سرشناسه:محمدی ری شهری، محمد، 1325 -
عنوان و نام پدیدآور:موسوعةالامام الحسین علیه السلام فی الکتاب والسنة والتاریخ [کتاب]/ محمد الری شهری، بمساعدة السیدمحمود الطباطبائی نژاد، السیدروح ا... السیدالطبائی ؛ التحقیق قسم تدوین السیره مرکز بحوث دارالحدیث.
مشخصات نشر:قم: موسسه دارالحدیث العلمیه والثقافیه، مرکز للطباعه والنشر، 1431 ق.-= 1389 -
مشخصات ظاهری:9 ج.
فروست:مرکز بحوث دارالحدیث؛ 244
شابک:650000 ریال : دوره : 978-964-493-519-0 ؛ 800000 ریال (دوره، چاپ دوم) ؛ ج.1 : 978-964-493-520-6 ؛ ج. 9 978-964-493-528-2 : ؛ ج.10 978-964-493-723-1 : ؛ ج.11 978-964-493-724-8 : ؛ ج.12 978-964-493-725-5 :
یادداشت:عربی.
یادداشت:ج.1 (چاپ دوم: 1433 ق.= 1391).
یادداشت:ج.10 - 12 (چاپ اول: 1434ق. = 1392)(فیپا).
یادداشت:کتابنامه.
موضوع:حسین بن علی (ع)، امام سوم، 4 - 61ق.
موضوع:واقعه کربلا، 61ق.
شناسه افزوده:طباطبائی نژاد، محمود، 1340 -
شناسه افزوده:سیدطبایی،سیدروح الله
شناسه افزوده:دارالحدیث. مرکز تحقیقات. قسم تدوین السیره
شناسه افزوده:موسسه علمی فرهنگی دارالحدیث. سازمان چاپ و نشر
رده بندی کنگره:BP41/4/م3435م8 1389
رده بندی دیویی:297/9534
شماره کتابشناسی ملی:2910922
ص :1
ص :2
بسم الله الرحمن الرحیم
ص :3
موسوعةالامام الحسین علیه السلام فی الکتاب والسنة والتاریخ
محمد الری شهری
بمساعدة السیدمحمود الطباطبائی نژاد، السیدروح ا... السیدالطبائی
التحقیق قسم تدوین السیره مرکز بحوث دارالحدیث.
ص :4
ص :5
ص :6
3779.الفتوح: سارَ [الحُسَینُ علیه السّلام ] حَتّی إذا بَلَغَ ذاتَ عِرقٍ (1)،فَلَقِیَهُ رَجُلٌ مِن بَنی أسَدٍ یُقالُ لَهُ بِشرُ بنُ غالِبٍ،فَقالَ لَهُ الحُسَینُ علیه السّلام:مِمَّنِ الرَّجُلُ؟قالَ:رَجُلٌ مِن بَنی أسَدٍ.
قالَ:فَمِن أینَ أقبَلتَ-یا أخا بَنی أسَدٍ-؟قالَ:مِنَ العِراقِ.
فَقالَ:کَیفَ خَلَّفتَ أهلَ العِراقِ؟قالَ:یَابنَ بِنتِ رَسولِ اللّهِ ! خَلَّفتُ القُلوبَ مَعَکَ وَالسُّیوفَ مَعَ بَنی امَیَّةَ !
فَقالَ لَهُ الحُسَینُ علیه السّلام:صَدَقتَ یا أخَا العَرَبِ،إنَّ اللّهَ تَبارَکَ وتَعالی یَفعَلُ ما یَشاءُ، ویَحکُمُ ما یُریدُ.
ص:7
فَقالَ لَهُ الأَسَدِیُّ:یَابنَ بِنتِ رَسولِ اللّهِ ! أخبِرنی عَن قَولِ اللّهِ تَعالی: «یَوْمَ نَدْعُوا کُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ» . (1)
فَقالَ الحُسَینُ علیه السّلام:نَعَم یا أخا بَنی أسَدٍ ! هُما إمامانِ:إمامُ هُدیً دَعا إلی هُدیً، وإمامُ ضَلالَةٍ دَعا إلی ضَلالَةٍ،فَهَدی مَن أجابَهُ إلَی الجَنَّةِ،ومَن أجابَهُ إلَی الضَّلالَةِ دَخَلَ النّارَ. (2)
3780.الأمالی للصدوق عن عبد اللّه بن منصور عن جعفر بن محمّد [الصادق] علیه السّلام: حَدَّثَنی أبی عَن أبیهِ قالَ:...سارَ الحُسَینُ علیه السّلام وأصحابُهُ،فَلَمّا نَزَلُوا الثَّعلَبِیَّةَ (3)وَرَدَ عَلَیهِ رَجُلٌ یُقالُ لَهُ:
بِشرُ بنُ غالِبٍ.فَقالَ:یَابنَ رَسولِ اللّهِ،أخبِرنی عَن قَولِ اللّهِ عز و جل: «یَوْمَ نَدْعُوا کُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ» .
قالَ:إمامٌ دَعا إلی هُدیً فَأَجابوهُ إلَیهِ،وإمامٌ دَعا إلی ضَلالَةٍ فَأَجابوهُ إلَیها،هؤُلاءِ فِی الجَنَّةِ،وهؤُلاءِ فِی النّارِ،وهُوَ قَولُهُ عز و جل: «فَرِیقٌ فِی الْجَنَّةِ وَ فَرِیقٌ فِی السَّعِیرِ» 4 . (4)
3781.الخرائج والجرائح بإسناده عن الإمام الحسین علیه السّلام: لَمّا أرادَ عَلِیٌّ أن یَسیرَ إلَی النَّهرَوانِ، استَنفَرَ أهلَ الکوفَةِ وأمَرَهُم أن یُعَسکِروا بِالمَدائِنِ (5)،فَتَأَخَّرَ عَنهُ شَبَثُ بنُ رِبعِیٍّ،
ص:8
وعَمرُو بنُ حُرَیثٍ،وَالأَشعَثُ بنُ قَیسٍ،وجَریرُ بنُ عَبدِ اللّهِ البَجَلِیُّ،وقالوا:أتَأذَنُ لَنا أیّاماً نَتَخَلَّفُ عَنکَ فی بَعضِ حَوائِجِنا ونَلحَقُ بِکَ؟
فَقالَ لَهُم:قَد فَعَلتُموها،سَوءَةٌ لَکُم مِن مَشایِخَ،فَوَاللّهِ ما لَکُم مِن حاجَةٍ تَتَخَلَّفونَ عَلَیها،وإنّی لَأَعلَمُ ما فی قُلوبِکُم وسَاُبَیِّنُ لَکُم:تُریدونَ أن تُثَبِّطوا عَنِّی النّاسَ، وکَأَنّی بِکُم بِالخَوَرنَقِ (1)وقَد بَسَطتُم سُفرَتَکُم (2)لِلطَّعامِ،إذ یَمُرُّ بِکُم ضَبٌّ (3)فَتَأمُرونَ صِبیانَکُم فَیَصیدونَهُ،فَتَخلَعُونّی وتُبایِعونَهُ.
ثُمَّ مَضی إلَی المَدائِنِ وخَرَجَ القَومُ إلَی الخَوَرنَقِ وهَیَّؤوا طَعاماً،فَبَینا هُم کَذلِکَ عَلی سُفرَتِهِم وقَد بَسَطوها إذ مَرَّ بِهِم ضَبٌّ،فَأَمَروا صِبیانَهُم فَأَخَذوهُ وأوثَقوهُ ومَسَحوا أیدِیَهُم عَلی یَدِهِ کَما أخبَرَ عَلِیٌّ علیه السّلام،وأقبَلوا عَلَی المَدائِنِ.
فَقالَ لَهُم أمیرُ المُؤمِنینَ علیه السّلام:بِئسَ لِلظّالِمینَ بَدَلاً،لَیَبعَثُکُمُ اللّهُ یَومَ القِیامَةِ مَعَ إمامِکُمُ الضَّبِّ الَّذی بایَعتُم،لَکَأَنّی أنظُرُ إلَیکُم یَومَ القِیامَةِ وهُوَ یَسوقُکُم إلَی النّارِ.
ثُمَّ قالَ:لَئِن کانَ مَعَ رَسولِ اللّهِ مُنافِقونَ فَإِنَّ مَعی مُنافِقینَ،أما وَاللّهِ یا شَبَثُ ویَابنَ حُرَیثٍ لَتُقاتِلانِ ابنِیَ الحُسَینَ،هکَذا أخبَرَنی رَسولُ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله. (4)
راجع:ج 3 ص 332 (القسم السابع/الفصل السابع/لِقاءُ بشر بن غالب فی ذات عرق).
ص:9
3782.تاریخ الطبری عن محمّد بن بِشْر الهمدانی: کَتَبَ [أیِ الحُسَینُ علیه السّلام إلی أهلِ الکوفَةِ] مَعَ هانِئِ بنِ هانِئٍ السَّبیعِیِّ وسَعیدِ بنِ عَبدِاللّهِ الحَنَفِیِّ-وکانا آخِرَ الرُّسُلِ-:
بِسمِ اللّهِ الرَّحمنِ الرَّحیمِ
مِن حُسَینِ بنِ عَلِیٍّ إلَی المَلَأِ مِنَ المُؤمِنینَ وَالمُسلِمینَ،أمّا بَعدُ،فَإِنَّ هانِئاً وسَعیداً قَدِما عَلَیَّ بِکُتُبِکُم،وکانا آخِرَ مَن قَدِمَ عَلَیَّ مِن رُسُلِکُم،وقَد فَهِمتُ کُلَّ الَّذِی اقتَصَصتُم وذَکَرتُم،ومَقالَةُ جُلِّکُم:إنَّهُ لَیسَ عَلَینا إمامٌ،فَأَقبِل لَعَلَّ اللّهَ أن یَجمَعَنا بِکَ عَلَی الهُدی وَالحَقِّ.وقَد بَعَثتُ إلَیکُم أخی وَابنَ عَمّی وثِقَتی مِن أهلِ بَیتی،وأمَرتُهُ أن یَکتُبَ إلَیَّ بِحالِکُم وأمرِکُم ورَأیِکُم،فَإِن کَتَبَ إلَیَّ أنَّهُ قَد أجمَعَ رَأیُ مَلَئِکُم وذَوِی الفَضلِ وَالحِجا (1)مِنکُم عَلی مِثلِ ما قَدِمَت عَلَیَّ بِهِ رُسُلُکُم وقَرَأتُ فی کُتُبِکُم،أقدَمُ عَلَیکُم وَشیکاً إن شاءَ اللّهُ؛فَلَعَمری مَا الإِمامُ إلَّاالعامِلُ بِالکِتابِ، وَالآخِذُ بِالقِسطِ،وَالدّائِنُ بِالحَقِّ،وَالحابِسُ نَفسَهُ عَلی ذاتِ اللّهِ.وَالسَّلامُ. (2)
راجع:ج 3 ص 34 (القسم السابع/الفصل الثالث/إشخاص الإمام علیه السّلام مندوبه الخاص إلی الکوفة وکتابه إلی أهلها).
ص:10
3783.الأمالی للطوسی بإسناده عن الحسین بن علیّ عن علیّ بن أبی طالب علیهما السّلام عن رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله عن جبرئیل علیه السّلام عن اللّه تعالی: وعِزَّتی وجَلالی لَاُعَذِّبَنَّ کُلَّ رَعِیَّةٍ فِی الإِسلامِ دانَت بِوِلایَةِ إمامٍ جائِرٍ لَیسَ مِنَ اللّهِ عز و جل،وإن کانَتِ الرَّعِیَّةُ فی أعمالِها بَرَّةً تَقِیَّةً، ولَأَعفُوَنَّ عَن کُلِّ رَعِیَّةٍ دانَت لِوِلایَةِ إمامٍ عادِلٍ مِنَ اللّهِ تَعالی وإن کانَتِ الرَّعِیَّةُ فی أعمالِها طالِحَةً مُسیئَةً.
قالَ عَبدُ اللّهِ بنُ أبی یَعفورٍ:سَأَلتُ أبا عَبدِ اللّهِ الصّادِقَ علیه السّلام مَا العِلَّةُ أن لا دینَ لِهؤُلاءِ،ولا عَتَبَ عَلی هؤُلاءِ؟
قالَ:لِأَنَّ سَیِّئاتِ الإِمامِ الجائِرِ تَغمُرُ حَسَناتِ أولِیائِهِ،وحَسَناتِ الإِمامِ العادِلِ تَغمُرُ سَیِّئاتِ أولِیائِهِ. (1)
ص:11
ص:12
3784.الخصال عن فاطمة بنت الحسین عن أبیها علیه السّلام: قالَ رَسولُ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله:إنَّ صَلاحَ أوَّلِ هذِهِ الاُمَّةِ بِالزُّهدِ وَالیَقینِ،وهَلاکَ آخِرِها بِالشُّحِّ (1)وَالأَمَلِ. (2)
3785.الأمالی للطوسی بإسناده عن الحسین بن علیّ عن أبیه علیّ بن أبی طالب علیهما السّلام: قالَ رَسولُ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله:لا تَزالُ امَّتی بِخَیرٍ ما تَحابّوا،وأقامُوا الصَّلاةَ،وآتَوُا الزَّکاةَ،وقَرَوُا (3)الضَّیفَ؛ فَإِن لَم یَفعَلُوا ابتُلوا بِالسِّنینَ (4)وَالجَدبِ. (5)
ص:13
3786.الإرشاد عن الإمام الحسین علیه السّلام: وَاللّهِ لا یَدَعونی حَتّی یَستَخرِجوا هذِهِ العَلَقَةَ (1)مِن جَوفی، فَإِذا فَعَلوا سَلَّطَ اللّهُ عَلَیهِم مَن یُذِلُّهُم حَتّی یَکونوا أذَلَّ فِرَقِ الاُمَمِ. (2)
3787.الطبقات الکبری (الطبقة الخامسة من الصحابة) عن یزید الرشک: حَدَّثَنی مَن شافَهَ الحُسَینَ علیه السّلام قالَ:...قُلتُ:بِأَبی واُمّی یَابنَ رَسولِ اللّهِ،ما أنزَلَکَ هذِهِ البِلادَ وَالفَلاةَ الَّتی لَیسَ بِها أحَدٌ؟
قالَ:هذِهِ کُتُبُ أهلِ الکوفَةِ إلَیَّ،ولا أراهُم إلّاقاتِلِیَّ،فَإِذا فَعَلوا ذلِکَ لَم یَدَعوا للّهِ ِ حُرمَةً إلَّاانتَهَکوها؛فَیُسَلِّطُ اللّهُ عَلَیهِم مَن یُذِلُّهُم،حَتّی یَکونوا أذَلَّ مِن فَرَمِ (3)الأَمَةِ. (4)
3788.تاریخ الطبری عن حمید بن مسلم: سَمِعتُهُ [الحُسَینَ علیه السّلام ] یَقولُ قَبلَ أن یُقتَلَ:...أما وَاللّهِ أن لَو قَد قَتَلتُمونی لَقَد ألقَی اللّهُ بَأسَکُم بَینَکُم،وسَفَکَ دِماءَکُم،ثُمَّ لا یَرضی لَکُم حَتّی یُضاعِفَ لَکُمُ العَذابَ الأَلیمَ. (5)
3789.مقتل الحسین علیه السّلام للخوارزمی -فی وَقائِعِ عاشوراءَ-:ثُمَّ حَمَلَ [الحُسَینُ علیه السّلام ] عَلَیهِم کَاللَّیثِ المُغضَبِ...وَالسِّهامُ تَأخُذُهُ مِن کُلِّ ناحِیَةٍ وهُوَ یَتَلَقّاها بِنَحرِهِ وصَدرِهِ ویَقولُ:
ص:14
یا امَّةَ السَّوءِ،بِئسَما خَلَفتُم مُحَمَّداً فی عِترَتِهِ،أما إنَّکُم لَن تَقتُلوا بَعدی عَبداً مِن عِبادِ اللّهِ الصّالِحینَ فَتَهابوا قَتلَهُ،بَل یَهونُ عَلَیکُم عِندَ قَتلِکُم إیّایَ،وَایمُ اللّهِ إنّی لَأَرجو أن یُکرِمَنی رَبّی بِهَوانِکُم،ثُمَّ یَنتَقِمُ مِنکُم مِن حَیثُ لا تَشعُرونَ.
فَصاحَ بِهِ الحُصَینُ بنُ مالِکٍ السَّکونِیُّ:یَابنَ فاطِمَةَ،بِماذا یَنتَقِمُ لَکَ مِنّا؟
فَقالَ:یُلقی بَأسَکُم بَینَکُم،ویَسفِکُ دِماءَکُم،ثُمَّ یَصُبُّ عَلَیکُمُ العَذابَ الأَلیمَ. (1)
3790.الملهوف: لَمّا أصبَحَ [الحُسَینُ علیه السّلام ] فَإِذا هُوَ بِرَجُلٍ مِن أهلِ الکوفَةِ یُکَنّی أبا هِرَّةَ الأَزدِیَّ،فَلَمّا أتاهُ سَلَّمَ عَلَیهِ،ثُمَّ قالَ:یَابنَ رَسولِ اللّهِ،مَا الَّذی أخرَجَکَ مِن حَرَمِ اللّهِ وحَرَمِ جَدِّکَ رَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله؟
فَقالَ الحُسَینُ علیه السّلام:وَیحَکَ یا أبا هِرَّةَ ! إنَّ بَنی امَیَّةَ أخَذوا مالی فَصَبَرتُ،وشَتَموا عِرضی فَصَبَرتُ،وطَلَبوا دَمی فَهَرَبتُ،وَایمُ اللّهِ لَتَقتُلُنِی الفِئَةُ الباغِیَةُ،ولَیُلبِسَنَّهُمُ اللّهُ ذُلّاً شامِلاً،وسَیفاً قاطِعاً،ولَیُسَلِّطَنَّ اللّهُ عَلَیهِم مَن یُذِلُّهُم حَتّی یَکونوا أذَلَّ مِن قَومِ سَبَأٍ (2). (3)
3791.الملهوف: قالَ [الحُسَینُ علیه السّلام ] لِأَصحابِهِ:قوموا رَحِمَکُمُ اللّهُ إلَی المَوتِ (4)الَّذی لابُدَّ مِنهُ، فَإِنَّ هذِهِ السِّهامَ رُسُلُ القَومِ إلَیکُم.
فَاقتَتَلوا ساعَةً مِنَ النَّهارِ حَملَةً وحَملَةً،حَتّی قُتِلَ مِن أصحابِ الحُسَینِ علیه السّلام جَماعَةٌ.
قالَ:فَعِندَها ضَرَبَ الحُسَینُ علیه السّلام یَدَهُ عَلی لِحیَتِهِ وجَعَلَ یَقولُ:اِشتَدَّ غَضَبُ اللّهِ
ص:15
عَلَی الیَهودِ إذ جَعَلوا لَهُ وَلَداً،وَاشتَدَّ غَضَبُهُ عَلَی النَّصاری إذ جَعَلوهُ ثالِثَ ثَلاثَةٍ، وَاشتَدَّ غَضَبُهُ عَلَی المَجوسِ إذ عَبَدُوا الشَّمسَ وَالقَمَرَ دونَهُ،وَاشتَدَّ غَضَبُهُ عَلی قَومٍ اتَّفَقَت کَلِمَتُهُم عَلی قَتلِ ابنِ بِنتِ نَبِیِّهِم. (1)
راجع:ص 109 (الفصل الحادی عشر/إتمام الحجّة علی أعدائه).
3792.نزهة الناظر: مَرَّ المُنذِرُ بنُ الجارودِ بِالحُسَینِ علیه السّلام فَقالَ:کَیفَ أصبَحتَ-جَعَلَنِیَ اللّهُ فِداکَ-یَابنَ رَسولِ اللّهِ؟
فَقالَ علیه السّلام:أصبَحنا وأصبَحَتِ العَرَبُ تَعتَدُّ عَلَی العَجَمِ بِأَنَّ مُحَمَّداً صلّی اللّه علیه و آله مِنها، وأصبَحَتِ العَجَمُ مُقِرَّةً لَها بِذلِکَ،وأصبَحنا وأصبَحَت قُرَیشٌ یَعرِفونَ فَضلَنا ولا یَرَونَ ذلِکَ لَنا،ومِنَ البَلاءِ عَلی هذِهِ الاُمَّةِ أنّا إذا دَعَوناهُم لَم یُجیبونا،وإذا تَرَکناهُم لَم یَهتَدوا بِغَیرِنا. (2)
3793.الفتوح عن الإمام الحسین علیه السّلام -فی جَوابِهِ لِمَروانَ لَمّا قالَ لَهُ:إنّی آمُرُکَ بِبَیعَةِ یَزیدَ-: «إِنّا لِلّهِ وَ إِنّا إِلَیْهِ راجِعُونَ» 3 ،وعَلَی الإِسلامِ السَّلامُ إذ قَد بُلِیَتِ الاُمَّةُ بِراعٍ مِثلِ یَزیدَ. (3)
ص:16
3794.الملهوف عن الإمام الحسین علیه السّلام -فی جَوابِهِ لِمَروانَ حینَ قالَ لَهُ:إنّی آمُرُکَ بِبَیعَةِ یَزیدَ بنِ مُعاوِیَةَ،فَإِنَّهُ خَیرٌ لَکَ فی دینِکَ ودُنیاکَ-:إنّا للّهِ ِ وإنّا إلَیهِ راجِعونَ،وعَلَی الإِسلامِ السَّلامُ إذ قَد بُلِیَتِ الاُمَّةُ بِراعٍ مِثلِ یَزیدَ،ولَقَد سَمِعتُ جَدّی رَسولَ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله یَقولُ:
«الخِلافَةُ مُحَرَّمَةٌ عَلی آلِ أبی سُفیانَ».
وطالَ الحَدیثُ بَینَهُ وبَینَ مَروانَ،حَتَّی انصَرَفَ مَروانُ وهُوَ غَضبانُ. (1)
راجع:ج 2 ص 398 (القسم السابع/الفصل الأوّل/نقاش مروان والإمام علیه السّلام فی الطریق).
3795.تاریخ الطبری عن عقبة بن سمعان: لَمّا خَرَجَ الحُسَینُ علیه السّلام مِن مَکَّةَ،اعتَرَضَهُ رُسُلُ عَمرِو بنِ سَعیدِ بنِ العاصِ،عَلَیهِم یَحیَی بنُ سَعیدٍ،فَقالوا لَهُ:اِنصَرِف؛أینَ تَذهَبُ؟فَأَبی عَلَیهِم ومَضی،وتَدافَعَ الفَریقانِ فَاضطَرَبوا بِالسِّیاطِ.
ثُمَّ إنَّ الحُسَینَ علیه السّلام وأصحابَهُ امتَنَعُوا امتِناعاً قَوِیّاً،ومَضَی الحُسَینُ علیه السّلام عَلی وَجهِهِ، فَنادَوهُ:یا حُسَینُ،ألا تَتَّقِی اللّهَ ! تَخرُجُ مِنَ الجَماعَةِ وتُفَرِّقُ بَینَ هذِهِ الاُمَّةِ؟
فَتَأَوَّلَ (2)حُسَینٌ قَولَ اللّهِ عز و جل: «لِی عَمَلِی وَ لَکُمْ عَمَلُکُمْ أَنْتُمْ بَرِیئُونَ مِمّا أَعْمَلُ وَ أَنَا بَرِیءٌ مِمّا تَعْمَلُونَ» 3 . (3)
ص:17
3796.تاریخ الطبری عن الحسین بن عقبة المرادی: قالَ الزُّبَیدِیُّ:إنَّهُ سَمِعَ عَمرَو بنَ الحَجّاجِ حینَ دَنا مِن أصحابِ الحُسَینِ علیه السّلام یَقولُ:یا أهلَ الکوفَةِ ! الزَموا طاعَتَکُم وجَماعَتَکُم،ولا تَرتابوا فی قَتلِ مَن مَرَقَ مِنَ الدّینِ وخالَفَ الإِمامَ !
فَقالَ لَهُ الحُسَینُ علیه السّلام:یا عَمرَو بنَ الحَجّاجِ ! أعَلَیَّ تُحَرِّضُ النّاسَ؟أنَحنُ مَرَقنا وأنتُم ثَبَتُّم عَلَیهِ؟أما وَاللّهِ،لَتَعلَمُنَّ-لَو قَد قُبِضَت أرواحُکُم ومِتُّم عَلی أعمالِکُم- أیَّنا مَرَقَ مِنَ الدّینِ،ومَن هُوَ أولی بِصُلِیِّ النّارِ ! (1)
3797.الذرّیة الطاهرة بإسناده عن الإمام الحسین علیه السّلام عن النبیّ صلّی اللّه علیه و آله: تَکونُ بَعدی ثَلاثُ فِرَقٍ:
مُرجِئَةٌ (2)وحَرَورِیَّةٌ (3)وقَدَرِیَّةٌ (4)؛فَإِن مَرِضوا فَلا تَعودوهُم،وإن ماتوا فَلا تَشهَدوهُم، وإن دَعَوا فَلا تُجیبوهُم. (5)
ص:18
3798.الخصال بإسناده عن الحسین بن علیّ بن أبی طالب علیه السّلام: سَمِعتُ رَسولَ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله یَقولُ:إنَّ امَّةَ موسی علیه السّلام افتَرَقَت بَعدَهُ عَلی إحدی وسَبعینَ فِرقَةً؛فِرقَةٌ مِنها ناجِیَةٌ وسَبعونَ فِی النّارِ،وَافتَرَقَت امَّةُ عیسی علیه السّلام بَعدَهُ عَلَی اثنَتَینِ وسَبعینَ فِرقَةً؛فِرقَةٌ مِنها ناجِیَةٌ وإحدی وسَبعونَ فِی النّارِ،وإنَّ امَّتی سَتَفَرَّقُ بَعدی عَلی ثَلاثٍ وسَبعینَ فِرقَةً؛فِرقَةٌ مِنها ناجِیَةٌ وَاثنَتانِ وسَبعونَ فِی النّارِ. (1)
ص:20
3800.تأویل الآیات الظاهرة باسناده عن الامام الحسین علیه السّلام: کانَ رَسولُ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله فی بَیتِ امِّ سَلَمَةَ فَاُتِیَ بِحَریرَةٍ (1)،فَدَعا عَلِیّاً وفاطِمَةَ وَالحَسَنَ وَالحُسَینَ علیهم السّلام فَأَکَلوا مِنها،ثُمَّ جَلَّلَ عَلَیهِم کِساءً خَیبَرِیّاً،ثُمَّ قالَ: «إِنَّما یُرِیدُ اللّهُ لِیُذْهِبَ عَنْکُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَیْتِ وَ یُطَهِّرَکُمْ تَطْهِیراً» 2 .
فَقالَت امُّ سَلَمَةَ:وأنَا مَعَهُم یا رَسولَ اللّهِ؟قالَ:إنَّکِ إلی خَیرٍ. (2)
3801.الفتوح عن الإمام الحسین علیه السّلام: إنّا أهلُ بَیتِ الطَّهارَةِ الَّذینَ أنزَلَ اللّهُ عز و جل عَلی نَبِیِّهِ مُحَمَّدٍ صلّی اللّه علیه و آله فَقالَ: «إِنَّما یُرِیدُ اللّهُ لِیُذْهِبَ عَنْکُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَیْتِ وَ یُطَهِّرَکُمْ تَطْهِیراً» . (3)
3802.المناقب لابن شهر آشوب عن الإمام الحسین علیه السّلام -فی قَولِهِ تَعالی: «اَلَّذِینَ إِنْ مَکَّنّاهُمْ فِی
ص:21
اَلْأَرْضِ أَقامُوا الصَّلاةَ» 1 -:هذِهِ فینا أهلَ البَیتِ. (1)
3803.الفتوح عن الإمام الحسین علیه السّلام: إنّا أهلُ بَیتِ رَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله،وَالحَقُّ فینا،وبِالحَقِّ تَنطِقُ ألسِنَتُنا. (2)
3804.کمال الدین بإسناده عن الحسین عن أبیه علیّ صلوات اللّه علیهما: قالَ النَّبِیُّ صلّی اللّه علیه و آله:إنّی تارِکٌ فیکُمُ الثَّقَلَینِ؛کِتابَ اللّهِ وعِترَتی أهلَ بَیتی،ولَن یَفتَرِقا حَتّی یَرِدا عَلَیَّ الحَوضَ. (3)
3805.الکافی عن الحکم بن عتیبة: لَقِیَ رَجُلٌ الحُسَینَ بنَ عَلِیٍّ علیه السّلام بِالثَّعلَبِیَّةِ وهُوَ یُریدُ کَربَلاءَ، فَدَخَلَ عَلَیهِ فَسَلَّمَ عَلَیهِ،فَقالَ لَهُ الحُسَینُ علیه السّلام:مِن أیِّ البِلادِ أنتَ؟قالَ:مِن أهلِ الکوفَةِ.
قالَ:أما وَاللّهِ یا أخا أهلِ الکوفَةِ،لَو لَقیتُکَ بِالمَدینَةِ لَأَرَیتُکَ أثَرَ جَبرَئیلَ علیه السّلام مِن دارِنا ونُزولِهِ بِالوَحیِ عَلی جَدّی،یا أخا أهلِ الکوفَةِ،أفَمُستَقَی النّاسِ العِلمَ مِن عِندِنا؛فَعَلِموا وجَهِلنا؟! هذا ما لا یَکونُ. (4)
3806.شواهد التنزیل عن فاطمة بنت الحسین عن أبیها الحسین بن علیّ علیه السّلام: نَحنُ المُستَضعَفونَ، ونَحنُ المَقهورونَ،ونَحنُ عِترَةُ رَسولِ اللّهِ،فَمَن نَصَرَنا فَرَسولَ اللّهِ نَصَرَ،ومَن خَذَلَنا
ص:22
فَرَسولَ اللّهِ خَذَلَ،ونَحنُ وأعداؤُنا نَجتَمِعُ «یَوْمَ تَجِدُ کُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ مِنْ خَیْرٍ مُحْضَراً» 1 الآیَةَ. (1)
3807.تأویل الآیات الظاهرة عن الإمام الحسین علیه السّلام -لِأَصحابِهِ بِالطَّفِّ-:أوَ لا احَدِّثُکُم بِأَوَّلِ أمرِنا وأمرِکُم مَعاشِرَ أولِیائِنا ومُحِبّینا وَالمُبغِضینَ لِأَعدائِنا،لِیُسهِلَ عَلَیکُمُ احتِمالَ ما أنتمُ لَهُ مُعَرَّضونَ؟
قالوا:بَلی،یَابنَ رَسولِ اللّهِ.
قالَ:إنَّ اللّهَ لَمّا خَلَقَ آدَمَ وسَوّاهُ وعَلَّمَهُ أسماءَ کُلِّ شَیءٍ وعَرَضَهُم عَلَی المَلائِکَةِ، جَعَلَ مُحَمَّداً وعَلِیّاً وفاطِمَةَ وَالحَسَنَ وَالحُسَینَ أشباحاً خَمسَةً فی ظَهرِ آدَمَ،وکانَت أنوارُهُم تُضیءُ فِی الآفاقِ مِنَ السَّماواتِ وَالحُجُبِ وَالجِنانِ وَالکُرسِیِّ وَالعَرشِ،ثُمَّ أمَرَ اللّهُ المَلائِکَةَ بِالسُّجودِ لِآدَمَ تَعظیماً لَهُ،وإنَّهُ قَد فَضَّلَهُ بِأَن جَعَلَهُ وِعاءً لِتِلکَ الأَشباحِ الَّتی قَد عَمَّ أنوارُهَا الآفاقَ،فَسَجَدوا إلّاإبلیسَ أبی أن یَتَواضَعَ لِجَلالِ عَظَمَةِ اللّهِ،وأن یَتَواضَعَ لِأَنوارِنا أهلَ البَیتِ،وقَد تَواضَعَت لَهَا المَلائِکَةُ کُلُّها، فَاستَکبَرَ وتَرَفَّعَ بِإِبائِهِ ذلِکَ وتَکَبُّرِهِ وکانَ مِنَ الکافِرینَ. (2)
3808.علل الشرائع عَن حَبیبِ بنِ مُظاهِرٍ الأَسَدیِّ: أنَّهُ قالَ لِلحُسَینِ بنِ عَلِیِّ بنِ أبی طالِبٍ علیه السّلام:أیَّ شَیءٍ کُنتُم قَبلَ أن یَخلُقَ اللّهُ عز و جل آدَمَ علیه السّلام؟قالَ:کُنّا أشباحَ نورٍ نَدورُ حَولَ عَرشِ الرَّحمنِ فَنُعَلِّمُ المَلائِکَةَ التَّسبیحَ وَالتَّهلیلَ وَالتَّحمیدَ. (3)
3809.کنز الفوائد بإسناده عن الحسین بن علیّ علیه السّلام: قالَ رَسولُ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله:دَخَلتُ الجَنَّةَ فَرَأَیتُ عَلی
ص:23
بابِها مَکتوباً بِالذَّهَبِ:لا إلهَ إلَّااللّهُ،مُحَمَّدٌ حَبیبُ اللّهِ،عَلِیُّ بنُ أبی طالِبٍ وَلِیُّ اللّهِ،فاطِمَةُ آیَةُ اللّهِ،الحَسَنُ وَالحُسَینُ صَفوَتَا اللّهِ،عَلی مُبغِضیهِم لَعنَةُ اللّهِ. (1)
3810.مئة منقبة بإسناده عن الحسین بن علیّ علیه السّلام: قالَ رَسولُ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله:دَخَلتُ الجَنَّةَ فَرَأَیتُ عَلی بابِها مَکتوباً بِالنّورِ:لا إلهَ إلَّااللّهُ،مُحَمَّدٌ رَسولُ اللّهِ،عَلِیُّ بنُ أبی طالِبٍ وَلِیُّ اللّهِ، فاطِمَةُ أمَةُ اللّهِ،وَالحَسَنُ وَالحُسَینُ صَفوَةُ اللّهِ،عَلی مُبغِضیهِم لَعنَةُ اللّهِ. (2)
3811.الأمالی للصدوق عن عبد اللّه بن منصور عن جعفر بن محمّد [الصادق] علیه السّلام: حَدَّثَنی أبی عَن أبیهِ علیهما السّلام قالَ:...بَعَثَ عُتبَةُ (3)إلَی الحُسَینِ بنِ عَلِیٍّ علیه السّلام فَقالَ:إنَّ أمیرَ المُؤمِنینَ (4)أمَرَکَ أن تُبایِعَ لَهُ.فَقالَ الحُسَینُ علیه السّلام:
یا عُتبَةُ،قَد عَلِمتَ أنّا أهلُ بَیتِ الکَرامَةِ ومَعدِنُ الرِّسالَةِ،وأعلامُ الحَقِّ الَّذینَ أودَعَهُ اللّهُ عز و جل قُلوبَنا،وأنطَقَ بِهِ ألسِنَتَنا،فَنَطَقَت بِإِذنِ اللّهِ عز و جل،ولَقَد سَمِعتُ جَدّی رَسولَ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله یَقولُ:«إنَّ الخِلافَةَ مُحَرَّمَةٌ عَلی وُلدِ أبی سُفیانَ»وکَیفَ ابایِعُ أهلَ بَیتٍ قَد قالَ فیهِم رَسولُ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله هذا؟! (5)
3812.الملهوف -فیما جری بین الولید و بین الإمام الحسین علیه السّلام فی المدینة-:أقبَلَ
ص:24
[ الحُسَینُ علیه السّلام ] عَلَی الوَلیدِ فَقالَ:أیُّهَا الأَمیرُ ! إنّا أهلُ بَیتِ النُّبُوَّةِ،ومَعدِنُ الرِّسالَةِ، ومُختَلَفُ المَلائِکَةِ،وبِنا فَتَحَ اللّهُ وبِنا خَتَمَ اللّهُ،ویَزیدُ رَجُلٌ فاسِقٌ شارِبُ الخَمرِ،قاتِلُ النَّفسِ المُحَرَّمَةِ،مُعلِنٌ بِالفِسقِ لَیسَ لَهُ هذِهِ المَنزِلَةُ،ومِثلی لا یُبایِعُ مِثلَهُ،ولکِن نُصبِحُ وتُصبِحونَ، ونَنظُرُ وتَنظُرونَ أیُّنا أحَقُّ بِالخِلافَةِ وَالبَیعَةِ. (1)
3813.نزهة الناظر:أنَّهُ اجتازَ بِهِ [أیِ المُنذِرُ بنُ الجارودِ بِالحُسَینِ علیه السّلام ] وقَد اغضِبَ،فَقالَ:ما نَدری ما تَنقِمُ النّاسُ مِنّا؟! إنّا لَبَیتُ الرَّحمَةِ،وشَجَرَةُ النُّبُوَّةِ،ومَعدِنُ العِلمِ. (2)
3814.أنساب الأشراف عن أبی الحوراء السعدی:قُلتُ لِحُسَینِ بنِ عَلِیٍّ علیه السّلام:ما تَذکُرُ مِن رَسولِ اللّهِ؟ (3)
قالَ:اُتِیَ رَسولُ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله بِتَمرٍ مِن تَمرِ الصَّدَقَةِ،فَأَخَذتُ مِنهُ تَمرَةً فَجَعَلتُ ألوکُها،فَأَخَذَها بِلُعابِها حَتّی ألقاها فِی التَّمرِ،وقالَ:إنَّ آلَ مُحَمَّدٍ لا تَحِلُّ لَهُمُ الصَّدَقَةُ. (4)
3815.مسند ابن حنبل عن ربیعة بن شیبان:قُلتُ لِلحُسَینِ بنِ عَلِیٍّ علیه السّلام:ما تَعقِلُ عَن رَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله؟
قالَ:صَعِدتُ غُرفَةً فَأَخَذتُ تَمرَةً فَلُکتُها فی فِیَّ،فَقالَ النَّبِیُّ صلّی اللّه علیه و آله:ألقِها،فَإِنَّها لا تَحِلُّ لَنا الصَّدَقَةُ. (5)
3816.تأویل الآیات الظاهرة عن أبی یحیی الصنعانی عن أبی عبد اللّه [الصادق] علیه السّلام،قال:سَمِعتُهُ یَقولُ:قالَ لی أبی مُحَمَّدٌ علیه السّلام:قَرَأَ عَلِیُّ بنُ أبی طالِبٍ علیه السّلام«إنّا أنزَلناهُ فی لَیلَةِ القَدرِ»
ص:25
وعِندَهُ الحَسَنُ وَالحُسَینُ علیهما السّلام،فَقالَ لَهُ الحُسَینُ علیه السّلام:یا أبَتا،کَأَنَّ بِها مِن فیکَ حَلاوَةً.
فَقالَ لَهُ:یَابنَ رَسولِ اللّهِ وَابنی ! إنّی أعلَمُ فیها ما لا تَعلَمُ،إنَّها لَمّا نَزَلَت بَعَثَ إلَیَّ جَدُّکَ رَسولُ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله فَقَرَأَها عَلَیَّ،ثُمَّ ضَرَبَ عَلی کَتِفِیَ الأَیمَنِ وقالَ:یا أخی ووَصِیّی ووَلِیَّ امَّتی بَعدی،وحَربَ أعدائی إلی یَومِ یُبعَثونَ،هذِهِ السّورَةُ لَکَ مِن بَعدی،ولِوُلدِکَ مِن بَعدِکَ،إنَّ جَبرَئیلَ أخی مِنَ المَلائِکَةِ حَدَّثَ إلَیَّ أحداثَ امَّتی فی سَنَتِها،وإنَّهُ لَیُحَدِّثُ ذلِکَ إلَیکَ کَأَحداثِ النُّبُوَّةِ،ولَها نورٌ ساطِعٌ فی قَلبِکَ وقُلوبِ أوصِیائِکَ إلی مَطلَعِ فَجرِ القائِمِ علیه السّلام. (1)
3817.روضة الواعظین عن الحسین بن علیّ علیه السّلام: لَمّا زَوَّجَ [النَّبِیُّ صلّی اللّه علیه و آله ] فاطِمَةَ عَلِیّاً علیهما السّلام عَلی أربَعِمِئَةٍ وثَمانینَ دِرهَماً،فَأَمَرَهُ النَّبِیُّ صلّی اللّه علیه و آله أن یَجعَلَ ثُلُثَیها فِی العِطرِ وثُلُثاً فِی الثِّیابِ،فَدَخَلَ بِهِما وما لَهُما فِراشٌ إلّافَروَةُ اضحِیَّةِ رَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله ووِسادَةٌ مِن أدَمٍ (2)حَشوُها لیفٌ. (3)
3818.صحیح البخاری عن ابن شهاب عن علیّ بن حسین علیه السّلام: إنَّ حُسَینَ بنَ عَلِیٍّ علیه السّلام أخبَرَهُ أنَّ عَلِیّاً علیه السّلام قالَ:کانَت لی شارِفٌ (4)مِن نَصیبی مِنَ المَغنَمِ،وکانَ النَّبِیُّ صلّی اللّه علیه و آله أعطانی شارِفاً مِنَ الخُمُسِ،فَلَمّا أرَدتُ أن أبتَنِیَ بِفاطِمَةَ علیها السّلام بِنتِ رَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله،واعَدتُ رَجُلاً
ص:26
صَوّاغاً مِن بَنی قَینُقاعَ (1)أن یَرتَحِلَ مَعِیَ،فَنَأتِیَ بِإِذخِرٍ (2)أرَدتُ أن أبیعَهُ مِنَ الصَّوّاغینَ،وأستَعینَ بِهِ فی وَلیمَةِ عُرسی. (3)
3819.بصائر الدرجات عن جعید الهمدانی (4)-وکانَ مِمَّن خَرَجَ مَعَ الحُسَینِ علیه السّلام بِکَربَلاءَ،قالَ-:
قُلتُ لِلحُسَینِ علیه السّلام:جُعِلتُ فِداکَ بِأَیِّ شَیءٍ تَحکُمونَ؟
قالَ:یا جُعَیدُ نَحکُمُ بِحُکمِ آلِ داوُدَ،فَإِذا عَیینا (5)عَن شَیءٍتَلَقّانا بِهِ روحُ القُدُسِ. (6)
3820.عیون أخبار الرضا علیه السّلام بإسناده عن الحسین بن علیّ علیه السّلام: اجتَمَعَ المُهاجِرونَ وَالأَنصارُ إلی رَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله،فَقالوا:إنَّ لَکَ یا رَسولَ اللّهِ مَؤونَةً فی نَفَقَتِکَ وفیمَن یَأتیکَ مِنَ الوُفودِ،
ص:27
وهذِهِ أموالُنا مَعَ دِمائِنا،فَاحکُم فیها بارّاً مَأجوراً،أعطِ ما شِئتَ وأمسِک ما شِئتَ مِن غَیرِ حَرَجٍ.
قالَ:فَأَنزَلَ اللّهُ عز و جل عَلَیهِ الرّوحَ الأَمینَ،فَقالَ:یا مُحَمَّدُ «قُلْ لا أَسْئَلُکُمْ عَلَیْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِی الْقُرْبی» 1 یَعنی أن تَوَدّوا قَرابتی مِن بَعدی.
فَخَرَجوا فَقالَ المُنافِقونَ:ما حَمَلَ رَسولَ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله عَلی تَرکِ ما عَرَضنا عَلَیهِ إلّا لِیَحُثَّنا عَلی قَرابَتِهِ مِن بَعدِهِ (1)،إن هُوَ إلّاشَیءٌ افتَراهُ فی مَجلِسِهِ !
وکانَ ذلِکَ مِن قَولِهِم عَظیماً،فَأَنزَلَ اللّهُ عز و جل هذِهِ الآیَةَ: «أَمْ یَقُولُونَ افْتَراهُ قُلْ إِنِ افْتَرَیْتُهُ فَلا تَمْلِکُونَ لِی مِنَ اللّهِ شَیْئاً هُوَ أَعْلَمُ بِما تُفِیضُونَ فِیهِ کَفی بِهِ شَهِیداً بَیْنِی وَ بَیْنَکُمْ وَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِیمُ» 3 ،فَبَعَثَ عَلَیهِمُ النَّبِیُّ صلّی اللّه علیه و آله فَقالَ:هَل مِن حَدَثٍ؟
فَقَالوا:إی وَاللّهِ یا رَسولَ اللّهِ،لَقَد قالَ بَعضُنا کَلاماً غَلیظاً کَرِهناهُ.
فَتَلا عَلَیهِم رَسولُ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله الآیَةَ،فَبَکَوا،وَاشتَدَّ بُکاؤُهُم،فَأَنزَلَ عز و جل: «وَ هُوَ الَّذِی یَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ وَ یَعْفُوا عَنِ السَّیِّئاتِ وَ یَعْلَمُ ما تَفْعَلُونَ» 4 . (2)
3821.تأویل الآیات الظاهرة عن عبد الملک بن عمیر عن الحسین بن علیّ علیه السّلام -فی قَولِهِ عز و جل: «قُلْ لا أَسْئَلُکُمْ عَلَیْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِی الْقُرْبی» -:إنَّ القَرابَةَ الَّتی أمَرَ اللّهُ بِصِلَتِها وعَظَّمَ مِن حَقِّها وجَعَلَ الخَیرَ فیها،قَرابَتُنا أهلَ البَیتِ الَّذینَ أوجَبَ اللّهُ حَقَّنا عَلی کُلِّ مُسلِمٍ. (3)
ص:28
3822.المعجم الکبیر عن بشر بن غالب عن الحسین بن علیّ علیه السّلام: مَن أحَبَّنا لِلدُّنیا فَإِنَّ صاحِبَ الدُّنیا یُحِبُّهُ البَرُّ وَالفاجِرُ،ومَن أحَبَّنا للّهِ ِ کُنّا نَحنُ وهُوَ یَومَ القِیامَةِ کَهاتَینِ-وأشارَ بِالسَّبّابَةِ وَالوُسطی. (1)
3823.الأمالی للطوسی عن بشر بن غالب عن الحسین بن علیّ علیه السّلام: مَن أحَبَّنا للّهِ ِ وَرَدنا نَحنُ وهُوَ عَلی نَبِیِّنا صلّی اللّه علیه و آله هکَذا-وضَمَّ إصبَعَیهِ-،ومَن أحَبَّنا لِلدُّنیا فَإِنَّ الدُّنیا تَسَعُ البَرَّ وَالفاجِرَ. (2)
3824.المحاسن عن بشر بن غالب الأسدیّ: حَدَّثَنِی الحُسَینُ بنُ عَلِیٍّ علیه السّلام،قالَ لی:یا بِشرَ بنَ غالِبٍ ! مَن أحَبَّنا لا یُحِبُّنا إلّاللّهِ ِ،جِئنا نَحنُ وهُوَ کَهاتَینِ-وقَدَّرَ بَینَ سَبّابَتَیهِ-،ومَن أحَبَّنا لا یُحِبُّنا إلّالِلدُّنیا،فَإِنَّهُ إذا قامَ قائِمُ العَدلِ وَسِعَ عَدلُهُ البَرَّ وَالفاجِرَ. (3)
3825.أعلام الدین عن الإمام الصادق علیه السّلام: وَفَدَ إلَی الحُسَینِ علیه السّلام وَفدٌ فَقالوا:یَابنَ رَسولِ اللّهِ،إنَّ أصحابَنا وَفَدوا إلی مُعاوِیَةَ ووَفَدنا نَحنُ إلَیکَ.
فَقالَ:إذَن اجیزَکُم بِأَکثَرَ مِمّا یُجیزُهُم.
فَقالوا:جُعِلنا فِداکَ،إنَّما جِئنا مُرتادینَ لِدینِنا.
قالَ:فَطَأطَأَ رَأسَهُ ونَکَتَ (4)فِی الأَرضِ،وأطرَقَ طَویلاً،ثُمَّ رَفَعَ رَأسَهُ فَقالَ:
ص:29
قَصیرَةٌ مِن طَویلَةٍ (1)؛مَن أحَبَّنا لَم یُحِبَّنا لِقَرابَةٍ بَینَنا وبَینَهُ،ولا لِمَعروفٍ أسدَیناهُ إلَیهِ، إنَّما أحَبَّنا للّهِ ِ ورَسولِهِ،(فَمَن أحَبَّنا) (2)جاءَ مَعَنا یَومَ القِیامَةِ کَهاتَینِ-وقَرَنَ بَینَ سَبّابَتَیهِ-. (3)
3826.الأمالی للطوسی بإسناده عن الحسین بن علیّ عن أمیر المؤمنین علیهما السّلام: قال النَّبِیُّ صلّی اللّه علیه و آله:أحِبُّوا اللّهَ بِما یَغذوکُم بِهِ مِن نِعَمِهِ،وأحِبّونی لِحُبِّ اللّهِ،وأحِبّوا أهلَ بَیتی لِحُبّی. (4)
3827.سنن الترمذی بإسناده عن الإمام الحسین عن أبیه علیّ بن أبی طالب علیهما السّلام: أنَّ رَسولَ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله أخَذَ بِیَدِ حَسَنٍ وحُسَینٍ فَقالَ:مَن أحَبَّنی وأحَبَّ هذَینِ وأباهُما واُمَّهُما،کانَ مَعی فی دَرَجَتی یَومَ القِیامَةِ. (5)
3828.الأمالی للطوسی بإسناده عن الحسین بن علیّ عن أبیه علیّ علیهما السّلام: قالَ النَّبِیُّ صلّی اللّه علیه و آله:یا أبا ذَرٍّ ! مَن أحَبَّنا أهلَ البَیتِ فَلیَحمَدِ اللّهَ عَلی أوَّلِ النِّعَمِ.قالَ:یا رَسولَ اللّهِ ! وما أوَّلُ النِّعَمِ؟
قالَ:طیبُ الوِلادَةِ؛إنَّهُ لا یُحِبُّنا أهلَ البَیتِ إلّامَن طابَ مَولِدُهُ. (6)
3829.معانی الأخبار بإسناده عن الحسین بن علیّ عن أبیه أمیر المؤمنین علیّ بن أبی طالب علیهما السّلام: قالَ رَسولُ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله:یا عَلِیُّ،مَن أحَبَّنی وأحَبَّکَ وأحَبَّ الأَئِمَّةَ مِن وُلدِکَ فَلیَحمَدِ اللّهَ
ص:30
عَلی طیبِ مَولِدِهِ،فَإِنَّهُ لا یُحِبُّنا إلّامَن طابَت وِلادَتُهُ،ولا یُبغِضُنا إلّامَن خَبُثَت وِلادَتُهُ. (1)
3830.شرح الأخبار عن الحسین بن علیّ علیه السّلام: مَن أحَبَّنا أهلَ البَیتِ بِقَلبِهِ،وجاهَدَ مَعَنا بِلِسانِهِ ویَدِهِ؛فَهُوَ مَعَنا فِی الجَنَّةِ فِی الرَّفیقِ الأَعلی (2).
ومَن أحَبَّنا بِقَلبِهِ،وجاهَدَ مَعَنا بِلِسانِهِ،وضَعُفَ عَن أن یُجاهِدَ مَعَنا بِیَدِهِ؛فَهُوَ مَعَنا فِی الجَنَّةِ دونَ تِلکَ.
ومَن أحَبَّنا بِقَلبِهِ،وضَعُفَ عَن أن یُجاهِدَ مَعَنا بِلِسانِهِ ویَدِهِ؛فَهُوَ مَعَنا فِی الجَنَّةِ دونَ ذلِکَ.
ومَن أبغَضَنا بِقَلبِهِ،وأعانَ عَلَینا بِلِسانِهِ ویَدِهِ؛فَهُوَ فِی الدَّرکِ الأَسفَلِ مِنَ النّارِ.
ومَن أبغَضَنا بِقَلبِهِ ولِسانِهِ،وکَفَّ عَنّا یَدَهُ؛فَهُوَ فِی النّارِ فَوقَ ذلِکَ.
ومَن أبغَضَنا بِقَلبِهِ،وکَفَّ عَنّا لِسانَهُ ویَدَهُ؛فَهُوَ فِی النّارِ فَوقَ ذلِکَ. (3)
3831.شرح الأخبار عن الحسین بن علیّ علیه السّلام: مَن تَوالانا بِقَلبِهِ،وذَبَّ عَنّا بِلِسانِهِ ویَدِهِ؛فَهُوَ مَعَنا فِی الرَّفیقِ الأَعلی.
ومَن تَوالانا بِقَلبِهِ،وذَبَّ عَنّا بِلِسانِهِ،وضَعُفَ أن یَذُبَّ عَنّا بِیَدِهِ؛فَهُوَ مَعَنا فِی الجَنَّةِ دونَ ذلِکَ.
ومَن تَوالانا بِقَلبِهِ،وضَعُفَ أن یَذُبَّ عَنّا بِلِسانِهِ ویَدِهِ؛فَهُوَ مَعَنا فِی الجَنَّةِ
ص:31
دونَ ذلِکَ.
ومَن أبغَضَنا بِقَلبِهِ،وأعانَ عَلَینا بِلِسانِهِ ویَدِهِ؛فَهُوَ فِی الدَّرکِ الأَسفَلِ مِنَ النّارِ.
ومَن أبغَضَنا بِقَلبِهِ،وأعانَ عَلَینا بِلِسانِهِ،ولَم یُعِن عَلَینا بِیَدِهِ؛فَهُوَ فِی النّارِ فَوقَ ذلِکَ.
ومَن أبغَضَنا بِقَلبِهِ،ولَم یُعِن عَلَینا بِلِسانِهِ ولا بِیَدِهِ؛فَهُوَ فِی النّارِ فَوقَ ذلِکَ. (1)
3832.الأمالی للمفید عن عبد الرحمن بن أبی لیلی عن الحسین بن علیّ علیه السّلام: قالَ رَسولُ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله:اِلزَموا مَوَدَّتَنا أهلَ البَیتِ،فَإِنَّهُ مَن لَقِیَ اللّهَ وهُوَ یُحِبُّنا دَخَلَ الجَنَّةَ بِشَفاعَتِنا.وَالَّذی نَفسی بِیَدِهِ،لا یَنتَفِعُ عَبدٌ بِعَمَلِهِ إلّابِمَعرِفَتِنا. (2)
3833.فضائل الشیعة بإسناده عن الإمام الحسین علیه السّلام: قالَ رَسولُ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله:حُبّی وحُبُّ أهلِ بَیتی نافِعٌ فی سَبعَةِ مَواطِنَ أهوالُهُنَّ عَظیمَةٌ:عِندَ الوَفاةِ،وفِی القَبرِ،وعِندَ النُّشورِ،وعِندَ الکِتابِ،وعِندَ الحِسابِ،وعِندَ المیزانِ،وعِندَ الصِّراطِ. (3)
3834.نزهة الناظر عن أبان بن تغلب: قالَ الإِمامُ الشَّهیدُ علیه السّلام:مَن أحَبَّنا کانَ مِنّا أهلَ البَیتِ.
فَقُلتُ:مِنکُم أهلَ البَیتِ؟! فَقالَ:مِنّا أهلَ البَیتِ،حَتّی قالَها ثَلاثاً.
ثُمَّ قالَ علیه السّلام:أما سَمِعتَ قَولَ العَبدِ الصّالِحِ: «فَمَنْ تَبِعَنِی فَإِنَّهُ مِنِّی» ؟ (4). (5)
ص:32
3835.کشف الغمّة عن الإمام الحسین علیه السّلام: مَن أتانا لَم یَعدَم خَصلَةً مِن أربَعٍ:آیَةً مُحکَمَةً،وقَضِیَّةً عادِلَةً،وأخاً مُستَفاداً،ومُجالَسَةَ العُلَماءِ. (1)
3836.المناقب لابن المغازلی عن أبی سعید دینار عن الإمام الحسین علیه السّلام: مَن أحَبَّنا نَفَعَهُ اللّهُ بِحُبِّنا وإن کانَ أسیراً فِی الدَّیلَمِ،وإنَّ حُبَّنا لَیُساقِطُ (2)الذُّنوبَ کَما تُساقِطُ الرّیحُ الوَرَقَ. (3)
3837.الأمالی للطوسی بإسناده عن الحسین عن أبیه أمیر المؤمنین علیهما السّلام عن رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله: أخبَرَنی جَبرَئیلُ الرّوحُ الأَمینُ عَنِ اللّهِ تَقَدَّسَت أسماؤُهُ وجَلَّ وَجهُهُ،قالَ:إنّی أنَا اللّهُ لا إلهَ إلّا أنَا وَحدی؛عِبادی فَاعبُدونی،وَلیَعلَم مَن لَقِیَنی مِنکُم بِشَهادَةِ أن لا إلهَ إلَّااللّهُ مُخلِصاً بِها أنَّهُ قَد دَخَلَ حِصنی،ومَن دَخَلَ حِصنی أمِنَ عَذابی.
قالوا:یَابنَ رَسولِ اللّهِ،وما إخلاصُ الشَّهادَةِ للّهِ ِ؟
قالَ:طاعَةُ اللّهِ ورَسولِهِ،ووِلایَةُ أهلِ بَیتِهِ علیهم السّلام. (4)
3838.الأمالی للطوسی بإسناده عن الإمام الحسین علیه السّلام: قالَ رَسولُ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله:مَن أرادَ التَّوَسُّلَ إلَیَّ،
ص:33
وأن یَکونَ لَهُ عِندی یَدٌ أشفَعُ لَهُ بِها یَومَ القِیامَةِ،فَلیَصِل أهلَ بَیتی ویُدخِلِ السُّرورَ عَلَیهِم. (1)
3839.الأمالی للطوسی بإسناده عن الحسین بن فاطمة بنت رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله عن علیّ بن أبی طالب علیه السّلام زوج فاطمة بنت رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله،قال: أیُّما رَجُلٍ صَنَعَ إلی رَجُلٍ مِن وُلدی صَنیعَةً فَلَم یُکافِئهُ عَلَیها،فَأَنَا المُکافِئُ لَهُ عَلَیها. (2)
3840.کفایة الأثر عن عبد اللّه بن سعد عن الحسین بن علیّ علیه السّلام عن النبیّ صلّی اللّه علیه و آله: أخبَرَنی جَبرَئیلُ علیه السّلام:لَمّا ثَبَّتَ اللّهُ عز و جل اسمَ مُحَمَّدٍ عَلی ساقِ العَرشِ،قُلتُ:یا رَبَّ هذَا الاِسمِ المَکتوبِ فی سُرادِقِ العَرشِ،أرِنی (3)أعَزَّ خَلقِکَ عَلَیکَ،قالَ:فَأَراهُ اللّهُ عز و جل اثنَی عَشَرَ أشباحاً أبداناً بِلا أرواحٍ بَینَ السَّماءِ وَالأَرضِ،فَقالَ:یا رَبِّ بِحَقِّهِم عَلَیکَ إلّا أخبَرتَنی مَن هُم؟
قالَ:هذا نورُ عَلِیِّ بنِ أبی طالِبٍ،وهذا نورُ الحَسَنِ وَالحُسَینِ،وهذا نورُ عَلِیِّ بنِ الحُسَینِ،وهذا نورُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِیٍّ،وهذا نورُ جَعفَرِ بنِ مُحَمَّدٍ،وهذا نورُ موسَی بنِ جَعفَرٍ،وهذا نورُ عَلِیِّ بنِ موسی،وهذا نورُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِیٍّ،وهذا نورُ عَلِیِّ بنِ مُحَمَّدٍ،وهذا نورُ الحَسَنِ بنِ عَلِیٍّ،وهذا نورُ الحُجَّةِ القائِمِ المُنتَظَرِ.
ص:34
قالَ:فَکانَ رَسولُ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله یَقولُ:ما أحَدٌ یَتَقَرَّبُ إلَی اللّهِ عز و جل بِهؤُلاءِ القَومِ،إلّاأعتَقَ اللّهُ تَعالی رَقَبَتَهُ مِنَ النّارِ. (1)
3841.عیون أخبار الرضا علیه السّلام بإسناده عن الحسین بن علیّ علیه السّلام: ما کُنّا نَعرِفُ المُنافِقینَ عَلی عَهدِ رَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله إلّابِبُغضِهِم عَلِیّاً ووُلدَهُ علیهم السّلام. (2)
3842.سبل الهدی والرشاد عن أبی بکر البزقانی عن الحسین بن علیّ علیه السّلام: أنَّ رَسولَ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله قالَ:مَن سَبَّ أهلَ البَیتِ،فَإِنَّما یَسُبُّ اللّهَ ورَسولَهُ. (3)
3843.الأمالی للطوسی بإسناده عن الحسین بن علیّ علیه السّلام: حَدَّثَنی أبی أمیرُ المُؤمِنینَ عَلِیُّ بنُ أبی طالِبٍ علیه السّلام قالَ:قالَ رَسولُ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله:حُرِّمَتِ الجَنَّةُ عَلی مَن ظَلَمَ أهلَ بَیتی وقاتَلَهُم، وعَلَی المُعتَرِضِ عَلَیهِم وَالسّابِّ لَهُم، «أُولئِکَ لا خَلاقَ لَهُمْ فِی الْآخِرَةِ وَ لا یُکَلِّمُهُمُ اللّهُ وَ لا یَنْظُرُ إِلَیْهِمْ یَوْمَ الْقِیامَةِ وَ لا یُزَکِّیهِمْ وَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِیمٌ» 4 . (4)
3844.عیون أخبار الرضا علیه السّلام بإسناده عن الحسین بن علیّ علیه السّلام عن النبیّ صلّی اللّه علیه و آله عن جبرئیل عن اللّه تعالی:
مَن عادی أولِیائی فَقَد بارَزَنی بِالمُحارَبَةِ،ومَن حارَبَ أهلَ بَیتِ نَبِیّی فَقَد حَلَّ عَلَیهِ عَذابی،ومَن تَوَلّی غَیرَهُم فَقَد حَلَّ عَلَیهِ غَضَبی،ومَن أعَزَّ غَیرَهُم فَقَد آذانی،ومَن
ص:35
آذانی فَلَهُ النّارُ. (1)
3845.الأمالی للطوسی عن زید بن علیّ: حَدَّثَنی أبی عَلِیُّ بنُ الحُسَینِ علیه السّلام وهُوَ آخِذٌ بِشَعرِهِ،قالَ:
سَمِعتُ أبِی الحُسَینَ بنَ عَلِیٍّ علیه السّلام وهُوَ آخِذٌ بِشَعرِهِ،قالَ:سَمِعتُ أمیرَ المُؤمِنینَ عَلِیَّ بنَ أبی طالِبٍ علیه السّلام وهُوَ آخِذٌ بِشَعرِهِ،قالَ:سَمِعتُ رَسولَ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله وهُوَ آخِذٌ بِشَعرِهِ، قالَ:مَن آذی شَعرَةً مِنّی فَقَد آذانی،ومَن آذانی فَقَد آذَی اللّهَ عز و جل،ومَن آذَی اللّهَ عز و جل لَعَنَهُ مَلَأُ السَّماواتِ ومَلَأُ الأَرضِ.وتَلا: «إِنَّ الَّذِینَ یُؤْذُونَ اللّهَ وَ رَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللّهُ فِی الدُّنْیا وَ الْآخِرَةِ وَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً مُهِیناً» 2 . (2)
ص:36
3846.المناقب للکوفی بإسناده عن الإمام الحسین علیه السّلام: قالَ رَسولُ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله:فاطِمَةُ 2الأعلام سیّدة نساء العالمین،4سَیِّدَةُ نِساءِ العالَمینَ. (1)
3847.مئة منقبة بإسناده عن الحسین بن علیّ بن أبی طالب علیه السّلام: قالَ رَسولُ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله:فاطِمَةُ مُهجَةُ قَلبی،وَابناها ثَمَرَةُ فُؤادی،وبَعلُها نورُ بَصَری،وَالأَئِمَّةُ مِن وُلدِها امناءُ رَبّی وحَبلُهُ المَمدودُ بَینَهُ وبَینَ خَلقِهِ،مَنِ اعتَصَمَ بِهِم نَجا،ومَن تَخَلَّفَ عَنهُم هَوی. (2)
3848.المستدرک علی الصحیحین بإسناده عن الحسین بن علیّ عن أبیه علیّ علیهما السّلام: قالَ رَسولُ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله لِفاطِمَةَ علیها السّلام:إنَّ اللّهَ یَغضَبُ لِغَضَبِکِ،ویَرضی لِرِضاکِ. (3)
ص:37
3849.الإرشاد: إنَّ الحَسَنَ بنَ الحَسَنِ خَطَبَ إلی عَمِّهِ الحُسَینِ علیه السّلام إحدَی ابنَتَیهِ،فَقالَ لَهُ الحُسَینُ علیه السّلام:اِختَر یا بُنَیَّ أحَبَّهُما إلَیکَ،فَاستَحیَا الحَسَنُ ولَم یُحِر (1)جَواباً.
فَقالَ الحُسَینُ علیه السّلام:فَإِنّی قَدِ اختَرتُ لَکَ ابنَتی فاطِمَةَ،وهِیَ أکثَرُهُما شَبَهاً بِاُمّی فاطِمَةَ بِنتِ رَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله. (2)
3850.دلائل الإمامة بإسناده عن الحسین بن علیّ عن علیّ بن أبی طالب علیهما السّلام: سَمِعتُ رَسولَ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله یَقولُ:إنَّما سُمِّیَت فاطِمَةُ فاطِمَةَ،لِأَنَّها فُطِمَت هِیَ وشیعَتُها وذُرِّیَّتُها مِنَ النّارِ. (3)
3851.الأمالی للمفید بإسناده عن الحسین علیه السّلام: لَمّا مَرِضَت فاطِمَةُ بِنتُ النَّبِیِّ صَلَّی اللّهُ عَلَیهِ وآلِهِ وعَلَیهَا السَّلامُ،وَصَّت إلی عَلِیٍّ صَلَواتُ اللّهِ عَلَیهِ أن یَکتُمَ أمرَها،ویُخفِیَ خَبَرَها، ولا یُؤذِنَ أحَداً بِمَرَضِها،فَفَعَلَ ذلِکَ،وکانَ یُمَرِّضُها بِنَفسِهِ،وتُعینُهُ عَلی ذلِکَ أسماءُ بِنتُ عُمَیسٍ رَحِمَهَا اللّهُ عَلَی استِسرارٍ بِذلِکَ کَما وَصَّت بِهِ.
ص:38
فَلَمّا حَضَرَتهَا الوَفاةُ وَصَّت أمیرَ المُؤمِنینَ علیه السّلام أن یَتَوَلّی أمرَها،ویَدفِنَها لَیلاً، ویُعَفِّیَ (1)قَبرَها.فَتَوَلّی ذلِکَ أمیرُ المُؤمِنینَ علیه السّلام ودَفَنَها،وعَفّی مَوضِعَ قَبرِها.
فَلَمّا نَفضَ یَدَهُ مِن تُرابِ القَبرِ هاجَ بِهِ الحُزنُ،فَأَرسَلَ دُموعَهُ عَلی خَدَّیهِ،وحَوَّلَ وَجهَهُ إلی قَبرِ رَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله فَقالَ:
السَّلامُ عَلَیکَ-یا رَسولَ اللّهِ-مِنّی،وَالسَّلامُ عَلَیکَ مِنِ ابنَتِکَ وحَبیبَتِکَ وقُرَّةِ عَینِکَ،وزائِرَتِکَ وَالبائِتَةِ فِی الثَّری بِبُقعَتِکَ،وَالمُختارِ لَهَا اللّهُ سُرعَةَ اللِّحاقِ بِکَ،قَلَّ یا رَسولَ اللّهِ عَن صَفِیَّتِکَ صَبری،وضَعُفَ عَن سَیِّدَةِ النِّساءِ تَجَلُّدی،إلّاأنَّ فِی التَّأَسّی لی بِسُنَّتِکَ وَالحُزنِ الَّذی حَلَّ بی بِفِراقِکَ مَوضِعَ التَّعَزّی،فَلَقَد وَسَّدتُکَ فی مَلحودِ قَبرِکَ بَعدَ أن فاضَت نَفسُکَ عَلی صَدری،وغَمَّضتُکَ بِیَدی،وتَوَلَّیتُ أمرَکَ بِنَفسی،نَعَم وفی کِتابِ اللّهِ أنعَمُ القَبولِ: «إِنّا لِلّهِ وَ إِنّا إِلَیْهِ راجِعُونَ» 2 .
لَقَدِ استُرجِعَتِ الوَدیعَةُ،واُخِذَتِ الرَّهینَةُ،وَاختُلِسَتِ الزَّهراءُ،فَما أقبَحَ الخَضراءَ وَالغَبراءَ (2)،یا رَسولَ اللّهِ ! أمّا حُزنی فَسَرمَدٌ (3)،وأمّا لَیلی فَمُسَهَّدٌ (4)،لا یَبرَحُ الحُزنُ مِن قَلبی أو یَختارَ اللّهُ لی دارَکَ الَّتی أنتَ فیها مُقیمٌ،کَمَدٌ (5)مُقَیِّحٌ،وهَمٌّ مُهَیِّجٌ،سَرعانَ ما فُرِّقَ بَینَنا،وإلَی اللّهِ أشکو.وسَتُنَبِّئُکَ ابنَتُکَ بِتَضافُرِ امَّتِکَ عَلَیَّ وعَلی هَضمِها حَقَّها، فَاستَخبِرهَا الحالَ،فَکَم مِن غَلیلٍ مُعتَلِجٍ (6)بِصَدرِها لَم تَجِد إلی بَثِّهِ سَبیلاً،وسَتَقولُ،
ص:39
ویَحکُمُ اللّهُ وهُوَ خَیرُ الحاکِمینَ.
سَلامٌ عَلَیکَ یا رَسولَ اللّهِ سَلامَ مُوَدِّعٍ،لا سَئِمٍ ولا قالٍ (1)،فَإِن أنصَرِف فَلا عَن مَلالَةٍ،وإن اقِم فَلا عَن سوءِ ظَنٍّ بِما وَعَدَ اللّهُ الصّابِرینَ،وَالصَّبرُ أیمَنُ وأجمَلُ،ولَولا غَلَبَةُ المُستَولینَ عَلَینا لَجَعَلتُ المُقامَ عِندَ قَبرِک لِزاماً،ولَلَبِثتُ عِندَهُ مَعکوفاً، ولَأَعوَلتُ إعوالَ الثَّکلی عَلی جَلیلِ الرَّزِیَّةِ،فَبِعَینِ اللّهِ تُدفَنُ ابنَتُکَ سِرّاً،وتُهتَضَمُ حَقَّها قَهراً،وتُمنَعُ إرثَها جَهراً،ولَم یَطُلِ العَهدُ،ولَم یَخلُ مِنکَ الذِّکرُ،فَإِلَی اللّهِ یا رَسولَ اللّهِ المُشتَکی،وفیکَ أجمَلُ العَزاءِ،وصَلَواتُ اللّهِ عَلَیکَ وعَلَیها ورَحمَةُ اللّهِ وبَرَکاتُهُ. (2)
3852.بحار الأنوار عن أبی عبد اللّه الحسین علیه السّلام: إنَّ أمیرَ المُؤمِنینَ علیه السّلام غَسَّلَ فاطِمَةَ علیها السّلام ثَلاثاً وخَمساً،وجَعَلَ فِی الغَسلَةِ الخامِسَةِ-الآخِرَةِ-شَیئاً مِنَ الکافورِ،وأشعَرَها (3)مِئزَراً سابِغاً (4)دونَ الکَفَنِ،وکانَ هُوَ الَّذی یَلی ذلِکَ مِنها وهُوَ یَقولُ:
ص:40
اللّهُمَّ إنَّها أمَتُکَ،وبِنتُ رَسولِکَ وصَفِیِّکَ وخِیَرَتِکَ مِن خَلقِکَ،اللّهُمَّ لَقِّنها حُجَّتَها، وأعظِم بُرهانَها،وأعلِ دَرَجَتَها،وَاجمَع بَینَها وبَینَ أبیها مُحَمَّدٍ صلّی اللّه علیه و آله. (1)
3853.الملهوف عن عمر بن علیّ بن أبی طالب عن الحسین بن علیّ علیه السّلام: لَتَلقَیَنَّ فاطِمَةُ أباها شاکِیَةً ما لَقِیَت ذُرِّیَّتُها مِن امَّتِهِ،ولا یَدخُلُ الجَنَّةَ أحَدٌ آذاها فی ذُرِّیَّتِها. (2)
3854.عیون أخبار الرضا علیه السّلام بإسناده عن الحسین بن علیّ عن علیّ بن أبی طالب علیهما السّلام: قالَ النَّبِیُّ صلّی اللّه علیه و آله:
تُحشَرُ ابنَتی فاطِمَةُ علیها السّلام یَومَ القِیامَةِ ومَعَها ثِیابٌ مَصبوغَةٌ بِالدِّماءِ،تَتَعَلَّقُ بِقائِمَةٍ مِن قَوائِمِ العَرشِ،تَقولُ:یا أحکَمَ الحاکِمینَ ! احکُم بَینی وبَینَ قاتِلِ وَلَدی.
ویُحکَمُ لِابنَتی فاطِمَةَ ورَبِّ الکَعبَةِ. (3)
3855.عیون أخبار الرضا علیه السّلام بإسناده عن الحسین بن علیّ عن علیّ بن أبی طالب علیهما السّلام: قالَ رَسولُ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله:تُحشَرُ ابنَتی فاطِمَةُ وعَلَیها حُلَّةُ الکَرامَةِ،وقَد عُجِنَت بِماءِ الحَیَوانِ (4)،فَیَنظُرُ
ص:41
إلَیهَا الخَلائِقُ فَیَتَعَجَّبونَ مِنها.ثُمَّ تُکسی أیضاً مِن حُلَلِ الجَنَّةِ ألفَ حُلَّةٍ،مَکتوبٌ عَلی کُلِّ حُلَّةٍ بِخَطٍّ أخضَرَ:«أدخِلوا بِنتَ مُحَمَّدٍ الجَنَّةَ عَلی أحسَنِ صورَةٍ وأحسَنِ کَرامَةٍ وأحسَنِ مَنظَرٍ»،فَتُزَفُّ إلَی الجَنَّةِ کَما تُزَفُّ العَروسُ،فَیُوَکَّلُ بِها سَبعونَ ألفَ جارِیَةٍ. (1)
3856.دلائل الإمامة بإسناده عن الحسین بن علیّ عن علیّ بن أبی طالب علیهما السّلام عن النبیّ صلّی اللّه علیه و آله: إذا کانَ یَومُ القِیامَةِ نادی مُنادٍ:یا مَعشَرَ الخَلائِقِ،غُضّوا أبصارَکُم ونَکِّسوا رُؤوسَکُم حَتّی تَمُرَّ فاطِمَةُ بِنتُ مُحَمَّدٍ.فَتَکونُ أوَّلَ مَن یُکسی،وتَستَقبِلُها مِنَ الفِردَوسِ اثنا عَشَرَ ألفَ حَوراءَ،وخَمسونَ ألفَ مَلَکٍ،عَلی نَجائِبَ (2)مِنَ الیاقوتِ،أجنِحَتُها وأزِمَّتُهَا (3)اللُّؤلُؤُ الرَّطبُ،رُکُبُها مِن زَبَرجَدٍ،عَلَیها رَحلٌ مِنَ الدُّرِّ،عَلی کُلِّ رَحلٍ نُمرُقَةٌ (4)مِن سُندُسٍ، حَتّی یَجوزوا بِهَا الصِّراطَ،ویَأتوا بِهَا الفِردَوسَ،فَیَتَباشَرُ بِمَجیئِها أهلُ الجِنانِ.
فَتَجلِسُ عَلی کُرسِیٍّ مِن نورٍ،ویَجلِسونَ حَولَها،وهِیَ جَنَّةُ الفِردَوسِ الَّتی سَقفُها عَرشُ الرَّحمنِ،وفیها قَصرانِ:قَصرٌ أبیَضُ وقَصرٌ أصفَرُ مِن لُؤلُؤَةٍ عَلی عِرقٍ (5)واحِدٍ؛فِی القَصرِ الأَبیَضِ سَبعونَ ألفَ دارٍ مَساکِنُ مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ،وفِی القَصرِ الأَصفَرِ سَبعونَ ألفَ دارٍ مَساکِنُ إبراهیمَ وآلِ إبراهیمَ.
ص:42
ثُمَّ یَبعَثُ اللّهُ عز و جل مَلَکاً لَها لَم یُبعَث إلی أحَدٍ قَبلَها،ولا یُبعَثُ إلی أحَدٍ بَعدَها، فَیَقولُ:إنَّ رَبَّکِ یَقرَأُ عَلَیکِ السَّلامَ ویَقولُ:سَلینی.
فَتَقولُ:هُوَ السَّلامُ،ومِنهُ السَّلامُ،قَد أتَمَّ عَلَیَّ نِعمَتَهُ،وهَنَّأَنی کَرامَتَهُ،وأباحَنی جَنَّتَهُ،وفَضَّلَنی عَلی سائِرِ خَلقِهِ،أسأَلُهُ وُلدی وذُرِّیَّتی،ومَن وَدَّهُم بَعدی وحَفِظَهُم فِیَّ.
قالَ:فَیوحِی اللّهُ إلی ذلِکَ المَلَکِ مِن غَیرِ أن یَزولَ مِن مَکانِهِ،أخبِرها أنّی قَد شَفَّعتُها فی وُلدِها وذُرِّیَّتِها ومَن وَدَّهُم فیها،وحَفِظَهُم بَعدَها.
قالَ:فَتَقولُ:الحَمدُ للّهِ ِ الَّذی أذهَبَ عَنِّی الحَزَنَ،وأقَرَّ عَینی.فَیُقِرُّ اللّهُ بِذلِکَ عَینَ مُحَمَّدٍ صلّی اللّه علیه و آله. (1)
ص:43
ص:44
3857.کتاب سُلَیم بن قیس: لَمّا کانَ قَبلَ مَوتِ مُعاوِیَةَ بِسَنَةٍ،حَجَّ الحُسَینُ بنُ عَلِیٍّ صَلَواتُ اللّهِ عَلَیهِ وعَبدُ اللّهِ بنُ عَبّاسٍ وعَبدُ اللّهِ بنُ جَعفَرٍ مَعَهُ.فَجَمَعَ الحُسَینُ علیه السّلام بَنی هاشِمٍ؛ رِجالَهُم ونِساءَهُم ومَوالِیَهُم وشیعَتَهُم مَن حَجَّ مِنهُم،ومِنَ الأَنصارِ مِمَّن یَعرِفُهُ الحُسَینُ علیه السّلام وأهلُ بَیتِهِ،ثُمَّ أرسَلَ رُسُلاً:لا تَدَعوا أحَداً مِمَّن حَجَّ العامَ مِن أصحابِ رَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله المَعروفینَ بِالصَّلاحِ وَالنُّسُکِ إلَّااجمَعوهُم لی.
فَاجتَمَعَ إلَیهِ بِمِنیً أکثَرُ مِن سَبعِمِئَةِ رَجُلٍ وهُم فی سُرادِقِهِ (1)،عامَّتُهُم مِنَ التّابِعینَ، ونَحوٌ مِن مِئَتَی رَجُلٍ مِن أصحابِ النَّبِیِّ صلّی اللّه علیه و آله وغَیرِهِم.فَقامَ فیهِمُ الحُسَینُ علیه السّلام خَطیباً، فَحَمِدَ اللّهَ وأثنی عَلَیهِ،ثُمَّ قالَ:
أمّا بَعدُ،فَإِنَّ هذَا الطّاغِیَةَ قَد فَعَلَ بِنا وبِشیعَتِنا ما قَد رَأَیتُم وعَلِمتُم وشَهِدتُم،وإنّی اریدُ أن أسأَلَکُم عَن شَیءٍ،فَإِن صَدَقتُ فَصَدِّقونی،وإن کَذَبتُ فَکَذِّبونی:أسأَلُکُم بِحَقِّ اللّهِ عَلَیکُم وحَقِّ رَسولِ اللّهِ وحَقِّ قَرابتی مِن نَبِیِّکُم،لَمّا سَیَّرتُم مَقامی هذا
ص:45
ووَصَفتُم مَقالَتی،ودَعَوتُم أجمَعینَ فی أنصارِکُم مِن قَبائِلِکُم مَن أمِنتُم مِنَ النّاسِ ووَثِقتُم بِهِ،فَادعوهُم إلی ما تَعلَمونَ مِن حَقِّنا؛فَإِنّی أتَخَوَّفُ أن یَدرُسَ (1)هذَا الأَمرُ ویَذهَبَ الحَقُّ ویُغلَبَ،وَاللّهُ مُتِمُّ نورِهِ ولَو کَرِهَ الکافِرونَ.
وما تَرَکَ شَیئاً مِمّا أنزَلَ اللّهُ فیهِم مِنَ القُرآنِ إلّاتَلاهُ وفَسَّرَهُ،ولا شَیئاً مِمّا قالَهُ رَسولُ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله فی أبیهِ وأخیهِ واُمِّهِ وفی نَفسِهِ وأهلِ بَیتِهِ إلّارَواهُ.
وکُلُّ ذلِکَ یَقولُ الصَّحابَةُ:اللّهُمَّ نَعَم،قَد سَمِعنا وشَهِدنا.
ویَقولُ التّابِعِیُّ:اللّهُمَّ قَد حَدَّثَنی بِهِ مَن اصَدِّقُهُ وأَأتَمِنُهُ مِنَ الصَّحابَةِ.
فَقالَ:أنشُدُکُمُ اللّهَ إلّاحَدَّثتُم بِهِ مَن تَثِقونَ بِهِ وبِدینِهِ.
قالَ سُلَیمٌ:فَکانَ فیما ناشَدَهُمُ الحُسَینُ علیه السّلام وذَکَّرَهُم أن قالَ:
أنشُدُکُمُ اللّهَ،أتَعلَمونَ أنَّ عَلِیَّ بنَ أبی طالِبٍ علیه السّلام کانَ أخا رَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله حینَ آخی بَینَ أصحابِهِ،فَآخی بَینَهُ وبَینَ نَفسِهِ،وقالَ:أنتَ أخی وأنَا أخوکَ فِی الدُّنیا وَالآخِرَةِ؟
قالوا:اللّهُمَّ نَعَم.
قال:أنشُدُکُمُ اللّهَ،هَل تَعلَمونَ أنَّ رَسولَ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله اشتَری مَوضِعَ مَسجِدِهِ ومَنازِلِهِ فَابتَناهُ،ثُمَّ ابتَنی فیهِ عَشَرَةَ مَنازِلَ؛تِسعَةً لَهُ،وجَعَلَ عاشِرَها فی وَسَطِها لِأَبی،ثُمَّ سَدَّ کُلَّ بابٍ شارِعٍ (2)إلَی المَسجِدِ غَیرَ بابِهِ،فَتَکَلَّمَ فی ذلِکَ مَن تَکَلَّمَ،فَقالَ صلّی اللّه علیه و آله:«ما أنَا سَدَدتُ أبوابَکُم وفَتَحتُ بابَهُ،ولکِنَّ اللّهَ أمَرَنی بِسَدِّ أبوابِکُم وفَتحِ بابِهِ»،ثُمَّ نَهَی النّاسَ أن یَناموا فِی المَسجِدِ غَیرَهُ،وکانَ یُجنِبُ فِی المَسجِدِ ومَنزِلُهُ فی مَنزِلِ رَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله،فَوُلِدَ لِرَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله ولَهُ فیهِ أولادٌ؟
ص:46
قالوا:اللّهُمَّ نَعَم.
قال:أفَتَعلَمونَ أنَّ عُمَرَ بنَ الخَطّابِ حَرَصَ عَلی کَوَّةٍ (1)قَدرَ عَینِهِ یَدَعُها مِن مَنزِلِهِ إلَی المَسجِدِ،فَأَبی عَلَیهِ،ثُمَّ خَطَبَ صلّی اللّه علیه و آله فَقالَ:«إنَّ اللّهَ أمَرَ موسی أن یَبنِیَ مَسجِداً طاهِراً لا یَسکُنُهُ غَیرُهُ وغَیرُ هارونَ وَابنَیهِ،وإنَّ اللّهَ أمَرَنی أن أبنِیَ مَسجِداً طاهِراً لا یَسکُنُهُ غَیری وغَیرُ أخی وَابنَیهِ»؟
قالوا:اللّهُمَّ نَعَم.
قالَ:أنشُدُکُمُ اللّهَ،أتَعلَمونَ أنَّ رَسولَ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله نَصَبَهُ یَومَ غَدیرِ خُمٍّ،فَنادی لَهُ بِالوِلایَةِ وقالَ:«لِیُبَلِّغِ الشّاهِدُ الغائِبَ»؟
قالوا:اللّهُمَّ نَعَم.
قالَ:أنشُدُکُمُ اللّهَ،أتَعلَمونَ أنَّ رَسولَ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله قالَ لَهُ فی غَزوَةِ تَبوکَ:«أنتَ مِنّی بِمَنزِلَةِ هارونَ مِن موسی،وأنتَ وَلِیُّ کُلِّ مُؤمِنٍ بَعدی»؟
قالوا:اللّهُمَّ نَعَم.
قالَ:أنشُدُکُمُ اللّهَ،أتَعلَمونَ أنَّ رَسولَ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله حینَ دَعَا النَّصاری مِن أهلِ نَجرانَ إلَی المُباهَلَةِ،لَم یَأتِ إلّابِهِ وبِصاحِبَتِهِ وَابنَیهِ؟
قالوا:اللّهُمَّ نَعَم.
قالَ:أنشُدُکُمُ اللّهَ،أتَعلَمونَ أنَّهُ دَفَعَ إلَیهِ اللِّواءَ یَومَ خَیبَرَ،ثُمَّ قالَ:«لَأَدفَعُهُ إلی رَجُلٍ یُحِبُّهُ اللّهُ ورَسولُهُ ویُحِبُّ اللّهَ ورَسولَهُ،کَرّارٍ غَیرِ فَرّارٍ،یَفتَحُهَا اللّهُ عَلی یَدَیهِ»؟
قالوا:اللّهُمَّ نَعَم.
قالَ:أتَعلَمونَ أنَّ رَسولَ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله بَعَثَهُ بِبَراءَةَ،وقالَ:«لا یُبَلِّغُ عَنّی إلّاأنَا
ص:47
أو رَجُلٌ مِنّی»؟
قالوا:اللّهُمَّ نَعَم.
قالَ:أتَعلَمونَ أنَّ رَسولَ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله لَم تَنزِل بِهِ شِدَّةٌ قَطُّ إلّاقَدَّمَهُ لَها ثِقَةً بِهِ،وأنَّهُ لَم یَدعُهُ بِاسمِهِ قَطُّ إلّاأن یَقولَ:یا أخی ! وَادعوا لی أخی؟
قالوا:اللّهُمَّ نَعَم.
قالَ:أتَعلَمونَ أنَّ رَسولَ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله قَضی بَینَهُ وبَینَ جَعفَرٍ وزَیدٍ،فَقالَ لَهُ:«یا عَلِیُّ، أنتَ مِنّی وأنَا مِنکَ،وأنتَ وَلِیُّ کُلِّ مُؤمِنٍ ومُؤمِنَةٍ بَعدی»؟
قالوا:اللّهُمَّ نَعَم.
قالَ:أتَعلَمونَ أنَّهُ کانَت لَهُ مِن رَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله کُلَّ یَومٍ خَلوَةٌ وکُلَّ لَیلَةٍ دَخلَةٌ؛إذا سَأَلَهُ أعطاهُ،وإذا سَکَتَ أبدَأَهُ؟
قالوا:اللّهُمَّ نَعَم.
قالَ:أتَعلَمونَ أنَّ رَسولَ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله فَضَّلَهُ عَلی جَعفَرٍ وحَمزَةَ حینَ قالَ لِفاطِمَةَ علیها السّلام:
«زَوَّجتُکِ خَیرَ أهلِ بَیتی؛أقدَمَهُم سِلماً،وأعظَمَهُم حِلماً،وأکثَرَهُم عِلماً»؟
قالوا:اللّهُمَّ نَعَم.
قالَ:أتَعلَمونَ أنَّ رَسولَ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله قالَ:«أنَا سَیِّدُ وُلدِآدَمَ،وأخی عَلِیٌّ سَیِّدُ العَرَبِ، وفاطِمَةُ سَیِّدَةُ نِساءِ أهلِ الجَنَّةِ،وَابنایَ الحَسَنُ وَالحُسَینُ سَیِّدا شَبابِ أهلِ الجَنَّةِ»؟
قالوا:اللّهُمَّ نَعَم.
قالَ:أتَعلَمونَ أنَّ رَسولَ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله أمَرَهُ بِغُسلِهِ،وأخبَرَهُ أنَّ جَبرَئیلَ یُعینُهُ عَلَیهِ؟
قالوا:اللّهُمَّ نَعَم.
قالَ:أتَعلَمونَ أنَّ رَسولَ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله قالَ فی آخِرِ خُطبَةٍ خَطَبَها:«أیُّهَا النّاسُ:إنّی
ص:48
تَرَکتُ فیکُمُ الثَّقَلَینِ؛کِتابَ اللّهِ وأهلَ بَیتی،فَتَمَسَّکوا بِهِما لَن تَضِلّوا»؟
قالوا:اللّهُمَّ نَعَم.
فَلَم یَدَع شَیئاً أنزَلَهُ اللّهُ فی عَلِیِّ بنِ أبی طالِبٍ علیه السّلام خاصَّةً وفی أهلِ بَیتِهِ مِنَ القُرآنِ ولا عَلی لِسانِ نَبِیِّهِ صلّی اللّه علیه و آله إلّاناشَدَهُم فیهِ،فَیَقولُ الصَّحابَةُ:اللّهُمَّ نَعَم،قَد سَمِعنا، ویَقولُ التّابِعِیُّ:اللّهُمَّ قَد حَدَّثَنیهِ مَن أثِقُ بِهِ،فُلانٌ وفُلانٌ.
ثُمَّ ناشَدَهُم أنَّهُم قَد سَمِعوهُ صلّی اللّه علیه و آله یَقولُ:«مَن زَعَمَ أنَّهُ یُحِبُّنی ویُبغِضُ عَلِیّاً فَقَد کَذَبَ،لَیسَ یُحِبُّنی وهُوَ یُبغِضُ عَلِیّاً»،فَقالَ لَهُ قائِلٌ:یا رَسولَ اللّهِ،وکَیفَ ذلِکَ؟ قالَ:«لِأَنَّهُ مِنّی وأنَا مِنهُ،مَن أحَبَّهُ فَقَد أحَبَّنی ومَن أحَبَّنی فَقَد أحَبَّ اللّهَ،ومَن أبغَضَهُ فَقَد أبغَضَنی ومَن أبغَضَنی فَقَد أبغَضَ اللّهَ»؟
فَقالوا:اللّهُمَّ نَعَم،قَد سَمِعنا.وتَفَرَّقوا عَلی ذلِکَ. (1)
3858.الإرشاد -فی ذِکرِ مَسیرِ الإِمامِ الحُسَینِ علیه السّلام إلی کَربَلاءَ-:ثُمَّ أمَرَ مُنادِیَهُ فَنادی بِالعَصرِ وأقامَ،فَاستَقدَمَ (2)الحُسَینُ علیه السّلام فَصَلّی بِالقَومِ،ثُمَّ سَلَّمَ وَانصَرَفَ إلَیهِم بِوَجهِهِ،فَحَمِدَ اللّهَ وأثنی عَلَیهِ ثُمَّ قالَ:
أمّا بَعدُ:أیُّهَا النّاسُ،فَإِنَّکُم إن تَتَّقُوا اللّهَ وتَعرِفُوا الحَقَّ لِأَهلِهِ یَکُن أرضی للّهِ ِ عَنکُم،ونَحنُ أهلُ بَیتِ مُحَمَّدٍ،وأولی بِوِلایَةِ هذَا الأَمرِ عَلَیکُم مِن هؤُلاءِ المُدَّعینَ ما لَیسَ لَهُم،وَالسّائِرینَ فیکُم بِالجَورِ وَالعُدوانِ،وإن أبَیتُم إلّاکَراهِیَةً لَنا وَالجَهلَ بِحَقِّنا،فَکانَ رَأیُکُمُ الآنَ غَیرَ ما أتَتنی بِهِ کُتُبُکُم وقَدِمَت بِهِ عَلَیَّ رُسُلُکُم،
ص:49
انصَرَفتُ عَنکُم. (1)
راجع:ص 109 (الفصل الحادی عشر/إتمام الحجّة علی أعدائه).
3859.عیون أخبار الرضا علیه السّلام بإسناده عن الحسین بن علیّ علیه السّلام: حَدَّثَنی أبی عَلِیُّ بنُ أبی طالِبٍ علیه السّلام قالَ:قالَ رَسولُ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله:مَن ماتَ ولَیسَ لَهُ إمامٌ مِن وُلدی ماتَ میتَةً جاهِلِیَّةً، ویُؤخَذُ بِما عَمِلَ فِی الجاهِلِیَّةِ وَالإِسلامِ. (2)
3860.الاحتجاج عن موسی بن عقبة عن الحسین علیه السّلام -فی خُطبَةٍ لَهُ-:نَحنُ حِزبُ اللّهِ الغالِبونَ، وعِترَةُ رَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله الأَقرَبونَ،وأهلُ بَیتِهِ الطَّیِّبونَ،وأحَدُ الثَّقَلَینِ اللَّذَینِ جَعَلَنا رَسولُ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله ثانِیَ کِتابِ اللّهِ تَبارَکَ وتَعالَی،الَّذی فیهِ تَفصیلُ کُلِّ شَیءٍ،لا یَأتیهِ الباطِلُ مِن بَینِ یَدَیهِ ولا مِن خَلفِهِ،وَالمُعَوَّلُ عَلَینا فی تَفسیرِهِ،لا یُبطِئُنا تَأویلُهُ،بَل نَتَّبِعُ حَقائِقَهُ.
فَأَطیعونا فَإِنَّ طاعَتَنا مَفروضَةٌ،إذ کانَت بِطاعَةِ اللّهِ ورَسولِهِ مَقرونَةً،قالَ اللّهُ عز و جل:
ص:50
«أَطِیعُوا اللّهَ وَ أَطِیعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِی الْأَمْرِ مِنْکُمْ فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِی شَیْ ءٍ فَرُدُّوهُ إِلَی اللّهِ وَ الرَّسُولِ» 1 وقالَ: «وَ لَوْ رَدُّوهُ إِلَی الرَّسُولِ وَ إِلی أُولِی الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِینَ یَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَ لَوْ لا فَضْلُ اللّهِ عَلَیْکُمْ وَ رَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ الشَّیْطانَ إِلاّ قَلِیلاً» 2 . (1)
3861.التفسیر المنسوب إلی الإمام العسکریّ علیه السّلام: قالَ الحُسَینُ بنُ عَلِیٍّ علیه السّلام:مَن عَرَفَ حَقَّ أبَوَیهِ الأَفضَلَینِ:مُحَمَّدٍ وعَلِیٍّ علیهما السّلام،وأطاعَهُما حَقَّ الطّاعَةِ،قیلَ لَهُ:تَبَحبَح (2)فی أیِّ الجِنانِ شِئتَ. (3)
3862.الاستنصار بإسناده عن الإمام الحسین علیه السّلام: قالَ رَسولُ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله:إنّی وَاثنَی عَشَرَ مِن أهلِ بَیتی أوَّلُهُم عَلِیُّ بنُ أبی طالِبٍ علیه السّلام أوتادُ الأَرضِ الَّتی أمسَکَهَا اللّهُ بِها أن تَسیخَ (4)بِأَهلِها،فَإِذا ذَهَبَتِ الاِثنا عَشَرَ مِن أهلی ساخَتِ الأَرضُ بِأَهلِها. (5)
3863.کفایة الأثر عن إبراهیم بن یزید السمّان عن أبیه عن الحسین بن علیّ علیه السّلام: دَخَلَ أعرابِیٌّ عَلی
ص:51
رَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله یُریدُ الإِسلامَ ومَعَهُ ضَبٌّ قَدِ اصطادَهُ فِی البَرِّیَّةِ وجَعَلَهُ فی کُمِّهِ،فَجَعَلَ النَّبِیُّ صلّی اللّه علیه و آله یَعرِضُ عَلَیهِ الإِسلامَ.
فَقالَ:لا اؤمِنُ بِکَ یا مُحَمَّدُ أو یُؤمِنَ بِکَ هذَا الضَّبُّ.ورَمَی الضَّبَّ مِن کُمِّهِ، فَخَرَجَ الضَّبُّ مِنَ المَسجِدِ یَهرُبُ.
فَقالَ النَّبِیُّ صلّی اللّه علیه و آله:یا ضَبُّ،مَن أنَا؟
قالَ:أنتَ مُحَمَّدُ بنُ عَبدِ اللّهِ بنِ عَبدِ المُطَّلِبِ بنِ هاشِمِ بنِ عَبدِ مَنافٍ.
قالَ:یا ضَبُّ،مَن تَعبُدُ؟
قالَ:أعبُدُ الَّذی خَلَقَ الحَبَّةَ وبَرَأَ النَّسَمَةَ،وَاتَّخَذَ إبراهیمَ خَلیلاً،وناجی موسی کَلیماً،وَاصطَفاکَ یا مُحَمَّدُ.
فَقالَ الأَعرابِیُّ:أشهَدُ أن لا إلهَ إلَّااللّهُ،وأنَّکَ رَسولُ اللّهِ حَقّاً،فَأَخبِرنی یا رَسولَ اللّهِ هَل یَکونُ بَعدَکَ نَبِیٌّ؟
قالَ:لا،أنَا خاتَمُ النَّبِیّینَ،ولکِن یَکونُ بَعدی أئِمَّةٌ مِن ذُرِّیَّتی،قَوّامونَ بِالقِسطِ کَعَدَدِ نُقَباءِ بَنی إسرائیلَ،أوَّلُهُم عَلِیُّ بنُ أبی طالِبٍ،فَهُوَ الإِمامُ وَالخَلیفَةُ بَعدی، وتِسعَةٌ مِنَ الأَئِمَّةِ مِن صُلبِ هذا-ووَضَعَ یَدَهُ عَلی صَدری-وَالقائِمُ تاسِعُهُم؛یَقومُ بِالدّینِ فی آخِرِ الزَّمانِ کَما قُمتُ فی أوَّلِهِ.
قالَ:فَأَنشَأَ الأَعرابِیُّ یَقولُ:
ألا یا رَسولَ اللّهِ إنَّکَ صادِقٌ فَبورِکتَ مَهدِیّاً وبورِکتَ هادِیا
شَرَعتَ لَنَا الدّینَ الحَنیفِیَّ (1)بَعدَما عَبَدنا کَأَمثالِ الحَمیرِ الطَّواغِیا
فَیا خَیرَ مَبعوثٍ ویا خَیرَ مُرسَلٍ إلَی الإِنسِ ثُمَّ الجِنِّ لَبَّیکَ داعِیا
ص:52
وبورِکتَ فِی الأَقوامِ حَیّاً ومَیِّتاً وبورِکتَ مَولوداً وبورِکتَ ناشِیا.
فَقالَ رَسولُ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله:یا أخا بَنی سُلَیمٍ ! هَل لَکَ مالٌ؟
فَقالَ:وَالَّذی أکرَمَکَ بِالنُّبُوَّةِ وخَصَّکَ بِالرِّسالَةِ،إنَّ أربَعَةَ آلافِ بَیتٍ فی بَنی سُلَیمٍ ما فیهِم أفقَرُ مِنّی ! فَحَمَلَهُ النَّبِیُّ صلّی اللّه علیه و آله عَلی ناقَةٍ.
فَرَجَعَ إلی قَومِهِ فَأَخبَرَهُم بِذلِکَ،قالوا:فَأَسلَمَ الأَعرابِیُّ طَمَعاً فِی النّاقَةِ !
فَبَقِیَ یَومَهُ فِی الصُّفَّةِ (1)لَم یَأکُل شَیئاً،فَلَمّا کانَ مِنَ الغَدِ تَقَدَّمَ إلی رَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله فَقالَ:
یا أیُّهَا المَرءُ الَّذی لا نَعدَمُه أنتَ رَسولُ اللّهِ حَقّاً نَعلَمُه
ودینُکَ الإِسلامُ دیناً نُعظِمُه نَبغی (2)مَعَ الإِسلامِ شَیئاً نَقضِمُه (3)
قَد جِئتَ بِالحَقِّ وشَیئاً نَطعَمُه.
فَتَبَسَّمَ النَّبِیُّ صلّی اللّه علیه و آله وقالَ:یا عَلِیُّ! أعطِ الأَعرابِیَّ حاجَتَهُ.
فَحَمَلَهُ عَلِیٌّ علیه السّلام إلی مَنزِلِ فاطِمَةَ وأشبَعَهُ،وأعطاهُ ناقَةً وجُلَّةَ (4)تَمرٍ. (5)
3864.کفایة الأثر عن موسی بن عبد ربّه: سَمِعتُ الحُسَینَ بنَ عَلِیٍّ علیه السّلام یَقولُ فی مَسجِدِ النَّبِیِّ صلّی اللّه علیه و آله
ص:53
وذلِکَ فی حَیاةِ أبیهِ عَلِیٍّ علیه السّلام:سَمِعتُ رَسولَ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله یَقولُ:أوَّلُ ما خَلَقَ اللّهُ عز و جل حُجُبَهُ فَکَتَبَ عَلی أرکانِهِ:«لا إلهَ إلَّااللّهُ،مُحَمَّدٌ رَسولُ اللّهِ،عَلِیٌّ وَصِیُّهُ»،ثُمَّ خَلَقَ العَرشَ فَکَتَبَ عَلی أرکانِهِ«لا إلهَ إلَّااللّهُ مُحَمَّدٌ رَسولُ اللّهِ عَلِیٌّ وَصِیُّهُ»،ثُمَّ خَلَقَ الأَرَضینَ فَکَتَبَ عَلی أطوادِها (1):«لا إلهَ إلَّااللّهُ مُحَمَّدٌ رَسولُ اللّهِ عَلِیٌّ وَصِیُّهُ»،ثُمَّ خَلَقَ اللَّوحَ فَکَتَبَ عَلی حُدودِهِ:«لا إلهَ إلَّااللّهُ مُحَمَّدٌ رَسولُ اللّهِ عَلِیٌّ وَصِیُّهُ»،فَمَن زَعَمَ أنَّهُ یُحِبُّ النَّبِیَّ ولا یُحِبُّ الوَصِیَّ فَقَد کَذَبَ،ومَن زَعَمَ أنَّهُ یَعرِفُ النَّبِیَّ ولا یَعرِفُ الوَصِیَّ فَقَد کَفَرَ.
ثُمَّ قالَ صلّی اللّه علیه و آله:ألا إنَّ أهلَ بَیتی أمانٌ لَکُم،فَأَحِبّوهُم لِحُبّی،وتَمَسَّکوا بِهِم لَن تَضِلّوا.
قیلَ:فَمَن أهلُ بَیتِکَ-یا نَبِیَّ اللّهِ-؟
قالَ:عَلِیٌّ وسِبطایَ وتِسعَةٌ مِن وُلدِ الحُسَینِ،أئِمَّةٌ امناءُ مَعصومونَ،ألا إنَّهُم أهلُ بَیتی وعِترَتی مِن لَحمی ودَمی. (2)
3865.کفایة الأثر عن یحیی بن یعمن: کُنتُ عِندَ الحُسَینِ علیه السّلام إذ دَخَلَ عَلَیهِ رَجُلٌ مِنَ العَرَبِ مُتَلَثِّماً أسمَرُ شَدیدُ السُّمرَةِ،فَسَلَّمَ ورَدَّ الحُسَینُ علیه السّلام،فَقالَ:...أخبِرنی عَن عَدَدِ الأَئِمَّةِ بَعدَ رَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله.
قالَ:اِثنا عَشَرَ؛عَدَدَ نُقَباءِ بَنی إسرائیلَ.
قالَ:فَسَمِّهِم لی.
قالَ:فَأَطرَقَ الحُسَینُ علیه السّلام مَلِیّاً ثُمَّ رَفَعَ رَأسَهُ فَقالَ:نَعَم اخبِرُکَ یا أخَا العَرَبِ،إنَّ الإِمامَ وَالخَلیفَةَ بَعدَ رَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله أمیرُ المُؤمِنینَ عَلِیٌّ علیه السّلام وَالحَسَنُ وأنَا وتِسعَةٌ مِن
ص:54
وُلدی،مِنهُم عَلِیٌّ ابنی،وبَعدَهُ مُحَمَّدٌ ابنُهُ،وبَعدَهُ جَعفَرٌ ابنُهُ،وبَعدَهُ موسَی ابنُهُ، وبَعدَهُ عَلِیٌّ ابنُهُ،وبَعدَهُ مُحَمَّدٌ ابنُهُ،وبَعدَهُ عَلِیٌّ ابنُهُ،وبَعدَهُ الحَسَنُ ابنُهُ،وبَعدَهُ الخَلَفُ المَهدِیُّ هُوَ التّاسِعُ مِن وُلدی،یَقومُ بِالدّینِ فی آخِرِ الزَّمانِ. (1)
3866.الأمالی للصدوق بإسناده عن الحسین بن علیّ عن أبیه أمیر المؤمنین علیّ بن أبی طالب علیهما السّلام:
قُلتُ لِرَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله:أخبِرنی بِعَدَدِ الأَئِمَّةِ بَعدَکَ؟فَقالَ:یا عَلِیُّ،هُمُ اثنا عَشَرَ،أوَّلُهُم أنتَ وآخِرُهُمُ القائِمُ. (2)
3867.کفایة الأثر بإسناده عن الحسین بن علیّ عن أخیه الحسن بن علیّ علیهما السّلام: قالَ رَسولُ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله:
الأَئِمَّةُ بَعدی عَدَدُ نُقَباءِ بَنی إسرائیلَ وحَوارِیِّ (3)عیسی،مَن أحَبَّهُم فَهُوَ مُؤمِنٌ،ومَن أبغَضَهُم فَهُوَ مُنافِقٌ،هُم حُجَجُ اللّهِ فی خَلقِهِ وأعلامُهُ فی بَرِیَّتِهِ. (4)
3868.کمال الدین بإسناده عن الحسین بن علیّ علیه السّلام: دَخَلتُ أنَا وأخی عَلی جَدّی رَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله فَأَجلَسَنی عَلی فَخِذِهِ،وأجلَسَ أخِی الحَسَنَ عَلی فَخِذِهِ الاُخری،ثُمَّ قَبَّلَنا وقالَ:
بِأَبی أنتُما مِن إمامَینِ صالِحَینِ اختارَکُمَا اللّهُ مِنّی ومِن أبیکُما واُمِّکُما،وَاختارَ مِن صُلبِکَ-یا حُسَینُ-تِسعَةَ أئِمَّةٍ تاسِعُهُم قائِمُهُم،وکُلُّکُم فِی الفَضلِ وَالمَنزِلَةِ عِندَ اللّهِ تَعالی سَواءٌ. (5)
ص:55
3869.کمال الدین بإسناده عن الحسین بن علیّ علیه السّلام: سُئِلَ أمیرُ المُؤمِنینَ علیه السّلام،عَن مَعنی قَولِ رَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله:«إنّی مُخَلِّفٌ فیکُمُ الثَّقَلَینِ:کِتابَ اللّهِ وعِترَتی»،مَنِ العِترَةُ؟
فَقالَ:أنَا وَالحَسَنُ وَالحُسَینُ وَالأَئِمَّةُ التِّسعَةُ مِن وُلدِ الحُسَینِ،تاسِعُهُم مَهدِیُّهُم وقائِمُهُم،لایُفارِقونَ کِتابَ اللّهِ ولایُفارِقُهُم حَتّی یَرِدوا عَلی رَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله حَوضَهُ. (1)
3870.الصراط المستقیم عن الإمام الحسین علیه السّلام: عَهِدَ إلَینا نَبِیُّنا کَونَ الأَئِمَّةِ بَعدَهُ عَدَدَ نُقَباءِ بَنی إسرائیلَ. (2)
3871.کفایة الأثر عن إسماعیل بن عبد اللّه عن الحسین بن علیّ علیه السّلام: لَمّا أنزَلَ اللّهُ تَبارَکَ وتَعالی هذِهِ الآیَةَ: «وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلی بِبَعْضٍ» 3 سَأَلتُ رَسولَ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله عَن تَأویلِها،فَقالَ:
وَاللّهِ ما عَنی غَیرَکُم،وأنتُم اولُو الأَرحامِ،فَإِذا مِتُّ فَأَبوکَ عَلِیٌّ أولی بی وبِمَکانی،فَإِذا مَضی أبوکَ فَأَخوکَ الحَسَنُ أولی بِهِ،فَإِذا مَضَی الحَسَنُ فَأَنتَ أولی بِهِ.
قُلتُ:یا رَسولَ اللّهِ ! فَمَن بَعدی أولی بی؟
فَقالَ:اِبنُکَ عَلِیٌّ أولی بِکَ مِن بَعدِکَ،فَإِذا مَضی فَابنُهُ مُحَمَّدٌ أولی بِهِ مِن بَعدِهِ، فَإِذا مَضی فَابنُهُ جَعفَرٌ أولی بِهِ مِن بَعدِهِ بِمَکانِهِ،فَإِذا مَضی جَعفَرٌ فَابنُهُ موسی أولی بِهِ مِن بَعدِهِ،فَإِذا مَضی موسی فَابنُهُ عَلِیٌّ أولی بِهِ مِن بَعدِهِ،فَإِذا مَضی عَلِیٌّ فَابنُهُ مُحَمَّدٌ أولی بِهِ مِن بَعدِهِ،فَإِذا مَضی مُحَمَّدٌ فَابنُهُ عَلِیٌّ أولی بِهِ مِن بَعدِهِ،فَإِذا مَضی
ص:56
عَلِیٌّ فَابنُهُ الحَسَنُ أولی بِهِ مِن بَعدِهِ،فَإِذا مَضَی الحَسَنُ وَقَعَتِ الغَیبَةُ فِی التّاسِعِ مِن وُلدِکَ،فَهذِهِ الأَئِمَّةُ التِّسعَةُ مِن صُلبِکَ،أعطاهُم عِلمی وفَهمی،طینَتُهُم مِن طینَتی.ما لِقَومٍ یُؤذُونّی فیهِم؟لا أنالَهُمُ اللّهُ شَفاعَتی ! (1)
3872.کفایة الأثر عن محمّد بن مسلم: دَخَلتُ عَلی زَیدِ بنِ عَلِیٍّ علیه السّلام،فَقُلتُ:إنَّ قَوماً یَزعُمونَ أنَّکَ صاحِبُ هذَا الأَمرِ !
قالَ:[لا] (2)،ولکِنّی مِنَ العِترَةِ.
قُلتُ:فَمَن یَلی هذَا الأَمرَ بَعدَکُم؟
قالَ:سَبعَةٌ (3)مِنَ الخُلَفاءِ وَالمَهدِیُّ مِنهُم.
قالَ ابنُ مُسلِمٍ:ثُمَّ دَخَلتُ عَلَی الباقِرِ علیه السّلام فَأَخبَرتُهُ بِذلِکَ،فَقالَ:صَدَقَ أخی زَیدٌ، سَیَلی هذَا الأَمرَ بَعدی سَبعَةٌ مِنَ الأَوصِیاءِ وَالمَهدِیُّ مِنهُم.ثُمَّ بَکی علیه السّلام وقالَ:کَأَنّی بِهِ وقَد صُلِبَ فِی الکُناسَةِ (4).
یَابنَ مُسلِمٍ،حَدَّثَنی أبی عَن أبیهِ الحُسَینِ علیه السّلام قالَ:وَضَعَ رَسولُ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله یَدَهُ عَلی کَتِفی وقالَ:یا بُنَیَّ،یَخرُجُ مِن صُلبِکَ رَجُلٌ یُقالُ لَهُ:زَیدٌ،یُقتَلُ مَظلوماً،إذا کانَ یَومُ القِیامَةِ حُشِرَ إلَی الجَنَّةِ. (5)
ص:57
3873.عیون أخبار الرضا علیه السّلام بإسناده عن الحسین بن علیّ علیه السّلام: قالَ لی بُرَیدَةُ:أمَرَنا رَسولُ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله أن نُسَلِّمَ (1)عَلی أبیکَ بِإِمرَةِ المُؤمِنینَ. (2)
3874.الأمالی للطوسی بإسناده عن الحسین بن علیّ علیه السّلام: حَدَّثَنی أمیرُ المُؤمِنینَ عَلِیُّ بنُ أبی طالِبٍ علیه السّلام قالَ:قالَ لِیَ النَّبِیُّ صلّی اللّه علیه و آله:یا عَلِیُّ،خَلَقَنِیَ اللّهُ تَعالی وأنتَ مِن نورِ اللّهِ حینَ خَلَقَ آدَمَ،وأفرَغَ ذلِکَ النّورَ فی صُلبِهِ،فَأَفضی بِهِ إلی عَبدِ المُطَّلِبِ،ثُمَّ افتَرَقا مِن عَبدِ المُطَّلِبِ؛أنَا فی عَبدِ اللّهِ وأنتَ فی أبی طالِبٍ،لا تَصلُحُ النُّبُوَّةُ إلّالی،ولا تَصلُحُ الوَصِیَّةُ إلّالَکَ،فَمَن جَحَدَ وَصِیَّتَکَ جَحَدَ نُبُوَّتی،ومَن جَحَدَ نُبُوَّتی أکَبَّهُ اللّهُ عَلی مَنخِرَیهِ فِی النّارِ. (3)
3875.التوحید عن الأصبغ بن نباتة: لَمّا جَلَسَ عَلِیٌّ علیه السّلام فِی الخِلافَةِ وبایَعَهُ النّاسُ،خَرَجَ إلَی المَسجِدِ مُتَعَمِّماً بِعِمامَةِ رَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله،لابِساً بُردَةَ رَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله،مُتَنَعِّلاً نَعلَ رَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله،مُتَقَلِّداً سَیفَ رَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله،فَصَعِدَ المِنبَرَ فَجَلَسَ علیه السّلام عَلَیهِ مُتَمَکِّناً....
ثُمَّ قالَ لِلحَسَنِ علیه السّلام:یا حَسَنُ ! قُم فَاصعَدِ المِنبَرَ فَتَکَلَّم....
ثُمَّ قالَ لِلحُسَینِ علیه السّلام:یا بُنَیَّ! قُم فَاصعَدِ المِنبَرَ وتَکَلَّم بِکَلامٍ لا تُجَهِّلُکَ قُرَیشٌ مِن بَعدی،فَیَقولونَ:إنَّ الحُسَینَ بنَ عَلِیٍّ لا یُبصِرُ شَیئاً،وَلیَکُن کَلامُکَ تَبَعاً لِکَلامِ أخیکَ.
ص:58
فَصَعِدَ الحُسَینُ علیه السّلام المِنبَرَ،فَحَمِدَ اللّهَ وأثنی عَلَیهِ،وصَلّی عَلی نَبِیِّهِ صلّی اللّه علیه و آله صَلاةً موجَزَةً،ثُمَّ قالَ:مَعاشِرَ النّاسِ ! سَمِعتُ جَدّی رَسولَ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله وهُوَ یَقولُ:«إنَّ عَلِیّاً هُوَ مَدینَةُ هُدیً،فَمَن دَخَلَها نَجا ومَن تَخَلَّفَ عَنها هَلَکَ».
فَوَثَبَ إلَیهِ عَلِیٌّ علیه السّلام فَضَمَّهُ إلی صَدرِهِ وقَبَّلَهُ،ثُمَّ قالَ:مَعاشِرَ النّاسِ ! اشهَدوا أنَّهُما فَرخا رَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله ووَدیعَتُهُ الَّتِی استَودَعَنیها،وأنَا أستَودِعُکُموها.مَعاشِرَ النّاسِ ! ورَسولُ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله سائِلُکُم عَنهُما. (1)
3876.الفتوح -فی ذِکرِ أحداثِ حَربِ صِفّینَ-:أرسَلَ عُبَیدُ اللّهِ بنُ عُمَرَ بنِ الخَطّابِ إلَی الحُسَینِ بنِ عَلِیٍّ علیه السّلام أنَّ لی إلَیکَ حاجَةً،فَالقَنی إذا شِئتَ حَتّی اخبِرَکَ.
قالَ:فَخَرَجَ إلَیهِ الحُسَینُ علیه السّلام حَتّی واقَفَهُ وظَنَّ أنَّهُ یُریدُ حَربَهُ.
فَقالَ لَهُ ابنُ عُمَرَ:إنّی لَم أدعُکَ إلَی الحَربِ،ولکِنِ اسمَع مِنّی فَإِنَّها نَصیحَةٌ لَکَ.
فَقالَ الحُسَینُ علیه السّلام:قُل ما تَشاءُ.
فَقالَ:اِعلَم أنَّ أباکَ قَد وَتَرَ قُرَیشاً،وقَد بَغَضَهُ النّاسُ وذَکَروا أنَّهُ هُوَ الَّذی قَتَلَ عُثمانَ،فَهَل لَکَ أن تَخلَعَهُ وتُخالِفَ عَلَیهِ حَتّی نُوَلِّیَکَ هذَا الأَمرَ؟
فَقالَ الحُسَینُ علیه السّلام:کَلّا وَاللّهِ،لا أکفُرُ بِاللّهِ وبِرَسولِهِ وبِوَصِیِّ رَسولِ اللّهِ، اخسَ (2)وَیلَکَ مِن شَیطانٍ مارِدٍ ! فَلَقَد زَیَّنَ لَکَ الشَّیطانُ سوءَ عَمَلِکَ،فَخَدَعَکَ حَتّی أخرَجَکَ مِن دینِکَ بِاتِّباعِ القاسِطینَ ونُصرَةِ هذَا المارِقِ مِنَ الدّینِ،لَم یَزَل هُوَ وأبوهُ حَربِیَّینِ وعَدُوَّینِ للّهِ ِ ولِرَسولِهِ ولِلمُؤمِنینَ،فَوَاللّهِ،ما أسلَما ولکِنَّهُمَا استَسلَما خَوفاً وطَمَعاً.
ص:59
فَأَنتَ الیَومَ تُقاتِلُ عَن غَیرِ مُتَذَمِّمٍ (1)،ثُمَّ تَخرُجُ إلَی الحَربِ مُتَخَلِّقاً (2)لِتُرائِیَ بِذلِکَ نِساءَ أهلِ الشّامِ،ارتَع (3)قَلیلاً،فَإِنّی أرجو أن یَقتُلَکَ اللّهُ عز و جل سَریعاً.
قالَ:فَضَحِکَ عُبَیدُ اللّهِ بنُ عُمَرَ،ثُمَّ رَجَعَ إلی مُعاوِیَةَ فَقالَ:إنّی أرَدتُ خَدیعَةَ الحُسَینِ وقُلتُ لَهُ کَذا وکَذا،فَلَم أطمَع فی خَدیعَتِهِ.
فَقالَ مُعاوِیَةُ:إنَّ الحُسَینَ بنَ عَلِیٍّ لا یُخدَعُ،وهُوَ ابنُ أبیهِ. (4)
3877.المناقب للکوفی عن رجل من بنی هاشم یقال له عبد اللّه بن الحسین: جاءَ رَجُلٌ إلَی الحُسَینِ بنِ عَلِیٍّ علیه السّلام فَقالَ:حَدِّثنی فی عَلیِّ بنِ أبی طالِبٍ.
فَقالَ:وَیحَکَ ! وما عَسَیتُ أن احَدِّثَکَ فی عَلِیٍّ وهُوَ أبی؟
قالَ:بَل تُحَدِّثُنی.
قالَ:إنَّ اللّهَ تَبارَکَ وتَعالی أدَّبَ نَبِیَّهُ الآدابَ کُلَّها،فَلَمَّا استَحکَمَ الأَدَبُ فَوَّضَ الأَمرَ إلَیهِ فَقالَ: «ما آتاکُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ ما نَهاکُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا» 5 ،إنَّ رَسولَ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله أدَّبَ عَلِیّاً علیه السّلام بِتِلکَ الآدابِ الَّتی أدَّبَهُ بِها،فَلَمَّا استَحکَمَ الآدابُ کُلُّها فَوَّضَ الأَمرَ إلَیهِ،فَقالَ:«مَن کُنتُ مَولاهُ فَعَلِیٌّ مَولاهُ». (5)
إنّ الأحادیث المأثورة عن الإمام الحسین علیه السّلام حول إمامة الإمام أمیر المؤمنین علیه السّلام
ص:60
وفضائله کثیرةٌ،وقد ذکرنا هذه الأحادیث فی موسوعة الإمام علیّ علیه السّلام ،فلذا تجنّبنا عن ذکرها هنا.
3878.رجال الکشّی عن فضیل غلام محمّد بن راشد عن أبی عبد اللّه [الصادق] علیه السّلام: إنَّ مُعاوِیَةَ کَتَبَ إلَی الحَسَنِ بنِ عَلِیٍّ علیه السّلام أنِ اقدَم أنتَ وَالحُسَینُ وأصحابُ عَلِیٍّ فَخَرَجَ مَعَهُم قَیسُ بنُ سَعدِ بنِ عُبادَةَ الأَنصارِیُّ،وقَدِمُوا الشّامَ،فَأَذِنَ لَهُم مُعاوِیَةُ،وأعَدَّ لَهُمُ الخُطَباءَ.
فَقالَ:یا حَسَنُ قُم فَبایِع،فَقامَ فَبایَعَ،ثُمَّ قالَ لِلحُسَینِ علیه السّلام:قُم فَبایِع،فَقامَ فَبایَعَ، ثُمَّ قالَ:قُم یا قَیسُ فَبایِع،فَالتَفَتَ إلَی الحُسَینِ علیه السّلام یَنظُرُ ما یَأمُرُهُ،فَقالَ:یا قَیسُ،إنَّهُ إمامی.یَعنِی الحَسَنَ علیه السّلام. (1)
3879.کفایة الأثر عن عبید اللّه بن عبد اللّه بن عتبة: کُنتُ عِندَ الحُسَینِ بنِ عَلِیٍّ علیه السّلام إذ دَخَلَ عَلِیُّ بنُ الحُسَینِ الأَصغَرُ،فَدَعاهُ الحُسَینُ علیه السّلام وضَمَّهُ إلَیهِ ضَمّاً وقَبَّلَ ما بَینَ عَینَیهِ،ثُمَّ قالَ:بِأَبی أنتَ ما أطیَبَ ریحَکَ وأحسَنَ خلقَکَ !
فَتَداخَلَنی مِن ذلِکَ،فَقُلتُ:بِأَبی واُمّی یَابنَ رَسولِ اللّهِ ! إن کانَ ما نَعوذُ بِاللّهِ أن نَراهُ فیکَ،فَإِلی مَن؟
قالَ:إلی عَلِیً ّ ابنی هذا،هُوَ الإِمامُ وأبُو الأَئِمَّةِ. (2)
ص:61
3880.کمال الدین بإسناده عن الحسین بن علیّ عن أبیه علیّ بن أبی طالب علیهما السّلام: قالَ رَسولُ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله:یا عَلِیُّ ! أنتَ وَالأَئِمَّةُ مِن وُلدِکَ بَعدی حُجَجُ اللّهِ عز و جل عَلی خَلقِهِ،وأعلامُهُ فی بَرِیَّتِهِ،مَن أنکَرَ واحِداً مِنکُم فَقَد أنکَرَنی،ومَن عَصی واحِداً مِنکُم فَقَد عَصانی،ومَن جَفا واحِداً مِنکُم فَقَد جَفانی،ومَن وَصَلَکُم فَقَد وَصَلَنی،ومَن أطاعَکُم فَقَد أطاعَنی، ومَن والاکُم فَقَد والانی،ومَن عاداکُم فَقَد عادانی،لِأَنَّکُم مِنّی،خُلِقتُم مِن طینَتی وأنَا مِنکُم. (1)
3881.کفایة الأثر بإسناده عن الحسین بن علیّ علیه السّلام: دَخَلتُ عَلی رَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله وهُوَ مُتَفَکِّرٌ مَغمومٌ، فَقُلتُ:یا رَسولَ اللّهِ ! مالی أراکَ مُتَفَکِّراً؟
قالَ:یا بُنَیَّ ! إنَّ الرّوحَ الأَمینَ قَد أتانی،فَقالَ:یا رَسولَ اللّهِ ! العَلِیُّ الأَعلی یُقرِئُکَ السَّلامَ ویَقولُ لَکَ:إنَّکَ قَد قَضَیتَ نُبُوَّتَکَ وَاستَکمَلتَ أیّامَکَ،فَاجعَلِ الاِسمَ الأَکبَرَ ومیراثَ العِلمِ وآثارَ عِلمِ النُّبُوَّةِ عِندَ عَلِیِّ بنِ أبی طالِبٍ علیه السّلام،فَإِنّی لا أترُکُ الأَرضَ إلّاوفیها عالِمٌ یُعرَفُ بِهِ طاعَتی ویُعرَفُ بِهِ وِلایَتی،فَإِنّی لَم أقطَع عِلمَ (2)النُّبُوَّةِ مِنَ الغَیبِ مِن ذُرِّیَّتِکَ کَما لَم أقطَعها مِن ذُرِّیّاتِ الأَنبیاءِ الَّذینَ کانوا بَینَکَ وبَینَ أبیکَ آدَمَ.
قُلتُ:یا رَسولَ اللّهِ،فَمَن یَملِکُ هذَا الأَمرَ بَعدَکَ؟
قالَ:أبوکَ عَلِیُّ بنُ أبی طالِبٍ،أخی وخَلیفَتی،ویَملِکُ بَعدَ عَلِیٍّ الحَسَنُ،ثُمَّ تَملِکُ أنتَ وتِسعَةٌ مِن صُلبِکَ،یَملِکُهُ اثنا عَشَرَ إماماً،ثُمَّ یَقومُ قائِمُنا یَملَأُ الدُّنیا قِسطاً وعَدلاً کَما مُلِئَت جَوراً وظُلماً،ویَشفی صُدورَ قَومٍ مُؤمِنینَ هُم شیعَتُهُ. (3)
ص:62
3882.کفایة الأثر بإسناده عن الحسین بن علیّ علیه السّلام: کانَ رَسولُ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله یَقولُ فیما بَشَّرَنی بِهِ:
یا حُسَینُ،أنتَ السَّیِّدُ ابنُ السَّیِّدِ أبُو السّادَةِ،تِسعَةٌ مِن وُلدِکَ أئِمَّةٌ امَناءُ،التّاسِعُ قائِمُهُم،أنتَ الإِمامُ ابنُ الإِمامِ أبُو الأَئِمَّةِ،تِسعَةٌ مِن صُلبِکَ أئِمَّةٌ أبرارٌ،وَالتّاسِعُ مَهدِیُّهُم یَملَأُ الأَرضَ قِسطاً وعَدلاً،یَقومُ فی آخِرِ الزَّمانِ کَما قُمتُ فی أوَّلِهِ. (1)
3883. کفایة الأثر بإسناده عن الحسین علیه السّلام: قالَت لی امّی فاطِمَةُ علیها السّلام:لَمّا وَلَدتُکَ دَخَلَ إلَیَّ رَسولُ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله،فَناوَلتُکَ إیّاهُ فی خِرقَةٍ صَفراءَ،فَرَمی بِها وأخَذَ خِرقَةً بَیضاءَ لَفَّکَ فیها،وأذَّنَ فی اذُنِکَ الأَیمَنِ وأقامَ فی اذُنِکَ الأَیسَرِ.
ثُمَّ قالَ:یا فاطِمَةُ،خُذیهِ فَإِنَّهُ أبُو الأَئِمَّةِ،تِسعَةٌ مِن وُلدِهِ أئِمَّةٌ أبرارٌ وَالتّاسِعُ مَهدِیُّهُم. (2)
3884.کفایة الأثر بإسناده عن الحسین بن علیّ علیه السّلام: قالَ رَسولُ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله:یا حُسَینُ،أنتَ الإِمامُ وأخُو الإِمامِ وَابنُ الإِمامِ،تِسعَةٌ مِن وُلدِکَ امَناءُ مَعصومونَ،وَالتّاسِعُ مَهدِیُّهُم،فَطوبی لِمَن أحَبَّهُم،وَالوَیلُ لِمَن أبغَضَهُم. (3)
3885.کمال الدین عن عبد اللّه بن شریک عن رجل من همدان: سَمِعتُ الحُسَینَ بنَ عَلِیِّ بنِ
ص:63
أبی طالِبٍ علیهم السّلام یَقولُ:قائِمُ هذِهِ الاُمَّةِ هُوَ التّاسِعُ مِن وُلدی،وهُوَ صاحِبُ الغَیبَةِ،وهُوَ الَّذی یُقَسَّمُ میراثُهُ وهُوَ حَیٌّ. (1)
3886.کمال الدین بإسناده عن الحسین بن علیّ علیه السّلام: فِی التّاسِعِ مِن وُلدی سُنَّةٌ مِن یوسُفَ،وسُنَّةٌ مِن موسَی بنِ عِمرانَ علیهما السّلام،وهُوَ قائِمُنا أهلَ البَیتِ،یُصلِحُ اللّهُ تَبارَکَ وتَعالی أمرَهُ فی لَیلَةٍ واحِدَةٍ. (2)
3887.کمال الدین عن عبد اللّه بن عمر: سَمِعتُ الحُسَینَ بنَ عَلِیٍّ علیه السّلام یَقولُ:لَو لَم یَبقَ مِنَ الدُّینا إلّا یَومٌ واحِدٌ لَطَوَّلَ اللّهُ عز و جل ذلِکَ الیَومَ حَتّی یَخرُجَ رَجُلٌ مِن وُلدی،فَیَملَأَها عَدلاً وقِسطاً کَما مُلِئَت جَوراً وظُلماً،کَذلِکَ سَمِعتُ رَسولَ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله یَقولُ. (3)
3888.إثبات الهداة عن ثابت بن دینار عن أبی جعفر [الباقر] علیه السّلام: إنَّ الحُسَینَ علیه السّلام قالَ:یُظهِرُ اللّهُ قائِمَنا فَیَنتَقِمُ مِنَ الظّالِمینَ.
فَقیلَ لَهُ:یَابنَ رَسولِ اللّهِ،مَن قائِمُکُم؟
قالَ:السّابِعُ مِن وُلدِ ابنی مُحَمَّدِ بنِ عَلِیٍّ،وهُوَ الحُجَّةُ ابنُ الحَسَنِ بنِ عَلِیِّ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَلِیِّ بنِ موسَی بنِ جَعفَرِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَلِیٍّ ابنی،وهُوَ الَّذی یَغیبُ مُدَّةً طَویلَةً ثُمَّ یَظهَرُ ویَملَأُ الأَرضَ قِسطاً وعَدلاً کَما مُلِئَت جَوراً وظُلماً. (4)
3889.کمال الدین بإسناده عن الحسین بن علیّ علیه السّلام: دَخَلتُ أنَا وأخی عَلی جدّی رَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله
ص:64
فَأَجلَسَنی عَلی فَخِذِهِ،وأجلَسَ أخی الحَسَنَ عَلی فَخِذِهِ الاُخری،ثُمَّ قَبَّلَنا وقالَ:
بِأَبی أنتُما مِن إمامَینِ صالِحَینِ،اختارَکُمَا اللّهُ مِنّی ومِن أبیکُما واُمِّکُما،وَاختارَ مِن صُلبِکَ یا حُسَینُ تِسعَةَ أئِمَّةٍ،تاسِعُهُم قائِمُهُم،وکُلُّهُم فِی الفَضلِ وَالمَنزِلَةِ عِندَ اللّهِ تَعالی سَواءٌ. (1)
3890.کفایة الأثر عن یحیی بن جعدة بن هبیرة عن الحسین بن علیّ صلوات اللّه علیهما -فی جَوابِ رَجُلٍ سَأَلَهُ عَنِ الأَئِمَّةِ-:عَدَدُ نُقَباءِ بَنی إسرائیلَ،تِسعَةٌ مِن وُلدی آخِرُهُمُ القائِمُ، ولَقَد سَمِعتُ رَسولَ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله یَقولُ:أبشِروا ثُمَّ أبشِروا-ثَلاثَ مَرّاتٍ-إنَّما مَثَلُ أهلِ بَیتی کَمَثَلِ حَدیقَةٍ اطعِمَ مِنها فَوجٌ عاماً،ثُمَّ اطعِمَ مِنها فَوجٌ عاماً،فی آخِرِها فَوجٌ یَکونُ أعرَضَها بَحراً،وأعمَقَها طولاً وفَرعاً،وأحسَنَها جَنیً. (2)
3891.کمال الدین عن ثابت بن دینار عن سیّد العابدین علیّ بن الحسین عن سیّد الشهداء الحسین بن علیّ عن سیّد الأوصیاء أمیر المؤمنین علیّ بن أبی طالب علیهم السّلام: قالَ رَسولُ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله:الأَئِمَّةُ بَعدِی اثنا عَشَرَ،أوَّلُهُم أنتَ-یا عَلِیُّ-،وآخِرُهُمُ القائِمُ الَّذی یَفتَحُ اللّهُ عز و جل عَلی یَدَیهِ مَشارِقَ الأَرضِ ومَغارِبَها. (3)
3892.الغیبة للنعمانی بإسناده عن الحسین بن علیّ علیه السّلام: جاءَ رَجُلٌ إلی أمیرِ المُؤمِنینَ علیه السّلام،فَقالَ
ص:65
لَهُ:یا أمیرَ المُؤمِنینَ! نَبِّئنا بِمَهدِیِّکُم هذا.
فَقالَ:إذا دَرَجَ (1)الدّارِجونَ،وقَلَّ المُؤمِنونَ،وذَهَبَ المُجلِبونَ،فَهُناکَ هُناکَ.
فَقالَ:یا أمیرَ المُؤمِنینَ،مِمَّنِ الرَّجُلُ؟
فَقالَ:مِن بَنی هاشِمٍ،مِن ذِروَةِ (2)طَودِ (3)العَرَبِ،وبَحرِ مَغیضِها (4)إذا وَرَدَت،ومَخفَرِ (5)أهلِها إذا اتِیَت،ومَعدِنِ صَفوَتِها إذَا اکتَدَرَت،لا یَجبُنُ إذَا المَنایا هَکَعَت (6)،ولا یَخورُ إذَا المَنونُ اکتَنَعَت (7)،ولا یَنکُلُ (8)إذَا الکُماةُ (9)اصطَرَعَت،مُشَمِّرٌ مُغلَولِبٌ،ظَفِرٌ (10)،ضِرغامَةٌ،حَصِدٌ،مُخَدِّشٌ،ذَکَرٌ،سَیفٌ مِن سُیوفِ اللّهِ،رَأسٌ،قُثَمُ (11)،نُشوءُ رَأسِهِ فی باذِخِ السُّؤدَدِ (12)،وعارِزُ (13)مَجدِهِ فی أکرَمِ المَحتِدِ (14)،فَلا یَصرِفَنَّکَ عَن بَیعَتِهِ صارِفٌ عارِضٌ یَنوصُ إلَی الفِتنَةِ کُلَّ
ص:66
مَناصٍ،إن قالَ فَشَرُّ قائِلٍ،وإن سَکَتَ فَذو دَعایِرَ (1).
ثُمَّ رَجَعَ إلی صِفَةِ المَهدِیِّ علیه السّلام فَقالَ:أوسَعُکُم کَهفاً،وأکثَرُکُم عِلماً،وأوصَلُکُم رَحِماً،اللّهُمَّ فَاجعَل بَعثَهُ خُروجاً مِنَ الغُمَّةِ،وَاجمَع بِهِ شَملَ الاُمَّةِ،فَإِن خارَ اللّهُ لَکَ فَاعزِم ولا تَنثَنِ عَنهُ إن وُفِّقتَ لَهُ،ولا تَجوزَنَّ عَنهُ إن هُدیتَ إلَیهِ،هاه-وأومَأَ بِیَدِهِ إلی صَدرِهِ-شَوقاً إلی رُؤیَتِهِ. (2)
3893.دلائل الإمامة بإسناده عن الإمام الحسین علیه السّلام: أنَّ النَّبِیَّ صلّی اللّه علیه و آله قالَ لِفاطِمَةَ-صَلَواتُ اللّهِ عَلَیها-:المَهدِیُّ مِن وُلدِکِ. (3)
3894.کمال الدین عن عبد الرحمن بن سلیط عن الحسین بن علیّ بن أبی طالب علیه السّلام: مِنَّا اثنا عَشَرَ مَهدِیّاً؛أوَّلُهُم أمیرُ المُؤمِنینَ عَلِیُّ بنُ أبی طالِبٍ علیه السّلام،وآخِرُهُمُ التّاسِعُ مِن وُلدی وهُوَ الإِمامُ القائِمُ بِالحَقِّ،یُحیِی اللّهُ بِهِ الأَرضَ بَعدَ مَوتِها،ویُظهِرُ بِهِ دینَ الحَقِّ عَلَی الدّینِ کُلِّهِ ولَو کَرِهَ المُشرِکونَ،لَهُ غَیبَةٌ یَرتَدُّ فیها أقوامٌ ویَثبُتُ فیها عَلَی الدّینِ آخَرونَ،
ص:67
فَیُؤذَونَ ویُقالُ لَهُم: «مَتی هذَا الْوَعْدُ إِنْ کُنْتُمْ صادِقِینَ» 1 ،أما إنَّ الصّابِرَ فی غَیبَتِهِ عَلَی الأَذی وَالتَّکذیبِ بِمَنزِلَةِ المُجاهِدِ بِالسَّیفِ بَینَ یَدَی رَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله. (1)
3895.الغیبة للنعمانی عن عمیرة بنت نفیل: سَمِعتُ الحُسَینَ بنَ عَلِیٍّ علیه السّلام یَقولُ:لا یَکونُ الأَمرُ الَّذی تَنتَظِرونَهُ حَتّی یَبرَأَ بَعضُکُم مِن بَعضٍ،ویَتفِلَ بَعضُکُم فی وُجوهِ بَعضٍ،ویَشهَدَ بَعضُکُم عَلی بَعضٍ بِالکُفرِ،ویَلعَنَ بَعضُکُم بَعضاً.
فَقُلتُ لَهُ:ما فی ذلِکَ الزَّمانِ مِن خَیرٍ.
فَقالَ الحُسَینُ علیه السّلام:الخَیرُ کُلُّهُ فی ذلِکَ الزَّمانِ،یَقومُ قائِمُنا ویَدفَعُ ذلِکَ کُلَّهُ. (2)
3896.کمال الدین بإسناده عن الحسین بن علیّ عن أبیه أمیر المؤمنین علیّ بن أبی طالب علیهما السّلام: التّاسِعُ مِن وُلدِکَ یا حُسَینُ هُوَ القائِمُ بِالحَقِّ،المُظهِرُ لِلدّینِ،وَالباسِطُ لِلعَدلِ.
قالَ الحُسَینُ علیه السّلام:فَقُلتُ لَهُ:یا أمیرَ المُؤمِنینَ! وإنَّ ذلِکَ لَکائِنٌ؟
فَقالَ علیه السّلام:إی وَالَّذی بَعَثَ مُحَمَّداً صلّی اللّه علیه و آله بِالنُّبُوَّةِ،وَاصطَفاهُ عَلی جَمیعِ البَرِیَّةِ،
ص:68
ولکِن بَعدَ غَیبَةٍ وحَیرَةٍ،فَلا یَثبُتُ فیها عَلی دینِهِ إلَّاالمُخلِصونَ المُباشِرونَ لِروحِ الیَقینِ،الَّذینَ أخَذَ اللّهُ عز و جل میثاقَهُم بِوِلایَتِنا،وکَتَبَ فی قُلوبِهِمُ الإِیمانَ وأیَّدَهُم بِروحٍ مِنهُ. (1)
3897.عقد الدرر عن الحسین بن علیّ علیه السّلام: یَملِکُ المَهدِیُّ علیه السّلام تِسعَ عَشرَةَ سَنَةً وأشهُراً. (2)
3898.کتاب من لا یحضره الفقیه عن سالم عن أبی عبد اللّه [الصادق] علیه السّلام: أوصی رَسولُ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله إلی عَلِیٍّ علیه السّلام وَحدَهُ،وأوصی عَلِیٌّ علیه السّلام إلَی الحَسَنِ وَالحُسَینِ علیهما السّلام جَمیعاً،وکانَ الحَسَنُ علیه السّلام إمامَهُ،فَدَخَلَ رَجُلٌ یَومَ عَرَفَةَ عَلَی الحَسَنِ علیه السّلام وهُوَ یَتَغَدّی وَالحُسَینُ علیه السّلام صائِمٌ،ثُمَّ جاءَ بَعدَما قُبِضَ الحَسَنُ علیه السّلام فَدَخَلَ عَلَی الحُسَینِ علیه السّلام یَومَ عَرَفَةَ وهُوَ یَتَغَدّی وعَلِیُّ بنُ الحُسَینِ علیه السّلام صائِمٌ،فَقالَ لَهُ الرَّجُلُ:إنّی دَخَلتُ عَلَی الحَسَنِ علیه السّلام وهُوَ یَتَغَدّی وأنتَ صائِمٌ،ثُمَّ دَخَلتُ عَلَیکَ وأنتَ مُفطِرٌ؟!
فَقالَ:إنَّ الحَسَنَ علیه السّلام کانَ إماماً فَأَفطَرَ لِئَلّا یُتَّخَذَ صَومُهُ سُنَّةً ولِیَتَأَسّی (3)بِهِ النّاسُ، فَلَمّا أن قُبِضَ کُنتُ أنَا الإِمامَ؛فَأَرَدتُ ألّا یُتَّخَذَ صَومی سُنَّةً فَیَتَأَسَّی النّاسُ بی. (4)
ص:69
3899.مستدرک الوسائل عن مسروق: دَخَلتُ یَومَ عَرَفَةَ عَلَی الحُسَینِ بنِ عَلِیٍّ علیه السّلام وأقداحُ السَّویقِ بَینَ یَدَیهِ وبَینَ یَدَی أصحابِهِ،وَالمَصاحِفُ فی حُجورِهِم وهُم یَنتَظِرونَ الإِفطارَ،فَسَأَلتُهُ عَن مَسأَلَةٍ فَأَجابَنی،فَخَرَجتُ فَدَخَلتُ عَلَی الحَسَنِ بنِ عَلِیٍّ علیه السّلام، وَالنّاسُ یَدخُلونَ إلی مَوائِدَ مَوضوعَةٍ عَلَیها طَعامٌ عَتیدٌ (1)،فَیَأکُلونَ ویَحمِلونَ،فَرَآنی وقَد تَغَیَّرتُ.
فَقالَ:یا مَسروقُ لِمَ لا تَأکُلُ؟
فَقُلتُ:یا سَیِّدی! أنَا صائِمٌ،وأنَا أذکُرُ شَیئاً.
فَقالَ:اُذکُر ما بَدا لَکَ.
فَقُلتُ:أعوذُ بِاللّهِ أن تَکونوا مُختَلِفینَ،دَخَلتُ عَلَی الحُسَینِ علیه السّلام فَرَأَیتُهُ یَنتَظِرُ الإِفطارَ،ودَخَلتُ عَلَیکَ وأنتَ عَلی هذِهِ الصِّفَةِ وَالحالِ !
فَضَمَّنی إلی صَدرِهِ وقالَ:یَابنَ الأَشرَسِ،أما عَلِمتَ أنَّ اللّهَ تَعالی نَدَبَنا لِسِیاسَةِ الاُمَّةِ،ولَوِ اجتَمَعنا عَلی شَیءٍ ما وَسِعَکُم غَیرُهُ؟إنّی أفطَرتُ لِمُفطِرِکُم،وصامَ أخی لِصُوّامِکُم. (2)
3900.کتاب من لا یحضره الفقیه: رُوِیَ عَن یَعقوبَ بنِ شُعَیبٍ قالَ:سَأَلتُ أبا عَبدِ اللّهِ علیه السّلام عَن صَومِ یَومِ عَرَفَةَ،قالَ:إن شِئتَ صُمتَ وإن شِئتَ لَم تَصُم.
وذَکَرَ أنَّ رَجُلاً أتَی الحَسَنَ وَالحُسَینَ علیهما السّلام فَوَجَدَ أحَدَهُما صائِماً وَالآخَرَ مُفطِراً، فَسَأَلَهُما فَقالا:إن صُمتَ فَحَسَنٌ،وإن لَم تَصُم فَجائِزٌ. (3)
ص:70
3901.المحاسن عن زید بن أرقم عن الحسین بن علیّ علیه السّلام: ما مِن شیعَتِنا إلّاصِدّیقٌ شَهیدٌ.
قالَ:قُلتُ:جُعِلتُ فِداکَ ! أنّی یَکونُ ذلِکَ وعامَّتُهُم یَموتونَ عَلی فِراشِهِم؟
فَقالَ:أما تَتلو کِتابَ اللّهِ فِی الحَدیدِ: «وَ الَّذِینَ آمَنُوا بِاللّهِ وَ رُسُلِهِ أُولئِکَ هُمُ الصِّدِّیقُونَ وَ الشُّهَداءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ» 1 ؟
قالَ:فَقُلتُ:فَکَأَنّی لَم أقرَأ هذِهِ الآیَةَ مِن کِتابِ اللّهِ تَعالی قَطُّ !
قالَ:لَو کانَ الشُّهَداءُ لَیسَ إلّاکَما تَقولُ لَکانَ الشُّهَداءُ قَلیلاً. (1)
3902.تفسیر فرات عن أبی الجاریة والأصبغ بن نباتة: لَمّا کانَ مَروانُ عَلَی المَدینَةِ،خَطَبَ النّاسَ فَوَقَعَ فی أمیرِ المُؤمِنینَ علیه السّلام...فَقامَ الحُسَینُ علیه السّلام مُغضَباً حَتّی دَخَلَ عَلی
ص:71
مَروانَ،فَقالَ لَهُ:یَابنَ الزَّرقاءِ ! (1)ویَابنَ آکِلَةِ القُمَّلِ ! أنتَ الواقِعُ فی عَلِیٍّ؟!...
ألا اخبِرُکَ بِما فیکَ وفی أصحابِکَ وفی عَلِیٍّ علیه السّلام؟فَإِنَّ اللّهَ تَبارَکَ وتَعالی یَقولُ:
«إِنَّ الَّذِینَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصّالِحاتِ سَیَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا» 2 فَذلِکَ لِعَلِیٍّ وشیعَتِهِ «فَإِنَّما یَسَّرْناهُ بِلِسانِکَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِینَ» 3 ،فَبَشَّرَ بِذلِکَ النَّبِیُّ صلّی اللّه علیه و آله لِعَلِیِّ بنِ أبی طالِبٍ علیه السّلام. (2)
3903.الاُصول الستّة عشر بإسناده عن الإمام الحسین علیه السّلام: جاءَ رَجُلٌ إلی أبی فَحَدَّثَهُ فَقالَ:إنَّ الرَّجُلَ مِن شیعَتِنا لَیَأتی یَومَ القِیامَةِ عَلَیهِ تاجُ نُبُوَّةٍ،قُدّامَهُ سَبعونَ مَلَکاً (3)یَنساقُ سَوقاً إلی بابِ الجَنَّةِ،فَیُقالُ لَهُ:اُدخُلِ الجَنَّةَ بِغَیرِ حِسابٍ. (4)
3904.تاریخ دمشق عن علیّ بن محمّد بن الصایغ عن أبیه عن حسین بن علیّ علیه السّلام: حَدَّثَنی أبی عَن جَدّی عَن جِبریلَ علیه السّلام عَن رَبِّهِ عز و جل أنَّ تَحتَ قائِمَةِ کُرسِیِّ العَرشِ فی وَرَقَةِ (5)آسٍ خَضراءَ مَکتوبٌ عَلَیها:لا إلهَ إلَّااللّهُ،مُحَمَّدٌ رَسولُ اللّهِ،یا شیعَةَ آلِ مُحَمَّدٍ،لا یَأتی -یَعنی-أحَدٌ مِنکُم یَومَ القِیامَةِ یَقولُ:«لا إلهَ إلَّااللّهُ»إلّاأدخَلَهُ اللّهُ الجَنَّةَ. (6)
3905.الخصال بإسناده عن الحسین عن أبیه علیّ بن أبی طالب علیهما السّلام: قالَ رَسولُ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله:یا عَلِیُّ،
ص:72
بَشِّر شیعَتَکَ وأنصارَکَ بِخِصالٍ عَشرٍ:
أوَّلُها:طیبُ المَولِدِ،وثانیها:حُسنُ إیمانِهِم بِاللّهِ،وثالِثُها:حُبُّ اللّهِ عز و جل لَهُم، ورابِعُها:الفُسحَةُ فی قُبورِهِم،وخامِسُها:النّورُ عَلَی الصِّراطِ بَینَ أعیُنِهِم،وسادِسُها:
نَزعُ الفَقرِ مِن بَینِ أعیُنِهِم وغِنی قُلوبِهِم،وسابِعُها:المَقتُ مِنَ اللّهِ عز و جل لِأَعدائِهِم، وثامِنُها:الأَمنُ مِنَ الجُذامِ وَالبَرَصِ وَالجُنونِ،یا عَلِیُّ ! وتاسِعُها:اِنحِطاطُ الذُّنوبِ وَالسَّیِّئاتِ عَنهُم،وعاشِرُها:هُم مَعی فِی الجَنَّةِ وأنَا مَعَهُم. (1)
3906.المؤمن عن سعد بن طریف: کُنتُ عِندَ أبی جَعفَرٍ علیه السّلام فَجاءَ جَمیلٌ الأَزرَقُ فَدَخَلَ عَلَیهِ، قالَ:فَذَکَروا بَلایَا الشّیعَةِ وما یُصیبُهُم.
فَقالَ أبو جَعفَرٍ علیه السّلام:إنَّ اناساً أتَوا عَلِیَّ بنَ الحُسَینِ علیه السّلام وعَبدَ اللّهِ بنَ عَبّاسٍ فَذَکَروا لَهُما نَحواً مِمّا ذَکَرتُم،قالَ:فَأَتَیَا الحُسَینَ بنَ عَلِیٍّ علیه السّلام فَذَکَرا لَهُ ذلِکَ،فَقالَ الحُسَینُ علیه السّلام:وَاللّهِ،البَلاءُ وَالفَقرُ وَالقَتلُ أسرَعُ إلی مَن أحَبَّنا مِن رَکضِ البَراذینِ (2)، ومِنَ السَّیلِ إلی صِمرِهِ-قُلتُ:ومَا الصِّمرُ (3)؟قالَ:مُنتَهاهُ-ولَولا أن تَکونوا کَذلِکَ لَرَأَینا أنَّکُم لَستُم مِنّا. (4)
3907.علل الشرائع بإسناده عن الإمام الحسین علیه السّلام: قالَ رَسولُ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله:مازِلتُ أنَا ومَن کانَ قَبلی
ص:73
مِنَ النَّبِیّینَ وَالمُؤمِنینَ مُبتَلَینَ بِمَن یُؤذینا،ولَو کانَ المُؤمِنُ عَلی رَأسِ جَبَلٍ لَقَیَّضَ (1)اللّهُ عز و جل لَهُ مَن یُؤذیهِ لِیَأجُرَهُ عَلی ذلِکَ. (2)
3908.المحاسن عن إسحاق بن جریر الجریری عن رجل من أهل بیته عن أبی عبد اللّه [الصادق] علیه السّلام: لَمّا شَیَّعَ أمیرُ المُؤمِنینَ علیه السّلام أبا ذَرٍّ رحمه الله،وشَیَّعَهُ الحَسَنُ وَالحُسَینُ علیهما السّلام،وعَقیلُ بنُ أبی طالِبٍ، وعَبدُ اللّهِ بنُ جَعفَرٍ،وعَمّارُ بنُ یاسِرٍ عَلَیهِم سَلامُ اللّهِ،قالَ لَهُم أمیرُ المُؤمِنینَ علیه السّلام:
وَدِّعوا أخاکُم،فَإِنَّهُ لابُدَّ لِلشّاخِصِ (3)مِن أن یَمضِیَ ولِلمُشَیِّعِ مِن أن یَرجِعَ.فَتَکَلَّمَ کُلُّ رَجُلٍ مِنهُم عَلی حِیالِهِ.
فَقالَ الحُسَینُ بنُ عَلِیٍّ علیه السّلام:رَحِمَکَ اللّهُ یا أباذَرٍّ،إنَّ القَومَ إنَّمَا امتَهَنوکَ بِالبَلاءِ لِأَنَّکَ مَنَعتَهُم دینَکَ فَمَنَعوکَ دُنیاهُم،فَما أحوَجَکَ غَداً إلی مامَنَعتَهُم،وأغناکَ عَمّامَنَعوکَ !
فَقالَ أبو ذَرٍّ:رَحِمَکُمُ اللّهُ مِن أهلِ بَیتٍ،فَما لی فِی الدُّنیا مِن شَجَنٍ (4)غَیرُکُم،إنّی إذا ذَکَرتُکُم ذَکَرتُ رَسولَ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله. (5)
3909.شرح نهج البلاغة لابن أبی الحدید عن ابن عبّاس: لَمّا اخرِجَ أبو ذَرٍّ إلَی الرَّبَذَةِ (6)،أمَرَ عُثمانُ فَنودِیَ فِی النّاسِ ألّا یُکَلِّمَ أحَدٌ أبا ذَرٍّ ولا یُشَیِّعَهُ،وأمَرَ مَروانَ بنَ الحَکَمِ أن یَخرُجَ بِهِ.فَخَرَجَ بِهِ،وتَحاماهُ النّاسُ إلّاعَلِیَّ بنَ أبی طالِبٍ علیه السّلام وعَقیلاً أخاهُ،وحَسَناً
ص:74
وحُسَیناً علیهما السّلام،وعَمّاراً؛فَإِنَّهُم خَرَجوا مَعَهُ یُشَیِّعونَهُ.
فَجَعَلَ الحَسَنُ علیه السّلام یُکَلِّمُ أبا ذَرٍّ،فَقالَ لَهُ مَروانُ:إیهاً یا حَسَنُ ! ألا تَعلَمُ أنَّ أمیرَ المُؤمِنینَ قَد نَهی عَن کَلامِ هذَا الرَّجُلِ؟! فَإِن کُنتَ لا تَعلَمُ فَاعلَم ذلِکَ.
فَحَمَلَ عَلِیٌّ علیه السّلام عَلی مَروانَ،فَضَرَبَ بِالسَّوطِ بَینَ اذُنَی راحِلَتِهِ،وقالَ:تَنَحَّ لَحاکَ (1)اللّهُ إلَی النّارِ ! فَرَجَعَ مَروانُ مُغضَباً إلی عُثمانَ فَأَخبَرَهُ الخَبَرَ،فَتَلَظّی عَلی عَلِیٍّ علیه السّلام....
ثُمَّ تَکَلَّمَ الحُسَینُ علیه السّلام،فَقالَ:یا عَمّاه،إنَّ اللّهَ تَعالی قادِرٌ أن یُغَیِّرَ ما قَد تَری،وَاللّهُ کُلَّ یَومٍ هُوَ فی شَأنٍ،وقَد مَنَعَکَ القَومُ دُنیاهُم ومَنَعتَهُم دینَکَ،فَما أغناکَ عَمّا مَنَعوکَ، وأحوَجَهُم إلی ما مَنَعتَهُم ! فَاسأَلِ اللّهَ الصَّبرَ وَالنَّصرَ،وَاستَعِذ بِهِ مِنَ الجَشَعِ وَالجَزَعِ، فَإِنَّ الصَّبرَ مِنَ الدّینِ وَالکَرَمِ،وإنَّ الجَشَعَ لا یُقَدِّمُ رِزقاً،وَالجَزَعَ لا یُؤَخِّرُ أجَلاً. (2)
3910.تنبیه الخواطر: قالَ رَجُلٌ لِلحُسَینِ بنِ عَلِیٍّ علیه السّلام:یَابنَ رَسولِ اللّهِ ! أنَا مِن شیعَتِکُم.
قالَ علیه السّلام:اِتَّقِ اللّهَ ولا تَدَّعِیَنَّ شَیئاً،یَقولُ اللّهُ لَکَ:کَذَبتَ وفَجَرتَ فی دَعواکَ ! إنَّ شیعَتَنا مَن سَلِمَت قُلوبُهُم مِن کُلِّ غِشٍّ ودَغَلٍ (3)،ولکِن قُل:أنَا مِن مَوالیکُم ومُحِبّیکُم. (4)
ص:75
ص:76
3911.الإرشاد: لَمّا ماتَ الحَسَنُ بنُ عَلِیٍّ علیهما السّلام،تَحَرَّکَتِ الشّیعَةُ بِالعِراقِ وکَتَبوا إلَی الحُسَینِ علیه السّلام فی خَلعِ مُعاوِیَةَ وَالبَیعَةِ لَهُ،فَامتَنَعَ عَلَیهِم وذَکَرَ أنَّ بَینَهُ وبَینَ مُعاوِیَةَ عَهداً وعَقداً لا یَجوزُ لَهُ نَقضُهُ حَتّی تَمضِیَ المُدَّةُ،فَإِن ماتَ مُعاوِیَةُ نَظَرَ فی ذلِکَ. (1)
3912.أنساب الأشراف عن الإمام الحسین علیه السّلام -فی جَوابِ مَن دَعاهُ إلی نَقضِ بَیعَةِ مُعاوِیَةَ-:إنّا قَد بایَعنا،ولَیسَ إلی ما ذَکَرتَ سَبیلٌ. (2)
3913.أنساب الأشراف عن الإمام الحسین علیه السّلام -لِمُحَمَّدِ بنِ بِشرٍ وسُفیانَ بنِ لَیلَی الهَمدانِیَّینِ-:
لِیَکُن کُلُّ امرِئٍ مِنکُم حِلسا (3)مِن أحلاسِ بَیتِهِ ما دامَ هذَا الرَّجُلُ [أی مُعاوِیَةُ] حَیّاً، فَإِن یَهلِک وأنتُم أحیاءٌ،رَجَونا أن یَخیرَ اللّهُ لَنا ویُؤتِیَنا رُشدَنا،ولا یَکِلَنا إلی أنفُسِنا فَ
ص:77
«إِنَّ اللّهَ مَعَ الَّذِینَ اتَّقَوْا وَ الَّذِینَ هُمْ مُحْسِنُونَ» 1 . (1)
3914.أنساب الأشراف عن الإمام الحسین علیه السّلام -فی جَوابِ کِتابٍ کَتَبَهُ إلَیهِ جَماعَةٌ مِن شیعَتِهِ بَعدَ وَفاةِ الحَسَنِ علیه السّلام یَذکُرونَ فیهِ انتِظارَهُم أمرَهُ-:إنّی لَأَرجو أن یَکونَ رَأیُ أخی رَحِمَهُ اللّهُ فِی المُوادَعَةِ،ورَأیی فی جِهادِ الظَّلَمَةِ رُشداً وسَداداً،فَالصَقوا بِالأَرضِ،وأخفُوا الشَّخصَ،وَاکتُمُوا الهَوی،وَاحتَرِسوا مِنَ الأَظِنّاءِ (2)مادامَ ابنُ هِندٍ حَیّاً،فَإِن یَحدُث بِهِ حَدَثٌ وأنَا حَیٌّ یَأتِکُم رَأیی إن شاءَ اللّهُ. (3)
3915.الطبقات الکبری (الطبقة الخامسة من الصحابة): قالوا:لَمّا بایَعَ مُعاوِیَةُ بنُ أبی سُفیانَ النّاسَ لِیَزیدَ بنِ مُعاوِیَةَ،کانَ حُسَینُ بنُ عَلِیِّ بنِ أبی طالِبٍ علیه السّلام مِمَّن لَم یُبایِع لَهُ، وکانَ أهلُ الکوفَةِ یَکتُبونَ إلی حُسَینٍ علیه السّلام یَدعونَهُ إلَی الخُروجِ إلَیهِم فی خِلافَةِ مُعاوِیَةَ،کُلُّ ذلِکَ یَأبی.فَقَدِمَ مِنهُم قَومٌ إلی مُحَمَّدِ بنِ الحَنَفِیَّةِ،فَطَلَبوا إلَیهِ أن یَخرُجَ مَعَهُم،فَأَبی وجاءَ إلَی الحُسَینِ علیه السّلام فَأَخبَرَهُ بِما عَرَضوا عَلَیهِ،وقالَ (4):إنَّ القَومَ إنَّما یُریدونَ أن یَأکُلوا بِنا ویُشیطوا (5)دِماءَنا. (6)
راجع:ج 2 ص 199 (القسم الخامس/الفصل الثانی/ترقّب موت معاویة للقیام).
ص:78
3916.دلائل الإمامة عن محمّد بن یعلی: لَقیتُ الحُسَینَ بنَ عَلِیٍّ علیه السّلام عَلی ظَهرِ الکوفَةِ (1)وهُوَ راحِلٌ مَعَ الحَسَنِ یُریدُ مُعاوِیَةَ،فَقُلتُ:یا أبا عَبدِ اللّهِ،أرَضیتَ؟
فَقالَ:شِقشِقَةٌ (2)هَدَرَت (3)،وفَورَةٌ ثارَت،وعَرَبِیُّ مَنحّی (4)،وسَمٌّ ذُعافٌ (5)،وقیعانٌ بِالکوفَةِ وکَربَلاءَ،إنّی وَاللّهِ لَصاحِبُها،وصاحِبُ ضَحِیَّتِها،وَالعُصفورُ فی سَنابِلِها (6)،إذا تَضَعضَعَ نَواحِی الجَبَلِ بِالعِراقِ،وهَجهَجَ (7)کوفانُ الوَهَلِ (8)،ومُنِعَ البِرُّ جانِبَهُ،وعُطِّلَ بَیتُ اللّهِ الحرَامُ،واُزحِفَ الوَقیذُ (9)،وقُدِحَ الهَبیذُ (10)،فَیالَها مِن زُمَرٍ أنَا صاحِبُها،إیهِ إیهِ أنّی وکَیفَ ! ولَو شِئتُ لَقُلتُ:أینَ أنزِلُ،وأینَ اقیمُ.
فَقُلنا:یَابنَ رَسولِ اللّهِ،ما تَقولُ؟
قالَ:مَقامی بَینَ أرضٍ وسَماءٍ،ونُزولی حَیثُ حَلَّتِ الشّیعَةُ الأَصلابَ،وَالأَکبادَ الصَّلابَ،لا یَتَضَعضَعونَ لِلضَّیمِ،ولا یَأنَفونَ مِنَ الآخِرَةِ مُعضِلاً یَحتافُهُم،أهلُ میراثِ عَلِیٍّ ووَرَثَةُ بَیتِهِ. (11)
ص:79
3917.کنز الفوائد عن الإمام الحسین علیه السّلام -حینَ بَلَغَهُ کَلامُ نافِعِ بنِ جُبَیرٍ فی مُعاوِیَةَ وقَولُهُ:إنَّهُ کانَ یُسکِتُهُ الحِلمُ،ویُنطِقُهُ العِلمُ-:بَل کانَ یُنطِقُهُ البَطَرُ (1)،ویُسکِتُهُ الحَصَرُ (2). (3)
3918.شرح الأخبار عن بشر بن غالب: إنّی لَجالِسٌ عِندَ الحُسَینِ بنِ عَلِیٍّ علیه السّلام إذ أتاهُ رَجُلٌ،فَقالَ:
یا أبا عَبدِ اللّهِ،سَمِعتُ رَجُلاً یَبکی لِمَوتِ مُعاوِیَةَ بنِ أبی سُفیانَ.
فَقالَ الحُسَینُ علیه السّلام:لا أرقَأَ (4)اللّهُ دَمعَتَهُ،ولا فَرَّجَ هَمَّهُ،ولا کَشَفَ غَمَّهُ،ولا سَلّی حُزنَهُ،أتَری أنَّهُ یَکونُ بَعدَهُ مَن هُوَ شَرٌّ مِنهُ؟! تَرِبَت (5)یَداهُ وفَمُهُ،أما وَاللّهِ لَقَد أصبَحَ مِنَ النّادِمینَ. (6)
3919.عیون الأخبار لابن قتیبة: قالَ مُعاوِیَةُ:لا یَنبَغی أن یَکونَ الهاشِمِیُّ غَیرَ جَوادٍ،ولَا الاُمَوِیُّ غَیرَ حَلیمٍ،ولَا الزُّبَیرِیُّ غَیرَ شُجاعٍ،ولَا المَخزومِیُّ غَیرَ تَیّاهٍ.
فَبَلَغَ ذلِکَ الحُسَینَ بنَ عَلِیٍّ علیه السّلام فَقالَ:قَاتَلَهُ اللّهُ،أرادَ أن یَجودَ بَنو هاشِمٍ فَینفَدَ (7)ما بِأَیدیهِم،ویَحلُمَ بَنو امَیَّةَ فَیَتَحَبَّبوا إلَی النّاسِ،ویَتَشَجَّعَ آلُ الزُّبَیرِ فَیَفنَوا،ویَتیهَ (8)
ص:80
بَنو مَخزومٍ فَیُبغِضَهُمُ النّاسُ. (1)
3920.تاریخ الیعقوبی: قالَ مُعاوِیَةُ لِلحُسَینِ بنِ عَلِیٍّ علیه السّلام:یا أبا عَبدِ اللّهِ ! عَلِمتَ أنّا قَتَلنا شیعَةَ أبیکَ،فَحَنَّطناهُم وکَفَّنّاهُم وصَلَّینا عَلَیهِم ودَفَنّاهُم؟
فَقالَ الحُسَینُ علیه السّلام:حَجَجتُکَ (2)ورَبِّ الکَعبَةِ ! لکِنّا وَاللّهِ إن قَتَلنا شیعَتَکَ ما کَفَنّاهُم ولا حَنَّطناهُم ولا صَلَّینا عَلَیهِم ولا دَفَنّاهُم. (3)
3921.نثر الدرّ: لَمّا قَتَلَ مُعاوِیَةُ حُجرَ بنَ عَدِیٍّ وأصحابَهُ،لَقِیَ فی ذلِکَ العامِ الحُسَینَ علیه السّلام فَقالَ:
أبا عَبدِ اللّهِ ! هَل بَلَغَکَ ما صَنَعتُ بِحُجرٍ وأصحابِهِ مِن شیعَةِ أبیکَ؟
فَقالَ:لا.
قالَ:إنّا قَتَلناهُم وکَفَّنّاهُم وصَلَّینا عَلَیهِم.
فَضَحِکَ الحُسَینُ علیه السّلام،ثُمَّ قالَ:خَصَمَکَ القَومُ یَومَ القِیامَةِ-یا مُعاوِیَةُ-،أما وَاللّهِ لَو وَلینا مِثلَها مِن شیعَتِکَ ما کَفَنّاهُم ولا صَلَّینا عَلَیهِم.وقَد بَلَغَنی وُقوعُکَ بِأَبی حَسَنٍ،وقِیامُکَ وَاعتِراضُکَ بَنی هاشِمٍ بِالعُیوبِ،وَایمُ اللّهِ لَقَد أوتَرتَ غَیرَ قَوسِکَ (4)،ورَمَیتَ غَیرَ غَرَضِکَ (5)،وتَناوَلتَها بِالعَداوَةِ مِن مَکانٍ قَریبٍ،ولَقَد أطَعتَ
ص:81
امرَءاً ما قَدُمَ إیمانُهُ،ولا حَدُثَ نِفاقُهُ،وما نَظَرَ لَکَ،فَانظُر لِنَفسِکَ أو دَع-یُریدُ:
عَمرَو بنَ العاصِ-. (1)
3922.الإمامة والسیاسة -فی ذِکرِ قُدومِ مُعاوِیَةَ إلَی المَدینَةِ حاجّاً وأخذِهِ البَیعَةَ لِیَزیدَ، وخُطبَتِهِ الَّتی یَمدَحُ فیها یَزیدَ الطّاغِیَةَ ووَصفِهِ بِالعِلمِ بِالسُّنَّةِ وقِراءَةِ القُرآنِ وَالحِلمِ-:
فَقامَ الحُسَینُ علیه السّلام فَحَمِدَ اللّهَ وصَلّی عَلَی الرَّسولِ صلّی اللّه علیه و آله،ثُمَّ قالَ:
أمّا بَعدُ یا مُعاوِیَةُ ! فَلَن یُؤَدِّیَ القائِلُ وإن أطنَبَ (2)فی صِفَةِ الرَّسولِ صلّی اللّه علیه و آله مِن جَمیعٍ جُزءاً،وقَد فَهِمتُ ما لَبَستَ بِهِ الخَلَفَ بَعدَ رَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله مِن إیجازِ الصِّفَةِ،وَالتَّنَکُّبِ عَنِ استِبلاغِ النَّعتِ،وهَیهاتَ هَیهاتَ یا مُعاوِیَةُ ! فَضَحَ الصُّبحُ فَحمَةَ الدُّجی،وبَهَرَتِ الشَّمسُ أنوارَ السُّرُجِ،ولَقَد فَضَّلتَ حَتّی أفرَطتَ،وَاستَأثَرتَ حَتّی أجحَفتَ، ومَنَعتَ حَتّی مَحَلتَ،وجُزتَ حَتّی جاوَزتَ،ما بَذَلتَ لِذی حَقٍّ مِنِ اسمِ حَقِّهِ بِنَصیبٍ،حَتّی أخَذَ الشَّیطانُ حَظَّهُ الأَوفَرَ،ونَصیبَهُ الأَکمَلَ.
وفَهِمتُ ما ذَکَرتَهُ عَن یَزیدَ مِنِ اکتِمالِهِ،وسِیاسَتِهِ لِاُمَّةِ مُحَمَّدٍ صلّی اللّه علیه و آله،تُریدُ أن توهِمَ النّاسَ فی یَزیدَ،کَأَنَّکَ تَصِفُ مَحجوباً،أو تَنعَتُ غائِباً،أو تُخبِرُ عَمّا کانَ مِمَّا احتَوَیتَهُ بِعِلمٍ خاصٍّ،وقَد دَلَّ یَزیدُ مِن نَفسِهِ عَلی مَوقِعِ رَأیِهِ،فَخُذ لِیَزیدَ فیما أخَذَ فیهِ مِنِ استِقرائِهِ الکِلابَ المُهارِشَةَ (3)عِندَ التَّهارُشِ،وَالحَمامَ السِّبقَ لِأَترابِهِنَّ،وَالقِیانَ ذَواتِ المَعازِفِ،وضَربِ المَلاهی تَجِده باصِراً،ودَع عَنکَ ما تُحاوِلُ،فَما أغناکَ أن تَلقَی اللّهَ مِن وِزرِ هذَا الخَلقِ بِأَکثَرَ مِمّا أنتَ لاقیهِ،فَوَاللّهِ ما بَرِحتَ تَقدَحُ باطِلاً فی
ص:82
جَورٍ،وحَنَقاً فی ظُلمٍ،حَتّی مَلَأتَ الأَسقِیَةَ،وما بَینَکَ وبَینَ المَوتِ إلّاغَمضَةٌ،فَتَقدَمُ عَلی عَمَلٍ مَحفوظٍ فی یَومٍ مَشهودٍ،ولاتَ حینَ مَناصٍ.
ورَأَیتُکَ عَرَضتَ بِنا بَعدَ هذَا الأَمرِ،ومَنَعتَنا عَن آبائِنا تُراثاً،ولَقَد-لَعَمرُ اللّهِ- أورَثَنَا الرَّسولُ عَلَیهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ وِلادَةً،وجِئتَ لَنا بِها،أما حَجَجتُم بِهِ القائِمَ عِندَ مَوتِ الرَّسولِ،فَأَذعَنَ لِلحُجَّةِ بِذلِکَ،ورَدَّهُ الإِیمانُ إلَی النَّصَفِ،فَرَکِبتُمُ الأَعالیلَ، وفَعَلتُمُ الأَفاعیلَ،وقُلتُم:کانَ ویَکونُ،حَتّی أتاکَ الأَمرُ یا مُعاوِیَةُ ! مِن طَریقٍ کانَ قَصدُها لِغَیرِکَ،فَهُناکَ فَاعتَبِروا یا اولِی الأَبصارِ.... (1)
3923.الفتوح -فی ذِکرِ قُدومِ مُعاوِیَةَ إلی مَکَّةَ وأخذِهِ البَیعَةَ لِیَزیدَ-:أقامَ مُعاوِیَةُ بِمَکَّةَ لا یَذکُرُ شَیئاً مِن أمرِ یَزیدَ،ثُمَّ أرسَلَ إلَی الحُسَینِ علیه السّلام فَدَعاهُ،فَلَمّا جاءَهُ ودَخَلَ إلَیهِ قَرَّبَ مَجلِسَهُ ثُمَّ قالَ:أبا عَبدِ اللّهِ ! اعلَم أنّی ما تَرَکتُ بَلَداً إلّاوقَد بَعَثتُ إلی أهلِهِ فَأَخَذتُ عَلَیهِمُ البَیعَةَ لِیَزیدَ،وإنَّما أخَّرتُ المَدینَةَ لِأَنّی قُلتُ:هُم أصلُهُ وقَومُهُ وعَشیرَتُهُ ومَن لا أخافُهُم عَلَیهِ،ثُمَّ إنّی بَعَثتُ إلَی المَدینَةِ بَعدَ ذلِکَ فَأَبی بَیعَتَهُ مَن لا أعلَمُ أحَداً هُوَ أشَدُّ بِها مِنهُم،ولَو عَلِمتُ أنَّ لِاُمَّةِ مُحَمَّدٍ صلّی اللّه علیه و آله خَیراً مِن وَلَدی یَزیدَ لَما بَعَثتُ لَهُ.
فَقالَ لَهُ الحُسَینُ علیه السّلام:مَهلاً یا مُعاوِیَةُ ! لا تَقُل هکَذا،فَإِنَّکَ قَد تَرَکتَ مَن هُوَ خَیرٌ مِنهُ امّاً وأباً ونَفساً.
فَقالَ مُعاوِیَةُ:کَأَنَّکَ تُریدُ بِذلِکَ نَفسَکَ أبا عَبدِ اللّهِ !
فَقالَ الحُسَینُ علیه السّلام:فَإِن أرَدتُ نَفسی فَکانَ ماذا؟!
فَقالَ مُعاوِیَةُ:إذاً اخبِرُکَ أبا عَبدِ اللّهِ ! أمّا امُّکَ فَخَیرٌ مِن امِّ یَزیدَ،وأمّا أبوکَ فَلَهُ سابِقَةٌ وفَضلٌ،وقَرابَتُهُ مِن رسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله لَیسَت لِغَیرِهِ مِنَ النّاسِ،غَیرَ أنَّهُ قَد حاکَمَ أبوهُ أباکَ،فَقَضَی اللّهُ لِأَبیهِ عَلی أبیکَ،وأمّا أنتَ وهُوَ فَهُوَ وَاللّهِ خَیرٌ لِاُمَّةِ
ص:83
مُحَمَّدٍ صلّی اللّه علیه و آله مِنکَ.
فَقالَ الحُسَینُ علیه السّلام:مَن خَیرٌ لِاُمَّةِ مُحَمَّدٍ؟! یَزیدُ الخَمورُ الفَجورُ؟
فَقالَ مُعاوِیَةُ:مَهلاً أبا عَبدِ اللّهِ ! فَإِنَّکَ لَو ذُکِرتَ عِندَهُ لَما ذَکَرَ مِنکَ إلّاحَسَناً.
فَقالَ الحُسَینُ علیه السّلام:إن عَلِمَ مِنّی ما أعلَمُهُ مِنهُ أنَا فَلیَقُل فِیَّ ما أقولُ فیهِ.
فَقالَ لَهُ مُعاوِیَةُ:أبا عَبدِ اللّهِ ! انصَرِف إلی أهلِکَ راشِداً،وَاتَّقِ اللّهَ فی نَفسِکَ، وَاحذَر أهلَ الشّامِ أن یَسمَعوا مِنکَ ما قَد سَمِعتُهُ؛فَإِنَّهُم أعداؤُکَ وأعداءُ أبیکَ.
قالَ:فَانصَرَفَ الحُسَینُ علیه السّلام إلی مَنزِلِهِ. (1)
3924.أنساب الأشراف: کَتَبَ مُعاوِیَةُ إلَی الحُسَینِ بنِ عَلِیٍّ علیه السّلام:أمّا بَعدُ:فَقَدِ انتَهَت الَیَّ عَنکَ امورٌ أرغَبُ بِکَ عَنها،فَإِن کانَت حَقّاً لَم اقارَّکَ (2)عَلَیها،ولَعَمری إنَّ مَن أعطی صَفقَةَ یَمینِهِ وعَهدَ اللّهِ ومیثاقَهُ لَحَرِیٌّ بِالوَفاءِ،وإن کانَت باطِلاً فَأَنتَ أسعَدُ النّاسِ بِذلِکَ، وبِحَظِّ نَفسِکَ تَبدَأُ،وبِعَهدِ اللّهِ توفی،فَلا تَحمِلنی عَلی قَطیعَتِکَ وَالإِساءَةِ بِکَ،فَإِنّی مَتی انکِرکَ تُنکِرنی،ومَتی تَکِدنی أکِدکَ،فَاتَّقِ شَقَّ عَصا هذِهِ الاُمَّةِ وأن یَرجِعوا عَلی یَدِکَ إلَی الفِتنَةِ،فَقَد جَرَّبتَ النّاسَ وبَلَوتَهُم،وأبوکَ کانَ أفضَلَ مِنکَ،وقَد کانَ اجتَمَعَ عَلَیهِ رَأیُ الَّذینَ یَلوذونَ بِکَ،ولا أظُنُّهُ یَصلُحُ لَکَ مِنهُم ما کانَ فَسَدَ عَلَیهِ، فَانظُر لِنَفسِکَ ودینِکَ «وَ لا یَسْتَخِفَّنَّکَ الَّذِینَ لا یُوقِنُونَ» 3 .
ص:84
فَکَتَبَ إلَیهِ الحُسَینُ علیه السّلام:
أمّا بَعدُ،فَقَد بَلَغَنی کِتابُکَ تَذکُرُ أنَّهُ بَلَغَتکَ عَنّی امورٌ تَرغَبُ عَنها،فَإِن کانَت حَقّاً لَم تُقارَّنی عَلَیها،ولَن یَهدِیَ إلَی الحَسَناتِ ویُسَدِّدَ لَها إلَّااللّهُ،فَأَمّا ما نُمِّیَ (1)إلَیکَ فَإِنَّما رَقَّاهُ (2)المَلّاقونَ (3)المَشّاؤونَ بِالنَّمائِمِ (4)،المُفَرِّقونَ بَینَ الجَمیعِ (5)،وما اریدُ حَرباً لَکَ ولا خِلافاً عَلَیکَ،وَایمُ اللّهِ لَقَد تَرَکتُ ذلِکَ وأنَا أخافُ اللّهَ فی تَرکِهِ،وما أظُنُّ اللّهَ راضِیاً عَنّی بِتَرکِ مُحاکَمَتِکَ إلَیهِ،ولا عاذِری دونَ الإِعذارِ إلَیهِ فیکَ وفی أولِیائِکَ القاسِطینَ المُلحِدینَ،حِزبِ الظّالِمینَ وأولِیاءِ الشَّیاطینِ.
ألَستَ قاتِلَ حُجرِ بنِ عَدِیٍّ وأصحابِهِ المُصَلّینَ العابِدینَ،الَّذینَ یُنکِرونَ الظُّلمَ ویَستَعظِمونَ البِدَعَ،ولا یَخافونَ فِی اللّهِ لَومَةَ لائِمٍ-ظُلماً وعُدواناً-،بَعدَ إعطائِهِمُ الأَمانَ بِالمَواثیقِ وَالأَیمانِ المُغَلَّظَةِ؟
أوَلَستَ قاتِلَ عَمرِو بنِ الحَمِقِ صاحِبِ رَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله،الَّذی أبلَتهُ العِبادَةُ وصَفَّرَت لَونَهُ وأنحَلَت جِسمَهُ؟!
أوَلَستَ المُدَّعِیَ زِیادَ بنَ سُمَیَّةَ المَولودَ عَلی فِراشِ عُبَیدٍ عَبدِ ثَقیفٍ،وزَعَمتَ أنَّهُ ابنُ أبیکَ،وقَد قالَ رَسولُ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله:«الوَلَدُ لِلفِراشِ ولِلعاهِرِ الحَجَرُ»،فَتَرَکتَ سُنَّةَ رَسولِ اللّهٍ صلّی اللّه علیه و آله وخالَفتَ أمرَهُ مُتَعَمِّداً،وَاتَّبَعتَ هَواکَ مُکَذِّباً،بِغَیرِ هُدیً مِنَ اللّهِ،ثُمَّ سَلَّطتَهُ عَلَی العِراقَینِ فَقَطَعَ أیدِیَ المُسلِمینَ وسَمَلَ (6)أعیُنَهُم،وصَلَبَهُم عَلی جُذوعِ
ص:85
النَّخلِ،کَأَنَّکَ لَستَ مِنَ الاُمَّةِ وکَأَنَّها لَیسَت مِنکَ،وقَد قالَ رَسولُ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله:«مَن ألحَقَ بِقَومٍ نَسَباً لَیسَ لَهُم فَهُوَ مَلعونٌ»!
أوَلَستَ صاحِبَ الحَضرَمِیّینَ الَّذینَ کَتَبَ إلَیکَ ابنُ سُمَیَّةَ أنَّهُم عَلی دینِ عَلِیٍّ علیه السّلام، فَکَتَبتَ إلَیهِ:اُقتُل مَن کانَ عَلی دینِ عَلِیٍّ ورَأیِهِ،فَقَتَلَهُم ومَثَّلَ بِهِم بِأَمرِکَ،ودینُ عَلِیٍّ علیه السّلام دینُ مُحَمَّدٍ صلّی اللّه علیه و آله الَّذی کانَ یَضرِبُ عَلَیهِ أباکَ،وَالَّذِی انتِحالُکَ إیّاهُ أجلَسَکَ مَجلِسَکَ هذا،ولَولا هُوَ کانَ أفضَلُ شَرَفِکَ تَجَشُّمَ الرَّحلَتَینِ فی طَلَبِ الخُمورِ !
وقُلتَ:اُنظُر لِنَفسِکَ ودینِکَ وَالاُمَّةِ،وَاتَّقِ شَقَّ عَصَا الاُلفَةِ وأن تَرُدَّ النّاسَ إلَی الفِتنَةِ !
فَلا أعلَمُ فِتنَةً عَلَی الاُمَّةِ أعظَمَ مِن وِلایَتِکَ عَلَیها ! ولا أعلَمُ نَظَراً لِنَفسی ودینی أفضَلَ مِن جِهادِکَ ! فَإِن أفعَلهُ فَهُوَ قُربَةٌ إلی رَبّی،وإن أترُکهُ فَذَنبٌ أستَغفِرُ اللّهَ مِنهُ فی کَثیرٍ مِن تَقصیری،وأسأَلُ اللّهَ تَوفیقی لِأَرشَدِ اموری.
وأمّا کَیدُکَ إیّایَ،فَلَیسَ یَکونُ عَلی أحَدٍ أضَرَّ مِنهُ عَلَیکَ،کَفِعلِکَ بِهؤُلاءِ النَّفَرِ الَّذینَ قَتَلتَهُم ومَثَّلتَ بِهِم بَعدَ الصُّلحِ مِن غَیرِ أن یَکونوا قاتَلوکَ ولا نَقَضوا عَهدَکَ،إلّا مَخافَةَ أمرٍ لَو لَم تَقتُلهُم مِتَّ قَبلَ أن یَفعَلوهُ،أو ماتوا قَبلَ أن یُدرِکوهُ،فَأَبشِر یا مُعاوِیَةُ بِالقِصاصِ،وأیقِن بِالحِسابِ،وَاعلَم أنَّ للّهِ ِ کِتاباً لا یُغادِرُ صَغیرَةً ولا کَبیرَةً إلّا أحصاها،ولَیسَ اللّهُ بِناسٍ لَکَ أخذَکَ بِالظِّنَّةِ،وقَتلَکَ أولِیاءَهُ عَلَی الشُّبهَةِ وَالتُّهمَةِ، وأخذَکَ النّاسَ بِالبَیعَةِ لِابنِکَ؛غُلامٍ سَفیهٍ یَشرَبُ الشَّرابَ ویَلعَبُ بِالکِلابِ !
ولا أعلَمُکَ إلّاخَسِرتَ نَفسَکَ،وأوبَقتَ (1)دینَکَ،وأکَلتَ أمانَتَکَ،وغَشَشتَ
ص:86
رَعِیَّتَکَ،وتَبَوَّأتَ مَقعَدَکَ مِنَ النّارِ فَ «بُعْداً لِلْقَوْمِ الظّالِمِینَ» 1 . (1)
3925.الخصال عن النضر بن مالک: قُلتُ لِلحُسَینِ بنِ عَلِیِّ بنِ أبی طالِبٍ علیه السّلام:یا أبا عَبدِ اللّهِ، حَدِّثنی عَن قَولِ اللّهِ عز و جل: «هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا فِی رَبِّهِمْ» 3 .
قالَ:نَحنُ وبَنو امَیَّةَ،اختَصَمنا فِی اللّهِ عز و جل،قُلنا:صَدَقَ اللّهُ،وقالوا:کَذَبَ اللّهُ.
فَنَحنُ وإیّاهُمُ الخَصمانِ یَومَ القِیامَةِ. (2)
3926.بحار الأنوار عن بکر بن أیمن عن الحسین بن علیّ علیه السّلام: إنّا وبَنی امَیَّةَ تَعادَینا فِی اللّهِ،فَنَحنُ وهُم کَذلِکَ إلی یَومِ القِیامَةِ،فَجاءَ جَبرَئیلُ علیه السّلام بِرایَةِ الحَقِّ فَرَکَزَها بَینَ أظهُرِنا،وجاءَ إبلیسُ بِرایَةِ الباطِلِ فَرَکَزَها بَینَ أظهُرِهِم. (3)
ص:87
ص:88
3927.دعائم الاسلام: عَنِ الحُسَینِ بنِ عَلِیٍّ علیه السّلام أنَّهُ کَتَبَ إلی مُعاوِیَةَ کِتاباً یُقَرِّعُهُ (1)فیهِ ویُبَکِّتُهُ (2)بِاُمورٍ صَنَعَها،کانَ فیهِ:
ثُمَّ وَلَّیتَ ابنَکَ وهُوَ غُلامٌ یَشرَبُ الشَّرابَ ویَلهو بِالکِلابِ،فَخُنتَ أمانَتَکَ، وأخرَبتَ (3)رَعِیَّتَکَ،ولَم تُؤَدِّ نَصیحَةَ رَبِّکَ،فَکَیفَ تُوَلّی عَلی امَّةِ مُحَمَّدٍ صلّی اللّه علیه و آله مَن یَشرَبُ المُسکِرَ؟وشارِبُ المُسکِرِ مِنَ الفاسِقینَ ! وشارِبُ المُسکِرِ مِنَ الأَشرارِ ! ولَیسَ شارِبُ المُسکِرِ بِأَمینٍ عَلی دِرهَمٍ،فَکَیفَ عَلَی الاُمَّةِ؟!
فَعَن قَلیلٍ تَرِدُ عَلی عَمَلِکَ،حینَ تُطوی صَحائِفُ الاِستِغفارِ. (4)
ص:89
3928.الفتوح عن الإمام الحسین علیه السّلام -لَمّا أمَرَهُ مَروانُ بِبَیعَةِ یَزیدَ-:وَیحَکَ ! أتَأمُرُنی بِبَیعَةِ یَزیدَ وهُوَ رَجُلٌ فاسِقٌ؟لَقَد قُلتَ شَطَطاً (1)مِنَ القَولِ یا عَظیمَ الزَّلَلِ ! لا ألومُکَ عَلی قَولِکَ لِأَنَّکَ اللَّعینُ الَّذی لَعَنَکَ رَسولُ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله وأنتَ فی صُلبِ أبیکَ الحَکَمِ بنِ أبِی العاصِ، فَإِنَّ مَن لَعَنَهُ رَسولُ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله لا یُمکِنُ لَهُ ولا مِنهُ إلّاأن یَدعُوَ إلی بَیعَةِ یَزیدَ.
ثُمَّ قالَ:إلَیکَ عَنّی یا عَدُوَّ اللّهِ،فَإِنّا أهلُ بَیتِ رَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله،وَالحَقُّ فینا وبِالحَقِّ تَنطِقُ ألسِنَتُنا،وقَد سَمِعتُ رَسولَ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله یَقولُ:«الخِلافَةُ مُحَرَّمَةٌ عَلی آلِ أبی سُفیانَ، وعَلَی الطُّلَقاءِ (2)أبناءِ الطُّلَقاءِ،فَإِذا رَأَیتُم مُعاوِیَةَ عَلی مِنبَری فَابقُروا (3)بَطنَهُ»،فَوَاللّهِ لَقَد رَآهُ أهلُ المَدینَةِ عَلی مِنبَرِ جَدّی فَلَم یَفعَلوا ما امِروا بِهِ،فَابتَلاهُمُ (4)اللّهُ بِابنِهِ یَزیدَ ! زادَهُ اللّهُ فِی النّارِ عَذاباً. (5)
3929.مثیر الأحزان عن الإمام الحسین علیه السّلام -لِمَروانَ لَمّا أشارَ عَلَی الوَلیدِ والِی المَدینَةِ بِضَربِ أعناقِ القَومِ إذ لَم یَرضَوا بِبَیعَةِ یَزیدَ-:وَیلی عَلَیکَ یَابنَ الزَّرقاءِ، أنتَ تَأمُرُ بِضَربِ عُنُقی؟! کَذَبتَ ولَؤُمتَ،نَحنُ أهلُ بَیتِ النُّبُوَّةِ ومَعدِنُ
ص:90
الرِّسالَةِ،ویَزیدُ فاسِقٌ شارِبُ الخَمرِ وقاتِلُ النَّفسِ،ومِثلی لا یُبایِعُ لِمِثلِهِ، ولکِن نُصبِحُ وتُصبِحونَ (1)أیُّنا أحَقُّ بِالخِلافَةِ وَالبَیعَةِ. (2)
راجع:ج 2 ص 389 (القسم السابع/الفصل الأوّل/ماجری بین الإمام علیه السّلام والولید لأخذ البیعة)
و ص 398 (نقاش مروان والإمام علیه السّلام فی الطریق).
ص:91
ص:92
3930.أنساب الأشراف: قَد کانَ الحُسَینُ بنُ عَلِیٍّ علیه السّلام کَتَبَ إلی وُجوهِ أهلِ البَصرَةِ یَدعوهُم إلی کِتابِ اللّهِ،ویَقولُ لَهُم:إنَّ السُّنَّةَ قَد امیتَت،وإنَّ البِدعَةَ قَد احیِیَت ونُعِشَت (1). (2)
3931.الطبقات الکبری -فی ذِکرِ أحداثِ یَومِ عاشوراءَ-:ثُمَّ قالَ حُسَینٌ علیه السّلام لِعُمَرَ وأصحابِهِ:
لا تَعجَلوا حَتّی اخبِرَکُم خَبری:وَاللّهِ ما أتَیتُکُم حَتّی أتَتنی کُتُبُ أماثِلِکُم بِأَنَّ السُّنَّةَ قَد امیتَت،وَالنِّفاقَ قَد نَجَمَ (3)،وَالحُدودَ قَد عُطِّلَت،فَاقدَم لَعَلَّ اللّهَ تَبارَکَ وتَعالی یُصلِحُ بِکَ امَّةَ مُحَمَّدٍ صلّی اللّه علیه و آله،فَأَتَیتُکُم ! فَإِذا کَرِهتُم ذلِکَ،فَأَنَا راجِعٌ عَنکُم،وَارجِعوا إلی أنفُسِکُم فَانظُروا هَل یَصلُحُ لَکُم قَتلی،أو یَحِلُّ لَکُم دَمی؟
ألَستُ ابنَ بِنتِ نَبِیِّکُم وَابنَ ابنِ عَمِّهِ وَابنَ أوَّلِ المُؤمِنینَ إیماناً؟!
ص:93
أوَلَیسَ حَمزَةُ وَالعَبّاسُ وجَعفَرٌ عُمومَتی؟!
أوَ لَم یَبلُغکُم قَولُ رَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله فِیَّ وفی أخی:«هذانِ سَیِّدا شَبابِ أهلِ الجَنَّةِ»؟! (1)
3932.الأخبار الطوال: کَتَبَ [الحُسَینُ بنُ عَلِیٍّ علیه السّلام ] کِتاباً إلی شیعَتِهِ مِن أهلِ البَصرَةِ مَعَ مَولیً لَهُ یُسَمّی سَلمانَ،نُسخَتُهُ:
بِسمِ اللّهِ الرَّحمنِ الرَّحیمِ
مِنَ الحُسَینِ بنِ عَلِیٍّ إلی مالِکِ بنِ مِسمَعٍ،وَالأَحنَفِ بنِ قَیسٍ،وَالمُنذِرِ بنِ الجارودِ،ومَسعودِ بنِ عَمرٍو،وقَیسِ بنِ الهَیثَمِ،سَلامٌ عَلَیکُم،أمّا بَعدُ؛فَإِنّی أدعوکُم إلی إحیاءِ مَعالِمِ الحَقِّ،وإماتَةِ البِدَعِ،فَإِن تُجیبوا تَهتَدوا سُبُلَ الرَّشادِ،وَالسَّلامُ. (2)
3933.الفتوح عن الإمام الحسین علیه السّلام -فی وَداعِ قَبرِ جَدِّهِ صلّی اللّه علیه و آله-:اللّهُمَّ إنَّ هذا قَبرُ نَبِیِّکَ مُحَمَّدٍ صلّی اللّه علیه و آله، وأنَا ابنُ بِنتِ مُحَمَّدٍ صلّی اللّه علیه و آله،وقَد حَضَرَنی مِنَ الأَمرِ ما قَد عَلِمتَ،اللّهُمَّ وإنّی احِبُّ المَعروفَ وأکرَهُ المُنکَرَ.... (3)
3934.الفتوح عن الإمام الحسین علیه السّلام -فیما أوصی بِهِ مُحَمَّدَ ابنَ الحَنَفِیَّةِ-:أمّا أنتَ یا أخی
ص:94
فَلا عَلَیکَ أن تُقیمَ بِالمَدینَةِ،فَتَکونَ لی عَیناً عَلَیهِم،ولا تُخفِ عَلَیَّ شَیئاً مِن امورِهِم.
قالَ [ابنُ أعثَمَ]:ثُمَّ دَعَا الحُسَینُ علیه السّلام بِدَواةٍ وبَیاضٍ...فَکَتَبَ:
بِسمِ اللّهِ الرَّحمنِ الرَّحیمِ،هذا ما أوصی بِهِ الحُسَینُ بنُ عَلِیِّ بنِ أبی طالِبٍ لأَِخیهِ مُحَمَّدِ ابنِ الحَنَفِیَّةِ المَعروفِ وَلَدِ عَلِیِّ بنِ أبی طالِبٍ علیه السّلام:
إنَّ الحُسَینَ بنَ عَلِیٍّ یَشهَدُ أن لا إلهَ إلَّااللّهُ وَحدَهُ لا شَریکَ لَهُ،وأنَّ مُحَمَّداً عَبدُهُ ورَسولُهُ،جاءَ بِالحَقِّ مِن عِندِهِ،وأنَّ الجَنَّةَ حَقٌّ،وَالنّارَ حَقٌّ.وأنَّ السّاعَةَ آتِیَةٌ لا رَیبَ فیها،وأنَّ اللّهَ یَبعَثُ مَن فِی القُبورِ،وأنّی لَم أخرُج أشِراً (1)ولا بَطِراً (2)،ولا مُفسِداً ولا ظالِماً،وإنَّما خَرَجتُ لِطَلَبِ النَّجاحِ وَالصَّلاحِ فی امَّةِ جَدّی مُحَمَّدٍ صلّی اللّه علیه و آله، اریدُ أن آمُرَ بِالمَعروفِ وأنهی عَنِ المُنکَرِ،وأسیرَ بِسیرَةِ جَدّی مُحَمَّدٍ صلّی اللّه علیه و آله،وسیرَةِ أبی عَلِیِّ بنِ أبی طالِبٍ...فَمَن قَبِلَنی بِقَبولِ الحَقِّ فَاللّهُ أولی بِالحَقِّ،ومَن رَدَّ عَلَیَّ هذا أصبِرُ حَتّی یَقضِیَ اللّهُ بَینی وبَینَ القَومِ بِالحَقِّ،ویَحکُمَ بَینی وبَینَهُم بِالحَقِّ،وهُوَ خَیرُ الحاکِمینَ،هذِهِ وَصِیَّتی إلَیکَ یا أخی، «وَ ما تَوْفِیقِی إِلاّ بِاللّهِ عَلَیْهِ تَوَکَّلْتُ وَ إِلَیْهِ أُنِیبُ» 3 ، وَالسَّلامُ عَلَیکَ وعَلی مَنِ اتَّبَعَ الهُدی،ولا حَولَ ولا قُوَّةَ إلّابِاللّهِ العَلِیِّ العَظیمِ. (3)
3935.تاریخ الطبری عن عقبة بن أبی العیزار: إنَّ الحُسَینَ علیه السّلام خَطَبَ أصحابَهُ وأصحابَ الحُرِّ...
ثُمَّ قالَ:أیُّهَا النّاسُ ! إنَّ رَسولَ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله قالَ:مَن رَأی سُلطاناً جائِراً مُستَحِلاًّ لِحُرَمِ
ص:95
اللّهِ،ناکِثاً (1)لِعَهدِ اللّهِ،مُخالِفاً لِسُنَّةِ رَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله،یَعمَلُ فی عِبادِ اللّهِ بِالإِثمِ وَالعُدوانِ، فَلَم یُغَیِّر عَلَیهِ بِفِعلٍ ولا قَولٍ،کانَ حَقّاً عَلَی اللّهِ أن یُدخِلَهُ مُدخَلَهُ. (2)
3936.تذکرة الخواصّ عن الإمام الحسین علیه السّلام -لِلفَرَزدَقِ الشّاعِرِ-:یا فَرَزدَقُ ! إنَّ هؤُلاءِ قَومٌ لَزِموا طاعَةَ الشَّیطانِ وتَرَکوا طاعَةَ الرَّحمنِ،وأظهَرُوا الفَسادَ فِی الأَرضِ،وأبطَلُوا الحُدودَ،وشَرِبُوا الخُمورَ،وَاستَأثَروا فی أموالِ الفُقَراءِ وَالمَساکینِ،وأنَا أولی مَن قامَ بِنُصرَةِ دینِ اللّهِ وإعزازِ شَرعِهِ وَالجِهادِ فی سَبیلِهِ،لِتَکونَ «کَلِمَةُ اللّهِ هِیَ الْعُلْیا» 3 . (3)
3937.تاریخ الطبری عن أبی عثمان النهدی: کَتَبَ حُسَینٌ علیه السّلام مَعَ مَولیً لَهُم یُقالُ لَهُ سُلَیمانُ، وکَتَبَ بِنُسخَةٍ إلی رُؤوسِ الأَخماسِ (4)بِالبَصرَةِ وإلَی الأَشرافِ،فَکَتَبَ إلی مالِکِ بنِ مِسمَعٍ البَکرِیِّ،وإلَی الأَحنَفِ بنِ قَیسٍ،وإلَی المُنذِرِ بنِ الجارودِ،وإلی مَسعودِ بنِ عَمرٍو،وإلی قَیسِ بنِ الهَیثَمِ،وإلی عَمرِو بنِ عُبَیدِ اللّهِ بنِ مَعمَرٍ،فَجاءَت مِنهُ نُسخَةٌ واحِدَةٌ إلی جَمیعِ أشرافِها:
أمّا بَعدُ،فَإِنَّ اللّهَ اصطَفی مُحَمَّداً صلّی اللّه علیه و آله عَلی خَلقِهِ،وأکرَمَهُ بِنُبُوَّتِهِ،وَاختارَهُ لِرِسالَتِهِ،ثُمَّ قَبَضَهُ اللّهُ إلَیهِ وقَد نَصَحَ لِعِبادِهِ وبَلَّغَ ما ارسِلَ بِهِ صلّی اللّه علیه و آله،وکُنّا أهلَهُ
ص:96
وأولِیاءَهُ وأوصِیاءَهُ ووَرَثَتَهُ،وأحَقَّ النّاسِ بِمَقامِهِ فِی النّاسِ،فَاستَأثَرَ عَلَینا قَومُنا بِذلِکَ، فَرَضینا وکَرِهنَا الفُرقَةَ وأحبَبنَا العافِیَةَ،ونَحنُ نَعلَمُ أنّا أحَقُّ بِذلِکَ الحَقِّ المُستَحَقِّ عَلَینا مِمَّن تَوَلّاهُ،...وقَد بَعَثتُ رَسولی إلَیکُم بِهذَا الکِتابِ،وأنَا أدعوکُم إلی کِتابِ اللّهِ وسُنَّةِ نَبِیِّهِ صلّی اللّه علیه و آله، فَإِنَّ السُّنَّةَ قَد امیتَت،وإنَّ البِدعَةَ قَد احیِیَت،وإن تَسمَعوا قَولی وتُطیعوا أمری أهدِکُم سَبیلَ الرَّشادِ،وَالسَّلامُ عَلَیکُم ورَحمَةُ اللّهِ. (1)
3938 .تاریخ الطبری عن الحسین علیه السّلام-مِن کَلامِهِ مَعَ أصحابِ الحُرِّ بنِ یَزیدَ-:أیُّهَا النّاسُ! إنَّها مَعذِرَةٌ إلَی اللّهِ عز و جل وإلَیکُم،إنّی لَم آتِکُم حَتّی أتَتنی کُتُبُکُم وقَدِمَت عَلَیَّ رُسُلُکُم؛أنِ اقدَم عَلَینا فَإِنَّهُ لَیسَ لَنا إمامٌ لَعَلَّ اللّهَ یَجمَعُنا بِکَ عَلَی الهُدی،فَإِن کُنتُم عَلی ذلِکَ فَقَد جِئتُکُم،فَإِن تُعطونی ما أطمَئِنُّ إلَیهِ مِن عُهودِکُم ومَواثیقِکُم أقدَم مِصرَکُم،وإن لَم تَفعَلوا وکُنتُم لِمَقدَمی کارِهینَ انصَرَفتُ عَنکُم إلَی المَکانِ الَّذی أقبَلتُ مِنهُ إلَیکُم. (2)
3939 .تاریخ الطبری عن الحسین علیه السّلام-مِن کَلامِهِ مَعَ أصحابِ الحُرِّ بنِ یَزیدَ-:أمّا بَعدُ أیُّهَا النّاسُ ! فَإِنَّکُم إن تَتَّقوا وتَعرِفُوا الحَقَّ لِأَهلِهِ یَکُن أرضی للّهِ ِ،ونَحنُ أهلَ البیتِ أولی بِوِلایَةِ هذَا الأَمرِ عَلَیکُم مِن هؤُلاءِ المُدَّعینَ ما لَیسَ لَهُم،وَالسّائِرینَ فیکُم بِالجَورِ وَالعُدوانِ،
ص:97
وإن أنتُم کَرِهتُمونا وجَهِلتُم حَقَّنا وکانَ رَأیُکُم غَیرَ ما أتَتنی کُتُبُکُم وقَدِمَت بِهِ عَلَیَّ رُسُلُکُمُ، انصَرَفتُ عَنکُم. (1)
3940.تاریخ الطبری عن عقبة بن أبی العَیزار:إنَّ الحُسَینَ علیه السّلام خَطَبَ أصحابَهُ وأصحابَ الحُرِّ بِالبیضَةِ،فَحَمِدَ اللّهَ وأثنی عَلَیهِ،ثُمَّ قالَ:أیُّهَا النّاسُ ! إنَّ رَسولَ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله قالَ:«مَن رَأی سُلطاناً جائِراً مُستَحِلاًّ لِحُرَمِ اللّهِ،ناکِثاً لِعَهدِ اللّهِ،مُخالِفاً لِسُنَّةِ رَسولِ اللّهِ،یَعمَلُ فی عِبادِ اللّهِ بِالإِثمِ وَالعُدوانِ،فَلَم یُغَیِّر عَلَیهِ بِفِعلٍ ولا قَولٍ،کانَ حَقّاً عَلَی اللّهِ أن یُدخِلَهُ مُدخَلَهُ».
ألا وإنَّ هؤُلاءِ قَد لَزِموا طاعَةَ الشَّیطانِ،وتَرَکوا طاعَةَ الرَّحمنِ،وأظهَرُوا الفَسادَ،وعَطَّلُوا الحُدودَ،وَاستَأثَروا بِالفَیءِ،وأحَلّوا حَرامَ اللّهِ،وحَرَّموا حَلالَهُ،وأنَا أحَقُّ مَن غَیَّرَ (2)،قَد أتَتنی کُتُبُکُم،وقَدِمَت عَلَیَّ رُسُلُکُم بِبَیعَتِکُم؛أنَّکُم لا تُسلِمُونّی ولا تَخذُلُونّی،فَإِن تَمَمتُم عَلی بَیعَتِکُم تُصیبوا رُشدَکُم،فَأَنَا الحُسَینُ بنُ عَلِیٍّ،وَابنُ فاطِمَةَ بِنتِ رَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله،نَفسی مَعَ أنفُسِکُم،وأهلی مَعَ أهلیکُم،فَلَکُم فِیَّ اسوَةٌ.
وإن لَم تَفعَلوا ونَقَضتُم عَهدَکُم،وخَلَعتُم بَیعَتی مِن أعناقِکُم،فَلَعَمری ما هِیَ لَکُم بِنُکرٍ، لَقَد فَعَلتُموها بِأَبی وأخی وَابنِ عَمّی مُسلِمٍ،وَالمَغرورُ مَنِ اغتَرَّ بِکُم،فَحَظَّکُم أخطَأتُم، ونَصیبَکُم ضَیَّعتُم،ومَن نَکَثَ (3)فَإِنَّما یَنکُثُ عَلی نَفسِهِ،وسَیُغنِی اللّهُ عَنکُم،وَالسَّلامُ عَلَیکُم ورَحمَةُ اللّهِ وبَرَکاتُهُ. (4)
ص:98
3941.تاریخ الطبری -فی خُروجِ الإِمامِ مِنَ المَدینَةِ-:وأمَّا الحُسَینُ فَإِنَّهُ خَرَجَ بِبَنیهِ وإخوَتِهِ وبَنی أخیهِ وجُلِّ أهلِ بَیتِهِ إلّامُحَمَّدَ بنَ الحَنَفِیَّةِ،فَإِنَّهُ قالَ لَهُ:یا أخی ! أنتَ أحَبُّ النّاسِ إلَیَّ وأعَزُّهُم عَلَیَّ،ولَستُ أدَّخِرُ النَّصیحَةَ لِأَحَدٍ مِنَ الخَلقِ أحَقَّ بِها مِنکَ،تَنَحَّ بِتَبِعَتِکَ عَن یَزیدَ بنِ مُعاوِیَةَ وعَنِ الأَمصارِ مَا استَطَعتَ،ثُمَّ ابعَث رُسُلَکَ إلَی النّاسِ فَادعُهُم إلی نَفسِکَ،فَإِن بایَعوا لَکَ حَمِدتَ اللّهَ عَلی ذلِکَ،وإن أجمَعَ النّاسُ عَلی غَیرِکَ لَم یَنقُصِ اللّهُ بِذلِکَ دینَکَ ولا عَقلَکَ ولا یُذهِبُ بِهِ مُروءَتَکَ ولا فَضلَکَ،إنّی أخافُ أن تَدخُلَ مِصراً مِن هذِهِ الأَمصارِ وتَأتِیَ جَماعَةً مِنَ النّاسِ فَیَختَلِفونَ بَینَهُم، فَمِنهُم طائِفَةٌ مَعَکَ واُخری عَلَیکَ،فَیَقتَتِلونَ فَتَکونُ لِأَوَّلِ الأَسِنَّةِ،فَإِذا خَیرُ هذِهِ الاُمَّةِ کُلِّها نَفساً وأباً واُمّاً أضیَعُها دَماً وأذَلُّها أهلاً.
قالَ لَهُ الحُسَینُ علیه السّلام:فَإِنّی ذاهِبٌ-یا أخی-.
قالَ:فَانزِل مَکَّةَ،فَإِنِ اطمَأَنَّت بِکَ الدّارُ فَسَبیلُ ذلِکَ،وإن نَبَت (1)بِکَ لَحِقتَ بِالرِّمالِ وشَعَفِ (2)الجِبالِ،وخَرَجتَ مِن بَلَدٍ إلی بَلَدٍ حَتّی تَنظُرَ إلی ما یَصیرُ أمرُ
ص:99
النّاسِ،وتَعرِفَ عِندَ ذلِکَ الرَّأیَ،فَإِنَّکَ أصوَبُ ما یَکونُ رَأیاً وأحزَمُهُ عَمَلاً حینَ تَستَقبِلُ الاُمورَ استِقبالاً،ولا تَکونُ الاُمورُ عَلَیکَ أبَداً أشکَلَ مِنها حینَ تَستَدبِرُها استِدباراً.
قالَ:یا أخی ! قَد نَصَحتَ فَأَشفَقتَ،فَأَرجو أن یَکونَ رَأیُکَ سَدیداً مُوَفَّقاً. (1)
3942.تاریخ دمشق -بَعدَ ذِکرِهِ کِتابَ عَمرِو بنِ سَعیدِ بنِ العاصِ لِلحُسَینِ علیه السّلام وطَلَبَهُ مِنهُ عَدَمَ الشُّخوصِ إلَی العِراقِ-:فَکَتَبَ إلَیهِ الحُسَینُ علیه السّلام:
إن کُنتَ أرَدتَ بِکِتابِکَ إلَیَّ بِرّی وصِلَتی فَجُزیتَ خَیراً فِی الدُّنیا وَالآخِرَةِ،وإنَّهُ لَم یُشاقِق مَن دَعا إلَی اللّهِ وعَمِلَ صالِحاً وقالَ إنَّنی مِنَ المُسلِمینَ،وخَیرُ الأَمانِ أمانُ اللّهِ،ولَم یُؤمِن بِاللّهِ مَن لَم یَخَفهُ فِی الدُّنیا،فَنَسأَلُ اللّهَ مَخافَةً فِی الدُّنیا توجِبُ لَنا أمانَ الآخِرَةِ عِندَهُ. (2)
3943.تاریخ الطبری: أقبَلَ الحُسَینُ علیه السّلام سَیراً إلَی الکوفَةِ،فَانتَهی إلی ماءٍ مِن مِیاهِ العَرَبِ،فَإِذا عَلَیهِ عَبدُ اللّهِ بنُ مُطیعٍ العَدَوِیُّ وهُوَ نازِلٌ هاهُنا،فَلَمّا رَأَی الحُسَینَ علیه السّلام قامَ إلَیهِ، فَقالَ:بِأَبی أنتَ واُمّی یَابنَ رَسولِ اللّهِ،ما أقدَمَکَ؟! [وَاحتَمَلَهُ فَأَنزَلَهُ].
فَقالَ لَهُ الحُسَینُ علیه السّلام:کانَ مِن مَوتِ مُعاوِیَةَ ما قَد بَلَغَکَ،فَکَتَبَ إلَیَّ أهلُ العِراقِ یَدعونَنی إلی أنفُسِهِم.
فَقالَ لَهُ عَبدُ اللّهِ بنُ مُطیعٍ:اُذَکِّرُکَ اللّهَ یَابنَ رَسولِ اللّهِ وحُرمَةَ الإِسلامِ أن تُنتَهَکَ،
ص:100
أنشُدُکَ اللّهَ فی حُرمَةِ رَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله،أنشُدُکَ اللّهَ فی حُرمَةِ العَرَبِ،فَوَاللّهِ لَئِن طَلَبتَ ما فی أیدی بَنی امَیَّةَ لَیَقتُلُنَّکَ،ولَئِن قَتَلوکَ لا یَهابونَ بَعدَکَ أحَداً أبَداً،وَاللّهِ إنَّها لَحُرمَةُ الإِسلامِ تُنتَهَکُ،وحُرمَةُ قُرَیشٍ وحُرمَةُ العَرَبِ،فَلا تَفعَل،ولا تَأتِ الکوفَةَ ولا تَعَرَّض لِبَنی امَیَّةَ.
قالَ:فَأَبی إلّاأن یَمضِیَ. (1)
ص:101
ص:102
3944.تاریخ الطبری عن عبد اللّه بن شریک العامری عن علیّ بن الحسین علیه السّلام: جَمَعَ الحُسَینُ علیه السّلام أصحابَهُ بَعدَما رَجَعَ عُمَرُ بنُ سَعدٍ،وذلِکَ عِندَ قُربِ المَساءِ،قالَ عَلِیُّ بنُ الحُسَینِ علیه السّلام فَدَنَوتُ مِنهُ لِأَسمَعَ وأنَا مَریضٌ،فَسَمِعتُ أبی وهُوَ یَقولُ لِأَصحابِهِ:
اثنی عَلَی اللّهِ تَبارَکَ وتَعالی أحسَنَ الثَّناءِ،وأحمَدُهُ عَلَی السَّرّاءِ وَالضَّرّاءِ،اللّهُمَّ إنّی أحمَدُکَ عَلی أن أکرَمتَنا بِالنُّبُوَّةِ،وعَلَّمتَنَا القُرآنَ،وفَقَّهتَنا فِی الدّینِ،وجَعَلتَ لَنا أسماعاً وأبصاراً وأفئِدَةً،ولَم تَجعَلنا مِنَ المُشرِکینَ.
أمّا بَعدُ،فَإِنّی لا أعلَمُ أصحاباً أولی ولا خَیراً مِن أصحابی،ولا أهلَ بَیتٍ أبَرَّ ولا أوصَلَ مِن أهلِ بَیتی،فَجَزاکُمُ اللّهُ عَنّی جَمیعاً خَیراً،ألا وإنّی أظُنُّ یَومَنا مِن هؤُلاءِ الأَعداءِ غَداً،ألا وإنّی قَد رَأَیتُ (1)لَکُم فَانطَلِقوا جَمیعاً فی حِلٍّ،لَیسَ عَلَیکُم
ص:103
مِنّی ذِمامٌ (1)،هذا لَیلٌ قَد غَشِیَکُم فَاتَّخِذوهُ جَمَلاً. (2)
3945.الطبقات الکبری: جَمَعَ حُسَینٌ علیه السّلام أصحابَهُ فی لَیلَةِ عاشوراءَ لَیلَةِ الجُمُعَةِ،فَحَمِدَ اللّهَ وأثنی عَلَیهِ،وذَکَرَ النَّبِیَّ صلّی اللّه علیه و آله وما أکرَمَهُ اللّهُ بِهِ مِنَ النُّبُوَّةِ،وما أنعَمَ بِهِ عَلی امَّتِهِ،وقالَ:
إنّی لا أحسَبُ القَومَ إلّامُقاتِلیکُم (3)غَداً،وقَد أذِنتُ لَکُم جَمیعاً فَأَنتُم فی حِلٍّ مِنّی،وهذَا اللَّیلُ قَد غَشِیَکُم،فَمَن کانَت لَهُ مِنکُم قُوَّةٌ فَلیَضُمَّ رَجُلاً مِن أهلِ بَیتی إلَیهِ،وتَفَرَّقوا فی سَوادِکُم«حَتّی یَأتِیَ اللّهُ بِالفَتحِ أو أمرٍ مِن عِندِهِ فَیُصبِحوا عَلی ما أسَرّوا فی أنفُسِهِم نادِمینَ» (4)،فَإِنَّ القَومَ إنَّما یَطلُبونَنی،فَإِذا رَأَونی لَهَوا عَن طَلَبِکُم.
فَقالَ أهلُ بَیتِهِ:لا أبقانَا اللّهُ بَعدَکَ،لا وَاللّهِ لا نُفارِقُکَ حَتّی یُصیبَنا ما أصابَکَ.
وقالَ ذلِکَ أصحابُهُ جَمیعاً.
فَقالَ:أثابَکُمُ اللّهُ عَلی ما تَنوونَ الجَنَّةَ. (5)
3946.الخرائج والجرائح عن أبی حمزة الثمالی: قالَ عَلِیُّ بنُ الحُسَینِ علیه السّلام:کُنتُ مَعَ أبِیَ اللَّیلَةَ الَّتی قُتِلَ صَبیحَتَها،فَقالَ لِأَصحابِهِ:هذَا اللَّیلُ فَاتَّخِذوهُ جَمَلاً،فَإِنَّ القَومَ إنَّما یُریدونَنی،ولَو قَتَلونی لَم یَلتَفِتوا إلَیکُم،وأنتُم فی حِلٍّ وسَعَةٍ.
فَقالوا:لا وَاللّهِ،لا یَکونُ هذا أبَداً.
قالَ:إنَّکُم تُقتَلونَ غَداً کُلُّکُم (6)،لا یُفلِتُ مِنکُم رَجُلٌ.
ص:104
قالوا:الحَمدُ للّهِ ِ الَّذی شَرَّفَنا بِالقَتلِ مَعَکَ.
ثُمَّ دَعا،وقالَ لَهُم:اِرفَعوا رُؤوسَکُم وَانظُروا.
فَجَعَلوا یَنظُرونَ إلی مَواضِعِهِم ومَنازِلِهِم مِنَ الجَنَّةِ،وهُوَ یَقولُ لَهُم:هذا مَنزِلُکَ یا فُلانُ،وهذا قَصرُکَ یا فُلانُ،وهذِهِ دَرَجَتُکَ یا فُلانُ.
فَکانَ الرَّجُلُ یَستَقبِلُ الرِّماحَ وَالسُّیوفَ بِصَدرِهِ ووَجهِهِ لِیَصِلَ إلی مَنزِلِهِ مِنَ الجَنَّةِ. (1)
3947.أنساب الأشراف: عَرَضَ الحُسَینُ علیه السّلام عَلی أهلِهِ ومَن مَعَهُ أن یَتَفَرَّقوا ویَجعَلُوا اللَّیلَ جَمَلاً،وقالَ:إنَّما یَطلُبونَنی وقَد وَجَدونی،وما کانَت کُتُبُ مَن کَتَبَ إلَیَّ-فیما أظُنُّ-إلّامَکیدَةً لی وتَقَرُّباً إلَی ابنِ مُعاوِیَةَ بی.فَقالوا:قَبَّحَ اللّهُ العَیشَ بَعدَکَ. (2)
3948.الأمالی للصدوق عن عبد اللّه بن منصور عن جعفر بن محمّد [الصادق] علیه السّلام: حَدَّثَنی أبی عَن أبیهِ قالَ:...فَقامَ الحُسَینُ علیه السّلام فی أصحابِهِ خَطیباً فَقالَ:اللّهُمَّ إنّی لا أعرِفُ أهلَ بَیتٍ أبَرَّ ولا أزکی ولا أطهَرَ مِن أهلِ بَیتی،ولا أصحاباً هُم خَیرٌ مِن أصحابی،وقَد نَزَلَ بی ما قَد تَرَونَ،وأنتُم فی حِلٍّ مِن بَیعَتی،لَیسَت لی فی أعناقِکُم بَیعَةٌ،ولا لی عَلَیکُم ذِمَّةٌ،وهذَا اللَّیلُ قَد غَشِیَکُم فَاتَّخِذوهُ جَمَلاً،وتَفَرَّقوا فی سَوادِهِ؛فَإِنَّ القَومَ إنَّما یَطلُبونَنی،ولَو ظَفِروا بی لَذَهَلوا (3)عَن طَلَبِ غَیری. (4)
راجع:ص 123 (الفصل الثالث عشر/وفاء أصحابه)
و ج 4 ص 62 (القسم الثامن/الفصل الأوّل/خطاب الإمام علیه السّلام بأهل بیته وأصحابه وعرضه علیهم الانصراف عنه جمیعاً) و ص 63 (القسم الثامن/الفصل الأوّل/جواب أهل بیته وأصحابه).
ص:105
3949.تاریخ الطبری عن الحارث بن کعب وأبی الضحّاک عن علیّ بن الحسین علیه السّلام: إنّی جالِسٌ فی تِلکَ العَشِیَّةِ الَّتی قُتِلَ أبی صَبیحَتَها وعَمَّتی زَینَبُ عِندی تُمَرِّضُنی،إذِ اعتَزَلَ أبی بِأَصحابِهِ فی خِباءٍ لَهُ وعِندَهُ حُوَیٌّ مَولی أبی ذَرٍّ الغِفارِیِّ وهُوَ یُعالِجُ سَیفَهُ ویُصلِحُهُ، وأبی یَقولُ:
یا دَهرُ افٍّ لَکَ مِن خَلیلِ کَم لَکَ بِالإِشراقِ وَالأَصیلِ
مِن صاحِبٍ أو طالِبٍ قَتیلِ وَالدَّهرُ لا یَقنَعُ بِالبَدیلِ
وإنَّمَا الأَمرُ إلَی الجَلیلِ وکُلُّ حَیٍّ سالِکُ السَّبیلِ
قالَ:فَأَعادَها مَرَّتَینِ أو ثَلاثاً حَتّی فَهِمتُها،فَعَرَفتُ ما أرادَ،فَخَنَقَتنی عَبرَتی فَرَدَدتُ دَمعی ولَزِمتُ السُّکونَ،فَعَلِمتُ أنَّ البَلاءَ قَد نَزَلَ،فَأَمّا عَمَّتی فَإِنَّها سَمِعَت ما سَمِعتُ وهِیَ امرَأَةٌ وفِی النِّساءِ الرِّقَّةُ وَالجَزَعُ،فَلَم تَملِک نَفسَها أن وَثَبَت تَجُرُّ ثَوبَها، وإنَّها لَحاسِرَةٌ حَتَّی انتَهَت إلَیهِ،فَقالَت:وَاثُکلاه،لَیتَ المَوتَ أعدَمَنِی الحَیاةَ،الیَومَ ماتَت فاطِمَةُ امّی وعَلِیٌّ أبی وحَسَنٌ أخی،یا خَلیفَةَ الماضی وثِمالَ (1)الباقی.
قالَ:فَنَظَرَ إلَیهَا الحُسَینُ علیه السّلام فَقالَ:یا اخَیَّةُ لا یُذهِبَنَّ حِلمَکِ الشَّیطانُ.
قالَت:بِأَبی أنتَ واُمّی یا أبا عَبدِ اللّهِ،استَقتَلتَ !
نَفسی فِداکَ.
فَرَدَّ غُصَّتَهُ وتَرَقرَقَت عَیناهُ،وقالَ:لَو تُرِکَ القَطا لَیلاً لَنامَ (2).
ص:106
قالَت:یا وَیلَتی ! أفَتُغصَبُ نَفسُکَ اغتِصاباً؟فَذلِکَ أقرَحُ لِقَلبی وأشَدُّ عَلی نَفسی.
ولَطَمَت وَجهَها وأهوَت إلی جَیبِها وشَقَّتهُ،وخَرَّت مَغشِیّاً عَلَیها.
فَقامَ إلَیهَا الحُسَینُ علیه السّلام فَصَبَّ عَلی وَجهِهَا الماءَ،وقالَ لَها:یا اخَیَّةُ! اتَّقِی اللّهَ، وتَعَزَّی بِعَزاءِ اللّهِ،وَاعلَمی أنَّ أهلَ الأَرضِ یَموتونَ،وأنَّ أهلَ السَّماءِ لا یَبقَونَ،وأنَّ کُلَّ شَیءٍ هالِکٌ إلّاوَجهَ اللّهِ،الَّذی خَلَقَ الأَرضَ بِقُدرَتِهِ ویَبعَثُ الخَلقَ فَیَعودونَ، وهُوَ فَردٌ وَحدَهُ،أبی خَیرٌ مِنّی،واُمّی خَیرٌ مِنّی،وأخی خَیرٌ مِنّی،ولی ولَهُم ولِکُلِّ مُسلِمٍ بِرَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله اسوَةٌ.
قالَ:فَعَزّاها بِهذا ونَحوِهِ،وقالَ لَها:یا اخَیَّةُ،إنّی اقسِمُ عَلَیکِ فَأَبِرّی قَسَمی؛لا تَشُقّی عَلَیَّ جَیباً،ولا تَخمُشی عَلَیَّ وَجهاً،ولا تَدعی عَلَیَّ بِالوَیلِ وَالثُّبورِ إذا أنَا هَلَکتُ.
قالَ:ثُمَّ جاءَ بِها حَتّی أجلَسَها عِندی. (1)
راجع:ج 4 ص 74 (القسم الثامن/الفصل الأوّل/حالة زینب علیها السّلام لیلة عاشوراء).
3950.تاریخ دمشق عن بشر بن طانحة عن رجل من همدان: خَطَبَنَا الحُسَینُ بنُ عَلِیٍّ علیه السّلام غَداةَ الیَومِ الَّذِی استُشهِدَ فیهِ،فَحَمِدَ اللّهَ وأثنی عَلَیهِ،ثُمَّ قالَ:
عِبادَ اللّهِ ! اتَّقُوا اللّهَ وکونوا مِنَ الدُّنیا عَلی حَذَرٍ،فَإِنَّ الدُّنیا لَو بَقِیَت لأَِحَدٍ وبَقِیَ
ص:107
عَلَیها أحَدٌ،کانَتِ الأَنبِیاءُ أحَقَّ بِالبَقاءِ،وأولی بِالرِّضا،وأرضی بِالقَضاءِ،غَیرَ أنَّ اللّهَ تَعالی خَلَقَ الدُّنیا لِلبَلاءِ،وخَلَقَ أهلَها لِلفَناءِ؛فَجَدیدُها بالٍ،ونَعیمُها مُضمَحِلٌّ، وسُرورُها مُکفَهِرٌّ،وَالمَنزِلُ بُلغَةٌ،وَالدّارُ قُلعَةٌ (1)، «وَ تَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَیْرَ الزّادِ التَّقْوی» 2 وَاتَّقُوا اللّهَ لَعَلَّکُم تُفلِحونَ. (2)
3951.مقتل الحسین علیه السّلام للخوارزمی: تَقَدَّمَ الحُسَینُ علیه السّلام حَتّی وَقَفَ قُبالَةَ القَومِ،وجَعَلَ یَنظُرُ إلی صُفوفِهِم کَأَنَّهَا السَّیلُ،ونَظَرَ إلَی ابنِ سَعدٍ واقِفاً فی صَنادیدِ (3)الکوفَةِ،فَقالَ:
الحَمدُ للّهِ ِ الَّذی خَلَقَ الدُّنیا فَجَعَلَها دارَ فَناءٍ وزَوالٍ،مُتَصَرِّفَةً بِأَهلِها حالاً بَعدَ حالٍ،فَالمَغرورُ مَن غَرَّتهُ،وَالشَّقِیُّ مَن فَتَنَتهُ،فَلا تَغُرَّنَّکُم هذِهِ الدُّنیا؛فَإِنَّها تَقطَعُ رَجاءَ مَن رَکَنَ إلَیها،وتُخَیِّبُ طَمَعَ مَن طَمِعَ فیها. (4)
3952.الأمالی للشجری عن حسین بن زید بن علیّ عن آبائه علیهم السّلام: أنَّ الحُسَینَ بنَ عَلِیٍّ علیه السّلام خَطَبَ یَومَ اصیبَ،فَحَمِدَ اللّهَ وأثنی عَلَیهِ وقالَ:الحَمدُ للّهِ ِ الَّذی جَعَلَ الآخِرَةَ لِلمُتَّقینَ،وَالنّارَ وَالعِقابَ عَلَی الکافِرینَ،وإنّا وَاللّهِ ما طَلَبنا فی وَجهِنا هذَا الدُّنیا فَنَکونَ السّاکینَ (5)فی رِضوانِ رَبِّنا،فَاصبِروا فَإِنَّ اللّهَ مَعَ الَّذینَ اتَّقَوا ودارُ الآخِرَةِ خَیرٌ لَکُم. (6)
3953.معانی الأخبار عن علیّ بن الحسین علیه السّلام: لَمَّا اشتَدَّ الأَمرُ بِالحُسَینِ بنِ عَلِیِّ بنِ أبی طالِبٍ علیه السّلام،
ص:108
نَظَرَ إلَیهِ مَن کانَ مَعَهُ فَإِذا هُوَ بِخِلافِهِم؛لِأَنَّهُم کُلَّمَا اشتَدَّ الأَمرُ تَغَیَّرَت ألوانُهُم، وَارتَعَدَت فَرائِصُهُم ووَجَبَت (1)قُلوبُهُم،وکانَ الحُسَینُ علیه السّلام وبَعضُ مَن مَعَهُ مِن خَصائِصِهِ تُشرِقُ ألوانُهُم،وتَهدَأُ جَوارِحُهُم،وتَسکُنُ نُفوسُهُم.
فَقالَ بَعضُهُم لِبَعضٍ:اُنظُروا لا یُبالی بِالمَوتِ !
فَقالَ لَهُمُ الحُسَینُ علیه السّلام:صَبراً بَنِی الکِرامِ،فَمَا المَوتُ إلّاقَنطَرَةٌ تَعبُرُ بِکُم عَنِ البُؤسِ وَالضَّرّاءِ إلَی الجِنانِ الواسِعَةِ وَالنَّعیمِ الدّائِمَةِ،فَأَیُّکُم یَکرَهُ أن یَنتَقِلَ مِن سِجنٍ إلی قَصرٍ ! وما هُوَ لِأَعدائِکُم إلّاکَمَن یَنتَقِلُ مِن قَصرٍ إلی سِجنٍ وعَذابٍ.
إنَّ أبی حَدَّثَنی عَن رَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله:أنَّ الدُّنیا سِجنُ المُؤمِنِ وجَنَّةُ الکافِرِ،وَالمَوتُ جِسرُ هؤُلاءِ إلی جَنّاتِهِم وجِسرُ هؤُلاءِ إلی جَحیمِهِم،ما کَذَبتُ ولا کُذِبتُ. (2)
3954.الأمالی للصدوق عن عبد اللّه بن منصور عن جعفر بن محمّد [الصادق] علیه السّلام: حَدَّثَنی أبی عَن أبیهِ قالَ:...قالَ [الحُسَینُ علیه السّلام ] لِأَصحابِهِ:قوموا فَاشرَبوا مِنَ الماءِ یَکُن آخِرَ زادِکُم، وتَوَضَّؤوا وَاغتَسِلوا،وَاغسِلوا ثِیابَکُم لِتَکونَ أکفانَکُم.ثُمَّ صَلّی بِهِمُ الفَجرَ،وعَبَّأَهُم تَعبِئَةَ الحَربِ. (3)
راجع:ج 4 ص 144 (القسم الثامن/الفصل الثانی/کلمة الإمام علیه السّلام لأصحابه).
3955.الملهوف: ورَکِبَ أصحابُ عُمَرَ بنِ سَعدٍ،فَبَعَثَ الحُسَینُ علیه السّلام بُرَیرَ بنَ حُصَینٍ (خُضَیرٍ)
ص:109
فَوَعَظَهُم فَلَم یَسمَعوا،وذَکَّرَهُم فَلَم یَنتَفِعوا،فَرَکِبَ الحُسَینُ علیه السّلام ناقَتَهُ-وقیلَ فَرَسَهُ- فَاستَنصَتَهُم فَأَنصَتوا،فَحَمِدَ اللّهَ وأثنی عَلَیهِ وذَکَرَهُ بِما هُوَ أهلُهُ،وصَلّی عَلی مُحَمَّدٍ صلّی اللّه علیه و آله وعَلَی المَلائِکَةِ وَالأَنبِیاءِ وَالرُّسُلِ وأبلَغَ فِی المَقالِ،ثُمَّ قالَ:
تَبّاً لَکُم أیَّتُهَا الجَماعَةُ وتَرَحاً (1)،حینَ استَصرَختُمونا والِهینَ فَأَصرَخناکُم موجِفینَ (2)،سَلَلتُم عَلَینا سَیفاً لَنا فی أیمانِکُم،وحَشَشتُم (3)عَلَینا ناراً اقتَدَحناها عَلی عَدُوِّنا وعَدُوِّکُم،فَأَصبَحتُم أولِیاءَ لِأَعدائِکُم عَلی أولِیائِکُم؛بِغَیرِ عَدلٍ أفشَوهُ فیکُم، ولا أمَلٍ أصبَحَ لَکُم فیهِم،فَهَلّا-لَکُمُ الوَیلاتُ-تَرَکتُمونا وَالسَّیفُ مَشیمٌ (4)، وَالجَأشُ (5)ضامِرٌ،وَالرَّأیُ لَمّا یَستَحصِف (6)،ولکِن أسرَعتُم إلَیها کَطَیرِ الدَّبا (7)، وتَداعَیتُم إلَیها کَتَهافُتِ (8)الفَراشِ ! فَسُحقاً لَکُم یا عَبیدَ الاُمَّةِ،وشِرارَ الأَحزابِ،ونَبَذَةَ الکِتابِ،ومُحَرِّفِی الکَلِمِ،وعُصبَةَ الآثامِ،ونَفَثَةَ الشَّیطانِ،ومُطفِئِی السُّنَنِ،أهؤُلاءِ تَعضُدونَ (9)وعَنّا تَتَخاذَلونَ؟! أجَل وَاللّهِ،غَدرٌ فیکُم قَدیمٌ،وَشَجَت (10)عَلَیهِ اصولُکُم،
ص:110
وتَأَزَّرَت عَلَیهِ فُروعُکُم،فَکُنتُم أخبَثَ شَجاً لِلنّاظِرِ،واُکلَةً (1)لِلغاصِبِ. (2)
3956.الأمالی للصدوق عن عبد اللّه بن منصور عن جعفر بن محمّد [الصادق] علیه السّلام: حَدَّثَنی أبی عَن أبیهِ قالَ:...ثُمَّ وَثَبَ الحُسَینُ علیه السّلام مُتَوَکِّئاً عَلی سَیفِهِ،فَنادی بِأَعلی صَوتِهِ فَقالَ:
أنشُدُکُمُ اللّهَ،هَل تَعرِفُونّی؟
قالوا:نَعَم،أنتَ ابنُ رَسولِ اللّهِ وسِبطُهُ.
قالَ:أنشُدُکُمُ اللّهَ،هَل تَعلَمونَ أنَّ جَدّی رَسولُ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله؟
قالوا:اللّهُمَّ نَعَم.
قالَ:أنشُدُکُمُ اللّهَ،هَل تَعلَمونَ أنَّ امّی فاطِمَةُ بِنتُ مُحَمَّدٍ صلّی اللّه علیه و آله؟
قالوا:اللّهُمَّ نَعَم.
قالَ:أنشُدُکُمُ اللّهَ،هَل تَعلَمونَ أنَّ أبی عَلِیُّ بنُ أبی طالِبٍ علیه السّلام؟
قالوا:اللّهُمَّ نَعَم.
قالَ:أنشُدُکُمُ اللّهَ،هَل تَعلَمونَ أنَّ جَدَّتی خَدیجَةُ بِنتُ خُوَیلِدٍ أوَّلُ نِساءِ هذِهِ الاُمَّةِ إسلاماً؟
قالوا:اللّهُمَّ نَعَم.
قالَ:أنشُدُکُمُ اللّهَ،هَل تَعلَمونَ أنَّ سَیِّدَ الشُّهَداءِ حَمزَةُ عَمُّ أبی؟
قالوا:اللّهُمَّ نَعَم.
قالَ:فَأَنشُدُکُمُ اللّهَ،هَل تَعلَمونَ أنَّ جَعفَراً الطَّیّارَ فِی الجَنَّةِ عَمّی؟
ص:111
قالوا:اللّهُمَّ نَعَم.
قالَ:فَأَنشُدُکُمُ اللّهَ،هَل تَعلَمونَ أنَّ هذا سَیفُ رَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله وأنَا مُتَقَلِّدُهُ؟
قالوا:اللّهُمَّ نَعَم.
قالَ:فَأَنشُدُکُمُ اللّهَ،هَل تَعلَمونَ أنَّ هذِهِ عِمامَةُ رَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله أنَا لابِسُها؟
قالوا:اللّهُمَّ نَعَم.
قالَ:فَأَنشُدُکُمُ اللّهَ،هَل تَعلَمونَ أنَّ عَلِیّاً کانَ أوَّلَهُم إسلاماً،وأعلَمَهُم عِلماً، وأعظَمَهُم حِلماً،وأنَّهُ وَلِیُّ کُلِّ مُؤمِنٍ ومُؤمِنَةٍ؟
قالوا:اللّهُمَّ نَعَم.
قالَ:فَبِمَ تَستَحِلّونَ دَمی،وأبِی الذّائِدُ عَنِ الحَوضِ غَداً،یَذودُ عَنهُ رِجالاً کَما یُذادُ البَعیرُ الصّادی (1)عَنِ الماءِ،ولِواءُ الحَمدِ فی یَدَی جَدّی یَومَ القِیامَةِ؟!
قالوا:قَد عَلِمنا ذلِکَ کُلَّهُ ! ونَحنُ غَیرُ تارِکیکَ حَتّی تَذوقَ المَوتَ عَطَشاً.
فَأَخَذَ الحُسَینُ علیه السّلام بِطَرَفِ لِحیَتِهِ وهُوَ یَومَئِذٍ ابنُ سَبعٍ وخَمسینَ سَنَةً،ثُمَّ قالَ:
اشتَدَّ غَضَبُ اللّهِ عَلَی الیَهودِ حینَ قالوا:عُزَیرٌ ابنُ اللّهِ،وَاشتَدَّ غَضَبُ اللّهِ عَلَی النَّصاری حینَ قالوا:المَسیحُ ابنُ اللّهِ،وَاشتَدَّ غَضَبُ اللّهِ عَلَی المَجوسِ حینَ عَبَدُوا النّارَ مِن دونِ اللّهِ،وَاشتَدَّ غَضَبُ اللّهِ عَلی قَومٍ قَتَلوا نَبِیَّهُم،وَاشتَدَّ غَضَبُ اللّهِ عَلی هذِهِ العِصابَةِ الَّذینَ یُریدونَ قَتَلَ ابنِ نَبِیِّهِم. (2)
3957.تاریخ الطبری عن الضحّاک المشرقی: کانَ مَعَ الحُسَینِ علیه السّلام فَرَسٌ لَهُ یُدعی:لاحِقاً،حَمَلَ عَلَیهِ ابنَهُ عَلِیَّ بنَ الحُسَینِ،قالَ:فَلَمّا دَنا مِنهُ القَومُ عادَ بِراحِلَتِهِ فَرَکِبَها،ثُمَّ نادی
ص:112
بِأَعلی صَوتِهِ دُعاءً یُسمِعُ جُلَّ النّاسِ:
أیُّهَا النّاسُ،اسمَعوا قَولی،ولا تُعجِلونی حَتّی أعِظَکُم بِما لِحَقٍّ (1)لَکُم عَلَیَّ، وحَتّی أعتَذِرَ إلَیکُم مِن مَقدَمی عَلَیکُم،فَإِن قَبِلتُم عُذری وصَدَّقتُم قَولی وأعطَیتُمونِی النَّصَفَ،کُنتُم بِذلِکَ أسعَدَ،ولَم یَکُن لَکُم عَلَیَّ سَبیلٌ،وإن لَم تَقبَلوا مِنِّی العُذرَ ولَم تُعطُوا النَّصَفَ مِن أنفُسِکُم «فَأَجْمِعُوا أَمْرَکُمْ وَ شُرَکاءَکُمْ ثُمَّ لا یَکُنْ أَمْرُکُمْ عَلَیْکُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَیَّ وَ لا تُنْظِرُونِ» 2 ، «إِنَّ وَلِیِّیَ اللّهُ الَّذِی نَزَّلَ الْکِتابَ وَ هُوَ یَتَوَلَّی الصّالِحِینَ» 3 ....
قالَ:فَوَاللّهِ ما سَمِعتُ مُتَکَلِّماً قَطُّ قَبلَهُ ولا بَعدَهُ أبلَغَ فی مَنطِقٍ مِنهُ.
ثُمَّ قالَ:أمّا بَعدُ،فَانسُبونی فَانظُروا مَن أنَا،ثُمَّ ارجِعوا إلی أنفُسِکُم وعاتِبوها، فَانظُروا هَل یَحِلُّ لَکُم قَتلی وَانتِهاکُ حُرمَتی؟
ألَستُ ابنَ بِنتِ نَبِیِّکُم صلّی اللّه علیه و آله وَابنَ وَصِیِّهِ وَابنِ عَمِّهِ،وأوَّلِ المُؤمِنینَ بِاللّهِ،وَالمُصَدِّقِ لِرَسولِهِ بِما جاءَ بِهِ مِن عِندِ رَبِّهِ؟
أوَلَیسَ حَمزَةُ سَیِّدُ الشُّهَداءِ عَمَّ أبی؟
أوَلَیسَ جَعفَرٌ الشَّهیدُ الطّیّارُ ذُو الجَناحَینِ عَمّی؟
أوَلَم یَبلُغکُم قَولٌ مُستَفیضٌ فیکُم:أنَّ رَسولَ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله قالَ لی ولِأَخی:«هذانِ سَیِّدا شَبابِ أهلِ الجَنَّةِ»!
فَإِن صَدَّقتُمونی بِما أقولُ-وهُوَ الحَقُّ-فَوَاللّهِ ما تَعَمَّدتُ کَذِباً مُذ عَلِمتُ أنَّ اللّهَ یَمقُتُ عَلَیهِ أهلَهُ،ویَضُرُّ بِهِ مَنِ اختَلَقَهُ،وإن کَذَّبتُمونی فَإِنَّ فیکُم مَن إن سَأَلتُموهُ
ص:113
عَن ذلِکَ أخبَرَکُم؛سَلوا جابِرَ بنَ عَبدِ اللّهِ الأَنصارِیَّ،أو أبا سَعیدٍ الخُدرِیَّ،أو سَهلَ بنَ سَعدٍ السّاعِدِیَّ،أو زَیدَ بنَ أرقَمَ،أو أنَسَ بنَ مالِکٍ،یُخبِروکُم أنَّهُم سَمِعوا هذِهِ المَقالَةَ مِن رَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله لی ولِأَخی.أفَما فی هذا حاجِزٌ لَکُم عَن سَفکِ دَمی؟
فَقالَ لَهُ شِمرُ بنُ ذِی الجَوشَنِ:هُوَ یَعبُدُ اللّهَ عَلی حَرفٍ 1إن کانَ یَدری ما یَقولُ !
فَقالَ لَهُ حَبیبُ بنُ مُظاهِرٍ:وَاللّهِ إنّی لَأَراکَ تَعبُدُ اللّهَ عَلی سَبعینَ حَرفاً،وأنَا أشهَدُ أنَّکَ صادِقٌ،ما تَدری ما یَقولُ،قَد طَبَعَ اللّهُ عَلی قَلبِکَ.
ثُمَّ قالَ لَهُمُ الحُسَینُ علیه السّلام:فَإِن کُنتُم فی شَکٍّ مِن هذَا القَولِ،أفَتَشُکّونَ أثَراً ما أنّی 2ابنُ بِنتِ نَبِیِّکُم؟فَوَاللّهِ ما بَینَ المَشرِقِ وَالمَغرِبِ ابنُ بِنتِ نَبِیٍّ غَیری مِنکُم ولا مِن غَیرِکُم،أنَا ابنُ بِنتِ نَبِیِّکُم خاصَّةً.
أخبِرونی ! أتَطلُبونی بِقَتیلٍ مِنکُم قَتَلتُهُ،أو مالٍ لَکُمُ استَهلَکتُهُ،أو بِقِصاصٍ مِن جِراحَةٍ؟
قالَ:فَأَخَذوا لا یُکَلِّمونَهُ.
قالَ:فَنادی:یا شَبَثَ بنَ رِبعِیٍّ،ویا حَجّارَ بنَ أبجَرَ،ویا قَیسَ بنَ الأَشعَثِ،ویا یَزیدَ بنَ الحارِثِ،ألَم تَکتُبوا إلَیَّ أن قَد أینَعَتِ الثِّمارُ،وَاخضَرَّ الجَنابُ 3،وطَمَّتِ 4الجَمامُ 5،وإنَّما تَقدَمُ عَلی جُندٍ لَکَ مُجَنَّدٍ،فَأَقبِل؟!
ص:114
قالوا لَهُ:لَم نَفعَل.
فَقالَ:سُبحانَ اللّهِ ! بَلی وَاللّهِ،لَقَد فَعَلتُم.
ثُمَّ قالَ:أیُّهَا النّاسُ ! إذ کَرِهتُمونی فَدَعونی أنصَرِف عَنکُم إلی مَأمَنی مِنَ الأَرضِ.
قالَ:فَقالَ لَهُ قَیسُ بنُ الأَشعَثِ:أوَلا تَنزِلُ عَلی حُکمِ بَنی عَمِّکَ،فَإِنَّهُم لَن یُروکَ إلّا ما تُحِبُّ،ولَن یَصِلَ إلَیکَ مِنهُم مَکروهٌ؟
فَقالَ الحُسَینُ علیه السّلام:أنتَ أخو أخیکَ (1)،أتُریدُ أن یَطلُبَکَ بَنو هاشِمٍ بِأَکثَرَ مِن دَمِ مُسلِمِ بنِ عَقیلٍ؟لا وَاللّهِ،لا اعطیهِم بِیَدی إعطاءَ الذَّلیلِ،ولا أقِرُّ إقرارَ العَبیدِ.
عِبادَ اللّهِ ! إنّی عُذتُ بِرَبّی ورَبِّکُم أن تَرجُمونِ (2)،أعوذُ بِرَبّی ورَبِّکُم مِن کُلِّ مُتَکَبِّرٍ لا یُؤمِنُ بِیَومِ الحِسابِ (3).
قالَ:ثُمَّ إنَّهُ أناخَ راحِلَتَهُ،وأمَرَ عُقبَةَ بنَ سِمعانَ فَعَقَلَها،وأقبَلوا یَزحَفونَ نَحوَهُ. (4)
3958.مقتل الحسین علیه السّلام للخوارزمی: تَقَدَّمَ الحُسَینُ علیه السّلام حَتّی وَقَفَ قُبالَةَ القَومِ...فَقالَ:...أراکُم قَدِ اجتَمَعتُم عَلی أمرٍ قَد أسخَطتُمُ اللّهَ فیهِ عَلَیکُم،فَأَعرَضَ بِوَجهِهِ الکَریمِ عَنکُم، وأحَلَّ بِکُم نَقِمَتَهُ،وجَنَّبَکُم رَحمَتَهُ،فَنِعمَ الرَّبُّ رَبُّنا،وبِئسَ العَبیدُ أنتُم ! أقرَرتُم بِالطّاعَةِ،وآمَنتُم بِالرَّسولِ مُحَمَّدٍ صلّی اللّه علیه و آله،ثُمَّ إنَّکُم زَحَفتُم إلی ذُرِّیَّتِهِ تُریدونَ قَتلَهُم ! لَقَدِ
ص:115
استَحوَذَ عَلَیکُمُ الشَّیطانُ فَأَنساکُم ذِکرَ اللّهِ العَظیمِ،فَتَبّاً (1)لَکُم ولِما (2)تُریدونَ،إنّا للّهِ ِ وإنّا إلَیهِ راجِعونَ،هؤُلاءِ قَومٌ کَفَروا بَعدَ إیمانِهِم،فَبُعداً لِلقَومِ الظّالِمینَ. (3)
راجع:ج 4 ص 106 (القسم الثامن/الفصل الثانی/احتجاجات الإمام علیه السّلام علی جیش الکوفة).
3959.مقتل الحسین علیه السّلام للخوارزمی عن عبد اللّه بن الحسن -فی ذِکرِ وَقائِعِ عاشوراءَ-:ثُمَّ قالَ علیه السّلام:أینَ عُمَرُ بنُ سَعدٍ؟اُدعوا لی عُمَرَ.فَدُعِیَ لَهُ؛وکانَ کارِهاً لا یُحِبُّ أن یَأتِیَهُ.
فَقالَ:یا عُمَرُ،أنتَ تَقتُلُنی وتَزعُمُ أن یُوَلِّیَکَ الدَّعِیُّ (4)ابنُ الدَّعِیِّ بِلادَ الرَّیِّ وجُرجانَ؟! وَاللّهِ لا تَتَهَنَّأُ بِذلِکَ أبَداً،عَهدٌ مَعهودٌ،فَاصنَع ما أنتَ صانِعٌ،فَإِنَّکَ لا تَفرَحُ بَعدی بِدُنیا ولا آخِرَةٍ،وکَأَنّی بِرَأسِکَ عَلی قَصَبَةٍ قَد نُصِبَ بِالکوفَةِ،یَتَراماهُ الصِّبیانُ ویَتَّخِذونَهُ غَرَضاً (5)بَینَهُم.
فَغَضِبَ عُمَرُ بنُ سَعدٍ مِن کَلامِهِ،ثُمَّ صَرَفَ وَجهَهُ عَنهُ،ونادی بِأَصحابِهِ:ما تَنتَظِرونَ (6)بِهِ؟اِحمِلوا بِأَجمَعِکُم،إنَّما هِیَ اکلَةٌ واحِدَةٌ ! (7)
ص:116
3960.الملهوف -أیضاً-:تَقَدَّمَ عُمَرُ بنُ سَعدٍ ورَمی نَحوَ عَسکَرِ الحُسَینِ علیه السّلام بِسَهمٍ،وقالَ:
اشهَدوا لی عِندَ الأَمیرِ أنّی أوَّلُ مَن رَمی ! وأقبَلَتِ السِّهامُ مِنَ القَومِ کَأَنَّهَا القَطرُ.
فَقالَ [الحُسَینُ] علیه السّلام لِأَصحابِهِ:قوموا رَحِمَکُمُ اللّهُ إلَی المَوتِ (1)الَّذی لابُدَّ مِنهُ،فَإِنَّ هذِهِ السِّهامَ رُسُلُ القَومِ إِلَیکُم.فَاقتَتَلوا ساعَةً. (2)
3961.الفتوح -بَعدَ أن ذَکَرَ الحِوارَ الَّذی جَری بَینَ الحُسَینِ علیه السّلام وعُمَرَ بنِ سَعدٍ،وما عَرَضَهُ علیه السّلام عَلَیهِ مِن خِیاراتٍ-:فَلَم یُجِب عُمَرُ إلی شَیءٍ مِن ذلِکَ،فَانصَرَفَ عَنهُ الحُسَینُ علیه السّلام وهُوَ یَقولُ:ما لَکَ؟! ذَبَحَکَ اللّهُ مِن عَلی فِراشِکَ سَریعاً عاجِلاً،ولا غَفَرَ اللّهُ لَکَ یَومَ حَشرِکَ ونَشرِکَ (3)،فَوَاللّهِ إنّی لَأَرجو ألّا تَأکُلَ مِن بُرِّ (4)العِراقِ إلّایَسیراً. (5)
راجع:ج 4 ص 120 (القسم الثامن/الفصل الثانی/کلام الإمام علیه السّلام مع عمر بن سعد).
3962.الملهوف عن الإمام الحسین علیه السّلام -فی کَلامٍ لَهُ یَومَ عاشوراءَ مَعَ أصحابِ عُمَرَ بنِ سَعدٍ-:
أما وَاللّهِ لا تَلبَثونَ بَعدَها إلّاکَرَیثِما یُرکَبُ الفَرَسُ،حَتّی یَدورَ بِکُم دَورَ الرَّحی ویَقلَقَ بِکُم قَلَقَ المِحوَرِ (6)،عَهدٌ عَهِدَهُ إلَیَّ أبی عَن جَدّی «فَأَجْمِعُوا أَمْرَکُمْ وَ شُرَکاءَکُمْ
ص:117
ثُمَّ لا یَکُنْ أَمْرُکُمْ عَلَیْکُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَیَّ وَ لا تُنْظِرُونِ» 1 ، «إِنِّی تَوَکَّلْتُ عَلَی اللّهِ رَبِّی وَ رَبِّکُمْ ما مِنْ دَابَّةٍ إِلاّ هُوَ آخِذٌ بِناصِیَتِها إِنَّ رَبِّی عَلی صِراطٍ مُسْتَقِیمٍ» 2 . (1)
3963.تاریخ الطبری عن حمید بن مسلم عن الإمام الحسین علیه السّلام -فی یَومِ عاشوراءَ وهُوَ یُقاتِلُ القَومَ ویَشُدُّ عَلَیهِم-:أعَلی قَتلی تَحاثّونَ (2)،أما وَاللّهِ لا تَقتُلونَ بَعدی عَبداً مِن عِبادِ اللّهِ، اللّهُ أسخَطَ عَلَیکُم لِقَتلِهِ مِنّی !
وَایمُ اللّهِ،إنّی لَأَرجو أن یُکرِمَنِی اللّهُ بِهَوانِکُم،ثُمَّ یَنتَقِمَ لی مِنکُم مِن حَیثُ لا تَشعُرونَ.أما وَاللّهِ أن لَو قَد قَتَلتُمونی لَقَد ألقَی اللّهُ بَأسَکُم بَینَکُم،وسَفِکَ دِماءَکُم،ثُمَّ لا یَرضی لَکُم حَتّی یُضاعِفَ لَکُمُ العَذابَ الأَلیمَ. (3)
راجع:ج 4 ص 106 (القسم الثامن/الفصل الثانی/احتجاجات الإمام علیه السّلام علی جیش الکوفة)
و ص 383 (القسم الثامن/الفصل التاسع/قتال الإمام علیه السّلام اعداءه وحیداً).
ص:118
3964.نزهة الناظر عن الإمام الحسین علیه السّلام: اصبرِ عَلی ما تَکرَهُ فیما یَلزَمُکَ الحَقُّ،وَاصبِر عَمّا تُحِبُّ فیما یَدعوکَ إلَیهِ الهَوی. (1)
3965.الکافی عن أبی جعفر الخثعمی عن الحسین علیه السّلام -فی کَلامٍ لَهُ مَعَ أبی ذَرٍّ لَمّا سَیَّرَهُ عُثمانُ إلَی الرَّبَذَةِ-:عَلَیکَ بِالصَّبرِ؛فَإِنَّ الخَیرَ فِی الصَّبرِ،وَالصَّبرَ مِنَ الکَرَمِ،ودَعِ الجَزَعَ؛فَإِنَّ الجَزَعَ لا یُغنیکَ. (2)
3966.کامل الزیارات عن الحلبی: سَمِعتُ أبا عَبدِ اللّهِ علیه السّلام یَقولُ:إنَّ الحُسَینَ علیه السّلام صَلّی بِأَصحابِهِ الغَداةَ،ثُمَّ التَفَتَ إلَیهِم فَقالَ:إنَّ اللّهَ قَد أذِنَ فی قَتلِکُم،فَعَلَیکُم بِالصَّبرِ. (3)
ص:119
3967.کامل الزیارات عن الحسین بن أبی العلاء عن أبی عبد اللّه [الصادق] علیه السّلام: إنَّ الحُسَینَ بنَ عَلِیٍّ علیهم السّلام قالَ لِأَصحابِهِ یَومَ اصیبوا:أشهَدُ أنَّهُ قَد اذِنَ فی قَتلِکُم،فَاتَّقُوا اللّهَ وَاصبِروا. (1)
3968.الأمالی للشجری عن حسین بن زید بن علیّ عن آبائه علیهم السّلام: إنَّ الحُسَینَ بنَ عَلِیٍّ علیه السّلام خَطَبَ یَومَ اصیبَ،فَحَمِدَ اللّهُ وأثنی عَلَیهِ وقالَ:...فَاصبِروا؛فَإِنَّ اللّهَ مَعَ الَّذینَ اتَّقَوا،ودارُ الآخِرَةِ خَیرٌ لَکُم. (2)
راجع:ج 4 ص 121 (القسم الثامن/الفصل الثانی/بدء القتال ودعوة الإمام علیه السّلام أصحابه بالصبر والجهاد).
3969.الأمالی للصدوق عن عبد اللّه بن منصور عن جعفر بن محمّد [الصادق ]:حَدَّثنی أبی عن أبیهِ علیهم السّلام قال:...لَمّا بَرَزَ [عَلِیٌّ الأَکبَرُ] إلَیهِم،دَمَعَت عَینُ الحُسَینِ علیه السّلام فَقالَ:اللّهُمَّ کُن أنتَ الشَّهیدَ عَلَیهِم،فَقَد بَرَزَ إلَیهِمُ ابنُ رَسولِکَ،وأشبَهُ النّاسِ وَجهاً وسَمتاً (3)بِهِ.
فَجَعَلَ یَرتَجِزُ وهُوَ یَقولُ:
أنَا عَلِیُّ بنُ الحُسَینِ بنِ عَلِیِّ نَحنُ وبَیتُ اللّهِ أولی بِالنَّبِیِّ
أما تَرَونَ کَیفَ أحمی عَن أبی
ص:120
فَقَتَلَ مِنهُم عَشَرَةً،ثُمَّ رَجَعَ إلی أبیهِ،فَقالَ:یا أبَه ! العَطَشُ.
فَقالَ الحُسَینُ علیه السّلام:صَبراً یا بُنَیَّ،یَسقیکَ جَدُّکَ بِالکَأسِ الأَوفی.
فَرَجَعَ فَقاتَلَ حَتّی قَتَلَ مِنهُم أربَعَةً وأربَعینَ رَجُلاً،ثُمَّ قُتِلَ صَلَّی اللّهُ عَلَیهِ. (1)
3970.مقاتل الطالبیّین عن سعید بن ثابت: لَمّا بَرَزَ عَلِیُّ بنُ الحُسَینِ إلَیهِم أرخَی الحُسَینُ- صَلَواتُ اللّهِ عَلَیهِ وسَلامُهُ-عَینَیهِ فَبَکی،ثُمَّ قالَ:اللّهُمَّ کُن أنتَ الشَّهیدَ عَلَیهِم،فَبَرَزَ إلَیهِم غُلامٌ أشبَهُ الخَلقِ بِرَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله.
فَجَعَلَ یَشُدُّ عَلَیهِم ثُمَّ یَرجِعُ إلی أبیهِ فَیَقولُ:یا أبَه ! العَطَشُ.
فَیَقولُ لَهُ الحُسَینُ علیه السّلام:اِصبِر حَبیبی،فَإِنَّکَ لا تُمسی حَتّی یَسقِیَکَ رَسولُ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله بِکَأسِهِ. (2)
3971.الملهوف عن الإمام الحسین علیه السّلام -فیما عَزّی بِهِ اختَهُ امَّ کُلثومٍ لَمّا أخَذَت تُنادی:وامُحَمَّداه واعَلِیّاه...واضَیعَتاه بَعدَکَ یا أبا عَبدِ اللّهِ-:یا اختاه،تَعَزَّی بِعَزاءِ اللّهِ،فَإِنَّ سُکّانَ السَّماواتِ یَموتونَ،وأهلَ الأَرضِ لا یَبقَونَ،وجَمیعَ البَرِیَّةِ یَهلِکونَ.
ثُمَّ قالَ:یا اختاه یا امَّ کُلثومٍ،وأنتِ یا زَینبُ،وأنتِ یا رُقَیَّةُ،وأنتِ یا فاطِمَةُ، وأنتِ یا رَبابُ،اُنظُرنَ إذا أنَا قُتِلتُ فَلا تَشقُقنَ عَلَیَّ جَیباً،ولا تَخمُشنَ عَلَیَّ وَجهاً، ولا تَقُلنَ عَلَیَّ هُجراً (3). (4)
ص:121
3972.الملهوف -فی ذِکرِ أحداثِ عاشوراءَ-:ثُمَّ جَعَلَ أهلُ بَیتِهِ یَخرُجُ مِنهُمُ الرَّجُلُ بَعدَ الرَّجُلِ،حَتّی قَتَلَ القَومُ مِنهُم جَماعَةً،فَصاحَ الحُسَینُ علیه السّلام فی تِلکَ الحالِ:صَبراً یا بَنی عُمومَتی،صَبراً یا أهلَ بَیتی،صَبراً؛فَوَ اللّهِ لا رَأَیتُم هَواناً (1)بَعدَ هذَا الیَومِ أبَداً. (2)
ص:122
3973.مقاتل الطالبیّین عن عتبة بن سمعان الکلبّی: قامَ الحُسَینُ علیه السّلام فی أصحابِهِ خَطیباً فَقالَ:
اللّهُمَّ إنَّکَ تَعلَمُ أنّی لا أعلَمُ أصحاباً خَیراً مِن أصحابی،ولا أهلَ بَیتٍ خَیراً مِن أهلِ بَیتی،فَجَزاکُمُ اللّهُ خَیراً،فَقَد آزَرتُم وعاوَنتُم،وَالقَومُ لا یُریدونَ غَیری،ولَو قَتَلونی لَم یَبتَغوا غَیری أحَداً،فَإِذا جَنَّکُمُ اللَّیلُ فَتَفَرَّقوا فی سَوادِهِ وَانجوا بِأَنفُسِکُم.
فَقامَ إلَیهِ العَبّاسُ بنُ عَلِیٍّ أخوهُ،وعَلِیٌّ ابنُهُ،وبَنو عَقیلٍ،فَقالوا لَهُ:مَعاذَ اللّهِ وَالشَّهرَ الحَرامَ ! فَماذا نَقولُ لِلنّاسِ إذا رَجَعنا إلَیهِم،إنّا تَرَکنا سَیِّدَنا وَابنَ سَیِّدِنا وعِمادَنا وتَرَکناهُ غَرَضاً لِلنَّبلِ ودَریئَةً (1)لِلرِّماحِ وجَزَراً (2)لِلسِّباعِ،وفَرَرنا عَنهُ رَغبَةً فِی الحَیاةِ؟! مَعاذَ اللّهِ،بَل نَحیا بِحَیاتِکَ ونَموتُ مَعَکَ.
فَبَکی وبَکَوا عَلَیهِ،وجَزاهُم خَیراً،ثُمَّ نَزَلَ-صَلَواتُ اللّهِ عَلَیهِ-. (3)
ص:123
3974.مثیر الأحزان: جَمَعَ الحُسَینُ علیه السّلام أصحابَهُ وحَمِدَ اللّهَ وأثنی عَلَیهِ،ثُمَّ قالَ:أمّا بَعدُ فَإِنّی لا أعلَمُ لی أصحاباً أوفی ولا خَیراً مِن أصحابی،ولا أهلَ بَیتٍ أبَرَّ ولا أوصَلَ مِن أهلِ بَیتی فَجَزاکُمُ اللّهُ عَنّی جَمیعاً خَیراً،ألا وإنّی قَد أذِنتُ لَکُم فَانطَلِقوا أنتُم فی حِلٍّ،لَیسَ عَلَیکُم مِنّی ذِمامٌ (1)،هذَا اللَّیلُ قَد غَشِیَکُم فَاتَّخِذوهُ جَمَلاً (2).
فَقالَ لَهُ إخوَتُهُ وأبناؤُهُ وأبناءُ عَبدِ اللّهِ بنِ جَعفَرٍ:ولِمَ نَفعَلُ ذلِکَ؟لِنَبقی بَعدَکَ؟! لا أرانَا اللّهُ ذلِکَ.وبَدَأَهُمُ العَبّاسُ أخوهُ ثُمَّ تابَعوهُ.
وقالَ لِبَنی مُسلِمِ بنِ عَقیلٍ:حَسبُکُم مِنَ القَتلِ بِصاحِبِکُم مُسلِمٍ،اذهَبوا فَقَد أذِنتُ لَکُم.
فَقالوا:لا وَاللّهِ،لا نُفارِقُکَ أبَداً حَتّی نَقِیَکَ بِأَسیافِنا،ونُقتَلَ بَینَ یَدَیکَ. (3)
3975.الملهوف: خَرَجَ عَمرُو بنُ قَرَظَةَ الأَنصارِیُّ فَاستَأذَنَ الحُسَینَ علیه السّلام فَأَذِنَ لَهُ،فَقاتَلَ قِتالَ المُشتاقینَ إلَی الجَزاءِ،وبالَغَ فی خِدمَةِ سُلطانِ السَّماءِ،حَتّی قَتَلَ جَمعاً کَثیراً مِن حِزبِ ابنِ زِیادٍ،وجَمَعَ بَینَ سَدادٍ (4)وجِهادٍ،وکانَ لا یَأتی إلَی الحُسَینِ علیه السّلام سَهمٌ إلَّااتَّقاهُ بِیَدِهِ ولا سَیفٌ إلّاتَلَقّاهُ بِمُهجَتِهِ فَلَم یَکُن یَصِلُ إلَی
ص:124
الحُسَینِ علیه السّلام سوءٌ،حَتّی اثخِنَ بِالجِراحِ،فَالتَفَتَ إلَی الحُسَینِ علیه السّلام وقالَ:یَابنَ رَسولِ اللّهِ،أوَفَیتُ؟
قالَ:نَعَم،أنتَ أمامی فِی الجَنَّةِ،فَاقرَأ رَسولَ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله عَنِّی السَّلامَ،وأعلِمهُ أنّی فِی الأَثَرِ.
فَقاتَلَ حَتّی قُتِلَ رِضوانُ اللّهِ عَلَیهِ. (1)
ص:125
ص:126
3976.الدرّ المنثور عن الحسین بن علیّ علیهما السّلام: أنَّ رَسولَ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله أصبَحَ وهُوَ مَهمومٌ،فَقیلَ:ما لَکَ یا رَسولَ اللّهِ؟
فَقالَ:إنّی اریتُ فِی المَنامِ کَأَنَّ بَنی امَیَّةَ یَتَعاوَرونَ (1)مِنبَری هذا.
فَقیلَ:یا رَسولَ اللّهِ ! لا تَهتَمَّ فَإِنَّها دُنیا تَنالُهُم.
فَأَنزَلَ اللّهُ: «وَ ما جَعَلْنَا الرُّؤْیَا الَّتِی أَرَیْناکَ إِلاّ فِتْنَةً لِلنّاسِ» 2 . (2)
3977.شرح الأخبار بإسناده عن الحسین علیه السّلام: قالَ أمیرُ المُؤمِنینَ علیه السّلام:رَأَیتُ حَبیبی رَسولَ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله
ص:127
البارِحَةَ فِی المَنامِ،فَشَکَوتُ إلَیهِ ما لَقیتُهُ بَعدَهُ مِن أهلِ العِراقِ،فَوَعَدَنی بِالرّاحَةِ مِنهُم عَن قَریبٍ. (1)
3978.مثیر الأحزان عن الإمام الحسین علیه السّلام -فی مَوتِ مُعاوِیَةَ-:أظُنُّ أنَّ طاغِیَتَهُم هَلَکَ ! رَأَیتُ البارِحَةَ أنَّ مِنبَرَ مُعاوِیَةَ مَنکوسٌ،ودارَهُ تَشتَعِلُ بِالنّیرانِ. (2)
3979.الفتوح: خَرَجَ الحُسَینُ بنُ عَلِیٍّ علیه السّلام مِن مَنزِلِهِ ذاتَ لَیلَةٍ وأتی إلی قَبرِ جَدِّهِ صلّی اللّه علیه و آله فَقالَ:
السَّلامُ عَلَیکَ یا رَسولَ اللّهِ....
ثُمَّ جَعَلَ الحُسَینُ یَبکی،حَتّی إذا کانَ فی بَیاضِ الصُّبحِ وَضَعَ رَأسَهُ عَلَی القَبرِ فَأَغفی ساعَةً،فَرَأَی النَّبِیَّ صلّی اللّه علیه و آله قَد أقبَلَ فی کَبکَبَةٍ (3)مِنَ المَلائِکَةِ عَن یَمینِهِ وعَن شِمالِهِ ومِن بَینِ یَدَیهِ ومِن خَلفِهِ،حَتّی ضَمَّ الحُسَینَ علیه السّلام إلی صَدرِهِ،وقَبَّلَ بَینَ عَینَیهِ، وقالَ صلّی اللّه علیه و آله:
یا بُنَیَّ یا حُسَینُ ! کَأَنَّکَ عَن قَریبٍ أراکَ مَقتولاً مَذبوحاً بِأَرضِ کَربٍ وبَلاءٍ مِن عِصابَةٍ مِن امَّتی،وأنتَ فی ذلِکَ عَطشانُ لا تُسقی،وضَمآنُ لا تُروی،وهُم مَعَ ذلِکَ یَرجونَ شَفاعَتی،ما لَهُم؟! لا أنالَهُمُ اللّهُ شَفاعَتی یَومَ القِیامَةِ،فَما لَهُم عِندَ اللّهِ
ص:128
مِن خَلاقٍ (1).
حَبیبی یا حُسَینُ ! إنَّ أباکَ واُمَّکَ وأخاکَ قَد قَدِموا عَلَیَّ وهُم إلَیکَ مُشتاقونَ،وإنَّ لَکَ فِی الجَنَّةِ دَرَجاتٍ لَن تَنالَها إلّابِالشَّهادَةِ.
فَجَعَلَ الحُسَینُ علیه السّلام یَنظُرُ فی مَنامِهِ إلی جَدِّهِ صلّی اللّه علیه و آله ویَسمَعُ کَلامَهُ،وهُوَ یَقولُ:یا جَدّاه ! لا حاجَةَ لی فِی الرُّجوعِ إلَی الدُّنیا أبَداً،فَخُذنی إلَیکَ وَاجعَلنی مَعَکَ إلی مَنزِلِکَ.
قالَ:فَقالَ لَهُ النَّبِیُّ صلّی اللّه علیه و آله:یا حُسَینُ ! إنَّهُ لابُدَّ لَکَ مِنَ الرُّجوعِ إلَی الدُّنیا حَتّی تُرزَقَ الشَّهادَةَ وما کَتَبَ اللّهُ لَکَ فیها مِنَ الثَّوابِ العَظیمِ،فَإِنَّکَ وأباکَ وأخاکَ وعَمَّکَ وعَمَّ أبیکَ تُحشَرونَ یَومَ القِیامَةِ فی زُمرَةٍ واحِدَةٍ حَتّی تَدخُلُوا الجَنَّةَ. (2)
3980. الملهوف عن الإمام الحسین علیه السّلام -فی جَوابِ مُحَمَّدِ بنِ الحَنَفِیَّةِ لَمّا أشارَ عَلَیهِ بِعَدَمِ الخُروجِ إلَی العِراقِ-:أتانی رَسولُ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله بَعدَما فارَقتُکَ،فَقالَ:«یا حُسَینُ ! اخرُج فَإِنَّ اللّهَ قَد شاءَ أن یَراکَ قَتیلاً».
فَقالَ مُحَمَّدُ بنُ الحَنَفِیَّةِ:إنّا للّهِ ِ وإنّا إلَیهِ راجِعونَ،فَما مَعنی حَملِکَ هؤُلاءِ النِّساءِ مَعَکَ وأنتَ تَخرُجُ عَلی مِثلِ هذِهِ الحالِ؟
قالَ:فَقالَ لَهُ:قَد قالَ لی«إنَّ اللّهَ قَد شاءَ أن یَراهُنَّ سَبایا»،وسَلَّمَ عَلَیهِ ومَضی. (3)
3981. اُسد الغابة: سارَ [الحُسَینُ علیه السّلام ] مِنَ المَدینَةِ إلی مَکَّةَ،فَأَتاهُ کُتُبُ أهلِ الکوفَةِ وهُوَ بِمَکَّةَ،فَتَجَهَّزَ لِلمَسیرِ،فَنَهاهُ جَماعَةٌ،مِنهُم:أخوهُ مُحَمَّدُ بنُ الحَنَفِیَّةِ،وَابنُ عُمَرَ،
ص:129
وَابنُ عَبّاسٍ وغَیرُهُم.
فَقالَ:رَأَیتُ رَسولَ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله فِی المَنامِ وأمَرَنی بِأَمرٍ،فَأَنَا فاعِلٌ ما أمَرَ. (1)
3982. الفتوح -بَعدَ ذِکرِ کِتابِ أهلِ الکوفَةِ إلَی الإِمامِ الحُسَینِ علیه السّلام وَالَّذی یَدعونَهُ فیهِ إلَی القُدومِ إلَیهِم-:فَعِندَها قامَ الحُسَینُ علیه السّلام فَتَطَهَّرَ وصَلّی رَکعَتَینِ بَینَ الرُّکنِ وَالمَقامِ،ثُمَّ انفَتَلَ مِن صَلاتِهِ،وسَأَلَ رَبَّهُ الخَیرَ فیما کَتَبَ إلَیهِ أهلُ الکوفَةِ،ثُمَّ جَمَعَ الرُّسُلَ فَقالَ لَهُم:
إنّی رَأَیتُ جَدّی رَسولَ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله فی مَنامی،وقَد أمَرَنی بِأمرٍ وأنَا ماضٍ لِأَمرِهِ، فَعَزَمَ اللّهُ لی بِالخَیرِ،إنَّهُ وَلِیُّ ذلِکَ،وَالقادِرُ عَلَیهِ إن شاءَ اللّهُ تَعالی. (2)
3983. الفتوح عن الحسین بن علیّ علیه السّلام -فی جَوابِ کِتابِ عَبدِ اللّهِ بنِ جَعفَرٍ الَّذی یَنشُدُهُ فیهِ بِأَلّا یَخرُجَ مِن مَکَّةَ-:أمّا بَعدُ ! فَإِنَّ کِتابَکَ وَرَدَ عَلَیَّ فَقَرَأتُهُ وفَهِمتُ ما ذَکَرتَ، واُعلِمُکَ أنّی رَأَیتُ جَدّی رَسولَ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله فی مَنامی فَخَبَّرَنی بِأَمرٍ وأنَا ماضٍ لَهُ،لی کانَ أو عَلَیَّ،وَاللّهِ یَابنَ عَمّی لَو کُنتُ فی جُحرِ هامَّةٍ (3)مِن هَوامِّ الأَرضِ لَاستَخرَجونی ویَقتُلُونّی،وَاللّهِ یَابنَ عَمّی لَیَعتَدِیُنَّ عَلَیَّ کَما عَدَتِ الیَهودُ عَلَی السَّبتِ،وَالسَّلامُ. (4)
3984. الطبقات الکبری (الطبقة الخامسة من الصحابة): کَتَبَ عَبدُ اللّهِ بنُ جَعفَرِ بنِ أبی طالِبٍ إلَیهِ کِتاباً یُحَذِّرُهُ أهلَ الکوفَةِ،ویُناشِدُهُ اللّهَ أن یَشخَصَ إلَیهِم،فَکَتَبَ إلَیهِ الحُسَینُ علیه السّلام:
ص:130
إنّی رَأَیتُ رُؤیا ورَأَیتُ فیها رَسولَ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله،وأمَرَنی بِأَمرٍ أنَا ماضٍ لَهُ،ولَستُ بِمُخبِرٍ بِها أحَداً حَتّی الاقِیَ عَمَلی. (1)
3985. تاریخ الطبری بإسناده عن الحسین بن علیّ علیه السّلام -لِیَحیَی بنِ سَعیدٍ وعَبدِ اللّهِ بنِ جَعفَرٍ لَمّا حَثّاهُ عَلی عَدَمِ الخُروجِ-:إنّی رَأَیتُ رُؤیا فیها رَسولُ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله،واُمِرتُ فیها بِأَمرٍ أنَا ماضٍ لَهُ،عَلَیَّ کانَ أو لی.
فَقالا لَهُ:فَما تِلکَ الرُّؤیا؟
قالَ:ما حَدَّثتُ أحَداً بِها،وما أنَا مُحَدِّثٌ بِها حَتّی ألقی رَبّی. (2)
3986. مقتل الحسین علیه السّلام للخوارزمی: سارَ الحُسَینُ علیه السّلام حَتّی نَزَلَ الثَّعلَبِیَّةَ،وذلِکَ فی وَقتِ الظَّهیرَةِ،ونَزَلَ أصحابُهُ،فَوَضَعَ رَأسَهُ فَأَغفی ثُمَّ انتَبَهَ باکِیاً مِن نَومِهِ،فَقالَ لَهُ ابنُهُ عَلِیُّ بنُ الحُسَینِ:ما یُبکیکَ یا أبَه،لا أبَکَی اللّهُ عَینَیکَ؟!
فَقالَ لَهُ:یا بُنَیَّ،هذِهِ ساعَةٌ لا تُکذَبُ فیهَا الرُّؤیا،فَاُعلِمُکَ أنّی خَفَقتُ بِرَأسی خَفقَةً،فَرَأَیتُ فارِساً عَلی فَرَسٍ وَقَفَ عَلَیَّ وقالَ:یا حُسَینُ ! إنَّکُم تُسرِعونَ وَالمَنایا تُسرِعُ بِکُم إلَی الجَنَّةِ ! فَعَلِمتُ أنَّ أنفُسَنا نُعِیَت إلَینا.
فَقالَ لَهُ ابنُهُ عَلِیٌّ:یا أبَه ! أفَلَسنا عَلَی الحَقِّ؟
قالَ:بَلی-یا بُنَیَّ-،وَالَّذی إلَیهِ مَرجِعُ العِبادِ !
ص:131
فَقالَ ابنُهُ عَلِیٌّ:إذاً لا نُبالی بِالمَوتِ.
فَقالَ لَهُ الحُسَینُ علیه السّلام:جَزاکَ اللّهُ یا بُنَیَّ خَیرَ ما جَزی بِهِ وَلَداً عَن والِدِهِ. (1)
3987. کامل الزیارات عن شهاب بن عبد ربّه عن أبی عبد اللّه [الصادق] علیه السّلام: لَمّا صَعِدَ الحُسَینُ بنُ عَلِیٍّ علیه السّلام عَقَبَةَ البَطنِ،قالَ لِأَصحابِهِ:ما أرانی إلّامَقتولاً.
قالوا:وما ذاکَ یا أبا عَبدِ اللّهِ؟!
قالَ:رُؤیا رَأَیتُها فِی المَنامِ.
قالوا:وما هِیَ؟
قالَ:رَأَیتُ کِلاباً تَنهَشُنی،أشَدُّها عَلَیَّ کَلبٌ أبقَعُ. (2)
3988.تاریخ الطبری: إنَّ عُمَرَ بنَ سَعدٍ نادی:یا خَیلَ اللّهِ ارکَبی وأبشِری.فَرَکِبَ فِی النّاسِ، ثُمَّ زَحَفَ نَحوَهُم بَعدَ صَلاةِ العَصرِ،وحُسَینٌ علیه السّلام جالِسٌ أمامَ بَیتِهِ مُحتَبِیاً (3)بِسَیفِهِ،إذ خَفَقَ بِرَأسِهِ عَلی رُکبَتَیهِ،وسَمِعَت اختُهُ زَینَبُ الصَّیحَةَ،فَدَنَت مِن أخیها فَقالَت:یا أخی،أما تَسمَعُ الأَصواتَ قَدِ اقتَرَبَت؟!
قالَ:فَرَفَعَ الحُسَینُ علیه السّلام رَأسَهُ،فَقالَ:إنّی رَأَیتُ رَسولَ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله فِی المَنامِ،فَقالَ لی:
إنَّکَ تَروحُ إلَینا.
قالَ:فَلَطَمَت اختُهُ وَجهَها،وقالَت:یا وَیلَتا.
فَقالَ:لَیسَ لَکِ الوَیلُ یا اخَیَّةُ،اسکُنی رَحِمَکِ الرَّحمنُ. (4)
ص:132
3989. الفتوح: وإذَا المُنادی یُنادی مِن عَسکَرِ عُمَرَ:یا جُندَ اللّهِ ارکَبوا.قالَ:فَرَکِبَ النّاسُ وساروا نَحوَ مُعَسکَرِ الحُسَینِ علیه السّلام،وَالحُسَینُ علیه السّلام فی وَقتِهِ ذلِکَ جالِسٌ قَد خَفَقَ رَأسُهُ عَلی رُکبَتَیهِ،وسَمِعَت اختُهُ زَینَبُ رَضِیَ اللّهُ عَنهَا الصَّیحَةَ وَالضَّجَّةَ،فَدَنَت مِن أخیها وحَرَّکَتهُ،فَقالَت:یا أخی،ألا تَسمَعُ الأَصواتَ قَدِ اقتَرَبَت مِنّا؟!
قالَ:فَرَفَعَ الحُسَینُ علیه السّلام رَأسَهُ وقالَ:یا اختاه،إنّی رَأَیتُ جَدّی فِی المَنامِ وأبی عَلِیّاً وفاطِمَةَ امّی وأخِی الحَسَنَ علیهم السّلام،فَقالوا:یا حُسَینُ،إنَّکَ رائِحٌ إلَینا عَن قَریبٍ، وقَد وَاللّهِ یا اختاه دَنَا الأَمرُ فی ذلِکَ لا شَکَّ. (1)
3990.الفتوح: لَمّا کانَ وَقتُ السَّحَرِ،خَفَقَ الحُسَینُ علیه السّلام بِرَأسِهِ (2)خَفقَةً (3)،ثُمَّ استَیقَظَ فَقالَ:
أتَعلَمونَ ما رَأَیتُ فی مَنامِی السّاعَةَ؟
قالوا:ومَا الَّذی رَأَیتَ یَابنَ بِنتِ رَسولِ اللّهِ صَلَّی اللّهُ عَلَیهِ وآلِهِ؟
فَقالَ:رَأَیتُ کَأَنَّ کِلاباً قَد شَدَّت عَلَیَّ تُناشِبُنی (4)،وفیها کَلبٌ أبقَعُ رَأَیتُهُ أشَدَّها عَلَیَّ،وأظُنُّ الَّذی یَتَوَلّی قَتلی رَجُلٌ أبقَعُ وأبرَصُ مِن هؤُلاءِ القَومِ،ثُمَّ إنّی رَأَیتُ بَعدَ ذلِکَ جَدّی رَسولَ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله،ومَعَهُ جَماعَةٌ مِن أصحابِهِ وهُوَ یَقولُ لی:یا بُنَیَّ ! أنتَ شَهیدُ آلِ مُحَمَّدٍ،وقَدِ استَبشَرَت بِکَ أهلُ السَّماواتِ وأهلُ الصَّفحِ (5)الأَعلی،فَلیَکُن
ص:133
إفطارُکَ عِندِی اللَّیلَةَ،عَجِّل ولا تُؤَخِّر،فَهذا أثَرُکَ (1)قَد نَزَلَ مِنَ السَّماءِ لِیَأخُذَ دَمَکَ فی قارورَةٍ خَضراءَ.
وهذا ما رَأَیتُ،وقَد أزِفَ الأَمرُ وَاقتَرَبَ الرَّحیلُ مِن هذِهِ الدُّنیا،لا شَکَّ فی ذلِکَ. (2)
3991.مثیر الأحزان: جاءَ رَجُلٌ...فَقالَ:أینَ الحُسَینُ؟فَقالَ:ها أنَاذا.قالَ:أبشِر بِالنّارِ.
قالَ:اُبشِرُ بِرَبٍّ رَحیمٍ،وشَفیعٍ مُطاعٍ،مَن أنتَ؟
قالَ:أنَا شِمرُ بنُ ذِی الجَوشَنِ.قالَ الحُسَینُ علیه السّلام:اللّهُ أکبَرُ،قالَ رَسولُ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله:
«رَأَیتُ کَأَنَّ کَلباً أبقَعَ یَلَغُ (3)فی دِماءِ أهلِ بَیتی»....
وقالَ الحُسَینُ علیه السّلام:رَأَیتُ کَأَنَّ کِلاباً تَنهَشُنی،وکَأَنَّ فیها کَلباً أبقَعَ (4)کانَ أشَدَّهُم عَلَیَّ،وهُوَ أنتَ-وکانَ أبرَصَ-. (5)
ص:134
3992.تهذیب الأحکام عن أیّوب بن أعین عن أبی عبد اللّه [الصادق] علیه السّلام:إنَّ امرَأَةً کانَت تَطوفُ وخَلفَها رَجُلٌ،فَأَخرَجَت ذِراعَها،فَقالَ (1)بِیَدِهِ حَتّی وَضَعَها عَلی ذِراعِها،فَأَثبَتَ اللّهُ یَدَهُ فی ذِراعِها حَتّی قَطَعَ الطَّوافَ.
واُرسِلَ إلَی الأَمیرِ،وَاجتَمَعَ النّاسُ،واُرسِلَ إلَی الفُقَهاءِ،فَجَعَلوا یَقولونَ:اِقطَع یَدَهُ فَهُوَ الَّذی جَنَی الجِنایَةَ.
فَقالَ:هاهُنا أحَدٌ مِن وُلدِ مُحَمَّدٍ رَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله؟فَقالوا:نَعَم،الحُسَینُ بنُ عَلِیٍّ علیه السّلام،قَدِمَ اللَّیلَةَ.فَأَرسَلَ إلَیهِ فَدَعاهُ،فَقالَ:اُنظُر ما لَقِیا ذانِ !
فَاستَقبَلَ القِبلَةَ ورَفَعَ یَدَیهِ فَمَکَثَ طَویلاً یَدعو،ثُمَّ جاءَ إلَیها حَتّی خَلَّصَ یَدَهُ مِن یَدِها.
فَقالَ الأَمیرُ:ألا نُعاقِبُهُ بِما صَنَعَ؟فَقالَ:لا (2). (3)
ص:135
3993.دلائل الإمامة عن محمّد الکنانی عن أبی عبد اللّه [الصادق] علیه السّلام: خَرَجَ الحُسَینُ بنُ عَلِیٍّ علیه السّلام فی بَعضِ أسفارِهِ ومَعَهُ رَجُلٌ مِن وُلدِ الزُّبَیرِ بنِ العَوّامِ یَقولُ بِإِمامَتِهِ،فَنَزَلوا فی طَریقِهِم بِمَنزِلٍ تَحتَ نَخلَةٍ یابِسَةٍ قَد یَبِسَت مِنَ العَطَشِ،فَفُرِشَ لِلحُسَینِ علیه السّلام (1)تَحتَها،وبِإِزائِهِ نَخلَةٌ اخری [لَیسَ] (2)عَلَیها رُطَبٌ.قال:فَرَفَعَ یَدَهُ ودَعا بِکَلامٍ لَم أفهَمهُ،فَاخضَرَّتِ النَّخلَةُ وعادَت إلی حالِها،وأورَقَت وحَمَلَت رُطَباً.
فَقالَ الجَمّالُ الَّذِی اکتَری مِنهُ:هذا سِحرٌ وَاللّهِ !
فَقالَ الحُسَینُ علیه السّلام:وَیلَکَ،إنَّهُ لَیسَ بِسِحرٍ،ولکِن دَعوَةُ ابنِ نَبِیٍّ مُستَجابَةٌ.قالَ:
ثُمَّ صَعِدُوا النَّخلَةَ فَجَنَوا مِنها ما کَفاهُم جَمیعاً. (3)
3994.الخرائج والجرائح عن یحیی بن امّ الطویل: کُنّا عِندَ الحُسَینِ علیه السّلام إذ دَخَلَ عَلَیهِ شابٌّ یَبکی، فَقالَ لَهُ الحُسَینُ علیه السّلام:ما یُبکیکَ؟قالَ:إنَّ والِدَتی تُوُفِّیَت فی هذِهِ السّاعَةِ ولَم توصِ، ولَها مالٌ،وکانَت قَد أمَرَتنی ألّا احدِثَ فی أمرِها شَیئاً حَتّی اعلِمَکَ خَبَرَها.
ص:136
فَقالَ الحُسَینُ علیه السّلام:قوموا بِنا حَتّی نَصیرَ إلی هذِهِ الحُرَّةِ.
فَقُمنا مَعَهُ حَتَّی انتَهَینا إلی بابِ البَیتِ الَّذی فیهِ المَرأَةُ وهِیَ مُسَجّاةٌ (1)،فَأَشرَفَ عَلَی البَیتِ ودَعَا اللّهَ لِیُحیِیَها حَتّی توصِیَ بِما تُحِبُّ مِن وَصِیَّتِها،فَأَحیاهَا اللّهُ،وإذَا المَرأَةُ جَلَسَت وهِیَ تَتَشَهَّدُ،ثُمَّ نَظَرَت إلَی الحُسَینِ علیه السّلام فَقالَت:اُدخُلِ البَیتَ یا مَولایَ ومُرنی بِأَمرِکَ.
فَدَخَلَ وجَلَسَ عَلی مِخَدَّةٍ ثُمَّ قالَ لَها:وَصّی یَرحَمُکِ اللّهُ.
فَقالَت:یَابنَ رَسولِ اللّهِ،إنَّ لی مِنَ المالِ کَذا وکَذا فی مَکانِ کَذا وکَذا،وقَد جَعَلتُ ثُلُثَهُ إلَیکَ لِتَضَعَهُ حَیثُ شِئتَ مِن أولِیائِکَ،وَالثُّلُثانِ لِابنی هذا إن عَلِمتَ أنَّهُ مِن مَوالیکَ وأولِیائِکَ،وإن کانَ مُخالِفاً فَخُذهُ إلَیکَ،فَلا حَقَّ لِلمُخالِفینَ فی أموالِ المُؤمِنینَ.
ثُمَّ سَأَلَتهُ أن یُصَلِّیَ عَلَیها وأن یَتَوَلّی أمرَها،ثُمَّ صارَتِ المَرأَةُ مَیِّتَةً کَما کانَت. (2)
3995.الطبقات الکبری عن أبی عون: لَمّا خَرَجَ حُسَینُ بنُ عَلِیٍّ علیه السّلام مِنَ المَدینَةِ یُریدُ مَکَّةَ،مَرَّ بِابنِ مُطیعٍ وهُوَ یَحفِرُ بِئرَهُ،فَقالَ لَهُ:أینَ فِداکَ أبی واُمّی؟
قالَ:أرَدتُ مَکَّةَ-وذَکَرَ لَهُ أنَّهُ کَتَبَ إلَیهِ شیعَتُهُ بِها-.
فَقالَ لَهُ ابنُ مُطیعٍ:أینَ (3)فِداکَ أبی واُمّی ! مَتِّعنا بِنَفسِکَ ولا تَسِر إلَیهِم.فَأَبی حُسَینٌ علیه السّلام،فَقالَ لَهُ ابنُ مُطیعٍ:إنَّ بِئری هذِهِ قَد رَشَّحتُها (4)،وهذَا الیَومُ أوانُ ما خَرَجَ
ص:137
إلَینا فِی الدَّلوِ شَیءٌ مِن ماءٍ،فَلَو دَعَوتَ اللّهَ لَنا فیها بِالبَرَکَةِ.
قالَ:هاتِ مِن مائِها.
فَأَتی مِن مائِها فِی الدَّلوِ،فَشَرِبَ مِنهُ،ثُمَّ مَضمَضَ ثُمَّ رَدَّهُ فِی البِئرِ،فَأَعذَبَ وأمهی (1). (2)
3996 .فرج المهموم عن أبی عبد اللّه [الصادق] علیه السّلام:خَرَجَ الحُسَینُ علیه السّلام إلی مَکَّةَ فی سَنَةٍ ماشِیاً،فَوَرِمَت قَدَماهُ،فَقالَ لَهُ بَعضُ مَوالیهِ:لَورَکِبتَ لَیَسکُنُ الوَرَمُ هذا مِنکَ؟
فَقالَ:کَلّا،إذا أتَینا هذَا المَنزِلَ فَإِنَّهُ یَستَقبِلُکَ أسوَدُ ومَعَهُ دُهنٌ فَاشتَرِهِ.
فَقالَ لَهُ مَولاهُ:بِأَبی أنتَ واُمّی،ما قُدّامَنا مَنزِلٌ یَبیعُ فیهِ أحَدٌ هذَا الدُّهنَ؟
فَقالَ:بَلی،أمامَکَ دونَ المَنزِلِ.
فَسارَ میلاً فَإِذا هُوَ بِالأَسوَدِ،فَقالَ الحُسَینُ علیه السّلام لِمَولاهُ:دونَکَ الرَّجُلَ فَخُذ مِنهُ الدُّهنَ وأعطِهِ الثَّمَنَ.
فَقالَ الأَسوَدُ لِلمَولی:لِمَن أرَدتَ هذَا الدُّهنَ؟فَقالَ:لِلحُسَینِ بنِ عَلِیٍّ علیه السّلام،فَقالَ:اِنطَلِق بِنا إلَیهِ.فَصارَ نَحوَهُ فَسَلَّمَ وقالَ:یَابنَ رَسولِ اللّهِ أنَا مَولاکَ فَلا آخُذُ مِنکَ ثَمَناً،ولکِنِ ادعُ اللّهَ أن یَرزُقَنی وَلَداً ذَکَراً سَوِیّاً یُحِبُّکُم أهلَ البَیتِ،فَإِنّی خَلَّفتُ امرَأَتی تَمخَضُ (3).
فَقالَ:اِنطَلِق إلی مَنزِلِکَ فَإِنَّ اللّهَ قَد وَهَبَ لَکَ وَلَداً سَوِیّاً.فَذَهَبَ فَوَجَدَهُ،ثُمَّ عادَ إلَی الحُسَینِ علیه السّلام فَدَعا لَهُ بِالخَیرِ لِوِلادَةِ الغُلامِ لَهُ.
ثُمَّ إنَّ الحُسَینَ علیه السّلام مَسَحَ مِنَ الدُّهنِ،فَما قامَ مِن مَوضِعِهِ حَتّی ذَهَبَ الوَرَمُ عَنهُ. (4)
ص:138
3997 .إثبات الهداة عن عبد اللّه بن عبّاس:کُنتُ جالِساً عِندَ الحُسَینِ علیه السّلام فَجاءَهُ أعرابِیٌّ،وقالَ:ضَلَّ بَعیری ولَیسَ لی غَیرُهُ،وأنتَ ابنُ رَسولِ اللّهِ أرشِدنی إلَیهِ.
فَقالَ:اِذهَب إلی مَوضِعِ کَذا فَإِنَّهُ فیهِ وفی مُقابِلِهِ أسَدٌ.
فَذَهَبَ إلی ذلِکَ المَوضِعِ فَوَجَدَهُ کَما قالَ علیه السّلام. (1)
3998.الخرائج والجرائح عن جابر الجعفی عن زین العابدین علیه السّلام:أقبَلَ أعرابِیٌّ إلَی المَدینَةِ لِیَختَبِرَ الحُسَینَ علیه السّلام لِما ذُکِرَ لَهُ مِن دَلائِلِهِ،فَلَمّا صارَ بِقُربِ المَدینَةِ خَضخَضَ (2)ودَخَلَ المَدینَةَ، فَدَخَلَ عَلَی الحُسَینِ علیه السّلام وهُوَ جُنُبٌ.
فَقالَ لَهُ أبو عَبدِ اللّهِ الحُسَینُ علیه السّلام:أما تَستَحی یا أعرابِیُّ أن تَدخُلَ إلی إمامِکَ وأنتَ جُنُبٌ؟! وقالَ:أنتُم مَعاشِرَ العَرَبِ،إذا خَلَوتُم خَضخَضتُم. (3)
ص:139
ص:140
3999.تنبیه الخواطر عن الإمام الحسین علیه السّلام: مَن عَبَدَ اللّهَ حَقَّ عِبادَتِهِ،آتاهُ اللّهُ فَوقَ أمانِیِّهِ وکِفایَتِهِ. (1)
4000. تحف العقول عن الإمام الحسین علیه السّلام: إنَّ قَوماً عَبَدُوا اللّهَ رَغبَةً فَتِلکَ عِبادَةُ التُّجّارِ،وإنَّ قَوماً عَبَدُوا اللّهَ رَهبَةً فَتِلکَ عِبادَةُ العَبیدِ،وإنَّ قَوماً عَبَدُوا اللّهَ شُکراً فَتِلکَ عِبادَةُ الأَحرارِ؛ وهِیَ أفضَلُ العِبادَةِ. (2)
ص:141
4001.دعائم الإسلام: عَنِ الحُسَینِ بنِ عَلِیٍّ علیه السّلام أنَّهُ قیلَ لَهُ:إنَّ عَبدَ اللّهِ بنَ عامِرٍ (1)تَصَدَّقَ الیَومَ بِکَذا وکَذا،وأعتَقَ الیَومَ کَذا وکَذا.
فَقالَ:إنَّما مَثَلُ عَبدِ اللّهِ بنِ عامِرٍ کَمَثَلِ الَّذی یَسرِقُ الحاجَّ ثُمَّ یَتَصَدَّقُ بِما سَرَقَ.
وإنَّمَا الصَّدَقَةُ الطَّیِّبَةُ صَدَقَةُ الَّذی عَرِقَ فیها جَبینُهُ،وَاغبَرَّ فیها وَجهُهُ.
قیلَ لِأَبی عَبدِ اللّهِ علیه السّلام:مَن عَنی بِذلِکَ؟قالَ:عَنی بِهِ عَلِیّاً علیه السّلام. (2)
4002.تاریخ أصبهان عن أبی إسحاق عن الحسین بن علیّ علیه السّلام: قالَ النَّبِیُّ صلّی اللّه علیه و آله:مَثَلُ الَّذی یُصیبُ المالَ مِنَ الحَرامِ ثُمَّ یَتَصَدَّقُ بِهِ،لَم یُتَقَبَّل مِنهُ إلّاکَما یُتَقَبَّلُ مِنَ الزّانِیَةِ الَّتی تَزنی ثُمَّ تَتَصَدَّقُ بِهِ عَلَی المَرضی. (3)
4003.الإقبال عن الإمام الحسین علیه السّلام -فیما نُسِبَ إلَیهِ مِن دُعاءِ عَرَفَةَ-:إلهی هذا ذُلّی ظاهِرٌ بَینَ یَدَیکَ،وهذا حالی لا یَخفی عَلَیکَ،مِنکَ أطلُبُ الوُصولَ إلَیکَ،وبِکَ أستَدِلُّ عَلَیکَ،
ص:142
فَاهدِنی بِنورِکَ إلَیکَ،وأقِمنی بِصِدقِ العُبودِیَّةِ بَینَ یَدَیکَ. (1)
4004 .الاحتجاج عن موسی بن جعفر عن آبائه عن الحسین بن علیّ عن علیّ علیهم السّلام:لَقَد قامَ [رَسولُ اللّهِ] صلّی اللّه علیه و آله عَشرَ سِنینَ عَلی أطرافِ أصابِعِهِ،حَتّی تَوَرَّمَت قَدَماهُ وَاصفَرَّ وَجهُهُ،یَقومُ اللَّیلَ أجمَعَ،حَتّی عوتِبَ فی ذلِکَ،فَقالَ اللّهُ عز و جل: «طه * ما أَنْزَلْنا عَلَیْکَ الْقُرْآنَ لِتَشْقی» 2 بَل لِتَسعَدَ بِهِ. (2)
4005 .الإقبال عن الإمام الحسین علیه السّلام-فیما نُسِبَ إلَیهِ مِن دُعاءِ عَرَفَةَ-:إلهی،إنَّکَ تَعلَمُ أنّی وإن لَم تَدُمِ الطّاعَةُ مِنّی فِعلاً جَزماً،فَقَد دامَت مَحَبَّةً وعَزماً. (3)
4006 .الإقبال عن الإمام الحسین علیه السّلام-فیما نُسِبَ إلَیهِ مِن دُعاءِ عَرَفَةَ-:إلهی،حُکمُکُ النّافِذُ ومَشِیَّتُکَ القاهِرَةُ لَم یَترُکا لِذی مَقالٍ مَقالاً،ولا لِذی حالٍ حالاً ! إلهی کَم مِن طاعَةٍ بَنَیتُها،وحالَةٍ شَیَّدتُها،هَدَمَ اعتِمادی عَلَیها عَدلُکَ،بَل أقالَنی مِنها فَضلُکَ. (4)
ص:143
ص:144
(1) 4008.دعائم الإسلام بإسناده عن الحسین بن علیّ علیه السّلام (2): أنَّهُ سُئِلَ عَن قَولِ النّاسِ فِی الأَذانِ أنَّ السَّبَبَ کانَ فیهِ رُؤیا رَآها عَبدُ اللّهِ بنُ زَیدٍ،فَأَخبَرَ بِهَا النَّبِیَّ صلّی اللّه علیه و آله،فَأَمَرَ بِالأَذانِ.
فَقالَ الحُسَینُ علیه السّلام:الوَحیُ یَتَنَزَّلُ عَلی نَبِیِّکُم وتَزعُمونَ أنَّهُ أخَذَ الأَذانَ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ زَیدٍ،وَالأَذانُ وَجهُ دینِکُم ! وغَضِبَ علیه السّلام ثمَّ قالَ:بَل سَمِعتُ أبی عَلِیَّ بنَ أبی طالِبٍ-رِضوانُ اللّهِ عَلَیهِ وصَلَواتُهُ-یَقولُ:أهبَطَ اللّهُ عز و جل مَلَکاً،حَتّی عَرَجَ بِرَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله-وذَکَرَ حَدیثَ الإِسراءِ بِطولِهِ،اختَصَرناهُ نَحنُ هاهُنا،قالَ فیهِ:-وبَعَثَ اللّهُ مَلَکاً لَم یُرَ فِی السَّماءِ قَبلَ ذلِکَ الوَقتِ ولا بَعدَهُ،فَأَذَّنَ مَثنی وأقامَ مَثنی،وذَکَرَ کَیفِیَّةَ الأَذانِ.وقالَ جَبرائیلُ لِلنَّبِیِّ صلّی اللّه علیه و آله:یا مُحَمَّدُ! هکَذا أذِّن لِلصَّلاةِ. (3)
ص:145
4008. مسند البزّار عن زیاد بن المنذر عن محمّد بن علیّ بن الحسین عن أبیه عن جدّه عن علیّ علیهم السّلام: لَمّا أرادَ اللّهُ أن یُعَلِّمَ رَسولَهُ الأَذانَ أتاهُ جِبریلُ صَلَّی اللّهُ عَلَیهِما بِدابَّةٍ یُقالُ لَهَا البُراقُ، فَذَهَبَ یَرکَبُها،فَاستَصعَبَت،فَقالَ لَها جِبریلُ:اُسکُنی،فَوَاللّهِ ما رَکِبَکَ عَبدٌ أکرَمَ عَلَی اللّهِ مِن مُحَمَّدٍ صلّی اللّه علیه و آله،قالَ:فَرَکِبَها،حَتَّی انتَهی إلَی الحِجابِ الَّذی یَلِی الرَّحمنَ تَبارَکَ وتَعالی.
قالَ:فَبَینَما هُوَ کَذلِکَ،إذ خَرَجَ مَلَکٌ مِنَ الحِجابِ،فَقالَ رَسولُ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله:یا جِبریلُ مَن هذا؟
قالَ:وَالَّذی بَعَثَکَ بِالحَقِّ،إنّی لَأَقرَبُ الخَلقِ مَکاناً وإنَّ هذَا المَلَکَ ما رَأَیتُهُ مُنذُ خُلِقتُ قَبلَ ساعَتی هذِهِ !
فَقالَ المَلَکُ:اللّهُ أکبَرُ،اللّهُ أکبَرُ.قالَ:فَقیلَ لَهُ مِن وَراءِ الحِجابِ:صَدَقَ عَبدی، أنَا أکبَرُ أنَا أکبَرُ.
ثُمَّ قالَ المَلَکُ:أشهَدُ أن لا إلهَ إلَّااللّهُ.قالَ:فَقیلَ لَهُ مِن وَراءِ الحِجابِ:صَدَقَ عَبدی،أنَا لا إلهَ إلّاأنَا.
قالَ:فَقالَ المَلَکُ:أشهَدُ أنَّ مُحَمَّداً رَسولُ اللّهِ.قالَ:فَقیلَ مِن وَراءِ الحِجابِ:
صَدَقَ عَبدی،أنَا أرسَلتُ مُحَمَّداً.
قالَ المَلَکُ:حَیَّ عَلَی الصَّلاةِ،حَیَّ عَلَی الفَلاحِ،قَد قامَتِ الصَّلاةُ.
ثُمَّ قالَ المَلَکُ:اللّهُ أکبَرُ اللّهُ أکبَرُ.قالَ:فَقیلَ مِن وَراءِ الحِجابِ:صَدَقَ عَبدی،أنَا أکبَرُ أنَا أکبَرُ.
ثُمَّ قالَ:لاإلهَ إلَّا اللّهُ.قالَ:فَقیلَ مِن وَراءِ الحِجابِ:صَدَقَ عَبدی،لا إلهَ إلّاأنَا.
قالَ:ثُمَّ أخَذَ المَلَکُ بِیَدِ مُحَمَّدٍ صلّی اللّه علیه و آله فَقَدَّمَهُ فَهُم (1)أهلُ السَّماءِ فیهِم آدَمُ ونوحٌ.
ص:146
قالَ أبو جَعفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِیٍّ علیه السّلام:یَومَئِذٍ أکمَلَ اللّهُ لِمُحَمَّدٍ صلّی اللّه علیه و آله الشَّرَفَ عَلی أهلِ السَّماواتِ وَالأَرضِ. (1)
4009.معانی الأخبار بإسناده عن الحسین بن علیّ بن أبی طالب علیه السّلام: کُنّا جُلوساً فِی المَسجِدِ إذ صَعِدَ المُؤَذِّنُ المَنارَةَ فَقالَ:«اللّهُ أکبَرُ اللّهُ أکبَرُ»،فَبَکی أمیرُ المُؤمِنینَ عَلِیُّ بنُ أبی طالِبٍ علیه السّلام وبَکَینا لِبُکائِهِ،فَلَمّا فَرَغَ المُؤَذِّنُ قالَ:أتَدرونَ ما یَقولُ المُؤَذِّنُ؟قُلنا:اللّهُ ورَسولُهُ ووَصِیُّهُ أعلَمُ ! قالَ:لَو تَعلَمونَ ما یَقولُ لَضَحِکتُم قَلیلاً ولَبَکَیتُم کَثیراً ! فَلِقَولِهِ:«اللّهُ أکبَرُ»مَعانٍ کَثیرَةٌ:
مِنها:أنَّ قَولَ المُؤَذِّنِ:«اللّهُ أکبَرُ»یَقَعُ عَلی قِدَمِهِ وأزَلِیَّتِهِ وأبَدِیَّتِهِ وعِلمِهِ وقُوَّتِهِ وقُدرَتِهِ وحِلمِهِ وکَرَمِهِ وجودِهِ وعَطائِهِ وکِبرِیائِهِ،فَإِذا قالَ المُؤَذِّنُ:«اللّهُ أکبَرُ»فَإِنَّهُ یَقولُ:اللّهُ الَّذی لَهُ الخَلقُ وَالأَمرُ وبِمَشِیَّتِهِ کانَ الخَلقُ،ومِنهُ کُلُّ شَیءٍ لِلخَلقِ،وإلَیهِ یَرجِعُ الخَلقُ،وهُوَ الأَوَّلُ قَبلَ کُلِّ شَیءٍ لَم یَزَل،وَالآخِرُ بَعدَ کُلِّ شَیءٍ لا یَزالُ، وَالظّاهِرُ فَوقَ کُلِّ شَیءٍ لا یُدرَکُ،وَالباطِنُ دونَ کُلِّ شَیءٍ لا یُحَدُّ،وهُوَ الباقی وکُلُّ شَیءٍ دونَهُ فانٍ.
وَالمَعنَی الثّانی:«اللّهُ أکبَرُ»أیِ العَلیمُ الخَبیرُ عَلَیهِم بِما کانَ (2)ویَکونُ قَبلَ أن
ص:147
یَکونَ.
وَالثّالِثُ:«اللّهُ أکبَرُ»أیِ القادِرُ عَلی کُلِّ شَیءٍ،یَقدِرُ عَلی ما یَشاءُ،القَوِیُّ لِقُدرَتِهِ،المُقتَدِرُ عَلی خَلقِهِ،القَوِیُّ لِذاتِهِ،قُدرَتُهُ قائِمَةٌ عَلَی الأَشیاءِ کُلِّها،إذا قَضی أمراً فَإِنَّما یَقولُ لَهُ:کُن،فَیَکونُ.
وَالرّابِعُ:«اللّهُ أکبَرُ»عَلی مَعنی حِلمِهِ وکَرَمِهِ،یَحلُمُ کَأَنَّهُ لا یَعلَمُ،ویَصفَحُ کَأَنَّهُ لا یَری،ویَستُرُ کَأَنَّ لا یُعصی،لا یُعَجِّلُ بِالعُقوبَةِ کَرَماً وصَفحاً وحِلماً.
وَالوَجهُ الآخَرُ فی مَعنی«اللّهُ أکبَرُ»؛أیِ الجَوادُ جَزیلُ العَطاءِ کَریمُ الفَعالِ. (1)
وَالوَجهُ الآخَرُ:«اللّهُ أکبَرُ»فیهِ نَفیُ صِفَتِهِ وکَیفِیَّتِهِ؛کَأَنَّهُ یَقولُ:اللّهُ أجَلُّ مِن أن یُدرِکَ الواصِفونَ قَدرَ صِفَتِهِ الَّذی هُوَ مَوصوفٌ بِهِ،وإنَّما یَصِفُهُ الواصِفونَ عَلی قَدرِهِم لا عَلی قَدرِ عَظَمَتِهِ وجَلالِهِ،تَعالَی اللّهُ عَن أن یُدرِکَ الواصِفونَ صِفَتَهُ عُلُوّاً کَبیراً.
وَالوَجهُ الآخَرُ:«اللّهُ أکبَرُ»کَأَنَّهُ یَقولُ:اللّهُ أعلی وأجَلُّ،وهُوَ الغَنِیُّ عَن عِبادِهِ،لا حاجَةَ بِهِ إلی أعمالِ خَلقِهِ.
وأمّا قَولُهُ:«أشهَدُ أن لا إلهَ إلَّااللّهُ»فَإِعلامٌ بِأَنَّ الشَّهادَةَ لا تَجوزُ إلّابِمَعرِفَتِهِ مِنَ القَلبِ،کَأَنَّهُ یَقولُ:أعلَمُ أنَّهُ لا مَعبودَ إلَّااللّهُ،وأنَّ کُلَّ مَعبودٍ باطِلٌ سِوَی اللّهِ،واُقِرُّ بِلِسانی بِما فی قَلبی مِنَ العِلمِ بِأَنَّهُ لا إلهَ إلَّااللّهُ،وأشهَدُ أنَّهُ لا مَلجَأَ مِنَ اللّهِ إلّاإلَیهِ، ولا مَنجی مِن شَرِّ کُلِّ ذی شَرٍّ وفِتنَةِ کُلِّ ذی فِتنَةٍ إلّابِاللّهِ.
وفِی المَرَّةِ الثّانِیَةِ:«أشهَدُ أن لا إلهَ إلَّااللّهُ»مَعناهُ:أشهَدُ أن لا هادِیَ إلَّااللّهُ،ولا دَلیلَ لی إلَی الدّینِ إلَّااللّهُ،واُشهِدُ اللّهَ بِأَنّی أشهَدُ أن لا إلهَ إلَّااللّهُ،واُشهِدُ سُکّانَ السَّماواتِ وسُکّانَ الأَرَضینَ وما فیهِنَّ مِنَ المَلائِکَةِ وَالنّاسِ أجمَعینَ،وما فیهِنَّ مِنَ الجِبالِ وَالأَشجارِ وَالدَّوابِّ وَالوُحوشِ وکُلِّ رَطبٍ ویابِسٍ،بِأَنّی أشهَدُ أن لا خالِقَ
ص:148
إلَّا اللّهُ،ولا رازِقَ ولا مَعبودَ ولا ضارَّ ولا نافِعَ ولا قابِضَ ولا باسِطَ ولا مُعطِیَ ولا مانِعَ ولا ناصِحَ ولا کافِیَ ولا شافِیَ ولا مُقَدِّمَ ولا مُؤَخِّرَ إلَّااللّهُ،لَهُ الخَلقُ وَالأَمرُ، وبِیَدِهِ الخَیرُ کُلُّهُ،تَبارَکَ اللّهُ رَبُّ العالَمینَ.
وأمّا قَولُهُ:«أشهَدُ أنَّ مُحَمَّداً رَسولُ اللّهِ»یَقولُ:اُشهِدُ اللّهَ أنَّهُ لا إلهَ إلّاهُوَ،وأنَّ مُحَمَّداً عَبدُهُ ورَسولُهُ ونَبِیُّهُ وصَفِیُّهُ ونَجِیُّهُ،أرسَلَهُ إلی کافَّةِ النّاسِ أجمَعینَ بِالهُدی ودینِ الحَقِّ لِیُظهِرَهُ عَلَی الدّینِ کُلِّهِ ولَو کَرِهَ المُشرِکونَ،واُشهِدُ مَن فِی السَّماواتِ وَالأَرضِ مِنَ النَّبِیِّینَ وَالمُرسَلینَ وَالمَلائِکَةِ وَالنّاسِ أجمَعینَ أنَّ مُحَمَّداً سَیِّدُ الأَوَّلینَ وَالآخِرینَ.
وفِی المَرَّةِ الثّانِیَةِ:«أشهَدُ أنَّ مُحَمَّداً رَسولُ اللّهِ»یَقولُ:أشهَدُ أن لا حاجَةَ لِأَحَدٍ إلی أحَدٍ إلّاإلَی اللّهِ الواحِدِ القَهّارِ الغَنِیِّ عَن عِبادِهِ وَالخَلائِقِ وَالنّاسِ أجمَعینَ،وأنَّهُ أرسَلَ مُحَمَّداً إلَی النّاسِ بَشیراً ونَذیراً وداعِیاً إلَی اللّهِ بِإِذنِهِ وسِراجاً مُنیراً،فَمَن أنکَرَهُ وجَحَدَهُ ولَم یُؤمِن بِهِ أدخَلَهُ اللّهُ نارَ جَهَنَّمَ خالِداً مُخَلَّداً لا یَنفَکُّ عَنها أبَداً.
وأمّا قَولُهُ:«حَیَّ عَلَی الصَّلاةِ»أی هَلُمّوا إلی خَیرِ أعمالِکُم ودَعوَةِ رَبِّکُم، وسارِعوا إلی مَغفِرَةٍ مِن رَبِّکُم،وإطفاءِ نارِکُمُ الَّتی أوقَدتُموها،وفِکاکِ رِقابِکُمُ الَّتی رَهَنتُموها،لِیُکَفِّرَ اللّهُ عَنکُم سَیِّئاتِکُم،ویَغفِرَ لَکُم ذُنوبَکُم،ویُبَدِّلَ سَیِّئاتِکُم حَسَناتٍ، فَإِنَّهُ مَلِکٌ کَریمٌ ذُو الفَضلِ العَظیمِ،وقَد أذِنَ لَنا مَعاشِرَ المُسلِمینَ بِالدُّخولِ فی خِدمَتِهِ،وَالتَّقَدُّمِ إلی بَینِ یَدَیهِ.
وفِی المَرَّةِ الثّانِیَةِ:«حَیَّ عَلَی الصَّلاةِ»أی قوموا إلی مُناجاةِ اللّهِ رَبِّکُم،وعَرضِ حاجاتِکُم عَلی رَبِّکُم،وتَوَسَّلوا إلَیهِ بِکَلامِهِ وتَشَفَّعوا بِهِ،وأکثِرُوا الذِّکرَ وَالقُنوتَ وَالرُّکوعَ وَالسُّجودَ وَالخُضوعَ وَالخُشوعَ،وَارفَعوا إلَیهِ حَوائِجَکُم،فَقَد أذِنَ لَنا فی ذلِکَ.
ص:149
وأمّا قَولُهُ:«حَیَّ عَلَی الفَلاحِ»فَإِنَّهُ یَقولُ:أقبِلوا إلی بَقاءٍ لا فَناءَ مَعَهُ،ونَجاةٍ لا هَلاکَ مَعَها،وتَعالَوا إلی حَیاةٍ لا مَوتَ مَعَها،وإلی نَعیمٍ لا نَفادَ لَهُ،وإلی مُلکٍ لا زَوالَ عَنهُ،وإلی سُرورٍ لا حُزنَ مَعَهُ،وإلی انسٍ لا وَحشَةَ مَعَهُ،وإلی نورٍ لا ظُلمَةَ مَعَهُ، وإلی سَعَةٍ لا ضیقَ مَعَها،وإلی بَهجَةٍ لَاانقِطاعَ لَها،وإلی غِنیً لا فاقَةَ مَعَهُ،وإلی صِحَّةٍ لا سُقمَ مَعَها،وإلی عِزٍّ لا ذُلَّ مَعَهُ،وإلی قُوَّةٍ لا ضَعفَ مَعَها،وإلی کَرامَةٍ یالَها مِن کَرامَةٍ،وَاعجَلوا إلی سُرورِ الدُّنیا وَالعُقبی،ونَجاةِ الآخِرَةِ وَالاُولی.
وفِی المَرَّةِ الثّانِیَةِ:«حَیَّ عَلَی الفَلاحِ»فَإِنَّهُ یَقولُ:سابِقوا إلی ما دَعَوتُکُم إلَیهِ، وإلی جَزیلِ الکَرامَةِ وعَظیمِ المِنَّةِ وسَنِیِّ (1)النِّعمَةِ وَالفَوزِ العَظیمِ،ونَعیمِ الأَبَدِ فی جِوارِ مُحَمَّدٍ صلّی اللّه علیه و آله فی مَقعَدِ صِدقٍ عِندَ مَلیکٍ مُقتَدِرٍ.
وأمّا قَولُهُ:«اللّهُ أکبَرُ»فَإِنَّهُ یَقولُ:اللّهُ أعلی وأجَلُّ مِن أن یَعلَمَ أحَدٌ مِن خَلقِهِ ما عِندَهُ مِنَ الکَرامَةِ لِعَبدٍ أجابَهُ وأطاعَهُ،وأطاعَ أمرَهُ وعَبَدَهُ،وعَرَفَ وَعیدَهُ وَاشتَغَلَ بِهِ وبِذِکرِهِ،وأحَبَّهُ وآمَنَ بِهِ،وَاطمَأَنَّ إلَیهِ ووَثِقَ بِهِ،وخافَهُ ورَجاهُ،وَاشتاقَ إلَیهِ ووافَقَهُ فی حُکمِهِ وقَضائِهِ ورَضِیَ بِهِ.
وفِی المَرَّةِ الثّانِیَةِ:«اللّهُ أکبَرُ»فَإِنَّهُ یَقولُ:اللّهُ أکبَرُ وأعلی وأجَلُّ مِن أن یَعلَمَ أحَدٌ مَبلَغَ کَرامَتِهِ لِأَولِیائِهِ،وعُقوبَتِهِ لِأَعدائِهِ،ومَبلَغَ عَفوِهِ وغُفرانِهِ ونِعمَتِهِ لِمَن أجابَهُ وأجابَ رَسولَهُ،ومَبلَغَ عَذابِهِ ونَکالِهِ (2)وهَوانِهِ لِمَن أنکَرَهُ وجَحَدَهُ.
وأمّا قَولُهُ:«لا إلهَ إلَّااللّهُ»مَعناهُ:للّهِ ِ الحُجَّةُ البالِغَةُ عَلَیهِم بِالرَّسولِ وَالرِّسالَةِ وَالبَیانِ وَالدَّعوَةِ،وهُوَ أجَلُّ مِن أن یَکونَ لِأَحَدٍ مِنهُم عَلَیهِ حُجَّةٌ،فَمَن أجابَهُ فَلَهُ
ص:150
النّورُ وَالکَرامَةُ،ومَن أنکَرَهُ فَإِنَّ اللّهَ غَنِیٌّ عَنِ العالَمینَ،وهُوَ أسرَعُ الحاسِبینَ.
ومَعنی«قَد قامَتِ الصَّلاةُ»فِی الإِقامَةِ؛أی حانَ وَقتُ الزِّیارَةِ وَالمُناجاةِ وقَضاءِ الحَوائِجِ ودَرکِ المُنی وَالوُصولِ إلَی اللّهِ وإلی کَرامَتِهِ وعَفوِهِ ورِضوانِهِ وغُفرانِهِ (1). (2)
4010. مسند أبی یعلی عن طلحة بن عبید اللّه عن حسین علیه السّلام: قالَ رَسولُ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله:مَن وُلِدَ لَهُ فَأَذَّنَ فی اذُنِهِ الیُمنی وأقامَ فی اذُنِهِ الیُسری،لَم یَضُرَّهُ امُّ الصِّبیانِ (3). (4)
4011.الفردوس عن الحسین بن علیّ علیه السّلام: قالَ رَسولُ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله:مَن ساءَ خُلُقُهُ مِن إنسانٍ أو دابَّةٍ فَأَذِّنوا فی اذُنَیهِ. (5)
ص:151
4012. تاریخ بغداد عن بشر بن غالب الأسدی: قَدِمَ عَلَی الحُسَینِ بنِ عَلِیٍّ علیه السّلام اناسٌ مِن أنطاکِیَةَ (1)، فَسَأَلَهُم عَن حالِ بِلادِهِم وعَن سیرَةِ أمیرِهِم فیهِم،فَذَکَروا خَیراً إلّاأنَّهُم شَکَوُا البَردَ.
فَقالَ الحُسَینُ علیه السّلام:حَدَّثَنی أبی عَن جَدّی رَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله أنَّهُ قالَ:أیُّما بَلْدةٍ کَثُرَ أذانُها بِالصَّلاةِ انکَسَرَ بَردُها-أو قالَ:قَلَّ بَردُها (2)-. (3)
ص:152
4013. مسند زید بإسناده عن الحسین بن علیّ علیه السّلام: إنّا وُلدُ فاطِمَةَ علیها السّلام لا نَمسَحُ عَلَی الخُفَّینِ ولا عِمامَةٍ ولا کُمَّةٍ (1)ولا خِمارٍ ولا جِهازٍ. (2)
4014. الأمالی للطوسی بإسناده عن الحسین بن علیّ عن أبیه علیّ بن أبی طالب علیهما السّلام: قالَ رَسولُ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله:...إنّا أهلُ بَیتٍ لا نَمسَحُ عَلی أخفافِنا. (3)
4015. مسند زید بإسناده عن الإمام الحسین علیه السّلام: نَزَلَ جِبریلُ علیه السّلام عَلَی النَّبِیِّ صلّی اللّه علیه و آله حینَ زالَتِ الشَّمسُ فَأَمَرَهُ أن یُصَلِّیَ الظُّهرَ،ثُمَّ نَزَلَ عَلَیهِ حینَ کانَ الفَیءُ قامَةً فَأَمَرَهُ أن یُصَلِّیَ
ص:153
العَصرَ،ثُمَّ نَزَلَ عَلَیهِ حینَ وَقَعَ قُرصُ الشَّمسِ فَأَمَرَهُ أن یُصَلِّیَ المَغرِبَ،ثُمَّ نَزَلَ عَلَیهِ حینَ وَقَعَ الشَّفَقُ فَأَمَرَهُ أن یُصَلِّیَ العِشاءَ،ثُمَّ نَزَلَ عَلَیهِ حینَ طَلَعَ الفَجرُ فَأَمَرَهُ أن یُصَلِّیَ الفَجرَ. (1)
4016 .عیون أخبار الرضا علیه السّلام بإسناده عن الحسین بن علیّ عن أبیه علیّ بن أبی طالب علیهما السّلام:قالَ رَسولُ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله:لا یَزالُ الشَّیطانُ ذَعِراً (2)مِنَ المُؤمِنِ ما حافَظَ عَلَی الصَّلَواتِ الخَمسِ،فَإِذا ضَیَّعَهُنَّ تَجَرَّأَ عَلَیهِ وأوقَعَهُ فِی العَظائِمِ. (3)
4017.عوالی اللآلی بإسناده عن الحسین الشهید عن أبیه علیهما السّلام عن رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله:إذا کانَ وَقتُ کُلِّ فَریضَةٍ،نادی مَلَکٌ مِن تَحتِ بُطنانِ العَرشِ:أیُّهَا النّاسُ،قوموا إلی نیرانِکُمُ الَّتی أوقَدتُموها عَلی ظُهورِکُم فَأَطفِئوها بِصَلاتِکُم. (4)
4018. مستدرک الوسائل عن الإمام الحسین علیه السّلام: رَأَیتُ رَسولَ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله یَقنُتُ فی صَلاتِهِ کُلِّها،وأنَا
ص:154
یَومَئِذٍ ابنُ سِتِّ سِنینَ. (1)
4019. الدرّ المنثور: عَن حُسَینِ بنِ عَلِیٍّ أنَّهُ رُؤِیَ یُصَلّی فیما بَینَ المَغرِبِ وَالعِشاءِ،فَقیلَ لَهُ فی ذلِکَ فَقالَ:إنَّها مِنَ النّاشِئَةِ 2. 3
4020.بحار الأنوار عن منیف مولی جعفر بن محمّد عن جعفر بن محمّد عن أبیه عن جدّه [زین العابدین] علیهم السّلام: کانَ الحُسَینُ بنُ عَلِیِّ بنِ أبی طالِبٍ علیه السّلام یُصَلّی،فَمَرَّ بَینَ یَدَیهِ رَجُلٌ فَنَهاهُ بَعضُ جُلَسائِهِ،فَلَمَّا انصَرَفَ مِن صَلاتِهِ،قالَ لَهُ:لِمَ نَهَیتَ الرَّجُلَ؟
قالَ:یَابنَ رَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله،خَطَرَ فیما بَینَکَ وبَینَ المِحرابِ !
فَقالَ:وَیحَکَ ! إنَّ اللّهَ عز و جل أقرَبُ إلَیَّ مِن أن یَخطِرَ فیما بَینی وبَینَهُ أحَدٌ. 4
4021.الملهوف: لَمّا رَأَی الحُسَینُ علیه السّلام حِرصَ القَومِ عَلی تَعجیلِ القِتالِ،وقِلَّةَ انتِفاعِهِم بِالوَعظِ
ص:155
وَالمَقالِ،قالَ لِأَخیهِ العَبّاسِ:إنِ استَطَعتَ أن تَصرِفَهُم عَنّا فی هذَا الیَومِ فَافعَل،لَعَلَّنا نُصَلّی لِرَبِّنا فی هذِهِ اللَّیلَةِ،فَإِنَّهُ یَعلَمُ أنّی احِبُّ الصَّلاةَ لَهُ وتِلاوَةَ کِتابِهِ.
قالَ الرّاوی:فَسَأَلَهُمُ العَبّاسُ ذلِکَ،فَتَوَقَّفَ عُمَرُ بنُ سَعدٍ،فَقالَ لَهُ عَمرُو بنُ الحَجّاجِ الزُّبَیدِیُّ:وَاللّهِ لَو أنَّهُم مِنَ التُّرکِ وَالدَّیلَمِ وسَأَلوا ذلِکَ لَأَجَبناهُم،فَکَیفَ وهُم مِن آلِ مُحَمَّدٍ صلّی اللّه علیه و آله ! فَأَجابوهُم إلی ذلِکَ.
قالَ الرّاوی:وجَلَسَ الحُسَینُ علیه السّلام،فَرَقَدَ،ثُمَّ استَیقَظَ وقالَ:یا اختاه إنّی رَأَیتُ السّاعَةَ جَدّی مُحَمَّداً صلّی اللّه علیه و آله،وأبی عَلِیّاً،واُمّی فاطِمَةَ،وأخِی الحَسَنَ،وهُم یَقولونَ:
«یا حُسَینُ،إنَّکَ رائِحٌ إلَینا عَن قَریبٍ»-وفی بَعضِ الرِّوایاتِ:«غَداً»-.
قالَ الرّاوی:فَلَطَمَت زَینَبُ وَجهَها وصاحَت،فَقالَ لَهَا الحُسَینُ علیه السّلام:مَهلاً،لا تُشمِتِی القَومَ بِنا. (1)
4022.تاریخ الطبری عن حمید بن مسلم: قالَ أبو ثَمامةَ عَمرو بنُ عَبدِ اللّهِ الصّائدیُّ لِلحُسَینِ علیه السّلام [یَومَ عاشوراءَ]:یا أبا عَبدِ اللّهِ ! نَفسی لَکَ الفِداءُ،إنّی أری هؤُلاءِ قَدِ اقتَرَبوا مِنکَ، ولا وَاللّهِ لا تُقتَلُ حَتّی اقتَلَ دونَکَ إن شاءَ اللّهُ،واُحِبُّ أن ألقی رَبّی وقَد صَلَّیتُ هذِهِ الصَّلاةَ الَّتی دَنا وَقتُها.
فَرَفَعَ الحُسَینُ علیه السّلام رَأسَهُ ثُمَّ قالَ:ذَکَرتَ الصَّلاةَ،جَعَلَکَ اللّهُ مِنَ المُصَلّینَ الذّاکِرینَ ! نَعَم،هذا أوَّلُ وَقتِها.
ثُمَّ قالَ:سَلوهُم أن یَکُفّوا عَنّا حَتّی نُصَلِّیَ. (2)
ص:156
4023.ثواب الأعمال عن ابن عمر عن الحسین بن علیّ علیه السّلام: قالَ رَسولُ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله:أیُّمَا امرِئٍ مُسلِمٍ جَلَسَ فی مُصَلّاهُ الَّذی صَلّی فیهِ الفَجرَ،یَذکُرُ اللّهَ تَعالی حَتّی تَطلُعَ الشَّمسُ،کانَ لَهُ مِنَ الأَجرِ کَحاجِّ بَیتِ اللّهِ تَعالی،وغَفَرَ اللّهُ لَهُ.
فَإِن جَلَسَ فیهِ حَتّی تَکونَ ساعَةٌ تَحُلُّ فیهَا الصَّلاةُ،فَصَلّی رَکعَتَینِ أو أربَعاً،غُفِرَ لَهُ ما سَلَفَ مِن ذَنبِهِ،وکانَ لَهُ مِنَ الأَجرِ کَحاجِّ بَیتِ اللّهِ. (1)
4024.سنن الدارقطنی بإسناده عن الحسین بن علیّ عن علیّ بن أبی طالب علیهما السّلام عن النبیّ صلّی اللّه علیه و آله: یُصَلِّی المَریضُ قائِماً إنِ استَطاعَ،فَإِن لَم یَستَطِع صَلّی قاعِداً،فَإِن لَم یَستَطِع أن یَسجُدَ أومَأَ وجَعَلَ سُجودَهُ أخفَضَ مِن رُکوعِهِ،فَإِن لَم یَستَطِع أن یُصَلِّیَ قاعِداً صَلّی عَلی جَنبِهِ الأَیمَنِ مُستَقبِلَ القِبلَةِ،فَإِن لَم یَستَطِع أن یُصَلِّیَ عَلی جَنبِهِ الأَیمَنِ صَلّی مُستَلقِیاً ورِجلاهُ مِمّا یَلِی القِبلَةَ. (2)
ص:157
4025.عیون أخبار الرضا علیه السّلام بإسناده عن الحسین عن علیّ علیه السّلام: قالَ رَسولُ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله:إذا لَم یَستَطِعِ الرَّجُلُ أن یُصَلِّیَ قائِماً فَلیُصَلِّ جالِساً،فَإِن لَم یَستَطِع أن یُصَلِّیَ جالِساً فَلیُصَلِّ مُستَلقِیاً ناصِباً رِجلَیهِ حِیالَ القِبلَةِ یُومِئُ إیماءً. (1)
4026.مسائل علیّ بن جعفر: سَأَلتُهُ [موسَی بنَ جَعفَرٍ علیه السّلام ] عَنِ الرَّجُلِ یَکونُ فی صَلاتِهِ،أیَضَعُ إحدی یَدَیهِ عَلَی الاُخری بِکَفِّهِ أو ذِراعِهِ؟قالَ:لا یَصلُحُ ذلِکَ،فَإِن فَعَلَ فَلا یَعودُ لَهُ.
قالَ عَلِیٌّ:قالَ موسی علیه السّلام:سَأَلتُ أبی جَعفَراً علیه السّلام عَن ذلِکَ،فَقالَ:أخبَرَنی أبی مُحَمَّدُ بنُ عَلِیٍّ عَن أبیهِ عَلِیِّ بنِ الحُسَینِ عَن أبیهِ الحُسَینِ بنِ عَلِیٍّ عَن أبیهِ عَلِیِّ بنِ أبی طالِبٍ علیهم السّلام قالَ:ذلِکَ عَمَلٌ،ولَیسَ فِی الصَّلاةِ عَمَلٌ. (2)
4027.مکارم الأخلاق عن الحسین بن علیّ علیه السّلام: تُصَلّی أربَعَ رَکَعاتٍ تُحسِنُ قُنوتَهُنَّ وأرکانَهُنَّ:تَقرَأُ فِی الاُولی:الحَمدَ مَرَّةً،و «حَسْبُنَا اللّهُ وَ نِعْمَ الْوَکِیلُ» 3 سَبعَ مَرّاتٍ.
وفِی الثّانِیَةِ:الحَمدَ مَرَّةً،وقَولَهُ تَعالی: «ما شاءَ اللّهُ لا قُوَّةَ إِلاّ بِاللّهِ إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْکَ مالاً وَ وَلَداً» 4 سَبعَ مَرّاتٍ.
ص:158
وفِی الثّالِثَةِ:الحَمدَ مَرَّةً،وقَولَهُ: «لا إِلهَ إِلاّ أَنْتَ سُبْحانَکَ إِنِّی کُنْتُ مِنَ الظّالِمِینَ» 1 سَبعَ مَرّاتٍ.
وفِی الرّابِعَةِ:الحَمدَ مَرَّةً،و «أُفَوِّضُ أَمْرِی إِلَی اللّهِ إِنَّ اللّهَ بَصِیرٌ بِالْعِبادِ» 2 سَبعَ مَرّاتٍ.ثُمَّ تَسأَلُ حاجَتَکَ. (1)
4028.الکافی عن عامر بن السمط عن أبی عبد اللّه [الصادق] علیه السّلام: إنَّ رَجُلاً مِنَ المُنافِقینَ ماتَ، فَخَرَجَ الحُسَینُ بنُ عَلِیٍّ صَلَواتُ اللّهِ عَلَیهِما یَمشی مَعَهُ فَلَقِیَهُ مَولیً لَهُ،فَقالَ لَهُ الحُسَینُ علیه السّلام:أینَ تَذهَبُ یا فُلانُ؟
قالَ:فَقالَ لَهُ مَولاهُ:أفِرُّ مِن جِنازَةِ هذَا المُنافِقِ أن اصَلِّیَ عَلَیها.
فَقالَ لَهُ الحُسَینُ علیه السّلام:اُنظُر أن تَقومَ عَلی یَمینی فَما تَسمَعُنی أقولُ فَقُل مِثلَهُ.
فَلَمّا أن کَبَّرَ عَلَیهِ وَلِیُّهُ،قالَ الحُسَینُ علیه السّلام:اللّهُ أکبَرُ،اللّهُمَّ العَن فُلاناً عَبدَکَ ألفَ لَعنَةٍ مُؤتَلِفَةٍ غَیرَ مُختَلِفَةٍ،اللّهُمَّ أخزِ عَبدَکَ فی عِبادِکَ وبِلادِکَ،وَاصلِهِ حَرَّ نارِکَ، وأذِقهُ أشَدَّ عَذابِکَ،فَإِنَّهُ کانَ یَتَوَلّی أعداءَکَ ویُعادی أولِیاءَکَ،ویُبغِضُ أهلَ بَیتِ نَبِیِّکَ صلّی اللّه علیه و آله. (2)
ص:159
ص:160
4029.المناقب لابن شهر آشوب: سُئِلَ الحُسَینُ علیه السّلام:لِمَ افتَرَضَ اللّهُ عز و جل عَلَی عَبیدِهِ الصَّومَ؟قالَ:
لِیَجِدَ الغَنِیُّ مَسَّ الجوعِ،فَیَعودَ بِالفَضلِ عَلَی المَساکینِ. (1)
4030.الخصال: کانَ أبو عَبدِ اللّهِ الحُسَینُ بنُ عَلِیٍّ علیه السّلام إذا صامَ یَتَطَیَّبُ بِالطّیبِ،ویَقولُ:الطّیبُ تُحفَةُ الصّائِمِ. (2)
4031.نزهة الناظر: دَعاهُ [الحُسَینَ علیه السّلام ] بَعضُ أصحابِهِ فی جَماعَةٍ مِنهُم،فَأَکَلوا ولَم یَأکُلِ الحُسَینُ علیه السّلام.
ص:161
فَقیلَ لَهُ:ألا تَأکُلُ؟
قالَ:إنّی لَصائِمٌ،ولکِن تُحفَةَ الصّائِمِ !
قیلَ:وما هِیَ؟
قالَ:الدُّهنُ وَالمِجمَرُ (1). (2)
4032.الأمالی للطوسی بإسناده عن الحسین بن علیّ عن علیّ بن أبی طالب علیهما السّلام: قالَ رَسولُ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله:
إنَّ اللّهَ ومَلائِکَتَهُ یُصَلّونَ عَلَی المُستَغفِرینَ وَالمُتَسَحِّرینَ بِالأَسحارِ،فَتَسَحَّروا ولَو بِجُرَعِ الماءِ. (3)
4033.مکارم الأخلاق عن الحسین بن علیّ عن أبیه علیهما السّلام: إنَّ رَسولَ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله کانَ یَبتَدِئُ طَعامَهُ إذا کانَ صائِماً بِالتَّمرِ. (4)
ص:162
4034.تاریخ واسط عن الإمام الحسین علیه السّلام: صَومُ رَجَبٍ وشَعبانَ تَوبَةٌ مِنَ اللّهِ عز و جل. (1)
4035.فضائل الأشهر الثلاثة بإسناده عن الحسین بن علیّ علیه السّلام: سَمِعتُ أمیرَ المُؤمِنینَ علیه السّلام یَقولُ:مَن صامَ شَعبانَ مَحَبَّةَ نَبِیِّ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله وتَقَرُّباً إلَی اللّهِ عز و جل؛أحَبَّهُ اللّهُ عز و جل،وقَرَّبَهُ مِن کَرامَتِهِ یَومَ القِیامَةِ،وأوجَبَ لَهُ الجَنَّةَ. (2)
4036.عیون أخبار الرضا علیه السّلام بإسناده عن الحسین بن علیّ عن أبیه علیّ بن أبی طالب علیهما السّلام: قالَ رَسولُ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله:مَن صامَ یَومَ الجُمُعَةِ صَبراً وَاحتِساباً،اُعطِیَ ثَوابَ صِیامِ عَشَرَةِ أیّامٍ غُرٍّ زُهرٍ لا تُشاکِلُ أیّامَ الدُّنیا. (3)
ص:163
ص:164
4037.الذرّیّة الطاهرة بإسناده عن الحسین علیه السّلام: قالَ رَسولُ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله:ما مِن عَبدٍ ولا أمَةٍ یَدَعُ الحَجَّ وهُوَ یَجِدُ السَّبیلَ إلَیهِ،لِحاجَةٍ مِن حَوائِجِ الدُّنیا،إلّانَظَرَ إلَی المُحَلِّقینَ قَبلَ أن یَقضِیَ اللّهُ تِلکَ الحاجَةَ-یَعنی:حَجَّةَ الإِسلامِ-. (1)
4039.دعائم الإسلام عن الإمام الحسین علیه السّلام: أنَّ المُحرِمَ مَمنوعٌ مِنَ الصَّیدِ وَالجِماعِ وَالطّیبِ ولُبسِ الثِّیابِ المَخیطَةِ وأخذِ الشَّعرِ وتَقلیمِ الأَظفارِ،وأنَّهُ إن جامَعَ مُتَعَمِّداً بَعدَ أن أحرَمَ وقَبلَ أن یَقِفَ بِعَرَفَةَ فَقَد أفسَدَ حَجَّهُ وعَلَیهِ الهَدیُ (1)وَالحَجُّ من قابِلٍ.
وإن کانَتِ المَرأَةُ مُحرِمَةً فَطاوَعَتهُ فَعَلَیها مِثلُ ذلِکَ،وإنِ استَکرَهَها أو أتاها نائِمَةً أو لَم تَکُن مُحرِمَةً فَلا شَیءَ عَلَیها. (2)
4040.الکافی عن إبراهیم بن عمر الیمانی عن أبی عبد اللّه [الصادق] علیه السّلام: أنَّهُ سُئِلَ عَن رَجُلٍ خَرَجَ فی أشهُرِ الحَجِّ مُعتَمِراً ثُمَّ رَجَعَ إلی بِلادِهِ.قالَ:لا بَأسَ،وإن حَجَّ فی عامِهِ ذلِکَ وأفرَدَ الحَجَّ فَلَیسَ عَلَیهِ دَمٌ؛فَإِنَّ الحُسَینَ بنَ عَلِیٍّ علیه السّلام خَرَجَ قَبلَ التَّروِیَةِ (3)بِیَومٍ إلَی العِراقِ وقَد کانَ دَخَلَ مُعتَمِراً. (4)
4041.الکافی عن معاویة بن عمّار: قُلتُ لِأَبی عَبدِ اللّهِ علیه السّلام:مِن أینَ افتَرَقَ المُتَمَتِّعُ وَالمُعتَمِرُ؟ فَقالَ:إنَّ المُتَمَتِّعَ مُرتَبِطٌ بِالحَجِّ،وَالمُعتَمِرَ إذا فَرَغَ مِنها ذَهَبَ حَیثُ شاءَ،وقَدِ اعتَمَرَ
ص:166
الحُسَینُ بنُ عَلِیٍّ علیه السّلام فی ذِی الحِجَّةِ ثُمَّ راحَ یَومَ التَّروِیَةِ إلَی العِراقِ وَالنّاسُ یَروحونَ إلی مِنیً،ولا بَأسَ بِالعُمرَةِ فی ذِی الحِجَّةِ لِمَن لا یُریدُ الحَجَّ. (1)
ص:168
4043 .تحف العقول:سُئِلَ [الحُسَینُ علیه السّلام ] عَنِ الجِهادِ؛سُنَّةٌ أو فَریضَةٌ؟فَقالَ علیه السّلام:الجِهادُ عَلی أربَعَةِ أوجُهٍ:فَجِهادانِ فَرضٌ،وجِهادٌ سُنَّةٌ لا یُقامُ إلّامَعَ فَرضٍ،وجِهادٌ سُنَّةٌ.
فَأَمّا أحَدُ الفَرضَینِ؛فَجِهادُ الرَّجُلِ نَفسَهُ عَنِ مَعاصِی اللّهِ،وهُوَ مِن أعظَمِ الجِهادِ.
ومُجاهَدَةُ الَّذینَ یَلونَکُم مِنَ الکُفّارِ فَرضٌ.
وأمَّا الجِهادُ الَّذی هُوَ سُنَّةٌ لا یُقامُ إلّامَعَ فَرضٍ؛فَإِنَّ مُجاهَدَةَ العَدُوِّ فَرضٌ عَلی جَمیعِ الاُمَّةِ؛لَو تَرَکُوا الجِهادَ لَأَتاهُمُ العَذابُ،وهذا هُوَ مِن عَذابِ الاُمَّةِ،وهُوَ سُنَّةٌ عَلَی الإِمامِ وَحدَهُ أن یَأتِیَ العَدُوَّ مَعَ الاُمَّةِ فَیُجاهِدَهُم.
وأمَّا الجِهادُ الَّذی هُوَ سُنَّةٌ؛فَکُلُّ سُنَّةٍ أقامَهَا الرَّجُلُ وجاهَدَ فی إقامَتِها وبُلوغِها وإحیائِها فَالعَمَلُ وَالسَّعیُ فیها مِن أفضَلِ الأَعمالِ؛لِأَنَّها إحیاءُ سُنَّةٍ،وقَد قالَ رَسولُ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله:«مَن سَنَّ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أجرُها وأجرُ مَن عَمِلَ بِها إلی یَومِ القِیامَةِ مِن غَیرِ أن یَنقُصَ مِن اجورِهِم شَیءٌ». (1)
ص:169
4044.وقعة صفّین -بَعدَ ذِکرِ کَلامِ أمیرِ المُؤمِنینَ وَالحَسَنِ بنِ عَلِیٍّ علیهما السّلام فی دَعوَةِ النّاسِ إلَی الجِهادِ قَبلَ المَسیرِ إلَی الحَربِ-:ثُمَّ قامَ الحُسَینُ بنُ عَلِیٍّ علیه السّلام خَطیباً،فَحَمِدَ اللّهَ وأثنی عَلَیهِ بِما هُوَ أهلُهُ،ثُمَّ قالَ:
یا أهلَ الکوفَةِ،أنتُمُ الأَحِبَّةُ الکُرَماءُ،وَالشِّعارُ دونَ الدِّثارِ (1)،جِدّوا فی إحیاءِ ما دَثَرَ بَینَکُم،وإسهالِ ما تَوَعَّرَ عَلَیکُم،واُلفَةِ ما ذاعَ مِنکُم.ألا إنَّ الحَربَ شَرُّها ذَریعٌ، وطَعمُها فَظیعٌ،وهِیَ جُرَعٌ مُتَحَسّاةٌ (2)،فَمَن أخَذَ لَها اهبَتَها،وَاستَعَدَّ لَها عُدَّتَها،ولَم یَألَم کُلومَها (3)عِندَ حُلولِها؛فَذاکَ صاحِبُها،ومَن عاجَلَها قَبلَ أوانِ فُرصَتِها وَاستِبصارِ سَعیِهِ فیها؛فَذاکَ قَمَنٌ (4)ألّا یَنفَعَ قَومَهُ،وأن یُهلِکَ نَفسَهُ.نَسأَلُ اللّهَ بِعَونِهِ أن یَدعَمَکُم بِاُلفَتِهِ.
ثُمَّ نَزَلَ.فَأَجابَ عَلِیّاً إلَی السَّیرِ وَالجِهادِ جُلُّ النّاسِ. (5)
4045.تاریخ دمشق عن محمّد بن عثمان بن أبی حرملة مولی بنی عثمان عن حسین بن علیّ علیه السّلام: کانَ
ص:170
مِمَّن ثَبَتَ مَعَ رَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله یَومَ حُنَینٍ:العَبّاسُ،وعَلِیٌّ علیه السّلام،وأبو سُفیانَ بنُ الحارِثِ، وعَقیلُ بنُ أبی طالِبٍ،وعَبدُ اللّهِ بنُ الزُّبَیرِ بنِ عَبدِ المُطَّلِبِ،وَالزُّبَیرُ بنُ العَوّامِ، واُسامَةُ بنُ زَیدٍ. (1)
4046.تاریخ الطبری عن الضحّاک المشرقیّ عن الحسین علیه السّلام -فی جَوابِ مُسلِمِ بنِ عَوسَجَةَ لَمّا قالَ لَهُ:ألا أرمیهِ بِسَهمٍ [یَعنی شِمراً] فَإِنَّهُ قَد أمکَنَنی،ولَیسَ یَسقُطُ مِنّی سَهمٌ، فَالفاسِقُ مِن أعظَمِ الجَبّارینَ؟-:لا تَرمِهِ،فَإِنّی أکرَهُ أن أبدَأَهُم. (2)
4047.تاریخ الطبری عن عقبة بن سمعان -بَعدَ أن ذَکَرَ تَضییقَ الحُرِّ وأصحابِهِ عَلَی الحُسَینِ علیه السّلام وأصحابِهِ وهُم فی طَریقِهِم قُربَ کَربَلاءَ-:فَقالَ لَهُ زُهَیرُ بنُ القَینِ:یَابنَ رَسولِ اللّهِ، إنَّ قِتالَ هؤُلاءِ أهوَنُ مِن قِتالِ مَن یَأتینا مِن بَعدِهِم،فَلَعَمری لَیَأتینا مِن بَعدُ مَن تَری ما لا قِبَلَ لَنا بِهِ.
فَقالَ لَهُ الحُسَینُ:ما کُنتُ لِأَبدَأَهُم بِالقِتالِ. (3)
4048.مسند البزّار عن المسیّب بن نجبة عن الحسین بن علیّ علیهما السّلام عن النبیّ صلّی اللّه علیه و آله: الحَربُ خُدعَةٌ. (4)
ص:171
4049.الأمالی للمفید بإسناده عن الإمام الحسین علیه السّلام: لَمّا تَوَجَّهَ أمیرُ المُؤمِنینَ علیه السّلام مِنَ المَدینَةِ إلَی النّاکِثینَ بِالبَصرَةِ نَزَلَ الرَّبَذَةَ:فَلَمَّا ارتَحَلَ مِنها لَقِیَهُ عَبدُ اللّهِ بنُ خَلیفَةَ الطّائِیُّ-وقَد نَزَلَ بِمَنزِلٍ یُقالُ لَهُ:قُدَیدٌ-فَقَرَّبَهُ أمیرُ المُؤمِنینَ علیه السّلام.
فَقالَ لَهُ عَبدُ اللّهِ:الحَمدُ للّهِ ِ الَّذی رَدَّ الحَقَّ إلی أهلِهِ ووَضَعَهُ فی مَوضِعِهِ،کَرِهَ ذلِکَ قَومٌ أو سُرّوا بِهِ،فَقَد وَاللّهِ کَرِهوا مُحَمَّداً صلّی اللّه علیه و آله ونابَذوهُ وقاتَلوهُ،فَرَدَّ اللّهُ کَیدَهُم فی نُحورِهِم،وجَعَلَ دائِرَةَ السَّوءِ عَلَیهِم،ووَاللّهِ لَنُجاهِدَنَّ مَعَکَ فی کُلِّ مَوطِنٍ حِفظاً لِرَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله.
فَرَحَّبَ بِهِ أمیرُ المُؤمِنینَ علیه السّلام وأجلَسَهُ إلی جَنبِهِ-وکانَ لَهُ حَبیباً ووَلِیّا-وأخَذَ یُسائِلُهُ عَنِ النّاسِ،إلی أن سَأَلَهُ عَن أبی موسَی الأَشعَرِیِّ،فَقالَ:وَاللّهِ ما أنَا أثِقُ بِهِ، ولا آمَنُ عَلَیکَ خِلافَهُ إن وَجَدَ مُساعِداً عَلی ذلِکَ !
فَقالَ لَهُ أمیرُ المُؤمِنینَ علیه السّلام:وَاللّهِ ما کانَ عِندی مُؤتَمَناً ولا ناصِحاً،ولَقَد کانَ الَّذینَ تَقَدَّمونِی استَولَوا عَلی مَوَدَّتِهِ ووَلَّوهُ وسَلَّطوهُ بِالإِمرَةِ عَلَی النّاسِ،ولَقَد أرَدتُ عَزلَهُ فَسَأَلَنِیَ الأَشتَرُ فیهِ أن اقِرَّهُ فَأَقرَرتُهُ عَلی کُرهٍ مِنّی لَهُ،وتَحَمَّلتُ (1)عَلی صَرفِهِ مِن بَعدُ.
قالَ:فَهُوَ مَعَ عَبدِ اللّهِ فی هذا ونَحوِهِ،إذ أقبَلَ سَوادٌ کَثیرٌ مِن قِبَلِ جِبالِ طَیٍّ،فَقالَ
ص:172
أمیرُ المُؤمِنینَ علیه السّلام:اُنظُروا ما هذَا السَّوادُ؟
فَذَهَبَتِ الخَیلُ تَرکُضُ،فَلَم تَلبَث أن رَجَعَت،فَقیلَ:هذِهِ طَیِّ ءٌ قَد جاءَتکَ تَسوقُ الغَنَمَ وَالإِبِلَ وَالخَیلَ،فَمِنهُم مَن جاءَکَ بِهَدایاهُ وکَرامَتِهِ،ومِنهُم مَن یُریدُ النُّفورَ مَعَکَ إلی عَدُوِّکَ.
فَقالَ أمیرُ المُؤمِنینَ علیه السّلام:جَزَی اللّهُ طَیّاً خَیراً «وَ فَضَّلَ اللّهُ الْمُجاهِدِینَ عَلَی الْقاعِدِینَ أَجْراً عَظِیماً» 1 .فَلَمَّا انتَهَوا إلَیهِ سَلَّموا عَلَیهِ.
قالَ عَبدُ اللّهِ بنُ خَلیفَةَ:فَسَرَّنی وَاللّهِ ما رَأَیتُ مِن جَماعَتِهِم وحُسنِ هَیئَتِهِم، وتَکَلَّموا فَأَقَرّوا،وَاللّهِ ما رَأَیتُ بِعَینی خَطیباً أبلَغَ مِن خَطیبِهِم.
وقامَ عَدِیُّ بنُ حاتِمٍ الطّائِیُّ فَحَمِدَ اللّهَ وأثنی عَلَیهِ،ثُمَّ قالَ:أمّا بَعدُ فَإِنّی کُنتُ أسلَمتُ عَلی عَهدِ رَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله،وأدَّیتُ الزَّکاةَ عَلی عَهدِهِ،وقاتَلتُ أهلَ الرِّدَّةَ مِن بَعدِهِ،أرَدتُ بِذلِکَ ما عِندَ اللّهِ،وعَلَی اللّهِ ثَوابُ مَن أحسَنَ وَاتَّقی،وقَد بَلَغَنا أنَّ رِجالاً مِن أهلِ مَکَّةَ نَکَثوا بَیعَتَکَ،وخالَفوا عَلَیکَ ظالِمینَ،فَأَتَیناکَ لِنَنصُرَکَ بِالحَقِّ، فَنَحنُ بَینَ یَدَیکَ،فَمُرنا بِما أحبَبتَ،ثُمَّ أنشَأَ یَقولُ:
ونَحنُ نَصَرنَا اللّهَ مِن قَبلِ ذاکُم وأنتَ بِحَقً ّ جِئتَنا فَسَتُنصَرُ
سَنَکفیکَ دونَ النّاسِ طُرّاً بِأَسرِنا وأنتَ بِهِ مِن سائِرِ النّاسِ أجدَرُ
فَقالَ أمیرُ المُؤمِنینَ علیه السّلام:جَزاکُمُ اللّهُ مِن حَیٍّ عَنِ الإِسلامِ وأهلِهِ خَیراً،فَقَد أسلَمتُم طائِعینَ،وقاتَلتُمُ المُرتَدّینَ،ونَوَیتُم نَصرَ المُسلِمینَ.
وقامَ سَعیدُ بنُ عُبَیدٍ البُحتُرِیُّ مِن بَنی بُحتُرٍ،فَقالَ:یا أمیرَ المُؤمِنینَ! إنَّ مِنَ النّاسِ مَن یَقدِرُ أن یُعَبِّرَ بِلِسانِهِ عَمّا فی قَلبِهِ،ومِنهُم مَن لا یَقدِرُ أن یُبَیِّنَ ما یَجِدُهُ فی نَفسِهِ بِلِسانِهِ،فَإِن تَکَلَّفَ ذلِکَ شَقَّ عَلَیهِ،وإن سَکَتَ عَمّا فی قَلبِهِ بَرِحَ (1)بِهِ الهَمُّ
ص:173
وَالبَرَمُ (1)،وإنّی وَاللّهِ ما کُلُّ ما فی نَفسی أقدِرُ أن اؤَدِّیَهُ إلَیکَ بِلِسانی،ولکِن وَاللّهِ لَأَجهَدَنَّ عَلی أن ابَیِّنَ لَکَ وَاللّهُ وَلِیُّ التَّوفیقِ.أمّا أنَا فَإِنّی ناصِحٌ لَکَ فِی السِّرِّ وَالعَلانِیَةِ،ومُقاتِلٌ مَعَکَ الأَعداءَ فی کُلِّ مَوطِنٍ،وأری لَکَ مِنَ الحَقِّ ما لَم أکُن أراهُ لِمَن کانَ قَبلَکَ،ولا لِأَحَدٍ الیَومَ مِن أهلِ زَمانِکَ،لِفَضیلَتِکَ فِی الإِسلامِ وقَرابَتِکَ مِنَ الرَّسولِ،ولَن افارِقَکَ أبَداً حَتّی تَظفَرَ أو أموتَ بَینَ یَدَیکَ.
فَقالَ لَهُ أمیرُ المُؤمِنینَ علیه السّلام:یَرحَمُکَ اللّهُ،فَقَد أدّی لِسانُکَ ما یَجُنُّ ضَمیرُکَ لَنا، ونَسأَلُ اللّهَ أن یَرزُقَکَ العافِیَةَ ویُثیبَکَ الجَنَّةَ.
وتَکَلَّمَ نَفَرٌ مِنهُم...ثُمَّ ارتَحَلَ أمیرُ المُؤمِنینَ علیه السّلام فَاتَّبَعَهُ مِنهُم سِتُّمِئَةِ رَجُلٍ حَتّی نَزَلَ ذاقارٍ،فَنَزَلَها فی ألفٍ وثَلاثِمِئَةِ رَجُلٍ. (2)
4050.الأمالی للصدوق عن عبد اللّه بن منصور عن جعفر بن محمّد [الصادق]: حَدَّثَنی أبی عن أبیه علیهم السّلام-فیما قالَهُ لِاُمِّ وَهبٍ لَمّا قُتِلَ ابنُها وَهبٌ فی یَومِ عاشوراءَ فَأَخَذَت سَیفَهُ وبَرَزَت-:یا امَّ وَهبٍ ! اجلِسی،فَقَد وَضَعَ اللّهُ الجِهادَ عَنِ النِّساءِ،إنَّکِ وَابنَکِ مَعَ جَدّی مُحَمَّدٍ صلّی اللّه علیه و آله فِی الجَنَّةِ. (3)
ص:174
4051.مسند ابن حنبل بإسناده عن الإمام الحسین علیه السّلام: قالَ رَسولُ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله:مَن قُتِلَ دونَ مالِهِ فَهُوَ شَهیدٌ. (1)
4052.مسند أبی یعلی بإسناده عن الإمام الحسین علیه السّلام: قالَ رَسولُ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله:مَن قُتِلَ دونَ حَقِّهِ فَهُوَ شَهیدٌ. (2)
ص:175
ص:176
4053.معانی الأخبار باسناده عن الحسین عن أبیه علیّ بن أبی طالب علیهما السّلام: قالَ رَسولُ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله:
العَجماءُ (1)جُبارٌ (2)،وَالبِئرُ جُبارٌ،وَالمَعدِنُ جُبارٌ،وفِی الرِّکازِ (3)الخُمْسُ. (4)
4054.صحیح البخاری عن الزهری: أخبَرَنی عَلِیُّ بنُ الحُسَینِ أنَّ حُسَینَ بنَ عَلِیٍّ علیهما السّلام أخبَرَهُ أنَّ عَلِیّاً علیه السّلام قالَ:کانَت لی شارِفٌ (5)مِن نَصیبی مِنَ المَغنَمِ یَومَ بَدرٍ،وکانَ النَّبِیُّ صلّی اللّه علیه و آله أعطانی شارِفاً مِنَ الخُمْسِ. (6)
4055.دعائم الإسلام عن الإمام الحسین علیه السّلام: زَکاةُ الفِطرِ عَلی کُلِّ حاضِرٍ وبادٍ (7). (8)
ص:177
ص:178
4056.نوادر الاُصول عن الحسین بن علیّ علیه السّلام: قالَ رَسولُ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله:لا یَنبَغی لِعَینٍ مُؤمِنَةٍ تَری أن یُعصَی اللّهُ تَعالی فلا تُنکِرُ عَلَیهِ. (1)
4057.الأمالی للطوسی بإسناده عن الإمام الحسین علیه السّلام: کانَ یُقالُ لا یَحِلُّ لِعَینٍ مُؤمِنَةٍ تَرَی اللّهَ یُعصی فَتَطرِفُ حَتّی تُغَیِّرَهُ. (2)
4058.تاریخ الطبری عن عقبة بن أبی العیزار: قامَ حُسَینٌ علیه السّلام بِذی حُسُمٍ،فَحَمِدَ اللّهَ وأثنی عَلَیهِ، ثُمَّ قالَ:إنَّهُ قَد نَزَلَ مِنَ الأَمرِ ما قَد تَرَونَ،وإنَّ الدُّنیا قَد تَغَیَّرَت وتَنَکَّرَت وأدبَرَ مَعروفُها وَاستَمَرَّت جِدّاً،فَلَم یَبقَ مِنها إلّاصُبابَةٌ (3)کَصُبابَةِ الإِناءِ،وخَسیسُ (4)عَیشٍ کَالمَرعَی الوَبیلِ (5)،ألا تَرَونَ أنَّ الحَقَّ لا یُعمَلُ بِهِ،وأنَّ الباطِلَ لا یُتَناهی عَنهُ،
ص:179
لِیَرغَبِ المُؤمِنُ فی لِقاءِ اللّهِ مُحِقّاً،فَإِنّی لا أرَی المَوتَ إلّاسعادَةً (1)،ولَا الحَیاةَ مَعَ الظّالِمینَ إلّابَرَماً (2). (3)
4059.مسند أبی یعلی عن یوسف الصبّاغ عن الحسین علیه السّلام -ولا أعلَمُهُ إلّاعَنِ النَّبِیِّ صلّی اللّه علیه و آله-:مَن شَهِدَ أمراً فَکَرِهَهُ کانَ کَمَن غابَ عَنهُ،ومَن غابَ عَن أمرٍ فَرَضِیَ بِهِ کانَ کَمَن شَهِدَهُ. (4)
4060.تحف العقول عن الإمام الحسین علیه السّلام -فِی الأَمرِ بِالمَعروفِ وَالنَّهیِ عَنِ المُنکَرِ،ویُروی عَن أمیرِ المُؤمِنینَ علیه السّلام-:اِعتَبِروا أیُّهَا النّاسُ بِما وَعَظَ اللّهُ بِهِ أولِیاءَهُ مِن سوءِ ثَنائِهِ عَلَی الأَحبارِ (5)،إذ یَقولُ: «لَوْ لا یَنْهاهُمُ الرَّبّانِیُّونَ (6) وَ الْأَحْبارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ» 7 ،وقالَ:
ص:180
«لُعِنَ الَّذِینَ کَفَرُوا مِنْ بَنِی إِسْرائِیلَ» إلی قَولِهِ: «لَبِئْسَ ما کانُوا یَفْعَلُونَ» 1 ،وإنَّما عابَ اللّهُ ذلِکَ عَلَیهِم لِأَنَّهُم کانوا یَرَونَ مِنَ الظَّلَمَةِ الَّذینَ بَینَ أظهُرِهِمُ المُنکَرَ وَالفَسادَ فَلا یَنهَونَهُم عَن ذلِکَ،رَغبَةً فیما کانوا یَنالونَ مِنهُم،ورَهبَةً مِمّا یَحذَرونَ،وَاللّهُ یَقولُ:
«فَلا تَخْشَوُا النّاسَ وَ اخْشَوْنِ» 2 ،وقالَ: «وَ الْمُؤْمِنُونَ وَ الْمُؤْمِناتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِیاءُ بَعْضٍ یَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَ یَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْکَرِ» 3 .
فَبَدَأَ اللّهُ بِالأَمرِ بِالمَعروفِ وَالنَّهیِ عَنِ المُنکَرِ فَریضَةً مِنهُ،لِعِلمِهِ بِأَنَّها إذا ادِّیَت واُقیمَتِ استَقامَتِ الفَرائِضُ کُلُّها،هَیِّنُها وصَعبُها،وذلِکَ أنَّ الأَمرَ بِالمَعروفِ وَالنَّهیَ عَنِ المُنکَرِ دُعاءٌ إلَی الإِسلامِ مَعَ رَدِّ المَظالِمِ ومُخالَفَةِ الظّالِمِ،وقِسمَةِ الفَیءِ وَالغَنائِمِ، وأخذِ الصَّدَقاتِ مِن مَواضِعِها،ووَضعِها فی حَقِّها.
ثُمَّ أنتُم-أیَّتُهَا العِصابَةُ،عِصابَةٌ بِالعِلمِ مَشهورَةٌ،وبِالخَیرِ مَذکورَةٌ،وبِالنَّصیحَةِ مَعروفَةٌ،وبِاللّهِ فی أنفُسِ النّاسِ مَهابَةٌ-،یَهابُکُمُ الشَّریفُ،ویُکرِمُکُمُ الضَّعیفُ، ویُؤثِرُکُم مَن لا فَضلَ لَکُم عَلَیهِ ولا یَدَ لَکُم عِندَهُ،تَشفَعونَ فِی الحَوائِجِ إذَا امتُنِعَت مِن طُلّابِها،وتَمشونَ فِی الطَّریقِ بِهَیبَةِ المُلوکِ وکَرامَةِ الأَکابِرِ،ألَیسَ کُلُّ ذلِکَ إنَّما نِلتُموهُ بِما یُرجی عِندَکُم مِنَ القِیامِ بِحَقِّ اللّهِ،وإن کُنتُم عَن أکثَرِ حَقِّهِ تُقَصِّرونَ ! فَاستَخفَفتُم بِحَقِّ الأَئِمَّةِ،فَأَمّا حَقَّ الضُّعَفاءِ فَضَیَّعتُم،وأمّا حَقَّکُم-بِزَعمِکُم- فَطَلَبتُم؛فَلا مالاً بَذَلتُموهُ،ولا نَفساً خاطَرتُم بِها لِلَّذی خَلَقَها،ولا عَشیرَةً عادَیتُموها فی ذاتِ اللّهِ،أنتُم تَتَمَنَّونَ عَلَی اللّهِ جَنَّتَهُ ومُجاوَرَةَ رُسُلِهِ وأماناً مِن عَذابِهِ !
ص:181
لَقَد خَشیتُ عَلَیکُم أیُّهَا المُتَمَنّونَ عَلَی اللّهِ أن تَحُلَّ بِکُم نَقِمَةٌ مِن نَقِماتِهِ،لِأَنَّکُم بَلَغتُم مِن کَرامَةِ اللّهِ مَنزِلَةً فُضِّلتُم بِها،ومَن یُعرَفُ بِاللّهِ لا تُکرِمونَ،وأنتُم بِاللّهِ فی عِبادِهِ تُکرَمونَ،وقَد تَرَونَ عُهودَ اللّهِ مَنقوضَةً فَلا تَفزَعونَ،وأنتُم لِبَعضِ ذِمَمِ آبائِکُم تَفزَعونَ،وذمَِّةُ رَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله مَحقورَةٌ،وَالعُمیُ وَالبُکمُ وَالزَّمنی (1)فِی المَدائِنِ مُهمَلَةٌ لا تَرحَمونَ،ولا فی مَنزِلَتِکُم تَعمَلونَ،ولا مَن عَمِلَ فیها تُعینونَ،وبِالاِدِّهانِ وَالمُصانَعَةِ عِندَ الظَّلَمَةِ تَأمَنونَ،کُلُّ ذلِکَ مِمّا أمَرَکُمُ اللّهُ بِه مِنَ النَّهیِ وَالتَّناهی وأنتُم عَنهُ غافِلونَ، وأنتُم أعظَمُ النّاسِ مُصیبَةً لِما غُلِبتُم عَلَیهِ مِن مَنازِلِ العُلَماءِ لَو کُنتُم تَشعُرونَ.
ذلِکَ بِأَنَّ مَجارِیَ الاُمورِ وَالأَحکامِ عَلی أیدِی العُلَماءِ بِاللّهِ،الاُمَناءِ عَلی حَلالِهِ وحَرامِهِ،فَأَنتُمُ المَسلوبونَ تِلکَ المَنزِلَةَ،وما سُلِبتُم ذلِکَ إلّابِتَفَرُّقِکُم عَنِ الحَقِّ، وَاختِلافِکُم فِی السُّنَّةِ بَعدَ البَیِّنَةِ الواضِحَةِ،ولَو صَبَرتُم عَلَی الأَذی وتَحَمَّلتُمُ المَؤونَةَ فی ذاتِ اللّهِ کانَت امورُ اللّهِ عَلَیکُم تَرِدُ،وعَنکُم تَصدُرُ،وإلَیکُم تَرجِعُ،ولکِنَّکُم مَکَّنتُمُ الظَّلَمَةَ مِن مَنزِلَتِکُم،وأسلَمتُم (2)امورَ اللّهِ فی أیدیهِم،یَعمَلونَ بِالشُّبُهاتِ، ویَسیرونَ فِی الشَّهَواتِ،سَلَّطَهُم عَلی ذلِکَ فِرارُکُم مِنَ المَوتِ،وإعجابُکُم بِالحَیاةِ الَّتی هِیَ مُفارِقَتُکُم،فَأَسلَمتُمُ الضُّعَفاءَ فی أیدیهِم،فَمِن بَینِ مُستَعبَدٍ مَقهورٍ،وبَینَ مُستَضعَفٍ عَلی مَعیشَتِهِ مَغلوبٍ.
یَتَقَلَّبونَ فِی المُلکِ بِآرائِهِم،ویَستَشعِرونَ الخِزیَ بِأَهوائِهِمُ،اقتِداءً بِالأَشرارِ، وجُرأَةً عَلَی الجَبّارِ،فی کُلِّ بَلَدٍ مِنهُم عَلی مِنبَرِهِ خَطیبٌ یَصقَعُ (3)،فَالأَرضُ لَهُم
ص:182
شاغِرَةٌ (1)،وأیدیهِم فیها مَبسوطَةٌ،وَالنّاسُ لَهُم خَوَلٌ (2)،لا یَدفَعونَ یدَ لامِسٍ،فَمِن بَینِ جَبّارٍ عَنیدٍ،وذی سَطوَةٍ عَلَی الضَّعَفَةِ شَدیدٍ،مُطاعٍ لا یَعرِفُ المُبدِئَ المُعیدَ.
فَیا عَجَباً وما لی لا أعجَبُ ! وَالأَرضُ مِن غاشٍّ غَشومٍ (3)،ومُتَصَدِّقٍ ظَلومٍ، وعامِلٍ عَلَی المُؤمِنینَ بِهِم غَیرِ رَحیمٍ،فَاللّهُ الحاکِمُ فیما فیهِ تَنازَعنا،وَالقاضی بِحُکمِهِ فیما شَجَرَ بَینَنا.
اللّهُمَّ إنَّکَ تَعلَمُ أنَّهُ لَم یَکُن ما کانَ مِنّا تَنافُساً فی سُلطانٍ،ولَا التِماساً مِن فُضولِ الحُطامِ،ولکِن لنُِرِیَ المَعالِمَ مِن دینِکَ،ونُظهِرَ الإِصلاحَ فی بِلادِکَ،ویَأمَنَ المَظلومونَ مِن عِبادِکَ،ویُعمَلَ بِفَرائِضِکَ وسُنَنِکَ وأحکامِکَ،فَإِن لَم تَنصُرونا وتُنصِفونا قَوِیَ الظَّلَمَةُ عَلَیکُم،وعَمِلوا فی إطفاءِ نورِ نَبِیِّکُم،وحَسبُنَا اللّهُ وعَلَیهِ تَوَکَّلنا وإلَیهِ أنَبنا (4)وإلَیهِ المَصیرُ. (5)
ص:183
ص:184
4061.الکافی عن بشر بن غالب الأسدی عن الحسین بن علیّ علیه السّلام: مَن قَرَأَ آیَةً مِن کِتابِ اللّهِ عز و جل فی صَلاتِهِ قائِماً یُکتَبُ لَهُ بِکُلِّ حَرفٍ مِئَةُ حَسَنَةٍ،فَإِذا قَرَأَها فی غَیرِ صَلاةٍ کَتَبَ اللّهُ لَهُ بِکُلِّ حَرفٍ عَشرَ حَسَناتٍ،وإنِ استَمَعَ القُرآنَ کَتَبَ اللّهُ لَهُ بِکُلِّ حَرفٍ حَسَنَةً،وإن خَتَمَ القُرآنَ لَیلاً صَلَّت عَلَیهِ المَلائِکَةُ حَتّی یُصبِحَ،وإن خَتَمَهُ نَهاراً صَلَّت عَلَیهِ الحَفَظَةُ حَتّی یُمسِیَ،وکانَت لَهُ دَعوَةٌ مُجابَةٌ،وکانَ خَیراً لَهُ مِمّا بَینَ السَّماءِ إلَی الأَرضِ.
قُلتُ:هذا لِمَن قَرَأَ القُرآنَ،فَمَن لَم یَقرَأ؟
قالَ:یا أخا بَنی أسَدٍ،إنَّ اللّهَ جَوادٌ ماجِدٌ کَریمٌ،إذا قَرَأَ ما مَعَهُ أعطاهُ اللّهُ ذلِکَ. (1)
4062.الأمالی للصدوق باسناده عن الامام الحسین علیه السّلام: قالَ رَسولُ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله:مَن قَرَأَ عَشرَ آیاتٍ فی لَیلَةٍ لَم یُکتَب مِنَ الغافِلینَ،ومَن قَرَأَ خَمسینَ آیَةً کُتِبَ مِنَ الذّاکِرینَ،ومَن قَرَأَ
ص:185
مِئَةَ آیَةٍ کُتِبَ مِنَ القانِتینَ (1)،ومَن قَرَأَ مِئَتَی آیَةٍ کُتِبَ مِنَ الخاشِعینَ،ومَن قَرَأَ ثَلاثَمِئَةِ آیَةٍ کُتِبَ مِنَ الفائِزینَ،ومَن قَرَأَ خَمسَمِئَةِ آیَةٍ کُتِبَ مِنَ المُجتَهِدینَ،ومَن قَرَأَ ألفَ آیَةٍ کُتِبَ لَهُ قِنطارٌ،وَالقِنطارُ خَمسونَ ألفَ مِثقالِ ذَهَبٍ،وَالمِثقالُ أربَعَةٌ وعِشرونَ قیراطاً،أصغَرُها مِثلُ جَبَلِ احُدٍ،وأکبَرُها ما بَینَ السَّماءِ وَالأَرضِ. (2)
4063.الأمالی للصدوق بإسناده عن الحسین بن علیّ عن أخیه الحسن بن علیّ علیهما السّلام: قالَ أمیرُ المُؤمِنینَ علیه السّلام:إنَّ «بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ» آیَةٌ مِن فاتِحَةِ الکِتابِ،وهِیَ سَبعُ آیاتٍ تَمامُها: «بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ» .
سَمِعتُ رَسولَ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله یَقولُ:إنَّ اللّهَ عز و جل قالَ لی:یا مُحَمَّدُ «وَ لَقَدْ آتَیْناکَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِی وَ الْقُرْآنَ الْعَظِیمَ» 3 فَأَفرَدَ الاِمتِنانَ عَلَیَّ بِفاتِحَةِ الکِتابِ وجَعَلَها بِإِزاءِ القُرآنِ العَظیمِ،وإنَّ فاتِحَةَ الکِتابِ أشرَفُ ما فی کُنوزِ العَرشِ،وإنَّ اللّهَ عز و جل خَصَّ مُحَمَّداً صلّی اللّه علیه و آله وشَرَّفَهُ بِها ولَم یُشرِکَ مَعَهُ فیها أحَداً مِن أنبِیائِهِ ما خَلا سُلَیمانَ علیه السّلام،فَإِنَّهُ أعطاهُ مِنها «بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ» ،ألا تَراهُ یَحکی عَن بِلقیسَ حینَ قالَت: «إِنِّی أُلْقِیَ إِلَیَّ کِتابٌ کَرِیمٌ * إِنَّهُ مِنْ سُلَیْمانَ وَ إِنَّهُ بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ» 4 .
ألا فَمَن قَرَأَها مُعتَقِداً لِمُوالاةِ مُحَمَّدٍ وآلِهِ الطَّیِّبینَ،مُنقاداً لِأَمرِهِما،مُؤمِناً
ص:186
بِظاهِرِهِما وباطِنِهِما (1)،أعطاهُ اللّهُ عز و جل بِکُلِّ حَرفٍ مِنها حَسَنَةً،کُلُّ واحِدَةٍ مِنها أفضَلُ لَهُ مِنَ الدُّنیا بِما فیها مِن أصنافِ أموالِها وخَیراتِها،ومَنِ استَمَعَ إلی قارِئٍ یَقرَؤُها کانَ لَهُ قَدرُ ثُلُثِ ما لِلقارِیِ (2)،فَلیَستَکثِر أحَدُکُم مِن هذَا الخَیرِ المُعرَضِ لَکُم،فَإِنَّهُ غَنیمَةٌ لا یَذهَبَنَّ أوانُهُ فَتَبقی فی قُلوبِکُمُ الحَسرَةُ. (3)
4064.جامع الأحادیث للقمّی عن الحسین بن علیّ علیه السّلام: قالَ رَسولُ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله:إنَّ آیَةَ الکُرسِیِّ فی لَوحٍ مِن زُمُرُّدٍ أخضَرَ،مَکتوبٌ بِمِدادٍ (4)مَخصوصٍ بِاللّهِ،لَیسَ مِن یَومِ جُمُعَةٍ إلّاصُکَّ (5)ذلِکَ اللَّوحُ جَبهَةَ إسرافیلَ،فَإِذا صُکَّ جَبهَتَهُ سَبَّحَ فَقالَ:«سُبحانَ مَن لا یَنبَغِی التَّسبیحُ إلّا لَهُ،ولَا العِبادَةُ وَالخُضوعُ إلّالِوَجهِهِ،ذلِکَ اللّهُ القَدیرُ الواحِدُ العَزیزُ».فَإِذا سَبَّحَ،سَبَّحَ جَمیعُ مَن فِی السَّماواتِ مِن مَلَکٍ وهَلَّلوا،فَإِذا سَمِعَ أهلُ السَّماءِ الدُّنیا تَسبیحَهُم قَدَّسوا،فَلا یَبقی مَلَکٌ مُقَرَّبٌ ولا نَبِیٌّ مُرسَلٌ إلّادَعا لِقارِیِ آیَةِ الکُرسِیِّ عَلَی التَّنزیلِ. (6)
ص:187
ص:188
4065 .الأمالی للصدوق بإسناده عن الحسین بن علیّ عن علیّ بن أبی طالب علیهما السّلام:قالَ رَسولُ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله:
بادِروا إلی رِیاضِ الجَنَّةِ.قالوا:وما رِیاضُ الجَنَّةِ؟قالَ:حَلَقُ الذِّکرِ. (1)
4066.الأمالی للطوسی بإسناده عن الحسین بن علیّ عن أمیر المؤمنین علیهما السّلام:قالَ النَّبِیُّ صلّی اللّه علیه و آله:مَن قالَ فی کُلِّ یَومٍ مِئَةَ مَرَّةٍ:«لا إلهَ إلَّااللّهُ المَلِکُ الحَقُّ المُبینُ»استَجلَبَ بِهِ الغِنی وَاستَدفَعَ بِهِ الفَقرَ،وسَدَّ عَنهُ بابَ النّارِ وَاستَفتَحَ بِهِ بابَ الجَنَّةِ. (2)
4067.الإقبال عن الإمام الحسین علیه السّلام -فیما نُسِبَ إلَیهِ مِن دُعاءِ عَرَفَةَ-:یا مَن أذاقَ أحِبّاءَهُ
ص:189
حَلاوَةَ المُؤانَسَةِ فَقاموا بَینَ یَدَیهِ مُتَمَلِّقینَ (1)،ویا مَن ألبَسَ أولِیاءَهُ مَلابِسَ هَیبَتِهِ فَقاموا بَینَ یَدَیهِ مُستَغفِرینَ،أنتَ الذّاکِرُ قَبلَ الذّاکِرینَ،وأنتَ البادی بِالإِحسانِ قَبلَ تَوَجُّهِ العابِدینَ،وأنتَ الجَوادُ بِالعَطاءِ قَبلَ طَلَبِ الطّالِبینَ،وأنتَ الوَهّابُ ثُمَّ لِما وَهَبتَ لَنا مِنَ المُستَقرِضینَ. (2)
4068.تاریخ بغداد بإسناده عن الحسین علیه السّلام: کانَ رَسولُ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله یَرفَعُ یَدَیهِ إذَا ابتَهَلَ ودَعا،کَما یَستَطعِمُ المِسکینُ. (3)
4069.الأمالی للطوسی بإسناده عن الحسین بن علیّ علیه السّلام: حَدَّثَنی أبی أمیرُ المُؤمِنینَ عَلِیُّ بنُ أبی طالِبٍ علیه السّلام قالَ:کانَ رَسولُ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله إذا أتاهُ أمرٌ یَسُرُّهُ قالَ:«الحَمدُ للّهِ ِ الَّذی بِنِعمَتِهِ تَتِمُّ الصّالِحاتُ»،وإذا أتاهُ أمرٌ یَکرَهُهُ قالَ:«الحَمدُ للّهِ ِ عَلی کُلِّ حالٍ». (4)
ص:190
4070.الأمالی للمفید بإسناده عن الحسین بن علیّ الشهید علیه السّلام: حَدَّثَنی أبی أمیرُ المُؤمِنینَ عَلِیُّ بنُ أبی طالِبٍ علیه السّلام قالَ:قالَ رَسولُ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله:مَن أدّی فَریضَةً فَلَهُ عِندَ اللّهِ دَعوَةٌ مُستَجابَةٌ. (1)
4071.التوحید بإسناده عن الإمام الحسین عن أمیر المؤمنین علیهما السّلام: رَأَیتُ الخَضِرَ علیه السّلام فِی المَنامِ قَبلَ بَدرٍ بِلَیلَةٍ،فَقُلتُ لَهُ:عَلِّمنی شَیئاً أُنصَرُ بِهِ عَلَی الأَعداءِ.فَقالَ:قُل:«یا هُوَ،یا مَن لا هُوَ إلّاهُوَ».
فَلَمّا أصبَحتُ قَصَصتُها عَلی رَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله،فَقالَ لی:«یا عَلِیُّ،عُلِّمتَ الاِسمَ الأَعظَمَ».فَکانَ عَلی لِسانی یَومَ بَدرٍ.
وإنَّ أمیرَ المُؤمِنینَ علیه السّلام قَرَأَ:«قُل هُوَ اللّهُ أَحَدٌ»،فَلَمّا فَرَغَ قالَ:یا هُوَ،یا مَن لا هُوَ إلّاهُوَ،اغفِر لی وَانصُرنی عَلَی القَومِ الکافِرینَ.
وکانَ عَلِیٌّ علیه السّلام یَقولُ ذلِکَ یَومَ صِفّینَ وهُوَ یُطارِدُ،فَقالَ لَهُ عَمّارُ بنُ یاسِرٍ:یا أمیرَ المُؤمِنینَ،ما هذِهِ الکِنایاتُ؟قالَ:اِسمُ اللّهِ الأَعظَمُ،وعِمادُ التَّوحیدِ للّهِ ِ لا إلهَ إلّا هُوَ،ثُمَّ قَرَأَ: «شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ» 2 ،وآخِرَ الحَشرِ،ثُمَّ نَزَلَ فَصَلّی أربَعَ رَکَعاتٍ قَبلَ الزَّوالِ.
ص:191
قالَ:وقالَ أمیرُ المُؤمِنینَ علیه السّلام:«اَللّهُ»مَعناهُ المَعبودُ الَّذی یَألَهُ (1)فیهِ الخَلقُ ویُؤلَهُ إلَیهِ،وَاللّهُ هُوَ المَستورُ عَن دَرکِ الأَبصارِ،المَحجوبُ عَنِ الأَوهامِ وَالخَطَراتِ. (2)
4072.الأمالی للطوسی بإسناده عن الحسین بن علیّ علیه السّلام: أتی أمیرُ المُؤمِنینَ عَلِیُّ بنُ أبی طالِبٍ علیه السّلام أصحابَ القُمُصِ فَساوَمَ شَیخاً مِنهُم،فَقالَ:یا شَیخُ! بِعنی قَمیصاً بِثَلاثَةِ دَراهِمَ،فَقالَ الشَّیخُ:حُبّاً وکَرامَةً،فَاشتَری مِنهُ قَمیصاً بِثَلاثَةِ دَراهِمَ،فَلَبِسَهُ ما بَینَ الرُّسغَینِ (3)إلَی الکَعبَینِ،وأتَی المَسجِدَ فَصَلّی فیهِ رَکعَتَینِ،ثُمَّ قالَ:الحَمدُ للّهِ ِ الَّذی رَزَقَنی مِنَ الرِّیاشِ (4)ما أتَجَمَّلُ بِهِ فِی النّاسِ،واُؤَدّی فیهِ فَریضَتی،وأستُرُ بِهِ عَورَتی.
فَقالَ لَهُ رَجُلٌ:یا أمیرَ المُؤمِنینَ! أعَنکَ نَروی هذا،أو شَیءٌ سَمِعتَهُ مِن رَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله؟
قالَ:بَل شَیءٌ سَمِعتُهُ مِن رَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله،سَمِعتُ رَسولَ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله یَقولُ ذلِکَ عِندَ الکِسوَةِ. (5)
ص:192
4073.طبّ الأئمّة لابنی بسطام عن صفوان الجمّال عن جعفر بن محمّد عن أبیه عن علیّ بن الحسین [زین العابدین] علیهم السّلام: إنَّ رَجُلاً اشتَکی إلی أبی عَبدِ اللّهِ الحُسَینِ بنِ عَلِیٍّ علیه السّلام،فَقالَ:
یَابنَ رَسولِ اللّهِ،إنّی أجِدُ وَجَعاً فِی عَراقیبی (1)قَد مَنَعَنی مِنَ النُّهوضِ إلَی الصَّلاةِ.
قالَ:فَما یَمنَعُکَ مِنَ العوذَةِ (2)؟قالَ:لَستُ أعلَمُها.
قالَ:فَإِذا أحسَستَ بِها فَضَع یَدَکَ عَلَیها وقُل:«بِاسمِ اللّهِ وبِاللّهِ وَالسَّلامُ عَلی رَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله»،ثُمَّ اقرَأ عَلَیهِ: «وَ ما قَدَرُوا اللّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَ الْأَرْضُ جَمِیعاً قَبْضَتُهُ یَوْمَ الْقِیامَةِ وَ السَّماواتُ مَطْوِیّاتٌ بِیَمِینِهِ سُبْحانَهُ وَ تَعالی عَمّا یُشْرِکُونَ» 3 .
فَفَعَلَ الرَّجُلُ ذلِکَ فَشَفاهُ اللّهُ تَعالی. (3)
4074.طبّ الأئمّة لابنی بسطام عن جابر الجعفی عن محمّد الباقر علیه السّلام: کُنتُ عِندَ عَلِیِّ بنِ الحُسَینِ علیه السّلام إذ أتاهُ رَجُلٌ مِن بَنی امَیَّةَ مِن شیعَتِنا،فَقالَ لَهُ:یَابنَ رَسولِ اللّهِ،ما قَدَرتُ أن أمشِیَ إلَیکَ مِن وَجَعِ رِجلی.
قالَ:أینَ أنتَ مِن عوذَةِ الحُسَینِ بنِ عَلِیٍّ علیه السّلام؟
قالَ:یَابنَ رَسولِ اللّهِ وما ذاکَ؟
قالَ:الآیَةُ «إِنّا فَتَحْنا لَکَ فَتْحاً مُبِیناً * لِیَغْفِرَ لَکَ اللّهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِکَ وَ ما تَأَخَّرَ وَ یُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَیْکَ وَ یَهْدِیَکَ صِراطاً مُسْتَقِیماً * وَ یَنْصُرَکَ اللّهُ نَصْراً عَزِیزاً * هُوَ الَّذِی أَنْزَلَ السَّکِینَةَ
ص:193
فِی قُلُوبِ الْمُؤْمِنِینَ لِیَزْدادُوا إِیماناً مَعَ إِیمانِهِمْ وَ لِلّهِ جُنُودُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ کانَ اللّهُ عَلِیماً حَکِیماً * لِیُدْخِلَ الْمُؤْمِنِینَ وَ الْمُؤْمِناتِ جَنّاتٍ تَجْرِی مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِینَ فِیها وَ یُکَفِّرَ عَنْهُمْ سَیِّئاتِهِمْ وَ کانَ ذلِکَ عِنْدَ اللّهِ فَوْزاً عَظِیماً * وَ یُعَذِّبَ الْمُنافِقِینَ وَ الْمُنافِقاتِ وَ الْمُشْرِکِینَ وَ الْمُشْرِکاتِ الظّانِّینَ بِاللّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَیْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ وَ غَضِبَ اللّهُ عَلَیْهِمْ وَ لَعَنَهُمْ وَ أَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَ ساءَتْ مَصِیراً * وَ لِلّهِ جُنُودُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ کانَ اللّهُ عَزِیزاً حَکِیماً» 1 .
قالَ:فَفَعَلتُ ما أمَرَنی بِهِ،فَما أحسَستُ بَعدَ ذلِکَ بِشَیءٍ مِنها بِعَونِ اللّهِ تَعالی. (1)
4075.الفردوس عن الحسین بن علیّ علیه السّلام عن رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله: اللّهُمَّ أغنِنی بِالعِلمِ،وزَیِّنّی بِالحِلمِ، وأکرِمنی بِالتَّقوی،وَجَمِّلنی بِالعافِیَةِ. (2)
4076.مهج الدعوات عن الإمام الحسین علیه السّلام -فی دُعائِهِ-:اللّهُمَّ إنّی أسأَلُکَ تَوفیقَ أهلِ الهُدی، وأعمالَ أهلِ التَّقوی،ومُناصَحَةَ أهلِ التَّوبَةِ،وعَزمَ أهلِ الصَّبرِ،وحَذَرَ أهلِ الخَشیَةِ،وطَلَبَ أهلِ العِلمِ،وزینَةَ أهلِ الوَرَعِ،وخَوفَ أهلِ الجَزَعِ،حَتّی أخافَکَ اللّهُمَّ مَخافَةً تَحجُزُنی عَن مَعاصیکَ،وحَتّی أعمَلَ بِطاعَتِکَ عَمَلاً أستَحِقُّ بِهِ کَرامَتَکَ،وحَتّی اناصِحَکَ فِی التَّوبَةِ خَوفاً لَکَ،وحَتّی اخلِصَ لَکَ فِی النَّصیحَةِ حُبّاً
ص:194
لَکَ،وحَتّی أتَوَکَّلَ عَلَیکَ فِی الاُمورِ حُسنَ ظَنٍّ بِکَ،سُبحانَ خالِقِ النّورِ،وسُبحانَ اللّهِ العَظیمِ وبِحَمدِهِ. (1)
4077.مهج الدعوات عن الإمام الحسین علیه السّلام -فی قُنوتِهِ-:اللّهُمَّ مَن أوی إلی مأویً فَأَنتَ مَأوایَ، ومَن لَجَأَ إلی مَلجَأٍ فَأَنتَ مَلجَئی،اللّهُمَّ صَلِّ عَلی مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ،وَاسمَع نِدائی، وأجِب دُعائی،وَاجعَل مَآبی (2)عِندَکَ ومَثوایَ (3)،وَاحرُسنی فی بَلوایَ مِنِ افتِنانِ الاِمتِحانِ،ولَمَّةِ (4)الشَّیطانِ،بِعَظَمَتِکَ الَّتی لا یَشوبُها (5)وَلَعُ نَفسٍ بِتَفتینٍ،ولا وارِدُ طَیفٍ بِتَظنینٍ،ولا یَلُمُّ بِها فَرَحٌ (6)،حَتّی تَقلِبَنی إلَیکَ بِإِرادَتِکَ غَیرَ ظَنینٍ ولا مَظنونٍ، ولا مُرابٍ ولا مُرتابٍ،إنَّکَ أرحَمُ الرّاحِمینَ. (7)
4078.مهج الدعوات عن الإمام الحسین علیه السّلام -فی قُنوتِهِ-:اللّهُمَّ مِنکَ البَدءُ ولَکَ المَشِیَّةُ،ولَکَ الحَولُ ولَکَ القُوَّةُ،وأنتَ اللّهُ الَّذی لا إلهَ إلّاأنتَ،جَعَلتَ قُلوبَ أولِیائِکَ مَسکَناً لِمَشِیَّتِکَ،ومَکمَناً لِإِرادَتِکَ،وجَعَلتَ عُقولَهُم مَناصِبَ أوامِرِکَ ونَواهیکَ،فَأَنتَ إذا شِئتَ ما تَشاءُ حَرَّکتَ مِن أسرارِهِم کَوامِنَ ما أبطَنتَ فیهِم،وأبدَأتَ مِن إرادَتِکَ عَلی ألسِنَتِهِم ما أفهَمتَهُم بِهِ عَنکَ فی عُقودِهِم (8)،بِعُقولٍ تَدعوکَ وتَدعو إلَیکَ بِحَقائِقِ
ص:195
ما مَنَحتَهُم بِهِ،وإنّی لَأَعلَمُ مِمّا عَلَّمتَنی مِمّا أنتَ المَشکورُ عَلی ما مِنهُ أرَیتَنی،وإلَیهِ آوَیتَنی.
اللّهُمَّ وإنّی مَعَ ذلِکَ کُلِّهِ عائِذٌ بِکَ،لائِذٌ بِحَولِکَ وقُوَّتِکَ،راضٍ بِحُکمِکَ الَّذی سُقتَهُ إلَیَّ فی عِلمِکَ،جارٍ بِحَیثُ أجرَیتَنی،قاصِدٌ ما أمَّمتَنی،غَیرُ ضَنینٍ بِنَفسی فیما یُرضیکَ عَنّی إذ بِهِ قَد رَضَّیتَنی،ولا قاصِرٍ بِجُهدی عَمّا إلَیهِ نَدَبتَنی (1)،مُسارِعٌ لِما عَرَّفتَنی،شارِعٌ فیما أشرَعتَنی،مُستَبصِرٌ فیما بَصَّرتَنی،مُراعٍ ما أرعَیتَنی، فَلا تُخلِنی مِن رِعایَتِکَ،ولا تُخرِجنی مِن عِنایَتِکَ،ولا تُقعِدنی عَن حَولِکَ، ولا تُخرِجنی (2)عَن مَقصَدٍ أنالُ بِهِ إرادَتَکَ،وَاجعَل عَلَی البَصیرَةِ مَدرَجَتی (3)،وعَلَی الهِدایَةِ مَحَجَّتی (4)،وعَلَی الرَّشادِ مَسلَکی،حَتّی تُنیلَنی وتُنیلَ بی امنِیَّتی،وتُحِلَّ بی عَلی ما بِهِ أرَدتَنی،ولَهُ خَلَقتَنی،وإلَیهِ آوَیتَ بی (5)،وأعِذ أولِیاءَکَ مِنَ الاِفتِتانِ بی، وفَتِّنهُم بِرَحمَتِکَ لِرَحمَتِکَ فی نِعمَتِکَ تَفتینَ الاِجتِباءِ وَالاِستِخلاصِ بِسُلوکِ طَریقَتی، وَاتِّباعِ مَنهَجی،وألحِقنی بِالصّالِحینَ مِن آبائی وذَوی رَحِمی. (6)
ص:196
4079.الطبقات الکبری (الطبقة الخامسة من الصحابة) عن محمّد بن أبی محمّد البصری: کانَ الحُسَینُ بنُ عَلِیٍّ علیه السّلام یَقولُ فی وَترِهِ:اللّهُمَّ إنَّکَ تَری ولا تُری،وأنتَ بِالمَنظَرِ الأَعلی، وإنَّ لَکَ الآخِرَةَ والاُولی،وإنّا نَعوذُ بِکَ مِن أن نَذِلَّ ونَخزی. (1)
4080.مسند أبی یعلی عن أبی الحوراء: قالَ الحُسَینُ بنُ عَلِیٍّ علیه السّلام:عَلَّمَنی رَسولُ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله کَلِماتٍ أقولُهُنَّ فی قُنوتِ الوَترِ:
رَبِّ اهدِنی فیمَن هَدَیتَ،وعافِنی فیمَن عافَیتَ،وتَوَلَّنی فیمَن تَوَلَّیتَ،وبارِک لی فیما أعطَیتَ،وقِنی شَرَّ ما قَضَیتَ،فَإِنَّکَ تَقضی ولا یُقضی عَلَیکَ،وإنَّکَ لا تُذِلُّ مَن والَیتَ،تَبارَکتَ رَبَّنا وتَعالَیتَ. (2)
4081.ربیع الأبرار: رُؤِیَ الحُسَینُ بنُ عَلِیٍّ علیه السّلام یَطوفُ بِالبَیتِ،ثُمَّ صارَ إلَی المَقامِ (3)فَصَلّی،ثُمَّ وَضَعَ خَدَّهُ عَلَی المَقامِ فَجَعَلَ یَبکی ویَقولُ:«عُبَیدُکَ بِبابِکَ،سائِلُکَ بِبابِکَ،مِسکینُکَ بِبابِکَ»یُرَدِّدُ ذلِکَ مِراراً.ثُمَّ انصَرَفَ. (4)
ص:197
4082 .تهذیب الأحکام:رُوِیَ عَن أمیرِ المُؤمِنینَ علیه السّلام أنَّهُ قالَ:مَن أحَبَّ أن یَخرُجَ مِنَ الدُّنیا وقَد تَخَلَّصَ مِنَ الذُّنوبِ کَما یَتَخَلَّصُ الذَّهَبُ الَّذی لا کَدَرَ فیهِ ولا یَطلُبَهُ أحَدٌ بِمَظلِمَةٍ،فَلیَقُل فی دُبُرِ کُلِّ صَلاةٍ نِسبَةَ الرَّبِّ (1)تَبارَکَ وتَعالَی اثنَتَی عَشرَةَ مَرَّةً،ثُمَّ یَبسُطُ یَدَیهِ فَیَقولُ:
اللّهُمَّ إنّی أسأَلُکَ بِاسمِکَ المَکنونِ المَخزونِ الطُّهرِ الطّاهِرِ المُبارَکِ،وأسأَلُکَ بِاسمِکَ العَظیمِ وسُلطانِکَ القَدیمِ أن تُصَلِّیَ عَلی مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ،یا واهِبَ العَطایا،یا مُطلِقَ الاُساری،یا فَکّاکَ الرِّقابِ مِنَ النّارِ،أسأَلُکَ أن تُصَلِّیَ عَلی مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ،وأن تُعتِقَ رَقَبَتی مِنَ النّارِ،وتُخرِجَنی مِنَ الدُّنیا آمِناً،وتُدخِلَنِی الجَنَّةَ سالِماً،وأن تَجعَلَ دُعائی أوَّلَهُ فَلاحاً،وأوسَطَهُ نَجاحاً،وآخِرَهُ صَلاحاً،إنَّکَ أنتَ عَلّامُ الغُیوبِ.
ثُمَّ قالَ أمیرُ المُؤمِنینَ علیه السّلام:هذا مِنَ المَخبِیّاتِ مِمّا عَلَّمَنی رَسولُ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله وأمَرَنی أن اعَلِّمَهُ الحَسَنَ وَالحُسَینَ علیهما السّلام. (2)
4083.مهج الدعوات عن الإمام الحسین علیه السّلام: بِسمِ اللّهِ،یا دائِمُ یا دَیمومُ،یا حَیُّ یا قَیّومُ (3)الرَّحمنُ
ص:198
الرَّحیمُ،یا کاشِفَ الغَمِّ،یا فارِجَ الهَمِّ،یا باعِثَ الرُّسُلِ،یا صادِقَ الوَعدِ،اللّهُمَّ إن کانَ لی عِندَکَ رِضوانٌ ووُدٌّ فَاغفِر لی ومَنِ اتَّبَعَنی مِن إخوانی وشیعَتی.وطَیِّب ما فی صُلبی،بِرَحمَتِکَ یا أرحَمَ الرّاحِمینَ،وصَلَّی اللّهُ عَلی سَیِّدِنا مُحَمَّدٍ وآلِهِ أجمَعینَ. (1)
4084.مقتل الحسین علیه السّلام للخوارزمی: رُوِیَ فِی المَراسیلِ أنَّ شُرَیحاً قالَ:دَخَلتُ مَسجِدَ رَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله فَإِذَا الحُسَینُ بنُ عَلِیٍّ علیه السّلام فیهِ ساجِدٌ یُعَفِّرُ خَدَّهُ عَلَی التُّرابِ،وهُوَ یَقولُ:
سَیِّدی ومَولایَ! ألِمَقامِعِ الحَدیدِ خَلَقتَ أعضائی؟أم لِشُربِ الحَمیمِ (2)خَلَقتَ أمعائی (3)؟إلهی لَئِن طالَبتَنی بِذُنوبی لَاُطالِبَنَّکَ بِکَرَمِکَ،ولَئِن حَبَستَنی مَعَ الخاطِئینَ لَاُخبِرَنَّهُم بِحُبّی لَکَ،سَیِّدی إنَّ طاعَتَکَ لا تَنفَعُکَ،ومَعصِیَتی لا تَضُرُّکَ،فَهَب لی ما لا یَنفَعُکَ،وَاغفِر لی ما لا یَضُرُّکَ،فَإِنَّکَ أرحَمُ الرّاحِمینَ. (4)
4085.کتاب من لا یحضره الفقیه: جاءَ قَومٌ مِن أهلِ الکوفَةِ إلی عَلِیِّ بنِ أبی طالِبٍ علیه السّلام فَقالوا لَهُ:
یا أمیرَ المُؤمِنینَ! ادعُ لَنا بِدَعَواتٍ فِی الاِستِسقاءِ،فَدَعا عَلِیٌّ علیه السّلام الحَسَنَ وَالحُسَینَ علیهما السّلام...ثُمَّ قالَ لِلحُسَینِ علیه السّلام:اُدعُ.
ص:199
فَقالَ الحُسَینُ علیه السّلام:اللّهُمَّ مُعطِیَ الخَیراتِ مِن مَظانِّها،ومُنزِلَ الرَّحَماتِ مِن مَعادِنِها، ومُجرِیَ البَرَکاتِ عَلی أهلِها،مِنکَ الغَیثُ المُغیثُ،وأنتَ الغِیاثُ المُستَغاثُ،ونَحنُ الخاطِئونَ وأهلُ الذُّنوبِ،وأنتَ المُستَغفَرُ الغَفّارُ،لا إلهَ إلّاأنتَ،اللّهُمَّ أرسِلِ السَّماءَ عَلَینا دیمَةً (1)مِدراراً،وَاسقِنَا الغَیثَ واکِفاً (2)مِغزاراً،غَیثاً مُغیثاً،واسِعاً مُسبِغاً مُهطِلاً، مَریئاً مَریعاً،غَدَقاً (3)مُغدِقاً،عُباباً (4)مُجَلجِلاً (5)،سَحّاً (6)سَحساحاً،بَسّاً (7)بَسّاساً، مُسبِلاً (8)عامّاً،وَدقاً (9)مِطفاحاً،یَدفَعُ الوَدقَ بِالوَدقِ دِفاعاً،ویَطلُعُ القَطرُ مِنهُ،غَیرَ خُلَّبِ البَرقِ (10)،ولا مُکَذَّبِ الرَّعدِ،تَنعَشُ بِهِ الضَّعیفَ مِن عِبادِکَ،وتُحیی بِهِ المَیِّتَ مِن بِلادِکَ،مَنّاً عَلَینا مِنکَ،آمینَ یا رَبَّ العالَمینَ.
فَما تَمَّ کَلامُهُ حَتّی صَبَّ اللّهُ الماءَ صَبّاً. (11)
4086.عیون الأخبار لابن قتیبة عن إسرائیل عن الحسین علیه السّلام -أنَّهُ کانَ إذَا استَسقی قالَ-:اللّهُمَّ
ص:200
اسقِنا سَقیاً واسِعَةً وادِعَةً،عامَّةً نافِعَةً غَیرَ ضارَّةٍ،تَعُمُّ بِها حاضِرَنا وبادِیَنا،وتَزیدُ بِها فی رِزقِنا وشُکرِنا،اللّهُمَّ اجعَلهُ رِزقَ إیمانٍ وعَطاءَ إیمانٍ،إنَّ عَطاءَکَ لَم یَکُن مَحظوراً،اللّهُمَّ أنزِل عَلَینا فی أرضِنا سَکَنَها،وأنبِت فیها زینَتَها ومَرعاها. (1)
4087.طبّ الأئمّة لابنَی بِسطام عن عبد اللّه بن المفضّل النوفلیّ عن أبیه عن الحسین بن علیّ علیه السّلام:
کَلِماتٌ إذا قُلتُهُنَّ ما ابالی مِمَّنِ اجتَمَعَ عَلَیَّ الجِنُّ وَالإِنسُ:بِسمِ اللّهِ وبِاللّهِ وإلَی اللّهِ وفی سَبیلِ اللّهِ،وعَلی مِلَّةِ رَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله،اللّهُمَّ اکفِنی بِقُوَّتِکَ وحَولِکَ وقُدرَتِکَ شَرَّ کُلِّ مُغتالٍ (2)وکَیدَ الفُجّارِ،فَإِنّی احِبُّ الأَبرارَ واُوالِی الأَخیارَ،وصَلَّی اللّهُ عَلی مُحَمَّدٍ النَّبِیِّ وآلِهِ وسَلَّمَ. (3)
4088.مهج الدعوات عن الإمام الحسین علیه السّلام -فی دُعائِهِ-:یا مَن شَأنُهُ الکِفایَةُ،وسُرادِقُهُ (4)الرِّعایَةُ! یا مَن هُوَ الغایَةُ وَالنِّهایَةُ! یا صارِفَ السّوءِ وَالسَّوایَةِ وَالضُرِّ! اصرِف عَنّی أذِیَّةَ العالَمینَ مِنَ الجِنِّ وَالإِنسِ أجمَعینَ،بِالأَشباحِ النّورانِیَّةِ،وبِالأَسماءِ السُّریانِیَّةِ، وبِالأَقلامِ الیونانِیَّةِ،وبِالکَلِماتِ العِبرانِیَّةِ،وبما نَزَلَ فِی الأَلواحِ مِن یَقینِ الإِیضاحِ.
اجعَلنِی اللّهُمَّ فی حِرزِکَ وفی حِزبِکَ،وفی عِیاذِکَ وفی سِترِکَ وفی کَنَفِکَ،مِن کُلِّ شَیطانٍ مارِدٍ،وَعدُوٍّ راصِدٍ،ولَئیمٍ مُعانِدٍ،وضِدٍّ کَنودٍ (5)،ومِن کُلِّ حاسِدٍ،بِبِسمِ اللّهِ
ص:201
استَشفَیتُ،وبِسمِ اللّهِ استَکفَیتُ،وعَلَی اللّهِ تَوَکَّلتُ،وبِهِ استَعَنتُ،وإلَیهِ استَعدَیتُ عَلی کُلِّ ظالِمٍ ظَلَمَ،وغاشِمٍ غَشَمَ،وطارِقٍ طَرَقَ،وزاجِرٍ زَجَرَ،فَاللّهُ خَیرٌ حافِظاً وهُوَ أرحَمُ الرّاحِمینَ. (1)
4089.الدعوات: تَسبیحُ الحُسَینِ بنِ عَلِیٍّ علیه السّلام فِی الیَومِ الخامِسِ [مِنَ الشَّهرِ]:سُبحانَ الرَّفیعِ الأَعلی،سُبحانَ العَظیمِ الأَعظَمِ،سُبحانَ مَن هُوَ هکَذا ولا یَکونُ هکَذا غَیرُهُ،ولا یَقدِرُ أحَدٌ قُدرَتَهُ،سُبحانَ مَن أوَّلُهُ عِلمٌ لا یوصَفُ،وآخِرُهُ عِلمٌ لا یَبیدُ،سُبحانَ مَن عَلا فَوقَ البَرِیّاتِ بِالإِلهِیَّةِ فَلا عَینٌ تُدرِکُهُ،ولا عَقلٌ یُمَثِّلُهُ،ولا وَهمٌ یُصَوِّرُهُ،ولا لِسانٌ یَصِفُهُ بِغایَةِ ما لَهُ مِنَ الوَصفِ،سُبحانَ مَن عَلا فِی الهَواءِ،سُبحانَ مَن قَضَی المَوتَ عَلَی العِبادِ،سُبحانَ المَلِکِ المُقتَدِرِ،سُبحانَ المَلِکِ القُدّوسِ،سُبحانَ الباقِی الدّائِمِ. (2)
4090.کشف الغمّة عن راشد بن أبی روح الأنصاری: کانَ مِن دُعاءِ الحُسَینِ بنِ عَلِیٍّ علیه السّلام:اللّهُمَّ ارزُقنِی الرَّغبَةَ فِی الآخِرَةِ حَتّی أعرِفَ صِدقَ ذلِکَ فی قَلبی بِالزَّهادَةِ مِنّی فی دُنیایَ، اللّهُمَّ ارزُقنی بَصَراً فی أمرِ الآخِرَةِ حَتّی أطلُبَ الحَسَناتِ شَوقاً،وأفِرَّ (3)مِنَ السَّیِّئاتِ
ص:202
خَوفاً،یا رَبِّ! (1)
4091.الإقبال: مِنَ الدَّعَواتِ المُشَرَّفَةِ فی یَومِ عَرَفَةَ،دُعاءُ مَولانَا الحُسَینِ بنِ عَلِیٍّ صَلَواتُ اللّهِ عَلَیهِ (2):
الحَمدُ للّهِ ِ الَّذی لَیسَ لِقَضائِهِ دافِعٌ،ولا لِعَطائِهِ مانِعٌ،ولا کَصُنعِهِ صُنعُ صانِعٍ،وهُوَ الجَوادُ الواسِعُ،فَطَرَ (3)أجناسَ البَدائِعِ،وأتقَنَ بِحِکمَتِهِ الصَّنائِعَ،لا یَخفی عَلَیهِ الطَّلائِعُ،ولا تَضیعُ عِندَهُ الوَدائِعُ،أتی بِالکِتابِ الجامِعِ،وبِشَرعِ الإِسلامِ النّورِ السّاطِعِ،وهُوَ لِلخَلیقَةِ صانِعٌ،وهُوَ المُستَعانُ عَلَی الفَجائِعِ،جازی کُلِّ صانِعٍ، ورائِشُ (4)کُلِّ قانِعٍ (5)،وراحِمُ کُلِّ ضارِعٍ (6)،ومُنزِلُ المَنافِعِ وَالکِتابِ الجامِعِ بِالنّورِ السّاطِعِ،وهُوَ لِلدَّعَواتِ سامِعٌ،ولِلدَّرَجاتِ رافِعٌ،ولِلکُرُباتِ دافِعٌ،ولِلجَبابِرَةِ قامِعٌ،
ص:203
وراحِمُ عَبرَةِ کُلِّ ضارِعٍ،ودافِعُ ضَرعَةِ کُلِّ ضارِعٍ،فَلا إلهَ غَیرُهُ،ولا شَیءَ یَعدِلُهُ، ولَیسَ کَمِثلِهِ شَیءٌ،وهُوَ السَّمیعُ البَصیرُ،اللَّطیفُ الخَبیرُ،وهُوَ عَلی کُلِّ شَیءٍ قَدیرٌ.
اللّهُمَّ إنّی أرغَبُ إلَیکَ،وأشهَدُ بِالرُّبوبِیَّةِ لَکَ،مُقِرّاً بِأَنَّکَ رَبّی،وأنَّ إلَیکَ مَرَدِّی، ابتَدَأتَنی بِنِعمَتِکَ قَبلَ أن أکونَ شَیئاً مَذکوراً،وخَلَقتَنی مِنَ التُّرابِ ثُمَّ أسکَنتَنِی الأَصلابَ،أمناً لِرَیبِ المَنونِ (1)وَاختِلافِ الدُّهورِ،فَلَم أزَل ظاعِناً (2)مِن صُلبٍ إلی رَحِمٍ فی تَقادُمِ الأَیّامِ الماضِیَةِ،وَالقُرونِ الخالِیَةِ،لَم تُخرِجنی-لِرَأفَتِکَ بی،ولُطفِکَ لی وإحسانِکَ إلَیَّ-فی دَولَةِ أیّامِ الکَفَرَةِ،الَّذینَ نَقَضوا عَهدَکَ وکَذَّبوا رُسُلَکَ،لکِنَّکَ أخرَجتَنی رَأفَةً مِنکَ وتَحَنُّناً عَلَیَّ لِلَّذی سَبَقَ لی مِنَ الهُدَی،الَّذی فیهِ یَسَّرتَنی،وفیهِ أنشَأتَنی،ومِن قَبلِ ذلِکَ رَؤُفتَ بی بِجَمیلِ صُنعِکَ وسَوابِغِ نِعمَتِکَ؛فَابتَدَعتَ خَلقی مِن مَنِیٍّ یُمنی،ثُمَّ أسکَنتَنی فی ظُلُماتٍ ثَلاثٍ،بَینَ لَحمٍ وجِلدٍ ودَمٍ،لَم تُشَهِّرنی بِخَلقی (3)،ولَم تَجعَل إلَیَّ شَیئاً مِن أمری.
ثُمَّ أخرَجتَنی إلَی الدُّنیا تامّاً سَوِیّاً،وحَفِظتَنی فِی المَهدِ طِفلاً صَبِیّاً،ورَزَقتَنی مِنَ الغِذاءِ لَبَناً مَرِیّاً،وعَطَفتَ عَلَیَّ قُلوبَ الحَواضِنِ،وکَفَّلتَنِی الاُمَّهاتِ الرَّحائِمَ، وکَلَأتَنی (4)مِن طَوارِقِ الجانِّ،وسَلَّمتَنی مِنَ الزِّیادَةِ وَالنُّقصانِ،فَتَعالَیتَ یا رَحیمُ یا رَحمانُ.
ص:204
حَتّی إذَا استَهلَلتُ ناطِقاً بِالکَلامِ،أتمَمتَ عَلَیَّ سَوابِغَ الإِنعامِ،فَرَبَّیتَنی زائِداً فی کُلِّ عامٍ،حَتّی إذا کَمُلَت فِطرَتی،وَاعتَدَلَت سَریرَتی،أوجَبتَ عَلَیَّ حُجَّتَکَ بِأَن ألهَمتَنی مَعرِفَتَکَ،ورَوَّعتَنی بِعَجائِبِ فِطرَتِکَ،وأنطَقتَنی لِما ذَرَأتَ فی سَمائِکَ وأرضِکَ مِن بَدائِعِ خَلقِکَ،ونَبَّهتَنی لِذِکرِکَ وشُکرِکَ وواجِبِ طاعَتِکَ وعِبادَتِکَ، وفَهَّمتَنی ما جاءَت بِهِ رُسُلُکَ،ویَسَّرتَ لی تَقَبُّلَ مَرضاتِکَ،ومَنَنتَ عَلَیَّ فی جَمیعِ ذلِکَ بِعَونِکَ ولُطفِکَ.
ثُمَّ إذ خَلَقتَنی مِن حُرِّ (1)الثَّری،لَم تَرضَ لی یا إلهی بِنِعمَةٍ دونَ اخری،ورَزَقتَنی مِن أنواعِ المَعاشِ وصُنوفِ الرِّیاشِ بِمَنِّکَ العَظیمِ عَلَیَّ،وإحسانِکَ القَدیمِ إلَیَّ،حَتّی إذا أتمَمتَ عَلَیَّ جَمیعَ النِّعَمِ،وصَرَفتَ عَنّی کُلَّ النِّقَمِ،لَم یَمنَعکَ جَهلی وجُرأَتی عَلَیکَ أن دَلَلتَنی عَلی ما یُقَرِّبُنی إلَیکَ،ووَفَّقتَنی لِما یُزلِفُنی لَدَیکَ،فَإِن دَعَوتُکَ أجَبتَنی،وإن سَأَلتُکَ أعطَیتَنی،وإن أطَعتُکَ شَکَرتَنی،وإن شَکَرتُکَ زِدتَنی،کُلُّ ذلِکَ إکمالاً لِأَنعُمِکَ عَلَیَّ،وإحسانِکَ إلَیَّ.
فَسُبحانَکَ سُبحانَکَ ! مِن مُبدِئٍ مُعیدٍ حَمیدٍ مَجیدٍ،وتَقَدَّسَت أسماؤُکَ،وعَظُمَت آلاؤُکَ،فَأَیُّ أنعُمِکَ یا إلهی احصی عَدَداً أو ذِکراً،أم أیُّ عَطایاکَ أقومُ بِها شُکراً، وهِیَ یا رَبِّ أکثَرُ مِن أن یُحصِیَهَا العادّونَ،أو یَبلُغَ عِلماً بِهَا الحافِظونَ ! ثُمَّ ما صَرَفتَ ودَرَأتَ (2)عَنِّی اللّهُمَّ مِنَ الضُّرِّ وَالضَّرّاءِ أکثَرُ مِمّا ظَهَرَ لی مِنَ العافِیَةِ وَالسَّرّاءِ.
وأنَا أشهَدُ-یا إلهی-بِحَقیقَةِ إیمانی،وعَقدِ عَزَماتِ یَقینی،وخالِصِ صَریحِ تَوحیدی،وباطِنِ مَکنونِ ضَمیری،وعَلائِقِ مَجاری نورِ بَصَری،وأساریرِ
ص:205
صَفحَةِ جَبینی،وخُرقِ مَسارِبِ نَفَسی،وخَذاریفِ (1)مارِنِ (2)عِرنینی (3)،ومَسارِبِ صِماخِ (4)سَمعی،وما ضُمَّت وأطبَقَت عَلَیهِ شَفَتایَ،وحَرَکاتِ لَفظِ لِسانی،ومَغرَزِ حَنَکِ فَمی وفَکّی،ومَنابِتِ أضراسی،وبُلوغِ حَبائِلِ بارِعِ عُنُقی،ومَساغِ مَطعَمی ومَشرَبی،وحِمالَةِ (5)امِّ رَأسی،وجُمَلِ حَمائِلِ حَبلِ وَتینی (6)،ومَا اشتَمَلَ عَلَیهِ تامورُ (7)صَدری،ونِیاطُ (8)حِجابِ قَلبی،وأفلاذُ حَواشی کَبِدی،وما حَوَتهُ شَراسیفُ (9)أضلاعی،وحِقاقُ مَفاصلی،وأطرافُ أنامِلی،وقَبضُ عَوامِلی،ودَمی وشَعری وبَشَری،وعَصَبی وقَصَبی (10)وعِظامی،ومُخّی وعُروقی،وجَمیعُ جَوارِحی،ومَا انتَسَجَ عَلی ذلِکَ أیّامَ رِضاعی،وما أقَلَّتِ الأَرضُ مِنّی،ونَومی ویَقظَتی،وسُکونی وحَرَکَتی،وحَرَکاتِ رُکوعی وسُجودی؛أن لَو حاوَلتُ وَاجتَهَدتُ مَدَی الأَعصارِ وَالأَحقابِ لَو عُمِّرتُها،أن اؤَدِّیَ شُکرَ واحِدَةٍ مِن أنعُمِکَ،مَا استَطَعتُ ذلِکَ ! إلّابِمَنِّکَ الموجِبِ عَلَیَّ شُکراً آنِفاً جَدیداً،وثَناءً طارِفاً (11)عَتیداً.
أجَل،ولَو حَرَصتُ وَالعادّونَ مِن أنامِکَ أن نُحصِیَ مَدی إِنعامِکَ،سالِفَةً وآنِفَةً،
ص:206
لَما حَصَرناهُ عَدَداً،ولا أحَصیناهُ أبَداً،هَیهاتَ ! أنّی ذلِکَ،وأنتَ المُخبِرُ عَن نَفسِکَ فی کِتابِکَ النّاطِقِ،وَالنَّبَأِ الصّادقِ: «وَ إِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللّهِ لا تُحْصُوها» 1 ،صَدَقَ کِتابُکَ اللّهُمَّ ونَبَؤُکَ،وبَلَّغَت أنبِیاؤُکَ ورُسُلُکَ ما أنزَلتَ عَلَیهِم مِن وَحیِکَ،وشَرَعتَ لَهُم مِن دینِکَ،غَیرَ أنّی أشهَدُ بِجِدّی وجَهدی،ومَبالِغِ طاقَتی ووُسعی،وأقولُ مُؤمِناً موقِناً:
الحَمدُ للّهِ ِ الَّذی لَم یَتَّخِذ وَلَداً فَیَکونَ مَوروثاً،ولَم یَکُن لَهُ شَریکٌ فِی المُلکِ فَیُضادَّهُ فیمَا ابتَدَعَ،ولا وَلِیٌّ مِنَ الذُّلِّ فَیُرفِدَهُ (1)فیما صَنَعَ،سُبحانَهُ سُبحانَهُ سُبحانَهُ ! لَو کانَ فیهِما آلِهَةٌ إلَّااللّهُ لَفَسَدَتا وتَفَطَّرَتا،فَسُبحانَ اللّهِ الواحِدِ الحَقِّ الأَحَدِ الصَّمَدِ،الَّذی لَم یَلِد ولَم یولَد ولَم یَکُن لَهُ کُفُواً أحَدٌ.
الحَمدُ للّهِ ِ حَمداً یَعدِلُ حَمدَ مَلائِکَتِهِ المُقَرَّبینَ،وأنبیائِهِ المُرسَلینَ،وصَلَّی اللّهُ عَلی خِیَرَتِهِ مِن خَلقِهِ مُحَمَّدٍ خاتَمِ النَّبِیّینَ،وآلِهِ الطّاهِرینَ المُخلَصینَ.
[ثُمَّ اندَفَعَ علیه السّلام فِی المَسأَلَةِ وَاجتَهَدَ فِی الدُّعاءِ وقالَ-وعَیناهُ تَکِفانِ (2)دُموعاً-:] (3)
اللّهُمَّ اجعَلنی أخشاکَ کَأَنّی أراکَ،وأسعِدنی بِتَقواکَ،ولا تُشقِنی بِمَعصِیَتِکَ،وخِر لی فی قَضائِکَ،وبارِک لی فی قَدَرِکَ،حَتّی لا احِبَّ تَعجیلَ ما أخَّرتَ،ولا تَأخیرَ ما عَجَّلتَ.
اللّهُمَّ اجعَل غِنایَ فی نَفسی،وَالیَقینَ فی قَلبی،وِالإِخلاصَ فی عَمَلی،وَالنّورَ فی بَصَری،وَالبَصیرَةَ فی دینی،ومَتِّعنی بِجَوارِحی،وَاجعَل سَمعی وبَصَرِی الوارِثَینِ مِنّی،وَانصُرنی عَلی مَن ظَلَمَنی،وأرِنی فیهِ مَآرِبی وثاری،وأقِرَّ بِذلِکَ عَینی.
ص:207
اللّهُمَّ اکشِف کُربَتی،وَاستُر عَورَتی،وَاغفِر لی خَطیئَتی،وَاخسَأ شَیطانی،وفُکَّ رِهانی،وَاجعَل لی یا إلهِی الدَّرَجَةَ العُلیا فِی الآخِرَةِ وَالاُولی.
اللّهُمَّ لَکَ الحَمدُ کَما خَلَقتَنی فَجَعَلتَنی سَمیعاً بَصیراً،ولَکَ الحَمدُ کَما خَلَقتَنی فَجَعَلتَنی حَیّاً سَوِیّاً،رَحمَةً بی وکُنتَ عَن خَلقی غَنِیّاً.
رَبِّ بِما بَرَأتَنی فَعَدَّلتَ فِطرَتی،رَبِّ بِما أنشَأتَنی فَأَحسَنتَ صورَتی،یا رَبِّ بِما أحسَنتَ بی وفی نَفسی عافَیتَنی،رَبِّ بِما کَلَأتَنی ووَفَّقتَنی،رَبِّ بِما أنعَمتَ عَلَیَّ فَهَدَیتَنی،رَبِّ بِما آوَیتَنی ومِن کُلِّ خَیرٍ آتَیتَنی وأعطَیتَنی،رَبِّ بِما أطعَمتَنی وسَقَیتَنی،رَبِّ بِما أغنَیتَنی وأقنَیتَنی (1)،رَبِّ بِما أعَنتَنی وأعزَزتَنی،رَبِّ بِما ألبَستَنی مِن ذِکرِکَ الصّافی،ویَسَّرتَ لی مِن صُنعِکَ الکافی،صَلِّ عَلی مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ، وأعِنّی عَلی بَوائِقِ (2)الدَّهرِ،وصُروفِ الأَیّامِ وَاللَّیالی،ونَجِّنی مِن أهوالِ الدُّنیا وکُرُباتِ الآخِرَةِ،وَاکفِنی شَرَّ ما یَعمَلُ الظّالِمونَ فِی الأَرضِ.
اللّهُمَّ ما أخافُ فَاکفِنی،وما أحذَرُ فَقِنی،وفی نَفسی ودینی فَاحرُسنی،وفی سَفَری فَاحفَظنی،وفی أهلی ومالی ووُلدی فَاخلُفنی،وفیما رَزَقتَنی فَبارِک لی، وفی نَفسی فَذَلِّلنی،وفی أعیُنِ النّاسِ فَعَظِّمنی،ومِن شَرِّ الجِنِّ وَالإِنسِ فَسَلِّمنی، وبِذُنوبی فَلا تَفضَحنی،وبِسَریرَتی فَلا تُخزِنی،وبِعَمَلی فَلا تُبسِلنی (3)،ونِعَمَکَ فَلا تَسلُبنی،وإلی غَیرِکَ فَلا تَکِلنی.
إلی مَن تَکِلُنی؟إلَی القَریبِ یَقطَعُنی ! أم إلَی البَعیدِ یَتَهَجَّمُنی (4)! أم إلَی
ص:208
المُستَضعِفینَ لی ! وأنتَ رَبّی ومَلیکُ أمری،أشکو إلَیکَ غُربَتی وبُعدَ داری،وهَوانی عَلی مَن مَلَّکتَهُ أمری.
اللّهُمَّ فَلا تُحلِل بی غَضَبَکَ،فَإِن لَم تَکُن غَضِبتَ عَلَیَّ فَلا ابالی سِواکَ،غَیرَ أنَّ عافِیَتَکَ أوسَعُ لی؛فَأَسأَلُکَ بِنورِ وَجهِکَ الَّذی أشرَقَت لَهُ الأَرضُ وَالسَّماواتُ، وَانکَشَفَت بِهِ الظُّلُماتُ،وصَلَحَ عَلَیهِ أمرُ الأَوَّلینَ وَالآخِرینَ،ألّا تُمیتَنی عَلی غَضَبِکَ،ولا تُنزِلَ بی سَخَطَکَ،لَکَ العُتبی حَتّی تَرضی مِن قَبلِ ذلِکَ،لا إلهَ إلّاأنتَ، رَبَّ البَلَدِ الحَرامِ،وَالمَشعَرِ الحَرامِ،وَالبَیتِ العَتیقِ،الَّذی أحلَلتَهُ البَرَکَةَ،وجَعَلتَهُ لِلنّاسِ أمَنَةً.
یا مَن عَفا عَنِ العَظیمِ مِنَ الذُّنوبِ بِحِلمِهِ،یا مَن أسبَغَ النِّعمَةَ بِفَضلِهِ،یا مَن أعطَی الجَزیلَ بِکَرَمِهِ،یا عُدَّتی فی کُربَتی،ویا مونِسی فی حُفرَتی،یا وَلِیَّ نِعمَتی،یا إلهی وإلهَ آبائی إبراهیمَ وإسماعیلَ وإسحاقَ ویَعقوبَ،ورَبَّ جَبرَئیلَ ومیکائیلَ وإسرافیلَ،ورَبَّ مُحَمَّدٍ خاتَمِ النَّبِیّینَ وآلِهِ المُنتَجَبینَ،ومُنزِلَ التَّوراةِ وَالإِنجیلِ وَالزَّبورِ وَالقُرآنِ العَظیمِ،ومُنزِلَ کهیعص وطه ویس وَالقُرآنِ الحَکیمِ،أنتَ کَهفی حینَ تُعیینِی المَذاهِبُ فی سَعَتِها،وتَضیقُ عَلَیَّ الأَرضُ بِما رَحُبَت (1)،ولَولا رَحمَتُکَ لَکُنتُ مِنَ [الهالِکینَ،وأنتَ مُقیلُ عَثرَتی،ولَولا سَترُکَ إیّایَ لَکُنتُ مِنَ] (2)المَفضوحینَ،وأنتَ مُؤَیِّدی بِالنَّصرِ عَلَی الأَعداءِ،ولَولا نَصرُکَ لی لَکُنتُ مِنَ المَغلوبینَ.
یا مَن خَصَّ نَفسَهُ بِالسُّمُوِّ وَالرِّفعَةِ،وأولِیاؤُهُ بِعِزِّهِ یَعتَزّونَ،یا مَن جَعَلَت لَهُ
ص:209
المُلوکُ نیرَ (1)المَذَلَّةِ عَلی أعناقِهِم فَهُم مِن سَطَواتِهِ خائِفونَ،یَعلَمُ خائِنَةَ الأَعیُنِ وما تُخفِی الصُّدورُ،وغَیبَ ما تَأتی بِهِ الأَزمانُ وَالدُّهورُ.
یا مَن لا یَعلَمُ کَیفَ هُوَ إلّاهُوَ،یا مَن لا یَعلَمُ ما هُوَ إلّاهُوَ،یا مَن لا یَعلَمُ ما یَعلَمُهُ إلّاهُوَ،یا مَن کَبَسَ الأَرضَ عَلَی الماءِ،وسَدَّ الهَواءَ بِالسَّماءِ،یا مَن لَهُ أکرَمُ الأَسماءِ،یا ذَا المَعروفِ الَّذی لا یَنقَطِعُ أبَداً.
یا مُقَیِّضَ (2)الرَّکبِ لِیوسُفَ فِی البَلَدِ القَفرِ،ومُخرِجَهُ مِنَ الجُبِّ،وجاعِلَهُ بَعدَ العُبودِیَّةِ مَلِکاً.
یا رادَّ یوسُفَ عَلی یَعقوبَ بَعدَ أنِ ابیَضَّت عَیناهُ مِنَ الحُزنِ فَهُوَ کَظیمٌ.
یا کاشِفَ الضُرِّ وَالبَلاءِ عَن أیّوبَ.
یا مُمسِکَ یَدِ إبراهیمَ عَن ذَبحِ ابنِهِ بَعدَ أن کَبِرَ سِنُّهُ وفَنِیَ عُمُرُهُ.
یا مَنِ استَجابَ لِزَکَرِیّا فَوَهَبَ لَهُ یَحیی ولَم یَدَعهُ فَرداً وَحیداً.
یا مَن أخرَجَ یونُسَ مِن بَطنِ الحوتِ.
یا مَن فَلَقَ البَحرَ لِبَنی إسرائیلَ فَأَنجاهُم وجَعَلَ فِرعَونَ وجُنودَهُ مِنَ المُغرَقینَ.
یا مَن أرسَلَ الرِّیاحَ مُبَشِّراتٍ بَینَ یَدی رَحمَتِهِ.
یا مَن لا یَعجَلُ عَلی مَن عَصاهُ مِن خَلقِهِ.
یا مَنِ استَنقَذَ السَّحَرَةَ مِن بَعدِ طولِ الجُحودِ،وقَد غَدَوا فی نِعمَتِهِ یَأکُلونَ رِزقَهُ ویَعبُدونَ غَیرَهُ،وقَد حادّوهُ (3)ونادّوهُ وکَذَّبوا رُسُلَهُ.
ص:210
یا اللّهُ یا بَدیءُ لا بَدءَ لَکَ،یا دائِماً لا نَفادَ لَکَ،یا حَیُّ یا قَیّومُ،یا مُحیِیَ المَوتی، یا مَن هُوَ قائِمٌ عَلی کُلِّ نَفسٍ بِما کَسَبَت،یا مَن قَلَّ لَهُ شُکری فَلَم یَحرِمنی، وعَظُمَت خَطیئَتی فَلَم یَفضَحنی،ورَآنی عَلَی المَعاصی فَلَم یَخذُلنی.
یا مَن حَفِظَنی فی صِغَری،یا مَن رَزَقَنی فی کِبَری،یا مَن أیادیهِ عِندی لا تُحصی،یا مَن نِعَمُهُ عِندی لا تُجازی،یا مَن عارَضَنی بِالخَیرِ وَالإِحسانِ وعارَضتُهُ بِالإِساءَةِ وَالعِصیانِ،یا مَن هَدانی بِالإِیمانِ قَبلَ أن أعرِفَ شُکرَ الاِمتِنانِ.
یا مَن دَعَوتُهُ مَریضاً فَشَفانی،وعُریاناً فَکَسانی،وجائِعاً فَأَطعَمَنی،وعَطشاناً فَأَروانی،وذَلیلاً فَأَعَزَّنی،وجاهِلاً فَعَرَّفَنی،ووَحیداً فَکَثَّرَنی،وغائِباً فَرَدَّنی،ومُقِلّاً فَأَغنانی،ومُنتَصِراً فَنَصَرَنی،وغَنِیّاً فَلَم یَسلُبنی،وأمسَکتُ عَن جَمیعِ ذلِکَ فَابتَدَأتَنی،فَلَکَ الحَمدُ یا مَن أقالَ عَثرَتی،ونَفَّسَ کُربَتی،وأجابَ دَعوَتی،وسَتَرَ عَورَتی وذُنوبی،وبَلَّغَنی طَلِبَتی،ونَصَرَنی عَلی عَدُوّی،وإن أعُدَّ نِعَمَکَ ومِنَنَکَ وکَرائِمَ مِنَحِکَ لا احصیها.
یا مَولایَ! أنتَ الَّذی أنعَمتَ،أنتَ الَّذی أحسَنتَ،أنتَ الَّذی أجمَلتَ،أنتَ الَّذی أفضَلتَ،أنتَ الَّذی مَنَنتَ،أنتَ الَّذی أکمَلتَ،أنتَ الَّذی رَزَقتَ،أنتَ الَّذی أعطَیتَ، أنتَ الَّذی أغنَیتَ،أنتَ الَّذی أقنَیتَ،أنتَ الَّذی آوَیتَ،أنتَ الَّذی کفَیتَ،أنتَ الَّذی هَدَیتَ،أنتَ الَّذی عَصَمتَ،أنتَ الَّذی سَتَرتَ،أنتَ الَّذی غَفَرتَ،أنتَ الَّذی أقَلتَ، أنتَ الَّذی مَکَّنتَ،أنتَ الَّذی أعزَزتَ،أنتَ الَّذی أعَنتَ،أنتَ الَّذی عَضَدتَ،أنتَ الَّذی أیَّدتَ،أنتَ الَّذی نَصَرتَ،أنتَ الَّذی شفَیتَ،أنتَ الَّذی عافَیتَ،أنتَ الَّذی أکرَمتَ،تَبارَکتَ رَبّی وتَعالَیتَ،فَلَکَ الحَمدُ دائِماً،ولَکَ الشُّکرُ واصِباً (1).
ثُمَّ أنَا-یا إلهی-المُعتَرِفُ بِذُنوبی فَاغفِرها لی،أنَا الَّذی أخطَأتُ،أنَا الَّذی
ص:211
أغفَلتُ،أنَا الَّذی جَهِلتُ،أنَا الَّذی هَمَمتُ،أنَا الَّذی سَهَوتُ،أنَا الَّذِی اعتَمَدتُ،أنَا الَّذی تَعَمَّدتُ،أنَا الَّذی وَعَدتُ،أنَا الَّذی أخلَفتُ،أنَا الَّذی نَکَثتُ،أنَا الَّذی أقرَرتُ.
یا إلهی ! أعتَرِفُ بِنِعَمِکَ عِندی،وأبوءُ بِذُنوبی (1)فَاغفِر لی،یا مَن لا تَضُرُّهُ ذُنوبُ عِبادِهِ،وهُوَ الغَنِیُّ عَن طاعَتِهِم،وَالمُوَفِّقُ مَن عَمِلَ مِنهُم صالِحاً بِمَعونَتِهِ ورَحمَتِهِ، فَلَکَ الحَمدُ.
إلهی ! أمَرتَنی فَعَصَیتُکَ،ونَهَیتَنی فَارتَکَبتُ نَهیَکَ،فَأَصبَحتُ لا ذا بَراءَةٍ فَأَعتَذِرَ، ولا ذا قُوَّةٍ فَأَنتَصِرَ،فَبِأَیِّ شَیءٍ أستَقیلُکَ (2)یا مَولایَ؛أبِسَمعی،أم بِبَصَری،أم بِلِسانی،أم بِیَدی،أم بِرِجلی؟ألَیسَ کُلُّها نِعَمَکَ عِندی؟وبِکُلِّها عَصَیتُکَ یا مَولایَ، فَلَکَ الحُجَّةُ وَالسَّبیلُ عَلَیَّ.
یا مَن سَتَرَنی مِنَ الآباءِ وَالاُمَّهاتِ أن یَزجُرونی،ومِنَ العَشائِرِ وَالإِخوانِ أن یُعَیِّرونی،ومِنَ السَّلاطینِ أن یُعاقِبونی،ولَوِ اطَّلَعوا یا مَولایَ عَلی مَا اطَّلَعتَ عَلَیهِ مِنّی إذاً ما أنظَرونی،ولَرَفَضونی وقَطَعونی.
فَها أنَا ذا بَینَ یَدَیکَ یا سَیِّدی،خاضِعَاً ذَلیلاً حَصیراً حَقیراً،لا ذو بَراءَةٍ فَأَعتَذِرَ، ولا ذو قُوَّةٍ فَأَنتَصِرَ،ولا حُجَّةَ لی فَأَحتَجَّ بِها،ولا قائِلٌ لَم أجتَرِح (3)ولَم أعمَل سوءاً، وما عَسَی الجُحودُ لَو جَحَدتُ یا مَولایَ یَنفَعُنی،وکَیفَ وأنّی ذلِکَ وجَوارِحی کُلُّها شاهِدَةٌ عَلَیَّ بِما قَد عَمِلتُ وعَلِمتُ یَقیناً غَیرَ ذی شَکٍّ أنَّکَ سائِلی عَن عَظائِمِ الاُمورِ،وأنَّکَ الحَکَمُ العَدلُ الَّذی لا یَجورُ،وعَدلُکَ مُهلِکی،ومِن کُلِّ عَدلِکَ مَهرَبی، فَإِن تُعَذِّبنی فَبِذُنوبی یا مَولایَ بَعدَ حُجَّتِکَ عَلَیَّ،وإن تَعفُ عَنّی فَبِحِلمِکَ وجودِکِ
ص:212
وکَرَمِکَ.
لا إلهَ إلّاأنتَ سُبحانَکَ إنّی کُنتُ مِنَ الظّالِمینَ.
لا إلهَ إلّاأنتَ سُبحانَکَ إنّی کُنتُ مِنَ المُستَغفِرینَ.
لا إلهَ إلّاأنتَ سُبحانَکَ إنّی کُنتُ مِنَ المُوَحِّدینَ.
لا إلهَ إلّاأنتَ سُبحانَکَ إنّی کُنتُ مِنَ الوَجِلینَ.
لا إلهَ إلّاأنتَ سُبحانَکَ إنّی کُنتُ مِنَ الرّاجینَ الرّاغِبینَ.
لا إلهَ إلّاأنتَ سُبحانَکَ إنّی کُنتُ مِنَ السّائِلینَ.
لا إلهَ إلّاأنتَ سُبحانَکَ إنّی کُنتُ مِنَ المُهَلِّلینَ المُسَبِّحینَ.
لا إلهَ إلّاأنتَ رَبّی ورَبُّ آبائِیَ الأَوَّلینَ.
اللّهُمَّ هذا ثَنائی عَلَیکَ مُمَجِّداً،وإخلاصی لَکَ مُوَحِّداً،وإقراری بِآلائِکَ مُعَدِّداً، وإن کُنتُ مُقِرّاً أنّی لا احصیها لِکَثرَتِها وسُبوغِها (1)،وتَظاهُرِها وتَقادُمِها،إلی حادِثٍ ما لَم تَزَل تَتَغَمَّدُنی بِهِ مَعَها،مُذ خَلَقتَنی وبَرَأتَنی مِن أوَّلِ العُمُرِ؛مِنَ الإِغناءِ بَعدَ الفَقرِ،وکَشفِ الضُّرِّ،وتَسبیبِ الیُسرِ،ودَفعِ العُسرِ،وتَفریجِ الکَربِ،وَالعافِیَةِ فِی البَدَنِ،وَالسَّلامَةِ فِی الدّینِ.ولَو رَفَدَنی (2)عَلی قَدرِ ذِکرِ نِعَمِکَ عَلَیَّ جَمیعُ العالَمینَ مِنَ الأَوَّلینَ وَالآخِرینَ،لَما قَدَرتُ ولا هُم عَلی ذلِکَ.
تَقَدَّستَ وتَعالَیتَ مِن رَبٍّ عَظیمٍ کَریمٍ رَحیمٍ،لا تُحصی آلاؤُکَ،ولا یُبلَغُ ثَناؤُکَ، ولا تُکافی نَعماؤُکَ،صَلِّ عَلی مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ،وأتمِم عَلَینا نِعمَتَکَ،وأسعِدنا بِطاعَتِکَ،سُبحانَکَ لا إلهَ إلّاأنتَ.
ص:213
اللّهُمَّ إنَّکَ تُجیبُ دَعوَةَ المُضطَرِّ إذا دَعاکَ،وتَکشِفُ السّوءَ،وتُغیثُ المَکروبَ، وتَشفِی السَّقیمَ،وتُغنِی الفَقیرَ،وتَجبُرُ الکَسیرَ،وتَرحَمُ الصَّغیرَ،وتُعینُ الکَبیرَ،ولَیسَ دونَکَ ظَهیرٌ،ولا فَوقَکَ قَدیرٌ،وأنتَ العَلِیُّ الکَبیرُ.
یا مُطلِقَ المُکَبَّلِ الأَسیرِ،یا رازِقَ الطِّفلِ الصَّغیرِ،یا عِصمَةَ الخائِفِ المُستَجیرِ،یا مَن لا شَریکَ لَهُ ولا وَزیرَ،صَلِّ عَلی مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ،وأعطِنی فی هذِهِ العَشِیَّةِ أفضَلَ ما أعطَیتَ وأنَلتَ أحَداً مِن عِبادِکَ مِن نِعمَةٍ تولیها،وآلاءٍ تُجَدِّدُها،وبَلِیَّةٍ تَصرِفُها،وکُربَةٍ تَکشِفُها،ودَعوَةٍ تَسمَعُها،وحَسَنَةٍ تَتَقَبَّلُها،وسَیِّئَةٍ تَغفِرُها،إنَّکَ لَطیفٌ خَبیرٌ،وعَلی کُلِّ شَیءٍ قَدیرٌ.
اللّهُمَّ إنَّکَ أقرَبُ مَن دُعِیَ،وأسرَعُ مَن أجابَ،وأکرَمُ مَن عَفا،وأوسَعُ مَن أعطی، وأسمَعُ مَن سُئِلَ،یا رَحمانَ الدُّنیا وَالآخِرَةِ ورَحیمَهُما،لَیسَ کَمِثلِکَ مَسؤولٌ،ولا سِواکَ مَأمولٌ،دَعَوتُکَ فَأَجَبتَنی،وسَأَلتُکَ فَأَعطَیتَنی،ورَغِبتُ إلَیکَ فَرَحِمتَنی، ووَثِقتُ بِکَ فَنَجَّیتَنی،وفَزِعتُ إلَیکَ فَکَفَیتَنی.
اللّهُمَّ صَلِّ عَلی مُحَمَّدٍ عَبدِکَ ورَسولِکَ ونَبِیِّکَ وعَلی آلِهِ الطَّیِّبینَ الطّاهِرینَ أجمَعینَ،وتَمِّم لَنا نَعماءَکَ،وهَنِّئنا عَطاءَکَ،وَاجعَلنا لَکَ شاکِرینَ،ولِآلائِکَ ذاکِرینَ، آمینَ رَبَّ العالَمینَ.
اللّهُمَّ یا مَن مَلَکَ فَقَدَرَ،وقَدَرَ فَقَهَرَ،وعُصِیَ فَسَتَرَ،وَاستُغفِرَ فَغَفَرَ،یا غایَةَ رَغبَةِ الرّاغِبینَ،ومُنتَهی أمَلِ الرّاجینَ،یا مَن أحاطَ بِکُلِّ شَیءٍ عِلماً،ووَسِعَ المُستَقیلینَ (1)رَأفَةً وحِلماً.
اللّهُمَّ إنّا نَتَوَجَّهُ إلَیکَ فی هذِهِ العَشِیَّةِ الَّتی شَرَّفتَها وعَظَّمتَها،بِمُحَمَّدٍ نَبِیِّکَ ورَسولِکَ وخِیَرَتِکَ،وأمینِکَ عَلی وَحیِکَ.
ص:214
اللّهُمَّ فَصَلِّ عَلَی البَشیرِ النَّذیرِ،السِّراجِ المُنیرِ،الَّذی أنعَمتَ بِهِ عَلَی المُسلِمینَ، وجَعَلتَهُ رَحمَةً لِلعالَمینَ.
اللّهُمَّ فَصَلِّ عَلی مُحَمَّدٍ وآلِهِ کَما مُحَمَّدٌ أهلُ ذلِکَ یا عَظیمُ،فَصَلِّ عَلَیهِ وعَلی آلِ مُحَمَّدٍ المُنتَجَبینَ الطَّیِّبینَ الطّاهِرینَ أجمَعینَ،وتَغَمَّدنا بِعَفوِکَ عَنّا،فَإِلَیکَ عَجَّتِ الأَصواتُ بِصُنوفِ اللُّغاتِ،وَاجعَل لَنا فی هذِهِ العَشِیَّةِ نَصیباً فی کُلِّ خَیرٍ تَقسِمُهُ، ونورٍ تَهدی بِهِ،ورَحمَةٍ تَنشُرُها،وعافِیَةٍ تُجَلِّلُها،وبَرَکَةٍ تُنزِلُها،ورِزقٍ تَبسُطُهُ،یا أرحَمَ الرّاحِمینَ.
اللّهُمَّ اقلِبنا فی هذَا الوَقتِ مُنجِحینَ مُفلِحینَ مَبرورینَ غانِمینَ،ولا تَجعَلنا مِنَ القانِطینَ،ولا تُخلِنا مِن رَحمَتِکَ،ولا تَحرِمنا ما نُؤَمِّلُهُ مِن فَضلِکَ،ولا تَرُدَّنا خائِبینَ،ولا مِن بابِکَ مَطرودینَ،ولا تَجعَلنا مِن رَحمَتِکَ مَحرومینَ،ولا لِفَضلِ ما نُؤَمِّلُهُ مِن عَطایاکَ قانِطینَ،یا أجوَدَ الأَجوَدینَ ویا أکرَمَ الأَکرَمینَ.
اللّهُمَّ إلَیکَ أقبَلنا موقِنینَ،ولِبَیتِکَ الحَرامِ آمّینَ قاصِدینَ،فَأَعِنّا عَلی مَنسَکِنا، وأکمِل لَنا حَجَّنا،وَاعفُ اللّهُمَّ عَنّا وعافِنا،فَقَد مَدَدنا إلَیکَ أیدِیَنا،وهِیَ بِذِلَّةِ الاِعتِرافِ مَوسومَةٌ.
اللّهُمَّ فَأَعطِنا فی هذِهِ العَشِیَّةِ ما سَأَلناکَ،وَاکفِنا مَا استَکفَیناکَ،فَلا کافِیَ لَنا سِواکَ،ولا رَبَّ لَنا غَیرُکَ،نافِذٌ فینا حُکمُکَ،مُحیطٌ بِنا عِلمُکَ،عَدلٌ فینا قَضاؤُکَ، اقضِ لَنَا الخَیرَ وَاجعَلنا مِن أهلِ الخَیرِ.
اللّهُمَّ أوجِب لَنا بِجودِکَ عَظیمَ الأَجرِ،وکَریمَ الذُّخرِ،ودَوامَ الیُسرِ،وَاغفِر لَنا ذُنوبَنا أجمَعینَ،ولا تُهلِکنا مَعَ الهالِکینَ،ولا تَصرِف عَنّا رَأفَتَکَ،بِرَحمَتِکَ یا أرحَمَ الرّاحِمینَ.
ص:215
اللّهُمَّ اجعَلنا فی هذَا الوَقتِ مِمَّن سَأَلَکَ فَأَعطَیتَهُ،وشَکَرَکَ فَزِدتَهُ،وتابَ إلَیکَ فَقَبِلتَهُ،وتَنَصَّلَ (1)إلَیکَ مِن ذُنوبِهِ فَغَفَرتَها لَهُ،یا ذَا الجَلالِ وَالإِکرامِ.
اللّهُمَّ وَفِّقنا وسَدِّدنا وَاعصِمنا وَاقبَل تَضَرُّعَنا،یا خَیرَ مَن سُئِلَ،ویا أرحَمَ مَنِ استُرحِمَ،یا مَن لا یَخفی عَلَیهِ إغماضُ الجُفونِ،ولا لَحظُ العُیونِ،ولا مَا استَقَرَّ فِی المَکنونِ،ولا مَا انطَوَت عَلَیهِ مُضمَراتُ القُلوبِ،ألا کُلُّ ذلِکَ قَد أحصاهُ عِلمُکَ، ووَسِعَهُ حِلمُکَ،سُبحانَکَ وتَعالَیتَ عَمّا یَقولُ الظّالِمونَ عُلُوّاً کَبیراً،تُسَبِّحُ لَکَ السَّماواتُ السَّبعُ وَالأَرضُ ومَن فیهنَّ،وإن مِن شَیءٍ إلّایُسَبِّحُ بِحَمدِکَ،فَلَکَ الحَمدُ وَالمَجدُ،وعُلُوُّ الجَدِّ،یا ذَا الجَلالِ وَالإِکرامِ،وَالفَضلِ وَالإِنعامِ،وَالأَیادِی الجِسامِ، وأنتَ الجَوادُ الکَریمُ،الرَّؤوفُ الرَّحیمُ،أوسِع عَلَیَّ مِن رِزقِکَ،وعافِنی فی بَدَنی ودینی،وآمِن خَوفی،وأعتِق رَقَبَتی مِنَ النّارِ.
اللّهُمَّ لا تَمکُر بی ولا تَستَدرِجنی ولا تَخذُلنی،وَادرَأ عَنّی شَرَّ فَسَقَةِ الجِنِّ وَالإِنسِ.
[ثُمَّ رَفَعَ علیه السّلام صَوتَهُ وبَصَرَهُ إلَی السَّماءِ وعَیناهُ قاطِرَتانِ کَأَنَّهُما مَزادَتانِ،وقالَ:] (2)
یا أسمَعَ السّامِعینَ،ویا أبصَرَ النّاظِرینَ،ویا أسرَعَ الحاسِبینَ،ویا أرحَمَ الرّاحِمینَ،صَلِّ عَلی مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ،وأسأَلُکَ اللّهُمَّ حاجَتِیَ الَّتی إن أعطَیتَنیها لَم یَضُرَّنی ما مَنَعتَنی،وإن مَنَعتَنیها لَم یَنفَعنی ما أعطَیتَنی،أسأَلُکَ فَکاکَ رَقَبَتی مِنَ النّارِ،لا إلهَ إلّاأنتَ وَحدَکَ لا شَریکَ لَکَ،لَکَ المُلکُ ولَکَ الحَمدُ،وأنتَ عَلی کُلِّ شَیءٍ قَدیرٌ،یا رَبِّ یا رَبِّ یا رَبِّ! (3)
ص:216
إلهی! أنَا الفَقیرُ فی غِنایَ،فَکَیفَ لا أکونُ فَقیراً فی فَقری؟
إلهی! أنَا الجاهِلُ فی عِلمی،فَکَیفَ لا أکونُ جَهولاً فی جَهلی؟
إلهی! إنَّ اختِلافَ تَدبیرِکَ،وسُرعَةَ طَواءِ مَقادیرِکَ،مَنَعا عِبادَکَ العارِفینَ بِکَ عَنِ السُّکونِ إلی عَطاءٍ،وَالیَأسِ مِنکَ فی بَلاءٍ.
إلهی! مِنّی ما یَلیقُ بِلُؤمی،ومِنکَ ما یَلیقُ بِکَرَمِکَ.
إلهی! وَصَفتَ نَفسَکَ بِاللُّطفِ وَالرَّأفَةِ لی قَبلَ وُجودِ ضَعفی،أفَتَمنَعُنی مِنهُما بَعدَ وُجودِ ضَعفی؟
إلهی! إن ظَهَرَتِ المَحاسِنُ مِنّی فَبِفَضلِکَ،ولَکَ المِنَّةُ عَلَیَّ،وإن ظَهَرَتِ المَساوِئُ مِنّی فَبِعَدلِکَ،ولَکَ الحُجَّةُ عَلَیَّ.
إلهی! کَیفَ تَکِلُنی،وقَد تَوَکَّلتَ لی؟وکَیفَ اضامُ (1)،وأنتَ النّاصِرُ لی؟أم کَیفَ أخیبُ،وأنتَ الحَفِیُّ (2)بی؟
ها أنَا أتَوَسَّلُ إلَیکَ بِفَقری إلَیکَ،وکَیفَ أتَوَسَّلُ إلَیکَ بِما هُوَ مَحالٌ أن یَصِلَ إلَیکَ؟أم کَیفَ أشکو إلَیکَ حالی،وهُوَ لا یَخفی عَلَیکَ؟أم کَیفَ اتَرجِمُ بِمَقالی،
ص:217
وهُوَ مِنکَ،بَرَزٌ إلَیکَ؟أم کَیفَ تُخَیِّبُ آمالی،وهِیَ قَد وَفَدَت إلَیکَ؟أم کَیفَ لا تُحِسنُ أحوالی،وبِکَ قامَت؟
إلهی! ما ألطَفَکَ بی مَعَ عَظیمِ جَهلی ! وما أرحَمَکَ بی مَعَ قَبیحِ فِعلی !
إلهی! ما أقرَبَکَ مِنّی وأبعَدَنی عَنکَ ! وما أرأَفَکَ بی،فَمَا الَّذی یَحجُبُنی عَنکَ؟
إلهی! عَلِمتُ بِاختِلافِ الآثارِ،وتَنَقُّلاتِ الأَطوارِ،أنَّ مُرادَکَ مِنّی أن تَتَعَرَّفَ إلَیَّ فی کُلِّ شَیءٍ،حَتّی لا أجهَلَکَ فی شَیءٍ.
إلهی! کُلَّما أخرَسَنی لُؤمی أنطَقَنی کَرَمُکَ،وکُلَّما آیَسَتنی أوصافی أطمَعَتنی مِنَنُکَ.
إلهی! مَن کانَت مَحاسِنُهُ مَساوِیَ،فَکَیفَ لا تَکونُ مَساویهِ مَساوِیَ؟ومَن کانَت حَقایِقُهُ دَعاوِیَ،فَکَیفَ لا تَکونُ دَعاویهِ دَعاوِیَ؟
إلهی! حُکمُکَ النّافِذُ،ومَشِیَّتُکَ القاهِرَةُ،لَم یَترُکا لِذی مَقالٍ مَقالاً،ولا لِذی حالٍ حالاً.
إلهی! کَم مِن طاعَةٍ بَنَیتُها،وحالَةٍ شَیَّدتُها،هَدَمَ اعتِمادی عَلَیها عَدلُکَ،بل أقالَنی مِنها فَضلُکَ.
إلهی! إنَّکَ تَعلَمُ أنّی وإن لَم تَدُمِ الطّاعَةُ مِنّی فِعلاً جَزماً،فَقَد دامَت مَحَبَّةً وعَزماً.
إلهی! کَیفَ أعزِمُ وأنتَ القاهِرُ؟وکَیفَ لا أعزِمُ وأنتَ الآمِرُ؟
إلهی! تَرَدُّدی فِی الآثارِ یوجِبُ بُعدَ المَزارِ،فَاجمَعنی عَلَیکَ بِخِدمَةٍ توصِلُنی إلَیکَ.
کَیفَ یُستَدَلُّ عَلَیکَ بِما هُوَ فی وُجودِهِ مُفتَقِرٌ إلَیکَ،أیَکونُ لِغَیرِکَ مِنَ الظُّهورِ ما لَیسَ لَکَ،حَتّی یَکونَ هُوَ المُظهِرَ لَکَ؟مَتی غِبتَ حَتّی تَحتاجَ إلی دَلیلٍ یَدُلُّ
ص:218
عَلَیکَ؟ومَتی بَعِدتَ حَتّی تَکونَ الآثارُ هِیَ الَّتی توصِلُ إلَیکَ؟عَمِیَت عَینٌ لا تَراکَ (1)عَلَیها رَقیباً،وخَسِرَت صَفقَةُ عَبدٍ لَم تَجعَل لَهُ مِن حُبِّکَ نَصیباً.
إلهی! أمَرتَ بِالرُّجوعِ إلَی الآثارِ،فَارجِعنی إلَیکَ بِکِسوَةِ الأَنوارِ،وهِدایَةِ الاِستِبصارِ،حَتّی أرجِعَ إلَیکَ مِنها کَما دَخَلتُ إلَیکَ مِنها؛مَصونَ السِّرِّ عَنِ النَّظَرِ إلَیها،ومَرفوعَ الهِمَّةِ عَنِ الاِعتِمادِ عَلَیها،إنَّکَ عَلی کُلِّ شَیءٍ قَدیرٌ.
إلهی! هذا ذُلّی ظاهِرٌ بَینَ یَدَیکَ،وهذا حالی لا یَخفی عَلَیکَ،مِنکَ أطلُبُ الوُصولَ إلَیکَ،وبِکَ أستَدِلُّ عَلَیکَ،فَاهدِنی بِنورِکَ إلَیکَ،وأقِمنی بِصِدقِ العُبودِیَّةِ بَینَ یَدَیکَ.
إلهی! عَلِّمنی مِن عِلمِکَ المَخزونِ،وصُنّی بِسِرِّکَ المَصونِ.
إلهی! حَقِّقنی بِحَقایِقِ أهلِ القُربِ،وَاسلُک بی مَسلَکَ أهلِ الجَذبِ.
إلهی! أغنِنی بِتَدبیرِکَ لی عَن تَدبیری،وبِاختِیارِکَ عَنِ اختِیاری،وأوقِفنی عَلی مَراکِزِ اضطِراری.
إلهی! أخرِجنی مِن ذُلِّ نَفسی،وطَهِّرنی مِن شَکّی وشِرکی،قَبلَ حُلولِ رَمسی (2).
بِکَ أنتَصِرُ فَانصُرنی،وعَلَیکَ أتَوَکَّلُ فَلا تَکِلنی،وإیّاکَ أسأَلُ فَلا تُخَیِّبنی،وفی فَضلِکَ أرغَبُ فَلا تَحرِمنی،وبِجَنابِکَ أنتَسِبُ فَلا تُبعِدنی،وبِبابِکَ أقِفُ فَلا تَطرُدنی.
إلهی! تَقَدَّسَ رِضاکَ أن تَکونَ لَهُ عِلَّةٌ مِنکَ،فَکَیفَ یَکونُ لَهُ عِلَّةٌ مِنّی؟
إلهی! أنتَ الغَنِیُّ بِذاتِکَ أن یَصِلَ إلَیکَ النَّفعُ مِنکَ،فَکَیفَ لا تَکونُ غَنِیّاً عَنّی؟
إلهی! إنَّ القَضاءَ وَالقَدَرَ یُمَنّینی،وإنَّ الهَوی (3)بِوَثائِقِ الشَّهوَةِ أسَرَنی،فَکُن أنتَ
ص:219
النَّصیرَ لی حَتّی تَنصُرَنی وتُبَصِّرَنی،وأغنِنی بِفَضلِکَ حَتّی أستَغنِیَ بِکَ عَن طَلَبی.
أنتَ الَّذی أشرَقتَ الأَنوارَ فی قُلوبِ أولِیائِکَ حَتّی عَرَفوکَ ووَحَّدوکَ،وأنتَ الَّذی أزَلتَ الأَغیارَ عَن قُلوبِ أحِبّائِکَ حَتّی لَم یُحِبّوا سِواکَ،ولَم یَلجَؤوا إلی غَیرِکَ.
أنتَ المونِسُ لَهُم حَیثُ أوحَشَتهُمُ العَوالِمُ،وأنتَ الَّذی هَدَیتَهُم حَیثُ استَبانَت لَهُمُ المَعالِمُ.
ماذا وَجَدَ مَن فَقَدَکَ؟ومَا الَّذی فَقَدَ مَن وَجَدَکَ؟لَقَد خابَ مَن رَضِیَ دونَکَ بَدَلاً، ولَقَد خَسِرَ مَن بَغی عَنکَ مُتَحَوِّلاً.
کَیفَ یُرجی سِواکَ وأنتَ ما قَطَعتَ الإِحسانَ؟وکَیفَ یُطلَبُ مِن غَیرِکَ وأنتَ ما بَدَّلتَ عادَةَ الاِمتِنانِ؟
یا مَن أذاقَ أحِبّاءَهُ حَلاوَةَ المُؤانَسَةِ فَقاموا بَینَ یَدَیهِ مُتَمَلِّقینَ،ویا مَن ألبَسَ أولِیاءَهُ مَلابِسَ هَیبَتِهِ فَقاموا بَینَ یَدَیهِ مُستَغفِرینَ،أنتَ الذّاکِرُ قَبلَ الذّاکِرینَ،وأنتَ البادی بِالإِحسانِ قَبلَ تَوَجُّهِ العابِدینَ،وأنتَ الجَوادُ بِالعَطاءِ قَبلَ طَلَبِ الطّالِبینَ، وأنتَ الوَهّابُ ثُمَّ لِما وَهَبتَ لَنا مِنَ المُستَقرِضینَ.
إلهی! اطلُبنی بِرَحمَتِکَ حَتّی أصِلَ إلَیکَ،وَاجذِبنی بِمَنِّکَ حَتّی اقبِلَ عَلَیکَ.
إلهی! إنَّ رَجائی لا یَنقَطِعُ عَنکَ وإن عَصَیتُکَ،کَما أنَّ خَوفی لا یُزایِلُنی وإن أطَعتُکَ،فَقَد رَفَعَتنی (/دفَعَتنی) العَوالِمُ إلَیکَ،وقَد أوقَعَنی عِلمی بِکَرَمِکَ عَلَیکَ.
إلهی! کَیفَ أخیبُ وأنتَ أمَلی؟أم کَیفَ اهانُ وعَلَیکَ مُتَّکَلی؟
إلهی! کَیفَ أستَعِزُّ وفِی الذِّلَّةِ أرکَزتَنی؟أم کَیفَ لا أستَعِزُّ وإلَیکَ نَسَبتَنی؟
إلهی! کَیفَ لا أفتَقِرُ وأنتَ الَّذی فِی الفُقَراءِ أقَمتَنی؟أم کَیفَ أفتَقِرُ وأنتَ الَّذی بِجودِکَ أغنَیتَنی؟
وأنتَ الَّذی لا إلهَ غَیرُکَ؛تَعَرَّفتَ لِکُلِّ شَیءٍ فَما جَهِلَکَ شَیءٌ،وأنتَ الَّذی تَعَرَّفتَ
ص:220
إلَیَّ فی کُلِّ شَیءٍ فَرَأَیتُکَ ظاهِراً فی کُلِّ شَیءٍ،وأنتَ الظّاهِرُ لِکُلِّ شَیءٍ.
یا مَنِ استَوی بِرَحمانِیَّتِهِ فَصارَ العَرشُ غَیباً فی ذاتِهِ،مَحَقتَ الآثارَ بِالآثارِ، ومَحَوتَ الأَغیارَ بِمُحیطاتِ أفلاکِ الأَنوارِ.
یا مَنِ احتَجَبَ فی سُرادِقاتِ (1)عَرشِهِ عَن أن تُدرِکَهُ الأَبصارُ،یا مَن تَجَلّی بِکَمالِ بَهائِهِ فَتَحَقَّقَت عَظَمَتُهُ [مِنَ] (2)الاِستِواءِ،کَیفَ تَخفی وأنتَ الظّاهِرُ؟أم کَیفَ تَغیبُ وأنتَ الرَّقیبُ الحاضِرُ؟إنَّکَ عَلی کُلِّ شَیءٍ قَدیرٌ.وَالحَمدُ للّهِ ِ وَحدَهُ. (3)
ص:221
یبدو أنّ القسم الثانی من دعاء عرفة-والذی یبدأ بقوله«إلهی أنا الفقیر»إلی آخر الدعاء-غیر منسجم مضموناً مع القسم الأوّل منه.ولمّا کان المصدر الوحید لهذا المقطع هو کتاب الإقبال للسیّد ابن طاووس،ومع ذلک فإنّه لم یرد فی بعض النسخ القدیمة منه،حیث أورد العلّامة المجلسی هذا الدعاء نقلاً عن هذا المصدر ولیس فیه الفقرة المذکورة،فقد ذهب جمع من الفضلاء إلی أنّه لیس من دعاء الإمام الحسین علیه السّلام،وإنّما هو من إضافات الصوفیّة.
یقول العلّامة المجلسی فی بحار الأنوار :
أقول:قد أورد الکفعمی-ره-أیضاً هذا الدعاء فی البلد الأمین وابن طاووس فی مصباح الزائر کما سبق ذکرهما،ولکن لیس فی آخره فیهما بقدر ورق تقریباً، وهو من قوله:«إلهی أنا الفقیر فی غنای»إلی آخر هذا الدعاء،وکذا لم یوجد هذه الورقة فی بعض النسخ العتیقة من الإقبال أیضاً،وعبارات هذه الورقة لا تلائم سیاق أدعیة السادة المعصومین أیضاً،وإنّما هی علی وفق مذاق الصوفیّة،ولذلک قد مال بعض الأفاضل إلی کون هذه الورقة من مزیدات بعض مشایخ الصوفیّة، ومن إلحاقاته وإدخالاته.
وبالجملة،هذه الزیادة إمّا وقعت من بعضهم أوّلاً فی بعض الکتب وأخذ ابن طاووس عنه فی الإقبال غفلة عن حقیقة الحال،أو وقعت ثانیاً من بعضهم فی نفس
ص:222
کتاب الإقبال ،ولعلّ الثانی أظهر علی ما أومأنا إلیه من عدم وجدانها فی بعض النسخ العتیقة وفی مصباح الزائر ،واللّه أعلم بحقائق الأحوال. (1)
وبناءً علی ذلک،فإنّه یشکل نسبة هذا المقطع إلی الإمام علیه السّلام (2)،إلّاإذا حصل الاطمئنان بصدوره من المعصوم لقوّة مضامینه،کما نقل لی ذلک العالم الربّانی الشیخ علیّ سعادت برور (بهلوانی) رضوان اللّه تعالی علیه عن العلّامة السیّد محمّد حسین الطباطبائی،حیث قال:
من الّذی یقدر علی بیان مثل هذه الحقائق؟! لقد اشتغلنا عمراً فی المسائل الفلسفیة والعرفانیة ونحن نعجز عن مثل هذا الکلام!.
وأمّا ما أفاده العلاّمة المجلسی من عدم انسجام عبارات الدعاء مع سیاق أدعیة المعصومین علیهم السّلام،فإنّه وإن کان یصدق علی أکثر الأدعیة المرویة عنهم،إلّاأنّه لا یصدق علی بعضها کالمناجاة الشعبانیة.
وعلی کلّ حال،فإنّه ینبغی هنا أن نقول ما قاله العلّامة المجلسی فی ذیل کلامه:
«واللّه أعلم بحقائق الأحوال».
ص:223
4092.مهج الدعوات عن الإمام الحسین علیه السّلام -فی دُعاءٍ لَهُ إذا أصبَحَ وأمسی-:بِسمِ اللّهِ الرَّحمنِ الرَّحیمِ،بِسمِ اللّهِ وبِاللّهِ،ومِنَ اللّهِ،وإلَی اللّهِ،وفی سَبیلِ اللّهِ،وعَلی مِلَّةِ رَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله، وتَوَکَّلتُ عَلَی اللّهِ،ولا حَولَ ولا قُوَّةَ إلّابِاللّهِ العَلِیِّ العَظیمِ.
اللّهُمَّ إنّی أسلَمتُ نَفسی إلَیکَ،ووَجَّهتُ وَجهی إلَیکَ،وفَوَّضتُ أمری إلَیکَ،إیّاکَ أسأَلُ العافِیَةَ مِن کُلِّ سوءٍ فِی الدُّنیا وَالآخِرَةِ.
اللّهُمَّ إنَّکَ تَکفینی مِن کُلِّ أحَدٍ،ولا یَکفینی أحَدٌ مِنکَ،فَاکفِنی مِن کُلِّ أحَدٍ ما أخافُ وأحذَرُ،وَاجعَل لی مِن أمری فَرَجاً ومَخرَجاً،إنَّکَ تَعلَمُ ولا أعلَمُ،وتَقدِرُ ولا أقدِرُ،وأنتَ عَلی کُلِّ شَیءٍ قَدیرٌ،بِرَحمَتِکَ یا أرحَمَ الرّاحِمینَ. (1)
4093.الدعوات عن علیّ بن الحسین علیهما السّلام: حَدَّثَنی أبی عَن جَدّی صلّی اللّه علیه و آله:أنَّهُ کانَ إذا صَلَّی الغَداةَ وَانفَتَلَ (2)،لا یَتَکَلَّمُ حَتّی یَأخُذَ سُبحَةً بَینَ یَدَیهِ فَیَقولُ:«اللّهُمَّ إنّی أصبَحتُ اسَبِّحُکَ واُحَمِّدُکَ واُهَلِّلُکَ واُکَبِّرُکَ واُمَجِّدُکَ بِعَدَدِ ما ادیرُ بِهِ سُبحَتی»،ویَأخُذُ السُّبحَةَ فی یَدِهِ ویُدیرُها وهُوَ یَتَکَلَّمُ بِما یُریدُ مِن غَیرِ أن یَتَکَلَّمَ بِالتَّسبیحِ،وذَکَرَ أنَّ ذلِکَ مُحتَسَبٌ لَهُ،وهُوَ حِرزٌ إلی أن یَأوِیَ إلی فِراشِهِ،فَإِذا أوی إلی فِراشِهِ،قالَ مِثلَ ذلِکَ القَولِ ووَضَعَ سُبحَتَهُ تَحتَ رَأسِهِ،فَهِیَ مَحسوبَةٌ لَهُ مِنَ الوَقتِ إلَی الوَقتِ. (3)
ص:224
4094.مُهج الدعوات بإسناده عن الإمام الحسین علیه السّلام: قالَ لی عَلِیُّ بنُ أبی طالِبٍ علیه السّلام:یا بُنَیَّ،إنَّهُ لابُدَّ مِن أن تَمضِیَ مَقادیرُ اللّهِ وأحکامُهُ عَلی ما أحَبَّ وقَضی،وسَیُنفِذُ اللّهُ قَضاءَهُ وقَدَرَهُ وحُکمَهُ فیکَ،فَعاهِدنی ألّا تَلفِظَ بِکَلامٍ اسِرُّهُ إلَیکَ حَتّی أموتَ،وبَعدَ مَوتی بِاثنَی عَشَرَ شَهراً،واُخبِرُکَ بِخَبَرٍ أصلُهُ عَنِ اللّهِ:تَقولُ غُدوَةً وعَشِیَّةً...:
سُبحانَ اللّهِ،وَالحَمدُ للّهِ ِ،ولا إلهَ إلَّااللّهُ،وَاللّهُ أکبَرُ،ولا حَولَ ولا قُوَّةَ إلّابِاللّهِ العَلِیِّ العَظیمِ،سُبحانَ اللّهِ فِی آناءِ اللَّیلِ وأطرافِ النَّهارِ،سُبحانَ اللّهِ بِالغُدُوِّ وَالآصالِ، سُبحانَ اللّهِ بِالعَشِیِّ وَالإِبکارِ،سُبحانَ اللّهِ حینَ تُمسونَ وحینَ تُصبِحونَ،ولَهُ الحَمدُ فِی السَّماواتِ وَالأَرضِ وعَشِیّاً وحینَ تُظهِرونَ،یُخرِجُ الحَیَّ مِنَ المَیِّتِ ویُخرِجُ المَیِّتَ مِنَ الحَیِّ،ویُحیِی الأَرضَ بَعدَ مَوتِها وکَذلِکَ تُخرَجونَ،سُبحانَ رَبِّکَ رَبِّ العِزَّةِ عَمّا یَصِفونَ،وسَلامٌ عَلَی المُرسَلینَ،وَالحَمدُ للّهِ ِ رَبِّ العالَمینَ،ولا حَولَ ولا قُوَّةَ إلّابِاللّهِ العَلِیِّ العَظیمِ.
سُبحانَ ذِی المُلکِ وَالمَلَکوتِ،سُبحانَ ذِی العِزَّةِ وَالعَظَمَةِ وَالجَبَروتِ (1)،سُبحانَ المَلِکِ الحَقِّ القُدّوسِ،سُبحانَ المَلِکِ الحَیِّ الَّذی لا یَموتُ،سُبحانَ القائِمِ الدّائِمِ، سُبحانَ الحَیِّ القَیّومِ،سُبحانَ العَلِیِّ الأَعلی،سُبحانَهُ وتَعالی،سُبّوحٌ قُدّوسٌ رَبُّ المَلائِکَةِ وَالرّوحِ.
ص:225
اللّهُمَّ إنّی أصبَحتُ مِنکَ فی نِعمَةٍ وعافِیَةٍ،فَأَتمِم عَلَیَّ نِعمَتَکَ وعافِیَتَکَ لی بِالنَّجاةِ مِنَ النّارِ،وَارزُقنی شُکرَکَ وعافِیَتَکَ أبَداً ما أبقَیتَنی.
اللّهُمَّ بِنورِکَ اهتَدَیتُ،وبِنِعمَتِکَ أصبَحتُ وأمسَیتُ،وأصبَحتُ اشهِدُکَ وکَفی بِکَ شَهیداً،واُشهِدُ مَلائِکَتَکَ وحَمَلَةَ عَرشِکَ وأنبِیاءَکَ ورُسُلَکَ وجَمیعَ خَلقِکَ، وسَماواتِکَ وأرضَکَ،أنَّکَ أنتَ اللّهُ لا إلهَ إلّاأنتَ وَحدَکَ لا شَریکَ لَکَ،وأنَّ مُحَمّداً صَلَواتُکَ عَلَیهِ وآلِهِ عَبدُکَ ورَسولُکَ،وأنَّکَ عَلی کُلِّ شَیءٍ قَدیرٌ،تُحیی وتُمیتُ،وتُمیتُ وتُحیی،وأشهَدُ أنَّ الجَنَّةَ حَقٌّ،وَالنّارَ حَقٌّ،وأنَّ الّساعَةَ آتِیَةٌ لا رَیبَ فیها،وأنَّ اللّهَ یَبعَثُ مَن فِی القُبورِ،وأشهَدُ أنَّ عِلیَّ بنَ أبی طالِبٍ علیه السّلام وَالحَسَنَ وَالحُسَینَ وعَلِیَّ بنَ الحُسَینِ ومُحَمَّدَ بنَ عَلِیٍّ وجَعفَرَ بنَ مُحَمَّدٍ وموسَی بنَ جَعفَرٍ وعَلِیَّ بنَ موسی ومُحَمَّدَ بنَ عَلِیٍّ وعَلِیَّ بنَ مُحَمَّدٍ وَالحَسَنَ بنَ عَلِیٍّ وَالإِمامَ مِن وُلِدِ الحَسَنِ بنِ عَلِیٍّ (1)الأَئِمَّةُ الهُداةُ المَهدِیّونَ،غَیرُ الضّالّینَ ولَا المُضِلّینَ،وأنَّهُم أولِیاؤُکَ المُصطَفَونَ،وحِزبُکَ الغالِبونَ،وصَفوَتُکَ وخِیَرَتُکَ مِن خَلقِکَ،ونُجَباؤُکَ الَّذینَ انتَجَبتَهُم لِوِلایَتِکَ،وَاختَصَصتَهُم مِن خَلقِکَ،وَاصطَفَیتَهُم عَلی عِبادِکَ،وجَعَلتَهُم حُجَّةً عَلی خَلقِکَ،صَلَواتُکَ عَلَیهِم وَالسَّلامُ.
اللّهُمَّ اکتُب لی هذِهِ الشَّهادَةَ عِندَکَ حَتّی تُلَقِّیَنیها وأنتَ عَنّی راضٍ یَومَ القِیامَةِ، وقَد رَضیتَ عَنّی،إنَّکَ عَلی کُلِّ شَیءٍ قَدیرٌ.
اللّهُمَّ لَکَ الحَمدُ حَمداً تَضَعُ لَکَ السَّماءُ کَنَفَیها (2)،وتُسَبِّحُ لَکَ الأَرضُ ومَن عَلَیها، ولَکَ الحَمدُ حَمداً یَصعَدُ ولا یَنفَدُ (3)،وحَمداً یَزیدُ ولا یَبیدُ،سَرمَداً (4)مَدَداً،لَاانقِطاعَ لَهُ ولا نَفادَ أبَداً،حَمداً یَصعَدُ أوَّلُهُ ولا یَنفَدُ آخِرُهُ،ولَکَ الحَمدُ عَلَیَّ ومَعِیَ وفِیَّ
ص:226
وقَبلی وبَعدی وأمامی ولَدَیَّ،وإذا مِتُّ وفَنیتُ وبَقیتُ،یا مَولایَ؛فَلَکَ الحَمدُ إذا نُشِرتُ وبُعِثتُ،ولَکَ الحَمدُ وَالشُّکرُ بِجَمیعِ مَحامِدِکَ کُلِّها عَلی جَمیعِ نَعمائِکَ کُلِّها، ولَکَ الحَمدُ عَلی کُلِّ عِرقٍ ساکِنٍ،وعَلی کُلِّ أکلَةٍ وشَربَةٍ،وبَطشَةٍ وحَرَکَةٍ،ونَومَةٍ ویَقَظَةٍ،ولَحظَةٍ وطَرفَةٍ ونَفَسٍ،وعَلی کُلِّ مَوضِعِ شَعرَةٍ.
اللّهُمَّ لَکَ الحَمدُ کُلُّهُ،ولَکَ المُلکُ کُلُّهُ،وبِیَدِکَ الخَیرُ کُلُّهُ،عَلانِیَتُهُ وسِرُّهُ،وأنتَ مُنتَهَی الشَّأنِ کُلِّهِ.
اللّهُمَّ لَکَ الحَمدُ عَلی حِلمِکَ بَعدَ عِلمِکَ،ولَکَ الحَمدُ عَلی عَفوِکَ بَعدَ قُدرَتِکَ.
اللّهُمَّ لَکَ الحَمدُ باعِثَ الحَمدِ،ووارِثَ الحَمدِ،وبَدیعَ الحَمدِ،ومُبتَدِعَ الحَمدِ، ووافِیَ العَهدِ،وصادِقَ الوَعدِ،وعَزیزَ الجُندِ،قَدیمَ المَجدِ.
اللّهُمَّ لَکَ الحَمدُ،مُجیبَ الدَّعَواتِ،رَفیعَ الدَّرَجاتِ،مُنزِلَ الآیاتِ مِن فَوقِ سَبعِ سَماواتٍ،مُخرِجَ النّورِ مِنَ الظُّلُماتِ،مُبَدِّلَ السَّیِّئاتِ حَسَناتٍ،وجاعِلَ الحَسَناتِ دَرَجاتٍ.
اللّهُمَّ لَکَ الحَمدُ غافِرَ الذَّنبِ،وقابِلَ التَّوبِ،شَدیدَ العِقابِ،ذَا الطَّولِ،لا إلهَ إلّا أنتَ إلَیکَ المَصیرُ.
اللّهُمَّ لَکَ الحَمدُ فِی اللَّیلِ إذا یَغشی،ولَکَ الحَمدُ فِی النَّهارِ إذا تَجَلّی،ولَکَ الحَمدُ فِی الآخِرَةِ وَالاُولی،ولَکَ الحَمدُ عَدَدَ کُلِّ نَجمٍ ومَلَکٍ فِی السَّماءِ،ولَکَ الحَمدُ عَدَدَ کُلِّ قَطرَةٍ نَزَلَت مِنَ السَّماءِ إلَی الأَرضِ،ولَکَ الحَمدُ عَدَدَ کُلِّ قَطرَةٍ فِی البِحارِ وَالأَودِیَةِ وَالأَنهارِ،ولَکَ الحَمدُ عَدَدَ الشَّجَرِ وَالوَرَقِ،وَالحَصی وَالثَّری،وَالجِنِّ وَالإِنسِ،وَالبَهائِمِ وَالطَّیرِ،وَالوُحوشِ وَالأَنعامِ،وَالسِّباعِ وَالهَوامِّ،ولَکَ الحَمدُ عَدَدَ ما أحصی کِتابُکُ،وأحاطَ بِهِ عِلمُکَ،حَمداً کَثیراً دائِماً مُبارَکاً فیهِ أبَداً.
لا إلهَ إلَّااللّهُ وَحدَهُ لا شَریکَ لَهُ،لَهُ المُلکُ ولَه الحَمدُ،یُحیی ویُمیتُ،ویُمیتُ
ص:227
ویُحیی،وهُوَ حَیٌّ لا یَموتُ،بِیَدِهِ الخَیرُ وهُوَ عَلی کُلِّ شَیءٍ قَدیرٌ-عَشرَ مَرّاتٍ.
أستَغفِرُ اللّهَ الَّذی لا إلهَ إلّاهُوَ الحَیُّ القَیّومُ وأتوبُ إلَیهِ-عَشرَ مَرّاتٍ-.
«یا اللّهُ یا اللّهُ»عَشراً،«یا رَحمانُ یا رَحمانُ»عَشراً،«یا رَحیمُ یا رَحیمُ» عَشراً،«یا بَدیعَ السَّماواتِ وَالأَرضِ،یا ذَا الجَلالِ وَالإِکرامِ»عَشراً،«یا حَنّانُ (1)یا مَنّانُ (2)»عَشراً،«یا حَیُّ یا قَیّومُ»عَشراً،«یا لا إلهَ إلّاأنتَ»عَشراً،«اللّهُمَّ صَلِّ عَلی مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ»عَشراً،«بِسمِ اللّهِ الرَّحمنِ الرَّحیمِ»عَشراً،«آمینَ آمینَ»عَشراً، افعَل بی کَذا وکَذا.
وتَقولُ هذا بَعدَ الصُّبحِ مَرَّةً،وبَعدَ العَصرِ اخری،ثُمَّ تَدعو بِما شِئتَ. (3)
4095.الدعاء للطبرانی عن أبی مجلز: عَن حُسَینِ بنِ عَلِیٍّ علیه السّلام أَنَّهُ رَأی رَجُلاً رَکِبَ دابَّةً فَقالَ:
«سُبْحانَ الَّذِی سَخَّرَ لَنا هذا وَ ما کُنّا لَهُ مُقْرِنِینَ» 4 .
فَقالَ لَهُ الحُسَینُ بنُ عَلِیٍّ علیه السّلام:وبِهذا امِرتَ؟
قالَ:فَکَیفَ أقولُ؟
ص:228
قالَ:تَقولُ:«الحَمدُ للّهِ ِ الَّذی هَدانی لِلإِسلامِ،ومَنَّ عَلَیَّ بِمُحَمَّدٍ صلّی اللّه علیه و آله،وجَعَلَنی فی خَیرِ امَّةٍ اخرِجَت لِلنّاسِ»،فَهذِهِ النِّعمَةُ.
فَقالَ:تَبدَأُ بِهذا لِقَولِهِ عز و جل: «ثُمَّ تَذْکُرُوا نِعْمَةَ رَبِّکُمْ إِذَا اسْتَوَیْتُمْ عَلَیْهِ وَ تَقُولُوا سُبْحانَ الَّذِی سَخَّرَ لَنا هذا وَ ما کُنّا لَهُ مُقْرِنِینَ» . (1)
4096.الإرشاد عن الربیع: کُنتُ رَأَیتُ جَعفَرَ بنَ مُحَمَّدٍ علیه السّلام حینَ دَخَلَ عَلَی المَنصورِ یُحَرِّکُ شَفَتَیهِ،فَکُلَّما حَرَّکَهُما سَکَنَ غَضَبُ المَنصورِ،حَتّی أدناهُ مِنهُ وقَد رَضِیَ عَنهُ.
فَلَمّا خَرَجَ أبو عَبدِ اللّهِ علیه السّلام مِن عِندِ أبی جَعفَرٍ [المَنصورِ] اتَّبعتُهُ،فَقُلتُ:إنَّ هذَا الرَّجُلَ کانَ مِن أشَدِّ النّاسِ غَضَباً عَلَیکَ،فَلَمّا دَخَلتَ عَلَیهِ دَخَلتَ وأنتَ تُحَرِّکُ شَفَتَیکَ،وکُلَّما حَرَّکتَهُما سَکَنَ غَضَبُهُ،فَبِأَیِّ شَیءٍ کُنتَ تُحَرِّکُهُما؟!
قالَ:بِدُعاءِ جَدِّی الحُسَینِ بنِ عَلِیٍّ علیه السّلام.
قُلتُ:جُعِلتُ فِداکَ،وما هذَا الدُّعاءُ؟
قالَ:«یا عُدَّتی عِندَ شِدَّتی،ویا غَوثی عِندَ کُربَتی،اُحرُسنی بِعَینِکَ الَّتی لا تَنامُ، وَاکنُفنی بِرُکنِکَ الَّذی لا یُرامُ».
فَحَفِظتُ هذَا الدُّعاءَ،فَما نَزَلَت بی شِدَّةٌ قَطُّ إلّادَعَوتُ بِهِ فَفُرِّجَ عَنّی. (2)
ص:229
4097.الأمالی للطوسی بإسناده عن الحسین بن علیّ عن علیّ بن أبی طالب علیهما السّلام: شَکَوتُ إلی رَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله دَیناً کانَ عَلَیَّ،فَقالَ:یا عَلِیُّ! قُل:«اللّهُمَّ أغنِنی بِحَلالِکَ عَن حَرامِکَ، وبِفَضلِکَ عَمَّن سِواکَ»،فَلَو کانَ عَلَیکَ مِثلُ صَبیرٍ دَیناً قَضاهُ اللّهُ عَنکَ.وصَبیرٌ:جَبَلٌ بِالیَمَنِ،لَیسَ بِالیَمَنِ جَبَلٌ أجَلَّ ولا أعظَمَ مِنهُ. (1)
4098.مسند أبی یعلی عن طلحة بن عبید اللّه عن الحسین بن علیّ علیه السّلام: قالَ رَسولُ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله:أمانُ امَّتی مِنَ الغَرَقِ إذا رَکِبوا أن یَقولوا: «بِسْمِ اللّهِ مَجْراها وَ مُرْساها إِنَّ رَبِّی لَغَفُورٌ رَحِیمٌ» 2 ، «وَ ما قَدَرُوا اللّهَ حَقَّ قَدْرِهِ» 3 الآیَةَ. (2)
4099.دعائم الإسلام عن الحسین بن علیّ علیه السّلام: قالَ رَسولُ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله:أمانٌ لِاُمَّتی مِنَ الغَرَقِ إذا رَکِبوا فِی الفُلکِ قالوا:بِسمِ اللّهِ الرَّحمنِ الرَّحیمِ «وَ ما قَدَرُوا اللّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَ الْأَرْضُ جَمِیعاً قَبْضَتُهُ یَوْمَ الْقِیامَةِ وَ السَّماواتُ مَطْوِیّاتٌ بِیَمِینِهِ سُبْحانَهُ وَ تَعالی عَمّا یُشْرِکُونَ» 5 ،
ص:230
«بِسْمِ اللّهِ مَجْراها وَ مُرْساها إِنَّ رَبِّی لَغَفُورٌ رَحِیمٌ» . (1)
4100.مهج الدعوات: مَروِیٌّ عَنِ مَولانَا الحُسَینِ بنِ عَلِیٍّ علیه السّلام الدُّعاءُ المَعروفُ بِدُعاءِ الشّابِّ المَأخوذِ بِذَنبِهِ،وما رُوِیَ عَن جَماعَةٍ یُسنِدونَ الحَدیثَ إلَی الحُسَینِ بنِ عَلِیٍّ علیه السّلام قالَ:
کُنتُ مَعَ عَلِیِّ بنِ أبی طالِبٍ علیه السّلام فِی الطَّوافِ فی لَیلَةٍ دَیجوجِیَّةٍ (2)قَلیلَةِ النّورِ،وقَد خَلَا الطَّوافُ،ونامَ الزُّوّارُ،وهَدَأَتِ العُیونُ،إذ سَمِعَ مُستَغیثاً مُستَجیراً مُتَرَحِّماً (3)، بِصَوتٍ حَزینٍ مَحزونٍ مِن قَلبٍ موجَعٍ،وهُوَ یَقولُ:
یا مَن یُجیبُ دُعَا المُضطَرِّ فِی الظُّلَمِ یا کاشِفَ الضُّرِّ وَالبَلوی مَعَ السَّقَمِ
قَد نامَ وَفدُکَ حَولَ البَیتِ وَانتَبَهوا یَدعو ! وعَینُکَ یا قَیّومُ لَم تَنَمِ
هَب لی بِجودِکَ فَضلَ العَفوِ عَن جُرُمی یا مَن أشارَ إلَیهِ الخَلقُ فِی الحَرَمِ
إن کانَ عَفوُکَ لا یَلقاهُ ذو سَرَفٍ (4) فَمَن یَجودُ عَلَی العاصینَ بِالنِّعَمِ
قالَ الحُسَینُ بنُ عَلِیٍّ علیه السّلام:فَقالَ لی:یا أبا عَبدِ اللّهِ،أسَمِعتَ المُنادِیَ ذَنبَهُ، المُستَغیثَ رَبَّهُ؟فَقُلتُ:نَعَم،قَد سَمِعتُهُ.
فَقالَ:اِعتَبِرهُ (5)عَسی [أن] (6)تَراهُ.
ص:231
فَما زِلتُ أخبِطُ فی طَخیاءِ الظَّلامِ،وأتَخَلَّلُ بَینَ النِّیامِ،فَلَمّا صِرتُ بَینَ الرُّکنِ وَالمَقامِ،بَدا لی شَخصٌ مُنتَصِبٌ،فَتَأَمَّلتُهُ فَإِذا هُوَ قائِمٌ،فَقُلتُ:
السَّلامُ عَلَیکَ أیُّهَا العَبدُ المُقِرُّ المُستَقیلُ،المُستَغفِرُ المُستَجیرُ،أجِب بِاللّهِ ابنَ عَمِّ رَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله.
فَأَسرَعَ فی سُجودِهِ وقُعودِهِ وسَلَّمَ،فَلَم یَتَکَلَّم حَتّی أشارَ بِیَدِهِ بِأَن تَقَدَّمنی، فَتَقَدَّمتُهُ،فَأَتَیتُ بِهِ أمیرَ المُؤمِنینَ علیه السّلام فَقُلتُ:دونَکَ ها هُوَ !
فَنَظَرَ إلَیهِ،فَإِذا هُوَ شابٌّ حَسَنُ الوَجهِ،نَقِیُّ الثِّیابِ،فَقالَ لَهُ:مِمَّنِ الرَّجُلُ؟
فَقالَ لَهُ:مِن بَعضِ العَرَبِ.
فَقالَ لَهُ:ما حالُکَ،ومِمَّ بُکاؤُکَ وَاستِغاثَتُکَ؟
فَقالَ:حالُ مَن اوخِذَ بِالعُقوقِ فَهُوَ فی ضیقٍ،ارتَهَنَهُ المُصابُ،وغَمَرَهُ الاِکتِئابُ فَارتابَ (1)،فَدُعاؤُهُ لا یُستَجابُ.
فَقالَ لَهُ عَلِیٌّ علیه السّلام:ولِمَ ذلِکَ؟
فَقالَ:لِأَنّی کُنتُ مُلتَهِیاً فِی العَرَبِ بِاللَّعبِ وَالطَّرَبِ،اُدیمُ العِصیانَ فی رَجَبٍ وشَعبانَ،وما اراقِبُ الرَّحمنَ،وکانَ لی والِدٌ شَفیقٌ یُحَذِّرُنی مَصارِعَ الحَدَثانِ (2)، ویُخَوِّفُنِی العِقابَ بِالنّیرانِ،ویَقولُ:کَم ضَجَّ مِنکَ النَّهارُ وَالظَّلامُ،وَاللَّیالی وَالأَیّامُ، وَالشُّهورُ وَالأَعوامُ،وَالمَلائِکَةُ الکِرامُ.وکانَ إذا ألَحَّ عَلَیَّ بِالوَعظِ زَجَرتُهُ وَانتَهَرتُهُ، ووَثَبتُ عَلَیهِ وضَرَبتُهُ.
فَعَمَدتُ یَوماً إلی شَیءٍ مِنَ الوَرِقِ (3)وکانَت فِی الخِباءِ،فَذَهَبتُ لِآخُذَها
ص:232
وأصرِفَها فیما کُنتُ عَلَیهِ،فَمانَعَنی عَن أخذِها،فَأَوجَعتُهُ ضَرباً ولَوَیتُ یَدَهُ، وأخَذتُها ومَضَیتُ.
فَأَومَأَ بِیَدِهِ إلی رُکبَتَیهِ یَرومُ النُّهوضَ مِن مَکانِهِ ذلِکَ،فَلَم یُطِق یُحَرِّکُها مِن شِدَّةِ الوَجَعِ وَالأَلَمِ،فَأَنشَأَ یَقولُ:
جَرَت رَحِمٌ بَینی وبَینَ مُنازِلٍ سَواءً کَما یَستَنزِلُ القَطرَ طالِبُه
ورَبَّیتُ حَتّی صارَ جَلداً شَمَردَلاً (1) إذا قامَ ساوی غارِبَ (2)الفَحلِ غارِبُه
وقَد کُنتُ اوتیهِ مِنَ الزّادِ فِی الصِّبا إذا جاعَ مِنهُ صَفوُهُ وأطایِبُه
فَلَمَّا استَوی فی عُنفُوانِ شَبابِهِ وأصبَحَ کَالرُّمحِ الرُّدَینِیِّ (3)خاطِبُه
تَهَضَّمَنی مالی کَذا ولَوی یَدی لَوی یَدَهُ اللّهُ الَّذی هُوَ غالِبُه
ثُمَّ حَلَفَ بِاللّهِ لَیَقدَمَنَّ إلی بَیتِ اللّهِ الحَرامِ،فَیَستَعدِی اللّهَ عَلَیَّ.
قالَ:فَصامَ أسابیعَ،وصَلّی رَکَعاتٍ،ودَعا،وخَرَجَ مُتَوَجِّهاً عَلی عَیرانَةٍ (4)،یَقطَعُ بِالسَّیرِ عَرضَ الفَلاةِ،ویَطوِی الأَودِیَةَ ویَعلُو الجِبالَ،حَتّی قَدِمَ مَکَّةَ یَومَ الحَجِّ الأَکبَرِ،فَنَزَلَ عَن راحِلَتِهِ،وأقبَلَ إلی بَیتِ اللّهِ الحَرامِ،فَسَعی وطافَ بِهِ،وتَعَلَّقَ بِأَستارِهِ،وَابتَهَلَ،وأنشَأَ یَقولُ:
ص:233
یا مَن إلَیهِ أتَی الحُجّاجُ بِالجَهَدِ فَوقَ المَهاوی (1)مِنَ اقصی غایَةِ البُعدِ
إنّی أتَیتُکَ یا مَن لا یُخَیِّبُ مَن یَدعوهُ مُبتَهِلاً بِالواحِدِ الصَّمَدِ
هذا مُنازِلُ لا یَرتاعُ مِن عققی فَخُذ بِحَقّی یا جَبّارُ مِن وَلَدی
حَتّی تُشِلَّ بِعَونٍ مِنکَ جانِبَهُ یا مَن تَقَدَّسَ لَم یولَد ولَم یَلِدِ
قالَ:فَوَ الَّذی سَمَکَ (2)السَّماءَ،وأنبَعَ الماءَ،مَا استَتَمَّ دُعاءَهُ حَتّی نَزَلَ بی ما تَری -ثُمَّ کَشَفَ عَن یَمینِهِ،فَإِذا بِجانِبِهِ قَد شَلَّ-فَأَنَا مُنذُ ثَلاثِ سِنینَ أطلُبُ إلَیهِ أن یَدعُوَ لی (3)فِی المَوضِعِ الَّذی دَعا بِهِ عَلَیَّ،فَلَم یُجِبنی،حَتّی إذا کانَ العامُ،أنعَمَ عَلَیَّ فَخَرَجتُ [بِهِ] (4)عَلی ناقَةٍ عُشَراءَ (5)اجِدُّ السَّیرَ حَثیثاً رَجاءَ العافِیَةِ،حَتّی إذا کُنّا عَلَی الأَراکِ (6)،وحَطمَةِ (7)وادِی السِّیاکِ (8)نَفَرَ طائِرٌ فِی اللَّیلِ،فَنَفَرَت مِنهُ النّاقَةُ الَّتی کانَ عَلَیها،فَأَلقَتهُ إلی قَرارِ الوادی،وَارفَضَّ بَینَ الحَجَرَینِ،فَقَبَرتُهُ هُناکَ،وأعظَمُ مِن ذلِکَ أنّی لا اعرَفُ إلَّا«المَأخوذَ بِدَعوَةِ أبیهِ»!
فَقالَ لَهُ أمیرُ المُؤمِنینَ علیه السّلام:أتاکَ الغَوثُ،ألا اعَلِّمُکَ دُعاءً عَلَّمَنیهِ رَسولُ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله، وفیهِ اسمُ اللّهِ الأَکبَرُ الأَعظَمُ،العَزیزُ الأَکرَمُ،الَّذی یُجیبُ بِهِ مَن دَعاهُ،ویُعطی بِهِ
ص:234
مَن سَأَلَهُ،ویُفَرِّجُ [بِهِ] (1)الهَمَّ،ویَکشِفُ بِهِ الکَربَ،ویُذهِبُ بِهِ الغَمَّ،ویُبرِئُ بِهِ السُّقمَ، ویَجبُرُ بِهِ الکَسیرَ،ویُغنی بِهِ الفَقیرَ،ویَقضی بِهِ الدَّینَ،ویَرُدُّ بِهِ العَینَ،ویَغفِرُ بِهِ الذُّنوبَ،ویَستُرُ بِهِ العُیوبَ،ویُؤمِنُ بِهِ کُلَّ خائِفٍ مِن شَیطانٍ مَریدٍ،وجَبّارٍ عَنیدٍ ! ولَو دَعا بِهِ طائِعٌ للّهِ ِ عَلی جَبَلٍ لَزالَ مِن مَکانِهِ،أو عَلی مَیِّتٍ لَأَحیاهُ اللّهُ بَعدَ مَوتِهِ،ولَو دَعا بِهِ عَلَی الماءِ لَمَشی عَلَیهِ بَعدَ أن لا یَدخُلَهُ العُجبُ.
فَاتَّقِ اللّهَ أیُّهَا الرَّجُلُ،فَقَد أدرَکَتنِی الرَّحمَةُ لَکَ،وَلیَعلَمِ اللّهُ مِنکَ صِدقَ النِّیَّةِ أنَّکَ لا تَدعو بِهِ فی مَعصِیَتِهِ،ولا تُفیدُهُ إلَّاالثِّقَةَ فی دینِکَ،فَإِن أخلَصتَ النِّیَّةَ استَجابَ اللّهُ لَکَ،ورَأَیتَ نَبِیَّکَ مُحَمَّداً صلّی اللّه علیه و آله فی مَنامِکَ،یُبَشِّرُکَ بِالجَنَّةِ وَالإِجابَةِ.
قالَ الحُسَینُ بنُ عَلِیٍّ علیه السّلام:فَکانَ سُروری بِفائِدَةِ الدُّعاءِ أشَدَّ مِن سُرورِ الرَّجُلِ بِعافِیَتِهِ وما نَزَلَ بِهِ؛لِأَنَّنی لَم أکُن سَمِعتُهُ مِنهُ،ولا عَرَفتُ هذَا الدُّعاءَ قَبلَ ذلِکَ.
ثُمَّ قالَ:اِیتِنی بِدَواةٍ وبَیاضٍ،وَاکتُب ما املیهِ عَلَیکَ.فَفَعَلتُ،وهُوَ:
«بِسمِ اللّهِ الرَّحمنِ الرَّحیمِ،اللّهُمَّ إنّی أسأَلُکَ بِاسمِکَ یا ذَا الجَلالِ وَالإِکرامِ، یا حَیُّ یا قَیّومُ،یا حَیُّ لا إلهَ إلّاأنتَ،یا مَن لا یَعلَمُ ما هُوَ ولا أینَ هُوَ ولا حَیثُ هُوَ ولا کَیفَ هُوَ إلّاهُوَ،یا ذَا المُلکِ وَالمَلَکوتِ،یا ذَا العِزَّةِ وَالجَبَروتِ،یا مَلِکُ یا قُدّوسُ،یا سَلامُ یا مُؤمِنُ یا مُهَیمِنُ،یا عَزیزُ یا جَبّارُ یا مُتَکَبِّرُ،یا خالِقُ یا بارِئُ یا مُصَوِّرُ،یا مُفیدُ،یا وَدودُ یا مَحمودُ یا مَعبودُ،یا بَعیدُ یا قَریبُ یا مُجیبُ،یا رَقیبُ یا حَسیبُ،یا بَدیعُ یا رَفیعُ،یا مَنیعُ یا سَمیعُ،یا عَلیمُ یا حَکیمُ،یا کَریمُ یا قائِمُ یا دائِمُ یا عالِمُ یا قَدیمُ (2).
یا عَلِیُّ یا عَظیمُ،یا حَنّانُ یا مَنّانُ،یا دَیّانُ (3)یا مُستَعانُ،یا جَلیلُ یا جَمیلُ،
ص:235
یا وَکیلُ یا کَفیلُ،یا مُقیلُ یا مُنیلُ،یا نَبیلُ یا دَلیلُ،یا هادی،یا بادی،یا أوَّلُ یا آخِرُ،یا ظاهِرُ یا باطِنُ،یا حاکِمُ یا قاضی،یا عادِلُ یا فاضِلُ،یا واصِلُ یا طاهِرُ یا مُطَهِّرُ،یا قادِرُ یا مُقتَدِرُ،یا کَبیرُ یا مُتَکَبِّرُ.
یا واحِدُ یا أحَدُ یا صَمَدُ،یا مَن لَم یَلِد ولَم یولَد ولَم یَکُن لَهُ کُفُواً أحَدٌ،ولَم یَکُن لَهُ صاحِبَةٌ ولا کانَ مَعَهُ وَزیرٌ،ولَا اتَّخَذَ مَعَهُ مُشیراً،ولَا احتاجَ إلی ظَهیرٍ،ولا کانَ مَعَهُ إلهٌ،لا إلهَ إلّاأنتَ فَتَعالَیتَ عَمّا یَقولُ الجاحِدونَ (/الظّالِمونَ) عُلُوّاً کَبیراً.
یا عالِمُ یا شامِخُ (1)یا باذِخُ (2)،یا فَتّاحُ یا مُرتاحُ یا مُفَرِّجُ،یا ناصِرُ یا مُنتَصِرُ،یا مُهلِکُ (/مُدرِکُ) یا مُنتَقِمُ،یا باعِثُ یا وارِثُ،یا أوَّلُ یا طالِبُ یا غالِبُ،یا مَن لا یَفوتُهُ هارِبٌ،یا تَوّابُ یا أوّابُ یا وَهّابُ،یا مُسَبِّبَ الأَسبابِ،یا مُفَتِّحَ الأَبوابِ،یا مَن حَیثُ ما دُعِیَ أجابَ،یا طَهورُ یا شَکورُ،یا عَفُوُّ یا غَفورُ،یا نورَ النَّورِ،یا مُدَبِّرَ الاُمورِ،یا لَطیفُ یا خَبیرُ،یا مُتَجَبِّرُ یا مُنیرُ،یا بَصیرُ یا ظَهیرُ،یا کَبیرُ یا وَترُ،یا فَردُ یا صَمَدُ،یا سَنَدُ یا کافی،یا مُحِسنُ یا مُجمِلُ،یا شافی یا وافی یا مُعافی،یا مُنعِمُ یا مُتَفَضِّلُ یا مُتَکَرِّمُ یا مُتَفَرِّدُ.
یا مَن عَلا فَقَهَرَ،یا مَن مَلَکَ فَقَدَرَ،یا مَن بَطَنَ فَخَبَرَ،یا مَن عُبِدَ فَشَکَرَ،یا مَن عُصِیَ فَغَفَرَ وسَتَرَ،یا مَن لا تَحویهِ الفِکَرُ،ولا یُدرِکُهُ بَصَرٌ،ولا یَخفی عَلَیهِ أثَرٌ،یا رازِقَ البَشَرِ،ویا مُقَدِّرَ کُلِّ قَدَرٍ.
یا عالِیَ المَکانِ،یا شَدیدَ الأَرکانِ،یا مُبَدِّلَ الزَّمانِ،یا قابِلَ القُربانِ،یا ذَا المَنِّ وَالإِحسانِ،یا ذَا العِزِّ وَالسُّلطانِ،یا رَحیمُ یا رَحمنُ،یا عَظیمَ الشَّأنِ،یا مَن هُوَ کُلَّ
ص:236
یَومٍ فی شَأنٍ،یا مَن لا یَشغَلُهُ شَأنٌ عَن شَأنٍ.
یا سامِعَ الأَصواتِ،یا مُجیبَ الدَّعواتِ،یا مُنجِحَ الطَّلِباتِ،یا قاضِیَ الحاجاتِ، یا مُنزِلَ البَرَکاتِ،یا راحِمَ العَبَراتِ،یا مُقیلَ العَثَراتِ،یا کاشِفَ الکُرُباتِ،یا وَلِیَّ الحَسَناتِ،یا رَفیعَ الدَّرَجاتِ،یا مُعطِیَ المَسأَلاتِ،یا مُحیِیَ الأَمواتِ،یا جامِعَ الشَّتاتِ،یا مُطَّلِعُ عَلَی النِّیّاتِ،یا رادَّ ما قَد فاتَ،یا مَن لا تَشتَبِهُ عَلَیهِ الأَصواتُ، یا مَن لا تُضجِرُهُ المَسأَلاتُ ولا تَغشاهُ الظُّلُماتُ،یا نورَ الأَرضِ وَالسَّماواتِ.
یا سابِغَ النِّعَمِ،یا دافِعَ النِّقَمِ،یا بارِئَ النَّسَمِ،یا جامِعَ الاُمَمِ،یا شافِیَ السَّقَمِ، یا خالِقَ النّورِ وَالظُّلَمِ،یا ذَا الجُودِ وَالکَرَمِ،یا مَن لا یَطَأُ عَرشَهُ قَدَمٌ.
یا أجوَدَ الأَجوَدینَ،یا أکرَمَ الأَکرَمینَ،یا أسمَعَ السّامِعینَ،یا أبصَرَ النّاظِرینَ، یا جارَ المُستَجیرینَ،یا أمانَ الخائِفینَ،یا ظَهرَ اللّاجینَ،یا وَلِیَّ المُؤمِنینَ،یا غِیاثَ المُستَغیثینَ،یا غایَةَ الطّالِبینَ.
یا صاحِبَ کُلِّ غَریبٍ،یا مونِسَ کُلِّ وَحیدٍ،یا مَلجَأَ کُلِّ طَریدٍ،یا مَأوی کُلِّ شَریدٍ،یا حافِظَ کُلِّ ضالَّةٍ،یا راحِمَ الشَّیخِ الکَبیرِ،یا رازِقَ الطِّفلِ الصَّغیرِ،یا جابِرَ العَظمِ الکَسیرِ،یا فَکّاکَ کُلِّ أسیرٍ،یا مُغنِیَ البائِسِ الفَقیرِ،یا عِصمَةَ الخائِفِ المُستَجیرِ،یا مَن لَهُ التَّدبیرُ وَالتَّقدیرُ،یا مَنِ العَسیرُ عَلَیهِ سَهلٌ یَسیرٌ،یا مَن لا یَحتاجُ إلی تَفسیرٍ،یا مَن هُوَ عَلی کُلِّ شَیءٍ قَدیرٌ،یا مَن هُوَ بِکُلِّ شَیءٍ خَبیرٌ،یا مَن هُوَ بِکُلِّ شَیءٍ بَصیرٌ.
یا مُرسِلَ الرِّیاحِ،یا فالِقَ الإِصباحِ،یا باعِثَ الأَرواحِ،یا ذَا الجودِ وَالسَّماحِ،یا مَن بِیَدِهِ کُلُّ مِفتاحٍ،یا سامِعَ کُلِّ صَوتٍ،یا سابِقَ کُلِّ فَوتٍ،یا مُحیِیَ کُلِّ نَفسٍ بَعدَ المَوتِ.
یا عُدَّتی فی شِدَّتی،یا حافِظی فی غُربَتی،یا مونِسی فی وَحدَتی،یا وَلِیّی فی
ص:237
نِعمَتی،یا کَنَفی حینَ تُعیینِی المَذاهِبُ،وتُسلِمُنِی الأَقارِبُ،ویَخذُلُنی کُلُّ صاحِبٍ.
یا عِمادَ مَن لا عِمادَ لَهُ،یا سَنَدَ مَن لا سَنَدَ لَهُ،یا ذُخرَ مَن لا ذُخرَ لَهُ،یا کَهفَ مَن لا کَهفَ لَهُ،یا رُکنَ مَن لا رُکنَ لَهُ،یا غِیاثَ مَن لا غِیاثَ لَهُ،یا جارَ مَن لا جارَ لَهُ.
یا جارِیَ اللَّصیقَ،یا رُکنِیَ الوَثیقَ،یا إلهی بِالتَّحقیقِ،یا رَبَّ البَیتِ العَتیقِ (1)،یا شَفیقُ یا رَفیقُ،فُکَّنی مِن حَلَقِ المَضیقِ،وَاصرِف عَنّی کُلَّ هَمٍّ وغَمٍّ وضیقٍ،وَاکفِنی شَرَّ ما لا اطیقُ،وأعِنّی عَلی ما اطیقُ.
یا رادَّ یوسُفَ عَلی یَعقوبَ،یا کاشِفَ ضُرِّ أیّوبَ،یا غافِرَ ذَنبِ داوُدَ،یا رافِعَ عیسَی بنِ مَریَمَ مِن أیدِی الیَهودِ،یا مُجیبَ نِداءِ یونُسَ فِی الظُّلُماتِ،یا مُصطَفِیَ موسی بِالکَلِماتِ،یا مَن غَفَرَ لِآدَمَ خَطیئَتَهُ،ورَفَعَ إدریسَ بِرَحمَتِهِ،یا مَن نَجّی نوحاً مِنَ الغَرَقِ،یا مَن أهلَکَ عاداً الاُولی وثَمودَ فَما أبقی،وقَومَ نوحٍ مِن قَبلُ إنَّهُم کانوا هُم أظلَمَ وأطغی،وَالمُؤتَفِکَةَ أهوی (2)،یا مَن دَمَّرَ عَلی قَومِ لوطٍ،ودَمدَمَ (3)عَلی قَومِ شُعَیبٍ.
یا مَنِ اتَّخَذَ إبراهیمَ خَلیلاً،یا مَنِ اتَّخَذَ موسی کَلیماً،وَاتَّخَذَ مُحَمَّداً صَلَّی اللّهُ عَلَیهِم أجمَعینَ حَبیباً،یا مُؤتِیَ لُقمانَ الحِکمَةَ،وَالواهِبَ لِسُلیمانَ مُلکاً لا یَنبَغی لِأَحَدٍ مِن بَعدِهِ،یا مَن نَصَرَ ذَا القَرنَینِ عَلَی المُلوکِ الجَبابِرَةِ،یا مَن أعطَی الخِضرَ الحَیاةَ،ورَدَّ لِیوشَعَ بنِ نونٍ الشَّمسَ بَعدَ غُروبِها،یا مَن رَبَطَ عَلی قَلبِ امِّ موسی، وأحصَنَ فَرجَ مَریَمَ بِنتِ عِمرانَ،یا مَن حَصَّنَ یَحیَی بنَ زَکَرِیّاءَ مِنَ الذَّنبِ،وسَکَّنَ
ص:238
عَن موسَی الغَضَبَ،یا مَن بَشَّرَ زَکَرِیّاءَ بِیَحیی،یا مَن فَدی إسماعیلَ مِنَ الذَّبحِ،یا مَن قَبِلَ قُربانَ هابیلَ وجَعَلَ اللَّعنَةَ عَلی قابیلَ،یا هازِمَ الأَحزابِ،صَلِّ عَلی مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ وعَلی جَمیعِ المُرسَلینَ ومَلائِکَتِکَ المُقَرَّبینَ،وأهلِ طاعَتِکَ.
وأسأَلُکَ بِکُلِّ مَسأَلَةٍ سَأَلَکَ بِها أَحَدٌ مِمَّن رَضیتَ عَنهُ فَحَتَمتَ لَهُ عَلَی الإِجابَةِ،یا اللّهُ یا اللّهُ یا اللّهُ،یا رَحمنُ یا رَحیمُ،یا رَحمنُ یا رَحیمُ،یا رَحمنُ یا رَحیمُ،یا ذَا الجَلالِ وَالإِکرامِ،یا ذَا الجَلالِ وَالإِکرامِ،یا ذَا الجَلالِ وَالإِکرامِ،بِهِ بِهِ بِهِ بِهِ بِهِ بِهِ بِهِ أسأَلُکَ بِکُلِّ اسمٍ سَمَّیتَ بِهِ نَفسَکَ،أو أنزَلتَهُ فی شَیءٍ مِن کُتُبِکَ،أوِ استَأثَرتَ بِهِ فی عِلمِ الغَیبِ عِندَکَ،وبِمَعاقِدِ العِزِّ مِن عَرشِکَ،ومُنتَهَی الرَّحمَةِ مِن کِتابِکَ،وبِما لَو أنَّ ما فِی الأَرضِ مِن شَجَرَةٍ أقلامٌ وَالبَحرُ یَمُدُّهُ مِن بَعدِهِ سَبعَةُ أبحُرٍ ما نَفِدَت کَلِماتُ اللّهِ،إنَّ اللّهَ عَزیزٌ حَکیمٌ.وأسأَلُکَ بِأَسمائِکَ الحُسنَی الَّتی بَیَّنتَها فی کِتابِکَ،فَقُلتَ:
«وَ لِلّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنی فَادْعُوهُ بِها» 1 ،وقُلتَ: «اُدْعُونِی أَسْتَجِبْ لَکُمْ» 2 ،وقُلتَ: «وَ إِذا سَأَلَکَ عِبادِی عَنِّی فَإِنِّی قَرِیبٌ أُجِیبُ دَعْوَةَ الدّاعِ إِذا دَعانِ» 3 ،وقُلتَ: «یا عِبادِیَ الَّذِینَ أَسْرَفُوا عَلی أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللّهِ» 4 .
وأنَا أسأَلُکَ یا إلهی،وأطمَعُ فی إجابَتی یا مَولایَ کَما وَعَدتَنی،وقَد دَعَوتُکَ کَما أمَرتَنی،فَافعَل بی کَذا وکَذا».
وتَسأَلُ اللّهَ تَعالی ما أحبَبتَ،وتُسَمّی حاجَتَکَ،ولا تَدعُ بِهِ إلّاوأنتَ طاهِرٌ.
ثُمَّ قالَ لِلفَتی:إذا کانَتِ اللَّیلَةُ فَادعُ بِهِ عَشرَ مَرّاتٍ،وأتِنی مِن غَدٍ بِالخَبَرِ. (1)
ص:239
قالَ الحُسَینُ بنُ عَلِیٍّ علیه السّلام:وأخَذَ الفَتَی الکِتابَ ومَضی،فَلَمّا کانَ مِن غَدٍ ما أصبَحنا حیناً حَتّی أتَی الفَتی إلَینا سَلیماً مُعافیً،وَالکِتابُ بِیَدِهِ،وهُوَ یَقولُ:هذا وَاللّهِ الاِسمُ الأَعظَمُ،استُجیبَ لی وَرَبِّ الکَعبَةِ.
قالَ لَهُ عَلِیٌّ صَلَواتُ اللّهِ عَلَیهِ:حَدِّثنی !
قالَ:[لَمّا] (1)هَدَأَتِ العُیونُ بِالرُّقادِ،وَاستَحلَکَ (2)جِلبابُ (3)اللَّیلِ،رَفَعتُ یَدی بِالکِتابِ،ودَعَوتُ اللّهَ بِحَقِّهِ مِراراً،فَاُجِبتُ فِی الثّانِیَةِ:حَسبُکَ،فَقَد دَعَوتَ اللّهَ بِاسمِهِ الأَعظَمِ.
ثُمَّ اضطَجَعتُ،فَرَأَیتُ رَسولَ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله فی مَنامی،وقَد مَسَحَ یَدَهُ الشَّریفَةَ عَلَیَّ وهُوَ یَقولُ:اِحتَفِظ بِاسمِ اللّهِ الأَعظَمِ العَظیمِ،فَإِنَّکَ عَلی خَیرٍ.فَانتَبَهتُ مُعافیً کَما تَری، فَجَزاکَ اللّهُ خَیراً. (4)
4101.الإرشاد عن علیّ بن الحسین زین العابدین علیه السّلام: لَمّا صَبَّحَتِ الخَیلُ الحُسَینَ علیه السّلام،رَفَعَ یَدَیهِ وقالَ:
اللّهُمَّ أنتَ ثِقَتی فی کُلِّ کَربٍ،ورَجائی فی کُلِّ شِدَّةٍ،وأنتَ لی فی کُلِّ أمرٍ نَزَلَ
ص:240
بی ثِقَةٌ وعُدَّةٌ،کَم مِن هَمٍّ یَضعُفُ فیهِ الفُؤادُ،وتَقِلُّ فیهِ الحیلَةُ،ویَخذُلُ فیهِ الصَّدیقُ، ویَشمَتُ (1)فیهِ العَدُوُّ،أنزَلتُهُ بِکَ وشَکَوتُهُ إلَیکَ،رَغبَةً مِنّی إلَیکَ عَمَّن سِواکَ،فَفَرَّجتَهُ وکَشَفتَهُ،وأنتَ وَلِیُّ کُلِّ نِعمَةٍ،وصاحِبُ کُلِّ حَسَنَةٍ،ومُنتَهی کُلِّ رَغبَةٍ. (2)
4102.الطبقات الکبری (الطبقة الخامسة من الصحابة):لَمّا أصبَحَ [الحُسَینُ علیه السّلام ] یَومَهُ الَّذی قُتِلَ فیهِ قالَ:اللّهُمَّ أنتَ ثِقَتی فی کُلِّ کَربٍ،ورَجائی فی کُلِّ شِدَّةٍ،وأنتَ لی فی کُلِّ أمرٍ نَزَلَ بی ثِقَةٌ، وأنتَ وَلِیُّ کُلِّ نِعمَةٍ،وصاحِبُ کُلِّ حَسَنَةٍ. (3)
4103 .الدعوات عن زین العابدین علیه السّلام:ضَمَّنی والِدی علیه السّلام إلی صَدرِهِ یَومَ قُتِلَ وَالدِّماءُ تَغلی،وهُوَ یَقولُ:
یا بُنَیَّ ! احفَظ عَنّی دُعاءً عَلَّمَتنیهِ فاطِمَةُ علیها السّلام،وعَلَّمَها رَسولُ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله،وعَلَّمَهُ جَبرَئیلُ علیه السّلام فِی الحاجَةِ وَالمُهِمِّ وَالغَمِّ وَالنّازِلَةِ إذا نَزَلَت وَالأَمرِ العَظیمِ الفادِحِ.قالَ:اُدعُ:
بِحَقِّ یس وَالقُرآنِ الحَکیمِ،وبِحَقِّ طه وَالقُرآنِ العَظیمِ،یا مَن یَقدِرُ عَلی حَوائِجِ السّائِلینَ،یا مَن یَعلَمُ ما فِی الضَّمیرِ،یا مُنَفِّسُ عَنِ المَکروبینَ،یا مُفَرِّجُ عَنِ المَغمومینَ،یا راحِمَ الشَّیخِ الکَبیرِ،یا رازِقَ الطِّفلِ الصَّغیرِ،یا مَن لا یَحتاجُ إلَی التَّفسیرِ،صَلِّ عَلی مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ،وَافعَل بی کَذا وکَذا. (4)
4104.الطبقات الکبری (الطبقة الخامسة من الصحابة) عن الحسین علیه السّلام -حینَ قُتِلَ ابنُهُ عَلِیٌّ
ص:241
الأَکبَرُ-:اللّهُمَّ دَعَونا لِیَنصُرونا (1)فَخَذَلونا وقَتَلونا،اللّهُمَّ فَاحبِس عَنهُم قَطرَ السَّماءِ، وَامنَعهُم بَرَکاتِ الأَرضِ،فَإِن مَتَّعتَهُم إلی حینٍ،فَفَرِّقهُم شِیَعاً (2)،وَاجعَلهُم طَرائِقَ قِدَداً (3)،ولا تُرضِ الوُلاةَ عَنهُم أبَداً. (4)
4105.مقاتل الطالبیّین عن مورع بن سوید بن قیس: حَدَّثَنا مَن شَهِدَ الحُسَینَ علیه السّلام قالَ:کانَ مَعَهُ ابنُهُ الصَّغیرُ،فَجاءَ سَهمٌ فَوَقَعَ فی نَحرِهِ.
قالَ:فَجَعَلَ الحُسَینُ علیه السّلام یَأخُذُ الدَّمَ مِن نَحرِهِ ولَبَّتِهِ (5)فَیَرمی بِهِ إلَی السَّماءِ،فَما یَرجِعُ مِنهُ شَیءٌ،ویَقولُ:اللّهُمَّ لا یَکونُ أهوَنَ عَلَیکَ مِن فَصیلٍ (6). (7)
4106.مقتل الحسین علیه السّلام للخوارزمی -فی ذِکرِ شَهادَةِ عَلِیٍّ الأَصغَرِ-:فَبَینَا الصَّبِیُّ فی حِجرِهِ [ علیه السّلام ] إذ رَماهُ حَرمَلَةُ بنُ الکاهِلِ الأَسَدِیُّ فَذَبَحَهُ فی حِجرِهِ،فَتَلَقَّی الحُسَینُ علیه السّلام دَمَهُ حَتَّی امتَلَأَت کَفُّهُ،ثُمَّ رَمی بِهِ نَحوَ السَّماءِ وقالَ:
اللّهُمَّ إن حَبَستَ عَنَّا النَّصرَ،فَاجعَل ذلِکَ لِما هُوَ خَیرٌ لَنا. (8)
راجع:ج 4 ص 302 (القسم الثامن/الفصل الرابع/الطفل الصغیر).
ص:242
4108.مقتل الحسین علیه السّلام للخوارزمی -فی ذِکرِ مَصرَعِ القاسِمِ بنِ الحَسَنِ علیه السّلام-:فَإِذا بِالحُسَینِ علیه السّلام قائِمٌ عَلی رَأسِ الغُلامِ...ثُمَّ احتَمَلَهُ...فَجاءَ بِهِ حَتّی ألقاهُ مَعَ القَتلی مِن أهلِ بَیتِهِ، ثُمَّ رَفَعَ طَرفَهُ إلَی السَّماءِ وقالَ:اللّهُمَّ أحصِهِم عَدَداً (1)،ولا تُغادِر مِنهُم أحَداً،ولا تَغفِر لَهُم أبَداً،صَبراً یا بَنی عُمومَتی،صَبراً یا أهلَ بَیتی،لا رَأَیتُم هَواناً بَعدَ هذَا الیَومِ أبَداً. (2)
راجع:ج 4 ص 345 (القسم الثامن/الفصل السادس/قاسم بن الحسن).
4108. تاریخ دمشق عن مسلم بن رباح مولی علیّ بن أبی طالب علیه السّلام: کُنتُ مَعَ الحُسَینِ بنِ عَلِیٍّ علیه السّلام یَومَ قُتِلَ،فَرُمِیَ فی وَجهِهِ بِنُشّابَةٍ،فَقالَ لی:یا مُسلِمُ! أدنِ یَدَیکَ مِنَ الدَّمِ،فَأَدنَیتُهُما فَلَمَّا امتَلَأَتا قالَ:اُسکُبهُ فی یَدی،فَسَکَبتُهُ فی یَدِهِ،فَنَفَحَ (3)بِهِما إلَی السَّماءِ وقالَ:
اللّهُمَّ اطلُب بِدَمِ ابنِ بِنتِ نَبِیِّکَ.
فَما وَقَعَ مِنهُ إلَی الأَرضِ قَطرَةٌ. (4)
4109.مصباح المتهجّد: آخِرُ دُعاءٍ دَعا بِهِ علیه السّلام یَومَ کوثِرَ (5):
ص:243
اللّهُمَّ [أنتَ] (1)مُتَعالِی المَکانِ،عَظیمُ الجَبَروتِ،شَدیدُ المِحالِ (2)،غَنِیٌّ عَنِ الخَلائِقِ،عَریضُ الکِبرِیاءِ،قادِرٌ عَلی ما تَشاءُ،قَریبُ الرَّحمَةِ،صادِقُ الوَعدِ،سابِغُ النِّعمَةِ،حَسَنُ البَلاءِ،قَریبٌ إذا دُعیتَ،مُحیطٌ بِما خَلَقتَ،قابِلُ التَّوبَةِ لِمَن تابَ إلَیکَ،قادِرٌ عَلی ما أرَدتَ،ومُدرِکٌ ما طَلَبتَ،وشَکورٌ إذا شُکِرتَ،وذَکورٌ إذا ذُکِرتَ،أدعوکَ مُحتاجاً،وأرغَبُ إلَیکَ فَقیراً،وأفزَعُ إلَیکَ خائِفاً،وأبکی إلَیکَ مَکروباً (3)،وأستَعینُ بِکَ ضَعیفاً،وأتَوَکَّلُ عَلَیکَ کافِیاً،احکُم بَینَنا وبَینَ قَومِنا،فَإِنَّهُم غَرّونا وخَدَعونا وخَذَلونا وغَدَروا بِنا وقَتَلونا،ونَحنُ عِترَةُ نَبِیِّکَ ووُلدُ حَبیبِکَ مُحَمَّدِ بنِ عَبدِ اللّهِ،الَّذِی اصطَفَیتَهُ بِالرِّسالَةِ،وَائتَمَنتَهُ عَلی وَحیِکَ،فَاجعَل لَنا مِن أمرِنا فَرَجاً ومَخرَجاً،بِرَحمَتِکَ یا أرحَمَ الرّاحِمینَ. (4)
4110.تاریخ الطبری -فی ذِکرِ امِّ وَهبٍ زَوجَةِ عَبدِ اللّهِ بنِ عُمَیرٍ الکَلبِیِّ لَمّا أخَذَت عَموداً وأقبَلَت نَحوَ زَوجِها تَقولُ لَهُ:قاتِل دونَ الطَّیِّبینَ ذُرِّیَّةِ مُحَمَّدٍ صلّی اللّه علیه و آله-:فَناداها حُسَینٌ علیه السّلام
ص:244
فَقالَ:
جُزیتُم مِن أهلِ بَیتٍ خَیراً،ارجِعی رَحِمَکِ اللّهُ إلَی النِّساءِ فَاجلِسی مَعَهُنَّ،فَإِنَّهُ لَیسَ عَلَی النِّساءِ قِتالٌ. (1)
راجع:ج 4 ص 225 (القسم الثامن/الفصل الثالث/عبداللّه بن عمیر الکلبی).
4111.تسلیة المُجالس: ثُمَّ تَقَدَّمَ جَونٌ...ثُمَّ بَرَزَ لِلقِتالِ وهُوَ یُنشِدُ ویَقولُ:
کَیفَ یَرَی الکُفّارُ ضَربَ الأَسوَدِ بِالسَّیفِ ضَرباً عَن بَنی مُحَمَّدِ
أذُبُّ عَنهُم بِاللِّسانِ وَالیَدِ أرجو بِهِ الجَنَّةَ یَومَ المَورِدِ
ثُمَّ قاتَلَ حَتّی قُتِلَ،فَوَقَفَ عَلَیهِ الحُسَینُ علیه السّلام وقالَ:
اللّهُمَّ بَیِّض وَجهَهُ،وطَیِّب ریحَهُ،وَاحشُرهُ مَعَ الأَبرارِ،وعَرِّف بَینَهُ وبَینَ مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ. (2)
راجع:ج 4 ص 175 (القسم الثامن/الفصل الثالث/جون مولی أبی ذر).
4112.تاریخ الطبری: وجاءَ الفَتَیانِ الجابِرِیّانِ:سَیفُ بنُ الحارِثِ بنِ سُرَیعٍ،ومالِکُ بنُ عَبدِ بنِ سُرَیعٍ...فَأَتَیا حُسَیناً علیه السّلام فَدَنَوا مِنهُ وهُما یَبکِیانِ،فَقالَ [ علیه السّلام ]:أیِ ابنَی أخی،ما یُبکیکُما؟فَوَاللّهِ إنّی لَأَرجو أن تَکونا عَن ساعَةٍ قَریرَی عَینٍ !
قالا:جَعَلَنَا اللّهُ فِداکَ،لا وَاللّهِ ما عَلی أنفُسِنا نَبکی،ولکِنّا نَبکی عَلَیکَ؛نَراکَ قَد احیطَ بِکَ ولا نَقدِرُ عَلی أن نَمنَعَکَ !
ص:245
فَقالَ:جَزاکُمَا اللّهُ یَا ابنَی أخی بِوَجدِکُما (1)مِن ذلِکَ،ومُواساتِکُما إیّایَ بِأَنفُسِکُما أحسَنَ جَزاءِ المُتَّقینَ. (2)
4113.تاریخ الطبری عن فضیل بن خدیج الکندی: إنَّ یَزیدَ بنَ زِیادٍ-وهُوَ أبُو الشَّعثاءِ الکِندِیُّ مِن بَنی بَهدَلَةَ-جَثا عَلی رُکبَتَیهِ بَینَ یَدَیِ الحُسَینِ علیه السّلام فَرَمی بِمِئَةِ سَهمٍ،ما سَقَطَ مِنها خَمسَةُ أسهُمٍ ! وکانَ رامِیاً،فَکُلَمّا رَمی قالَ:
انَا ابنُ بَهدَلَةَ فُرسانِ العَرجَلَةِ (3).
ویَقولُ حُسَینٌ علیه السّلام:اللّهُمَّ سَدِّد رَمیَتَهُ،وَاجعَل ثَوابَهُ الجَنَّةَ. (4)
راجع:ج 4 ص 254 (القسم الثامن/الفصل الثالث/یزید بن زیاد بن المهاصر).
ص:246
4114.معانی الأخبار بإسناده عن الإمام الحسین علیه السّلام: قالَ رَسولُ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله:البَخیلُ حَقّاً مَن ذُکِرتُ عِندَهُ فَلَم یُصَلِّ عَلَیَّ. (1)
4115.المعجم الکبیر بإسناده عن حسین بن علیّ علیه السّلام: قالَ رَسولُ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله:مَن ذُکِرتُ عِندَهُ فَخَطِئَ (2)الصَّلاةَ عَلَیَّ خَطِئَ طَریقَ الجَنَّةِ. (3)
ص:247
4116.الأمالی للصدوق بإسناده عن الحسین بن علیّ سیّد الشهداء عن أبیه علیّ بن أبی طالب سیّد الأوصیاء علیهما السّلام: قالَ رَسولُ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله:مَن صَلّی عَلَیَّ ولَم یُصَلِّ عَلی آلی لَم یَجِد ریحَ الجَنَّةِ،وإنَّ ریحَها لَیوجَدُ مِن مَسیرَةِ خَمسِمِئَةِ عامٍ. (1)
ص:248
4117.بغیة الطلب فی تاریخ حلب عن زیاد الحارثی: سَمِعتُ الحُسَینَ بنَ عَلِیٍّ علیه السّلام یَقولُ:مَن أتی مَسجِداً لا یَأتیهِ إِلّا للّهِ ِ تَعالی،فَذاکَ ضَیفُ اللّهِ تَعالی حَتّی یَخرُجَ مِنهُ. (1)
4118.الأمالی للطوسی عن فاطمة بنت الحسین عن أبیها الحسین عن علیّ علیه السّلام: أنَّ رَسولَ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله کانَ إذا دَخَلَ المَسجِدَ قالَ:«اللّهُمَّ افتَح لی أبوابَ رَحمَتِکَ»،فَإِذا خَرَجَ قالَ:«اللّهُمَّ افتَح لی أبوابَ رِزقِکَ». (2)
ص:249
4119.دلائل الإمامة عن فاطمة الصغری عن أبیها الحسین علیه السّلام عن فاطمة الکبری علیها السّلام ابنة رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله:
إنَّ النَّبِیَّ صلّی اللّه علیه و آله کانَ إذا دَخَلَ المَسجِدَ یَقولُ:«بِسمِ اللّهِ،اللّهُمَّ صَلِّ عَلی مُحَمَّدٍ،وَاغفِر ذُنوبی،وَافتَح لی أبوابَ رَحمَتِکَ»،وإذا خَرَجَ یَقولُ:«بِسمِ اللّهِ،اللّهُمَّ صَلِّ عَلی مُحَمَّدٍ،وَاغفِر ذُنوبی وَافتَح لی أبوابَ فَضلِکَ». (1)
4120.المحاسن عن عمیر بن المأمون: أَتَیتُ الحُسَینَ بنَ عَلِیٍّ علیه السّلام فَقُلتُ لَهُ:حَدِّثنی عَن جَدِّکَ رَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله قالَ:نَعَم،قالَ رَسولُ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله:
مَن أدمَنَ إلَی المَسجِدِ أصابَ الخِصالَ الثَّمانِیَةَ:آیَةٌ مُحکَمَةٌ،أو فَریضَةٌ مُستَعمَلَةٌ،أو سُنَّةٌ قائِمَةٌ،أو عِلمٌ مُستَطرَفٌ (2)،أو أخٌ مُستَفادٌ،أو کَلِمَةٌ تَدُلُّهُ عَلی هُدیً،أو تَرُدُّهُ عَن رَدیً (3)،وتَرکُهُ الذَّنبَ خَشیَةً أو حَیاءً. (4)
4121.رجال الکشّی عن سعید بن المسیّب عن علیّ بن الحسین علیه السّلام: یا سَعیدُ،أخبَرَنی أبِیَ الحُسَینُ عَن أبیهِ علیهما السّلام عَن رَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله عَن جِبریلَ عَنِ اللّهِ جَلَّ جَلالُهُ أنَّهُ قالَ:ما مِن عَبدٍ مِن
ص:250
عِبادی آمَنَ بی وصَدَّقَ بِکَ،وصَلّی فی مَسجِدِکَ رَکعَتَینِ عَلی خَلاءٍ مِنَ النّاسِ،إلّا غَفَرتُ لَهُ ما تَقَدَّمَ مِن ذَنبِهِ وما تَأَخَّرَ. (1)
4122.الکافی عن زرارة: قُلتُ لِأَبی جَعفَرٍ علیه السّلام:قَد أدرَکتَ الحُسَینَ علیه السّلام؟قالَ:نَعَم،أذکُرُ وأنَا مَعَهُ فِی المَسجِدِ الحَرامِ وقَد دَخَلَ فیهِ السَّیلُ،وَالنّاسُ یَقومونَ عَلَی المَقامِ،یَخرُجُ الخارِجُ یَقولُ:قَد ذَهَبَ بِهِ السَّیلُ،ویَخرُجُ مِنهُ الخارِجُ فَیَقولُ:هُوَ مَکانَهُ.
قالَ:فَقَالَ لی:یا فُلانُ،ما صَنَعَ هؤُلاءِ؟فَقُلتُ:أصلَحَکَ اللّهُ،یَخافونَ أن یَکونَ السَّیلُ قَد ذَهَبَ بِالمَقامِ.
فَقالَ:نادِ،إنَّ اللّهَ تَعالی قَد جَعَلَهُ عَلَماً لَم یَکُن لِیَذهَبَ بِهِ،فَاستَقِرّوا. (2)
4123.الذرّیّة الطاهرة عن فاطمة بنت الحسین عن أبیها علیه السّلام: قالَ رَسولُ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله:لَمّا أخَذَ اللّهُ میثاقَ العِبادِ جُعِلَ فِی الحَجَرِ،فَمِنَ الوَفاءِ بِالبَیعَةِ استِلامُ الحَجَرِ. (3)
ص:251
ص:252
4124.الفردوس عن الحسین بن علیّ علیه السّلام عن رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله: العِبادَةُ سَبعونَ باباً،أفضَلُها طَلَبُ الرِّزقِ الحَلالِ. (1)
4125.الخصال بإسناده عن الحسین بن علیّ عن أبیه علیّ بن أبی طالب علیهما السّلام عن النبیّ صلّی اللّه علیه و آله: تِسعَةُ أعشارِ الرِّزقِ فِی التِّجارَةِ،وَالجُزءُ الباقی فِی السّابِیاءِ-یَعنِی الغَنَمَ-. (2)
ص:253
4126.الخصال بإسناده عن الحسین عن أبیه علیّ علیهما السّلام: قالَ رَسولُ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله:إذَا التّاجِرانِ صَدَقا وبَرّا بورِکَ لَهُما،وإذا کَذَبا وخانا لَم یُبارَک لَهُما،وهُما بِالخِیارِ ما لَم یَفتَرِقا،فَإِنِ اختَلَفا فَالقَولُ قَولُ رَبِّ السِّلعَةِ أو یَتَتارَکا. (1)
4127.تاریخ بغداد عن أبی هشام القنّاد البصری: کُنتُ أحمِلُ المَتاعَ مِنَ البَصرَةِ إلَی الحُسَینِ بنِ عَلِیِّ بنِ أبی طالِبٍ علیه السّلام،فَکانَ رُبَّما یُماکِسُنی (2)فیهِ،فَلَعَلّی لا أقومُ مِن عِندِهِ حَتّی یَهَبَ عامَّتَهُ.
فَقُلتُ:یَابنَ رَسولِ اللّهِ،أجیئُکَ بِالمَتاعِ مِنَ البَصرَةِ تُماکِسُنی فیهِ،فَلَعَلّی لا أقومُ حَتّی تَهَبَ عامَّتَهُ؟!
فَقالَ:إنَّ أبی حَدَّثَنی یَرفَعُ الحَدیثَ إلَی النَّبِیِّ صلّی اللّه علیه و آله،أنَّهُ قالَ:المَغبونُ (3)لا مَحمودٌ ولا مَأجورٌ. (4)
ص:254
ص:256
4129.مستدرک الوسائل: عَنِ الحُسَینِ بنِ عَلِیٍّ علیه السّلام أنَّ سائِلاً کانَ یَسأَلُ یَوماً فَقالَ علیه السّلام:أتَدرونَ ما یَقولُ؟قالوا:لا،یَابنَ رَسولِ اللّهِ !
قالَ علیه السّلام:یَقولُ:أنَا رَسولُکُم،إن أعطَیتُمونی شَیئاً أخَذتُهُ وحَمَلتُهُ إلی هُناکَ،وإلّا أرِدُ إلَیهِ وکَفّی صِفرٌ (1). (2)
4130.نزهة الناظر عن الإمام الحسین علیه السّلام: مالُکَ إن لَم یَکُن لَکَ کُنتَ لَهُ،فَلا تُبقِ عَلَیهِ فَإِنَّهُ لا یَبقی عَلَیکَ،وکُلهُ قَبلَ أن یَأکُلَکَ ! (3)
ص:257
4131.الذریّة الطاهرة بإسناده عن الحسین علیه السّلام: قالَ رَسولُ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله:ما مِن عَبدٍ ولا أمَةٍ یَقتُرُ (1)بِنَفَقَةٍ یُنفِقُها فیما یُرضِی اللّهَ،إلّاأنفَقَ أضعافَها فی سَخَطِ اللّهِ. (2)
4132.الاختصاص عن حسن بن علیّ الجلال عن جدّه عن الحسین بن علیّ علیه السّلام: سَمِعتُ رَسولَ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله یَقولُ:اِبدَأ بِمَن تَعولُ:اُمَّکَ وأباکَ واُختَکَ وأخاکَ،ثُمَّ أدناکَ فَأَدناکَ. (3)
ص:258
4133.تاریخ الیعقوبی عن الإمام الحسین علیه السّلام: الخُلُقُ الحَسَنُ عِبادَةٌ. (1)
4134.نثر الدرّ عن الإمام الحسین علیه السّلام: أیُّهَا النّاسُ ! نافِسوا فِی المَکارِمِ،وسارِعوا فِی المَغانِمِ. (2)
4135.الأمالی للطوسی بإسناده عن الحسین بن علیّ عن أبیه علیّ علیهما السّلام: سَمِعتُ النَّبِیَّ صلّی اللّه علیه و آله یَقولُ:
بُعِثتُ بِمَکارِمِ الأَخلاقِ ومَحاسِنِها. (3)
4136.دلائل الإمامة عن فاطمة بنت الحسین عن أبیها عن امّه فاطمة علیها السّلام ابنة رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله: أنَّ رَسولَ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله قالَ:خِیارُکُم ألیَنُکُم مَناکِبَ،وأکرَمُهُم لِنِسائِهِم. (4)
ص:259
4137.تاریخ الیعقوبی عن الإمام الحسین علیه السّلام: الصِّدقُ عِزٌّ. (1)
4138.عیون أخبار الرضا علیه السّلام بإسناده عن الحسین بن علیّ عن سیّد الأوصیاء علیّ بن أبی طالب علیهما السّلام عن سیّد الأنبیاء محمّد صلّی اللّه علیه و آله: لا تَنظُروا إلی کَثرَةِ صَلاتِهِم وصَومِهِم،وکَثرَةِ الحَجِّ وَالمَعروفِ وطَنطَنَتِهِم (2)بِاللَّیلِ،ولکِنِ انظُروا إلی صِدقِ الحَدیثِ وأداءِ الأَمانَةِ. (3)
4139.نزهة الناظر عن الإمام الحسین علیه السّلام: الأَمینُ آمِنٌ،وَالبَریءُ جَریءٌ،وَالخائِنُ خائِفٌ، وَالمُسیءُ مُستَوحِشٌ. (4)
4140.تاریخ الیعقوبی عن الإمام الحسین علیه السّلام: السِّرُّ أمانَةٌ. (5)
4141.الأمالی للطوسی بإسناده عن الحسین عن أبیه علیهما السّلام: قالَ رَسولُ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله:المَجالِسُ بِالأَمانَةِ، ولا یَحِلُّ لِمُؤمِنٍ أن یَأثُرَ (6)عَن مُؤمِنٍ-أو قالَ:عَن أخیهِ المُؤمِنِ-قَبیحاً. 7
ص:260
4142.الملهوف -فی ذِکرِ مَصرَعِ الحُرِّ بنِ یَزیدَ الرِّیاحِیِّ-:فَحُمِلَ إلَی الحُسَینِ علیه السّلام،فَجَعَلَ یَمسَحُ التُّرابَ عَن وَجهِهِ ویَقولُ:أنتَ الحُرُّ کَما سَمَّتکَ امُّکَ؛حُرٌّ فِی الدُّنیا وحُرٌّ [فِی] (1)الآخِرَةِ. (2)
4143.الفتوح: ثُمَّ إنَّهُ [الحُسَینَ علیه السّلام ] دَعا إلَی البِرازِ،فَلَم یَزَل یَقتُلُ کُلَّ مَن خَرَجَ إلَیهِ مِن عُیونِ الرِّجالِ،حَتّی قَتَلَ مِنهُم مَقتَلَةً عَظیمَةً،قالَ:وتَقَدَّمَ الشِّمرُ بنُ ذِی الجَوشَنِ لَعَنَهُ اللّهُ فی قَبیلَةٍ عَظیمَةٍ،فَقاتَلَهُمُ الحُسَینُ بِأَجمَعِهِم وقاتَلوهُ،حَتّی حالوا بَینَهُ وبَینَ رَحلِهِ.
قالَ:فَصاحَ بِهِمُ الحُسَینُ علیه السّلام:وَیحَکُم یا شیعَةَ آلِ أبی سُفیانَ ! إن لَم یَکُن [لَکُم] (3)دینٌ،وکُنتُم لا تَخافونَ المَعادَ،فَکونوا أحراراً فی دُنیاکُم هذِهِ،وَارجِعوا إلی أحسابِکُم إن کُنتُم عُرباً (4)کَما تَزعُمونَ.
قالَ:فَناداهُ الشِّمرُ بنُ ذِی الجَوشَنِ لَعَنَهُ اللّهُ:ماذا تَقولُ یا حُسَینُ؟
قالَ:أقولُ:أنَا الَّذی اقاتِلُکُم،وتُقاتِلُونّی،وَالنِّساءُ لَیسَ لَکُم عَلَیهِنَّ جُناحٌ، فَامنَعوا عُتاتَکُم وطُغاتَکُم وجُهّالَکُم عَنِ التَّعَرُّضِ لِحَرَمی مادُمتُ حَیّاً.
ص:261
فَقالَ الشِّمرُ:لَکَ ذلِکَ یَابنَ فاطِمَةَ.
قالَ:ثُمَّ صاحَ الشِّمرُ بِأَصحابِهِ وقالَ:إلَیکُم عَن حَریمِ الرَّجُلِ،وَاقصِدوهُ فی نَفسِهِ،فَلَعَمری إنَّهُ لَکُفؤٌ کَریمٌ. (1)
4144.نثر الدرّ عن الإمام الحسین علیه السّلام: إنَّ الحِلمَ زینَةٌ. (2)
4145.الخصال بإسناده عن الحسین بن علیّ عن علیّ بن أبی طالب علیهما السّلام: قالَ رَسولُ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله:وَالَّذی نَفسی بِیَدِهِ،ما جُمِعَ شَیءٌ إلی شَیءٍ أفضَلُ مِن حِلمٍ إلی عِلمٍ. (3)
4146.مشکاة الأنوار: قالَ أمیرُ المُؤمِنینَ علیه السّلام لِلحُسَینِ علیه السّلام:یا بُنَیَّ مَا الحِلمُ؟قالَ:کَظمُ الغَیظِ، ومَلکُ النَّفسِ. (4)
4148.أعلام الدین عن الإمام الحسین علیه السّلام: مَن أحجَمَ (1)عَنِ الرَّأیِ وعَیِیَت (2)بِهِ الحِیَلُ،کانَ الرِّفقُ مِفتاحَهُ. (3)
4149.نثر الدرّ عن الإمام الحسین علیه السّلام: إنَّ أعفَی النّاسِ مَن عَفا عَن قُدرَةٍ. (4)
4150.کشف الغمّة: جَنی لَهُ [لِلإِمامِ الحُسَینِ علیه السّلام ] غُلامٌ جِنایَةً توجِبُ العِقابَ عَلَیهِ،فَأَمَرَ بِهِ أن یُضرَبَ.
فَقالَ:یا مَولایَ! «وَ الْکاظِمِینَ الْغَیْظَ» !
قالَ علیه السّلام:أخلوا عَنهُ.
فَقالَ:یا مَولایَ! «وَ الْعافِینَ عَنِ النّاسِ»!
قالَ علیه السّلام:قَد عَفَوتُ عَنکَ.
قالَ:یا مَولایَ! «وَ اللّهُ یُحِبُّ الْمُحْسِنِینَ»! 5
قالَ علیه السّلام:أنتَ حُرٌّ لِوَجهِ اللّهِ،ولَکَ ضِعفُ ما کُنتُ اعطیکَ. (5)
ص:263
4151.نثر الدرّ عن الإمام الحسین علیه السّلام: أیُّهَا النّاسُ ! مَن جادَ سادَ،ومَن بَخِلَ رَذُلَ،وإنَّ أجوَدَ النّاسِ مَن أعطی مَن لا یَرجوهُ. (1)
4152.مقتل الحسین علیه السّلام للخوارزمی: رُوِیَ أنَّ أعرابِیّاً مِنَ البادِیَةِ قَصَدَ الحُسَینَ علیه السّلام،فَسَلَّمَ عَلَیهِ، فَرَدَّ عَلَیهِ السَّلامَ وقالَ:یا أعرابِیُّ فیمَ قَصَدتَنا؟
قالَ:قَصَدتُکَ فی دِیَةٍ مُسَلَّمَةٍ إلی أهلِها.
قالَ:أقَصَدتَ أحَداً قَبلی؟
قالَ:عُتبَةَ بنَ أبی سُفیانَ؛فَأَعطانی خَمسینَ دیناراً،فَرَدَدتُها عَلَیهِ،وقُلتُ:
لَأَقصِدَنَّ مَن هُوَ خَیرٌ مِنکَ وأکرَمُ،فَقالَ عُتبَةُ:ومَن هُوَ خَیرٌ مِنّی وأکرَمُ لا امَّ لَکَ؟ فَقُلتُ:إمَّا الحُسَینُ بنُ عَلِیٍّ علیه السّلام،وإمّا عَبدُ اللّهِ بنُ جَعفَرٍ.
وقَد أتَیتُکَ بَدءاً لِتُقیمَ بِها عَمودَ ظَهری،وتَرُدَّنی إلی أهلی.
فَقالَ الحُسَینُ علیه السّلام:وَالَّذی فَلَقَ الحَبَّةَ وبَرَأَ النَّسَمَةَ وتَجَلّی بِالعَظَمَةِ،ما فی مِلکِ ابنِ بِنتِ نَبِیِّکَ إلّامِئَتا دینارٍ،فَأَعطِهِ إیّاها یا غُلامُ،وإنّی أسأَلُکَ عَن ثَلاثِ خِصالٍ إن أنتَ أجَبتَنی عَنها أتمَمتُها خَمسَمِئَةِ دینارٍ،وإن لَم تُجِبنی ألحَقتُکَ فیمَن کانَ قَبلی.
فَقالَ الأَعرابِیُّ:أکُلُّ ذلِکَ احتِیاجاً إلی عِلمی؟أنتُم أهلُ بَیتِ النُّبُوَّةِ،ومَعدِنُ الرِّسالَةِ،ومُختَلَفُ المَلائِکَةِ !
فَقالَ الحُسَینُ علیه السّلام:لا،ولکِن سَمِعتُ جَدّی رَسولَ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله یَقولُ:«أعطُوا
ص:264
المَعروفَ بِقَدرِ المَعرِفَةِ».
فَقالَ الأَعرابِیُّ:فَسَل،ولا حَولَ ولا قُوَّةَ إلّابِاللّهِ.
فَقالَ الحُسَینُ علیه السّلام:ما أنجی مِنَ الهَلَکَةِ؟
فَقالَ:التَّوَکُّلُ عَلَی اللّهِ.
فَقالَ:ما أروَحُ لِلمُهِمِّ؟
قالَ:الثِّقَةُ بِاللّهِ.
فَقالَ:أیُّ شَیءٍ خَیرٌ لِلعَبدِ فی حَیاتِهِ؟
قالَ:عَقلٌ یَزینُهُ حِلمٌ.
فَقالَ:فَإِن خانَهُ ذلِکَ؟
قالَ:مالٌ یَزینُهُ سَخاءٌ وسَعَةٌ.
فَقالَ:فَإِن أخطَأَهُ ذلِکَ؟
قالَ:المَوتُ وَالفَناءُ خَیرٌ لَهُ مِنَ الحَیاةِ وَالبَقاءِ.
قالَ:فَناوَلَهُ الحُسَینُ خاتَمَهُ،وقالَ:بِعهُ بِمِئَةِ دینارٍ،وناوَلَهُ سَیفَهُ وقالَ:بِعهُ بِمِئَتَی دینارٍ،وَاذهَب فَقَد أتمَمتُ لَکَ خَمسَمِئَةِ دینارٍ. (1)
4154.المناقب والمثالب للخوارزمی عن الحسین بن علیّ علیه السّلام: السَّخاءُ مَحَبَّةٌ. (1)
4155.نزهة الناظر عن الإمام الحسین علیه السّلام: مَن قَبِلَ عَطاءَکَ،فَقَد أعانَکَ عَلَی الکَرَمِ. (2)
4156.عیون أخبار الرضا علیه السّلام بإسناده عن الامام الحسین علیه السّلام: کانَ أمیرُ المُؤمِنینَ علیه السّلام یَقولُ:
خَلَقتَ الخَلائِقَ فی قُدرَةٍ فَمِنهُم سَخِیٌّ ومِنهُم بَخیلُ
فَأَمَّا السَّخِیُّ فَفی راحَةٍ وأمَّا البَخیلُ فَشُؤمٌ طَویلُ (3)
4159.الفردوس عن الحسین بن علیّ علیه السّلام عن رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله: الصَّبرُ مِفتاحُ الفَرَجِ،وَالزُّهدُ غَناءُ الأَبَدِ. (1)
4160.مشکاة الأنوار: سُئِلَ الحُسَینُ بنُ عَلِیٍّ علیه السّلام عَنِ النَّجدَةِ،فَقالَ:الإِقدامُ عَلَی الکَریهَةِ، وَالصَّبرُ عِندَ النّائِبَةِ (2)،وَالذَّبُّ عَنِ الإِخوانِ. (3)
4161.نزهة الناظر عن الإمام الحسین علیه السّلام: شُکرُکَ لِنِعمَةٍ سالِفَةٍ،یَقتَضی نِعمَةً آنِفَةً. (4)
4162.الإقبال عن الإمام الحسین علیه السّلام -فی دُعاءِ عَرَفَةَ-:لَو حاوَلتُ وَاجتَهَدتُ مَدَی الأَعصارِ وَالأَحقابِ-لَو عُمِّرتُها-أن اؤَدِّیَ شُکرَ واحِدَةٍ مِن أنعُمِکَ مَا استَطَعتُ ذلِکَ،إلّا بِمَنِّکَ الموجِبِ عَلَیَّ شُکراً آنِفاً جَدیداً،وثَناءً طارِفاً (5)عَتیداً (6)....
ص:267
اللّهُمَّ صَلِّ عَلی مُحَمَّدٍ عَبدِکَ ورَسولِکَ ونَبِیِّکَ وعَلی آلِهِ الطَّیِّبینَ الطّاهِرینَ أجمَعینَ،وتَمِّم لَنا نَعماءَکَ،وهَنِّئنا عَطاءَکَ،وَاجعَلنا لَکَ شاکِرینَ،ولِآلائِکَ ذاکِرینَ، آمینَ رَبَّ العالَمینَ. (1)
4163.الأمالی للصدوق بإسناده عن الحسین بن علیّ علیه السّلام: سَمِعتُ جَدّی رَسولَ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله یَقولُ:...
وَارضَ بِقَسمِ اللّهِ تَکُن أغنَی النّاسِ. (2)
4164.الدعوات عن الإمام الباقر عن علیّ بن الحسین علیهما السّلام: مَرِضتُ مَرَضاً شَدیداً،فَقالَ لی أبی علیه السّلام:
ما تَشتَهی؟
فَقُلتُ:أشتَهی أن أکونَ مِمَّن لا أقتَرِحُ عَلَی اللّهِ رَبّی سِوی ما یُدَبِّرُهُ لی.
فَقالَ لی:أحسَنتَ،ضاهَیتَ إبراهیمَ الخَلیلَ علیه السّلام حَیثُ قالَ لَهُ جَبرَئیلُ علیه السّلام:هَل مِن حاجَةٍ؟فَقالَ:لا أقتَرِحُ عَلی رَبّی،بَل حَسبِیَ اللّهُ ونِعمَ الوَکیلُ. (3)
4165.نزهة الناظر عن الإمام الحسین علیه السّلام: القُنوعُ راحَةُ الأَبدانِ. (4)
ص:268
4166.المناقب لابن شهر آشوب عن الإمام الحسین علیه السّلام: مَوتٌ فی عِزٍّ،خَیرٌ مِن حَیاةٍ فی ذُلٍّ.
وأنشَأَ علیه السّلام فی یَومِ قَتلِهِ:
المَوتُ خَیرٌ مِن رُکوبِ العارِ وَالعارُ أولی مِن دُخولِ النّارِ
وَاللّهِ ما هذا وهذا جاری. (1)
4167.کفایة الأثر عن یحیی بن یعمن: کُنتُ عِندَ الحُسَینِ علیه السّلام،إذ دَخَلَ عَلَیهِ رَجُلٌ مِنَ العَرَبِ مُتَلَثِّماً أسمَرُ شَدیدُ السُّمرَةِ،فَسَلَّمَ ورَدَّ الحُسَینُ علیه السّلام،فَقالَ:یَابنَ رَسولِ اللّهِ! مَسأَلَةٌ !
قالَ:هاتِ....
قالَ:ما عِزُّ المَرءِ؟
قالَ:اِستِغناؤُهُ عَنِ النّاسِ. (2)
4168.الإقبال عن الإمام الحسین علیه السّلام -فی دُعاءِ عَرَفَةَ-:یا مَن خَصَّ نَفسَهُ بِالسُّمُوِّ وَالرِّفعَةِ، وأولِیاؤُهُ بِعِزِّهِ یَتَعَزَّزونَ،یا مَن جَعَلَت لَهُ المُلوکُ نیرَ (3)المَذَلَّةِ عَلی أعناقِهِم فَهُم مِن سَطَواتِهِ خائِفونَ...
إلهی! کَیفَ أستَعِزُّ وفِی الذِّلَّةِ أرکَزتَنی،أم کَیفَ لا أستَعِزُّ وإلَیکَ نَسَبتَنی؟! (4)
ص:269
4169.الملهوف عن الإمام الحسین علیه السّلام: ألا وإنَّ الدَّعِیَّ ابنَ الدَّعِیِّ (1)قَد رَکَزَ بَینَ اثنَتَینِ:بَینَ السَّلَّةِ (2)وَالذِّلَّةِ،وهَیهاتَ مِنَّا الذِّلَّةُ،یَأبَی اللّهُ لَنا ذلِکَ ورَسولُهُ وَالمُؤمِنونَ،وحُجورٌ طابَت، وحُجورٌ طَهُرَت،واُنوفٌ حَمِیَّةٌ (3)،ونُفوسٌ أبِیَّةٌ،مِن أن تُؤثَرَ طاعَةُ اللِّئامِ عَلی مَصارِعِ الکِرامِ.
ألا وإنّی زاحِفٌ بِهذِهِ الاُسرَةِ مَعَ قِلَّةِ العَدَدِ وخِذلانِ النّاصِرِ. (4)
4170.مقتل الحسین علیه السّلام للخوارزمی عن عبد اللّه بن الحسن -فی أحداثِ عاشوراءَ-:خَرَجَ الحُسَینُ علیه السّلام مِن أصحابِهِ حَتّی أتَی النّاسَ فَاستَنصَتَهُم فَأَبَوا أن یُنصِتوا،فَقالَ لَهُم:...
ألا إنَّ الدَّعِیَّ ابنَ الدَّعِیِّ قَد رَکَزَ بَینَ اثنَتَینِ:بَینَ القَتلَةِ وَالذِّلَّةِ،وهَیهاتَ مِنّا أخذُ الدَّنِیَّةِ،أبَی اللّهُ ذلِکَ ورَسولُهُ،وجُدودٌ طابَت،وحُجورٌ طَهُرَت،واُنوفٌ حَمِیَّةٌ، ونُفوسٌ أبِیَّةٌ لا تُؤثِرُ طاعَةَ اللِّئامِ عَلی مَصارِعِ الکِرامِ،ألا إنّی قَد أعذَرتُ وأنذَرتُ، ألا إنّی زاحِفٌ بِهذِهِ الاُسرَةِ عَلی قِلَّةِ العَتادِ وخَذلَةِ الأَصحابِ،ثُمَّ أنشَدَ:
فَإِن نَهزِم فَهَزّامونَ قِدماً وإن نُهزَم فَغَیرُ مُهَزَّمینا
وما إن طِبُّنا جُبنٌ ولکِن مَنایانا ودَولَةُ آخَرینا
أما إنَّهُ لا تَلبَثونَ بَعدَها إلّاکَرَیثِما (5)یُرکَبُ الفَرَسُ،حَتّی تَدورَ بِکُم دَورَ الرَّحی، عَهدٌ عَهِدَهُ إلَیَّ أبی عَن جَدّی «فَأَجْمِعُوا أَمْرَکُمْ وَ شُرَکاءَکُمْ» 6 ، «فَکِیدُونِی جَمِیعاً ثُمَّ
ص:270
لا تُنْظِرُونِ * إِنِّی تَوَکَّلْتُ عَلَی اللّهِ رَبِّی وَ رَبِّکُمْ ما مِنْ دَابَّةٍ إِلاّ هُوَ آخِذٌ بِناصِیَتِها إِنَّ رَبِّی عَلی صِراطٍ مُسْتَقِیمٍ» 1 . (1)
4171.الإرشاد عن الإمام الحسین علیه السّلام -مُخاطِباً جَیشَ ابنِ زِیادٍ یَومَ عاشوراءَ-:لا وَاللّهِ،لا اعطیکُم بِیَدی إعطاءَ الذَّلیلِ،ولا أفِرُّ فِرارَ العَبیدِ. (2)
4172.نزهة الناظر عن الإمام الحسین علیه السّلام: مَن لَم یَکُن لِأَحَدٍ عائِباً،لَم یَعدَم مَعَ کُلِّ عائِبٍ عاذِراً. (3)
4173.معانی الأخبار عن شریح بن هانئ عن الحسین علیه السّلام -لَمّا سَأَلَهُ أمیرُ المُؤمِنینَ علیه السّلام:مَا الغِنی؟-:قِلَّةُ أمانِیِّکَ،وَالرِّضا بِما یَکفیکَ. (4)
4174.الإقبال عن الإمام الحسین علیه السّلام -فی دُعاءِ عَرَفَةَ-:اللّهُمَّ اجعَل غِنایَ فی نَفسی،وَالیَقینَ فی قَلبی،وَالإِخلاصَ فی عَمَلی،وَالنّورَ فی بَصَری،وَالبَصیرَةَ فی دینی،ومَتِّعنی
ص:271
بِجَوارِحی،وَاجعَل سَمعی وبَصَرِیَ الوارِثَینِ مِنّی (1)،وَانصُرنی عَلی مَن ظَلَمَنی، وأرِنی فیهِ مَآرِبی (2)وثَأری،وأقِرَّ بِذلِکَ عَینی. (3)
4175.الفردوس عن الحسین بن علیّ علیه السّلام عن رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله: قِلَّةُ طَلَبِ الحَوائِجِ مِنَ النّاسِ فِی الدُّنیا هُوَ الغِنَی الحاضِرُ،وکَثرَةُ طَلَبِ الحَوائِجِ إلَی النّاسِ مَذَلَّةُ الحَیاةِ،وَاستِخفافُ الوَقارِ، وهُوَ الفَقرُ الحاضِرُ. (4)
4176.المعجم الکبیر عن فاطمة بنت الحسین عن حسین بن علیّ علیه السّلام: قالَ رَسولُ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله:إنَّ اللّهَ یُحِبُّ مَعالِیَ الاُمورِ وأشرافَها،ویَکرَهُ سَفسافَها. (5)
4177.المناقب لابن شهر آشوب: قیلَ لَهُ [لِلحُسَینِ علیه السّلام ]:ما أعظَمَ خَوفَکَ مِن رَبِّکَ ! فَقالَ:لا یَأمَنُ یَومَ القِیامَةِ إلّامَن خافَ اللّهَ فِی الدُّنیا. (6)
ص:272
4178.جامع الأخبار عن الإمام الحسین علیه السّلام: البُکاءُ مِن خَشیَةِ اللّهِ نَجاةٌ مِنَ النّارِ. (1)
4179.جامع الأخبار عن الإمام الحسین علیه السّلام: بُکاءُ العُیونِ وخَشیَةُ القُلوبِ،مِن رَحمَةِ اللّهِ. (2)
4180.إرشاد القلوب عن الإمام الحسین علیه السّلام: ما دَخَلتُ عَلی أبی قَطُّ إلّاوَجَدتُهُ باکِیاً (3).
وقالَ:إنَّ النَّبِیَّ صلّی اللّه علیه و آله بَکی حینَ وَصَلَ فی قِراءَتِهِ: «فَکَیْفَ إِذا جِئْنا مِنْ کُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِیدٍ وَ جِئْنا بِکَ عَلی هؤُلاءِ شَهِیداً» 4 . (4)
4181.نزهة الناظر عن الإمام الحسین علیه السّلام: الشَّرَفُ التَّقوی. (5)
4182.تاریخ دمشق عن رجلٍ من همدان عن الحسین بن علیّ علیه السّلام -یَومَ عاشوراءَ-:عِبادَ اللّهِ ! اتَّقُوا اللّهَ،وکونوا مِنَ الدُّنیا عَلی حَذَرٍ...فَتَزَوَّدوا فَإِنَّ خَیرَ الزّادِ التَّقوی،وَاتَّقُوا اللّهَ لَعَلَّکُم تُفلِحونَ. (6)
4183.الأمالی للصدوق بإسناده عن الحسین بن علیّ علیه السّلام: سَمِعتُ جَدّی رَسولَ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله یَقولُ لی:
اعمَل بِفَرائِضِ اللّهِ تَکُن أتقَی النّاسِ. (7)
ص:273
4184 .مستدرک الوسائل عن الحسین بن علیّ علیهما السّلام:إنَّ العِزَّ وَالغِنی خَرَجا یَجولانِ فَلَقِیَا التَّوَکُّلَ فَاستَوطَنا. (1)
4185.الفتوح:أقبَلَ الحُسَینُ علیه السّلام عَلی عَبدِ اللّهِ بنِ عَبّاسٍ فَقالَ:یَابنَ عَبّاسٍ ! إنَّکَ ابنُ عَمِّ والِدی،ولَم تَزَل تَأمُرُ بِالخَیرِ مُنذُ عَرَفتُکَ،وکُنتَ مَعَ والِدی تُشیرُ عَلَیهِ بِما فیهِ الرَّشادُ،وقَد کانَ یَستَنصِحُکَ ویَستَشیرُکَ فَتُشیرُ عَلَیهِ بِالصَّوابِ،فَامضِ إلَی المَدینَةِ فی حِفظِ اللّهِ وکِلائِهِ (2)،ولا یَخفی عَلَیَّ شَیءٌ مِن أخبارِکَ،فَإِنّی مُستَوطِنٌ هذَا الحَرَمَ،ومُقیمٌ فیهِ أبَداً ما رَأَیتُ أهلَهُ یُحِبُّونّی ویَنصُرُونّی،فَإِذا هُم خَذَلونِی استَبدَلتُ بِهِم غَیرَهُم،وَاستَعصَمتُ بِالکَلِمَةِ الَّتی قالَها إبراهیمُ الخَلیلُ علیه السّلام یَومَ القِیَ فِی النّارِ:«حَسبِیَ اللّهُ ونِعمَ الوَکیلُ»،فَکانَتِ النّارُ عَلَیهِ بَرداً وسَلاماً. (3)
4186 .الأمالی للصدوق بإسناده عن الحسین بن علیّ علیه السّلام:سَمِعتُ جَدّی رَسولَ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله یَقولُ لی:اِعمَل بِفَرائِضِ اللّهِ تَکُن أتقَی النّاسِ،وَارضَ بِقَسمِ اللّهِ تَکُن أغنَی النّاسِ،وکُفَّ عَن مَحارِمِ اللّهِ تَکُن أورَعَ النّاسِ.... (4)
ص:274
4187.تاریخ دمشق باسناده عن الامام الحسین علیه السّلام: کانَ رَسولُ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله أحسَنَ مَن خَلَقَ اللّهُ خُلُقاً. (1)
4188.عیون أخبار الرضا علیه السّلام بإسناده عن الحسن بن علیّ بن أبی طالب علیه السّلام: قالَ الحُسَینُ علیه السّلام:سَأَلتُ أبی علیه السّلام عَن مَدخَلِ رَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله،فَقالَ:
کانَ دُخولُهُ لِنَفسِهِ مَأذوناً لَهُ فی ذلِکَ،فَإِذا أوی إلی مَنزِلِهِ جَزَّأَ دُخولَهُ ثَلاثَةَ أجزاءٍ:جُزءٌ للّهِ ِ تَعالی،وجُزءٌ لِأَهلِهِ،وجُزءٌ لِنَفسِهِ،ثُمَّ جَزَّأَ جُزأَهُ (2)بَینَهُ وبَینَ النّاسِ، فَیَرُدُّ ذلِکَ بِالخاصَّةِ عَلَی العامَّةِ ولا یَدَّخِرُ عَنهُم مِنهُ شَیئاً.
وکانَ مِن سیرَتِهِ فی جُزءِ الاُمَّةِ إیثارُ أهلِ الفَضلِ بِإِذنِهِ،وقَسمِهِ عَلی قَدرِ فَضلِهِم فِی الدّینِ؛فَمِنهُم ذُو الحاجَةِ،ومِنهُم ذُو الحاجَتَینِ،ومِنهُم ذُو الحَوائِجِ،فَیَتَشاغَلُ ویَشغَلُهُم فیما أصلَحَهُم وأصلَحَ الاُمَّةَ مِن مَسأَلَتِهِ عَنهُم،وإخبارِهِم بِالَّذی یَنبَغی، ویَقولُ:«لِیُبلِغِ الشّاهِدُ مِنکُمُ الغائِبَ،وأبلِغونی حاجَةَ مَن لا یَقدِرُ عَلی إبلاغِ
ص:275
حاجَتِهِ،فَإِنَّهُ مَن أبلَغَ سُلطاناً حاجَةَ مَن لا یَقدِرُ عَلی إبلاغِها ثَبَّتَ اللّهُ قَدَمَیهِ یَومَ القِیامَةِ»،لا یُذکَرُ عِندَهُ إلّاذلِکَ،ولا یُقبَلُ مِن أحَدٍ غَیرُهُ،یَدخُلونَ رُوّاداً (1)،ولا یَفتَرِقونَ إلّاعَن ذَواقٍ (2)،ویَخرُجونَ أدِلَّةً فُقهاءَ.
فَسَأَلتُهُ عَن مَخرَجِ رَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله،کَیفَ کانَ یَصنَعُ فیهِ؟
فَقالَ:کانَ رَسولُ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله یَخزُنُ لِسانَهُ إلّاعَمّا یَعنیهِ،ویُؤلِفُهُم ولا یُنَفِّرُهُم،ویُکرِمُ کَریمَ کُلِّ قَومٍ ویُوَلّیهِ عَلَیهِم،ویَحذَرُ النّاسَ ویَحتَرِسُ مِنهُم،مِن غَیرِ أن یَطوِیَ عَن أحَدٍ بِشرَهُ ولا خُلُقَهُ،ویَتَفَقَّدُ أصحابَهُ،ویَسأَلُ النّاسَ عَمّا فِی النّاسِ،ویُحَسِّنُ الحَسَنَ ویُقَوّیهِ،ویُقَبِّحُ القَبیحَ ویوهِنُهُ،مُعتَدِلَ الأَمرِ غَیرَ مُختَلِفٍ،لا یَغفُلُ مَخافَةَ أن یَغفُلوا أو یَمیلوا،ولا یَقصُرُ عَنِ الحَقِّ ولا یَجوزُهُ،الَّذینَ یَلونَهُ مِنَ النّاسِ خِیارُهُم، أفضَلُهُم عِندَهُ أعَمُّهُم (3)نَصیحَةً لِلمُسلِمینَ،وأعظَمُهُم عِندَهُ مَنزِلَةً أحسَنُهُم مُؤاساةً ومُؤازَرَةً.
قالَ:فَسَأَلتُهُ عَن مَجلِسِهِ.
فَقالَ:کانَ صلّی اللّه علیه و آله لا یَجلِسُ ولا یَقومُ إلّاعَلی ذِکرٍ،ولا یوطِنُ الأَماکِنَ (4)ویَنهی عَن إیطانِها،وإذَا انتَهی إلی قَومٍ جَلَسَ حَیثُ یَنتَهی بِهِ المَجلِسُ،ویَأمُرُ بِذلِکَ،ویُعطی کُلَّ جُلَسائِهِ نَصیبَهُ حَتّی لا یَحسَبَ أحَدٌ مِن جُلَسائِهِ أنَّ أحَداً أکرَمُ عَلَیهِ مِنهُ،مَن جالَسَهُ صابَرَهُ حَتّی یَکونَ هُوَ المُنصَرِفَ عَنهُ،مَن سَأَلَهُ حاجَةً لَم یَرجِع إلّابِها أو
ص:276
بِمَیسورٍ مِنَ القَولِ،قَد وَسِعَ النّاسَ مِنهُ خُلُقُهُ،وصارَ لَهُم أباً رَحیماً،وصاروا عِندَهُ فِی الحَقِّ سَواءً.
مَجلِسُهُ مَجلِسُ حِلمٍ وحَیاءٍ وصِدقٍ وأمانَةٍ،لا تُرفَعُ فیهِ الأَصواتُ،ولا تُؤبَنُ (1)فیهِ الحُرَمُ،ولا تُنثی (2)فَلَتاتُهُ،مُتَعادِلینَ،مُتَواصِلینَ فیهِ بِالتَّقوی،مُتَواضِعینَ،یُوَقِّرونَ الکَبیرَ ویَرحَمونَ الصَّغیرَ،ویُؤثِرونَ ذَا الحاجَةِ،ویَحفَظونَ الغَریبَ.
فَقُلتُ:کَیفَ کانَ سیرَتُهُ فی جُلَسائِهِ؟
فَقالَ:کانَ دائِمَ البِشرِ،سَهلَ الخُلُقِ،لَیِّنَ الجانِبِ،لَیسَ بِفَظٍّ (3)ولا غَلیظٍ،ولا صَخّابٍ ولا فَحّاشٍ ولا عَیّابٍ،ولا مَزّاحٍ ولا مَدّاحٍ،یَتَغافَلُ عَمّا لا یَشتَهی،فَلا یُؤیَسُ مِنهُ ولا یَخیبُ فیهِ مُؤَمِّلیهِ،قَد تَرَکَ نَفسَهُ مِن ثَلاثٍ:المِراءِ (4)،وَالإِکثارِ،وما لا یَعنیهِ،وتَرَکَ النّاسَ مِن ثَلاثٍ:کانَ لا یَذُمُّ أحَداً،ولا یُعَیِّرُهُ،ولا یَطلُبُ عَثَراتِهِ ولا عَورَتَهُ،ولا یَتَکَلَّمُ إلّافیما رَجا ثَوابَهُ،إذا تَکَلَّمَ أطرَقَ جُلَساؤُهُ کَأَنَّما عَلی رُؤوسِهِمُ الطَّیرُ (5)،وإذا سَکَتَ تَکَلَّموا،ولا یَتَنازَعونَ عِندَهُ الحَدیثَ،وإذا تَکَلَّمَ عِندَهُ أحَدٌ أنصَتوا لَهُ حَتّی یَفرُغَ مِن حَدیثِهِ،یَضحَکُ مِمّا یَضحَکونَ مِنهُ،ویَتَعَجَّبُ مِمّا یَتَعَجَّبونَ مِنهُ،ویَصبِرُ لِلغَریبِ عَلَی الجَفوَةِ فِی المَسأَلَةِ وَالمَنطِقِ،حَتّی إن کانَ أصحابُهُ
ص:277
لَیَستَجلِبونَهُم،ویَقولُ:إذا رَأَیتُم طالِبَ حاجَةٍ یَطلُبُها فَارفِدوهُ (1).ولا یَقبَلُ الثَّناءَ إلّا مِن مُکافِئٍ،ولا یَقطَعُ عَلی أحَدٍ کَلامَهُ حَتّی یَجوزَهُ فَیَقطَعَهُ بِنَهیٍ أو قِیامٍ.
قالَ:فَسَأَلتُهُ عَن سُکوتِ رَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله.
فَقالَ علیه السّلام:کانَ سُکوتُهُ عَلی أربَعٍ:الحِلمِ،وَالحَذَرِ،وَالتَّقدیرِ،وَالتَّفَکُّرِ:فَأَمَّا التَّقدیرُ فَفی تَسوِیَةِ النَّظَرِ وَالاستِماعِ بَینَ النّاسِ،وأما تَفَکُّرُهُ فَفیما یَبقی ویَفنی، وجُمِعَ لَهُ الحِلمُ فِی الصَّبرِ؛فَکانَ لا یُغضِبُهُ شَیءٌ ولا یَستَفِزُّهُ،وجُمِعَ لَهُ الحَذَرُ فی أربَعٍ:أخذِهِ الحَسَنَ لِیُقتَدی بِهِ،وتَرکِهِ القَبیحَ لِیُنتَهی عَنهُ،وَاجتِهادِهِ الرَّأیَ فی إصلاحِ امَّتِهِ،وَالقِیامِ فیما جَمَعَ لَهُم مِن خَیرِ الدُّنیا وَالآخِرَةِ،صَلَواتُ اللّهِ عَلَیهِ وآلِهِ الطّاهِرینَ. (2)
4189.المستدرک علی الصحیحین بإسناده عن الحسین عن أبیه علیّ بن أبی طالب علیهما السّلام: إنَّ یَهودِیّاً کانَ یُقالُ لَهُ:جُرَیجِرَةُ،کانَ لَهُ عَلی رَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله دَنانیرُ،فَتَقاضَی النَّبِیَّ صلّی اللّه علیه و آله.
فَقالَ لَهُ:یا یَهودِیُّ،ما عِندی ما اعطیکَ.
قالَ:فَإِنّی لا افارِقُکَ یا مُحَمَّدُ حَتّی تُعطِیَنی.
فَقالَ صلّی اللّه علیه و آله:إذاً أجلِسُ مَعَکَ.
فَجَلَسَ مَعَهُ،فَصَلّی رَسولُ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله فی ذلِکَ المَوضِعِ الظُّهرَ وَالعَصرَ وَالمَغرِبَ
ص:278
وَالعِشاءَ الآخِرَةَ وَالغَداةَ،وکانَ أصحابُ رَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله یَتَهَدَّدونَهُ ویَتَوَعَّدونَهُ،فَفَطَنَ رَسولُ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله فَقالَ:مَا الَّذی تَصنَعونَ بِهِ؟
فَقالوا:یا رَسولَ اللّهِ،یَهودِیٌّ یَحبِسُکَ؟!
فَقالَ رَسولُ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله:مَنَعَنی رَبّی أن أظلِمَ مُعاهَداً ولا غَیرَهُ.
فَلَمّا تَرَحَّلَ النَّهارُ،قالَ الیَهودِیُّ:أشهَدُ أن لا إلهَ إلَّااللّهُ وأشهَدُ أنَّ مُحَمَّداً عَبدُهُ ورَسولُهُ،وقالَ:شَطرُ (1)مالی فی سَبیلِ اللّهِ،أما وَاللّهِ ما فَعَلتُ الَّذی فَعَلتُ بِکَ إلّا لِأَنظُرَ إلی نَعتِکَ فِی التَّوراةِ:مُحَمَّدُ بنُ عَبدِ اللّهِ،مَولِدُهُ بِمَکَّةَ،ومُهاجَرُهُ بِطَیبَةَ (2)، ومُلکُهُ بِالشّامِ،لَیسَ بِفَظٍّ ولا غَلیظٍ ولا سَخّابٍ فِی الأَسواقِ،ولا مُتَزَیٍّ بِالفُحشِ ولا قَولِ الخَنا (3)،أشهَدُ أن لا إلهَ إلَّااللّهُ وأنَّکَ رَسولُ اللّهِ،هذا مالی فَاحکُم فیهِ بِما أراکَ اللّهُ.وکانَ الیَهودِیُّ کَثیرَ المالِ. (4)
ص:279
ص:280
4190.تفسیر العیّاشی عن مسعدة بن صدقة: مَرَّ الحُسَینُ بنُ عَلِیٍّ علیه السّلام بِمَساکینَ قَد بَسَطوا کِساءً لَهُم،فَأَلقَوا عَلَیهِ کِسَراً فَقالوا:هَلُمَّ یَابنَ رَسولِ اللّهِ !
فَثَنی وَرِکَهُ فَأَکَلَ مَعَهُم،ثُمَّ تَلا:«إنَّ اللّهَ لا یُحِبُّ المُستَکبِرینَ» 1،ثُمَّ قالَ:قَد أجَبتُکُم فَأَجیبونی.
قالوا:نَعَم یَابنَ رَسولِ اللّهِ ونُعمی عَینٍ 2.فَقاموا مَعَهُ حَتّی أتَوا مَنزِلَهُ.فَقالَ[ علیه السّلام ] لِلرَّبابِ:أخرِجی ما کُنتِ تَدَّخِرینَ. 3
4191.المناقب لابن شهر آشوب: مَرَّ [الحُسَینُ علیه السّلام ] بِمَساکینَ وهُم یَأکُلونَ کِسَراً لَهُم عَلی کِساءٍ، فَسَلَّمَ عَلَیهِم فَدَعَوهُ إلی طَعامِهِم،فَجَلَسَ مَعَهُم،وقالَ:لَولا أنَّهُ صَدَقَةٌ لَأَکَلتُ مَعَکُم.
ص:281
ثُمَّ قالَ:قوموا إلی مَنزِلی.فَأَطعَمَهُم وکَساهُم وأمَرَ لَهُم بِدَراهِمَ. (1)
4192.تاریخ دمشق عن الأصمعی: عُرِضَت عَلی مُعاوِیَةَ جارِیَةٌ فَأَعجَبَتهُ،فَسَأَلَ عَن ثَمَنِها،فَإِذا ثَمَنُها مِئَةُ ألفِ دِرهَمٍ،فَابتاعَها،ونَظَرَ إلی عَمرِو بنِ العاصِ،فَقالَ:لِمَن تَصلُحُ هذِهِ الجارِیَةُ؟فَقالَ:لِأَمیرِ المُؤمِنینَ.قالَ:ثُمَّ نَظَرَ إلی غَیرِهِ،فَقالَ لَهُ کَذلِکَ.فَقالَ:لا.
فَقیلَ:لِمَن؟قالَ:لِلحُسَینِ بنِ عَلِیِّ بنِ أبی طالِبٍ،فَإِنَّهُ أحَقُّ بِها لِما لَهُ مِنَ الشَّرَفِ، ولِما کانَ بَینَنا وبَینَ أبیهِ.
فَأَهداها لَهُ،فَأَمَرَ مَن یَقومُ عَلَیها.
فَلَمّا مَضَت أربَعونَ یَوماً،حَمَلَها،وحَمَلَ مَعَها أموالاً عَظیمَةً وکِسوَةً وغَیرَ ذلِکَ، وکَتَبَ:إنَّ أمیرَ المُؤمِنینَ اشتَری جارِیَةً فَأَعجَبَتهُ،فَآثَرَکَ بِها.
فَلَمّا قَدِمَت عَلَی الحُسَینِ بنِ عَلِیٍّ علیه السّلام ادخِلَت عَلَیهِ،فاُعجِبَ بِجَمالِها،فَقالَ لَها:
مَا اسمُکِ؟
فَقالَت:هَویً.
قالَ:أنتَ هَویً کَما سُمِّیتِ.هَل تُحسِنینَ شَیئاً؟
قالَت:نَعَم،أقرَأُ القُرآنَ،واُنشِدُ الأَشعارَ.
قالَ:اِقرَئی.
فَقَرَأَت: «وَ عِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَیْبِ لا یَعْلَمُها إِلاّ هُوَ» 2 .
ص:282
قالَ:أنشِدینی.
قالَت:ولِیَ الأَمانُ؟
قالَ:نَعَم.فَأَنشَأَت تَقولُ:
أنتَ نِعمَ المَتاعُ لَو کُنتَ تَبقی غَیرَ أن لا بَقاءَ لِلإِنسانِ
فَبَکَی الحُسَینُ علیه السّلام،ثُمَّ قالَ:أنتِ حُرَّةٌ،وما بَعَثَ بِهِ مُعاوِیَةُ مَعَکِ فَهُوَ لَکِ.ثُمَّ قالَ لَها:هَل قُلتِ فی مُعاوِیَةَ شَیئاً؟فَقالَت:
رَأَیتُ الفَتی یَمضی ویَجمَعُ جُهدَهُ رَجاءَ الغِنی وَالوارِثونَ قُعودُ
وما لِلفَتی إلّانَصیبٌ مِنَ التُّقی إذا فارَقَ الدُّنیا عَلَیهِ یَعودُ
فَأَمَرَ لَها بِأَلفِ دینارٍ وأخرَجَها.ثُمَّ قالَ:رَأَیتُ أبی کَثیراً ما یُنشِدُ:
ومَن یَطلُبُ الدُّنیا لِحالٍ تَسُرُّهُ فَسَوفَ لَعَمری عَن قَلیلٍ یَلومُها
إذا أدبَرَت کانَ عَلَی المَرءِ فِتنَةً وإن أقبَلَت کانَت قَلیلٌ دَوامُها
ثُمَّ بَکی وقامَ إلی صَلاتِهِ. (1)
4193.نثر الدرّ عن أنس: کُنتُ عِندَ الحُسَینِ علیه السّلام،فَدَخَلَت عَلَیهِ جارِیَةٌ بِیَدِها طاقَةُ رَیحانٍ فَحَیَّتهُ بِها،فَقالَ لَها:أنتِ حُرَّةٌ لِوَجهِ اللّهِ تَعالی.
فَقُلتُ:تُحَیّیکَ بِطاقَةِ رَیحانٍ لا خَطَرَ لَها فَتُعتِقُها؟!
ص:283
قالَ:کَذا أدَّبَنَا اللّهُ جَلَّ جَلالُهُ،قالَ: «وَ إِذا حُیِّیتُمْ بِتَحِیَّةٍ فَحَیُّوا بِأَحْسَنَ مِنْها أَوْ رُدُّوها» 1 ،فَکانَ أحسَنَ مِنها عِتقُها. (1)
4194.المُحلّی عن عبد اللّه بن شدّاد: مَرَّ الحُسَینُ بنُ عَلِیٍّ علیه السّلام بِراعٍ،فَأَهدَی الرّاعی إلَیهِ شاةً،فَقالَ لَهُ الحُسَینُ علیه السّلام:حُرٌّ أنتَ أم مَملوکٌ؟فَقالَ:مَملوکٌ،فَرَدَّهَا الحُسَینُ عَلَیهِ،فَقالَ لَهُ المَملوکُ:إنَّها لی،فَقَبِلَها مِنهُ،ثُمَّ اشتَراهُ وَاشتَرَی الغَنَمَ،فَأَعتَقَهُ وجَعَلَ الغَنَمَ لَهُ. (2)
4195.مقتل الحسین علیه السّلام للخوارزمی عن الحسن البصریّ: کانَ الحُسَینُ بنُ عَلِیٍّ علیه السّلام سَیِّداً زاهِداً وَرِعاً صالِحاً ناصِحاً حَسَنَ الخُلُقِ،فَذَهَبَ ذاتَ یَومٍ مَعَ أصحابِهِ إلی بُستانِهِ،وکانَ فی ذلِکَ البُستانِ غُلامٌ لَهُ اسمُهُ صافی،فَلَمّا قَرُبَ مِنَ البُستانِ رَأَی الغُلامَ قاعِداً یَأکُلُ خُبزاً،فَنَظَرَ الحُسَینُ علیه السّلام إلَیهِ،وجَلَسَ عِندَ نَخلَةٍ مُستَتِراً لا یَراهُ،فَکانَ یَرفَعُ الرَّغیفَ فَیَرمی بِنِصفِهِ إلَی الکَلبِ ویَأکُلُ نِصفَهُ الآخَرَ،فَتَعَجَّبَ الحُسَینُ علیه السّلام مِن فِعلِ الغُلامِ، فَلَمّا فَرَغَ مِن أکلِهِ قالَ:الحَمدُ للّهِ ِ رَبِّ العالَمینَ،اللّهُمَّ اغفِر لی،وَاغفِر لِسَیِّدی وبارِک لَهُ کَما بارَکتَ عَلی أبَوَیهِ،بِرَحمَتِکَ یا أرحَمَ الرّاحِمینَ.
فَقامَ الحُسَینُ علیه السّلام وقالَ:یا صافی !
ص:284
فَقامَ الغُلامُ فَزِعاً،وقالَ:یا سَیِّدی وسَیِّدَ المُؤمِنینَ! إنّی ما رَأَیتُکَ فَاعفُ عَنّی.
فَقالَ الحُسَینُ علیه السّلام:اِجعَلنی فِی حِلٍّ یا صافی لِأَنّی دَخَلتُ بُستانَکَ بِغَیرِ إذنِکَ !
فَقالَ صافی:بِفَضلِکَ یا سَیِّدی وکَرَمِکَ وسُؤدَدِکَ تَقولُ هذا.
فَقالَ الحُسَینُ علیه السّلام:رَأَیتُکَ تَرمی بِنِصفِ الرَّغیفِ لِلکَلبِ وتَأکُلُ النِّصفَ الآخَرَ،فَما مَعنی ذلِکَ؟
فَقالَ الغُلامُ:إنَّ هذَا الکَلبَ یَنظُرُ إلَیَّ حینَ آکُلُ،فَأَستَحی مِنهُ یا سَیِّدی لِنَظَرِهِ إلَیَّ،وهذا کَلبُکَ یَحرُسُ بُستانَکَ مِنَ الأَعداءِ،فَأَنَا عَبدُکَ وهذا کَلبُکَ،فَأَکَلنا رِزقَکَ مَعاً.
فَبَکَی الحُسَینُ علیه السّلام وقالَ:أنتَ عَتیقٌ للّهِ ِ،وقَد وَهَبتُ لَکَ ألفَی دینارٍ بِطیبَةٍ مِن قَلبی.
فَقالَ الغُلامُ:إن أعتَقتَنی فَأَنَا اریدُ القِیامَ بِبُستانِکَ.
فَقالَ الحُسَینُ علیه السّلام:إنَّ الرَّجُلَ إذا تَکَلَّمَ بِکَلامٍ فَیَنبَغی أن یُصَدِّقَهُ بِالفِعلِ،فَأَنَا قَد قُلتُ:دَخَلتُ بُستانَکَ بِغَیرِ إذنِکَ،فَصَدَّقتُ قَولی،ووَهَبتُ البُستانَ وما فیهِ لَکَ،غَیرَ أنَّ أصحابی هؤُلاءِ جاؤوا لِأَکلِ الثِّمارِ وَالرُّطَبِ،فَاجعَلهُم أضیافاً لَکَ وأکرِمهُم مِن أجلی،أکرَمَکَ اللّهُ یَومَ القِیامَةِ،وبارَکَ لَکَ فی حُسنِ خُلُقِکَ وأدَبِکَ.
فَقالَ الغُلامُ:إن وَهَبتَ لی بُستانَکَ فَأَنَا قَد سَبَّلتُهُ (1)لِأَصحابِکَ وشیعَتِکَ. (2)
ص:285
4196.دعائم الإسلام: عَنِ الحُسَینِ بنِ عَلِیٍّ علیه السّلام أنَّهُ وَرِثَ أرضاً وأشیاءَ،فَتَصَدَّقَ بِها قَبلَ أن یَقبِضَها. (1)
4197.المناقب لابن شهر آشوب عن عمرو بن دینار: دَخَلَ الحُسَینُ علیه السّلام عَلی اسامَةَ بنِ زَیدٍ وهُوَ مَریضٌ وهُوَ یَقولُ:واغَمّاه.
فَقالَ لَهُ الحُسَینُ علیه السّلام:وما غَمُّکَ-یا أخی-؟
قالَ:دَینی،وهُوَ سِتّونَ ألفَ دِرهَمٍ !
فَقالَ الحُسَینُ علیه السّلام:هُوَ عَلَیَّ.
قالَ:إنّی أخشی أن أموتَ.
فَقالَ الحُسَینُ علیه السّلام:لَن تَموتَ حَتّی أقضِیَها عَنکَ.
قالَ:فَقضاها قَبلَ مَوتِهِ. (2)
4198.تاریخ دمشق عن عوانة: تَنازَعَ الحُسَینُ بنُ عَلِیٍّ علیه السّلام وَالوَلیدُ بنُ عُتبَةَ بنِ أبی سُفیانَ فی
ص:286
أرضٍ،وَالوَلیدُ یَومَئِذٍ أمیرٌ عَلَی المَدینَةِ،فَبَینا حُسَینٌ یُنازِعُهُ إذ تَناوَلَ عِمامَةَ الوَلیدِ عَن رَأسِهِ فَجَذَبَها،فَقالَ مَروانُ بنُ الحَکَمِ وکانَ حاضِراً:إنّا للّهِ ِ،ما رَأَیتُ کَالیَومِ جُرأَةَ رَجُلٍ عَلی أمیرِهِ !
قالَ الوَلیدُ:لَیسَ ذاکَ بِکَ،ولکِنَّکَ حَسَدتَنی عَلی حِلمی عَنهُ.
فَقالَ حُسَینٌ علیه السّلام:الأَرضُ لَکَ،اشهَدوا أنَّها لَهُ. (1)
4199.مقتل الحسین علیه السّلام للخوارزمی: قیلَ:خَرَجَ الحَسَنُ علیه السّلام إلی سَفَرٍ فَأَضَلَّ طَریقَهُ لَیلاً،فَمَرَّ بِراعی غَنَمٍ فَنَزَلَ عِندَهُ،فَأَلطَفَهُ وباتَ عِندَهُ،فَلَمّا أصبَحَ دَلَّهُ عَلَی الطَّریقِ.
فَقالَ لَهُ الحَسَنُ علیه السّلام:إنّی ماضٍ إلی ضَیعَتی (2)ثُمَّ أعودُ إلَی المَدینَةِ،ووَقَّتَ لَهُ وَقتاً وقالَ لَهُ:تَأتینی بِهِ.
فَلَمّا جاءَ الوَقتُ شَغَلَ الحَسَنُ علیه السّلام بِشَیءٍ مِن امورِهِ عَن قُدومِ المَدینَةِ.فَجاءَ الرّاعی-وکانَ عَبداً لِرَجُلٍ مِن أهلِ المَدینَةِ-فَصارَ إلَی الحُسَینِ علیه السّلام وهُوَ یَظُنُّهُ الحَسَنَ علیه السّلام،فَقالَ:أنَا العَبدُ الَّذی بِتَّ عِندی لَیلَةَ کَذا،ووَعَدتَنی أن أصیرَ إلَیکَ فی هذَا الوَقتِ،وأراهُ عَلاماتٍ عَرَفَ الحُسَینُ علیه السّلام أنَّهُ الحَسَنُ علیه السّلام.
فَقالَ الحُسَینُ علیه السّلام لَهُ:لِمَن أنتَ یا غُلامُ؟
فَقالَ:لِفُلانٍ.
ص:287
فَقالَ علیه السّلام:کَم غَنَمُکَ؟
قالَ:ثَلاثُمِئَةٍ.
فَأَرسَلَ إلَی الرَّجُلِ فَرَغَّبَهُ حَتّی باعَهُ الغَنَمَ وَالعَبدَ فَأَعتَقَهُ،ووَهَبَ لَهُ الغَنَمَ مُکافَأَةً لِما صَنَعَ مَعَ أخیهِ.
وقالَ علیه السّلام:إنَّ الَّذی باتَ عِندَکَ أخی،وقَد کافَأتُکَ بِفِعلِکَ مَعَهُ. (1)
4200.تاریخ دمشق عن عصام بن المصطلق: دَخَلتُ الکوفَةَ،فَأَتَیتُ المَسجِدَ فَرَأَیتُ الحُسَینَ بنَ عَلِیٍّ علیه السّلام جالِساً فیهِ،فَأَعجَبَنی سَمتُهُ (2)ورُواهُ (3)،فَقُلتُ:أنتَ ابنُ أبی طالِبٍ؟قالَ:
أجَل.فَأَثارَ مِنِّی الحَسَدُ ما کُنتُ اجِنُّهُ (4)لَهُ ولِأَبیهِ،فَقُلتُ:فیکَ وبِأَبیکَ-وبالَغتُ فی سَبِّهِما،ولَم اکَنِّ-.
فَنَظَرَ إلَیَّ نَظَرَ عاطِفٍ رَؤوفٍ وقالَ:أمِن أهلِ الشّامِ أنتَ؟فَقُلتُ:أجَل،شِنشِنَةٌ (5)أعرِفُها منِ أخزَمَ!
فَتَبَیَّنَ فِیَّ النَّدَمَ عَلَی ما فَرَطَ مِنّی إلَیهِ،فَقالَ: «لا تَثْرِیبَ عَلَیْکُمُ الْیَوْمَ یَغْفِرُ اللّهُ لَکُمْ» 6 ؛
ص:288
انبَسِط إلَینا فی حَوائِجِکَ لَدَینا تَجِدنا عِندَ حُسنِ ظَنِّکَ بِنا.
فَلَم أبرَح وعَلی وَجهِ الأَرضِ أحَبُّ إلَیَّ مِنهُ ومِن أبیهِ،وقُلتُ: «اَللّهُ أَعْلَمُ حَیْثُ یَجْعَلُ رِسالَتَهُ» 1 . (1)
4201.مقتل الحسین علیه السّلام للخوارزمی: إنَّ أعرابِیّاً جاءَ إلَی الحُسَینِ بنِ عَلِیٍّ علیه السّلام فَقالَ لَهُ:یَابنَ رَسولِ اللّهِ،إنّی قَد ضَمِنتُ دِیَةً کامِلَةً وعَجَزتُ عَن أدائِها،فَقُلتُ فی نَفسی:أسأَلُ أکرَمَ النّاسِ،وما رَأَیتُ أکرَمَ مِن أهلِ بَیتِ رَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله.
فَقالَ الحُسَینُ علیه السّلام:یا أخَا العَرَبِ! أسأَلُکَ عَن ثَلاثِ مَسائِلَ:فَإِن أجَبتَ عَن واحِدَةٍ أعطَیتُکَ ثُلثَ المالِ،وإن أجَبتَ عَنِ اثنَتَینِ أعطَیتُکَ ثُلُثَیِ المالِ،وإن أجَبتَ عَن کُلٍّ أعطَیتُکَ المالَ کُلَّهُ.
فَقالَ الأَعرابِیُّ:یَابنَ رَسولِ اللّهِ! أمِثلُکَ یَسأَلُ مِن مِثلی وأنتَ مِن أهلِ العِلمِ وَالشَّرَفِ؟!
فَقالَ الحُسَینُ علیه السّلام:بَلی،سَمِعتُ جَدّی رَسولَ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله یَقولُ:المَعروفُ بِقَدرِ المَعرِفَةِ.
فَقالَ الأَعرابِیُّ:سَل عَمّا بَدا لَکَ،فَإِن أجَبتُ وإلّا تَعَلَّمتُ الجَوابَ مِنکَ،ولا قُوَّةَ إلّا بِاللّهِ.
ص:289
فَقالَ الحُسَینُ علیه السّلام:أیُّ الأَعمالِ أفضَلُ؟
فَقالَ:الإِیمانُ بِاللّهِ.
قالَ علیه السّلام:فَمَا النَّجاةُ مِنَ الهَلَکَةِ؟
قالَ:الثِّقَةُ بِاللّهِ.
قالَ علیه السّلام:فَما یُزَیِّنُ الرَّجُلَ؟
قالَ:عِلمٌ مَعَهُ حِلمٌ.
قالَ علیه السّلام:فَإِن أخطَأَهُ ذلِکَ؟
قالَ:فَمالٌ مَعَهُ مُروءَةٌ.
قالَ علیه السّلام:فَإِن أخطَأَهُ ذلِکَ؟
قالَ:فَقرٌ مَعَهُ صَبرٌ.
قالَ علیه السّلام:فَإِن أخطَأَهُ ذلِکَ؟
قالَ:فَصاعِقَةٌ تَنزِلُ مِنَ السَّماءِ فَتُحرِقُهُ !
فَضَحِکَ الحُسَینُ علیه السّلام ورَمی بِصُرَّةٍ إلَیهِ فیها ألفُ دینارٍ،وأعطاهُ خاتَمَهُ وفیهِ فَصٌّ قیمَتُهُ مِئَتا دِرهَمٍ،وقالَ لَهُ:یا أعرابِیُّ،أعطِ الذَّهَبَ لِغُرَمائِکَ،وَاصرِفِ الخاتَمَ فی نَفَقَتِکَ.
فَأَخَذَ الأَعرابِیُّ ذلِکَ مِنهُ ومَضی وهُوَ یَقولُ: «اَللّهُ أَعْلَمُ حَیْثُ یَجْعَلُ رِسالَتَهُ» 1 . (1)
4202.مکارم الأخلاق لابن أبی الدنیا عن محمّد بن علیّ عن شیخ من قریش: بَینا أبانُ بنُ عُثمانَ
ص:290
وعَبدُ اللّهِ بنُ الزُّبَیرِ جالِسانِ،إذ وَقَفَ عَلَیهِما أعرابِیٌّ فَسَأَلَهُما فَلَم یُعطِیاهُ شَیئاً،وقالا:
اذهَب إلی ذَینِکَ الفَتَیَینِ،وأشارا إلَی الحَسَنِ وَالحُسَینِ علیهما السّلام وهُما جالِسانِ.
فَجاءَ الأَعرابِیُّ حَتّی وَقَفَ عَلَیهِما فَسَأَلَهُما،فَقالا:إن کُنتَ تَسأَلُ فی دَمٍ موجِعٍ، أو فَقرٍ مُدقِعٍ (1)،أو أمرٍ مُفظِعٍ؛فَقَد وَجَبَ حَقُّکَ.
فَقالَ:أسأَلُ وأخَذَنِیَ الثَّلاثُ.
فَأَعطاهُ کُلُّ واحِدٍ مِنهُما خَمسَمِئَةٍ خَمسَمِئَةٍ.
فَانصَرَفَ الأَعرابِیُّ،فَمَرَّ عَلَی ابنِ الزُّبَیرِ وأبانٍ وهُما جالِسانِ،فَقالا:ما أعطاکَ الفَتَیانِ؟فَأَنشَأَ الأَعرابِیُّ یَقولُ:
أعطَیانی وأقنَیانی (2)جَمیعاً إذ تَواکَلتُما فَلَم تُعطِیانی
جَعَلَ اللّهُ مِن وُجوهِکُما نَع لَینِ سِبتاً (3)یَطاهُمَا الفَتَیانِ
حَسَنٌ وَالحُسَینُ خَیرُ بَنی حَوّ اءَ صیغا مِنَ الأَغَرِّ (4)الهِجانِ (5)
فَدَعا سُنَّةَ المَکارِمِ وَالمَج دِ فَما مِنکُما لَها مِن مُدانِ. (6)
4203.الکافی عن عبد الرحمن العزرمی عن أبی عبد اللّه [الصادق] علیه السّلام: جاءَ رَجُلٌ إلَی الحَسَنِ وَالحُسَینِ علیهما السّلام وهُما جالِسانِ عَلَی الصَّفا،فَسَأَلَهُما فَقالا:إنَّ الصَّدَقَةَ لا تَحِلُّ إلّافی دَینٍ موجِعٍ،أو غُرمٍ (7)مُفظِعٍ،أو فَقرٍ مُدقِعٍ،فَفیکَ شَیءٌ مِن هذا؟قالَ:نَعَم.فَأَعطَیاهُ.
ص:291
وقَد کانَ الرَّجُلُ سَأَلَ عَبدَ اللّهِ بنَ عُمَرَ،وعَبدَ الرَّحمنِ بنَ أبی بَکرٍ،فَأَعطَیاهُ ولَم یَسأَلاهُ عَن شَیءٍ.فَرَجَعَ إلَیهِما فَقالَ لَهُما:ما لَکُما لَم تَسأَلانی عَمّا سَأَلَنی عَنهُ الحَسَنُ وَالحُسَینُ علیهما السّلام؟وأخبَرَهُما بِما قالا،فَقالا:إنَّهُما غُذِّیا بِالعِلمِ غِذاءً. (1)
4204.الخصال عن یونس بن عبد الرحمن عمّن حدّثه من أصحابنا عن أبی عبد اللّه [الصادق] علیه السّلام: إنَّ رَجُلاً مَرَّ بِعُثمانَ بنِ عَفّانَ وهُوَ قاعِدٌ عَلی بابِ المَسجِدِ،فَسَأَلَهُ،فَأَمَرَ لَهُ بِخَمسَةِ دَراهِمَ.فَقالَ لَهُ الرَّجُلُ:أرشِدنی،فَقالَ لَهُ عُثمانُ:دونَکَ الفِتیَةَ الَّتی تَری،وأومَأَ بِیَدِهِ إلی ناحِیَةٍ مِنَ المَسجِدِ فیهَا الحَسَنُ وَالحُسَینُ علیهما السّلام وعَبدُ اللّهِ بنُ جَعفَرٍ.
فَمَضَی الرَّجُلُ نَحوَهُم حَتّی سَلَّمَ عَلَیهِم وسَأَلَهُم.فَقالَ لَهُ الحَسَنُ وَالحُسَینُ علیهما السّلام:
یا هذا،إنَّ المَسأَلَةَ لا تَحِلُّ إلّافی إحدی ثَلاثٍ:دَمٍ مُفجِعٍ،أو دَینٍ مُقرِحٍ،أو فَقرٍ مُدقِعٍ،فَفی أیِّها تَسأَلُ؟
فَقالَ:فی واحِدَةٍ مِن هذِهِ الثَّلاثِ.
فَأَمَرَ لَهُ الحَسَنُ علیه السّلام بِخَمسینَ دیناراً،وأمَرَ لَهُ الحُسَینُ علیه السّلام بِتِسعَةٍ وأربَعینَ دیناراً، وأمَرَ لَهُ عَبدُ اللّهِ بنُ جَعفَرٍ بِثَمانِیَةٍ وأربَعینَ دیناراً.
فَانصَرَفَ الرَّجُلُ فَمَرَّ بِعُثمانَ،فَقالَ لَهُ:ما صَنَعتَ؟
فَقالَ:مَرَرتُ بِکَ فَسَأَلتُکَ فَأَمَرتَ لی بِما أمَرتَ ولَم تَسأَلنی فیما أسأَلُ،وإنَّ صاحِبَ الوَفرَةِ (2)لَمّا سَأَلتُهُ قالَ لی:یا هذا فیما تَسأَلُ؟فَإِنَّ المَسأَلَةَ لا تَحِلُّ إلّافی إحدی ثَلاثٍ،فَأَخبَرتُهُ بِالوَجهِ الَّذی أسأَلُهُ مِنَ الثَّلاثَةِ،فَأَعطانی خَمسینَ دیناراً،
ص:292
وأعطانِی الثّانی تِسعَةً وأربَعینَ دیناراً،وأعطانِی الثّالِثُ ثَمانِیَةً وأربَعینَ دیناراً.
فَقالَ عُثمانُ:ومَن لَکَ بِمِثلِ هؤُلاءِ الفِتیَةِ؟! اولئِکَ فُطِمُوا العِلمَ فَطماً (1)،وحازُوا الخَیرَ وَالحِکمَةَ. (2)
4205.المعجم الأوسط عن مجاهد: جاءَ رَجُلٌ إلَی الحَسَنِ وَالحُسَینِ علیهما السّلام فَسَأَلَهُما،فَقالا:إنَّ المَسأَلَةَ لا تَصلُحُ إلّالِثَلاثَةٍ:لِحاجَةٍ مُجحِفَةٍ،أو حَمالَةٍ (3)مُثقِلَةٍ،أو دَینٍ فادِحٍ؛ وأعطَیاهُ.
ثُمَّ أتَی ابنَ عُمَرَ فَأَعطاهُ ولَم یَسأَلهُ،فَقالَ لَهُ الرَّجُلُ:أتَیتُ ابنَی عَمِّکَ فَسَأَلانی وأنتَ لَم تَسأَلنی؟!
فَقالَ ابنُ عُمَرَ:اِبنا رَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله،إنَّما کانا یُغَرّانِ (4)العِلمَ غَرّاً. (5)
4206.الفتوح -فی ذِکرِ ما جَری بَینَ الحُسَینِ علیه السّلام قَبلَ شَهادَتِهِ وبَینَ عُمَرَ بنِ سَعدٍ-:فَقالَ لَهُ
ص:293
الحُسَینُ علیه السّلام:وَیحَکَ-یَابنَ سَعدٍ-،أما تَتَّقِی اللّهَ الَّذی إلَیهِ مَعادُکَ أن تُقاتِلَنی،وأنَا ابنُ مَن عَلِمتَ یا هذا مِن رَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله؟! فَاترُک هؤُلاءِ وکُن مَعی؛فَإِنّی اقَرِّبُکَ إلَی اللّهِ عز و جل.
فَقالَ لَهُ عُمَرُ بنُ سَعدٍ:أبا عَبدِ اللّهِ! أخافُ أن تُهدَمَ داری.
فَقالَ لَهُ الحُسَینُ علیه السّلام:أنَا أبنیها لَکَ.
فَقالَ:أخافُ أن تُؤخَذَ ضَیعَتی (1).
فَقالَ الحُسَینُ علیه السّلام:أنَا اخلِفُ عَلَیکَ خَیراً مِنها مِن مالی بِالحِجازِ.
قالَ:فَلَم یُجِب عُمَرُ إلی شَیءٍ مِن ذلِکَ. (2)
ص:294
4207.نثر الدرّ عن الإمام الحسین علیه السّلام -فی خُطبَةٍ لَهُ-:اِعلَموا أنَّ حَوائِجَ النّاسِ إلَیکُم مِن نِعَمِ اللّهِ عَلَیکُم،فَلا تَمَلُّوا النِّعَمَ فَتَحورَ (1)نِقَماً. (2)
4208.الدرّ المنثور بإسناده عن الإمام الحسین علیه السّلام: قالَ رَسولُ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله:ما مِن عَبدٍ یَدَعُ المَشیَ فی حاجَةِ أخیهِ المُسلِمِ قُضِیَت أو لَم تُقضَ،إلَّاابتُلِیَ بِعَونِهِ مَن یَأثَمُ عَلَیهِ ولا یُؤجَرُ فیهِ. (3)
4209.قضاء حقوق المؤمنین عن ابن مهران: کُنتُ جالِساً عِندَ مَولایَ الحُسَینِ بنِ عَلِیٍّ علیه السّلام،
ص:295
فَأَتاهُ رَجُلٌ فَقالَ:یَابنَ رَسولِ اللّهِ،إنَّ فُلاناً لَهُ عَلَیَّ مالٌ ویُریدُ أن یَحبِسَنی.
فَقالَ علیه السّلام:وَاللّهِ ما عِندی مالٌ أقضی عَنکَ.
قالَ:فَکَلِّمهُ.
قالَ علیه السّلام:فَلَیسَ لی بِهِ انسٌ،ولکِنّی سَمِعتُ أبی أمیرَ المُؤمِنینَ-صَلَواتُ اللّهِ عَلَیهِ-یَقولُ:قالَ رَسولُ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله:«مَن سَعی فی حاجَةِ أخیهِ المُؤمِنِ فَکَأَنَّما عَبَدَ اللّهَ تِسعَةَ آلافِ سَنَةٍ،صائِماً نهارَهُ وقائِماً لَیلَهُ». (1)
4210.کنز العمّال عن الحسین بن علیّ علیه السّلام عن رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله: إنَّ مِن موجِباتِ المَغفِرَةِ إدخالَکَ السُّرورَ عَلی أخیکَ المُسلِمِ. (2)
4211.الأربعون حدیثاً لابن زهرة الحلبی بإسناده عن الحسین عن أبیه علیّ علیهما السّلام: کانَ النَّبِیُّ صلّی اللّه علیه و آله لَیَسُرُّ الرَّجُلَ مِن أصحابِهِ إذا رَآهُ مَغموماً بِالمُداعَبَةِ،وکانَ صلّی اللّه علیه و آله یَقولُ:إنَّ اللّهَ یُبغِضُ المُعَبِّسَ فی وَجهِ إخوانِهِ. (3)
ص:296
4212.عیون أخبار الرضا علیه السّلام بإسناده عن الحسین بن علیّ علیه السّلام: مَن سَرَّهُ أن یُنسَأَ (1)فی أجَلِهِ ویُزادَ فی رِزقِهِ،فَلیَصِل رَحِمَهُ. (2)
4214.کشف الغمّة بإسناده عن الحسین بن علیّ عن علیّ بن أبی طالب علیهما السّلام: إنَّ النَّبِیَّ صلّی اللّه علیه و آله قالَ:إنَّ الرَّجُلَ لَیَصِلُ رَحِمَهُ وقَد بَقِیَ مِن عُمُرِهِ ثَلاثُ سِنینَ،فَیَمُدُّهَا اللّهُ إلی ثَلاثٍ وثَلاثینَ سَنَةً.وإنَّ الرَّجُلَ لَیَقطَعُ رَحِمَهُ وقَد بَقِیَ مِن عُمُرِهِ ثَلاثٌ وثَلاثونَ سَنَةً،فَیَبتُرُهَا اللّهُ تَعالی إلی ثَلاثِ سِنینَ. (3)
4214. الکافی عن جابر عن أبی جعفر [الباقر] علیه السّلام: دَخَلَ قَومٌ عَلَی الحُسَینِ بنِ عَلِیٍّ علیه السّلام فَقالوا:یَابنَ رَسولِ اللّهِ،نَری فی مَنزِلِکَ أشیاءَ نَکرَهُها ! وإذا فی مَنزِلِهِ بُسُطٌ ونَمارِقُ (4).
فَقالَ علیه السّلام:إنّا نَتَزَوَّجُ النِّساءَ فَنُعطیهِنَّ مُهورَهُنَّ فَیَشتَرینَ ما شِئنَ،لَیسَ لَنا مِنهُ شَیءٌ. (5)
ص:297
4215.دعائم الإسلام: عَن بَعضِ أصحابِ أبی جَعفَرٍ مُحَمَّدِ بنِ عَلِیٍّ علیه السّلام أنَّهُ قالَ:دَخَلتُ-یَعنی عَلی أبی جَعفَرٍ علیه السّلام-فی مَنزِلِهِ،فَوَجَدتُهُ فی بَیتٍ مُنَجَّدٍ (1)قَد نُضِّدَ بِوَسائِدَ وأنماطٍ (2)ومَرافِقَ وأفرِشَةٍ.ثُمَّ دَخَلتُ عَلَیهِ بَعدَ ذلِکَ فَوَجَدتُهُ فی بَیتٍ مَفروشٍ بِحَصیرٍ،فَقُلتُ:
ما هذَا البَیتُ جُعِلتُ فِداکَ؟
قالَ:هذا بَیتی،وَالَّذی رَأَیتَ قَبلَهُ بَیتُ المَرأَةِ،وسَاُحَدِّثُکَ بِحَدیثٍ،حَدَّثَنی أبی علیه السّلام،قالَ:
دَخَلَ قَومٌ عَلَی الحُسَینِ بنِ عَلِیٍّ علیه السّلام فَرَأَوا فی مَنزِلِهِ بِساطاً ونَمارِقَ وغَیرَ ذلِکَ مِنَ الفُروشِ،فَقالوا:یَابنَ رَسولِ اللّهِ! نَری فی مَنزِلِکَ أشیاءَ لَم تَکُن فی مَنزِلِ رَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله؟!
قالَ:إنّا نَتَزَوَّجُ النِّساءَ فَنُعطیهِنَّ مُهورَهُنَّ فَیَشتَرینَ بِها ما شِئنَ،لَیسَ لَنا فیهِ شَیءٌ. (3)
4216.الأمالی للصدوق بإسناده عن الحسین بن علیّ علیه السّلام: سَمِعتُ جَدّی رَسولَ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله یَقولُ لی:...وأحسِن مُجاوَرَةَ مَن جاوَرَکَ تَکُن مُؤمِناً. (4)
ص:298
4217.تاریخ الیعقوبی عن الإمام الحسین علیه السّلام: الجِوارُ قَرابَةٌ. (1)
4218.علل الشرائع بإسناده عن الحسین بن علیّ عن أخیه الحسن بن علیّ بن أبی طالب علیهما السّلام: رَأَیتُ امّی فاطِمَةَ علیها السّلام قامَت فی مِحرابِها لَیلَةَ جُمُعَتِها،فَلَم تَزَل راکِعَةً ساجِدَةً حَتَّی اتَّضَحَ عَمودُ الصُّبحِ،وسَمِعتُها تَدعو لِلمُؤمِنینَ وَالمُؤمِناتِ وتُسَمّیهِم وتُکثِرُ الدُّعاءَ لَهُم،ولا تَدعو لِنَفسِها بِشَیءٍ.
فَقُلتُ لَها:یا امّاه،لِمَ لا تَدعینَ (2)لِنَفسِکِ کما تَدعینَ لِغَیرِکِ؟
فَقالَت:یا بُنَیَّ ! الجارُ ثُمَّ الدّارُ. (3)
4219.الجعفریّات بإسناده عن الإمام الحسین عن علیّ بن أبی طالب علیهما السّلام: قالَ رَسولُ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله:مَن وَقَّرَ ذا شَیبَةٍ لِشَیبَتِهِ،آمَنَهُ اللّهُ عز و جل مِن فَزَعِ یَومِ القِیامَةِ. (4)
4220.إرشاد القلوب عن الإمام الحسین علیه السّلام: إذا کانَ یَومُ القِیامَةِ نادی مُنادٍ:«أیُّهَا النّاسُ،مَن
ص:299
کانَ لَهُ عَلَی اللّهِ أجرٌ فَلیَقُم»،فَلا یَقومُ إلّاأهلُ المَعروفِ. (1)
4221.نثر الدرّ عن الإمام الحسین علیه السّلام: اعلَموا أنَّ المَعروفَ یُکسِبُ حَمداً ویُکسِبُ أجراً، فَلَو رَأَیتُمُ المَعروفَ رَجُلاً رَأَیتُموهُ حَسَناً جَمیلاً،یَسُرُّ النّاظِرینَ ویَفوقُ العالَمینَ، ولَو رَأَیتُمُ اللُّؤمَ رَجُلاً رَأَیتُموهُ سَمِجاً (2)مُشَوَّهاً،تَنفِرُ مِنهُ القُلوبُ وتُغَضُّ دونَهُ الأَبصارُ. (3)
4222.عیون أخبار الرضا علیه السّلام بإسناده عن الحسین بن علیّ علیه السّلام: خَطَبَنا أمیرُ المُؤمِنینَ علیه السّلام فَقالَ:
سَیَأتی عَلَی النّاسِ زَمانٌ عَضوضٌ (4)،یَعَضُّ المُؤمِنُ عَلی ما فی یَدِهِ ولَم یُؤمَر (5)بِذلِکَ، قالَ اللّهُ تَعالی: «وَ لا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَیْنَکُمْ إِنَّ اللّهَ بِما تَعْمَلُونَ بَصِیرٌ» 6 ،وسَیَأتی زَمانٌ یُقَدَّمُ فیهِ الأَشرارُ،ویُنسی فیهِ الأَخیارُ،ویُبایَعُ المُضطَرُّ؛وقَد نَهی رَسولُ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله عَن بَیعِ المُضطَرِّ وعَن بَیعِ الغَرَرِ (6)،فَاتَّقُوا اللّهَ-یا أیُّهَا النّاسُ-وأصلِحوا ذاتَ بَینِکُم وَاحفَظونی فی أهلی. (7)
ص:300
4223 .الأمالی للمفید عن الربیع بن المنذر عن أبیه عن الحسین بن علیّ علیه السّلام:ما مِن عَبدٍ قَطَرَت عَیناهُ فینا قَطرَةً،أو دَمَعَت عَیناهُ فینا دَمعَةً،إلّابَوَّأَهُ اللّهُ بِها فِی الجَنَّةِ حُقُباً (1). (2)
4224 .کامل الزیارات عن هارون بن خارجة عن أبی عبد اللّه [الصادق] علیه السّلام:قالَ الحُسَینُ علیه السّلام:أنَا قَتیلُ العَبرَةِ،لا یَذکُرُنی مُؤمِنٌ إلّابَکی. (3)
4225.کامل الزیارات عن أبی بصیر عن أبی عبد اللّه [الصادق] علیه السّلام:قالَ الحُسَینُ بنُ عَلِیٍّ علیهما السّلام:أنَا قَتیلُ العَبرَةِ،لا یَذکُرُنی مُؤمِنٌ إلَّااستَعبَرَ. (4)
4226.کامل الزیارات عن أبی یحیی الحذّاء عن بعض أصحابنا عن أبی عبد اللّه [الصادق] علیه السّلام:نَظَرَ أمیرُ المُؤمِنینَ علیه السّلام إلَی الحُسَینِ علیه السّلام فَقالَ:یا عَبرَةَ کُلِّ مُؤمِنٍ،فَقالَ:أنَا یا أبَتاه؟قالَ:نَعَم یا بُنَیَّ. (5)
4227.ثواب الأعمال عن هارون بن خارجة عن أبی عبد اللّه [الصادق] علیه السّلام:قالَ الحُسَینُ بنُ عَلِیٍّ علیهما السّلام:
ص:301
أنَا قَتیلُ العَبرَةِ،قُتِلتُ مَکروباً،وحَقیقٌ عَلَی اللّهِ ألّا یَأتِیَنی مَکروبٌ إلّارَدَّهُ وقَلَبَهُ إلی أهلِهِ مَسروراً. (1)
4228.کامل الزیارات عن جابر عن أبی عبد اللّه [الصادق] علیه السّلام: قالَ عَلِیٌّ علیه السّلام لِلحُسَینِ علیه السّلام:یا أبا عَبدِ اللّهِ اسوَةٌ أنتَ قِدَماً.
فَقالَ:جُعِلتُ فِداکَ! ما حالی؟
قالَ:عَلِمتَ ما جَهِلوا وسَیَنتَفِعُ عالِمٌ بِما عَلِمَ،یا بُنَیَّ اسمَع وأبصِر مِن قَبلِ أن یَأتِیَکَ،فَوَالَّذی نَفسی بِیَدِهِ لِیَسفِکَنَّ بَنو امَیَّةَ دَمَکَ ثُمَّ لا یُزیلونَکَ عَن دینِکَ،ولا یُنسونَکَ ذِکرَ رَبِّکَ.
فَقالَ الحُسَینُ علیه السّلام:وَالَّذی نَفسی بِیَدِهِ،حَسبی! أقرَرتُ بِما أنزَلَ اللّهُ،واُصَدِّقُ قَولَ نَبِیِّ اللّهِ،ولا اکَذِّبُ قَولَ أبی. (2)
4229.تاریخ الطبری عن عقبة بن أبی العیزار عن الحسین علیه السّلام: لَکُم فِیَّ اسوَةٌ. (3)
4230.أعلام الدین عن الإمام الحسین علیه السّلام -أنَّهُ قالَ لِرَجُلٍ-:یا هذا،لا تُجاهِد فِی الرِّزقِ جِهادَ
ص:302
المُغالِبِ،ولا تَتَّکِل عَلَی القَدَرِ اتِّکالَ مُستَسلِمٍ؛فَإِنَّ ابتِغاءَ الرِّزقِ مِنَ السُّنَّةِ، وَالإِجمالَ فِی الطَّلَبِ مِنَ العِفَّةِ،ولَیسَتِ العِفَّةُ بِمانِعَةٍ رِزقاً،ولَا الحِرصُ بِجالِبٍ فَضلاً،وإنَّ الرِّزقَ مَقسومٌ،وَالأَجَلَ مَحتومٌ،وَاستِعمالَ الحِرصِ طَلَبُ المَأثَمِ (1). (2)
4231.المعجم الکبیر عن حبیب بن أبی ثابت: صَنَعَتِ امرَأَةٌ مِن نِساءِ الحُسَینِ علیه السّلام طَعاماً فی بَعضِ أرضِهِ فَطَعِمَ،ثُمَّ رُفِعَ الطَّعامُ.
فَجاءَ مَولیً لَهُ،فَدَعا بِالطَّعامِ،فَقالَ:یا أبا عَبدِ اللّهِ،لا اریدُهُ.
قالَ:لِمَ؟
قالَ:أکَلنا قُبَیلُ عِندَ عُبَیدِ اللّهِ بنِ عَبّاسٍ.
فَقالَ الحُسَینُ علیه السّلام:إنَّ أباهُ کانَ سَیِّدَ قُرَیشٍ،إنَّ رَسولَ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله قالَ:یا بَنی عَبدِ المُطَّلِبِ،أطعِمُوا الطَّعامَ وأطیبُوا الکَلامَ. (3)
4232.الذرّیّة الطاهرة عن عبد اللّه بن سلیمان بن نافع عن الحسین بن علیّ علیه السّلام: قالَ رَسولُ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله:یا بَنی هاشِمٍ،أطیبُوا الکَلامَ وأطعِمُوا الطَّعامَ.
ص:303
فَقالَ رَجلٌ:ما أری بَینَ یَدَیکَ شَیئاً؟
قالَ:وما یُدریکَ ما طَعامی؟إنَّ طَعامی فی جِذاذی (1)وحَصادی. (2)
4233.المحاسن عن بشر بن غالب: خَرَجنا مَعَ الحُسَینِ بنِ عَلِیٍّ علیه السّلام إلَی المَدینَةِ ومَعَهُ شاةٌ قَد طُبِخَت أعضاءً (3)،فَجَعَلَ یُناوِلُ القَومَ عُضواً عُضواً. (4)
4234.سنن ابن ماجة عن فاطمة بنت الحسین عن أبیها علیه السّلام: قالَ النَّبِیُّ صلّی اللّه علیه و آله:مَن اصیبَ بِمُصیبَةٍ فَذَکَرَ مُصیبَتَهُ،فَأَحدَثَ استِرجاعاً؛وإن تَقادَمَ عَهدُها،کَتَبَ اللّهُ لَهُ مِنَ الأَجرِ مِثلَهُ یَومَ اصیبَ. (5)
4235.المناقب للخوارزمی بإسناده عن الحسین بن علیّ علیه السّلام: إنَّ النَّبِیَّ صلّی اللّه علیه و آله کانَ إذا عَطَسَ قالَ لَهُ
ص:304
عَلِیٌّ علیه السّلام:أعلَی اللّهُ ذِکرَکَ یا رَسولَ اللّهِ،وإذا عَطَسَ عَلِیٌّ علیه السّلام قالَ لَهُ النَّبِیُّ صلّی اللّه علیه و آله:أعلَی اللّهُ عَقِبَکَ یا عَلِیُّ. (1)
ص:305
ص:306
4236.الأمالی للصدوق بإسناده عن الحسین بن علیّ علیه السّلام: سَمِعتُ جَدّی رَسولَ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله یَقولُ لی:
اعمَل بِفَرائِضِ اللّهِ تَکُن أتقَی النّاسِ،وَارضَ بِقَسمِ اللّهِ تَکُن أغنَی النّاسِ،وکُفَّ عَن مَحارِمِ اللّهِ تَکُن أورَعَ النّاسِ،وأحسِن مُجاوَرَةَ مَن جاوَرَکَ تَکُن مُؤمِناً،وأحسِن مُصاحَبَةَ مَن صاحَبَکَ تَکُن مُسلِماً. (1)
4237.الخصال بإسناده عن الحسین بن علیّ عن علیّ بن أبی طالب علیهما السّلام: قالَ رَسولُ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله:رَأسُ العَقلِ بَعدَ الإِیمانِ بِاللّهِ عز و جل التَّحَبُّبُ إلَی النّاسِ. (2)
ص:307
4238.تاریخ أصبهان بإسناده عن الحسین بن علیّ بن أبی طالب علیه السّلام: قالَ رَسولُ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله:القَریبُ مَن قَرَّبَتهُ المَوَدَّةُ وإن بَعُدَ نَسَبُهُ،وَالبَعیدُ مَن باعَدَتهُ المَوَدَّةُ وإن قَرُبَ نَسَبُهُ،ولا شَیءَ أقرَبُ مِن یَدٍ إلی جَسَدٍ،وإنَّ الیَدَ إذا نَغِلَت (1)قُطِعَت،وإذا قُطِعَت حُسِمَت (2). (3)
4239.حلیة الأولیاء بإسناده عن الحسین بن علیّ بن أبی طالب علیه السّلام: قالَ رَسولُ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله:رَأسُ العَقلِ بَعدَ الإِیمانِ بِاللّهِ التَّوَدُّدُ إلَی النّاسِ. (4)
4243.نثر الدرّ عن الإمام الحسین علیه السّلام -فی خُطبَةٍ لَهُ-:إنَّ أفضَلَ النّاسِ مَن وَصَلَ مَن قَطَعَهُ، وَالاُصولُ عَلی مَغارِسِها فَفُروعُها تَسمو،فَمَن تَعَجَّلَ لِأَخیهِ خَیراً وَجَدَهُ إذا قَدِمَ عَلَیهِ غَداً،ومَن أرادَ اللّهَ-تَبارَکَ وتَعالی-بِالصَّنیعَةِ إلی أخیهِ کافَأَهُ بِها وَقتَ حاجَتِهِ، وصَرَفَ عَنهُ مِن بَلاءِ الدُّنیا ما هُوَ أکثَرُ مِنهُ،ومَن نَفَّسَ کُربَةَ (1)مُؤمِنٍ فَرَّجَ اللّهُ عَنهُ کُرَبَ الدُّنیا وَالآخِرَةِ،ومَن أحسَنَ أحسَنَ اللّهُ إلَیهِ،وَاللّهُ یُحِبُّ المُحسِنینَ. (2)
4244.الطبقات الکبری (الطبقة الخامسة من الصحابة) عن جُعَید همدان: أتَیتُ الحُسَینَ بنَ عَلِیٍّ علیه السّلام وعَلی صَدرِهِ سَکینَةُ بِنتُ حُسَینٍ علیه السّلام فَقالَ:یا اختَ کَلبٍ! (3)خُذِی ابنَتَکِ عَنّی.
فَساءَلَنی فَقالَ:أخبِرنی عَن شَبابِ العَرَبِ أو عَنِ العَرَبِ.
قالَ:قُلتُ:أصحابُ جُلاهَقاتٍ (4)ومَجالِسَ.
قالَ:فَأَخبِرنی عَنِ المَوالی.
قالَ:قُلتُ:آکِلُ رِباً،أو حَریصٌ عَلَی الدُّنیا.
قالَ:فَقالَ:إنّا للّهِ ِ وإنّا إلَیهِ راجِعونَ،وَاللّهِ إنَّهُما لَلصِّنفانِ اللَّذانِ کُنّا نَتَحَدَّثُ أنَّ اللّهَ تَبارَکَ وتَعالی یَنتَصِرُ بِهِما لِدینِهِ.
ص:309
یا جُعَیدَ هَمدانَ ! النّاسُ أربَعَةٌ:مِنهُم مَن لَهُ خُلُقٌ ولَیسَ لَهُ خَلاقٌ (1)،ومِنهُم مَن لَهُ خَلاقٌ ولَیسَ لَهُ خُلُقٌ،ومنِهُم مَن لَهُ خُلُقٌ وخَلاقٌ؛وذاکَ أفضَلُ النّاسِ،ومِنهُم مَن لَیسَ لَهُ خُلُقٌ ولاخَلاقٌ؛وذاکَ شَرُّ النّاسِ. (2)
4245.تحف العقول عن الإمام الحسین علیه السّلام: الإِخوانُ أربَعَةٌ:فَأَخٌ لَکَ ولَهُ،وأخٌ لَکَ،وأخٌ عَلَیکَ، وأخٌ لا لَکَ ولا لَهُ.
فَسُئِلَ عَن مَعنی ذلِکَ،فَقالَ علیه السّلام:
الأَخُ الَّذی هُوَ لَکَ ولَهُ:فَهُوَ الأَخُ الَّذی یَطلُبُ بِإِخائِهِ بَقاءَ الإِخاءِ،ولا یَطلُبُ بِإِخائِهِ مَوتَ الإِخاءِ،فَهذا لَکَ ولَهُ؛لِأَ نَّهُ إذا تَمَّ الإِخاءُ طابَت حَیاتُهُما جَمیعاً،وإذا دَخَلَ الإِخاءُ فی حالِ التَّناقُضِ (3)بَطَلَ جَمیعاً.
وَالأَخُ الَّذی هُوَ لَکَ:فَهُوَ الأَخُ الَّذی قَد خَرَجَ بِنَفسِهِ عَن حالِ الطَّمَعِ إلی حالِ الرَّغبَةِ،فَلَم یَطمَع فِی الدُّنیا إذا رَغِبَ فِی الإِخاءِ،فَهذا موفِرٌ عَلَیکَ بِکُلِّیَّتِهِ.
وَالأَخُ الَّذی هُوَ عَلَیکَ:فَهُوَ الأَخُ الَّذی یَتَرَبَّصُ بِکَ الدَّاوئِرَ،ویُغشِی السَّرائِرَ، ویَکذِبُ عَلَیکَ بَینَ العَشائِرِ،ویَنظُرُ فی وَجهِکَ نَظَرَ الحاسِدِ،فَعَلَیهِ لَعنَةُ الواحِدِ.
وَالأَخُ الَّذی لا لَکَ ولا لَهُ:فَهُوَ الَّذی قَد مَلَأَهُ اللّهُ حُمقاً فَأَبعَدَهُ سُحقاً،فَتَراهُ یُؤثِرُ نَفسَهُ عَلَیکَ،ویَطلُبُ شُحّاً ما لَدَیکَ. (4)
ص:310
4246.نزهة الناظر عن الإمام الحسین علیه السّلام: مَن أحَبَّکَ نَهاکَ،ومَن أبغَضَکَ أغراکَ. (1)
4247.تاریخ الیعقوبی: قالَ بَعضُهُم:سَمِعتُ الحُسَینَ علیه السّلام یَقولُ:المَعونَةُ صَداقَةٌ. (2)
4248.بُغیة الطلب فی تاریخ حلب عن أحمد بن أبی القاسم عن أبیه: کَتَبَ أخٌ لِلحُسَینِ بنِ عَلِیٍّ علیه السّلام إلَی الحُسَینِ علیه السّلام کِتاباً یَستَبطِئُهُ فی مُکاتَبَتِهِ،قالَ:فَکَتَبَ إلَیهِ الحُسَینُ علیه السّلام:
یا أخی! لَیسَ تَأکیدُ المَوَدَّةِ بِکَثرَةِ المُزاوَرَةِ،ولا بِمُواتَرَةِ (3)المُکاتَبَةِ،ولکِنَّها فِی القَلبِ ثابِتَةٌ،وعِندَ النَّوازِلِ (4)مَوجودَةٌ. (5)
4249.الاختصاص بإسناده عن الحسین بن علیّ علیه السّلام عن النبیّ صلّی اللّه علیه و آله: حَدَّثَنی جَبرَئیلُ أنَّ اللّهَ عز و جل أهبَطَ مَلَکاً إلَی الأَرضِ،فَأَقبَلَ ذلِکَ المَلَکُ یَمشی حَتّی وَقَعَ إلی بابِ دارِ رَجُلٍ،فَإِذا رَجُلٌ یَستَأذِنُ عَلی بابِ الدّارِ.
ص:311
فَقالَ لَهُ المَلَکُ:ما حاجَتُکَ إلی رَبِّ هذِهِ الدّارِ؟
قالَ:أخٌ لی مُسلِمٌ زُرتُهُ فِی اللّهِ.
قالَ:وَاللّهِ ما جاءَ بِکَ إلّاذاکَ؟!
قالَ:ما جاءَنی إلّاذاکَ.
قالَ:فَإِنّی رَسولُ اللّهِ إلَیکَ،وهُوَ یُقرِئُکَ السَّلامَ ویَقولُ:وَجَبَت لَکَ الجَنَّةُ.
قالَ:فَقالَ:إِنَّ اللّهَ تَعالی یَقولُ:ما مِن مُسلِمٍ زارَ مُسلِماً فَلَیسَ إیّاهُ یَزورُ بَل إیّایَ یَزورُ،وثَوابُهُ عَلَیَّ الجَنَّةُ. (1)
4250.تحف العقول عن الإمام الحسین علیه السّلام: مِن دَلائِلِ عَلاماتِ القَبولِ،الجُلوسُ إلی أهلِ العُقولِ. (2)
4251.نثر الدرّ عن الإمام الحسین علیه السّلام: مُجالَسَةُ أهلِ الفِسقِ ریبَةٌ. (3)
4252.نثر الدرّ عن الإمام الحسین علیه السّلام: مُجالَسَةُ الدُّناةِ شَرٌّ. 4
ص:312
4253.کنز العمّال بإسناده عن الحسین علیه السّلام: إنَّ علیَّ بنَ أبی طالِبٍ علیه السّلام سَمِعَ رَسولَ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله یَقولُ لِأَبی امامَةَ الباهِلِیِّ:لا تُجالِس قَدَرِیّاً ولا مُرجِئاً ولا خارِجِیّاً (1)؛إنَّهُم یُکفِئونَ الدّینَ کَما یُکفَأُ الإِناءُ،ویَغلونَ کَما غَلَتِ الیَهودُ وَالنَّصاری،ولِکُلِّ امَّةٍ مَجوسٌ ومَجوسُ هذِهِ الاُمَّةِ القَدَرِیَّةُ فَلا تُشَیِّعوهُم،ألا إنَّهُم یُمسَخونَ قِرَدَةً وخَنازیرَ،ولَولا ما وَعَدَنی رَبّی ألّا یَکونَ فی امَّتی خَسفٌ لَخُسِفَ بِهِم فِی الحَیاةِ الدُّنیا. (2)
4254.الأمالی للصدوق عن یحیی بن أبی القاسم عن الصادق جعفر بن محمّد عن أبیه عن جدّه علیهم السّلام: کَتَبَ رَجُلٌ إلَی الحُسَینِ بنِ عَلِیٍّ علیه السّلام:یا سَیِّدی! أخبِرنی بِخَیرِ الدُّنیا وَالآخِرَةِ.
فَکَتَبَ إلَیهِ:
بِسمِ اللّهِ الرَّحمنِ الرَّحیمِ.أمّا بَعدُ،فَإِنَّهُ مَن طَلَبَ رِضَا اللّهِ بِسَخَطِ النّاسِ کَفاهُ اللّهُ امورَ النّاسِ،ومَن طَلَبَ رِضَا النّاسِ بِسَخَطِ اللّهِ وَکَلَهُ اللّهُ إلَی النّاسِ،وَالسَّلامُ. (3)
4255.الفتوح -بَعدَ ذِکرِ کِتابِ عُبَیدِ اللّهِ بنِ زِیادٍ إلَی الحُسَینِ علیه السّلام یَطلُبُ مِنهُ أن یَرجِعَ إلی حُکمِهِ وحُکمِ یَزیدَ-:فَلَمّا وَرَدَ الکِتابُ قَرَأَهُ الحُسَینُ علیه السّلام ثُمَّ رَمی بِهِ،ثُمَّ قالَ:
لا أفلَحَ قَومٌ آثَروا مَرضاةَ أنفُسِهِم عَلی مَرضاةِ الخالِقِ. (4)
ص:313
4256.تحف العقول عن الإمام الحسین علیه السّلام: إیّاکَ وما تَعتَذِرُ مِنهُ؛فَإِنَّ المُؤمِنَ لا یُسیءُ ولا یَعتَذِرُ، وَالمُنافِقُ کُلَّ یَومٍ یُسیءُ ویَعتَذِرُ. (1)
4257.نظم درر السمطین عن الإمام الحسین علیه السّلام: لَو شَتَمَنی رَجُلٌ فی هذِهِ الاُذُنِ-وأومی إلَی الیُمنی-وَاعتَذَرَ لی فِی الاُخری لَقَبِلتُ ذلِکَ مِنهُ،وذلِکَ أنَّ أمیرَ المُؤمِنینَ عَلِیَّ بنَ أبی طالِبٍ علیه السّلام حَدَّثَنی أنَّهُ سَمِعَ جَدّی رَسولَ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله یَقولُ:«لا یَرِدُ الحَوضَ مَن لَم یَقبَلِ العُذرَ مِن مُحِقٍّ أو مُبطِلٍ». (2)
4258.نزهة الناظر: تَذاکَروا عِندَهُ [الإِمامِ الحُسَینِ علیه السّلام ] اعتِذارَ عَبدِ اللّهِ بنِ عَمرِو بنِ العاصِ مِن مَشهَدِهِ بِصِفّینَ،فَقالَ علیه السّلام:رُبَّ ذَنبٍ أحسَنُ مِنَ الاِعتِذارِ مِنهُ. (3)
ص:314
راجع:ص 336 (الفصل الثامن/طاعة المخلوق عصیاناً للخالق).
4259.المطالب العالیة عن الحسین بن علیّ علیه السّلام عن رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله: مَن أتَتهُ هَدِیَّةٌ وعِندَهُ قَومٌ جُلوسٌ،فَهُم شُرَکاؤُهُ فیها. (1)
4260.تهذیب الکمال عن ابن عون عن الحسین علیه السّلام: إنَّ خَیرَ المالِ ما وَقَی العِرضَ (2). (3)
4261.مکارم الأخلاق لابن أبی الدنیا عن إسماعیل بن یسار: لَقِیَ الفَرَزدَقُ حُسَیناً علیه السّلام بِالصِّفاحِ (4)، فَأَمَرَ لَهُ الحُسَینُ علیه السّلام بِأَربَعِمِئَةِ دینارٍ.
فَقیلَ:یا أبا عَبدِ اللّهِ! أعطَیتَ شاعِراً مُبتَهِراً (5)أربَعَمِئَةِ دینارٍ؟!
فَقالَ:إنَّ مِن خَیرِ مالِکَ ما وَقَیتَ بِهِ عِرضَکَ. (6)
ص:315
4262.الهدایة الکبری عن سیف بن عمیرة التمّار عن أبی عبد اللّه الصادق علیه السّلام: جاءَ رَجُلٌ مِن مَوالی أبی عَبدِ اللّهِ الحُسَینِ علیه السّلام یُشاوِرُهُ فِی امرَأَةٍ یَتَزَوَّجُها،فَقالَ لَهُ علیه السّلام:لا احِبُّ لَکَ أن تَتَزَوَّجَها؛فَإِنَّهَا امرَأَةٌ مَشؤومَةٌ.
وکانَ الرَّجُلُ مُحِبّاً لَهُ،ذو مالٍ کَثیرٍ،فَخالَفَ مَولانَا الحُسَینَ علیه السّلام وتَزَوَّجَها،فَلَم تَلبَث مَعَهُ إلّاقَلیلاً حَتّی أتلَفَ اللّهُ مالَهُ ورَکِبَهُ دَینٌ،وماتَ أخٌ لَهُ کانَ أحَبَّ النّاسِ إلَیهِ.
فَقالَ لَهُ الحُسَینُ علیه السّلام:لَقَد أشَرتُ عَلَیکَ ما هُوَ خَیرٌ لَکَ مِنها وأعظَمُ بَرَکَةً،فَخَلَّی الرَّجُلُ سَبیلَها.
فَقالَ[ علیه السّلام ]:عَلَیکَ بِفُلانَةَ.فَتَزَوَّجَها،فَما خَرَجَت سَنَتُهُ حَتّی أخلَفَ اللّهُ عَلَیهِ مالَهُ وحالَهُ ووَلَدَت لَهُ غُلاماً،ورَأی مِنها ما یُحِبُّ فی تِلکَ السَّنَةِ. (1)
4263.تاریخ الطبری عن عقبة بن سمعان: خَرَجنا فَلَزِمنَا الطَّریقَ الأَعظَمَ...فَاستَقبَلَنا عَبدُ اللّهِ بنُ مُطیعٍ،فَقالَ لِلحُسَینِ علیه السّلام:جُعِلتُ فِداکَ! أینَ تُریدُ؟
قالَ:أمَّا الآنَ فَإِنّی اریدُ مَکَّةَ،وأمّا بَعدَها فَإِنّی أستَخیرُ اللّهَ.
ص:316
قالَ:خارَ اللّهُ لَکَ،وجَعَلَنا فِداکَ! (1)
4264.الفتوح: فَبَینَمَا الحُسَینُ علیه السّلام کَذلِکَ بَینَ المَدینَةِ ومَکَّةَ،إذَا استَقبَلَهُ عَبدُ اللّهِ بنُ مُطیعٍ العَدَوِیُّ،فَقالَ:أینَ تُریدُ أبا عَبدِ اللّهِ-جَعَلَنِی اللّهُ فِداکَ-؟
قالَ:أمّا فی وَقتی هذا اریدُ مَکَّةَ،فَإِذا صِرتُ إلَیهَا استَخَرتُ اللّهَ تَعالی فی أمری بَعدَ ذلِکَ. (2)
4265.الفتوح: خَرَجَ الحُسَینُ بنُ عَلِیٍّ علیه السّلام مِن مَنزِلِهِ ذاتَ لَیلَةٍ وأتی إلی قَبرِ جَدِّهِ صلّی اللّه علیه و آله...وأرسَلَ الوَلیدُ بنُ عُتبَةَ إلی مَنزِلِ الحُسَینِ علیه السّلام لِیَنظُرَ هَل خَرَجَ مِنَ المَدینَةِ أم لا،فَلَم یُصِبهُ فی مَنزِلِهِ،فَقالَ:الحَمدُ للّهِ ِ الَّذی لَم یُطالِبنِی اللّهُ عز و جل بِدَمِهِ-وظَنَّ أنَّهُ خَرَجَ مِنَ المَدینَةِ-.
قالَ:ورَجَعَ الحُسَینُ علیه السّلام إلی مَنزِلِهِ مَعَ الصُّبحِ.
فَلَمّا کانَتِ اللَّیلَةُ الثّانِیَةُ خَرَجَ إلَی القَبرِ أیضاً فَصَلّی رَکعَتَینِ،فَلَمّا فَرَغَ مِن صَلاتِهِ جَعَلَ یَقولُ:اللّهُمَّ إنَّ هذا قَبرُ نَبِیِّکَ مُحَمَّدٍ صلّی اللّه علیه و آله وأنَا ابنُ بِنتِ مُحَمَّدٍ صلّی اللّه علیه و آله،وقَد حَضَرَنی مِنَ الأَمرِ ما قَد عَلِمتَ،اللّهُمَّ وإنّی احِبُّ المَعروفَ وأکرَهُ المُنکَرَ،وأنَا أسأَلُکَ یا ذَا الجَلالِ وَالإِکرامِ بِحَقِّ هذَا القَبرِ ومَن فیهِ مَا اختَرتَ (3)مِن أمری هذا ما هُوَ لَکَ رِضیً. (4)
ص:317
4266.کنز الفوائد عن الإمام الحسین علیه السّلام -أنَّهُ قالَ یَوماً لِابنِ عَبّاسٍ-:لا تَکَلَّمَنَّ فیما لا یَعنیکَ؛فَإِنَّنی أخافُ عَلَیکَ فیهِ الوِزرَ،ولا تَکَلَّمَنَّ فیما یَعنیکَ حَتّی تَری لِلکَلامِ مَوضِعاً،فَرُبَّ مُتَکَلِّمٍ قَد تَکَلَّمَ بِالحَقِّ فَعیبَ.ولا تُمارِیَنَّ (1)حَلیماً ولا سَفیهاً؛فَإِنَّ الحَلیمَ یَقلیکَ (2)،وَالسَّفیهَ یُردیکَ (3).ولا تَقولَنَّ فی أخیکَ المُؤمِنِ إذا تَواری عَنکَ إلّا مِثلَ ما تُحِبُّ أن یَقولَ فیکَ إذا تَوارَیتَ عَنهُ.وَاعمَل عَمَلَ رَجُلٍ یَعلَمُ أنَّهُ مَأخوذٌ بِالإِجرامِ،مَجزِیٌّ بِالإِحسانِ،وَالسَّلامُ. (4)
4267.الأمالی للصدوق بإسناده عن سیّد الشهداء الحسین بن علیّ بن أبی طالب علیه السّلام: مَرَّ أمیرُ المُؤمِنینَ عَلِیُّ بنُ أبی طالِبٍ علیه السّلام بِرَجُلٍ یَتَکَلَّمُ بِفُضولِ الکَلامِ،فَوَقَفَ عَلَیهِ، ثُمَّ قالَ:إنَّکَ تُملی عَلی حافِظَیکَ (5)کِتاباً إلی رَبِّکَ،فَتَکَلَّم بِما یَعنیکَ ودَع ما لا یَعنیکَ. (6)
ص:318
4268.تاریخ أصبهان عن فاطمة بنت الحسین عن أبیها الحسین علیه السّلام: کانَ رَسولُ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله إذا عَزّی قالَ:«آجَرَکُمُ اللّهُ ورَحِمَکُم»،وإذا هَنَّأَ قالَ:«بارَکَ اللّهُ لَکُم وبارَکَ عَلَیکُم». (1)
4269.دعائم الإسلام: عَنِ الحُسَینِ بنِ عَلِیٍّ علیه السّلام أنَّهُ رَأی رَجُلاً دُعِیَ إلَی طَعامٍ،فَقالَ لِلَّذی دَعاهُ:أعفِنی،فَقالَ الحُسَینُ علیه السّلام:قُم؛فَلَیسَ فِی الدَّعوَةِ عَفوٌ،وإن کُنتَ مُفطِراً فَکُل، وإن کُنتَ صائِماً فَبارِک. (2)
4270.الأمالی للطوسی بإسناده عن الحسین بن علیّ عن علیّ علیهما السّلام: قالَ رَسولُ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله:غَریبَتانِ:
کَلِمَةُ حِکمَةٍ مِن سَفیهٍ (3)فَاقبَلوها،وکَلِمَةُ سَفَهٍ مِن حَکیمٍ فَاغفِروها؛فَإِنَّهُ لا حَلیمَ إلّا ذو عَثرَةٍ،ولا حَکیمَ إلّاذو تَجرِبَةٍ. (4)
ص:319
4271.الفردوس عن الحسین بن علیّ علیه السّلام عن رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله: حَدِّثُوا النّاسَ بِما یَعرِفونَ،ولا تُحَدِّثوهُم بِما یُنکِرونَ فَیُکَذِّبونَ اللّهَ ورَسولَهُ. (1)
4272.أعلام الدین عن الإمام الحسین علیه السّلام: لا تَصِفَنَّ لِمَلِکٍ دَواءً؛فَإِن نَفَعَهُ لَم یَحمَدکَ،وإن ضَرَّهُ اتَّهَمَکَ. (2)
4274.تحف العقول: جاءَهُ [الحُسَینَ علیه السّلام ] رَجُلٌ مِنَ الأَنصارِ یُریدُ أن یَسأَلَهُ حاجَةً،فَقالَ علیه السّلام:یا أخَا الأَنصارِ صُن وَجهَکَ عَن بِذلَةِ المَسأَلَةِ،وَارفَع حاجَتَکَ فی رُقعَةٍ،فَإِنّی آتٍ فیها ما سارَّکَ إن شاءَ اللّهُ.
فَکَتَبَ:یا أبا عَبدِ اللّهِ،إنَّ لِفُلانٍ عَلَیَّ خَمسَمِئَةِ دینارٍ،وقَد ألَحَّ بی،فَکَلِّمهُ یُنظِرنی إلی مَیسَرَةٍ.
فَلَمّا قَرَأَ الحُسَینُ علیه السّلام الرُّقعَةَ،دَخَلَ إلی مَنزِلِهِ فَأَخرَجَ صُرَّةً فیها ألفُ دینارٍ، وقالَ علیه السّلام لَهُ:
أمّا خَمسُمِئَةٍ فَاقضِ بِها دَینَکَ،وأمّا خَمسُمِئَةٍ فَاستَعِن بِها عَلی دَهرِکَ.ولا تَرفَع حاجَتَکَ إلّاإلی أحَدِ ثَلاثَةٍ:إلی ذی دینٍ،أو مُرُوَّةٍ،أو حَسَبٍ؛فَأَمّا ذُو الدّینِ فَیَصونُ دینَهُ،وأمّا ذُو المُرُوَّةِ فَإِنَّهُ یَستَحیی لِمُرُوَّتِهِ،وأمّا ذُو الحَسَبِ فَیَعلَمُ أنَّکَ لَم تُکرِم وَجهَکَ أن تَبذُلَهُ لَهُ فی حاجَتِکَ،فَهُوَ یَصونُ وَجهَکَ أن یَرُدَّکَ بِغَیرِ قَضاءِ حاجَتِکَ. (1)
4275.نثر الدرّ عن الإمام الحسین علیه السّلام: لا تَحتَسِبوا (2)بِمَعروفٍ لَم تُعجِلوهُ،وَاکتَسِبُوا الحَمدَ
ص:321
بِالنُّجحِ (1)،ولا تَکتَسِبوا بِالمَطلِ (2)ذَمّاً،فَمَهما یَکُن لِأَحَدٍ عِندَ أحَدٍ صَنیعَةٌ (3)لَهُ رَأی أنَّهُ لا یَقومُ بِشُکرِها فَاللّهُ لَهُ بِمُکافَأَتِهِ؛فَإِنَّهُ أجزَلُ عَطاءً،وأعظَمُ أجراً. (4)
4276.الأمالی للطوسی بإسناده عن الحسین بن علیّ عن أبیه علیّ علیهما السّلام عن رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله: استِتمامُ المَعروفِ أفضَلُ مِنِ ابتِدائِهِ. (5)
4277.تحف العقول: قالَ عِندَهُ [الحُسَینِ علیه السّلام ] رَجُلٌ:إنَّ المَعروفَ إذا اسدِیَ إلی غَیرِ أهلِهِ ضاعَ.
فَقالَ الحُسَینُ علیه السّلام:لَیسَ کَذلِکَ،ولکِن تَکونُ الصَّنیعَةُ مِثلَ وابِلِ المَطَرِ؛تُصیبُ البَرَّ وَالفاجِرَ. (6)
4278.المناقب والمثالب للخوارزمی عن الحسین بن علیّ علیه السّلام: أجمَلُ المَعروفِ ما حَصَلَ عِندَ الشّاکِرِ،وأضیَعُهُ ما صارَ إلَی الکافِرِ. (7)
یدلّ حدیث تحف العقول فی هذا الباب علی أنّ معصیة الإنسان وأعماله السیّئة ینبغی ألّا تکون مانعاً من إحسان الآخرین إلیه،بل ربما یکون ذلک الإحسان محفّزاً
ص:322
له علی التوبة.وأمّا حدیث المناقب والمثالب فهو ناظرٌ إلی الإنسان الکفور الذی لا یشکر النعمة؛حیث إنّ کفرانه سوف یکون سبباً لضیاع ذلک الإحسان،ومن ثَمَّ یکون لا طائل من ورائه.
4279.مصباح المتهجّد بإسناده عن الإمام الحسین علیه السّلام: اتَّفَقَ فی بَعضِ سِنی أمیرِ المُؤمِنینَ علیه السّلام الجُمُعَةُ وَالغَدیرُ،فَصَعِدَ المِنبَرَ عَلی خَمسِ ساعاتٍ مِن نَهارِ ذلِکَ الیَومِ،فَحَمِدَ اللّهَ وأثنی عَلَیهِ حَمداً لَم یُسمَع بِمِثلِهِ،وأثنی عَلَیهِ ثَناءً لَم یَتَوَجَّه إلَیهِ غَیرُهُ،فَکانَ ما حُفِظَ مِن ذلِکَ:
الحَمدُ للّهِ ِ الَّذی جَعَلَ الحَمدَ مِن غَیرِ حاجَةٍ مِنهُ إلی حامِدیهِ...[إلی أن قالَ:] ومَن أسعَفَ أخاهُ مُبتَدِئاً وبَرَّهُ راغِباً فَلَهُ کَأَجرِ مَن صامَ هذَا الیَومَ وقامَ لَیلَتَهُ،ومَن فَطَّرَ مُؤمِناً فی لَیلَتِهِ فَکَأَنَّما فَطَّرَ فِئاماً (1)وفِئاماً-یَعُدُّها بِیَدِهِ عَشَرَةً-.
فَنَهَضَ ناهِضٌ فَقالَ:یا أمیرَ المُؤمِنینَ ومَا الفِئامُ؟
قالَ:مِئَةُ ألفِ نَبِیٍّ وصِدّیقٍ وشَهیدٍ،فَکَیفَ بِمَن تَکَفَّلَ عَدَداً مِنَ المُؤمِنینَ وَالمُؤمِناتِ وأنَا ضَمینُهُ عَلَی اللّهِ تَعالَی الأَمانَ مِنَ الکُفرِ وَالفَقرِ،وإن ماتَ فی لَیلَتِهِ أو یَومِهِ أو بَعدَهُ إلی مِثلِهِ مِن غَیرِ ارتِکابِ کَبیرَةٍ فَأَجرُهُ عَلَی اللّهِ تَعالی،ومَنِ استَدانَ (2)لِإِخوانِهِ وأعانَهُم فَأَنَا الضّامِنُ عَلَی اللّهِ إن بَقّاهُ قَضاهُ وإن قَبَضَهُ حَمَلَهُ عَنهُ.
وإذا تَلاقَیتُم فَتَصافَحوا بِالتَّسلیمِ وتَهانَوُا النِّعمَةَ فی هذَا الیَومِ،وَلیُبَلِّغِ الحاضِرُ الغائِبَ،وَالشّاهِدُ البائِنَ،وَلیَعُدِ الغَنِیُّ عَلَی الفَقیرِ،وَالقَوِیُّ عَلَی الضَّعیفِ،أمَرَنی رَسولُ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله بِذلِکَ.
ص:323
ثُمَّ أخَذَ صَلَّی اللّهُ عَلَیهِ وآلِهِ فی خُطبَةِ الجُمُعَةِ،وجَعَلَ صَلاةَ جُمُعَتِهِ صَلاةَ عیدِهِ، وَانصَرَفَ بِوُلدِهِ وشیعَتِهِ إلی مَنزِلِ أبی مُحَمَّدٍ الحَسَنِ بنِ عَلِیٍّ علیه السّلام بِما أعَدَّ لَهُ مِن طَعامِهِ،وَانصَرَفَ غَنِیُّهُم وفَقیرُهُم بِرِفدِهِ (1)إلی عِیالِهِ. (2)
4280.عیون أخبار الرضا علیه السّلام بإسناده عن الحسین بن علیّ علیه السّلام: کانَ النَّبِیُّ صلّی اللّه علیه و آله إذا أکَلَ طَعاماً یَقولُ:
اللّهُمَّ بارِک لَنا فیهِ،وَارزُقنا خَیراً مِنهُ.وإذا أکَلَ لَبَناً-أو شَرِبَهُ-یَقولُ:اللّهُمَّ بارِک لَنا فیهِ،وَارزُقنا مِنهُ (3). (4)
4281.دعائم الإسلام عن الحسین بن علیّ علیه السّلام: أنَّهُ کَرِهَ تَجَرُّعَ (5)اللَّبَنِ،وکانَ یَعُبُّهُ (6)عَبّاً،وقالَ:إنَّما یَتَجَرَّعُ (7)أهلُ النّارِ. (8)
ص:324
4282.مکارم الأخلاق بإسناده عن الحسین بن علیّ علیه السّلام: کانَ أمیرُ المُؤمِنینَ علیه السّلام قَد أمَرَنا إذا تَخَلَّلنا ألّا نَشرَبَ الماءَ حَتّی نَتَمَضمَضَ ثَلاثاً. (1)
4283.المعجم الکبیر عن بشر بن غالب عن الإمام الحسین علیه السّلام: رَأَیتُ النَّبِیَّ صلّی اللّه علیه و آله یَشرَبُ وهُوَ قائِمٌ. (2)
4284.المحاسن عن بشیر بن غالب: سَأَلتُ الحُسَینَ بنَ عَلِیٍّ علیه السّلام وأنَا اسایِرُهُ عَنِ الشُّربِ قائِماً؟ فَلَم یُجِبنی حَتّی إذا نَزَلَ أتی ناقَةً (/ناقَتَهُ) فَحَلَبَها،ثُمَّ دَعانی فَشَرِبَ وهُوَ قائِمٌ. (3)
4285.المحاسن عن سدیر: سَأَلتُ أبا جَعفَرٍ علیه السّلام عَنِ الشُّربِ قائِماً،قالَ:وما بَأسٌ بِذلِکَ،قَد شَرِبَ الحُسَینُ بنُ عَلِیٍّ علیه السّلام وهُوَ قائِمٌ. (4)
ص:325
ص:326
4286.تحف العقول عن الإمام الحسین علیه السّلام: لِلسَّلامِ سَبعونَ حَسَنَةً؛تِسعٌ وسِتّونَ لِلمُبتَدِئِ وواحِدَةٌ لِلرّادِّ. (1)
4287.تحف العقول: قالَ لَهُ [لِلحُسَینِ علیه السّلام ] رَجُلٌ ابتدِاءً:کَیفَ أنتَ عافاکَ اللّهُ؟فَقالَ علیه السّلام لَهُ:
السَّلامُ قَبلَ الکَلامِ عافاکَ اللّهُ.ثُمَّ قالَ علیه السّلام:لا تَأذَنوا لِأَحدٍ حَتّی یُسَلِّمَ. (2)
4289.الجعفریّات بإسناده عن الإمام الحسین علیه السّلام: إنَّ ابنَ الکَوّاءِ سَأَلَ عَلِیَّ بنَ أبی طالِبٍ علیه السّلام،
ص:327
فَقالَ:یا أمیرَ المُؤمِنینَ! نُسَلِّمُ عَلی مُذنِبِ هذِهِ الاُمَّةِ؟
فَقالَ علیه السّلام:یَراهُ اللّهُ عز و جل لِلتَّوحیدِ أهلاً،ولا نَراهُ لِلسَّلامِ عَلَیهِ أهلاً ! (1)
4289.تاریخ دمشق عن عبد الرحمن بن کثیر عن جعفر بن محمّد [الصادق] علیه السّلام: قالَ أبو جَعفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِیٍّ علیه السّلام:أجلَسَنی جَدِّیَ الحُسَینُ بنُ عَلِیٍّ علیه السّلام فی حِجرِهِ،وقالَ لی:رَسولُ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله یُقرِئُکَ السَّلامَ. (2)
4290.تحف العقول عن الإمام الحسین علیه السّلام: البَخیلُ مَن بَخِلَ بِالسَّلامِ. (3)
ص:328
4291.نثر الدرّ عن الإمام الحسین علیه السّلام: الاِستِکبارُ صَلَفٌ (1). (2)
4292.المعجم الکبیر عن فاطمة بنت الحسین عن أبیها الحسین علیه السّلام: إنَّ عَبدَ اللّهِ بنَ عَمرٍو جاءَ إلَی النَّبِیِّ صلّی اللّه علیه و آله فَقالَ:یا رَسولَ اللّهِ،أمِنَ الکِبرِ أن ألبَسَ الحُلَّةَ الحَسَنَةَ؟
قالَ:لا.
قالَ:فَمِنَ الکِبرِ أن أرکَبَ النّاقَةَ النَّجیبَةَ؟
قالَ:لا.
قالَ:أفَمِنَ الکِبرِ أن أصنَعَ طَعاماً،فَأَدعُوَ قَوماً یَأکُلونَ عِندی ویَمشونَ خَلفَ عَقِبی؟
قالَ:لا.
ص:329
قالَ:فَمَا الکِبرُ؟
قالَ:أن تَسفَهَ (1)الحَقَّ،وتَغمَصَ (2)النّاسَ. (3)
4293.تاریخ الیعقوبی عن الإمام الحسین علیه السّلام: الکَذِبُ عَجزٌ. (4)
4296.المناقب والمثالب للخوارزمی عن الحسین بن علیّ علیه السّلام: السَّخاءُ مَحَبَّةٌ،وَالبُخلُ مَبغَضَةٌ، وَالجَنَّةُ مُحَرَّمَةٌ عَلَی البَخیلِ. (1)
4297.دلائل الإمامة بإسناده عن الحسین علیه السّلام عن امّه فاطمة علیها السّلام: قالَ لی أبی رَسولُ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله:إیّاکِ وَالبُخلَ؛فَإِنَّهُ عاهَةٌ لا تَکونُ فی کَریمٍ،إیّاکِ وَالبُخلَ؛فَإِنَّهُ شَجَرَةٌ فِی النّارِ وأغصانُها فِی الدُّنیا،فَمَن تَعَلَّقَ بِغُصنٍ مِن أغصانِها أدخَلَهُ النّارَ،وَالسَّخاءُ شَجَرَةٌ فِی الجَنَّةِ وأغصانُها فِی الدُّنیا،فَمَن تَعَلَّقَ بِغُصنٍ مِن أغصانِها أدخَلَهُ الجَنَّةَ. (2)
4300.نثر الدرّ عن الإمام الحسین علیه السّلام: السَّفَهُ (1)ضَعفٌ. (2)
4301.کشف الغمّة بإسناده عن الحسین علیه السّلام: جاءَ رَجُلٌ الی أمیرِ المُؤمِنینَ علیه السّلام یَسعی بِقَومٍ، فَأَمَرَنی أن دَعَوتُ لَهُ قَنبَراً،فَقالَ لَهُ عَلِیٌّ علیه السّلام:اُخرُج إلی هذَا السّاعی فَقُل لَهُ:قَد أسمَعتَنا ما کَرِهَ اللّهُ تَعالی،فَانصَرِف فی غَیرِ حِفظِ اللّهِ تَعالی. (3)
4303.الخصال بإسناده عن الحسین بن علیّ علیه السّلام: قالَ أمیرُ المُؤمِنینَ علیه السّلام:أهلَکَ النّاسَ اثنانِ:
خَوفُ الفَقرِ،وطَلَبُ الفَخرِ. (1)
ص:333
ص:334
4304.الکافی عن أبی حمزة الثمالی عن أبی جعفر [الباقر] علیه السّلام: لَمّا حَضَرَ عَلِیَّ بنَ الحُسَینِ علیه السّلام الوَفاةُ ضَمَّنی إلی صَدرِهِ،ثُمَّ قالَ:یا بُنَیَّ اوصیکَ بِما أوصانی بِهِ أبی علیه السّلام حینَ حَضَرَتهُ الوَفاةُ...قالَ:
یا بُنَیَّ،إیّاکَ وظُلمَ مَن لا یَجِدُ عَلَیکَ ناصِراً إلَّااللّهَ. (1)
4305.الخصال بإسناده عن الحسین بن علیّ علیه السّلام: إنَّ رَسولَ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله أوصی إلی أمیرِ المُؤمِنینَ عَلِیِّ بنِ أبی طالِبٍ علیه السّلام وکانَ فیما أوصی بِهِ أن قالَ لَهُ:...وأن لا تَرکَن إلی ظالِمٍ وإن
ص:335
4306.الفردوس عن الحسین بن علیّ علیه السّلام عن رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله: لَو عَلِمَ اللّهُ عز و جل شَیئاً مِنَ العُقوقِ أدنی مِن افٍّ لَحَرَّمَهُ،فَلیَعمَلِ العاقُّ ما شاءَ فَلَن یَدخُلَ الجَنَّةَ،وَلیَعمَلِ البارُّ ما شاءَ أن یَعمَلَ فَلَن یَدخُلَ النّارَ. (3)
4307.المناقب لابن شهر آشوب عن إسماعیل بن رجاء وعمرو بن شعیب: أنَّهُ مَرَّ الحُسَینُ علیه السّلام عَلی عَبدِ اللّهِ بنِ عَمرِو بنِ العاصِ،فَقالَ عَبدُ اللّهِ:مَن أحَبَّ أن یَنظُرَ إلی أحَبِّ أهلِ الأَرضِ إلی أهلِ السَّماءِ،فَلیَنظُر إلی هذَا المُجتازِ،وما کَلَّمتُهُ مُنذُ لَیالی صِفّینَ.
فَأَتی بِهِ أبو سَعیدٍ الخُدرِیُّ إلَی الحُسَینِ علیه السّلام،فَقالَ الحُسَینُ علیه السّلام:أتَعلَمُ أنّی أحَبُّ
ص:336
أهلِ الأَرضِ إلی أهلِ السَّماءِ،وتُقاتِلُنی وأبی یَومَ صِفّینَ؟! وَاللّهِ إنَّ أبی لَخَیرٌ مِنّی !
فَاستَعذَرَ وقالَ:إنَّ النَّبِیَّ صلّی اللّه علیه و آله قالَ لی:«أطِع أباکَ».
فَقالَ لَهُ الحُسَینُ علیه السّلام:أما سَمِعتَ قَولَ اللّهِ تَعالی: «وَ إِنْ جاهَداکَ لِتُشْرِکَ بِی ما لَیْسَ لَکَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُما» 1 ،وقَولَ رَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله:«إنَّمَا الطَّاعَةُ فِی المَعروفِ»،وقَولَهُ:«لا طاعَةَ لِمَخلوقٍ فی مَعصِیَةِ الخالِقِ»؟! (1)
4308.شرح الأخبار عن رجاء: کُنتُ جالِساً مَعَ عَبدِ اللّهِ بنِ عَمرِو بنِ العاصِ وأبی سَعیدٍ الخُدرِیِّ بِالمَدینَةِ فی حَلقَةٍ بِمَسجِدِ الرَّسولِ صلّی اللّه علیه و آله،فَمَرَّ بِنَا الحُسَینُ بنُ عَلِیٍّ علیه السّلام،فَسَلَّمَ ورَدَّ عَلَیهِ القَومُ،وسَکَتَ عَبدُ اللّهِ بنُ عَمرِو بنِ العاصِ،ثُمَّ أتبَعَهُ:وعَلَیکَ السَّلامُ ورَحمَةُ اللّهِ، بَعدَ ما فَرَغَ القَومُ.
ثُمَّ قالَ:ألا اخبِرُکُم بِأَحَبِّ أهلِ الأَرضِ إلی أهلِ السَّماءِ؟
قُلنا:بَلی.
قالَ:هُوَ هذَا المُقَفّی (2)،وما کَلَّمَنی کَلاماً مُنذُ لَیالی صِفّینَ،ولَأَن رَضِیَ عَنّی أحَبُّ إلَیَّ مِن أن یَکونَ لی حُمرُ النَّعَمِ.
فَقالَ أبو سَعیدٍ:فَإِن شِئتَ انطَلَقنا إلَیهِ،فَاعتَذَرتَ إلَیهِ.قالَ:نَعَم.
فَتَواعَدا أن یَغدُوا إلَیهِ،فَغَدَوتُ مَعَهُما،فَدَخَلَ أبو سَعیدٍ ودَخَلتُ مَعَهُ،فَجَلَسَ أبو سَعیدٍ إلی جانِبِ الحُسَینِ علیه السّلام وَاستَأذَنَهُ لِعَبدِ اللّهِ بنِ عَمرٍو،فَقالَ لَهُ:یَابنَ رَسولِ اللّهِ، مَرَرتَ بِنا أمسِ،فَقالَ لَنا عَبدُ اللّهِ کَیتَ وکَیتَ،فَقُلتُ لَهُ:ألا تَمضی تَعتَذِرُ إلَیهِ؟ فَقالَ:نَعَم،وقَد جاءَ یَعتَذِرُ إلَیکَ،فَائذَن لَهُ یَابنَ رَسولِ اللّهِ.فَأَذِنَ لَهُ.
ص:337
فَدَخَلَ عَبدُ اللّهِ بنُ عَمرِو بنِ العاصِ،وأبو سَعیدٍ جالِسٌ إلی جانِبِ الحُسَینِ علیه السّلام، فَسَلَّمَ،ثُمَّ وَقَفَ،فَانزَجَلَ (1)لَهُ أبو سَعیدٍ،فَجَذَبَ الحُسَینُ علیه السّلام أبا سَعیدٍ إلَیهِ ثُمَّ تَرَکَهُ، فَانزَجَلَ لَهُ،فَجَلَسَ بَینَهُما.
فَقالَ لَهُ أبو سَعیدٍ:حَدیثُکَ یا عَبدَ اللّهِ.
قالَ عَبدُ اللّهِ:نَعَم،قُلتُ ذلِکَ،وأشهَدُ أنَّهُ أحَبُّ أهلِ الأَرضِ إلی أهلِ السَّماءِ.
قالَ لَهُ الحُسَینُ علیه السّلام:أفَتَعلَمُ أنّی أحَبُّ أهلِ الأَرضِ إلی أهلِ السَّماءِ،وتُقاتِلُنی أنَا وأبی یَومَ صِفّینَ؟! وَاللّهِ إنَّ أبی لَخَیرٌ مِنّی !
قالَ عَبدُ اللّهِ:أجَل،وَاللّهِ ما أکثَرتُ لَهُم سَواداً،ولَا اختَرَطتُ سَیفاً (2)مَعَهُم،ولا رَمَیتُ مَعَهُم بِسَهمٍ،ولا طَعَنتُ مَعَهُم بِرُمحٍ،ولکِن کانَ أبی قَد شَکانی إلی رَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله،وقالَ:هُوَ یَصومُ النَّهارَ ویَقومُ اللَّیلَ،وقَد أمَرتُهُ أن یَرفُقَ بِنَفسِهِ،فَقَد عَصانی.
فَقالَ لی رَسولُ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله:«أطِع أباکَ»،فَلَمّا دَعانی إلَی الخُروجِ مَعَهُ،فَذَکَرتُ قَولَ رَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله:«أطِع أباکَ»،فَخَرَجتُ مَعَهُ.
فَقالَ لَهُ الحُسَینُ علیه السّلام:أما سَمِعتَ قَولَ اللّهِ عز و جل: «وَ إِنْ جاهَداکَ عَلی أَنْ تُشْرِکَ بِی ما لَیْسَ لَکَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُما» 3 ،وقَولَ رَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله:«إنَّمَا الطّاعَةُ فِی المَعروفِ»،وقَولَهُ:
«لا طاعَةَ لِمَخلوقٍ فی مَعصِیَةِ الخالِقِ»؟!
قالَ:بَلی،قَد سَمِعتُ ذلِکَ یَابنَ رَسولِ اللّهِ،وکَأَنّی لَم أسمَعهُ إلَّاالیَومَ. (3)
راجع:ص 314 (الفصل الخامس/ربّ ذنب أحسن من الاعتذار منه).
ص:338
4309.نثر الدرّ عن الإمام الحسین علیه السّلام: الغُلُوُّ وَرطَةٌ (1). (2)
4310.المعجم الکبیر بإسناده عن الإمام الحسین علیه السّلام: أحِبّونا بِحُبِّ الإِسلامِ،فَإِنَّ رَسولَ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله قالَ:لا تَرفَعونی فَوقَ حَقّی،فَإِنَّ اللّهَ تَعالَی اتَّخَذَنی عَبداً قَبلَ أن یَتَّخِذَنی رَسولاً. (3)
4311.عیون أخبار الرضا علیه السّلام بإسناده عن الحسین بن علیّ عن أبیه علیّ بن أبی طالب علیهما السّلام: قالَ رَسولُ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله:لا تَرفَعونی فَوقَ حَقّی،فَإِنَّ اللّهَ تَبارَکَ و تَعالَی اتَّخَذَنی عَبداً قَبلَ أن یَتَّخِذَنی نَبِیّاً. (4)
4312.تنبیه الخواطر عن الإمام الحسین علیه السّلام: احذَروا کَثرَةَ الحَلفِ،فَإِنَّهُ یَحلِفُ الرَّجُلُ لِخِلالٍ أربَعٍ:إمّا لِمَهانَةٍ یَجِدُها فی نَفسِهِ تَحُثُّهُ عَلَی الضَّراعَةِ إلی تَصدیقِ النّاسِ إیّاهُ،وإمّا لِعَیٍّ فِی المَنطِقِ فَیَتَّخِذُ الأَیمان حَشواً وصِلَةً لِکَلامِهِ،وإمّا لِتُهمَةٍ عَرَفَها مِنَ النّاسِ لَهُ
ص:339
فَیَری أنَّهُم لا یَقبَلونَ قَولَهُ إلّابِالیَمینِ،وإمّا لِإِرسالِهِ لِسانَهُ مِن غَیرِ تَثبیتٍ. (1)
4313.منیة المرید عن الإمام الحسین علیه السّلام -لِرَجُلٍ قالَ لَهُ:اِجلِس حَتّی نَتَناظَرَ فِی الدّینِ-:یا هذا،أنَا بَصیرٌ بِدینی،مَکشوفٌ عَلَیَّ هُدایَ،فَإِن کُنتَ جاهِلاً بِدینِکَ فَاذهَب فَاطلُبهُ، ما لی ولِلمُماراةِ (2)! وإنَّ الشَّیطانَ لَیُوَسوِسُ لِلرَّجُلِ ویُناجیهِ ویَقولُ:ناظِرِ النّاسَ لِئَلّا یَظُنّوا بِکَ العَجزَ وَالجَهلَ. (3)
4314.کنز الفوائد عن الإمام الحسین علیه السّلام -مِمّا قالَهُ یَوماً لِابنِ عَبّاسٍ-:یَابنَ عَبّاسٍ...لا تُمارِیَنَّ حَلیماً ولا سَفیهاً؛فَإِنَّ الحَلیم یَقلیکَ (4)،وَالسَّفیهَ یُردیکَ. (5)
4315.کشف الغمّة عن الإمام الحسین علیه السّلام: صاحِبُ الحاجَةِ لَم یُکرِم وَجهَهُ عَن سُؤالِکَ،فَأَکرِم وَجهَکَ عَن رَدِّهِ. (6)
ص:340
4316.الکافی عن محمّد بن علیّ بن جعفر عن الإمام الرضا علیه السّلام: جاءَ رَجُلٌ إلی أبی جَعفَرٍ علیه السّلام فَقالَ:یا أبا جَعفَرٍ،ما تَقولُ فِی الشِّطرَنجِ الَّتی یَلعَبُ بِهَا النّاسُ؟
فَقالَ:أخبَرَنی أبی عَلِیُّ بنُ الحُسَینِ عَنِ الحُسَینِ بنِ عَلِیٍّ عَن أمیرِ المُؤمِنینَ علیهم السّلام قالَ:قالَ رَسولُ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله:مَن کانَ ناطِقاً فَکانَ مَنطِقُهُ لِغَیرِ ذِکرِ اللّهِ عز و جل کانَ لاغِیاً،ومَن کانَ صامِتاً فَکانَ صَمتُهُ لِغَیرِ ذِکرِ اللّهِ کانَ ساهِیاً.
ثُمَّ سَکَتَ،فَقامَ الرَّجُلُ وَانصَرَفَ. (1)
ص:341
ص:342
4317.الأمالی للطوسی بإسناده عن الحسین بن علیّ عن أمیر المؤمنین علیّ بن أبی طالب علیهما السّلام: قالَ رَسولُ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله:الدُّنیا دُوَلٌ (1)،فَما کانَ لَکَ مِنها أتاکَ عَلی ضَعفِکَ،وما کانَ عَلَیکَ لَم تَدفَعهُ بِقُوَّتِکَ،ومَنِ انقَطَعَ رَجاؤُهُ مِمّا فاتَ استَراحَ بَدَنُهُ،ومَن رَضِیَ بما رَزَقَهُ اللّهُ قَرَّت عَینُهُ. (2)
4318.الأمالی للطوسی بإسناده عن الحسین بن علیّ عن علیّ علیهما السّلام: قالَ رَسولُ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله:إنَّمَا ابنُ آدَمَ لِیَومِهِ،فَمَن أصبَحَ آمِناً فی سِربِهِ (3)،مُعافیً فی جَسَدِهِ،عِندَهُ قوتُ یَومِهِ،فَکَأَنَّما
ص:343
حیزَت لَهُ الدُّنیا. (1)
4319.الإرشاد عن علیّ بن یزید (2)عن علیّ بن الحسین [زین العابدین] علیه السّلام: خَرَجنا مَعَ الحُسَینِ علیه السّلام فَما نَزَلَ مَنزِلاً ولَا ارتَحَلَ مِنهُ إلّاذَکَرَ یَحیَی بنَ زَکَرِیّا وقَتلَهُ،وقالَ یَوماً:ومِن هَوانِ الدُّنیا عَلَی اللّهِ أنَّ رَأسَ یَحیَی بنِ زَکَرِیّا علیه السّلام اهدِیَ إلی بَغِیٍّ مِن بَغایا بَنی إسرائیلَ. (3)
4320.کشف الریبة عن عبد اللّه بن سلیمان النوفلی عن جعفر بن محمّد الصادق علیه السّلام: حَدَّثَنی مُحَمَّدُ بنُ عَلِیِّ بنِ الحُسَینِ علیه السّلام،قال:لَمّا تَجَهَّزَ الحُسَینُ علیه السّلام إلَی الکوفَةِ،أتاهُ ابنُ عَبّاسٍ فَناشَدَهُ اللّهَ وَالرَّحِمَ أن یَکونَ هُوَ المَقتولَ بِالطَّفِّ،فَقالَ:[أنَا أعرَفُ] (4)بِمَصرَعی مِنکَ،وما وُکدی (5)مِن الدُّنیا إلّافِراقُها،ألا اخبِرُکَ یَابنَ عَبّاسٍ بِحَدیثِ أمیرِ المُؤمِنینَ علیه السّلام
ص:344
وَالدُّنیا؟
فَقالَ لَهُ:بَلی لَعَمری،إنّی لاَُحِبُّ أن تُحَدِّثَنی بِأَمرِها.
فَقالَ أبی:قالَ عَلِیُّ بنُ الحُسَینِ علیهما السّلام:سَمِعتُ أبا عَبدِ اللّهِ علیه السّلام یَقولُ:حَدَّثَنی أمیرُ المُؤمِنینَ علیه السّلام قالَ:إنّی کُنتُ بِفَدَکَ فی بَعضِ حیطانِها (1)،وقَد صارَت لِفاطِمَةَ علیها السّلام،قالَ:فَإِذا أنَا بِامرَأَةٍ قَد قَحَمَت عَلَیَّ وفی یَدی مِسحاةٌ وأنَا أعمَلُ بِها، فَلَمّا نَظَرتُ إلَیها طارَ قَلبی مِمّا تَداخَلَنی مِن جَمالِها،فَشَبَّهتُها بِبُثَینَةَ (2)بِنتِ عامِرٍ الجُمَحِیِّ،وکانَت مِن أجمَلِ نِساءِ قُرَیشٍ.
فَقالَت:یَابنَ أبی طالِبٍ،هَل لَکَ أن تَتَزَوَّجَ بی فَاُغنِیَکَ عَن هذِهِ المِسحاةِ،وأدُلَّکَ عَلی خَزائِنِ الأَرضِ،فَیَکونَ لَکَ المُلکُ ما بَقیتَ ولِعَقِبِکَ مِن بَعدِکَ؟
فَقالَ لَها عَلِیٌّ علیه السّلام:مَن أنتِ حَتّی أخطُبَکِ مِن أهلِکِ؟
فَقالَت:أنَا الدُّنیا.
قالَ [:قُلتُ] (3)لَها:فَارجِعی وَاطلُبی زَوجاً غَیری،وأقبَلتُ عَلی مِسحاتی وأنشَأتُ أقولُ:
لَقَد خابَ مَن غَرَّتهُ دُنیا دَنِیَّةٌ وما هِیَ إن غَرَّت قُروناً بِنائِلِ
أتَتنا عَلی زِیِّ العَزیزِ بُثَینَةَ وزینَتُها فی مِثلِ تِلکَ الشَّمائِلِ
فَقُلتُ لَها:غُرّی سِوایَ فَإِنَّنی عَزوفٌ (4)عَنِ الدُّنیا ولَستُ بِجاهِلِ
وما أنَا وَالدُّنیا فَإنَّ مُحَمَّداً اُحِلَّ صَریعاً بَینَ تِلکَ الجَنادِلِ (5)
ص:345
وهَبها أتَتنی بِالکُنوزِ ودُرِّها وأموالِ قارونَ ومُلکِ القَبائِلِ
ألَیسَ جَمیعاً لِلفَناءِ مَصیرُها ویَطلُبُ مِن خُزّانِها بِالطَّوائِلِ
فَغُرّی سِوایَ إنَّنی غَیرُ راغِبٍ بِما فیکِ مِن مُلکٍ وعِزٍّ ونائِلِ
فَقَد قَنِعَت نَفسی بِما قَد رُزِقتُهُ فَشَأنَکِ یا دُنیا وأهلَ الغَوائِلِ (1)
فَإِنّی أخافُ اللّهَ یَومَ لِقائِهِ وأخشی عَذاباً دائِماً غَیرَ زائِلِ (2)(3)
4321.مستدرک الوسائل: مَرَّ الحُسَینُ علیه السّلام بِدارِ بَعضِ المَهالِبَةِ (4)،فَقالَ:رَفَعَ الطّینَ،ووَضَعَ الدّینَ. (5)
4322.تنبیه الخواطر: قالَ رَجُلٌ لِلحُسَینِ علیه السّلام:بَنَیتُ داراً احِبُّ أن تَدخُلَها وتَدعُوَ اللّهَ.فَدَخَلَها فَنَظَرَ إلَیها،ثُمَّ قالَ:أخرَبتَ دارَکَ،وعَمَرتَ دارَ غَیرِکَ،غَرَّکَ مَن فِی الأَرضِ ومَقَتَکَ مَن فِی السَّماءِ. (6)
4323.معانی الأخبار عن الحسین بن علیّ بن أبی طالب علیه السّلام: إنَّ أبی حَدَّثَنی عَن رَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله:أنَّ
ص:346
الدُّنیا سِجنُ المُؤمِنِ وجَنَّةُ الکافِرِ،وَالمَوتُ جِسرُ هؤُلاءِ إلی جَنّاتِهِم وجِسرُ هؤُلاءِ إلی جَحیمِهِم. (1)
4324.الخصال عن فاطمة بنت الحسین عن أبیها علیه السّلام: قالَ رَسولُ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله:الرَّغبَةُ فِی الدُّنیا تُکثِرُ الهَمَّ وَالحُزنَ،والزُّهدُ فِی الدُّنیا یُریحُ القَلبَ وَالبَدَنَ. (2)
4325.الأمالی للصدوق بإسناده عن الحسین بن علیّ علیه السّلام: قالَ أمیرُ المُؤمِنینَ علیه السّلام:کَم مِن غافِلٍ یَنسِجُ ثَوباً لِیَلبَسَهُ وإنَّما هُوَ کَفَنُهُ،ویَبنی بَیتاً لِیَسکُنَهُ وإنَّما هُوَ مَوضِعُ قَبرِهِ. (3)
ص:348
4327.عیون أخبار الرضا علیه السّلام بإسناده عن الحسین بن علیّ عن علیّ بن أبی طالب علیهما السّلام: مَن أکَلَ إحدی وعِشرینَ زَبیبَةً حَمراءَ عَلَی الرّیقِ،لَم یَجِد فی جَسَدِهِ شَیئاً یَکرَهُهُ. (1)
4328.الأمالی للطوسی بإسناده عن الحسین بن علیّ علیه السّلام: حَدَّثَنا أبی عَلِیُّ بنُ أبی طالِبٍ علیه السّلام قالَ:
مَن أدامَ أکلَ إحدی وعِشرینَ زَبیبَةً حَمراءَ عَلَی الرّیقِ،لَم یَمرَض إلّامَرَضَ المَوتِ. (2)
4329 .مکارم الأخلاق عن الحسین بن علیّ علیه السّلام:قالَ رَسولُ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله:کُلُوا الیَقطینَ (3)،فَلَو عَلِمَ اللّهُ أنَّ
ص:349
شَجَرَةً أخَفُّ مِن هذِهِ لَأَنبَتَها عَلی أخی یونُسَ علیه السّلام.
إذَا اتَّخَذَ أحَدُکُم مَرَقاً فَلیُکثِر فیهِ مِنَ الدُّبّاءِ،فَإِنَّهُ یَزیدُ فِی الدِّماغِ وفِی العَقلِ. (1)
4332.سنن ابن ماجة عن فاطمة بنت الحسین عن الحسین بن علیّ علیه السّلام عن امّه فاطمة علیها السّلام ابنة رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله: قالَ رَسولُ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله:ألا لا یَلومَنَّ امرُؤٌ إلّانَفسَهُ یَبیتُ وفی یَدِهِ ریحُ غَمَرٍ (1). (2)
4333.عیون أخبار الرضا علیه السّلام بإسناده عن الحسین عن أبیه علیّ علیهما السّلام: دَخَلتُ عَلی رَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله یَوماً وفی یَدِهِ سَفَرجَلَةٌ،فَجَعَلَ یَأکُلُ ویُطعِمُنی،ویَقولُ:کُل-یا عَلِیُّ-؛فَإِنَّها هَدِیَّةُ الجَبّارِ إلَیَّ وإلَیکَ.قالَ:فَوَجَدتُ فیها کُلَّ لَذَّةٍ.
فَقالَ:یا عَلِیُّ مَن أکَلَ السَّفَرجَلَةَ ثَلاثَةَ أیّامٍ عَلَی الرّیقِ صَفا ذِهنُهُ،وَامتَلَأَ جَوفُهُ حِلماً وعِلماً،ووُقِیَ مِن کَیدِ إبلیسَ وجُنودِهِ. (3)
4334.طبّ الأئمّة لابنی بسطام بإسناده عن الحسین بن علیّ بن أبی طالب علیه السّلام: لَو عَلِمَ النّاسُ ما فِی الهَلیلَجِ (4)الأَصفَرِ لَاشتَرَوها بِوَزنِها ذَهَباً.
وقالَ لِرَجُلٍ مِن أصحابِهِ:خُذ هَلیلَجَةً صَفراءَ وسَبعَ حَبّاتِ فُلفُلٍ،وَاسحَقها
ص:351
وَانخَلها وَاکتَحِل بِها. (1)
4335.طبّ الأئمّة لابنی بسطام عن الباقر محمّد بن علیّ علیه السّلام: قالَ الحُسَینُ بنُ عَلِیٍّ علیه السّلام لِأَصحابِهِ:
اجتَنِبُوا الغِشیانَ (2)فِی اللَّیلَةِ الَّتی تُریدونَ فیهَا السَّفَرَ؛فَإِنَّ مَن فَعَلَ ذلِکَ ثُمَّ رُزِقَ وَلَداً کانَ أحوَلَ. (3)
4336.المعجم الکبیر عن بشر بن عبد اللّه الخثعمی عن محمّد بن علیّ بن حسین [الباقر] علیه السّلام: حَدَّثَنی أبی عَن جَدّی قالَ:قالَ رَسولُ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله:ما مِن وَرَقَةٍ مِن وَرَقِ الهِندَباءِ (4)،إلّاوعَلَیها قَطرَةٌ مِن ماءِ الجَنَّةِ. (5)
راجع:موسوعة الأحادیث الطبّیة:ج 1 ص 15 (المدخل/التقویم العامّ للأحادیث الطبّیة).
ص:352
4337.معدن الجواهر عن الإمام الحسین علیه السّلام: قالَ رَسولُ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله:أوصانی رَبّی بِسَبعَةِ أشیاءَ:
أوصانی بِالإِخلاصِ لَهُ فِی السِّرِّ وَالعَلانِیَةِ،وأن أعفُوَ عَمَّن ظَلَمَنی،واُعطِیَ مَن حَرَمَنی،واُوصِلَ مَن قَطَعَنی،وأن یَکونَ صَمتی تَفَکُّراً،ونَظَری عِبَراً (1). (2)
4338.عیون أخبار الرضا علیه السّلام بإسناده عن الحسین بن علیّ علیه السّلام: وُجِدَ لَوحٌ تَحتَ حائِطِ مَدینَةٍ مِنَ المَدائِنِ فیهِ مَکتوبٌ:
أنَا اللّهُ لا إلهَ إلّاأنَا ومُحَمَّدٌ نَبِیّی،عَجِبتُ (3)لِمَن أیقَنَ بِالمَوتِ کَیفَ یَفرَحُ ! وعَجِبتُ لِمَن أیقَنَ بِالقَدَرِ کَیفَ یَحزَنُ ! وعَجِبتُ لِمَنِ اختَبَرَ الدُّنیا کَیفَ یَطمَئِنُّ [إلَیها] (4)! وعَجِبتُ لِمَن أیقَنَ بِالحِسابِ کَیفَ یُذنِبُ ! (5)
ص:353
4339.المعجم الصغیر بإسناده عن الحسین بن علیّ عن علیّ بن أبی طالب علیهما السّلام: قالَ رَسولُ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله:
قالَ لی جَبرائیلُ:یا مُحَمَّدُ،أحِبَّ مَن شِئتَ فَإِنَّکَ مُفارِقُهُ،وَاعمَل ما شِئتَ فَإِنَّکَ مُلاقیهِ،وعِش کَم شِئتَ فَإِنَّکَ مَیِّتٌ. (1)
4340.عیون أخبار الرضا علیه السّلام بإسناده عن الحسین بن علیّ عن علیّ بن أبی طالب علیهما السّلام: قالَ رَسولُ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله:یَقولُ اللّهُ تَبارَکَ وتَعالی:یَابنَ آدَمَ ما تُنصِفُنی؟! أتَحَبَّبُ إلَیکَ بِالنِّعَمِ وتَتَمَقَّتُ إلَیَّ بِالمَعاصی،خَیری إلَیکَ مُنزَلٌ وشَرُّکَ إلَیَّ صاعِدٌ،ولا یَزالُ مَلَکٌ کَریمٌ یَأتینی عَنکَ فی کُلِّ یَومٍ ولَیلَةٍ بِعَمَلٍ قَبیحٍ مِنکَ ! یَابنَ آدَمَ،لَو سَمِعتَ وَصفَکَ مِن غَیرِکَ وأنتَ لا تَعلَمُ مَنِ المَوصوفُ لَسارَعتَ إلی مَقتِهِ. (2)
4341.الأمالی للطوسی بإسناده عن الحسین بن علیّ عن أبیه علیّ بن أبی طالب علیهما السّلام عن رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله:
أوحَی اللّهُ إلی بَعضِ أنبِیائِهِ فی بَعضِ وَحیِهِ إلَیهِ:وعِزَّتی وجَلالی لَاُقَطِّعَنَّ أمَلَ کُلِّ مُؤَمِّلٍ غَیری بِالإِیاسِ،ولَأَکسُوَنَّهُ ثَوبَ المَذَلَّةِ فِی النّاسِ،ولَاُبعِدَنَّهُ مِن فَرَجی وفَضلی،أیُؤَمِّلُ عَبدی فِی الشَّدائِدِ غَیری،أو یَرجو سِوایَ ! وأنَا الغَنِیُّ الجَوادُ،بِیَدی مَفاتیحُ الأَبوابِ وهِیَ مُغلَقَةٌ،وبابی مَفتوحٌ لِمَن دَعانی،ألَم یَعلَم أنَّهُ ما أوهَنَتهُ نائِبَةٌ لَم یَملِک کَشفَها عَنهُ غَیری،فَما لی أراهُ بِأَمَلِهِ مُعرِضاً عَنّی؟! قَد أعطَیتُهُ بِجودی
ص:354
وکَرَمی ما لَم یَسأَلنی،فَأَعرَضَ عَنّی ولَم یَسأَلنی،وسَأَلَ فی نائِبَتِهِ غَیری ! وأنَا اللّهُ أبتَدِئُ بِالعَطِیَّةِ قَبلَ المَسأَلَةِ،أفَاُسأَلُ فَلا اجیبُ؟کَلّا،أوَلَیسَ الجودُ وَالکَرَمُ لی؟ أوَلَیسَ الدُّنیا وَالآخِرَةُ بِیَدی؟فَلَو أنَّ أهلَ سَبعِ سَماواتٍ وأرَضینَ سَأَلونی جَمیعاً فَأَعطَیتُ کُلَّ واحِدٍ مِنهُم مَسأَلَتَهُ،ما نَقَصَ ذلِکَ مِن مُلکی مِثلَ جَناحِ بَعوضَةٍ،وکَیفَ یَنقُصُ مُلکٌ أنَا قَیِّمُهُ (1)؟! فَیا بُؤساً لِمَن عَصانی ولَم یُراقِبنی. (2)
4342.الأمالی للطوسی بإسناده عن الحسین بن علیّ علیه السّلام: حَدَّثَنی أبی عَلِیُّ بنُ أبی طالِبٍ أمیرُ المُؤمِنینَ علیه السّلام:قالَ رَسولُ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله:قالَ اللّهُ عز و جل:یَابنَ آدَمَ! کُلُّکُم ضالٌّ إلّامَن هَدَیتُ، وکُلُّکُم عائِلٌ (3)إلّامَن أغنَیتُ،وکُلُّکُم هالِکٌ إلّامَن أنجَیتُ،فَاسأَلونی أکفِکُم وأهدِکُم سَبیلَ رُشدِکُم.
فَإِنَّ مِن عِبادِیَ المُؤمِنینَ مَن لا یُصلِحُهُ إلَّاالفاقَةُ ولَو أغنَیتُهُ لَأَفسَدَهُ ذلِکَ وإنَّ مِن عِبادی مَن لا یُصلِحُهُ إلَّاالصِّحَّةُ ولَو أمرَضتُهُ لَأَفسَدَهُ ذلِکَ،وإنَّ مِن عِبادی مَن لا یُصلِحُهُ إلَّاالمَرَضُ ولَو أصحَحتُ جِسمَهُ لَأَفسَدَهُ ذلِکَ،وإنَّ مِن عِبادی لَمَن یَجتَهِدُ فی عِبادَتی وقِیامِ اللَّیلِ لی،فَاُلقی عَلَیهِ النُّعاسَ نَظَراً مِنّی لَهُ،فَیَرقُدُ حَتّی یُصبِحَ ویَقومُ حینَ یَقومُ وهُوَ ماقِتٌ (4)لِنَفسِهِ زارٍ (5)عَلَیها،ولَو خَلَّیتُ بَینَهُ وبَینَ ما یُریدُ لَدَخَلَهُ العُجبُ بِعَمَلِهِ،ثُمَّ کانَ هَلاکُهُ فی عُجبِهِ ورِضاهُ مِن نَفسِهِ،فَیَظُنُّ أنَّهُ قَد فاقَ
ص:355
العابِدینَ وجازَ بِاجتِهادِهِ حَدَّ المُقَصِّرینَ،فَیَتَباعَدُ بِذلِکَ مِنّی وهُوَ یَظُنُّ أنَّهُ یَتَقَرَّبُ إلَیَّ.
فَلا یَتَّکِلِ العامِلونَ عَلی أعمالِهِم وإن حَسُنَت،ولا یَیأَسِ المُذنِبونَ مِن مَغفِرَتی لِذُنوبِهِم وإن کَثُرَت،لکِن بِرَحمَتی فَلیَثِقوا،ولِفَضلی فَلیَرجوا،وإلی حُسنِ نَظَری فَلیَطمَئِنّوا،وذلِکَ أنّی ادَبِّرُ عِبادی بِما یُصلِحُهُم،وأنَا بِهِم لَطیفٌ خَبیرٌ. (1)
ص:356
4343.الخصال بإسناده عن الحسین بن علیّ علیه السّلام: إنَّ رَسولَ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله أوصی إلی أمیرِ المُؤمِنینَ عَلِیِّ بنِ أبی طالِبٍ علیه السّلام وکانَ فیما أوصی بِهِ أن قالَ لَهُ:
یا عَلِیُّ ! مَن حَفِظَ مِن امَّتی أربَعینَ حَدیثاً یَطلُبُ بِذلِکَ وَجهَ اللّهِ عز و جل وَالدّارَ الآخِرَةَ، حَشَرَهُ اللّهُ یَومَ القِیامَةِ مَعَ النَّبِیّینَ وَالصِّدّیقینَ وَالشُّهَداءِ وَالصّالِحینَ وحَسُنَ اولئِکَ رَفیقاً.
فَقالَ عَلِیٌّ علیه السّلام:یا رَسولَ اللّهِ ! أخبِرنی ما هذِهِ الأَحادیثُ؟
فَقالَ:أن تُؤمِنَ بِاللّهِ وَحدَهُ لا شَریکَ لَهُ،وتَعبُدَهُ ولا تَعبُدَ غَیرَهُ،وتُقیمَ الصَّلاةَ بِوُضوءٍ سابِغٍ فی مَواقیتِها ولا تُؤَخِّرَها؛فَإِنَّ فی تَأخیرِها مِن غَیرِ عِلَّةٍ غَضَبَ اللّهِ عز و جل، وتُؤَدِّیَ الزَّکاةَ،وتَصومَ شَهرَ رَمَضانَ،وتَحُجَّ البَیتَ إذا کانَ لَکَ مالٌ وکُنتَ مُستَطیعاً.
وألّا تَعُقَّ وَالِدَیکَ،ولا تَأکُلَ مالَ الیَتیمِ ظُلماً،ولا تَأکُلَ الرِّبا،ولا تَشرَبَ الخَمرَ ولا شَیئاً مِنَ الأَشرِبَةِ المُسکِرَةِ،ولا تَزنِیَ،ولا تَلوطَ،ولا تَمشِیَ بِالنَّمیمَةِ (1)،ولا تَحلِفَ بِاللّهِ کاذِباً،ولا تَسرِقَ،ولا تَشهَدَ شَهادَةَ الزّورِ لِأَحَدٍ قَریباً کانَ أو بَعیداً،وأن تَقبَلَ الحَقَّ مِمَّن جاءَ بِهِ صَغیراً کانَ أو کَبیراً،وألّا تَرکَنَ إلی ظالِمٍ وإن کانَ حَمیماً
ص:357
قَریباً،وألّا تَعمَلَ بِالهَوی،ولا تَقذِفَ المُحصَنَةَ،ولا تُرائِیَ؛فَإِنَّ أیسَرَ الرِّیاءِ شِرکٌ بِاللّهِ عز و جل.
وألّا تَقولَ لِقَصیرٍ:یا قَصیرُ،ولا لِطَویلٍ:یا طَویلُ؛تُریدُ بِذلِکَ عَیبَهُ،وألّا تَسخَرَ مِن أحَدٍ مِن خَلقِ اللّهِ،وأن تَصبِرَ عَلَی البَلاءِ وَالمُصیبَةِ،وأن تَشکُرَ نِعَمَ اللّهِ الَّتی أنعَمَ بِها عَلَیکَ،وألّا تَأمَنَ عِقابَ اللّهِ عَلی ذَنبٍ تُصیبُهُ،وألّا تَقنَطَ (1)مِن رَحمَةِ اللّهِ،وأن تَتوبَ إلَی اللّهِ عز و جل مِن ذُنوبِکَ؛فَإِنَّ التّائِبَ مِن ذُنوبِهِ کَمَن لا ذَنبَ لَهُ،وألّا تُصِرَّ عَلَی الذُّنوبِ مَعَ الاِستِغفارِ فَتَکونَ کَالمُستَهزِئِ بِاللّهِ وآیاتِهِ ورُسُلِهِ.
وأن تَعلَمَ أنَّ ما أصابَکَ لَم یَکُن لِیُخطِئَکَ،وأنَّ ما أخطَأَکَ لَم یَکُ لِیُصیبَکَ،وألّا تَطلُبَ سَخَطَ الخالِقِ بِرِضَی المَخلوقِ،وألّا تُؤثِرَ الدُّنیا عَلَی الآخِرَةِ؛لِأَنَّ الدُّنیا فانِیَةٌ وَالآخِرَةَ الباقِیَةُ،وألّا تَبخَلَ عَلی إخوانِکَ بِما تَقدِرُ عَلَیهِ،وأن تَکونَ سَریرَتُکَ کَعَلانِیَتِکَ،وألّا تَکونَ عَلانِیَتُکَ حَسَنَةً وسَریرَتُکَ قَبیحَةً،فَإِن فَعَلتَ ذلِکَ کُنتَ مِنَ المُنافِقینَ.
وألّا تَکذِبَ،وألّا تُخالِطَ الکَذّابینَ،وألّا تَغضَبَ إذا سَمِعتَ حَقّاً،وأن تُؤَدِّبَ نَفسَکَ وأهلَکَ ووُلدَکَ وجیرانَکَ عَلی حَسَبِ الطّاقَةِ،وأن تَعمَلَ بِما عَلِمتَ،ولا تُعامِلَنَّ أحَداً مِن خَلقِ اللّهِ عز و جل إلّابِالحَقِّ،وأن تَکونَ سَهلاً لِلقَریبِ وَالبَعیدِ،وألّا تَکونَ جَبّاراً عَنیداً،وأن تُکثِرَ مِنَ التَّسبیحِ وَالتَّهلیلِ وَالدُّعاءِ وذِکرِ المَوتِ وما بَعدَهُ مِنَ القِیامَةِ وَالجَنَّةِ وَالنّارِ،وأن تُکثِرَ مِن قِراءَةِ القُرآنِ وتَعمَلَ بِما فیهِ.
وأن تَستَغنِمَ البِرَّ وَالکَرامَةَ بِالمُؤمِنینَ وَالمُؤمِناتِ،وأن تَنظُرَ إلی کُلِّ ما لا تَرضی فِعلَهُ لِنَفسِکَ فَلا تَفعَلَهُ بِأَحَدٍ مِنَ المُؤمِنینَ،ولا تَمَلَّ مِن فِعلِ الخَیرِ،وألّا تُثَقِّلَ عَلی أحَدٍ،وألّا تَمُنَّ عَلی أحَدٍ إذا أنعَمتَ عَلَیهِ،وأن تَکونَ الدُّنیا عِندَک سِجناً حَتّی
ص:358
یَجعَلَ اللّهُ لَکَ جَنَّةً.
فَهذِهِ أربَعونَ حَدیثاً،مَنِ استَقامَ عَلَیها وحَفِظَها عَنّی مِن امَّتی دَخَلَ الجَنَّةَ بِرَحمَةِ اللّهِ،وکانَ مِن أفضَلِ النّاسِ وأحَبِّهِم إلَی اللّهِ عز و جل بَعدَ النَّبِیّینَ وَالوَصِیّینَ،وحَشَرَهُ اللّهُ یَومَ القِیامَةِ مَعَ النَّبِیّینَ وَالصِّدّیقینَ وَالشُّهَداءِ وَالصّالِحینَ وحَسُنَ اولئِکَ رَفیقاً. (1)
4344.دعائم الإسلام عن الإمام الحسین علیه السّلام: قالَ لی رَسولُ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله:یا بُنَیَّ ! نَم عَلی قَفاکَ یَخمُص (2)بَطنُکَ،وَاشرَبِ الماءَ مَصّاً یُمرِئکَ أکلُکَ،وَاکتَحِل وَتراً (3)یُضِئ لَکَ بَصَرُکَ،وَادَّهِن غِبّاً (4)تَتَشَبَّه بِسُنَّةِ نَبِیِّکَ (5)،وَاستَجِدِ النِّعالَ فَإِنَّها خَلاخیلُ الرِّجالِ،وَالعَمائِمَ فَإِنَّها تیجانُ العَرَبِ،وإذا طَبَختَ قِدراً فَأَکثِر مَرَقَها،وإن لَم یُصَب جیرانُکَ مِن لَحمِها أصابوا مِن مَرَقِها؛لِأَنَّ المَرَقَ أحَدُ اللَّحمَینِ،وتَخَتَّم بِالیاقوتِ وَالعَقیقِ فَإِنَّهُ مَیمونٌ مُبارَکٌ،فَکُلَّما نَظَرَ الرَّجُلُ فیهِ إلی وَجهِهِ یَزیدُ نوراً،وَالصَّلاةُ فیهِ سَبعونَ صَلاةً، وتَخَتَّم فی یَمینِکَ فَإِنَّها مِن سُنَّتی وسُنَنِ المُرسَلینَ،ومَن رَغِبَ عَن سُنَّتی فَلَیسَ مِنّی،ولا تَخَتَّم فِی الشِّمالِ ولا بِغَیرِ الیاقوتِ وَالعَقیقِ. (6)
4345.تاریخ الیعقوبی: قیلَ لِلحُسَینِ علیه السّلام:ما سَمِعتَ مِن رَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله؟
قالَ:سَمِعتُهُ یَقولُ:«إنَّ اللّهَ یُحِبُّ مَعالِیَ الاُمورِ ویَکرَهُ سَفسافَها (7)»،وعَقَلتُ عَنهُ
ص:359
أنَّهُ یُکَبِّرُ فَاُکَبِّرُ خَلفَهُ،فَإِذا سَمِعَ تَکبیری أعادَ التَّکبیرَ حَتّی یُکَبِّرَ سَبعاً،وعَلَّمَنی «قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ» ،وعَلَّمَنِی الصَّلَواتِ الخَمسَ.
وسَمِعتُهُ یَقولُ:«مَن یُطِعِ اللّهَ یَرفَعهُ،ومَن یَعصِ اللّهَ یَضَعهُ،ومَن یُخلِص نِیَّتَهُ للّهِ ِ یُزِنهُ،ومَن یَثِق بِما عِندَ اللّهِ یُغنِهِ،ومَن یَتَعَزَّز عَلَی اللّهِ یُذِلَّهُ». (1)
4346.کنز العمّال عن فاطمة بنت الحسین عن أبیها عن جدّها علیّ بن أبی طالب علیهما السّلام: قالَ رَسولُ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله لِعَبدِ اللّهِ بنِ العَبّاسِ:اِحفَظِ اللّهَ یَحفَظکَ،احفَظِ اللّهَ تَجِدهُ أمامَکَ،تَعَرَّف إلَی اللّهِ فِی الرَّخاءِ یَعرِفکَ فِی الشِّدَّةِ،وإذا سَأَلتَ فَاسأَلِ اللّهَ،وإذَا استَعَنتَ فَاستَعِن بِاللّهِ.
جَفَّ القَلمُ بِما هُوَ کائِنٌ إلی یَومِ القِیامَةِ،فَلَو جَهَدَ الخَلائِقُ أن یَنفَعوکَ بِشَیءٍ لَم یَکتُبهُ اللّهُ عَلَیکَ لَم یَقدِروا،فَإِنِ استَطَعتَ أن تَعمَلَ للّهِ ِ بِالرِّضا بِالیَقینِ فَاعمَل،وإن لَم تَستَطِع فَإِنَّ فِی الصَّبرِ عَلی ما تَکرَهُ خَیراً کَثیراً،وَاعلَم أنَّ النَّصرَ مَعَ الصَّبرِ،وأنَّ الفَرَجَ مَعَ الکَربِ،وأنَّ مَعَ العُسرِ یُسراً. (2)
4347.حلیة الأولیاء بإسناده عن الحسین بن علیّ علیه السّلام: رَأَیتُ رَسولَ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله قامَ خَطیباً عَلی أصحابِهِ فَقالَ:أیُّهَا النّاسُ،کَأَنَّ المَوتَ فیها عَلی غَیرِنا کُتِبَ،وکَأَنَّ الحَقَّ فیها عَلی غَیرِنا وَجَبَ،وکَأَنَّ الَّذی نُشَیِّعُ مِنَ الأَمواتِ سَفرٌ عَمّا قَلیلٍ إلَینا راجِعونَ،نَأکُلُ تُراثَهُم کَأَنَّنا مُخَلَّدونَ بَعدَهُم،قَد نَسینا کُلَّ واعِظَةٍ،وأمِنّا کُلَّ جائِحَةٍ.
طوبی لِمَن شَغَلَهُ عَیبُهُ عَن عُیوبِ النّاسِ.طوبی لِمَن طابَ مَکسَبُهُ،وصَلُحَت سَریرَتُهُ،وحَسُنَت عَلانِیَتُهُ،وَاستَقامَت طَریقَتُهُ.طوبی لِمَن تَواضَعَ للّهِ ِ مِن غَیرِ
ص:360
مَنقَصَةٍ،وأنفَقَ مِمّا جَمَعَهُ مِن غَیرِ مَعصِیَةٍ،وخالَطَ أهلَ الفِقهِ وَالحِکمَةِ،ورَحِمَ أهلَ الذُّلِّ وَالمَسکَنَةِ.وطوبی لِمَن أنفَقَ الفَضلَ مِن مالِهِ،وأمسَکَ الفَضلَ مِن قَولِهِ،ووَسِعَتهُ السُّنَّةُ ولَم یَعدِل عَنها إلی بِدعَةٍ. (1)
4348.الفردوس عن الحسین بن علیّ علیه السّلام عن رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله: مَن أخرَجَهُ اللّهُ عز و جل مِن ذُلِّ المَعاصی إلی عِزِّ التَّقوی،أغناهُ اللّهُ بِلا مالٍ،وأعَزَّهُ بِلا عَشیرَةٍ،وآنَسَهُ بِلا بَشَرٍ،ومَن لَم یَستَحِ مِن طَلَبِ المَعیشَةِ رَخَّی اللّهُ بالَهُ،ونَعَّمَ (2)عِیالَهُ،ومَن زَهِدَ فی الدُّنیا ثَبَّتَ اللّهُ الحِکمَةَ فی قَلبِهِ،وأنطَقَ بِها لَسانَهُ،وبَصَّرَهُ داءَها ودَواءَها و عُیوبَها،وأخرَجَهُ اللّهُ سالِماً إلی دارِ السَّلامِ. (3)
4349.الأمالی للطوسی بإسناده عن الحسین بن علیّ عن أبیه علیّ بن أبی طالب علیهما السّلام عن النبیّ صلّی اللّه علیه و آله: مِن أفضَلِ الأَعمالِ عِندَ اللّهِ عز و جل إبرادُ الأَکبادِ (4)الحارَّةِ،وإشباعُ الأَکبادِ الجائِعَةِ،وَالَّذی نَفسُ مُحَمَّدٍ بِیَدِهِ لا یُؤمِنُ بی عَبدٌ یَبیتُ شَبعانَ وأخوهُ-أو قالَ:جارُهُ-المُسلِمُ جائِعٌ. (5)
4350.الأمالی للمفید بإسناده عن الإمام الشهید الحسین بن علیّ عن أبیه أمیر المؤمنین علیّ بن أبی طالب علیهما السّلام: قالَ رَسولُ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله:أفضَلُ الأَعمالِ عِندَ اللّهِ إیمانٌ لا شَکَّ فیهِ،وغَزوٌ لا غُلولَ (6)فیهِ،وحَجٌّ مَبرورٌ.وأوَّلُ مَن یَدخُلُ الجَنَّةَ عَبدٌ مَملوکٌ أحسَنَ عِبادَةَ رَبِّهِ
ص:361
ونَصَحَ لِسَیِّدِهِ،ورَجُلٌ عَفیفٌ مُتَعَفِّفٌ ذو عِبادَةٍ. (1)
4351.النوادر للراوندی بإسناده عن الحسین علیه السّلام: قالَ رَسولُ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله:لا طَلاقَ إلّامِن بَعدِ نِکاحٍ، ولا عِتقَ إلّامِن بَعدِ مِلکٍ،ولا صَمتَ مِن غُدوَةٍ إلَی اللَّیلِ،ولا وِصالَ فِی صِیامٍ،ولا رَضاعَ بَعدَ فِطامٍ،ولا یُتمَ بَعدَ حُلمٍ،ولا یَمینَ لِامرَأَةٍ مَعَ زَوجِها،ولا یَمینَ لِوَلَدٍ مَعَ والِدِهِ،ولا یَمینَ لِلمَملوکِ مَعَ سَیِّدِهِ (2)،ولا تَعَرُّبَ (3)بَعدَ هِجرَةٍ،ولا یَمینَ فی قَطیعَةِ رَحِمٍ،ولا یَمینَ فیما لا یُملَکُ،ولا یَمینَ فی مَعصِیَةٍ،ولَو أنَّ غُلاماً حَجَّ عَشرَ حِجَجٍ ثُمَّ احتَلَمَ کانَت عَلَیهِ فَریضَةُ الإِسلامِ إذَا استَطاعَ إلی ذلِکَ،ولَو أنَّ مُکاتَباً أدّی مُکاتَبَتَهُ ثُمَّ بَقِیَ عَلَیهِ اوقِیَةٌ (4)رُدَّ فِی الرِّقِّ. (5)
4352.الخصال بإسناده عن الحسین بن علیّ علیه السّلام: لَمَّا افتَتَحَ رَسولُ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله خَیبَرَ،دَعا بِقَوسِهِ فَاتَّکَأَ عَلی سِیَتِها (6)،ثُمَّ حَمِدَ اللّهَ وأثنی عَلَیهِ،وذَکَرَ ما فَتَحَ اللّهُ لَهُ ونَصَرَهُ بِهِ،ونَهی عَن خِصالٍ تِسعَةٍ:عَن مَهرِ البَغِیِّ،وعَن کَسبِ الدّابَّةِ-یَعنی عَسبَ (7)الفَحلِ-وعَن
ص:362
خاتَمِ الذَّهَبِ،وعَن ثَمَنِ الکَلبِ،وعَن مَیاثِرِ الاُرجُوانِ (1)...وعَن لَبوسِ ثِیابِ القَسِیِّ (2)-وهِیَ ثِیابٌ تُنسَجُ بِالشّامِ-وعَن أکلِ لُحومِ السِّباعِ،وعَن صَرفِ الذَّهَبِ بِالذَّهَبِ وَالفِضَّةِ بِالفِضَّةِ بَینَهُما فَضلٌ،وعَنِ النَّظَرِ فِی النُّجومِ. (3)
ص:363
ص:364
4353.الخصال بإسناده عن الحسین بن علیّ عن أبیه أمیر المؤمنین علیهما السّلام: إنَّ اللّهَ تَبارَکَ وتَعالی أخفی أربَعَةً فی أربَعَةٍ:أخفی رِضاهُ فی طاعَتِهِ؛فَلا تَستَصغِرَنَّ شَیئاً مِن طاعَتِهِ فَرُبَّما وافَقَ رِضاهُ وأنتَ لا تَعلَمُ،وأخفی سَخَطَهُ فی مَعصِیَتِهِ،فَلا تَستَصغِرَنَّ شَیئاً مِن مَعصِیَتِهِ فَرُبَّما وافَقَ سَخَطَهُ مَعصِیَتُهُ وأنتَ لا تَعلَمُ،وأخفی إجابَتَهُ فی دَعوَتِهِ؛فَلا تَستَصغِرَنَّ شَیئاً مِن دُعائِهِ فَرُبَّما وافَقَ إجابَتَهُ وأنتَ لا تَعلَمُ،وأخفی وَلِیَّهُ فی عِبادِهِ؛فَلا تَستَصغِرَنَّ عَبداً مِن عَبیدِ اللّهِ فَرُبَّما یَکونُ وَلِیَّهُ وأنتَ لا تَعلَمُ. (1)
4354.الکافی عن أبی حمزة الثمالی عن أبی جعفر [الباقر] علیه السّلام: لَمّا حَضَرَ عَلِیَّ بنَ الحُسَینِ علیه السّلام الوَفاةُ ضَمَّنی إلی صَدرِهِ،ثُمَّ قالَ:یا بُنَیَّ ! اوصیکَ بِما أوصانی بِهِ أبی علیه السّلام حینَ حَضَرَتهُ الوَفاةُ،وبِما ذَکَرَ أنَّ أباهُ أوصاهُ بِهِ،قالَ:یا بُنَیَّ،إیّاکَ وظُلمَ مَن لا یَجِدُ عَلَیکَ ناصِراً إلَّا اللّهَ. (2)
ص:365
4355.الکافی عن أبی حمزة عن أبی جَعفَرٍ [الباقر] علیه السّلام: لَمّا حَضَرَت أبی عَلِیَّ بنَ الحُسَینِ علیه السّلام الوَفاةُ،ضَمَّنی إلی صَدرِهِ وقالَ:یا بُنَیَّ اوصیکَ بِما أوصانی بِهِ أبی حینَ حَضَرَتهُ الوَفاةُ،وبِما ذَکَرَ أنَّ أباهُ أوصاهُ بِهِ:یا بُنَیَّ،اصبِر عَلَی الحَقِّ وإن کانَ مُرّاً. (1)
4356.حلیة الأولیاء بإسناده عن الحسین بن علیّ عن علیّ علیهما السّلام: أشَدُّ الأَعمالِ ثَلاثَةٌ:إعطاءُ الحَقِّ مِن نَفسِکَ،وذِکرُ اللّهِ عَلی کُلِّ حالٍ،ومُواساةُ الأَخِ فِی المالِ. (2)
ص:366
4357.تحف العقول عن الإمام الحسین علیه السّلام: اوصیکُم بِتَقوَی اللّهِ،واُحَذِّرُکُم أیّامَهُ،وأرفَعُ لَکُم أعلامَهُ،فَکَأَنَّ المَخوفَ قَد أفِدَ (1)بِمَهولِ وُرودِهِ،ونَکیرِ حُلولِهِ،وبَشِعِ مَذاقِهِ،فَاعتَلَقَ مُهَجَکُم،وحالَ بَینَ العَمَلِ وبَینَکُم،فَبادِروا بِصِحَّةِ الأَجسامِ فی مُدَّةِ الأَعمارِ،کَأَنَّکُم بِبَغَتاتِ (2)طَوارِقِهِ (3)فَتَنقُلُکُم مِن ظَهرِ الأَرضِ إلی بَطنِها،ومِن عُلوِها إلی سُفلِها،ومِن انسِها إلی وَحشَتِها،ومِن رَوحِها وضَوئِها إلی ظُلمَتِها،ومِن سَعَتِها إلی ضیقِها،حَیثُ لا یُزارُ حَمیمٌ،ولا یُعادُ سَقیمٌ،ولا یُجابُ صَریخٌ،أعانَنَا اللّهُ وإیّاکُم عَلی أهوالِ ذلِکَ الیَومِ،ونَجّانا وإیّاکُم مِن عِقابِهِ وأوجَبَ لَنا ولَکُمُ الجَزیلَ مِن ثَوابِهِ.
عِبادَ اللّهِ ! فَلَو کانَ ذلِکَ قَصرَ مَرماکُم،ومَدی مَظعَنِکُم (4)،کانَ حَسبُ العامِلِ شُغُلاً یَستَفرِغُ عَلَیهِ أحزانَهُ،ویُذهِلُهُ عَن دُنیاهُ،ویُکثِرُ نَصَبَهُ لِطَلَبِ الخَلاصِ مِنهُ (5)،فَکَیفَ وهُوَ بَعدَ ذلِکَ مُرتَهَنٌ بِاکتِسابِهِ،مُستَوقَفٌ عَلی حِسابِهِ،لا وَزیرَ لَهُ یَمنَعُهُ،ولا ظَهیرَ
ص:367
عَنهُ یَدفَعُهُ،ویَومَئِذٍ «لا یَنْفَعُ نَفْساً إِیمانُها لَمْ تَکُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ کَسَبَتْ فِی إِیمانِها خَیْراً قُلِ انْتَظِرُوا إِنّا مُنْتَظِرُونَ» 1 .
اوصیکُم بِتَقوَی اللّهِ،فَإِنَّ اللّهَ قَد ضَمِنَ لِمَنِ اتَّقاهُ أن یُحَوِّلَهُ عَمّا یَکرَهُ إلی ما یُحِبُّ، ویَرزُقَهُ مِن حَیثُ لا یَحتَسِبُ،فَإِیّاکَ أن تَکونَ مِمَّن یَخافُ عَلَی العِبادِ مِن ذُنوبِهِم ویَأمَنُ العُقوبَةَ مِن ذَنبِهِ،فَإِنَّ اللّهَ تَبارَکَ وتَعالی لا یُخدَعُ عَن جَنَّتِهِ،ولا یُنالُ ما عِندَهُ إلّا بِطاعَتِهِ إن شاءَ اللّهُ. (1)
4358.الکافی عن الفضل بن أبی قرّة عن أبی عبد اللّه [الصادق] علیه السّلام: کَتَبَ رَجُلٌ إلَی الحُسَینِ- صَلَواتُ اللّهِ عَلَیهِ-:عِظنی بِحَرفَینِ.
فَکَتَبَ إلَیهِ:مَن حاوَلَ أمراً بِمَعصِیَةِ اللّهِ،کانَ أفوَتَ لِما یَرجو وأسرَعَ لِمَجیءِ ما یَحذَرُ. (2)
4359.محاضرات الاُدباء: قالَ رَجُلٌ لِلحُسَینِ بنِ عَلِیٍّ علیه السّلام:مَن أشرَفُ النّاسِ؟
فَقالَ علیه السّلام:مَنِ اتَّعَظَ قَبلَ أن یوعَظَ،وَاستَیقَظَ قَبلَ أن یوقَظَ.
فَقالَ:أشهَدُ أنَّ هذا هُوَ السَّعیدُ. (3)
4360.مقتل الحسین علیه السّلام للخوارزمی: قیلَ:کانَ مَکتوباً عَلی سَیفِ الحُسَینِ علیه السّلام:البَخیلُ مَذمومٌ، وَالحَریصُ مَحرومٌ،وَالحَسودُ مَغمومٌ. (4)
ص:368
4361.کفایة الأثر عن یحیی بن یعمن (1): کُنتُ عِندَ الحُسَینِ علیه السّلام:إذ دَخَلَ عَلَیهِ رَجُلٌ مِنَ العَرَبِ مُتَلَثِّماً،أسمَرُ شَدیدُ السُّمرَةِ،فَسَلَّمَ ورَدَّ الحُسَینُ علیه السّلام،فَقالَ:یَابنَ رَسولِ اللّهِ ! مَسأَلَةٌ !
قالَ:هاتِ....
قالَ:فَما أقبَحُ شَیءٍ؟
قالَ:الفِسقُ فِی الشَّیخِ قَبیحٌ،وَالحِدَّةُ (2)فِی السُّلطانِ قَبیحَةٌ،وَالکَذِبُ فی ذِی الحَسَبِ قَبیحٌ،وَالبُخلُ فی ذِی الغِنی،وَالحِرصُ فِی العالِمِ. (3)
4362.مستدرک الوسائل: قیلَ لِلحُسَینِ بنِ عَلِیٍّ علیه السّلام:مَا الفَضلُ؟قالَ:مِلکُ اللِّسانِ،وبَذلُ الإِحسانِ.
قیلَ:فَمَا النَّقصُ؟قالَ:التَّکَلُّفُ لِما لا یَعنیکَ. (4)
4363.کتاب من لا یحضره الفقیه بإسناده عن الحسین بن علیّ علیه السّلام -لَمّا قیلَ لَهُ:کَیفَ أصبَحتَ یَابنَ رَسولِ اللّهِ؟-:أصبَحتُ ولی رَبٌّ فَوقی،وَالنّارُ أمامی،وَالمَوتُ یَطلُبُنی،وَالحِسابُ مُحدِقٌ بی (5)،وأنَا مُرتَهَنٌ بِعَمَلی،لا أجِدُ ما احِبُّ ولا أدفَعُ ما أکرَهُ،وَالاُمورُ بِیَدِ غَیری،فَإِن شاءَ عَذَّبَنی،وإن شاءَ عَفا عَنّی،فَأَیُّ فَقیرٍ أفقَرُ مِنّی؟! (6)
ص:369
ص:370
4364.عیون أخبار الرضا علیه السّلام بإسناده عن الحسین بن علیّ علیه السّلام: إنَّ أعمالَ هذِهِ الاُمَّةِ ما مِن صَباحٍ إلّا وتُعرَضُ عَلَی اللّهِ تَعالی. (1)
4365.الأمالی للطوسی بإسناده عن الحسین عن أبیه علی بن أبی طالب علیهما السّلام: أنَّ رَسولَ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله أغزی عَلِیّاً علیه السّلام فی سَرِیَّةٍ (2)وأمَرَ المُسلِمینَ أن یَنتَدِبوا مَعَهُ فی سَرِیَّتِهِ،فَقالَ رَجُلٌ مِنَ الأَنصارِ لِأَخٍ لَهُ:اُغزُ بِنا فی سَرِیَّةِ عَلِیٍّ،لَعَلَّنا نُصیبُ خادِماً أو دابَّةً أو شَیئاً نَتَبَلَّغُ (3)بِهِ !
ص:371
فَبَلَغَ النَّبِیَّ صلّی اللّه علیه و آله قَولُهُ،فَقالَ:إنَّمَا الأَعمالُ بِالنِّیّاتِ،ولِکُلِّ امرِئٍ ما نَوی،فَمَن غَزَا ابتِغاءَ ما عِندَ اللّهِ فَقَد وَقَعَ أجرُهُ عَلَی اللّهِ،ومَن غَزا یُریدُ عَرَضَ الدُّنیا أو نَوی عِقالاً لَم یَکُن لَهُ إلّاما نَوی. (1)
4366.بحار الأنوار: رُوِیَ أنَّ الحُسَینَ بنَ عَلِیٍّ علیه السّلام جاءَهُ رَجُلٌ وقالَ:أنَا رَجُلٌ عاصٍ ولا أصبِرُ عَنِ المَعصِیَةِ،فَعِظنی بِمَوعِظَةٍ.
فَقالَ علیه السّلام:اِفعَل خَمسَةَ أشیاءَ وأذنِب ما شِئتَ،فَأَوَّلُ ذلِکَ:لا تَأکُل رِزقَ اللّهِ وأذنِب ما شِئتَ،وَالثّانی:اُخرُج مِن وِلایَةِ اللّهِ وأذنِب ما شِئتَ،وَالثّالِثُ:اُطلُب مَوضِعاً لا یَراکَ اللّهُ وأذنِب ما شِئتَ،وَالرّابِعُ:إذا جاءَ مَلَکُ المَوتِ لِیَقبِضَ روحَکَ فَادفَعهُ عَن نَفسِکَ وَأذنِب ما شِئتَ،وَالخامِسُ:إذا أدخَلَکَ مالِکٌ فِی النّارِ فَلا تَدخُل فِی النّارِ وأذنِب ما شِئتَ. (2)
4368.کشف الغمّة بإسناده عن الإمام الحسین علیه السّلام: وَجَدتُ فی قائِمِ سَیفِ رَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله صَحیفَةً مَربوطَةً،فیها:أشَدُّ النّاسِ عَذاباً القاتِلُ غَیرَ قاتِلِهِ،وَالضّارِبُ غَیرَ ضارِبِهِ،ومَن جَحَدَ نِعمَةَ مَوالیهِ فَقَد بَرِئَ مِمّا أنزَلَ اللّهُ عز و جل. (1)
4369.تاریخ بغداد بإسناده عن الحسین علیه السّلام: قالَ رَسولُ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله:إنَّ أصحابَ الکَبائِرِ مِن مُوَحِّدِی الاُمَمِ کُلِّهِم؛الَّذین ماتوا عَلی کَبائِرِهِم غَیرَ نادِمینَ ولا تائِبینَ،مَن دَخَلَ النّارَ مِنهُم فِی البابِ الأَوَّلِ مِن جَهَنَّمَ؛لا تَزرَقُّ (2)أعیُنُهُم،ولا تَسوَدُّ وُجوهُهُم،ولا یُقرَنونَ ولا یُغَلَّونَ بِالسَّلاسِلِ،ولا یُجَرَّعونَ الحَمیمَ،ولا یُلبَسونَ القَطِرانَ (3)؛حَرَّمَ اللّهُ أجسادَهُم عَلَی الخُلودِ مِن أجلِ التَّوحیدِ،وصُوَرَهُم عَلَی النّارِ مِن أجلِ السُّجودِ. (4)
4370.الخصال بإسناده عن الحسین بن علیّ علیه السّلام: کانَ عَلِیُّ بنُ أبی طالِبٍ علیه السّلام بِالکوفَةِ فِی
ص:373
الجامِعِ،إذ قامَ إلَیهِ رَجُلٌ مِن أهلِ الشّامِ فَسَأَلَهُ عَن مَسائِلَ،فَکانَ فیما سَأَلَهُ أن قالَ لَهُ:أخبِرنی عَنِ النَّومِ عَلی کَم وَجهٍ هُوَ؟
فَقالَ:النَّومُ عَلی أربَعَةِ أوجُهٍ:الأَنبِیاءُ علیهم السّلام تَنامُ عَلی أقفِیَتِهِم مُستَلقینَ،وأعیُنُهُم لا تَنامُ مُتَوَقِّعَةً لِوَحیِ اللّهِ عز و جل،وَالمُؤمِنُ یَنامُ عَلی یَمینِهِ مُستَقبِلَ القِبلَةِ،وَالمُلوکُ وأبناؤُها تَنامُ عَلی شَمائِلِها لِیَستَمرِئوا ما یَأکُلونَ،وإبلیسُ وإخوانُهُ وکُلُّ مَجنونٍ وذو عاهَةٍ یَنامُ عَلی وَجهِهِ مُنبَطِحاً (1). (2)
4371.طبّ الأئمّة لابنی بسطام بإسناده عن الحسین بن علیّ علیه السّلام: عادَ أمیرُ المُؤمِنینَ عَلِیُّ بنُ أبی طالِبٍ علیه السّلام سَلمانَ الفارِسِیَّ،فَقالَ:یا أبا عَبدِ اللّهِ! کَیفَ أصبَحتَ مِن عِلَّتِکَ؟
فَقالَ:یا أمیرَ المُؤمِنینَ! أحمَدُ اللّهَ کَثیراً،وأشکو إلَیکَ کَثرَةَ الضَّجَرِ.
قالَ:فَلا تَضجَر یا أبا عَبدِ اللّهِ،فَما مِن أحَدٍ مِن شیعَتِنا یُصیبُهُ وَجَعٌ إلّابِذَنبٍ قَد سَبَقَ مِنهُ،وذلِکَ الوَجَعُ تَطهیرٌ لَهُ.
قالَ سَلمانُ:فَإِن کانَ الأَمرُ عَلی ما ذَکَرتَ-وهُوَ کَما ذَکَرتَ-فَلَیسَ لَنا فی شَیءٍ مِن ذلِکَ أجرٌ خَلَا التَّطهیرَ.
قالَ عَلِیٌّ علیه السّلام:یا سَلمانُ! إنَّ لَکُمُ الأَجرَ بِالصَّبرِ عَلَیهِ،وَالتَّضَرُّعِ إلَی اللّهِ عَزَّ اسمُهُ وَالدُّعاءِ لَهُ؛بِهِما یُکتَبُ لَکُمُ الحَسَناتُ،ویُرفَعُ لَکُمُ الدَّرَجاتُ،وأمَّا الوَجَعُ فَهُوَ خاصَّةً تَطهیرٌ وکَفّارَةٌ.
قالَ:فَقَبَّلَ سَلمانُ ما بَینَ عَینَیهِ وبَکی،وقالَ:مَن کانَ یُمَیِّزُ لَنا هذِهِ الأَشیاءَ
ص:374
لَولاکَ-یا أمیرَ المُؤمِنینَ-؟ (1)
4372.الأمالی للطوسی بإسناده عن الحسین بن علیّ عن أمیر المؤمنین علیهما السّلام: المَرَضُ لا أجرَ فیهِ، ولکِنَّهُ لا یَدَعُ عَلَی العَبدِ ذَنباً إلّاحَطَّهُ،وإنَّمَا الأَجرُ فِی القَولِ بِاللِّسانِ وَالعَمَلِ بِالجَوارِحِ،وإنَّ اللّهَ بِکَرَمِهِ وفَضلِهِ یُدخِلُ العَبدَ بِصِدقِ النِّیَّةِ وَالسَّریرَةِ الصّالِحَةِ الجَنَّةَ. (2)
4373.الکافی عن عبد اللّه بن الولید الجعفی عن رجل عن أبیه: لَمّا اصیبَ أمیرُ المُؤمِنینَ علیه السّلام نَعَی الحَسَنُ إلَی الحُسَینِ علیهما السّلام وهُوَ بِالمَدائِنِ،فَلَمّا قَرَأَ الکِتابَ قالَ:یا لَها مِن مُصیبَةٍ ما أعظَمَها،مَعَ أنَّ رَسولَ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله قالَ:«مَن اصیبَ مِنکُم بِمُصیبَةٍ فَلیَذکُر مُصابَهُ بی،فَإِنَّهُ لَن یُصابَ بِمُصیبَةٍ أعظَمَ مِنها»،وصَدَقَ صلّی اللّه علیه و آله. (3)
الباطِلِ فی مَواطِنِ التَّقِیَّةِ بِحُسنِ الرَّوِیَّةِ (1)،وتَستَشِفُّ (2)جَلیلَ مَعاظِمِ الدُّنیا بِعَینٍ لَها حاقِرَةٍ،وتُفیضُ عَلَیها یَداً طاهِرَةَ الأَطرافِ،نَقِیَّةَ الأَسِرَّةِ (3)،وتَردَعُ بادِرَةَ غَربِ (4)أعدائِکَ بِأَیسَرِ المَؤونَةِ عَلَیکَ؛ولا غَروَ وأنتَ ابنُ سُلالَةِ النُّبُوَّةِ،ورَضیعُ لِبانِ الحِکمَةِ،فَإِلی رَوحٍ ورَیحانٍ وجَنَّةِ نَعیمٍ.أعظَمَ اللّهُ لَنا ولَکُمُ الأَجرَ عَلَیهِ،ووَهَبَ لَنا ولَکُمُ السَّلوَةَ وحُسنَ الاُسی عَنهُ. (5)
4375.المعجم الکبیر عن عبد اللّه بن میمون القدّاح عن جعفر بن محمّد عن أبیه عن علیّ بن حسین [زین العابدین] علیهم السّلام: سَمِعتُ أبی علیه السّلام یَقولُ:لَمّا کانَ قَبلَ وَفاةِ رَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله بِثَلاثَةِ أیّامٍ،هَبَطَ عَلَیهِ جِبریلُ علیه السّلام،فَقالَ:یا مُحَمَّدُ،إنَّ اللّهَ عز و جل أرسَلَنی إلَیکَ إکراماً لَکَ،وتَفضیلاً لَکَ، وخاصَّةً لَکَ،أسأَلُکَ عَمّا هُوَ أعلَمُ بِهِ مِنکَ،یَقولُ:کَیفَ تَجِدُکَ؟
فَقالَ النَّبِیُّ صلّی اللّه علیه و آله:أجِدُنی یا جِبریلُ مَغموماً،وأجِدُنی یا جِبریلُ مَکروباً.
قالَ:فَلَمّا کانَ الیَومُ الثّالِثُ هَبَطَ جِبریلُ علیه السّلام،وهَبَطَ مَلَکُ المَوتِ علیه السّلام،وهَبَطَ مَعَهُما مَلَکٌ فِی الهَواءِ یُقالُ لَهُ إسماعیلُ عَلی سَبعینَ ألفَ مَلَکٍ،لَیسَ فیهِم مَلَکٌ إلّا عَلی سَبعینَ ألفَ مَلَکٍ،یُشَیِّعُهُم جِبریلُ علیه السّلام،فَقالَ:یا مُحَمَّدُ،إنَّ اللّهَ عز و جل أرسَلَنی إلَیکَ إکراماً لَکَ،وتَفضیلاً لَکَ وخاصّةً لَکَ،أسأَلُکَ عَمّا هُوَ أعلَمُ بِهِ مِنکَ،یَقولُ:
ص:376
کَیفَ تَجِدُکَ؟
فَقالَ رَسولُ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله:أجِدُنی یا جِبریلُ مَغموماً،وأجِدُنی یا جِبریلُ مَکروباً.قالَ:
فَاستَأذَنَ مَلَکُ المَوتِ عَلَی البابِ،فَقالَ جِبریلُ علیه السّلام:یا مُحَمَّدُ! هذا مَلَکُ المَوتِ یَستَأذِنُ عَلَیکَ،مَا استَأذَنَ عَلی آدَمِیٍّ قَبلَکَ،ولا یَستَأذِنُ عَلی آدَمِیٍّ بَعدَکَ.
فَقالَ:ایذَن لَهُ.فَأَذِنَ لَهُ جِبریلُ علیه السّلام.
فَأَقبَلَ حَتّی وَقَفَ بَینَ یَدَیهِ،فَقالَ:یا مُحَمَّدُ! إنَّ اللّهَ عز و جل أرسَلَنی إلَیکَ وأمَرَنی أن اطیعَکَ فیما أمَرتَنی بِهِ،إن أمَرتَنی أن أقبِضَ نَفسَکَ قَبَضتُها،وإن کَرِهتَ تَرَکتُها.
فَقالَ لَهُ رَسولُ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله:أتَفعَلُ یا مَلَکَ المَوتِ؟
قالَ:نَعَم،وبِذلِکَ امِرتُ؛أن اطیعَکَ فیما أمَرتَنی بِهِ.
فَقالَ لَهُ جِبریلُ علیه السّلام:إنَّ اللّهَ عز و جل قَدِ اشتاقَ إلی لِقائِکَ.
فَقالَ رَسولُ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله:اِمضِ لِما امِرتَ بِهِ.
فَقالَ لَهُ جِبریلُ علیه السّلام:هذا آخِرُ وَطأَتِیَ الأَرضَ،إنَّما کُنتَ حاجَتی فِی الدُّنیا.
فَلَمّا تُوُفِّیَ رَسولُ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله وجاءَتِ التَّعزِیَةُ،جاءَ آتٍ یَسمَعونَ حِسَّهُ ولا یَرَونَ شَخصَهُ،فَقالَ:السَّلامُ عَلَیکُم ورَحمَةُ اللّهِ وبَرَکاتُهُ «کُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ» 1 ،إنَّ فِی اللّهِ عَزاءً مِن کُلِّ مُصیبَةٍ،وخَلَفاً مِن کُلِّ هالِکٍ،ودَرَکاً مِن کُلِّ ما فاتَ،فَبِاللّه فَثِقوا،وإیّاهُ فَارجوا،فَإِنَّ المُصابَ مَن حُرِمَ الثَّوابَ،وَالسَّلامُ عَلَیکُم ورَحمَةُ اللّهِ. (1)
ص:377
4376.تهذیب الأحکام عن علیّ بن شعیب عن الإمام الصادق علیه السّلام: بَینَا الحُسَینُ علیه السّلام قاعِدٌ فی حِجرِ رَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله ذاتَ یَومٍ إذ رَفَعَ رَأسَهُ إلَیهِ فَقالَ:یا أبَه،قالَ:لَبَّیکَ یا بُنَیَّ ! قالَ:ما لِمَن أتاکَ بَعدَ وَفاتِکَ زائِراً لا یُریدُ إلّازِیارَتَکَ؟قالَ:یا بُنَیَّ،مَن أتانی بَعدَ وَفاتی زائِراً لا یُریدُ إلّازِیارَتی فَلَهُ الجَنَّةُ. (1)
4377.الکافی عن أبی شِهاب: قالَ الحُسَینُ علیه السّلام لِرَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله:یا أبَتاه،ما لِمَن زارَکَ؟فَقالَ رَسولُ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله:یا بُنَیَّ،مَن زارَنی حَیّاً أو مَیِّتاً،أو زارَ أباکَ،أو زارَ أخاکَ،أو زارَکَ؛ کانَ حَقّاً عَلَیَّ أن أزورَهُ یَومَ القِیامَةِ،واُخَلِّصَهُ مِن ذُنوبِهِ (2).
4378.الأمالی للطوسی عن محمّد بن مسلم: سمعت أبا عبد اللّه جعفر بن محمّد علیه السّلام یقول:إنَّ الحُسَینَ بنَ عَلِیٍّ علیهما السّلام عِندَ رَبِّهِ عز و جل یَنظُرُ إلی مَوضِعِ مُعَسکَرِهِ ومَن حَلَّهُ مِنَ الشُّهَداءِ مَعَهُ،ویَنظُرُ إلی زُوّارِهِ،وهُوَ أعرَفُ بِحالِهِم وبِأَسمائِهِم وأسماءِ آبائِهِم وبِدَرَجاتِهِم ومَنزِلَتِهِم عِندَ اللّهِ عز و جل مِن أحَدِکُم بِوُلدِهِ،وإنَّهُ لَیَری مَن یَبکیهِ فَیَستَغفِرُ لَهُ ویَسأَلُ آباءَهُ علیهم السّلام أن یَستَغفِروا لَهُ،ویَقولُ:لَو یَعلَمُ زائِری ما أعَدَّ اللّهُ لَهُ لَکانَ فَرَحُهُ أکثَرَ مِن
ص:378
جَزَعِهِ.وإنّ زائِرَهُ لَیَنقَلِبُ وما عَلَیهِ مِن ذَنبٍ. (1)
4379.إرشاد القلوب عن الإمام الحسین علیه السّلام: یَابنَ آدَمَ،إنَّما أنتَ أیّامٌ،کُلَّما مَضی یَومٌ ذَهَبَ بَعضُکَ. (2)
4380.الفردوس عن الحسین بن علیّ علیه السّلام عن رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله: اتَّخِذوا عِندَ الفُقَراءِ الأَیادِیَ،فَإِنَّ لَهُم دَولَةً،إذا کانَ یَومُ القِیامَةِ یُنادی مُنادٍ:«سیروا إلَی الفُقَراءِ»،فَیُعتَذَرُ إلَیهِم کَما یَعتَذِرُ أحَدُکُم إلی أخیهِ الَّذینَ (3)فِی الدُّنیا (4). (5)
4381.الإرشاد -فی ذِکرِ خُروجِ الحُسَینِ علیه السّلام مِنَ المَدینَةِ إلی مَکَّةَ-:سارَ الحُسَینُ علیه السّلام إلی مَکَّةَ وهُوَیَقرَأُ: «فَخَرَجَ مِنْها خائِفاً یَتَرَقَّبُ قالَ رَبِّ نَجِّنِی مِنَ الْقَوْمِ الظّالِمِینَ» 6 ...ولَمّا دَخَلَ الحُسَینُ علیه السّلام مَکَّةَ،کانَ دُخولُهُ إلَیها لَیلَةَ الجُمُعَةِ لِثَلاثٍ مَضَینَ مِن شَعبانَ،دَخَلَها وهُوَ
ص:379
یَقرَأُ: «وَ لَمّا تَوَجَّهَ تِلْقاءَ مَدْیَنَ قالَ عَسی رَبِّی أَنْ یَهْدِیَنِی سَواءَ السَّبِیلِ» 1 ،ثُمَّ نَزَلَها وأقبَلَ أهلُها یَختَلِفونَ (1)إلَیهِ. (2)
4382.نزهة الناظر عن الإمام الحسین علیه السّلام: اللّهُمَّ لا تَستَدرِجنی بِالإِحسانِ،ولا تُؤَدِّبنی بِالبَلاءِ. (3)
4383.تحف العقول عن الإمام الحسین علیه السّلام: الاِستِدراجُ مِنَ اللّهِ سُبحانَهُ لِعَبدِهِ:أن یُسبِغَ عَلَیهِ النِّعَمَ ویَسلُبَهُ الشُّکرَ. (4)
4384.کتاب من لا یحضره الفقیه بإسناده عن الإمام الحسین علیه السّلام: بَینا أمیرُ المُؤمِنینَ علیه السّلام ذاتَ یَومٍ جالِسٌ مَعَ أصحابِهِ یُعَبِّئُهُم لِلحَربِ،إذا أتاهُ شَیخٌ عَلَیهِ شَحبَةُ (5)السَّفَرِ،فَقالَ:أینَ أمیرُ المُؤمِنینَ؟فَقیلَ:هُوَ ذا،فَسَلَّمَ عَلَیهِ،ثُمَّ قالَ:
ص:380
یا أمیرَ المُؤمِنینَ،إنّی أتَیتُکَ مِن ناحِیَةِ الشّامِ،وأنَا شَیخٌ کَبیرٌ قَد سَمِعتُ فیکَ مِنَ الفَضلِ ما لا احصی،وانّی أظُنُّکَ سَتُغتالُ،فَعَلِّمنی مِمّا عَلَّمَکَ اللّهُ.
قالَ:نَعَم یا شَیخُ:مَنِ اعتَدَلَ یَوماهُ فَهُوَ مَغبونٌ،ومَن کانَتِ الدُّنیا هِمَّتَهُ اشتَدَّت حَسرَتُهُ عِندَ فِراقِها،ومَن کانَ غَدُهُ شَرَّ یَومَیهِ فَهُوَ مَحرومٌ،ومَن لَم یُبالِ بِما رُزِئَ (1)مِن آخِرَتِهِ إذا سَلِمَت لَهُ دُنیاهُ فَهُوَ هالِکٌ،ومَن لَم یَتَعاهَدِ النَّقصَ مِن نَفسِهِ غَلَبَ عَلَیهِ الهَوی،ومَن کانَ فی نَقصٍ فَالمَوتُ خَیرٌ لَهُ.
یا شَیخُ! ارضَ لِلنّاسِ ما تَرضی لِنَفسِکَ،وَائتِ إلَی النّاسِ ما تُحِبُّ أن یُؤتی إلَیکَ.
ثُمَّ أقبَلَ عَلی أصحابِهِ فَقالَ:أیُّهَا النّاسُ !
أما تَرَونَ إلی أهلِ الدُّنیا یُمسونَ ویُصبِحونَ عَلی أحوالٍ شَتّی؛فَبَینَ صَریعٍ یَتَلَوّی،وبَینَ عائِدٍ ومَعودٍ،وآخَرَ بِنَفسِهِ یَجودُ،وآخَرَ لا یُرجی،وآخَرَ مُسَجّیً، وطالِبِ الدُّنیا وَالمَوتُ یَطلُبُهُ،وغافِلٍ ولَیسَ بِمَغفولٍ عَنهُ،وعَلی أثَرِ الماضی یَصیرُ الباقی.
فَقالَ لَهُ زَیدُ بنُ صوحانَ العَبدِیُّ:یا أمیرَ المُؤمِنینَ! أیُّ سُلطانٍ أغلَبُ وأقوی؟
قالَ:الهَوی.
قالَ:فَأَیُّ ذُلٍّ أذَلُّ؟
قالَ:الحِرصُ عَلَی الدُّنیا.
قالَ:فَأَیُّ فَقرٍ أشَدُّ؟
قالَ:الکُفرُ بَعدَ الإِیمانِ.
ص:381
قالَ:فَأَیُّ دَعوَةٍ أضَلُّ؟
قالَ:الدّاعی بِما لا یَکونُ.
قالَ:فَأَیُّ عَمَلٍ أفضَلُ؟
قالَ:التَّقوی.
قالَ:فَأَیُّ عَمَلٍ أنجَحُ؟
قالَ:طَلَبُ ما عِندَ اللّهِ عز و جل.
قالَ:فَأَیُّ صاحِبٍ لَکَ شَرٌّ؟
قالَ:المُزَیِّنُ لَکَ مَعصِیَةَ اللّهِ عز و جل.
قالَ:فَأَیُّ الخَلقِ أشقی؟
قالَ:مَن باعَ دینَهُ بِدُنیا غَیرِهِ.
قالَ:فَأَیُّ الخَلقِ أقوی؟
قالَ:الحَلیمُ.
قالَ:فَأَیُّ الخَلقِ أشَحُّ؟
قالَ:مَن أخَذَ المالَ مِن غَیرِ حِلِّهِ،فَجَعَلَهُ فی غَیرِ حَقِّهِ.
قالَ:فَأَیُّ النّاسِ أکیَسُ؟
قالَ:مَن أبصَرَ رُشدَهُ مِن غَیِّهِ،فَمالَ إلی رُشدِهِ.
قالَ:فَمَن أحلَمُ النّاسِ؟
قالَ:الَّذی لا یَغضَبُ.
قالَ:فَأَیُّ النّاسِ أثبَتُ رَأیاً؟
ص:382
قالَ:مَن لَم یَغُرَّهُ النّاسُ مِن نَفسِهِ،ومَن لَم تَغُرَّهُ الدُّنیا بِتَشَوُّفِها (1).
قالَ:فَأَیُّ النّاسِ أحمَقُ؟
قالَ:المُغتَرُّ بِالدُّنیا وهُوَ یَری ما فیها مِن تَقَلُّبِ أحوالِها.
قالَ:فَأَیُّ النّاسِ أشَدُّ حَسرَةً؟
قالَ:الَّذی حُرِمَ الدُّنیا وَالآخِرَةَ،ذلِکَ هُوَ الخُسرانُ المُبینُ.
قالَ:فَأَیُّ الخَلقِ أعمی؟
قالَ:الَّذی عَمِلَ لِغَیرِ اللّهِ،یَطلُبُ بِعَمَلِهِ الثَّوابَ مِن عِندِ اللّهِ عز و جل.
قالَ:فَأَیُّ القُنوعِ أفضَلُ؟
قالَ:القانِعُ بِما أعطاهُ اللّهُ عز و جل.
قالَ:فَأَیُّ المَصائِبِ أشَدُّ؟
قالَ:المُصیبَةُ بِالدّینِ.
قالَ:فَأَیُّ الأَعمالِ أحَبُّ إلَی اللّهِ عز و جل؟
قالَ:اِنتِظارُ الفَرَجِ.
قالَ:فَأَیُّ النّاسِ خَیرٌ عِندَ اللّهِ؟
قالَ:أخوَفُهُم للّهِ ِ،وأعمَلُهُم بِالتَّقوی،وأزهَدُهُم فِی الدُّنیا.
قالَ:فَأَیُّ الکَلامِ أفضَلُ عِندَ اللّهِ عز و جل؟
قالَ:کَثرَةُ ذِکرِهِ،وَالتَّضَرُّعُ إلَیهِ بِالدُّعاءِ.
قالَ:فَأَیُّ القَولِ أصدَقُ؟
ص:383
قالَ:شَهادَةُ أن لا إلهَ إلَّااللّهُ.
قالَ:فَأَیُّ الأَعمالِ أعظَمُ عِندَ اللّهِ عز و جل؟
قالَ:التَّسلیمُ وَالوَرَعُ.
قالَ:فَأَیُّ النّاسِ أصدَقُ؟
قالَ:مَن صَدَقَ فِی المَواطِنِ.
ثُمَّ أقبَلَ علیه السّلام عَلَی الشَّیخِ فَقالَ:یا شَیخُ ! إنَّ اللّهَ عز و جل خَلَقَ خَلقاً ضَیَّقَ الدُّنیا عَلَیهِم نَظَراً لَهُم،فَزَهَّدَهُم فیها وفی حُطامِها،فَرَغِبوا فی دارِ السَّلامِ الَّتی دَعاهُم إلَیها، وصَبَروا عَلی ضیقِ المَعیشَةِ،وصَبَروا عَلَی المَکروهِ،وَاشتاقوا إلی ما عِندَ اللّهِ عز و جل مِنَ الکَرامَةِ،فَبَذَلوا أنفُسَهُمُ ابتِغاءَ رِضوانِ اللّهِ،وکانَت خاتِمَةُ أعمالِهِمُ الشَّهادَةَ،فَلَقُوا اللّهَ عز و جل وهُوَ عَنهُم راضٍ،وعَلِموا أنَّ المَوتَ سَبیلُ مَن مَضی ومَن بَقِیَ،فَتَزَوَّدوا لِآخِرَتِهِم غَیرَ الذَّهَبِ وَالفِضَّةِ،ولَبِسُوا الخَشِنَ،وصَبَروا عَلَی البَلوی،وقَدَّمُوا الفَضلَ،وأحَبّوا فِی اللّهِ وأبغَضوا فِی اللّهِ عز و جل،اُولئِکَ المَصابیحُ وأهلُ النَّعیمِ فِی الآخِرَةِ، وَالسَّلامُ.
قالَ الشَّیخُ:فَأَینَ أذهَبُ وأدَعُ الجَنَّةَ،وأنَا أراها وأری أهلَها مَعَکَ-یا أمیرَ المُؤمِنینَ-؟! جَهِّزنی بِقُوَّةٍ أتَقَوّی بِها عَلی عَدُوِّکَ.
فَأَعطاهُ أمیرُ المُؤمِنینَ علیه السّلام سِلاحاً وحَمَلَهُ،وکانَ فِی الحَربِ بَینَ یَدَی أمیرِ المُؤمِنینَ علیه السّلام یَضرِبُ قُدُماً،وأمیرُ المُؤمِنینَ علیه السّلام یَعجَبُ مِمّا یَصنَعُ،فَلَمَّا اشتَدَّ الحَربُ أقدَمَ فَرَسَهُ حَتّی قُتِلَ-رَحمَةُ اللّهِ عَلَیهِ-وأتبَعَهُ رَجُلٌ مِن أصحابِ أمیرِ المُؤمِنینَ علیه السّلام فَوَجَدَهُ صَریعاً،ووَجَدَ دابَّتَهُ ووَجَدَ سَیفَهُ فی ذِراعِهِ،فَلَمَّا انقَضَتِ الحَربُ أتی أمیرَ المُؤمِنینَ علیه السّلام بِدابَّتِهِ وسِلاحِهِ وصَلّی عَلَیهِ أمیرُ المُؤمِنینَ علیه السّلام،وقالَ:
ص:384
هذا وَاللّهِ السَّعیدُ حَقّاً،فَتَرَحَّموا عَلی أخیکُم. (1)
4385.الأمالی للصدوق عن نشیط بن عبید عن رجل منهم عن جرداء بنت سمین عن زوجها هرثمة بن أبی مسلم: غَزَونا مَعَ عَلِیِّ بنِ أبی طالِبٍ علیه السّلام صِفّینَ،فَلَمَّا انصَرَفنا نَزَلَ کَربَلاءَ فَصَلّی بِهَا الغَداةَ،ثُمَّ رُفِعَ إلَیهِ مِن تُربَتِها فَشَمَّها ثُمَّ قالَ:«واهاً لَکِ أیَّتُهَا التُّربَةُ،لَیُحشَرَنَّ مِنکِ أقوامٌ یَدخُلونَ الجَنَّةَ بِغَیرِ حِسابٍ».
فَرَجَعَ هَرثَمَةُ إلی زَوجَتِهِ وکانَت شیعَةً لِعَلِیٍّ علیه السّلام،فَقالَ:ألا احَدِّثُکِ عَن وَلِیِّکِ أبِی الحَسَنِ؟نَزَلَ بِکَربَلاءَ فَصَلّی،ثُمَّ رُفِعَ إلَیهِ مِن تُربَتِها فَقالَ:واهاً لَکِ أیَّتُهَا التُّربَةُ، لَیُحشَرَنَّ مِنکِ أقوامٌ یَدخُلونَ الجَنَّةَ بِغَیرِ حِسابٍ !
قالَت:أیُّهَا الرَّجُلُ ! فَإِنَّ أمیرَ المُؤمِنینَ علیه السّلام لَم یَقُل إلّاحَقّاً.
فَلَمّا قَدِمَ الحُسَینُ علیه السّلام،قالَ هَرثَمَةُ:کُنتُ فِی البَعثِ الَّذینَ بَعَثَهُم عُبَیدُ اللّهِ بنُ زِیادٍ [لَعَنَهُمُ اللّهُ]،فَلَمّا رَأَیتُ المَنزِلَ وَالشَّجَرَ ذَکَرتُ الحَدیثَ،فَجَلَستُ عَلی بَعیری ثُمَّ صِرتُ إلَی الحُسَینِ علیه السّلام،فَسَلَّمتُ عَلَیهِ وأخبَرتُهُ بِما سَمِعتُ مِن أبیهِ فی ذلِکَ المَنزِلِ الَّذی نَزَلَ بِهِ الحُسَینُ علیه السّلام.فَقالَ:مَعَنا أنتَ أم عَلَینا؟
فَقُلتُ:لا مَعَکَ ولا عَلَیکَ،خَلَّفتُ صِبیَةً أخافُ عَلَیهِم عُبَیدَ اللّهِ بنَ زِیادٍ.
ص:385
قالَ:فَامضِ حَیثُ لا تَری لَنا مَقتَلاً ولا تَسمَعُ لَنا صَوتاً،فَوَالَّذی نَفسُ الحُسَینِ بِیَدِهِ،لا یَسمَعُ الیَومَ واعِیَتَنا أحَدٌ فَلا یُعینَنا إلّاکَبََّهُ اللّهُ لِوَجهِهِ فی جَهَنَّمَ. (1)
4386.تاریخ الطبری عن الضحّاک بن عبد اللّه المشرقی: قَدِمتُ ومالِکَ بنَ النَّضرِ الأَرحَبِیَّ عَلَی الحُسَینِ علیه السّلام،فَسَلَّمنا عَلَیهِ ثُمَّ جَلَسنا إلَیهِ،فَرَدَّ عَلَینا ورَحَّبَ بِنا وسَأَلَنا عَمّا جِئنا لَهُ.
فَقُلنا:جِئنا لِنُسَلِّمَ عَلَیکَ ونَدعُوَ اللّهَ لَکَ بِالعافِیَةِ،ونُحدِثَ بِکَ عَهداً،ونُخبِرَکَ خَبَرَ النّاسِ،وإنّا نُحَدِّثُکَ أنَّهُم قَد جَمَعوا عَلی حَربِکَ فَرَ رَأیَکَ.
فَقالَ الحُسَینُ علیه السّلام:حَسبِیَ اللّهُ ونِعمَ الوَکیلُ.
قالَ:فَتَذَمَّمنا (3)وسَلَّمنا عَلَیهِ ودَعَونَا اللّهَ لَهُ.
قالَ:فَما یَمنَعُکُما مِن نُصرَتی؟
فَقالَ مالِکُ بنُ النَّضرِ:عَلَیَّ دَینٌ ولی عِیالٌ.فَقُلتُ لَهُ:إنَّ عَلَیَّ دَیناً وإنَّ لی لَعِیالاً، ولکِنَّکَ إن جَعَلتَنی فی حِلٍّ مِنَ الاِنصِرافِ،إذا لَم أجِد مُقاتِلاً قاتَلتُ عَنکَ ما کانَ لَکَ نافِعاً وعَنکَ دافِعاً.
قالَ:قالَ:فَأَنتَ فی حِلٍّ.فَأَقَمتُ مَعَهُ. (4)
ص:386
4387.ثواب الأعمال عن عمرو بن قیس المشرقی: دَخَلتُ عَلَی الحُسَینِ علیه السّلام أنَا وَابنُ عَمٍّ لی وهُوَ فی قَصرِ بَنی مُقاتِلٍ،فَسَلَّمنا عَلَیهِ،فَقالَ لَهُ ابنُ عَمّی:یا أبا عَبدِ اللّهِ! هذَا الَّذی أری خِضابٌ أو شَعرُکَ؟
فَقالَ:خِضابٌ،وَالشَّیبُ إلَینا بَنی هاشِمٍ یَعجَلُ.
ثُمَّ أقبَلَ عَلَینا فَقالَ:جِئتُما لِنُصرَتی؟
فَقُلتُ:إنّی رَجُلٌ کَبیرُ السِّنِّ کَثیرُ الدَّینِ کَثیرُ العِیالِ،وفی یَدی بَضائِعُ لِلنّاسِ ولا أدری ما یَکونُ،وأکرَهُ أن اضیعَ أمانَتی.وقالَ لَهُ ابنُ عَمّی مِثلَ ذلِکَ.
قالَ لَنا:فَانطَلِقا فَلا تَسمَعا لی واعِیَةً،ولا تَرَیا لی سَواداً؛فَإِنَّهُ مَن سَمِعَ واعِیَتَنا أو رَأی سَوادَنا فَلَم یُجِبنا ولَم یُغِثنا،کانَ حَقّاً عَلَی اللّهِ عز و جل أن یُکِبَّهُ عَلی مَنخِرَیهِ فِی النّارِ. (1)
4388.الأمالی للصدوق عن عبد اللّه بن منصور عن جعفر بن محمّد [الصادق] علیه السّلام:حَدَّثَنی أبی عَن أبیهِ قال: ...سارَ الحُسَینُ علیه السّلام حَتّی نَزَلَ القُطقُطانَةَ (3)،فَنَظَرَ إلی فُسطاطٍ مَضروبٍ،فَقالَ:
لِمَن هذَا الفُسطاطُ؟
فَقیلَ:لِعُبَیدِ اللّهِ بنِ الحُرِّ الجُعفِیِّ.
فَأَرسَلَ إلَیهِ الحُسَینُ علیه السّلام فَقالَ:أیُّهَا الرَّجُلُ،إنَّکَ مُذنِبٌ خاطِئٌ،وإنَّ اللّهَ عز و جل آخِذُکَ
ص:387
بِما أنتَ صانِعٌ إن لَم تَتُب إلَی اللّهِ تَبارَکَ وتَعالی فی ساعَتِکَ هذِهِ فَتَنصُرَنی،ویَکونَ جَدّی شَفیعَکَ بَینَ یَدَیِ اللّهِ تَبارَکَ وتَعالی.
فَقالَ:یَابنَ رَسولِ اللّهِ،وَاللّهِ لَو نَصَرتُکَ لَکُنتُ أوَّلَ مَقتولٍ بَینَ یَدَیکَ،ولکِن هذا فَرَسی خُذهُ إلَیکَ،فَوَاللّهِ ما رَکِبتُهُ قَطُّ وأنَا أرومُ شَیئاً إلّابَلَغتُهُ،ولا أرادَنی أحَدٌ إلّا نَجَوتُ عَلَیهِ،فَدونَکَ فَخُذهُ.
فَأَعرَضَ عَنهُ الحُسَینُ علیه السّلام بِوَجهِهِ،ثُمَّ قالَ:لا حاجَةَ لَنا فیکَ ولا فی فَرَسِکَ، «وَ ما کُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّینَ عَضُداً» 1 ،ولکِن فِرَّ،فَلا لَنا ولا عَلَینا؛فَإِنَّهُ مَن سَمِعَ واعِیَتَنا أهلَ البَیتِ ثُمَّ لَم یُجِبنا،کَبَّهُ اللّهُ عَلی وَجهِهِ فی نارِ جَهَنَّمَ. (1)
4389.الإرشاد: مَضَی الحُسَینُ علیه السّلام حَتَّی انتَهی إلی قَصرِ بَنی مُقاتِلٍ فَنَزَلَ بِهِ،فَإِذا هُوَ بِفُسطاطٍ مَضروبٍ،فَقالَ:لِمَن هذا؟
فَقیلَ:لِعُبَیدِ اللّهِ بنِ الحُرِّ الجُعفِیِّ.
فَقالَ:اُدعوهُ إلَیَّ.
فَلَمّا أتاهُ الرَّسولُ قالَ لَهُ:هذَا الحُسَینُ بنُ عَلِیٍّ علیه السّلام یَدعوکَ،فَقالَ عُبَیدُ اللّهِ: «إِنّا لِلّهِ وَ إِنّا إِلَیْهِ راجِعُونَ» ،وَاللّهِ ما خَرَجتُ مِنَ الکوفَةِ إلّاکَراهِیَةَ أن یَدخُلَهَا الحُسَینُ وأنَا بِها،وَاللّهِ ما اریدُ أن أراهُ ولا یَرانی.
فَأَتاهُ الرَّسولُ فَأَخبَرَهُ،فَقامَ الحُسَینُ علیه السّلام فَجاءَ حَتّی دَخَلَ عَلَیهِ فَسَلَّمَ وجَلَسَ،ثُمَّ دَعاهُ إلَی الخُروجِ مَعَهُ،فَأَعادَ عَلَیهِ عُبَیدُ اللّهِ بنُ الحُرِّ تِلکَ المَقالَةَ وَاستَقالَهُ مِمّا دَعاهُ إلَیهِ.
فَقالَ لَهُ الحُسَینُ علیه السّلام:فَإِن لَم تَنصُرنا فَاتَّقِ اللّهَ أن تَکونَ مِمَّن یُقاتِلُنا،وَاللّهِ لا یَسمَعُ
ص:388
واعِیَتَنا أحَدٌ ثُمَّ لا یَنصُرُنا إلّاهَلَکَ.
فَقالَ:أمّا هذا فَلا یَکونُ أبَداً إن شاءَ اللّهُ. (1)
4390.الفتوح: سارَ الحُسَینُ علیه السّلام حَتّی نَزَلَ فی قَصرِ بَنی مُقاتِلٍ،فَإِذا هُوَ بِفُسطاطٍ مَضروبٍ ورُمحٍ مَنصوبٍ وسَیفٍ مُعَلَّقٍ وفَرَسٍ واقِفٍ عَلی مِذوَدِهِ (2).
فَقالَ الحُسَینُ علیه السّلام:لِمَن هذَا الفُسطاطُ؟
فَقیلَ:لِرَجُلٍ یُقالُ لَهُ:عُبَیدُ اللّهِ بنُ الحُرِّ الجُعفِیُّ.
قالَ:فَأَرسَلَ الحُسَینُ علیه السّلام بِرَجُلٍ مِن أصحابِهِ یُقالُ لَهُ:الحَجّاجُ بنُ مَسروقٍ الجُعفِیُّ،فَأَقبَلَ حَتّی دَخَلَ عَلَیهِ فی فُسطاطِهِ،فَسَلَّمَ عَلَیهِ فَرَدَّ عَلَیهِ السَّلامَ،ثُمَّ قالَ:
ما وَراءَکَ؟
فَقالَ الحَجّاجُ:وَاللّهِ ! وَرائی یَابنَ الحُرِّ [الخَیرُ] (3)،وَاللّهِ قَد أهدَی اللّهُ إلَیکَ کَرامَةً إن قَبِلتَها.
قالَ:وما ذاکَ؟
فَقالَ:هذَا الحُسَینُ بنُ عَلِیٍّ علیه السّلام یَدعوکَ إلی نُصرَتِهِ،فَإِن قاتَلتَ بَینَ یَدَیهِ اجِرتَ، وإن مِتَّ فَإِنَّکَ استُشهِدتَ.
فَقالَ لَهُ عُبَیدُ اللّهِ:وَاللّهِ ما خَرَجتُ مِنَ الکوفَةِ إلّامَخافَةَ أن یَدخُلَهَا الحُسَینُ بنُ عَلِیٍّ وأنَا فیها فَلا أنصُرَهُ،لِأَنَّهُ لَیسَ لَهُ فِی الکوفَةِ شیعَةٌ ولا أنصارٌ إلّاوقَد مالوا إلَی الدُّنیا إلّامَن عَصَمَ اللّهُ مِنهُم،فَارجِع إلَیهِ وخَبِّرهُ بِذاکَ.
ص:389
فَأَقبَلَ الحَجّاجُ إلَی الحُسَینِ علیه السّلام فَخَبَّرَهُ بِذلِکَ،فَقامَ الحُسَینُ علیه السّلام،ثُمَّ صار إلَیهِ فی جَماعَةٍ من إخوانِهِ،فَلَمّا دَخَلَ وسَلَّمَ وَثَبَ عُبَیدُ اللّهِ بنُ الحُرِّ مِن صَدرِ المَجلِسِ، وجَلَسَ الحُسَینُ علیه السّلام فَحَمِدَ اللّهُ وأثنی عَلَیهِ،ثُمَّ قالَ:
أمّا بَعدُ،یَابنَ الحُرِّ ! فَإِنَّ [أهلَ] (1)مِصرِکُم هذِهِ کَتَبوا إلَیَّ وخَبَّرونی أنَّهُم مُجتَمِعونَ عَلی نُصرَتی،وأن یَقوموا دونی،ویُقاتِلوا عَدُوّی،وإنَّهُم سَأَلونِی القُدومَ عَلَیهِم، فَقَدِمتُ ولَستُ أدرِی القَومَ عَلی ما زَعَموا (2)،لِأَنَّهُم قَد أعانوا عَلی قَتلِ ابنِ عَمّی مُسلِمِ بنِ عَقیلٍ رحمه الله وشیعَتِهِ،وأجمَعوا عَلَی ابنِ مَرجانَةَ عُبَیدِ اللّهِ بنِ زِیادٍ یُبایِعُنی لِیَزیدَ بنِ مُعاوِیَةَ،وأنتَ یَابنَ الحُرِّ فَاعلَم أنَّ اللّهَ عز و جل مُؤاخِذُکَ بِما کَسَبتَ وأسلَفتَ مِنَ الذُّنوبِ فِی الأَیّامِ الخالِیَةِ،وأنَا أدعوکَ فی وَقتی هذا إلی تَوبَةٍ تَغسِلُ بِها ما عَلَیکَ مِنَ الذُّنوبِ،وأدعوکَ إلی نُصرَتِنا أهلَ البَیتِ،فَإِن اعطینا حَقَّنا حَمِدنَا اللّهَ عَلی ذلِکَ وقَبِلناهُ،وإن مُنِعنا حَقَّنا ورُکِبنا بِالظُّلمِ کُنتَ مِن أعوانی عَلی طَلَبِ الحَقِّ.
فَقالَ عُبَیدُ اللّهِ بنُ الحُرِّ:وَاللّهِ یَابنَ بِنتِ رَسولِ اللّهِ،لَو کانَ لَکَ بِالکوفَةِ أعوانٌ یُقاتِلونَ مَعَکَ لَکُنتُ أنَا أشَدَّهُم عَلی عَدُوِّکَ،ولکِنّی رَأَیتُ شیعَتَکَ بِالکوفَةِ وقَد لَزِموا مَنازِلَهُم خَوفاً مِن بَنی امَیَّةَ ومِن سُیوفِهِم ! فَأَنشُدُکَ بِاللّهِ أن تَطلُبَ مِنّی هذِهِ المَنزِلَةَ، وأنَا اواسیکَ بِکُلِّ ما أقدِرُ عَلَیهِ،وهذِهِ فَرَسی مُلجَمَةٌ،وَاللّهِ ما طَلَبتُ عَلَیها شَیئاً إلّا أذَقتُهُ حِیاضَ المَوتِ،ولا طُلِبتُ وأنَا عَلَیها فَلُحِقتُ،وخُذ سَیفی هذا فَوَاللّهِ ما ضَرَبتُ بِهِ إلّاقَطَعتُ.
فَقالَ لَهُ الحُسَینُ علیه السّلام:یَابنَ الحُرِّ ! ما جِئناکَ لِفَرَسِکَ وسَیفِکَ،إنَّما أتَیناکَ لِنَسأَلَکَ النُّصرَةَ،فَإِن کُنتَ قَد بَخِلتَ عَلَینا بِنَفسِکَ فَلا حاجَةَ لَنا فی شَیءٍ مِن مالِکَ،ولَم أکُن بِالَّذِی اتَّخَذَ المُضِلّینَ عَضُداً،لِأَنّی قَد سَمِعتُ رَسولَ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله وهُوَ یَقولُ:«مَن
ص:390
سَمِعَ داعِیَةَ أهلِ بَیتی ولَم یَنصُرهُم عَلی حَقِّهِم إلّاأکَبَّهُ اللّهُ عَلی وَجهِهِ فِی النّارِ».
ثُمَّ سارَ الحُسَینُ علیه السّلام مِن عِندِهِ ورَجَعَ إلی رَحلِهِ. (1)
4391.الخصال بإسناده عن الحسین عن أبیه علیّ بن أبی طالب علیهما السّلام: قالَ رَسولُ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله:اللّهُمَّ بارِک لِاُمَّتی فی بُکورِها یَوم سَبتِها وخَمیسِها. (2)
4392.اُسد الغابة بإسناده عن الحسین عن أبیه علیّ بن أبی طالب علیهما السّلام: بَعَثَ رَسولُ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله سَرِیَّةً،فَأَسَروا رَجُلاً مِن بَنی سُلَیمٍ یُقالُ لَهُ:الأَصیَدُ بنُ سَلَمَةَ،فَلَمّا رَآهُ رَسولُ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله رَقَّ لَهُ،وعَرَضَ عَلَیهِ الإِسلامَ،فَأَسلَمَ،فَبَلَغَ ذلِکَ أباهُ وکانَ شَیخاً، فَکَتَبَ إلَیهِ یَقولُ:
مَن راکِبٌ نَحوَ المَدینَةِ سالِماً حَتّی یُبَلِّغَ ما أقولُ الأَصیَدا
إنَّ البَنینَ شِرارُهُم أمثالُهُم مَن عَقَّ والِدَهُ وَبَرَّ الأَبعَدا
أتَرَکتَ دینَ أبیکَ وَالشُّمِّ العُلی أودَوا وتابَعتَ الغَداةَ مُحَمَّدا
ص:391
فَلِأَیِّ أمرٍ یا بُنَیَّ عَقَقتَنی وتَرَکتَنی شَیخاً کَبیراً مُفنِدا
أمَّا النَّهارُ فَدَمعُ عَینی ساکِبٌ وأبیتُ لَیلی کَالسَّلیمِ (1)مُسَهَّداً
فَلَعَلَّ رَبّاً قَد هَداکَ لِدینِهِ فَاشکُر أیادِیَهُ عَسی أن تُرشَدا
وَاکتُب إلَیَّ بِما أصَبتَ مِنَ الهُدی وبِدینِهِ لا تَترُکَنّی موحَدا
وَاعلَم بِأَنَّکَ إن قَطَعتَ قَرابَتی وعَقَقتَنی لَم الفَ إلّالِلعَدی
فَلَمّا قَرَأَ کِتابَ أبیهِ،أتَی النَّبِیَّ صلّی اللّه علیه و آله فَأَخبَرَهُ وَ استَأذَنَهُ فی جَوابِهِ،فَأَذِنَ لَهُ،فَکَتَبَ إلَیهِ:
إنَّ الَّذی سَمَکَ (2)السَّماءَ بِقُدرَةٍ حَتّی عَلا فی مُلکِهِ فَتَوَحَّدا
بَعَثَ الَّذی لا مِثلَهُ فیما مَضی یَدعو لِرَحمَتِهِ النَّبِیَّ مُحَمَّدا
ضَخمَ الدَّسیعَةِ (3)کَالغَزالَةِ وَجهُهُ قَرناً تَأَزَّرَ بِالمَکارِمِ وَارتَدی
فَدَعَا العِبادَ لِدینِهِ فَتَتابَعوا طَوعاً وکَرهاً مُقبِلینَ عَلَی الهُدی
وتَخَوَّفُوا النّارَ الَّتی مِن أجلِها کانَ الشَّقِیُّ الخاسِرَ المُتَلَدِّدا (4)
وَاعلَم بِأَنَّکَ مَیِّتٌ ومُحاسَبٌ فَإِلی مَتی هذِی الضَّلالَةُ وَالرَّدی
فَلَمّا قَرَأَ کِتابَ ابنِهِ،أقبَلَ إلَی النَّبِیِّ صلّی اللّه علیه و آله فَأَسلَمَ. (5)
ص:392
4393.المحاسن عن سلیمان الجعفری رفعه إلی أبی عبد اللّه الحسین علیه السّلام: ما مِن أهلِ بَیتٍ یَروحُ (1)عَلَیهِم ثَلاثونَ شاةً،إلّاتَنزِلُ المَلائِکَةُ تَحرُسُهُم حَتّی یُصبِحوا. (2)
4394.نُزهة الناظر عن الإمام الحسین علیه السّلام: لَولا ثَلاثَةٌ ما وَضَعَ ابنُ آدَمَ رَأسَهُ لِشَیءٍ:الفَقرُ، وَالمَرَضُ،وَالمَوتُ. (3)
4395.محاضرات الاُدباء عن الحسین علیه السّلام: لَو عَقَلَ النّاسُ وتَصَوَّرُوا المَوتَ بِصورَتِهِ،لَخَرِبَتِ الدُّنیا. (4)
4396.الأمالی للمفید بإسناده عن الحسین بن علیّ علیه السّلام: قالَ أمیرُ المُؤمِنینَ علیه السّلام:لَو رَأَی العَبدُ أجَلَهُ وسُرعَتَهُ إلَیهِ،لَأَبغَضَ الأَمَلَ وتَرَکَ طَلَبَ الدُّنیا. (5)
ص:393
4397.المعجم الأوسط بإسناده عن الحسین بن علیّ علیه السّلام: جاءَتِ الأَنصارُ تُبایِعُ رَسولَ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله عَلَی العَقَبَةِ،فَقالَ:قُم یا عَلِیُّ فَبایِعهُم.
فَقالَ:عَلی ما ابایِعُهُم یا رَسولَ اللّهِ؟
قالَ:عَلی أن یُطاعَ اللّهُ ولا یُعصی،وعَلی أن تَمنَعوا رَسولَ اللّهِ وأهلَ بَیتِهِ وذُرِّیَّتَهُ مِمّا تَمنَعونَ مِنهُ أنفُسَکُم وذَرارِیَّکُم (1). (2)
4400.تحف العقول -فی ذِکرِ مَسائِلَ سَأَلَ الإِمامَ عَنها مَلِکُ الرّومِ-:سَأَلَهُ عَنِ المَجَرَّةِ وعَن سَبعَةِ أشیاءَ خَلَقَهَا اللّهُ لَم تُخلَق فی رَحِمٍ.فَضَحِکَ الحُسَینُ علیه السّلام،فَقالَ لَهُ:ما أضحَکَکَ؟
قالَ علیه السّلام:لِأَنَّکَ سَأَلتَنی عَن أشیاءَ ما هِیَ مِن مُنتَهَی العِلمِ إلّاکَالقَذی (1)فی عَرضِ البَحرِ !
أمَّا المَجَرَّةُ فَهِیَ قَوسُ اللّهِ.وسَبعَةُ أشیاءَ لَم تُخلَق فی رَحِمٍ:فَأَوَّلُها آدَمُ،ثُمَّ حَوّا، وَالغُرابُ،وکَبشُ إبراهیمَ علیه السّلام،وناقَةُ اللّهِ،وعَصا موسی علیه السّلام،وَالطَّیرُ الَّذی خَلَقَهُ عیسَی بنُ مَریَمَ علیه السّلام. (2)
فَقالَ:ما بالُ الشَّیبِ إلی شَوارِبِنا أسرَعُ مِنهُ فی شَوارِبِکُم؟!
فَقالَ علیه السّلام:إنَّ نِساءَکُم نِساءٌ بَخِرَةٌ،فَإِذا دَنا أحَدُکُم مِنِ امرَأَتِهِ نَکَهَت فی وَجهِهِ فَشابَ (1)مِنهُ شارِبُهُ.
فَقالَ:ما بالُ لِحاکُم أوفَرُ مِن لِحانا؟!
فَقالَ علیه السّلام: «وَ الْبَلَدُ الطَّیِّبُ یَخْرُجُ نَباتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَ الَّذِی خَبُثَ لا یَخْرُجُ إِلاّ نَکِداً» 2 .
فَقالَ مُعاوِیَةُ:بِحَقّی عَلَیکَ إلّاسَکَتَّ،فَإِنَّهُ ابنُ عَلِیِّ بنِ أبی طالِبٍ !
فَقالَ علیه السّلام:
إن عادَتِ العَقرَبُ عُدنا لَها وکانَتِ النَّعلُ لَها حاضِرَه
قَد عَلِمَ العَقرَبُ وَاستَیقَنَت أن لا لَها دُنیا ولا آخِرَه. (2)
4402.الخصال بإسناده عن الحسین بن علیّ علیه السّلام: کانَ عَلِیُّ بنُ أبی طالِبٍ علیه السّلام بِالکوفَةِ فِی الجامِعِ، إذ قامَ إلَیهِ رَجُلٌ مِن أهلِ الشّامِ فَسَأَلَهُ عَن مَسائِلَ،فَکانَ فیما سَأَلَهُ أن قالَ لَهُ:
أخبِرنی عَن سِتَّةٍ لَم یَرکُضوا (3)فی رَحِمٍ؟
فَقالَ:آدَمُ،وحَوّاءُ،وکَبشُ إبراهیمَ،وعَصا موسی،وناقَةُ صالِحٍ،وَالخُفّاشُ الَّذی
ص:396
عَمِلَهُ عیسَی بنُ مَریَمَ فَطارَ بِإِذنِ اللّهِ عز و جل. (1)
4403.شرح الأخبار: فَلَمّا هَمَّ [الحُسَینُ علیه السّلام ] بِالخُروجِ مِن مَکَّةَ لَقِیَهُ ابنُ الزُّبَیرِ،فَقالَ:یا أبا عَبدِ اللّهِ،إنَّکَ مَطلوبٌ،فَلَو مَکَثتَ بِمَکَّةَ فَکُنتَ کَأَحَدِ حَمامِ هذَا البَیتِ وَاستَجَرتَ بِحَرَمِ اللّهِ،لَکانَ ذلِکَ أحسَنَ لَکَ.
فَقالَ لَهُ الحُسَینُ علیه السّلام:یَمنَعُنی مِن ذلِکَ قَولُ رَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله:«سَیَستَحِلُّ هذَا الحَرَمَ مِن أجلی رَجُلٌ مِن قُرَیشٍ»،وَاللّهِ لا أکونُ ذلِکَ الرَّجُلَ،صَنَعَ اللّهُ بی ما هُوَ صانِعٌ. (2)
4404.کامل الزیارات عن أبی سعید عقیصا: سَمِعتُ الحُسَینَ بنَ عَلِیٍّ علیه السّلام وخَلا بِهِ عَبدُ اللّهِ بنُ الزُّبَیرِ وناجاهُ طَویلاً،قالَ:ثُمَّ أقبَلَ الحُسَینُ علیه السّلام بِوَجهِهِ إلَیهِم،وقالَ:
إنَّ هذا یَقولُ لی:کُن حَماماً مِن حَمامِ الحَرَمِ ! ولَأَن اقتَلَ وبَینی وبَینَ الحَرَمِ باعٌ (3)أحَبُّ إلَیَّ مِن أن اقتَلَ وبَینی وبَینَهُ شِبرٌ،ولَأَن اقتَلَ بِالطَّفِّ أحَبُّ إلَیَّ مِن أن اقتَلَ بِالحَرَمِ. (4)
4405.تاریخ دمشق عن بشر بن غالب: قالَ عَبدُ اللّهِ بنُ الزُّبَیرِ لِحُسَینِ بنِ عَلِیٍّ علیه السّلام:أینَ تَذهَبُ؟ إلی قَومٍ قَتَلوا أباکَ وطَعَنوا أخاکَ؟! (5)
ص:397
فَقالَ لَهُ حُسَینٌ علیه السّلام:لَأَن اقتَلَ بِمَکانٍ کَذا وکَذا،أحَبُّ إلَیَّ مِن أن تُستَحَلَّ بی -یَعنی مَکَّةَ-. (1)
4406.کامل الزیارات عن أبی الجارود عن أبی جعفر [الباقر] علیه السّلام: إنَّ الحُسَینَ علیه السّلام خَرَجَ مِن مَکَّةَ قَبلَ التَّروِیَةِ (2)بِیَومٍ،فَشَیَّعَهُ عَبدُ اللّهِ بنُ الزُّبَیرِ،فَقالَ:یا أبا عَبدِ اللّهِ،لَقَد حَضَرَ الحَجُّ وتَدَعُهُ وتَأتِی العِراقَ !
فَقالَ:یَابنَ الزُّبَیرِ،لَأَن ادفَنَ بِشاطِیِ الفُراتِ أحَبُّ إلَیَّ مِن أن ادفَنَ بِفِناءِ الکَعبَةِ. (3)
4407.تحف العقول عن الإمام الحسین علیه السّلام: إیّاکَ أن تَکونَ مِمَّن یَخافُ عَلَی العِبادِ مِن ذُنوبِهِم، ویَأمَنُ العُقوبَةَ مِن ذَنبِهِ؛فَإِنَّ اللّهَ تَبارَکَ وتَعالی لا یُخدَعُ عَن جَنَّتِهِ،ولا یُنالُ ما عِندَهُ إلّا بِطاعَتِهِ إن شاءَ اللّهُ. (4)
4408.تاریخ الیعقوبی: وَقَفَ الحُسَینُ بنُ عَلِیٍّ علیه السّلام بِالحَسَنِ البَصرِیِّ،وَالحَسَنُ لا یَعرِفُهُ،فَقالَ لَهُ الحُسَینُ علیه السّلام:یا شَیخُ هَل تَرضی لِنَفسِکَ یَومَ بَعثِکَ؟
قالَ:لا !
ص:398
قالَ:فَتُحَدِّثُ نَفسَکَ بِتَرکِ ما لا تَرضاهُ لِنَفسِکَ مِن نَفسِکَ یَومَ بَعثِکَ؟
قالَ:نَعَم،بِلا حَقیقَةٍ.
قالَ:فَمَن أغَشُّ لِنَفسِهِ مِنکَ یَومَ بَعثِکَ،وأنتَ لا تُحَدِّثُ نَفسَکَ بِتَرکِ ما لا تَرضاهُ لِنَفسِکَ بِحَقیقَةٍ؟ثُمَّ مَضَی الحُسَینُ علیه السّلام.
فَقالَ الحَسَنُ البَصرِیُّ:مَن هذا؟! فَقیلَ لَهُ:الحُسَینُ بنُ عَلِیٍّ علیه السّلام،فَقالَ:سَهَّلتُم عَلَیَّ. (1)
4409.المناقب لابن شهر آشوب: کانَ [الحُسَینُ علیه السّلام ] یَقولُ:شَرُّ خِصالِ المُلوکِ الجُبنُ مِنَ الأَعداءِ،وَالقَسوَةُ عَلَی الضُّعَفاءِ،وَالبُخلُ عِندَ الإِعطاءِ. (2)
4410.السیرة النبویّة لابن هشام عن محمّد بن إبراهیم بن الحارث التیمیّ: إنَّهُ کانَ بَینَ الحُسَینِ بنِ عَلِیِّ بنِ أبی طالِبٍ علیه السّلام،وبَینَ الوَلیدِ بنِ عُتبَةَ بنِ أبی سُفیانَ-وَالوَلیدُ یَومَئِذٍ أمیرٌ عَلَی المَدینَةِ أمَّرَهُ عَلَیها عَمُّهُ مُعاوِیَةُ بنُ أبی سُفیانَ-مُنازَعَةٌ فی مالٍ کانَ بَینَهُما بِذِی المَروَةِ (3)،فَکانَ الوَلیدُ تَحامَلَ عَلَی الحُسَینِ علیه السّلام فی حَقِّهِ لِسُلطانِهِ.
ص:399
فَقالَ لَهُ الحُسَینُ علیه السّلام:أحلِفُ بِاللّهِ لَتُنصِفَنّی مِن حَقّی،أو لَآخُذَنَّ سَیفی ثُمَّ لَأَقومَنَّ فی مَسجِدِ رَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله ثُمَّ لَأَدعُوَنَّ بِحِلفِ الفُضولِ (1).
قالَ:فَقالَ عَبدُ اللّهِ بنُ الزُّبَیرِ-وهُوَ عِندَ الوَلیدِ حینَ قالَ الحُسَینُ علیه السّلام ما قالَ-:
وأنَا أحلِفُ بِاللّهِ لَئِن دَعا بِهِ لَآخُذَنَّ سَیفی،ثُمَّ لَأَقومَنَّ مَعَهُ حَتّی یُنصَفَ مِن حَقِّهِ أو نَموتَ جَمیعاً.
قالَ:فَبَلَغَتِ المِسوَرَ بنَ مَخرَمَةَ بنِ نَوفِلٍ الزُّهرِیَّ،فَقالَ مِثلَ ذلِکَ.
وبَلَغَت عَبدَ الرَّحمنِ بنَ عُثمانَ بنِ عُبیدِ اللّهِ التَّیمِیَّ،فَقالَ مِثلَ ذلِکَ.
فَلَمّا بَلَغَ ذلِکَ الوَلیدَ بنَ عُتبَةَ،أنصَفَ الحُسَینَ علیه السّلام مِن حَقِّهِ حَتّی رَضِیَ. (2)
4411.الأغانی عن مصعب عن أبیه: أنَّ الحُسَینَ بنَ عَلِیٍّ علیه السّلام کانَ بَینَهُ وبَینَ مُعاوِیَةَ کَلامٌ فی أرضٍ لَهُ،فَقالَ لَهُ الحُسَینُ علیه السّلام:اِختَر خَصلَةً مِن ثَلاثِ خِصالٍ:إمّا أن
ص:400
تَشتَرِیَ مِنّی حَقّی،وإمّا أن تَرُدَّهُ عَلَیَّ،أو تَجعَلَ بَینی وبَینَکَ ابنَ الزُّبَیرِ وَابنَ عُمَرَ، وَالرّابِعَةُ الصَّیلَمُ (1).
قالَ:ومَا الصَّیلَمُ؟
قالَ:أن أهتِفَ بِحِلفِ الفُضولِ.
قالَ:فَلا حاجَةَ لَنا بِالصَّیلَمِ. (2)
4412.تاریخ دمشق عن مصعب: خَرَجَ الحُسَینُ علیه السّلام مِن عِندِ مُعاوِیَةَ فَلَقِیَ ابنَ الزُّبَیرِ، وَالحُسَینُ علیه السّلام مُغضَبٌ،فَذَکَرَ الحُسَینُ علیه السّلام أنَّ مُعاوِیَةَ ظَلَمَهُ فی حَقٍّ لَهُ،فَقالَ لَهُ الحُسَینُ علیه السّلام:اُخَیِّرُهُ فی ثَلاثِ خِصالٍ وَالرّابِعَةُ الصَّیلَمُ:أن یَجعَلَکَ أوِ ابنَ عُمَرَ بَینی وبَینَهُ،أو یُقِرَّ بِحَقّی ثُمَّ یَسأَلَنی فَأَهِبَهُ لَهُ،أو یَشتَرِیَهُ مِنّی،فَإِن لَم یَفعَل فَوَالَّذی نَفسی بِیَدِهِ لَأَهتِفَنَّ بِحِلفِ الفُضولِ.
فَقالَ ابنُ الزُّبَیرِ:وَالَّذی نَفسی بِیَدِهِ،لَئِن هَتَفتَ بِهِ وأنَا قاعِدٌ لَأَقومَنَّ،أو قائِمٌ لَأَمشِیَنَّ،أو ماشٍ لَأَشتَدَّنَّ،حَتّی تَفنی روحی مَعَ روحِکَ أو یُنصِفَکَ.
قالَ:ثُمَّ ذَهَبَ ابنُ الزُّبَیرِ إلی مُعاوِیَةَ،فَقالَ:لَقِیَنِی الحُسَینُ فَخَیَّرَنی فی ثَلاثِ خِصالٍ،وَالرّابِعَةُ الصَّیلَمُ.
قالَ مُعاوِیَةُ:لا حاجَةَ لَنا بِالصَّیلَمِ،إنَّکَ لَقیتَهُ مُغضَباً فَهاتِ الثَّلاثَ خِصالٍ.
قالَ:تَجعَلُنی أوِ ابنَ عُمَرَ بَینَکَ وبَینَهُ.
فَقالَ:قَد جَعَلتُکَ بَینی وبَینَهُ أوِ ابنَ عُمَرَ أو جَعَلتُکُما جَمیعاً.
قالَ:أو تُقِرُّ لَهُ بِحَقِّهِ؟
ص:401
قالَ:فَأَنَا اقِرُّ لَهُ بِحَقِّهِ وأسأَلُهُ إیّاهُ.
قالَ:أو تَشتَریهِ مِنهُ؟
قالَ:فَأَنَا أشتَریهِ مِنهُ.
قالَ:فَلَمَّا (1)انتَهی إلَی الرّابِعَةِ،قالَ لِمُعاوِیَةَ کَما قالَ لِلحُسَینِ علیه السّلام:إن دَعانی إلی حِلفِ الفُضولِ أجَبتُهُ.
قالَ مُعاوِیَةُ:لا حاجَةَ لَنا بِهذِهِ....
وحَکَی الزُّبَیرُ أیضاً نَحوَ هذِهِ القِصَّةِ لِلحَسَنِ بنِ عَلِیٍّ علیه السّلام مَعَ مُعاوِیَةَ،إلّاأنَّ هذِهِ أتَمُّ. (2)
4413.تاریخ الطبری عن الحسین علیه السّلام -فی جَوابِ کِتابٍ کَتَبَهُ إلَیهِ عَمرُو بنُ سَعیدٍ والی مَکَّةَ یَطلُبُ مِنهُ الرُّجوعَ إلی مَکَّةَ وأنَّ لَهُ الأَمانَ وَالصِّلَةَ وَالبِرَّ-:أمّا بَعدُ،فَإِنَّهُ لَم یُشاقِقِ اللّهَ ورَسولَهُ مَن دَعا إلَی اللّهِ عز و جل وعَمِلَ صالِحاً وقالَ إنَّنی مِنَ المُسلِمینَ،وقَد دَعَوتَ إلَی الأَمانِ وَالبِرِّ وَالصِّلَةِ،فَخَیرُ الأَمانِ أمانُ اللّهِ،ولَن یُؤمِنَ اللّهُ یَومَ القِیامَةِ مَن لَم یَخَفهُ فِی الدُّنیا،فَنَسأَلُ اللّهَ مَخافَةً فِی الدُّنیا توجِبُ لَنا أمانَهُ یَومَ القِیامَةِ،فَإِن کُنتَ نَوَیتَ بِالکِتابِ صِلَتی وبِرّی فَجُزیتَ خَیراً فِی الدُّنیا وَالآخِرَةِ،وَالسَّلامُ. (3)
ص:402
4414.الغیبة للطوسی عن أبی جعفر السمّان: حَدَّثَنی أبو مُحَمَّدٍ-یَعنی صاحِبَ العَسکَرِ-علیه السّلام عَن آبائِهِ:أنَّهُم قالوا:کانَ لِفاطِمَةَ علیها السّلام خاتَمٌ فَصُّهُ عَقیقٌ،فَلَمّا حَضَرَتهَا الوَفاةُ دَفَعَتهُ إلَی الحَسَنِ علیه السّلام،فَلَمّا حَضَرَتهُ الوَفاةُ دَفَعَهُ إلَی الحُسَینِ علیه السّلام.
قالَ الحُسَینُ علیه السّلام:فَاشتَهَیتُ أن أنقُشَ عَلَیهِ شَیئاً،فَرَأَیتُ فِی النَّومِ المَسیحَ عیسَی بنَ مَریَمَ عَلی نَبِیِّنا وآلِهِ وعَلَیهِ السَّلامُ،فَقُلتُ لَهُ:یا روحَ اللّهِ! ما أنقُشُ عَلی خاتَمی هذا.
قالَ:اُنقُش عَلَیهِ:لا إلهَ إلَّااللّهُ المَلِکُ الحَقُّ المُبینُ،فَإِنَّهُ أوَّلُ التَّوراةِ وآخِرُ الإِنجیلِ. (1)
4415.رجال النجاشی عن عبید اللّه بن الحرّ: أنَّهُ سَأَلَ الحُسَینَ بنَ عَلِیٍّ علیه السّلام عَن خِضابِهِ،فَقالَ علیه السّلام:
أما إنَّهُ لَیسَ کَما تَرَونَ،إنَّما هُوَ حِنّاءٌ وکَتَمٌ (2). (3)
4416.المعجم الکبیر عن سفیان بن عیینة: سَأَلتُ عُبَیدَ اللّهِ بنَ أبی یَزیدَ:رَأَیتَ الحُسَینَ بنَ عَلِیٍّ علیه السّلام؟
ص:403
قالَ:نَعَم،رَأَیتُهُ جالِساً فی حَوضِ زَمزَمَ.
قُلتُ:هَل رَأَیتَهُ صَبَغَ؟
قالَ:لا،إلّاأنّی رَأَیتُهُ ولِحیَتُهُ سَوداءُ إلی هذَا المَوضِعِ-یَعنی عَنفَقَتَهُ (1)-وأسفَلُ مِن ذلِکَ بَیاضٌ،وذَکَرَ أنَّ النَّبِیَّ صلّی اللّه علیه و آله شابَ ذلِکَ المَوضِعُ مِنهُ وکانَ یَتَشَبَّهُ بِهِ. (2)
4417.الکافی عن جابر عن أبی جعفر [الباقر] علیه السّلام:دَخَلَ قَومٌ عَلَی الحُسَینِ بنِ عَلِیٍّ صَلَواتُ اللّهِ عَلَیهِما فَرَأَوهُ مُختَضِباً بِالسَّوادِ،فَسَأَلوهُ عَن ذلِکَ،فَمَدَّ یَدَهُ إلی لِحیَتِهِ ثُمَّ قالَ:أمَرَ رَسولُ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله فی غَزاةٍ غَزاها أن یَختَضِبوا بِالسَّوادِ لِیَقوَوا بِهِ عَلَی المُشرِکینَ. (3)
4418 .المصنّف لعبد الرزّاق عن الرکین بن الربیع بن عمیلة الفزاری عن الحسین بن علیّ علیه السّلام:أنَّ امرَأَةً سَأَلَت عَنِ السِّنَّورِ (4)یَلِغُ (5)فی شَرابی؟فَقالَ:الهِرُّ؟فَقالَت:نَعَم،قالَ:فَلا تُهرِقی شَرابَکِ ولا طَهورَکِ؛فَإِنَّهُ لا یُنَجِّسُ شَیئاً. (6)
4419.المصنّف لابن أبی شیبة عن بشر بن غالب: سَأَلَ ابنُ الزُّبَیرِ الحُسَینَ بنَ عَلِیٍّ علیه السّلام عَنِ
ص:404
المَولودِ (1)،فَقالَ:إذَا استَهَلَّ (2)وَجَبَ عَطاؤُهُ ورِزقُهُ. (3)
4420.المصنّف لابن أبی شیبة عن بشر بن غالب: لَقِیَ ابنُ الزُّبَیرِ الحُسَینَ بنَ عَلِیٍّ علیه السّلام فَقالَ:یا أبا عَبدِ اللّهِ،أفتِنا فِی المَولودِ یولَدُ فِی الإِسلامِ؟قالَ:وَجَبَ عَطاؤُهُ ورِزقُهُ (4).
4421.الجوهرة عن بشر بن غالب: سَمِعتُ ابنَ الزُّبَیرِ وهُوَ یَسأَلُ حُسَینَ بنَ عَلِیٍّ علیه السّلام:یا أبا عَبدِ اللّهِ،ما تَقولُ فی فَکاکِ الأَسیرِ؛عَلی مَن هُوَ؟
قالَ:عَلَی القَومِ الَّذینَ أعانَهُم-ورُبَّما قالَ:قاتَلَ مَعَهُم...-. (5)
4423.مکارم الأخلاق عن الإمام الحسین علیه السّلام: قالَ النَّبِیُّ صلّی اللّه علیه و آله لِعَلِیٍّ علیه السّلام فی أشیاءَ وَصّاهُ بِها:کُلِ الکَرَفسَ،فَإِنَّها بَقلَةُ إلیاسَ ویوشَعَ بنِ نونٍ علیهما السّلام. (1)
4424.تاریخ الطبری عن حمید بن مسلم: لَمّا بَقِیَ الحُسَینُ علیه السّلام فی ثَلاثَةِ رَهطٍ أو أربَعَةٍ، دَعا بِسَراویلَ مُحَقَّقَةٍ یُلمَعُ فیهَا البَصَرُ،یَمانِیٍّ مُحَقَّقٍ،فَفَزَرَهُ (2)ونَکَثَهُ (3)لِکَیلا یُسلَبَهُ.
فَقالَ لَهُ بَعضُ أصحابِهِ:لَو لَبِستَ تَحتَهُ تُبّاناً (4)!
قالَ:ذلِکَ ثَوبُ مَذَلَّةٍ ولا یَنبَغی لی أن ألبَسَهُ.
قالَ:فَلَمّا قُتِلَ أقبَلَ بَحْرُ بنُ کَعبَ،فَسَلَبَهُ إیّاهُ فَتَرَکَهُ مُجَرَّدَاً. (5)
4425.المعجم الکبیر عن ابن أبی لیلی: قالَ حُسَینُ بنُ عَلِیٍّ علیه السّلام حینَ أحَسَّ بِالقَتلِ:اِیتونی ثَوباً
ص:406
لا یَرغَبُ فیهِ أحَدٌ أجعَلهُ تَحتَ ثِیابی لا اجَرَّدُ.
فَقیلَ لَهُ:تُبّانٌ؟
فَقالَ:لا،ذلِکَ لِباسُ مَن ضُرِبَت عَلَیهِ الذِّلَّةُ.
فَأَخَذَ ثَوبَاً فَمَزَّقَهُ،فَجَعَلَهُ تَحتَ ثیابِهِ،فَلَمّا أن قُتِلَ جَرَّدوهُ. (1)
4426.الخصال بإسناده عن الحسین بن علیّ علیه السّلام: کانَ عَلِیُّ بنُ أبی طالِبٍ علیه السّلام بِالکوفَةِ فِی الجامِعِ، إذ قامَ إلَیهِ رَجُلٌ مِن أهلِ الشّامِ فَسَأَلَهُ عَن مَسائِلَ،فَکانَ فیما سَأَلَهُ أن قالَ لَهُ:
أخبِرنی عَن خَمسَةٍ مِنَ الأَنبِیاءِ تَکَلَّموا بِالعَرَبِیَّةِ؟
فَقالَ:هودٌ،وصالِحٌ،وشُعَیبٌ،وإسماعیلُ،ومُحَمَّدٌ صَلَواتُ اللّهِ عَلَیهِم أجمَعینَ. (2)
4427.الإقبال عن خلّاد بن عمیر الکندی: دَخَلتُ عَلی أبی عَبدِ اللّهِ علیه السّلام فَقالَ:هَل لَکُم عِلمٌ بِآلِ الحَسَنِ الَّذینَ خُرِجَ بِهِم مِمّا قِبَلَنا؟...فَقُلنا:نَرجو أن یُعافِیَهُمُ اللّهُ،فَقالَ:وأینَ هُم
ص:407
مِنَ العافِیَةِ؟! ثُمَّ بَکی حَتّی عَلا صَوتُهُ،وبَکینا،ثُمَّ قالَ:
حَدَّثَنی أبی،عَن فاطِمَةَ بِنتِ الحُسَینِ علیه السّلام قالَت:سَمِعتُ أبی-صَلَواتُ اللّهِ عَلَیهِ- یَقولُ:«یُقتَلُ مِنکِ-أو:یُصابُ مِنکِ-نَفَرٌ بِشَطِّ الفُراتِ،ما سَبَقَهُمُ الأَوَّلونَ،ولا یُدرِکُهُمُ الآخِرونَ»،وإنَّهُ لَم یَبقَ مِن وُلدِها غَیرُهُم. (1)
4428.مقاتل الطالبیّین عن یحیی بن عبد اللّه عن الذی أفلت من الثمانیة: لَمّا ادخِلنَا الحَبسَ قالَ عَلِیُّ بنُ الحَسَنِ:اللّهُمَّ إن کانَ هذا مِن سَخَطٍ مِنکَ عَلَینا فَاشدُد حَتّی تَرضی.
فَقالَ عَبدُ اللّهِ بنُ الحَسَنِ:ما هذا یَرحَمُکَ اللّهُ؟!
ثُمَّ حَدَّثَنا عَبدُ اللّهِ عَن فاطِمَةَ الصُّغری،عَن أبیها [الإِمامِ الحُسَینِ علیه السّلام ]،عَن جَدَّتِها فاطِمَةَ بِنتِ رَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله،قالَت:قالَ لی رَسولُ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله:«یُدفَنُ مِن وُلدی سَبعَةٌ بِشاطِئِ الفُراتِ؛لَم یَسبِقهُمُ الأَوَّلونَ،ولا یُدرِکُهُمُ الآخِرونَ».فَقُلتُ:نَحنُ ثَمانِیَةٌ !
قالَ:فَلَمّا فَتَحُوا البابَ وَجَدوهُم مَوتی،وأصابونی وبی رَمَقٌ،وسَقَونی ماءً وأخرَجونی،فَعِشتُ. (2)
4429.دعائم الإسلام: عَن عَلِیٍّ علیه السّلام أنَّهُ أخَذَ رَجُلاً مِن بَنی أسَدٍ فی حَدٍّ وَجَبَ عَلَیهِ لِیُقیمَهُ عَلَیهِ، فَذَهَبَ بَنو أسَدٍ إلَی الحُسَینِ بنِ عَلِیٍّ علیه السّلام یَستَشفِعونَ بِهِ،فَأَبی عَلَیهِم.
ص:408
فَانطَلَقوا إلی عَلِیٍّ علیه السّلام فَسَأَلوهُ،فَقالَ:لا تَسأَلُونّی شَیئاً أملِکُهُ إلّاأعطَیتُکُموهُ.
فَخَرَجوا مَسرورینَ،فَمَرّوا بِالحُسَینِ علیه السّلام فَأَخبَروهُ بِما قالَ،فَقالَ:إن کانَ لَکُم بِصاحِبِکُم حاجَةٌ فَانصَرِفوا،فَلَعَلَّ أمرَهُ قَد قَضی !
فَانصَرَفوا إلَیهِ فَوَجَدوهُ قَد أقامَ عَلَیهِ الحَدَّ،قالوا:ألَم تَعِدنا یا أمیرَ المُؤمِنینَ؟
قالَ:لَقَد وَعَدتُکُم بِما أملِکُهُ،وهذا شَیءٌ للّهِ ِ لَستُ أملِکُهُ. (1)
4430.الأمالی للصدوق بإسناده عن الحسین بن علیّ علیه السّلام: إنَّ رَسولَ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله قَضی بِالیَمینِ مَعَ الشّاهِدِ الواحِدِ،وإنَّ عَلِیّاً علیه السّلام قَضی بِهِ بِالعِراقِ. (2)
4431.عیون أخبار الرضا علیه السّلام بإسناده عن الحسین بن علیّ علیه السّلام: اختَصَمَ إلی عَلِیِّ بنِ أبی طالِبٍ علیه السّلام رَجُلانِ،أحَدُهُما باعَ الآخَرَ بَعیراً وَاستَثنَی الرَّأسَ وَالجِلدَ،ثُمَّ بَدا لَهُ أن یَنحَرَهُ.قالَ:
هُوَ شَریکُهُ فِی البَعیرِ عَلی قَدرِ الرَّأسِ وَالجِلدِ. (3)
4432.الثاقب فی المناقب بإسناده عن الحسین بن علیّ علیه السّلام: کُنتُ مَعَ أبی عَلی شاطِیِ الفُراتِ،
ص:409
فَنَزَعَ قَمیصَهُ وغاصَ فِی الماءِ،فَجاءَ مَوجٌ فَأَخَذَ القَمیصَ،فَخَرَجَ أمیرُ المُؤمِنینَ علیه السّلام وإذا بِهاتِفٍ یَهتِفُ:یا أمیرَ المُؤمِنینَ،خُذ ما عَن یَمینِکَ،فَإِذا مِندیلٌ فیهِ قَمیصٌ مَلفوفٌ،فَأَخَذَ القَمیصَ ولَبِسَهُ،فَسَقَطَت مِن جَیبِهِ رُقعَةٌ،مَکتوبٌ فیها:
بِسمِ اللّهِ الرَّحمنِ الرَّحیمِ هَدِیَّةٌ مِنَ اللّهِ العَزیزِ الحَکیمِ إلی عَلِیِّ بنِ أبی طالِبٍ،هذا قَمیصُ هارونَ بنِ عِمرانَ «کَذلِکَ وَ أَوْرَثْناها قَوْماً آخَرِینَ» 1 . (1)
4433.الکافی عن أبی سعید عن الحسین علیه السّلام: مَن لَبِسَ ثَوباً یَشهَرُهُ،کَساهُ اللّهُ یَومَ القِیامَةِ ثَوباً مِنَ النّارِ. (2)
4434.المصنّف لعبد الرزّاق عن جابر الجعفی عن الشعبی أو عن أبی جعفر محمّد بن علیّ [الباقر] علیه السّلام:
إنَّ حَسَناً وحُسَیناً علیهما السّلام دَخَلَا الفُراتَ وعَلی کُلِّ واحِدٍ (3)مِنهُما إزارُهُ،ثُمَّ قالا:إنَّ فِی
ص:410
الماءِ-أو:إنَّ لِلماءِ-ساکِناً. (1)
4435.الکافی عن أبی سعید عقیصا التیمی: مَرَرتُ بِالحَسَنِ وَالحُسَینِ صَلَواتُ اللّهِ عَلَیهِما وهُما فِی الفُراتِ مُستَنقِعانِ فی إزارَینِ،فَقُلتُ لَهُما:یَا ابنَی رَسولِ اللّهِ صَلَّی اللّهُ عَلَیکُما، أفسَدتُمَا الإِزارَینِ؟!
فَقالا لی:یا أبا سَعیدٍ،فَسادُنا لِلإِزارَینِ أحَبُّ إلَینا مِن فَسادِ الدّینِ،إنَّ لِلماءِ أهلاً وسُکّاناً کَسُکّانِ الأَرضِ. (2)
ص:411
ص:412
لِفنّ الشعر دور کبیر واستثنائی فی نقل المفاهیم وترویج الثقافة وخلق الملاحم وتخلید الأحداث،ولهذا السبب یتمتّع الشعر بمکانة مرموقة بین المعارف البشریة، وکسائر الفنون یمکنه أن یُسخَّر للقیم الإلهیة والإنسانیة،کما یمکن استخدامه ضدّها.
وکان الشعر فی زمن البعثة النبویة من أهمّ السبل فی إضلال الناس وإبعادهم عن الحقیقة،لذا ذمّ القرآن الکریم شعراء ذلک العهد وأتباعهم حیث قال:
«وَ الشُّعَراءُ یَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ * أَ لَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِی کُلِّ وادٍ یَهِیمُونَ * وَ أَنَّهُمْ یَقُولُونَ ما لا یَفْعَلُونَ» . (2)
وممّا لاشکّ فیه أنّ الخصائص المذکورة فی هذه الآیات،تختصّ بالشعراء الذین یستخدمون فنّ الشعر فی نشر الانحطاط والسقوط،ولهذا یستثنی القرآن الکریم الشعراء الرسالیّین مباشرة بالآیات التالیة:
ص:413
«إِلَّا الَّذِینَ ءَامَنُواْ وَ عَمِلُواْ الصَّلِحَتِ وَ ذَکَرُواْ اللَّهَ کَثِیرًا وَانتَصَرُواْ مِن بَعْدِ مَا ظُلِمُواْ» . (1)
ولأجل ألّایُجحف حقّ الشعراء،یمیّز اللّه سبحانه وتعالی هؤلاء عن غیرهم بذکر هذا الاستثناء،ویعرّفهم للمجتمع المسلم بأربعة خصائص:
1.الإیمان.
2.العمل الصالح.
3.الإکثار من ذکر اللّه تعالی.
4.التصدّی للظلم واستخدام الشعر فی ردعه.
وقد اعتبر الرسول صلّی اللّه علیه و آله هؤلاء الشعراء مجاهدین فی سبیل اللّه.فحینما نزلت الآیة 79 من سورة الشعراء،أتی حَسّان بن ثابت وعدد آخر من الشعراء المسلمین الرسول صلّی اللّه علیه و آله وسألوه عن قول الشعر،فأجابهم النبیّ صلّی اللّه علیه و آله:
إنّ المُؤمِنَ یُجاهِدُ بِسَیفِهِ ولِسانِهِ،والذی نَفسی بیدِهِ لَکأنَّ ما تَرمونَهُم بِهِ یَنضِحُ النَّبلَ. (2)
وهکذا کان الرسول صلّی اللّه علیه و آله یؤکّد استخدام فنّ الشعر فی ساحات الجهاد،وکان یوصی بتسخیر هذا الفنّ لنشر الحکمة فی المجتمع وترسیخها:
إنّ مِنَ الشِّعرِ لَحِکمَةً. (3)
کما أوصی الإمام الصادق علیه السّلام أصحابه:
ص:414
عَلِّموا أولادَکُم شِعرَ العَبدِیِّ، (1)فَإِنَّهُ عَلی دینِ اللّهِ. (2)
إنّ التأمّل فی سیرة الرسول صلّی اللّه علیه و آله والأئمّة علیهم السّلام یکشف بأنّهم کانوا یستخدمون فنّ الشعر لأغراض تربویة وسیاسیة وعسکریة،لکن هل کانوا أنفسهم ینظّمون الشعر أیضاً؟وهل الأشعار المنسوبة إلیهم صادرة عنهم حقّاً؟إنّ هذا الأمر یحتاج إلی مناقشة.
إنّ أوّل شبهة یمکن طرحها هی أنّ القرآن لا یعتبر نظم الشعر لائقاً بمقام النبوّة:
«وَ مَا عَلَّمْنَهُ الشِّعْرَ وَ مَا یَنبَغِی لَهُ» (3).وبما أنّ إمامة أهل البیت علیهم السّلام استمرار لنبوّة النبیّ الخاتم صلّی اللّه علیه و آله،فلا یلیق نظم الشعر بمقام الإمامة أیضاً.
یمکننا الإجابة علی هذا الإشکال:بأنّ الشعر-کما مرّ ذکره-علی صنفین:
الشعر الممزوج بخیالات الشاعر الکاذبة حتّی یستلذّ به المستمع ویستأنس به،وقد قیل عنه:«أحسن الشعر أکذبه» (4)،وهو ما لا یلیق بمقام النبوّة والإمامة،بل حتّی بالمؤمن النزیه.
أمّا الصنف الآخر من الشعر،والّذی سمّاه الرسول صلّی اللّه علیه و آله بالحکمة،فلا یتعارض مبدئیاً مع مقام النبوّة أو الإمامة.
ص:415
نعم،عدم نظم الشعر من قبل الرسول صلّی اللّه علیه و آله أمر مطلوب،فلو نظم الشعر صدّق الناس إشاعة المشرکین بأنّ القرآن شعر.بعبارة اخری،نظم الشعر کالکتابة لا یتنافی مع مقام الإمامة،کما کان الأئمّة یکتبون فی حین لم یکتب الرسول؛لردع شائعة تلقّیه العلم من الآخرین.فنظم الأئمّة للشعر لا إشکال فیه من الناحیة الثبوتیة،لکن یجب تحقّقه من الناحیة الإثباتیة.
إنّ الأدلّة التی تثبت تمتّع أئمّة أهل البیت علیهم السّلام بجمیع العلوم (1)،تستطیع أن تثبت تمتّعهم بقابلیة نظم الشعر،فهناک مستندات کثیرة تدلّ علی أنّ الإمام علیّ علیه السّلام کان ینشد الشعر،لکن لیس بإمکاننا التسلیم بأنّ کلّ ما نُسب إلیه من الشعر (2)صادر عنه حقیقة.
نفس الکلام مطروح بالنسبة للإمام الحسین علیه السّلام والأشعار المنسوبة إلیه،ولتبیین الموضوع،نقدّم الإیضاحات التالیة:
لقد نسبت فی المصادر التاریخیة والأدبیة والحدیثیة أشعار للإمام الحسین علیه السّلام،نذکر هنا قائمة بأسماء الأشخاص الّذین ذکروا بعض الأبیات ونسبوها للإمام علیه السّلام ضمن کتاباتهم:
1.أبو مخنف (ت 157 ه) (3)ثلاثة أبیات
2.مصعب بن زبیر (ت 236 ه) (4)ثلاثة أبیات
ص:416
3.البلاذری (ت 279 ه) (1)سبعة أبیات
4.محمّد بن سعد (القرن الثالث) (2)ثلاثة أبیات
5.الطبری (ت 310 ه) (3)سبعة أبیات
6.أحمد بن أعثم (ت 314 ه) (4)خمسة وثلاثون بیتاً
7.المسعودی(ت 346 ه) (5)بیتان
8.أبوالفرج الإصفهانی (ت 362 ه) (6)سبعة أبیات
9.الشیخ الصدوق (ت 381 ه) (7)ثمانیة أبیات
10.أبوهلال العسکری (ت 382 ه) (8)بیتان
11.الحُلوانی (القرن الخامس) (9)بیت واحد
12.أبوالحسن الماوردی (ت 450 ه) (10)بیت واحد
13.یحیی بن حسین الشجری (ت 499 ه) (11)بیتان
14.ابن شهرآشوب المازندرانی (ت 588 ه) (12)ستّة وثمانون بیتاً
ص:417
15.ابن عساکر (ت 571 ه) (1)خمسة وعشرون بیتاً
16.أحمد بن علیّ الطَّبَرسی (القرن السادس) (2)اثنان وثلاثون بیتاً
17.فتّال النیشابوری (القرن السادس) (3)ثلاثة عشر بیتاً
18.الخوارزمی (القرن السادس) (4)اثنان وأربعون بیتاً
19.ابن الجوزی (القرن السابع) (5)ثلاثة أبیات
20.محمّد بن طلحة الشافعی (القرن السابع) (6)واحد وثلاثون بیتاً
21.ابن عدیم (ت 660 ه) (7)اثنان وعشرون بیتاً
22.السیّد ابن طاووس (ت 664 ه) (8)خمسة عشر بیتاً
23.علیّ بن عیسی الإربلی (ت 693 ه) (9)مئة وتسعة وعشرون بیتاً
24.ابن منظور (ت 711 ه) (10)تسعة عشر بیتاً
25.ابن کثیر الدمشقی (ت 774 ه) (11)اثنان وعشرون بیتاً
ص:418
26.حسن بن أبی الحسن الدیلمی (ت 841 ه) (1)أربعة أبیات
27.ابن نما (ت 841 ه) (2)تسعة عشر بیتاً
28.محمّد بن أحمد الدمشقی (ت 871 ه) (3)تسعة عشر بیتاً
29.ابن الصبّاغ (القرن التاسع) (4)أربعة وثلاثون بیتاً
30.عبد اللّه بن نور الدین البحرانی (القرن الحادی عشر) (5)خمسة وسبعون بیتاً
31.محمّد بن أبی طالب (القرن الحادی عشر) (6)ثلاثة وأربعون بیتاً
32.نور اللّه الشوشتری (القرن الحادی عشر) (7)مئة وخمسة وعشرون بیتاً
33.العلّامة محمّد باقر المجلسی(ت1110 ه) (8)مئة وسبعة وأربعون بیتاً
34.القُندوزی (القرن الثالث عشر) (9)ثلاثة وأربعون بیتاً
35.الشِّبلنجی ( القرن الثالث عشر) (10)عشرون بیتاً
36.السیّد محسن الأمین ( ت 1371 ه) (11)ستّة وثلاثون بیتاً
ص:419
37.السیّد شهاب الدین المرعشی النجفی (ت 1411 ه) (1)ثمانیة وعشرون بیتاً.
38.أحمد الصابری الهَمدانی (معاصر) (2)أربعمئة وواحد وعشرون بیتاً.
إضافة للمصادر الّتی مرّ ذکرها آنفاً-والّتی ورد فیها أبیات منسوبة للإمام الحسین علیه السّلام فی طیّات أبحاثها،ولم تستهدف حسب الظاهر استقصاء کلّ ما نُسب للإمام وجمعه-هناک کتب تحمل عنوان دیوان خاصّ بأشعار الإمام،نذکر من أهمّها:
1. دیوان الإمام الحسین علیه السّلام .هناک نسختان من هذا الدیوان فی مکتبة«بایزید»فی اسطنبول،تعودان إلی القرن الثامن الهجری.وقد رأی مؤلّف کتاب أدب الحسین وحماسته هذه النسختین ونقلهما فی کتابه.یحتوی هذا الدیوان 146 بیتاً.وقد طبع نفس الدیوان فی الیمن عام 1317 الهجری،تحت عنوان دیوان الإمام السجّاد علیه السّلام .
2. القول الحسن فی شعر الحسین علیه السّلام ،لعبد القادر الناصر،نسخة من هذا الدیوان موجودة فی مکتبة عارف حکمت فی المدینة المنوّرة،ویحمل الرقم 227 من الدواوین،کما یحوی ثلاثین ورقة.
نُقل نفس العنوان لابن الحجّاج الشاعر (3)،ولکن قد یکونا دیوانین مختلفین وإن اشترکا فی العنوان.
ص:420
3. دیوان الإمام الحسین بن علیّ بن أبی طالب علیهما السّلام ،لمحمّد حسین بن محمّد باقر البیرجندی،وقد ذکره العلّامة الطهرانی فی کتاب الذریعة . (1)
4. دیوان الإمام الحسین علیه السّلام ،لمحمّد بن عبد الرحیم الماردینی،طُبع هذا الدیوان ببیروت عام 2002 م،ویحتوی 293 بیتاً فی 54 قطعة شعریة.ترجم الاُستاذ أمیر هوشنک دانائی هذا الدیوان إلی الفارسیّة،وطبعته مؤسّسة«موعود»الثقافیة عام 1381 ه.ش (2002م) فی طهران.
تحتوی المصادر التاریخیة والأدبیة والحدیثیة الّتی ذکرناها 1553 بیتاً منسوباً للإمام الحسین علیه السّلام،وإذا حذفنا المکرّر یبقی القلیل منها.
وقد رتّبت الأشعار المنسوبة للإمام علیه السّلام فی هذا الکتاب ( موسوعة الإمام الحسین علیه السّلام ) فی ثلاثة فصول،من الفصل الثامن إلی العاشر:
یحتوی الفصل الأوّل الأشعار المنسوبة للإمام علیه السّلام،وهی مئة وثلاثة وثلاثون بیتاً فی ثلاث وثلاثین مقطوعة شعریة.
وقد ورد استشهاد الإمام بأشعار الآخرین فی الفصل الثانی،وهو ثمانیة عشر بیتاً فی خمسة مقاطع.
أمّا الفصل الثالث یحوی دیوان الإمام الحسین علیه السّلام الّذی نقله مؤلّف کتاب أدب الحسین علیه السّلام وحماسته من النسختین الخطّیتین بشکل کاملٍ.ویتألّف هذا الدیوان من مئة وخمسة وأربعین بیتاً فی تسع وعشرین مقطوعةٍ شعریة.
کما أسلفنا،لا مانع فی نظم الأئمّة للشعر،والمهمّ هو إثبات صدوره منهم وصحّة
ص:421
نسبة الشعر إلیهم.
هناک شواهد وقرائن تاریخیة تشهد علی صحّة صدور عدد من الأشعار والتمثّل بأشعار الآخرین عن بعض الأئمّة،کالإمام علیّ علیه السّلام،وأمّا فی صدور الأشعار المنسوبة إلی الإمام الحسین علیه السّلام،تجد ملاحظة النقاط التالیة:
1.تؤکّد بعض المصادر استشهاد الإمام الحسین علیه السّلام بأشعار آخرین،کأخی الأوس،وفروة بن مسیک المرادی،وابن المفرغ،وضرار بن الخطّاب الفهری، وزمیل بن أبیر الفزاری.
2.وردت بعض الأشعار المنسوبة للإمام الحسین علیه السّلام فی«الدیوان المنسوب للإمام علیّ علیه السّلام»،منها الأبیات التالیة:
یا مَن بِدُنیاهُ اشتَغَل وغَرَّهُ طولُ الأَمَل
المَوتُ یَأتی بَغتَةً وَالقَبرُ صُندوقُ العَمَل. (1)
وکما البیت التالی:
فَإِن تَکُنِ الدُّنیا تُعَدُّ نَفیسَةً فَإِنَّ ثَوابَ اللّهِ أعلی وأنبَلُ (2)
3.ما ورد فی الفصل العاشر تحت عنوان«دیوان الإمام الحسین علیه السّلام»،لا یشبه أیّاً من الأبیات المنسوبة للإمام فی المصادر الاُخری،والتی جُمعت فی الفصل التاسع،وهذا ما یسبّب الشکّ فی هذه النسبة.کما لم یذکر هذا الدیوان فی أیٍّ من کتب المصادر والفهارس القدیمة.
وفی الختام یمکننا الاستنتاج بأنّ بعض الأشعار المذکورة فی الفصل الثامن من نظم الإمام الحسین علیه السّلام،کما أنّ بعضها منسوب للآخرین أیضاً.
ص:422
بإمکاننا تبویب الأشعار المنسوبة للإمام الحسین علیه السّلام فی الفصل الثامن بشکلٍ إجمالیّ فی العناوین التالیة:
یدعو الإمام فی بعض أشعاره الناس لردع النفس عن التوجّه إلی المخلوقات فی رفع حوائجهم،والتوجّه إلی الخالق تعالی بها،وطلب الرزق منه (14 (1)).
ینبّه الإمام فی خمس من مقطوعاته الشعریة إلی الموت والآخرة،وأهمّ ما یتناوله فی هذا المجال:الاعتبار بالموت (1)،الاعتبار بالقبور (2)،فناء الدنیا (12)،فضل الموت علی الحیاة بذلّة (11 و16).
تبدأ إحدی المقاطع الشعریة المذکورة وهی المناجاة مع اللّه (28) بالعبارة التالیة:یا ربّ یا ربّ أنت مولاه.
یوصی الإمام فی اثنین من مقاطعه الشعریة (19 و20) بمکارم الأخلاق،ویذمّ الطمع (16) وکنز الأموال (16) واستعطاء الآخرین (13)،ویمدح الجود فی إحدی مقطوعاته (6).
ص:423
یمدح الإمام أباه فی مقطوعة (4)،ویذکر أمجاد أسلافه فی اخری(3)،کما یثنی علی رباب وسکینة (5) وأخیه الحسن علیه السّلام (9) والعبّاس (8) وحرّ بن یزید الریاحی (7) فی مقاطعٍ اخری.
یذمّ أعداءه یوم عاشوراء فی مقطوعة (21)،کما یذمّ یزید فی اخری (22).
یسرد الإمام فی أربعة من الأشعار المنسوبة إلیه (23،21،18،10) مفاخره وفضائله وحقّه فی الخلافة،کما یبیّن نسبه ومعتقده فی یوم عاشوراء فی مقطوعة اخری (29).
هناک مضامین اخری فی الأشعار المنسوبة للإمام،منها:بیان وحدته (27)،وداع سَکینة یوم عاشوراء (30)،تقلّبات الدنیا (16)،جوابه لأعرابی (26)،والردّ علی عمرو بن العاص (26).
ص:424
إذَا استَنصَرَ المَرءُ امرَءاً لا یُدیلُهُ (1) فَناصِرُهُ وَالخاذِلونَ سَواءُ
أنَا ابنُ الَّذی قَد تَعلَمونَ مَکانَهُ ولَیسَ عَلَی الحَقِّ المُبینِ طَخاءُ (2)
ألَیسَ رَسولُ اللّهِ جَدّی ووالِدی أنَا البَدرُ إن خَلَا النُّجومَ خَفاءُ
ألَم یَنزِلِ القُرآنُ خَلفَ بُیوتِنا صَباحاً ومِن بَعدِ الصَّباحِ مَساءُ
یُنازِعُنی وَاللّهُ بَینی وبَینَهُ یَزیدٌ ولَیسَ الأَمرُ حَیثُ یَشاءُ
فَیا نُصَحاءَ اللّهِ أنتُم وُلاتُهُ وأنتُم عَلی أدیانِهِ امَناءُ
بِأَیِّ کِتابٍ أم بِأَیَّةِ سُنَّةٍ تَناوَلَها عَن أهلِهَا البُعَداءُ. (3)
أمَّا العِظامُ فَإِنَّنی فَرَّقتُها حَتّی تَبایَنَتِ المَفاصِلُ وَالشَّوی (1)
قَطَّعتُ ذا مِن ذا ومِن هذا کَذا فَتَرَکتُها رِمَماً (2)یَطولُ بِهَا البِلی (3). (4)
أوَ استَمتِعُ الدُّنیا لِشَیءٍ احِبُّهُ ألا کُلُّ ما أدنی إلَیکَ حَبیبُ
فَلازِلتُ أبکی ما تَغَنَّت حَمامَةٌ عَلَیکَ وما هَبَّت صَباً (1)وجَنوبُ
وما هَمَلَت عَینی مِنَ الدَّمعِ قَطرَةً ومَا اخضَرَّ فی دَوحِ الحِجازِ قَضیبُ
بُکائی طَویلٌ وَالدُّموعُ غَزیرَةٌ وأنتَ بَعیدٌ وَالمَزارُ قَریبُ
غَریبٌ وأطرافُ البُیوتِ تَحوطُهُ ألا کُلُّ مَن تَحتَ التُّرابِ غَریبُ
ولا یَفرَحُ الباقی خِلافَ الَّذی مَضی وکُلُّ فَتیً لِلمَوتِ فیهِ نَصیبُ
فَلَیسَ حَریباً (2)مَن اصیبَ بِمالِهِ ولکِنَّ مَن واری أخاهُ حَریبُ
نَسیبُکَ مَن أمسی یُناجیکَ طَرفُهُ ولَیسَ لِمَن تَحتَ التُّرابِ نَسیبُ. (3)
أنَا الحُسَینُ بنُ عَلِیِّ بنِ أبی طالِبٍ البَدرُ بِأَرضِ العَرَبِ
ألَم تَرَوا وتَعلَموا أنَّ أبی قاتِلُ عَمروٍ ومُبیرُ (4)مَرحَبِ
ولَم یَزَل قَبلَ کُشوفِ الکُرَبِ مُجَلِّیاً ذلِکَ عَن وَجهِ النَّبِی
ألَیسَ مِن أعجَبِ عُجبِ العَجَبِ أن یَطلُبَ الأَبعَدُ میراثَ النَّبِی
وَاللّهُ قَد أوصی بِحِفظِ الأَقرَبِ. (5)
ص:427
أنَا الحُسَینُ بنُ عَلِی أحمی عِیالاتِ أبی
آلَیتُ أن لا أنثَنی أمضی عَلی دینِ النَّبِی. (1)
إذا جادَتِ الدُّنیا عَلَیکَ فَجُد بِها عَلَی النّاسِ طُرّاً قَبلَ أن تَتَفَلَّتِ
فَلَا الجودُ یُفنیها إذا هِیَ أقبَلَت ولَا البُخلُ یُبقیها إذا ما تَوَلَّتِ. (2)
إذ نادی حُسَیناً فَجادَ بِنَفسِهِ عِندَ الصَّباحِ. (1)
تَعَدَّیتُمُ یا شَرَّ قَومٍ بِفِعلِکُم وخالَفتُمُ قَولَ النَّبِیِّ مُحَمَّدِ
أما کانَ خَیرُ الرُّسُلِ وَصّاکُم بِنا أما نَحنُ مِن نَسلِ النَّبِیِّ المُسَدَّدِ
أما کانَتِ الزَّهراءُ امِّیَ دونَکُمُ أما کانَ مِن خَیرِ البَرِیَّةِ أحمَدِ
لُعِنتُم واُخزیتُم بِما قَد جَنَیتُمُ فَسَوفَ تُلاقوا (2)حَرَّ نارٍ تَوَقَّدِ. (3)
أنَا ابنُ عَلِیِّ الطُهرِ مِن آلِ هاشِمٍ کَفانی بِهذا مَفخَراً حینَ أفخَرُ
وجَدّی رَسولُ اللّهِ أکرَمُ مَن مَشی ونَحنُ سِراجُ اللّهِ فِی الخَلقِ نَزهَرُ
وفاطِمُ امّی مِن سُلالَةِ أحمَدٍ وعَمِّیَ یُدعی ذَا الجَناحَینِ جَعفَرُ
وفینا کِتابُ اللّهِ انزِلَ صادِقاً وفینَا الهُدی وَالوَحیُ بِالخَیرِ یُذکَرُ
ص:429
ونَحنُ أمانُ اللّهِ لِلنّاسِ کُلِّهِم نَطولُ (1)بِهذا فِی الأَنامِ ونَجهَرُ
ونَحنُ وُلاةُ الحَوضِ نَسقی وُلاتَنا بِکَأسِ رَسولِ اللّهِ ما لَیسَ یُنکَرُ
وشیعَتُنا فِی النّاسِ أکرَمُ شیعَةٍ ومُبغِضُنا یَومَ القِیامَةِ یَخسَرُ. (2)
المَوتُ خَیرٌ مِن رُکوبِ العارِ وَالعارُ أولی مِن دُخولِ النّارِ
وَاللّهِ ما هذا وهذا جاری. (3)
إذا ما عَضَّکَ الدَّهرُ فَلا تَجنَح (1)إلی خَلقِ
ولا تَسأَل سِوَی اللّهِ تَعالی قاسِمِ الرِّزقِ
فَلَو عِشتَ وطَوَّفتَ مِنَ الغَربِ إلَی الشَّرقِ
لَما صادَفتَ مَن یَقدِ رُ أن یُسعِدَ أو یُشقِی. (2)
اِغنَ عَنِ المَخلوقِ بِالخالِقِ تَغنَ عَنِ الکاذِبِ وَالصّادِقِ
وَاستَرزِقِ الرَّحمنَ مِن فَضلِهِ فَلَیسَ غَیرَ اللّهِ مِن رازِقِ
مَن ظَنَّ أنَّ النّاسَ یُغنونَهُ فَلَیسَ بِالرَّحمنِ بِالواثِقِ
أو ظَنَّ أنَّ المالَ مِن کَسبِهِ زَلَّت بِهِ النَّعلانِ مِن حالِقِ (3). (4)
ص:431
مَن کانَ یَبأی (1)بِجَدٍّ فَإِنَّ جَدِّی الرَّسولُ
أو کانَ یَبأی بِاُمٍّ فَإِنَّ امِّی البَتولُ
أو کانَ یَبأی بِزَوْرٍ فَزَوْرُنا جَبرَئیلُ
فَنَحنُ لَم نَبأَ إلّا بِما یُطاعُ الجَلیلُ. (2)
فَإِن تَکُنِ الدُّنیا تُعَدُّ نَفیسَةً فَإِنَّ ثَوابَ اللّهِ أعلی وأنبَلُ
وإن تَکُنِ الأَبدانُ لِلمَوتِ انشِئَت فَقَتلُ امرِئٍ بِالسَّیفِ فِی اللّهِ أفضَلُ
وإن تَکُنِ الأَرزاقُ قِسماً مُقَدَّراً فَقِلَّةُ حِرصِ المَرءِ فِی السَّعیِ أجمَلُ
وإن تَکُنِ الأَموالُ لِلتَّرکِ جَمعُها فَما بالُ مَتروکٍ بِهِ المَرءُ یَبخَلُ. (3)
ص:432
أذُلَّ الحَیاةِ وذُلَّ المَماتِ وَ کُلّاً أراهُ طَعاماً وَبیلاً
فَإِن کانَ لابُدَّ مِن واحدٍ (1) فَسیری إلَی المَوتِ سَیراً جَمیلاً. (2)
کُلَّما زیدَ صاحِبُ المالِ مالاً زیدَ فی هَمِّهِ وفِی الاِشتِغالِ
قَد عَرَفناکِ یا مُنَغِّصَةَ العَی شِ ویا دارَ کُلِّ فانٍ وبالِ
لَیسَ یَصفو لِزاهِدٍ طَلَبُ الزُّه دِ إذا کانَ مُثقَلاً بِالعِیالِ. (3)
یا دَهرُ! افٍّ لَکَ مِن خَلیلِ کَم لَکَ بِالإِشراقِ وَالأَصیلِ
مِن صاحِبٍ أو طالِبٍ قَتیلِ وَالدَّهرُ لا یَقنَعُ بِالبَدیلِ
وإنَّمَا الأَمرُ إلَی الجَلیلِ وکُلُّ حَیٍّ سالِکٌ سَبیلی. (4)
ص:433
یا نَکَباتِ الدَّهرِ! دولی دولی (1) وأقصِری إن شِئتِ أو أطیلی
رَمَیتِنی رَمیَةَ لا مُقیلَ بِکُلِّ خَطبٍ فادِحٍ جَلیلِ
وکُلِّ عِبءٍ (2)أیِّدٍ (3)ثَقیلِ أوَّلَ ما رُزِئتُ (4)بِالرَّسولِ
وبَعدُ بِالطّاهِرَةِ البَتولِ وَالوالِدِ البَرِّ بِنَا الوَصولِ
وبِالشَّقیقِ الحَسَنِ الجَلیلِ وَالبَیتِ ذِی التَّأویلِ وَالتَّنزیلِ
وزَورِنا المَعروفِ مِن جِبریلِ فَما لَهُ فِی الرُّزءِ مِن عَدیلِ
ما لَکِ عَنِّی الیَومَ مِن عُدولِ وحَسبِیَ الرَّحمنُ مِن مُنیلِ. (5)
أبی عَلِیٌّ وجَدّی خاتَمُ الرُّسُلِ وَالمُرتَضَونَ لِدینِ اللّهِ مِن قَبلی
وَاللّهُ یَعلَمُ وَالقُرآنُ یَنطِقُهُ أنَّ الَّذی بِیَدَی مَن لَیسَ یَملِکُ لی
ما یُرتَجی بِامرِئٍ لا قائِلٍ عَذلاً (6) ولا یَزیغُ إلی قَولٍ ولا عَمَلِ
ولا یُری خائِفاً فی سِرِّهِ وَجِلاً ولا یُحاذِرُ مِن هَفوٍ ولا زَلَلِ
ص:434
یا وَیحَ نَفسی مِمَّن لَیسَ یَرحَمُها أما لَهُ فی کِتابِ اللّهِ مِن مَثَلِ
أما لَهُ فی حَدیثِ النّاسِ مُعتَبَرٌ مِنَ العَمالِقَةِ (1)العادِیَّةِ الاُوَلِ
یا أیُّهَا الرَّجُلُ المَغبونُ شیمَتُهُ إنّی وَرِثتُ رَسولَ اللّهِ عَن رُسُلِ
أأنتَ أولی بِهِ مِن آلِهِ فَبِما تُرَی اعتَلَلتَ وما فِی الدّینِ مِن عِلَلِ. (2)
یا مَن بِدُنیاهُ اشتَغَل وغَرَّهُ طولُ الأَمَل!
کَفَرَ القَومُ وقِدماً رَغِبوا عَن ثَوابِ اللّهِ رَبِّ الثَّقَلَین
قَتَلوا قِدماً عَلِیّاً وَابنَهُ ال -حَسَنَ الخَیرَ الکَریمَ الطَّرَفَین
حَنَقاً (1)مِنهُم وقالوا أجمِعوا نَفتِکُ الآنَ جَمیعاً بِالحُسَین
یا لَقَومٍ مِن اناسٍ رُذَّلٍ جَمَعُوا الجَمعَ لِأَهلِ الحَرَمَین
ثُمَّ ساروا وتَواصَوا کُلُّهُم بِاجتِیاحی (2)لِرِضاءِ المُلحِدَین
لَم یَخافُوا اللّهَ فی سَفکِ دَمی لِعُبَیدِ اللّهِ نَسلِ الکافِرَین
وَابنُ سَعدٍ قَد رَمانی عَنوَةً بِجُنودٍ کَوُکوفِ (3)الهاطِلَین
لا لِشَیءٍ کانَ مِنّی قَبلَ ذا غَیرَ فَخری بِضِیاءِ الفَرقَدَین
بِعَلِیِّ الخَیرِ مِن بَعدِ النَّبِیِّ وَالنَّبِیِّ القُرَشِیِّ الوالِدَین
خَیرَةُ اللّهِ مِنَ الخَلقِ أبی ثُمَّ امّی فَأَنَا ابنُ الخَیرَتَین
فِضَّةٌ قَد خَلَصَت مِن ذَهَبٍ فَأَنَا الفِضَّةُ وَابنُ الذَّهَبَین
فاطِمُ الزَّهراءُ امّی وأبی وارِثُ الرُّسلِ ومَولَی الثَّقَلَین
طَحَنَ الأَبطالَ لَمّا بَرَزوا یَومَ بَدرٍ وبِاُحدٍ وحُنَین
ولَهُ فی یَومِ احدٍ وَقعَةٌ شَفَتِ الغِلَّ بِفَضِّ العَسکَرَین
ص:436
ثُمَّ بِالأَحزابِ وَالفَتحِ مَعاً کانَ فیها حَتفُ (1)أهلِ الفَیلَقَین
وأخو خَیبَرَ إذ بارَزَهُم بِحُسامٍ صارِمٍ ذی شَفرَتَین
وَالَّذی أردی جُیوشاً أقبَلوا یَطلُبونَ الوِترَ (2)فی یَومِ حُنَین
فی سَبیلِ اللّهِ ماذا صَنَعَت اُمَّةُ السَّوءِ مَعاً بِالعِترَتَین
عِترَةِ البَرِّ التَّقِیِّ المُصطَفی وعَلِیِّ القَرمِ (3)یَومَ الجَحفَلَین (4)
مَن لَهُ عَمٌّ کَعَمّی جَعفَرٍ وَهَبَ اللّهُ لَهُ أجنِحَتَین (5)
مَن لَهُ جَدٌّ کَجَدّی فِی الوَری وکَشَیخی فَأَنَا ابنُ العَلَمَین
والدِی شَمسٌ واُمّی قَمَرٌ فَأَنَا الکَوکَبُ وَابنُ القَمَرَین
جَدِّیَ المُرسَلُ مِصباحُ الهُدی وأبِی الموفی لَهُ بِالبَیعَتَین
بَطَلٌ قَرمٌ هِزَبرٌ (6)ضَیغَمٌ (7) ماجِدٌ سَمحٌ قَوِیُّ السّاعِدَین
عُروَةُ الدّینِ عَلِیٌّ ذاکُمُ صاحِبُ الحَوضِ مُصَلِّی القِبلَتَین
مَع رَسولِ اللّهِ سَبعاً کامِلاً ما عَلَی الأَرضِ مُصَلٍّ غَیرُ ذَین
تَرَکَ الأَوثانَ لَم یَسجُد لَها مَع قُرَیشٍ مُذ نَشا طَرفَةَ عَین
ص:437
عَبَدَ اللّهَ غُلاماً یافِعاً (1) وقُرَیشٌ یَعبُدونَ الوَثَنَین
یَعبُدونَ اللّاتَ وَالعُزّی مَعاً وعَلِیٌّ کانَ صَلَّی القِبلَتَین. (2)
ما یَحفَظِ اللّهُ یُصَن ما یَضَعِ (3)اللّهُ یُهَن
مَن یُسعِدِ اللّهُ یَلِنْ لَهُ الزَّمانُ إن خَشُن
أخِی اعتَبِر لا تَغتَرِر کَیفَ تَری صَرفَ الزَّمَن
یَجزی بِما اوتِیَ مِن فِعلٍ قَبیحٍ أو حَسَن
أفلَحَ عَبدٌ کُشِفَ ال -غِطاءُ عَنهُ فَفَطَن
وقَرَّ عَیناً مَن رَأی أنَّ البَلاءَ فِی اللَّسَن
فَمازَ (4)مِن ألفاظِهِ فی کُلِّ وَقتٍ ووَزَن
وخافَ مِن لِسانِهِ غَرباً (5)حَدیداً فَحَزَن (6)
ومَن یَکُ مُعتَصِماً بِاللّهِ ذِی العَرشِ فَلَن
یَضُرَّهُ شَیءٌ ومَن یُعدی عَلَی اللّهِ ومَن
ص:438
مَن یَأمَنِ اللّهَ یَخَف وخائِفُ اللّهِ أمِن
وما لِما یُثمِرُهُ ال خَوفُ مِنَ اللّهِ ثَمَن
یا عالِمَ السِّرِّ کَما یَعلَمُ حَقّاً ما عَلَن
صَلِّ عَلی جَدّی أبِی ال -قاسِمِ ذِی النّورِ المُبَن
أکرَمُ مَن حَیَّ ومَن لُفِّفَ مَیتاً فِی الکَفَن
وَامنُن عَلَینا بِالرِّضا فَأَنتَ أهلٌ لِلمِنَن
وأعفِنا فی دینِنا مِن کُلِّ خُسرٍ وغَبَن
ما خابَ مَن خابَ کَمَن یَوماً إلَی الدُّنیا رَکَن
طوبی لِعَبدٍ کُشِفَت عَنهُ غَیاباتُ الوَسَن (1)
وَالمَوعِدُ اللّهُ وما یَقضِ بِهِ اللّهُ مَکَن. (2)
اللّهُ یَعلَمُ أنَّ ما بِیَدَی یَزیدَ لِغَیرِهِ
وبِأَنَّهُ لَم یَکتَسِب هُ بِغَیرِهِ وبِمَیرِهِ (1)
لَو أنصَفَ النَّفسَ الخَؤو نُ لَقَصَّرَت مِن سَیرِهِ
ولَکانَ ذلِکَ مِنهُ أد نی شَرِّهِ مِن خَیرِهِ. (2)
سَبَقتُ العالَمینَ إلَی المَعالی بِحُسنِ خَلیقَةٍ وعُلُوِّ هِمَّه
ولاحَ بِحِکمَتی نورُ الهُدی فی لَیالٍ فِی الضَّلالَةِ مُدلَهِمَّه (3)
یُریدُ الجاحِدونَ لِیُطفِئوهُ ویَأبَی اللّهُ إلّاأن یُتِمَّه. (4)
ذَهَبَ الَّذینَ احِبُّهُم وبَقیتُ فیمَن لا احِبُّه
ص:440
فیمَن أراهُ یَسُبُّنی ظَهرَ المَغیبِ و لا أسُبُّه
یَبغی فَسادی مَا استَطاعَ وأمرُهُ مِمّا أرُبُّه (1)
حَنَقاً یَدِبُّ (2)إلَی الضَّرا ءِ وذاکَ مِمّا لا أدِبُّه
ویَری ذُبابَ الشَّرِّ مِن حَولی یَطِنُّ ولا یَذُبُّه
وإذا خَبا (3)وَغَرُ (4)الصُّدورِ فَلا یَزالُ بِهِ یَشُبُّه (5)
أفَلا یَعیجُ (6)بِعَقلِهِ أفَلا یَثوبُ (7)إلَیهِ لُبُّه
أفَلا یَری أنْ فِعلَهُ مِمّا یَسورُ إلَیهِ غِبُّه (8)
حَسبی بِرَبِّیَ کافِیاً ما أختَشی وَالبَغیُ حَسبُه
ولَقَلَّ مَن یُبغی (9)عَلَی هِ فَما کَفاهُ اللّهُ رَبُّه (10). (11)
ص:441
إنَّهُ علیه السّلام سایَرَ أنَسَ بنَ مالِکٍ،فَأَتی قَبرَ خَدیجَةَ فَبَکی،ثُمَّ قالَ:اِذهَب عَنّی.قالَ أنَسٌ:فَاستَخفَیتُ عَنهُ،فَلَمّا طالَ وُقوفُهُ فِی الصَّلاةِ سَمِعتُهُ قائِلاً:
یا رَبِّ یا رَبِّ! أنتَ مَولاهُ فَارحَم عُبَیداً إلَیکَ مَلجاهُ
یا ذَا المَعالی عَلَیکَ مُعتَمَدی طوبی لِمَن کُنتَ أنتَ مَولاهُ
طوبی لِمَن کانَ خائِفاً أرِقاً یَشکو إلی ذِی الجَلالِ بَلواهُ
وما بِهِ عِلَّةٌ ولا سَقَمٌ أکثَرُ مِن حُبِّهِ لِمَولاهُ
إذَا اشتَکی بَثَّهُ وغُصَّتَهُ أجابَهُ اللّهُ ثُمَّ لَبّاهُ
إذَا ابتَلی (1)بِالظَّلامِ مُبتَهِلاً أکرَمَهُ اللّهُ ثُمَّ أدناهُ.
فَنودِیَ:
لَبَّیکَ لَبَّیکَ أنتَ فی کَنَفی وکُلُّ ما قُلتَ قَد عَلِمناهُ
صَوتُکَ تَشتَاقُهُ مَلائِکَتی فَحَسبُکَ الصَّوتُ قَد سَمِعناهُ
دُعاکَ عِندی یَجولُ فی حُجُبٍ فَحَسبُکَ السِّترُ قَد سَفَرناهُ (2)
لَو هَبَّتِ الرّیحُ فی جَوانِبِهِ (3) خَرَّ صَریعاً لِما تَغَشّاهُ
سَلنی بِلا رَغبَةٍ ولا رَهَبٍ ولا حِسابٍ إنّی أنَا اللّهُ. (4)
ص:442
إنَّ أعرابِیّاً دَخَلَ المَسجِدَ الحَرامَ،فَوَقَفَ عَلَی الحَسَنِ علیه السّلام وحَولَهُ حَلقَةٌ،فَقالَ لِبَعضِ جُلَساءِ الحَسَنِ علیه السّلام:مَن هذَا الرَّجُلُ؟
فَقالَ لَهُ:الحَسَنُ بنُ عَلِیِّ بنِ أبی طالِبٍ علیه السّلام.
فَقالَ الأَعرابِیُّ:إیّاهُ أرَدتُ.
فَقالَ لَهُ:وما تَصنَعُ بِهِ یا أعرابِیُّ؟
فَقالَ:بَلَغَنی أنَّهُم یَتَکَلَّمونَ فَیُعرِبونَ فی کَلامِهِم،وإنّی قَطَعتُ بَوادِیاً وقِفاراً وأودِیَةً وجِبالاً،وجِئتُ لِاُطارِحَهُ الکَلامَ وأسأَلَهُ عَن عَویصِ (1)العَرَبِیَّةِ.
فَقالَ لَهُ جَلیسُ الحَسَنِ علیه السّلام:إن کُنتَ جِئتَ لِهذا فَابدَأ بِذلِکَ الشّابِ-وأومی إلَی الحُسَینِ علیه السّلام-.
فَوَقَفَ عَلَیهِ وسَلَّمَ،[فَرَدَّ علیه السّلام ] (2)،ثُمَّ قالَ:وما حاجَتُکَ یا أعرابِیُّ؟
فَقالَ:إنّی جِئتُکَ مِنَ الهَرْقَلِ (3)،وَالجَعلَلِ،والأَینَمِ،والهَمهَمِ. (4)
فَتَبَسَّمَ الحُسَینُ علیه السّلام وقالَ:یا أعرابِیُّ! لَقَد تَکَلَّمتَ بِکَلامٍ ما یَعقِلُهُ إلَّاالعالِمونَ.
فَقالَ الأَعرابِیُّ:وأقولُ أکثَرَ مِن هذا،فَهَل تُجیبُنی عَلی قَدرِ کَلامی؟
ص:443
فَقالَ لَهُ الحُسَینُ علیه السّلام:قُل ما شِئتَ،فَإِنّی مُجیبُکَ عَنهُ.
فَقالَ الأَعرابِیُّ:إنّی بَدَوِیٌّ وأکثَرُ مَقالِی الشِّعرُ،وهُوَ دیوانُ العَرَبِ.
فَقالَ لَهُ الحُسَینُ علیه السّلام:قُل ما شِئتَ فَإِنّی مُجیبُکَ عَلَیهِ.
فَأَنشَأَ یَقولُ:
هَفا قَلبی إلَی اللَّهوِ وقَد وَدَّعَ شَرخَیهِ (1)
وقَد کانَ أنیقاً عَص رَ تَجراریَ ذَیلَیهِ
عُلالاتٌ ولَذّاتٌ فَیا سُقیاً لِعَصرَیهِ
فَلَمّا عَمَّمَ الشَّیبُ مِنَ الرَّأسِ نِطاقَیهِ
وأمسی قَد عَنانی مِن هُ تَجدیدُ خِضابَیهِ
تَسَلَّیتُ عَنِ اللَّهوِ وألقَیتُ قِناعَیهِ
وفِی الدَّهرِ أعاجیبٌ لِمَن یَلبَسُ حالَیهِ
فَلَو یُعمِلُ ذو رَأیٍ أصیلٍ فیهِ رَأیَیهِ
لَأَلفی عِبرَةً مِنهُ لَهُ فی کُلِّ عَصرَیهِ.
فَقالَ لَهُ الحُسَینُ علیه السّلام (2):یا أعرابِیُّ! قَد قُلتَ فَاسمَع مِنّی: (3)
فَما رَسمٌ شَجانی أن مَحا آیَةَ رَسمَیهِ
ص:444
سَفورٌ دَرَحَ (1)الذَّیلَی نِ فی بَوغاءِ (2)قاعَیهِ
وَمودٌ (3)حَرجَفٌ تَتری عَلی تَلبیدِ ثَوبَیهِ
ودَلّاحٌ (4)مِنَ المُزنِ دَنا نَوءُ سِماکَیهِ (5)
أتی مُثعَنجِرَ (6)الوَدقِ (7) یَجودُ مِن خِلالَیهِ
وقَد أحمَدَ بَرقاهُ فَلا ذَمَّ لِبَرقَیهِ
وقَد جَلَّلَ رَعداهُ فَلا ذَمَّ لِرَعدَیهِ
ثَجیجُ (8)الرَّعدِ ثَجّاجٌ إذا أرخی نِطاقَیهِ
فَأَضحی دارِساً قَفراً لِبَینونَةِ أهلَیهِ.
فَقالَ الأَعرابِیُّ لَمّا سَمِعَها:ما رَأَیتُ کَالیَومِ قَطُّ مِثلَ هذَا الغُلامِ أعرَبَ مِنهُ کَلاماً، وأذرَبَ لِساناً،وأفصَحَ مِنهُ مَنطِقاً !
فَقالَ لَهُ الحَسَنُ علیه السّلام:یا أعرابِیُّ:
هذا غُلامٌ کَرَّمَ الرَّحم نُ بِالتَّطهیرِ جَدَّیهِ
کَساهُ القَمَرُ القَمقا مُ مِن نورِ سَناءَیهِ
ص:445
ولَو عَدَّدَ طَمّاحٌ نَفَحنا عَن عِدادَیهِ
وقَد أرضَیتُ (1)مِن شِعری وقَوَّمتُ عَروضَیهِ.
فَلَمّا سَمِعَ الأَعرابِیُّ قَولَ الحَسَنِ علیه السّلام قالَ:بارَکَ اللّهُ عَلَیکُما ! مِثلُکُما بَخِلَتهُ الرِّجالُ،وعَن مِثلِکُما قامَتِ النِّساءُ،فَوَاللّهِ لَقَدِ انصَرَفتُ وأنَا مُحِبٌّ لَکُما،راضٍ عَنکُما،فَجَزاکُمَا اللّهُ خَیراً.وَانصَرَفَ. (2)
خَرَجَ سائِلٌ یَتَخَطّی أزِقَّةَ المَدینَةِ،حَتّی أتی بابَ الحُسَینِ بنِ عَلِیٍّ علیهما السّلام،فَقَرَعَ البابَ وأنشَأَ یَقولُ:
لَم یَخِبِ الیَومَ مَن رَجاکَ ومَن حَرَّکَ مِن خَلفِ بابِکَ الحَلَقَه
فَأَنتَ ذُوالجودِ أنتَ مَعدِنُهُ أبوکَ قد کانَ قاتِلَ الفَسَقَه. (3)
وکانَ الحُسَینُ بنُ عَلِیٍّ علیه السّلام واقِفاً یُصَلّی،فَخَفَّفَ مِن صَلاتِهِ وخَرَجَ إلَی الأَعرابِیِّ، فَرَأی عَلَیهِ أثَرَ ضُرٍّ وفاقَةٍ،فَرَجَعَ ونادی بِقَنبَرٍ،فَأَجابَهُ:لَبَّیکَ یَابنَ رَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله.
قالَ:ما تَبَقّی مَعَکَ مِن نَفَقَتِنا؟قالَ:مِئَتا دِرهَمٍ،أمَرتَنی بِتَفرِقَتِها فی أهلِ بَیتِکَ.
قالَ:فَهاتِها فَقَد أتی مَن هُوَ أحَقُّ بِها مِنهُم،فَأَخَذَها وخَرَجَ یَدفَعُها إلَی الأَعرابِیِّ، وأنشَأَ یَقولُ:
ص:446
خُذها وإنّی إلَیکَ مُعتَذِرٌ وَاعلَم بِأَنّی عَلَیکَ ذو شَفَقَه
لَو کانَ فی سَیرِنا عَصاً تُمَدُّ إذاً 1 کانَت سَمانا عَلَیکَ مُندَفِقَه
لکِنَّ رَیبَ المَنونِ 2ذو نَکَدٍ 3 وَالکَفُّ مِنّا قَلیلَةُ النَّفَقَه.
قالَ:فَأَخَذَهَا الأَعرابِیُّ ووَلّی وهُوَ یَقولُ:
مُطَهَّرونَ نَقِیّاتٌ جُیوبُهُم تَجرِی الصَّلاةُ عَلَیهِم أینَما ذُکِروا
وأنتُمُ أنتُمُ الأَعلَونَ عِندَکُم عِلمُ الکِتابِ وما جاءَت بِهِ السُّوَرُ
مَن لَم یَکُن عَلَوِیّاً حینَ تَنسُبُهُ فَما لَهُ فی جَمیعِ النّاسِ مُفتَخَرُ. 4
ص:447
ص:448
سَأَمضی وما بِالمَوتِ عارٌ عَلَی الفَتی إذا ما نَوی خَیراً وجاهَدَ مُسلِما
وواسَی الرِّجالَ الصّالِحینَ بِنَفسِهِ وفارَقَ مَذموماً وخالَفَ مُجرِما
اقَدِّمُ نَفسی لا اریدُ بَقاءَها لِتَلقی خَمیساً (1)فِی الوَغاءِ عَرَمرَما (2)
فَإِن عِشتُ لَم اذمَم وإن مِتُّ لَم الَم (3) کَفی بِکَ ذُلاًّ أن تَعیشَ مُرَغَّما. (4)
ص:449
فَإِن نَهزِم فَهَزّامونَ قِدماً وإن نُغلَب فَغَیرُ مُغَلَّبینا
وما إن طِبُّنا (1)جُبنٌ ولکِن مَنایانا ودَولَةُ آخَرینا
إذا مَا المَوتُ رَفَّعَ عن اناسٍ کَلاکِلَهُ (2)أناخَ بِآخَرینا
فَأَفنی ذلِکُم سَرَواتِ (3)قَومی کَما أفنَی القُرونَ الأَوَّلینا
فَلَو خَلَدَ المُلوکُ إذاً خَلَدنا ولَو بَقِیَ الکِرامُ إذاً بَقینا
فَقُل لِلشّامِتینَ بِنا:أفیقوا سَیَلقَی الشّامِتونَ کَما لَقینا (4)
قالَ أبو سَعیدٍ المَقبُرِیُّ:نَظَرتُ إلَی الحُسَینِ علیه السّلام داخِلاً مَسجِدَ المَدینَةِ،وإنَّهُ لَیَمشی وهُوَ مُعتَمِدٌ عَلی رَجُلَینِ؛یَعتَمِدُ عَلی هذا مَرَّةً وعَلی هذا مَرَّةً،وهُوَ یَتَمَثَّلُ بِقَولِ
ص:450
ابنِ مُفَرِّغٍ:
لا ذَعَرتُ السَّوامَ فی فَلَقِ الصُّب حِ مُغیراً ولا دُعیتُ یَزیدا
یَومَ اعطی مِنَ المَهابَةِ ضَیماً (1) وَالمَنایا یَرصُدنَنی أن أحیدا.
قالَ:فَقُلتُ فی نَفسی:وَاللّهِ ما تَمَثَّلَ بِهذَینِ البَیتَینِ إلّالِشَیءٍ یُریدُ،قالَ:فَما مَکَثَ إلّایَومَینِ حَتّی بَلَغَنی أنَّهُ سارَ إلی مَکَّةَ. (2)
مَهلاً بَنی عَمِّنا ظُلامَتَنا إنَّ بِنا سَورَةً (4)مِنَ الغَلَقِ (5)
لِمِثلِکُم تُحمَلُ السُّیوفُ ولا تُغمَزُ أحسابُنا مِنَ الرَّقَقِ (6)
إنّی لَأَنمی إذَا انتَمَیتُ إلی عِزٍّ عَزیزٍ ومَعشَرٍ صُدُقِ
بیضٍ سِباطٍ (7)کَأَنَّ أعیُنَهُم تُکحَلُ یَومَ الهِیاجِ بِالعَلَقِ (8). (9)
ص:451
عَرَضَ لَهُ [أی لِلإِمامِ الحُسَینِ علیه السّلام وذلِکَ بَعدَ صُلحِ الإِمامِ الحَسَنِ علیه السّلام ] سُلَیمانُ بنُ صُرَدٍ وسَعیدُ بنُ عَبدِ اللّهِ الحَنَفِیُّ بِالرُّجوعِ عَنِ الصُّلحِ.
فَقالَ:هذا ما لا یَکونُ ولا یَصلُحُ.قالوا:فَمَتی أنتَ سائِرٌ؟قالَ:غَداً إن شاءَ اللّهُ.
فَلَمّا سارَ خَرَجوا مَعَهُ،فَلَمّا جاوَزوا دَیرَ هِندٍ،نَظَرَ الحُسَینُ علیه السّلام إلَی الکوفَةِ، فَتَمَثَّلَ قَولَ زُمَیلِ بنِ ابَیرٍ الفَزارِیِّ،وهُوَ ابنُ امِّ دینارٍ:
فَما عَن قِلیً (1)فارَقتُ دارَ مَعاشرٍ هُمُ المانِعونَ باحَتی (2)وذِماری (3)
ولکِنَّهُ ما حُمَّ (4)لابُدَّ واقِعٌ نَظارِ (5)تَرَقَّب ما یُحَمُّ نَظارِ. (6)
ص:452
تَبارَکَ ذُوالعُلی وَالکِبرِیاءِ تَفَرَّدَ بِالجَلالِ وبِالبَقاءِ
وسَوَّی المَوتَ بَینَ الخَلقِ طُرّاً وکُلُّهُم رَهائِنُ لِلفَناءِ
ص:453
ودُنیانا وإن مِلنا إلَیها فَطالَ بِهَا المَتاعُ إلَی انقِضاءِ
ألا إنَّ الرُّکونَ إلَی الغَرورِ إلی دارِ الفَناءِ مِنَ العَناءِ
وقاطِنُها (1)سَریعُ الظَّعنِ (2)عَنها وإن کانَ الحَریصُ عَلَی الثَّواءِ. (3)
یُحَوَّلُ عَن قَریبٍ مِن قُصورٍ مُزَخرَفَةٍ إلی بَیتِ التُّرابِ
فَیُسلَمُ فیهِ مَهجوراً فَریداً أحاطَ بِهِ سُحوبُ (4)الاِغتِرابِ
ص:454
وهَولُ الحَشرِ أفظَعُ کُلِّ أمرٍ إذا دُعِیَ ابنُ آدَمَ لِلحِسابِ
وألفی (1)کُلَّ صالِحَةٍ أتاها وسَیِّئَةٍ جَناها فِی الکِتابِ
لَقَد آنَ التَّزَوُّدُ إن عَقَلنا وأخذُ الحَظِّ مِن باقِی الشَّبابِ.
فَعُقبی کُلِّ شَیءٍ نَحنُ فیهِ مِنَ الجَمعِ الکَثیفِ إلَی الشَّتاتِ
وما حُزناهُ مِن حِلً ّ وحِرمٍ یُوَزَّعُ فِی البَنینِ وفِی البَناتِ
وفی مَن لَم نُؤَهِّلهُم بِفَلسٍ وقیمَةِ حَبَّةٍ قَبلَ المَماتِ
وتَنسانَا الأَحِبَّةُ بَعدَ عَشرٍ وقَد صِرنا عِظاماً بالِیاتِ
کَأَنّا لَم نُعاشِرهُم بِوُدٍّ ولَم یَکُ فیهِم خِلٌّ مُؤاتِ.
لِمَن یا أیُّهَا المَغرورُ تَحوی مِنَ المالِ المُوَفَّرِ وَالأَثاثِ
سَتَمضی غَیرَ مَحمودٍ فَریداً ویَخلو بَعلُ عِرسِکَ بِالتُّراثِ
ویَخذُلُکَ الوَصِیُّ بِلا وَفاءٍ ولا إصلاحِ أمرٍ ذِی انتِکاثِ
لَقَد أوفَرتَ وِزراً مُرحَجِنّاً (2) یَسُدُّ عَلَیکَ سُبْلَ الاِنبِعاثِ
ص:455
فَما لَکَ غَیرَ تَقوَی اللّهِ حِرزٌ (1) وما لَکَ دونَ رَبِّکَ مِن غِیاثِ.
تُعالِجُ بِالطَّبیبِ کُلّ َ داءٍ ولَیسَ لِداءِ دینِکَ مِن عِلاجِ
سِوی ضَرَعٍ إلَی الرَّحمنِ مَحضٍ بِنِیَّةِ خائِفٍ ویَقینِ راجِ
وطولِ تَهَجُّدٍ بِطِلابِ عَفوٍ بِلَیلٍ مُدلَهِمِّ السِّترِ داجِ
وإظهارِ النَّدامَةِ کُلَّ وَقتٍ عَلی ما کُنتَ فیهِ مِنِ اعوِجاجِ
لَعَلَّکَ أن تَکونَ غَداً حَظِیّاً بِبُلغَةِ فائِزٍ وسُرورِ ناجِ.
عَلَیکَ بِصَرفِ نَفسِکَ عَن هَواها فَما شَیءٌ ألَذُّ مِنَ الصَّلاحِ
تَأَهَّب لِلمَنِیَّةِ حینَ تَغدو کَأَنَّکَ لا تَعیشُ إلَی الرَّواحِ
فَکَم مِن رائِحٍ فینا صَحیحٍ نَعَتهُ نُعاتُهُ قَبلَ الصَّباحِ
وبادِر بِالإِنابَةِ قَبلَ مَوتٍ عَلی ما فیکَ مِن عِظَمِ الجُناحِ
فَلَیسَ أخُو الرَّزانَةِ مَن تَجافی ولکِن مَن تَشَمَّرَ (2)لِلفَلاحِ.
ص:456
وإن صافَیتَ أو خالَلتَ خِلاًّ فَفِی الرَّحمنِ فَاجعَل مَن تُؤاخی
ولا تَعدِل بِتَقوَی اللّهِ شَیئاً ودَع عَنکَ الضَّلالَةَ وَالتَّراخی
فَکَیفَ تَنالُ فِی الدُّنیا سُروراً وأیّامُ الحَیاةِ إلَی انسِلاخِ
وجُلُّ سُرورِها فیما عَهِدنا هُ مَشوبٌ بِالبُکاءِ وبِالصُّراخِ
لَقَد عَمِیَ ابنُ آدَمَ لا یَراها عَمیً أفضی إلی صَمِّ الصِّماخِ. (1)
أخی! قَد طالَ لُبثُکَ فِی الفَسادِ وبِئسَ الزّادُ زادُکَ لِلمَعادِ
صَبا مِنکَ الفُؤادُ فَلَم تَزُعهُ وحِدتَ إلی مُتابَعَةِ الفُؤادِ
وقادَتکَ المَعاصی حَیثُ شاءَت فَأَلفَتکَ امرَأً سَلِسَ القِیادِ
لَقَد نودیتَ لِلتَّرحالِ فَاسمَع ولا تَتَصامَمَنَّ عَنِ المُنادی
کَفاکَ شَیبُ رَأسِکَ مِن نَذیرٍ وغالَبَ لَونُهُ لَونَ السَّوادِ.
تَزَحزَح مِن (1)مَهالِکِها بِجَهدٍ فَما أصغی إلَیها ذو نَفاذِ
لَقَد مُزِجَت حَلاوَتُها بِسَمٍّ فَما کَالحِذرِ مِنها مِن مَلاذِ
عَجِبتُ لِمُعجَبٍ بِنَعیمِ دُنیا ومَغبونٍ بِأَیّامِ اللِّذاذِ
ومُؤثِرٍ المُقامَ بِأَرضِ قَفرٍ عَلی بَلَدٍ خَصیبٍ ذی رَذاذٍ.
هَلِ الدُّنیا وما فیها جَمیعاً سِوی ظِلٍّ یَزولُ مَعَ النَّهارِ
تَفَکَّر أینَ أصحابُ السَّرایا (2) وأربابُ الصَّوافِنِ وَالعِشارِ (3)
وأینَ الأَعظَمونَ یَداً وبَأساً وأینَ السّابِقونَ لَدَی الفَخارِ
وأینَ القَرنُ مِنهُم بَعدَ قَرنٍ مِنَ الخُلَفاءِ وَالشُّمِّ الکِبارِ
کَأَن لَم یُخلَقوا ولَم یَکونوا وهَل حَیٌّ یُصانُ عَنِ البَوارِ. (4)
أیَغتَرُّ الفَتی بِالمالِ زَهواً وما فیها یَفوتُ مِنِ اعتِزازِ
ص:458
ویَطلُبُ دَولَةَ الدُّنیا جُنوناً ودَولَتُها مُحالَفَةُ المَخازی (1)
ونَحنُ وکُلُّ مَن فیها کَسَفرٍ دَنا مِنهَا الرَّحیلُ عَلَی الوِفازِ (2)
جَهِلناها کَأَن لَم نَختَبِرها عَلی طولِ التَّهانی وَالتَّعازی
ألَم نَعلَم بِأَن لا لَبثَ فیها ولا تَعریجَ غَیرَ الاِجتِیازِ.
أفِی السَّبَخاتِ (3)یا مَغبونُ تَبنی وما یُبقِی السِّباخُ عَلَی الأَساسِ
ذُنوبُکَ جَمَّةٌ تَتری عِظاماً ودَمعُکَ جامِدٌ وَالقَلبُ قاسِ
وأیّاماً عَصَیتَ اللّهَ فیها وقَد حُفِظَت عَلَیکَ وأنتَ ناسِ
وکَیفَ تُطیقُ یَومَ الدّینَ حَملاً لِأَوزارٍ کِبارٍ (4)کَالرَّواسی
هُوَ الیَومُ الَّذی لا وُدَّ فیهِ ولا نَسَبٌ ولا أحَدٌ مُواسِ.
عَظیمٌ هَولُهُ وَالنّاسُ فیهِ حَیاری مِثلَ مَبثوثِ الفَراشِ
ص:459
بِهِ یَتَغَیَّرُ الأَلوانُ یَوماً وتَصطَکُّ الفَرائِصُ (1)بِارتِعاشِ
هُنالِکَ کُلَّما قَدَّمتَ یَبدو فَعَیبُکَ ظاهِرٌ وَالسِّرُّ فاشِ
تَفَقَّد نَقصَ نَفسِکَ کُلَّ یَومٍ فَقَد أودی بِها طَلَبُ المَعاشِ
إلی کَم تَبتَغِی الشَّهَواتِ طَوراً (2) وطَوراً تَکتَسی لینَ الرِّیاشِ.
عَلَیکَ مِنَ الاُمورِ بِما یُؤَدّی إلی سُنَنِ (3)السَّلامَةِ وَالخَلاصِ
وما تَرجُو النَّجاةَ بِهِ وَشیکاً وفَوزاً یَومَ یُؤخَذُ بِالنَّواصی
فَلَستَ تَنالُ عَفوَ اللّهِ إلّا بِتَطهیرِ النُّفوسِ مِنَ المَعاصی
وبِرِّ المُؤمِنینَ بِکُلِّ رِفقٍ ونُصحٍ لِلأَدانی وَالأَقاصی
فَإِن تَرشُد (4)لِقَصدِ الخَیرِ تُفلِح وإن تَعدِل فَما لَکَ عَن مَناصِ.
وأصلُ الحَزمِ أن تُضحی وتُمسی ورَبُّکَ عَنکَ فِی الحالاتِ راضِ
ص:460
وأن تَعتاضَ بِالتَّخلیطِ رُشداً فَإِنَّ الرُّشدَ مِن خَیرِ اعتِیاضِ
فَدَع عَنکَ الَّذی یُغوی ویُردی ویورِثُ طولَ حُزنٍ وَارتِماضِ (1)
وخُذ بِاللَّیلِ حَظَّ النَّفسِ وَاطرُد عَنِ العَینَینِ مَحبوبَ الغِماضِ
فَإِنَّ الغافِلینَ ذَوِی التَّوانی نَظائِرُ لِلبَهائِمِ فِی الغِیاضِ.
کَفی بِالمَرءِ عاراً أن تَراهُ مِنَ الشَّأنِ الرَّفیعِ إلَی انحِطاطِ
عَلَی المَذمومِ مِن فِعلٍ حَریصاً عَنِ الخَیراتِ مُنقَطِعَ النَّشاطِ
یُشیرُ بِکَفِّهِ أمراً ونَهیاً إلَی الخُدّامِ مِن صَدرِ البِساطِ
یَری أنَّ المَعازِفَ وَالمَلاهی مُسَبِّبَةُ الجَوازِ عَلَی الصِّراطِ
لَقَد خابَ الشَّقِیُّ وضَلَّ عَجزاً وزالَ القَلبُ مِنهُ عَنِ النِّیاطِ. (2)
إذَا الإِنسانُ خانَ النَّفسَ مِنهُ فَما یَرجوهُ راجٍ لِلحِفاظِ
ولا وَرَعٌ لَدَیهِ ولا وَفاءٌ ولَا الإِصغاءُ نَحوَ الاِتِّعاظِ
وما زُهدُ التَّقِیِّ بِحَلقِ رَأسٍ ولا لُبسٌ بِأَثوابٍ غِلاظِ (3)
ص:461
ولکِن بِالهُدی قَولاً وفِعلاً وإدمانِ التَّخَشُّعِ فِی اللِّحاظِ
وبِالعَمَلِ الَّذی یُنجی ویُنمی ویوسِعُ لِلفِرارِ مِنَ الشُّواظِ. (1)
لِکُلِّ تَفَرُّقِ الدُّنیَا اجتِماعٌ وما بَعدَ المَنونِ مِنِ اجتِماعِ
فِراقٌ فاصِلٌ ونَویً (2)شَطونٌ (3) وشُغلٌ لایُلَبَّثُ لِلوَداعِ
وکُلُّ اخُوَّةٍ لابُدَّ یَوماً وإن طالَ الوِصالُ إلَی انقِطاعِ
وإنَّ مَتاعَ دُنیانا قَلیلٌ (4) وما یُجدی القَلیلُ مِنَ المَتاعِ
وصارَ قَلیلُها حَرِجاً عَسیراً نَشیبٌ بَینَ أنیابِ السِّباعِ.
فَلَم یَطلُب عُلُوَّ القَدرِ فیها وعِزَّ النَّفسِ إلّاکُلُّ طاغِ
وإن نالَ النُّفوسُ (5)مِنَ المَعالی فَلَیسَ لِنَیلِها طیبُ المَساغِ
إذا بَلَغَ امرُؤٌ عُلیاً وعِزّاً تَوَلّی وَاضمَحَلَّ مَعَ البَلاغِ
ص:462
کَقَصرٍ قَد تَهَدَّمَ حافَتاهُ إذا صارَ البِناءُ إلَی الفَراغِ
أقولُ وقَد رَأَیتُ مُلوکَ عَصرٍ (1) ألا لا یَبغِیَنَّ المُلکَ باغِ.
أأقصِدُ بِالمَلامَةِ قَصدَ غَیری وأمری کُلُّهُ بِادِی الخِلافِ
إذا عاشَ امرُؤٌ خَمسینَ عاماً ولَم یُرَ فیهِ آثارُ العَفافِ
فَلا یُرجی لَهُ أبداً رَشادٌ فَقَد أودی بِمُنیَتِهِ التَّجافی
وکَم (2)لا أبذُلُ الإِنصافَ مِنّی وأبلُغُ طاقَتی فِی الاِنتِصافِ
لِیَ الوَیلاتُ إن نَفَعَت عِظاتی سِوایَ ولَیسَ لی إلَّاالقَوافی.
ألا إنَّ السِّباقَ سِباقُ زُهدٍ وما فی غَیرِ ذلِکَ مِن سِباقِ
ویَفنی ما حَواهُ المُلکُ أصلاً وفِعلُ الخَیرِ عِندَ اللّهِ باقِ
سَتَألَفُکَ النَّدامَةُ عَن قَریبٍ وتَشهَقُ حَسرَةً یَومَ المَساقِ (3)
أتَدری أیَّ یَومٍ ذاکَ فَکِّر وأیقِن أنَّهُ یَومُ الفِراقِ
فِراقٌ لَیسَ یُشبِهُهُ فِراقٌ قَدِ انقَطَعَ الرَّجاءُ عَنِ التَّلاقی.
ص:463
عَجِبتُ لِذِی التَّجارِبِ کَیفَ یَسهو ویَتُلو اللَّهوَ بَعدَ الاِحتِناکِ (1)
ومُرتَهَنُ الفَضائِحِ وَالخَطایا یُقَصِّرُ فِی اجتِهادٍ لِلفَکاکِ
وموبِقُ (2)نَفسِهِ کَسَلاً وجَهلاً ومورِدُها مَخوفاتِ الهَلاکِ
بِتَجدیدِ المَآثِمِ کُلَّ یَومٍ وقَصدٍ لِلمَحارِمِ بِانتِهاکِ
سَیَعلَمُ حینَ تَفجَؤُهُ المَنایا ویَکنُفُ حَولَهُ جَمعُ البَواکی.
کَأَنَّ سُرورَهُ أمسی غُروراً وحَلَّ بِها مُلِمّاتُ الزَّوالِ
وعُرِّیَ عَن ثِیابٍ کانَ فیها واُلبِسَ بَعدَهُ ثَوبَ انتِقالِ
وبَعدَ رُکوبِهِ الأَفراسَ تَیهاً (3) یُهادی بَینَ أعناقِ الرِّجالِ
إلی قَبرٍ یُغادَرُ فیهِ فَرداً نَأی عَنهُ الأقاربُ والمَوالی (4)
تَخَلّی عَن مُوَرِّثِهِ ووَلّی ولَم تَحجُبهُ مَأثُرَةُ المَعالی
ص:464
یُبَذِّرُ (1)ما أصابَ ولا یُبالی أسُحتاً کانَ ذلِکَ أم حَلالا
أتَبخَلُ تائِهاً شَرِهاً بِمالٍ یَکونُ عَلَیکَ بَعدَ غَدٍ وَبالا (2)
فَما کانَ الَّذی عُقباهُ شَرٌّ وما کانَ الخَسیسُ لَدَیکَ مالا
تَوَخَّ مِنَ الاُمورِ فِعالَ خَیرٍ وأکمَلَها وأشرَفَها خِصالا
فَلا تَغتَرَّ بِالدُّنیا فَذَرها فَما یُسوی لَکَ الدُّنیا خِلالا. (3)
ولَم یَمرُر بِهِ یَومٌ فَظیعٌ أشَدُّ عَلَیهِ مِن یَومِ الحِمامِ
ویَومُ الحَشرِ أعظَمُ مِنهُ هَولاً إذا وَقَفَ الخَلائِقُ فِی المَقامِ
فَکَم مِن ظالِمٍ یَبقی ذَلیلاً ومَظلومٍ تَشَمَّرَ لِلخِصامِ
وشَخصٍ کانَ فِی الدُّنیا حَقیراً تَبَوَّأَ مَنزِلَ النُّجُبِ الکِرامِ
وعَفوُ اللّهِ أوسَعُ کُلِّ شَیءٍ تَعالَی اللّهُ خَلّاقُ الأَنامِ.
إلهٌ لا إلهَ لَنا سِواهُ رَؤوفٌ بِالبَرِیَّةِ ذُو امتِنانِ
اوَحِّدُهُ بِإِخلاصٍ وحَمدٍ وشُکرٍ بِالضَّمیرِ وبِاللِّسانِ
وأسأَلُهُ الرِّضا عَنّی فَإِنّی ظَلَمتُ النَّفسَ فی طَلَبِ الأَمانی
ص:465
وأفنَیتُ الحَیاةَ ولَم أصُنها وزُغتُ إلَی البَطالَةِ وَالتَّوانی
إلَیهِ أتوبُ مِن ذَنبی وجَهلی وإسرافی وخَلعی لِلعِنانِ.
فَإِنَّ اللّهَ تَوّابٌ رَحیمٌ وَلِیُّ قَبولِ تَوبَةِ کُلِّ غاوِ
اؤَمِّلُ أن یُعافِیَنی بِعَفوٍ ویُسخِنَ عَینَ إبلیسَ المُناوی
ویَنفَعَنی بِمَوعِظَتی وقَولی ویَنفَعَ کُلَّ مُستَمِعٍ وراوِ
ذُنوبی قَد کَوَت جَنبَیَّ کَیّاً ألا إنَّ الذُّنوبَ هِیَ المَکاوی
ولَیسَ لِمَن کَواهُ الذَّنبُ عَمداً سِوی عَفوِ المُهَیمِنِ مِن مُداوِ.
وَقَعنا فِی الخَطایا وَالبَلایا وفی زَمَنِ انتِقاصٍ وَاشتِباهِ
تَفانَی الخَیرُ وَالصُّلَحاءُ ذَلّوا وعَزَّ بِذُلِّهِم أهلُ السَّفاهِ
فَصارَ الحُرُّ لِلمَملوکِ عَبداً فَما لِلحُرِّ مِن قَدرٍ وجاهِ
وبادَ الآمِرونَ بِکُلِّ حَرفٍ (1) فَما عَن مُنکَرٍ فِی النّاسِ ناهِ
فَهذا شُغلُهُ طَمَعٌ وَجَمعٌ وهذا غَافِلٌ سَکرانُ لاهِ
وکُن بَشّاً کَریماً ذَا انبِساطٍ وفیمَن یَرتَجیکَ جَمیلَ رَأیِ
ص:466
وَصولاً غَیرَ مُحتَشِمٍ زَکِیّاً جَمیلَ السَّعیِ فی إنجازِ وَأیِ (1)
مُعیناً لِلأَرامِلِ وَالیَتامی أمینَ الجَنبِ (2)عَن قُربٍ ونَأیِ
بَعیداً عَن سَبیل الشَّرِّ سَمحاً نَقِیَّ الکَفِّ عَن عَیبٍ وثَأیِ (3)
تَلَقَّ مَواعِظی بِقَبولِ صِدقٍ تَفُز بِالأَمنِ عِندَ حُلولِ لَأیِ (4). (5)
تَمَّ بِعَونِ اللّهِ وحُسنِ تَوفیقِهِ،وَالحَمدُ للّهِ ِ رَبِّ العالَمینَ.
ص:467