ص: 2

ص: 3

ص: 4

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ

وهو الصبح. قال : وتأویل الصَّدْع فی الزُجاج : أن یَبین بعضُه من بعض. وأخبرنی المنذری عن الحَرّانیّ عن ابن السِکیت قال : الصَّدْع : الفَصْل. وأنشد لجریر :

هو الخلیفه فارضَوا ما قضاه لکم

بالحقّ یصدع ما فی قوله جَنَفُ

قال : یصدع : یفصل ویُنْفِذ. وقال ذو الرُمَّه :

فأصبحت أرمی کلَّ شَبْح وحائل

کأنی مُسَوٍّ قِسْمهَ الأرض صادع

یقول : أصبحت أرمی بعینی کل شَبْح _ وهو الشخص _ وحائل : کل شیء یتحرّک. یقول : لا یأخذنی فی عینی کسر ولا انثناء کأنی مُسوّ ، یقول : کأنی أرید قِسْمه هذه الأرض بین أقوام ، صادع : قاض ، یصدع : یَفْرُق بین الحقّ والباطل. وقال الفَرّاء : (فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ) [الحجر : 94] أی اصدع بالأمر ، أقام (ما) مقام المصدر. وقال ابن عَرَفه : (فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ) أی فرّق بین الحقّ والباطل ، من قوله جل وعزّ : (یَوْمَئِذٍ یَصَّدَّعُونَ) [الروم : 43] أی یتفرقون. وقال مجاهد : (بِما تُؤْمَرُ) أی بالقرآن. قلت : ویسمّی الصبح صَدِیعاً ، کما یسمّی فَلَقاً ؛ وقد انصدع وانفطر وانفلق وانفجر إذا انشقَّ. وقال اللیث : الصَّدْع : شَقّ فی شیء له صلابه. قال : وصدعْت الفلاه أی قطعتها فی وسط جَوْزها. وکذلک صَدَع النهرَ : شقَّه شَقّاً ، وصدع بالحقّ : تکلّم به جِهاراً. وقال الله تعالی : (وَالْأَرْضِ ذاتِ الصَّدْعِ) [الطارق : 12] قال الفرّاء : ذات الصدع : تتصدع بالنبات. وقال اللیث : الصَّدْع : نبات الأرض لأنه یصدع الأرض فتصدّع به. قال : والصَّدِیع : انصداع الصبح ، والصَّدِیع : رُقعهٌ جدیده فی ثوب خَلَق. وقال لَبِید :

دعی اللوم أو بِینی کشَقّ صَدِیع

قال بعضهم : هو الرِدَاء الذی شُقَ صِدْعتین ، یضرب مثلاً لکل فُرْقه لا اجتماع بعدها. والصِّدْعَه والصِّدِیع : قطعه من الظباء والغَنَم. وجَبَل صادع : ذاهب فی الأرض طُولاً. وکذلک سَبِیل صادع ووادٍ صادع. وهذا الطریق یَصْدَع فی أرض کذا وکذا. ویقال : رأیت بین القوم صَدَعات أی تفرّقاً فی الرأی والهَوَی ، یقال : أصلِحوا ما فیکم من الصَّدَعات أی اجتمِعوا ولا تتفرّقوا. وقال اللیث : الصُّدَاع : وَجَع الرأس ، وقد صُدِّع الرجل تصدیعاً. قال : ویجوز فی الشعر صُدِع فهو مصدوع بالتخفیف. وتصدّع القومُ : تفرّقوا. الحَرّانی عن ابن السکیت : الصَّدْع فی الزُجَاجه والحائط وغیرهما. والصَّدَع : الوَعِل بین الوَعِلین : لیس بالعظیم ولا بالشَّخْت. وکذلک هو من الظِباء. وأنشد :

یا رُبّ أبَّازٍ من العُفْر صَدَعْ

تقبَّض الذئبُ إلیه فاجتَمَعْ

وقال اللیث : الصَّدَع : الفَتِیّ من الأوعال. قال : ویقال : هو الرجل الشابّ المستقیم القناهِ. عمرو عن أبیه : الصَّدِیع : الثوب المشقَّق. والصدیع : الصبح. أبو العباس عن ابن الأعرابی فی قوله تعالی : (فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ) أی شُقّ جماعاتهم بالتوحید.

ص: 6

وقال غیره : أظهِر التوحید ولا تَخَفْ أحداً. وقال غیره : فرّق القول فیهم مجتمعین وفُرَادَی. قال ثعلب : وسمعت أعرابیاً کان یحضر مجلس ابن الأعرابیّ یقول : معنی (فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ) أی اقصد بما تؤمر. قال : والعرب تقول : اصدَع فلاناً أی اقصده لأنه کریم. أبو عُبَید عن أبی زید : الصِرْمه والقِصْله والحُدْره : ما بین العشره إلی الأربعین من الإبل ، فإذا بلغتْ سِتّین فهی الصِّدْعه. وقال ابن السِکّیت : رجل صَدَع وصَدْع وهو الضَرْب الخفیف اللحِم ، وأما الوَعِل فلا یقال فیه إلا صَدَع : وَعِل بین وَعِلین.

غُبار. فأمّا البطحاء الغلیظه والرقیقه والکَثِیب الغلیظ فلا یقع علیه اسم صعید وإن خالطه تراب أو صعید أو مَدَر یکون له غُبَار کأن الذی خالطه الصعیدَ. قال : ولا یَتیَمم بنُوره ولا کُحل ولا زِرْنیخ ، وکل هذا حجاره. وقال أبو إسحاق بن السرِیّ : الصعید : وجه الأرض. قال : وعلی الإنسان أن یضرب بیدیه وجه الأرض ، ولا یبالی أکان فی الموضع تراب أو لم یکن ؛ لأن الصعید لیس هو التراب ، إنما هو وجه الأرض ، تراباً کان أو غیره. قال : ولو أن أرضاً کانت کلها صخراً لا تراب علیه ثم ضرب المتیمِّمُ یده علی ذلک الصخر لکان ذلک طَهُوراً إذا مَسَح به وجهه. قال الله جلّ وعزّ : (فَتُصْبِحَ صَعِیداً زَلَقاً) [الکهف : 40] فأعلمک أن الصعید یکون زَلَقاً.

والصُّعُدات : الطُرُق ، وسمّی صَعیداً لأنه نهایه ما یُصْعَد إلیه من باطن الأرض لا أعلم بین أهل اللغه اختلافاً فیه أن الصعید وجه الأرض. قلت : وهذا الذی قاله أبو إسحاق أحسبه مذهب مالک ومن قال بقوله ولا أستیقنه. فأمَّا الشافعیّ والکوفیّون فالصعید عندهم التراب. وقال اللیث : یقال للحدیقه إذا خَرِبت وذهب شَجْراؤها : قد صارت صعیداً أی أرضاً مستویه لا شجر فیها. شَمِر عن ابن الأعرابیّ : الصعید : الأرضُ بعینها ، وجمعها صُعُدات وصِعْدان. وقال أبو عُبَید : الصُّعُدات : الطُرُق فی قوله : «إیاکم والقعود بالصُّعُدات». قال : وهی مأخوذه من الصَّعید وهو التراب ، وجمعه صُعُد ثم صُعُدات مثلُ طریق وطُرُق وطُرُقات قال : وقال غیره : الصعید : وجه الأرض البارزُ قلَّ أو کثر. تقول : علیک الصعیدَ أی اجلس علی وجه الأرض.

وقال جریر :

إذا تَیْم ثوتْ بصعید أرض

بکت من خُبْث لؤمهم الصعیدُ

وقال فی أخری :

والأطیبین من التراب صعیدا

سَلَمه عن الفرّاء ، قال : الصعید : التراب ، والصعید : الأرض ، والصعید : الطریق یکون واسعاً وضیّقاً ، والصعید : الموضع العریض الواسع. والصعید : القبر. وقال الله جلّ وعزّ : (سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً) [المدَّثِّر : 17] قال اللیث وغیره : الصَّعُود : ضِدّ الهَبُوط ، وهی بمنزله العَقَبه الکَئُود ، وجمعها الأصْعِده. ویقال : لأُرهِقَنَّک صَعُوداً أی لأُجشِّمنَّک مشقه من الأمر. وإنما اشتقوا ذلک لأن الارتفاع فی صَعود أشقّ من الانحدار فی هَبُوط. قال فی قوله : (سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً) یعنی مشقَّه من العذاب. ویقال : بَل جبل فی النار من جَمْره واحده یکلَّف الکافر ارتقاءه ویُضرب بالمَقَامع ، فکلّما وضَعَ علیه رجله ذابت إلی أسفل ورکه ، ثم تعود مکانها صحیحهً. قال : ومنه اشتُقّ تصعَّدنی ذلک الأمرُ أی شقَّ علیَّ. وقال أبو عُبَید فی قول عُمَر : ما تصعَّدتنی خُطْبه ، ما تصعَّدتنی خُطْبه النکاح : أی ما تکاءدتنی وما بَلَغت منّی وما جَهَدتنی. وأصله من الصَّعُود وهی العَقَبه

ص: 8

الشاقَّه. وقال اللیث : الصُّعُد شجر یذاب منه القار. وقال غیره : التصعید : الإذابه ، ومنه قیل : خَلّ مُصَعَّد وشراب مصعَّد إذا عولج بالنار حتی یَحُول عمَّا هو علیه ، لوناً وطعماً. أبو عبید عن الأصمعیّ : إذا وَلَدت الناقه لغیر تَمَام ولکنها خَدَجت لسته أشهر أو سبعه فعُطفت علی ولدِ عامِ أوَّلَ فهی صَعُود. وقال اللیث : الصَّعُود : الناقه یموت حُوارها فترجع إلی فَصِیلها فتدُرّ علیه ، وقال : هو أطیب لِلبنها. وأنشد :

لها لبن الخلیَّه والصَّعُود

قلت : والقول ما قاله الأصمعیّ ، سماع من العرب ، ولا تکون صَعُوداً حتی تکون خادِجاً. أبو عبید : الصَّعْده : الأَلَّه ، وهی نحو مِن الْحَرْبه أو أصغر منها. وقال النضر : الصَّعْده : القَنَاه. وقال اللیث : هی القناه المستویه تنبت کذلک لا تحتاج إلی التثقیف ، وکذلک من القَصَب ، وجمعها الصِّعَاد. وأنشد :

صَعْده نابته فی حائر

أینما الریحُ تُمَیِّلْها تمِلْ

وقال آخر :

خریر الریح فی قَصَب الصِّعَاد

قال : والصَّعْده من النساء : المستقیمه کأنها صَعْده قَناهٍ ، وجَوَارٍ صَعْدات ، خفیفه لأنه نعت. وثلاث صَعَدات لِلقنا مثقَّله لأنه اسم. وقال ابن شُمَیل : رُوی عن النبی صلی الله علیه وسلم أنه خرج علی صَعْده یتبعها حُذَاقِیّ. قال : الصَّعْده : الأتَان الطویله ، والْحُذَاقِیّ : الْجَحش. وقال الأصمعیّ : الصُّعَداء : هو التنفّس إلی فوق ، ممدود. وقولهم : صنع أو بلغ کذا وکذا فصاعداً أی فما فوق ذلک : وعُنُق صاعد أی طویل. ویقال : فلان یتبع صُعُداء معناه أنه یرفع رأسه ولا یطأطئه. وقال ابن شمیل : یقال للناقه : إنها لفی صعیده بازلَیها أی قد دنت ولَمَّا تَبْزُل ، وأنشد :

سَدِیس فی صَعِیده بازلَیها

عَبَنَّاه ولم تَسِق الْجَنِینا

زیاده من غیر خطّ المصنِّف :

والصُّعْدُد : الصُّعُود وهی المشَقَّه ، قال :

أغشیتَهم عَوْصاء فیها صُعْدُد

أُردِف فی آخره دال ، کما أُردف فی دُخلل الرجل أی دخیله وبِطانته. والصَّعُوداء : الثنِیَّه الصعبه. وقال ابن مقبل :

وحدَّثته أن السبیل ثنِیَّه

صعوداء یدعو کل کهل وأمردا

وفی نفسه وصدره صَعْداء أی ما یتصاعده ویتکاءده ، قال الهذلیّ :

وإن سیاده الأقوام فاعلم

لها صَعْداء مَطْلَعُها طویل

والصُّعَداء : الارتفاع. ومثاله من المصادر المُضَواء من المضیّ ، والمُطَواء من التمطّی ، والثُّوبَاء من التثاؤب ، والغُلَواء من الغلوّ ، قال ذو الرمّه :

قطعت بنهَّاض إلی صُعَدائه

إذا شمَّرت عن ساق خِمْس ذلاذلُه

والصَّعْد : الجبل الطویل ، قال :

ولقد سموتُ إلیک من جبل

دون السماء صَمَحْمَح صَعْدِ

ص: 9

والمَصْعَد : الْحَرّ المرتفع.

الیوم ، والعصر : اللیله. وأنشد :

ولا یلبث العصران یوم ولیله

إذَا طَلَبَا أنْ یُدْرِکا ما تیمَّما

وقال ابن السکیت فی باب ما جاء مثنَّی : اللیل والنهار یقال لهما : العَصْران. قال : ویقال : العَصْران : الغداه والعَشِیّ. وأنشد :

وأمطُلُه العَصْرین حتی یَمَلَّنی

ویرضی بنصف الدَّین والأنف راغِمٌ

وقال اللیث : العصر : الدهر ، ویقال له : العُصُر مثقَّل. قال : والعَصْران : اللیل والنهار. والعَصْر العَشِیّ. وأنشد :

تَرَوَّحْ بنا یا عمرو قد قَصُر العصر

قال : وبه سمّیت صلاه العصر. قال :والغداه والعَشِیّ یسمّیان العصرین. وأخبرنی المنذریّ عن أبی العباس قال : صلاه الوسطی : صلاه العصر. وذلک لأنها بین صلاتی النهار وصلاتی اللیل. قال : والعصر : الحَبْس ، وسُمِّیت عَصْراً لأنها تعصَر أی تُحْبَس عن الأولی. قال : والعَصْر : العطِیَّه. وأنشد :

یعصر فینا کالذی تعصر

أبو عبید عن الکسائیّ : جاء فلان عَصْراً أی بطیئاً. وقال الله جلّ وعزّ : (فِیهِ یُغاثُ النَّاسُ وَفِیهِ یَعْصِرُونَ) [یُوسُف : 49] قال أکثر المفسّرین : أی یَعْصِرون الأعناب والزیت. وقال أبو عبیده : هو من العَصَر _ وهو المَنجاه _ والعُصْره والمُعْتَصَر والمُعَصَّر. وقال لبید :

وما کان وقّافاً بدار مُعَصّر

وقال أبو زُبَید :

ولقد کان عُصْره المنجود

أی کان مَلْجأ المکروب. وقال اللیث : قریء : (وفیه تُعْصَرون) بضمّ التاء أی تُمطَرون. قال : ومن قرأ : (تَعْصِرون) فهو من عَصْر العِنب. قلت : ما علمت أحداً من القرّاء المشهَّرین قرأ : تُعصرون ، ولا أدری من أین جاء به اللیث. قال : ویقال : عصرت العِنَب وعصَّرته إذا ولِیت عَصْره بنفسک ، واعتصرت إذا عُصِر لک خاصَّه. والاعتصار : الالتجاء. وقال عَدِیّ بن زید :

لو بغیر الماء حَلْقی شَرِق

کنتُ کالغَصَّان بالماء اعتصاری

قال : والعُصَاره : ما تحلَّب من شیء تَعْصِره. وأنشد :

فإن العذَاری قد خلطن لِلِمَّتی

عُصَاره حِنّاء معاً وصَبِیب

وقال الراجز :

عُصَاره الجُزء الذی تحلّبا

ویروی تجلّبا ، من تجلّب الماشیه بقیه العُشْب وَتلزّجته : أی أکلته ، یعنی : بقیَّه الرُطْب فی أجواف حُمُر الوحش. قال : وکل شیء عُصر ماؤه فهو عَصِیر. وأنشد قول الراجز :

وصار باقی الجُزْء من عصیره

إلی سَرَار الأرض أو قُعوره

یعنی بالعصیر الجزء وما بقی من الرُّطْب فی بطون الأرض ویبس ما سواه.

وقال الله جلَّ وعزَّ : (وَأَنْزَلْنا مِنَ الْمُعْصِراتِ

ص: 11

ماءً ثَجَّاجاً) [النّبأ : 14] روی عن ابن عباس أنه قال : المُعْصِرات : هی الریاح. قال الأزهری : سمّیت الریاح مُعْصِرات إذا کانت ذواتِ أعاصِیر ، واحدها إعصار ، من قول الله جلّ وعزَّ : (إِعْصارٌ فِیهِ نارٌ) [البقره : 266]. والإعصار : هی الریح التی تَهُبُّ من الأرض کالعَمُود الساطع نحو السماء ، وهی التی یسمّیها بعض الناس الزّوْبَعه ، وهی ریح شدیده ، لا یقال لها إعصار حتی تَهُبّ کذلک بشده. ومنه قول العرب فی أمثالها :

إن کنتَ ریحاً فقد لاقیتَ إعصارا

یضرب مَثَلاً للرجل یَلْقَی قِرْنه فی النَجْده والبَسَاله. وقال ابن الأعرابیّ یقال : إعصار وعِصَار ، وهو أن تَهیج الریحُ الترابَ فترفعه. وقال أبو زید : الإعصار : الریح التی تَسْطَع فی السماء. وجمع الإعصار الأعاصیر ، وأنشد الأصمعیّ :

وبینما المرءُ فی الأحیاء مغتبِط

إذا هو الرَمْس تعفوه الأعاصیر

وروی عن أبی العالیه أنه قال فی قوله : (مِنَ الْمُعْصِراتِ) : [النبأ : 17] إنها السحاب. قلت : وهذا أشبه بما أراد الله جلَّ وعزَّ ؛ لأن الأعاصیر من الریاح لیست من ریاح المطر ، وقد ذکر الله أنه یُنزل منها (ماءً ثَجَّاجاً).

العصر : المطر ، قال ذو الرمه :

وتَبْسِم لَمْع البرق عن متوضّح

کلون الأقاحی شاف ألوانَها العَصْرُ

وقولُ النابغه :

تَنَاذرها الراقُون من سُوء سمّها

تراسلهم عصراً وعصراً تراجع

عصراً أی مرّه. والعُصَاره : الغَلَّه. ومنه یقرأ. وفیه تَعْصِرون [یوسف : 49] أی تستغلون. وعَصَر الزرع : صار فی أکمامه. والعَصْره شجره. وقال الفرّاء. السحابه المُعْصِر : التی تتحلّب بالمطر ولما تجتمع ، مثل الجاریه المعصر قد کادت تحیض ولما تحِضْ. وقال أبو إسحاق : المعصِرات : السحائب ، لأنها تُعْصِر الماء. وقیل مُعْصِرات کما یقال : أجزَّ الزرعُ إذا صار إلی أن یُجَزَّ ، وکذلک صار السحاب إلی أن یمطر فیعصر. وقال البَعِیث فی المعصرات فجعلها سحائب ذوات المطر فقال :

وذی أُشُر کالأُقحوان تشوفُه

ذِهابُ الصَّبَا والمُعْصِرات الدوالحُ

والدوالح من نعت السحاب لا من نعت الریاح ، وهی التی أثقلها الماء فهی تَدْلَحُ أی تمشی مشی المُثْقَل ، والذِهاب الأمطار. وقال بعضهم : المعصِرات ، الریاح. قال : و (مِنَ) فی قوله : (مِنَ الْمُعْصِراتِ) [النبأ : 14] قامت مقام الباء الزائده ، کأنه قال : وأنزلنا بالمعصرات ماء ثَجَّاجاً. قلت : والقول هو الأول. وأمَّا ما قاله الفرّاء فی المُعْصِر من الجواری : إنها التی دنت من الحیض ولمَّا تحِض فإن أهل اللغه خالفوه فی تفسیر المعصر ، فقال أبو عُبَید عن أصحابه : إذا أدرکت الجاریهُ فهی مُعْصِر ، وأنشد :

قد أعصرت أو قد دنا إعصارها

ص: 12

قال : وقال الکسائی : هی التی قد راهقت العشرین. وأخبرنی المنذریّ عن ثعلب عن ابن الأعرابیّ قال : المعصِر ساعه تَطْمُث أی تحیض ، لأنها تُحبس فی البیت یجعل لها عَصَراً. قال : وکل حِصن یتحصَّن به فهو عَصَر. وقال غیره : قیل لها معصر لانعصار دم حیضها ونزول ماء تَریبتها للجماع ، وروی أبو العبّاس عن عمرو بن عمرو عن أبیه یقال : أعصرت الجاریهُ وأشْهدت وتوضَّأت إذا أدرکت. وقال اللیث : یقال للجاریه إذا حرمت علیها الصلاه ورأت فی نفسها زیاده الشباب : قد أعصَرت فهی مُعْصِر : بلغت عُصْره شبابها وإدراکها. ویقال :

بلغت عَصْرها وعُصُورها. وأنشد :

وفنَّقها المراضع والعُصُور

وروی عن الشعبیّ أنه قال : یَعْتِصر الوالدُ علی ولده فی ماله. وَرَوی أبو قِلَابه عن عمر بن الخطاب أنه قضی أن الوالد یعتصر ولده فیما أعطاه ، ولیس للولد أن یعتصر من والده ، لفضل الوالد علی الولد. قال أبو عُبَید : قوله : یعتصر یقول : له أن یحبسه عنه ویمنعه إیّاه. قال : وکل شیء حَبَسته ومنعته فقد اعتصرته وقال ابن أحمر :

وإنما العَیش بربّانه

وأنت من أفنانه معتصِر

قال : وعصرت الشیء أعصِره من هذا.

وقال طَرَفه :

لو کان فی أملاکنا أحَد

یعصر فینا کالذی تعصِرْ

وقال أبو عُبَیْد فی موضع آخر : المعتصر الذی یصیب من الشیء : یأخذ منه ویحبسه. قال : ومنه قول الله : (فِیهِ یُغاثُ النَّاسُ وَفِیهِ یَعْصِرُونَ) [یوسف : 49]. وقال أبو عُبَیده فی قوله :

یعصر فینا کالذی تَعْصِرْ

أی یتّخذ فینا الأیادی. وقال غیره : أی یعطینا کالذی تعطینا. وقال شمر : قال ابن الأعرابیّ فی قوله : (یعتصر الرجل مال ولده) قال : یعتصر : یسترجع. وحکی فی کلام له : قوم یعتصرون العطاء ویُعبِرون النساء ، قال : یعتصرونه : یسترجعونه بثوابه. تقول : أخذت عصرته : أی ثوابه أو الشیء نَفْسه. وقوله : یُعْبِرون النساء أی یختِنونهنّ. قال : والعاصر والعَصُور : هو الذی یَعتصر ویعصر من مال ولده شیئاً بغیر إذنه. شمر عن العِتریفیّ قال : الاعتصار : أن یأخذ الرجل مال ولده لنفسه ، أو یبقّیه علی ولده. قال : ولا یقال : اعتصر فلان مال فلان إلّا أن یکون قریباً له. قال : ویقال للغلام أیضاً : اعتصر مال أبیه إذا أخذه قال : ویقال : فلان عاصر إذا کان ممسِکاً. یقال : هو عاصرٌ قلیل الخَیر قال شمر وقال غیره : الاعتصار علی وجهین. یقال : اعتصرت من فلان شیئاً إذا أصبته منه. والآخر أن تقول : أعطیت فلاناً عطیَّه فاعتصرتها أی رجعت فیها. وأنشد :

ندِمت علی شیء مضی فاعتصرته

ولِلنحْله الأولی أعفُّ وأکرم

فهذا ارتجاع. قال : وأما الذی یمنع فإنما

ص: 13

یقال له : قد تعصّر أی تعسّر ، یجعل مکان السین صاداً. ثعلب عن ابن الأعرابیّ یقال : ما عَصَرک وثَبَرک وغَصنَک وشَجَرک أی ما منعک. والعصَّار : المَلِک المَلْجأ. ویقال : ما بینهما عَصَر ولا یَصَر ولا أیصر ولا أعصر أی ما بینهما مودَّه ولا قرابه. وروی فی الحدیث أن النبی صلی الله علیه وسلم أمر بلالاً أن یؤذِّن قبل الفجر لیعتصر معتصرُهم أراد الذی یرید أن یضرب الغائط. وأخبرنی المنذریّ عن ثعلب عن ابن الأعرابی أنه أنشده :

أدرکت معتصری وأدرکنی

حلمی ویَسّر قائدی نعلی

قال ابن الأعرابی : معتصری : عُمُری وهَرَمی. وقال اللیث : یقال هؤلاء موالینا عُصْره أی دِنْیه دون مَن سواهم. قلت : ویقال : قُصْره بهذا المعنی. قال : والمِعْصَره : التی یُعصر فیها العنب. والمِعْصار : الذی یجعل فیه شیء ثم یعصر حتی یتحلَّب ماؤه.

وکان أبو سعید یروی بیت طَرَفه :

لو کان فی أملاکنا أحد

یعصر فینا کالذی یُعصرْ

أی یصاب منه وأنکر تعصر. قال : ویقال : أعطاهم شیئاً ثم اعتصره إذا رجع فیه. والعِصَار الحِین ، یقال : جاء فلان علی عِصَار من الدهر أی حِین. وقال أبو زید : یقال : نام فلان وما نام لعُصْر وما نام عُصْراً ، أی لم یکَدْ ینام. وجاء ولم یجیء لعُصْر أی لم یجیء حِین المجیء. وقال ابن أحمر :

یدعون جارهم وذِمَّته

عَلَها وما یدعون من عُصْر

أی یقولون : واذِمَّه جارنا ، ولا یَدْعون ذلک حین ینفعه. وقال الأصمعیّ : أراد : من عُصُر فخفَّف ، وهو الملجأ. ویقال : فلان کریم العَصیر أی کریم النسب. وقال الفرزدق :

تجرّد منها کلّ صهباء حُرَّه

لعَوْهجِ أو للداعریّ عصیرها

والعِصَار : الفُسَاء.

وقال الفرزدق أیضاً :

إذا تعشّی عَتیق التمر قام له

تحت الخَمِیل عِصار ذو أضامیم

وأصل العِصَار ما عصرتْ به الریح من التراب فی الهواء. والمعصور : اللسان الیابس عطشاً. قال الطِرِمَّاح :

یَبُلّ بمعصور جَنَاحَیْ ضئیلهٍ

أفاویق منها هَلَّه ونُقُوع

فی حدیث أبی هریره أن امرأه مرَّت متطیّبه لذیلها عَسرَه ، قال أبو عبید : أراد : الغبار أنه ثار من سَحْبها ، وهو الإعصار. قال : وتکون العَصَره من فَوْح الطیب وهَیْجه ، فشبَّهه بما تثیر الریح من الأعاصیر. أنشده الأصمعیّ :

[وبینما المرءُ فی الأحیاء مغْتَبِط

إذا هو الرَّمسُ تعفوه الأعاصیر] (1)

__________________

(1) زیاده من «غریب الحدیث».

ص: 14

قال الدینوریّ : إذا تبیَّنت أکمام السُنْبل قیل : قد عَصَّر الزَرْعُ ، مأخوذ من العَصَر وهو الحِرْز أی تحرَّز فی غُلْفه. وأوعیه السُنْبل أخْبِیته ولفائفه وأغْشیته وأکمته وقنابعه. وقد قنبعت السُنْبل. وهی ما دامت کذلک صمعاء ثم ینفقیء).

وقال اللیث : الرَّعْص بمنزله النَفْض ، تقول : ارتعصت الشجره وقد رعصتها الریحُ وأرعصتها ، لغتان. والثور یطعُن الکلب فیحتمله ویَرْعُصُه رَعْصاً إذا هزّه ونفضه. وروی البخاریّ فی «کتابه» لأبی زید : ارتعص السُوق إذا غلا. والذی رواه شمر لأبی عبید لأبی زید : ارتفص ، بالفاء. قال شمر : ولا أدری ما ارتفص. قلت : ارتفص السوق بالفاء إذا غلا صحیح ، کأنه مأخوذ من الرُّفْصه وهی النوبه. والذی رواه مؤلف «الحصائل» تصحیف وخطأ. ویقال : رَعَص علیه جلْدُه ، یرعَص وارتعص واعترص إذا اختلج ، وروی ابن مهدیّ عن أبی الزاهریَّه عن ابن شجره أن أبا ذَرّ خرج بفرس له فتمعّک ثم نهض ثم رَعَص فسکَّنه وقال : اسکن فقد أجیبت دعوتک ، قال القتیبیّ : قوله : رعص یرید أنه لمَّا قام من مراغه انتفض وأُرْعِد. یقال : رعص وارتعص.

وأخبرنی المنذریّ عن ثعلب عن ابن الأعرابی قال : هما صِرْعان وضِرْعان وحَتْنان ، وهذا صِرْع هذا وضِرْعه أی مِثله ، وأنشد ابن الأعرابیّ :

مثل البُرَام غداً فی أُصْدَه خَلَق

لم یَسْتَعِنْ وحوامی الموتِ تغشاه

فرَّجْت عنه بصَرْعَینا لأرمله

أو بائس جاء معناه کمعناه

قال یصف سائلاً شبَّهه بالبُرَام وهو القُرَاد : لم یستعِن یقول : لم یحلق عانته ، وحوامی الموت وحوائمه : أسبابه ، وقول : بصرعینا أراد بهما إبلاً مختلِفه المشی تجیء هذه وتذهب هذه لکثرتها ، هکذا رواه بفتح الصاد وقال : الأسنان مرتصِعه إذا التصقت وتقاربت ، والرصَع : قرب ما بین المنکبین ، رجل أرصع ، والرصَع : التقارب والتضایق ، ورَصِعت عیناه : التزقتا. ورصِع فلان بفلان فهو راصع به أی لازم ، ورَصَع فلان بمکان رصُوعاً ورصِع بإستْه الأرض رَصْعاً : ألْزقها بها ورصائع القوس : سُیورها التی تُحسَّن بها القوس ، قال :

صفراء کالقوس لها رصائعُ

معطوفهٌ بالغَ فیها الصانع

والمراصیع : النحل أی صغار الولد وقال الأصمعیّ : فلان یأتینا الصِّرْعَین أی غُدوه وعشیه. وقال ابن السکیت : الصَّرْعان : الغَداه والعشیّ ، وأنشد لذی الرمّه :

کأننی نازع یَثْنیه عن وطن

صَرْعان رائحهً عَقْل وتقییدُ

أراد عقلٌ عشیَّهً وتقیید غُدوه ، فاکتفی بذکر أحدهما. ویقال للأمر : صَرْعان أی طرَفان. اللیث وغیره : الصَّرْع : الطَّرْح بالأرض للإنسان ، تقول : صرعه صَرْعاً ، والمصارعه والصِّراع : معالجتهما أیّهما یصرع صاحبه. ورجل صِرِّیع إذا کان ذلک صَنعته وحاله التی یُعرف بها. ورجل صَرَّاع إذا کان شدید الصراع وإن لم یکن معروفاً. رجل صَرُوع للأقران : أی کثیر الصَّرْع لهم. والصَّرَعه : هم القوم الذین یَصْرَعون من صارعوا. قلت : یقال : رجل صُرْعه وقوم صُرَعه والمِصراعان من الشِّعْر : ما کان له قافیتان فی بیت واحد ، ومن الأبواب : ما له بابان منصوبان ینضمَّان جمیعاً ، مَدْخلهما بینهما فی وسط المصراعین. ومصارع القَتْلَی : حیث قُتِلوا. وأمّا قول لَبید :

منها مصارع غابه وقیامها

فإن المصارع جمع مصروع من القَصَب. یقول : منها مصروع ، ومنها قائم ، والقیاس مصاریع. وبیت من الشِّعر مُصَرّع : له مصراعان. وکذلک باب مصرَّع. وفی الحدیث : «الصُّرَعه _ بتحریک الراء _ الرجل الحلیم عند الغضب». وقال أبو مالک : یقال : إن فلاناً لیفعل ذاک علی کل صِرْعه أی یفعل ذاک علی کلّ حال. عمرو عن أبیه قال : الصَّرِیع : المجنون ، والصَّرِیع : القضیب یَسقط من شجر البَشَام ، وجمعه صِرْعان.

ثعلب عن ابن الأعرابی یقال : هذا صِرْعه وصَرْعه وضِرعه وضَرعه وطِبْعه وطَلعه

ص: 17

وطِباعه وطبیعه وشَنّه وقِرْنه وقَرْنه وشِلوه وشُلَّته أی مِثله. وقال ابن السکیت : یقال : طلبت من فلان حاجه فانصرفت وما أدری علی أی صِرْعَیْ أمرِهِ أنصرِف أی لم یبیّن لی أمره. وأنشد :

فرُحت وما وَدَّعت لیلی وما دَرَت

علی أیّ صِرْعَیْ أمرِها أتروّح

والصریع من القِداح : ما صُنع من الشجر ینبت علی وجه الأرض ، وقال ابن مقبل :

وأزجر فیها قبل نمّ صحائها

صریع القِدَاح والمَنِیح المخیَّرا

وإنما خیَّره لأنه فائز مبارک. ویقال : الصریع : العُود یجِفّ فی شجره ، یتَّخذ منه قِدْح ، وهو أجود ما یکون ، قال :

صریع دَرِیر مسّه مس بیضه

إذا سنحت أیدی المفیضِین یبرح

أی یُخرج فیدُرّ علی صاحبه باللحم. والصَّرْعانِ : حَلْبتا الغداهِ والعشیّ ؛ قال عنتره :

ومنجوبٍ له منهن صَرْع

یمیل إذا عدلْتَ به الشِوارا

المنجوب : السِّقاء المدبوغ بالنَّجَب. ومنهن یعنی : من الإبل ، أی لهذا السِّقاء من هذه الإبل صَرْع کلّ یوم ، والصرع الآخر لأولادها ، وأخبر أن هذا الصرع یملأ السِّقَاء حتی یمیل بکل ما یُعدَل به إذا حُمِل ، والشِّوار : متاع الراعی وغیره. وقوله :

ألا لیت جَیْش العَیْر لاقی سَرِیَّه

ثلاثین منّا صَرْع ذاتِ الحقائل

صرع ذات الحقائل أی حِذَاء ذات الحقائل وناحیتها ، وهی وادٍ.

اللِبأ قبل الإفصاح. وقال غیره : الاصعرار : السیْرُ الشدید ، یقال اصعرَّت الإبل اصعراراً ، وقَرَب مُصْعَرّ. وأنشد أبو عمرو :

وقد قَرَبن قَرَباً مُصْعَرّا

إذا الهِدَان حار واسبکرَّا

وقال أبو عُبَید : الصَّیْعریه : سِمَه فی عُنُق البعیر. والصَّیْعریَّه أیضاً : اعتراض فی السَّیْر. ویقال للصمغه المستدیره :صُعْروره.

ثعلب عن ابن الأعرابی قال : الصَّعَر والصَّعَل : صِغر الرأس ، والصَّعَر : التکبّر ، والصعَر : أکْل الصعاریر وهو الصَّمْغ.

وقال : اصعرَّت الإبل واصعنفرت وتمشْمَشَتْ وامذقرَّت إذا تفرَّقت.

ثعلب عن ابن الأعرابی : الصعاریر : صمغ جامد یشبه الأصابع. قال : والصَّعاریر : الأباخس الطوال وهی الأصابع واحدها أبخس. والأصعر : المعرض بوجهه کبْراً. وفی الحدیث : «کل صعَّار ملعون» أی کل ذی کِبْر وأبَّهه. یقال : أصاب البعیرَ صَعَر وصَیَد أی أصابه داء یلوی عنقه. ویقال للمتکبّر : فیه صَعَر وصَیَد.

ورُبَّ خیرٍ فی الرجال العُصْلِ

ویقال للسهم الذی یلتوی إذا رُمی به : مُعَصِّل. والعَصَل : الالتواء فی کل شیء.

عمرو عن أبیه : یقال : هو المِحْجَن والصَوْلجان والمِعْصِیل والمِعْصال ، والصاع والمیجار والصولجان. والمعْقف ثعلب عن ابن الأعرابی ، قال : المِعْصَل : المتشدّد علی غَرِیمه ، والعاصل : السهم الصُّلْب والعَصْلاء : المرأه الیابسه ، قال :

لیست بعصلاء تَذْمِی الکلبَ نکهَتُها

ولا بِعَنْدله یَصْطَکُّ ثَدْیاها

والعَصْلَی : الموضع الذی ینبت فیه العَصَل أی القُلَّام. قال العبَّاس بن مِرْداس :

عفا مُنْهَل من أهله فمُتالِع

فَعصلَی أرِیکٍ قد خلت فالمصانع

منهل : ماء ببلاد بنی سُلَیم.

أبو عمرو : عصَّل الرجل تعصیلاً إذا أبطأ. وأنشد :

یَألِبُها حُمْرانُ أیَّ ألْب

وعَصَّل العَمْریُ عَصْلَ الکلْب

والألْب : السوق الشدید. یقال : ألَب الإبلَ یألِبُها إذا طردها. والعاصل : السهم الصُّلْب.

العریض من الصخر ، والواحده صُلَّاعه. ثعلب عن ابن الأعرابیّ : صَلَّع الرجل إذا أعذر وهو التصلیع. وقال اللیث : التصلیع : السُلَاح. قال : واللأُصیلع من الحیّات : العریض العُنُق کأن رأسه بُنْدقه مُدحرَجه. واللأُصیلع : الذکر یکنی عنه. والصلَع : ذهاب شعر الرأس من مقدَّمه إلی مؤخَّره ، وکذلک إن ذهب وسطه. تقول : صَلِع صَلَعاً. والصلَعه : موضع الصلَعِ من الرأس ، وکذلک النزَعه والکَشَفه والجَلَحه ، جاءت مثقَّلات کلها. والعُرْفُطه إذا سقطت رؤوسُ أغصانها وأکلتها الإبل قیل : قد صَلعت صَلَعاً. وقال الشمَّاخ یصف الإبل :

إن تُمس فی عُرْفُط صُلْعٍ جماجمُهُ

من الأسالق عاری الشوک مجرود

ثعلب عن ابن الأعرابیّ : الصَّوْلَع : السِنَان المجلوّ. وفی الحدیث : أن معاویه قدِم المدینه فدخل علی عائشه ، فذکرت له شیئاً فقال : إن ذلک لا یصلح ، قالت : الذی لا یصلح ادّعاؤک زیاداً ، قال : فقال : شهِدت الشهودُ. فقالت : شهدت الشهود ولکن رکِبَتِ الصُّلَیْعاءَ. معنی قولها : رکبت الصلیعاء أی شهدوا بزُور قال المعتمر ، قال أبی : الصلیعاء : الفخِر. والصلعاء فی کلام العرب : الداهیه والأمر الشدید. وقال مزرِّد أخو الشماخ :

تأوُّهَ شیخ قاعد وعجوزِه

حریَّین بالصلعاء أو بالأساود

قال أبو زید : یقال : تصلَّعت السماءُ تصلُّعاً إذا انقطع غیمها وانجردت. والسماء جرداء إذا لم یکن فیها غَیْم. وصِلَاع الشمس : حرّها. ویوم أصلع : شدید الحرّ ، قال :

یا قِرده خشیت علی أظفارها

حَرَّ الظَهِیره تحت یوم أصلع

والصلعاء : الأرض الخالیه ، قال :

تری الضیف بالصلعاء تَغْسِق عینه

من الجوع حتی یُحْسَب الضیف أرمدا

والصَّلِیع : الأملس. وقال عمرو بن معد یکرب :

وسَوْقُ کتیبه دَلَفت لأخری

کأنّ زُهاءها رأس صَلیع

یعنی : رأساً أصلع أملس. وفی حدیث عمر فی صفه التَّمْر قال : وتُحترش به الضِباب من الصلعاء ، یرید الصحراء التی لا تنبت شیئاً ، مثل الرأس الأصلع ، وهی الحصَّاء مثل الرأس الأحصّ.

ألف وهو الصغیر الرأس ، ولذلک یقال للظلیم : صَعْل. قال اللیث : وأما قول العَجّاج :

ودَقَلٌ أجرد شَوْذَبیٌ

صَعْل من الساج ورُبَّانیُ

فإنه أراد بالصَّعْل ههنا الطویل. أبو عمرو : الصَّعْله من النخل : فیها اعوجاج ، وأنشد :

ما لم تکن صعله صعباً مراقیها

ثعلب عن ابن الأعرابی : الصاعل : النعام الخفیف.

قال شمر : الصَّعْل من الرجال : الصغیر الرأس الطویل العُنق الدقیقُهما. قال : وتکون الصَّعْله الخِفَّه فی البدن والدقَّه والنحول. قال الشاعر یصف عَیْراً :

نفی عنها المصیف وصار صَعْلا

یقول : خفَّ جسمُه وضمُر.

وقال آخر :

جاریه لاقت غلاماً عَزَبا

أزلَ صَعْلَ النَسَوین أرقبا

قال أبو نصر : الأصعل : الصغیر الرأس.

وقال غیره : الصعَل : الدقّه فی العُنق والبدن کله. ویقال للنخله إذا دقَّت : صَعْله.

جدّاً ، وقلَّما یُرْوَی شِعره لصعوبته. قلت : وقرأت فی «نوادر الأعراب» : فلان من نُصْرتی وناصرتی ونائصتی وناعِصتی وهی ناصرته. والنواعص : اسم موضع. وقال ابن درید : النَّعْص : التمایل ، وبه سمِّی ناعِصه. قلت : ولم یصح لی من باب (نعص) شیء أعتمِده من جهه من یُرجَع إلی علمه وروایته عن العرب.

أبو عُبَیده فی الشیات : أصفر ناصع ، قال : هو الأصفر السَرَاهِ تعلو متنَه جُدَّه غَبْساء. وقال أبو تراب : قال الأصمعیّ : یقال : شرِب حتی نَصَع وحتی نَقَع ، وذلک إذا شَفَی غلیله. قال أبو نصر : المعروف : بضع.

صَنَع. إذا أُفردت فهی مفتوحه متحرّکه. قال : ویقال : رجل صِنْع الیدین ، مکسور الصاد إذا أضیفت. وأنشد :

صِنْعُ الیدین بحیثُ یکوی الأصْیَدُ

وأنشد غیره :

أنبل عَدْوانَ کُلِّها صَنَعا

والصَّنِیعه : ما أعطیته وأسدیته من معروف أو ید إلی إنسان تصنعه به ، وجمعها صنائع ، قال الشاعر :

إن الصنیعه لا تکون صنیعه

حتی یصابَ بها طریقُ المَصْنَع

وقول الله عزوجل (وَاصْطَنَعْتُکَ لِنَفْسِی) [طه : 41] أی ربَّیتک لخاصَّه أمری الذی أردته فی فرعون وجنوده. وحدّثنا الحسین عن أبی بکر بن أبی شَیْبه عن یحیی بن سعید القطَّان عن محمد بن یحیی عن أبیه عن أبی سعید الخُدْریّ قال : قال رسول الله صلی الله علیه وسلم : «لا توقدوا بلیل ناراً» ؛ ثم قال : «أوقدوا واصطنعوا فإنه لن یدرک قوم بعدکم مُدَّکم ولا صاعَکم». قوله : اصطنعوا أی اتّخذوا طعاماً تنفقونه فی سبیل الله.

عمرو عن أبیه : الصَنِیع : الثوب الجیّد النقیّ. وقال ابن الأعرابی : أصْنع الرجلُ إذا أعان آخر. قال : وکل ما صُنِع فیه فهو صِنْع مثل السُّفْره. ویکون الصِنْع الشِّوَاء. وقال اللیث : الصَّنَّاعه : خشبه تُتّخذ فی الماء لیحبس بها الماء وتُمسکه حیناً. ورُوِی عن النبی صلی الله علیه وسلم أنه قال : «إذا لم تَسْتَح فاصنع ما شئت» رواه جَرِیر بن عبد الحمید عن منصور عن رِبْعیّ بن حِرَاش عن أبی مسعود الأنصاریّ عن النبی صلی الله علیه وسلم. قال أبو عبید : قال جریر : معناه : أن یرید الرجل أن یعمل الخیر فیدعَه حیاءً من الناس ، کأنه یخاف مذهب الریَاء. یقول : فلا یمنعْک الحیاءُ من المضیّ لِمَا أردت. قال أبو عبید : والذی ذهب إلیه جریر معنی صحیح فی مذهبه ، ولکن الحدیث لا یدلّ سیاقه ولا لفظه علی هذا التفسیر. قال أبو عبید : ووجهه عندی أنه أراد بقوله : «إذا لم تستح فاصنع ما شئت» إنما هو : من لم یستح صَنَع ما شاء ، علی جهه الذمّ لترک الحیاء ، ولم یرد بقوله : فاصنع ما شئت أن یأمره بذلک أمراً ، ولکنّه أمْر معناه الخبر ؛ کقوله علیه السلام : «من کذب علیّ متعمِّداً فلیتبوّأ مَقْعَده من النار» ، لیس وجهه أنه أمره بذلک ، إنما معناه : مَن کذب علیّ تبوَّأ مقعده من النار. والذی یراد من الحدیث أنه حَثَّ علی الحیاء وأمرَ به وعاب ترکه. وقال إبراهیم بن عَرَفه : سمعت أبا العباس أحمد بن یحیی یقول فی قوله : إذا لم تستح فاصنع ما شئت قال : هذا علی الوعید ، فاصنع ما شئت فإن الله یجازیک. وأنشد :

إذا لم تخش عاقبه اللیالی

ولم تستَحْیِ فاصنع ما تشاء

وهو کقول الله تعالی : (فَمَنْ شاءَ فَلْیُؤْمِنْ وَمَنْ شاءَ فَلْیَکْفُرْ) [الکهف : 29].

الأصناع : الأسواق ، جمع صِنْع. وقال ابن مقبل یصف فرساً :

بتُرْس أعجم لم تُنْجَر مسامره

مما تَخَیَّرُ فی أصناعها الروم

لم تُنجز مسامره أی لم تشدّ فیه المسامیر.

ص: 25

والصِنْع : السَفُّود ، قال مَرّار یصف إبلاً :

وجاءت ورکبانها کالشُروب

وسائقها مثل صِنْع الشواء

أی هذه الإبل ورکبانها یتمایلون من النُّعَاس ، وسائقها _ یعنی نفسه _ اسودّ من السَّمُوم. ویقال : فلان صَنِیع فلان وصنیعته إذا ربّاه وأدّبه حتی خرّجه.

إذا جاء یومٌ مظلم الشمس کاسفُ

یرید : کاسف الشمس فحذفه لأنه قدَّم ذکره. وأخبرنی المنذریّ عن الحرَّانی عن ابن السکیت قال : یقال : عَصَفت الریحُ وأعصفت فهی ریح عاصف ومُعْصفه إذا اشتدَّت. وقال اللیث : وجمع العاصف عواصف. قال : والمُعْصِفات : الریاح التی تُثیر التراب والورق وعَصْفَ الزرع. قال : والعُصافه : ما سقط من السُنْبل ، مثل التبن ونحوه. أبو عبید عن أبی عبیده قال : الإعصاف : الإهلاک ، وأنشد للأعشی :

فی فیلق شهباء ملمومه

تُعْصِف بالدارع والحاسر

أی تُهلکهما. وقال اللیث : تُعصف بهما أی تَذهب بهما. قال : والنعامه العَصُوف : السریعه : والعَصْف : السرعه ، وأنشد :

ومن کل مِسْحاج إذا ابتلَّ لِیتُها

تحلَّب منها ثائب متعصّف

یعنی العَرَق. أبو عُبَید عن أبی عمرو قال : العَصُوف : السریعه من الإبل. وقال اللحیانیّ : أعصفت الناقهُ إذا أسرعت ، فهی مُعْصِفه. وقال النضر : إعصاف الإبل : استدارتها حول البئر حرصاً علی الماء وهی تطحن التراب حوله وتثیره. وقال المفضّل : إذا رمی الرجل غَرَضاً فصاب نَبْلُه قیل له : إن سهمک لعاصف. قال : وکل ماء عاصف. وقال کثیّر :

فمرّت بلیل وهی شدفاء عاصف

بمنخرَق الدوَداه مَرَّ الخَفَیْدَدِ

وقال اللحیانی : هو یَعْصِف ویعتصف ویصرف ویصطرف ، أی یکسِب ویطلب ویحتال. وقال ابن الأعرابی ، فیما رَوَی عنه أبو العباس : العَصْفانِ : التِبْنانِ ، قال : والعُصُوف : الأتبان والعَصْف : السنْبُل ، وجمعه عُصوف. والعُصُوف : الریاح. والعُصُوف : الکَدّ. والعصوف الخُمُور.

والمعقاص _ بالقاف _ شرّ منها. العفْص : العَصْر والهَصْر. وعَفَصَت الدابّه : ثَنَت عُنقها. ما زلت أطالِبه بحقّی حتی عفص به واعتفصته منه أی أخذته منه. وعَفَصها : جامعها.

یوم بدر علی فرس أنثی وقد عصم بثنّیتیه الغبارُ» ، فإن لم یکن غلطاً من المحدِّث فهی لغه فی عَصَب ، والباء والمیم یتعاقبان فی حروف کثیره ، لقرب مخرجیهما ، یقال ضَرْبَهُ لازبٍ ولازم ، وسبّد رأسه وسمَّده. وأخبرنی المنذریّ عن أبی العباس عن ابن الأعرابی قال : رجل معصَّب أی فقیر قد عصَّبه الجهد ، وهو من قوله جل وعز : (یَوْمٌ عَصِیبٌ) [هُود : 77].

وقال بعضهم : (یَوْمٌ عَصِیبٌ) أی شدید مأخوذ من قولک : عَصَبَ القومَ أمرٌ یعصِبهم عَصْباً إذا ضمَّهم واشتد علیهم. وقال ابن أحمر :

یا قومِ ما قومی علی نأیهم

إذ عَصَب الناس شَمَال وقرّ

وقوله : ما قومی علی نأیهم تعجّب من کرمهم ، وقال : نِعم القوم هم فی المجاعه إذ عصب الناس شَمال أی أطاف بهم وشملِهم بَرْدَها. ویقال للرجل الجائع یشتدّ علیه سَخْفه الجُوع فیعصِّب بطنه بحجر : مُعَصَّب. ومنه قوله :

ففی هذا فنحن لُیُوث حرب

وفی هذا غیوث مُعَصَّبینَا

وقال الأصمعیّ : العَصْب : غَیْم أحمر یکون فی الأفُق الغربیّ یظهر فی سِنِی الجَدْب. وقال الفرزدق :

إذا العَصْب أمسی فی السماء کأنه

سَدَی أُرْجوان واستقلَّت عَبُورها

أبو عُبید عن أبی عُبَیده : المعصَّب : الذی عصَّبته السِنُون أی أکلت ماله. وقال الله جل وعز : (وَنَحْنُ عُصْبَهٌ إِنَّ أَبانا لَفِی ضَلالٍ مُبِینٍ)

[یوسف : 8]. قال أبو عبید : قال أبو زید : العُصْبه من العَشَره إلی الأربعین. وقال الأخفش : العُصْبه والعِصابه : جماعه لیس لها واحد. وذکر ابن المظفّر فی کتابه حدیثاً : إنه یکون فی آخر الزمان رجل یقال له : أمیر العُصَب ، فوجدت تصدیقه فی حدیث حدّثنا به محمد بن إسحاق عن الرمادیّ عن عبد الرزاق عن معمر عن أیوب عن ابن سیرین عن عُقْبه بن أوس عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه قال : وجدت فی بعض الکتب یوم الیرموک : أبو بکر الصدیق أصبتم اسمه. عمر الفاروق قَرْن من حدید أصبتم اسمه. عثمان ذو النورین کِفلَیْن من الرحمه لأنه یُقتل مظلوماً ، أصبتم اسمه. قال : ثم یکون مَلِک الأرض المقدَّسه وابنه. قال عُقبه : قلت لعبد الله سمّهما. قال : معاویه وابنه. ثم یکون سفَّاح ، ثم یکون منصور ، ثم یکون جابر ، ثم مهدیّ ، ثم یکون الأمین ، ثم یکون سین وسلام یعنی صلاحاً وعافیه ، ثم یکون أمیر العُصَب ، سته منهم من ولد کعب بن لؤیّ ورجل من قحطان کلهم صالح لا یُرَی مثله. قال أیوب : فکان ابن سیرین إذا حَدَّث بهذا الحدیث قال : یکون علی الناس ملوک بأعمالهم.

قلت : وهذا حدیث عجیب وإسناده صحیح والله أعلم بالغیوب.

والعَصْب من برود الیمن ، معروف. وقال اللیث : سمّی عَصْباً لأن غَزْله یُعصَب ، ثم یُصبغ ثم یحاک ، ولیس من برود الرقْم.

ص: 29

ولا یجمع ، یقال : بُرْد عَصْب وبرود عَصْب لأنه مضاف إلی الفعل. وربما اکتفَوا بأن یقال : علیه العَصْب لأن البُرْد عُرِف بذلک الاسم. أبو عبید عن أبی عمرو : العصَّاب : الغزّال. وقال رؤبه :

طیّ القَسَامیّ بُرودَ العَصَّاب

قال : والقَسَامیّ : الذی یَطْوی الثیاب فی أول طَیّها حتی تُکسّر علی طیّها. قلت : وقول أبی عمرو یحقّق ما قاله اللیث من عَصْب الغَزْل وصَبْغه. وروی عن الحجّاج بن یوسف أنه خطب الناس بالکوفه فقال : لأَعْصِبَنَّکم عَصْب السَّلَمه.

قلت : والسَّلَمه شجره من الغَضَی ذات شوک ، وورقها القَرَظ الذی یُدبغ به الأَدَم ، ویعسُر خَرْط ورقها لکثره شوکها. ویَعْصِب الخابط أغصانها بحَبْل ثم یَهْصِرها إلیه ویخبِطها بعصاه فیتناثر ورقها للماشیه ولمن أراد جمعه. وعَصْبُها : جمع أغصانها بحبل تُمدّ به وتُشَدّ شدّاً شدیداً. وأصل العَصْب اللَیّ ، ومنه عَصْب التَیْس وهو أن یُشدّ خُصْیاه شدّاً شدیداً حتی تَنْدُرَا من غیر أن تنتزعا نزعاً ، أو تُسَلّا سلًّا. یقال : عَصبْتُ التیس أعصِبه فهو معصوب. قال ذلک أبو زید فیما رَوی عنه أبو عبید. ومن أمثال العرب : فلان لا تُعْصَب سَلَماته یضرب مثلاً للرجل العزیز الشدید الذی لا یُقهر ولا یُستذَلّ. ومنه قول الشاعر :

ولا سَلَماتی فی بَجِیله تُعْصَبُ

أبو عبید عن الأصمعیّ : العَصُوب : التی لا تَدِرّ حتی یُعْصَب فخذاها بحبل ، وذلک الحبل یقال له : العِصَاب. وقد عصبها الحالب عَصْباً وعِصَاباً. وقال الشاعر :

فإن صَعُبَتْ علیکم فاعصِبوها

عِصَاباً تَستدرّ به شدیدا

وقال أبو زید : العَصُوب : الناقه التی لا تَدِرّ حتی یُعْصَب أدانی مَنْخِرَیها بخَیط ثم تُثَوَّر ولا تُحلّ حتی تُحلب. وأما عَصَبه الرجل فهم أولیاؤه الذُکور من ورثته ، سُمُّوا عَصَبه لأنهم عَصَبوا بنسبه أی استکَفُّوا به ، فالأب طَرَف والابن طَرَف والعَمّ جانب والأخ جانب ، والعرب تسمّی قرابات الرجل أطرافه ، ولمّا أحاطت به هذه القرابات وعَصَبتْ بنسبه سُمّوا عَصَبه. وکل شیء استدار بشیء فقد عَصَب به. والعمائم یقال لها : العصائب ، واحدتها عِصَابه ، من هذا. وأمَّا العَصَبه فلم أسمع لهم بواحد. والقیاس أن یکون عاصباً ؛ مثل طالب وطَلَبه وظالم وظلَمه. ویقال أیضاً : عَصَبت الإبلُ بِعَطَنها إذا استکفَّت به ؛ قال أبو النجم :

إذ عَصَبت بالعَطَن المغربَل

یعنی المدقَّق ترابُه. ویقال : عَصَب الرجلُ بیتَه أی أقام فی بیته لا یبرحه ، لازماً له.

ویقال : عَصَب القَیْن صَدْع الزجاجه بضبَّه من فضَّه إذا لأمها بها محیطه به. والضبَّه عِصَابه للصَّدْع. والعَصَبیَّه : أن یدعو الرجل إلی نُصْره عَصَبته والتألُّب معهم علی من یناوئهم ، ظالمین کانوا أو مظلومین. وقد تعصَّبوا علیهم إذا تجمّعوا. واعصوصب القومُ إذا اجتمعوا. فإذا تجمّعوا علی فریق آخرین قیل : تعصَّبوا.

ص: 30

وقرأت بخطّ شمر أن الزبیر بن العوّام لمّا أقبل نحو البصره سئل عن وجهه فقال :

عَلِقتهم إنی خلِقتُ عُصْبَهْ

قَتَادهً تعلَّقت بنُشبَهْ

قال شمر : وبلغنی أن بعض العرب قال :

غلبتهم إنی خُلِقتُ نُشْبَهْ

قتاده ملوِیَّه بعُصْبَهْ

قال : والعُصْبه نبات یتلوّی علی الشجر ، وهو اللَّبْلاب. والنُشْبه من الرجال : الذی إذا عبِث بشیء لم یکد یفارقه. وأنشد لکثیّر :

بادیَ الربع والمعارف منها

غیر رَبْع کعُصْبه الأغیال

وروی غیره عن ابن الأعرابی عن أبی الجرّاح أنه قال : العُصْبه : هَنَه تُلَفّ علی القَتَاده لا تُنزع عنها إلّا بعد جَهد ، وأنشد :

تلبَّس حُبُّها بدمی ولحمی

تلبُّسَ عُصْبه بفروع ضَالِ

ویقال للرجل إذا کان شدید أسْرِ الخَلْق غیر مسترخِی اللحم : إنه لمعصوب ما حُفْضِج. وقال ابن السکیت : العَصَب عَصَب الإنسان والدابَّه ، قال : وحکی لی الکلابیّ : ذاک رجل من عَصَب القوم أی من خیارهم ، ونحوَ ذلک قال ابن الأعرابی. وقال أبو العباس عنه : العَصُوب المرأه الرسحاء ، وروی أبو نصر عن الأصمعی والأثرمُ عن أبی عبیده أنهما قالا : هی العَصُوب والرسحاء والمَسْحاء والرصعاء والمصواء والمزلاق والمزلاج والمِنْداص. وقال اللیث : العَصَب : أطناب المفاصل التی تلائم بینها وتشدُّها ولیس بالعَقَب. ولحم عَصِب : صُلْب شدید. ویقال للرجل الذی سوّده قومه : قد عصَّبوه فهو معصَّب ؛ وقد تعصّب.

ومنه قول المخبَّل فی الزبْرِقان :

رأیتک هربَّتِ العِمَامه بعدما

أراک زماناً حاسراً لما تُعَصَّبِ

وهذا مأخوذ من العِصَابه وهی العِمَامه وکانت التیجان للملوک ، والعمائم الحمر للساده من العرب. ورجل معصَّب ومعمَّم : أی مسوَّد. وقال عمرو بن کُلْثوم :

وسید معشر قد عصَّبوه

بتاج المُلْک یَحْمی المُحْجَرینا

فجعل الملِک معصَّباً أیضاً لأن التاج أحاط برأسه کالعِصابه التی عَصَبت برأس لابسها. والعِصابه تقع علی الجماعه من الناس والطیر والخیل. ومنه قول النابغه :

عصائب طیر تهتدی بعصائب

ویقال : اعتصب التاجُ علی رأسه إذا استکَفَّ به. ومنه قول قیس ذی الرُّقیات :

یعتصب التاجُ فوق مَفْرِقه

علی جبین کأنه الذهب

وکلّ ما عُصِب به کَسْر أو قرح من خرقه أو خَبِیبه فهو عِصاب له. ویقال لأمعاء الشاء إذا طُوِیت وجمعت ثم جُعلت فی حَوِیَّه من حوایا بطنها : عُصُب واحِدُها عَصِیب.

والعصائب : الریاح التی تعصب الشجر

ص: 31

فتدرج فیه ؛ قال الأخطل :

مطاعیم تعذُو بالعَبِیط جِفانُهم

إذا القُرّ ألوت بالعِصَاه عصائبُهُ

وعَصِبت الفِصالُ الإبلَ : تقدَّمتها. والمعصوب : الکتاب المطویّ. وقال :

أتانی عن أبی هَرِم وعید

ومعصوبٌ تخُبّ به الرِّکابُ

البَعْص : نحافه البدن ودِقَّته. قال : أصله دُوده یقال لها : البُعْصُوصه. قال : وسَبٌّ للجواری : یا بُعْصُوصه کُفّی ، ویا وجه الکُبَع : سمک بحری وَحِشُ المَرآه. وقال اللیث : البُعصوصه : دوَیْبَّه صغیره لها بریق من بیاضها. ویقال للصبیَّه یا بُعصوصه لصغر جُثَّتها وضعفها. أبو عبید عن الأصمعیّ یقال للحیَّه إذا ضُرِبت فلوَتْ ذَنَبها : هی تَبعْصَصُ أی تتلوَّی. وقال ابن الأعرابی أیضاً : یقال للجُویریه الضاویَّه : البُعصوصه والعِنْفِص والبطیّطه الحطِّیطه.

رفعاً بدلاً من (لا عاصِمَ). قال أبو العباس : وهذا خَلْف من الکلام ، لا یکون الفاعل فی تأویل المفعول إلا شاذّاً فی کلامهم ، والمرحوم معصوم والأول عاصم. و (مِنَ) نَصْب باستثناء المنقطع. وهذا الذی قاله الأخفش یجوز فی الشذوذ الذی لا ینقاس. وقال الزجَّاج فی قوله تعالی : (قالَ سَآوِی إِلی جَبَلٍ یَعْصِمُنِی مِنَ الْماءِ) [هود : 43] أی یمنعنی من الماء. والمعنی : من تغریق الماء. قال : (لا عاصِمَ الْیَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ) هذا استثناء لیس من الأول وموضع (مِنَ) نَصْب ، المعنی : لکن من رحم اللهُ فإنه معصوم. قال : وقالوا : یجوز أن یکون عاصم فی معنی معصوم ، ویکون معنی (لا عاصِمَ) : لا ذا عصمه ، وتکون (مِنَ) فی موضع رفع ، ویکون المعنی : لا معصوم إلا المرحوم. قلت : والحُذَّاق من النحویین اتّفقوا علی أن قوله : (لا عاصِمَ) بمعنی لا مانع ، وأنه فاعل لا مفعول ، وأن (مَنْ) نصب علی الانقطاع. والعِصْمه فی کلام العرب : المَنْع. وعِصْمه الله عبدَه : أن یعصمه ممَّا یُوبِقه. واعتصم فلان بالله إذا امتنع به. واستعصم إذا امتنع وأبی ، قال الله تعالی حکایه عن امرأه العزیز فی أمر یوسف حین راودته عن نفسه : فَاسْتَعْصَمَ [یوسف : 32] أی تأبّی علیها ولم یجبها إلی ما طَلَبت. قلت : والعرب تقول : أعصمت بمعنی اعتصمت.

ومنه قول أوْس بن حَجَر :

فأشرط فیها نفسه وهو مُعْصِم

وألقی بأسبابٍ له وتوکّلا

أی وهو معتصم بالحبل الذی دَلّاه. ویقال للراکب إذا تقحَّم به بَعیرٌ صَعْب فامتسَک بواسط رَحْله أو بقَرَبوس سَرْجه لئلا یُصرَع : قد أعْصَم فهو مُعْصِم. وقال الراجز :

أقول والناقهُ بی تَقَحَّمُ

وأنا منها مُکْلئزّ مُعْصِم

وروی أبو عُبید عن أبی عمرو : أعصم الرجل بصاحبه إعصاماً إذا لزِمه ، وکذلک أخلد به إخلاداً.

وقال ابن المظفر : أعصم إذا لجأ إلی الشیء وأعصم به. وقول الله : (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ) [آل عمران : 103] أی تمسَّکوا بعهد الله. وکذلک قوله : (وَمَنْ یَعْتَصِمْ بِاللهِ) [آل عمران : 101] أی من یتمسَّک بحبله وعهده. وروی عن النبی صلی الله علیه وسلم أنه ذکر النساء المختالات المتبرِّجات فقال : «لا یدخل الجنَّه منهن إلّا مِثْلُ الغراب الأعصم». قال أبو عبید : الغراب الأعصم : هو الأبیض الیدین. ومنه قیل للوُعُول : عُصْم ، والأنثی منهنّ عَصْماء والذکر أعصم ، لبیاض فی أیدیها. قال : وهذا الوصف فی الغربان عزیز لا یکاد یوجد ، وإنما أرجلها حُمْر. قال : وأمَّا هذا الأبیض الظهرِ والبطن فهو الأبقع ، وذلک کثیر ، قال : فیری أن معنی الحدیث : أن من یدخل الجنَّه من النساء قلیل کقِلَّه الغِربان العُصْم عند الغِربان السُود والبُقْع. قلت : وقد ذکر ابن قتیبه

ص: 34

هذا الحدیث فیما رَدَّ علی أبی عُبَید ، وقال : اضطرب قولُ أبی عبید ، لأنه زعم أن الأعصم هو الأبیض الیدین ، ثم قال : وهذا الوصف فی الغِربان عزیز لا یکاد یوجد وإنما أرجلها حمر ، فذکر مرّه الیدین ومرّه الأرجل. قلت : وقد جاء الحرف مفسَّراً فی خبر أظنّ إسناده صالحاً ، حدّثنَا محمد بن إسحاق قال : حدثنا الرمادیّ حدَّثنا الأسود ابن عامر حدّثنا حمَّاد بن سَلَمه عن أبی جعفر الخَطْمِیّ عن عُمَاره بن خُزیمه قال : بینا نحن مع عمرو بن العاص فعدل وعدلنا معه حتی دخلنا شِعْباً ، فإذا نحن بِغربان وفیها غراب أعصم أحمر المنقار والرجلین ، فقال عمرو : قال رسول الله صلی الله علیه وسلم : «لا یدخل الجنَّه من النساء إلَّا قَدْرُ هذا الغراب فی هؤلاء الغربان قلت فقد بان فی هذا الحدیث أن معنی قول النبی صلی الله علیه وسلم : «إلّا مثل الغراب الأعصم» أنه أراد الأحمر الرجلین لقلّته فی الغربان ، لأن أکثر الغربان السُود والبُقْع. ورُوی عن ابن شمیل أنه قال : الغراب الأعصم : الأبیض الجناحین. والصواب ما جاء فی الحدیث المفسَّر. والعرب تجعل البیاض حمره فیقولون للمرأه البیضاء اللون : حمراء ، ولذلک قیل للأعاجم : حُمْر لغلبه البیاض علی ألوانهم. وأمَّا الأعصم من الظباء والوُعُول فهو الذی فی ذراعیه بیاض ، قاله الأصمعیّ وغیره. وأمَّا العُصْمه فی الخیل فإن أبا عُبیده قال : إذا کان البیاض بیدیه دون رجلیه فهو أعصم ، فإذا کان بإحدی یدیه دون الأخری قیل : أعصم الیمنی أو الیُسری. وقال ابن شُمَیْل : الأعصم : الذی یصیب البیاضُ إحدی یدیه فوق الرُسْغ. وقال الأصمعیّ : إذا ابیضَّت الید فهو أعصم. وقال ابن المظفَّر : العُصْمه : بیاض فی الرُّسْغ. قال : والأعصم : الوَعِل ، وعُصْمته : بیاض شِبْه زَمَعه الشاه فی رجل الوَعِل فی موضع الزَّمَعه من الشاء. قال : ویقال للغراب : إذا کان ذلک منه أبیض ، وقلَّما وجد فی الغربان کذلک. قلت : وهو الذی قاله اللیث فی نعت الوَعِل أنه شِبْه الزَمَعه تکون فی الشاء مُحال ، إنما عُصْمه الأوعال بیاض فی أذرعها لا فی أوظفتها ، والزَمَعه إنما تکون فی الأوظفه. والذی یغیّره اللیث من تفسیر الحروف أکثر مما یغیّره من صُوَرها ، فکن علی حذَر من تفسیره ؛ کما تکون علی حَذَر من تصحیفه. وقال اللیث : أعصام الکلاب : عَذَباتها التی فی أعناقها ، الواحده عَصَمه ، ویقال : عِصَام ، قال لبید :

خُضْعا دواجنَ قافلاً أعصامُها

وقال أبو عبید : العِصَام : رِبَاط القِرْبه. قال : وقال الکسائی : أعصمْتُ القربه إذا شددتها بالوِکَاء. قلت : والمحفوظ من العرب فی عُصُم المَزَاد أنها الحِبَال التی تُنْشَب فی خُرَب الروایا وتُشدّ بها إذا عُکِمت علی ظهر البعیر ، ثم یُرَوَّی علیها بالرِّوَاء ، والواحد عِصَام. فأمَّا الوِکاء فهو الشَرِیط الدقیق أو السَیْر الوثیق یُوکَی به فمُ القِرْبه والمَزَاده. وهذا کلّه صحیح لا ارتیاب فیه. وقال اللیث : عِصام الدَلْو :

ص: 35

کلّ حَبْل یعصَم به شیء فهو عِصامه. قال : والعُصُم : طرائق طَرَف المزاده عند الکُلْیه ، والواحد عِصام. قلت : وهذا من أغالیط اللیث وغُدَده. وقال اللیث : العِصام : مُسْتدَقّ طرف الذَنَب والجمیع الأَعْصِمه. ووجدت لابن شُمَیل قال : الذَنَب بهُلْبه وعَسِیبه یسمی العِصَام بالصاد. قلت : وقد قال اللیث فیما تقدَّم من باب العین والضاد : العضام : عَسِیب البعیر وهو ذَنَبه العَظْم لا الهُلْب. قال : والعدد القلیل أعضمه والجمیع العُضُم. قلت : وقال غیره : فیها لغتان بالضاد والصاد ، والله أعلم. وأما مِعْصما المرأه فهما موضعا السوَارین من ساعدیها. ومنه قول الأعشی :

فأرتْک کفّاً فی الخِضَا

ب ومِعْصَماً مِلْءَ الجِباره

ویقال : هذا طعام یَعْصِم أی یمنع من الجوع. وروی أبو عبید عن أبی عمرو الشیبانی قال : العَصِیم : بقیَّه کل شیء وأثره ، من القِطران والخِضاب ونحوه. وأنشد الأصمعیّ :

یصفرّ للیُبْس اصفرار الوَرْسِ

من عَرَق النَضْح عَصِیمُ الدَرْس

قال : وسمعتُ امرأه من العرب تقول لأخری : أعطینی عُصُم حِنّائک. تعنی ما بقی منه بعد ما اختضَبَت به. وقال ابن المظفر : العَصیم : الصَدَأ من العَرَق والهِنَاء والدرَز والوسخ والبول إذا یبس علی فخذ الناقه حتی یبقی کالطریق خُثُوره. وأنشد :

وأضحی عن مواسمهم قتیلاً

بلَبَّته سرائحُ کالعَصِیم

وقال أبو عُبید : قال الأصمعی : العُصْم : أثر کل شیء من وَرْس أو زعفران ونحوه. وقال اللیث : عِصَاما المِحْمَل : شِکاله وقَیْده الذی یُشَدّ فی طَرَف العارضین فی أعلاهما. قلت : عِصَاما المحمل کعِصَامی المزادتین. ثعلب عن ابن الأعرابی قال : العَیْصُوم من النساء : الکثیره الأکل الطویله النوم المُدَمدِمه إذا انتبهَت. وقال أبو عمرو : رجل عَیْصوم وعَیْصام إذا کان أکولاً. وأنشد ابن الأعرابی :

أُرجدَ رأسُ شَیْخَهٍ عیصوم

وروی بعضهم عن المؤرّج أنه قال : العِصَام : الکُحْل فی بعض اللغات ، وقد اعتصمت الجاریهُ إذا اکتحلتْ. قلت : ولا أعرف روایته عن المؤرّج. فإن صحَّت الروایه عنه فهو ثِقَه مأمون. والعَصِیم : شعر أسود ینبت تحت الوَبَر. والمُعْصَم : الجِلْد الذی یجِفُّ بشعره ولم یُعطن لأنه أُعسم أی أُلزم شعره. یقال : أعصمْنا الإهابَ وإهاب عَصِیم وأُهُب عُصُم ، وذلک من أجود الأساقی. ودفَعته إلیه بعُصْمته أی برُمَّته. والعَنْز تسمَّی مِعْصَماً لبیاض فی کُرَاع یدها.

قال أحمد بن یحیی : العرب تسمی الخُبْز عاصماً وجابراً وأنشد :

فلا تلومینی ولومی جابرا

فجابر کلَّفنی الهواجرا

ویسمّونه عامراً. وأنشد :

ص: 36

أبو مالک یعتادنی فی الظهائرِ

یجیء فیُلقِی رحله عند عامر

أبو مالک : الجوع ... وفی الحدیث أن جبریل علیه السلام جاء علی فرس أنثی یوم بَدْر وقد عَصَم بثنِیَّته الغُبارُ. قال القُتَیْبِی : صوابه : عَصَب أی یبِس الغبار علیها. وقال غیره : یقال : عَصَب الریق بفیه وعَصَم ، والباء والمیم یتعاقبان فی کثیر من الحروف.

فرمَی فأنفذ من نَحُوصٍ عائط

سهماً فخرّ وریشُه متصمّع

أی مجتمِع من الدم. ورَوَی أبو حمزه عن ابن عبّاس أنه سئل عن الصمعاء یجوز أن یضحّی بها ، فقال : لا بأس. قلت : والصمعاء : الشاه اللطیفه الأُذُنِ التی لَصِق أذناها بالرأس. وروی أبو العباس عن ابن الأعرابی قال : الصَّمع : الصغیر الأُذُن الملیحها وهو الْحَدید الفؤادِ أیضاً. والصَّوْمعه من البناء سُمّیت صومعه لتلطیف أعلاها. وصَمّع الثَرِیده إذا رفع رأسها وحَدّده. وکذلک صَعْنبها. وتسمّی الثریده إذا سوِّیت کذلک صَوْمعه. وأمَّا قول أبی النجم فی صفه الظلِیم :

إذا لوی الأحدعَ من صَمْعائه

صاح به عشرون من رِعائه

قالوا : أراد بصمعائه : سالِفته وموضعَ الأُذُن منه. سمّیت صمعاء لأنه لا أُذُن للظلیم. وإذا لزِقت الأُذُن بالرأس فصاحبها أصمع.

ویقال : عنْز صمعاء وتَیْس أصمع إذا کانا صغیری الأذُن. وفی حدیث علیّ علیه السلام «کأنی برجل أصمع أصعل حَمِش الساقین». قال أبو عُبید : الأصمع : الصغیر الأذن. رجل أصمع وامرأه صمعاء ، وکذلک غیر الناس. وفی حدیث ابن عباس أنه کان لا یری بأساً أن یضحّی بالصمعاء یعنی : الصغیره الأذنین. قال : وقلب أصمع إذا کان ذکِیًّا فطِناً. ویقال : عَزمَه صمعاء : أی ماضیه. وصمَّع فلان علی رأیه إذا صمم علیه. وظَبْی مُصمَّع : مؤلَّل القرنین. ورُوی عن المؤرّج أنه قال : الأصمع : الذی یترقَّی أشرف موضع یکون. قال : والأصمع : السیف القاطع. قال : ویقال : صَمِع فلان فی کلامه إذا أخطأ ، وصَمِع إذا رکب رأسه فمضی غیر مکترِث له ، والأصمع : السادر. قلت : وکلّ ما جاء عن المؤرّج فهو ممَّا لا یعرَّج علیه إلّا أن تصحّ الروایه عنه. ابن السکیت : الأصمعان : القلب الذکیّ والرأی العازم. صَمَعه بالسیف والعصا صَمْعاً : ضربه. وصَمَعْت القوم : حبسْتهم بالکلام. وقول ابن الرقاع :

ولها مُنَاخ قلَّما برکت به

ومصمَّعات من بِنات مِعَائها

عنی بالمصمَّعات بَعَرات دقیقات ملتزِقات.

والصوامع : البرانس جمع البُرْنُس. وقال بِشْر :

تمشَّی به الثِیران تَتْرَی کأنها

دهاقینُ أنباطٍ علیها الصوامعُ

ویروی : تَرْدِی. والصمعاء : الداهیه ؛ قال الباهلی :

وتعرف فی عنوانها بعض لحنها

وفی جوفها صمعاء تُبْلی النواصیا

وحَطَأت به وزَکَبَتْ به.

أبو عبید عن الفرّاء : یقال : مَصَع فی الأرض وامتصع إذا ذهب فیها. ومنه یقال : مَصَع لَبَنُ الناقه إذا ذهب ، وأمصع القومُ إذا ذهبت ألبانُ إبلهم. وقال غیره : مَصَع الحوضُ إذا نشِف ماؤه ، ومصع ماءُ الحوض إذا نَشِفه الحوضُ. وقال الراجز :

أصبح حوضاک لمن یراهما

مُسَمَّلین ماصعاً قِراهما

أبو عبید عن أبی عمرو : الماصع : البَرّاق ، ویقال : المتغیّر. وأنشد لابن مقبل :

فأفرغن من ماصع لونُه

علی قُلُص ینتهِبن السِّجَالا

وقال شمر : ماصع یرید : ناصع ، صیَّر النون میماً. قلت : وقد قال ابن مقبل فی شعر له آخر فجعل الماصع کدراً ، فقال :

عَبَّتْ بمشفرها وفضل زمامها

فی فضله من ماصع متکدِّر

وقال أبو عبیده : ومَصَعَت الناقهُ هُزَالاً. قال : وکلّ مُوَلٍ ماصع. وقال ابن الأعرابی : یقال : هو أحمر کالمُصْعَه وهی ثمره العَوْسَج ، حکاه ابن السکیت عنه ، والجمیع المُصع. وقال اللیث : المُصَع : ثمر العوسج یکون أحمر حُلْواً یؤکل. ومنه ضرب أسود لا یؤکل ، وهو أردأ العوسج وأخبثُه شوکاً. قال : والمَصْع : التحریک ، والدابه تَمْصَع بذَنَبها ، وأنشد لرؤبه :

یمصَعْن بالأذناب من لُوح وبَقّ

قال : والمَصْع : الضرب بالسیف ، ورجل مَصِع. وأنشد :

رُبَ هَیْضَل مَصِعٍ لَفَفْتُ بهیضل

قال : والمماصعه : المجالده بالسیوف. وأنشد للقطامی :

تراهم یغمزون من استرکوا

ویجتنبون من صدق المِصَاعا

وفی «نوادر الأعراب» یقال : أنصعت له بالحقّ وأمصعت وعجَّرت وعنّقت إذا أقر به وأعطاه عَفْواً.

وفی الحدیث : «البَرْق مَصْع مَلَک». قال أبو بکر : معناه فی الدّقَّه والتحریک والضرب ، فکأن السوط وَقْع به للسحاب وتحریک له.

یَعْطِس عَطْساً وعَطْسه ، والاسم العُطَاس ، وقال اللیث : یقال : یعطُس بضمّ الطاء أیضاً ، وهی لغه. ومَعْطِس الرجل أنْفه لأن العُطَاس منه یخرج ، وهو بکسر الطاء لا غیر ، وهذا یدلّ علی أن اللغه الجیّده یعطِس. وقال اللیث : الصبح یسمّی عُطَاساً وقد عَطَس الصبحُ إذا انفلق. وأمَّا قوله

وقد أغتدی قبل العُطَاس بسابح

فإن الأصمعیّ زعم أنه أراد : قبل أن أسمع عُطَاس عاطس فأتطیّر منه ولا أمضی لحاجتی ، وکانت العرب أهل طِیَره ، وکانوا یتطیّرون من العُطَاس فأبطل النبیّ صلی الله علیه وسلم طِیَرتهم. قلت : وإن صحّ ما قاله اللیث : أن الصبح یقال له : العُطَاس فإنه أراد : قبل انفجار الصبح ، ولم أسمع الذی قاله لثقه یُرجَع إلی قوله. وقال أبو زید : تقول العرب للرجل إذا مات : عَطَستْ به اللُجَمُ. قال : واللُّجَمه : کلّ ما تطیَّرتَ منه. وأنشد غیره :

إنا أُناس لا تزال جَزورُنا

لها لُجَم من المنیّه عاطس

ویقال للموت : لُجَم عَطُوسٌ ، وقال رؤبه :

ولا یخاف اللُجَم العَطُوسا

ویقال : فلان عَطْسه فلان إذا أشبهه فی خَلْقه وخُلُقه. ثعلب عن ابن الأعرابیّ قال : العاطوس : دابَّه یُتشاءم بها. وأنشد غیره لطَرَفه بن العبد :

لعمری لقد مرَّت عواطس جَمَّه

ومَرّ قُبیل الصبح ظبی مصمَّعُ

النعت ، ویقال فی رفعه عُنُقه : سَطَع یَسْطَع. أبو عبید عن أبی زید : السِّطَاع : عمود من أعمده البیت. وقال القُطَامیّ :

ألیسوا بالألی قَسَطوا جمیعاً

علی النعمان وابتدروا السِّطَاعا

قلت : ویقال للبعیر الطویل : سِطَاع تشبیهاً بسِطَاع البیت. وقال مُلَیح الهذَلیّ :

وحتی دعا داعی الفراق وأُدْنیتْ

إلی الحیّ نُوقْ والسِّطَاعُ المُحَمْلَجُ

وقال أبو زید : السِّطَاع من سمات الإبل فی العُنق بالطول ، فإذا کان بالعَرْض فهو العِلَاط. وناقه مسطوعه وإبل مسطَّعه. وقال لَبید :

مسطَّعَه الأعناق بُلْقَ القوادم

والسِّطاع : اسم جبل بعینه. وقال صخر الغیّ :

فذاک السِّطاع خلافَ النِجَا

ء تحسبه ذا طِلاء نتیفا

خلاف النِّجَاء أی بعد السحاب تحسبه جملاً أجرب نُتِف وهُنِیء. اللحیانی : خطیب مِسْطع ومِصْقع. وأما قولک : لا أسطیع فالسین لیست بأصلیه وقد خرّجته فی باب أطاع. وفی حدیث أم مَعْبد وصفتها المصطفی صلی الله علیه وسلم قالت : وکان فی عُنُقه سَطَع أی طول ، یقال : عُنُق سَطْعاء. وقال أبو عبیده : العُنُق السطعاء : التی طالت وانتصبت علابِیُّها. ذکره فی صفات الخیل.

وفی حدیث قیس بن طَلْق عن أبیه أن رسول الله صلی الله علیه وسلم قال : «کلوا واشربوا ولا یَهیدَنَّکم الساطع المصعد ، و (کُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّی یَتَبَیَّنَ لَکُمُ) الأحمر» ، وأشار بیده فی هذا الموضع من نحو المشرق إلی المغرب عَرْضاً. قال الشیخ : وهذا دلیل علی أن الصبح الساطع هو المستطیل. ومنه عنق سطعاء إذا طالت وانتصبت علابِیُّها. قال ذاک أبو عبیده. قال الشیخ : ولذلک قیل للعمود من أعمده الْخِباء : سِطَاع ، وللبعیر الطویل : سِطَاع. وظلیم أسطع : طویل العنق.

سفیان عن الزهریّ عن عبید الله بن عبد الله بن عُتْبه بن مسعود عن أم قیس بنت مِحْصَن قالت : دخلت بابن لی علی رسول الله صلی الله علیه وسلم وقد أعلقتُ من العُذْره فقال : «علام تدغَرْنَ أولادکن! علیکنّ بهذا العُود الهندیّ فإن فیه سبعهَ أشفیه ، یُسْعَط من العُذْره ، ویُلَدّ من ذات الجَنْب».

مارِسْ فهذا زمن المِرَاس

واعْدِس فإن الجَدّ بالعِدَاس

شخص برأسه إلی ثَدْیها کما یقال : طعن هذا الحائط فی دار فلان أی شخص فیها.

وقال أبو عبید : قال أبو عمرو : السواعد مجاری البحر التی تَصُبّ إلیه الماء ، واحدها ساعد بغیر هاء ، وأنشد شمر :

تأبّد لَأْیٌ منهمُ فعُتائدهْ

فذو سَلَم أنشاجُه فسواعدُهْ

والأنشاج أیضاً : مجاری الماء ، واحدها نَشَج. وساعده من أسماء الأسد معرفه لا ینصرف ، وکذلک أسامه. وسَعِید المزرعهِ نهرها الذی یسقیها. وقال ابن المظفَّر : السَّعْد ضدّ النَحْس ، یقال : یوم سَعْد ویومُ نَحْسٍ. قال : وأربعه منازل من منازل القمر تسمَّی سُعُوداً ، منها سعد الذابح وسعد بُلَعَ وسعد السُّعُودِ وسعد الأخبیهِ. وهذه کلها فی بُرْجَیِ الدلْو والجَدْی. وقال ابن کُناسه : سعد الذابِح : کوکبان متقاربان سمّی أحدهما ذابحاً لأن معه کوکباً صغیراً غامضاً یکاد یلزَق به فکأنه مکِبّ علیه یَذبحه والذابح أنور منه قلیلاً ، قال : وسعد بُلَعَ : نجمان معترضان خفیّان. قال أبو یحیی : وزعمت العرب أنه طلع حین قال الله عزوجل : (یا أَرْضُ ابْلَعِی ماءَکِ وَیا سَماءُ أَقْلِعِی) [هود : 44] ویقال : إنما سمّی بُلَع لأنه کأنه لقرب صاحبه منه یکاد أن یبلعه.

قال : وسعد السعود : کوکبان ، وهو أحمد السعود ولذلک أضیف إلیها. وهو یُشْبه سعد الذابح فی مطلعه. وسعد الأخبیه : ثلاثه کواکب علی غیر طریق السعود مائله عنها ، وفیها اختلاف ولیست بخفیّه غامضه ، ولا مضیئه منیره. سمیت سعد الأخْبِیه لأنها إذا طلعت خرجت حَشَرَاتُ الأرض وهَوَامُّها. من جِحَرتها ، جُعِلت لها کالأخبیه. وفیها یقول الراجز :

قد جاء سعد مقبلاً بحَرّه

راکده جنودُه لشرّه

فجعل هوامّ الأرض جنود السعد الأخبیه وهذه السعود کلها یمانِیَه ، وهی من نجوم الصیف وهی من منازل القمر تطلع فی آخر الربیع وقد سکنت ریاح الشتاء ولم یأت سلطانُ ریاح الصیف ، فأحسن ما تکون الشمس والقمر والنجوم فی أیامها ، لأنک لا تری فیها غَبَره. وقد ذکرها الذبیانی فقال :

قامت تَرَاءَی بین سِجْفَیْ کِلَّه

کالشمس یوم طلوعها بالأسعُد

والسُّعُود مصدر کالسعاده ؛ قال :

إن طول الحیاه غیر سُعود

وضلالاً تأمیل نَیْل الخلود

وفی المثل :

أوردها سعد وسعد مشتمل

یضرب مثلاً فی إدراک الحاجه بلا مشقَّه ، أی أوردها الشرِیعه ویوردها بئراً یحتاج إلی أن یَستقی منها بالدُلِیّ. ومثله : أهون السَّقْی التشریع. وقال ابن المظفّر : یقال سعِد یَسْعد سَعْد أو سعاده فهو سعید ، نقیض شقِی. وجمعه السعَداء. ویقال : أسعده الله وأسعد جَدَّه. قلت : وجائز أن یکون سعید بمعنی مسعود من سَعَده الله ؛

ص: 44

ویجوز أن یکون من سَعِد یَسْعَد فهو سعید. والسَّعْدانُ : نبت له شَوْک کأنه فَلْکه ، یَسْلَنْقِی فتنظر إلی شوکه کالحاً إذا یبِس ، ومنبتِه سهوله الأرض. وهو من أطیب مراعی الإبل ما دام رَطْباً. والعرب تقول : أطیب الإبل ألباناً ما أکل السَّعْدان والحُرْبُث. وخلَّط اللیث فی تفسیر السعدان ، فجعل الحَلَمه ثمر السعدان ، وجعل حَسَکاً کالْقُطب ، وهذا کله غلط. القُطْب : شوک غیر السعدان یشبه الحَسَک والسَّعْدان مستدیر شوکه فی وجهه. وأمَّا الحَلَمه فهی شجره أخری ولیست من السَّعْدان فی شیء وواحده السَّعْدان سَعْدانه. وسَعْدانه الثَدْی : ما أطاف به کالفَلْکه. وقال أبو عبید : العُقَد التی فی أسفل الموازین یقال لها : السعدانات. قال : والسَّعْدانه : عُقْده الشسْع ممَّا یلی الأرض والقِبالُ مثل الزمام بین الإصبع الوسطی والتی تلیها ؛ قال ذلک کله الأصمعیّ. وقال أبو زید : السَّعْدانه أیضاً کِرْکِره البعیر ، سمّیت سَعْدانه لاستدارتها. والسعدانه : الحَمَامه أیضاً. وسعدانه الإست : حِتَارها ، وأمَّا قول الهذلیّ یصف الظلیم :

علی حَتّ البُرَایه زَمْخَرِیّ الس

واعد ظَلَّ فی شَرْی طِوال

فقد قیل : سواعد الظلیم : أجنحته ؛ لأن جناحیه له کالیدین. وقال الباهلیّ : السواعد : مجاری المُخّ فی العظام. قال : والزمخریّ من کل شیء : الأجوف مثل القَصَب ، وعظام النَعَام جُوف لا مُخَّ فیها.

والحتّ السریع ، والبُرَایه ، البقیَّه ، یقول : هو سریع عند ذهاب بُرَایته أی عند انحسار لحمه وشحمه. وقال غیره : الساعده : خشبه تُنْصَب لتمسِک البَکْره. وجمعها السواعد. وقال الأصمعیُّ : السواعد : قَصَب الضَرْع. وقال أبو عمرو : هی العروق التی یجیء منها اللبن ، شُبِّهت بسواعد البحر وهی مجاریها. أبو العباس عن ابن الأعرابی قال : السَّعِید : النهر وجمعه سُعُد وأنشد :

وکأن ظُعْن الحیّ مُدْبِره

نخل مَوَاقرُ بینها السُّعُد

قال : السُّعُد ههنا : الأنهار واحدها سعید قال : ویقال لِلَبْنه القمیص سعیده. والسُّعْد : نبت له أصل تحت الأرض أسود طیّب الریح. والسُّعادَی : نبت آخر. وقال اللیث : السُّعادی : بنت السُّعد. ومن أمثال العرب : مَرْعًی ولا کالسَّعدان یریدون أن السعدان من أفضل مراعیهم. والسُّعُود فی قبائل العرب کثیر ، وأکثرها عدداً سعدُ بن زید مَنَاه بن تمیم. ومنها بنو سعد بن بکر فی قیس عَیْلان ، ومنها سعد هُذَیم فی قُضاعه. ومنها سعد العَشِیره. وبنو ساعده فی الأنصار. ومن أسماء الرجال سعد ومسعود وسَعِید وأسعد وسُعَید وسَعْدان. ومن أسماء النساء سُعَاد وسُعْدَی وسَعِیده وسَعْدِیَّه وسُعَیْده. ومن أسماء الرجال مُسْعَده. والسُّعْد : ضرب من التمر ؛ قال أوس :

وکأن ظُعْنَ الحیّ مُدْبره

نخل بزاره حَمْلها السُعُد

ص: 45

والسَّعَاده : رُقعه تزاد فی الدَلْو لیتَّسع ساعد المزاده. وتسمَّی زیاده الخفّ وبنائق القمیص سعاده. وخرج القوم یتسعَّدون أی یطلبون مراعیَ السعدان. والسَّعْدانه : اللّحَمات النابتات من الحلق. قال :

جاء علی سعدانه الشیخ المُکِلّ

یعنی الفالوذ.

وهو أجود الطیب. وناقه دَیْسَع : ضخمه کثیره الاجترار فی سیرها. قال ابن میّاده :

حملتُ الهوی والرَّحْل فوق شِمِلَّه

جُمَالیَّه هو جاءَ کالفحل دَیْسَعِ

أی لم تظهر لأنها خفیت فی اللحم اکتنازاً. والدَّسیع والدسیعه : العُنُق والقوّه قال الأعور :

رأیت دسیعه فی الرحل ینبی

علی دِعَم مخوِّیه الفِجَاج

الدِّعَم : القوائم ، والفِجاج : ما بین قوائمه.

أنها تسعه أیَّام. والعرب تقول : وردت الماء عِشْراً یعنون : یوم التاسع. ومن ههنا قالوا : عِشرِین ولم یقولوا : عِشْرَیْنِ لأنهما عِشْران وبعض الثالث.

وعز : (فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ یُسْراً * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ یُسْراً) [الشرح : 5 ، 6]. فقال : لا یَغلب عُسْر یسرین. وسئل أبو العباس عن تفسیر قول ابن مسعود ومرادِه من قوله فقال : قال الفرّاء : العرب إذا ذکَرت نکره ثم أعادتها بنکره مثلها صارتا ثنتین ، وإذا أعادتها بمعرفه فهی هی. تقول من ذلک : إذا کسبت درهماً فأنفِق درهماً ، فالثانی غیر الأوّل ، فإذا أعدته بالألف واللام فهی هی. تقول من ذلک : إذا کسبت درهماً فأنفِق الدرهم ، فالثانی هو الأول. قال أبو العباس : وهذا معنی قول ابن مسعود ، لأن الله تعالی لمّا ذکر (العُسر) ثم أعاده بالألف واللام عُلِم أنه هو ، ولمّا ذکر (یُسْراً) بلا ألف ولام ثم أعاده بغیر ألف ولام عُلِم أن الثانی غیر الأول ، فصار العُسْر الثانی العسر الأول ، وصار یسر ثان غیر یسر بدأ بذکره. ویقال إن الله جل وعزّ أراد بالعسر فی الدنیا علی المؤمن أنه یُبْدِله یسراً فی الدنیا ویسراً فی الآخره والله أعلم. وقیل : لو دخل العسر جُحْراً لدخل الیسر علیه ، وذلک أن أصحاب رسول الله صلی الله علیه وسلم کانوا فی ضِیق شدید ، فأعلمهم الله أنْ سیفتح علیهم ، ففتح الله علیهم الفُتُوح ، وأبدلهم بالعُسر الذی کانوا فیه الیسْر وقیل فی قوله : (فَسَنُیَسِّرُهُ لِلْیُسْری) [اللیل : 7] أی للأمر السهل الذی لا یقدر علیه إلا المؤمنون. وقوله : (فَسَنُیَسِّرُهُ لِلْعُسْری) [اللیل : 10] قالوا : العسری : العذاب والأمر العسیر. قلت : والعرب تضع المعسور موضع العُسْر ، والمیسورَ موضع الیُسْر ، وجُعِل المفعول فی الحرفین کالمصدر. ویقال : أعسر الرجلُ فهو مُعْسِر إذا صار ذا عُسْره وقِلَّه ذات ید. قال : وعَسَرت الغریم أعسِره عَسْراً إذا أخذته علی عُسْره ولم تَرْفُق به إلی مَیسَرته. ویقال : عَسُر الأمر یعسُر عُسْراً فهو عَسِیر ، وعَسِر یَعْسَر عَسَراً فهو عسِر. ویوم عسیر : ذو عُسْر. قال الله تعالی فی صفه یوم القیامه : (فَذلِکَ یَوْمَئِذٍ یَوْمٌ عَسِیرٌ * عَلَی الْکافِرِینَ غَیْرُ یَسِیرٍ) [المدثر : 9 ، 10]. ویقال : رجل أعسر بیِّن العَسَر وامرأه عسراء إذا کانت قوّتّهما فی أشْمُلهما ، ویعمل کل واحد منهما بشماله ما یعمل غیره بیمینه. ویقال : رجل أعسر یَسَر وامرأه عَسْراء یَسَره إذا کانا یعملان بأیدیهما جمیعاً ، ولا یقال : أعْسَر أیسر ، ولا عسراء یَسراء للأنثی ، وعلی هذا کلام العرب. ویقال من الیَسَر : فی فلان یَسَره. ویقال : بلغتُ معسور فلان إذا لم تَرْفُق به ، وعسَّرت علی فلان الأمر تعسیراً. ویقال : استعسرت فلاناً إذا طلبت معسوره ، واستعسر الأمرُ وتعسّر إذا صار عسیراً. وقال ابن المظفّر : یقال للغَزْل إذا التبس فلم تقدر علی تخلیصه : قد تغسّر بالغین ولا یقال بالعین إلَّا تجشُّماً. قلت : وهذا الذی قاله ابن المظفر صحیح ، وکلام العرب علیه ، سمعته من غیر واحد منهم ، ویوم أعسر أی مشئوم قال مَعْقِل الهذلی :

ورُحْنا بقوم من بُدَاله قُرِّنوا

وظلّ لهم یوم من الشر أعسرُ

فسّر أنه أراد به أنه مشئوم. قال : ویقال :

ص: 49

أعسرت المرأهُ إذا عَسُر علیها وِلادها. وإذا دُعی علیها قیل : أعسرتْ وآنثتْ ، وإذا دُعی لها قیل : أیسرت وأذکرتْ أی وضعت ذکراً وتیسّر علیها الوِلاد. وقال اللیث : العَسِیر : الناقه التی اعتاطت فلم تَحمل سَنَتها ، وقد عَسُرت ، وأنشد قول الأعشی :

وعسیر أدماء حادره العی

ن خَنُوفٍ عَیْرانه شِملالِ

قلت : تفسیر اللیث للعسیر أنها الناقه التی اعتاطت غیر صحیح. والعَسِیر من الإبل عند العرب : التی اعتُسِرت فرُکِبت ولم تکن ذُلِّلت قبل ذلک ولا رِیضت. وهکذا فسّره الأصمعیّ فیما رَوَی عنه أبو عُبَید. وکذلک قال ابن السکِّیت فی تفسیر قوله :

وروحه دنیا بین حَیّین رحتها

أسِیرُ عَسِیراً أو عَروضاً أروضها

قال : العَسِیر : الناقه التی رُکبت قبل تذلیلها ، وأما العاسره من النوق فهی التی إذا عَدَت رفَعَت ذَنَبها ، وتفعل ذلک من نشاطها ، والذئب یفعل ذلک. ومنه قول الشاعر :

إلا عواسرُ کالقداح معیدهٌ

باللیل مورد أیِّم متغضِّف

أراد بالعواسر : الذئاب التی تعسِل فی عَدْوها وتکسّر أذنابها. وناقه عَوْسَرانیه إذا کان من دأبها تکسیر ذَنَبها ورفعُه إذا عَدَت. ومنه قول الطِرِمَّاح :

عَوْسرانیّه إذا انتفض الخِم

سُ نفاضَ الفَضِیض أیَّ انتفاضِ

الفضیض : الماء السائل ، أراد أنها ترفع ذَنَبها من النشاط وتعدو بعد عَطَشها وآخر ظمئها فی الخِمْس. وزعم اللیث أن العَوْسَرانیّه والعَیْسَرانیّه من النوق : التی تُرکَب من قبل أن تُراض قال : والذکر عَیْسُران وعَیْسَران ، وکلام العرب علی غیر ما قال اللیث. وقال ابن السکیت : العَسْر : أن تَعْسِر الناقهُ بذنبها أی تشول به ، یقال : عَسَرتْ به تعسِر عَسْراً. والعَسْر أیضاً مصدر عَسَرته أی أخذته علی عُسْره. قال : والعُسْر _ بالضمّ _ من الإعسار وهو الضیق. وقال الفرّاء : یقول القائل : کیف قال الله تعالی : (فَسَنُیَسِّرُهُ لِلْعُسْری) [اللیل : 10] وهل فی العُسْری تیسیر. قال الفراء : وهذا فی جوازه بمنزله قول الله تعالی : (وَبَشِّرِ الَّذِینَ کَفَرُوا بِعَذابٍ أَلِیمٍ) [التوبه : 3] والبِشاره فی الأصل تقع علی المفرِّح السارّ. فإذا جمعت کلامین فی خیر وشرّ جاز التبشیر فیهما جمیعاً. قلت : وتَقول قابِلْ غَرْب السانیه لقائدها إذا انتهی الغَرب طالعاً من البئر إلی یَدی القابل وتمکّن من عَرَاقِیها : ألَا ویَسّر السانیه أی اعطف رأسها کیلا تجاوز المَنْحاه فیرتفع الغَرْب إلی المَحَاله والمِحْور فیتخرَّق. ورأیتهم یسمّون عَطْف السانیه تیسیراً ، لِمَا فی خلافه من التعسیر ، ویقال : اعتسرت الکلامَ إذا اقتضبته قبل أن تزوّره وتهیئه. وقال الجعدیّ :

فذَرْ ذَا وعَدِّ إلی غیره

فشرّ المقاله ما یُعْتسَرْ

قلت : وهذا من اعتسار البعیر ورکوبه قبل

ص: 50

تذلیله. ویقال : ذهبت الإبل عُسَاریَات وعُشَاریَات إذا انتشرت وتفرّقت. وقال ابن شمیل : جاءوا عُسَاریَات وعُسَارَی _ تقدیر سکاری _ أی بعضهم فی إثْر بعض. وقال النضر فی الحدیث الذی جاء : یعتسر الرجلُ من مال ولده رواه بالسین وقال : معناه : یأخذ من ماله وهو کاره ، وأنشد

إن أصحُ عن داعی الهوی المضِلِ

صُحُوّ ناسی الشوق مستبِلّ

معتسِر للصُّرْم أو مُدِلِ

وقال الأصمعی : عَسَره وقَسَره واحد.

قال : وعَسَرْت الناقه عَسْراً إذا أخذتها من الإبل. وروی أبو العباس عن ابن الأعرابی قال : العُسُر : أصحاب التبریه فی التقاضی والعمل. والمِعْسَر : الذی یُقعّط علی غریمه. قال : والعِسْره : قبیله من قبائل الجِنّ. قلت : وقال بعضهم فی قول أبی أحمر :

وفتیان کجِلّه آل عِسْر

إن عِسْر قبیله من الجنّ. وقیل : عِسْر : أرض یسکنها الجنّ. وعِسْر فی قول زهیر : موضع :

کأن علیهمُ بجُنُوب عِسْر

والعُسْر لُعْبه لهم : ینصبون خشبه ثم ترمی یخشبه أخری وتقلَع. قال الأغرّ بن عُبَید الیَشْکُریّ :

فوق الحزامی ترتمین بها

کتخاذف الوِلْدان بالعُسْر

أی تفعل مَنَاسمُ هذه الناقه بالحَصَی کما تفعل الولدان بهذه الخشبه. وعُقَاب عسراء : ریشها من الجانب الأیسر أکثر من الأیمن. قال ساعده :

وعمّی علیه الموت أنّی طریقه

سنین کعسراء العُقَاب ومِنْهَبُ

أی فرس. ویقال : حَمَام أعسر وعُقَاب عسراء : بجناحه من یساره بیاض.

امرأته ، وللمرأه : هی عِرْسه. ومنه قول العجّاج :

أزهر لم یولد بنجم نَحْس

أنجب عِرْسٍ جُبلا وعِرْس

أی أکرم رجل وامرأه. ابن الأعرابی : عَرُوس وعُرُوس ، وبات عَذُوباً وعُذُوباً وسَدُوس وسُدُوس. وحدَّثنا محمد بن إسحاق قال : حدثنا شعیب بن أیوب عن نُمیر بن عُبید الله عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلی الله علیه وسلم قال : «إذا دعی أحدکم إلی ولیمه عُرْس فلیجِب». قال الأزهری : أراد طعام الرجل بأهله. وعِرّیسه الأسَد وعَرّیسه بالهاء وغیر الهاء : مأواه فی خِیسه. وفی حدیث عمر أنه نَهَی عن مُتْعه الحجّ وقال : قد علمت أن النبی صلی الله علیه وسلم فعله ، ولکنی کرهت أن یظلّوا مُعْرِسین بهنّ تحت الأراک ثم یروحوا بالحج تقطُر رؤوسهم. وقوله : مُعْرِسین أی مُلمّین بنسائهم وهو بالتخفیف ، وهذا یدلُّ علی أن إلمام الرجل بأهله یسمّی إعراساً أیام بنائه علیها وبعد ذلک ؛ لأن تمتع الحاجّ بامرأته یکون بعد بنائه علیها. وأمَّا التعریس فَنومه المسافر بعد إدلاجه من اللیل ، فإذا کان وقت السَّحَر أناخ ونام نومه خفیفه ثم یثور مع انفجار الصبح سائراً. ومنه قول لَبِید :

قَلَّما عرَّس حتی هِجتُه

بالتباشیر من الصبح الأُوَلْ

وأنشدتنی أعرابیَّه من بنی نُمَیر :

قد طلعت حمراء فَنْطَلِیسُ

لیس لرَکْب بعدها تعریس

أبو عُبید عن الأصمعیّ : عَرِس الرجل وعَرِش بالسین والشین إذا بَطِر أی بهت ودُهِش. قال : وقال الأصمعیّ : البیت المعرَّس : الذی عُمِل له عَرْس وهو الحائط یجعل بین حائطی البیت لا یُبْلَغ به أقصاه ، ثم یوضع الجائز علی طَرَف العَرْس الداخل إلی أقصی البیت وسُقِّف البیت کله ، فما کان بین الحائطین فهو سَهْوه ، وما کان تحت الجائز فهو المُخْدَع. أبو عبید عن الأحمر : عَرَسْت البعیر عَرْساً وهو أن تَشدَّ عنقه مع یدیه جمیعاً وهو بارک ، اسم ذلک الحَبْل العِرَاس ، فإذا شَدّ عُنقه إلی إحدی یدیه فهو العَکْس ، واسم ذلک الحَبْل العِکَاس. ویقال : عَرِس الرجلُ بصاحبه إذا لزمه ، وعَرِس الصبیُّ بأمّه إذا لزمها ، وعَرِس الشرُّ بینهم إذا لزِم ودام. قلت : ورأیت بالدَّهْنَی حِبَالاً من نُقْیان رمالها یقال لها العرائس ، ولم أسمع لها بواحد. وابن عِرْس : دُوَیْبه معروفه لها ناب. والجمع : بنات عِرْس. والعِرْسِیّ : ضرب من الصِّبْغ کأنه شُبِّه لونُه بلون ابن عِرْسٍ الدابّه. وقال ابن الأعرابی : ابن عِرْس معرفه ونکره. یقال : هذا ابن عِرْس مقبلاً ، وهذا ابن عِرْس آخرُ مقبل. قال : ویجوز فی المعرفه الرفع ویجوز فی النکره النصب. قال ذلک کله المفضّل والکسائی. وقال اللیث : یقال : اعترسوا عنه أی تفرّقوا. قلت : هذا حرف منکر لا أدری ما هو. أبو العباس عن ابن الأعرابی قال : العرّاس والمُعَرّس والمِعْرس : بائع الأعراس وهی الفُصْلان الصغار ، واحدها عُرْس وعَرْس. قال :

ص: 52

وقال أعرابی : بکم البَلْهاء وأعراسها أی أولادها. قال : والمِعْرس : السائق الحاذق بالسیاق ، فإذا نَشِط القوم سار بهم ، وإذا کَسِلوا عرّس بهم. قال : والمِعْرَس : الکثیر التزویج. قال : والعَرْس : الإقامه فی الفَرَح. قال : والعَرّاس : بائع العُرُس وهی الحبال واحدها عِرَاس. قال : والعَرس. عمود فی وسط الفُسْطاط. والعَرْس : الحَبْل.

الحرب. قال : والسِّعْر من الأسعار وهو الذی یقوم علیه الثمن. وفی الحدیث أنه قیل للنبی صلی الله علیه وسلم : سَعِّر لنا فقال : «إن الله هو المسعّر». وقال اللیث : یقال أسعر وسعَّر بمعنی واحد. والساعوره کهیئه التنّور یحفَر فی الأرض یختبز فیه ، قال ابن الأعرابی : وقال أبو زید : السَّعَران : شدّه العَدْو ، والجَمَرانُ : من الجمر. والفَلَتان : النشیط وقال ابن الأعرابی : السُّعَیره : تصغیر السَّعْره وهی السُّعَال الحادّ. ویقال : هذا سَعْره الأمر وسَرْحته وفَوْعته أی أوّله وحدَّته. أبو یوسف : استعر الناس فی کل وجه واستنْجوْا إذا أکلوا الرُطْب وأصابوه. قال ابن عرفه : (فِی ضَلالٍ وَسُعُرٍ) [القمر : 47] أی فی أمر نسعره أی یُلْهبنا.

[المؤمنون : 55 ، 56] معناه : أیحسبون أن إمدادنا لهم بالمال والبنین مجازاهٌ لهم ، وإنما هو استدراج من الله لهم. و (ما) فی معنی الذی. أراد : أیحسبون أن الذی نَمدّهم به من مال وبنین ، والخبر معه محذوف ، المعنی : نسارع لهم به. وقال الفراء : خبر (أَنَّما نُمِدُّهُمْ) قوله : (نُسارِعُ لَهُمْ) واسم (أن) : (ما) بمعنی الذی. ومن قرأ : (یسارَع لهم فی الخیرات) (فمعناه : یسارَع به لهم فی الخیرات فیکون مثل نُسارِعُ. ویجوز أن یکون علی معنی : أیحسبون إمدادنا یسارع لهم فی الخیرات ، فلا یحتاج إلی ضمیر ، وهذا قول الزجّاج. وقال ابن المظفّر : السَّرْع : قضیب سَنَهٍ من قضبان الکَرْم ، والجمع السُّرُوع. قال : وهی تَسْرُع سُرُوعاً وهنّ سوارع والواحده سارعه. قال : والسَّرْع : اسم القضیب من ذلک خاصّه. قال : ویقال لکل قضیب ما دام رَطْباً غضّاً : سَرَعْرَع ، وإن أنَّثت قلت : سَرَعْرعه.

وأنشد :

أزمان إذ کنتُ کنعت الناعت

سَرَعْرعاً خُوطاً کغصن نابت

یصف عنفوان شبابه. قلت : والسَّرْغ _ بالغین _ : لغه فی السَّرْع بمعنی القضیب الرَطْب ، وهی السُّرُوغ والسُّروع. الأصمعیّ : شبَّ فلان شباباً سَرَعْرعاً. والسَّرَعْرعه من النساء : اللیّنه الناعمه.

وفی الحدیث أن أحد ابنی رسول الله صلی الله علیه وسلم بال فرأی بوله أساریع ، والأساریع : الطرائق. عمرو عن أبیه قال : أبو سَرِیع : هو کُنْیه النار فی العَرْفَج. وأنشد :

لا تعدِلنَّ بأبی سریعِ

إذا غدت نکباء بالصقیع

قال : والصقیع : الثلج. والمِسْرع : السریع إلی خیر أو شرّ. فی الحدیث : «فأخذتهم من سَرْوَعَتین» ، السَّرْوعه : الرابیه من الرمل. وکذلک الزَّرْوَحَهُ تکون من الرمل وغیره.

إذا عَدَت من نشاطها. ورمح رَعُوس ورَعَّاس إذا کان لَدْن المهَزّ عَرّاصاً شدید الاضطراب. وقال أبو سعید : یقال : ارتعس رأسه وارتعش إذا اضطرب وارتعد. وقال أبو العباس : قال ابن الأعرابی : المِرْعَس الرجل الخفیف القَشَّاش. والقشاش : الذی یلتقط الطعام الذی لا خیر فیه من المزابل.

یُسْتحلی استحلاء العَسَل. وقال غیره فی قوله : «حتی تذوقی عُسَیلته ویذوق عُسَیْلتک» : إن العُسَیله : ماء الرجل. قال : والنطْفه تسمَّی العُسَیله ، رَوَی ذلک شمر عن أبی عدنان عن أبی زید الأنصاریّ : قلت : والصواب ما قاله الشافعی ؛ لأن العُسَیله فی هذا الحدیث کنایه عن حلاوه الجماع الذی یکون بتغییب الحَشَفه فی فرج المرأه ، ولا یکون ذَوَاق العُسَیلتین معاً إلا بالتغییب وإن لم یُنزِلا ، ولذلک اشترط عُسَیلتهما. وأنَّت العُسَیله لأنه شبَّهها بقطعه من العَسَل. وهذا کما تقول : کنّا فی لَحْمَه ونَبِیذه وعَسَله أی فی قطعه من کل شیء منها. والعرب تؤنّث العَسَل وتذکّره. قال الشمَّاخ :

کأن عیون الناظرین تشوفها

بها عسل طابت یَدَاً من یشورُها

أی تشوف العیونُ والأبصار بها هذه المرأه. قال ذلک ابن السکیت. والعَسَّاله : الخلیَّه التی تسَوَّی للنحل من راقود وغیره فتعسِّل فیه. یقال : عسّل النحلُ تعسیلاً. والذی یَشتار العسل فیأخذه من الخلیَّه یسمَّی عاسلاً.

ومنه قول لبید :

وأرْیِ دُبُورٍ شارَهُ النحلَ عاسلُ

ومن العرب من یذکّر العَسَل ، لغه معروفه. والتأنیث أکثر. وعَسَل اللُبْنَی : صَمْغ یَسیل من شجر اللبنی لا حلاوه له : یسمَّی عَسَل اللبنی. وحدّثنا الحسین بن إدریس حدثنا عثمان ابن أبی شَیبه عن زید بن الحُبَاب عن معاویه بن صالح عن عبد الرحمن بن جُبَیْر بن نُفَیر عن أبیه قال : سمعت عمرو بن الحَمِق یقول : قال رسول الله صلی الله علیه وسلم : «إذا أراد الله بعبد خیراً عَسَله» : قیل : یا رسول الله وما عَسَله؟ قال : «یَفتح له عملاً صالحاً بین یدی موته حتی یرضی عنه مَن حوله». ورَوَی أبو العباس عن ابن الأعرابی أنه قال : العَسَل : طِیب الثناء علی الرجل. قال : ومعنی قوله : «إذا أراد الله بعبد خیراً عَسَله» أی طیَّب ثناءه. وقال غیره : معنی قوله : عَسَله أی جعل له من العمل الصالح ثناء طیّباً کالعَسَل ؛ کما یُعْسَل الطعام إذا جُعل فیه العَسَل. یقال : عَسَلت الطعامَ والسَّوِیقَ أعْسِله وأعسُله إذا جعلت فیه عَسَلاً وطیَّبتْه وحلَّیته. ویقال أیضاً : عَسَلت الرجلَ إذا جعلت أُدْمه العَسَل. وعسَّلت القوم _ بالتشدید _ إذا زوّدتهم العَسَل. وجاریه معسوله الکلام إذا کانت حُلْوه المنطق ملیحه اللفظ طیّبه النَّغْمه. أبو العباس عن ابن الأعرابیّ قال : العَسَل : حَبَاب الماء إذا جری من هبوب الریح. قال : والعُسُل : الرجال الصالحون. قال : وهو جمع عاسل وعَسُول. قال : وهو ممَّا جاء علی لفظ فاعل وهو مفعول به. قلت : کأنه أراد : رجل عاسل : ذو عَسَل أی ذو عمل صالحٍ ، الثناءُ علیه به مستحلَی کالعسل. وقال الفرّاء : العَسِیل : مِکْنسه الطِّیب. والعَسِیل : الریشه التی تُقلع بها الغالیه. والعَسِیل أیضاً : قضیب الفیل وجمعه کلّه عُسُل. وأنشد الفرّاء :

ص: 57

فرِشْنی بخیر لا أکونَنْ ومِدْحتی

کناحتِ یوماً صخرهٍ بعَسِیل

قال : أراد : کناحتٍ صخرهً بعسیل یوماً ، هکذا أنشد فیه المنذریّ عن أبی طالب عن أبیه عن الفرّاء. ومثله قول أبی الأسود :

فألفیتُه غیر مستعتِب

ولا ذاکِر اللهَ إلا قلیلاً

قال ابن الأنباریّ : أراد : ولا ذاکرٍ الله ، وأنشد الفرّاء أیضاً :

ربّ ابن عم لسُلَیمی مشمعلّ

طبّاخ ساعات الکری زادَ الکَسِل

أبو عبید عن أبی عبیده قال : رُمْح عاسل وعَسَّال : مضطرِب لَدْن ، وهو العاتر ، وقد عَتَر وعَسَل.

وقال اللیث : العَسِل : الرجل الشدید الضرب السریع رَجْعِ الید بالضرب.

وأنشد :

تمشی موائله والنفس تنذِرها

مع الوبیل بکف الأهوج العسِل

فلان أخبث من أبی عِسْله ومن أبی رِعْله ومن أبی سِلعامه ومن أبی مُعْطه کلّه الذئب. ویقال : عَسَل الذئب یعسِل عَسْلاً وعَسَلاناً وهو سرعه هِزّته فی عَدْوه. وقال الجعدیّ :

عَسَلانَ الذئب أمسی قارباً

بَرَد اللیلُ علیه فنسَلْ

ویقال : رجل عِسْل مال کقولک : إزَاء مال وخال مال. ابن السکیت یقال : ما لفلان مَضْرِب عَسَله یعنی : أعراقه. وقال غیره : أصل ذلک فی سُؤر العسل ثم صار مثلاً للأصل والنسَب. ویقال : بَسْلاله وعَسْلاً وهو اللَّحْی فی الملام. شمر عن أبی عمرو : یقال : عَسَلْت من طعامه عَسْلاً أی ذقت. ویقال : هو علی أعسال من أبیه وأعْسان أی علی أثَر من أثره ، الواحد عِسْل وعِسْن. وهذا عِسْل هذا وعِسْنه أی مِثله. والعَسْل : الحَلْب بستّین ، والفَطْر : الحَلْب بثمانین. والعواسل : الریَاح.

وقال أبو عمرو : العَلَسِیّ : شجره المَقْرِ. وقال أبو وَجْزه السعدیّ :

کَأَنَّ النُّقْدَ والعَلَسیَ أجنی

ونعَّم نبته واد مطیرُ

وقال أبو عمرو : العَلِیس : الشوَاء المنضَج.

وقال ابن السکیت عن الکلابیّ : رجل مجرَّس ومُعَلَّس ومنقَّح ومقلَّح أی مجرَّب.

وکانت العرب فی جاهلیتها تأخذ حَطَب السَّلَع والعُشَر فی المجاعات وقُحُوط المطر فتوقِر ظهور البقر منها ثم تُلْعِج النارَ فیها ، یستمطرون بلهَب النار المشبّه بسنا البَرْق. وأراد الشاعر هذا المعنی بقوله :

سَلَع مّا ومثله عُشَر مّا

عائلاً مّا وعالت البَیْقورا

والسُّلُوع : شُقُوق فی الجبال ، واحدها سَلْع وسِلْع. ویقال : سَلَعْت رأسه أی شججته قال ذلک أبو زید. وقال شمر : السَّلْعه : الشَّجَّه فی الرأس کائنه ما کانت. یقال : فی رأسه سَلْعتان وثلاث سَلَعات ، وهی السِّلَاع. ورأس مسلوع ومُنْسَلِع. وأمّا السِّلْعه _ بکسر السین _ فهی الجَدَره تخرج بالرأس وسائر الجسد ، تمور بین الجِلْد واللحم ، تراها تَدِیص دَیَصاناً إذا حرّکتها. والسِّلْعه _ وجمعها السِّلَّع _ کل ما کان مَتْجوراً به. والمُسْلِع : صاحب السِّلْعه. وقال اللیث : یقال للدلیل الهادی : مِسْلع. وأنشد بیتاً للخنساء :

سبَّاق عادیه ورأس سَرِیَّه

ومُقاتل بَطَل وهاد مِسْلع

ابن شمیل : قال رجل من العرب : ذهبت إبلی فقال رجل : لک عندی أسْلاعها أی أمثالها فی أسنانها وهیئاتها. وهذا سِلْع أی مِثله. ویقال : تزلّعت رِجْله وتَسَلَّعت إذا تشقَّقت. وسَلْع : موضع یقرب من المدینه. ومنه قول الشاعر :

لعمرک إننی لأحبّ سَلْعاً

أبو عمرو : هذا سِلْع هذا أی مِثلُه وشَرْواه. ویقال : أعطنی سِلْع هذا أی مثلَ هذا. وقال ابن الأعرابی : الأسلع : الأبرص. قال : والسَّوْلع : الصَّبِر المُرّ. والصولع : السِّنان المجلوّ. أسلاع الفرس : ما تفلّق من اللحم عن نَسَبیها إذا استخفَّت سِمَناً. وقوله :

أجاعل أنت بیقوراً مسلَّعه

ذَریعه لک بین الله والمطر

یعنی البقر التی کان یُعْقَد فی أذنابها السَّلَع عند الجَدْب.

فهی ههنا الفرسان. وقال بعضهم : السعالِیَ من أخبث الغِیلان. ویقال للمرأه الصخَّابه : قد استسعلت. وقال أبو عدنان : إذا کانت المرأه قبیحه الوجه سیِّئه الْخُلُق شُبِّهت بالسِّعْلاه. وقیل : السِّعْلاه هی الأنثی من الغیلان ، وتجمع سعالِیَ وسِعْلَیات ، وقال أبو زید : مثل قولهم : استسعلت المرأه قولهم. عَنْزٌ نَزَت فی جبل فاستَتْیَسَتْ ، ثم من بعد استتیاسها استعْنَزت ، ومثله : إن البغاث بأرضنا یستَنْسِر واستنوق الجمل. وقد استسعلت المرأه إذا صارت کأنها سِعْلاه خَبْثاً وسَلَاطه ؛ کما یقال : استأسد الرجل واستکلبت المرأه. ویقال : سَعَل الإنسان یَسْعل سُعَالاً وسَعَل سُعْله. ویقال : به سُعَال ساعل ؛ کقولهم : شغل شاغل وشعر شاعر. والساعل الفم فی بیت ابن مقبل :

علی إثر عجَّاج لطیفٍ مصیرُه

یمجُّ لُعَاعَ العَضْرَس الجَوْنِ ساعلُهْ

أی فمه لأن الساعل به یسعل. أبو عبیده : فرس سَعِل زعِل أی نشیط ، وقد أسعله الکلأ وأزعله بمعنی واحد. ثعلب عن ابن الأعرابی قال : السَّعَل : الشیص الیابس.

ذَنَب الناقه ، واعنیناسه : وفور هُلْبه وطولُه. وقال الطرمَّاح یصف ثوراً وحشیاً :

یمسحُ الأرض بمعنونِس

مثل مِثلاه النِّیَاح القیام

أی بذنَب سابغ. أبو عبید عن أبی زید : العانس : المرأه التی تُعَجِّز فی بیت أبویها لا تتزوج ، وقد عَنَست تَعْنُس عُنُوساً.

وقال الأصمعیّ : لا یقال : عَنَست ولا عَنَّست ولکن یقال : عُنِّست فهی مُعَنَّسه.

وفی الحدیث أن الشعبی أو غیره من التابعین سئل عن الرجل یدخل بالمرأه علی أنها بِکر فیقول : لم أجدها عَذراء ، فقال : إن العُذْره یُذهبها التعنیس والحَیضه. وتُجمع العانس عُنّساً وعوانس. ویقال للرجل إذا طعن فی السنّ ولم یتزوّج : عانس أیضاً ، والجمیع العانسون ومنه قول الشاعر :

منا الذی هو ما إن طَرّ شارُبه

والعانسون ومنا المُرْدُ والشیبُ

وقال اللیث : عَنَست المرأه عُنُوساً إذا صارت نَصَفاً وهی بِکر لم تتزوّج. وعنّسها أهلها إذا حبسوها عن الأزواج حتی جاوزت فَتاء السنّ ولمَّا تُعَجِّز فهی معنَّسه. وتجمع مَعَانس ومعنَّسات. وعَنْس : قبیله من الیمن. وقال غیره : أعنس الشیبُ رأسَه إذا خالطه. وقال أبو ضَبّ الهذلیّ :

فتی قَبَلا لم یُعْنِس الشیبُ رأسه

سوی خُیُط کالنَّور أشرقن فی الدُجَی

روی المبرّد : لم تَعْنُس السنّ وجهه ، وهو أجود. وناقه عانسه وجمل عانس : سمین تامّ الخَلْق. وقال أبو وَجْزه السعدیّ :

بعانسات هُزِمات الأزْمَل

جُشّ کبحریّ السحاب المُخْیِل

عمرو عن أبیه : العُنُس : المَرَایا ، واحدها عِنَاس للمرآه. قال : وعَنَست المرأه وعَنِست وعَنّست وأعْنست وتأطَّرت إذا لم تُزوَّج. وقال ابن السکّیت : یقال : رجل عانس وامرأه عانس وقد عَنَست تَعْنُس عِنَاساً.

ومَهْر سَنیع مُسْنَع : کثیر. أسنع مَهْر المرأه ، وأسناه : أکثر ، قال :

مفرّکٌ مجتویً لم ترض طَلّته

ولو أتاها بمَهر مُسْنَع رُغُب

وسُنُع الإبل : خیارها.

یقول : نَعْسان. قال الفرّاء : ولا أشتهیها یعنی نعسان. وقال اللیث : قالوا : رجل نعسان وامرأه نَعْسَی ، حملوا ذلک علی وَسْنان ووَسْنَی ، وربما حملوا الشیء علی نظائره ، وأحسن ما یکون ذلک فی الشعر. قلت : وحقیقه النعاس : السِّنَه من غیر نوم ، کما قال ابن الرِّقَاع :

وَسْنان أقصده النعاسُ فرنَّقت

فی عینه سِنَهٌ ولیس بنائم

أبو العباس عن ابن الأعرابی : النَّعْس : لِین الرأی والجسم وضعفهما. قال : ورَوَی عمرو عن أبیه : أنعس الرجل إذا جاء ببنین کُسالی. وناقه نَعُوس : تُغمض عینیها عند الحلب. ونَعَست السوقُ إذا کَسَدت. والکلب یوصف بکثره النعاس.

ومن أمثالهم :

یَمْطُل مَطْلاً کنُعاس الکلب

کأنه من طول جَذْع العَفْس

یُنحَت من أقطاره بفأس

وقال اللیث : العَفْس : شدّه سَوْق الإبل. وأنشد :

یَعفِسها السوَّاقُ کل مَعْفَس

قال : الإنسان یَعفِسُ المرأهَ برجله إذا ضربها علی عَجِیزتها یعافسها وتعافسه. وقال غیره : المعافسه : الممارسه : فلان یعافس الأمور أی یمارسها ویعالجها. والعِفَاس : العِلاج. والعِفَاس : اسم ناقه ذکرها الراعی فی شعره فقال :

بمَحْنِیه أشلی العِفَاس وبَرْوعا

وقال ابن الأعرابی : العِفَاس والمعافسه : المعالجه. وأخبرنی المنذریّ عن ثعلب عن ابن الأعرابی : یقال : عَفَسته وعکسته وعَتْرسته إذا جذبته إلی الأرض فضغطته إلی الأرض ضغطاً شدیداً. قال : وقیل لأعرابیّ : إنک لا تحسن أکل الرأس ، فقال : أما والله إنی لأعفس أذنیه ، وأفکّ لَحْییه وأسْحَی خدَّیه وأرمی بالمخّ إلی من هو أحوج منی إلیه. قلت : أجاز ابن الأعرابی الصاد والسین فی هذا الحرف. العِیَفْس : الغلیظ. قال حُمَید الأرقط :

وصار ترجیم الظنون الحَدْس

وتَیَهان التائه العِیَفْس

وثوب معفَّس : صبور علی البِذْله ، ومعفوس : خَلَق. وقال رؤبه :

بَدَّل ثوبَ الجِدَّه الملبوسا

والحُسْن منه خَلَقاً معفوسا

والمَعْفِس : المفصِل. وقال الحمیریّ :

فلم یبق إلا مَعْفِس وعِجَانها

وشُنْتُرَه منها وإحدی الذوائب

أی یضارب. وروی أبو العباس عن عمرو عن أبیه قال : السُّفْعه والشُّفعه بالسین والشین : الجنون ، ورجل مسفوع ومشفوع أی مجنون. ورَوَی أبو عبید عن الأمویّ أنه قال : المسفوعه من النساء : التی أصابتها سَفْعه وهی العین. ففی الحدیث علی هذا التفسیر أنه رأی بالصبیّ عَیْناً أصابته من الشیطان فأمر النبی صلی الله علیه وسلم بالاسترقاء له. وأحسبه أراد أن یُقرأ علیه المعوِّذتان ویُنفَث فیه. فهذه ثلاثه أوجه فی قوله : رأی به سَفْعه. وأحسنها ما قاله الأمویّ ، والله أعلم. وفی حدیث آخر : «أنا وسفعاء الخدَّین الحانیهُ علی ولدها یوم القیامه کهاتین» وضمّ إصبعیه ، أراد بسفعاء الخدّین امرأه سوداء عاطفه علی ولدها. وأراد بالسواد أنها لیست بکریمه ولا شریفه. وإذا قالت العرب : امرأه بیضاء فهی الشریفه الکریمه. وقال أبو حاتم : قال الأصمعیّ : الأسفع : الثور الوحشیّ الذی فی خدّیه سواد یقرب إلی الحمره قلیلاً. قال : ویقال للأسفع : مُسَفَّع. وقال غیره : یقال للحمامه المطوَّقه : سفعاء لسواد عِلَاطها فی عنقها. ومنه قوله :

من الوُرق سفعاء العِلَاطین باکرت

فروعَ أشَاءٍ مطلع الشمس أسحما

وقال الآخر یصف ثوراً وحشیاً شبَّه ناقته فی السرعه به :

کأنها أسفع ذو حِدَّه

یمسُده البقلُ ولیل سَدِی

کأنما ینظر من برقع

من تحت رَوْق سَلِب مِذْوَد

شبَّه السُّفْعه فی وجه الثور ببرقع أسود ولا تکون السفعه إلا سواداً مشرباً وُرْقه. ومنه قول ذی الرمَّه :

أو دِمْنه نسفت عنها الصَّبَا سُفَعا

کما تُنَشَّر بعد الطِیَّه الکُتُب

أراد : سواد الدِمَن أن الریح هبَّت به فنسفته وألبسته بیاضَ الرمل ، وهو قوله :

بجانب الرزق أغشته معارفها

ویقال للأثافی التی أوقد بینها النار : سُفْع ؛ لأن النار سوَّدت صفاحها التی تلی النار. وقال زهیر :

أثافیَ سُفْعاً فی معرَّس مِرْجل

وأمَّا قول الطرمَّاح :

کما بَلَّ مَتْنَیْ طُفْیه نَضْحُ عائط

یُزیِّنها کِنٌّ لها وسُفُوعُ

فإنه أراد بالعائط : جاریه لم تحمل ، وسُفُوعها : ثیابها ؛ یقال : استفعت المرأه ثیابها إذا لبِستها. وأکثر ما یقال ذلک فی الثیاب المصبوغه. ویقال : سفعته النار تسفَعه سَفْعاً إذا لَفَحته لَفْحاً یسیراً فسوَّدت بَشَرته ، وسفعته السَّمُوم إذا لوَّحت بَشَره الوجه. والسوافع : لوافح السَّموم.

یقال : هو طیّب السُّعُوف أی الطبائع ، لا واحد لها. وفلان مسعوف بحاجته أی مُسْعَف. قال الغنویِّ :

فلا أنا مسعوف بما أنا طالب

والسُّعَاف : شُقَاق فی أسفل الظُّفُر. وتسعف أطراف أصابعه أی تشقّقت وقال أبو عمرو : یقال للضرائب : سُعُوف. قال : ولم أسمع لها بواحد من لفظها. قال : والسَّعَف _ محرّک _ : جِهاز العروس. الحرَّانی عن ابن السکیت : السَّعَف : داء فی أفواه الإبل کالجَرَب ، بعیر أسعف ، والسَّعَف : وَرَق جَرِید النخل الذی یسَفَّ منه الزُبْلان والجِلال والمراوح وما أشبهها. ویجوز السعف. والواحده سَعَفه. وقال اللیث : أکثر ما یقال له السَّعَف إذا یبس ، وإذا کانت رَطْبه فهی الشَّطْبه. قلت : ویقال للجَرِید نفسه سَعَف أیضاً ، وواحده الجرید جَرِیده. وتجمع السَّعَفه سَعَفاً وسَعَفات. الحرَّانی عن ابن السکیت : یقال : فی رأسه سَعْفه _ ساکنه العین _ وهو داء یأخذ الرأس. وقال أبو حاتم : السَعْفه یقال لها : داء الثعلب ، تورِث القَرَع ، والثعالب یصیبها هذا الداء ، فلذلک نُسب إلیها. أبو عبید عن الکسائی : سَعُفت یدُه وسَعِفت وهو التشعّث حول الأظفار والشُّقَاق. قال : وقال أبو زید : ناقه سَعْفاء وقد سَعِفت سَعَفاً ، وهو داءٌ یتمعَّط منه خُرطومها ویسقط منه شعر العین قال : وهو فی النوق خاصَّه دون الذکور. قال : ومثله فی الغنم الغَرَب. وقال أبو عبیده فی کتاب «الخیل» : من شیات نواصی الخیل ناصیه سعفاء وفرس أسعف إذا شابت ناصیته.

قال : وذلک ما دام فیها لون مخالف البیاض. فإذا خلصت بیاضاً کلها فهی صبغاء. وقال ابن شمیل : التسعیف فی المِسْک : أن یروِّح بأفاویه الطیب ویُخلط بالأدهان الطیّبه. یقال : سعِّف لی دُهْنی. ویقال : أسعفتْ داره إسعافاً إذا دَنَت : وکل شیء دنا فقد أسعف. ومنه قول الراعی :

وکائنْ تری من مُسْعِف بمنیَّه

ومکان مساعِف ومنزل مساعف أی قریب. وقال اللیث : الإسعاف قضاء الحاجه. والمساعفه : المواتاه علی الأمر فی حسن مصافاه ومعاونه. وأنشد :

إذ الناس ناس والزمانُ بِغِرَّه

وإذ أُمُّ عمَّار صدیق مساعِفُ

فرج المرأه لأنها تتفاعس أی تنفرج. قال حُمَید الأرقط یصف الکمره :

کأنما ذُرَّ علیها الخَرْدَل

تبیت فاعوستها تَأکَّلُ

والفاعوس : الکمره ، والفُعُس : الحیَّات. والفاعوس : الوَعِل والکَرَّاز والفَدْم والمُلاعِب.

فی ذَنَبه وأتباعه ، وأقام الباء مُقَام فی أو مقام مع ، وکلُّ ذلک من کلام العرب. ورَوَی ابن الأعرابی عن المفضّل أنه أنشده :

وما خیر عیش لا یزال کأنه

مَحَلَّه یعسوبٍ برأس سِنان

قال : ومعناه : أن الرئیس إذا قُتل جُعل رأسُه علی سِنَان ، فمعناه أن العیش إذا کان هکذا فهو الموت. وقال شمر : قال ابن شُمیل : عَسْب الفحل : ضِرَابه. یقال : إنه لشدید العَسْب. ویقال للولد : عَسْب. وقال کثیّر یصف خیلاً أسقطت أولادها :

یغادرن عَسْب الوالقیّ وناصح

تخُصّ به أُمُّ الطریق عیالَها

فالعَسْب : الولد ویقال : ماء الفحل. والعرب تقول : استعسب فلان استعساب الکلب وذلک إذا ما هاج واغتلم. وکلب مُسْتَعْسِب. وقال اللیث : الیعسوب : دائره عند مَرْکَض الفارس حیث یرکُض برجله من جَنب الفرس. قلت : وهذا غلط ، الیعسوب عند أبی عبیده وغیره : خطّ من بیاض الغُرَّه ینحدر حتی یمسّ خَطْم الدابَّه ثم ینقطع. وقد قاله ابن شمیل. وقال الأصمعی : الیعسوب أیضاً : طائر أصغر من الجراده طویل الذَنَب. وقال اللیث : هو طائر أعظم من الجراده. والقول ما قال الأصمعیّ.

عندک ثم سبَّعت عند سائر نسائی ، وإن شئت ثلثت ثم دُرْت» ، أی لا أحتسِب الثلاث علیک. ویقال : سبَّع فلان القرآن إذا وظَّف علیه قراءته فی سبع لیال. وفی الحدیث : سبَّعت سُلَیم یوم الفتح أی تمَّت سبعمائه رجل. وقال اللیث : الأُسبوع من الطواف سبعه أطواف ، ویجمع علی أسبوعات. قال : والأیّام التی یدور علیها الزمان فی کل سبعه منها جمعه تسمَّی الأُسبوع وتجمع أسابیع ، ومن العرب من یقول سُبُوع فی الأیام والطواف بلا ألف ، مأخوذه من عدد السبع. والکلام الفصیح : الأُسْبوع ، أبو عبید عن أبی زید : السَّبِیع بمعنی السُّبُع کالثَمین بمعنی الثُمن ، وقال شمر : لم أسمع سَبیعاً لغیره. وفی الحدیث : «أن ذئباً اختطف شاه من غنم فانتزعها الراعی منه فقال الذئب : مَن لها یوم السَّبْع»؟ قال ابن الأعرابی : السبع : الموضع الذی إلیه یکون المحشَر یوم القیامه ، أراد : من لها یوم القیامه وروی عن ابن عباس أنه سئل عن مسأله فقال : إحدی من سَبْع. قال شمر : یقول إذا اشتدّ فیها الفُتْیا قال : یجوز أن یکون اللیالی السبع التی أرسل الله العذاب فیها علی عاد ، ضربها مثلاً للمسأله إذا أشکلت. قال : وخلق الله السموات سبعاً والأرضین سبعاً وروی فی حدیث آخر أن النبی صلی الله علیه وسلم نهی عن السِّبَاع قال ابن الأعرابی : السِّباع : الفِخار کأنه نهَی عن المفاخره بکثره الجماع.

وحکی أبو عمرو عن أعرابی أعطاه رجل درهماً فقال : سبَّع الله له الأجر ، قال : أراد : التضعیف ، وفی «نوادر الأعراب» : سبّع الله لفلان تسبیعاً وتبَّع له تَتْبیعاً أی تابع له الشیء بعد الشیء ، وهی دعوه تکون فی الخیر والشر ، والعرب تصنع التسبیع موضع التضعیف وإن جاوز السبع ، والأصل فیه قول الله جل وعز : (کَمَثَلِ حَبَّهٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنابِلَ فِی کُلِّ سُنْبُلَهٍ مِائَهُ حَبَّهٍ) [البقره : 261] ثم قال النبی صلی الله علیه وسلم : «الحسنه بعشر أمثالها إلی سبعمائه». قلت : وأُرَی قول الله جَلّ ثناؤه لنبیه صلی الله علیه وسلم : (إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِینَ مَرَّهً فَلَنْ یَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ) [التوبه : 80] من باب التکثیر والتضعیف لا من باب حَصْر العَدَد ، ولم یُرد الله جل ثناؤه أنه علیه السلام إن زاد علی السبعین غَفَر لهم ، ولکن المعنی : إن استکثرتَ من الدعاء والاستغفار للمنافقین لم یغفر الله لهم. وأمَّا قول الفرزدق :

وکیف أخاف الناس والله قابض

علی الناس والسَّبْعَین فی راحه الید

فإنه أراد بالسبعَین : سبع سموات وسبع أرضین. ویقال : أقمت عنده سَبْعین أی جمعتین وأسبوعین.

أبو عبید عن أبی عمرو : المُسْبَع : المهمَل. وهو فی قول أبی ذؤیب :

صخِب الشواربَ لا یزال کأنه

عبد لآل أبی ربیعه مُسْبَعُ

ورَوَی شمر عن النضر بن شمیل أنه قال : المُسْبَع : الذی یُنْسَب إلی أربع أمَّهات کلُّهن أمَه. وقال بعضهم : إلی سبع أمَّهات. قال : ویقال أیضاً : المُسْبع :

ص: 70

التابعه. یقال : الذی یولد لسبعه أشهر فلم تُنْضجه الرحِم ولم تتمَّ شهوره.

وقال العجّاج :

إن تمیماً لم یراضع مُسْبَعا

قال النضر : ربّ غلام قد رأیته یراضِع. قال : والمراضعه : أن یرضع أمّه وفی بطنها ولد. وروی أبو سعید الضریر قول أبی ذؤیب :

عبد لآل أبی ربیعه مسبع

بکسر الباء وزعم أن معناه : أنه قد وقع السباع فی ماشیته فهو یصیح ویصرخ ، ویقال : سبَّعت الشیء إذا صیَّرته سبعه ، فإذا أردت أنک صیَّرته سبعین قلت : کمَّلته سبعین ، ولا یجوز ما قال بعض المولَّدین : سبعنته ولا قولهم : سبعنَتْ دراهمی أی کَمُلتْ سبعین. وقولهم : أخذت منه مئه درهم وزناً وزنَ سبعه المعنی فیه : أن کل عشره منها تزن سبعه مثاقیل ولذلک نصب وزناً.

والسُبُع یقع علی ماله ناب من السِباع ویَعْدُو علی الناس والدوابّ فیفترسها ؛ مثل الأسَد والذئب والنَّمِر والفَهْد وما أشبهها.

والثعلب وإن کان له ناب فإنه لیس بسَبُع لأنه لا یعدو علی صغار المواشی ولا ینیّب فی شیء من الحیوان.

وکذلک الضَبُع لا یعدّ من السباع العادِیه ، ولذلک وردت السنَّه بإباحه لحمها وبأنها تُجزَی إذا أصیبت فی الحَرَم أو أصابها المحرم.

وأما الوَعْوع _ وهو ابن آوی _ فهو سَبُع خبیث ولحمه حرام لأنه من جنس الذئاب إلا أنه أصغر جِرْماً وأضعف بَدَناً. ویقال : سبَع فلان فلاناً إذا قَصَبه واقترضه أی عابه واغتابه. وسبع فلاناً إذا عضَّه بسنّه.

ومن أمثال العرب السائره قولهم : أخذه أخذ سَبْعه. قال ابن السکیت : إنما أصلها سَبُعَه فخُفّفتْ. قال : واللَبُؤه _ زعموا _ أنزقُ من الأسَد ، قال وقال ابن الکلبیّ هو سَبْعه بن عَوْف بن ثعلبه بن سَلامَان من طیّیء ، وکان رجلاً شدیداً.

وقال ابن المظفّر : أرادوا بقولهم : لأعملنّ بفلان عمل سَبْعه : المبالغه وبلوغَ الغایه. قال : وقال بعضهم : أرادوا : عمل سبعه رجال. وأرضٌ مَسْبَعَه : کثیره السِباع : ویقال : سَبَعْتُ القوم أسْبَعُهم إذا أخذت سُبُعَ أموالهم. وکذلک سَبَعْتُهُم أسْبَعُهم إذا کنت سَابِعَهُم. وفی أظمَاء الإبل السِّبْعُ ، وذلک إذا أقامت فی مراعیها خمسه أیام کواملَ ، ووردت الیوم السادس ، ولا یُحسب یومُ الصَدَر. وسَبُعَتْ الوحشیّهُ فهی مسبوعه إذا أکل السَبُع ولدها.

قال أبو بکر فی قولهم : فلان یَسْبَع فلاناً قولان. أحدهما : یرمیه بالقول القبیح من قولهم : سبعت الذئب إذا رمیته. قال : ویدلّک علی ذلک حدیث النبی صلی الله علیه وسلم أنه نهی عن السّبَاع وهو أن یتسابّ الرجلان فیرمی کلّ واحد منهما صاحبه بما یسوءه من القَذْع. وقیل : هو إظهار الرَفَث والمفاخره بالجماع ، والإعراب بما یُکنَی عنه من أمر النساء.

ص: 71

قال والسَّبُعَان : موضعٌ معروفٌ فی دیار قَیس. ولا یعرف من کلامهم اسم علی فَعُلَان غیره.

وقال النضر بن شمیل : السُّبَاعِیُ من الجِمال : العظیم الطویل. قال والرُباعیّ من الجمال ، مثل السُّبَاعِی علی طوله. قال : وناقه سُبَاعِیَّه ورباعیّه. وقال غیره : ثوبٌ سُبَاعِی إذا کان طوله سَبْع أذرع أو سبعه أشبار ؛ لأن الشِبْر مذکّر ، والذراع مؤنثه. أبو عبید عن الأصمعی : سَبَعْتُه إذا وقعت فیه ، وأسْبَعْتُه إذا أطعمته السِّباع.

وقال ابن السکیت : أسْبَعَ الراعی إذا وقع فی ماشیته السِّبَاع. وسَبَعَ الذئبُ الشاهَ إذا فرسها. وسَبَعَ فلان فلاناً إذا وقع فیه ، وأسْبَعَ عَبْدُه إذا أهمله.

أی لا یطمع فیه طامع أن یغالبه. والرجل یَعْسِمُ فی جماعه الناس فی الحرب ، أی یرکب رأسه ویرمی بنفسه وسطهم غیر مکترِث. یقال عَسَمَ بنفسه إذا اقتحم. وقال غیره : عَسَمَت العَیْنُ تَعْسِمُ فهی عَاسِمه إذا غمَّضت ، وقال غیره : عَسَمَتْ إذا ذَرَفَت ، رواه الأثرم عن أبی عبیده.

وقال ذو الرُمّه :

ونِقْضٍ کرِئْمِ الرملِ نَاجٍ زَجَرته

إذا العین کادت من کَرَی اللیل تعْسِمُ

قیل : تَعْسِمُ تغمّض ، وقیل : تَذْرِف.

وقال الآخر :

کِلنا علیها بالقَفِیز الأعظم

تِسْعِین کُرًّا کلُّه لم یُعْسَم

أی لم یُطَفَّفْ ولم یُنقصْ.

وقال المفضّل : یقال للإبل والغنم والناس إذا جُهِدُوا : عَسَمَهُمْ شِدّه الزمان. قال والعَسْمُ الانتقاص. وحمارٌ أعْسَمُ : دقیق القوائم. وما فی قِدْحِه مَعْسَم أی مَغْمز. ثعلب عن ابن الأعرابیّ : العَسْمِیُ : الکَسُوبُ علی عیاله. والعَسْمِیُ المُخَاتِل. والعَسْمِیُ المصلح لأموره ، وهو المعوجّ أیضاً. قال والعُسُمُ : الکادّون علی العِیال ، واحدهم عَسُومٌ وعَاسِمٌ. قال والعَسُومُ : الناقه الکثیره الأولاد.

وجَمَلٌ سَعُوم. وقال اللیث : السَّعْمُ : سرعه السیر والتمادی فیه. وأنشد :

سَعْمُ المَهَارَی والسُرَی دواؤُهُ

ویجوز أن یکون معناه : أنهم یسمعون الکذب لیُشیعوه فی الناس والله أعلم بما أراده. عمرو عن أبیه أنه قال : من أسماء القید المُسْمِعُ. وأنشد :

وَلِی مُسْمِعَانِ وَزَمَّارَهٌ

وظلٌّ ظلیلٌ وحصْنٌ أَمَقْ

أراد بالزمّاره : السّاجور. وکتب الحجّاج إلی عامل له : أن ابعثْ إلیّ فلاناً مُسَمَّعاً مُزَمَّراً أی مَقیَّداً مُسَوْجَراً. وقال الزجّاج : المِسْمَعَانِ جَانِبا الغَرْب. وقال أبو عمرو : المِسْمَعُ العُرْوه التی تکون فی وسط المزاده. ووسط الغَرْب لیعتدل. أبو عبید عن الأحمر قال : المِسْمَعَانِ : الخشبتان اللتان تُدْخَلان فی عُرْوتی الزَبِیل إذا أخْرج به التراب من البئر ، یقال منه : أسمَعتُ الزَبِیل. وروی أبو العباس عن أبی نصر عن الأصمعی قال : المِسْمَعُ عُرْوه فی داخل الدلو بإزائها عروه أخری ، فإذا استَثقل الصبیُّ أو الشیخ أن یستقی بها جمعوا بین العُرْوتین وشدّوهما لتخفّ. وأنشد :

سألتُ زیداً بعد بَکْرٍ خُفَّا

والدَلْوُ قد تُسْمَعُ کَیْ تَخِفَّا

قال : سأله بَکْراً من الإبل فلم یعطه ، فسأله خُفًّا أی جَمَلاً مُسِنًّا. وقال آخر :

ونَعْدِلُ ذا المَیْلِ إنْ رَامَنَا

کما عُدِلَ الغَرْبُ بالمِسْمَعِ

وسمعت بعض العرب یقول للرجلین اللذین ینزِعان المِشْئاه من البئر بترابها عند احتفارها ، أسْمِعَا المِشْئاه أی أبیناها عن جُول الرَکِیَّه وفمها. وقال الله جلّ وعزّ : (خَتَمَ اللهُ عَلی قُلُوبِهِمْ وَعَلی سَمْعِهِمْ وَعَلی أَبْصارِهِمْ غِشاوَهٌ) [البقره : 7] فمعنی خَتَمَ :

طَبَعَ علی قلوبهم بکفرهم ، وهم کانوا یسمعون ویبصرون ، ولکنهم لم یستعملوا هذه الحواسّ استعمالاً یُجدی علیهم ؛ فصاروا کمن لم یسمع ولم یبصر ولم یعقل ؛ کما قال الشاعر :

أصَمُّ عَمَّا ساءه سَمِیعُ

وأما قوله : علی سمعهم فالمراد منه علی أسماعهم. وفیه ثلاثه أوجه أحدها : أن السمع بمعنی المصدر ، والمصدر یوحّد یراد به الجمیع. والثانی أن یکون المعنی علی مواضع سمعهم ، فحذفت المواضع کما تقول : هم عَدْلٌ أی ذوو عَدْلٍ. والوجه الثالث : أن یکون إضافته السمع إلیهم دالاً علی أسماعهم ؛ کما قال :

فی حَلْقکم عَظْم وقد شَجِینا

معناه : فی حلوقکم. ومثله کثیر فی کلام العرب. ورُوِی عن النبی صلی الله علیه وسلم أنه قال : «من سَمَّعَ الناس بعمله سَمَّعَ الله به سَامِعُ خَلْقِه وحقّره وصغّره». ورواه بعضهم : أسَامِعَ خَلْقِه. قال أبو عبید : قال أبو زید : یقال سَمَّعْتَ بالرجل تسمیعاً إذا ندَّدت به وشهَّرته وفضحته. قال : ومَن روی سامعُ خَلْقِه فهو مرفوع أراد : سَمَّعَ الله سامعُ خلقه به أی فضحه. ومن رواه أسَامِع خلقه فهو منصوب ، وأسَامِع جمع أسْمُع وهو جمع السَّمْع ، ثم أسَامِعُ جمع الأَسْمُع. یرید إن الله لیسمع أسماع خلقه بهذا الرجل یوم القیامه. والسُّمْعَهُ : ما

ص: 75

سَمَّعْتَ به من طعام أو غیره ریاءً. وسَمَّعْت بفلان فی الناس إذا نوَّهتَ بذکره. وحدّثنا أبو القاسم بن مَنیع قال : حدّثنا محمد بن میمون قال : حدّثنا سفیان قال : حدثنا الولید بن حرب عن سَلمه بن کُهَیل عن جندب البَجَلیّ قال : سمعت رسول الله صلی الله علیه وسلم یقول : «من سمَّع یسمّع الله به ، ومن یُراء یراءِ الله به». زاد هذا الجنید عن سفیان بإسناده. أبو عبید عن أبی زید فی المؤلف : شتَّرت به تشتیراً _ بالتاء _ وندَّدت به وسمَّعت به وهجَّلت به إذا أسمعته القبیح وشتمته. قال الأزهری : من التسمیع بمعنی الشتم وإسماع القبیح قول النبی صلی الله علیه وسلم : «من سمَّع یُسمِّع الله به» أبو عبید عن الأصمعی أو الأموی : السّمَعْمَعُ : الصغیرُ الرأس. ورَوَی شمر عن ابن الکلبی أن عَوَانَه حَدَّثه أن المغیره سأل ابن لِسَان الحُمَّره عن النساء ، فقال : النساء أربع : فربیع مُرْبع. وجَمیعٌ تَجمع. وشیطانٌ سَمَعْمَع. ویروی سُمَّعَ ، وغُلٌّ لا یُخْلَع. قال : فَسِّرْ. قال : الربیع المُرْبعُ : الشابَّه الجمیله ، التی إذا نظرْت إلیها سرّتک ، وإذا أقسمت علیها أبَرّتک. وأمَّا الجمیع التی تَجمع فالمرأه تَزَوَّجُها ولک نَشَبٌ ولها نَشَبٌ فتجمع ذلک. وأمَّا الشیطان السَّمَعْمَع فهی الکالحه فی وجهک إذا دَخَلْتَ ، المولولِه فی أثرک إذا خرجتَ. قال شمر : وقال بعضهم امرأه سَمَعْمَعَه کأنها غُول. قال : والشیطان الخبیث یقال له سَمَعْمَع. قال : وأما الغُلّ الذی لا یُخْلع فبنت عمک القصیره الفوهاء ، الدَمِیمه السوداء ، التی قد نَثَرتْ لک ذا بطنِها. فإن طلّقتها ضاع ولدک ، وإن أمسکْتها أمسکْتها علی مثل جَدْع أنفک. وقال اللیث : السَّمَعْمَع من الرجال : المنکمش الماضی. قال : وغُولٌ سَمَعْمَعٌ وامرأه سَمَعْمَعهٌ کأنها غولٌ أو ذئبهٌ. والمِسْمَعان الأذنان ، یقال : إنه لطویل المِسْمَعَین. وقال اللیث : السمیعان من أدوات الحرّاثین : عودان طویلان فی المِقْرَن الذی یُقْرن به الثَوْران لحراثه الأرض. وقال أبو عبید عن أبی زید : امرأهٌ سُمْعُنَّه نُظْرُنَّه ، وهی التی إذا سَمِعتْ أو تبصّرتْ فلم تر شیئاً تظنَّتْ تَظَنِّیاً أی عمِلتْ بظنّ. قال وقال الأحمر أو غیره : سِمْعَنَّهٌ نِظْرَنَّهٌ. وأنشد :

إنَّ لنا لکَنَّهْ مِعَنَّه

مِفَنَّهْ سِمْعَنَّهً نِظْرَنَّهْ

إلَّا ترهْ تَظُنَّهْ

کالذئب وَسْطَ العُنَّهْ

وقال أبو زید : یقال فعلتُ ذلک تَسْمِعَتَکَ وتَسْمِعَهً لک أی لِتَسْمَعَهُ. وفی حدیث قَیْلَه أن أختها قالت : الویلُ لأختی ، لا تخبرها بکذا فتخرجَ بین سمع الأرض وبصرها. قال أبو زید : یقال خرج فلان بین سَمْعِ الأرض وبصرها إذا لم یَدْرِ أین یتوجَّه. وقال أبو عبید : معنی قولها : تخرج أختی معه بین سمع الأرض وبصرها : أن الرجل یخلو بها لیس معها أحد یسمع کلامها أو یبصرها إلّا الأرض القَفْر ، لیس أن الأرض لها سَمْع ولکنها وَکّدت الشناعه فی خلوتها بالرجل الذی صحبها. وقیل معناه : أن تخرج بین سَمْع أهل الأرض

ص: 76

وأبصارهم ، فحذفت الأهل کقول الله جلّ وعزّ : (وَسْئَلِ الْقَرْیَهَ) [یوسف : 82] أی أهلها.

وقال ابن السکیت : یقال لقِیته یمشی بین سَمْع الأرض وبصرها أی بأرضٍ خلاءٍ ما بها أحد. قلت : وهذا یقرب من قول أبی عبید ، وهو صحیح. وقال بعضهم : غولٌ سُمَّعٌ : خفیف الرأس. وأنشد شمر البیت :

فلیست بإنسان فینفعَ عقلُه

ولکنها غولٌ من الجنّ سُمَّعُ

والسَّمَعْمَع والسَمْسَام من الرجال : الدقیق الطویل. وامرأهٌ سَمَعْمَعه سَمْسامه. وأنشد غیره :

وَیْلٌ لأجمال العجوز مِنِّی

إذا دنوتُ ودَنَوْنَ مِنِّی

کأننی سَمَعْمَع من جِنّ

وأمّ السَّمْعِ وأمّ السَّمِیعِ : الدماغ. قال :

نَقَبْنَ الحَرّه السوداء عنهم

کنقب الرأس عن أُمّ السَّمِیعِ

ویُقال فی التشبیه : هو أَسْمَعُ من الفرس والقُرَاد وفرخ العُقاب والقُنْفُذ.

الأکمه. أبو عمرو : مَحَاله عَیْزَارَه : شدیده الأسر. وقد عَیْزَرَهَا صاحبها. وأنشد :

فابْتَغِ ذات عَجَل عَیَازِرَا

صَرَّافَهَ الصوت دَمُوکا عَاقِرَا

والعَزَوَّرُ : السّیء الخُلُق عن أبی عمرو. أبو العباس عن ابن الأعرابی : العَیْزَارُ الغُلَام الخفیف الروح النشیط. وهو اللَقْنُ الثَقْفُ وهو الریشه ، والمماحل والممانی. عَزْوَرُ : موضع قریب من مکَّه. قال ابن هَرْمَه :

ولم ننس أظعاناً عَرَضْن عشیهً

طوالع من هَرْشَی قواصد عَزْوَرَا

والعَیَازِرُ : بقایا الشجر الذی أُخذت أعالیه بالقطع والأکل.

شقاوه أی أصاب مالاً بعد حاجه. وتَزَرَّعَ إلی الشیء : تسرع. ویقال للکلاب : أولاد زارع. قال :

وأخرج منه الله أولاد زارع

مُوَلَّعه أکنافها وجُنُوبها

والمَزْروعان من بنی کعب بن سعد لَقَبان لا إسمان.

وقال اللیث : الأعزل من الدواب : الذی یمیل بذَنَبه عن دُبُره. والأعزل من الرجال : الذی لا سلاح معه. وأنشد أبو عبید :

وأری المدینه حین کنت أمیرها

أمِنَ البریء بها ونام الأعْزَلُ

وفی نجوم السماء سِمَاکَانِ : أحدهما السِمَاک الأعزل ، والآخر السماک الرامح. فأمَّا الأعزل فهو من منازل القَمَر ، ینزل القمر وهو شآمٍ وسُمّی أعزل لأنه لا شیء بین یدیه من الکواکب ؛ کالأعزل الذی لا سلاح معه. ویقال : سُمِّی أعزل لأنه إذا طلع لا یکون فی أیامه ریحٌ ولا بَرْدٌ.

وقال أوْس بن حَجَر :

کأنّ قُرُون الشمس عند ارتفاعها

وقد صادفتْ قَرْناً من النجم أعْزَلَا

تردَّد فیه ضوؤها وشعاعها

فاحْصِنْ وأزْیِنْ لامریءٍ إن تَسَرْبَلَا

أراد إن تسربل بها ، یصف الدرع أنک إذا نظرت إلیها وجدتها صافیه برّاقهً ، کأنّ شعاع الشمس وقع علیها فی أیام طلوع الأعزل والهواءُ صافٍ. وقوله : تردَّد فیه یعنی فی الدرع فذکّره للَّفظ ، والغالب علیها التأنیث. وقال الطرِمَّاح :

محاهُنّ صَیّبُ نَوْء الربیع

من الأنجم العُزْلِ والرامحهْ

وعَزْلاء المزاده : مَصَبّ الماءِ منها فی أسفلها حیث یُستفرغ ما فیها من الماء ، وجمعها العَزَالِی ؛ سمّیت عزلاء لأنها فی أحد خُصْمَیِ المزاده لا فی وسطها ، ولا هی کفمها الذی منه یُسْقَی فیها ، ویقال للسحابه إذا انهمرت بالمطر الْجَوْد : قد حَلَّتْ عَزَالِیهَا ، وأرسلت عَزَالِیهَا. والمِعْزَالُ من الناس : الذی لا ینزل مع القوم فی السَفَر ، ولکن ینزل وحده. وهو ذمّ عند العرب بهذا المعنی. ویکون المِعْزَال : الذی یستبِدّ برأیه فی رَعْی أُنُف الکَلأ ، ویتّبع مساقط الغیث ، ویَعْزُبُ فیها ، فیقال له : مِعْزَابه ومِعْزال. ومنه قوله :

وتلوی بلَبُون المِعْزَابَه المِعْزَالِ

وهذا المعنی لیس بذمّ عندهم لأن هذا من فعل الشجعان وذوی البأس والنَجْده من الرجال. ویجمع الأعزل من الرجال الذی لا سلاح معه : عزلاً وأعْزَالاً. ومنه قول الفِنْد الزِمّانی _ واسمه شَهْل _ :

رأیت الفتیه الأعْزَا

ل مثل الأیْنُق الرُعْلِ

فجمع الأعزل علی أعزال ، وکأنه جَمْع العُزُلِ. وقد جاء فی الشِعر : عُزَّلاً. ومنه قول الأعشی :

غیر مِیل ولا عواویر فی الهی

جا ولا عُزَّلٍ ولا أکْفَالِ

وقال أبو منصور : الأعزال جمع العُزُل علی فُعُل کما یقال : جُنُب وأجناب ومیاه أسدام جمع سُدُم.

وروی أبو العباس عن ابن الأعرابی قال : الأعزل من اللحم یکون نصیبَ الرجل الغائب. والجمع عُزْلٌ. قال : والأعزل من الرمال : ما انعزل عنها أی انقطع.

ص: 81

ویقال لسائق الحمار : اقْرع عَزَلَ حمارک أی مؤخِّره. والعَزَلَه : الحَرْقَفه. والأعزل : الناقص إحدی الحَرْقَفتین. وأنشد :

قد أعجلت ساقتها قرع العَزَلْ

أبو داود عن ابن شمیل : مرّ قتاده بعمرو ابن عبید فقال : ما هذه المُعْتَزِلَهُ : فسُمُّوا المعتزله. وهو عمرو بن عبید بن باب. وفیه یقول القائل :

بَرِئتُ من الخوارج لستُ منْهم

من العُزَّالِ منهم وابن بَاب

وعازله : اسم ضَیْعه کانت لأبی نُخَیله الْحِمَّانی. وهو القائل فیها :

عازله عن کل خیر تُعْزَل

یابسه بطحاؤها تُفَلْفِلُ

للجنّ بین قارَتَیْها أفکل

أقبل بالخیر علیها مقبلُ

ومقبل : اسم جبل بأعلی عازله.

أکل الْجمِیم وطاوعَتْهُ سَمْحَجٌ

مثلُ القناه وأزْعَلَتْهَا الأَمْرُعُ

وقال أبو زید : الزَعَلُ والعَلَزُ : التضوُّر. وقال اللیث : الزَعْله من الحوامل : التی تلد سنه ولا تلد سنه ، کذلک تکون ما عاشت.

یرید الاهتداء به علی الطریق فی الفلاه. وعُنَیْزَه : موضع فی البادیه معروفٌ ، وقال اللیث : العَنْز فی قول رؤبه ، صخره تکون فی الماء ، والذی قاله الأعرابیّ أصحّ. وقال اللیث : العَنْز من الأرض : ما فیه حُزُونه من أکمه أو تَلّ أو حجاره. وقال غیره : یقال نَزَل فلان معتنِزاً إذا نزل حَرِیداً فی ناحیه من الناس. ورأیته مُعْتَنِزاً ومنتبِذاً إذا رأیته متنحِّیاً عن الناس. وقال النضر : رجلٌ مَعَنَّزُ الوجه إذا کان قلیل لحم الوجه. وأنشد :

مُعَنَّز الوجه فی عِرْنینه شَمَمُ

وقال أبو داود : سمعت أعرابیاً یقول لرجل : هو معنَّز اللحیه ، وفسّره أبو دواد : بَزْرِیش کأنه شبّه لحیته بلحیه التیْس. ومن أمثال العرب : حَتْفَها تحمل ضأنٌ بأظلافها. وقال أبو عبید : من أمثالهم فی هذا لا تَکُ کالعَنْز تبحث عن المُدْیه ، یضرب مثلاً للجانی علی نفسه جنایه یکون فیها هلاکه ، وأصله أن رجلاً کان جائعاً بالفلاه فوجد عَنْزاً ولم یجد ما یذبحها به ، فبحثت بیدیها وأثارت عن مُدْیهٍ ، فذبحها بها. ومن أمثالهم فی الرجُلین یتساویان فی الشرف : قولهم : هما کَرُکْبَتَی العَنْز ، وذلک أن رکبتیها إذا أرادت أن تَرْبض وقعتا معاً. ونحوُ ذلک قولهم : هما کعِکْمَی العَیْر. ویروی هذا المثل عن هَرِم بن سِنَان أنه قاله لعلقمه وعامر حین سافرا إلیه فلم ینفِّر واحداً منهما علی صاحبه ، ومن أمثالهم لقِی فلان یوم العَنْز ، یضرب مثلاً للرجل یَلْقی ما یُهلکه.

ینازعننا رخص البنان کأنما

ینازعننا هُدَّاب رَیْط معضَّد

سَلَمه عن الفرّاء قال : المَنْزَعه : الصخره التی یقوم علیها الساقی قال والمَنْزَعه : القوس الفَجْواء. والمَنْزَعه. قوّه عزم الرأی والهمّه. ویقال للرجل الجیّد الرأی : إنه لجیّد المَنْزَعه. وأما المِنْزَعه بکسر المیم فخشبه عریضه نحو المِلْعَقه ، تکون مع مُشتار العسل ینزِع بها النحلَ اللاصق بالشَهْد وتسمّی المِحْبَضَه. ویقال للإنسان إذا هوی شیئاً ونازعته نفسه إلیه : هو یَنْزِع إلیه نِزَاعاً. ونَزَع فی القوس یَنْزِع نَزْعاً إذا مَدّ وتَرها. قال الله جلّ وعزّ : (وَالنَّازِعاتِ غَرْقاً) [النازعات : 1] قال الفرّاء : تَنْزع الأنفسَ من صدور الکفّار ، کما یُغْرِق النازع فی القوس إذا جَذَب الوَتر. وقال ابن السکیت : قال الکسائی : یقولون لتعلمنّ أینا أضعف مِنْزعه. والمِنزعه : ما یرجع إلیه الرجل من رأیه وتدبیره ، جاء به ابن السکیت فی باب مِفْعَله ومَفعله قال : وقوله (یَتَنازَعُونَ فِیها کَأْساً) أی یتعاطون ، والأصل فیه یتجاذبون. وقال ابن عباس وابن مسعود فی قوله : (وَالنَّازِعاتِ غَرْقاً). هی الملائکه. ویقال : فلان یَنْزِع نَزْعاً إذا کان فی السیاق عند الموت. وکذلک هو یسوق سَوقاً. ویقال نَزَعَ الرجل عن الصِبَا ، ینزِع نزوعاً إذا کفّ عنه. وربما قالوا : نَزْعاً. ویقال نَزَع فلان إلی أبیه یَنْزِع إذا أشبهه ، ونَزَعَ إلی عِرْق ، یَنْزِع ، وقد نَزَعَ شَبَهَهُ عِرْق. وقال النبی صلی الله علیه وسلم إنما هو عِرْق نَزَعَه. ونُزَّاعُ القبائل : غرباؤهم الذین یجاورون قبائل لیسوا منهم الواحد نَرِیع. ویقال للرجل إذا استنبط معنی آیه من کتاب الله : قد انتزع معنًی جیّداً ، ونَزَعَهُ مثله إذا استخرجه. والمِنْزَعُ : السهم الذی یُرْمَی به. ومنه قول أبی ذؤیب :

فأنفذ طُرَّتَیه المِنْزَعُ

وقال ابن السکیت : انتزاع النیَّه : بُعْدها ، أخبرنی بذلک المنذری عن الحرانی عنه. قال أبو منصور : ومنه نزع فلان إلی وطنه. النزائع الغرباء وکذلک النُزّاع الواحد نزیع ونازع. وشرابٌ طیّب المِنْزَعه إذا کان طیّب الخِتام ، وهو ساعه ینزعه عن فیه. وقیل فی قوله : (خِتامُهُ مِسْکٌ) [المطففین : 26] إنهم إذا شرِبوا الرحِیق ففنِی ما فی الکأس وانقطع الشُّرب انختم ذلک بریح المسک وطیبِه والله أعلم. وقال اللیث : یقال للخیل إذا جَرَت : لقد نَزَعت سنَناً. وأنشد :

والخیل تنزِع قُبًّا فی أعنّتها

کالطیر تنجو من الشُؤْبُوبِ ذی البَرَدِ

والنَّزَعَه : الرُمَاه ، واحدهم نازع. ومنه المثل عاد الرمیُ علی النَّزَعه یضرب مثلاً للذی یَحیق به مَکْرُه. أبو عبید عن الأموی : أنْزَعَ القوم فهم مُنْزِعون إذا نزعَتْ إبلُهم إلی أوطانها. وأنشد :

فقد أهافوا زعموا وأنْزَعُوا

ویقال هذه أرض تنازِع أرضنا إذا کانت تتاخمها. وقال ذو الرمّه :

لَقًی بین أجمادٍ وجَرْعاء نَازَعَتْ

حِبالا بهنّ الجازئات الأوابد

ص: 85

والنزائع من الریاح : هی النُکْب ، سمّیتْ نزائع لاختلاف مَهَابِّها. وقال اللیث : غَنَمٌ نُزُعٌ إذا حَنّت فاشتهت الفَحْل. وبها نزاع وشاهٌ نَازِع. ابن السکیت : النَّزَعه نبتٌ معروف. ابن الأعرابی : أنزع الرجل إذا ظهرت نزعاته.

علوت بالمُزْعِف المأثورِ هامتَه

فما استجاب لداعیه وقد سَمِعَا

ثعلب عن ابن الأعرابی قال : الزُّعُوف : المَهَالک. عمرو عن أبیه قال : من أسماء الحیّه المِزعافه والمِزعامه.

یَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقالُ ذَرَّهٍ فِی السَّماواتِ وَلا فِی الْأَرْضِ) [سبإ : 3] معناه لا یغیب عن علمه شیء. وفیه لغتان : عَزَبَ یَعْزُبُ ویَعْزِبُ إذا غاب. ورجلٌ عَزَبٌ لا أهل له. أبو عبید عن الفرّاء : امرأه عَزَبَه : لا زوج لها. وقال الکسائی مثله. وقال ابن بُزُرْج _ فیما قرأت له بخطّ أبی الهیثم _ : رجلٌ عَزَبٌ ، ورجلان عَزَبان ، وقومٌ أعزابٌ ، وامرأهٌ عَزَبه ونسوهٌ عَزَبَاتٌ ونساءٌ عُزَّابٌ : لا أزواج لهنّ ، وإن کان معهنّ أولادهنّ. وقال النضر : قال المنتجِع : یقال امرأه عَزَبٌ بغیر هاء. قال ولا تقل : امرأه عَزَبَه. وأنشد فی صفه امرأه جعلها عَزَباً بغیر هاء :

إذا العَزَبُ الهوجاء بالعطر نَافَحَتْ

بَدَتْ شمس دَجْنٍ طلَّهً لم تَعَطّر

أبو حاتم عن الأصمعی : رجلٌ عَزَبٌ ، ولم یَدْرِ کیف یقال للمرأه. قال أبو حاتم : ویقال للمرأه أیضاً عَزَبُ. وأنشد :

یا من یَدُلُ عَزَباً علی عَزَبْ

علی ابنه الحُمَارِس الشیخ الأزَبْ

قال : ولا یقال رجل أعزب. وأجاز غیره : رجل أعزب. ویقال : إنه لعَزَب لَزَب وإنها لعَزَبه لَزَبه. ویقال عَزَبَ یَعْزُبُ وتعزَّب بعد التأهّل. وقالوا : رجلٌ عَزَبٌ للذی یَعْزُب فی الأرض. وقال اللیث : المِعْزَابه : الذی طالت عُزُوبته ، حتی ما له فی الأهل من حاجه. قال ولیس فی الصفات مِفعاله غیر هذه الکلمه. قلت : قال الفرّاء : ما کان من مفعال کان مؤنَّثه بغیر هاء ، لأنه انعدل عن النعوت انعدالاً أشدّ من انعدال صَبُور وشَکُور وما أشبههما ممّا لا یؤنَّث ، ولأنه شُبِّه بالمصادر ، لدخول الهاء فیه. یقال امرأه مِحْماق ومِذْکار ومِعْطار. قال : وقد قیل رجل مجذامه إذا کان قاطعاً للأمور جاء علی غیر قیاس. وإنما زادوا فیه الهاء لأن العرب تُدخل الهاء فی المذکَّر علی جهتین : إحداهما المدح والأخری الذمّ إذا بولغ فی الوصف. قلت والمِعزبه دخلتها الهاء للمبالغه أیضاً. وهو عندی : الرجل الذی یُکْثِر النهوض فی ماله العزِیبِ یتتبَّعُ مساقط الغیث وأُنُف الکلأ. وهو مدح بالغٌ علی هذا المعنی. قال اللیث : ویقال أعْزَبَ عن فلان حِلْمُه یَعْزُب عُزُوباً ، وأعزب الله حِلْمه أی أذهبه الله وأنشد :

وأعزبتَ حلمی بعد ما کان أعْزَبَا

قلت : جعل أعزب لازماً وواقعاً. ومثله أملق الرجل إذا أعدم ، وأملق مالَه الحوادثُ. وقال اللیث : العَازِبُ من الکلأ : البعیدُ المُطْلِب. وأنشد : وعَازِبٍ نَوّر فی خلائه قال : وأعزب القوم : أصابوا عازِباً من الکلأ. قلت : وعَزَبَ الرجل بإبله إذا رعاها بعیداً من الدار التی حلّ بها الحیُّ لا یأوی إلیهم. وهو مِعْزَابٌ ومِعْزابَهٌ وکلّ منفرد عَزَبٌ. ومُعَزِّبَهُ الرجل : امرأه یأوی إلیها فتقوم بإصلاح طعامه وحِفظ أداته. ویقال ما لفلانٍ مُعَزِّبَه تُقَعّدُه. وقال أبو سعید الضریر : لیس لفلان امرأه تُعَزِّبه أی تُذْهِبُ عُزْبته بالنکاح ، مثل قولک : هی تمرِّضه أی تقوم علیه فی مَرَضه. وفی «نوادر الأعراب» : فلان یعزّب فلاناً ویُرَبِّض فلاناً ویَرْبِضه : یکون له مثل الخازن. والعَزِیبُ :

ص: 88

المال العَازِبُ عن الحیّ ، سمعته من العرب. ومن أمثالهم : إنما اشتریتُ الغنم حِذارَ العازبه ، والعازبه : الإبل. قاله رجل کانت له إبل فباعها واشتری غنماً لئلا تَعْزُبَ ، فعَزَبتْ غَنَمُه فعاتب علی عزوبها. یقال ذلک لمن ترفّق أهون الأمور مئونهً ، فلزمه فیه مشقَّهٌ لم یحتسبها. وهِراوه الأعْزاب : فرسٌ کانت مشهوره فی الجاهلیّه ، ذکرها لَبِید وغیره من قدماء الشعراء. عمرو عن أبیه : یقال لامرأه الرجل : هی محصّنته ومُعَزّبته وحاصِنته وحاضِنته وقابِلته ولحافه وقال ابن شمیل فی قوله : ستجدونه معزّباً قال : هو الذی عَزَب عن أهله فی إبله أی غاب. والعَزِیب : المال العازب عن الحیّ.

أی بنفسه. وزعَبَ لی زُعْبَهً من ماله وزَهَبَ لی زُهْبَهً إذا أعطاه قطعه وافره. وأعطاه زِهْباً من ماله فازدهبه وزِعباً فازدعبه أی قطعهً. وقال الأصمعی : ازْدَعَبَ الشیء إذا حمله ، ومرّ به فازدعبه أی حَمَله.

عزائمه : فرائضه التی أوجبها وأمرنا بها. ورَوَی أبو العباس عن ابن الأعرابیّ قال : العَزْمِیُ من الرجال : المُوفِی بالعهد. والمعنی الثانی فی قوله «خیر الأمور عوازمها» أی فرائضها التی عَزَم الله علیک بفعلها. وأما قول الله جل وعزَّ فی قصه آدم : (وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً) [طه : 115] فإن الفرّاء قال : لم نجد له صَرِیمه ولا حَزْماً فیما فَعَل.

وقال أبو الهیثم : الصَرِیمه والعَزِیمه واحده ، وهی الحاجه التی قد عزمْتَ علی فعلها. یقال : طَوَی فلان فؤاده علی عَزِیمه أمرٍ إذا أسَرّها فی فؤاده.

وأخبرنی المنذریّ عن ثعلب عن ابن الأعرابیّ قال : العرب تقول : ما له مَعْزِمٌ ولا مَعْزَم ولا عَزِیمه ولا عَزْمٌ ولا عُزْمَانٌ. وقال بعضهم فی قوله : (وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً) أی رأیاً معزوماً علیه. والعَزِیمُ والعَزِیمه واحد ، یقال : إن رأیه لذو عَزِیم. وقال اللیث : العَزِیمه من الرُقَی : التی یُعْزَمُ بها علی الجنّ والأرواح.

وقال غیره : عَزَمْتُ علیک لتفعلنَّ أی أقسمتُ. وعَزْمُ الراقِی والحَوّاء کأنه إقسام علی الداء والحَیّه.

وقال اللیث : الاعتزام : لزوم القَصْد فی الحُضْر. وأنشد لرؤبه :

إذا اعتزمن الرَهْو فی انتهاضِ

والرحل یَعْتزِم الطریقَ : یمضی فیه ولا ینثنی ، وقال الأُرَیْقِط :

معتزماً للطُرُق النواشط

وعزائم السجود : ما عُزِمَ علی قاریء آیات السجود أن یسجد لله فیها. والفَرَس إذا وُصِف بالاعتزام فمعناه تجلیحُه فی حُضْره غیر مجیب لراکبه إذا کَبَحه. ومنه قول رؤبه :

مُعْتَزِم التجلیح ملّاخ المَلَقْ

حدثنا محمد بن مُعَاذ عن عبد الجبار عن سُفْیَان عن إسماعیل بن أبی خالد قال : سمعت قیساً یقول : سمعت الأشعث یقول لعمرو بن معدیکرب : أما والله لئن دنوتُ لأضرطنّک ، قال : کلّا والله إنها لعَزُوم مُفزعه. أراد بالعزوم اسْته.

أراد أن لها عَزْماً ولیست بواهیه فتضرِط وإنما أراد نفسه. وقوله : مفزَّعه : بها تنزل الأفزاع فتجلیها. عزوم : ذات صرامه وحَزْم.

قال شمر : العزوم الصَبور المجدّه الصحیحه العَقْد. قال : والدُبُر یقال لها : أمّ عَزْم ، یقال : کذبته أمُ عزمِهِ. شمر : عزمت علیک أی أمرتک أمراً جِداً ، وهی العَزْمه. وعزائم السجود : ما أمِر السجود فیها. قال الأصمعی : العَزُوم من الإبل التی قد أسنَّت وفیها بقیه من الشباب.

وقال ابن الأعرابی : العَزْمِیُ : بیَّاع الشجِیر. قال والعُزُمُ : عَجَم الزبیب واحدها عَزْمٌ. قال والعَزُومُ والعَرْزَمُ : الناقه الهَرِمَه الدِلْقِم. قال والعَزْم : الصَبْرُ فی لغه هُذَیل. یقولون : ما لی عنک عَزْمٌ أی صبرٌ.

وقال جلّ وعزّ : (وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً) [طه : 115].

ص: 91

وأخبرنی ابن مَنیع عن علیّ بن الجَعْد عن شُعْبه عن قَتَاده فی قوله تعالی : (وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً) قال : صبراً.

وقال ابن الأعرابی : العُزُمُ : العجائز واحدتهنّ عَزُوم. قال والعَزْمُ : شَجِیر الزَبِیب.

وقال أبو زید : عُزْمَهُ الرجل : أُسْرته وقبیلته ، وجماعها العُزَمُ.

وقال أبو عمرو : العَزَمَهُ : المصحّحون للمودّه.

وقال ابن شمیل فی قوله : عَزْمَه من عَزَمَات الله قال : حقٌّ من حقوق الله أی واجب مما أوجبه الله. وقال فی قوله تعالی : (کُونُوا قِرَدَهً) [البقره : 65] هذا أمر عَزْم. وقوله : (کُونُوا رَبَّانِیِّینَ) [آل عمران : 79] هذا فَرْضٌ وحُکْمٌ.

زَمَعَاناً وهو مَشیٌ متقارِبٌ.

وقال ابن الأعرابی : جاء فلان بالأزامع أی بالأمور المُنکَرات. قال : والزَّمَعُ من النبات : شیء ههنا وشیء ههنا مثل القَزَع فی السماء. قال : والرَشَم من النبات مثل الزمَع : رَشَمَهٌ ههنا وَرَشَمَهٌ ههنا.

وفی «نوادر الأعراب» : زُمْعَهٌ من نَبْت ورُمْعَهَ من نبت وزُوعَه من نبت ولُمْعَه من نبت ورُقْعه من نبت بمعنی واحد.

زَعِیمٌ [یوسف : 72] قلت : وما علمت المفسّرین اختلفوا فی قوله (وَأَنَا بِهِ زَعِیمٌ). قالوا جمیعاً : معناه : وأنا به کفیل ، منهم سَعِید بن جُبَیر وغیره. أبو عبید عن الکِسائیّ قال : زَعَمتُ به أزعمُ به زَعْماً وزَعَامَهً أی کفَلتُ به. وأخبرنی المنذریّ عن ثعلب عن ابن الأعرابیّ قال : زَعَمَ یَزْعُمُ زَعَامَهً إذا کفَلَ. وزَعِمَ یَزْعَم زَعَماً إذا طمِع وقال لَبِید :

تَطیر عدائدُ الأشراک شَفْعاً

ووِتْراً والزَّعَامه للغلامِ

قال أبو العباس : الزَّعَامه یقال : الشرف والزعامه یقال الشرف والریاسه. قال وقال غیر ابن الأعرابی : الزَّعَامه : الدِرْع. وزعیم القوم سیّدهم والمتکلِّم عنهم. وقال الفرّاء : زعیم القوم سیّدهم ومِدْرَهُهم وقال اللیث : یقال زُعْم وزَعْمٌ. قال : والزُّعْمُ تمیمیّه. والزَّعْمُ حجازیه. قال : وتقول : زعمتْ أنی لا أحبّها ، وزعمتْنی لا أحبّها ، یجیء فی الشِعر. فأمَّا فی الکلام فأحسن ذلک أن تُوقِع الزَّعْم علی (أن) دُون الاسم. وأنشد :

فإن تزعُمینی کنت أجهل فیکمُ

فإنی شَرَیت الحِلْم بعدکِ بالجهل

قال : ویقال : زعِم فلان فی غیر مَزْعَم أی طَمِعَ فی غیر مطمَع. قال والتزعّم : التکذب وأنشد :

فأیّها الزاعِم ما تَزَعّمَا

ثعلب عن ابن الأعرابی قال : الزَّعْمِیُ الکذَّاب والزَّعْمِی الصادق. وقال شمر : روی عن الأصمعی أنه قال : الزَّعْم الکذب. قال الکمیت :

إذا الإکام اکتست مآلیها

وکان زَعْمَ اللوامع الکَذِبُ

یرید السراب. قال شمر : والعرب تقول أکذب من یَلْمَع. وقال شُرَیح : زعموا کنیهُ الکذب. وقال شمر : الزعم والتزاعم أکثر ما یقال فیما یُشَکُّ فیه ولا یُحَقَّق. وقد یکون الزعم بمعنی القول. ویروی للجعدیّ یصف نوحاً :

نُودِیَ قُمْ وارکبنْ بأهلک إنَ

الله موْفٍ للناس ما زَعَمَا

فهذا معناه التحقیق. والمِزْعَامَه الحیّه.

وأخبرنی المنذریّ عن ثعلب عن سَلَمه عن الفرّاء قال الکسائیّ : إذا قالوا : عُزمَهٌ صادقه لأتینَّک رفعوا ، وحَلْفَهٌ صادقه لأقومنَّ قال : وینصبون یمیناً صادقه لأفعلنَّ. قال : والزَّعْم والزُّعم والزِّعم ثلاث لغات.

ابن الأعرابی قال : المعْزِیّ : البخیل الذی یجمع ویَمْنَع. وقال اللیث : الرجل الماعِز : الشدید عَصْبِ الخَلْق : یقال ما أمعزه من رجل ، أی ما أشدَّه وأصلبه. والأمْعُوز : جماعه الثیاثل من الأوعال. وقال غیره : رجل مَعَّاز : صاحب مِعْزی. وقال الأصمعی : عِظَام الرمل ضوائنه ، ولِطَافه : مواعزه. وقال : رجل ضائن : کثیر اللحم. ورجل ماعِز إذا کان معصوباً. وما أمعز رأیه إذا کان صُلْب الرأی. الریاشی عن الأصمعیّ قال الأمْعَز : المکان الکثیر الحَصی والمَعْزاء مثله. وتجمع أمَاعِز ومَعْزاوات. وربما جُمعت علی مُعْزٍ وأنشد اللیث :

جَمادٌ بها البَسْبَاسُ یُرْهِصُ مُعْزهَا

بناتِ اللبون والصلاقمهَ الحمُرَا

وقال مثمر قال ابن شمیل : المَعْزَاء : الصحراء فیها إشرافٌ وغلِظٌ ، وهی طینٌ وحَصًی مختلطانِ غیر أنها أرض صُلْبه غلیظه الموطیء ، وإشرافها قلیل لئیم تقود أدنی من الدعوه وهی مَعِرَه من النبات. أبو عبید عن أبی زید : الأُمْعُوز : الثلاثون من الظِباء إلی ما زادت. وقال ابن شمیل : المِعْزِی للذکور والإناث ، والمَعْزُ مثلها والمعیز مثلها وکذلک الضِئین.

الأعراب» : جَبَلٌ عَطَوَّدٌ وعَطَرَّدٌ وعَصَوَّدٌ أی طویل. وقال ابن شمیل : هذا طریق عَطَوَّدٌ أی بیِّن یذهب فیه حیثما شاء. وقال اللیث : العَطَوَّد السفر الشاقّ الشدید. وأنشد :

فقد لقینا سَفَراً عَطَوَّدَا

یترک ذا اللون البصیصِ أسْوَدَا

قال : وبعضٌ یقول : عَطَوَّط. وقال الفرّاء : العَطَوَّدُ : الطویل.

وقال أبو عبید : العَطَوَّدُ الانطلاق السریع. ویقال ذهب یوماً عَطَوَّداً أی یوماً أجمع وأنشد :

أقِم أدیم یومها عَطَوَّدَا

مثل سُرَی لیلتها أو أبْعَدَا

(ع ط د ) ، (ع ط ت) ، (ع ط ظ): (مهملات.)

ما راعنی إلا جَنَاحٌ هابطا

علی البیوت قَوطَه العُلابطَا

ذات فُضُول تَلْعَطُ المَلَاعِطَا

قال : وجَنَاح : اسم راعی غَنَم. وجعل هابطاً ههنا واقعاً وقال غیره : لَعَطنی فلان بحقّی لَعْطاً أی لوانِی به ومَطَلَنِی. وروی أبو عُمَر عن ثعلب عن ابن الأعرابی : ألْعَطَ الرجلُ إذا مشی فی لُعْط الجبل وهو أصله.

ویقال لَعْط الجبل أیضاً. ورأیته لاعِطاً أی ماشیاً فی جَنْب الجَبَل. أبو عبید عن أبی زید : نَعْجه لَعْطَاء وهی التی بِعُرْض عُنُقها لُعْطَه سوداء وسائرها أبیض. قلت : وهذه الحروف کلها صحیحه وقد أهملها اللیث.

خلیلیّ قُومَا فی عَطَالَه فانْظُرَا

أناراً تَرَی من ذی أبانین أم برْقَا

وقال شمر : التعطّل : ترک الحُلیّ : والمِعْطال من النساء : التی تُکثر التعطّل. وقال ابن شمیل : المعطال من النساء : الحسناء التی لا تبالی ألّا تتقلّد قِلَاده لجمالها وتمامها. قال ومَعَاطِل المرأه : مواقع حُلیّها. وقال الأخطل :

زَانَتْ مَعَاطِلها بالدُرّ والذهبِ

قال ویقال : امرأه عَطْلَاء : لا حلیّ علیها.

بکسر اللام. وکذلک روی عبید عن أبی عمرو بکسر اللام. وقرأ ابن کثیر ونافع وابن عامر والیزیدیّ عن أبی عمرو وعاصم وحمزه (هِیَ حَتَّی مَطْلَعِ الْفَجْرِ) بفتح اللام. وقال الفرّاء : أکثر القرّاء علی (مَطْلَعِ). قال : وهو أقوی فی قیاس العربیه ؛ لأن المطلَع بالفتح هو الطلوع ، والمطلِع بالکسر هو الموضع الذی یُطْلَع منه ، إلا أن العرب تقول : طلعت الشمس مطلِعاً فیکسرون وهم یریدون المصدر. وقال : إذا کان الحرف من باب فَعَلَ یَفْعُل _ مثل دَخَلَ یدخُل وخَرَجَ وما أشبههما _ آثرت العرب فی الاسم منه والمصدر فتح العین إلا أحرفاً من الأسماء ألزموها کسر العین فی مفعِل. من ذلک المسجِد والمطلِع والمغرِب والمشرِق والمَسْقِط والمفرِق والمَجْزِرُ والمسکِنُ والمرفِقُ والمنسِک والمنبِتُ فجعلوا الکسر علامه للاسم ، والفتح علامه للمصدر. قلت أنا : والعرب تضع الأسماء مواضع المصادر ، ولذلک قرأ من قرأ (هی حتی مَطْلِعِ الفجر) لأنه ذهب بالمطلِع _ وإن کان اسماً _ إلی الطلوع مثل المطلَع. وهذا قول الکسائی والفرّاء. وقال بعض البصریین : من قرأ (مَطْلِعِ الفجر) بکسر اللام فهو اسم لوقت الطلوع. قال ذلک الزجّاج. وأحسبه قول الخلیل أو قول سیبویه. وقال اللیث : یقال طلع فلان علینا من بعید. قال : وطَلْعته : رؤیته. یقال حیّا الله طَلْعَتَک. قال : واطَّلَعَ فلان إذا أشرف علی شیء ، وأطلع غیره. وقول الله جلّ وعزّ : (قالَ هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ * فَاطَّلَعَ) [الصافات : 54 ، 55] القرّاء کلهم علی هذه القراءه ، إلا ما رواه حسین الجُعْفِیّ عن أبی عمرو أنه قرأ (هل أنتم مُطْلِعونِ) ساکنه الطاء مکسوره النون _ فأُطلِعَ بضم الألف وکسر اللام علی فأُفْعِلْ قلت : وکسر النون فی (مُطْلِعُونِ) شاذ عند النحویّین أجمعین ، ووجهه ضعیف. ووجه الکلام علی هذا المعنی : هل أنتم مُطْلِعیَ وهل أنتم مُطْلِعُوه بلا نون ؛ کقولک : هل أنتم آمِروه وآمِریّ. وأما قول الشاعر :

هم القائلون الخیر والآمِرُونَهُ

إذا ما خَشُوا من محدَث الأمر مُعظَمَا

فوجه الکلام : والآمرون به. وهذا من شواذّ اللغات. والقراءه الجیّده الفصیحه (هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ * فَاطَّلَعَ) [الصافات : 54 ، 55]. ومعناها : هل تحبون أن تتطلَّعوا فتَعْلموا أین منزلتکم من منزله أهل النار فاطَّلع المسلم فرأی قَرِینَه (فِی سَواءِ الْجَحِیمِ) أی فی وسط الجحیم. وإن قرأ قاریء : (هل أنتم مُطْلِعونَ) بفتح النون فأطْلَع فهی جائزه فی العربیّه ، وهی بمعنی هل أنتم طَالِعُون ومطّلعُون. یقال : طَلَعْتُ علیهم واطّلعت علیهم بمعنًی واحدٍ. وقال ابن السکیت : یقال : نخله مُطْلِعَه إذا طالت النخلهَ التی بحذائها فکانت أطول منها. وقد أطْلَعْتُ من فوق الجبل واطّلَعْتُ بمعنًی واحد.

وقال أبو زید : یقال أطْلَعَ النخلُ الطَّلْع إطْلَاعاً ، وطَلَعَ الطَّلْع یَطْلُع طلوعاً ، وطَلَعْتُ علی أمرهم أطلُع طُلُوعاً ، واطّلعتُ علیهم اطّلاعاً وطَلَعْتُ فی الجبل أطلُعُ طلوعاً إذا أدبرت فیه حتی لا یراک

ص: 100

صاحبک وطلَعتُ علی صاحبی طلوعاً إذا أقبلت علیه. أبو عبید فی باب الحروف التی فیها اختلاف اللغات والمعانی : طلِعْت الجبل أطلَعُه ، وطَلَعت علی القوم أطْلُع. قال : وقال أبو عبیده فیهما جمیعاً : طَلَعت أطْلُع وأقرأنی الإیَادیّ عن شمر لأبی عبید عن أبی زید فی باب الأضداد : طَلَعت علی القوم أطْلُع طُلُوعاً إذا غِبت عنهم حتی لا یَرَوک ، وطَلَعت علیهم إذا أقبلت إلیهم حتی یروک. قلت : وهکذا رَوَی الحرّانی عن ابن السکیت : طَلَعت علیهم إذا غِبْت عنهم ، وهو صحیح جُعِل عَلَی فیه بمعنی عن کما قال الله جلَّ وعزّ : (وَیْلٌ لِلْمُطَفِّفِینَ * الَّذِینَ إِذَا اکْتالُوا عَلَی النَّاسِ) [المطففین : 1 ، 2] معناه إذا اکتالوا عن الناس ومن الناس ، کذلک قال أهل اللغه أجمعون. وأخبرنی المنذری عن أبی الحسن الصَیْدَاوِیّ عن الریاشیّ عن الأصمعی قال : الطِّلْعُ : کل مطمئن من الأرض ذاتِ الربْوه إذا أطْلَعْتَه رأیت ما فیه. ومن ثمّ یقال أطْلِعْنِی طِلْعَ أمرک. ویقال : أطلَع الرجل إطلاعاً إذا قاء.

وقال اللیث : طلیعه القوم : الذین یبعثون لیطّلعوا طِلْع العدوّ. ویسمّی الرجل الواحد طلیعه والجمیع طلیعه والطلائع الجماعات. قلت : وکذلک الرَبِیئه والشِّیفه والبَغِیَّه بمعنی الطلیعه ، کل لفظه منها تصلح للواحد والجماعه.

ورُوی عن عمر بن الخطاب أنه قال عند موته : لو أنَّ لی ما فی الأرض جمیعاً لافتدیت به من هَوْل المُطّلَع.

قال أبو عبید قال الأصمعی : المُطَّلَع هو موضع الاطّلاع من إشرافٍ إلی الانحدار ، فشبّه ما أشرف علیه من أمر الآخره بذلک. قال : وقد یکون المُطَّلَع المَصْعَد من أسفل إلی المکان المُشْرِف. قال : وهذا من الأضداد.

ومنه حدیث عبد الله بن مسعود فی ذکر القرآن : «لکل حرف حَدّ ولکل حَدّ مُطَّلَع» معناه : لکل حَد مَصْعَدٌ یُصْعد إلیه ، یعنی : من معرفه علمه. ومنه قول جریر :

إنی إذا مُضَرٌ عَلَی تحدَّبتْ

لاقیتُ مُطَّلَعَ الجبال وُعُورا

ویقال : مُطَّلَعُ هذا الجبل من کذا وکذا أی مَصْعَده ومأتاه.

وقد رُوی فی حدیث عمر هذا أنه قال : لو أن لی طِلَاعَ الأرض ذهباً لافتدیت به من هول المُطَّلَع.

قال أبوعبید :وطِلَاع الأرض : مِلْؤها حتی یطالع أعلی الأرض فیساویه ، ومنه قول أوس بن حَجَر یصف قوساً وأن مَعْجِسها یملأ الکفّ فقال :

کَتُومٌ طِلَاع الکفّ لا دون مِلئها

ولا عَجْسُهَا عن موضع الکفّ أفْضَلَا

وقال اللیث : طِلَاع الأرض فی قول عمر : ما طلعَتْ علیه الشمس من الأرض.

والقول ما قاله أبو عبید. وقال اللیث : والطلاع هو الاطّلاع نفسه فی قول حُمَید بن ثور :

وکان طِلَاعاً من خَصاصٍ ورِقْبَهً

بأعین أعداء وطَرْفاً مُقَسَّمَا

ص: 101

قلت : قوله : وکان طِلَاعاً أی مُطالعه یقال طالعته مطالعه وطِلَاعاً. وهو أحسن من أن تجعله اطِّلَاعاً ؛ لأنه القیاس فی العربیه.

وقال اللیث : یقال : إن نفسک لطُلَعَهٌ إلی هذا الأمر ، وإنها لَتَطَّلِعُ إلیه أی لِتُنَازِع إلیه. وامرأه طُلَعَهٌ قُبَعَهٌ : تنظر ساعه ثم تختبیء ساعه. وقول الله جلّ وعزّ : (نارُ اللهِ الْمُوقَدَهُ * الَّتِی تَطَّلِعُ عَلَی الْأَفْئِدَهِ) [الهمزه : 6 ، 7] قال الفرّاء : یقول یبلغ ألَمُها الأفئده. قال والاطِّلَاع والبلوغ قد یکونان بمعنًی واحد. والعرب تقول متی طَلَعْتَ أرضنا أی متی بلغْتَ أرضنا. وقال غیره : (تَطَّلِعُ عَلَی الْأَفْئِدَهِ) توفِی علیها فتحرقها ، من اطّلعت إذا أشرفت. قلت : وقول الفرّاء أحَبّ إلیّ وإلیه ذهب الزجّاج. ویقال : طَلَعْتُ الجبل إذا عَلَوته أطْلُعُهُ طُلُوعاً وفلان طَلَّاع الثَنَایا وطَلَّاع أنْجُد إذا کان یعلو الأمور فیقهرها بمعرفته وتجاربه وجَوْده رأیه والأنجد جمع النَجْد وهو الطریق فی الجبل ، وکذلک الثَنِیَّه. ومن أمثال العرب : هذه یمین قد طَلَعَتْ فی المخارم وهی الیمین التی تجعل لصاحبها مَخْرَجاً. ومن هذا قول جریر :

ولا خیر فی مال علیه ألِیَّه

ولا فی یمین غیرِ ذات مخارِمِ

والمخارِم : الطرق فی الجبال أیضاً ، واحدها مَخْرِمٌ. والطالِعُ من السهام : الذی یقع وراء الهَدَف ، ویُعْدَلُ بالمُقَرْطِس. وقال المرّار :

لها أسهمٌ لا قاصراتٌ عن الحَشَی

ولا شاخصاتٌ عن فؤادی طوالِعُ

أخبَر أن سهامها تصیب فؤاده ولیست بالتی تَقْصُر دونه أو تجاوزه فتخطئه.

وقال ابن الأعرابی : رُوی عن بعض الملوک أنه کان یسجد للطالع معناه : أنه کان یخفض رأسه إذا شخص سَهْمُه فارتفع عن الرَمِیَّه ، فکان یطأطیء رأسه لیتقوّم السهمُ فیصیب الداره. ویقال اطَّلَعْتُ الفجرَ اطّلاعاً أی نظرت إلیه حین طلع. وقال :

نسیمُ الصَبَا من حیث یُطّلَعُ الفجرُ

وحکی أبو زید : عافی الله رَجُلاً لم یتطّلع فی فیک ، أی لم یتعقب کلامک. ویقال : فلان بِطِلْعِ الوادی ، وفلان طِلْعَ الوادی ، بغیر الباء. قال : واستطلَعْتُ رأی فلان إذا نظرت ما رأیه. وطَلَعَ الزرع إذا بدا یَطلع إذا ظهر نباته. وأطْلَعَتِ النخلهُ إذا أخرجت طَلْعَهَا. وطَلْعُهَا : کُفُرَّاها قبل أن تنشقّ عن الغَرِیض. والغَریض یسمّی طَلْعاً أیضاً. وحکی ابن الأعرابی عن المفضّل الضّبیّ أنه قال : ثلاثه تؤکل ولا تُسَمِّن ، فذکر الجُمَّار والطَّلْع والکَمْأه ، أراد بالطَّلْع : الغَرِیض الذی ینشَقّ عنه کافوره ، وهو أول ما یُرَی من عِذْق النخله. الواحده : طَلْعَه. وقال ابن الأعرابی : الطَّوْلَعُ الطُّلَعَاء وهو القیء. عمرو عن أبیه : من أسماء الحیّه الطِّلْع والطِلّ. وأخبرنی بعض مشایخ أهل الأدب عن بعضهم أنه قال : یقال أطْلَعْت إلیه معروفاً مثل أزْلَلْتُ.

وقال شمر : یقال ما لهذا الأمر مُطَّلَعٌ ولا

ص: 102

مَطْلَع أی ما له وجه ولا مَأْتًی یُؤْتَی منه.

ویقال مَطْلَع هذا الجبل من مکان کذا أی مَصْعَده ومأتاه. وأنشد أبو زید :

ما سُدَّ من مَطْلَع ضاقت ثنِیّته

إلّا وَجَدتُ سواء الضِّیق مُطَّلَعا

ویقال أطلعَنی فلان وأرهقنی وأذْلقنی وأقحمنی أی أعجلنی. وطُوَیْلع : رَکِیّه عادِیّه بناحیه الشواجن عَذْبه الماء قریبه الرِشاء وطَلَّعْتُ کیله أی ملأته جِدّاً حتی تَطَلَّع أی فاض قال :

کنت أراها وهی توقی محلباً

حتی إذا ما کیلها تَطَلَّعَا

وقَدَح طِلاع : ممتلیء. وعین طِلَاعه : ممتلئه. قال :

أمَرُّوا أمرهم لِنَوًی شَطُونٍ

فنفسی من ورائهم شَعَاعُ

وعینی یوم بانوا واستمرُّوا

لنِیَّتهم وما رَبَعُوا طِلَاعُ

وطَلَعْتُ الجَبَل : علوته. وأطْلَعْتُ منه : انحدرت نحو فَرَعتُ الجبل عَلوته وأفرعتُ انحدرتُ ومَرَّ مُطَّلِعاً لذلک الأمر أی غالباً له ومالکاً. وهو علی مَطْلع الأکمه أی ظاهر بَیِّنٌ. وهذا مَثَل یضرب للشیء فی التقریب. یقال : الشرّ یُلقَی مَطَالِع الأکم ، أی ظاهر بارز. قال ابن هَرْمه :

صادتک یوم المَلَا من مَصْغَرٍ عَرَضاً

وقد تُلَاقِی المنایا مَطلِعَ الأکمِ

وطَلْعُ الشمس : طُلُوعُهَا. قال :

باکر عَوفاً قبل طَلْعِ الشمس

مَبْرَک الإبل حول الماء. وقد عَطَنَت الإبلُ علی الماء وعَطَّنَت ، وأعْطَنْتُها أنا إذا سقیتها ثم أنحتها فی عَطَنِهَا لتعود فتشرب. وأخبرنی عن ثعلب عن ابن الأعرابی قال : قومٌ عُطَّانٌ وعَطَنَهٌ وعُطُونٌ وعَاطِنُون إذا نزلوا فی أعطان الإبل. ولا یقال : إبل عُطَّان. وفی حدیث النبی صلی الله علیه وسلم أنه قال : «رأیتُنی أنزِعُ علی قَلِیب ، فجاء أبو بکر فاستقی وفی نَزْعه ضَعْفٌ والله یغفر له ، فجاء عمر فنَزَعَ فاستحالت الدَلْو فی یده غَرْباً فأروی الظَمِئه حتی ضَرَبت بعَطَن» قال ابن السکیت : قوله : «ضَرَبت بعَطَنٍ» یقال ضَرَبَت الإبلُ بعَطَنٍ إذا رَوِیَتْ ثم بَرَکَتْ علی الماء. وأخبرنی عبد الملک عن الربیع عن الشافعیّ فی تفسیر قوله : «ثم ضَرَبَتْ بعَطَنٍ» بنحوٍ ممّا قاله ابن السکیت. وقال اللیث : کل مَبْرَک یکون مَألفاً للإبل فهو عَطَنٌ لها بمنزله الوطن للغنم والبقر قال : ومعنی مَعَاطِن الإبل فی الحدیث : مواضعها. وأنشد :

ولا تکَلِّفُنِی نفسی ولا هَلَعِی

حِرْصاً أُقیم به فی مَعْطِن الهُونِ

قلت لیس کل مُنَاخ للإبل یسمّی عَطَناً ولا مَعْطِناً. وأعطان الإبل ومَعَاطنها لا تکون إلّا مَبَارِکَها علی الماء. وإنما تُعْطِن العربُ الإبلَ علی الماء حین تَطْلُع الثریّا ، ویرجع الناس من النُجَع إلی المحاضِر ، وتُعْطَنُ یوم وِرْدها فلا یزالون کذلک إلی وقت طلوع سهیل فی الخریف ، ثم لا یُعْطِنُونهَا بعد ذلک ، ولکنها تَرِد الماء فتشرب شَرْبتها وتَصْدُر من فَوْرها.

وفی حدیث عمر أنه دخل علی النبی صلی الله علیه وسلم وفی بیته أُهُبٌ عَطِنَهٌ. قال أبو عبید : العَطِنَه : المُنْتِنه الریح. قلت : ویقال عَطَنْتُ الجِلْد أعْطِنُهُ عَطْناً إذا جعلتَه فی الدبَاغ وترکته فیه حتی یتمرّط شَعَرُه ویُنْتِن ، فهو معطونٌ وعَطِینٌ. وقد عَطِن الجِلد عَطَناً إذا أنْتَنَ وأمْرَق عنه وَبَرُه أو صُوفه. ویقال للذی یُسْتَقْذَر : ما هو إلّا عطِینه ، من نَتْنه. وقال أبو زید : عَطِن الأدیم إذا أنْتَنَ وسقط صوفه فی العَطْن. والعَطْنُ أن یُجْعَل فی الدِبَاغ.

قال أبو عبید : وقال أبو زید : موضع العَطِن العَطَنه قال : والعَطْنُ فی الجِلد : أن یؤخذ الغَلْقه وَهو ضربٌ من النبات یدبغ به أو فَرْثٌ یُلْقی فیه الجِلْد حتی یُنْتِن ثم یلقی بعد ذلک فی الدِبَاغ. وفلان واسع العَطَن والبَلَد ، وهو الرَحْب الذراعِ.

کلامهم وقال ابن الفرج : سمعت أبا السَمَیْدَع یقول : تَنَطَّعَ فی الکلام وتَنَطَّسَ إذا تأنّق فیه.

وقال ابن الأعرابی : النُّطَاعَهُ والقُطَاعَهُ والعُضَاضَه : اللُقْمه یؤکل نصفها ثم تردّ إلی الخِوَان وهو عیبٌ. یقال : فلان لاطِع ناطِع قاطِع.

تَردّیک بالثوب علی منکبیک کالذی یفعل الناس فی الحرّ وقد تعطف بردائه. قال : والعطاف الرداء والطیلسان وکل ثوب تَعَطَفُهُ أی تَردَّی به فهو عطاف.

وقال اللیث : العَطاف : الرجل الحَسن الْخُلُق العَطُوف علی الناس بفضله. وظبیه عَاطِف إذا رَبضتْ فعَطفتْ عُنقها. وکذلک الحاقِف من الظباء. وناقهٌ عطوفٌ إذا عَطِفَتْ علی بَوّ فرئمته. والجمیع العُطُف. ویقال فلان یتعاطف فی مِشیته بمنزله یتهادی ویتمایل من الخُیَلاء والتبختُر. وَیقال : عَطَفْتُ رأس الخَشَبه فانعطف إذا حَنَیته فانحنی. والعَطُوف _ وبعضٌ یقول : العاطوف _ مِصْیده ، سمّیتْ به لانعطاف خشبتها. وقال غیره : العطائف : القِسیّ ، الواحده عطِیفَه ، کما سمّوها حنِیَّهً وجمعها حَنیُّ.

قال والعطف : عطف أطراف الذَیل من الظهاره علی البِطانه. وقال ذو الرمه فی العطائف القسِیّ :

وأصفر بلَّی وشیَه خفقانُه

عَلَی البِیض فی أغمادها والعطائف

أصفر یعنی بردا یظلّل به. والبیض السیوف والعطَّاف فی صفه قِداح المیسر. ویقال : العَطُوف : وهو الذی یَعطف علی القداح فیخرج فائزاً.

وقال الهذلی یصف ماء وَرده :

فخضخضتُ صُفْنِیَ فی جَمَّهِ

خِیَاض الْمدَابر قِدحاً عطُوفاً

وقال القتیبی فی کتاب «المیسر» : العَطوف : القِدْح الذی لا غُرْم فیه ولا غُنْم له ، وهو أحد الأغفال الثلاثه فی قِداح المیسر ، سُمّی عطُوفاً لأنه یُکَرُّ فی کل رَبَابه یضرب بها. قال وقوله : قِدحاً عطوفاً واحد فی معنی جمیع ، ومنه قوله :

حتی یخضخض بالصُفْن السبیخ کما

خاض القِدَاح قَمِیرٌ طامِعٌ خَصِلُ

السبیخ : ما نَسَل من ریش الطیر التی ترد الماء. والقمیر : المقمور. والطامِع : الذی یطمع أن یعود إلیه ما قُمِرَ. ویقال : إنه لیس یکون أحد أطمع من مقمور ، خَصِل : کثیر خِصَال قَمْرِهِ. وأما قول ابن مقبل :

وأصفرَ عطَّاف إذا راح رَبُّهُ

غدا ابنا عِیانٍ بالشِوَاء المُضَهَّبِ

فإنه أراد بالعَطَّاف قِدْحاً یعطِف عن مآخذ القِداح وَینفرد. وَقال ابن شمیل : العَطَفه هی التی تَعَلَّقُ الْحَبَلَهُ بها من الشجر. وأنشد :

تَلَبَّسَ حُبُّها بدمِی ولحمِی

تَلَبُّسَ عطْفهٍ بفروع ضَالِ

قال النضر : إنما هی عطَفَه فخفّفها لیستقیم له الشِعْر. عمرو عن أبیه قال : مِن غریب شجر البَرّ العَطْفُ واحده عطَفَه.

وقال ابن الأعرابی : یقال تَنَحَّ عن عطْف الطریق وعطْفِه وعلَبِهِ ودَعسِهِ وقَرِیّه وَقَرِقِه وقَارِعته.

وروی بعضهم عن المؤرِّج أنه قال فی حَلْبه الخیل إذا سوبق بینها وفی أسامیها : هو السَّابق ، والمصَلّی ، والمسَلّی ، والمجلِّی ، وَالتالی والعاطف ، والحظیّ ، وَالمؤمَّل ، وَاللَطِیم ، وَالسُکَیْت.

ص: 107

وقال أبو عبید : لا یعرف منها إلا السابق وَالمصَلّی ثم الثالث وَالرابع إلی العاشر وَآخرها السُکَیت وَالفِسْکِل. قلت : وَقد رأیت لبعض العراقیین هذا الذی رُوی عن المؤرج ، وَلم أجد الروَایه ثابته عن المؤرج من جهه مَن یوثق به فإن صحَّت الروَایه عنه فهو ثقه ، وقد جاء به ابن الأنباری. وَالعطَفه من خرَز النساء تتعلّقها طلب محبه أزوَاجها. وَسمیت بذلک تفاؤلاً بها. وقوسٌ عَطُفٌ : لیّنه الانعطاف. قال :

فظل یمطو عُطُفاً رُجُوماً

وقیل للقوس : عُطفٌ لأنها معطوفه ، فُعُل بمعنی مفعوله ، کما قیل : قوس عُطُلٌ أی مُعَطَّلَه لا وَتَر علیها ، وقلبٌ فُرُغٌ أی مفرَّغ من الحزن ، ونحو ذلک کثیر. والعَطَفُ : وجع فی العُنق من تعادی الوساده عِطف الرجل. وقوله فی وصف النبی صلی الله علیه وسلم : وفی أشفاره عَطَفٌ أی انعطافٌ. وعطَّفتُه ثوبی أی جعلته عِطافاً له. وقال ابن کُرَاع :

وإذا الرِکَابُ تکلفتها عُطِّفَتْ

ثمرَ السیاط قطوفها وسِیَاعَهَا

أی جُعِلَتِ السیاطُ عُطفاً لها جُنُوبها ، وإنما تُضْرَبُ بالثمر لأنها لا تدرَک فتضربَ بِالسیاط. وثمر السیاط : أطرافها. وعِطاف من أسماء الکلب. قال :

فصَبَّحَهُ عند السروق عُدَیَّه

أخو قَنَصٍ یُشْلی عِطَافاً وأجذلَا

والمال وعَطِبَ البعیرُ إذا انکسر أو قام علی صاحبه ، وأعْطَبتُهُ أنا : أهلکته. أبو العباس عن ابن الأعرابی قال : العَوْطَبُ أعمقُ موضع فی البحر. وقال فی موضعٍ : العَوْطَبُ : المطمئنّ بین الموجتین. قال : والعَطْبُ : لِین القطن والصوف یقال : عَطَبَ یَعطُبُ عَطْباً وعُطُوباً. وهذا الکبش أعطَبُ من هذا أی ألین. أبو عبید عن الأصمعی : هو العُطْبُ والعُطُبُ للقُطُن. وقال اللیث : یقال إنی لأجد ریح عُطْبَه أی أجد ریح قطنه محترِقه.

وقال أبو سعید : التعطیبُ ، علاج الشراب لیطیب ریحُه. یقال : عَطْبَ الشرابَ تعطیباً. وأنشد بیت لَبید :

یَمُجُّ سُلَافاً من رحیق مُعَطَّبِ

ورواه غیره :

... من رحیق مُقَطَّبِ

، وهو الممزوج ، ولا أدری ما مُعَطَّب. والمعَاطِبُ : المهالک واحدها معطب.

شبّه سعه الجراحات بها. قال : ومن رواها : العُبُط أراد بها : جمع عبیط ، وهو الذی یُنحر لغیر علّه ، وإذا کان کذلک کان خروج الدم أشدّ. أبو عبید عن أبی زید : اعتبط فلان علیّ الکذبَ ، وعَبَطَ یَعْبِط إذا کذب. ورَوَی أبو العباس عن ابن الأعرابی قال : العابط الکذّاب. والعَبْطُ : الکذب. والعَبْطُ : الغِیبه. والعَبْط الشَقُّ ویقال عَبَط الحمارُ الترابَ بحوافره إذا أثاره ، والترابُ عبیطٌ. وعَبَطَتِ الریح وجهَ الأرض إذا قَشَرتْهُ. وعَبَطْنَا عَرَق الفرس أی أجریناه حتی عَرِقَ. وقال الجعدی :

وقد عَبَطَ الماءَ الحمیمَ فأسْهَلَا

قال : المُطَبَّعَهُ : المثقّله. قلت : وتکون المطبَّعَه الناقه التی مُلئتْ شَحْماً ولحماً فتَوثَّق خَلْقُها.

وقال اللیث : طَبَّعْتُ الإناء تطبیعاً ، وقد تطبَّع النهرُ حتی إنّه لیتدفّق. قال : والطَّبْع مَلؤک السِقَاء حتی لا مَزِید فیه من شدّه مَلْئه. وقال فی قول لبید :

کرَوَایَا الطِّبْع هَمَّت بالوَحَلْ

إن الطِّبْع کالمِلْء. قال : ولا یقال للمصدر : طَبْع ؛ لأن فِعله لا یخفّف کما یخفف فعل ملأت. قال ویقال : الطِّبْع فی بیت لبید : الماء الذی یُمْلأ به الروایه. قلت : ولم یعرف اللیث الطِّبْع فی بیت لبید ، فتحیّر فیه ، فمرّهً جعله المِلء وهو ما أخذ الإناءُ من الماء ، ومرّهً جعله الماء ، وهو فی المعنیین غیر مصیب. والطِّبْع فی بیت لبید ما قاله الأصمعی أنه النهر. وسُمِیّ النهر طِبْعاً لأن الناس ابتدءوا حفره ، وهو بمعنی المفعول کالقِطْف بمعنی المقطوف والنِکث بمعنی المنکوث من الصوف ، وأمَّا الأنهار الکبار التی شَقّها الله تعالی فی الأرض شَقًّا _ مثل دِجْله والفُرَات والنّیل وما أشبهها _ فإنها لا تسمَّی طُبُوعاً ، إنما الطُّبُوع : الأنهار التی أحدثها بنو آدم واحتفروها لمرافقهم. وقول لَبید : هَمَّتْ بالوحَل یدلّ علی ما قال الأصمعی ؛ لأن الروایا إذا أوقرت بالمزاید مملوءهً ماء ثم خاضت أنهاراً فیها وَحَل عَسُر علیها المشی فیها والخروج منها. وربما ارتطمت فیها ارتطاماً إذا کثر الوحَل. فشَبّه لبید القوم الذین حاجّوه عند النعمان بن المنذر فأدحض حججهم حتی ذلّوا فلم یتکلّموا بروایا مثقله خاضت أنهاراً ذات وَحَل فتساقطتْ فیها والله أعلم. وقال شمر : یقال طَبِع إذا دَنِس وعِیبَ وطُبع وطُبِّعَ إذا دُنِّس وعِیبَ. قال وأنشدتنا أم سالم الکلابیّه :

ویحمدها الجیرانُ والأهلُ کلُّهم

وتبغِض أیضاً عن تُسَبَ فتُطْبَعَا

قال : ضمّت التاء وفتحت الباء. وقالت : الطَّبْع : الشَین فهی تبغِض أن تُطْبَع أی تُشان. وقال ابن الطَثْریّه :

وعَنْ تخلطی فی طیّب الشِرب بیننا

من الکَدِر المأبیّ شِرباً مُطَبَّعا

أراد : وأن تخلطی وهی لغه تمیم. قال : والمطَبَّع : الذی قد نُجِّسَ. والمأبیّ الماء الذی یأبی شُرْبه الإبل. أبو العباس عن ابن الأعرابی قال : الطَّبْعُ المثال ، یقال اضربه علی طَبْع هذا وعلی غِراره وصِیغته وهِدْیته أی علی قدره. وفی «نوادر الأعراب» : یقال قد قَذَذت قفا الغلام إذا ضربته بأطراف الأصابع ، فإذا مکَّنت الید من القفا قلت طَبَعْتُ قفاه. والطَّبُّوع : دابّه من الحشرات شدیده الأذی بالشأم.

ولفلان طابِعٌ حَسَنٌ أی طبیعهٌ حسنهٌ. قال الرُؤَاسِیّ :

له طابِعٌ یجری علیه وإنما

تَفَاضَلُ ما بین الرجال الطَّبَائِعُ

أی تتفاضل.

وطُبْعَان الأمیر : طینُه الذی یُختم به الکتب.

ص: 111

جمع الجمع. وأهلَ الحِجَاز إذا أطلقوا اللفظ بالطعام عَنَوا به البُرَّ خاصهً. قال أبو حاتم : یقال لَبَنٌ مُطَعِّمٌ وهو الذی أخَذ فی السِقَاء طعماً وطِیباً. وهو ما دام فی العُلْبه مَحْضٌ وإن تغیّر. ولا یأخذ اللبنُ طعماً ولا یُطَعِّمُ فی العُلْبه والإناء أبداً. ولکن یتغیّر طعمه من الإنقاع. ویقال فلان طَیّبُ الطِّعمه وفلان خبیث الطِّعمه إذا کان من عادته ألّا یأکل إلّا حلالاً أو حراماً. ویقال : جعل السلطانُ ناحیه کذا طُعْمه لفلان أی مَأکَلهً له. ویقال : فی بستان فلان من الشجر المُطْعِم کذا أی من الشجر المثمِر الذی یؤکل ثمره. ویقال : اطَّعَمَت الثمرهُ علی افتعَلَت أی أخَذَت الطَّعْم. ویقال : فلان مُطْعَمُ للصید ومُطْعَمُ الصید إذا کان مرزوقاً منه. ومنه قول امریء القیس :

مُطعَم للصید لیس له

غیرَها کسْبٌ علی کِبَره

وقال ذو الرمه :

«وَمُطْعَمُ الصید هَبَّال لبغیته»

وقال اللیث : رجل مِطعام : یکثر إطعام الناس ، وامرأه مطعام بغیر هاء ورجل مطعم : شدید الأکل وامرأه مِطْعَمَه. قال والمُطْعِمَتَان من رِجْل کل طائر : هما المتقدّمان المتقابلتان. والمُطْعِمه من الجوارح هی الإصبعُ الغلیظه المتقدمه فاطَّرد هذا الاسم فی الطیر کلها. قال وقوسٌ مُطْعَمه : یصاد بها الصید ، ویکثر الصواب عنها. وأنشد :

وفی الشِمَال من الشِرْیان مُطْعَمه

کبدَاء فی عَجْسها عَطْفٌ وتقویمُ

سمِّیتْ کذلک لأنها تُطْعَم الصید. قال : والمطعِمُ من الإبل : الذی تجد فی مخِّه طعم الشحم من سمنه. وکل شیء وُجِد طعمهُ فقد أطعِم. قال وقول الله تعالی : (وَمَنْ لَمْ یَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّی) [البقره : 249] جَعَل ذواق الماء طَعْماً : نهاهم أن یأخذوا منه إلّا غَرْفَهً وکان فیها رِیّهم ورِیّ دوابّهم. وقال غیره : یقال إنک مُطْعَمٌ مَوَدّتی أی مرزوق مَوَدّتی. وقال الکمیت :

بلَی إنَّ الغوانی مُطْعَمات

مَوَدّتَنا وإن وَخَطَ القَتیرُ

أی یُحِبّهنّ وإن شِبْنَا. أبو زید : إنه لمتطاعِم الخَلْق أی متتابع الخَلْق. ویقال هذا رجل لا یَطَّعِمُ بتثقیل الطاء أی لا یتأدّب ولا یَنْجَع فیه ما یُصلحه ، ولا یَعْقِل. ویقال : فلان تُجْبَی له الطُّعَمُ أی الخراج والإتاوات. وقال زهیر :

مما تُیَسَّرُ أحیاناً له الطُّعَمُ

وقال الحسَن : القِتال ثلاثه : قتال علی کذا ، وقتال لکذا ، وقتال علی هذه الطُّعْمَه یعنی الفَیْء والخَرَاج. وقال أبو سعید : یقال لک غَثُّ هذا وطَعُومُه أی غَثُه وسَمِینه. وناقهٌ طَعُوم : بها طِرْق ، وجَزُورٌ طَعُومٌ : سمینه. وقال ابن السکیت عن الفراء : جزور طَعُوم وطَعِیم إذا کانت بین الغَثّه والسمینه. وقال أبو عبیده : مُسْتَطْعم الفرس : ما تحت مَرْسِنِه إلی أطراف جحافله. قال ویستحبُّ للفرس لُطْفُ مُسْتَطعَمه. ویقال استطعمْت الفرسَ إذا طلبت جَرْیه. وأنشد أبو عبیده :

ص: 113

تدارَکه سعیٌ ورکضُ طِمِرَّه

سَبُوحٍ إذا استطعمتها الجری تَسْبَحُ

وقال النضر : أطعمتُ الغُصْن إطعاماً إذا وصلت به غصناً من غیر شجره. وقد أطعمته فطَعِمَ أی وصلته به فقبل الوصل. وأطعَمتُ عینه قذًی فَطَعَمْتُه. ویقال : طَعِمَ یَطْعَمُ مَطْعَماً وإنه لطیبُ المَطْعَم کقولک طیّبُ المأکل. ورُوی عن ابن عباس أنه قال فی زمزم : إنه طعَامُ طُعْمٍ وشفاء سُقْمٍ ، قال ابن شمیل : طعامُ طُعْمٍ أی یَشبع منه الإنسان. ویقال : إنی طاعِم عن طعامکم أی مستغنٍ عن طعامکم. ویقال : هذا الطعام طعام طُعْمٍ أی یَطْعَم مَن أکله أی یشبع ، وله جُزْء من الطعام ما لا جُزء له. وما یَطْعَمُ آکل هذا الطعام أی ما یشبع. قال : والطُّعْمُ أیضاً : القُدْرَه. یقال : طَعِمْتُ علیه أی قَدَرت علیه. وقال أبو زید : یقال أخَذ فلان بمَطْعَمه فلان إذا أخذ بحَلْقِه یَعْصُره. ولا یقولونها إلّا عند الخَنْق والقتال. والمُطْعَمه : المأدُبه والتطاعم : إدخال الفم فی الفم ، کما یَفعل الحمامُ عند التقبیل. وقال :

کما تَطَاعم فی خضراء ناعمهٍ

مُطَوّقان صباحاً بعد تغریدِ

ونُهِیَ عن بیع الثمره حتی تُطْعِم أی تُدْرِک وتأخذ الطَّعْم.

معجمه ، کذلک رواه أبو عبید عن الأصمعی ولم أسمع مُمَّعطِ بهذا المعنی لغیر اللیث ، إلا ما قرأته فی کتاب «الاعتقاب» لأبی ترابٍ ، قال : سمعت أبا زید وفلان بن عبد الله التمیمی یقولان : رجلٌ مُمَّغِط ومُمَّعِط أی طویل. قلت : ولا أبعد أن یکونا لغتین ، کما قالوا : لَعَنَّکَ ولَغَنَّک بمعنی لعلّک ، والمعَصُ والمَغَصُ : البِیض من الإبل ، وسُرُوعٌ وسُرُوغٌ للقُضْبان الرَخْصه. وقال اللیث : المَعْطُ ضربٌ من النکاح یقال : مَعَطها إذا نکحها. وآل أبی مُعیط فی قریش معروفون. وأمعَط : اسم موضعٍ ذکره الراعی فی شعره فقال :

بقاعِ أمْعَطَ بین السهل والصبرِ

ثعلبٌ عن ابن الأعرابی : من أسماء السَوْءه المَعْطَاء والشَعْراء والدَفْراء. ومَعَطت الناقه بولدها : رَمَتْ به عند الولاده. والذئب یکنی أبا مُعْطَهَ. ومَعَطَ بها ومَرَطَ إذا خرجت منه ریح. وأرضٌ مَعْطَاء : لا نبت فیها.

طیب وأداه وبَخُور ومُشْط وغیره ، أدخل فیها الهاء علی مذهب الأسماء.

وفی الحدیث أن النبی صلی الله علیه وسلم نَدَب الناسَ إلی الصدقه. فقیل له : قد مَنَع خالد بن الولید والعبّاس عمّ النبی صلی الله علیه وسلم ، فقال رسول الله صلی الله علیه وسلم : «أمّا خالد فإنهم یظلمون خالداً ، إنّ خالداً جعل رَقیقه وأعْتُدَه حُبُساً فی سبیل الله. وأمّا العباس فإنها علیه ومثلُها معه. والأعتُدُ یجمع العَتَاد : وهو ما أعدّه الرجل من السلاح والدوابّ والآله للجهاد. ویجمع أعتِدَهً أیضاً.

ویقال : فرسٌ عَتِدٌ وعَتَدٌ وهو المُعَدّ للرکوب. ومنه قول الشاعر :

راحوا بصائرُهُم علی أکتافهم

وبصیرتی یعدو بها عَتِدٌ وَأی

وسمعت أبا بکر الإیادی یقول : سمعت شمراً یقول : فرسٌ عَتِدٌ وعَتَدٌ : مُعَدٌّ مُعْتَدٌ ؛ وهما لغتان. وقال ابن السکیت : فرسٌ عتِد وعَتَد وهو الشدید التامّ الخَلْق المُعَدّ للجری. قال ومثله رجل سبِطٌ وسَبَطٌ وشَعَر رَجِل ورَجَلٌ وثغْر رَتِل ورَتَل أی مفلّج. أبو عبید عن أبی زید قال : العَتُود من أولاد المعز : ما رَعَی وقَوی وجمعه أعتِدَه وعِدَّان ، وأصله عِتْدَان ، إلّا أنه أدغم قال : وهو العَرِیض أیضاً. وأخبرنی المنذری عن ثعلب عن ابن الأعرابی قال : إذا أجذع الجَدْیُ أو العَنَاق سمِّی عَرِیضاً وعَتُوداً. وقال ابن شمیل : ولد المِعْزَی إذا أجذع فهو عَرِیض ، فإذا أثْنَی فهو عَتُود. وقال اللیث : العَتُود : الجَدْی إذا استَکْرَش. ویقال : بل هو إذا بلغ السِفَاد والجمیع العِدان. وثلاثه أعتِدَه. وأصل عِدّان عِتْدَان. وأنشد أبو زید

واذکر غُدَانَه عِدّاناً مُزَنَّمَهً

من الحَبَلَّقِ تُبْنَی حولها الصِّیَرُ

ثعلب عن ابن الأعرابی قال : العَتَاد : القَدَح وهو العَسْف والصَحْن. وقال شمر : أنشدنی أبو عدنان وذکر أنّ أعرابیاً من بنی العنبر أنشده هذه الأرجوزه :

یا حَمْزَ هل شَبِعْتَ من هذا الخَبَطْ

أم أنت فی شکٍّ فهذا مُنْتَقَدْ

صَقْبٌ جسیمٌ وشدیدُ المعتَمَدْ

یعلو به کل عَتُودٍ ذاتَ وَدْ

عروقها فی البحر یعمی بالزَبَدْ قال العَتود السِدْره أو الطَلْحه قال : عَتْوَد _ علی بناء جَهْور _ : مأسده. قال ابن مقبل :

جلوساً به الشمّ العجافُ کأنهم

أسود تَبْرجٍ أو أسودٌ بعتودا

الدِّعْظایه القصیر. وقال فی موضع آخر من هذا الکتاب : ومن الرجال الدِّعْظَایه ، وقال أبو عمرو الدِعْکَایه وهما الکثیر اللحم ، طالا أو قصُرا. وقال فی موضع آخر : الجعْظَایه بهذا المعنی.

ویقال : قد عَرَدَ النابُ یَعْرِدُ عُرُوداً إذا خرج کله واشتدّ وانتصب ، قاله أبو عمرو. وعَرَدَ الشجر عُرُوداً ونَجَم نُجُوماً أوّلَ ما یَطْلُع. وقال العجّاج :

وعُنقاً عَرْداً ورَأْساً مِرْأَسَا

وقال الأصمعی : عَرْداً : غلیظاً ، مِرْأَساً : مِصَکًّا للرؤوس. قال : وَعَرَدَتْ أنیابُ الجمل إذا غَلُظت واشتدّت. قال ذو الرمه :

یُصَعِّدْنَ رُقشاً بین عُوج کأنها

زِجَاجُ القَنَا منها نَجِیمٌ وعَارِدُ

وقال فی «النوادر» : عَرَدَ الشَجَرُ وأَعْرَدَ إذا غَلُظ وکَبُر.

الفرّاء : رمحٌ متَلٌّ ورمحٌ عُرُدٌّ وَوَتَرٌ عُرُدٌّ. وأنشد :

والقوس فیها وَتَر عُرُدٌّ

مِثْلُ ذراع البَکْر أو أشَدُّ

ویروی : مثل ذراع البَکْر.

شبّه الوتر بذراع البعیر فی توتّره. وقال ابن بُزُرْجَ : إنه لقویٌ عُرُدٌّ شدید. قال : والعَارِد : المُنْتَبِذُ. وأنشد :

تری شؤون رأسه العَوَارِدَا

أی منتبِذه بعضُها من بعض. وقال ابن الأعرابی : العَرَادَه : شجره صُلْبه العُود. وجمعها عَرَاد. وأخبرنی محمد بن إسحاق السعدیّ عن أبی الهیثم أنه قال : تقول العرب : قیل للضَبِّ : وِرْداً وِرْداً ، فقال :

أصبح قلبی صَرِداً

لا یشتهی أن یَردا

إلَّا عِرَاداً عَرِدَا

وَعَنْکَثاً مُلتبِدَا

وصلِّیاناً بَرِدَا

قال : وعَرَادَ : نَبْت عَرِد صُلبٌ منتصبٌ. أبو عبید عن الأصمعی : العَرَاد : نبت ، واحدته عَرَاده. وبه سُمّی الرجل.

وقال اللیث : العَرَادَه : نَبْت طیّب الریح. قلت : قد رأیت العَرادَه فی البادیه ، وهی صُلْبه العُود منتشره الأغصان ولا رائحه لها. والذی أراد اللیث العَراده فیما أحسب ، فإنها بَهَار البَرّ.

أبو عبید : عَرَّدَ الرجل عن قِرْنه إذا أحجم ونَکَل. قال : والتعرید : الفِرار. وقال اللیث : التعرید : سرعه الذهاب فی الهزیمه. وأنشد لبعضهم :

لما استباحُوا عَبدَ رَبَّ وَعرَّدَت

بأبی نَعَامه أمُّ رَأْلٍ خَیْفَق

یذکر هزیمه أبی نعامه الْحَرُوریّ قطری. وقال أبو نصر : عَرّدَ السهْمُ تعریداً إذا نَفَذ من الرَمِیَّه. وقال ساعده الهُذَلیّ :

فجالت وخالت أنه لم یقع بها

وقد خَلّهَا قِدِحٌ صَویبٌ مُعَرِّدُ

مُعَرِّدٌ أی نافذ ، خَلَّها أی دخل فیها ، صَویبٌ : صائبٌ قاصِد. وعَرَّدَ النجم إذا مال للغروب بعد ما یُکبّد السماء ؛ قال ذو الرمّه :

وهَمَّت الجوزاء بالتعرید

وقال اللیث : العَرَادَه : الجَرَاده الأنثی. والعَرَّادَه : شِبْه مَنْجَنیق صغیر. والجمیع العَرَّدَات. ونِیقٌ مُعَرِّدٌ : مرتفع طویل. وقال الفرزدق :

فإنی وإیّاکم ومَن فی حبالکم

کمن حَبْله فی رأس نِیق مُعَرِّدِ

ص: 118

وقال شمر فی قول الراعی :

بأطیَبَ من ثوبین تأوی إلیهما

سُعَادُ إذا نجم السماکین عَرَّدَا

أی ارتفع. وقال أیضاً :

فجاء بأشوال إلی أهل خُبَّهٍ

طُرُوقاً وقد أقعی سُهَیْل فَعَرَّدا

قال : أقعی : ارتفع ثم لم یبرح. ویقال : قد عَرَّد فلان بحاجتنا إذا لم یقضها.

وقال اللیث وغیره : العَرْد الذَکَر إذا انتشر واتمهَلَّ وصَلُبَ.

أبو العباس عن ابن الأعرابی عَرِد الرجل إذا هرب. وعَرِد إذا قوِی جسمه بعد المرض.

عبیده.

ثعلب عن ابن الأعرابی : ماء مُتَدرّع إذا أُکل ما حوله من المرعی فتباعد قلیلاً وهو دون المُطْلِب. وقال الهجیمی : أدرَعَ القومُ إدرَاعاً ، وهم فی دُرْعَهٍ إذا حَسَر کلؤهم عن حوالَیْ میاههم. ونحوَ ذلک قال ابن شمیل. قال وإذا جاوزْت النصف من الشهر فقد أدْرَع ، وإدراعُه : سواد أوّله.

وقال ابن بُزُرْجَ : یقال للهجین إنه لمعَلهَجٌ وإنه لأدْرع. قال شمر وقال أبو عبیده وابن الأعرابی : یقال دَرَعَ فی عنقه حبلاً ثم اختنق. قلت : وأقرأنی الإیادی لأبی عبید عن الأموی : التذریع _ بالذال _ الخنقُ ، وقد ذَرَّعَه إذا خنقه. قلت : وأما شمر فإنه روی لأبی عبیده وابن الأعرابی : ذَرَع فی عنقه حبلاً ثم اختنق ، بالذال. أبو عبید : الاندرَاع التقدم. وأنشد للقطامی :

أمامَ الخیل تندرع اندراعَا

قال أبو زید : ذرَّعته تذریعاً إذا جعلت عُنقه ثِنْیَ ذراعک وعضدک فخنقته ، وهو الصواب.

وقال غیره : اندرأ یفعل کذا وکذا واندرع أی اندفع. وأنشد :

واندرعت کلُّ علَاه عَنْس

تَدَرُّعَ اللیل إذا ما یُمسِی

وحکی شَمِر عن القزمُلیّ قال : الدِّرع : ثوبٌ تجوب المرأه وَسَطه ، وتجعل له یدین وتخیط فرجیه ، فذلک الدِّرْع. ودُرِّعَت الصبیّهُ إذا أُلبست الدِّرع. ثعلبٌ عن ابن الأعرابی : دُرعَ الزرعُ إذا أُکل بعضه. وقال بعض الأعراب : عُشْبٌ دَرِعٌ نَزَع ونَمِغٌ وذَمِطٌ ووَلخٌ إذا کان غَضًّا. وادَّرَعَ فلان اللیلَ إذا دخل فی ظلمته لیسری والأصل فیه ادترع کأنه لیس ظلمه اللیل فاستتر به.

ابن الأعرابی : یقال للون الفیل : المُدَعَّر. قال ثعلب والمُدعّر : اللون القبیح من جمیع الحیوان. والدّعَّار المُفْسِد.

السلَام : الشجر.

وأما قول ابن مقبل :

یجری بدیبَا جَتَیْه الرشح مُرْتَدِعُ

ففیه قولان. قال بعضهم : منصبغ بالعَرَق الأسود ، کما یُرْدَع الثوبُ بالزعفران.

وقال خالد : مُرْتدِع قد انتهت سِنّه. یقال قد ارتدع الجمل إذا انتهت سِنّه. وأقرأنی المنذری لأبی عبید _ فیما قرأ علی أبی الهیثم _ الردیع الأحمق بالعین غیر معجمه. وأما الإیادی فإنه أقرأنیه عن شمر : الردِیغ بالغین معجمه. قلت : وکلاهما عندی من نعت الأحمق.

وقال اللیث : یقال خَرّ فی بئر فرکب رَدْعه إذا هَوَی فیها. ورکب فلان رَدْع المَنِیَّه.

قال والرَّدْع : مقادیم الإنسان إذا کانت فی ذلک منیّته.

وأنشد قول الأعشی فی رَدْع الزعفران وهو لَطْخه :

ورَادعَه بالطیب صفراء عندها

لجسّ الندامی فی ید الدرع مُفْتَقُ

وقیل رکب رَدْعَه إذا رُدِع فلم یرتدع ، کما یقال : رکب النَّهْیَ. عمرو عن أبیه : المِردَع : الرجل الذی یمضی فی حاجته فیرجع خائباً ، والمِرْدَع : السهم الذی یکون فی فُوقه ضِیق ، فیُدقّ فُوقُه حتی یتفتَّح. قال : ویقال فیه کله بالغین ، قال والرَّدْع : الدقّ بالحجر. والمِرْدَع الکَسْلان من الملاحین.

أبو عبید عن الأصمعی : یقال : رَعدَت السماء وبرقَتْ ، وَرعد له وبَرَق له إذا أوعده. ولا یجیز أَرْعَد ولا أبرق فی الوعید ولا فی السماء. وکان أبو عبیده یقول : رَعَد وأَرْعدَ وبَرَقَ وأَبْرَقَ بمعنًی واحدٍ ، ویحتجّ بقول الکُمَیت :

أَبْرِق وأرعد یا یزی

د فما وعِیدُک لی بضائرْ

ولم یکن الأصمعی یحتج بشعر الکُمَیت.

وقال الفرَّاء : رَعَدت السماء وبرَقَت ، رَعداً ورُعوداً وبَرْقاً وبُرُوقاً ، بغیر ألف. قال : ویقال للمرأه إذا تزیَّنتْ وتهیّأتْ : أبرَقَتْ. قال : ویقال للسماء المنتظَره إذا کثر الرعد والبرق قبل المطر : قد أرعدت وأبرقت ، ویقال فی کله : رَعدَتْ وبَرَقَتْ. قال : وَإذا أوعدَ الرَجل قیل : قد أرْعدَ وَأَبْرَقَ ، وَرَعَدَ وَبَرقَ.

وقال ابن أحمر :

فابْرُقْ بأرضِک ما بدا لک وارْعُدِ

وقال النضر : جاریه رِعْدِیده : تارّه ناعمه ، وجَوَارٍ رَعَادِید.

أبو عبید عن الفراء : فی الطعام رُعَیْدَاء ممدود وهو ما یُرْمَی به إذا نُقِّیَ. وقال ابن الأعرابی : کثیب مُرْعَد أی مُنْهَال وقد أُرعِد إرعَاداً وأنشد :

وکفل یرتجّ تحت المِجْسَدِ

کالدِعْصِ بین المُهُدَات المُرْعَدِ

أی ما تمهّد من الرمل. ورجلٌ رِعدید إذا کان جَبَاناً. ورعشِیش مثله. وجمعهما الرعادید والرعاشیش. وهو یرتعد ویرتعش.

عَدْلُ الشیء وعِدْلُه سواء أی مثله.

قال وأخبرنی ابن فهم عن محمد بن سلّام عن یونس قال : العَدْلُ : الفِدء فی قوله جلّ وعزّ : (وَإِنْ تَعْدِلْ کُلَ عَدْلٍ لا یُؤْخَذْ مِنْها) [الأنعام : 70].

قال وسمعت أبا الهیثم یقول : العِدْلُ : المِثل : هذا عدله : والعَدْلُ : القِیمه یقال : خذ عَدْله منه کذا وکذا أی قیمته. قال : ویقال لکلّ من لم یکن مستقیماً : حَدْلٌ وضدّه عَدْلٌ. یقال : هذا قَضَاء عَدْلٌ غیر حَدْلٍ. قال والعِدْلُ : اسم حِمْل مَعدُولٍ بحمل أی مُسَوًّی به. والعَدْل : تقویمک الشیء بالشیء من غیر جنسه حتی تجعله له مِثلاً. وقول الله جلّ وعزّ : (وَأَشْهِدُوا ذَوَیْ عَدْلٍ مِنْکُمْ) [الطلاق : 2].

قال سعید بن المسیّب : ذَوَیْ عقل.

وقال إبراهیم : العَدْل الذی لم تظهر منه ریبه.

وکتب عبد الملک إلی سَعید بن جُبَیر یسأله عن العَدْل ، فأجابه : إن العَدْل علی أربعه أنحاء : العَدْل فی الحکم : قال الله تعالی : (وَإِذا حَکَمْتُمْ بَیْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْکُمُوا بِالْعَدْلِ)(1) [النساء : 58] والعَدل فی القول ؛ قال الله تعالی : (وَإِذا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا) [الأنعام : 152]. والعَدل : الفِدْیه ؛ قال الله : (وَلا یُقْبَلُ مِنْها عَدْلٌ) [البَقَرَه : 123]. والعَدْل فی الإشراک قال الله جلّ وعزّ : (ثُمَّ الَّذِینَ کَفَرُوا بِرَبِّهِمْ یَعْدِلُونَ) [الأنعَام : 1]. وأمّا قوله جلّ وعزّ : (وَلَنْ تَسْتَطِیعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَیْنَ النِّساءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ) [النِّساء : 129]. قال عَبِیده السَلْمانی والضحَّاک : فی الحُبّ والجماع. وقوله سبحانه : (وَإِنْ تَعْدِلْ کُلَ عَدْلٍ لا یُؤْخَذْ مِنْها) [الأنعَام : 70] کان أبو عبیده یقول معناه وإن تُقسط کل أقساطٍ لا یُقبل منها. قلت : وهذا خطأ فاحش وإقدام من أبی عُبِیده علی کتاب الله. والمعنی فیه : لو تفتدی بکل فِداء لا یقبل منها الفداء یومئذ. ومثله قوله : (یَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ یَفْتَدِی مِنْ عَذابِ یَوْمِئِذٍ بِبَنِیهِ) [المعَارج : 11] الآیه أی لا یقبل ذلک منه ولا یُنْجیه. وقولهم : رجلٌ عَدْل معناه ذو عدل ألا تراه. قال فی موضعین : (وَأَشْهِدُوا ذَوَیْ عَدْلٍ مِنْکُمْ) [الطلاق : 2] ، فنُعِتَ بالمصدر. وقیل : رجل عَدْلٌ ، ورجلان عَدْلٌ ورجال عَدلٌ ، وامرأه عَدْلٌ ، ونِسْوه عَدْلٌ ، کل ذلک علی معنی : رجال ذوِی عَدلٍ ونسوه ذوات عَدل. والعَدْل : الاستقامه. یقال : فلان یَعدِل فلاناً أی یساویه. ویقال ما یعدِلک عندنا شیء أی ما یقع عندنا شیء مَوْقعک. وإذا مال شیء قلت : عَدلتُه أی أقمتُه فاعَتَدَلَ أی استقام ومن قرأ قول الله جلّ وعزّ : (خَلَقَکَ فَسَوَّاکَ فَعَدَلَکَ) _ بالتخفیف _ (فِی أَیِّ صُورَهٍ ما شاءَ) [الانفِطار : 7 ، 8].

قال الفراء : من خفّف فوجهه _ والله أعلم _ فصرفک إلی أیّ صوره شاء إما حَسَن وإما قبیح وإما طویل وإما قصیر. ومن قرأ : (فَعَدَّلک) فشدد _ وهو أعجب الوجهین إلی

__________________

(1) فی المطبوعه (وإن حکمت فاحکم بینهم بالعدل) وهی لیست بآیه.

ص: 124

الفراء وأجودهما فی العربیه _ ومعناه : جعلک مُعْتَدِلاً مُعْدَّلَ الخَلْق. قال : واخترتُ (عَدّلک) ؛ لأن (فی) للترکیب أقوی فی العربیِّه من أن تکون (فی) للعَدْلِ ؛ لأنک تقول : عَدَلْتُکَ إلی کذا وصَرفتُک إلی کذا. وهذا أجود فی العربیه من أن تقول : عَدلتک فیه وصرفتک فیه.

قلت : وقد قال غیر الفرّاء فی قراءه مَن قرأ : فَعَدَلَکَ _ بالتخفیف _ : إنه بمعنی : فسوّاک وقوّمک ، من قولک : عَدلتُ الشیء فاعتدل أی سوّیتهُ فاستوی.

ومنه قوله :

وعَدَلْنَا مَیْل بَدْرٍ فاعْتَدَل

أی قوّمناه فاستقام. وقرأ عاصم والأعمش بالتخفیف فَعَدَلَکَ ، وقرأ نافِع وأهل الحجاز. (فَعَدَّلَکَ) بالتشدید. وقوله : (أَوْ عَدْلُ ذلِکَ صِیاماً) [المائده : 95] قرأها الکسائی وأهل المدینه بالفتح ، وقرأها ابن عامر بالکسر : (أو عِدْلُ ذلک صیاماً) وقال اللیث : العَدْل من الناس : المرضِیّ قولُه وحُکمه. قال : وتقول إنه لعَدْلٌ بیّن العَدْل والعَدَاله. قال : والعَدْلُ : الحُکم بالحقّ. یقال هو یقضی بالحقّ ویعدل وهو حَکَم عَادلٌ : ذو مَعْدَلهٍ فی حکمه وقال شمر : قال القُزْملی : سألت عن فلانٍ العُدَلَه أی الذین یُعَدُّلُونَه. وقال أبو زید : یقال رجل عُدَلَه وقوم عُدَلَه أیضاً وهم الذین یزکّون الشهود. وقال یونس : جائز أن یقال : هما عَدْلَان وهم عُدُول ، وامرأه عَدْله. وقال الکلابیون : امرأه عَدْلٌ وقومٌ عُدُل. وقال یونس عن أبی عمرو : الجیّد امرأهٌ عَدْلٌ ، وقومٌ عَدْلٌ ، ورجلٌ عَدْلٌ. وقال الباهلیّ : رجلٌ عَدْل وعَادِل : جائز الشهاده. وامرأه عَادِله : جائزه الشهاده. وقال الأصمعی : یقال عَدَلت الجُوَالق علی البعیر أعدِله عَدْلاً یُحمل علی جَنْب البعیر ویُعْدَل بآخر. وفی الحدیث : «مَن شرب الخمر لم یقبل الله منه صَرْفاً ولا عَدْلاً أربعین لیله». قال بعضهم : الصَرْف الحیله. والعَدل : الفِدْیه. قال یونس بن عُبَید : الصرف الحیله ، ویقال منه فلان یتصرّف أی یحتال. قال الله عزوجل : (فَما تَسْتَطِیعُونَ صَرْفاً وَلا نَصْراً) [الفرقان : 19] وقال ابن عباس : الصَرْف : الدِیه ، والعَدْلُ : السَّوِیَّه ، وقال شمر : أخبرنی ابن الحَرِیش عن النضر بن شمیل قال : العَدْلُ : الفریضه. والصرف : التطوّع. وقال مجاهد فی قوله تعالی : (ثُمَّ الَّذِینَ کَفَرُوا بِرَبِّهِمْ یَعْدِلُونَ) [الأنعام : 1] أی یُشرکون. وقال الأحمر : عَدَل الکافر بربه عَدْلاً وعُدُولاً إذا سَوَّی به غیره فعَبَدَهُ. وقال الکسائی : عَدَلت الشیء بالشیء أعدِله عُدُولاً إذا ساویته به. وعَدل الحاکِم فی الحکم عَدْلاً. وقال شمر : أما قول الشاعر :

أفذَاکَ أم هی فی النَجَا

ء لمن یُقَاربُ أو یُعَادِلْ

یعنی : یُعَادِل بین ناقته والثَوْر ، قال : وقال ابن الأعرابی المعادله : الشکّ فی الأمرین وأنشد :

وذو الهمّ تُعْدیه صَرَامَهُ هَمِّهِ

إذا لم تُمَیّثْهُ الرُّقَی ویُعَادِل

ص: 125

یقول یعَادِل بین الأمرین أیُّهما یَرکبُ ، تُمَیِّثه : تُذَلِّله المَشُورَات ، وقول الناس : أین تذهب ، وقال المرَّار :

فلما أن صَرَمَتْ وکان أمْرِی

قویماً لا یمیل به العُدُولُ

قال عَدَل عنِّی یَعْدِلُ عُدولاً لا یمیل به عن طریقه المیْلُ.

وقال الآخر :

إذا الهَمُّ أمْسَ وَهْو داء فأَمضِهِ

ولست بمُمْضیه وأنت تُعَادِله

قال : معناه : وأنت تشکّ فیه.

رَوی أبو عبید عن النبی صلی الله علیه وسلم حین ذکر المدینه فقال : «من أحدث فیها حَدَثاً أو آوی مُحْدِثاً لم یقبل الله منه صَرْفاً ولا عَدْلاً» ، قال أبو عبید رُوی عن مکحول أنه قال الصرف التوبه والعدل : القدیه. وقال أبو عبید : قوله «من أحدث فیها حَدَثاً» فإن الحدث کل حَدّ یجب لله تعالی علی صاحبه أن یقام علیه.

ثعلب عن ابن الأعرابی العَدَلُ مُحرّک : تسویه الأوْنَین ، وهما العِدْلان.

وقال اللیث : العَدْل أن تعدِل الشیء عن وجهه ، تقول ، عَدَلْتُ فلاناً عن طریقه ، وعَدَلْتُ الدابه إلی موضع کذا فإذا أراد الاعوجاج نفسه قال : هو یَنْعَدِل أی یعوجّ. وقال فی قوله :

وإنی لأنْحِی الطَرْف من نحو أرضها

حیاءً ولو طاوعتُهُ لم یُعَادِل

قال : معناه ، لم ینعَدِل قلت معنی قوله لم یعادل أی لم یَعْدِل بنحو أرضها أی بقصدها نحواً ولا یکون یُعَادِل بمعنی ینعدل.

وقال اللیث : المعتدِله من النوق : الحسَنَه المتّفقه الأعضاء بعضُها ببعض. وروی شمر عن محارب : قال : المُعْنَدِله من النوق وجعله رباعیًّا من باب عَندَل. قلت والصواب المعتدله بالتاء.

وروی شمر عن أبی عدنان أنّ الکنانی أنشده :

وعَدَل الفَحل وإن لم یُعْدلِ

واعْتَدَلَتْ ذاتُ السَنَام الأَمْیَل

قال : اعتدال ذات السَّنَام الأمیَل استقامه سَنامها من السِمَن بعدما کان مائلاً.

قلت : وهذا یدلّ علی أن قول محارب : المُعْنَدِله غیر صحیح ، وأن الصواب : المُعْتَدِله ، لأن الناقه إذا سمِنتْ اعتدلت أعضاؤها کلُّها من السنام وغیره. ومُعَنْدِله من العَنْدَل وهو الصُلب الرأس ولیس هذا الباب له بموضعٍ ، لأن العَنْدل رباعی خالص. شمر العَدِیل : الذی یُعَادِلک فی المحمِل والعَدْل : نقیض الجَوْر.

وروی عن عمر بن الخطاب أنه قال : الحمد لله الذی جعلنی فی قومٍ إذا مِلْتُ عَدَلُونی کما یُعْدَل السهم فی الثِقاف ، أی قَوَّمونی. شمر عن أبی عدنان : شرب حتی عَدَّل أی امتلأ. قلت وکذلک عَدَّنَ وأوَّن بمعناه. ویقال أخذ الرجل من مَعْدَل الباطل أی فی طریق الباطل ومذهبه ، ویقال انظروا

ص: 126

إلی سُوء مَعَادِلِهِ ، ومذموم مداخله ، أی إلی سوء مذاهبه ومسالکه ، وقال زهیر :

وسُدِّدَتْ ... علیه سِوَی

قَصْد الطریق مَعَادِلُهْ

ویقال عَدَّلْتُ أمتعه البیت إذا جعلتها أعدالاً مستوِیه للاعتکام یوم الظعْن. وعَدَّل القسَّام الأنصباء للقَسْم بین الشرکاء إذا سوّاها علی القِیم. وأمّا قول ذی الرمّه :

إلی ابن العامریّ إلی بلالٍ

قطعتُ بنَعْفِ مَعقُله العِدَالا

فالعرب تقول : قطعْتُ العِدَال فی أمری ، ومضیت علی عزمی ، وذلک إذا مَیَّلَ بین أمرین أیُّهما یأتی ، ثم استقام به الرأی فعزم علی أوْلَاهُما عنده ، ویقال أنَا فی عِدَال من هذا الأمر أی فی شک منه : أأمضی علیه أم أترکه ، وقد عَادَلت بین أمرین أیَّهما آتی أی میِّلت وفرسٌ معتدل الغُرّه إذا توسّطَت غُرَّتُه جبهته ، فلم نصب واحده من العینین ولم تَمل علی واحد من الخدّین ، قاله أبو عبیده.

أبو عبید عن الأصمعی : العَدَولیّ من السفن منسوب إلی قریه بالبحرین یقال لها : عَدوْلَی.

قال وَالخُلْجُ سفنٌ دونَ العَدوْلِیَّه.

وَقال شمر : قال ابن الأعرابی قول طرَفه :

عَدَوْلیَّه أو من سفین ابن نَبْتَل

قال نسبها إلی ضِخَم وقِدَم ، یقول : هی قدیمه أو ضخمه.

وقال اللیث : العَدْوَلِیَّه نُسِبَتْ إلی موضع کان یسمی عَدَوْلَاه وهو بوزن فَعَوْلَاه.

وذکر عن الکلبی أنه قال : عَدَوْلَی لیسوا من ربیعه ولا مضر ولا ممّن یعرف من الیمن ، إنما هم أمّه علی حِدَه ، قلت : والقول فی العَدَوْلیّ ما قاله الأصمعی.

ثعلب عن ابن الأعرابی : یقال لزوایا البیت : المعَدَّلات والدراقیع والمُزَوَّیات والأخصام والثَفنات. وقال فی قول الله : (فَعَدَلَکَ * فِی أَیِّ صُورَهٍ) [الانفطار : 7 ، 8] أی فقوّمک. ومن خفّف أراد : عَدَلَک من الکفر إلی الإیمان ، وهما نعمتان. وهذا قول ابن الأعرابی.

وقال ابن السکیت عن ابن الکلبی فی قول الناس للشیء الذی یُئِسَ منه : وُضِعَ علی یَدَیْ عَدْلٍ قال : هو العَدْل بن جَزْء بن سعد العَشِیره ، وکان وَلی شُرَط تُبَّع ، فکان تُبَّع إذا أراد قتل رجل دفعه إلیه فقال الناس وُضِعَ علی یَدَی عَدْلٍ.

الغلیظ الرقبه.

وقال ابن شمیل : العِلْوَدّه من الخیل : التی تنقاد بقوائمها وتجذِب بعنقها القائدَ جَذْباً شدیداً ، وقلَّما یقودها حتی یسوقها سائق من ورائها ، وهی غیر طَیِّعه القِیَاد ولا سَلِسه. وأما قول الأسود بن یَعْفَرُ :

وغُودِرَ عِلْوَدٌّ لهَا مُتَطَاوِل

نبیل کجُثمان الجُرَاده نَاشِرُ

فإنه أراد بعلْوَدّها : عنقها ، أراد : الناقه والجُرَاده : اسم رمله بعینها.

وقال الراجز :

أیُّ غلامٍ لَشِ عِلْوَدّ العُنُق

لیس بکیَّاسٍ ولا جَدٍّ حَمِقْ

قوله : لشِ أراد : لک لغه لبعض العرب وأنشدنی المنذری فی صفه الضبّ لبعضهم :

أنهم ضَبَّان ضَبّا عَرَادَهٍ

کبیران عِلْوَدَّانِ صُفْر کُشَاهُمَا

عِلودّان : ضخمان.

وقال أبو عبیده : اعْلَوَّدَ الرجل بعدی إذا غَلُظ.

وقال أبو زید : رجل عِلْوَدّ وامرأه عِلْوَدَّه ، وهو الشدید ذو القَسْوه. وبعیر عِلْوَدّ وناقه عِلْوَدَّهٌ ، وهی الهَرِمه.

وقال اللیث : سَیِّدٌ عِلْوَدٌّ : رَزِین ثخین. وفِعْلُهُ عَلْوَدَ یُعَلْوِدُ إذا لزم الشیء مکانه فلم یُقدر علی تحریکه.

دَوْلَعَه تستلُّها بظفرها

أتبکی علی عِلْجٍ بمَیْسَان کافِرٍ

ککِسْرَی علی عِدَّانِهِ أو کقَیْصَرَا

یخاطب مسکیناً الدارمیّ لمّا رثی زیاداً ، وفیها یقول البیت :

أقول له لمّا أتانی نَعِیُّهُ

به لا بظبی فی الصرائم أعْفَرَا

وقال أبو عمرو فی قوله :

ولا علی عَدَّان مُلک محتَضَر

أی علی زمانه وإبّانه. قلت : وسمعت أعرابیًّا من بنی سعدٍ بالأحساء یقول : کان أمر کذا وکذا علی عِدّان ابن بورٍ ، وابن بور کان والیاً بالبحرین قبل استیلاء القرامطه _ أبادهم الله _ علیها. یرید : کان ذلک أیام ولایته علیها. وقال الفرّاء : کان ذلک علی عِدَّان فِرْعون. قلت : من جعل عِدَّان فِعلَاناً فهو من العَدّ والعِدَاد. ومن جعله فِعلالاً فهو من عَدَن. والأقرب عندی أنه من العَدّ ؛ لأنه جُعِل بمعنی الوقت. والعَیْدان من النخل ما طال وأمَّا العَدَان _ بفتح العین _ فإن الفرّاء حکی عن المفضّل أنه قال : العَدَان : سبع سنین. یقال : مکثنا فی غلاء السعر عَدَانَیْنِ ، وهما أربع عشره سنه ، الواحد عَدَانٌ.

وهو سبع سنین. وأمَّا قول لبید :

ولقد یعلم صحبی کلهم

بعَدَان السِیف صَبری وَنَقَلْ

فإن شمراً رواه بِعَدَان السِیف. وقال : عَدَان : موضع علی سِیف البحر. ورواه أبو الهیثم بِعِدان السیف بکسر العین. قال : ویروی بعَدَانِی السیف. وقال : أرادُوا : جمع العَدِینه فقلبوا والأصل بعَدَائن السیف فأخّر الیاء ، وقال عَدَانِی. وروی أبو عُمَر عن ثعلب عن ابن الأعرابی قال : عَدان النهر _ بفتح العین _ : ضَفّته ، وکذلک عِبْره ومِعبَره وبِرْغیله. وقال أبو عمرو : العَدَانه : الجماعه من الناس ، وجمعه عَدَانات. وأنشد :

بَنی مَالکٍ لدَّ الحُضَینُ وراءکم

رجالاً عَدَاناتٍ وخَیْلاً أکاسِما

وقال ابن الأعرابی : رجال عَدانَات : مقیمون. وقال : روضه أُکْسُوم إذا کانت ملتفّهً بکثره النبات. أبو عبید عن الفرّاء : عَدّنتُ به الأرضَ ووَجَنْتُ به الأرض ومَرّنتُ به الأرض إذا ضربْتَ به الأرض. عمرو عن أبیه قال : العَدِین : عُرًی مُنَقَّشه تکون فی أطراف عُرَی المزاده ، واحدتها عَدِینه. وقال ابن الأعرابی : العَدِینه : رقعه منقَّشَه تکون فی عروه المَزَاده. وقال ابن شمیل : الغَرْبُ یُعَدَّن إذا صغُر الأدِیم وأرادوا توفیره زادوا له عَدِینَه أی زادوا فی ناحیه منه رُقعه ، والخُفُ یُعَدَّن : یزاد فی مؤخّر الساق منه زیاده حتی یتّسع. قال : وکل رقعه تزاد فی الغَرْب فهی عَدِینَه ، وهی کالبَنِیقه فی القمیص. وأنشد :

والغَرْبَ ذا العَدِینه الموَعَّبَا

والموعّب : الموسَّعُ الموَفّر. وقال أبو سعید فی قول المخبَّل :

خَوَامِس تنشقّ العصا عن رؤوسها

کما صَدَع الصخر الثِقالَ المُعَدِّنُ

قال : المُعَدِّن : الذی یُخرِج من المعدِن

ص: 130

الصخر ثم یکسِّرها یبتغی فیها الذهب. وعَدَّنَ الشاربُ إذا امتلأ ، مثل أَوَّنَ وعَدَّلَ. وعَدَنُ أبْیَن : بلد علی سِیف البحر فی أقصی بلاد الیمن.

الإبل فتعارضها. قال : فإذا قادتهن قُدُماً أمامهنّ فتلک السلوف. أبو عُمَر عن ثعلب عن ابن الأعرابی : أعنَدَ الرجل إذا عارض إنساناً بالخِلاف ، وأَعْنَدَ إذا عارض بالاتّفاق. قال : ومنه قوله : حتی الحُبَارَی ویُحبّ عَندَه أی اعتراضه. وقال ابن شمیل : عَنَدَ الرجل عن أصحابه یعنِد عُنوداً إذا ما ترکهم واجتاز علیهم ، وعَنَدَ عنهم إذا ما ترکهم فی سَفَرٍ وأخذ فی غیر طریقهم أو تخلَّف عنهم. والعُنُود کأنه الخلاف والتباعد والتَرک لو رأیت رجلاً بالبصره من أهل الحجاز لقلت : شَدَّ ما عَنَدْت من قومک أی تباعدت عنهم. وسحابهٌ عَنُود : کثیره المطر. وجمعه عُنُدٌ وقال الراعی :

دِعْصاً أرذَّ علیه فُرَّقٌ عُنُدٌ

وقدح عَنُود وهو الذی یخرج فائزاً علی غیر وجهه سائر القِدَاح. ویقال : استعنَدنی فلان من بین القوم أی قَصَدَنی. وعَانَد ، البعیرُ خِطامه أی عَارَضَه. أبو عبید عن أبی زید : ما لی عن ذلک الأمر عُنْدَدٌ ولا مُعْلَنْدَدٌ ، أی ما لی منه بُدّ. وکذلک قال ابن الأعرابی. وقال أبو عمرو : العَنْدُدُ : الحِیله. أبو عبید عن أبی زید : أعنَدَ الرجل فی قَیْئه إعناداً إذا أتبع بعضَه بعضاً. وقال اللیث : عِنْدَ : حرفُ صفهٍ یکون موضعاً لغیره ، ولفظه نصبٌ ؛ لأنه ظَرْف لغیره وهو فی التقریب شِبه اللِزْق.

ولا یکاد یجیء فی الکلام إلا منصوباً ؛ لأنه لا یکون إلا صفه معمولاً فیها أو مضمراً فیها فِعلٌ ، إلّا فی حرف واحد. وذلک أن یقول القائل لشیء بلا عِلم : هذا عِندی کذا وکذا ، فیقال : أوَلک عِندٌ فیُرفع. وزعموا أنه فی هذا الموضع یراد به القلب وما فیه من معقول اللبّ. قلت : وأرجو أن یکون ما قاله اللیث فی تفسیر (عند) قریباً مما قاله النحویون. الفرّاء : العرب تأمر من الصفات بعلیک وعندک ودونک وإلیک. یقولون : إلیک إلیک عَنّی یریدون : تأخّر ، کما یقولون : وراءک وراءک. فهذه الحروف کثیره. وزعم الکسائیّ أنه سمع : البعیرَ بینکما فخذاه ، فنصب البعیر. وأجاز ذلک فی کل الصفات التی تفرد. ولم یجزه فی اللام ولا الباء ولا الکاف. وسمع الکسائی العرب تقول : کما أنْتِنی یرید : انتظرنی فی مکانک. أبو زید یقال : إنّ تحت طِرِّیقتک لعِنْدَاوَه. والطِّرِّیقه : اللین والسکون. والعِنْدَاوَه : الجفْوه والمکر. وقال الأصمعی : معناه : إن تحت سکونک لنَزْوهً وطِماحاً. وقال غیره : العِنداوه الالتواء والعَسَرُ. وقال : هو من العَدَاء. وهمزه بعضهم فجعل النون والهمزه زائدتین ، علی بناء فِنْعَلْوَه. وقال غیره : عِنْدَأْوه فِعْلَلْوَه.

ولَؤُمَتْ. ورواه ابن الأعرابی وإن رَغِمَتْ. ابن شمیل : دَنِعَ الصبی إذا جُهِدَ وجاع واشتهی. وقال ابن بزرج : دَنِع وَرَثِع إذا طمِعَ.

عمرو عن أبیه قال : الدنیع : الخسیس.

صاحَ بهم علی اعتِفَادٍ زمانْ

مُعْتَفِدٌ قَطّاع بینِ الأقرانْ

قال شمر : ووجدته فی «کتاب ابن بزرج» : اعتقد الرجل _ بالقاف _ وآطم وذلک أن یغلق علیه باباً إذا احتاج حتی یموت. قال : ووجدته فی «کتاب أبی خَیره» : عَفَدَ الرجل وهو یَعْفِد. وذلک إذا صفّ رجلیه فوثب من غیر عَدْوٍ.

وإن شئت قلت : هی دافِع بلبن ، وإن شئت قلت : هی دافِع بضَرْعها ، وإن شئت قلت : هی دافِع وتسکت. وأنشد :

ودافِع قد دَفَعَتْ للنَّتْجِ

قد مَخضَتْ مَخَاض خَیْل نُتْجِ

وقال النضر : یقال دفعت بلبنها وباللبن إذا کان ولدها فی بطنها ، فإذا نُتِجت فلا یقال : دَفَعَتْ. وقال أبو عمرو : الدُّفَّاع : الکثیر من الناس ومن السیر ومن جَرْی الفرس إذا تدافع جَرْیُه. وفرسٌ دَفَّاعٌ. وقال ابن أحمر :

إذا صَلِیتُ بدفَّاع له زَجَلٌ

یُوَاضِخُ الشَدَّ والتقریب والخَبَبَا

ویروی بدُفَّاعٍ یرید الفرس المتدافِع فی جریه.

وقال الأصمعی : بعیرٌ مُدَفَّعٌ : کالمُقْرم الذی یودَّع للفِحْله فلا یُرْکَبُ ولا یُحْمَل علیه.

وقال الأصمعی : هو الذی إذا أُتِی به لیحمل علیه. قیل : ادفع هذا أی دَعْه إبقاء علیه.

وأنشد غیره لذی الرمّه :

وَقَرَّبْنَ للأظعان کل مُدَفَّعِ

قال : ویقال : جاء دُفَّاع من الرجال والنساء إذا ازدحموا فرکب بعضهُم بعضاً.

أبو زید : یقال دَافَع الرجلُ أمرَ کذا وکذا إذا أولع به وانهمک فیه. ویقال دَافَع فلان فلاناً فی حاجته إذا ماطله فیها فلم یقضها.

وفی «کتاب شمر» قال أبو عمرو : المَدَافِع : مجاری الماء.

وقال ابن شمیل : مَدْفَع الوادی : حیث یدفع السیل وهو أسفله حیث یتفرّق ماؤه. وقال الأصمعی : الدوَافِع : مَدَافِع الماء إلی المِیث ، والمیث تدفع إلی الوادی الأعظم.

جملٌ أفَدع وناقهٌ فَدْعاء. ولا یکون الفدع إلا فی الرُسْغ جُسْأه فیه.

وقال غیره : الفَدَع : أن یصطک کعباه ویتباعد قدماه یمیناً وشِمالاً.

قلت : أصل الفَدَع المیل والعَوَج ، فکیفما مالت الرِجْل فقد فَدِعَتْ.

یبتدیء : (فَأَنَا أَوَّلُ الْعابِدِینَ) له ، علی أنه لا ولد له. والوقف علی (الْعابِدِینَ) تامّ. قلت : قد ذکرتُ أقاویل مَن قدّمنا ذکرهم ، وفیه قول أحسن من جمیع ما قالوا وأَسْوغ فی اللغه ، وأبعد من الاستکراه وأسرع إلی الفهم.

رَوَی عبد الرازق عن مَعْمَر عن ابن أبی نَجِیع عن مجاهد فی قوله تعالی : (قُلْ إِنْ کانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعابِدِینَ) [الزّخرُف : 81] یقول : إن کان لله ولد فی قولکم فأنا أول من عَبَدَ الله وحده وکذّبکم بما تقولون.

قلت : وهذا واضح. وممّا یزیده وضوحاً أن الله جلّ وعزّ قال لنبیّه صلی الله علیه وسلم : (قُلْ) یا محمد للکفار (إِنْ کانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ) فی زعمکم (فَأَنَا أَوَّلُ الْعابِدِینَ) إلهَ الخلق أجمعین الذی (لَمْ یَلِدْ وَلَمْ یُولَدْ) ، وأولّ الموحِّدین للرب الخاضعین المطیعین له وحده ؛ لأن من عَبَدَ الله واعترف بأنه معبوده وحده لا شریک له فقد دَفَعَ أن یکون له ولد. والمعنی : (إِنْ کانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ) فی دعواکم فالله جلّ وعزّ واحد لا شریک له ، وهو معبودی الذی لا ولد له ولا والد.

قلت : وإلی هذا ذهب إبراهیم بن السَرِیّ وجماعه من ذوی المعرفه ، وهو القول الذی لا یجوز عندی غیره.

وقال الله جلّ وعزّ : (وَتِلْکَ نِعْمَهٌ تَمُنُّها عَلَیَّ أَنْ عَبَّدْتَ بَنِی إِسْرائِیلَ) [الشُّعراء : 22] الآیه.

قلت : وهذه الآیه تقارِب التی فسّرنا آنفاً فی الإشکال ، ونذکر ما قیل فیها ونخبر بالأصحّ الأوضح ممَّا قیل.

أخبرنی المنذریّ عن أبی العباس أنه قال : قال الأخفش فی قوله : (وَتِلْکَ نِعْمَهٌ تَمُنُّها عَلَیَّ أَنْ عَبَّدْتَ بَنِی إِسْرائِیلَ) قال : یقال : إن هذا استفهامٌ ، کأنه قال : أوَ (تِلْکَ نِعْمَهٌ تَمُنُّها عَلَیَ)! ثم فَسَّر فقال : (أَنْ عَبَّدْتَ بَنِی إِسْرائِیلَ) فجعله بدلاً من النعمه.

قال أبو العبّاس : وهذا غلط ؛ لا یجوز أن یکون الاستفهام یُلْقی وهو یُطْلَبُ ، فیکون الاستفهام کالخبر. وقد استُقبح ومعه (أم) وهی دلیل علی الاستفهام. استقبحوا قول امریء القیس :

تروح من الحَیّ أم تَبْتَکِرْ

قال بعضهم : هو أتروح من الحیّ أم تبتکر فحذف الاستفهام أوّلاً واکتفی بأم. وقال أکثرهم : بل الأول خبر والثانی استفهام. فأمَّا ولیس معه (أم) لم یقله إنسان.

قال أبو العباس : وقال الفرّاء : (وَتِلْکَ نِعْمَهٌ تَمُنُّها عَلَیَ) ، لأنه قال : (وَأَنْتَ مِنَ الْکافِرِینَ) لنعمتی أی لنعمه تربیتی لک ، فأجابه فقال : نعم هی نعمه (عَلَیَّ أَنْ عَبَّدْتَ بَنِی إِسْرائِیلَ) ولم تستعبدنی. یقال : عَبَّدَتُ العَبِید وأعبدتهم أی صیّرتُهم عبیداً ، فیکون موضع (أَنْ) رفعاً ویکون نصباً وخفضاً. من رَفَع ردّها علی النعمه ، کأنه قال : وتلک نعمه تعبیدک بنی إسرائیل ولَمْ تُعَبِّدْنی. ومن خفض أو نصب أضمر اللام. قلت : والنصب أحسن الوجوه ، المعنی : أن فرعون لمّا قال لموسی : (قالَ أَلَمْ نُرَبِّکَ فِینا وَلِیداً وَلَبِثْتَ فِینا مِنْ عُمُرِکَ سِنِینَ) [الشعراء : 18] فاعتَدّ فرعونُ علی

ص: 137

موسی بأن ربّاه ولیداً منذ وُلِد إلی أن کَبِر ، فکان من جواب موسی له : تلک نعمه تَعتدّ بها علیّ لأنک عَبّدتَ بنی إسرائیل ولو لم تُعبْدهم لکفَلنی أهلی ولم یُلْقونی فی الیمّ ، فإنما صارت نعمه لِمَا أقدمت علیه ممَّا حظره الله علیک.

وقال أبو إسحاق الزجّاج : المفسّرون أخرجوا هذه علی جهه الإنکار أن تکون تلک نعمه ، کأنه قال : وأیّ نعمه لک علیّ فی أن عَبَّدت بنی إسرائیل واللفظ لفظ خبر. قال : والمعنی یخرج علی ما قالوا علی أن لفظه لفظ الخبر. وفیه تبکیتٌ للمخاطَب کأنه قال له هذه نعمه أن اتخذتَ بنی إسرائیل عَبیداً ، علی جهه التهکّم بفرعون. واللفظ یوجب أن موسی قال له : هذه نعمه لأنک اتخذت بنی إسرائیل عبیداً ولم تتخذنی عَبداً ، وقال الشاعر فی أعبَدت الرجل بمعنی عَبَّدته :

علام یُعْبِدُنی قومی وقد کثرت

فیهم أباعِر ما شاءوا وعُبْدانُ

وأخبرنی المنذریّ عن أبی الهیثم أنه قال : المُعَبَّد : المُذَلَّل. والمُعَبّد : البعیر الجَرِبُ.

وأنشد لَطَرفه :

وأفردت إفراد البعیر المعُبَّدِ

قال والمُعَبَّد : المکرَّم فی بیت حاتم حیث یقول :

تقول ألا تُبقی علیک فإننی

أری المال عند الممسکین مُعَبَّدَا

أی مُعَظَّماً مخدُوماً. قال : وأخبرنی الحرّانی عن ابن السکیت : یقال اسْتَعْبَده وعَبَّدَه أی أخذه عَبْداً وأنشد قول رؤبه :

یَرْضَوْنَ بالتعبید والتأمِیّ

قال : ویقال : تَعَبَّدت فلاناً أی اتّخذته عَبداً ، مثل عَبَّدته سَوَاء. وَتَأَمَّیْتُ فلانهَ أی اتخذتها أَمَهً.

وقال الفرّاء : یقال : فلان عَبْدٌ بَیِّنُ العُبُوده والعُبُودِیَّه والعَبْدِیّه. وتَعَبَّد الله العَبْد بالطاعه أی استعبده.

وقال الله جلّ وعزّ : (قُلْ هَلْ أُنَبِّئُکُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذلِکَ مَثُوبَهً عِنْدَ اللهِ مَنْ لَعَنَهُ اللهُ وَغَضِبَ عَلَیْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَهَ وَالْخَنازِیرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ) [المائده : 60] قرأ أبو جعفر وشَیْبَه ونافِع وعاصِم وأبو عمرو والکسائی : (وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ).

قال الفرّاء : هو معطوف علی قوله (وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَهَ وَالْخَنازِیرَ) ومن عَبَدَ الطاغوت.

وقال الزجاج : قوله (وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ) نَسَقٌ علی (مَنْ لَعَنَهُ اللهُ) المعنی : من لعنه الله ومن عبد الطاغوت. قال وتأویل (وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ) أی أطاعه _ یعنی الشیطان _ فیما سوّل له وأغواه. قال : والطاغوت هو الشیطان.

قال فی قول الله تعالی : (إِیَّاکَ نَعْبُدُ) [الفَاتِحَه : 5] : إیاک نطیع الطاعه التی نخضع معها.

قال : ومعنی العباده فی اللغه : الطاعه مع الخضوع. ویقال طریقٌ مُعَبَّدٌ إذا کان مذلَّلاً بکثره الوطء ، وبعیرٌ مُعَبَّد إذا کان مَطْلیًّا بالقَطِران. وقرأ : (وعَبُدَ الطاغوتِ)

ص: 138

یحیی بن وَثّابٍ والأعمش وحمزه.

قال الفرّاء : ولا أعلم له وجهاً إلا أن یکون عَبُدَ بمنزله حذُر وعَجُل.

وقال نُصَیر الرازیّ : (عَبُدٌ) وَهمٌ ممَّن قرأه ، ولسنا نعرف ذلک فی العربیَّه.

ورُوی عن النخعی أنه قرأ : (وعُبُدَ الطاغوتِ) وذکر الفرّاء أن أُبَیَّاً وعبد الله قرءا (وعبدوا الطاغوت).

ورُوی عن بعضهم أنه قرأ : (وعُبَّاد الطاغوت) وبعضهم (وعَابِدَ الطاغوت).

ورُوی عن ابن عباس : (وعُبِّدَ الطاغوت).

ورُوی عنه أیضاً : (وعُبَّدَ الطاغوت).

قلت : والقراءه الجیّده التی لا یجوز عندنا غیرها هی قراءه العامّه التی بها قرأ القُرّاء المشهّرون. (وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ) [المائده : 60] علی التفسیر الذی بیّنته من قول حُذَّاق النحویین.

قلت : وأما قول أوس بن حجر :

أبَنِی لبینی أن أُمَّکُمُ

أَمَهٌ وإن أباکم عَبُدُ

فإنه أراد : وإن أباکم عَبْد فثقَّله للضروره ، فقال : عَبُدُ.

وقال اللیث : العَبد : المملوک. وجماعتهم : العَبِید ، وهم العِبَاد أیضاً ؛ إلَّا أنّ العامّه اجتمعوا علی تفرقه ما بین عباد الله والمَمالیک ، فقالوا : هذا عَبْد من عباد الله ، وهؤلاء عبید ممالیک.

قال : ولا یقال : عَبَدَ یَعْبُدُ عِبَادَهً إلّا لمن یَعْبُدُ الله. ومن عَبَدَ مِن دونه إلهاً فهو من الخاسرین.

قال : وأما عَبْدٌ خَدَمَ مولاه فلان یقال : عَبَدَه.

قال اللیث : ومن قرأ : (وَعَبُدَ الطاغوتُ) فمعناه صار الطاغوتُ یُعْبَد ، کما یقال : فَقُهَ الرجل وظَرُفَ. قلت : غَلِط اللیث فی القراءه والتفسیر. ما قرأ أحد من قُرَّاء الأمصار وغیرهم (وَعَبُدَ الطاغوتُ) برفع الطاغوت ، إنما قرأ حمزه : (وَعَبُدَ الطاغوتِ) وهی مهجوره أیضاً.

قال اللیث : ویقال للمشرکین : هم عَبَدَه الطاغوتِ. ویقال للمسلمین : عِبَاد الله یَعْبُدُون الله. وذکر اللیث أیضاً قراءه أخری ما قرأ بها أحد وهی (وعابدو الطاغوت) جماعه.

وکان رَحِمه اللهُ قلیل المعرفه بالقراءات. وکان نَوْلُه ألّا یحکی القراءات الشاذَّه ، وهو لا یحفظها القاریء قرأ بها وهذا دلیل علی أن إضافته کتابه إلی الخلیل بن أحمد غیر صحیح ، لأن الخلیل کان أعقل وأورع من أن یسمِّی مثل هذه الحروف قراءات فی القرآن ، ولا تکون محفوظه لقاریء مشهور من قُرّاء الأمصار ودلیل علی أن اللیث کان مغفَّلاً ونسأل الله التوفیق للصواب.

وقال اللیث : یقال أعبَدنی فلان فلاناً أی ملّکنی إیّاه.

قلت : والمعروف عند أهل اللغه : أعبَدت فلاناً أی استعبدته. ولست أنکر جواز ما ذکره اللیث إن صحَّ لثقه من الأئمه ، فإن السماع فی اللغات أولی بنا من القول بالحَدْس والظنّ وابتداع قیاسات لا تستمرّ

ص: 139

ولا تطّرد.

وقال اللیث : العِبِدَّی : جماعه العَبید الذین وُلِدُوا فی العُبُودَه ، تعبیدهً ابنَ تعبیده ، أی فی العُبُوده إلی آبائه.

قلت : هذا غَلَط. یقال : هؤلاء عِبِدَّی الله أی عِبَادُه.

وفی الحدیث الذی جاء فی الاستسقاء : «وهذه عِبِدّاک بِفناء حَرَمک».

قال اللیث : والعبادِید : الخیل إذا تفرّقتْ فی ذهابها ومجیئها ، ولا تقع إلا علی جماعه : لا یقال للواحد عِبْدِید.

قال ویقال فی بعض اللغات : عبابید ، وأنشد :

والقوم آتوک بَهزٌ دون إخوتهم

کالسیل یرکب أطراف العبَابِید

قال : وهی الأطراف البعیده ، والأشیاء المتفرقه. وهم عَبادید أیضاً.

قلت : وقال الأصمعی : العبابید : الطُرُق المختلفه.

ورَوَی أبو طالب عن أبیه عن الفرّاء أنه قال : العَبَادید والشماطِیط لا یُفْرد له واحد.

قال : وقال غیره : ولا یُتکلم بهما فی الإقبال ، إنما یتکلم بهما فی التفرق والذهاب.

قال : وقال الأصمعی : یقال صاروا عَبابِید وعَبَادِید أی متفرّقین.

وقول الله جلّ وعزّ : (وَقَوْمُهُما لَنا عابِدُونَ) [المؤمنون : 47] أی دائنون ، وکل من دان لملکٍ فهو عَابد له.

وقال ابن الأنباری : فلان عَابِد وهو الخاضع لربّه المستسلم لقضائه المنقاد لأمره. وقوله (اعْبُدُوا رَبَّکُمُ) [البقره : 21] أی أطیعوا ربّکم. وقیل فی قوله : (إِیَّاکَ نَعْبُدُ) [الفاتحه : 5] : إیّاک نوحِّد ، والعابد الموحِّد. والدراهم العَبْدیَّه کانت دراهم أفضل من هذه الدراهم وأکثر وزناً. وأما بیت بشر :

مُعَبَّدهُ السقائف ذات دُسْرٍ

مُضَبَّرهٌ جوانبها رَداحُ

فإن أبا عبیده قال : المعَبَّده : المطلیَّه بالشحم أو الدُهْن أو القار. وقیل مُعَبَّده : مُقَیره. وقال شمر : یقال للعبید مَعْبَدَه.

وأنشد للفرزدق :

وما کانت فُقَیم حیث کانت

بیثرب غیرَ مَعْبَدَه قُعُودِ

قلت : ومثل معبَده جمع العبْد مشیْخه جمع الشیخ ، ومسْیفه جمع السیف. أبو عبید عن أبی زید : أعبَدَ القوم بالرجُل إذا ضربوه ، وقد أُعْبِدَ به إذا ذهبتْ راحلته ، وکذلک أُبْدِعَ به. أبو عبید عن أبی عمرو : ناقه ذات عَبَدَه أی لها قوّه شدیده. وقال شمر : العَبَدَه البقاء یقال ما لثوبک عَبَدَه أی بقاء سُمِّی عَلْقمه بن عَبَدَه وقال أبو دوادٍ الإیادیُ :

إنْ تُبتذل تُبتذل من جندلٍ خِرسٍ

صَلَابهٍ ذات أَسدارٍ لها عَبَدَه

وقیل أراد بالعَبَدَه : الشدّه. وقال شمر : یُجمع العَبْدُ عَبیداً ومَعْبُودَاء وعِبِدَّی ومَعْبَدَه وعُبْدَاناً وعِبْدَاناً وأنشد :

ص: 140

ترکت العِبدّی یَنْقُرون عجانَهَا

وقال اللحیانی : عَبَدت الله عِبَادَهً ومَعْبَداً والمُعَبَّدُ : الطریق الموطوء فی قوله :

وَظیفاً وظیفاً فوق مَوْرٍ مُعَبَّدِ

وأنشد شمر :

وَبَلد نائی الصُوَی مُعَبَّد

قطعتُه بذاتِ لَوْثٍ جَلْعَدِ

قال : أنشدنیه أبو عدنان وذکر أن الکلابیّه أنشدته وقالت : المُعَبَّد : الذی لیس فیه أثَر ولا عَلم ولا ماء. وقال شمر : المُعَبَّدُ من الإبل : الذی قد عُمَّ جِلدُه کلّه بالقَطران من الجَرَب. ویقال : المُعَبَّدُ : الأجرب الذی قد تساقط وَبَره فأُفرد عن الإبل لیُهْنَأَ. ویقال : هو الذی عَبَّده الجَرَب أی ذَلّلَهُ. وقال ابن مقبل :

وضَمَّنتُ أرسانَ الجیاد مُعَبَّداً

إذا ما ضربنا رأسه لا یُرَنَّحُ

قال : والمعَبَّد ههنا الوتِد ویقال أنوم من عَبّود. قال المفضل بن سلمه : کان عبود عبداً أسود حطاباً فَغَبَر فی محتطبه أسبوعاً لم ینم ثم انصرف وبقی أسبوعاً نائماً فضرب به المثل وقیل : نام نوم عبّود وقال أبو عدنان : سمعت الکلابیّین یقولون : بعیرٌ مُتَعَبِّدٌ ومُتَأَبِّد إذا امتنع علی الناس صعوبهً فصار کآبِده الوَحْش. قال ویقال : عَبِدَ فلان : إذا ندِم علی شیء یفوته ویلوم نفسه علی تقصیر کان منه. وقال النضر : العَبَدُ طول الغضب. وقال أبو عبید قال الفرّاء : عَبِدَ علیه وأحِن علیه وأمِد وأبِد أی غضِب. وقال الغَنَوِیّ : العَبَدُ : الحزَنُ والوَجْد. وقیل فی قول الفرزدق :

أولئک قوم إن هجونی هجوتهم

وأعْبَدُ أن أهجو کُلَیباً بدَارِمِ

أعْبَدُ : أی آنف. وقال ابن أحمر یصف الغَوّاص :

فأرسَل نفسه عَبَداً علیها

وکان بنفسه أرِباً ضَنِینَا

قیل : معنی قوله : عَبَداً أی أنَفَاً. یقول : أنِفَ أن تفوته الدُرَّه. وقال شمر : قیل للبعیر إذا هُنِیءَ بالقَطِران : مُعَبَّدٌ لأنه یتذلَّل لشهوته للقطران وغیره ، فلا یمتنع. والتعبُّد : التذلّل. قال : والمعَبَّد : المذلَّل. یقال : هو الذی یُترکُ ولا یُرکبُ. ثعلب عن ابن الأعرابی یقال : ذهب القوم عَبَادِید وعَبَابِید إذا ذهبوا متفرّقین ، ولا یقال : أقبلوا عَبَادِید. قال : والعَبَادِید : الآکام. وقال الزّجاج فی قول الله جلّ وعزّ : (وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِیَعْبُدُونِ) [الذّاریَات : 56] الآیه ، المعنی : ما خلقتهم إلّا لأدعوهم إلی عبادتی وأنا مُرِید العِبَادَه منهم ، وقد علم الله قبل أن یخلقهم من یَعْبُدُه ممّن یکفر به ، ولو کان خلقهم لیُجبرهم علی عبادته لکانوا کلهم عُبَّاداً مؤمنین. قلت : وهذا قول أهل السنّه والجماعه. وقال ابن الأعرابی : المعَابد : المسَاحِی والمُرُور ، واحدها مِعْبَدٌ. قال عَدِیّ بن زید العِبَادیّ :

إذ یَحْرُثْنَه بالمَعَابِدِ

وقال أبو نصر : المعَابد : العَبید. أبو العباس عن ابن الأعرابی قال : العَبْدُ : نبات طیّب الرائحه. وأنشد :

ص: 141

حَرَّقها العَبد بعنظوانِ

فالیومُ منها یومُ أَرْوَنانِ

قال : والعَبْد تَکْلَف به الإبلُ ؛ لأنه مَلْبَنَه مَسْمَنه ، وهو حادٌّ المِزَاج ، إذا رعته الإبل عطشت فطلبت الماء ، وأخبرنی المنذری عن ثعلب عن سَلَمه عن الفرّاء : یقال صُکّ به فی أم عُبَید ، وهی الفَلَاه وهی الرّقّاصَه. قال : وقلت للقَنَانی : ما عُبَید؟ فقال : ابن الفلاه. وأنشد قول النابغه :

مُنَدَّی عُبَیدان المحلِّیء باقِرَهْ

قال : یعنی به الفَلَاه. وقال أبو عمرو : عُبَیْدان : اسم وادی الحَیّه ، وذکر قصَّتها واستشهد علیها بشعر النابغه. والعِبَاد : قوم من أفناء العرب ، نزلوا بالحِیره وکانوا نصاری ، منهم عَدِیّ بن زید العِبَادیّ. وقد سَمَّت العرب عَبَّاداً وعُبَاده وعُبَاداً وعَبِیداً وعَبیده وعَبَدَه ومَعْبَداً وعُبَیْداً وعابداً وعَبْدان وعُبَیْدان تصغیر عَبدان.

ولیالیها أطیب اللیالی ، لا تؤذِی بحَرٍّ مُفرِط ولا قُرٍّ مؤذٍ. ومنه قول امرأه من العرب وصفتْ زوجها فقال : زوجی کلیلِ تهامه ، لا حَرّ ولا قُرّ ولا مخافه ولا سآمه. وقول الله جلّ وعزّ : (بَدِیعُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) [البَقَره : 117] أی خالقهما. وبَدیعٌ من أسماء الله وهو البَدیع الأوَّل قبل کل شیء. ویجوز أن یکون من بَدَعَ الخَلْقَ أی بدأه. ویجوز أن یکون بمعنی مُبْدع.

وقال الزجاج : (بَدِیعُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) منشئهما علی غیر حِذَاء ولا مثال. وکلّ مَن أنشأ ما لم یسبَق إلیه قیل له : أَبْدَعْتَ. ولهذا قیل لمن خالف السّنه : مُبْتَدِع. لأنه أحدث فی الإسلام ما لم یسبقه إلیه السَّلَف.

ورُوی عن النبی صلی الله علیه وسلم بإسنادٍ صحیح أنه قال : «إیَّاکم ومُحْدَثَات الأمور ، فإن کل مُحْدَثه بِدْعه ، وکل بدعه ضلاله».

قلت : وقول الله تعالی : (بَدِیعُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) بمعنی مُبْدعهما ؛ إلا أن (بدیع) مِن بَدَع لا مِن أَبْدَعَ. وَأَبْدَعَ أکثر فی الکلام من بَدَعَ ولو استُعمل بَدَعَ لم یکن خطأ ، فبَدِیع فَعِیل بمعنی فَاعِل مثل قدیر بمعنی قادر. وهو صفه من صفات الله ؛ لأنه بدأ الخلق علی ما أراد علی غیر مثالٍ تَقَدّمه.

والبَدیع من الحِبال : الذی ابتدیء فَتْله ، ولم یکن حبْلاً فنکِث ثم غُزِلَ وأعید فتله.

ومنه قول الشماخ :

وأُدْمج دَمْج ذی شَطَنٍ بَدِیعِ

وأنشد الأعرابیّ فی السّقاء :

نَضْحَ البَدِیعِ الصَفَق المُصَفَّرا

یعنی المزاد الجدید الذی یسرّب أول ما یسقَی فیه فیخرج ماؤه أصفر ، وهو الصَّفَق.

قلت : والبَدیع بمعنی السِّقاء أو الحبْل فعِیل بمعنی مفعول.

ورَوَی عبد الله بن مسعود عن النبی صلی الله علیه وسلم أن رجلاً أتاه فقال : یا رسول الله إنّی قد أُبْدِعَ بی فاحملنی.

قال أبو عبید : قال أبو عبیده یقال للرجل إذا کَلَّتْ رِکَابه أو عَطِبتْ وبقی منقطعاً به : قد أُبدِع به.

قال : وقال الکسائی مثله ، وزاد فیه : أبدَعَتِ الرکابُ إذا کَلَّتْ وعَطِبَتْ.

وقال بعض الأعراب : لا یکون الإبداع إلّا بظَلْعٍ ، یقال أبدَعَتْ به راحلته إذا ظَلَعتْ.

قال أبو عبید : ولیس هذا باختلاف ، وبعضه شبیه ببعضٍ.

وقال اللحیانی : یقال أَبْدَعَ فلان بفلان إذا قَطَعَ به وخَذَله ولم یقم بحاجته ولم یکن عند ظنّه به.

وقال أبو سعید : أُبْدِعَتْ حُجَّه فلان أی أُبْطِلَتْ ، وَأَبْدَعَتْ حجّته أی بَطَلَتْ.

وقال غیره : أَبْدَعَ بِرُّ فلان بشکری وأبدَع فضله وإیجابه بوصفی إذا شکره علی إحسانه إلیه ، واعترف بأن شکره لا یفی بإحسانه.

وقال الأصمعی : بَدِعَ یَبْدَعُ فهو بَدِیعٌ إذا سَمِنَ.

ص: 143

وأنشد لبَشِیر بن النِکْث أحد الرُجَّاز :

فبَدِعَتْ أَرْنَبُهُ وخِرْنُقُهْ

أی سمِنتْ وَقال اللیث : قریء : (بدیعَ السماوات والأرض) [البقره : 117] بالنصب علی وجه التعجب لِمَا قال المشرکون ، علی معنی بدْعاً ما قلتم وبدیعاً اخترقتم ، فنصبه علی التعجّب والله أعلم أهو کذلک أم لا. فأمّا قراءه العامه فالرفع ، ویقولون : هو اسم من أسماء الله.

قلت ما علمت أحداً من القرّاء قرأ : (بدیعَ) بالنصب ، والتعجُّبُ فیه غیر جائز. وإن جاء مثله فی الکلام فنصبه علی المدح کأنه قال اذکر بدیع السماوات شمر عن ابن الأعرابی : البِدْع من الرجال الغُمْرُ.

کقوله :

إن تأت من تحت أجئها من علو

وقال الآخر :

إذا أنا لم أومن علیک ولم یکن

لقاؤک إلّا مِن وراءُ وراءُ

فرفع إذ جعله غایه ولم یذکر بَعدَه الذی أضیف إلیه.

قال الفرّاء : وإن نویت أن تُظهر ما أضیف إلیه وأظهرته فقلت : لله الأمر من قبلِ ومن بَعدِ جاز ، کأنک أظهرت المخفوض الذی أضفت إلیه قَبْلَ وبَعد.

وقال اللیث : البُعد علی معنیین : أحدهما ضِدّ القُرب. تقول منه : بَعُدَ یَبْعُد بُعْداً فهو بَعید. وتقول : هذه القریه بَعِیدٌ ، وهذه القریه قریبٌ ولا یراد به النعتُ ، ولکن یراد بهما الاسم. والدلیل علی أنهما اسمان قولک : قریبُه قریبٌ وبَعیده بَعیدٌ. قال والبُعْدُ أیضاً من اللعْن کقولک : أَبْعَدَه الله أی لا یُرثَی له فیما نَزَل به. وکذلک بُعْداً له وسُحْقاً. ونَصَب بُعْداً علی المصدر ولم یجعله اسماً ، وتمیم ترفع فتقول : بُعْدٌ له وسُحْقٌ ؛ کقولک : غلامٌ له وفرسٌ.

وقال الفرّاء : العرب إذا قالت : دارک منّا بَعِیدٌ أو قریبٌ ، أو قالوا : فلانه منا قریبٌ أو بَعِیدٌ ذکَّروا القریب والبَعید ؛ لأن المعنی هی فی مکان قریب أو بَعید ، فجُعل القریب والبَعِید خَلَفاً من المکان.

قال الله جلّ وعزّ : (وَما هِیَ مِنَ الظَّالِمِینَ بِبَعِیدٍ) [هُود : 83] وقال (وَما یُدْرِیکَ لَعَلَّ السَّاعَهَ تَکُونُ قَرِیباً) [الأحزَاب : 63] وقال (إِنَّ رَحْمَتَ اللهِ قَرِیبٌ مِنَ الْمُحْسِنِینَ) [الأعراف : 56] قال : ولو أُنِّثَتا وبُنِیتَا علی بَعُدَت منک فهی بعیده ، وقرُبَت فهی قریبه کان صواباً. قال : ومن قال قریبٌ وبعیدٌ وذکّرهما لم یُثَنِّ قریباً وبعیداً ، فقال : هما منک قریبٌ وهما منک بعیدٌ. قال : ومَن أنثهما فقال : هی منک قریبه وبعیده ثنَّی وجمع فقال : قریبات وبعیدات. وأنشد :

عَشِیَّهَ لا عفراء منک قریبه

فتدنو ولا عفراء منک بعید

قال : وإذا أردت بالقریب والبعید قَرَابه النسب أنّثت لا غیر ، لم یختلف العرب فیها.

وقال الزجّاج فی قول الله جلّ وعزّ : (إِنَّ رَحْمَتَ اللهِ قَرِیبٌ مِنَ الْمُحْسِنِینَ) : إنما قیل : قریبٌ لأن الرحمه والغفران والعفو فی معنی واحدٍ. وکذلک کلّ تأنیث لیس بحقیقیّ.

قال : وقال الأخفش : جائز أن تکون الرحمه ههنا بمعنی المَطَر.

قال : وقال بعضهم _ یعنی الفرّاء _ : هذا ذُکِّر لیفصل بین القریب من القُرْب والقریب من القرابه. وهذا غلط ، کل ما قَرُبَ فی مکان أو نسَبٍ فهو جارٍ علی ما یصیبه من التأنیث والتذکیر.

وقوله جلّ وعزّ : (أَلا بُعْداً لِمَدْیَنَ کَما بَعِدَتْ ثَمُودُ) [هُود : 95] قرأ الکسائیّ والناس : (کَما بَعِدَتْ) قال وکان أبو عبد الرحمن السُلَمِیّ یقرؤها : (بَعُدَتْ) ، یجعل الهلاک والبُعد سواء ، وهما قریبٌ من السواء ؛ إلّا

ص: 145

أن العرب بعضهم یقول : بَعُدَ ، وبعضهم : بَعِدَ مثل سَحِقَ وسَحُق. ومن الناس من یقول بَعُدَ فی المکان وبَعِدَ فی الهلاک. وقال یونس : العرب تقول : بَعِدَ الرجل وبَعُدَ إذا تَبَاعَدَ فی غیر سَبّ. ویقال فی السبّ : بَعِدَ وسَحِق لا غیر.

وقال ابن عباس فی قوله : (أُولئِکَ یُنادَوْنَ مِنْ مَکانٍ بَعِیدٍ) [فُصّلَت : 44] بعید قال : سألوا الردّ حین لا رَدّ. وقال مجاهد : أراد : (مِنْ مَکانٍ بَعِیدٍ) من قلوبهم. وقال بعضهم : (مِنْ مَکانٍ بَعِیدٍ) من الآخره إلی الدنیا. وقوله جلّ وعزّ : (وَیَقْذِفُونَ بِالْغَیْبِ مِنْ مَکانٍ بَعِیدٍ) [سبأ : 53] قال : قولهم : (ساحِرٌ) ، (... کاهِنٍ ...) ، (شاعِرٌ). وقال الزجّاج فی قوله جلّ وعزّ فی سوره السجده : (أُولئِکَ یُنادَوْنَ مِنْ مَکانٍ بَعِیدٍ) أی بعید من قلوبهم یَبعد عندهم ما یتلی علیهم. وقال اللیث : یقال : هو أبْعَدُ وأَبْعَدُون وأقرب وأقربون وأباعد وأقارب. وأنشد :

من الناس من یغشی الأباعِدَ نفعُه

ویشقی به حتی الممات أقارِبُهْ

فإنْ یَکُ خیراً فالبعید یناله

وإِنْ یَکُ شَرّاً فابن عمّک صَاحِبُهْ

وقال حُذّاق النحویین : ما کان من أفعَل وفُعلَی فإنه تدخل فیه الألف واللام کقولک : هو الأَبْعَدُ والبُعْدَی والأقرب والقُرْبَی وقال ابن شمیل : قال رجل لابنه إنْ غَدوتَ علی المِرْبَد ربِحْتَ عَناءً ورجعْتَ بغیر أَبْعدَ أی بغیر منفعه.

وقال أبو زید : یقال : ما عندک أَبْعَد.

وإنک لَغَیر أَبْعَدَ أی ما عنده طائل إذا ذمّه.

وأخبرنی المنذریّ عن ثعلب عن ابن الأعرابی إنه لذو بُعْدَه أی ذو رأیٍ وحَزْمٍ ، وإنک لغیر أبعَد أی لا خیر فیک لیس لک بُعْدُ مَذهبٍ وقال صخر الغیّ :

الموْعِد ینافی أن تُقَتِّلهم

أفناء فَهْم وبیننا بُعَدُ

أی أفناء فهم ضروب منهم بُعَد جمع بُعْده. وقال الأصمعی : أتانا فلان من بُعْدَه أی من أرض بعیده. وأنشد ابن الأعرابی :

یکفیک عند الشّده البئیسَا

ویعتلی ذا البُعْده النُحُوسا

ذا البُعدَه : الذی یُبعِد فی المعاداه. وقال ابن الأعرابی : رجل ذو بُعْده إذا کان نافذ الرأی ذا غَوْرٍ وذا بُعْدِ رأی. وقال النضر فی قولهم : هلک الأبعد قال : یعنی صاحبَه. وهکذا یقال إذا کُنِیَ عن اسمه ویقال للمرأه هلکت البُعْدَی. قلت : هذا مِثل قولهم : فلا مرحباً بالآخَر إذا کنَی عن صاحبه وهو یذمّه. أبو عبید عن أبی زید : لقِیته بُعَیْدات بَیْن إذا لقیته بعد حین ثم أمسکت عنه ثم أتیته. وأنشد شمر :

وَأَشعَث مُنَقَّد القمیص دعوته

بُعَیْداتِ بَیْنٍ لا هِدانٍ ولا نِکْسِ

وقال غیره : إنها لتضحک بُعَیْدات بینٍ أی بین المرّه ثم المرّه فی الحِین. وقال الأصمعی : هم منی غیرُ بَعَدٍ أی لیسوا ببعید. وانطلِقْ یا فلان غیر بَاعِدٍ أی لا ذهبتَ

ص: 146

أبو عبید عن الکسائی : تنحّ غیر باعِدٍ أی غیر صاغرٍ ، وتنحّ غیر بعید أی کن قریباً.

وقول الذبیانی :

فضلاً علی الناس فی الأدنی وفی البَعَدِ

قال أبو نصر : فی القریب والبعید. قال : والعرب تقول : هو غیر بَعَد أی غیر بعید. ورواه ابن الأعرابی : فی الأدنی وفی البُعد قال : بَعیدٌ وبُعُدٌ. وقال اللیث : البِعاد یکون من المباعده. ویکون من اللعْن ؛ کقولک : أَبْعَدَه الله.

وقول الله جلّ وعزّ مخبراً عن قوم سبأ : (رَبَّنا باعِدْ بَیْنَ أَسْفارِنا) [سَبَإ : 19]. قال الفراء : قراءه العوامّ : (باعِدْ). ویقرأ علی الخبر : (ربُّنا باعَدَ) و (بَعَّدَ). و (بَعِّدْ) جَزْمٌ. وقریء (رَبَّنَا بَعُدَ بَیْنُ أسفارنا) و (بَیْنَ أَسْفارِنا) قال الزجّاج : من قرأ (باعِدْ) و (بَعِّدْ) فمعناهما واحد. وهو علی جهه المسأله. ویکون المعنی : أنهم سئموا الراحه وبطِروا النعمه ، کما قال قوم موسی : (فَادْعُ لَنا رَبَّکَ یُخْرِجْ لَنا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ) [البقره : 61] الآیه. ومن قرأ ؛ (بَعُدَ بَیْنُ أسفارنا) بالرفع فالمعنی بَعُدَ ما یتصل بسفرنا. ومن قرأ : (بَعُدَ بَیْنَ أسفارنا) فالمعنی بَعُدَ ما بین أسفارنا وبَعُدَ سَیْرنا بین أسفارنا قلت : قرأ أبو عمرو وابن کثیر : (بَعِّد) بغیر ألفٍ. وروی هشام بن عمّار بإسناده عن عبد الله بن عامر : (بَعِّدْ) مثل أبی عمرو.

وقرأ یعقوب الحضرمیّ : (رَبُّنَا باعَدَ) بالنصب علی الخبر. وقرأ نافع وعاصم والکسائی وحمزه : (باعِدْ) بالألف علی الدُعَاء.

وروی عن النبی صلی الله علیه وسلم أنه کان یُبعِد فی المَذْهب معناه : إمعانه فی ذهابه إلی الخلاء ، وأبعَدَ فلان فی الأرض إذا أمْعن فیها. وقال أبو زید : یقال للرجل : إذا لم تکن من قُربان الأمیر فکن من بُعْدانِه ، یقول : إذا لم تکن ممن یقترب منه فتَبَاعَدْ عنه لا یُصِبْک شَرُّه. وقال ابن شمیل : رَاوَدَ رجل من العرب أعرابیّه عن نفسها فأبت إلّا أن یجعل لها شیئاً ، فجعل لها درهمین ، فلمَّا خالطها جعلت تقول : غمزاً ودرهماک لک ، فإن لم تغمز فبُعْدٌ لک ، رَفَعت البُعْدَ ، یضرب مثلاً للرجل تراه یعمل العمل الشدید.

یعنی اللواتی یمزَحن ویلعبن ویُدَأَدِدْن بأصابعهنّ. والدَدُ هو الضرب بالأصابع فی اللعب. قال : ومنهم مَن یروی هذا البیت : مِنْ دَاعِبٍ دَدِدِ ، یجعله نعتاً للداعب ویَکْسَعه بدالٍ أخری لیتمّ النعت ؛ لأن النعت لا یتمکّن حتی یصیر ثلاثه أحرف ، فإذا اشتقّوا منه فعلاً أدخلوا بین الدالین الأُولیین همزه لئلا تتوالی الدالات فیثقل ، فیقولون : دَأْدَدَ یُدَأْدِدُ دَأْدَدَهً. قال : وعلی قیاسه قول الراجز _ وهو رؤبه _ :

یُعِدُّ ذَأْداً وهَدیراً زَعْدَبَا

بَعْبَعَهً مَرّاً وَمَرّاً بأْبَبَا

وإنما حکی جَرْساً شِبْه بَبَبْ ، فلم یستقم فی التصریف إلّا کذلک.

وقال آخر یصف فحلاً :

یسوقها أَعْیَسُ هَدَّار بَبِبْ

إذا دعاها أقبلتْ لا تَتَّئِبْ

قال اللیث : فأمَّا المداعبه فعلی الاشتراک کالممازحه ، اشترک فیها اثنان أو أکثر. قال والدُّعْبُوبُ : النشیط.

وأنشد قول الراجز :

یا رُبَّ مُهْر حَسَنٍ دُعْبُوبِ

رَحْب اللبَانِ حَسَنِ التقریب

قال : والدّعبُوب : الطریق المذلَّل الذی یسلکه الناس. قال : والدُعْبُوبه : حَبّه سوداء تؤکل ، وهی مثل الدُّعَاعه. وقال بعضهم : بل هی أصلُ بقلهٍ یقشَرُ فیؤکل. وقال أبو عبیده والفراء وابن شمیل : الدُّعْبُوب : الطریق المسلوک الموطوء. قال الفراء : وکذلک الذلیل الذی یطؤه کلّ واحد. وروی أبو العباس عن ابن الأعرابی قال : الدُّعبُوبُ : والدُعْبُوث والدُعثوت من الرجال المأبون المخنَّث. وأنشد :

یا فتی ما قتلتُمُ غیر دُعْبُو

ب ولا مِن قُوَاره الهِنَّبْرِ

قال : ولیله دعبوبٌ : لیلهُ سَوْءٍ شدیده وأنشد :

ولیله من مُحاق الشهر دعبوبِ

وقال أبو صخر :

ولکنْ تقرّ العین والنفس أن تری

بعقدته فَضْلات زُرْق دَوَاعِبِ

قالوا : دَوَاعِب : جَوَارٍ ، ماءٌ دَاعِبٌ یَسْتَنَّ سَیلُه. قلت : لا أدری دواعب أو ذواعب ویُنْظَر فی شِعر أبی صخر. عمرو عن أبیه : الدُّعَابُ والطَّثْرَج والحَرام والحَذَال من أسماء النمل. أبو العباس عن ابن الأعرابی الدُّعْبُبُ المَزّاح وهو المغنّی المجید والدُّغْبُبْ الغلام الشَّابُّ البَضّ.

دبع : دبع مهمل والله أعلم.

عَدِمْتُ فقدک ولا عدمت فضلک ولا أعدَمَنی الله فضلک أی لا أذهَبَ عنّی فضلک. وقال لَبِید _ أنشده _ شمر :

ولقد أغْدُو وما یُعْدِمنی

صاحب غیر طویل المُحْتَبَلْ

قال أبو عمرو : أی ما یَفْقِدْنی فرسی. وقال ابن الأعرابی : وما یُعْدِمُنی أی لا أعْدَمُهُ وقال أبو عمرو : یقال إنه لعدیم المعروف وإنها لعدیمه المعروف وأنشد :

إنّی وجدت سُبَیْعَه ابنه خالِدٍ

عند الجَزُور عدیمهَ المعروف

وقال : عَدِمتُ فلاناً وأَعْدَمَنِیه الله. ورجل عَدِیم لا مال له. وأعدم الرجُل فهو معدِم وعَدِیم. وقال ابن الأعرابی : رجُل عَدِیم : لا عقل له ، ورجُل مُعْدِم : لا مال له ، وقال غیره : فلان یَکْسب المعدومَ إذا کان مجدوداً ینال ما یُحْرَمه غیرُه. ویقال : هو آکلکم للمأدوم ، وأکسبکم للمعدوم ، وأعطاکم للمحروم. وقال الشاعر یصف ذئباً :

کَسُوبٌ له المعدومَ مِنْ کسَب واحدٍ

مُحَالِفُهُ الإقتار ما یتموّل

أی یکسب المعدوم وحده ولا یتموّل. ثعلب عن ابن الأعرابی : یقال عَدِمَ یَعْدَمُ عَدَماً وعُدْماً فهو عَدِمٌ ، وأعدم إذا افتقر ، وعَدُمَ یَعْدُم عَدَامَهً إذا حَمُقَ فهو عَدِیم أحمق وأنشد أبو الهیثم قول زهیر :

ولیس مانع ذی قربی ولا رحم

یوماً ولا مُعْدِماً من خابط ورقا

قال : معناه أنه لا یفتقر من سائل یسأله ماله فیکون کخابط ورقاً. قال الأزهری : ویجوز أن یکون معناه ولا مانعاً من خابط ورقاً أعدمْته أی منعته طَلَبَته.

وأُدُم ، وقَضِیم وقَضَم وقُضُم. وقال الله جلّ وعزّ : (خَلَقَ السَّماواتِ بِغَیْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها) [لقمَان : 10] قال الفراء : فیه قولان : أحدهما أنه خلقها مرفوعه بلا عَمَد ، ولا تحتاجون مع الرؤیه إلی خَبَر. والقول الثانی أنه خلقها بعمَد ، لا ترون تلک العمد. وقیل : العمَد التی لا تری لها قدرته. وقال اللیث : معناه : أنکم لا ترون العمد ، ولها عَمَد. واحتجّ بأن عَمدها جبل قاف المحیط بالدنیا ، والسماء مثل القبّه أطرافها عَلَی قاف. وهو من زَبَرْجَده خضراء. ویقال إنّ خضره السماء من ذلک الجبل ، فیصیر یوم القیامه ناراً تَحْشر الناس إلی المحْشَر.

وفی حدیث عمر بن الخطاب فی الجالب : یأتی أحدهم به عَلَی عَمُود بطنه. قال أبو عبید : قال أبو عمرو : عَمُود بطنه هو ظَهْره. یقال : إنه الذی یُمْسِک البطن ویقوّیه ، فصار کالعمود له الجالب الذی یجلب المتاع إلی البلاد. یقول : یُترک وبیعَه ولا یتعرض له حتی یبیع سِلْعته کما شاء ، فإنه قد احتمل المشقّه والتعب فی اجتلابه وقاسی السفر والنصب.

قال أبو عبید : والذی عندی فی عمود بطنه أنه أراد : أنه یأتی به علی مشقّه وتَعب وإن لم یکن ذلک علی ظهره إنما هو مَثل له. وقال اللیث : عمود البطن شِبه عِرْق ممدود من لدن الرَهابه إلی دُوَین السُرّه فی وسطه یشق من بطن الشاه.

قال : وعمود الکبد : عِرْق یسقیها. ویقال للوتین : عمود السَحْر. قال : وعمود السنان : ما توسَّط شَفْرتیه من عَیْره الناتیء فی وسطه.

وقال النضر : عمود السیف : الشَطِیبه التی فی وسط مَتْنه إلی أسفله. وربما کان للسیف ثلاثه أعمده فی ظهره ، وهی الشُطَبُ والشطائب. وعمود الأُذُنُ : مُعظمها وقِوامها. وعمود الإعصار : ما یَسْطع منه فی السماء أو یستطیل علی وجه الأرض.

وفی حدیث ابن مسعود أنه أتی أبا جهل یوم بدر وهو صَرِیع ، فوضع رجله عَلَی مُذَمَّرِه لیجهِز علیه ، فقال له أبو جهل : أعْمَدُ من سیّد قتله قومه! قال أبو عبید : معناه : هل زاد عَلَی سیّد قتله قومه! هل کان إلا هذا؟ أی أن هذا لیس بعاد. قال : وکان أبو عبیده یحکی عن العرب : أعمد من کیلِ مُحِقّ أی هل زاد عَلَی هذا! وقال ابن مَیَّاده :

تُقَدَّم قیسٌ کلَّ یوم کریهه

ویُثنی علیها فی الرخاء ذنوبها

وأعمدُ من قومٍ کفاهم أخوهم

صِدَام الأعادی حین فُلَّت نیوبها

یقول : هل زدنا عَلَی أن کَفَینا إخوتنا. وقال شمر فی قوله (أعمَدُ من سَیّد قتله قومه) : هذا استفهام ، أی أعجب من رجل قتله قومه. قلت : کان فی الأصل أأعمد من سَیّد فخففت إحدی الهمزتین. وأما قولهم : أعمد من کیل محقّ فإنی سمعته فی روایه ابن جَبَله وروایه علیّ عن أبی عبید (محقّ) بالتشدید ، ورأیته فی کتاب قدیم مسموع : أعمد من کیلٍ مُحِقَ

ص: 150

بالتخفیف من المَحق ، وفُسِّر : هل زاد علی مکیال نُقِصَ کَیْلُه أی طُفِّفَ. وحسبت أن الصواب هذا. وقال ابن شمیل : عمود الکَبِد : عرقان ضَخْمان جَنَابتی السُّره یمیناً وشِمالاً ، یقال : إن فلاناً لخارجٌ عموده من کَبِدِه من الجوع.

أبو عبید : عَمدتُ الشیء : أقمته ، وأعمدته : جعلت تحته عَمَداً.

الحرّانی عن ابن السکیت قال : العَمْد مصدر عمَدت للشیء أعمِد له عمْداً إذا قصدت له. وعَمدت الحائط أعمِده عمْداً إذا دَعمته. قال والعَمَد _ مُثَقّل _ فی السنَامِ وهو أن ینشدخ انشداخاً. وذلک إذا رُکِب وعلیه شحْم کثیر. یقال بعیر عَمِدٌ.

وقال لَبید :

فبات السیل یرکب جانبیه

من البَقَّار کالعَمِد الثَقَالِ

قال : العَمِد : البعیر الذی قد فسد سَنَامه. قال : ومنه قیل : رجل عمید ومعمود أی بلغ الحُبُّ منه. قال ویقال : عَمِد الثری یَعمَد عَمداً إذا کان تراکب بعضُه علی بعض ونَدِیَ ، فإذا قبضت منه علی شیء تعقَّد واجتمع من نُدُوَّته. قال الراعی یصف بقره وحشیّه :

حتی غَدَت فی بیاض الصبح طیّبه

ریح المباءه تخْدِی والثری عَمِدُ

أراد : طیبهَ ریح المباءه ، فلمَّا نوّن (طیّبه) نصب (ریح المباءه).

أبو عبید عن أبی زید : عَمِدت الأرضُ عمداً إذا رسخ فیها المَطَر إلی الثَرَی حتی إذا قبضْت علیه فی کفّک تعقّد وجَعُدَ. وقال اللیث : العَمید : الرجل المعمود الذی لا یستطیع الجلوس من مرضه ، حتی یُعمَدَ من جوانبه بالوسائد. ومنه اشتُقّ القَلْب العمید. قال : والجُرح العَمِدُ : الذی یُعْصَر قبل أن ینضج بَیضُه فیَرِم. والقول ما قاله ابن السکیت فی العمید من الهوی : أنه شُبِّه بالسَنَام الذی انشدخ انشداخاً.

وقال اللیث : العَمْدُ : نقیض الخطأ. قلت : والقتل علی ثلاثه أوجه : قتل الخطأ المحْض ، وقتل العمد المحض وقتل شِبْه العَمْد فالخطأ المحض : أن یرمی الرجلُ بحجر یرید تنحیته عن موضعه. ولا یقصد به أحداً ، فیصیب إنساناً فیقتله. ففیه الدِیَه علی عاقله الرامی ، أخماساً من الإبل ، وهی عشرون ابنه مَخَاض وعشرون ابنه لَبُون وعشرون ابن لبون ، وعشرون حِقّه ، وعشرون جَذَعه. وأما شِبه العَمْد فأن یضرب الإنسانَ بعمود لا یقتل مِثْلُه ، أو بحجر لا یکاد یموت مَن أصابه ، فیموت منه ففیه الدِیَه مغلَّظه. وکذلک العَمْد المحض : فیهما ثلاثون حِقّهً ، وثلاثون جَذَعه ، وأربعون ما بین ثَنِیَّه إلی بازلِ عامِها ، کلُّها خَلِفَه. فأمَّا شِبْه العمد فالدِیَه فیه علی عاقله القاتل. وأما العَمْد المحض فهو فی مال القاتل. شمر عن ابن شمیل : المعمود : الحزین الشدید الحُزن. یقال : ما عَمَدَک أی ما أحزنک. قال ویقال للمریض أیضاً : معمود. ویقال له : ما یَعْمِدک؟ أی ما یوجعک. وعمدنی

ص: 151

المرضُ أی أضنانی. وقال شمر : قال ابن الأعرابی : سأل أعرابیّ أعرابیًّا وهو مریض فقال له : کیف تجدک؟ فقال : أمَّا الذی یَعْمِدنی فحُصْرٌ وأُسْرٌ. قال : یعمده : یُسْقطه ویفْدحه ویشتدّ علیه وأنشد :

ألا مَن لهمٍّ آخِرَ اللیل عَامِد

معناه : مُوجع.

وأخبرنی المنذری عن ثعلب عن ابن الأعرابی أنه أنشده لسِماک العاملیّ :

ألا من شجتْ لیله عامدهْ

کما أبدأ لیله واحدهْ

وقال ما معرفه فنصب أبداً علی خروجه من المعرفه کان جائزاً.

قال الأزهری وقوله : لیله عامده أی مُمِضّه موجعه.

وقال النضر : عَمِدتْ أَلْیتاه من الرکوب وهو أن تَرِما وتَخْلَجا.

وقال شمر : یقال إن فلاناً لعَمِدُ الثَرَی أی کثیر المعروف.

وقال غیره : عَمَدت الرجل أعمِده عَمْداً إذا ضربته بالعمود ، وعَمَدته إذا ضربت عمود بَطنه.

وقال أبو زید : یقال فلان عُمده قومه إذا کانوا یعتمدونه فیما یَحْزُبهم. وکذلک هم عُمْدتنا. والعَمِید : سیّد القوم. ومنه قول الأعشی :

حتی یصیر عمیدُ القوم متَّکئاً

یدفع بالراح عنه نِسوه عُجُلُ

ویقال : استقام القوم علی عَمُود رأیهم أی علی الوجه الذی یعتمدون علیه.

وقال ابن بزرْج : یقال : حَلَس به وعَرِسَ به وعَمِد به ولَزِبَ به إذا لَزِمه.

وقال اللیث : العُمُدُّ : الشابّ الممتلیء شباباً ، وهو العُمُدَّانیّ والجمع العُمُدَّنِیُّون. وامرأهٌ عُمُدَّانِیَّه : ذات جسم وعَبَاله. ویقال عَمّدت السیل تعمیداً إذا سدَدت وجه جِرْیته حتی یجتمع فی موضع بتراب أو حجاره. شمر : یقال للقوم : أنتم عُمدّتنا أی الذین نعتمد علیهم. وکذلک الاثنان ، والمرأه والواحد والمرأتان. وعمود الصبح هو المستطیر منه. واعتمد فلان لیلته إذا رکبها یسری فیها. واعتمد فلان فلاناً فی حاجته واعتمد علیه.

وقال أبو تراب : سمعتُ الغَنَوی یقول : العَمَدُ والضَمَدُ : الغضب.

قلت : وهو العَبَدُ والأبَدُ أیضاً.

ثعلب عن ابن الأعرابی قال العَمود والعِمَاد وَالعُمْدَهُ والعُمْدَان : رئیس العسکر وهو الزُوَیر. ویقال لرِجْلی الظلیم : عَمُودان.

وقال ابن المظفر : عُمْدان : اسم جبل أو موضع. قلتُ : أُراه أراد : غُمَدان بالغین فصحّفه. وهو حِصْن فی رأس جبل بالیمن معروف. وکان لآل ذی یَزَن. قلت : وهذا کتصحیفه یوم بُعَاث وَهو من مشاهیر أیام العرب ، فأخرجه فی کتاب الغین وصَحَّفه.

أبو عبید عن الأحمر : مِن سِمَات الإبل الدُّمُع ، وهی فی مجری الدمْع. وبعیر مَدْموع ، وجَفْنه دامعه : ممتلئه ، وقد دَمَعَت. ورَزِمت وقال لَبید:

إذا جاء وِرْدٌ أُسْبلت بدُمُوع

یعنی الْجَفْنَه.

أبو عبید : من الشِجَاج الدامعه. وهو أن یسیل منها دَمٌ. وثَری دَامِع ومکان دامع ودَمَّاع إذا کانَ نَدِیّاً. وَقَدَحٌ دَمْعَان إذا امتلأ فجعل یسیل من جوانبه.

وقال اللیث : الدَّمْع : ماء العین. والمَدمَع : مجتمع الدَّمْع فی نواحی العین وجمعه مدامع. یقال : فاضت مدامعُه. قال والماقِیَان من المدامع ، والمُؤْخِران کذلک. وامرأه دَمِعه : سریعه الدَّمْعه والبکاء وما أکثَر دَمْعَتها ، التأنیث للدَّمْعَه. وقال ابن شمیل : الدِّمَاع مِیسَم فی المناظِر سائل إلی المَنْحِرْ ، وربما کان علیه دِمَاعَانِ. والدُّمَّاعُ دُمّاع الکَرْم ، وهو ما سال منه أیَّام الربیع.

وقال أبو عدنان : من المیاه المدامع ، وهی ما قَطَر من عُرْض جَبَل. قال :

وسألت العُقَیْلیّ عن هذا البیت :

والشمسُ تدمَع عیناها ومَنخِرُها

وهنّ یخرجن من بِیدٍ إلی بِیدِ

فقام أزعم أنها الظَّهِیره إذا سال لُعَاب الشمس.

وقال الغَنَویّ : إذا عطِشت الدوابّ ذَرَفت عیونُها وسالت مناخرها. قال والدمْع : السیلان من الراوُوق وَهو مِصْفاه الصَّبَّاغ. قال والإدْماع : مَلْء الإناء. یقال أَدْمِع مُشَقَّرک أی قَدَحک ، قاله ابن الأعرابی.

ودُعمّیها : وسطها ، دُعمِیّاً أی طریقاً موطوءاً.

عمرو عن أبیه قال : إذا کان فی صدر الفرس بیاض فهو أدْعَم ، وإذا کان فی خواصره فهو مُشَکَّل.

ولم یُشتقّ منه فِعل. أبو عبید عن الأصمعی : المَعَدَّان : موضع رجلی الراکب من الفرس. أبو عبید عن الکسائی : من أمثالهم : أن تسمع بالمُعَیْدیّ خیر من أن تراه.

وسمعت المنذریّ یقول سمعت أبا الهیثم یقول : تسمع بالمعیدیّ خیر من أن تراه.

قال : وسمعت أبا طالب یقول : الکلام المختار : أن تسمع بالمعیدیّ خیر من أن تراه.

قال وبعضهم یقول : تسمع بالمعیدی لا أن تراه. وإن شئت قلت : لأن تسمع بالمعیدی خیر من أن تراه.

قال أبو عبید : کان الکسائیّ یری التشدید فی الدال فیقول المعَیْدیّ.

ویقول : إنما هو تصغیر رجُل منسوب إلی مَعدّ ، یضرب مثلاً لمن خَبَره خیر من مَرآته.

وکان غیر الکسائی یری تخفیف الدال ویشدّد یاء النسبه مع یاء التصغیر.

وقال ابن السکیت : یقال فی مثل : تسمع بالمعیدی لا أن تراه. وهو تصغیر مَعَدّیّ ، إلّا أنه إذا احتمعَتْ تشدیده الحرف وتشدیده یاء النسبه مع یاء التصغیر خَفَّفت تشدیده الحرف.

وقال الشاعر :

ضلَّت حُلُومُهُمُ عنهم وغرّهُمُ

سَنُ المعیدِیّ فی رَعْی وتعْزیب

یضرب لرجل الذی له صِیت وذِکر ، فإذا رأیته ازدریت مَرْآته. وکأنّ تأویله تأویل أمر. کأنه قال : اسمع به ولا تَره.

وقال شمر : المعَدّ : موضع رجل الفارس من الدابه ، ومن الرجُل مثله.

وأنشد بیت ابن أحمر :

فإمّا زلّ سَرجٌ عن مَعَدِّ

وأجدر بالحوادث أن تکونا

قال الأصمعی یخاطب امرأته فیقول إن زَلّ عنک سَرْجی فبِنْتِ بطلاقٍ أو بموتٍ فلا تتزوجی هذا المطروق وهو قوله :

فلا تَصِلی بمطروقٍ إذا ما

سَرَی فی القوم أصبح مُستکینا

وقال ابن الأعرابی معناه : إن عُرِّی فرسی من سرجه ومُتّ.

فَبلِّی یا غَنِیَّ بأَرْیَحِییِ

من الفتیان لا یمسی بطینا

وأنشد شمر فی المَعَدِّ من الإنسان :

وکأنما تحت المعَدّ ضئیله

ینفی رقادک سمُّها وسِمَامها

یعنی الحیّه. والمعْد والمغْد : النَتْف ، بالعین والغین.

مصدر عَتَر الرمح یَعْتِر عَتْراً إذا اضطرب. قال : والعَتَّر مصدر عَتَر یَعْتِر عَتْراً إذا ذَبَح العَتِیره. وهی ذبیحه کانت تُذْبح فی رجبٍ للأصنام والعتْر : المذبوح. قال والعِتْر أیضاً : ضرْبٌ من النبت. والعتْر : الأصل ، ومنه قولهم : عادت لِعِتْرها لمِیسُ.

ثعلب عن ابن الأعرابی : العِتْره : الرِیقه العَذْبه. والعِتْر : القطعه من المِسْک. والعِتْره : شجره تنبت عند وِجَار الضبّ ، فهو یُمَرِّسها فلا تَنْمی. ویقال : هو أذلّ من عِتْره الضبّ.

وَرَوی شَرِیک عن الرکین عن القاسم بن حسّان عن زید بن ثابت قال : قال رسول الله صلی الله علیه وسلم : «إنی تارک فیکم الثَقَلین خَلْفی : کتابَ الله وعِترتی ، فإنهما لن یتفرقا حتی یردَا علیّ الحوض».

قال محمد بن إسحاق : وهذا حدیث حسن صحیح ، ورفعه نحوه زید بن أرقم وأبو سعید الخُدْرِیّ. وفی بعضها : «إنی تارک فیکم الثَقَلین : کتاب الله وعِتْرتی أهل بیتی.

فجعل العِتره أهل البیت وقال أبو عبید : عِتْره الرجل وأُسْرته وفَصِیلته : رَهْطُه الأدنَوْن.

وقال ابن السکیت : العِتْره مثل الرَهْط.

وروی أبو العباس عن ابن الأعرابی أنه قال : العِتْره ولد الرجل وذُرّیته وعَقِبهُ من صُلْبه. قال فعِتْره النبی صلی الله علیه وسلم : ولد فاطمه البَتُولِ علیهم السلام.

وروی ابن الفرج عن أبی سعید قال : العِتْره : ساق الشجره. قال : وعِتره النبی صلی الله علیه وسلم : عبد المطلب ووَلده. قال : ومِن أمثالهم : عادت لعِتْرها لَمیس ولعِکْرها أی أصلها.

وقال ابن المظفر : عِتْره الرجل : أقرباؤه من وَلد عَمّه دِنْیا. وقیل : عِتْره النبی صلی الله علیه وسلم : أهل بیته ، وهم آله الذین حُرّمَت علیهم الصَّدَقه المفروضه وهم ذوو القربی الذین لهم خمس الخمس المذکور فی سوره الأنفال قال الأزهری وهذا القول عندی أقربها والله أعلم. وعِتره الثغر إذا رَقّت غُرُوب الأسنان ونقِیَت وجری علیها الماء یقال : إن ثغرها لذو أُشره وعِتْره قال وعِتْره المِسْحاه : خشبتها التی تسمَّی ید المِسحاه.

واحتجّ القتیبیّ فی أن عتره الرجل أهل بیته الأقربون والأبعدون بحدیث رُوی عن أبی بکر أنه قال : نحن عِتره رسول الله صلی الله علیه وسلم التی تفقَّأَت عنه.!

قال الأزهری : ورَوَی عمرو بن مرّه عن أبی عبیده عن عبد الله قال : لما کان یوم بدرٍ وأخذ رسول الله صلی الله علیه وسلم الأُسَاری قال : ما ترون فی هؤلاء؟ فقال عمر : کذَّبوک وأخرجوک ، ضَرِّبْ أرقابهم. فقال أبو بکر یا رسول الله : عِترتُک وقومک ، تجاوزْ عنهم یستنقذْهم الله بک من النار ، فی حدیث طویل.

وقال أبو عبید فی غیر هذا : العِتْر واحدها عِتْره : شجر صغار.

وأخبرنی المنذری عن أبی الحسن الأسَدی عن الریاشی قال : سألت الأصمعی عن العِتْر فقال : هو نبتٌ ینبت ، مثلُ

ص: 157

المَرْزَنْجوش متفرَّقاً. قال : وأنشدنا بیت الهذلیّ :

وما کنتُ أخشی أن أعیش خلافَهم

لستّه أبیات کما ینبت العِتْر

یقول : هذه الأبیات متفرقه مع قلَّتها کتفرّق العِتْر فی منبته.

وقال ابن المظفر : العِتْر : بقله إذا طالت قُطِعَ أصلها فیخرج منه لَبَن. ثم ذکر بیت الهذلیّ لأنه إذا قُطِع نبتت من حوالیه شُعَبٌ ستّ أو ثلاث.

قلت : والقول ما قاله الأصمعی. وقال اللیث : عِتْوَارَه اسم حیّ من کَنَانَه وأنشد :

من حَیّ عِتْوَار ومن تَعَتْوَرا

وقال المبرّد : العَتْوَرَه : الشِدّه فی الحرب.

وبنو عِتْوَاره سُمِّیَتْ بهذا لقوّتها. قال وعِتْوَر : اسم وادٍ خشِن المَسْلَک.

ثعلب عن ابن الأعرابی : العَتَر : الشِّده والقوّه فی جمیع الحیوان. قال : والعُتُر : الفُرُوج المُنْعِظه واحدها عَاتِر وعَتُور. والعَتّار : الرجل الشجاع ، والفَرس القویّ علی السَّیر ، ومن المواضع : الوحشُ الخشِن.

وقال المبرّد : جاء علی فِعْوَل من الأسماء خِرْوَع وعِتْوَر وهو الوادی الخشِن التُرْبهِ.

وبنو عِتْوَاره کانوا أُولِی صَبْرٍ وخشونه فی الحروب.

قال أبو وَجْزَه :

کأنما طرَقَتْ لیلی مُعَهَّدَهً

من الریاض ولاها عَارِض تَرعُ

وقال اللیث : التَّرَع : امتلاء الشیء ، وقد أترعت الإناء ، ولم أسمع تَرِعَ الإناء ، ولکن یقال : تَرِعَ الرجل ترعاً إذا اقتحم الأمر مَرَحاً ، وإنه لمُتَتَرِّع إلی الشرّ ، وأنشد :

الباغی الحرب یسعی نحوها ترِعاً

حتی إذا ذاق منها جاحِماً بَردَا

أبو عبید عن الکسائی : هو تَرِعٌ عَتِل وقد تَرِعَ تَرَعاً وعَتِل عَتَلاً إذا کان سریعاً إلی الشرّ.

قال أبو عبید : والمتترِّع الشرّیر ، یقال تَتَرَّع فلان إلینا بالشرّ إذا تسرّع. أبو العباس عن ابن الأعرابی : حوضٌ تَرِعٌ ومُتْرِعٌ أی مملوءٌ. قال والتَّرِع : السفیه السریع إلی الشرّ ، ونحو ذلک رَوَی الحَرّانی عن ابن السکیت قال : رجل تَرِعٌ إذا کانت فیه عَجَله ، وقد تَرِع تَرَعاً ، وهذا حوضٌ تَرِعٌ أی مملوء.

وقال ابن الأعرابی : التَّرَّاع : البوّاب ، والتُّرْعَه : الباب.

وروی أبو زید عن الکلابیین : فلان ذو مَتْرَعه إذا کان لا یغضب ولا یَعْجَل. قلت : وهذا ضدّ الترِع.

بشَرَهِ ، یقال : رَتَعَ یَرْتَع رَتْعاً ورِتَاعاً ، والرَّتَّاع : الذی یتتبّع بإبله المراتع المخصِبَه.

وقال شمر : یقال أتیت علی أرض مُرْتِعَه وهی التی قد طمِع ما لها من الشِبَع ، وقد أرتع المالُ وأرتَعَت الأرضُ وغیثٌ مُرْتِع : ذو خِصْبٍ. وقولهم فلان یرتع قال أبو بکر معناه : هو مُخصب لا یَعْدَم شیئاً یریده.

وقال أبو عبیده : معنی یَرْتَعْ : یلهو. وقال فی معنی قوله : (أَرْسِلْهُ مَعَنا غَداً یَرْتَعْ وَیَلْعَبْ) أی یلهو ویَنعَم. وقال غیره : معناه : یسعی وینبسط. وقیل معنی قوله یَرْتَعْ : یأکل. واحتجّ بقوله :

وحبیب لی إذا لاقیته

وإذا یخلو له لحمی رَتَعْ

معناه : أکله. ومن قرأ (نرتع) بالنون أراد : ترتع إبلنا :

إلی حَبْس أو بَلِیَّه. وأَخَذ فلان بِزِمام الناقه فعتَلها إذا قادها قَوْداً عنیفاً.

ویقال : لا أَتَعَتَّل معک شِبْراً أی لا أبرح مکانی ولا أجیء معک.

وأمّا قوله تعالی : (عُتُلٍ بَعْدَ ذلِکَ زَنِیمٍ) [القلم : 13] جاء فی التفسیر أن العُتُلّ ههنا : الشدید الخصومه ، وجاء فی التفسیر أیضاً أنه : الجافی الخُلُقِ اللئیمُ الضَرِیبهِ ، وهو فی اللغه : الغلیظ الجافی. أبو عبید عن أبی عمرو : العَتَلَه : بَیْرَم النَجّار.

وقال اللیث : هی حدیده کأنها حَدّ فأسٍ عریضه فی أصلها خشبه ، تُحفر بها الأرض والحیطان ، لیست بمُعَقَّفَهٍ کالفأس ، ولکنها مستقیمه مع الخشبه. قال : ورجل عُتُلٌ : أکول مَنُوع.

وقال أبو عبید : العَتَلُ : القسِیّ الفارسیه. وقال أُمیه :

یَرمُونَ عن عَتَل کأنها غُبُطٌ

بزَمْخَرٍ یُعجل المَرمِیّ إعجالاً

قال : واحدتها عَتَله.

أبو عبید عن الکسائی : إنک لعَتِلٌ إلی الشرّ أی سریع ، وقد عَتِل عتَلاً.

الحرّانی عن ابن السّکّیت : العَتِیل : الأجیر بلغه طیء ، وجمعه العُتَلَاء.

وقال ابن شمیل : العَتَلَه : المدَرَه الکبیره تتقلّع من الأرض إذا أثیرت.

وقال ابن الأعرابی : العَاتِل الجِلْوَاز ، وجمعه عُتُلٌ. قال : والعَتِیل : الأجیر وجمعه عُتُلٌ أیضاً. وفی «النوادر» : داءٌ عَتِیل شدید والعتیل : الخادم.

منها. وهی مَکَرَمه من المنابت.

أبو عبید : التَّتَلُّع : التقدّم. وأنشد لأبی ذؤیب :

فَوَردْنَ والعَیُّوقُ مقعدَ رابیءُ الض

رباء فوق النجم لا یتَتَلَّعُ

الأصمعی : الأتلع : الطویل. قال أبو عبید : وأکثر ما یراد بالأتلع : طول عُنُقه. وقال اللیث : یقال : هو أتلع وتَلِع للطویل العُنُق. قال : ورجل تَلِعٌ : کثیر التلفّت. قال : ورجل تَلِعُ بمعنی التَرِع. قال : ویقال : لزم فلان مکانه فما یَتَتَلَّعُ وما یَتَتَالَع أی لا یرفع رأسه للنهوض ، وإنه لیَتَتَالع فی مشیه إذا مَدّ عنقه ورفع رأسه. قال : ویقال : تَلَع فلان رأسه إذا أخرجه من شیء کان فیه ، وهو شبه طَلَع ، إلّا أنّ طلع أعمّ. وتَلَع الثورُ إذا أخرج رأسه من الکِنَاس. قلت : المعروف فی کلام العرب أتلع رأسه إذا أطلعه فنظر ؛ وتلع الرأسُ نفسُه. وقال الشاعر :

کما أتلعَت من تحت أَرْطی صریمهٍ

إلی نَبْأه الصوت الظباءُ الکوانِس

ویقال : تَلَع النهار إذا ارتفع یَتْلَع تلُوعاً. وجِیدٌ تَلِیع : طویل. ومُتَالِع : جبل بناحیه البحرین بین السَوْده والأحساء. وفی سفح هذا الجبل عَین یسیح ماؤها ، یقال لها : عین مُتَالِع.

المَصْعَد. قلت : وهذا الذی قاله أبو إسحاق صحیح ، فإذا شَقَّ علی الرجل العُزْبه وغلبته الغلْمه ولم یجد ما یتزوّج به حُرّه فله أن ینکح أَمَه ؛ لأن غلبه الشهوه واجتماعَ الماء فی صُلْب الرجل ربما أدّی إلی العِلَّه الصعبه ، والله أعلم.

وقول الله عزوجل : (وَلَوْ شاءَ اللهُ لَأَعْنَتَکُمْ) [البقره : 220] معناه : ولو شاء الله لشدَّد علیکم وتعبَّدکم بما یَصعب علیکم أداؤه ؛ کما فَعل بمن کان قبلکم. وقد یوضع العَنَت موضع الهلاک ، فیجوز أن یکون معناه : (لَوْ شاءَ اللهُ لَأَعْنَتَکُمْ) أی أهلککم بحکم یکون فیه غیر ظالم. وقول الله عزوجل : (عَزِیزٌ عَلَیْهِ ما عَنِتُّمْ) [التّوبَه : 128] معناه : عزیز علیه عَنَتکم ، وهو لقاء الشدّه والمشقّه. وقال بعضهم : معناه : عزیز علیه أی شدید ما أعنتکم أی ما أوردکم العَنَت والمَشَقَّه. وقوله عزوجل : (وَاعْلَمُوا أَنَّ فِیکُمْ رَسُولَ اللهِ لَوْ یُطِیعُکُمْ فِی کَثِیرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ) [الحُجرَات : 7] أی لو أطاع مثل المُخْبِر الذی أخبره بما لا أصل له _ کان سعی بقوم من العرب إلی النبی صلی الله علیه وسلم أنهم ارتدّوا _ لوقعتم فی عَنَت أی فساد وهلاک. وهو قوله عزوجل : (یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا إِنْ جاءَکُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَیَّنُوا أَنْ تُصِیبُوا قَوْماً بِجَهالَهٍ) [الحُجرَات : 6] الآیه.

وقال اللیث : یقال : أعنت فلان فلاناً إعناتاً إذا أدخل علیه عَنَتاً أی مَشَقَّه.

قال : وتعنَّته تعنُّتاً إذا سأله عن شیء أراد به اللَبْس علیه والمشَقَّه.

قال : والعَظْم المجبور یصیبه شیء فَیُعْنِته.

قلت : معناه : أنه یَهیضه ، وهو کسر بعد انجبار ، وذاک أشدّ من الکسر الأوّل. وقال ابن شُمَیل : العَنَت : الکسر ، وقد عنِتَت یده أو رجله أی انکسرت. وکذلک کل عظم. وأنشد :

فداوِ بها أضلاع جنبیک بعدما

عَنِتن وأعیتک الجبائر من عَلُ

وقال النَضْر : الوَثْءُ لیس بعَنَت ، لا یکون العَنَت إلا الکسر. والوَثْء : الضرب حتی یَرْهَص الجلدَ واللحم ویصل الضرب إلی العظم من غیر أن ینکسر.

وروی أبو العباس عن ابن الأعرابیّ قال : الإعنات : تکلیف غیر الطاقه.

ویقال : أعْنت الجابر الکسیرَ إذا لم یَرفُق به ، فزاد الکسرَ فساداً. وکذلک راکب الدابَّه إذا حمله علی ما لا یحتمله من العُنْف حتی یَظْلعَ فقد أعْنته. وقد عنِتَت الدابَّه. وجُمله العَنَت الضرر الشاقّ المؤذی. والعُنْتُوت : العَقَبه الکَئُود الشاقَّه ، وهی العَنُوت أیضاً ، قاله ابن الأعرابیّ وغیره.

قال : وعُنْتُوت القوس : هو الحَزّ الذی تدخل فیه الغانه ، والغانه : حَلْقه رأس الوَتَر.

وقال ابن الأنباریّ : أصل العَنَت التشدید وتعنَّته إذا ألزمه ما یصعُب علیه.

نَعْت أی جیّد بالغ.

قال : والفرس النَّعْت : الذی هو غایه فی العِتْق. وما کان نعتاً ولقد نَعُتَ ینعُت نَعَاته. فإذا أردت أنه تکلَّف فعله قلت : نعِت.

قال : واستنعتُّه أی استوصفتُه. وجمع النعت نُعُوت.

وقال غیره : فرس نَعْت ومُنْتَعِت إذا کان موصوفاً بالعِتْق والجَوده والسَبْق.

وقال الأخطل :

إذا غرّق الآلُ الإکامَ علونه

بمنتعِتات لا بغالٍ ولا حُمُرْ

والمنتعِت من الدوابّ والناس : الموصوف بما یفضّله علی غیره من جنسه. وهو مفتعل من النعت. یقال : نعتّه فانتعت ؛ کما یقال : وصفته فاتّصف. ومنه قول أبی دُواد الإیادیّ :

جار کجار الحُذَاقیّ الذی اتّصفا

أبو العباس عن ابن الأعرابیّ قال : أنْعَتَ إذا حَسُن وجههُ حتی یُنْعَت.

قلت : ومال عفتان فی کلام العرب سِلِّجان یقال ألقاه فی سلجانه أی حَلْقه.

قال : ویقال : ما وجدت فی قوله عُتْباناً وذلک إذا ذکر أنه أعتبک ولم تر لذلک بیاناً. قال : وقال بعضهم : ما وجدت عنه عَتْباً ولا عِتَاباً بهذا المعنی. قلت : لم أسمع العتب والعتبان والعتاب بمعنی الإعتاب ، إنما العتب والعتبان : لومک الرجلَ علی إساءه کانت له إلیک فاستعتبته منها. وکلّ واحد من اللفظین یخلص للعتاب ، فإذا اشترکا فی ذلک وذکَّر کلُّ واحد منهما صاحبَه ما فَرَطَ منه إلیه من الإساءه فهو العِتاب والمعاتبه. وأمّا الإعتاب والعُتْبی فهو رجوع المعتوب علیه إلی ما یُرضِی العاتب. والاستعتاب : طلبک إلی المسیء أن یرجع عن إساءته.

ویکون الاستعتاب الاستقاله.

أبو عُبید عن الأصمعیّ : العَتَبه أُسْکُفّه الباب التی توطأ.

وقال اللیث : کل مَرْقاه من الدَرَج عَتَبه.

وکذلک العَتَب فی الثنایا الشاقَّه ، واحدتها عَتَبه.

وقال ابن شُمَیل : العَتَبه فی الباب هی الأعلی. قال : والخشبه التی فوق الأعلی : الحاجب قال : والأُسْکُفّه هی السفلی. والعارضتان : العِضَادتان. ویقال : ما فی طاعه فلان عَتَبٌ أی الْتواء ولا نَبْوه ، وما فی مودّته عتَب إذا کانت خالصه لا یشوبها فساد. ویقال : حُمِل فلان علی عَتَبه کریهه ، وعلی عَتَب کَریه من البلاء والشرّ.

وقال الشاعر :

یُعْلَی علی العَتَب الکریه ویوبَس

وقال ابن السکیت فی قول علقمه :

لا فی شظاها ولا أرساغها عَتَب

أی عیب. وهو من قولک : لا یُتَعتّب علیه فی شیء. والفحل المعقول أو الظالع إذا مشی علی ثلاث قوائم کأنه یَقْفِز یقال : یَعْتِب عَتَباناً.

أبو عبید عن الکسائیّ : عَتَب علیه من العِتابِ ، یَعتِب یعتُب ، وکذلک من المشی علی ثلاث قوائم. وتقول : عتِّب لی عَتَبه فی هذا الموضع إذا أردت أن تَرقی به إلی موضع تصعد فیه.

وقال اللیث : إذا أُعنت العظم المجبور قیل : قد أُعتِب وأُتعب.

وقال أبو عبید : یقال : اعتَتَب فلان عن الشیء إذا انصرف عنه.

ومنه قول الکُمَیت :

فاعتتب الشوقُ عن فؤادی والش

عر إلی من إلیه مُعْتَتَب

وأنشد المازنیّ قول الحُطَیئه :

إذا مخارم أَحناء عَرَضْن له

لم یَنْبُ عنها وخاف الجور فاعتَتَبا

یقول : لم ینبُ عنها ولم یخف الجَوْر. واعتتب أی رجع من قولهم : لک العُتْبی أی لک الرجوع ممّا تکره إلی ما تُحِبّ. وعَتَبه الوادی : جانبه الأقصی الذی یلی الجَبَل. ویقال للرجل إذا مَضَی ساعه ثم رجع : قد اعتَتَب فی طریقه اعتِتاباً ، کأنه عَرَض عَتَبٌ فتراجع.

وقال أبو سعید فی قول الأعشی :

وثَنَی الکفّ علی ذی عَتَب

یصل الصوت بذی زِیر أبَحَ

ص: 166

قال : العَتَب : الدَسْتَانات. وقیل : العَتَب : العیدان المعروضه علی وجه العود ، منها تُمد الأوتار إلی طَرَف العُود. ومن أمثال العرب : أَوْدَی کما أَوْدَی عَتِیب.

قال ابن الکلبیّ : هو عَتِیب بن أسلم بن مالک ، وهم حَیّ کانوا فی دِین مَلِک أَسَرهم واستعبدهم ، وکانوا یقولون : إذا کبِر صبیانُنا افتکونا ، فلم یزالوا کذلک حتی هلکوا ، فصاروا مَثَلاً لمن هلک وهو مغلوب. ومنه قول عَدِیّ بن زید :

یُرَجِّیها وقد وقعت بقُرّ

کما ترجو أصاغرَها عَتِیبُ

وقال اللیث : عَتِیب : قبیله. قال : وعُتْبه وعَتَّاب وعِتْبان ومعتِّب من أسماء الرجال. وعَتَّابه من أسماء النساء.

أبو العبّاس عن ابن الأعرابیّ قال : العرب تکنِی عن المرأه بالعَتَبه والنَعْل والقارُوره. والبَیْت والدُمْیه والغُلّ والقَیْد. قال : والعِتْب : الرجل الذی یعاتِب صاحبه أو صدیقه فی کل شیء إشفاقاً علیه ونصیحه له. والعَتوب : الذی لا یعمل فیه العتاب. ویقال : فلان یَستعتِب من نفسه ، ویستقبل من نفسه ، ویَستدرک من نفسه إذا أدرک بنفسه تغییراً علیها بحسن تقدیر وتدبیر.

وروی أبو العباس عن ابن الأعرابیّ أنه قال : الثُبْنَه : ما عتَّبته من قُدّام السراویل. وفی حدیث سلمان أنه کان عَتَّب سراویله فتشمّر.

وأتبع فلان فلاناً إذا تبعه یرید به شرّاً ، کما أتبع الشیطانُ الذی انسلخ من آیات الله (فَکانَ مِنَ الْغاوِینَ) ، وکما أتبع فرعون موسی. قال : وأما التَّتبُّع فأن یتتبَّع فی مُهْله شیئاً بعد شیء. وفلان یتتبَّع مساویء فلان وأثَره ، ویتتبَّع مَدَاقّ الأمور ، ونحو ذلک. قال : والتَّبَع : ما تبع أثر شیء فهو تَبَعه.

وأنشد قول أبی دُوَاد الإیادیّ فی صفه ظَبْیه :

وقوائم تَبَع لها

من خَلْفها زَمَع معلَّقْ

وقال غیره : یقال لجمع التابع : تَبَع ، کما یقال لجمع الحارس : حَرَس ولجمع الخادم : خَدَم. قال : والتابع : التالی.

وقال الفرّاء فی قول الله جلّ وعزّ : (فَیُغْرِقَکُمْ بِما کَفَرْتُمْ ثُمَّ لا تَجِدُوا لَکُمْ عَلَیْنا بِهِ تَبِیعاً) [الإسراء : 69].

قال : التبیع فی موضع تابع أی تابع بالثأر لإغراقنا إیّاهم. وقیل : معنی قوله : تَبِیعاً أی مطالباً. ومنه قول الله جلّ وعزّ : (فَاتِّباعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَداءٌ إِلَیْهِ بِإِحْسانٍ) [البَقَره : 178] یقول : علی صاحب الدم اتّباع بالمعروف أی المطالبه بالدِیه ، وعلی القاتل أداء إلیه بإحسان. ورفع قوله : (فَاتِّباعٌ) علی معنی : فعلیه اتباع بالمعروف. والآیه مستقصی تفسیرها فی المعتلّات من العین فی باب عفا یعفو عند ذکر قوله : (فَمَنْ عُفِیَ لَهُ مِنْ أَخِیهِ شَیْءٌ) [البَقَرَه : 178].

وفی حدیث النبی صلی الله علیه وسلم : «الظلم لَیُّ الواجِد ، وإذا أُتبِع أَحَدُکم علی مَلیء فلیَتَّبِع» معناه : وإذا أحیل أحدکم علی ملیء فلیحتَلْ ، من الحواله.

وفی حدیث مسروق عن مُعاذ بن جَبَل أن النبی صلی الله علیه وسلم بعثه إلی الیمن ، فأمره فی صَدَقه البَقَر أن یأخذ من کل ثلاثین من البقر تَبِیعاً ، ومن کل أربعین مُسِنّه.

أبو عُبید عن أبی فَقْعَس الأسَدیّ قال : ولد البقره أوَّلَ سنه تَبِیع ثم جَذَع ثم ثنِیّ ثم رَباعٍ ثم سَدَس ثم صالغ.

وقال اللیث : التَّبِیع : العِجْل المُدْرِک ، إلا أنه یتبع أُمَّه بَعْدُ. والعَدَد ثلاثه أَتبِعه ، والجمیع الأتابیع جمع الجمع. وبقره مُتْبع : خَلْفها تَبِیع. وخادم مُتْبع : یتبعها ولدها حیثما أقبلت وأدبرت.

قلت : قول اللیث : التبیع : المدرک وَهَم ، لأنه یدرک إذا أثْنی أی صار ثنِیّاً ، والتبیع من البقر یسمّی تَبِیعاً حین یستکمل الحول ، ولا یسمّی تَبِیعاً قبل ذلک ، فإذا استکمل عامین فهو جَذَع ، فإذا استوفی ثلاثه أعوام فهو ثَنِیّ ، وحینئذٍ یُسِنّ ، والأنثی مُسِنّه ، وهی التی تؤخذ فی أربعین من البقر. ویقال للأنثی : تَبِیعه وللذکر تَبیع.

وقال اللیث : یقال للذی له علیک مال یتابعک به أی یطالبک به : تَبِیع. قال : وتابع فلان بین الصلاه وبین القراءه إذا وَالَی بینهما ، ففعل هذا علی أثر هذا بلا مُهْله بینهما. وکذلک رَمَیته فأصبتُه بثلاثه أسم تِباعاً أی وِلاءً. قال : والتَّبِعه والتِّبَاعه : اسم للشیء الذی لک فیه بغیه

ص: 168

شِبْهُ ظلامه ونحو ذلک.

قلت : ویقال : فلان تِبْع نساء أی یتبعهنّ ، وحِدْث نساء یحادثهنّ ، وزیر نساء : یزورهنّ ، وخِلْبُ نساء إذا کان یخالبهنّ. والخِلْب أیضاً : حِجاب القلب.

وأمّا قول الجُهَنِیَّه :

یرِد المیاه حَضِیره ونفیضَه

وِرْد القَطَاه إذا اسمألّ التُّبَّعُ

فإن أبا عُبَید وابن السکیت قالا : التُّبَّع : الطلّ ، واسمئلاله : قُلُوصه نِصْفَ النهار وضمورُه.

وقال أبو سعید الضریر : التُّبَّع : هو الدَبَران فی هذا البیت ، سمّی تُبّعاً لاتّباعه الثریّا.

قلت : وقد سمعت بعض العرب یسمّی الدَبَران التابع والتُّوَیْبع. وما أشبه ما قال الضریر بالصواب ، لأن القَطَا تَرِد المیاه لیلاً ، وقلَّما ترِدها نهاراً ، لذلک یقال : أدَلّ من قطاه ، وقول لَبید یدلّ علی ذلک :

فوردنا قبل فُرّاط القَطا

إن من وِرْدِیَ تغلیسَ النَهَلْ

وقال اللیث : التُّبَّع : ضرب من الیعاسیب من أعظمها وأحسنها ، وجمعه التبابع. قلت : وأمَّا تُبَّعٌ الملک الذی ذکره الله فی کتابه فقال : (وَقَوْمُ تُبَّعٍ کُلٌّ کَذَّبَ الرُّسُلَ) [ق : 14] فقد روینا عن النبی صلی الله علیه وسلم أنه قال : «ما أدری أتبّع کان لعِیناً أم لا». وقال اللیث : کان تُبَّع ملِکاً من الملوک وکان مؤمناً ، وکان فیهم تبابعه. قال : ویقال : إن ثبت اشْتُقّ لهم هذا الاسمُ من تُبَّع ولکن فیه عجمه ولُکْنه ، ویقال : هم الیوم من وضائع تُبَّع بتلک البلاد.

وفی حدیث أبی واقد اللیثیّ : تابعْنا الأعمال فلم نجد شیئاً أبلغ فی طلب الآخره من الزهد فی الدنیا. قال أبو عبید قال أبو زید وغیره : قوله : تابعنا الأعمال یقول : أحکمناها وعرفناها ویقال للرجل إذا أتقن الشیء وأحکمه : قد تابع عمله. وروی أبو العباس عن سَلَمه عن الفرّاء أنه قال : یقال تابع فلان کلامه وهو تبیع الکلام إذا أحکمه. وَفرس متتابع الخَلْق أی مُسْتَوٍ.

وقال حُمَید بن ثور :

تری طَرَفیه یعسِلان کلاهما

کما اهتزّ عُود الساسَم المتتابع

قال النابغه الذبیانیّ :

من لؤلؤ متتابع متَسَرّد

وقال غیره : فلان متتابع العِلْم إذا کان علمه یشاکل بعضُه بعضاً لا تفاوت فیه. وغُصن متتابع إذا کان مستوِیاً لا أُبَن فیه. ویقال : تابع المرتعُ المالَ فتتابعت أی سمَّن خَلْقها فسمِنت وحَسُنت.

وقال أبو وَجْزه السعدیّ :

حرْفٌ مُلیکیه کالفحل تابعها

فی خِصْب عامین إفراق وتهمیل

وناقه مُفرِق أی تمکث سنتین أو ثلاثاً لا تَلْقَح. ویقال : هو یتابع الحدیث إذا کان یَسْرده. وأمَّا قول سلامان الطائیّ :

أخِفن اطّنانی إن سَکتن وإننی

لفی شغل عن ذَحلی الیُتَتَبَّعُ

ص: 169

فإنه أراد : ذحلیَ الذی یُتَتبَّع ، فطرح الذی وأقام الألف واللام مقامه ، وهی لغه لبعض العرب.

وقال ابن الأنباریّ : إنما أقحم الألف واللام علی الفعل المضارع لمضارعته الأسماء.

وفی حدیث زید بن ثابت حین أمره أبو بکر الصدّیق بجمع القرآن قال : فعلِقت أتتبّعُه من اللخاف والعُسُب أراد أنه کان یتتبّع ما کُتب منه فی اللخاف والعُسُب ، وذلک أنه استقصی جَمع جمیع القرآن من المواضع التی کُتب فیها ، حتی ما کُتب فی اللِخاف _ وهی الحجاره _ وفی العُسُب ، وهی جرید النخل ، وذلک أن الرَقّ أعوزهم حین نزل علی رسول الله صلی الله علیه وسلم ، فأمر کُتَّاب الوحی بإثباته فیما تیسَّر من کتِف ولَوْح وجِلْد وعَسِیب ولَخفَه. وإنما تتبَّع زید بن ثابت القرآن وجمعه من المواضع التی کُتب فیها ولم یقتصِر علی ما حفِظ هو وغیره _ وکان من أحفظ الناس للقرآن _ استظهاراً واحتیاطاً ، لئلا یسقط منه حرف لسُوء حفظ حافظه ، أو یتبدّل حرف بغیره. وهذا یدلّک أن الکتابه أضبط من صدور الرجال وأحری ألّا یسقط معه شیء ، فکان زید یتتبَّع فی مُهْله ما کتب منه فی مواضعه ویضمّه إلی الصحف ، ولا یثبت فی تلک الصحف إلا ما وجده مکتوباً کما أُنزِل علی النبی صلی الله علیه وسلم وأملاه علی مَن کتبه ، والله أعلم.

وفی حدیث أبی موسی الأشعریّ أنه قال : اتّبعوا القرآن ولا یتبعنَّکم القرآن فإنه من یتبع القرآن یهبط به علی ریاض الجنَّه ومن یتّبعه القرآن یزُخّ فی قفاه حتی یقذف به فی نار جهنم.

قال أبو عُبید قوله : اتبعوا القرآن یقول : اجعلوه إمامکم ثم اتلوه ؛ کما قال الله عزوجل : (الَّذِینَ آتَیْناهُمُ الْکِتابَ یَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ) [البَقَرَهَ : 121] أی یتّبعونه حق اتباعه.

وأما قوله : ولا یتبعنَّکم القرآن فإن بعض الناس یحمله علی معنی : لا یطلبنکم القرآن بتضییعکم إیّاه ، کما یطلب الرجل صاحبه بالتبعه.

قال أبو عبید : وهذا معنی حسن یصدّقه الحدیث الآخر : «إن هذا القرآن شافع مشفَّع ، وماحل مصدَّق» ، فجعله یمحل بصاحبه إذا لم یتّبع ما فیه.

قال أبو عبید : وفیه قول آخر أحسن من هذا ، قوله : لا یتبعنکم القرآن : لا تَدَعوا العمل به فتکونوا قد جعلتموه وراء ظهورکم ؛ کما فعل الیهود حین نبذوا ما أُمِروا به وراء ظهورهم. وهذا قریب من المعنی الأول ؛ لأنه إذا اتّبعه کان بین یدیه ، وإذا خالفه کان خَلْفه.

ثعلب عن ابن الأعرابیّ ، قال : التُّبَّع : سید النحل ، والتُّبَّع : الظِلّ.

ومن أمثال العرب السائره : أتْبع الفرسَ لجامَها ، یضرب مَثَلاً للرجل یؤمر برَب الصَنیعه وإتمام الحاجه.

قال أبو عُبید : البِتْع : نَبِیذُ العَسَل ، وهو خَمْر أهل الیمن.

وقال اللیث : البِتَع : الشدید المفاصِل والمَوَاصِل من الجسد.

قلت : وغیره یجعل البَتَع طول العُنُق ، یقال : عُنُق بَتِع وبَتِعه.

وقال الراجز :

کل علاه بِتع دلیلها

وقال الآخر :

یرقی الدَسِیعُ إلی هادٍ له بَتِعٍ

وروی أبو العباس عن ابن الأعرابیّ قال : البَتِع : الطویل العُنق ، والتلِع : الطویل الظهر.

قال ابن شمیل : من الأعناق البَتَع وهو الغلیظ الکثیر اللحم الشدید. قال : ومنها المرهَف وهو الدقیق ، ولا یکون إلّا لعتیق.

ویقال : البَتَع فی العُنق : شدّته ، والتَلَع : طوله. ویقال : بَتِع فلان علیّ بأمر لم یؤامرنی فیه إذا قطعه دونک.

وقال أبو وَجْزَه السَعْدیّ :

بان الخلیط وکان البینُ بائجهً

ولم نخفْهم علی الأمر الذی بَتِعوا

بتعوا أی قطعوا دوننا. ویقال : عُنُق أبتع وبَتِع.

وروی أبو تراب عن أبی مِحْجَن قال : الانبتاع والانبتال : الانقطاع.

وقال أبو زید : جاء القوم أجمعون أبصعون أبتعون بالتاء ، وهذا من باب التأکید.

عاتم أی بطیء. وقد عَتَم قِراه ، وأعتمه صاحبه أی أخّره.

وقال الشاعر :

فلمّا رأینا أنه عاتِم القِرَی

بخیل ذکرنا لیله الهَضْب کَرْدما

وروی سَلَمه عن الفرّاء أنه قال : یقال : قد أعتمتَ حاجتَک أی أخّرتها ، وعتمت حاجتُک. ولغه أخری : أعتمت حاجتک أی أبطأتْ.

وأنشد قوله :

معاتِیمُ القِرَی سُرُف إذا ما

أجَنَّت طَخْیهُ اللیل البهیم

وقال الطِرِمّاح یمدح رَجلاً :

متی یَعِد یُنْجز ولا یکتبل

منه العطایا طولُ إعتامها

وروی أبو العباس عن ابن الأعرابی أنه قال : العُتُم یکون فعالهم مدحاً ، ویکون ذمّاً جمع عاتِم وعَتُوم ، فإذا کان مدحاً فهو الذی یَقْرِی ضِیفانه اللیل والنهار ، وإذا کان ذمّاً فهو الذی لا یَحْلُب لبن إبل مُمْسیاً حتی ییأس من الضیف.

وقال اللیث بن المظفّر : یقال : عَتَم الرجلُ یعتِم إذا کَفّ عن الشیء بعد المضیّ فیه ، وأکثر ما یقال : عَتَّم تعتیماً.

وفی الحدیث أن سَلْمان غرس کذا وکذا وَدِیّاً والنبیّ صلی الله علیه وسلم یناوله وهو یَغْرِس ، فما عَتَّمت منها ودِیَّه أی ما أبطأت حتی علِقَت. وقال اللیث : العَتَمه هو الثُلُث الأول من اللیل بعد غیبوبه الشَفَق ؛ یقال أعتم الرجل إذا صار فی ذلک الوقت. وعتَّموا تعتیماً إذا ساروا فوردوا فی ذلک الوقت ، وکذلک إذا صدروا فی تلک الساعه.

وقال غیره : ناقه عَتُوم ، وهی التی لا تزال تُعَشَّی حتی تذهب ساعه من اللیل ، ولا تُحلب إلَّا بعد ذلک الوقت. وقال الراعی :

أُدِرُّ النَسَا إذ لا تدُرّ عَتُومها

وروی ابن هانیء عن أبی زید الأنصاریّ أنه قال : العرب تقول للقمر إذا کان ابن لیلته : عَتَمَهُ سُخَیله ، حلَّ أهلها برُمَیلهْ ، أی قدر احتباس القمر إذا کان ابن لیله ثم غروبه قدر عَتَمه سَخْله یرضع أمّه ثم یَحتبس قلیلاً ثم یعود لرضاع أمّه ، وذلک أنَّ تفوُّق السَخْل أمَّه فُواقاً بعد فُواق یقرب ولا یطول. وإذا کان القمر ابن لیلتین قیل له : حدیث أَمَتین ، بکذب وَمَیْن. وذلک أن جدیثهما لا یطول لشُغلما بمهْنه أهلهما وإذا کان ابن ثلاث قیل : حدیث فتیات ، غیر مؤتلفات. وإذا کان ابن أربع قیل : عَتَمه رُبَع ، غیر جائع ولا مرضَع. أرادوا أن قدر احتباس القمر طالعاً ثم غروبَه قدرُ فواق هذا الرُبَع أو فواق أُمّه. وقال ابن الأعرابی : عَتَمه أمّ الرُبَع. وإذا کان ابن خمس قیل : حدیث وأُنْس ، ویقال : عَشَاء خِلفات قُعْس وإذا کان ابن ست قیل : سِرْ وبِتْ. وإذا کان ابن سبع قیل : دَلْجه الضَبُع. وإذا کان ابن ثمان قیل : قمر إضْحِیان. وإذا کان ابن تسع قیل یُلتقط فیه الجَزْع. وإذا کان ابن عشر قیل له : مخنِّق الفجر. والعُتُم من الزیتون : ما ینبت فی الجبال.

ص: 172

وقال الهذلیّ :

من فوقه شُعَب قُرّ وأسفله

جَیْء تنطَّق بالظَیَّان والعَتَم

وثمره الزَغْبَج.

وقال ابن الأعرابی : العُتُم : الزیتون البَرّی لا یحمل شیئاً. وقال ذلک اللیث.

إن کانت معه ؛ وکلّ هذه الأشیاء کانت محرَّمه علیه ، فأبیح له أن یُحِلّ وینتفع بإحلال هذه الأشیاء کلها ، مع ما سقط عنه من الرجوع إلی المیقات والإحرام منه بالحجّ ، والله أعلم ، ومن ههنا قال الشافعیّ : إن المتمتّع أخفّ حالاً من القارن ، فافهمه.

وأمَّا قول الله جلّ وعزّ : (وَلِلْمُطَلَّقاتِ مَتاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَی الْمُتَّقِینَ) [البَقَرَه : 241] ، وقال فی موضع آخر : (لا جُناحَ عَلَیْکُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّساءَ ما لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِیضَهً وَمَتِّعُوهُنَ عَلَی الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَی الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتاعاً بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَی الْمُحْسِنِینَ) [البَقَرَه : 236]. قلت : وهذا التمتیع الذی ذکره الله للمطلقات علی وجهین ، أحدهما واجب لا یسعه ترکه ، والآخر غیر واجب یستحبّ له فعله.

فالواجب للمطلَّقه التی لم یکن زوجها حین تزوّجها سَمَّی لها صَداقاً ، ولم یکن دخل بها حتی یطلّقها ، فعلیه أن یمتّعها بما عزّ وهان من متاع ینفعها به : من ثوب یُلبِسها إیّاه ، أو خادِم یَخدمها أو دراهم أو طعام. وهو غیر موقّت ؛ لأن الله عزوجل لم یحصره بوقت ، وإنما أمر بتمتیعها فقط ؛ وقد قال : (عَلَی الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَی الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتاعاً بِالْمَعْرُوفِ). وأما المتعه التی لیست بواجبه وهی مستحبَّه من جهه الإحسان والمحافظه علی العهد فأن یتزوّج الرجل امرأه ویسمّی لها صداقاً ، ثم یطلّقها قبل دخوله بها وبعده ، فیستحب أن یمتّعها بمُتْعه سوی نصف المهر الذی وجب علیه لها إن لم یکن دخل بها ، أو المهر الواجب کله إن کان دخل بها ، فیمتّعها بمُتْعه ینفعها بها ، وهی غیر واجبه علیه ، ولکنه استحباب لیدخل فی جمله المحسنین أو المتّقین ، والله أعلم. والعرب تسمی ذلک کلُّه مُتْعه ومَتَاعاً وتَحْمیماً وحَمّاً.

وأمَّا قول الله جلّ وعزّ : (وَالَّذِینَ یُتَوَفَّوْنَ مِنْکُمْ وَیَذَرُونَ أَزْواجاً وَصِیَّهً لِأَزْواجِهِمْ مَتاعاً إِلَی الْحَوْلِ غَیْرَ إِخْراجٍ) [البقره : 240] فإن هذه الآیه منسوخه بقول الله جلّ وعزّ : (وَالَّذِینَ یُتَوَفَّوْنَ مِنْکُمْ وَیَذَرُونَ أَزْواجاً یَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَهَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً) [البقره : 234] فمُقام الحول منسوخ باعتداد أربعهِ أشهر وعَشْرِ ، والوصیَّه لهنّ منسوخه بما بیَّن الله من میراثها فی آیه المواریث. وقریء (وَصِیَّهً لِأَزْواجِهِمْ) و (وصیهٌ) بالرفع والنصب. فمن نصب فعلی المصدر الذی أرید به الفعل ، کأنه قال : لیوصوا لهنَّ وصیّهً. ومَن رفع فعلی إضمار : فَعَلَیهم وصیّهٌ لأزواجهم. ونصب قوله : (مَتاعاً) علی المصدر أیضاً ، أراد متّعوهن متاعاً. والمتاع والمُتْعه اسمان یقومان مقام المصدر الحقیقیّ ، وهو التمتیع ، أی انفعوهنّ بما توصون به لهنّ من صله تَقُوتهنّ إلی تمام الحَوْل.

وأما قول الله جلَّ وعزَّ فی سوره النساء بعقب ما حَرَّم من النساء فقال : (وَأُحِلَّ لَکُمْ ما وَراءَ ذلِکُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوالِکُمْ مُحْصِنِینَ غَیْرَ مُسافِحِینَ) [النِّساء : 24] أی عاقدین النکاح الحلال غیر زناه (فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِیضَهً) [النِّساء : 24] فإن

ص: 174

أبا إسحاق الزجّاج ذکر أن هذه آیه قد غلِط فیها قوم غَلَطاً عظیماً لجهلهم باللغه ، وذلک أنهم ذهبوا إلی أن قوله : (فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِیضَهً) من المُتْعه التی قد أجمع أهل العلم أنها حرام ؛ وإنما معنی (فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَ) : فما نکحتموهُ منهن علی الشریطه التی جَرَت فی الآیه أنه الإحصان ، (أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوالِکُمْ مُحْصِنِینَ) أی عاقدین التزویج ، أی (فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَ) علی عقد التزویج الذی جری ذکره (فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِیضَهً) أی مُهُورهنّ. فإن استمتع بالدخول بها آتی المهر تاماً ، وإن استمتع بعقد النکاح آتی نصف المهر. قال : والمتاع فی اللغه : کل ما انتُفِع به ، فهو متاع. قال : وقوله : (وَمَتِّعُوهُنَ عَلَی الْمُوسِعِ قَدَرُهُ) [البقره : 236] لیس بمعنی : زوّدوهن المُتَع ؛ إنما معناه : أعطوهن ما یستمتعن به. وکذلک قوله : (وَلِلْمُطَلَّقاتِ مَتاعٌ بِالْمَعْرُوفِ) [البَقَره : 241]. قال : ومن زعم أن قوله : (فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَ) [النِّساء : 24] المتعه التی هی الشرط فی التمتّع الذی یفعله الرافضه فقد أخطأ خطأ عظیماً ؛ لأن الآیه واضحه بیّنه.

قلت : فإن احتجّ محتجّ من الروافض بما یروی عن ابن عبَّاس أنه کان یراها حلالاً ، وأنه کان یقرؤها : (فما استمتعتم به منهن إلی أجل مسمَّی) فالثابت عندنا أن ابن عباس کان یراها حلالاً ؛ ثم لمَّا وقف علی نهی النبی صلی الله علیه وسلم عنها رجع عن إحلالها ؛ حدَّثناه محمد بن إسحاق ، قال : حدثنا الحسن ابن أبی الربیع ، عن عبد الرزاق ، عن ابن جُرَیج عن عطاء ، قال : سمعت ابن عباس یقول : ما کانت المُتْعه إلَّا رحمه رحم الله بها أمَّه محمد ، فلو لا نهیه عنها ما احتاج إلی الزنی أحد إلّا شَفی ، والله لکأنی أسمع قوله : «إلا شَفًی» عطاء القائل. قال عطاء : فهی التی فی سوره النساء : (فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَ) إلی کذا وکذا من الأجَل ، علی کذا وکذا شیئاً مسمَّی. فإن بدا لهما أن یتراضیا بعد الأجل فنعَمْ ، وإن تفرقا فنعَمْ ، ولیس بنکاح.

قلت : وهذا حدیث صحیح ، وهو یبیِّن أن ابن عباس صحّ له نهی النبیَّ صلی الله علیه وسلم عن المتعه الشرطیَّه ، وأنه رجع عن إحلالها إلی تحریمها. وقوله : «إلّا شَفی» أی إلا أن یُشْفی أی یُشرف أی علی الزنی ولا یواقِعه ، أقام الاسم _ وهو الشَفَی _ مُقام المصدر الحقیقیّ ، وهو الإشفاء علی الشیء ، وحَرْف کلّ شیء شفاه ، ومنه قول الله عزوجل : (عَلی شَفا جُرُفٍ هارٍ) [التوبه : 109] : وأشفی علی الهلاک إذا أشرف علیه. وإنما بیَّنت هذا البیان لئلا یغُرّ بعضُ الرافضه غِرّ من المسلمین فیُحِلّ له ما حرّمه الله جلّ وعزّ علی لسان رسول الله صلی الله علیه وسلم ؛ فإن النهی عن المُتعه الشرطیه صحّ من جهات لو لم یکن فیه غیر ما رُوِی عن علی بن أبی طالب ونهیه ابن عباس عنها لکان کافیاً. والله المسدّد والموفّق ، لا شریک له ولا نَدِید.

وأمّا قول الله جلَّ وعزَّ : (وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّکُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَیْهِ یُمَتِّعْکُمْ مَتاعاً حَسَناً إِلی أَجَلٍ

ص: 175

مُسَمًّی) [هُود : 3] فمعناه : أی یبقیکم بقاء فی عافیه إلی وقت وفاتکم ، ولا یستأصلکم بالعذاب ، کما استأصل أهل القُرَی الذین کفروا. ومَتَّع الله فلاناً وأمتعه إذا أبقاه وأنسأه إلی أن ینتهی شَبَابه. ومنه قول لَبِید یصف نخلاً نابتاً علی الماء حتی طال طِواله فی السماء ، فقال :

سُحُق یمتّعها الصَفَا وسَریُّه

عُمّ نواعم بینهن کُرُوم

والصَفا والسرِیّ : نهران یتخلَّجان من نهر محلِّم الذی بالبحرین یَسْقِی قری هَجَر کلها.

وقول الله عزوجل : (لَیْسَ عَلَیْکُمْ جُناحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُیُوتاً غَیْرَ مَسْکُونَهٍ فِیها مَتاعٌ لَکُمْ) [النُّور : 29] جاء فی التفسیر أنه عنی ببیوت غیر مسکونه الخانات والفنادق التی ینزلها السابلهُ ولا یقیمون فیها إلا مُقامک ظاعن. وقیل : عنی بها الخرابات التی یدخلها أبناء السبیل للانتفاض من بول أو خَلَاء. ومعنی قوله : (فِیها مَتاعٌ لَکُمْ) [النُّور : 29] أی منفعه لکم تقضون فیها حوائجکم مستترین عن أبصار الناس ، فذلک المتاع. والله أعلم بما أراد. وقال ابن المظفر : المتاع من أمتعه البیت : ما یَستمتِع به الإنسان فی حوائجه ، وکذلک کلّ شیء. قال : والدنیا متاع الغرور یقول : إنما العیش متاع أیام ثم یزول ، أی بقاء أیام. ویقال : أمتع الله فلاناً بفلان إمتاعاً أی أبقاه الله لیستمتع به فیما یحبّ من الانتفاع به والسرور بمکانه. ویقول الرجل لصاحبه : ابغنی مُتْعه أعیش بها أی ابغ لی شیئاً آکله ، أو زاداً أتزوّده ، أو قوتاً أقتاته. ومنه قول الأعشی یصف صائداً :

من آل نَبهان یبغی صحبه مُتَعا

أی یبغی لأصحابه صیداً یعیشون به. والمُتَع جمع مُتْعَه. قال اللیث : ومنهم من یقول : مِتْعه ، وجمعها مِتَع. ورَوَی عمرو عن أبیه أنه قال : المُتْعه ، الزاد القلیل ، وجمعها مُتَع. قلت : وکذلک قول الله عزوجل : (یا قَوْمِ إِنَّما هذِهِ الْحَیاهُ الدُّنْیا مَتاعٌ) [غافر : 39] أی بُلْغه یُتبلَّغ به لا بقاء له. ویقال : لا یُمتعِنی هذا الثوب أی لا یَبْقَی لی ، ومنه أمتع الله بک. ویقال : مَتَع النهار متُوعاً إذا ارتفع حتی بلغ غایه ارتفاعه قبل أن یزول. ومنه قول الشاعر :

وأدرکْنا بها حَکَم بن عمرو

وقد متع النهارُ بنا فزالا

ویقال للحبل الطویل ماتع. ونبیذ ماتع إذا اشتدَّت حمرته. وقال أبو عمرو : الماتع من کل شیء : البالغ فی الجوده الغایه فی بابه ؛ وأنشد :

خذه فقد أُعطیتَه جیّداً

قد أُحکمت صیغتُه ماتِعا

أبو عبید عن الأحمر مَتَعت بالشیء : ذهبت به. قال : ومنه قیل : لئن اشتریتَ هذا الغلام لتَمْتَعَنَ منه بغلام صالح أی لتذهبنَّ. وقال أبو زید : أمتعت بأهلی ومالی أی تمتعت به. قال : ومنه قول الراعی :

خلیطین من شَعبین شتَّی تجاورا

زماناً وکانا بالتفرق أمتعا

وقال الکسائی : طالما أُمْتِع بالعافیه ، فی

ص: 176

معنی : مُتِّع وتمتَّع. الحَرّانیّ عن ابن السکیت : قال أبو عمرو : أمتعت عن فلان أی استغنیت عنه. وقال الأصمعیّ فی قول الراعی :

.. وکانا بالتفرق أمتعا

قال : لیس من أحد یفارق صاحبه إلا أمتعه بشیء یَذکره به. وکان ما أمتع به کلّ واحد من هذین صاحبه أن فارقه. وقول الله جلّ وعزّ : (فَاسْتَمْتَعْتُمْ بِخَلاقِکُمْ) [التّوبَه : 69] قال الفَرّاء : استمتعوا یقول : رَضُوا بنصیبهم فی الدنیا من أنصابهم فی الآخره ، وفعلتم أنتم کما فعلوا. ونحوَ ذلک قال الزجاج. وقال غیرهما : معناه : استمتعوا بنصیبهم من الآخره فی الدنیا.

وأنشد المازنیّ هذا البیت :

ومنّا غداهَ الروعْ فِتْیان نَجْدهٍ

إذا امتَعَت بعد الأکفّ الأشاجع

قال : زعم عُمَاره بن جریر أنهم یقولون : نَبیذ ماتع إذا کان أحمر ، وقوله : إذا امتَعَت أی إذا احمرت الأکفّ والأشاجع من الدم.

یَرْمی إذا ما سَدَّد الأرعاظا

علی قسیّ حُرْبظت حِرباظا

وسهم مرعوظ إذا انکسر رُعْظُه فشُدّ بالعَقَب فوقه ، وذلک العَقَب یسمَّی الرِصَاف.

أبی زید : تقول العرب : اقْأ علی ظَلْعک ، أی کُفّ فإنی عالم بمساویک. وفی «النوادر» : فلان یرقأ علی ظَلْعه أی یسکت علی دائه وعیبه. وقال ابن المظفر : الظَلْع کالغَمْز ، وقد ظَلَع فی مشیه ، یظْلَع ، ظَلْعاً وقال کثیر :

وکنتُ کذات الظَلْع لمّا تحاملت

علی ظَلْعها یوم العِثَار استقلَّت

ویقال : هذه دابَّه ظالع وبِرْذون ظالع ، بغیر هاء فیهما. ورَوَی أبو عُبید عن الأصمعیّ فی باب تأخیر الحاجه ثم قضائها فی آخر وقتها : من أمثالهم فی هذا : إذا نام ظالع الکلاب ، قال : وذلک أن الظالع منها لا یقدر أن یعاظِل مع صِحاحها لضعفه ، فهو یؤخّر ذلک وینتظر فراغ آخرها فلا ینام ، حتی إذا لم یبق منها شیء سَفَد حینئذٍ ثم ینام. ونحو ذلک قال ابن شمیل فی کتاب «الحروف». وقال ثابت بن أبی ثابت فی کتاب «الفروق» : من أمثال العرب : إذا نام ظالع الکلاب ، ولا أفعل ذلک حتی ینام ظالع الکلاب. قال : والظالع من الکلاب : الصارف. یقال صَرَفَت الکلبه وظلعت وأجعلت واستطارت إذا اشتهت الفحل. قال : والظالع من الکلاب لا تنام ، فتضرب مَثَلاً للمهتم بأمره الذی لا ینام عنه ولا یهمله. وأنشد خالد بن یزید قول الحطیئه یخاطب خیال امرأه طَرَقَه :

تسدّیتِنا من بعد ما نام ظالع ال

کلاب وأخبی نارَه کلُّ موقِد

قال أبو الهیثم : قال بعضهم : ظالع الکلاب : الکلبه الصارف ، یقال : ظَلَعت الکلبه وصَرَفت ، لأن الذکور یتبعْنها ولا یدعْنها تنام ، حکاه عن ابن الأعرابیّ. قال : وقال غیره : ظالع الکلاب : الذی ینتظرها أن تسفِد ثم یسفد بعدها. قال الأزهری : والقول ما قاله الأصمعیّ فی ظالع الکلاب ، وهو الذی أصابه ظَلْع أی غَمْز فی قوائمه فضعف عن السِفَاد مع الکلاب. قال : وقوله : ارقَأ علی ظلعک أی تصعّد فی الجبل وأنت تعلم أنک ظالع ، لا تجهدْ نفسک.

قلت : ویقال للرجل البَذِیء والفاحش : إنه لعِنْظِیان ، والمرأه : عِنْظِیانه. ومثله رجل خِنْظِیان وامرأه خِنْظِیانه ، وهو یُعَنْظِی ویُخَنْذِی ویُخَنظی. وقال الراجز یصف امرأه :

باتت تعنظی بِکَ سَمْع الحاضر

أی تُسمِّع بکِ وتفضحک بشنیع الکلام بمَسْمع من الحاضر. والعُنْظُوان : ضرب من الحَمْض معروف یشبه الرِمْث غیر أن الرمث أسبط منه ورقاً وأمرأ ، وأنجع للنَعَم. وعُنْظُوان : ماء لبنی تمیم معروف.

استعمل من وجوهه : فظع.

والجیران جمع جار ، والباکر نعت للواحد وجاز ذلک لأن الجِیران لم یُبن بناءُ الجمع ، وهو علی بناء عِرفان وسِرْحان وما أشبهه. والقول الثانی أن الرمیم فعیل بمعنی مرموم ، وذلک أن الإبل تَرُمّ العظام أی تَقْضُمها وتأکلها ، فهی رِمَّه ومرمومه ورَمیم. ویجوز أن یکون رمیم من رمَ العظمُ إذا بَلِیَ یرِمَّ فهو رامّ ورمیم أی بال. ومن صفات الله عزوجل (الْعَلِیُ الْعَظِیمُ) ، ویسبّح العبد رَبَّه فیقول : سبحان ربّی العظیم.

وقال النبی صلی الله علیه وسلم : «أمّا الرکوع فعظموا فیه الربّ» أی اجعلوه فی أنفسکم ذا عظمه وعَظَمه الله لا تکیف ولا تُحَدّ ولا تمثَّل بشیء. ویجب علی العباد أن یعلموا أنه عظیم کما وصف نفسَه وفوق ذلک بلا کیفیَّه ولا تحدید. وعَظَمه الذراع : مَستغلَظها.

وقال أبو عُبَید : عَظَمه اللسان : مستغلَظه فوق العَکَده ، قال : وعَکَدته : أصله. وإن لفلان عَظَمه عند الناس أی حُرْمه یعَّظم لها. وله معاظم مثله. وقال مرقّش :

والخال له معاظم وحُرَمْ

وإنه لعظیم المَعَاظِم أی عظیم الحُرْمه. ویقال : عظُم یعظُم عِظَماً فهو عظیم. وأما عَظْم اللحم فبتسکین الظاء ، یجمع عِظاماً وعِظَامه. وقال الراجز :

وَیْلٌ لبُعْران أبی نعامَهْ

منک ومن شَفْرتک الهُذَامَهْ

إذا ابترکت فحفرت قامَهْ

ثم نثرت الفَرْث والعِظَامَهْ

ومثله الفِحاله والذِکاره والحجاره والنِقَاده _ جمع النَقَد _ والجِمَاله جمع الجَمَل ؛ قال الله : (جِمالَتٌ صُفْرٌ) [المُرسَلات : 33] هی جمع جماله وجمال.

وقال اللیث : العَظَمه : التعظّم والنّخْوه والزَهْو.

قلت : أمَّا عظمه الله فلا توصف بما وصفها به اللیث. وإذا وُصف العبد بالعَظَمه فهو ذَمّ ؛ لأن العظمه فی الحقیقه لله عزوجل ، وأمَّا عظمه العبد فهو کِبْره المذموم وتجبُّره. وعُظْم الشیء ومُعظمه : جُلّه وأکبره.

قال ابن السکیت : العرب تقول : عَظُم البطن بطنُک ، وعَظْم البطن بطنک بتخفیف الظاء ، وعُظْم البطن بطنک ، یسکّنون الظاء وینقلون ضمّتها إلی العین ، وإنما یکون النقل فیما کان مدحاً أو ذمّاً.

وقال اللیث : استعظمت الأمر إذا أنکرته یقال والعَظِمیه : المُلِمَّه إذا أعضلت. قال : ویقال : لا یتعاظمنی ما أتیت إلیک من عظیم العظِیمه. وسمعت خبراً فأعظمته.

قال ابن السکیت : یقال : أصابنا مَطَر لا یتعاظمه شیء أی لا یعظم عنده شیء. وقال اللحیانیّ : یقال : أعظمنی ما قلتَ لی أی هالنی وعَظُم علیّ. ویقال : ما یُعْظِمنی أن أفعل ذاک أی ما یَهُولنی ، ورماه بمُعْظِم أی بعَظیم ، وقد أعظم الأمرُ فهو مُعْظِم والعظمه : ما یلی المرفق من مستغلظ الذراع وفیه العضله. والعَضَله ، والنصف الآخر الذی یلی الکفّ یقال له الأسَله ودخل فی عُظْم الناس وعَظْمهم

ص: 182

أی فی مُعْظَمهم.

قلت : ویقال : تعاظمنی الأمر وتعاظمته إذا استعظمته. وهذا کما یقال : تهیَّبنی الشیء وتهیَّبته.

أبو عبید عن الفرّاء قال العُظْمه ، شیء تعظَّم به المرأه رِدْفها من مِرْفقه وغیرها. وهذا فی کلام بنی أسَد ، وغیرهم یقول : العِظَامه بکسر العین.

أبو عبید عن الأصمعیّ : عَظْم الرجْل : خَشَبه بلا أَنساع ولا أداه. وذو عظم : عِرْض من أعراض خَیْبَر ، فیه عیون جاریه ونخیل عامره وعَظَمات القوم. سادتهم وذوو شرفهم. ووصف الله عذاب النار فقال : (عَذابٌ عَظِیمٌ) [البَقَرَه : 114] وکذلک العذاب فی الدنیا ، ووصف کید النساء ، فقال : (إِنَّ کَیْدَکُنَ عَظِیمٌ) [یُوسُف : 28]. وهذا علی الاستفظاع له. والله أعلم.

المعذِّرین قلت : یذهب ابن عبّاس إلی أن المُعْذِرین هم الذین لهم عُذْر والمعذّرون _ بالتشدید _ الذین یعتذرون بلا عذر ، وکأنهم المقصرون الذین لا عُذْر لهم والعرب تقول : أعذر فلان أی کان منه ما یُعذَر به.

ومنه قولهم : قد أعذر من أنذر. ویکون أعذر بمعنی اعتذر اعتذاراً یُعذَر به.

ومنه قول لَبید یخاطب ابنتیه :

فقوما فقولا بالذی قد علمتما

ولا تخمِشا وجهاً ولا تحلقا الشَعَرْ

إلی الحول ثم اسم السلام علیکما

ومن یبک حولاً کاملاً فقد اعتذرْ

فجعل الاعتذار بمعنی الإعذار ، والمعتذِر یکون مُحِقاً ویکون غیر مُحِقّ ؛ والمعاذیر یشوبها الکذب.

واعتذر رجل إلی عمر بن عبد العزیز ، فقال له : عَذَرتک غیر معتذِر.

ویقول : عذرتک دون أن تعتذر وقرأ یعقوب الحضرمیّ وحده : (وجاء المُعْذِرون) ساکنه العین ، وسائر قرّاء الأمصار قرءوا : (وَجاءَ الْمُعَذِّرُونَ) [التوبه : 90] بفتح العین وتشدید الذال ، ممن قرأ الْمُعَذِّرُونَ فهو فی الأصل : المعتذرون ، فأدغمت التاء فی الذال لقرب المخرجین ، ومعنی المعتذرین : الذین یعتذرون ، کان لهم عذر أو لم یکن ، وهو ههنا شبیه بأن یکون لهم عذر. ویجوز فی کلام العرب : المعِذّرون بکسر العین ؛ لأن الأصل : المعتذرون فأسکنت التاء وأدغمت فی الذال ونُقِلت حرکتها إلی العین ، فصار الفتح فی العین أولی الأشیاء ، ومن کسر العین جرّه لالتقاء الساکنین ، ولم یُقرأ بهذا.

ویجوز أن یکون الْمُعَذِّرُونَ : الذین یعذّرون یوهمون أن لهم عذراً ولا عذر لهم.

وأخبرنی المنذری عن ابن فهم عن محمد بن سَلَّام الجُمَحیّ عن یونس النحویّ أنه سأله عن قوله تعالی : (وَجاءَ الْمُعَذِّرُونَ مِنَ الْأَعْرابِ) [التوبه : 90] فقال : قلت لیونس : (المُعْذرون) مخفّفه کأنها أقیس ؛ لأن المُعْذِر : الذی له عُذْر ، والمعذّر : الذی یعتذر ولا عذر له. فقال یونس : قال أبو عمرو بن العلاء : کِلَا الفریقین کان مسیئاً ، جاء قوم فعذَّروا ، وجَلَّح آخرون فقعدوا.

وأخبرنی المنذری عن أبی الهیثم أنه قال فی قوله : (وَجاءَ الْمُعَذِّرُونَ). قال : معناه : المعتذرون.

ویقال : عذَّر الرجل یَعِذّر عِذّاراً فی معنی اعتذر.

ویجوز عِذِّر یَعِذّر فهو مُعِذِّر ، واللغه الأولی أجودهما.

قال : ومثله هَدّی یَهدّی هِدّاءً إذا اهتدی. هِدَّی یهِدِّی.

قال الله جل وعزّ : (أَمَّنْ لا یَهِدِّی إِلَّا أَنْ یُهْدی) [یُونس : 35].

قلت : ویکون الْمُعَذِّرُونَ بمعنی المقصّرین علی مفعِّلین من التعذیر وهو التقصیر. یقال : قام فلان قیام تعذیر فیما استکفیتُه إذا لم

ص: 184

یبالغ وقصّر فیما اعتُمد علیه. وفی الحدیث أن بنی إسرائیل کانوا إذا عُمِل فیهم بالمعاصی نهاهم أحبارهم تعذیراً ، فعمَّهم الله بالعقاب ، وذلک إذا لم یبالغوا فی نهیهم عن المعاصی وداهنوهم ولم ینکروا أعمالَهم بالمعاصی حقّ الإنکار.

ورُوی عن النبی صلی الله علیه وسلم أنه قال : «لن یهلک الناس حتی یُعْذِروا من أنفسهم».

قال أبو عبید : قال أبو عُبیده : یقول حتی تکثر ذنوبهم وعیوبهم.

قال : وفیه لغتان ، یقال أعذر الرجل إعذاراً إذا صار ذا عیب وفساد.

وکان بعضهم یقول : عَذَر یَعْذِر بمعناه ، ولم یعرفه الأصمعیَّ.

قال أبو عبید : ولا أری أخذ هذا إلَّا من العُذْر ، یعنی : یعذِروا من أنفسهم باستیجابهم العقوبه فیکون لمن یعذّبهم العذرُ فی ذلک.

قال : وهو کالحدیث الآخر : «لن یهلِک علی الله إلا هالک» ، ومنه قول الأخطل :

فإن تک حَرْبُ ابنَیْ نِزَارٍ تواضعت

فقد عَذَرْتنا فی کلاب وفی کعب

ویروی : أعذرتْنا أی جعلَتْ لنا عذراً فیما صنَعْنا. ومنه قول الناس : من یَعْذِرنی من فلان. وقال ذو الإصبع العَدْوانیّ :

عذَیرَ الحیّ من عَدْوا

ن کانوا حَیَّه الأرض

أی هاتِ عَذِیر الحیّ من عَدْوان أی من یَعْذِرنی ، کأنه قال : هات من یَعْذِرنی. ومنه قوله :

عَذِیرَک مِن خلیلک من مراد

وهذا یروی عن علیّ رضی اللهُ عَنْه. وقال اللیث : یقال : مَن عَذِیری من فلان أی مَن یَعْذِرنی منه ، کأنه یخبر بإساءته إلیه واستیجابه المجازاه ، فیقول : من یَعْذِرنی منه إذا جازیتُه بسوء فعله. قال : وعذیر الرجل : ما یروم وما یحاول ممَّا یُعْذَر علیه إذا فعله. قال العجَّاج یخاطب امرأته :

جاریَ لا تستنکری عذیری

سَعْیی وإشفاقی علی بعیری

وذلک أنه عزم علی السفر فکان یرُمّ رَحْل راحلتِه لسفره ، فقالت له امرأته : ما هذا الذی تَرُمّ؟ فخاطبها بهذا الشعر ، أی لا تنکری ما أحاول. وقال شمر : قال أبو عبیده : أَعْذَر فلان من نفسه أی أُتِی من قِبَل نَفْسه. قال : وعَذّر یُعَذّر من نفسه أی أُتِی من نفسه. قال یونس : هی لغه للعرب. قال : وقال خالد بن جَنْبه. یقال : أَما تُعْذِرنی من هذا بمعنی : أما تُنْصفنی منه ، یقال : أعذِرنی من هذا أی أنصِفنی منه. ویقال : لا یُعْذِرک من هذا الرجل أحد ، معناه : لا یُلزِمه الذنبَ فیما تضیف إلیه وتشکوه به. ومنه قولهم : من یَعذرنی من فلان أی من یقوم بعُذْری إن أنا جازیته بسُوء صنیعه فلا یُلزمنی لوماً علی ما یکون منّی إلیه. ویقال : اعتذر فلان اعتذاراً وعِذْره ومَعْذِره من ذنبه فعذَرته. قال : وتعذَّر علیَّ هذا الأمرُ إذا لم یستقم. أبو عبید عن الأصمعیّ : عذیری من فلان أی من یَعْذِرنی. ونصبه علی إضمار هلمّ معذرتَک إیَّای. قال : والعذیر أیضاً :

ص: 185

الحال ، وجمعه عُذُر ، وربما خُفِّفَ فقیل :

عُذْر. وقال حاتم :

وقد عذرتْنی فی طِلابکم العُذْرُ

قال : والعُذْره : الناصیه ، وجمعها عُذَر. وقال طَرَفه :

وهِضَبَّاتٍ إذا ابتل العُذْر

والعُذْره : وَجَع فی الحلق ، یقال منه : رجل معذور. وقال جریر :

غَمْز الطبیب نغانغ المعذور

ویقال : فلان أبو عُذْر فلانه إذا کان افْترعها وقال الأصمعیّ : أعذرْت الغلام والجاریه وعَذَرتهما ، لغتان إذا خُتِنا. وقال الراجز :

تلویه الخاتن زُبّ المُعْذَر

ثعلب عن ابن الأعرابی قال : العُذْره : خاتَم البِکر ، والعُذْره : وَجَع الحَلْق ، والعُذْره : العَلَامه. وقال أبو الحسن اللِحیانی : للجاریه عُذْرتان ، إحداهما تخفِضها ، وهو موضع الخفض من الجاریه ، والعُذْره الثانیه قِضَّتها ، سمّیتا عُذْره بالعَذْر وهو القطع ؛ لأنها إذا خُفِضت قطعت نَوَاتها ، وإذا افْتُرِعَتْ انقطع خاتم عُذْرتها. ویقال لقُلْفه الصبیّ أیضاً عُذْره. وفی الحدیث أن النبی صلی الله علیه وسلم استعذر أبا بکر من عائشه ، کأنه عَتَب علیها بعض الأمر فقال لأبی بکر : «اعذِرنی منها إن أدّبتُها». وقال أبو زید : سمعت أعرابیَّیْن تمیمیَّاً وقیسیّاً یقولان : تعذّرت إلی الرجل تعذُّراً فی معنی اعتذرت اعتذاراً. وقال الأحوص بن محمَّد الأنصاریّ :

طرید تلافاه یزید برَحْمَهٍ

فلم یُلْفَ من نَعمائه یتعذَّر

أی یعتذر ، یقول : أنعم علیه نعمه لم یحتج إلی أن یعتذر منها. ویجوز أن یکون معنی قوله یتعذر أی یذهب عنها. وقال ابن بُزُرْج : یقال : تعذّروا علیه أی فرّوا عنه وخَذَلوه. وأخبرنی المنذریّ عن ثعلب عن ابن الأعرابیّ قال : قولهم : اعتذرت إلیه هو قَطْع ما فی قلبه ، یقال : اعتذرتِ المیاهُ إذا تقطَّعت ، واعتذرت المنازلُ إذا دَرَسَتْ ، ومررت بمنزل معتذر : بالٍ. وقال لَبِید :

شهورَ الصیف واعتذرت إلیه

نِطافُ الشیطین من الشِمال

وقال ابن أحمر فی الاعتذار بمعنی الدُرُوس :

قد کنتَ تعرف آیات فقد جَعَلت

أطلالُ إلْفِک بالوَدْکاء تعتذر

وأُخِذ الاعتذار من الذنب من هذا ؛ لأنّ من اعتذر شابَ اعتذارَه بکذب یعفی علی ذَنْبه. قال : وإنما سُمِّیت البِکْر عَذْراء من ضِیقها ، ومنه یقال : تعذَّر علیَّ هذا الأمرُ. قال المنذری : وقال أبو طالب المفضَّل بن سلَمَه : الاعتذار قَطْع الرجل عن حاجته ، وقَطْعه عمَّا أمْسک فی قلبه. قال : والاعتذار : مَحْو أثر الموجِده من قولهم : اعتذرتِ المنازلُ إذا دَرَسَت. أبو عُبَید عن الأصمعیّ یقال لأثر الجُرْح : عاذر. وقال ابن أحمر :

وبالظهر منی من قَرَا الباب عاذر

ص: 186

أبو عبید عن أبی زید : الإعذار : ما صُنع من الطعام عند الخِتان ، وقد أعذرت. وأنشد :

کلَّ الطعام تشتهی ربیعَهْ

الخُرْسَ والإعذارَ والنقیعَهْ

سَلَمه عن الفرّاء قال : العَذِیره : طعام الخِتان. قال : وعَذَرْت الغلامَ وأعذرته. وفی حدیث علیّ رضی اللهُ عنه أنه عاتب قوماً فقال : ما لکم لا تنظفون عَذِرَاتکم! قال أبو عبید : قال الأصمعیّ : العَذِره أصلها فِنَاء الدار ، وإیّاها أراد علیّ. قال أبو عبید : وإنما سُمِّیت عَذِره الناس بهذا لأنها کانت تُلْقَی بالأفنیه ، فکُنی عنها باسم الفِناء ؛ کما کنی بالغائط _ وهی الأرض المطمئنَّه _ عنها. وقال الحطیئه یذکر الأفنیه :

لعمری لقد جرّبتکم فوجدتکم

قِباح الوجوه سَیّئی العَذِرات

والمعاذر جمع مَعْذِره ، ومن أمثالهم : المعاذر مکاذب. وقال الله عزوجل : (وَلَوْ أَلْقی مَعاذِیرَهُ) [القِیَامَه : 15] قال بعضهم : ولو أدلی بکلّ حُجَّه یَعتذِر بها. وجاء فی التفسیر أیضاً : ولو ألقی ستوره ، المعاذیر : الستور بلغه أهل الیمن ، واحدها مِعْذار. ویقال : أعذر فلان فی ظهر فلان بالسیاط إعذاراً إذا ضربه فأثَّر فیه شَتَمه فبالغ فی شتمه حتی أثر به فیه ، وقال الأخطل :

وقد أعذرن فی وَضَح العِجَانِ

وترک المَطَرُ به عاذراً أی أثراً ، والعِذَار : سِمَه. وقال الأحمر : من السِمَات العُذُر ، وهی سِمَه فی موضع العِذَار ، وقد عُذِر البعیر فهو معذور. وقال ابن الأعرابیّ فی قول الشاعر :

ومخاصمٍ قاومتُ فی کَبَد

مثل الدِهَان فکان لی العُذْرُ

قال : العُذْر : النُجْحُ. ولی فی هذا الأمر عُذْر وعُذْرَی ومَعْذِره أی خروج من الذنب. ویقال فی الحرب : لمن العُذْر أی النُجْح والغَلَبه. وقال الأصمعیّ : خلع فلان مُعَذَّره إذا لم یُطع مُرْشداً ، وأراد بالمعذَّر : الرَسَن ذا العِذارین. والعَذْراء : الرَمْله التی لم توطأ. ودُرَّه عَذْراء : لم تُثْقب. ویقال : ما عندهم عَذِیره أی لا یَعْذرون ، وما عندهم غَفِیره أی لا یَغفرون. وعذراء : قریه بالشام معروفه. والعَذَارَی : هی الجوامع کالأغلال تجمع بها الأیدی إلی الأعناق ، واحدتها عذراء. وقال اللحیانیّ : هی العَذِره والعَذِبه لِمَا سقط من الطعام إذا نُقِّی. ویقال : اتخذ فلان فی کَرْمه عِذَاراً من الشجر أی سِکَّه مصطفَّه. وعذارا الحائط والوادی : جانباه. وقال أبو سعید : یقال للرجل إذا عاتبک علی أمر قبل التقدّم إلیک فیه : والله ما استعذرت إلیّ وما استنذرت ، أی لم تقدِّم إلیَ المعذره والإنذار. والاستعذار : أن تقول له : اعذِرنی منک. وعذار اللجام : ما وقع منه علی خدّی الدَّابه. وقال النضر : عذارُ اللجام : السَّیْران اللذان یُجمعان عند القفا. وقال الکسائی : أعذرْت الفرس : جعلت له عِذَاراً. وقال ابن الأعرابیّ : عَذَرت الفَرَس : جعلت له

ص: 187

عِذَاراً. وقال ابن المظفَّر : عَذَرت الفرس فأنا أَعْذِره بالعِذَار وأعذرته إذا جعلت له عِذَاراً ، وعذَّرته تعذیراً بالعِذار. قال : والعِذَار : طعام البِنَاء وأن یستفید الرجل شیئاً جدیداً یتَّخذ طعاماً یدعو علیه إخوانه. وعذَّر فلان تعذیراً للخِتان ونحوه. وحِمَار عذَوَّر ، وهو الواسع الجَوْف. ومُلْک عذَوَّر : واسع عریض. والعُذْره : نجم إذا طلع اشتدَّ غَمّ الحَرّ ، وهی تطلع بعد الشعْری ولها وَقْدَه ولا ریح لها وتأخذ بالنَفْس ثم یطلع سهیل بعدها.

وقال المازنیّ : العواذیر : جمع العاذر وهو الأَثَر. وقال أبو وَجْزه السعدیّ :

إذا الحَیّ والحَوْم المُیَسِّر وَسْطنا

وإذ نحن فی حال من العیش صالح

وذو حَلَق نُقْضَی العواذیرُ بینه

یلوح بأخطار عظام اللقائح

وقال الأصمعیّ : الحَوْم : الإبل الکثیره ، المُیَسِّر : الذی قد جاء لَبَنه. وذو حَلَق یعنی إبلاً مِیسَمُها الْحَلَق. والعواذیر : جمع عاذور ، وهو أن یکون بنو الأب میسَمُهم واحداً فإذا اقتسموا ما لهم قال بعضهم لبعض : أَعْذِر عنّی ، فیخطّ فی المِیسم خَطاً أو غیره لیعرف بذلک سِمَه بعضهم من بعض. والعاذُور أیضاً : ما یُقطع من مَخْفِض الجاریه. وقال الله عزوجل : (فَالْمُلْقِیاتِ ذِکْراً * عُذْراً أَوْ نُذْراً) [المرسلات : 5 ، 6] فیه قولان. أحدهما : والإنذار ، والقول الثانی : أنهما نصبا علی البدل من قوله : (ذِکْراً). وفیه وجه ثالث وهو أن تنصبهما بقوله : (ذِکْراً) المعنی : الملقیات إن ذکرت (عُذْراً أَوْ نُذْراً). وهما اسمان أُقیما مُقام الإعذار والإنذار ، ویجوز تخفیفهما معاً وتثقیلهما معاً.

أبو العباس عن ابن الأعرابیّ قال : العُذُر جمع العاذر وهو الأبداء یقال : قد ظهر عاذِره ، وهو دَبُوقاؤه. والعُذُر جمع عِذَار وهو المستطِیل من الأرض. والعِذَار : استواء شَعَر الغلام ، یقال : ما أحسن عِذاره أی خَطَّ لِحیتِه. والعَذَر : العلامه ، یقال : أَعْذِر علی نصیبک أی أعلِم علیه.

وقال أبو مالک عمرو بن کِرْکِره : یقال : ضربوه فأعذروه أی ضربوه فأثقلوه.

ثمانیه فقالوا : سبع لأن الأذرع مؤنَّثه ، تقول : هذه ذراع ، وقلت : ثمانیه لأن الأشبار مذکّره. وقال اللیث : الذراع من طَرَف المرفق إلی طرف الإصبع الوسطی. وقد ذَرَعت الثوب وغیره أَذْرَعه فأنا ذارع وهو مذروع. والرجل یذرِّع فی سِبَاحته تذریعاً. قال : والذِّرَاع : اسم جامع فی کل ما یسمَّی یداً من الروحانیین ذوی الأبدان. قال : ومذاریع الدابَّه : قوائمها ، واحدها مذراع ، ویقال : مذراع ، وثَوْر مَوْشِیّ المذَارع. ومذارع الأرض : نواحیها. أبو عبید عن أبی عمرو قال : المذارع : هی البلاد التی بین الریف والبَر ؛ مثل القادسیَّه والأنبار ، وهی المَزَالِف أیضاً. وقال اللیث : موت ذَریع : سریع فاشٍ ، لا یکاد الناس یتدافنون. والذِّرَاع : سِمَه بنی ثعلبه من الیمَن. قال : وذِراع العامل صَدْر القناه. قال : والذَّرِیعه : حَلْقه یعلَّم علیها الرَّمْی. والذریعه : جَمَل یَستتِر به الرامی من الصید فیرمیه. ویسیَّب الجَمَل مع الصید حتی یأتلفا ، ویمشی الصیَّاد إلی جَنْبه فیرمی الصیدَ إذا أکثبه. أبو عبید : الذَّرَع : ولد البقره الوحشیَّه ، وأُمّه مُذْرِع.

وقال اللیث : هنّ المُذْرِعات أی ذوات ذِرْعان. قال : وأذرعات : بلد تنسب إلیه الخمر.

وأنشد بعضهم :

تنوّرتُها من أذرعاتٍ وأهلها

بیثربَ أدنی دارِها نظر عال

قال : وهذا أکثر الروایه. وقد أنشد بالکسر بغیر تنوین من أذرعات ، فأمّا الفتح فخطأ ، لأن نصب تاء الجمیع وفتحه وحفضها کسر. قال والذی أجاز الکسر بلا صَرْف فلأنه اسم لفظه لفظ جماعه لواحد. والقول الجید عند جمیع النحویین الصرف ، وهو مثل عَرَفات ، والقُرّاء کلهم فی قوله : (مِنْ عَرَفاتٍ) [البقره : 198] علی الکسر والتنوین ، وهو اسم لمکان واحد ، ولفظه لفظ جمع. أبو الهیثم : المذرَّع من الناس : الذی أُمّه أشرف من أبیه. قال : والهَجِین : الذی أبوه عربی وأمّه أَمَه. وأنشد هو أو غیره :

إذا باهلیّ تحته حنظلیَّه

له ولد منها فذاک المذرَّعُ

وإنما سمّی مذرَّعاً تشبیهاً بالبَغْل ، لأن فی ذراعیه رَقْمین کرَقْمَتَیْ ذِرَاع الحِمَار نَزَع بهما إلی الحمار فی الشّبَه ، وأُمّ البغل أکرم من أبیه. الذوارع الزِقاق ، واحدها ذارع. وقال الأعشی :

والشاربون إذا الذوارع أُغْلیت

صَفْو الفِضَال بطارف وتِلاد

أبو عبید : امرأه ذِرَاع إذا کانت خفیفه الیدین بالغَزْل. ویقال : ذرَّع فلان لبعیره إذا قَیَّده بفضل خِطامه فی ذراعیه ، والعرب تسمّیه تذریعاً. ویقال : ضقت بالأمر ذَرْعاً وذِرَاعاً ، نصبت ذرْعاً لأنه خرج مفسراً محوَّلاً ؛ لأنه کان فی الأصل ضاق ذرعی به ، فلمَّا حُوّل الفعل خرج قوله ذَرْعاً مفسراً. ومثله قَرِرْت به عَیناً وطِبت به نَفْساً.

والذَّرْع یوضع موضع الطاقه. والأصل فیه

ص: 189

أن یَذْرَع البَعِیرُ بیدیه فی سَیره ذَرْعاً علی قَدْر سَعَه خَطْوه ، فإذا حملته علی أکثر من طَوْقه قلت : قد أبطرت بعیرک ذَرْعَه ، أی حملته من السیر علی أکثر من طاقته حتی یَبْطَر ویَمُدَّ عنقه ضَعْفاً عمَّا حُمِل علیه.

ومن أمثال العرب السائره : هو لک علی حَبْل الذراع ، أی أُعَجِّله لک نَقْداً. والحَبْل عِرْق فی الذراع ، ویقال : ما لی به ذَرْع ولا ذِرَاع أی ما لی به طاقه. وفَرَس ذَریع : شریع واسع الخَطْو. وفرس مذرّع إذا کان سابقاً ، وأصله الفرس یلحق الوحشیّ وفارسُه علیه ، فیطعُنه طعَنْه تفور بالدم فتلطِّخ ذراعی الفرس بذلک الدم فیکون علامه لسبْقه. ومنه قول تمیم بن أُبَیْ بن مقبل یصف الخیل فقال :

خلال بیوت الحیّ منها مذرَّع

والضَبُع مُذَرَّعه لسواد فی أذرعها ومنه قول الهذلی :

مذرَّعه أُمَیْمَ لها فَلِیل

وذرعات الدابَّه : قوائمه. ومنه قول ابن خذَّاق العبدیّ یصف فرساً :

فأمْست کتیس الرَبْل تعدو إذا عدت

علی ذَرِعات یعتلینَ خُنُوسا

أی علی قوائم یعتلین مَن جاراهن وهنّ یخْنِسْن بعض جریهنّ أی یُبْقین منه ، یقول : لم یَبْذلن جمیع ما عندهن من السَیر. ویقال : فلان ذَریعتی اللیله أی سبَبی ووُصلتی الذی به أتسبَّب إلیک ، أُخِذ من الذَّرِیعه. وهو البعیر الذی یستتِر به الرامی من الصید ویخاتله حتی یُکْثِبُه فیرمیه.

وقال أبو وَجْزَه یصف امرأه :

طافت به ذات ألوان مشبّهه

ذَریعه الجِنّ لا تعطی ولا تدعُ

أراد کأنها جِنّیه لا یُطمَع فیها ولا یُعلَم ما فی نفسها. أبو عُبید عن الأمویّ : التذریع : الخَنِق ، وقد ذرَّعته إذا خَنَقته. وقال أبو زید : ذرّعته تذریعاً إذا جعلت عُنُقه بین ذراعک وعضدِک فخَنَقْته. وقال الأصمعی : تذرَّع فلان الجریدَ إذا وضعه علی ذراعه فشَطَّبه. ومنه قول قیس بن الخَطیم :

تری قَصَد المُرّان تُلْقَی کأنها

تَذَرُّعُ خِرصانٍ بأیدی الشواطب

قال : والخِرْصان أصلها القضبان من الجرید ، والشواطب جمع الشاطبه. وهی المرأه التی تقشُر العَسِیب ثم تلقیه إلی المنقّیه فتأخذ کلّ ما علیه بسکّینها حتی تترکه رقیقاً ، ثم تلقیه المنقّیه إلی الشاطبه ثانیه فتشطُبه علی ذراعها وتتذرّعه. وکل قضیب من شجره خُرْص. وهذا کله قول الأصمعیّ حکاه عنه ابن السکیت. قال : وقال أبو عبیده : التذرّع ، قدر ذراع ینکسر فیسقط. قال : والتذرّع والقِصَد عنده واحد. قال : والخِرْصان : أطراف الرماح التی تلی الأسِنَّه ، الواحد خِرْص وخُرْص وخَرْص. قلت : وقول الأصمعیّ أشبههما بالصواب. ویقال : ذرع البعیر یده إذا مدَّها فی السیر. ویقال اقصِد بذرعک أی لا تَعْدُ بک قدرَک.

وقال ابن شمیل : مذارع الوادی : أضواجه ونواحیه. ویقال : هذه ناقه تذارع بُعْدَ

ص: 190

الطریق أی تمدّ باعها وذراعها لتقطعه. وهی تذارع الفلاه وتَذْرعها إذا أسرعت فیها کأنها تقیسها. وقال الراجز یصف الإبل :

وهن یَذْرَعن الرَقَاق السَمْلَقا

ذَرْع النواطی السُحُل المرقَّقا

والنواطی : النواسج ، الواحده ناطیه. ویقال : ذَرَّع فلان بکذا إذا أقرَّ به ، وبه سمّی المذرِّع أحد بنی خَفَاجه بن عُقَیل وکان قتل رجلاً من بنی عَجْلان ثم أقرَّ بقتله فأقید به فسمّی المذرِّع. وفی «نوادر الأعراب» : أنت ذرَّعت بیننا هذا وأنت سحلته ، یرید : سبَّبْته ، ورجل ذَرِع : حَسَن العِشره والمخالطه. ومنه قول خَنْساء :

جَلْد جمیل مُخِیل بارع ذَرع

وفی الحروب إذا لاقیت مسعار

ویقال : ذراعته مذارعه إذا خالطته. أبو زید : الإذراع : کثره الکلام والإفراطُ فیه ، وقد أذرع إذا أفرط فی الکلام. ویقال ذَرَعه القیء إذا سَبَق إلی فیه ، وقد أذرعه الرجل إذا أخرجه. أبو عبید عن أبی زید : ذَرَّع فلان تذریعاً إذا حرَّک ذِرَاعه فی السعی واستعان بها. ثعلب عن ابن الأعرابیّ : اندرع وانذرع واندر أو رَعَف واسترعف إذا تقدّم. قال : والذَّرِع : الطویل اللسان بالشرّ. وهو السَیَّار اللیلَ والنهار.

العرب تقول فی الجاهلیه لشعبان : عاذل ، ولشهر رمضان : ناتق ، ولشوال : وَعِل ، ولذی القَعْده : وَرْنه ، ولذی الحِجَّه : بُرَک ، ولمحرّم : مؤتمر ، ولصَفَر : ناجر ، ولربیع الأول : خَوّان ، ولربیع الآخِرِ : وَبْصان. ولجمادی الأولی : رُنَی ، وللآخره : حُنَین ، ولرجب : الأصمّ.

العُذُوف : السکوت. قال : والذُّعُوف : المرارات.

أبو عمرو : ما ذقت عَذُوفاً ولا عَدُوفاً أی ما ذقت شیئاً. وقد مرَّ تفسیره فیما تقدم.

ویقال : مررت بماء ما به عَذَبه أی لا رِعْیَ فیه ولا کلأ.

ویقال : اضرب عَذَبه ، الحوض حتی یظهر الماء أی اضرب عَرْمَضه.

وقال الکسائیّ : العَذَبه : الغُصْن وجمعها عَذَب. وعَذَب النوائح هی المآلی : وهی المعاذب أیضاً واحدها معذبه. وعَذُوبات الناقه : قوائمها.

وقال ابن الأعرابیّ : عذَّبت السوط فهو معذَّب إذا جعلت له عِلَاقه.

قال : وعَذَبه السوط : عِلَاقته.

وقال أبو زید : یقال للجِلده المعلَّقه خَلْف مُؤْخِره الرحل من أعلاه عَذَبه وذوَابه.

وأنشد :

قالوا صدقت ورفَّعو لمطیّهم

سَیْراً یُطیر ذوائبَ الأکوار

عمرو عن أبیه : یقال لخِرْقه النائحه عَذَبه ومِعْوَز. وجمع العذبه معاذب علی غیر قیاس.

یمیش مَیْشاً. وقال غیره : یقال للکذّاب : المَذَّاع ، وقد مَذَع إذا کَذَب. وقال المفضل مَذَع فلان یمیناً إذا حَلَف. أبو العباس عن ابن الأعرابی : المَذْع : سیلان المزاده. المَذْع : السیلان من العیونِ التی تکون فی شَغَفَات الجبال. وقال أبو زید : المَذّاع ، الکذوب الذی لا وفاء له ولا یَحفظ أحداً بظهر الغَیْب.

ثمانین أو سبعین سنه ، وبنیت بَرَاقِش وَمعین بِغُساله أیدیهم ، فلا یری لسَیْلحین أَثَرٌ ولا عَیْثَرٌ ، وهاتان قائمتان. وأنشد قول عمرو بن معدیکرب :

دعانا من بَرَاقِش أو مَعِین

فأَسمع واتلأَب بنا ملیع

ومَلِیع : اسم طریق. وقال الأصمعیّ : العَیْثَر تبع لأثر. قال : وأما العِثْیَر فهو الغبار. وقال الریاشی : العَیْثَر : أخفی من الأَثَر ، یقال : إن العَیْثَر : عَین الشیء وشخصه فی قوله : ماله أثر ولا عَیْثر وأنشد :

لعمر أبیک یا صخر بن عمرو

لقد عیثرت طیرک لو تعیفُ

یرید : لقد أبصرت وعاینت. وقال اللیث : العَیْثَر : ما قَلَبْت من تراب أو مَدَر أو طین بأطراف أصابع رجلیک إذا مشیتَ ولا یری من القَدَم أثر غیره ، فیقال : ما رأیت له أثراً ولا عَیْثراً. وروی أبو العباس عن ابن الأعرابیّ أنه قال : العثْر : الکذِب ، یقال فلان فی العَثْر والبائن ، یرید : فی الحق والباطل.

وقال ابن الأعرابی یقال : کانت بین القوم عَیْثَره وغَیْثَره شدیده ، وکأن العَیْثره دون الغَیْثرَه. وقال الأصمعی : ترکت القوم فی غَیْثره وعَیْثره أی فی قتال دون القتال. قال ویقال : ما رأیت له أثراً ولا عَیْثراً. قال : والعَیْثَر : الشخص العَثَر الاطلاع علی سِرِّ الرجل. وعَثَّر : موضع وهو مأسَده ، جاء علی فَعَّل مثل بَقَّمَ. وقال أبو سعید فی قول الأعشی :

فبانت وقد أورثت فی الفؤا

د صَدْعاً یخالط عَثَّارها

قال : عثَّارها هو الأعشی عَثَر بها فابتُلیَ بهواها وتزوّد منها صَدْعاً فی فؤاده.

وعُثَاری : اسم واد.

الأعرابیّ قال : الرَّعَثه فی أسفل الأُذُن الشَنْف فی أعلی الأذن. وقال اللیث : الرَّعْثه : رَعْثه الدیک وهی لِحْیته قال : وَرَعثتَا المِعْزَی : زَنَمتاها. ورَعَثَتِ العَنْزُ رَعْثاً إذا ابیضَّت أطراف زَنَمیتیْها. قال : وکلّ مِعْلاق کالقُرْط ونحوه یعلَّق من أذن أو قلاده فهو رِعَاث. قال : والرُّعُث : ذَبَاذب من العِهْن تعلَّق من الهوادج زینهً لها ، واحدها رَعْثه. قال : والرَّعْثه التَلْتَله تتخَّذ من جُف الطَلْعه یُشرب بها. وحُکِی عن بعضهم أنه قال : یقال لراعوفه البئر : راعوثه. قال : وهی الأُرْعُوفه والأُرْعُوثه. وتفسیره فی العین والراء. وبَشَّار المُرَعَّث سمّی مُرَعثاً لِرَعَاث کانت فی أذنه.

فَدْماً ثقیلاً. قال : وقال لی أعرابیّ ولصاحب لی کان یستثقله ، وکنا معاً نختلف إلیه ، فقال لی : أنت قُلْقُل بُلْبُل ، وصاحبک هذا عِثْوَلٌ قِثْوَلٌّ. ثعلب عن ابن الأعرابیّ : العَثُول : الأحمق ، وجمعه عُثُل.

بالطِیب إذا دخنته علیه حتی عَبِق به. وطعام مَعْثون وعَثِن ومَدْخون ودَخِن إذا فسد لدخان خالطه ویقال للرجل إذا استوقد بحطب رَطْب ذی دُخَان : لا تُعَثِّن علینا. وقال اللیث : عُثْنون اللحیه : طَرَفها. وعثانین الریاح : أوائلها. وعثانین السحاب : ما تدلَّی من هَیْدبها. وعُثْنون البعیر : شُعَیرات عند مذبحه. وعُثْنون التَیْس : ما تدلَّی من الشعر تحت مَذْبحه. وقال أبو زید : العُثْنُون : ما فَضَل من اللحیه بعد العارضین من باطنهما. ویقال لما ظهر منها : السَبَله. وقد یجمع بین السَبَله والعَثْنُون فیقال لهما : عُثْنُون وسَبَله. أبو عبید عن الکسائیّ : عَثْنت فی الجبل وعَفَنت إذا صَعِدت فیه. وقال ابن شمیل : العَثَن : الصَنَم الصغیر ، والوثن : الکبیر ، والجماعه : الأَعثان والأوثان. ویقال : عَثَن فلان بیننا تعثیناً أی خلَّط وأثار الفساد. وقال أبو تراب : سمعت زائده البکریّ یقول : العرب تدعو ألوان الصوف العهن ، غیر بنی جعفر فإنهم یدعونه العِثْن بالثاء. قال : وسمعت مدرک بن غَزْوان الجعفریّ وأخاه یقولان : العِثْن : ضرب من الخُوصه یرعاه المال إذا کان رَطْباً ، فإذا یبِس لم ینفع. وقال مبتکِر : هی العِهْنه ، وهی شجره غبراء ذات زهر أحمر.

ویجعل فیه جَرَاد وهو الغَثِیمه أیضاً.

الحرّانیّ عن ابن السکیت قال : العَبْث : مصدر عَبَث الأَقِط یَعْبَثه عَبْثاً إذا خلط رَطْبه بیابسه. وهی العَبِیثه. قال : والعَبَث أن یَعبَث بالشیء. قال : وعَبَثَت المرأه أقِطها إذا فرَّغَتْه علی المُشَرّ الیابس لیحمِل یابسه رَطْبُه. قال : وقال أبو عُبَیده : فی نسب بنی فلان عَبِیثه : أی مؤتشِب ، کما یقال : جاء بعَبِیثه فی وِعَائه أی بُرّ وشعیر قد خُلِطا.

وقال اللیث : العَبِیث فی لغهٍ : المَصْل. والعَبْث : الخَلْط ، وهو بالفارسیَّه : ترفْ تَرِین. قال وتقول : إن فلاناً لفی عَبِیثه من الناس ولَوِیثه من الناس ، وهم الذین لیسوا من أب واحد ، تهبَّشُوا من أماکن شَتی. وأنشد :

عَبِیثَه من جُشَم وجَرْم

ویقال مررنا علی غَنَم بنی فلان عَبِیثه واحده أی اختلط بعضها ببعض.

الحیَّات ضخم عظیم أحمر یصید الفأر. وقال : وهی ببعض المواضع تستعار للفأر ، وهی أنفع فی البیت من السنانیر. وقال حُمَید بن ثَور :

شدیداً توقّیه الإمامَ کأنما

یَری بتوقّیه الخِشاشه أرقما

فلما أنته أنشبت فی خِشاشه

زِماماً کثعبان الحَمَاطه محکما

قال الأزهری : ومَثْعب الحوض : صُنْبُوره وهو ثَقْبه الذی یخرج منه الماء. قال : وروی عن ثعلب فی قوله تعالی وتشبیهه عصا موسی بثعبان مبین فی موضع ، وقد شبَّهها فی موضع آخر بالجان فقیل الثعبان : أضخم الحَیَّات جُثّه ، والجانّ : أخفُ الحیَّات وألطفها غَلْقاً فکیف شبّهت العصا مره بالثعبان ومرَّه بالجانّ؟ فقال شبَّهها فی ضخمها بالثعبان ، وفی خفَّتها بالجان ونحو ذلک قال الزجاج.