6- الجمعة:9
7- المعارج:19 و 22 و 23 و 34
8- المدّثّر:43
9- الماعون:4 و 5
الأخبار

1-عن محمّد بن سنان، أنّ أبا الحسن عليّ بن موسى الرضا عليه السّلام كتب إليه فيما كتب من جواب مسائله: أنّ علّة الصلاة أنّها إقرار بالربوبيّة للّه عزّ و جلّ، و خلع الأنداد، و قيام بين يدي الجبّار جلّ جلاله بالذلّ و المسكنة و الخضوع و الاعتراف، و الطلب للإقالة من سالف الذنوب، و وضع الوجه على الأرض كلّ يوم خمس مرّات إعظاما للّه عزّ و جلّ، و أن يكون ذاكرا غير ناس و لا بطر، و يكون خاشعا متذلّلا راغبا طالبا للزيادة في الدين و الدنيا، مع ما فيه من الانزجار (الايجاب ف ن) و المداومة على ذكر اللّه عزّ و جلّ بالليل و النهار، لئلاّ ينسى العبد سيّده و مدبّره و خالقه، فيبطر و يطغى، و يكون في ذكره لربّه و قيامه بين يديه، زاجرا له عن المعاصي، و مانعا من أنواع الفساد. (1)

بيان:

بطر الحقّ: تكبّر عنه و لم يقبله، و بطر بطرا: طغى بالنعمة أو عندها فصرفها إلى غير وجهها، و بطر النعمة: استخفّ بها جهلا و كبرا فلم يشكرها.

«من الانزجار» : أي عن المعاصي و الفحشاء، و في بعض النسخ: "الإيجاب"و المعنى إيجاب ذكر اللّه.

2-عن محمّد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ العبد ليرفع له من صلاته نصفها أو ثلثها أو ربعها أو خمسها، و ما يرفع له إلاّ ما أقبل عليه منها بقلبه، و إنّما أمروا بالنوافل لتتمّ لهم بها ما نقصوا من الفريضة. (2)

3-عن زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام قال: إنّما جعلت النافلة ليتمّ بها ما يفسد

ص:492


1- -العلل ج 2 ص 317 ب 2 ح 2- البحار ج 82 ص 261 ب 2 ح 10
2- العلل ج 2 ص 328 ب 24 ح 2

من الفريضة. (1)

4-عن مسعدة بن صدقة قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام، و سئل ما بال الزاني لا تسمّيه كافرا و تارك الصلاة قد تسمّيه كافرا و ما الحجّة في ذلك؟ قال: لأنّ الزاني و ما أشبهه إنّما يعمل ذلك لمكان الشهوة لأنّها تغلبه، و تارك الصلاة لا يتركها إلاّ استخفافا بها، و ذلك لأنّك لا تجد الزاني الذي يأتي المرأة إلاّ و هو مستلذّ لإتيانه إيّاها قاصدا إليها، و كلّ من ترك الصلاة قاصدا لتركها فليس يكون قصده لتركها اللذّة، فإذا انتفت اللذّة وقع الاستخفاف، و إذا وقع الاستخفاف وقع الكفر. . . (2)

5-عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله: لو كان على باب دار أحدكم نهر فاغتسل في كلّ يوم منه خمس مرّات، أ كان يبقى في جسده من الدرن شيء؟ قلنا: لا، قال: فإنّ مثل الصلاة كمثل النهر الجاري، كلّما صلّى صلاة كفّرت ما بينهما من الذنوب. (3)

أقول:

في غوالي اللئالي عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله قال: إذا كان وقت كلّ فريضة نادى ملك من تحت بطنان العرش؛ أيّها الناس، قوموا إلى نيرانكم التي أو قدتموها على ظهوركم، فاطفئوها بصلاتكم. (الكشكول للشيخ البهائي رحمه اللّه ج 3 ص 390) بيان: «الدرن» : أي الوسخ.

6-عن أبي بصير المرادي قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: صلاة الوسطى صلاة الظهر و هي أوّل صلاة أنزل اللّه على نبيّه صلّى اللّه عليه و اله. (4)

ص:493


1- -العلل ج 2 ص 329 ح 4
2- العلل ج 2 ص 339 ب 37
3- الوسائل ج 4 ص 12 ب 2 من أعداد الفرائض ح 3
4- الوسائل ج 4 ص 22 ب 5 ح 2

7-و عن عليّ عليه السّلام: أنّها الجمعة يوم الجمعة، و الظهر في سائر الأيّام. (1)

8-عن زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال: لا تتهاون بصلاتك، فإنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و اله قال عند موته: ليس منّي من استخفّ بصلاته، ليس منّي من شرب مسكرا، لا يرد عليّ الحوض، لا و اللّه. (2)

9-عن العيص بن القاسم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: و اللّه إنّه ليأتي على الرجل خمسون سنة و ما قبل اللّه منه صلاة واحدة، فأيّ شيء أشدّ من هذا؟ و اللّه إنّكم لتعرفون من جيرانكم و أصحابكم من لو كان يصلّي لبعضكم ما قبلها منه لاستخفافه بها، إنّ اللّه لا يقبل إلاّ الحسن، فكيف يقبل ما يستخفّ به؟ ! (3)

10-عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله: لا ينال شفاعتي من استخفّ بصلاته، لا يرد عليّ الحوض، لا و اللّه. (4)

11-عن أبي بصير قال: دخلت على امّ حميدة اعزّيها بأبي عبد اللّه عليه السّلام، فبكت و بكيت لبكائها، ثمّ قالت: يا أبا محمّد، لو رأيت أبا عبد اللّه عليه السّلام عند الموت لرأيت عجبا، فتح عينيه ثمّ قال: اجمعوا كلّ من بيني و بينه قرابة، قالت: فما تركنا أحدا إلاّ جمعناه، فنظر إليهم ثمّ قال: إنّ شفاعتنا لا تنال مستخفّا بالصلاة. (5)

12-عن جابر عن أبي جعفر عليه السّلام قال: الصلاة عمود الدين، مثلها كمثل عمود الفسطاط، إذا ثبت العمود ثبت الأوتاد و الأطناب، و إذا مال العمود و انكسر لم يثبت وتد و لا طنب. (6)

ص:494


1- -الوسائل ج 4 ص 23 ح 4
2- الوسائل ج 4 ص 23 ب 6 ح 1
3- الوسائل ج 4 ص 24 ح 2
4- الوسائل ج 4 ص 26 ح 10
5- الوسائل ج 4 ص 26 ح 11
6- الوسائل ج 4 ص 27 ح 12

13-عن الرضا عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله: لا تضيّعوا صلاتكم، فإنّ من ضيّع صلاته حشر مع قارون و هامان، و كان حقّا على اللّه أن يدخله النار مع المنافقين، فالويل لمن لم يحافظ على صلاته و أداء سنّته (سنّة نبيّه صلّى اللّه عليه و اله ف ن) . (1)

14-عن زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام قال: بينا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله جالس في المسجد إذ دخل رجل، فقام يصلّي، فلم يتمّ ركوعه و لا سجوده، فقال صلّى اللّه عليه و اله: نقر كنقر الغراب، لئن مات هذا و هكذا صلاته ليموتنّ على غير ديني. (2)

أقول:

بمضمونه عن عليّ عليه السّلام في ب 9 ح 2، و زاد عليه السّلام: إنّ أسرق الناس من سرق صلاته.

15-عن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله: إذا قام العبد المؤمن في صلاته نظر اللّه عزّ و جلّ إليه، أو قال: أقبل اللّه عليه حتّى ينصرف، و أظلّته الرحمة من فوق رأسه إلى أفق السماء، و الملائكة تحفّه من حوله إلى أفق السماء، و وكّل اللّه به ملكا قائما على رأسه يقول له: أيّها المصلّي، لو تعلم من ينظر إليك و من تناجي ما التفتّ و لا زلت من موضعك أبدا. (3)

16-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من قبل اللّه منه صلاة واحدة لم يعذّبه، و من قبل منه حسنة لم يعذّبه. (4)

17-قال الصادق عليه السّلام: أوّل ما يحاسب به العبد الصلاة، فإن قبلت قبل سائر عمله، و إذا ردّت ردّ عليه سائر عمله. (5)

ص:495


1- -الوسائل ج 4 ص 30 ب 7 ح 7
2- الوسائل ج 4 ص 31 ب 8 ح 2
3- الوسائل ج 4 ص 32 ح 5
4- الوسائل ج 4 ص 33 ح 7
5- الوسائل ج 4 ص 34 ح 10

18-عن ابن أبي يعفور عن أبي عبد اللّه الصادق عليه السّلام قال: إذا صلّيت صلاة فريضة فصلّها لوقتها صلاة مودّع يخاف أن لا يعود إليها أبدا، ثمّ اصرف بصرك إلى موضع سجودك، فلو تعلم من عن يمينك و شمالك لأحسنت صلاتك، و اعلم أنّك بين يدي من يراك و لا تراه. (1)

19-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إذا قام العبد في الصلاة فخفّف صلاته، قال اللّه تبارك و تعالى لملائكته: أما ترون إلى عبدي كأنّه يرى أنّ قضاء حوائجه بيد غيري، أما يعلم أنّ قضاء حوائجه بيدي. (2)

20-عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله: ما بين المسلم و بين أن يكفر إلاّ ترك الصلاة الفريضة متعمّدا أو يتهاون بها فلا يصلّيها. (3)

21-قال أبو الحسن الرضا عليه السّلام: الصلاة قربان كلّ تقيّ. (4)

بيان:

«القربان» : أي ما يتقرّب به إلى اللّه.

22-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله: من صلّى الصلاة لغير وقتها رفعت له سوداء مظلمة، تقول: ضيّعتني ضيّعك اللّه كما ضيّعتني، و أوّل ما يسأل العبد إذا وقف بين يدي اللّه تعالى عن الصلاة، فإن زكت صلاته زكا سائر عمله، و إن لم تزك صلاته لم يزك عمله. (5)

ص:496


1- -الوسائل ج 4 ص 34 ح 11
2- الوسائل ج 4 ص 35 ب 9 ح 1
3- الوسائل ج 4 ص 42 ب 11 ح 6
4- الوسائل ج 4 ص 43 ب 12 ح 1-و مثله في نهج البلاغة ص 1152 في ح 131 عن عليّ عليه السّلام، و في الدعائم ج 1 ص 133 عن الصادق عليه السّلام
5- الوسائل ج 4 ص 110 ب 1 من المواقيت ح 11

أقول:

قد مرّ في باب الشيعة ف 2 عنه عليه السّلام: «امتحنوا شيعتنا عند ثلاث: عند مواقيت الصلوات، كيف محافظتهم عليها. . .» .

23-عن أبي عبد اللّه الصادق عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله:

لا ينال شفاعتي غدا من أخّر الصلاة المفروضة بعد وقتها. (1)

24-من كلام لأمير المؤمنين عليه السّلام كان يوصي به أصحابه: تعاهدوا أمر الصلاة، و حافظوا عليها، و استكثروا منها، و تقرّبوا بها، فإنّها كانَتْ عَلَى اَلْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً . أ لا تسمعون إلى جواب أهل النار حين سئلوا:

ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ؟ قالُوا: لَمْ نَكُ مِنَ اَلْمُصَلِّينَ .

و إنّها لتحتّ الذنوب حتّ الورق، و تطلقها إطلاق الربق، و شبّهها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله بالحمّة تكون على باب الرجل فهو يغتسل منها في اليوم و الليلة خمس مرّات، فما عسى أن يبقى عليه من الدرن، و قد عرف حقّها رجال من المؤمنين الذين لا تشغلهم عنها زينة متاع، و لا قرّة عين من ولد و لا مال، يقول اللّه سبحانه:

رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَ لا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اَللّهِ وَ إِقامِ اَلصَّلاةِ وَ إِيتاءِ اَلزَّكاةِ . . . (2)

بيان:

«لتحتّ» : حتّ الورق عن الشجر: سقط.

في النهاية ج 1 ص 445، «الحمّة» : عين ماء حارّ يستشفي بها المرضى.

في البحار ج 82 ص 225، «الربق» : جمع الربقة، و في النهاية ج 2 ص 190، هي في الأصل: عروة في حبل تجعل في عنق البهيمة أو يدها تمسكها انتهى. يعني تطلق الصلاة الذنوب كما تطلق الحبال المعقّدة.

ص:497


1- -الوسائل ج 4 ص 111 ح 13
2- نهج البلاغة ص 643 خ 190- صبحي ص 316 خ 199

25-في وصيّة النبيّ صلّى اللّه عليه و اله لأبي ذرّ رحمه اللّه: . . . يا أبا ذرّ، جعل اللّه جلّ ثناؤه قرّة عيني في الصلاة، و حبّب إليّ الصلاة كما حبّب إلى الجائع الطعام و إلى الظمآن الماء، و إنّ الجائع إذا أكل شبع و إنّ الظمآن إذا شرب روي، و أنا لا أشبع من الصلاة.

يا أبا ذرّ، أيّما رجل تطوّع في يوم و ليلة اثنتي عشر ركعة سوى المكتوبة كان له حقّا واجبا بيت في الجنّة.

يا أبا ذرّ، ما دمت في الصلاة فإنّك تقرع باب الملك الجبّار، و من يكثر قرع باب الملك يفتح له.

يا أبا ذرّ، ما من مؤمن يقوم مصلّيا إلاّ تناثر عليه البرّ ما بينه و بين العرش و وكّل به ملك ينادي: يا ابن آدم، لو تعلم ما لك في الصلاة و من تناجي ما انفتلت.

يا أبا ذرّ، طوبى لأصحاب الألوية يوم القيامة يحملونها فيسبقون الناس إلى الجنّة، ألا و هم السابقون إلى المساجد بالأسحار و غير الأسحار.

يا أبا ذرّ، الصلاة عماد الدين و اللسان أكبر. . . (1)

بيان:

«انفتل» : أي انصرف.

26-في وصيّة أمير المؤمنين عليه السّلام لكميل رحمه اللّه: يا كميل، ليس الشأن أن تصلّي و تصوم و تتصدّق، إنّما الشأن أن تكون الصلاة فعلت بقلب نقيّ و عمل عند اللّه مرضيّ و خشوع سويّ، و ابقاء للجدّ فيها.

يا كميل، عند الركوع و السجود و ما بينهما تبتلّت العروق و المفاصل حتّى تستوفى [ولاء]إلى ما تأتي به من جميع صلواتك.

يا كميل، انظر فيم تصلّي و على ما تصلّي، إن لم تكن من وجهه و حلّه

ص:498


1- -البحار ج 77 ص 79( ج 82 ص 233)

فلا قبول. (1)

27-قال الصادق عليه السّلام: كان عليّ بن الحسين عليهما السّلام إذا قام إلى الصلاة تغيّر لونه، فإذا سجد لم يرفع رأسه حتّى يرفضّ عرقا.

عن الباقر عليه السّلام: كان عليّ بن الحسين عليهما السّلام يصلّي في اليوم و الليلة ألف ركعة و كانت الريح تميله بمنزلة السنبلة، و كانت له خمسمائة نخلة، فكان يصلّي عند كلّ نخلة ركعتين، و كان إذا قام في صلاته غشي لونه لون آخر، و كان قيامه في صلاته قيام العبد الذليل بين يدي الملك الجليل، كانت أعضاؤه ترتعد من خشية اللّه و كان يصلّي صلاة مودّع يرى أنّه لا يصلّي بعدها أبدا.

و روي أنّه كان إذا قام إلى الصلاة تغيّر لونه، و أصابته رعدة و حال أمره، فربما سأله عن حاله من لا يعرف أمره في ذلك، فيقول: إنّي اريد الوقوف بين يدي ملك عظيم، و كان إذا وقف في الصلاة لم يشتغل بغيرها، و لم يسمع شيئا لشغله بالصلاة.

و سقط بعض ولده في بعض الليالي فانكسرت يده، فصاح أهل الدار و أتاهم الجيران، و جيء بالمجبّر فجبّر الصبيّ و هو يصيح من الألم، و كلّ ذلك لا يسمعه فلمّا أصبح رأى الصبيّ يده مربوطة إلى عنقه فقال: ما هذا؟ فأخبروه.

و وقع حريق في بيت هو فيه ساجد، فجعلوا يقولون: يا بن رسول اللّه النار النار، فما رفع رأسه حتّى اطفئت، فقيل له بعد قعوده: ما الذي ألهاك عنها؟ قال:

ألهتني عنها النار الكبرى. (2)

بيان:

«يرفضّ عرقا» : أي يسيل و يجري. «ألهاك عنها» : أي شغلك عنها و تركتها.

ص:499


1- -البحار ج 77 ص 275
2- البحار ج 46 ص 79 باب مكارم أخلاق السجّاد عليه السّلام في ح 75

أقول: في البحار ج 43 ص 331 باب مكارم المجتبى عليه السّلام في ح 1: «و كان إذا قام في صلاته ترتعد فرائصه بين يدي ربّه عزّ و جلّ» .

و الأخبار في خشوع النبيّ و الأئمّة عليهم السّلام كثيرة جدّا، راجع أبواب تاريخهم و البحار ج 84 و غيره.

28-. . . عن النبيّ صلّى اللّه عليه و اله أنّه قال: من لم تنهه صلاته عن الفحشاء و المنكر لم يزدد من اللّه إلاّ بعدا.

و عنه صلّى اللّه عليه و اله قال: لا صلاة لمن لم يطع الصلاة، و طاعة الصلاة أن تنهى عن الفحشاء و المنكر. . .

و روي أنّ فتى من الأنصار كان يصلّي الصلاة مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و يرتكب الفواحش، فوصف ذلك لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله، فقال: إنّ صلاته تنهاه يوما ما، فلم يلبث أن تاب.

و عن جابر قال: قيل لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله: إنّ فلانا يصلّي بالنهار و يسرق بالليل، فقال: إنّ صلاته لتردعه.

و روى أصحابنا عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من أحبّ أن يعلم أقبلت صلاته أم لم تقبل، فلينظر هل منعته صلاته عن الفحشاء و المنكر؟ فبقدر ما منعته قبلت منه. (1)

29-. . . في وصيّة الباقر عليه السّلام لجابر الجعفيّ: الصلاة بيت الإخلاص و تنزيه عن الكبر.

و في خطبة فاطمة صلوات اللّه عليها: فرض اللّه الصلاة تنزيها من الكبر. (2)

30-عن الصادق عن أبيه عن عليّ عليهم السّلام قال: إنّ الإنسان إذا كان

ص:500


1- -البحار ج 82 ص 198 ب 1 من الصلاة (مجمع البيان ج 8 ص 285)
2- البحار ج 82 ص 209 ح 19

في الصلاة فإنّ جسده و ثيابه و كلّ شيء حوله يسبّح. (1)

31-عن زكريّا بن آدم عن الرضا عليه السّلام قال: سمعته يقول: الصلاة لها أربعة آلاف باب. (2)

32-عن حمّاد بن عيسى عن الصادق عليه السّلام قال: للصلاة أربعة آلاف حدود.

و في رواية: أربعة آلاف باب. (3)

أقول:

للمصنّف رحمه اللّه شرح ذيل الخبر تركناه لطوله.

33-قيل لعليّ بن الحسين عليهما السّلام: ما أقلّ ولد أبيك؟ قال: أتعجّب كيف ولدت له؟ كان يصلّي في اليوم و الليلة ألف ركعة، فمتى كان يتفرّغ للنساء. (4)

34-. . . قال النبيّ صلّى اللّه عليه و اله: من صلّى ركعتين و لم يحدّث فيهما نفسه بشيء من امور الدنيا غفر اللّه له ذنوبه. (5)

35-. . . عن الحلبيّ عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إذا كنت في صلاتك فعليك بالخشوع و الإقبال على صلاتك، فإنّ اللّه تعالى يقول: اَلَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ .

. . . و قال النبيّ صلّى اللّه عليه و اله: إذا قام العبد إلى الصلاة فكان هواه و قلبه إلى اللّه تعالى انصرف كيوم ولدته امّه.

و قال صلّى اللّه عليه و اله: إنّ اللّه مقبل على العبد ما لم يلتفت.

ص:501


1- -البحار ج 82 ص 213 ح 25
2- البحار ج 82 ص 303 ب 4 ح 1
3- البحار ج 82 ص 303 ح 2
4- البحار ج 82 ص 311 ح 17
5- البحار ج 84 ص 249 باب آداب الصلاة ح 41

و قال صلّى اللّه عليه و اله: يمضي على الرجل ستّون سنة أو سبعون ما قبل اللّه منه صلاة واحدة. (1)

36-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و اله: إنّ الرجلين من امّتي يقومان في الصلاة و ركوعهما و سجودهما واحد، و إنّ ما بين صلاتيهما ما بين السماء و الأرض. (2)

37-عن أبي حمزة الثمالي قال: رأيت عليّ بن الحسين عليهما السّلام يصلّي فسقط ردائه من منكبه، فلم يسوّه حتّى فرغ من صلاته، قال: فسألته عن ذلك فقال:

ويحك أ تدري بين يدي من كنت، إنّ العبد لا يقبل منه صلوة إلاّ ما أقبل فيها بقلبه فقلت: جعلت فداك هلكنا، فقال: كلاّ إنّ اللّه يتمّ ذلك بالنوافل. (3)

38-و قد روي عن بعض أزواج النبيّ أنّها قالت: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله يحدّثنا و نحدّثه فإذا حضرت (وقت ف ن) الصلاة فكأنّه لم يعرفنا و لم نعرفه، شغلا باللّه عن كلّ شيء. (4)

39-و كان عليّ عليه السّلام إذا حضر وقت الصلاة يتململ و يتزلزل، فيقال له:

مالك يا أمير المؤمنين، فيقول: جاء وقت أمانة عرضها اللّه على السموات و الأرض فأبين أن يحملنها و أشفقن منها. (5)

40-عن ابن مسعود قال: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله يقول: من تهاون في الصلاة من الرجال و النساء عاقبه اللّه تعالى بثمانية عشر عقوبة؛ ستّة في الدنيا، و ثلاثة عند موته، و ثلاثة في قبره، و ثلاثة في محشره، و ثلاثة عند الصراط، فأمّا التي في الدنيا؛ ذهاب البركة من رزقه، و ذهاب البركة من حياته، و ذهاب النور

ص:502


1- -البحار ج 84 ص 260 ح 59
2- أسرار الصلاة للشهيد الثاني رحمه اللّه ص 6
3- أسرار الصلاة ص 7
4- أسرار الصلاة ص 20 في أسرار الوقت
5- أسرار الصلاة ص 20

من وجهه، و لا حظّ له في الإسلام، و لا يشركه اللّه في دعاء الصالحين، و لا يستجاب دعاءه.

و أمّا التي عند الموت فالأوّل؛ يموت ذليلا و عليه ثقلا كأنّه الجبل، و به ضعفا كأنّه يضرب بالسياط. و الثانية: يموت عطشانا و لو شرب ماء الدنيا لم يرو.

و الثالثة: يموت جائعا و لو أكل طعام الدنيا لم يشبع.

و أمّا التي في قبره؛ فالأوّل: الغمّ الشديد و يظلم عليه قبره، و الثانية: يضيق عليه القبر و يكون معذّبا إلى يوم القيامة، و الثالثة: لا تبشّره الملائكة بالرحمة.

و أمّا التي في المحشر؛ فإنّه يقوم على صورة الحمار و يعطى كتابه بشماله و يحاسبه اللّه حسابا طويلا.

و أمّا التي على الصراط فلا ينظر اللّه إليه و لا يزكّيه و لا يقبل منه صرفا و لا عدلا، و يحاسبه اللّه على الصراط ألف عام ثم يؤمر به إلى النار مع الداخلين و هو قوله تعالى: ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ- قالُوا لَمْ نَكُ مِنَ اَلْمُصَلِّينَ . (1)

41-عن فاطمة صلوات اللّه عليها، أنّها سألت أباها محمّدا صلّى اللّه عليه و اله فقالت:

يا أبتاه، ما لمن تهاون بصلاته من الرجال و النساء؟ قال: يا فاطمة، من تهاون بصلاته من الرجال و النساء، ابتلاه اللّه بخمسة عشر خصلة، ستّ منها في دار الدنيا، و ثلاث عند موته، و ثلاث في قبره، و ثلاث في القيامة إذا خرج من قبره.

فأمّا اللواتي تصيبه في دار الدنيا: فالاولى، يرفع اللّه البركة من عمره، و يرفع اللّه البركة من رزقه، و يمحو اللّه عزّ و جلّ سيماء الصالحين من وجهه، و كلّ عمل يعمله لا يؤجر عليه، و لا يرتفع دعاؤه إلى السماء، و السادسة ليس له حظّ في دعاء الصالحين.

و أمّا اللواتي تصيبه عند موته: فأولاهنّ، أنّه يموت ذليلا، و الثانية، يموت

ص:503


1- -الاثنى عشريّة ص 86 ب 3 ف 3

جائعا، و الثالثة، يموت عطشانا، فلو سقي من أنهار الدنيا لم يرو عطشه.

و أمّا اللواتي تصيبه في قبره: فأولاهنّ، يوكّل اللّه به ملكا يزعجه في قبره، و الثانية، يضيق عليه قبره، و الثالثة، تكون الظلمة في قبره.

و أمّا اللواتي تصيبه يوم القيامة إذا خرج من قبره: فأولاهنّ، أن يوكّل اللّه به ملكا يسحبه على وجهه و الخلايق ينظرون إليه، و الثانية: يحاسب حسابا شديدا، و الثالثة، لا ينظر اللّه إليه، و لا يزكّيه، و له عذاب أليم. (1)

بيان:

سحبه: جرّه على وجه الأرض.

42-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله: من أحسن صلوته حتّى تراها الناس، و أساءها حين يخلو، فتلك استهانة. (2)

43-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و اله: إنّ العبد ليصلّي الصلاة، لا يكتب له سدسها و لا عشرها، و إنّما يكتب للعبد من صلاته ما عقل منها. (3)

44-فقه الرضا عليه السّلام: و انو عند افتتاح الصلاة ذكر اللّه و ذكر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله، و اجعل واحدا من الأئمّة عليهم السّلام نصب عينيك. (4)

45-عن الرضا عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله: لا يزال الشيطان ذعرا من المؤمن ما حافظ على الصلوات الخمس، فإذا ضيّعهنّ تجرّأ عليه، و أوقعه في العظايم. (5)

ص:504


1- -المستدرك ج 3 ص 23 ب 6 من أعداد الفرائض ح 1
2- المستدرك ج 3 ص 26 ح 7
3- المستدرك ج 3 ص 57 ب 16 ح 6
4- المستدرك ج 4 ص 132 ب 3 من النيّة ح 1
5- العيون ج 2 ص 27 ب 31 ح 21

بيان:

ذعره ذعرا: أفزعه، و ذعر: خاف، و ذعر ذعرا: دهش.

46-و بهذا الإسناد قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله: من أدّى فريضة فله عند اللّه دعوة مستجابة. (1)

47-عن إبراهيم الكرخيّ عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سمعته يقول: لا يجمع اللّه عزّ و جلّ لمؤمن الورع و الزهد و الإقبال إلى اللّه عزّ و جلّ في الصلاة في الدنيا إلاّ رجوت له الجنّة.

قال: ثمّ قال: و إنّي لاحبّ للرجل منكم المؤمن إذا قام في صلاة فريضة أن يقبل بقلبه إلى اللّه و لا يشغل قلبه بأمر الدنيا، فليس من مؤمن يقبل بقلبه في صلاته إلى اللّه إلاّ أقبل اللّه إليه بوجهه و أقبل بقلوب المؤمنين إليه بالمحبّة له بعد حبّ اللّه عزّ و جلّ إيّاه. (2)

48-قال الصادق عليه السّلام: إذا استقبلت القبلة فآيس من الدنيا و ما فيها و الخلق و ما هم فيه، و فرّغ قلبك عن كلّ شاغل يشغلك عن اللّه تعالى و عاين بسرّك عظمة اللّه عزّ و جلّ، و اذكر وقوفك بين يديه. . . فإذا كبّرت فاستصغر ما بين السموات العلى و الثرى دون كبريائه، فإنّ اللّه تعالى إذا اطّلع على قلب العبد و هو يكبّر و في قلبه عارض عن حقيقة تكبيره، فقال: يا كذّاب، أ تخدعني و عزّتي و جلالي لأحرمنّك حلاوة ذكري و لأحجبنّك عن قربي و المسرّة بمناجاتي. . . (3)

49-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و اله: الصلاة مرضاة اللّه تعالى و حبّ الملائكة و سنّة الأنبياء، و نور المعرفة، و أصل الإيمان، و إجابة الدعاء، و قبول الأعمال، و بركة

ص:505


1- -العيون ج 2 ص 27 ح 22
2- ثواب الأعمال ص 163 باب ثواب الورع و. . .
3- مصباح الشريعة ص 10 ب 13

في الرزق، و راحة في البدن، و سلاح على الأعداء، و كراهة الشيطان، و شفيع بين صاحبها و ملك الموت، و سراج في القبر، و فراش تحت جنبيه، و جواب منكر و نكير، و مونس في السرّاء و الضرّاء، و صاير معه في قبره إلى يوم القيامة. (1)

50-و قال صلّى اللّه عليه و اله: إنّ لكلّ شيء زينة و زينة الإسلام الصلوات الخمس، و لكلّ شيء ركن و ركن المؤمن الصلوات الخمس، و لكلّ شيء سراج و سراج قلب المؤمن الصلوات الخمس، و لكلّ شيء ثمن و ثمن الجنّة الصلوات الخمس، و لكلّ شيء براءة و براءة المؤمن من النار الصلوات الخمس، و لكلّ شيء أمان و أمان المؤمن من القطيعة و الفرقة الصلوات الخمس.

و خير الدنيا و الآخرة في الصلاة، و بها يتبيّن المؤمن من الكافر، و المخلص من المنافق، و هي عماد الدين و ملاذ الجسد، و زين الإسلام، و مناجات الحبيب للحبيب، و قضاء الحاجة، و توبة التائب، و تذكرة المنيّة، و البركة في المال، وسعة الرزق، و نور الوجه و عزّ المؤمن، و استنزال الرحمة، و استجابة الدعوة، و استغفار الملائكة، و رغم الملحدين، و قهر الشياطين، و سرور المؤمن، و كفّارة الذنوب، و حصن المال، و قبول الشهادة، و عمران المساجد، و زين البلد، و التواضع للّه، و نفي الكبر، و استكثار القصور، و مهور حور العين، و غرس الأشجار، و هيبة الفجّار، و نثار الرحمة من اللّه تعالى. (2)

51-عن حفص عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: جاء إبليس لعنه اللّه إلى موسى عليه السّلام و هو يناجي ربّه، فقال له ملك من الملائكة: ويلك ما ترجو منه و هو على هذه الحالة يناجي ربّه، فقال: أرجو منه ما رجوت من أبيه آدم و هو في الجنّة.

ص:506


1- -جامع الأخبار ص 72 ف 33
2- جامع الأخبار ص 72

و كان ممّا ناجى اللّه موسى عليه السّلام: يا موسى، إنّي لا أقبل الصلاة إلاّ لمن تواضع لعظمتي، و ألزم قلبه خوفي، و قطع نهاره بذكري، و لم يبت مصرّا على الخطيئة، و عرف حقّ أوليائي و أحبّائي، فقال موسى: يا ربّ، تعني بأوليائك و أحبّائك إبراهيم و إسحاق و يعقوب؟ قال: هو كذلك إلاّ أنّي أردت بذلك من من أجله خلقت آدم و حوّاء و من أجله خلقت الجنّة و النار،

فقال: و من هو يا ربّ؟ فقال: محمّد أحمد، شققت اسمه من اسمي لأنّي أنا المحمود و هو محمّد، فقال موسى: يا ربّ، اجعلني من امّته، فقال: يا موسى، أنت من امّته إذا عرفته و عرفت منزلته و منزلة أهل بيته، و إنّ مثله و مثل أهل بيته فيمن خلقت كمثل الفردوس في الجنان، لا ينتثر (لا ييبس ف ن) ورقها، و لا يتغيّر طعمها، فمن عرفهم و عرف حقّهم جعلت له عند الجهل علما (حلما ف ن) و عند الظلمة نورا، أجيبنه قبل أن يدعوني و أعطينه قبل أن يسألني.

يا موسى، إذا رأيت الفقر مقبلا فقل: مرحبا بشعار الصالحين، و إذا رأيت الغنى مقبلا فقل: ذنب تعجّلت عقوبته.

يا موسى، إنّ الدنيا دار عقوبة عاقبت فيها آدم عند خطيئته، و جعلتها ملعونة، ملعونة بمن (بما ف ن) فيها إلاّ ما كان فيها لي.

يا موسى، إنّ عبادي الصالحين زهدوا فيها بقدر علمهم بي، و سائرهم من خلقي رغبوا فيها بقدر جهلهم بي، و ما أحد من خلقي عظّمها فقرّت عيناه فيها، و لم يحقّرها إلاّ تمتّع بها.

ثمّ قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إن قدرتم أن لا تعرفوا فافعلوا، و ما عليك إن لم يثن عليك الناس، و ما عليك أن تكون مذموما عند الناس و كنت عند اللّه محمودا، إنّ أمير المؤمنين عليه السّلام كان يقول: لا خير في الدنيا إلاّ لأحد رجلين: رجل يزداد كلّ يوم إحسانا، و رجل يتدارك منيته (سيّئته ف ن) بالتوبة.

و أنّى له بالتوبة! ؟ و اللّه إن سجد حتّى ينقطع عنقه ما قبل اللّه منه إلاّ بولايتنا

ص:507

أهل البيت، ألا و من عرف حقّنا و رجا الثواب فينا رضي بقوته نصف مدّ كلّ يوم، و ما يستر به عورته، و ما أكنّ رأسه و هم في ذلك و اللّه خائفون وجلون. (1)

52-في وصيّة الصادق عليه السّلام لابن جندب (في خبر طويل) : يا بن جندب، قال اللّه جلّ و عزّ في بعض ما أوحى: إنّما أقبل الصلاة ممّن يتواضع لعظمتي، و يكفّ نفسه عن الشهوات من أجلي، و يقطع نهاره بذكري، و لا يتعظّم على خلقي، و يطعم الجائع، و يكسو العاري، و يرحم المصاب، و يؤوي الغريب. . . (2)

أقول:

من شرائط قبول الصلاة الورع، و الولاية لأهل البيت عليهم السّلام، و البرائة من أعدائهم. . .

و من موانع قبول الصلاة عقوق الوالدين، و النظر إليهما نظرا ماقتا، و اغتياب المسلم، و الاستخفاف بالصلاة، و شرب الخمر، و نشوز الزوجة و زوجها ساخط عليها، و منع الزكاة، و إمامة رجل يصلّي بقوم و هم له كارهون.

و حبس البول و الغائط، و إباق العبد من سيّده، و عدم حضور القلب في الصلاة، و الظلم، و جور الحاكم و. . . و الأخبار في ذلك كثيرة، راجع البحار ج 84 و غيره و قد مرّ بعضها في أبواب مختلفة و يأتي بعضها في باب الولاية و. . .

53-عن عليّ عليه السّلام (في ح الأربعمائة) : ليس عمل أحبّ إلى اللّه عزّ و جلّ من الصلاة، فلا يشغلنّكم عن أوقاتها شيء من امور الدنيا، فإنّ اللّه عزّ و جلّ ذمّ أقواما فقال: اَلَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ يعني أنّهم غافلون، استهانوا بأوقاتها. (3)

ص:508


1- -تفسير القميّ ج 1 ص 242( الاعراف:157) (أمالي الصدوق م 95 ح 2 و البحار ج 13 ص 338)
2- تحف العقول ص 226
3- الخصال ج 2 ص 621

54-و قال عليه السّلام: من أتى الصلاة عارفا بحقّها غفر له. (1)

55-و قال عليه السّلام: إذا قام أحدكم إلى الصلاة فليصلّ صلاة مودّع. (2)

56-و قال عليه السّلام: لو يعلم المصلّي ما يغشاه من جلال اللّه ما سرّه أن يرفع رأسه من سجوده. (3)

57-و قال عليه السّلام: الصلاة صابون الخطايا. (4)

58-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

الصلاة حصن من سطوات الشيطان. (الغرر ج 1 ص 107 ف 1 ح 2236)

الصلاة حصن الرحمن و مدحرة الشيطان. (ح 2237)

ص:509


1- -الخصال ج 2 ص 628
2- الخصال ج 2 ص 629
3- الخصال ج 2 ص 632
4- شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 20 ص 313

الفصل الثانيّ: صلاة الليل

الآيات

1- وَ مِنَ اَللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نافِلَةً لَكَ عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً. (1)

2- كانُوا قَلِيلاً مِنَ اَللَّيْلِ ما يَهْجَعُونَ- وَ بِالْأَسْحارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ. (2)

3- يا أَيُّهَا اَلْمُزَّمِّلُ- قُمِ اَللَّيْلَ إِلاّ قَلِيلاً- نِصْفَهُ أَوِ اُنْقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً . . . إِنَّ ناشِئَةَ اَللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً وَ أَقْوَمُ قِيلاً. . . (3)

4- إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنى مِنْ ثُلُثَيِ اَللَّيْلِ وَ نِصْفَهُ وَ ثُلُثَهُ وَ طائِفَةٌ مِنَ اَلَّذِينَ مَعَكَ وَ اَللّهُ يُقَدِّرُ اَللَّيْلَ وَ اَلنَّهارَ عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنَ اَلْقُرْآنِ. . . (4)

الأخبار

1-عن المفضّل بن عمر قال: سمعت الصادق عليه السّلام يقول: كان فيما ناجى اللّه

ص:510


1- -الإسراء:79
2- الذاريات:17 و 18 و في آل عمران:17، و المستغفرين بالأسحار
3- المزّمّل:1 إلى 8
4- المزّمّل:20

عزّ و جلّ به موسى بن عمران أن قال له: يا بن عمران، كذب من زعم أنّه يحبّني فإذا جنّه الليل نام عنّي، أ ليس كلّ محبّ يحبّ خلوة حبيبه؟ ها أنا ذا يا بن عمران، مطّلع على أحبّائي، إذا جنّهم الليل حوّلت أبصارهم من قلوبهم، و مثّلت عقوبتي بين أعينهم، يخاطبوني عن المشاهدة، و يكلّموني عن الحضور.

يا بن عمران، هب لي من قلبك الخشوع و من بدنك الخضوع، و من عينيك الدموع في ظلم الليل، و ادعني فإنّك تجدني قريبا مجيبا. (1)

أقول:

قد مرّ بيان مفردات الحديث في باب الحبّ ف 1.

2-عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله لجبرئيل: عظني فقال: يا محمّد، عش ما شئت فإنّك ميّت، و أحبب ما شئت فإنّك مفارقه، و اعمل ما شئت فإنّك ملاقيه، شرف المؤمن صلاته بالليل، و عزّه كفّه عن أعراض الناس. (2)

بيان:

العرض جمع أعراض: اسم لما لا داوم له، متاع الدنيا و حطامها، و المراد استغناءه عن الناس كما ورد في الحديث.

3-عن ابن عباس قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله: أشراف امّتي حملة القرآن و أصحاب الليل. (3)

4-عن جعفر بن محمّد عن أبيه عن جدّه عن عليّ بن أبي طالب عليهم السّلام عن النبيّ صلّى اللّه عليه و اله أنّه قال في وصيّة له: يا عليّ، ثلاث درجات و ثلاث كفّارات، و ثلاث مهلكات و ثلاث منجيات، فأمّا الدرجات: فإسباغ الوضوء في السبرات و انتظار

ص:511


1- -أمالي الصدوق ص 356 م 57 ح 1
2- الخصال ج 1 ص 7 باب الواحد ح 19(و ح 20)
3- الخصال ج 1 ص 7 ح 21

الصلاة بعد الصلاة، و المشي بالليل و النهار إلى الجماعات. و أمّا الكفّارات: فإفشاء السلام، و إطعام الطعام، و التهجّد بالليل و الناس نيام. و أمّا المهلكات: فشحّ مطاع، و هوى متّبع، و إعجاب المرء بنفسه. و أمّا المنجيات: فخوف اللّه في السرّ و العلانية، و القصد في الغنى و الفقر، و كلمة العدل في الرضا و السخط. (1)

بيان:

السبرة جمع سبرات: و هي الغداة الباردة أو شدّة البرد.

5-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: كان فيما أوصى به رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله عليّا عليه السّلام:

. . . يا عليّ، ثلاث فرحات للمؤمن في الدنيا: لقاء الإخوان و الإفطار في الصيام (من الصيام ف ن) و التهجّد من آخر الليل. . . (2)

أقول:

وردت بهذا المعنى أخبار اخر، في بعضها: «إنّ من روح اللّه تعالى ثلاثة: التهجّد بالليل و. . .» . (البحار ج 74 ص 353 ح 27 و ج 87 ص 143 ح 15)

6-عن عليّ بن موسى الرضا عن أبيه عن جدّه عليهم السّلام قال: سئل عليّ بن الحسين عليهما السّلام: ما بال المتهجّدين بالليل من أحسن الناس وجها؟ قال: لأنّهم خلوا باللّه فكساهم اللّه من نوره. (3)

7-عن معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال النبيّ صلّى اللّه عليه و اله لعليّ عليه السّلام:

اوصيك في نفسك بخصال فاحفظها، ثمّ قال: اللهمّ أعنه. . . و عليك بصلاة الليل و عليك بصلاة الليل و عليك بصلاة الليل. (4)

8-عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عن آبائه عن عليّ بن أبي طالب عليهم السّلام

ص:512


1- -الخصال ج 1 ص 84 باب الثلاثة ح 12(ح 10)
2- الخصال ج 1 ص 124 ح 121
3- العيون ج 1 ص 220 ب 28 ح 28
4- الوسائل ج 4 ص 91 ب 25 من أعداد الفرائض و نوافلها ح 5

قال: قيام الليل مصحّة للبدن، و رضى الربّ، و تمسّك بأخلاق النبيّين، و تعرّض للرحمة. (1)

9-و في رواية يعقوب بن يزيد عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: كذب من زعم أنّه يصلّي صلوة الليل و هو يجوع، إنّ صلاة الليل تضمن رزق النهار. (2)

10-و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله: من صلّى بالليل حسن وجهه بالنهار. (3)

11-عن جعفر عن أبيه عليهما السّلام قال: إنّ اللّه إذا أراد أن يعذّب أهل الأرض بعذاب قال: لو لا الذين يتحابّون في جلالي، و يعمرون مساجدي، و يستغفرون بالأسحار لأنزلت عذابي. (4)

12-كان عليّ عليه السّلام يوما في حرب صفّين. . . و لم يترك صلاة الليل قطّ حتّى في ليلة الهرير. (5)

بيان:

«ليلة الهرير» : هي الليلة التي وقعت فيها وقعة كانت بين عليّ عليه السّلام و معاوية بصفّين.

13-في توقيع العسكري عليه السّلام إلى عليّ بن بابويه رحمه اللّه: و عليك بصلوة الليل، فإنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و اله أوصى عليّا عليه السّلام، فقال: يا عليّ، عليك بصلاة الليل، و من استخفّ بصلاة الليل فليس منّا، فاعمل بوصيّتي، و آمر جميع شيعتي حتّى يعملوا عليه. . . (6)

14-عن زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: صلاة الليل كفّارة لما اجترح

ص:513


1- -المحاسن ص 53 ب 61 من ثواب الأعمال ح 79
2- المحاسن ص 53 ب 61 ح 79
3- المحاسن ص 53 ب 61 ح 79
4- المحاسن ص 53 ب 63 ح 81
5- المستدرك ج 3 ص 63 ب 21 من أعداد الفرائض ح 2
6- المستدرك ج 3 ص 64 ح 3

بالنهار. (1)

بيان:

اجترح الشيء: اكتسبه، و اجترح الإثم: ارتكبه، و الجراحة: الإثم.

15-. . . في مناهي النبيّ صلّى اللّه عليه و اله أنّه قال: ما زال جبرئيل يوصيني بقيام الليل حتّى ظننت أنّ خيار امّتي لن يناموا. (2)

16-. . . عن جعفر بن محمّد عن أبيه عليهما السّلام قال: قام أبو ذرّ رحمه اللّه عند الكعبة فذكر مواعظه إلى أن قال: و صلّ ركعتين في سواد الليل لوحشة القبور. (3)

17-عن أبي الحسن العسكريّ عن آبائه عن الصادق عليهم السّلام في قوله تعالى:

إِنَّ اَلْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ اَلسَّيِّئاتِ. 4 قال: صلاة الليل تذهب بذنوب النهار. (4)

18-عن جابر بن عبد اللّه قال: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله يقول: ما اتّخذ اللّه إبراهيم خليلا إلاّ لإطعامه الطعام، و صلاته بالليل و الناس نيام. (5)

19-عن زرارة قال: قال أبو جعفر عليه السّلام: من كان يؤمن باللّه و اليوم الآخر فلا يبيتنّ إلاّ بوتر. (6)

بيان:

قال رحمه اللّه ذيل ح 18: أي لا ينقضي ليله و في ذمّته وتر تركها.

20-جاء رجل إلى أمير المؤمنين عليه السّلام فقال: يا أمير المؤمنين، إنّي

ص:514


1- -البحار ج 87 ص 136 باب فضل صلاة الليل ح 2
2- البحار ج 87 ص 139 في ح 7
3- البحار ج 87 ص 141 في ح 11
4- البحار ج 87 ص 143 ح 16
5- البحار ج 87 ص 144 ح 18
6- البحار ج 87 ص 145 ح 19

قد حرمت الصلاة بالليل، فقال أمير المؤمنين عليه السّلام: أنت رجل قد قيّدتك ذنوبك. (1)

21-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ الرجل ليكذب الكذبة فيحرم بها صلاة الليل، فإذا حرم بها صلاة الليل حرم بها الرزق. (2)

أقول:

لا منافاة بين الخبرين الأخيرين و الخبر المتقدّم بأنّ صلاة الليل تذهب بذنوب النهار، لأنّ الذنوب مختلفة؛ عظام و غير عظام، فبعض الذنوب مثل الكذب يحرم الرجل صلاة الليل و بعضها لا يحرم صلاة الليل بل الصلاة تكفّرها.

22-عن سليمان الديلمي قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: يا سليمان، لا تدع قيام الليل فإنّ المغبون من حرم قيام الليل. (3)

23-. . . عن معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: صلاة الليل تحسّن الوجه و تحسّن الخلق، و تطيّب الريح، و تدرّ الرزق و تقضي الدين، و تذهب بالهمّ و تجلو البصر. (4)

24-عن الفضيل بن يسار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ البيوت التي يصلّي فيها بالليل بتلاوة القرآن، تضيء لأهل السماء كما يضيء نجوم السماء لأهل الأرض. (5)

أقول:

في ح 53؛ قال الرضا عليه السّلام: . . . إنّ البيوت التي يصلّي فيها بالليل يزهر نورها لأهل

ص:515


1- -البحار ج 87 ص 145 ح 19
2- البحار ج 87 ص 146 ح 19
3- البحار ج 87 ص 146 ح 20
4- البحار ج 87 ص 153 ح 31
5- البحار ج 87 ص 153 ح 32

السماء، كما يزهر نور الكواكب لأهل الأرض.

25-. . . قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: عليكم بصلاة الليل فإنّها سنّة نبيّكم و مطردة الداء عن أجسادكم.

و يروى إنّ الرجل إذا قام يصلّي أصبح طيّب النفس، و إذا نام حتّى يصبح أصبح ثقيلا موصّما.

و أوحى اللّه إلى موسى عليه السّلام: قم في ظلمة الليل أجعل قبرك روضة من رياض الجنان. (1)

26-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: صلاة الليل سراج لصاحبها في ظلمة القبر. (2)

27-عن الصادق عن أمير المؤمنين عليهما السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: صلاة الليل مرضات الربّ، و حبّ الملائكة، و سنّة الأنبياء، و نور المعرفة، و أصل الإيمان، و راحة الأبدان، و كراهية الشيطان، و سلاح على الأعداء، و إجابة للدعاء، و قبول الأعمال، و بركة في الرزق، و شفيع بين صاحبها و بين ملك الموت، و سراج في قبره، و فراش تحت جنبه، و جواب مع منكر و نكير، و مونس و زائر في قبره إلى يوم القيامة.

فإذا كان يوم القيامة كانت الصلاة ظلاّ فوقه، و تاجا على رأسه، و لباسا على بدنه، و نورا يسعى بين يديه، و سترا بينه و بين النار، و حجّة للمؤمن بين يدي اللّه تعالى، و ثقلا في الميزان، و جوازا على الصراط، و مفتاحا للجنّة، لأنّ الصلاة تكبير و تحميد و تسبيح و تمجيد و تقديس و تعظيم و قراءة و دعاء، و إنّ أفضل الأعمال كلّها الصلاة لوقتها. (3)

28-. . . قال الصادق عليه السّلام: ليس من شيعتنا من لم يصلّ صلاة

ص:516


1- -البحار ج 87 ص 155 ح 38
2- البحار ج 87 ص 160 ح 52
3- البحار ج 87 ص 161 ح 52

الليل. (1)

29-قال أبو جعفر عليه السّلام: إنّ اللّه عزّ و جلّ يحبّ من عباده المؤمنين كلّ دعّاء، فعليكم بالدعاء في السحر إلى طلوع الشمس، فإنّها ساعة تفتح فيها أبواب السماء، و تهبّ الرياح، و تقسم فيها الأرزاق، و تقضى فيها الحوائج العظام. (2)

30-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لعليّ عليه السّلام في وصيّته: يا عليّ، صلّ من الليل و لو قدر حلب شاة، و بالأسحار فادع، فإنّ عند ذلك لا تردّ دعوة، قال اللّه تبارك و تعالى:

وَ اَلْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحارِ (3).

31-عن محمّد بن مسلم عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السّلام قال: ما من عبد إلاّ و هو يتيقّظ مرّة أو مرّتين في الليل أو مرارا، فإن قام و إلاّ فحج الشيطان، فبال في اذنه، ألا يرى أحدكم إذا كان منه ذاك قام ثقيلا أو كسلان. (4)

بيان:

قال رحمه اللّه: في النهاية، فيه: «أنّه بال قائما ففحّج رجليه» أي فرّقهما و باعد ما بينهما.

و الفحج: تباعد ما بين الفخذين. . . قيل: معناه سخر منه و ظهر عليه حتّى نام عن طاعة اللّه. . . و قال القاضي عياض: لا يعبد كونه على ظاهره و خصّ الاذن لأنّه حاسّة الانتباه انتهى. و قال الشيخ البهائي رحمه اللّه: . . . إنّ البول في الاذن كناية عن تلاعب الشيطان انتهى. و ما ذكرناه أوّلا أنسب انتهى.

32-قال أبو جعفر الباقر عليه السّلام: من أوتر بالمعوّذتين و قل هو اللّه أحد، قيل له: يا عبد اللّه، أبشر فقد قبل اللّه و ترك. (5)

ص:517


1- -البحار ج 87 ص 162 ح 53
2- البحار ج 87 ص 165 باب دعوة المنادي في السحر ح 6
3- البحار ج 87 ص 167 ح 11
4- البحار ج 87 ص 169 باب أصناف الناس في القيام ح 2
5- البحار ج 87 ص 194 باب كيفيّة صلاة الليل ح 1

بيان:

قال رحمه اللّه: الظاهر أنّ المراد بالوتر الركعات الثلاث، كما هو ظاهر أكثر الأخبار، فالمراد إمّا قراءة"المعوّذتين"في الشفع و"التوحيد"في مفردة الوتر، أو قراءة الثلاث في كلّ من الثلاث، و الأوّل أظهر.

أقول: في البحار ج 49 ص 93: في حديث الرضا عليه السّلام في سفره إلى خراسان: ثمّ يقوم فيصلّي ركعتي الشفع يقرء في كلّ ركعة منها (الحمد) مرّة، و قُلْ هُوَ اَللّهُ أَحَدٌ ثلاث مرّات، و يقنت في الثانية، ثمّ يقوم فيصلّي الوتر ركعة يقرء فيها (الحمد) و قُلْ هُوَ اَللّهُ أَحَدٌ ثلاث مرّات و قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ اَلْفَلَقِ مرّة واحدة، و قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ اَلنّاسِ مرّة واحدة.

و لعلّ إطلاق الوتر على الشفع يكون بالقرينة.

33-. . . في الصحيح عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: كان أبي يقول: قل هو اللّه أحد تعدل ثلث القرآن، و كان يحبّ أن يجمعها في الوتر ليكون القرآن كلّه. (1)

34-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من قال في وتره إذا أوتر: «أستغفر اللّه و أتوب إليه» سبعين مرّة و هو قائم، فواظب على ذلك حتّى يمضي له سنة، كتبه اللّه عنده من المستغفرين بالأسحار، و وجبت له المغفرة من اللّه عزّ و جلّ. (2)

35-. . . عن معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قول اللّه عزّ و جلّ:

وَ بِالْأَسْحارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ قال: كانوا يستغفرون اللّه في آخر الوتر في آخر الليل سبعين مرّة. (3)

أقول:

بهذا المعنى أخبار اخر.

ص:518


1- -البحار ج 87 ص 226 ح 39
2- البحار ج 87 ص 205 ح 14
3- البحار ج 87 ص 207 ح 19

36-عن عليّ بن جعفر عن أخيه عليه السّلام قال: سألته عن الرجل يتخوّف أن لا يقوم من الليل، يصلّي صلاة الليل إذا انصرف من العشاء الآخرة؟ و هل يجزيه ذلك أم عليه قضاء؟ قال: لا صلاة حتّى يذهب الثلث الأوّل من الليل، و القضاء بالنهار أفضل من تلك الساعة. (1)

بيان:

قال رحمه اللّه: نقل الفاضلان إجماع علمائنا على أنّ وقت الليل بعد انتصافه، و كذا نقلا الإجماع على أنّ كلّما قرب من الفجر كان أفضل، و إثباتهما بالأخبار لا يخلو من عسر لاختلافهما، و المشهور بين الأصحاب؛ جواز تقديمها على الانتصاف لمسافر يصدّه جدّه، أو شابّ تمنعه رطوبة رأسه عن القيام إليها في وقتها. . .

و أمّا كون القضاء أفضل من التقديم فهو المشهور بين الأصحاب، و قد دلّت عليه روايات اخر.

37-. . . و في الفقيه كان عليّ بن الحسين عليه السّلام يقول العفو ثلاث مائة مرّة في الوتر في السحر.

و الظاهر قراءة العفو بالنصب أي أسأل العفو، و يحتمل الرفع أي العفو مطلوبي أو مسئولي. (2)

38-. . . و كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يستغفر في الوتر سبعين مرّة و يقول: «هذا مقام العائذ بك من النار» سبع مرّات.

و قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: أطولكم قنوتا في الوتر أطولكم راحة يوم القيامة في الموقف. (3)

ص:519


1- -البحار ج 87 ص 206 ح 16
2- البحار ج 87 ص 277 ح 69
3- البحار ج 87 ص 287 ح 79

بيان:

«أطولكم قنوتا في الوتر» : في الفقيه ج 1 باب دعاء قنوت الوتر ح 2، بدلها "أطولكم قنوتا في دار الدنيا".

أقول: في سنن أبي داود ج 1 ص 326 خ 1450، قال رسول اللّه (ص) : رحم اللّه رجلا قام من الليل فصلّى و أيقظ امرأته فصلّت، فإن أبت نضح في وجهها الماء.

رحم اللّه امرأة قامت من الليل فصلّت و أيقظت زوجها، فإن أبى نضحت في وجهه الماء.

ص:520

117- الصلاة على النبيّ و آله عليهم السّلام

اشارة

قال اللّه تعالى: إِنَّ اَللّهَ وَ مَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى اَلنَّبِيِّ يا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَ سَلِّمُوا تَسْلِيماً. (1)

الأخبار

1-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: لا يزال الدعاء محجوبا حتّى يصلّى على محمّد و آل محمّد. (2)

أقول:

قد مرّ بعض الأخبار في باب الدعاء، و لعلّ السرّ في حجب الدعاء: أنّ النبيّ و آله عليهم السّلام وسائط بين اللّه و بين عباده في قضاء حوائجهم و. . . فلا بدّ من التوسّل بهم في الدعاء، أو لأنّ الصلاة على النبيّ و آله غير محجوبة فإذا ضمّها العبد مع دعائه فالدعاء أيضا غير محجوب لأنّ الكريم يستحيي أن يقبل جزءه و يردّ الآخر.

2-عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إذا ذكر النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فأكثروا الصلاة عليه، فإنّه من صلّى على النبيّ صلاة واحدة صلّى اللّه عليه ألف صلاة

ص:521


1- -الأحزاب:56
2- الكافي ج 2 ص 356 باب الصلاة على النبيّ و أهل بيته ح 1

في ألف صفّ من الملائكة، و لم يبق شيء ممّا خلقه اللّه إلاّ صلّى على العبد لصلاة اللّه عليه و صلاة ملائكته، فمن لم يرغب في هذا فهو جاهل مغرور، قد برئ اللّه منه و رسوله و أهل بيته. (1)

3-عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

الصلاة عليّ و على أهل بيتي تذهب بالنفاق. (2)

أقول:

ح 13؛ ارفعوا أصواتكم بالصلاة عليّ فإنّها تذهب بالنفاق.

4-عن معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من قال: «يا ربّ صلّ على محمّد و آل محمّد» مائة مرّة، قضيت له مائة حاجة؛ ثلاثون للدنيا و الباقي للآخرة. (3)

5-عن محمّد بن مسلم عن أحدهما عليهما السّلام قال: ما في الميزان شيء أثقل من الصلاة على محمّد و آل محمّد، و إنّ الرجل لتوضع أعماله في الميزان فيميل به (فتميل به ف ن) ، فيخرج الصلاة عليه فيضعها في ميزانه فيرجّح به. (4)

6-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إذا صلّى أحدكم و لم يذكر النبيّ و آله في صلاته يسلك بصلاته غير سبيل الجنّة.

و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من ذكرت عنده فلم يصلّ عليّ دخل النار فأبعده اللّه.

و قال صلّى اللّه عليه و آله: و من ذكرت عنده فنسي الصلاة عليّ خطئ به طريق الجنّة. (5)

7-قال الرضا عليه السّلام (في حديث) : من لم يقدر على ما يكفّر به ذنوبه فليكثر

ص:522


1- -الكافي ج 2 ص 357 ح 6
2- الكافي ج 2 ص 357 ح 8
3- الكافي ج 2 ص 357 ح 9
4- الكافي ج 2 ص 358 ح 15
5- الكافي ج 2 ص 359 ح 19

من الصلاة على محمّد و آل محمّد، فإنّها تهدم الذنوب هدما. (1)

8-عن عبد العظيم الحسنيّ قال: سمعت عليّ بن محمّد العسكريّ عليه السّلام يقول: إنّما اتّخذ اللّه عزّ و جلّ إبراهيم خليلا لكثرة صلاته على محمّد و أهل بيته صلوات اللّه عليهم. (2)

9-عن جعفر بن محمّد عن أبيه عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

أنا عند الميزان يوم القيامة، فمن ثقلت سيّئاته على حسناته جئت بالصلاة عليّ حتّى أثقل بها حسناته. (3)

10-عن ابن أبي حمزة عن أبيه قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن قول اللّه عزّ و جلّ: إِنَّ اَللّهَ وَ مَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى اَلنَّبِيِّ. . . فقال: الصلاة من اللّه عزّ و جلّ رحمة، و من الملائكة تزكية (بركة) ، و من الناس دعاء، و أمّا قوله عزّ و جلّ: وَ سَلِّمُوا تَسْلِيماً فإنّه يعني التسليم له فيما ورد عنه.

قال: فقلت له: فكيف نصلّي على محمّد و آله؟ قال: تقولون: «صلوات اللّه و صلوات ملائكته و أنبيائه و رسله و جميع خلقه على محمّد و آل محمّد، و السّلام عليه و عليهم و رحمة اللّه و بركاته» قال: فقلت: فما ثواب من صلّى على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله بهذه الصلوات؟ قال: الخروج من الذنوب و اللّه كهيئة يوم ولدته امّه. (4)

11-عن إبراهيم بن عبد الحميد عن أبي عبد اللّه أو أبي جعفر عليهما السّلام قال:

أثقل ما يوضع في الميزان يوم القيامة الصلاة على محمّد و أهل بيته. (5)

12-عن الحسن بن عليّ عن جدّه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال: من قال: صلّى اللّه

ص:523


1- -الوسائل ج 7 ص 194 ب 34 من الذكر ح 7
2- الوسائل ج 7 ص 194 ح 9
3- الوسائل ج 7 ص 195 ح 11
4- الوسائل ج 7 ص 196 ب 35 ح 1
5- الوسائل ج 7 ص 197 ح 3

على محمّد و آله، قال اللّه جلّ جلاله: «صلّى اللّه عليك» ، فليكثر من ذلك.

و من قال: صلّى اللّه على محمّد و لم يصلّ على آله لم يجد ريح الجنّة، و ريحها يوجد من مسير خمسمائة عام. (1)

13-عن الفضل بن شاذان عن الرضا عليه السّلام (في كتابه إلى المأمون) قال: و الصلاة على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله واجبة في كلّ موطن، و عند العطاس، و الذبائح، و غير ذلك. (2)

14-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أجفى الناس رجل ذكرت بين يديه فلم يصلّ عليّ. (3)

15-عن معاوية بن عمّار قال: ذكرت عند أبي عبد اللّه الصادق عليه السّلام بعض الأنبياء فصلّيت عليه، فقال: إذا ذكر أحد من الأنبياء فابدأ بالصلاة على محمّد و آله ثمّ عليه، صلّى اللّه على محمّد و آله و على جميع الأنبياء. (4)

16-عن الرضا عن آبائه عن عليّ عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

من كان آخر كلامه الصلاة عليّ و على عليّ دخل الجنّة. (5)

17-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: أكثروا الصلاة عليّ، فإنّ الصلاة عليّ نور في القبر، و نور على الصراط، و نور في الجنّة. (6)

18-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: إنّ الشيطان اثنان: شيطان الجنّ، و يبعد ب «لا حول و لا قوّة إلاّ باللّه العليّ العظيم» و شيطان الإنس، و يبعد بالصلاة على النبيّ و آله. (7)

ص:524


1- -الوسائل ج 7 ص 203 ب 42 ح 6
2- الوسائل ج 7 ص 203 ح 8
3- الوسائل ج 7 ص 207 ح 18
4- الوسائل ج 7 ص 208 ب 43
5- الوسائل ج 7 ص 199 ب 38
6- المستدرك ج 5 ص 332 ب 31 من الذكر ح 8
7- المستدرك ج 5 ص 342 ح 41

19-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من صلّى عليّ مرّة فتح اللّه عليه بابا من العافية.

و قال صلّى اللّه عليه و آله: من صلّى عليّ مرّة لم يبق له من ذنوبه ذرّة. (1)

20-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: من صلّى عليّ في كتابة لم تزل الملائكة تصلّي عليه ما دام ذلك الكتاب مكتوبا إلى يوم القيامة. (2)

أقول:

قال الشهيد رحمه اللّه في المنية ص 159: (في آداب الكتابة) الثاني عشر: . . . و كلّما كتب اسم النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كتب بعده الصلاة عليه و آله و السّلام، و يصلّي و يسلّم هو بلسانه أيضا، و لا يختصر الصلاة في الكتاب، و لا يسئم من تكريرها و لو وقعت في السطر مرارا كما يفعل بعض المحرومين المتخلّفين من كتابة"صلعم"أو"صلم"أو"صم"أو "ص"أو"صلسم"فإنّ ذلك خلاف الأولى و المنصوص، بل قال بعض العلماء: أوّل من كتب"صلعم"قطعت يده، و أقلّ ما في الإخلال بإكمالها تقويت الصواب العظيم عليها، فقد ورد عنه صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال: «من صلّى عليّ في كتاب لم تزل الملائكة تستغفر له ما دام اسمي في ذلك الكتاب» .

21-عن الصباح بن السيابة قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: أ لا أعلّمك شيئا يقي اللّه به وجهك من حرّ جهنّم؟ قال: قلت: بلى قال: قل بعد الفجر مائة مرّة:

«اللهمّ صلّ على محمّد و آل محمّد» يقي اللّه به وجهك من حرّ جهنّم (3).

22-سئل أبو عبد اللّه عليه السّلام عن أفضل الأعمال يوم الجمعة؟ فقال: الصلاة على محمّد و آل محمّد مائة مرّة بعد العصر، و ما زدت فهو أفضل. (4)

ص:525


1- -جامع الأخبار ص 59 ف 28
2- جامع الأخبار ص 61
3- جامع الأخبار ص 61
4- جامع الأخبار ص 63

أقول:

قد مرّ بعض الأخبار في باب الجمعة.

23-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: لا تضربوا أطفالكم على بكائهم، فإنّ بكائهم أربعة أشهر شهادة أن لا إله إلاّ اللّه، و أربعة أشهر الصلاة على النبيّ و آله، و أربعة أشهر الدعاء لوالديه. (1)

24-عن أبي المغيرة قال: سمعت أبا الحسن عليه السّلام يقول: من قال في دبر صلاة الصبح و صلاة المغرب قبل أن يثنّي رجليه أو يكلّم أحدا: «إنّ اللّه و ملائكته يصلّون على النبيّ يا أيّها الذين آمنوا صلّوا عليه و سلّموا تسليما، اللهمّ صلّ على محمّد (النبيّ م) و ذرّيّته» قضى اللّه له مأة حاجة سبعين في الدنيا، و ثلاثين في الآخرة، قال: قلت له: ما معنى صلاة اللّه و صلاة ملائكته و صلاة المؤمنين؟ قال: صلاة اللّه رحمة من اللّه، و صلاة ملائكته تزكية منهم له، و صلاة المؤمنين دعاء منهم له.

و من سرّ آل محمّد في الصلاة على النبيّ و آله؛ «اللهمّ صلّ على محمّد و آل محمّد في الأوّلين، و صلّ على محمّد و آل محمّد في الآخرين، و صلّ على محمّد و آل محمّد في الملاء الأعلى، و صلّ على محمّد و آل محمّد في المرسلين، اللهمّ أعط محمّدا الوسيلة و الشرف و الفضيلة و الدرجة الكبيرة. اللهمّ إنّي آمنت بمحمّد و لم أره، فلا تحرمني يوم القيامة رؤيته، و ارزقني صحبته، و توفّني على ملّته، و اسقني من حوضه مشربا رويّا سائغا (هنيئا) لا أظمأ بعده أبدا، إنّك على كلّ شيء قدير. اللهمّ كما آمنت بمحمّد و لم أره، فعرّفني في الجنان وجهه، اللهمّ بلّغ روح محمّد عنّي تحيّة كثيرة و سلاما» .

فإنّ من صلّى على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله بهذه الصلوات هدمت ذنوبه، و محيت خطاياه،

ص:526


1- -البحار ج 94 ص 55 باب فضل الصلاة على النبيّ و آله عليهم السّلام ح 28

و دام سروره، و استجيب دعاؤه، و اعطي أمله، و بسط له في رزقه، و اعين على عدوّه، و هي له سبب أنواع الخير، و يجعل من رفقاء نبيّه في الجنان الأعلى. يقولهنّ ثلاث مرّات غدوة و ثلاث مرّات عشيّة. (1)

أقول:

روى رحمه اللّه (في ص 85) هذه الصلوات عن جنّة الأمان عن الصادق عليه السّلام باختلاف يسير، و زاد في أوّله: «اللهمّ يا أجود من أعطى، و يا خير من سئل، و يا أرحم من استرحم، اللهمّ صلّ على محمّد و آله في الأوّلين. . .» .

و رواه المحدّث القميّ رحمه اللّه في المفاتيح في أعمال يوم العرفة عن الكفعمي رحمه اللّه و في الباقيات الصالحات عن بعض الكتب المعتبرة.

25-قال الصادق عليه السّلام: من صلّى على النبيّ و آله مرّة واحدة بنيّة و إخلاص من قلبه، قضى اللّه له مائة حاجة، منها ثلاثون للدنيا و سبعون للآخرة.

و قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: من صلّى عليّ كلّ يوم ثلاث مرّات، و في كلّ ليلة ثلاث مرّات حبّا لي و شوقا إليّ، كان حقّا على اللّه عزّ و جلّ أن يغفر له ذنوبه تلك الليلة و ذلك اليوم.

و عن ابن عبّاس قال: قال لي النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: رأيت في ما يرى النائم عمّي حمزة بن عبد المطّلب و أخي جعفر بن أبي طالب و بين يديهما طبق من نبق فأكلا ساعة، فتحوّل النبق عنبا فأكلا ساعة، فتحوّل العنب لهما رطبا فأكلا ساعة، فدنوت منهما و قلت: بأبي أنتما أيّ الأعمال وجدتما أفضل؟ قالا: فديناك بالآباء و الامّهات وجدنا أفضل الأعمال الصلاة عليك، و سقي الماء، و حبّ عليّ بن أبي طالب. (2)

ص:527


1- -البحار ج 94 ص 58 ح 38
2- البحار ج 94 ص 70 ح 63

بيان:

«النبق» : ثمرة شجر السدر.

أقول: في الزيارة الجامعة: و جعل صلاتنا عليكم و ما خصّنا به من ولايتكم، طيبا لخلقنا، و طهارة لأنفسنا، و تزكية لنا، و كفّارة لذنوبنا.

26-قال أبو جعفر عليه السّلام: من قال في ركوعه و سجوده و قيامه: «اللهمّ صلّ على محمّد و آل محمّد» كتب اللّه له ذلك بمثل الركوع و السجود و القيام. (1)

27-في أخبار المعراجيّة: أنّ ملكا في السماء الرابعة قال للنبيّ صلّى اللّه عليه و آله: صلّيت ركعتين في عشرين ألف سنة، كنت خمس ألف سنة في القيام و خمس ألف سنة في الركوع و خمس ألف سنة في السجود و خمس ألف سنة في التشهّد، و هبت ثوابها لامّتك. قال صلّى اللّه عليه و آله: تزعم أنّ امّتي محتاجون إلى ذلك الثواب؟ بعزّة ربّي، إنّ لكلّ واحد من عصاة امّتي إذا صلّى عليّ مرّة من الثواب أكثر من عبادتك هذه. (2)

أقول:

من الصلوات المشهورة: «اللهمّ صلّ على سيّدنا محمّد ما اختلف الملوان، و تعاقب العصران، و كرّ الجديدان و استقبل الفرقدان، و بلّغ روحه و أرواح أهل بيته منّا التحيّة و السّلام (و بارك و سلّم عليه كثيرا)» .

و قال الأردكاني رحمه اللّه في كتابه شرح الصلوات ص 177: هذه الصلوات مشهورة بين العامّة و الخاصّة و تكون معادلا بعشرة آلاف من الصلوات و لها قصّة معروفة لمحمود سبكتكين.

و ممّا يجدر ذكره أنّ هذا الكتاب وحيد في نوعه حيث ألّف خصّيصاء في فضيلة الصلاة على محمّد و آله.

ص:528


1- -ثواب الأعمال ص 56(الوسائل ج 6 ص 326 ب 20 من أبواب الركوع ح 3)
2- لئالي الأخبار ج 3 ص 429

118- الصمت و حفظ اللسان

الآيات

1- لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْواهُمْ إِلاّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ اَلنّاسِ وَ مَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ اِبْتِغاءَ مَرْضاتِ اَللّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً. (1)

2- وَ اَلَّذِينَ هُمْ عَنِ اَللَّغْوِ مُعْرِضُونَ. (2)

3- ما يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ. (3)

الأخبار

1-عن البزنطي عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام قال: من علامات الفقه الحلم و العلم و الصمت، إنّ الصمت باب من أبواب الحكمة، إنّ الصمت يكسب المحبّة (الجنّة ف ن) ، إنّه دليل على كلّ خير. (4)

ص:529


1- -النساء:114
2- المؤمنون:3
3- ق:18
4- الكافي ج 2 ص 92 باب الصمت ح 1

2-عن أبي حمزة قال: سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول: إنّما شيعتنا الخرس. (1)

بيان:

«الخرس» جمع الأخرس: أي هم لا يتكلّمون باللغو و الباطل، و فيما لا يعلمون، و في مقام التقيّة.

3-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام لمولى له-يقال له: سالم و وضع يده على شفتيه-:

يا سالم، احفظ لسانك تسلم و لا تحمل الناس على رقابنا. (2)

4-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: نجاة المؤمن في حفظ لسانه. (3)

5-عن أبي بصير قال: سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول: كان أبو ذرّ رحمه اللّه يقول:

يا مبتغي العلم، إنّ هذا اللسان مفتاح خير و مفتاح شرّ، فاختم على لسانك كما تختم على ذهبك و ورقك. (4)

بيان:

«مبتغي العلم» : أي طالبه. «الورق» : الفضّة، الدراهم المضروبة.

6-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: كان المسيح عليه السّلام يقول: لا تكثروا الكلام في غير ذكر اللّه، فإنّ الذين يكثرون الكلام في غير ذكر اللّه قاسية قلوبهم و لكن لا يعلمون. (5)

أقول:

في أمالي الطوسي ج 1 ص 2: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: لا تكثروا الكلام بغير ذكر اللّه، فإنّ كثرة الكلام بغير ذكر اللّه تقسو القلب، إنّ أبعد الناس من اللّه القلب القاسي.

ص:530


1- -الكافي ج 2 ص 92 ح 2
2- الكافي ج 2 ص 92 ح 3
3- الكافي ج 2 ص 93 ح 9
4- الكافي ج 2 ص 93 ح 10
5- الكافي ج 2 ص 94 ح 11

7-عن أبي حمزة عن عليّ بن الحسين عليهما السّلام قال: إنّ لسان ابن آدم يشرف على جميع جوارحه كلّ صباح فيقول: كيف أصبحتم؟ فيقولون: بخير إن تركتنا، و يقولون: اللّه اللّه فينا و يناشدونه و يقولون: إنّما نثاب و نعاقب بك. (1)

8-جاء رجل إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فقال: يا رسول اللّه، أوصني، فقال: احفظ لسانك قال: يا رسول اللّه، أوصني قال: احفظ لسانك قال: يا رسول اللّه، أوصني قال: احفظ لسانك، ويحك و هل يكبّ الناس على مناخرهم في النار إلاّ حصائد ألسنتهم. (2)

بيان:

في المرآة ج 8 ص 220، «جاء رجل» : في روايات العامّة أنّ الرجل كان معاذ بن جبل. «يكبّ» في القاموس، كبّه: قلبه و صرعه. «المنخر» : الأنف.

«حصائد ألسنتهم» في النهاية ج 1 ص 394: أي ما يقتطعونه من الكلام الذي لا خير فيه، واحدتها حصيدة، تشبيها بما يحصد من الزرع، و تشبيها للسان و ما يقتطعه من القول بحدّ المنجل الذي يحصد به.

9-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من لم يحسب كلامه من عمله كثر خطاياه و حضر عذابه. (3)

بيان:

في المرآة: هذا ردّ على ما يسبق إلى أوهام أكثر الخلق، من الخواصّ و العوام؛ من أنّ الكلام ليس ممّا يترتّب عليه عقاب، فيجترون على أنواع الكلام بلا تأمّل و تفكّر، مع أنّ أكثر أنواع الكفر و المعاصي من جهة اللسان. . .

10-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: يعذّب اللّه اللسان

ص:531


1- -الكافي ج 2 ص 94 ح 13
2- الكافي ج 2 ص 94 ح 14
3- الكافي ج 2 ص 94 ح 15

بعذاب لا يعذّب به شيئا من الجوارح، فيقول: أي ربّ، عذّبتني بعذاب لم تعذّب به شيئا، فيقال له: خرجت منك كلمة، فبلغت مشارق الأرض و مغاربها، فسفك بها الدم الحرام و انتهب بها المال الحرام و انتهك بها الفرج الحرام، و عزّتي و جلالي لاعذّبنّك بعذاب لا اعذّب به شيئا من جوارحك. (1)

11-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إن كان في شيء شؤم ففي اللسان. (2)

12-عن الوشّاء قال: سمعت الرضا عليه السّلام يقول: كان الرجل من بني إسرائيل إذا أراد العبادة صمت قبل ذلك عشر سنين. (3)

13-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: لا يزال العبد المؤمن يكتب محسنا ما دام ساكتا، فإذا تكلّم كتب محسنا أو مسيئا. (4)

14-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أمسك لسانك فإنّها صدقة تتصدّق بها على نفسك، ثمّ قال: و لا يعرف عبد حقيقة الإيمان حتّى يخزن لسانه. (5)

15-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: النوم راحة للجسد، و النطق راحة للروح، و السكوت راحة للعقل. (6)

16-عن الثمالي عن عليّ بن الحسين عليهما السّلام قال: القول الحسن يثري المال، و ينمي الرزق، و ينسئ في الأجل، و يحبّب إلى الأهل، و يدخل الجنّة. (7)

ص:532


1- -الكافي ج 2 ص 94 ح 16
2- الكافي ج 2 ص 95 ح 17
3- الكافي ج 2 ص 95 ح 18
4- الكافي ج 2 ص 95 ح 21
5- الوسائل ج 12 ص 184 ب 117 من العشرة ح 8
6- الوسائل ج 12 ص 186 ح 15
7- الوسائل ج 12 ص 186 ح 16

17-عن جعفر بن محمّد عن آبائه عليهم السّلام قال: قال داود لسليمان عليهما السّلام:

يا بنيّ، عليك بطول الصمت، فإنّ الندامة على طول الصمت مرّة واحدة خير من الندامة على كثرة الكلام مرّات، يا بنيّ، لو أنّ الكلام كان من فضّة كان ينبغي للصمت أن يكون من ذهب. (1)

18-في وصيّة أمير المؤمنين لابنه الحسن عليهما السّلام: أي بنيّ، العافية عشرة أجزاء: تسعة منها في الصمت إلاّ بذكر اللّه، و واحد في ترك مجالسة السفهاء. (2)

19-في حديث موسى بن جعفر عليه السّلام لهشام: يا هشام، لكلّ شيء دليل، و دليل العاقل التفكّر، و دليل التفكّر الصمت. (3)

و قال: يا هشام، قلّة المنطق حكم عظيم، فعليكم بالصمت، فإنّه دعة حسنة و قلّة وزر و خفّة من الذنوب. (4)

و قال: يا هشام، المتكلّمون ثلاثة: فرابح و سالم و شاجب، فأمّا الرابح فالذاكر للّه، و أمّا السالم فالساكت، و أمّا الشاجب فالذي يخوض في الباطل. (5)

و قال: يا هشام، قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إذا رأيتم المؤمن صموتا فادنوا منه، فإنّه يلقي الحكمة، و المؤمن قليل الكلام، كثير العمل، و المنافق كثير الكلام، قليل العمل. (6)

بيان:

«الشاجب» : الهالك و كثير الكلام و الهذّاء.

ص:533


1- -الوسائل ج 12 ص 186 ح 17
2- تحف العقول ص 65
3- تحف العقول ص 285
4- تحف العقول ص 290
5- تحف العقول ص 291
6- تحف العقول ص 293

20-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: راحة الإنسان في حبس اللسان.

و قال صلّى اللّه عليه و آله: حبس اللسان سلامة الإنسان.

و قال صلّى اللّه عليه و آله: بلاء الإنسان من اللسان. (1)

21-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: ضرب اللسان أشدّ من ضرب السنان. (2)

22-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله في وصيّته لعليّ عليه السّلام: يا عليّ، من خاف الناس لسانه فهو من أهل النار. (3)

23-روي أنّ نوحا عليه السّلام مرّ على كلب كريه المنظر فقال نوح: ما أقبح هذا الكلب، فجثى الكلب و قال بلسان طلق ذلق: إن كنت لا ترضى بخلق اللّه فحوّلني يا نبيّ اللّه، فتحيّر نوح عليه السّلام و أقبل يلوم نفسه بذلك و ناح على نفسه أربعين سنة حتّى ناداه اللّه تعالى: إلى متى تنوح يا نوح، فقد تبت عليك. (4)

قال رحمه اللّه: فالنبيّ بكى على الزلّة المغفورة على نفسه المعصومة و أنت يا غافل لا تبكي على الكبيرة و على نفسك العاصية.

بيان: «جثى الكلب» : أي جلس على ركبتيه أو قام على أطراف أصابعه.

«قال بلسان طلق ذلق» : أي تكلّم بلسان فصيح بليغ.

24-عن جعفر بن محمّد عن آبائه عن عليّ عليهم السّلام: أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله مرّ على امرأة و هي تبكي على ولدها، و هي تقول: الحمد للّه مات شهيدا، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: كيف أيّتها المرأة؟ فلعلّه كان يبخل بما لا يضرّه و يقول فيما

ص:534


1- -جامع الأخبار ص 93 ف 52
2- جامع الأخبار ص 93
3- جامع الأخبار ص 93
4- جامع الأخبار ص 93

لا يعنيه. (1)

أقول:

و قريب منه ح 25، و فيه: «لعلّه كان يتكلّم فيما لا يعنيه» .

25-إنّ آدم عليه السّلام لمّا كثر ولده و ولد ولده، كانوا يتحدّثون عنده و هو ساكت، فقالوا: يا أبه، ما لك لا تتكلّم؟ فقال: يا بنيّ إنّ اللّه جلّ جلاله لمّا أخرجني من جواره، عهد إليّ و قال: أقلّ كلامك ترجع إلى جواري. (2)

26-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام في حديث صفات المؤمنين: ألسنتهم مسجونة، و قلوبهم (صدورهم م) وعاء لسرّ اللّه، إن وجدوا له أهلا نبذوا إليه نبذا، و إن لم يجدوا له أهلا ألقوا على ألسنتهم أقفالا غيبوا مفاتيحها، و جعلوا على أفواههم أوكية، صلب صلاب أصلب من الجبال لا ينحت منهم شيء، خزّان العلم، و معدن الحلم و الحكم، و تبّاع النبيّين و الصدّيقين و الشهداء و الصالحين، أكياس يحسبهم المنافق خرساء عمياء بلهاء، و ما بالقوم من خرس و لا عمى و لا بله، إنّهم لأكياس فصحاء حلماء حكماء أتقياء بررة صفوة اللّه، أسكنتهم الخشية للّه و أعيتهم ألسنتهم خوفا من اللّه و كتمانا لسرّه. . . (3)

بيان:

وكا: يدلّ على شدّ شيء و شدّة، و منه الوكاء؛ الخيط الذي تشدّ به الصرّة (هميان) و القربة (مشك) و نحوهما و الجمع أوكية.

27-عن الصادق عن آبائه عليهم السّلام أنّ أمير المؤمنين عليه السّلام قال: جمع الخير كلّه في ثلاث خصال: النظر و السكوت و الكلام، فكلّ نظر ليس فيه اعتبار فهو سهو، و كلّ سكوت ليس فيه فكر فهو غفلة، و كلّ كلام ليس فيه ذكر فهو لغو، فطوبى

ص:535


1- -المستدرك ج 9 ص 26 ب 103 من العشرة ح 2
2- المستدرك ج 9 ص 27 ح 5
3- المستدرك ج 9 ص 26 ح 3

لمن كان نظره عبرا و سكوته فكرا و كلامه ذكرا و بكى على خطيئته، و آمن الناس شرّه. (1)

أقول:

في البحار ج 78 ص 92: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: . . . كلّ قول ليس للّه فيه ذكر فلغو، و كلّ صمت ليس فيه فكر فسهو، و كلّ نظر ليس فيه اعتبار فلهو.

28-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ما عبد اللّه بشيء أفضل من الصمت و المشي إلى بيته. (2)

29-عن الرضا عن أبيه عن أبي عبد اللّه عليهم السّلام قال: نجاة المؤمن في حفظ لسانه.

و قال أمير المؤمنين عليه السّلام: من حفظ لسانه ستر اللّه عورته. (3)

30-في حكم المجتبى (ع) : سئل عليه السّلام عن الصمت، فقال: هو ستر العمى، و زين العرض، و فاعله في راحة، و جليسه آمن. (4)

31-في وصيّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لأبي ذرّ رحمه اللّه: . . . يا أبا ذرّ، الجليس الصالح خير من الوحدة، و الوحدة خير من جليس السوء، و إملاء الخير خير من السكوت، و السكوت خير من إملاء الشرّ. . .

يا أبا ذرّ، إنّ اللّه عزّ و جلّ عند لسان كلّ قائل، فليتّق اللّه امرء و ليعلم ما يقول.

يا أبا ذرّ، اترك فضول الكلام، و حسبك من الكلام ما تبلغ به حاجتك.

يا أبا ذرّ، كفى بالمرء كذبا أن يحدّث بكلّ ما يسمع.

يا أبا ذرّ، ما من شيء أحقّ بطول السجن من اللسان. . .

ص:536


1- -البحار ج 71 ص 275 باب السكوت و الكلام ح 2
2- البحار ج 71 ص 278 ح 15
3- البحار ج 71 ص 283 ح 36
4- البحار ج 78 ص 111

يا أبا ذرّ، ما عمل من لم يحفظ لسانه. . .

يا أبا ذرّ، الكلمة الطيّبة صدقة و كلّ خطوة تخطوها إلى الصلاة صدقة. . . (1)

يا أبا ذرّ، أربع لا يصيبهنّ إلاّ مؤمن: الصمت و هو أوّل العبادة، و التواضع للّه سبحانه، و ذكر اللّه تعالى على كلّ حال، و قلّة الشيء يعني قلّة المال.

يا أبا ذرّ، همّ بالحسنة و إن لم تعملها لكيلا تكتب من الغافلين.

يا أبا ذرّ، من ملك ما بين فخذيه و بين لحييه دخل الجنّة، قلت: يا رسول اللّه، إنّا لنؤخذ بما ينطق به ألسنتنا؟ قال يا أبا ذرّ، و هل يكبّ الناس على مناخرهم في النار إلاّ حصائد ألسنتهم، إنّك لا تزال سالما ما سكتّ، فإذا تكلّمت كتب لك أو عليك.

يا أبا ذرّ، [إنّ الرجل يتكلّم بالكلمة من رضوان اللّه جلّ ثناؤه، فيكتب له رضوانه إلى يوم القيامة ما]و إنّ الرجل يتكلّم بالكلمة في المجلس ليضحكهم بها فيهوى في جهنّم ما بين السماء و الأرض.

يا أبا ذرّ، ويل للذي يحدّث فيكذب ليضحك به القوم، ويل له، ويل له، ويل له.

يا أبا ذرّ، من صمت نجا فعليك بالصدق. . . (2)طوبى لمن عمل بعلمه، و أنفق الفضل من ماله، و أمسك الفضل من قوله. (3)

32-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: و ليخزن الرجل لسانه، فإنّ هذا اللسان جموح بصاحبه، و اللّه ما أرى عبدا يتّقي تقوى تنفعه حتّى يخزن لسانه، و إنّ لسان المؤمن من وراء قلبه، و إنّ قلب المنافق من وراء لسانه: لأنّ المؤمن إذا أراد أن يتكلّم بكلام تدبّره في نفسه، فإن كان خيرا أبداه و إن كان شرّا واراه، و إنّ

ص:537


1- -البحار ج 77 ص 86
2- البحار ج 77 ص 90
3- البحار ج 77 ص 93

المنافق يتكلّم بما أتى على لسانه لا يدري ما ذا له و ما ذا عليه!

و لقد قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: «لا يستقيم إيمان عبد حتّى يستقيم قلبه، و لا يستقيم قلبه حتّى يستقيم لسانه» فمن استطاع منكم أن يلقى اللّه سبحانه و هو نقيّ الراحة من دماء المسلمين و أموالهم، سليم اللسان من أعراضهم فليفعل. (1)

بيان:

«الجموح» : من جمح الفرس إذا غلب فارسه فيوشك أن يطرح به في مهلكة فيرديه.

33-و قال لابنه الحسن عليهما السّلام: و تلافيك ما فرط من صمتك أيسر من إدراكك ما فات من منطقك. (2)

34-و قال عليه السّلام: . . . و هانت عليه نفسه من أمّر عليها لسانه. (3)

35-و قال عليه السّلام: لسان العاقل وراء قلبه، و قلب الأحمق وراء لسانه. (4)

36-و قال عليه السّلام: اللسان سبع إن خلّي عنه عقر. (5)

37-و قال عليه السّلام: إذا تمّ العقل نقص الكلام. (6)

38-و قال عليه السّلام: لا خير في الصمت عن الحكم، كما أنّه لا خير في القول بالجهل. (7)

ص:538


1- -نهج البلاغة ص 570 في خ 175
2- نهج البلاغة ص 930 في ر 31
3- نهج البلاغة ص 1088 ح 2
4- نهج البلاغة ص 1106 ح 39
5- نهج البلاغة ص 1114 ح 57
6- نهج البلاغة ص 1116 ح 68- الغرر ج 1 ص 311 ف 17 ح 39
7- نهج البلاغة ص 1171 ح 173

39-و قال عليه السّلام: بكثرة الصمت تكون الهيبة. . . (1)

40-و قال عليه السّلام: كان لي فيما مضى أخ في اللّه. . . و كان أكثر دهره صامتا. . .

و كان إن غلب على الكلام لم يغلب على السكوت، و كان على أن يسمع أحرص منه على أنّ يتكلّم. . . (2)

أقول:

قد مرّ بهذا المعنى حديث طويل عن الحسن بن عليّ عليهما السّلام في باب الاخوّة ف 2.

41-و قال عليه السّلام: . . . و من كثر كلامه كثر خطؤه، و من كثر خطؤه قلّ حياؤه، و من قلّ حياؤه قلّ ورعه، و من قلّ ورعه مات قلبه، و من مات قلبه دخل النار. . . و من علم أنّ كلامه من عمله قلّ كلامه إلاّ فيما يعنيه. (3)

42-و قال عليه السّلام: الكلام في وثاقك ما لم تتكلّم به، فإذا تكلّمت به صرت في وثاقه، فاخزن لسانك كما تخزن ذهبك و ورقك، فربّ كلمة سلبت نعمة و جلبت نقمة. (4)

43-و قال عليه السّلام: لا تقل ما لا تعلم بل لا تقل كلّ ما تعلم، فإنّ اللّه سبحانه قد فرض على جوارحك كلّها فرائض يحتجّ بها عليك يوم القيامة. (5)

44-و قال عليه السّلام: تكلّموا تعرفوا، فإنّ المرء مخبوء تحت لسانه. (6)

بيان:

«المخبوء» : المستور.

ص:539


1- -نهج البلاغة ص 1185 ح 215
2- نهج البلاغة ص 1225 ح 281
3- نهج البلاغة ص 1249 ح 341
4- نهج البلاغة ص 1267 ح 373
5- نهج البلاغة ص 1268 ح 374
6- نهج البلاغة ص 1272 ح 384(و ح 140)

45-قال الصادق عليه السّلام: لا راحة لمؤمن على الحقيقة إلاّ عند لقاء اللّه، و ما سوى ذلك ففي أربعة أشياء: صمت تعرف به حال قلبك و نفسك فيما يكون بينك و بين بارئك، و خلوة تنجو بها من آفات الزمان ظاهرا و باطنا، و جوع تميت به الشهوات و الوساوس، و سهر تنوّر به قلبك و تصفّي به طبعك و تزكّي به روحك. (1)

46-قال الصادق عليه السّلام: الكلام إظهار ما في القلب من الصفا و الكدر و العلم و الجهل، قال أمير المؤمنين عليه السّلام: المرء مخبوء تحت لسانه، فزن كلامك، و اعرضه على العقل و المعرفة، فإن كان للّه و في اللّه فتكلّم به، و إن كان غير ذلك فالسكوت خير منه.

و ليس على الجوارح عبادة أخفّ مؤنة و أفضل منزلة و أعظم قدرا عند اللّه من كلام فيه رضى اللّه عزّ و جلّ و لوجهه، و نشر آلاء اللّه و نعمائه في عباده، أ لا ترى أنّ اللّه لم يجعل فيما بينه و بين رسله معنى يكشف ما أسرّ إليهم من مكنونات علمه و مخزونات وحيه غير الكلام، و كذلك بين الرسل و بين الامم، ثبت بهذا أنّه أفضل الوسائل و ألطف العبادة، و كذلك لا معصية أثقل على العبد و أسرع عقوبة عند اللّه و أشدّها ملامة و أعجلها سآمة (شآمة ف ن) عند الخلق منه.

و اللسان ترجمان الضمير، و صاحب خبر القلب، و به ينكشف ما في سرّ الباطن، و عليه يحاسب الخلق يوم القيامة، و الكلام خمر يسكر العقول ما كان منه لغير اللّه، و ليس شيء أحقّ بطول السجن من اللسان.

قال بعض الحكماء: احفظ لسانك عن خبيث الكلام، و في غيره لا تسكت إن استطعت، فأمّا السكينة (و الصمت ف ن) فهي هيئة حسنة رفيعة من اللّه

ص:540


1- -الاثنى عشريّة ص 170 ب 4 ف 4 صمت و جوع (صوم ب) و سهر و عزلت و ذكرى بدوام ناتمامان جهان را كند اين پنج تمام

عزّ و جلّ لأهلها و هم امناء أسراره في أرضه. (1)

47-قال الصادق عليه السّلام: الصمت شعار المحقّقين بحقائق ما سبق و جفّ القلم به، و هو مفتاح كلّ راحة من الدنيا و الآخرة، و فيه رضى اللّه و تخفيف الحساب و الصون من الخطايا و الزلل، و قد جعله اللّه سترا على الجاهل و زينا للعالم، و معه عزل الهوى و رياضة النفس، و حلاوة العبادة و زوال قسوة القلب، و العفاف و المروّة و الظرف، فاغلق باب لسانك عمّا لك منه بدّ، لا سيّما إذا لم تجد أهلا للكلام، و المساعد في المذاكرة للّه و في اللّه.

و كان ربيع بن خثيم يضع قرطاسا بين يديه فيكتب كلّ ما يتكلّم به، ثمّ يحاسب نفسه في عشيّته ما له و ما عليه، و يقول: آه آه، نجا الصامتون و بقينا، و كان بعض أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله يضع الحصاة في فمه، فإذا أراد أن يتكلّم بما علم أنّه للّه و في اللّه و لوجه اللّه أخرجها من فمه. و إنّ كثيرا من الصحابة كانوا يتنفّسون تنفّس الغرقاء، و يتكلّمون شبيه المرضى.

و إنّما سبب هلاك الخلق و نجاتهم الكلام و الصمت، فطوبى لمن رزق معرفة عيب الكلام و صوابه و علم الصمت و فوائده، فإنّ ذلك من أخلاق الأنبياء و شعار الأصفياء، و من علم قدر الكلام أحسن صحبة الصمت، و من أشرف على ما في لطائف الصمت و ائتمنه على خزائنه كان كلامه و صمته كلّه عبادة، و لا يطّلع على عبادته هذه إلاّ الملك الجبّار. (2)

أقول:

حفظ اللسان و الصمت من أهمّ مسائل الأخلاق حيث يرتكب الإنسان باللسان معاصي كثيرة بلا مؤنة، و قيل: إنّ آفات اللسان تبلغ مأتين، بعضها من الكبائر

ص:541


1- -مصباح الشريعة ص 30 ب 46
2- مصباح الشريعة ص 20 ب 27

كالكذب و الغيبة و البهتان و التعيير و السبّ و الفحش و اللعن و الغناء و السخريّة و المدح في غير مورده و الذمّ و المزاح و المراء و النميمة و الحلف كذبا و. . .

و يدلّ على المقام الأخبار الواردة في ذمّ هذه المعاصي لاحظ أبوابها.

و من آفات اللسان فضول الكلام و اللغو.

و في جامع السعادات ج 2 ص 350، اللسان أضرّ الجوارح: اعلم أنّ أكثر ما تقدّم من الرذائل المذكورة في هذا المقام من الكذب و الغيبة، و البهتان، و الشماتة، و السخريّة، و المزاح و غيرها، و في المقام الثالث-يعني التكلّم بما لا يعني و الفضول و الخوض في الباطل-من آفات اللسان و هو أضرّ الجوارح بالإنسان، و أعظمها إهلاكا له، و آفاته أكثر من آفات سائر الأعضاء، و هي و إن كانت من المعاصي الظاهرة، إلاّ أنّها تؤدّي إلى مساوئ الأخلاق و الملكات، إذ الأخلاق إنّما ترسّخ في النفس بتكرير الأعمال، و الأعمال إنّما تصدر من القلب بتوسّط الجوارح. . .

48-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

الصمت وقار. (الغرر ج 1 ف 1 ص 8 ح 106)

الصمت منجاة. (ص 9 ح 175)

القلب خازن اللسان. (ص 13 ح 317)

اللسان جموح بصاحبه. (ص 18 ح 473)

الصمت آية الحلم. (ص 19 ح 507)

العاقل من عقل لسانه. (ص 20 ح 557)

اللسان ترجمان العقل. (ص 21 ح 579)

الصمت روضة الفكر. (ح 599)

الصمت وقار و سلامة. (ص 25 ح 734)

السكوت على الأحمق أفضل جوابه. (ص 39 ح 1204)

اللسان سبع إن أطلقته عقر. (ص 42 ح 1264)

ص:542

الصمت بغير تفكّر خرس. (ص 45 ح 1326)

اللسان ميزان الإنسان. (ص 46 ح 1329)

التثبّت في القول يؤمن العثار و الزلل. (ص 49 ح 1404)

الألسن تترجم عمّا تجنّه الضمائر. (ص 50 ح 1418)

الصمت زين العلم و عنوان الحلم. (ص 52 ح 1457)

القول بالحقّ خير من العيّ و الصمت. (ص 54 ح 1502)

العاقل لا يتكلّم إلاّ لحاجته أو لحجّته و لا يشتغل إلاّ بصلاح آخرته.

(ص 68 ح 1760)

الحظّ للإنسان في الاذن لنفسه و في اللسان لغيره. (ص 69 ح 1776)

العاقل إذا سكت فكر، و إذا نطق ذكر، و إذا نظر اعتبر. (ص 74 ح 1837)

الصمت يكسيك الوقار و يكفيك مؤنة الاعتذار. (ص 75 ح 1852)

المرء يوزن بقوله، و يقوّم بفعله، فقل ما يترجّح زنته، و افعل ما تجلّ قيمته.

(ص 76 ح 1871)

الكلام بين خلّتي سوء، هما الإكثار و الإقلال؛ فالإكثار هذر و الإقلال عيّ و حصر. (ح 1877)

اللسان معيار؛ أرجحه العقل و أطاشه الجهل. (ص 85 ح 1991)

الإكثار يزلّ الحكيم و يملّ الحليم، فلا تكثر فتضجر و لا تفرّط فتهن.

(ص 88 ح 2030)

الكلام في وثاقك ما لم تتكلّم به، فإذا تكلّمت به صرت في وثاقه.

(ص 92 ح 2085)

الكلام كالدواء قليله ينفع و كثيره يهلك (قاتل ف ن) .

(ص 105 ح 2206)

اصمت تسلم. (ص 108 ف 2 ح 12)

ص:543

اصمت دهرك يجلّ أمرك-أقلل الكلام تأمن الملام. (ص 110 ح 56 و 60)

اخزن لسانك كما تخزن ذهبك و ورقك. (ص 111 ح 72)

الزم الصمت فأدنى نفعه السلامة. (ص 112 ح 91)

أقلل المقال، و قصّر الآمال، و لا تقل ما يكسبك وزرا، أو ينفّر عنك حرّا.

(ص 114 ح 118)

احفظ رأسك من عثرة لسانك، و ازممه بالنهي و الحزم و التقى و العقل.

(ص 117 ح 145)

الزم الصمت يستنر فكرك. (ص 109 ح 48)

احبس لسانك قبل أن يطيل حبسك و يردي نفسك، فلا شيء أولى بطول سجن من لسان يعدل عن الصواب و يتسرّع إلى الجواب. (ص 125 ح 211)

الزم الصمت يلزمك النجاة و السلامة، و الزم الرضا يلزمك الغنى و الكرامة. (ص 126 ح 221)

احذروا اللسان فإنّه سهم يخطي. (ص 141 ف 4 ح 1)

إيّاك و الهذر فمن كثر كلامه كثرت آثامه. (ص 147 ف 5 ح 7)

إيّاك و فضول الكلام فإنّه يظهر من عيوبك ما بطن، و يحرّك عليك من أعدائك ما سكن. (ص 155 ح 89)

إن كان في الكلام بلاغة ففي الصمت السلامة من العثار. (ص 272 ف 10 ح 9)

إن أحببت سلامة نفسك و ستر معايبك فأقلل كلامك و أكثر صمتك، يتوفّر فكرك و يستنر قلبك و يسلم الناس من يدك. (ص 274 ح 20)

إذا غلبت على الكلام فإيّاك أن تغلب على السكوت. (ص 314 ف 17 ح 87)

إذا تكلّمت بكلمة ملكتك و إن سكتّ عنها ملكتها. (ص 316 ح 110)

بالصمت يكثر الوقار. (ص 329 ف 18 ح 4)

بلاء الإنسان في لسانه. (ص 343 ف 21 ح 7)

ص:544

حدّ السنان يقطع الأوصال، و حدّ اللسان يقطع الآجال.

(ص 382 ف 28 ح 31)

حدّ اللسان أمضى من حدّ السنان. (ح 32)

حفظ اللسان و بذل الإحسان من أفضل فضائل الإنسان. (ح 33)

ربّ كلام كلاّم-ربّ كلام كالحسام. (1). (ص 413 ف 35 ح 5 و 6)

ربّ كلمة سلبت نعمة. (ص 414 ح 15)

ربّ قول أشدّ من صول-ربّ كلام جوابه السكوت. (ص 415 ح 26 و 38)

ربّ نطق أحسن منه الصمت. (ح 39)

ربّ لسان أتى على الإنسان. (ص 416 ح 44)

ربّ سكوت أبلغ من كلام. (ح 56)

ربّ كلام أنفذ من سهام. (ح 57)

زلّة اللسان أشدّ هلاك. (ص 428 ف 37 ح 35)

زلّة اللسان أشدّ من جرح السنان. (ص 427 ح 35)

صمت يعقبك السلامة خير من نطق يعقبك الملامة. (ص 457 ف 44 ح 55)

صمت يكسوك الكرامة خير من قول يكسبك الندامة. (ح 56)

صمت يكسبك الوقار خير من كلام يكسوك العار. (ح 57)

صمت تحمد عاقبته خير من كلام تذّم مغبّته. (ص 458 ح 59)

صمتك حتّى تستنطق أجمل من نطقك حتّى تسكت. (ح 61)

صمت الجاهل ستره. (ح 66)

ضبط اللسان ملك و إطلاقه هلك. (ص 463 ف 45 ح 35)

طعن اللسان أمضّ من طعن السنان. (ج 2 ص 471 ف 47 ح 28)

ص:545


1- -أي السيف القاطع

عليك بلزوم الصمت فإنّه يلزمك السلامة و يؤمنك الندامة.

(ص 81 ف 49 ح 46)

عجبت لمن يتكلّم بما لا ينفعه في دنياه و لا يكتب له أجره في اخراه.

(ص 497 ف 54 ح 35)

عجبت لمن يتكلّم فيما إن حكي عنه ضرّه، و إن لم يحك عنه لم ينفعه.

(ح 36)

فكّر ثمّ تكلّم تسلم من الزلل. (ص 518 ف 59 ح 41)

قلّة الكلام تستر العيوب و تقلّل الذنوب. (ص 537 ف 61 ح 55)

قلّة الكلام تستر العوار و تؤمن العثار. (ح 58)

كلّ إنسان مؤاخذ بجناية لسانه و يده. (ص 546 ف 62 ح 46)

كم من دم سفكه فم. (ص 549 ف 63 ح 8)

كم من إنسان أهلكه لسان. (ص 550 ح 9)

كم من كلمة سلبت نعمة. (ح 20)

كثرة الكلام يملّ الإخوان. (ص 563 ف 66 ح 35)

كثرة الكلام يبسط حواشيه و ينقص معانيه، فلا يرى له أمد و لا ينتفع به أحد.

(ص 564 ح 47)

كن صموتا من غير عيّ، فإنّ الصمت زينة العالم و ستر الجاهل.

(ص 568 ف 67 ح 46)

كلام العاقل قوت، و جواب الجاهل سكوت. (ص 573 ف 69 ح 5)

كلام الرجل ميزان عقله. (ح 15)

كلامك محفوظ عليك مخلّد في صحيفتك، فاجعله فيما يزلفك و إيّاك أن تطلقه فيما يوبقك. (ص 574 ح 27)

ص:546

للإنسان فضيلتان: عقل و منطق، فبالعقل يستفيد و بالمنطق يفيد.

(ص 583 ف 71 ح 39)

من عقل صمت. (ص 615 ف 77 ح 103)

من عذب لسانه كثر إخوانه. (ح 119)

من كثر مقاله سئم. (ص 616 ح 138)

من كثر كلامه زلّ. (ص 619 ح 180)

من كثر كلامه كثر ملامه. (ص 620 ح 207)

من لانت كلمته وجبت محبّته. (ص 625 ح 296)

من كثر كلامه كثر سقطه-من تفقّد مقاله قلّ غلطه. (ص 626 ح 320 و 321)

من حفظ لسانه أكرم نفسه. (ص 628 ح 360)

من كثر كلامه كثر لغطه. (ص 634 ح 438)

من كثر مقاله لم يعدم السقط. (ص 635 ح 461)

من لزم الصمت أمن الملامة. (ح 463)

من علم أنّه مؤاخذ بقوله فليقصر من المقال. (ص 636 ح 469)

من لم يملك لسانه ندم (يندم ف ن) . (ص 639 ح 530)

من سجن لسانه أمن من ندمه. (ص 646 ح 623)

من قلّ كلامه قلّت آثامه-من لزم الصمت أمن المقت.

(ص 653 ح 746 و 744)

من قلّ كلامه بطن عيبه.

(ص 654 ح 752)

من صمت سلم. (ص 721 ح 1502)

من الإيمان حفظ اللسان. (ص 726 ف 78 ح 29)

من عقل الرجل أن لا يتكلّم بكلّ ما أحاط به علمه. (ص 729 ح 78)

ما عقد إيمانه من لم يحفظ لسانه. (ص 744 ف 79 ح 137)

ص:547

لا تتكلّم بكلّ ما تعلم، فكفى بذلك جهلا. (ص 801 ف 85 ح 38)

لا تقلّ (تقل ف ن) ما يثقل وزرك. (ص 804 ح 81)

لا تجر لسانك إلاّ بما يكتب لك أجره و يجمل عنك نشره. (ص 810 ح 154)

لا عبادة كالصمت. (ص 831 ف 86 ح 37)

لا وقار كالصمت. (ص 832 ح 62)

لا حافظ أحفظ من الصمت. (ص 838 ح 184)

لا خازن أفضل من الصمت. (ص 844 ح 294)

لا شيء أعود على الإنسان من حفظ اللسان و بذل الإحسان.

(ص 853 ح 423)

يستدلّ على عقل كلّ امرء بما يجري على لسانه. (ص 863 ف 88 ح 3)

يستدلّ على عقل الرجل بحسن مقاله، و على طهارة أصله بجميل أفعاله.

(ص 864 ح 8)

يستدلّ على نبل الرجل بقلّة مقاله، و على تفضّله بكثرة احتماله.

(ح 9)

أقول:

قد مرّ في باب الصداقة؛ . . . و قال النبيّ صلّى اللّه عليه و اله: من حفظ لسانه فكأنّما عمل بالقرآن.

ص:548

119- الصوفيّة

اشارة

الأخبار

1-روي عن الصادق عليه السّلام في حال أبي هاشم الكوفيّ: أنّه كان فاسدة العقيدة جدّا، و هو الذي ابتدع مذهبا يقال له: التصوّف، و جعله مفرّا لعقيدته الخبيثة و أكثر الملاحدة و جنّة لعقائدهم. (1)

أقول:

ذكر رحمه اللّه بحثا طويلا في ردّهم.

2-عن الرضا عليه السّلام قال: من ذكر عنده الصوفيّة و لم ينكرهم بلسانه و قلبه فليس منّا، و من أنكرهم فكأنّما جاهد الكفّار بين يدي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله. (2)

3-عن البزنطي أنّه قال: قال رجل من أصحابنا للصادق جعفر بن محمّد عليه السّلام: قد ظهر في هذا الزمان قوم يقال لهم: الصوفيّة، فما تقول فيهم؟ قال: عليه السّلام إنّهم أعدائنا، فمن مال إليهم فهو منهم و يحشر معهم، و سيكون أقوام يدّعون حبّنا و يميلون إليهم و يتشبّهون بهم، و يلقّبون أنفسهم بلقبهم و يأوّلون أقوالهم، ألا فمن مال إليهم فليس منّا و إنّا منه براء، و من أنكرهم و ردّ عليهم كان كمن جاهد

ص:549


1- -الأنوار النعمانيّة ج 2 ص 294
2- سفينة البحار ج 2 ص 57( صوف)

الكفّار بين يدي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله. (1)

4-عن السيّد المرتضى الرازيّ بسنده عن الحسن العسكريّ عليه السّلام أنّه قال لأبي هاشم الجعفريّ: يا أبا هاشم، سيأتي زمان على الناس وجوههم ضاحكة مستبشرة و قلوبهم مظلمة منكدرة، السنّة فيهم بدعة و البدعة فيهم سنّة، المؤمن بينهم محقّر و الفاسق بينهم موقّر، امراؤهم جائرون، و علمائهم في أبواب الظلمة سائرون، أغنياؤهم يسرقون زاد الفقراء، و أصاغرهم يتقدّمون على الكبراء، كلّ جاهل عندهم خبير، و كلّ محيل عندهم فقير، لا يميّزون بين المخلص و المرتاب، و لا يعرفون الضأن من الذئاب

علمائهم شرار خلق اللّه على وجه الأرض، لأنّهم يميلون إلى الفلسفة و التصوّف، و أيم اللّه إنّهم من أهل العدوان و التحرّف، يبالغون في حبّ مخالفينا، و يضلّون شيعتنا و موالينا، فإن نالوا منصبا لم يشبعوا عن الرشا، و إن خذلوا عبدوا اللّه على الرياء، ألا إنّهم قطّاع طريق المؤمنين (الدين ف ن) و الدعاة إلى نحلة الملحدين، فمن أدركهم فليحذرهم و ليصن دينه و إيمانه.

ثمّ قال: يا أبا هاشم، هذا ما حدّثني أبي عن آبائه عن جعفر بن محمّد عليهم السّلام و هو من أسرارنا فاكتمه إلاّ عن أهله. (2)

5-عنه أيضا بسنده عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب قال: كنت مع الهادي عليّ بن محمّد عليهما السّلام في مسجد النبيّ صلّى اللّه عليه و اله، فأتاه جماعة من أصحابه، منهم أبو هاشم الجعفريّ رحمه اللّه و كان رجلا بليغا و كانت له منزلة عظيمة عنده عليه السّلام. ثمّ دخل المسجد جماعة من الصوفيّة و جلسوا في جانب مستديرا (مستديرين ف ن) و أخذوا بالتهليل.

ص:550


1- -سفينة البحار ج 2 ص 57
2- سفينة البحار ج 2 ص 57

فقال عليه السّلام: لا تلتفتوا إلى هؤلاء الخدّاعين، فإنّهم حلفاء الشياطين و مخرّبوا قواعد الدين، يتزهّدون لراحة الأجسام، و يتهجّدون لتصييد الأنعام. . . فمن ذهب إلى زيارة أحد منهم حيّا أو ميّتا فكأنّما ذهب إلى زيارة الشيطان و عبدة الأوثان، و من أعان أحدا منهم فكأنّما أعان يزيد و معاوية و أبا سفيان.

فقال له رجل من أصحابه عليه السّلام: و إن كان معترفا بحقوقكم؟ قال: فنظر إليه شبه المغضب و قال: دع ذاعنك من اعترف بحقوقنا لم يذهب في عقوقنا، أما تدري أنّهم أخسّ طوائف الصوفيّة، و الصوفيّة كلّهم من مخالفينا و طريقتهم مغايرة لطريقتنا، و إن هم إلاّ نصارى و مجوس هذه الامّة، اولئك الذين يجهدون في إطفاء نور اللّه و اللّه يتمّ نوره و لو كره الكافرون. (1)

6-قال الرضا عليه السّلام: لا يقول بالتصوّف أحد إلاّ لخدعة أو ضلالة أو حماقة، و أمّا من سمّى نفسه صوفيّا للتقيّة فلا إثم عليه.

و في رواية اخرى عنه عليه السّلام بزيادة قوله: و علامته أن يكتفي بالتسمية و لا يقول بشيء من عقائدهم الباطلة. (2)

7-و عن كشكول شيخنا البهائيّ رحمه اللّه، قال النبيّ صلّى اللّه عليه و اله: لا يقوم الساعة على امّتي حتّى يقوم قوم من امّتي اسمهم الصوفيّة، ليسوا منّي و إنّهم يحلقون للذكر و يرفعون أصواتهم، يظنّون أنّهم على طريقتي، بل هم أضلّ من الكفّار، و هم أهل النار لهم شهيق الحمار. . . (3)

ص:551


1- -سفينة البحار ج 2 ص 58
2- سفينة البحار ج 2 ص 58
3- سفينة البحار ج 2 ص 58

7B22426F6F6B506167654944223A32303534393737372C22426F6F6B4944223A31363732302C2253656374696F6E4E756D223A312C22506167654E756D223A3535322C2253686F77506167654E756D223A22353532222C22436F6E74656E7454797065223A322C22486173496D616765223A747275652C2248617354657874223A66616C73652C22496E7465726E616C4964223A6E756C6C2C22496D616765436F6E74656E7455726C223A222F424F4F4B494D41474553312F424B31353931342F424B3135393134473030332F424B31353931344730303353312F424B3135393134473030335331503535322E676966222C22536F6C72426F6F6B506167654964223A307D

ص:

120- الصوم و شهر رمضان

الآيات

1- يا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ اَلصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى اَلَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ. الآيات. (1)

2- . . وَ اَلصّائِمِينَ وَ اَلصّائِماتِ. . . (2)

الأخبار

1-عن محمّد بن سنان قال: فيما كتب إليه أبو الحسن الرضا عليه السّلام من جواب مسائله: علّة الصوم لعرفان مسّ الجوع و العطش، ليكون العبد ذليلا مستكينا مأجورا محتسبا صابرا، فيكون ذلك دليلا على شدائد الآخرة، مع ما فيه من الانكسار له عن الشهوات، واعظا له في العاجل دليلا على الآجل، ليعلم شدّة مبلغ ذلك من أهل الفقر و المسكنة في الدنيا و الآخرة. (3)

2-عن هشام بن الحكم قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن علّة الصيام؟

ص:553


1- -البقرة:183 إلى 187
2- الأحزاب:35
3- العلل ج 2 ص 378 ب 108 ح 1

قال: العلّة في الصيام ليستوي به الفقير و الغنيّ، و ذلك لأنّ الغنيّ لم يكن ليجد مسّ الجوع فيرحم الفقير، لأنّ الغنيّ كلّما أراد شيئا قدر عليه، فأراد اللّه أن يسوّي بين خلقه، و أن يذيق الغنيّ مسّ الجوع و الألم ليرقّ على الضعيف و يرحم الجائع.

-فأجابني بمثل جواب أبيه-. (1)

أقول:

للصوم فوائد كثيرة، منها التقوى، قال اللّه تعالى: كُتِبَ عَلَيْكُمُ اَلصِّيامُ . . .

لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ و هو من أهمّ فوائد الصوم.

و منها: تثبيت الإخلاص.

قالت فاطمة الزهراء عليها السّلام في الخطبة المشهورة لها: «و الصيام تثبيتا للإخلاص» . (2)

و قال أمير المؤمنين عليه السّلام فرض اللّه. . . الصيام ابتلاء لإخلاص الخلق. (3)

و منها: انكسار الكبر.

قال عليّ عليه السّلام في الخطبة القاصعة: و لكنّ اللّه يختبر عباده بأنواع الشدائد، و يتعبّدهم بأنواع المجاهد، و يبتليهم بضروب المكاره، إخراجا للتكبّر من قلوبهم و إسكانا للتذلّل في نفوسهم. . . و مجاهدة الصيام في الأيّام المفروضات، تسكينا لأطرافهم، و تخشيعا لأبصارهم، و تذليلا لنفوسهم، و تخفيضا لقلوبهم. . . (4)

و منها: انكسار الشهوات و الهوى.

عن أبي الحسن عليه السّلام قال: قال لقمان لابنه: يا بنيّ، صم صياما يقطع شهوتك،

ص:554


1- -العلل ج 2 ص 378 ح 2
2- الاحتجاج ج 1 ص 134
3- نهج البلاغة ص 1197 ح 244- صبحي ح 252
4- نهج البلاغة ص 795 و ص 798 في خ 234-صبحي ص 294 في خ 192

و لا تصم صياما يمنعك من الصلاة، فإنّ الصلاة أعظم عند اللّه من الصوم. (1)

عن أحدهما عليهما السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله: يا معشر الشباب، عليكم بالباه، فإن لم تستطيعوه فعليكم بالصيام فإنّه وجاؤه. (2)

بيان:

«الباه» : أي الجماع. «الوجاء» في المصباح: و يطلق الوجاء أيضا على رضّ عروق البيضتين حتّى تنفضخا من غير إخراج، فيكون شبيها بالخصاء، لأنّه يكسر الشهوة انتهى. و المراد أنّ الصوم يقلّل الشهوة.

و منها: صحّة البدن.

كما سيأتي عن النبيّ صلّى اللّه عليه و اله: صوموا تصحّوا.

و منها: التباعد من خطرات الشيطان، قد مرّ في باب الشيطان ح 1 عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله: الصوم يسوّد وجهه. . .

و منها: درك الغنيّ مسّ الجوع ليرحم الفقير، كما في ح 1 و 2.

و منها: ذكر جوع القيامة و عطشها، و تدلّ على ذلك أخبار كثيرة.

و منها: فراغ السالك قلبه للعبادة، و نصب النفس للعمل و الاجتهاد ليوم المعاد، إنّ الإمام المجتبى عليه السّلام مرّ بقوم يوم العيد و هم يضحكون، فقال عليه السّلام: إنّ اللّه تعالى جعل شهر رمضان مضمارا لخلقه (3)، يستبقون فيه لطاعته، فسبق أقوام ففازوا، و تخلّف أقوام فخابوا، فالعجب كلّ العجب للضاحك اللاعب في اليوم الذي فاز فيه المسارعون، و خاب فيه المبطلون، أما و اللّه لو كشف الغطاء لاشتغل

ص:555


1- -البحار ج 96 ص 290
2- الوسائل ج 10 ص 410 ب 4 من الصوم المندوب ح 1
3- في مجمع البحرين، المضمار: الموضع الذي تضمّر فيه الخيل، و يكون وقتا للأيّام التي تضمّر فيها، و تضمّر الخيل: أن يظاهر عليها بالعلف حتّى تسمن ثمّ لا تعلف إلاّ قوتا لتخفّ، و ذلك في مدّة أربعين يوما انتهى. و ذلك للسباق و المسابقة.

المحسن بإحسانه، و المسيء عن إساءته. (1)

قال أمير المؤمنين عليه السّلام: ألا و إنّ اليوم المضمار، و غدا السباق و السبقة الجنّة و الغاية النار. (2)

أقول: و للصوم فوائد اخر سيأتي بعضها في الأخبار.

3-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: للصائم فرحتان: فرحة عند إفطاره و فرحة عند لقاء ربّه. (3)

4-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله: الصائم في عبادة و إن كان [نائما]على فراشه ما لم يغتب مسلما. (4)

بيان:

«على فراشه» : في ثواب الأعمال و المجالس و الفقيه و بعض نسخ الكافي: "و إن كان نائما على فراشه".

5-قال الصادق عليه السّلام: نوم الصائم عبادة، و صمته تسبيح، و عمله متقبّل، و دعاؤه مستجاب. (5)

6-قال عليّ عليه السّلام: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله: من صام يوما تطوّعا أدخله اللّه عزّ و جلّ الجنّة. (6)

7-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله: إنّ للجنّة بابا يدعى الريّان، لا يدخل منه إلاّ

ص:556


1- -جامع السعادات ج 3 ص 380- تحف العقول ص 170
2- نهج البلاغة ص 98 في خ 28
3- الوسائل ج 10 ص 397 ب 1 من الصوم المندوب ح 6
4- الوسائل ج 10 ص 399 ح 12
5- الوسائل ج 10 ص 401 ح 17
6- الوسائل ج 10 ص 401 ح 18

الصائمون. (1)

8-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من صام للّه عزّ و جلّ يوما في شدّة الحرّ فأصابه ظمأ، و كلّ اللّه به ألف ملك يمسحون وجهه و يبشّرونه، حتّى إذا أفطر قال اللّه عزّ و جلّ: ما أطيب ريحك و روحك، ملائكتي اشهدوا أنّي قد غفرت له. (2)

9-عن الرضا عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله: من صام يوم الجمعة صبرا و احتسابا اعطي ثواب صيام عشرة أيّام غرّ زهر لا تشاكل أيّام الدنيا. (3)

10-عن حمّاد بن عثمان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: صام رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله حتّى قيل: ما يفطر، ثمّ أفطر حتّى قيل: ما يصوم، ثمّ صام صوم داود عليه السّلام يوما و يوما لا، ثمّ قبض صلّى اللّه عليه و اله على صيام ثلاثة أيّام في الشهر، و قال: يعدلن صوم الدهر (الشهر ف ن) و يذهبن بوحر الصدر، -و قال حمّاد: الوحر الوسوسة-قال حمّاد:

فقلت: و أيّ الأيّام هي؟

قال: أوّل خميس في الشهر، و أوّل أربعاء بعد العشر منه، و آخر خميس فيه، فقلت: و كيف صارت هذه الأيّام التي تصام؟ فقال: لأنّ من قبلنا من الامم كانوا إذا نزل على أحدهم العذاب نزل في هذه الأيّام، فصام رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله هذه الأيّام لأنّها الأيّام المخوفة. (4)

أقول:

«صيام ثلاثة أيّام» : بهذا المعنى أخبار كثيرة في بعضها: «ذلك صوم الدهر» و في ح 2: «أمّا الخميس فيوم تعرض فيه الأعمال، و أمّا الأربعاء فيوم خلقت فيه النار، و أمّا الصوم فجنّة» و في ح 6: «هذا جميع ما جرت به السنّة في الصوم»

ص:557


1- -الوسائل ج 10 ص 404 ح 31
2- الوسائل ج 10 ص 409 ب 3 ح 1
3- الوسائل ج 10 ص 412 ب 5 ح 2
4- الوسائل ج 10 ص 415 ب 7 ح 1

و في ذيله: «أفضل ما جرت به السنّة في التطوّع من الصوم» .

11-عن أبي بصير عن الصادق عن آبائه عليهم السّلام (في حديث) قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله يوما لأصحابه: أيّكم يصوم الدهر؟ فقال سلمان: أنا يا رسول اللّه، فقال رجل لسلمان: رأيتك في أكثر نهارك تأكل، فقال: ليس حيث تذهب، إنّي أصوم الثلاثة في الشهر قال اللّه عزّ و جلّ: مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها و أصل شعبان بشهر رمضان، فذلك صوم الدهر، و فيه أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله قال للرجل: أنّى لك بمثل لقمان الحكيم، سله فإنّه ينبّئك. (1)

12-عن الرضا عن آبائه عن عليّ عليهم السّلام قال: إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله خطبنا ذات يوم فقال: أيّها الناس، إنّه قد أقبل إليكم شهر اللّه بالبركة و الرحمة و المغفرة، شهر هو عند اللّه أفضل الشهور، و أيّامه أفضل الأيّام و لياليه أفضل الليالي، و ساعاته أفضل الساعات، هو شهر دعيتم فيه إلى ضيافة اللّه، و جعلتم فيه من أهل كرامة اللّه، أنفاسكم فيه تسبيح، و نومكم فيه عبادة، و عملكم فيه مقبول، و دعاؤكم فيه مستجاب، فاسألوا اللّه ربّكم بنيّات صادقة و قلوب طاهرة أن يوفّقكم لصيامه و تلاوة كتابه.

فإنّ الشقيّ من حرم غفران اللّه في هذا الشهر العظيم، و اذكروا بجوعكم و عطشكم فيه جوع يوم القيامة و عطشه، و تصدّقوا على فقرائكم و مساكينكم، و وقّروا كباركم، و ارحموا صغاركم، و صلوا أرحامكم، و احفظوا ألسنتكم، و غضّوا عمّا لا يحلّ النظر إليه أبصاركم، و عمّا لا يحلّ الاستماع إليه أسماعكم، و تحنّنوا على أيتام الناس يتحنّن على أيتامكم، و توبوا إلى اللّه من ذنوبكم، و ارفعوا إليه أيديكم بالدعاء في أوقات صلاتكم، فإنّها أفضل الساعات، ينظر اللّه عزّ و جلّ فيها بالرحمة إلى عباده، يجيبهم إذا ناجوه، و يلبّيهم إذا نادوه،

ص:558


1- -الوسائل ج 10 ص 421 ح 12

و يعطيهم إذا سألوه، و يستجيب لهم إذا دعوه.

أيّها الناس، إنّ أنفسكم مرهونة بأعمالكم ففكّوها باستغفاركم، و ظهوركم ثقيلة من أوزاركم فخفّفوا عنها بطول سجودكم، و اعلموا أنّ اللّه أقسم بعزّته أن لا يعذّب المصلّين و الساجدين، و أن لا يروّعهم بالنار يوم يقوم الناس لربّ العالمين.

أيّها الناس، من فطّر منكم صائما مؤمنا في هذا الشهر كان له بذلك عند اللّه عتق نسمة، و مغفرة لما مضى من ذنوبه، قيل: يا رسول اللّه، فليس كلّنا نقدر على ذلك، فقال صلّى اللّه عليه و اله: اتّقوا النار و لو بشقّ تمرة، اتّقوا النار و لو بشربة من ماء.

أيّها الناس، من حسّن منكم في هذا الشهر خلقه كان له جوازا على الصراط يوم تزلّ فيه الأقدام، و من خفّف في هذا الشهر عمّا ملكت يمينه خفّف اللّه عليه حسابه، و من كفّ فيه شرّه كفّ اللّه عنه غضبه يوم يلقاه، و من أكرم فيه يتيما أكرمه اللّه يوم يلقاه.

و من وصل فيه رحمه وصله اللّه برحمته يوم يلقاه، و من قطع فيه رحمه قطع اللّه عنه رحمته يوم يلقاه، و من تطوّع فيه بصلاة كتب اللّه له براءة من النار، و من أدّى فيه فرضا كان له ثواب من أدّى سبعين فريضة فيما سواه من الشهور، و من أكثر فيه من الصلاة عليّ ثقّل اللّه ميزانه يوم تخفّ الموازين، و من تلا فيه آية من القرآن كان له مثل أجر من ختم القرآن في غيره من الشهور.

أيّها الناس، إنّ أبواب الجنان في هذا الشهر مفتّحة فاسألوا ربّكم أن لا يغلقها عنكم، و أبواب النيران مغلقة فاسألوا ربّكم أن لا يفتحها عليكم، و الشياطين مغلولة فاسألوا ربّكم أن لا يسلّطها عليكم، قال أمير المؤمنين عليه السّلام: فقمت فقلت:

يا رسول اللّه، ما أفضل الأعمال في هذا الشهر؟ فقال: يا أبا الحسن، أفضل الأعمال

ص:559

في هذا الشهر الورع عن محارم اللّه. . . (1)

13-عن جابر أنّ أبا جعفر عليه السّلام قال له: يا جابر، من دخل عليه شهر رمضان فصام نهاره، و قام وردا من ليله، و حفظ فرجه و لسانه، و غضّ بصره، و كفّ أذاه خرج من الذنوب كيوم ولدته امّه، قال جابر: قلت له: جعلت فداك، ما أحسن هذا من حديث؟ ! قال: و ما أشدّ هذا من شرط؟ ! (2)

14-كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله إذا دخل شهر رمضان أطلق كلّ أسير و أعطى كلّ سائل. (3)

15-عن هشام بن الحكم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من لم يغفر له في شهر رمضان لم يغفر له إلى قابل إلاّ أن يشهد عرفة. (4)

16-عن محمّد بن مروان قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: إنّ للّه عزّ و جلّ في كلّ ليلة من شهر رمضان عتقاء و طلقاء من النار إلاّ من أفطر على مسكر، فإذا كان في آخر ليلة منه أعتق فيها مثل ما أعتق في جميعه. (5)

17-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: كان عليّ بن الحسين عليهما السّلام إذا كان شهر رمضان لم يتكلّم إلاّ بالدعاء و التسبيح و الاستغفار و التكبير، فإذا أفطر قال:

اللهمّ إن شئت أن تفعل فعلت. (6)

بيان:

«أن تفعل» في المرآة ج 16 ص 250: أي تغفر ذنوبي أو تقبل أعمالي أو تستجيب

ص:560


1- -الوسائل ج 10 ص 313 ب 18 من أحكام شهر رمضان ح 20
2- الوسائل ج 10 ص 303 ح 2
3- الوسائل ج 10 ص 305 ح 5
4- الوسائل ج 10 ص 305 ح 6
5- الوسائل ج 10 ص 306 ح 9
6- الوسائل ج 10 ص 309 ح 12

دعائي أو الجميع أي تفعل بي ما يناسب كرمك وسعة رحمتك.

18-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إذا سلم شهر رمضان سلمت السنة، قال:

و رأس السنة شهر رمضان. (1)

19-عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله إذا دخل العشر الأواخر شدّ المئزر، و اجتنب النساء، و أحيى الليل، و تفرّغ للعبادة. (2)

بيان:

في النهاية ج 1 ص 44: «كان إذا دخل العشر. . . و شدّ المئزر» المئزر: الإزار و كنّى بشدّه عن اعتزال النساء، و قيل: أراد تشميره للعبادة، يقال: شددت لهذا الأمر مئزري، أي تشمّرت له. (المرآة ج 16 ص 426)

20-عن عليّ بن موسى الرضا عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله:

إنّ شهر رمضان شهر عظيم، يضاعف اللّه فيه الحسنات و يمحو فيه السيّئات و يرفع فيه الدرجات، من تصدّق في هذا الشهر بصدقة غفر اللّه له، و من أحسن فيه إلى ما ملكت يمينه غفر اللّه له، و من حسّن فيه خلقه غفر اللّه له، و من كظم فيه غيظه غفر اللّه له، و من وصل فيه رحمه غفر اللّه له.

ثمّ قال عليه السّلام: إنّ شهركم هذا ليس كالشهور، إنّه إذا أقبل إليكم أقبل بالبركة و الرحمة و إذا أدبر عنكم أدبر بغفران الذنوب، هذا شهر الحسنات فيه مضاعفة، و أعمال الخير فيه مقبولة، من صلّى منكم في هذا الشهر للّه عزّ و جلّ ركعتين يتطوّع بهما غفر اللّه له، ثمّ قال عليه السّلام: إنّ الشقيّ حقّ الشقيّ من خرج عنه هذا الشهر و لم تغفر ذنوبه، فحينئذ يخسر حين يفوز المحسنون بجوائز الربّ الكريم. (3)

21-قال الرضا عليه السّلام: من تصدّق وقت إفطاره على مسكين برغيف غفر

ص:561


1- -الوسائل ج 10 ص 311 ح 15
2- الوسائل ج 10 ص 311 ح 17
3- الوسائل ج 10 ص 312 ح 19

اللّه له ذنبه، و كتب له ثواب عتق رقبة من ولد إسماعيل. (1)

22-عن عليّ بن جعفر عن أبيه عن جدّه عليهم السّلام عن جابر بن عبد اللّه قال:

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله: اعطيت امّتي في شهر رمضان خمسا لم تعطها امّة نبيّ قبلي:

إذا كان أوّل يوم منه نظر اللّه إليهم، فإذا نظر اللّه عزّ و جلّ إلى شيء لم يعذّبه بعدها، و خلوف أفواههم حين يمسون أطيب عند اللّه عزّ و جلّ من ريح المسك، تستغفر لهم الملائكة في كلّ يوم و ليلة منه، و يأمر اللّه عزّ و جلّ جنّته فيقول: تزيّني لعبادي المؤمنين فيوشك أن يستريحوا من نصب الدنيا و أذاها إلى جنّتي و كرامتي، فإذا كان آخر ليلة منه غفر اللّه عزّ و جلّ لهم جميعا. (2)

بيان:

«الخلوف» : أي رائحة الفم.

23-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام (في حديث) : رمضان شهر اللّه، استكثروا فيه من التهليل و التكبير و التحميد و التسبيح، و هو ربيع الفقراء، و إنّما جعل الأضحى ليشبع المساكين من اللحم، فأطعموا من فضل ما أنعم اللّه به عليكم على عيالاتكم و جيرانكم، و أحسنوا جوار نعم اللّه عليكم، و واصلوا إخوانكم، و أطعموا الفقراء و المساكين من إخوانكم، فإنّه من فطّر صائما فله مثل أجره من غير أن ينقص من أجره شيئا، و سمّي شهر رمضان شهر العتق، لأنّ للّه فيه كلّ يوم و ليلة ستّمأة عتيق، و في آخره مثل ما أعتق فيما مضى. (3)

24-عن يونس بن [حمّاد]قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: من أفطر يوما من شهر رمضان خرج روح الإيمان منه. (4)

ص:562


1- -الوسائل ج 10 ص 316 ح 26
2- الوسائل ج 10 ص 317 ح 27
3- الوسائل ج 10 ص 318 ح 29
4- الوسائل ج 10 ص 245 ب 1 ح 12

25-عن محمّد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إذا صمت فليصم سمعك و بصرك و (شعرك) و جلدك-و عدّد أشياء غير هذا-قال: و لا يكون يوم صومك كيوم فطرك. (1)

أقول:

يستفاد من الأخبار أنّ للصوم درجات و مراتب: الأولى، صوم العموم و هو الكفّ عن مبطلات الصوم مع النيّة، و هذا يفيد سقوط القضاء و الاستخلاص من العذاب.

و الثانية، صوم الخصوص و هو الكفّ المذكور مع كفّ البصر و السمع و اللسان و اليد و الرجل و سائر الجوارح عن المعاصي، و تترتّب عليه المثوبات و الدرجات للصوم و الصائم.

و الثالثة، صوم خاصّ الخاصّ و هو الكفّان المذكوران مع صوم القلب عن غير اللّه تعالى و عن أخلاق الرديّة، و ملخّص الكلام: الكفّ عمّا سواه بالكليّة، و الصوم عن غير اللّه تعالى و هذه درجة تنالها الأنبياء و الأوصياء و الأولياء المقرّبين و الصدّيقين و يترتّب عليها الوصول إلى المشاهدة و اللقاء و الفوز بما لا عين رأت و لا اذن سمعت.

و في الغرر (ج 2 ص 554 ف 64 ح 12) عن عليّ عليه السّلام قال: كيف يجد لذّة العبادة من لا يصوم عن الهوى.

26-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال: إنّ أفضل ما توسّل به المتوسّلون إلى اللّه . . . و صوم شهر رمضان فإنّه جنّة من العقاب. . . (2)

27-و قال عليه السّلام: . . . و لكلّ شيء زكاة، و زكاة البدن الصيام. . . (3)

ص:563


1- -الوسائل ج 10 ص 161 ب 11 من آداب الصائم ح 1
2- نهج البلاغة ص 338 في خ 109
3- نهج البلاغة ص 1152 في خ 131(البحار ج 78 ص 60 في ح 138 و ص 208 في ح 77)

28-و قال عليه السّلام: كم من صائم ليس له من صيامه إلاّ الجوع و الظماء، و كم من قائم ليس له من قيامه إلاّ السهر و العناء، حبّذا نوم الأكياس و إفطارهم. 1

29-و قال عليه السّلام: ليس الصوم الإمساك عن المأكل و المشرب، الصوم الإمساك عن كلّ ما يكرهه اللّه سبحانه. 2

30-في حديث المعراج عن اللّه تعالى. . . قال: يا ربّ، ما أوّل العبادة؟ قال: أوّل العبادة الصمت و الصوم، قال: يا ربّ، و ما ميراث الصوم؟ قال: الصوم يورث الحكمة و الحكمة تورث المعرفة، و المعرفة تورث اليقين، فإذا استيقن العبد لا يبالي كيف أصبح، بعسر أم بيسر. . . 3

يا أحمد، إنّ العبد إذا أجاع بطنه و حفظ لسانه علّمته الحكمة و إن كان كافرا تكون حكمته حجّة عليه و وبالا، و إن كان مؤمنا تكون حكمته له نورا و برهانا و شفاء و رحمة، فيعلم ما لم يكن يعلم، و يبصر ما لم يكن يبصر، فأوّل ما أبصره عيوب نفسه حتّى يشتغل عن عيوب غيره، و أبصّره دقائق العلم حتّى لا يدخل عليه الشيطان.

يا أحمد، ليس شيء من العبادة أحبّ إليّ من الصمت و الصوم، فمن صام و لم يحفظ لسانه كان كمن قام و لم يقرأ في صلاته فأعطيه أجر القيام و لم أعطه أجر العابدين. 4

31-عن ابن عبّاس عن النبيّ صلّى اللّه عليه و اله قال: قال اللّه تبارك و تعالى: كلّ عمل

ص:564

ابن آدم هو له غير الصيام هو لي و أنا أجزي به، و الصيام جنّة العبد المؤمن يوم القيامة كما يقي أحدكم سلاحه في الدنيا، و لخلوف فم الصائم أطيب عند اللّه عزّ و جلّ من ريح المسك، و الصائم يفرح بفرحتين: حين يفطر فيطعم و يشرب، و حين يلقاني فأدخله الجنّة. (1)

بيان:

«أجزي به» : يحتمل أن يكون مبنيّا على الفاعل، كما يحتمل أن يكون مبنيّا على المفعول، فالمعنى على الثاني: هو أنّ اللّه عزّ و جلّ نفسه جزاء الصائم يعنى لقاءه و رضوانه.

«هو لي» : في وجه اختصاص الصوم للّه قيل: لأنّ كلّ عبادة يعبد بها اللّه فيه تظاهر بالعمل العبادي و ليس يخفى أمره على الناس، إلاّ الصوم حيث لا تظاهر فيه، لأنّه الكفّ عن المفطرات مع النيّة، و الكفّ نفي العمل، و لا يمكن الاطّلاع عليه إلاّ من قبل نفس الصائم و إظهاره. فلذا فضّل اللّه الصوم على العبادات بأنّه لي و أنا أجزي به. و اجيب عنه بأنّ بعض العبادات مثل التهليل و أعمال القلب خفيّ.

و قيل: حيث إنّ الإنسان ذو بعدين روح و جسم، و الروح روح اللّه حيث يقول تعالى: وَ نَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي و هي مقيّدة في سجن البدن و فكاك رقبتها منوط بتقوية الروح و تضعيف النفس الحيوانيّة، و الصوم يتكفّل هذا المهمّ إذ يقوّي الروح بحيث يطلق يوسف الروح من القيود و من جبّ الطبيعة، و صارت حاكمة في مصر البدن، و حيث إنّ الروح هي روح اللّه فكأنّ اللّه صار عزيز مصر البدن، فإذا «الصوم لي» حيث إنّه يطلق الروح و يجعلها أميرا و «أنا أجزى به» أي أنا جزاؤه إذ الجزاء المترتّب على الصوم هو إطلاق الروح و عودها حاكمة و هي ليست إلاّ منه تعالى فكأنّه تعالى جزائه.

ص:565


1- -البحار ج 96 ص 249 باب فضل الصيام ح 14

32-قال أبو الحسن عليه السّلام: دعوة الصائم تستجاب عند إفطاره.

و قال عليه السّلام: إنّ لكلّ صائم دعوة.

. . . و قال عليه السّلام: إنّ للصائم عند إفطاره دعوة لا تردّ.

و قال النبيّ صلّى اللّه عليه و اله: صوموا تصحّوا. (1)

33-عن جرّاح المدائنيّ عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إذا أصبحت صائما فليصم سمعك و بصرك من الحرام، و جارحتك و جميع أعضائك من القبيح، ودع عنك الهذي و أذى الخادم، و ليكن عليك وقار الصائم، و الزم ما استطعت من الصمت و السكوت إلاّ عن ذكر اللّه، و لا تجعل يوم صومك كيوم فطرك، و إيّاك و المباشرة و القبل و القهقهة بالضحك، فإنّ اللّه يمقت ذلك.

و عنه عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ الصيام ليس من الطعام و الشراب وحده، إنّما للصوم شرط يحتاج أن يحفظ حتّى يتمّ الصوم، و هو صمت الداخل أما تسمع ما قالت مريم بنت عمران: إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمنِ صَوْماً فَلَنْ أُكَلِّمَ اَلْيَوْمَ إِنْسِيًّا يعني صمتا، فإذا صمتم فاحفظوا ألسنتكم عن الكذب، و غضّوا أبصاركم، و لا تنازعوا و لا تحاسدوا و لا تغتابوا و لا تماروا و لا تكذبوا و لا تباشروا و لا تخالفوا و لا تغاضبوا و لا تسابّوا و لا تشاتموا و لا تفاتروا و لا تجادلوا و لا تتأذّوا و لا تظلموا و لا تسافهوا و لا تضاجروا و لا تغفلوا عن ذكر اللّه و عن الصلاة.

و الزموا الصمت و السكوت و الحلم و الصبر و الصدق، و مجانبة أهل الشرّ، و اجتنبوا قول الزور و الكذب و الفري و الخصومة و ظنّ السوء و الغيبة و النميمة.

و كونوا مشرفين على الآخرة، منتظرين لأيّامكم، منتظرين لما وعدكم اللّه، متزوّدين للقاء اللّه، و عليكم السكينة و الوقار و الخشوع و الخضوع و ذلّ العبيد

ص:566


1- -البحار ج 96 ص 255 ح 33

الخيّف من مولاه خيّرين خائفين راجين مرعوبين مرهوبين راغبين راهبين، قد طهرت القلب من العيوب و تقدّست سرائركم من الخبث، و نظفت الجسم من القاذورات، و تبرّأت إلى اللّه من عداه، و واليت اللّه في صومك بالصمت من جميع الجهات، ممّا قد نهاك اللّه عنه في السرّ و العلانية، و خشيت اللّه حقّ خشيته في سرّك و علانيتك، و وهبت نفسك للّه في أيّام صومك و فرّغت قلبك له، و نصبت نفسك له فيما أمرك و دعاك إليه.

فإذا فعلت ذلك كلّه فأنت صائم للّه بحقيقة صومه، صانع له لما أمرك و كلّما نقصت منها شيئا فيما بيّنت لك، فقد نقص من صومك بمقدار ذلك.

و إنّ أبي عليه السّلام قال: سمع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله امرأة تسابّ جارية لها و هي صائمة، فدعا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله بطعام فقال لها: كلي! فقالت: أنا صائمة يا رسول اللّه، فقال:

كيف تكونين صائمة و قد سببت جاريتك؟ إنّ الصوم ليس من الطعام و الشراب و إنّما جعل اللّه ذلك حجابا عن سواهما من الفواحش من الفعل و القول يفطر الصائم، ما أقلّ الصوّام و أكثر الجوّاع! (1)

34-عن جعفر بن محمّد عليه السّلام أنّه كان يقول لبنيه إذا دخل شهر رمضان:

فاجهدوا أنفسكم فيه، فإنّ فيه تقسم الأرزاق، و توقّت الآجال و يكتب وفد اللّه الذين يفدون عليه، و فيه ليلة القدر التي العمل فيها خير من العمل في ألف شهر. (2)

بيان:

«وفد اللّه» : المراد وفد حجّ بيت اللّه.

أقول: سيأتي ما يناسب المقام في باب ليلة القدر.

ص:567


1- -البحار ج 96 ص 292 باب آداب الصائم ح 16( الوسائل ج 10 ص 165 ب 11 من آداب الصائم ح 12 و 13)
2- البحار ج 96 ص 341 باب وجوب صوم شهر رمضان ح 6(و ص 375 ح 63)

35-عن جابر الأنصاريّ قال: إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله رقي المنبر فقال: آمين إلى أن رقي الدرجة الأولى، ثمّ رقي الثانية فقال: آمين، ثمّ رقي الدرجة الثالثة فقال: آمين، فقالوا: يا رسول اللّه، قلت آمين ثلاث مرّات! فقال: جائني جبرئيل عليه السّلام فقال: شقي عبد ذكرت عنده فلم يصلّ عليك، فقلت: آمين، ثمّ قال: شقي عبد أدرك شهر رمضان فانسلخ عنه و لم يغفر له، فقلت: آمين، ثمّ قال: شقي عبد أدرك والديه أو أحدهما فلم يدخلا الجنّة (فلم يغفر له-فلم يدخل الجنّة ف ن) ، فقلت:

آمين. (1)

36-قال الصادق عليه السّلام: قال النبيّ صلّى اللّه عليه و اله: الصوم جنّة من آفات الدنيا و حجاب من عذاب الآخرة، فإذا صمت فانو بصومك كفّ النفس عن الشهوات و قطع الهمّة عن خطوات الشياطين، و أنزل نفسك منزلة المرضى لا تشتهي طعاما و لا شرابا، و توقّع في كلّ لحظة شفاك من مرض الذنوب و طهّر باطنك من كلّ كذب (كدر ف ن) و غفلة و ظلمة يقطعك عن معنى الإخلاص لوجه اللّه، قيل لبعضهم: إنّك ضعيف و إنّ الصيام يضعفك، قال: إنّي اعدّه بشرّ يوم طويل، و الصبر على طاعة اللّه تعالى أهون من الصبر على عذابه

و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله: قال اللّه تعالى: الصوم لي أنا أجزي به. و الصوم يميت مراد النفس و شهوة الطبع، و فيه صفاء القلب و طهارة الجوارح و عمارة الظاهر و الباطن، و الشكر على النعم و الإحسان إلى الفقراء، و زيادة التضرّع و الخشوع و البكاء و حبل (حبّ ف ن) الالتجاء إلى اللّه تعالى، و سبب انكسار الهمّة و تخفيف السيّئات و تضعيف الحسنات، و فيه من الفوائد ما لا يحصى [و لا يعدّ]و كفى بما ذكرناه منه لمن عقله و وفّق لاستعماله. (2)

ص:568


1- -فضائل الأشهر الثلاثة للصدوق رحمه اللّه ص 114 ح 108
2- مصباح الشريعة ص 15 ب 20

37-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

صيام أيّام البيض من كلّ شهر يرفع الدرجات و يعظّم المثوبات.

(الغرر ج 1 ص 458 ف 44 ح 62)

صيام القلب عن الفكر في الآثام أفضل من صيام البطن عن الطعام. (ح 63)

صوم النفس عن لذّات الدنيا أنفع الصيام. . (ح 64)

صوم الجسد الإمساك عن الأغذية بإرادة و اختيار، خوفا من العقاب، و رغبة في الثواب و الأجر. . . (ص 460 ح 78)

صوم النفس إمساك الحواسّ الخمس عن سائر المآثم، و خلوّ القلب من جميع أسباب الشرّ. . . (ح 79)

صوم القلب خير من صيام اللسان، و صوم اللسان خير من صيام البطن.

(ح 80)

أقول:

الأخبار في فضل الصوم و شهر رمضان كثيرة ذكرنا بعضها.

في بعضها: «لو يعلم العبد ما في رمضان لودّ أن يكون شهر رمضان تمام السنة» .

و في بعضها: «إذا دخل شهر رمضان غلّقت أبواب النار، و فتحت أبواب الجنان، و صفّدت الشياطين» .

و في بعضها: «من أدرك شهر رمضان فلم يغفر له فأبعده اللّه» .

و في بعضها: «إنّ الشقيّ من حرم غفران اللّه في هذا الشهر العظيم» .

و في بعضها: «إنّما سمّي رمضان لأنّه يرمض الذنوب» .

و في بعضها: «هو شهر أوّله رحمة، و أوسطه مغفرة، و آخره عتق من النار» إلى غير ذلك.

و لاحظ الصحيفة السجّاديّة الدعاء 44 و 45 في فضل شهر رمضان.

ص:569

و الحمد للّه أوّلا و آخرا و ظاهرا و باطنا و صلّى اللّه على سيّدنا محمّد و آله الطاهرين سيّما مولانا المهديّ عجّل اللّه تعالى فرجه الشريف.

اللهمّ عجّل فرجه و سهّل مخرجه و أيّده بالنصر و انصر ناصريه و ارزقنا رؤيته و أدركنا أيّامه.

ص:570

حرف الزاي

77-الزكوة 3

78-الزنا 13

79-الزواج

الفصل 1: فضله 19

الفصل 2: اختيار الزوج و الزوجة 25

الفصل 3: حقوق الزوج و الزوجة 35

80-الزهد 47

81-الزيارة

الفصل 1: فضل زيارة الحجج المعصومين عليهم السّلام 69

الفصل 2: آداب الزيارة و دخول المشاهد المشرّفة 80

الفصل 3: فضل زيارة الذرّيّة الطاهرة عليهم السّلام 88

الفصل 4: فضل زيارة المؤمنين و الإخوان 91

حرف السين

82-السؤال

الفصل 1: طلب الحوائج و السؤال عن العلم 95

الفصل 2: السؤال بالكفّ و كراهية ردّ السائل 101

83-التسبيح 107

ص:571

84-السجود 115

85-المسجد 123

86-السخاء و الجود 131

87-السفر

الفصل 1: فضله و آدابه 145

الفصل 2: آداب المسافر 150

88-المسكن 155

89-السلاطين و الامراء 163

90-التسليم

الفصل 1: التسليم لأمر اللّه تعالى 177

الفصل 2: التسليم للنبيّ و الأئمّة عليهم السّلام 182

91-التسليم و التحيّة 187

92-الافتتاح بالتسمية 195

93-الأسماء و الألقاب و الكنى 199

94-من سنّ سنّة 205

95-الأخذ بالسنّة 209

96-إكرام السادات 215

97-السواك 223

حرف الشين

98-الشباب و الشيب و العمر 227

99-التوقّف عند الشبهات و الاحتياط في الدين 239

ص:572

100-الشيطان 245

101-الشعر 275

102-الشفاعة

الفصل 1: آيات الشفاعة 281

الفصل 2: إثبات الشفاعة في الأخبار 287

الفصل 3: الشافعين 295

الفصل 4: فيمن تناله الشفاعة و من أذن اللّه له أن يشفع 301

الفصل 5: فيما تثبت الشفاعة من أخبار العامّة 308

الشفاعة في الدنيا 318

الفصل 6: شبهات حول الشفاعة 321

103-الشكر و الكفران 329

104-الشماتة 345

105-الاستشارة و المشورة 347

106-الشهرة و الإخفاء 357

107-الشهوات و الأهواء 365

108-الشيعة الفصل 1: فضائل الشيعة و الصفح عنهم 381

الفصل 2: صفات الشيعة 402

109-تشييع الجنازة 419

ص:573

حرف الصاد

110-الصبر 425

111-الصدق 445

112-الصدقة 453

113-الصداقة 465

114-المصافحة و المعانقة و الالتزام 479

115-الإصلاح بين الناس 485

116-الصلاة

الفصل 1: فضلها و آثارها 489

الفصل 2: صلاة الليل 510

117-الصلاة على النبيّ و آله عليهم السّلام 521

118-الصمت و حفظ اللسان 529

119-الصوفيّة 549

120-الصوم و شهر رمضان 553

ص:574

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.