سرشناسه:محمدی ری شهری، محمد، 1325 -
عنوان و نام پدیدآور:موسوعةالامام الحسین علیه السلام فی الکتاب والسنة والتاریخ [کتاب]/ محمد الری شهری، بمساعدة السیدمحمود الطباطبائی نژاد، السیدروح ا... السیدالطبائی ؛ التحقیق قسم تدوین السیره مرکز بحوث دارالحدیث.
مشخصات نشر:قم: موسسه دارالحدیث العلمیه والثقافیه، مرکز للطباعه والنشر، 1431 ق.-= 1389 -
مشخصات ظاهری:9 ج.
فروست:مرکز بحوث دارالحدیث؛ 244
شابک:650000 ریال : دوره : 978-964-493-519-0 ؛ 800000 ریال (دوره، چاپ دوم) ؛ ج.1 : 978-964-493-520-6 ؛ ج. 9 978-964-493-528-2 : ؛ ج.10 978-964-493-723-1 : ؛ ج.11 978-964-493-724-8 : ؛ ج.12 978-964-493-725-5 :
یادداشت:عربی.
یادداشت:ج.1 (چاپ دوم: 1433 ق.= 1391).
یادداشت:ج.10 - 12 (چاپ اول: 1434ق. = 1392)(فیپا).
یادداشت:کتابنامه.
موضوع:حسین بن علی (ع)، امام سوم، 4 - 61ق.
موضوع:واقعه کربلا، 61ق.
شناسه افزوده:طباطبائی نژاد، محمود، 1340 -
شناسه افزوده:سیدطبایی،سیدروح الله
شناسه افزوده:دارالحدیث. مرکز تحقیقات. قسم تدوین السیره
شناسه افزوده:موسسه علمی فرهنگی دارالحدیث. سازمان چاپ و نشر
رده بندی کنگره:BP41/4/م3435م8 1389
رده بندی دیویی:297/9534
شماره کتابشناسی ملی:2910922
ص :1
ص :2
بسم الله الرحمن الرحیم
ص :3
موسوعةالامام الحسین علیه السلام فی الکتاب والسنة والتاریخ
محمد الری شهری
بمساعدة السیدمحمود الطباطبائی نژاد، السیدروح ا... السیدالطبائی
التحقیق قسم تدوین السیره مرکز بحوث دارالحدیث.
ص :4
ص :5
ص :6
ص:7
ص:8
غایَةُ القَساوَةِ
1997.تاریخ الطبری عن أبی مخنف عن جعفر بن محمّد بن علیّ [الصّادق] علیه السّلام :سُلِبَ الحُسَینُ علیه السّلام ما کانَ عَلَیهِ،فَأَخَذَ سَراویلَهُ بَحرُ بنُ کَعبٍ،وأخَذَ قَیسُ بنُ الأَشعَثِ قَطیفَتَهُ (1)-وکانَت مِن خَزٍّ،وکانَ یُسَمّی بَعدُ قَیسَ قَطیفَةٍ-وأخَذَ نَعلَیهِ رَجُلٌ مِن بَنی أودٍ،یُقالُ لَهُ:الأَسوَدُ،وأخَذَ سَیفَهُ رَجُلٌ مِن بَنی نَهشَلِ بنِ دارِمٍ،فَوَقَعَ بَعدَ ذلِکَ إلی أهلِ حَبیبِ بنِ بُدَیلٍ. (2)
1998.تاریخ الطبری عن حُمید بن مسلم: إنَّ رَجُلاً مِن کِندَةَ،یُقالُ لَهُ:مالِکُ بنُ النُّسَیرِ مِن بَنی بَدّاءَ أتاهُ، فَضَرَبَهُ عَلی رَأسِهِ بِالسَّیفِ،وعَلَیهِ بُرنُسٌ لَهُ،فَقَطَعَ البُرنُسَ (3)وأصابَ السَّیفُ رَأسَهُ،فَأَدمی رَأسَهُ،فَامتَلَأَ البُرنُسُ دَماً.
فَقالَ لَهُ الحُسَینُ علیه السّلام:لا أکَلتَ بِها ولا شَرِبتَ،وحَشَرَکَ اللّهُ مَعَ الظّالِمینَ !
قالَ:فَأَلقی ذلِکَ البُرنُسَ،ثُمَّ دَعا بِقَلَنسُوَةٍ (4)،فَلَبِسَها وَاعتَمَّ وقَد أعیا
ص:9
وبَلَّدَ (1)،وجاءَ الکِندِیُّ حَتّی أخَذَ البُرنُسَ-وکانَ مِن خَزٍّ-فَلَمّا قَدِمَ بِهِ بَعدَ ذلِکَ عَلَی امرَأَتِهِ امِّ عَبدِ اللّهِ ابنَةِ الحُرِّ،اُختِ حُسَینِ بنِ الحُرِّ البَدِّیِّ،أقبَلَ یَغسِلُ البُرنُسَ مِنَ الدَّمِ.
فَقالَت لَهُ امرَأَتُهُ:أسَلَبَ ابنِ بِنتِ رَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله تُدخِلُ بَیتی؟! أخرِجهُ عَنّی.
فَذَکَرَ أصحابُهُ أنَّهُ لَم یَزَل فَقیراً بِشَرٍّ حَتّی ماتَ. (2)
1999.الطبقات الکبری (الطبقة الخامسة من الصحابة): لَمّا قُتِلَ الحُسَینُ علیه السّلام انتُهِبَ ثَقَلُهُ،فَأَخَذَ سَیفَهُ القَلانِسُ النَهشَلِیُّ،وأخَذَ سَیفاً آخَرَ جُمَیعُ بنُ الخلقِ الأَودِیُّ،وأخَذَ سَراویلَهُ بَحرُ-المَلعونُ-ابنُ کَعبٍ التَّمیمِیُّ،فَتَرَکَهُ مُجَرَّداً،وأخَذَ قَطیفَتَهُ قَیسُ بنُ الأَشعَثِ بنِ قَیسٍ الکِندِیُّ،فَکانَ یُقالُ لَهُ:قَیسُ قَطیفَةٍ،وأخَذَ نَعلَیهِ الأَسوَدُ بنُ خالِدٍ الأَودِیُّ، وأخَذَ عِمامَتَهُ جابِرُ بنُ یَزیدَ،وأخَذَ بُرنُسَهُ-وکانَ مِن خَزٍّ-مالِکُ بنُ بَشیرٍ الکِندِیُّ. (3)
2000. الإرشاد: ثُمَّ أقبَلوا عَلی سَلبِ الحُسَینِ علیه السّلام،فَأَخَذَ قَمیصَهُ إسحاقُ بنُ حَیوَةَ الحَضرَمِیُّ، وأخَذَ سَراویلَهُ أبجَرُ بنُ کَعبٍ،وأخَذَ عِمامَتَهُ أخنَسُ بنُ مَرثَدٍ،وأخَذَ سَیفَهُ رَجُلٌ مِن بَنی دارِمٍ،وَانتَهَبوا رَحلَهُ وإبِلَهُ وأثقالَهُ،وسَلَبوا نِساءَهُ. (4)
ص:10
2001.مثیر الأحزان: لَمّا قُتِلَ [الحُسَینُ علیه السّلام ] مالَ النّاسُ إلی سَلَبِهِ یَنهَبونَهُ،فَأَخَذَ قَطیفَتَهُ قَیسُ بنُ الأَشعَثِ،فَسُمِّیَ قَیسَ القَطیفَةِ،وأخَذَ عِمامَتَهُ جابِرُ بنُ یَزیدَ،وقیلَ:أخنَسُ بنُ مَرثَدِ بنِ عَلقَمَةَ الحَضرَمِیُّ،فَاعتَمَّ بِها،فَصارَ مَعتوهاً،وأخَذَ بُرنُسَهُ مالِکُ بنُ بَشیرٍ الکِندِیُّ،وکانَ مِن خَزٍّ،وأتَی امرَأَتَهُ،فَقالَت لَهُ:أسَلَبُ الحُسَینِ علیه السّلام یُدخَلُ بَیتی؟! وَاختَصَما.قیلَ:لَم یَزَل فَقیراً حَتّی هَلَکَ.
وأخَذَ قَمیصَهُ إسحاقُ بنُ حُوَیَّةَ،فَصارَ أبرَصَ.ورُوِیَ أنَّهُ وُجِدَ فِی القَمیصِ مِئَةٌ وبِضعَ عَشَرَ ما بَینَ رَمیَةٍ وطَعنَةٍ وضَربَةٍ.
قالَ الصّادِقُ علیه السّلام:وُجِدَ بِهِ ثَلاثٌ وثَلاثونَ طَعنَةً (1)وأربَعُ وثَلاثونَ ضَربَةً.
وأخَذَ دِرعَهُ البَتراءَ عُمَرُ بنُ سَعدٍ،وأخَذَ خاتَمَهُ بَجدَلُ بنُ سُلَیمٍ الکَلبِیُّ،وقَطَعَ إصبَعَهُ،وأخَذَ سَیفَهُ القُلافِسُ النَّهشَلِیُّ،وقیلَ:جُمَیعُ بنُ الحلقِ الأَودِیُّ. (2)
2002.الملهوف: ثُمَّ أقبَلوا عَلی سَلَبِ الحُسَینِ علیه السّلام،فَأَخَذَ قَمیصَهُ إسحاقُ بنُ حوبةَ (3)الحَضرَمِیُّ لَعَنَهُ اللّهُ،فَلَبِسَهُ،فَصارَ أبرَصَ،وَامتَعَطَ شَعرُهُ...وأخَذَ سَراویلَهُ بَحرُ بنُ کَعبٍ التَّیمِیُّ (4)لَعَنَهُ اللّهُ،ورُوِیَ أنَّهُ صارَ زَمِناً (5)مُقعَداً مِن رِجلَیهِ.
وأخَذَ عِمامَتَهُ أخنَسُ بنُ مَرثَدِ بنِ عَلقَمَةَ الحَضرَمِیُّ لَعَنَهُ اللّهُ،وقیلَ:جابِرُ بنُ یَزیدَ الأَودِیُّ لَعَنَهُ اللّهُ،فَاعتَمَّ بِها،فَصارَ مَعتوهاً،وأخَذَ نَعلَیهِ الأَسوَدُ بنُ خالِدٍ.
وأخَذَ خاتَمَهُ بَجدَلُ بنُ سُلَیمٍ الکَلبِیُّ لَعَنَهُ اللّهُ،فَقَطَعَ إصبَعَهُ علیه السّلام مَعَ الخاتَمِ،وهذا
ص:11
أخَذَهُ المُختارُ،فَقَطَعَ یَدَیهِ ورِجلَیهِ،وتَرَکَهُ یَتَشَحَّطُ (1)فی دَمِهِ حَتّی هَلَکَ.
وأخَذَ قَطیفَةً لَهُ علیه السّلام-کانَت مِن خَزٍّ-قَیسُ بنُ الأَشعَثِ لَعَنَهُ اللّهُ.
وأخَذَ دِرعَهُ البَتراءَ عُمَرُ بنُ سَعدٍ لَعَنَهُ اللّهُ،فَلَمّا قُتِلَ عُمَرُ بنُ سَعدٍ،وَهَبَهَا المُختارُ لِأَبی عَمرَةَ قاتِلِهِ.
وأخَذَ سَیفَهُ جُمَیعُ بنُ الخلقِ الأَودِیُّ (2)،وقیلَ:رَجُلٌ مِن بَنی تَمیمٍ،یُقالُ لَهُ:
الأَسوَدُ بنُ حَنظَلَةَ لَعَنَهُ اللّهُ.
وفی رِوایَةِ ابنِ سَعدٍ:أنَّهُ أخَذَ سَیفَهُ الفلافِسُ (3)النَّهشَلِیُّ،وزادَ مُحَمَّدُ بنُ زَکَرِیّا:
أنَّهُ وَقَعَ بَعدَ ذلِکَ إلی بِنتِ حَبیبِ بنِ بُدَیلٍ،وهذَا السَّیفُ المَنهوبُ لَیسَ بِذِی الفَقارِ؛ فَإِنَّ ذلِکَ کانَ مَذخوراً ومَصوناً مَعَ أمثالِهِ مِن ذَخائِرِ النُّبُوَّةِ وَالإِمامَةِ،وقَد نَقَلَ الرُّواةُ تَصدیقَ ما قُلناهُ وصورَةَ ما حَکَیناهُ. (4)
2003.مقتل الحسین علیه السّلام للخوارزمی: ثُمَّ تَقَدَّمَ الأَسوَدُ بنُ حَنظَلَةَ،فَأَخَذَ سَیفَهُ،وأخَذَ جَعوَنَةُ الحَضرَمِیُّ قَمیصَهُ،فَلَبِسَهُ فَصارَ أبرَصَ،وسَقَطَ شَعرُهُ...وأخَذَ سَراویلَهُ بَحیرُ بنُ عَمرٍو الجَرمِیُّ،فَصارَ زَمِناً مُقعَداً مِن رِجلَیهِ،وأخَذَ عِمامَتَهُ جابِرُ بنُ یَزیدَ الأَزدِیُّ، فَاعتَمَّ بِها،فَصارَ مَجذوماً،وأخَذَ مالِکُ بنُ نَسرٍ الکِندِیُّ دِرعَهُ،فَصار مَعتوهاً...
وأخَذَ قَیسُ بنُ الأَشعَثِ قَطیفَةً لِلحُسَینِ علیه السّلام کانَ یَجلِسُ عَلَیها،فَسُمِّیَ لِذلِکَ قَیسَ قَطیفَةٍ،وأخَذَ نَعلَیهِ رَجُلٌ مِنَ الأَزدِ،یُقالُ لَهُ:الأَسوَدُ....
وقالَ عُبَیدُ اللّهِ بنُ عَمّارٍ:رَأَیتُ عَلَی الحُسَینِ علیه السّلام سَراویلَ تَلمَعُ ساعَةَ قُتِلَ،فَجاءَ أبجَرُ بنُ کَعبٍ،فَسَلَبَهُ وتَرَکَهُ مُجَرَّداً،وذَکَرَ مُحَمَّدُ بنُ عَبدِ الرَّحمنِ:أنَّ یَدَی
ص:12
أبجَرَ بنِ کَعبٍ کانَتا یَنضَحانِ الدَّمَ فِی الشِّتاءِ،ویَیبَسانِ فِی الصَّیفِ کَأَنَّهُما عودٌ. (1)
2004.المناقب لابن شهرآشوب: سُلِبَ الحُسَینُ علیه السّلام ما کانَ عَلَیهِ،فَأَخَذَ عِمامَتَهُ جابِرُ بنُ یَزیدَ الأَزدِیُّ،وقَمیصَهُ إسحاقُ بنُ حُوَیٍّ،وثَوبَهُ جَعوَنَةُ بنُ حَوِیَّةَ الحَضرَمِیُّ،وقَطیفَتَهُ مِن خَزٍّ قَیسُ بنُ الأَشعَثِ الکِندِیُّ،وسَراویلَهُ بَحیرُ بنُ عُمَیرٍ الجَرمِیُّ،ویُقالُ:أخَذَ سَراویلَهُ أبحَرُ بنُ کَعبٍ التَّمیمِیُّ،وَالقَوسَ وَالحُلَلَ الرُّحَیلُ بنُ خَیثَمَةَ الجُعفِیُّ،وهانِئُ بنُ شَبیبٍ الحَضرَمِیُّ،وجَریرُ بنُ مَسعودٍ الحَضرَمِیُّ،ونَعلَیهِ الأَسوَدُ الأَوسِیُّ،وسَیفَهُ رَجُلٌ مِن بَنی نَهشَلٍ مِن بَنی دارِمٍ،ویُقالُ:الأَسوَدُ بنُ حَنظَلَةَ،فَأَحرَقَهُمُ المُختارُ بِالنّارِ. (2)
2005.المنتظم: انتَهَبوا سَلَبَهُ [أی سَلَبَ الحُسَینِ علیه السّلام ]،فَأَخَذَ قَیسُ بنُ الأَشعَثِ عِمامَتَهُ،وأخَذَ آخَرُ سَیفَهُ،وأخَذَ آخَرُ نَعلَیهِ،وآخَرُ سَراویلَهُ،ثُمَّ انتَهَبوا مالَهُ.
فَقالَ عُمَرُ (3)بنُ سَعدٍ:مَن أخَذَ شَیئاً فَلیَرُدَّهُ،فَما مِنهُم مَن رَدَّ شَیئاً. (4)
2006.تاریخ الطبری عن حُمید بن مسلم: ثُمَّ إنَّ عُمَرَ بنَ سَعدٍ نادی فی أصحابِهِ:مَن یَنتَدِبُ
ص:13
لِلحُسَینِ ویوطِئُهُ فَرَسَهُ؟
فَانتَدَبَ عَشَرَةٌ،مِنهُم:إسحاقُ بنُ حَیوَةَ الحَضرَمِیُّ،وهُوَ الَّذی سَلَبَ قَمیصَ الحُسَینِ علیه السّلام،فَبَرِصَ بَعدُ،وأحبَشُ بنُ مَرثَدِ بنِ عَلقَمَةَ بنِ سَلامَةَ الحَضرَمِیُّ،فَأَتَوا فَداسُوا الحُسَینَ علیه السّلام بِخُیولِهِم حَتّی رَضّوا ظَهرَهُ وصَدرَهُ،فَبَلَغَنی أنَّ أحبَشَ بنَ مَرثَدٍ بَعدَ ذلِکَ بِزَمانٍ أتاهُ سَهمُ غَربٍ (1)،وهُوَ واقِفٌ فی قِتالٍ،فَفَلَقَ قَلبَهُ،فَماتَ. (2)
2008.الإرشاد عن حُمَید بن مسلم: ونادی [عُمَرُ بنُ سَعدٍ] فی أصحابِهِ:مَن یَنتَدِبُ لِلحُسَینِ فَیوطِئَهُ فَرَسَهُ؟فَانتَدَبَ عَشَرَةٌ،مِنهُم:إسحاقُ بنُ حَیوَةَ،وأخنَسُ بنُ مَرثَدٍ،فَداسُوا الحُسَینَ علیه السّلام بِخُیولِهِم حَتّی رَضّوا ظَهرَهُ. (3)
2008. مقتل الحسین علیه السّلام للخوارزمی: ثُمَّ إنَّ عُمَرَ بنَ سَعدٍ نادی:مَن یَنتَدِبُ لِلحُسَینِ علیه السّلام فَیُوطِئَهُ فَرَسَهُ؟فَانتَدَبَ لَهُ عَشَرَةُ نَفرٍ،مِنهُم:إسحاقُ الحَضرَمِیُّ،ومِنهُم:الأَخنَسُ بنُ مَرثَدٍ الحَضرَمِیُّ،القائِلُ فی ذلِکَ:
نَحنُ رَضَضنَا الظَّهرَ بَعدَ الصَّدرِ
فَداسوا حُسَیناً علیه السّلام بِخُیولِهِم حَتّی رَضّوا صَدرَهُ وظَهرَهُ،فَسُئِلَ عَن ذلِکَ فَقالَ:
ص:14
هذا أمرُ الأَمیرِ عُبَیدِ اللّهِ. (1)
2009.الملهوف: ثُمَّ نادی عُمَرُ بنُ سَعدٍ فی أصحابِهِ:مَن یَنتَدِبُ لِلحُسَینِ علیه السّلام فَیُوطِئَ الخَیلَ ظَهرَهُ؟فَانتَدَبَ مِنهُم عَشَرَةٌ،وهُم:إسحاقُ بنُ حَوبَةَ الَّذی سَلَبَ الحُسَینَ علیه السّلام قَمیصَهُ، وأخنَسُ بنُ مَرثَدٍ،وحَکیمُ بنُ طُفَیلٍ السَّبیعِیُّ،وعُمَرُ بنُ صَبیحٍ الصَّیداوِیُّ،ورَجاءُ بنُ مُنقِذٍ العَبدِیُّ،وسالِمُ بنُ خَیثَمَةَ الجُعفِیُّ،وصالِحُ بنُ وَهبٍ الجُعفِیُّ،وواحِظُ بنُ غانِمٍ،وهانِئُ بنُ ثُبَیتٍ الحَضرَمِیُّ،واُسَیدُ بنُ مالِکٍ لَعَنَهُمُ اللّهُ،فَداسُوا الحُسَینَ علیه السّلام بِحَوافِرِ خَیلِهِم،حَتّی رَضّوا ظَهرَهُ وصَدرَهُ.
قالَ الرّاوی:وجاءَ هؤُلاءِ العَشَرَةُ حَتّی وَقَفوا عَلَی ابنِ زِیادٍ لَعَنَهُ اللّهُ،فَقالَ اسَیدُ بنُ مالِکٍ أحَدُ العَشَرَةِ:
نَحنُ رَضَضنَا الصَّدرَ بَعدَ الظَّهرِ بِکُلِّ یَعبوبٍ شَدیدِ الأَسرِ
فَقالَ ابنُ زِیادٍ لَعَنَهُ اللّهُ:مَن أنتُم؟قالوا:نَحنُ الَّذینَ وَطِئنا بِخُیولِنا ظَهرَ الحُسَینِ حَتّی طَحَنّا حَناجِرَ صَدرِهِ.
قالَ:فَأَمَرَ لَهُم بِجائِزَةٍ یَسیرَةٍ.
قالَ أبو عُمَرَ الزّاهِدُ:فَنَظَرنا إلی هؤُلاءِ العَشَرَةِ،فَوَجَدناهُم جَمیعاً أولادَ زِنیً، وهؤُلاءِ أخَذَهُمُ المُختارُ،فَشَدَّ أیدِیَهُم وأرجُلَهُم بِسِکَکِ الحَدیدِ،وأوطَأَ الخَیلَ ظُهورَهُم حَتّی هَلَکوا. (2)
2010. المناقب لابن شهرآشوب: انتَدَبَ [عُمَرُ بنُ سَعدٍ] عَشَرَةً،وهُم:إسحاقُ بنُ یَحیَی الحَضرَمِیُّ وهانِئُ بنُ ثُبَیتٍ الحَضرَمِیُّ،وأدلَمُ بنُ ناعِمٍ،وأسَدُ بنُ مالِکٍ،وَالحَکیمُ بنُ
ص:15
طُفَیلٍ الطّائِیُّ،وَالأَخنَسُ بنُ مَرثَدٍ،وعَمرُو بنُ صَبیحٍ المَذحِجِیُّ،ورَجاءُ بنُ مُنقِذٍ العَبدِیُّ،وصالِحُ بنُ وَهبٍ الیَزَنِیُّ،وسالِمُ بنُ خَیثَمَةَ الجُعفِیُّ،فَوَطِئوهُ بِخَیلِهِم. (1)
2011.تذکرة الخواصّ: قالَ عُمَرُ [بنُ سَعدٍ]:مَن یوطِئُ الخَیلَ صَدرَهُ؟فَأَوطَؤُوا الخَیلَ ظَهرَهُ وصَدرَهُ،ووَجَدوا فی ظَهرِهِ آثاراً سوداً،فَسَأَلوا عَنها،فَقیلَ:کانَ یَنقُلُ الطَّعامَ عَلی ظَهرِهِ فِی اللَّیلِ إلی مَساکِنِ (2)أهلِ المَدینَةِ. (3)
2012. مقاتل الطالبیّین: أمَرَ ابنُ زِیادٍ-لَعَنَهُ اللّهُ وغَضِبَ عَلَیهِ-أن یُوطَأَ صَدرُ الحُسَینِ علیه السّلام وظَهرُهُ وجَنبُهُ ووَجهُهُ،فَاُجرِیَتِ الخَیلُ عَلَیهِ. (4)
2013. المزار الکبیر -فی زِیارَةِ النّاحِیَةِ-:حَتّی نَکَسوکَ عَن جَوادِکَ،فَهَوَیتَ إلَی الأَرضِ جَریحاً،تَطَؤُکَ الخُیولُ بِحَوافِرِها،وتَعلوکَ الطُّغاةُ بِبَواتِرِها. (5)
2014. تاریخ الطبری عن أبی مخنف عن جعفر بن محمّد بن علیّ [الصّادق] علیه السّلام :مالَ النّاسُ عَلَی الوَرسِ (6)وَالحُلَلِ وَالإِبِلِ،وَانتَهَبوها.
قالَ:ومالَ النّاسُ عَلی نِساءِ الحُسَینِ علیه السّلام وثَقَلِهِ ومَتاعِهِ،فَإِن کانَتِ المَرأَةُ لَتُنازَعُ
ص:16
ثَوبَها عَن ظَهرِها حَتّی تُغلَبَ عَلَیهِ،فَیُذهَبَ بِهِ مِنها. (1)
2015. أنساب الأشراف: مالَ النّاسُ عَلَی الوَرسِ وَالحُلَلِ وَالإِبِلِ،فَانتَهَبوها،وأخَذَ الرُّحَیلُ بنُ زُهَیرٍ الجُعفِیُّ وجَریرُ بنُ مَسعودٍ الحَضرَمِیُّ واُسَیدُ بنُ مالِکٍ الحَضرَمِیُّ أکثَرَ تِلکَ الحُلَلِ وَالوَرسِ،وأخَذَ أبُو الجَنوبِ الجُعفِیُّ جَمَلاً کانَ یُستَقی عَلَیهِ الماءُ،وسَمّاهُ حُسَیناً ! !...
جاذَبُوا النِّساءَ مَلاحِفَهُنَّ عَن ظُهورِهِنَّ،فَمَنَعَ عُمَرُ بنُ سَعدٍ مِن ذلِکَ،فَأَمسَکوا. (2)
2016. الأخبار الطوال: ثُمَّ مالَ النّاسُ عَلی ذلِکَ الوَرسِ الَّذی کانَ أخَذَهُ مِنَ العیرِ (3)،وإلی ما فِی المَضارِبِ،فَانتَهَبوهُ. (4)
2017. البدایة والنهایة عن حمید بن مسلم: تَقاسَمَ النّاسُ ما کانَ مِن أموالِهِ وحَواصِلِهِ،وما فی خِبائِهِ حَتّی ما عَلَی النِّساءِ مِنَ الثِّیابِ الطّاهِرَةِ (5). (6)
2018. سیر أعلام النبلاء: اخِذَ ثَقَلُ الحُسَینِ علیه السّلام،وأخَذَ رَجُلٌ حُلِیَّ فاطِمَةَ بِنتِ الحُسَینِ علیه السّلام، وبَکی.
فَقالَت:لِمَ تَبکی؟فَقالَ:أأَسلُبُ بِنتَ رَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله،ولا أبکی؟
قالَت:فَدَعهُ ! قالَ:أخافُ أن یَأخُذَهُ غَیری ! (7)
ص:17
2019. الأمالی للصدوق عن فاطمة بنت الحسین علیه السّلام: دَخَلَتِ الغاغَةُ (1)عَلَینَا الفُسطاطَ،وأنَا جارِیَةٌ صَغیرَةٌ،وفی رِجلَیَّ خَلخالانِ مِن ذَهَبٍ،فَجَعَلَ رَجُلٌ یَفُضُّ الخَلخالَینِ مِن رِجلَیَّ، وهُوَ یَبکی.
فَقُلتُ:ما یُبکیکَ،یا عَدُوَّ اللّهِ؟فَقالَ:کَیفَ لا أبکی وأنَا أسلُبُ ابنَةَ رَسولِ اللّهِ؟
فَقُلتُ:لا تَسلُبنی !
قالَ:أخافُ أن یَجیءَ غَیری فَیَأخُذَهُ !
قالَت:وَانتَهَبوا ما فِی الأَبنِیَةِ حَتّی کانوا یَنزِعونَ المَلاحِفَ (2)عَن ظُهورِنا. (3)
2020.الردّ علی المتعصّب العنید: أخَذَ آخَرُ مِلحَفَةَ فاطِمَةَ بِنتِ الحُسَینِ علیه السّلام،وأخَذَ آخَرُ حُلِیَّها. (4)
2021.الملهوف: تَسابَقَ القَومُ عَلی نَهبِ بُیوتِ آلِ الرَّسولِ وقُرَّةِ عَینِ الزَّهراءِ البَتولِ،حَتّی جَعَلوا یَنتَزِعونَ مِلحَفَةَ المَرأَةِ عَن ظَهرِها،وخَرَجَ بَناتُ رَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله وحَریمُهُ یَتَساعَدنَ عَلَی البُکاءِ،ویَندُبنَ لِفِراقِ الحُماةِ وَالأَحِبّاءِ.
فَرَوی حُمَیدُ بنُ مُسلِمٍ،قالَ:رَأَیتُ امرَأَةً مِن بَنی بَکرِ بنِ وائِلٍ کانَت مَعَ زَوجِها فی أصحابِ عُمَرَ بنِ سَعدٍ،فَلَمّا رَأَتِ القَومَ قَدِ اقتَحَموا عَلی نِساءِ الحُسَینِ علیه السّلام فی فُسطاطِهِنَّ،وهُم یَسلُبونَهُنَّ،أخَذَت سَیفاً وأقبَلَت نَحوَ الفُسطاطِ،وقالَت:یا آلَ بَکرِ بنِ وائِلٍ،أتُسلَبُ بَناتُ رَسولِ اللّهِ؟! لا حُکمَ إلّاللّهِ ِ،یا لَثاراتِ رَسولِ اللّهِ ! فَأَخَذَها
ص:18
زَوجُها فَرَدَّها إلی رَحلِهِ. (1)
2022.مثیر الأحزان: ثُمَّ اشتَغَلوا بِنَهبِ عِیالِ الحُسَینِ علیه السّلام ونِسائِهِ،حَتّی تُسلَبُ المَرأَةُ مِقنَعَتَها مِن رَأسِها،أو خاتَمَها مِن إصبَعِها،أو قُرطَها مِن اذُنِها،وحِجلَها مِن رِجلِها.
وجاءَ رَجُلٌ مِن سِنبِسَ إلَی ابنَةِ الحُسَینِ علیه السّلام وَانتَزَعَ مِلحَفَتَها مِن رَأسِها،وبَقینَ عُرایا تُراوِجُهُنَّ (2)رِیاحُ النَّوائِبِ،وتَعبَثُ بِهِنَّ أکُفٌّ،قَد غَشِیَهُنَّ القَدَرُ النّازِلُ، وساوَرَهُنَّ الخَطبُ الهائِلُ....
ولَمّا رَأَتِ امرَأَةٌ مِن بَنی بَکرِ بنِ وائِلٍ وقَد تَوَزَّعوا سَلَبَ النِّساءِ،قالَت:یا آلَ بَکرٍ،أتُسلَبُ بَناتُ رَسولِ اللّهِ؟! لا حُکمَ إلَی اللّهِ (3)،یا لَثاراتِ المُصطَفی ! فَرَدَّها زَوجُها. (4)
2023.مقتل الحسین علیه السّلام للخوارزمی: أقبَلَ الأَعداءُ حَتّی أحدَقوا بِالخَیمَةِ،ومَعَهُم شِمرُ بنُ ذِی الجَوشَنِ،فَقالَ:اُدخُلوا فَاسلُبوا بِزَّتَهُنَّ. (5)
فَدَخَلَ القَومُ فَأَخَذوا کُلَّ ما کانَ بِالخَیمَةِ،حَتّی أفضَوا إلی قُرطٍ کانَ فی اذُنِ امِّ کُلثومٍ-اُختِ الحُسَینِ-فَأَخَذوهُ وخَرَموا اذُنَها،حَتّی کانَتِ المَرأَةُ لَتُنازَعُ ثَوبَها عَلی ظَهرِها حَتّی تُغلَبَ عَلَیهِ.
وأخَذَ قَیسُ بنُ الأَشعَثِ قَطیفَةً لِلحُسَینِ علیه السّلام کانَ یَجلِسُ عَلَیها،فَسُمِّیَ لِذلِکَ قَیسَ قَطیفَةٍ،وأخَذَ نَعلَیهِ رَجُلٌ مِنَ الأَزدِ،یُقالُ لَهُ:الأَسوَدُ،ثُمَّ مالَ النّاسُ عَلَی الوَرسِ وَالخَیلِ وَالإِبِلِ،فَانتَهَبوها. (6)
ص:19
2024.المناقب لابن شهرآشوب: قَصَدَ شِمرٌ إلَی الخِیامِ فَنَهَبوا ما وَجَدوا،حَتّی قُطِعَت اذُنُ امِّ کُلثومٍ لِحَلقَةٍ. (1)
2025.تاریخ الطبری عن حمید بن مسلم: انتَهَیتُ إلی عَلِیِّ بنِ الحُسَینِ بنِ عَلِیٍّ الأَصغَرِ علیهم السّلام،وهُوَ مُنبَسِطٌ عَلی فِراشٍ لَهُ،وهُوَ مَریضٌ،وإذا شِمرُ بنُ ذِی الجَوشَنِ فی رَجّالَةٍ مَعَهُ یَقولونَ:ألا نَقتُلُ هذا؟
قالَ:فَقُلتُ:سُبحانَ اللّهِ ! أنَقتُلُ الصِّبیانَ،إنَّما هذا صَبِیٌّ.
قالَ فَما زالَ ذلِکَ دَأبی أدفَعُ عَنهُ کُلَّ مَن جاءَ،حَتّی جاءَ عُمَرُ بنُ سَعدٍ،فَقالَ:ألا لا یَدخُلَنَّ بَیتَ هؤُلاءِ النِّسوَةِ أحَدٌ،ولا یَعرِضَنَّ لِهذَا الغُلامِ المَریضِ،ومَن أخَذَ مِن مَتاعِهِم شَیئاً فَلیَرُدَّهُ عَلَیهِم؛قالَ:فَوَ اللّهِ،ما رَدَّ أحَدٌ شَیئاً.
قالَ:فَقالَ عَلِیُّ بنُ الحُسَینِ علیه السّلام:جُزیتَ مِن رَجُلٍ خَیراً،فَوَ اللّهِ،لَقَد دَفَعَ اللّهُ عَنّی بِمَقالَتِکَ شَرّاً. (2)
2026.الإرشاد عن حمید بن مسلم: فَوَ اللّهِ،لَقَد کُنتُ أرَی المَرأَةَ مِن نِسائِهِ وبَناتِهِ وأهلِهِ تُنازَعُ ثَوبَها عَن ظَهرِها حَتّی تُغلَبَ عَلَیهِ،فَیُذهَبَ بِهِ مِنها،ثُمَّ انتَهَینا إلی عَلِیِّ بنِ الحُسَینِ علیه السّلام،وهُوَ مُنبَسِطٌ عَلی فِراشٍ،وهُوَ شَدیدُ المَرَضِ،ومَعَ شِمرٍ جَماعَةٌ مِنَ الرَّجّالَةِ.
فَقالوا لَهُ:ألا نَقتُلُ هذَا العَلیلَ؟فَقُلتُ:سُبحانَ اللّهِ ! أیُقتَلُ الصِّبیانُ؟إنَّما هُوَ
ص:20
صَبِیٌّ وإنَّهُ لِما بِهِ (1)،فَلَم أزَل حَتّی رَدَدتُهُم عَنهُ.
وجاءَ عُمَرُ بنُ سَعدٍ،فَصاحَ النِّساءُ فی وَجهِهِ وبَکَینَ،فَقالَ لِأَصحابِهِ:لا یَدخُل أحَدٌ مِنکُم بُیوتَ هؤُلاءِ النِّسوَةِ،ولا تَعَرَّضوا لِهذَا الغُلامِ المَریضِ،وسَأَلَتهُ النِّسوَةُ لِیَستَرجِعَ ما اخِذَ مِنهُنَّ لِیَتَسَتَّرنَ بِهِ،فَقالَ:مَن أخَذَ مِن مَتاعِهِنَّ شَیئاً فَلیَرُدَّهُ عَلَیهِنَّ، فَوَ اللّهِ،ما رَدَّ أحَدٌ مِنهُم شَیئاً،فَوَکَّلَ بِالفُسطاطِ وبُیوتِ النِّساءِ وعَلِیِّ بنِ الحُسَینِ علیه السّلام جَماعَةً مِمَّن کانوا مَعَهُ،وقالَ:اِحفَظوهُم لِئَلّا یَخرُجَ مِنهُم أحَدٌ،ولا تُسیؤُنَّ إلَیهِم. (2)
2027.المنتظم: أمَرَ [عُمَرُ بنُ سعَدٍ] بِقَتلِ عَلِیِّ بنِ الحُسَینِ علیه السّلام،فَوَقَعَت عَلَیهِ زَینَبُ علیها السّلام،وقالَت:
وَاللّهِ،لا یُقتَلُ حَتّی اقتَلَ،فَرَقَّ لَها وکَفَّ عَنهُ. (3)
2028.أخبار الدول وآثار الاُول: هَمَّ شِمرٌ المَلعونُ-عَلَیهِ ما یَستَحِقُّ مِنَ اللّهِ-بِقَتلِ عَلِیٍّ الأَصغَرِ بنِ الحُسَینِ علیه السّلام وهُوَ مَریضٌ،فَخَرَجَت إلَیهِ زَینَبُ بِنتُ عَلِیِّ بنِ أبی طالِبٍ علیه السّلام وقالَت:وَاللّهِ،لا یُقتَلُ حَتّی اقتَلَ،فَکَفَّ عَنهُ. (4)
2029.الملهوف: وجاءَت جارِیَةٌ مِن ناحِیَةِ خِیَمِ الحُسَینِ علیه السّلام،فَقالَ لَها رَجُلٌ:یا أمَةَ اللّهِ،إنَّ سَیِّدَکِ قُتِلَ.
قالَتِ الجارِیَةُ:فَأَسرَعتُ إلی سَیِّداتی وأنَا أصیحُ،فَقُمنَ فی وَجهی وصِحنَ....
ص:21
قالَ الرّاوی:ثُمَّ أخرَجُوا النِّساءَ مِنَ الخَیمَةِ،وأشعَلوا فیهَا النّارَ،فَخَرَجنَ حَواسِرَ مُسَلَّباتٍ حافِیاتٍ باکِیاتٍ،یَمشینَ سَبایا فی أسرِ الذِّلَّةِ. (1)
2030.مثیر الأحزان: خَرَجَ بَناتُ سَیِّدِ الأَنبِیاءِ وقُرَّةِ عَینِ الزَّهراءِ،حاسِراتٍ مُبدِیاتٍ لِلنِّیاحَةِ وَالعَویلِ،یَندُبنَ عَلَی الشَّبابِ وَالکُهولِ،واُضرِمَتِ النّارُ فِی الفُسطاطِ فَخَرَجنَ هارِباتٍ،وهُنَّ کَما قالَ الشّاعِرُ:
فَتَرَی الیَتامی صارِخینَ بِعَولَةٍ
2031.تاریخ الطبری عن عمّار الدهنیّ عن أبی جعفر [الباقر] علیه السّلام -فی بَیانِ إرسالِ عُبَیدِ اللّهِ أهلَ البَیتِ إلَی الشّامِ-:فَلَمّا قَدِموا عَلَیهِ [أی عَلی یَزیدَ لَعنَةُ اللّهِ عَلَیهِ] جَمَعَ مَن کانَ بِحَضرَتِهِ مِن أهلِ الشّامِ،ثُمَّ أدخَلوهُم،فَهَنَّؤُوهُ بِالفَتحِ. (2)
2032.تذکرة الخواصّ: إنَّهُ [أی یَزیدَ] استَدعَی ابنَ زِیادٍ إلَیهِ،وأعطاهُ أموالاً کَثیرَةً،وتُحَفاً عَظیمَةً،وقَرَّبَ مَجلِسَهُ،ورَفَعَ مَنزِلَتَهُ،وأدخَلَهُ عَلی نِسائِهِ،وجَعَلَهُ نَدیمَهُ،وسَکِرَ
ص:22
لَیلَةً،وقالَ لِلمُغَنّی غَنِّ،ثُمَّ قالَ یَزیدُ بَدیهِیّاً:
اِسقِنی شَربَةً تُرَوّی فُؤادی
2033.مروج الذهب: جَلَسَ [یَزیدُ] ذاتَ یَومٍ عَلی شَرابِهِ،وعَن یَمینِهِ ابنُ زِیادٍ وذلِکَ بَعدَ قَتلِ الحُسَینِ علیه السّلام،فَأَقبَلَ عَلی ساقیهِ،فَقالَ:
اِسقِنی شَربَةً تُرَوّی مُشاشی (1)
ثُمَّ أمَرَ المُغَنّینَ فَغَنّوا بِهِ. (2)
2034.الفتوح: لَمّا قُتِلَ الحُسَینُ علیه السّلام استَوسَقَ (3)العِراقانِ جَمیعاً لِعُبَیدِ اللّهِ بنِ زِیادٍ،وکانَتِ الکوفَةُ وَالبَصرَةُ لِابنِ زِیادٍ مِن قَبلِهِ.
قالَ:وأوصَلَهُ یَزیدُ بِأَلفِ ألفِ دِرهَمٍ جائِزَةً،فَدَعا عُبَیدُ اللّهِ بنُ زِیادٍ بِعَمرِو بنِ حُرَیثٍ المَخزومِیِّ،فَاستَخلَفَهُ عَلَی الکوفَةِ،ثُمَّ صارَ إلَی البَصرَةِ،فَاشتَری دارَ عَبدِ اللّهِ بنِ عُثمانَ الثَّقَفِیِّ ودارَ سُلَیمانَ بنِ عَلِیٍّ الهاشِمِیِّ الَّتی صارَت لِسُلیمانَ بنِ عَلِیٍّ بَعدَ ذلِکَ،فَهَدَمَهُما جَمیعاً ثُمَّ بَناهُما وأنفَقَ عَلَیهِما مالاً جَزیلاً،وسَمّاهُمَا الحَمراءَ وَالبَیضاءَ،فَکانَ یُشَتّی فِی الحَمراءِ ویُصَیِّفُ فِی البَیضاءِ،قالَ:
ثُمَّ عَلا أمرُهُ،وَارتَفَعَ قَدرُهُ،وَانتَشَرَ ذِکرُهُ،وبَذَلَ الأَموالَ،وَاصطَنَعَ الرِّجالَ،
ص:23
ومَدَحَتهُ الشُّعَراءُ. (1)
2035.تاریخ الطبری عن عوانة بن الحکم: لَمّا قَتَلَ عُبَیدُ اللّهِ بنُ زِیادٍ الحُسَینَ بنَ عَلِیٍّ علیه السّلام وجیءَ بِرَأسِهِ إلَیهِ،دَعا عَبدَ المَلِکِ بنَ أبِی الحارِثِ السُّلَمِیَّ،فَقالَ:اِنطَلِق حَتّی تَقدَمَ المَدینَةَ عَلی عَمرِو بنِ سَعیدِ بنِ العاصِ،فَبَشِّرهُ بِقَتلِ الحُسَینِ.وکانَ عَمرُو بنُ سَعیدِ بنِ العاصِ أمیرَ المَدینَةِ یَومَئِذٍ.
قالَ:فَذَهَبَ لِیَعتَلَّ لَهُ،فَزَجَرَهُ-وکانَ عُبَیدُ اللّهِ لا یُصطَلی بِنارِهِ (2)-فَقالَ:اِنطَلِق حَتّی تَأتِیَ المَدینَةَ،ولا یَسبِقُکَ الخَبَرُ،وأعطاهُ دَنانیرَ،وقالَ:لا تَعتَلَّ،وإن قامَت بِکَ راحِلَتُکَ فَاشتَرِ راحِلَةً.
قالَ عَبدُ المَلِکِ:فَقَدِمتُ المَدینَةَ،فَلَقِیَنی رَجُلٌ مِن قُرَیشٍ،فَقالَ:مَا الخَبَرُ؟ فَقُلتُ:الخَبَرُ عِندَ الأَمیرِ،فَقالَ: «إِنّا لِلّهِ وَ إِنّا إِلَیْهِ راجِعُونَ» ! قُتِلَ الحُسَینُ بنُ عَلِیٍّ علیه السّلام.
فَدَخَلتُ عَلی عَمرِو بنِ سَعیدٍ،فَقالَ:ما وَراءَکَ؟فَقُلتُ:ما سَرَّ الأَمیرَ،قُتِلَ الحُسَینُ بنُ عَلِیٍّ ! فَقالَ:نادِ بِقَتلِهِ،فَنادَیتُ بِقَتلِهِ،فَلَم أسمَع-وَاللّهِ-واعِیَةً قَطُّ مِثلَ واعِیَةِ نِساءِ بَنی هاشِمٍ فی دورِهِنَّ عَلَی الحُسَینِ علیه السّلام،فَقالَ عَمرُو بنُ سَعیدٍ وضَحِکَ:
عَجَّت نِساءُ بَنی زِیادٍ عَجَّةً کَعَجیجِ نِسوَتِنا غَداةَ الأَرنَبِ
وَالأَرنَبُ:وَقعَةٌ کانَت لِبَنی زُبَیدٍ عَلی بَنی زِیادٍ مِن بَنِی الحارِثِ بنِ کَعبٍ،مِن رَهطِ عَبد المدانِ،وهذَا البَیتُ لِعَمرِو بنِ مَعدیکَرِبَ.
ص:24
ثُمَّ قالَ عَمرٌو:هذِهِ واعِیَةٌ بِواعِیَةِ عُثمانَ بنِ عَفّانَ،ثُمَّ صَعِدَ المِنبَرَ،فَأَعلَمَ النّاسَ قَتلَهُ. (1)
2036.الکافی عن سالم عن أبی جعفر [الباقر] علیه السّلام :جُدِّدَت أربَعَةُ مَساجِدَ بِالکوفَةِ فَرَحاً لِقَتلِ الحُسَینِ علیه السّلام:مَسجِدُ الأَشعَثِ،ومَسجِدُ جَریرٍ،ومَسجِدُ سِماکٍ،ومَسجِدُ شَبَثِ بنِ رِبعِیٍّ. (2)
ص:25
ص:26
2037.الأمالی للمفید عن غیاث بن إبراهیم عن الصّادق جعفر بن محمّد علیه السّلام: أصبَحَت یَوماً امُّ سَلَمَةَ تَبکی،فَقیلَ لَها:مِمَّ بُکاؤُکِ؟
فَقالَت:لَقَد قُتِلَ ابنِیَ الحُسَینُ علیه السّلام اللَّیلَةَ،وذلِکَ أنَّنی ما رَأَیتُ رَسولَ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله مُنذُ قُبِضَ إلَّااللَّیلَةَ،فَرَأَیتُهُ شاحِباً (2)کَئیباً.
قالَت:فَقُلتُ:ما لی أراکَ یا رَسولَ اللّهِ شاحِباً کَئیباً؟
قالَ:«ما زِلتُ اللَّیلَةَ أحفِرُ قُبوراً لِلحُسَینِ وأصحابِهِ علیهم السّلام». (3)
ص:27
2038.سنن الترمذی عن سلمی: دَخَلتُ عَلی امِّ سَلمی (1)وهِیَ تَبکی،فَقُلتُ:مَا یُبکیکِ؟قالَت:
رَأَیتُ رَسولَ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله-تَعنی فِی المَنامِ-وعَلی رَأسِهِ ولِحیَتِهِ التُّرابُ.
فَقُلتُ:مالَکَ یا رَسولَ اللّهِ؟قالَ:«شَهِدتُ قَتلَ الحُسَینِ آنِفاً». (2)
2039.مقتل الحسین علیه السّلام للخوارزمی: إنَّ سَلمَی المَدَنِیَّةَ،قالَت:دَفَعَ رَسولُ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله إلی امِّ سَلَمَةَ قارورَةً فیها رَملٌ مِنَ الطَّفِّ،وقالَ لَها:إذا تَحَوَّلَ هذا دَماً عَبیطاً (3)فَعِندَ ذلِکَ یُقتَلُ الحُسَینُ.
قالَت سَلمی:فَارتَفَعَت واعِیَةٌ (4)مِن حُجرَةِ امِّ سَلَمَةَ،فَکُنتُ أوَّلَ مَن أتاها،فَقُلتُ لَها:ما دَهاکِ یا امَّ المُؤمِنینَ؟قالَت:رَأَیتُ رَسولَ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله فِی المَنامِ وَالتُّرابُ عَلی رَأسِهِ،فَقُلتُ:ما لَکَ؟
قالَ:«وَثَبَ النّاسُ عَلَی ابنی فَقَتَلوهُ،وقَد شَهِدتُهُ قَتیلاً السّاعَةَ».
فَاقشَعَرَّ جِلدی،وَانتَبَهتُ وقُمتُ إلَی القارورَةِ،فَوَجَدتُها تَفورُ دَماً،قالَت سَلمی:
ورَأَیتُها مَوضوعَةً بَینَ یَدَیها. (5)
2040.شرح الأخبار عن امّ سلمة: رَأَیتُ النَّبِیَّ صلّی اللّه علیه و آله فی مَنامی یَبکی،فَقُلتُ:یا رَسولَ اللّهِ،ما یُبکیکَ؟
ص:28
قالَ:قُتِلَ ابنِیَ الحُسَینُ. (1)
2041.الثاقب فی المناقب عن الباقر علیه السّلام: لَمّا أرادَ الحُسَینُ علیه السّلام الخُروجَ إلَی العِراقِ بَعَثَت إلَیهِ امُّ سَلَمَةَ رَضِیَ اللّهُ عَنها-وهِیَ الَّتی کانَت رَبَّتهُ،وکانَ أحَبَّ النّاسِ إلَیها،وکانَت أرَقَّ النّاسِ عَلَیهِ،وکانَت تُربَةُ الحُسَینِ علیه السّلام عِندَها فی قارورَةٍ دَفَعَها إلَیها رَسولُ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله- فَقالَت:یا بُنَیَّ،أتُریدُ أن تَخرُجَ؟
فَقالَ لَها:یا امَّه،اُریدُ أن أخرُجَ إلَی العِراقِ.
فَقالَت:إنّی اذَکِّرُکَ اللّهَ تَعالی أن تَخرُجَ إلَی العِراقِ.
قالَ:ولِمَ ذلِکِ یا امَّه؟
قالَت:سَمِعتُ رَسولَ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله یَقولُ:«یُقتَلُ ابنِیَ الحُسَینُ بِالعِراقِ»،وعِندی یا بُنَیَّ تُربَتُکَ فی قارورَةٍ مَختومَةٍ دَفَعَها إلَیَّ رَسولُ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله.
فَقال:یا امّاه،وَاللّهِ،إنّی لَمَقتولٌ،وإنّی لا أفِرُّ مِنَ القَدَرِ وَالمَقدورِ،وَالقَضاءِ المَحتومِ،وَالأَمرِ الواجِبِ مِنَ اللّهِ تَعالی.
فَقالَت:وا عَجَباه ! فَأَینَ تَذهَبُ وأنتَ مَقتولٌ؟
فَقالَ:یا امَّه،إن لَم أذهَبِ الیَومَ ذَهَبتُ غَداً،وإن لَم أذهَب غَداً لَذَهَبتُ بَعدَ غَدٍ، وما مِنَ المَوتِ-وَاللّهِ یا امَّه-بُدٌّ،وإنّی لَأَعرِفُ الیَومَ وَالمَوضِعَ الَّذی اقتَلُ فیهِ، وَالسّاعَةَ الَّتی اقتَلُ فیها،وَالحُفرَةَ الَّتی ادفَنُ فیها،کَما أعرِفُکِ،وأنظُرُ إلَیها کَما أنظُرُ إلَیکِ.
قالَت:قَد رَأَیتَها؟قالَ:إن أحبَبتِ أن ارِیَکِ مَضجَعی ومَکانی ومَکانَ أصحابی فَعَلتُ.
ص:29
فَقالَت:قَد شِئتُها.فَما زادَ أن تَکَلَّمَ بِسمِ اللّهِ،فَخَفِضَت لَهُ الأَرضُ حَتّی أراها مَضجَعَهُ،ومَکانَهُ ومَکانَ أصحابِهِ،وأعطاها مِن تِلکَ التُّربَةِ،فَخَلَطَتها مَعَ التُّربَةِ الَّتی کانَت عِندَها،ثُمَّ خَرَجَ الحُسَینُ علیه السّلام،وقَد قالَ لَها:إنّی مَقتولٌ یَومَ عاشوراءَ.
فَلَمّا کانَت تِلکَ اللَّیلَةُ الَّتی صَبیحَتَها قُتِلَ الحُسَینُ بنُ عَلِیٍّ علیه السّلام فیها،أتاها رَسولُ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله فِی المَنامِ أشعَثَ (1)باکِیاً مُغبَرّاً.فَقالَت:یا رَسولَ اللّهِ،ما لی أراکَ باکِیاً مُغبَرّاً أشعَثَ؟
فَقالَ:«دَفَنتُ ابنِیَ الحُسَینَ علیه السّلام وأصحابَهُ السّاعَةَ».
فَانتَبَهَت امُّ سَلَمَةَ رَضِیَ اللّهُ عَنها،فَصَرَخَت بِأَعلی صَوتِها،فَقالَت:وَا ابناه ! فَاجتَمَعَ أهلُ المَدینَةِ،وقالوا لَها:مَا الَّذی دَهاکِ؟
فَقالَت:قُتِلَ ابنِیَ الحُسَینُ بنُ عَلِیٍّ علیه السّلام.فَقالوا لَها:وما عِلمُکِ بِذلِکِ؟
قالَت:أتانی فِی المَنامِ رَسولُ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله باکِیاً أشعَثَ أغبَرَ،فَأَخبَرَنی أنَّهُ دَفَنَ الحُسَینَ وأصحابَهُ السّاعَةَ.
فَقالوا:أضغاثُ أحلامٍ،قالَت:مَکانَکُم ! فَإِنَّ عِندی تُربَةَ الحُسَینِ علیه السّلام،فَأَخرَجَت لَهُمُ القارورَةَ،فَإِذا هِیَ دَمٌ عَبیطٌ. (2)
2042.الخرائج والجرائح -فی ذِکرِ مُعجِزاتِ الإِمامِ الحُسَینِ علیه السّلام-:إنَّهُ علیه السّلام لَمّا أرادَ العِراقَ قالَت لَهُ امُّ سَلَمَةَ:لا تَخرُج إلَی العِراقِ،فَقَد سَمِعتُ رَسولَ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله یَقولُ:«یُقتَلُ ابنِیَ
ص:30
الحُسَینُ بِأَرضِ العِراقِ»،وعِندی تُربَةٌ دَفَعَها إلَیَّ فی قارورَةٍ.
فَقالَ:وَاللّهِ،إنّی مَقتولٌ کَذلِکَ،وإن لَم أخرُج إلَی العِراقِ یَقتُلونَنی أیضاً،وإن أحبَبتِ أن ارِیَکِ مَضجَعی ومَصرَعَ أصحابی،ثُمَّ مَسَحَ بِیَدِهِ عَلی وَجهِها،فَفَسَحَ اللّهُ فی بَصَرِها حَتّی أراها ذلِکَ کُلَّهُ،وأخَذَ تُربَةً،فَأَعطاها مِن تِلکَ التُّربَةِ أیضاً فی قارورَةٍ اخری،وقالَ علیه السّلام:فَإِذا فاضَتا دَماً فَاعلَمی أنّی قَد قُتِلتُ.
فَقالَت امُّ سَلَمَةَ:فَلَمّا کانَ یَومُ عاشوراءَ نَظَرتُ إلَی القارورَتَینِ بَعدَ الظُّهرِ،فَإِذا هُما قَد فاضَتا دَماً،فَصاحَت. (1)
2043.الإرشاد عن امّ سلمة: خَرَجَ رَسولُ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله مِن عِندِنا ذاتَ لَیلَةٍ،فَغابَ عَنّا طَویلاً،ثُمَّ جاءَنا وهُوَ أشعَثُ أغبَرُ،ویَدُهُ مَضمومَةٌ،فَقُلتُ:یا رَسولَ اللّهِ ! ما لی أراکَ شَعِثاً مُغبَرّاً؟
فَقالَ:«اُسرِیَ بی فی هذَا الوَقتِ إلی مَوضِعٍ مِنَ العِراقِ یُقالُ لَهُ کَربَلاءُ،فَاُریتُ فیهِ مَصرَعَ الحُسَینِ ابنی وجَماعَةٍ مِن وُلدی وأهلِ بَیتی،فَلَم أزَل ألقُطُ دِماءَهُم،فَها هِیَ فی یَدی»،وبَسَطَها إلَیَّ،فَقالَ:«خُذیها وَاحتَفِظی بِها»،فَأَخَذتُها،فَإِذا هِیَ شِبهُ تُرابٍ أحمَرَ،فَوَضَعتُهُ فی قارورَةٍ،وسَدَدتُ رَأسَها،وَاحتَفَظتُ بِهِ.
فَلَمّا خَرَجَ الحُسَینُ علیه السّلام مِن مَکَّةَ مُتَوَجِّهاً نَحوَ العِراقِ،کُنتُ اخرِجُ تِلکَ القارورَةَ فی کُلِّ یَومٍ ولَیلَةٍ،فَأَشُمُّها،وأنظُرُ إلَیها،ثُمَّ أبکی لِمُصابِهِ،فَلَمّا کانَ فِی الیَومِ العاشِرِ مِنَ المُحَرَّمِ-وهُوَ الیَومُ الَّذی قُتِلَ فیهِ علیه السّلام-أخرَجتُها فی أوَّلِ النَّهارِ،وهِیَ بِحالِها،ثُمَّ عُدتُ إلَیها آخِرَ النَّهارِ،فَإِذا هِیَ دَمٌ عَبیطٌ،فَصِحتُ فی بَیتی وبَکَیتُ،وکَظَمتُ غَیظی؛مَخافَةَ أن یَسمَعَ أعداؤُهُم بِالمَدینَةِ،فَیُسرِعوا بِالشَّماتَةِ،فَلَم أزَل حافِظَةً
ص:31
لِلوَقتِ حَتّی جاءَ النّاعی یَنعاهُ،فَحُقِّقَ ما رَأَیتُ. (1)
2044.مقتل الحسین علیه السّلام للخوارزمی عن امّ سلمة: جاءَ جَبرَئیلُ إلَی النَّبِیِّ صلّی اللّه علیه و آله فَقالَ:إنَّ امَّتَکَ تَقتُلُهُ- یَعنِی الحُسَینَ-بَعدَکَ،ثُمَّ قالَ لَهُ:ألا اریکَ مِن تُربَةِ مَقتَلِهِ؟قالَ:نَعَم،فَجاءَ بِحَصَیاتٍ،فَجَعَلَهُنَّ رَسولُ اللّهِ فی قارورَةٍ،فَلَمّا کانَت لَیلَةُ قَتلِ الحُسَینِ علیه السّلام،قالَت امُّ سَلَمَةَ:سَمِعتُ قائِلاً یَقولُ:
أیُّهَا القاتِلونَ جَهلاً حُسَیناً
قالَت:فَبَکَیتُ،فَفَتَحتُ القارورَةَ،فَإِذا قَد حَدَثَ فیها دَمٌ. (2)
2045.الأمالی للطوسی عن عبد اللّه بن عبّاس: بَینا أنَا راقِدٌ فی مَنزِلی إذ سَمِعتُ صُراخاً عَظیماً عالِیاً مِن بَیتِ امِّ سَلَمَةَ زَوجِ النَّبِیِّ صلّی اللّه علیه و آله،فَخَرَجتُ یَتَوَجَّهُ بی قائِدی إلی مَنزِلِها،وأقبَلَ أهلُ المَدینَةِ إلَیهَا الرِّجالُ وَالنِّساءُ،فَلَمَّا انتَهَیتُ إلَیها قُلتُ:یا امَّ المُؤمِنینَ،ما بالُکِ تَصرُخینَ وتَغوثینَ؟فَلَم تُجِبنی،وأقبَلَت عَلَی النِّسوَةِ الهاشِمِیّاتِ،وقالَت:یا بَناتِ عَبدِ المُطَّلِبِ،أسعِدنَنی (3)وَابکینَ مَعی،فَقَد-وَاللّهِ-قُتِلَ سَیِّدُکُنَّ وسَیِّدُ شَبابِ أهلِ الجَنَّةِ،قَد-وَاللّهِ-قُتِلَ سِبطُ رَسولِ اللّهِ ورَیحانَتُهُ الحُسَینُ علیه السّلام.
فَقیلَ:یا امَّ المُؤمِنینَ،ومِن أینَ عَلِمتِ ذلِکِ؟قالَت:رَأَیتُ رَسولَ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله فِی
ص:32
المَنامِ السّاعَةَ شَعِثاً مَذعوراً،فَسَأَلتُهُ عَن شَأنِهِ ذلِکَ،فَقالَ:«قُتِلَ ابنِیَ الحُسَینُ وأهلُ بَیتِهِ الیَومَ،فَدَفَنتُهُم،وَالسّاعَةَ فَرَغتُ مِن دَفنِهِم».
قالَت:فَقُمتُ حَتّی دَخَلتُ البَیتَ وأنَا لا أکادُ أن أعقِلَ،فَنَظَرتُ فَإِذا بِتُربَةِ الحُسَینِ علیه السّلام الَّتی أتی بِها جَبرَئیلُ مِن کَربَلاءَ،فَقالَ:إذا صارَت هذِهِ التُّربَةُ دَماً فَقَد قُتِلَ ابنُکِ،وأعطانیهَا النَّبِیُّ صلّی اللّه علیه و آله،فَقالَ:«اِجعَلی هذِهِ التُّربَةَ فی زُجاجَةٍ-أو قالَ:فی قارورَةٍ-وَلتَکُن عِندَکِ،فَإِذا صارَت دَماً عَبیطاً فَقَد قُتِلَ الحُسَینُ»،فَرَأَیتُ القارورَةَ الآنَ وقَد صارَت دَماً عَبیطاً تَفورُ.
قالَ:وأخَذَت امُّ سَلَمَةَ مِن ذلِکَ الدَّمِ،فَلَطَّخَت بِهِ وَجهَها،وجَعَلَت ذلِکَ الیَومَ مَأتَماً ومَناحَةً عَلَی الحُسَینِ علیه السّلام،فَجاءَتِ الرُّکبانِ بِخَبَرِهِ،وأنَّهُ قَد قُتِلَ فی ذلِکَ الیَومِ. (1)
2046.مثیر الأحزان عن عائشة: دَخَلَ الحُسَینُ علیه السّلام عَلَی النَّبِیِّ صلّی اللّه علیه و آله وهُوَ غُلامٌ یَدرُجُ (2).فَقالَ:أی عائِشَةُ ! ألا اعَجِّبُکِ؟لَقَد دَخَلَ عَلَیَّ آنِفاً مَلَکٌ ما دَخَلَ عَلَیَّ قَطُّ،فَقالَ:«إنَّ ابنَکَ هذا مَقتولٌ،وإن شِئتَ أرَیتُکَ مِن تُربَتِهِ الَّتی یُقتَلُ بِها»،فَتَناوَلَ تُراباً أحمَرَ،فَأَخَذَتهُ امُّ سَلَمَةَ،فَخَزَنَتهُ فی قارورَةٍ،فَأَخرَجَتهُ یَومَ قُتِلَ وهُوَ دَمٌ. (3)
راجع:ج 2 ص 269 (القسم السادس/الفصل الثانی/ إنباء النبیّ صلّی اللّه علیه و آله بشهادة الحسین علیه السّلام ).
ص:33
2047.مسند ابن حنبل عن ابن عبّاس: رَأَیتُ النَّبِیَّ صلّی اللّه علیه و آله فیما یَرَی النّائِمُ بِنِصفِ النَّهارِ،وهُوَ قائِمٌ أشعَثُ أغبَرُ،بِیَدِهِ قارورَةٌ فیها دَمٌ،فَقُلتُ:بِأَبی أنتَ واُمّی یا رَسولَ اللّهِ،ما هذا؟
قالَ:«هذا دَمُ الحُسَینِ وأصحابِهِ،لَم أزَل ألتَقِطُهُ مُنذُ الیَومِ»،فَأَحصَینا ذلِکَ الیَومَ، فَوَجَدوهُ قُتِلَ فی ذلِکَ الیَومِ. (1)
2048.تاریخ دمشق عن علیّ بن زید بن جدعان: استَیقَظَ ابنُ عَبّاسٍ مِن نَومِهِ فَاستَرجَعَ وقالَ:قُتِلَ الحُسَینُ وَاللّهِ.
فَقالَ لَهُ أصحابُهُ:کَلّا یَابنَ عَبّاسٍ کَلّا ! قالَ:رَأَیتُ رَسولَ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله ومَعَهُ زُجاجَةٌ مِن دَمٍ،فَقالَ:«ألا تَعلَمُ ما صَنَعَت امَّتی مِن بَعدی؟قَتَلُوا ابنِیَ الحُسَینَ،وهذا دَمُهُ ودَمُ أصحابِهِ،أرفَعُها إلَی اللّهِ عز و جل».
قالَ:فَکُتِبَ ذلِکَ الیَومُ الَّذی قالَ فیهِ وتِلکَ السّاعَةُ،قالَ:فَما لَبِثوا إلّاأربَعَةً وعِشرینَ یَوماً حَتّی جاءَهُمُ الخَبَرُ بِالمَدینَةِ،أنَّهُ قُتِلَ ذلِکَ الیَومَ وتِلکَ السّاعَةَ. (2)
ص:34
2049.الأمالی للطوسی عن ابن عبّاس: فَلَمّا کانَتِ اللَّیلَةُ [أیِ الَّتی قُتِلَ فی صَبیحَتِهَا الحُسَینُ علیه السّلام ] رَأَیتُ رَسولَ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله فی مَنامی أغبَرَ أشعَثَ،فَذَکَرتُ لَهُ ذلِکَ،وسَأَلتُهُ عَن شَأنِهِ.
فَقالَ لی:«ألَم تَعلَم (1)أنّی فَرَغتُ مِن دَفنِ الحُسَینِ وأصحابِهِ؟». (2)
2050.المناقب لابن شهر آشوب :فی أثَرِ ابنِ عَبّاسٍ [أنَّهُ] رَأَی النَّبِیَّ فی مَنامِهِ بَعدَما قُتِلَ الحُسَینُ علیه السّلام،وهُوَ مُغبَرُّ الوَجهِ،حافِی القَدَمَینِ،باکِی العَینَینِ،وقَد ضَمَّ حُجَزَ قَمیصِهِ إلی نَفسِهِ،وهُوَ یَقرَأُ هذِهِ الآیَةَ (3)،وقالَ:إنّی مَضَیتُ إلی کَربَلاءَ،وَالتَقَطتُ دَمَ الحُسَینِ مِنَ الأَرضِ،وهُوَ ذا فی حِجری،وأنَا ماضٍ اخاصِمُهُم بَینَ یَدَی رَبّی. (4)
2051.السنن الکبری عن أبی قبیل: لَمّا قُتِلَ الحُسَینُ بنُ عَلِیٍّ علیه السّلام کَسَفَتِ الشَّمسُ کَسفَةً بَدَتِ الکَواکِبُ نِصفَ النَّهارِ،حَتّی ظَنَنّا أنَّها هِیَ (5). 6
ص:35
2052.تاریخ دمشق عن خلیفة: لَمّا قُتِلَ الحُسَینُ علیه السّلام اسوَدَّتِ السَّماءُ،وظَهَرَتِ الکَواکِبُ نَهاراً، حَتّی رَأَیتُ الجَوزاءَ (1)عِندَ العَصرِ،وسَقَطَ التُّرابُ الأَحمَرُ. (2)
2053.المناقب لابن شهر آشوب عن أبی مخنف: لَمّا قُتِلَ الحُسَینُ علیه السّلام صارَ الوِرسُ (3)دَماً،وَانکَسَفَتِ الشَّمسُ إلی ثَلاثَةِ أسباتٍ (4)،وما فِی الأَرضِ حَجَرٌ إلّاوتَحتَهُ دَمٌ. (5)
2054.الملهوف -فی ذِکرِ ما حَدَثَ عِندَ استِشهادِ الحُسَینِ علیه السّلام-:وَارتَفَعَت فِی السَّماءِ فی ذلِکَ الوَقتِ غَبَرَةٌ شَدیدَةٌ سَوداءُ مُظلِمَةٌ،فیها ریحٌ حَمراءُ،لا یُری فیها عَینٌ ولا أثَرٌ،حَتّی ظَنَّ القَومُ أنَّ العَذابَ قَد جاءَهُم،فَلَبِثوا کَذلِکَ ساعَةً،ثُمَّ انجَلَت عَنهُم. (6)
2055.الحدائق الوردیّة -أیضاً-:اِرتَفَعَت غَبَرَةٌ شَدیدَةٌ سَوداءُ،فَظَنَّ القَومُ أنَّ العَذابَ قَد أتاهُم،ثُمَّ انجَلَت عَنهُم. (7)
ص:36
2056.کامل الزیارات عن داوود بن فرقد عن أبی عبد اللّه [الصادق] علیه السّلام :اِحمَرَّتِ السَّماءُ حینَ قُتِلَ الحُسَینُ علیه السّلام سَنَةً،و [عَلی] (1)یَحیَی بنِ زَکَرِیّا علیه السّلام،وحُمرَتُها بُکاؤُها. (2)
2057.کامل الزیارات عن أبی بصیر عن أبی عبد اللّه [الصادق] علیه السّلام :إنَّ الحُسَینَ علیه السّلام بَکی لِقَتلِهِ السَّماءُ وَالأَرضُ وَاحمَرَّتا،ولَم تَبکِیا عَلی أحَدٍ قَطُّ،إلّاعَلی یَحیَی بنِ زَکَرِیّا وَالحُسَینِ بنِ عَلِیٍّ علیهما السّلام. (3)
2058.کامل الزیارات عن زرارة عن أبی عبد اللّه [الصادق] علیه السّلام :إنَّ السَّماءَ بَکَت عَلَی الحُسَینِ علیه السّلام أربَعینَ صَباحاً بِالدَّمِ،وإنَّ الأَرضَ بَکَت أربَعینَ صَباحاً بِالسَّوادِ،وإنَّ الشَّمسَ بَکَت أربَعینَ صَباحاً بِالکُسوفِ وَالحُمرَةِ. (4)
2059.کامل الزیارات عن عبد اللّه بن هلال عن أبی عبد اللّه [الصادق] علیه السّلام،قال: سَمِعتُهُ یَقولُ:إنَّ السَّماءَ بَکَت عَلَی الحُسَینِ بنِ عَلِیٍّ ویَحیَی بنِ زَکَرِیّا علیهما السّلام،ولَم تَبکِ عَلی أحَدٍ غَیرِهِما.
قُلتُ:وما بُکاؤُها؟
قالَ:مَکَثوا أربَعینَ یَوماً تَطلُعُ الشَّمسُ بِحُمرَةٍ،وتَغرُبُ بِحُمرَةٍ (5)،قُلتُ:فَذاکَ بُکاؤُها؟قالَ:نَعَم. (6)
ص:37
2060.کامل الزیارات عن داوود بن فرقد: سَمِعتُ أبا عَبدِ اللّهِ علیه السّلام یَقولُ:کانَ الَّذی قَتَلَ الحُسَینَ بنَ عَلِیٍّ علیه السّلام وَلَدَ زِناً،وَالَّذی قَتَلَ یَحیَی بنَ زَکَرِیّا وَلَدَ زِناً.
وقالَ:اِحمَرَّتِ السَّماءُ حینَ قُتِلَ الحُسَینُ بنُ عَلِیٍّ علیه السّلام سَنَةً.
ثُمَّ قالَ:بَکَتِ السَّماءُ وَالأَرضُ عَلَی الحُسَینِ بنِ عَلِیٍّ،وعَلی یَحیَی بنِ زَکَرِیّا علیهما السّلام،وحُمرَتُها بُکاؤُها. (1)
2061.مجمع البیان عن أبی عبد اللّه [الصادق] علیه السّلام -فی قَولِهِ تَعالی: «یا زَکَرِیّا إِنّا نُبَشِّرُکَ بِغُلامٍ اسْمُهُ یَحْیی لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِیًّا» 2 -:وکَذلِکَ الحُسَینُ علیه السّلام لَم یَکُن لَهُ مِن قَبلُ سَمِیٌّ،ولَم تَبکِ السَّماءُ إلّاعَلَیهِما أربَعینَ صَباحاً.
قیلَ لَهُ:وما کانَ بُکاؤُها؟
قالَ:کانَت [أیِ الشَّمسُ] تَطلُعُ حَمراءَ،وتَغیبُ حَمراءَ،وکانَ قاتِلُ یَحیی علیه السّلام وَلَدَ زِناً وقاتِلُ الحُسَینِ علیه السّلام وَلَدَ زِناً. (2)
2062.کامل الزیارات عن عمرو بن ثبیت عن أبیه عن علیّ بن الحسین [زین العابدین] علیه السّلام :إنَّ السَّماءَ لَم تَبکِ مُنذُ وُضِعَت إلّاعَلی یَحیَی بنِ زَکَرِیّا وَالحُسَینِ بنِ عَلِیٍّ علیهما السّلام،قُلتُ:أیَّ شَیءٍ کانَ بُکاؤُها؟
ص:38
قالَ:کانَت إذَا استُقبِلَت بِثَوبٍ وَقَعَ عَلَی الثَّوبِ شِبهُ أثَرِ البَراغیثِ مِنَ الدَّمِ. (1)
2063.التبیان فی تفسیر القرآن عن السدّی: لَمّا قُتِلَ الحُسَینُ علیه السّلام بَکَتِ السَّماءُ عَلَیهِ،وبُکاؤُها حُمرَةُ أطرافِها. (2)
2064.تفسیر القرطبی عن یزید بن أبی زیاد: لَمّا قُتِلَ الحُسَینُ بنُ عَلِیِّ بنِ أبی طالِبٍ علیه السّلام احمَرَّ لَهُ آفاقُ السَّماءِ أربَعَةَ أشهُرٍ.قالَ یَزیدُ:وَاحمِرارُها بُکاؤُها. (3)
2065.التبصرة عن هلال بن ذکوان: لَمّا قُتِلَ الحُسَینُ علیه السّلام مُطِرنا مَطَراً بَقِیَ أثَرُهُ فی ثِیابِنا مِثلَ الدَّمِ.
قُلتُ (4):لَمّا کانَ الغَضبانُ یَحمَرُّ وَجهُهُ،فَیَتَبَیَّنُ بِالحُمرَةِ تَأثیرُ غَضَبِهِ،وَالحَقُّ سُبحانَهُ لَیسَ بِجِسمٍ،أظهَرَ تَأثیرَ غَضَبِهِ بِحُمرَةِ الاُفُقِ حینَ قُتِلَ الحُسَینُ علیه السّلام. (5)
2066.إثبات الوصیّة: رُوِیَ أنَّ السَّماءَ بَکَت عَلَیهِ [أی عَلَی الحُسَینِ علیه السّلام ] أربَعَةَ عَشَرَ یَوماً.
فَسُئِلَ:عَلامَ بُکاءُ السَّماءِ؟فَقالَ:کانَتِ الشَّمسُ تَطلُعُ فی حُمرَةٍ،وتَغیبُ فی حُمرَةٍ. (6)
ص:39
2067.المعجم الکبیر عن علیّ بن مسهر: حَدَّثَتنی جَدَّتی امُّ حَکیمٍ قالَت:قُتِلَ الحُسَینُ بنُ عَلِیٍّ علیه السّلام وأنَا یَومَئِذٍ جُوَیرِیَةٌ،فَمَکَثَتِ السَّماءُ أیّاماً مِثلَ العَلَقَةِ (1). 2
2068.تاریخ دمشق عن علیّ بن مسهر عن جدّته: لَمّا قُتِلَ الحُسَینُ علیه السّلام کُنتُ جارِیَةً شابَّةً،فَمَکَثَتِ السَّماءُ سَبعَةَ أیّامٍ بِلَیالیها کَأَنَّها عَلَقَةٌ. 3
2069.الطبقات الکبری (الطبقة الخامسة من الصحابة) عن خلّاد: حَدَّثَتنی امّی قالَت:کُنّا زَماناً یَومَ مَقتَلِ الحُسَینِ علیه السّلام وإنَّ الشَّمسَ تَطلُعُ مُحمَرَّةً عَلَی الحیطانِ وَالجُدُرِ بِالغَداةِ وَالعَشِیِّ، قالَت:و کانوا لا یَرفَعونَ حَجَراً إلّاوَجَدوا تَحتَهُ دَماً. 4
2070.شرح الأخبار عن أبی معمر: أخبَرَنی مَن أدرَکَ مَقتَلَ الحُسَینِ علیه السّلام:مَکَثَتِ السَّماءُ بَعدَ مَقتَلِهِ شَهراً حَمراءَ. 5
2071.تاریخ الطبری عن حصین: لَمّا قُتِلَ الحُسَینُ علیه السّلام لَبِثوا شَهرَینِ أو ثَلاثَةً،کَأَنَّما تَلَطَّخَ الحَوائِطُ بِالدِّماءِ ساعَةَ تَطلُعُ الشَّمسُ حَتّی تَرتَفِعَ. 6
2072.الطبقات الکبری (الطبقة الخامسة من الصحابة) عن علیّ بن مدرک عن جدّه الأسود بن قیس:
ص:40
احمَرَّت آفاقُ السَّماءِ بَعدَ قَتلِ الحُسَینِ علیه السّلام سِتَّةَ أشهُرٍ،یُری ذلِکَ فِی آفاقِ السَّماءِ کَأَنَّهَا الدَّمُ.
قالَ:فَحَدَّثتُ بِذلِکَ شَریکاً،فَقالَ لی:ما أنتَ مِنَ الأَسوَدِ؟
قُلتُ:هُوَ جَدّی أبو امّی،قالَ:أما وَاللّهِ،إن کانَ لَصَدوقَ الحَدیثِ،عَظیمَ الأَمانَةِ، مُکرِماً لِلضَّیفِ. (1)
2073.الأمالی للصدوق عن فاطمة بنت علیّ علیه السّلام: وأبصَرَ النّاسُ الشَّمسَ عَلَی الحیطانِ حَمراءَ کَأَنَّهَا المَلاحِفُ المُعَصفَرَةُ،إلی أن خَرَجَ عَلِیُّ بنُ الحُسَینِ علیه السّلام بِالنِّسوَةِ،ورَدَّ رَأسَ الحُسَینِ علیه السّلام إلی کَربَلاءَ. (2)
2074.الإرشاد عن سعد الإسکاف عن أبی جعفر [الباقر] علیه السّلام :کانَ قاتِلُ یَحیَی بنَ زَکَرِیّا وَلَدَ زِناً، وقاتِلُ الحُسَینِ بنِ عَلِیِّ علیه السّلام وَلَدَ زِناً،ولَم تَحمَرَّ السَّماءُ إلّالَهُما. (3)
2075.کامل الزیارات عن علیّ بن مسهر القرشی: حَدَّثَتنی جَدَّتی أنَّها أدرَکَتِ الحُسَینَ بنَ عَلِیٍّ علیه السّلام حینَ قُتِلَ،قالَت:فَمَکَثنا سَنَةً وتِسعَةَ أشهُرٍ وَالسَّماءُ مِثلُ العَلَقَةِ،مِثلُ الدَّمِ،ما تُرَی الشَّمسُ. (4)
2076.المعجم الکبیر عن عیسی بن الحارث الکندی: لَمّا قُتِلَ الحُسَینُ علیه السّلام مَکَثنا سَبعَةَ أیّامٍ، إذا صَلَّینَا العَصرَ نَظَرنا إلَی الشَّمسِ عَلی أطرافِ الحیطانِ کَأَنَّهَا المَلاحِفُ
ص:41
المُعَصفَرَةُ. (1)
راجع: الإرشاد :ج 2 ص 132، المناقب لابن شهر آشوب :ج 4 ص 54، مثیر الأحزان :
ص 80، الطبقات الکبری (الطبقة الخامسة من الصحابة) :ج 1 ص 507 و 508، المعجم الکبیر :ج 3 ص 114 ح 2840، تاریخ دمشق :ج 14 ص 228، مقتل الحسین علیه السّلام للخوارزمی :ج 2 ص 90، تذکرة الخواصّ :ص 273 و 274.
2077.عیون أخبار الرضا علیه السّلام عن الریّان بن شبیب عن الرضا علیه السّلام: حَدَّثَنی أبی عَن أبیهِ عَن جَدِّهِ [الباقِرِ] علیهم السّلام أنَّهُ لَمّا قُتِلَ جَدِّیَ الحُسَینُ علیه السّلام أمطَرَتِ السَّماءُ دَماً وتُرابَاً أحمَرَ. (2)
2078.الطبقات الکبری (الطبقة الخامسة من الصحابة) عن سلیم القاصّ: مُطِرنا دَماً یَومَ قُتِلَ الحُسَینُ علیه السّلام. (3)
2079.الأمالی للطوسی عن عمّار بن أبی عمّار: أمطَرَتِ السَّماءُ یَومَ قُتِلَ الحُسَینُ علیه السّلام دَماً عَبیطاً. (4)
ص:42
2080.الطبقات الکبری (الطبقة الخامسة من الصحابة) عن نضرة الأزدیّة: لَمّا قُتِلَ الحُسَینُ بنُ عَلِیٍّ علیه السّلام مَطَرَتِ السَّماءُ دَماً،فَأَصبَحَت خِیامُنا وکُلُّ شَیءٍ مِنّا مُلِئَ دَماً (1). (2)
2081.بغیة الطلب فی تاریخ حلب عن إبراهیم النخعی: لَمّا قُتِلَ الحُسَینُ علیه السّلام احمَرَّتِ السَّماءُ مِن أقطارِها،ثُمَّ لَم تَزُل حَتّی تَقَطَّرَت،فَقَطَرَت دَماً. (3)
2082.المناقب لابن شهرآشوب عن قرطة بن عبید اللّه: مَطَرَتِ السَّماءُ یَوماً نِصفَ النَّهارِ عَلی شَملَةٍ (4)بَیضاءَ،فَنَظَرتُ فَإِذا هُوَ دَمٌ،وذَهَبَتِ الإِبِلُ إلَی الوادی لِلشُّربِ،فَإِذا هُوَ دَمٌ، وإذا هُوَ الیَومُ الَّذی قُتِلَ فیهِ الحُسَینُ علیه السّلام. (5)
2083.شرح الأخبار عن حمّاد بن سلمة: مُطِرَ النّاسُ لَیالِیَ قُتِلَ الحُسَینُ علیه السّلام دَماً. (6)
2084.شرح الأخبار عن یزید بن أبی الزناد: کُنتُ ابنَ أربَعَ عَشرَةَ سَنَةً حینَ قُتِلَ الحُسَینُ صَلَواتُ اللّهِ عَلَیهِ،فَرَأَینَا السَّماءَ تَقطُرُ دَماً. (7)
ص:43
2085.شرح الأخبار عن امّ سالم: لَمّا قُتِلَ الحُسَینُ بنُ عَلِیٍّ علیه السّلام مَطَرَتِ السَّماءُ مَطَراً کَالدَّمِ، احمَرَّت مِنهُ البُیوتُ وَالحیطانُ،فَبَلَغَ ذلِکَ البَصرَةَ والکوفَةَ وَالشّامَ وخُراسانَ،حَتّی کُنّا لا نَشُکُّ أنَّهُ سَیَنزِلُ العَذابُ. (1)
2086.شرح الأخبار عن عمرو بن زیاد: أصبَحَت جِبابُنا (2)یَومَ قُتِلَ الحُسَینُ علیه السّلام مَلآنَةً دَماً. (3)
2087.الصواعق المحرقة عن أبی سعید: ما رُفِعَ حَجَرٌ مِنَ الدُّنیا إلّاوتَحتَهُ دَمٌ عَبیطٌ (4)،ولَقَد مَطَرَتِ السَّماءُ دَماً بَقِیَ أثَرُهُ فِی الثِّیابِ مُدَّةً حَتّی تَقَطَّعَت. (5)
2088.تفسیر القمّی عن الفُضیل الهمدانی عن أبیه عن أمیر المؤمنین علیه السّلام،قال: مَرَّ عَلَیهِ رَجُلٌ عَدُوٌّ للّهِ ِ ولِرَسولِهِ،فَقالَ: «فَما بَکَتْ عَلَیْهِمُ السَّماءُ وَ الْأَرْضُ وَ ما کانُوا مُنْظَرِینَ» 6 ،ثُمَّ مَرَّ عَلَیهِ الحُسَینُ بنُ عَلِیٍّ علیه السّلام فَقالَ:لکِنَّ هذا لَیَبکِیَنَّ عَلَیهِ السَّماءُ وَالأَرضُ.
ص:44
وقالَ:وما بَکَتِ السَّماءُ وَالأَرضُ إلّاعَلی یَحیَی بنِ زَکَرِیّا وَالحُسَینِ بنِ عَلِیٍّ علیهما السّلام. (1)
2089.کامل الزیارات عن محمّد بن علیّ الحلبی عن أبی عبد اللّه [الصادق] علیه السّلام -فی قَولِهِ تَعالی: «فَما بَکَتْ عَلَیْهِمُ السَّماءُ وَ الْأَرْضُ وَ ما کانُوا مُنْظَرِینَ» -:لَم تَبکِ السَّماءُ عَلی أحَدٍ مِنذُ قُتِلَ یَحیَی بنُ زَکَرِیّا علیه السّلام،حَتّی قُتِلَ الحُسَینُ علیه السّلام،فَبَکَت عَلَیهِ. (2)
2090.کامل الزیارات عن جابر عن أبی جعفر [الباقر] علیه السّلام :ما بَکَتِ السَّماءُ عَلی أحَدٍ بَعدَ یَحیَی بنِ زَکَرِیّا علیه السّلام إلّاعَلَی الحُسَینِ بنِ عَلِیٍّ علیه السّلام؛فَإِنَّها بَکَت عَلَیهِ أربَعینَ یَوماً. (3)
2091.تاریخ دمشق عن ابن سیرین: لَم تَبکِ السَّماءُ عَلی أحَدٍ بَعدَ یَحیَی بنِ زَکَرِیّا علیه السّلام إلَّاالحُسَینِ بنِ عَلِیٍّ علیه السّلام. (4)
2092.کامل الزیارات عن مسمع بن عبد الملک عن أبی عبد اللّه [الصادق] علیه السّلام :کانَ الحُسَینُ علیه السّلام مَعَ امِّهِ تَحمِلُهُ،فَأَخَذَهُ رَسولُ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله فَقالَ:
لَعَنَ اللّهُ قاتِلیکَ،ولَعَنَ اللّهُ سالِبیکَ...ما قُتِلَ قِتلَتَهُ أحَدٌ کانَ قَبلَهُ،وتَبکیهِ السَّماواتُ وَالأَرَضونَ وَالمَلائِکَةُ وَالوَحشُ وَالحیتانُ فِی البِحارِ وَالجِبالُ،لَو یُؤذَنُ لَها ما بَقِیَ عَلَی الأَرضِ مُتَنَفِّسٌ. (5)
ص:45
2093.الملهوف عن بشیر بن حذلم عن علیّ بن الحسین [زین العابدین] علیه السّلام -مِن خُطبَةٍ خَطَبَها عِندَ رُجوعِهِ بِالنِّساءِ وَالأَطفالِ مِن کَربَلاءَ،وذلِکَ قُربَ المَدینَةِ-:أیُّهَا النّاسُ،فَأَیُّ رِجالاتٍ مِنکُم یُسَرّونَ بَعدَ قَتلِهِ؟أم أیَّةُ عَینٍ مِنکُم تَحبِسُ دَمعَها وتَضَنُّ عَنِ انهِمالِها؟فَلَقَد بَکَتِ السَّبعُ الشِّدادُ لِقَتلِهِ،وبَکَتِ البِحارُ بِأَمواجِها،وَالسَّماواتُ بِأَرکانِها،وَالأَرضُ بِأَرجائِها،وَالأَشجارُ بِأَغصانِها،وَالحیتانُ فی لُجَجِ البِحارِ، وَالمَلائِکَةُ المُقَرَّبونَ،وأهلُ السَّماواتِ أجمَعونَ (1)!!
2094.کامل الزیارات عن أبی حمزة الثمالی عن الصادق علیه السّلام -فی زِیارَةِ الحُسَینِ علیه السّلام-:یا سَیِّدی، بَکَیتُکَ یا خِیَرَةَ اللّهِ وَابنَ خِیَرَتِهِ،وحُقَّ لی أن أبکِیَکَ وقَد بَکَتکَ السَّماواتُ وَالأَرَضونَ وَالجِبالُ وَالبِحارُ،فَما عُذری إن لَم أبکِکَ وقَد بَکاکَ حَبیبُ رَبّی،وبَکَتکَ الأَئِمَّةُ علیهم السّلام،وبَکاکَ مَن دونَ سِدرَةِ المُنتَهی (2)إلَی الثَّری جَزَعاً عَلَیکَ. (3)
2095.الکافی عن الحسین بن ثویر عن أبی عبد اللّه [الصادق] علیه السّلام :إنَّ أبا عَبدِ اللّهِ الحُسَینَ علیه السّلام لَمّا قَضی بَکَتِ عَلَیهِ السَّماواتُ السَّبعُ وَالأَرَضونَ السَّبعُ وما فیهِنَّ وما بَینَهُنَّ،ومَن یَنقَلِبُ فِی الجَنَّةِ وَالنّارِ مِن خَلقِ رَبِّنا،وما یُری وما لا یُری. (4)
2096.کامل الزیارات عن حنّان بن سدیر عن أبی عبد اللّه [الصادق] علیه السّلام،قال: قُلتُ لَهُ:ما تَقولُ فی زِیارَةِ الحُسَینِ علیه السّلام.
فَقالَ:زُرهُ ولا تَجفُهُ (5)؛فَإِنَّهُ سَیِّدُ الشُّهَداءِ،وسَیِّدُ شَبابِ أهلِ الجَنَّةِ،وشَبیهُ
ص:46
یَحیَی بنِ زَکَرِیّا علیه السّلام،وعَلَیهِما بَکَتِ السَّماءُ وَالأَرضُ. (1)
2097.علل الشرائع عن جبلة المکّیة: سَمِعتُ میثمَ التَّمّارَ یَقولُ:وَاللّهِ،لَتَقتُلُ هذِهِ الاُمَّةُ ابنَ نَبِیِّها فِی المُحَرَّمِ لِعَشرٍ یَمضینَ مِنهُ،ولَیَتَّخِذَنَّ أعداءُ اللّهِ ذلِکَ الیَومَ یَومَ بَرَکَةٍ،وإنَّ ذلِکَ لَکائِنٌ قَد سَبَقَ فی عِلمِ اللّهِ تَعالی ذِکرُهُ،أعلَمُ ذلِکَ بِعَهدٍ عَهِدَهُ إلَیَّ مَولایَ أمیرُ المُؤمِنینَ علیه السّلام،ولَقَد أخبَرَنی أنَّهُ یَبکی عَلَیهِ کُلُّ شَیءٍ،حَتَّی الوُحوشِ فِی الفَلَواتِ، وَالحیتانِ فِی البَحرِ،وَالطَّیرِ فِی السَّماءِ،ویَبکی عَلَیهِ الشَّمسُ وَالقَمَرُ وَالنُّجومُ، وَالسَّماءُ وَالأَرضُ،ومُؤمِنُو الإِنسِ وَالجِنِّ،وجَمیعُ مَلائِکَةِ السَّماواتِ وَالأَرَضینَ، ورِضوانُ ومالِکٌ وحَمَلَةُ العَرشِ،وتَمطُرُ السَّماءُ دَماً ورِماداً...
یا جَبَلَةُ،إذا نَظَرتِ السَّماءَ حَمراءَ کَأَنَّها دَمٌ عَبیطٌ فَاعلَمی أنَّ سَیِّدَ الشُّهَداءِ الحُسَینَ علیه السّلام قَد قُتِلَ.
قالَت جَبَلَةُ:فَخَرَجتُ ذاتَ یَومٍ فَرَأَیتُ الشَّمسَ عَلَی الحیطانِ کَأَنَّهَا المَلاحِفُ المُعَصفَرَةُ،فَصِحتُ حینَئِذٍ وبَکَیتُ،وقُلتُ:قَد-وَاللّهِ-قُتِلَ سَیِّدُنَا الحُسَینُ علیه السّلام. (2)
2098.شرح الأخبار عن امرأة کعب: قیلَ لَهُ [أی لِکَعبٍ]:قُتِلَ الحُسَینُ بنُ عَلِیٍّ علیه السّلام ! قالَ:لا -وَاللّهِ-ما قُتِلَ،ولَو قُتِلَ نَهاراً لَما أمسَیتُم حَتّی تَرَوا لِذلِکَ عَلامَةً،ولَو قُتِلَ لَیلاً [لَما] (3)أصبَحتُم حَتّی تَرَوا لِذلِکَ عَلامَةً.
قالَت:فَلَمّا أمسَوا احمَرَّ افُقُ المَساءِ،فَقالَ:ألا إنَّهُ قُتِلَ الحُسَینُ بنُ عَلِیٍّ علیه السّلام؛
ص:47
بَکَتِ السَّماءُ عَلَیهِ کَما بَکَت عَلی یَحیَی بنِ زَکَرِیّا علیه السّلام. (1)
2099.کامل الزیارات عن أبی بصیر عن أبی عبد اللّه [الصادق] علیه السّلام :بَعَثَ هِشامُ بنُ عَبدِ المَلِکِ إلی أبی،فَأَشخَصَهُ إلَی الشّامِ،فَلَمّا دَخَلَ عَلَیهِ قالَ لَهُ:یا أبا جَعفَرٍ،أشخَصناکَ لِنَسأَلَکَ عَن مَسأَلَةٍ لَم یَصلُح أن یَسأَلَکَ عَنها غَیری،ولا أعلَمُ فِی الأَرضِ خَلقاً یَنبَغی أن یَعرِفَ أو عَرَفَ هذِهِ المَسأَلَةَ-إن کان-إلّاواحِداً.
فَقالَ أبی:لِیَسأَلنی أمیرُ المُؤمِنینَ عَمّا أحَبَّ،فَإِن عَلِمتُ أجَبتُ ذلِکَ وإن لَم أعلَم قُلتُ:لا أدری،وکانَ الصِّدقُ أولی بی.
فَقالَ هِشامٌ:أخبِرنی عَنِ اللَّیلَةِ الَّتی قُتِلَ فیها عَلِیُّ بنُ أبی طالِبٍ علیه السّلام،بِمَا استَدَلَّ بِهِ الغائِبُ عَنِ المِصرِ الَّذی قُتِلَ فیهِ عَلی قَتلِهِ،ومَا العَلامَةُ فیهِ لِلنّاسِ؟فَإِن عَلِمتَ ذلِکَ وأجَبتَ فَأَخبِرنی:هَل کانَ تِلکَ العَلامَةُ لِغَیرِ عَلِیٍّ علیه السّلام فی قَتلِهِ؟
فَقالَ لَهُ أبی:یا أمیرَ المُؤمِنینَ ! إنَّهُ لَمّا کانَ تِلکَ اللَّیلَةُ الَّتی قُتِلَ فیها أمیرُ المُؤمِنینَ علیه السّلام لَم یُرفَع عَن وَجهِ الأَرضِ حَجَرٌ إلّاوُجِدَ تَحتَهُ دَمٌ عَبیطٌ،حَتّی طَلَعَ الفَجرُ،وکَذلِکَ کانَتِ اللَّیلَةُ الَّتی قُتِلَ فیها هارونُ أخو موسی علیهما السّلام،وکَذلِکَ کانَتِ اللَّیلَةُ الَّتی قُتِلَ فیها یوشَعُ بنُ نونٍ علیه السّلام،وکَذلِکَ کانَتِ اللَّیلَةُ الَّتی رُفِعَ فیها عیسَی بنُ مَریَمَ علیه السّلام إلَی السَّماءِ،وکَذلِکَ کانَتِ اللَّیلَةُ الَّتی قُتِلَ فیها شَمعونُ بنُ حَمّونَ الصَّفا علیه السّلام، وکَذلِکَ کانَتِ اللَّیلَةُ الَّتی قُتِلَ فیها عَلِیُّ بنُ أبی طالِبٍ علیه السّلام،وکَذلِکَ کانَتِ اللَّیلَةُ الَّتی
ص:48
قُتِلَ فیهَا الحُسَینُ بنُ عَلِیٍّ علیه السّلام. (1)
2100.الخرائج والجرائح: رُوِیَ عَنِ الصّادِقِ علیه السّلام أنَّ عَبدَ المَلِکِ بنَ مَروانَ کَتَبَ إلی عامِلِهِ بِالمَدینَةِ-وفی رِوایَةٍ:هِشامَ بنَ عَبدِ المَلِکِ-:أن وَجِّه إلَیَّ مُحَمَّدَ بنَ عَلِیٍّ.
فَخَرَجَ أبی وأخرَجَنی مَعَهُ،فَمَضَینا حَتّی أتَینا مَدیَنَ (2)شُعَیبٍ علیه السّلام،فَإِذا نَحنُ بِدَیرٍ (3)عَظیمِ البُنیانِ وعَلی بابِهِ أقوامٌ،عَلَیهِم ثِیابُ صوفٍ خَشِنَةٌ،فَأَلبَسَنی والِدی،ولَبِسَ ثِیاباً خَشِنَةً،وأخَذَ بِیَدی حَتّی جِئنا وجَلَسنا عِندَ القَومِ،فَدَخَلنا مَعَ القَومِ الدَّیرَ، فَرَأَینا شَیخاً قَد سَقَطَ حاجِباهُ عَلی عَینَیهِ مِنَ الکِبَرِ،فَنَظَرَ إلَینا،فَقالَ لِأَبی:أنتَ مِنّا أم مِن هذِهِ الاُمَّةِ المَرحومَةِ؟
قالَ:لا،بَل مِن هذِهِ الاُمَّةِ المَرحومَةِ.
قالَ:مِن عُلَمائِها أم مِن جُهّالِها؟
قالَ أبی:مِن عُلَمائِها.
قالَ:أسأَلُکَ عَن مَسأَلَةٍ،
قالَ لَه:سَل ما شِئتَ....
وَسَأَلَ عَن مَسائلَ کَثیرَةٍ وَأَجابَ أَبی عَنها....
ثُمَّ ارتَحَلنا حَتّی أتَینا عَبدَ المَلِکِ...وقالَ:عُرِضَت لی مَسأَلَةٌ لَم یَعرِفهَا العُلَماءُ ! فَأَخبِرنی،إذا قَتَلَت هذِهِ الاُمَّةُ إمامَهَا المَفروضَ طاعَتُهُ عَلَیهِم،أیَّ عِبرَةٍ یُریهُمُ اللّهُ
ص:49
فی ذلِکَ الیَومِ؟
قالَ أبی:إذا کانَ کَذلِکَ لا یَرفَعونَ حَجَراً إلّاویَرَونَ تَحتَهُ دَماً عَبیطاً.
فَقَبَّلَ عَبدُ المَلِکِ رَأسَ أبی،وقالَ:صَدَقتَ،إنَّ فِی الیَومِ الَّذی قُتِلَ فیهِ أبوکَ عَلِیُّ بنُ أبی طالِبٍ علیه السّلام کانَ عَلی بابِ أبی مَروانَ حَجَرٌ عَظیمٌ،فَأَمَرَ أن یَرفَعوهُ،فَرَأَینا تَحتَهُ دَماً عَبیطاً یَغلی،وکانَ لی أیضاً حَوضٌ کَبیرٌ فی بُستانی،وکانَ حافَتاهُ حِجارَةً سَوداءَ، فَأَمَرتُ أن تُرفَعَ ویوضَعَ مَکانَها حِجارَةٌ بیضٌ،وکانَ فی ذلِکَ الیَومِ قَتلُ الحُسَینِ علیه السّلام، فَرَأَیتُ دَماً عَبیطاً یَغلی تَحتَها،أفَتُقیمُ عِندَنا ولَکَ مِنَ الکَراماتِ ما تَشاءُ،أم تَرجِعُ؟
قالَ أبی:بَل أرجِعُ إلی قَبرِ جَدّی.فَأَذِنَ لَهُ بِالاِنصِرافِ. (1)
2101.الطبقات الکبری (الطبقة الخامسة من الصحابة) عن محمّد بن عمر بن علیّ: أرسَلَ عَبدُ المَلِکِ إلَی ابنِ رَأسِ الجالوتِ،فَقالَ:هَل کانَ فی قَتلِ الحُسَینِ علیه السّلام عَلامَةٌ؟
فَقالَ ابنُ رَأسِ الجالوتِ (2):ما کُشِفَ یَومَئِذٍ حَجَرٌ إلّاوُجِدَ تَحتَهُ دَمٌ عَبیطٌ. (3)
2102.المعجم الکبیر عن الزهری: لَمّا قُتِلَ الحُسَینُ بنُ عَلِیٍّ علیه السّلام،لَم یُرفَع حَجَرٌ بِبَیتِ المَقدِسِ إلّا وُجِدَ تَحتَهُ دَمٌ عَبیطٌ. (4)
2103.المعجم الکبیر عن الزهری: قالَ لی عَبدُ المَلِکِ بنُ مَروانَ:أیُّ واحِدٍ أنتَ إن أخبَرتَنی
ص:50
أیُّ عَلامَةٍ کانَت یَومَ قُتِلَ الحُسَینُ بنُ عَلِیٍّ؟
قالَ:قُلتُ:لَم تُرفَع حَصاةٌ بِبَیتِ المَقدِسِ إلّاوُجِدَ تَحتَها دَمٌ عَبیطٌ.
فَقالَ عَبدُ المَلِکِ:إنّی وإیّاکَ فی هذَا الحَدیثِ لَقَرینانِ. (1)
2104.العقد الفرید عن الزهری: خَرَجتُ مَعَ قُتَیبَةَ اریدُ المَصِّیصَةَ (2)،فَقَدِمنا عَلی أمیرِ المُؤمِنینَ عَبدِ المَلِکِ بنِ مَروانَ،وإذا هُوَ قاعِدٌ فی إیوانٍ لَهُ،وإذا سِماطانِ مِنَ النّاسِ عَلی بابِ الإِیوانِ،فَإِذا أرادَ حاجَةً قالَها لِلَّذی یَلیهِ،حَتّی تَبلُغَ المَسأَلَةُ بابَ الإِیوانِ،ولا یَمشی أحَدٌ بَینَ السِّماطَینِ.
قالَ الزُّهرِیُّ:فَجِئنا فَقُمنا عَلی بابِ الإِیوانِ،فَقالَ عَبدُ المَلِکِ لِلَّذی عَن یَمینِهِ:
هَل بَلَغَکُم أیُّ شَیءٍ أصبَحَ فی بَیتِ المَقدِسِ لَیلَةَ قُتِلَ الحُسَینُ بنُ عَلِیٍّ؟قالَ:فَسَأَلَ کُلُّ واحِدٍ مِنهُما صاحِبَهُ حَتّی بَلَغَتِ المَسأَلَةُ البابَ،فَلَم یَرُدَّ أحَدٌ فیها شَیئاً.
قالَ الزُّهرِیُّ:فَقُلتُ:عِندی فی هذا عِلمٌ.قالَ:فَرَجَعَتِ المَسأَلَةُ رَجُلاً عَن رَجُلٍ حَتَّی انتَهَت إلی عَبدِ المَلِکِ.قالَ:فَدُعیتُ،فَمَشَیتُ بَینَ السِّماطَینِ،فَلَمَّا انتَهَیتُ إلی عَبدِ المَلِکِ سَلَّمتُ عَلَیهِ.فَقالَ لی:مَن أنتَ؟قُلتُ:أنَا مُحَمَّدُ بنُ مُسلِمِ بنِ عُبَیدِ اللّهِ بنِ شِهابٍ الزُّهرِیُّ.قالَ:فَعَرِّفنی بِالنَّسَبِ،وکانَ عَبدُ المَلِکِ طَلّابَةً لِلحَدیثِ، فَعَرَّفتُهُ،فَقالَ:ما أصبَحَ بِبَیتِ المَقدِسِ یَومَ قُتِلَ الحُسَینُ بنُ عَلِیِّ بنِ أبی طالِبٍ؟
ص:51
قالَ الزُّهرِیُّ:...إنَّهُ لَم یُرفَع تِلکَ اللَّیلَةَ الَّتی صَبیحَتَها قُتِلَ الحُسَینُ بنُ عَلِیِّ بنِ أبی طالِبٍ علیه السّلام حَجَرٌ فی بَیتِ المَقدِسِ إلّاوُجِدَ تَحتَهُ دَمٌ عَبیطٌ. (1)
2105.المعجم الکبیر عن ابن شهاب: ما رُفِعَ بِالشّامِ حَجَرٌ یَومَ قُتِلَ الحُسَینُ بنُ عَلِیٍّ علیه السّلام إلّاعَن دَمٍ. (2)
2106.فضائل الصحابة لابن حنبل عن عمّار عن امّ سلمة: سَمِعتُ الجِنَّ یَبکینَ عَلی حُسَینٍ علیه السّلام.
قالَ:وقالَت امُّ سَلَمَةَ:سَمِعتُ الجِنَّ تَنوحُ عَلَی الحُسَینِ علیه السّلام. (3)
2108.المعجم الکبیر عن امّ سلمة: ما سَمِعتُ نَوحَ الجِنِّ مُنذُ قُبِضَ النَّبِیُّ صلّی اللّه علیه و آله إلَّااللَّیلَةَ،وما أرَی ابنی إلّاقَد قُتِلَ-تَعِنی الحُسَینَ علیه السّلام-،فَقالَت لِجارِیَتِها:اُخرُجی فَسَلی فَأَخبَرَت أَنَّهُ قَد قُتِلَ وإذَا جِنِّیَّةٌ تَنوحُ:
ألا یا عَینُ فَاحتَفِلی بِجَهدِ ومَن یَبکی عَلَی الشُّهَداءِ بَعدی؟
ص:52
عَلی رَهطٍ تَقودُهُم المَنایا إلی مُتَحَیِّرٍ (1)فی مُلکِ عَبدِ (2). (3)
2108. کامل الزیارات عن علیّ بن الحزور: سَمِعتُ لَیلی وهِیَ تَقولُ:سَمِعتُ نَوحَ الجِنِّ عَلَی الحُسَینِ بنِ عَلِیٍّ علیه السّلام وهِیَ تَقولُ:
یا عَینُ جودی بِالدُّموعِ فَإِنَّما
2109.کامل الزیارات عن داوود الرقّی عن جدّته: إنَّ الجِنَّ لَمّا قُتِلَ الحُسَینُ علیه السّلام بَکَت عَلَیهِ بِهذِهِ الأَبیاتِ:
یا عَینُ جودی بِالعِبَر وَابکی فَقَد حَقَّ الخَبَرْ
اِبکِی ابنَ فاطِمَةَ الَّذی
ص:53
وَلَأبکِیَنَّکَ ما جَری عِرقٌ وما حَمَلَ الشَّجَرْ (1)
2110.تذکرة الخواصّ عن الزهری: ناحَت عَلَیهِ [أی عَلَی الحُسَینِ علیه السّلام ] الجِنُّ فَقالَت:
خَیرُ نِساءِ الجِنِّ (2)
2111.المناقب لابن شهرآشوب عن أبانة ابن بطة: انَّهُ سَمِعَ مِن نَوحِهِم:
أیا عَینُ جودی ولا تَجمُدی
ومِن نَوحِهِم:
نِساءُ الجِنِّ یَبکینَ
ومِن نَوحِهِم:
اِحمَرَّتِ الأَرضُ مِن قَتلِ الحُسَینِ کَما اخضَرَّ عِندَ سُقوطِهِ الجَونَةُ العَلَقُ
ص:54
یا وَیلَ قاتِلِهِ یا وَیلَ قاتِلِهِ فَإِنَّهُ فی سَعیرِ النّارِ یَحتَرِقُ
ومِن نَوحِهِم:
أبکِی ابنَ فاطِمَةَ الَّذی
وسُمِعَ نَوحُ جِنٍّ قَصَدوا لِمُؤازَرَتِهِ:
وَاللّهِ ما جِئتُکُم حَتّی بَصُرتُ بِهِ بِالطَّفِّ مُنعَفِرَ (1)الخَدَّینِ مَنحورا (2)
2112.تاریخ دمشق عن أبی مرید الفقیمی: کانَ الجَصّاصونَ (3)إذا خَرَجوا فِی السَّحَرِ سَمِعوا نَوحَ الجِنِّ عَلَی الحُسَینِ علیه السّلام:
مَسَحَ الرَّسولُ جَبینَهُ
قالَ:فَأَجَبتُهُم:
خَرَجوا بِهِ وَفداً إلَی
ص:55
2113.تهذیب الکمال عن أبی جناب الکلبی: أتَیتُ کَربَلاءَ،فَقُلتُ لِرَجُلٍ مِن أشرافِ العَرَبِ بِها:
بَلَغَنی أنَّکُم تَسمَعونَ نَوحَ الجِنِّ؟
قالَ:ما تَلقی حُرّاً ولا عَبداً إلّاأخبَرَکَ أنَّهُ سَمِعَ ذلِکَ.
قُلتُ:فَأَخبِرنی ما سَمِعتَ أنتَ؟قالَ:سَمِعتُهُم یَقولونَ:
مَسَحَ الرَّسولُ جَبینَهُ
2114.الأمالی للمفید عن محفوظ بن المنذر: حَدَّثَنی شَیخٌ مِن بَنی تَمیمٍ کانَ یَسکُنُ الرّابِیَةَ (1)،قالَ:
سَمِعتُ أبی یَقولُ:ما شَعَرنا بِقَتلِ الحُسَینِ علیه السّلام حَتّی کانَ مَساءُ لَیلَةِ عاشوراءَ،فَإِنّی لَجالِسٌ بِالرّابِیَةِ،ومَعی رَجُلٌ مِنَ الحَیِّ،فَسَمِعنا هاتِفاً یَقولُ:
وَاللّهِ ما جِئتُکُم حَتّی بَصُرتُ بِهِ
ص:56
فَعاقَنی قَدَرٌ وَاللّهُ بِالِغُهُ
فَقُلنا لَهُ:مَن أنتَ یَرحَمُکَ اللّهُ؟قالَ:أنَا وأبی مِن جِنِّ نَصیبینَ (1)،أرَدنا مُؤازَرَةَ الحُسَینِ علیه السّلام ومُؤاساتَهُ بِأَنفُسِنا،فَانصَرَفنا مِنَ الحَجِّ فَأَصَبناهُ قَتیلاً. (2)
2115.تهذیب الکمال عن محمّد المصقلی: لَمّا قُتِلَ الحُسَینُ بنُ عَلِیٍّ علیه السّلام سُمِعَ مُنادٍ یُنادی لَیلاً، یُسمَعُ صَوتُهُ ولَم یُرَ شَخصُهُ:
عَقَرَت ثَمودُ ناقَةً فَاستُؤصِلوا
2116.تذکرة الخواصّ عن الشعبی: سَمِعَ أهلُ الکوفَةِ قائِلاً یَقولُ فِی اللَّیلِ:
أبکی قَتیلاً بِکَربَلاءَ
ص:57
أبکی قَتیلاً بَکی عَلَیهِ
یا بِأَبی جِسمُهُ المُعَرّی
2117.شرح الأخبار عن عبد اللّه بن زواق: سَمِعتُ رَجُلاً مِنَ الأَنصارِ یُحَدِّثُ مُعَمَّراً قالَ:لَمّا کانَ الیَومُ الَّذی قُتِلَ فیهِ الحُسَینُ بنُ عَلِیٍّ علیه السّلام،(مِن رَجُلٍ فی بَعضِ اللَّیلِ فی مِنیً،فَسَمِعَ) (1)صَوتاً عَلی کَبکَبٍ (2)کَأَنَّهُ صَوتُ امرَأَةٍ تَنوحُ:
ابکِ ابکِ حُسَیناً أیَّما.فَأَجابَتها اخری فی ثَبیرٍ تَقولُ:اِبکِ ابکِ ابنَ الرَّسولِ أیَّما.
قالَ الرَّجُلُ:فَکَتَبتُ تِلکَ اللَّیلَةَ،فَإِذا هِیَ اللَّیلَةُ الَّتی تَتلُو الیَومَ الَّذی قُتِلَ الحُسَینُ علیه السّلام. (3)
2118.الکافی عن رزین عن أبی عبد اللّه [الصادق] علیه السّلام :لَمّا ضُرِبَ الحُسَینُ بنُ عَلِیٍّ علیه السّلام بِالسَّیفِ فَسَقَطَ رَأسُهُ (4)،ثُمَّ ابتَدَرَ لِیَقطَعَ رَأسَهُ،نادی مُنادٍ مِن بُطنانِ العَرشِ:ألا أیَّتُهَا الاُمَّةُ المُتَحَیِّرَةُ الضّالَّةُ بَعدَ نَبِیِّها ! لا وَفَّقَکُمُ اللّهُ لِأَضحی ولا لِفِطرٍ.
ص:58
قالَ:ثُمَّ قالَ أبو عَبدِ اللّهِ علیه السّلام:فَلاجَرَمَ وَاللّهِ،ما وُفِّقوا ولا یُوَفَّقونَ حَتّی یَثأَرَ ثائِرُ الحُسَینِ علیه السّلام. (1)
2119.علل الشرائع عن محمّد بن إسماعیل الرازی عن أبی جعفر الثانی [الجواد] علیه السّلام :قُلتُ:جُعِلتُ فِداکَ،ما تَقولُ فِی العامَّةِ،فَإِنَّهُ قَد رُوِیَ أنَّهُم لا یُوَفَّقونَ لِصَومٍ؟فَقالَ لی:أما إنَّهُ قَد اجیبَت دَعوَةُ المَلَکِ فِیهم،قالَ:قُلتُ:وکَیفَ ذلِکَ جُعِلتُ فِداکَ؟
قالَ:إنَّ النّاسَ لَمّا قَتَلُوا الحُسَینَ بنَ عَلِیٍّ علیه السّلام أمَرَ اللّهُ عز و جل مَلَکاً یُنادی:أیَّتُهَا الاُمَّةُ الظّالِمَةُ القاتِلَةُ عِترَةَ نَبِیِّها،لا وَفَّقَکُمُ اللّهُ لِصَومٍ ولا فِطرٍ،وفی حَدیثٍ آخَرَ:لِفِطرٍ ولا أضحی. (2)
2120.کامل الزیارات عن الحلبی: قالَ لی أبو عَبدِ اللّهِ علیه السّلام:لَمّا قُتِلَ الحُسَینُ علیه السّلام سَمِعَ أهلُنا قائِلاً یَقولُ بِالمَدینَةِ:الیَومَ نَزَلَ البَلاءُ عَلی هذِهِ الاُمَّةِ،فَلا تَرَونَ فَرَحاً حَتّی یَقومَ قائِمُکُم، فَیَشفِیَ صُدورَکُم،ویَقتُلَ عَدُوَّکُم،ویَنالَ بِالوِترِ (3)أوتاراً.
فَفَزِعوا مِنهُ وقالوا:إنَّ لِهذَا القَولِ لَحادِثاً قَد حَدَثَ ما لا نَعرِفُهُ،فَأَتاهُم خَبَرُ قَتلِ الحُسَینِ علیه السّلام بَعدَ ذلِکَ،فَحَسَبوا ذلِکَ،فَإِذا هِیَ تِلکَ اللَّیلَةُ الَّتی تَکَلَّمَ فیهَا المُتَکَلِّمُ.
ص:59
فَقالَ لَهُ:جُعِلتُ فِداکَ،إلی مَتی أنتُم ونَحنُ فی هذَا القَتلِ وَالخَوفِ وَالشِّدَّةِ؟
فَقالَ:حَتّی یَأتِیَ سَبعونَ فَرَجاً أجواب (1)،ویَدخُلَ وَقتُ السَّبعینَ،فَإِذا دَخَلَ وَقتُ السَّبعینَ أقبَلَتِ الرّایاتُ تَتری کَأَنَّها نِظامٌ،فَمَن أدرَکَ ذلِکَ الوَقتَ قَرَّت عَینُهُ، إنَّ الحُسَینَ علیه السّلام لَمّا قُتِلَ أتاهم آتٍ وهُم فِی العَسکَرِ فَصَرَخَ،فَزُبِرَ.
فَقالَ لَهُم:وکَیفَ لا أصرُخُ ورَسولُ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله قائِمٌ یَنظُرُ إلَی الأَرضِ مَرَّةً وإلی حِزبِکُم مَرَّةً،وأنَا أخافُ أن یَدعُوَ اللّهَ عَلی أهلِ الأَرضِ،فَأَهلِکَ فیهِم.
فَقالَ بَعضُهُم لِبَعضٍ:هذا إنسانٌ مَجنونٌ.
فَقالَ التَّوّابونَ:تَاللّهِ،ما صَنَعنا لِأَنفُسِنا،قَتَلنا لِابنِ سُمَیَّةَ سَیِّدَ شَبابِ أهلِ الجَنَّةِ، فَخَرَجوا عَلی عُبَیدِ اللّهِ بنِ زِیادٍ،فَکانَ مِن أمرِهِم ما کانَ.
قالَ:فَقُلتُ لَهُ:جُعِلتُ فِداکَ،مَن هذَا الصّارِخُ؟قالَ:ما نَراهُ إلّاجَبرئیلَ علیه السّلام،أما إنَّهُ لَو اذِنَ لَهُ فیهِم لَصاحَ بِهِم صَیحَةً یَخطِفُ بِهِ أرواحَهُم مِن أبدانِهِم إلَی النّارِ،ولکِن امهِلَ لَهُم لِیَزدادوا إثماً؛ولَهُم عَذابٌ ألیمٌ. (2)
2121.تاریخ الطبری عن عمرو بن عکرمة: أصبَحنا صَبیحَةَ قَتلِ الحُسَینِ علیه السّلام بِالمَدینَةِ،فَإِذا مَولیً لَنا یُحَدِّثُنا،قالَ:سَمِعتُ البارِحَةَ مُنادِیاً یُنادی،وهُوَ یَقولُ:
أیُّهَا القاتِلونَ جَهلاً حُسَیناً أبشِروا بِالعَذابِ وَالتَّنکیلِ
ص:60
کُلُّ أهلِ السَّماءِ یَدعو عَلَیکُم
2122.الإرشاد: لَمّا کانَ اللَّیلُ مِن ذلِکَ الیَومِ الَّذی خَطَبَ فیهِ عَمرُو بنُ سَعیدٍ بِقَتلِ الحُسَینِ بنِ عَلِیٍّ علیه السّلام بِالمَدینَةِ،سَمِعَ أهلُ المَدینَةِ فی جَوفِ اللَّیلِ مُنادِیاً یُنادی،یَسمَعونَ صَوتَهُ ولا یَرَونَ شَخصَهُ:
أیُّهَا القاتِلونَ جَهلاً حُسَیناً
2123.ربیع الأبرار عن هند بنت الجون: نَزَلَ رَسولُ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله خَیمَةَ خالَتی امِّ مَعبَدٍ،فَقامَ مِن رَقدَتِهِ، فَدَعا بِماءٍ،فَغَسَلَ یَدَیهِ،ثُمَّ تَمَضمَضَ،ومَجَّ فی عَوسَجَةٍ (1)إلی جانِبِ الخَیمَةِ،
ص:61
فَأَصبَحنا وهِیَ کَأَعظَمِ دَوحَةٍ،وجاءَت بِثَمَرٍ کَأَعظَمِ ما یَکونُ فی لَونِ الوَرسِ، ورائِحَةِ العَنبَرِ،وطَعمِ الشَّهدِ،ما أکَلَ مِنها جائِعٌ إلّاشَبِعَ،ولا ظَمآنُ إلّارَوِیَ،ولا سَقیمٌ إلّابَرِئَ،ولا أکَلَ مِن وَرَقِها بَعیرٌ ولا شاةٌ إلّادَرَّ لَبَنُها،فَکُنّا نُسَمّیهَا المُبارَکَةَ، ویَنتابُنا مِنَ البَوادی مَن یَستَسقی بِها،ویُزَوِّدُ مِنها.
حَتّی أصبَحنا ذاتَ یَومٍ،وقَد تَساقَطَ ثَمَرُها،وصَغُرَ وَرَقُها،فَفَزِعنا،فَما راعَنا إلّا نَعیُ رَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله.
ثُمَّ إنَّها بَعدَ ثَلاثینَ سَنَةً أصبَحَت ذاتَ شَوکٍ،مِن أسفَلِها إلی أعلاها،وتَساقَطَ ثَمَرُها،وذَهَبَت نَضرَتُها،فَما شَعَرنا إلّابِمَقتَلِ أمیرِ المُؤمِنینَ عَلِیٍّ علیه السّلام،فَما أثَمَرَت بَعدَ ذلِکَ،وکُنّا نَنتَفِعُ بِوَرَقِها.
ثُمَّ أصبَحنا وإذا بِها قَد نَبَعَ مِن ساقِها دَمٌ عَبیطٌ،وقَد ذَبَلَ وَرَقُها،فَبَینا نَحنُ فَزِعینَ إذ أتانا خَبَرُ مَقتَلِ الحُسَینِ علیه السّلام،ویَبِسَتِ الشَّجَرَةُ عَلی أثَرِ ذلِکَ وذَهَبَت. (1)
2124.مقتل الحسین علیه السّلام للخوارمی عن هند بنت الجون: نَزَلَ رَسولُ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله بِخَیمَةِ خالَتی،ومَعَهُ أصحابٌ لَهُ،فَکانَ مِن أمرِهِ فِی الشّاةِ ما قَد عَرَفَهُ النّاسُ،فَقالَ (2)فِی الخَیمَةِ هُوَ وأصحابُهُ حَتّی أبرَدَ،وکانَ الیَومُ قائِظاً (3)شَدیداً حَرُّهُ.
فَلَمّا قامَ مِن رَقدَتِهِ دَعا بِماءٍ،فَغَسَلَ یَدَیهِ،فَأَنقاهُما،ثُمَّ مَضمَضَ فاهُ،ومَجَّهُ عَلی عَوسَجَةٍ کانَت إلی جَنبِ خَیمَةِ خالَتی ثَلاثَ مَرّاتٍ...ثُمَّ قالَ:إنَّ لِهذِهِ العَوسَجَةِ شَأناً.
ص:62
ثُمَّ فَعَلَ مَن کانَ مَعَهُ مِن أصحابِهِ مِثلَ ذلِکَ،ثُمَّ قامَ فَصَلّی رَکعَتَینِ،فَعَجِبتُ أنَا وفَتَیاتُ الحَیِّ مِن ذلِکَ،وما کانَ عَهدُنا بِالصَّلاةِ،ولا رَأَینا مُصَلِّیاً قَبلَهُ.
فَلَمّا کانَ مِنَ الغَدِ أصبَحنا وقَد عَلَتِ العَوسَجَةُ،حَتّی صارَت کَأَعظَمِ دَوحَةٍ عالِیَةٍ وأبهی،وقَد خَضَدَ (1)اللّهُ شَوکَها،ووَشَجَت عُروقُها وکَثُرَت أفنانُها (2)،وَاخضَرَّ ساقُها ووَرَقُها،ثُمَّ أثمَرَت بَعدَ ذلِکَ،فَأَینَعَت بِثَمَرٍ کانَ کَأَعظَمِ ما یَکونُ مِنَ الکَمأَةِ فی لَونِ الوَرسِ المَسحوقِ،ورائِحَةِ العَنبَرِ،وطَعمِ الشَّهدِ.
وَاللّهِ،ما أکَلَ مِنها جائِعٌ إلّاشَبِعَ،ولا ظَمآنُ إلّارَوِیَ،ولا سَقیمٌ إلّابَرَأَ،ولا ذوحاجَةٍ وفاقَةٍ إلَّااستَغنی،ولا أکَلَ مِن وَرَقِها بَعیرٌ ولا ناقَةٌ ولا شاةٌ إلّاسَمِنَت، ودَرَّ لَبَنُها،فَرَأَینَا النَّماءَ وَالبَرَکَةَ فِی أموالِنا مُنذُ یَومَ نَزَلَ صلّی اللّه علیه و آله،وأخصَبَت بِلادُنا وأمرَعَت،فَکُنّا نُسَمّی تِلکَ الشَّجَرَةَ المُبارَکَةَ،وکانَ یَنتابُنا مَن حَولَنا مِن أهلِ البَوادی،یَستَظِلّونَ بِها،ویَتَزَوَّدونَ مِن وَرَقِها فِی الأَسفارِ،ویَحمِلونَ مَعَهُم لِلأَرضِ القِفارِ،فَیَقومُ لَهُم مَقامَ الطَّعامِ وَالشَّرابِ.
فَلَم تَزَل کَذلِکَ وعَلی ذلِکَ حَتّی أصبَحنا ذاتَ یَومٍ،وقَد تَساقَطَ ثِمارُها،وَاصفَرَّ وَرَقُها،فَأَحزَنَنا ذلِکَ،وفَزِعنا مِن ذلِکَ،فَما کانَ إلّاقَلیلٌ حَتّی جاءَ نَعیُ رَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله،فَإِذا هُوَ قَد قُبِضَ ذلِکَ الیَومَ.
فَکانَت بَعدَ ذلِکَ تُثمِرُ ثَمَراً دونَ ذلِکَ فِی العِظَمِ وَالطَّعمِ وَالرّائِحَةِ،فَأَقامَت عَلی ذلِکَ نَحوَ ثَلاثینَ سَنَةً،فَلَمّا کانَ ذاتَ یَومٍ أصبَحنا،وإذا بِها قَد شاکَت مِن أوَّلِها إلی آخِرِها،وذَهَبَت نَضارَةُ عیدانِها،وتَساقَطَت جَمیعُ ثَمَرَتِها،فَما کانَ إلّایَسیرٌ حَتّی وافی خَبَرُ مَقتَلِ أمیرِ المُؤمِنینَ عَلِیِّ بنِ أبی طالِبٍ علیه السّلام،فَما أثمَرَت بَعدَ ذلِکَ،
ص:63
لا قَلیلاً ولا کَثیراً،وَانقَطَعَ ثَمَرُها،ولَم نَزَل نَحنُ ومَن حَولَنا نَأخُذُ مِن وَرَقِها، ونُداوی بِهِ مَرضانا،ونَستَشفی بِهِ مِن أسقامِنا.فَأَقامَت عَلی ذلِکَ بُرهَةً طَویلَةً.
ثُمَّ أصبَحنا ذاتَ یَومٍ،فَإِذا بِها قَدِ انبَعَثَ مِن ساقِها دَمٌ عَبیطٌ،وإذا بِأَوراقِها ذابِلَةٌ تَقطُرُ دَماً کَماءِ اللَّحمِ،فَقُلنا:قَد حَدَثَت حادِثَةٌ عَظیمَةٌ،فَبِتنا لَیلَتَنا فَزِعینَ مَهمومینَ نَتَوَقَّعُ الحادِثَةَ،فَلَمّا أظلَمَ اللَّیلُ عَلَینا سَمِعنا بُکاءً وعَویلاً مِن تَحتِ الأَرضِ،وجَلبَةً شَدیدَةً ورَجَّةً،وسَمِعنا صَوتَ نائِحٍ یَقولُ:
أیَابنَ النَّبِیِّ ویَابنَ الوَصِیِّ بَقِیَّةَ ساداتِنا الأَکرَمینا
وکَثُرَ الرَّنینُ وَالأَصواتُ،فَلَم نَفهَم کَثیراً مِمّا کانوا یَقولونَ،فَأَتانا بَعدَ ذلِکَ خَبَرُ قَتلِ الحُسَینِ علیه السّلام،ویَبِسَتِ الشَّجَرَةُ وجَفَّت،وکَسَرَتهَا الأَریاحُ وَالأَمطارُ،فَذَهَبَت ودَرَسَ أثَرُها.
قالَ عَبدُ اللّهِ بنُ مُحَمَّدٍ الأَنصارِیُّ:فَلَقیتُ دِعبِلَ بنَ عَلِیٍّ الخُزاعِیَّ فی مَدینَةِ الرَّسولِ صلّی اللّه علیه و آله،فَحَدَّثتُهُ بِهذَا الحَدیثِ،فَلَم یُنکِرهُ. (1)
2125.الخرائج والجرائح: إنَّ النَّبِیَّ صلّی اللّه علیه و آله سارَ حَتّی نَزَلَ خَیمَةَ امِّ مَعبَدٍ،فَطَلَبوا عِندَها قِریً (2)، فَقالَت:ما یَحضُرُنی شَیءٌ.فَنَظَرَ رَسولُ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله إلی شاةٍ فی ناحِیَةِ الخَیمَةِ قَد تَخَلَّفَت مِنَ الغَنَمِ لِضُرِّها،فَقالَ:تَأذَنینَ فی حَلبِها؟قالَت:نَعَم،ولا خَیرَ فیها.فَمَسَحَ یَدَهُ عَلی ظَهرِها،فَصارَت أسمَنَ ما یَکونُ مِنَ الغَنَمِ،ثُمَّ مَسَحَ یَدَهُ عَلی ضَرعِها،فَأَرخَت ضَرعاً عَجیباً،ودَرَّت لَبَناً کَثیراً.
ص:64
فَقالَ:یا امَّ مَعبَدٍ ! هاتِی العُسَّ (1)،فَشَرِبوا جَمیعاً حَتّی رَووا.
فَلَمّا رَأَت امُّ مَعبَدٍ ذلِکَ،قالَت:یا حَسَنَ الوَجهِ،إنَّ لی وَلَداً لَهُ سَبعُ سِنینَ،وهُوَ کَقِطعَةِ لَحمٍ لا یَتَکَلَّمُ ولا یَقومُ،فَأَتَتهُ بِهِ،فَأَخَذَ تَمرَةً قَد بَقِیَت فِی الوِعاءِ،ومَضَغَها وجَعَلَها فی فیهِ،فَنَهَضَ فِی الحالِ،ومَشی وتَکَلَّمَ،وجَعَلَ نَواها فِی الأَرضِ، فَصارَت فِی الحالِ نَخلَةً،وقَد تَهَدَّلَ الرُّطَبُ مِنها،وکانَ کَذلِکَ صَیفاً وشِتاءً،وأشارَ مِنَ الجَوانِبِ،فَصارَ ما حَولَها مَراعِیَ،ورَحَلَ رَسولُ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله.
ولَمّا تُوُفِّیَ صلّی اللّه علیه و آله لَم تُرطِب تِلکَ النَّخلَةُ،وکانَت خَضراءَ،فَلَمّا قُتِلَ عَلِیٌّ علیه السّلام لَم تَخضَرَّ،وکانَت باقِیَةً،فَلَمّا قُتِلَ الحُسَینُ علیه السّلام سالَ مِنهَا الدَّمُ ویَبِسَت. (2)
2126.کشف الغمّة عن عیسی بن الحارث الکندی عن زکریّا بن یحیی بن عمر الطائی (3): سَمِعتُ غَیرَ واحِدٍ مِن مَشیخَةِ طَیٍّ یَقولُ:وَجَدَ شِمرُ بنُ ذِی الجَوشَنِ فی ثَقَلِ الحُسَینِ علیه السّلام ذَهَباً، فَدَفَعَ بَعضَهُ إلَی ابنَتِهِ،ودَفَعَتهُ إلی صائِغٍ یَصوغُ لَها مِنهُ حَلیاً،فَلَمّا أدخَلَهُ النّارَ صارَ هَباءً-قالَ وسَمِعتُ غَیرَ زَکَرِیّا یَقولُ:صارَ نُحاساً-.
فَأَخبَرَت شِمراً بِذلِکَ،فَدَعا بِالصّائِغِ،فَدَفَع إلَیهِ باقِیَ الذَّهَبِ،وقالَ:أدخِلهُ النّارَ بِحَضرَتی،فَفَعَلَ الصّائِغُ،فَعادَ الذَّهَبُ هَباءً-وقالَ غَیرُهُ:عادَ نُحاساً-. (4)
ص:65
2127.عیون الأخبار لابن قتیبة عن سنان بن حکیم عن أبیه: انتَهَبَ النّاسُ وَرساً (1)فی عَسکَرِ الحُسَینِ بنِ عَلِیٍّ علیه السّلام یَومَ قُتِلَ،فَما تَطَیَّبَت مِنهُ امرَأَةٌ إلّابَرِصَت (2). (3)
2128.دلائل النبوّة عن سفیان: حَدَّثَتنی جَدَّتی قالَت:لَقَد رَأَیتُ الوَرسَ عادَ رَماداً،ولَقَد رَأَیتُ اللَّحمَ کَأَنَّ فیهِ النّارَ حینَ قُتِلَ الحُسَینُ علیه السّلام. (4)
2129.تهذیب الکمال عن یزید بن أبی زیاد: قُتِلَ الحُسَینُ علیه السّلام ولی أربَعَ عَشرَةَ سَنَةً،وصارَ الوَرسُ الَّذی کانَ فی عَسکَرِهِم رَماداً،وَاحمَرَّت آفاقُ السَّماءِ،ونَحَروا ناقَةً فی عَسکَرِهِم، فَکانوا یَرَونَ فی لَحمِهَا النّیرانَ. (5)
2130.تهذیب الکمال عن أبی حمید الطحّان: کُنتُ فی خُزاعَةَ،فَجاؤوا بِشَیءٍ مِن تَرَکَةِ الحُسَینِ علیه السّلام، فَقیلَ لَهُم:نَنحَرُ أو نَبیعُ فَنَقسِمُ؟قالوا:اِنحَروا.
ص:66
قالَ:فَجُعِلَ عَلی جَفنَةٍ (1)،فَلَمّا وُضِعَت فارَت ناراً. (2)
2131.بغیة الطلب فی تاریخ حلب عن یزید بن هارون: أخبَرَتنی امّی عَن جَدَّتِها،قالَت:أدرَکتُ قَتلَ الحُسَینِ بنِ عَلِیٍّ علیه السّلام،فَلَمّا قُتِلَ خَرَجَ ناسٌ إلی إبِلٍ کانَت مَعَهُ،فَانتَهَبوها،فَلَمّا کانَ اللَّیلُ رَأَیتُ فیهَا النّیرانَ تَلتَهِبُ،فَاحتَرَقَ کُلُّ ما اخِذَ مِن عَسکَرِهِ. (3)
2132.تهذیب الکمال عن جمیل بن مرّة: أصابوا إبِلاً فی عَسکَرِ الحُسَینِ علیه السّلام یَومَ قُتِلَ،فَنَحَروها وطَبَخوها،قالَ:فَصارَت مِثلَ العَلقَمِ،فَمَا استَطاعوا أن یُسیغوا مِنها شَیئاً. (4)
2133.مثیر الأحزان: نُحِرَتِ الإِبِلُ الَّتی کانَت مَعَ الحُسَینِ علیه السّلام،فَلَم یُؤکَل لَحمُها؛لِأَنَّهُ کانَ أمَرَّ مِنَ الصَّبِرِ (5).وعَن عَبدِ الکَریمِ ابنِ یَعفورٍ الجُعفِیِّ:أنَّهُ لَمّا جُعِلَ اللَّحمُ فِی القِدرِ صارَ ناراً.
وکانَ مَعَ الحُسَینِ علیه السّلام وَرسٌ وطیبٌ،فَاقتَسَموهُ،فَلَمّا صاروا إلی بُیوتِهِم صارَ رَماداً. (6)
2134.المناقب لابن شهرآشوب عن أبی مخنف فی روایة: لَمّا دُخِلَ بِالرَّأسِ عَلی یَزیدَ کانَ لِلرَّأسِ
ص:67
طیبٌ قَد فاحَ عَلی کُلِّ طیبٍ،ولَمّا نُحِرَ الجَمَلُ الَّذی حُمِلَ عَلَیهِ رَأسُ الحُسَینِ علیه السّلام کانَ لَحمُهُ أمَرَّ مِنَ الصَّبِرِ. (1)
2135.الأمالی للطوسی عن ناصح أبی عبد اللّه عن قریبة جاریة لهم: کانَ عِندَنا رَجُلٌ خَرَجَ عَلَی الحُسَینِ علیه السّلام،ثُمَّ جاءَ بِجَمَلٍ وزَعفَرانٍ،قالَت:فَلَمّا دَقُّوا الزَّعفَرانَ صارَ ناراً.
قالَت:فَجَعَلَتِ المَرأَةُ تَأخُذُ مِنهُ الشَّیءَ،فَتَلطِخُهُ عَلی یَدِها فَیَصیرُ مِنهُ بَرَصٌ.
قالَت:ونَحَرُوا البَعیرَ،قالَت:فَکُلَّما حَزُّوا بِالسِّکّینِ صارَ مَکانَها ناراً.
قالَت:فَجَعلوا یَسلَخونَهُ،فَیَصیرُ مَکانَهُ ناراً.قالَت:فَقَطَّعوهُ،فَخَرَجَت مِنهُ النّارُ.
قالَت:فَطَبَخوهُ،فَکُلَّما أوقَدُوا النّارَ فارَتِ القِدرُ ناراً.
قالَت:فَجَعَلوهُ فِی الجَفنَةِ فَصارَ ناراً.
قالَت:وکُنتُ صَبِیَّةً یَومَئِذٍ،فَأَخَذتُ عَظماً مِنهُ،فَطَیَّنتُ عَلَیهِ (2)،فَسَقَطَ وأنَا یَومَئِذٍ امرَأَةٌ،فَأَخَذناهُ نَصنَعُ مِنهُ اللَّعبَ (3).قالَت:فَلَمّا حَزَزناهُ بِالسِّکّینِ صارَ مَکانَهُ ناراً، فَعَرَفنا أنَّهُ ذلِکَ العَظمُ،فَدَفَنّاهُ. (4)
2136.تهذیب الکمال عن امّ حیّان: یَومَ قُتِلَ الحُسَینُ علیه السّلام أظلَمَت عَلَینا ثَلاثاً،ولَم یَمَسَّ أحَدٌ مِن
ص:68
زَعفَرانِهِم شَیئاً،فَجَعَلَهُ عَلی وَجهِهِ إلَّااحتَرَقَ،ولَم یَقلِب حَجَراً (1)بِبَیتِ المَقدِسِ إلّا اصیبَ تَحتَهُ دَمٌ عَبیطٌ. (2)
2137.کامل الزیارات عن أبی نصر عن رجل من أهل بیت المقدس: وَاللّهِ،لَقَد عَرَفنا-أهلَ بَیتِ المَقدِسِ ونَواحیها-عَشِیَّةَ قُتِلَ الحُسَینُ بنُ عَلِیٍّ علیه السّلام،قُلتُ:وکَیفَ ذاکَ؟قالَ:ما رَفَعنا حَجَراً ولا مَدَراً ولا صَخراً إلّاورَأَینا تَحتَها دَماً عَبیطاً یَغلی،وَاحمَرَّتِ الحیطانُ کَالعَلَقِ،ومُطِرنا ثَلاثَةَ أیّامٍ دَماً عَبیطاً،وسَمِعنا مُنادِیاً یُنادی فی جَوفِ اللَّیلِ،یَقولُ:
أتَرجو أُمَّةٌ قَتَلَت حُسَینا
وَانکَسَفَتِ الشَّمسُ ثَلاثَةَ أیّامٍ،ثُمَّ تَجَلَّت عَنها،وَانشَبَکَتِ النُّجومُ،فَلَمّا کانَ مِن غَدٍ ارجِفنا بِقَتلِهِ،فَلَم یَأتِ عَلَینا کَثیرُ شَیءٍ حَتّی نُعِیَ إلَینَا الحُسَینُ علیه السّلام. (3)
2138.مصباح الزائر -فی زِیارَةِ النّاحِیَةِ المُقَدَّسَةِ-:لَقَد صُرِعَ بِمَصرَعِکَ الإِسلامُ،وتَعَطَّلَتِ الحُدودُ وَالأَحکامُ،وأظلَمَتِ الأَیّامُ،وَانکَسَفَتِ الشَّمسُ،وأظلَمَ القَمَرُ،وَاحتُبِسَ الغَیثُ وَالمَطَرُ،وَاهتَزَّ العَرشُ وَالسَّماءُ،وَاقشَعَرَّتِ الأَرضُ وَالبَطحاءُ. (4)
راجع:ص 125 (الفصل الخامس:ما ظهر من الکرامات من رأس سیّد الشهداء علیه السّلام ).
ص:69
ص:70
هناک بعض الملاحظات حول الحوادث الخارقة للعادة التی روی وقوعها بعد شهادة الإمام علیه السّلام،مثل مطر السماء دماً وما إلی ذلک،نذکرها خلال النقاط التالیة:
1.لا استحالة فی تحقّق هذه الاُمور من الناحیة العقلیة؛ولذا فإنّ حدوثها قابل للإثبات استناداً إلی الأدلّة النقلیّة المعتبرة.
2.إنّ الحوادث الخارقة للعادة والحادثة منذ ولادة الإمام الحسین علیه السّلام والمرویّة فی المصادر الشیعیّة والسنّیة المعتبرة،-ومن جملتها الحوادث التی سبقت الإشارة إلیها-تبلغ حدّاً من الکثرة بحیث إنّ الباحث المنصف یمکنه من خلال التأمّل فیها الاطمئنان بوقوعها بشکل إجمالی.
3.توجد الآن فی منطقة زرآباد (1)التابعة لمدینة قزوین شجرة صنار یبلغ عمرها مئات
ص:71
السنین،وتفید الأخبار المتواترة أنّ سائلاً یشبه الدم یقطر من بعض أغصانها کلّ سنة فی العاشر من محرّم (یوم عاشوراء)،حیث یتوجّه آلاف الأشخاص سنویّاً فی عاشوراء إلی هذا المکان لمشاهدة هذه الظاهرة الخارقة للعادة.
یقول المؤلّف:رأیت أنا شخصیّاً بتاریخ 27 ربیع الثانی 1428 الشجرة المذکورة عن قرب،وسمعت شهادة مجموعة من أهالی زرآباد بتکرّر الظاهرة المذکورة کلّ سنة،وخاصّة أحد الشیوخ البالغ من العمر 85 عاماً،الذی شرح لی کیفیّة تکرار هذه الظاهرة سنویّاً ومن دون استثناء.
کما أنّ أحد المدرّسین المعروفین علی نطاق الحوزة العلمیّة فی قمّ و هوالمرحوم آیة اللّه وجدانی فخر السرابی (1311-1375 ه ش)،وخلال سفره إلی الحجّ قبل سنة من وفاته تقریباً،نقل لاثنین من زملائی الموثوقین (أحدهما حجّة الإسلام والمسلمین السیّد علی أکبر اجاق نجاد) أنّ العلّامة الطباطبائی (مؤلّف المیزان فی تفسیر القرآن) أظهر له کیفیّة بکاء الأرض دماً فی یوم عاشوراء. (1)
ص:72
2139.الأمالی للمفید عن غیاث بن إبراهیم عن الصادق جعفر بن محمّد علیه السّلام: أصبَحَت یَوماً امُّ سَلَمَةَ تَبکی،فَقیلَ لَها:مِمَّ بُکاؤُکِ؟
فَقالَت:لَقَد قُتِلَ ابنِیَ الحُسَینُ علیه السّلام اللَّیلَةَ،وذلِکَ أنَّنی ما رَأَیتُ رَسولَ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله مُنذُ قُبِضَ إلَّااللَّیلَةَ،فَرَأَیتُهُ شاحِباً کَئیباً.
قالَت:فَقُلتُ:ما لی أراکَ-یا رَسولَ اللّهِ-شاحِباً کَئیباً؟
قالَ:«ما زِلتُ اللَّیلَةَ أحفِرُ قُبوراً لِلحُسَینِ وأصحابِهِ عَلَیهِ وعَلَیهِمُ السَّلامُ». (1)
2140.الأمالی للطوسی عن امّ سلمة: رَأَیتُ رَسولَ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله فِی المَنامِ السّاعَةَ شَعِثاً مَذعوراً، فَسَأَلتُهُ عن شَأنِهِ ذلِکَ.
فَقالَ:«قُتِلَ ابنِیَ الحُسَینُ وأهلُ بَیتِهِ الیَومَ،فَدَفَنتُهُم،وَالسّاعَةَ فَرَغتُ مِن
ص:73
دَفنِهِم». (1)
2141.الأمالی للطوسی عن امّ سلمة: فَلَمّا کانَتِ اللَّیلَةُ رَأَیتُ رَسولَ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله فی مَنامی أغبَرَ أشعَثَ،فَذَکَرتُ لَهُ ذلِکَ،وسَأَلتُهُ عَن شَأنِهِ.
فَقالَ لی:«ألَم تَعلَمی أنَّی فَرَغتُ مِن دَفنِ الحُسَینِ وأصحابِهِ؟». (2)
راجع:ص 27 (الفصل الثانی/رؤیا امّ سلمة).
2142.رجال الکشّی عن إسماعیل بن سهل عن بعض أصحابنا: کُنتُ عِندَ الرِّضا علیه السّلام،فَدَخَلَ عَلَیهِ عَلِیُّ بنُ أبی حَمزَةَ وَابنُ السَّرّاجِ وَابنُ المُکاری،...
قالَ لَهُ عَلِیُّ [بنُ أبی حَمزَةَ]:إنّا رُوِّینا عَن آبائِکَ أنَّ الإِمامَ لایَلی أمرَهُ إلّاإمامٌ مِثلُهُ.
فَقالَ لَهُ أبُو الحَسَنِ علیه السّلام:فَأَخبِرنی عَنِ الحُسَینِ بنِ عَلِیٍّ علیه السّلام کانَ إماماً أو کانَ غَیرَ إمامٍ؟قالَ:کانَ إماماً.
قالَ:فَمَن وَلِیَ أمرَهُ؟قالَ:عَلِیُّ بنُ الحُسَینِ علیه السّلام.
قالَ:وأینَ کان عَلِیُّ بنُ الحُسَینِ علیه السّلام؟قالَ:کانَ مَحبوساً بِالکوفَةِ فی یَدِ عُبَیدِ اللّهِ بنِ زِیادٍ،قالَ:خَرَجَ وهُم لا یَعلَمونَ حَتّی وَلِیَ أمرَ أبیهِ،ثُمَّ انصَرَفَ.
فَقالَ لَهُ أبُو الحَسَنِ علیه السّلام:إنَّ هذَا [الَّذی] (3)أمکَنَ عَلِیَّ بنَ الحُسَینِ علیه السّلام أن یَأتِیَ
ص:74
کَربَلاءَ فَیَلِیَ أمرَ أبیهِ،فَهُوَ یُمَکِّنُ صاحِبَ هذَا الأَمرِ أن یَأتِیَ بَغدادَ،فَیَلِیَ أمرَ أبیهِ، ثُمَّ یَنصَرِفَ،ولَیسَ فی حَبسٍ،ولا فی إسارٍ. (1)
2143.بصائر الدرجات عن القاسم بن یحیی عن بعض أصحابنا عن أبی عبد اللّه [الصادق] علیه السّلام :لَمّا قُبِضَ رَسولُ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله هَبَطَ جَبرَئیلُ ومَعَهُ المَلائِکَةُ وَالرّوحُ الَّذینَ کانوا یَهبِطونَ فی لَیلَةِ القَدرِ.
قالَ:فَفُتِحَ لِأَمیرِ المُؤمِنینَ علیه السّلام بَصَرُهُ،فَرَآهُم فی مُنتَهَی السَّماواتِ إلَی الأَرضِ یُغَسِّلونَ النَّبِیَّ صلّی اللّه علیه و آله مَعَهُ،ویُصَلّونَ مَعَهُ عَلَیهِ،ویَحفِرونَ لَهُ،وَاللّهِ ما حَفَرَ لَهُ غَیرُهُم، حَتّی إذا وُضِعَ فی قَبرِهِ نَزَلوا مَعَ مَن نَزَلَ،فَوَضَعوهُ،فَتَکَلَّمَ وفُتِحَ لِأَمیرِ المُؤمِنینَ علیه السّلام سَمعُهُ،فَسَمِعَهُ یوصیهِم بِهِ،فَبَکی،وسَمِعَهُم یَقولونَ:لا نَألوهُ جُهداً،وإنَّما هُوَ صاحِبُنا بَعدَکَ،إلّاأنَّهُ لَیسَ یُعایِنُنا بِبَصَرِهِ بَعدَ مَرَّتِنا هذِهِ.
حَتّی إذا ماتَ أمیرُ المُؤمِنینَ علیه السّلام رَأَی الحَسَنُ وَالحُسَینُ علیهما السّلام مِثلَ ذلِکَ الَّذی رَأی، ورَأَیَا النَّبِیَّ صلّی اللّه علیه و آله أیضاً یُعینُ المَلائِکَةَ مِثلَ الَّذی صَنَعوهُ بِالنَّبِیِّ.
حَتّی إذا ماتَ الحَسَنُ علیه السّلام رَأی مِنهُ الحُسَینُ علیه السّلام مِثلَ ذلِکَ،ورَأَی النَّبِیَّ صلّی اللّه علیه و آله وعَلِیّاً علیه السّلام یُعینانِ المَلائِکَةَ.
حَتّی إذا ماتَ الحُسَینُ علیه السّلام رَأی عَلِیُّ بنُ الحُسَینِ علیه السّلام مِنهُ مِثلَ ذلِکَ،ورَأَی النَّبِیَّ صلّی اللّه علیه و آله وعَلِیّاً وَالحَسَنَ علیهما السّلام یُعینونَ المَلائِکَةَ.
حَتّی إذا ماتَ عَلِیُّ بنُ الحُسَینِ علیه السّلام رَأی مُحَمَّدُ بنُ عَلِیٍّ علیه السّلام مِثلَ ذلِکَ،ورَأَی النَّبِیَّ صلّی اللّه علیه و آله وعَلِیّاً علیه السّلام وَالحَسَنَ وَالحُسَینَ علیهما السّلام یُعینونَ المَلائِکَةَ.
حَتّی إذا ماتَ مُحَمَّدُ بنُ عَلِیٍّ رَأی جَعفَرٌ مِثلَ ذلِکَ،ورَأَی النَّبِیَّ صلّی اللّه علیه و آله وعَلِیّاً علیه السّلام
ص:75
وَالحَسَنَ وَالحُسَینَ وعَلِیَّ بنَ الحُسَینِ علیهم السّلام یُعینونَ المَلائِکَةَ،حَتّی إذا ماتَ جَعفَرٌ رَأی موسی علیه السّلام مِنهُ مِثلَ ذلِکَ،هکَذا یَجری إلی آخِرِنا. (1)
2144.تاریخ الطبری عن حمید بن مسلم: دَفَنَ الحُسَینَ علیه السّلام وأصحابَهُ أهلُ الغاضِرِیَّةِ (2)مِن بَنی أسَدٍ بَعدَما قُتِلوا بِیَومٍ. (3)
2145.أنساب الأشراف: دَفَنَ أهلُ الغاضِرِیَّةِ مِن بَنی أسَدٍ جُثَّةَ الحُسَینِ،ودَفَنوا جُثَثَ أصحابِهِ رَحِمَهُمُ اللّهُ بَعدَما قُتِلوا بِیَومٍ. (4)
2146.المناقب لابن شهرآشوب: دَفَنَ جُثَثَهُم [أیِ الحُسَینِ علیه السّلام وأصحابِهِ] بِالطَّفِّ أهلُ الغاضِرِیَّةِ مِن بَنی أسَدٍ بَعدَما قَتَلوهُ بِیَومٍ،و کانوا یَجِدونَ لِأَکثَرِهِم قُبوراً،ویَرَونَ طُیوراً بیضاً. (5)
2147.الملهوف: لَمَّا انفَصَلَ ابنُ سَعدٍ عَن کَربَلاءَ خَرَجَ قَومٌ مِن بَنی أسَدٍ فَصَلّوا عَلی تِلکَ الجُثَثِ الطَّواهِرِ،المُرَمَّلَةِ (6)بِالدِّماءِ،ودَفَنوها عَلی ما هِیَ الآنَ عَلَیهِ. (7)
2148.الأخبار الطوال: اجتَمَعَ أهلُ الغاضِرِیَّةِ،فَدَفَنوا أجسادَ القَومِ. (8)
2149.مروج الذهب: دَفَنَ أهلُ العاضِرِیَّةِ (9)-وهُم قَومٌ مِن بَنی عاضِرٍ مِن بَنی أسَدٍ-الحُسَینَ علیه السّلام
ص:76
وأصحابَهُ بَعدَ قَتلِهِم بِیَومٍ. (1)
2150.مقتل الحسین علیه السّلام للخوارزمی: وأقامَ عُمَرُ بنُ سَعدٍ یَومَهُ ذلِکَ إلَی الغَدِ،فَجَمَعَ قَتلاهُ،فَصَلّی عَلَیهِم ودَفَنَهُم،وتَرَکَ الحُسَینَ علیه السّلام وأهلَ بَیتِهِ وأصحابَهُ،فَلَمَّا ارتَحَلوا [أی عُمَرُ بنُ سَعدٍ وأصحابُهُ] إلَی الکوفَةِ وتَرَکوهُم عَلی تِلکَ الحالَةِ،عَمَدَ أهلُ الغاضِرِیَّةِ مِن بَنی أسَدٍ،فَکَفَّنوا أصحابَ الحُسَینِ علیه السّلام،وصَلّوا عَلَیهِم ودَفَنوهُم،وکانُوا اثنَینِ وسَبعینَ رَجُلاً. (2)
2151.الطبقات الکبری (الطبقة الخامسة من الصحابة): کانَ زُهَیرُ بنُ القَینِ قَد قُتِلَ مَعَ الحُسَینِ علیه السّلام، فَقالَتِ امرَأَتُهُ لِغُلامٍ لَهُ یُقالُ لَهُ شَجَرَةُ:اِنطَلِق فَکَفِّن مَولاکَ.
قالَ:فَجِئتُ فَرَأَیتُ حُسَیناً علیه السّلام مُلقیً،فَقُلتُ:اُکَفِّنُ مَولایَ وأدَعُ حُسَیناً !! فَکَفَّنتُ حُسَیناً علیه السّلام.
ثُمَّ رَجَعتُ،فَقُلتُ ذلِکَ لَها،فَقالَت:أحسَنتَ،وأعطَتنی کَفَناً آخَرَ،وقالَت:اِنطَلِق فَکَفِّن مَولاکَ،فَفَعَلتُ. (3)
2152.الإرشاد -بَعدَ ذِکرِ مَن قُتِلَ مَعَ الحُسَینِ علیه السّلام-:فَهؤُلاءِ سَبعَةَ عَشَرَ نَفساً مِن بَنی هاشِمٍ رِضوانُ اللّهِ عَلَیهِم أجمَعینَ،إخوَةُ الحُسَینِ عَلَیهِ وعَلَیهِمُ السَّلامُ،وبنو أخیهِ،وبَنو عَمَّیهِ جَعفرٍ وعَقیلٍ،وهُم کُلُّهُم مَدفونونَ مِمّا یَلی رِجلَیِ الحُسَینِ علیه السّلام فی مَشهَدِهِ،حُفِرَ لَهُم حَفیرَةٌ واُلقوا فیها جَمیعاً،وسُوِّیَ عَلَیهِمُ التُّرابُ إلَّاالعَبّاسَ بنَ عَلِیٍّ
ص:77
رِضوانُ اللّهِ عَلیهِ،فَإِنَّهُ دُفِنَ فی مَوضِعِ مَقتَلِهِ عَلَی المُسَنّاةِ بِطَریقِ الغاضِرِیَّةِ،وقَبرُهُ ظاهِرٌ،ولَیسَ لِقُبورِ إخوَتِهِ وأهلِهِ الَّذینَ سَمَّیناهُم أثَرٌ،وإنَّما یَزورُهُمُ الزّائِرُ مِن عِندِ قَبرِ الحُسَینِ علیه السّلام،ویومِئُ إلَی الأَرضِ الَّتی نَحوَ رِجلَیهِ بِالسَّلامِ،وعَلِیُّ بنُ الحُسَینِ علیه السّلام فی جُملَتِهِم،ویُقالُ:إنَّهُ أقرَبُهُم دَفناً إلَی الحُسَینِ علیه السّلام.
فَأَمّا أصحابُ الحُسَینِ رَحمَةُ اللّهِ عَلَیهِمُ الَّذینَ قُتِلوا مَعَهُ،فَإِنَّهُم دُفِنوا حَولَهُ، ولَسنا نُحَصِّلُ لَهُم أجداثاً (1)عَلَی التَّحقیقِ وَالتَّفصیلِ،إلّاأنّا لا نَشُکُّ أنَّ الحائِرَ مُحیطٌ بِهِم،رَضِیَ اللّهُ عَنهُم وأرضاهُم،وأسکَنَهُم جَنّاتِ النَّعیمِ. (2)
2153.الإرشاد: لَمّا رَحَلَ ابنُ سَعدٍ خَرَجَ قَومٌ مِن بَنی أسَدٍ،کانوا نُزولاً بِالغاضِرِیَّةِ إلَی الحُسَینِ علیه السّلام وأصحابِهِ رَحمَةُ اللّهِ عَلَیهِم،فَصَلّوا عَلَیهِم،ودَفَنُوا الحُسَینَ علیه السّلام حَیثُ قَبرُهُ الآنَ،ودَفَنُوا ابنَهُ عَلِیَّ بنَ الحُسَینِ الأَصغَرَ علیه السّلام (3)عِندَ رِجلَیهِ،وحَفَروا لِلشُّهَداءِ مِن أهلِ بَیتِهِ وأصحابِهِ الَّذینَ صُرِعوا حَولَهُ مِمّا یَلی رِجلَیِ الحُسَینِ علیه السّلام،وجَمَعوهُم، فَدَفَنوهُم جَمیعاً مَعاً،ودَفَنُوا العَبّاسَ بنَ عَلِیٍّ علیهما السّلام فی مَوضِعِهِ الَّذی قُتِلَ فیهِ عَلی طَریقِ الغاضِرِیَّةِ،حَیثُ قَبرُهُ الآنَ. (4)
2154.الأمالی للطوسی عن إبراهیم الدیزج: بَعَثَنِی المُتَوَکِّلُ إلی کَربَلاءَ لِتَغییرِ قَبرِ الحُسَینِ علیه السّلام،
ص:78
وکَتَبَ مَعی إلی جَعفَرِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَمّارٍ القاضی،اُعلِمُکَ أنّی قَد بَعَثتُ إبراهیمَ الدّیزَجَ إلی کَربَلاءَ؛لِنَبشِ قَبرِ الحُسَینِ علیه السّلام،فَإِذا قَرَأتَ کِتابی فَقِف عَلَی الأَمرِ حَتّی تَعرِفَ فَعَلَ أو لَم یَفعَل.
قالَ الدّیزَجُ:فَعَرَّفَنی جَعفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَمّارٍ ما کَتَبَ بِهِ إلَیهِ،فَفَعَلتُ ما أمَرَنی بِهِ جَعفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَمّارٍ،ثُمَّ أتَیتُهُ،فَقال لی:ما صَنَعتَ؟فَقُلتُ:قَد فَعَلتُ ما أمَرتَ بِهِ،فَلَم أرَ شَیئاً،ولَم أجِد شَیئاً.فَقالَ لی:أفَلا عَمَّقتَهُ؟قُلتُ:قَد فَعَلتُ وما رَأَیتُ،فَکَتَبَ إلَی السُّلطانِ:إنَّ إبراهیمَ الدّیزَجَ قَد نَبَشَ،فَلَم یَجِد شَیئاً،وأمَرتُهُ فَمَخَرَهُ (1)بِالماءِ،وکَرَبَهُ بِالبَقَرِ.
قالَ أبو عَلِیٍّ العَمّارِیُّ:فَحَدَّثَنی إبراهیمُ الدّیزَجُ،وسَأَلتُهُ عَن صورَةِ الأَمرِ،فَقالَ لی:أتَیتُ فی خاصَّةِ غِلمانی فَقَط،وإنّی نَبَشتُ،فَوَجَدتُ بارِیَةً جَدیدَةً وعَلَیها بَدَنُ الحُسَینِ بنِ عَلِیٍّ علیه السّلام،ووَجَدتُ مِنهُ رائِحَةَ المِسکِ،فَتَرَکتُ البارِیَةَ عَلی حالَتِها وبَدَنُ الحُسَینِ علیه السّلام عَلَی البارِیَةِ،وأمَرتُ بِطَرحِ التُّرابِ عَلَیهِ،وأطلَقتُ عَلَیهِ الماءَ،وأمَرتُ بِالبَقَرِ لِتَمخَرَهُ وتَحرُثَهُ،فَلَم تَطَأهُ البَقَرُ،وکانَت إذا جاءَت إلَی المَوضِعِ رَجَعَت عَنهُ، فَحَلَفتُ لِغِلمانی بِاللّهِ وبِالأَیمانِ المُغَلَّظَةِ لَئِن ذَکَرَ أحَدٌ هذا لَأَقتُلَنَّهُ. (2)
ص:79
ص:80
یری فقهاء الشیعة أنّ الشهید لا یغسّل ولا یکفّن،بل یدفن بلباسه،إلّاإذا کان عاریاً ففی هذه الحالة صرّح عدد من الفقهاء بوجوب تکفینه. (1)
بناء علی الروایات السالفة والتی أفادت أنّ الأعداء سلبوا الإمام الحسین علیه السّلام ملابسه، وداسوا بحوافر الخیول جسمه،فإنّ تکفین الإمام سیکون له مفهومه الخاصّ.
وذکر صاحب الطبقات الکبری فی روایةٍ أنّ أبا خالد استأذن ابن زیاد وقام بتکفین رؤوس الشهداء وأجسادهم ودفنها:
قال ذَکوان (أبوخالد) [لابن زیاد ] :خَلّ بینی وبین هذه الرؤوس فأدفنها،ففعل.
فکفّنها ودفنها بالجبّانة، (2)ورکب إلی أجسادهم،فکفّنهم ودفنهم. (3)
لکن لا یمکن قبول هذه الروایة؛فإنّها معارضة للنقل المشهور، (4)مضافاً إلی أنّ صدور
ص:81
هذا الإذن من ابن زیاد یبدو مستبعداً.
کما أنّ تکفین غلام زهیر لجسد الإمام والذی جاء فی روایة اخری فی کتاب الطبقات الکبری (1)،لا یخلو من الاستبعاد أیضاً.
روی دفن سیّد الشهداء وأصحابه بشکلین:
الأوّل:إنّه علیه السّلام دُفن بشکل إعجازی علی ید الإمام زین العابدین علیه السّلام وبحضور رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله والإمام علیّ علیه السّلام والإمام الحسن علیه السّلام و الملائکة. (2)
وهذه الروایة تنسجم مع الروایات الدالّة علی أنّ الاُمور المتعلّقة بتجهیز أئمّة أهل البیت علیه السّلام ودفنهم لا تتمّ إلّاعلی ید الإمام اللّاحق. (3)
الثانی:إنّ أهل الغاضریة من بنی أسد هم الذین دفنوا أجساد الشهداء المطهّرة. (4)
ویمکن الجمع بین هاتین الروایتین بأن نقول:إنّ بنی أسد لم یلتفتوا إلی حضور الإمام السجّاد علیه السّلام نظراً إلی حدوث ذلک بشکل إعجازی،وهکذا الحال بالنسبة إلی حضور النبیّ صلّی اللّه علیه و آله و الملائکة فإنّهم لم یلتفتوا إلیهم،أو إنّهم رأوا الإمام السجّاد ولکنّهم لم یعرفوه.
ص:82
ذکرت المصادر القدیمة أنّ دفن الشهداء کان بعد یوم من شهادتهم.
فإن کان المراد هو الیوم الحادی عشر-کما ذکر ذلک المحدّث القمّی (1)-،فمن المستبعد أن تکون هذه الروایة صحیحة؛لأنّ عمر بن سعد بقی فی کربلاء تمام الیوم الحادی عشر أو- علی الأقلّ-حتّی الظهر؛لأجل دفن القتلی من عسکره (2)،کما أنّ أهل الغاضریة من بنی أسد-والذین کانوا یقطنون-کما یُفترض-علی بعدٍ من ساحة القتال-یبعد أیضاً أن یجرؤوا أو یتمکّنوا من المجیء خلال هذه الفترة القصیرة،إلّاإذا قلنا:إنّ المراد من الیوم التالی للشهادة هو الیوم الثانی عشر.
وفیما یتعلّق بدفن سیّد الشهداء وأصحابه اشتهرت بعض الاُمور وجرت علی الألسنة، إلّا إنها لم تُذکر فی المصادر الحدیثیّة والتاریخیّة القدیمة والمعتبرة.نعم،جاء فی کتاب الدمعة الساکبة فی روایة مفصّلة:
إنّ بنی أسد عندما جاؤوا لدفن الإمام وأصحابه،رأوا أعرابیّاً فأرشدهم لدفن الشهداء،حتّی انتهی إلی جسد سیّد الشهداء،فبکی بکاءً شدیداً،ولم یدعهم یدفنونه،وقال:مَعی مَن یُعینُنی.ثمّ أنّه بسط کفّیه تحت ظهره الشریف،وقال:
«بِسمِ اللّهِ وبِاللّهِ وفی سَبیلِ اللّهِ وعَلی مِلَّةِ رَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله،هذا ما وَعَدَنَا اللّهُ تَعالی ورَسولُهُ،وصَدَقَ اللّهُ ورَسولُهُ،ما شاءَ اللّهُ،لا حَولَ ولا قُوَّةَ إلّابِاللّهِ العَلِیِّ العَظیمِ».
ثمّ أنزله وحده ولم یشرک معه أحداً منّا،ثمّ وضع خدّه بنحره الشریف وهو یبکی، و یقول:«طوبی لِأَرضٍ تَضَمَّنَت جَسَدَکَ الشَّریفَ،أمَّا الدُّنیا فَبَعدَکَ مُظلِمَةٌ، وَالآخِرَةُ فَبِنورِکَ مُشرِقَةٌ،أمَّا الحُزنُ فسَرمَدٌ،وَاللَّیلُ فَمُسَهَّدٌ،حَتّی یَختارَ اللّهُ لی دارَکَ الَّتی أنتَ مُقیمٌ بِها،فَعَلَیکَ مِنّی السَّلامُ یَابنَ رَسولِ اللّهِ ورَحمَةُ اللّهِ وبَرکاتُهُ».
ص:83
ثمّ شرج علیه اللبن وأهال علیه التراب،ثمّ وضع کفّه علی القبر وخطّه بأنامله وکتب:
«هذا قَبرُ حُسَینِ بنِ عَلِیِّ بنِ أبی طالِبٍ الَّذی قَتَلوهُ عَطشاناً غَریباً».
ثمّ دفنوا العبّاس بعد أن أرشدهم إلیه،وأخیراً خاطب بنو أسد الأعرابیَّ قائلین:
یا أخا العرب،نسألک بحقّ الجسد الّذی واریته بنفسک وما أشرکت معک أحداً منّا،من أنت؟فبکی بکاءً شدیداً،وقال:«أنَا إمامُکُم عَلِیُّ بنُ الحُسَینِ علیه السّلام»،فقلنا:
أنت علیّ! فقال:«نَعَم»،فغاب عن إبصارنا. (1)
ولکن ینبغی الالتفات إلی أنّ کتاب الدمعة الساکبة وسائر المصادر التی نقلت هذه الروایة،لا یمکن الوثوق بها،کما أوضحنا ذلک فی مبحث بلیوغرافیة تاریخ عاشوراء. (2)
ص:84
2155.تاریخ الطبری عن أبی مخنف: ما هُوَ إلّاأن قُتِلَ الحُسَینُ علیه السّلام،فَسُرِّحَ بِرَأسِهِ مِن یَومِهِ ذلِکَ مَعَ خَولِیِّ بنِ یَزیدَ وحُمَیدِ بنِ مُسلِمٍ الأَزدِیِّ إلی عُبَیدِ اللّهِ بنِ زِیادٍ،فَأَقبَلَ بِهِ خَولِیٌّ، فَأَرادَ القَصرَ،فَوَجَدَ بابَ القَصرِ مُغلَقاً،فَأَتی مَنزِلَهُ،فَوَضَعَهُ تَحتَ إجّانَةٍ (1)فی مَنزِلِهِ، ولَهُ امرَأَتانِ:اِمرَأَةٌ مِن بَنی أسَدٍ،وَالاُخری مِنَ الحَضرَمِیّینَ یُقالُ لَهَا النَّوارُ ابنَةُ مالِکِ بنِ عَقرَبٍ،وکانَت تِلکَ اللَّیلَةُ لَیلَةَ الحَضرَمِیَّةِ.
قالَ هِشامٌ:فَحَدَّثَنی أبی،عَنِ النَّوارِ بِنتِ مالِکٍ،قالَت:أقبَلَ خَولِیٌّ بِرَأسِ الحُسَینِ علیه السّلام،فَوَضَعَهُ تَحتَ إجّانَةٍ فِی الدّارِ،ثُمّ دَخَلَ البَیتَ،فَأَوی إلی فِراشِهِ،فَقُلتُ لَهُ:مَا الخَبَرُ؟ما عِندَکَ؟قالَ:جِئتُکِ بِغِنَی الدَّهرِ،هذا رَأسُ الحُسَینِ مَعَکِ فی
الدّارِ !!
قالَت:فَقُلتُ:وَیلَکَ ! جاءَ النّاسُ بِالذَّهَبِ وَالفِضَّةِ وجِئتَ بِرَأسِ ابنِ رَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله ! لا وَاللّهِ،لا یَجمَعُ رَأسی ورَأسَکَ بَیتٌ أبَداً.
ص:85
قالَت:فَقُمتُ مِن فِراشی،فَخَرَجتُ إلَی الدّارِ،فَدَعَا الأَسَدِیَّةَ،فَأَدخَلَها إلَیهِ، وجَلَستُ أنظُرُ،قالَت:فَوَاللّهِ،ما زِلتُ أنظُرُ إلی نورٍ یَسطَعُ مِثلَ العَمودِ مِنَ السَّماءِ إلَی الإِجّانَةِ،ورَأَیتُ طَیراً (1)بیضاً تُرَفرِفُ حَولَها.
قالَ:فَلَمّا أصبَحَ غَدا بِالرَّأسِ إلی عُبَیدِ اللّهِ بنِ زِیادٍ. (2)
2156.أنساب الأشراف: بَعَثَ عُمَرُ بِرَأسِ الحُسَینِ علیه السّلام مِن یَومِهِ مَعَ خَولِیِّ بنِ یَزیدَ الأَصبَحِیِّ مِن حِمیَرَ،وحُمَیدِ بنِ مُسلِمٍ الأَزدِیِّ إلَی ابنِ زِیادٍ،فَأَقبَلا بِهِ لَیلاً،فَوَجَدا بابَ القَصرِ مُغلَقاً،فَأَتی خَولِیٌّ بِهِ مَنزِلَهُ،فَوَضَعَهُ تَحتَ إجّانَةٍ فی مَنزِلِهِ،وکانَ فی مَنزِلِهِ امرَأَةٌ یُقالُ لَهَا النَّوارُ بِنتُ مالِکٍ الحَضرَمِیِّ،فَقالَت لَهُ:مَا الخَبَرُ؟قالَ:جِئتُ بِغِنَی الدَّهرِ، هذا رَأسُ الحُسَینِ مَعَکِ فِی الدّارِ !!
فَقالَت:وَیلَکَ! جاءَ النّاسُ بِالفِضَّةِ وَالذَّهَبِ،وجِئتَ بِرَأسِ ابنِ بِنتِ رَسولِ اللّهِ !! وَاللّهِ،لا یَجمَعُ رَأسی ورَأسَکَ شَیءٌ أبَداً. (3)
2157.مثیر الأحزان: لَمّا قارَبوا [أی حَمَلَةُ رَأسِ الحُسَینِ علیه السّلام ] الکوفَةَ کانَ عُبَیدُ اللّهِ بنُ زِیادٍ بِالنُّخَیلَةِ-وهِیَ العَبّاسِیَّةُ-ودَخَلَ لَیلاً.
ورُوِّیتُ:أنَّ النَّوارَ ابنَةَ مالِکٍ زَوجَةَ خَولِیِّ بنِ یَزیدَ الأَصبَحِیِّ،قالَت:أقبَلَ خَولِیٌّ بِرَأسِ الحُسَینِ علیه السّلام،فَدَخَلَ البَیتَ،فَوَضَعَهُ تَحتَ إجّانَةٍ،وأوی إلی فِراشِهِ.
فَقُلتُ:مَا الخَبَرُ؟قالَ:جِئتُکِ بِغَناءِ الدَّهرِ،بِرَأسِ الحُسَینِ!!
قُلتُ:وَیحَکَ! جاءَ النّاسُ بِالذَّهَبِ وَالفِضَّةِ،وجِئتَ بِرَأسِ الحُسَینِ بنِ رَسولِ
ص:86
اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله !! وَاللّهِ،لا جَمَعَ رَأسی ورَأسَکَ شَیءٌ أبَداً،ووَثَبتُ مِن فِراشی،وقَعَدتُ عِندَ الإِجّانَةِ،فَوَاللّهِ،ما زِلتُ أنظُرُ إلی نورٍ مِثلَ العَمودِ یَسطَعُ مِنَ السَّماءِ إلَی الإِجّانَةِ، ورَأَیتُ طُیوراً بیضاً تُرَفرِفُ حَولَها. (1)
2158.تاریخ الطبری عن أبی مخنف: لَمّا قُتِلَ الحُسَینُ بنُ عَلِیٍّ علیه السّلام جیءَ بِرُؤوسِ مَن قُتِلَ مَعَهُ مِن أهلِ بَیتِهِ وشیعَتِهِ وأنصارِهِ إلی عُبَیدِ اللّهِ بنِ زِیادٍ.
فَجاءَت کِندَةُ بِثَلاثَةَ عَشَرَ رَأساً،وصاحِبُهُم قَیسُ بنُ الأَشعَثِ.وجاءَت هَوازِنُ بِعِشرینَ رَأساً،وصاحِبُهُم شِمرُ بنُ ذِی الجَوشَنِ.وجاءَت تَمیمٌ بِسَبعَةَ عَشَرَ رَأساً، وجاءَت بَنو أسَدٍ بِسِتَّةِ أرؤُسٍ،وجاءَت مَذحِجٌ بِسَبعَةِ أرؤُسٍ،وجاءَ سائِرُ الجَیشِ بِسَبعَةِ أرؤُسٍ،فَذلِکَ سَبعونَ رَأساً. (2)
2159.الأخبار الطوال: أقامَ عُمَرُ بنُ سَعدٍ بِکَربَلاءَ بَعدَ مَقتَلِ الحُسَینِ علیه السّلام یَومَینِ،ثُمَّ أذَّنَ فِی النّاسِ بِالرَّحیلِ،وحُمِلَتِ الرُّؤوسُ عَلی أطرافِ الرِّماحِ،وکانَتِ اثنَینِ وسَبعینَ رَأساً.
جاءَت هَوازِنُ مِنها بِاثنَینِ وعِشرینَ رَأساً.وجاءَت تَمیمٌ بِسَبعَةَ عَشَرَ رَأساً مَعَ الحُصَینِ بنِ نُمَیرٍ.وجاءَت کِندَةُ بِثَلاثَةَ عَشَرَ رَأساً مَعَ قَیسِ بنِ الأَشعَثِ.وجاءَت
ص:87
بَنو أسَدٍ بِسِتَّةِ رُؤوسٍ مَعَ هِلالٍ الأَعوَرِ.وجاءَتِ الأَزدُ بِخَمسَةِ (1)رُؤوسٍ مَعَ عَیهَمَةَ بنِ زُهَیرٍ.وجاءَت ثَقیفٌ بِاثنَی عَشَرَ رَأساً مَعَ الوَلیدِ بنِ عَمرٍو. (2)
2160.الملهوف: رُوِیَ أنَّ رُؤوسَ أصحابِ الحُسَینِ علیه السّلام کانَت ثَمانِیَةً وسَبعینَ رَأساً،فَاقتَسَمَتهَا القَبائِلُ؛لِتَتَقَرَّبَ بِذلِکَ إلی عُبَیدِ اللّهِ بنِ زِیادٍ،وإلی یَزیدَ بنِ مُعاوِیَةَ.
فَجاءَت کِندَةُ بِثَلاثَةَ عَشَرَ رَأساً،وصاحِبُهُم قَیسُ بنُ الأَشعَثِ.وجاءَت هَوازِنُ بِاثنَی عَشَرَ رَأساً،وصاحِبُهُم شِمرُ بنُ ذِی الجَوشَنِ.وجاءَت تَمیمٌ بِسَبعَةِ عَشَرَ رَأساً.
وجاءَت بَنو أسَدٍ بِسِتَّةَ عَشَرَ رَأساً،وجاءَت مَذحِجٌ بِسَبعَةِ رُؤوسٍ،وجاءَ سائِرُ النّاسِ بِثَلاثَةَ عَشَرَ رَأساً. (3)
2161.الفصول المهمّة: کانَت عِدَّةُ رُؤوسِ القَتلَی الَّتی حُمِلَت إلی عُبَیدِ اللّهِ بنِ زِیادٍ لَعَنَهُ اللّهُ مَعَ صُحبَةِ رَأسِ الحُسَینِ علیه السّلام سَبعینَ رَأساً،وذلِکَ أنَّ کِندَةَ جاءَت بِثَلاثَةَ عَشَرَ رَأساً مَعَ مُقَدِّمِهِم قَیسُ بنُ الأَشعَثِ،وجاءَت هَوازِنُ بِعِشرینَ رَأساً،وجاءَت أخلاطٌ مِنَ العَسکَرِ بِسِتَّةِ رُؤوسٍ. (4)
2162.الأخبار الطوال: حُمِلَتِ الرُّؤوسُ عَلی أطرافِ الرِّماحِ،وکانَتِ اثنَینِ وسَبعینَ
ص:88
رَأساً. (1)
2163.تاریخ الطبری عن زرّ بن حبیش: أوَّلُ رَأسٍ رُفِعَ عَلی خَشَبَةٍ،رَأسُ الحُسَینِ رَضِیَ اللّهُ عَنهُ،وصَلَّی اللّهُ عَلی روحِهِ. (2)
2164.تاریخ الطبری عن أبی مخنف: ما هُوَ إلّاأن قُتِلَ الحُسَینُ علیه السّلام،فَسُرِّحَ بِرَأسِهِ مِن یَومِهِ ذلِکَ [یَومِ عاشوراءَ] مَعَ خَولِیِّ بنِ یَزیدَ وحُمَیدِ بنِ مُسلِمٍ الأَزدِیِّ إلی عُبَیدِ اللّهِ بنِ زِیادٍ. (3)
2165.تاریخ الطبری عن قرّة بن قیس التمیمی: وقُطِفَ رُؤوسُ الباقینَ،فَسُرِّحَ بِاثنَینِ وسَبعینَ رَأساً مَعَ شِمرِ بنِ ذِی الجَوشَنِ،وقَیسِ بنِ الأَشعَثِ،وعَمرِو بنِ الحَجّاجِ،وعَزرَةَ بنِ قَیسٍ،فَأَقبَلوا حَتّی قَدِموا بِها عَلی عُبَیدِ اللّهِ بنِ زِیادٍ. (4)
2166.الأخبار الطوال: بَعَثَ عُمَرُ بنُ سَعدٍ بِرَأسِ الحُسَینِ علیه السّلام مِن ساعَتِهِ إلی عُبَیدِ اللّهِ بنِ زِیادٍ مَعَ خَولِیِّ بنِ یَزیدَ الأَصبَحِیِّ. (5)
2167.تاریخ الیعقوبی: بادَرَ القَومُ،فَاحتَزّوا رَأسَهُ [أی رَأسَ الحُسَینِ علیه السّلام ]،وبَعَثوا بِهِ إلی عُبَیدِ
ص:89
اللّهِ بنِ زِیادٍ. (1)
2168.أنساب الأشراف: احتُزَّت رُؤوسُ القَتلی،فَحُمِلَ إلَی ابنِ زِیادٍ اثنانِ وسَبعونَ رَأساً،مَعَ شِمرِ بنِ ذِی الجَوشَنِ،وقَیسِ بنِ الأَشعَثِ،وعَمرِو بنِ الحَجّاجِ الزُّبَیدِیِّ،وعَزرَةَ بنِ قَیسٍ الأَحمَسِیِّ مِن بَجیلَةَ،فَقَدِموا بِالرُّؤوسِ عَلَی ابنِ زِیادٍ. (2)
2169.الملهوف: إنَّ عُمَرَ بنَ سَعدٍ بَعَثَ بِرَأسِ الحُسَینِ عَلَیهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ فی ذلِکَ الیَومِ...إلی عُبَیدِ اللّهِ بنِ زِیادٍ،وأمَرَ بِرُؤوسِ الباقینَ مِن أصحابِهِ وأهلِ بَیتِهِ، فَقُطِعَت. (3)
2170.الإرشاد: سَرَّحَ عُمَرُ بنُ سَعدٍ مِن یَومِهِ ذلِکَ-وهُوَ یَومُ عاشوراءَ-بِرَأسِ الحُسَینِ علیه السّلام مَعَ خَولِیِّ بنِ یَزیدَ الأَصبَحِیِّ وحُمَیدِ بنِ مُسلِمٍ الأَزدِیِّ إلی عُبَیدِ اللّهِ بنِ زِیادٍ،وأمَرَ بِرُؤوسِ الباقینَ مِن أصحابِهِ وأهلِ بَیتِهِ،فَقُطِعَت، (4)وکانَتِ اثنَینِ وسَبعینَ رَأساً، وسَرَّحَ بِها مَعَ شِمرِ بنِ ذِی الجَوشَنِ،وقَیسِ بنِ الأَشعَثِ،وعَمرِو بنِ الحَجّاجِ، فَأَقبَلوا حَتّی قَدِموا بِها عَلَی ابنِ زِیادٍ. (5)
2171.الأخبار الطوال: کانَتِ الرُّؤوسُ قَد تَقَدَّمَ بِها شِمرُ بنُ ذِی الجَوشَنِ أمامَ عُمَرَ بنِ
ص:90
سَعدٍ. (1)
2172.تهذیب الکمال عن بوّاب عبید اللّه بن زیاد: إنَّهُ لَمّا جیءَ بِرَأسِ الحُسَینِ علیه السّلام،فَوُضِعَ بَینَ یَدَیهِ، رَأَیتُ حیطانَ دارِ الإِمارَةِ تَسایَلُ دَماً. (2)
2173.مقتل الحسین علیه السّلام للخوارزمی: لَمّا أدخَلَ خَولِیٌّ الأَصبَحِیُّ الرَّأسَ عَلَی ابنِ زِیادٍ-وکانَ الَّذی یَتَوَلّی حَملَهُ بَشیرُ بنُ مالِکٍ-فَقَدَّمَهُ إلَیهِ،وأنشَأَ یَقولُ:
اِملَأ رِکابی فِضَّةً وذَهَبا
فَغَضِبَ ابنُ زِیادٍ مِن قَولِهِ،وقالَ:فَإِذا عَلِمتَ أنَّهُ کَذلِکَ لِمَ قَتَلتَهُ؟وَاللّهِ،لا نِلتَ مِنّی خَیراً،ولَاُلحِقَنَّکَ بِهِ،فَقَدَّمَهُ وضَرَبَ عُنُقَهُ. (3)
2174.الأمالی للصدوق عن عبد اللّه بن منصور عن جعفر بن محمّد بن علیّ بن الحسین عن أبیه عن جدّه [زین العابدین] علیهم السّلام :أقبَلَ سِنانٌ لَعَنَهُ اللّهُ حَتّی أدخَلَ رَأسَ الحُسَینِ بنِ عَلِیٍّ علیه السّلام عَلی عُبَیدِ اللّهِ بنِ زِیادٍ لَعَنَهُ اللّهُ،وهُوَ یَقولُ:
اِملَأ رِکابی فِضَّةً وذَهَبا
فَقالَ لَهُ عُبَیدُ اللّهِ بنُ زِیادٍ:وَیحَکَ ! فَإِن عَلِمتَ أنَّهُ خَیرُ النّاسِ أباً واُمّاً،لِمَ قَتَلتَهُ إذَن؟فَأَمَرَ بِهِ،فَضُرِبَت عُنُقُهُ،وعَجَّلَ اللّهُ بِروحِهِ إلَی النّارِ. (4)
ص:91
2175.الطبقات الکبری (الطبقة الخامسة من الصحابة): ونَزَلَ مَعَهُ [أی مَعَ سِنانِ بنِ أنَسٍ] خَولِیُّ بنُ یَزیدَ الأَصبَحِیُّ،فَاحتَزَّ رَأسَهُ،ثُمَّ أتی بِهِ عُبَیدَ اللّهِ بنَ زِیادٍ،فَقالَ:
أوقِر رِکابی فِضَّةً وذَهَبا
قالَ:فَلَم یُعطِهِ عُبَیدُ اللّهِ شَیئاً. (1)
2176.الفتوح: أرسَلَ عُمَرُ بنُ سَعدٍ بِالرَّأسِ إلی عُبَیدِ اللّهِ بنِ زِیادٍ،فَجاءَهُ الرَّجُلُ بِالرَّأسِ، وَاسمُهُ بِشرُ بنُ مالِکٍ،حَتّی وَضَعَ الرَّأسَ بَینَ یَدَیهِ،وجَعَلَ یَقولُ:
اِملَأ رِکابی فِضَّةً وذَهَبا
قَتَلتُ خَیرَ النّاسِ امّاً وأبا
فَغَضِبَ عُبَیدُ اللّهِ بنُ زِیادٍ مِن قَولِهِ،ثُمَّ قالَ:إذ عَلِمتَ أنَّهُ کَذلِکَ فَلِمَ قَتَلتَهُ؟وَاللّهِ، لا نِلتَ مِنّی خَیراً،ولَاُلحِقَنَّکَ بِهِ،ثُمَّ قَدَّمَهُ،وضَرَبَ عُنُقَهُ. (2)
2177.الفصول المهمّة: أرسَلَ عُمَرُ بنُ سَعدٍ-خَذَلَهُ اللّهُ-بِالرَّأسِ إلَی ابنِ زِیادٍ مَعَ سِنانِ بنِ أنَسٍ النَّخَعِیِّ قاتِلِ الحُسَینِ علیه السّلام. (3)
ص:92
2178.تاریخ الطبری عن سعد بن عبیدة: جیءَ بِرَأسِ الحُسَینِ علیه السّلام إلَی ابنِ زِیادٍ،فَوُضِعَ بَینَ یَدَیهِ، فَجَعَلَ یَنکُتُ بِقَضیبِهِ،ویَقولُ:إنَّ أبا عَبدِ اللّهِ قَد کانَ شَمَطَ (1). (2)
2179.أنساب الأشراف عن أنس بن مالک: لَمّا جیءَ بِرَأسِ الحُسَینِ علیه السّلام إلَی ابنِ زِیادٍ،وُضِعَ بَینَ یَدَیهِ فی طَستٍ،فَجَعَلَ یَنکُتُ فی وَجَنَتِهِ بِقَضیبٍ،ویَقولُ:ما رَأَیتُ مِثلَ حُسنِ هذَا الوَجهِ قَطُّ.
فَقُلتُ:إنَّهُ کانَ یُشبِهُ النَّبِیَّ صلّی اللّه علیه و آله. (3)
2180.الأمالی للشجری عن أنس: لَم تَرَ عَینٌ عِبَراً (4)مِثلَ یَومَ اتِیَ بِرَأسِ الحُسَینِ بنِ عَلِیٍّ علیه السّلام فی طَشتٍ،فَوُضِعَ بَینَ یَدَی عُبَیدِ اللّهِ بنِ زِیادٍ لَعَنَهُمَا اللّهُ،فَجَعَلَ یَمُسُّهُ بِقَضیبِهِ،ویَقولُ:
إن کانَ لَصَبیحاً،إن کانَ لَجَمیلاً ! (5)
2181.الطبقات الکبری (الطبقة الخامسة من الصحابة): لَمّا وُضِعَتِ الرُّؤوسُ بَینَ یَدَی عُبَیدِ اللّهِ بنِ زِیادٍ،جَعَلَ یَضرِبُ بِقَضیبٍ مَعَهُ عَلی فِیِّ الحُسَینِ علیه السّلام،وهُوَ یَقولُ:
یُفَلِّقنَ (6)هاماً (7)مِن اناسٍ أعِزَّةٍ عَلَینا وهُم کانوا أعَقَّ وأظلَما
فَقالَ لَهُ زَیدُ بنُ أرقَمَ:لَو نَحَّیتَ هذَا القَضیبَ،فَإِنَّ رَسولَ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله کانَ یَضَعُ فاهُ
ص:93
عَلی مَوضِعِ هذَا القَضیبِ. (1)
2182.الأمالی للصدوق عن حاجب عبید اللّه بن زیاد: إنَّهُ لَمّا جیءَ بِرَأسِ الحُسَینِ علیه السّلام أمَرَ فَوُضِعَ بَینَ یَدَیهِ فی طَستٍ مِن ذَهَبٍ،وجَعَلَ یَضرِبُ بِقَضیبٍ فی یَدِهِ عَلی ثَنایاهُ،ویَقولُ:لَقَد أسرَعَ الشَّیبُ إلَیکَ یا أبا عَبدِ اللّهِ.
فَقالَ رَجُلٌ مِنَ القَومِ:مَه ! فَإِنّی رَأَیتُ رَسولَ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله یَلثِمُ حَیثُ تَضَعُ قَضیبَکَ.
فَقالَ:یَومٌ بِیَومِ بَدرٍ. (2)
راجع:ص 135 (الفصل السادس/إشخاص أهل البیت إلی الکوفة).
2183.تاریخ الطبری عن أبی مخنف: إنَّ عُبَیدَ اللّهِ بنَ زِیادٍ نَصَبَ رَأسَ الحُسَینِ علیه السّلام بِالکوفَةِ، فَجَعَلَ یُدارُ بِهِ فِی الکوفَةِ. (3)
2184.الإرشاد: لَمّا أصبَحَ عُبَیدُ اللّهِ بنُ زِیادٍ بَعَثَ بِرَأسِ الحُسَینِ علیه السّلام،فَدیرَ بِهِ فی سِکَکِ (4)الکوفَةِ کُلِّها وقَبائِلِها. (5)
ص:94
2185.تذکرة الخواصّ: إنَّ ابنَ زِیادٍ نَصَبَ الرُّؤوسَ کُلَّها بِالکوفَةِ عَلَی الخَشَبِ،وکانَت زِیادَةً عَلی سَبعینَ رَأساً،وهِیَ أوَّلُ رُؤوسٍ نُصِبَت فِی الإِسلامِ بَعدَ رَأسِ مُسلِمِ بنِ عَقیلٍ بِالکوفَةِ. (1)
2186.الملهوف: أمَرَ ابنُ زِیادٍ بِرَأسِ الحُسَینِ علیه السّلام،فَطیفَ بِهِ فی سِکَکِ الکوفَةِ،ویَحِقُّ لی أن أتَمَثَّلَ هُنا أبیاتاً لِبَعضِ ذَوِی العُقولِ،یَرثی بها قَتیلاً مِن آلِ الرَّسولِ صلّی اللّه علیه و آله فَقالَ:
رَأسُ ابنِ بِنتِ مُحَمَّدٍ ووَصِیِّهِ
2187.تاریخ الطبری عن أبی مخنف: دَعَا [ابنُ زِیادٍ] زَحرَ بنَ قَیسٍ،فَسَرَّحَ (2)مَعَهُ بِرَأسِ الحُسَینِ علیه السّلام ورُؤوسِ أصحابِهِ إلی یَزیدَ بنِ مُعاوِیَةَ،وکانَ مَعَ زَحرٍ أبو بُردَةَ بنُ عَوفٍ الأَزدِیُّ،وطارِقُ بنُ أبی ظَبیانَ الأَزدِیُّ،فَخَرَجوا حَتّی قَدِموا بِهَا الشّامَ عَلی یَزیدَ بنِ مُعاوِیَةَ. (3)
ص:95
2188.تاریخ الیعقوبی: واُخرِجَ عِیالُ الحُسَینِ علیه السّلام ووُلدُهُ إلَی الشّامِ،ونُصِبَ رَأسُهُ عَلی رُمحٍ. (1)
2189.تذکرة الخواصّ: إنَّ ابنَ زِیادٍ حَطَّ الرُّؤوسَ فی یَومِ الثّانی،وجَهَّزَها وَالسَّبایا إلَی الشّامِ، إلی یَزیدَ بنِ مُعاوِیَةَ. (2)
2190.الفتوح: دَعَا ابنُ زِیادٍ زَجرَ بنَ قَیسٍ الجُعفِیَّ،فَسَلَّمَ إلَیهِ رَأسَ الحُسَینِ بنِ عَلِیٍّ علیه السّلام ورُؤوسَ إخوَتِهِ،ورَأسَ عَلِیِّ بنِ الحُسَینِ علیه السّلام ورُؤوسَ أهلِ بَیتِهِ وشیعَتِهِ رَضِیَ اللّهُ عَنهُم أجمَعینَ.ودَعا عَلِیَّ بنَ الحُسَینِ علیه السّلام أیضاً،فَحَمَلَهُ وحَمَلَ أخَواتِهِ وعَمّاتِهِ وجَمیعَ نِسائِهِم إلی یَزیدَ بنِ مُعاوِیَةَ. (3)
2191.الإرشاد: لَمّا فَرَغَ القَومُ مِنَ التَّطوافِ بِهِ [أی بِرَأسِ الحُسَینِ علیه السّلام ] بِالکوفَةِ،رَدّوه إلی بابِ القَصرِ،فَدَفَعَهُ ابنُ زِیادٍ إلی زَحرِ بنِ قَیسٍ،ودَفَعَ إلَیهِ رُؤوسَ أصحابِهِ،وسَرَّحَهُ إلی یَزیدَ بنِ مُعاوِیَةَ عَلَیهِم لَعائِنُ اللّهِ ولَعنَةُ اللّاعِنینَ فِی السَّماواتِ وَالأَرَضینَ،وأنفَذَ مَعَهُ أبا بُردَةَ بنَ عَوفٍ الأَزدِیَّ،وطارِقَ بنَ أبی ظَبیانَ فی جَماعَةٍ مِن أهلِ الکوفَةِ،حَتّی وَرَدوا بِها عَلی یَزیدَ بِدِمَشقَ. (4)
2192.البدایة والنهایة: ما قُتِلَ قَتیلٌ إلَّااحتَزّوا رَأسَهُ وحَمَلوهُ إلَی ابنِ زِیادٍ،ثُمَّ بَعَثَ بِهَا ابنُ زِیادٍ إلی یَزیدَ بنِ مُعاوِیَةَ إلَی الشّامِ. (5)
ص:96
2193.مقتل الحسین علیه السّلام للخوارزمی عن عکرمة بن خالد: اتِیَ بِرَأسِ الحُسَینِ علیه السّلام إلی یَزیدَ بنِ مُعاوِیَةَ بِدِمَشقَ،فَنُصِبَ،فَقالَ یَزیدُ:عَلَیَّ بِالنُّعمانِ بنِ بَشیرٍ،فَلَمّا جاءَ قالَ:کَیفَ رَأَیتَ ما فَعَلَ عُبَیدُ اللّهِ بنُ زِیادٍ؟
قالَ:الحَربُ دُوَلٌ،فَقالَ:الحَمدُ للّهِ ِ الَّذی قَتَلَهُ.
قالَ النُّعمانُ:قَد کانَ أمیرُ المُؤمِنینَ-یَعنی بِهِ مُعاوِیَةَ-یَکرَهُ قَتلَهُ.
فَقالَ:ذلِکَ قَبلَ أن یَخرُجَ،ولَو خَرَجَ عَلی أمیرِ المُؤمِنینَ-وَاللّهِ-قَتَلَهُ إن قَدَرَ. (1)
راجع:ص 199 (الفصل السابع/إشخاص حرم الرسول صلّی اللّه علیه و آله إلی الشام)
و ج 4 ص 403 (القسم الثامن/الفصل التاسع/ما جری علی الإمام علیه السّلام فی آخر لحظة من حیاته) و ص 416 (الفصل التاسع/ما روی فیمن قتل الإمام علیه السّلام ).
2194.الملهوف عن زین العابدین علیه السّلام: لَمّا أتَوا بِرَأسِ الحُسَینِ علیه السّلام إلی یَزیدَ لَعَنَهُ اللّهُ،کانَ یَتَّخِذُ مَجالِسَ الشُّربِ،ویَأتی بِرَأسِ الحُسَینِ علیه السّلام ویَضَعُهُ بَینَ یَدَیهِ ویَشرَبُ عَلَیهِ. (2)
2195.الطبقات الکبری (الطبقة الخامسة من الصحابة) عن یزید بن أبی زیاد: لَمّا اتِیَ یَزیدُ بنُ مُعاوِیَةَ بِرَأسِ الحُسَینِ بنِ عَلِیٍّ علیه السّلام،جَعَلَ یَنکُتُ بِمِخصَرَةٍ مَعَهُ سِنَّهُ،ویَقولُ:ما کُنتُ أظُنُّ أبا عَبدِ اللّهِ یَبلُغُ هذَا السِّنَّ.
قالَ:وإذا لِحیَتُهُ ورَأسُهُ قَد فَصَلَ مِنَ الخِضابِ الأَسوَدِ. (3)
ص:97
2196.تاریخ الیعقوبی: وُضِعَ الرَّأسُ بَینَ یَدَی یَزیدَ،فَجَعَلَ یَزیدُ یَقرَعُ ثَنایاهُ بِالقَضیبِ. (1)
2197.عیون أخبار الرضا علیه السّلام عن عبد السّلام بن صالح الهروی: سَمِعتُ أبَا الحَسَنِ عَلِیَّ بنَ موسَی الرِّضا علیه السّلام یَقولُ:أوَّلُ مَنِ اتُّخِذَ لَهُ الفُقّاعُ (2)فِی الإِسلامِ بِالشّامِ یَزیدُ بنُ مُعاوِیَةَ لَعَنَهُ اللّهُ، فَاُحضِرَ وهُوَ عَلَی المائِدَةِ،وقَد نَصَبَها عَلی رَأسِ الحُسَینِ علیه السّلام،فَجَعَلَ یَشرَبُهُ ویَسقی أصحابَهُ،ویَقولُ لَعَنَهُ اللّهُ:اِشرَبوا،فَهذا شَرابٌ مُبارَکٌ،ولَو لَم یَکُن مِن بَرَکَتِهِ إلّاأنّا أوَّلَ ما تَناوَلناهُ ورَأسُ عَدُوِّنا بَینَ أیدینا،ومائِدَتُنا مَنصوبَةٌ عَلَیهِ،ونَحنُ نَأکُلُهُ (3)ونُفوسُنا ساکِنَةٌ،وقُلوبنا مُطمَئِنَّةٌ.
فَمَن کانَ مِن شیعَتِنا فَلیَتَوَرَّع عَن شُربِ الفُقّاعِ،فَإِنَّهُ مِن شَرابِ أعدائِنا،فَإِن لَم یَفعَل فَلَیسَ مِنّا،ولَقَد حَدَّثَنی أبی،عَن أبیهِ،عَن آبائِهِ،عَن عَلِیِّ بنِ أبی طالِبٍ علیه السّلام، قالَ:
قالَ رَسولُ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله:لا تَلبَسوا لِباسَ أعدائی،ولا تَطعَموا مَطاعِمَ أعدائی،ولا تَسلُکوا مَسالِکَ أعدائی،فَتَکونوا أعدائی کَما هُم أعدائی. (4)
2198.کتاب من لا یحضره الفقیه عن الفضل بن شاذان: سَمِعتُ الرِّضا علیه السّلام:لَمّا حُمِلَ رَأسُ الحُسَینِ علیه السّلام إلَی الشّامِ،أمَرَ یَزیدُ-لَعَنَهُ اللّهُ-فَوُضِعَ،ونُصِبَ عَلَیهِ مائِدَةٌ،فَأَقبَلَ هُوَ وأصحابُهُ یَأکُلونَ،ویَشرَبونَ الفُقّاعَ،فَلَمّا فَرَغوا أمَرَ بِالرَّأسِ،فَوُضِعَ فی طَستٍ تَحتَ سَریرِهِ،وبُسِطَ عَلَیهِ رُقعَةُ الشِّطرَنجِ،وجَلَسَ یَزیدُ-لَعَنَهُ اللّهُ-یَلعَبُ بِالشِّطرَنجِ،ویَذکُرُ الحُسَینَ بنَ عَلِیٍّ وأباهُ وجَدَّهُ صلّی اللّه علیه و آله ویَستَهزِئُ بِذِکرِهِم،فَمَتی قامَرَ
ص:98
صاحِبَهُ تَناوَلَ الفُقّاعَ فَشَرِبَهُ ثَلاثَ مَرّات،ثُمَّ صَبَّ فَضلَتَهُ عَلی ما یَلِی الطَّستَ مِنَ الأَرضِ.
فَمَن کانَ مِن شیعَتِنا فَلیَتَوَرَّع عَن شُربِ الفُقّاعِ،وَاللَّعبِ بِالشِّطرَنجِ،ومَن نَظَرَ إلَی الفُقّاعِ أو إلَی الشِّطرَنجِ فَلیَذکُرِ الحُسَینَ علیه السّلام،وَلیَلعَن یَزیدَ وآلَ زِیادٍ،یَمحُو اللّهُ عز و جل بِذلِکَ ذُنوبَهُ ولَو کانَت بِعَدَدِ النُّجومِ. (1)
2199.مثیر الأحزان: کانَ یَزیدُ یَتَّخِذُ مَجالِسَ الشَّرابِ وَاللَّهوِ وَالقِیانِ (2)وَالطَّرَبِ،ویُحضِرُ رَأسَ الحُسَینِ علیه السّلام بَینَ یَدَیهِ. (3)
2200.الکامل فی التاریخ: ادخِلَ نِساءُ الحُسَینِ علیه السّلام عَلَیهِ [أی عَلی یَزیدَ] وَالرَّأسُ بَینَ یَدَیهِ، فَجَعَلَت فاطِمَةُ وسُکَینَةُ ابنَتَا الحُسَینِ علیه السّلام تَتَطاوَلانِ لِتَنظُرا إلَی الرَّأسِ،وجَعَلَ یَزیدُ یَتَطاوَلُ لِیَستُرَ عَنهُمَا الرَّأسَ.
فَلَمّا رَأَینَ الرَّأسَ صِحنَ،فَصاحَ نِساءُ یَزیدَ،ووَلوَلَ بَناتُ مُعاوِیَةَ. (4)
2201.تاریخ الطبری عن عوانة بن الحکم الکلبی: لَمّا نَظَرَ یَزیدُ إلی رَأسِ الحُسَینِ علیه السّلام قالَ:
یُفَلِّقنَ هاماً مِن رِجالٍ أعِزَّةٍ عَلَینا وهُم کانوا أعَقَّ وأظلَما
ثُمَّ قالَ:أتَدرونَ مِن أینَ اتِیَ هذا [أیِ الحُسَینُ علیه السّلام ]؟قالَ:أبی عَلِیٌّ خَیرٌ مِن أبیهِ،واُمّی فاطِمَةُ خَیرٌ مِن امِّهِ،وجَدّی رَسولُ اللّهِ خَیرٌ مِن جَدِّهِ،وأنَا خَیرٌ مِنهُ، وأحَقُّ بِهذَا الأَمرِ مِنهُ.
ص:99
فَأَمّا قَولُهُ أبوهُ خَیرٌ مِن أبی فَقَد حاجَّ أبی أباهُ،وعَلِمَ النّاسُ أیُّهُما حُکِمَ لَهُ، وأمّا قَولُهُ:اُمّی خَیرٌ مِن امِّهِ،فَلَعَمری فاطِمَةُ ابنَةُ رَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله خَیرٌ مِن امّی،وأمّا قَولُهُ:جَدّی خَیرٌ مِن جَدِّهِ،فَلَعَمری ما أحَدٌ یُؤمِنُ بِاللّهِ وَالیَومِ الآخِرِ یَری لِرَسولِ اللّهِ فینا عَدلاً ولا نِدّاً،ولکِنَّهُ إنَّما اتِیَ مِن قِبَلِ فِقهِهِ،ولَم یَقرَأ: «قُلِ اللّهُمَّ مالِکَ الْمُلْکِ تُؤْتِی الْمُلْکَ مَنْ تَشاءُ وَ تَنْزِعُ الْمُلْکَ مِمَّنْ تَشاءُ وَ تُعِزُّ مَنْ تَشاءُ وَ تُذِلُّ مَنْ تَشاءُ بِیَدِکَ الْخَیْرُ إِنَّکَ عَلی کُلِّ شَیْ ءٍ قَدِیرٌ» 1 . (1)
2202.الفتوح: اتِیَ بِالرَّأسِ حَتّی وُضِعَ بَینَ یَدَی یَزیدَ بنِ مُعاوِیَةَ فی طَشتٍ مِن ذَهَبٍ،قالَ:
فَجَعَلَ یَنظُرُ إلَیهِ وهُوَ یَقولُ:
نُفَلِّقُ هاماً مِن رِجالٍ أعِزَّةٍ عَلَینا وهُم کانوا أعَقَّ وأظلَما
قالَ:ثُمَّ أقبَلَ عَلی أهلِ مَجلِسِهِ،وقالَ:هذا کانَ یَفتَخِرُ عَلَیَّ ویَقولُ:أبی خَیرٌ مِن أبِ یَزیدَ،واُمّی خَیرٌ مِن امِّهِ،وجَدّی خَیرٌ مِن جَدِّ یَزیدَ،وأنَا خَیرٌ مِن یَزیدَ، فَهذَا الَّذی قَتَلَهُ.
فَأَمّا قَولُهُ:إنَّ أبی خَیرٌ مِن أبِ یَزیدَ،فَقَد حاجَّ أبی أباهُ،فَقَضَی اللّهُ لِأَبی عَلی أبیهِ.
وأمّا قَولُهُ:إنَّ امّی خَیرٌ مِن امِّ یَزیدَ،فَلَعَمری إنَّهُ صَدَقَ،إنَّ فاطِمَةَ بِنتَ رَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله خَیرٌ مِن امّی.
وأمّا قَولُهُ:بِأَنَّ جَدّی خَیرٌ مِن جَدِّ یَزیدَ،فَلَیسَ أحَدٌ یُؤمِنُ بِاللّهِ وَالیَومِ الآخِرِ یقَولُ إنَّهُ خَیرٌ مِن مُحَمَّدٍ صلّی اللّه علیه و آله.
ص:100
وأمّا قَولُهُ:خَیرٌ مِنّی،فَلَعَلَّهُ لَم یَقرَأ هذِهِ الآیَةَ: «قُلِ اللّهُمَّ مالِکَ الْمُلْکِ -إلی- قَدِیرٌ» 1 . (1)
2203.أنساب الأشراف: بَعَثَ یَزیدُ بِرَأسِ الحُسَینِ علیه السّلام إلی نِسائِهِ،فَأَخَذَتهُ عاتِکَةُ ابنَتُهُ وهِیَ امُّ یَزیدَ بنِ عَبدِ المَلِکِ،فَغَسَلَتهُ ودَهَنَتهُ وطَیَّبَتهُ.
فَقالَ لَها یَزیدُ:ما هذا؟قالَت:بَعَثتَ إلَیَّ بِرَأسِ ابنِ عَمّی شَعِثاً،فَلَمَمتُهُ وطَیَّبتُهُ. (2)
2204.شرح الأخبار عن علیّ بن الحسین [زین العابدین] علیه السّلام :أمَرَ [یَزیدُ] بِالنِّسوَةِ فَاُدخِلنَ إلی نِسائِهِ،ثُمَّ أمَرَ بِرَأسِ الحُسَینِ علیه السّلام،فَرُفِعَ عَلی سِنِّ قَناةٍ،فَلَمّا رَأَینَ ذلِکَ نِساؤُهُ أعوَلنَ.فَدَخَلَ-اللَّعینُ-یَزیدُ عَلی نِسائِهِ،فَقالَ:ما لَکُنَّ لا تَبکینَ مَعَ بَناتِ عَمِّکُنَّ؟وأمَرَهُنَّ أن یُعوِلنَ مَعَهُنَّ؛تَمَرُّداً عَلَی اللّهِ عز و جل،وَاستِهزاءً بِأَولِیاءِ اللّهِ علیهم السّلام ثُمَّ قالَ:
نُفَلِّقُ هاماً مِن رِجالٍ أعِزَّةٍ
وجَعَلَ یَستَفرِهُ الطَّرَبَ وَالسُّرورَ،وَالنِّسوَةُ یَبکینَ وَیَندُبنَ،وَنِساؤُهُ یُعوِلنَ مَعَهُنَّ، وَهُوَ یَقولُ:
شَجِیٌّ (3)بَکی شجوَةً فاجِعاً قَتیلاً وباکٍ عَلی مَن قَتَل
ص:101
فَلَم أرَ کَالیَومِ فی مَأثَمٍ کانَ الظَّبا بِهِ وَالنَّفَل (1). (2)
2205.سیر أعلام النبلاء عن أبی حمزة بن یزید الحضرمی: حَدَّثَنی بَعضُ أهلِنا أنَّهُ رَأی رَأسَ الحُسَینِ علیه السّلام مَصلوباً بِدِمَشقَ ثَلاثَةَ أیّامٍ. (3)
2206.مقتل الحسین علیه السّلام للخوارزمی عن عکرمة بن خالد: اتِیَ بِرَأسِ الحُسَینِ علیه السّلام إلی یَزیدَ بنِ مُعاوِیَةَ بِدِمَشقَ،فَنُصِبَ. (4)
2207.مقتل الحسین علیه السّلام للخوارزمی عن أبی مخنف وغیره: إنَّ یَزیدَ أمَرَ أن یُصلَبَ الرَّأسُ الشَّریفُ عَلی بابِ دارِهِ. (5)
2208.صبح الأعشی: وعُلِّقَ رَأسُ الحُسَینِ علیه السّلام [فی دِمَشقَ] عِندَ قَتلِهِ،فِی المَکانِ الَّذی عُلِّقَ عَلَیهِ رَأسُ یَحیَی بنِ زَکَرِیّا علیه السّلام. (6)
2209.الملهوف عن بشیر بن حذلم عن علیّ بن الحسین [زین العابدین] علیه السّلام :إنَّ اللّهَ تَعالی-ولَهُ الحَمدُ
ص:102
-ابتَلانا بِمَصائِبَ جَلیلَةٍ،وثُلمَةٍ فِی الإِسلامِ عَظیمَةٍ،قُتِلَ أبو عَبدِ اللّهِ علیه السّلام وعِترَتُهُ، وسُبِیَ نِساؤُهُ وصِبیَتُهُ،وداروا بِرَأسِهِ فِی البُلدانِ مِن فَوقِ عامِلِ السِّنانِ،وهذِهِ الرَّزِیَّةُ الَّتی لا مِثلَها رَزِیَّةٌ. (1)
2210.شرح الأخبار: أمَرَ یَزیدُ اللَّعینُ بِرَأسِ الحُسَینِ علیه السّلام،فَطیفَ بِهِ فی مَدائِنِ الشّامِ وغَیرِها. (2)
راجع:ص 94 (تسییر رؤوس الشهداء فی الکوفة)
و ص 125 (الفصل الخامس/قراءة القرآن علی الرمح).
2211.کامل الزیارات عن علیّ بن أسباط رفعه: قالَ أبو عَبدِ اللّهِ [الصّادِقُ] علیه السّلام:إنَّکَ إذا أتَیتَ الغَرِیَّ رَأَیتَ قَبرَینِ،قَبراً کَبیراً،وقَبراً صَغیراً،فَأَمَّا الکَبیرُ فَقَبرُ أمیرِ المُؤمِنینَ،وأمَّا الصَّغیرُ فَرَأسُ الحُسَینِ بنِ عَلِیٍّ علیهما السّلام. (3)
2212.الکافی عن یزید بن عمر بن طلحة: قالَ لی أبو عَبدِ اللّهِ [الصّادِقُ] علیه السّلام وهُوَ بِالحیرَةِ (4):أما تُریدُ ما وَعَدتُکَ؟قُلتُ:بَلی-یَعنِی الذَّهابَ إلی قَبرِ أمیرِ المُؤمِنینَ صَلَواتُ اللّهِ
ص:103
عَلَیهِ-قالَ:فَرَکِبَ ورَکِبَ إسماعیلُ ورَکِبتُ مَعَهُما،حَتّی إذا جازَ الثَّوِیَّةَ، (1)وکانَ بَینَ الحیرَةِ وَالنَّجَفِ عِندَ ذَکَواتٍ (2)بیضٍ،نَزَلَ ونَزَلَ إسماعیلُ ونَزَلتُ مَعَهُما،فَصَلّی وصَلّی إسماعیلُ وصَلَّیتُ.
فَقالَ لِإِسماعیلَ:قُم فَسَلِّم عَلی جَدِّکَ الحُسَینِ علیه السّلام،فَقُلتُ:جُعِلتُ فِداکَ،ألَیسَ الحُسَینُ بِکَربَلاءَ؟فَقالَ:نَعَم،ولکِن لَمّا حُمِلَ رَأسُهُ إلَی الشّامِ سَرَقَهُ مَولیً لَنا،فَدَفَنَهُ بِجَنبِ أمیرِ المُؤمِنینَ علیه السّلام. (3)
2214.تهذیب الأحکام عن عبد اللّه بن طلحة النهدی: دَخَلتُ عَلی أبی عَبدِ اللّهِ [الصّادِقِ] علیه السّلام-فَذَکَرَ حَدیثاً،فَحَدَّثناهُ-قالَ:فَمَضَینا مَعَهُ-یَعنی أبا عَبدِ اللّهِ علیه السّلام-حَتَّی انتَهَینا إلَی الغَرِیِّ، قالَ:فَأَتی مَوضِعاً،فَصَلّی.
ثُمَّ قالَ لِإِسماعیلَ:قُم فَصَلِّ عِندَ رَأسِ أبیکَ الحُسَینِ علیه السّلام،قُلتُ:ألَیسَ قَد ذُهِبَ بِرَأسِهِ إلَی الشّامِ؟قالَ:بَلی،ولکِن فُلانٌ مَولانا سَرَقَهُ،فَجاءَ بِهِ،فَدَفَنَهُ هاهُنا. (4)
2214. الکافی عن أبان بن تغلب: کُنتُ مَعَ أبی عَبدِ اللّهِ [الصّادِقِ] علیه السّلام،فَمَرَّ بِظَهرِ الکوفَةِ،فَنَزَلَ فَصَلّی رَکعَتَینِ،ثُمَّ تَقَدَّمَ قَلیلاً،فَصَلّی رَکعَتَینِ،ثُمَّ سارَ قَلیلاً،فَنَزَلَ فَصَلّی رَکعَتَینِ، ثُمَّ قالَ:هذا مَوضِعُ قَبرِ أمیرِ المُؤمِنینَ علیه السّلام،قُلتُ:جُعِلتُ فِداکَ،وَالمَوضِعَینِ اللَّذَینِ صَلَّیتَ فیهِما؟
ص:104
قالَ:مَوضِعُ رَأسِ الحُسَینِ علیه السّلام ومَوضِعُ مَنزِلِ القائِمِ علیه السّلام. (1)
2215.کامل الزیارات عن یونس بن ظبیان: کُنتُ عِندَ أبی عَبدِ اللّهِ [الصّادِقِ] علیه السّلام بِالحیرَةِ أیّامَ مَقدَمِهِ عَلی أبی جَعفَرٍ فی لَیلَةٍ صَحیانَةٍ (2)مُقمِرَةٍ،قالَ:فَنَظَرَ إلَی السَّماءِ،فَقالَ:یا یونُسُ،أما تَری هذِهِ الکَواکِبَ ما أحسَنَها،أما إنَّها أمانٌ لِأَهلِ السَّماءِ،ونَحنُ أمانٌ لِأَهلِ الأَرضِ،ثُمَّ قالَ:یا یونُسُ،فَمَرَّ بِإِسراجِ البَغلِ وَالحِمارِ،فَلَمّا اسرِجا،قالَ:یا یُونُسُ،أیُّهُما أحَبُّ إلَیکَ البَغلُ أوِ الحِمارُ؟قالَ:فَظَنَنتُ أنَّ البَغلَ أحَبُّ إلَیهِ لِقُوَّتِهِ، فَقُلتُ:الحِمارُ،فَقالَ:اُحِبُّ أن تُؤثِرَنی بِهِ،قُلتُ:قَد فَعَلتُ،فَرَکِبَ ورَکِبتُ.
ولَمّا خَرَجنا مِنَ الحیرَةِ،قالَ:تَقَدَّم یا یونُسُ،قالَ:فَأَقبَلَ یَقولُ:تَیامَن،تَیاسَر، فَلَمَّا انتَهَینا إلَی الذَّکَواتِ الحُمُرِ،قالَ:هُوَ المَکانُ،قُلتُ:نَعَم،فَتَیامَنَ،ثُمَّ قَصَدَ إلی مَوضِعٍ فیهِ ماءٌ وعَینٌ،فَتَوَضَّأَ،ثُمَّ دَنا مِن أکَمَةٍ، (3)فَصَلّی عِندَها،ثُمَّ مالَ عَلَیها وبَکی،ثُمَّ مالَ إلی أکَمَةٍ دونَها،فَفَعَلَ مِثلَ ذلِکَ،ثُمَّ قالَ:یا یونُسُ،اِفعَل مِثلَ ما فَعَلتُ،فَفَعَلتُ ذلِکَ.
فَلَمّا تَفَرَّغتُ قالَ لی:یا یونُسُ،تَعرِفُ هذَا المَکانَ؟فَقُلتُ:لا،فَقالَ:المَوضِعُ الَّذی صَلَّیتُ عِندَهُ أوَّلاً هُوَ قَبرُ أمیرِ المُؤمِنینَ علیه السّلام،وَالأَکَمَةُ الاُخری رَأسُ الحُسَینِ بنِ عَلِیِّ بنِ أبی طالِبٍ علیه السّلام،إنَّ المَلعونَ عُبَیدَ اللّهِ بنَ زِیادٍ لَعَنَهُ اللّهُ،لَمّا بَعَثَ بِرَأسِ الحُسَینِ علیه السّلام إلَی الشّامِ رُدَّ إلَی الکوفَةِ،فَقالَ:أخرِجوهُ عَنها لا یُفتَن بِهِ أهلُها،فَصَیَّرَهُ
ص:105
اللّهُ عِندَ أمیرِ المُؤمِنینَ علیه السّلام،فَالرَّأسُ مَعَ الجَسَدِ وَالجَسَدُ مَعَ الرَّأسِ (1). (2)
2216.تهذیب الأحکام عن مبارک الخبّاز: قالَ لی أبو عَبدِ اللّهِ [الصّادِقُ] علیه السّلام:أسرِجُوا البَغلَ وَالحِمارَ فی وَقتِ ما قَدِمَ،وهُوَ فی الحیرَةِ،قالَ:فَرَکِبَ ورَکِبتُ حَتّی دَخَلَ الجُرفَ، (3)ثُمَّ نَزَلَ،فَصَلّی رَکعَتَینِ،ثُمَّ تَقَدَّمَ قَلیلاً آخَرَ،فَصَلّی رَکعَتَینِ،ثُمَّ تَقَدَّمَ قَلیلاً آخَرَ،فَصَلّی رَکعَتَینِ،ثُمَّ رَکِبَ ورَجَعَ،فَقُلتُ لَهُ:جُعِلتُ فِداکَ،مَا الأَوَّلَتَینِ وَالثّانِیَتَینِ وَالثّالِثَتَینِ؟
قالَ:[إنَّ] (4)الرَّکعَتَینِ الأَوَّلَتَینِ مَوضِعُ قَبرِ أمیرِ المُؤمِنینَ علیه السّلام،وَالرَّکعَتَینِ الثّانِیَتَینِ مَوضِعُ رَأسِ الحُسَینِ علیه السّلام،وَالرَّکعَتَینِ الثّالِثَتَینِ مَوضِعُ مِنبَرِ القائِمِ علیه السّلام. (5)
2217.المزار للشهید الأوّل عن صفوان: سَأَلتُ الصّادِقَ علیه السّلام کَیفَ تَزورُ أمیرَ المُؤمِنینَ علیه السّلام؟
فَقالَ:یا صَفوانُ،إذا أرَدتَ ذلِکَ فَاغتَسِل...فَإِذا بَلَغتَ العَلَمَ-وهِیَ الحَنّانَةُ- فَصَلِّ رَکعَتَینِ.
فَقَد رَوی مُحَمَّدُ بنُ أبی عُمَیرٍ،عَنِ المُفَضَّلِ بنِ عُمَرَ،قالَ:جازَ الصّادِقُ علیه السّلام بِالقائِمِ المائِلِ فی طَریقِ الغَرِیِّ،فَصَلّی رَکعَتَینِ،فَقیلَ لَهُ:ما هذِهِ الصَّلاةُ؟فَقالَ:هذا مَوضِعُ رَأسِ جَدِّیَ الحُسَینِ بنِ عَلِیٍّ علیه السّلام وَضَعوهُ هاهُنا لَمّا تَوَجَّهوا مِن کَربَلاءَ،ثُمَّ
ص:106
حَمَلوهُ إلی عُبَیدِ اللّهِ بنِ زِیادٍ لَعنَةُ اللّهِ عَلَیهِ. (1)
2218.المزار الکبیر: زِیارَةٌ اخری لَهُ [أی لِلحُسَینِ] علیه السّلام مُختَصَرَةٌ یُزارُ بِها فی کُلِّ یَومٍ،وفی کُلِّ شَهرٍ،ویُزارُ بِها عِندَ قائِمِ الغَرِیِّ،فَقَد جاءَ فِی الأَثَرِ:أنَّ رَأسَ الحُسَینِ علیه السّلام هُناکَ، وأنَّ الصّادِقَ جَعفَرَ بنَ مُحَمَّدٍ علیه السّلام زارَهُ هُناکَ بِهذِهِ الزِّیارَةِ،وصَلّی عِندَهُ أربَعَ رَکَعاتٍ.
تَأتی مَشهَدَهُ صَلَّی اللّهُ عَلَیهِ،بَعدَ اغتِسالِکَ،ولِباسُکَ أطهَرُ ثِیابِکَ،فَإِذا وَقَفتَ عَلی قَبرِهِ فَاستَقبِلهُ بِوَجهِکَ،وَاجعَلِ القِبلَةَ بَینَ کَتِفَیکَ،وقُل:السَّلامُ عَلَیکَ یَا بنَ رَسولِ اللّهِ،السَّلامُ عَلَیکَ یَا بنَ أمیرِ المُؤمِنینَ.... (2)
2219.الأمالی للطوسی عن المفضّل بن عمر: جازَ مَولانا جَعفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ الصّادِقُ علیه السّلام بِالقائِمِ المائِلِ فی طَریقِ الغَرِیِّ،فَصَلّی عِندَهُ رَکعَتَینِ،فَقیلَ لَهُ:ما هذِهِ الصَّلاةُ؟
قالَ:هذا مَوضِعُ رَأسِ جَدِّیَ الحُسَینِ بنِ عَلِیٍّ علیه السّلام،وَضَعوهُ هاهُنا. (3)
وُجوهُهُم،ولَم یُرفَع بِبَیتِ المَقدِسِ حَجَرٌ عَلی وَجهِ الأَرضِ إلّاوُجِدَ تَحتَهُ دَمٌ عَبیطٌ، وأبصَرَ النّاسُ الشَّمسَ عَلَی الحیطانِ حَمراءَ کَأَنَّهَا المَلاحِفُ المُعَصفَرَةُ، (1)إلی أن خَرَجَ عَلِیُّ بنُ الحُسَینِ علیهما السّلام بِالنِّسوَةِ،ورَدَّ رَأسَ الحُسَینِ علیه السّلام إلی کَربَلاءَ. (2)
2221.الملهوف: أمّا رَأسُ الحُسَینِ علیه السّلام فَرُوِیَ أنَّهُ اعیدَ،فَدُفِنَ بِکَربَلاءَ مَعَ جَسَدِهِ الشَّریفِ صَلَواتُ اللّهِ عَلَیهِ،وکانَ عَمَلُ الطّائِفَةِ عَلی هذَا المَعنَی المُشارِ إلَیهِ. (3)
2222.مقتل الحسین علیه السّلام للخوارزمی: إنَّ رَأسَ الحُسَینِ علیه السّلام صُلِبَ بِدِمَشقَ ثَلاثَةَ أیّامٍ،ومَکثَ فی خَزائِنِ بَنی امَیَّةَ،حَتّی وَلِیَ سُلَیمانُ بنُ عَبدِ المَلِکِ،فَطَلَبَهُ فَجیءَ بِهِ-وهُوَ عَظمٌ أبیَضُ قَد قَحَلَ (4)-فَجَعَلَهُ فی سَفَطٍ (5)وطَیَّبَهُ،وجَعَلَ عَلَیهِ ثَوباً،ودَفَنَهُ فی مَقابِرِ المُسلِمینَ بَعدَما صَلّی عَلَیهِ.
فَلَمّا وَلِیَ عُمَرُ بنُ عَبدِ العَزیزِ بَعَثَ إلَی المَکانِ یَطلُبُهُ مِنهُ،فَاُخبِرَ بِخَبَرِهِ،فَسَأَلَ عَنِ المَوضِعِ الَّذی دُفِنَ فیهِ،فَنَبَشَهُ وأخَذَهُ،وَاللّهُ أعلَمُ بِما صَنَعَ بِهِ،وَالظّاهِرُ مِن دینِهِ أنَّهُ بَعَثَهُ إلی کَربَلاءَ،فَدُفِنَ مَعَ جَسَدِهِ. (6)
2223.عجائب المخلوقات: الیَومُ الأَوَّلُ مِنهُ [أی مِن صَفَرٍ] عیدُ بَنی امَیَّةَ،اُدخِلَت فیهِ رَأسُ الحُسَینِ علیه السّلام بِدِمَشقَ،وَالعِشرونَ مِنهُ رُدَّت رَأسُ الحُسَینِ علیه السّلام إلی جُثَّتِهِ. 7
ص:108
2224.أنساب الأشراف عن الکلبی: بَعَثَ یَزیدُ بِرَأسِهِ [أی رَأسِ الحُسَینِ علیه السّلام ] إلَی المَدینَةِ،فَنُصِبَ عَلی خَشَبَةٍ،ثُمَّ رُدَّ إلی دِمَشقَ،فَدُفِنَ فی حائِطٍ (1)بِها،ویُقالُ فی دارِ الإِمارَةِ،ویُقالُ فِی المَقبَرَةِ. (2)
2225.أنساب الأشراف: دُفِنَ رَأسُ الحُسَینِ علیه السّلام فی حائِطٍ بِدِمَشقَ،إمّا حائِطُ القَصرِ وإمّا غَیرُهُ.
وقالَ قومٌ:دُفِنَ فِی القَصرِ،حُفِرَ لَهُ واُعمِقَ. (3)
2226.ربیع الأبرار: قَبرُ الحُسَینِ بنِ عَلِیٍّ علیه السّلام بِکَربَلاءَ،ورَأسُهُ بِالشّامِ فی مَسجِدِ دِمَشقَ عَلی رَأسِ اسطُوانَةٍ. (4)
2227. تاریخ دمشق عن أبی کرب: حَکی عَنهُ أبو امَیَّةَ الکَلاعِیُّ أنَّهُ کانَ فیمَن نَهَبَ خَزائِنَ الوَلیدِ بنِ یَزیدَ بِدِمَشقَ...:قالَ:کُنتُ فِی القَومِ الَّذینِ دَخَلوا یُریدونَ قَتلَ الوَلیدِ بنِ یَزیدَ بنِ عَبدِ المَلِکِ،قالَ:وکُنتُ فیمَن نَهَبَ خَزائِنَهُ بِدِمَشقَ،فَدَخَلتُ إلی خِزانَةٍ لَهُم،فَرَأَیتُ فیها سَفَطاً مَرفوعاً،فَأَخَذتُهُ،قُلتُ:فی هذا غِنایَ،قالَ:فَرَکِبتُ فَرَسی وجَعَلتُهُ بَینَ یَدَیَّ،وخَرَجتُ مِن بابِ توما (5)،فَعَدَلتُ عَن یَمینی،وفَتَحتُ قُفلَهُ،فَإِذا أنَا بِحَریرَةٍ (6)فی داخِلِها رَأسٌ،مَکتوبٌ عَلی بِطاقَةٍ فیها:هذا رَأسُ الحُسَینِ بنِ عَلِیٍّ.
ص:109
فَقُلتُ:ما لَکُم! لا غَفَرَ اللّهُ لَکُم،فَحَفَرتُ لَهُ بِسَیفی حَتّی وارَیتُهُ. (1)
2228.تاریخ دمشق عن حمزة بن یزید: فَحَدَّثَنی أبی،عَن أبیهِ،أنَّهُ حَدَّثَهُ:أنَّ رَیّا (2)حَدَّثَتهُ:أنَّ الرَّأسَ مَکَثَ فی خَزائِنِ السِّلاحِ حَتّی وَلِیَ سُلَیمانُ بنُ عَبدِ المَلِکِ،فَبَعَثَ إلَیهِ،فَجاءَ بِهِ،وقَد قَحَلَ،وبَقِیَ عَظمٌ أبیَضُ،فَجَعَلَهُ فی سَفَطٍ وطَیَّبَهُ،وجَعَلَ عَلَیهِ ثَوباً،ودَفَنَهُ فی مَقابِرِ المُسلِمینَ.
فَلَمّا وَلِیَ عُمَرُ بنُ عَبدِ العَزیزِ بَعَثَ إلَی الخازِنِ-خازِنِ بَیتِ السِّلاحِ-:وَجِّه إلَیَّ رَأسَ الحُسَینِ بنِ عَلِیٍّ،فَکَتَبَ إلَیهِ:إنَّ سُلَیمانَ أخَذَهُ،وجَعَلَهُ فی سَفَطٍ،وصَلّی عَلَیهِ،ودَفَنَهُ،فَصَحَّ ذلِکَ عِندَهُ،فَلَمّا دَخَلَتِ المُسَوِّدَةُ (3)سَأَلوا عَن مَوضِعِ الرَّأسِ، فَنَبَشوهُ وأخَذوهُ،وَاللّهُ أعلَمُ ما صُنِعَ بِهِ. (4)
2229.تهذیب التهذیب عن حمزة بن یزید: رَأَیتُ امرَأَةً عاقِلَةً مِن أعقَلِ النِّساءِ،یُقالُ لَها:رَیّا، حاضِنَةُ یَزیدَ بنِ مُعاوِیَةَ،یُقالُ:بَلَغَت مِئَةَ سَنَةٍ،قالَت:دَخَلَ رَجُلٌ عَلی یَزیدَ،فَقالَ:
یا أمیرَ المُؤمِنینَ،أبشِر فَأَمکَنَکَ اللّهُ مِنَ الحُسَینِ علیه السّلام،قُتِلَ وجیءَ بِرَأسِهِ إلَیکَ،ووُضِعَ فی طَستٍ،فَأَمَرَ الغُلامَ،فَکَشَفَهُ،فَحینَ رَآهُ خَمَّرَ (5)وَجهَهُ کَأَنَّهُ یَشُمُّ مِنهُ رائِحَةً.
وإنَّ الرَّأسَ مَکَثَ فی خَزائِنِ السِّلاحِ،حَتّی وَلِیَ سُلَیمانُ،فَبَعَثَ فَجیءَ بِهِ،فَقَد بَقِیَ عَظماً،فَطَیَّبَهُ،وکَفَّنَهُ،ودَفَنَهُ،فَلَمّا وَصَلَتِ المُسَوِّدَةُ سَأَلوا عَن مَوضِعِ الرَّأسِ،
ص:110
ونَبَشوهُ وأخَذوهُ،فَاللّهُ أعلَمُ ما صُنِعَ بِهِ. (1)
2230.البدایة والنهایة: ذَکَرَ ابنُ عَساکِرَ فی تاریخِهِ فی تَرجَمَةِ رَیّا حاضِنَةِ یَزیَد بنَ مُعاوِیَةَ:إنَّ یَزیدَ حینَ وُضِعَ رَأسُ الحُسَینِ علیه السّلام بَینَ یَدَیهِ،تَمَثَّلَ بِشِعرِ ابنِ الزِّبَعری،یَعنی قَولَهُ:
لَیتَ أشیاخی بِبَدرٍ شَهِدوا جَزَعَ الخَزرَجِ مِن وَقعِ الأَسَلْ
قالَ:ثُمَّ نَصَبَهُ بِدِمَشقَ ثَلاثَةَ أیّامٍ،ثُمَّ وَضَعَ فی خَزائِنِ السِّلاحِ،حَتّی کانَ زَمَنُ سُلَیمانَ بنِ عَبدِ المَلِکِ جیءَ بِهِ إلَیهِ،وقَد بَقِیَ عَظماً أبیَضَ،فَکَفَّنَهُ وطَیَّبَهُ وصَلّی عَلَیهِ،ودَفَنَهُ فی مَقبَرَةِ المُسلِمینَ،فَلَمّا جاءَتِ المُسَوِّدَةُ-یَعنی بَنِی العَبّاسِ-نَبَشوهُ وأخَذوهُ مَعَهُم.
وذَکَرَ ابنُ عَساکِرَ:أنَّ هذِهِ المَرأَةَ بَقِیَت بَعدَ دَولَةِ بَنی امَیَّةَ،وقَد جاوَزَتِ المِئَةَ سَنَةٍ،فَاللّهُ أعلَمُ. (2)
2231.الردّ علی المتعصّب العنید عن محمّد بن عمر بن صالح: إنَّهُم وَجَدوا رَأسَ الحُسَینِ علیه السّلام فی خِزانَةٍ لِیَزیدَ،فَکَفَّنوهُ،ودَفَنوهُ بِدِمَشقَ عِندَ بابِ الفَرادیسِ (3). (4)
2232.الحدائق الوردیّة: کانَت مُدَّةُ ظُهورِهِ [أیِ الإِمامِ الحُسَینِ] علیه السّلام وَانتِصابُهُ لِلأَمرِ إلی قَتلِهِ علیه السّلام شَهراً واحِداً ویَومَینِ،ودُفِنَ جَسَدُهُ فی کَربَلاءَ ورَأسُهُ فِی الشّامِ،وعَلَیهِما مَشهَدانِ مَزورانِ،وتَرَکَ بَنو امَیَّةَ رَأسَهُ علیه السّلام فی خِزانَتِهِم،فَأَقامَ فیها إلی أیّامِ سُلَیمانَ بنِ عَبدِ المَلِکِ،فَأَمَرَ بِإِخراجِهِ وتَکفینِهِ وتَعظیمِهِ. (5)
ص:111
2233.مقتل الحسین علیه السّلام للخوارزمی: إنَّ سُلَیمانَ بنَ عَبدِ المَلِکِ بنِ مَروانَ رَأَی النَّبِیَّ صلّی اللّه علیه و آله فِی المَنامِ کَأَنَّهُ یَبَرُّهُ ویَلطِفُهُ،فَدَعَا الحَسَنَ البَصرِیَّ،وقَصَّ عَلَیهِ وسَأَلَهُ عَن تَأویلِهِ،فَقالَ الحَسَنُ:لَعَلَّکَ اصطَنَعتَ إلی أهلِهِ مَعروفاً.
فَقالَ سُلَیمانُ:إنّی وَجَدتُ رَأسَ الحُسَینِ علیه السّلام فی خِزانَةِ یَزیدَ بنِ مُعاوِیَةَ،فَکَسَوتُهُ خَمسَةً مِنَ الدّیباجِ، (1)وصَلَّیتُ عَلَیهِ فی جَماعَةٍ مِن أصحابی،وقَبَرتُهُ.
فَقالَ الحَسَنُ:إنَّ النَّبِیَّ رَضِیَ عَنکَ بِسَبَبِ ذلِکَ،فَأَحسَنَ إلَی الحَسَنِ البَصرِیِّ، وأمَرَ لَهُ بِجَوائِزَ. (2)
2234.الثقات لابن حبّان: کانَ الحُسَینُ بنُ عَلِیٍّ علیه السّلام یَخضِبُ بِالسَّوادِ؛وَاختُلِفَ فی مَوضِعِ رَأسِهِ، فَمِنهُم مَن زَعَمَ أنَّ رَأسَهُ عَلی رَأسِ عَمودٍ فی مَسجِدِ جامِعِ دِمَشقَ عَن یَمینِ القِبلَةِ، وقَد رَأَیتُ ذلِکَ العَمودَ،ومِنهُم مَن زَعَمَ أنَّ رَأسَهُ فِی البُرجِ الثّالِثِ مِنَ السُّوَرِ عَلی بابِ الفَرادیسِ بِدِمَشقَ،ومِنهُم مَن زَعَمَ أنَّ رَأسَهُ بِقَبرِ مُعاوِیَةَ،وذلِکَ أنَّ یَزیدَ دَفَنَ رَأسَهُ فی قَبرِ أبیهِ،وقالَ:اُحصِنُهُ بَعدَ المَماتِ،فَأَمّا جُثَّتُهُ فَبِکَربَلاءَ. (3)
2235.الطبقات الکبری (الطبقة الخامسة من الصحابة): بَعَثَ یَزیدُ بِرَأسِ الحُسَینِ علیه السّلام إلی عَمرِو بنِ سَعیدِ بنِ العاصِ،و هُوَ عامِلٌ لَهُ یَومَئِذٍ عَلَی المَدینَةِ،فَقالَ عَمرٌو:وَدِدتُ أنَّهُ لَم یَبعَث بِهِ إلَیَّ،فَقالَ مَروانُ:اُسکُت،ثُمَّ تَناوَلَ الرَّأسَ،فَوَضَعَهُ بَینَ
ص:112
یَدَیهِ،وأخَذَ بِأَرنَبَتِهِ (1)فَقالَ:
یا حَبَّذا بَردُکَ فِی الیَدَینِ ولَونُکَ الأَحمَرُ فِی الخَدَّینِ
کَأَنَّما باتا بِمُجْسَدَینِ (2)
وَاللّهِ،لَکَأَنّی أنظُرُ إلی أیّامِ عُثمانَ.وسَمِعَ عَمرُو بنُ سَعیدٍ الصَّیحَةَ مِن دورِ بَنی هاشِمٍ،فَقالً:
عَجَّت نِساءُ بَنی زِیادٍ عَجَّةً کَعَجیجِ نِسوَتِنا غَداةَ الأَرنَبِ (3)
وَالشِّعرُ لِعمَرِو بنِ مَعدی کَرَبَ فی وَقعَةٍ کانَت بَینَ بَنی زُبَیدٍ وبَینَ بَنِی الحارِثِ بنِ کَعبٍ.
ثُمَّ خَرَجَ عَمرُو بنُ سَعیدٍ إلَی المِنبَرِ،فَخَطَبَ النّاسَ،ثُمَّ ذَکَرَ حُسَیناً وما کانَ مِن أمرِهِ،وقالَ:وَاللّهِ،لَوَدِدتُ أنَّ رَأسَهُ فی جَسَدِهِ وروحَهُ فی بَدَنِهِ یَسُبُّنا ونَمدَحُهُ، ویَقطَعُنا ونَصِلُهُ کَعادَتِنا وعادَتِهِ !
فَقامَ ابنُ أبی حُبَیشٍ-أحَدُ بَنی أسَدِ بنِ عَبدِ العُزَّی بنِ قُصَیٍّ-فَقالَ:أما لَو کانَت فاطِمَةُ علیها السّلام حَیَّةً لَأَحزَنَها ما تَری !
فَقال عَمرٌو:اُسکُت لا سَکَتَّ،أتُنازِعُنی فاطِمَةُ وأنَا مَن عَفَّرَ ظِبابَها، (4)وَاللّهِ،إنَّهُ لَابنُنا،وإنَّ امَّهُ لَابنَتُنا،أجَل وَاللّهِ،لَو کانَت فاطِمَةُ حَیَّةً لَأَحزَنَها قَتلُهُ،ثُمَّ لَم تَلُم مَن
ص:113
قَتَلَهُ یَدفَعُ عَن نَفسِهِ ! فَقالَ ابنُ أبی حُبَیشٍ:إنَّهُ ابنُ فاطِمَةَ علیها السّلام،وفاطِمَةُ بِنتُ خَدیجَةَ بِنتِ خُوَیلِدِ بنِ أسَدِ بنِ عَبدِ العُزّی.
ثُمَّ أمَرَ عَمرُو بنُ سَعیدٍ بِرَأسِ الحُسَینِ علیه السّلام،فَکُفِّنَ ودُفِنَ بِالبَقیعِ عِندَ قَبرِ امِّهِ. (1)
2236.مقتل الحسین علیه السّلام للخوارزمی: إنَّ یَزیدَ بنَ مُعاوِیَةَ حینَ قُدِمَ عَلَیهِ بِرَأسِ الحُسَینِ علیه السّلام وعِیالِهِ،بَعَثَ إلَی المَدینَةِ،فَأَقدَمَ عَلَیهِ عِدَّةً مِن مَوالی بَنی هاشِمٍ،وضَمَّ إلَیهِم عِدَّةً مِن مَوالی آلِ أبی سُفیانَ،ثُمَّ بَعَثَ بِثَقَلِ الحُسَینِ علیه السّلام ومَن بَقِیَ مِن أهلِهِ مَعَهُم،وجَهَّزَهُم بِکُلِّ شَیءٍ،ولَم یَدَع لَهُم حاجَةً بِالمَدینَةِ إلّاأمَرَ لَهُم بِها،وبَعَثَ رَأسَ الحُسَینِ علیه السّلام إلی عَمرِو بنِ سَعیدِ بنِ العاصِ-وهُوَ إذ ذاکَ عامِلُهُ عَلَی المَدینَةِ-.
فَقالَ عَمرٌو:وَدِدتُ أنَّهُ لَم یَبعَث بِهِ إلَیَّ،ثُمَّ أمَرَ عَمرٌو بِرَأسِ الحُسَینِ علیه السّلام،فَکُفِّنَ ودُفِنَ فِی البَقیعِ عِندَ قَبرِ امِّهِ فاطِمَةَ علیها السّلام. (2)
2237.أنساب الأشراف (3): لَمّا بَلَغَ أهلَ المَدینَةِ مَقتَلُ الحُسَینِ علیه السّلام،کَثُرَ النَّوائِحُ وَالصَّوارِخُ عَلَیهِ، وَاشتَدَّتِ الواعِیَةُ فی دورِ بَنی هاشِمٍ،فَقالَ عَمرُو بنُ سَعیدٍ الأَشدَقُ:واعِیَةٌ بِواعِیَةِ عُثمانَ،وقالَ مَروانُ حینَ سَمِعَ ذلِکَ:
عَجَّت نِساءُ بَنی زُبَیدٍ عَجَّةً کَعَجیجِ نِسوَتِنا غَداةَ الأَزیَبِ
وقالَ عَمرُو بنُ سَعیدٍ:وَدِدتُ-وَاللّهِ-أنَّ أمیرَ المُؤمِنینَ لَم یَبعَث إلَینا بِرَأسِهِ.
فَقالَ مَروانُ:بِئسَ ما قُلتَ هاتِهِ:
ص:114
یا حَبَّذا بَرْدُکَ فِی الیَدَینِ ولَونُکَ الأَحمَرُ فِی الخَدَّینِ
وحَدَّثَنا عُمَرُ بنُ شَبَّةَ،حَدَّثَنی أبوبَکرٍ عیسَی بنُ عَبدِ اللّهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عُمَرَ بنِ عَلِیِّ بنِ أبی طالِبٍ،عَن أبیهِ:رَعَفَ عَمرُو بنُ سَعیدٍ عَلی مِنبَرِ رَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله:فَقالَ بَیّارٌ الأَسلَمِیُّ-وکانَ زاجِراً-:إنَّهُ لَیَومُ دَمٍ،قالَ:فَجیءَ بِرَأسِ الحُسَینِ،فَنُصِبَ، فَصَرَخَ نِساءُ أبی طالِبٍ،فَقالَ مَروانُ:
عَجَّت نِساءُ بَنی زُبَیدٍ عَجَّةً کَعَجیجِ نِسوَتِنا غَداةَ الأَزیَبِ
ثُمَّ صِحنَ أیضاً،فَقالَ مَروانُ:
ضَرَبَت دَو سَرُ (1)فیهِم ضَربَةً أثبَتَت أرکانَ (2)مُلکٍ فَاستَقَرّ
وقامَ ابنُ أبی حُبَیشٍ وعَمرٌو یَخطُبُ،فَقالَ:رَحِمَ اللّهُ فاطِمَةَ،فَمَضی فی خُطبَتِهِ شَیئاً،ثُمَّ قالَ:واعَجَباً لِهذَا الأَلثَغِ، (3)وما أنتَ وفاطِمَةُ؟قالَ:اُمُّها خَدیجَةُ،یُریدُ أنَّها مِن بَنی أسَدِ بنِ عَبدِ العُزّی.قالَ:نَعَم وَاللّهِ،وَابنَةُ مُحَمَّدٍ،أخَذتُها یَمیناً،وأخَذتَها شِمالاً،وَدِدتُ-وَاللّهِ-أنَّ أمیرَ المُؤمِنینَ کانَ نَحّاهُ عَنّی،ولَم یُرسِل بِهِ إلَیَّ،ووَدِدتُ -وَاللّهِ-أنَّ رَأسَ الحُسَینِ کانَ عَلی عُنُقِهِ،وروحَهُ کانَت فی جَسَدِهِ. (4)
2238.مثیر الأحزان: لَمّا وافی رَأسُ الحُسَینِ علیه السّلام المَدینَةَ،سُمِعَتِ الواعِیَةُ مِن کُلِّ جانِبٍ،فَقالَ مَروانُ بنُ الحَکَمِ:
ص:115
ضَرَبَت دَوسَرُ فیهِم ضَربَةً أثبَتَت أوتادَ حُکمٍ فَاستَقَرَّ
ثُمَّ أخَذَ یَنکُتُ وَجهَهُ بِقَضیبٍ،ویَقولُ:
یا حَبَّذا بَردُکَ فِی الیَدَینِ
2239.شرح الأخبار: لَمّا أمَرَ اللَّعینُ بِأَن یُطافَ بِرَأسِ الحُسَینِ علیه السّلام فِی البُلدانِ اتِیَ بِهِ إلَی المَدینَةِ، وعامِلُهُ عَلَیها یَومَئِذٍ عَمرُو بنُ سَعیدٍ الأَشدَقُ،فَسَمِعَ صِیاحَ النِّساءِ،فَقالَ:ما هذا؟ قیلَ:نِساءُ بَنی هاشِمٍ یَبکینَ لَمّا رَأَینَ رَأسَ الحُسَینِ علیه السّلام،وکانَ عِندَهُ مَروانُ بنُ الحَکَمِ،فَقالَ مَروانُ اللَّعینُ مُتَمَثِّلاً:
عَجَّت نِساءُ بَنی زِیادٍ عَجَّةً کَعَجیجِ نِسوَتِنا غَداةَ الأَذیَبِ
عَنَی اللَّعینُ عَجیجَ نِساءِ بَنی عَبدِ الشَّمسِ لِمَن قُتِلَ مِنهُم یَومَ بَدرٍ.
فَأَمّا ما أقاموهُ ظاهِراً مِن أمرِ عُثمانَ،فَمَروانُ اللَّعینُ فیمَن ألَّبَ عَلَیهِ وشَمَتَ بِمُصابِهِ،وهُوَ القائِلُ:
لَمّا أتاهُ نَعیُهُ ذینَهُ مَن کَسَرَ ضِلعاً کَسَرَ جَنبَهُ
وَلکِن ذُحولُ (1)بَنی امَیَّةَ بِدِماءِ الجاهِلِیَّةِ الَّتی طَلَبوا بِها رَسُولَ اللّهِ فی عِترَتِهِ وَأهلِ بَیتِهِ.ولَمّا قالَ ذلِکَ مَروانُ اللَّعینُ،قالَ عَمرُو بنُ سَعیدٍ-عامِلُ المَدینَةِ یَومَئِذٍ-:
لَوَدِدتُ-وَاللّهِ-أنَّ أمیرَ المُؤمِنینَ لَم یَکُن یَبعَثُ إلَینا بِرَأسِ الحُسَینِ.فَقالَ لَهُ مَروانُ:
اسکُت لا امَّ لَکَ،وقُل کَما قالَ الأَوَّلُ:
ص:116
ضَرَبوا رَأسَ شَریزٍ ضَربَةً اشتت أوتادَ مُلکٍ فاستتر (1)
ثُمَّ اتِیَ بِرَأسِ الحُسَینِ علیه السّلام إلی عَمرِو بنِ سَعیدٍ،فَأَعرَضَ بِوَجهِهِ عَنهُ،وَاستَعظَمَ أمرَهُ.فَقالَ مَروانُ اللَّعینُ لِحامِلِ الرَّأسِ:هاتِهِ،فَدَفَعَهُ إلَیهِ،فَأَخَذَهُ بِیَدِهِ،وقالَ:
یا حَبَّذا بَردُکَ فِی الیَدَینِ ولَونُکَ الأَحمَرُ فِی الخَدَّینِ (2)
2240.شرح نهج البلاغة لابن أبی الحدید -فی ذکر الأحادیث الموضوعة فی ذمّ علیّ علیه السّلام-:وأمّا مَروانُ ابنُهُ [أیِ ابنُ الحَکَمِ] فَأَخبَثُ عَقیدَةً،وأعظَمُ إلحاداً وکُفراً،وهُوَ الَّذی خَطَبَ یَومَ وَصَلَ إلَیهِ رَأسُ الحُسَینِ علیه السّلام إلَی المَدینَةِ،وهُوَ یَومَئِذٍ أمیرُها،وقَد حَمَلَ الرَّأسَ عَلی یَدَیهِ،فَقالَ:
یا حَبَّذا بَردُکَ فِی الیَدَینِ وحُمرَةً تَجری عَلَی الخَدَّینِ
کَأَنَّما بِتَّ بِمسجدینِ (3)
ثُمَّ رَمی بِالرَّأسِ نَحوَ قَبرِ النَّبِیِّ،وقالَ:یا مُحَمَّدُ،یَومٌ بِیَومِ بَدرٍ.وهذَا القَولُ مُشتَقٌّ مِنَ الشِّعرِ الَّذی تَمَثَّلَ بِهِ یَزیدُ بنُ مُعاوِیَةَ،وهُوَ شِعرُ ابنِ الزِّبَعری یَومَ وَصَلَ الرَّأسُ إلَیهِ....
قُلتُ:هکَذا قالَ شَیخُنا أبو جَعفَرٍ،وَالصَّحیحُ أنَّ مَروانَ لَم یَکُن أمیرَ المَدینَةِ یَومَئِذٍ،بَل کانَ أمیرَها عَمرُو بنُ سَعیدِ بنِ العاصِ،ولَم یُحمَل إلَیهِ الرَّأسُ،وإنَّما کَتَبَ إلَیهِ عُبَیدُ اللّهِ بنُ زِیادٍ یُبَشِّرُهُ بِقَتلِ الحُسَینِ علیه السّلام،فَقَرَأَ کِتابَهُ عَلَی المِنبَرِ،وأنشَدَ الرَّجَزَ المَذکورَ،وأومَأَ إلَی القَبرِ قائِلاً:یَومٌ بِیَومِ بَدرٍ،فَأَنکَرَ عَلَیهِ قَولَهُ قَومٌ مِنَ الأَنصارِ. (4)
ص:117
2241.معجم البلدان: بِالقاهِرَةِ مَشهَدٌ بِهِ رَأسُ الحُسَینِ بنِ عَلِیٍّ علیه السّلام،نُقِلَ إلَیها مِن عَسقَلانَ (1)لَمّا أخَذَ الفِرنَجُ عَسقَلانَ،وهُوَ خَلفَ دارِ المَملَکَةِ یُزارُ. (2)
2242.مثیر الأحزان: حَدَّثَنی جَماعَةٌ مِن أهلِ مِصرَ أنَّ مَشهَدَ الرَّأسِ عِندَهُم یُسَمّونَهُ«مَشهَدَ الکَریمِ»،عَلَیهِ مِنَ الذَّهَبِ شَیءٌ کَثیرٌ،یَقصِدونَهُ فِی المَواسِمِ ویَزورونَهُ،ویَزعُمونَ أنَّهُ مَدفونٌ هُناکَ. (3)
2243.سیرة الأئمّة الاثنی عشر: مِمَّن رَجَّحَ دَفنَهُ فی دِمَشقَ ابنُ أبِی الدّینارِ البَلاذُرِیُّ فی تاریخِهِ،وَالواقِدِیُّ أیضاً،وهؤُلاءِ بَینَ مَن ذَهَبَ إلی أنَّهُ مَدفونٌ بِبابِ الفَرادیسِ، وبَینَ مَن ذَهَبَ إلی أنَّ یَزیدَ بنَ مُعاوِیَةَ دَفَنَهُ فی قَبرِ أبیهِ،وبَینَ مَن ذَهَبَ إلی أنَّهُ دُفِنَ فِی المَسجِدِ،وقیلَ فی سُوَرِ البَلَدِ،وبَعدَ ذلِکَ نُقِلَ مِن دِمَشقَ إلی عَسقَلانَ بِواسِطَةِ الفاطِمِیّینَ،وبَقِیَ بِها إلَی القَرنِ الخامِسِ الهِجرِیِّ.
ومِمَّن ذَهَبَ إلی ذلِکَ عُثمانُ مَدوخ فی کِتابِهِ«العَدلُ الشّاهِدُ فی تَحقیقِ المَشاهِدِ»،فَقَد قالَ فی کِتابِهِ-بَعدَ أن عَرَضَ هذِهِ المَراحِلَ-:وَالدَّلیلُ عَلی ذلِکَ أنَّ بَعضَ العُلَماءِ عَمَدَ إلی مَکانٍ قَدیمٍ قَریبٍ مِن بابِ الفَرادیسِ،وشَرَعَ فی هَدمِهِ؛ لِیَجعَلَهُ خِزانَةً لِحِفظِ الکُتُبِ،فَعَثَرَ عَلی طاقٍ فِی الجِدارِ مُحکَمِ السَّدِّ بِحَجَرِ کَبیرٍ،
ص:118
مَکتوبٌ عَلَیهِ بِالنَّقشِ فِی الحَجَرِ،ما فَهِموا مِنهُ أنَّ هذا مَشهَدُ رَأسِ الحُسَینِ السِّبطِ علیه السّلام،فَرَفَعوا ذلِکَ إلی والِی الشّامِ،فَذَهَبَ ورَأی ذلِکَ بِنَفسِهِ،وأمَرَهُم أن لا یُحدِثوا فِی المَکانِ شَیئاً،ثُمَّ رَفَعَ الأَمرَ إلَی السُّلطانِ عَبدِ المَجیدِ خان بنِ السُّلطانِ محمود خان،فَأَمَرَ بِکَشفِ ذلِکَ المَکانِ بِحُضورِ جُمهورٍ مِنَ العُلَماءِ وَالاُمَراءِ ووُجوهِ النّاسِ،وکَشَفُوا الحَجَرَ الَّذی عَلَیهِ الکِتابَةُ،فَوَجَدوا فَجوَةً خالِیَةً لَیسَ فیها شَیءٌ، وبَعدَ أن رَآهَا الحاضِرونَ أمَرَ بِسَدِّها کَما کانَت،ورَفَعَ ذلِکَ إلَی السُّلطانِ عَبدِ المَجیدِ،فَأَمَرَ بِصُنعِ طَوقٍ مِنَ الفِضَّةِ حَولَ الحَجَرِ.
ومَضَی المُؤَلِّفُ یَقولُ:وکُنتُ أعلَمُ مِقدارَ وَزنِهِ،وأظُنُّهُ سَبعَةَ آلافِ دِرهَمٍ، وَاستَطرَدَ یَقولُ:إنَّ هذِهِ الأَمارَةَ تَدُلُّ عَلی أنَّ هذَا الرَّأسَ دُفِنَ بِدِمَشقَ،وبَعدَها بِنَحوِ مِئَةِ عامٍ ظَهَرَ مَشهَدُ عَسقَلانَ،وَانتُقِلَ مِن عَسقَلانَ إلَی القاهِرَةِ بِواسِطَةِ المَلِکِ الصّالِحِ طَلائِعَ (1)فی نِصفِ القَرنِ السّادِسِ. (2)
2244.لواعج الأشجان: حَکی غَیرُ واحِدٍ مِنَ المُؤَرِّخینَ أنَّ الخَلیفَةَ العَلَوِیَّ بِمِصرَ أرسَلَ إلی عَسقَلانَ-وهِیَ مَدینَةٌ کانَت بَینَ مِصرَ وَالشّامِ،وَالآنَ هِیَ خَرابٌ-فَاستَخرَجَ رَأساً زَعَمَ أنَّهُ رَأسُ الحُسَینِ علیه السّلام،وجیءَ بِهِ إلی مِصرَ،فَدَفَنَ فیها فِی المَشهَدِ المَعروفِ الآنَ،وهُوَ مَشهَدٌ مُعَظَّمٌ یُزارُ،وإلی جانِبِهِ مَسجِدٌ عَظیمٌ رَأَیتُهُ فی سَنَةِ إحدی وعِشرینَ بَعدَ الثَّلاثِمِئَةٍ وألفٍ،وَالمِصرِیّونَ یَتَوافَدونَ إلی زِیارَتِهِ أفواجاً رِجالاً ونِساءً،ویَدعونَ ویَتَضَرَّعونَ عِندَهُ.وأخْذُ العَلَوِیّینَ لِذلِکَ الرَّأسِ مِن عَسقَلانَ ودَفنُهُ بِمِصرَ کَأَنَّهُ لا رَیبَ فیهِ،لکِنَّ الشَّأنَ فی کَونِهِ رَأسَ الحُسَینِ علیه السّلام. (3)
2245.البدایة والنهایة: ادَّعَتِ الطّائِفَةُ المُسَمَّونَ بِالفاطِمِیّینَ-الَّذینَ مَلَکُوا الدِّیارَ المِصرِیَّةَ قَبلَ
ص:119
سَنَةِ أربَعِمِئَةٍ إلی ما بَعدَ سَنَةِ سِتّینَ وسِتِّمِئَةٍ-أنَّ رَأسَ الحُسَینِ علیه السّلام وَصَلَ إلَی الدِّیارِ المِصرِیَّةِ،ودَفَنوهُ بِها،وبَنَوا عَلَیهِ المَشهَدَ المَشهورَ بِهِ بِمِصرَ،الَّذی یُقالُ لَهُ تاجُ الحُسَینِ،بَعدَ سَنَةِ خَمسِمِئَةٍ.
وقَد نَصَّ غَیرُ واحِدٍ مِن أئِمَّةِ أهلِ العِلمِ عَلی أنَّهُ لا أصلَ لِذلِکَ،وإنَّما أرادوا أن یُرَوِّجوا بِذلِکَ بُطلانَ مَا ادَّعَوهُ مِنَ النَّسَبِ الشَّریفِ،وهُم فی ذلِکَ کَذَبَةٌ خَوَنَةٌ،وقَد نَصَّ عَلی ذلِکَ القاضِی الباقِلّانِیُّ وغَیرُ واحِدٍ مِن أئِمَّةِ العُلَماءِ فی دَولَتِهِم فی حُدودِ سَنَةِ أربَعِمِئَةٍ، (1)کَما سَنُبَیِّنُ ذلِکَ کُلَّهُ إذَا انتَهَینا إلَیهِ فی مَواضِعِهِ إن شاءَ اللّهُ تَعالی.
قُلتُ:وَالنّاسُ أکثَرُهُم یُرَوَّجُ عَلَیهِم مِثلُ هذا،فَإِنَّهُم جاؤوا بِرَأسٍ،فَوَضَعوهُ فی مَکانِ هذَا المَسجِدِ المَذکورِ،وقالوا:هذا رَأسُ الحُسَینِ علیه السّلام،فَراجَ ذلِکَ عَلَیهِم، وَاعتَقَدوا ذلِکَ،وَاللّهُ أَعلَمُ. (2)
ص:120
کما لاحظنا فإنّ الروایات المتعلّقة بموضع دفن الرأس الشریف لسیّد الشهداء یمکن تقسیمها إلی خمس مجموعات:
المجموعة الاُولی: ما دلّ علی دفن رأسه إلی جوار قبر أمیر المؤمنین علیه السّلام.وهو ما روته غالبیّة المصادر الروائیّة المعتبرة مثل: الکافی ،و تهذیب الأحکام و کامل الزیارات . (1)
علی الرغم من أنّه یمکن توجیه بعض هذه الروایات بأن یقال:إنّ المراد بها مکان وضع الرأس الشریف (2)،إلّاأنّ دلالة مجموعها علی أنّ الرأس الشریف دُفن إلی جوار مرقد أبیه، غیر قابلة للتشکیک علی ما یبدو،ولذلک یقول العلّامة المجلسی مشیراً إلی هذه الروایات:
اعلم أنّه یظهر من الأخبار المتقدّمة أنّ رأس الحسین صلوات اللّه علیه وآله وجسد آدم ونوح وهود و صالح صلوات اللّه علیهم مدفونون عِنده صلوات اللّه علیه، فینبغی زیارتهم جمیعاً بعد زیارته علیه السّلام. (3)
المجموعة الثانیة: الروایات الدالّة علی أنّ رأس سیّد الشهداء اعید إلی کربلاء،واُلحق
ص:121
بجسده (1).وممّا یجدر ذکره أنّنا لم نجد روایة عن أهل البیت علیه السّلام تدلّ علی هذا المعنی،إلّاأنّ السیّد ابن طاووس ذکر ذلک قائلاً:
أمّا رأس الحسین علیه السّلام فروی أنّه اعید فدُفن بکربلاء مع جسده الشریف صلوات اللّه علیه،وکان عمل الطائفة علی هذا المعنی المشار إلیه. (2)
و یقول فی الإقبال:
اعلم إنّ إعادة الرأس المقدّس لمولانا الحسین صلوات اللّه علیه إلی جسده الشریف یشهد به لسان القرآن العظیم المنیف،حیث قال اللّه جلّ جلاله: «وَ لا تَحْسَبَنَّ الَّذِینَ قُتِلُوا فِی سَبِیلِ اللّهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْیاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ یُرْزَقُونَ» 3 ،فهل بقی شکّ حیث أخبر اللّه من حیث إنّه استشهد حیٌّ عند ربّه مرزوق مصون! فلا ینبغی أن یشکّ فی هذا العارفون. (3)
و استدلاله بالآیة 169 من سورة آل عمران یبدو أنّه غیر صحیح،وأمّا ما نسبه إلی الإمامیّة،فقد نُقل أیضاً عن القرطبی (4)والمناوی (5)(6)،ولکنّ العلّامة المجلسی یقول:
والمشهور بین علمائنا الإمامیة أنّه دُفن رأسه مع جسده،ردّه علیّ بن الحسین علیه السّلام، وقد وردت أخبار کثیرة فی أنّه مدفون عند قبر أمیر المؤمنین علیه السّلام. (7)
ص:122
و یقول السیّد المرتضی فی الإجابة علی السؤال حول صحّة ما روی من أنّ رأس الإمام علیه السّلام حُمل إلی الشام وعدمه:
قد رواهُ جمیع الرواة والمصنّفین فی یوم الطفّ وأطبقوا علیه.وقد رَووا أیضاً أنّ الرأس اعید بعد حمله إلی هناک،ودُفن مع الجسد بالطفّ.
فإن تعجّب متعجّب من تمکین اللّه تعالی من ذلک من فحشه وعظم قبحه،فلیس حمل الرأس إلی الشام أفحش ولا أقبح من القتل نفسه،وقد مکّن اللّه تعالی منه ومن قتل أمیر المؤمنین علیه السّلام. (1)
المجموعة الثالثة: الروایات الدالّة علی أن الرأس الشریف لسیّد الشهداء دُفن فی دمشق. (2)
المجموعة الرابعة: الروایات الدالّة علی أنّ رأسه الشریف دُفن فی المدینة وفی مقبرة البقیع. (3)
المجموعة الخامسة: الروایات الدالّة علی دفن رأسه الشریف فی مصر. (4)
ومن خلال التأمّل فی الروایات المذکورة (5)یظهر رجحان الاحتمال الأوّل،أی دفن الرأس الشریف إلی جوار قبر أمیر المؤمنین علیه السّلام؛نظراً إلی أنّه نُقل فی المصادر المعتبرة وعن أهل البیت علیهم السّلام،و«أهل البیت أدری بما فی البیت».
إلّا إذا ثبت أنّ علماء الإمامیّة رأوا تلک الروایات،وأعرضوا عنها لوجود الدلیل المعتبر علی ذلک،ولکن إثبات هذا المعنی یبدو مشکلاً.
ص:123
تشیر النقول المشهورة إلی أنّه مضافاً لرأس الحسین علیه السّلام فقد ا خذت رؤوس الشهداء من أصحابه من الکوفة إلی الشام (1)،إلاّ أنّه لا توجد أخبار معتبرة فیما یتعلّق بمحلّ دفنها.
جدیر بالذکر أنّ النصوص الواردة حول سبی أهل بیت الحسین علیه السّلام من کربلاء إلی الکوفة،ومنها إلی الشام،و حضورهم فی مجلس یزید تعرّضت لذکر رأس الحسین علیه السّلام فقط، ولم تتعرّض لرؤوس الشهداء بتاتاً (2)،و قد کتب السیّد محسن الأمین فی هذا المجال قائلاً:
رأیت بعد سنة 1321 فی المقبرة المعروفة بمقبرة باب الصغیر بدمشق مشهداً وضع فوق بابه صخرة کتب علیها ما صورته:«هذا مدفن رأس العبّاس بن علی، ورأس علیّ بن الحسین الأکبر،ورأس حبیب بن مظاهر»،ثمّ إنّه بعد ذلک بسنین هُدم هذا المشهد واُعید بناؤه،واُزیلت هذه الصخرة،وبُنی ضریحٌ داخل المشهد ونقش علیه أسماء کثیرة لشهداء کربلاء،ولکنّ الحقیقة أنّه منسوب إلی الرؤوس الشریفة الثلاثة المقدّم ذکرها بحسب ما کان موضوعاً علی بابه کما مرّ.وهذا المشهد الظنّ قویٌّ بصحّة نسبته؛لأنّ الرؤوس الشریفة بعد حملها إلی دمشق والطواف بها وانتهاء غرض یزید من إظهار الغلبة والتنکیل بأهلها والتشفّی،لا بدّ أن تُدفن فی إحدی المقابر،فدُفنت هذه الرؤوس الثلاثة فی مقبرة باب الصغیر وحُفظ محلّ دفنها،و اللّه أعلم. (3)
علی هذا الأساس،فإنّ المکان المعروف-فی العصر الحاضر-فی منطقة باب الصغیر من دمشق بأنّه مدفن رؤوس الشهداء-و الذی یمکن قبوله بالنسبة لبعضهم علی الأقلّ-فاقد للمستند التاریخی أو الروائی الواضح والذی یمکن الاطمئنان من خلاله بما ذکر.
ص:124
ما ظَهَرَ مِنَ الکَراماتِ مِن رَأسِ سَیِّدِ الشُّهَداءِ علیه السّلام
2246.الإرشاد: ولَمّا أصبَحَ عُبَیدُ اللّهِ بنُ زِیادٍ،بَعَثَ بِرَأسِ الحُسَینِ علیه السّلام،فَدیرَ بِهِ فی سِکَکِ الکوفَةِ کُلِّها وقَبائِلِها،فَرُوِیَ عَن زَیدِ بنِ أرقَمَ أنَّهُ قالَ:مُرَّ بِهِ [أی بِرَأسِ الحُسَینِ علیه السّلام ] عَلَیَّ، وهُوَ عَلی رُمحٍ،وأنَا فی غُرفَةٍ،فَلَمّا حاذانی سَمِعتُهُ یَقرَأُ: «أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحابَ الْکَهْفِ وَ الرَّقِیمِ کانُوا مِنْ آیاتِنا عَجَباً» ، (1)فَقَفَّ (2)-وَاللّهِ-شَعری ونادَیتُ:رَأسُکَ-وَاللّهِ یَابنَ رَسولِ اللّهِ-أعجَبُ وأعجَبُ. 3
2247.المناقب لابن شهرآشوب عن الشعبی: أنَّهُ صُلِبَ رَأسُ الحُسَینِ علیه السّلام بِالصَّیارِفِ فِی الکوفَةِ، فَتَنَحنَحَ الرَّأسُ،وقَرَأَ سورَةَ الکَهفِ إلی قَولِهِ: «إِنَّهُمْ فِتْیَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَ زِدْناهُمْ هُدیً» ، 4فَلَم یَزِدهُم ذلِکَ إلّاضَلالاً. 5
ص:125
2248.تاریخ دمشق عن المنهال بن عمرو (1): أنَا-وَاللّهِ-رَأَیتُ رَأسَ الحُسَینِ بنِ عَلِیٍّ علیه السّلام حینَ حُمِلَ،وأنَا بِدِمَشقَ،وبَینَ یَدَیِ الرَّأسِ رَجُلٌ یَقرَأُ سورَةَ الکَهفِ،حَتّی بَلَغَ قَولَهُ تَعالی: «أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحابَ الْکَهْفِ وَ الرَّقِیمِ کانُوا مِنْ آیاتِنا عَجَباً» ،قالَ:فَأَنطَقَ اللّهُ الرَّأسَ بِلِسانٍ ذَرِبٍ، (2)فَقالَ:أعجَبُ مِن أصحابِ الکَهفِ قَتلی وحَملی. (3)
2249.المناقب لابن شهر آشوب عن الشعبی: لَمّا صَلَبوا رَأسَهُ عَلَی الشَّجَرَةِ سُمِعَ مِنهُ: «وَ سَیَعْلَمُ الَّذِینَ ظَلَمُوا أَیَّ مُنْقَلَبٍ یَنْقَلِبُونَ» . (4)
وسُمِعَ أیضاً صَوتُهُ بِدِمَشقَ یَقولُ: «لا قُوَّةَ إِلاّ بِاللّهِ» . (5)
وسُمِعَ أیضاً یَقرَأُ: «أَنَّ أَصْحابَ الْکَهْفِ وَ الرَّقِیمِ کانُوا مِنْ آیاتِنا عَجَباً» ،فَقالَ زَیدُ بنُ أرقَمَ:أمرُکَ أعجَبُ یَابنَ رَسولِ اللّهِ. (6)
2250.دلائل الإمامة عن الحارث بن وکیدة: کُنتُ فیمَن حَمَلَ رَأسَ الحُسَینِ علیه السّلام،فَسَمِعتُهُ یَقرَأُ سورَةَ الکَهفِ،فَجَعَلتُ أشُکُّ فی نَفسی وأنَا أسمَعُ نَغمَةَ أبی عَبدِ اللّهِ علیه السّلام.
فَقالَ لی:یَا بنَ وکیدَةَ،أما عَلِمتَ أنّا مَعشَرَ الأَئِمَّةِ أحیاءٌ عِندَ رَبِّنا نُرزَقُ؟!
ص:126
قالَ:فَقُلتُ فی نَفسی:أسرِقُ رَأسَهُ،فَنادی:یَا بنَ وکیدَةَ،لَیسَ لَکَ إلی ذاکَ سَبیلٌ،سَفکُهُم دَمی أعظَمُ عِندَ اللّهِ مِن تَسییرِهِم رَأسی،فَذَرهُم «فَسَوْفَ یَعْلَمُونَ إِذِ الْأَغْلالُ فِی أَعْناقِهِمْ وَ السَّلاسِلُ یُسْحَبُونَ» 1 . (1)
2251.تاریخ دمشق عن سلمة بن کهیل: رَأَیتُ رَأسَ الحُسَینِ بنِ عَلِیٍّ علیه السّلام عَلَی القَنا،وهُوَ یَقولُ:
«فَسَیَکْفِیکَهُمُ اللّهُ وَ هُوَ السَّمِیعُ الْعَلِیمُ» 3 . (2)
2252.حیاة الحیوان الکبری: تَکَلَّمَ بَعدَ المَوتِ أربَعَةٌ:یَحیَی بنُ زَکَرِیّا علیه السّلام حینَ ذُبِحَ،وحَبیبٌ النَّجّارُ،حَیثُ قالَ: «یا لَیْتَ قَوْمِی یَعْلَمُونَ» 5 ،وجَعفَرٌ الطَّیّارُ،حَیثُ قالَ: «وَ لا تَحْسَبَنَّ الَّذِینَ قُتِلُوا فِی سَبِیلِ اللّهِ» 6 إلخ،وَالحُسَینُ بنُ عَلِیٍّ علیه السّلام،حَیثُ قالَ: «وَ سَیَعْلَمُ الَّذِینَ ظَلَمُوا أَیَّ مُنْقَلَبٍ یَنْقَلِبُونَ» . (3)
2253.تذکرة الخواصّ عن عبد الملک بن هشام النحوی البصری: لَمّا أنفَذَ ابنُ زِیادٍ رَأسَ الحُسَینِ علیه السّلام إلی یَزیدَ بنِ مُعاوِیَةَ مَعَ الاُساری مُوَثَّقینَ فِی الحِبالِ،مِنهُم نِساءٌ وصِبیانٌ وصَبِیّاتٌ مِن بَناتِ رَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله،عَلی أقتابِ (4)الجِمالِ مُوَثَّقینَ،مُکَشَّفاتِ الوُجوهِ
ص:127
وَالرُّؤوسِ،وکُلَّما نَزَلوا مَنزِلاً أخرَجُوا الرَّأسَ مِن صُندوقٍ أعَدّوهُ لَهُ،فَوَضَعوهُ عَلی رُمحٍ،وحَرَسوهُ طولَ اللَّیلِ إلی وَقتِ الرَّحیلِ،ثُمَّ یُعیدوهُ إلَی الصُّندوقِ ویَرحَلوا.
فَنَزلوا بَعضَ المَنازِلِ،وفی ذلِکَ المَنزِلِ دَیرٌ فیهِ راهِبٌ،فَأَخرَجُوا الرَّأسَ عَلی عادَتِهِم،ووَضَعوهُ عَلَی الرُّمحِ،وحَرَسَهُ الحَرَسُ عَلی عادَتِهِ،وأسنَدُوا الرُّمحَ إلَی الدَّیرِ،فَلَمّا کانَ فی نِصفِ اللَّیلِ رَأَی الرّاهِبُ نوراً مِن مَکانِ الرَّأسِ إلی عَنانِ السَّماءِ،فَأَشرَفَ عَلَی القَومِ،وقالَ:مَن أنتُم؟قالوا:نَحنُ أصحابُ ابنِ زِیادٍ.قالَ:
وهذا رَأسُ مَن؟قالوا:رَأسُ الحُسَینِ بنِ عَلِیِّ بنِ أبی طالِبٍ،ابنِ فاطِمَةَ بِنتِ رَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله.قالَ:نَبِیُّکُم؟قالوا:نَعَم.
قالَ:بِئسَ القَومُ أنتُم،لَو کانَ لِلمَسیحِ وَلَدٌ لَأَسکَنّاهُ أحداقَنا،ثُمَّ قالَ:هَل لَکُم فی شَیءٍ؟قالوا:وما هُوَ؟قالَ:عِندی عَشَرَةُ آلافِ دینارٍ تَأخُذونَها،وتُعطونِّی الرَّأسَ یَکونُ عِندی تَمامَ اللَّیلَةِ،وإذا رَحَلتُم تَأخُذونَهُ،قالوا:وما یَضُرُّنا،فَناوَلوهُ الرَّأسَ، وناوَلَهُمُ الدَّنانیرَ،فَأَخَذَهُ الرّاهِبُ،فَغَسَلَهُ وطَیَّبَهُ،وتَرَکَهُ عَلی فَخِذِهِ،وقَعَدَ یَبکی اللَّیلَ کُلَّهُ،فَلَمّا أسفَرَ الصُّبحُ قالَ:یا رَأسُ،لا أملِکُ إلّانَفسی،وأنَا أشهَدُ أن لا إلهَ إلَّا اللّهُ،وأنَّ جَدَّکَ مُحَمَّداً رَسولُ اللّهِ،واُشهِدُ اللّهَ أنَّنی مَولاکَ وعَبدُکَ.
ثُمَّ خَرَجَ عَنِ الدَّیرِ وما فیهِ،وصارَ یَخدِمُ أهلَ البَیتِ. (1)
2254.المناقب لابن شهر آشوب: لَمّا جاؤوا بِرَأسِ الحُسَینِ علیه السّلام ونَزَلوا مَنزِلاً یُقالُ لَهُ قِنَّسرینَ، (2)
ص:128
اطَّلَعَ راهِبٌ مِن صَومَعَتِهِ (1)إلَی الرَّأسِ،فَرَأی نوراً ساطِعاً یَخرُجُ مِن فیهِ،ویَصعَدُ إلَی السَّماءِ،فَأَتاهُم بِعَشَرَةِ آلافِ دِرهَمٍ،وأخَذَ الرَّأسَ،وأدخَلَهُ صَومَعَتَهُ،فَسَمِعَ صَوتاً ولَم یَرَ شَخصاً،قالَ:طوبی لَکَ،وطوبی لِمَن عَرَفَ حُرمَتَهُ،فَرَفَعَ الرّاهِبُ رَأسَهُ، وقالَ:یا رَبِّ،بِحَقِّ عیسی تَأمُرُ هذَا الرَّأسَ بِالتَّکَلُّمِ مَعی.
فَتَکَلَّمَ الرَّأسُ،وقالَ:یا راهِبُ،أیَّ شَیءٍ تُریدُ؟قالَ:مَن أنتَ؟قالَ:أنَا ابنُ مُحَمَّدٍ المُصطَفی،وأنَا ابنُ عَلِیٍّ المُرتَضی،وأنَا ابنُ فاطِمَةَ الزَّهراءِ،وأنَا المَقتولُ بِکَربَلاءَ،أنَا المَظلومُ،أنَا العَطشانُ،فَسَکَتَ.
فَوَضَعَ الرّاهِبُ وَجهَهُ عَلی وَجهِهِ،فَقالَ:لا أرفَعُ وَجهی عَن وَجهِکَ حَتّی تَقولَ:
أنَا شَفیعُکَ یَومَ القِیامَةِ.
فَتَکَلَّمَ الرَّأسُ،فَقالَ:اِرجِع إلی دینِ جَدّی مُحَمَّدٍ صلّی اللّه علیه و آله.
فَقالَ الرّاهِبُ:أشهَدُ أن لا إلهَ إلَّااللّهُ،وأشهَدُ أنَّ مُحَمَّداً رَسولُ اللّهِ،فَقَبِلَ لَهُ الشَّفاعَةَ.
فَلَمّا أصبَحوا أخَذوا مِنهُ الرَّأسَ وَالدَّراهِمَ،فَلَمّا بَلَغُوا الوادِیَ نَظَرُوا الدَّراهِمَ قَد صارَت حِجارَةً. (2)
2255.مقتل الحسین علیه السّلام للخوارزمی: إنَّ رَأسَ الحُسَینِ علیه السّلام لَمّا حُمِلَ إلَی الشّامِ جَنَّ عَلَیهِمُ اللَّیلُ،
ص:129
فَنَزَلوا عِندَ رَجُلٍ مِنَ الیَهودِ،فَلَمّا شَرِبوا وسَکِروا،قالوا لَهُ:عِندَنا رَأسُ الحُسَینِ.
فَقالَ لَهُم:أرونی إیّاهُ،فَأَرَوهُ إیّاهُ بِصُندوقٍ یَسطَعُ مِنهُ النّورُ إلَی السَّماءِ،فَعَجِبَ الیَهودِیُّ،وَاستَودَعَهُ مِنهُم،فَأَودَعوهُ عِندَهُ.
فَقالَ الیَهودِیُّ لِلرَّأسِ وقَد رَآهُ بِذلِکَ الحالِ:اِشفَع لی عِندَ جَدِّکَ.فَأَنطَقَ اللّهُ الرَّأسَ،وقالَ:إنَّما شَفاعَتی لِلمُحَمَّدِیّینَ ولَستَ بِمُحَمَّدِیٍّ،فَجَمَعَ الیَهودِیُّ أقرِباءَهُ، ثُمَّ أخَذَ الرَّأسَ ووَضَعَهُ فی طَستٍ،وصَبَّ عَلَیهِ ماءَ الوَردِ،وطَرَحَ فیهِ الکافورَ وَالمِسکَ وَالعَنبَرَ.
ثُمَّ قالَ لِأَولادِهِ وأقرِبائِهِ:هذا رَأسُ ابنِ بِنتِ مُحَمَّدٍ،ثُمَّ قالَ:وا لَهفاه ! لَم أجِد جَدَّکَ مُحَمَّداً فَاُسلِمَ عَلی یَدَیهِ،ثُمَّ وا لَهفاه لَم أجِدکَ حَیّاً فَاُسلِمَ عَلی یَدَیکَ واُقاتِلَ دونَکَ،فَلَو أسلَمتُ الآنَ أتَشفَعُ لی یَومَ القِیامَةِ؟
فَأَنطَقَ اللّهُ الرَّأسَ،فَقالَ بِلِسانٍ فَصیحٍ:إن أسلَمتَ فَأَنَا لَکَ شَفیعٌ.قالَها ثَلاثَ مَرّاتٍ وسَکَتَ؛فَأَسلَمَ الرَّجُلُ وأقرِباؤُهُ. (1)
2256.الخرائج والجرائح عن سلیمان بن مهران الأعمش عن رجل: دَخَلَ عَلَیهِ [أی عَلی یَزیدَ] رَأسُ الیَهودِ،فَقالَ:ما هذَا الرَّأسُ؟فَقالَ:رَأسُ خارِجِیٍّ.قالَ:ومَن هُوَ؟قالَ:الحُسَینُ.
قالَ:اِبنُ مَن؟قالَ:اِبنُ عَلِیٍّ.قالَ:ومَن امُّهُ؟قالَ:فاطِمَةُ.قالَ:ومَن فاطِمَةُ؟قالَ:
بِنتُ مُحَمَّدٍ.قالَ:نَبِیُّکُم؟! قالَ:نَعَم.
قالَ:لا جَزاکُمُ اللّهُ خَیراً،بِالأَمسِ کانَ نَبِیَّکُم وَالیَومَ قَتَلتُم ابنَ بِنتِهِ ! وَیحَکَ إنَّ
ص:130
بَینی وبَینَ داووُدَ النَّبِیِّ نَیِّفاً وسَبعینَ أباً،فَإِذا رَأَتنِی الیَهودُ کَفَّرَت (1)لی.ثُمَّ مالَ إلَی الطَّشتِ،وقَبَّلَ الرَّأسَ،وقالَ:أشهَدُ أن لا إلهَ إلَّااللّهُ،وأنَّ جَدَّکَ مُحَمَّداً رَسولُ اللّهِ، وخَرَجَ،فَأَمَرَ یَزیدُ بِقَتلِهِ. (2)
راجع:ص 402 (القسم العاشر/الفصل الخامس:صدی واقعة کربلاء فی غیر المسلمین/رأس الجالوت).
2257.المعجم الکبیر عن أبی قبیل: لَمّا قُتِلَ الحُسَینُ بنُ عَلِیٍّ علیه السّلام احتَزّوا رَأسَهُ،وقَعَدوا فی أوَّلِ مَرحَلَةٍ یَشرَبونَ النَّبیذَ یَتَحَیَّونَ بِالرَّأسِ،فَخَرَجَ عَلَیهِم قَلَمٌ مِن حَدیدٍ مِن حائِطٍ، فَکَتَبَ بِسَطرِ دَمٍ:
أتَرجو امَّةٌ قَتَلَت حُسَیناً شَفاعَةَ جَدِّهِ یَومَ الحِسابِ
فَهَرَبوا وتَرَکُوا الرَّأسَ،ثُمَّ رَجَعوا. (3)
2258.مثیر الأحزان عن سلیمان بن مهران الأعمش: بَینَما أنَا فِی الطَّوافِ أیّامَ المَوسِمِ،إذا رَجُلٌ یَقولُ:اللّهُمَّ اغفِر لی،وأنَا أعلَمُ أنَّکَ لا تَغفِرُ.فَسَأَلتُهُ عَنِ السَّبَبِ؟فَقالَ:کُنتُ أحَدَ الأَربَعینَ الَّذینَ حَمَلوا رَأسَ الحُسَینِ إلی یَزیدَ عَلی طَریقِ الشّامِ،فَنَزَلنا أوَّلَ مَرحَلَةٍ رَحَلنا مِن کَربَلاءَ عَلی دَیرٍ لِلنَّصاری،وَالرَّأسُ مَرکوزٌ عَلی رُمحٍ،فَوَضَعنَا الطَّعامَ، ونَحنُ نَأکُلُ إذا بِکَفٍّ عَلی حائِطِ الدَّیرِ یَکتُبُ عَلَیهِ بِقَلَمٍ حَدیدٍ سَطراً بِدَمٍ:
ص:131
أتَرجو امَّةٌ قَتَلَت حُسَیناً شَفاعَةَ جَدِّهِ یَومَ الحِسابِ
فَجَزِعنا جَزَعاً شَدیداً،وأهوی بَعضُنا إلَی الکَفِّ لِیَأخُذَهُ،فَغابَ،فَعادَ أصحابی.
وعَن مَشایِخَ مِن بَنی سُلَیمٍ:أنَّهُم غَزَوُا الرّومَ،فَدَخَلوا بَعضَ کَنائِسِهِم،فَإِذا مَکتوبٌ هذَا البَیتُ،فَقالوا لَهُم:مُنذُ مَتی مَکتوبٌ؟قالوا:قَبلَ أن یُبعَثَ نَبِیُّکُم بِثَلاثِمِئَةِ عامٍ. (1)
2259.الملهوف عن ابن لهیعة: کُنتُ أطوفُ بِالبَیتِ فَإِذا أنَا بِرَجُلٍ یَقولُ:اللّهُمَّ اغفِر لی وما أراکَ فاعِلاً،فَقُلتُ لَهُ:یا عَبدَ اللّهِ،اتَّقِ اللّهَ ولا تَقُل مِثلَ هذا،فَإِنَّ ذُنوبَکَ لَو کانَت مِثلَ قَطرِ الأَمصارِ ووَرَقِ الأَشجارِ فَاستَغفَرتَ اللّهَ،غَفَرَها لَکَ،إنَّهُ غَفورٌ رَحیمٌ.
قالَ:فَقالَ لی:اُدنُ مِنّی حَتّی اخبِرَکَ بِقِصَّتی،فَأَتَیتُهُ فَقالَ:اِعلَم إنَّنا کُنّا خَمسینَ نَفَراً مِمَّن سارَ مَعَ رَأسِ الحُسَینِ علیه السّلام إلَی الشّامِ،فَکُنّا إذا أمسَینا وَضَعنَا الرَّأسَ فی تابوتٍ وشَرِبنَا الخَمرَ حَولَ التّابوتِ،فَشَرِبَ أصحابی لَیلَةً حَتّی سَکِروا ولَم أشرَب مَعَهُم،فَلَمّا جَنَّ اللَّیلُ سَمِعتُ رَعداً ورَأَیتُ بَرقاً،فَإِذا أبوابُ السَّماءِ قَد فُتِحَت، ونَزَلَ آدَمُ ونوحٌ وإبراهیمُ وإسحاقُ وإسماعیلُ ونَبِیُّنا مُحَمَّدٌ صَلَّی اللّهُ عَلَیهِ وآلِهِ وعَلَیهِم أجمَعینَ،ومَعَهُم جَبرَئیلُ وخَلقٌ مِنَ المَلائِکَةِ.
فَدَنا جَبرَئیلُ مِنَ التّابوتِ،فَأَخرَجَ الرَّأسَ،وضَمَّهُ إلی نَفسِهِ وقَبَّلَهُ،ثُمَّ کَذلِکَ فَعَلَ الأَنبِیاءُ کُلُّهُم،وبَکَی النَّبِیُّ صلّی اللّه علیه و آله عَلی رَأسِ الحُسَینِ علیه السّلام،وعَزّاهُ الأَنبِیاءُ،وقالَ لَهُ جَبرَئیلُ علیه السّلام:یا مُحَمَّدُ،إنَّ اللّهَ تَعالی أمَرَنی أن اطیعَکَ فی امَّتِکَ،فَإِن أمَرتَنی زَلزَلتُ
ص:132
الأَرضَ بِهِم،وجَعَلتُ عالِیَها سافِلَها کَما فَعَلتُ بِقَومِ لوطٍ.
فَقالَ النَّبِیُّ صلّی اللّه علیه و آله:لا یا جَبرَئیلُ،فَإِنَّ لَهُم مَعی مَوقِفاً بَینَ یَدَیِ اللّهِ یَومَ القِیامَةِ.
ثُمَّ جاءَ المَلائِکَةُ نَحوَنا لِیَقتُلونا،فَقُلتُ:الأَمانَ یا رَسولَ اللّهِ.فَقالَ:اِذهَب فَلا غَفَرَ اللّهُ لَکَ. (1)
ص:133
ص:134
2260.الإرشاد: أقامَ [عُمَرُ بنُ سَعدٍ] بَقِیَّةَ یَومِهِ وَالیَومَ الثّانِیَ إلی زَوالِ الشَّمسِ،ثُمَّ نادی فِی النّاسِ بِالرَّحیلِ،و تَوَجَّهَ إلَی الکوفَةِ ومَعَهُ بَناتُ الحُسَینِ علیه السّلام وأخَوَاتُهُ ومَن کانَ مَعَهُ مِنَ النِّساءِ وَالصِّبیانِ،وعَلِیُّ بنُ الحُسَین علیه السّلام فیهِم وهُوَ مَریضٌ بِالذَّرَبِ (1)وقَد أشفی. (2)(3)
2261.الکامل فی التاریخ: أقامَ عُمَرُ [بنُ سَعدٍ] بَعدَ قَتلِهِ [أیِ الحُسَینِ علیه السّلام ] یَومَینِ،ثُمَّ ارتَحَلَ إلَی الکوفَةِ،وحَمَلَ مَعَهُ بَناتِ الحُسَین علیه السّلام وأخَواتِهِ ومَن کانَ مَعَهُ مِنَ الصِّبیانِ،وعَلِیُّ بنُ الحُسَینِ علیه السّلام مَریضٌ. (4)
ص:135
2262.الأخبار الطوال: أقامَ عُمَرُ بنُ سَعدٍ بِکَربَلاءَ بَعدَ مَقتَلِ الحُسَینِ علیه السّلام یَومَینِ،ثُمَّ أذَّنَ فِی النّاسِ بِالرَّحیلِ...وأمَر عُمَرُ بنُ سَعدٍ بِحَملِ نِساءِ الحَُسینِ علیه السّلام وأخَواتِهِ وبَناتِهِ وجَواریهِ وحَشَمِهِ فِی المَحامِلِ المَستورَةِ عَلَی الإِبِلِ. (1)
2263.الملهوف: إنَّ عُمَرَ بنَ سَعدٍ لَعَنَهُ اللّهُ بَعَثَ بِرَأسِ الحُسَینِ عَلَیهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ فی ذلِکَ الیَومِ وهُوَ یَومُ عاشوراءَ،مَعَ خَولِیِّ بنِ یَزیدَ الأَصبَحِیِّ وحُمَیدِ بنِ مُسلِمٍ الأَزدِیِّ إلی عُبَیدِ اللّهِ بنِ زِیادٍ،وأمَرَ بِرُؤوسِ الباقینَ مِن أصحابِهِ وأهلِ بَیتِهِ فَقُطِّعَت،وسُرِّحَ بِها مَعَ شِمرِ بنِ ذِی الجَوشَنِ-لَعَنَهُ اللّهُ-وقَیسِ بنِ الأَشعَثِ وعَمرِو بنِ الحَجّاجِ،فَأَقبَلوا بِها حَتّی قَدِمُوا الکوفَةَ.
وأقامَ ابنُ سَعدٍ بَقِیَّةَ یَومِهِ وَالیَومَ الثّانِیَ إلی زَوالِ الشَّمسِ،ثُمَّ رَحَلَ بِمَن تَخَلَّفَ مِن عِیالِ الحُسَینِ علیه السّلام،وحَمَلَ نِساءَهُ عَلی أحلاسِ (2)أقتابِ (3)الجِمالِ بِغَیرِ وِطاءِ ولا غِطاءٍ،مُکَشَّفاتِ الوُجوهِ بَینَ الأَعداءِ،وهُنَّ وَدائِعُ خَیرِ الأَنبِیاءِ،وساقوهُنَّ کَما یُساقُ سَبیُ التُّرکِ وَالرّومِ فی أسرِ المَصائِبِ وَالهُمومِ،وللّهِ ِ دَرُّ القائِلِ:
یُصَلّی عَلَی المَبعوثِ مِن آلِ هاشِمٍ ویُغزی بَنوهُ إنَّ ذا لَعَجیبٌ (4)
2264.تاریخ الطبری عن هشام: أقامَ عُمَرُ بنُ سَعدٍ یَومَهُ ذلِکَ [أی یَومَ عاشوراءَ] وَالغَدَ،ثُمَّ أمَرَ حُمَیدَ بنَ بُکَیرٍ الأَحمَرِیَّ فَأَذَّنَ فِی النّاسِ بِالرَّحیلِ إلَی الکوفَةِ،وحَمَلَ مَعَهُ بَناتِ الحُسَینِ علیه السّلام وأخَواتِهِ ومَن کانَ مَعَهُ مِنَ الصِّبیانِ،وعَلِیُّ بنُ الحُسَینِ علیه السّلام مُریضٌ. (5)
ص:136
2265.تاریخ الطبری عن قرّة بن قیس التمیمی: نَظَرتُ إلی تِلکَ النِّسوَةِ لَمّا مَرَرنَ بِحُسَینٍ علیه السّلام وأهلِهِ ووَلَدِهِ،صِحنَ ولَطَمنَ وُجوهَهُنَّ....
قالَ:فَما نَسیتُ مِنَ الأَشیاءِ،لا أنسَ قَولَ زَینَبَ ابنَةِ فاطِمَةَ حینَ مَرَّت بِأَخیهَا الحُسَینِ علیه السّلام صَریعاً،وهِیَ تَقولُ:یا مُحَمَّداه،یا مُحَمَّداه،صَلّی عَلَیکَ مَلائِکَةُ السَّماءِ، هذَا الحُسَینُ بِالعَراءِ،مُرَمَّلٌ (1)بِالدِّماءِ،مُقَطَّعُ الأَعضاءِ،یا مُحَمَّداه،وبَناتُکَ سَبایا، وذُرِّیَّتُکَ مُقَتَّلَةٌ تَسفی (2)عَلَیهَا الصَّبا. (3)
قالَ:فَأَبکَت وَاللّهِ کُلَّ عَدُوٍّ وصَدیقٍ. (4)
2266.مقتل الحسین علیه السّلام للخوارزمی عن حمید بن مسلم: أذَّنَ عُمَرُ بنُ سَعدٍ بِالنّاسِ فِی الرَّحیلِ إلَی الکوفَةِ،وحَمَلَ بَناتِ الحُسَینِ علیه السّلام وأخَواتِهِ وعَلِیَّ بنَ الحُسَینِ علیه السّلام وذَرارِیَّهُم،فَلَمّا مَرّوا بِجُثَّةِ الحُسَینِ علیه السّلام وجُثَثِ أصحابِهِ،صاحَتِ النِّساءُ ولَطَمنَ وُجوهَهُنَّ،وصاحَت زَینَبُ علیها السّلام:یا مُحَمّداه،صَلّی عَلَیکَ مَلیکُ السَّماءِ،هذا حُسَینٌ بِالعَراءِ،مُزَمَّلٌ (5)بِالدِّماءِ،مُعَفَّرٌ بِالتُّرابِ،مُقَطَّعُ الأَعضاءِ،یا مُحَمَّداه ! بَناتُکَ فِی العَسکَرِ سَبایا، وذُرِّیَّتُکَ قَتلی تَسفی عَلَیهِمُ الصَّبا،هذَا ابنُکَ مَحزُوزُ الرَّأسِ مِنَ القَفا،لا هُوَ غائِبٌ
ص:137
فَیُرجی ولا جَریحٌ فَیُداوی.
وما زالَت تَقولُ هذَا القَولَ،حَتّی أبکَت وَاللّهِ کُلَّ صَدیقٍ وعَدُوٍّ،وحَتّی رَأَینا دُموعَ الخَیلِ تَنحَدِرُ عَلی حَوافِرِها. (1)
2267.الملهوف -فی ذِکرِ مَقتَلِ الإِمامِ علیه السّلام وأهلِ بَیتِهِ-:أخرَجُوا النِّساءَ مِنَ الخَیمَةِ وأشعَلوا فیهَا النّارَ،فَخَرَجنَ حَواسِرَ مُسَلَّباتٍ حافِیاتٍ باکِیاتٍ،یَمشینَ سَبایا فی أسرِ الذِّلَّةِ، وقُلنَ:بِحَقِّ اللّهِ إلّاما مَرَرتُم بِنا عَلی مَصرَعِ الحُسَینِ.فَلَمّا نَظَرَتِ النِّسوَةُ إلَی القَتلی صِحنَ وضَرَبنَ وُجوهَهُنَّ.
قالَ [الرّاوی]:فَوَاللّهِ لا أنسی زَینَبَ ابنَةَ عَلِیٍّ وهِیَ تَندُبُ الحُسَینَ علیه السّلام،وتُنادی بِصَوتٍ حَزینٍ وقَلبٍ کَئیبٍ:وا مُحَمَّداه،صَلّی عَلَیکَ مَلیکُ السَّماءِ،هذا حُسَینٌ بِالعَراءِ،مُرَمَّلٌ بِالدِّماءِ،مُقَطَّعُ الأَعضاءِ،وا ثُکلاه،وبَناتُکَ سَبابا،إلَی اللّهِ المُشتَکی، وإلی مُحَمَّدٍ المُصطَفی،وإلی عَلِیٍّ المُرتَضی،وإلی فاطِمَةَ الزَّهراءِ،وإلی حَمزَةَ سَیِّدِ الشُّهَداءِ.
وا مُحَمَّداه،وهذا حُسَینٌ بِالعَراءِ،تَسفی عَلَیهِ ریحُ الصَّبا،قَتیلُ أولادِ البَغایا.وا حُزناه،وا کَرباه عَلَیکَ یا أبا عَبدِ اللّهِ،الیَومَ ماتَ جَدّی رَسولُ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله.یا أصحابَ مُحَمَّدٍ،هؤُلاءِ ذُرِّیَّةُ المُصطَفی یُساقونَ سَوقَ السَّبایا.
وفی بَعضِ الرِّوایاتِ:وا مُحَمَّداه،بَناتُکَ سَبایا،وذُرِّیَّتُکَ مُقَتَّلَةٌ تَسفی عَلَیهِم ریحُ الصَّبا،وهذا حُسَینٌ مَحزوزُ الرَّأسِ مِنَ القَفا،مَسلوبُ العِمامَةِ وَالرِّداءِ.
بِأَبی مَن أضحی عَسکَرُهُ فی یَومِ الإِثنَینِ نَهباً،بِأَبی مَن فُسطاطُهُ مُقَطَّعُ العُری، بِأَبی مَن لا غائِبٌ فَیُرتَجی،ولا جَریحٌ فَیُداوی،بِأَبی مَن نَفسی لَهُ الفِداءُ،بِأَبی المَهمومُ حَتّی قَضی،بِأَبی العَطشانُ حَتّی مَضی،بِأَبی مَن یَقطُرُ شَیبُهُ بِالدِّماءِ،بِأَبی
ص:138
مَن جَدُّهُ رَسولُ إلهِ السَّماءِ،بِأَبی مَن هُوَ سِبطُ نَبِیِّ الهُدی....
قالَ الرّاوی:فَأَبکَت وَاللّهِ کُلَّ عَدُوٍّ وصَدیقٍ.
ثُمَّ إنَّ سُکَینَةَ اعتَنَقَت جَسَدَ الحُسَینِ علیه السّلام،فَاجتَمَعَ عِدَّةٌ مِنَ الأَعرابِ حَتّی جَرّوها عَنهُ. (1)
2268.مثیر الأحزان: خَرَجَ بَناتُ سَیِّدِ الأَنبِیاءِ وقُرَّةِ عَینِ الزَّهراءِ،حاسِراتٍ مُبدِیاتٍ لِلنِّیاحَةِ وَالعَویلِ،یَندُبنَ عَلَی الشَّبابِ وَالکُهولِ،واُضرِمَتِ النّارُ فِی الفُسطاطِ (2)فَخَرَجنَ هارِباتٍ،وهُنَّ کَما قالَ الشّاعِرُ:
فَتَرَی الیَتامی صارِخینَ بِعَولَةٍ
ومَرَرنَ عَلی جَسَدِ الحُسَینِ علیه السّلام وهُوَ مُعَفَّرٌ بِدِمائِهِ مَفقودٌ مِن أحِبّائِهِ،فَنَدَبَت عَلَیهِ زَینَبُ بِصَوتٍ مُشجٍ وقَلبٍ مَقروحٍ:یا مُحَمَّداه صَلّی عَلَیکَ مَلیکُ السَّماءِ،هذا حُسَینٌ مُرَمَّلٌ بِالدِّماءِ،مُقَطَّعُ الأَعضاءِ،وبَناتُکَ سَبایا.إلَی اللّهِ المُشتَکی وإلی عَلِیٍّ المُرتَضی وإلی فاطِمَةَ الزَّهراءِ وإلی حَمزَةَ سَیِّدِ الشُّهَداءِ.هذا حُسَینٌ بِالعَراءِ تَسفی عَلَیهِ الصَّبا، قَتیلُ أولادِ الأَدعِیاءِ،وا حُزناه وا کَرباه،الیَومَ ماتَ جَدّی رَسولُ اللّهِ.یا أصحابَ مُحَمَّداه،هذا ذُرِّیَّةُ المُصطَفی یُساقونَ سَوقَ السَّبایا.
فَأَذابَتِ القُلوبَ القاسِیَةَ وهَدَّتِ الجِبالَ الرّاسِیَةَ. (3)
ص:139
2269.المصباح للکفعمی: قالَت سُکَینَةُ [بِنتُ الحُسَینِ علیه السّلام ]:لَمّا قُتِلَ الحُسَینُ علیه السّلام،اعتَنَقتُهُ فَاُغمِیَ عَلَیَّ،فَسَمِعتُهُ یَقولُ:
شیعَتی ما إن شَرِبتُم رَیَّ عَذبٍ فَاذکُرونی أو سَمِعتُم بِغَریبٍ أو شَهیدٍ فَاندُبونی
فَقامَت مَرعوبَةً قَد قَرِحَت مَآقیها،وهِیَ تَلطِمُ عَلی خَدَّیها،وإذا بِهاتِفٍ یَقولُ:
بَکَتِ الأَرضُ وَالسَّماءُ عَلَیهِ
2270.تاریخ الطبری عن عوانة بن الحکم الکلبی: قُتِلَ الحُسَینُ وجیءَ بِالأَثقالِ (1)وَالأُساری،حَتّی وَرَدوا بِهِمُ الکوفَةَ إلی عُبَیدِ اللّهِ. (2)
2271.الأمالی للمفید عن حذلم بن ستیر: قَدِمتُ الکوفَةَ فِی المُحَرَّمِ سَنَةَ إحدی وسِتّینَ،عِندَ مُنصَرَفِ عَلِیِّ بنِ الحُسَینِ علیه السّلام بِالنِّسوَةِ مِن کَربَلاءَ ومَعَهُمُ الأَجنادُ مُحیطونَ بِهِم،وقَد خَرَجَ النّاسُ لِلنَّظَرِ إلَیهِم،فَلَمّا اقبِلَ بِهِم عَلَی الجِمالِ بِغَیرِ وِطاءٍ،جَعَلَ نِساءُ أهلِ الکوفَةِ یَبکینَ ویَنتَدِبنَ.
فَسَمِعتُ عَلِیَّ بنَ الحُسَینِ علیه السّلام وهُوَ یَقولُ بِصَوتٍ ضَئیلٍ-وقَد نَهَکَتهُ العِلَّةُ وفی عُنُقِهِ الجامِعَةُ ویَدُهُ مَغلولَةٌ إلی عُنُقِهِ-:ألا إنَّ هؤُلاءِ النِّسوَةَ یَبکینَ،فَمَن قَتَلَنا؟ (3)
ص:140
2272.بلاغات النساء عن حذام الأسدی-ومرّةً أُخری حذیم-: قَدِمتُ الکوفَةَ سَنَةَ إحدی وسِتّینَ وهِیَ السَّنَةُ الَّتی قُتِلَ فیهَا الحُسَینُ علیه السّلام،فَرَأَیتُ نِساءَ أهلِ الکوفَةِ یَومَئِذٍ یَلتَدِمنَ (1)مُهتِکِاتِ الجُیوبِ،ورَأَیتُ عَلِیَّ بنَ الحُسَینِ علیه السّلام وهُوَ یَقولُ بِصَوتٍ ضَئیلٍ وقَد نَحَلَ مِنَ المَرَضِ:یا أهلَ الکوفَةِ،إنَّکُم تَبکونَ عَلَینا فَمَن قَتَلَنا غَیرَکُم؟
ثُمَّ ذَکَرَ الحَدیثَ وهُوَ عَلی لَفظِ هارونَ بنِ مُسلِمٍ،وأخبَرَ هارونُ بنُ مُسلِمِ بنِ سَعدانَ،قالَ:أخبَرَنا یَحیَی بنُ حَمّادٍ البَصرِیُّ،عَن یَحیَی بنِ الحَجّاجِ،عَن جَعفَرِ بنِ مُحَمَّدٍ،عَن آبائِهِ علیهم السّلام،قالَ:
لَمّا ادخِلَ بِالنِّسوَةِ مِن کَربَلاءَ إلَی الکوفَةِ،کانَ عَلِیُّ بنُ الحُسَینِ علیه السّلام ضَئیلاً قَد نَهَکَتهُ العِلَّةُ،ورَأَیتُ نِساءَ أهلِ الکوفَةِ مُشَقِّقاتِ الجُیوبِ عَلَی الحُسَینِ بنِ عَلِیٍّ علیهما السّلام، فَرَفَعَ عَلِیُّ بنُ الحُسَینِ بنِ عَلِیٍّ علیه السّلام رَأسَهُ فَقالَ:ألا إنَّ هؤُلاءِ یَبکینَ فَمَن قَتَلَنا؟ (2)
2273.الفتوح: أرسَلَ عُمَرُ بنُ سَعدٍ بِرَأسِ الحُسَینِ إلی عُبَیدِ اللّهِ...ساقَ القَومُ حَرَمَ رَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله مِن کَربَلاءَ کَما تُساقُ الاُساری،حَتّی إذا بَلَغوا بِهِم إلَی الکوفَةِ،خَرَجَ النّاسُ إلَیهِم فَجَعَلوا یَبکونَ ویَنوحونَ.
قالَ:وعَلِیُّ بنُ الحُسَینِ علیه السّلام فی وَقتِهِ ذلِکَ قَد نَهَکَتهُ العِلَّةُ،فَجَعَلَ یَقولُ:ألا إنَّ هؤُلاءِ یَبکونَ ویَنوحونَ مِن أجلِنا،فَمَن قَتَلَنا؟! (3)
2274.الملهوف: سارَ ابنُ سَعدٍ بِالسَّبیِ...فَلَمّا قارَبُوا الکوفَةَ اجتَمَعَ أهلُها لِلنَّظَرِ إلَیهِنَّ.
ص:141
قالَ الرّاوی:فَأَشرَفَتِ امرَأَةٌ مِنَ الکوفِیّاتِ،فَقالَت:مِن أیِّ الاُساری أنتُنَّ؟
فَقُلنَ:نَحنُ اساری آلِ مُحَمَّدٍ صلّی اللّه علیه و آله.فَنَزَلَت مِن سَطحِها،فَجَمَعَت مُلاءً واُزُراً ومَقانِعَ فَأَعطَتهُنَّ فَتَغَطَّینَ.
وکانَ مَعَ النِّساءِ عَلِیُّ بنُ الحُسَینِ علیه السّلام،قَد نَهَکَتهُ العِلَّةُ،وَالحَسَنُ بنُ الحَسَنِ المُثَنّی،وکانَ قَد واسی عَمَّهُ وإمامَهُ فِی الصَّبرِ عَلَی الرِّماحِ،وإنَّمَا ارتُثَّ (1)وقَد اثخِنَ بِالجِراحِ.
وکانَ مَعَهُم أیضاً زَیدٌ وعَمرٌو وَلَدَا الحَسَنِ السِّبطِ علیه السّلام،فَجَعَلَ أهلُ الکوفَةِ یَنوحونَ ویَبکونَ.
فَقالَ عَلِیُّ بنُ الحُسَینِ علیه السّلام:أتَنوحونَ وتَبکونَ مِن أجِلنا؟فَمَن ذَا الَّذی قَتَلَنا؟! (2)
2275.مثیر الأحزان: لَمّا قارَبوا [أی حَمَلَةُ رُؤوسِ الحُسَینِ علیه السّلام وأصحابِهِ] الکوفَةَ،کانَ عُبَیدُ اللّهِ بنُ زِیادٍ بِالنُّخَیلَةِ وهِیَ العَبّاسِیَّةُ،ودَخَلَ لَیلاً...وَاجتَمَعَ النّاسُ لِلنَّظَرِ إلی سَبیِ آلِ الرَّسولِ وقُرَّةِ عَینِ البَتولِ،فَأَشرَفَتِ امرَأَةٌ مِنَ الکوفَةِ.
وقالَت:مِن أیِّ الاُساری أنتُنَّ؟فَقُلنَ:نَحنُ اساری مُحَمَّدٍ صلّی اللّه علیه و آله،فَنَزَلَت وجَمَعَت مُلاءً وإزاراً ومَقانِعَ،وأعطَتهُنَّ فَتَغَطَّینَ. (3)
2276.الأمالی للمفید عن حذلم بن ستیر: رَأَیتُ زَینَبَ بِنتَ عَلِیٍّ علیه السّلام ولَم أرَ خَفِرَةً (4)قَطُّ أنطَقَ مِنها،
ص:142
کَأَنَّها تُفرِغُ عَن لِسانِ أمیرِ المُؤمِنینَ علیه السّلام.
قالَ:وقَد أومَأَت إلَی النّاسِ أنِ اسکُتوا،فَارتَدَّتِ الأَنفاسُ،وسَکَتَتِ الأَصواتُ، فَقالَت:الحَمدُ للّهِ ِ وَالصَّلاةُ عَلی أبی رَسولِ اللّهِ،أمّا بَعدُ یا أهلَ الکوفَةِ،ویا أهلَ الخَتلِ (1)وَالخَذلِ،فَلا رَقَأَتِ (2)العَبرَةُ،ولا هَدَأَتِ الرَّنَّةُ،فَما مَثَلُکُم إلّا «کَالَّتِی نَقَضَتْ غَزْلَها مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْکاثاً تَتَّخِذُونَ أَیْمانَکُمْ دَخَلاً بَیْنَکُمْ» 3 .
ألا وهَل فیکُم إلَّاالصَّلَفُ (3)النَّطَفُ (4)،وَالصَّدَرُ الشَّنَفُ (5)،خَوّارونَ فِی اللِّقاءِ، عاجِزونَ عَنِ الأَعداءِ،ناکِثونَ لِلبَیعَةِ،مُضَیِّعونَ لِلذِّمَّةِ،فَبِئسَ ما قَدَّمَت لَکُم أنفُسُکُم أن سَخِطَ اللّهُ عَلَیکُم،وفِی العَذابِ أنتُم خالِدونَ.
أتبکونَ ! إی وَاللّهِ فَابکوا کَثیراً وَاضحَکوا قَلیلاً،فَلَقَد فُزتُم بِعارِها وشَنارِها (6)، ولَن تَغسِلوا دَنَسَها عَنکُم أبَداً.فَسَلیلَ خاتَمِ الرِّسالَةِ،وسَیِّدَ شَبابِ أهلِ الجَنَّةِ،ومَلاذَ خِیَرَتِکُم،ومَفزَعَ نازِلَتِکُم،وأمارَةَ مَحَجَّتِکُم،ومَدرَجَةَ حُجَّتِکُم خَذَلتُم،ولَهُ قَتَلتُم !
ألا ساءَ ما تَزِرونَ،فَتَعساً ونُکساً،فَلَقَد خابَ السَّعیُ،وتَرِبَتِ الأَیدی (7)، وخَسِرَتِ الصَّفقَةُ،وبُؤتُم بِغَضَبٍ مِنَ اللّهِ،وضُرِبَت عَلَیکُمُ الذِّلَّةُ وَالمَسکَنَةُ.
ص:143
وَیلَکُم،أتَدرونَ أیَّ کَبِدٍ لِمُحَمَّدٍ فَرَیتُم (1)؟وأیَّ دَمٍ لَهُ سَفَکتُم؟وأیَّ کَریمَةٍ لَهُ أصَبتُم؟ «لَقَدْ جِئْتُمْ شَیْئاً إِدًّا * تَکادُ السَّماواتُ یَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَ تَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَ تَخِرُّ الْجِبالُ هَدًّا» 2 ،ولَقَد أتَیتُم بِها خَرقاءَ (2)شَوهاءَ،طِلاعَ (3)الأَرضِ وَالسَّماءِ.
أفَعَجِبتُم أن قَطَرَتِ السَّماءُ دَماً ! «وَ لَعَذابُ الْآخِرَةِ أَخْزی» ،فَلا یَستَخِفَّنَّکُمُ المَهَلُ، فَإِنَّهُ لا یُحَفِّزُهُ (4)البِدار (5)،ولا یُخافُ عَلَیهِ فَوتُ الثّأرِ،کَلّا «إِنَّ رَبَّکَ لَبِالْمِرْصادِ» . (6)
قالَ:ثُمَّ سَکَتَت،فَرَأَیتُ النّاسَ حَیاری،قَد رَدّوا أیدِیَهُم فی أفواهِهِم،ورَأَیتُ شَیخاً قَد بَکی حَتَّی اخضَلَّت لِحیَتُهُ،وهُوَ یَقولُ:
کُهولُهُم خَیرُ الکُهولِ ونَسلُهُم إذا عُدَّ نَسلٌ لا یَخیبُ ولا یَخزی (7)
2277.الاحتجاج عن حذیم بن شریک الأسدی: لَمّا أتی عَلِیُّ بنُ الحُسَینِ زَینُ العابِدینَ علیه السّلام بِالنِّسوَةِ مِن کَربَلاءَ،وکانَ مَریضاً،وإذا نِساءُ أهلِ الکوفَةِ یَنتَدِبنَ مُشَقِّقاتِ الجُیوبِ،وَالرِّجالُ مَعَهُنَّ یَبکونَ.
فَقالَ زَینُ العابِدینَ علیه السّلام-بِصَوتٍ ضَئیلٍ وقَد نَهَکَتهُ العِلَّةُ-:إنَّ هؤُلاءِ یَبکونَ عَلَینا! فَمَن قَتَلَنا غَیرَهم؟فَأَومَأَت زَینَبُ بِنتُ عَلِیِّ بنِ أبی طالِبٍ علیه السّلام إلَی النّاسِ بِالسُّکوتِ.
قالَ حِذیَمٌ الأَسَدِیُّ:لَم أرَ وَاللّهِ خَفِرَةً قَطُّ أنطَقَ مِنها،کَأَنَّها تَنطِقُ وتُفرِغُ عَلی
ص:144
لِسانِ أمیرِ المُؤمِنینَ علیه السّلام،وقَد أشارَت إلَی النّاسِ بِأَن أنصِتوا،فَارتَدَّتِ الأَنفاسُ وسَکَنَتِ الأَجراسُ (1)،ثُمَّ قالَت-بَعدَ حَمدِ اللّهِ تَعالی وَالصَّلاةِ عَلی رَسولِهِ صلّی اللّه علیه و آله-:
أمّا بَعدُ یا أهلَ الکوفَةِ،یا أهلَ الخَتلِ وَالغَدرِ وَالخَذلِ وَالمَکرِ،ألا فَلا رَقَأَتِ العَبرَةُ ولا هَدَأَتِ الزَّفرَةُ،إنَّما مَثَلُکُم کَمَثَلِ «کَالَّتِی نَقَضَتْ غَزْلَها مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْکاثاً تَتَّخِذُونَ أَیْمانَکُمْ دَخَلاً بَیْنَکُمْ» 2 ،هَل فیکُم إلَّاالصَّلَفُ وَالعُجبُ،وَالشَّنَفُ وَالکَذِبُ، ومَلَقُ (2)الإِماءِ،وغَمزُ الأَعداءِ،أو کَمَرعی عَلی دِنَةٍ (3)أو کَفِضَّةٍ عَلی مَلحودَةٍ،ألا بِئسَ ما قَدَّمَت لَکُم أنفُسکُم أن سَخِطَ اللّهُ عَلَیکُم وفِی العَذابِ أنتمُ خالِدونَ.
أتَبکونَ أخی؟! أجَل وَاللّهِ فَابکوا فَإِنَّکُم وَاللّهِ أحرِیاءُ (4)بِالبُکاءِ،فَابکوا کَثیراً وَاضحَکوا قَلیلاً،فَقَد بُلیتُم بِعارِها،ومُنیتُم بِشَنارها ولَن تَرحَضوها (5)أبَداً،وأنّی تَرحَضونَ قَتلَ سَلیلِ خاتَمِ النُّبُوَّةِ،ومَعدِنِ الرِّسالَةِ،وسَیِّدِ شَبابِ أهلِ الجَنَّةِ،ومَلاذِ حَریمِکُم،ومَعاذِ حِزبِکُم،ومَقَرِّ سِلمِکُم،وآسی (6)کَلِمکُم (7)،ومَفزَعِ نازِلَتِکُم، وَالمَرجِعِ إلَیهِ عِندَ مُقاتَلَتِکُم،ومَدَرَةِ (8)حُجَجِکُم،ومَنارِ مَحَجَّتِکُم.
ألا ساءَ ما قَدَّمَت لَکُم أنفُسُکُم،وساءَ ما تَزِرونَ لِیَومِ بَعثِکُم.فَتَعساً تَعساً !
ص:145
ونُکساً نُکساً ! لَقَد خابَ السَّعیُ،وتَبَّتِ الأَیدی،وخَسِرَتِ الصَّفقَةُ،وبُؤتُم بِغَضَبٍ مِنَ اللّهِ،وضُرِبَت عَلَیکُم الذِّلَّةُ وَالمَسکَنَةُ.
أتَدرونَ وَیلَکُم أیَّ کَبِدٍ لِمُحَمَّدٍ صلّی اللّه علیه و آله فَرَثتُم (1)؟! وأیَّ عَهدٍ نَکَثتُم؟! وأیَّ کَریمَةٍ لَهُ أبرَزتُم؟! وأیَّ حُرمَةٍ لَهُ هَتَکتُم؟! وأیَّ دَمٍ لَهُ سَفَکتُم؟! «لَقَدْ جِئْتُمْ شَیْئاً إِدًّا * تَکادُ السَّماواتُ یَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَ تَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَ تَخِرُّ الْجِبالُ هَدًّا» . (2)!
لَقَد جِئتُم بِها شَوهاءَ صَلعاءَ (3)،عَنقاءَ (4)،سَوداءَ،فَقماءَ (5)،خَرقاءَ،طِلاعَ الأَرضِ وَالسَّماءِ.أفَعَجِبتُم أن تَمطُرَ السَّماءُ دَماً، «وَ لَعَذابُ الْآخِرَةِ أَخْزی وَ هُمْ لا یُنْصَرُونَ» 6 فَلا یَستَخِفَّنَّکُمُ المَهَلُ،فَإِنَّهُ عَزَّ وجَلَّ لا یُخفِرُهُ البِدارُ ولا یُخشی عَلَیهِ فَوتُ الثّارِ،کَلّا إنَّ رَبَّکَ لَنا ولَهُم لَبِالمِرصادِ.
ثُمَّ أنشَأَت تَقولُ علیها السّلام:
ماذا تَقولونَ إذ قالَ النَّبِیُّ لَکُم
ماکانَ ذاکَ جَزائی إذ نَصَحتُ لَکُم
ثُمَّ وَلَّت عَنهُم.
ص:146
قالَ حِذیَمٌ:فَرَأَیتُ النّاسَ حَیاری قَد رَدّوا أیدِیَهُم فی أفواهِهِم،فَالتَفَتُّ إلی شَیخٍ إلی جانِبی یَبکی وقَدِ اخضَلَّتِ لِحیَتُهُ بِالبُکاءِ،ویَدُهُ مَرفوعَةٌ إلَی السَّماءِ،وهُوَ یَقولُ:
بِأَبی واُمّی کُهولُکُم خَیرُ الکُهولِ،ونِساؤُکُم خَیرُ النِّساءِ،وشَبابُکُم خَیرُ الشَّبابِ، ونَسلُکُم نَسلٌ کَریمٌ،وفَضلُکُم فَضلٌ عَظیمٌ،ثُمَّ أنشَدَ:
کُهولُکُم خَیرُ الکُهولِ ونَسلُکُم إذا عُدَّ نَسلٌ لایَبورُ ولا یَخزی
فَقالَ عَلِیُّ بنُ الحُسَینِ علیه السّلام:یا عَمَّةُ ! اسکُتی فَفِی الباقی عَنِ الماضِی اعتِبارٌ، وأنتِ بِحَمدِ اللّهِ عالِمَةٌ غَیرُ مُعَلَّمَةٍ،فَهِمَةٌ غَیرُ مُفَهَّمَةٍ،إنَّ البُکاءَ وَالحَنینَ لا یَرُدّانِ مَن قَد أبادَهُ الدَّهرُ.فَسَکَتَت،ثُمَّ نَزَلَ علیه السّلام وضَرَبَ فُسطاطَهُ،وأنزَلَ نِساءَهُ ودَخَلَ الفُسطاطَ. (1)
2278.بلاغات النساء عن جعفر بن محمد [الصادق] عن آبائه علیهم السّلام: لَمّا ادخِلَ بِالنِّسوَةِ مِن کَربَلاءَ إلَی الکوفَةِ،کانَ عَلِیُّ بنُ الحُسَینِ علیه السّلام ضَئیلاً قَد نَهَکَتهُ العِلَّةُ،ورَأَیتُ نِساءَ أهلِ الکوفَةِ مُشَقَّقاتِ الجُیوبِ عَلَی الحُسَینِ بنِ عَلِیٍّ علیه السّلام،فَرَفَعَ عَلِیُّ بنُ الحُسَینِ بنِ عَلِیٍّ علیه السّلام رَأسَهُ فَقالَ:ألا إنَّ هؤُلاءِ یَبکینَ،فَمَن قَتَلَنا؟
ورَأَیتُ امَّ کُلثومٍ علیها السّلام ولَم أرَ خَفِرَةً وَاللّهِ أنطَقَ مِنها،کَأَنَّما تَنطِقُ وتُفرِغُ عَلی لِسانِ أمیرِ المُؤمِنینَ علیه السّلام،وقَد أومَأَت إلَی النّاسِ أنِ اسکُتوا.فَلَمّا سَکَنَتِ الأَنفاسُ، وهَدَأَتِ الأَجراسُ،قالَت:
أبدَأُ بِحَمدِ اللّهِ وَالصَّلاةِ وَالسَّلامِ عَلی نَبِیِّهِ،أمّا بَعدُ یا أهلَ الکوفَةِ،یا أهلَ الخَترِ (2)وَالخَذلِ،ألا فَلا رَقَأَتِ العَبرَةُ،ولا هَدَأَتِ الرَّنَّةُ،إنَّما مثَلُکُم کَمَثَلِ «کَالَّتِی
ص:147
نَقَضَتْ غَزْلَها مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْکاثاً تَتَّخِذُونَ أَیْمانَکُمْ دَخَلاً بَیْنَکُمْ» . (1)
ألا وهَل فیکُم إلَّاالصَّلَفُ وَالشَّنَفُ،ومَلَقُ الإِماءِ،وغَمَزُ الأَعداءِ؟وهَل أنتُم إلّا کَمَرعی عَلی دِمنَةٍ،وکَفِضَّةٍ عَلی مَلحودَةٍ،ألا ساءَ ما قَدَّمَت أنفُسُکُم أن سَخِطَ اللّهُ عَلَیکُم،وفِی العَذابِ أنتُم خالِدونَ.
أتَبکونَ؟إی وَاللّهِ فَابکوا ! وإنَّکُم وَاللّهِ أحرِیاءُ بِالبُکاءِ،فَابکوا کَثیراً وَاضحَکوا قَلیلاً،فَلَقَد فُزتُم بِعارِها وشَنارِها،ولَن تَرحُضوها بِغَسلٍ بَعدَها أبَدا،وأنّی تَرحُضونَ قَتلَ سَلیلِ خاتَمِ النُّبُوَّةِ ومَعدِنِ الرِّسالَةِ،وسَیِّدِ شُبّانِ أهلِ الجَنَّةِ،ومَنارِ مَحَجَّتِکُم، ومَدَرَةِ حُجَّتِکُم،ومَفرَخِ نازِلَتِکُم،فَتَعساً ونُکساً،لَقَد خابَ السَّعیُ وخَسِرَتِ الصَّفقَةُ،وبُؤتُم بِغَضَبٍ مِنَ اللّهِ،وضُرِبَت عَلَیکُمُ الذِّلَّةُ وَالمَسکَنَةُ «لَقَدْ جِئْتُمْ شَیْئاً إِدًّا * تَکادُ السَّماواتُ یَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَ تَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَ تَخِرُّ الْجِبالُ هَدًّا» . (2)
أتَدرونَ أیَّ کَبِدٍ لِرَسولِ اللّهِ فَرَیتُم؟وأیَّ کَریمَةٍ لَهُ أبرَزتُم؟وأیَّ دَمٍ لَهُ سَفَکتُم؟ لَقَد جِئتُم بِها شَوهاءَ خَرقاءَ،شَرُّها طِلاعُ الأَرضِ وَالسَّماءِ،أفَعَجِبتُم أن قَطَرَتِ السَّماءُ دَماً؟ولَعَذابُ الآخِرَةِ أخزی وهُم لا یُنظَرونَ،فَلا یَستَخِفَّنَّکُمُ المَهَلُ فَإِنَّهُ لا تَحفِزُهُ المُبادَرَةُ،ولا یُخافُ عَلَیهِ فَوتُ الثَّأرِ،کَلّا إنَّ رَبَّکَ لَنا ولَهُم لَبِالمِرصادِ.ثُمَّ وَلَّت عَنهُم.
قالَ:فَرَأَیتُ النّاسَ حَیاری وقَد رَدّوا أیدِیَهُم إلی أفواهِهِم،ورَأَیتُ شَیخاً کَبیراً مِن بَنی جُعفِیٍّ،وقَدِ اخضَلَّت لِحَیتُهُ مِن دُموعِ عَینَیهِ،وهُوَ یَقولُ:
کُهولُهُم خَیرُ الکُهولِ ونَسلُهُم إذا عُدَّ نَسلٌ لا یَبورُ ولا یَخزی (3)
ص:148
2279.الملهوف عن زید بن موسی: (1)حَدَّثَنی أبی عَن جَدِّی [الصّادِقِ] علیه السّلام:خَطَبَت فاطِمَةُ الصُّغری بَعدَ أن وَرَدَت مِن کَربَلاءَ،فَقالَت:الحَمدُ للّهِ ِ عَدَدَ الرَّملِ وَالحَصی،وزِنَةَ العَرشِ إلَی الثَّری،أحمَدُهُ واُؤمِنُ بِهِ وأتَوَکَّلُ عَلَیهِ،وأشهَدُ أن لا إلهَ إلَّااللّهُ وَحدَهُ لا شَریکَ لَهُ،وأنَّ مُحَمَّداً صلّی اللّه علیه و آله عَبدُهُ ورَسولُهُ،وأنَّ ذُرِّیَّتَهُ ذُبِحوا بِشَطِّ الفُراتِ بِغَیرِ ذَحلٍ (2)ولا تِراتٍ. (3)
اللّهُمَّ إنّی أعوذُ بِکَ أن أفتَرِیَ عَلَیکَ الکَذِبَ،و أن أقولَ عَلَیکَ خِلافَ ما أنزَلتَ مِن أخذِ العُهودِ لِوَصِیَّةِ عَلِیِّ بنِ أبی طالِبٍ علیه السّلام،المَسلوبِ حَقُّهُ،المَقتولِ بِغَیرِ ذَنبٍ -کَما قُتِلَ وَلَدُهُ بِالأَمسِ-فی بَیتٍ مِن بُیوتِ اللّهِ،فیهِ مَعشَرٌ مُسلِمَةٌ بِأَلسِنَتِهِم.تَعساً لِرُؤوسِهِم،ما دَفَعَت عَنهُ ضَیماً (4)فی حَیاتِهِ ولا عِندَ مَماتِهِ،حَتّی قَبَضتَهُ إلَیکَ مَحمودَ النَّقیبَةِ (5)،طَیِّبَ العَریکَةِ (6)،مَعروفَ المَناقِبِ،مَشهورَ المَذاهِبِ،لَم تَأخُذهُ اللّهُمَّ فیکَ لَومَةُ لائِمٍ ولا عَذلُ عَاذِلٍ.
ص:149
هَدَیتَهُ یا رَبِّ لِلإِسلامِ صَغیراً،وحَمِدتَ مَناقِبَهُ کَبیراً،ولَم یَزَل ناصِحاً لَکَ ولِرَسولِکَ صَلَواتُکَ عَلَیهِ وآلِهِ حَتّی قَبَضتَهُ إلَیکَ،زاهِداً فِی الدُّنیا،غَیرَ حَریصٍ عَلَیها،راغِباً فِی الآخِرَةِ،مُجاهِداً لَکَ فی سَبیلِکَ،رَضیتَهُ فَاختَرتَهُ وهَدَیتَهُ إلی صِراطٍ مُستَقیمٍ.
أمّا بَعدُ،یا أهلَ الکوفَةِ ! یا أهلَ المَکرِ وَالغَدرِ وَالخُیَلاءِ (1)! فَإِنّا أهلُ بَیتٍ ابتَلانَا اللّهُ بِکُم وَابتَلاکُم بِنا،فَجَعَلَ بَلاءَنا حَسَناً،وجَعَلَ عِلمَهُ عِندَنا وفَهمَهُ لَدَینا،فَنَحنُ عَیبَةُ (2)عِلمِهِ،ووِعاءُ فَهمِهِ وحِکمَتِهِ،وحُجَّتُهُ عَلی أهلِ الأَرضِ فی بِلادِهِ لِعِبادِهِ،أکرَمَنَا اللّهُ بِکَرامَتِهِ،وفَضَّلَنا بِنَبِیِّهِ مُحَمَّدٍ صلّی اللّه علیه و آله عَلی کَثیرٍ مِمَّن خَلَقَ تَفضیلاً بَیِّناً.
فَکَذَّبتُمونا وکَفَّرتُمونا،ورَأَیتُم قِتالَنا حَلالاً وأموالَنا نَهباً ! کَأَنَّنا أولادُ تُرکٍ أو کابُلٍ (3)،کَما قَتَلتُم جَدَّنا بِالأَمسِ،وسُیوفُکُم تَقَطَّرُ مِن دِمائِنا أهلَ البَیتِ،لِحِقدٍ مُتَقَدِّمٍ،قَرَّت لِذلِکَ عُیونُکُم،وفَرِحَت قُلوبُکُم،افتِراءً عَلَی اللّهِ ومَکراً مَکَرتُم، «وَ اللّهُ خَیْرُ الْماکِرِینَ» . (4)
فَلا تَدعُوَنَّکُم أنفُسُکُم إلَی الجَذَلِ (5)بِما أصَبتُم مِن دِمائِنا،ونالَت أیدیکُم مِن أموالِنا،فَإِنَّ ما أصابَنا مِنَ المَصائِبِ الجَلیلَةِ وَالرَّزایَا العَظیمَةِ «فِی کِتابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها إِنَّ ذلِکَ عَلَی اللّهِ یَسِیرٌ * لِکَیْلا تَأْسَوْا عَلی ما فاتَکُمْ وَ لا تَفْرَحُوا بِما آتاکُمْ وَ اللّهُ لا یُحِبُّ کُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ» . (6)
ص:150
تَبّاً لَکُم،فَانتَظِرُوا اللَّعنَةَ وَالعَذابَ،فَکَأَن قَد حَلَّ بِکُم،وتَواتَرَت مِنَ السَّماءِ نَقِماتٌ،فَیُسحِتُکُم بِعَذابٍ ویُذیقُ بَعضَکُم بَأسَ بَعضٍ،ثُمَّ تُخَلَّدونَ فِی العَذابِ الأَلیمِ یَومَ القِیامَةِ بِما ظَلَمتُمونا، «أَلا لَعْنَةُ اللّهِ عَلَی الظّالِمِینَ» 1 .
وَیلَکُم،أتَدرونَ أیَّةَ یَدٍ طاعَنَتنا مِنکُم؟! وأیَّةَ نَفسٍ نَزَعَت إلی قِتالنا؟! أم بِأَیَّةِ رِجلٍ مَشَیتُم إلَینا تَبغونَ مُحارَبَتَنا؟!
قَسَت وَاللّهِ قُلوبُکُم،وغَلُظَت أکبادُکُم،وطُبِعَ عَلی أفئِدَتِکُم،وخُتِمَ عَلی أسماعِکُم وأبصارِکُم،وسَوَّلَ لَکُمُ الشَّیطانُ وأملی لَکُم،وجَعَلَ عَلی بَصَرِکُم غِشاوَةً فَأَنتُم لا تَهتَدونَ.
فَتَبّاً لَکُم یا أهلَ الکوفَةِ،أیُّ تِراتٍ لِرَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله قِبَلَکُم،وذُحولٍ لَهُ لَدَیکُم،بِما عَنِدتُم بِأَخیهِ عَلِیِّ بنِ أبی طالِبٍ علیه السّلام جَدّی،وبَنیهِ وعِترَةِ النَّبِیِّ الأَخیارِ صَلَواتُ اللّهِ وسَلامُهُ عَلَیهِم،وَافتَخَرَ بِذلِکَ مُفتَخِرُکُم فَقالَ:
نَحنُ قَتَلنا عَلِیّاً وبَنی عَلِیّ
بِفیکَ أیُّهَا القائِلُ الکَثکَثُ (1)وَالأَثلَبُ،افتَخَرتَ بِقَتلِ قَومٍ زَکّاهُمُ اللّهُ وأذهَبَ عَنهُمُ الرِّجسَ وطَهَّرَهُم تَطهیراً ! فَاکظِم وأقعِ کَما أقعی (2)أبوکَ،فَإِنَّما لِکُلِّ امرِئٍ مَا اکتَسَبَ وما قَدَّمَت یَداهُ.
ص:151
أحَسَدتُمونا-وَیلاً لَکُم-عَلی ما فَضَّلَنَا اللّهُ؟
فَما ذَنبُنا أن جاشَ دَهراً بُحورُنا وبَحرُکَ ساجٍ (1)لا یُواری الدَّعامِصا (2)
«ذلِکَ فَضْلُ اللّهِ یُؤْتِیهِ مَنْ یَشاءُ وَ اللّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِیمِ» 3 ، «وَ مَنْ لَمْ یَجْعَلِ اللّهُ لَهُ نُوراً فَما لَهُ مِنْ نُورٍ» . (3)
قالَ:وَارتَفَعَتِ الأَصواتُ بِالبُکاءِ،وقالوا:حَسبُکِ یابنَةَ الطَّیِّبینَ،فَقَد أحرَقتِ قُلوبَنا،وأنضَجتِ نُحورَنا،وأضرَمتِ أجوافَنا.فَسَکَتَت. (4)
2280.الملهوف عن زید بن موسی: حَدَّثَنی أبی عَن جَدِّی [الصّادِقِ] علیهما السّلام:خَطَبَت امُّ کُلثومٍ ابنَةُ عَلِیٍّ علیه السّلام فی ذلِکَ الیَومِ مِن وَراءِ کِلَّتِها،رافِعَةً صَوتَها بِالبُکاءِ،فَقالَت:
یا أهلَ الکوفَةِ،سوءاً لَکُم،ما لَکُم خَذَلتُم حُسَیناً وقَتَلتُموهُ،وَانتَهَبتُم أموالَهُ ووَرِثتُموهُ،وسَبَیتُم نِساءَهُ ونَکَبتُموهُ؟! فَتَبّاً لَکُم وسُحقاً.
وَیلَکُم،أتَدرونَ أیُّ دَواهٍ دَهَتکُم؟وأیَّ وِزرٍ عَلی ظُهورِکُم حَمَلتُم؟وأیَّ دِماءٍ
ص:152
سَفَکتُموها؟وأیَّ کَریمَةٍ اهتَضَمتُموها (1)؟وأیَّ صِبیَةٍ سَلَبتُموها؟وأیَّ أموالٍ نَهبَتُموها؟قَتَلتُم خَیرَ رِجالاتٍ بَعدَ النَّبِیِّ صلّی اللّه علیه و آله،ونُزِعَتِ الرَّحمَةُ مِن قُلوبِکُم،ألا إنَّ حِزبَ اللّهِ هُمُ الغالِبونَ،وحِزبَ الشَّیطانِ هُمُ الخاسِرونَ.
ثُمَّ قالَت:
قَتَلتُم أخی صَبراً فَوَیلٌ لِاُمِّکُمُ
قالَ الرّاوی:فَضَجَّ النّاسُ بِالبُکاءِ وَالنَّحیبِ وَالنَّوحِ،ونَشَرَ النِّساءُ شُعورَهُنَّ، وحَثَینَ التُّرابَ عَلی رُؤوسِهِنَّ،وخَمَشنَ (2)وُجوهَهُنَّ،ولَطَمنَ خُدودَهُنَّ،ودَعَونَ بِالوَیلِ وَالثُّبورِ،وبَکَی الرِّجالُ ونَتَفوا لِحاهُم،فَلَم یُرَ باکِیَةٌ وباکٍ أکثَرَ مِن ذلِکَ الیَومِ. (3)
2281.الملهوف: إنَّ زَینَ العابِدینَ علیه السّلام أومَأَ إلَی النّاسِ أنِ اسکُتوا،فَسَکَتوا،فَقامَ قائِماً،فَحَمِدَ
ص:153
اللّهَ وأثنی عَلَیهِ،وذَکَرَ النَّبِیَّ بِما هُوَ أهلُهُ فَصَلّی عَلَیهِ،ثُمَّ قالَ:
أیُّهَا النّاسُ ! مَن عَرَفَنی فَقَد عَرَفَنی،ومَن لَم یَعرِفنی فَأَنَا اعَرِّفُهُ بِنَفسی:أنَا عَلِیُّ بنُ الحُسَینِ بنِ عَلِیِّ بنِ أبی طالِبٍ،أنَا ابنُ المَذبوحِ بِشَطِّ الفُراتِ مِن غَیرِ ذَحلٍ ولا تِراتٍ،أنَا ابنُ مَنِ انتُهِکَ حَریمُهُ وسُلِبَ نَعیمُهُ وَانتُهِبَ مالُهُ وسُبِیَ عِیالُهُ،أنَا ابنُ مَن قُتِلَ صَبراً وکَفی بِذلِکَ فَخراً.
أیُّهَا النّاسُ ! ناشَدتُکُمُ اللّهَ،هَل تَعلَمونَ أنَّکُم کَتَبتُم إلی أبی وخَدَعتُموهُ، وأعطَیتُموهُ مِن أنفُسِکُمُ العَهدَ وَالمیثاقَ وَالبَیعَةَ وقاتَلتُموهُ وخَذَلتُموهُ؟! فَتَبّاً لِما قَدَّمتُم لِأَنفُسِکُم وسوءاً لِرَأیِکُم،بِأَیَّةِ عَینٍ تَنظُرونَ إلی رَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله إذ یَقولُ لَکُم:قَتَلتُم عِترَتی وَانتَهَکتُم حُرمَتی فَلَستُم مِن امَّتی؟!
قالَ الرّاوی:فَارتَفَعَت أصواتُ النّاسِ مِن کُلِّ ناحِیَةٍ،ویَقولُ بَعضُهُم لِبَعضٍ:
هَلَکتُم وما تَعلَمونَ.
فَقالَ علیه السّلام:رَحِمَ اللّهُ امرَأً قَبِلَ نَصیحَتی وحَفِظَ وَصِیَّتی فِی اللّهِ وفی رَسولِهِ وأهلِ بَیتِهِ،فَإِنَّ لَنا فی رَسولِ اللّهِ اسوَةً حَسَنَةً.
فَقالوا بِأَجمَعِهِم:نَحنُ کُلُّنا یَابنَ رَسولِ اللّهِ سامِعونَ مُطیعونَ،حافِظونَ لِذِمامِکَ (1)غَیرَ زاهِدینَ فیکَ ولا راغِبینَ عَنکَ،فَأمُرنا بِأَمرِکَ یَرحَمُکَ اللّهُ،فَإِنّا حَربٌ لِحَربِکَ وسِلمٌ لِسِلمِکَ،لَنَأخُذَنَّ یَزیدَ ونَبرَأُ مِمَّن ظَلَمَکَ وظَلَمَنا.
فَقالَ علیه السّلام:هَیهاتَ هَیهاتَ ! أیُّهَا الغَدَرَةُ المَکَرَةُ،حیلَ بَینَکُم وبَینَ شَهَواتِ أنفُسِکُم، أتُریدونَ أن تَأتوا إلَیَّ کَما أتَیتُم إلی أبی مِن قَبلُ؟! کَلّا ورَبِّ الرّاقِصاتِ،فَإِنَّ الجُرحَ لَمّا یَندَمِل،قُتِلَ أبی صَلَواتُ اللّهِ عَلَیهِ بِالأَمسِ وأهلُ بَیتِهِ مَعَهُ،ولَم یُنسِنی ثُکلَ
ص:154
رَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله وثُکلَ أبی وبَنی أبی،ووَجدُهُ بَینَ لَهَواتی،ومَرارَتُهُ بَینَ حَناجِری وحَلقی،وغُصَصُهُ تَجری فی فِراشِ صَدری،ومَسأَلَتی أن لا تَکونوا لَنا ولا عَلَینا.
ثُمَّ قالَ:
لا غَروَ إن قُتِلَ الحُسَینُ وشَیخُهُ
ثُمَّ قالَ علیه السّلام:رَضینا مِنکُم رَأساً بِرَأسٍ،فَلا یَومَ لَنا ولا عَلَینا. (1)
2282.الإرشاد: لَمّا وَصَلَ رَأسُ الحُسَینِ علیه السّلام،ووَصَلَ ابنُ سَعدٍ-لَعَنَهُ اللّهُ-مِن غَدِ یَومِ وُصولِهِ ومَعَهُ بَناتُ الحُسَینِ علیه السّلام وأهلُهُ،جَلَسَ ابنُ زِیادٍ لِلنّاسِ فی قَصرِ الإِمارَةِ وأذِنَ لِلنّاسِ إذناً عامّاً،وأمَرَ بِإِحضارِ الرَّأسِ فَوُضِعَ بَینَ یَدَیهِ،فَجَعَلَ یَنظُرُ إلَیهِ ویَتَبَسَّمُ وفی یَدِهِ قَضیبٌ یَضرِبُ بِهِ ثَنایاهُ،وکانَ إلی جانِبِهِ زَیدُ بنُ أرقَمَ صاحِبُ رَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله وهُوَ شَیخٌ کَبیرٌ،فَلَمّا رَآهُ یَضرِبُ بِالقَضیبِ ثَنایاهُ قالَ لَهُ:
ارفَع قَضیبَکَ عَن هاتَینِ الشَّفَتَینِ،فَوَاللّهِ الَّذی لا إلهَ غَیرُهُ لَقَد رَأَیتُ شَفَتَی رَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله عَلَیهِما ما لا احصیهِ کَثرَةً تُقَبِّلُهُما. (2)ثُمَّ انتَحَبَ باکِیاً.
فَقالَ لَهُ ابنُ زِیادٍ:أبکَی اللّهُ عَینَیکَ،أتَبکی لِفَتحِ اللّهِ؟وَاللّهِ لَولا أنَّکَ شَیخٌ قَد
ص:155
خَرِفتَ وذَهَبَ عَقلُکَ لَضَرَبتُ عُنُقَکَ.فَنَهَضَ زَیدُ بنُ أرقَمَ مِن بَینِ یَدَیهِ وصارَ إلی مَنزِلِهِ. (1)
2283.تاریخ الطبری عن حمید بن مسلم: دَعانی عُمَرُ بنُ سَعدٍ فَسَرَّحَنی إلی أهلِهِ لِاُبَشِّرَهُم بِفَتحِ اللّهِ عَلَیهِ وبِعافِیَتِهِ،فَأَقبَلتُ حَتّی أتَیتُ أهلَهُ فَأَعلَمتُهُم ذلِکَ،ثُمَّ أقبَلتُ حَتّی أدخُلَ فَأَجِدَ ابنَ زِیادٍ قَد جَلَسَ لِلنّاسِ،وأجِدَ الوَفَد قَد قَدِموا عَلَیهِ،فَأَدخَلَهُم وأذِنَ لِلنّاسِ،فَدَخَلتُ فیمَن دَخَلَ،فَإِذا رَأسُ الحُسَینِ علیه السّلام مَوضوعٌ بَینَ یَدَیهِ،وإذا هُوَ یَنکُتُ بِقَضیبٍ بَینَ ثَنِیَّتَیهِ ساعَةً.
فَلَمّا رَآهُ زَیدُ بنُ أرقَمَ لا یُنجِمُ عَن نَکتِهِ بِالقَضیبِ،قالَ لَهُ:اُعلُ بِهذَا القَضیبِ عَن هاتَینِ الثَّنِیَّتَینِ،فَوَالَّذی لا إلهَ غَیرُهُ،لَقَد رَأَیتُ شَفَتَی رَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله عَلی هاتَینِ الشَّفَتَینِ یُقَبِّلُهُما،ثُمَّ انفَضَخَ (2)الشَّیخُ یَبکی،فَقالَ لَهُ ابنُ زِیادٍ:أبکَی اللّهُ عَینَیکَ،فَوَاللّهِ لَولا أنَّکَ شَیخٌ قَد خَرِفتَ وذَهَبَ عَقلُکَ لَضَرَبتُ عُنُقَکَ.
قالَ:فَنَهَضَ فَخَرَجَ،فَلَمّا خَرَجَ سَمِعتُ النّاسَ یَقولونَ:وَاللّهِ لَقَد قالَ زَیدُ بنُ أرقَمَ قَولاً لَو سَمِعَهُ ابنُ زِیادٍ لَقَتَلَهُ.
قالَ:فَقُلتُ:ما قالَ؟قالوا:مَرَّ بِنا وهُوَ یَقولُ:مَلَّکَ عَبدٌ عَبداً فَاتَّخَذَهُم تُلداً (3)، أنتُم یا مَعشَرَ العَرَبِ العَبیدُ بَعدَ الیَومِ،قَتَلتُمُ ابنَ فاطِمَةَ وأمَّرتُمُ ابنَ مَرجانَةَ،فَهُوَ یَقتُلُ خِیارَکُم ویَستَعبِدُ شِرارَکُم،فَرَضیتُم بِالذُّلِّ،فَبُعداً لِمَن رَضِیَ بِالذُّلِّ. (4)
ص:156
2284.سیر أعلام النبلاء عن زید بن أرقم: کُنتُ عِندَ عُبَیدِ اللّهِ،فَاُتِیَ بِرَأسِ الحُسَینِ علیه السّلام،فَأَخَذَ قَضیباً،فَجَعَلَ یَفتُرُ بِهِ عَن شَفَتَیهِ (1)،فَلَم أرَ ثَغراً کانَ أحسَنَ مِنهُ کَأَنَّهُ الدُّرُّ،فَلَم أملِک أن رَفَعتُ صَوتی بِالبُکاءِ.
فَقالَ:ما یُبکیکَ أیُّهَا الشَّیخُ؟قُلتُ:یُبکینی ما رَأَیتُ مِن رَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله،رَأَیتُهُ یَمَصُّ مَوضِعَ هذَا القَضیبِ،ویَلثِمُهُ،ویَقولُ:اللّهُمَّ إنّی احِبُّهُ فَأَحِبَّهُ. (2)
2285.الطبقات الکبری (الطبقة الخامسة من الصحابة): لَمّا وُضِعَتِ الرُّؤوسُ بَینَ یَدَی عُبَیدِ اللّهِ بنِ زِیادٍ،جَعَلَ یَضرِبُ بِقَضیبٍ مَعَهُ عَلی فِیِّ الحُسَینِ علیه السّلام وهُوَ یَقولُ:
یُفَلِّقنَ (3)هاماً (4)مِن اناسٍ أعِزَّةٍ عَلَینا وهُم کانوا أعَقَّ وأظلَما
فَقالَ لَهُ زَیدُ بنُ أرقَمَ:لَو نَحَّیتَ هذَا القَضیبَ،فَإِنَّ رَسولَ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله کانَ یَضَعُ فاهُ عَلی مَوضِعِ هذَا القَضیبِ. (5)
2286.الأمالی للطوسی عن الحکم بن محمَّد بن القاسم الثقفی عن أبیه عن جدّه: أنَّهُ حَضَرَ عُبَیدَ اللّهِ بنَ زِیادٍ حینَ اتِیَ بِرَأسِ الحُسَینِ علیه السّلام،فَجَعَلَ یَنکُتُ بِقَضیبٍ ثَنایاهُ ویَقولُ:إنَّهُ کانَ لَحَسَنَ الثَّغرِ.
فَقالَ لَهُ زَیدُ بنُ أرقَمَ:اِرفَع قَضیبَکَ،فَطالَما رَأَیتُ رَسولَ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله یَلثِمُ مَوضِعَهُ.
قالَ:إنَّکَ شَیخٌ قَد خَرِفتَ،فَقامَ زَیدٌ یَجُرُّ ثِیابَهُ....
ص:157
قالَ القاسِمُ بنُ مُحَمَّدٍ:ما رَأَیتُ مَنظَراً قَطُّ أفظَعَ (1)مِن إلقاءِ رَأسِ الحُسَینِ علیه السّلام بَینَ یَدَیهِ،وهُوَ یَنکُتُهُ. (2)
2287.مثیر الأحزان: عَن سَعدِ بنِ مُعاذٍ وعُمَرَ بنِ سَهلٍ،أنَّهُما حَضَرا عُبَیدَ اللّهِ یَضرِبُ بِقَضیبِهِ أنفَ الحُسَینِ علیه السّلام وعَینَیهِ،ویَطعَنُ فی فَمِهِ.
فَقالَ لَهُ زَیدُ بنُ أرقَمَ:اِرفَع قَضیبَکَ،إنّی رَأَیتُ رَسولَ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله واضِعاً شَفَتَیهِ عَلی مَوضِعِ قَضیبِکَ.ثُمَّ انتَحَبَ باکِیاً.
فَقالَ لَهُ:أبکَی اللّهُ عَینَیکَ یا عَدُوَّ اللّهِ،لَولا أنَّکَ شَیخٌ قَد خَرِفتَ وذَهَبَ عَقلُکَ لَضَرَبتُ عُنُقَکَ.
فَقالَ زَیدٌ:لَاُحَدِّثَنَّکَ حَدیثاً هُوَ أغلَظُ عَلَیکَ مِن هذا،رَأَیتُ رَسولَ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله أقعَدَ حَسَناً عَلی فَخِذِهِ الیُمنی وحُسَیناً عَلی فَخِذِهِ الیُسری،فَوَضَعَ یَدَهُ عَلی یافوخِ کُلِّ واحِدٍ مِنهُما،وقالَ:إنّی أستَودِعُکَ إیّاهُما وصالِحَ المُؤمِنینَ،فَکَیفَ کانَت وَدیعَتُکَ لِرَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله؟! (3)
2289.شرح الأخبار عن حزام بن عثمان: جیءَ بِرَأسِ الحُسَینِ علیه السّلام إلی عُبَیدِ اللّهِ بنِ زِیادٍ وعِندَهُ زَیدُ بنُ أرقَمَ،فَجَعَلَ یَنکُتُ (4)ثَنایاهُ بِقَضیبٍ بِیَدِهِ،ویَقولُ:ما أحسَنَ ثَغرَ أبی عَبدِ اللّهِ،وکانَ قَد أجلَسَ زَیدَ بنَ أرقَمَ مَعَهُ عَلَی السَّریرِ،فَقالَ:نَحِّ قَضیبَکَ،
ص:158
أتَضَعُهُ مَوضِعاً طالَما رَأَیتُ رَسولَ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله یَلثِمُهُ؟فَقالَ لَهُ عُبَیدُ اللّهِ:إنَّکَ قَد خَرِفتَ.
فَوَثَبَ زَیدُ بنُ أرقَمَ عَن ِالسَّریرِ ولَصِقَ بِالأَرضِ،وقالَ:أشهَدُ لَقَد رَأَیتُ رَسولَ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله وَالحَسَنُ علیه السّلام عَلی فَخِذِهِ الیُمنی ویَدُهُ الیُمنی عَلی رَأسِهِ،وَالحُسَینُ علیه السّلام عَلی فَخِذِهِ الیُسری ویَدُهُ الیُسری عَلی رَأسِهِ،وهُوَ یَقولُ:اللّهُمَّ إنّی أستَودِعُکَهُما وصالِحَ المُؤمِنینَ،وکَیفَ کانَ حِفظُکَ لِوَدیعَةِ رَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله إن کُنتَ مُؤمِناً؟ (1)
2289.تذکرة الخواصّ: قالَ هِشامُ بنُ مُحَمَّدٍ:لَمّا وُضِعَ الرَّأسُ بَینَ یَدَیِ ابنِ زِیادٍ،قالَ لَهُ کاهِنُهُ (2):قُم فَضَع قَدَمَکَ عَلی فَمِ عَدُوِّکَ.فَقامَ فَوَضَعَ قَدَمَهُ عَلی فیهِ،ثُمَّ قالَ لِزَیدِ بنِ أرقَمَ:کَیفَ تَری؟فَقالَ:وَاللّهِ لَقَد رَأَیتُ رَسولَ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله واضِعاً فاهُ حَیثُ وَضَعتُ قَدَمَکَ. (3)
2290.الطبقات الکبری (الطبقة الخامسة من الصحابة) عن أنس بن مالک: شَهِدتُ عُبَیدَ اللّهِ بنَ زِیادٍ حَیثُ اتِیَ بِرَأسِ الحُسَینِ علیه السّلام قالَ:فَجَعَلَ یَنکُتُ بِقَضیبٍ مَعَهُ عَلی أسنانِهِ ویَقولُ:إن کانَ لَحَسَنَ الثَّغرِ.
قالَ:فَقُلتُ:وَاللّهِ لَأَسوءَنَّکَ،فَقُلتُ:أما إنّی قَد رَأَیتُ رَسولَ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله یُقَبِّلُ مَوضِعَ قَضیبِکَ مِن فیهِ. (4)
ص:159
2291.صحیح البخاری عن محمد عن أنس بن مالک: اتِیَ عُبَیدُ اللّهِ بنُ زِیادٍ بِرَأسِ الحُسَینِ بنِ عَلِیٍّ علیه السّلام،فَجُعِلَ فی طَستٍ،فَجَعَلَ یَنکُتُ،وقالَ فی حُسنِهِ شَیئاً.
فَقالَ أنَسٌ:کانَ أشبَهَهُم بِرَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله،وکانَ مَخضوباً بِالوَسمَةِ (1). (2)
2292.سنن الترمذی عن أنس بن مالک: کُنتُ عِندَ ابنِ زِیادٍ فَجیءَ بِرَأسِ الحُسَینِ،فَجَعَلَ یَقولُ (3)بِقَضیبٍ لَهُ فی أنفِهِ ویَقولُ:ما رَأَیتُ مِثلَ هذا حُسناً.
قالَ:قُلتُ:أما إنَّهُ کان مِن أشبَهِهِم بِرَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله. (4)
2293.الطبقات الکبری (الطبقة الخامسة من الصحابة): قُدِمَ بِهِم [أیِ الأَسری] عَلی عُبَیدِ اللّهِ بنِ زِیادٍ،فَقالَ عُبَیدُ اللّهِ:مَن هذِهِ؟
ص:160
فَقالوا:زَینَبُ بِنتُ عَلِیِّ بنِ أبی طالِبٍ ! فَقالَ:فَکَیفَ رَأَیتَ اللّهَ صَنَعَ بِأَهلِ بَیتِکَ؟
قالَت:کُتِبَ عَلَیهِمُ القَتلُ فَبَرَزوا إلی مَضاجِعِهِم،وسَیَجمَعُ اللّهُ بَینَنا وبَینَکَ وبَینَهُم.
قالَ:الحَمدُ للّهِ ِ الَّذی قَتَلَکُم وأکذَبَ حَدیثَکُم.
قالَت:الحَمدُ للّهِ ِ الَّذی أکرَمَنا بِمُحَمَّدٍ وطَهَّرَنا تَطهیراً. (1)
2294.تاریخ الطبری عن حمید بن مسلم: لَمّا دُخِلَ بِرَأسِ حُسَینٍ علیه السّلام وصِبیانِهِ وأخَواتِهِ ونِسائِهِ عَلی عُبَیدِ اللّهِ بنِ زِیادٍ،لَبِسَت زَینَبُ ابنَةُ فاطِمَةَ علیها السّلام أرذَلَ ثِیابِها،وتَنَکَّرَت،وحَفَّت بِها إماؤُها،فَلَمّا دَخَلَت جَلَسَت،فَقالَ عُبَیدُ اللّهِ بنُ زِیادٍ:مَن هذِهِ الجالِسَةُ؟فَلَم تُکَلِّمهُ،فَقالَ ذلِکَ ثَلاثاً،کُلَّ ذلِکَ لا تُکَلِّمُهُ،فَقالَ بَعضُ إمائِها:هذِهِ زَینَبُ ابنَةُ فاطِمَةَ علیها السّلام.
قالَ:فَقالَ لَها عُبَیدُ اللّهِ:الحَمدُ للّهِ ِ الَّذی فَضَحَکُم وقَتَّلَکُم وأکذَبَ احدوثَتَکُم !
فَقالَت:الحَمدُ للّهِ ِ الَّذی أکرَمَنا بِمُحَمَّدٍ صلّی اللّه علیه و آله وطَهَّرَنا تَطهیراً،لا کَما تَقولُ أنتَ،إنَّما یَفتَضِحُ الفاسِقُ،ویُکَذَّبُ الفاجِرُ.
قالَ:فَکَیفَ رَأَیتِ صُنعَ اللّهِ بِأَهلِ بَیتِکِ؟
قالَت:کُتِبَ عَلَیهِمُ القَتلُ،فَبَرَزوا إلی مَضاجِعِهِم،وسَیَجمَعُ اللّهُ بَینَکَ وبَینَهُم، فَتَحاجّونَ إلَیهِ،وتَخاصَمونَ عِندَهُ.
قالَ:فَغَضِبَ ابنُ زِیادٍ وَاستَشاطَ،قالَ:فَقالَ لَهُ عَمرُو بنُ حُرَیثٍ:أصلَحَ اللّهُ الأَمیرَ ! إنَّما هِیَ امرَأَةٌ،وهَل تُؤاخَذُ المَرأَةُ بِشَیءٍ مِن مَنطِقِها؟إنَّها لا تُؤاخَذُ بِقَولٍ، ولا تُلامُ عَلی خَطَلٍ. (2)
ص:161
فَقالَ لَهَا ابنُ زِیادٍ:قَد أشفَی اللّهُ نَفسی مِن طاغِیَتِکِ،وَالعُصاةِ المَرَدَةِ مِن أهلِ بَیتِکِ.
قالَ:فَبَکَت،ثُمَّ قالَت:لَعَمری لَقَد قَتَلتَ کَهلی،وأبَرتَ (1)أهلی،وقَطَّعتَ فَرعی، وَاجتَثَثتَ أصلی،فَإِن یَشفِکَ هذا فَقَدِ اشتَفَیتَ.
فَقالَ لَها عُبَیدُ اللّهِ:هذِهِ شَجاعَةٌ (2)،قَد لَعَمری کانَ أبوکَ شاعِراً شُجاعاً.
قالَت:ما لِلمَرأَةِ وَالشَّجاعَةَ ! إنَّ لی عَنِ الشَّجاعَةِ لَشُغُلاً،ولکِنَّ نَفثی (3)ما أقولُ. (4)
2295.الملهوف: إنَّ ابنَ زِیادٍ جَلَسَ فِی القَصرِ،وأذِنَ إذناً عامّاً،وجیءَ بِرَأسِ الحُسَینِ علیه السّلام فَوُضِعَ بَینَ یَدَیهِ،واُدخِلَ نِساءُ الحُسَینِ علیه السّلام وصِبیانُهُ إلَیهِ.
فَجَلَسَت زَینَبُ ابنَةُ عَلِیٍّ علیها السّلام مُتَنَکِّرَةً،فَسَأَلَ عَنها،فَقیلَ:هذِهِ زَینَبُ ابنَةُ عَلِیٍّ علیها السّلام.
فَأَقبَلَ عَلَیها وقالَ:الحَمدُ للّهِ ِ الَّذی فَضَحَکُم وأکذَبَ احدوثَتَکُم !
فَقالَت:إنَّما یَفتَضِحُ الفاسِقُ ویُکَذَّبُ الفاجِرُ،وهُوَ غَیرُنا.
فَقالَ ابنُ زِیادٍ:کَیفَ رَأَیتِ صُنعَ اللّهِ بِأَخیکِ وأهلِ بَیتِکِ؟
ص:162
فَقالَت:ما رَأَیتُ إلّاجَمیلاً،هؤُلاءِ قَومٌ کَتَبَ اللّهُ عَلَیهِمُ القَتلَ،فَبَرَزوا إلی مَضاجِعِهِم،وسَیَجمَعُ اللّهُ بَینَکَ وبَینَهُم،فَتُحاجُّ وتُخاصَمُ،فَانظُر لِمَنِ الفَلجُ (1)یَومَئِذٍ، هَبِلَتکَ (2)امُّکَ یَابنَ مَرجانَةَ.
قالَ الرّاوی:فَغَضِبَ وکَأَنَّهُ هَمَّ بِها.
فَقالَ لَهُ عَمرُو بنُ حُرَیثٍ:أیُّهَا الأَمیرُ إنَّهَا امرَأَةٌ،وَالمَرأَةُ لا تُؤاخَذُ بِشَیءٍ مِن مَنطِقِها.
فَقالَ لَهَا ابنُ زِیادٍ:لَقَد شَفَی اللّهُ قَلبی مِن طاغِیَتِکِ الحُسَینِ وَالعُصاةِ المَرَدَةِ مِن أهلِ بَیتِکِ !
فَقالَت:لَعَمری لَقَد قَتَلتَ کَهلی،وقَطَعتَ فَرعی،وَاجتَثَثتَ أصلی،فَإِن کانَ هذا شِفاؤَکَ فَقَدِ اشتَفَیتَ.
فَقالَ ابنُ زِیادٍ لَعَنَهُ اللّهُ:هذِهِ سَجّاعَةٌ،ولَعَمری لَقَد کانَ أبوکَ شاعِراً (سَجّاعاً) (3)، فَقالَت:یَابنَ زِیادٍ ما لِلمَرأَةِ وَالسَّجاعَةَ. (4)
2296.الأمالی للصدوق عن حاجب عبید اللّه بن زیاد: إنَّ ابنَ زِیادٍ لَعَنَهُ اللّهُ دَعا بِعَلِیِّ بنِ الحُسَینِ علیه السّلام وَالنِّسوَةِ،وأحضَرَ رَأسَ الحُسَینِ علیه السّلام،وکانَت زَینَبُ بِنتُ عَلِیٍّ علیها السّلام فیهِم.
فَقالَ ابنُ زِیادٍ:الحَمدُ للّهِ ِ الَّذی فَضَحَکُم وقَتَلَکُم،وأکذَبَ أحادیثَکُم.
فَقالَت زَینَبُ علیها السّلام:الحَمدُ للّهِ ِ الَّذی أکرَمَنا بِمُحَمَّدٍ وطَهَّرَنا تَطهیراً،إنَّما یَفضَحُ اللّهُ الفاسِقَ ویُکذِبُ الفاجِرَ.
ص:163
قالَ:کَیفَ رَأَیتِ صُنعَ اللّهِ بِکُم أهلَ البَیتِ؟
قالَت:کُتِبَ عَلَیهِمُ القَتلُ،فَبَرَزوا إلی مَضاجِعِهِم،وسَیَجمَعُ اللّهُ بَینَکَ وبَینَهُم فَتَتَحاکَمونَ عِندَهُ.فَغَضِبَ ابنُ زِیادٍ لَعَنَهُ اللّهُ عَلَیها،وهَمَّ بِها،فَسَکَّنَ مِنهُ عَمرُو بنُ حَُریثٍ.
فَقالَت زَینَبُ علیها السّلام:یَابنَ زِیادٍ،حَسبُکَ مَا ارتَکَبتَ مِنّا،فَلَقَد قَتَلتَ رِجالَنا،وقَطَعتَ أصلَنا،وأبَحتَ حَریمَنا،وسَبَیتَ نِساءَنا وذَرارِیَّنا،فَإِن کانَ ذلِکَ لِلاِشتِفاءِ فَقَدِ اشتَفَیتَ.
فَأَمَرَ ابنُ زِیادٍ بِرَدِّهِم إلَی السِّجنِ وبَعَثَ البَشائِرَ إلَی النّواحی بِقَتلِ الحُسَینِ علیه السّلام،ثُمَّ أمَرَ بِالسَّبایا ورَأس ِ الحُسَینِ علیه السّلام فَحُمِلوا إلَی الشّامِ. (1)
2297.تاریخ الطبری عن عمّار الدهنی عن أبی جعفر [الباقر] علیه السّلام :سَرَّحُ عُمَرُ بنُ سَعدٍ بِحَرَمِهِ وعِیالِهِ إلی عُبَیدِ اللّهِ،ولَم یَکُن بَقِیَ مِن أهلِ بَیتِ الحُسَینِ بنِ عَلِیٍّ علیه السّلام إلّاغُلامٌ کانَ مَریضاً مَعَ النِّساءِ،فَأَمَرَ بِهِ عُبَیدُ اللّهِ لِیُقتَلَ،فَطَرَحَت زَینَبُ نَفسَها عَلَیهِ،وقالَت:وَاللّهِ لا یُقتَلُ حَتّی تَقتُلونی ! فَرَقَّ لَها،فَتَرَکَهُ وکَفَّ عَنهُ. (2)
2298.أنساب الأشراف عن بعض الطالبّیین: إنَّ ابنَ زِیادٍ جَعَلَ فی عَلِیِّ بنِ الحُسَینِ علیه السّلام جُعلاً (3)
ص:164
فَاُتِیَ بِهِ مَربوطاً،فَقالَ لَهُ:ألَم یَقتُلِ اللّهُ عَلِیَّ بنَ الحُسَینِ؟
فَقالَ:کانَ أخی یُقالُ لَهُ عَلِیُّ بنُ الحُسَینِ،وإنَّما قَتَلَهُ النّاسُ،قالَ:بَل قَتَلَهُ اللّهُ.
فَصاحَت زَینَبُ بِنتُ عَلِیٍّ علیها السّلام:یَابنَ زِیادٍ حَسبُکَ مِن دِمائِنا،فَإِن قَتَلتَهُ فَاقتُلنی مَعَهُ،فَتَرَکَهُ. (1)
2299.الإرشاد: وعُرِضَ عَلَیهِ [أی عَلَی ابنِ زِیادٍ] عَلِیُّ بنُ الحُسَینِ علیه السّلام فَقالَ لَهُ:مَن أنتَ؟ فَقالَ:أنَا عَلِیُّ بنُ الحُسَینِ.فَقالَ:ألَیسَ قَد قَتَلَ اللّهُ عَلِیَّ بنَ الحُسَینِ؟فَقالَ لَهُ عَلِیٌّ علیه السّلام:قَد کانَ لی أخٌ یُسَمّی عَلِیّاً قَتَلَهُ النّاسُ.فَقالَ لَهُ ابنُ زِیادٍ:بَلِ اللّهُ قَتَلَهُ.فَقالَ عَلِیُّ بنُ الحُسَینِ علیه السّلام: «اَللّهُ یَتَوَفَّی الْأَنْفُسَ حِینَ مَوْتِها» .
فَغَضِبَ ابنُ زِیادٍ وقالَ:وبِکَ جُرأَةٌ لِجَوابی؟وفیکَ بَقِیَّةٌ لِلرَّدِّ عَلَیَّ ! اذهَبوا بِهِ فَاضرِبوا عُنُقَهُ.
فَتَعَلَّقَت بِهِ زَینَبُ عَمَّتُهُ،وقالَت:یَابنَ زِیادٍ،حَسبُکَ مِن دِمائِنا،وَاعتَنَقَتهُ وقالَت:
وَاللّهِ لا افارِقُهُ،فَإِن قَتَلتَهُ فَاقتُلنی مَعَهُ.
فَنَظَرَ ابنُ زِیادٍ إلَیها وإلَیهِ ساعَةً،ثُمَّ قالَ:عَجَباً لِلرَّحِمِ ! وَاللّهِ إنّی لَأَظُنُّها وَدَّت أنّی قَتَلتُها مَعَهُ،دَعوهُ فَإِنّی أراهُ لِما بِهِ.ثُمَّ قامَ مِن مَجلِسِهِ حَتّی خَرَجَ مِنَ القَصرِ. (2)
2300.الملهوف: التَفَتَ ابنُ زِیادٍ لَعَنَهُ اللّهُ إلی عَلِیِّ بنِ الحُسَینِ علیه السّلام،فَقالَ:مَن هذا؟فَقیلَ:
عَلِیُّ بنُ الحُسَینِ.فَقالَ:ألَیسَ قَد قَتَلَ اللّهُ عَلِیَّ بنَ الحُسَینِ؟! فَقالَ لَهُ عَلِیٌّ:قَد کانَ لی أخٌ یُسَمّی عَلِیَّ بنَ الحُسَینِ قَتَلَهُ النّاسُ.فَقالَ:بَلِ اللّهُ قَتَلَهُ.فَقالَ عَلِیٌّ علیه السّلام:
ص:165
«اَللّهُ یَتَوَفَّی الْأَنْفُسَ حِینَ مَوْتِها» .فَقالَ ابنُ زِیادٍ:وبِکَ جُرأَةٌ عَلی جَوابی؟اِذهَبوا بِهِ فَاضرِبوا عُنُقَهُ.
فَسَمِعَت بِهِ عَمَّتُهُ زَینَبُ علیها السّلام،فَقالَت:یَابنَ زِیادٍ،إنَّکَ لَم تُبقِ مِنّا أحَداً،فَإِن کُنتَ عَزَمتَ عَلی قَتلِهِ فَاقتُلنی مَعَهُ.
فَقالَ عَلِیٌّ لِعَمَّتِهِ:اُسکُتی یا عَمَّةُ حَتّی اکَلِّمَهُ.ثُمَّ أقبَلَ إلَیهِ فَقالَ:أبِالقَتلِ تُهَدِّدُنی یَابنَ زِیادٍ،أما عَلِمتَ أنَّ القَتلَ لَنا عادَةٌ وکَرامَتَنَا الشَّهادَةُ (1)؟
2301.تذکرة الخواصّ عن هشام: لَمّا حَضَرَ عَلِیُّ بنُ الحُسَینِ الأَصغَرُ علیه السّلام مَعَ النِّساءِ عِندَ ابنِ زِیادٍ وکانَ مَریضاً،قالَ ابنُ زِیادٍ:کَیفَ سَلِمَ هذا؟! اقتُلوهُ.
فَصاحَت زَینَبُ بِنتُ عَلِیٍّ علیها السّلام:یَابنَ زِیادٍ حَسبُکَ مِن دِمائِنا،إن قَتَلتَهُ،فَاقتُلنی مَعَهُ،وقالَ عَلِیٌّ علیه السّلام:یَابنَ زِیادٍ إن کُنتَ قاتِلی فَانظُر إلی هذِهِ النِّسوَةِ،مَن بَینَهُ وبَینَهُنَّ قَرابَةٌ یَکونُ مَعَهُنَّ؟! فَقالَ ابنُ زِیادٍ:أنتَ وذاکَ. (2)
2302.الطبقات الکبری (الطبقة الخامسة من الصحابة) عن علیّ بن حسین [زین العابدین] علیه السّلام :
فَغَیَّبَنی رَجُلٌ مِنهُم وأکرَمَ نُزُلی وَاحتَضَنَنی،وجَعَلَ یَبکی کُلَّما خَرَجَ ودَخَلَ،حَتّی کُنتُ أقولُ:إن یَکُن عِندَ أحَدٍ مِنَ النّاسِ وَفاءٌ فَعِندَ هذا.إلی أن نادی مُنادِی (3)ابنِ زِیادٍ:ألا مَن وَجَدَ عَلِیَّ بنَ حُسَینٍ فَلیَأتِ بِهِ،فَقَد جَعَلنا فیهِ ثَلاثَمِئَةِ دِرهَمٍ.
قالَ:فَدَخَلَ-وَاللّهِ-عَلَیَّ وهُوَ یَبکی،وجَعَلَ یَربِطُ یَدَیَّ إلی عُنُقی ! وهُوَ یَقولُ:أخافُ ! فَأَخرَجَنی وَاللّهِ إلَیهِم مَربوطاً حَتّی دَفَعَنی إلَیهِم،وأخَذَ ثَلاثَمِئَةِ
ص:166
دِرهَمٍ وأنَا أنظُرُ إلَیها.
فَاُخِذتُ فَاُدخِلتُ عَلَی ابنِ زِیادٍ،فَقالَ:مَا اسمُکَ؟فَقُلتُ:عَلِیُّ بنُ حُسَینٍ،قالَ:
أوَ لَم یَقتُلِ اللّهُ عَلِیّاً؟قالَ:قُلتُ کانَ لی أخٌ یُقالُ لَهُ عَلِیٌّ أکبَرُ مِنّی قَتَلَهُ النّاسُ،قالَ:
بَلِ اللّهُ قَتَلَهُ،قُلتُ: «اَللّهُ یَتَوَفَّی الْأَنْفُسَ حِینَ مَوْتِها» . (1)فَأَمَرَ بِقَتلِهِ.
فَصاحَت زَینَبُ بِنتُ عَلِیٍّ یَابنَ زِیادٍ:حَسبُکَ مِن دِمائِنا،أسأَلُکَ بِاللّهِ إن قَتَلتَهُ إلّا قَتَلتَنی مَعَهُ،فَتَرَکَهُ. (2)
2303.شرح الأخبار -فی بَیانِ الوَقائِعِ ما بَعدَ الشَّهادَةِ-...ومَضَوا بِعَلیِّ بنِ الحُسَینِ الأَکبَرِ الباقی مِن وُلدِهِ وهُوَ شَدیدُ العلّة...وقالَ عَلِیُّ بنُ الحُسَینِ علیه السّلام:فَما فَهِمتُهُ وعَقَلتُهُ مَعَ عِلَّتی وشِدَّتِها أنَّهُ اتِیَ بی إلی عُمَرَ بنِ سَعدٍ،فَلَمّا رَأی ما بی أعرَضَ عَنّی،فَبَقیتُ مَطروحاً لِما بی.
فَأَتانی رَجَلٌ مِن أهلِ الشّامِ،فَاحتَمَلَنی،فَمَضی بی وهُوَ یَبکی،وقالَ لی:
یَابنَ رَسولِ اللّهِ،إنّی أخافُ عَلَیکَ فَکُن عِندی.
ومَضی بی إلی رَحلِهِ وأکرَمَ نُزُلی،وکانَ کُلَّما نَظَرَ إلَیَّ یَبکی.
فَکُنتُ أقولُ فی نَفسی:إن یَکُن عِندَ أحَدٍ مِن هؤُلاءِ خَیرٌ فَعِندَ هذَا الرَّجُلِ.
فَلَمّا صِرنا إلی عُبَیدِ اللّهِ بنِ زِیادٍ سَأَلَ عَنّی.
فَقیلَ:قَد تُرِکَ.وطُلبِتُ فَلَم اوجَد،فَنادی مُنادٍ:مَن وَجَدَ عَلِیَّ بنَ الحُسَینِ، فَلیَأتِ بِهِ ولَهُ ثَلاثُمِئَةِ دِرهَمٍ.
فَدَخَلَ عَلَیَّ الرَّجُلُ الَّذی کُنتُ عِندَهُ-وهُوَ یَبکی-وجَعَلَ یَربِطُ یَدَیَّ إلی
ص:167
عُنُقی،ویَقولُ:أخافُ عَلی نَفسی یَابنَ رَسولِ اللّهِ،إن سَتَرتُکَ عَنهُم أن یَقتُلونی.
فَدَفَعَنی إلَیهِم مَربوطاً،وأخَذَ الثَّلاثَمِئَةِ دِرهَمٍ وأنَا أنظُرُ إلَیهِ.
ومُضِیَ بی إلی عُبَیدِ اللّهِ بنِ زِیادٍ اللَّعینِ،فَلَمّا صِرتُ بَینَ یَدَیهِ قالَ:مَن أنتَ؟ قُلتُ:أنَا عَلِیُّ بنُ الحُسَینِ.
قالَ:أوَ لَم یَقتُلِ اللّهُ عَلِیَّ بنَ الحُسَینِ؟
قُلتُ:کانَ أخی،وقَد قَتَلَهُ النّاسُ.
قالَ عُبَیدُ اللّهِ بنُ زِیادٍ:بَل قَتَلَهُ اللّهُ.
فَقالَ عَلِیٌّ علیه السّلام: «اَللّهُ یَتَوَفَّی الْأَنْفُسَ حِینَ مَوْتِها وَ الَّتِی لَمْ تَمُتْ فِی مَنامِها» . (1)
فَأَمَرَ عُبَیدُ اللّهِ بنُ زِیادٍ اللَّعینُ بِقَتلِ عَلِیِّ بنِ الحُسَینِ علیه السّلام.
فَصاحَت زَینَبُ بِنتُ عَلِیٍّ علیها السّلام:یَابنَ زِیادٍ،حَسبُکَ مِن دِمائِنا،اُناشِدُکَ اللّهَ إن قَتَلتَهُ إلّا قَتَلتَنی مَعَهُ. (2)
ص:168
جاء فی عدد من الروایات السالفة أنّه بعد واقعة کربلاء أخذ أحدُ أفراد العدوّ الإمامَ علیّ بن الحسین علیه السّلام إلی بیته بشکل سرّی ومنفصل عن الأسری الآخرین،واستضافه أیّاماً حتّی عیّن ابن زیاد جائزة للعثور علیه،فسلّم الإمام إلی ابن زیاد وهو موثّق بالحبال خوفاً من أن یقتل. (1)
ولکنّ هذا القسم من الروایات لا یبدو صحیحاً؛لأنّه یتعارض مع جمیع الروایات الدالّة علی حضور علیّ بن الحسین علیه السّلام مع سائر الأسری، (2)لا سیّما الروایة المتعلّقة بإسکات عمّته الفاضلة، (3)وروایة خطبته فی الکوفة، (4)المتقدّمتین.
مضافاً إلی ذلک،فإنّ من المستبعد أن یغفل عن غیاب شخصیّة مثل علیّ بن الحسین علیه السّلام من بین الأسری،والأبعد من ذلک موافقة الإمام علیه السّلام علی الاختفاء منفصلاً عن سائر أهل البیت !
ص:169
2304.تاریخ الطبری عن حمید بن مسلم: لَمّا دَخَلَ عُبَیدُ اللّهِ القَصرَ ودَخَلَ النّاسُ،نودِیَ الصَّلاةَ جامِعَةً،فَاجتَمَعَ النّاسُ فِی المَسجِدِ الأَعظَمِ،فَصَعِدَ المِنبَرَ ابنُ زِیادٍ،فَقالَ:الحَمدُ للّهِ ِ الَّذی أظهَرَ الحَقَّ وأهلَهُ،ونَصَرَ أمیرَ المُؤمِنینَ یَزیدَ بنَ مُعاوِیَةَ وحِزبَهُ،وقَتَلَ الکَذّابَ ابنَ الکَذّابِ الحُسَینَ بنَ عَلِیٍّ وشیعَتَهُ.
فَلَم یَفرُغِ ابنُ زِیادٍ مِن مَقالَتِهِ،حَتّی وَثَبَ إلَیهِ عَبدُ اللّهِ بنُ عَفیفٍ الأَزدِیُّ ثُمَّ الغامِدِیُّ ثُمَّ أحَدُ بَنی والِبَةَ،وکانَ مِن شیعَةِ عَلِیٍّ علیه السّلام،وکانَت عَینُهُ الیُسری ذَهَبَت یَومَ الجَمَلِ مَعَ عَلِیِّ علیه السّلام،فَلَمّا کانَ یَومَ صِفّینَ ضُرِبَ عَلی رَأسِهِ ضَربَةٌ واُخری عَلی حاجِبِهِ فَذَهَبَت عَینُهُ الاُخری،فَکانَ لا یَکادُ یُفارِقُ المَسجِدَ الأَعظَمَ،یُصَلّی فیهِ إلَی اللَّیلِ ثُمَّ یَنصَرِفُ.
قالَ:فَلَمّا سَمِعَ مَقالَةَ ابنِ زِیادٍ،قالَ:یَابنَ مَرجانَةَ ! إنَّ الکَذّابَ ابنَ الکَذّابِ أنتَ وأبوکَ وَالَّذی وَلّاکَ وأبوهُ،یَابنَ مَرجانَةَ ! أتَقتُلونَ أبناءَ النَّبِیّینَ وتَکَلَّمونَ بِکَلامِ الصِّدّیقینَ؟!
فَقالَ ابنُ زِیادٍ:عَلَیَّ بِهِ،قالَ:فَوَثَبَت عَلَیهِ الجَلاوِزَةُ (2)فَأَخَذوهُ.
قالَ:فَنادی بِشِعارِ الأَزدِ:یا مَبرورُ،قالَ:وعَبدُ الرَّحمنِ بنُ مِخنَفٍ الأَزدِیُّ جالِسٌ،فَقالَ:وَیحَ غَیرِکَ ! أهلَکتَ نَفسَکَ وأهلَکتَ قَومَکَ ! قالَ:وحاضِرُ الکوفَةِ یَومَئِذٍ مِنَ الأَزدِ سَبعُمِئَةِ مُقاتِلٍ،قالَ:فَوَثَبَ إلَیهِ فِتیَةٌ مِنَ الأَزدِ فَانتَزَعوهُ،فَأَتَوا
ص:170
بِهِ أهلَهُ،فَأَرسَلَ إلَیهِ مَن أتاهُ بِهِ فَقَتَلَهُ،وأمَرَ بِصَلبِهِ فِی السَّبَخَةِ،فَصُلِبَ هُنالِکَ. (1)
2305.الإرشاد :دَخَلَ [ابنُ زِیادٍ] المَسجِدَ فَصَعِدَ المِنبَرَ فَقالَ:الحَمدُ للّهِ ِ الَّذی أظهَرَ الحَقَّ وأهلَهُ،ونَصَرَ أمیرَ المُؤمِنینَ یَزیدَ وحِزبَهُ،وقَتَلَ الکَذّابَ ابنَ الکَذّابِ وشیعَتَهُ.
فَقامَ إلَیهِ عَبدُ اللّهِ بنُ عَفیفٍ الأَزدِیُّ-وکانَ مِن شیعَةِ أمیرِ المُؤمِنینَ علیه السّلام-فَقالَ:یا عَدُوَّ اللّهِ،إنَّ الکَذّابَ أنتَ وأبوکَ،وَالَّذی وَلّاکَ وأبوهُ،یَابنَ مَرجانَةَ،تَقتُلُ أولادَ النَّبِیّینَ وتَقومُ عَلَی المِنبَرِ مَقامَ الصِّدّیقینَ !
فَقالَ ابنُ زِیادٍ:عَلَیَّ بِهِ،فَأَخَذَتهُ الجَلاوِزَةُ،فَنادی بِشِعارِ الأَزدِ،فَاجتَمَعَ مِنهُم سَبعُمِئَةِ رَجُلٍ فَانتَزَعوهُ مِنَ الجَلاوِزَةِ،فَلَمّا کانَ اللَّیلُ أرسَلَ إلَیهِ ابنُ زِیادٍ مَن أخرَجَهُ مِن بَیتِهِ،فَضَرَبَ عُنُقَهُ وصَلَبَهُ فِی السَّبَخَةِ رَحِمَهُ اللّهُ. (2)
2306.أنساب الأشراف: خَطَبَ ابنُ زِیادٍ فَقالَ:الحَمدُ للّهِ ِ الَّذی قَتَلَ الکَذّابَ ابنَ الکَذّابِ الحُسَینَ وشیعَتَهُ.فَوَثَبَ عَبدُ اللّهِ بنُ عَفیفٍ الأزَدِیُّ ثُمَّ الغامِدِیُّ،وکانَ شیعِیّاً،وکانَت عَینُهُ الیُسری ذَهَبَت یَومَ الجَمَلِ وَالیُمنی یَومَ صِفّینَ،وکانَ لا یُفارِقُ المَسجِدَ الأَعظَمَ، فَلَمّا سَمِعَ مَقالَةَ ابنِ زِیادٍ،قالَ لَهُ:یَابنَ مَرجانَةَ ! إنَّ الکَذّابَ ابنَ الکَذّابِ أنتَ وأبوکَ وَالَّذی وَلّاهُ وأبوهُ ! یَابنَ مَرجانَةَ ! أتَقتُلونَ أبناءَ النَّبِیّینَ وتَتَکَلَّمونَ بِکَلامِ الصِّدّیقینَ؟!
فَقالَ ابنُ زِیادٍ:عَلَیَّ بِهِ،فَنادی بِشِعارِ الأَزدِ:مَبرورُ یا مَبرورُ ! وحاضِرُوا الکوفَةِ مِنَ الأَزدِ یَومَئِذٍ سَبعُمِئَةٍ فَوَثَبوا فَتَخَلَّصوهُ حَتّی أتَوا بِهِ أهلَهُ.
فَقالَ ابنُ زِیادٍ لِلأَشرافِ:أما رَأَیتُم ما صَنَعَ هؤُلاءِ؟قالوا:بَلی.قالَ:فَسیروا
ص:171
أنتُم-یا أهلَ الیَمَنِ-حَتّی تَأتونی بِصاحِبِکُم،وَامتَثَلَ صَنیعَ أبیهِ فی حُجرٍ حینَ بَعَثَ أهلَ الیَمَنِ.
وأشارَ عَلَیهِ عَمرُو بنُ الحَجّاجِ بِأَن یُحبَسَ کُلُّ مَن کانَ فِی المَسجِدِ مِنَ الأَزدِ، فَحُبِسَوا وفیهِم عَبدُ الرَّحمنِ بنُ مِخنَفٍ وغَیرُهُ،فَاقتَتَلَتِ الأَزدُ وأهلُ الیَمَنِ قِتالاً شَدیداً.
وَاستَبطَأَ ابنُ زِیادٍ أهلَ الیَمَنِ،فَقالَ لِرَسولٍ بَعَثَهُ إلَیهِم:اُنظُر ما بَینَهُم؟[فَأَتاهُم] فَرَأی أشَدَّ قَتلٍ،فَقالوا:قُل لِلأَمیرِ إنَّکَ لَم تَبعَثنا إلی نَبَطِ (1)الجَزیرَةِ ولا جَرامِقَةِ (2)المَوصِلِ،إنَّما بَعَثتَنا إلَی الأَزدِ،إلی اسودِ الأَجَمِ (3)،لَیسوا بِبَیضَةٍ تُحسی ولا حَرمَلَةٍ (4)توطَأُ.
فَقُتِلَ مِنَ الأَزدِ عُبَیدُ اللّهِ بنُ حَوزَةَ الوالِبِیُّ ومُحَمَّدُ بنُ حَبیبٍ البَکرِیُّ،وکَثُرَتِ القَتلی بَینَهُم،وقَوِیَتِ الیَمانِیَّةُ عَلَی الأَزدِ،وصاروا إلی خُصٍّ (5)فی ظَهرِ دارِ ابنِ عَفیفٍ فَکَسَروهُ وَاقتَحَموا،فَناوَلَتهُ ابنَتُهُ سَیفَهُ فَجَعَلَ یَذُبُّ بِهِ،وشَدّوا عَلَیهِ مِن کُلِّ جانِبٍ، فَانطَلَقوا بِهِ إلَی ابنِ زِیادٍ وهُوَ یَقولُ:
اُقسِمُ لَو یُفسَحُ لی مِن بَصَری شَقَّ عَلَیکُم مَورِدی وصَدَری
وخَرَجَ سُفیانُ بنُ یَزیدُ بنِ المُغَفَّلِ لِیَدفَعَ عَنِ ابنِ عَفیفٍ،فَأَخَذوهُ مَعَهُ،فَقُتِلَ ابنُ عَفیفٍ وصُلِبَ بِالسَّبَخَةِ.
ص:172
واُتِیَ بِجُندَبِ بنِ عَبدِ اللّهِ،فَقالَ لَهُ ابنُ زِیادٍ:وَاللّهِ لَأَتَقَرَبَنَّ إلَی اللّهِ بِدَمِکَ.فَقالَ:
إنَّما تَتَباعَدُ مِنَ اللّهِ بِدَمی. (1)
2307.الفتوح: صَعِدَ ابنُ زِیادٍ المِنبَرَ،فَحَمِدَ اللّهَ وأثنی عَلَیهِ،وقالَ فی بَعضِ کَلامِهِ:الحَمدُ للّهِ ِ الَّذی أظهَرَ الحَقَّ وأهلَهُ،ونَصَرَ أمیرَ المُؤمِنینَ وأشیاعَهُ،وقَتَلَ الکَذّابَ ابنَ الکَذّابِ.
قالَ:فَما زادَ عَلی هذَا الکَلام ِشَیئاً ووَقَفَ،فَقامَ إلَیهِ عَبدُ اللّهِ بنُ عَفیفٍ الأَزدِیُّ رَحِمَهُ اللّهُ،وکانَ مِن خِیارِ الشّیعَةِ وکانَ أفضَلَهُم،وکانَ قَد ذَهَبَت عَینُهُ الیُسری فی یَومِ الجَمَلِ وَالاُخری فی یَومِ صِفّینَ،وکانَ لا یُفارِقُ المَسجِدَ الأَعظَمَ یُصَلّی فیهِ إلَی اللَّیلِ،ثُمَّ یَنصَرِفُ إلی مَنزِلِهِ.
فَلَمّا سَمِعَ مَقالَةَ ابنِ زِیادٍ،وَثَبَ قائِماً ثُمَّ قالَ:یَابنَ مَرجانَةَ،الکَذّابُ ابنُ الکَذّابِ أنتَ وأبوکَ ومَنِ استَعمَلَکَ وأبوهُ،یا عَدُوَّ اللّهِ أتَقتُلونَ أبناءَ النَّبِیّینَ وتَتَکَلَّمونَ بِهذَا الکَلامِ عَلی مَنابِرِ المُؤمِنینَ؟!
قالَ:فَغَضِبَ ابنُ زِیادٍ،ثُمَّ قالَ:مَنِ المُتَکَلِّمُ؟فَقالَ:أنَا المُتَکَلِّمُ یا عَدُوَّ اللّهِ،أتَقتُلُ الذُّرِّیَّةَ الطّاهِرَةَ الَّتی قَد أذهَبَ اللّهُ عَنهَا الرِّجسَ فی کِتابِهِ،وتَزعُمُ أنَّکَ عَلی دینِ الإِسلامِ؟وا عَوناه،أینَ أولادُ المُهاجِرینَ وَالأَنصارِ،لِیَنتَقِموا مِن طاغِیَتِکَ (2)اللَّعینِ ابنِ اللَّعینِ عَلی لِسانِ مُحَمَّدٍ نَبِیِّ رَبِّ العالَمینَ؟
قالَ:فَازدادَ غَضَباً عَدُوُّ اللّهِ حَتَّی انتَفَخَت أوداجُهُ،ثُمَّ قالَ:عَلَیَّ بِهِ،قالَ:
فَتَبادَرَت إلَیهِ الجَلاوِزَةُ مِن کُلِّ ناحِیَةٍ لِیَأخُذوهُ،فَقامَتِ الأَشرافُ مِنَ الأَزدِ مِن بَنی عَمِّهِ فَخَلَّصوهُ مِن أیدِی الجَلاوِزَةِ،وأخرَجوهُ مِن بابِ المَسجِدِ،فَانطَلَقوا بِهِ إلی مَنزِلِهِ.
ص:173
ونَزَلَ ابنُ زِیادٍ عَنِ المِنبَرِ ودَخَلَ القَصرَ،ودَخَلَ عَلَیهِ أشرافُ النّاسِ،فَقالَ:
أرَأَیتُم ما صَنَعَ هؤُلاءِ القَومُ؟فَقالوا:قَد رَأَینا أصلَحَ اللّهُ الأَمیرَ،إنَّمَا الأَزدُ فَعَلَت ذلِکَ فَشُدَّ یَدَیکَ بِساداتِهِم،فَهُمُ الَّذینَ استَنقَذوهُ مِن یَدِکَ حَتّی صارَ إلی مَنزِلِهِ.
قالَ:فَأَرسَلَ ابنُ زِیادٍ إلی عَبدِ الرَّحمنِ بنِ مِخنَفٍ الأَزدِیِّ،فَأَخَذَهُ وأخَذَ مَعَهُ جَماعَةً مِنَ الأَزدِ فَحَبَسَهُم،وقالَ:وَاللّهِ لا خَرَجتُم مِن یَدی أو تَأتُونی بِعَبدِ اللّهِ بنِ عَفیفٍ.
قالَ:ثُمَّ دَعَا ابنُ زِیادٍ لِعَمرِو بنِ الحَجّاجِ الزُّبَیدِیِّ ومُحَمَّدِ بنِ الأَشعَثِ وشَبَثِ بنِ الرِّبعِیِّ وجَماعَةٍ مِن أصحابِهِ،وقالَ لَهُم:اِذهَبوا إلی هذَا الأَعمی،أعمَی الأَزدِ الَّذی قَد أعمَی اللّهُ قَلبَهُ کَما أعمی عَینَیهِ،ائتونی بِهِ.
قالَ:فَانطَلَقَت رُسُلُ عُبَیدِ اللّهِ بنِ زِیادٍ إلی عَبدِ اللّهِ بنِ عَفیفٍ،وبَلَغَ ذلِکَ الأَزدَ فَاجتَمَعوا،وَاجتَمَعَ مَعَهُم أیضاً قَبائِلُ الیَمَنِ لِیَمنَعوا عَن صاحِبِهِم عَبدِ اللّهِ بنِ عَفیفٍ.
وبَلَغَ ذلِکَ ابنَ زِیادٍ،فَجَمَعَ قَبائِلَ مُضَرَ وضَمَّهُم إلی مُحَمَّدِ بنِ الأَشعَثِ وأمَرَهُ بِقِتالِ القَومِ.
قالَ:فَأَقبَلَت قَبائِلُ مُضَرَ نَحوَ الیَمَنِ ودَنَت مِنهُمُ الیَمَنُ،فَاقتَتَلوا قِتالاً شَدیداً، فَبَلَغَ ذلِکَ ابنَ زِیادٍ،فَأَرسَلَ إلی أصحابِهِ یُؤَنِّبُهُم،فَأَرسَلَ إلَیهِ عَمرُو بنُ الحَجّاجِ یُخبِرُهُ بِاجتِماعِ الیَمَنِ عَلَیهِم.قالَ:وبَعَثَ إلَیهِ شَبَثُ بنُ الرِّبعِیِّ:أیُّهَا الأَمیرُ،إنَّکَ قَد بَعَثتَنا إلی اسودِ الآجامِ فَلا تَعجَل،قالَ:وَاشتَدَّ قِتالُ القَومِ حَتّی قُتِلَ جَماعَةٌ مِنهُم مِنَ العَرَبِ.
قالَ:ودَخَلَ أصحابُ ابنِ زِیادٍ إلی دارِ ابنِ عَفیفٍ،فَکَسَرُوا البابَ وَاقتَحَموا عَلَیهِ،فَصاحَت بِهِ ابنَتُهُ:یا أبَتِ! أتاکَ القَومُ مِن حَیثُ لا تَحتَسِبُ،فَقالَ:لا عَلَیکِ یَا ابنَتی،ناوِلینِی السَّیفَ:قالَ:فَناوَلَتهُ فَأَخَذَهُ وجَعَلَ یَذُبُّ عَن نَفسِهِ،وهُوَ یَقولُ:
ص:174
أنَا ابنُ ذِی الفَضلِ العَفیفِ الطّاهِرِ
قالَ:وجَعَلَتِ ابنَتُهُ تَقولُ:یا لَیتَنی کُنتُ رَجُلاً فَاُقاتِلَ بَینَ یَدَیکَ الیَومَ هؤُلاءِ الفَجَرَةَ،قاتِلِی العِترَةِ البَرَرَةِ.قالَ وجَعَلَ القَومُ یَدورونَ عَلَیهِ مِن خَلفِهِ وعَن یَمینِهِ وعَن شِمالِهِ،وهُوَ یَذُبُّ عَن نَفسِهِ بِسَیفِهِ،ولَیسَ یَقدِرُ أحَدٌ أن یَتَقَدَّمَ إلَیهِ.
قالَ:وتَکاثَروا عَلَیهِ مِن کُلِّ ناحِیَةٍ حَتّی أخَذوهُ.فَقالَ جُندَبُ بنُ عَبدِ اللّهِ الأَزدِیُّ:إنّا للّهِ ِ وإنّا إلَیهِ راجِعونَ،أخَذوا وَاللّهِ عَبدَ اللّهِ بنَ عَفیفٍ،فَقَبُحَ وَاللّهِ العَیشُ مِن بَعدِهِ.
قالَ:ثُمَّ اتِیَ بِهِ حَتّی ادخِلَ عَلی عُبَیدِ اللّهِ بنِ زِیادٍ،فَلَمّا رَآهُ قالَ:الحَمدُ للّهِ ِ الَّذی أخزاکَ،فَقالَ لَهُ عَبدُ اللّهِ بنُ عَفیفٍ:یا عَدُوَّ اللّهِ بِهذا أخزانی،وَاللّهِ لَو فَرَّجَ اللّهُ عَن بَصَری لَضاقَ عَلَیکَ مَورِدی ومَصدَری.
قالَ:فَقالَ ابنُ زِیادٍ:یا عَدُوَّ نَفسِهِ،ما تَقولُ فی عُثمانَ بنِ عَفّانَ؟فَقالَ:یَابنَ عَبدِ بَنی عِلاجٍ،یَابنَ مَرجانَةَ وسُمَیِّةَ،ما أنتَ وعُثمانُ بنُ عَفّانَ؟عُثمانُ أساءَ أم أحسَنَ، وأصلَحَ أم أفسَدَ،وَاللّهُ تَبارَکَ وتَعالی وَلِیُّ خَلقِهِ،یَقضی بَینَ خَلقِهِ وبَینَ عُثمانَ بنِ عَفّانَ بِالعَدلِ وَالحَقِّ،ولکِن سَلنی عَن أبیکَ،وعَن یَزیدَ وأبیهِ.
فَقالَ ابنُ زِیادٍ:وَاللّهِ لا سَأَلتُکَ عَن شَیءٍ أو تَذوقَ المَوتَ.
فَقالَ عَبدُ اللّهِ بنُ عَفیفٍ:الحَمدُ للّهِ ِ رَبِّ العالَمینَ،أما إنّی کُنتُ أسأَلُ رَبّی عز و جل أن یَرزُقَنِی الشَّهادَةَ،وَالآنَ فَالحَمدُ للّهِ ِ الَّذی رَزَقَنی إیّاها بَعدَ الإِیاسِ مِنها،وعَرَّفَنی الإِجابَةَ مِنهُ لی فی قَدیمِ دُعائی.
فَقالَ ابنُ زِیادٍ:اِضرِبوا عُنُقَهُ،فَضُرِبَت رَقَبَتُهُ وصُلِبَ،رَحمَةُ اللّهِ عَلَیهِ. (1)
ص:175
2308.الکامل فی التاریخ: قیل:إنَّ آلَ الحُسَینِ علیه السّلام لَمّا وَصَلوا إلَی الکوفَةِ حَبَسَهُمُ ابنُ زِیادٍ، وأرسَلَ إلی یَزیدَ بِالخَبَرِ،فَبَینَما هُم فِی الحَبسِ إذ سَقَطَ عَلَیهِم حَجَرٌ فیهِ کِتابٌ مَربوطٌ،وفیهِ:إنَّ البَریدَ سارَ بِأَمرِکُم إلی یَزیدَ،فَیَصِلُ یَومَ کَذا ویَعودُ یَومَ کَذا،فَإِن سَمِعتُمُ التَّکبیرَ (1)فَأَیقِنوا بِالقَتلِ،وإن لَم تَسمَعوا تَکبیراً فَهُوَ الأَمانُ.
فَلَمّا کانَ قَبلَ قُدومِ البَریدِ بِیَومَینِ أو ثَلاثَةٍ،إذا حَجَرٌ قَد القِیَ وفیهِ کِتابٌ،یَقولُ فیهِ:أوصُوا وَاعهَدوا فَقَد قارَبَ وُصولُ البَریدِ.ثُمَّ جاءَ البَریدُ بِأَمرِ یَزیدَ بِإِرسالِهِم إلَیهِ. (2)
2309.الطبقات الکبری (الطبقة الخامسة من الصحابة): أمَرَ عُبَیدُ اللّهِ بنُ زِیادٍ بِحَبسِ مَن قُدِمَ بِهِ عَلَیهِ مِن بَقِیَّةِ أهلِ الحُسَینِ علیه السّلام مَعَهُ فِی القَصرِ. (3)
2310.الأمالی للصدوق عن حاجب عبید اللّه بن زیاد: أمَرَ [ابنُ زِیادٍ] بِعَلِیِّ بنِ الحُسَینِ علیه السّلام فَغُلَّ وحُمِلَ مَعَ النِّسوَةِ وَالسَّبایا إلَی السِّجنِ،وکُنتُ مَعَهُم،فَما مَرَرنا بِزُقاقٍ إلّاوَجَدناهُ مُلِئَ رِجالاً ونِساءً،یَضرِبونَ وُجوهَهُم ویَبکونَ.فَحُبِسوا فی سِجنٍ وطُبِّقَ عَلَیهِم. (4)
2311.الملهوف: أمَرَ ابنُ زِیادٍ بِعَلِیِّ بنِ الحُسَینِ علیه السّلام وأهلِ بَیتِهِ فَحُمِلوا إلی بَیتٍ فی جَنبِ
ص:176
المَسجِدِ الأَعظَمِ.
فَقالَت زَینَبُ ابنَةُ عَلِیٍّ:لا یَدخُلَنَّ عَلَینا عَربِیَّةٌ،إلّااُمُّ وَلَدٍ أو مَملوکَةٌ؛فَإِنَّهُنَّ سُبینَ کَما سُبینا. (1)
2312.تاریخ الطبری عن سعد بن عبیدة: وجیءَ بِنِسائِهِ [أی بِنِساءِ الإِمامِ الحُسَینِ علیه السّلام ] وبَناتِهِ وأهلِهِ،وکانَ أحسَنُ شَیءٍ صَنَعَهُ أن أمَرَ لَهُنَّ بِمَنزِلٍ فی مَکانٍ مُعتَزِلٍ،وأجری عَلَیهِنَّ رِزقاً،وأمَرَ لَهُنَّ بِنَفَقَةٍ وکِسوَةٍ. (2)
2313.تاریخ الطبری عن سعد بن عبیدة: فَانطَلَقَ غُلامانِ مِنهُم لِعَبدِ اللّهِ بنِ جَعفَرٍ-أوِ ابنِ ابنِ جَعفَرٍ فَأَتَیا رَجُلاً مِن طَیِّئٍ فَلَجَآ إلَیهِ فَضَرَبَ أعناقَهُما وجاءَ بِرُؤوسِهِما حَتّی وَضَعَهُما بَینَ یَدَیِ ابنِ زِیادٍ،قالَ فَهَمَّ بِضَربِ عُنُقِهِ وأمَرَ بِدارِهِ فَهُدِّمَت. (3)
2314.أنساب الأشراف: لَجَأَ ابنانِ لِعَبدِ اللّهِ بنِ جَعفَرٍ إلی رَجُلٍ مِن طَیِّئٍ فَضَرَبَ أعناقَهُما وأتی ابنَ زِیادٍ بِرُؤوسِهِما،فَهَمَّ بِضَربِ عُنُقِهِ وأمَرَ بِدارِهِ فَهُدِّمَت. (4)
2315.الطبقات الکبری (الطبقة الخامسة من الصحابة): وقَد کانَ ابنا عَبدِ اللّهِ بنِ جَعفَرٍ لَجَآ إلَی امرَأَةِ عَبدِ اللّهِ بنِ قُطبَةَ الطّائِیِّ ثُمَّ النَّبهانِیِّ،وکانا غُلامَینِ لَم یَبلُغا.وقَد کانَ عُمَرُ بنُ سَعدٍ أمَرَ مُنادِیاً فَنادی:مَن جاءَ بِرَأسٍ فَلَهُ ألفُ دِرهَمٍ.
ص:177
فَجاءَ ابنُ قُطبَةَ إلی مَنزِلِهِ فَقالَت لَهُ امرَأَتُهُ:إنَّ غُلامَینِ لَجَآ إلَینا فَهَل لَکَ أن تُشرِفَ بِهِما فَتَبعَثَ بِهِما إلی أهلِهِما بِالمَدینَةِ؟قالَ:نَعَم أرِنیهِما.
فَلَمّا رَآهُما ذَبَحَهُما وجاءَ بِرُؤوسِهِما إلی عُبَیدِ اللّهِ بنِ زِیادٍ،فَلَم یُعطِهِ شَیئاً،فَقالَ عُبَیدُ اللّهِ:وَدِدتُ أنَّهُ کانَ جاءَنی بِهِما حَیَّینِ فَمَنَنتُ بِهِما عَلی أبی جَعفَرٍ-یَعنی عَبدَ اللّهِ بنَ جَعفَرٍ-.
وبَلَغَ ذلِکَ عَبدَ اللّهِ بنَ جَعفَرٍ فَقالَ:وَدِدتُ أنَّهُ کانَ جاءَنی بِهِما فَأَعطَیتُهُ ألفَی ألفٍ. (1)
2316.الأمالی للصدوق عَن حُمرانَ بنِ أعیَنَ عَن أبی مُحَمَّدٍ شَیخٍ لِأَهلِ الکوفَةِ: لَمّا قُتِلَ الحُسَینُ بنُ عَلِیِّ علیهما السّلام اسِرَ مِن مُعَسکَرِهِ غُلامانِ صَغیرانِ،فَاُتِیَ بِهِما عُبَیدُ اللّهِ بنُ زِیادٍ،فَدَعا سَجّاناً لَهُ،فَقالَ:خُذ هذَینِ الغُلامَینِ إلَیکَ،فَمِن طَیِّبِ الطَّعامِ فَلا تُطعِمهُما،ومِنَ البارِدِ فَلا تَسقِهِما،وضَیِّق عَلَیهِما سِجنَهُما،وکانَ الغُلامانِ یَصومانِ النَّهارَ،فَإِذا جَنَّهُمَا اللَّیلُ اتِیا بِقُرصَینِ مِن شَعیرٍ وکَوزٍ مِنَ الماءِ القَراحِ.
فَلَمّا طالَ بِالغُلامَینِ المَکثُ حَتّی صارا فِی السَّنَةِ،قالَ أحَدُهُما لِصاحِبِهِ:یا أخی، قَد طالَ بِنا مَکثُنا،ویوشِکُ أن تفنی أعمارُنا وتبلی أبدانُنا،فَإِذا جاءَ الشَّیخُ فَأَعلِمهُ مَکانَنا،وتَقَرَّب إلَیهِ بِمُحَمَّدٍ صلّی اللّه علیه و آله لَعَلَّهُ یُوسِّعُ عَلَینا فی طَعامِنا،ویَزیدُ فی شَرابِنا.
فَلَمّا جَنَّهُمَا اللَّیلُ أقبَلَ الشَّیخُ إلَیهِما بِقُرصَینِ مِن شَعیرٍ وکوزٍ مِنَ الماءِ القَراحِ، فَقالَ لَهُ الغُلامُ الصَّغیرُ:یا شَیخُ،أتَعرِفُ مُحَمَّداً؟
قالَ:فَکَیفَ لا أعرِفُ مُحَمَّداً وهُوَ نَبِیّی!
قالَ:أفَتَعرِفُ جَعفَرَ بنَ أبی طالِبٍ؟
ص:178
قالَ:وکَیفَ لا أعرِفُ جَعفَراً،وقَد أنبَتَ اللّهُ لَهُ جَناحَینِ یَطیرُ بِهِما مَعَ المَلائِکَةِ کَیفَ یَشاءُ!
قالَ:أفَتَعرِفُ عَلِیَّ بنَ أبی طالِبٍ؟
قالَ:وکَیفَ لا أعرِفُ عَلِیّاً،وهُوَ ابنُ عَمِّ نَبِیّی وأخو نَبِیّی! قالَ لَهُ:یا شَیخُ،فَنَحنُ مِن عِترَةِ نَبِیِّکَ مُحَمَّدٍ صلّی اللّه علیه و آله،ونَحنُ مِن وُلدِ مُسلِمِ بنِ عَقیلِ بنِ أبی طالِبٍ،بِیَدِکَ اساری، نَسأَلُکَ مِن طَیِّبِ الطَّعامِ فَلا تُطعِمُنا،ومِن بارِدِ الشَّرابِ فَلا تَسقینا،وقَد ضَیَّقتَ عَلَینا سِجنَنا.
فَانکَبَّ الشَّیخُ عَلی أقدامِهِما یُقَبِّلُهُما ویَقولُ:نَفسی لِنَفسِکُمَا الفِداءُ،ووَجهی لِوَجهِکُمَا الوِقاءُ،یا عِترَةَ نَبِیِّ اللّهِ المُصطَفی،هذا بابُ الِّسجنِ بَینَ یَدَیکُما مَفتوحٌ، فَخُذا أیَّ طَریقٍ شِئتُما.
فَلَمّا جَنَّهُمَا اللَّیلُ أتاهُما بِقُرصَینِ مِن شَعیرٍ وکوزٍ مِنَ الماءِ القَراحِ ووَقَّفَهُما عَلَی الطَّریقِ،وقالَ لَهُما:سیرا-یا حَبیبَیَّ-اللَّیلَ،وَاکمُنَا النَّهارَ حَتّی یَجعَلَ اللّهُ عز و جل لَکُما مِن أمرِکُما فَرَجاً ومَخرَجاً.فَفَعَلَ الغُلامانِ ذلِکَ.
فَلَمّا جَنَّهُمَا اللَّیلُ،انتَهَیا إلی عَجوزٍ عَلی بابٍ،فَقالا لَها:یا عَجوزُ،إنّا غُلامانِ صَغیرانِ غَریبانِ حَدَثانِ غَیرُ خَبیرَینِ بِالطَّریقِ،وهذَا اللَّیلُ قَد جَنَّنا،أضیفینا سَوادَ لَیلَتِنا هذِهِ،فَإِذا أصبَحنا لَزِمنَا الطَّریقَ.فَقالَت لَهُما:فَمَن أنتُما یا حَبیبَیَّ؟فَقَد شَمَمتُ الرَّوائِحَ کُلَّها،فَما شَمَمتُ رائِحَةً أطیَبَ مِن رائِحَتِکُما،فَقالا لَها:یا عَجوزُ،نَحنُ مِن عِترَةِ نَبِیِّکِ مُحَمَّدٍ صلّی اللّه علیه و آله،هَرَبنا مِن سِجنِ عُبَیدِ اللّهِ بنِ زِیادٍ مِنَ القَتلِ.
قالَتِ العَجوزُ:یا حَبیبَیَّ ! إنَّ لی خَتُناً فاسِقاً،قَد شَهِدَ الواقِعَةَ مَعَ عُبَیدِ اللّهِ بنِ زِیادٍ،أتَخَوَّفُ أن یُصیبَکُما هاهُنا فَیَقتُلَکُما.قالا:سَوادَ لَیلَتِنا هذِهِ،فَإِذا أصبَحنا لَزِمنا الطَّریقَ.فَقالَت:سَآتیکُما بِطَعامٍ.
ص:179
ثُمَّ أتَتهُما بِطَعامٍ فَأَکَلا وشَرِبا.فَلَمّا وَلَجَا الفِراشَ قالَ الصَّغیرُ لِلکَبیرِ:یا أخی،إنّا نَرجو أن نَکونَ قَد أمِنّا لَیلَتَنا هذِهِ،فَتَعالَ حَتّی اعانِقَکَ وتُعانِقَنی وأشُمَّ رائِحَتَکَ وتَشُمَّ رائِحَتی قَبلَ أن یُفَرِّقَ المَوتُ بَینَنا.فَفَعَلَ الغُلامانِ ذلِکَ،وَاعتَنَقا وناما.
فَلَمّا کانَ فی بَعضِ اللَّیلِ أقبَلَ خَتَنُ العَجوزِ الفاسِقُ حَتّی قَرَعَ البابَ قَرعاً خَفیفاً، فَقالَتِ العَجوزُ:مَن هذا؟قالَ:أنَا فُلانٌ.قالَت:مَا الَّذی أطرَقَکَ هذِهِ السّاعَةَ،ولَیسَ هذا لَکَ بِوَقتٍ؟قالَ:وَیحَکِ افتَحِی البابَ قَبلَ أن یَطیرَ عَقلی وتَنشَقَّ مَرارَتی فی جَوفی،جَهدُ البَلاءِ قَد نَزَلَ بی.قالَت:وَیحَکَ مَا الَّذی نَزَلَ بِکَ؟قالَ:هَرَبَ غُلامانِ صَغیرانِ مِن عَسکَرِ عُبَیدِ اللّهِ بنِ زِیادٍ،فَنادَی الأَمیرُ فی مُعَسکَرِهِ:مَن جاءَ بِرَأسٍ واحِدٍ مِنهُما فَلَهُ ألفُ دِرهَمٍ،ومَن جاءَ بِرَأسَیهِما فَلَهُ ألفا دِرهَمٍ،فَقَد اتعِبتُ وتَعِبتُ ولَم یَصِل فی یَدی شَیءٌ.
فَقالَتِ العَجوزُ:یا خَتَنی! احذَر أن یَکونَ مُحَمَّدٌ خَصمَکَ فی یَومِ القِیامَةِ.قالَ لَها:
وَیحَکِ إنَّ الدُّنیا مُحَرَّصٌ عَلَیها.فَقالَت:وما تَصنَعُ بِالدُّنیا ولَیسَ مَعَها آخِرةَ ٌ؟قالَ:إنّی لَأَراکِ تُحامینَ عَنهُما،کَأَنَّ عِندَکِ مِن طَلَبِ الأَمیرِ شَیئاً،فَقومی فَإِنَّ الأَمیرَ یَدعوکِ.
قالَت:وما یَصنَعُ الأَمیرُ بی،وإنَّما أنَا عَجوزٌ فی هذِهِ البَرِّیَّةِ؟قالَ:إنَّما لِیَ الطَّلَبُ، افتَحی لِیَ البابَ حَتّی أریحَ وأستَریحَ،فَإِذا أصبَحتُ بَکَّرتُ فی أیِّ الطَّریقِ آخُذُ فی طَلَبِهِما.فَفَتَحَت لَهُ البابَ،وأتَتهُ بِطَعامٍ وشَرابٍ فَأَکَلَ وشَرِبَ.
فَلَمّا کانَ فی بَعضِ اللَّیلِ سَمِعَ غَطیطَ الغُلامَینِ فی جَوفِ البَیتِ،فَأَقبَلَ یَهیجُ کَما یَهیجُ البَعیرُ الهائِجُ،ویَخورُ کَما یَخورُ الثَّورُ،ویَلمِسُ بِکَفِّهِ جِدارَ البَیتِ حَتّی وَقَعَت یَدُهُ عَلی جَنبِ الغُلامِ الصَّغیرِ،فَقالَ لَهُ:مَن هذا؟قالَ:أمّا أنَا فَصاحِبُ المَنزِلِ،فَمَن أنتُما.فَأَقبَلَ الصَّغیرُ یُحَرِّکُ الکَبیرَ ویَقولُ:قُم یا حَبیبی،فَقَد وَاللّهِ وَقَعنا فیما کُنّا نُحاذِرُهُ.
ص:180
قالَ لَهُما:مَن أنتُما؟قالا لَهُ:یا شَیخُ! إن نَحنُ صَدَقناکَ فَلَنَا الأَمانُ؟قالَ:نَعَم.
قالا:أمانُ اللّهِ وأمانُ رَسولِهِ،وذِمَّةُ اللّهِ وذِمَّةُ رَسولِهِ؟قالَ:نَعَم.
قالا:ومُحَمَّدُ بنُ عَبدِ اللّهِ عَلی ذلِکَ مِنَ الشّاهِدینَ؟قالَ:نَعَم.قالا:وَاللّهُ عَلی ما نَقولُ وَکیلٌ وشَهیدٌ؟قالَ:نَعَم.قالا لَهُ:یا شَیخُ! فَنَحنُ مِن عِترَةِ نَبِیِّکَ مُحَمَّدٍ صلّی اللّه علیه و آله،هَرَبنا مِن سِجنِ عُبَیدِ اللّهِ بنِ زِیادٍ مِنَ القَتلِ.فَقالَ لَهُما:مِنَ المَوتِ هَرَبتُما،وإلَی المَوتِ وَقَعتُما،الحَمدُ للّهِ ِ الَّذی أظفَرَنی بِکُما.
فَقامَ إلَی الغُلامَینِ فَشَدَّ أکتافَهُما،فَباتَ الغُلامانِ لَیلَتَهُما مُکَتَّفَینِ.فَلَمَّا انفَجَرَ عَمودُ الصُّبحِ،دَعا غُلاماً لَهُ أسوَدَ،یُقالُ لَهُ:فُلَیحٌ،فَقالَ:خُذ هذَینِ الغُلامَینِ،فَانطَلِق بِهِما إلی شاطِئِ الفُراتِ،وَاضرِب عُنُقَیهِما،وَائتِنی بِرَأسَیهِما لِأَنطَلِقَ بِهِما إلی عُبَیدِ اللّهِ بنِ زِیادٍ،وآخُذَ جائِزَةَ ألفَی دِرهَمٍ.
فَحَمَلَ الغُلامُ السَّیفَ،ومَشی أمامَ الغُلامَینِ،فَما مَضی إلّاغَیرَ بَعیدٍ حَتّی قالَ أحَدُ الغُلامَینِ:یا أسوَدُ،ما أشبَهَ سَوادَکَ بِسَوادِ بِلالٍ مُؤَذِّنِ رَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله ! قالَ:إنَّ مَولایَ قَد أمَرَنی بِقَتلِکُما،فَمَن أنتُما؟قالا لَهُ:یا أسوَدُ،نَحنُ مِن عِترَةِ نَبِیِّکَ مُحَمَّدٍ صلّی اللّه علیه و آله،هَرَبنا مِن سِجنِ عُبَیدِ اللّهِ بنِ زِیادٍ مِنَ القَتلِ:أضافَتنا عَجوزُکُم هذِهِ،ویُریدُ مَولاکَ قَتلَنا.
فَانکَبَّ الأَسوَدُ عَلی أقدامِهِما یُقَبِّلُهُما ویَقولُ:نَفسی لِنَفسِکُمَا الفِداءُ،ووَجهی لِوَجهِکُمَا الوِقاءُ،یا عِترَةَ نَبِیِّ اللّهِ المُصطَفی،وَاللّهِ لا یَکونُ مُحَمَّدٌ صلّی اللّه علیه و آله خَصمی فِی القِیامَةِ.
ثُمَّ عَدا فَرَمی بِالسَّیفِ مِن یَدِهِ ناحِیَةً،وطَرَحَ نَفسَهُ فِی الفُراتِ،وعَبَرَ إلَی الجانِبِ الآخَرِ،فَصاحَ بِهِ مَولاهُ:یا غُلامُ عَصَیتَنی ! فَقالَ:یا مَولایَ،إنَّما أطَعتُکَ ما دُمتَ لا تَعصِی اللّهَ،فَإِذا عَصَیتَ اللّهَ فَأَنَا مِنکَ بَرِیءٌ فِی الدُّنیا وَالآخِرَةِ.
فَدَعَا ابنَهُ،فَقالَ:یا بُنَیَّ،إنَّما أجمَعُ الدُّنیا حَلالَها وحَرامَها لَکَ،وَالدُّنیا مُحَرَّصٌ
ص:181
عَلَیها،فَخُذ هذَینِ الغُلامَینِ إلَیکَ،فَانطَلِق بِهِما إلی شاطِئِ الفُراتِ،فَاضرِب عُنُقَیهِما وَائتِنی بِرَأسَیهِما،لِأَنطَلِقَ بِهِما إلی عُبَیدِ اللّهِ بنِ زِیادٍ وآخُذَ جائِزَةَ ألفَی دِرهَمٍ.
فَأَخَذَ الغُلامُ السَّیفُ،ومَشی أمامَ الغُلامَینِ،فَما مَضی إلّاغَیرَ بَعیدٍ حَتّی قالَ أحَدُ الغُلامَینِ:یا شابُّ،ما أخوَفَنی عَلی شَبابِکَ هذا مِن نارِ جَهَنَّمَ! فَقالَ:یا حَبیبَیَّ،فَمَن أنتُما؟قالا:مِن عِترَةِ نَبِیِّکَ مُحَمَّدٍ صلّی اللّه علیه و آله یُریدُ والِدُکَ قَتلَنا.
فَانکَبَّ الغُلامُ عَلی أقدامِهِما یُقَبِّلُهُما،وهُوَ یَقولُ لَهُما مَقالَةَ الأَسوَدِ،ورَمی بِالسَّیفِ ناحِیَةً وطَرَحَ نَفسَهُ فِی الفُراتِ وعَبَرَ،فَصاحَ بِهِ أبوهُ:یا بُنَیَّ عَصَیتَنی! قالَ:
لَأَن اطیعَ اللّهَ وأعصِیَکَ أحَبُّ إلَیَّ مِن أن أعصِیَ اللّهَ واُطیعَکَ.
قالَ الشَّیخُ:لا یَلی قَتلَکُما أحَدٌ غَیری،وأخَذَ السَّیفَ ومَشی أمامَهُما،فَلَمّا صارَ إلی شاطِیءِ الفُراتِ سَلَّ السَّیفَ مِن جَفنِهِ،فَلَمّا نَظَرَ الغُلامانِ إلَی السَّیفِ مَسلولاً اغرَورَقَت أعیُنُهُما،وقالا لَهُ:یا شَیخُ،اِنطَلِق بِنا إلَی السّوقِ وَاستَمتِع بِأَثمانِنا،ولا تُرِد أن یَکوَن مُحَمَّدٌ خَصمَکَ فِی القِیامَةِ غَداً.
فَقالَ:لا،ولکِن أقتُلُکُما وأذهَبُ بِرَأسَیکُما إلی عُبَیدِ اللّهِ بنِ زِیادٍ،وآخُذُ جائِزَةَ ألفَی دِرهَمٍ.
فَقالا لَهُ:یا شَیخُ! أما تَحفَظُ قَرابَتَنا مِن رَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله؟
فَقالَ:ما لَکُما مِن رَسولِ اللّهِ قَرابَةٌ.
قالا لَهُ:یا شَیخُ! فَائتِ بِنا إلی عُبَیدِ اللّهِ بنِ زِیادٍ حَتّی یَحکُمَ فینا بِأَمرِهِ.
قالَ:ما إلی ذلِکَ سَبیلٌ إلَّاالتَّقَرُّبُ إلَیهِ بِدَمِکُما.
قالا لَهُ:یا شَیخُ! أما تَرحَمُ صِغَرَ سِنِّنا؟
قالَ:ما جَعَلَ اللّهُ لَکُما فی قَلبی مِنَ الرَّحمَةِ شَیئاً.
ص:182
قالا:یا شَیخُ! إن کان ولا بُدَّ،فَدَعنا نُصَلّی رَکَعاتٍ.
قالَ:فَصَلِّیا ما شِئتُما إن نَفَعَتکُمَا الصَّلاةُ.
فَصَلَّی الغُلامانِ أربَعَ رَکَعاتٍ،ثُمَّ رَفَعا طَرفَیهِما إلَی السَّماءِ فَنادَیا:یا حَیُّ یا حَلیمُ ! یا أحکَمَ الحاکِمینَ! احکُم بَینَنا وبَینَهُ بِالحَقِّ.
فَقامَ إلَی الأَکبَرِ فَضَرَبَ عُنُقَهُ،وأخَذَ بِرَأسِهِ ووَضَعَهُ فِی المِخلاةِ،وأقبَلَ الغُلامُ الصَّغیرُ یَتَمَرَّغُ فی دَمِ أخیهِ،وهُوَ یَقولُ:حَتّی ألقی رَسولَ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله وأنَا مخُتَضِبٌ بِدَمِ أخی.
فَقالَ:لا عَلَیکَ سَوفَ الحِقُکَ بِأَخیکَ.ثُمَّ قامَ إلَی الغُلامِ الصَّغیرِ فَضَرَبَ عُنُقَهُ، وأخَذَ رَأسَهُ ووَضَعَهُ فِی المِخلاةِ،ورَمی بِبَدَنَیهِما فِی الماءِ،وهُما یَقطُرانِ دَماً.
ومَرَّ حَتّی أتی بِهِما عُبَیدَ اللّهِ بنَ زِیادٍ وهُوَ قاعِدٌ عَلی کُرسِیٍّ لَهُ،وبِیَدِهِ قَضیبُ خَیزُرانٍ،فَوَضَعَ الرَّأسَینِ بَینَ یَدَیهِ،فَلَمّا نَظَرَ إلَیهِما قامَ ثُمَّ قَعَدَ ثُمَّ قامَ ثُمَّ قَعَدَ ثَلاثاً، ثُمَّ قالَ:الوَیلُ لَکَ،أینَ ظَفِرتَ بِهِما؟قالَ:أضافَتهُما عَجوزٌ لَنا.قالَ:فَما عَرَفتَ لَهُما حَقَّ الضِّیافَةِ؟قالَ:لا.قالَ:فَأَیَّ شَئٍ قالا لَکَ؟قالَ:قالا:یا شَیخُ! اذهَب بِنا إلَی السّوقِ فَبِعنا وَانتَفِع بِأَثمانِنا فَلا تُرِد أن یَکونَ مُحَمَّدٌ صلّی اللّه علیه و آله خَصمَکَ فِی القِیامَةِ.قالَ:
فَأَیَّ شَیءٍ قُلتَ لَهُما؟قالَ:قُلتُ:لا،ولکِن أقتُلُکُما وأنطَلِقُ بِرَأسَیکُما إلی عُبَیدِ اللّهِ بنِ زِیادٍ،وآخُذُ جائِزَةَ ألفَی دِرهَمٍ.
قالَ:فَأَیَّ شَیءٍ قالا لَکَ؟قالَ:قالا:اِیتِ بِنا إلی عُبَیدِ اللّهِ بنِ زِیادٍ حَتّی یَحکُمَ فینا بِأَمرِهِ.قالَ:فَأَیَّ شیءٍ قُلتَ؟قالَ:قُلتُ:لَیسَ إلی ذلِکَ سَبیلٌ إلَّاالتَّقَرُّبُ إلَیهِ بِدَمِکُما.قالَ:أفَلا جِئتَنی بِهِما حَیَّینِ،فَکُنتُ اضعِفُ لَکَ الجائِزَةَ،وأجعَلُها أربَعَةَ آلافِ دِرهَمٍ؟قالَ:ما رَأَیتُ إلی ذلِکَ سَبیلاً إلَّاالتَّقَرُّبَ إلَیکَ بِدَمِهِما.
قالَ:فَأَیَّ شَیءٍ قالا لَکَ أیضاً؟قالَ:قالَ لی:یا شَیخُ ! احفَظ قَرابَتَنا مِن رَسولِ
ص:183
اللّهِ.قالَ:فَأَیَّ شیءٍ قُلتَ لَهُما؟قالَ:قُلتُ:ما لَکُما مِن رَسولِ اللّهِ قَرابَةٌ.
قالَ:وَیلَکَ ! فَأَیَّ شَیءٍ قالا لَکَ أیضاً؟قالَ:قالا:یا شَیخُ! ارحَم صِغَرَ سِنِّنا.قالَ:
فَما رَحِمتَهُما؟! قالَ:قُلتُ:ما جَعَلَ اللّهُ لَکُما مِنَ الرَّحمَةِ فی قَلبی شَیئاً.
قالَ:وَیلَکَ! فَأَیَّ شَیءٍ قالا لَکَ أیضاً؟قالَ:قالا:دَعنا نُصَلّی رَکَعاتٍ،فَقُلتُ:
فَصَلِّیا ما شِئتُما إن نَفَعَتکُمَا الصَّلاةُ،فَصَلَّی الغُلامانِ أربَعَ رَکَعاتٍ.
قالَ:فَأَیَّ شیءٍ قالا فی آخِرِ صَلاتِهِما؟قالَ:رَفَعا طَرفَیهِما إلَی السَّماءِ وقالا:یا حَیُّ یا حَلیمُ! یا أحکَمَ الحاکِمینَ! احکُم بَینَنا وبَینَهُ بِالحَقِّ.
قالَ عُبَیدُ اللّهِ بنُ زِیادٍ:فَإِنَّ أحکَمَ الحاکِمینَ قَد حَکَمَ بَینَکُم،مَن لِلفاسِقِ؟قالَ:
فَانتَدَبَ لَهُ رَجُلٌ مِن أهلِ الشّامِ،فَقالَ:أنَا لَهُ.قالَ:فَانطَلِق بِهِ إلَی المَوضِعِ الَّذی قَتَلَ فیهِ الغُلامَینِ،فَاضرِب عُنُقَهُ،ولا تَترُک أن یَختَلِطَ دَمُهُ بِدَمِهِما،وعَجِّل بِرَأسِهِ.
فَفَعَلَ الرَّجُلُ ذلِکَ،وجاءَ بِرَأسِهِ فَنَصَبَهُ عَلی قَناةٍ،فَجَعَلَ الصِّبیانُ یَرمونَهُ بِالنَّبلِ وَالحِجارَةِ وهُم یَقولونَ:هذا قاتِلُ ذُرِّیَّةِ رَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله. (1)
إنّ معظم المصادر التاریخیّة تَعتبر-کما لاحظنا-الطفلین المذکورین أولاد عبد اللّه بن جعفر،أو أحفاده،ولم تنسبهما إلی مسلم بن عقیل إلّافی أمالی الصدوق و بسندٍ ضعیف.
وممّا یجدر ذکره أنّ روایَتی الصدوق والخوارزمی (2)أشبه ما تکونان بالقصص،فضلاً عن ضعف سندیهما،وبناءً علی ذلک فإنّ النصّ الوارد فیهما محکوم علیه بالضعف.
ص:184
اختلفت النصوص التاریخیّة بشأن عدد أسری کربلاء،فذکر فی عدد منها أن الأسری من الرجال أربعة، (1)أو خمسة، (2)أو عشرة، (3)أو اثنا عشر (4).کما ذکرت أنّ عدد الأسری من النساء أربع، (5)أو ستّ، (6)أو عشرون. (7)
وبناءً علی ذلک،لا یمکن تقدیم رأی قطعی بشأن عدد الأسری نظیر ما قلناه فی عدد شهداء کربلاء،ولکنّنا سنذکر أسماء الأسری المذکورین فی المصادر المختلفة.
وهو ابن الإمام الحسن علیه السّلام،وزوجته فاطمة بنت الإمام الحسین علیه السّلام، (1)وکان یبلغ من العمر عشرین عاماً عند حادثة کربلاء، (2)وقاتل حتّی اغمی علیه علی إثر الجراحات، (3)فحُمل إلی الکوفة و عولج حتّی برئ وذهب إلی المدینة، (4)وتفید الروایات والنقول أنّه استشهد فی الخامسة والثلاثین من العمر (5)،أو السابعة والثلاثین،أو الثامنة والثلاثین (6)علی إثر سمّ دُسّ له بأمر الولید بن عبدالملک،ودُفن فی البقیع. (7)وإن کان الجمع بین هذه الأقوال صعباً. (8)
وقد ذکر البعض عمرو بن الحسین،أو عمر بن الحسین،ویبدو أنّه هو عمرو بن الحسن نفسه. (1)
وممّا ینبغی ذکره أنّ الصدوق نقل فی أمالیه بسند غیر معتبر قصّة طفلین لمسلم بن عقیل کانا ممّن تبقّی بعد وقعة کربلاء،واستُشهدا علی ید رجل یدعی الحارث،ولکن تفید روایة الطبری وغیره أنّ هذین الطفلین کانا ابنی عبد اللّه بن جعفر. (1)
.
حاملة رسالة عاشوراء ومبیّنة الملحمة الحسینیّة،وفاضحة الأشقیاء المدلّسین الناشرین للظلم،ومَظهر الوقار،ورمز الحیاء،ومثال العزّ والرفعة،واُسوة الثبات والصبر والعبادة.
وبلغت منزلتها الرفیعة ومکانتها السامیة فی البیت النبویّ مبلغاً یعجز القلم عن بیانه، ویحسر عن تبیان مکارمها ومناقبها وفضائلها علیها السّلام.
وقد رسم الفقیه المؤرّخ المصلح الکبیر العلّامة السیّد محسن الأمین العاملی معالم شخصیّتها بقوله:
کانت زینب علیها السّلام من فضلیات النساء،وفضلها أشهر من أن یُذکر،وأبین من أن یسطر.وتُعلم جلالة شأنها وعلوّ مکانها،وقوّة حجّتها،ورجاحة عقلها،وثبات جنانها،وفصاحة لسانها،وبلاغة مقالها-حتی کأنّها تُفرغ عن لسان أبیها أمیر المؤمنین علیه السّلام-من خطبها بالکوفة والشام،واحتجاجها علی یزید وابن زیاد بما فحمهما،حتّی لجأ إلی سوء القول والشتم وإظهار الشماتة والسباب الذی هو سلاح العاجز عن إقامة الحجّة.ولیس عجیباً من زینب الکبری أن تکون کذلک
ص:188
وهی فرع من فروع الشجرة الطیّبة....
وکانت متزوّجة بابن عمّها عبد اللّه بن جعفر بن أبی طالب،وولد له منها:علیّ الزینبی،وعون،ومحمّد،وعبّاس،واُمّ کلثوم.
سُمّیت امّ المصائب،وحقّ لها أن تُسمّی بذلک ! فقد شاهدت مصیبة وفاة جدّها رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله،ومصیبة وفاة امّها الزهراء علیها السّلام ومحنتها،ومصیبة قتل أبیها أمیر المؤمنین علیّ علیه السّلام ومحنته،ومصیبة شهادة أخیها الحسن بالسمّ ومحنته، والمصیبة العظمی بقتل أخیها الحسین علیه السّلام من مبتداها إلی منتهاها...وحُملت أسیرة من کربلاء... . (1)
کانت علیها السّلام مع أخیها الحسین علیه السّلام منذ بدء الثورة،وکانت رفیقة دربه وأمینة سرّه.
وحوارها مع أخیها لیلة عاشوراء،وحضورها عند جسد ابن أخیها علیّ الأکبر یوم عاشوراء،ورثاؤها المؤلم لأخیها،وجلوسها عند جثمانه المدمّی،وخطابها لرسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله یوم الحادی عشر،کلّ اولئک من الصفحات الذهبیّة الخالدة فی حیاتها الملیئة بالجلالة والرفعة،المصطبغة بالصبر والجلد.
تولّت شؤون السبایا بعد عاشوراء بجلال وثبات،وعندما رأت الکوفیّین یبکون علی أبناء الرسول صلّی اللّه علیه و آله،خاطبتهم قائلة:
یا أهلَ الکوفَةِ ! یا أهلَ الخَتلِ وَالغَدرِ وَالخَذلِ وَالمَکرِ ! ألا فَلا رَقَأَتِ العَبرَةُ ولا هَدَأَتِ الزَّفرَةُ،إنَّما مَثَلُکُم کَمَثَلِ الَّتی «نَقَضَتْ غَزْلَها مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْکاثاً ...»، (2)أتَدرونَ وَیلَکُم أیَّ کَبِدٍ لِمُحَمَّدٍ صلّی اللّه علیه و آله فَرَثتُم؟! وأیَّ عَهدٍ نَکَثتُم؟! وأیَّ کَریمَةٍ لَهُ أبرَزتُم؟! وأیَّ حُرمَةٍ لَهُ هَتَکتُم؟! وأیَّ دَمٍ لَهُ سَفَکتُم؟! (3)
ص:189
کان لها لسان علیّ حقّاً ! و حین نطقت بکلماتها الحماسیّة،فإنّ اولئک الذین طالما سمعوا خطب الإمام أمیر المؤمنین علیه السّلام،هاهم یرونه باُمّ أعینهم یخطب فیهم !
وقال قائل:واللّه،لم أرَ خَفِرةً (1)قطّ أنطق منها! کأنّها تنطق وتُفرغ عن لسان علیّ علیه السّلام.
وکان ابن زیاد قد أثمله التکبّر،ومَرَد علی الضراوة والتوحّش،فنال من آل اللّه،فانبرت إلیه الحوراء وألقمته حجراً بکلماتها الخالدة التی أخزته،و ذلک حینما قال لها:کَیفَ رَأیتِ صُنعَ اللّهِ بِأَخیکِ وأهلِ بَیتکِ؟فَقالَت:
ما رَأَیتُ إلّاجَمیلاً،هؤلاء قَومٌ کَتبَ اللّهُ عَلَیهِمُ القَتلَ،فَبَرَزوا الی مَضاجِعِهِم، وسَیَجمَعُ اللّهُ بَینَکَ وبَینَهُم،فَتُحاجُّ وتُخاصَمُ،فَانظُر لِمَنِ الفَلَجُ یومَئذٍ؟! هَبِلَتکَ امُّکَ یابنَ مَرجانَةَ. (2)
وعندما نظرت إلی یزید متربّعاً علی عرش السلطة ومعه الأکابر ومندوبو بعض البلدان- وکان یتباهی بتسلّطه،ویتحدّث بسفاهة مهوِّلاً علی الآخرین،ناسباً قتل الأبرار إلی اللّه- قامت إلیه عقیلة بنی هاشم،فصکّت مسامعه بخطبتها البلیغة العصماء.وممّا قالته فیها:
أمِنَ العَدلِ-یَابنِ الطُّلَقاءِ-تَخدیرُکَ حَرائِرَکَ وإماءَکَ،وسَوقُکَ بَناتِ رَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله سَبایا ! قَد هَتَکتَ سُتورَهُنَّ،وأبدَیتَ وُجوهَهُنَّ،یَحدو بِهِنَّ الأَعداءُ مِن بَلَدٍ إلی بَلَدٍ؟! (3)
وبتلک الکلمات القصیرة الدامغة ذکّرته بماضی أهله حیث کانوا عبید حرب،ثمّ اطلقوا بعد أن أسلموا خائفین من القتل،فدلّت علی عدم جدارته للحکم من جهة،وعلی جوره ونشره للظلم من جهة اخری.واستَشهدت أخیراً بآیات قرآنیّة لتعلن بصراحة أنّ موقعه لیس کرامة إلهیّة-کما زعم أو حاول أن یلقّن الناس به-بل هو انغماس ملوّث بالکفر فی
ص:190
أعماق الجحود،وزیادة فی الکفر،وأمّا الشهادة فهی کرامة لآل اللّه....
کانت خطب زینب الکبری فی ذروة الفصاحة والبلاغة والتأثیر،کما کانت حکیمة فی تشخیص الموقف المناسب.
واستناداً إلی ما ورد فی بعض المصادر (1)أنها لمّا ردّت إلی المدینة لم تتوقّف لحظة عن الاضطلاع برسالة الشهداء،وتنویر الرأی العام،وتوعیة الناس وإطلاعهم علی ظلم بنی امیّة،فاضطرّ حاکم المدینة إلی نفیها بعد أن استشار یزید فی ذلک. (2)
یجدر ذکره أنّنا لم نجد تاریخ ولادتها ووفاتها فی المصادر المعتبرة،وقد ذُکرت أقوال عدیدة فی المصادر المتأخّرة بشأن ولادتها،نظیر:5 جمادی الاُولی سنة 5 للهجرة،شعبان سنة 6 للهجرة،محرّم الحرام عام 5 للهجرة. (3)وقیل:إنّ تاریخ وفاتها هو الخامس عشر من رجب عام 62 للهجرة. (4)
.
وتُسمّی أیضاً فاطمة الصغری (2)،زوجة أبی سعید بن عقیل الذی استشهد خلال واقعة کربلاء. (3)وهی من رواة حادثة کربلاء (4)
ویُحتمل أن تکون الخطبة المنسوبة إلی فاطمة بنت الحسین علیه السّلام هی خطبتها،کما یُحتمل أنّ کنیتها امّ کلثوم،وأنّها هی امّ کلثوم التی شهدت کربلاء.وروی أنّ وفاتها هی وسکینة بنت الحسین کانت عام 117 للهجرة. (5)
هی زوجة الإمام زین العابدین علیه السّلام. (1)واُمّ الباقر علیه السّلام (2)وجدّة سائر أئمّة أهل البیت علیهم السّلام، روی عن الإمام الصادق علیه السّلام أنّه قال بشأنها:
کانَت صِدّیقةً،لَم تُدرَک فی آلِ الحَسَنِ امرَأَةٌ مِثلُها. (3)
وهی امّ علیّ الأصغر علیه السّلام.ودلّت الروایات المعتبرة علی أنّها کانت حاضرة فی واقعة کربلاء. (1)
جدیر بالذکر أنّه یحتمل أنّ رقیّة بنت الإمام علی علیه السّلام، (2)والتی کانت زوجة مسلم بن عقیل، (3)قد شهدت کربلاء أیضاً،کما تمّ تقدیم الإیضاحات اللّازمة حول رقیّة بنت الإمام الحسین علیه السّلام خلال ذکر أولاده علیه السّلام (4). (5)
.
هو غلام الرباب زوجة الإمام الحسین علیه السّلام، (1)ذکره الشیخ الطوسی فی عداد أصحاب الحسین علیه السّلام، (2)وکان یرافق الإمام طیلة سفره،ویعدّ من الرواة المعروفین لواقعة کربلاء. (3)
اعتقل بعد واقعة الطفّ وحُقّق معه،فلمّا قال:«أنا عبد» (4)اطلق سراحه.وقد ورد فی الزیارة الرجبیة:
السَّلامُ عَلی عَقَبَةِ بنِ سَمعان. (5)
.
کان الضحّاک قد اشترط أن تکون مرافقته للإمام ذات جدوی،وبعد أن اتّضح أنّ مصیره سیکون الشهادة لا محالة،طرح هذا الموضوع علی الإمام،فوافق الإمام علی فراره إن استطاع أن یفلت من محاصرة الأعداء،وبذلک اختار الهروب علی البقاء مع الإمام والشهادة. (7)
.
مولی علیّ بن أبی طالب وکان کاتباً له ومن عتقائه،کما کان مولی الحسین علیه السّلام أیضاً. (8)
ص:196
ویستفاد من بعض النقول أنّه کان حاضراً فی یوم عاشوراء وقاتل إلی جانب الحسین علیه السّلام، ولکن یحتمل أنّه بقی فی مأمن بسبب کونه مملوکاً (1).
.
هو الراوی لقضیّة استعمال الإمام الحسین علیه السّلام وبعض أصحابه النورة صبح عاشوراء، والراوی لمزاحهم، (2)وقد روی بعض أحداث الحرب ومصیره بالشکل التالی:
ثمّ إنّ الحسین رکب جواده ودعا بمصحف فوضعه أمامه،فاقتتل أصحابه بین یدیه قتالاً شدیداً،فلمّا رأیتُ القوم قد صرعوا،أفلتّ وترکتهم. (3)
ص:197
ص:198
2317.تاریخ الطبری عن عوانة بن الحکم الکلبی: لَمّا قُتِلَ الحُسَینُ علیه السّلام وجیءَ بِالأَثقالِ وَالاُساری حَتّی وَرَدوا بِهِمُ الکوفَةَ إلی عُبَیدِ اللّهِ،فَبَینَا القَومُ مُحتَبِسونَ إذ وَقَعَ حَجَرٌ فِی السِّجنِ مَعَهُ کِتابٌ مَربوطٌ،وفِی الکِتابِ:خَرَجَ البَریدُ بِأَمرِکُم فی یَومِ کَذا وکَذا إلی یَزیدَ بنِ مُعاوِیَةَ،وهُوَ سائِرٌ کَذا وکَذا یَوماً،وراجِعٌ فی کَذا وکَذا،فَإِن سَمِعتُمُ التَّکبیرَ فَأَیقِنوا بِالقَتلِ،وإن لَم تَسمَعوا تَکبیراً فَهُوَ الأَمانُ إن شاءَ اللّهُ.
قالَ:فَلَمّا کانَ قَبلَ قُدومِ البَریدِ بِیَومَینِ أو ثَلاثَةٍ،إذا حَجَرٌ قَد القِیَ فِی السِّجنِ ومَعَهُ کِتابٌ مَربوطٌ وموسی،وفِی الکِتابِ:أوصوا وَاعهَدوا فَإِنَّما یُنتَظَرُ البَریدُ یَومَ کَذا وکَذا،فَجاءَ البَریدُ ولَم یُسمَعِ التَّکبیرُ،وجاءَ کِتابٌ بِأَن سَرِّحِ الاُساری إلَیَّ.
قالَ:فَدَعا عُبَیدُ اللّهِ بنُ زِیادٍ مُحَفِّزَ (1)بنَ ثَعلَبَةَ وشِمرَ بنَ ذِی الجَوشَنِ،فَقالَ:
ص:199
انطَلِقوا بِالثَّقَلِ وَالرَّأسِ إلی أمیرِ المُؤمِنینَ یَزیدَ بنِ مُعاوِیَةَ. (1)
2318.تاریخ الطبری عن أبی مخنف: دَعا [عُبَیدُ اللّهِ بنُ زِیادٍ] زَحرَ بنَ قَیسٍ،فَسَرَّحَ مَعَهُ بِرَأسِ الحُسَینِ علیه السّلام ورُؤوسِ أصحابِهِ إلی یَزیدَ بنِ مُعاوِیَةَ،وکان مَعَ زَحرٍ أبو بُردَةَ بنُ عَوفٍ الأَزدِیُّ وطارِقُ بنُ أبی ظَبیانَ الأَزدِیُّ،فَخَرَجوا حَتّی قَدِموا بِهَا الشّامُ عَلی یَزیدَ بنِ مُعاوِیَةَ. (2)
2319.الطبقات الکبری (الطبقة الخامسة من الصحابة): قَدِمَ رَسولٌ مِن قِبَلِ یَزیدَ بنِ مُعاوِیَةَ یَأمُرُ عُبَیدَ اللّهِ أن یُرسِلَ إلَیهِ بِثَقَلِ الحُسَینِ علیه السّلام ومَن بَقِیَ من وُلدِهِ وأهلِ بَیتِهِ ونِسائِهِ.
فَأَسلَفَهُم أبو خالِدٍ ذَکوانُ عَشَرَةَ آلافِ دِرهَمٍ،فَتَجَهَّزوا بِها. (3)
2320.الأخبار الطوال: إنَّ ابنَ زِیادٍ جَهَّزَ عَلِیَّ بنَ الحُسَینِ علیه السّلام ومَن کانَ مَعَهُ مِنَ الحَرَمِ،ووَجَّهَ بِهِم إلی یَزیدَ بنِ مُعاوِیَةَ مَعَ زَحرَ بنِ قَیسٍ ومِحقَنِ بنِ ثَعلَبَةَ وشِمرِ بنِ ذِی الجَوشَنِ. (4)
2321.الأمالی للصدوق عن حاجب بن زیاد: أمَرَ [عُبَیدُ اللّهِ بنُ زِیادٍ] بِالسَّبایا ورَأسِ الحُسَینِ علیه السّلام فَحُمِلوا إلَی الشّامِ،فَلَقَد حَدَّثَنی جَماعَةٌ کانوا خَرَجوا فی تِلکَ الصُّحبَةِ:أنَّهُم کانوا یَسمَعونَ بِاللَّیالی نَوحَ الجِنَّ عَلَی الحُسَین علیه السّلام إلَی الصَّباحِ. (5)
2322.تاریخ الطبری عن الغاز بن ربیعة الجرشی: إنَّ عُبَیدَ اللّهِ أمَرَ بِنِساءِ الحُسَینِ وصِبیانِهِ
ص:200
فَجُهِّزنَ،وأمَرَ بِعَلِیِّ بنِ الحُسَینِ فَغُلَّ بِغُلٍّ إلی عُنُقِهِ،ثُمَّ سَرَّحَ بِهِم مَعَ مُحَفِّزِ بنِ ثَعلَبَةَ العائِذِیِّ-عائِذَةِ قُرَیشٍ-،ومَعَ شِمرِ بنِ ذِی الجَوشَنِ،فَانطَلَقا بِهِم حَتّی قَدِموا عَلی یَزیدَ،فَلَم یَکُن عَلِیُّ بنُ الحُسَینِ یُکَلِّمُ أحَداً مِنهُما فِی الطَّریقِ کَلِمَةً حَتّی بَلَغوا. (1)
2323.الإرشاد: إنَّ عُبَیدَ اللّهِ بنَ زِیادٍ بَعدَ إنفاذِهِ بِرَأسِ الحُسَینِ علیه السّلام أمَرَ بِنِسائِهِ وصِبیانِهِ فَجُهِّزوا، وأمَرَ بِعَلِیِّ بنِ الحُسَینِ علیه السّلام فَغُلَّ بِغُلٍّ إلی عُنُقِهِ،ثُمَّ سَرَّحَ بِهِم فی أثَرِ الرَّأسِ مَعَ مُجفِرِ (2)بنِ ثَعلَبَةَ العِائِذِیِّ وشِمرِ بنِ ذِی الجَوشَنِ،فَانطَلَقوا بِهِم حَتّی لَحِقوا بِالقَومِ الَّذینَ مَعَهُمُ الرَّأسُ.ولَم یَکُن عَلِیُّ بنُ الحُسَینِ علیه السّلام یُکَلِّمُ أحَداً مِنَ القَومِ فِی الطَّریقِ کَلِمَةً حَتّی بَلَغوا. (3)
2324.تاریخ الیعقوبی: اخرِجَ عِیالُ الحُسَینِ علیه السّلام ووُلدُهُ إلَی الشّامِ،ونُصِبَ رَأسُهُ عَلی رُمحٍ. (4)
2325.مقاتل الطالبیّین: حُمِلَ أهلُهُ [أی أهلُ الحُسَینِ علیه السّلام ] أسری،وفیهم:عُمَرُ،وزَیدٌ، وَالحَسَنُ،بَنُو الحَسَنِ بنِ عَلِیِّ بنِ أبی طالِبٍ علیه السّلام،وکانَ الحَسَنُ بنُ الحَسَنِ بنِ عَلِیٍّ قَدِ ارُتثَّ (5)جَریحاً فَحُمِلَ مَعَهُم،وعَلِیُّ بنُ الحُسَینِ علیه السّلام الَّذی امُّهُ امُّ وَلَدٍ (6)،وزَینَبُ العَقیلَةُ، واُمُّ کُلثومٍ بِنتُ عَلِیِّ بنِ أبی طالِبٍ،وسُکَینَةُ بِنتُ الحُسَینِ. (7)
2326.نور القبس المختصر من المقتبس: لمّا حَمَلَ عُبَیدُ اللّهِ بنُ زِیادٍ وُلدَ الحُسَینِ بنِ عَلِیٍّ
ص:201
وحَرَمَهُ إلی یَزیدَ بنِ مُعاوِیَةَ شَیَّعَهُم جَمعٌ مِن أهلِ الکُوفَةِ،فَلَمّا بَلَغُوا النَّجَفَ وَقَفوا لِتُودیعِهِم فَأنشَأَتْ امُّ کُلثُومٍ بِنتَ عَلِیِّ بنِ أبی طالِبٍ:
ماذا تَقولونَ إن قالَ النَّبِیُّ لَکُم ماذا فَعَلتُم وأنتُم آخِرَ الاُمَمِ
بِأَهلِ بَیتی وأَنصاری ومَحرَمَتی
وَالشِّعرُ لِأَبِی الأَسوَدِ.قالَ: «رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا وَ إِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنا وَ تَرْحَمْنا لَنَکُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِینَ» 1 . (1)
تفید روایات تاریخ الطبری و تاریخ دمشق والإرشاد للمفید (2)،أنّه بعد واقعة کربلاء ارسل الرأس الشریف لسیّد الشهداء ورؤوس سائر الشهداء إلی الشام أوّلاً،ثم ارسل الأسری بعد ذلک.
ولکنّ هناک عددٌ آخر من الروایات یفید بأنّ رؤوس الشهداء ارسلت مع الأسری إلی الشام. (3)
کما تفید بعض الروایات أنّ الرأس الشریف لسیّد الشهداء بعث إلی دمشق أوّلاً.
ثمّ ارسلت الرؤوس الاُخری بعد ذلک مع الاُسری. (4)
ص:202
إیضاح حول مسیر الذی سلکه سبایا کربلاء من الکوفة إلی الشام ومن الشام حتّی المدینة
بعد نقل سبایا کربلاء إلی الکوفة أبقوهم فیها لفترة قصیرة،ثمّ أرسلوهم إلی دمشق عاصمة الدولة الاُمویة.ولم یعیَّن الطریقُ الذی سلکه هذا الرکب فی کتب التاریخ والسیرة،ولذلک فإنّ من المحتمل سلوک أیٍّ من الطرق الممتدّة بین الکوفة ودمشق فی ذلک العصر.وقد حاول البعض من خلال تقدیم بعض الشواهد أن یصوّر قطعیة سلوکهم أحد هذه الطرق،إلّا أنّ مجموعة القرائن لا توصلنا إلی الاطمئنان الکافی. (1)وفیما یلی نذکر بدایةً الطرقَ المؤدّیةَ إلی الشام،ثمّ ندرس القرائن المقدّمة.
ومن الضروری قبل الخوض فی هذا البحث أن نذکر أنّ الطرق بین الکوفة ودمشق کانت ثلاثة طرق رئیسیة،إلّاأنّ کلاًّ من هذه الطرق کانت له فروع عدیدة قصیرة وطویلة فی بعض الطریق،وهو أمر طبیعی. (2)
یبلغ العرض الجغرافی للکوفة حوالی 32،والعرض الجغرافی لدمشق حوالی 33
ص:203
درجة،و هذا یعنی أنّ الطریق الطبیعی بین هاتین المدینتین یکاد یقع علی مدار واحد ولاحاجة إلی الصعود والنزول علی الأرض،إلّافی مستوی أقلّ من کسر من الدرجة.وعلی هذا المدار طریق یعرف ب«طریق البادیة»هو أقصر الطرق بین هاتین المدینتین ویبلغ حوالی 923 کیلومتراً (1).
والمشکلة الرئیسیة لهذا الطریق القصیر هی مروره بالصحراء الممتدّة بین العراق والشام والمعروفة منذ قدیم الأیّام باسم«بادیة الشام».ومن الواضح أنّ هذا الطریق لم یکن یسلکه سوی الذین یمتلکون الإمکانیات الکافیة-وخاصّة الماء-لاجتیاز المسافات الطویلة بین منازل الطریق الصحراوی المتباعدة،رغم أنّ سرعة المسافر کانت تدفعه أحیاناً إلی اجتیاز هذا الطریق.
وممّا یجدر ذکره أن لا وجود للمدن الکبیرة فی الصحاری،ولکن هذا لا یعنی عدم وجود الطرق،أو بعض القری الصغیرة.
یعتبر الفرات أحد نهری العراق الکبیرین،وینبع من ترکیا ویصبّ فی الخلیج الفارسی بعد اجتیاز سوریا والعراق.وکان الکوفیّون یسیرون علی ضفاف هذا النهر للسفر إلی شمال العراق والشام؛کی یکون الماء فی متناولهم،ولکی یستفیدوا أیضاً من إمکانیات المدن الواقعة علی ضفاف الفرات،ولذا کانت الجیوش الجرّارة والقوافل الکبیرة التی هی بحاجة إلی کمّیات کبیرة من المیاه مضطرّة لسلوک هذا الطریق (2).
ویتّجه هذا الطریق ابتداءً من الکوفة نحو الشمال الغربی بمسافة طویلة،ثمّ ینحدر من هناک نحو الجنوب وینتهی إلی دمشق بعد اجتیازه الکثیر من مدن الشام.وقد کان لهذا الطریق تفرّعات عدیدة،ویبلغ طوله التقریبی حدود (1190 إلی 1333 کیلومتراً)،وکان
ص:204
بدیلاً مناسباً لطریق البادیة الشاقّ وإن کان قصیراً،ویمکن أن نشبّه مجموع هذا الطریق وطریق البادیة بمثلّث قاعدته طریق البادیة.
یعدّ دجلة النهر الکبیر الثانی فی العراق،حیث ینبع هو الآخر من ترکیا أیضاً،ولکنّه لا یمرّ بالشام،فکان الذی یرید السفر إلی شمال شرقی العراق یختار ضفافه للسفر إلی هناک.ولم یکن هذا الطریق هو الطریق الرئیسی بین الکوفة و دمشق وإنّما یسیرون مقداراً منه ثمّ ینحرفون تدریجیّاً نحو الغرب والالتحاق بطریق ضفاف الفرات بعد اجتیاز مسافة لیست بالقصیرة،ثمّ دخول دمشق من ذلک الطریق.
ویمکن اعتبار هذا الطریق ثلاثة أضلاع من مستطیل طوله طریق البادیة،والأضلاع الثلاثة الاُخری هی:المسافة المقطوعة من الکوفة نحو الشمال،الطریق المقطوع باتّجاه الغرب،ثمّ رجوع قسم من الطریق المقطوع نحو الجنوب،ولذلک فإنّه أطول من جمیع الطرق الاُخری،ویبلغ طوله حدود (1545 کیلومتراً)،ویُسمّی هذا الطریق ب«الطریق السلطانی».
لم نعثر علی دلیل واضح وروایة تاریخیة معتبرة وقدیمة لإثبات مرور سبایا أهل البیت عبر أحد هذه الطرق الثلاثة،کما لم تصلنا روایة عن أهل البیت علیهم السّلام فی هذا المجال،والذی وصلنا ما هو إلّاعلامات جزئیة وغیر کافیة جاءت بشکل متفرّق فی بعض الکتب أو القصص والتراجم الفاقدة للسند وغیر المعتبرة،مع أنّها وردت فی کتب غیر صالحة للاعتماد؛کالمقتل المنتحل المنسوب إلی أبی مخنف،والذی تکرّر ذکره فی الکتب اللّاحقة له.وسندرس هنا بعض الدلالات والعلامات الجزئیة المشار إلیها:
1. ذکر فی معجم البلدان -وهو کتاب جغرافی قدیم-فی التعریف بقسم من مدینة حلب
ص:205
فی الشام:
فی غربی البلد فی سفح جبل جوشن قبر المحسن بن الحسین علیه السّلام،یزعمون أنّه سقط لمّا جیء بالسبی من العراق لیُحمل إلی دمشق،أو طفل کان معهم [مات ] بحلب فدفن هنالک. (1)
ومن الواضح أنّ هذه الروایة-فی حالة صحّتها-تنفی مرور السبایا من طریق البادیة؛ لأنّ حلب لا تقع علی هذا الطریق،وبمفردها لا تعیّن أحد الطریقین:الطریق السلطانی (المحاذی لدجلة) أو ضفاف الفرات؛ذلک لأنّ هذین الطریقین یشترکان مع بعضهما لمسافة طویلة،ومدینة حلب تقع فی مسار کلا الطریقین.
ومن جهة اخری فإنّ تعبیر مؤلّف معجم البلدان کلمة«یزعمون»،دالّ علی عدم صلاحیة هذا الظنّ للاستناد،خاصّة وأنّنا لا نعرف فی أحداث کربلاء ابناً باسم المحسن أو زوجة حاملاً من الإمام الحسین علیه السّلام،ولم یرد شیء عنهما فی الکتب،وإنّ الشهرة المحلّیة -علی فرض صحّة الروایة-لا تتجاوز حدّ کونها عقیدة عامّة وعادیة. (2)
ص:206
2. من المحتمل أنّ البعض أراد أن یثبت مرور السبایا من الطریق السلطانی من خلال اتّحاد مسیر حمل رأس الإمام الحسین علیه السّلام مع مسیر السبایا،استناداً إلی روایة ابن شهرآشوب.فقد روی ابن شهرآشوب نقلاً عن النطنزی (1)قصّة راهب الدیر مع رأس الإمام الحسین علیه السّلام و ذلک فی قِنَّسرین الواقعة فی شمال الشام.
والجواب هو أنّ الفرض المسبق لهذا الاستدلال-أی اتّحاد مسیر السبایا والرأس الشریف للإمام الحسین علیه السّلام-لیس مسلّماً به (2)،ومن المحتمل أن یکونوا قد طافوا بالرأس فی المدن،ولکنّهم أخذوا السبایا عبر طریق أقصر.بل جاء فی بعض الأخبار أنّ الرأس الطاهر للإمام علیه السّلام طیف به فی مدن الشام بعد دخول السبایا هذه المنطقة.یقول صاحب کتاب شرح الأخبار :
ثمّ أمر یزید اللعین برأس الحسین علیه السّلام فطیف به فی مدائن الشام وغیرها. (3)
فمن الممکن-واستناداً إلی هذا الخبر-أن یکون الرأس الشریف بعد وصوله إلی الشام اخذ إلی مناطق،مثل:الموصل ونصیبین الواقعتین علی الطریق السلطانی.
ص:207
ومن هنا فمن المحتمل أن تکون أمثال هذه الأحداث التی نقلها التاریخ لنا تتعلّق بالأیّام التی طافوا فیها بالرأس الشریف بعد وصول السبایا إلی الشام أو فی زمان حرکتهم نحوها.
ویأتی الاحتمال نفسه حول الأماکن التی تعرف ب«رأس الحسین»،والتی یقول عنها ابن شهر آشوب فی معرض کلامه حول مناقب الإمام علیه السّلام:
ومن مناقبه علیه السّلام ما ظهر من المشاهد التی یُقال لها«مشهد الرأس»من کربلاء إلی عسقلان،وما بینهما فی الموصل ونصیبین وحماة وحمص ودمشق وغیر ذلک. (1)
وبالنسبة إلی هذه المدن،ففضلاً عن عدم تصریح ابن شهر آشوب بمرور السبایا أو الرأس الشریف بها،هناک احتمال آخر باعتبار أنّها کانت تحت سیطرة ونفوذ الحکومات الشیعیة أو الموالیة لأهل البیت علیهم السّلام علی مرّ السنین-کالحمدانیّین والفاطمیّین-فقد احدِثت فیها أماکن-ومهما کانت الدوافع والحوافز؛سواء حقیقیّة أو رمزیّة وتذکاریّة أو عن طریق منامات وغیر ذلک-وهذه الأماکن اطلق علیها«رأس الحسین»،کالمقام الموجود فی القاهرة إلی یومنا هذا والذی احدِث فی زمان الفاطمیّین.
وبالإضافة إلی ذلک،فإن قصّة الراهب والرأس ذُکرت فی بعض المواضع الاُخری أیضاً، وبسبب استبعاد تکرارها،فإنّ روایة ابن شهرآشوب (2)تتعرّض للتعارض؛لأن من بین المواضع المذکورة دیراً فی أوائل الطریق (3)،وهو لا یتلاءم مع قِنَّسرین الواقعة فی أواخر الطریق.
الجدیر بالذکر هو أنّه علی فرض صحّة روایة ابن شهرآشوب،فلا یثبت بها مرور السبایا من الطریق السلطانی؛لأنّ قسماً من الطریق السلطانی وطریق الفرات کان مشترکاً،ومنطقة
ص:208
قِنَّسرین تقع علی الطریق المحاذی للفرات أیضاً.نعم،لو صحّت هذه الروایة فهی تنفی مرور السبایا من طریق البادیة.
3. فی تصوّرنا-وخلافاً للرائج فی العصر الأخیر-أنّ الطریق السلطانی یمثّل أقلّ الاحتمالات؛لأنّه أبعد الطرق،بل لا یمثل طریقاً طبیعیّاً لرکب صغیر یُقتاد سبیاً،لا للسیاحة والتنزّه.
وبالإضافة إلی ذلک،فلا یوجد مصدر معتبر یعضد هذا القول،بل إنّ مستنده هو المقتل المنسوب إلی أبی مخنف (1).ومن جهة اخری فالمسافة الطویلة للطریق السلطانی لا تتلاءم وقضیّة الأربعین (2)؛أی حضور اساری أهل البیت علیهم السّلام فی الأربعینیّة الاُولی لشهادة أبی عبداللّه علیه السّلام عند قبره الشریف،عند عودتهم من الشام.
نعم،قد یقال بأنّ استعراض الجهاز الحاکم لقوّته کان یقتضی الطواف بالسبایا داخل المدن،ولذلک فقد اختاروا الطریق السلطانی.إلّاأنّ هذا الوجه یتلاءم مع أخذ الأسری عبر طریق ضفاف الفرات أیضاً؛ذلک لأنّ هذا الطریق یمرّ بمدنٍ عدیدة أیضاً.وبالإضافة إلی ذلک،فإنّ استعراض القوّة کان من الممکن أن یتجلّی بالطواف بالرؤوس أیضاً،ولم تکن هناک حاجة إلی الطواف بمجموعة صغیرة مؤلّفة من النساء والأطفال؛ذلک لأنّ هذا الأمر إذا لم یدلّ علی ضعف الجهاز الحاکم،فإنّه لا یدلّ علی قوّته،خاصّة وأنّ جهاز الحکم شهد شجاعة وبلاغة الإمام السجّاد علیه السّلام وزینب الکبری علیها السّلام والسبایا الآخرین فی الکوفة.وبناءً علی ذلک فمقتضی السیاسة هو اقتیاد الأسری من الطرق الفرعیة ولا یطاف بهم فی المدن.
4. بناءً علی ما تقدّم،فإنّ النقطة الوحیدة التی ترجّح الطریق السلطانی أو المحاذی للفرات علی طریق البادیة،هی قربه من الماء.علی أنّ هذه القضیة لا تمثّل وجه ترجیح قوی؛نظراً إلی صِغَر الرکب وإمکانیة حمل الماء علی الجمال.
ص:209
وممّا یؤیّد هذه الملاحظة عدم ذکر تفاصیل السفر،وعدم توفّر روایة حول مرور الرکب بالمدن،وعلی الأقلّ ذکر مدینة أو مدینتین من المدن المهمّة الواقعة فی الطریق،وهو ما یدلّ بحدّ ذاته علی اجتیاز الطریق الصحراوی،أو الطرق الفرعیة.
5. هناک بعض القرائن التی یمکن من خلالها القول بترجیح طریق البادیة علی الطریقین الآخرَین،وهی:
أوّلاً:لوکان مسیر الاُساری هو طریق ضفاف الفرات أو الطریق السلطانی اللذین یمرّان عبر مدن کثیرة،لنقلت لنا المصادر المعتبرة بعض الأخبار المتعلّقة بکیفیة مواجهة أهالی تلک المدن مع أهل البیت علیهم السّلام،أو علی الأقلّ مشاهدتهم فیها؛کما هو الحال فی کربلاء والکوفة والشام،فی حین إنّنا لا نجد فی هذا المجال خبرٌ واحد حول هذا الموضوع.
بناءً علی ذلک،فالظاهر أنّ مسیر السبایا کان من طریق قلیلة السکّان أو خالیة منهم، وهو ما یرجّح طریق البادیة.
ثانیاً:إنّ الاعتراضات التی کانت تشکّل ضغوطاً علی الجهاز الحاکم والتی بدأت منذ اللحظة الاُولی لشهادة الإمام الحسین علیه السّلام؛حتّی من قِبل الموالین للحکومة واُسَرِ المقاتلین الجُناة و أصداء واقعة عاشوراء وانعکاساتها فی الکوفة،تشکّل وبطبیعة الحال مانعاً عن نقل السبایا والرأس الشریف عن طریق المدن والقری العامرة بالسکّان!
ویؤیّد ذلک ما ورد فی کتاب الکامل للبهائی،حیث قال:
إنّ الأنذال الذین حملوا معهم رأس الإمام الحسین علیه السّلام من الکوفة کانوا خائفین من أن تقوم القبائل العربیّة علیهم وتستعید الرأس الشریف؛ولهذا فقد ترکوا طریق العراق ولجؤوا إلی الطرق الفرعیّة. (1)
ثالثاً:من الاُصول المهمّة التی تعتمدها الحکومات فی سیاساتها سُرعة العمل،وهذا الأصل یستدعی اختیار أخصر الطرق وأسرعها.
ص:210
نستخلص ممّا تقدّم أنّه لا یمکن إبداء رأیٍ بنحو قطعی فی هذا الموضوع؛و ذلک بسبب عدم وجود أدلّة واضحة یمکن الاعتماد علیها.ولکن یمکن القول بأنّ الأرجح-نظراً للقرائن التی ذکرناها فیما تقدّم-هو طریق البادیة.
استناداً إلی الخریطة الخاصّة بموسوعة الإمام الحسین علیه السّلام، (1)فإنّ المسافة بین دمشق والمدینة تبلغ حدود 1229 کیلومتراً،وتشتمل علی 32 منزلاً،ومن المسلّم أنّ قافلة سبایا أهل البیت علیهم السّلام قطعت هذه المسافة خلال عودتها من الشام،وإذا کانوا قد ذهبوا إلی کربلاء أیضا خلال رجوعهم،فسیکونون قد اجتازوا مسافة طویلة للغایة.
وقد بدأ مسیر أهل البیت الملیء بالعناء من المدینة وانتهی بالمدینة.ویبلغ الحدّ الأدنی من الطریق الذی ساره هؤلاء السادة العظام 4100 کیلومتراً علی فرض الذهاب من الکوفة إلی دمشق من أقصر الطرق-وهو طریق البادیة-وعدم الذهاب مرّةً اخری إلی کربلاء عند رجوعهم،وفقاً للحساب التالی:(من المدینة إلی مکّة) 431 کیلومتراً +(من مکّة حتّی کربلاء) 1447 کیلومتراً +(من کربلاء وحتّی الکوفة) 70 کیلو متراً +(من الکوفة وحتّی دمشق-من طریق البادیة) 923 کیلو متراً +(من دمشق وحتّی المدینة) 1229 کیلو متراً.
ص:211
من الکوفة إلی الشام
2327.الطبقات الکبری (الطبقة الخامسة من الصحابة) عن حُباب بن موسی عن جعفر بن مُحَمَّد عن أبیه عن علیّ بن الحُسَینِ [زین العابدین] علیهم السّلام :حُمِلنا مِنَ الکوفَةِ إلی یَزیدَ بنِ مُعاوِیَةَ،فَغَصَّت طُرُقُ الکوفَةِ بِالنّاسِ یَبکونَ،فَذَهَبَ عامَّةُ اللَّیلِ ما یَقدِرونَ أن یَجوزوا بِنا لِکَثرَةِ النّاسِ.
فَقُلتُ:هؤُلاءِ الَّذینَ قَتَلونا وهُمُ الآنَ یَبکونَ ! (1)
2328.الإقبال عن کتاب المصابیح بإسناده عن جعفر بن مُحَمَّد عن أبیه مُحَمَّد بن علیّ [الباقر] علیهما السّلام :
سَأَلتُ أبی عَلِیَّ بنَ الحُسَینِ علیه السّلام عَن حَملِ یَزیدَ لَهُ،فَقالَ:حَمَلَنی عَلی بَعیرٍ یَطلُعُ (2)بِغَیرِ وِطاءٍ،ورَأسُ الحُسَینِ علیه السّلام عَلی عَلَمٍ،ونِسوَتُنا خَلفی عَلی بِغالٍ اکُفٍ (3)، وَالفارِطَةُ (4)خَلفَنا وحَولَنا بِالرِّماحِ،إن دَمَعَت مِن أحَدِنا عَینٌ قُرِعَ رَأسُهُ بِالرُّمحِ، حَتّی إذا دَخَلنا دَمِشقَ صاحَ صائِحٌ:یا أهلَ الشّامِ هؤُلاءِ سَبایا أهلِ البَیتِ المَلعونِ (5)!
2329.الملهوف: کَتَبَ عُبَیدُ اللّهِ بنِ زِیادٍ إلی یَزیدَ بنِ مُعاوِیَةَ یُخبِرُهُ بِقَتلِ الحُسَینِ علیه السّلام وخَبرِ أهلِ بَیتِهِ...وأمّا یَزیدُ بنُ مُعاوِیَةَ فَإِنَّهُ لَمّا وَصَلَ إلَیهِ کِتابُ ابنِ زِیادٍ ووَقَفَ عَلَیهِ،أعادَ الجَوابَ إلَیهِ یَأمُرُهُ فیهِ بِحَملِ رَأسِ الحُسَینِ علیه السّلام ورُؤوسِ مَن قُتِلَ مَعَهُ،وبِحَملِ
ص:212
أثقالِهِ ونِسائِهِ وعِیالِهِ.
فَاستَدعَی ابنُ زِیادٍ بِمِحفَرِ بنِ ثَعلَبَةَ العائِذِیِّ،فَسَلَّمَ إلَیهِ الرُّؤوسَ وَالاُساری وَالنِّساءَ،فَسارَ بِهِم مِحفَرٌ إلَی الشّامِ کَما یُسارُ بِسَبایَا الکُفّارِ،یَتَصَفَّحُ وُجوهَهُنَّ أهلُ الأَقطارِ. (1)
2330.الکامل فی التاریخ: أرسَلَ ابنُ زِیادٍ رَأسَ الحُسَینِ علیه السّلام ورُؤوسَ أصحابِهِ مَع زَحرِ بنِ قَیسٍ إلَی الشّامِ،إلی یَزیدَ ومَعَهُ جَماعَةٌ،وقیلَ:مَعَ شِمرٍ وجَماعَةٍ مَعَهُ،وأرسَلَ مَعَهُ النِّساءَ وَالصِّبیانَ،وفیهِم عَلِیُّ بنُ الحُسَینِ علیه السّلام،قَد جَعَلَ ابنُ زِیادٍ الغُلَّ فی یَدَیهِ ورَقَبَتِهِ، وحَمَلَهُم عَلَی الأَقتابِ،فَلَم یُکَلِّمهُم عَلِیُّ بنُ الحُسَینِ علیه السّلام فِی الطَّریقِ حَتّی بَلَغُوا الشّامَ. (2)
2331.أنساب الأشراف: أمَرَ عُبَیدُ اللّهِ بنُ زِیادٍ بِعَلِیِّ بنِ الحُسَینِ علیه السّلام فَغُلَّ بِغُلٍّ إلی عُنُقِهِ،وجَهَّزَ نِساءَهُ وصِبیانَهُ،ثُمَّ سَرَّحَ بِهِم مَعَ مُحَفِّزِ بنِ ثَعلَبَةَ مِن عائِذَةِ قُرَیشٍ،وشِمرِ بنِ ذِی الجَوشَنِ.وقَومٌ یَقولونَ:بُعِثَ مَعَ مُحَفِّزٍ بِرَأسِ الحُسَینِ أیضاً.
فَلَمّا وَقَفوا بِبابِ یَزیدَ رَفَعَ مُحَفِّزٌ صَوتَهُ فَقالَ:یا أمیرَ المُؤمِنینَ ! هذا مُحَفِّزُ بنُ ثَعلَبَةَ أتاکَ بِاللِّئامِ الفَجَرَةِ. (3)
2332.أخبار الدول وآثار الاُول: إنَّ عُبَیدَ اللّهِ بنَ زِیادٍ جَهَّزَ عَلِیَّ بنَ الحُسَینِ علیه السّلام ومَن کانَ مَعَهُ مِن حَرَمِهِ،بِحَیثُ تَقشَعَرُّ مِن ذِکرِهِ الأَبدانُ وتَرتَعِدُ مِنهُ مَفاصِلُ الإِنسانِ،إلَی البَغیضِ یَزیدَ بنِ مُعاوِیَةَ. (4)
ص:213
2333.الثقات لابن حبّان: أنفَذَ عُبَیدُ اللّهِ بنُ زِیادٍ رَأسَ الحُسَینِ بنِ عَلِیٍّ علیه السّلام إلَی الشّامِ مَعَ اسارَی النِّساءِ وَالصِّبیانِ مِن أهلِ بَیتِ رَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله عَلی أقتابٍ (1)،مُکَشَّفاتِ الوُجوهِ وَالشُّعورِ. (2)
2334.الفتوح: دَعَا ابنُ زِیادٍ زجرَ (3)بنَ قَیسٍ الجُعفِیَّ،فَسَلَّمَ إلَیهِ رَأسَ الحُسَینِ بنِ عَلِیٍّ علیه السّلام ورُؤوسَ إخوَتِهِ،ورَأسَ عَلِیِّ بنِ الحُسَینِ علیه السّلام ورُؤوسَ أهلِ بَیتِهِ وشیعَتِهِ رَضِیَ اللّهُ عَنهُم أجمَعینَ.ودَعا عَلِیَّ بنَ الحُسَینِ علیه السّلام أیضاً فَحَمَلَهُ وحَمَلَ أخَواتِهِ وعَمّاتِهِ وجَمیعَ نِسائِهِم إلی یَزیدَ بنِ مُعاوِیَةَ.
فَسارَ القَومُ بِحَرَمِ رَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله مِنَ الکوفَةِ إلی بِلادِ الشّامِ عَلی مَحامِلَ بِغَیرِ وِطاءٍ،مِن بَلَدٍ إلی بَلَدٍ ومِن مَنزِلٍ إلی مَنزِلٍ،کَما تُساقُ اسارَی التُّرکِ وَالدَّیلَمِ.
وسَبَقَ زَحرُ بنُ قَیسٍ الجُعفِیُّ بِرَأسِ الحُسَینِ علیه السّلام إلی دِمَشقَ حَتّی دَخَلَ عَلی یَزیدَ،فَسَلَّمَ عَلَیهِ ودَفَعَ إلَیهِ کِتابَ عُبَیدِ اللّهِ بنِ زِیادٍ. (4)
2335.تذکرة الخواصّ عن عبد الملک بن هشام النحویّ البصریّ: أنفَذَ ابنُ زِیادٍ رَأسَ الحُسَینِ علیه السّلام إلی یَزیدَ بنِ مُعاوِیَةَ مَعَ الاُساری مُوَثَّقینَ فِی الحِبالِ،مِنهُم نِساءٌ وصِبیانٌ وصَبِیّاتٌ مِن بَناتِ رَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله عَلی أقتابِ الجِمالِ مُوَثَّقینَ،مُکَشَّفاتِ الوُجوهِ وَالرُّؤوسِ،وکُلَّما نَزَلوا مَنزِلاً أخرَجُوا الرَّأسَ مِن صُندوقٍ أعَدّوهُ لَهُ،فَوَضَعوهُ عَلی رُمحٍ وحَرَسوهُ طولَ اللَّیلِ إلی وَقتِ الرَّحیلِ،ثُمَّ یُعیدوهُ إلَی الصُّندوقِ ویَرحَلوا. (5)
ص:214
2336.الفصول المهمّة: أرسَلَ [عُبَیدُ اللّهِ] بِالنِّساءِ وَالصِّبیانِ عَلی أقتابِ (1)المَطایا ومَعَهُم عَلِیُّ بنُ الحُسَینِ علیه السّلام،وقَد جَعَلَ ابنُ زِیادٍ الغُلَّ فی یَدَیهِ وفی عُنُقِهِ،ولَم یَزالوا سائِرینَ بِهِم عَلی تِلکَ الحالَةِ إلی أن وَصَلُوا الشّامَ. (2)
2337.المزار الکبیر -فی زِیارَةِ النّاحِیَةِ-:رُفِعَ عَلَی القَنا رَأسُکَ،وسُبِیَ أهلُکَ کَالعَبیدِ، وصُفِّدوا (3)فِی الحَدیدِ فَوقَ أقتابِ المَطِیّاتِ،تَلفَحُ وُجوهَهُم حَرُّ الهاجِراتِ (4)،یُساقونَ فِی البَراری وَالفَلَواتِ،أیدیهِم مَغلولَةٌ إلَی الأَعناقِ،یُطافُ بِهِم فِی الأَسواقِ. (5)
2338.تاریخ الیعقوبی: کَتَبَ إلَیهِ [أی إلی یَزیدَ] عَبدُ اللّهِ بنُ عَبّاسٍ:...ألا ومِن أعجَبِ الأَعاجیبِ-وما عِشتَ أراکَ الدَّهرُ العَجیبَ-حَملُکَ بَناتِ عَبدِ المُطَّلِبِ وغِلمَةً صِغاراً مِن وُلدِهِ إلَیکَ بِالشّامِ کَالسَّبیِ المَجلوبِ،تُرِی النّاسَ أنَّکَ قَهَرتَنا،وأنَّکَ تَأَمَّرُ عَلَینا،ولَعَمری لَئِن کُنتَ تُصبِحُ وتُمسی آمِناً لِجُرحِ یَدی،إنّی لَأَرجو أن یَعظُمَ جِراحُکَ بِلِسانی ونَقضی وإبرامی،فَلا یَستَقِرُّ بِکَ الجَذَلُ، (6)ولا یُمهِلُکَ اللّهُ بَعدَ قَتلِکَ عِترَةَ رَسولِ اللّهِ إلّاقَلیلاً،حَتّی یَأخُذَکَ أخذاً ألیماً،فَیُخرِجَکَ اللّهُ مِنَ الدُّنیا ذَمیماً أثیماً،فَعِش لا أباً لَکَ،فَقَد وَاللّهِ أرداکَ عِندَ اللّهِ مَا اقتَرَفتَ،وَالسَّلامُ عَلی مَن أطاعَ اللّهَ. (7)
ص:215
2339.تذکرة الخواصّ: کَتَبَ إلَیهِ [أی إلی یَزیدَ] ابنُ عَبّاسٍ:یا یَزیدُ،وإنَّ مِن أعظَمِ الشَّماتَةِ حَملَکَ بَناتِ رَسولِ اللّهِ وأطفالِهِ وحَرَمِهِ مِنَ العِراقِ إلَی الشّامِ اساری مَجلوبینَ مَسلوبینَ،تُرِی النّاسُ قُدرَتَکَ عَلَینا،وإنَّکَ قَد قَهَرتَنا واستَولَیتَ عَلی آلِ رسولِ اللّهِ. (1)
2340.بستان الواعظین: إنَّ الحُسَینَ علیه السّلام استَسقی ماءً حینَ قُتِلَ؛فَمُنِعَ مِنهُ،وقُتِلَ وهُوَ عَطشانُ، وأتَی اللّهَ حَتّی سَقاهُ من شَرابِ الجَنَّةِ،وذُبِحَ ذَبحاً،وسُبِیَت حَرَمُهُ وحُمِلنَ مُکَشَّفاتِ الرَّؤوسِ عَلَی الاُکُفِ بِغَیرِ وِطاءٍ،حَتّی دَخَلنَ دِمَشقَ ورَأسُ الحُسَینِ بَینَهُنَّ عَلی رُمحٍ،إذا بَکَت إحداهُنَّ عِندَ رُؤیَتِهِ ضَرَبَها حارِسٌ بِسَوطِهِ،ووَقَفَ أهلُ الذِّمَّةِ لَهُنَّ فی سوقِ دِمَشقَ یَبصُقونَ فی وُجوهِهِنَّ،حَتّی وَقَفنَ بِبابِ یَزیدَ،فَأَمَرَ بِرَأسِ الحُسَینِ علیه السّلام فَنُصِبَ عَلَی البابِ وجَمیعُ حَرَمِهِ حَولَهُ،ووُکِّلَ بِهِ الحَرَسُ،وقالَ:إذا بَکَت مِنهُنَّ باکِیَةٌ فَالِطموها.
فَظَلَلنَ ورَأسُ الحُسَینِ علیه السّلام بَینَهُنَّ مَصلوبٌ تِسعَ ساعاتٍ مِنَ النَّهارِ.وإنَّ امَّ کُلثومٍ رَفَعَت رَأسَها،فَرَأَت رَأسَ الحُسَینِ علیه السّلام فَبَکَت،وقالَت:یا جَدّاه-تُریدُ رَسولَ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله-هذا رَأسُ حَبیبِکَ الحُسَینِ مَصلوبٌ،وبَکَت،فَرَفَعَ یَدَهُ بَعضُ الحَرَسِ ولَطَمَها لَطمَةً حَصَرَ وَجهَها،وشَلَّت یَدُهُ مَکانَهُ.
وفی هذا یَقولُ الأَزدِیُّ:
لَقَد ضَلَّ قَومٌ أصبَحوا فی تَلَدُّدِ (2) سَبایاهُم فِی الحَربِ آلُ مُحَمَّدِ
ص:216
کَما ضَلَّ سَعیُ النّاکِبینَ بِعِجلِهِمِ
2341.قرب الإسناد عن عبد اللّه بن میمون عن جعفر بن محمد عن أبیه [الباقر] علیهما السّلام :لَمّا قُدِمَ عَلی یَزیدَ بِذَرارِیِّ الحُسَینِ،اُدخِلَ بِهِنَّ نَهاراً مَکشوفاتٍ وُجوهُهُنَّ،فَقالَ أهلُ الشَّامِ الجُفاةُ:ما رَأَینا سَبیاً أحسَنَ مِن هؤُلاءِ،فَمَن أنتُم؟
فَقالَت سُکَینَةُ بِنتُ الحُسَینِ:نَحنُ سَبایا آلِ مُحَمَّدٍ. (1)
2342.مقتل الحسین علیه السّلام للخوارزمی عن زید عن أبیه [زین العابدین] علیه السّلام :إنَّ سَهلَ بنَ سَعدٍ (2)قال:
ص:217
خَرَجتُ إلی بَیتِ المَقدِسِ حَتّی تَوَسَّطتُ الشّامَ،فَإِذا أنَا بِمَدینَةٍ مُطَّرِدَةِ الأَنهارِ کَثیرَةِ الأَشجارِ،قَد عَلَّقُوا السُّتورَ وَالحُجُبَ وَالدّیباجَ (1)،وهُم فَرِحونَ مُستَبشِرونَ،وعِندَهُم نِساءٌ یَلعَبنَ بِالدُّفوفِ وَالطُّبولِ،فَقُلتُ فی نَفسی:لَعَلِّ لِأَهلِ الشّامِ عیداً لا نَعرِفُهُ نَحنُ،فَرَأَیتُ قَوماً یَتَحَدَّثونَ،فَقُلتُ:یا هؤُلاءِ ! ألَکُم بِالشّامِ عیدٌ لا نَعرِفُهُ نَحنُ؟!
قالوا:یا شَیخُ! نَراکَ غَریباً.
فَقُلتُ:أنَا سَهلُ بنُ سَعدٍ،قَد رَأَیتُ رَسولَ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله وحَمَلتُ حَدیثَهُ.
فَقالوا:یا سَهلُ! ما أعجَبَکَ السَّماءُ لا تَمطُرُ دَماً ! وَالأَرضُ لا تَخسِفُ بِأَهلِها ! قُلتُ:ولِمَ ذاکَ؟فَقالوا هذا رَأسُ الحُسَینِ علیه السّلام عِترَةِ رَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله،یُهدی مِن أرضِ العِراقِ إلَی الشّامِ،وسَیَأتِی الآنَ.
قُلتُ:وا عَجَباه ! یُهدی رَأسُ الحُسَینِ علیه السّلام وَالنّاسُ یَفرَحونَ؟! فَمِن أیِّ بابٍ یُدخَلُ؟فَأَشاروا إلی بابٍ یُقالُ لَهُ:بابُ السّاعاتِ،فَسِرتُ نَحوَ البابِ،فَبَینَما أنَا هُنالِکَ،إذ جاءَتِ الرّایاتُ یَتلو بَعضُها بَعضاً،وإذا أنَا بِفارِسٍ بِیَدِهِ رُمحٌ مَنزوعُ السِّنانِ،وعَلَیهِ رَأسُ مَن أشبَهُ النّاسِ وَجهاً بِرَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله،وإذا بِنِسوَةٍ مِن وَرائِهِ عَلی جِمالٍ بِغَیرِ وِطاءٍ.
فَدَنَوتُ مِن إحداهُنَّ فَقُلتُ لَها:یا جارِیَةُ مَن أنتِ؟
فَقالَت:سُکَینَةُ بِنتُ الحُسَینِ.
فَقُلتُ لَها:ألَکِ حاجَةٌ إلَیَّ؟فَأَنَا سَهلُ بنُ سَعدٍ مِمَّن رَآی جَدَّکِ وسَمِعَ حَدیثَهُ.
ص:218
قالَت:یا سَهلُ ! قُل لِصاحِبِ الرَّأسِ أن یَتَقَدَّمَ بِالرَّأسِ أمامَنا،حَتّی یَشتَغِلَ النّاسُ بِالنَّظَرِ إلَیهِ فَلا یَنظُرونَ إلَینا،فَنَحنُ حَرَمُ رَسولِ اللّهِ.
قالَ:فَدَنَوتُ مِن صاحِبِ الرَّأسِ وقُلتُ لَهُ:هَل لَکَ أن تَقضِیَ حاجَتی وتَأخُذَ مِنّی أربَعَمِئَةِ دینارٍ؟! قالَ:وما هِیَ؟قُلتُ:تَقَدَّم بِالرَّأسِ أمامَ الحَرَمِ.فَفَعَلَ ذلِکَ وَدَفعتُ لَهُ ما وَعَدتُهُ. (1)
2343.الملهوف: سارَ القَومُ بِرَأسِ الحُسَینِ علیه السّلام ونِسائِهِ وَالأَسری مِن رِجالِهِ،فَلَمّا قَرُبوا مِن دِمَشقَ دَنَت امُّ کُلثومٍ مِنَ الشِّمرِ-وکانَ مِن جُملَتِهِم-فَقالَت:لی إلَیکَ حاجَةٌ.فَقالَ:
وما حاجَتُکِ؟
قالَت:إذا دَخَلتَ بِنَا البَلَدَ فَاحمِلنا فی دَربٍ قَلیلِ النَّظّارَةِ،وتَقَدَّم إلَیهِم أن یُخرِجوا هذِهِ الرُّؤوسَ مِن بَینِ المَحامِلِ ویُنَحّونا عَنها،فَقَد خُزینا مِن کَثرَةِ النَّظَرِ إلَینا ونَحنُ فی هذِهِ الحالِ.
فَأَمَرَ فی جَوابِ سُؤالِها أن تُجعَلَ الرُّؤوسُ عَلَی الرِّماحِ فی أوساطِ المَحامِلِ -بَغیاً مِنهُ وکُفراً-وسَلَکَ بِهِم بَینَ النَّظّارَةِ عَلی تِلکَ الصِّفَةِ،حَتّی أتی بِهِم إلی بابِ دِمَشقَ،فَوَقَفوا عَلی دَرَجِ بابِ المَسجِدِ الجامِعِ حَیثُ یُقامُ السَّبیُ. (2)
2344.الفتوح: واُتِیَ بِحَرَمِ رَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله حَتّی ادخِلوا مَدینَةَ دِمَشقَ مِن بابٍ یُقالُ لَهُ:بابُ توماءَ،ثُمَّ اتِیَ بِهِم حَتّی وَقَفوا عَلی دَرَجِ بابِ المَسجدِ حَیثُ یُقامُ السَّبیُ. (3)
ص:219
2345.الملهوف: جاءَ شَیخٌ،فَدَنا مِن نِساءِ الحُسَینِ علیه السّلام وعِیالِهِ-وهُم فی ذلِکَ المَوضِعِ-وقالَ:
الحَمدُ للّهِ ِ الَّذی قَتَلَکُم وأهلَکَکُم وأراحَ البِلادَ مِن رِجالِکُم،وأمکَنَ أمیرَ المُؤمِنینَ مِنکُم!
فَقالَ لَهُ عَلِیُّ بنُ الحُسَینِ علیه السّلام:یا شَیخُ ! هَل قَرَأتَ القُرآنَ؟
قالَ:نَعَم.
قالَ:فَهَل عَرَفتَ هذِهِ الآیَةَ: «قُلْ لا أَسْئَلُکُمْ عَلَیْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِی الْقُرْبی» 1 ؟
قالَ الشَّیخُ:قَد قَرَأتُ ذلِکَ.
فَقالَ لَهُ عَلِیٌّ علیه السّلام:نَحنُ القُربی-یا شَیخُ-،فَهَل قَرَأتَ فی بَنی إسرائیلَ: «وَ آتِ ذَا الْقُرْبی حَقَّهُ» 2 ؟
فَقالَ الشَّیخُ:قَد قَرَأتُ ذلِکَ.
فَقالَ:فَنَحنُ القُربی-یا شَیخُ-،فَهَل قَرَأتَ هذِهِ الآیَةَ: «وَ اعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَیْ ءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِی الْقُرْبی» 3 ؟
قالَ:نَعَم.
فَقالَ علیه السّلام:فَنَحنُ القُربی-یا شَیخُ-،وهَل قَرَأتَ هذِهِ الآیَةَ: «إِنَّما یُرِیدُ اللّهُ لِیُذْهِبَ عَنْکُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَیْتِ وَ یُطَهِّرَکُمْ تَطْهِیراً» 4 ؟
ص:220
قالَ الشَّیخُ:قَد قَرَأتُ ذلِکَ.
فَقالَ علیه السّلام:نَحنُ أهلُ البَیتِ الَّذینَ خَصَّنَا اللّهُ بِآیَةِ الطَّهارَةِ-یا شَیخُ-.
قالَ الرّاوی:بَقِیَ الشَّیخُ ساکِتاً نادِماً عَلی ما تَکَلَّمَ بِهِ،وقالَ:تَاللّهِ إنَّکُم هُم؟!
فَقالَ عَلِیُّ بنُ الحُسَینِ علیه السّلام:تَاللّهِ إنّا لَنَحنُ هُم مِن غَیرِ شَکٍّ،وحَقِّ جَدِّنا رَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله إنّا لَنَحنُ هُم.
قالَ:فَبَکَی الشَّیخُ ورَمی عِمامَتَهُ،ثُمَّ رَفَعَ رَأسَهُ إلَی السَّماءِ وقالَ:اللّهُمَّ إنّی أبرَأُ إلَیکَ مِن عَدُوِّ آلِ مُحَمَّدٍ صلّی اللّه علیه و آله مِنَ الجِنِّ وَالإِنسِ.ثُمَّ قالَ:هَل لی مِن تَوبَةٍ؟
فَقالَ لَهُ:نَعَم،إن تُبتَ تابَ اللّهُ عَلَیکَ وأنتَ مَعَنا.
فَقالَ:أنَا تائِبٌ.
فَبَلَغَ یَزیدَ بنَ مُعاوِیَةَ حَدیثُ الشَّیخِ،فَأَمَرَ بِهِ فَقُتِلَ. (1)
2346.الفتوح: اتِیَ بِحَرَمِ رَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله حَتّی ادخِلوا مَدینَةَ دِمَشقَ مِن بابٍ یُقالُ لَهُ بابُ تَوماءَ، ثُمَّ اتِیَ بِهِم حَتّی وَقَفوا عَلی دَرَجِ بابِ المَسجِدِ حَیثُ یُقامُ السَّبیُ.وإذَا الشَّیخُ (2)قَد أقبَلَ حَتّی دَنا مِنهُم،وقالَ:الحَمدُ للّهِ ِ الَّذی قَتَلَکُم وأهلَکَکُم وأراحَ الرِّجالَ مِن سَطوَتِکُم،وأمکَنَ أمیرَ المُؤمِنینَ مِنکُم.
فَقالَ لَهُ عَلِیُّ بنُ الحُسَینِ علیه السّلام:یا شَیخُ! هَل قَرَأتَ القُرآنَ؟
فَقالَ:نَعَم قَد قَرَأتُهُ.
قالَ:فَعَرَفتَ هذِهِ الآیَةَ: «قُلْ لا أَسْئَلُکُمْ عَلَیْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِی الْقُرْبی» ؟
ص:221
قالَ الشَّیخُ:قَد قَرَأتُ ذلِکَ.
قالَ عَلِیُّ بنُ الحُسَینِ علیه السّلام:فَنَحنُ القُربی-یا شَیخُ-! قالَ:فَهَل قَرَأتَ فی سورَةِ بَنی إسرائیلَ: «وَ آتِ ذَا الْقُرْبی حَقَّهُ» ؟
قالَ الشَّیخُ:قَد قَرَأتُ ذلِکَ.
فَقالَ عَلِیٌّ علیه السّلام:نَحنُ القُربی-یا شَیخُ-! ولکِن هَل قَرَأتَ هذِهِ الآیَةَ: «وَ اعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَیْ ءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِی الْقُرْبی» ؟
قالَ الشَّیخُ:قَد قَرَأتُ ذلِکَ.
قالَ عَلِیٌّ علیه السّلام:فَنَحنُ ذُو القُربی-یا شَیخُ-! ولکِن هَل قَرَأتَ هذِهِ الآیَةَ: «إِنَّما یُرِیدُ اللّهُ لِیُذْهِبَ عَنْکُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَیْتِ وَ یُطَهِّرَکُمْ تَطْهِیراً» ؟
قالَ الشَّیخُ:قَد قَرَأتُ ذلِکَ.
قالَ عَلِیٌّ علیه السّلام:فَنَحنُ أهلُ البَیتِ الَّذینَ خُصِّصنا بِآیَةِ الطَّهارَةِ.
قالَ:فَبَقِیَ الشَّیخُ ساعَةً ساکِتاً نادِماً عَلی ما تَکَلَّمَهُ،ثُمَّ رَفَعَ رَأسَهُ إلَی السَّماءِ، وقالَ:اللّهُمَّ إنّی تائِبٌ إلَیکَ مِمّا تَکَلَّمتُهُ ومِن بُغضِ هؤُلاءِ القَومِ،اللّهُمَّ إنّی أبرَأُ إلَیکَ مِن عَدُوِّ مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ مِنَ الجِنِّ وَالإِنسِ. (1)
2347.الأمالی للصدوق عن حاجب عبید اللّه بن زیاد -فی ذِکرِ مَجیءِ السَّبایا-:فَاُقیموا عَلی دَرَجِ المَسجِدِ حَیثُ یُقامُ السَّبایا،وفیهِم عَلِیُّ بنُ الحُسَینِ علیه السّلام،وهُوَ یَومِئَذٍ فَتیً شابٌّ، فَأَتاهُم شَیخٌ مِن أشیاخِ أهلِ الشّامِ،فَقالَ لَهُم:الحَمدُ للّهِ ِ الَّذی قَتَلَکُم وأهلَکَکُم وقَطَعَ قَرنَ الفِتنَةِ.فَلَم یَألُ عَن شَتمِهِم.
فَلَمَّا انقَضی کَلامُهُ،قالَ لَهُ عَلِیُّ بنُ الحُسَینِ علیه السّلام:أما قَرَأتَ کِتابَ اللّهِ عز و جل؟
ص:222
قالَ:نَعَم.
قالَ:أما قَرَأتَ هذِهِ الآیَةَ: «قُلْ لا أَسْئَلُکُمْ عَلَیْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِی الْقُرْبی» ؟
قالَ:بَلی.
قالَ:فَنَحنُ اولئِکَ.ثُمَّ قالَ:أما قَرَأتَ: «وَ آتِ ذَا الْقُرْبی حَقَّهُ» ؟
قالَ:بَلی.
قالَ:فَنَحنُ هُم.قالَ:فَهَل قَرَأتَ هذِهِ الآیَةَ: «إِنَّما یُرِیدُ اللّهُ لِیُذْهِبَ عَنْکُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَیْتِ وَ یُطَهِّرَکُمْ تَطْهِیراً» ؟
قالَ:بَلی.
قالَ:فَنَحنُ هُم.
فَرَفَعَ الشّامِیُّ یَدَهُ إلَی السَّماءِ،ثُمَّ قالَ:اللّهُمَّ إنّی أتوبُ إلَیکَ-ثَلاثَ مَرّاتٍ-اللّهُمَّ إنّی أبرَأُ إلَیکَ مِن عَدُوِّ آلِ مُحَمَّدٍ،ومِن قَتَلَةِ أهلِ بَیتِ مُحَمَّدٍ،لَقَد قَرَأتُ القُرآنَ فَما شَعَرتُ بِهذا قَبلَ الیَومِ. (1)
2348.الاحتجاج عن دیلم بن عمر: کُنتُ بِالشّامِ حَتّی اتِیَ بِسَبایا آلِ مُحَمَّدٍ صلّی اللّه علیه و آله،فَاُقیموا علَی بابِ المَسجِدِ حَیثُ تُقامُ السَّبایا،وفیهِم عَلِیُّ بنُ الحُسَینِ علیه السّلام،فَأَتاهُم شَیخٌ مِن أشیاخِ أهلِ الشّامِ،فَقالَ:الحَمدُ للّهِ ِ الَّذی قَتَلَکُم وأهلَکَکُم،وقَطَعَ قَرنَ الفِتنَةِ.فَلَم یَألُ عَن سَبِّهِم وشَتمِهِم.
فَلَمَّا انقَضی کَلامُهُ،قالَ لَهُ عَلِیُّ بنُ الحُسَینِ علیه السّلام:إنّی قَد أنصَتُّ لَکَ حَتّی فَرَغتَ مِن مَنطِقِکَ،وأظهَرتَ ما فی نَفسِکَ مِنَ العَداوَةِ وَالبَغضاءِ،فَأَنصِت لی کَما أنصَتُّ لَکَ.
ص:223
فَقالَ لَهُ:هاتِ.
فَقالَ لَهُ عَلِیُّ بنُ الحُسَینِ علیه السّلام:أما قَرَأتَ کِتابَ اللّهِ عز و جل؟
قالَ:نَعَم.
فَقالَ لَهُ علیه السّلام:أما قَرَأتَ هذِهِ الآیَةَ «قُلْ لا أَسْئَلُکُمْ عَلَیْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِی الْقُرْبی» ؟
قالَ:بَلی.
فَقالَ لَهُ عَلِیُّ بنُ الحُسَینِ علیه السّلام:فَنَحنُ اولئِکَ،فَهَل تَجِدُ لَنا فی سورَةِ بَنی إسرائیلَ حَقّاً خاصَّةً دونَ المُسلِمینَ؟
فَقالَ:لا.
فَقالَ علیه السّلام:أما قَرَأتَ هذِهِ الایَةَ: «وَ آتِ ذَا الْقُرْبی حَقَّهُ» ؟
قالَ:نَعَم.
قالَ عَلِیٌّ علیه السّلام:فَنَحنُ اولئِکَ الَّذینَ أمَرَ اللّهُ عز و جل نَبِیَّهُ صلّی اللّه علیه و آله أن یُؤتِیَهُم حَقَّهُم.
فَقالَ الشّامِیُّ:إنَّکُم لَأَنتُم هُم؟!
فَقالَ لَهُ عَلِیٌّ علیه السّلام:نَعَم نَحنُ هُم،فَهَل قَرَأتَ هذِهِ الآیَةَ: «وَ اعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَیْ ءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِی الْقُرْبی» ؟
فَقالَ لَهُ الشّامِیُّ:بَلی.
فَقالَ عَلِیٌّ علیه السّلام:فَنَحنُ ذُو القُربی،فَهَل تَجِدُ لَنا فی سورَةِ الأَحزابِ حَقّاً خاصَّةً دونَ المُسلِمینَ؟
فَقالَ:لا.
فَقالَ عَلِیُّ بنُ الحُسَینِ علیه السّلام:أما قَرَأتَ هذِهِ الآیَةَ: «إِنَّما یُرِیدُ اللّهُ لِیُذْهِبَ عَنْکُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَیْتِ وَ یُطَهِّرَکُمْ تَطْهِیراً» ؟
ص:224
قالَ:فَرَفَعَ الشّامِیُّ یَدَهُ إلَی السَّماءِ ثُمَّ قالَ:اللّهُمَّ إنّی أتوبُ إلَیکَ-ثَلاثَ مَرّاتٍ- اللّهُمَّ إنّی أتوبُ إلَیکَ مِن عَداوَةِ آلِ مُحَمَّدٍ،وأبرَأُ إلَیکَ مِمَّن قَتَلَ أهلَ بَیتِ مُحَمَّدٍ صلّی اللّه علیه و آله، ولَقَد قَرَأتُ القُرآنَ مُنذُ دَهرٍ فَما شَعَرتُ بِهذا قَبلَ الیَومِ. (1)
2349.تاریخ الطبری عن عمّار الدهنی عن أبی جعفر [الباقر] علیه السّلام -فی بَیانِ إرسالِ عُبَیدِ اللّهِ أهلَ البَیتِ إلَی الشّامِ-:فَجَهَّزَهُم وحَمَلَهُم إلی یَزیدَ،فَلَمّا قَدِموا عَلَیهِ جَمَعَ مَن کانَ بِحَضرَتِهِ مِن أهلِ الشّامِ،ثُمَّ أدخَلوهُم،فَهَنَّؤوهُ بِالفَتحِ. (2)
2350.تاریخ الطبری عن الغاز بن ربیعة الجرشی: وَاللّهِ إنّا لَعِندَ یَزیدَ بنِ مُعاوِیَةَ بِدِمَشقَ إذ أقبَلَ زَحرُ بنُ قَیسٍ حَتّی دَخَلَ عَلی یَزیدَ بنِ مُعاوِیَةَ،فَقالَ لَهُ یَزیدُ:وَیلَکَ ما وَراءَکَ وما عِندَکَ؟
فَقالَ:أبشِر-یا أمیرِ المُؤمِنینَ-بِفَتحِ اللّهِ ونَصرِهِ،وَرَدَ عَلَینَا الحُسَینُ بنُ عَلِیٍّ فی ثَمانِیَةَ عَشَرَ مِن أهلِ بَیتِهِ وسِتّینَ مِن شیعَتِهِ،فَسِرنا إلَیهِم فَسَأَلناهُم أن یَستَسلِموا ویَنزِلوا عَلی حُکمِ الأَمیرِ عُبَیدِ اللّهِ بنِ زِیادٍ أو القِتالَ،فَاختارُوا القِتالَ عَلَی الاِستِسلامِ،فَعَدَونا عَلَیهِم مَعَ شُروقِ الشَّمسِ فَأَحَطنا بِهِم مِن کُلِّ ناحِیَةٍ،حَتّی إذا أخَذَتِ السُّیوفُ مَأخَذَها مِن هامِ القَومِ یَهرُبونَ إلی غَیرِ وَزَرٍ،ویَلوذونَ مِنّا بِالآکامِ وَالحُفَرِ لِواذاً کَما لاذَ الحَمائِمُ مِن صَقرٍ،فَوَ اللّهِ
ص:225
یا أمیرَ المُؤمِنینَ ما کانَ إلّاجَزرَ جَزورٍ (1)أو نَومَةَ قائِلٍ (2)،حَتّی أتَینا عَلی آخِرِهِم، فَهاتیکَ أجسادُهُم مُجَرَّدَةً،وثِیابُهُم مُرَمَّلَةً،وخُدودُهُم مُعَفَّرَةً،تَصهَرُهُمُ الشَّمسُ وتَسفی عَلَیهِمُ الرّیحُ،زُوّارهُمُ العِقبانُ وَالرَّخَمُ (3)بِقِیٍّ سَبسَبٍ. (4)
قالَ:فَدَمَعَت عَینُ یَزیدَ،وقالَ:قَد کُنتُ أرضی مِن طاعَتِکُم بِدونِ قَتلِ الحُسَینِ، لَعَنَ اللّهُ ابنَ سُمَیَّةَ،أما وَاللّهِ لَو أنّی صاحِبُهُ لَعَفَوتُ عَنهُ،فَرَحِمَ اللّهُ الحُسَینَ،ولَم یَصِلهُ بِشَیءٍ. (5)
2351.مثیر الأحزان عن العذری بن ربیعة بن عمرو الجرشی: أنَا عِندَ یَزیدَ بنِ مُعاوِیَةَ،إذ أقبَلَ زَحرُ بنُ قَیسٍ المَذحِجِیُّ عَلی یَزیدَ،فَقالَ:وَیلَکَ ما وَراءَکَ؟
قالَ:أبشِر بِفَتحِ اللّهِ ونَصرِهِ...فَهاتیکَ أجسادُهُم مُجَرَّدَةً،ووُجوهُهُم مُعَفَّرَةً، وثِیابُهُم بِالدِّماءِ مُرَمَّلَةً،تَصهَرُهُمُ الشَّمسُ وتَسفی عَلَیهِمُ الرّیحُ،زُوّارُهُمُ العِقبانُ وَالرَّخَمُ (6)،بِقاعٍ قَرقَرٍ (7)سَبسَبٍ،لا مُکَفَّنینَ ولا مُوَسَّدینَ. (8)
ص:226
2352.الطبقات الکبری (الطبقة الخامسة من الصحابة): کانَ عُبَیدُ اللّهِ بنُ زِیادٍ لَمّا قَتَلَ الحُسَینَ علیه السّلام بَعَثَ زَحرَ بنَ قَیسٍ الجُعفِیَّ إلی یَزیدَ بنِ مُعاوِیَةَ یُخبِرُهُ بِذلِکَ.فَقَدِمَ عَلَیهِ فَقالَ [لَهُ یَزیدُ]:ما وَراءَکَ؟قالَ:یا أمیرَ المُؤمِنینَ أبشِر بِفَتحِ اللّهِ وبِنَصرِهِ ! وَرَدَ عَلَینَا الحُسَینُ بنُ عَلِیٍّ فی ثَمانِیَةَ عَشَرَ مِن أهلِ بَیتِهِ وفی سَبعینَ مِن شیعَتِهِ،فَسِرنا إلَیهِم فَخَیَّرناهُمُ الاِستِسلامَ وَالنُّزولَ عَلی حُکمِ عُبَیدِ اللّهِ بنِ زِیادٍ أوِ القتالَ،فَاختارُوا القِتالَ عَلَی الاِستِسلامِ.
فَجَعَلوا یُبَرقِطونَ (1)إلی غَیرِ وَزَرٍ،ویَلوذونَ مِنّا بِالآکامِ وَالاُمَرِ (2)وَالحُفَرِ؛لِوذاً کَما لاذَ الحَمائِمُ مِن صَقرٍ،فَنَصَرَنَا اللّهُ عَلَیهِم،فَوَ اللّهِ یا أمیرَ المُؤمِنینَ ما کانَ إلّاجَزرَ جَزورٍ أو نَومَةَ قائِلٍ،حَتّی کَفَی اللّهُ المُؤمِنینَ مُؤنَتَهُم ! فَأَتَینا عَلی آخِرِهِم،فَهاتیکَ أجسادُهُم مُطَرَّحَةً مُجَرَّدَةً،وخُدودُهُم مُعَفَّرَةً،ومَناخِرُهُم مُرَمَّلَةً،تَسفی عَلَیهِمُ الرّیحُ ذُیولَها بِقِیٍّ سَبسَبٍ،تَنتابُهُم عُرُجُ (3)الضِّباعِ،زُوّارُهُمُ العِقبانُ وَالرَّخَمُ.
قالَ:فَدَمَعَت عَینا یَزیدَ ! وقالَ:کُنتُ أرضی مِن طاعَتِکُم بِدونِ قَتلِ الحُسَینِ.
وقالَ:کَذلِکَ عاقِبَةُ البَغیِ وَالعُقوقِ،ثُمَّ تَمَثَّلَ یَزیدُ:
مَن یَذُقِ الحَربَ یَجِد طَعمَها مُرّاً وتَترُکهُ بِجَعجاعِ (4)(5)
2353.تاریخ الطبری عن الغاز بن ربیعة الجُرَشیّ من حمیر: لَمَّا انتَهَوا [أیِ السَّبایا ومَن مَعَهُم]
ص:227
إلی بابِ یَزیدَ،رَفَعَ مُحَفِّزُ بنُ ثَعلَبَةَ صَوتَهُ،فَقالَ:هذا مُحَفِّزُ بنُ ثَعلَبَةَ،أتی أمیرَ المُؤمِنینَ بِاللِّئامِ الفَجَرَةِ.
قالَ:فَأَجابَهُ یَزیدُ بنُ مُعاوِیَةَ:ما وَلَدَت امُّ مُحَفِّزٍ شَرٌّ وألأَمُ. (1)
2354.الطبقات الکبری (الطبقة الخامسة من الصحابة): قَدِمَ بِرَأسِ الحُسَینِ علیه السّلام مُحَفِّزُ بنُ ثَعلَبَةَ العائِذِیُّ-عائِذَةُ قُرَیشٍ-عَلی یَزیدَ.فَقالَ:أتَیتُکَ یا أمیرِ المُؤِمنینَ،بِرَأسِ أحمَقِ النّاسِ وألأَمِهِم !!
فَقالَ یَزیدُ:ما وَلَدَت امُّ مُحَفِّزٍ أحمَقُ وألأَمُ ! لکِنَّ الرَّجُلَ لَم یَقرَأ کِتابَ اللّهِ:
«تُؤْتِی الْمُلْکَ مَنْ تَشاءُ وَ تَنْزِعُ الْمُلْکَ مِمَّنْ تَشاءُ وَ تُعِزُّ مَنْ تَشاءُ وَ تُذِلُّ مَنْ تَشاءُ» . (2)
ثُمَّ قالَ بِالخَیزُرانَةِ بَینَ شَفَتَیِ الحُسَینِ علیه السّلام،وأنشَأَ یَقولُ:
یُفَلِّقنَ هاماً مِن رِجالٍ أعِزَّةٍ عَلَینا وهُم کانوا أعَقَّ وأظلَما
وَالشِّعرُ لِحُصَینِ بنِ حُمامٍ المُرِّیِّ.
فَقالَ رَجُلٌ مِنَ الأَنصارِ حَضَرَ:اِرفَع قَضیبَکَ هذا،فَإِنّی رَأَیتُ رَسولَ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله یُقَبِّلُ المَوضِعَ الَّذی وَضَعتَهُ عَلَیهِ. (3)
2355.المصباح للکفعمی: وفی أوَّلِهِ [أی أوَّلِ صَفَرٍ] ادخِلَ رَأسُ الحُسَینِ علیه السّلام إلی دِمَشقَ،وهُوَ
ص:228
عیدٌ عِندَ بَنی امَیَّةَ. (1)
2356.مثیر الأحزان عن علیّ بن الحسین [زین العابدین] علیه السّلام :اُدخِلنا عَلی یَزیدَ ونَحنُ اثنا عَشَرَ رَجُلاً مُغَلَّلونَ،فَلَمّا وَقَفنا بَینَ یَدَیهِ،قُلتُ:أنشُدُکَ اللّهَ یا یَزیدُ،ما ظَنُّکَ بِرَسولِ اللّهِ لَو رَآنا عَلی هذِهِ الحالِ؟...وقالَت فاطِمَةُ بِنتُ الحُسَینِ:یا یَزیدُ بَناتُ رَسولِ اللّهِ سَبایا !
فَبَکَی النّاسُ وبَکی أهلُ دارِهِ حَتّی عَلَتِ الأَصواتُ.
فَقالَ عَلِیُّ بنُ الحُسَینِ علیه السّلام:وأنَا مَغلولٌ،فَقُلتُ:أتَأذَنُ لی فِی الکَلامِ؟
فَقالَ:قُل ولا تَقُل هُجراً.
قُلتُ:لَقَد وَقَفتُ مَوقِفاً لا یَنبَغی لِمِثلی أن یَقولَ الهُجرَ،ما ظَنُّکَ بِرَسولِ اللّهِ لَو رَآنی فی غُلٍّ؟
فَقالَ لِمَن حَولَهُ:حُلّوهُ،ثُمَّ وَضَعَ رَأسَ الحُسَینِ علیه السّلام بَینَ یَدَیهِ،وَالنِّساءَ مِن خَلفِهِ؛ لِئَلّا یَنظُرنَ إلَیهِ،فَرَآهُ عَلِیُّ بنُ الحُسَینِ علیه السّلام،فَلَم یَأکُل بَعدَ ذلِکَ الرَّأسَ. (2)
2357.شرح الأخبار عن محمد بن علیّ بن الحسین بن علیّ بن أبی طالب [الباقر] علیه السّلام :قُدِمَ بِنا عَلی یَزیدَ بنِ مُعاوِیَةَ لَعَنَهُ اللّهُ بَعدَما قُتِلَ الحُسَینُ علیه السّلام ونَحنُ اثنا عَشَرَ غُلاماً،لَیسَ مِنّا أحَدٌ إلّا مَجموعَةً یَداهُ إلی عُنُقِهِ،وفینا عَلِیُّ بنُ الحُسَینِ علیه السّلام. (3)
2358.الملهوف: ادخِلَ ثَقَلُ الحُسَینِ علیه السّلام ونِساؤُهُ ومَن تَخَلَّفَ مِن أهلِهِ عَلی یَزیدَ،وهُم
ص:229
مُقَرَّنونَ فِی الحِبالِ،فَلَمّا وَقَفوا بَینَ یَدَیهِ وهُم عَلی تِلکَ الحالِ،قالَ لَهُ عَلِیُّ بنُ الحُسَینِ علیه السّلام:
أنشُدُکَ اللّهَ یا یَزیدُ،ما ظَنُّکَ بِرَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله لَو رَآنا عَلی هذِهِ الصِّفَةِ؟!
فَأَمَرَ یَزیدُ بِالحِبالِ فَقُطِّعَت. (1)
2359.العقد الفرید عن مُحَمَّد بن الحُسَینِ بن علیّ بن أبی طالب: اتِیَ بِنا یَزیدُ بنُ مُعاوِیَةَ بَعدَما قُتِلَ الحُسَینُ،ونَحنُ اثنا عَشَرَ غُلاماً،وکانَ أکبَرَنا یَومَئِذٍ عَلِیُّ بنُ الحُسَینِ علیه السّلام،فَاُدخِلنا عَلَیهِ،وکانَ کُلُّ واحِدٍ مِنّا مَغلولَةً یَدُهُ إلی عُنُقِهِ،فَقالَ لَنا:أحرَزَت أنفُسَکُم عَبیدُ أهلِ العِراقِ ! وما عَلِمتُ بِخُروجِ أبی عَبدِ اللّهِ ولا بِقَتلِهِ. (2)
2360.الأمالی للصدوق عن حاجب عبید اللّه بن زیاد: ادخِلَ نِساءُ الحُسَینِ علیه السّلام عَلی یَزیدَ بنِ مُعاوِیَةَ، فَصِحنَ نِساءُ آلِ یَزیدَ وبَناتُ مُعاوِیَةَ وأهلُهُ،ووَلوَلنَ وأقَمنَ المَأتَمَ،ووُضِعَ رَأسُ الحُسَینِ علیه السّلام بَینَ یَدَیهِ.
فَقالَت سُکَینَةُ:وَاللّهِ ما رَأَیتُ أقسی قَلباً مِن یَزیدَ،ولا رَأَیتُ کافِراً ولا مُشرِکاً شَرّاً مِنهُ ولا أجفی مِنهُ،وأقبَلَ یَقولُ ویَنظُرُ إلَی الرَّأسِ:
لَیتَ أشیاخی بِبَدرٍ شَهِدوا جَزَعَ الخَزرَجِ مِن وَقعِ الأَسَلِ (3)
ثُمَّ أمَرَ بِرَأسِ الحُسَینِ علیه السّلام،فَنُصِبَ علی بابِ مَسجِدِ دِمَشقَ. (4)
2361.تذکرة الخواصّ: کانَ عَلِیُّ بنُ الحُسَینِ علیه السّلام وَالنِّساءُ مُوَثَّقینَ فِی الحِبالِ،فَناداهُ عَلِیٌّ علیه السّلام:
یا یَزیدُ،ما ظَنُّکَ بِرَسولِ اللّهِ لَو رَآنا مُوَثَّقینَ فِی الحِبالِ عُرایا عَلی أقتابِ الجِمالِ؟!
ص:230
فَلَم یَبقَ فِی القَومِ إلّامَن بَکی. (1)
2362.الطبقات الکبری (الطبقة الخامسة من الصحابة): اتِیَ یَزیدُ بنُ مُعاوِیَةَ بِثَقَلِ الحُسَینِ علیه السّلام ومَن بَقِیَ مِن أهلِهِ ونِسائِهِ،فَاُدخِلوا عَلَیهِ قَد قُرِنوا (2)فِی الحِبالِ،فَوَقَفوا بَینَ یَدَیهِ،فَقالَ لَهُ عَلِیُّ بنُ حُسَینٍ علیه السّلام:أنشُدُکَ اللّهَ یا یَزیدُ،ما ظَنُّکَ بِرَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله لَو رَآنا مُقَرَّنینَ فِی الحِبالِ،أما کانَ یَرِقُّ لَنا؟! فَأَمَرَ یَزیدُ بِالحِبالِ فَقُطِّعَت،وعُرِفَ الاِنکِسارُ فیهِ.
وقالَت لَهُ سُکَینَةُ بِنتُ حُسَینٍ:یا یَزیدُ بَناتُ رَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله سَبایا؟! (3)
2363.سیر أعلام النبلاء عن اللیث: أبَی الحُسَینُ علیه السّلام أن یُستَأسَرَ حَتّی قُتِلَ بِالَّطفِّ،وَانطَلَقوا بِبَنیهِ عَلِیٍّ وفاطِمَةَ وسُکَینَةَ إلی یَزیدَ،فَجَعَلَ سُکَینَةَ خَلفَ سَریرِهِ لِئَلّا تَری رَأسَ أبیها، وعَلِیٌّ علیه السّلام فی غُلٍّ. (4)
2364.تاریخ الطبری عن القاسم بن بُخیت: أذِنَ [یَزیدُ] لِلنّاسِ فَدَخَلوا وَالرَّأسُ بَینَ یَدَیهِ،ومَعَ یَزیدَ قَضیبٌ فَهُوَ یَنکُتُ بِهِ فی ثَغرِهِ،ثُمَّ قالَ:إنَّ هذا وإیّانا کَما قالَ الحُصَینُ بنُ الحُمامِ المُرِّیُّ:
یُفَلِّقنَ هاماً مِن رِجالٍ أحِبَّةٍ إلَینا وهُم کانوا أعَقَّ وأظلَماً (5)
2365.مقاتل الطالبیّین عن هانئ بن ثبیت القایضی: لَمّا ادخِلوا [أیِ الأَسری] عَلی یَزیدَ لَعَنَهُ اللّهُ،أقبَلَ قاتِلُ الحُسَینِ بنِ عَلِیٍّ علیه السّلام یَقولُ:
ص:231
أوقِر (1)رِکابی فِضَّةً أو ذَهَباً
ووَضَعَ الرَّأسَ بَینَ یَدَی یَزیدَ لَعَنهُ اللّهُ فی طَستٍ،فَجَعَلَ یَنکُتُهُ عَلی ثَنایاهُ بِالقَضیبِ،وهُوَ یَقولُ:
نُفَلِّقُ هاماً مِن رِجالٍ أعِزَّةٍ عَلَینا وهُم کانوا أَعَقّ وأظلَما (2)
2366.تاریخ الطبری عن أبی مخنف: دَعا [یَزیدُ] بِالنِّساءِ وَالصِّبیانِ فَاُجلِسوا بَینَ یَدَیهِ،فَرَأی هَیئَةً قَبیحَةً،فَقالَ:قَبَّحَ اللّهُ ابنَ مَرجانَةَ،لَو کانَت بَینَهُ وبَینَکُم رَحِمٌ أو قَرابَةٌ ما فَعَلَ هذا بِکُم،ولا بَعَثَ بِکُم هکَذا. (3)
2367.جواهر المطالب: قالَ ابنُ القِفطِیِّ فی تاریخِهِ:إنَّ السَّبیَ لَمّا وَرَدَ عَلی یَزیدَ بنِ مُعاوِیَةَ خَرَجَ لِتَلَقّیهِ،فَلَقِیَ الأَطفالَ وَالنِّساءَ مِن ذُرِّیَّةِ عَلِیٍّ وَالحَسَنِ وَالحُسَینِ علیهم السّلام،وَالرُّؤوسُ عَلی أسِنَّةِ الرِّماحِ،وقَد أشرَفوا عَلی ثَنِیَّةِ العُقابِ (4)،فَلَمّا رَآهُم أنشَدَ:
لَمّا بَدَت تِلکَ الحُمولُ وأشرَقَت
2368.الاحتجاج عن شیخ صدوق من مشایخ بنی هاشم وغیره من الناس: إنَّهُ لَمّا دَخَلَ عَلِیُّ بنُ
ص:232
الحُسَینِ علیه السّلام وحَرَمُهُ عَلی یَزیدَ،وجیءَ بِرَأسِ الحُسَینِ علیه السّلام ووُضِعَ بَینَ یَدَیهِ فی طَستٍ،فَجَعَلَ یَضرِبُ ثَنایاهُ بِمِخصَرَةٍ (1)کانَت فی یَدِهِ،وهُوَ یَقولُ:
لَعِبَت هاشِمُ بِالمُلکِ فَلا
لَأَهَلّوا وَاستَهَلّوا فَرَحاً
2369.روضة الواعظین: وُضِعَ الرَّأسُ بَینَ یَدَیهِ،وأقبَلَ یَزیدُ یَقولُ ویَنظُرُ إلَی الرَّأسِ:
لَیتَ أشیاخی بِبَدرٍ شَهِدوا
2370.الفتوح: جَعَلَ یَزیدُ یَتَمَثَّلُ بِأَبیاتِ عَبدِ اللّهِ بنِ الزِّبَعْری وهُوَ یَقولُ:
ص:233
لَیتَ أشیاخی بِبَدرٍ شَهِدوا
ثُمَّ زادَ فیها هذَا البَیتَ مِن نَفسِهِ فَقالَ:
لَستُ مِن عُتبَةَ (1)إن لَم أنتَقِم مِن بَنی أحمَدَ ما کانَ فَعَل (2)
2371.مقتل الحسین علیه السّلام للخوارزمی عن مجاهد: کَشَفَ [یَزیدُ] عَن ثَنایا رَأسِ الحُسَینِ علیه السّلام بِقَضیبِهِ، ونَکَتَهُ بِهِ وأنشَدَ:
أبی قَومُنا أن یُنصِفونا فَأَنصَفَت
فَقالَ بَعضُ جُلَسائِهِ:اِرفَع قَضیبَکَ فَوَاللّهِ ما احصی ما رَأَیتُ شَفَتَی مُحَمَّدٍ صلّی اللّه علیه و آله فی مَکانِ قَضیبِکَ یُقَبِّلُهُ،فَأَنشَدَ یَزیدُ:
یا غُرابَ البَینِ ما شِئتَ فَقُل
لَیتَ أشیاخی فی بَدرٍ شَهِدوا
ص:234
قَد أخَذنا مِن عَلِیٍّ ثارَنا
قالَ مُجاهِدٌ:فَلا نَعلَمُ الرَّجُلَ إلّاقَد نافَقَ فی قَولِهِ هذا! (1)
2372.تذکرة الخواصّ: أمَّا المَشهورُ عَن یَزیدَ فی جَمیعِ الرِّوایاتِ:أنَّهُ لَمّا حَضَرَ الرَّأسُ بَینَ یَدَیهِ جَمَعَ أهلَ الشّامِ وجَعَلَ یَنکُتُ عَلَیهِ بِالخَیزُرانِ،ویَقولُ أبیاتَ ابنِ الزِّبَعری:
لَیتَ أشیاخی بِبَدرٍ شَهِدوا
حَکَی القاضی أبو یَعلی عَن أحمَدَ بنِ حَنبَلٍ فی کِتابِ الوجهین والروایتین أنَّهُ قالَ:إن صَحَّ ذلِکَ عَن یَزیدَ فَقَد فَسَقَ.
قالَ الشَّعبِیُّ:وزادَ فیها یَزیدُ فَقالَ:
لَعِبَت هاشِمُ بِالمُلکِ فَلا
قالَ مُجاهِدٌ:نافَقَ.
وقالَ الزُّهرِیُّ:لَمّا جاءَتِ الرُّؤوسُ کانَ یَزیدُ فی مَنظَرَةٍ عَلی جَیرونَ،فَأَنشَدَ لِنَفسِهِ:
لَمّا بَدَت تِلکَ الحُمولُ وأشرَقَت
ص:235
وذَکَرَ ابنُ أبِی الدُّنیا:أنَّهُ لَمّا نَکَتَ بِالقَضیبِ ثَنایاهُ،أنشَدَ لِحُصَینِ بنِ الحُمامِ المُرِّیِّ:
صَبَرنا وکانَ الصَّبرُ مِنّا سَجِیَّةً
قالَ مُجاهِدٌ:فَوَ اللّهِ لَم یَبقَ فِی النّاسِ أحَدٌ إلّامَن سَبَّهُ وعابَهُ وتَرَکَهُ. (1)
تدلّ الروایات السالفة علی بلوغ یزید غایة القسوة والبطش مع سبایا أهل البیت علیهم السّلام ورؤوس الشهداء الشریفة،وعلی هذا فإنّ بعض الروایات الدالّة علی رقّته وإظهاره للندم، یبدو بعیداً عن الواقع،ومن المحتمل أن یکون هذا النوع من الروایات قد انتحله بنو امیّة،أو دالاًّ علی ألعاب یزید السیاسیّة.
2373.سیر أعلام النبلاء عن حمزة بن یزید الحضرمی: رَأَیتُ امرَأَةً مِن أجمَلِ النِّساءِ وأعقَلِهِنَّ، یُقالُ لَها:رَیّا،حاضِنَةُ یَزیدَ،یُقالُ:بَلَغَت مِئَةَ سَنَةٍ،قالَت:دَخَلَ رَجُلٌ عَلی یَزیدَ، فَقالَ:أبشِر،فَقَد أمکَنَکَ اللّهُ مِنَ الحُسَینِ،وجیءَ بِرَأسِهِ.قالَ:فَوُضِعَ فی طَستٍ، فَأَمَرَ الغُلامَ فَکَشَفَ،فَحینَ رَآهُ خَمَّرَ وَجهَهُ (2)کَأَنَّهُ شَمَّ مِنهُ.
فَقُلتُ لَها:أقَرَعَ ثَنایاهُ بِقَضیبٍ؟قالَت:إی وَاللّهِ.
ثُمَّ قالَ حَمزَةُ:وقَد حَدَّثَنی بَعضُ أهلِنا،أنَّهُ رَأی رَأسَ الحُسَینِ علیه السّلام مَصلوباً بِدِمَشقَ ثَلاثَةَ أیّامٍ. (3)
2374.الکامل فی التاریخ: ادخِلَ نِساءُ الحُسَینِ علیه السّلام عَلَیهِ [أی عَلی یَزیدَ] وَالرَّأسُ بَینَ یَدَیهِ،
ص:236
فَجَعَلَت فاطِمَةُ وسُکَینَةُ ابنَتَا الحُسَینِ علیه السّلام تَتَطاوَلانِ لِتَنظُرا إلَی الرَّأسِ،وجَعَلَ یَزیدُ یَتَطاوَلُ لِیَستُرَ عَنهُمَا الرَّأسَ،فَلَمّا رَأَینَ الرَّأسَ صِحنَ،فَصاحَ نِساءُ یَزیدَ ووَلوَلَ بَناتُ مُعاوِیَةَ.
فَقالَت فاطِمَةُ بِنتُ الحُسَینِ علیه السّلام،وکانَت أکبَرَ مِن سُکَینَةَ:أبَناتُ رَسولِ اللّهِ سَبایا یا یَزیدُ؟! (1)
2375.الملهوف: وأمّا زَینَبُ فَإِنَّها لَمّا رَأَتهُ [أی رَأسَ الحُسَینِ علیه السّلام ] أهوَت إلی جَیبِها فَشَقَّتهُ،ثُمَّ نادَت بِصَوتٍ حَزینٍ یَقرَحُ القُلوبَ:یا حُسَیناه،یا حَبیبَ رَسولِ اللّهِ،یَابنَ مَکَّةَ ومِنیً،یَابنَ فاطِمَةَ الزَّهراءِ سَیِّدَةِ النِّساءِ،یَابنَ بِنتِ المُصطَفی.
قالَ الرّاوی:فَأَبکَت وَاللّهِ کُلَّ مَن کانَ حاضِراً فِی المَجلِسِ،ویَزیدُ ساکِتٌ. (2)
2376.تاریخ الطبری عن القاسم بن بخیت: أذِنَ [یَزیدُ] لِلنّاسِ فَدَخَلوا وَالرَّأسُ بَینَ یَدَیهِ،ومَعَ یَزیدَ قَضیبٌ فَهُوَ یَنکُتُ بِهِ فی ثَغرِهِ،ثُمَّ قالَ:إنَّ هذا وإیّانا کَما قالَ الحُصَینُ بنُ الحُمامِ المُرِّیُّ:
یُفَلِّقنَ هاماً مِن رِجالٍ أحِبَّةٍ إلَینا وهُم کانوا أعَقَّ وأظلَما
قالَ:فَقالَ رَجُلٌ مِن أصحابِ رَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله یُقالُ لَهُ أبو بَرزَةَ الأَسلَمِیُّ:أتَنکُتُ بِقَضیبِکَ فی ثَغرِ الحُسَینِ؟أما لَقَد أخَذَ قَضیبُکَ مِن ثَغرِهِ مَأخذاً،لَرُبَّما رَأَیتُ رَسولَ
ص:237
اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله یَرشُفُهُ،أما إنَّکَ-یا یَزیدُ-تَجیءُ یَومَ القِیامَةِ وَابنُ زِیادٍ شَفیعُکَ،ویَجیءُ هذا یَومَ القِیامَةِ ومُحَمَّدٌ صلّی اللّه علیه و آله شَفیعُهُ،ثُمَّ قامَ فَوَلّی. (1)
2377.تاریخ الطبری عن عمّار الدُّهنی عن أبی جعفر [الباقر] علیه السّلام :أوفَدَهُ [أی أوفَدَ عُبَیدُ اللّهِ،رَجُلاً مِن مَذحِجَ] إلی یَزیدَ بنِ مُعاوِیَةَ ومَعَهُ الرَّأسُ،فَوَضَعَ رأسَهُ بَینَ یَدَیهِ وعِندَهُ أبو بَرزَةَ الأَسلَمِیُّ،فَجَعَلَ یَنکُتُ بِالقَضیبِ عَلی فیهِ ویَقولُ:
یُفَلِّقنَ هاماً مِن رِجالٍ أعِزَّةٍ عَلَینا وهُم کانوا أعَقَّ وأظلَما
فَقالَ لَهُ أبو بَرزَةَ:اِرفَع قَضیبَکَ،فَوَاللّهِ لَرُبَّما رَأَیتُ فا رَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله عَلی فیهِ یَلثِمُهُ. (2)
2378.الفتوح: دَعا [یَزیدُ] بِقَضیبٍ خَیزُرانٍ فَجَعَلَ یَنکُتُ بِهِ ثَنایَا الحُسَینِ علیه السّلام،وهُوَ یَقولُ:لَقَد کانَ أبو عَبدِ اللّهِ حَسَنَ المَنطِقِ ! فَأَقبَلَ إلَیهِ أبو بَرزَةَ الأَسلَمِیُّ أو غَیرُهُ:فَقالَ لَهُ:یا یَزیدُ وَیحَکَ! أتَنکُتُ بِقَضیبِکَ ثَنایَا الحُسَینِ علیه السّلام وثَغرَهُ؟أشهَدُ لَقَد رَأَیتُ رَسولَ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله یَرشُفُ ثَنایاهُ وثَنایا أخیهِ ویَقولُ:«أنتُما سَیِّدا شَبابِ أهلِ الجَنَّةِ،فَقَتَلَ اللّهُ قاتِلَکُما ولَعَنَهُ وأعَدَّ لَهُ نارَ جَهَنَّمَ وساءَت مَصیراً»أما إنَّکَ یا یَزیدُ لَتَجیءُ یَومَ القِیامَةِ وعُبَیدُ اللّهِ بنُ زِیادٍ شَفیعُکَ،ویَجیءُ هذا ومُحَمَّدٌ صلّی اللّه علیه و آله شَفیعُهُ.
قالَ:فَغَضِبَ یَزیدُ وأمَرَ بِإِخراجِهِ،فَاُخرِجَ سَحباً. (3)
ص:238
2379.المناقب لابن شهرآشوب: قالَ الطَّبَرِیُّ وَالبَلاذُرِیُّ وَالکوفِیُّ:لَمّا وُضِعَتِ الرُّؤوسُ بَینَ یَدَی یَزیدَ،جَعَلَ یَضرِبُ بِقَضیبِهِ عَلی ثَنِیَّتِهِ،ثُمَّ قالَ:یَومٌ بِیَومِ بَدرٍ....
قالَ أبو بَرزَةَ:اِرفَع قَضیبَکَ یا فاسِقُ،فَوَاللّهِ رَأَیتُ شَفَتَی رَسولِ اللّهِ مَکانَ قَضیبِکَ یُقَبِّلُهُ ! فَرَفَعَ وهُوَ یَتَدَمَّرُ مُغضَباً عَلَی الرَّجُلِ. (1)
2380.الإرشاد عن فاطمة بنت الحُسَینِ: لَمّا جَلَسنا بَینَ یَدَی یَزیدَ رَقَّ لَنا،فَقامَ إلَیهِ رَجُلٌ مِن أهلِ الشّامِ أحمَرُ،فَقالَ:یا أمیرَ المُؤمِنینَ،هَب لی هذِهِ الجارِیَةَ-یَعنینی-وکُنتُ جارِیَةً وَضیئَةً،فَاُرعِدتُ وظَنَنتُ أنَّ ذلِکَ جائِزٌ لَهُم،فَأَخَذتُ بِثِیابِ عَمَّتی زَینَبَ،وکانَت تَعلَمُ أنَّ ذلِکَ لا یَکونُ.
فَقالَت عَمَّتی لِلشّامِیِّ:کَذَبتَ وَاللّهِ ولَؤُمتَ،وَاللّهِ ما ذلِکَ لَکَ ولا لَهُ.
فَغَضِبَ یَزیدُ وقالَ:کَذَبتِ،إنَّ ذلِکِ لی،ولَو شِئتُ أن أفعَلَ لَفَعَلتُ.
قالَت:کَلّا وَاللّهِ،ما جَعَلَ اللّهُ لَکَ ذلِکَ،إلّاأن تَخرُجَ مِن مِلَّتِنا وتَدینَ بِغَیرِها.
ص:239
فَاستَطارَ یَزیدُ غَضَباً،وقالَ:إیّایَ تَستَقبِلینَ بِهذا؟! إنَّما خَرَجَ مِنَ الدّینِ أبوکِ وأخوکِ.
قالَت زَینَبُ:بِدینِ اللّهِ ودینِ أبی ودینِ أخِی اهتَدَیتَ أنتَ وجَدُّکَ وأبوکَ إن کُنتَ مُسلِماً.
قالَ:کَذَبتِ یا عَدُوَّةَ اللّهِ.
قالَت لَهُ:أنتَ أمیرٌ تَشتُمُ ظالِماً وتَقهَرُ بِسُلطانِکَ.
فَکَأَنَّهُ استَحیا وسَکَتَ.فَعادَ الشّامِیُّ فَقالَ:هَب لی هذِهِ الجارِیَةَ !
فَقالَ لَهُ یَزیدُ:اُغرُب،وَهَبَ اللّهُ لَکَ حَتفاً قاضِیاً. (1)
2381.الملهوف: نَظَرَ رَجُلٌ مِن أهلِ الشّامِ إلی فاطِمَةَ ابنَةِ الحُسَینِ علیه السّلام فَقالَ:یا أمیرَ المُؤمِنینَ هَب لی هذِهِ الجارِیَةَ.
فَقالَت فاطِمَةُ لِعَمَّتِها:یا عَمَّتاه ! اوتِمتُ واُستَخدَمُ؟
فَقالَت زَینَبُ:لا،ولا کَرامَةَ لِهذَا الفاسِقِ.
فَقالَ الشّامِیُّ:مَن هذِهِ الجارِیَةُ؟فَقالَ یَزیدُ:هذِهِ فاطِمَةُ بِنتُ الحُسَینِ وتِلکَ عَمَّتُها زَینَبُ ابنَةُ عَلِیٍّ.
فَقالَ الشّامِیُّ:الحُسَینُ بنُ فاطِمَةَ وعَلِیُّ بنُ أبی طالِبٍ؟! قالَ:نَعَم.
فَقالَ الشّامِیُّ:لَعَنَکَ اللّهُ یا یَزیدُ ! أتَقتُلُ عِترَةَ نَبِیِّکَ وتَسبی ذُرِّیَّتَهُ،وَاللّهِ ما تَوَهَّمتُ إلّا أنَّهُم سَبیُ الرّومِ !
ص:240
فَقالَ یَزیدُ:وَاللّهِ لَاُلحِقَنَّکَ بِهِم،ثُمَّ أمَرَ بِهِ فَضُرِبَت عُنُقُهُ. (1)
2382.تهذیب الکمال عن عمّار بن أبی معاویة الدّهنیّ،عن أبی جعفر مُحَمَّد بن علیّ بن الحُسَینِ [الباقر] علیه السّلام :لَمّا قَدِموا عَلَیهِ [أی عَلی یَزیدَ] جَمَعَ مَن کانَ بِحَضرَتِهِ مِن أهلِ الشّامِ،ثُمَّ ادخِلوا عَلَیهِ فَهَنَّؤوهُ بِالفَتحِ،فَقامَ رَجُلٌ مِنهُم أحمَرُ أزرَقُ ونَظَرَ إلی وَصیفَةٍ مِن بَناتِهِم،فَقالَ:یا أمیرَ المُؤمِنینَ هَب لی هذِهِ.
فَقالَت زَینَبُ:لا وَاللّهِ ولا کَرامَةَ لَکَ ولا لَهُ إلّاأن یَخرُجَ مِن دینِ اللّهِ.
فَأَعادَهَا الأَزرَقُ،فَقالَ لَهُ یَزیدُ:کُفَّ. (2)
2383.الطبقات الکبری (الطبقة الخامسة من الصحابة): قامَ رَجُلٌ مِن أهلِ الشّامِ،فَقالَ:إنَّ سَبایاهُم لَنا حَلالٌ !
فَقالَ عَلِیُّ بنُ حُسَینٍ علیه السّلام:کَذَبتَ ولَؤُمتَ،ما ذاکَ لَکَ إلّاأن تَخرُجَ مِن مِلَّتِنا وتَأتِیَ بِغَیرِ دینِنا.
فَأَطرَقَ یَزیدُ مَلِیّاً،ثُمَّ قالَ لِلشّامِیِّ:اِجلِس. (3)
2384.تفسیر القمّی عن الصادق علیه السّلام: لَمّا ادخِلَ رَأسُ الحُسَینِ بنِ عَلِیٍّ علیه السّلام عَلی یَزیدَ لَعَنَهُ اللّهُ، واُدخِلَ عَلَیهِ عَلِیُّ بنُ الحُسَینِ علیه السّلام وبَناتُ أمیرِ المُؤمِنینَ علیه السّلام،وکانَ عَلِیُّ بنُ الحُسَینِ علیه السّلام
ص:241
مُقَیَّداً مَغلولاً،فَقالَ یَزیدُ:یا عَلِیَّ بنَ الحُسَینِ،الحَمدُ للّهِ ِ الَّذی قَتَلَ أباکَ.
فَقالَ عَلِیُّ بنُ الحُسَینِ علیه السّلام:لَعَنَ اللّهُ مَن قَتَلَ أبی.قالَ:فَغَضِبَ یَزیدُ وأمَرَ بِضَربِ عُنُقِهِ علیه السّلام.
فَقالَ عَلِیُّ بنُ الحُسَین علیه السّلام:فَإِذا قَتَلتَنی فَبَناتُ رَسولِ اللّهِ علیه السّلام مَن یَرُدُّهُم إلی مَنازِلِهِم ولَیسَ لَهُم مَحرَمٌ غَیری؟
فَقالَ:أنتَ تَرُدُّهُم إلی مَنازِلِهِم،ثُمَّ دَعا بِمِبرَدٍ فَأَقبَلَ یُبرِدُ الجامِعَةَ مِن عُنُقِهِ بِیَدِهِ.
ثُمَّ قالَ لَهُ:یا عَلِیَّ بنَ الحُسَینِ،أتَدری مَا الَّذی اریدُ بِذلِکَ؟
قالَ:بَلی،تُریدُ أن لا یَکونَ لِأَحَدٍ عَلَیَّ مِنَّةٌ غَیرُکَ.
فَقالَ یَزیدُ:هذا وَاللّهِ ما أرَدتُ أفعَلُهُ.
ثُمَّ قالَ یَزیدُ:یا عَلِیَّ بنَ الحُسَینِ «وَ ما أَصابَکُمْ مِنْ مُصِیبَةٍ فَبِما کَسَبَتْ أَیْدِیکُمْ» . (1)
فَقالَ عَلِیُّ بنُ الحُسَینِ علیه السّلام:کَلّا ما هذِهِ فینا نَزَلَت،إنَّما نَزَلَت فینا: «ما أَصابَ مِنْ مُصِیبَةٍ فِی الْأَرْضِ وَ لا فِی أَنْفُسِکُمْ إِلاّ فِی کِتابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها إِنَّ ذلِکَ عَلَی اللّهِ یَسِیرٌ * لِکَیْلا تَأْسَوْا عَلی ما فاتَکُمْ وَ لا تَفْرَحُوا بِما آتاکُمْ» 2 فَنَحنُ الَّذینَ لا نَأسی عَلی ما فاتَنا ولا نَفرَحُ بِما آتانا. (2)
2385.تاریخ الطبری عن أبی عمارة العبسیّ: لَمّا جَلَسَ یَزیدُ بنُ مُعاوِیَةَ،دَعا أشرافَ أهلِ الشّامِ فَأَجلَسَهُم حَولَهُ،ثُمَّ دَعا بِعَلِیِّ بنِ الحُسَینِ علیه السّلام وصِبیانِ الحُسَینِ علیه السّلام ونِسائِهِ فَاُدخِلوا عَلَیهِ وَالنّاسُ یَنظُرونَ.
فَقالَ یَزیدُ لِعَلِیٍّ علیه السّلام:یا عَلِیُّ،أبوکَ الَّذی قَطَعَ رَحمِی،وجَهِلَ حَقّی،ونازَعَنی
ص:242
سُلطانی،فَصَنَعَ اللّهُ بِهِ ما قَد رَأَیتَ.
قالَ:فَقالَ عَلِیٌّ: «ما أَصابَ مِنْ مُصِیبَةٍ فِی الْأَرْضِ وَ لا فِی أَنْفُسِکُمْ إِلاّ فِی کِتابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها» .
فَقالَ یَزیدُ لِابنِهِ خالِدٍ:اُردُد عَلَیهِ.قالَ:فَما دَری خالِدٌ ما یَرُدُّ عَلَیهِ.
فَقالَ لَهُ یَزیدُ:قُل: «وَ ما أَصابَکُمْ مِنْ مُصِیبَةٍ فَبِما کَسَبَتْ أَیْدِیکُمْ وَ یَعْفُوا عَنْ کَثِیرٍ» ،ثُمَّ سَکَتَ عَنهُ. (1)
2386.الکامل فی التاریخ: أمَرَ [یَزیدُ] بِعَلِیِّ بنِ الحُسَینِ علیه السّلام فَاُدخِلَ مَغلولاً،فَقالَ:لَو رَآنا رَسولُ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله مَغلولینَ لَفَکَّ عَنّا.قالَ:صَدَقتَ،وأمَرَ بِفَکِّ غُلِّهِ عَنهُ.
فَقالَ عَلِیٌّ علیه السّلام:لَو رَآنا رَسولُ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله بُعَداءَ لَأَحَبَّ أن یُقَرِّبَنا.فَأَمَرَ بِهِ فَقُرِّبَ مِنهُ.
وقالَ لَهُ یَزیدُ:إیهِ یا عَلِیَّ بنَ الحُسَینِ،أبوکَ الَّذی قَطَعَ رَحمِی،وجَهِلَ حَقّی، ونازَعَنی سُلطانی،فَصَنَعَ اللّهُ بِهِ ما رَأَیتَ.
فَقالَ عَلِیٌّ علیه السّلام: «ما أَصابَ مِنْ مُصِیبَةٍ فِی الْأَرْضِ وَ لا فِی أَنْفُسِکُمْ إِلاّ فِی کِتابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها إِنَّ ذلِکَ عَلَی اللّهِ یَسِیرٌ * لِکَیْلا تَأْسَوْا عَلی ما فاتَکُمْ وَ لا تَفْرَحُوا بِما آتاکُمْ وَ اللّهُ لا یُحِبُّ کُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ» .
فَقالَ یَزیدُ: «وَ ما أَصابَکُمْ مِنْ مُصِیبَةٍ فَبِما کَسَبَتْ أَیْدِیکُمْ» ،ثُمَّ سَکَتَ عَنهُ. (2)
2387.الإمامة والسیاسة عن محمّد بن الحسین بن علیّ: دَخَلنا عَلی یَزیدَ،ونَحنُ اثنا عَشَرَ غُلاماً
ص:243
مُغَلَّلینَ فِی الحَدیدِ وعَلَینا قُمُصٌ.
فَقالَ یَزیدُ:أخلَصتُم أنفُسَکُم بِعَبیدِ (1)أهلِ العِراقِ ! وما عَلِمتُ بِخُروجِ أبی عَبدِ اللّهِ حینَ خَرَجَ ! ولا بِقَتلِهِ حینَ قُتِلَ !
قالَ:فَقالَ عَلِیُّ بنُ الحُسَینِ علیه السّلام: «ما أَصابَ مِنْ مُصِیبَةٍ فِی الْأَرْضِ وَ لا فِی أَنْفُسِکُمْ إِلاّ فِی کِتابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها إِنَّ ذلِکَ عَلَی اللّهِ یَسِیرٌ * لِکَیْلا تَأْسَوْا عَلی ما فاتَکُمْ وَ لا تَفْرَحُوا بِما آتاکُمْ وَ اللّهُ لا یُحِبُّ کُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ» .
قالَ:فَغَضِبَ یَزیدُ،وجَعَلَ یَعبَثُ بِلِحیَتِهِ،وقالَ: «وَ ما أَصابَکُمْ مِنْ مُصِیبَةٍ فَبِما کَسَبَتْ أَیْدِیکُمْ وَ یَعْفُوا عَنْ کَثِیرٍ» . (2)
2388.المعجم الکبیر عن اللیث: أبَی الحُسَینُ بنُ عَلِیٍّ علیه السّلام أن یُستَأسَرَ فَقاتَلوهُ فَقَتَلوهُ،وقَتَلوا بَنیهِ وأصحابَهُ الَّذینَ قاتَلوا مَعَهُ بِمَکانٍ یُقالُ لَهُ الطَّفُّ،وَانطُلِقَ بِعَلِیِّ بنِ حُسَینٍ علیه السّلام وفاطِمَةَ بِنتِ حُسَینٍ وسُکَینَةَ بِنتِ حُسَینٍ إلی عُبَیدِ اللّهِ بنِ زِیادٍ،وعَلِیٌّ یَومَئِذٍ غُلامٌ قَد بَلَغَ، فَبَعَثَ بِهِم إلی یَزیدَ بنِ مُعاوِیَةَ،فَأَمَرَ بِسُکَینَةَ فَجَعَلَها خَلفَ سَریرِهِ لِئَلاّ تَری رَأسَ أبیها وذَوی (3)قَرابَتِها،وعَلِیُّ بنُ الحُسَینِ علیه السّلام فی غُلٍّ.فَوَضَعَ رَأسَهُ فَضَرَبَ عَلی ثَنِیَّتَیِ الحُسَینِ علیه السّلام فَقالَ:
نُفَلِّقُ هاماً مِن رِجالٍ أحِبَّةٍ إلَینا وهُم کانوا أعَقَّ وأظلَما
فَقالَ عَلِیُّ بنُ الحُسَینِ علیه السّلام: «ما أَصابَ مِنْ مُصِیبَةٍ فِی الْأَرْضِ وَ لا فِی أَنْفُسِکُمْ إِلاّ فِی کِتابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها إِنَّ ذلِکَ عَلَی اللّهِ یَسِیرٌ» .
ص:244
فَثَقُلَ عَلی یَزیدَ أن یَتَمَثَّلَ بِبَیتِ شِعرٍ،وتَلا عَلِیٌّ آیَةً مِن کِتابِ اللّهِ عز و جل،فَقالَ یَزیدُ:
بَل «فَبِما کَسَبَتْ أَیْدِیکُمْ وَ یَعْفُوا عَنْ کَثِیرٍ» .
فَقالَ عَلِیٌّ علیه السّلام:أما وَاللّهِ لَو رَآنا رَسولُ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله مَغلولینَ لَأَحَبَّ أن یُخَلِّیَنا مِنَ الغُلِّ.
فَقالَ:صَدَقتَ،فَخَلّوهُم مِنَ الغُلِّ.
قالَ:ولَو وَقَفنا بَینَ یَدَی رَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله عَلی بُعدٍ لَأَحَبَّ أن یُقَرِّبَنا.
قالَ:صَدَقتَ،فَقَرَّبوهُم.
فَجَعَلَت فاطِمَةُ وسُکَینَةُ یَتَطاوَلانِ لِتَرَیا رَأسَ أبیهِما،وجَعَلَ یَزیدُ یَتَطاوَلُ فی مَجلِسِهِ لِیَستُرَ عَنهُما رَأسَ أبیهِما.
ثُمَّ أمَرَ بِهِم فَجُهِّزوا،وأصلَحَ إلَیهِم واُخرِجوا إلَی المَدینَةِ. (1)
2389.الطبقات الکبری (الطبقة الخامسة من الصحابة): أقبَلَ [یَزیدُ] عَلی عَلِیِّ بنِ الحُسَینِ علیه السّلام فَقالَ:أبوکَ قَطَعَ رَحِمی،ونازَعَنی سُلطانی،فَجَزاهُ اللّهُ جَزاءَ القَطیعَةِ وَالإِثمِ. (2)
2390.الفتوح: تَقَدَّمَ عَلِیُّ بنُ الحُسَینِ علیه السّلام حَتّی وَقَفَ بَینَ یَدَی یَزیدَ بنِ مُعاوِیَةَ،وجَعَلَ یَقولُ:
لا تَطمَعوا أن تُهینونا ونُکرِمَکُم
فَقالَ یَزیدُ:صَدَقتَ-یا غُلامُ-،ولکِن أرادَ أبوکَ وجَدُّکَ أن یَکونا أمیرَینِ، فَالحَمدُ للّهِ ِ الَّذی أذَلَّهُما وسَفَکَ دِماءَهُما.
ص:245
فَقالَ لَهُ عَلِیُّ بنُ الحُسَینِ علیه السّلام:یَابنَ مُعاوِیَةَ وهِندٍ وصَخرٍ،لَم یَزالوا آبائی وأجدادی فیهِمُ الإِمرَةُ مِن قَبلِ أن نَلِدَ،ولَقَد کانَ جَدّی عَلِیُّ بنُ أبی طالِبٍ علیه السّلام یَومَ بَدرٍ واُحُدٍ وَالأَحزابِ فی یَدِهِ رایَةُ رَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله،وأبوکَ وجَدُّکَ فی أیدیهِما رایاتُ الکُفّارِ.
ثُمَّ جَعَلَ عَلِیُّ بنُ الحُسَینِ علیه السّلام یَقولُ:
ماذا تَقولونَ إن قالَ النَّبِیُّ لَکُم ماذا فَعَلتُم وأنتُم آخِرُ الاُمَمِ
بِعِترَتی وبِأَهلی بَعدَ مُنقَلَبی
ثُمَّ قالَ عَلِیُّ بنُ الحُسَینِ علیه السّلام:وَیلَکَ یا یَزیدُ،إنَّکَ لَو تَدری ما صَنَعتَ ومَا الَّذِی ارتَکَبتَ مِن أبی وأهلِ بَیتی وأخی وعُمومَتی،إذاً لَهَرَبتَ فِی الجِبالِ وفَرَشتَ الرَّمادَ، ودَعَوتَ بِالوَیلِ وَالثُّبورِ أن یَکونَ رَأسُ الحُسَینِ ابنِ فاطِمَةَ وعَلِیٍّ علیهما السّلام مَنصوباً عَلی بابِ المَدینَةِ،وهُوَ وَدیعَةُ رَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله فیکُم،فَأَبشِر بِالخِزیِ وَالنَّدامَةِ غَداً إذا جُمِعَ النّاسُ لِیَومٍ لا رَیبَ فیهِ. (1)
2391.المناقب لابن شهر آشوب: رُوِیَ أنَّهُ [أی یَزیدَ] قالَ لِزَینَبَ:تَکَلَّمی (2)،فَقالَت:هُوَ المُتَکَلِّمُ، فَأَنشَدَ السَّجّادُ:
لا تَطمَعوا أن تُهینونا فَنکُرِمَکُم
فَقالَ:صَدَقتَ یا غُلامُ،ولکِن أرادَ أبوکَ وجَدُّکَ أن یَکونا أمیرَینِ،وَالحَمدُ للّهِ ِ الَّذی قَتَلَهُما وسَفَکَ دِماءَهُما.
ص:246
فَقالَ علیه السّلام:لَم تَزَلِ النُّبُوَّةُ وَالإِمرَةُ لِآبائی وأجدادی مِن قَبلِ أن تولَدَ. (1)
2392.الدعوات: رُوِیَ أنَّهُ لَمّا حُمِلَ عَلِیُّ بنُ الحُسَینِ علیه السّلام إلی یَزیدَ عَلَیهِ اللَّعنَةُ،هَمَّ بِضَربِ عُنُقِهِ، فَوَقَّفَهُ بَینَ یَدَیهِ وهُوَ یُکَلِّمُهُ لِیَستَنطِقَهُ بِکَلِمَةٍ یوجِبُ بِها قَتلَهُ،وعَلِیٌّ علیه السّلام یُجیبُهُ حَسَبَ ما یُکَلِّمُهُ،وفی یَدِهِ سُبحَةٌ صَغیرَةٌ یُدیرُها بِأَصابِعِهِ،وهُوَ یَتَکَلَّمُ،فَقالَ لَهُ یَزیدُ-عَلَیهِ ما یَستَحِقُّةُ-:أنَا اکَلِّمُکَ وأنتَ تُجیبُنی وتُدیرُ أصابِعَکَ بِسُبحَةٍ فی یَدِکَ،فَکَیفَ یَجوزُ ذلِکَ؟
فَقالَ علیه السّلام:حَدَّثَنی أبی عَن جَدّی صلّی اللّه علیه و آله أنَّهُ کانَ إذا صَلَّی الغَداةَ وَانفَتَلَ (2)،لا یَتَکلََّمُ حَتّی یَأخُذَ سُبحَةً بَینَ یَدَیهِ،فَیَقولَ:اللّهُمَّ إنّی أصبَحتُ اسَبِّحُکَ واُحَمِّدُکَ واُهَلِّلُکَ واُکَبِّرُکَ واُمَجِّدُکَ بِعَدَدِ ما ادیرُ بِهِ سُبحَتی،ویَأخُذُ السُّبحَةَ فی یَدِهِ ویُدیرُها وهُوَ یَتَکَلَّمُ بِما یُریدُ مِن غَیرِ أن یَتَکَلَّمَ بِالتَّسبیحِ،وذَکَرَ أنَّ ذلِکَ مُحتَسَبٌ لَهُ وهُوَ حِرزٌ إلی أن یَأوِیَ إلی فِراشِهِ فَإِذا أوی إلی فِراشِهِ،قالَ مِثلَ ذلِکَ القَولِ،ووَضَعَ سُبحَتَهُ تَحتَ رَأسِهِ،فَهِیَ مَحسوبَةٌ لَهُ مِنَ الوَقتِ إلَی الوَقتِ،فَفَعَلتُ هذَا اقتِداءً بِجَدّی صلّی اللّه علیه و آله.
فَقالَ لَهُ یَزیدُ عَلَیهِ اللَّعنَةُ:مَرَّةً بَعدَ اخری،لَستُ اکَلِّمُ أحَداً مِنکُم إلّاویُجیبُنی بِما یَفوزُ بِهِ.وعَفا عَنهُ ووَصَلَهُ،وأمَرَ بِإِطلاقِهِ. (3)
2393.إثبات الوصیّة: لَمَّا استُشهِدَ [الحُسَینُ علیه السّلام ] حُمِلَ عَلِیُّ بنُ الحُسَینِ علیه السّلام مَعَ الحَریمِ واُدخِلَ عَلَی اللَّعینِ یَزیدَ،وکانَ لِابنِهِ أبی جَعفَرٍ علیه السّلام سِنَتانِ وشُهورٌ،فَاُدخِلَ مَعَهُ،فَلَمّا رَآهُ یَزیدُ قالَ لَهُ:کَیفَ رَأَیتَ یا عَلِیَّ بنَ الحُسَینِ؟
قالَ:رَأَیتُ ما قَضاهُ اللّهُ عز و جل قَبلَ أن یَخلُقَ السَّماواتِ وَالأَرضَ.
ص:247
فَشاوَرَ یَزیدُ جُلَساءَهُ فی أمرِهِ فَأَشاروا بِقَتلِهِ،وقالوا لَهُ:لا نَتَّخِذ مِن کَلبِ سَوءٍ جَرواً.
فَابتَدَرَ أبو مُحَمَّدٍ علیه السّلام الکَلامَ،فََحمِدَ اللّهَ وأثنی عَلَیهِ،ثُمَّ قالَ لِیَزیدَ لَعَنَهُ اللّهُ:لَقَد أشارَ عَلَیکَ هؤُلاءِ بِخِلافِ ما أشارَ جُلَساءُ فِرعَونَ عَلَیهِ حَیثُ شاوَرَهُم فی موسی وهارونَ،فَإِنَّهُم قالوا لَهُ:أرجِه وأخاهُ،وقَد أشارَ هؤُلاءِ عَلَیکَ بِقَتلِنا،ولِهذا سَبَبٌ.
فَقالَ یَزیدُ:ومَا السَّبَبُ؟
فَقالَ:إنَّ اولئِکَ کانُوا الرِّشدَةَ وهؤُلاءِ غَیرُ رِشدَةٍ (1)،ولا یَقتُلُ الأَنبِیاءَ وأولادُهُم إلّا أولادُ الأَدعِیاءِ.
فَأَمسَکَ یَزیدُ مُطرِقاً،ثُمَّ أمَرَ بِإِخراجِهِم عَلی ما قُصَّ ورُوِیَ. (2)
2394.الملهوف: قامَت زَینَبُ ابنَةُ عَلِیٍّ علیهما السّلام وقالَت:الحَمدُ للّهِ ِ رَبِّ العالَمینَ،وصَلَّی اللّهُ عَلی مُحَمَّدٍ وآلِهِ أجمَعینَ،صَدَقَ اللّهُ کَذلِکَ یَقولُ: «ثُمَّ کانَ عاقِبَةَ الَّذِینَ أَساؤُا السُّوای أَنْ کَذَّبُوا بِآیاتِ اللّهِ وَ کانُوا بِها یَسْتَهْزِؤُنَ» . (3)
أظَنَنتَ یا یَزیدُ،حَیثُ أخَذتَ عَلَینا أقطارَ الأَرضِ وآفاقَ السَّماءِ فَأَصبَحنا نُساقُ کَما تُساقُ الإِماءُ،أنَّ بِنا عَلَی اللّهِ هَواناً وبِکَ عَلَیهِ کَرامَةً ! وأنَّ ذلِکَ لِعِظَمِ
ص:248
خَطَرِکَ عِندَهُ ! فَشَمَختَ بِأَنفِکَ ونَظَرتَ فی عِطفِکَ (1)جَذَلاً مَسروراً،حینَ رَأَیتَ الدُّنیا لَکَ مُستَوسِقَةً (2)،وَالاُمورَ مُتَّسِقَةً،وحینَ صَفا لَکَ مُلکُنا وسُلطانُنا.
فَمَهلاً مَهلاً،أنَسیتَ قَولَ اللّهِ تَعالی: «وَ لا یَحْسَبَنَّ الَّذِینَ کَفَرُوا أَنَّما نُمْلِی لَهُمْ خَیْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّما نُمْلِی لَهُمْ لِیَزْدادُوا إِثْماً وَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِینٌ» 3 ؟
أمِنَ العَدلِ-یَابنَ الطُّلَقاءِ-تَخدیرُکَ إماءَکَ ونِساءَکَ وسَوقُکَ بَناتِ رَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله سَبایا،قَد هَتَکتَ سُتورَهُنَّ وأبدَیتَ وُجوهَهُنَّ،تَحدوا بِهِنَّ الأَعداءُ مِن بَلَدٍ إلی بَلَدٍ، ویَستَشرِفُهُنَّ أهلُ المَنازِلِ وَالمَناهِلِ،ویَتَصَفَّحُ وُجوهَهُنَّ القَریبُ وَالبَعیدُ،وَالدَّنِیُّ وَالشَّریفُ،لَیسَ مَعَهُنَّ مِن رِجالِهِنَّ وَلِیٌّ،ولا مِن حُماتِهِنَّ حَمِیٌّ؟!
وکَیفَ تُرتَجی مُراقَبَةُ مَن لَفَظَ فوهُ أکبادَ الأَزکِیاءِ،ونَبَتَ لَحمُهُ بِدِماءِ الشُّهَداءِ؟
وکَیفَ یَستَظِلُّ فی ظِلِّنا أهلَ البَیتِ مَن نَظَرَ إلَینا بِالشَّنَفِ (3)وَالشَّنَآنِ وَالإِحَنِ (4)وَالأَضغانِ؟
ثُمَّ تَقولُ غَیرَ مُتَأَثِّمٍ ولا مُستَعظِمٍ:
لَأَهَلّوا وَاستَهَلّوا فَرَحا ثُمَّ قالوا یا یَزیدُ لا تَشَل
مُنتَحِیاً عَلی ثَنایا أبی عَبدِ اللّهِ علیه السّلام سَیِّدِ شَبابِ أهلِ الجَنَّةِ تَنکُتُها بِمِخصَرَتِکَ، وکَیفَ لا تَقولُ ذلِکَ،وقَد نَکَأتَ (5)القُرحَةَ وَاستَأصَلتَ الشّأفَةَ (6)بِإِراقَتِکَ دِماءَ ذُرِّیَّةِ
ص:249
مُحَمَّدٍ صلّی اللّه علیه و آله ونُجومِ الأَرضِ مِن آلِ عَبدِ المُطَّلِبِ؟وتَهتِفُ بِأَشیاخِکَ،وزَعَمتَ أنَّکَ تُنادیهِم ! فَلَتَرِدَنَّ وَشیکاً مَورِدَهُم،ولَتَوَدَّنَّ أنَّکَ شَلَلتَ وبَکِمتَ (1)،ولَم تَکُن قُلتَ ما قُلتَ،وفَعَلتَ ما فَعَلتَ.
اللّهُمَّ خُذ بِحَقِّنا،وَانتَقِم مِمَّن ظَلَمَنا،وأحلِل غَضَبَکَ بِمَن سَفَکَ دِماءَنا وقَتَلَ حُماتَنا.
فَوَاللّهِ ما فَرَیتَ إلّاجِلدَکَ،ولا حَزَزتَ إلّالَحمَکَ،ولَتَرِدَنَّ عَلی رَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله بِما تَحَمَّلتَ مِن سَفکِ دِماءِ ذُرِّیَّتِهِ،وَانتَهَکتَ مِن حُرمَتِهِ فی عِترَتِهِ ولُحمَتِهِ،وحَیثُ یَجمَعُ اللّهُ شَملَهُم،ویَلُمَّ شَعَثَهُم،ویَأخُذُ بِحَقِّهِم «وَ لا تَحْسَبَنَّ الَّذِینَ قُتِلُوا فِی سَبِیلِ اللّهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْیاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ یُرْزَقُونَ» . (2)
وحَسبُکَ بِاللّهِ حاکِماً،وبِمُحَمَّدٍ صلّی اللّه علیه و آله خَصیماً وبِجَبرَئیلَ ظَهیراً،وسَیَعلَمُ مَن سَوَّلَ لَکَ ومَکَّنَکَ مِن رِقابِ المُسلِمینَ،بِئسَ لِلظّالِمینَ بَدلاً،وأیُّکُم شَرٌّ مَکاناً وأضعَفُ جُنداً.
ولَئِن جَرَت عَلَیَّ الدَّواهی مُخاطَبَتَکَ،إنّی لَأَستَصغِرُ قَدرَکَ،وأستَعظِمُ تَقریعَکَ، وأستَکثِرُ تَوبیخَکَ،لکِنَّ العُیونَ عَبری وَالصُّدورَ حَرّی.
ألا فَالعَجَبُ کُلُّ العَجَبِ لِقَتلِ حِزبِ اللّهِ النُّجَباءِ بِحِزبِ الشَّیطانِ الطُّلَقاءِ،فَهذِهِ الأَیدی تَنضَحُ مِن دِمائِنا،وَالأَفواهُ تَتَحَلَّبُ مِن لُحومِنا،وتِلکَ الجُثَثُ الطَّواهِرُ الزَّواکی تَتَناهَبُهَا العَواسِلُ (3)،وتَعفوها أُمَّهاتُ الفَراعِلِ. (4)
ص:250
ولَئِنِ اتَّخَذتَنا مَغنَماً لَتَجِدُنا وَشیکاً مَغرَماً،حینَ لا تَجِدُ إلّاما قَدَّمَت یَداکَ، «وَ ما رَبُّکَ بِظَلاّمٍ لِلْعَبِیدِ» ، (1)فَإِلَی اللّهِ المُشتَکی وعَلَیهِ المُعَوَّلُ.
فَکِد کَیدَکَ وَاسعَ سَعیَکَ وناصِب جَهدَکَ،فَوَاللّهِ لا تَمحُوَنَّ ذِکرَنا،ولا تُمیتُ وَحیَنا،ولا تُدرِکَ أمَدَنا،ولا تَرحَضُ (2)عَنکَ عارَها،وهَل رَأیُکَ إلّافَنَدٌ، (3)وأیّامُکَ إلّا عَدَدٌ،وجَمعُکَ إلّابَدَدٌ (4)،یَومَ یُنادِی المُنادِ: «أَلا لَعْنَةُ اللّهِ عَلَی الظّالِمِینَ» 5 .
فَالحَمدُ للّهِ ِ الَّذی خَتَمَ لِأَوَّلِنا بِالسَّعادَةِ وَالمَغفِرَةِ،ولِآخِرِنا بِالشَّهادَةِ وَالرَّحمَةِ، ونَسأَلُ اللّهَ أن یُکمِلَ لَهُمُ الثَّوابَ ویوجِبَ لَهُمُ المَزیدَ،ویُحسِنَ عَلَینَا الخِلافَةَ إنَّهُ رَحیمٌ وَدودٌ، «حَسْبُنَا اللّهُ وَ نِعْمَ الْوَکِیلُ» . (5)
فَقالَ یَزیدُ لَعَنَهُ اللّهُ:
یا صَیحَةً تُحمَدُ مِن صَوائِحِ ما أهوَنَ المَوتَ عَلَی النَّوائِحِ (6)
2395.الاحتجاج عن شیخ صدوق من مشایخ بنی هاشم: قامَت [زَینَبُ علیها السّلام ] عَلی قَدَمَیها وأشرَفَت عَلَی المَجلِسِ،وشَرَعَت فِی الخُطبَةِ،إظهاراً لِکَمالاتِ مُحَمَّدٍ صلّی اللّه علیه و آله،وإعلاناً بِأَنّا نَصبِرُ لِرِضاءِ اللّهِ،لا لِخَوفٍ ولا دَهشَةٍ.
فَقامَت إلَیهِ زَینَبُ بِنتُ عَلِیٍّ واُمُّها فاطِمَةُ بِنتُ رَسولِ اللّهِ وقالَت:
الحَمدُ للّهِ ِ رَبِّ العالَمینَ،وَالصَّلاةُ عَلی جَدّی سَیِّدِ المُرسَلینَ،صَدَقَ اللّهُ سُبحانَهُ
ص:251
کَذلِکَ یَقولُ: «ثُمَّ کانَ عاقِبَةَ الَّذِینَ أَساؤُا السُّوای أَنْ کَذَّبُوا بِآیاتِ اللّهِ وَ کانُوا بِها یَسْتَهْزِؤُنَ» 1 أظَنَنتَ یا یَزیدُ حینَ أخَذتَ عَلَینا أقطارَ الأَرضِ،وضَیَّقتَ عَلَینا آفاقَ السَّماءِ،فَأَصبَحنا لَکَ فی إسارِ الذُّلِّ،نُساقُ إلَیکَ سَوقاً فی قِطارٍ،وأنتَ عَلَینا ذُو اقتِدارٍ،أنَّ بِنا مِنَ اللّهِ هَواناً وعَلَیکَ مِنهُ کَرامَةً وَامتِناناً،وأنَّ ذلِکَ لِعِظَمِ خَطَرِکَ، وجَلالَةِ قَدرِکَ،فَشَمَختَ بِأَنفِکَ،ونَظَرتَ فی عِطفِکَ،تَضرِبُ أصدَرَیکَ (1)فَرِحاً وتَنفُضُ مِذرَوَیکَ (2)مَرِحاً،حینَ رَأَیتَ الدُّنیا لَکَ مُستَوسِقَةً،وَالاُمورَ لَدَیکَ مُتَّسِقَةً، وحینَ صَفا لَکَ مُلکُنا،وخَلَصَ لَکَ سُلطانُنا؟!
فَمَهلاً مَهلاً لا تَطِش جَهلاً ! أنَسیتَ قَولَ اللّهِ عز و جل: «وَ لا یَحْسَبَنَّ الَّذِینَ کَفَرُوا أَنَّما نُمْلِی لَهُمْ خَیْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّما نُمْلِی لَهُمْ لِیَزْدادُوا إِثْماً وَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِینٌ» .أمِنَ العَدلِ یَابنَ الطُّلَقاءِ ! تَخدیرُکَ حَرائِرَکَ وإماءَکَ،وسَوقُکَ بَناتِ رَسولِ اللّهِ سَبایا؟قَد هَتَکتَ سُتورَهُنَّ، وأبدَیتَ وُجوهَهُنَّ،یَحدو بِهِنَّ الأَعداءُ مِن بَلَدٍ إلی بَلَدٍ،ویَستَشرِفُهُنَّ أهلُ المَناقِلِ (3)ویَبرُزنَ لِأَهلِ المَناهِلِ (4)،ویَتَصَفَّحُ وُجوهَهُنَّ القَریبُ وَالبَعیدُ،وَالغائِبُ وَالشَّهیدُ، وَالشَّریفُ وَالوَضیعُ،وَالدَّنِیُّ وَالرَّفیعُ،لَیسَ مَعَهُنَّ مِن رِجالِهِنَّ وَلِیٌّ،ولا مِن حُماتِهِنَّ حَمیمٌ،عُتُوّاً مِنکَ عَلَی اللّهِ وجُحوداً لِرَسولِ اللّهِ،ودَفعاً لِما جاءَ بِهِ مِن عِندِ اللّهِ،ولا غَروَ مِنکَ ولا عَجَبَ مِن فِعلِکَ،وأنّی یُرتَجَی الخَیرُ مِمَّن لَفَظَ فوهُ أکبادَ الشُّهَداءِ، (5)ونَبَتَ لَحمُهُ بِدِماءِ السُّعَداءِ،ونَصَبَ الحَربَ لِسَیِّدِ الأَنبِیاءِ،وجَمَعَ الأَحزابَ،وشَهَرَ
ص:252
الحِرابَ،وهَزَّ السُّیوفَ فی وَجهِ رَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله،أشَدُّ العَرَبِ للّهِ ِ جُحوداً،وأنکَرُهُم لَهُ رَسولاً،وأظهَرُهُم لَهُ عُدواناً،وأعتاهُم عَلَی الرَّبِّ کُفراً وطُغیاناً.
ألا إنَّها نَتیجَةُ خِلالِ الکُفرِ،وضَبٌّ (1)یُجَرجِرُ فِی الصَّدرِ لِقَتلی یَومِ بَدرٍ،فَلا یَستَبطِیُ فی بُغضِنا أهلَ البَیتِ مَن کانَ نَظَرُهُ إلَینا شَنَفاً وشَنَآناً وإحَناً وأظغاناً،یُظهِرُ کُفرَهُ بِرَسولِ اللّهِ،ویُفصِحُ ذلِکَ بِلِسانِهِ،وهُوَ یَقولُ فَرِحاً بِقَتلِ وُلدِهِ وسَبیِ ذُرِّیَّتِهِ،غَیرَ مُتَحَوِّبٍ ولا مُستَعظِمٍ،یَهتِفُ بَأَشیاخِهِ:
لَأَهَلّوا وَاستَهَلّوا فَرَحا ولَقالوا یا یَزیدُ لا تَشَل
مُنتَحِیاً عَلی ثَنایا أبی عَبدِ اللّهِ،وکانَ مُقَبَّلَ رَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله،یَنکُتُها بِمِخصَرَتِهِ،قَدِ التَمَعَ السُّرورُ بِوَجهِهِ.
لَعَمری لَقَد نَکَأتَ القُرحَةَ وَاستَأصَلتَ الشَّأفَةَ،بِإِراقَتِکَ دَمَ سَیِّدِ شَبابِ أهلِ الجَنَّةِ،وَابنِ یَعسوبِ العَرَبِ،وشَمسِ آلِ عَبدِ المُطَّلِبِ،وهَتَفتَ بِأَشیاخِکَ،وتَقَرَّبتَ بِدَمِهِ إلَی الکَفَرَةِ مِن أسلافِکَ،ثُمَّ صَرَختَ بِنِدائِکَ،ولَعَمری لَقَد نادَیتَهُم لَو شَهِدوکَ ! ووَشیکاً تَشهَدُهُم ولَم یَشهَدوکَ،ولَتَوَدُّ یَمینُکَ کَما زَعَمتَ شَلَّت بِکَ عَن مِرفَقِها وجُذَّت،وأحبَبتَ امَّکَ لَم تَحمِلکَ،وأباکَ لَم یَلِدکَ،حینَ تَصیرُ إلی سَخَطِ اللّهِ، ومُخاصِمُکَ رَسولُ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله.
اللّهُمَّ خُذ بِحَقِّنا،وَانتَقِم مِن ظالِمِنا،وأحلِل غَضَبَکَ عَلی مَن سَفَکَ دِماءَنا ونَقَضَ ذِمارَنا،وقَتَلَ حُماتَنا،وهَتَکَ عَنّا سُدولَنا.
وفَعَلتَ فَعلَتَکَ الَّتی فَعَلتَ،وما فَرَیتَ إلّاجِلدَکَ،وما جَزَزتَ إلّالَحمَکَ،وسَتَرِدُ عَلی رَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله بِما تَحَمَّلتَ مِن دَمِ ذُرِّیَّتِهِ،وَانتَهَکتَ مِن حُرمَتِهِ،وسَفَکتَ مِن دِماءِ عِترَتِهِ ولُحمَتِهِ،حَیثُ یَجمَعُ بِهِ شَملَهُم،ویَلُمُّ بِهِ شَعَثَهُم،ویَنتَقِمُ مِن ظالِمِهِم،
ص:253
ویَأخُذُ لَهُم بِحَقِّهِم مِن أعدائِهِم.
فَلا یَستَفِزَّنَّکَ الفَرَحُ بِقَتلِهِم «وَ لا تَحْسَبَنَّ الَّذِینَ قُتِلُوا فِی سَبِیلِ اللّهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْیاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ یُرْزَقُونَ * فَرِحِینَ بِما آتاهُمُ اللّهُ مِنْ فَضْلِهِ» 1 وحَسبُکَ بِاللّهِ وَلِیّاً وحاکِماً،وبِرَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله خَصیماً،وبِجَبرَئیلَ ظَهیراً،وسَیَعلَمُ مَن بَوَّأَکَ ومَکَّنَکَ مِن رِقابِ المُسلِمینَ،أن بِئسَ لِلظّالِمینَ بَدَلاً،وأیُّکُم شَرٌّ مَکاناً وأضَلُّ سَبیلاً.
ومَا استِصغاری قَدرَکَ،ولَا استِعظامی تَقریعَکَ تَوَهُّماً لِانتِجاعِ الخِطابِ فیکَ،بَعدَ أن تَرَکتَ عُیونَ المُسلِمینَ بِهِ عَبری،وصُدورَهُم عِندَ ذِکرِهِ حَرّی،فَتِلکَ قُلوبٌ قاسِیَةٌ،ونُفوسٌ طاغِیَةٌ،وأجسامٌ مَحشُوَّةٌ بِسَخَطِ اللّهِ ولَعنَةِ الرَّسولِ،قَد عَشَّشَ فیهِ الشَّیطانُ وفَرَّخَ،ومَن هُناکَ مِثلُکَ ما دَرَجَ (1)ونَهَضَ.
فَالعَجَبُ کُلُّ العَجَبِ لِقَتلِ الأَتقِیاءِ،وأسباطِ الأَنبِیاءِ،وسَلیلِ الأَوصِیاءِ،بِأَیدِی الطُّلَقاءِ الخَبیثَةِ،ونَسلِ العَهَرَةِ الفَجَرَةِ،تَنطِفُ (2)أکُفُّهُم مِن دِمائِنا،وتَتَحَلَّبُ أفواهُهُم مِن لُحومِنا،تِلکَ الجُثَثُ الزّاکِیَةُ عَلَی الجُیوبِ الضّاحِیَةِ،تَنتابُهَا العَواسِلُ وتُعَفِّرُها امَّهاتُ الفَراعِلِ فَلَئِنِ اتَّخَذتَنا مَغنَماً لَتَجِدُ بِنا وَشیکاً مَغرَماً،حینَ لا تَجِدُ إلّاما قَدَّمَت یَداکَ،ومَا اللّهُ بِظَلّامٍ لِلعَبیدِ.
فَإِلَی اللّهِ المُشتَکی وَالمُعَوَّلُ،وإلَیهِ المَلجَأُ وَالمُؤَمَّلُ،ثُمَّ کِد کَیدَکَ،وَاجهَد جَهدَکَ، فَوَاللّهِ الَّذی شَرَّفَنا بِالوَحیِ وَالکِتابِ،وَالنُّبُوَّةِ وَالاِنتِجابِ،لا تُدرِکُ أمَدَنا،ولا تَبلُغُ غایَتَنا،ولا تَمحو ذِکرَنا،ولا یُرحَضُ عَنکَ عارُنا،وهَل رَأیُکَ إلّافَنَدٌ،وأیّامُکَ إلّا عَدَدٌ،وجَمعُکَ إلّابَدَدٌ،یَومَ یُنادِ المُنادی ألا لَعَنَ اللّهُ الظّالِمَ العادِیَ.
ص:254
وَالحَمدُ للّهِ ِ الَّذی حَکَمَ لِأَولِیائِهِ بِالسَّعادَةِ،وخَتَمَ لِأَصفِیائِهِ بِبُلوغِ الإِرادَةِ،ونَقَلَهُم إلَی الرَّحمَةِ وَالرَّأفَةِ،وَالرِّضوانِ وَالمَغفِرَةِ،ولَم یَشقَ بِهِم غَیرُکَ،ولَا ابتَلی بِهِم سِواکَ، ونَسأَلُهُ أن یُکمِلَ لَهُمُ الأَجرَ،ویُجزِلَ لَهُمُ الثَّوابَ وَالذُّخرَ،ونَسأَلُهُ حُسنَ الخِلافَةِ، وجَمیلَ الإِنابَةِ،إنَّهُ رَحیمٌ وَدودٌ.
فَقالَ یَزیدُ مُجیباً لَها:
یا صَیحَةً تُحمَدُ مِن صَوائِحِ ما أهوَنَ المَوتَ عَلَی النَّوائِحِ (1)
2396.مقتل الحسین علیه السّلام للخوارزمی عن محمد ابن الحنفیّة عن علیّ بن الحسین زین العابدین علیه السّلام: لَمّا اتِیَ بِرَأسِ الحُسَینِ علیه السّلام إلی یَزیدَ کانَ یَتَّخِذُ مَجالِسَ الشُّربِ،ویَأتی بِرَأسِ الحُسَینِ علیه السّلام ویَضَعُهُ بَینَ یَدَیهِ ویَشرَبُ عَلَیهِ.
فَحَضَرَ ذاتَ یَومٍ فی أحَدِ مَجالِسِهِ رَسولُ مَلِکِ الرّومِ،وکانَ مِن أشرافِ الرّومِ وعُظَمائِها،فَقالَ:یا مَلِکَ العَرَبِ،رَأسُ مَن هذا؟فَقالَ لَهُ یَزیدُ:ما لَکَ ولِهذَا الرَّأسِ؟ فَقالَ:إنّی إذا رَجَعتُ إلی مَلِکِنا یَسأَلُنی عَن کُلِّ شَیءٍ رَأَیتُهُ،فَأَحبَبتُ أن اخبِرَهُ بِقِصَّةِ هذَا الرَّأسِ وصاحبِهِ،لِیُشارِکَکَ فِی الفَرَحِ وَالسُّرورِ.
فَقالَ یَزیدُ:هذا رَأسُ الحُسَینِ بنِ عَلِیِّ بنِ أبی طالِبٍ،فَقالَ:ومَن امُّهُ؟قالَ:
فاطِمَةُ الزَّهراءُ،قالَ:بِنتُ مَن؟قالَ:بِنتُ رَسولِ اللّهِ.
فَقالَ الرَّسولُ:اُفٍّ لَکَ ولِدینِکَ،ما دینٌ أخَسُّ مِن دینِکَ،اعلَم أنّی مِن أحفادِ
ص:255
داووُدَ علیه السّلام وبَینی وبَینَهُ آباءٌ کَثیرَةٌ،وَالنَّصاری یُعَظِّمونَنی ویَأخُذونَ التُّرابَ مِن تَحتِ قَدَمَیَّ تَبَرُّکاً،لِأَنّی مِن أحفادِ داوُدَ علیه السّلام،وأنتُم تَقتُلونَ ابنَ بِنتِ رَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله وما بَینَهُ وبَینَ رَسولِ اللّهِ إلّااُمٌّ واحِدَةٌ ! فَأَیُّ دینٍ هذا؟
ثُمَّ قالَ لَهُ الرَّسولُ:یا یَزیدُ،هَل سَمِعتَ بِحَدیثِ کَنیسَةِ الحافِرِ؟فَقالَ یَزیدُ:قُل حَتّی أسمَعَ،فَقالَ:إنَّ بَینَ عُمانَ وَالصّینِ بَحرٌ مَسیرَتُهُ سَنَةٌ،لَیسَ فیهِ عُمرانٌ إلّابَلدَةٌ واحِدَةٌ فی وَسَطِ الماءِ،طولُها ثَمانونَ فَرسَخاً وعَرضُها کَذلِکَ،ما عَلی وَجهِ الأَرضِ بَلدَةٌ أکبَرُ مِنها،ومِنها یُحمَلُ الکافورُ وَالیاقوتُ وَالعَنبَرُ،وأشجارُهُمُ العودُ،وهِیَ فی أیدِی النَّصاری لا مِلکَ لِأَحَدٍ فیها مِنَ المُلوکِ.
وفی تِلکَ البَلدَةِ کَنائِسُ کَثیرَةٌ أعظَمُها کَنیسَةُ الحافِرِ،فی مِحرابِها حُقَّةٌ (1)مِن ذَهَبٍ مُعَلَّقَةٌ فیها حافِرٌ،یَقولونَ:إنَّهُ حافِرُ حِمارٍ کانَ یَرکَبُهُ عیسی علیه السّلام،وقَد زُیِّنَت حَوالِی الحُقَّةِ بِالذَّهَبِ وَالجَواهِرِ وَالدّیباجِ وَالأَبریسَمِ.وفی کُلِّ عامٍ یَقصِدُها عالِمٌ مِنَ النَّصاری،فَیَطوفونَ حَولَ الحُقَّةِ ویَزورونَها ویُقَبِّلونَها،ویَرفَعونَ حَوائِجَهُم إلَی اللّهِ تَعالی بِبَرَکَتِها.
هذا شَأنُهُم ودَأبُهُم بِحافِرِ حِمارٍ یَزعُمونَ إنَّهُ حافِرُ حِمارٍ کانَ یَرکَبُهُ عیسی علیه السّلام نَبِیُّهُم،وأنتُم تَقتُلونَ ابنَ بِنتِ نَبِیِّکُم ! لا بارَکَ اللّهُ فیکُم ولا فی دینِکُم.
فَقالَ یَزیدُ لِأَصحابِهِ:اُقتُلوا هذَا النَّصرانِیَّ؛فَإِنَّهُ یَفضَحُنا إن رَجَعَ إلی بِلادِهِ ویُشَنِّعُ عَلَینا.
فَلَمّا أحَسَّ النَّصرانِیُّ بِالقَتلِ،قالَ:یا یَزیدُ أتُریدُ قَتلی؟قالَ:نَعَم،قالَ:
فَاعلَم إنّی رَأَیتُ البارِحَةَ نَبِیَّکُم فی مَنامی وهُوَ یَقولُ لی:یا نَصرانِیُّ أنتَ مِن أهلِ الجَنَّةِ،فَعَجِبتُ مِن کَلامِهِ حَتّی نالَنی هذا،فَأَنَا أشهَدُ أن لا إلهَ إلَّااللّهُ
ص:256
وأنَّ مُحَمَّداً عَبدُهُ ورَسولُهُ.
ثُمَّ أخَذَ الرَّأسَ وضَمَّهُ إلَیهِ،وجَعَلَ یَبکی،حَتّی قُتِلَ. (1)
2397.تذکرة الخواصّ عن عبید بن عمیر: کانَ رَسولُ قَیصَرَ (2)حاضِراً عِندَ یَزیدَ،فَقالَ لِیَزیدَ:هذا رَأسُ مَن؟فَقالَ:رَأسُ الحُسَینِ،قالَ:ومَنِ الحُسَینُ؟قالَ:اِبنُ فاطِمَةَ،قالَ:ومَن فاطِمَةُ؟قالَ:بِنتُ مُحَمَّدٍ،قالَ:نَبِیُّکُم؟قالَ:نَعَم،قالَ:ومَن أبوهُ؟قالَ عَلِیُّ بنُ أبی طالِبٍ،قالَ:ومَن عَلِیُّ بنُ أبی طالِبٍ؟قالَ:اِبنُ عَمِّ نَبِیِّنا.
فَقالَ:تَبّاً لَکُم ولِدینِکُم،ما أنتُم وحَقِّ المَسیحِ عَلی شَیءٍ،إنَّ عِندَنا فی بَعضِ الجَزائِرِ دَیراً فیهِ حافِرُ حِمارٍ رَکِبَهُ عیسَی السَّیِّدُ المَسیحُ،ونَحنُ نَحُجُّ إلَیهِ فی کُلِّ عامٍ مِنَ الأَقطارِ،ونَنذِرُ لَهُ النُّذورَ ونُعَظِّمُهُ کَما تُعَظِّمونَ کَعبَتَکُم،فَأَشهَدُ أنَّکُم عَلی باطِلٍ.
ثُمَّ قامَ ولَم یَعُد إلَیهِ. (3)
2398.الفتوح: التَفَتَ حِبرٌ (4)مِن أحبارِ الیَهودِ وکانَ حاضِراً [أی عِندَ یَزیدَ] فَقالَ:مَن هذَا الغُلامُ یا أمیرَ المُؤمِنینَ؟فَقالَ:هذا صاحِبُ الرَّأسِ هُوَ أبوهُ،قالَ:ومَن هُوَ صاحِبُ الرَّأسِ یا أمیرَ المُؤمِنینَ؟قالَ:الحُسَینُ بنُ عَلِیِّ بنِ أبی طالِبٍ،قالَ فَمَن امُّهُ؟قالَ:فاطِمَةُ
ص:257
بِنتُ مُحَمَّدٍ.
فَقالَ الحِبرُ:یا سُبحانَ اللّهِ ! هذَا ابنُ بِنتِ نَبِیِّکُم قَتَلتُموهُ فی هذِهِ السُّرعَةِ ! بِئسَ ما خَلَفتُموهُ فی ذُرِّیَّتِهِ،وَاللّهِ لَو خَلَفَ فینا موسَی بنُ عِمرانَ سِبطاً مِن صُلبِهِ،لَکُنّا نَعبُدُهُ مِن دونِ اللّهِ ! وأنتُم إنَّما فارَقَکُم نَبِیُّکُم بِالأَمسِ،فَوَثَبتُم عَلَی ابنِ نَبِیِّکُم فَقَتَلتُموهُ ! سَوءَةً لَکُم مِن امَّةٍ.
قالَ:فَأَمَرَ یَزیدُ بِکَرٍّ (1)فی حَلقِهِ،فَقامَ الحِبرُ وهُوَ یَقولُ:إن شِئتُم فَاضرِبونی أو فَاقُتلونی أو قَرِّرونی،فَإِنّی أجِدُ فِی التَّوراةِ أنَّهُ مَن قَتَلَ ذُرِّیَّةَ نَبِیٍّ لا یزال مَغلوباً أبَداً ما بَقِیَ،فَإِذا ماتَ یُصلیهِ اللّهُ نارَ جَهَنَّمَ. (2)
2399.الملهوف: دَعا یَزیدُ لَعَنَهُ اللّهُ بِالخاطِبِ وأمَرَهُ أن یَصعَدَ المِنبَرَ فَیَذُمَّ الحُسَینَ وأباهُ صَلَواتُ اللّهِ عَلَیهِما،فَصَعِدَ وبالَغَ فی ذَمِّ أمیرِ المُؤمِنینَ عَلِیِّ بنِ أبی طالِبٍ وَالحُسَینِ الشَّهیدِ، وَالمَدحِ لِمُعاوِیَةَ ویَزیدَ.
فَصاحَ بِهِ عَلِیُّ بنُ الحُسَینِ علیه السّلام:وَیلَکَ أیُّهَا الخاطِبُ،اشتَرَیتَ مَرضاةَ المَخلوقِ بِسَخَطِ الخالِقِ،فَتَبَوَّأ مَقعَدَکَ مِنَ النّارِ. (3)
ص:258
2400.مقتل الحسین علیه السّلام للخوارزمی: رُوِیَ أنَّ یَزیدَ أمَرَ بِمِنبَرٍ وخَطیبٍ،لِیَذکُرَ لِلنّاسِ مَساوِئَ لِلحُسَینِ وأبیهِ عَلِیٍّ علیهما السّلام،فَصَعِدَ الخَطیبُ المِنبَرَ،فَحَمِدَ اللّهَ وأثنی عَلَیهِ،وأکثَرَ الوَقیعَةَ فی عَلِیٍّ وَالحُسَینِ،وأطنَبَ فی تَقریظِ (1)مُعاوِیَةَ ویَزیدَ.
فَصاحَ بِهِ عَلِیُّ بنُ الحُسَینِ علیه السّلام:وَیلَکَ أیُّهَا الخاطِبُ ! اشتَرَیتَ رِضَا المَخلوقِ بِسَخَطِ الخالِقِ؟فَتَبَوَّأ مَقعَدَکَ مِنَ النّارِ.
ثُمَّ قالَ:یا یَزیدُ ائذَن لی حَتّی أصعَدَ هذِهِ الأَعوادَ،فَأَتَکَلَّمَ بِکَلِماتٍ فیهِنَّ للّهِ ِ رِضاً،ولِهؤُلاءِ الجالِسینَ أجرٌ وثَوابٌ.فَأَبی یَزیدُ.
فَقالَ النّاسُ:یا أمیرَ المُؤمِنینَ،ائذَن لَهُ لِیَصعَدَ،فَلَعَلَّنا نَسمَعُ مِنهُ شَیئاً،فَقالَ لَهُم:
إن صَعِدَ المِنبَرَ هذا لَم یَنزِل إلّابِفَضیحَتی وفَضیحَةِ آلِ أبی سُفیانَ،فَقالوا:وما قَدرُ ما یُحسِنُ هذا؟فَقالَ:إنَّهُ مِن أهلِ بَیتٍ قَد زُقُّوا العِلمَ زَقّاً.ولَم یَزالوا بِهِ حَتّی أذِنَ لَهُ بِالصُّعودِ.
فَصَعِدَ المِنبَرَ،فَحَمِدَ اللّهَ وأثنی عَلَیهِ،ثُمَّ خَطَبَ خُطبَةً أبکی مِنهَا العُیونَ؛وأوجَلَ مِنهَا القُلوبَ،فَقالَ فیها:
أیُّهَا النّاسُ،اُعطینا سِتّاً،وفُضِّلنا بِسَبعٍ:اُعطینَا العِلمَ،وَالحِلمَ،وَالسَّماحَةَ، وَالفَصاحَةَ،وَالشَّجاعَةَ،وَالمَحَبَّةَ فی قُلوبِ المُؤمِنینَ.وفُضِّلنا بِأَنَّ مِنَّا النَّبِیَّ المُختارَ مُحَمَّداً صلّی اللّه علیه و آله،ومِنَّا الصِّدّیقُ،ومِنَّا الطَّیّارُ،ومِنَّا أسَدُ اللّهِ وأسَدُ الرَّسولِ،ومِنّا سَیِّدَةُ نِساءِ
ص:259
العالَمینَ فاطِمَةُ البَتولُ،ومِنّا سِبطا هذِهِ الاُمَّةِ،وسَیِّدا شَبابِ أهلِ الجَنَّةِ؛فَمَن عَرَفَنی فَقَد عَرَفَنی،ومَن لَم یَعرِفنی أنبَأتُهُ بِحَسَبی ونَسَبی،أنَا ابنُ مَکَّةَ ومِنیً،أنَا ابنُ زَمزَمَ وَالصَّفا،أنَا ابنُ مَن حَمَلَ الزَّکاةَ بِأَطرافِ الرِّدا،أنَا ابنُ خَیرِ مَنِ ائتَزَرَ وَارتَدی،أنَا ابنُ خَیرِ مَنِ انتَعَلَ وَاحتَفی،أنَا ابنُ خَیرِ مَن طافَ وَسعی،أنَا ابنُ خَیرِ مَن حَجَّ ولَبّی،أنَا ابنُ مَن حُمِلَ عَلَی البُراقِ (1)فِی الهَوا،أنَا ابنُ مَن اسرِیَ بِهِ مِنَ المَسجِدِ الحَرامِ إلَی المَسجِدِ الأَقصی،فَسُبحانَ مَن أسری،أنَا ابنُ مَن بَلَغَ بِهِ جَبرائیلُ إلی سِدرَةِ المُنتَهی،أنَا ابنُ مَن دَنی فَتَدَلّی فَکانَ مِن رَبِّهِ قابَ قَوسَینِ أو أدنی،أنَا ابنُ مَن صَلّی بِمَلائِکَةِ السَّما،أنَا ابنُ مَن أوحی لَهُ الجَلیلُ ما أوحی،أنَا ابنُ مُحَمَّدٍ المُصطَفی،أنَا ابنُ عَلِیٍّ المُرتَضی،أنَا ابنُ مَن ضَرَبَ خَراطیمَ الخَلقِ حَتّی قالوا:لا إلهَ إلَّااللّهُ.
أنَا ابنُ مَن ضَرَبَ بَینَ یَدَی رَسولِ اللّهِ بِسَیفَینِ،وطَعَنَ بِرُمحَینِ،وهاجَرَ الهِجرَتَینِ،وبایَعَ البَیعَتَینِ،وصَلَّی القِبلَتَینِ،وقاتَلَ بِبَدرٍ وحُنَینٍ،ولَم یَکفُر بِاللّهِ طَرفَةَ عَینٍ،أَنا ابنُ صالِحِ المُؤمِنینَ،ووارِثِ النَّبِیّینَ،وقامِعِ المُلحِدینَ،ویَعسوبِ المُسلِمینَ،ونورِ المُجاهِدینَ،وزَینِ العابِدینَ،وتاجِ البَکّائینَ،وأصبَرِ الصّابِرینَ، وأفضَلِ القائِمینَ مِن آلِ یاسینَ،ورَسولِ رَبِّ العالَمینَ.
أنَا ابنُ المُؤَیَّدِ بِجَبرائیلَ،المَنصورِ بِمیکائیلَ،أنَا ابنُ المُحامی عَن حَرَمِ المُسلِمینَ،وقاتِلِ النّاکِثینَ وَالقاسِطینَ وَالمارِقینَ،وَالمُجاهِدِ أعداءَهُ النّاصِبینَ، وأفخَرِ مَن مَشی مِن قُرَیشٍ أجمَعینَ،وأَوّلِ مَن أجابَ وَاستَجابَ للّهِ ِ مِنَ المُؤمِنینَ، وأقدَمِ السّابِقینَ،وقاصِمِ المُعتَدینَ،ومُبیرِ (2)المُشرِکینَ،وسَهمٍ مِن مَرامِی اللّهِ عَلَی
ص:260
المُنافِقینَ،ولِسانِ حِکمَةِ العابِدینَ،ناصِرِ دینِ اللّهِ،ووَلِیِّ أمرِ اللّهِ،وبُستانِ حِکمَةِ اللّهِ،وعَیبَةِ (1)عِلمِ اللّهِ،سَمِحٌ سَخِیٌّ،بُهلولٌ (2)زَکِیٌّ أبطَحِیٌّ رَضِیٌّ مَرضِیٌّ،مِقدامٌ هُمامٌ، لاصابِرٌ صَوّامٌ،مُهَذَّبٌ قَوّامٌ،شُجاعٌ قَمقامٌ (3)،قاطِعُ الأَصلابِ،ومُفَرِّقُ الأَحزابِ، أربَطُهُم جَناناً،وأطبَقُهُم عِناناً،وأجرَأَهُم لِساناً،وأمضاهُم عَزیمَةً،وأشَدُّهُم شَکیمَةً،أسَدٌ باسِلٌ،وغَیثٌ هاطِلٌ،یَطحَنُهُم فِی الحُروبِ-إذَا ازدَلَفَتِ الأَسِنَّةُ، وقَرُبَتِ الأَعِنَّةُ-طَحنَ الرَّحی،ویَذرُوهُم ذَروَ الرّیحِ الهَشیمِ،لَیثُ الحِجازِ،وصاحِبُ الإِعجاز،وکَبشُ العِراقِ،الإِمامُ بِالنَّصِّ وَالاستِحقاقِ،مَکِّیٌّ مَدَنِیٌّ،أبطَحِیُّ تِهامِیٌّ، خَیفِیٌّ عَقَبِیٌّ،بَدرِیٌّ احُدِیٌّ،شَجَرِیٌّ مُهاجِرِیٌّ،مِنَ العَرَبِ سَیِّدُها،ومِنَ الوَغی لَیثُها، وارِثُ المَشعَرَینِ،وأبُو السِّبطَینِ الحَسَنِ وَالحُسَینِ،مَظهَرُ العَجائِبِ،ومُفَرِّقُ الکَتائِبِ وَالشِّهابُ الثّاقِبُ،وَالنّورُ العاقِبُ،أسَدُ اللّهِ الغالِبُ،مَطلوبُ کُلِّ طالِبٍ،غالِبُ کُلِّ غالِبٍ؛ذاکَ جَدّی عَلِیُّ بنُ أبی طالِبٍ.
أنَا ابنُ فاطِمَةَ الزَّهراءِ،أنَا ابنُ سَیِّدَةِ النِّساءِ،أنَا ابنُ الطُّهرِ البَتولِ،أنَا ابنُ بضَعَةِ الرَّسولِ.
قالَ:ولَم یَزَل یَقولُ:أنَا أنَا،حَتّی ضَجَّ النّاسُ بِالبُکاءِ وَالنَّحیبِ،وخَشِیَ یَزیدُ أن تَکونَ فِتنَةٌ،فَأَمَرَ المُؤَذِّنَ أن یُؤَذِّنَ،فَقَطعَ عَلَیهِ الکَلامَ وسَکَتَ.
فَلَمّا قالَ المُؤَذِّنُ:«اللّهُ أکبَرُ»قالَ عَلِیُّ بنُ الحُسَینِ علیه السّلام:کَبَّرتَ کَبیراً لایُقاسُ،ولا
ص:261
یُدرَکُ بِالحَواسِّ،لا شَیءَ أکبَرُ مِنَ اللّهِ.
فَلَمّا قالَ:«أشهَدُ أن لا إلهَ إلَّااللّهُ»قالَ عَلِیٌّ علیه السّلام:شَهِدَ بِها شَعری وبَشَری، ولَحمی ودَمی،ومُخّی وعَظمی.
فَلَمّا قالَ:«أشهَدُ أنَّ مُحَمَّداً رَسولُ اللّهِ»التَفَتَ عَلِیٌّ علیه السّلام مِن أعلَی المِنبَرِ إلی یَزیدَ، وقالَ:یا یَزیدُ! مُحَمَّدٌ هذا جَدّی أم جَدُّکَ؟فَإِن زَعَمتَ أنَّهُ جَدُّکَ فَقَد کَذَبتَ،وإن قُلتَ إنَّهُ جَدّی فَلِمَ قَتَلتَ عِترَتَهُ؟!
قالَ:وفَرَغَ المُؤَذِّنُ مِنَ الأَذانِ وَالإِقامَةِ،فَتَقَدَّمَ یَزیدُ وصَلّی صَلاةَ الظُّهرِ. (1)
2401.الاحتجاج: رُوِیَ لَمّا ادخِلَ عَلِیُّ بنُ الحُسَینِ زَینُ العابِدینَ علیه السّلام فی جُملَةِ مَن حُمِلَ إلَی الشّامِ سَبایا مِن أولادِ الحُسَینِ بنِ عَلِیٍّ علیه السّلام وأهالیهِ عَلی یَزیدَ-لَعَنَهُ اللّهُ-،قالَ لَهُ:
یا عَلِیُّ،الحَمدُ للّهِ ِ الَّذی قَتَلَ أباکَ !
قالَ عَلِیٌّ علیه السّلام:قَتَلَ أبِیَ النّاسُ.
قالَ یَزیدُ:الحَمدُ للّهِ ِ الَّذی قَتَلَهُ فَکَفانیهِ !
قالَ عَلِیٌّ علیه السّلام:عَلی مَن قَتَلَ أبی لَعنَةُ اللّهِ،أفَتَرانی لَعَنتُ اللّهَ عز و جل؟!
قالَ یَزیدُ:یا عَلِیُّ،اصعَدِ المِنبَرَ فَأَعلِمِ النّاسَ حالَ الفِتنَةِ،وما رَزَقَ اللّهُ أمیرَ المُؤمِنینَ مِنَ الظَّفَرِ!
فَقالَ عَلِیُّ بنُ الحُسَینِ علیه السّلام:ما أعرَفَنی بِما تُریدُ.
فَصَعِدَ المِنبَرَ،فَحَمِدَ اللّهَ وأثنی عَلَیهِ،وصَلّی عَلی رَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله،ثُمَّ قالَ:أیُّهَا النّاسُ ! مَن عَرَفَنی فَقَد عَرَفَنی،ومَن لَم یَعرِفنی فَأَنَا اعَرِّفُهُ بِنَفسی،أنَا ابنُ مَکَّةَ ومِنیً،أنَا ابنُ المَروَةِ وَالصَّفا (2)،أنَا ابنُ مُحَمَّدٍ المُصطَفی،أنَا ابنُ مَن لا یَخفی،أنَا ابنُ مَن عَلا فَاستَعلی فَجازَ سِدرَةَ المُنتَهی،فَکانَ مِن رَبِّهِ قابَ قَوسَینِ أو أدنی.
ص:262
فَضَجَّ أهلُ الشّامِ بِالبُکاءِ حَتّی خَشِیَ یَزیدُ أن یُؤخَذَ مِن مَقعَدِهِ،فَقالَ لِلمُؤَذِّنِ:
أذِّن.
فَلَمّا قالَ المُؤَذِّنُ:«اللّهُ أکبَرُ،اللّهُ أکبَرُ»جَلَسَ عَلِیُّ بنُ الحُسَینِ علیه السّلام عَلَی المِنبَرِ، فَقالَ:«أشهَدُ أن لا إلهَ إلَّااللّهُ،وأشهَدُ أنَّ مُحَمَّداً رَسولُ اللّهِ»،بَکی عَلِیُّ بنُ الحُسَینِ علیه السّلام ثُمَّ التَفَتَ إلی یَزیدَ فَقالَ:یا یَزیدُ،هذا أبوکَ أم أبی؟
قالَ:بَل أبوکَ،فَانزِل،فَنَزَلَ علیه السّلام فَأَخَذَ ناحِیَةَ بابِ المَسجِدِ. (1)
2402.الفتوح -بَعدَ ذِکرِ خُطبَةِ الإِمامِ زَینِ العابِدینَ علیه السّلام فی دِمَشقَ-:لَمّا فَرَغَ [یَزیدُ] مِن صَلاتِهِ،أمَرَ بِعَلِیِّ بنِ الحُسَینِ وأخَواتِهِ وعَمّاتِهِ رِضوانُ اللّهِ عَلَیهِم،فَفُرِّغَ لَهُم داراً فَنَزَلوها،وأقاموا أیّاماً یَبکونَ ویَنوحونَ عَلَی الحُسَینِ علیه السّلام. (2)
2403.مثیر الأحزان عن علیّ بن الحسین [زین العابدین] علیه السّلام :قالَ یَزیدُ:یا أهلَ الشّامِ،ما تَرَونَ فی هؤُلاءِ؟قالَ رَجُلٌ:لا تَتَّخِذَنَّ مِن کَلبِ سَوءٍ جَرواً !
فَقالَ لَهُ النُّعمانُ بنُ بَشیرٍ:اِصنَع ما کانَ رَسولُ اللّهِ یَصنَعُ بِهِم لَو رَآهُم بِهذِهِ الخَیبَةِ. (3)
2404.البدایة والنهایة: رُوِیَ أنَّ یَزیدَ استَشارَ النّاسَ فی أمرِهِم،فَقالَ رِجالٌ مِمَّن قَبَّحَهُمُ اللّهُ:...اُقتُل عَلِیَّ بنَ الحُسَینِ حَتّی لا یَبقی مِن ذُرِّیَّةِ الحُسَینِ أحَدٌ !
ص:263
فَسَکَتَ یَزیدُ،فَقالَ النُّعمانُ بنُ بَشیرٍ:یا أمیرَ المُؤمِنینَ،اعمَل مَعَهُم کَما کانَ یَعمَلُ مَعَهُم رَسولُ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله لَو رَآهُم عَلی هذِهِ الحالِ.
فَرَقَّ عَلَیهِم یَزیدُ،وبَعَثَ بِهِم إلَی الحَمّامِ،وأجری عَلَیهِمُ الکَساوی وَالعَطایا وَالأَطعِمَةَ،وأنزَلَهُم فی دارِهِ. (1)
2405.تاریخ دمشق عن أبی حمزة الحضرمی: لَقَد جاءَ رَجُلٌ مِن أصحابِ رَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله فَقالَ لَهُ [أی لِیَزیدَ]:قَد أمکَنَکَ اللّهُ مِن عَدُوِّ اللّهِ وَابنِ عَدُوِّ أبیکَ،فَاقتُل هذَا الغُلامَ یَنقَطِع هذَا النَّسلُ،فَإِنَّکَ لاتَری ما تُحِبُّ وهُم أحیاءُ،آخِرُ (2)مَن یُنازِعُ فیهِ یَعنی عَلِیَّ بنَ حُسَینِ بنِ عَلِیٍّ،لَقَد رَأَیتَ ما لَقِیَ أبوکَ مِن أبیهِ وما لَقیتَ أنتَ مِنهُ، وقَد رَأَیتَ ما صَنَعَ مُسلِمُ بنُ عَقیلٍ،فَاقطَع أصلَ هذَا البَیتِ،فَإِنَّکَ إن قَتَلتَ هذَا الغُلامَ انقَطَعَ نَسلُ الحُسَینِ خاصَّةً،وإلّا فَالقَومُ ما بَقِیَ مِنهُم أحَدٌ طالِبُکَ بِهِم، وهُم قَومٌ ذَوو مَکرٍ،وَالنّاسُ إلَیهِم مائِلونَ وخاصَّةً غَوغاءُ أهلِ العِراقِ،یَقولونَ:
ابنُ رَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله،ابنُ عَلِیٍّ وفاطِمَةَ ! اقتُلُه،فَلَیسَ هُوَ بِأَکرَمَ مِن صاحِبِ هذَا الرَّأسِ.
فَقالَ:لا قُمتَ ولا قَعَدتَ،فَإِنَّکَ ضَعیفٌ مَهینٌ،بَل أدَعُهُم کُلَّما طَلَعَ مِنهُم طالِعٌ أخَذَتهُ سُیوفُ آلِ أبی سُفیانَ. (3)
ص:264
2406.الخرائج والجرائح عن عمران بن علیّ الحلبی عن أبی عبد اللّه [الصادق] علیه السّلام :لَمّا اتِیَ بِعَلِیِّ بنِ الحُسَینِ علیه السّلام ومَن مَعَهُ إلی یَزیدَ بنِ مُعاوِیَةَ-عَلَیهِمَا لَعائِنُ اللّهِ-جَعَلوهُم فی بَیتٍ خَرابٍ واهِی الحیطانِ. (1)
فَقالَ بَعضُهُم:إنَّما جُعِلنا فی هذَا البَیتِ لِیَقَعَ عَلَینا.
فَقالَ المُوَکَّلونَ بِهِم مِنَ الحَرَسِ بِالقِبطِیَّةِ (2):اُنظُروا إلی هؤُلاءِ یَخافونَ أن یَقَعَ عَلَیهِم هذَا البَیتُ،وهُوَ أصلَحُ لَهُم مِن أن یَخرُجوا غَداً،فَتُضرَبَ أعناقُهُم واحِداً بَعدَ واحِدٍ صَبراً.
فَقالَ عَلِیُّ بنُ الحُسَینِ علیه السّلام بِالقِبطِیَّةِ:لا یَکونانِ جَمیعاً بِإِذنِ اللّهِ.فَقالَ:وکانَ کَذلِکَ. (3)
2407.الخرائج والجرائح عن داوود بن فرقد: ذُکِرَ عِندَ أبی عَبدِ اللّهِ علیه السّلام قَتلُ الحُسَینِ،وأمرُ عَلِیٍّ- ابنِهِ علیهما السّلام-فی حَملِهِ إلَی الشّامِ،فَقالَ:
إنَّهُ لَمّا رُدَّ إلَی السِّجنِ،قالَ بَعضُ أصحابِهِ لِبَعضٍ:ما أحسَنَ بُنیانَ هذَا الجِدارِ ! وعَلَیهِ کِتابَةٌ بِالرّومِیَّةِ،فَقَرَأَها عَلِیُّ بنُ الحُسَینِ علیه السّلام،فَتَراطَنَ (4)الرّومُ بَینَهُم،وقالوا:
ص:265
ما فی هؤُلاءِ مَن هُوَ أولی بِدَمِ المَقتولِ-ابنِ نَبِیِّهِم-مِن هذا،یَعنونَ عَلِیَّ بنَ الحُسَینِ علیه السّلام. (1)
2408.الأمالی للصدوق عن فاطمة بنت علیّ علیه السّلام: إنَّ یَزیدَ لَعَنَهُ اللّهُ أمَرَ بِنِساءِ الحُسَینِ علیه السّلام فَحُبِسنَ مَعَ عَلِیِّ بنِ الحُسَینِ علیه السّلام فی مَحبِسٍ،لا یَکُنُّهُم (2)مِن حَرٍّ ولا قَرٍّ،حَتّی تَقَشَّرَت وُجوهُهُم. (3)
2409.مثیر الأحزان: کانَتِ النِّساءُ مُدَّةَ مُقامِهِنَّ بِدِمَشقَ یَنُحنَ عَلَیهِ [أی عَلَی الحُسَینِ علیه السّلام ] بِشَجوٍ وأنَّةٍ،ویَندُبنَ بِعَویلٍ ورَنَّةٍ،ومُصابُ الأَسری عَظُمَ خَطبُهُ،وَالأَسی لِکَلمِ (4)الثَّکلی (5)عالَ طَبُّهُ.
واُسکِنَّ فی مَساکِنَ لا تَقیهِنَّ مِن حَرٍّ ولا بَردٍ،حَتّی تَقَشَّرَتِ الجُلودُ،وسالَ الصَّدیدُ،بَعدَ کَنِّ (6)الخُدورِ (7)وظِلِّ السُّتورِ،وَالصَّبرُ ظاعِنٌ،وَالجَزَعُ مُقیمٌ،وَالحُزنُ لَهُنَّ نَدیمٌ. (8)
2410.شرح الأخبار: قیلَ:...أجلَسَهُنَّ فی مَنزِلٍ لا یَکُنُّهُنَّ مِن بَردٍ ولا حَرٍّ.فَأَقاموا فیهِ شَهراً ونِصفٍ،حَتّی أقشَرَت وُجوهُهُنَّ مِن حَرِّ الشَّمسِ،ثُمَّ أطلَقَهُم. (9)
ص:266
2411.تاریخ الطبری عن القاسم بن بخیت: دَخَلوا عَلی یَزیدَ فَوَضَعُوا الرَّأسَ بَینَ یَدَیهِ وحَدَّثوهُ الحَدیثَ.
قالَ:فَسَمِعَت دَورَ الحَدیثِ هِندٌ بِنتُ عَبدِ اللّهِ بنِ عامِرِ بنِ کُرَیزٍ-وکانَت تَحتَ یَزیدَ بنِ مُعاوِیَةَ-فَتَقَنَّعَت بِثَوبها وخَرَجَت،فَقالَت:یا أمیرَ المُؤمِنینَ أرَأسُ الحُسَینِ بنِ فاطِمَةَ بِنتِ رَسولِ اللّهِ؟
قالَ:نَعَم،فَأَعوِلی عَلَیه،وحُدّی (1)عَلَی ابنِ بِنتِ رَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله وصَریحَةِ قُرَیشٍ، عَجَّلَ عَلَیهِ ابنُ زِیادٍ فَقَتَلَهُ،قَتَلَهُ اللّهُ. (2)
2412.مقتل الحسین علیه السّلام للخوارزمی عن أبی مخنف وغیره: إنَّ یَزیدَ أمَرَ أن یُصلَبَ الرَّأسُ الشَّریفُ عَلی بابِ دارِهِ،وأمَرَ أنَ یُدخِلوا أهلَ بَیتِ الحُسَینِ علیه السّلام دارَهُ،فَلَمّا دَخَلَتِ النِّسوَةُ دارَ یَزیدَ،لَم تَبقَ امرَأَةٌ مِن آلِ مُعاوِیَةَ إلَّااستَقبَلَتهُنَّ بِالبُکاءِ وَالصُّراخِ وَالنِّیاحَةِ وَالصِّیاحِ عَلَی الحُسَینِ علیه السّلام،وألقَینَ ما عَلَیهِنَّ مِنَ الحُلِیِّ وَالحُلَلِ (3)،وأقَمنَ المَأتَمَ عَلَیهِ ثَلاثَةَ أیّامٍ.
وخَرَجَت هِندٌ بِنتُ عَبدِ اللّهِ بنِ عامِرِ بنِ کُرَیزٍ امرَأَةُ یَزیدَ-وکانَت قَبلَ ذلِکَ تَحتَ
ص:267
الحُسَینِ بنِ عَلِیٍّ علیه السّلام-فَشَقَّتِ السِّترَ وهِیَ حاسِرَةٌ،فَوَثَبَت عَلی یَزیدَ وقالَت:
أرَأسُ ابنِ فاطِمَةَ مَصلوبٌ عَلی بابِ داری؟فَغَطّاها یَزیدُ،وقالَ:نَعَم،فَأَعوِلی عَلَیهِ یا هِندُ وَابکی عَلَی ابنِ بِنتِ رَسولِ اللّهِ وصَریحَةِ قُرَیشٍ،عَجَّلَ عَلَیهِ ابنُ زِیادٍ فَقَتَلَهُ،قَتَلَهُ اللّهُ !
ثُمَّ إنَّ یَزیدَ أنزَلَهُم بِدارِهِ الخاصَّةِ،فَما کانَ یَتَغَدّی ویَتَعَشّی حَتّی یَحضُرَ عَلِیُّ بنُ الحُسَینِ علیه السّلام. (1)
2413.الطبقات الکبری (الطبقة الخامسة من الصحابة): بَکَت امُّ کُلثومٍ بِنتُ عَبدِ اللّهِ بنِ عامِرِ بنِ کُرَیزٍ عَلی حُسَینٍ علیه السّلام،وهِیَ یَومَئِذٍ عِندَ یَزیدَ بنِ مُعاوِیَةَ.
فَقالَ یَزیدُ:حُقَّ لَها أن تُعوِلَ عَلی کَبیرِ قُرَیشٍ وسَیِّدِها. (2)
2414.تفسیر القمّی عن عاصم بن حمید عن أبی عبد اللّه [الصادق] علیه السّلام :لَقِیَ المِنهالُ بنُ عَمرٍو عَلِیَّ بنَ الحُسَینِ بنِ عَلِیٍّ علیه السّلام،فَقالَ لَهُ:کَیفَ أصبَحتَ یَابنَ رَسولِ اللّهِ؟
قالَ:وَیحَکَ،أما آنَ لَکَ أن تَعلَمَ کَیفَ أصبَحتُ؟أصبَحنا فی قَومِنا مِثلَ بَنی إسرائیلَ فی آلِ فِرعَونَ،یُذَبِّحونَ أبناءَنا ویَستَحیونَ نِساءَنا،وأصبَحَ خَیرُ البَرِیَّةِ بَعدَ مُحَمَّدٍ یُلعَنُ عَلَی المَنابِرِ،وأصبَحَ عَدُوُّنا یُعطَی المالَ وَالشَّرَفَ،وأصبَحَ مَن یُحِبُّنا مَحقوراً مَنقوصاً حَقُّهُ،وکَذلِکَ لَم یَزَلِ المُؤمِنونَ.
وأصبَحَتِ العَجَمُ تَعرِفُ لِلعَرَبِ حَقَّها بِأَنَّ مُحَمَّداً کانَ مِنها،وأصبَحَت قُرَیشٌ تَفتَخِرُ عَلَی العَرَبِ بِأَنَّ مُحَمَّداً کانَ مِنها،وأصبَحَتِ العَرَبُ تَعرِفُ لِقُریشٍ حَقَّها بِأَنَّ مُحَمَّداً کانَ مِنها،وأصبَحَتِ العَرَبُ تَفتَخِرُ عَلَی العَجَمِ بِأَنَّ مُحَمَّداً کانَ مِنها،
ص:268
وأصبَحنا أهلَ البَیتِ لا یُعرَفُ لَنا حَقٌّ ! فَهکَذا أصبَحنا یا مِنهالُ. (1)
2415.الطبقات الکبری عن المنهال بن عمرو: دَخَلتُ عَلی عَلِیِّ بنِ حُسَینٍ علیه السّلام،فَقُلتُ:کَیفَ أصبَحتَ-أصلَحَکَ اللّهُ-؟
فَقالَ:ما کُنتُ أری شَیخاً مِن أهلِ المِصرِ مِثلَکَ لا یَدری کَیفَ أصبَحنا ! فَأَمّا إذ لَم تَدرِ أو تَعلَم فَسَاُخبِرُکَ:أصبَحنا فی قَومِنا بِمَنزِلَةِ بَنی إسرائیلَ فی آلِ فِرعَونَ؛إذ کانوا یُذَبِّحونَ أبناءَهُم ویَستَحیونَ نِساءَهُم،وأصبَحَ شَیخُنا وسَیِّدُنا یُتَقَرَّبُ إلی عَدُوِّنا بِشَتمِهِ أو سَبِّهِ عَلَی المَنابِرِ.
وأصبَحَت قُرَیشٌ تَعُدُّ أنَّ لَهَا الفَضلَ عَلَی العَرَبِ لِأَنَّ مُحَمَّداً صلّی اللّه علیه و آله مِنها لا یُعَدُّ لَها فَضلٌ إلّابِهِ،وأصبَحَتِ العَرَبُ مُقِرَّةً لَهُم بِذلِکَ،وأصبَحَتِ العَرَبُ تَعُدُّ أنَّ لَهَا الفَضلَ عَلَی العَجَمِ لِأَنَّ مُحَمَّداً صلّی اللّه علیه و آله مِنها لا یُعَدُّ لَها فَضلٌ إلّابِهِ،وأصبَحَتِ العَجَمُ مُقِرَّةً لَهُم بِذلِکَ،فَلَئِن کانَتِ العَرَبُ صَدَقَت أنَّ لَهَا الفَضلَ عَلَی العَجَمِ،وصَدَقَت قُرَیشٌ أنَّ لَهَا الفَضلَ عَلَی العَرَبِ لِأَنَّ مُحَمَّداً صلّی اللّه علیه و آله مِنها،إنَّ لَنا أهلَ البَیتِ الفَضلَ عَلی قُرَیشٍ لِأَنَّ مُحَمَّداً صلّی اللّه علیه و آله مِنّا،فَأَصبَحوا یَأخُذونَ بِحَقِّنا ولا یَعرِفونَ لَنا حَقّاً،فَهکَذا أصبَحنا.إذ لَم تَعلَم کَیفَ أصبَحنا.
قالَ:فَظَنَنتُ أنَّهُ أرادَ أن یُسمِعَ مَن فِی البَیتِ. (2)
2416.الفتوح: خَرَجَ عَلِیُّ بنُ الحُسَینِ علیه السّلام ذاتَ یَومٍ،فَجَعَلَ یَمشی فی أسواقِ دِمَشقَ،
ص:269
فَاستَقبَلَهُ المِنهالُ بنُ عَمرٍو الصّابِئُ فَقالَ لَهُ:کَیفَ أمسَیتَ یَابنَ رَسولِ اللّهِ؟
قالَ:أمسَینا کَبَنی إسرائیلَ فی آلِ فِرعَونَ،یُذَبِّحونَ أبناءَهُم ویَستَحیونَ نِساءَهُم، یا مِنهالُ ! أمسَتِ العَرَبُ تَفتَخِرُ عَلَی العَجَمِ لِأَنَّ مُحَمَّداً مِنهُم،وأمسَت قُرَیشٌ تَفتَخِرُ عَلی سائِرِ العَرَبِ بِأَنَّ مُحَمَّداً مِنها،وأمسَینا أهلُ بَیتِ مُحَمَّدٍ ونَحنُ مَغصوبونَ مَظلومونَ مَقهورونَ مُقَتَّلونَ مَثبورونَ (1)مَطرودونَ،فَ «إِنّا لِلّهِ وَ إِنّا إِلَیْهِ راجِعُونَ» عَلی ما أمسَینا فیهِ یا مِنهالُ. (2)
2417.الملهوف: خَرَجَ زَینُ العابِدینَ علیه السّلام یَوماً یَمشی فی أسواقِ دِمَشقَ فَاستَقبَلَهُ المِنهالُ بنُ عَمرٍو،فَقالَ:کَیفَ أمسَیتَ یَابنَ رَسولِ اللّهِ؟
قالَ:أمسَینا کَمَثَلِ بَنی إسرائیلَ فی آلِ فِرعَونَ؛یُذَبِّحونَ أبناءَهُم ویَستَحیونَ نِساءَهُم.یا مِنهالُ،أمسَتِ العَرَبُ تَفتَخِرُ عَلَی العَجَمِ بِأَنَّ مُحَمَّداً عَرَبِیٌّ، وأمسَت قُرَیشٌ تَفتَخِرُ عَلی سائِرِ العَرَبِ بِأَنَّ مُحَمَّداً مِنها،وأمسَینا مَعشَرَ أهلِ بَیتِهِ ونَحنُ مَغصوبونَ مَقتولونَ مُشَرَّدونَ،فَإِنّا للّهِ ِ وإنّا إلَیهِ راجِعَون مِمّا أمسَینا فیهِ،یا مِنهالُ.
وللّهِ ِ دَرُّ مَهیارَ حَیثُ یَقولُ:
یُعَظِّمونَ لَهُ أعوادَ مِنبَرِهِ
ص:270
2418.الملهوف عن سکینة: لَمّا کانَ فِی الیَومِ الرّابِعِ مِن مُقامِنا،رَأَیتُ فِی المَنامِ...ورَأَیتُ امرَأَةً راکِبَةً فی هَودَجٍ ویَدُها مَوضوعَةٌ عَلی رَأسِها،فَسَأَلتُ عَنها،فَقیلَ لی:فاطِمَةُ بِنتُ مُحَمَّدٍ أمُّ أبیکِ.
فَقُلتُ:وَاللّهِ لَأَنطَلِقَنَّ إلَیها ولَاُخبِرَنَّها ما صُنِعَ بِنا.فَسَعَیتُ مُبادِرَةً نَحوَها حَتّی لَحِقتُ بِها ووَقَفتُ بَینَ یَدَیها أبکی وأقولُ:
یا امَّتاه جَحَدوا وَاللّهِ حَقَّنا،یا امَّتاه بَدَّدوا وَاللّهِ شَملَنا،یا امَّتاه استَباحوا وَاللّهِ حَریمَنا،یا امَّتاه قَتَلوا وَاللّهِ الحُسَینَ أبانا.
فَقالَت لی:کُفّی صَوتَکِ یا سُکَینَةُ ! فَقَد قَطَّعتِ نِیاطَ (1)قَلبی،وأقرَحتِ کَبِدی،هذا قَمیصُ أبیکِ الحُسَینِ لا یُفارِقُنی حَتّی ألقَی اللّهَ بِهِ. (2)
ص:271
ص:272
2419.تذکرة الخواصّ عن ابن أبی الدنیا: إنَّهُ لَمّا نَکَتَ [یَزیدُ] بِالقَضیبِ ثَنایاهُ [أی الحُسَینِ علیه السّلام ] أنشَدَ لِحُصَینِ بنِ الحُمامِ المُرِّیِّ:
صَبَرنا وکانَ الصَّبرُ مِنّا سَجِیَّةً
قالَ مُجاهِدٌ:فَوَاللّهِ،لَم یَبقَ فِی النّاسِ أحَدٌ إلّامَن سَبَّهُ وعابَهُ وتَرَکَهُ. (1)
2420.تاریخ الطبری عن یونس بن حبیب الجرمی: لَمّا قَتَلَ عُبَیدُ اللّهِ بنُ زِیادٍ الحُسَینَ بنَ عَلِیٍّ علیه السّلام وبَنی أبیهِ،بَعَثَ بِرُؤوسِهِم إلی یَزیدَ بنِ مُعاوِیَةَ،فَسُرَّ بِقَتلِهِم أوَّلاً وحَسُنَت بِذلِکَ مَنزِلَةُ عُبَیدِ اللّهِ عِندَهُ،ثُمَّ لَم یَلبَث إلّاقَلیلاً حَتّی نَدِمَ عَلی قَتلِ الحُسَینِ علیه السّلام،
ص:273
فَکانَ یَقولُ:وما کانَ عَلَیَّ لَوِ احتَمَلتُ الأَذی وأنزَلتُهُ مَعی فی داری وحَکَّمتُهُ فیما یُریدُ،وإن کانَ عَلَیَّ فی ذلِکَ وَکَفٌ (1)ووَهنٌ فی سُلطانی،حِفظاً لِرَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله ورِعایَةً لِحَقِّهِ وقَرابَتِهِ !
لَعَنَ اللّهُ ابنَ مَرجانَةَ فَإِنَّهُ أخرَجَهُ وَاضطَرَّهُ...وقَتَلَهُ،فَبَغَّضَنی بِقَتلِهِ إلَی المُسلِمینَ، وزَرَعَ لی فی قُلوبِهِمُ العَداوَةَ،فَبَغَضَنِی البَرُّ وَالفاجِرُ بِمَا استَعظَمَ النّاسُ مِن قَتلی حُسَیناً،ما لی ولِابنِ مَرجانَةَ! لَعَنَهُ اللّهُ وغَضِبَ عَلَیهِ. (2)
2421.الطبقات الکبری (الطبقة الخامسة من الصحابة): قالَ [یَزیدُ]:أقسَمتُ بِاللّهِ،لَو أنَّ بَینَ ابنِ زِیادٍ وبَینَ حُسَینٍ قَرابَةٌ ما أقدَمَ عَلَیهِ،ولکِن فَرَّقَت بَینَهُ وبَینَهُ سُمَّیَةُ. (3)
وقالَ:قَد کُنتُ أرضی مِن طاعَةِ أهلِ العِراقِ بِدونِ قَتلِ الحُسَینِ،فَرَحِمَ اللّهُ أبا عَبدِ اللّهِ،عَجَّلَ عَلَیهِ ابنُ زِیادٍ،أما وَاللّهِ لَو کُنتُ صاحِبَهُ ثُمَّ لَم أقدِر عَلی دَفعِ القَتلِ عَنهُ إلّابِنَقصِ بَعضِ عُمُری،لَأَحبَبتُ أن أدفَعَهُ عَنهُ،ولَوَدِدتُ أنّی اتیتُ بِهِ سالِماً. (4)
2422.الکامل فی التاریخ: قیلَ:لَمّا وَصَلَ رَأسُ الحُسَینِ علیه السّلام إلی یَزیدَ حَسُنَت حالُ ابنِ زِیادٍ عِندَهُ وزادَهُ ووَصَلَهُ وسَرَّهُ ما فَعَلَ،ثُمَّ لَم یَلبَث إلّایَسیراً،حَتّی بَلَغَهُ بُغضُ النّاسِ لَهُ ولَعنُهُم وسَبُّهُم،فَنَدِمَ عَلی قَتلِ الحُسَینِ علیه السّلام،فَکانَ یَقولُ:وما عَلَیَّ لَوِ احتَمَلتُ الأَذی وأنزَلتُ الحُسَینَ مَعی فی داری وحَکَّمتُهُ فیما یُریدُ وإن کانَ عَلَیَّ فی ذلِکَ
ص:274
وَهنٌ فی سُلطانی،حِفظاً لِرَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله،ورِعایَةً لِحَقِّهِ وقَرابَتِهِ.
لَعَنَ اللّهُ ابنَ مَرجانَةَ...قَتَلَهُ،فَبَغَّضَنی بِقَتلِهِ إلَی المُسلِمینَ،وزَرَعَ فی قُلوبِهِمُ العَداوَةَ،فَأَبغَضَنِی البَرُّ وَالفاجِرُ بِمَا استَعظَموهُ مِن قَتلِی الحُسَینَ،ما لی ولابنِ مَرجانَةَ ! لَعَنَهُ اللّهُ وغَضِبَ عَلَیهِ. (1)
راجع:ص 375 (القسم العاشر/الفصل الثانی/یزید بن معاویة).
2423.الطبقات الکبری (الطبقة الخامسة من الصحابة): أمَرَ [یَزیدُ] بِالنِّساءِ فَاُدخِلنَ عَلی نِسائِهِ، وأمَرَ نِساءَ آلِ أبی سُفیانَ فَأَقَمنَ المَأتَمَ عَلَی الحُسَینِ علیه السّلام ثَلاثَةَ أیّامٍ،فَما بَقِیَت مِنهُنَّ امرَأَةٌ إلّاتَلَقَّتنا (2)تَبکی وتَنتَحِبُ،ونُحنَ عَلی حُسَینٍ ثَلاثاً.
وبَکَت امُّ کُلثومٍ بِنتُ عَبدِ اللّهِ بنِ عامِرِ بنِ کُرَیزٍ عَلی حُسَینٍ علیه السّلام،وهِیَ یَومَئِذٍ عِندَ یَزیدَ بنِ مُعاوِیَةَ،فَقالَ یَزیدُ:حُقَّ لَها أن تُعوِلَ عَلی کَبیرِ قُرَیشٍ وسَیِّدِها. (3)
2424.تاریخ الطبری عن الحارث بن کعب: فَخَرَجنَ حَتّی دَخَلنَ دارَ یَزیدَ،فَلَم تَبقَ مِن آلِ مُعاوِیَةَ امرَأَةٌ إلَّااستَقبَلَتهُنَّ تَبکی وتَنوحُ عَلَی الحُسَینِ علیه السّلام،فَأَقاموا عَلَیهِ المَناحَةَ ثَلاثاً. (4)
2425.الملهوف: جَعَلَتِ امرَأَةٌ مِن بَنی هاشِمٍ-کانَت فی دارِ یَزیدَ-تَندُبُ الحُسَینَ علیه السّلام وتُنادی:یا حُسَیناه،یا حَبیباه،یا سَیِّداه،یا سَیِّدَ أهلِ بَیتاه،یَابنَ مُحَمَّداه،یا رَبیعَ
ص:275
الأَراملِ وَالیَتامی،یا قَتیلَ أولادِ الأَدعِیاءِ. (1)
قالَ الرّاوی:فَأَبکَت کُلَّ مَن سَمِعَها. (2)
2426.مقتل الحسین علیه السّلام للخوارزمی عن أبی مخنف وغیره: إنَّ یَزیدَ أمَرَ أن یُصلَبَ الرَّأسُ الشَّریفُ عَلی بابِ دارِهِ،وأمَرَ أن یُدخِلوا أهلَ بَیتِ الحُسَینِ علیه السّلام دارَهُ،فَلَمّا دَخَلَتِ النِّسوَةُ دارَ یَزیدَ،لَم تَبقَ امرَأَةٌ مِن آلِ مُعاوِیَةَ إلَّااستَقبَلَتهُنَّ بِالبُکاءِ وَالصُّراخِ وَالنِّیاحَةِ وَالصِّیاحِ عَلَی الحُسَینِ علیه السّلام،وألقَینَ ما عَلَیهِنَّ مِنَ الحُلِیِّ وَالحُلَلِ،وأقَمنَ المَأتَمَ عَلَیهِ ثَلاثَةَ أیّامِ.
وخَرَجَت هِندٌ بِنتُ عَبدِ اللّهِ بنِ عامِرِ بنِ کُرَیزٍ امرَأَةُ یَزیدَ-وکانَت قَبلَ ذلِکَ تَحتَ الحُسَینِ بنِ عَلِیٍّ علیه السّلام-فَشَقَّتِ السِّترَ وهِیَ حاسِرَةٌ،فَوَثبَت عَلی یَزیدَ وقالَت:أرَأسُ ابنِ فاطِمَةَ مَصلوبٌ عَلی بابِ داری؟فَغَطّاها یَزیدُ،وقالَ:نَعَم فَأَعوِلی عَلَیهِ یا هِندُ وَابکی عَلَی ابنِ بِنتِ رَسولِ اللّهِ وصَریحَةِ قُرَیشٍ،عَجَّلَ عَلَیهِ ابنُ زِیادٍ فَقَتَلَهُ،قَتَلَهُ اللّهُ.
ثُمَّ إنَّ یَزیدَ أنزَلَهُم بِدارِهِ الخاصَّةِ. (3)
2427.تاریخ الطبری عن عوانة بن الحکم الکلبی: ادخِلَ نِساءُ الحُسَینِ علیه السّلام عَلی یَزیدَ،فَصاحَ نِساءُ آلِ یَزیدَ وبَناتُ مُعاوِیَةَ وأهلُهُ ووَلوَلنَ،ثُمَّ إنَّهُنَّ ادخِلنَ عَلی یَزیدَ.
فَقالَت فاطِمَةُ بِنتُ الحُسَینِ-وکانَت أکبَرَ مِن سُکَینَةَ-:أبَناتُ رَسولِ اللّهِ سَبایا -یا یَزیدُ-؟
فَقالَ یَزیدٌ:یَا ابنَةَ أخی ! أنَا لِهذا کُنتُ أکرَهُ.
ص:276
قالَت:وَاللّهِ ما تُرِکَ لَنا خُرصٌ. (1)
قالَ:یَا ابنَةَ أخی! ما آتٍ إلَیکِ أعظَمُ مِمّا اخِذَ مِنکِ.
ثُمَّ اخرِجنَ فَاُدخِلنَ دارَ یَزیدَ بنِ مُعاوِیَةَ،فَلَم تَبقَ امرَأَةٌ مِن آلِ یَزیدَ إلّاأتَتهُنَّ، وأقَمنَ المَأتَمَ،وأرسَلَ یَزیدُ إلی کُلِّ امرَأَةٍ:ماذا اخِذَ لَکِ؟ولَیسَ مِنهُنَّ امرَأَةٌ تَدَّعی شَیئاً بالِغاً ما بَلَغَ إلّاقَد أضعَفَهُ لَها،فَکانَت سُکَینَةُ تَقولُ:ما رَأَیتُ رَجُلاً کافِراً بِاللّهِ خَیراً مِن یَزیدَ بنِ مُعاوِیَةَ. (2)
2428.الکامل فی التاریخ: اخرِجنَ [نِساءُ أهلِ البَیتِ] واُدخِلنَ دورَ یَزیدَ،فَلَم تَبقَ امرَأَةٌ مِن آلِ یَزیدَ إلّاأتَتهُنَّ،وأقَمنَ المَأتَمَ. (3)
2429.أنساب الأشراف: قالَ یَزیدُ حینَ رَأی وَجهَ الحُسَینِ علیه السّلام:ما رَأَیتُ وَجهاً قَطُّ أحسَنَ مِنهُ ! فَقیلَ لَهُ:إنَّهُ کانَ یِشبِهُ رَسولَ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله.فَسَکَتَ.
وصَیَّحَ نِساءٌ مِن نِساءِ یَزیدَ بنِ مُعاوِیَةَ ووَلوَلنَ حینَ ادخِلَ نِساءُ الحُسَینِ علیه السّلام عَلَیهِنَّ،وأقَمنَ عَلَی الحُسَینِ علیه السّلام مَأتَماً. (4)
2430.أنساب الأشراف عن الولید بن مسلم عن أبیه: لَمّا قُدِمَ بِرَأسِ الحُسَینِ علیه السّلام عَلی یَزیدَ بنِ مُعاوِیَةَ واُدخِلَ أهلُهُ الخَضراءَ (5)،تَصایَحَت بَناتُ مُعاوِیَةَ ونِساؤُهُ،فَجَعَلَ یَزیدُ یَقولُ:
ص:277
یا صَیحَةً تُحمَدُ مِن صَوائِحِ ما أهوَنَ المَوتَ عَلَی النَّوائِحِ
إذا قَضَی اللّهُ أمراً کانَ مَفعولاً،قَد کُنّا نَرضی مِن طاعَةِ هؤُلاءِ بِدونِ هذا. (1)
2431.الفصول المهمّة: ادخِلَ نِساءُ الحُسَینِ علیه السّلام وَالرَّأسُ بَینَ یَدَیهِ،فَجَعَلَت فاطِمَةُ وسُکَینَةُ تَتَطاوَلانِ لِتَنظُرا إلَی الرَّأسِ،وجَعَلَ یَزیدُ یَستُرُهُ عَنهُما،فَلَمّا رَأَینَهُ صَرَخنَ وأعلَنَّ بِالبُکاءِ،فَبَکَت لِبُکائِهِنَّ نِساءُ یَزیدَ وبَناتُ مُعاوِیَةَ،فَوَلوَلنَ وأعوَلنَ. (2)
فَقالَت فاطِمَةُ-وکانَت أکبَرَ مِن سُکَینَةَ،رَضِیَ اللّهُ عَنهُما-:بَناتُ رَسولِ اللّهِ سَبایا یا یَزیدُ ! یَسُرُّکَ هذا؟فَقالَ:وَاللّهِ ما سَرَّنی،وإنّی لِهذا لَکارِهٌ،وما أنَا عَلَیکُنَّ (3)أعظَمُ مِمّا اخِذَ مِنکُنَّ.قالَ:أدخِلوهُنَّ إلَی الحَریمِ.
فَلَمّا دَخَلنَ عَلی حَرَمِهِ،لَم تَبقَ امرَأَةٌ مِن آلِ یَزیدَ إلّاأتَتهُنَّ،وأظهَرنَ التَّوَجُّعَ وَالحُزنَ عَلی ما أصابَهُنَّ،وعَلی ما نَزَلَ بِهِنَّ،وأضعَفنَ لَهُنَّ جَمیعَ ما اخِذَ مِنهُنَّ مِنَ الحُلِیِّ وَالثِّیابِ بِزِیادَةٍ کَثیرَةٍ.
فَکانَت سُکَینَةُ تَقولُ:ما رَأَیتُ کافِراً بِاللّهِ خَیراً مِن یَزیدَ. (4)
راجع:ص 383 (القسم العاشر/الفصل الثالث:صدی قتل الإمام علیه السّلام فی ذوی قاتلیه).
2432.الملهوف: قالَ [یَزیدُ] لِعَلِیِّ بنِ الحُسَینِ علیه السّلام:اُذکُر حاجاتِکَ الثَّلاثَ الَّتی وَعَدتُکَ بِقَضائِهِنَّ.
ص:278
فَقالَ لَهُ:الاُولی:أن تُرِیَنی وَجهَ سَیِّدی ومَولایَ الحُسَینِ علیه السّلام،فَأَتَزَوَّدَ مِنهُ وأنظُرَ إلَیهِ واُوَدِّعَهُ.
وَالثّانِیَةُ:أن تَرُدَّ عَلَینا ما اخِذَ مِنّا.
وَالثّالِثَةُ:إن کُنتَ عَزَمتَ عَلی قَتلی،أن تُوَجِّهَ مَعَ هؤُلاءِ النِّسوَةِ مَن یَرُدُّهُنَّ إلی حَرَمِ جَدِّهِنَّ صلّی اللّه علیه و آله.
فَقالَ:أمّا وَجهُ أبیکَ فَلَن تَراهُ أبَداً،وأمّا قَتلُکَ فَقَد عَفَوتُ عَنکَ،وأمَّا النِّساءُ فَما یَرُدُّهُنَّ إلَی المَدینَةِ غَیرُکَ،وأمّا ما اخِذَ مِنکُم فَإِنّی اعَوِّضُکُم عَنهُ أضعافَ قیمَتِهِ.
فَقالَ علیه السّلام:أمّا مالُکَ فَلا نُریدُهُ،وهُوَ مُوَفَّرٌ عَلَیکَ،وإنَّما طَلَبتُ ما اخِذَ مِنّا؛لِأَنَّ فیهِ مِغزَلَ فاطِمَةَ بِنتِ مُحَمَّدٍ صلّی اللّه علیه و آله ومِقنَعَتَها وقِلادَتَها وقَمیصَها.
فَأَمَرَ بِرَدِّ ذلِکَ،وزادَ عَلَیهِ مِئَتَی دینارٍ،فَأَخَذَها زَینُ العابِدینَ علیه السّلام وفَرَّقَها عَلَی الفُقَراءِ وَالمَساکینِ.
ثُمَّ أمَرَ بِرَدِّ الاُساری وسَبایَا البَتولِ إلی أوطانِهِم بِمَدینَةِ الرَّسولِ. (1)
2433.الاحتجاج: رَوَت ثِقاتُ الرُّواةِ أنَّهُ لَمّا ادخِلَ عَلِیُّ بنُ الحُسَینِ زَینُ العابِدینَ علیه السّلام فی جُملَةِ مَن حُمِلَ إلَی الشّامِ سَبایا مِن أولادِ الحُسَینِ بنِ عَلِیٍّ علیه السّلام وأهالیهِ عَلی یَزیدَ لَعَنَهُ اللّهُ...
قالَ لَهُ عَلِیُّ بنُ الحُسَینِ علیه السّلام:یا یَزیدُ بَلَغَنی أنَّکَ تُریدُ قَتلی،فَإِن کُنتَ لابُدَّ قاتِلی، فَوَجِّه مَعَ هؤُلاءِ النِّسوَةِ مَن یَرُدُّهُنَّ إلی حَرَمِ رَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله.
فَقالَ لَهُ یَزیدُ لَعَنَهُ اللّهُ:لا یَرُدُّهُنَّ غَیرُکَ. (2)
ص:279
2434.تاریخ الطبری عن أبی مخنف: فَدَعاهُ [ای دَعا یَزیدُ عَلِیَّ بنَ الحُسَینِ علیه السّلام ] ذاتَ یَومٍ،ودَعا عُمَرَ بنَ الحَسَنِ بنِ عَلِیٍّ وهُوَ غُلامٌ صَغیرٌ،فَقالَ لِعُمَرَ بنِ الحَسَنِ:أتُقاتِلُ هذَا الفَتی -یَعنی خالِداً ابنَهُ-؟قالَ:لا،ولکِن أعطِنی سِکّیناً وأعطِهِ سِکّیناً ثُمَّ اقاتِلُهُ !
فَقالَ لَهُ یَزیدُ،وأخَذَهُ فَضَمَّهُ إلَیهِ ثُمَّ قالَ:شِنشِنَةٌ أعرِفُها مِن أخزَمِ (1)،هَل تَلِدُ الحَیَّةُ إلّاحَیَّةً؟ (2)
2435.الملهوف: دَعا یَزیدُ یَوماً بِعَلِیِّ بنِ الحُسَینِ علیه السّلام وعَمرِو بنِ الحَسَنِ،وکانَ عَمرٌو صَغیراً، یُقالُ:إنَّ عُمُرَهُ إحدی عَشرَةَ سَنَةً.فَقالَ لَهُ:أتُصارِعُ هذا،یَعنِی ابنَهُ خالِداً؟
فَقالَ لَهُ عَمرٌو:لا،ولکِن أعطِنی سِکّیناً وأعطِهِ سِکّیناً ثُمَّ اقاتِلُهُ،فَقالَ یَزیدُ لَعَنَهُ اللّهُ:شِنشِنَةٌ أعرِفُها مِن أخزَمِ،هَل تَلِدُ الحَیَّةُ إلَّاالحَیَّةَ. (3)
2436.أنساب الأشراف عن محمد بن عمرو بن الحسن بن علیّ: قُتِلَ الحُسَینُ علیه السّلام،فَحُمِلَ رَأسُهُ إلی
ص:280
یَزیدَ وحُمِلنا،فَأَقعَدَنی یَزیدُ فی حِجرِهِ،وأقعَدَ ابناً لَهُ فی حِجرِهِ،ثُمَّ قالَ لی:
أتُصارِعُهُ؟
فَقُلتُ:أعطِنی سِکّیناً وأعطِهِ سِکّیناً ودَعنی وإیّاهُ.
فَقالَ:ما تَدَعونَ عَداوَتَنا صِغاراً وکِباراً. (1)
سُمّی الشخص الذی طلب منه یزید مصارعة ابنه-فی معظم الروایات-عمر أو عمرو بن الحسن علیه السّلام،ولکن إحدی الروایات ذکرت أنّه محمد بن عمرو بن الحسن علیه السّلام (2)،کما ذکر فی بعض الروایات أنّه الإمام علیّ بن الحسین علیهما السّلام. (3)
وهناک إشکالات اخری ترد علی هاتین الروایتین؛فضلاً عن تعارضهما مع الروایات المشهورة؛و ذلک لأنّ عمرو بن الحسن علیه السّلام کان آنذاک فی مرحلة الطفولة، فلا یمکن أن یکون له ولد فضلاً عن أن یصارع ابن یزید.
وأمّا کونه علیّ بن الحسین علیهما السّلام فإنّ سِنّهُ وشخصیّته لا یتناسبان مع اقتراح یزید.
2437.شرح الأخبار: أمَرَ [یَزیدُ] بِإِطلاقِ عَلِیِّ بنِ الحُسَینِ علیه السّلام،وخَیَّرَهُ بَینَ المُقامَ عِندَهُ أوِ
ص:281
الاِنصِرافِ،فَاختارَ الاِنصِرافَ إلَی المَدینَةِ،فَسَرَّحَهُ. (1)
2438.تاریخ الطبری عن فاطمة بنت علیّ علیه السّلام: قالَ یَزیدُ بنُ مُعاوِیَةَ:یا نُعمانَ بنَ بَشیرٍ،جَهِّزهُم بِما یُصِلحُهُم،وَابعَث مَعَهُم رَجُلاً مِن أهلِ الشّامِ أمیناً صالِحاً،وَابعَث مَعَهُ خَیلاً وأعواناً،فَیَسیرَ بِهِم إلَی المَدینَةِ. (2)
2439.الأخبار الطوال: أمَرَ [یَزیدُ] بِتَجهیزِهِم بِأَحسَنِ جِهازٍ،وقالَ لِعَلِیِّ بنِ الحُسَینِ علیه السّلام:اِنطَلِق مَعَ نِسائِکَ حَتّی تُبلِغَهُنَّ وَطَنَهُنَّ.
ووَجَّهَ مَعَهُ رَجُلاً فی ثَلاثینَ فارِساً،یَسیرُ أمامَهُم،ویَنزِلُ حَجرَةً (3)عَنهُم،حَتَّی انتَهی بِهِم إلَی المَدینَةِ. (4)
2440.الإرشاد: أمَرَ [یَزیدُ] بِالنِّسوَةِ أن یُنزَلنَ فی دارٍ عَلی حِدَةٍ مَعَهُنَّ أخوهُنَّ عَلِیُّ بنُ الحُسَینِ علیه السّلام،فَاُفرِدَ لَهُم دارٌتَتَّصِلُ بِدارِ یَزیدَ،فَأَقاموا أیّاماً ثُمَّ نَدَبَ یَزیدُ النُّعمانَ بنَ بَشیرٍ،وقالَ لَهُ:تَجَهَّز لِتَخرُجَ بِهؤُلاءِ النِّسوانِ إلَی المَدینَةِ.
ولَمّا أرادَ أن یُجَهِّزَهُم دَعا عَلِیَّ بنَ الحُسَینِ علیه السّلام فَاستَخلاهُ،ثُمَّ قالَ لَهُ:لَعَنَ اللّهُ ابنَ مَرجانَةَ،أم وَاللّهِ لَو أنّی صاحِبُ أبیکَ ما سَأَلَنی خَصلَةً أبَداً إلّاأعطَیتُهُ إیّاها،
ص:282
ولَدَفَعتُ الحَتفَ عَنهُ بِکُلِّ مَا استَطَعتُ،ولکِنَّ اللّهَ قَضی ما رَأَیتَ،کاتِبنی مِنَ المَدینَةِ وأنهِ کُلَّ حاجَةٍ تَکونُ لَکَ.
وتَقَدَّمَ بِکِسوَتِهِ وکِسوَةِ أهلِهِ.وأنفَذَ مَعَهُم فی جُملَةِ النُّعمانِ بنِ بَشیرٍ رَسولاً تَقَدَّمَ إلَیهِ أن یَسیرَ بِهِم فِی اللَّیلِ،ویَکونوا أمامَهُ حَیثُ لا یَفوتونَ طَرفَهُ،فَإِذا نَزَلوا تَنَحّی عَنهُم وتَفَرَّقُ هُوَ وأصحابُهُ حَولَهُم کَهَیئَةِ الحَرَسِ لَهُم،ویَنزِلُ مِنهُم حَیثُ إذا أرادَ إنسانٌ مِن جَماعَتِهِم وُضوءاً وقَضاءَ حاجَةٍ لَم یَحتَشِم.
فَسارَ مَعَهُم فی جُملَةِ النُّعمانِ،ولَم یَزَل یُنازِلُهُم فِی الطَّریقِ ویَرفُقُ بِهِم کَما وَصّاهُ یَزیدُ ویَرعَونَهُم،حَتّی دَخَلُوا المَدینَةَ. (1)
2441.تاریخ الطبری عن أبی مخنف عن الحارث بن کعب: لَمّا أرادوا أن یَخرُجوا،دَعا یَزیدُ عَلِیَّ بنَ الحُسَینِ علیه السّلام،ثُمَّ قالَ:لَعَنَ اللّهُ ابنَ مَرجانَةَ،أما وَاللّهِ لَو أنّی صاحِبُهُ ما سَأَلَنی خَصلَةً أبَداً إلّاأعطَیتُها إیّاهُ،ولَدَفَعتُ الحَتفَ عَنهُ بِکُلِّ ما استَطَعتُ ولَو بِهَلاکِ بَعضِ وُلدی،ولکِنَّ اللّهَ قَضی ما رَأَیتَ.کاتِبنی وأنهِ کُلَّ حاجَةٍ تَکونُ لَکَ.
قالَ:وکَساهُم وأوصی بِهِم ذلِکَ الرَّسولَ.قالَ:فَخَرَجَ بِهِمُ [الرَّسولُ]،وکانَ یُسایِرُهُم بِاللَّیلِ فَیَکونونَ أمامَهُ حَیثُ لا یَفوتونَ طَرفَهُ،فَإِذا نَزَلوا تَنَحّی عَنهُم وتَفَرَّقَ هُوَ وأصحابُهُ حَولَهُم کَهَیئَةِ الحَرَسِ لَهُم،ویَنزِلُ مِنهُم بِحَیثُ إذا أرادَ إنسانٌ مِنهُم وُضوءاً أو قَضاءَ حاجَةٍ لَم یَحتَشِم.
فَلَم یَزَل یُنازِلُهُم فِی الطَّریقِ هکَذا ویَسأَلُهُم عَن حَوائِجِهِم ویُلَطِّفُهُم،حَتّی دَخَلُوا المَدینَةَ. (2)
ص:283
2442.مقتل الحسین علیه السّلام للخوارزمی: رُوِیَ أنَّ یَزیدَ عَرَضَ عَلَیهِم [أی عَلی سَبایا أهلِ البَیتِ] المُقامَ بِدِمَشقَ فَأَبَوا ذلِکَ،وقالوا:رُدَّنا إلَی المَدینَةِ لِأَنَّها مُهاجَرَةُ جَدِّنا.
فَقالَ لِلنُّعمانِ بنِ بَشیرٍ:جَهِّز هؤُلاءِ بِما یُصلِحُهُم وَابعَث مَعَهُم رَجُلاً مِن أهلِ الشّامِ أمیناً صالِحاً،وَابعَث مَعَهُم خَیلاً وأعواناً.
ثُمَّ کَساهُم وحَباهُم وفَرَضَ لَهُمُ الأَرزاقَ وَالأَنزالَ.ثُمَّ دَعا بِعَلِیِّ بنِ الحُسَینِ علیه السّلام فَقالَ لَهُ:لَعَنَ اللّهُ ابنَ مَرجانَةَ ! أما وَاللّهِ لَو کُنتُ صاحِبَهُ ما سَأَلَنی خُطَّةً (1)إلّاأعطَیتُها إیّاهُ،ولَدَفَعتُ عَنهُ الحَتفَ بِکُلِّ ما قَدَرتُ عَلَیهِ،ولَو بِهَلاکِ بَعضِ وُلدی،ولکِن قَضَی اللّهُ ما رَأَیتَ.فَکاتِبنی بِکُلِّ حاجَةٍ تَکونُ لَکَ،ثُمَّ أوصی بِهِمُ الرَّسولَ.فَخَرَجَ بِهِم الرَّسولُ یُسایِرُهُم،فَیَکونُ أمامَهُم حَیثُ لا یَفوتونَ طَرفَهُ،فَإِذا نَزَلوا تَنَحّی عَنهُم وتَفَرَّقَ هُوَ وأصحابُهُ کَهَیئَةِ الحَرَسِ،ثُمَّ یَنزِلُ بِهِم حَیثُ أرادَ أحَدُهُمُ الوُضوءَ، ویَعرِضُ عَلَیهِم حَوائِجَهُم،ویَلطِفُ بِهِم حَتّی دَخَلُوا المَدینَةَ. (2)
2443.أنساب الأشراف: أعطی یَزیدُ کُلَّ امرَأَةٍ مِن نِساءِ الحُسَینِ ضِعفَ ما ذَهَبَ لَها،وقالَ:
عَجَّلَ ابنُ سُمَیَّةَ لَعنَةُ اللّهِ عَلَیهِ.
وبَعَثَ یَزیدُ بِالنِّساءِ وَالصِّبیانِ إلَی المَدینَةِ مَعَ رَسولٍ،وأوصاهُ بِهِم،فَلَم یَزَل یَرفُقُ بِهِم حَتّی وَرَدُوا المَدینَةَ.
وقالَ لِعَلِیِّ بنِ الحُسَینِ علیه السّلام:إن أحبَبتَ أن تُقیمَ عِندَنا بَرَرناکَ ووَصَلناکَ.فَاختارَ إتیانَ المَدینَةِ،فَوَصَلَهُ وأشخَصَهُ إلَیها. (3)
2444.الطبقات الکبری (الطبقة الخامسة من الصحابة): بَعَثَ [یَزیدُ] بِثَقَلِ الحُسَینِ علیه السّلام ومَن بَقِیَ
ص:284
مِن نِسائِهِ وأهلِهِ ووُلدِهِ مَعَهُم،وجَهَّزَهُم بِکُلِّ شَیءٍ،لَم یَدَع لَهُم حاجَةً بِالمَدینَةِ إلّا أمَرَ لَهُم بِها،وقالَ لِعَلِیِّ بنِ حُسَینٍ علیه السّلام:إن أحبَبتَ أن تُقیمَ عِندَنا فَنَصِلَ رَحِمَکَ ونَعرِفَ لَکَ حَقَّکَ فَعَلتَ،وإن أحبَبتَ أن أرُدَّکَ إلی بِلادِکَ أصِلُکَ.
قالَ:بَل تَرُدُّنی إلی بِلادی.
فَرَدَّهُ إلَی المَدینَةِ ووَصَلَهُ،وأمَرَ الرُّسُلَ الَّذینَ وَجَّهَهُم مَعَهُم أن یَنزِلوا بِهِم حَیثُ شاؤوا ومَتی شاؤوا.وبَعَثَ بِهِم مَعَ مُحرِزِ بنِ حُرَیثٍ الکَلبِیِّ ورَجُلٍ مِن بَهراءَ،وکانا مِن أفاضِلِ أهلِ الشّامِ. (1)
2445.الملهوف: لَمّا رَجَعَ نِساءُ الحُسَینِ علیه السّلام وعِیالُهُ مِنَ الشّامِ وبَلَغوا إلَی العِراقِ،قالوا لِلدَّلیلِ:
مُرَّ بِنا عَلی طریقِ کَربَلاءَ،فَوَصَلوا إلی مَوضِعِ المَصرَعِ،فَوَجَدوا جابِرَ بنَ عَبدِ اللّهِ الأَنصارِیَّ رَحِمَهُ اللّهُ وجَماعَةً مِن بَنی هاشِمٍ ورِجالاً مِن آلِ الرَّسولِ صلّی اللّه علیه و آله قَد وَرَدوا لِزِیارَةِ قَبرِ الحُسَینِ علیه السّلام،فَوافَوا فی وَقتٍ واحِدٍ،وتَلاقَوا بِالبُکاءِ وَالحُزنِ وَاللَّطمِ، وأقامُوا المَآتِمَ المُقرِحَةَ لِلأَکبادِ،وَاجتَمَعَت إلَیهِم نِساءُ ذلِکَ السَّوادِ (2)،وأقاموا عَلی ذلِکَ أیّاماً. (3)
2446.مثیر الأحزان: لَمّا مَرَّ عِیالُ الحُسَینِ علیه السّلام بِکَربَلاءَ،وَجَدوا جابِرَ بنَ عَبدِ اللّهِ الأَنصارِیَّ رَحمَةُ اللّهِ عَلَیهِ وجَماعَةً مِن بَنی هاشِمٍ قَدِموا لِزِیارَتِهِ فی وَقتٍ واحِدٍ،فَتَلاقَوا
ص:285
بِالحُزنِ وَالاِکتِئابِ وَالنَّوحِ عَلی هذَا المُصابِ المُقرِحِ لِأَکبادِ الأَحبابِ. (1)
2447.الآثار الباقیة: فی العِشرینَ رُدَّ رَأسُ الحُسَینِ علیه السّلام إلی مَجثَمِهِ حَتّی دُفِنَ مَعَ جُثَّتِهِ،وفیهِ زِیارَةُ الأَربَعینَ،وهُم حَرَمُهُ بَعدَ انصِرافِهِم مِنَ الشّامِ. (2)
2448.الأمالی للصدوق عن فاطمة بنت علیّ علیه السّلام: إنَّ یَزیدَ أمَرَ بِنِساءِ الحُسَینِ علیه السّلام فَحُبِسنَ مَعَ عَلِیِّ بنِ الحُسَینِ علیهما السّلام فی مَحبِسٍ،لا یُکِنُّهُم مِن حَرٍّ ولا قَرٍّ حَتّی تَقَشَّرَت وُجوهُهُم،ولَم یُرفَع بِبَیتِ المَقدِسِ حَجَرٌ عَن وَجهِ الأَرضِ إلّاوُجِدَ تَحتَهُ دَمٌ عَبیطٌ (3)،وأبصَرَ النّاسُ الشَّمسَ عَلَی الحیطانِ حَمراءَ کَأَنَّها المَلاحِفُ المُعَصفَرَةُ (4)،إلی أن خَرجَ عَلِیُّ بنُ الحُسَینِ علیهما السّلام بِالنِّسوَةِ،ورَدَّ رَأسَ الحُسَینِ علیه السّلام إلی کَربَلاءَ. (5)(6)
2449.مصباح الزائر عن عطا: کُنتُ مَعَ جابِرِ بنِ عَبدِ اللّهِ یَومَ العِشرینَ مِن صَفَرٍ،فَلَمّا وَصَلنَا الغاضِرِیَّةَ (7)اغتَسَلَ فی شَریعَتِها،ولَبِسَ قَمیصاً کانَ مَعَهُ طاهِراً.
ثُمَّ قالَ لی:أمَعَکَ شَیءٌ مِنَ الطّیبِ یا عَطا؟قُلتُ:مَعی سُعدٌ (8)،فَجَعَلَ مِنهُ عَلی
ص:286
رَأسِهِ وسائِرِ جَسَدِهِ.
ثُمَّ مَشی حافِیاً حَتّی وَقَفَ عِندَ رَأسِ الحُسَینِ علیه السّلام،وکَبَّرَ ثَلاثاً ثُمَّ خَرَّ مَغشِیّاً عَلَیهِ،فَلَمّا أفاقَ سَمِعتُهُ یَقولُ:
السَّلامُ عَلَیکُم یا آلَ اللّهِ.... (1)
2450.بشارة المصطفی عن عطیّة العوفی (2): خَرَجتُ مَعَ جابِرِ بنِ عَبدِ اللّهِ الأَنصارِیِّ زائِرَینِ قَبرَ الحُسَینِ بنِ عَلِیِّ بنِ أبی طالِبٍ علیه السّلام،فَلَمّا وَرَدنا کَربَلاءَ دَنا جابِرٌ مِن شاطِئِ الفُراتِ فَاغتَسَلَ،ثُمَّ اتَّزَرَ بِإِزارٍ وَارتَدی بِآخَرَ،ثُمَّ فَتَحَ صُرَّةً فیها سُعدٌ فَنَثَرَها عَلی بَدَنِهِ،ثُمَّ لَم یَخطُ خُطوَةً إلّاذَکَرَ اللّهَ تَعالی.
حَتّی إذا دَنا مِنَ القَبرِ قالَ:ألمِسنیهِ،فَأَلمَستُهُ،فَخَرَّ عَلَی القَبرِ مَغشِیّاً عَلَیهِ، فَرَشَشتُ عَلَیهِ شَیئاً مِنَ الماءِ،فَلَمّا أفاقَ قالَ:یا حُسَینُ،ثَلاثاً،ثُمَّ قالَ:حَبیبٌ لا یُجیبُ حَبیبَهُ.ثُمَّ قالَ:وأنّی لَکَ بِالجَوابِ وقَد شُحِطَت أوداجُکَ (3)عَلی أثباجِکَ (4)،
ص:287
وفُرِّقَ بَینَ بَدَنِکَ ورَأسِکَ،فَأَشهَدُ أنَّکَ ابنُ خاتَمِ النَّبِیّینَ،وَابنُ سَیِّدِ المُؤمِنینَ،وَابنُ حَلیفِ التَّقوی وسَلیلِ الهُدی وخامِسُ أصحابِ الکِساءِ،وَابنُ سَیِّدِ النُّقَباءِ،وَابنُ فاطِمَةَ سَیِّدَةِ النِّساءِ،وما لَکَ لا تَکونُ هکَذا وقَد غَذَّتکَ کَفُّ سَیِّدِ المُرسَلینَ،ورُبّیتَ فی حِجرِ المُتَّقینَ،ورُضِعتَ مِن ثَدیِ الإِیمانِ وفُطِمتَ بِالإِسلامِ،فَطِبتَ حَیّاً وطِبتَ مَیِّتاً،غَیرَ أنَّ قُلوبَ المُؤمِنینَ غَیرُ طَیِّبَةٍ لِفِراقِکَ،ولا شاکَّةٍ فِی الخِیَرَةِ لَکَ،فَعَلَیکَ سَلامُ اللّهِ ورِضوانُهُ،وأشهَدُ أنَّکَ مَضَیتَ عَلی ما مَضی عَلَیهِ أخوکَ یَحیَی بنُ زَکَرِیّا.
ثُمَّ جالَ بِبَصَرِهِ حَولَ القَبرِ وقالَ:السَّلامُ عَلَیکُم أیَّتُهَا الأَرواحُ الَّتی حَلَّت بِفِناءِ الحُسَینِ وأناخَت بِرَحلِهِ،وأشهَدُ أنَّکُم أقَمتُمُ الصَّلاةَ وآتَیتُمُ الزَّکاةَ،وأمَرتُم بِالمَعروفِ ونَهَیتُم عَنِ المُنکَرِ،وجاهَدتُمُ المُلحِدینَ،وعَبَدتُمُ اللّهَ حَتّی أتاکُمُ الیَقینُ.
وَالَّذی بَعَثَ مُحَمَّداً بِالحَقِّ نَبِیّاً لَقَد شارَکنا کُم فیما دَخَلتُم فیهِ.
قالَ عَطِیَّةُ:فَقُلتُ لَهُ:یا جابِرُ ! کَیفَ ولَم نَهبِط وادِیاً ولَم نَعلُ جَبَلاً ولَم نَضرِب بِسَیفٍ،وَالقَومُ قَد فُرِّقَ بَینَ رُؤوسِهِم وأبدانِهِم،واُوتِمَت أولادُهُم،وأرمَلَت أزواجُهُم؟!
فَقالَ:یا عَطِیَّةُ ! سَمِعتُ حَبیبی رَسولَ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله یَقولُ:مَن أحَبَّ قَوماً حُشِرَ مَعَهُم، ومَن أحَبَّ عَمَلَ قَومٍ اشرِکَ فی عَمَلِهِم،وَالَّذی بَعَثَ مُحَمَّداً بِالحَقِّ نَبِیّاً،إنَّ نِیَّتی ونِیَّةَ أصحابی عَلی ما مَضی عَلَیهِ الحُسَینُ علیه السّلام وأصحابُهُ،خُذوا بی نَحوَ أبیاتِ کوفانَ. (1)
فَلَمّا صِرنا فی بَعضِ الطَّریقِ قالَ:یا عَطِیَّةُ ! هَل اوصیکَ وما أظُنُّ أنَّنی بَعدَ هذِهِ السَّفَرَةِ مُلاقیکَ؟أحبِب مُحِبَّ آلِ مُحَمَّدٍ صلّی اللّه علیه و آله ما أحَبَّهُم،وأبغِض مُبغِضَ آلِ مُحَمَّدٍ ما أبغَضَهُم وإن کانَ صَوّاماً قَوّاماً،وَارفُق بِمُحِبِّ مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ،فَإِنَّهُ إن تَزِلَّ لَهُ قَدَمٌ بِکَثرَةِ ذُنوبِهِ ثَبَتَت لَهُ اخری بِمَحَبَّتِهِم،فَإِنَّ مُحِبَّهُم یَعودُ إلَی الجَنَّةِ،ومُبغِضَهُم
ص:288
یَعودُ إلَی النّارِ. (1)
2451.مَسارُّ الشیعة: فِی الیَومِ العِشرینَ مِنهُ [أی مِن شَهرِ صَفَرٍ] کانَ رَجوعُ حَرَمِ سَیِّدِنا ومَولانا أبی عَبدِ اللّهِ علیه السّلام مِنَ الشّامِ إلی مَدینَةِ الرَّسولِ صلّی اللّه علیه و آله،وهُوَ الیَومُ الَّذی وَرَدَ فیهِ جابِرُ بنُ عَبدِ اللّهِ بنِ حِزامٍ الأَنصارِیُّ-صاحِبُ رَسولِ اللّهِ صَلَّی اللّهُ عَلَیهِ وآلِهِ ورَضِیَ اللّهُ تَعالی عَنهُ-مِنَ المَدینَةِ إلی کَربَلاءَ لِزِیارَةِ قَبرِ أبی عَبدِ اللّهِ علیه السّلام.
فَکانَ أوَّلَ مَن زارَهُ مِنَ النّاسِ. (2)
2452.المصباح للکفعمی: سُمِّیَت بِزِیارَةِ الأَربَعینَ لِأَنَّ وَقتَها یَومُ العِشرینَ مِن شَهرِ صَفَرٍ،وذلِکَ لِأَربَعینَ یَوماً مِن مَقتَلِ الحُسَینِ علیه السّلام،وهُوَ الیَومُ الَّذی وَرَدَ فیهِ جابِرُ بنُ عَبدِ اللّهِ الأَنصارِیُّ صاحِبُ النَّبِیِّ صلّی اللّه علیه و آله مِنَ المَدینَةِ إلی کَربَلاءَ لِزِیارَةِ قَبرِ الحُسَینِ علیه السّلام،فَکانَ أوَّلَ مَن زارَهُ مِنَ النّاسِ...وفی هذَا الیَومِ کانَ رُجوعُ حَرَمِ الحُسَینِ علیه السّلام مِنَ الشّامِ إلَی المَدینَةِ. (3)
ص:289
ص:290
هناک عدّة قضایا قابلة للبحث والدراسة حول عودة أهل بیت الحسین علیه السّلام إلی کربلاء، ولقائهم بجابر بن عبد اللّه الأنصاری فی أربعین شهداء عاشوراء:
الاُولی:هل مرّ أهل بیت الإمام علیه السّلام فی عودتهم من الشام،علی کربلاء أم لا؟وعلی تقدیر مرورهم،فهل حدث ذلک فی الأربعین أم لا؟وإذا ما حدث ذلک فی الأربعین،فهل هی الأربعین الاُولی-أی عام 61 للهجرة-أم الأربعین الثانیة؟
الثانیة:هل کان بمقدور جابر بن عبد اللّه أن یوصل نفسه إلی کربلاء فی الأربعین الاُولی؟
الثالثة:هل حدث لقاءٌ بین جابر وأهل بیت سیّد الشهداء فی کربلاء،أم لم یحدث؟
فیما یتعلّق بعودة أهل بیت سیّد الشهداء إلی کربلاء-وعلی فرض عودتهم-و هل أنّه فی الأربعین الاُولی أم فی الأربعین الثانیة،أم فی غیر الأربعین؟توجد آراء مختلفة نشیر إلیها:
یری البعض مثل الشهید آیة اللّه المطهّری أنّ أهل بیت الإمام علیه السّلام لم یعودوا إلی کربلاء،حیث قال:
عندما یحلّ یوم الأربعین،یقرأ الجمیع هذه التعزیة،ویتصوّر الناس أنّ الأسری
ص:291
قدموا من الشام إلی کربلاء،والتقوا فیها بجابر،والتقی الإمام زین العابدین أیضاً بجابر،فی حین أنّ المصدر الوحید له هو کتاب اللهوف،والذی کذّب مؤلّفه- السیّد ابن طاووس-ذلک فی کتبه الاُخری،أو علی الأقلّ لم یؤیّده،ولا یوجد أیّ دلیل عقلی یؤیّده.و هل یمکن منع مثل هذه القضایا التی تذکر کلّ سنة؟! لقد کان جابر أوّل زائر للإمام الحسین علیه السّلام،والأربعینیّة لا تتضمّن شیئاً سوی زیارة قبر الإمام الحسین علیه السّلام.فالموضوع لیس هو تجدید عزاء أهل البیت،ولیس هو مجیء أهل البیت إلی کربلاء،بل إنّ طریق الشام لا یمرّ بکربلاء أساساً،فطریق الشام إلی المدینة یفترق عن طریق کربلاء من الشام . (1)
ویبدو أنّ هذا الرأی یقوم علی ما قاله المحدّث النوری فی کتاب اللؤلؤ والمرجان فی هذا المجال،حیث یقول ضمن بیان أدلّته لإثبات عدم عودة أهل البیت إلی کربلاء:
لا یخفی علی کلّ ناظر فی کتب المقاتل،أنّه بعد الندم الظاهری للرجس الخبیث یزید،والاعتذار،وتخییر آل اللّه بین البقاء فی الشام والعودة إلی الوطن الأصلی المدینة المنورة،واختیارهم الرجوع؛أنّهم خرجوا من الشام متّجهین إلی المدینة، ولا نجد ذکراً للعراق وکربلاء،ولم یکن من المقرّر أن یتّجهوا نحو تلک الجهة، فطریق الشام إلی العراق یفترق من نفس الشام عن طریق الشام إلی الحجاز،ولا یجمعهما قدر مشترک کما سمعناه من المتردّدین،ویتّضح من اختلاف الطول الجغرافی لهذه البلدان الثلاثة،فمن یعزم الذهاب من الشام إلی العراق فإنّ علیه أن یتّجه من هناک ویسیر فی طریق العراق،وإذا ما خرج أهل البیت من هناک بهذا القصد کما یبدو من ظاهر عبارة اللهوف،فلا یتیسّر لهم ذلک من دون علم یزید الخبیث وإذنه،ولم یرد فی تلک المجالس ذکر لهذا القصد،ویبدو أنّهم لم یکونوا یقصدون من السیر إلی العراق سوی زیارة التربة المقدّسة،ولا نظنّ أنّ یزید
ص:292
-مع خبث سریرته ورجاسة فطرته-یرضی بذلک لو أظهروا له هذا العزم ویأذن لهم فی ذلک ویضاعف نفقات السفر مع دناءة طبعه وقلّة حیائه،بحیث یقدّم لهم مئتی دینار و یقول لهم:إنّ هذا بدل عمّا فاتکم.وعلی أیّ حال فإنّ هذا الاستبعاد یسلب الوثوق من کلام ذلک الراوی المجهول الذی نقل عنه فی اللهوف بالمرّة، والذی هو من أهل السیر والتواریخ،وإذا ما ضممنا إلیه تلک الشواهد فی المقدّمة، فإنّ اصول هذا الاحتمال تنهدم من الأساس.وعلی هذا فإنّ ما یذکره قرّاء المآتم بنحو قطعی بشأن حدوث هذه الواقعة لمجرّد الکلام المذکور،ینمّ عن نهایة الجهل والتجرّؤ،ولیتهم قنعوا بالأسطر القلیلة الواردة فی اللهوف،أو مقتل أبی مخنف، ولم یزرعوها فی قلوبهم کما تزرع الشجرة فی أرض سبخة قاحلة،ولَما تشعّبت منها کلّ تلک الأغصان والأوراق،ولما قطفوا منها ثمار الأکاذیب المختلفة،ولما نقلوا علی لسان حجّة اللّه البالغة الإمام السجّاد علیه السّلام کلّ ذلک الکذب بشأن اللقاء المزعوم مع جابر.... (1)
وکتب المحدّث القمّی أیضاً تبعاً لاُستاذه المحدّث النوری قائلاً:
اعلموا إنّ ثقاة المحدّثین والمؤرّخین متّفقون،بل إنّ السیّد الجلیل علیّ بن طاووس نفسه روی أیضاً أنّ عمر بن سعد اللعین بعث بعد شهادة الإمام الحسین علیه السّلام رؤوس الشهداء أوّلاً إلی الملعون ابن زیاد،ثمّ حمل بعد ذلک الیوم أهل البیت إلی الکوفة، فحبسهم ابن زیاد الخبیث بعد معرفته بأهل البیت علیهم السّلام والشماتة بهم،وبعث کتاباً إلی یزید بن معاویة بشأن ما علیه أن یفعله بأهل البیت والرؤوس،فأجابه یزید بأنّ علیه أن یبعثهم إلی الشام.
ولا جرم أنّ ابن زیاد الملعون أعدّ سفرهم وأرسلهم إلی الشام،والذی یظهر من القضایا العدیدة والحکایات المتفرّقة المنقولة بشأن تسییرهم إلی الشام والمرویّة
ص:293
فی الکتب المعتبرة أنّه تمّ تسییرهم من الطریق السلطانی والقری والمدن العامرة، حیث یبلغ هذا الطریق حوالی أربعین منزلاً،وإذا غضضنا النظر عن ذکر منازلهم وقلنا إنّ سیرهم کان من الصحراء فی غرب الفرات،فإنّه یستغرق عشرین یوماً أیضاً،فقد ذکر أنّ المسافة بین الکوفة والشام إذا کانت بخطٍّ مستقیم هی مئة وخمسة وسبعین فرسخاً،وأقاموا فی الشام ما یقرب من شهر،کما ذکر السیّد فی الإقبال فقال:روی أنّ أهل البیت أقاموا فی الشام شهراً فی موضعٍ لا یقیهم من الحرّ والبرد.فإذا لوحظ ما تقدّم ذکره فإنّ من المستبعد جدّاً أن یعود أهل البیت من الشام إلی کربلاء بعد کلّ هذه القضایا ویدخلوا کربلاء فی العشرین من شهر صفر، یوم الأربعین و یوم وصول جابر إلی کربلاء.وقد استبعد السیّد الأجل نفسه فی الإقبال ذلک،فضلاً عن أنّه لم یشر إلی ذلک أحد من المحدّثین الأجلّاء أو أحد المعتمدین من أهل السیر والتواریخ فی المقاتل وغیرها،رغم أنّ ذکره کان مناسباً من بعض الجهات،بل من سیاق کلامه یتّضح إنکاره لذلک،کما یستفاد ذلک أیضاً من عبارة الشیخ المفید بشأن سفر أهل البیت نحو المدینة،ویقرب منها عبارة ابن الأثیر والطبری والقرمانی وآخرین،ولیس فی شیء منها سفرهم إلی العراق،بل إنّ الشیخ المفید (1)والشیخ الطوسی (2)والکفعمی (3)ذکروا أنّه فی الیوم العشرین من صفر کان رجوع حرم أبی عبداللّه علیه السّلام من الشام إلی المدینة،وهو الیوم الّذی ورد فیه جابر بن عبداللّه الأنصاری من المدینة إلی کربلاء لزیارة قبر أبی عبداللّه علیه السّلام، فکان اوّل من زاره من الناس. (4)
وبسط شیخنا العلّامة النوری طاب ثراه فی کتاب اللؤلؤ والمرجان القول فی الردّ علی هذا النقل،واعتذر عن نقل السیّد ابن طاووس له فی کتابه،والمقام لا یتّسع
ص:294
لبسط الکلام فیه.
واحتمل البعض أنّ أهل البیت علیهم السّلام قدموا إلی کربلاء عند ذهابهم من الکوفة إلی الشام،إلّاأنّ هذا الاحتمال بعید لجهاتٍ عدیدة.کما احتمل أنّهم جاؤوا إلی کربلاء بعد الرجوع من الشام،ولکن فی غیر یوم الأربعین؛ذلک لأنّ السیّد والشیخ ابن نما رویا وصولهم إلی کربلاء ولم یقیّدوه بیوم الأربعین، (1)و هذا الاحتمال ضعیف أیضاً؛ذلک لأنّ الآخرین-مثل صاحب روضة الشهداء، (2)وحبیب السیر (3)وغیرهما (4)ممّن نقلوه-قیّدوه بیوم الأربعین،کما یظهر من عبارة السیّد أنّهم دخلوا کربلاء مع جابر فی یوم واحد ووقت واحد،حیث قال:«فوافوا فی وقت واحد»ومن المسلّم أنّ وصول جابر إلی کربلاء کان فی یوم الأربعین.بالإضافة إلی کلّ ما ذُکر،فإنّ تفصیل دخول جابر کربلاء جاء فی کتاب مصباح الزائر للسیّد ابن طاووس وبشارة المصطفی، (5)وکلاهما من الکتب المعتبرة،ولم یرد ذکر دخول أهل البیت فی ذلک الوقت أصلاً رغم اقتضاء المقام ذکره . (6)
استبعد السیّد ابن طاووس قدس سره عودة أهل بیت سیّد الشهداء فی الأربعین الاُولی إلی کربلاء، ولم ینکر أصل عودتهم،و هذا هو نصّ کلامه:
وجدت فی مصباح المتهجد (7)،أنّ حرم الحسین علیه السّلام وصلوا المدینة مع مولانا
ص:295
علیّ بن الحسین علیه السّلام یوم العشرین من صفر،وفی غیره أنّهم وصلوا کربلاء فی عودهم من الشام یوم العشرین من صفر،وکلاهما مستبعد؛لأنّ عبید اللّه بن زیاد لعنه اللّه کتب إلی یزید یعرّفه ما جری و یستأذنه فی حملهم،ولم یحملهم حتّی عاد الجواب إلیه،و هذا یحتاج إلی نحو عشرین یوماً،أو أکثر منها؛ولأنّه لمّا حملهم إلی الشام روی أنّهم أقاموا فیها شهراً فی موضعٍ لا یقیهم من حرّ ولا برد،ومقتضی الحال أنّهم تأخّروا أکثر من أربعین یوماً من یوم قتل الحسین علیه السّلام إلی أن وصلوا العراق،أو المدینة.فرجوعهم إلی کربلاء ممکن،إلّاأنّه لا یکون وصولهم إلیها یوم العشرین من صفر... . (1)
ویتّضح من خلال التأمّل فی هذا الکلام،أن لا تعارض بین کلام السیّد ابن طاووس هنا وبین ما نقله فی کتاب اللهوف ،من أنّ أهل البیت مرّوا بکربلاء خلال عودتهم من الشام،وما استبعده هو وصول أهل البیت فی الأربعین الاُولی إلی کربلاء،لا مجیئهم مطلقاً.وبناءً علی ذلک،فما قیل من أنّ السیّد ابن طاووس عدل فی کتاب الإقبال عن کلامه فی اللهوف (2)،لیس صحیحاً،وسببه هو عدم التأمّل فی کلامه.
یری البعض،استناداً إلی القرائن الدالّة علی عدم إمکان عودة أهل بیت سیّد الشهداء إلی کربلاء فی الأربعین الاُولی،أنّ وصولهم ووصول جابر بن عبد اللّه الأنصاری إلی کربلاء کان فی الأربعین الثانیة وفی عام 62 للهجرة،یقول صاحب کتاب قمقام زخّار فی هذا المجال:
ص:296
من الصعب تصدیق مجیء أهل بیت سیّد الشهداء فی یوم الأربعین من سنة 61 للهجرة إلی کربلاء المقدّسة،إذا لاحظنا المسافة والسفر المتعارف،بل هو خلاف العقل،ففی یوم عاشوراء فاز الإمام علیه السّلام بدرجة الشهادة الرفیعة،ومکث عمر بن سعد یوماً لدفن قتلاه،وانطلق فی الیوم الحادی عشر،وتبلغ المسافة بین کربلاء المقدّسة والکوفة إذا لوحظت بخطّ مستقیم ثمانیة فراسخ تقریباً،وقد أبقی اللعین عبید اللّه أهل بیت العصمة بضعة أیّام فی الکوفة کی یشتهر عمله ویدخل الرعب فی قلوب قبائل العرب،حتّی بلغه الخبر من یزید،بإرسال الاُساری إلی دمشق، وأرسلهم عن طریق حرّان وزیرة وحلب،وهی مسافة بعیدة وتبلغ من الکوفة إلی دمشق بخطّ مستقیم حوالی 175 فرسخاً.
وبعد وصولهم إلی الشام أبقوهم فیها ستّة أشهر استناداً إلی إحدی الروایات،حتّی سکن غضب یزید اللعین وحصل له الاطمئنان،وأذن للإمام السجّاد بالرجوع مع النساء والأطفال،فکیف یمکن أن یحدث ذلک الإیاب والذهاب فی مدّة أربعین یوماً؟!
فالمراد هو أربعین السنة اللّاحقة قطعاً،والتی هی سنة اثنین وستّین للهجرة،وکلّ من نظر بتدبّر فسوف یصدّق کاتب الرسالة،وأنّ جابر بن عبد اللّه تشرّف بالزیارة فی الأربعین من عام 62.ویعود شرف جابر إلی أنّه أوّل کبار الصحابة المخلصین والمعزّین الذین شدّوا الرحال لزیارة سید الشهداء،ونال هذه السعادة وکفاه فخراً،وإنّ کاتب الرسالة منفرد فی هذا القول،أقول ذلک و أخرج من عهدته،واللّه ولیّ التوفیق. (1)
وممّا یجدر ذکره أنّ الکاتب لم یقم دلیلاً علی إثبات رأیه،ومن البدیهیّ أنّ القرائن المؤدّیة إلی استبعاد وصول أهل البیت إلی کربلاء فی الأربعین الاُولی لا تُثبِت أنّه کان فی الأربعین الثانیة.
یُعدّ الآثار الباقیة لأبی الریحان البیرونی (م 440ه.ق) المصدر الوحید بین المصادر القدیمة،والکتاب الوحید الذی صرّح بأنّ أهل بیت سیّد الشهداء عادوا إلی کربلاء فی
ص:297
الأربعین (1)،ولکنّ هذا الکلام لا یمکن الأخذ به نظراً إلی ما قیل،خاصّة وإنّ أیّاً من المصادر لم تؤیّد هذا الرأی حتّی القرن السابع.
إلا أنّ عودة أهل بیت سیّد الشهداء إلی کربلاء فی غیر الأربعین قد ذُکرت فی مصادر مثل: أمالی الصدوق ، (2)اللهوف ،و مثیر الأحزان . (3)ولعلّ الإشکال الوحید الذی یمکن طرحه فی هذا المجال،هو أنّ طریق الشام إلی المدینة یعتبر طریقاً مستقلاًّ،ولا علاقة له بطریق کربلاء، (4)وکما قال المحدّث النوری:فإنّ من المستبعد أن یکون یزید قد أذن بأن یطیلوا السفر ویقتادوا أهل البیت إلی کربلاء مرّة اخری.إلّاأنّه مع هذا الاستبعاد لا یمکن إنکار أصل عودة أهل البیت إلی کربلاء. (5)
هناک روایات عدیدة تدلّ علی حضور جابر بن عبد اللّه الأنصاری فی الأربعین الأولی لشهداء کربلاء سنة 61 هجریة. (6)
ولکن شکّک البعض فی هذه الروایات؛نظراً إلی أنّ السفر من المدینة إلی کربلاء بالإمکانات المتاحة آنذاک بعد وصول الخبر إلی المدینة کان یستغرق أکثر من أربعین یوماً، وعلیه فلم یکن بإمکان جابر الحضور فی کربلاء فی الأربعین الاُولی. (7)
ص:298
ولکن یمکن الإجابة علی هذا التشکیک بالقول:
أوّلاً:لم یثبت أنّ جابراً کان فی المدینة عند واقعة عاشوراء،فلعلّه کان فی ذلک الوقت قد غادر المدینة إلی الکوفة.
ثانیاً:یمکن القول باحتمال بلوغ خبر شهادة الإمام وأصحابه خلال مدّة عشرة أیّام، وکان بمقدور جابر الوصول إلی کربلاء خلال المدّة المتبقّیة حتّی الأربعین.
یتبیّن من خلال التأمّل فیما أوضحناه بشکل مفصّل،أنّ عودة أهل بیت سیّد الشهداء إلی کربلاء حسب ما رواه السیّد ابن طاووس من الممکن وقوعها فی غیر الأربعین،ومن الممکن أیضاً أنّ اللقاء مع جابر قد تمّ فی غیر الأربعین،و ذلک بأن یقال:إنّ جابراً بقی فی کربلاء فترة،أو أقام فی الکوفة،أو حوالیها ثمّ عاد إلی کربلاء من جدید لزیارة سیّد الشهداء، والسؤال الوحید الذی یبقی دون إجابة فی هذا المجال،هو أنّه لماذا لم ترد الإشارة إلی هذه الحادثة فی مصادر الشیعة حتّی القرن السابع،إن کان مثل ذلک قد حدث حقّاً،ولا توجد فی هذا المجال روایة عن أهل البیت علیهم السّلام فی المصادر القدیمة والمعتبرة؟! نعم ذکرت فی المصادر المتأخّرة معلومات کثیرة فی هذا المجال،إلّاأنّه لا یمکن الاستناد إلیها.
وعلی أیّ حال،فإنّ إنکار أو استبعاد عودة أهل بیت سیّد الشهداء بالنحو الذی ذکره المحدّث النوری والشیخ عبّاس القمّی والاُستاذ المطهّری،لا یبدو صحیحاً.
ص:299
2453.الملهوف عن بشیر بن حذلم (1): فَلَمّا قَرُبنا مِنها [أی مِنَ المَدینَةِ] نَزَلَ عَلِیُّ بنُ الحُسَینِ علیه السّلام فَحَطَّ رَحلَهُ،وضَرَبَ فُسطاطَهُ وأنزَلَ نِساءَهُ،وقالَ:یا بَشیرُ ! رَحِمَ اللّهُ أباکَ لَقَد کانَ شاعِراً،فَهَل تَقدِرُ عَلی شَیءٍ مِنهُ؟
قُلتُ:بَلی-یَابنَ رَسولِ اللّهِ-إنّی لَشاعِرٌ.
قالَ:فَادخُلِ المَدینَةَ وَانعَ أبا عَبدِ اللّهِ علیه السّلام،قالَ بَشیرٌ:فَرَکِبتُ فَرَسی ورَکَضتُ حَتّی دَخَلتُ المَدینَةَ،فَلَمّا بَلَغتُ مَسجِدَ النَّبِیِّ صلّی اللّه علیه و آله رَفَعتُ صَوتی بِالبُکاءِ،وأنشَأتُ أقولُ:
یا أهلَ یَثرِبَ لا مُقامَ لَکُم بِها
قالَ:ثُمَّ قُلتُ:هذا عَلِیُّ بنُ الحُسَینِ مَعَ عَمّاتِهِ وأخَواتِهِ قَد حَلّوا بِساحَتِکُم ونَزَلوا بِفِنائِکُم،وأنَا رَسولُهُ إلَیکُم اعَرِّفُکُم مَکانَهُ.
قالَ:فَما بَقِیَت فِی المَدینَةِ مُخَدَّرَةٌ ولا مُحَجَّبَةٌ إلّابَرَزنَ مِن خُدورِهِنَّ،مَکشوفَةً شُعورُهُنَّ مُخَمَّشَةً وُجوهُهُنَّ،ضارِباتٍ خُدودَهُنَّ،یَدعونَ بِالوَیلِ وَالثُّبورِ،فَلَم أرَ باکِیاً ولا باکِیَةً أکثَرَ مِن ذلِکَ الیَومِ،ولا یَوماً أمَرَّ عَلَی المُسلِمینَ مِنهُ بَعدَ وَفاةِ رَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله.
وسَمِعتُ جارِیَةً تَنوحُ عَلَی الحُسَینِ علیه السّلام وتَقولُ:
ص:300
نَعی سَیِّدی ناعٍ نَعاهُ فَأَوجَعا
ثُمَّ قالَت:أیُّهَا النّاعی ! جَدَّدتَ حُزنَنا بِأَبی عَبدِ اللّهِ علیه السّلام،وخَدَشتَ مِنّا قُروحاً لَمّا تَندَمِل،فَمَن أنتَ یَرحَمُکَ اللّهُ؟
قُلتُ:أنَا بَشیرُ بنُ حَذلَمٍ،وَجَّهَنی مَولایَ عَلِیُّ بنُ الحُسَینِ علیه السّلام وهُوَ نازِلٌ مَوضِعَ کَذا وکَذا مَعَ عِیالِ أبی عَبدِ اللّهِ الحُسَینِ علیه السّلام ونِسائِهِ.
قالَ:فَتَرَکونی مَکانی وبادَروا،فَضَرَبتُ فَرَسی حَتّی رَجَعتُ إلَیهِم،فَوَجَدتُ النّاسَ قَد أخَذُوا الطُّرُقَ وَالمَواضِعَ،فَنَزَلتُ عَن فَرَسی وتَخَطَّیتُ رِقابَ النّاسِ حَتّی قَرُبتُ مِن بابِ الفُسطاطِ،وکانَ عَلِیُّ بنُ الحُسَینِ علیه السّلام داخِلاً،فَخَرَجَ ومَعَهُ خِرقَةٌ یَمسَحُ بِها دُموعَهُ،وخَلفَهُ خادِمٌ مَعَهُ کُرسِیٌّ فَوَضَعَهُ لَهُ وجَلَسَ عَلَیهِ،وهُوَ لا یَتَمالَکُ مِنَ العَبرَةِ،فَارتَفَعَت أصواتُ النّاسِ بِالبُکاءِ،وحَنینُ الجَواری وَالنِّساءِ،وَالنّاسُ مِن کُلِّ ناحِیَةٍ یُعَزّونَهُ،فَضَجَّت تِلکَ البُقعَةُ ضَجَّةً شَدیدَةً،فَأَومَأَ بِیَدِهِ أنِ اسکُتوا، فَسَکَنَت فَورَتُهُم.
فَقالَ علیه السّلام:الحَمدُ للّهِ ِ رَبِّ العالَمینَ،الرَّحمنِ الرَّحیمِ،مالِکِ یَومِ الدّینِ،بارِئِ الخَلائِقِ أجمَعینَ،الَّذی بَعُدَ فَارتَفَعَ فِی السَّماواتِ العُلی،وقَرُبَ فَشَهِدَ النَّجوی،
ص:301
نَحمَدُهُ عَلی عَظائِمِ الاُمورِ،وفَجائِعِ الدُّهورِ،وألَمِ الفَواجِعِ،ومَضاضَةِ (1)اللَّواذِعِ (2)، وجَلیلِ الرُّزءِ،وعَظیمِ المَصائِبِ الفاظِعَةِ،الکاظَّةِ الفادِحَةِ الجائِحَةِ. (3)
أیُّهَا القَومُ ! إنَّ اللّهَ تَعالی ولَهُ الحَمدُ ابتَلانا بِمَصائِبَ جَلیلَةٍ،وثُلمَةٍ فِی الإِسلامِ عَظیمَةٍ،قُتِلَ أبو عَبدِ اللّهِ علیه السّلام وعِترَتُهُ،وسُبِیَ نِساؤُهُ وصِبیَتُهُ،وداروا بِرَأسِهِ فِی البُلدانِ مِن فَوقِ عامِلِ السِّنانِ،وهذِهِ الرَّزِیَّةُ الَّتی لا مِثلَها رَزِیَّةٌ.
أیُّهَا النّاسُ ! فَأَیُّ رِجالاتٍ مِنکُم یُسَرّونَ بَعدَ قَتلِهِ،أم أیَّةُ عَینٍ مِنکُم تَحبِسُ دَمعَها وتَضَنُّ عَنِ انهِمالِها؟فَلَقَد بَکَتِ السَّبعُ الشِّدادُ لِقَتلِهِ،وبَکَتِ البِحارُ بِأَمواجِها، وَالسَّماواتُ بِأَرکانِها،وَالأَرضُ بِأَرجائِها،وَالأَشجارُ بِأَغصانِها،وَالحیتانُ فی لُجَجِ البِحارِ،وَالمَلائِکَةُ المُقَرَّبونَ،وأهلُ السَّماواتِ أجمَعونَ.
أیُّهَا النّاسُ ! أیُّ قَلبٍ لا یَنصَدِعُ لِقَتلِهِ،أم أیُّ فُؤادٍ لا یَحِنُّ إلَیهِ،أم أیُّ سَمعٍ یَسمَعُ هذِهِ الثُّلمَةَ الَّتی ثَلِمَت فِی الإِسلامِ ولا یُصِمُّ؟!
أیُّهَا النّاسُ ! أصبَحنا مَطرودینَ مُشَرَّدینَ،مَذودینَ شاسِعینَ عَنِ الأَمصارِ کَأَنَّنا أولادُ تُرکٍ أو کابُلَ (4)،مِن غَیرِ جُرمٍ اجتَرَمناهُ،ولا مَکروهٍ ارتَکَبناهُ، ولا ثُلمَةٍ فِی الإِسلامِ ثَلَمناها،ما سَمِعنا بِهذا فی آبائِنَا الأَوَّلینَ «إِنْ هذا إِلاَّ اخْتِلاقٌ» . (5)
وَاللّهِ لَو أنَّ النَّبِیَّ صلّی اللّه علیه و آله تَقَدَّمَ إلَیهِم فی قِتالِنا کَمّا تَقَدَّمَ إلَیهِم فِی الوِصایَةِ بِنا،لَما زادوا عَلی ما فَعَلوا بِنا،فَإِنّا للّهِ ِ وإنّا إلَیهِ راجِعونَ،مِن مُصیبَةٍ ما أعظَمَها،وأوجَعَها
ص:302
وأفجَعَها،وأکَظَّها (1)،وأفظَعَها،وأمَرَّها،وأفدَحَها،فَعِندَ اللّهِ نَحتَسِبُ فیما أصابَنا وأبلَغَ بِنا،إنَّهُ عَزیزٌ ذُو انتِقامٍ.
قالَ الرّاوی:فَقامَ صوحانُ بنُ صَعصَعَةَ بنِ صوحانَ-وکانَ زَمِناً-فَاعتَذَرَ إلَیهِ [أی عَلِیِّ بنِ الحُسَینِ] صَلَواتُ اللّهِ عَلَیهِ بِما عِندَهُ مِن زَمانَةِ رِجلَیهِ،فَأَجابَهُ بِقَبولِ مَعذِرَتِهِ،وحُسنِ الظَّنِّ بِهِ،وشَکَرَ لَهُ وتَرَحَّمَ عَلی أبیهِ. (2)
2454.تاریخ الطبری عن عمّار الدهنی عن أبی جعفر [الباقر] علیه السّلام :لَمّا دَخَلوها [أی دَخَلَ الأَسرَی المَدینَةَ] خَرَجَتِ امرَأَةٌ مِن بَنی عَبدِ المُطَّلِبِ،ناشِرَةً شَعرَها،واضِعَةً کُمَّها عَلی رَأسِها،تَلَّقاهُم وهِیَ تَبکی وتَقولُ:
ماذا تَقولونَ إن قالَ النَّبِیُّ لَکُم ماذا فَعَلتُم وأنتُمُ آخِرُ الاُمَمِ
بِعِترَتی وبِأَهلی بَعدَ مُفتَقَدی
2455.الأمالی للمفید عن أبی هیاج عبد اللّه بن عامر: لَمّا أتی نَعیُ الحُسَینِ علیه السّلام إلَی المَدینَةِ،خَرَجَت أسماءُ بِنتُ عَقیلِ بنِ أبی طالِبٍ رَضِیَ اللّهُ عَنها فی جَماعَةٍ مِن نِسائِها حَتَّی انتَهَت إلی قَبرِ رَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله،فَلاذَت بِهِ وشَهِقَت عِندَهُ،ثُمَّ التَفَتَت إلَی المُهاجِرینَ وَالأَنصارِ، وهِیَ تَقولُ:
ص:303
ماذا تَقولونَ إن قالَ النَّبِیُّ لَکُم
قالَ:فَما رَأَینا باکِیاً ولا باکِیَةً أکثَرَ مِمّا رَأَینا ذلِکَ الیَومَ. (1)
2456.الإرشاد: خَرَجَت أمُّ لُقمانَ بِنتُ عَقیلِ بنِ أبی طالِبٍ حینَ سَمِعَت نَعیَ الحُسَینِ علیه السّلام حاسِرَةً،ومَعَها أخَواتُها:اُمُّ هانِئٍ وأسماءُ ورَملَةُ وزَینَبُ بَناتُ عَقیلِ بنِ أبی طالِبٍ رَحمَةُ اللّهِ عَلَیهِنَّ،تَبکی قَتلاها بِالطَّفِّ وهِیَ تَقولُ:
ماذا تَقولونَ إذ قالَ النَّبِیُّ لَکُم
2457.تاریخ الطبری عن الحارث بن کعب: قالَت لی فاطِمَةُ بِنتُ عَلِیٍّ علیه السّلام:قُلتُ لِاُختی زَینَبَ:یا اخَیَّةُ ! لَقَد أحسَنَ هذَا الرَّجُلُ الشّامِیُّ [نُعمانُ بنُ بَشیرٍ] إلَینا فی صُحبَتِنا،فَهَل لَکِ أن نَصِلَهُ؟
ص:304
فَقالَت:وَاللّهِ ما مَعَنا شَیءٌ نَصِلُهُ بِهِ إلّاحُلِیُّنا.
قالَت لَها:فَنُعطیهِ حُلِیَّنا،قالَت:فَأَخَذتُ سِواری ودُملُجی (1)وأخَذَت اختی سِوارَها ودُملُجَها،فَبَعَثنا بِذلِکَ إلَیهِ وَاعتَذَرنا إلَیهِ،وقُلنا لَهُ:هذا جَزاؤُکَ بِصُحبَتِکَ إیّانا بِالحَسَنِ مِنَ الفِعلِ.
فَقالَ:لَو کانَ الَّذی صَنَعتُ إنَّما هُوَ لِلدُّنیا کانَ فی حُلِیِّکُنَّ ما یُرضینی ودونه، ولکِن وَاللّهِ ما فَعَلتُهُ إلّاللّهِ ِ ولِقَرابَتِکُم مِن رَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله. (2)
راجع:ج 6 ص 166 (القسم الحادی عشر/الفصل الأوّل/إقامة المأتم فی المدینه/حین وصل الخبر)
و ص 341 (القسم الثانی عشر/الفصل الأوّل/ما روی عن بنات عقیل).
2458.الأمالی للطوسی عن عبد اللّه بن سیابة عن أبی عبد اللّه [الصادق] علیه السّلام :لَمّا قَدِمَ عَلِیُّ بنُ الحُسَینِ وقَد قُتِلَ الحُسَینُ بنُ عَلِیٍّ صَلَواتُ اللّهِ عَلَیهِما،استَقبَلَهُ إبراهیمُ بنُ طَلحَةَ بنِ عُبَیدِ اللّهِ وقالَ:یا عَلِیَّ بنَ الحُسَینِ،مَن غَلَبَ؟وهُوَ مُغَطّیً رَأسُهُ وهُوَ فِی المَحمِلِ.
قالَ:فَقالَ لَهُ عَلِیُّ بنُ الحُسَینِ علیه السّلام:إذا أرَدتَ أن تَعلَمَ مَن غَلَبَ ودَخَلَ وَقتُ الصَّلاةِ،فَأَذِّن ثُمَّ أقِم. (3)
ص:305
ص:306
تثیر الدراسة التفصیلیّة للروایات المتعلّقة بحادثة عاشوراء والتی جاءت فی هذه الموسوعة،التساؤلَ التالی فی ذهن الباحث:لماذا لا نجد فی هذه الموسوعة بعض الأحداث المشهورة التی جاءت فی المصادر المتأخّرة والتی یذکرها الکثیر من منشدی المراثی علی المنابر فی بیان واقعة عاشوراء،فی حین أنّ اختیار اسم «الموسوعة»لهذه المجموعة یقتضی أن تضمّ جمیع روایات واقعة عاشوراء؟فهل غابت هذه الروایات عن أنظار العاملین فی إعداد موسوعة الإمام الحسین علیه السّلام وتدوینها؟أم أنّ متفرّدات المصادر المتأخّرة لیست معتبرة وإنّما هی روایات لا أساس لها بتاتاً؟أم أنّ هناک سبباً آخر فی هذا المجال؟
بیّنا فی مقدّمة هذه الموسوعة خلال دراسة مصادر واقعة عاشوراء وکذا فی بیان الآفات التی تعرض علی إنشاد المراثی للإمام الحسین علیه السّلام (2)،بعضَ الملاحظات فی هذا المجال،إلّاأنّنا ولأهمّیة هذا الموضوع ومن أجل الإجابة عن التساؤلات
ص:307
المذکورة بصورة أجلی وأوضح،سنتناول هنا أیضاً أسباب عدم الاعتماد فی هذه الموسوعة علی المصادر المتأخّرة،وعدم احتوائها لبعض الروایات المشهورة التی ترد علی ألسنة الخطباء وقرّاء المراثی فی وقتنا الحاضر،والخاصّة فی واقعة عاشوراء.
یتمثّل السبب الأوّل فی عدم الاعتماد علی المصادر المتأخّرة فی موسوعة الإمام الحسین علیه السّلام،فی تقدیم تاریخ معتبر وموثّق عن حیاة ذلک الإمام وخاصّة واقعة عاشوراء،ولذلک فقد کان منهجنا فی تألیف هذه الموسوعة هو الاعتماد علی أقدم المصادر؛ابتداءً من القرن الأوّل وحتّی السابع أو حتّی القرن التاسع الهجری أحیاناً.
وعلی هذا الأساس،فإنّنا لم نعتمد علی الروایات التی جاءت فی المصادر اللّاحقة ولا تمتدّ جذورها فی المصادر الأصلیّة والقدیمة.
وبالطبع فإنّ ذلک لا یعنی أنّ کلّ ما ورد فی المصادر القدیمة فهو معتبر،بل المراد هو أنّ مواضیع المصادر المتأخّرة التی لا تمتدّ جذورها فی المصادر الأصلیّة والقدیمة،لایمکن الاستناد إلیها أساساً،وأمّا مواضیع المصادر القدیمة والقابلة للاعتماد فهی تتوقّف أیضاً علی التقییمات اللّازمة،کما فعلنا ذلک فی هذه الموسوعة،حیث قمنا بنقد عدد ملحوظ من مواضیع هذه المصادر.
إنّ تاریخ عاشوراء-کما سبقت الإشارة وکما تدلّ علیه نصوص هذه الموسوعة- یتمتّع بالمصادر المعتبرة والقابلة للاعتماد أکثر من أیّ موضوع آخر،ولا حاجة أساساً إلی روایات المصادر غیر القابلة للاعتماد. (1)
ص:308
من الملاحظات الملفتة للانتباه أنّ روایات المصادر القدیمة حتّی القرن التاسع حول واقعة عاشوراء،تختلف وتتمیّز بشکل واضح عن روایات الکتب المؤلّفة فی القرون المتأخّرة،ومن جملة هذه الاختلافات:
أ-وردت فی مصادر القرون الأخیرة،المئات-بل الآلاف-من الروایات الجدیدة التی لا نجد لها أثراً فی المصادر القدیمة.
ب-إنّ الاُسلوب الذی اختارته المصادر الضعیفة فی القرون الأخیرة لروایة واقعة عاشوراء،هو اسلوب نسج القصص بدلاً من النقل التاریخی الموثّق، (1)ولذلک فقد تحوّلت الروایات القصیرة فی المصادر الأصلیّة إلی قصص طویلة ذات الکثیر من التفاصیل فی هذا النوع من الکتب.
ج-تجاوز الکثیر من المصادر المذکورة الحدود المعقولة،حتّی بلغت حدّ تجاهل کرامة أهل بیت الرسالة،بهدف إثارة عواطف الناس ومشاعرهم.
قد یقال فی الدفاع عن روایات مصادر القرون الأخیرة:إنّ عدم وجود هذه الروایات فی المصادر الأصلیّة الحالیّة،لا یدلّ علی عدم کونها غیر موثّقة،فمن الممکن أن یکون مؤلّفوا هذه الکتب قد توفّرت لدیهم مصادر کانت معتبرة عندهم، ولکنّها لم تصل إلینا!
وللإجابة علی ذلک نقول:
ص:309
أوّلاً:لم یدّعِ أحد من مؤلّفی الکتب الضعیفة المعروفة أنّه کان تحت اختیاره کتب معتبرة لم تکن فی متناول الآخرین،وإنّما روایاتهم لیست مسندة عادة،بل أسندوا روایاتهم أحیانا إلی کتب ضعیفة أمثالها (مع أنّ هذا الاستناد فی بعض الموارد غیر صحیح أیضاً (1)).
ثانیاً:إنّ هذا النوع من الکتب یسند روایته أحیاناً إلی المصادر المعتبرة،ولکن یتّضح من خلال الرجوع إلی المصادر المذکورة أنّ نقلهم کان خاطئاً. (2)
یمکن تصنیف روایات المصادر المتأخّرة إلی ثلاث مجموعات:
الروایات التی لا غبار علی کونها خلافاً للواقع بل هو واضح وأکید،مثل بعض مواضیع کتب روضة الشهداء ،و أسرار الشهادة ،و المنتخب للطریحی ،وسائر المصادر المتأخّرة الضعیفة التی وردت الإشارة إلیها فی مقدّمة هذه الموسوعة،وتتبّعنا جذورها فی مبحث آفات إنشاد المراثی (3).
الروایات التی لا یوجد إشکال فی نصوصها،إلّاأنّه لم یقدّم دلیل علی صحّتها، ومضافاً إلی أنّنا لم نجدها فی المصادر الأصلیّة،فإنّها قد ذُکرت مقرونة بمواضیع
ص:310
یعدّ کذبها واضحاً،ولهذا فإنّ لنا شکوکاً أکیدة فی صحّتها.
الروایات الموجودة فی المصادر التاریخیّة والحدیثیّة الأصلیّة.
نحن نری أنّ المجموعة الثالثة هی المجموعة الوحیدة القابلة للنقل والاستناد من روایات المصادر المتأخّرة،وإذا لم یوافق البعضُ علی هذا الرأی،ولا یمکنهم أن یغضّوا النظر عن نقل متفرّدات المصادر الضعیفة لکونها مثیرة للمشاعر وشجیّة وتبعث الحرارة فی مجالس العزاء،فإنّ الاستناد إلی هذه الموسوعة سوف یفیدهم -علی الأقل-فی تفکیک النصوص الأصلیّة التی جاءت فی المصادر القدیمة،عن الأخبار التی لا وجود لها فی المصادر الأصلیّة؛کی لا یرتکبوا الحرام المسلّم والذی ورد النهی الأکید عنه فی الآیة الکریمة: «وَ لَاتَقْفُ مَا لَیْسَ لَکَ بِهِ عِلْمٌ» (1)فی نسبة کلامٍ لأهل البیت علیهم السّلام لم یصدر عنهم لأجل أمرٍ مستحبّ.
نشیر الآن-علی سبیل المثال-إلی عدد من الأخبار التی اشتهرت فی المصادر المتأخّرة أو علی ألسنة منشدی المراثی،ولا نجد لها أثراً فی المصادر الأصلیّة:
بیّنت المصادر المعتبرة،دور شریح القاضی فی اعتقال هانی بن عروة وشهادته؛ (2)ولکن ما اشتهر من فتواه بقتل الإمام الحسین علیه السّلام،لا نجده إلّافی المصادر المتأخّرة
ص:311
(مثل:تذکرة الشهداء (1)الذی الّف فی القرن الرابع عشر).
جاء فی کتاب المنتخب للطریحی ضمن روایة بلوغ خبر شهادة مسلم علیه السّلام إلی الإمام الحسین علیه السّلام فی طریق الکوفة،قال:
وکان لمسلم بنت عمرها إحدی عشرة سنة مع الحسین علیه السّلام،فلمّا قام الحسین من مجلسه جاء إلی الخیمة فعزّز البنت وقرّبها من منزله،فحسّت البنت بالشرّ؛ لأنّه علیه السّلام کان قد مسح علی رأسها وناصیتها کما یفعل بالأیتام،فقالت:یا عمّ ! ما رأیتک قبل هذا الیوم تفعل بی مثل ذلک،أظنّ أنّه قد استشهد والدی؟فلم یتمالک الحسین علیه السّلام من البکاء،وقال:یا ابنتی،أنا أبوک وبناتی أخواتک.... (2)
ویبدو أنّ کتاب روضة الشهداء هو المصدر الأصلی لهذه الروایة (3)،حیث قام صاحب کتاب المنتخب بترجمة ذلک النصّ إلی العربیة،ولا نجد هذه الروایة فی المصادر القدیمة والقابلة للاعتماد.
اشتهر أنّ الإمام الحسین علیه السّلام أمر بإطفاء المصابیح لیلة عاشوراء؛کی یمضی کلّ من شاء لشأنه.فأُطفئت المصابیح و أخذ أصحاب الإمام علیه السّلام بالمغادرة.
ویبدو أنّ أصل هذه الحادثة مأخوذة من کتاب الدمعة الساکبة الضعیف، والذی نقلها بدوره عن کتاب آخر أکثر ضعفاً منه وهو کتاب نور العین (4)،ونسب هذه
ص:312
الروایة إلی سکینة علیهما السّلام:
کنت جالسة فی لیلة مقمرة وسط الخیمة وإذا أنا أسمع من خلفها بکاءً وعویلاً، فخشیت أن یفقه بی النساء،فخرجت أعثر بأذیالی،وإذا بأبی علیه السّلام جالس وحوله أصحابه وهو یبکی،وسمعته یقول لهم:اعلموا أنّکم خرجتم معی لعلمکم أنّی أقدم علی قوم بایعونی بألسنتهم وقلوبهم،وقد انعکس الأمر؛لأنّهم استحوذ علیهم الشیطان فأنساهم ذکر اللّه،والآن لیس لهم مقصد إلّاقتلی وقتل من یجاهد بین یدی،وسبی حرمی بعد سلبهم،وأخشی أن تکون ما تعلمون وتستحون،والخدع عندنا أهل البیت محرّم،فمن کره منکم ذلک فلینصرف،فإنّ اللیل ستیر والسبیل غیر خطیر والوقت لیس بهجیر،ومن واسانا بنفسه کان معنا غداً فی الجنان نجیّاً من غضب الرحمان،وقد قال جدّی محمّد رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله:ولدی حسین یُقتل بأرض کربلاء غریباً وحیداً عطشاناً فریداً،فمن نصره فقد نصرنی ونصر ولده القائم عجّل اللّه فرجه،ولو نصرنا بلسانه فهو فی حزبنا یوم القیامة.قالت سکینة:
فو اللّه ما أتمّ کلامه إلّاوتفرّق القوم من عشرة وعشرین،فلم یبق معه إلّاواحد وسبعون رجلاً،فنظرت إلی أبی منکساً رأسه،فخنقتنی العبرة.... (1)
الجدیر بالذکر هو أنّنا لا نجدُ أمرَ الإمام بإطفاء المصابیح حتّی فی المقاتل الضعیفة،ولم یروِ أیّ مصدرٍ معتبرٍ أنّ أحداً من أصحاب الحسین علیه السّلام ترک الإمام فی لیلة عاشوراء،بل إنّ الأمر علی العکس من ذلک،فقد أبدی الجمیع المقاومة والصمود فی مقابل اقتراح الإمام علیه السّلام بمغادرة کربلاء،مستهینین بالموت،وخلقوا ملحمة خالدة بأقوال حماسیّة،معبّرین عن استعدادهم للتضحیة فی سبیل اللّه. (2)
ص:313
روی صاحب کتاب الدمعة الساکبة روایة مفصّلة ومثیرة تفید بأنّ الإمام الحسین علیه السّلام خرج ذات لیلة من المخیّم،فتبعه هلال بن نافع للحفاظ علی حیاته علیه السّلام،وعندما التفت له الإمام،اقترح علیه-بعد حدیث دار بینهما-أن یغادر کربلاء وینقذ نفسه، إلّا أنّ هلالاً رفض هذا الاِقتراح.یقول هلال:
ثمّ انفصل الإمام عنّی ودخل فسطاط اخته.وبما أنّ الشکّ کان قد انتاب زینب بشأن وفاء أصحاب الإمام،قالت له:
أخی! هل استعلمت من أصحابک نیّاتهم؟فإنّی أخشی أن یسلّموک عند الوثبة واصطکاک الأسنّة.
فهنا بکی الإمام وقال:
أما واللّه،لقد نهرتهم وبلوتهم،ولیس فیهم الأشوس الأقعس،یستأنسون بالمنیّة دونی استئناس الطفل بلبن امّه. (1)
واستمراراً فی هذه القصّة روی فیها أنّ هلالاً بکی عند سماع هذا الکلام،وأخبر حبیب بن مظاهر بالخبر،فنادی حبیب فی تلک اللیلة بالأنصار وجمعهم عند خیمة أهل البیت علیهم السّلام،وأعلنوا دعمهم للإمام علیه السّلام بأقوال عجیبة ومثیرة للدهشة.وفی تلک الأثناء خرجت النساء من الخیام وبکین وطلبن نصرتهم.
ویجب القول فیما یتعلّق بهذه القصّة المفصّلة التی أوردها مؤلّف کتاب الدمعة الساکبة فی أکثر من صفحتین،إنّنا لا نجد لها أثراً فی المصادر المعتبرة،ومن المحتمل أن یکون صاحب کتاب الدمعة الساکبة أوّل من روی هذه الحادثة! نعم هو
ص:314
قد نسب هذه الروایة إلی الشیخ المفید،إلّاأنّها لا توجد فی شیء من کتب الشیخ المفید،بل لا توجد فی شیء من الکتب المعتبرة أیضاً.
کما ینبغی الالتفات إلی أنّ هلال بن نافع-الذی نُسبت إلیه هذه القصّة-لیس من أصحاب الإمام علیه السّلام،بل هو من جنود عسکر ابن زیاد،وأمّا الذی کان من أصحاب الإمام الحسین علیه السّلام فاسمه:«نافع بن هلال».
إذا أردنا أن نروی متفرّدات المصادر المتأخّرة فی واقعة عاشوراء کما فعلنا فی الأمثلة السابقة،فستکون لوحدها مجلّداً من هذه الموسوعة (1).لهذا سنکتفی بالإشارة بشکل مفهرس إلی عدد آخر منها،لإطلاع الباحثین:
-روایة الخطبة المنسوبة إلی الإمام علیه السّلام بعد صلاة الظهر فی یوم عاشوراء (2).
-خبر حضور جابر بن عروة الغفاری (من صحابة النبیّ صلّی اللّه علیه و آله ) فی کربلاء،وقول الإمام له:« شکر اللّه سعیک،یا شیخ!» (3)
-خبر لقاء حبیب بن مظاهر بمسلم بن عوسجة فی دکّان عطّار فی سوق الکوفة لشراء خضاب،وکیفیّة وصول حبیب إلی کربلاء وإبلاغه سلام زینب علیها السّلام عند وصوله کربلاء (4).
-خبر لعب زهیر بن القین مع الإمام الحسین علیه السّلام فی طفولتهما،فی عهد حیاة النبیّ صلّی اللّه علیه و آله،وأنّه قبّل آنذاک التراب الذی تحت قدم الإمام وحظی
ص:315
بملاطفة النبیّ صلّی اللّه علیه و آله. (1)
-الکثیر من أخبار معالی السبطین و أسرار الشهادات و عنوان الکلام فی شهادة علیّ الأکبر علیه السّلام (2).
-الخبر الذی یفید بأنّ الإمام الحسین علیه السّلام حمل علیّاً الأصغر علیه السّلام علی یدیه وخاطب جیش الکوفة قائلاً:اسقوه شربةً من الماء،فقد جفّ لبن امّه من الظمأ. (3)
-خبر وقوع الإختلاف فی جیش عمر بن سعد بشأن تقدیم الماء إلی علیّ الأصغر،وأمر ابن سعد حرملة لقطع النزاع. (4)
-الخبر الذی یروی کلاماً دار بین حرملة والمختار،وقول حرملة للمختار ما معناه:«إن کان لابدّ أن تقتلنی،فدعنی أذکر لک ما فعلته کی أحرق قلبک:لقد کان لی ثلاثة سهام مثلّثة مسمومة:رمیت بأحدها نحر علیّ الأصغر،وأصبت بالثانی قلب الحسین،وصوّبت بالثالث نحر عبداللّه بن الحسن». (5)
-الخبر الذی ینصّ علی تبسّم علیّ الأصغر للإمام الحسین علیه السّلام بعد إصابته بالسهم. (6)
-خبر نزول اللبن فی صدر امّ علیّ الأصغر بعد شرب الماء فی لیلة الحادی عشر من محرّم،وأنّها أمسکت بثدییها وقالت:« أین أنت یا قرّة عینی یا علیّ الأصغر؟فقد
ص:316
درّ ثدیای من اللبن ». (1)
-خبر استخراج علیّ الأصغر وهو بقماطه من تحت التراب،وفصل رأسه ورفعه علی الرمح. (2)
-خبر وصیّة أمیر المؤمنین علیه السّلام فی اللیلة الحادیة والعشرین من شهر رمضان للعبّاس علیه السّلام بأن لا یشرب الماء فی یوم عاشوراء وأخوه الحسین عطشان (3).
-خبر وصیّة أمیر المؤمنین علیه السّلام لأولاده بالإمام الحسن علیه السّلام،وإیصاء العبّاس بالحسین علیهما السّلام؛باعتباره أمانة اللّه ورسوله صلّی اللّه علیه و آله وأمانة فاطمة علیها السّلام وأمانته هو نفسه علیه السّلام (4).
-الخبر الذی ینقل فیه قول العبّاس علیه السّلام للإمام الحسین علیه السّلام:بأنّه یرید رؤیة وجهه مرّة اخری،ولکّن حرملة ضرب عینه بالسهم (5).
-الکلام المروی عن فاطمة الکِلابیة«اُمّ البنین»وأنّها طلبت من أمیرالمؤمنین علیه السّلام عندما ذهبت إلی بیته ألّا یسمّیها فاطمة؛کی لا یتذکّر أولاد الزهراء علیهما السّلام امّهم (6).
-خبر حادثة منع بعض أهل بیت الإمام علیه السّلام جواده عن السیر،وطلبهم من الإمام النزول عن الجواد،أو تقبیل نحره (7)،وکذلک قولهنّ: «مهلاً مهلاً یا بن الزهراء».
الجدیر بالذکر هو أنّنا لم نعثر علی نصّ هذه العبارة حتّی فی المصادر الضعیفة،
ص:317
وإنّما جاء فی أسرار الشهادات :
...فَارادَ أنْ یَخرُجَ من الخیمة،فلَصَقَت بِه زینبُ علیها السّلام فقالت:مَهلاً یا أخی توقَّف حتّی أُزَوِّدَ مِن نَظَری وأُوَدِّعَک. (1)
-خبر مجیء زینب علیها السّلام مضطربة إلی الإمام زین العابدین علیه السّلام فی الخیمة بعد شهادة الإمام الحسین علیه السّلام والسؤال عن سبب تغیّر أوضاع العالم.وقول الإمام علیه السّلام لها: «یا عمّة ارفعی طرف الخیمة» ونظرُ الإمام علیه السّلام إلی رأس أبیه المقطوع وقوله لزینب علیها السّلام: «یا عمّة،تهیّئی للأسر فقد قُتل أبی» . (2)
-الأخبار المتعلّقة بالهجوم علی الخیام؛مثل:التصریح بضرب حرم آل الرسول، (3)وسحب البساط من تحت الإمام زین العابدین علیه السّلام وطرحه أرضاً، (4)وسحق بعض الأطفال بحوافر الخیل والأرجل، (5)وأمر الإمام زین العابدین علیه السّلام لعمّته -فی جوابه لها عمّا یجب علیهنّ فعله-قائلاً:« علیکنّ بِالفرارِ »، (6)وإحصاء الأطفال فی نهایة المطاف،واتّضاح أنّ اثنین منهم قضیا فی محلٍّ واحد (7).
-الخبر الذی یروی کیفیّة قدوم بنی أسد لدفن جثامین الشهداء،وأنّ الإمام زین العابدین علیه السّلام قال بشأن مساعدتهم علی دفن أبیه:« مَعی مَن یُعینُنی »،وقوله مخاطباً أباه:« أمّا الدنیا فبعدک مظلمة »وأنّه کتب بأصبعه علی قبر أبیه: «هذا قبرُ الحسین بن
ص:318
علیّ بن أبی طالب الذی قتلوه عطشاناً غریباً». (1)
-الخبر الذی یروی قول زینب علیها السّلام مخاطبة جثمان أخیها:« هل أنت أخی؟هل أنت ابن أبی (2)؟»، (3)وتقبیلها نحر أخیها وأوداجه المقطّعة،وقولها (4): «اللّهمّ تقبّل منّا هذا قلیل القربان». (5)
-الأخبار المتعلّقة ببعض ما صدر من سکینة فی کربلاء باعتبارها طفلة صغیرة، (6)فی حین أنّها کانت متزوّجة آنذاک وقدمت إلی کربلاء مع زوجها،کما تفید روایات المصادر المعتبرة. (7)
-الخبر الذی یرویه مسلم الجصّاص بشأن دخول أهل بیت الإمام علیه السّلام إلی الکوفة،وإعطاء أطفال أهل الکوفة الخبز والتمر لأطفالهم،وأنّ امّ کلثوم منعتهم من ذلک؛لحرمة الصدقة علیهم،وکذلک ضرب زینب رأسها بخشب المحمل وإنشادها لأشعارٍ تبدأ بهذا البیت: «یا هلالاً لمّا استتمّ کمالاً... ». (8)
ص:319
-ما یُنسب إلی الإمام زین العابدین علیه السّلام حینما سُئل عن أشدّ ما مرّ علیه فی سفره،فأجاب بقوله ثلاث مرّات: «آه من الشام» . (1)
-الأخبار التی تنقل حوادث کإراقة الماء ورمی النار والرماد علی رؤوس أهل بیت الإمام الحسین علیه السّلام،وسقوط النار علی عمامة الإمام زین العابدین علیه السّلام، واحتراق رأسه فی الشام. (2)
وروایة ربط أهل بیت الإمام علیه السّلام بحبلٍ رُبط بالإمام زین العابدین علیه السّلام من جانب وبزینب علیها السّلام من الجانب الآخر. (3)
-الأخبار التی تفید بأنّ زینب علیها السّلام لمّا کانت رضیعة لم تکن تهدأ من البکاء حتّی وُضِعت فی حجر الحسین علیه السّلام فهدأ بکاؤها، (4)أو أنّ زینب کانت ذات مرّة نائمة
ص:320
أیّام طفولتها تحت الشمس،فأظلّها الحسین علیه السّلام عندما رآها علی هذه الحالة...حتّی وقعت حادثة کربلاء وبقی جسم الإمام علیه السّلام تحت الشمس.... (1)
أو أنّ زینب اشترطت عند زواجها من عبد اللّه بن جعفر،ألّا یمنعها من السفر مع الإمام الحسین علیه السّلام، (2)أو أنّ الامام قال لها فی الوداع الأخیر: «لا تنسینی فی نافلة اللیل» ، (3)أو أنّ زینب أدّت صلاة اللیل جالسة فی اللیلة الحادیة عشرة أو فی بعض المنازل (4)فی طریق الشام،أو أنّ عبد اللّه بن جعفر لم یعرفها بعد عودتها إلی المدینة. (5)ومئات الروایات الاُخری من هذا القبیل.
وباختصار،فإنّ سبب عدم ذکر متفرّدات المصادر المتأخّرة فی روایة واقعة عاشوراء وتاریخ حیاة الإمام الحسین علیه السّلام فی هذه الموسوعة،هو أنّها غیر معتبرة وغیر قابلة للاعتماد،رغم أنّ البعض منها قد یکون صحیحاً فی الواقع،ولکن لا یوجد دلیل أو علی الأقلّ قرینة علی صحّتها.
بناءً علی ذلک،یمکن نقل الروایات التی لا إشکال فیها عقلاً ونقلاً وذلک بإسنادها إلی مصادرها،إلّاأنّه من الضروری الإشارة إلی ضعف المصدر کی لا یأخذها السامع أخذ المسلّمات.وبما أنّه لا یتیسّر للجمیع مراعاة هذه الملاحظات من الناحیة العملیّة،لذلک فنحن نؤکّد توصیتنا بالامتناع التامّ عن نقل الروایات المسندة إلی المصادر الضعیفة. (6)
ص:321
ص:322
ص:323
ص:324
ما یأتی فی هذا القسم هو فی الحقیقة نموذج لردود الفعل الاجتماعیّة والآثار التکوینیّة لواقعة عاشوراء.ورغم أنّ هذه الآثار الاجتماعیّة والتکوینیّة لم تؤدّ إلی سیادة القیم الإسلامیّة وحکومة أهل البیت علیهم السّلام،ولکنّها أضعفت الحکم الاُموی،وحدّت بذلک من أخطار هذا الحزب إلی حدٍّ ما،وحالت دون تقویض أساس الإسلام.
وبتعبیر أوضح،فإنّ الحزب الاُموی کان یشکّل أکبر خطر یهدّد الحکومة الإسلامیّة، حیث یقول الإمام علیّ علیه السّلام فی روایةٍ مبیّناً خطر هذا الحزب علی الاُمّة الإسلامیة:
ألا وَ إِنَّ أَخْوَفَ الْفِتَنِ عِنْدِی عَلَیْکُمْ فِتْنَةُ بَنِی امَیَّةَ؛فَإِنَّهَا فِتْنَةٌ عَمْیَاءُ مُظْلِمَةٌ،عَمَّتْ خُطَّتُهَا،وَ خَصَّتْ بَلِیَّتُهَا،وَ أَصَابَ الْبَلَاءُ مَنْ أَبْصَرَ فِیهَا،وَ أَخْطَأَ الْبَلَاءُ مَنْ عَمِیَ عَنْهَا.وَ ایْمُ اللَّهِ ! لَتَجِدُنَّ بَنِی امَیَّةَ لَکُمْ أَرْبَابَ سُوءٍ بَعْدِی،کَالنَّابِ الضَّرُوسِ؛تَعْذِمُ بِفِیهَا،وَ تَخْبِطُ بِیَدِهَا،وَ تَزْبِنُ بِرِجْلِهَا،وَ تَمْنَعُ دَرَّهَا. (1)
وقد روت عدد من المصادر التاریخیّة قصّة عن أحد الأصدقاء الحمیمین لمعاویة
ص:325
مؤسّس الحکومة الاُمویّة،تکشف عن حقده العمیق علی الإسلام ورسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله،ومخطّطه للقضاء علی هذا الدین الإلهی.
یقول مطرف بن المغیرة بن شعبة:
وفدت مع أبی المغیرة إلی معاویة،فکان أبی یأتیه یتحدّث عنده،ثمّ ینصرف إلیَّ فیذکر معاویة ویذکر عقله،ویعجب ممّا یری منه،إذ جاء ذات لیلة فأمسک عن العشاء،فرأیته مغتمّاً،فانتظرته ساعة،وظننت أنّه لشیء حدث فینا أو فی عملنا، فقلت له:مالی أراک مغتمّاً منذ اللیلة؟قال:یا بنیّ،إنّی جئت من عند أخبث الناس! قلت له:وما ذاک؟قال:قلت له وقد خلوت به:إنّک قد بلغت منّا یا أمیر المؤمنین، فلو أظهرت عدلاً،وبسطت خیراً؛فإنّک قد کبرت،ولو نظرت إلی إخوتک من بنی هاشم فوصلت أرحامهم،فواللّه،ما عندهم الیوم شیء تخافه،فقال لی:هیهات هیهات!! ملک أخو تَیْمٍ فعدل وفعل ما فعل،فواللّه،ما عدا أن هلک فهلک ذکره،إلّاأن یقول قائل:أبوبکر،ثمّ ملک أخو عَدِیٍّ،فاجتهد وشمّر عشر سنین،واللّه،ما عدا أن هلک فهلک ذکره،إلّاأن یقول قائل:عمر،ثمّ ملک أخونا عثمان فملک رجل لم یکن أحد فی مثل نسبه،فعمل ما عمل [وعمل به ] ،فواللّه،ما عدا أن هلک فهلک ذکره، وذکر ما فعل به،وإنّ أخا هاشم یُصرَخُ به فی کلّ یومٍ خمس مرّات:«أشهد أنّ محمّداً رسول اللّه»،فأیّ عمل یبقی مع هذا لا امّ لک؟! واللّه،إلّادفناً دفناً. (1)
وقد أدّی الانعکاس الاجتماعیّ والسیاسیّ لشهادة الإمام الحسین علیه السّلام وأصحابه فی المجتمع الإسلامی،إلی أن تواجه الحکومة الاُمویّة مشکلة حادّة.فقد أدانت الشخصیّات
ص:326
البارزة فی العالم الإسلامی هذا العمل الإجرامیّ. (1)وقد سرت أمواج المظلومیة التی لحقت بشهداء کربلاء،وإدانة هذه المأساة إلی خارج العالم الإسلامی، (2)بل حتّی إلی اسر المجرمین. (3)ولم تمرّ فترة طویلة حتّی اضطرّ أعدی أعداء أهل البیت یزید الذی هو أوّل مجرم تسبّب فی هذه المأساة،إلی أن یعتبر ابن زیاد المسؤول المباشر عن هذه الجریمة؛ و ذلک کی یبقی بمأمنٍ من غضب الناس،وبهدف استمرار حکمه،حیث قال:
لعن اللّه ابن مرجانة فإنّه أخرجه واضطرّه...وقتله،فبغّضنی بقتله إلی المسلمین، وزرع لی فی قلوبهم العداوة،فبغضنی البرّ والفاجر. (4)
کما أبدی الأشخاص الذین لعبوا دوراً فی مأساة کربلاء ندمهم علی ما فعلوه،کلٌّ باُسلوبٍ معیّن. (5)
ومن جهة اخری،فقد لحقت الآثار التکوینیّة لهذه الجریمة من قام بها وشارک فیها من المجرمین. (6)وبعد ثلاث سنوات من حادثة عاشوراء،هلک یزید وانتقل الحکم بموته من آل أبی سفیان-الذین کانوا ینوون التسلّط علی رقاب المسلمین وحکمهم لقرون-إلی بنی مروان.
وقد جاء فی روایة عن الإمام الصادق علیه السّلام یخاطب فیها المنصور الدوانیقی:
إنَّ هذَا المُلکَ کانَ فی آلِ أبی سُفیانَ،فَلَمّا قَتَلَ یَزیدُ حُسَیناً سَلَبَهُ اللّهُ مُلکَهُ،فَوَرَّثَهُ آلَ مَروانَ. (7)
ص:327
ولا شکّ فی أنّ الإمام علیه السّلام لا یرید بهذا الکلام أنّه لو لا شهادة الإمام الحسین علیه السّلام لکانت حکومة بنی سفیان شرعیّة،أو أنّ انتقالها إلی بنی مروان کان شرعیّاً،بل یعنی أنّه فی ظلّ الجوّ السیاسیّ الاجتماعیّ الذی کان معاویة قد أوجده،کان بالإمکان بشکل طبیعیّ أن یستمرّ الحکم فی اسرة أبی سفیان لأجیالٍ عدیدة،إلّاأنّ الجریمة التی ارتکبها یزید أزالت هذه الأرضیّة.
وبتعبیر آخر فإنّ نسبة استمرار حکم بنی سفیان أو عدم استمراره وانتقاله إلی بنی مروان،إلی اللّه تعالی فی الحدیث المذکور هی من باب التوحید فی الأفعال،حیث لا تتحقّق أیّ ظاهرة فی العالم من دون مشیئته،ولکنّه مع ذلک لا ینفی إرادة الإنسان،ولا یدلّ علی مشروعیّة الظاهرة.
وقد جاء فی روایة اخری عن الإمام الصادق علیه السّلام:
لَمّا وَلِیَ عَبدُ المَلِکِ بنُ مَروانَ الخِلافَةَ،کَتَبَ إلَی الحَجّاجِ بنِ یوسُفَ:بِسمِ اللّهِ الرَّحمنِ الرَّحیمِ،مِن عَبدِ المَلِکِ بنِ مَروانَ أمیرِ المُؤمِنینَ إلَی الحَجّاجِ بنِ یُوسفَ.
أمّا بَعدُ،فَانظُر دِماءَ بَنی عَبدِ المُطَّلِبِ فَاحتَقِنها واجتَنبِها؛فَإِنّی رَأَیتُ آلَ أبی سُفیانَ لَمّا وَلَغوا فیها لَم یَلبَثوا إلّاقَلیلاً،وَالسَّلامُ. (1)
کما ذکر ابن عبد ربّه فی العقد الفرید :
کتب [عبد الملک بن مروان ] إلی الحجّاج بن یوسف:«جنّبنی دماء بنی عبد المطّلب،فلیس فیها شفاء من الحرب، (2)وإنّی رأیت بنی حرب سُلبوا ملکهم لمّا قتلوا الحسین بن علیّ».فلم یتعرّض الحجّاج لأحد من الطالبیین فی أیّامه. (3)
ص:328
وجاء فی روایة أنّ هذا الکتاب بعثه عبدالملک بشکل سرّی إلی الحجّاج،وبعد إرسال هذا الکتاب بقلیل،بعث الإمام علیّ بن الحسین علیه السّلام،کتاباً إلی عبد الملک قال فیه:
أمّا بَعدُ،فَإِنَّکَ کَتَبَت فی یَومِ کَذا،فی ساعَةِ کَذا،فی شَهرِ کَذا،فی سَنَةِ کَذا بِکَذا وکَذا،وإنَّ اللّهَ تَعالی قَد شَکَرَ لَکَ ذلِکَ،لِأَنَّ رَسولَ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله أتانی فی مَنامی فَأَخبَرَنی أنَّکَ کَتَبتَ فی یَومِ کَذا،فی ساعَةِ کَذا،وأنَّ اللّهَ تَعالی قَد شَکَرَ لَکَ ذلِکَ،وثَبَّتَ مُلکَکَ،وزادَکَ فیهِ بُرهَةً. (1)
وعندما وصل کتاب الإمام زین العابدین علیه السّلام إلی عبد الملک،رأی أنّ تاریخه یتزامن مع إرسال کتابه إلی الحجّاج،ولذلک لم یتردّد فی صدق تنبّؤ الإمام علیه السّلام وأبدی ارتیاحه الکبیر. (2)
وممّا یجدر ذکره أنّ سیاسة عبد الملک هذه لم تستمرّ فی الذین خلفوه،فإنّ جرائم بنی مروان وإن لم تبلغ مستوی جرائم معاویة وابنه یزید،إلّاأنّها لم تکن تختلف عنها اختلافاً کبیراً،بل إنّ السیاسات نفسها تواصلت بشکل عام،ولذلک یصرّح الإمام الصادق علیه السّلام فی الروایة التی نقلت بشأن انتقال الحکم من بنی سفیان إلی بنی مروان،قائلاً وهو یخاطب الخلیفة العبّاسیّ المنصور:
فَلَمّا قَتَلَ هِشامُ زَیداً،سَلَبَهُ اللّهُ مُلکَهُ فَوَرَّثَهُ مَروانَ بنَ مُحَمَّدٍ،فَلَمّا قَتَلَ مَروانُ إبراهیمَ،سَلَبَهُ اللّهُ مُلکَهُ فَأَعطاکُموهُ. (3)
وکما وردت الإشارة فی هذه الروایة،فقد زالت حکومة بنی امیّة التی کانت تمثّل أکبر خطر علی الإسلام،تماماً سنة 132 ه؛أی بعد 71 سنة من واقعة عاشوراء،وأمسک بنو العبّاس عمّ النبیّ صلّی اللّه علیه و آله بزمام حکم العالم الإسلامی.
ولم تمضِ مدّةٌ طویلة حتّی انتهج حکّام بنی العبّاس سیاسات حکّام بنی امیّة نفسها.
ص:329
وتعاملوا بقسوة مع الأمواج السیاسیّة الاجتماعیّة المطالبة بالإصلاح،والتی کانت تمتدّ جذورها إلی وقعة عاشوراء،کما واجهوا آل رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله الذین کانوا یمثّلون الدعامة الأساسیّة لهذه الحرکات.
والملاحظة التی تستحقّ التأمّل أنّ هذه الحرکات الشعبیّة المستلهمة من واقعة عاشوراء،رغم أنّها لم تؤدّ أبداً إلی حکم الإسلام الأصیل بقیادة أهل البیت علیهم السّلام،إلّاأنّها أدّت دوماً دوراً مؤثّراً فی الحؤول دون تقوّض أساس الإسلام.
من البدیهیّ أنّ دراسة وتبیین دور واقعة عاشوراء فی الحرکات الشعبیّة والدفاع عن کیان الإسلام الأصیل،منذ ذلک الحین وحتّی انتصار الثورة الإسلامیة،لیس فقط أنّه لا یمکن استیعابها فی هذا المقال،بل إنّها خارج نطاق هذه الموسوعة أیضاً،ولذلک فإنّنا سنکتفی بإشارة عابرة إلی أربع حرکات انطلقت فی العقد الأوّل بعد نهضة سیّد الشهداء،تحت التأثیر المباشر أو غیر المباشر لأمواج واقعة عاشوراء السیاسیّة والاجتماعیّة.
فی السنة الثانیة من حکم یزید،وبعد سنتین من واقعة عاشوراء تقریباً،و فی أواخر ذی الحجّة سنة 63 ه، (1)ثار أهل المدینة بقیادة عبد اللّه بن حنظلة غسیل الملائکة (2)ضدّ حکومة یزید،فبعث لهم یزید جیشاً من الشام إلی المدینة بقیادة مسلم بن عقبة،وقمع بکلّ قسوة هذه الثورة الشعبیّة، (3)وقد سُمّیت هذه المعرکة بواقعة الحرّة؛لحدوثها فی منطقة الحرّة.
ص:330
وقد ذُکرت عوامل مختلفة حول أسباب ودوافع ثورة أهل المدینة ضدّ حکومة یزید، أحدها:أنّ بعض الشخصیات البارزة فی المدینة قدّموا لأهل المدینة أخباراً،فقام والی المدینة وبهدف الحیلولة دون حدوث ثورة عامّة بإرسال عدد من وجهاء المدینة إلی الشام؛ کی یشاهدوا قدرة یزید عن کثب،وکی یتأثّروا بعطایاه لهم فیمنعوا الناس عن الثورة، (1)ولکنّهم ذکروا للناس بعد عودتهم إلی المدینة نتیجة سفرهم،فقالوا:
إنّا قدمنا من عند رجل لیس له دین،یشرب الخمر،ویعزف بالطّنابیر،ویضرب عنده القیان،ویلعب بالکلاب،ویسامر (2)الخرّاب (3)والفتیان. (4)
فما کان منهم إلّاأن عزلوا یزید من الخلافة،واتّبعهم أهل المدینة. (5)
وجاء فی روایة اخری أنّ سبب ثورة أهل المدینة هو أنّ عامل الصوافی (6)کان یرید أن یخرج عوائد الأملاک المتعلّقة بها من المدینة،فمنعه الأهالی من ذلک،وهیّأ التعامل البارد
ص:331
لحاکم المدینة الأرضیّة لهذه الثورة. (1)
ویری البعض أنّ سبب واقعة الحرّة هو الحقد الذی کان یحمله بنو امیّة ضدّ قبیلتی الأوس والخزرج وأهل المدینة؛ذلک لأنّهم هبّوا لنصرة رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله وقتلوا الکثیر من بنی امیّة وقریش فی الحروب المختلفة. (2)
ویمکن القول إنّ جمیع هذه العوامل کان لها دور بشکلٍ مّا فی ثورة أهل المدینة،ولکن إلی جانب العوامل المذکورة،فإنّ الذی نشر الوعی بین الناس ومنحهم الجرأة وشجّعهم علی الثورة ضدّ حکومة یزید،هو واقعة عاشوراء دون شکّ؛ذلک لأنّ الإمام الحسین علیه السّلام عندما أعلن معارضته لمبایعة یزید قبل واقعة عاشوراء وصرّح قائلاً:
وعَلَی الإِسلامِ السَّلامُ،إذ قَد بُلِیَتِ الاُمَّةُ بِراعٍ مِثلِ یَزیدَ . (3)
فلم یُبدِ أهل المدینة أیّ ردّ فعل تجاه ذلک،فغادر المدینة،ولکنّ الأمواج السیاسیّة الاجتماعیّة لهذه الحادثة قلبت أجواء المدینة بعد واقعة کربلاء.
ویصف السیّد ابن طاووس أوضاعَ المدینة عند عودة أهل بیت سیّد الشهداء بعد واقعة عاشوراء،نقلاً عن بشیر بن حذلم،قائلاً:
فما بقیت فی المدینة مخدّرة ولا محجّبة إلّابرزن من خدورهنّ،مکشوفة شعورهنّ،مخمشة وجوههنّ،ضاربات خدودهنّ،یدعون بالویل والثبور.[قال الراوی: ] فلم أرَ باکیاً أکثر من ذلک الیوم ولا یوماً أمرّ علی المسلمین منه بعد وفاة رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله. (4)
ولا شکّ فی أنّ هذا الوضع خلق موجة من الغضب،وأیقظ الناس،ومنحهم الجرأة کی یثوروا ضدّ حکومة یزید،إلی جانب العوامل الاُخری.
ص:332
قائد هذه الثورة هو عبد اللّه بن الزبیر،وهو ممّن لم یبایع یزید،و کان مثل بنی امیّة من الأعداء الألدّاء لأهل البیت علیهم السّلام،بحیث إنّه أجبر أباه الزبیر علی معاداة هذا البیت،کما نُقل عن الإمام علیّ علیه السّلام أنّه قال:
مازالَ الزُّبَیرُ رَجُلاً مِنّا أهلَ البَیتِ حَتّی نَشَأَ ابنُهُ المَشؤومُ عَبدُ اللّهِ . (1)
و یقول ابن أبی الحدید:
وعبد اللّه هو الذی حمل الزبیر علی الحرب،وهو الذی زیّن لعائشة مسیرها إلی البصرة،وکان سبّاباً فاحشاً،یُبغِض بنی هاشم. (2)
دخل عبد اللّه مکّة قبل وصول الإمام الحسین علیه السّلام إلیها؛بهدف تهیئة الأرضیّة للاستیلاء علی مقالید الحکم،ولکنّ الناس لم یرحّبوا به ترحیباً کبیراً،خاصّة بعد وصول الإمام الحسین علیه السّلام إلی مکّة،حیث استقطب وجوده الرأی العامّ،ولذلک لم یکن یرغب فی بقاء الإمام الحسین علیه السّلام فیها.کما لم تتهیّأ الأرضیّة المناسبة للاستنفار العامّ ضدّ حکومة یزید بقیادة ابن الزبیر بعد خروج الإمام منها،وإنّما أصبح الجوّ العامّ مهیّأً للثورة ضدّ حکومة یزید بعد واقعة کربلاء وشهادة الإمام الحسین علیه السّلام،فاستغلّ ابن الزبیر هذا الجوّ غایة الاستغلال لبلوغ الحکم،رغم أنّه کان العدوّ اللدود لأهل بیت الرسالة،و هذا هو نصّ روایة الطبری فی هذا المجال:
لمّا قتل الحسین علیه السّلام قام ابن الزّبیر فی أهل مکّة،وعظّم مقتله،وعاب علی أهل الکوفة خاصّة،ولام أهل العراق عامّة،فقال-بعد أن حمد اللّه وأثنی علیه،وصلّی علی محمّد صلّی اللّه علیه و آله-:
ص:333
إنّ أهل العراق غدر فجر إلّاقلیلاً،وإنّ أهل الکوفة شرار أهل العراق،وإنّهم دعوا حسیناً علیه السّلام لینصروه ویولّوه علیهم،فلمّا قدم علیهم ثاروا علیه، (1)فقالوا له:إمّا أن تضع یدک فی أیدینا،فنبعث بک إلی ابن زیاد بن سمیّة سلماً،فیمضی فیک حکمه، وإمّا أن تحارب ! فرأی-و اللّه-،أنّه هو وأصحابه قلیلٌ فی کثیر-وإن کان اللّه عزّ وجلّ لم یطلع علی الغیب أحداً-أنّه مقتول،ولکنّه اختار المیتة الکریمة علی الحیاة الذّمیمة.فرحم اللّه حسیناً علیه السّلام،وأخزی قاتل حسین علیه السّلام.
لعمری،لقد کان من خلافهم إیّاه وعصیانهم ما کان فی مثله واعظ وناه عنهم، ولکنّه ما حمّ (2)نازل،وإذا أراد اللّه أمراً لن یدفع،أفبعد الحسین علیه السّلام نطمئنّ إلی هؤلاء القوم،ونصدّق قولهم،ونقبل لهم عهداً؟لا،ولا نراهم لذلک أهلاً.
أما و اللّه،لقد قتلوه طویلاً بالّلیل قیامه،کثیراً فی النّهار صیامه،أحقّ بما هم فیه منهم،وأولی به فی الدّین والفضل.
أما و اللّه،ما کان یبدّل بالقرآن الغناء،ولا بالبکاء من خشیة اللّه الحداء، (3)ولا بالصّیام شرب الحرام،ولا بالمجالس فی حلق الذّکر الرّکض فی تطلاب الصّید،- یعرّض بیزید-فسوف یلقون غیّاً. (4)
وبعد هذه الخطبة طلب منه أصحابه أن یعلن بیعته و أن یمسک بزمام الحکم رسمیّاً.
وقد بعث یزید جیشاً إلی مکّة مرّتین (5)لقمع ثورة أهلها،ولکنّه لم یحقّق شیئاً فی النهایة،
ص:334
وفکّ الحصار عن مکّة بموته فی الرابع عشر من ربیع الأوّل سنة 64 للهجرة،وعاد جیش الشام منهزماً. (1)
وبعد موت یزید،بایع أهل الحجاز عبد اللّه بن الزبیر،ثمّ بایعه أهل العراق. (2)
ولکن سوء تدبیر ابن الزبیر وتعامله السیّئ مع الناس وخاصّة مع بنی هاشم،أدّیا إلی أن یفقد قاعدته الشعبیّة،فتکبّد هزیمة فادحة خلال هجوم الحجّاج بن یوسف علی مکّة، وقُتل هو أیضاً،وبذلک انتهی حکمه فی أوائل سنة 73 هجریة. (3)
رغم أنّ هذه الثورة اندلعت بعد ثورة أهل المدینة وأهل مکّة،إلا أنّ مقدّماتها بدأت تزامناً مع ثورة المدینة ومکّة.وقد قام بهذه الثورة أشخاص تسبّبت دعوتهم قدوم الإمام الحسین علیه السّلام إلی الکوفة وأدّی تقاعسهم عن نصرته إلی وقوع حادثة کربلاء الدمویّة،وبذلک فقد ارتکبوا ذنباً کبیراً،و کانوا یریدون أن یغسلوا عار هذا الذنب بدمائهم،ولذلک سمّیت نهضتُهم نهضةَ التوّابین.
وبعبارة اخری،فإنّ قسماً کبیراً من أهل الکوفة والذین کان بإمکانهم أن یغیّروا مصیر المجتمع من خلال نصرة الإمام الحسین علیه السّلام،إلّاأنهم استسلموا-لبعض الأسباب-لسیاسة ابن زیاد القائمة علی الترغیب والترهیب والخداع، (4)انتبهوا إلی خطئهم التاریخیّ علی إثر الأمواج الاجتماعیّة والسیاسیّة لواقعة کربلاء،وقرّروا أن یخفّفوا من عار هذا الذنب الذی لا یغتفر،عبر الثورة ضدّ حکومة یزید والانتقام من قتلة سیّد الشهداء.و هذا هو نصّ روایة
ص:335
الطبری فی هذا المجال:
لمّا قتل الحسین بن علیّ،ورجع ابن زیاد من معسکره بالنخیلة (1)فدخل الکوفة، تلاقت الشیعة بالتلاوم والتندّم،ورأت أنّها قد أخطأت خطأً کبیراً بدعائهم الحسین إلی النصرة وترکهم إجابته،ومقتله إلی جانبهم لم ینصروه،ورأوا أنّه لا یغسل عارهم و الإثم عنهم فی مقتله إلّابقتل من قتله أو القتل فیه.ففزعوا بالکوفة إلی خمسة نفر من رؤوس الشیعة:إلی سلیمان بن صرد الخزاعی؛وکانت له صحبة مع النبی صلّی اللّه علیه و آله،وإلی المُسیّب بن نجبة الفزاری؛وکان من أصحاب علیّ وخیارهم،وإلی عبد اللّه بن سعد بن نفیل الأزدی،وإلی عبد اللّه بن وال التیمی، وإلی رفاعة بن شدّاد البجلی.
ثمّ إنّ هؤلاء النفر الخمسة اجتمعوا فی منزل سلیمان بن صرد و کانوا من خیار أصحاب علیّ،ومعهم اناس من الشیعة وخیارهم ووجوههم.قال:فلمّا اجتمعوا إلی منزل سلیمان بن صرد بدأ المسیّب بن نجبة القوم بالکلام،فتکلّم فحمد اللّه وأثنی علیه وصلّی علی نبیّه صلّی اللّه علیه و آله،ثمّ قال:
أمّا بعد،فإنّا قد ابتُلینا بطول العمر والتعرّض لأنواع الفتن،فنرغب إلی ربّنا ألّا یجعلنا ممّن یقول له غداً: «أَ وَ لَمْ نُعَمِّرْکُمْ ما یَتَذَکَّرُ فِیهِ مَنْ تَذَکَّرَ وَ جاءَکُمُ النَّذِیرُ» 2 ،فإنّ أمیر المؤمنین قال:«العُمرُ الَّذی أعذَرَ اللّهُ فیهِ إلَی ابنِ آدَمَ سِتُّونَ سَنَةً»، (2)ولیس فینا رجل إلّاوقد بلغه،وقد کنّا مغرمین بتزکیة أنفسنا وتقریظ شیعتنا،حتّی بلا اللّه أخیارنا فوجدنا کاذبین فی موطنین من مواطن ابن ابنة نبیّنا صلّی اللّه علیه و آله،وقد بلغتنا قبل ذلک کتبُه وقدمَت علینا رُسلُه،وأعذر إلینا یسألنا نصره عوداً وبدءاً،وعلانیة وسرّاً،فبخلنا عنه بأنفسنا،حتّی قُتل إلی جانِبنا؛لا نحن
ص:336
نصرناه بأیدینا،ولا جادلنا عنه بألسنتنا،ولا قوّیناه بأموالنا،ولا طلبنا له النصرة إلی عشائرنا!! فما عذرُنا إلی ربّنا وعند لقاء نبینا صلّی اللّه علیه و آله،وقد قتل فینا ولده وحبیبه وذرّیته ونسله؟! لا و اللّه لا عذر دون أن تقتُلوا قاتلَه والمُوالین علیه،أو تُقتَلوا فی طلب ذلک،فعسی ربّنا أن یرضی عنّا عند ذلک،وما أنا بعد لقائه لعقوبته بآمن.أیّها القوم،ولّوا علیکم رجلاً منکم؛فإنّه لابدّ لکم من أمیرٍ تفزعون إلیه،ورایة تحفّون بها،أقول قولی هذا وأستغفر اللّه لی و لکم.
قال:فبدر القوم رفاعة بن شدّاد بعد المسیّب الکلام،فحمد اللّه وأثنی علیه وصلّی علی النبیّ صلّی اللّه علیه و آله،ثمّ قال:
أمّا بعد،فإنّ اللّه قد هداک لأصوب القول،ودعوتَ إلی أرشد الاُمور،بدأتَ بحمد اللّه والثناء علیه والصلاة علی نبیّه صلّی اللّه علیه و آله،ودعوتَ إلی جهاد الفاسقین،وإلی التوبة من الذنب العظیم،فمسموع منک مستجاب لک مقبول قولک،قلتَ:ولّوا أمرکم رجلاً منکم تفزعون إلیه وتحفّون برایته،و ذلک رأیٌ قد رأینا مثل الذی رأیت، فإن تکن أنت ذلک الرجل تکن عندنا مرضیّاً،وفینا متنصّحا فی جماعتنا محبّاً، وإن رأیت ورأی أصحابنا ذلک ولینا هذا الأمر شیخ الشیعة،صاحب رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله وذا السابقة والقدم سلیمان بن صرد،المحمود فی بأسه ودینه،والموثوق بحزمه، أقول قولی هذا وأستغفر اللّه لی و لکم.
قال:ثمّ تکلّم عبد اللّه بن وال وعبد اللّه بن سعد،فحمدا ربّهما وأثنیا علیه،وتکلّما بنحوٍ من کلام رفاعة بن شدّاد،فذکرا المسیّب بن نجبة بفضله،وذکرا سلیمان بن صرد بسابقته ورضاهما بتولیته.
فقال المسیب بن نجبة:أصبتم ووُفّقتم،و أنا أری مثل الذی رأیتم،فَوَلّوا أمرَکم سلیمانَ بنَ صرد . (1)
وذکر الطبری فی روایة اخری:
کان أوّل ما ابتدعوا به من أمرهم سنة 61 ه،وهی السنة التی قُتل فیها الحسین
ص:337
رضی اللّه عنه،فلم یزل القوم فی جمع آلة الحرب والاستعداد للقتال،ودعاء الناس فی السرّ من الشیعة وغیرها إلی الطلب بدم الحسین،فکان یجیبهم القوم بعد القوم والنفر بعد النفر،فلم یزالوا کذلک وفی ذلک حتّی مات یزید بن معاویة یوم الخمیس لأربع عشرة لیلة مضت من شهر ربیع الأوّل سنة 64 ه،وکان بین قتل الحسین وهلاک یزید بن معاویة ثلاث سنین وشهران وأربعة أیّام،وهلک یزید وأمیر العراق عبید اللّه بن زیاد وهو بالبصرة،وخلیفته بالکوفة عمرو بن حریث المخزومی.
فجاء إلی سلیمان أصحابُه من الشیعة،فقالوا:قد مات هذا الطاغیة والآمر الآن ضعیف،فإن شئت وثبنا علی عمرو بن حریث فأخرجناه من القصر،ثمّ أظهرنا الطلب بدم الحسین وتتبّعنا قتلته ودعونا الناس إلی أهل هذا البیت المستأثر علیهم المدفوعین عن حقّهم.فقالوا فی ذلک فأکثروا.
فقال لهم سلیمان بن صرد:رویداً لا تعجلوا،إنّی قد نظرت فیما تذکرون،فرأیت أنّ قتلة الحسین هم أشراف أهل الکوفة وفرسان العرب،وهم المطالبون بدمه، ومتی علموا ما تریدون وعلموا أنّهم المطلوبون کانوا أشدّ علیکم،ونظرت فیمن تبعنی منکم فعلمت أنّهم لو خرجوا لم یدرکوا ثأرهم،ولم یشفوا أنفسهم،ولم ینکوا فی عدوّهم،و کانوا لهم جزراً،ولکن بثّوا دعاتکم فی المصر فادعوا إلی أمرکم هذا شیعتکم وغیر شیعتکم،فإنّی أرجو أن یکون الناس الیوم حیث هلک هذا الطاغیة،أسرع إلی أمرکم استجابة منهم قبل هلاکه.
ففعلوا،وخرجت طائفة منهم دعاة یدعون الناس،فاستجاب لهم ناسٌ کثیر بعد هلاک یزید بن معاویة أضعاف من کان استجاب لهم قبل ذلک . (1)
وبعد موت یزید سنة 64ه اتّسع نشاط التوّابین أکثر،وأصبحت الکوفة مهیّأة للثورة ضدّ حکومة بنی امیّة،وبعد ستّة أشهر من هلاک یزید وعندما کان أصحاب سلیمان بن صرد
ص:338
یعدّون أنفسهم للثورة،دخل المختار بن أبی عبیدة الکوفة-وکان قبل ذلک یتعاون لفترة مع عبد اللّه بن الزبیر ثمّ اعتزل عنه-ولکنّه رفض قیادة سلیمان بن صرد،وادّعی أنّه غیر عارف بفنون الحرب،وأنّه سیعرّض الناس للقتل، (1)وبذلک دعا الناس لقیادته بهدف الثأر للإمام الحسین علیه السّلام،و فی جوابه للذین کانوا ینهونه عن هذا الأمر طرح نفسه بعنوان أنّه ممثّل المهدیّ محمّد بن الحنفیّة للثأر للإمام. (2)
وهکذا فقد ظهر الانشقاق بین أنصار النهضة،فکان معظمهم مع سلیمان بن صرد لکنّ عدداً منهم انضمّوا إلی المختار. (3)
وعلی أیّ حال،فقد بدأت نهضة التوّابین بقیادة سلیمان بن صرد حرکتها فی سنة 65 ه بهدف الإطاحة بحکومة الشام،فی ظلّ الظروف التی کانت فیها الکوفة تحت سیطرة عبداللّه بن الزبیر.وأمر سلیمان أنصاره بأن یجتمعوا فی النخیلة استعداداً لقتال جیش الشام، إلّا أنّه بعد وصوله إلی هذا المعسکر وجد أنّه لم یبق من الذین کانوا بایعوه-أی حوالی 16 ألف شخصٍ-سوی أربعة آلاف ! (4)
فسار سلیمان مع ما تبقّی من أنصاره من النخیلة إلی کربلاء،واستغفروا اللّه عند قبر الإمام الحسین علیه السّلام بعد أن اعترفوا بذنوبهم وتعاهدوا علی أن یواصلوا طریقه،وقد کتب الطبری فی هذا المجال قائلاً:
لمّا انتهی سلیمان بن صرد وأصحابه إلی قبر الحسین،نادوا صیحةً واحدة:یا ربّ، إنّا قد خذلنا ابن بنت نبیّنا،فاغفر لنا ما مضی منّا،وتب علینا إنّک أنت التوّاب الرحیم،وارحم حسیناً وأصحابه الشهداء الصدّیقین،وإنّا نشهدک یا ربّ أنّا علی
ص:339
مثل ما قتلوا علیه،فإن لم تغفر لنا وترحمنا لنکوننّ من الخاسرین. (1)
وبعد أن توقّفوا یوماً ولیلة إلی جوار قبر سیّد الشهداء،استعدّوا لقتال جیش الشام فی عین الوردة، (2)وکانت القوّة التی یقودها سلیمان تبلغ حدود أربعة آلاف،فیما کان عدد أفراد جیش العدوّ یبلغ عشرین ألفاً. (3)
وقد أبدی جیش سلیمان شجاعة فائقة فی قتال جیش الشام،ولکنّهم لم یحقّقوا هدفهم، وقُتل سلیمان وعدد من قادة نهضة التوّابین وعدد کبیر من أصحابه،وغادر المتبقّون ساحة الحرب لیلاً وعادوا إلی الکوفة.
وهناک ملاحظتان تسترعیان الاهتمام فیما یتعلّق بجذور أسباب فشل نهضة التوّابین، هما:
الاُولی:أنّهم عزموا علی الإطاحة بحکومة الشام قبل السیطرة علی الکوفة والاطمئنان من عاقبة حرکتهم،و هذا القرار یدلّ علی ضعف تدبیر قادة هذه النهضة.
الملاحظة الثانیة:معارضة المختار لقیادة سلیمان بن صرد،ووقوع الانشقاق بین أنصار النهضة،و مع الأخذ بنظر الاعتبار الملاحظة الاُولی،یمکننا القول بأنّ تصمیم المختار بعدم الانضمام إلیهم کان صحیحاً.
أشرنا فیما سبق إلی أنّ الکوفة خلال نهضة التوّابین کانت تحت سیطرة عبد اللّه بن الزبیر، ولذلک فإنّ المجرمین الذین تسبّبوا بأمر ابن زیاد فی حادثة کربلاء الدمویّة لم یواجهوا
ص:340
مشکلة؛بسبب عداء عبد اللّه بن الزبیر الشدید لأهل البیت علیهم السّلام.کما یحتمل أنّهم لم یشعروا بخطر أکید من جانب نهضة التوّابین بقیادة سلیمان بن صرد،ذلک أنّ الهدف الأوّل لهذه النهضة هو إسقاط حکومة الشام،و کانوا یعلمون أنّهم سوف لا یحقّقون هذا الهدف.
ولکنّهم کانوا یشعرون بخطر کبیر بسبب تواجد المختار فی الکوفة،ولذلک فقد وفد قادة جیش ابن زیاد؛مثل:عمر بن سعد وشَبَت بن ربعی-الذین کانوا یحیطون علماً بحسن قیادة المختار ویعرفون هدفه من الثورة-علی عبد اللّه بن یزید عامل ابن الزبیر علی الکوفة وقالوا:
إنّ المختار أشدّ علیکم من سلیمان بن صرد،إنّ سلیمان إنّما خرج یقاتل عدوّکم ویذلّلهم لکم وقد خرج عن بلادکم،وإنّ المختار إنّما یرید أن یثب علیکم فی مصرکم،فسیروا إلیه فأوثقوه فی الحدید وخلّدوه فی السجن حتّی یستقیم أمر الناس. (1)
واعتُقل المختار علی إثر هذه المؤامرة، (2)ولکنّه واصل نشاطه فی السجن أیضاً،وعندما بلغه انکسار جیش سلیمان بن صرد ورجوع المتبقّین منهم إلی الکوفة،بعث رسالة سرّیة إلی قادتهم دعاهم فیها إلی التعاون معه. (3)
ولم تمضِ فترة طویلة حتّی اطلق سراح المختار علی إثر وساطة عبد اللّه بن عمر الذی کان زوج اخته. (4)فنظّم أنصارَه وأعدّهم للحرب.وفی اللیلة الثانیة عشرة من ربیع الأوّل
ص:341
سنة 66 للهجرة بدأت ثورة المختار بحرکة عدد من المسلّحین بقیادة إبراهیم بن مالک الأشتر (1)نحو دار المختار،وکانت الکوفة خاضعة للأحکام العرفیّة،فقطع الجیش الطریق علی إبراهیم ومرافقیه،فقتلوا قائد الجند وهزموا القوات الخاضعة لإمرته، (2)وأصدر المختار فی اللیلة نفسها الأمر بالثورة العامّة بشکل رسمی،واشتبکت قوّاته مع قوّات العدوّ تحت شعار«یالثارات الحسین»،واستمرّت الاشتباکات حتّی سقط آخر مواضع العدوّ فی ربیع الثانی عام 66،وخضعت الکوفة لسیطرة المختار وأنصاره بشکل کامل. (3)
وبعد أن سیطر المختار علی الأوضاع،انبری للبحث عن مجرمی واقعة کربلاء،فألقی القبض علی الکثیر منهم وقتلهم (4)، (5)ولکنّ القائد المباشر لمعرکة کربلاء-أعنی ابن زیاد-لم یزل حیّاً،وکُلّف من جانب عبدالملک بن مروان بأن یقمع ثورة المختار بجیشٍ قوامُه ثمانون ألفاً.
ص:342
وسار جیش المختار بقیادة إبراهیم بن مالک الأشتر فی ذی الحجّة سنة 66 للهجرة،نحو جیش ابن زیاد الذی کان قد تسلّل إلی الحدود الشمالیّة الغربیّة من العراق،ونشبت حرب ضروس بین الجیشین،وهُزم جیش الشام فی عاشوراء من سنة 67 للهجرة وقُتل ابن زیاد. (1)و أرسل المختار رأس ابن زیاد إلی الإمام علیّ بن الحسین علیه السّلام،فأتی رسول المختار برأس ابن زیاد إلیه وکان علیه السّلام یتناول الطعام،وفی بعض الروایات أنّ الإمام سجد شکراً للّه عندما رأی رأس ابن زیاد وقال:
الحَمدُ للّهِ الَّذی أدرَکَ لی ثَأری مِن عَدُوّی،وَجزَی اللّهُ المُختارَ خَیراً.أُدخِلتُ عَلی عُبَیدِ اللّهِ بنِ زِیادٍ وهُوَ یَتَغدّی ورَأسُ أبی بَینَ یَدَیهِ،فَقُلتُ:اللّهُمَّ لا تُمِتنی حَتّی تُرِیَنی رَأسَ ابنِ زِیادٍ. (2)
وروی عن الإمام الصادق علیه السّلام أنّه قال:
مَا اکتَحَلَت هاشِمِیَّةٌ وَلا اختَضَبَت،ولا رُئِیَ فی دارِ هاشِمِیٍّ دُخانٌ خَمسَ حِجَجٍ حتّی قُتِلَ عُبیدُ اللّهِ بنُ زیادٍ لعنه اللّه. (3)
ولجأ الفارّون من الکوفة إلی والی البصرة مصعب بن الزبیر، (4)وحرّضوه علی محاربة المختار.فاستعدّ مصعب للحرب، (5)والتقی الجیشان،ولکنّ المختار تکبّد فی هذه المرّة خسائر فادحة،وحاصره العدوّ فی دار الإمارة،وقُتل خلال الحرب،واستسلم الباقون من أنصاره. (6)
ص:343
واستناداً إلی روایة الطبری،فقد قُتل المختار فی الرابع عشر من شهررمضان سنة 67 للهجرة،وهو فی السابعة والستّین من عمره. (1)
وبعد هزیمة المختار واستسلام أصحابه،أصرّ جمع من وجهاء الکوفة-منهم عبد الرحمن بن محمّد بن الأشعث-علی مصعب بن الزبیر أن یأمر بقتلهم جمیعاً،وکان عددهم یبلغ ستّة آلاف. (2)
ص:344
صدی قتل الإمام علیه السّلام فی الشخصیات البارزة
(1) 2459.الطبقات الکبری (الطبقة الخامسة من الصحابة) عن شهر بن حوشب: إنّا لَعِندَ امِّ سَلَمَةَ زَوجِ النَّبِیِّ صلّی اللّه علیه و آله،قالَ:فَسَمِعنا صارِخَةً،فَأَقبَلَت حَتَّی انتَهَت إلی امِّ سَلَمَةَ،فَقالَت:قُتِلَ الحُسَینُ علیه السّلام !
قالَت:قَد فَعَلوها ! مَلَأَ اللّهُ بُیوتَهُم-أو قُبورَهُم-عَلَیهِم ناراً،ووَقَعَت مَغشِیّاً عَلَیها،قالَ:وقُمنا. (2)
2460.المعجم الکبیر عن شهر بن حوشب: سَمِعتُ امَّ سَلَمَةَ حینَ جاءَ نَعیُ الحُسَینِ بنِ عَلِیٍّ علیه السّلام لَعَنَت أهلَ العِراقِ،وقالَت:قَتَلوهُ ! قَتَلَهُمُ اللّهُ عَزَّ وجَلَّ،غَرّوهُ وذَلّوهُ! لَعَنَهُمُ اللّهُ. (3)
ص:345
2461.مسند ابن حنبل عن شهر بن حوشب: سَمِعتُ امَّ سَلَمَةَ زَوجَ النَّبِیِّ صلّی اللّه علیه و آله حینَ جاءَ نَعیُ الحُسَینِ بنِ عَلِیٍّ علیه السّلام لَعَنَت أهلَ العِراقِ،فَقالت:قَتَلوهُ! قَتَلَهُمُ اللّهُ،غَرّوهُ وذَلّوهُ ! لَعَنَهُمُ اللّهُ،فَإِنّی رَأَیتُ رَسولَ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله جاءَتهُ فاطِمَةُ علیها السّلام غَدِیَّةً بِبُرمَةٍ (1)،قَد صَنَعَت لَهُ فیها عَصیدَةً (2)، تَحمِلُهُ فی طَبَقٍ لَها،حَتّی وَضَعَتها بَینَ یَدَیهِ.
فَقالَ لَها:أینَ ابنُ عَمِّکِ؟قالَت:هُوَ فِی البَیتِ،قالَ:فَاذهَبی فَادعیهِ،وَائتینی بِابنَیهِ.
قالَت:فَجاءَت تَقودُ ابنَیها،کُلَّ واحِدٍ مِنهُما بِیَدٍ،وعَلِیٌّ علیه السّلام یَمشی فی أثَرِهِما، حَتّی دَخَلوا عَلی رَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله،فَأَجلَسَهُما فی حِجرِهِ،وجَلَسَ عَلِیٌّ علیه السّلام عَن یَمینِهِ، وجَلَسَت فاطِمَةُ علیها السّلام عَن یَسارِهِ.
قالَت امُّ سَلَمَةَ:فَاجتَبَذَ (3)مِن تَحتی کِساءً خَیبَرِیّاً،کانَ بِساطاً لَنا عَلَی المَنامَةِ فِی المَدینَةِ،فَلَفَّهُ النَّبِیُّ صلّی اللّه علیه و آله عَلَیهِم جَمیعاً،فَأَخَذَ بِشِمالِهِ طَرَفَیِ الکِساءِ،وألوی بِیَدِهِ الیُمنی إلی رَبِّهِ عَزَّ وجَلَّ،قالَ:اللّهُمَّ أهلی،أذهِب عَنهُمُ الرِّجسَ وطَهِّرهُم تَطهیراً، اللّهُمَّ أهلُ بَیتی،أذهِب عَنهُمُ الرِّجسَ وطَهِّرهُم تَطهیراً،اللّهُمَّ أهلُ بَیتی،أذهِب عَنهُمُ الرِّجسَ وطَهِّرهُم تَطهیراً. (4)
2462.مسند إسحاق بن راهویه: کانَت امُّ سَلَمَةَ رَضِیَ اللّهُ عَنها آخِرَ مَن ماتَ مِن امَّهاتِ المُؤمِنینَ،وعَمَرَت حَتّی بَلَغَها مَقتَلُ الحُسَینِ الشَّهیدِ علیه السّلام،فَوَجَمَت لِذلِکَ،وغُشِیَ
ص:346
عَلَیها،وحَزِنَت عَلَیهِ کَثیراً،لَم تَلبَث بَعدَهُ إلّایَسیراً،وَانتُقِلَت إلَی اللّهِ. (1)
2463.شرح الأخبار عن أبی نعیم بإسناده: أنَّها[ امَّ سَلَمَةَ ] لَمّا بَلَغَها مَقتَلُ الحُسَینِ علیه السّلام،ضَرَبَت قُبَّةً فی مَسجِدِ رَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله جَلَسَت فیها،ولَبِسَت سَواداً. (2)
(3) 2464.الکامل فی التاریخ عن شقیق بن سلمة: لَمّا قُتِلَ الحُسَینُ علیه السّلام ثارَ عَبدُ اللّهِ بنُ الزُّبَیرِ،فَدَعَا ابنَ عَبّاسٍ إلی بَیعَتِهِ،فَامتَنَعَ،وظَنَّ یَزیدُ أنَّ امتِناعَهُ تَمَسُّکٌ مِنهُ بَیعَتَهُ (4)،فَکَتَبَ إلَیهِ:
أمّا بَعدُ،فَقَد بَلَغَنی أنَّ المُلحِدَ ابنَ الزُّبَیرِ دَعاکَ إلی بَیعَتِهِ،وأنَّکَ اعتَصَمتَ بِبَیعَتِنا، وَفاءً مِنکَ لَنا،فَجَزاکَ اللّهُ مِن ذی رَحِمٍ خَیرَ ما یَجزِی الواصِلینَ لِأَرحامِهِم،الموفینَ بِعُهودِهِم،فَما أنسَ مِنَ الأَشیاءِ فَلَستُ بِناسٍ بِرَّکَ،وتَعجیلَ صِلَتِکَ بِالَّذی أنتَ لَهُ أهلٌ،فَانظُر مَن طَلَعَ عَلَیکَ مِنَ الآفاقِ مِمَّن سَحَرَهُمُ ابنُ الزُّبَیرِ بِلِسانِهِ،فَأَعلِمهُم بِحالِهِ،فَإِنَّهُم مِنکَ أسمَعُ النّاسِ،ولَکَ أطوَعُ مِنهُم لِلمُحِلِّ.
فَکَتَبَ إلَیهِ ابنُ عَبّاسٍ:
أمّا بَعدُ،فَقَد جاءَنی کِتابُکَ،فَأَمّا تَرکی بَیعَةَ ابنِ الزُّبَیرِ فَوَاللّهِ ما أرجو بِذلِکَ بِرَّکَ ولا حَمدَکَ،ولکِنَّ اللّهَ بِالَّذی أنوی عَلیمٌ.
وزَعَمتَ أنَّکَ لَستَ بِناسٍ بِرّی،فَاحبِس-أیُّهَا الإنسانُ-بِرَّکَ عَنّی،فَإِنّی حابِسٌ عَنکَ بِرّی.
ص:347
وسَأَلتَ أن احَبِّبَ النّاسَ إلَیکَ،واُبَغِّضَهُم واُخَذِّلَهُم لِابنِ الزُّبَیرِ،فَلا ولا سُرورَ، ولا کَرامَةَ،کَیفَ وقَد قَتَلتَ حُسَیناً علیه السّلام وفِتیانَ عَبدِ المُطَّلِبِ،مَصابیحَ الهُدی،ونُجومَ الأَعلامِ؟! غادَرَتهُم خُیولُکَ بِأَمرِکَ فی صَعیدٍ واحِدٍ،مُرَمَّلینَ (1)بِالدِّماءِ،مَسلوبینَ بِالعَراءِ،مَقتولینَ بِالظِّماءِ،لا مُکَفَّنینَ،ولا مُوَسَّدینَ،تَسفی (2)عَلَیهِمُ الرِّیاحُ،ویَنشی (3)بِهِم عُرجُ البِطاحِ (4)!! حَتّی أتاحَ اللّهُ بِقَومٍ لَم یَشرَکوا فی دِمائِهِم،کَفَّنوهُم وأجَنّوهُم (5)، وبی وبِهِم لَو عَزَّزتَ وجَلَستَ مَجلِسَکَ الَّذی جَلَستَ،فَما أنسَ مِنَ الأَشیاءِ فَلَستُ بِناسٍ إطرادَکَ حُسَیناً علیه السّلام مِن حَرَمِ رَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله،إلی حَرَمِ اللّهِ،وتَسییرَکَ الخُیولَ إلَیهِ،فَما زِلتَ بِذلِکَ حَتّی أشخَصتَهُ إلَی العِراقِ،فَخَرَجَ خائِفاً یَتَرَقَّبُ،فَنَزَلَت بِهِ خَیلُکَ عَداوَةً مِنکَ للّهِ ِ ولِرَسولِهِ،ولِأَهلِ بَیتِهِ الَّذینَ أذهَبَ اللّهُ عَنهُمُ الرِّجسَ وطَهَّرَهُم تَطهیراً،فَطَلَبَ إلَیکُمُ المُوادَعَةَ،وسَأَلَکُمُ الرَّجعَةَ،فَاغتَنَمتُم قِلَّةَ أنصارِهِ،وَاستِئصالَ أهلِ بَیتِهِ،وتَعاوَنتُم عَلَیهِ،کَأَنَّکُم قَتَلتُم أهلَ بَیتٍ مِنَ التُّرکِ (6)وَالکُفرِ،فَلا شَیءَ أعجَبُ عِندی مِن طَلِبَتِکَ وُدّی وقَد قَتَلتَ وُلدَ أبی،وسَیفُکَ یَقطُرُ مِن دَمی ! وأنتَ أحَدُ ثَأری! ولا یُعجِبکَ أن ظَفِرتَ بِنَا الیَومَ،فَلنَظفَرَنَّ بِکَ یَوماً،وَالسَّلامُ. (7)
ص:348
2465.المعجم الکبیر عن أبان بن الولید: کَتَبَ عَبدُ اللّهِ بنُ الزُّبَیرِ إلَی ابنِ عَبّاسٍ فِی البَیعَةِ،فَأَبی أن یُبایِعَهُ،فَظَنَّ یَزیدُ بنُ مُعاوِیَةَ أنَّهُ إنَّمَا امتَنَعَ عَلَیهِ لِمَکانِهِ،فَکَتَبَ یَزیدُ بنُ مُعاوِیَةَ إلَی ابنِ عَبّاسٍ:
أمّا بَعدُ،فَقَد بَلَغَنی أنَّ المُلحِدَ ابنَ الزُّبَیرِ دَعاکَ إلی بَیعَتِهِ لِیُدخِلَکَ فی طاعَتِهِ، فَتَکونَ عَلَی الباطِلِ ظَهیراً،وفِی المَأثَمِ شَریکاً،فَامتَنَعتَ عَلَیهِ،وَانقَبَضتَ لِما عَرَّفَکَ اللّهُ مِن نَفسِکَ فی حَقِّنا أهلَ البَیتِ،فَجَزاکَ اللّهُ أفضَلَ ما یَجزِی الواصِلینَ مِن أرحامِهِم،الموفینَ بِعُهودِهِم،فَمَهما أنسی مِنَ الأَشیاءِ فَلَستُ أنسی بِرَّکَ وصِلَتَکَ، وحُسنَ جائِزَتِکَ بِالَّذی أنتَ أهلُهُ مِنّا فِی الطّاعَةِ وَالشَّرَفِ،وَالقَرابَةِ لِرَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله، فَانظُر مَن قِبَلَکَ مِن قَومِکَ ومَن یَطرَأُ عَلَیکَ مِن أهلِ الآفاقِ مِمَّن یَسحَرُهُ ابنُ الزُّبَیرِ بِلِسانِهِ وزُخرُفِ قَولِهِ،فَخَذِّلهُم عَنهُ،فَإِنَّهُم لَکَ أطوَعُ،ومِنکَ أسمَعُ مِنهُم لِلمُلحِدِ الخارِبِ (1)المارِقِ (2)،وَالسَّلامُ.
فَکَتَبَ ابنُ عَبّاسٍ إلَیهِ:
أمّا بَعدُ،فَقَد جاءَنی کِتابُکَ تَذکُرُ دُعاءَ ابنِ الزُّبَیرِ إیّایَ لِلَّذی دَعانی إلَیهِ،وأنِّی امتَنَعتُ مَعرِفَةً لِحَقِّکَ،فَإِن یَکُن ذلِکَ کَذلِکَ فَلَستُ بِرَّکَ أغزو بِذلِکَ،ولکِنَّ اللّهَ بِما أنوی بِهِ عَلیمٌ.
وکَتَبتَ إلَیَّ أن أحُثَّ النّاسَ عَلَیکَ،واُخَذِّلَهُم عَنِ ابنِ الزُّبَیرِ،فَلا سُروراً ولا حُبوراً (3)،بِفیکَ الکَثکَثُ (4)،ولَکَ الأَثلَبُ (5)،إنَّکَ لَعازِبٌ إن مَنَّتکَ نَفسُکَ،وإنَّکَ لَأَنتَ
ص:349
وکَتَبتَ إلَیَّ تَذکُرُ تَعجیلَ بِرّی وصِلَتی،فَاحبِس-أیُّهَا الإِنسانُ-عَنّی بِرَّکَ وصِلَتَکَ،فَإِنّی حابِسٌ عَنکَ وُدّی ونُصرَتی،ولَعَمری،ما تُعطینا مِمّا فی یَدَیکَ لَنا إلَّا القَلیلَ،وتَحبِسُ مِنهُ العَریضَ الطَّویلَ،ألا [لا] (3)أباً لَکَ،أتَرانی أنسی قَتلَکَ حُسَیناً علیه السّلام وفِتیانَ بَنی عَبدِ المُطَّلِبِ مَصابیحَ الدُّجی،ونُجومَ الأَعلامِ؟! غادَرَتهُم جُنودُکَ بِأَمرِکَ،فَأَصبَحوا مُصَرَّعینَ فی صَعیدٍ واحِدٍ،مُزَمَّلینَ (4)فی الدِّماءِ،مَسلوبینَ بِالعَراءِ،لا مُکَفَّنینَ،ولا مُوَسَّدینَ،تَسفیهِمُ الرِّیاحُ،وتَغزوهُمُ الذِّئابُ،وتَنتابُهُم عُرجُ الضِّباعِ !! حَتّی أتاحَ اللّهُ لَهُم قَوماً لَم یَشرَکوا فی دِمائِهِم،فَکَفَّنوهُم وأجَنّوهُم،وبِهِم- وَاللّهِ-وبی مَنَّ اللّهُ عَلَیکَ،فَجَلَستَ فی مَجلِسِکَ الَّذی أنتَ فیهِ.
ومَهما أنسی مِنَ الأَشیاءِ فَلَستُ أنسی تَسلیطَکَ عَلَیهِمُ الدَّعِیَّ ابنَ الدَّعِیِّ،لِلعاهِرَةِ الفاجِرَةِ،البَعیدَ رَحِماً،اللَّئیمَ أباً واُمّاً،الَّذِی اکتَسَبَ أبوکَ فِی ادِّعائِهِ لِنَفسِهِ العارَ، وَالمَأثَمَ وَالمَذَلَّةَ،وَالخِزیَ فِی الدُّنیا وَالآخِرَةِ؛لِأَنَّ رَسولَ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله قالَ:«الوَلَدُ لِلفِراشِ،ولِلعاهِرِ الحَجَرُ»وإنَّ أباکَ زَعَمَ أنَّ الوَلَدَ لِغَیرِ الفِراشِ،ولا یُضَرُّ العاهِرُ، ویُلحَقُ بِهِ وَلَدُهُ،کَما یُلحَقُ وَلَدُ البَغِیِّ المُرشِدَ،ولَقَد أماتَ أبوکَ السُّنَّةَ جَهلاً،وأحیَا الأَحداثَ المُضِلَّةَ عَمداً.
ص:350
ومَهما أنسی مِنَ الأَشیاءِ فَلَستُ أنسی تَسییرَکَ حُسَیناً علیه السّلام مِن حَرَمِ رَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله إلی حَرَمِ اللّهِ،وتَسییرَکَ إلَیهِمُ الرِّجالَ،وإدساسَکَ إلَیهِم إن هُوَ نَذِرَ بِکُم فَعاجِلوهُ،فَما زِلتَ بِذلِکَ حَتّی أشخَصتَهُ مِن مَکَّةَ إلی أرضِ الکُوفَةِ،تَزأَرُ (1)إلَیهِ خَیلُکَ وجُنودُکَ زَئیرَ الأَسَدِ،عَداوَةَ مِثلِکَ (2)للّهِ ِ ولِرَسولِهِ ولِأَهلِ بَیتِهِ.
ثُمَّ کَتَبتَ إلَی ابنِ مَرجانَةَ یَستَقبِلُهُ بِالخَیلِ وَالرِّجالِ،وَالأَسِنَّةِ وَالسُّیوفِ،ثُمَّ کَتَبتَ إلَیهِ بِمُعاجَلَتِهِ وتَرکِ مُطاوَلَتِهِ،حَتّی قَتَلتَهُ ومَن مَعَهُ مِن فِتیانِ بَنی عَبدِ المُطَّلِبِ،أهلِ الْبَیتِ الَّذینَ أذهَبَ اللّهُ عَنهُمُ الرِّجسَ وطَهَّرَهُم تَطهیراً،نَحنُ اولئِکَ،لا کَآبائِکَ الأَجلافِ (3)الجُفاةِ (4)،أکبادِ الحَمیرِ،ولَقَد عَلِمتَ أنَّهُ کانَ أعَزَّ أهلِ البَطحاءِ بِالبَطحاءِ قَدیماً،وأعَزَّهُ بِها حَدیثاً،لَو ثَوی بِالحَرَمَینِ مَقاماً،وَاستَحَلَّ بِها قِتالاً،ولکِنَّهُ کَرِهَ أن یَکونَ هُوَ الَّذی یُستَحَلُّ بِهِ حَرَمُ اللّهِ وحَرَمُ رَسولِهِ صلّی اللّه علیه و آله وحُرمَةُ البَیتِ الحَرامِ.
فَطَلَبَ إلَیکُمُ الحُسَینُ علیه السّلام المُوادَعَةَ،وسَأَلَکُمُ الرَّجعَةَ،فَاغتَنَمتُم قِلَّةَ نُصّارِهِ (5)، وَاستِئصالَ أهلِ بَیتِهِ،کَأَنَّکُم تَقتُلونَ أهلَ بَیتٍ مِنَ التُّرکِ أو کابُلٍ (6)،فَکَیفَ تَجِدُنی (7)عَلی وُدِّکَ،وتَطلُبُ نُصرَتی،وقَد قَتَلتَ بَنی أبی،وسَیفُکَ یَقطُرُ مِن دَمی،وأنتَ آخِذٌ (8)ثَأری،فَإِن یَشَأِ اللّهُ لا یَطُل لَدَیکَ دَمی،ولا تَسبِقنی بِثَأری،وإن تَسبِقنا بِهِ فَقَبِلنا ما قَبِلَتِ النَّبِیّونَ وآلُ النَّبِییّنَ،فَظَلَّت دِماؤُهُم فِی الدُّنیا،وکانَ المَوعِدُ اللّهَ،
ص:351
فَکَفی بِاللّهِ لِلمَظلومینَ ناصِراً،ومِنَ الظّالِمینَ مُنتَقِماً.
وَالعَجَبُ کُلُّ العَجَبِ-وما عِشتَ یُریکَ (1)الدَّهرُ العَجَبَ-حَملُکَ بَناتِ عَبدِ المُطَّلِبِ،وحَملُکَ أبناءَهُم-اُغَیلِمَةً صِغاراً-إلَیکَ بِالشّامِ،تُرِی النّاسَ أنَّکَ قَد قَهَرتَنا،وأنَّکَ تُذِلُّنا،وبِهِم-وَاللّهِ-وبی مَنَّ اللّهُ عَلَیکَ وعَلی أبیکَ واُمِّکَ مِنَ النِّساءِ.
وَایمُ اللّهِ،إنَّکَ لَتُمسی وتُصبِحُ آمِناً لِجِراحِ یَدی،ولَیَعظُمَنَّ جَرحُکَ بِلِسانی ونَقضی وإبرامی،فَلا یَستَفِزَّنَّکَ (2)الجَدَلُ (3)،فَلَن یُمهِلَکَ اللّهُ بَعدَ قَتلِکَ عِترَةَ رَسولِهِ إلّا قَلیلاً،حَتّی یَأخُذَکَ أخذاً ألیماً،ویُخرِجَکَ مِنَ الدُّنیا آثِماً مَذموماً،فَعِش لا أباً لَکَ ما شِئتَ،فَقَد أرداکَ عِندَ اللّهِ مَا اقتَرَفتَ.
فَلَمّا قَرَأَ یَزیدُ الرِّسالَةَ قالَ:لَقَد کانَ ابنُ عَبّاسٍ مُضِیّاً عَلَی الشَّرِّ. (4)
2466.الطبقات الکبری (الطبقة الخامسة من الصحابة) عن محمّد بن عبد اللّه بن عبید بن عمیر عن رجل:
سَمِعتُ ابنَ عَبّاسٍ،وعِندَهُ مُحَمَّدُ ابنُ الحَنَفِیَّةِ،وقَد جاءَهُم نَعیُ الحُسَینِ بنِ عَلِیٍّ علیه السّلام، وعَزّاهُمُ النّاسُ،فَقالَ ابنُ صَفوانَ (5): «إِنّا لِلّهِ وَ إِنّا إِلَیْهِ راجِعُونَ» ،أیُّ مُصیبَةٍ،یَرحَمُ اللّهُ
ص:352
أبا عَبدِ اللّهِ،وآجَرَکُمُ اللّهُ فی مُصیبَتِکُم.
فَقالَ ابنُ عَبّاسٍ:یا أبَا القاسِمِ (1)،ما هُوَ إلّاأن خَرَجَ مِن مَکَّةَ،فَکُنتُ أتَوَقَّعُ ما أصابَهُ.
قالَ ابنُ الحَنَفِیَّةِ:وأنَا وَاللّهِ،فَعِندَ اللّهِ نَحتَسِبُهُ،ونَسأَلُهُ الأَجرَ وحُسنَ الخَلَفِ.
قالَ ابنُ عَبّاسٍ:یا أبا صَفوانَ،أما وَاللّهِ،لا یُخَلَّدُ بَعدُ صاحِبُکَ الشّامِتُ بِمَوتِهِ.
فَقالَ ابنُ صَفوانَ:یا أبَا العَبّاسِ،وَاللّهِ،ما رَأَیتُ ذلِکَ مِنهُ،ولَقَد رَأَیتُهُ مَحزوناً بِمَقتَلِهِ،کَثیرَ التَّرَحُّمِ عَلَیهِ.
قالَ:یُریکَ ذلِکَ لِما یَعلَمُ مِن مَوَدَّتِکَ لَنا،فَوَصَلَ اللّهُ رَحِمَکَ،لا یُحِبُّنَا ابنُ الزُّبَیرِ أبَداً.
قالَ ابنُ صَفوانَ:فَخُذ بِالفَضلِ،فَأَنتَ أولی بِهِ مِنهُ. (2)
2467.الطبقات الکبری (الطبقة الخامسة من الصحابة) عن ابن أبی ملیکة: بَینَمَا ابنُ عَبّاسٍ جالِسٌ فِی المَسجِدِ الحَرامِ وهُوَ یَتَوَقَّعُ خَبَرَ الحُسَینِ بنِ عَلِیٍّ علیه السّلام،إلی أن أتاهُ آتٍ فَسارَّهُ بِشَیءٍ فَأَظهَرَ الاِستِرجاعَ.
فَقُلنا:ما حَدَثَ یا أبَا العَبّاسِ؟قالَ:مُصیبَةٌ عَظیمَةٌ نَحتَسِبُها،أخبَرَنی مَولایَ أنَّهُ سَمِعَ ابنَ الزُّبَیرِ یَقولُ:قُتِلَ الحُسَینُ بنُ عَلِیٍّ علیه السّلام.
فَلَم یَبرَح حَتّی جاءَهُ ابنُ الزُّبَیرِ فَعَزّاهُ ثُمَّ انصَرَفَ.فَقامَ ابنُ عَبّاسٍ فَدَخَلَ مَنزِلَهُ،
ص:353
ودَخَلَ عَلَیهِ النّاسُ یُعَزّونَهُ. (1)
(2) 2468.المعجم الکبیر عن منذر الثوری: کُنّا إذا ذَکَرنا حُسَیناً علیه السّلام ومَن قُتِلَ مَعَهُ رَضِیَ اللّهُ عَنهُم،قالَ مُحَمَّدُ ابنُ الحَنَفِیَّةِ:قُتِلَ مَعَهُ سَبعَةَ عَشَرَ شابّاً،کُلُّهُم ارتَکَضَ فی رَحِمِ فاطِمَةَ (3). (4)
2469.تاریخ الیعقوبی: فَلَمّا صارَ [المُختارُ] إلَی الکوفَةِ اجتَمَعَت إلَیهِ الشّیعَةُ،فَقالَ لَهُم:إنَّ مُحَمَّدَ بنَ عَلِیِّ بنِ أبی طالِبٍ بَعَثَنی إلَیکُم أمیراً،وأمَرَنی بِقَتلِ المُحِلّینَ،وَالطَّلَبِ (5)بِدِماءِ أهلِ بَیتِهِ المَظلومینَ،وإنّی وَاللّهِ قاتِلُ ابنِ مَرجانةَ،وَالمُنتَقِمُ لِآلِ رَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله مِمَّن ظَلَمَهُم،فَصَدَّقَهُ طائِفَةٌ مِنَ الشّیعَةِ،وقالَت طائِفَةٌ:نَخرُجُ إلی مُحَمَّدِ بنِ عَلِیٍّ فَنَسأَلُهُ،فَخَرَجوا إلَیهِ،فَسَأَلوهُ،فَقالَ:ما أحَبَّ إلَینا مَن طَلَبَ بِثَأرِنا،وأخَذَ لَنا بِحَقِّنا، وقَتَلَ عَدُوَّنا،فَانصَرَفوا إلَی المُختارِ،فَبایَعوهُ وعاقَدوهُ،وَاجتَمَعَت طائِفَةٌ. (6)
ص:354
(1) 2470.المعجم الکبیر عن أنس: لَمّا اتِیَ بِرَأسِ الحُسَینِ بنِ عَلِیٍّ علیه السّلام إلی عُبَیدِ اللّهِ بنِ زِیادٍ،جَعَلَ یَنکُتُ بِقَضیبٍ فی یَدِهِ،ویَقولُ:إن کانَ لَحَسَنَ الثَّغرِ.
فَقُلتُ:وَاللّهِ،لَأَسوءَنَّکَ،لَقَد رَأَیتُ رَسولَ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله یُقَبِّلُ مَوضِعَ قَضیبِکَ مِن فیهِ. (2)
2471.صحیح البخاری عن أنس: اتِیَ عُبَیدُ اللّهِ بنُ زِیادٍ بِرَأسِ الحُسَینِ بنِ عَلِیٍّ علیه السّلام،فَجُعِلَ فی طَستٍ،فَجَعَلَ یَنکُتُ،وقالَ فی حُسنِهِ شَیئاً.
فَقالَ أنسٌ:کانَ أشبَهَهُم بِرَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله،وکانَ مَخضوباً بِالوَسمَةِ (3). (4)
ص:355
راجع:ص 159 (القسم التاسع/الفصل السادس/احتجاج أنس بن مالک علی ابن زیاد).
(1) 2472.الصواعق المحرقة: رَوَی ابنُ أبِی الدُّنیا:أنَّهُ کانَ عِندَهُ [أی عِندَ ابنِ زِیادٍ] زَیدُ بنُ أرقَمَ،فَقالَ لَهُ:اِرفَع قَضیبَکَ،فَوَاللّهِ،لَطالَما رَأَیتُ رَسولَ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله یُقَبِّلُ ما بَینَ هاتَینِ الشَّفَتَینِ،ثُمَّ جَعَلَ زَیدٌ یَبکی.
فَقالَ ابنُ زِیادٍ:أبکَی اللّهُ عَینَیکَ ! لَولا أنَّکَ شَیخٌ قَد خَرِفتَ لَضَرَبتُ عُنُقَکَ.
فَنَهَضَ وهُوَ یَقولُ:أیُّهَا النّاسُ ! أنتُمُ العَبیدُ بَعدَ الیَومِ،قَتَلتُمُ ابنَ فاطِمَةَ علیها السّلام، وأمَّرتُمُ ابنَ مَرجانَةَ ! وَاللّهِ،لَیَقتُلَنَّ خِیارَکُم،ویَستَعبِدَنَّ شِرارَکُم،فَبُعداً لِمَن رَضِیَ بِالذِّلَّةِ وَالعارِ.
ثُمَّ قالَ:یَابنَ زِیادٍ ! لَاُحَدِّثَنَّکَ بِما هُوَ أغیَظُ عَلَیکَ مِن هذا،رَأَیتُ رَسولَ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله أقعَدَ حَسَناً عَلی فَخِذِهِ الیُمنی،وحُسَیناً عَلَی الیُسری،ثُمَّ وَضَعَ یَدَهُ عَلی یافوخِهِما (2)،ثُمَّ قالَ:اللّهُمَّ إنّی أستَودِعُکَ إیّاهُما وصالِحَ المُؤمِنینَ،فَکَیفَ کانَت
ص:356
وَدیعَةُ النَّبِیِّ صلّی اللّه علیه و آله عِندَکَ یَابنَ زِیادٍ؟! (1)
راجع:ص 125 (القسم التاسع/الفصل الخامس:ما ظهر من الکرامات من رأس سیّد الشهداء علیه السّلام )
و ص 155 (القسم التاسع/الفصل السادس/احتجاج زید بن أرقم علی ابن زیاد).
(2) 2473.الملهوف: دَعا یَزیدُ بِقَضیبٍ خَیزُرانٍ،فَجَعَلَ یَنکُتُ بِهِ ثَنایَا الحُسَینِ علیه السّلام.
فَأَقبَلَ عَلَیهِ أبو بَرزَةَ الأَسلَمِیُّ،وقالَ:وَیحَکَ یا یَزیدُ ! أتَنکُتُ بِقَضیبِکَ ثَغرَ الحُسَینِ علیه السّلام ابنِ فاطِمَةَ علیها السّلام؟! أشهَدُ لَقَد رَأَیتُ النَّبِیَّ صلّی اللّه علیه و آله یَرشُفُ ثَنایاهُ وثَنایا أخیهِ الحَسَنِ علیهما السّلام،ویَقولُ:أنتُما سَیِّدا شَبابِ أهلِ الجَنَّةِ،قَتَلَ اللّهُ قاتِلَکُما، ولَعَنَهُ،وأعَدَّ لَهُ جَهَنَّمَ وساءَت مَصیراً.قالَ الرّاوی:فَغَضِبَ یَزیدُ،وأمَرَ بِإِخراجِهِ، فَاُخرِجَ سَحباً. (3)
راجع:ص 237 (القسم التاسع/الفصل السابع/احتجاج أبی برزة علی یزید).
ص:357
(1) 2474.شرح نهج البلاغة لابن أبی الحدید عن الإمام علیّ علیه السّلام -لِلبَراءِ بنِ عازِبٍ-:یا بَراءُ،أیُقتَلُ الحُسَینُ وأنتَ حَیٌّ فَلا تَنصُرُهُ؟فَقالَ البَراءُ:لا کانَ ذلِکَ یا أمیرَ المُؤمِنینَ.
فَلَمّا قُتِلَ الحُسَینُ علیه السّلام کانَ البَراءُ یَذکُرُ ذلِکَ،ویَقولُ:أعظِم بِها حَسرَةً،إذ لَم أشهَدهُ واُقتَل دونَهُ. (2)
راجع:ج 2 ص 325 (القسم السادس/الفصل الثالث/إنباؤه ببعض من لا ینصر الحسین علیه السّلام ).
2475.تاریخ الطبری عن عبد الملک بن نوفل عن أبیه: حَدَّثَنی أبی،قالَ:لَمّا قُتِلَ الحُسَینُ علیه السّلام قامَ ابنُ الزُّبَیرِ فی أهلِ مَکَّةَ،وعَظَّمَ مَقتَلَهُ،وعابَ عَلی أهلِ الکوفَةِ خاصَّةً،ولامَ أهلَ العِراقِ عامَّةً،فَقالَ-بَعدَ أن حَمِدَ اللّهَ وأثنی عَلَیهِ،وصَلّی عَلی مُحَمَّدٍ صلّی اللّه علیه و آله-:
إنَّ أهلَ العِراقِ غُدُرٌ فُجُرٌ إلّاقَلیلاً،وإنَّ أهلَ الکوفَةِ شِرارُ أهلِ العِراقِ،وإنَّهُم دَعَوا حُسَیناً علیه السّلام لِیَنصُروهُ ویُوَلّوهُ عَلَیهِم،فَلَمّا قَدِمَ عَلَیهِم ثاروا عَلَیهِ (4)،فَقالوا لَهُ:إمّا أن تَضَعَ یَدَکَ فی أیدینا،فَنَبعَثَ بِکَ إلَی ابنِ زِیادِ بنِ سُمَیَّةَ سِلماً،فَیُمضِیَ فیکَ حُکمَهُ،وإمّا أن تُحارِبَ ! فَرَأیَ وَاللّهِ،أنَّهُ هُوَ وأصحابُهُ قَلیلٌ فی کَثیرٍ-وإن کانَ اللّهُ
ص:358
عَزَّ وجَلَّ لَم یُطلِع عَلَی الغَیبِ أحَداً-أنَّهُ مَقتولٌ،ولکِنَّهُ اختارَ المِیتَةَ الکَریمَةَ عَلَی الحَیاةِ الذَّمیمَةِ،فَرَحِمَ اللّهُ حُسَیناً علیه السّلام،وأخزی قاتِلَ حُسَینٍ علیه السّلام.
لَعَمری،لَقَد کانَ مِن خِلافِهِم إیّاهُ وعِصیانِهِم ما کانَ فی مِثلِهِ واعِظٌ وناهٍ عَنهُم، ولکِنَّهُ ما حُمَّ (1)نازِلٌ،وإذا أرادَ اللّهُ أمراً لَن یُدفَعَ،أفَبَعدَ الحُسَینِ علیه السّلام نَطمَئِنُّ إلی هؤُلاءِ القَومِ،ونُصَدِّقُ قَولَهُم،ونَقبَلُ لَهُم عَهداً؟لا،ولا نَراهُم لِذلِکَ أهلاً.
أما وَاللّهِ،لَقَد قَتَلوهُ طَویلاً بِالَّلیلِ قیامُهُ،کَثیراً فِی النَّهارِ صِیامُهُ،أحَقَّ بِما هُم فیهِ مِنهُم،وأولی بِهِ فِی الدّینِ وَالفَضلِ.
أما وَاللّهِ،ما کانَ یُبَدِّلُ بِالقُرآنِ الغِناءَ،ولا بِالبُکاءِ مِن خَشیَةِ اللّهِ الحُداءَ (2)،ولا بِالصِّیامِ شُربَ الحَرامِ،ولا بِالمَجالِسِ فی حَلَقِ الذِّکرِ الرَّکضَ فی تَطلابِ الصَّیدِ،- یُعَرِّضُ بِیَزیدَ-فَسَوفَ یَلقَونَ غَیّاً.
فَثار إلَیهِ أصحابُهُ،فَقالوا لَهُ:أیُّهَا الرَّجُلُ ! أظهِر بَیعَتَکَ،فَإِنَّهُ لَم یَبقَ أحَدٌ-إذ هَلَکَ حُسَینٌ-یُنازِعُکَ هذَا الأَمرَ،وقَد کانَ یُبایِعُ النّاسَ سِرّاً،ویُظهِرُ أنَّهُ عائِذٌ بِالبَیتِ، فَقالَ لَهُم:لا تَعجَلوا. (3)
2476.الفتوح: جَعَلَ النّاسُ یُبایِعونَ عَبدَ اللّهِ بنَ الزُّبَیرِ،حَتّی بایَعَهُ خَلقٌ کَثیرٌ مِن أهلِ الحِجازِ وغَیرُهُم مِن أهلِ الأَمصارِ،ویَزیدُ بنُ مُعاوِیَةَ لا یَعلَمُ بِشَیءٍ مِن ذلِکَ.حَتّی إذا عَلِمَ ابنُ الزُّبَیرِ أنَّهُ قَد قَوِیَ ظَهرُهُ بِهؤُلاءِ الخَلقِ الَّذینَ قَد بایَعوهُ،أظهَرَ عَیبَ یَزیدَ سِّراً وجَهراً،وجَعَلَ یَلعَنُهُ،ویَقولُ فیهِ وفی بَنی امَیَّةَ کُلَّ ما قَدَرَ عَلَیهِ مِنَ الکَلامِ القَبیحِ.
ثُمَّ إنَّهُ کانَ یَصعَدُ المِنبَرَ،فَیَقولُ:أیُّهَا النّاسُ،إنَّکُم قَد عَلِمتُم ما سارَت بِهِ فیکُم
ص:359
بَنو امَیَّةَ مِن نَبذِ الکِتابِ وَالسُّنَّةِ،وما سارَ بِهِ مُعاوِیَةُ بنُ أبی سُفیانَ،أنَّهُ تَأَمَّرَ عَلی هذِهِ الاُمَّةِ بِغَیرِ رِضاً،وَادَّعی زِیادَ بنَ أبیهِ رَدّاً مِنهُ عَلی رَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله،وَالنَّبِیُّ صلّی اللّه علیه و آله یَقولُ:«الوَلَدُ لِلفِراشِ،ولِلعاهِرِ الحَجَرُ»،فَادَّعی مُعاوِیَةُ زِیاداً،وزَعَمَ أنَّهُ أخوهُ، وقَتَلَ حُجرَ بنَ عَدِیٍّ الکِندِیَّ ومَن مَعَهُ مِنَ المُسلِمینَ.
ثُمَّ إنَّهُ أخَذَ البَیعَةَ لِابنِهِ یَزیدَ فی حَیاتِهِ،ونَقَضَ ما کانَ فی عُنُقِهِ مِن بَیعَةِ الحُسَینِ بنِ عَلِیٍّ علیهما السّلام،ثُمَّ هذا یَزیدُ بنُ مُعاوِیَةَ قَد عَلِمتُم ما فَعَلَ بِالحُسَینِ علیه السّلام وإخوَتِهِ وأولادِهِ وبَنی عَمِّهِ،قَتَلَهُم کُلَّهُم،وأسَرَ مَن بَقِیَ مِنهُم،وحَمَلَهُم إلَی الشّامِ عَلی مَحامِلَ،لَیسَ لَهُم وِطاءٌ،ولا راعی فیهِم حَقَّ رَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله،وهُوَ مَشغولٌ بِلَعبِ الفُهودِ وَالقُرودِ،وشُربِ الخَمرِ وَالمَعاصی وَالفُجورِ.... (1)
2477.صحیح البخاری عن ابن أبی نعم: کُنتُ شاهِداً لِابنِ عُمَرَ،وسَأَلَهُ رَجُلٌ عَن دَمِ البَعوضِ، فَقالَ:مِمَّن أنتَ؟فَقالَ:مِن أهلِ العِراقِ،قالَ:اُنظُروا إلی هذا یَسأَلُنی عَن دَمِ البَعوضِ،وقَد قَتَلُوا ابنَ النَّبِیِّ صلّی اللّه علیه و آله ! وسَمِعتُ النَّبِیَّ صلّی اللّه علیه و آله یَقولُ:هُما رَیحانَتایَ مِنَ الدُّنیا. (3)
2478.سنن الترمذی عن عبد الرحمن بن أبی نُعْم: إنَّ رَجُلاً مِن أهلِ العِراقِ سَأَلَ ابنَ عُمَرَ عَن دَمِ
ص:360
البَعوضِ یُصیبُ الثَّوبَ،فَقالَ ابنُ عُمَرَ:اُنظُروا إلی هذا یَسأَلُ عَن دَمِ البَعوضِ وقَد قَتَلُوا ابنَ رَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله !
وسَمِعتُ رَسولَ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله یَقولُ:إنَّ الحَسَنَ وَالحُسَینَ هُما رَیحانَتایَ مِنَ الدُّنیا. (1)
2479.مسند ابن حنبل عن محمّد بن أبی یعقوب: سَمِعتُ ابنَ أبی نُعمٍ یَقولُ:شَهِدتُ ابنَ عُمَرَ، وسَأَلَهُ رَجُلٌ مِن أهلِ العِراقِ عَن مُحرِمٍ قَتَلَ ذُباباً.
فَقالَ:یا أهلَ العِراقِ ! تَسأَلونی عَن مُحرِمٍ قَتَلَ ذُباباً،وقَد قَتَلتُمُ ابنَ بِنتِ رَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله،وقَد قالَ رَسولُ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله:هُما رَیحانَتَیَّ مِنَ الدُّنیا؟! (2)
2480.أنساب الأشراف عن أبی الیقظان: سَمِعَ [عَبدُ اللّهِ بنُ عُمَرَ] رَجُلاً مِن أهلِ العِراقِ یَستَفتی فی مُحرِمٍ قَتَلَ جَرادَةً،وآخَرُ یَستَفتی فی قَتلِ قَملَةٍ،وآخَرُ یَستَفتی فی نَملَةٍ.
فَقالَ:وا عَجَباً لِأَهلِ العِراقِ ! یَقتُلونَ ابنَ بِنتِ نَبِیِّهِم،ویَستَفتونَ فی قَتلِ الجَرادَةِ، وَالقَملَةِ،وَالنَّملَةِ !! (3)
2481.الطرائف: لَمّا قُتِلَ الحُسَینُ بنُ عَلِیِّ بنِ أبی طالِبٍ علیه السّلام کَتَبَ عَبدُ اللّهِ بنُ عُمَرَ إلی یَزیدَ بنِ مُعاوِیَةَ:
أمّا بَعدُ،فَقَد عَظُمَتِ الرَّزِیَّةُ،وجَلَّتِ المُصیبَةُ،وحَدَثَ فِی الإِسلامِ حَدَثٌ عَظیمٌ، ولا یَومَ کَیَومِ الحُسَینِ.
فَکَتَبَ إلَیهِ یَزیدُ:یا أحمَقُ،فَإِنّا جِئنا إلی بُیوتٍ مُتَّخِذَةٍ،وفُرُشٍ مُمَهَّدَةٍ،ووَسائِدَ مُنَضَّدَةٍ،فَقاتَلنا عَلَیها،فَإِن یَکُنِ الحَقُّ لَنا فَعَن حَقِّنا قاتَلنا،وإن یَکُنِ الحَقُّ لِغَیرِنا،
ص:361
فَأَبوکَ أوَّلُ مَن سَنَّ هذا وآثَرَ وَاستَأثَرَ بِالحَقِّ عَلی أهلِهِ. (1)
(2) 2482.أخبار مکّة للأزرقی عن ابن خیثم عن عبید اللّه بن سعد: أنَّهُ دَخَلَ مَعَ عَبدِ اللّهِ بنِ عَمرِو بنِ العاصِ المَسجِدَ الحَرامَ،وَالکَعبَةُ مُحرَقَةٌ،حینَ أدبَرَ جَیشُ الحُصَینِ بنِ نُمَیرٍ، وَالکَعبَةُ تَتَناثَرُ حِجارَتُها،فَوَقَفَ ومَعَهُ ناسٌ غَیرُ قَلیلٍ،فَبَکی،حَتّی أنّی لَأَنظُرُ إلی دُموعِهِ تَحدُرُ کُحلاً فی عَینَیهِ مِن إثمِدٍ،کَأَنَّهُ رُؤوسُ الذُّبابِ عَلی وَجنَتَیهِ.
فَقالَ:یا أیُّهَا النّاسُ ! وَاللّهِ،لَو أنَّ أبا هُرَیرَةَ أخبَرَکُم أنَّکُم قاتِلو ابنِ نَبِیِّکُم،بَعدَ نَبِیِّکُم،ومُحرِقو بَیتِ رَبِّکُم،لَقُلتُم:ما مِن أحَدٍ أکذَبُ مِن أبی هُرَیرَةَ،أنَحنُ نَقتُلُ ابنَ نَبِیِّنا،ونُحرِقُ بَیتَ رَبِّنا؟فَقَد-وَاللّهِ-فَعَلتُم ! لَقَد قَتَلتُم ابنَ نَبِیِّکُم،وحَرَقتُم بَیتَ اللّهِ،فَانتَظِرُوا النَّقِمَةَ،فَوَالَّذی نَفسُ عَبدِ اللّهِ بنِ عَمروٍ بِیَدِهِ،لَیُلبِسَنَّکُمُ اللّهُ شِیَعاً،ولَیُذیقَنَّ بَعضَکُم بَأسَ بَعضٍ،یَقولُها ثَلاثاً،ثُمَّ رَفَعَ صَوتَهُ فِی المَسجِدِ، فَما فِی المَسجِدِ أحَدٌ إلّاوهُوَ یَفهَمُ ما یَقولُ:فَإِن لَم یَکُن یَفهَمُ فَإِنَّهُ یَسمَعُ رَجعَ صَوتِهِ،فَقالَ:
أینَ الآمِرونَ بِالمَعروفِ وَالنّاهونَ عَنِ المُنکَرِ؟فَوَالَّذی نَفسُ عَبدِ اللّهِ بنِ عَمروٍ
ص:362
بِیَدِهِ،لَو قَد ألبَسَکُمُ اللّهُ شِیَعاً،وأذاقَ بَعضَکُم بَأسَ بَعضٍ،لَبَطنُ الأَرضِ خَیرٌ لِمَن عَلَیها،لَم یَأمُر بِالمَعروفِ،ولَم یَنهَ عَنِ المُنکَرِ. (1)
2483.سیر أعلام النبلاء عن ابن خثیم عن عبید بن سعید: أنَّهُ دَخَلَ مَعَ عَبدِ اللّهِ بنِ عَمروٍ المَسجِدَ الحَرامَ،وَالکَعبَةُ مُحتَرِقَةٌ حینَ أدبَرَ جَیشُ حُصَینِ بنِ نُمَیرٍ،وَالکَعبَةُ تَتَناثَرُ حِجارَتُها، فَوَقَفَ وبَکی،حَتّی أنّی لَأَنظُرُ إلی دُموعِهِ تَسیلُ عَلی وَجنَتَیهِ.
فَقالَ:أیُّهَا النّاسُ ! وَاللّهِ،لَو أنَّ أبا هُرَیرَةَ أخبَرَکُم أنَّکُم قاتِلوُ ابنِ نَبِیِّکُم،ومُحرِقو بَیتِ رَبِّکُم،لَقُلتُم:ما أحَدٌ أکذَبُ مِن أبی هُرَیرَةَ،فَقَد فَعَلتُم،فَانتَظِروا نَقِمَةَ اللّهِ، فَلَیُلبِسَنَّکُم شِیَعاً،ویُذیقُ بَعضَکُم بَأسَ بَعضٍ. (2)
2484.فضائل الصحابة لابن حنبل عن شدّاد بن عبد اللّه: سَمِعتُ واثِلَةَ بنَ الأَسقَعِ،وقَد جیءَ بِرَأسِ الحُسَینِ بنِ عَلِیٍّ علیه السّلام قالَ:فَلَقِیَهُ رَجُلٌ مِن أهلِ الشّامِ،فَغَضِبَ واثِلَةُ وقالَ:وَاللّهِ،لا أزالُ احِبُّ عَلِیّاً وحُسَناً وحُسَیناً وفاطِمَةَ علیهم السّلام أبَداً،بَعدَ إذ سَمِعتُ رَسولَ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله وهُوَ فی مَنزِلِ امِّ سَلَمَةَ یَقولُ فیهِم ما قالَ.
قالَ واثِلَةُ:رَأَیتُنی ذاتَ یَومٍ،وقَد جِئتُ رَسولَ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله،وهُوَ فی مَنزِلِ امِّ سَلَمَةَ،
ص:363
وجاءَ الحَسَنُ علیه السّلام،فَأَجلَسَهُ عَلی فَخِذِهِ الیُمنی وقَبَّلَهُ،وجاءَ الحُسَینُ علیه السّلام،فَأَجلَسَهُ عَلی فَخِذِهِ الیُسری وقَبَّلَهُ،ثُمَّ جاءَت فاطِمَةُ علیها السّلام فَأَجلَسَها بَینَ یَدَیهِ،ثُمَّ دَعا بِعَلِیٍّ علیه السّلام،فَجاءَ،ثُمَّ أغدَفَ (1)عَلَیهِم کِساءً خَیبَرِیّاً،کَأَنّی أنظُرُ إلَیهِ،ثُمَّ قالَ: «إِنَّما یُرِیدُ اللّهُ لِیُذْهِبَ عَنْکُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَیْتِ وَ یُطَهِّرَکُمْ تَطْهِیراً» 2 . (2)
2485.اُسد الغابة عن شدّاد بن عبد اللّه: سَمِعتُ واثِلَةَ بنَ الأَسقَعِ،وقَد جیءَ بِرَأسِ الحُسَینِ علیه السّلام، فَلَعَنَهُ رَجُلٌ مِن أهلِ الشَّامِ! ولَعَنَ أباهُ !
فَقامَ واثِلَةُ،وقالَ:وَاللّهِ،لا أزالُ احِبُّ عَلِیّاً وَالحَسَنَ وَالحُسَینَ وفاطِمَةَ علیهم السّلام بَعدَ أن سَمِعتُ رَسولَ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله یَقولُ فیهِم ما قالَ.
لَقَد رَأَیتُنی ذاتَ یَومٍ،وقَد جِئتُ النَّبِیَّ صلّی اللّه علیه و آله فی بَیتِ امِّ سَلَمَةَ،فَجاءَ الحَسَنُ علیه السّلام، فَأَجلَسَهُ عَلی فَخِذِهِ الیُمنی وقَبَّلَهُ،ثُمَّ جاءَ الحُسَینُ علیه السّلام،فَأَجلَسَهُ عَلی فَخِذِهِ الیُسری وقَبَّلَهُ،ثُمَّ جاءَت فاطِمَةُ علیها السّلام،فَأَجلَسَها بَینَ یَدَیهِ،ثُمَّ دَعا بِعَلِیٍّ علیه السّلام،ثُمَّ قالَ: «إِنَّما یُرِیدُ اللّهُ لِیُذْهِبَ عَنْکُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَیْتِ وَ یُطَهِّرَکُمْ تَطْهِیراً» . (3)
2486.سیر أعلام النبلاء عن شدّاد بن عبد اللّه: سَمِعتُ واثِلَةَ بنَ الأَسقَعِ،وقَد جیءَ بِرَأسِ الحُسَینِ علیه السّلام،فَلَعَنَهُ رَجُلٌ مِن أهلِ الشّامِ !
فَغَضِبَ واثِلَةُ وقامَ،وقالَ:وَاللّهِ،لا أزالُ احِبُّ عَلِیّاً ووَلَدَیهِ علیهم السّلام بَعدَ أن سَمِعتُ رَسولَ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله فی مَنزِلِ امِّ سَلَمَةَ،وألقی عَلی فاطِمَةَ وَابنَیها وزَوجِها علیهم السّلام کِساءً خَیبَرِیّاً،ثُمَّ قالَ: «إِنَّما یُرِیدُ اللّهُ لِیُذْهِبَ عَنْکُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَیْتِ وَ یُطَهِّرَکُمْ تَطْهِیراً» . (4)
ص:364
2487.الاُصول الستّة عشر عن غیر واحد من أصحابنا: إنَّ مُصعَبَ بنَ الزُّبَیرِ تَوَجَّهَ إلی عَبدِ المَلِکِ بنِ مَروانَ یُقاتِلُهُ،فَلَمّا بَلَغَ الحَیرَ (2)دَخَلَ،فَوَقَفَ عَلی قَبرِ أبی عَبدِ اللّهِ علیه السّلام.
ثُمَّ قالَ لَهُ:أبا عَبدِ اللّهِ علیه السّلام،أما وَاللّهِ،لَئِن کُنتَ غُصِبتَ نَفسَکَ ما غُصِبتَ دینَکَ،ثُمَّ انصَرَفَ وهُوَ یَقولُ:
إنَّ الاُولی بِالطَّفِّ مِن آلِ هاشِمٍ تَأَسَّوا فَسَنّوا بِالکِرامِ (3)تَأَسِّیا (4)
2488. أنساب الأشراف عن أبی بکر الهذلی،عن الحسن [البصری ] : أنَّهُ لَمّا قُتِلَ الْحُسَینُ بَکی حَتَّی
ص:365
اختَلَجَ جَنباهُ،ثُمَّ قالَ:وا ذُلَّ امَّةٍ قَتَلَ ابنُ دَعِیِّها (1)ابنَ نَبِیِّها. (2)
2489.تنبیه الغافلین: قیلَ لِلحَسَنِ [البَصرِیِّ]:یا أبا سَعیدٍ ! قُتِلَ الحُسَینُ بنُ عَلِیٍّ علیه السّلام،فَبَکی حَتَّی اختَلَجَ جَنباهُ،ثُمَّ قالَ:وا ذُلّاه لِاُمَّةٍ قَتَلَ ابنُ دَعِیِّها ابنَ نَبِیِّها،یَعنی عُبَیدَ اللّهِ بنَ زِیادٍ. (3)
2490.تذکرة الخواص عن الزهری: لَمّا بَلَغَ الحَسَنَ البَصرِیِّ قَتلُ الحُسَینِ علیه السّلام بَکی حَتَّی اختَلَجَ صُدغاهُ،ثُمَّ قالَ:وا ذُلَّ امَّةٍ قَتَلَت ابنَ بِنتِ نَبِیِّها،وَاللّهِ،لَیُرَدَّنَّ رَأسُ الْحُسَینِ علیه السّلام إلی جَسَدِهِ،ثُمَّ لَیَنتَقِمَنَّ لَهُ جَدُّهُ وأبوهُ مِنِ ابنِ مَرجانَةَ. (4)
2491.تاریخ دمشق عن الحسن: لَم تَرَ عَینی-أو لَم تَرَ عَینایَ-یَوماً مِثلَ یَومٍ اتِیَ بِرَأسِ الحُسَینِ علیه السّلام فی طَستٍ إلَی ابنِ زِیادٍ،فَجَعَلَ یَنکُتُ فاهُ،ویَقولُ:إن کانَ لَصَبیحاً،إن کانَ لَقَد خَضَبَ. (5)
2492.المعجم الکبیر عن الحسن: قُتِلَ مَعَ الحُسَینِ بنِ عَلِیٍّ علیهما السّلام سِتَّةَ عَشَرَ رَجُلاً مِن أهلِ بَیتِهِ، وَاللّهِ ما عَلی ظَهرِ الأَرضِ یَومَئِذٍ أهلُ بَیتٍ یُشبِهونَ. (6)
ص:366
(1) 2493.المعجم الکبیر عن إبراهیم: لَو کُنتُ فیمَن قَتَلَ الحُسَینَ بنَ عَلِیٍّ علیه السّلام،ثُمَّ غُفِرَ لی،ثُمَّ ادخِلتُ الجَنَّةَ،استَحیَیتُ أن أمُرَّ عَلَی النَّبِیِّ صلّی اللّه علیه و آله،فَیَنظُرَ فی وَجهی. (2)
2494.تهذیب الکمال عن محمّد بن خالد: قالَ إبراهیمُ-یَعنِی النَّخَعِیُّ-:لَو کُنتُ مِمَّن قاتَلَ الحُسَینَ علیه السّلام،ثُمَّ ادخِلتُ الجَنَّةَ،لَاستَحیَیتُ أن أنظُرَ إلی وَجهِ النَّبِیِّ صلّی اللّه علیه و آله. (3)
(4) 2495.عیون الأخبار لابن قتیبة: قالَ عُبَیدُ اللّهِ بنُ زِیادٍ لِقَیسِ بنِ عُبادٍ:ما تَقولُ فِیَّ وفِی
ص:367
الحُسَینِ؟فَقالَ:أعفِنی أعفاکَ اللّهُ ! فَقالَ:
لَتَقولَنَّ.
قالَ:یَجیءُ أبوهُ یَومَ القِیامَةِ فَیَشفَعُ لَهُ،ویَجیءُ أبوکَ فَیَشفَعُ لَکَ.
قالَ:قَد عَلِمتُ غَشَّکَ وخُبثَکَ،لَئِن فارَقتَنی یَوماً لَأَضَعَنَّ بِالأَرضِ أکثَرَکَ شَعراً. (1)
2496.تذکرة الخواصّ عن الشعبی: کانَ عِندَ ابنِ زِیادٍ قَیسُ بنُ عُبادٍ،فَقالَ لَهُ ابنُ زِیادٍ:ما تَقولُ فِیَّ وفی حُسَینٍ؟
فَقالَ:یَأتی یَومَ القِیامَةِ جَدُّهُ وأبوهُ واُمُّهُ فَیَشفَعونَ فیهِ،ویَأتی جَدُّکَ وأبوکَ واُمُّکَ فَیَشفَعونَ فیکَ،فَغَضِبَ ابنُ زِیادٍ،وأقامَهُ مِنَ المَجلِسِ. (2)
(1) 2498.الطبقات الکبری عن مالک بن إسماعیل النهدی: کانَ أبو عُثمانَ النَّهدِیُّ مِن ساکِنِی الکوفَةِ، ولَم یَکُن لَهُ بِها دارٌ لِبَنی نَهدٍ،فَلَمّا قُتِلَ الحُسَینُ بنُ عَلِیٍّ علیه السّلام تَحَوَّلَ،فَنَزَلَ البَصرَةَ، وقالَ:لا أسکُنُ بَلَداً قُتِلَ فیهِ ابنُ بِنتِ رَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله. 2
2499.تهذیب الکمال عن عبد القاهر بن السریّ،عن أبیه،عن جدّه: کانَ أبو عُثمانَ النَّهدِیُّ مِن قُضاعَةَ،وأدرَکَ النَّبِیَّ صلّی اللّه علیه و آله ولَم یَرَهُ،وکانَ مِن ساکِنِی الکوفَةِ،فَلَمّا قُتِلَ الحُسَینُ علیه السّلام تَحَوَّلَ إلَی البَصرَةِ،وقالَ:لا أسکُنُ بَلَداً قُتِلَ فیهِ ابنُ بِنتِ رَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله. 3
4 2500.الطبقات الکبری (الطبقة الخامسة من الصحابة) عن عبد اللّه بن شریک: رَأَیتُ بِشرَ بنَ غالِبٍ یَتَمَرَّغُ عَلی قَبرِ الحُسَینِ علیه السّلام نَدامَةً عَلی ما فاتَهُ مِن نَصرِهِ. 5
ص:369
(1) 2501.تاریخ دمشق عن أبی عبد اللّه الحافظ: سَمِعتُ أبَا الحُسَینِ عَلِیَّ بنَ مُحَمَّدٍ الأَدیبَ یَذکُرُ بِإِسنادٍ لَهُ:
إنَّ رَأسَ الحُسَینِ بنِ عَلِیٍّ علیه السّلام،لَمّا صُلِبَ بِالشّامِ أخفی خالِدُ بنُ غُفرانَ-وهُوَ مِن أفاضِلِ التّابِعینَ-شَخصَهُ عَن أصحابِهِ،فَطَلَبوهُ شَهراً حَتّی وَجَدوهُ،فَسَأَلوهُ عَن عُزلَتِهِ،فَقالَ:أما تَرَونَ ما نَزَلَ بِنا،ثُمَّ أنشَأَ یَقولُ:
وأخبَرَنا أبو عَبدِ اللّهِ الفَراویُّ،أنَا أبو عُثمانَ الصّابونِیُّ،قالَ:أنشَدَنِی الحاکِمُ أبو عَبدِ اللّهِ الحافِظُ فی مَجلِسِ الاُستاذِ أبی مَنصورٍ الحشاذی عَلی حُجزَتِهِ فی قَتلِ الحُسَینِ بنِ عَلِیٍّ علیه السّلام:
جاؤوا بِرَأسِکَ یَابنَ بِنتِ مُحَمَّدٍ
لَفظُهُما سَواءٌ. (2)
ص:370
2502.الملهوف: رُوِیَ أنَّ بَعضَ التّابِعینَ لَمّا شاهَدَ رَأسَ الحُسَینِ علیه السّلام بِالشّامِ،أخفی نَفسَهُ شَهراً مِن جَمیعِ أصحابِهِ،فَلَمّا وَجَدوهُ بَعدَ إذ فَقَدوهُ،سَأَلوهُ عَن سَبَبِ ذلِکَ،فَقالَ:ألا تَرَونَ ما نَزَلَ بِنا،ثُمَّ أنشَأَ یَقولُ:
جاؤوا بِرَأسِکَ یَابنَ بِنتِ مُحَمَّدٍ
راجع:ج 6 ص 330 (القسم الثانی عشر/الفصل الأوّل/خالد بن غفران).
(1) 2503.الطبقات الکبری (الطبقة الخامسة من الصحابة) عن سفیان عن شیخ: لَمّا اصیبَ الحُسَینُ بنُ عَلِیٍّ علیه السّلام،قالَ الرَّبیعُ بنُ خُثَیمٍ:لَقَد قَتَلوا صِبیَةً لَو أدرَکَهُم رَسولُ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله لَأَجلَسَهُم فی حِجرِهِ،ولَوَضَعَ فَمَهُ عَلی أفمامِهِم (2). (3)
ص:371
2504.ربیع الأبرار: صَحِبَ رَجُلٌ الرَّبیعَ بنَ خُثَیمٍ،فَقالَ:إنّی لَأَرَی الرَّبیعَ لا یَتَکَلَّمُ مُنذُ عِشرینَ سَنَةً إلّابِکَلِمَةٍ تَصعَدُ،ولا یَتَکَلَّمُ فِی الفِتنَةِ.
فَلَمّا قُتِلَ الحُسَینُ قالوا:لَیَتَکَلَّمَنَّ الیَومَ،فَقالوا لَهُ:یا أبا یَزیدَ! قُتِلَ الحُسَینُ !
فَقالَ:أوَ قَد فَعَلوا؟ «اَللّهُمَّ فاطِرَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ عالِمَ الْغَیْبِ وَ الشَّهادَةِ أَنْتَ تَحْکُمُ بَیْنَ عِبادِکَ فِی ما کانُوا فِیهِ یَخْتَلِفُونَ» 1 ،ثُمَّ سَکَتَ. (1)
2505.تذکرة الخواصّ عن الزهری: لَمّا بَلَغَ الرَّبیعَ بنَ خُثَیمٍ قَتلُ الحُسَینِ علیه السّلام بَکی،وقالَ:لَقَد قَتَلوا فِتیَةً لَو رَآهُم رَسولُ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله لَأَحَبَّهُم،أطعَمَهُم بِیَدِهِ،وأجلَسَهُم عَلی فَخِذِهِ. (2)
2506.مقتل الحسین علیه السّلام للخوارزمی عن منذر الثوری: کُنتُ عِندَ الرَّبیعِ بنِ خُثَیمٍ،فَدَخَلَ عَلَیهِ رَجُلٌ مِمَّن شَهِدَ قَتلَ الحُسَینِ علیه السّلام مِمَّن کانَ قاتَلَهُ،فَقالَ الرَّبیعُ:قَد جِئتُم بِرُؤوسِهِم مُعَلِّقیها،وأدخَلَ الرَّبیعُ إصبَعَهُ فی فیهِ تَحتَ لِسانِهِ،وقالَ:قَتَلتُم صِبیَةً لَو أدرَکَهُم رَسولُ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله لَقَبَّلَ أفواهَهُم وأجلَسَهُم فی حِجرِهِ.
ثُمَّ قالَ الرَّبیعُ: «اَللّهُمَّ فاطِرَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ عالِمَ الْغَیْبِ وَ الشَّهادَةِ أَنْتَ تَحْکُمُ بَیْنَ عِبادِکَ فِی ما کانُوا فِیهِ یَخْتَلِفُونَ» . (3)
2507.الطبقات الکبری (الطبقة الخامسة من الصحابة) عن منذر: لَمّا قُتِلَ الحُسَینُ علیه السّلام،قالَ أشیاخٌ
ص:372
مِن أهلِ الکوفَةِ فیهِم أبو بُردَةَ:اِذهَبوا بِنا إلَی الرَّبیعِ بنِ خُثَیمٍ حَتّی نَعلَمَ رَأیَهُ،فَأَتَوهُ، فَقالوا:إنَّهُ قَد قُتِلَ الحُسَینُ علیه السّلام.
قالَ:أرَأَیتُم لَو أنَّ رَسولَ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله دَخَلَ الکوفَةَ،وفیها أحَدٌ مِن أهلِ بَیتِهِ،فیمَن کانَ یَنزِلُ؟إلّاعَلَیهِم،فَعَلِموا رَأیَهُ. (1)
ص:374
(1) 2509.تاریخ الطبری عن یونس بن حبیب الجرمی: لَمّا قَتَلَ عُبَیدُ اللّهِ بنُ زِیادٍ الحُسَینَ بنَ عَلِیٍّ علیه السّلام وبَنی أبیهِ،بَعَثَ بِرُؤوسِهِم إلی یَزیدَ بنِ مُعاوِیَةَ،فَسُرَّ بِقَتلِهِم أوَّلاً،وحَسُنَت بِذلِکَ مَنزِلَةُ عُبَیدِ اللّهِ عِندَهُ،ثُمَّ لَم یَلبَث إلّاقَلیلاً حَتّی نَدِمَ عَلی قَتلِ الحُسَینِ علیه السّلام،فَکانَ یَقولُ:وما کانَ عَلَیَّ لَوِ احتَمَلتُ الأَذی وأنزَلتُهُ مَعی فی داری وحَکَّمتُهُ فیما یُریدُ، وإن کانَ عَلَیَّ فی ذلِکَ وکَفٌ (2)ووَهنٌ (3)فی سُلطانی؛حِفظاً لِرَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله،ورِعایَةً لِحَقِّهِ وقَرابَتِهِ.
لَعَنَ اللّهُ ابنَ مَرجانَةَ،فَإِنَّهُ أخرَجَهُ وَاضطَرَّهُ،وقَد کانَ سَأَلَهُ أن یُخَلِّیَ سَبیلَهُ ویَرجِعَ،فَلَم یَفعَل أو یَضَعَ یَدَهُ فی یَدی،أو یَلحَقَ بِثَغرٍ مِن ثُغورِ المُسلِمینَ حَتّی یَتَوَفّاهُ اللّهُ عَزَّ وجَلَّ،فَلَم یَفعَل،فَأَبی ذلِکَ ورَدَّهُ عَلَیهِ وقَتَلَهُ،فَبَغَّضَنی بِقَتلِهِ إلَی
ص:375
المُسلِمینَ،وزَرَعَ لی فی قُلوبِهِمُ العَداوَةَ،فَبَغَضَنِی البَرُّ وَالفاجِرُ بِما استَعظَمَ النّاسُ مِن قَتلی حُسَیناً،ما لی ولِابنِ مَرجانَةَ،لَعَنَهُ اللّهُ وغَضِبَ عَلَیهِ. (1)
راجع:ص 383 (الفصل الثالث/زوجة یزید)
وص 273 (القسم التاسع/الفصل الثامن/ندم یزید).
(2) 2510.الکامل فی التاریخ: بَعَثَ [یَزیدُ] إلی عُبَیدِ اللّهِ بنِ زِیادٍ یَأمُرُهُ بِالمَسیرِ إلَی المَدینَةِ ومُحاصَرَةِ ابنِ الزُّبَیرِ بِمَکَّةَ.
فَقالَ:وَاللّهِ،لا جَمَعتُهُما لِلفاسِقِ،قَتلَ ابنِ رَسولِ اللّهِ وغَزوَ الکَعبَةِ.ثُمَّ أرسَلَ إلَیهِ یَعتَذِرُ. (3)
2511.الأخبار الطوال عن عبید اللّه بن زیاد -عِندَ فِرارِهِ مِنَ البَصرَةِ بَعدَ هَلاکِ یَزیدَ لَمّا قالَ لَهُ دَلیلُهُ:نَدِمتَ عَلی قَتلِکَ الحُسَینَ بنَ عَلِیٍّ!-:أمّا قَتلِی الحُسَینَ فَإِنَّهُ خَرَجَ عَلی إمامٍ واُمَّةٍ مُجتَمِعَةٍ،وکَتَبَ إلَیَّ الإِمامُ یَأمُرُنی بِقَتلِهِ،فَإِن کانَ ذلِکَ خَطَأً کانَ لازِماً لِیَزیدَ. (4)
ص:376
(1) 2512.الأخبار الطوال عن حمید بن مسلم: کانَ عُمَرُ بنُ سَعدٍ لی صَدیقاً،فَأَتَیتُهُ عِندَ مُنصَرَفِهِ مِن قِتالِ الحُسَینِ علیه السّلام،فَسَأَلتُهُ عَن حالِهِ،فَقالَ:لا تَسأَلَ عَن حالی،فَإِنَّهُ ما رَجَعَ غائِبٌ إلی مَنزِلِهِ بِشَرٍّ مِمّا رَجَعتُ بِهِ،قَطَعتُ القَرابَةَ القَریبَةَ،وَارتَکَبتُ الأَمرَ العَظیمَ. (2)
2513.الطبقات الکبری (الطبقة الخامسة من الصحابة): أقبَلَ عُمَرُ بنُ سَعدٍ،فَدَخَلَ الکوفَةَ،فَقالَ:
ما رَجَعَ رَجُلٌ إلی أهلِهِ بِشَرٍّ مِمّا رَجَعتُ بِهِ،أطَعتُ ابنَ زِیادٍ،وعَصَیتُ اللّهَ،وقَطَعتُ الرَّحِمَ. (3)
2514.أنساب الأشراف: جَعَلَ عُمَرُ بنُ سَعدٍ یَقولُ:ما رَجَعَ أحَدٌ إلی أهلِهِ بِشَرٍّ مِمّا رَجَعتُ بِهِ، أطَعتُ الفاجِرَ الظّالِمَ ابنَ زِیادٍ،وعَصَیتُ الحَکَمَ العَدلَ،وقَطَعتُ القَرابَةَ الشَّریفَةَ. (4)
2515.تذکرة الخواصّ عن ابن أبی الدنیا: قامَ عُمَرُ بنُ سَعدٍ مِن عِندِ ابنِ زِیادٍ یُریدُ مَنزِلَهُ إلی أهلِهِ، وهُوَ یَقولُ فی طَریقِهِ،ما رَجَعَ أحَدٌ مِثلَ ما رَجَعتُ،أطَعتُ الفاسِقَ ابنَ زِیادٍ،الظّالِمَ ابنَ الفاجِرِ،وعَصَیتُ الحاکِمَ العَدلَ،وقَطَعتُ القَرابَةَ الشَّریفَةَ.
وهَجَرَهُ النّاسُ،وکانَ کُلَّما مَرَّ عَلی مَلَأٍ مِنَ النّاسِ أعرَضوا عَنهُ،وکُلَّما دَخَلَ المَسجِدَ خَرَجَ النّاسُ مِنهُ،وکُلُّ مَن رَآهُ قَد سَبَّهُ،فَلَزِمَ بَیتَهُ إلی أن قُتِلَ. (5)
2516.الطبقات الکبری (الطبقة الخامسة من الصحابة) عن عبد الرحمن بن حمید الرؤاسی: مَرَّ عُمَرُ بنُ
ص:377
سَعدٍ-یَعنِی ابنَ أبی وَقّاصٍ-بِمَجلِسِ بَنی نَهدٍ حینَ قَتَلَ الحُسَینَ علیه السّلام،فَسَلَّمَ عَلَیهِم، فَلَم یَرُدّوا عَلَیهِ السَّلامَ.
قالَ مالِکٌ:فَحَدَّثَنی أبو عُیَینَةَ البارِقِیُّ عَن عَبدِ الرَّحمنِ بنِ حُمَیدٍ،فی هذَاالحَدیثِ،قالَ:فَلَمّا جازَ قالَ:
أتُیتُ الَّذی لَم یَأتِ قَبلِی ابنُ حُرَّةٍ فَنَفسی ما أخَزَت وقَومی ما أذَلَّتِ (1)
(2) 2517.میزان الاعتدال عن أبی بکر بن عیّاش عن أبی إسحاق: کانَ شِمرٌ یُصَلّی مَعَنا،ثُمَّ یَقولُ:اللّهُمَّ إنَّکَ تَعلَمُ أنّی شَریفٌ،فَاغفِر لی.
قُلتُ:کَیفَ یَغفِرُ اللّهُ لَکَ وقَد أعَنتَ عَلی قَتلِ ابنِ رَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله؟
قالَ:وَیحَکَ ! فَکَیفَ نَصنَعُ؟إنَّ امَراءَنا هؤُلاءِ أمَرونا بِأَمرٍ فَلَم نُخالِفهُم،ولَو خالَفناهُم کُنّا شَرّاً مِن هذِهِ الحُمُرِ السُّقاةِ.
قُلتُ:إنَّ هذا لَعُذرٌ قَبیحٌ،فَإِنَّمَا الطّاعَةُ فِی المَعروفِ. (3)
2518.الطبقات الکبری (الطبقة الخامسة من الصحابة) عن أبی إسحاق السبیعی: کانَ شِمرُ بنُ ذِی الجَوشَنِ الضِّبابِیُّ لا یَکادُ أو لا یَحضُرُ الصَّلاةَ مَعَنا،فَیَجیءُ بَعدَ الصَّلاةِ،فَیُصَلّی،ثُمَّ یَقولُ:اللّهُمَّ اغفِر لی،فَإِنّی کَریمٌ لَم تَلِدنِی اللِّئامُ.
قالَ:فَقُلتُ لَهُ:إنَّکَ لَسَیِّیءُ الرَّأیِ یَومَ تُسارِعُ إلی قَتلِ ابنِ بِنتِ رَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله.
ص:378
قالَ:دَعنا مِنکَ یا أبا إسحاقَ،فَلَو کُنّا کَما تَقولُ وأصحابُکُ کُنّا شَرّاً مِنَ الحَمیرِ السَّقّاءاتِ. (1)
(2) 2519.تاریخ الطبری عن حمید بن مسلم: قالَ النّاسُ لِسِنانِ بنِ أنَسٍ:قَتَلتَ حُسَینَ بنَ عَلِیٍّ علیه السّلام وَابنَ فاطِمَةَ ابنَةِ رَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله !! قَتَلتَ أعظَمَ العَرَبِ خَطَراً !! جاءَ إلی هؤُلاءِ یُریدُ أن یُزیلَهُم عَن مُلکِهِم،فَأتِ امَراءَکَ فَاطلُب ثَوابَکَ مِنهُم،لَو أعطَوکَ بُیوتَ أموالِهِم فی قَتلِ الحُسَینِ علیه السّلام کانَ قَلیلاً،فَأَقبَلَ عَلی فَرَسِهِ،وکانَ شُجاعاً شاعِراً،وکانَت بِهِ لوثَةٌ، فَأَقبَلَ حَتّی وَقَفَ عَلی بابِ فُسطاطِ عُمَرَ بنِ سَعدٍ،ثُمَّ نادی بِأَعلی صَوتِهِ:
أوقِر (3)رِکابی فِضَّةً وذَهَبا أنَا قَتَلتُ المَلِکَ المُحَجَّبا
قَتَلتُ خَیرَ النّاسِ امّاً وأبا وخَیرَهُم إذ یُنسَبونَ نَسَبا
فَقالَ عُمَرُ بنُ سَعدٍ:أشهَدُ أنَّکَ لَمَجنونٌ ما صَحَحتَ قَطُّ،أدخِلوهُ عَلَیَّ،فَلَمّا ادخِلَ حَذَفَهُ (4)بِالقَضیبِ،ثُمَّ قالَ:یا مَجنونُ،أتَتَکَلَّمُ بِهذَا الکَلامِ ! أما وَاللّهِ لَو سَمِعَکَ ابنُ زِیادٍ لَضَرَبَ عُنُقَکَ. (5)
راجع:ج 4 ص 417 (القسم الثامن/الفصل التاسع/ما روی فیمن قتل الإمام/سنان بن أنس).
ص:379
2520.تاریخ الطبری عن الزبیدی: ما زالوا یَرَونَ مِن شَبَثِ [ابنِ رِبعِیٍّ] الکَراهَةَ لِقِتالِهِ [أی قِتالِ الحُسَینِ علیه السّلام ]،قالَ:وقالَ أبو زُهَیرِ العَبسِیُّ:فَأَنَا سَمِعتُهُ فی إمارَةِ مُصعَبٍ یَقولُ:لا یُعطِی اللّهُ أهلَ هذَا المِصرِ خَیراً أبَداً،ولا یُسَدِّدُهُم لِرُشدٍ،ألا تَعجَبونَ أنّا قاتَلنا مَعَ عَلِیِّ بنِ أبی طالِبٍ علیه السّلام ومَعَ ابنِهِ مِن بَعدِهِ آلَ أبی سُفیانَ خَمسَ سِنینَ،ثُمَّ عَدَونا عَلَی ابنِهِ-وهُوَ خَیرُ أهلِ الأَرضِ-نُقاتِلُهُ مَعَ آلِ مُعاوِیَةَ،وَابنِ سُمَیَّةَ الزّانِیَةِ،ضَلالٌ یا لَکَ مِن ضَلالٍ (2)!!
2521.تاریخ الطبری عن الزبیدی -فیمَن قُتِلَ یَومَ عاشوراءَ-:قالَ شَبَثٌ لِبَعضِ مَن حَولَهُ مِن أصحابِهِ:ثَکِلَتکُم (3)امَّهاتُکُم،إنَّما تَقتُلونَ أنفُسَکُم بِأَیدیکُم،وتُذَلِّلونَ أنفُسَکُم لِغَیرِکُم،تَفرَحونَ أن یُقتَلَ مِثلُ مُسلِمِ بنِ عَوسَجَةَ ! أما وَالَّذی أسلَمتُ لَهُ،لَرُبَّ مَوقِفٍ لَهُ قَد رَأَیتُهُ فِی المُسلِمینَ کَریمٍ ! لَقَد رَأَیتُهُ یَومَ سَلَقِ آذَربیجانَ،قَتَلَ سِتَّةً مِنَ المُشرِکینَ قَبلَ تَتامِّ خُیولِ المُسلِمینَ،أفَیُقتَلُ مِنکُم مِثلُهُ وتَفرَحونَ (4)؟!
ص:380
(1) 2523.تاریخ الطبری عن القاسم بن بخیت: لَمّا أقبَلَ وَفدُ أهلِ الکوفَةِ بِرَأسِ الحُسَینِ علیه السّلام،دَخَلوا مَسجِدَ دِمَشقَ،فَقالَ لَهُم مَروانُ بنُ الحَکَمِ:کَیفَ صَنَعتُم؟قالوا:وَرَدَ عَلَینا مِنهُم ثَمانِیَةَ عَشَرَ رَجُلاً،فَأَتَینا-وَاللّهِ-عَلی آخِرِهِم،وهذِهِ الرُّؤوسُ وَالسَّبایا،فَوَثَبَ مَروانُ،فَانصَرَفَ.
وأتاهُم أخوهُ یحَیَی بنُ الحَکَمِ،فَقالَ:ما صَنَعتُم؟فَأَعادوا عَلَیهِ الکَلامَ،فَقالَ:
حُجِبتُم عَن مُحَمَّدٍ صلّی اللّه علیه و آله یَومَ القِیامَةِ،لَن اجامِعَکُم عَلی أمرٍ أبَداً،ثُمَّ قامَ،فَانصَرَفَ. (2)
سُمَیَّةُ أمسی نَسلُها عَدَدَ الحَصی وبِنتُ رَسولِ اللّهِ لَیسَ لَها نَسل (1)
قالَ:فَضَرَبَ یَزیدُ بنُ مُعاوِیَةَ فی صَدرِ یَحیَی بنِ الحَکَمِ،وقالَ:
اسکُت. (2)
ص:382
صَدی قَتلِ الإِمامِ علیه السّلام فی ذَوی قاتِلیهِ
(1) 2524.الطبقات الکبری (الطبقة الخامسة من الصحابة): بَکَت امُّ کُلثومٍ بِنتُ عَبدِ اللّهِ بنِ عامِرِ بنِ کُرَیزٍ عَلی حُسَینٍ علیه السّلام،وهِیَ یَومَئِذٍ عِندَ یَزیدَ بنِ مُعاوِیَةَ.
فَقالَ یَزیدُ:حُقَّ لَها أن تُعوِلَ عَلی کَبیرِ قُرَیشٍ وسَیِّدِها. (2)
راجع:ص 101 (القسم التاسع/الفصل الرابع/بعث یزید رأس الإمام علیه السّلام علی نسائه).
(3) 2525.أنساب الأشراف: بَعَثَ یَزیدُ بِرَأسِ الحُسَینِ علیه السّلام إلی نِسائِهِ،فَأَخَذَتهُ عاتِکَةُ ابنَتُهُ-وهِیَ امُّ
ص:383
یَزیدَ بنِ عَبدِ المَلِکِ-فَغَسَلَتهُ ودَهَنَتهُ وطَیَّبَتهُ.
فَقالَ لَها یَزیدُ:ما هذا؟
قالَت:بَعَثتَ إلَیَّ بِرَأسِ ابنِ عَمّی شَعَثاً،فَلَمَمتُهُ وطَیَّبتُهُ. (1)
راجع:ص 101 (الفصل التاسع/الفصل الرابع/بعث یزید رأس الإمام علیه السّلام إلی نسائه).
(2) 2526.تاریخ الیعقوبی: مَلَکَ مُعاوِیَةُ بنُ یَزیدَ بنِ مُعاوِیَةَ-واُمُّهُ امُّ هاشِمٍ بِنتُ أبی هاشِمِ بنِ عُتبَةَ بنِ رَبیعَةَ-أربَعینَ یَوماً،وقیلَ:بَل أربَعَةَ أشهُرٍ،وکانَ لَهُ مَذهَبٌ جَمیلٌ،فَخَطَبَ النّاسَ،فَقالَ:
أمّا بَعدَ حَمدِ اللّهِ وَالثَّناءِ عَلَیهِ،أیُّهَا النّاسُ،فَإِنّا بُلینا بِکُم،وبُلیتُم بِنا،فَما نَجهَلُ کَراهَتَکُم لَنا،وطَعنَکُم عَلَینا،ألا وإنَّ جَدّی مُعاوِیَةَ بنَ أبی سُفیانَ نازَعَ الأَمرَ مَن کانَ أولی بِهِ مِنهُ فِی القَرابَةِ بِرَسولِ اللّهِ،وأحَقَّ فِی الإِسلامِ،سابِقَ المُسلِمینَ،وأوَّلَ المُؤمِنینَ،وَابنَ عَمِّ رَسولِ رَبِّ العالَمینَ،وأبا بَقِیَّةِ خاتَمِ المُرسَلینَ،فَرَکِبَ مِنکُم ما
ص:384
تَعلَمونَ،ورَکِبتُم مِنهُ ما لا تُنکِرونَ،حَتّی أتَتهُ مَنِیَّتُهُ وصارَ رَهناً بِعَمَلِهِ.
ثُمَّ قَلَّدَ أبی وکانَ غَیرَ خَلیقٍ لِلخَیرِ،فَرَکِبَ هَواهُ،وَاستَحسَنَ خَطَأَهُ،وعَظُمَ رَجاؤُهُ،فَأَخلَفَهُ الأَمَلُ،وقَصُرَ عَنهُ الأَجَلُ،فَقُلَّت مَنَعَتُهُ،وَانقَطَعَت مُدَّتُهُ،وصارَ فی حُفرَتِهِ،رَهناً بِذَنبِهِ،وأسیراً بِجُرمِهِ.
ثُمَّ بَکی،وقالَ:إنَّ أعظَمَ الاُمورِ عَلَینا عِلمُنا بِسوءِ مَصرَعِهِ،وقُبحِ مُنقَلَبِهِ،وقَد قَتَلَ عِترَةَ الرَّسولِ،وأباحَ الحُرمَةَ،وحَرَقَ الکَعبَةَ،وما أنَا المُتَقَلِّدُ امورَکُم،ولَا المُتَحَمِّلُ تَبِعاتِکُم،فَشَأنُکُم أمرُکُم،فَوَاللّهِ،لَئِن کانَتِ الدُّنیا مَغنَماً لَقَد نِلنا مِنها حَظّاً، وإن تَکُن شَرّاً فَحَسبُ آلِ أبی سُفیانَ ما أصابوا مِنها. (1)
2527.حیاة الحیوان الکبری: ثُمَّ قامَ بِالأَمرِ بَعدَهُ [أی بَعدَ یَزیدَ] ابنُهُ مُعاوِیَةُ،وکانَ خَیراً مِن أبیهِ،فیهِ دینٌ وعَقلٌ،بویِعَ لَهُ بِالخِلافَةِ یَومَ مَوتِ أبیهِ،فَأَقامَ فیها أربَعینَ یَوماً،وقیلَ أقامَ فیها خَمسَةَ أشهُرٍ وأیّاماً،وخَلَعَ نَفسَهُ.
وذَکَرَ غَیرُ واحِدٍ أنَّ مُعاوِیَةَ بنَ یَزیدَ لَمّا خَلَعَ نَفسَهُ صَعِدَ المِنبَرَ،فَجَلَسَ طَویلاً، ثُمَّ حَمِدَ اللّهَ وأثنی عَلَیهِ بِأَبلَغِ ما یَکونُ مِنَ الحَمدِ وَالثَّناءِ،ثُمَّ ذَکَرَ النَّبِیَّ صلّی اللّه علیه و آله بِأَحسَنِ ما یُذکَرُ بِهِ،ثُمَّ قالَ:
یا أیُّهَا النّاسُ ! ما أنَا بِالرّاغِبِ فِی الاِئتِمارِ عَلَیکُم لِعَظیمِ ما أکرَهُهُ مِنکُم،وإنّی لَأَعلَمُ أنَّکُم تَکرَهونَنا أیضاً؛لِأَنّا بُلینا بِکُم وبُلیتُم بِنا،ألا إنَّ جَدّی مُعاوِیَةَ قَد نازَعَ فی هذَا الْأَمرِ مَن کانَ أولی بِهِ مِنهُ ومِن غَیرِهِ،لِقَرابَتِهِ مِن رَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله،وعِظَمِ فَضلِهِ وسابِقَتِهِ،أعظَمُ المُهاجِرینَ قَدراً،وأشجَعُهُم قَلباً،وأکثَرُهُم عِلماً،وأوَّلُهُم إیماناً، وأشرَفُهُم مَنزِلَةً،وأقدَمُهُم صُحبَةً،ابنُ عَمِّ رَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله،وصِهرُهُ وأخوهُ،زَوَّجَهُ صلّی اللّه علیه و آله ابنَتَهُ فاطِمَةَ،وجَعَلَهُ لَها بَعلاً بِاختِیارِهِ لَها،وجَعَلَها لَهُ زَوجَةً بِاختِیارِها لَهُ،أبو سِبطَیهِ
ص:385
سَیِّدَی شَبابِ أهلِ الجَنَّةِ،وأفضَلِ هذِهِ الاُمَّةِ،تَربِیَةِ الرَّسولِ،وَابنَی فاطِمَةَ البَتولِ، مِنَ الشَّجَرَةِ الطَّیِّبَةِ الطّاهِرَةِ الزَّکِیَّةِ،فَرَکِبَ جَدّی مَعَهُ ما تَعلَمونَ،ورَکِبتُم مَعَهُ ما لا تَجهَلونَ،حَتّی انتَظَمَت لِجَدِّی الاُمورُ،فَلَمّا جاءَهُ القَدَرُ المَحتومُ وَاختَرَمَتهُ (1)أیدِی المَنونِ،بَقِیَ مُرتَهَناً بِعَمَلِهِ،فَریداً فی قَبرِهِ،ووَجَدَ ما قَدَّمَت یَداهُ،ورَأی ما ارتَکَبَهُ وَاعتَداهُ.
ثُمَّ انتَقَلَتِ الخِلافَةُ إلی یَزیدَ أبی،فَتَقَلَّدَ أمرَکُم لِهَویً کانَ أبوهُ فیهِ،ولَقَد کانَ أبی یَزیدُ-بِسوءِ فِعلِهِ وإسرافِهِ عَلی نَفسِهِ-غَیرَ خَلیقٍ بِالخِلافَةِ عَلی امَّةِ مُحَمَّدٍ صلّی اللّه علیه و آله، فَرَکِبَ هَواهُ،وَاستَحسَنَ خَطَأَهُ،وأقدَمَ عَلی ما أقدَمَ مِن جُرأَتِهِ عَلَی اللّهِ،وبَغیِهِ عَلی مَنِ استَحَلَّ حُرمَتَهُ مِن أولادِ رَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله،فَقَلَّت مُدَّتُهُ،وَانقَطَعَ أثَرُهُ،وضاجَعَ عَمَلَهُ،وصارَ حَلیفَ حُفرَتِهِ،رَهینَ خَطیئَتِهِ،وبَقِیَت أوزارُهُ وتَبِعاتُهُ،وحَصَلَ عَلی ما قَدَّمَ،ونَدِمَ حَیثُ لا یَنفَعُهُ النَّدَمُ،وشَغَلَنَا الحُزنُ لَهُ عَنِ الحُزنِ عَلَیهِ،فَلَیتَ شِعری ماذا قالَ،وماذا قیلَ لَهُ؟هَل عوقِبَ بِإِساءَتِهِ وجوزِیَ بِعَمِلِهِ؟وذلِکَ ظَنّی،ثُمَّ اختَنَقَتهُ العِبرَةُ،فَبَکی طَویلاً وعَلا نَحیبُهُ.
ثُمَّ قالَ:وصِرتُ أنَا ثالِثَ القَومِ،وَالسّاخِطُ عَلَیَّ أکثَرُ مِنَ الرّاضی،وما کُنتُ لِأَتَحَمَّلَ آثامَکُم،ولا یَرانِی اللّهُ جَلَّت قُدرَتُهُ مُتَقَلِّداً أوزارَکُم،وألقاهُ بِتَبِعاتِکُم، فَشَأنُکُم أمرُکُم فَخُذوهُ،ومَن رَضیتُم بِهِ عَلَیکُم فَوَلّوهُ،فَلَقَد خَلَعتُ بَیعَتی مِن أعناقِکُم....
وَاللّهِ،لَئِن کانَتِ الخِلافَةُ مَغنَماً لَقَد نالَ أبی مِنها مَغرَماً ومَأثَماً،ولَئِن کانَت سوءاً فَحَسبُهُ مِنها ما أصابَهُ.
ثُمَّ نَزَلَ،فَدَخَلَ عَلَیهِ أقارِبُهُ واُمُّهُ،فَوَجَدوهُ یَبکی،فَقالَت لَهُ امُّهُ:لَیتَکَ کُنتَ
ص:386
حَیضَةً ولَم أسمَع بِخَبَرِکَ،فَقالَ:وَدِدتُ-وَاللّهِ-ذلِکَ،ثُمَّ قالَ:وَیلی إن لَم یَرحَمنی رَبّی.
ثُمَّ إنَّ بَنی امَیَّةَ قالوا لِمُؤَدِّبِهِ عُمَرَ المَقصوصِ:أنتَ عَلَّمتَهُ هذا ولَقَّنتَهُ إیّاهُ، وصَدَدتَهُ عَنِ الخِلافَةِ،وزَیَّنتَ لَهُ حُبَّ عَلِیٍّ وأولادِهِ،وحَمَلتَهُ عَلی ما وَسَمَنا (1)بِهِ مِنَ الظُّلمِ،وحَسَّنتَ لَهُ البِدَعَ،حَتّی نَطَقَ بِما نَطَقَ،وقالَ ما قالَ.
فَقالَ:وَاللّهِ،ما فَعَلتُهُ،ولکِنَّهُ مَجبولٌ ومَطبوعٌ عَلی حُبِّ عَلِیٍّ علیه السّلام،فَلَم یَقبَلوا مِنهُ ذلِکَ،وأخَذوهُ ودَفَنوهُ حَیّاً حَتّی ماتَ. (2)
2528.الصواعق المحرقة: لَمّا وَلِیَ [مُعاوِیَةُ بنُ یَزیدَ بنِ مُعاوِیَةَ] صَعِدَ المِنبَرَ،فَقالَ:إنَّ هذِهِ الخِلافَةَ حَبلُ اللّهِ،وإنَّ جَدّی مُعاوِیَةَ نازَعَ الأَمرَ أهلَهُ،ومَن هُوَ أحَقُّ بِهِ مِنهُ عَلِیُّ بنُ أبی طالِبٍ،ورَکِبَ بِکُم ما تَعلَمونَ،حَتّی أتَتهُ مَنِیَّتُهُ،فَصارَ فی قَبرِهِ،رَهیناً بِذُنوبِهِ، ثُمَّ قَلَّدَ أبِی الأَمرَ،وکانَ غَیرَ أهلٍ لَهُ،ونازَعَ ابنَ بِنتِ رَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله،فَقُصِفَ (3)عُمُرُهُ، وَانبَتَرَ عَقِبُهُ،وصارَ فی قَبرِهِ،رَهیناً بِذُنوبِهِ.
ثُمَّ بَکی وقالَ:إنَّ مِن أعظَمِ الاُمورِ عَلَینا عِلمَنا بِسوءِ مَصرَعِهِ،وبِئسَ مُنقَلَبُهُ، وقَد قَتَلَ عِترَةَ رَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله،وأباحَ الخَمرَ،وخَرَّبَ الکَعبَةَ،ولَم أذُق حَلاوَةَ الخِلافَةِ،فَلا أتَقَلَّدُ مَرارَتَها،فَشَأنُکُم أمرُکُم،وَاللّهِ،لَئِن کانَتِ الدُّنیا خَیراً فَقَد نِلنا مِنها حَظّاً،ولَئِن کانَت شَرّاً فَکَفی ذُرِّیَّةَ أبی سُفیانَ ما أصابوا مِنها. (4)
2529.تنبیه الخواطر: لَمّا نَزَعَ مُعاوِیَةُ بنُ یَزیدَ بنِ مُعاوِیَةَ نَفسَهُ مِنَ الخِلافَةِ،قامَ خَطیباً فَقالَ:
ص:387
أیُّهَا النّاسُ ! ما أنَا بِالراغِبِ فِی التَّأَمُّرِ عَلَیکُم،ولا بِالآمِنِ لِکَراهَتِکُم،بَل بُلینا بِکُم، وبُلیتُم بِنا،ألا إنَّ جَدّی مُعاوِیَةَ نازَعَ الأَمَر مَن کانَ أولی بِالأَمرِ مِنهُ فی قَدیمِهِ (1)وسابِقَتِهِ،عَلِیَّ بنَ أبی طالِبٍ عَلَیهِ السَّلامُ وَالتَّحِیَّةُ وَالإِکرامُ،فَرَکِبَ جَدّی مِنهُ ما تَعلَمونَ،ورَکِبتُم مَعَهُ ما لا تَجهَلونَ،حَتّی صارَ رَهینَ عَمَلِهِ،وضَجیعَ حُفرَتِهِ،تَجاوَزَ اللّهُ عَنهُ.
ثُمَّ صارَ الأَمرُ إلی أبی،ولَقَد کانَ خَلیقاً أن لا یَرکَبَ سَیِّئَةً،إذ کانَ غَیرَ خَلیقٍ بِالخِلافَةِ،فَرَکِبَ رَدعَهُ (2)،وَاستَحسَنَ خَطَأَهُ،فَقَلَّت مُدَّتُهُ،وَانقَطَعَت آثارُهُ،وخَمَدَت نارُهُ،ولَقَد أنسانَا الحُزنُ بِهِ الحُزنَ عَلَیهِ،فَإِنّا للّه وإنّا إلَیهِ راجِعونَ،ثُمَّ أخفَتَ یَتَرَحَّمُ عَلی أبیهِ.
ثُمَّ قالَ:وصِرتُ أنَا الثّالِثَ مِنَ القَومِ،الزّاهِدُ فیما لَدَیَّ أکثَرُ مِنَ الرّاغِبِ،وما کُنتُ لِأَتَحَمَّلَ آثامَکُم،شَأنَکُم وأمرَکُم خُذوهُ،ومَن شِئتُم وِلایَتَهُ فَوَلّوهُ.
قالَ:فَقامَ إلَیهِ مَروانُ بنُ الحَکَمِ،فَقالَ:یا أبا لَیلی،سُنَّةُ عُمَرَ سَیِّئَةٌ؟فَقالَ لَهُ:
یا مَروانُ،أتَخدَعُنی عَن دینِی،ائتِنی بِرِجالٍ کَرِجالِ عُمَرَ أجعَلها بَینَهُم شوری.
ثُمَّ قالَ:وَاللّهِ،إن کانَتِ الخِلافَةُ مَغنَماً لَقَد أصَبنا مِنها حَظَّاً،ولَئِن کانَت شَرّاً فَحَسبُ آلِ أبی سُفیانَ ما أصابوا مِنها،ثُمَّ نَزَلَ.
فَقالَت لَهُ امُّهُ:لَیتَکَ کُنتَ حَیضَةً،فَقالَ:وأنَا وَدِدتُ ذلِکَ ولَم أعلَم أنَّ للّهِ ِ ناراً یُعَذِّبُ بِها مَن عَصاهُ،وأخَذَ غَیرَ حَقِّهِ. (3)
ص:388
2530.تاریخ الطبری عن الحارث بن کعب عن فاطمة بنت علیّ علیه السّلام: قالَ یَزیدُ بنُ مُعاوِیَةَ:یا نُعمانَ بنَ بَشیرٍ،جَهِّزهُم [أی عِیالَ الحُسَینِ علیه السّلام ] بِما یُصلِحُهُم،وَابعَث مَعَهُم رَجُلاً مِن أهلِ الشّامِ أمیناً صالِحاً،وَابعَث مَعَهُ خَیلاً وأعواناً،فَیَسیرَ بِهِم إلَی المَدینَةِ.
ثُمَّ أمَرَ بِالنِّسوَةِ أن یُنزَلنَ فی دارٍ عَلی حِدَةٍ،مَعَهُنَّ ما یُصلِحُهُنَّ،وأخوهُنَّ مَعَهُنَّ عَلِیُّ بنُ الحُسَینِ علیه السّلام فِی الدّارِ الَّتی هُنَّ فیها.
قالَ:فَخَرَجنَ حَتّی دَخَلنَ دارَ یَزیدَ،فَلَم تَبقَ مِن آلِ مُعاوِیَةَ امرَأَةٌ إلَّااستَقبَلَتهُنَّ تَبکی وتَنوحُ عَلَی الحُسَینِ علیه السّلام،فَأَقاموا عَلَیهِ المَناحَةَ ثَلاثاً. (1)
راجع:ص 265 (القسم التاسع/الفصل السابع/آل الرسول صلّی اللّه علیه و آله فی حبس یزید)
و ص 275 (القسم التاسع/الفصل الثامن/إذن إقامة المأتم للشهداء).
2532.تاریخ الطبری عن مغیرة: قالَت [مَرجانَةُ] لِعُبَیدِ اللّهِ حینَ قَتَلَ الحُسَینَ علیه السّلام:وَیلَکَ ماذا صَنَعتَ؟! وماذا رَکِبتَ؟! (1)
(2) 2533.تاریخ الطبری عن عثمان بن زیاد أخی عبید اللّه: لَوَدِدتُ أنَّهُ لَیسَ مِن بَنی زِیادٍ رَجُلٌ إلّاوفی أنفِهِ خِزامَةٌ (3)إلی یَومِ القِیامَةِ،وأنَّ حُسَیناً لَم یُقتَل. (4)
2534.الکامل فی التاریخ: لَمّا قُتِلَ الحُسَینُ علیه السّلام ارسِلَ رَأسُهُ ورُؤوسُ أصحابِهِ إلَی ابنِ زِیادٍ مَعَ خَولِیِّ بنِ یَزیدَ وحُمَیدِ بنِ مُسلِمٍ الأَزدِیِّ،فَوَجَدَ خَولِیٌّ القَصرَ مُغلَقاً،فَأتی مَنزِلَهُ، فَوَضَعَ الرَّأسَ تَحتَ إجّانَةٍ فی مَنزِلِهِ،ودَخَلَ فِراشَهُ،وقالَ لِامرَأَتِهِ النَّوارِ:جِئتُکِ بِغِنَی الدَّهرِ،هذا رَأسُ الحُسَینِ مَعَکِ فِی الدّارِ.
فَقالَت:وَیلَکَ ! جاءَ النّاسُ بِالذَّهَبِ وَالفِضَّةِ وجِئتَ بِرَأسِ ابنِ رَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله ! وَاللّهِ،لا یَجمَعُ رَأسی ورَأسَکَ بَیتٌ أبَداً،وقامَت مِن الفِراشِ،فَخَرَجَت إلَی الدّارِ.
ص:390
قالَت:فَما زِلتُ أنظُرُ إلی نورٍ یَسطَعُ مِثلَ العَمودِ مِنَ السَّماءِ إلَی الإِجّانَةِ،ورَأَیتُ طَیراً أبیضَ یُرَفرِفُ حَولَها. (1)
راجع:ص 85 (القسم التاسع/الفصل الرابع/رأس الإمام علیه السّلام فی دار خولی).
(2) 2535.تاریخ الطبری عن أبی مخنف عن یوسف بن یزید عن عفیف بن زهیر بن أبی الأخنس (3): فَلَمّا رَجَعَ کَعبُ بنُ جابِرٍ [مِنَ المَعرَکَةِ] قالَت لَهُ امرَأَتُهُ-أو اختُهُ-النَّوارُ بِنتُ جابِرٍ:
أعَنتَ عَلَی ابنِ فاطِمَةَ،وقَتَلتَ سَیِّدَ القُرّاءِ،أی بُرَیرَ بنَ حُضَیرٍ؟! لَقَد أتَیتَ عَظیماً مِنَ الأَمرِ،وَاللّهِ،لا اکَلِّمُکَ مِن رَأسی کَلِمَةً أبَداً.وقالَ کَعبُ بنُ جابِرٍ (4):
سَلی تُخبَری عَنّی وأنتِ ذَمیمَةٌ
ص:391
فَجَرَّدتُهُ فی عُصبَةٍ لَیسَ دینُهُم
قالَ أبو مِخنَفٍ:حَدَّثَنی عَبدُ الرَّحمْنِ بنُ جُندَبٍ،قالَ:سَمِعتُهُ فی إمارَةِ مُصعَبِ بنِ الزُّبَیرِ وهُوَ یَقولُ:یا رَبِّ إنّا قَد وَفَینا،فَلا تَجعَلنا یا رَبِّ کَمَن قَد غَدَرَ، فَقالَ لَهُ أبی:صَدَقَ،ولَقَد وَفی وکَرُمَ،وکَسَبتَ لِنَفسِکَ شَرّاً،قالَ:کَلّا! إنّی لَم أکسِب لِنَفسی شَرّاً،ولکِنّی کَسَبتُ لَها خَیراً.
قالَ:وزَعَموا أنَّ رَضِیَّ بنَ مُنقِذٍ العَبدِیَّ (1)رَدَّ بَعدُ عَلی کَعبِ بنِ جابِرٍ جَوابَ قَولِهِ (2)فَقالَ:
لَو شاءَ رَبّی ما شَهِدتُ قِتالَهُم ولا جَعَلَ النَّعماءَ عِندِی ابنُ جابِرِ
ص:392
لَقَد کانَ ذاکَ الیَومُ عاراً وسُبَّةً (1)
2536.الملهوف عن حمید بن مسلم: رَأَیتُ امرَأَةً مِن بَنی بَکرِ بنِ وائِلٍ،کانَت مَعَ زَوجِها فی أصحابِ عُمَرَ بنِ سَعدٍ،فَلَمّا رَأَتِ القَومَ قَدِ اقتَحَموا عَلی نِساءِ الحُسَینِ علیه السّلام فی فُسطاطِهِنَّ،وهُم یَسلُبونَهُنَّ،أخَذَت سَیفاً،وأقبَلَت نَحوَ الفُسطاطِ،وقالَت:یا آلَ بَکرِ بنِ وائِلٍ ! أتُسلَبُ بَناتُ رَسولِ اللّهِ؟! لا حُکمَ إلّاللّهِ ِ،یا لَثاراتِ رَسولِ اللّهِ ! فَأَخَذَها زَوجُها،فَرَدَّها إلی رَحلِهِ (2). (3)
2537.تاریخ الطبری عن حمید بن مسلم: إنَّ رَجُلاً مِن کِندَةَ یُقالُ لَهُ مالِکُ بنُ النُّسَیرِ مِن بَنی بَدّاءَ، أتاهُ [أی أتَی الحُسَینَ علیه السّلام ] فَضَرَبَهُ عَلی رَأسِهِ بِالسَّیفِ،وعَلَیهِ بُرنُسٌ (4)لَهُ،فَقَطَعَ البُرنُسَ،وأصابَ السَّیفُ رَأسَهُ،فَأَدمی رَأسَهُ،فَامتَلَأَ البُرنُسُ دَماً.
ص:393
فَقالَ لَهُ الحُسَینُ علیه السّلام:لا أکَلتَ بِها ولا شَرِبتَ،وحَشَرَکَ اللّهُ مَعَ الظّالِمینَ.
قالَ:فَأَلقی ذلِکَ البُرنُسَ،ثُمَّ دَعا بِقَلَنسُوَةٍ (1)،فَلَبِسَها،وَاعتَمَّ،وقَد أعیا وبَلَّدَ (2)، وجاءَ الکِندِیُّ حَتّی أخَذَ البُرنُسَ،وکانَ مِن خَزٍّ،فَلَمّا قَدِمَ بِهِ بَعدَ ذلِکَ عَلَی امرَأَتِهِ امِّ عَبدِ اللّهِ ابنَةِ الحُرِّ،اُختِ حُسَینِ بنِ الحُرِّ البَدِّیِّ،أقبَلَ یَغسِلُ البُرنُسَ مِنَ الدَّمِ.
فَقالَت لَهُ امرَأَتُهُ:أسَلَبَ ابنِ بِنتِ رَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله تُدخِلُ بَیتی؟! أخرِجهُ عَنّی،فَذَکَرَ أصحابُهُ أنَّهُ لَم یَزَل فَقیراً بِشَرٍّ حَتّی ماتَ. (3)
2538.مقتل الحسین علیه السّلام للخوارزمی: جاءَ الکِندِیُّ،فَأَخَذَ البُرنُسَ،وکانَ مِن خَزٍّ،فَلَمّا قَدِمَ بِهِ بَعدَ ذلِکَ عَلَی امرَأَتِهِ امِّ عَبدِ اللّهِ لِیَغسِلَهُ مِنَ الدَّمِ،قالَت لَهُ امرَأَتُهُ:أتَسلُبُ ابنَ بِنتِ رَسولِ اللّهِ بُرنُسَهُ وتُدخِلُ بَیتی؟! اخرُج عَنّی،حَشَا اللّهُ قَبرَکَ ناراً !
وذَکَرَ أصحابُهُ أنَّهُ یَبِسَت یَداهُ،ولَم یَزَل فَقیراً بِأَسوَإِ حالٍ إلی أن ماتَ. (4)
راجع:ص 9 (القسم التاسع/الفصل الأوّل/سلب الإمام علیه السّلام ).
ص:394
صَدی واقِعَةِ کَربَلاءَ فِی العِراقِ وَالحِجازِ
2539.تاریخ الطبری عن عبد اللّه بن عوف بن الأحمر الأزدی: لَمّا قُتِلَ الحُسَینُ بنُ عَلِیٍّ علیه السّلام ورَجَعَ ابنُ زِیادٍ مِن مُعَسکَرِهِ بِالنُّخَیلَةِ (1)،فَدَخَلَ الکوفَةَ،تَلاقَتِ الشّیعَةُ بِالتَّلاوُمِ وَالتَّنَدُّمِ،ورَأَت أنَّها قَد أخطَأَت خَطَأً کَبیراً بِدُعائِهِمُ الحُسَینَ علیه السّلام إلَی النُّصرَةِ،وتَرکِهِم إجابَتَهُ،ومَقتَلِهِ إلی جانِبِهِم لَم یَنصُروهُ،ورَأَوا أنَّهُ لا یُغسَلُ عارُهُم وَالإِثمُ عَنهُم فی مَقتَلِهِ إلّابِقَتلِ مَن قَتَلَهُ أوِ القَتلِ فیهِ. (2)
2540.تذکرة الخواصّ: لَمّا قُتِلَ الحُسَینُ علیه السّلام تَحَرَّکَتِ الشّیعَةُ وبَکَوا،ورَأَوا أنَّهُ لا یُنجیهِم ولا یَغسِلُ عَنهُمُ العارَ وَالإِثمَ إلّاقَتلُ مَن قَتَلَ الحُسَینَ علیه السّلام،أو یُقتَلوا فیهِ عَن آخِرِهِم. (3)
2541.ذوب النضّار: أمّا أهلُ العِراقِ فَإِنَّهُم وَقَعوا فِی الحَیرَةِ وَالأَسَفِ وَالنَّدَمِ عَلی تَرکِهِم نُصرَةَ
ص:395
الحُسَینِ علیه السّلام. (1)
2542.الملهوف -بَعدَ خُطبَةِ الإِمامِ زَینِ العابِدینَ علیه السّلام-:اِرتَفَعَت أصواتُ النّاسِ مِن کُلِّ ناحِیَةٍ، ویَقولُ بَعضُهُم لِبَعضٍ:هَلَکتُم وما تَعلَمونَ. (2)
2543.تذکرة الخواصّ: قالَ المَدائِنِیُّ:کانَ مِمَّن حَضَرَ الواقِعَةَ رَجُلٌ مِن بَکرِ بنِ وائِلٍ یُقالُ لَهُ:جابِرٌ أو جُبَیرٌ،فَلَمّا رَأی ما صَنَعَ ابنُ زِیادٍ قالَ فی نَفسِهِ:للّهِ ِ عَلَیَّ ألّا اصیبَ عَشَرَةً مِنَ المُسلِمینَ خَرَجوا عَلَی ابنِ زِیادٍ إلّاخَرَجتُ مَعَهُم،فَلَمّا طَلَبَ المُختارُ بِثَأرِ الحُسَینِ علیه السّلام،وَالتَقَی العَسکَرانِ،بَرَزَ هذَا الرَّجُلُ وهُوَ یَقولُ:
وکُلُّ شَیءٍ قَد أراهُ فاسِداً إلّا مُقامُ الرُّمحِ فی ظِلِّ الفَرَس
ثُمَّ حَمَلَ عَلی صُفوفِ ابنِ زِیادٍ. (3)
راجع:ص 140 (القسم التاسع/الفصل السادس/کیفیّة دخول حرم الرسول صلّی اللّه علیه و آله الکوفة).
2544.الأمالی للمفید عن أبی هیاج عبد اللّه بن عامر: لَمّا أتی نَعیُ الحُسَینِ علیه السّلام إلَی المَدینَةِ...،فَما رَأَینا باکِیاً ولا باکِیَةً أکثَرَ مِمّا رَأَینا ذلِکَ الیَومَ. (4)
ص:396
2545.تذکرة الخواصّ: قالَ الواقِدِیُّ:لَمّا وَصَلَ الرَّأسُ [أی رَأسُ الحُسَینِ علیه السّلام ] إلَی المَدینَةِ وَالسَّبایا،لَم یَبقَ بِالمَدینَةِ أحَدٌ،وخَرَجوا یَضِجّونَ بِالبُکاءِ. (1)
راجع:ص 22 (القسم التاسع/الفصل الأوّل/فرح یزید وبنی امیّة)
وص 300 (القسم التاسع/الفصل الثامن/قدوم آل الرسول صلّی اللّه علیه و آله إلی المدینة)
وج 6 ص 169 (القسم الحادی عشر/الفصل الأوّل/حین رجوع أهل البیت ).
ص:397
ص:398
صَدی واقِعَةِ کَربَلاءَ فی غَیرِ المُسلِمینَ
2546.تذکرة الخواصّ عن عبید بن عمیر: کانَ رَسولُ قَیصَرَ حاضِراً عِندَ یَزیدَ،فَقالَ لِیَزیدَ:هذَا رَأسُ مَن؟
فَقالَ:رَأسُ الحُسَینِ.
قالَ:ومَنِ الحُسَینُ؟
قالَ:اِبنُ فاطِمَةَ،
قالَ:ومَن فاطِمَةُ؟
قالَ:بِنتُ مُحَمَّدٍ صلّی اللّه علیه و آله.
قالَ:نَبِیُّکُم؟
قالَ:نَعَم،
قالَ:ومَن أبوهُ؟
قالَ:عَلِیُّ بنُ أبی طالِبٍ.
ص:399
قالَ:ومَن عَلِیُّ بنُ أبی طالِبٍ؟
قالَ:اِبنُ عَمِّ نَبِیِّنا.
فَقالَ:تَبّاً لَکُم ولِدینِکُم،ما أنتُم وحَقِّ المَسیحِ عَلی شَیءٍ،إنَّ عِندَنا فی بَعضِ الجَزایِرِ دَیراً (1)فیهِ حافِرُ حِمارٍ رَکِبَهُ عیسَی السَّیِّدُ المَسیحُ علیه السّلام،ونَحنُ نَحُجُّ إلَیهِ فی کُلِّ عامٍ مِنَ الأَقطارِ،ونَنذِرُ لَهُ النُّذورَ،ونُعَظِّمُهُ کَما تُعَظِّمونَ کعبَتَکُم،فَأَشهَدُ أنَّکُم عَلی باطِلٍ،ثُمَّ قامَ ولَم یَعُد إلَیهِ. (2)
راجع:ص 255 (القسم التاسع/الفصل السابع/احتجاج رسول ملک الروم علی یزید).
2547.الثقات لابن حبّان: أنفَذَ عُبَیدُ اللّهِ بنُ زِیادٍ رَأسَ الحُسَینِ بنِ عَلِیٍّ علیه السّلام إلَی الشّامِ مَعَ اسارَی النِّساءِ وَالصِّبیانِ مِن أهلِ بَیتِ رَسولِ اللّهِ صلّی اللّه علیه و آله عَلی أقتابٍ،مُکَشَّفاتِ الوُجوهِ وَالشُّعورِ،فَکانوا إذا نَزَلوا مَنزِلاً أخرَجُوا الرَّأسَ مِنَ الصُّندوقِ،وجَعَلوهُ فی رُمحٍ، وحَرَسوهُ إلی وَقتِ الرَّحیلِ،ثُمَّ أُعیدَ الرَّأسُ إلَی الصُّندوقِ ورَحَلوا،فَبَینا هُم کَذلِکَ إذ نَزَلوا بَعضَ المَنازِلِ،وإذا فیهِ دَیرُ راهِبٍ،فَأَخرَجُوا الرَّأسَ عَلی عادَتِهِم،وجَعَلوهُ فِی الرُّمحِ،وأسنَدُوا الرُّمحَ إلَی الدَّیرِ.
فَرَأَی الدَّیرانِیُّ بِاللَّیلِ نوراً ساطِعاً مِن دَیرِهِ إلَی السَّماءِ،فَأَشرَفَ عَلَی القَومِ،
ص:400
وقالَ لَهُم:مَن أنتُم؟قالوا:نَحنُ أهلُ الشّامِ،قالَ:وهذا رَأسُ مَن هُوَ؟قالوا:رَأسُ الحُسَینِ بنِ عَلِیٍّ،قالَ:بِئسَ القَومُ أنتُم،وَاللّهِ،لَو کانَ لِعیسی علیه السّلام وَلَدٌ لَأَدخَلناهُ أحداقَنا.
ثُمَّ قالَ:یا قَومُ،عِندی عَشَرَةُ آلافِ دینارٍ وَرِثتُها مِن أبی وأبی مِن أبیهِ،فَهَل لَکُم أن تُعطونی هذَا الرَّأسَ لِیَکونَ عِندِی اللَّیلَةَ،واُعطِیَکُم هذِهِ العَشَرَةَ آلافِ دینارٍ؟ قالوا:بَلی،فَأَحدَرَ إلَیهِمُ الدَّنانیرَ،فَجاؤوا بِالنَّقّادِ ووُزِنَتِ الدَّنانیرُ ونُقِدَت،ثُمَّ جُعِلَت فی جِرابٍ وخُتِمَ عَلَیهِ،ثُمَّ ادخِلَ الصُّندوقَ،وشالوا إلَیهِ الرَّأسَ،فَغَسَلَهُ الدَّیرانِیُّ، ووَضَعَهُ عَلی فَخِذِهِ،وجَعَلَ یَبکِی اللَّیلَ کُلَّهُ عَلَیهِ،فَلَمّا أن أسفَرَ عَلَیهِ الصُّبحُ،قالَ:
یا رَأسُ،لا أملِکُ إلّانَفسی،وأنَا أشهَدُ أن لا إلهَ إلَّااللّهُ وأنَّ جَدَّکَ رَسولُ اللّهِ،فَأَسلَمَ النَّصرانِیُّ،وصارَ مَولیً لِلحُسَینِ علیه السّلام،ثُمَّ أحدَرَ الرَّأسَ إلَیهِم،فَأَعادوهُ إلَی الصُّندوقِ ورَحَلوا.
فَلَمّا قَرُبوا مِن دِمَشقَ قالوا:نُحِبُّ أن نَقسِمَ تِلکَ الدَّنانیرَ؛لِأَنَّ یَزیدَ إن رَآها أخَذَها مِنّا،فَفَتَحُوا الصُّندوقَ،وأخرَجُوا الجِرابَ بِخَتمِهِ وفَتَحوهُ،فَإِذَا الدَّنانیرُ کُلُّها قَد تَحَوَّلَت خَزَفاً،وإذا عَلی جانِبٍ مِنَ الجانِبَینِ مِنَ السِّکَّةِ مَکتوبٌ: «وَ لا تَحْسَبَنَّ اللّهَ غافِلاً عَمّا یَعْمَلُ الظّالِمُونَ» 1 ،وعَلَی الجانِبِ الآخَرِ: «وَ سَیَعْلَمُ الَّذِینَ ظَلَمُوا أَیَّ مُنْقَلَبٍ یَنْقَلِبُونَ» . (1)
قالوا:قَدِ افتَضَحنا وَاللّهِ،ثُمَّ رَمَوها فی بَرَدی (2)-نَهرٍ لَهُم-فَمِنهُم مَن تابَ مِن ذلِکَ الفِعلِ لِما رَأی،ومِنهُم مَن بَقِیَ عَلی إصرارِهِ.وکانَ رَئیسُ مَن بَقِیَ عَلی ذلِکَ
ص:401
الإِصرارِ سِنانَ بنَ أنَسٍ النَّخَعِیَّ. (1)
راجع:ص 127 (القسم التاسع/الفصل الخامس/إسلام الراهب النصرانی).
(2) 2548.الطبقات الکبری (الطبقة الخامسة من الصحابة) عن أبی الأسود محمّد بن عبد الرحمن: لَقِیَنی رَأسُ الجالوت،فَقالَ:وَاللّهِ،إنَّ بَینی وبَینَ داوودَ علیه السّلام لَسَبعینَ أباً،وإنَّ الیَهودَ لَتَلقانی، فَتُعَظِّمُنی،وأنتُم لَیسَ بَینَکُم وبَینَ نَبِیِّکُم إلّاأبٌ واحِدٌ قَتَلتُم وَلَدَهُ. (3)
2549.المعجم الکبیر عن رأس الجالوت: کُنّا نَسمَعُ أنَّهُ یُقتَلُ بِکَربَلاءَ ابنُ نَبِیٍّ،فَکُنتُ إذا دَخَلتُها رَکَضتُ فَرَسی،حَتّی أجوزَ عَنها،فَلَمّا قُتِلَ الحُسَینُ علیه السّلام جَعَلتُ أسیرُ بَعدَ ذلِکَ عَلی هَیأَتی. (4)
2550.تاریخ الطبری عن رأس الجالوت عن أبیه: ما مَرَرتُ بِکَربَلاءَ إلّاوأنَا أرکُضُ دابَّتی،حَتّی اخَلِّفَ المَکانَ،قالَ:قُلتُ:لِمَ؟قالَ:کُنّا نَتَحَدَّثُ أنَّ وَلَدَ نَبِیٍّ مَقتولٌ فی ذلِکَ المَکانِ؛ قالَ:وکُنتُ أخافُ أن أکونَ أنَا.
فَلَمّا قُتِلَ الحُسَینُ علیه السّلام قُلنا:هذَا الَّذی کُنّا نَتَحَدَّثُ.قالَ:وکُنتُ بَعدَ ذلِکَ إذا مَرَرتُ بِذلِکَ المَکانِ أسیرُ ولا أرکُضُ. (5)
ص:402