موسوعه معارف الکتاب و السنه المجلد 10

اشارة

سرشناسه:محمدی ری شهری، محمد، 1325 -

عنوان و نام پدیدآور:موسوعة معارف الکتاب والسنة [کتاب]/ محمد الری شهری، بمساعدة عدة من الفضلاء.

مشخصات نشر:قم: موسسه دارالحدیث العلمیه والثقافیه، مرکز للطباعه والنشر، 1432 ق. -= 1390 -

مشخصات ظاهری:10 ج.

فروست:مرکز بحوث دارالحدیث؛ 1/74.

شابک:1000000 ریال: دوره 978-964-493-574-9 : ؛ ج. 1 978-964-493-575-6 : ؛ ج. 2 978-964-493-576-3 : ؛ ج. 3 978-964-493-577-0 : ؛ ج.4 978-964-493-578-7 : ؛ ج. 5 978-964-493-579-4 : ؛ ج. 6 978-964-493-580-0 : ؛ ج. 7 978-964-493-581-7 : ؛ ج. 8 978-964-493-582-4 : ؛ ج. 9 978-964-493-583-1 : ؛ ج. 10 978-964-493-584-8 : ؛ ج.11 978-622-207-010-6 : ؛ ج.12 978-622-207-011-3 :

یادداشت:عربی.

یادداشت:بمساعدة عدة من الفضلاء رسول الموسوی، رضا الحسینی، عبدالهادی المسعودی، احمد الدیلمی، محمدرضا محسنی نیا، محمدرضا وهابی.

یادداشت:ج.11 -12 (چاپ اول: 1398) (فیپا) .

یادداشت:این کتاب با حمایت و مشارکت معاونت امور فرهنگی وزارت فرهنگ و ارشاد اسلامی منتشر شده است.

یادداشت:کتابنامه.

موضوع:قرآن -- کشف الآیات

موضوع:Qur'an -- Concordances

موضوع:احادیث -- فهرست مطالب

موضوع:Hadith -- Concordances

موضوع:احادیث شیعه -- قرن 14

موضوع:Hadith (Shiites) -- Texts -- 20th century

موضوع:احادیث اهل سنت -- قرن 14

موضوع:*Hadith (Sunnites) -- Texts -- 20th century

شناسه افزوده:موسسه علمی فرهنگی دارالحدیث. سازمان چاپ و نشر

رده بندی کنگره:BP106/م3م8 1390

رده بندی دیویی:297/29

شماره کتابشناسی ملی:2737013

ص :1

اشارة

ص :2

بسم الله الرحمن الرحیم

ص :3

ص :4

موسوعة معارف الکتاب والسنة

محمد الری شهری

بمساعدة عدة من الفضلاء

ص :5

ص :6

الفصل السّابع:آفات التّبلیغ

1/7 مُخالَفَةُ الفِعلِ لِلقَولِ

أ-التَّحذیرُ مِن مُخالَفَةِ الفِعلِ لِلقَولِ

الکتاب

«یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ* کَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللّهِ أَنْ تَقُولُوا ما لا تَفْعَلُونَ» . (1)

«أَ تَأْمُرُونَ النّاسَ بِالْبِرِّ وَ تَنْسَوْنَ أَنْفُسَکُمْ وَ أَنْتُمْ تَتْلُونَ الْکِتابَ أَ فَلا تَعْقِلُونَ» . (2)

الحدیث

10987. سعد السّعود -فیما أوحَی اللّهُ إلی داودَ علیه السلام فِی الزَّبورِ-:أفصَحتُم فِی الخُطبَةِ،وقَصَّرتُم فِی العَمَلِ،فَلَو نَصَحتُم فِی العَمَلِ وقَصَّرتُم فِی الخُطبَةِ لَکانَت أرجی لَکُم،ولکِنَّکُم عَمَدتُم إلی آیاتی فَاتَّخَذتُموها هُزُواً،وإلی مَظالِمی فَاشتَهَرتُم بِها،وعَلِمتُم أن لا هَرَبَ مِنّی،وأَسَّستُم فَجائِعَ الدُّنیا. (3)

ص:7


1- (1) .الصفّ:2 و 3. [1]
2- (2) .البقرة:44. [2]
3- (3) .سعد السعود:ص 51، [3]بحار الأنوار:ج 14 ص 48. [4]

10988. رسول اللّه صلی الله علیه و آله: أوحَی اللّهُ عز و جل إلی عیسَی بنِ مَریَمَ:یا عیسی،عِظ نَفسَکَ بِحِکمَتی،فَإِنِ انتَفَعتَ فَعِظِ النّاسَ،وإلّا فَاستَحِ مِنّی. (1)

10989. عنه صلی الله علیه و آله -فی مَوعِظَتِهِ لِابنِ مَسعودٍ-:یَا بنَ مَسعودٍ،لا تَکونَنَّ مِمَّن یَهدِی النّاسَ إلَی الخَیرِ ویَأمُرُهُم بِالخَیرِ وهُوَ غافِلٌ عَنهُ؛یَقولُ اللّهُ تَعالی: «أَ تَأْمُرُونَ النّاسَ بِالْبِرِّ وَ تَنْسَوْنَ أَنْفُسَکُمْ» ....

یَا بنَ مَسعودٍ،لا تَکُن مِمَّن یُشَدِّدُ عَلَی النّاسِ ویُخَفِّفُ عَن نَفسِهِ؛یَقولُ اللّهُ تَعالی:

«لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ» . (2)

10990. عنه صلی الله علیه و آله -فی وَصِیَّتِهِ لِأَبی ذَرٍّ-:یا أبا ذَرٍّ،مَن وافَقَ قَولَهُ فِعلُهُ فَذاکَ الَّذی أصابَ حَظَّهُ، ومَن خالَفَ قَولَهُ فِعلُهُ فَذلِکَ المَرءُ إنَّما یُوَبِّخُ نَفسَهُ. (3)

10991. عنه صلی الله علیه و آله: مَن دَعَا النّاسَ إلی قَولٍ أو عَمَلٍ ولَم یَعمَل هُوَ بِهِ،لَم یَزَل فی سَخَطِ اللّهِ حَتّی یَکُفَّ،أو یَعمَلَ بِما قالَ أو دَعا إلَیهِ. (4)

10992. عنه صلی الله علیه و آله: سَیَکونُ بَعدی أئِمَّةٌ یُعطَونَ الحِکمَةَ عَلی مَنابِرِهِم،فَإِذا نَزَلوا نُزِعَت مِنهُم، قُلوبُهُم وأَجسادُهُم شَرٌّ مِنَ الجِیَفِ. (5)

ص:8


1- (1) .الفردوس:ج 1 ص 144 ح 513 عن أبی موسی،الدرّ المنثور:ج 2 ص 206 نقلاً عن أحمد عن مالک بن دینار نحوه،کنز العمّال:ج 15 ص 795 ح 43156.
2- (2) .مکارم الأخلاق:ج 2 ص 360 ح 2660 [1]عن عبد اللّه بن مسعود،بحار الأنوار:ج 77 ص 109 ح 1. [2]
3- (3) .الأمالی للطوسی:ص 528 ح 1162، [3]مکارم الأخلاق:ج 2 ص 365 ح 2661، [4]تنبیه الخواطر:ج 2 ص 53 [5] کلّها عن أبی الأسود،بحار الأنوار:ج 77 ص 77 ح 3؛ [6]تاریخ أصبهان:ج 2 ص 245 ح 1576، [7]الصمت وحفظ اللسان:ص 285 ح 627،تاریخ دمشق:ج 33 ص 172 کلّها عن ابن مسعود من دون إسناد إلیه صلی الله علیه و آله،کنز العمّال:ج 10 ص 307 ح 29540.
4- (4) .حلیة الأولیاء:ج 2 ص 7، [8]تفسیر ابن کثیر:ج 1 ص 123 [9] کلاهما عن عبد اللّه بن عمر،کنز العمّال:ج 10 ص 210 ح 29108 نقلاً عن المعجم الکبیر.
5- (5) .المعجم الأوسط:ج 7 ص 80 ح 6910،الفردوس:ج 2 ص 316 ح 3433 وفیه«نزعوا»بدل«نزلوا»و«الجیفة»بدل«الجیف»و کلاهما عن أبی هریرة،ربیع الأبرار:ج 4 ص 251 [10] نحوه،کنز العمّال:ج 6 ص 74 ح 14898.

10993. الإمام علیّ علیه السلام: إنّی لَأَرفَعُ نَفسی أن أنهَی النّاسَ عَمّا لَستُ أنتَهی عَنهُ،أو آمُرَهُم بِما لا أسبِقُهُم إلَیهِ بِعَمَلی،أو أرضی مِنهُم بِما لا یُرضی رَبّی. (1)

10994. عنه علیه السلام: لا تَکُن مِمَّن...یُبالِغُ فِی المَوعِظَةِ ولا یَتَّعِظُ،فَهُوَ بِالقَولِ مُدِلٌّ،ومِنَ العَمَلِ مُقِلٌّ،یُنافِسُ فیما یَفنی،ویُسامِحُ فیما یَبقی،یَرَی الغُنمَ مَغرَماً،وَالغُرمَ مَغنَماً. (2)

10995. عنه علیه السلام: عَجِبتُ لِمَن یُنکِرُ عُیوبَ النّاسِ ونَفسُهُ أکثَرُ شَیءٍ مَعاباً ولا یُبصِرُها ! (3)

10996. عنه علیه السلام: أحمَقُ النّاسِ مَن أنکَرَ عَلی غَیرِهِ رَذیلَةً وهُوَ مُقیمٌ عَلَیها. (4)

10997. عنه علیه السلام: مَن أنکَرَ عُیوبَ النّاسِ ورَضِیَها لِنَفسِهِ فَذلِکَ الأَحمَقُ. (5)

10998. عنه علیه السلام: مَن نَظَرَ فی عُیوبِ النّاسِ فَأَنکَرَها ثُمَّ رَضِیَها لِنَفسِهِ فَذلِکَ الأَحمَقُ بِعَینِهِ. (6)

10999. عنه علیه السلام: یَقبُحُ عَلَی الرَّجُلِ أن یُنکِرَ عَلَی النّاسِ مُنکَراتٍ،ویَنهاهُم عَن رَذائِلَ وسَیِّئاتٍ،وإذا خَلا بِنَفسِهِ ارتَکَبَها،ولا یَستَنکِفُ مِن فِعلِها. (7)

11000. عنه علیه السلام: کَفی بِالمَرءِ غَوایَةً أن یَأمُرَ النّاسَ بِما لا یَأتَمِرُ بِهِ،ویَنهاهُم عَمّا لا یَنتَهی عَنهُ. (8)

ص:9


1- (1) .غرر الحکم:ج 3 ص 45 ح 3780، [1]عیون الحکم والمواعظ:ص 170 ح 3566.
2- (2) .نهج البلاغة:الحکمة 150، [2]أعلام الدین:ص 146، [3]بحار الأنوار:ج 72 ص 200 ح 30. [4]
3- (3) .غرر الحکم:ج 4 ص 340 ح 6267، [5]عیون الحکم والمواعظ:ص 330 ح 5651،مستدرک الوسائل:ج 11 ص 315 ذیل ح 13138. [6]
4- (4) .غرر الحکم:ج 2 ص 474 ح 3343، [7]عیون الحکم والمواعظ:ص 125 ح 2856.
5- (5) .غرر الحکم:ج 5 ص 385 ح 8865، [8]عیون الحکم والمواعظ:ص 458 ح 8291.
6- (6) .نهج البلاغة:الحکمة 349، [9]کنز الفوائد:ج 1 ص 279 [10] وفیه«ورضاها لنفسه»بدل«فأنکرها ثمّ رضیها لنفسه»،روضة الواعظین:ص 516، [11]بحار الأنوار:ج 75 ص 49 ح 12؛ [12]مطالب السوؤل:ص 236. [13]
7- (7) .غرر الحکم:ج 6 ص 480 ح 11037، [14]عیون الحکم والمواعظ:ص 556 ح 10251.
8- (8) .غرر الحکم:ج 4 ص 584 ح 7072، [15]عیون الحکم والمواعظ:ص 386 ح 6522،مستدرک الوسائل:ج 12 ص 207 ذیل ح 13895. [16]

11001. عنه علیه السلام: کَفی بِالمَرءِ جَهلاً أن یُنکِرَ عَلَی النّاسِ ما یَأتی مِثلَهُ. (1)

11002. عنه علیه السلام: کَیفَ یَهدی غَیرَهُ مَن یُضِلُّ نَفسَهُ؟! (2)

11003. عنه علیه السلام: أشَدُّ النّاسِ نِفاقاً مَن أمَرَ بِالطّاعَةِ ولَم یَعمَل بِها،ونَهی عَنِ المَعصِیَةِ ولَم یَنتَهِ عَنها. (3)

11004. عنه علیه السلام -فی وَصِیَّتِهِ لِابنِهِ مُحَمَّدِ بنِ الحَنَفِیَّةِ-:یا بُنَیَّ...کُن آخَذَ النّاسِ بِما تَأمُرُ بِهِ، وأَکَفَّ النّاسِ عَمّا تَنهی عَنهُ. (4)

11005. عنه علیه السلام: رُبَّ واعِظٍ غَیرِ مُرتَدِعٍ. (5)

11006. عنه علیه السلام: کُن آمِراً بِالمَعروفِ عِاملاً بِهِ،ولا تَکُن مِمَّن یَأمُرُ بِهِ ویَنأی عَنهُ؛فَیَبوءَ بِإِثمِهِ، ویَتَعَرَّضَ مَقتَ رَبِّهِ. (6)

11007. الاحتجاج: رُوِیَ أنَّ زَینَ العابِدینَ علیه السلام مَرَّ بِالحَسَنِ البَصرِیِّ وهُوَ یَعِظُ النّاسَ بِمِنی، فَوَقَفَ علیه السلام عَلَیهِ،ثُمَّ قالَ:أمسِک،أسأَلُکَ عَنِ الحالِ الَّتی أنتَ عَلَیها مُقیمٌ،أتَرضاها لِنَفسِکَ فیما بَینَکَ وبَینَ اللّهِ لِلمَوتِ إذا نَزَلَ بِکَ غَداً؟قالَ:لا.قالَ:أفَتُحَدِّثُ نَفسَکَ بِالتَّحَوُّلِ وَالاِنتِقالِ عَنِ الحالِ الَّتی لا تَرضاها لِنَفسِکَ إلَی الحالِ الَّتی تَرضاها؟ (قالَ):فَأَطرَقَ مَلِیّاً،ثُمَّ قالَ:إنّی أقولُ ذلِکَ بِلا حَقیقَةٍ.قالَ:أفَتَرجو نَبِیّاً بَعدَ مُحَمَّدٍ صلی الله علیه و آله یَکونُ لَکَ مَعَهُ سابِقَةٌ؟قالَ:لا.قالَ:أفَتَرجو داراً غَیرَ الدّارِ الَّتی أنتَ فیها

ص:10


1- (1) .غرر الحکم:ج 4 ص 584 ح 7073، [1]عیون الحکم والمواعظ:ص 386 ح 6524.
2- (2) .غررالحکم:ج 4 ص 565 ح 6997، [2]عیون الحکم والمواعظ:ص 383 ح 6471.
3- (3) .غرر الحکم:ج 2 ص 464 ح 3309 و ص 440 ح 3214، [3]عیون الحکم والمواعظ:ص 122 ح 2775 وفیهما«أظهر»بدل«أشدّ»،مستدرک الوسائل:ج 12 ص 206 ذیل ح 13895. [4]
4- (4) .کتاب من لا یحضره الفقیه:ج 4 ص 387 ح 5834،وسائل الشیعة:ج 11 ص 419 ح 21209. [5]
5- (5) .غرر الحکم:ج 4 ص 78 ح 5361، [6]عیون الحکم والمواعظ:ص 266 ح 4846.
6- (6) .غرر الحکم:ج 4 ص 616 ح 7189، [7]عیون الحکم والمواعظ:ص 392 ح 6636.

تُرَدُّ إلَیها فَتَعمَلَ فیها؟قالَ:لا.

قالَ:أفَرَأَیتَ أحَداً بِهِ مُسکَةُ عَقلٍ رَضِیَ لِنَفسِهِ مِن نَفسِهِ بِهذا؟! إنَّکَ عَلی حالٍ لا تَرضاها،ولا تُحَدِّثُ نَفسَکَ بِالاِنتِقالِ إلی حالٍ تَرضاها عَلی حَقیقَةٍ،ولا تَرجو نَبِیّاً بَعدَ مُحَمَّدٍ صلی الله علیه و آله،ولا داراً غَیرَ الدّارِ الَّتی أنتَ فیها فَتُرَدَّ إلَیها فَتَعمَلَ فیها،وأنتَ تَعِظُ النّاسَ !

قالَ:فَلَمّا وَلّی علیه السلام قالَ الحَسَنُ البَصرِیُّ:مَن هذا؟قالوا:عَلِیُّ بنُ الحُسَینِ.قالَ:

أهلُ بَیتِ عِلمٍ.فَما رُئِیَ الحَسَنُ البَصرِیُّ بَعدَ ذلِکَ یَعِظُ النّاسَ. (1)

11008. أعلام الدین: رُوِیَ عَن عَلِیِّ بنِ الحُسَینِ علیه السلام أنَّهُ دَخَلَ المَسجِدَ الحَرامَ فَرَأَی الحَسَنَ البَصریَّ وحَولَهُ جَماعَةٌ مِنَ النّاسِ وهُوَ یَعِظُهُم،وکانَ یُعرَفُ مِنهُ أن یَری رَأیَ المُعتَزِلَةِ فی تَخلیدِ مَن یَعمَلُ ذَنباً کَبیراً فِی النّارِ،فَقالَ لَهُ عَلِیُّ بنُ الحُسَینِ علیه السلام:یا هذا،أنتَ عَلی حالٍ تَرضی لِنَفسِکَ مَعَهَا المَوتَ؟فَقالَ لَهُ:لا.فَقالَ:فَأَنتَ عَلی ثِقَةٍ مِنَ البَقاءِ لِوَقتٍ تُدرِکُ فیهِ التَّوبَةَ؟فَقالَ:لا.فَقالَ لَهُ:أفَعِندَ المَوتِ نَظِرَةٌ؟فَقالَ لَهُ:لا.

فَقالَ لَهُ:أفَبَعدَ المَوتِ عَمَلٌ؟فَقالَ:لا.

فَقالَ:فَعِظ نَفسَکَ ودَعِ النّاسَ یَطوفوا بِهذَا البَیتِ الَّذی قَد جاؤوا إلَیهِ مِن کُلِّ فَجٍّ عَمیقٍ. (2)

11009. الإمام الباقر علیه السلام: فی حِکمَةِ آلِ داودَ:یَا بنَ آدَمَ،کَیفَ تَتَکَلَّمُ بِالهُدی وأَنتَ لا تُفیقُ عَنِ الرَّدی؟! (3)

ص:11


1- (1) .الاحتجاج:ج 2 ص 140 ح 179، [1]بحارالأنوار:ج 10 ص 146 ح 2. [2]
2- (2) .أعلام الدین:ص 328. [3]
3- (3) .الأمالی للطوسی:ص 203 ح 346 [4]عن سعد بن زیاد،إرشاد القلوب:ص 84 [5] کلاهما عن الإمام الصادق علیه السلام،بحار الأنوار:ج 14 ص 36 ح 10. [6]

11010. الخرائج والجرائح عن أبی بصیر: کُنتُ اقرِئُ امرَأَةً القُرآنَ بِالکوفَةِ،فَمازَحتُها بِشَیءٍ، فَلَمّا دَخَلتُ عَلی أبی جَعفَرٍ علیه السلام عاتَبَنی وقالَ:مَنِ ارتَکَبَ الذَّنبَ فِی الخَلاءِ لَم یَعبَأِ اللّهُ بِهِ.أیُّ شَیءٍ قُلتَ لِلمَرأَةِ؟فَغَطَّیتُ وَجهی حَیاءً،وتُبتُ.

فَقالَ أبو جَعفَرٍ علیه السلام:لا تَعُد. (1)

11011. تفسیر العیّاشی عن یعقوب بن شعیب عن أبی عبد اللّه علیه السلام: قُلتُ:قَولُهُ: «أَ تَأْمُرُونَ النّاسَ بِالْبِرِّ وَ تَنْسَوْنَ أَنْفُسَکُمْ» ؟قالَ:فَوَضَعَ یَدَهُ عَلی حَلقِهِ؛قالَ:کَالذّابِحِ نَفسَهُ. (2)

11012. الإمام الصادق علیه السلام: إنَّ العالِمَ إذا لَم یَعمَل بِعِلمِهِ زَلَّت مَوعِظَتُهُ عَنِ القُلوبِ کَما یَزِلُّ المَطَرُ عَنِ الصَّفا. (3)

11013. عنه علیه السلام: تَجِدُ الرَّجُلَ لا یُخطِئُ بِلامٍ ولا واوٍ،خَطیباً مِصقَعاً،ولَقَلبُهُ أشَدُّ ظُلمَةً مِنَ اللَّیلِ المُظلِمِ ! وتَجِدُ الرَّجُلَ لا یَستَطیعُ یُعَبِّرُ عَمّا فی قَلبِهِ بِلِسانِهِ،وقَلبُهُ یَزهَرُ کَما یَزهَرُ المِصباحُ ! (4)

11014. عنه علیه السلام: إذا رَأَیتَ الحَقَّ قَد ماتَ وذَهَبَ أهلُهُ...ورَأَیتَ المَنابِرَ یُؤمَرُ عَلَیها بِالتَّقوی ولا یَعمَلُ القائِلُ بِما یَأمُرُ...فَکُن عَلی حَذَرٍ،وَاطلُب إلَی اللّهِ عز و جل النَّجاةَ. (5)

11015. مصباح الشریعة -فیما نَسَبَهُ إلَی الإِمامِ الصّادِقِ علیه السلام-:مَثَلُ الواعِظِ وَالمَوعوظِ

ص:12


1- (1) .الخرائج والجرائح:ج 2 ص 594 ح 5،دلائل الإمامة:ص 232 ح 160،المناقب لابن شهرآشوب:ج 4 ص 182 [1] کلاهما نحوه،بحار الأنوار:ج 46 ص 247 ح 35. [2]
2- (2) .تفسیر العیّاشی:ج 1 ص 43 ح 37، [3]بحار الأنوار:ج 100 ص 84 ح 55. [4]
3- (3) .الکافی:ج 1 ص 44 ح 3 [5] عن عبد اللّه بن القاسم الجعفری،منیة المرید:ص 146، [6]بحار الأنوار:ج 2 ص 39 ح 68؛ [7]تاریخ بغداد:ج 4 ص 110 الرقم 1769، [8]عن مالک نقلاً عن التوراة،تاریخ الإسلام للذهبی:ج 11 ص 71 [9] عن مالک بن دینار من دون إسناد إلی أحد من اهل البیت علیهم السلام ولیس فیه ذیله.
4- (4) .الکافی:ج 2 ص 422 ح 1 [10] عن عمرو.
5- (5) .الکافی:ج 8 ص 37 و 41 ح 7 [11] عن حمران،أعلام الدین:ص 217 [12] ولیس فیه صدره إلی«أهله»،بحارالأنوار:ج 52 ص 256 ح 147. [13]

کَالیَقظانِ وَالرّاقِدِ؛فَمَنِ استَیقَظَ مِن رَقدَةِ غَفلَتِهِ ومُخالَفاتِهِ ومَعاصیهِ صَلُحَ أن یوقِظَ غَیرَهُ مِن ذلِکَ الرُّقادِ.

وأَمَّا السّائِرُ فی مَفاوِزِ الاِعتِداءِ،الخائِضُ فی مَراتِعِ الغَیِّ وتَرکِ الحَیاءِ بِاستِحبابِ السُّمعَةِ وَالرِّیاءِ وَالشُّهرَةِ وَالتَّصَنُّعِ فِی الخَلقِ،المُتَزَیّی بِزِیِّ الصّالِحینَ،المُظهِرُ بِکَلامِهِ عِمارَةَ باطِنِهِ وهُوَ فِی الحَقیقَةِ خالٍ عَنها،قَد غَمَرَتها وَحشَةُ حُبِّ المَحمَدَةِ،وغَشِیَها ظُلمَةُ الطَّمَعِ،فَما أفتَنَهُ بِهَواهُ !وأَضَلَّ النّاسَ بِمَقالَتِهِ ! (1)

11016. الإمام الرضا علیه السلام: لِلإِمامِ عَلاماتٌ...یَکونُ آخَذَ النّاسِ بِما یَأمُرُهُم بِهِ،وأَکَفَّ النّاسِ عَمّا یَنهی عَنهُ. (2)

راجع:ص 43 ( آثار التبلیغ العملی ) و هذه الموسوعة:ج 9 ص 421 ( تطابق القلب واللّسان ) وص 423 ( الدعوة بالعمل قبل اللّسان ).

ب-خَطَرُ المُبَلِّغِ الَّذی یَقولُ ما لا یَفعَلُ

11017. رسول اللّه صلی الله علیه و آله: إنّی لا أخافُ عَلی امَّتی مُؤمِناً ولا مُشرِکاً؛أمَّا المُؤمِنُ فَیَمنَعُهُ اللّهُ بِإِیمانِهِ،وأَمَّا المُشرِکُ فَیَقمَعُهُ اللّهُ بِشِرکِهِ.ولکِنّی أخافُ عَلَیکُم کُلَّ مُنافِقِ الجَنانِ، عالِمِ اللِّسانِ،یَقولُ ما تَعرِفونَ،ویَفعَلُ ما تُنکِرونَ. (3)

11018. الإمام علیّ علیه السلام -فی بَیانِ صِفاتِ الفُسّاقِ-:وآخَرُ قَد تَسَمّی عالِماً ولَیسَ بِهِ،فَاقتَبَسَ جَهائِلَ مِن جُهّالٍ،وأَضالیلَ مِن ضُلّالٍ،ونَصَبَ لِلنّاسِ أشراکاً مِن حَبائِلِ غُرورٍ، وقَولِ زورٍ.قَد حَمَلَ الکِتابَ عَلی آرائِهِ،وعَطَفَ الحَقَّ عَلی أهوائِهِ.یُؤمِنُ النّاسَ

ص:13


1- (1) .مصباح الشریعة:ص 396، [1]بحارالأنوار:ج 100 ص 84 ح 53. [2]
2- (2) .الخصال:ص 527 ح1،معانی الأخبار:ص 102 ح 4،عیون أخبار الرِّضا علیه السلام:ج 1 ص213 ح1، [3]الاحتجاج:ج 2 ص448 ح311 [4] کلّها عن الحسن بن فضّال،بحار الأنوار:ج 25 ص 116 ح 1. [5]
3- (3) .نهج البلاغة: [6]الکتاب 27،الأمالی للمفید:ص 268 ح3،الأمالی للطوسی:ص 30 ح 31، [7]تحف العقول:ص 179 کلّها عن الإمام علیّ علیه السلام نحوه،بحار الأنوار:ج 33 ص 582 ح 726؛ [8]المعجم الأوسط:ج 7 ص 128 ح 7065 عن الإمام علیّ علیه السلام عنه صلی الله علیه و آله،کنز العمّال:ج 10 ص 199 ح 29046.

مِنَ العَظائِمِ،ویُهَوِّنُ کَبیرَ الجَرائِمِ.یَقولُ:أقِفُ عِندَ الشُّبُهاتِ،وفیها وَقَعَ،ویَقولُ:

أعتَزِلُ البِدَعَ،وبَینَهَا اضطَجَعَ.فَالصّورَةُ صورَةُ إنسانٍ،وَالقَلبُ قَلبُ حَیَوانٍ.لا یَعرِفُ بابَ الهُدی فَیَتَّبِعَهُ،ولا بابَ العَمی فَیَصُدَّ عَنهُ.وذلِکَ مَیِّتُ الأَحیاءِ. (1)

11019. عنه علیه السلام: إنَّ أبغَضَ الخَلائِقِ إلَی اللّهِ رَجُلانِ:رَجُلٌ وَکَلَهُ اللّهُ إلی نَفسِهِ فَهُوَ جائِرٌ عَن قَصدِ السَّبیلِ،مَشغوفٌ بِکَلامِ بِدعَةٍ ودُعاءِ ضَلالَةٍ،فَهُوَ فِتنَةٌ لِمَن افتَتَنَ بِهِ،ضالٌّ عَن هَدیِ مَن کانَ قَبلَهُ،مُضِلٌّ لِمَنِ اقتَدی بِهِ فی حَیاتِهِ وبَعدَ وَفاتِهِ،حَمّالُ خَطایا غَیرِهِ، رَهنٌ بِخَطیئَتِهِ.

ورَجُلٌ قَمَشَ جَهلاً،موضِعٌ فی جُهّالِ الاُمَّةِ،عادٍ فی أغباشِ الفِتنَةِ،عَمٍ بِما فی عَقدِ الهُدنَةِ،قَد سَمّاهُ أشباهُ النّاسِ عالِماً ولَیسَ بِهِ. (2)

ج-جَزاءُ المُبَلِّغِ الَّذی یَقولُ ما لا یَفعَلُ

11020. رسول اللّه صلی الله علیه و آله: أتَیتُ لَیلَةَ اسرِیَ بی عَلی قَومٍ تُقرَضُ شِفاهُهُم بِمَقاریضَ مِن نارٍ،کُلَّما قُرِضَت وَفَت،فَقُلتُ:یا جِبریلُ،مَن هؤُلاءِ؟قالَ:خُطَباءُ امَّتِکَ الَّذینَ یَقولونَ ما لا یَفعَلونَ،ویَقرَؤونَ کِتابَ اللّهِ ولا یَعمَلونَ. (3)

11021. عنه صلی الله علیه و آله: مَرَرتُ لَیلَةَ اسرِیَ بی عَلی قَومٍ تُقرَضُ شِفاهُهُم بِمَقاریضَ مِن نارٍ،قالَ:

ص:14


1- (1) .نهج البلاغة:الخطبة 87، [1]أعلام الدین:ص 128، [2]بحار الأنوار:ج 2 ص 57 ح 36. [3]
2- (2) .نهج البلاغة:الخطبة 17، [4]الإرشاد:ج 1 ص 231، [5]کشف الیقین:ص 228 ح 256، [6]دعائم الإسلام:ج 1 ص 97 [7] کلّها نحوه،بحارالأنوار:ج 2 ص 284 ح 2؛ [8]مطالب السؤول:ج 1 ص 209 [9] نحوه وراجع:تاریخ دمشق:ج 42 ص 505.
3- (3) .شعب الإیمان:ج 2 ص 283 ح 1773، [10]مسند ابن حنبل:ج 4 ص 360 ح 12856، [11]مسند أبی یعلی:ج 4 ص 111 ح 3979 کلاهما نحوه وکلّها عن أنس بن مالک،کنز العمّال:ج 10 ص 195 ح 29026؛المجازات النبویّة:ص 245، [12]إرشاد القلوب:ص 16 [13] کلاهما نحوه،مستدرک الوسائل:ج 12 ص 205 ح 13889. [14]

قُلتُ:مَن هؤُلاءِ؟قالوا:خُطَباءُ مِن أهلِ الدُّنیا،کانوا یَأمُرونَ النّاسَ بِالبِرِّ ویَنسَونَ أنفُسَهُم،وهُم یَتلونَ الکِتابَ،أفَلا یَعقِلونَ؟! (1)

11022. عنه صلی الله علیه و آله: إنَّ فی جَهَنَّمَ أرحِیَةً تَدورُ بِالعُلَماء،فَیُشرِفُ عَلَیهِم مَن کانَ عَرَفَهُم فِی الدُّنیا، فَیَقولونَ:مَن صَیَّرَکُم إلی هذا وإنَّما کُنّا نَتَعَلَّمُ مِنکُم؟! قالوا:کُنّا نَأمُرُکُم بِأَمرٍ ونُخالِفُکُم إلی غَیرِهِ. (2)

11023. عنه صلی الله علیه و آله -فی وَصِیَّتِهِ لِأَبی ذَرٍّ-:یا أبا ذَرٍّ،یَطَّلِعُ قَومٌ مِن أهلِ الجَنَّةِ إلی قَومٍ مِن أهلِ النّارِ،فَیَقولونَ:ما أدخَلَکُمُ النّارَ،وإنَّما دَخَلنَا الجَنَّةَ بِفَضلِ تَأدیبِکُم وتَعلیمِکُم؟! فَیَقولونَ:إنّا کُنّا نَأمُرُکُم بِالخَیرِ ولا نَفعَلُهُ. (3)

11024. عنه صلی الله علیه و آله: یُجاءُ بِالرَّجُلِ یَومَ القِیامَةِ فَیُلقی فِی النّارِ،فَتَندَلِقُ أقتابُهُ فِی النّارِ،فَیَدورُ کَما یَدورُ الحِمارُ بِرَحاهُ،فَیَجتَمِعُ أهلُ النّارِ عَلَیهِ فَیَقولونَ:أی فُلانُ ! ما شَأنُکَ؟ألَیسَ کُنتَ تَأمُرُنا بِالمَعروفِ وتَنهانا عَنِ المُنکَرِ؟!

قالَ:کُنتُ آمُرُکُم بِالمَعروفِ ولا آتیهِ،وأَنهاکُم عَنِ المُنکَرِ وآتیهِ. (4)

ص:15


1- (1) .مسند ابن حنبل:ج 4 ص 242 ح 12212، [1]المصنّف لابن أبی شیبة:ج 8 ص 446 ح 7،مسند أبی یعلی:ج 4 ص 11 ح 3979 نحوه وعن أنس بن مالک،کنز العمّال:ج 10 ص 209 ح 29106؛مجمع البیان:ج 1 ص 215 عن أنس،تنبیه الخواطر:ج 2 ص 215 [2] کلاهما نحوه،بحار الأنوار:ج 72 ص 223. [3]
2- (2) .الفردوس:ج 1 ص 220 ح 845 عن أبی هریرة،کنز العمّال:ج 10 ص 208 ح 29102.
3- (3) .الأمالی للطوسی:ص 527 ح 1162، [4]مکارم الأخلاق:ج 2 ص 364 ح 2661 [5] کلاهما عن أبی الأسود الدؤلی،تنبیه الخواطر:ج 2 ص135 [6] نحوه،بحار الأنوار:ج 77 ص 76 ح 3؛ [7]المعجم الکبیر:ج 22 ص 150 ح 405 عن الولید بن عقبة،تفسیر الفخر الرازی:ج 3 ص 50 [8] عن الشعبی من دون إسنادٍ إلی احدٍ من أهل البیت علیهم السلام وکلاهما نحوه،کنز العمّال:ج 10 ص 189 ح 28991.
4- (4) .صحیح البخاری:ج 3 ص 1191 ح 3094،صحیح مسلم:ج 4 ص 2991 ح 51،مسند ابن حنبل:ج 8 ص 183 ح 21843، [9]المستدرک علی الصحیحین:4 ص 101 ح 7010،السنن الکبری:ج 10 ص 162 ح 20209 کلّها عن اسامة والاربعة الأخیرة نحوه،کنز العمّال:ج 6 ص 41 ح 14767.

11025. عنه صلی الله علیه و آله: یُؤتی بِعُلَماءِ السَّوءِ یَومَ القِیامَةِ فَیُقذَفونَ فی نارِ جَهَنَّمَ،فَیَدورُ أحَدُهُم فی جَهَنَّمَ بِقُصبِهِ (1)کَما یَدورُ الحِمارُ بِالرَّحی،فَیُقالُ لَهُ:یا وَیلَکَ ! بِکَ اهتَدَینا،فَما بالُکَ؟! قالَ:إنّی کُنتُ اخالِفُ ما کُنتُ أنهاکُم. (2)

11026. عنه صلی الله علیه و آله: یُحشَرُ عَشَرَةُ أصنافٍ مِن امَّتی أشتاتاً...بَعضُهُم صُمٌّ بُکمٌ لا یَعقِلونَ،وبَعضُهُم یَمضَغونَ ألسِنَتَهُم فَیَسیلُ القَیحُ مِن أفواهِهِم...وَالَّذینَ یَمضَغونَ بِأَلسِنَتِهِم فَالعُلَماءُ وَالقُضاةُ الذَّینَ خالَفَ أعمالُهُم أقوالَهُم. (3)

11027. عنه صلی الله علیه و آله: مَن دَعَا النّاسَ إلی قَولٍ أو عَمَلٍ ولَم یَعمَل هُوَ بِهِ،لَم یَزَل فی سَخَطِ اللّهِ حَتّی یَکُفَّ،أو یَعمَلَ بِما قالَ أو دَعا إلَیهِ. (4)

11028. الإمام الباقر علیه السلام -لِیَزیدَ الصّائِغِ-:یا یَزیدُ،إنَّ أشَدَّ النّاسِ حَسرَةً یَومَ القِیامَةِ الَّذینَ وَصَفُوا العَدلَ ثُمَّ خالَفوهُ،وهُوَ قَولُ اللّهِ تَعالی: «أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ یا حَسْرَتی عَلی ما فَرَّطْتُ فِی جَنْبِ اللّهِ» (5). (6)

ص:16


1- (1) .القُصْب-بالضمّ-:المِعَی.وقیل:القُصْب:اسمٌ للأمعاء کلّها.وقیل:هو ما کان أسفَل البطن من الأمعاء(النهایة:4 ص 67« [1]قصب»).
2- (2) .کنز العمّال:ج 10 ص 207 ح 29097 نقلاً عن ابن النجّار عن أبی هریرة.
3- (3) .مجمع البیان:ج 10 ص 642 عن البراء بن عازب،بحار الأنوار:ج 7 ص 89؛ [2]تفسیر القرطبی:ج 19 ص 175 [3] عن معاذ بن جبل،تفسیر الثعلبی:ج 10 ص 115 [4] عن البراء بن عازب،الدرّ المنثور:ج 8 ص 393 [5] نقلاً عن مردویه عن البراء بن عازب.
4- (4) .حلیة الأولیاء:ج 2 ص 7، [6]تفسیر ابن کثیر:ج 1 ص 124 [7] کلاهما عن ابن عمر،کنز العمّال:ج 10 ص 210 ح 29108.
5- (5) .الزمر:56. [8]
6- (6) .المحاسن:ج 1 ص 212 ح 382 [9]عن یزید الصائغ،الکافی:ج 2 ص 176 ح 2 و ص 300 ح 5 [10] عن خیثمة،تحف العقول:ص 298،قرب الإسناد:ص 33 ح 106 [11] عن بکر بن محمّد الأزدی عن الإمام الصادق علیه السلام،کشف الریبة:ص 96 عن خیثمة ولیس فیها الآیة الشریفة،بحار الأنوار:ج 2 ص 30 ح 15. [12]

2/7 الإِکراهُ

الکتاب

«لا إِکْراهَ فِی الدِّینِ قَدْ تَبَیَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَیِّ فَمَنْ یَکْفُرْ بِالطّاغُوتِ وَ یُؤْمِنْ بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَکَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقی لاَ انْفِصامَ لَها وَ اللّهُ سَمِیعٌ عَلِیمٌ» . (1)

«وَ لَوْ شاءَ رَبُّکَ لَآمَنَ مَنْ فِی الْأَرْضِ کُلُّهُمْ جَمِیعاً أَ فَأَنْتَ تُکْرِهُ النّاسَ حَتّی یَکُونُوا مُؤْمِنِینَ» . (2)

«فَذَکِّرْ إِنَّما أَنْتَ مُذَکِّرٌ* لَسْتَ عَلَیْهِمْ بِمُصَیْطِرٍ* إِلاّ مَنْ تَوَلّی وَ کَفَرَ» . (3)

«وَ ما أَنْتَ عَلَیْهِمْ بِجَبّارٍ فَذَکِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ یَخافُ وَعِیدِ» . (4)

«لَعَلَّکَ باخِعٌ نَفْسَکَ أَلاّ یَکُونُوا مُؤْمِنِینَ* إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَیْهِمْ مِنَ السَّماءِ آیَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِینَ » . (5)

«فَلَعَلَّکَ باخِعٌ نَفْسَکَ عَلی آثارِهِمْ إِنْ لَمْ یُؤْمِنُوا بِهذَا الْحَدِیثِ أَسَفاً* إِنّا جَعَلْنا ما عَلَی الْأَرْضِ زِینَةً لَها لِنَبْلُوَهُمْ أَیُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً » . (6)

الحدیث

11029. التّوحید عن أبی الصّلت عبد السّلام بن صالح الهرویّ: سَأَلَ المَأمونُ یَوماً عَلِیَّ بنَ موسَی الرِّضا علیه السلام فَقالَ لَهُ:یَا بنَ رَسولِ اللّهِ،ما مَعنی قَولِ اللّهِ عز و جل: «وَ لَوْ شاءَ رَبُّکَ لَآمَنَ مَنْ فِی الْأَرْضِ کُلُّهُمْ جَمِیعاً أَ فَأَنْتَ تُکْرِهُ النّاسَ حَتّی یَکُونُوا مُؤْمِنِینَ » ؟

فَقالَ الرِّضا علیه السلام:حَدَّثَنی أبی موسَی بنُ جَعفَرٍ،عَن أبیهِ جَعفَرِ بنِ مُحَمَّدٍ،عَن أبیهِ

ص:17


1- (1) .البقرة:256. [1]
2- (2) .یونس:99. [2]
3- (3) .الغاشیة:21-23. [3]
4- (4) .ق:45.
5- (5) .الشعراء:3 و 4. [4]
6- (6) .الکهف:6 و 7. [5]

مُحَمَّدِ بنِ عَلِیٍّ،عَن أبیهِ عَلِیِّ بنِ الحُسَینِ،عَن أبیهِ الحُسَینِ بنِ عَلِیٍّ،عَن أبیهِ عَلِیِّ بنِ أبی طالِبٍ علیهم السلام:أنَّ المُسلِمینَ قالوا لِرَسولِ اللّهِ صلی الله علیه و آله:لَو أکرَهتَ-یا رَسولَ اللّهِ-مَن قَدَرتَ عَلَیهِ مِنَ النّاسِ عَلَی الإِسلامِ کَثُرَ عَدَدُنا وقَوینا عَلی عَدُوِّنا ! فَقالَ رَسولُ اللّهِ صلی الله علیه و آله:ما کُنتُ لِأَلقَی اللّهَ عز و جل بِبِدعَةٍ لَم یُحدِث إلَیَّ فیها شَیئاً،وما أنَا مِنَ المُتَکَلِّفینَ.

فَأَنزَلَ اللّهُ تَبارَکَ وتَعالی:یا مُحَمَّدُ «وَ لَوْ شاءَ رَبُّکَ لَآمَنَ مَنْ فِی الْأَرْضِ کُلُّهُمْ جَمِیعاً» عَلی سَبیلِ الإِلجاءِ وَالاِضطِرارِ فِی الدُّنیا کَما یُؤمِنونَ عِندَ المُعایَنَةِ ورُؤیَةِ البَأسِ فِی الآخِرَةِ،ولَو فَعَلتُ ذلِکَ بِهِم لَم یَستَحِقّوا مِنّی ثَواباً ولا مَدحاً،لکِنّی اریدُ مِنهُم أن یُؤمِنوا مُختارینَ غَیرَ مُضطَرّینَ؛لِیَستَحِقّوا مِنِّی الزُّلفی وَالکَرامَةَ ودَوامَ الخُلودِ فی جَنَّةِ الخُلدِ. (1)

3/7 الکَذِبُ

الکتاب

«وَ لا تَقُولُوا لِما تَصِفُ أَلْسِنَتُکُمُ الْکَذِبَ هذا حَلالٌ وَ هذا حَرامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَی اللّهِ الْکَذِبَ إِنَّ الَّذِینَ یَفْتَرُونَ عَلَی اللّهِ الْکَذِبَ لا یُفْلِحُونَ » . (2)

«قُلْ أَ رَأَیْتُمْ ما أَنْزَلَ اللّهُ لَکُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَراماً وَ حَلالاً قُلْ آللّهُ أَذِنَ لَکُمْ أَمْ عَلَی اللّهِ تَفْتَرُونَ » . (3)

«وَ مَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَری عَلَی اللّهِ کَذِباً أُولئِکَ یُعْرَضُونَ عَلی رَبِّهِمْ وَ یَقُولُ الْأَشْهادُ هؤُلاءِ

ص:18


1- (1) .التوحید:ص 341 ح 11، [1]عیون أخبار الرضا علیه السلام:ج 1 ص 135 ح 33، [2]الاحتجاج:ج 2 ص 394 ح 302، [3]بحار الأنوار:ج 5 ص 50 ح 80. [4]
2- (2) .النحل:116. [5]
3- (3) .یونس:59. [6]

اَلَّذِینَ کَذَبُوا عَلی رَبِّهِمْ أَلا لَعْنَةُ اللّهِ عَلَی الظّالِمِینَ» . (1)

راجع:آل عمران:94،النساء:50،یونس:69،العنکبوت:13،الحاقّة:44-47.

الحدیث

11030. رسول اللّه صلی الله علیه و آله: مَن فَسَّرَ القُرآنَ بِرَأیِهِ فَقَدِ افتَری عَلَی اللّهِ الکَذِبَ. (2)

11031. المعجم الکبیر عن مالک بن عبد اللّه الغافقیّ: قالَ رَسولُ اللّهِ صلی الله علیه و آله:عَلَیکُم بِالقُرآنِ؛ فَإِنَّکُم سَتَرجِعونَ إلی قَومٍ یَشتَهونَ الحَدیثَ عَنّی،فَمَن عَقَلَ شَیئاً فَلیُحَدِّث بِهِ،ومَنِ افتَری عَلَیَّ فَلیَتَبَوَّأ مَقعَداً،أو شَیئاً،مِن جَهَنَّمَ-لا أدری أیُّهُما قالَ-. (3)

11032. رسول اللّه صلی الله علیه و آله: إنَّ کَذِباً عَلَیَّ لَیسَ کَکَذِبٍ عَلی أحَدٍ؛مَن کَذَبَ عَلَیَّ مُتَعَمِّداً فَلیَتَبَوَّأ مَقعَدَهُ مِنَ النّارِ. (4)

11033. الإمام علیّ علیه السلام: أیُّهَا النّاسُ ! ثَلاثٌ لا دینَ لَهُم:لا دینَ لِمَن دانَ بِجُحودِ آیَةٍ مِن کِتابِ اللّهِ،ولا دینَ لِمَن دانَ بِفِریَةِ باطِلٍ عَلَی اللّهِ،ولا دینَ لِمَن دانَ بِطاعَةِ مَن عَصَی اللّهَ تَبارَکَ وتَعالی. (5)

11034. الإمام الباقر علیه السلام -لِأَبِی النُّعمانِ-:یا أبَا النُّعمانِ،لا تَکذِب عَلَینا کَذبَةً؛فَتُسلَبَ

ص:19


1- (1) .هود:18. [1]
2- (2) .کمال الدین:ص 257 ح 1، [2]التحصین لابن طاووس:ص 625 کلاهما عن عبد الرحمن بن سمرة،بحار الأنوار:ج 36 ص 227 ح 3. [3]
3- (3) .المعجم الکبیر:ج 19 ص296 ح658،مسند ابن حنبل:ج 7 ص6 ح18968، [4]المستدرک علی الصحیحین:ج 1 ص196 ح385 کلاهما نحوه،کنز العمّال:ج 1 ص 197 ح 996.
4- (4) .صحیح البخاری:ج 1 ص 434 ح 1229،صحیح مسلم:ج 1 ص 10 ح 4،مسند ابن حنبل:ج 6 ص341 ح18227 [5] کلّها عن المغیرة،کنز العمّال:ج 3 ص 625 ح 8233.
5- (5) .المحاسن:ج 1 ص 65 ح 9 [6] عن أبی سخیلة،الکافی:ج 2 ص 373 ح 4، [7]الأمالی للمفید:ج 308 ح 7،الاختصاص:ج 258 کلّها عن محمّد بن مسلم عن الإمام الباقر علیه السلام نحوه،بحار الأنوار:ج 2 ص 117 ح 19. [8]

الحَنیفِیَّةَ...فَإِنَّکَ مَوقوفٌ-لا مَحالَةَ-ومَسؤولٌ،فَإِن صَدَقتَ صَدَّقناکَ،وإن کَذَبتَ کَذَّبناکَ. (1)

11035. الإمام الصادق علیه السلام: الکَذِبُ عَلَی اللّهِ وعَلی رَسولِهِ صلی الله علیه و آله مِنَ الکَبائِرِ (2). (3)

ص:20


1- (1) .الکافی:ج 2 ص338 ح1، [1]الأمالی للمفید:ص 182 ح5 وفیه«لا تُحقِّقنّ»بدل«لا تکذب»کلاهما عن أبی النعمان،بحارالأنوار:ج 72 ص 233 ح 1. [2]
2- (2) .الکافی:ج 2 ص 339 ح 5،کتاب من لا یحضره الفقیه:ج 3 [3] ص 569 ح 4941،ثواب الأعمال:ص 318 ح 1 وفیها زیادة«و علی الأوصیاء علیهم السلام»وکلّها عن أبی خدیجة،بحار الأنوار:ج 2 ص 117 ح 17. [4]
3- (3) .من المناسب ذکر حکایتین فی هذا المجال نقلهما المحدّث النوری فی بحث«اجتناب الکذب فی ذکر مصائب سیّد الشهداء علیه السلام»: 1-جاء شخص فی مدینة کرمانشاه إلی العالم الکامل فرید أغا محمّد علی صاحب«المقامع»رحمه الله وقال له:«رأیت فی المنام کأنّی اقطّع جسد سیّد الشهداء علیه السلام بأسنانی»! فأطرق فرید أغا محمّد علی برأسه وتأمّل ملیّاً،ثمّ قال له-ولم یکن یعرفه من قبلُ-:لعلّک خطیبٌ حسینیٌّ ! قال:نعم.قال:فإمّا أن تترک عملک هذا،وإمّا أن تلتزم بالنقل عن کتب معتبرة (لؤلؤ ومرجان«بالفارسیّة»:ص 169). 2-قال الخطیب الحسینی البارع علوی فاضل:رأیت ذات لیلة فی عالم الرؤیا کأنّ القیامة قد قامت،والناس فی غایة الهلع والحیرة،وکان کلّ منهم مشغولاً بأمره،و الملائکة تسوقهم نحو الحساب،وقد وُکّل بکلّ شخص ملکان.ولمّا رأیت هذا الخطب أخذت افکّر فی عاقبة أمری،وأتساءل:إلی أین ستنتهی الاُمور؟عند ذلک جاءنی اثنان من الملائکة،وأمرانی بالمثول بین یدی خاتم النبیّین صلی الله علیه و آله.ولمّا أدرکت خطورة الموقف تماهلت فی الامتثال،لکنّهما قادانی قهراً؛وصار أحدهما یمشی أمامی والآخر ورائی و أنا أتوسّطهما والرعب یملأ أوصالی.وفی هذه اللحظات رأیت محملاً کبیراً یحمله جماعة علی أکتافهم یسیر من جهة الیمین،فعلمتُ بإلهام إلهی أنّ فی ذلک المحمل سیّدة نساء العالمین؛فاطمة علیها السلام.ولمّا اقتربنا من المحمل انتهزت فرصة الهرب من بین قبضة الموکّلَین متّجهاً نحو المحمل حتّی وقفت تحته.عند ذلک نظرت فوجدت نفسی فی قلعة حصینة کان قد لجأ إلیها جماعة من المذنبین قبلی.ورأیت الحرّاس لا یستطیعون الاقتراب من المحمل،ولکنّهم بقوا یسایرونه عن بُعد،ویشیرون إلینا متوسّلین بأن نرجع إلیهم،ثمّ لوّحوا لنا ثانیةً مهدّدین،لکنّنا لم نأبه بهم،بل لمّا رأینا أنفسنا فی موقعٍ منیع أخذنا نحن أیضاً نهدّدهم.وبقینا نمشی تحت المحمل بکلّ جرأة،وإذا بمبعوث یجیء من قِبل رسول اللّه صلی الله علیه و آله إلی السیّدة الزهراء علیها السلام فقال لها-عن لسانه صلی الله علیه و آله-:«إنّ بعض مذنبی امّتی قد لاذوا بکِ،اِبعثیهم إلینا لکی نحاسبهم». ثمّ إنّ السیّدة الزهراء علیها السلام أشارت،فأحاط بنا الحرّاس من کلّ جانب،واقتادونا نحو موضع الحساب،فرأینا هناک منبراً عالیاً جدّاً له درجات کثیرة،وسیّد الأنبیاء صلی الله علیه و آله جالس علی أعلی درجة منه،وأمیر المؤمنین علیه السلام واقف علی الدرجة الاُولی یحاسب الناس وهم مصطفّون أمامه.ولمّا وصل الدور إلیّ،خاطبنی موبّخاً بقوله:لماذا وصفتَ ولدی الحسین بالذلّ،ونسبت إلیه الهوان والخنوع؟! بقیتُ متحیّراً فی الجواب،ولم أجد لنفسی مهرباً سوی الإنکار،فعمدت إلی إنکار أن أکون قد فعلتُ ذلک.وفجأة شعرت بألم فی ذراعی الیمنی؛أحسست کأنّ مسماراً حدیدیاً غُرز فیها.فالتفتُّ فرأیتُ رجلاً بیده طومار،أعطانیه ففتحته،فرأیتُ فیه ما حاضرته من خطبی التی کنت ألقیتها موثّقةً بالزمان والمکان،وقد سُجّل فیها کلّ ما ألقیته،بما فی ذلک الفقرة التی سألونی عنها. فتبادرت إلی ذهنی حیلة اخری،فقلت:إنّ هذا الکلام أورده المجلسی رحمه الله فی المجلّد العاشر من کتاب«بحار الأنوار». فقال علیه السلام لأحد الخُدّام:«اِذهب واجلب ذلک الکتاب من المجلسی». التفتُّ،فرأیت إلی یمین المنبر صفوفاً طویلة أوّلها إلی جانب المنبر وآخرها إلی ما شاء اللّه،وکلّ عالم واضع مؤلّفاته أمامه.وکان الشخص الأوّل فی الصفّ الأوّل هو المرحوم المجلسی،ولمّا أخبره المبعوث بفحوی ما جاء به،أخذ ذلک الکتاب من بین تلک الکتب وأعطاه إیّاه،فأخذه وجاء به،فأشار علیه السلام بأن یعطیه لی،فتناولته وغبتُ فی بحر من الحیرة؛لأنّ غرضی من تلک الحیلة کان التخلّص من تلک الورطة. فأخذت اقلّب صفحاته عبثاً.وفی تلک الأثناء خطرت علی بالی حیلة اخری،فقلت:أنا رأیتُ ذلک فی مقتل الحاج الملّا صالح البرغانی.فأمر خادماً له:اِذهب وقل له یأتی بکتابه،وکان الحاج البرغانی سادس أو سابع شخص فی الصف السادس أو السابع،فتناول کتابه وجاء. ثمّ أمرنی أن أعثر علی تلک الفقرة فی ذلک الکتاب،فاضطربتُ مرّة اخری،واُغلقت کلّ سبل الخلاص أمامی،فأخذتُ اقلّب صفحاته عبثاً وقلبی مملوء رعباً،إلی أن استیقظتُ من النوم ! وبعد هذه الرؤیا،جمع ذلک الخطیب جماعة من أبناء صناعته وحکی لهم ما رآه فی المنام،ثمّ قال:إنّنی لا أجد فی نفسی مقدرة علی توفیر شروط الخطابة.ولهذا فإنّنی أترک هذا العمل،وعلی کلّ من یصدّق کلامی أن یکفّ هو الآخر عن هذا العمل. وعلی الرغم من أنّه کانت تصله سنویّاً مبالغ طائلة عن هذا الطریق،إلّاأنّه غضّ النظر عنها وکفّ عن ممارسة الخطابة (المصدر السابق:ص 181).

11036. الإمام الکاظم علیه السلام: قالَ رَسولُ اللّهِ صلی الله علیه و آله:اِتَّقوا تَکذیبَ اللّهِ.قیلَ:یا رَسولَ اللّهِ،وکَیفَ

ص:21

ذاکَ؟قالَ:یَقولُ أحَدُکُم:«قالَ اللّهُ»،فَیَقولُ اللّهُ:«کَذَبتَ،لَم أقُلهُ»،أو یَقولُ:«لَم یَقُلِ اللّهُ»،فَیَقولُ اللّهُ عز و جل:«کَذَبتَ،قَد قُلتُهُ». (1)

4/7 القَولُ بِغَیرِ عِلمٍ

الکتاب

«إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِکُمْ وَ تَقُولُونَ بِأَفْواهِکُمْ ما لَیْسَ لَکُمْ بِهِ عِلْمٌ وَ تَحْسَبُونَهُ هَیِّناً وَ هُوَ عِنْدَ اللّهِ عَظِیمٌ» . (2)

الحدیث

11037. رسول اللّه صلی الله علیه و آله -لِابنِ مَسعودٍ-:یَا بنَ مَسعودٍ،لا تَتَکَلَّم بِالعِلمِ إلّابِشَیءٍ سَمِعتَهُ ورَأَیتَهُ؛فَإِنَّ اللّهَ تَعالی یَقولُ: «وَ لا تَقْفُ ما لَیْسَ لَکَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَ الْبَصَرَ وَ الْفُؤادَ کُلُّ أُولئِکَ کانَ عَنْهُ مَسْؤُلاً » (3). (4)

11038. عنه صلی الله علیه و آله: إنَّ اللّهَ لا یَقبِضُ العِلمَ انتِزاعاً یَنتَزِعُهُ مِنَ النّاسِ،ولکِن یَقبِضُ العِلمَ بِقَبضِ العُلَماءِ،وإذا لَم یَبقَ عالِمٌ اتَّخَذَ النّاسُ رُؤَساءَ جُهّالاً،فَسَأَلوهُم فَقالوا بِغَیرِ عِلمٍ، فَضَلّوا وأَضَلّوا. (5)

ص:22


1- (1) .معانی الأخبار:ص 390 ح 31 عن إبراهیم بن عبد الحمید،بحار الأنوار:ج 2 ص 117 ح 16 [1] وراجع:الطبقات الکبری:ج 6 ص 190. [2]
2- (2) .النور:15. [3]
3- (3) .الإسراء:36. [4]
4- (4) .مکارم الأخلاق:ج 2 ص 355 ح 2660 [5]عن عبداللّه بن مسعود،بحار الأنوار:ج 77 ص 105 ح 1. [6]
5- (5) .الأمالی للمفید:ص 20 ح 1 عن عبد اللّه بن عمر،تحف العقول:ص 37 نحوه،دعائم الإسلام:ج 1 ص 96 [7] وفیه«فسُئلوا فأفتوا»بدل«فسألوهم فقالوا»،بحار الأنوار:2 ص121 ح37؛ [8]صحیح البخاری:ج 1 ص50 ح100،صحیح مسلم:ج 4 ص 2058 ح 13،سنن الترمذی:ج 5 ص 31 ح 2652 وفیها«حتّی إذا لم یترک عالماً»بدل«و إذا لم یبقَ عالم»،سنن ابن ماجة:ج 1 ص 20 ح 52 وفیها«فسُئلوا فأفتوا»بدل«فسألوهم فقالوا»وکلّها عن عبد اللّه بن عمرو بن العاص،کنز العمّال:ج 10 ص 187 ح 28981.

11039. الإمام علیّ علیه السلام -لِابنِهِ الحَسَنِ علیه السلام-:دَعِ القَولَ فی ما لا تَعرِفُ،وَالخِطابَ فی ما لَم تُکَلَّف،وأَمسِک عَن طَریقٍ إذا خِفتَ ضَلالَتَهُ. (1)

11040. عنه علیه السلام: لا تَقُل ما لا تَعلَمُ وإن قَلَّ ما تَعلَمُ،ولا تَقُل ما لا تُحِبُّ أن یُقالَ لَکَ. (2)

11041. عنه علیه السلام: إیّاکَ وَالکَلامَ فی ما لا تَعرِفُ طَریقَتَهُ ولا تَعلَمُ حَقیقَتَهُ ! فَإِنَّ قَولَکَ یَدُلُّ عَلی عَقلِکَ،وعِبارَتَکَ تُنبِئُ عَن مَعرِفَتِکَ.فَتَوَقَّ مِن طولِ لِسانِکَ ما أمِنتَهُ،وَاختَصِر مِن کَلامِکَ مَا استَحسَنتَهُ؛فَإِنَّهُ بِکَ أجمَلُ،وعَلی فَضلِکَ أدَلُّ. (3)

11042. عنه علیه السلام: لا تَقُل ما لا تَعلَمُ؛فَتُتَّهَمَ بِإِخبارِکَ بِما تَعلَمُ ! (4)

11043. عنه علیه السلام: مِنَ الحِکمَةِ أن...ولا تَتَکَلَّمَ فی ما لا تَعلَمُ. (5)

11044. عنه علیه السلام: العَقلُ أن تَقولَ ما تَعرِفُ،وتَعمَلَ بِما تَنطِقُ بِهِ. (6)

11045. عنه علیه السلام: لا تَقولوا بِما لا تَعرِفونَ؛فَإِنَّ أکثَرَ الحَقِّ فی ما تُنکِرونَ. (7)

11046. الإمام الصادق علیه السلام -لِعَبدِ اللّهِ بنِ جُندَبٍ-:یَا بنَ جُندَبٍ،لا تَقُل فِی المُذنِبینَ مِن أهلِ

ص:23


1- (1) .نهج البلاغة: [1]الکتاب 31،تحف العقول:ص 69،غرر الحکم:ج 4 ص 20 ح 5138، [2]بحار الأنوار:ج 77 ص 200 ح 1 [3] نقلاً عن کشف المحجّة؛وراجع:دستور معالم الحکم:ص 59. [4]
2- (2) .نهج البلاغة: [5]الکتاب 31،کشف المحجّة:ص 226،کتاب من لا یحضره الفقیه:ج 2 ص 626 [6] ح 3215،تحف العقول:ص 74،الاختصاص:ص 231 والثلاثة الأخیرة نحوه،بحار الأنوار:ج 77 ص 203 ح 1. [7]
3- (3) .غرر الحکم:ج 2 ص 320 ح 2735، [8]عیون الحکم والمواعظ:ص 100 ح 2293.
4- (4) .غرر الحکم:ج 6 ص 341 ح 10426، [9]عیون الحکم والمواعظ:ص 530 ح 9639.
5- (5) .غرر الحکم:ج 6 ص 47 ح 9450،عیون الحکم والمواعظ:ص 473 ح 8681.
6- (6) .غرر الحکم:ج 2 ص 150 ح 2141، [10]عیون الحکم والمواعظ:ص 66 ح 1678.
7- (7) .نهج البلاغة:الخطبة 87، [11]غرر الحکم:ج6 ص278 ح10245، [12]بحار الأنوار:ج34 ص209 ح986. [13]

دَعوَتِکُم إلّاخَیراً...فَکُلُّ مَن قَصَدَنا ووالانا ولَم یُوالِ عَدُوَّنا،وقالَ ما یَعلَمُ، وسَکَتَ عَمّا لا یَعلَمُ أو أشکَلَ عَلَیهِ،فَهُوَ فِی الجَنَّةِ. (1)

5/7 کِتمانُ العِلمِ

الکتاب

«إِنَّ الَّذِینَ یَکْتُمُونَ ما أَنْزَلَ اللّهُ مِنَ الْکِتابِ وَ یَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَناً قَلِیلاً أُولئِکَ ما یَأْکُلُونَ فِی بُطُونِهِمْ إِلاَّ النّارَ وَ لا یُکَلِّمُهُمُ اللّهُ یَوْمَ الْقِیامَةِ وَ لا یُزَکِّیهِمْ وَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِیمٌ » . (2)

«وَ إِذْ أَخَذَ اللّهُ مِیثاقَ الَّذِینَ أُوتُوا الْکِتابَ لَتُبَیِّنُنَّهُ لِلنّاسِ وَ لا تَکْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَراءَ ظُهُورِهِمْ وَ اشْتَرَوْا بِهِ ثَمَناً قَلِیلاً فَبِئْسَ ما یَشْتَرُونَ » . (3)

الحدیث

11047. رسول اللّه صلی الله علیه و آله: مَن کَتَمَ عِلماً مِمّا یَنفَعُ اللّهُ بِهِ فی أمرِ النّاسِ؛أمرِ الدّینِ (4)،ألجَمَهُ اللّهُ یَومَ القِیامَةِ بِلِجامٍ مِنَ النّارِ. (5)

11048. الإمام علیّ علیه السلام: لا تُمسِک عَن إظهارِ الحَقِّ إذا وَجَدتَ لَهُ أهلاً. (6)

ص:24


1- (1) .تحف العقول:ص 302،بحار الأنوار:ج 78 ص 280 ح 1. [1]
2- (2) .البقرة:174. [2]
3- (3) .آل عمران:187. [3]
4- (4) .قوله صلی الله علیه و آله:«أمرِ الدینِ»مجرور علی البدلیّة من قوله:«فی أمرِ الناسِ».
5- (5) .سنن ابن ماجة:ج 1 ص 97 ح 265 عن أبی سعید الخدری،مسند ابن حنبل:ج 3 ص 565 ح 10492 عن أبی هریرة،المستدرک علی الصحیحین:ج 1 ص182 ح346 عن عبد اللّه بن عمرو بن العاص وکلاهما نحوه،کنز العمّال:ج 19610 ح 29031؛منیة المرید:ص 136، [4]عوالی اللآلی:ج 4 ص 71 ح 40 [5] کلاهما نحوه،بحار الأنوار:ج 2 ص 78 ح 66. [6]
6- (6) .غرر الحکم:ج 6 ص 266 ح 10188، [7]عیون الحکم والمواعظ:ص 518 ح 9399.

11049. عنه علیه السلام: أشبَهُ النّاسِ بِأَنبِیاءِ اللّهِ أقوَلُهُم لِلحَقِّ. (1)

11050. الإمام الباقر علیه السلام -فی رِسالَتِهِ إلی سَعدِ الخَیرِ-:العُلَماءُ فی أنفُسِهِم خانَةٌ إن کَتَمُوا النَّصیحَةَ؛إن رَأَوا تائِهاً ضالّاً لا یَهدونَهُ،أو مَیِّتاً لا یُحیونَهُ،فَبِئسَ ما یَصنَعونَ ! لِأَنَّ اللّهَ-تَبارَکَ وتَعالی-أخَذَ عَلَیهِمُ المیثاقَ فِی الکِتابِ:أن یَأمُروا بِالمَعروفِ وبِما امِروا بِهِ،وأَن یَنهَوا عمّا نُهوا عَنهُ،وأَن یَتَعاوَنوا عَلَی البِرِّ وَالتَّقوی،ولا یَتَعاوَنوا عَلَی الإِثمِ وَالعُدوانِ. (2)

راجع:هذه الموسوعة:ج 9 ص 368 ( مکافحة البدع ).

6/7 التَّکَلُّفُ

11051. رسول اللّه صلی الله علیه و آله: لَعَنَ اللّهُ الَّذینَ یُشَقِّقونَ الکَلامَ (3)تَشقیقَ الشَّعرِ. (4)

11052. عنه صلی الله علیه و آله: إنَّ اللّهَ عز و جل لَم یَبعَث نَبِیّاً إلّامُبَلِّغاً،وإنَّ تَشقیقَ الکَلامِ وَالخُطَبِ مِنَ الشَّیطانِ. (5)

ص:25


1- (1) .غرر الحکم:ح 3172،عیون الحکم والمواعظ:ص 116 ح 2578.
2- (2) .الکافی:ج 8 ص 54 ح 16، [1]بحار الأنوار:ج 78 ص 361 ح 2. [2]
3- (3) .شَقَّقَ الکلامَ تشقیقاً:أخرَجَه أحسنَ مَخرَج،ومنه حدیث البیعة:«تشقیقُ الکلام علیکم شدیدٌ»؛أی التطلُّب فیه لِیُخرجه أحسنَ مَخرَجٍ (تاج العروس:ج 13 ص 250). [3] وقال الرضی رضی الله عنه:و هذا القول مجاز،والمراد:الذین یتصرّفون فی الکلام فیدقّقون فیه ویتعمّقون فی معانیه.وشبّه علیه الصلاة والسلام فعلهم ذلک بتشقیق الشَّعر؛لأنّ طاقات الشعر مستدقّة فی نفوسها،وإذا تعاطی الإنسان تشقیقها،انتهت من الدقّة إلی غایة لا زیادة وراءها.و هذا اللعن فی الخبر إنّما یتناول من بلغ فی تدقیق الکلام إلی ذلک الحدّ لِیشتبهَ الباطل بالحق ویجوزَ الغیّ بالرشد (المجازات النبویّة:ص 374 ح 338). [4]
4- (4) .المجازات النبویّة:ص 374 ح 338، [5]مسند ابن حنبل:ج 6 ص 26 ح 16900 [6] عن معاویة وفیه«لعن رسول اللّه»بدل«لعن اللّه».
5- (5) .نثر الدرّ:ج 1 ص 258 [7] وراجع:مسند ابن حنبل:ج 2 ص 408 ح 5691.

11053. عنه صلی الله علیه و آله: عَلَیکُم بِقِلَّةِ الکَلامِ،ولا یَستَهوِیَنَّکُمُ الشَّیطانُ؛فَإِنَّ تَشقیقَ الکَلامِ مِن شَقاشِقِ (1)الشَّیطانِ. (2)

11054. عنه صلی الله علیه و آله -لِعَبدِ اللّهِ بنِ رَواحَةَ-:کُفَّ عَنِ السَّجعِ؛فَما اعطِیَ عَبدٌ شَیئاً شَرّاً مِن طَلاقَةٍ فی لِسانِهِ. (3)

11055. الإمام علیّ علیه السلام: إنَّ کَثیراً مِنَ الخُطَبِ مِن شَقاشِقِ الشَّیطانِ (4). (5)

11056. الإمام الصادق علیه السلام -ممّا یُنسَبُ إلَیهِ فی مِصباحِ الشَّریعَةِ-:آفَةُ العُلَماءِ عَشَرَةُ أشیاءَ:...وَالتَّکَلُّفُ فی تَزیینِ الکَلامِ بِزَوائِدِ الأَلفاظِ. (6)

7/7 التَّعَنُّت

11057. رسول اللّه صلی الله علیه و آله: إنَّما بَعَثَنِی اللّهُ مُبَلِّغاً،ولَم یَبعَثنی مُعَنِّتاً (7). (8)

ص:26


1- (1) .فی المصدر:«شقائق»،وما أثبتناه من الإصابة وهو الصحیح.
2- (2) .اُسد الغابة:ج 1 ص 491 الرقم 643، [1]الإصابة:ج 1 ص 544 الرقم 1024 [2] عن حکیم بن جابر عن أبیه ولیس فیه«و لا یستهوینَّکم الشیطان»،کنز العمّال:ج 3 ص 552 ح 7863.
3- (3) .تفسیر القرطبی:ج 12 ص 281، [3]الفردوس:ج 4 ص 120 ح 6373 عن ابن عبّاس ولیس فیه«کُفّ عن السجع»،کنز العمّال:ج 3 ص 556 ح 7892.
4- (4) .قال فی اللسان-بعد نقل الحدیث-:فجعل للشیطان شَقاشقَ ونَسبَ الخُطبَ إلیه لِما یدخل فیها من الکذب (لسان العرب:ج 10 ص 185« [4]شقق»).
5- (5) .النهایة:ج 2 ص 489، [5]لسان العرب:ج 10 ص 185؛ [6]بحار الأنوار:ج 102 ص 195. [7]
6- (6) .مصباح الشریعة:ص 366، [8]بحار الأنوار:ج 2 ص 52 ح 18. [9]
7- (7) .عَنَّته تعنِیتاً:شَدَّد علیه وألزَمَه بما یصعب علیه أداؤه ویشقّ علیه تحمّلُه (تاج العروس:ج 3 ص 94« [10]عنت»).
8- (8) .سنن الترمذی:ج 5 ص423 ح3318،صحیح مسلم:ج 2 ص1113 ح35،السنن الکبری:ج 7 ص 60 ح 13267،کلاهما نحوه وکلّها عن عائشة،کنز العمّال:ج 11 ص 426 ح 31998.

11058. عنه صلی الله علیه و آله: إنَّ اللّهَ لَم یَبعَثنی مُعَنِّتاً ولا مُتَعَنِّتاً،ولکِن بَعَثَنی مُعَلِّماً مُیَسِّراً. (1)

11059. عنه صلی الله علیه و آله: عَلِّموا ولا تُعَنِّفوا؛فَإِنَّ المُعَلِّمَ خَیرٌ مِنَ المُعَنِّفِ (2). (3)

8/7 الإِطالَةُ

11060. رسول اللّه صلی الله علیه و آله: إنَّ موسی علیه السلام لَقِیَ الخَضِرَ علیه السلام،فَقالَ:أوصِنی.فَقالَ الخَضِرُ:یا طالِبَ العِلمِ، إنَّ القائِلَ أقَلُّ مَلالَةً مِنَ المُستَمِعِ،فَلا تُمِلَّ جُلَساءَکَ إذا حَدَّثتَهُم. (4)

11061. عنه صلی الله علیه و آله: لَیسَ البَیانُ کَثرَةَ الکَلامِ،ولکِن فَصلٌ فی ما یُحِبُّ اللّهُ عز و جل. (5)

11062. أعلام الدّین: رَأَی [النَّبِیُّ صلی الله علیه و آله ] أعرابِیّاً یَتَکَلَّمُ فَطَوَّلَ،فَقالَ لَهُ:کَم دونَ لِسانِکَ مِن حِجابٍ؟فَقالَ:شَفَتایَ وأَسنانی.فَقالَ علیه السلام:فَتَثَبَّت وَاقتَصِر؛فَإِنَّ اللّهَ تَعالی یَکرَهُ الاِنبِعاقَ (6)فِی الکَلامِ،فَنَضَّرَ اللّهُ وَجهَ امرِئٍ أوجَزَ فی کَلامِهِ،وَاقتَصَرَ عَلی حاجَتِهِ ! (7)

ص:27


1- (1) .صحیح مسلم:ج 2 ص 1105 ح 29،السنن الکبری:ج 7 ص 61 ح 13268 ولیس فیه«و لا متعنّتاً»وکلاهما عن جابر بن عبد اللّه،کنز العمّال:ج 11 ص 424 ح31989.
2- (2) .التَّعنِیف:التّوبِیخ والتَّقرِیع واللَّوم (النهایة:ج 3 ص 309«عنف»).
3- (3) .شعب الإیمان:ج 2 ص276 ح1749، [1]الفقیه والمتفقّه:ج 2 ص137،جامع بیان العلم:ج 1 ح 128،الفردوس:ج 3 ص9 ح4004 کلّها عن أبی هریرة،کنز العمّال:ج 10 ص 249 ح 29321؛منیة المرید:ص 193، [2]جامع الأحادیث للقمّی:ص 102 عن إسماعیل ابن الإمام الکاظم عن آبائه علیهم السلام،بحار الأنوار:ج 77 ص 175 ح 9. [3]
4- (4) .منیة المرید:ص 140، [4]بحار الأنوار:ج 1 ص 226 ح 18؛ [5]المعجم الأوسط:ج 7 ص 78 ح 6908،تاریخ دمشق:ج 16 ص 414 ح 3191 کلاهما عن عمر بن الخطّاب،کنزالعمّال:ج 16 ص 143 ح 44176.
5- (5) .الفردوس:ج 3 ص 399 ح 5215،موارد الظمآن:ص 492 ح 2010 وفیه«ولکن البیان الفصل فی الحقّ»بدل«ولکن فصل فی ما یحبّ اللّه»وکلاهما عن أبی هریرة،کنز العمّال:ج 10 ص 192 ح29010.
6- (6) .الانبِعاق فی الکلام:التوسُّع فیه والتکثُّر منه (لسان العرب:ج 10 ص 22« [6]بعق»).
7- (7) .أعلام الدین:ص 275. [7]

11063. رسول اللّه صلی الله علیه و آله: إنَّ أبغَضَکُم إلَیَّ وأَبعَدَکُم مِنّی مَجلِساً یَومَ القِیامَةِ الثَّرثارونَ (1)، وَالمُتَشَدِّقونَ (2)،وَالمُتَفَیهِقونَ (3). (4)

11064. عنه صلی الله علیه و آله: ألا انَبِّئُکُم بِشِرارِکُم؟هُمُ الثَّرثارونَ المُتَشَدِّقونَ.ألا انَبِّئُکُم بِخِیارِکُم؟ أحاسِنُکُم أخلاقاً. (5)

11065. الإمام علیّ علیه السلام: آفَةُ الکَلامِ الإِطالَةُ. (6)

11066. عنه علیه السلام: مَن أطالَ الحَدیثَ فی ما لا یَنبَغی فَقَد عَرَّضَ نَفسَهُ لِلمَلامَةِ. (7)

11067. عنه علیه السلام: الإِکثارُ یُزِلُّ الحَکیمَ،ویُمِلُّ الحَلیمَ؛فَلا تُکثِر فَتُضجِر،وتُفَرِّط فَتُهَن. (8)

11068. عنه علیه السلام: أقبَحُ مِنَ العِیِّ،الزِّیادَةُ عَلَی المَنطِقِ عَن مَوضِعِ الحاجَةِ. (9)

راجع:هذه الموسوعة:ج 9 ص 456 ( مراعاة الاختصار ).

ص:28


1- (1) .الثرثارون:هم الذین یُکثِرون الکلام تکلُّفاً وخروجاً عن الحقّ (النهایة:ج 1 ص 209« [1]ثرثر»).
2- (2) .المتشدّقون:المتوسّعون فی الکلام...وقیل:المتشدّق:المستهزئ بالناس (النهایة:ج 2 ص 453« [2]شدق»).
3- (3) .المتفیهقون:هم الذین یتوسّعون فی الکلام ویفتحون به أفواههم.مأخوذ من الفَهْق؛وهو الامتلاء والاتّساع (النهایة:ج 3 ص 482« [3]فهق»).
4- (4) .سنن الترمذی:ج 4 ص 370 ح 2018 [4]عن جابر،مسند ابن حنبل:ج 6 ص 220 ح 17747، [5]السنن الکبری:ج 10 ص 326 ح 20799 وفیهما«فی الآخرة مَساوِئکُم أخلاقاً»بدل«مجلساً یوم القیامة»وکلاهما عن أبی ثعلبة الخشنی،کنز العمّال:ج 3 ص 10 ح 5181؛عوالی اللآلی:ج 1 ص 72 ح 135 [6] نحوه.
5- (5) .مسند ابن حنبل:ج 3 ص 301 ح 8830، [7]السنن الکبری:ج 10 ص 326 ح 20800 نحوه وکلاهما عن أبی هریرة،کنزالعمّال:ج 3 ص 556 ح 7890.
6- (6) .غرر الحکم:ج 3 ص 111 ح 3966، [8]عیون الحکم والمواعظ:ص 181 ح 3696.
7- (7) .غرر الحکم:ج 5 ص 391 ح 8892، [9]عیون الحکم والمواعظ:ص 462 ح 8413.
8- (8) .غرر الحکم:ج 2 ص 109 ح 2009، [10]عیون الحکم والمواعظ:ص 60 ح 1528 وفیه«ویذل اللئیم»بدل«ویمل الحلیم».
9- (9) .غرر الحکم:ج 2 ص 447 ح 3244. [11]

9/7 سُؤالُ الأَجرِ

الکتاب

«کَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِینَ* إِذْ قالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ أَ لا تَتَّقُونَ* إِنِّی لَکُمْ رَسُولٌ أَمِینٌ* فَاتَّقُوا اللّهَ وَ أَطِیعُونِ* وَ ما أَسْئَلُکُمْ عَلَیْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِیَ إِلاّ عَلی رَبِّ الْعالَمِینَ» . (1)

«کَذَّبَتْ عادٌ الْمُرْسَلِینَ* إِذْ قالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ أَ لا تَتَّقُونَ* إِنِّی لَکُمْ رَسُولٌ أَمِینٌ* فَاتَّقُوا اللّهَ وَ أَطِیعُونِ* وَ ما أَسْئَلُکُمْ عَلَیْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِیَ إِلاّ عَلی رَبِّ الْعالَمِینَ» . (2)

«کَذَّبَتْ ثَمُودُ الْمُرْسَلِینَ* إِذْ قالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ صالِحٌ أَ لا تَتَّقُونَ* إِنِّی لَکُمْ رَسُولٌ أَمِینٌ* فَاتَّقُوا اللّهَ وَ أَطِیعُونِ* وَ ما أَسْئَلُکُمْ عَلَیْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِیَ إِلاّ عَلی رَبِّ الْعالَمِینَ» . (3)

«کَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ الْمُرْسَلِینَ* إِذْ قالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَ لا تَتَّقُونَ* إِنِّی لَکُمْ رَسُولٌ أَمِینٌ* فَاتَّقُوا اللّهَ وَ أَطِیعُونِ* وَ ما أَسْئَلُکُمْ عَلَیْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِیَ إِلاّ عَلی رَبِّ الْعالَمِینَ» . (4)

«کَذَّبَ أَصْحابُ الْأَیْکَةِ الْمُرْسَلِینَ* إِذْ قالَ لَهُمْ شُعَیْبٌ أَ لا تَتَّقُونَ* إِنِّی لَکُمْ رَسُولٌ أَمِینٌ* فَاتَّقُوا اللّهَ وَ أَطِیعُونِ* وَ ما أَسْئَلُکُمْ عَلَیْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِیَ إِلاّ عَلی رَبِّ الْعالَمِینَ» . (5)

«أُولئِکَ الَّذِینَ هَدَی اللّهُ فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ قُلْ لا أَسْئَلُکُمْ عَلَیْهِ أَجْراً إِنْ هُوَ إِلاّ ذِکْری لِلْعالَمِینَ» . (6)

«قُلْ ما أَسْئَلُکُمْ عَلَیْهِ مِنْ أَجْرٍ وَ ما أَنَا مِنَ الْمُتَکَلِّفِینَ» . (7)

«قُلْ لا أَسْئَلُکُمْ عَلَیْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِی الْقُرْبی» . (8)

ص:29


1- (1) .الشعراء:105-109. [1]
2- (2) .الشعراء:123-127. [2]
3- (3) .الشعراء:141-145. [3]
4- (4) .الشعراء:160-164. [4]
5- (5) .الشعراء:176-180. [5]
6- (6) .الأنعام:90. [6]
7- (7) .ص:86.
8- (8) .الشوری:23. [7]

«قُلْ ما أَسْئَلُکُمْ عَلَیْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلاّ مَنْ شاءَ أَنْ یَتَّخِذَ إِلی رَبِّهِ سَبِیلاً» . (1)

«قُلْ ما سَأَلْتُکُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَکُمْ إِنْ أَجْرِیَ إِلاّ عَلَی اللّهِ وَ هُوَ عَلی کُلِّ شَیْءٍ شَهِیدٌ» . (2)

راجع:یونس:72،هود:29،51،المؤمنون:72،یس:21،الطور:40،القلم:46.

الحدیث

11069. رسول اللّه صلی الله علیه و آله: مَکتوبٌ فِی الکِتابِ الأَوَّلِ:یَا بنَ آدَمَ،عَلِّم مَجّاناً کَما عُلِّمتَ مَجّاناً. (3)

11070. عنه صلی الله علیه و آله: عُلَماءُ هذِهِ الاُمَّةِ رَجُلانِ:رَجُلٌ آتاهُ اللّهُ عِلماً فَبَذَلَهُ لِلنّاسِ،ولَم یَأخُذ عَلَیهِ طُعماً،ولَم یَشرِ بِهِ ثَمَناً،فَذلِکَ یَستَغفِرُ لَهُ حیتانُ البَحرِ،ودَوابُّ البَرِّ،وَالطَّیرُ فی جَوِّ السَّماءِ،ویَقدُمُ عَلَی اللّهِ سَیِّداً شَریفاً حَتّی یُرافِقَ المُرسَلینَ.

ورَجُلٌ آتاهُ اللّهُ عِلماً فَبَخِلَ بِهِ عَن عِبادِ اللّهِ،وأَخَذَ عَلَیهِ طُعماً،وشَری بِهِ ثَمَناً، فَذلِکَ یُلجَمُ یَومَ القِیامَةِ بِلِجامٍ مِن نارٍ،ویُنادی مُنادٍ:هذَا الَّذی آتاهُ اللّهُ عِلماً فَبَخِلَ بِهِ عَن عِبادِ اللّهِ،وأَخَذَ عَلَیهِ طُعماً،وَاشتَری بِهِ ثَمَناً.وکَذلِکَ حَتّی یَفرُغَ مِنَ الحِسابِ. (4)

11071. عنه صلی الله علیه و آله: إنَّ اللّهَ یُحِبُّ العَبدَ یَتَّخِذُ المِهنَةَ لِیَستَغنِیَ بِها عَنِ النّاسِ،ویُبغِضُ العَبدَ یَتَعَلَّمُ العِلمَ یَتَّخِذُهُ مِهنَةً. (5)

ص:30


1- (1) .الفرقان:57. [1]
2- (2) .سبأ:47. [2]
3- (3) .الفردوس:ج 4 ص 125 ح 6387 عن ابن مسعود،کنز العمّال:ج 10 ص 241 ح 29279.وعن أبی العالیة فی قوله تعالی:«وَ لَاتَشْتَرُوابَِایَتِی ثَمَنًا قَلِیلاً»قال:لا تأخذ علی ما عَلَّمتَ أجراً؛فإنّما أجر العلماء والحکماء والحلماء علی اللّه عز و جل وهم یجدونه مکتوباً عندهم فی التوراة:«یابن آدم عَلِّم مجّاناً کما عُلِّمتَ مجّاناً»(حلیة الأولیاء:2 ص 220، [3]الدرّ المنثور:ج 1 ص 155). [4]
4- (4) .منیة المرید:ص 136، [5]روضة الواعظین:ص 15 [6] نحوه،بحار الأنوار:ج 2 ص54 ح25؛ [7]المعجم الأوسط:ج 7 ص171 ح7187 عن ابن عبّاس،کنز العمّال:ج 10 ص 206 ح 29090.
5- (5) .ربیع الأبرار:ج 2 ص 543. [8]

11072. عنه صلی الله علیه و آله: عَلَّمَ اللّهُ عز و جل آدَمَ ألفَ حِرفَةٍ مِنَ الحِرَفِ،فَقالَ لَهُ:قُل لِوُلدِکَ وذُرِّیَّتِکَ:إن لَم تَصبِروا فَاطلُبُوا الدُّنیا بِهذِهِ الحِرَفِ،ولا تَطلُبوها بِدینٍ؛فَإِنَّ الدّینَ لی وَحدی خالِصاً،وَیلٌ لِمَن طَلَبَ بِالدّینِ الدُّنیا ! وَیلٌ لَهُ !! (1)

11073. الإمام علیّ علیه السلام: لا یَکونُ العالِمُ عالِماً حَتّی...لا یَأخُذَ عَلی عِلمِهِ شَیئاً مِن حُطامِ الدُّنیا. (2)

11074. الإمام زین العابدین علیه السلام: مَن کَتَمَ عِلماً أحَداً،أو أخَذَ عَلَیهِ أجراً رِفداً،فَلا یَنفَعُهُ أبَداً. (3)

11075. الإمام الصادق علیه السلام: مَنِ احتاجَ النّاسُ إلَیهِ لِیُفَقِّهَهُم فی دینِهِم،فَیَسأَلُهُمُ الاُجرَةَ،کانَ حَقیقاً عَلَی اللّهِ تَعالی أن یُدخِلَهُ نارَ جَهَنَّمَ. (4)

راجع:هذه الموسوعة:ج 9 ص 326 ( حقوق المبلّغ ).

ص:31


1- (1) .الفردوس:ج 3 ص 42 ح 4105 عن عطیّة بن بسر،کنز العمّال:ج 10 ص 206 ح 29091.
2- (2) .غرر الحکم:ج 6 ص 437 ح 10921، [1]عیون الحکم والمواعظ:ص 544 ح 10109.
3- (3) .حلیة الأولیاء:ج 3 ص 140 عن موسی بن أبی حبیب.
4- (4) .عوالی اللآلی:ج 4 ص 71 ح 42، [2]بحار الأنوار:ج 2 ص 78 ح 68. [3]

ص:32

بحث حول أجر التّبلیغ

اشارة

مرّ علینا فی ما سبق أنّ سیرة الأنبیاء کانت تقوم علی مبدأ عدم طلب الأجر علی تبلیغ الرسالة؛فقد أعلنوا مرّات وکرّات بأنّهم لا یتقاضون من الناس أجراً فی مقابل الجهود التی یبذلونها فی إبلاغ رسالات اللّه.وأعلن أوّل أنبیاء اولی العزم نوح علیه السلام صراحةً أنّه یقدّم هذه الخدمة للمجتمع بالمجّان.وسار علی النهج نفسه الأنبیاء الآخرون؛کهود،و صالح،ولوط،وشعیب علیهم السلام.أمّا الملاحظة الجدیرة بالتأمّل فی هذا المجال فهی أنّ رسول اللّه صلی الله علیه و آله امر من قِبل اللّه عز و جل أن یعلن للاُمّة:

«قُلْ لا أَسْئَلُکُمْ عَلَیْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِی الْقُرْبی» . (1)

ویوضّحَ بأمر اللّه الحکمة من هذا الطلب بقوله:

«قُلْ ما سَأَلْتُکُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَکُمْ» . (2)

بمعنی أنّنی لا ارید منکم شیئاً فی مقابل إبلاغ رسالة اللّه،و أنا أیضاً کسائر الأنبیاء أخدم الناس بلا أجر ولا منّة،وما اسمّیه أجراً لیس فیه ضمان لمصلحتی وإنّما هو ضمان لمصالحکم،وقصدت من هذا التعبیر العاطفی الرقیق حثّکم علی حفظه؛لکی لا تنحرفوا من بعدی عن الصراط المستقیم.

ص:33


1- (1) .الشوری:23. [1]
2- (2) .سبأ:47. [2]

وأبدی مزیداً من التوضیح بهذا الصدد قائلاً:

«قُلْ ما أَسْئَلُکُمْ عَلَیْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلاّ مَنْ شاءَ أَنْ یَتَّخِذَ إِلی رَبِّهِ سَبِیلاً» . (1)

وعلی هذا الأساس،فإنّ ما طلبه رسول الإسلام صلی الله علیه و آله کأجر علی إبلاغ الرسالة إنّما هو دعوة الناس إلی السیر علی طریق اللّه،الذی هو طریق القیم الدینیّة والتکامل المعنوی والمادّی للإنسان،والذی یتجسّد فی القیادة الربّانیّة،وأهل بیت الرسول صلی الله علیه و آله الذین هم أکمل مصادیق القادة الربّانیّین. (2)

فی ضوء هذه المقدّمة التی أوردناها فی ما یخصّ التبلیغ،تُثار التساؤلات التالیة:

1.ما هی الحکمة الکامنة وراء تأکید الأنبیاء:علی عدم قبول أجرٍ لقاء إبلاغ الرسالة؟وفی ضوء ما مرّ علینا من سیرة الأنبیاء علیهم السلام،هل یمکن للمبلّغین-الذین هم ورثتهم-أن یطلبوا من الناس أجراً لقاء التبلیغ؟

2.ما حکم أخذ الأجر علی التبلیغ من دون طلبه؟

3.مع افتراض کون التبلیغ مجّانیاً،فکیف یمکن توفیر الحاجات الاقتصادیّة للمبلّغ؟

أ-الانعکاسات السلبیّة لطلب الأجر علی التبلیغ

اشارة

لغرض تقدیم إجابة علی السؤال الأوّل،وفهم الحکمة الکامنة وراء تأکید الأنبیاء علی مجّانیّة التبلیغ،یکفی أن نلقی نظرة علی الانعکاسات السلبیّة لطلب الأجر فی مقابل التبلیغ:

ص:34


1- (1) .الفرقان:57. [1]
2- (2) .راجع:هذه الموسوعة:ج 6 ص 380 (عناوین حقوقهم ) و القیادة فی الإسلام:( القسم الثانی:موقع القیادة/سبیل اللّه عز و جل ).
1.زوال الإخلاص

أوّل رکن أخلاقی لتبلیغ الدین هو الإخلاص،و هذا الرکن یتزعزع بسبب طلب الأجر فی مقابل التبلیغ،ویصبح المبلّغ مصداقاً لمن یصفهم الإمام علیّ علیه السلام بقوله:

یَطلُبُ الدُّنیا بِعَمَلِ الآخِرَةَ،ولا یَطلُبُ الآخِرَةَ بِعَمَلِ الدُّنیا. (1)

وهکذا،فإنّ من کان یستطیع تحویل شؤونه الدنیویّة إلی عمل اخروی ضمن دوافع إلهیّة خالصة (2)،فعندئذٍ یمکنه أن یجعل طلب الأجر علی التبلیغ-الذی یعتبر أمراً إلهیّاً ومعنویّاً-کوسیلة لکسب العیش وتأمین حیاته المعاشیّة،أو طلبِ الدنیا حسب تعبیر الإمام علیّ علیه السلام.

وفی هذا المجال روی عن الإمام الصادق علیه السلام أنّه قال:

مَنِ احتاجَ النّاسُ إلَیهِ لِیُفَقِّهَهُم فی دینهِم،فَیَسأَلُهُم الاُجرَةَ،کانَ حَقیقاً عَلَی اللّهِ أن یُدخِلَهُ نارَ جَهَنَّمَ. (3)

2.انخفاض تأثیر التبلیغ

عندما یتزعزع رکن الإخلاص یتناقص تلقائیّاً تأثیر التبلیغ فی حیاة الآخرین، حتّی یصل أحیاناً إلی حدّ الصفر،بل قد تنعکس عنه أحیاناً نتائج سلبیّة؛وذلک لأنّ الناس یحقّ لهم عندئذٍ النظر بعین التهمة إلی کلّ من یتّخذ دین اللّه کوسیلة لضمان حیاته المادّیّة،وألّا یعتبروه ناصحاً مخلصاً لهم،کما قال عیسی علیه السلام فی هذا المعنی:

ص:35


1- (1) .نهج البلاغة:الخطبة 32، [1]بحار الأنوار:ج 78 ص 5 ح 54؛ [2]مطالب السوؤل:ص 149. [3]
2- (2) .راجع:هذه الموسوعة،عنوان (النیّة) باب (الحثّ علی النیّة فی کلّ شیء ).
3- (3) .عوالی اللآلی:ج 4 ص 71 ح 42، [4]بحار الأنوار:ج 2 ص 78 ح 68. [5]

الدّینارُ داءُ الدّینِ،وَالعالِمُ طَبیبُ الدّینِ؛فَإِذا رَأَیتُمُ الطَّبیبَ یَجُرُّ الدّاءَ إلی نَفسِهِ فَاتَّهِموهُ،وَاعلَموا أنَّهُ غَیرُ ناصِحٍ لِغَیرِهِ. (1)

3.تحریف القیم الدینیّة

إنّ أجسم الأضرار التی تنجم عن تبلیغ الدین لقاء الأجر هو تحریف القیم الدینیّة.

فعندما ینزَّل التبلیغ علی شکل سلعة،یمیل المبلّغ إلی أخذ رغبة المخاطب بنظر الاعتبار بدلاً من النظر إلی حاجته.ومن هنا یجد نفسه مضطرّاً إلی عرض سلعته وفقاً لرغبة المخاطب،وهکذا فقد یری من الضرورة أحیاناً تحریف القیم الدینیّة فی سبیل نیل أغراضه الدنیویّة.

ویعزو القرآن الکریم تحریفَ الکتب السماویّة السابقة إلی هذه الظاهرة الخطیرة؛ و ذلک لأنّ جماعة من المبلّغین وقادة الأدیان حرّفوا الحقائق الدینیّة نزولاً عند رغبة أصحاب السلطة والمال لقاء ثمن بخسٍ. (2)

ب-أخذ الأجر علی التبلیغ من دون طلبه

اشارة

إنّ الانعکاسات السلبیّة-التی سبقت الإشارة إلیها-تظهر فی الوقت الذی یتصرّف المبلّغ تصرّفاً یعاکس تماماً ما کان یتصرّفه الأنبیاء؛و ذلک أنّ الأنبیاء کانوا یقولون:

إنّنا لا نرید أجراً علی التبلیغ،أمّا هو فیقول:اُرید أجراً علیه،ویتعامل بدین اللّه کسلعة.لکن فی صورة ما إذا لم یطلب المبلّغ أجراً وبادر الناس إلی تقدیم الأجر له من تلقاء أنفسهم لأجل تأمین شؤونه المعاشیّة،فلا مانع عندئذٍ من قبوله.وقد روی فی هذا المجال عن الإمام الصادق علیه السلام أنّه قال:

ص:36


1- (1) .الخصال:ص 113 ح 91 عن الأصبغ بن نباته عن الإمام علیّ علیه السلام،روضة الواعظین:ص 468، [1]بحار الأنوار:ج 2 ص 107 ح 5. [2]
2- (2) .راجع:البقرة:41.

المُعَلِّمُ لا یُعَلِّمُ بِالأَجرِ،وَیَقبَلُ الهَدِیَّةَ إذا اهدِیَ إلَیهِ. (1)

وروی حمزة بن حمران أیضاً،قال:سمعت الإمام الصادق علیه السلام یقول:

مَنِ استَأکَلَ بِعِلمِهِ افتَقَرَ.فَقُلتُ لَهُ:جُعِلتُ فِداکَ ! إنَّ فی شیعَتِکَ ومَوالیکَ قَوماً یَتَحَمَّلونَ عُلومَکُم ویَبُثّونَها فی شیعَتِکُم،فَلا یَعدَمونَ عَلی ذلِکَ مِنهُمُ البِرَّ والصِّلَةَ وَالإِکرامَ.فقال:لَیسَ اولئِکَ بِمُستَأکِلینَ. (2)

الملاحظة الجدیرة بالاهتمام فی هذا المجال هی أنّ أخذ الأجر علی التبلیغ من غیر طلبه وإن لم یکن فیه بأس،ولایتعارض مع بعض مراتب الإخلاص، بید أنّ ترکه أولی؛إذ أنّ الأنبیاء والأولیاء الکمّل کانوا یتجنّبون استلام أیّ نوع من الأجر،ولم یکونوا یقبلون أخذ أیّ أجر،لیس فی مقابل التبلیغ فحسب،بل فی مقابل أیّ عمل اخروی آخر کانوا یؤدّونه للّه،حتّی فی أشدّ الظروف المعیشیّة قسوةً.وقد رویت فی هذا المجال قصّة شائقة جدّاً عن النبیّ موسی علیه السلام،نوردها فی ما یأتی.

قصّة تعکس إخلاص موسی علیه السلام

قبل أن یُبعث موسی علیه السلام نبیّاً،فرَّ من الفراعنة،وبعد مصاعب جمّة وصل إلی «مدین»،وهی مدینة النبیّ شعیب علیه السلام.وکان علی مقربة من تلک المدینة بئر اجتمع عنده الرعاة لیسقوا أغنامهم من الماء.وکان بجانب هؤلاء الرعاة بنتان جاءتا تستسقیان الماء لأغنامهما،إلّاأنّ شدّة الزحام حال دون تقرّبهما من البئر والاستسقاء منه.وعندما شاهد موسی علیه السلام ذلک شعر أنّ البنتین بحاجة إلی العون،

ص:37


1- (1) .تهذیب الأحکام:ج 6 ص 365 ح 1047،الاستبصار:ج 3 ص 66 ح 218 کلاهما عن جرّاح المدائنی،وسائل الشیعة:ج 12 ص 113 ح 22228. [1]
2- (2) .راجع:هذه الموسوعة:ج 9 ص 327 ح 10645. [2]

فبادر إلی مساعدتهما وسقی أغنامهما،ثمّ غادرت البنتان المکان برفقة الأغنام.

وکان موسی آنذاک یتضوّر من شدّة الجوع،فرفع یدیه بالدعاء وقال:

«رَبِّ إِنِّی لِما أَنْزَلْتَ إِلَیَّ مِنْ خَیْرٍ فَقِیرٌ» . (1)

وفی هذا الخصوص یقول الإمام علیّ علیه السلام:

وَاللّهِ ما سَأَلَهُ إلّاخُبزاً یَأکُلُهُ !.... (2)

فی تلک الأثناء رجعت إلیه إحدی البنتین و قالت له:

«...إِنَّ أَبِی یَدْعُوکَ لِیَجْزِیَکَ أَجْرَ ما سَقَیْتَ لَنا...» . (3)

فذهب معها موسی علیه السلام إلی دارهم،وعرف أنّ البنتین اللّتین کانتا هناک هما ابنتا النبیّ شعیب علیه السلام،وصادف دخول موسی دار شعیب وقت العشاء،وکان الطعام معدّاً، فدعا شعیب الشابَّ القادم إلی الطعام قائلاً:

یا شابُّ ! اجلِس فَتَعَشَّ.

إلّا أنّ موسی ظلّ واقفاً ولم یجلس إلی المائدة،وقال ردّاً علی دعوة شعیب:

أعوذُ بِاللّهِ !

تعجّب شعیب من ذلک الموقف وقال:

ولِمَ ذلِکَ؟ألَستَ بِجائِعٍ؟!

فَقالَ موسی علیه السلام:

بَلی،ولکِن أخافُ أن یَکونَ هذا عِوَضاً لِما سَقیتُ لَهُما؛وإنّا أهلُ بَیتٍ لا نَبیعُ شَیئاً مِن عَمَلِ الآخِرَةِ بِمِلءِ الأَرضِ ذَهَباً !

ص:38


1- (1) .القصص:24. [1]
2- (2) .نهج البلاغة:الخطبة 160، [2]تفسیر القمی:ج 2 ص 138، [3]مجمع البیان:ج 7 ص 387،بحار الأنوار:ج 13 ص 50 ح 20. [4]
3- (3) .القصص:25. [5]

فقال له شعیب:

لا وَاللّهِ یا شابُّ،ولکِنَّها عادَتی وعادَةُ آبائی؛نُقرِی الضَّیفَ ونُطعِمُ الطَّعامَ.

فجلس موسی یأکل. (1)

ج-سبل تأمین الحاجات الاقتصادیّة للمبلّغ

اشارة

إذا کان أخذ الأجر علی التبلیغ مذموماً فی الإسلام علی کلّ الأحوال،فلابدّ أن یتبادر إلی الذهن السؤال التالی:عن أیّ طریق یمکن تأمین الحاجات المعاشیّة للمبلّغ؟

1.الکسب إلی جانب التبلیغ

قبل حوالی نصف قرن مضی،کان هناک جماعة من أدعیاء الثقافة والوعی تتصوّر أنّ التبلیغ لیس عملاً أساساً،ویجب علی المبلّغ أن یمارس عملاً آخر إلی جانب تبلیغ الدین وإشاعة القیم الدینیّة ودعوة الناس إلی الصلاح.فکانوا یقولون:إنّ علماء الدین إذا کانوا یمارسون إلی جانب التبلیغ عملاً آخر لکسب الرزق بحیث یستغنون عن الحاجة إلی الناس،یمکنهم تقدیم الإسلام إلی الناس علی حقیقته دون الوقوع تحت تأثیر من یوفّرون لهم حاجاتهم الاقتصادیّة.

إنّ حاجة علماء الدین المباشرة للناس وإن کان لها نتائج ضارّة سبقت الإشارة إلیها،إلّاأنّ اسلوب الحلّ المقترح أعلاه غیر صحیح أیضاً،وهو إنّما یُطرح- حسب تعبیر الإمام الخمینی قدس سره-من قبل المناهضین للإسلام ولعلماء الدین.وإنّما التبلیغ عمل کأیّ عمل آخر.وفی الوقت الحاضر لا یمکن أن یتخصّص أحد فی فروع العلوم الإسلامیّة ویمارس إلی جانبه عملاً آخر لکسب الرزق.

ص:39


1- (1) .راجع:هذه الموسوعة:عنوان (اخلاص) باب ( إخلاص موسی )،بحارالأنوار:ج 13 ص 21. [1]
2.تأمین الحاجات الاقتصادیّة للمبلّغ من قبل الحکومة

عندما یُتاح للنظام الإسلامی تطبیق أحکام الإسلام النیّرة علی نحوٍ کامل،ویصبح بیت المال تحت تصرّف الدولة الإسلامیّة من جهة،وعدم الحاجة إلی إشراف الحوزات العلمیّة والزعماء الدینیّین علی الأجهزة التنفیذیّة والتشریعیّة والقضائیّة من جهة اخری،فلعلّ أفضل طریق لتوفیر الحاجات الاقتصادیّة لعلماء الدین،ومنهم المبلّغون،هو الدولة الإسلامیّة.بید أنّ مثل هذه الظروف لا تتحقّق إلّافی عصر حکومة الإمام المهدی (عجل اللّه تعالی فرجه).

أمّا فی ظلّ الظروف الحالیّة،فیبدو الاستقلال الاقتصادی لعلماء الدین أمراً ضروریّاً،وعدم استقلال علماء الدین یعنی اتّباعهم لسیاسة الحکومات وانقیادهم لها،فی حین أنّهم یجب أن یکونوا مرشدین وموجّهین لولاة الاُمور.

3.الإدارة الاقتصادیّة الذاتیّة

الطریق الثالث لتأمین الحاجات الاقتصادیّة للمبلّغین هو الإدارة الاقتصادیّة الذاتیّة لشریحة علماء الدین؛أی أن یتولّی مدراء الحوزات العلمیّة تنظیم المیزانیّة الخاصّة لدراسة وتبلیغ العلوم الدینیّة علی نحو یوفّر معیشة متوسّطة وکریمة لجمیع الدارسین والباحثین والمبلّغین.ولا أشکّ فی أنّه مع وجود إدارة صحیحة للأموال الموجودة حالیّاً تحت تصرّف علماء الدین-الواردة عن طریق الخمس والزکاة والهدایا وغیر ذلک-فإنّ الحاجات الاقتصادیّة لجمیع المنتسبین لهذا القطاع ستکون مؤمّنة بکلّ سهولة.

4.تقویة الجانب المعنوی

إنّ البعض قد تأخذه الدهشة عندما یسمع بأنّ تقویة الجانب المعنوی تمثّل أحد

ص:40

السبل لتأمین الحاجات الاقتصادیّة؛إلّاأنّ العقل والنقل،والروایة والدرایة،تؤیّد هذا الادّعاء.

وقبل تقدیم أیّ توضیح فی هذا المعنی لابدّ من الإشارة-فی ما یخصّ نفقات علماء الدین-إلی أنّ قسماً من هذا الواجب یقع علی عاتق مدراء المراکز الدینیّة والإعلامیّة،ویقع قسم منه أیضاً علی عاتق المتصدّین لإرشاد الناس وهدایتهم.أمّا واجب مدراء المراکز الدینیّة-کما سبقت الإشارة إلیه فی السبیل الثالث-فهی تنظیم النفقات التی جعلها الإسلام لهذا الأمر،أمّا ما نحن بصدد بیانه فی السبیل الرابع فیخصّ واجب المبلّغ نفسه،و هذا الواجب لا یتعارض مع واجب مدراء المراکز الدینیّة،بل یعتبر مکمّلاً له.

ضمان الرزق من اللّه عز و جل

صرّحت روایات عدیدة أنّ الباری تعالی،علاوةً علی ما تکفّل به من رزق کلّ إنسان وکلّ دابّة (1)،فإنّه قد أولی عنایة خاصّة بضمان رزق أصحاب العلم ومن نذروا حیاتهم لإرشاد الناس وهدایتهم.

وقد ورد عن رسول اللّه صلی الله علیه و آله أنّه قال فی هذا المجال:

إنَّ اللّهَ تَعالی قَد تَکَفَّلَ لِطالِبِ العِلمِ بِرزقِهِ خاصَّةً عَمّا ضَمِنَهُ لِغَیرِهِ. (2)

مَن تَفَقَّهَ فی دینِ اللّهِ کَفاهُ اللّهُ هَمَّهُ ورَزَقَهُ مِن حَیثُ لا یَحتَسِبُ. (3)

ص:41


1- (1) .«وَ مَا مِن دَآبَّةٍ فِی الْأَرْضِ إِلَّا عَلَی اللَّهِ رِزْقُهَا»(هود:6). [1]
2- (2) .منیة المرید:ص 160، [2]الأنوار النعمانیّة:ج 3 ص 341. [3]
3- (3) .جامع بیان العلم:ج 1 ص 45 عن عبداللّه بن الحرث بن جزء،تاریخ بغداد:ج 3 ص 32 الرقم 956 [4] نحوه،کنز العمّال:ج 10 ص 165 ح 28855،وراجع:العلم والحکمة فی الکتاب والسنّة:فضل التعلم/تکفل الرزق.

وفی الحقیقة أنّ هذه الأحادیث أتت مفسّرة لآیات قرآنیة کریمة جاء فیها:

«مَنْ یَتَّقِ اللّهَ یَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً* وَ یَرْزُقْهُ مِنْ حَیْثُ لا یَحْتَسِبُ وَ مَنْ یَتَوَکَّلْ عَلَی اللّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ» . (1)

ولا شکّ أنّ أحد المصادیق البارزة للتقوی والتوکّل هو التفقّه فی الدین فی سبیل اللّه وفی سبیل خدمة الخلق.

إنّ من یعمل فی سبیل تقویة الجانب المعنوی فی ذاته،وینطلق للدراسة والبحث وإرشاد الناس برأسمال التقوی والتوکّل،فقد ضمن له اللّه أن یأتیه برزقه من حیث لا یحتسب.والتجربة القطعیّة لحملة العلم تؤیّد الحقیقة التی صرّح بها القرآن الکریم والأحادیث الشریفة.

ص:42


1- (1) .الطلاق:2 و 3. [1]

الفصل الثّامن:آثار التّبلیغ العملی

1/8 أثَرُ الرَّحمَةِ بِالصِّبیانِ

11076. المناقب لابن شهرآشوب عن اللّیث بن سعد: إنَّ النَّبِیَّ کانَ یُصَلّی یَوماً فی فِئَةٍ وَالحُسَینُ صَغیرٌ بِالقُربِ مِنهُ،وکانَ النَّبِیُّ إذا سَجَدَ جاءَ الحُسَینُ فَرَکِبَ ظَهرَهُ،ثُمَّ حَرَّکَ رِجلَیهِ وقالَ:حِل حِل،وإذا أرادَ رَسولُ اللّهِ أن یَرفَعَ رَأسَهُ أخَذَهُ فَوَضَعَهُ إلی جانِبِهِ،فَإِذا سَجَدَ عادَ عَلی ظَهرِهِ وقالَ:حِل حِل،فَلَم یَزَل یَفعَلُ ذلِکَ حَتّی فَرَغَ النَّبِیُّ مِن صَلاتِهِ.فَقالَ یَهودِیٌّ:یا مُحَمَّدُ،إنَّکُم لَتَفعَلونَ بِالصِّبیانِ شَیئاً ما نَفعَلُهُ نَحنُ ! فَقالَ النَّبِیُّ:أمَا لَو کُنتُم تُؤمِنونَ بِاللّهِ وبِرَسولِهِ لَرَحِمتُمُ الصِّبیانَ.قالَ:فَإِنّی اومِنُ بِاللّهِ وبِرَسولِهِ-فَأَسلَمَ لَمّا رَأی کَرَمَهُ مِن عِظَمِ قَدرِهِ. (1)

2/8 أثَرُ حُسنِ الصُّحبَةِ

11077. الإمام الصادق عن آبائه علیهم السلام: إنَّ أمیرَ المُؤمِنینَ علیه السلام صاحَبَ رَجُلاً ذِمِّیّاً،فَقالَ لَهُ الذِّمِّیُّ:

ص:43


1- (1) .المناقب لابن شهرآشوب:ج 4 ص 71، [1]شرح الأخبار:ج 3 ص 86 ح 1013،بحارالأنوار:ج 43 ص 296 ح 57. [2]

أینَ تُریدُ یا عَبدَ اللّهِ؟فَقالَ:اُریدُ الکوفَةَ.

فَلَمّا عَدَلَ الطَّریقُ بِالذِّمِّیِّ عَدَلَ مَعَهُ أمیرُ المُؤمِنینَ علیه السلام،فَقالَ لَهُ الذِّمِّیُّ:ألَستَ زَعَمتَ أنَّکَ تُریدُ الکوفَةَ؟! فَقالَ لَهُ:بَلی.

فَقالَ لَهُ الذِّمِّیُّ:فَقَد تَرَکتَ الطَّریقَ ! فَقالَ لَهُ:قَد عَلِمتُ.

قالَ:فَلِمَ عَدَلتَ مَعی وقَد عَلِمتَ ذلِکَ؟! فَقالَ لَهُ أمیرُ المُؤمِنینَ علیه السلام:هذا مِن تَمامِ حُسنِ الصُّحبَةِ؛أن یُشَیِّعَ الرَّجُلُ صاحِبَهُ هُنَیئَةً إذا فارَقَهُ،وکَذلِکَ أمَرَنا نَبِیُّنا صلی الله علیه و آله.

فَقالَ لَهُ الذِّمِّیُّ:هکَذا قالَ؟! قالَ:نَعَم.

قالَ الذِّمِّیُّ:لا جَرَمَ،إنَّما تَبِعَهُ مَن تَبِعَهُ لِأَفعالِهِ الکَریمَةِ،فَأَنَا اشهِدُکَ أنّی عَلی دینِکَ.ورَجَعَ الذِّمِّیُّ مَعَ أمیرِ المُؤمِنینَ علیه السلام،فَلَمّا عَرَفَهُ أسلَمَ. (1)

3/8 أثَرُ الإِحسانِ إلَی الشّاتِمِ

11078. المناقب لابن شهرآشوب عن المبرّد وابن عائشة: إنَّ شامِیّاً رَآهُ [أیِ الإِمامَ الحَسَنَ علیه السلام ] راکِباً،فَجَعَلَ یَلعَنُهُ وَالحَسَنُ لا یَرُدُّ.فَلَمّا فَرَغَ،أقبَلَ الحَسَنُ علیه السلام فَسَلَّمَ عَلَیهِ وضَحِکَ،وقالَ:أیُّهَا الشَّیخُ،أظُنُّکَ غَریباً،ولَعَلَّکَ شَبَّهتَ؛فَلَوِ استَعتَبتَنا أعتَبناکَ،ولَو سَأَلتَنا أعطَیناکَ،ولَوِ استَرشَدتَنا أرشَدناکَ،ولَوِ استَحمَلتَنا حَمَلناکَ، وإن کُنتَ جائِعاً أشبَعناکَ،وإن کنُتَ عُریاناً کَسَوناکَ،وإن کُنتَ مُحتاجاً أغنَیناکَ،وإن کُنتَ طَریداً آوَیناکَ،وإن کانَ لَکَ حاجَةٌ قَضَیناها لَکَ،فَلَو حَرَّکتَ رَحلَکَ إلَینا وکُنتَ ضَیفَنا إلی وَقتِ ارتِحالِکَ کانَ أعوَدَ عَلَیکَ؛لِأَنَّ لَنا مَوضِعاً رَحباً وجاهاً عَریضاً ومالاً کَبیراً.

ص:44


1- (1) .الکافی:ج 2 ص 670 ح 5، [1]قرب الإسناد:ص 10 ح 33 [2] کلاهما عن مسعدة بن صدقة،بحار الأنوار:ج 74 ص 157 ص 4. [3]

فَلَمّا سَمِعَ الرَّجُلُ کَلامَهُ بَکی،ثُمَّ قالَ:أشهَدُ أنَّکَ خَلیفَةُ اللّهِ فی أرضِهِ،اللّهُ أعلَمُ حَیثُ یَجعَلُ رِسالاتِهِ،وکُنتَ أنتَ وأَبوکَ أبغَضَ خَلقِ اللّهِ إلَیَّ،وَالآنَ أنتَ أحَبُّ خَلقِ اللّهِ إلَیَّ.وحَوَّلَ رَحلَهُ إلَیهِ،وکانَ ضَیفَهُ إلی أنِ ارتَحَلَ،وصارَ مُعتَقِداً لِمَحَبَّتِهِم. (1)

11079. المناقب لابن شهرآشوب: قالَ لَهُ [ أیِ الإِمامِ الباقِرِ علیه السلام ] نَصرانِیٌّ:أنتَ بَقَرٌ ! قالَ:أنَا باقِرٌ.قالَ:أنتَ ابنُ الطَّبّاخَةِ ! قالَ:ذاکَ حِرفَتُها.قالَ:أنتَ ابنُ السَّوداءِ الزِّنجِیَّةِ البَذِیَّةِ ! قالَ:إن کُنتَ صَدَقتَ غَفَرَ اللّهُ لَها،وإن کُنتَ کَذَبتَ غَفَرَ اللّهُ لَکَ.قالَ:فَأَسلَمَ النَّصرانِیُّ. (2)

4/8 أثَرُ التَّعلیمِ غَیرِ المُباشِرِ

11080. المناقب لابن شهرآشوب عن الرّؤیانیّ: إنَّ الحَسَنَ وَالحُسَینَ مَرّا عَلی شَیخٍ یَتَوَضَّأُ ولا یُحسِنُ،فَأَخَذا بِالتَّنازُعِ؛یَقولُ کُلُّ واحِدٍ مِنهُما:أنتَ لا تُحسِنُ الوُضوءَ.فَقالا:

أیُّهَا الشَّیخُ،کُن حَکَماً بَینَنا؛یَتَوَضَّأُ کُلُّ واحِدٍ مِنّا سَوِیَّةً.ثُمَّ قالا:أیُّنا یُحسِنُ؟قالَ:

کِلاکُما تُحسِنانِ الوُضوءَ،ولکِن هذَا الشَّیخُ الجاهِلُ هُوَ الَّذی لَم یَکُن یُحسِنُ،وقَد تَعَلَّمَ الآنَ مِنکُما،وتابَ عَلی یَدَیکُما بِبَرَکَتِکُما وشَفَقَتِکُما عَلی امَّةِ جَدِّکُما. (3)

5/8 أثَرُ سَعَةِ الصَّدرِ فِی الحِوارِ

11081. المحتضر عن عبد العزیز بن یحیی الجلودیّ فی کِتابِ الخُطَبِ لِأَمیرِ المُؤمِنینَ

ص:45


1- (1) .المناقب لابن شهرآشوب:ج 4 ص 19، [1]بحار الأنوار:ج 43 ص 344 ح 16. [2]
2- (2) .المناقب لابن شهرآشوب:ج 4 ص 207، [3]بحار الأنوار:ج 46 ص 289 ح 12. [4]
3- (3) .المناقب لابن شهرآشوب:ج 3 ص 400، [5]بحار الأنوار:ج 43 ص 319 ح 2. [6]

صَلَواتُ اللّهِ عَلَیهِ:خَطَبَ أمیرُ المُؤمِنینَ علیه السلام فَقالَ:سَلونی؛فَإِنّی لا اسأَلُ عَن شَیءٍ دونَ العَرشِ إلّاأجَبتُ فیهِ،کَلِمَةً لا یَقولُها بَعدی إلّاجاهِلٌ مُدَّعٍ أو کَذّابٌ مُفتَرٍ.

فَقامَ رَجُلٌ مِن جانِبِ مَسجِدِهِ فی عُنُقِهِ کِتابٌ کَأَنَّهُ مُصحَفٌ-وهُوَ رَجُلٌ آدَمُ ضَربٌ،طُوالٌ (1)،جَعدُ الشَّعرِ،کَأَنَّهُ مِن مُهَوَّدَةِ العَرَبِ-وقالَ رافِعاً صَوتَهُ:أیُّهَا المُدَّعی ما لا یَعلَمُ وَالمُقَلِّدُ ما لا یَفهَمُ ! أنَا سائِلٌ فَأَجِب.فَوَثَبَ بِهِ أصحابُ عَلِیٍّ وشِیعَتُهُ مِن کُلِّ ناحِیَةٍ وهَمّوا بِهِ،فَنَهاهُم علیه السلام وقالَ لَهُم:دَعوهُ ولا تَعجَلوهُ؛فَإِنَّ الطَّیشَ لا تَقومُ بِهِ حُجَجُ اللّهِ،ولا تَظهَرُ بِهِ بَراهینُ اللّهِ.

ثُمَّ التَفَتَ إلَی الرَّجُلِ وقالَ:سَل بِکُلِّ لِسانِکَ وما فی جَوانِحِکَ،فَإِنّی مُجیبٌ؛إنَّ اللّهَ تَعالی لا تَعتَلِجُ عَلَیهِ الشُّکوکُ،ولا یَهیجُهُ وَسَنٌ.

فَقالَ الرَّجُلُ:کَم بَینَ المَشرِقِ وَالمَغرِبِ؟فَقالَ علیه السلام:مَسافَةُ الهَواءِ.قالَ:وما مَسافَةُ الهَواءِ؟فَقالَ:دَوَرانُ الفَلَکِ.قالَ:وما قَدرُ دَوَرانِ الفَلَکِ؟فَقالَ:مَسیرَةُ یَومٍ لِلشَّمسِ.قالَ:صَدَقتَ،فَمَتَی القِیامَةُ؟فَقالَ علیه السلام:عِندَ حُضورِ المَنِیَّةِ وبُلوغِ الأَجَلِ.

قالَ:صَدَقتَ،فَکَم عُمرُ الدُّنیا؟فَقالَ علیه السلام:یُقالُ:سَبعَةُ آلافٍ ثُمَّ لا تَحدیدَ.قالَ:

صَدَقتَ،فَأَینَ بَکَّةُ مِن مَکَّةَ؟قالَ علیه السلام:بَکَّةُ مَوضِعُ البَیتِ،ومَکَّةُ أکنافُ الحَرَمِ.قالَ:

فَلِمَ سُمِّیَت مَکَّةُ مَکَّةَ؟قالَ علیه السلام:لِأَنَّ اللّهَ تَعالی مَکَّ الأَرضَ مِن تَحتِها.قالَ:صَدَقتَ، فَلِمَ سُمِّیَت تِلکَ بَکَّةَ؟فَقالَ:لِأَنَّها بَکَّت رِقابَ الجَبّارینَ وعُیونَ المُذنِبینَ.قالَ:

صَدَقتَ،وأَینَ کانَ اللّهُ قَبلَ أن یَخلُقَ عَرشَهُ؟فَقالَ:سُبحانَ مَن لا یُدرِکُ کُنهَ صِفَتِهِ

ص:46


1- (1) .الآدَمُ من الناس:الأسمر.والضَّرْب:الرجُل الخفیف اللحم.والطُّوال-بالضمّ-:الطویل (الصحاح:ج 5 ص 1859« [1]أدم»وج 1 ص 168«ضرب»وج 5 ص 1754«طول»).

حَمَلَةُ عَرشِهِ عَلی قُربِ زُمَرِهِم مِن کُرسِیِّ کَرامَتِهِ،ولَا المَلائِکَةُ المُقَرَّبونَ مِن أنوارِ سُبُحاتِ جَلالِهِ.وَیحَکَ ! لا یُقالُ لَهُ أینَ،ولا ثَمَّ،ولا فیمَ،ولا لِمَ،ولا أنّی،ولا حَیثُ،ولا کَیفَ.قالَ:صَدَقتَ،فَکَم مِقدارُ ما لَبِثَ اللّهُ (1)عَرشُهُ عَلَی الماءِ مِن قَبلِ أن یَخلُقَ الأَرضَ وَالسَّماءَ؟قالَ:أتُحسِنُ أن تَحسِبَ؟قالَ:نَعَم.قالَ:لَعَلَّکَ لا تُحسِنُ ! قالَ:لا،بَل إنّی لَاُحسِنُ الحِسابَ !

فَقالَ علیه السلام:أرَأیتَ لَو صُبَّ خَردَلٌ فِی الأَرضِ حَتّی سُدَّ الهَواءُ وما بَینَ الأَرضِ وَالسَّماءِ،ثُمَّ اذِنَ لِمِثلِکَ أن تَنقُلَهُ عَلی ضَعفِکَ حَبَّةً حَبَّةً مِنَ المَشرِقِ إلَی المَغرِبِ،ثُمَّ مُدَّ فی عُمرِکَ واُعطیتَ القُوَّةَ عَلی ذلِکَ حَتّی تَنقُلَهُ،وأَحصَیتَهُ،لَکانَ ذلِکَ أیسَرَ مِن إحصاءِ عَدَدِ أعوامِ ما لَبِثَ عَرشُهُ عَلی الماءِ مِن قَبلِ أن یَخلُقَ الأَرضَ وَالسَّماءَ، وإنَّما وَصَفتُ لَکَ بَعضَ عُشرِ عَشیرِ العَشیرِ مِن جُزءِ مِائَةِ ألفِ جُزءٍ،وأَستَغفِرُ اللّهَ مِنَ التَّقلیلِ فِی التَّحدیدِ.

قالَ:فَحَرَّکَ الرَّجُلُ رَأسَهُ وقالَ:أشهَدُ أن لا إلهَ إلَّااللّهُ،وأَشهَدُ أنَّ مُحَمَّداً رَسولُ اللّهِ. (2)

11082. التّوحید عن علیّ بن منصور: قالَ لی هِشامُ بنُ الحَکَمِ:کانَ زِندیقٌ بِمِصرَ یَبلُغُهُ عَن أبی عَبدِ اللّهِ علیه السلام عِلمٌ،فَخَرَجَ إلَی المَدینَةِ لِیُناظِرَهُ فَلَم یُصادِفهُ بِها،فَقیلَ لَهُ:هُوَ بِمَکَّةَ.

فَخَرَجَ الزِّندیقُ إلی مَکَّةَ ونَحنُ مَعَ أبی عَبدِ اللّهِ علیه السلام،فَقارَبَنَا الزِّندیقُ-ونَحنُ مَعَ أبی

ص:47


1- (1) .کذا فی الطبعة المعتمدة وبحار الأنوار [1]نقلاً عن المصدر،وفی إرشاد القلوب« [2]ما لبث عرشه»،وهوالصحیح،ویؤیده انصباب جواب الإمام علیه السلام بعد قلیل علی ذکر العرش.
2- (2) .المحتضر:ص 88، [3]إرشاد القلوب:ص 377 نحوه وفیه«وأنشأ بعدُ یقول:أنت أصیل العلم یا ذا الهدی...»بدل«وشهد أن لا إله إلّااللّه»،بحارالأنوار:ج 57 ص 231 ح 183. [4]

عَبدِ اللّهِ علیه السلام فِی الطَّوافِ-فَضَرَبَ کَتِفُهُ کَتِفَ أبی عَبدِ اللّهِ علیه السلام.

فَقالَ لَهُ أبو عَبدِ اللّهِ جَعفرٌ علیه السلام:مَا اسمُکَ؟قالَ:اِسمی عَبدُ المَلِکِ.قالَ:فَما کُنیَتُکَ؟قالَ:أبو عَبدِ اللّهِ.قالَ:فَمَنِ المَلِکُ الَّذی أنتَ لَهُ عَبدٌ؛أمِن مُلوکِ السَّماءِ أم مِن مُلوکِ الأَرضِ؟وأَخبِرنی عَنِ ابنِکَ؛أعَبدُ إلهِ السَّماءِ أم عَبدُ إلهِ الأَرضِ؟ فَسَکَتَ.فَقالَ أبو عَبدِ اللّهِ علیه السلام:قُل ما شِئتَ تُخصَمُ.

قالَ هِشامُ بنُ الحَکَمِ:قُلتُ لِلزِّندیقِ:أما تَرُدُّ عَلَیهِ؟فَقَبَّحَ قَولی.فَقالَ لَهُ أبو عَبدِ اللّهِ علیه السلام:إذا فَرَغتُ مِنَ الطَّوافِ فَأتِنا.

فَلَمّا فَرَغَ أبو عَبدِ اللّهِ علیه السلام أتاهُ الزِّندیقُ،فَقَعَدَ بَینَ یَدَیهِ ونَحنُ مُجتَمِعونَ عِندَهُ،فَقالَ لِلزِّندیقِ:أتَعلَمُ أنَّ لِلأَرضِ تَحتاً وفَوقاً؟قالَ:نَعَم.قالَ:فَدَخَلتَ تَحتَها؟قالَ:لا.

قالَ:فَما یُدریکَ بِما تَحتَها؟قالَ:لا أدری،إلّاأنّی أظُنُّ أن لَیسَ تَحتَها شَیءٌ.قالَ أبو عَبدِ اللّهِ علیه السلام:فَالظَّنُّ عَجزٌ ما لَم تَستَیقِن.

قالَ أبو عَبدِ اللّهِ:فَصَعِدتَ السَّماءَ؟قالَ:لا.قالَ:فَتَدری ما فیها؟قالَ:لا.قالَ:

فَأَتَیتَ المَشرِقَ وَالمَغرِبَ فَنَظَرتَ ما خَلفَهُما؟قالَ:لا.قالَ:فَعَجَباً لَکَ ! لَم تَبلُغِ المَشرِقَ،ولَم تَبلُغِ المَغرِبَ،ولَم تَنزِل تَحتَ الأَرضِ،ولَم تَصعَدِ السَّماءَ،ولَم تَخبُر هُنالِکَ فَتَعرِفَ ما خَلفَهُنَّ،وأَنتَ جاحِدٌ ما فیهِنَّ ! وهَل یَجحَدُ العاقِلُ ما لا یَعرِفُ؟! فَقالَ الزِّندیقُ:ما کَلَّمَنی بِهذا أحَدٌ غَیرُکَ.قالَ أبو عَبدِ اللّهِ علیه السلام:فَأَنتَ فی شَکٍّ مِن ذلِکَ؛فَلَعَلَّ هُوَ،أو لَعَلَّ لَیسَ هُوَ.قالَ الزِّندیقُ:ولَعَلَّ ذاکَ:فَقالَ أبو عَبدِ اللّهِ علیه السلام:أیُّهَا الرَّجُلُ،لَیسَ لِمَن لا یَعلَمُ حُجَّةٌ عَلی مَن یَعلَمُ،فَلا حُجَّةَ لِلجاهِلِ عَلَی العالِمِ.

یا أخا أهلِ مِصرَ،تَفَهَّم عَنّی ! فَإنّا لا نَشُکُّ فِی اللّهِ أبَداً؛أما تَرَی الشَّمسَ وَالقَمَرَ

ص:48

وَاللَّیلَ وَالنَّهارَ یَلِجانِ ولا یَشتَبِهانِ،یَذهَبانِ ویَرجِعانِ،قَدِ اضطُرّا لَیسَ لَهُما مَکانٌ إلّا مَکانَهُما؟! فَإن کانا یَقدِرانِ عَلی أن یَذهَبا،فَلا یَرجِعانِ (1)،فَلِمَ یَرجِعانِ؟وإن لَم یَکونا مُضطَرَّینِ فَلِمَ لا یَصیرُ اللَّیلُ نَهاراً وَالنَّهارُ لَیلاً؟! اضطُرّا وَاللّهِ-یا أخا أهلِ مِصرَ-إلی دَوامِهِما،وَالَّذِی اضطَرَّهُما أحکَمُ مِنهُما وأَکبَرُ مِنهُما.قالَ الزِّندیقُ:

صَدَقتَ.

ثُمَّ قالَ أبو عَبدِ اللّهِ علیه السلام:یا أخا أهلِ مِصرَ،الَّذی تَذهَبونَ إلَیهِ وتَظُنّونَهُ بِالوَهمِ فَإِن کانَ الدَّهرُ یَذهَبُ بِهِم لِمَ لایَرُدُّهُم؟! وإن کانَ یَرُدُّهُم لِمَ لایَذهَبُ بِهِم؟! القَومُ مُضطَرّونَ.

یا أخا أهلِ مِصرَ،السَّماءُ مَرفوعَةٌ،وَالأَرضُ مَوضوعَةٌ،لِمَ لا تَسقُطُ السَّماءُ عَلَی الأَرضِ؟! ولِمَ لا تَنحَدِرُ الأَرضُ فَوقَ طاقَتِها فَلا یَتَماسَکانِ ولا یَتَماسَکُ مَن عَلَیهِما؟!

فَقالَ الزِّندیقُ:أمسَکَهُما وَاللّهِ رَبُّهُما وسَیِّدُهُما ! فَآمَنَ الزِّندیقُ عَلی یَدَی أبی عَبدِ اللّهِ علیه السلام.فَقالَ لَهُ حُمرانُ بنُ أعیَنَ:جُعِلتُ فِداکَ ! إن آمَنَتِ الزَّنادِقَةُ عَلی یَدَیکَ فَقَد آمَنَتِ الکُفّارُ عَلی یَدَی أبیکَ.

فَقالَ المُؤمِنُ الَّذی آمَنَ عَلی یَدَی أبی عَبدِ اللّهِ علیه السلام:اِجعَلنی مِن تَلامِذَتِکَ.فَقالَ أبو عَبدِ اللّهِ علیه السلام لِهِشامِ بنِ الحَکَمِ:خُذهُ إلَیکَ فَعَلِّمهُ.فَعَلَّمَهُ هِشامٌ،فَکانَ مُعَلِّمَ أهلِ مِصرَ وأَهلِ الشّامِ،وحَسُنَت طَهارَتُهُ حَتّی رَضِیَ بِها أبو عَبدِ اللّهِ علیه السلام. (2)

ص:49


1- (1) .إنّما جاء الفعل مرفوعاً بثبوت النون باعتبار أنّ جملة«فلا یرجعان»معترضة.ویؤیده استقامة الکلام بدونها،کما علیه روایة الاحتجاج. [1]
2- (2) .التوحید:ص 293 ح4، [2]الکافی:ج 1 ص73 ح1، [3]الاحتجاج:ج 2 ص 204 ح 217 [4] کلاهما نحوه،بحارالأنوار:ج 3 ص51 ح25. [5]

11083. بحار الأنوار عن محمّد بن سنان: حَدَّثَنَا المُفَضَّلُ بنُ عُمَرَ قالَ:کُنتُ ذاتَ یَومٍ بَعدَ العَصرِ جالِساً فِی الرَّوضَةِ بَینَ القَبرِ وَالمِنبَرِ،وأَنَا مُفَکِّرٌ فی ما خَصَّ اللّهُ بِهِ سَیِّدَنا مُحَمَّداً صلی الله علیه و آله مِنَ الشَّرَفِ وَالفَضائِلِ،وما مَنَحَهُ وأَعطاهُ وشَرَّفَهُ بِهِ وحَباهُ مِمّا لا یَعرِفُهُ الجُمهورُ مِنَ الاُمَّةِ،وما جَهِلوهُ مِن فَضلِهِ وعَظیمِ مَنزِلَتِهِ وخَطَرِ مَرتَبَتِهِ،فَإِنّی لَکَذلِکَ إذ أقبَلَ ابنُ أبِی العَوجاءِ،فَجَلَسَ بِحَیثُ أسمَعُ کَلامَهُ.

فَلَمَّا استَقَرَّ بِهِ المَجلِسُ إذا رَجُلٌ مِن أصحابِهِ قَد جاءَ فَجَلَسَ إلَیهِ،فَتَکَلَّمَ ابنُ أبِی العَوجاءِ فَقالَ:لَقَد بَلَغَ صاحِبُ هذَا القَبرِ العِزَّ بِکَمالِهِ،وحازَ الشَّرَفَ بِجَمیعِ خِصالِهِ، ونالَ الحُظوَةَ فی کُلِّ أحوالِهِ.

فَقالَ لَهُ صاحِبُهُ:إنَّهُ کانَ فَیلَسوفاً ادَّعَی المَرتَبَةَ العُظمی وَالمَنزِلَةَ الکُبری،وأَتی عَلی ذلِکَ بِمُعجِزاتٍ بَهَرَتِ العُقولَ،وضَلَّت فیهَا الأَحلامُ،وغاصَتِ الأَلبابُ عَلی طَلَبِ عِلمِها فی بِحارِ الفِکرِ،فَرَجَعَت خاسِئاتٍ وهِیَ حَسیرٌ،فَلَمَّا استَجابَ لِدَعوَتِهِ العُقَلاءُ وَالفُصَحاءُ وَالخُطَباءُ دَخَلَ النّاسُ فی دینِهِ أفواجاً؛فَقُرِنَ اسمُهُ بِاسمِ ناموسِهِ، فَصارَ یُهتَفُ بِهِ عَلی رُؤوسِ الصَّوامِعِ-فی جَمیعِ البُلدانِ وَالمَواضِعِ الَّتِی انتَهَت إلَیها دَعوَتُهُ،وعَلَت بِها کَلِمَتُهُ،وظَهَرَت فیها حُجَّتُهُ،بَرّاً وبَحراً وسَهلاً وجَبَلاً-فی کُلِّ یَومٍ ولَیلَةٍ خَمسَ مَرّاتٍ،مُرَدَّداً فِی الأَذانِ وَالإِقامَةِ؛لِیَتَجَدَّدَ فی کُلِّ ساعَةٍ ذِکرُهُ،لِئَلّا یَخمُلَ أمرُهُ.

فَقالَ ابنُ أبِی العَوجاءِ:دَع ذِکرَ مُحَمَّدٍ-صلی الله علیه و آله-فَقَد تَحَیَّرَ فیهِ عَقلی،وضَلَّ فی أمرِهِ فِکری،وحَدِّثنا فی ذِکرِ الأَصلِ الَّذی یَمشی بِهِ.ثُمَّ ذَکَرَ ابتِداءَ الأَشیاءِ،وزَعَمَ أنَّ ذلِکَ بِإِهمالٍ لا صَنعَةَ فیهِ ولا تَقدیرَ،ولا صانِعَ لَهُ ولا مُدَبِّرَ؛بَلِ الأَشیاءُ تَتَکَوَّنُ

ص:50

مِن ذاتِها بِلا مُدَبِّرٍ،وعَلی هذا کانَتِ الدُّنیا لَم تَزَل ولا تَزالُ.

قالَ المُفَضَّلُ:فَلَم أملِک نَفسی غَضَباً وغَیظاً وحَنَقاً،فَقُلتُ:یا عَدُوَّ اللّهِ !ألحَدتَ فی دینِ اللّهِ،وأَنکَرتَ البارِیَ-جَلَّ قُدسُهُ-الَّذی خَلَقَکَ فی أحسَنِ تَقویمٍ،وصَوَّرَکَ فی أتَمِّ صورَةٍ،نَقَلَکَ فی أحوالِکَ حَتّی بَلَغَ بِکَ إلی حَیثُ انتَهَیتَ،فَلَو تَفَکَّرتَ فی نَفسِکَ وصَدَّقَکَ لَطیفُ حِسِّکَ لَوَجَدتَ دَلائِلَ الرُّبوبِیَّةِ وآثارَ الصَّنعَةِ فیکَ قائِمَةً، وشَواهِدَهُ-جَلَّ وتَقَدَّسَ-فی خَلقِکَ واضِحَةً،وبَراهینَهُ لَکَ لائِحَةً !

فَقالَ:یا هذا،إن کُنتَ مِن أهلِ الکَلامِ کَلَّمناکَ؛فَإِن ثَبَتَ لَکَ حُجَّةٌ تَبِعناکَ،وإن لَم تَکُن مِنهُم فَلا کَلامَ لَکَ،وإن کُنتَ مِن أصحابِ جَعفَرِ بنِ مُحَمَّدٍ الصّادِقِ فَما هکَذا یُخاطِبُنا،ولا بِمِثلِ دَلیلِکَ یُجادِلُنا ! ولَقَد سَمِعَ مِن کَلامِنا أکثَرَ مِمّا سَمِعتَ،فَما أفحَشَ فی خِطابِنا،ولا تَعَدّی فی جَوابِنا.وإنَّهُ لَلحَلیمُ الرَّزینُ العاقِلُ الرَّصینُ؛لا یَعتَریهِ خُرقٌ ولا طَیشٌ ولا نُزقٌ.ویَسمَعُ کَلامَنا،ویُصغی إلَینا،ویَستَعرِفُ حُجَّتَنا، حَتَّی استَفرَغنا ما عِندَنا وظَنَنّا أنّا قَد قَطَعناهُ أدحَضَ حُجَّتَنا بِکَلامٍ یَسیرٍ وخِطابٍ قَصیرٍ،یُلزِمُنا بِهِ الحُجَّةَ،ویَقطَعُ العُذرَ،ولا نَستَطیعُ لِجَوابِهِ رَدّاً،فَإِن کُنتَ مِن أصحابِهِ فَخاطِبنا بِمِثلِ خِطابِهِ.... (1)

11084. الکافی عن أبی منصور المتطبّب: أخبَرَنی رَجُلٌ مِن أصحابی قالَ:کُنتُ أنَا وَابنُ أبِی العَوجاءِ وعَبدُ اللّهِ بنُ المُقَفَّعِ فِی المَسجِدِ الحَرامِ،فَقالَ ابنُ المُقَفَّعِ:تَرَونَ هذَا الخَلقَ؟-وأَومَأَ بِیَدِهِ إلی مَوضِعِ الطَّوافِ-ما مِنهُم أحَدٌ اوجِبُ لَهُ اسمَ الإِنسانِیَّةِ إلّاذلِکَ الشَّیخَ الجالِسَ-یَعنی أبا عَبدِ اللّهِ جَعفَرَ بنَ مُحَمَّدٍ علیهما السلام-فَأَمَّا

ص:51


1- (1) .بحار الأنوار:ج 3 ص 57 [1] نقلاً عن الخبر المشتهر بتوحید المفضّل.

الباقونَ فَرَعاعٌ وبَهائِمُ.

فَقالَ لَهُ ابنُ أبِی العَوجاءِ:وکَیفَ أوجَبتَ هذَا الاِسمَ لِهذَا الشَّیخِ دونَ هؤُلاءِ؟ قالَ:لِأَ نّی رَأَیتُ عِندَهُ ما لَم أرَهُ عِندَهُم.فَقالَ لَهُ ابنُ أبِی العَوجاءِ:لابُدَّ مِنِ اختِبارِ ما قُلتَ فیهِ مِنهُ.فَقالَ لَهُ ابنُ المُقَفَّعِ:لا تَفعَل؛فَإِنّی أخافُ أن یُفسِدَ عَلَیکَ ما فی یَدِکَ ! فَقالَ:لَیسَ ذا رَأیَکَ ولکِن تَخافُ أن یَضعُفَ رَأیُکَ عِندی فی إحلالِکَ إیّاهُ المَحَلَّ الَّذی وَصَفتَ ! فَقالَ ابنُ المُقَفَّعِ:أمّا إذا تَوَهَّمتَ عَلَیَّ هذا فَقُم إلَیهِ،وتَحَفَّظ مَا استَطَعتَ مِنَ الزَّلَلِ،ولا تَثنِ عِنانَکَ إلَی استِرسالٍ؛فَیُسَلِّمَکَ إلی عِقالٍ،وسِمَهُ ما لَکَ أو عَلَیکَ.

فَقامَ ابنُ أبِی العَوجاءِ وبَقیتُ أنَا وَابنُ المُقَفَّعِ جالِسَینِ،فَلَمّا رَجَعَ إلَینَا ابنُ أبِی العَوجاءِ قالَ:وَیلَکَ یَا بنَ المُقَفَّعِ ! ما هذا بِبَشَرٍ ! وإن کانَ فِی الدُّنیا روحانِیٌّ یَتَجَسَّدُ إذا شاءَ ظاهِراً ویَتَرَوَّحُ إذا شاءَ باطِناً فَهُوَ هذا ! فَقالَ لَهُ:وکَیفَ ذلِکَ؟قالَ:جَلَستُ إلَیهِ،فَلَمّا لَم یَبقَ عِندَهُ غَیرِی ابتَدَأَنی فَقالَ:إن یَکُنِ الأَمرُ عَلی ما یَقولُ هؤُلاءِ،وهُوَ عَلی ما یَقولونَ-یَعنی أهلَ الطَّوافِ-فَقَد سَلِموا وعَطِبتُم،وإن یَکُنِ الأَمرُ عَلی ما تَقولونَ-ولَیسَ کَما تَقولونَ-فَقَدِ استَوَیتُم وهُم.فَقُلتُ لَهُ:یَرحَمُکَ اللّهُ !وأَیُّ شَیءٍ نَقولُ؟وأَیُّ شَیءٍ یَقولونَ؟ما قَولی وقَولُهُم إلّاواحِداً.

فَقالَ:وکَیفَ یَکونُ قَولُکَ وقَولُهُم واحِداً وهُم یَقولونَ:أنَّ لَهُم مَعاداً وثَواباً وعِقاباً،ویَدینونَ بِأَنَّ فِی السَّماءِ إلهاً،وأَنَّها عُمرانٌ،وأَنتُم تَزعُمونَ أنَّ السَّماءَ خَرابٌ لَیسَ فیها أحَدٌ؟!

قالَ:فَاغتَنَمتُها مِنهُ فَقُلتُ لَهُ:ما مَنَعَهُ-إن کانَ الأَمرُ کَما یَقولونَ-أن یَظهَرَ لِخَلقِهِ

ص:52

ویَدعُوَهُم إلی عِبادَتِهِ؛حَتّی لا یَختَلِفَ مِنهُمُ اثنانِ،ولِمَ احتَجَبَ عَنهُم وأَرسَلَ إلَیهِمُ الرُّسُلَ؟ولَو باشَرَهُم بِنَفسِهِ کانَ أقرَبَ إلَی الإِیمانِ بِهِ.

فَقالَ لی:وَیلَکَ ! وکَیفَ احتَجَبَ عَنکَ مَن أراکَ قُدرَتَهُ فی نَفسِکَ؟! نُشوءَکَ ولَم تَکُن،وکِبَرَکَ بَعدَ صِغَرِکَ،وقُوَّتَکَ بَعدَ ضَعفِکَ،وضَعفَکَ بَعدَ قُوَّتِکَ،وسُقمَکَ بَعدَ صِحَّتِکَ،وصِحَّتَکَ بَعدَ سُقمِکَ،ورِضاکَ بَعدَ غَضَبِکَ،وغَضَبَکَ بَعدَ رِضاکَ،وحُزنَکَ بَعدَ فَرَحِکَ،وفَرَحَکَ بَعدَ حُزنِکَ،وحُبَکَ بَعدَ بُغضِکَ،وبُغضَکَ بَعدَ حُبِّکَ،وعَزمَکَ بَعدَ أناتِکَ،وأَناتَکَ بَعدَ عَزمِکَ،وشَهوَتَکَ بَعدَ کَراهَتِکَ،وکَراهَتَکَ بَعدَ شَهوَتِکَ، ورَغبَتَکَ بَعدَ رَهبَتِکَ،ورَهبَتَکَ بَعدَ رَغبَتِکَ،ورَجاءَکَ بَعدَ یَأسِکَ،ویَأسَکَ بَعدَ رَجائِکَ،وخاطِرَکَ بِما لَم یَکُن فی وَهمِکَ،وعُزوبَ ما أنتَ مُعتَقِدُهُ عَن ذِهنِکَ.

ومازالَ یَعُدُّ عَلَیَّ قُدرَتَهُ الَّتی فی نَفسِی الَّتی لا أدفَعُها،حَتّی ظَنَنتُ أنَّهُ سَیَظهَرُ فی ما بَینی وبَینَهُ ! (1)

6/8 أثَرُ استِجابَةِ الإِمامِ وَانصِیاعُهُ لِلقَضاءِ

11085. السّنن الکبری عن الشعبیّ: خَرَجَ عَلِیُّ بنُ أبی طالِبٍ إلَی السّوقِ،فَإِذا هُوَ بِنَصرانِیٍّ یَبیعُ دِرعاً،فَعَرَفَ عَلِیٌّ الدِّرعَ فَقالَ:هذِهِ دِرعی،بَینی وبَینَکَ قاضِی المُسلِمینَ -وکانَ قاضِیَ المُسلِمینَ شُرَیحٌ؛کانَ عَلِیٌّ استَقضاهُ-فَلَمّا رَأی شُرَیحٌ أمیرَ المُؤمِنینَ قامَ مِن مَجلِسِ القَضاءِ وأَجلَسَ عَلِیّاً فی مَجلِسِهِ،وجَلَسَ شُرَیحٌ قُدّامَهُ إلی جَنبِ النَّصرانِیِّ.

ص:53


1- (1) .الکافی:ج 1 ص 74 ح 2، [1]التوحید:ص 125 ح 4، [2]بحارالأنوار:ج 3 ص 42 ح 18. [3]

فَقالَ لَهُ عَلِیٌّ:أما یا شُرَیحُ لَو کانَ خَصمی مُسلِماً لَقَعَدتُ مَعَهُ مَجلِسَ الخَصمِ ولکِنّی سَمِعتُ رَسولَ اللّهِ صلی الله علیه و آله یَقولُ:«لا تُصافِحوهُم ولا تَبدَؤوهُم بِالسَّلامِ...

وصَغِّروهُم کَما صَغَّرَهُمُ اللّهُ»،اِقضِ بَینی وبَینَهُ یا شُرَیحُ.

فَقالَ شُرَیحٌ:تَقولُ یا أمیرَ المُؤمِنینَ؟فَقالَ عَلِیٌّ:هذِهِ دِرعی ذَهَبَت مِنّی مُنذُ زَمانٍ.فَقالَ شُرَیحٌ:ما تَقولُ یا نَصرانِیُّ؟فَقالَ النَّصرانِیُّ:ما اکَذِّبُ أمیرَ المُؤمِنینَ، الدِّرعُ هِیَ دِرعی.فَقالَ شُرَیحٌ:ما أری أن تَخرُجَ مِن یَدِهِ،فَهَل مِن بَیِّنَةٍ؟فَقالَ عَلِیٌّ علیه السلام:صَدَقَ شُرَیحٌ.

فَقالَ النَّصرانِیُّ:أما أنَا أشهَدُ أنَّ هذِهِ أحکامُ الأَنبِیاءِ،أمیرُ المُؤمِنینَ یَجیءُ إلی قاضیهِ وقاضیهِ یَقضی عَلَیهِ ! هِیَ وَاللّهِ یا أمیرَ المُؤمِنینَ دِرعُکَ اتَّبَعتُکَ مِنَ الجَیشِ وقَد زالَت عَن جَمَلِکَ الأَورَقِ فَأَخَذتُها؛فَإِنّی أشهَدُ أن لا إلهَ إلَّااللّهُ وأَنَّ مُحَمَّداً رَسولُ اللّهِ.

فَقالَ عَلِیٌّ علیه السلام:أما إذا أسلَمتَ فَهِیَ لَکَ.وحَمَلَهُ عَلی فَرَسٍ عَتیقٍ. (1)

7/8 أثَرُ إحسانِ الاِبنِ إلی امِّهِ النَّصرانِیَّةِ

11086. الکافی عن زکریّا بن إبراهیم: کُنتُ نَصرانِیّاً،فَأَسلَمتُ وحَجَجتُ،فَدَخَلتُ عَلی أبی عَبدِ اللّهِ علیه السلام،فَقُلتُ:إنّی کُنتُ عَلَی النَّصرانِیَّةِ،وإنّی أسلَمتُ.فَقالَ:وأَیُّ شَیءٍ رَأَیتَ فِی الإِسلامِ؟قُلتُ:قَولَ اللّهِ عز و جل: «ما کُنْتَ تَدْرِی مَا الْکِتابُ وَ لاَ الْإِیمانُ وَ لکِنْ

ص:54


1- (1) .السنن الکبری:ج 10 ص 230 ح 20465،البدآیة و النهایة:ج 8 ص 4،کنز العمّال:ج 7 ص 24 ح 17789؛الغارات:ج 1 ص 124 [1] نحوه،بحارالأنوار:ج 104 ص 290. [2]

جَعَلْناهُ نُوراً نَهْدِی بِهِ مَنْ نَشاءُ» (1).فَقالَ:لَقَد هَداکَ اللّهُ.

ثُمَّ قالَ:اللّهُمَّ اهدِهِ !-ثَلاثاً-:سَل عَمّا شِئتَ یا بُنَیَّ.فَقُلتُ:إنَّ أبی واُمّی عَلَی النَّصرانِیَّةِ وأَهلَ بَیتی،واُمّی مَکفوفَةُ البَصَرِ،فَأَکونُ مَعَهُم وآکُلُ فی آنِیَتِهِم؟فَقالَ:

یَأکُلونَ لَحمَ الخِنزیرِ؟فَقُلتُ:لا،ولا یَمَسّونَهُ.فَقالَ:لا بَأسَ،فَانظُر امَّکَ فَبِرَّها، فَإِذا ماتَت فَلا تَکِلها إلی غَیرِکَ؛کُن أنتَ الَّذی تَقومُ بِشَأنِها،ولا تُخبِرَنَّ أحَداً أنَّکَ أتَیتَنی،حَتّی تَأتِیَنی بِمِنی إن شاءَ اللّهُ.

قالَ:فَأَتَیتُهُ بِمِنی وَالنّاسُ حَولَهُ کَأَنَّهُ مُعَلِّمُ صِبیانٍ؛هذا یَسأَلُهُ،وهذا یَسأَلُهُ،فَلَمّا قَدِمتُ الکوفَةَ ألطَفتُ لِاُمّی،وکُنتُ اطعِمُها،واُفَلّی ثَوبَها ورَأسَها،وأَخدِمُها.فَقالَت لی:یا بُنَیَّ،ما کُنتَ تَصنَعُ بی هذا وأَنتَ عَلی دینی،فَمَا الَّذی أری مِنکَ مُنذُ هاجَرتَ فَدَخَلتَ فِی الحَنیفِیَّةِ؟! فَقُلتُ:رَجُلٌ مِن وُلدِ نَبِیِّنا أمَرَنی بِهذا.فَقالَت:هذَا الرَّجُلُ هُوَ نَبِیٌّ؟فَقُلتُ:لا،ولکِنَّهُ ابنُ نَبِیٍّ.فَقالَت:یا بُنَیَّ،إنَّ هذا نَبِیٌّ؛إنَّ هذِهِ وَصایَا الأَنبِیاءِ.فَقُلتُ:یا امَّه،إنَّهُ لَیسَ یَکونُ بَعدَ نَبِیِّنا نَبِیٌّ،ولکِنَّهُ ابنُهُ.

فَقالَت:یا بُنَیَّ،دینُکَ خَیرُ دینٍ،اِعرِضهُ عَلَیَّ.فَعَرَضتُهُ عَلَیها،فَدَخَلَت فِی الإِسلامِ وعَلَّمتُها،فَصَلَّتِ الظُّهرَ وَالعَصرَ وَالمَغرِبَ وَالعِشاءَ الآخِرَةَ.ثُمَّ عَرَضَ لَها عارِضٌ فِی اللَّیلِ،فَقالَت:یا بُنَیَّ أعِد عَلَیَّ ما عَلَّمتَنی.فَأَعَدتُهُ عَلَیها،فَأَقَرَّت بِهِ وماتَت.فَلَمّا أصبَحَت کانَ المُسلِمونَ الذَّینَ غَسَّلوها،وکُنتُ أنَا الَّذی صَلَّیتُ عَلَیها ونَزَلتُ فی قَبرِها. (2)

ص:55


1- (1) .الشوری:52. [1]
2- (2) .الکافی:ج 2 ص 160 ح 11، [2]مشکاة الأنوار:ص 278 ح 839 [3] بزیادة«الصلاة»بعد«علّمتها»،بحار الأنوار:ج 47 ص 374 ح 97. [4]

8/8 أثَرُ الإِحسانِ إلَی المُسیءِ

11087. الطّبقات الکبری عن سالم مولی أبی جعفر: کانَ هِشامُ بنُ إسماعیلَ یُؤذی عَلِیَّ بنَ الحُسَینِ وأَهلَ بَیتِهِ،یَخطُبُ بِذلِکَ عَلَی المِنبَرِ ویَنالُ مِن عَلِیٍّ علیه السلام،فَلَمّا وَلِیَ الوَلیدُ بنُ عَبدِ المَلِکِ عَزَلَهُ وأَمَرَ بِهِ أن یوقَفَ لِلنّاسِ.فَکانَ یَقولُ:لا وَاللّهِ،ما کانَ أحَدٌ مِنَ النّاسِ أهَمَّ إلَیَّ مِن عَلِیِّ بنِ الحُسَینِ؛کُنتُ أقولُ:رَجُلٌ صالِحٌ یُسمَعُ قَولُهُ فَوُقِفَ لِلنّاسِ.

فَجَمَعَ عَلِیُّ بنُ الحُسَینِ وُلدَهُ وحامَّتَهُ ونَهاهُم عَنِ التَّعَرُّضِ.وغَدا عَلِیُّ بنُ الحُسَینِ مارّاً لِحاجَةٍ فَما عَرَضَ لَهُ،فَناداهُ هِشامُ بنُ إسماعیلَ:اللّهُ أعلَمُ حَیثُ یَجعَلُ رِسالاتِهِ ! (1)

11088. العدد القویّة عن الزّهریّ: خَرَجَ [عَلِیُّ بنُ الحُسَینِ علیه السلام ] یَوماً مِنَ المَسجِدِ،فَتَبِعَهُ رَجُلٌ فَسَبَّهُ،فَلَحِقَهُ العَبیدُ وَالمَوالی،فَهَمّوا بِالرَّجُلِ،فَقالَ:دَعوهُ.ثُمَّ قالَ:ما سَتَرَ اللّهُ عَنکَ مِن أمرِنا أکثَرُ،ألَکَ حاجَةٌ نُعینُکَ عَلَیها؟فَاستَحَی الرَّجُلُ،فَأَلقی عَلِیٌّ عَلَیهِ قَمیصَةً کانَت عَلَیهِ،وأَعطاهُ ألفَ دِرهَمٍ.فَکانَ الرَّجُلُ إذا رَآهُ بَعدَ ذلِکَ یَقولُ:أشهَدُ أنَّکَ مِن أولادِ الرَّسولِ ! (2)

11089. الإرشاد عن أبی محمّد الحسن بن محمّد عن جدّه عن غیر واحد من أصحابه ومشایخه: إنَّ رَجُلاً مِن وُلدِ عُمَرَ بنِ الخَطّابِ کانَ بِالمَدینَةِ یُؤذی أبَا الحَسَنِ

ص:56


1- (1) .الطبقات الکبری:ج 5 ص 220؛ [1]شرح الأخبار:ج 3 ص 260 ح 1162 نحوه.
2- (2) .العدد القویّة:ص 319 ح 20، [2]کشف الغمّة:ج 2 ص 293 [3] نحوه،بحارالأنوار:ج 46 ص 99 ح 87؛ [4]تهذیب الکمال:ج 20 ص 397،تاریخ دمشق:ج 41 ص 394 کلاهما عن عبد الغفّار بن القاسم،مطالب السوؤل:ص 95 [5] عن طاووس بن کیسان.

موسی علیه السلام،ویَسُبُّهُ إذا رَآهُ،ویَشتُمُ عَلِیّاً علیه السلام،فَقالَ لَهُ بَعضُ جُلَسائِهِ یَوماً:دَعنا نَقتُل هذَا الفاجِرَ،فَنَهاهُم عَن ذلِکَ أشَدَّ النَّهیِ،وزَجَرَهُم أشَدَّ الزَّجرِ،وسَأَلَ عَنِ العُمَرِیِّ، فَذُکِرَ أنَّهُ یَزرَعُ بِناحِیَةٍ مِن نَواحِی المَدینَةِ.فَرَکِبَ،فَوَجَدَهُ فی مَزرَعَةٍ،فَدَخَلَ المَزرَعَةَ بِحِمارِهِ،فَصاحَ بِهِ العُمَرِیُّ:لا توطِئ زَرعَنا ! فَتَوَطَّأَهُ أبُو الحَسَنِ علیه السلام بِالحِمارِ،حَتّی وَصَلَ إلَیهِ،فَنَزَلَ وجَلَسَ عِندَهُ،وباسَطَهُ وضاحَکَهُ،وقالَ لَهُ:کَم غَرِمتَ فی زَرعِکَ هذا؟فَقالَ لَهُ:مِئَةُ دینارٍ.قالَ:فَکَم تَرجو أن تُصیبَ فیهِ؟قالَ:

لَستُ أعلَمُ الغَیبَ.قالَ:إنَّما قُلتُ لَکَ:کَم تَرجو أن یَجیئَکَ فیهِ؟قالَ:أرجو فیهِ مِئَتَی دینارٍ.فَأَخرَجَ لَهُ أبُوالحَسَنِ علیه السلام صُرَّةً فیها ثَلاثُمِئَةِ دینارٍ،وقالَ:هذا زَرعُکَ عَلی حالِهِ،وَاللّهُ یَرزُقُکَ فیهِ ما تَرجو.فَقامَ العُمَرِیُّ فَقَبَّلَ رَأسَهُ وسَأَلَهُ أن یَصفَحَ عَن فارِطِهِ،فَتَبَسَّمَ إلَیهِ أبُو الحَسَنِ علیه السلام وَانصَرَفَ.

وراحَ إلَی المَسجِدِ فَوَجَدَ العُمَرِیَّ جالِساً،فَلَمّا نَظَرَ إلَیهِ قالَ:اللّهُ أعلَمُ حَیثُ یَجعَلُ رِسالاتِهِ ! فَوَثَبَ أصحابُهُ إلَیهِ فَقالوا لَهُ:ما قِصَّتُکَ؟قَد کُنتَ تَقولُ غَیرَ هذا ! فَقالَ لَهُم:قَد سَمِعتُم ما قُلتُ الآنَ،وجَعَلَ یَدعو لِأَبِی الحَسَنِ علیه السلام،فَخاصَموهُ وخاصَمَهُم.

فَلَمّا رَجَعَ أبُو الحَسَنِ إلی دارِهِ،قالَ لِجُلَسائِهِ الَّذینَ سَأَلوهُ فی قَتلِ العُمَرِیِّ:أیُّما کانَ خَیراً:ما أرَدتُم أم ما أرَدتُ؟! إنَّنی أصلَحتُ أمرَهُ بِالمِقدارِ الَّذی عَرَفتُم،وکَفَیتُ بِهِ شَرَّهُ ! (1)

ص:57


1- (1) .الإرشاد:ج 2 ص 233، [1]إعلام الوری:ج 2 ص 26، [2]دلائل الإمامة:ص 311،کشف الغمّة:ج 3 ص 18 کلاهما نحوه،بحارالأنوار:ج 48 ص 102 ح 7. [3]

11090. تنبیه الخواطر: حُکِیَ أنَّ مالِکاً الأَشتَرَ رضی الله عنه کانَ مُجتازاً بِسوقِ الکوفَةِ وعَلَیهِ قَمیصٌ خامٌ وعِمامَةٌ مِنهُ،فَرَآهُ بَعضُ السّوقَةِ فَازدَری بِزِیِّهِ،فَرَماهُ بَبُندُقَةٍ تَهاوُناً بِهِ،فَمَضی ولَم یَلتَفِت.فَقیلَ لَهُ:وَیلَکَ ! أتَدری بِمَن رَمَیتَ؟فَقالَ:لا،فَقیلَ لَهُ:هذا مالِکٌ صاحِبُ أمیرِ المُؤمِنینَ علیه السلام.فَارتَعَدَ الرَّجُلُ ومَضی إلَیهِ لِیَعتَذِرَ مِنهُ،فَرَآهُ وقَد دَخَلَ مَسجِداً وهُوَ قائِمٌ یُصَلّی،فَلَمَّا انفَتَلَ أکَبَّ الرَّجُلُ عَلی قَدَمَیهِ یُقَبِّلُهُما،فَقالَ:ما هذَا الأَمرُ؟فَقالَ:أعتَذِرُ إلَیکَ مِمّا صَنَعتُ.فَقالَ:لا بَأسَ عَلَیکَ؛فَوَاللّهِ ما دَخَلتُ المَسجِدَ إلّالِأَستَغفِرَنَّ لَکَ. (1)

راجع:ص 7 ( مخالفة الفعل للقول ).و هذه الموسوعة:ج 9 ص 421 ( تطابق القلب واللسان ) وص 423 ( الدعوة بالعمل قبل اللسان ).

ص:58


1- (1) .تنبیه الخواطر:ج 1 ص 2، [1]بحارالأنوار:ج 42 ص 157 ح 25. [2]

الفصل التاسع:اُسلوب التّبلیغ فی القرآن

1/9 الاِستِنادُ إلَی الحِکمَةُ

أ-الحَثُّ عَلَی التَّعَقُّلِ وَالتَّفَکُّرِ

الکتاب

«فَبَشِّرْ عِبادِ اَلَّذِینَ یَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَیَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولئِکَ الَّذِینَ هَداهُمُ اللّهُ وَ أُولئِکَ هُمْ أُولُوا الْأَلْبابِ» . (1)

«کَذلِکَ یُبَیِّنُ اللّهُ لَکُمْ آیاتِهِ لَعَلَّکُمْ تَعْقِلُونَ» . (2)

«وَ هُوَ الَّذِی یُحْیِی وَ یُمِیتُ وَ لَهُ اخْتِلافُ اللَّیْلِ وَ النَّهارِ أَ فَلا تَعْقِلُونَ» . (3)

«کَذلِکَ یُحْیِ اللّهُ الْمَوْتی وَ یُرِیکُمْ آیاتِهِ لَعَلَّکُمْ تَعْقِلُونَ» . (4)

«لَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَیْکُمْ کِتاباً فِیهِ ذِکْرُکُمْ أَ فَلا تَعْقِلُونَ» . (5)

ص:59


1- (1) .الزمر:17 و 18. [1]
2- (2) .البقرة:242. [2]
3- (3) .المؤمنون:80. [3]
4- (4) .البقرة:73. [4]
5- (5) .الأنبیاء:10. [5]

«وَ سَخَّرَ لَکُمْ ما فِی السَّماواتِ وَ ما فِی الْأَرْضِ جَمِیعاً مِنْهُ إِنَّ فِی ذلِکَ لَآیاتٍ لِقَوْمٍ یَتَفَکَّرُونَ» . (1)

«وَ مِنْ آیاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَکُمْ مِنْ أَنْفُسِکُمْ أَزْواجاً لِتَسْکُنُوا إِلَیْها وَ جَعَلَ بَیْنَکُمْ مَوَدَّةً وَ رَحْمَةً إِنَّ فِی ذلِکَ لَآیاتٍ لِقَوْمٍ یَتَفَکَّرُونَ» . (2)

«هُوَ الَّذِی أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً لَکُمْ مِنْهُ شَرابٌ وَ مِنْهُ شَجَرٌ فِیهِ تُسِیمُونَ* یُنْبِتُ لَکُمْ بِهِ الزَّرْعَ وَ الزَّیْتُونَ وَ النَّخِیلَ وَ الْأَعْنابَ وَ مِنْ کُلِّ الثَّمَراتِ إِنَّ فِی ذلِکَ لَآیَةً لِقَوْمٍ یَتَفَکَّرُونَ» . (3)

راجع:البقرة:164،الأنعام:32 و 151،الأعراف:169،هود:51،یوسف:2 و 109،الرعد:4، النحل:12 و 67،الحجّ:46،النور:61،القصص:60،العنکبوت:35،الروم:24 و 28، یس:62 و 68،ص:29،غافر:67 و 70،الزخرف:3،الجاثیة:5 و 13،الحدید:17.

الحدیث

11091. الإمام الکاظم علیه السلام -لِهِشامِ بنِ الحَکَمِ-:یا هِشامُ،إنَّ اللّهَ تَبارَکَ وتَعالی بَشَّرَ أهلَ العَقلِ وَالفَهمِ فی کِتابِهِ فَقالَ: «فَبَشِّرْ عِبادِ اَلَّذِینَ یَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَیَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولئِکَ الَّذِینَ هَداهُمُ اللّهُ وَ أُولئِکَ هُمْ أُولُوا الْأَلْبابِ» .

یا هِشامُ،إنَّ اللّهَ تَبارَکَ وتَعالی أکمَلَ لِلنّاسِ الحُجَجَ بِالعُقولِ،ونَصَرَ النَّبِیّینَ بِالبَیانِ،ودَلَّهُم عَلی رُبوبِیَّتِهِ بِالأَدِلَّةِ،فَقالَ: «وَ إِلهُکُمْ إِلهٌ واحِدٌ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ الرَّحْمنُ الرَّحِیمُ* إِنَّ فِی خَلْقِ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ اخْتِلافِ اللَّیْلِ وَ النَّهارِ وَ الْفُلْکِ الَّتِی تَجْرِی فِی الْبَحْرِ بِما یَنْفَعُ النّاسَ وَ ما أَنْزَلَ اللّهُ مِنَ السَّماءِ مِنْ ماءٍ فَأَحْیا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها وَ بَثَّ فِیها مِنْ کُلِّ دَابَّةٍ وَ تَصْرِیفِ الرِّیاحِ وَ السَّحابِ الْمُسَخَّرِ بَیْنَ السَّماءِ وَ الْأَرْضِ لَآیاتٍ لِقَوْمٍ یَعْقِلُونَ» . (4)

یا هِشامُ،قَد جَعَلَ اللّهُ ذلِکَ دَلیلاً عَلی مَعرِفَتِهِ بِأَنَّ لَهُم مُدَبِّراً،فَقالَ: «وَ سَخَّرَ لَکُمُ

ص:60


1- (1) .الجاثیة:13. [1]
2- (2) .الروم:21. [2]
3- (3) .النحل:10 و 11. [3]
4- (4) .البقرة:163 و 164. [4]

اَللَّیْلَ وَ النَّهارَ وَ الشَّمْسَ وَ الْقَمَرَ وَ النُّجُومُ مُسَخَّراتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِی ذلِکَ لَآیاتٍ لِقَوْمٍ یَعْقِلُونَ» . (1)وقالَ: «هُوَ الَّذِی خَلَقَکُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ یُخْرِجُکُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّکُمْ ثُمَّ لِتَکُونُوا شُیُوخاً وَ مِنْکُمْ مَنْ یُتَوَفّی مِنْ قَبْلُ وَ لِتَبْلُغُوا أَجَلاً مُسَمًّی وَ لَعَلَّکُمْ تَعْقِلُونَ» ، (2)وقالَ:«إنَّ فِی اختِلافِ اللَّیلِ وَالنَّهارِ وما أنزَلَ اللّهُ مِنَ السَّماءِ مِن رِزقٍ فَأَحیا بِهِ الأَرضَ بَعدَ مَوتِها وتَصریفِ الرِّیاحِ (3)لَآیاتٍ لِقَومٍ یَعقِلونَ»، (4)وقالَ: «یُحْیِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها قَدْ بَیَّنّا لَکُمُ الْآیاتِ لَعَلَّکُمْ تَعْقِلُونَ» ، (5)وقالَ: «وَ جَنّاتٌ مِنْ أَعْنابٍ وَ زَرْعٌ وَ نَخِیلٌ صِنْوانٌ وَ غَیْرُ صِنْوانٍ یُسْقی بِماءٍ واحِدٍ وَ نُفَضِّلُ بَعْضَها عَلی بَعْضٍ فِی الْأُکُلِ إِنَّ فِی ذلِکَ لَآیاتٍ لِقَوْمٍ یَعْقِلُونَ» ، (6)وقالَ: «وَ مِنْ آیاتِهِ یُرِیکُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَ طَمَعاً وَ یُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ ماءً فَیُحْیِی بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها إِنَّ فِی ذلِکَ لَآیاتٍ لِقَوْمٍ یَعْقِلُونَ » ، (7)وقالَ: «قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ ما حَرَّمَ رَبُّکُمْ عَلَیْکُمْ أَلاّ تُشْرِکُوا بِهِ شَیْئاً وَ بِالْوالِدَیْنِ إِحْساناً وَ لا تَقْتُلُوا أَوْلادَکُمْ مِنْ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُکُمْ وَ إِیّاهُمْ وَ لا تَقْرَبُوا الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَ ما بَطَنَ وَ لا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِی حَرَّمَ اللّهُ إِلاّ بِالْحَقِّ ذلِکُمْ وَصّاکُمْ بِهِ لَعَلَّکُمْ تَعْقِلُونَ» ، (8)وقالَ: «هَلْ لَکُمْ مِنْ ما مَلَکَتْ أَیْمانُکُمْ مِنْ شُرَکاءَ فِی ما رَزَقْناکُمْ

ص:61


1- (1) .النحل:12. [1]
2- (2) .غافر:67. [2]
3- (3) .فی الطبعة المعتمدة هنا:«والسحاب المسخر بین السماء و الارض»فحذفناها طبقا لطبعة مرکزبحوث دار الحدیث.
4- (4) .إشارة إلی الآیة 5 من سورة الجاثیة:«و [3]اختلف اللیل و النهار و ما أنزل الله من السماء من رّزق فأحیا به الأرض بعد موتها و تصریف الرّیح آیات لّقوم یعقلون».و فی مرآة العقول:ج 1 ص 42:«و [4]الظاهر أن التغییر من النسّاخ أو الرواة،أو نقل بالمعنی».
5- (5) .الحدید:17. [5]
6- (6) .الرعد:4. [6]
7- (7) .الروم:24. [7]
8- (8) .الأنعام:151. [8]

فَأَنْتُمْ فِیهِ سَواءٌ تَخافُونَهُمْ کَخِیفَتِکُمْ أَنْفُسَکُمْ کَذلِکَ نُفَصِّلُ الْآیاتِ لِقَوْمٍ یَعْقِلُونَ» (1)...

یا هِشامُ،ما بَعَثَ اللّهُ أنبِیاءَهُ ورُسُلَهُ إلی عِبادِهِ إلّالِیَعقِلوا عَنِ اللّهِ،فَأَحسَنُهُمُ استِجابَةً أحسَنُهُم مَعرِفَةً،وأَعلَمُهُم بِأَمرِ اللّهِ أحسَنُهُم عَقلاً،وأَکمَلُهُم عَقلاً أرفَعُهُم دَرَجَةً فِی الدُّنیا وَالآخِرَةِ. (2)

11092. تفسیر الفخر الرازی عن قتادة -فی قَولِهِ تَعالی: «أَیُّکُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً» (3)-:سَأَلتُ رَسولَ اللّهِ صلی الله علیه و آله فَقالَ:یَقولُ:أیُّکُم أحسَنُ عَقَلاً.

ثُمَّ قالَ:أتَمُّکُم عَقلاً أشَدُّکُم للّهِ ِ خَوفاً،وأَحسَنُکُم فیما أمَرَ اللّهُ بِهِ ونَهی عَنهُ نَظَراً. (4)

11093. رسول اللّه صلی الله علیه و آله -فی وَصِیَّتِهِ إلَی ابنِ مَسعودٍ-:یَا بنَ مَسعودٍ،إذا عَمِلتَ عَمَلاً فَاعمَل بِعِلمٍ وعَقلٍ،وإیّاکَ و أن تَعمَلَ عَمَلاً بِغَیرِ تَدَبُّرٍ وعِلمٍ،فَإِنَّهُ جَلَّ جَلالُهُ یَقولُ: «وَ لا تَکُونُوا کَالَّتِی نَقَضَتْ غَزْلَها مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْکاثاً» (5). (6)

11094. عنه صلی الله علیه و آله: أصدَقُ المُؤمِنینَ إیمانًا أشَدُّهُم تَفَکُّراً فی أمرِ الدُّنیا وَالآخِرَةِ. (7)

راجع:موسوعة العقائد الإسلامیّة (المعرفة):ج 1 ( الفصل الثالث:التعقّل ).

ص:62


1- (1) .الروم:28. [1]
2- (2) .الکافی:ج 1 ص 13 ح 12 [2] عن هشام بن الحکم،تحف العقول:ص 383 [3] نحوه،بحار الأنوار:ج 1 ص 132 ح 30. [4]
3- (3) .الملک:2، [5]هود:7. [6]
4- (4) .تفسیر الفخر الرازی:ج 30 ص 56، [7]الکشّاف:ج 2 ص 208،تفسیر القرطبی:ج 9 ص 9 عن ابن عمر وکلاهما نحوه،تفسیر الثعلبی:ج 9 ص 355؛ [8]مجمع البیان:ج 10 ص 484 عن ابی قتادة نحوه،بحار الأنوار:ج 70 ص 233. [9]
5- (5) .النحل:92. [10]
6- (6) .مکارم الأخلاق:ج 2 ص 361 ح 2660 [11]عن ابن مسعود،بحار الأنوار:ج 77 ص 110 ح 1. [12]
7- (7) .أعلام الدین:ص 273. [13]

ب-الحَثُّ عَلی إتیانِ البَیِّنَةِ وَالبُرهانِ

الکتاب

«هذا بَیانٌ لِلنّاسِ وَ هُدیً وَ مَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِینَ» . (1)

«لِیَهْلِکَ مَنْ هَلَکَ عَنْ بَیِّنَةٍ وَ یَحْیی مَنْ حَیَّ عَنْ بَیِّنَةٍ وَ إِنَّ اللّهَ لَسَمِیعٌ عَلِیمٌ» . (2)

«قُلْ إِنِّی عَلی بَیِّنَةٍ مِنْ رَبِّی وَ کَذَّبْتُمْ بِهِ ما عِنْدِی ما تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ إِنِ الْحُکْمُ إِلاّ لِلّهِ یَقُصُّ الْحَقَّ وَ هُوَ خَیْرُ الْفاصِلِینَ » . (3)

«أَوْ تَقُولُوا لَوْ أَنّا أُنْزِلَ عَلَیْنَا الْکِتابُ لَکُنّا أَهْدی مِنْهُمْ فَقَدْ جاءَکُمْ بَیِّنَةٌ مِنْ رَبِّکُمْ وَ هُدیً وَ رَحْمَةٌ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ کَذَّبَ بِآیاتِ اللّهِ وَ صَدَفَ عَنْها سَنَجْزِی الَّذِینَ یَصْدِفُونَ عَنْ آیاتِنا سُوءَ الْعَذابِ بِما کانُوا یَصْدِفُونَ» . (4)

«أَ فَمَنْ کانَ عَلی بَیِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ کَمَنْ زُیِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَ اتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ» . (5)

«إِنَّ الَّذِینَ یَکْتُمُونَ ما أَنْزَلْنا مِنَ الْبَیِّناتِ وَ الْهُدی مِنْ بَعْدِ ما بَیَّنّاهُ لِلنّاسِ فِی الْکِتابِ أُولئِکَ یَلْعَنُهُمُ اللّهُ وَ یَلْعَنُهُمُ اللاّعِنُونَ » . (6)

«قُلْ إِنِّی نُهِیتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِینَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللّهِ لَمّا جاءَنِی الْبَیِّناتُ مِنْ رَبِّی وَ أُمِرْتُ أَنْ أُسْلِمَ لِرَبِّ الْعالَمِینَ » . (7)

«وَ ما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِکَ إِلاّ رِجالاً نُوحِی إِلَیْهِمْ فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّکْرِ إِنْ کُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ* بِالْبَیِّناتِ

ص:63


1- (1) .آل عمران:138 و [1]راجع:البقرة:66 و [2]المائدة:46 و [3]النور:34. [4]
2- (2) .الأنفال:42. [5]
3- (3) .الأنعام:57. [6]
4- (4) .الأنعام:157. [7]
5- (5) .محمّد:14. [8]
6- (6) .البقرة:159. [9]
7- (7) .غافر:66. [10]

وَ الزُّبُرِ وَ أَنْزَلْنا إِلَیْکَ الذِّکْرَ لِتُبَیِّنَ لِلنّاسِ ما نُزِّلَ إِلَیْهِمْ وَ لَعَلَّهُمْ یَتَفَکَّرُونَ» . (1)

«وَ لَمّا جاءَ عِیسی بِالْبَیِّناتِ قالَ قَدْ جِئْتُکُمْ بِالْحِکْمَةِ وَ لِأُبَیِّنَ لَکُمْ بَعْضَ الَّذِی تَخْتَلِفُونَ فِیهِ فَاتَّقُوا اللّهَ وَ أَطِیعُونِ» . (2)

«وَ إِذْ قالَ عِیسَی ابْنُ مَرْیَمَ یا بَنِی إِسْرائِیلَ إِنِّی رَسُولُ اللّهِ إِلَیْکُمْ مُصَدِّقاً لِما بَیْنَ یَدَیَّ مِنَ التَّوْراةِ وَ مُبَشِّراً بِرَسُولٍ یَأْتِی مِنْ بَعْدِی اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمّا جاءَهُمْ بِالْبَیِّناتِ قالُوا هذا سِحْرٌ مُبِینٌ » . (3)

«یا أَیُّهَا النّاسُ قَدْ جاءَکُمْ بُرْهانٌ مِنْ رَبِّکُمْ وَ أَنْزَلْنا إِلَیْکُمْ نُوراً مُبِیناً» . (4)

«أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً قُلْ هاتُوا بُرْهانَکُمْ هذا ذِکْرُ مَنْ مَعِیَ وَ ذِکْرُ مَنْ قَبْلِی بَلْ أَکْثَرُهُمْ لا یَعْلَمُونَ الْحَقَّ فَهُمْ مُعْرِضُونَ» . (5)

«وَ مَنْ یَدْعُ مَعَ اللّهِ إِلهاً آخَرَ لا بُرْهانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّما حِسابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لا یُفْلِحُ الْکافِرُونَ» . (6)

«أَمَّنْ یَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ یُعِیدُهُ وَ مَنْ یَرْزُقُکُمْ مِنَ السَّماءِ وَ الْأَرْضِ أَ إِلهٌ مَعَ اللّهِ قُلْ هاتُوا بُرْهانَکُمْ إِنْ کُنْتُمْ صادِقِینَ » . (7)

«اُسْلُکْ یَدَکَ فِی جَیْبِکَ تَخْرُجْ بَیْضاءَ مِنْ غَیْرِ سُوءٍ وَ اضْمُمْ إِلَیْکَ جَناحَکَ مِنَ الرَّهْبِ فَذانِکَ بُرْهانانِ مِنْ رَبِّکَ إِلی فِرْعَوْنَ وَ مَلاَئِهِ إِنَّهُمْ کانُوا قَوْماً فاسِقِینَ » . (8)

«وَ نَزَعْنا مِنْ کُلِّ أُمَّةٍ شَهِیداً فَقُلْنا هاتُوا بُرْهانَکُمْ فَعَلِمُوا أَنَّ الْحَقَّ لِلّهِ وَ ضَلَّ عَنْهُمْ ما کانُوا یَفْتَرُونَ » . (9)

ص:64


1- (1) .النحل:43 و 44. [1]
2- (2) .الزخرف:63. [2]
3- (3) .الصف:6. [3]
4- (4) .النساء:174. [4]
5- (5) .الأنبیاء:24. [5]
6- (6) .المؤمنون:117. [6]
7- (7) .النمل:64. [7]
8- (8) .القصص:32. [8]
9- (9) .القصص:75. [9]

«قُلْ فَلِلّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ فَلَوْ شاءَ لَهَداکُمْ أَجْمَعِینَ» . (1)

راجع:البقرة:76،87،92،99،111،139،150،185،209،211،213،253،258؛آل عمران:20، 61،65،66،73،86،97،105،183،184؛النساء:153،165؛المائدة:32،110؛الأنعام:

80،83،149؛الأعراف:73،85،101،105؛التوبة:70؛یونس:13،15،74؛هود:17،28، 53،63،88؛یوسف:24؛إبراهیم:9؛الإسراء:101؛مریم:73؛طه:72،133؛الحجّ:16،72؛ النور:1،34،46؛القصص:36،العنکبوت:35،39،49؛الروم:9،47؛سبأ:43؛فاطر:25، 40؛غافر:22،28،34،50،83؛الشوری:15،16؛الجاثیة:17،25؛الأحقاف:7؛الحدید:9؛ المجادلة:5؛التغابن:6؛البیّنة:1،4.

الحدیث

11095. رسول اللّه صلی الله علیه و آله: إنَّ مِن خِیارِ امّتی-فیما نَبَّأَنِی المَلَأُ الأَعلی فِی الدَّرَجاتِ العُلی- قَومَاً...یَتَقَرَّبونَ بِالوسیلَةِ،یَلبَسون الخِلقانَ،ویَتبَعونَ البُرهانَ،ویَتلونَ الفُرقانَ، ویُقَرِّبونَ القُربانَ. (2)

11096. الإمام علیّ علیه السلام -فی فَضلِ الإِسلامِ-:هُوَ عِندَ اللّهِ وَثیقُ الأَرکَانِ،رَفیعُ البُنیانِ،مُنیرُ البُرهانِ،مُضیءُ النّیرانِ،عَزیزُ السُّلطانِ. (3)

11097. فاطمة علیها السلام -فی خُطبَةٍ لَها-:کِتابُ اللّهِ بَیِّنَةٌ بَصائِرُهُ،وآیٌ مُنکَشِفةٌ سَرائِرهُ،وبُرهانٌ مُتَجَلِّیَةٌ ظَواهِرُهُ. (4)

ص:65


1- (1) .الأنعام:149. [1]
2- (2) .حلیة الاُولیاء:ج 1 ص 16 [2] عن عِیاض بن غَنم وراجع:المستدرک علی الصحیحین:ج 3 ص 19 ح 4294 و کنز العمّال:ج 1 ص 162 ح 815 وج 2 ص 27 ح 3000.
3- (3) .نهج البلاغة:الخطبة 198، [3]بحار الأنوار:ج 68 ص 345 ح 16. [4]
4- (4) .کتاب من لا یحضره الفقیه:ج 3 ص 567 ح 4940،علل الشرائع:ص 248 ح 2 [5] کلاهما عن زینب بنت علیّ علیهما السلام،الاحتجاج:ج 1 ص 258 ح 49 [6] عن عبد اللّه بن الحسن عن آبائه علیهم السلام،دلائل الإمامة:ص 113 عن زید بن علی عن آبائه علیهم السلام،کشف الغمّة:ج 2 ص 109 [7] والثلاثة الأخیرة نحوه،بحار الأنوار:ج 6 ص 107 ح 1. [8]

2/9 الاِستِعانَةُ بِالمَوعِظَةِ

أ-مَواعِظُ اللّهِ عز و جل

الکتاب

«یا أَیُّهَا النّاسُ قَدْ جاءَتْکُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّکُمْ وَ شِفاءٌ لِما فِی الصُّدُورِ وَ هُدیً وَ رَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِینَ» . (1)

«فَجَعَلْناها نَکالاً لِما بَیْنَ یَدَیْها وَ ما خَلْفَها وَ مَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِینَ» . (2)

«اَلَّذِینَ یَأْکُلُونَ الرِّبا لا یَقُومُونَ إِلاّ کَما یَقُومُ الَّذِی یَتَخَبَّطُهُ الشَّیْطانُ مِنَ الْمَسِّ ذلِکَ بِأَنَّهُمْ قالُوا إِنَّمَا الْبَیْعُ مِثْلُ الرِّبا وَ أَحَلَّ اللّهُ الْبَیْعَ وَ حَرَّمَ الرِّبا فَمَنْ جاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهی فَلَهُ ما سَلَفَ وَ أَمْرُهُ إِلَی اللّهِ وَ مَنْ عادَ فَأُولئِکَ أَصْحابُ النّارِ هُمْ فِیها خالِدُونَ » . (3)

«هذا بَیانٌ لِلنّاسِ وَ هُدیً وَ مَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِینَ» . (4)

«وَ قَفَّیْنا عَلی آثارِهِمْ بِعِیسَی ابْنِ مَرْیَمَ مُصَدِّقاً لِما بَیْنَ یَدَیْهِ مِنَ التَّوْراةِ وَ آتَیْناهُ الْإِنْجِیلَ فِیهِ هُدیً وَ نُورٌ وَ مُصَدِّقاً لِما بَیْنَ یَدَیْهِ مِنَ التَّوْراةِ وَ هُدیً وَ مَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِینَ » . (5)

«وَ کَتَبْنا لَهُ فِی الْأَلْواحِ مِنْ کُلِّ شَیْءٍ مَوْعِظَةً وَ تَفْصِیلاً لِکُلِّ شَیْءٍ فَخُذْها بِقُوَّةٍ وَ أْمُرْ قَوْمَکَ یَأْخُذُوا بِأَحْسَنِها سَأُرِیکُمْ دارَ الْفاسِقِینَ » . (6)

«وَ کُلاًّ نَقُصُّ عَلَیْکَ مِنْ أَنْباءِ الرُّسُلِ ما نُثَبِّتُ بِهِ فُؤادَکَ وَ جاءَکَ فِی هذِهِ الْحَقُّ وَ مَوْعِظَةٌ وَ ذِکْری لِلْمُؤْمِنِینَ » . (7)

ص:66


1- (1) .یونس:57. [1]
2- (2) .البقرة:66. [2]
3- (3) .البقرة:275. [3]
4- (4) .آل عمران:138. [4]
5- (5) .المائدة:46. [5]
6- (6) .الأعراف:145. [6]
7- (7) .هود:120. [7]

الحدیث

11098. الإمامُ علیّ علیه السلام: فَاتَّقُوا اللّهَ الَّذی نَفَعَکُم بِمَوعِظَتِهِ،ووَعَظَکُم بِرِسالَتِهِ،وَامتَنَّ عَلَیکُم بِنِعمَتِهِ،فَعَبِّدوا أنفُسَکُم لِعِبادَتِهِ،وَاخرُجوا إلَیهِ مِن حَقِّ طاعَتِهِ. (1)

11099. عنه علیه السلام: انتَفِعوا بِبَیانِ اللّهِ،وَاتَّعِظوا بِمَواعِظِ اللّهِ،وَاقبَلوا نَصیحَةَ اللّهِ. (2)

ب-مَواعِظُ عیسی علیه السلام

الکتاب

«ما قُلْتُ لَهُمْ إِلاّ ما أَمَرْتَنِی بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللّهَ رَبِّی وَ رَبَّکُمْ وَ کُنْتُ عَلَیْهِمْ شَهِیداً ما دُمْتُ فِیهِمْ فَلَمّا تَوَفَّیْتَنِی کُنْتَ أَنْتَ الرَّقِیبَ عَلَیْهِمْ وَ أَنْتَ عَلی کُلِّ شَیْءٍ شَهِیدٌ » . (3)

الحدیث (4)

11100. عیسی علیه السلام: طُوبی لِلمُتَراحِمینَ،اُولئِکَ هُمُ المَرحومونَ یَومَ القِیامَةِ.طُوبی لِلمُصلِحینَ بَینَ النّاسِ،اُولئِکَ هُمُ المُقَرَّبونَ یَومَ القِیامَةِ.طُوبی لِلمُطَهَّرَةِ قُلوبُهُم،اُولئِکَ یَزُورونَ اللّهَ یَومَ القِیامَةِ.طُوبی لِلمُتَواضِعینَ فِی الدُّنیا،اُولئِکَ یَرِثونَ مَنابِرَ المُلکِ یَومَ القِیامَةِ. (5)

11101. عنه علیه السلام: یا عَبیدَ السّوءِ،تَلومونَ النّاسَ عَلَی الظَّنِّ ولا تَلُومونَ أنفُسَکُم عَلَی الیَقینِ!...

یا عَبیدَ الدُّنیا،تَحلِقونَ رُؤوسَکُم،وتُقَصِّرونَ قُمُصَکُم،وتُنَکِّسونَ رُؤوسَکُم،ولا

ص:67


1- (1) .نهج البلاغة:الخطبة 198، [1]بحار الأنوار:ج 70 ص 86 ح 6. [2]
2- (2) .نهج البلاغة:الخطبة 176، [3]أعلام الدین:ص 105، [4]بحار الأنوار:ج 2 ص 180 ح 1؛ [5]ینابیع المودة:ج 3 ص 436 ح 9 [6] وراجع:تحف العقول:ص 273.
3- (3) .المائدة:117. [7]
4- (4) .الأحادیث الآتیة هی نماذج من مواعظ عیسی علیه السلام غیر القرآنیة.
5- (5) .تحف العقول:ص 501،تنبیه الخواطر:ج 1 ص 201 [8] نحوه،بحار الأنوار:ج 1 ص 147 [9]عن الإمام الکاظم [10]عنه علیهما السلام وکلاهما نحوه؛التواضع والخمول:ص 153 ح 117 عن سعد الطائی نحوه.

تَنزِعونَ الغِلَّ (1)مِن قُلوبِکُم !

یا عَبیدَ الدُّنیا،مَثَلُکُم کَمَثَلِ القُبورِ المُشَیَّدةِ؛یُعجِبُ النّاظِرَ ظَهرُها،وداخِلُها عِظامُ المَوتی،مَملُوءَةً خَطایا.

یا عَبیدَ الدُّنیا،إنّما مَثَلُکُم کمَثَلِ السِّراجِ؛یُضِیءُ لِلنّاسِ ویُحرِقُ نَفسَهُ !

یابَنی إسرائیلَ،زاحِموا العُلَماءَ فی مَجالِسِهِم ولَو حَبواً عَلَی الرُّکَبِ (2)؛فَإِنَّ اللّهَ یُحیِی القُلوبَ المَیِّتَةَ بِنورِ الحِکمَةِ،کَما یُحیِی الأرضَ المَیِّتَةَ بِوابِلِ المَطرِ. (3)

ج-مَواعِظُ النَّبِیِّ صلی الله علیه و آله

الکتاب

«اُدْعُ إِلی سَبِیلِ رَبِّکَ بِالْحِکْمَةِ وَ الْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَ جادِلْهُمْ بِالَّتِی هِیَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّکَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِیلِهِ وَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِینَ » . (4)

«قُلْ إِنَّما أَعِظُکُمْ بِواحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلّهِ مَثْنی وَ فُرادی ثُمَّ تَتَفَکَّرُوا ما بِصاحِبِکُمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلاّ نَذِیرٌ لَکُمْ بَیْنَ یَدَیْ عَذابٍ شَدِیدٍ » . (5)

الحدیث (6)

11102. رسول اللّه صلی الله علیه و آله -فی وَصِیَّتِهِ لِأَبی ذَرٍّ-:یا أبا ذَرٍّ کُن کَأَنَّکَ فِی الدُّنیا غَرِیبٌ أو کَعابِرِ

ص:68


1- (1) .الغلّ:الحقد والشحناء (النهایة:ج 3 ص 381«غلل»).
2- (2) .حبا الصبیّ علی استه:إذا زحَفَ (الصحاح:ج 6 ص 2307« [1]حبا»).
3- (3) .تحف العقول:ص 501،بحار الأنوار:ج 14 ص 305 ح 17؛ [2]وراجع:الموطأ:ج 2 ص 1002 ح 1 و [3]المعجم الکبیر:ج 8 ص 199 ح 7810 و الزهد لابن حنبل:ص 133 و [4]تاریخ دمشق:ج 68 ص 62 و کنز العمّال:ج 10 ص 187 ح 28976.
4- (4) .النحل:125. [5]
5- (5) .سبأ:46. [6]
6- (6) .الأحادیث الآتیة هی نماذج من مواعظ رسول اللّه صلی الله علیه و آله غیر القرآنیة.

سَبیلٍ،وعُدَّ نَفسَکَ مِن أصحابِ القُبورِ،یا أبا ذَرٍّ إذا أصبَحتَ فَلا تُحَدِّث نَفسَکَ بِالمَساءِ،وإذا أمسَیتَ فَلا تُحَدِّث نَفسَکَ بِالصَّباحِ،وخُذ مِن صِحَّتِکَ قَبلَ سُقمِکَ، ومِن حَیاتِکَ قَبلَ مَوتِکَ؛فَإِنَّکَ لا تَدری مَا اسمُکَ غَداً. (1)

11103. عنه صلی الله علیه و آله: ما لی أری حُبَّ الدُّنیا قَد غَلَبَ عَلی کَثیرٍ مِنَ النّاسِ؛حَتّی کَأنَّ المَوتَ فی هذِهِ الدّنیا عَلی غَیرِهِم کُتِبَ !...أما یَتَّعِظُ آخِرُهُم بِأوَّلِهِم؟! لَقَد جَهِلوا ونَسوا کُلَّ واعِظٍ فی کِتابِ اللّهِ،وأَمِنوا شَرَّ کُلِّ عاقِبَةِ سوءٍ ! (2)

11104. عنه صلی الله علیه و آله: أیُّهَا النّاسُ ! کَأَنَّ الحَقَّ فیها عَلی غَیرِنا وَجَبَ،وکَأَنَّ المَوتَ فیها علی غَیرِنا کُتِبَ،وکَأَنَّ الَّذینَ نُشَیِّعُ مِنَ الأَمواتِ سَفرٌ عَمّا قَلیلٍ إلَینا عائِدونَ،نُبَوِّئُهُم أجداثَهُم، ونَأکُلُ تُراثَهُم،کَأَ نّا مُخَلَّدونَ بَعدَهُم،قَد نَسینا کُلَّ واعِظَةٍ،وأَمِنّا کُلَّ جائِحَةٍ !

طوبی لِمَن شَغَلَهُ عَیبُهُ عَن عُیوبِ النّاسِ،وأَنفَقَ مِن مالٍ اکتَسَبَهُ مِن غَیرِ مَعصِیَةٍ، وخالَطَ أهلَ الفِقهِ وَالحِکمَةِ،وجانَبَ أهلَ الذُّلِّ وَالمَعصِیَةِ !

طوبی لِمَن ذَلَّ فی نَفسِهِ،وحَسُنَت خَلیقَتُهُ،وأَنفَقَ الفَضلَ مِن مالِهِ،وأَمسَکَ الفَضلَ مِن قَولِهِ،ووَسِعَتهُ السُّنَّةُ ولَم یَعدُها إلَی البِدعَةِ. (3)

ص:69


1- (1) .مکارم الأخلاق:ج 2 ص 364 ح 2661، [1]الأمالی للطوسی:ص 526 ح 1162، [2]تنبیه الخواطر:ج 2 ص 52 [3] کلّها عن أبی ذر،أعلام الدین:ص 339 [4]عن ابن عمر،بحار الأنوار:ج 77 ص 77 ح 3؛ [5]تاریخ دمشق:ج 34 ص 398 الرقم 7042 عن ابن عمر نحوه.
2- (2) .الکافی:ج 8 ص 168 ح 190 [6] عن أبی مریم عن الإمام الباقر علیه السلام عن جابر بن عبد اللّه،نهج البلاغة:الحکمة 122 و 123، [7]کنز الفوائد:ج 1 ص 379 [8] کلاهما نحوه،تحف العقول:ص 29،بحار الأنوار:ج 77 ص 125 ح 32. [9]
3- (3) .مسند الشهاب:ج 1 ص 359 ح 614،سیر أعلام النبلاء:ج 13 ص 557 الرقم 281،تاریخ دمشق:ج 54 ص 240 ح 11480 کلاهما نحوه وکلّها عن أنس،کنز العمّال:ج 16 ص 142 ح 44175؛تاریخ الیعقوبی:ج 2 ص 100، [10]أعلام الدین:ص 331 ح 1 [11] عن أنس وکلاهما نحوه،بحار الأنوار:ج 77 ص 175 ح 10. [12]

11105. عنه صلی الله علیه و آله: تَیَقَّظوا بِالعِبَرِ،وتأهَّبوا لِلسَّفَرِ،وتَقَنَّعوا بِالیَسیرِ،وتَأهَّبوا لِلمَسیرِ. (1)

3/9 الاِستِعانَةُ بِالجِدالِ الأَحسَنِ

الکتاب

«اُدْعُ إِلی سَبِیلِ رَبِّکَ بِالْحِکْمَةِ وَ الْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَ جادِلْهُمْ بِالَّتِی هِیَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّکَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِیلِهِ وَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِینَ » . (2)

«وَ لا تُجادِلُوا أَهْلَ الْکِتابِ إِلاّ بِالَّتِی هِیَ أَحْسَنُ إِلاَّ الَّذِینَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَ قُولُوا آمَنّا بِالَّذِی أُنْزِلَ إِلَیْنا وَ أُنْزِلَ إِلَیْکُمْ وَ إِلهُنا وَ إِلهُکُمْ واحِدٌ وَ نَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ » . (3)

الحدیث

11106. الإمام علیّ علیه السلام -فِی الحِکَمِ المَنسوبَةِ إلَیهِ-:مُرُوا الأَحداثَ بِالمِراءِ وَالجِدالِ،وَالکُهولَ بِالفِکرِ،والشُّیوخَ بِالصَّمتِ. (4)

11107. الإمام الصادق علیه السلام -وقَد بَلَغَهُ مَوتُ الطَّیّارِ-:رَحِمَ اللّهُ الطَّیّارَ ولَقّاهُ نَضرَةً وسُروراً؛ فَلَقَد کانَ شَدیدَ الخُصومَةِ عَنّا أهلَ البَیتِ. (5)

11108. رجال الکشّی عن أبی القاسم نصر بن الصّباح: عَبدُالرَّحمن بنُ الحَجّاجِ شَهِدَ لَهُ أبُوالحَسَنِ علیه السلام بِالجَنَّةِ،وکانَ أبو عَبدِاللّهِ علیه السلام یَقولُ لِعَبدِ الرَّحمنِ:یا عَبدَالرَّحمنِ،کَلِّم

ص:70


1- (1) .تنبیه الخواطر:ج 2 ص 120. [1]
2- (2) .النحل:125. [2]
3- (3) .العنکبوت:46. [3]
4- (4) .شرح نهج البلاغة لابن أبی الحدید:ج 20 ص 285 ح 260. [4]
5- (5) .تصحیح الاعتقاد (المطبوعة فی ج 5 من کتب المؤتمر):ص 17،رجال الکشّی:ج 2 ص 638 ح 651 [5] عن هشام بن الحکم و ح 652 عن أبی جعفر الأحول وکلاهما نحوه،بحارالأنوار:ج 73 ص 404. [6]

أهلَ المَدینَةِ فَإِنّی احِبُّ أن یُری فی رِجالِ الشّیعَةِ مِثلُکُ. (1)

11109. رجال الکشّی عن حمّاد: کانَ أبُو الحَسَنِ علیه السلام یَأمُرُ مُحَمَّدَ بنَ حَکیمٍ أن یُجالِسَ أهلَ المَدینَةِ فی مَسجِدِ رَسولِ اللّهِ صلی الله علیه و آله،وأَن یُکَلِّمَهُم ویُخاصِمَهُم،حَتّی کَلَّمَهُم فی صاحِبِ القَبرِ،فَکانَ إذَا انصَرَفَ إلَیهِ قالَ لَهُ:ما قُلتَ لَهُم؟وما قالوا لَکَ؟ویَرضی بِذلِکَ مِنهُ. (2)

11110. الاحتجاج عن الإمام العسکری علیه السلام: ذُکِرَ عِندَ الصّادِقِ علیه السلام الجِدالُ فِی الدّینِ،وأَنَّ رَسولَ اللّهِ صلی الله علیه و آله وَالأَئِمَّةَ علیهم السلام قَد نَهَوا عَنهُ،فَقالَ الصّادِقُ علیه السلام:لَم یُنهَ عَنهُ مُطلَقاً،ولکِنَّهُ نُهِیَ عَنِ الجِدالِ بِغَیرِ الَّتی هِیَ أحسَنُ،أما تَسمَعونَ اللّهَ عز و جل یَقولُ: «وَ لا تُجادِلُوا أَهْلَ الْکِتابِ إِلاّ بِالَّتِی هِیَ أَحْسَنُ » وقَولَهُ: «اُدْعُ إِلی سَبِیلِ رَبِّکَ بِالْحِکْمَةِ وَ الْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَ جادِلْهُمْ بِالَّتِی هِیَ أَحْسَنُ » ؟

فَالجِدالُ بِالَّتی هِیَ أحسَنُ قَد قَرَنَهُ العُلَماءُ بِالدّینِ،وَالجِدالُ بِغَیرِ الَّتی هِیَ أحسَنُ مُحَرَّمٌ،حَرَّمَهُ اللّهُ عَلی شیعَتِنا.وکَیفَ یُحَرِّمُ اللّهُ الجِدالَ جُملَةً وهُوَ یَقولُ: «وَ قالُوا لَنْ یَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلاّ مَنْ کانَ هُوداً أَوْ نَصاری» ،وقالَ اللّهُ تَعالی: «تِلْکَ أَمانِیُّهُمْ قُلْ هاتُوا بُرْهانَکُمْ إِنْ کُنْتُمْ صادِقِینَ» (3)،فَجَعَلَ عِلمَ الصِّدقِ وَالإِیمانِ بِالبُرهانِ،وهَل یُؤتی بِبُرهانٍ إلّافِی الجِدالِ بِالَّتی هِیَ أحسَنُ؟

فَقیلَ:یَابنَ رَسولِ اللّهِ! فَمَا الجِدالُ بِالَّتی هِیَ أحسَنُ؟وَالَّتی لَیسَت بِأَحسَنَ؟

قالَ:أمَّا الجِدالُ بِغَیرِ الَّتی هِیَ أحسَنُ فَأَن تُجادِلَ بِهِ،مُبطِلاً فَیورِدُ عَلَیکَ باطِلاً، فَلا تَرُدُّهُ بِحُجَّةٍ قَد نَصَبَهَا اللّهُ،ولکِن تَجحَدُ قَولَهُ،أو تَجحَدُ حَقّاً،یُریدُ ذلِکَ المُبطِلُ

ص:71


1- (1) .رجال الکشّی:ج 2 ص 741 ح 830، [1]بحارالأنوار:ج 2 ص 136 ح 42. [2]
2- (2) .رجال الکشّی:ج 2 ص 746 ح 844، [3]بحارالأنوار:ج 2 ص 137 ح 44. [4]
3- (3) .البقرة:111. [5]

أن یُعینَ بِهِ باطِلَهُ،فَتَجحَدُ ذلِکَ الحَقَّ مَخافَةَ أن یَکونَ لَهُ عَلَیکَ فیهِ حُجَّةٌ،لِأَنَّکَ لاتَدری کَیفَ المَخلَصُ مِنهُ،فَذلِکَ حَرامٌ عَلی شیعَتِنا أن یَصیروا فِتنَةً عَلی ضُعَفاءِ إخوانِهِم وعَلَی المُبطِلینَ.

أمَّا المُبطِلونَ فَیَجعَلونَ ضَعفَ الضَّعیفِ مِنکُم إذا تَعاطی مُجادَلَتَهُ،وضَعفَ ما فی یَدِهِ،حُجَّةً لَهُ عَلی باطِلِهِ.

وأَمَّا الضُّعَفاءُ مِنکُم فَتُغَمُّ قُلوبُهُم لِما یَرَونَ مِن ضَعفِ المُحِقِّ فی یَدِ المُبطِلِ.

وأَمَّا الجِدالُ بِالَّتی هِیَ أحسَنُ،فَهُوَ ما أمَرَ اللّهُ تَعالی بِهِ نَبِیَّهُ أن یُجادِلَ بِهِ مَن جَحَدَ البَعثَ بَعدَ المَوتِ وإحیاءَهُ لَهُ،فَقالَ اللّهُ تَعالی حاکِیاً عَنهُ: «وَ ضَرَبَ لَنا مَثَلاً وَ نَسِیَ خَلْقَهُ قالَ مَنْ یُحْیِ الْعِظامَ وَ هِیَ رَمِیمٌ» (1)فَقالَ اللّهُ تَعالی فِی الرَّدِّ عَلَیهِ: «قُلْ یُحْیِیهَا الَّذِی أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ وَ هُوَ بِکُلِّ خَلْقٍ عَلِیمٌ * اَلَّذِی جَعَلَ لَکُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ ناراً فَإِذا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ » إلی آخِرِ السّورَةِ.

فَأَرادَ اللّهُ مِن نَبِیِّهِ أن یُجادِلَ المُبطِلَ الَّذی قالَ:کَیفَ یَجوزُ أن یُبعَثَ هذِهِ العِظامُ وهِیَ رَمیمٌ؟فَقالَ اللّهُ تَعالی: «قُلْ یُحْیِیهَا الَّذِی أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ» (2)أفَیَعجُزُ مَنِ ابتَدَأَ بِهِ لا مِن شَیءٍ أن یُعیدَهُ بَعدَ أن یَبلی؟بَلِ ابتِداؤُهُ أصعَبُ عِندَکُم مِن إعادَتِهِ.

ثُمَّ قالَ: «اَلَّذِی جَعَلَ لَکُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ ناراً» (3)أی إذا أکمَنَ النّارَ الحارَّةَ فِی الشَّجَرِ الأَخضَرِ الرَّطبِ،ثُمَّ یَستَخرِجُها فَعَرَّفَکُم أنَّهُ عَلی إعادَةِ ما بَلِیَ أقدَرُ.

ثُمَّ قالَ: «أَ وَ لَیْسَ الَّذِی خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ بِقادِرٍ عَلی أَنْ یَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلی وَ هُوَ الْخَلاّقُ الْعَلِیمُ » (4)أی:إذا کانَ خَلقُ السَّماواتِ وَالأَرضِ أعظَمَ وأَبعَدَ فی أوهامِکُم وقَدَرِکُم أَن تَقدِروا عَلَیهِ مِن إعادَةِ البالی،فَکَیفَ جَوَّزتُم مِنَ اللّهِ خَلقَ هذَا الأَعجَبِ

ص:72


1- (1)
2- (2)
3- (3) 1-.یس:80. [1]
4- (4) .یس:81. [2]

عِندَکُم،وَالأَصعَبِ لَدَیکُم،ولَم تُجَوِّزوا مِنهُ خَلقَ ما هُوَ أسهَلُ عِندَکُم مِن إعادَةِ البالی؟

فَقالَ الصّادِقُ علیه السلام:فَهذَا الجِدالُ بِالَّتی هِیَ أحسَنُ،لِأَنَّ فیها قَطعَ عُذرِ الکافِرینَ وإزالَةَ شُبَهِهِم.

وأَمَّا الجِدالُ بِغَیرِ الَّتی هِیَ أحسَنُ،فَأَن تَجحَدَ حَقّاً لایُمکِنُکَ أن تُفَرِّقَ بَینَهُ وبَینَ باطِلِ مَن تُجادِلُهُ،وإنَّما تَدفَعُهُ عَن باطِلِهِ،بِأَن تَجحَدَ الحَقَّ،فَهذا هُوَ المُحَرَّمُ،لِأَنَّکَ مِثلُهُ،جَحَدَ هُوَ حَقّاً،وجَحَدتَ أنتَ حَقّاً آخَرَ.

وقالَ أبو مُحَمَّدٍ الحَسَنُ العَسکَرِیُّ علیه السلام:فَقامَ إلَیهِ رَجُلٌ آخَرُ وقالَ:یَابنَ رَسولِ اللّهِ، أفجادَلَ رَسولُ اللّهِ؟

فَقالَ الصّادِقُ علیه السلام:مَهما ظَنَنتَ بِرَسولِ اللّهِ مِن شَیءٍ،فَلا تَظُنَّنَّ بِهِ مُخالَفَةَ اللّهِ.ألَیسَ اللّهُ قَد قالَ: «وَ جادِلْهُمْ بِالَّتِی هِیَ أَحْسَنُ» ؟! وقالَ: «قُلْ یُحْیِیهَا الَّذِی أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ» (1)؟! لِمَن ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً؟أفَتَظُنُّ أنَّ رَسولَ اللّهِ صلی الله علیه و آله خالَفَ ما أمَرَهُ اللّهُ بِهِ،فَلَم یُجادِل بِما أمَرَهُ اللّهُ بِهِ،ولَم یُخبِر عَن أمرِ اللّهِ بِما أمَرَهُ أن یُخبِرَ بِهِ عَنهُ؟! (2)

4/9 الاِستِعانَةُ بِالأَمثالِ

أ-الحث علی التَّدَبُّرِ فی أمثالِ القُرآنِ وَالرُّجوعِ فیها إلی أهلِ البَیتِ علیهم السلام

الکتاب

«وَ لَقَدْ ضَرَبْنا لِلنّاسِ فِی هذَا الْقُرْآنِ مِنْ کُلِّ مَثَلٍ وَ لَئِنْ جِئْتَهُمْ بِآیَةٍ لَیَقُولَنَّ الَّذِینَ کَفَرُوا إِنْ

ص:73


1- (1) .یس:79. [1]
2- (2) .الاحتجاج:ج 1 ص 23 ح 20، [2]التفسیر المنسوب إلی الإمام العسکری علیه السلام:ص 527 ح 322، [3]بحارالأنوار:ج 2 ص 125 ح 2. [4]

أَنْتُمْ إِلاّ مُبْطِلُونَ» . (1)

«لَوْ أَنْزَلْنا هذَا الْقُرْآنَ عَلی جَبَلٍ لَرَأَیْتَهُ خاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْیَةِ اللّهِ وَ تِلْکَ الْأَمْثالُ نَضْرِبُها لِلنّاسِ لَعَلَّهُمْ یَتَفَکَّرُونَ» . (2)

الحدیث

11111. الإمام الباقر علیه السلام: القُرآنُ ضُرِبَ فیهِ الأَمثالُ لِلنّاسِ وخاطَبَ اللّهُ نَبِیَّهُ بِهِ ونَحنُ،فَلَیسَ یَعلَمُهُ غَیرُنا. (3)

11112. الإمام الصادق علیه السلام: إِنَّ أمثالَ القُرآنِ لَها فَوائِدُ؛فَأَنعِمُوا (4)النَّظَرَ فیها،وأَکثِرُوا التَّفَکُّرَ وَالتَّدَبُّرَ فی مَعانیها،ولا تَمُرّوا بِها. (5)

11113. الإمام زین العابدین علیه السلام: اللهُمَّ صَلِّ عَلی مُحَمَّدٍ وآلِهِ،وَاجعَلِ القُرآنَ لَنا فی ظُلَمِ اللَّیالی مُؤنِساً...،حَتّی توصِلَ إلی قُلوبِنا فَهمَ عَجائِبِهِ وزَواجِرَ أمثالِهِ،الَّتی ضَعُفَتِ الجِبالُ الرَّواسی عَلی صَلابَتِها عَنِ احتِمالِهِ. (6)

ب-التَّحذیرُ مِن عَدَمِ التَّدَبُّرِ فی أمثالِ القرآنِ

الکتاب

«وَ لَقَدْ صَرَّفْنا لِلنّاسِ فِی هذَا الْقُرْآنِ مِنْ کُلِّ مَثَلٍ فَأَبی أَکْثَرُ النّاسِ إِلاّ کُفُوراً» . (7)

ص:74


1- (1) .الروم:58. [1]
2- (2) .الحشر:21. [2]
3- (3) .تفسیر القمّی:ج 2 ص 425 [3]عن محمّد بن مسلم،بحار الأنوار:ج 24 ص 72 ح 5. [4]
4- (4) .أنعم النظر فی الشیء:أطال التفکّر فیه ( النهایة:ج 5 ص 83« [5]نعم»).
5- (5) .مِصباح البراعة للراوندی:ج 1 ص 94،ریاض السالکین:ج 5 ص 461،شرح الکافی لِمُلّا صالح:ج 12 ص 221.
6- (6) .الصحیفة السجّادیّة:ص 159 الدعاء 42، [6]مصباح المتهجّد:ص 520 الدعاء 603، [7]الإقبال:ج 1 ص 451. [8]
7- (7) .الإسراء:89. [9]

«وَ لَقَدْ صَرَّفْنا فِی هذَا الْقُرْآنِ لِلنّاسِ مِنْ کُلِّ مَثَلٍ وَ کانَ الْإِنْسانُ أَکْثَرَ شَیْءٍ جَدَلاً» . (1)

«وَ لَقَدْ ضَرَبْنا لِلنّاسِ فِی هذَا الْقُرْآنِ مِنْ کُلِّ مَثَلٍ وَ لَئِنْ جِئْتَهُمْ بِآیَةٍ لَیَقُولَنَّ الَّذِینَ کَفَرُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلاّ مُبْطِلُونَ » . (2)

«وَ سَکَنْتُمْ فِی مَساکِنِ الَّذِینَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ وَ تَبَیَّنَ لَکُمْ کَیْفَ فَعَلْنا بِهِمْ وَ ضَرَبْنا لَکُمُ الْأَمْثالَ» . (3)

الحدیث

11114. مصباح الشریعة: قالَ أمیرُ المُؤمِنینَ علیه السلام لِقاضٍ:هَل تَعرِفُ النّاسِخَ وَالمَنسوخَ؟

قالَ:لا.

(قالَ:فَهَل أشرَفتَ عَلی مُرادِ اللّهِ فی أمثالِ القُرآنِ؟

قالَ:لا) (4).

قالَ علیه السلام:إذاً هَلَکتَ وأَهلَکتَ ! وَالمُفتی یَحتاجُ إلی مَعرِفَةِ مَعانِی القُرآنِ،وحَقائِقِ السُّنَنِ،وبَواطِنِ الإِشاراتِ. (5)

5/9 نَماذِجُ مِن أمثالِ القُرآنِ

أ-مَثَلُ نورِ اللّهِ

«اَللّهُ نُورُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ کَمِشْکاةٍ فِیها مِصْباحٌ الْمِصْباحُ فِی زُجاجَةٍ الزُّجاجَةُ

ص:75


1- (1) .الکهف:54. [1]
2- (2) .الروم:58. [2]
3- (3) .إبراهیم:45. [3]
4- (4) .ما بین القوسین سقط من المصدر،و أثبتناه من طبعة مؤسسة الأعلمی للمطبوعات:ص 17 و بحار الأنوار. [4]
5- (5) .مصباح الشریعة:ص 355، [5]بحار الأنوار:ج 2 ص 121 ح 34 و [6]راجع:تفسیر العیّاشی:ج 1 ص 12 ح 9.

کَأَنَّها کَوْکَبٌ دُرِّیٌّ یُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَکَةٍ زَیْتُونَةٍ لا شَرْقِیَّةٍ وَ لا غَرْبِیَّةٍ یَکادُ زَیْتُها یُضِیءُ وَ لَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ نُورٌ عَلی نُورٍ یَهْدِی اللّهُ لِنُورِهِ مَنْ یَشاءُ وَ یَضْرِبُ اللّهُ الْأَمْثالَ لِلنّاسِ وَ اللّهُ بِکُلِّ شَیْءٍ عَلِیمٌ» . (1)

ب-مَثَلُ أصحابِ النَّبِیِّ صلی الله علیه و آله

«مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللّهِ وَ الَّذِینَ مَعَهُ أَشِدّاءُ عَلَی الْکُفّارِ رُحَماءُ بَیْنَهُمْ تَراهُمْ رُکَّعاً سُجَّداً یَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللّهِ وَ رِضْواناً سِیماهُمْ فِی وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذلِکَ مَثَلُهُمْ فِی التَّوْراةِ وَ مَثَلُهُمْ فِی الْإِنْجِیلِ کَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوی عَلی سُوقِهِ یُعْجِبُ الزُّرّاعَ لِیَغِیظَ بِهِمُ الْکُفّارَ وَعَدَ اللّهُ الَّذِینَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصّالِحاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَ أَجْراً عَظِیماً» . (2)

ج-مَثَلُ الحَقِّ وَالباطِلِ

«أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَسالَتْ أَوْدِیَةٌ بِقَدَرِها فَاحْتَمَلَ السَّیْلُ زَبَداً رابِیاً وَ مِمّا یُوقِدُونَ عَلَیْهِ فِی النّارِ ابْتِغاءَ حِلْیَةٍ أَوْ مَتاعٍ زَبَدٌ مِثْلُهُ کَذلِکَ یَضْرِبُ اللّهُ الْحَقَّ وَ الْباطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَیَذْهَبُ جُفاءً وَ أَمّا ما یَنْفَعُ النّاسَ فَیَمْکُثُ فِی الْأَرْضِ کَذلِکَ یَضْرِبُ اللّهُ الْأَمْثالَ» . (3)

د-مَثَلُ کَلِمَةٍ طَیِّبَةٍ ومَثَلُ کَلِمَةٍ خَبیثَةٍ

«أَ لَمْ تَرَ کَیْفَ ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً کَلِمَةً طَیِّبَةً کَشَجَرَةٍ طَیِّبَةٍ أَصْلُها ثابِتٌ وَ فَرْعُها فِی السَّماءِ* تُؤْتِی أُکُلَها کُلَّ حِینٍ بِإِذْنِ رَبِّها وَ یَضْرِبُ اللّهُ الْأَمْثالَ لِلنّاسِ لَعَلَّهُمْ یَتَذَکَّرُونَ * وَ مَثَلُ کَلِمَةٍ خَبِیثَةٍ کَشَجَرَةٍ خَبِیثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ ما لَها مِنْ قَرارٍ » . (4)

ص:76


1- (1) .النور:35. [1]
2- (2) .الفتح:29. [2]
3- (3) .الرعد:17. [3]
4- (4) .إبراهیم:24-26. [4]

ه-أمثالٌ فی بَیانِ خَصائِصِ المُؤمِنِ والکافِرِ

«مَثَلُ الْفَرِیقَیْنِ کَالْأَعْمی وَ الْأَصَمِّ وَ الْبَصِیرِ وَ السَّمِیعِ هَلْ یَسْتَوِیانِ مَثَلاً أَ فَلا تَذَکَّرُونَ» . (1)

«ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً عَبْداً مَمْلُوکاً لا یَقْدِرُ عَلی شَیْءٍ وَ مَنْ رَزَقْناهُ مِنّا رِزْقاً حَسَناً فَهُوَ یُنْفِقُ مِنْهُ سِرًّا وَ جَهْراً هَلْ یَسْتَوُونَ الْحَمْدُ لِلّهِ بَلْ أَکْثَرُهُمْ لا یَعْلَمُونَ * وَ ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً رَجُلَیْنِ أَحَدُهُما أَبْکَمُ لا یَقْدِرُ عَلی شَیْءٍ وَ هُوَ کَلٌّ عَلی مَوْلاهُ أَیْنَما یُوَجِّهْهُ لا یَأْتِ بِخَیْرٍ هَلْ یَسْتَوِی هُوَ وَ مَنْ یَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَ هُوَ عَلی صِراطٍ مُسْتَقِیمٍ» . (2)

«ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً رَجُلاً فِیهِ شُرَکاءُ مُتَشاکِسُونَ وَ رَجُلاً سَلَماً لِرَجُلٍ هَلْ یَسْتَوِیانِ مَثَلاً الْحَمْدُ لِلّهِ بَلْ أَکْثَرُهُمْ لا یَعْلَمُونَ(92) إِنَّکَ مَیِّتٌ وَ إِنَّهُمْ مَیِّتُونَ » . (3)

«أَ وَ مَنْ کانَ مَیْتاً فَأَحْیَیْناهُ وَ جَعَلْنا لَهُ نُوراً یَمْشِی بِهِ فِی النّاسِ کَمَنْ مَثَلُهُ فِی الظُّلُماتِ لَیْسَ بِخارِجٍ مِنْها کَذلِکَ زُیِّنَ لِلْکافِرِینَ ما کانُوا یَعْمَلُونَ » . (4)

«أَ فَمَنْ یَمْشِی مُکِبًّا عَلی وَجْهِهِ أَهْدی أَمَّنْ یَمْشِی سَوِیًّا عَلی صِراطٍ مُسْتَقِیمٍ» . (5)

«وَ اضْرِبْ لَهُمْ مَثَلاً رَجُلَیْنِ جَعَلْنا لِأَحَدِهِما جَنَّتَیْنِ مِنْ أَعْنابٍ وَ حَفَفْناهُما بِنَخْلٍ وَ جَعَلْنا بَیْنَهُما زَرْعاً * کِلْتَا الْجَنَّتَیْنِ آتَتْ أُکُلَها وَ لَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَیْئاً وَ فَجَّرْنا خِلالَهُما نَهَراً* وَ کانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقالَ لِصاحِبِهِ وَ هُوَ یُحاوِرُهُ أَنَا أَکْثَرُ مِنْکَ مالاً وَ أَعَزُّ نَفَراً * وَ دَخَلَ جَنَّتَهُ وَ هُوَ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ قالَ ما أَظُنُّ أَنْ تَبِیدَ هذِهِ أَبَداً * وَ ما أَظُنُّ السّاعَةَ قائِمَةً وَ لَئِنْ رُدِدْتُ إِلی رَبِّی لَأَجِدَنَّ خَیْراً مِنْها مُنْقَلَباً * قالَ لَهُ صاحِبُهُ وَ هُوَ یُحاوِرُهُ أَ کَفَرْتَ بِالَّذِی خَلَقَکَ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوّاکَ رَجُلاً*

ص:77


1- (1) .هود:24. [1]
2- (2) .النحل:75 و 76. [2]
3- (3) .الزمر:29. [3]
4- (4) .الأنعام:122. [4]
5- (5) .الملک:23. [5]

لکِنَّا هُوَ اللّهُ رَبِّی وَ لا أُشْرِکُ بِرَبِّی أَحَداً* وَ لَوْ لا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَکَ قُلْتَ ما شاءَ اللّهُ لا قُوَّةَ إِلاّ بِاللّهِ إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْکَ مالاً وَ وَلَداً* فَعَسی رَبِّی أَنْ یُؤْتِیَنِ خَیْراً مِنْ جَنَّتِکَ وَ یُرْسِلَ عَلَیْها حُسْباناً مِنَ السَّماءِ فَتُصْبِحَ صَعِیداً زَلَقاً* أَوْ یُصْبِحَ ماؤُها غَوْراً فَلَنْ تَسْتَطِیعَ لَهُ طَلَباً* وَ أُحِیطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ یُقَلِّبُ کَفَّیْهِ عَلی ما أَنْفَقَ فِیها وَ هِیَ خاوِیَةٌ عَلی عُرُوشِها وَ یَقُولُ یا لَیْتَنِی لَمْ أُشْرِکْ بِرَبِّی أَحَداً» . (1)

و-مَثَلُ الکافِرِ

«وَ مَثَلُ الَّذِینَ کَفَرُوا کَمَثَلِ الَّذِی یَنْعِقُ بِما لا یَسْمَعُ إِلاّ دُعاءً وَ نِداءً صُمٌّ بُکْمٌ عُمْیٌ فَهُمْ لا یَعْقِلُونَ» . (2)

«إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللّهِ الصُّمُّ الْبُکْمُ الَّذِینَ لا یَعْقِلُونَ» . (3)

ز-مَثَلُ المُشرِکِ

«مَثَلُ الَّذِینَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللّهِ أَوْلِیاءَ کَمَثَلِ الْعَنْکَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَیْتاً وَ إِنَّ أَوْهَنَ الْبُیُوتِ لَبَیْتُ الْعَنْکَبُوتِ لَوْ کانُوا یَعْلَمُونَ» . (4)

«حُنَفاءَ لِلّهِ غَیْرَ مُشْرِکِینَ بِهِ وَ مَنْ یُشْرِکْ بِاللّهِ فَکَأَنَّما خَرَّ مِنَ السَّماءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّیْرُ أَوْ تَهْوِی بِهِ الرِّیحُ فِی مَکانٍ سَحِیقٍ» . (5)

«لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ وَ الَّذِینَ یَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا یَسْتَجِیبُونَ لَهُمْ بِشَیْءٍ إِلاّ کَباسِطِ کَفَّیْهِ إِلَی الْماءِ لِیَبْلُغَ فاهُ وَ ما هُوَ بِبالِغِهِ وَ ما دُعاءُ الْکافِرِینَ إِلاّ فِی ضَلالٍ » . (6)

ص:78


1- (1) .الکهف:32-42. [1]
2- (2) .البقرة:171. [2]
3- (3) .الأنفال:22. [3]
4- (4) .العنکبوت:41. [4]
5- (5) .الحجّ:31. [5]
6- (6) .الرعد:14. [6]

ح-مَثَلُ المُنافِقِ

«مَثَلُهُمْ کَمَثَلِ الَّذِی اسْتَوْقَدَ ناراً فَلَمّا أَضاءَتْ ما حَوْلَهُ ذَهَبَ اللّهُ بِنُورِهِمْ وَ تَرَکَهُمْ فِی ظُلُماتٍ لا یُبْصِرُونَ » . (1)

«أَوْ کَصَیِّبٍ مِنَ السَّماءِ فِیهِ ظُلُماتٌ وَ رَعْدٌ وَ بَرْقٌ یَجْعَلُونَ أَصابِعَهُمْ فِی آذانِهِمْ مِنَ الصَّواعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ وَ اللّهُ مُحِیطٌ بِالْکافِرِینَ » . (2)

ط-مَثَلُ الإِنفاقِ فی سَبیلِ اللّهِ عز و جل

«مَثَلُ الَّذِینَ یُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فِی سَبِیلِ اللّهِ کَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنابِلَ فِی کُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَ اللّهُ یُضاعِفُ لِمَنْ یَشاءُ وَ اللّهُ واسِعٌ عَلِیمٌ * الَّذِینَ یُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فِی سَبِیلِ اللّهِ ثُمَّ لا یُتْبِعُونَ ما أَنْفَقُوا مَنًّا وَ لا أَذیً لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَ لا خَوْفٌ عَلَیْهِمْ وَ لا هُمْ یَحْزَنُونَ * قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَ مَغْفِرَةٌ خَیْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ یَتْبَعُها أَذیً وَ اللّهُ غَنِیٌّ حَلِیمٌ * یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقاتِکُمْ بِالْمَنِّ وَ الْأَذی کَالَّذِی یُنْفِقُ مالَهُ رِئاءَ النّاسِ وَ لا یُؤْمِنُ بِاللّهِ وَ الْیَوْمِ الْآخِرِ فَمَثَلُهُ کَمَثَلِ صَفْوانٍ عَلَیْهِ تُرابٌ فَأَصابَهُ وابِلٌ فَتَرَکَهُ صَلْداً لا یَقْدِرُونَ عَلی شَیْءٍ مِمّا کَسَبُوا وَ اللّهُ لا یَهْدِی الْقَوْمَ الْکافِرِینَ * وَ مَثَلُ الَّذِینَ یُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللّهِ وَ تَثْبِیتاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ کَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصابَها وابِلٌ فَآتَتْ أُکُلَها ضِعْفَیْنِ فَإِنْ لَمْ یُصِبْها وابِلٌ فَطَلٌّ وَ اللّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِیرٌ» . (3)

ی-مَثَلُ الإِنفاقِ رِئاءَ النّاسِ

«یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقاتِکُمْ بِالْمَنِّ وَ الْأَذی کَالَّذِی یُنْفِقُ مالَهُ رِئاءَ النّاسِ وَ لا یُؤْمِنُ

ص:79


1- (1) .البقرة:17. [1]
2- (2) .البقرة:19. [2]
3- (3) .البقرة:261-265. [3]

بِاللّهِ وَ الْیَوْمِ الْآخِرِ فَمَثَلُهُ کَمَثَلِ صَفْوانٍ عَلَیْهِ تُرابٌ فَأَصابَهُ وابِلٌ فَتَرَکَهُ صَلْداً لا یَقْدِرُونَ عَلی شَیْءٍ مِمّا کَسَبُوا وَ اللّهُ لا یَهْدِی الْقَوْمَ الْکافِرِینَ» . (1)

ک-مَثَلُ الحَیاةِ الدُّنیا

«إِنَّما مَثَلُ الْحَیاةِ الدُّنْیا کَماءٍ أَنْزَلْناهُ مِنَ السَّماءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَباتُ الْأَرْضِ مِمّا یَأْکُلُ النّاسُ وَ الْأَنْعامُ حَتّی إِذا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَها وَ ازَّیَّنَتْ وَ ظَنَّ أَهْلُها أَنَّهُمْ قادِرُونَ عَلَیْها أَتاها أَمْرُنا لَیْلاً أَوْ نَهاراً فَجَعَلْناها حَصِیداً کَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ کَذلِکَ نُفَصِّلُ الْآیاتِ لِقَوْمٍ یَتَفَکَّرُونَ» . (2)

«وَ اضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَیاةِ الدُّنْیا کَماءٍ أَنْزَلْناهُ مِنَ السَّماءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَباتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِیماً تَذْرُوهُ الرِّیاحُ وَ کانَ اللّهُ عَلی کُلِّ شَیْءٍ مُقْتَدِراً» . (3)

«اِعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَیاةُ الدُّنْیا لَعِبٌ وَ لَهْوٌ وَ زِینَةٌ وَ تَفاخُرٌ بَیْنَکُمْ وَ تَکاثُرٌ فِی الْأَمْوالِ وَ الْأَوْلادِ کَمَثَلِ غَیْثٍ أَعْجَبَ الْکُفّارَ نَباتُهُ ثُمَّ یَهِیجُ فَتَراهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ یَکُونُ حُطاماً وَ فِی الْآخِرَةِ عَذابٌ شَدِیدٌ وَ مَغْفِرَةٌ مِنَ اللّهِ وَ رِضْوانٌ وَ مَا الْحَیاةُ الدُّنْیا إِلاّ مَتاعُ الْغُرُورِ» . (4)

ل-مَثَلُ أعمالِ الکُفّارِ

«مَثَلُ الَّذِینَ کَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمالُهُمْ کَرَمادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّیحُ فِی یَوْمٍ عاصِفٍ لا یَقْدِرُونَ مِمّا کَسَبُوا عَلی شَیْءٍ ذلِکَ هُوَ الضَّلالُ الْبَعِیدُ » . (5)

«وَ الَّذِینَ کَفَرُوا أَعْمالُهُمْ کَسَرابٍ بِقِیعَةٍ یَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ ماءً حَتّی إِذا جاءَهُ لَمْ یَجِدْهُ شَیْئاً وَ وَجَدَ اللّهَ عِنْدَهُ فَوَفّاهُ حِسابَهُ وَ اللّهُ سَرِیعُ الْحِسابِ » . (6)

ص:80


1- (1) .البقرة:264. [1]
2- (2) .یونس:24. [2]
3- (3) .الکهف:45. [3]
4- (4) .الحدید:20. [4]
5- (5) .إبراهیم:18. [5]
6- (6) .النور:39. [6]

م-مَثَلُ القُلوبِ القاسِیَةِ

«ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُکُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِکَ فَهِیَ کَالْحِجارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَ إِنَّ مِنَ الْحِجارَةِ لَما یَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهارُ وَ إِنَّ مِنْها لَما یَشَّقَّقُ فَیَخْرُجُ مِنْهُ الْماءُ وَ إِنَّ مِنْها لَما یَهْبِطُ مِنْ خَشْیَةِ اللّهِ وَ مَا اللّهُ بِغافِلٍ عَمّا تَعْمَلُونَ» . (1)

ن-مَثَلُ الجاهِلِ

«أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَکْثَرَهُمْ یَسْمَعُونَ أَوْ یَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلاّ کَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِیلاً» . (2)

«یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا أَطِیعُوا اللّهَ وَ رَسُولَهُ وَ لا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَ أَنْتُمْ تَسْمَعُونَ* وَ لا تَکُونُوا کَالَّذِینَ قالُوا سَمِعْنا وَ هُمْ لا یَسْمَعُونَ* إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللّهِ الصُّمُّ الْبُکْمُ الَّذِینَ لا یَعْقِلُونَ* وَ لَوْ عَلِمَ اللّهُ فِیهِمْ خَیْراً لَأَسْمَعَهُمْ وَ لَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَ هُمْ مُعْرِضُونَ» . (3)

س-مَثَلُ العالِمِ بِلا عَمَلٍ

«مَثَلُ الَّذِینَ حُمِّلُوا التَّوْراةَ ثُمَّ لَمْ یَحْمِلُوها کَمَثَلِ الْحِمارِ یَحْمِلُ أَسْفاراً بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِینَ کَذَّبُوا بِآیاتِ اللّهِ وَ اللّهُ لا یَهْدِی الْقَوْمَ الظّالِمِینَ » . (4)

«وَ اتْلُ عَلَیْهِمْ نَبَأَ الَّذِی آتَیْناهُ آیاتِنا فَانْسَلَخَ مِنْها فَأَتْبَعَهُ الشَّیْطانُ فَکانَ مِنَ الْغاوِینَ* وَ لَوْ شِئْنا لَرَفَعْناهُ بِها وَ لکِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَی الْأَرْضِ وَ اتَّبَعَ هَواهُ فَمَثَلُهُ کَمَثَلِ الْکَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَیْهِ یَلْهَثْ أَوْ تَتْرُکْهُ یَلْهَثْ ذلِکَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِینَ کَذَّبُوا بِآیاتِنا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ یَتَفَکَّرُونَ* ساءَ مَثَلاً الْقَوْمُ الَّذِینَ کَذَّبُوا بِآیاتِنا وَ أَنْفُسَهُمْ کانُوا یَظْلِمُونَ» . (5)

ص:81


1- (1) .البقرة:74. [1]
2- (2) .الفرقان:44. [2]
3- (3) .الأنفال:20-23. [3]
4- (4) .الجمعة:5. [4]
5- (5) .الأعراف:175-177. [5]

ع-مَثَلُ الزَّوجِ الصّالِحِ وَالطّالِحِ

«ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً لِلَّذِینَ کَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَ امْرَأَتَ لُوطٍ کانَتا تَحْتَ عَبْدَیْنِ مِنْ عِبادِنا صالِحَیْنِ فَخانَتاهُما فَلَمْ یُغْنِیا عَنْهُما مِنَ اللّهِ شَیْئاً وَ قِیلَ ادْخُلاَ النّارَ مَعَ الدّاخِلِینَ* وَ ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً لِلَّذِینَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قالَتْ رَبِّ ابْنِ لِی عِنْدَکَ بَیْتاً فِی الْجَنَّةِ وَ نَجِّنِی مِنْ فِرْعَوْنَ وَ عَمَلِهِ وَ نَجِّنِی مِنَ الْقَوْمِ الظّالِمِینَ» . (1)

ف-مَثَلُ الکُفرِ بِنِعمَةِ اللّهِ

«وَ ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً قَرْیَةً کانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً یَأْتِیها رِزْقُها رَغَداً مِنْ کُلِّ مَکانٍ فَکَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللّهِ فَأَذاقَهَا اللّهُ لِباسَ الْجُوعِ وَ الْخَوْفِ بِما کانُوا یَصْنَعُونَ » . (2)

6/9 الاِستِعانَةُ بِالقَسَمِ

أ-القَسَمُ بِلَفظِ الجَلالَةِ

«وَ یَجْعَلُونَ لِما لا یَعْلَمُونَ نَصِیباً مِمّا رَزَقْناهُمْ تَاللّهِ لَتُسْئَلُنَّ عَمّا کُنْتُمْ تَفْتَرُونَ» . (3)

«تَاللّهِ لَقَدْ أَرْسَلْنا إِلی أُمَمٍ مِنْ قَبْلِکَ فَزَیَّنَ لَهُمُ الشَّیْطانُ أَعْمالَهُمْ فَهُوَ وَلِیُّهُمُ الْیَوْمَ وَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِیمٌ» . (4)

ب-القَسَمُ بِالرَّبِّ

«فَلا وَ رَبِّکَ لا یُؤْمِنُونَ حَتّی یُحَکِّمُوکَ فِیما شَجَرَ بَیْنَهُمْ ثُمَّ لا یَجِدُوا فِی أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمّا قَضَیْتَ

ص:82


1- (1) .التحریم:10 و 11. [1]
2- (2) .النحل:112. [2]
3- (3) .النحل:56. [3]
4- (4) .النحل:63. [4]

وَ یُسَلِّمُوا تَسْلِیماً» . (1)

«فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشارِقِ وَ الْمَغارِبِ إِنّا لَقادِرُونَ* عَلی أَنْ نُبَدِّلَ خَیْراً مِنْهُمْ وَ ما نَحْنُ بِمَسْبُوقِینَ» . (2)

«فَوَ رَبِّکَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِینَ* عَمّا کانُوا یَعْمَلُونَ» . (3)

«فَوَ رَبِّکَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَ الشَّیاطِینَ» . (4)

«وَ قالَ الَّذِینَ کَفَرُوا لا تَأْتِینَا السّاعَةُ قُلْ بَلی وَ رَبِّی لَتَأْتِیَنَّکُمْ عالِمِ الْغَیْبِ» . (5)

«زَعَمَ الَّذِینَ کَفَرُوا أَنْ لَنْ یُبْعَثُوا قُلْ بَلی وَ رَبِّی لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِما عَمِلْتُمْ وَ ذلِکَ عَلَی اللّهِ یَسِیرٌ» . (6)

«وَ یَسْتَنْبِئُونَکَ أَ حَقٌّ هُوَ قُلْ إِی وَ رَبِّی إِنَّهُ لَحَقٌّ وَ ما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِینَ» . (7)

«فَوَ رَبِّ السَّماءِ وَ الْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ ما أَنَّکُمْ تَنْطِقُونَ» . (8)

ج-القَسَمُ بِالنَّبِیِّ صلی الله علیه و آله

«لَعَمْرُکَ إِنَّهُمْ لَفِی سَکْرَتِهِمْ یَعْمَهُونَ* فَأَخَذَتْهُمُ الصَّیْحَةُ مُشْرِقِینَ» . (9)

«لا أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ* وَ أَنْتَ حِلٌّ بِهذَا الْبَلَدِ* وَ والِدٍ وَ ما وَلَدَ* لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِی کَبَدٍ» . (10)

ص:83


1- (1) .النساء:65. [1]
2- (2) .المعارج:40 و 41. [2]
3- (3) .الحجر:92 و 93. [3]
4- (4) .مریم:68. [4]
5- (5) .سبأ:3. [5]
6- (6) .التغابن:7. [6]
7- (7) .یونس:53. [7]
8- (8) .الذاریات:23. [8]
9- (9) .الحجر:72 و 73. [9]
10- (10) .البلد:1-4. [10]

د-القَسَمُ بِالقُرآنِ الکَریمِ

«یس* وَ الْقُرْآنِ الْحَکِیمِ* إِنَّکَ لَمِنَ الْمُرْسَلِینَ* عَلی صِراطٍ مُسْتَقِیمٍ» . (1)

«ص وَ الْقُرْآنِ ذِی الذِّکْرِ* بَلِ الَّذِینَ کَفَرُوا فِی عِزَّةٍ وَ شِقاقٍ* کَمْ أَهْلَکْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ فَنادَوْا وَ لاتَ حِینَ مَناصٍ* وَ عَجِبُوا أَنْ جاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ وَ قالَ الْکافِرُونَ هذا ساحِرٌ کَذّابٌ* أَ جَعَلَ الْآلِهَةَ إِلهاً واحِداً إِنَّ هذا لَشَیْءٌ عُجابٌ» . (2)

«ق وَ الْقُرْآنِ الْمَجِیدِ* بَلْ عَجِبُوا أَنْ جاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ فَقالَ الْکافِرُونَ هذا شَیْءٌ عَجِیبٌ» . (3)

«حم* وَ الْکِتابِ الْمُبِینِ* إِنّا أَنْزَلْناهُ فِی لَیْلَةٍ مُبارَکَةٍ إِنّا کُنّا مُنْذِرِینَ* فِیها یُفْرَقُ کُلُّ أَمْرٍ حَکِیمٍ * أَمْراً مِنْ عِنْدِنا إِنّا کُنّا مُرْسِلِینَ» . (4)

«حم* وَ الْکِتابِ الْمُبِینِ* إِنّا جَعَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِیًّا لَعَلَّکُمْ تَعْقِلُونَ* وَ إِنَّهُ فِی أُمِّ الْکِتابِ لَدَیْنا لَعَلِیٌّ حَکِیمٌ» . (5)

ه-القَسَمُ بِالعَصرِ

«وَ الْعَصْرِ* إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِی خُسْرٍ» . (6)

و-القَسَمُ بِالنُّجومِ ومَواقِعِها

«وَ النَّجْمِ إِذا هَوی* ما ضَلَّ صاحِبُکُمْ وَ ما غَوی* وَ ما یَنْطِقُ عَنِ الْهَوی* إِنْ هُوَ إِلاّ وَحْیٌ یُوحی» . (7)

«فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ* وَ إِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِیمٌ* إِنَّهُ لَقُرْآنٌ کَرِیمٌ* فِی کِتابٍ مَکْنُونٍ

ص:84


1- (1) .یس:1-4. [1]
2- (2) .ص:1-5.
3- (3) .ق:1 و 2.
4- (4) .الدخان:1-5. [2]
5- (5) .الزخرف:1-4. [3]
6- (6) .العصر:1 و 2. [4]
7- (7) .النجم:1-4. [5]

*لا یَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ» . (1)

ز-القَسَمُ بِالسَّماءِ

«وَ الذّارِیاتِ ذَرْواً* فَالْحامِلاتِ وِقْراً* فَالْجارِیاتِ یُسْراً* فَالْمُقَسِّماتِ أَمْراً* إِنَّما تُوعَدُونَ لَصادِقٌ* وَ إِنَّ الدِّینَ لَواقِعٌ* وَ السَّماءِ ذاتِ الْحُبُکِ* إِنَّکُمْ لَفِی قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ» . (2)

ح-تِلکَ الأَقسامُ

«وَ الصَّافّاتِ صَفًّا* فَالزّاجِراتِ زَجْراً* فَالتّالِیاتِ ذِکْراً* إِنَّ إِلهَکُمْ لَواحِدٌ» . (3)

«وَ الذّارِیاتِ ذَرْواً* فَالْحامِلاتِ وِقْراً* فَالْجارِیاتِ یُسْراً* فَالْمُقَسِّماتِ أَمْراً* إِنَّما تُوعَدُونَ لَصادِقٌ* وَ إِنَّ الدِّینَ لَواقِعٌ» . (4)

«وَ الطُّورِ* وَ کِتابٍ مَسْطُورٍ* فِی رَقٍّ مَنْشُورٍ* وَ الْبَیْتِ الْمَعْمُورِ* وَ السَّقْفِ الْمَرْفُوعِ* وَ الْبَحْرِ الْمَسْجُورِ* إِنَّ عَذابَ رَبِّکَ لَواقِعٌ* ما لَهُ مِنْ دافِعٍ» . (5)

«ن وَ الْقَلَمِ وَ ما یَسْطُرُونَ* ما أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّکَ بِمَجْنُونٍ* وَ إِنَّ لَکَ لَأَجْراً غَیْرَ مَمْنُونٍ* وَ إِنَّکَ لَعَلی خُلُقٍ عَظِیمٍ» . (6)

«فَلا أُقْسِمُ بِما تُبْصِرُونَ* وَ ما لا تُبْصِرُونَ* إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ کَرِیمٍ* وَ ما هُوَ بِقَوْلِ شاعِرٍ قَلِیلاً ما تُؤْمِنُونَ* وَ لا بِقَوْلِ کاهِنٍ قَلِیلاً ما تَذَکَّرُونَ* تَنْزِیلٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِینَ» . (7)

«وَ ما یَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّکَ إِلاّ هُوَ وَ ما هِیَ إِلاّ ذِکْری لِلْبَشَرِ* کَلاّ وَ الْقَمَرِ* وَ اللَّیْلِ إِذْ أَدْبَرَ* وَ الصُّبْحِ إِذا

ص:85


1- (1) .الواقعة:75-79. [1]
2- (2) .الذاریات:1-8. [2]
3- (3) .الصافّات:1-4. [3]
4- (4) .الذاریات:1-6. [4]
5- (5) .الطور:1-8. [5]
6- (6) .القلم:1-4. [6]
7- (7) .الحاقّة:38-43. [7]

أَسْفَرَ* إِنَّها لَإِحْدَی الْکُبَرِ* نَذِیراً لِلْبَشَرِ* لِمَنْ شاءَ مِنْکُمْ أَنْ یَتَقَدَّمَ أَوْ یَتَأَخَّرَ» . (1)

«لا أُقْسِمُ بِیَوْمِ الْقِیامَةِ* وَ لا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوّامَةِ* أَ یَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظامَهُ* بَلی قادِرِینَ عَلی أَنْ نُسَوِّیَ بَنانَهُ* بَلْ یُرِیدُ الْإِنْسانُ لِیَفْجُرَ أَمامَهُ* یَسْئَلُ أَیّانَ یَوْمُ الْقِیامَةِ» . (2)

«وَ الْمُرْسَلاتِ عُرْفاً* فَالْعاصِفاتِ عَصْفاً* وَ النّاشِراتِ نَشْراً* فَالْفارِقاتِ فَرْقاً* فَالْمُلْقِیاتِ ذِکْراً * عُذْراً أَوْ نُذْراً* إِنَّما تُوعَدُونَ لَواقِعٌ» . (3)

«وَ النّازِعاتِ غَرْقاً* وَ النّاشِطاتِ نَشْطاً* وَ السّابِحاتِ سَبْحاً* فَالسّابِقاتِ سَبْقاً* فَالْمُدَبِّراتِ أَمْراً * یَوْمَ تَرْجُفُ الرّاجِفَةُ* تَتْبَعُهَا الرّادِفَةُ* قُلُوبٌ یَوْمَئِذٍ واجِفَةٌ* أَبْصارُها خاشِعَةٌ» . (4)

«فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ* اَلْجَوارِ الْکُنَّسِ* وَ اللَّیْلِ إِذا عَسْعَسَ* وَ الصُّبْحِ إِذا تَنَفَّسَ* إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ کَرِیمٍ* ذِی قُوَّةٍ عِنْدَ ذِی الْعَرْشِ مَکِینٍ* مُطاعٍ ثَمَّ أَمِینٍ» . (5)

«فَلا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ* وَ اللَّیْلِ وَ ما وَسَقَ* وَ الْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ* لَتَرْکَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ* فَما لَهُمْ لا یُؤْمِنُونَ* وَ إِذا قُرِئَ عَلَیْهِمُ الْقُرْآنُ لا یَسْجُدُونَ» . (6)

«وَ السَّماءِ ذاتِ الْبُرُوجِ* وَ الْیَوْمِ الْمَوْعُودِ* وَ شاهِدٍ وَ مَشْهُودٍ* قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ* اَلنّارِ ذاتِ الْوَقُودِ* إِذْ هُمْ عَلَیْها قُعُودٌ* وَ هُمْ عَلی ما یَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِینَ شُهُودٌ* وَ ما نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلاّ أَنْ یُؤْمِنُوا بِاللّهِ الْعَزِیزِ الْحَمِیدِ» . (7)

«وَ السَّماءِ وَ الطّارِقِ* وَ ما أَدْراکَ مَا الطّارِقُ* اَلنَّجْمُ الثّاقِبُ* إِنْ کُلُّ نَفْسٍ لَمّا عَلَیْها حافِظٌ» . (8)

ص:86


1- (1) .المدّثّر:31-37. [1]
2- (2) .القیامة:1-6. [2]
3- (3) .المرسلات:1-7. [3]
4- (4) .النازعات:1-9. [4]
5- (5) .التکویر:15-21. [5]
6- (6) .الإنشقاق:16-21. [6]
7- (7) .البروج:1-8. [7]
8- (8) .الطارق:1-4. [8]

«وَ الْفَجْرِ* وَ لَیالٍ عَشْرٍ* وَ الشَّفْعِ وَ الْوَتْرِ* وَ اللَّیْلِ إِذا یَسْرِ* هَلْ فِی ذلِکَ قَسَمٌ لِذِی حِجْرٍ» . (1)

«لا أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ* وَ أَنْتَ حِلٌّ بِهذَا الْبَلَدِ* وَ والِدٍ وَ ما وَلَدَ* لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِی کَبَدٍ» . (2)

«وَ الشَّمْسِ وَ ضُحاها* وَ الْقَمَرِ إِذا تَلاها* وَ النَّهارِ إِذا جَلاّها* وَ اللَّیْلِ إِذا یَغْشاها* وَ السَّماءِ وَ ما بَناها* وَ الْأَرْضِ وَ ما طَحاها* وَ نَفْسٍ وَ ما سَوّاها* فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَ تَقْواها* قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَکّاها* وَ قَدْ خابَ مَنْ دَسّاها» . (3)

«وَ اللَّیْلِ إِذا یَغْشی* وَ النَّهارِ إِذا تَجَلّی* وَ ما خَلَقَ الذَّکَرَ وَ الْأُنْثی* إِنَّ سَعْیَکُمْ لَشَتّی» . (4)

«وَ الضُّحی* وَ اللَّیْلِ إِذا سَجی* ما وَدَّعَکَ رَبُّکَ وَ ما قَلی* وَ لَلْآخِرَةُ خَیْرٌ لَکَ مِنَ الْأُولی* وَ لَسَوْفَ یُعْطِیکَ رَبُّکَ فَتَرْضی» . (5)

«وَ التِّینِ وَ الزَّیْتُونِ* وَ طُورِ سِینِینَ* وَ هذَا الْبَلَدِ الْأَمِینِ* لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِی أَحْسَنِ تَقْوِیمٍ* ثُمَّ رَدَدْناهُ أَسْفَلَ سافِلِینَ* إِلاَّ الَّذِینَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصّالِحاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَیْرُ مَمْنُونٍ» . (6)

«وَ الْعادِیاتِ ضَبْحاً* فَالْمُورِیاتِ قَدْحاً* فَالْمُغِیراتِ صُبْحاً* فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً* فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعاً * إِنَّ الْإِنْسانَ لِرَبِّهِ لَکَنُودٌ* وَ إِنَّهُ عَلی ذلِکَ لَشَهِیدٌ* وَ إِنَّهُ لِحُبِّ الْخَیْرِ لَشَدِیدٌ» . (7)

ص:87


1- (1) .الفجر:1-5. [1]
2- (2) .البلد:1-4. [2]
3- (3) .الشمس:1-10. [3]
4- (4) .اللیل:1-4. [4]
5- (5) .الضحی:1-5. [5]
6- (6) .التین:1-6. [6]
7- (7) .العادیات:1-8. [7]

ص:88

46.البَلاءُ

اشارة

ص:89

ص:90

المدخل

البلاء لغة واصطلاحاً

کلمتا«البلاء»و«الابتلاء»مصدران من مادة«ب ل و»أو«ب ل ی»بمعنی الامتحان والاختبار.یقول ابن منظور فی هذا المجال:

بَلَوتُ الرَّجُلَ بَلواً وبَلاءً وَابتَلَیتُهُ:اِختَبَرتُهُ،وبَلاهُ یَبلوهُ بَلواً:إذا جَرَّبَهُ وَاختَبَرَهُ. (1)

وأما ابن فارس فیری أنّ لمادّة«بلاء»معنیین:الأول قدم الشیء،والآخر نوع من الاختبار،و هذا نصّ قوله:

الباءُ وَاللّامُ وَالواوُ وَالیاءُ،أصلانِ:أحَدُهُما إخلاقُ الشَّیءِ،وَالثّانی:نَوعٌ مِنَ الاِختِبارِ،ویُحمَلُ عَلَیهِ الإِخبارُ أیضاً. (2)

وقد ربط الراغب فی«المفردات»بین المعنیین المذکورین کالتالی:

بَلِیَ الثَّوبُ بِلیً وبَلاءً:أی خَلَقَ...وبَلَوتُهُ:اِختَبَرتُهُ،کَأَنّی أخلَقتُهُ مِن کَثرَةِ اختِباری لَهُ. (3)

جدیر ذکره أنّ کلمات«الاختبار»و«الامتحان»و«البلاء»و«الفتنة»کلّها تعنی

ص:91


1- (1) .لسان العرب:ج 14 ص 83« [1]بلو».
2- (2) .معجم مقاییس اللغة:ج 1 ص 292« [2]بلوی».
3- (3) .مفردات ألفاظ القرآن:ص 145. [3]

الاختبار،ولکن یبدو أنّ هناک ثمّة تفاوت فیما بینها فی نوع الاختبار ودرجاته، رغم أنّها قد تستعمل أحیاناً بدلاً من بعضها البعض من باب التوسّع والتسامح،وربما أمکننا القول،مع الأخذ بنظر الاعتبار المادة اللغویة،أنّ«الامتحان»یطلق علی البلاء الذی یکون أدقّ من«الاختبار»؛ذلک لأن الاختبار یکون مع الشدّة ومع غیرها،أمّا الامتحان فیقترن عادة مع المحنة والشدّة.کما أنّ«البلاء»أدقّ من الامتحان وأشدّ،و«الفتنة»أصعب أنواع الاختبار وأدقّها. (1)

البلاء فی الکتاب والسنة

استُخدمت کلمة البلاء ومشتقّاتها ثمان وثلاثین مرّة فی القرآن،ویراد منها جمیعاً -تقریباً-الاختبار الإلهی للإنسان،کما استخدمت کلمة«الفتنة»ومشتقّاتها ستّین مرة فی القرآن،حیث جاء البعض منها (2)بهذا المعنی،وکذا استخدمت مادة «امتحان»مرّتین (3)فی القرآن بمعنی الاختبار الإلهی.

معنی الاختبار الإلهی

عندما یطرح موضوع الاختبار الإلهی،یتبادر السؤال التالی إلی الذهن:إنّ من یحتاج إلی الامتحان والاختبار هو الذی لا یعلم بنتیجة الامتحان وعاقبة الأمر، وبناءً علی ذلک فما حاجة اللّه تعالی العالِم بکلّ شیء والذی یتساوی عنده الظاهر والباطن،إلی ابتلاء عباده؟وباختصار ما هی الحکمة من البلاء الإلهی؟!

للإجابة علی هذا السؤال نقول:إنّه ممّا لاشکّ فیه أنّ مفهوم البلاء مختلف بشأن

ص:92


1- (1) .ورد فی معجم الفروق اللغویة ص 396:«الفرق بین الفتنة والاختبار:أنّ الفتنة أشدّ الاختبار وأبلغه،وأصله عرض الذهب علی النار لتبیّن صلاحه من فساده».
2- (2) .العنکبوت:3،الأنعام:53،الأعراف:155،طه:40 و 85 و90،ص:24 و 34،الدخان:17 و...
3- (3) .الحجرات:3 و الممتحنة:10.

اللّه تعالی والإنسان،فالامتحان الإلهی له هدف آخر،فالإنسان یلجأ إلی الاختبار لاکتشاف الحقیقة بسبب قصور علمه ولکن هذا المعنی غیر معقول بالنسبة إلی العالم المطلق ! وبناء علی ذلک فإن للاختبار الإلهی معنی آخر.

یقول الراغب الإصفهانی فی بیان معنی البلاء الإلهی:

وإذا قیلَ:اِبتَلی فُلانٌ کَذا وأَبلاهُ فَذلِکَ یَتَضَمَّنُ أمرَینِ:أحَدُهُما تَعَرُّفُ حالِهِ وَالوُقوفُ عَلی ما یُجهَلُ مِن أمرِهِ.وَالثّانی:ظُهورُ جَودَتِهِ ورَداءَتِهِ،ورُبَّما قُصِدَ بِهِ الأَمرانِ،ورُبَّما یُقصَدُ بِهِ أحَدُهُما،فَإِذا قیلَ فِی اللّهِ تَعالی:بَلا کَذا وأَبلاهُ فَلَیسَ المُرادُ مِنهُ إلّاظُهورَ جَودَتِهِ ورَداءَتِهِ،دونَ التَّعَرُّفِ لِحالِهِ وَالوقوفِ عَلی ما یُجهَلُ مِن أمرِهِ إذ کانَ اللّهُ عَلّامَ الغُیوبِ. (1)

وإیضاح ذلک هو أنّ الامتحان والاختبار قد یکونان أحیاناً بهدف الکشف عن حقیقة أمرٍ غیر واضح للمختبِر،ویکونان أحیاناً لإماطة اللثام عن شیء تکون حقیقته واضحة للمختبر.

ویتحقّق النوع الثانی من الاختبار من خلال طریقین:

الطریق الأول:أن یکشف المختبر النقاب عن حقیقة ما بُغیة أن تتّضح هذه الحقیقة کما هی.

الطریق الثانی:أن یهیّئ المختبِر الأرضیّة لنموّ شیء ورعایته إلی أن تتضح قابلیاته وقدراته الکامنة علی إثر نموّه وازدهاره،مثل:تهیئة الظروف المطلوبة لنموّ حبّة أو نواة ما وتکاملها،بحیث تکشف عن استعداداتها وخصوصیاتها الکامنة.

والملاحظة التی تثیر الاهتمام أنّ الاختبار فی الصورة الثانیة لا یعنی الکشف عن السرّ الخفیّ،بل یعنی تنمیة الاستعدادات الکامنة.وابتلاء اللّه-تعالی-للعباد هو بالمعنی الأخیر بالضبط.وعلی هذا الأساس،فإنّ فلسفة الاختبار الإلهی،

ص:93


1- (1) .مفردات ألفاظ القرآن:ص 146. [1]

لیست معرفة السر الخفیّ،أو إظهاره للآخرین،بل إنّ الحکمة منه هی تنمیة الاستعدادات والقدرات الکامنة فی الإنسان بإراداته واختیاره.

وتوضیح أنّ تکامل الإنسان اختیاری،هو أنّه قد أودع فی صلب وجوده منذ بدء الخلیقة نوعین من القدرات المتضادة تسمّی إحداهما العقل،والاُخری الشهوة، و هذا الترکیب العجیب،یهیّئ أرضیة نموّ الإنسان بشکل بحیث یمکنه أن یتفوّق علی الملائکة،کما أنّ من شأنه أن یهیّئ أرضیة انحطاطه حتی یغدو أدنی من البهائم (1)،والاختبار الإلهی لیس إلاّ إعداد أدوات وإمکانیات التکامل الاختیاری،أو الانحطاط الإرادی (2).

وقد جاء فی روایة عن الإمام علی علیه السلام فی تفسیر قوله تعالی: «وَ اعْلَمُوا أَنَّما أَمْوالُکُمْ وَ أَوْلادُکُمْ فِتْنَةٌ» (3)یقول فیها:

أنَّهُ یَختَبِرُهُم بِالأَموالِ وَالأَولادِ؛لِیَتَبَیَّنَ السّاخِطَ لِرِزقِهِ وَالرّاضِیَ بِقِسمِهِ،وإن کانَ سُبحانَهُ أعلَمَ بِهِم مِن أنفُسِهِم،ولکِن لِتَظهَرَ الأَفعالُ الَّتی بِها یُستَحَقُّ الثَّوابُ وَالعِقابُ. (4)

کما جاء فی روایة اخری عنه علیه السلام:

ألا إنَّ اللّهَ تَعالی قَد کَشَفَ الخَلقَ کَشفَةً،لا أنَّهُ جَهِلَ ما أخفَوهُ مِن مَصونِ أسرارِهِم ومَکنونِ ضَمائِرِهِم،ولکِن لِیَبلُوَهُم أیُّهُم أحسَنُ عَمَلاً،فَیَکونَ الثَّوابُ جَزاءً، وَالعِقابُ بَواءً (5). (6)

ص:94


1- (1) .راجع:هذه الموسوعة:ج 5 ص 439 ( الفصل الأوّل:تعریف الإنسان/ترکیب العقل والشهوة ).
2- (2) . «کُلاًّ نُمِدُّ هؤُلاءِ وَ هَؤُلاءِ مِنْ عَطاءِ رَبِّکَ وَ ما کانَ عَطاءُ رَبِّکَ مَحْظُوراً» (الإسراء:20). [1]
3- (3) .الأنفال:28. [2]
4- (4) .راجع:ص 172 ح 11192. [3]
5- (5) .قوله:«والعقاب بواءً»:أی مکافأةً (شرح نهج البلاغة لابن أبی الحدید:ج 9 ص 85 ). [4]
6- (6) .راجع:ص 174 ح 11197. [5]

وبناء علی ذلک،یمکن القول إن البلاء الإلهی فی مفهوم القرآن والحدیث هو إعداد الأرضیة لتکامل الإنسان أو انحطاطه اختیاریاً (1).

حکمة الابتلاء الإلهی

من خلال التأمل فی معنی الابتلاء الإلهی تتّضح لنا حکمته أیضاً،فالحکمة من الاختبار والهدف الرئیس منه هما نموّ قدرات الإنسان وازدهارها،نعم قد یسیء الإنسان استغلال إرادته فیفشل فی هذا الاختبار ویسلک طریق الانحطاط بدلاً من طریق التکامل،وبناء علی ذلک،فإن ماجاء فی القرآن الکریم والأحادیث الشریفة حول الحکمة من الابتلاء الإلهی،مثل:ظهور الاعتقاد القلبی بالإسلام ومدی خلوصه وقوته،اتضاح التقوی ومستوی خلوصها وثباتها،انکشاف التقوی ومدی طاعة اللّه تعالی،تعیین الأشخاص الذین یتمتعون بکمالات أکثر وما إلی ذلک (2)...

کل ذلک منصب بلحاظ الهدف الرئیس من الاختبار الإلهی،أی التکامل الاختیاری للإنسان.

الابتلاء،سنّة إلهیّة شاملة ومستمرّة

یتّضح من خلال الأخذ بنظر الاعتبار معنی الابتلاء الإلهی وحکمته،أنّ جمیع الکائنات التی تتمتع بالإرادة والاختیار،ویکون تکاملها اختیاریاً،لیس أمامها من طریق سوی الاختبار والابتلاء بغیة بلوغ الهدف من خلقها.ولذلک،فإن الاختبار هو من جملة السنن الإلهیة الأکیدة والشاملة (3).یقول القرآن الکریم حول جریان

ص:95


1- (1) .جدیر ذکره أنّ هذا المعنی،هو الحکمة الرئیسیة من الابتلاء الإلهی،وهناک حکم اخری أیضاً یمکن أن تترتب علیه وهی حکم فرعیة،مثل بیان مرتبة الإنسان الکامل،أو إبلیس بالنسبة إلی الملائکة.
2- (2) .راجع:ص 167 ( الفصل الثانی:حکمة البلاء ).
3- (3) .راجع:ص 101 ( الفصل الأول:الابتلاء سنة من سنن اللّه عز و جل ).

هذه السنة علی جمیع الناس:

«أَ حَسِبَ النّاسُ أَنْ یُتْرَکُوا أَنْ یَقُولُوا آمَنّا وَ هُمْ لا یُفْتَنُونَ* وَ لَقَدْ فَتَنَّا الَّذِینَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَیَعْلَمَنَّ اللّهُ الَّذِینَ صَدَقُوا وَ لَیَعْلَمَنَّ الْکاذِبِینَ» . (1)

وبالطبع فإنّ الاختبار الشامل للکلّ،لیس علی مستوی واحد ولیس متماثلاً،بل إنّ اختبار کلّ شخص یکون بحسب إمکانیاته وقدراته،ولذلک فإن ابتلاء الأنبیاء والشخصیات البارزة فی المجتمع البشری،یکون أصعب وأشد من الابتلاء الذی یحیق بالآخرین،کما جاء فی روایة عن رسول اللّه صلی الله علیه و آله:

إنَّ أشَدَّ النّاسِ بَلاءً الأَنبِیاءُ،ثُمَّ الَّذینَ یَلونَهُم،ثُمَّ الَّذینَ یَلونَهُم،ثُمَّ الَّذینَ یَلونَهُم. (2)

الاختبار بواسطة الخیر والشرّ

من بین الملاحظات التی تحظی بالاهتمام والتأمل إلی حد کبیر فی معرفة سنة الابتلاء،أن هذه السنة تجری علی أساس الحکمة الإلهیة البالغة عبر طریقین، وهذان الطریقان یبدو أحدهما للوهلة الأولی خیراً وجمیلاً والآخر شراً وقبیحاً، لاحظوا الآیات التالیة:

«وَ نَبْلُوکُمْ بِالشَّرِّ وَ الْخَیْرِ فِتْنَةً وَ إِلَیْنا تُرْجَعُونَ» . (3)

«وَ بَلَوْناهُمْ بِالْحَسَناتِ وَ السَّیِّئاتِ لَعَلَّهُمْ یَرْجِعُونَ» . (4)

ص:96


1- (1) .العنکبوت:2 و 3. [1]
2- (2) .السنن الکبری للنسائی:ج 4 ص 380 ح 7613، [2]مسند ابن حنبل:ج 10 ص 306 ح 27147، [3]مسند إسحاق بن راهویه:ج 5 ص 260 ح 2413،المعجم الکبیر:ج 24 ص 245 ح 628،کنزالعمّال:ج 3 ص 327 ح 6782؛التمحیص:ص 35 ح 30، [4]الکافی:ج 2 ص 252 ح 1 [5] کلاهما عن هشام بن سالم عن الإمام الصادق علیه السلام وفیه«ثم الأمثل فالأمثل»بدل«ثم الذین یلونهم»الثانیة والثالثة وص 253 ح 4 عن فضیل بن یسار عن الإمام الباقر علیه السلام نحوه،بحارالأنوار:ج 67 ص 241 ح 71. [6]
3- (3) .الأنبیاء:35. [7]
4- (4) .الأعراف:168. [8]

وقد جاء فی حدیث عن الإمام الصادق علیه السلام أنَّهُ قالَ:

مَرِضَ أمیرُ المُؤمِنینَ علیه السلام فَعادَهُ قَومٌ،فَقالوا لَهُ:کَیفَ أصبَحتَ یا أمیرَالمُؤمِنینَ؟

فقالَ:أصبَحتُ بِشَرٍّ!

فَقالوا لَهُ:سُبحانَ اللّهِ،هذا کَلامُ مِثلِکَ؟!

فَقالَ:یَقولُ اللّهُ تَعالی: «وَ نَبْلُوکُمْ بِالشَّرِّ وَ الْخَیْرِ فِتْنَةً وَ إِلَیْنا تُرْجَعُونَ» (1) ،فَالخَیرُ الصِّحَّةُ وَالغِنی،وَالشَّرُّ المَرَضُ وَالفَقرُ؛ابتِلاءً وَاختِباراً. (2)

ومن البدیهی أنّ ما جاء فی کلام الإمام علیه السلام إنّما هو مثال للحالات التی یبتلی بها الإنسان،وإلا فإنّ الدنیا هی دار بلاء للإنسان،وإنّ ما یحدث له فی الحیاة من فرح وترح أو«قبض وبسط» (3)علی حد تعبیر الروایات،هو ابتلاء له.

الفرق بین«البلاء»و«النقمة»

وبناء علی ذلک،فإن ل«البلاء»معنی مختلفاً عن«النقمة»،فقد یستخدم«البلاء» فی الضرر أحیاناً وفی النفع أحیاناً أخری مثل: «وَ لِیُبْلِیَ الْمُؤْمِنِینَ مِنْهُ بَلاءً حَسَناً» (4)،ولکن «النقمة»تستخدم دائماً بمعنی الضرّر والعقوبة علی الأعمال السیئة (5).وعلی

ص:97


1- (1) .الأنبیاء:35. [1]
2- (2) .الدعوات:ص 168 ح 469،مجمع البیان:ج 7 ص 74 نحوه،بحارالأنوار:ج 81 ص 209 ح 25. [2]
3- (3) .راجع:ص 185 ( کلّ قبض و بسط ).
4- (4) .الأنفال:17. [3]
5- (5) .وفی معجم الفروق اللغویة:الفرق بین البلاء والنقمة:أنّ البلاء یکون ضرراً ویکون نفعاً،وإذا أردت النفع قلت:أبلیته،وفی القرآن: «وَ لِیُبْلِیَ الْمُؤْمِنِینَ مِنْهُ بَلاءً حَسَناً» ومن الضر بلوته،وأصله أن تختبره بالمکروه وتستخرج ما عنده من الصبر به ویکون ذلک ابتداءً.والنقمة لا تکون إلّاجزاءً وعقوبةً وأصلها شدَّة الإنکار.تقول:نقمت علیه الإمر إذا أنکرته علیه.وقد تُسَمَّی النقمة بلاءً والبلاء لا یسمی نقمةً إذا کان ابتداءً.والبلاء أیضاً اسم للنعمة.وفی کلام الأحنف:البلاء ثمَّ الثناء أی النعمة ثمَّ الشکر (معجم فروق اللغویه:ص 105).

هذا الأساس،فإن«البلاء»قد یکون جمیلاً وقد یکون قبیحاً ولکن«النقمة»قبیحة دائماً.

بیان جمال البلاء وقبحه

ومما یلفت النظر أن جمال«البلاء»وقبحه،أو خیر البلاء وشرّه،ظاهریّان ومؤقتان، ولا یکونان واقعیین ودائمیین إلّاعندما ینجح الإنسان فی الاختبار الإلهی،أو یفشل.وبعبارة اخری:فإنّ الصحة والثروة والنعم الإلهیة الاُخری لا تکون خیراً للإنسان إلّاإذا استغلّها لسعادته وراحته الدائمتین،کما أنّ المرض والمسکنة والشدائد والمصائب الاُخری فی الحیاة لا تکون شرّاً حقیقیّاً ودائمیّاً للإنسان،إلا إذا أدّت إلی الانحراف العقائدی والأرجاس الأخلاقیة والعملیة.وأمّا إذا أدت الصحة والثروة إلی الانحراف والتلوّث،فإنّهما تکونان شراً حقیقیاً ودائمیاً،ولو أدّی البؤس والمرض إلی الوقایة من الانحراف والتلوث،أو الإقلاع عنهما،فإنّهما یکونان خیراً حقیقیّاً،ولذلک فقد جاء فی روایة عن الإمام العسکری علیه السلام:

ما مِن بَلِیَّةٍ إلّاوللّهِ ِ فیها نِعمَةٌ تُحیطُ بِها. (1)

وجاء فی روایة أخری عن الإمام الصادق علیه السلام:

إنَّ اللّهَ عَزَّ وجَلَّ أنعَمَ عَلی قَومٍ بِالمَواهِبِ فَلَم یَشکُروا،فَصارَت عَلَیهِم وَبالاً،وَابتَلی قَوماً بِالمَصائِبِ فَصَبَروا،فَصارَت عَلَیهِم نِعمَةً. (2)

وعلی هذا الأساس،فإن الابتلاءُ بمشاکل الحیاة الصعبة وتحقیق النجاح فیها لیس وحده أمراً عسیراً،بل قد یکون النجاح فی الابتلاء بواسطة النعمة والرفاهیة

ص:98


1- (1) .تحف العقول:ص 489،بحارالأنوار:ج 78 ص 374 ح 34. [1]وراجع:هذه الموسوعة:البلاء/نعمة البلاء.
2- (2) .تهذیب الأحکام:ج 6 ص 377 ح 222،الأمالی للصدوق:ص 379 ح 479، [2]تحف العقول:ص 359،بحار الأنوار:ج 71 ص 41 ح 31. [3]

أصعب بمرات من النجاح فی البلاء بسبب المصیبة،فما أکثر الأشخاص الذین قاوموا فی الابتلاء بالمصاعب وخرجوا مرفوعی الرؤوس وانتصروا،لکنّهم فشلوا فی الابتلاء بالنعمة والسلطة والرئاسة.وقد کان رسول اللّه صلی الله علیه و آله یتوقّع أن یفشل المسلمون فی صدر الإسلام فی اختبار النعمة والسلطة بعد ما قاوموا ونجحوا فی اختبار المصاعب،ولذلک فقد جاء فی روایة یخاطبهم فیها:

فَوَاللّهِ لَاالفَقرَ أخشی عَلَیکُم،ولکِن أخشی عَلَیکُم أن تُبسَطَ عَلَیکُمُ الدُّنیا،کَما بُسِطَت عَلی مَن کانَ قَبلَکُم،فَتَنافَسوها کَما تَنافَسوها،وتُهلِکُکُم کَما أهلَکَتهُم. (1)

وقد تحقق تنبّؤ النبیّ صلی الله علیه و آله هذا بعد رحیله،حیث نجد الخلیفة الثانی للمجتمع الإسلامی بعد النبیّ صلی الله علیه و آله یعترف بذلک صراحة فیقول:

بُلینا بِالضَّرّاءِ فَصَبَرنا،وبُلینا بِالسَّرّاءِ فَلَم نَصبِر. (2)

وأحداث صدر الإسلام بعد رسول اللّه صلی الله علیه و آله،تشهد بصحة هذا الکلام،ومن البدیهی أن هذا الموضوع لا یقتصر علی مسلمی صدر الإسلام،بل یمکننا أن نقدم أمثلة علیه فی جمیع عصور التاریخ ومن جملتها تاریخ الثورة الإسلامیة فی إیران.

ونقدم الآن نصوص الآیات والروایات التی استخدمت کلمة«البلاء»أو الکلمات المرادفة لها بمعنی الاختبار فی خمسة فصول.وممّا یجدر ذکره أنّ المواضع التی استخدمت فیها هذه الکلمات بمعنی المصیبة والشرور سوف تأتی بالتفصیل فی العناوین الخاصة بها إن شاء اللّه.

ص:99


1- (1) .صحیح البخاری:ج 3 ص 1152 ح 2988 وج 4 ص 1473 ح 3791،صحیح مسلم:ج 4 ص 2274 ح 6،سنن ابن ماجة:ج 2 ص 1324 ح 3997،مسند ابن حنبل:ج 6 ص 105 ح 17234، [1]السنن الکبری:ج 9 ص 320 ح 18658 [2] وفیهما«تلهیکم کما ألهتهم»بدل«تهلککم کما أهلکتهم».
2- (2) .مفردات ألفاظ القرآن:ص 145. [3]

ص:100

الفصل الأوّل:الابتلاء سنّة من سنن اللّه

1/1 ابتِلاءُ إبلیسَ

الکتاب

«وَ إِذْ قُلْنا لِلْمَلائِکَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاّ إِبْلِیسَ أَبی وَ اسْتَکْبَرَ وَ کانَ مِنَ الْکافِرِینَ» . (1)

راجع:الأعراف:11،الحجر:30 و 31،الإسراء:61،الکهف:50،طه:116،ص:74.

الحدیث

11115. الإمام علی علیه السلام -مِن خُطبَةٍ لَهُ-:اِستَأدَی (2)اللّهُ سُبحانَهُ المَلائِکَةَ وَدیعَتَهُ لَدَیهِم،وعَهدَ وَصِیَّتِهِ إلَیهِم،فِی الإِذعانِ بِالسُّجودِ لَهُ،وَالخُنوعِ لِتَکرِمَتِهِ،فَقالَ سُبحانَهُ: «اُسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاّ إِبْلِیسَ» اعتَرَتهُ الحَمِیَّةُ،وغَلَبَت عَلَیهِ الشِّقوَةُ،وتَعَزَّزَ بِخِلقَةِ النّارِ، وَاستَوهَنَ خَلقَ الصَّلصالِ،فَأَعطاهُ اللّهُ النَّظِرَةَ؛استِحقاقاً لِلسُّخطَةِ،وَاستِتماماً لِلبَلِیَّةِ، وإنجازاً لِلعِدَةِ،فَقالَ: «فَإِنَّکَ مِنَ الْمُنْظَرِینَ* إِلی یَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ» (3)،ثُمَّ أسکَنَ

ص:101


1- (1) .البقرة:34. [1]
2- (2) .أی طلب منهم أداءها (شرح نهج البلاغة لابن أبی الحدید:ج 1 ص 97). [2]
3- (3) .الحجر:37 و 38. [3]

سُبحانَهُ آدَمَ داراً أرغَدَ فیها عَیشَهُ،وآمَنَ فیها مَحَلَّتَهُ،وحَذَّرَهُ إبلیسَ وعَداوَتَهُ، فَاغتَرَّهُ (1)عَدُوُّهُ؛نَفاسَةً عَلَیهِ بِدارِ المُقامِ ومُرافَقَةِ الأَبرارِ. (2)

11116. الإمام الصادق علیه السلام: إنَّ المَلائِکَةَ کانوا یَحسَبونَ أنَّ إبلیسَ مِنهُم،وکانَ فی عِلمِ اللّهِ أنَّهُ لَیسَ مِنهُم،فَاستَخرَجَ ما فی نَفسِهِ بِالحَمِیَّةِ (3)وَالغَضَبِ،فَقالَ: «خَلَقْتَنِی مِنْ نارٍ وَ خَلَقْتَهُ مِنْ طِینٍ» (4). (5)

11117. عنه علیه السلام: ...فَأَمّا إبلیسُ فَعَبدٌ خَلَقَهُ لِیَعبُدَهُ ویُوَحِّدَهُ،وقَد عَلِمَ حینَ خَلَقَهُ ما هُوَ وإلی ما یَصیرُ إلَیهِ،فَلَم یَزَل یَعبُدُهُ مَعَ مَلائِکَتِهِ حَتَّی امتَحَنَهُ بِسُجودِ آدَمَ،فَامتَنَعَ مِن ذلِکَ حَسَداً وشَقاوَةً غَلَبَت عَلَیهِ،فَلَعَنَهُ عِندَ ذلِکَ،وأَخرَجَهُ عَن صُفوفِ المَلائِکَةِ،وأَنزَلَهُ إلَی الأَرضِ مَلعوناً مَدحوراً (6)،فَصارَ عَدُوَّ آدَمَ ووُلدِهِ بِذلِکَ السَّبَبِ. (7)

2/1 ابتِلاءُ آدَمَ

«وَ یا آدَمُ اسْکُنْ أَنْتَ وَ زَوْجُکَ الْجَنَّةَ فَکُلا مِنْ حَیْثُ شِئْتُما وَ لا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَکُونا مِنَ الظّالِمِینَ

ص:102


1- (1) .الغرة:الغفلة.و اغترّه:أتاه علی غرّة منه (الصحاح:ج 2 ص 768« [1]غرر»).
2- (2) .نهج البلاغة:الخطبة 1، [2]بحار الأنوار:ج 63 ص 212 ح 48. [3]
3- (3) .الحمیّة:الأنفة ( المصباح المنیر:ص 153«حمی»).
4- (4) .الأعراف:12. [4]
5- (5) .الکافی:ج 2 ص 308 ح 6، [5]تفسیر العیّاشی:ج 2 ص 9 ح 5 و [6]لیس فیه«والغضب»،الزهد للحسین بن سعید:ص 89 ح 62 [7] نحوه و کلّها عن داود بن فرقد،بحار الأنوار:ج 63 ص 259 ح 133. [8]
6- (6) .الدحر:الطرد و الإبعاد (مفردات ألفاظ القرآن:ص 308« [9]دحر»).
7- (7) .الاحتجاج:ج 2 ص 218 ح 223، [10]بحار الأنوار:ج 11 ص 138 ح 2. [11]

فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّیْطانُ لِیُبْدِیَ لَهُما ما وُورِیَ عَنْهُما مِنْ سَوْآتِهِما وَ قالَ ما نَهاکُما رَبُّکُما عَنْ هذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاّ أَنْ تَکُونا مَلَکَیْنِ أَوْ تَکُونا مِنَ الْخالِدِینَ * وَ قاسَمَهُما إِنِّی لَکُما لَمِنَ النّاصِحِینَ * فَدَلاّهُما بِغُرُورٍ فَلَمّا ذاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُما سَوْآتُهُما وَ طَفِقا یَخْصِفانِ عَلَیْهِما مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَ ناداهُما رَبُّهُما أَ لَمْ أَنْهَکُما عَنْ تِلْکُمَا الشَّجَرَةِ وَ أَقُلْ لَکُما إِنَّ الشَّیْطانَ لَکُما عَدُوٌّ مُبِینٌ * قالا رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا وَ إِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنا وَ تَرْحَمْنا لَنَکُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِینَ» . (1)

راجع:البقرة:35،طه:115 و 120 و 121.

3/1 ابتِلاءُ بَنی آدَمَ

الکتاب

«إِنّا خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشاجٍ نَبْتَلِیهِ فَجَعَلْناهُ سَمِیعاً بَصِیراً» . (2)

«إِنَّ فِی ذلِکَ لَآیاتٍ وَ إِنْ کُنّا لَمُبْتَلِینَ» . (3)

«یا بَنِی آدَمَ لا یَفْتِنَنَّکُمُ الشَّیْطانُ کَما أَخْرَجَ أَبَوَیْکُمْ مِنَ الْجَنَّةِ یَنْزِعُ عَنْهُما لِباسَهُما لِیُرِیَهُما سَوْآتِهِما إِنَّهُ یَراکُمْ هُوَ وَ قَبِیلُهُ مِنْ حَیْثُ لا تَرَوْنَهُمْ إِنّا جَعَلْنَا الشَّیاطِینَ أَوْلِیاءَ لِلَّذِینَ لا یُؤْمِنُونَ» . (4)

«وَ اتْلُ عَلَیْهِمْ نَبَأَ ابْنَیْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبا قُرْباناً فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِما وَ لَمْ یُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قالَ لَأَقْتُلَنَّکَ قالَ إِنَّما یَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِینَ » . (5)

الحدیث

11118. الإمام علیّ علیه السلام -مِن خُطبَةٍ لَهُ-:أیُّهَا النّاسُ ! إنَّ اللّهَ قَد أعاذَکُم مِن أن یَجورَ عَلَیکُم،

ص:103


1- (1) .الأعراف:19-23. [1]
2- (2) .الإنسان:2. [2]
3- (3) .المؤمنون:30. [3]
4- (4) .الأعراف:27. [4]
5- (5) .المائدة:27. [5]

ولَم یُعِذکُم مِن أن یَبتَلِیَکُم،وقَد قالَ جَلَّ مِن قائِلٍ: «إِنَّ فِی ذلِکَ لَآیاتٍ وَ إِنْ کُنّا لَمُبْتَلِینَ» (1). (2)

11119. عنه علیه السلام: لا یَقولَنَّ أحَدُکُم:«اللّهُمَّ إنّی أعوذُ بِکَ مِنَ الفِتنَةِ»؛لِأَنَّهُ لَیسَ أحَدٌ إلّاوهُوَ مُشتَمِلٌ عَلی فِتنَةٍ،ولکِن مَنِ استَعاذَ فَلیَستَعِذ مِن مُضِلّاتِ الفِتَنِ،فَإِنَّ اللّهَ سُبحانَهُ یَقولُ: «وَ اعْلَمُوا أَنَّما أَمْوالُکُمْ وَ أَوْلادُکُمْ فِتْنَةٌ» (3). (4)

11120. الإمام الرّضا علیه السلام -لَمّا سَأَلَهُ المَأمونُ عَن قَولِهِ تَعالی: «لِیَبْلُوَکُمْ أَیُّکُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً» -:إنَّهُ عز و جل خَلَقَ خَلقَهُ لِیَبلُوَهُم بِتَکلِیفِ طاعَتِهِ وعِبادَتِهِ،لا عَلی سَبیلِ الاِمتِحانِ وَالتَّجرِبَةِ؛لِأَ نَّهُ لَم یَزَل عَلیماً بِکُلِّ شَیءٍ. (5)

4/1 ابتِلاءُ الاُمَمِ الماضِیَةِ

الکتاب

«أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَ لَمّا یَأْتِکُمْ مَثَلُ الَّذِینَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِکُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْساءُ وَ الضَّرّاءُ وَ زُلْزِلُوا حَتّی یَقُولَ الرَّسُولُ وَ الَّذِینَ آمَنُوا مَعَهُ مَتی نَصْرُ اللّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللّهِ قَرِیبٌ» . (6)

ص:104


1- (1) .المؤمنون:30. [1]
2- (2) .نهج البلاغة:الخطبة 103، [2]إرشاد القلوب:ص 35 [3] وفیه«یحم»بدل«یجور»،بحار الأنوار:ج 5 ص 220 ح 16. [4]
3- (3) .الأنفال:28. [5]
4- (4) .نهج البلاغة:الحکمة 93، [6]مجمع البیان:ج 4 ص 824،بحار الأنوار:ج 94 ص 197 ح 6؛ [7]تفسیر الطبری:ج 6 الجزء 9 ص 224 [8] عن ابن مسعود من دون إسنادٍ إلی أحدٍ من أهل البیت علیهم السلام نحوه ولیس فیه صدره إلی«الفتنة».
5- (5) .التوحید:ص 321 ح 2، [9]عیون أخبار الرضا علیه السلام:ج 1 ص 135 ح 33، [10]الاحتجاج:ج 2 ص 393 ح 302 [11] کلّها عن أبی الصلت الهروی،بحار الأنوار:ج 4 ص 80 ح 5. [12]
6- (6) .البقرة:214. [13]

الحدیث

11121. سنن أبی داود عن خبّاب: أتَینا رَسولَ اللّهِ صلی الله علیه و آله وهُوَ مُتَوَسِّدٌ بُردَةً فی ظِلِّ الکَعبَةِ، فَشَکَونا إلَیهِ،فَقُلنا:ألا تَستَنصِرُ لَنا،ألا تَدعُو اللّهَ لَنا؟

فَجَلَسَ مُحمَرّاً وَجهُهُ فَقالَ:قَد کانَ مَن قَبلَکُم یُؤخَذُ الرَّجُلُ فَیُحفَرُ لَهُ فِی الأَرضِ،ثُمَّ یُؤتی بِالمِنشارِ فَیُجعَلُ عَلی رَأسِهِ فَیُجعَلُ فِرقَتَینِ،ما یَصرِفُهُ ذلِکَ عَن دینِهِ.ویُمشَطُ بِأَمشاطِ الحَدیدِ ما دونَ عَظمِهِ مِن لَحمٍ وعَصَبٍ،ما یَصرِفُهُ ذلِکَ عَن دینِهِ.

وَاللّهِ ! لَیُتِمَّنَّ اللّهُ هذَا الأَمرَ،حَتّی یَسیرَ الرّاکِبُ ما بَینَ صَنعاءَ وحَضرَ مَوتَ ما یَخافُ إلَّااللّهَ تَعالی،وَالذِّئبَ عَلی غَنَمِهِ،ولکِنَّکُم تَعجَلونَ. (1)

11122. المستدرک علی الصحیحین عن خبّاب: أَتَیتُ رَسولَ اللّهِ صلی الله علیه و آله وهُوَ مُضطَجِعٌ تَحتَ شَجَرَةٍ واضِعٌ یَدَهُ تَحتَ رَأسِهِ،فَقُلتُ:یا رَسولَ اللّهِ،ألا تَدعُو اللّهَ عَلی هؤُلاءِ القَومِ الَّذینَ قَد خَشینا أن یَرُدّونا عَن دینِنا؟فَصَرَفَ عَنّی وَجهَهُ ثَلاثَ مَرّاتٍ،کُلُّ ذلِکَ أقولُ لَهُ فَیَصرِفُ وَجهَهُ عَنّی،فَجَلَسَ فِی الثّالِثَةِ فَقالَ:

أیُّهَا النّاسُ ! اتَّقُوا اللّهَ وَاصبِروا،فَوَاللّهِ إن کانَ الرَّجُلُ مِنَ المُؤمِنینَ قَبلَکُم لَیوضَعُ المِنشارُ عَلی رَأسِهِ فَیُشَقُّ بِاثنَتَینِ وما یَرتَدُّ عَن دینِهِ،اتَّقُوا اللّهَ،فَإِنَّ اللّهَ فاتِحٌ لَکُم وصانِعٌ. (2)

ص:105


1- (1) .سنن أبی داود:ج 3 ص 47 ح 2649، [1]صحیح البخاری:ج 3 ص 1398 ح 3639،مسند ابن حنبل:ج 7 ص 454 ح 21130، [2]السنن الکبری للنسائی:ج 3 ص 450 ح 5893 [3] کلّها نحوه،کنز العمّال:ج 1 ص 263 ح 1320؛إعلام الوری:ج 1 ص 121، [4]بحار الأنوار:ج 18 ص 210 ح 38. [5]
2- (2) .المستدرک علی الصحیحین:ج 3 ص 432 ح 5643،المعجم الکبیر:ج 4 ص 65 ح 3648،المعجم الأوسط:ج 3 ص 119 ح 2666 ولیس فی الأخیرین«واصبروا»،کنز العمّال:ج 1 ص 266 ح 1334.

11123. الإمام علیّ علیه السلام -مِن خُطبَةٍ لَهُ-:تَدَبَّروا أحوالَ الماضینَ مِنَ المُؤمِنینَ قَبلَکُم،کَیفَ کانوا فی حالِ التَّمحیصِ (1)وَالبَلاءِ،ألَم یَکونوا أثقَلَ الخَلائِقِ أعباءً،وأَجهَدَ العِبادِ بَلاءً،وأَضیَقَ أهلِ الدُّنیا حالاً؟اتَّخَذَتهُمُ الفَراعِنَةُ عَبیداً فَساموهُم سوءَ العَذابِ، وجَرَّعوهُمُ المِرارَ،فَلَم تَبرَحِ الحالُ بِهِم فی ذُلِّ الهَلَکَةِ وقَهرِ الغَلَبَةِ،لا یَجِدونَ حیلَةً فِی امتنِاعٍ،ولا سَبیلاً إلی دِفاعٍ.

حَتّی إذا رَأَی اللّهُ سُبحانَهُ جَدَّ الصَّبرَ مِنهُم عَلَی الأَذی فی مَحَبَّتِهِ،وَالاِحتمالَ لِلمَکروهِ مِن خَوفِهِ،جَعَلَ لَهُم مِن مَضایِقِ البَلاءِ فَرَجاً،فَأَبدَلَهُمُ العِزَّ مَکانَ الذُّلِّ، وَالأَمنَ مَکانَ الخَوفِ،فَصاروا مُلوکاً حُکّاماً،وأَئِمَّةً أعلاماً،وقَد بَلَغَتِ الکَرامَةُ مِنَ اللّهِ لَهُم ما لَم تَذهَبِ الآمالُ إلَیهِ بِهِم. (2)

11124. الإمام زین العابدین علیه السلام -فی وَصفِ ظُهورِ المَهدِیِّ علیه السلام-:فَما تَمُدّونَ أعیُنَکُم؟ألَستُم آمِنینَ؟لَقَد کانَ مَن قَبلَکُم مَن هُوَ عَلی ما أنتُم عَلَیهِ،یُؤخَذُ فَیُقطَعُ یَدُهُ ورِجلُهُ ویُصلَبُ.ثُمَّ تَلا: «أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَ لَمّا یَأْتِکُمْ مَثَلُ الَّذِینَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِکُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْساءُ وَ الضَّرّاءُ وَ زُلْزِلُوا» . (3)

11125. الإمام الصادق علیه السلام: قَد کانَ قَبلَکُم قَومٌ یُقتَلونَ ویُحرَقونَ ویُنشَرونَ بِالمَناشیرِ،وتَضیقُ عَلَیهِمُ الأَرضُ بِرُحبِها،فَما یَرُدُّهُم عَمّا هُم عَلَیهِ شَیءٌ مِمّا هُم فیهِ،مِن غَیرِ تِرَةٍ (4)وَتَروا مَن فَعَلَ ذلِکَ بِهِم ولا أذیً،بَل ما نَقَموا مِنهُم إلّاأن یُؤمِنوا بِاللّهِ العَزیزِ الحَمیدِ؛

ص:106


1- (1) .التَمحیصُ:التزکیة والتطهیر (مفردات ألفاظ القرآن:ص 761«محص»).
2- (2) .نهج البلاغة:الخطبة 192، [1]بحار الأنوار:ج 14 ص 472 ح 37. [2]
3- (3) .الخرائج والجرائح:ج 3 ص 1155 ح 61،بحار الأنوار:ج 67 ص 197. [3]
4- (4) .الوَترُ:الجنایة التی یجنیها الرجل علی غیره من قتلٍ أو نهبٍ أو سبی (لسان العرب:ج 5 ص 274« [4]وتر»).

فَاسأَلوا رَبَّکُم دَرَجاتِهِم،وَاصبِروا عَلی نَوائِبِ دَهرِکُم،تُدرِکوا سَعیَهُم. (1)

11126. الغیبة للطوسی عن خالد العاقولی عن الإمام الصّادق علیه السلام -أنَّهُ قالَ-:فَما تَمُدّونَ أعیُنَکُم؟فَما تَستَعجِلونَ؟ألَستُم آمِنینَ؟ألَیسَ الرَّجُلُ مِنکُم یَخرُجُ مِن بَیتِهِ فَیَقضی حَوائِجَهُ ثُمَّ یَرجِعُ لَم یُختَطَف؟! إن کانَ مَن قَبلَکُم مَن هُوَ عَلی ما أنتُم عَلَیهِ،لَیُؤخَذُ الرَّجُلُ مِنهُم فَتُقطَعُ یَداهُ ورِجلاهُ ویُصلَبُ عَلی جُذوعِ النَّخلِ ویُنشَرُ بِالمِنشارِ،ثُمَّ لا یَعدو ذَنبَ نَفسِهِ. (2)

ثُمَّ تَلا هذِهِ الآیَةَ: «أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَ لَمّا یَأْتِکُمْ مَثَلُ الَّذِینَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِکُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْساءُ وَ الضَّرّاءُ وَ زُلْزِلُوا حَتّی یَقُولَ الرَّسُولُ وَ الَّذِینَ آمَنُوا مَعَهُ مَتی نَصْرُ اللّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللّهِ قَرِیبٌ» . (3)

5/1 ابتِلاءُ الأَنبِیاءِ

11127. رسول اللّه صلی الله علیه و آله: ما زِلتُ أنَا ومَن کانَ قَبلی مِنَ النَّبِیِّینَ وَالمُؤمِنینَ مُبتَلَینَ بِمَن یُؤذِینا،ولَو کانَ المُؤمِنُ عَلی رَأسِ جَبَلٍ لَقَیَّضَ (4)اللّهُ عز و جل لَهُ مَن یُؤذِیهِ؛لِیَأجُرَهُ عَلی ذلِکَ. (5)

ص:107


1- (1) .الکافی:ج 8 ص 248 ح 347 [1] عن جمیل بن درّاج.
2- (2) .قال العلّامة المجلسی قدس سره:قوله:«لا یعدو ذنب نفسه»؛أی لا ینسب تلک المصائب إلّاإلی نفسه وذنبه.أو:لا یلتفت مع تلک البلایا إلّاإلی إصلاح نفسه وتدارک ذنبه (بحار الأنوار:ج 52 ص 130). [2]
3- (3) .الغیبة للطوسی:ص 458 ح 469،تفسیر العیّاشی:ج 1 ص 105 ح 310 [3] عن المُعافی بن إسماعیل،مشکاة الأنوار:ص 497 ح 1665 [4] ولیس فیه صدره إلی«لم یُختطف»وکلاهما نحوه،بحار الأنوار:ج 52 ص 130 ح 28. [5]
4- (4) .قیّض اللّهُ فلاناً لفلان:أی جاء به وأتاحه له،ومنه:«وَ قَیَّضْنَا لَهُمْ»(الصحاح:ج 3 ص 1104« [6]قیض»).
5- (5) .علل الشرائع:ص 45 ح 3 [7] عن عبد اللّه بن الحسن عن الإمام زین العابدین عن أبیه علیهما السلام،بحار الأنوار:ج 27 ص 209 ح 4. [8]

11128. عنه صلی الله علیه و آله: إنَّ أشَدَّ النّاسِ بَلاءً الأَنبِیاءُ،ثُمَّ الَّذینَ یَلونَهُم،ثُمَّ الَّذینَ یَلونَهُم،ثُمَّ الَّذینَ یَلونَهُم. (1)

11129. یعقوب علیه السلام: إنّا مَعشَرَ الأَنبِیاءِ أسرَعُ شَیءٍ البَلاءُ إلَینا،ثُمَّ الأَمثَلُ فَالأَمثَلُ مِنَ النّاسِ. (2)

6/1 ابتِلاءُ إبراهیمَ

الکتاب

«وَ إِذِ ابْتَلی إِبْراهِیمَ رَبُّهُ بِکَلِماتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قالَ إِنِّی جاعِلُکَ لِلنّاسِ إِماماً قالَ وَ مِنْ ذُرِّیَّتِی قالَ لا یَنالُ عَهْدِی الظّالِمِینَ» . (3)

راجع:ص 109 ( ابتلاء إسماعیل علیه السلام ).

الحدیث

11130. مجمع البیان -فی قَولِهِ تَعالی: «وَ إِذِ ابْتَلی إِبْراهِیمَ رَبُّهُ بِکَلِماتٍ فَأَتَمَّهُنَّ» -:رُوِیَ عَنِ الصّادِقِ علیه السلام أنَّهُ مَا ابتَلاهُ اللّهُ بِهِ فی نَومِهِ مِن ذَبحِ وَلَدِهِ إسماعیلَ أبِی العَرَبِ،فَأَتَمَّها إبراهیمُ وعَزَمَ عَلَیها وسَلَّمَ لِأَمرِ اللّهِ،فَلَمّا عَزَمَ [قالَ] (4)اللّهُ تَعالی ثَواباً لَهُ لِما صَدَّقَ وعَمِلَ بِما أمَرَهُ اللّهُ: «إِنِّی جاعِلُکَ لِلنّاسِ إِماماً» . (5)

ص:108


1- (1) .السنن الکبری للنسائی:ج 4 ص 380 ح 7613، [1]مسند ابن حنبل:ج 10 ص 306 ح 27147، [2]مسند إسحاق بن راهویه:ج 5 ص 260 ح 2411،المعجم الکبیر:ج 24 ص 245،کنز العمّال:ج 3 ص 327 ح 6782؛التمحیص:ص 35 ح 30، [3]الکافی:ج 2 ص 252 ح 1 [4] کلاهما عن هشام بن سالم عن الإمام الصادق علیه السلام وفیه«ثمّ الأمثل [5]فالأمثل»بدل«ثمّ الذین یلونهم»الثانیة والثالثة وص 253 ح 4 عن فضیل بن یسار عن الإمام الباقر علیه السلام نحوه،بحار الأنوار:ج 67 ص 241 ح 71. [6]
2- (2) .تفسیر العیّاشی:ج 2 ص 189 ح 61 [7] عن إسماعیل بن جابر عن الإمام الصادق علیه السلام،بحار الأنوار:ج 12 ص 311 ح 127. [8]
3- (3) .البقرة:124. [9]
4- (4) .ما بین المعقوفین سقط من المصدر،وأثبتناه من بحار الأنوار. [10]
5- (5) .مجمع البیان:ج 1 ص 377،بحار الأنوار:ج 12 ص 56. [11]

11131. علل الشرائع عن محمّد بن القاسم عن الإمام الصادق علیه السلام: إنَّ سارَةَ قالَت لِإِبراهیمَ:

یا إبراهیمُ،قَد کَبِرتَ،فَلَو دَعَوتَ اللّهَ عز و جل أن یَرزُقَکَ وَلَداً تَقَرُّ أعیُنُنا بِهِ،فَإِنَّ اللّهَ قَدِ اتَّخَذَکَ خَلیلاً،وهُوَ مُجیبٌ لِدَعوَتِکَ إن شاءَ؟

قالَ:فَسَأَلَ إبراهیمُ رَبَّهُ أن یَرزُقَهُ غُلاماً عَلیماً،فَأَوحَی اللّهُ عز و جل إلَیهِ:إنّی واهِبٌ لَکَ غُلاماً عَلیماً،ثُمَّ أبلوکَ بِالطّاعَةِ لی.... (1)

11132. تفسیر ابن کثیر عن ابن عبّاس: الکَلِماتُ الَّتِی ابتَلَی اللّهُ بِهِنَّ إبراهیمَ فَأَتَمَّهُنَّ:فَراقُ قَومِهِ فِی اللّهِ حینَ أمَرَ بِمُفارَقَتِهِم،ومُحاجَّتُهُ نَمروذَ فِی اللّهِ حینَ وَقَفَهُ عَلی ما وَقَفَهُ عَلَیهِ مِن خَطَرِ الأَمرِ الَّذی فیهِ خِلافُهُ،وصَبَرُهُ-عَلی قَذفِهِ إیّاهُ فِی النّارِ لِیُحرِقوهُ- فِی اللّهِ،عَلی هَولِ ذلِکَ مِن أمرِهِم،وَالهِجرَةُ بَعدَ ذلِکَ مِن وَطَنِهِ وبِلادِهِ فِی اللّهِ حینَ أمَرَهُ بِالخُروجِ عَنهُم،وما أمَرَهُ بِهِ مِنَ الضِّیافَةِ وَالصَّبرِ عَلَیها بِنَفسِهِ ومالِهِ،ومَا ابتُلِیَ بِهِ مِن ذَبحِ ابنِهِ حینَ أمَرَهُ بِذَبحِهِ.

فَلَمّا مَضی عَلی ذلِکَ مِنَ اللّهِ کُلِّهِ وأَخلَصَهُ لِلبَلاءِ،قالَ اللّهُ لَهُ: «إِذْ قالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعالَمِینَ » (2). (3)

7/1 ابتِلاءُ إسماعیلَ

الکتاب

«فَبَشَّرْناهُ بِغُلامٍ حَلِیمٍ* فَلَمّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْیَ قالَ یا بُنَیَّ إِنِّی أَری فِی الْمَنامِ أَنِّی أَذْبَحُکَ فَانْظُرْ ما ذا تَری قالَ یا أَبَتِ افْعَلْ ما تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِی إِنْ شاءَ اللّهُ مِنَ الصّابِرِینَ * فَلَمّا أَسْلَما وَ تَلَّهُ لِلْجَبِینِ

ص:109


1- (1) .علل الشرائع:ص 38 ح 2، [1]تفسیر العیّاشی:ج 2 ص 244 ح 25، [2]بحار الأنوار:ج 12 ص 79 ح 9. [3]
2- (2) .البقرة:131. [4]
3- (3) .تفسیر ابن کثیر:ج 1 ص 238، [5]تفسیر ابن أبی حاتم:ج 1 ص 220 ح 1167 [6] نحوه.

*وَ نادَیْناهُ أَنْ یا إِبْراهِیمُ* قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْیا إِنّا کَذلِکَ نَجْزِی الْمُحْسِنِینَ* إِنَّ هذا لَهُوَ الْبَلاءُ الْمُبِینُ * وَ فَدَیْناهُ بِذِبْحٍ عَظِیمٍ» . (1)

الحدیث

11133. عیون أخبار الرضا علیه السلام عن الحسین بن علیّ بن الفضّال: سَأَلتُ أبَا الحَسَنِ عَلِیَّ بنَ موسَی الرِّضا علیه السلام عَن مَعنی قَولِ النَّبِیِّ صلی الله علیه و آله:«أنَا ابنُ الذَّبیحَینِ»،قالَ:یَعنی إسماعیلَ بنَ إبراهیمَ الخَلیلِ علیهما السلام،وعَبدَ اللّهِ بنَ عَبدِ المُطَّلِبِ.

أمّا إسماعیلُ فَهُوَ الغُلامُ الحَلیمُ الَّذی بَشَّرَ اللّهُ بِهِ إبراهیمَ، «فَلَمّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْیَ» ،وهُوَ لَمّا عَمِلَ مِثلَ عَمَلِهِ «قالَ یا بُنَیَّ إِنِّی أَری فِی الْمَنامِ أَنِّی أَذْبَحُکَ فَانْظُرْ ما ذا تَری قالَ یا أَبَتِ افْعَلْ ما تُؤْمَرُ» ،ولَم یَقُل:یا أبَتِ افعَل ما رَأَیتَ، «سَتَجِدُنِی إِنْ شاءَ اللّهُ مِنَ الصّابِرِینَ» .... (2)

8/1 ابتِلاءُ یَعقوبَ

الکتاب

«وَ تَوَلّی عَنْهُمْ وَ قالَ یا أَسَفی عَلی یُوسُفَ وَ ابْیَضَّتْ عَیْناهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ کَظِیمٌ* قالُوا تَاللّهِ تَفْتَؤُا تَذْکُرُ یُوسُفَ حَتّی تَکُونَ حَرَضاً أَوْ تَکُونَ مِنَ الْهالِکِینَ » . (3)

الحدیث

11134. تفسیر العیّاشی عن أبی بصیر عن الإمام الباقر علیه السلام: اشتَدَّ حُزنُهُ-یَعنی یَعقوبَ-حَتّی

ص:110


1- (1) .الصافات:101-107. [1]
2- (2) .عیون أخبار الرضا علیه السلام:ج 1 ص 210 ح 1، [2]الخصال:ص 56 ح 78 عن الحسن بن علی بن فضّال،بحار الأنوار:ج 12 ص 123 ح 1. [3]
3- (3) .یوسف:84 و 85. [4]

تَقَوَّسَ ظَهرُهُ،وأَدبَرَتِ الدُّنیا عَن یَعقوبَ ووُلدِهِ حَتَّی احتاجوا حاجَةً شَدیدَةً،وفَنِیَت میرَتُهُم،فَعِندَ ذلِکَ قالَ یَعقوبُ لِوُلدِهِ: «اِذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ یُوسُفَ وَ أَخِیهِ وَ لا تَیْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللّهِ إِنَّهُ لا یَیْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْکافِرُونَ» (1).فَخَرَجَ مِنهُم نَفَرٌ وبَعَثَ مَعَهُم بِبِضاعَةٍ یَسیرَةٍ،وکَتَبَ مَعَهُم کِتاباً إلی عَزیزِ مِصَر یَتَعَطَّفُهُ عَلی نَفسِهِ ووُلدِهِ،وأَوصی وُلدَهُ أن یُبدوا بِدَفعِ کِتابِهِ قَبلَ البِضاعَةِ،فَکَتَبَ:

بِسمِ اللّهِ الرَّحمنِ الرَّحیمِ،إلی عَزیزِ مِصرَ و مُظهِرِ العَدلِ ومُوفِی الکَیلِ،مِن یَعقوبَ بنِ إسحاقَ بنِ إبراهیمَ خَلیلِ اللّهِ صاحِبِ نُمرودَ،الَّذی جَمَعَ لِإِبراهیمَ الحَطَبَ وَالنّارَ لِیُحرِقَهُ بِها،فَجَعَلَهَا اللّهُ عَلَیهِ بَرداً وسَلاماً وأَنجاهُ مِنها،اُخبِرُکَ أیُّهَا العَزیزُ،إنّا أهلُ بَیتٍ قَدیمٍ لَم یَزَلِ البَلاءُ إلَینا سَریعاً مِنَ اللّهِ؛لِیَبلُوَنا بِذلِکَ عِندَ السَّرّاءِ وَالضَّرّاءِ، وأَنَّ مَصائِبَ تَتابَعَت عَلَیَّ مُنذُ عِشرینَ سَنَةً،أوَّلُها أنَّهُ کانَ لِیَ ابنٌ سَمَّیتُهُ یوسُفَ، وکانَ سُروری مِن بَینِ وُلدی وقُرَّةَ عَینی وثَمَرَةَ فُؤادی،وإنَّ إخوَتَهُ مِن غَیرِ امِّهِ سَأَلونی أن أبعَثَهُ مَعَهُم یَرتَعُ ویَلعَبُ،فَبَعَثتُهُ مَعَهُم بُکرَةً،وإنَّهُم جاؤونی عِشاءً یَبکونَ،وجاؤونی عَلی قَمیصِهِ بِدَمٍ کَذِبٍ فَزَعَموا أنَّ الذِّئبَ أکَلَهُ،فَاشتَدَّ لِفَقدِهِ حُزنی وکَثُرَ عَلی فِراقِهِ بُکائی،حَتَّی ابیَضَّت عَینایَ مِنَ الحُزنِ.

وإنَّهُ کانَ لَهُ أخٌ مِن خالَتِهِ،وکُنتُ بِهِ مُعجَباً وعَلَیهِ رَفیقاً،وکانَ لی أنیساً،وکُنتُ إذا ذَکَرتُ یوسُفَ ضَمَمتُهُ إلی صَدری فَیَسکُنُ بَعضُ ما أجِدُ فی صَدری،وإنَّ إخوَتَهُ ذَکَروا لی أنَّکَ أیُّهَا العَزیزُ سَأَلتَهُم عَنهُ وأَمَرتَهُم أن یَأتوکَ بِهِ،وإن لَم یَأتوکَ بِهِ مَنَعتَهُمُ المیرَةَ (2)لَنا مِنَ القَمحِ مِن مِصرَ،فَبَعَثتُهُ مَعَهُم لِیَمتاروا لَنا قَمحاً،فَرَجَعوا

ص:111


1- (1) .یوسف:87. [1]
2- (2) .المیرَةُ:الطعام (الصحاح:ج 2 ص 821« [2]میر»).

إلَیَّ فَلَیسَ هُوَ مَعَهُم،وذَکَروا أنَّهُ سَرَقَ مِکیالَ المَلِکِ ! ونَحنُ أهلُ بَیتٍ لا نَسرِقُ،وقَد حَبَستَهُ وفَجَعتَنی بِهِ،وقَدِ اشتَدَّ لِفِراقِهِ حُزنی حَتّی تَقَوَّسَ لِذلِکَ ظَهری،وعَظُمَت بِهِ مُصیبَتی مَعَ مَصائِبَ مُتَتابِعاتٍ عَلَیَّ،فَمُنَّ عَلَیَّ بِتَخلِیَةِ سَبیلِهِ وإطلاقِهِ مِن مَحبَسِهِ، وطَیِّب لَنَا القَمحَ،وَاسمَح لَنا فِی السِّعرِ،وعَجِّل بِسَراحِ آلِ یَعقوبَ.

فَلَمّا مَضی وُلدُ یَعقوبَ مِن عِندِهِ نَحوَ مِصرَ بِکِتابِهِ،نَزَلَ جَبرَئیلُ عَلی یَعقوبَ فَقالَ لَهُ:یا یَعقوبُ،إنَّ رَبَّکَ یَقولُ لَکَ:مَنِ ابتَلاکَ بِمَصائِبِکَ الَّتی کَتَبتَ بِها إلی عَزیزِ مِصرَ؟قالَ یَعقوبُ:أنتَ بَلَوتَنی بِها عُقوبَةً مِنکَ وأَدَباً لی،قالَ اللّهُ:فَهَل کانَ یَقدِرُ عَلی صَرفِها عَنکَ أحَدٌ غَیری؟قالَ یَعقوبُ:اللّهُمَّ لا،قالَ:أفَمَا استَحیَیتَ مِنّی حینَ شَکَوتَ مَصائِبَکَ إلی غَیری ولَم تَستَغِث بی وتَشکو ما بِکَ إلَیَّ؟

فَقالَ یَعقوبُ:أستَغفِرُکَ یا إلهی وأَتوبُ إلَیکَ،وأَشکو بَثّی وحُزنی إلَیکَ.فَقالَ اللّهُ تَبارَکَ وتَعالی:قَد بَلَغتُ بِکَ یا یَعقوبُ وبِوُلدِکَ الخاطِئینَ الغایَةَ فی أدَبی،ولَو کُنتَ یا یَعقوبُ شَکَوتَ مَصائِبَکَ إلَیَّ عِندَ نُزولِها بِکَ،وَاستَغفَرتَ وتُبتَ إلَیَّ مِن ذَنبِکَ، لَصَرَفتُها عَنکَ بَعدَ تَقدیری إیّاها عَلَیکَ،ولکِنَّ الشَّیطانَ أنساکَ ذِکری،فَصِرتَ إلَی القُنوطِ مِن رَحمَتی،وأَنَا اللّهُ الجَوادُ الکَریمُ،اُحِبُّ عِبادِیَ المُستَغفِرینَ التّائِبینَ الرّاغِبینَ إلَیَّ فیما عِندی.

یا یَعقوبُ،أنَا رادٌّ إلَیکَ یوسُفَ وأَخاهُ،ومُعیدٌ إلَیکَ ما ذَهَبَ مِن مالِکَ ولَحمِکَ ودَمِکَ،ورادٌّ إلَیکَ بَصَرَکَ،ومُقَوِّمٌ لَکَ ظَهرَکَ،فَطِب نَفساً وقَرَّ عَیناً،وإنَّ الَّذی فَعَلتُهُ بِکَ کانَ أدَباً مِنّی لَکَ،فَاقبَل أدَبی.

قالَ:ومَضی وُلدُ یَعقوبَ بِکِتابِهِ نَحوَ مِصرَ،حَتّی دَخَلوا عَلی یوسُفَ فی

ص:112

دارِ المَملَکَةِ فَقالوا: «یا أَیُّهَا الْعَزِیزُ مَسَّنا وَ أَهْلَنَا الضُّرُّ وَ جِئْنا بِبِضاعَةٍ مُزْجاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْکَیْلَ وَ تَصَدَّقْ عَلَیْنا إِنَّ اللّهَ یَجْزِی الْمُتَصَدِّقِینَ » (1)بِأَخینَا ابنِ یامینَ،وهذا کِتابُ أبینا یَعقوبَ إلَیکَ فی أمرِهِ، یَسأَ لُکَ تَخلِیَةَ سَبیلِهِ وأَن تَمُنَّ بِهِ عَلَیهِ.

قالَ:فَأَخَذَ یوسُفُ کِتابَ یَعقوبَ،فَقَبَّلَهُ ووَضَعَهُ عَلی عَینَیهِ،وبَکی وَانتَحَبَ حَتّی بَلَّت دُموعُهُ القَمیصَ الَّذی عَلَیهِ،ثُمَّ أقبَلَ عَلَیهِم فَقالَ: «هَلْ عَلِمْتُمْ ما فَعَلْتُمْ بِیُوسُفَ» (2)مِن قَبلُ وأَخیهِ مِن بَعدُ؟ «قالُوا أَ إِنَّکَ لَأَنْتَ یُوسُفُ قالَ أَنَا یُوسُفُ وَ هذا أَخِی قَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَیْنا» (3)، «قالُوا تَاللّهِ لَقَدْ آثَرَکَ اللّهُ عَلَیْنا» (4)فَلا تَفضَحنا ولا تُعاقِبنَا الیَومَ وَاغفِر لَنا، «قالَ لا تَثْرِیبَ عَلَیْکُمُ الْیَوْمَ یَغْفِرُ اللّهُ لَکُمْ» (5). (6)

11135. المحاسن عن سالم بن مکرم عن الإمام الصادق علیه السلام: إنَّمَا ابتُلِیَ یَعقوبُ علیه السلام بِیوسُفَ علیه السلام؛ أنَّهُ ذَبَحَ کَبشاً سَمیناً،ورَجُلٌ مِن أصحابِهِ یُدعی«فیومَ»مُحتاجٌ لَم یَجِد ما یُفطِرُ عَلَیهِ،فَأَغفَلَهُ فَلَم یُطعِمهُ،فَابتُلِیَ بِیوسُفَ علیه السلام.

قالَ:فَکانَ بَعدَ ذلِکَ یُنادی مُنادیهِ کُلَّ صَباحٍ:مَن لَم یَکُن صائِماً فَلیَشهَد غَداءَ یَعقوبَ،وإذا أمسی نادی:مَن کانَ صائِماً فَلیَشهَد عَشاءَ یَعقوبَ. (7)

راجع:العنوان الآتی.

ص:113


1- (1) .یوسف:88. [1]
2- (2) .یوسف:89. [2]
3- (3) .یوسف:90. [3]
4- (4) .یوسف:91. [4]
5- (5) .یوسف:92. [5]
6- (6) .تفسیر العیّاشی:ج 2 ص 190 ح 65، [6]مجمع البیان:ج 5 ص 399،بحار الأنوار:ج 12 ص 312 ح 129. [7]
7- (7) .المحاسن:ج 2 ص 161 ح 1442 و ص 162 ح 1443 [8] عن الکاهلی نحوه،تفسیر العیّاشی:ج 2 ص 167 ح 4 [9] وفیه«بقوم»بدل«فیوم»،بحار الأنوار:ج 66 ص 348 ح 5. [10]

9/1 ابتِلاءُ یوسُفَ

الکتاب

«إِذْ قالَ یُوسُفُ لِأَبِیهِ یا أَبَتِ إِنِّی رَأَیْتُ أَحَدَ عَشَرَ کَوْکَباً وَ الشَّمْسَ وَ الْقَمَرَ رَأَیْتُهُمْ لِی ساجِدِینَ قالَ یا بُنَیَّ لا تَقْصُصْ رُؤْیاکَ عَلی إِخْوَتِکَ فَیَکِیدُوا لَکَ کَیْداً إِنَّ الشَّیْطانَ لِلْإِنْسانِ عَدُوٌّ مُبِینٌ » . (1)

«فَلَمّا ذَهَبُوا بِهِ وَ أَجْمَعُوا أَنْ یَجْعَلُوهُ فِی غَیابَتِ الْجُبِّ وَ أَوْحَیْنا إِلَیْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هذا وَ هُمْ لا یَشْعُرُونَ» . (2)

«وَ راوَدَتْهُ الَّتِی هُوَ فِی بَیْتِها عَنْ نَفْسِهِ وَ غَلَّقَتِ الْأَبْوابَ وَ قالَتْ هَیْتَ لَکَ قالَ مَعاذَ اللّهِ إِنَّهُ رَبِّی أَحْسَنَ مَثْوایَ إِنَّهُ لا یُفْلِحُ الظّالِمُونَ * وَ لَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَ هَمَّ بِها لَوْ لا أَنْ رَأی بُرْهانَ رَبِّهِ کَذلِکَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَ الْفَحْشاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُخْلَصِینَ » . (3)

«قالَ هَلْ عَلِمْتُمْ ما فَعَلْتُمْ بِیُوسُفَ وَ أَخِیهِ إِذْ أَنْتُمْ جاهِلُونَ* قالُوا أَ إِنَّکَ لَأَنْتَ یُوسُفُ قالَ أَنَا یُوسُفُ وَ هذا أَخِی قَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَیْنا إِنَّهُ مَنْ یَتَّقِ وَ یَصْبِرْ فَإِنَّ اللّهَ لا یُضِیعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِینَ» . (4)

الحدیث

11136. علل الشرائع عن الثُّمالیّ: صَلَّیتُ مَعَ عَلِیِّ بنِ الحُسَینِ علیه السلام الفَجرَ بِالمَدینَةِ یَومَ جُمُعَةٍ، فَلَمّا فَرَغَ مِن صَلاتِهِ وسُبحَتِهِ نَهَضَ إلی مَنزِلِهِ وأَنَا مَعَهُ،فَدَعا مَولاةً لَهُ تُسَمّی سُکَینَةَ،فَقالَ لَها:لا یَعبُر عَلی بابی سائِلٌ إلّاأطعَمتُموهُ،فَإِنَّ الیَومَ یَومُ الجُمُعَةِ،

ص:114


1- (1) .یوسف:4 و5. [1]
2- (2) .یوسف:15. [2]
3- (3) .یوسف:23 و 24. [3]
4- (4) .یوسف:89 و 90. [4]

قُلتُ لَهُ:لَیسَ کُلُّ مَن یَسأَلُ مُستَحِقّاً ! فَقالَ:یا ثابِتُ،أخافُ أن یَکونَ بَعضُ مَن یَسأَ لُنا مُحِقّاً (1)فَلا نُطعِمَهُ ونَرُدَّهُ،فَیَنزِلَ بِنا أهلَ البَیتِ ما نَزَلَ بِیَعقوبَ وآلِهِ،أطعِموهُم أطعِموهُم.

إنَّ یَعقوبَ کانَ یَذبَحُ کُلَّ یَومٍ کَبشاً،فَیَتَصَدَّقُ مِنهُ ویَأکُلُ هُوَ وعِیالُهُ مِنهُ،وإنَّ سائِلاً مُؤمِناً صَوّاماً مُحِقّاً (2)لَهُ عِندَ اللّهِ مَنزِلَةٌ،وکانَ مُجتازاً غَریباً اعتَرَّ (3)عَلی بابِ یَعقوبَ عَشِیَّةَ جُمُعَةٍ عِندَ أوانِ إفطارِهِ،یَهتِفُ عَلی بابِهِ:«أطعِمُوا السّائِلَ المُجتازَ الغَریبَ الجائِعَ مِن فَضلِ طَعامِکُم»،یَهتِفُ بِذلِکَ عَلی بابِهِ مِراراً وهُم یَسمَعونَهُ وقَد جَهِلوا حَقَّهُ ولَم یُصَدِّقوا قَولَهُ،فَلَمّا یَئِسَ أن یُطعِموهُ وغَشِیَهُ اللَّیلُ،استَرجَعَ (4)وَاستَعبَرَ وشَکا جوعَهُ إلَی اللّهِ عز و جل،وباتَ طاوِیاً (5)،وأَصبَحَ صائِماً جائِعاً صابِراً حامِداً للّهِ ِ،وباتَ یَعقوبُ وآلُ یَعقوبَ شِباعاً بِطاناً (6)،وأَصبَحوا وعِندَهُم فَضلَةٌ مِن طَعامِهِم.

قالَ:فَأَوحَی اللّهُ عز و جل إلی یَعقوبَ فی صَبیحَةِ تِلکَ اللَّیلَةِ:لَقَد أذلَلتَ یا یَعقوبُ عَبدی ذِلَّةً استَجرَرتَ بِها غَضَبی،وَاستَوجَبتَ بِها أدَبی ونُزولَ عُقوبَتی وبَلوایَ عَلَیکَ وعَلی وُلدِکَ،یا یَعقوبُ ! إنَّ أحَبَّ أنبِیائی إلَیَّ وأَکرَمَهُم عَلَیَّ مَن رَحِمَ مَساکینَ عِبادی وقَرَّبَهُم إلَیهِ وأَطعَمَهُم،وکانَ لَهُم مَأویً ومَلجَأً،یا یَعقوبُ ! أما رَحِمتَ ذِمیالَ عَبدِیَ المُجتَهِدَ فی عِبادَتِی القانِعَ بِالیَسیرِ مِن ظاهِرِ الدُّنیا عِشاءَ أمسِ لَمَّا اعتَرَّ بِبابِکَ عِندَ أوانِ إفطارِهِ وهَتَفَ بِکُم:أطعِمُوا السّائِلَ الغَریبَ المُجتازَ القانِعَ؟فَلَم تُطعِموهُ

ص:115


1- (1) .فی بحار الأنوار:«مستحقّاً».
2- (2) .فی بحار الأنوار:« [1]مستحقّاً».
3- (3) .اعترّه واعترّ به:إذا أتاه فطلب معروفه (لسان العرب:ج 4 ص 557« [2]عرر»).
4- (4) .استرجع:أی قال:إنّا للّه و إنا إلیه راجعون (لسان العرب:ج 8 ص 117« [3]رجع»).
5- (5) .الطوی:الجوع (الصحاح:ج 6 ص 2415«طوی»).
6- (6) .بَطِنَ-بالکسر-یبطن بطناً:عظم بطنه من الشبع (الصحاح:ج 5 ص 2079« [4]بطن»).

شَیئاً،فَاستَرجَعَ وَاستَعبَرَ وشَکا ما بِهِ إلَیَّ،وباتَ طاوِیاً حامِداً لی،وأَصبَحَ لی صائِماً،وأَنتَ یا یَعقوبُ ووُلدُکَ شِباعٌ،وأَصبَحتَ وعِندَکُم فَضلَةٌ مِن طَعامِکُم !

أوَ ما عَلِمتَ یا یَعقوبُ أنَّ العُقوبَةَ وَالبَلوی إلی أولِیائی أسرَعُ مِنها إلی أعدائی؟ وذلِکَ حُسنُ النَّظَرِ مِنّی لِأَولِیائی وَاستِدراجٌ مِنّی لِأَعدائی.أما وعِزَّتی ! لَاُنزِلُ عَلَیکَ بَلوایَ،ولَأَجعَلَنَّکَ ووُلدَکَ غَرَضاً لِمَصابی (1)،ولَاُوذِیَنَّکَ (2)بِعُقوبَتی،فَاستَعِدّوا لِبَلوایَ، وَارضَوا بِقَضائی،وَاصبِروا لِلمَصائِبِ.

فَقُلتُ لِعَلِیِّ بنِ الحُسَینِ علیه السلام:جُعِلتُ فِداکَ مَتی رَأی یوسُفُ الرُّؤیا؟فَقالَ:فی تِلکَ اللَّیلَةِ الَّتی باتَ فیها یَعقوبُ وآلُ یَعقوبَ شِباعاً وباتَ فیها ذِمیالُ طاوِیاً جائِعاً،فَلَمّا رَأی یوسُفُ الرُّؤیا وأَصبَحَ یَقُصُّها عَلی أبیهِ یَعقوبَ،فَاغتَمَّ یَعقوبُ لِما سَمِعَ مِن یوسُفَ مَعَ ما أوحَی اللّهُ عز و جل إلَیهِ أنِ استَعِدَّ لِلبَلاءِ،فَقالَ یَعقوبُ لِیوسُفَ:لا تَقصُص رُؤیاکَ هذِهِ عَلی إخوَتِکَ؛فَإِنّی أخافُ أن یَکیدوا لَکَ کَیداً.فَلَم یَکتُم یوسُفُ رُؤیاهُ وقَصَّها عَلی إخوَتِهِ.

قالَ عَلِیُّ بنُ الحُسَینِ علیه السلام:وکانَت أوَّلُ بَلوی نَزَلَت بِیَعقوبَ وآلِ یَعقوبَ الحَسَدَ لِیوسُفَ لَمّا سَمِعوا مِنهُ الرُّؤیا.قالَ:فَاشتَدَّت رِقَّةُ یَعقوبَ عَلی یوسُفَ،وخافَ أن یَکونَ ما أوحَی اللّهُ عز و جل إلَیهِ مِنَ الاِستِعدادِ لِلبَلاءِ هُوَ فی یوسُفَ خاصَّةً،فَاشتَدَّت رِقَّتُهُ عَلَیهِ مِن بَینِ وُلدِهِ،فَلَمّا رَأی إخوَةُ یوسُفَ ما یَصنَعُ یَعقوبُ بِیوسُفَ وتَکرِمَتَهُ إیّاهُ وإیثارَهُ إیّاهُ عَلَیهِمُ،اشتَدَّ ذلِکَ عَلَیهِم،وبَدَأَ البَلاءُ فیهِم،فَتَآمَروا فیما بَینَهُم وقالوا:إنَّ یوسُفَ وأَخاهُ «أَحَبُّ إِلی أَبِینا مِنّا وَ نَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبانا لَفِی ضَلالٍ مُبِینٍ*

ص:116


1- (1) .فی بحار الأنوار:« [1]لمصائبی».
2- (2) .فی بعض المصادر کالجواهر السنیّة:ص 28 و [2]تفسیر نور الثقلین:ج 2 ص 412:« [3]ولاؤد بنک»بدل«ولاذینّک»و هو الأصح ّ.

اُقْتُلُوا یُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضاً یَخْلُ لَکُمْ وَجْهُ أَبِیکُمْ وَ تَکُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْماً صالِحِینَ» (1)؛ أی تَتوبونَ،فَعِندَ ذلِکَ «قالُوا یا أَبانا ما لَکَ لا تَأْمَنّا عَلی یُوسُفَ وَ إِنّا لَهُ لَناصِحُونَ* أَرْسِلْهُ مَعَنا غَداً یَرْتَعْ » الآیَةَ. (2)فَقالَ یَعقوبُ: «إِنِّی لَیَحْزُنُنِی أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ وَ أَخافُ أَنْ یَأْکُلَهُ الذِّئْبُ» (3)، فَانتَزَعَهُ حَذَراً عَلَیهِ مِن أن تَکونَ البَلوی مِنَ اللّهِ عز و جل عَلی یَعقوبَ فی یوسُفَ خاصَّةً؛ لِمَوقِعِهِ مِن قَلبِهِ وحُبِّهِ لَهُ.

قالَ:فَغَلَبَت قُدرَةُ اللّهِ وقَضاؤُهُ ونافِذُ أمرِهِ فی یَعقوبَ ویوسُفَ وإخوَتِهِ،فَلَم یَقدِر یَعقوبُ عَلی دَفعِ البَلاءِ عَن نَفسِهِ ولا عَن یوسُفَ ووُلدِهِ،فَدَفَعَهُ إلَیهِم وهُوَ لِذلِکَ کارِهٌ مُتَوَقِّعٌ لِلبَلوی مِنَ اللّهِ فی یوسُفَ.

فَلَمّا خَرَجوا مِن مَنزِلِهِم لَحِقَهُم مُسرِعاً،فَانتَزَعَهُ مِن أیدیهِم فَضَمَّهُ إلَیهِ وَاعتَنَقَهُ وبَکی،ودَفَعَهُ إلَیهِم،فَانطَلَقوا بِهِ مُسرِعینَ مَخافَةَ أن یَأخُذَهُ مِنهُم ولا یَدفَعَهُ إلَیهِم.فَلَمّا أمعَنوا بِهِ أتَوا بِهِ غَیضَةَ (4)أشجارٍ،فَقالوا:نَذبَحُهُ ونُلقیهِ تَحتَ هذِهِ الشَّجَرَةِ فَیَأکُلُهُ الذِّئبُ اللَّیلَةَ،فَقالَ کَبیرُهُم: «لا تَقْتُلُوا یُوسُفَ وَ أَلْقُوهُ فِی غَیابَتِ الْجُبِّ یَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّیّارَةِ إِنْ کُنْتُمْ فاعِلِینَ » (5)،فانطَلَقوا بِهِ إلَی الجُبِّ فَأَلقَوهُ فیهِ وهُم یَظُنُّونَ أنَّهُ یَغرَقُ فیهِ،فَلَمّا صارَ فی قَعرِ الجُبِّ ناداهُم:یا وُلدَ رومینَ ! أقرِؤوا یَعقوبَ مِنِّی السَّلامَ،فَلَمّا سَمِعوا کَلامَهُ قالَ بَعضُهُم لِبَعضٍ:لا تَزالوا مِن هاهُنا حَتّی تَعلَموا أنَّهُ قَد ماتَ.

فَلَم یَزالوا بِحَضرَتِهِ حَتّی أمسَوا ورَجَعوا إلی أبیهِم «عِشاءً یَبْکُونَ* قالُوا یا أَبانا إِنّا

ص:117


1- (1) .یوسف:8 و 9. [1]
2- (2) .یوسف:11 و 12. [2]
3- (3) .یوسف:13. [3]
4- (4) .الغیضة:الأجمّة،و هی مغیض ماء یجتمع فینبت فیه الشجر (الصحاح:ج 3 ص 1097« [4]غیض»).
5- (5) .یوسف:10. [5]

ذَهَبْنا نَسْتَبِقُ وَ تَرَکْنا یُوسُفَ عِنْدَ مَتاعِنا فَأَکَلَهُ الذِّئْبُ وَ ما أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنا وَ لَوْ کُنّا صادِقِینَ» (1)،فَلَمّا سَمِعَ مَقالَتَهُمُ استَرجَعَ وَاستَعبَرَ،وذَکَرَ ما أوحَی اللّهُ عز و جل إلَیهِ مِنَ الاِستِعدادِ لِلبَلاءِ،فَصَبَرَ وأَذعَنَ لِلبَلاءِ،وقالَ لَهُم: «بَلْ سَوَّلَتْ لَکُمْ أَنْفُسُکُمْ أَمْراً» (2).وما کانَ اللّهُ لِیُطعِمَ لَحمَ یوسُفَ لِلذِّئبِ مِن قَبلِ أن رَأی تَأویلَ رُؤیاهُ الصّادِقَةِ.

قالَ أبو حَمزَةَ:ثُمَّ انقَطَعَ حَدیثُ عَلِیِّ بنِ الحُسَینِ علیه السلام عِندَ هذا،فَلَمّا کانَ مِنَ الغَدِ غَدَوتُ عَلَیهِ فَقُلتُ لَهُ:جُعِلتُ فِداکَ،إنَّکَ حَدَّثتَنی أمسِ بِحَدیثِ یَعقوبَ ووُلدِهِ ثُمَّ قَطَعتَهُ،ما کانَ مِن قِصَّةِ إخوَةِ یوسُفَ وقِصَّةِ یوسُفَ بَعدَ ذلِکَ؟

فَقالَ:إنَّهُم لَمّا أصبَحوا قالوا:انطَلِقوا بِنا حَتّی نَنظُرَ ما حالُ یوسُفَ،أماتَ أم هُوَ حَیٌّ،فَلَمَّا انتَهَوا إلَی الجُبِّ وَجَدوا بِحَضرَةِ الجُبِّ سَیّارَةً وقَد أرسَلوا وارِدَهُم فَأَدلی دَلوَهُ،فَلَمّا جَذَبَ دَلوَهُ إذا هُوَ بِغُلامٍ مُتَعَلِّقٍ بِدَلوِهِ،فَقالَ لِأَصحابِهِ:یا بُشری ! هذا غُلامٌ،فَلَمّا أخرَجوهُ أقبَلَ إلَیهِم إخوَةُ یوسُفَ فَقالوا:هذا عَبدُنا سَقَطَ مِنّا أمسِ فی هذَا الجُبِّ،وجِئنَا الیَومَ لِنُخرِجَهُ ! فَانتَزَعوهُ مِن أیدیهِم،وتَنَحَّوا بِهِ ناحِیَةً فَقالوا:إمّا أن تُقِرَّ لَنا أنَّکَ عَبدٌ لَنا فَنَبیعَکَ عَلی بَعضِ هذِهِ السَّیّارَةِ،أو نَقتُلَکَ،فَقالَ لَهُم یوسُفُ علیه السلام:لا تَقتُلونی وَاصنَعوا ما شِئتُم،فَأَقبَلوا بِهِ إلَی السَّیّارَةِ فَقالوا:أمِنکُم مَن یَشتَری مِنّا هذَا العَبدَ؟فَاشتَراهُ رَجُلٌ مِنهُم بِعِشرینَ دِرهَماً،وکانَ إخوَتُهُ فیهِ مِنَ الزّاهِدینَ.

وسارَ بِهِ الَّذی اشتَراهُ مِنَ البَدوِ حَتّی أدخَلَهُ مِصرَ،فَباعَهُ الَّذِی اشتَراهُ مِنَ البَدوِ مِن مَلِکِ مِصرَ،وذلِکَ قَولُ اللّهِ عز و جل: «وَ قالَ الَّذِی اشْتَراهُ مِنْ مِصْرَ لاِمْرَأَتِهِ أَکْرِمِی مَثْواهُ

ص:118


1- (1) .یوسف:16 و 17. [1]
2- (2) .یوسف:18. [2]

عَسی أَنْ یَنْفَعَنا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً» (1).

قالَ أبو حَمزَةَ:فَقُلتُ لِعَلِیِّ بنِ الحُسَینِ علیه السلام:اِبنَ کَم کانَ یوسُفُ یَومَ ألقَوهُ فِی الجُبِّ؟فَقالَ:کانَ ابنَ تِسعِ سِنینَ،فَقُلتُ:کَم کانَ بَینَ مَنزِلِ یَعقوبَ یَومَئِذٍ وبَینَ مِصرَ؟فَقالَ:مَسیرَةَ اثنَی عَشَرَ یَوماً.

قالَ:وکانَ یوسُفُ مِن أجمَلِ أهلِ زَمانِهِ،فَلَمّا راهَقَ یوسُفُ راوَدَتهُ امرَأَةُ المَلِکِ عَن نَفسِهِ،فَقالَ لَها:مَعاذَ اللّهِ ! أنَا مِن أهلِ بَیتٍ لا یَزنونَ،فَغَلَّقَتِ الأَبوابَ عَلَیها وعَلَیهِ وقالَت:لا تَخَف،وأَلقَت نَفسَها عَلَیهِ،فَأَفلَتَ مِنها هارِباً إلَی البابِ فَفَتَحَهُ، فَلَحِقَتهُ فَجَذَبَت قَمیصَهُ مِن خَلفِهِ فَأَخرَجَتهُ مِنهُ،فَأَفلَتَ یوسُفُ مِنها فی ثِیابِهِ:

«وَ أَلْفَیا سَیِّدَها لَدَی الْبابِ قالَتْ ما جَزاءُ مَنْ أَرادَ بِأَهْلِکَ سُوءاً إِلاّ أَنْ یُسْجَنَ أَوْ عَذابٌ أَلِیمٌ» . (2)

قالَ:فَهَمَّ المَلِکُ بِیوسُفَ لِیُعَذِّبَهُ،فَقالَ لَهُ یوسُفُ:وإلهِ یَعقوبَ ما أرَدتُ بِأَهلِکَ سوءاً،بَل «هِیَ راوَدَتْنِی عَنْ نَفْسِی» (3)،فَسَل هذَا الصَّبِیَّ أیُّنا راوَدَ صاحِبَهُ عَن نَفسِهِ.قالَ:

وکانَ عِندَها مِن أهلِها صَبِیٌّ زائِرٌ لَها،فَأَنطَقَ اللّهُ الصَّبِیَّ لِفَصلِ القَضاءِ،فَقالَ:أیُّهَا المَلِکُ،انظُر إلی قَمیصِ یوسُفَ،فَإِن کانَ مَقدوداً مِن قُدّامِهِ فَهُوَ الَّذی راوَدَها،وإن کانَ مَقدوداً مِن خَلفِهِ فَهِیَ الَّتی راوَدَتهُ.فَلَمّا سَمِعَ المَلِکُ کَلامَ الصَّبِیِّ ومَا اقتَصَّ، أفزَعَهُ ذلِکَ فَزَعاً شَدیداً،فَجیءَ بِالقَمیصِ فَنَظَرَ إلَیهِ،فَلَمّا رَآهُ مَقدوداً مِن خَلفِهِ قالَ لَها: «إِنَّهُ مِنْ کَیْدِکُنَّ» (4)،وقالَ لِیوسُفَ: «أَعْرِضْ عَنْ هذا» (5)،ولا یَسمَعهُ مِنکَ أحَدٌ وَاکتُمهُ.

ص:119


1- (1) .یوسف:21. [1]
2- (2) .یوسف:25. [2]
3- (3) .یوسف:26. [3]
4- (4) .یوسف:28. [4]
5- (5) .یوسف:29. [5]

قالَ:فَلَم یَکتُمهُ یوسُفُ وأَذاعَهُ فِی المَدینَةِ،حَتّی قُلنَ نِسوَةٌ مِنهُنَّ: «اِمْرَأَتُ الْعَزِیزِ تُراوِدُ فَتاها عَنْ نَفْسِهِ» (1)،فَبَلَغَها ذلِکَ،فَأَرسَلَت إلَیهِنَّ وهَیَّأَت لَهُنَّ طَعاماً ومَجلِساً،ثُمَّ أتَتهُنَّ بِاُترُجٍّ (2)«وَ آتَتْ کُلَّ واحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِکِّیناً» ،ثُمَّ قالَت لِیوسُفَ: «اُخْرُجْ عَلَیْهِنَّ فَلَمّا رَأَیْنَهُ أَکْبَرْنَهُ وَ قَطَّعْنَ أَیْدِیَهُنَّ» (3)وقُلنَ ما قُلنَ.فَقالَت لَهُنَّ:هذَا الَّذی لُمتُنَّنی فیهِ؛یَعنی فی حُبِّهِ.وخَرَجنَ النِّسوَةُ مِن عِندِها،فَأَرسَلَت کُلُّ واحِدَةٍ مِنهُنَّ إلی یوسُفَ سِرّاً مِن صاحِبَتِها تَسأَ لُهُ الزِّیارَةَ،فَأَبی عَلَیهِنَّ وقالَ: «إِلاّ تَصْرِفْ عَنِّی کَیْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَیْهِنَّ وَ أَکُنْ مِنَ الْجاهِلِینَ» (4)،فَصَرَفَ اللّهُ عَنهُ کَیدَهُنَّ.

فَلَمّا شاعَ أمرُ یوسُفَ وأَمرُ امرَأَةِ العَزیزِ وَالنِّسوَةِ فی مِصرَ،بَدا لِلمَلِکِ بَعدَما سَمِعَ قَولَ الصَّبِیِّ لَیَسجُنَنَّ یوسُفَ،فَسَجَنَهُ فِی السِّجنِ،ودَخَلَ السِّجنَ مَعَ یوسُفَ فَتَیانِ، وکانَ مِن قِصَّتِهِما وقِصَّةِ یوسُفَ ما قَصَّهُ اللّهُ فِی الکِتابِ.

قالَ أبو حَمزَةَ:ثُمَّ انقَطَعَ حَدیثُ عَلِیِّ بنِ الحُسَینِ علیه السلام. (5)

11137. تفسیر القمّی عن جابر عن الإمام الباقر علیه السلام: أنَّهُ کانَ مِن خَبَرِ یوسُفَ علیه السلام أنَّهُ کانَ لَهُ أحَدَ عَشَرَ أخاً،فَکانَ لَهُ مِن امِّهِ أخٌ واحِدٌ یُسَمّی بِنیامینَ،وکانَ یَعقوبُ إسرائیلَ اللّهِ ومَعنی إسرائیلِ اللّهِ:خالِصُ اللّهِ-ابنَ إسحاقَ نَبِیِّ اللّهِ ابنِ إبراهیمَ خَلیلِ اللّهِ.فَرَأی یوسُفُ هذِهِ الرُّؤیا ولَهُ تِسعُ سِنینَ،فَقَصَّها عَلی أبیهِ،فَقالَ یَعقوبُ: «یا بُنَیَّ لا تَقْصُصْ رُؤْیاکَ عَلی إِخْوَتِکَ فَیَکِیدُوا لَکَ کَیْداً إِنَّ الشَّیْطانَ لِلْإِنْسانِ عَدُوٌّ مُبِینٌ» .

ص:120


1- (1) .یوسف:30. [1]
2- (2) .الاُترُجّ-بضمّ الهمزة وتشدید الجیم-:فاکهة معروفة (مجمع البحرین:ج 1 ص 221« [2]ترج»).
3- (3) .یوسف:31. [3]
4- (4) .یوسف:33. [4]
5- (5) .علل الشرائع:ص 45،بحار الأنوار:ج 12 ص 271 ح 48. [5]

[قَولُهُ] (1): «فَیَکِیدُوا لَکَ کَیْداً» أی یَحتالوا عَلَیکَ.فَقالَ یَعقوبُ لِیوسُفَ: «وَ کَذلِکَ یَجْتَبِیکَ رَبُّکَ وَ یُعَلِّمُکَ مِنْ تَأْوِیلِ الْأَحادِیثِ وَ یُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَیْکَ وَ عَلی آلِ یَعْقُوبَ کَما أَتَمَّها عَلی أَبَوَیْکَ مِنْ قَبْلُ إِبْراهِیمَ وَ إِسْحاقَ إِنَّ رَبَّکَ عَلِیمٌ حَکِیمٌ» (2).

وکانَ یوسُفُ مِن أحسَنِ النَّاسِ وَجهاً،وکانَ یَعقوبُ یُحِبُّهُ ویُؤثِرُهُ عَلی أولادِهِ، فَحَسَدوهُ إخوَتُهُ عَلی ذلِکَ،وقالوا فیما بَینَهُم ما حَکَی اللّهُ عز و جل: «إِذْ قالُوا لَیُوسُفُ وَ أَخُوهُ أَحَبُّ إِلی أَبِینا مِنّا وَ نَحْنُ عُصْبَةٌ» أی جَماعَةٌ «إِنَّ أَبانا لَفِی ضَلالٍ مُبِینٍ» (3)،فَعَمَدوا عَلی قَتلِ یوسُفَ،فَقالوا:نَقتُلُهُ حَتّی یَخلُوَ لَنا وَجهُ أبینا ! فَقالَ لاوی:لا یَجوزُ قَتلُهُ،ولکِن نُغَیِّبُهُ عَن أبینا ونَحنُ نَخلو بِهِ،فَقالوا کَما حَکَی اللّهُ عز و جل: «قالُوا یا أَبانا ما لَکَ لا تَأْمَنّا عَلی یُوسُفَ وَ إِنّا لَهُ لَناصِحُونَ* أَرْسِلْهُ مَعَنا غَداً یَرْتَعْ وَ یَلْعَبْ» أی یَرعَی الغَنَمَ ویَلعَبُ «وَ إِنّا لَهُ لَحافِظُونَ» فَأَجرَی اللّهُ عَلی لِسانِ یَعقوبَ: «إِنِّی لَیَحْزُنُنِی أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ وَ أَخافُ أَنْ یَأْکُلَهُ الذِّئْبُ وَ أَنْتُمْ عَنْهُ غافِلُونَ» فَقالوا کَما حَکَی اللّهُ: «لَئِنْ أَکَلَهُ الذِّئْبُ وَ نَحْنُ عُصْبَةٌ إِنّا إِذاً لَخاسِرُونَ» (4)؛وَالعُصبَةُ عَشَرَةٌ إلی ثَلاثَةَ عَشَرَ. «فَلَمّا ذَهَبُوا بِهِ وَ أَجْمَعُوا أَنْ یَجْعَلُوهُ فِی غَیابَتِ الْجُبِّ وَ أَوْحَیْنا إِلَیْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هذا وَ هُمْ لا یَشْعُرُونَ » أی لَأَخبَرَنَّهُم (5)بِما هَمُّوا بِهِ. (6)

11138. تفسیر القمّی عن حنان بن سدیر عن أبیه عن الإمام الباقر علیه السلام،قال: قُلتُ لَهُ:أخبِرنی عَن یَعقوبَ حینَ قالَ لِوُلدِهِ: «یا بَنِیَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ یُوسُفَ وَ أَخِیهِ» (7)،أکانَ عَلِمَ

ص:121


1- (1) .ما بین المعقوفین لیس فی المصدر،وأثبتناه من بحار الأنوار. [1]
2- (2) .یوسف:6. [2]
3- (3) .یوسف:8. [3]
4- (4) .یوسف:14. [4]
5- (5) .فی بحار الأنوار:« [5]تُخبِرُهُم»بدل«لأخبرنّهم».
6- (6) .تفسیر القمّی:ج 1 ص 339، [6]بحار الأنوار:ج 12 ص 217. [7]
7- (7) .یوسف:87. [8]

أنَّهُ حَیٌّ وقَد فارَقَهُ مُنذُ عِشرینَ سَنَةً وذَهَبَت عَیناهُ مِنَ البُکاءِ عَلَیهِ؟قالَ:نَعَم عَلِمَ أنَّهُ حَیٌّ،حَتّی إنَّهُ دَعا رَبَّهُ فِی السَّحَرِ أن یَهبِطَ عَلَیهِ مَلَکُ المَوتِ،فَهَبَطَ عَلَیهِ مَلَکُ المَوتِ فی أطیَبِ رائِحَةٍ وأَحسَنِ صورَةٍ،فَقالَ لَهُ:مَن أنتَ؟قالَ:أنا مَلَکُ المَوتِ، ألَیسَ سَأَلتَ اللّهَ أن یُنزِلَنی عَلَیکَ؟قالَ:نَعَم،قالَ:ما حاجَتُکَ یا یَعقوبُ؟قالَ لَهُ:

أخبِرنی عَنِ الأَرواحِ،تَقبِضُها جُملَةً أو تَفاریقاً؟قالَ:یَقبِضُها أعوانی مُتَفَرِّقَةً ثُمَّ تُعرَضُ عَلَیَّ مُجتَمِعَةً.قالَ یَعقوبُ:فَأَسأَ لُکَ بِإِلهِ إبراهیمَ وإسحاقَ ویَعقوبَ،هَل عُرِضَ عَلَیکَ فِی الأَرواحِ روحُ یوسُفَ؟فَقالَ:لا.فَعِندَ ذلِکَ عَلِمَ أنَّهُ حَیٌّ،فَقالَ لِوُلدِهِ: «اِذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ یُوسُفَ وَ أَخِیهِ وَ لا تَیْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللّهِ إِنَّهُ لا یَیْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْکافِرُونَ» .

فَکَتَبَ عَزیزُ مِصرَ إلی یَعقوبَ:أمّا بَعدُ،فَهذَا ابنُکَ قَدِ اشتَرَیتُهُ بِثَمَنٍ بَخسٍ دَراهِمَ مَعدودَةٍ،وهُوَ یوسُفُ وَاتَّخَذتُهُ عَبداً،وهذَا ابنُکَ بِنیامینُ وقَد وَجَدتُ مَتاعی عِندَهُ وَاتَّخَذتُهُ عَبداً.فَما وَرَدَ عَلی یَعقوبَ شَیءٌ أشَدَّ عَلَیهِ مِن ذلِکَ الکِتابِ،فَقالَ لِلرَّسولِ:مَکانَکَ حَتّی اجیبَهُ.فَکَتَبَ إلَیهِ یَعقوبُ علیه السلام:

«بِسمِ اللّهِ الرَّحمنِ الرَّحیمِ،مِن یَعقوبَ إسرائیلِ اللّهِ ابنِ إسحاقَ بنِ إبراهیمَ خَلیلِ اللّهِ،أمّا بَعدُ،فَقَد فَهِمتُ کِتابَکَ تَذکُرُ فیهِ أنَّکَ اشتَرَیتَ ابنی وَاتَّخَذتَهُ عَبداً،وأَنَّ البَلاءَ مُوَکَّلٌ بِبَنی آدَمَ؛إنَّ جَدِّی إبراهیمَ ألقاهُ نُمرودُ مَلِکُ الدُّنیا فِی النَّارِ فَلَم یَحتَرِق وجَعَلَهَا اللّهُ عَلَیهِ بَرداً وسَلاماً،وإنَّ أبی إسحاقَ أمَرَ اللّهُ تَعالی جَدّی أن یَذبَحَهُ بِیَدِهِ، فَلَمّا أرادَ أن یَذبَحَهُ فَداهُ اللّهُ بِکَبشٍ عَظیمٍ،وإنَّهُ کانَ لی وَلَدٌ لَم یَکُن فِی الدُّنیا أحَدٌ أحَبَّ إلَیَّ مِنهُ،وکانَ قُرَّةَ عَینی وثَمَرَةَ فُؤادی،فَأَخرَجُوهُ إخوَتُهُ ثُمَّ رَجَعوا إلَیَّ وزَعَموا أنَّ الذِّئبَ أکَلَهُ،فَاحدَودَبَ لِذلِکَ ظَهری وذَهَبَ مِن کَثرَةِ البُکاءِ عَلَیهِ

ص:122

بَصَری،وکانَ لَهُ أخٌ مِن امِّهِ کُنتُ آنَسُ بِهِ،فَخَرَجَ مَعَ إخوَتِهِ إلی مُلکِکَ لِیَمتاروا (1)لَنا طَعاماً،فَرَجَعوا وذَکَروا أنَّهُ سَرَقَ صُواعَ المَلِکِ وأَنَّکَ حَبَستَهُ،وإنّا أهلُ بَیتٍ لا یَلیقُ بِنَا السَّرَقُ ولَا الفاحِشَةُ،وأَنَا أسأَ لُکَ بِإِلهِ إبراهیمَ وإسحاقَ ویَعقوبَ،إلّامَنَنتَ عَلَیَّ بِهِ وتَقَرَّبتَ إلَی اللّهِ ورَدَدتَهُ إلَیَّ».

فَلَمّا وَرَدَ الکِتابُ عَلی یوسُفَ أخَذَهُ ووَضَعَهُ عَلی وَجهِهِ وقَبَّلَهُ وبَکی بُکاءً شَدیداً،ثُمَّ نَظَرَ إلی إخوَتِهِ فَقالَ: «هَلْ عَلِمْتُمْ ما فَعَلْتُمْ بِیُوسُفَ وَ أَخِیهِ إِذْ أَنْتُمْ جاهِلُونَ» فَقالوا:

«قالُوا أَ إِنَّکَ لَأَنْتَ یُوسُفُ قالَ أَنَا یُوسُفُ وَ هذا أَخِی قَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَیْنا إِنَّهُ مَنْ یَتَّقِ وَ یَصْبِرْ فَإِنَّ اللّهَ لا یُضِیعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِینَ » (2)،فَقالوا کَما حَکَی اللّهُ عز و جل: «لَقَدْ آثَرَکَ اللّهُ عَلَیْنا وَ إِنْ کُنّا لَخاطِئِینَ* قالَ لا تَثْرِیبَ عَلَیْکُمُ الْیَوْمَ» ،أی لا تَعییرَ «یَغْفِرُ اللّهُ لَکُمْ وَ هُوَ أَرْحَمُ الرّاحِمِینَ» (3).

قالَ:فَلَمّا وَلَّی الرَّسولُ إلَی المَلِکِ بِکِتابِ یَعقوبَ،رَفَعَ یَعقوبُ یَدَیهِ إلَی السَّماءِ فَقالَ:

«یا حَسَنَ الصُّحبَةِ،یا کَریمَ المَعونَةِ،یا خَیراً کُلُّهُ،ائتِنی بِرَوحٍ مِنکَ وفَرَجٍ مِن عِندِکَ».

فَهَبَطَ عَلَیهِ جَبرَئیلُ علیه السلام فَقالَ لَهُ:یا یَعقوبُ ! ألا اعَلِّمُکَ دَعَواتٍ یَرُدَّ اللّهُ عَلَیکَ بَصَرَکَ وَابنَیکَ؟

قالَ:نَعَم،قالَ:قُل:

«یا مَن لا یَعلَمُ أحَدٌ کَیفَ هُوَ إلّاهُوَ،یا مَن شَیَّدَ السَّماءَ بِالهَواءِ،وکَبَسَ الأَرضَ

ص:123


1- (1) .یمتار:یجلب،وأکثر استعماله فی الطعام ( راجع:مجمع البحرین:ج 4 ص 253).
2- (2) .یوسف:89 و 90. [1]
3- (3) .یوسف:91 و 92. [2]

عَلَی الماءِ،وَاختارَ لِنَفسِهِ أحسَنَ الأَسماءِ،ائتِنی بِرَوحٍ مِنکَ وفَرَجٍ مِن عِندِکَ».

قالَ:فَمَا انفَجَرَ عَمودُ الصُّبحِ حَتّی اوتیَ بِالقَمیصِ فَطُرِحَ عَلَیهِ،فَرَدَّ اللّهُ عَلَیهِ بَصَرَهُ ووَلَدَهُ. (1)

11139. تفسیر العیّاشی عن بعض أصحابنا عن الإمام الباقر علیه السلام قال: أیَّ شَیءٍ یَقولُ النّاسُ فی قَولِ اللّهِ جَلَّ وعَزَّ: «لَوْ لا أَنْ رَأی بُرْهانَ رَبِّهِ» (2)؟قُلتُ:یَقولونَ:رَأی یَعقوبَ عاضّاً عَلی إصبَعِهِ،فَقالَ:لا لَیسَ کَما یَقولونَ،فَقُلتُ:فَأَیَّ شَیءٍ رَأی؟قالَ:لَمّا هَمَّت بِهِ وهَمَّ بِها،قامَت إلی صَنَمٍ مَعَها فِی البَیتِ فَأَلقَت عَلَیهِ ثَوباً،فَقالَ لَها یوسُفُ:ما صَنَعتِ؟ قالَت:طَرَحتُ عَلَیهِ ثَوباً؛أستَحیی أن یَرانا.قالَ:فَقالَ یوسُفُ:فَأَنتِ تَستَحیی (3)مِن صَنَمِکِ وهُوَ لا یَسمَعُ ولا یُبصِرُ،ولا أستَحی أنَا مِن رَبّی؟ (4)

11140. قصص الأنبیاء للراوندی عن هشام بن سالم: قُلتُ لِأَبی عَبدِ اللّهِ صَلَواتُ اللّهِ عَلَیهِ:ما بَلَغَ مِن حُزنِ یَعقوبَ عَلی یوسُفَ؟قالَ:حُزنَ سَبعینَ ثَکلی. (5)

قالَ:ولَمّا کانَ یوسُفُ-صَلَواتُ اللّهِ عَلَیهِ-فِی السِّجنِ،دَخَلَ عَلَیهِ جَبرَئیلُ علیه السلام فَقالَ:إنَّ اللّهَ تَعالَی ابتَلاکَ وَابتَلی أباکَ،وإنَّ اللّهَ یُنجیکَ مِن هذَا السِّجنِ،فَاسأَلِ اللّهَ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ وأَهلِ بَیتِهِ أن یُخَلِّصَکَ مِمّا أنتَ فیهِ.

فَقالَ یوسُفُ:«اللّهُمَّ إنّی أسأَ لُکَ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ وأَهلِ بَیتِهِ،إلّاعَجَّلتَ فَرَجی

ص:124


1- (1) .تفسیر القمّی:ج 1 ص 350، [1]بحار الأنوار:ج 12 ص 244 ح 11، [2]وراجع:تفسیر العیّاشی:ج 2 ص 195 ح 78. [3]
2- (2) .یوسف:24. [4]
3- (3) .فی بحار الأنوار:« [5]تستحین».
4- (4) .تفسیر العیّاشی:ج 2 ص 174 ح 19، [6]بحار الأنوار:ج 12 ص 301 ح 97 و ص 275 ح 48. [7]
5- (5) .الثکلُ:فِقدانُ المرأةُ ولدها،فهی ثاکل وثکلی (الصحاح:ج 4 ص 1647« [8]ثکل»).

وأَرَحتَنی مِمّا أَنا فیهِ».

قالَ جَبرَئیلُ علیه السلام:فَأَبشِر أیُّهَا الصِّدّیقُ،فَإِنَّ اللّهَ تَعالی أرسَلَنی إلَیکَ بِالبِشارَةِ بِأَنَّهُ یُخرِجُکَ مِنَ السِّجنِ إلی ثَلاثَةِ أیّامِ،ویُمَلِّکُکَ مِصرَ وأَهلَها،تَخدِمُکَ أشرافُها، ویَجمَعُ إلَیکَ إخوَتَکَ وأَباکَ،فَأَبشِر أیُّهَا الصِّدیقُ إنَّکَ صَفِیُّ اللّهِ وَابنُ صَفِّیِةِ.

فَلَم یَلبَث یوسُفُ علیه السلام إلّاتِلکَ اللَّیلَةَ حَتّی رَأَی المَلِکُ رُؤیا أفزَعَتهُ. (1)

راجع:ص 110 ( ابتلاء یعقوب علیه السلام ).

10/1 ابتِلاءُ قَومِ ثَمودَ

الکتاب

«کَذَّبَتْ ثَمُودُ بِالنُّذُرِ* فَقالُوا أَ بَشَراً مِنّا واحِداً نَتَّبِعُهُ إِنّا إِذاً لَفِی ضَلالٍ وَ سُعُرٍ* أَ أُلْقِیَ الذِّکْرُ عَلَیْهِ مِنْ بَیْنِنا بَلْ هُوَ کَذّابٌ أَشِرٌ* سَیَعْلَمُونَ غَداً مَنِ الْکَذّابُ الْأَشِرُ* إِنّا مُرْسِلُوا النّاقَةِ فِتْنَةً لَهُمْ فَارْتَقِبْهُمْ وَ اصْطَبِرْ» . (2)

«وَ إِلی ثَمُودَ أَخاهُمْ صالِحاً قالَ یا قَوْمِ اعْبُدُوا اللّهَ ما لَکُمْ مِنْ إِلهٍ غَیْرُهُ قَدْ جاءَتْکُمْ بَیِّنَةٌ مِنْ رَبِّکُمْ هذِهِ ناقَةُ اللّهِ لَکُمْ آیَةً فَذَرُوها تَأْکُلْ فِی أَرْضِ اللّهِ وَ لا تَمَسُّوها بِسُوءٍ فَیَأْخُذَکُمْ عَذابٌ أَلِیمٌ* وَ اذْکُرُوا إِذْ جَعَلَکُمْ خُلَفاءَ مِنْ بَعْدِ عادٍ وَ بَوَّأَکُمْ فِی الْأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِنْ سُهُولِها قُصُوراً وَ تَنْحِتُونَ الْجِبالَ بُیُوتاً فَاذْکُرُوا آلاءَ اللّهِ وَ لا تَعْثَوْا فِی الْأَرْضِ مُفْسِدِینَ* قالَ الْمَلَأُ الَّذِینَ اسْتَکْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لِلَّذِینَ اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ أَ تَعْلَمُونَ أَنَّ صالِحاً مُرْسَلٌ مِنْ رَبِّهِ قالُوا إِنّا بِما أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ* قالَ الَّذِینَ اسْتَکْبَرُوا إِنّا بِالَّذِی آمَنْتُمْ بِهِ کافِرُونَ* فَعَقَرُوا

ص:125


1- (1) .قصص الأنبیاء للراوندی:ص 132 ح 135، [1]بحار الأنوار:ج 12 ص 291 ح 76. [2]
2- (2) .القمر:23-27 [3]

اَلنّاقَةَ وَ عَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ وَ قالُوا یا صالِحُ ائْتِنا بِما تَعِدُنا إِنْ کُنْتَ مِنَ الْمُرْسَلِینَ* فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِی دارِهِمْ جاثِمِینَ* فَتَوَلّی عَنْهُمْ وَ قالَ یا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُکُمْ رِسالَةَ رَبِّی وَ نَصَحْتُ لَکُمْ وَ لکِنْ لا تُحِبُّونَ النّاصِحِینَ» . (1)

راجع:هود:61-68.

الحدیث

11141. الکافی عن أبی بصیر عن الإمام الصادق علیه السلام،قال: قُلتُ لَهُ: «کَذَّبَتْ ثَمُودُ بِالنُّذُرِ* فَقالُوا أَ بَشَراً مِنّا واحِداً نَتَّبِعُهُ إِنّا إِذاً لَفِی ضَلالٍ وَ سُعُرٍ* أَ أُلْقِیَ الذِّکْرُ عَلَیْهِ مِنْ بَیْنِنا بَلْ هُوَ کَذّابٌ أَشِرٌ » ؟قالَ:هذا کانَ بِما کَذَّبوا بِهِ صالِحاً،وما أهلَکَ اللّهُ عز و جل قَوماً قَطُّ حَتّی یَبعَثَ إلَیهِم قَبلَ ذلِکَ الرُّسُلَ فَیَحتَجُّوا عَلَیهِم،فَبَعَثَ اللّهُ إلَیهِم صالِحاً،فَدَعاهُم إلَی اللّهِ فَلَم یُجیبوا وعَتَوا عَلَیهِ،وقالوا:لَن نُؤمِنَ لَکَ حَتّی تُخرِجَ لَنا مِن هذِهِ الصَّخرَةِ ناقَةً عُشَراءَ (2)،وکانَتِ الصَّخرَةُ یُعَظِّمُونَها ویَعبُدونَها ویُذَبِّحونَ عِندَها فی رَأسِ کُلِّ سَنَةٍ،ویَجتَمِعونَ عِندَها،فَقالوا لَهُ:إن کُنتَ کَما تَزعُمُ نَبِیّاً رَسولاً فَادعُ لَنا إلهَکَ حَتّی یُخرِجَ (3)لَنا مِن هذِهِ الصَّخرَةِ الصَّمّاءِ ناقَةً عُشَراءَ.فَأَخرَجَهَا اللّهُ کَما طَلَبوا مِنهُ.

ثُمَّ أوحَی اللّهُ تَبارَکَ وتَعَالی إلَیهِ:أن یا صالِحُ،قُل لَهُم إنَّ اللّهَ قَد جَعَلَ لِهذِهِ النّاقَةِ مِنَ الماءِ شِربَ یَومٍ ولَکُم شِربَ یَومٍ،وکانَتِ النّاقَةُ إذا کانَ یَومُ شِربِها شَرِبَتِ الماءَ ذلِکَ الیَومَ،فَیَحلُبونَها فَلا یَبقی صَغیرٌ ولا کَبیرٌ إلّاشَرِبَ مِن لَبَنِها یَومَهُم ذلِکَ،فَإِذا کانَ اللَّیلُ وأَصبَحوا غَدَوا إلی مائِهِم فَشَرِبوا مِنهُ ذلِکَ الیَومَ ولَم تَشرَبِ النّاقَةُ ذلِکَ

ص:126


1- (1) .الأعراف:73-79 [1]
2- (2) .ناقَةٌ عُشَراء:أتی علی حَملِها عشرة أشهر (المصباح المنیر:ص 411«عشر»).
3- (3) .فی المصدر:«تخرج»،والتصویب من بحار الأنوار. [2]

الیَومَ،فَمَکَثوا بِذلِکَ ما شاءَ اللّهُ.

ثُمَّ إنَّهُم عَتَوا عَلَی اللّهِ،ومَشی بَعضُهُم إلی بَعضٍ وقالوا:اِعقِرُوا هذِهِ النّاقَةَ وَاستَریحوا مِنها،لا نَرضی أن یَکونَ لَنا شِربُ یَومٍ ولَها شِربُ یَومٍ،ثُمَّ قالوا:مَنِ الَّذی یَلی قَتلَها ونَجعَلَ لَهُ جُعلاً (1)ما أحَبَّ؟فَجاءَهُم رَجُلٌ أحمَرُ...شَقِیٌّ مِنَ الأَشقِیاءِ مَشؤومٌ عَلَیهِم،فَجَعَلوا لَهُ جُعلاً،فَلَمَّا تَوَجَّهَتِ النّاقَةُ إلَی الماءِ الَّذی کانَت تَرِدُهُ،تَرَکَها حَتّی شَرِبَتِ الماءَ وأَقبَلَت راجِعَةً،فَقَعَدَ لَها فی طَریقِها فَضَرَبَها بِالسَّیفِ ضَربَةً فَلَم تَعمَل شَیئاً،فَضَرَبَها ضَربَةً اخری فَقَتَلَها،وخَرَّت إلَی الأَرضِ عَلی جَنبِها، وهَرَبَ فَصیلُها حَتّی صَعِدَ إلَی الجَبَلِ،فَرَغی ثَلاثَ مَرّاتٍ إلَی السَّماءِ،وأَقبَلَ قَومُ صالِحٍ،فَلَم یَبقَ أحَدٌ مِنهُم إلّاشَرِکَهُ فی ضَربَتِهِ،وَاقتَسَموا لَحمَها فیما بَینَهُم،فَلَم یَبقَ مِنهُم صَغیرٌ ولا کَبیرٌ إلّاأکَلَ مِنها.

فَلَمّا رَأی ذلِکَ صالِحٌ أقبَلَ إلَیهِم فَقالَ:یا قَومِ! ما دَعاکُم إلی ما صَنَعتُم؟أعَصَیتُم رَبَّکُم؟

فَأَوحَی اللّهُ تَبارَکَ وتَعالی إلی صالِحٍ علیه السلام:إنَّ قَومَکَ قَد طَغَوا وبَغَوا،وقَتَلوا ناقَةً بَعَثتُها إلَیهِم حُجَّةً عَلَیهِم،ولَم یَکُن عَلَیهِم فیها ضَرَرٌ،وکانَ لَهُم مِنها أعظَمُ المَنفَعَةِ، فَقُل لَهُم:إنّی مُرسِلٌ عَلَیکُم عَذابی إلی ثَلاثَةِ أیّامٍ،فَإِن هُم تابوا ورَجَعوا قَبِلتُ تَوبَتَهُم وصَدَدتُ عَنهُم،وإن هُم لَم یَتوبوا ولَم یَرجِعوا بَعَثتُ عَلَیهِم عَذابی فِی الیَومِ الثَّالِثِ.

فَأَتَاهُم صالِحٌ علیه السلام فَقالَ لَهُم:یا قَومِ،إنّی رَسولُ رَبِّکُم إلَیکُم،وهُوَ یَقولُ لَکُم:

ص:127


1- (1) .الجُعلُ:الاُجرَةُ علی الشیء فعلاً أو قولاً (النهایة:ج 1 ص 276« [1]جعل»).

إن أنتُم تُبتُم ورَجَعتُم وَاستَغفَرتُم،غَفَرتُ لَکُم وتُبتُ عَلَیکُم.فَلَمّا قالَ لَهُم ذلِکَ کانوا أعتی (1)ما کانوا وأَخبَثَ،وقالوا:یا صالِحُ! ائتِنا بِما تَعِدُنا إن کُنتَ مِنَ الصّادِقینَ (2)....

فَلَمّا کانَ نِصفُ اللَّیلِ أتاهُم جَبرَئیلُ علیه السلام فَصَرَخَ بِهِم صَرخَةً خَرَقَت تِلکَ الصَّرخَةُ أسماعَهُم،وفَلَقَت قُلوبَهُم،وصَدَعَت أکبادَهُم...فَماتوا أجمَعونَ فی طَرفَةِ عَینٍ...

فَأَصبَحوا فی دِیارِهِم ومَضاجِعِهِم مَوتی أجمَعینَ،ثُمَّ أرسَلَ اللّهُ عَلَیهِم مَعَ الصَّیحَةِ النّارَ مِنَ السَّماءِ،فَأَحرَقَتهُم أجمَعینَ.وکانَت هذِهِ قِصَّتَهُم. (3)

11/1 ابتِلاءُ موسی

«إِذْ تَمْشِی أُخْتُکَ فَتَقُولُ هَلْ أَدُلُّکُمْ عَلی مَنْ یَکْفُلُهُ فَرَجَعْناکَ إِلی أُمِّکَ کَیْ تَقَرَّ عَیْنُها وَ لا تَحْزَنَ وَ قَتَلْتَ نَفْساً فَنَجَّیْناکَ مِنَ الْغَمِّ وَ فَتَنّاکَ فُتُوناً فَلَبِثْتَ سِنِینَ فِی أَهْلِ مَدْیَنَ ثُمَّ جِئْتَ عَلی قَدَرٍ یا مُوسی » . (4)

12/1 ابتِلاءُ أصحابِ موسی

الکتاب

«وَ اخْتارَ مُوسی قَوْمَهُ سَبْعِینَ رَجُلاً لِمِیقاتِنا فَلَمّا أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ قالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَکْتَهُمْ مِنْ

ص:128


1- (1) .عتا:استکبر (المصباح المنیر:ص 392«عتا»).
2- (2) .إشارة إلی الآیة 77 من سورة الأعراف. [1]
3- (3) .الکافی:ج 8 ص 187 ح 214، [2]قصص الأنبیاء للراوندی:ص 97 ح 90 [3] نحوه،بحار الأنوار:ج 11 ص 388 ح 14. [4]
4- (4) .طه:40. [5]

قَبْلُ وَ إِیّایَ أَ تُهْلِکُنا بِما فَعَلَ السُّفَهاءُ مِنّا إِنْ هِیَ إِلاّ فِتْنَتُکَ تُضِلُّ بِها مَنْ تَشاءُ وَ تَهْدِی مَنْ تَشاءُ أَنْتَ وَلِیُّنا فَاغْفِرْ لَنا وَ ارْحَمْنا وَ أَنْتَ خَیْرُ الْغافِرِینَ» . (1)

راجع:البقرة:54،92 و 93،النساء:153،الدخان:17-37.

الحدیث

11142. الإمام الباقر علیه السلام: إنَّ فیما ناجَی اللّهُ بِهِ موسی علیه السلام أن قالَ:یا رَبِّ ! هذَا السَّامِرِیُّ صَنَعَ العِجلَ،الخُوارُ مَن صَنَعَهُ؟فَأَوحَی اللّهُ تَبارَکَ وتَعالی إلَیهِ:أنَّ تِلکَ مِن فِتنَتی فَلا تُفصِحَنَّ عَنها. (2)

13/1 ابتِلاءُ یونُسَ

الکتاب

«وَ ذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَیْهِ فَنادی فِی الظُّلُماتِ أَنْ لا إِلهَ إِلاّ أَنْتَ سُبْحانَکَ إِنِّی کُنْتُ مِنَ الظّالِمِینَ * فَاسْتَجَبْنا لَهُ وَ نَجَّیْناهُ مِنَ الْغَمِّ وَ کَذلِکَ نُنْجِی الْمُؤْمِنِینَ» . (3)

الحدیث

11143. عیون أخبار الرضا علیه السلام عن علیّ بن محمّد بن الجهم: حَضَرتُ مَجلِسَ المَأمونِ وعِندَهُ الرِّضا عَلِیُّ بنُ موسی علیه السلام،فَقالَ لَهُ المَأمونُ:یَابنَ رَسولِ اللّهِ،ألَیسَ مِن قَولِکَ إنَّ الأَنبِیاءَ مَعصومونَ؟قالَ:بَلی،قالَ:...فَأَخبِرنی عَن قَولِ اللّهِ عز و جل: «وَ ذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَیْهِ» ؟

ص:129


1- (1) .الأعراف:155. [1]
2- (2) .المحاسن:ج 1 ص 442 ح 1024، [2]تفسیر العیّاشی:ج 2 ص 29 ح 80 [3] کلاهما عن عبیداللّه بن الولید الوصافی،بحار الأنوار:ج 5 ص 217 ح 8. [4]
3- (3) .الأنبیاء:87 و 88. [5]

فَقالَ الرِّضا علیه السلام:ذاکَ یونُسُ بنُ مَتّی علیه السلام «ذَهَبَ مُغاضِباً» لِقَومِهِ، «فَظَنَّ» بِمَعنَی استَیقَنَ «أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَیْهِ» ؛أی لَن نُضَیِّقَ عَلَیهِ رِزقَهُ،ومِنهُ قَولُهُ عز و جل: «وَ أَمّا إِذا مَا ابْتَلاهُ فَقَدَرَ عَلَیْهِ رِزْقَهُ» ؛أی (1)ضَیَّقَ وقَتَّرَ، «فَنادی فِی الظُّلُماتِ» -أی ظُلمَةِ اللَّیلِ وظُلمَةِ البَحرِ،وظُلمَةِ بَطنِ الحوتِ-: «أَنْ لا إِلهَ إِلاّ أَنْتَ سُبْحانَکَ إِنِّی کُنْتُ مِنَ الظّالِمِینَ» بِتَرکی مِثلَ هذِهِ العِبادَةِ الَّتی قَد فَرَّغتَنی لَها فی بَطنِ الحوتِ،فَاستَجابَ اللّهُ لَهُ وقالَ عز و جل: «فَلَوْ لا أَنَّهُ کانَ مِنَ الْمُسَبِّحِینَ* لَلَبِثَ فِی بَطْنِهِ إِلی یَوْمِ یُبْعَثُونَ» . (2)

فَقالَ المَأمونُ:للّهِ ِ دَرُّکَ (3)یا أبَا الحَسَنِ. (4)

14/1 ابتِلاءُ داوودَ

الکتاب

«وَ هَلْ أَتاکَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرابَ * إِذْ دَخَلُوا عَلی داوُدَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قالُوا لا تَخَفْ خَصْمانِ بَغی بَعْضُنا عَلی بَعْضٍ فَاحْکُمْ بَیْنَنا بِالْحَقِّ وَ لا تُشْطِطْ وَ اهْدِنا إِلی سَواءِ الصِّراطِ * إِنَّ هذا أَخِی لَهُ تِسْعٌ وَ تِسْعُونَ نَعْجَةً وَ لِیَ نَعْجَةٌ واحِدَةٌ فَقالَ أَکْفِلْنِیها وَ عَزَّنِی فِی الْخِطابِ * قالَ لَقَدْ ظَلَمَکَ بِسُؤالِ نَعْجَتِکَ إِلی نِعاجِهِ وَ إِنَّ کَثِیراً مِنَ الْخُلَطاءِ لَیَبْغِی بَعْضُهُمْ عَلی بَعْضٍ إِلاَّ الَّذِینَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصّالِحاتِ وَ قَلِیلٌ ما هُمْ وَ ظَنَّ داوُدُ أَنَّما فَتَنّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَ خَرَّ راکِعاً وَ أَنابَ * فَغَفَرْنا لَهُ ذلِکَ وَ إِنَّ لَهُ عِنْدَنا لَزُلْفی وَ حُسْنَ مَآبٍ» . (5)

ص:130


1- (1) .فی المصدر:«أو»بدل«أی»،والصواب ما أثبتناه کما فی المصادر الاُخری.
2- (2) .الصافات:143 و 144. [1]
3- (3) .للّهِ دَرُّکَ:أی للّهِ ما خرج منک من خیر (لسان العرب:ج 4 ص 279« [2]درر»).
4- (4) .عیون أخبار الرضا علیه السلام:ج 1 ص 195-201 ح 1، [3]الاحتجاج:ج 2 ص 423-432 ح 308 [4] وفیه«قرّت عینی بها»بدل«فرّغتنی لها»،بحار الأنوار:ج 11 ص 82 ح 8. [5]
5- (5) .ص:21-25.

الحدیث

11144. الإمام الرضا علیه السلام -فی رَدِّ نِسبَةِ الإِثمِ إلی داوودَ علیه السلام-:إنَّ داوودَ إنَّما ظَنَّ أن ما خَلَقَ اللّهُ عز و جل خَلقاً هُوَ أعلَمُ مِنهُ،فَبَعَثَ اللّهُ عز و جل إلَیهِ المَلَکَینِ فَتَسَوَّرَا المِحرابَ فَقالا:

«خَصْمانِ بَغی بَعْضُنا عَلی بَعْضٍ فَاحْکُمْ بَیْنَنا بِالْحَقِّ وَ لا تُشْطِطْ وَ اهْدِنا إِلی سَواءِ الصِّراطِ* إِنَّ هذا أَخِی لَهُ تِسْعٌ وَ تِسْعُونَ نَعْجَةً وَ لِیَ نَعْجَةٌ واحِدَةٌ فَقالَ أَکْفِلْنِیها وَ عَزَّنِی فِی الْخِطابِ» ، فَعَجَّلَ داوودُ علیه السلام عَلَی المُدَّعی عَلَیهِ فَقالَ: «لَقَدْ ظَلَمَکَ بِسُؤالِ نَعْجَتِکَ إِلی نِعاجِهِ» ،ولم یَسأَلِ المُدَّعِیَ البَیِّنَةَ عَلی ذلِکَ،ولَم یُقبِل عَلَی المُدَّعی عَلَیهِ فَیَقولَ لَهُ:ما تَقولُ؟ فَکانَ هذا خَطِیئَةَ حُکمِهِ،لا ما ذَهَبتُم إلَیهِ.

ألا تَسمَعُ قَولَ اللّهَ عز و جل یَقولُ: «یا داوُدُ إِنّا جَعَلْناکَ خَلِیفَةً فِی الْأَرْضِ فَاحْکُمْ بَیْنَ النّاسِ بِالْحَقِّ» إلی آخِرِ الآیَةِ؟ (1)

15/1 ابتِلاءُ سُلَیمانَ

الکتاب

«وَ لَقَدْ فَتَنّا سُلَیْمانَ وَ أَلْقَیْنا عَلی کُرْسِیِّهِ جَسَداً ثُمَّ أَنابَ» . (2)

«وَ اتَّبَعُوا ما تَتْلُوا الشَّیاطِینُ عَلی مُلْکِ سُلَیْمانَ وَ ما کَفَرَ سُلَیْمانُ وَ لکِنَّ الشَّیاطِینَ کَفَرُوا یُعَلِّمُونَ النّاسَ السِّحْرَ وَ ما أُنْزِلَ عَلَی الْمَلَکَیْنِ بِبابِلَ هارُوتَ وَ مارُوتَ وَ ما یُعَلِّمانِ مِنْ أَحَدٍ حَتّی یَقُولا إِنَّما نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَکْفُرْ فَیَتَعَلَّمُونَ مِنْهُما ما یُفَرِّقُونَ بِهِ بَیْنَ الْمَرْءِ وَ زَوْجِهِ وَ ما هُمْ بِضارِّینَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاّ بِإِذْنِ اللّهِ وَ یَتَعَلَّمُونَ ما یَضُرُّهُمْ وَ لا یَنْفَعُهُمْ وَ لَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَراهُ ما لَهُ فِی الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ وَ لَبِئْسَ ما شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ کانُوا یَعْلَمُونَ» . (3)

ص:131


1- (1) .الأمالی للصدوق:ص 152 ح 148، [1]عیون أخبار الرضا علیه السلام:ج 1 ص 194 ح 1 [2] کلاهما عن أبی الصلت الهروی،بحار الأنوار:ج 11 ص 73 ح 1 [3] وراجع:مجمع البحرین:ج 2 ص 1228. [4]
2- (2) .ص:34.
3- (3) .البقرة:102. [5]

«وَ داوُدَ وَ سُلَیْمانَ إِذْ یَحْکُمانِ فِی الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِیهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَ کُنّا لِحُکْمِهِمْ شاهِدِینَ* فَفَهَّمْناها سُلَیْمانَ وَ کُلاًّ آتَیْنا حُکْماً وَ عِلْماً وَ سَخَّرْنا مَعَ داوُدَ الْجِبالَ یُسَبِّحْنَ وَ الطَّیْرَ وَ کُنّا فاعِلِینَ » . (1)

الحدیث

11145. تفسیر القمّی: «لَقَدْ فَتَنّا سُلَیْمانَ وَ أَلْقَیْنا عَلی کُرْسِیِّهِ جَسَداً ثُمَّ أَنابَ * قالَ رَبِّ اغْفِرْ لِی وَ هَبْ لِی مُلْکاً لا یَنْبَغِی لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِی إِنَّکَ أَنْتَ الْوَهّابُ » ؛وهُوَ أنَّ سُلَیمانَ لَمّا تَزَوَّجَ بِالیَمانِیَّةِ وُلِدَ مِنهَا ابنٌ وکانَ یُحِبُّهُ،فَنَزَلَ مَلَکُ المَوتِ عَلی سُلَیمانَ وکانَ کَثیراً ما یَنزِلُ عَلَیهِ،فَنَظَرَ إلَی ابنِهِ نَظَراً حَدیداً،فَفَزِعَ سُلَیمانُ مِن ذلِکَ،فَقالَ لِاُمِّهِ:إنَّ مَلَکَ المَوتِ نَظَرَ إلَی ابنی نَظرَةً أظُنُّهُ قَد امِرَ بِقَبضِ روحِهِ.فَقالَ لِلجِنِّ وَالشَّیاطینِ:هَل لَکُم حیلَةٌ فی أن تُفِرّوهُ مِنَ المَوتِ؟

فَقالَ واحِدٌ مِنهُم:أنَا أضَعُهُ تَحتَ عَینِ الشَّمسِ فِی المَشرِقِ،فَقالَ سُلَیمانُ:إنَّ مَلَکَ المَوتِ یُخرِجُ ما بَینَ المَشرِقِ وَالمَغرِبِ.فَقالَ واحِدٌ مِنهُم:أنَا أضَعُهُ فِی الأَرضِ السّابِعَةِ،فَقالَ:إنَّ مَلَکَ المَوتِ یَبلُغُ ذلِکَ.فَقالَ آخَرُ:أنَا أضَعُهُ فِی السَّحابِ وَالهَواءِ.

فَرَفَعَهُ ووَضَعَهُ فِی السَّحابِ.

فَجاءَ مَلَکُ المَوتِ فَقَبَضَ روحَهُ فِی السَّحابِ،فَوَقَعَ جَسَدُهُ مَیِّتاً عَلی کُرسِیِّ سُلَیمانَ،فَعَلِمَ أنَّهُ قَد أخطَأَ،فَحَکَی اللّهُ ذلِکَ فی قَولِهِ: «وَ أَلْقَیْنا عَلی کُرْسِیِّهِ جَسَداً ثُمَّ أَنابَ* قالَ رَبِّ اغْفِرْ لِی وَ هَبْ لِی مُلْکاً لا یَنْبَغِی لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِی إِنَّکَ أَنْتَ الْوَهّابُ* فَسَخَّرْنا لَهُ الرِّیحَ تَجْرِی بِأَمْرِهِ رُخاءً حَیْثُ أَصابَ » (2). (3)

11146. مجمع البیان: رُوِیَ أنَّ الجِنَّ وَالشَّیاطینَ لَمّا وُلِدَ لِسُلَیمانَ علیه السلام ابنٌ،قالَ بَعضُهُم لِبَعضٍ:

ص:132


1- (1) .الأنبیاء:78 و 79. [1]
2- (2) .ص:34-36.
3- (3) .تفسیر القمّی:ج 2 ص 235، [2]بحار الأنوار:ج 14 ص 99 ح 1. [3]

إن عاشَ لَهُ وَلَدٌ لَنَلقَیَنَّ مِنهُ ما لَقینا مِن أبیهِ مِنَ البَلاءِ.فَأَشفَقَ علیه السلام مِنهُم عَلَیهِ، فَاستَرضَعَهُ فِی المُزنِ؛وهُوَ السَّحابُ.فَلَم یُشعِر إلّاوقَد وُضِعَ عَلی کُرسِیِّهِ مَیِّتاً؛ تَنبیهاً عَلی أنَّ الحَذَرَ لا یَنفَعُ عَنِ القَدَرِ،فَإِنَّما عوتِبَ علیه السلام عَلی خَوفِهِ مِنَ الشَّیاطینِ.

عَنِ الشَّعبِیِّ،وهُوَ المَروِیُّ عَن أبی عَبدِ اللّهِ علیه السلام. (1)

16/1 ابتِلاءُ أیّوبَ7

الکتاب

«وَ أَیُّوبَ إِذْ نادی رَبَّهُ أَنِّی مَسَّنِیَ الضُّرُّ وَ أَنْتَ أَرْحَمُ الرّاحِمِینَ* فَاسْتَجَبْنا لَهُ فَکَشَفْنا ما بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَ آتَیْناهُ أَهْلَهُ وَ مِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا وَ ذِکْری لِلْعابِدِینَ» . (2)

«وَ اذْکُرْ عَبْدَنا أَیُّوبَ إِذْ نادی رَبَّهُ أَنِّی مَسَّنِیَ الشَّیْطانُ بِنُصْبٍ وَ عَذابٍ» . (3)

الحدیث

11147. الإمام الصادق عن أبیه علیهما السلام: إنَّ أیّوبَ علیه السلام ابتُلِیَ مِن غَیرِ ذَنبٍ،وإنَّ الأَنبِیاءَ لا یُذنِبونَ؛ لِأَ نَّهُم مَعصومونَ مُطَهَّرونَ،لا یُذنِبونَ ولا یَزیغونَ،ولا یَرتَکِبونَ ذَنباً صَغیراً ولا کَبیراً.

وقالَ علیه السلام:إنَّ أیّوبَ علیه السلام مَعَ جَمیعِ مَا ابتُلِیَ بِهِ لَم یُنتِن لَهُ رائِحَةٌ،ولا قَبُحَت لَهُ صورَةٌ،ولا خَرَجَت مِنهُ مِدَّةٌ (4)مِن دَمٍ ولا قَیحٍ،ولَا استَقذَرَهُ أحَدٌ رَآهُ،ولَا استَوحَشَ مِنهُ أحَدٌ شاهَدَهُ،ولا یُدَوَّدُ شَیءٌ مِن جَسَدِهِ،وهکَذا یَصنَعُ اللّهُ عز و جل بِجَمیعِ مَن یَبتَلیهِ

ص:133


1- (1) .مجمع البیان:ج 8 ص 741،بحار الأنوار:ج 14 ص 107. [1]
2- (2) .الأنبیاء:83 و 84. [2]
3- (3) .ص:41.
4- (4) .المِدّة-بالکسر-:ما یجتمع فی الجرح من القیح (الصحاح:ج 2 ص 537« [3]مدد»).

مِن أنبِیائِهِ وأَولِیائِهِ المُکَرَّمینَ عَلَیهِ،وإنَّمَا اجتَنَبَهُ النّاسُ لِفَقرِهِ وضَعفِهِ فی ظاهِرِ أمرِهِ؛لِجَهلِهِم بِما لَهُ عِندَ رَبِّهِ-تَعالی ذِکرُهُ-مِنَ التَّأییدِ وَالفَرَجِ.

وقَد قالَ النَّبِیُّ صلی الله علیه و آله:«أعظَمُ النّاسِ بَلاءً الأَنبِیاءُ،ثُمَّ الأَمثَلُ فَالأَمثَلُ».وإنَّمَا ابتَلاهُ اللّهُ عز و جل بِالبَلاءِ العَظیمِ الَّذی یَهونُ مَعَهُ عَلی جَمیعِ النّاسِ؛لِئَلّا یَدَّعوا لَهُ الرُّبوبِیَّةَ إذا شاهَدوا ما أرادَ اللّهُ أن یوصِلَهُ إلَیهِ مِن عَظائِمِ نِعَمِهِ مَتی شاهَدوهُ؛لِیَستَدَلّوا بِذلِکَ عَلی أنَّ الثَّوابَ مِنَ اللّهِ تَعالی ذِکرُهُ عَلی ضَربَینِ:استِحقاقٍ وَاختِصاصٍ؛ولِئَلّا یَحتَقِروا ضَعیفاً لِضَعفِهِ،ولا فَقیراً لِفَقرِهِ،ولا مَریضاً لِمَرَضِهِ.

ولِیَعلَموا أنَّهُ یُسقِمُ مَن یَشاءُ،ویَشفی مَن یَشاءُ مَتی شاءَ کَیفَ شاءَ بِأَیِّ سَبَبٍ شاءَ،ویَجعَلُ ذلِکَ عِبرَةً لِمَن یَشاءُ،وشَقاوَةً لِمَن یَشاءُ،وسَعادَةً لِمَن یَشاءُ،وهُوَ فی جَمیعِ ذلِکَ عَدلٌ فی قَضائِهِ،وحَکیمٌ فی أفعالِهِ،لا یَفعَلُ بِعِبادِهِ إلَّاالأَصلَحَ لَهُم،ولا قُوَّةَ لَهُم إلّابِهِ. (1)

11148. الإمام الصادق علیه السلام: ابتُلِیَ أیّوبُ علیه السلام سَبعَ سِنینَ بِلا ذَنبٍ. (2)

11149. عنه علیه السلام: إنَّ اللّهَ تَبارَکَ وتَعالَی ابتَلی أیُّوبَ علیه السلام بِلا ذَنبٍ،فَصَبَرَ حَتّی عُیِّرَ (3)،وإنَّ الأَنبِیاءَ لا یَصبِرونَ عَلَی التَّعییرِ. (4)

ص:134


1- (1) .الخصال:ص 399 ح 108 عن محمّد بن عُمارة،بحار الأنوار:ج 12 ص 348 ح 13 [1] وراجع:قصص الأنبیاء للراوندی:ص 139 ح 148. [2]
2- (2) .الخصال:ص 399 ح 107،علل الشرائع:ص 75 ح 3، [3]قصص الأنبیاء للراوندی:ص 139 ح 147 [4] کلّها عن أبی بصیر،بحار الأنوار:ج 12 ص 347 ح 9. [5]
3- (3) .عَیَّرته بهِ:قَبَّحتُه علیه (مجمع البحرین:ج 2 ص 1297«عیر»).
4- (4) .علل الشرائع:ص 75 ح 4، [6]قصص الأنبیاء للراوندی:ص 139 ح 147، [7]بحار الأنوار:ج 12 ص 347 ح 10. [8]

کلام حول ابتلاءات الأنبیاء

اشارة

کلام حول ابتلاءات الأنبیاء (1)

یستلزم الابتلاء والشدة نوعاً من الإنهاک والضرر والتغیّر الظاهری من جهة،وهما من جهة اخری أساس الاختبار والامتحان.والضغوط المولدة للصبر والمرسخة للإرادة،تؤدّی إلی تعزیز الروح،کما أنّها توجب تمرّس الجسم واستقامته وزوال الکسل عنه.وبناءً علی ذلک فإنّ الابتلاء هو مصنع للرجال،وأساس تجلّی حقیقة الإنسانیة وتنمیتها.

ولذلک فإنّ اللّه-تعالی-قد عمّ بابتلاءاته جمیع الأنبیاء والأولیاء علیه السلام فأصبحوا مشمولین بألطافه الخفیة وعنایاته الخاصة.بحیث جاء فی الروایات بناء علی قاعدة «البلاء للولاء»:

أعظَمُ النّاسِ بَلاءً الأَنبِیاءُ ثُمَّ الأَمثَلُ فَالأَمثَلُ. (2)

کما نقل عن أشرف الرسل صلی الله علیه و آله قوله:

ما اوذَیَ نَبِیٌّ مِثلَ ما اوذیتُ. (3)

ص:135


1- (1).تمّ إعداد هذا البیان من قبل سماحة حجة الإسلام الشیخ علی شاه علی زاده،وتمّت مراجعته وإکماله علی ید الباحث المحترم حجّة الإسلام والمسلمین الشیخ محمّد إحسانی فر.
2- (2) .الخصال:ص 400 ح 108.
3- (3) .المناقب لابن شهرآشوب:ج 3 ص 247؛ [1]بحار الأنوار:ج 39 ص 56. [2]

ورغم أنّ الأصل فی الابتلاء الاختبار بالمصائب والشدائد.ولکن نظراً إلی أنّ النعمة والرخاء یسببان الغفلة،وأنّ النجاح فی الاختبار فی مثل هذه الظروف هو- عادة-أصعب من النجاح فی الشدائد،فقد استخدمت مادة الابتلاء فی الکتاب والسنّة فی مواضع بمعنی الابتلاء بالمسرّات والنعم أحیاناً.

وعلی هذا الأساس،فإنّ قسماً من اختبارات الأنبیاء وابتلاءاتهم یکون بالنعم والمسرّات فضلاً عن الحجم الهائل من الامتحان والابتلاء بالمصاعب والمحن.

ویقدّم لنا القرآنُ الکریم فی هذا المجال أمثلة حول ابتلاءات الأنبیاء علیهم السلام، والمواضع التالیة جدیرة بالتأمّل والتعمّق فی هذا المجال:

1.آدم علیه السلام

آدم هو أبو الذریة القائمة من البشریة فی الأرض،وأوّل رسول إلهی بُعث علیها.

وکان قد خلق للأرض منذ البدء،وکان اللّه تعالی قد قدّر له مع زوجه بعد الهبوط إلی الأرض التی هی دار التکلیف والامتحان،أن یجرّب مرحلة الحیاة التجریبیة فی جنّة مفعمة بالهناء والراحة وأنواع النعم باعتباره إنموذجاً للإنسان،لا باعتباره إنساناً معصوماً،و أن تجذبهما المغریات الجسدیّة والأرضیة نحو الشجرة المحرمة ویأکلا منها متأثّرین بقَسَم الشیطان ووساوسه،و أن یُخرَجا منها ویبتلیا بالحیاة فی دار العناء والمحنة؛کی یجرّبا هذه الحقیقة وهی أنّهما إذا ارتکبا المعصیة فی دار التکلیف،فإنّهما سوف یبتلیان فی الدار التالیة،أی الآخرة بحیاة بالغة الشدّة وحافلة بالمعاناة والعذاب،فضلاً عن هذه الدار.

وقد أوقعت محنة الحرمان من الجنة الاُولی آدمَ بعد خروجه من الجنة والهبوط إلی الأرض،بالابتلاءات والشدائد إلی درجة بحیث إنّ ذلک أبکاه دهراً طویلاً حتی عُدّ من البکّائین.

ص:136

ومن الآلام والابتلاءات التی ابتُلی بها آدم علیه السلام:

1.الاقتراب من الشجرة المنهی عنها،قبل الهبوط إلی دار التکلیف. (1)

2.الابتلاء بوساوس الشیطان وتسویلاته. (2)

3.الفجیعة بشهادة هابیل ومرارة ضلال قابیل. (3)

4.عداء الشیطان المستمرّ لآدم وزوجه وأولاده. (4)

5.الحیاة الأرضیّة بعد الهبوط من الجنة. (5)

6.نزول الشریعة والتکلیف بعد الهبوط إلی الأرض. (6)

7.موت الأعزّاء وفراقهم والانفصال عنهم. (7)

2.إدریس علیه السلام

ذکره اللّه تعالی فی القرآن فی موضعین:

أ-الآیة 56 من سورة مریم.

ب-الآیة 85 من سورة الأنبیاء.فقد ذکره اللّه إلی جانب أنبیاء صابرین مثل:

أیّوب،إسماعیل،ذی الکفل،ثمّ وصفهم کلهم قائلاً:

«کُلٌّ مِنَ الصّابِرِینَ» . (8)

ص:137


1- (1) .البقرة:35،الأعراف:13 و 22،طه:120 و 121.
2- (2) .البقرة:35،الأعراف:19-22،طه:115-119.
3- (3) .المائدة:27-32.
4- (4) .طه:117.
5- (5) .البقرة:36.
6- (6) .البقرة:38.
7- (7) .الأعراف:25.
8- (8) .الأنبیاء:85. [1]

ثم ذکر من بعده ذا النون أیضاً-أی یونس الذی ابتُلی بالحبس فی بطن الحوت- وزکریّا ومریم وابتلاءاتها.وتشیر هذه الآیات إلی أنّ نصیب إدریس من هذه الابتلاءات والشدائد التی نزلت علی الأنبیاء کان أکثر وأعظم.

3.نوح علیه السلام

لقد کانت حیاتُه کرسول یضطلع بأعباء الرسالة لأکثر من ألف سنة بین قوم متعنّتین ومتمرّدین ومستکبرین ومعاندین والتی لم یُعرف عنها سوی 950 سنة التی کانت قبل الطوفان،حافلةً بالمواقف الصعبة والمریرة ومفعمة بالتحدّیات.ویشیر القرآن الکریم فی مواضع عدیدة إلی ابتلاءات سیدنا نوح علیه السلام لتطیب نفس رسول اللّه صلی الله علیه و آله ولتکون مواساةً لهذه الاُمّة،ومن هذه المواضع:

1.فداحة عبء الرسالة والشریعة المستقلّة. (1)

2.استکبار قومه،وتمرّدهم وعنادهم وتکذیبهم لرسالته. (2)

3.الصبر والثبات علی الرسالة لأکثر من ألف سنة. (3)

4.تحمّل استهزاء قومه به وبأتباعه. (4)

5.إهانة قومه واحتقارهم للمؤمنین به. (5)

6.ضلال ابنه وهلاکه. (6)

7.کفر زوجته وتعاونها مع الکفار وخیانتها وعرقلتها لإبلاغ الرسالة. (7)

ص:138


1- (1) .آل عمران:33؛الأنعام:84.
2- (2) .نوح:5-9؛الشعراء:116.
3- (3) .العنکبوت:14،نوح:5-9،الشعراء:116.
4- (4) .راجع:هود:38.
5- (5) .هود:27 و 30.
6- (6) .المؤمنون:27،هود:43-47.
7- (7) .التحریم:10.
4.إبراهیم علیه السلام

إنّ بعض السحرة ومفسّری الأحلام فی بلاط نمرود کانوا یتنبّؤون بولادة طفل سوف یقوّض دعائم مُلک نمرود،ولهذا فقد أمَرَ نمرود أن یحولوا دون حمل النساء لفترة.

وقد ولد إبراهیم علیه السلام فی هذه الحقبة الزمنیة،ونشأ وترعرع فی الخفاء وتحت ظروف صعبة،وبُعث وهو فی عنفوان شبابه برسالة فی غایة الخطورة،وقد واصل کفاحه ضد عبادة الأوثان ومن أجل إقامة التوحید وترسیخه وإقامة القیم التوحیدیة حتی عرف بأبی الأمم الموحدة.ولم یثنه عن ذلک نار نمرود العظیمة التی قذفه فیها،ولا تعرّضه للأذی هو وأتباعه ولا أسر بعض أتباعه،ولا التغرّب عن وطنه بابل.

ولم یکن له ولد حتّی بلوغه المئة من عمره،فرزقه اللّه تعالی إسماعیل.ثم إنّه أسکن إسماعیل واُمّه بأمرٍ من اللّه تعالی فی أرض مکّة القاحلة والفاقدة لظروف الحیاة والعیش،علی إثر حسد زوجته سارة لهما،و ذلک کی تترسخ اسس العبودیة وإقامة الصلاة.فلمّا شبَّ إسماعیلُ امر إبراهیم بأن یذبح ابنه إسماعیل وهو فی ریعان شبابه.وکلّ ذلک ما هو إلا جانبٌ ضئیل من ابتلاءات إبراهیم علیه السلام الکثیرة.ومن جملة الابتلاءات التی ذکرت فی القرآن الکریم بشأن إبراهیم الخلیل علیه السلام:

1.الثورة ضدّ عبادة الأوثان وتحمّل تبعات ذلک وآثاره. (1)

2.الجهاد لتحریر النبی لوط علیه السلام من أسر الکفار. (2)

3.الهجرة من مسقط رأسه إلی بلاد بعیدة من أجل متابعة مسؤولیة الرسالة. (3)

4.الانفصال عن زوجته وأولاده وترکهم فی أرض تفتقر إلی مقوّمات الحیاة،

ص:139


1- (1) .الأنبیاء:59،الصافات:97 و 98.
2- (2) .راجع:وسائل الشیعة:ج 11 ص 110 ح 20177،مستدرک الوسائل:ج 11 ص 119 ح 12584.
3- (3) .الصافات:99،الأنبیاء:71 والعنکبوت:26.

من طاعة لأمر اللّه ولأجل تشریع الصلاة والتعالیم الدینیة الاُخری. (1)

5.تنفیذ أمر اللّه والإقدام علی ذبح إسماعیل علیه السلام. (2)

5.إسماعیل علیه السلام

وردت فی بدایة الحدیث عن ابتلاءات إبراهیم علیه السلام إشارات إلی أرضیة ابتلاءات إسماعیل.ولا یدلّ تخصیص لقب«ذبیح اللّه»لإسماعیل،إلّاعلی فصل من ابتلاءات هذا النبی المرسل والإمام الإلهی المصطفی.ومن جملة الابتلاءات التی یشیر إلیها القرآن الکریم بشأن إسماعیل علیه السلام:

1.تحمّل قضاء عهد الطفولة وعهود الحیاة الاُخری بعیداً عن الأب فی أرضٍ قاحلة وصخریّة. (3)

2.قبول الذبح بید الأب. (4)

6.یعقوب علیه السلام

کان یعقوب علیه السلام یواصل کأبیه إسحاق علیه السلام شریعة جدّه إبراهیم علیه السلام وسننه وسیرته.

ورغم أنّه لم یواجه من المشاکل بنفس المستوی الذی واجهه إبراهیم ومن نفس النوع،إلّاأنّ السنّة الإلهیّة واللطف الإلهی العظیم کانا یقتضیان أن یُبتلی یعقوب أیضاً بأشکال اخری من الابتلاءات الشدیدة رغم الاحترام الذی کان یتمتّع به بین قومه.

ومن هذه الابتلاءات:

1.فراق یوسف علیه السلام. (5)

ص:140


1- (1) .إبراهیم:37.
2- (2) .الصافات:101-108.
3- (3) .إبراهیم:37.
4- (4) .الصافات:102.
5- (5) .یوسف:19-21.

2.خیانة أولاده وجفاؤهم الطویل له. (1)

3.أسر بنیامین. (2)

4.ابتلاؤه بفقد البصر علی إثر بکائه المتواصل لفراق یوسف علیه السلام. (3)

7.یوسف علیه السلام

اقتضی تقدیر اللّه الحکیم أن یُتهّم یوسف الجمیل الوجه ومحبوب أبیه فی السنین الاُولی من طفولته بالسرقة من قبل عمّته التی کانت تحبّه حبّاً بالغاً لیتسنّی لها بذلک فصله عن أبیه والاحتفاظ به عندها.

ونظراً لِما تمتّع به یوسف من الأدب والجمال والکمالات الذاتیة الاُخری،ولِما قُدّر له من نور النبوّة والولایة الإلهیة أیضاً،فقد ابتلاه اللّه بحبّ عظیم من قبل أبیه وبحسد إخوته وأذاهم له،لیکون ذلک منطلقاً للابتلاءات التی تعرّض لها فیما بعد؛ فإذا به یلقی فی البئر،ویباع کعبد،ویسجن بعد سنین طولیة من العبودیة،ولا ذنب له فی ذلک سوی تقواه وعفته.إلّاأنّ هذه الابتلاءات کانت بمقتضی السنّة الإلهیة التی لا تقبل التغییر،مقدمة لنعم کبیرة،وبذلک فقد خرج یوسف الصدّیق والعفیف من السجن أبیض الوجه ومرفوع الرأس لیصبح عزیز مصر،لتصبح هذه السلطة والقدرة الواسعة أرضیّة لرفض عبادة الأوثان وازدهار التوحید وإقامة القیم التوحیدیة.

من الابتلاءات المذکورة فی القرآن الکریم بشأن یوسف علیه السلام یمکن الإشارة إلی ما یلی:

ص:141


1- (1) .یوسف:7-20.
2- (2) .یوسف:63-66.
3- (3) .یوسف:84 و 85.

1.اتّهامه بالسرقة. (1)

2.حسد إخوته وجفاؤهم له والتآمر علی قتله. (2)

3.الانفصال عن الأب والاُسرة. (3)

4.تحمّل سنوات الرقّ والعبودیّة. (4)

5.محاربة النفس ووساوس الشیطان وإلحاح زوجة عزیز مصر ونساء البلاط الاُخریات مع ممارسة الضغوط علیه وإلحاق الأذی به. (5)

6.تحمل بهتان خیانة عزیز مصر فی شرفه. (6)

7.سنوات السجن الطویلة المثقلة بالمعاناة والمشقّة،دون ارتکاب أدنی جریمة. (7)

8.تقبّل عبء المسؤولیّة فی دولة الفراعنة لإقامة دیانة التوحید. (8)

8.موسی علیه السلام

بُغیة التعرّف علی أبعاد ابتلاءات موسی علیه السلام قائد بنی إسرائیل ومنقذهم،ینبغی الالتفات إلی ملاحظتین:

أ-إن القرآن الکریم لم یذکر أیّ قوم من الأقوام السابقة بمقدار ذکره لبنی

ص:142


1- (1) .یوسف:77.
2- (2) .یوسف:5-15.
3- (3) .یوسف:21.
4- (4) .یوسف:21.
5- (5) .یوسف:23 و 24.
6- (6) .یوسف:25.
7- (7) .یوسف:33-35.
8- (8) .یوسف:55 و 56.

إسرائیل.وإنّ دراسة الزوایا المختلفة والمعقدة والعجیبة لهؤلاء القوم تُظهر لنا صورة تجمع أنواع مختلفة من الرذائل الأخلاقیة.

ب-سلطة فرعون مصر والأقباط الکفرة والظالمین علی جمیع زوایا امور بنی إسرائیل وشؤونهم ونوع التعامل معهم.

وهاتان الملاحظتان من شأنهما أن تکشفا عن حجم ابتلاءات موسی الکلیم وعمقها بشکل إجمالی،ومنها:

1.ابتلاء قوم موسی واُسرته بعهد حفل بالإرهاب والضغوط،وقتل الأجنّة والأطفال الرضع. (1)

2.مشاهداته المتواصلة لمظاهر الظلم والحرمان التی کان یتعرّض لها قومه علی ید أصحاب فرعون والأقباط. (2)

3.الهروب من مصر إلی مدین،علی إثر مخطّط اتباع فرعون لقتله. (3)

4.سنوات الرعی التی قضاها موسی فی مِدیَن،بعد حیاته فی قصر فرعون. (4)

5.العداوات المستمرة من قبل أصحاب فرعون لموسی ونقضهم العهود معه فی عهد رسالته. (5)

6.اضطهاد موسی علیه السلام وقومه وإلحاق الأذی بهم. (6)

7.الابتلاء بقومٍ متمرّدین،أنانیّین یتذرّعون بالذرائع المختلفة ویطلبون المزید. (7)

ص:143


1- (1) .راجع:القصص:7 وبحار الأنوار:ج 13 ص 25 ح 2.
2- (2) .راجع:القصص:17.
3- (3) .القصص:21-23.
4- (4) .القصص:27 و 28.
5- (5) .الشعراء:29 و 34،غافر:24-26،الإسراء:101.
6- (6) .الأعراف:127-129.
7- (7) .النساء:153،البقرة:54 و 93،طه:85-98،المائدة:20-26.

8.خذلان موسی وترکه وحیداً مع عدوّه فی الجهاد والتخلّی عن نصرته. (1)

9.یونس علیه السلام

واجه یونس بن متّی علیه السلام فی المرحلة الاُولی من نبوّته تکذیب قومه وتمرّدهم،فلم یؤمن به إلّاالقلیل،عندها یئس شیئاً فشیئاً من هدایة من بقی من امّته وإصلاحهم ودعا علیهم بالعذاب،فنزل الوحیُ علی یونس علیه السلام متوعّداً قومه بالعذاب،فأبلغ قومَه بذلک وفارقهم وقد استولی علیه الغضب.

إلّا أنّ عالِماً ربانیاً من المؤمنین بیونس کان قد رأی علامات العذاب فی السماء،فترحّم علی قومه وأیقن بالخطر،ووعظهم من خلال لفت أنظارهم إلی الغیوم المتراکمة والمشتملة علی العذاب ودعاهم إلی التوبة الجماعیة.

فآتت جهوده ثمارها،وحبس اللّه تعالی عنهم العذاب المنزل بعد قبولهم دین التوحید والتوبة والإنابة إلی اللّه تعالی،وعاد یونس علیه السلام إلیهم مرّة اخری لهدایتهم وقیادتهم.

إلّا أن هناک ابتلاءً شدیداً حاق بیونس علیه السلام خلال هذه المدّة،وقد زاد هذا الابتلاء من صبره وجعله أکثر نجاحاً فی قیادة الجیل الجدید من قومه.

ومن الابتلاءات البارزة التی حدثت لیونس علیه السلام:

1.تحمّل عبء الرسالة إلی قوم لم یکونوا یذعنون للبراهین والمواعظ. (2)

2.التقام الحوت له،بعد غضبه علی قومه وترکه لهم. (3)

ص:144


1- (1) .راجع:المائدة:24.
2- (2) .النساء:163.
3- (3) .الأنبیاء:87 و 88،الصافات:148-151.
10.داود علیه السلام

هیّأ جهادُ داود تحت رایة طالوت مقابل جالوت،ومقتل قائد الکفر وزعیمه حیث تمّ ذلک علی أساس الإیمان والتوکّل مع الدرایة والقوّة والمهارة،الظروفَ العامّةَ لحکم هذا الزعیم الإلهی والشاب الورع،لیتسنّی للمؤمنین من بنی إسرائیل أن یدافعوا تحت لوائه علیه السلام عن کیانهم من شرّ الکافرین،إلّاأنّه وکما تقدّمت الإشارة إلیه فی ابتلاءات موسی علیه السلام أنّ خصوصیات بنی إسرائیل الأخلاقیة والسلوکیة،مضافاً إلیه مرور ردح طویل من عمر داود علیه السلام فی مجاهدة الکفار وقتالهم،کلّ ذلک یکفی لأن نطّلع بشکل إجمالی علی الجانبین الکمّی والکیفی لقسم من ابتلاءات ذلک القائد الإلهی العظیم.ومنها:

1.الجهاد فی مقابل جالوت وسائر الکفّار والظالمین. (1)

2.الابتلاء الإلهی الصعب فی القضیّة الرمزیّة المتمثّلة فی الحکم بین أصحاب النعاج. (2)

3.مسؤولیّة الإمامة والحکم فضلاً عن المسؤولیة الفادحة للرسالة. (3)

11.سلیمان علیه السلام

نظراً إلی أن خلافة سلیمان علیه السلام لأبیه داود علیه السلام ترتبط بعهد استقرار الحکومة،فإنّ الجهاد والحروب لم یکن یکتنفها مثل تلک المشکلات؛لامتداد ملکه فی الأقالیم العدیدة وفی منطقة مترامیة الأطراف،وخضوع الجنّ والإنس والطیر والحیوانات الاُخری له؛إلّاأن مشاکل إدارة ذلک الملک العظیم والمنقطع النظیر یجب اعتبارها من نوعها،ذلک لأنّ الحکّام کانوا یوظّفون تجارب نظرائهم فی إدارة ملکهم؛ولکن

ص:145


1- (1) .البقرة:251.
2- (2) .ص:21-25.
3- (3) .ص:26.

سلیمان علیه السلام الذی کان یری نفسه مقیداً بالالتزام بالقسط والعدالة ورعایة مکارم الأخلاق باعتباره عبداً إلهیّاً صالحاً،لم یکن باستطاعته أن یوظّف تجارب أحد فی تسییر امور ملکه وإدارة الطوائف المختلفة من الشیاطین والحیوانات؟!

وفضلاً عن ذلک،فإنّ مهمّة قیادة بنی إسرائیل کانت لها مشاکلها الخاصّة بها.

ولعلّنا یمکن أن نعتبر الابتلاء بالنعم أکبر ابتلاءات سلیمان علیه السلام؛ذلک لأنّ الأحادیث تُفید بأنّ الابتلاء بالملک والنفوذ والنعمة أشدّ وأصعب بمرّات من الابتلاء بالمصاعب التی تتطلّب الصبر وتربّی الرجال،بسبب اقتران النعم بالغفلة.

ومن أبرز الابتلاءات التی واجهها سلیمان علیه السلام:

1.فتنة سحر السحرة والشیاطین. (1)

2.الابتلاء الشدید بالملک العظیم والمنقطع النظیر. (2)

3.موت الابن. (3)

12.أیوب علیه السلام

بلغ أیّوب علیه السلام درجة رفیعة فی الصبر والحلم وکظم الغیظ بحیث غدا مضرباً للأمثال.

وقد کان یتمتع بالنعمة والعافیة فی بدایة حیاته،وکلّما ازدادت نعمته ازداد شکره، ولذلک فقد بلغ مکانة شامخة فی الشکر.إلّاأن اللّه تعالی ابتلاه بعد ذلک لمدّة سبع سنوات بأشدّ أنواع المشاکل والابتلاءات العسیرة،فلم یزیده ذلک إلّاصبراً وحلماً، واستحق بذلک هذا المدح الإلهی العظیم:

«إِنّا وَجَدْناهُ صابِراً نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوّابٌ» . (4)

ص:146


1- (1) .البقرة:102.
2- (2) .ص:35-40.
3- (3) .ص:34.
4- (4) .ص:44.

ومن الابتلاءات التی أشار إلیها القرآن الکریم بشأن أیّوب علیه السلام:

1.الفقر المدقع وشماتة الرهبان وأهل عصره. (1)

2.المرض المقترن بالمعاناة والألم الشدید. (2)

3.فقده لأبنائه. (3)

4.تغیّر أخلاق زوجته من ناحیته،وعدم وقوفها معه فی أصعب ظروف الابتلاءات. (4)

13.عیسی علیه السلام

السیّد المسیح،هو ابن مریم العذراء،واُمّه التی کانت منذ طفولتها تحت کفالة زکریا علیه السلام،وکانت تتعرّض دوماً لحسد رهبان الیهود وأنواع أذاهم.

لقد کان حمل مریم وولادتها بشکل إعجازی ذریعة مناسبة لأن یشدّد الیهود أذاهم لها وضغوطهم علیها.وقد شهد المسیح منذ عهد طفولته مظلومیّة امّه،بل تعرّض هو أیضاً لأذی الأعداء.وفضلاً عن ذلک فإنّ الالتفات إلی ضغوط مجامیع کهنة الیهود وأذاهم لأفراد اسرته،وخاصة زکریا ویحیی علیهما السلام،من شأنه أن یکشف بشکل أفضل عن جو الحیاة المشحون بمظاهر الحرمان والابتلاءات.

واذا ما لاحظنا أن نبیّاً من أنبیاء اولی العزم حمل علی عاتقه عبء رسالة ثقیلة ومشتملة علی شریعة مستقلّة،نشأ فی مثل ذلک الوسط الاُسری المحروم والمتعرّض للأذی والاضطهاد،یُعلم إجمالاً مدی ما سوف یتعرّض له من أذی

ص:147


1- (1) .ص:41.
2- (2) .الأنبیاء:83.
3- (3) .الأنبیاء:84. [1]
4- (4) .کما أشارت إلیه الآیة «وَ خُذْ بِیَدِکَ ضِغْثاً فَاضْرِبْ بِهِ وَ لا تَحْنَثْ» (ص:44).

الأعداء الألدّاء والمعاندین،إلی أن آلَ المآلُ إلی أن یمنّ اللّه تعالی علیه بعد أن استمرّت مطاردته من قبل أعدائه بأن جعل عدوَّه اللدود والخائن-الذی کان یظهر بمظهر المحبّ والصدیق-یبدو لهم وکأنّه المسیح علیه السلام؛لکی یقبضوا علیه ویعاقبوه، ویرفعُ اللّه المسیح علیه السلام إلی السماء.

ومن الابتلاءات البارزة التی ابتُلی بها السید المسیح علیه السلام:

1.افتراء الیهود علیه وعلی امّه بشأن طهارة مولده. (1)

2.اضطهاد رؤساء الکنیسة له بشکل مستمرّ. (2)

3.مطاردته لتنفیذ مؤامرة قتله. (3)

ص:148


1- (1) .مریم:28.
2- (2) .آل عمران:52.
3- (3) .النساء:157-159.

17/1 ابتِلاءُ أصحابِ السَّبتِ

الکتاب

«وَ سْئَلْهُمْ عَنِ الْقَرْیَةِ الَّتِی کانَتْ حاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ یَعْدُونَ فِی السَّبْتِ إِذْ تَأْتِیهِمْ حِیتانُهُمْ یَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً وَ یَوْمَ لا یَسْبِتُونَ لا تَأْتِیهِمْ کَذلِکَ نَبْلُوهُمْ بِما کانُوا یَفْسُقُونَ» . (1)

الحدیث

11150. الإمام زین العابدین علیه السلام -فی أصحابِ السَّبتِ-:کانَ هؤُلاءِ قَوماً یَسکُنونَ عَلی شاطِئِ بَحرٍ،نَهاهُمُ اللّهُ وأَنبِیاؤُهُ عَنِ اصطِیادِ السَّمَکِ فی یَومِ السَّبتِ،فَتَوَصَّلوا إلی حیلَةٍ لِیُحِلُّوا بِها لِأَنفُسِهِم ما حَرَّمَ اللّهُ،فَخَدُّوا أخادِیدَ وعَمِلوا طُرُقاً تُؤَدّی إلی حِیاضٍ یَتَهَیَّأُ لِلحِیتانِ الدُّخولُ فیها مِن تِلکَ الطُّرُقِ،ولا یَتَهَیَّأُ لَهَا الخُروجُ إذا هَمَّت بِالرُّجوعِ مِنها إلَی اللُّجَجِ (2)،فَجاءَتِ الحِیتانُ یَومَ السَّبتِ جارِیَةً عَلی أمانِ اللّهِ لَها، فَدَخَلَتِ الأَخادیدَ وحَصَلَت فِی الحِیاضِ وَالغُدرانِ.

فَلَمَّا کانَت عَشِیَّةَ الیَومِ هَمَّت بِالرُّجوعِ مِنها إلَی اللُّجَجِ لِتَأمَنَ صائِدَها،فَرامَتِ الرُّجوعَ فَلَم تَقدِر،واُبقِیَت لَیلَتَها فی مَکانٍ یَتَهَیَّأُ أخذُها یَومَ الأَحَدِ بِلَا اصطِیادٍ؛ لِاستِرسالِها فیهِ وعَجزِها عَنِ الاِمتِناعِ لِمَنعِ المَکانِ لَها،فَکانوا یَأخُذُونَها یَومَ الأَحَدِ ویَقولونَ:مَا اصطَدنا یَومَ السَّبتِ،إنَّمَا اصطَدنا فِی الأَحَدِ ! وکَذَبَ أعداءُ اللّهِ،بَل کانوا آخِذینَ لَها بِأَخادیدِهِمُ الَّتی عَمِلوها یَومَ السَّبتِ،حَتّی کَثُرَ مِن ذلِکَ مالُهُم وثَراؤُهُم،وتَنَعَّموا بِالنِّساءِ وغَیرِهِنَّ؛لِاتِّساعِ أیدیهِم بِهِ.

و کانوا فِی المَدینَةِ نَیِّفاً وثَمانینَ ألفاً،فَعَلَ هذا مِنهُم سَبعونَ ألفاً وأَنکَرَ

ص:149


1- (1) .الأعراف:163. [1]
2- (2) .اللُّجّة:الماء الکثیر الذی لایُری طرفاه (تاج العروس:ج 3 ص 470« [2]لجج»).

عَلَیهِمُ الباقونَ،کَما قَصَّ اللّهُ تَعالی: «وَ سْئَلْهُمْ عَنِ الْقَرْیَةِ الَّتِی کانَتْ حاضِرَةَ الْبَحْرِ» الآیَةَ.

وذلِکَ أنَّ طائِفَةً مِنهُم وَعَظوهُم وزَجَرُوهُم،ومِن عَذابِ اللّهِ خَوَّفوهُم،ومِنِ انتِقامِهِ وشَدیدِ بَأسِهِ حَذَّرُوهُم،فَأَجابوهُم عَن وَعظِهِم: «لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللّهُ مُهْلِکُهُمْ» بِذُنوبِهِم هَلاکَ الاِصطِلامِ (1)«أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذاباً شَدِیداً» .

فَأَجابُوا القائِلینَ لَهُم هذا: «مَعْذِرَةً إِلی رَبِّکُمْ» ؛هذَا القَولُ مِنّا لَهُم مَعذِرَةٌ إلی رَبِّکُم،إذ کَلَّفَنَا الأَمرَ بِالمَعرُوفِ وَالنَّهیَ عَنِ المُنکَرِ،فَنَحنُ نَنهی عَنِ المُنکَرِ لِیَعلَمَ رَبُّنا مُخالَفَتَنا لَهُم وکَراهَتَنا لِفِعلِهِم،قالوا: «وَ لَعَلَّهُمْ یَتَّقُونَ» (2)،ونَعِظُهُم أیضاً لَعَلَّهُم تَنجَعُ فیهِمُ المَواعِظُ فَیَتَّقوا هذِهِ الموبِقَةَ ویَحذَروا عُقوبَتَها.

قالَ اللّهُ تَعالی: «فَلَمّا عَتَوْا» ؛حادُّوا وأَعرَضوا وتَکَبَّرُوا عَن قَبولِهِمُ الزَّجرَ «عَنْ ما نُهُوا عَنْهُ قُلْنا لَهُمْ کُونُوا قِرَدَةً خاسِئِینَ» (3)مُبعَدینَ عَنِ الخَیرِ مُقصَینَ.

قالَ:فَلَمّا نَظَرَ العَشَرَةُ الآلافِ وَالنَّیِّفُ أنَّ السَّبعینَ ألفاً لا یَقبَلونَ مَواعِظَهُم ولا یَحفِلونَ بِتَخویفِهِم إیّاهُم وتَحذیرِهِم لَهُم،اعتَزَلوهُم إلی قَریَةٍ اخری قَریبَةٍ مِن قَریَتِهِم،وقالوا:نَکرَهُ أن یَنزِلَ بِهِم عَذابُ اللّهِ ونَحنُ فی خِلالِهِم.

فَأَمسَوا لَیلَةً فَمَسَخَهُمُ اللّهُ کُلَّهُم قِرَدَةً خاسِئینَ (4)،وبَقِیَ بابُ المَدینَةِ مُغلَقاً لا یَخرُجُ مِنهُ أحَدٌ ولا یَدخُلُهُ أحَدٌ.

وتَسامَعَ بِذلِکَ أهلُ القُری فَقَصَدُوهُم وتَسَنَّموا (5)حِیطانَ البَلَدِ فَاطَّلَعوا عَلَیهِم،فَإِذا

ص:150


1- (1) .الاصطِلامُ:الاستِئصالُ (مجمع البحرین:ج 2 ص 1046« [1]صلم»).
2- (2) .الأعراف:164. [2]
3- (3) .الأعراف:166. [3]
4- (4) .الخاسِئ:المطرود (لسان العرب:ج 1 ص 65« [4]خسأ»).
5- (5) .تسنّمه:أی علاه (الصحاح:ج 5 ص 1954«سنم»).

هم کُلُّهُم-رِجالُهُم ونِساؤُهُم-قِرَدَةٌ یَموجُ بَعضُهُم فی بَعضٍ،یَعرِفُ هؤُلاءِ النّاظِرُونَ مَعارِفَهُم وقَراباتِهِم وخُلَطاءَهُم،یَقولُ المُطَّلِعُ لِبَعضِهِم:أنتَ فُلانٌ؟أنتِ فُلانَةُ؟فَتَدمَعُ عَینُهُ ویومِئُ بِرَأسِهِ بِلا أو نَعَم.

فَما زَالوا کَذلِکَ ثَلاثَةَ أیّامٍ،ثُمَّ بَعَثَ اللّهُ عز و جل عَلَیهِم مَطَراً ورِیحاً فَجَرَفَهُم إلَی البَحرِ، وما بَقِیَ مَسخٌ بَعدَ ثَلاثَةِ أیّامٍ،وأَمَّا (1)الَّذینَ تَرَونَ مِن هذِهِ المُصَوَّراتِ بِصُوَرِها فَإِنَّما هِیَ أشباهُها لا هِیَ بِأَعیَانِها ولا مِن نَسلِها. (2)

11151. تفسیر القمّی عن أبی عبیدة عن الإمام الباقر علیه السلام: وَجَدنا فی کِتابِ عَلِیٍّ علیه السلام:إنَّ قَوماً مِن أهلِ أیلَةَ (3)مِن قَومِ ثَمودَ،وإنَّ الحیتانَ کانَت سَبَقَت إلَیهِم یَومَ السَّبتِ لِیَختَبِرَ اللّهُ طاعَتَهُم فی ذلِکَ،فَشَرَعَت إلَیهِم یَومَ سَبتِهِم فی نادیهِم وقُدّامَ أبوابِهِم فی أنهارِهِم وسَواقیهِم،فَبادَروا إلَیها فَأَخَذوا یَصطادونَها،فَلَبِثوا فی ذلِکَ ما شاءَ اللّهُ،لا یَنهاهُم عَنهَا الأَحبارُ ولا یَمنَعُهُمُ العُلَماءُ مِن صَیدِها،ثُمَّ إنَّ الشَّیطانَ أوحی إلی طائِفَةٍ مِنهُم:

إنَّما نُهیتُم عَن أکلِها یَومَ السَّبتِ فَلَم تُنهَوا عَن صَیدِها،فَاصطادوا یَومَ السَّبتِ وکُلوها فیما سِوی ذلِکَ مِنَ الأَیّامِ.

فَقالَت طائِفَةٌ مِنهُم:الآنَ نَصطادُها،فَعَتَت (4)،وَانحازَت طائِفَةٌ اخری مِنهُم ذاتَ الیَمینِ،فَقالوا:نَنهاکُم عَن عُقوبَةِ اللّهِ أن تَتَعَرَّضوا لِخِلافِ أمرِهِ،وَاعتَزَلَت طائِفَةٌ مِنهُم ذاتَ الیَسارِ فَسَکَتَت فَلَم تَعظِهُم،فَقالَت لِلطّائِفَةِ الَّتی وَعَظَتهُم: «لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللّهُ

ص:151


1- (1) .فی المصدر:«وإنّما»،و التصویب من بحار الأنوار. [1]
2- (2) .التفسیر المنسوب إلی الإمام العسکری علیه السلام:ص 268، [2]بحار الأنوار:ج 14 ص 56 ح 13. [3]
3- (3) .فی المصدر:«أیکة»،و التصویب من المصادر الاخری.و أیلة:مدینة علی ساحل بحر القلزم [البحرالأبیض المتوسّط] ممّا یلی الشام،و هی مدینة صغیرة عامرة بها زرع یسیر،و هی مدینة للیهود الذین حرّم الله علیهم صید السمک یوم السبت،فخالفوا فمسخوا قردة و خنازیر (معجم البلدان:ج 1 ص 292). [4]
4- (4) .عتا:کبر و ولّی (مجمع البحرین:ج 2 ص 1164«عتو»).

مُهْلِکُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذاباً شَدِیداً» ؟فَقالَتِ الطّائِفَةُ الَّتی وَعَظَتهُم: «مَعْذِرَةً إِلی رَبِّکُمْ وَ لَعَلَّهُمْ یَتَّقُونَ» .

قالَ:فَقالَ اللّهُ جَلَّ وعَزَّ: «فَلَمّا نَسُوا ما ذُکِّرُوا بِهِ» (1)؛یَعنی لَمّا تَرَکوا ما وُعِظوا بِهِ مَضَوا عَلَی الخَطیئَةِ،فَقالَتِ الطّائِفَةُ الَّتی وَعَظَتهُم:لا وَاللّهِ لا نُجامِعُکُم ولا نُبایِتُکُمُ اللَّیلَةَ فی مَدینَتِکُم هذِهِ الَّتی عَصَیتُمُ اللّهَ فیها؛مَخافَةَ أن یَنزِلَ بِکُمُ البَلاءُ فَیَعُمَّنا مَعَکُم.

قالَ:فَخَرَجوا عَنهُم مِنَ المَدینَةِ؛مَخافَةَ أن یُصیبَهُمُ البَلاءُ،فَنَزَلوا قَریباً مِنَ المَدینَةِ فَباتوا تَحتَ السَّماءِ،فَلَمّا أصبَحَ أولِیاءُ اللّهِ المُطیعونَ لِأَمرِ اللّهِ،غَدَوا لِیَنظُروا ما حالُ أهلِ المَعصِیَةِ،فَأَتَوا بابَ المَدینَةِ فَإِذا هُوَ مُصمِتٌ،فَدَّقوهُ فَلَم یُجابوا ولَم یَسمَعوا مِنها خَبَراً واحِداً (2)،فَوَضَعوا سُلَّماً عَلی سورِ المَدینَةِ ثُمَّ أصعَدوا رَجُلاً مِنهُم فَأَشرَفَ عَلَی المَدینَةِ،فَنَظَرَ فَإِذا هُوَ بِالقَومِ قِرَدَةً یَتَعاوَونَ.

فَقالَ الرَّجُلُ لِأَصحابِهِ:یا قَومِ! أری وَاللّهِ عَجَباً،قالوا:وما تَری؟قالَ:أرَی القَومَ قَد صاروا قِرَدَةً یَتَعاوَونَ ولَها أذنابٌ.فَکَسَرُوا البابَ.قالَ:فَعَرَفَتِ القِرَدَةُ أنسابَها مِنَ الإِنسِ ولَم تَعرِفِ الإِنسُ أنسابَها مِنَ القِرَدَةِ،فَقالَ القَومُ لِلقِرَدَةِ:ألَم نَنهَکُم؟!

فَقالَ عَلِیٌّ علیه السلام:وَالَّذی فَلَقَ الحَبَّةَ وبَرَأَ النَّسَمَةَ ! إنّی لَأَعرِفُ أنسابَها مِن هذِهِ الاُمَّةِ، لا یُنکِرونَ ولا یُغَیِّرونَ،بَل تَرَکوا ما امِرُوا بِهِ فَتَفَرَّقوا،وقَد قالَ اللّهُ عز و جل: «فَبُعْداً لِلْقَوْمِ الظّالِمِینَ» (3)،فَقالَ (4)اللّهُ: «أَنْجَیْنَا الَّذِینَ یَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَ أَخَذْنَا الَّذِینَ ظَلَمُوا بِعَذابٍ

ص:152


1- (1) .الأعراف:165. [1]
2- (2) .فی بحار الأنوار:« [2]حس أحد»بدل«خبرا واحدا».
3- (3) .المؤمنون:41. [3]
4- (4) .فی تفسیر العیّاشی:«و [4]قال»بدل«فقال».

بَئِیسٍ بِما کانُوا یَفْسُقُونَ» (1). (2)

11152. تفسیر الطبری عن ابن عبّاس: إنَّ اللّهَ إنَّمَا افتَرَضَ عَلی بَنی إسرائیلَ الیَومَ الَّذِی افتَرَضَ عَلَیکُم فی عیدِکُم یَومَ الجُمُعَةِ،فَخالَفوا إلَی السَّبتِ فَعَظَّموهُ وتَرَکوا ما امِروا بِهِ،فَلَمّا أبَوا إلّالُزومَ السَّبتِ ابتَلاهُمُ اللّهُ فیهِ،فَحَرَّمَ عَلَیهِم ما أحَلَّ لَهُم فی غَیرِهِ.

و کانوا فی قَریَةٍ بَینَ أیلَةَ وَالطّورِ یُقالُ لَها«مَدیَنَ»،فَحَرَّمَ اللّهُ عَلَیهِم فِی السَّبتِ الحیتانَ؛صَیدَها وأَکلَها،و کانوا إذا کانَ یَومُ السَّبتِ أقبَلَت إلَیهم شُرَّعاً إلی ساحِلِ بَحرِهِم،حَتّی إذا ذَهَبَ السَّبتُ ذَهَبنَ،فَلَم یَرَوا حوتاً صَغیراً ولا کَبیراً.حَتّی إذا کانَ یَومُ السَّبتِ أتَینَ إلَیهِم شُرَّعاً،حَتّی إذا ذَهَبَ السَّبتُ ذَهَبنَ.

فَکانوا کَذلِکَ،حَتّی إذا طالَ عَلَیهِمُ الأَمَدُ وقَرِموا (3)إلَی الحیتانِ،عَمَدَ رَجُلٌ مِنهُم فَأَخَذَ حوتاً-سِرّاً-یَومَ السَّبتِ فَخَزَمَهُ (4)بِخَیطٍ ثُمَّ أرسَلَهُ فِی الماءِ،وأَوتَدَ لَهُ وَتِداً فِی السّاحِلِ،فَأَوثَقَهُ ثُمَّ تَرَکَهُ،حَتّی إذا کانَ الغَدُ جاءَ فَأَخَذَهُ؛أی إنّی لَم آخُذهُ فی یَومِ السَّبتِ ! ثُمَّ انطَلَقَ بِهِ فَأَکَلَهُ.

حَتّی إذا کانَ یَومُ السَّبتِ الآخَرُ عادَ لِمِثلِ ذلِکَ،ووَجَدَ النّاسُ ریحَ الحیتانِ،فَقالَ أهلُ القَریَةِ:وَاللّهِ لَقَد وَجَدنا ریحَ الحیتانِ،ثُمَّ عَثَروا عَلی ما صَنَعَ ذلِکَ الرَّجُلُ.قالَ:

فَفَعَلوا کَما فَعَلَ،وأَکَلوا سِرّاً زَماناً طَویلاً،لَم یُعَجِّلِ اللّهُ عَلَیهِم بِعُقوبَةٍ حَتّی صادوها عَلانِیَةً وباعوها بِالأَسواقِ.

وقالَت طائِفَةٌ مِنهُم مِن أهلِ التَّقِیَّةِ:وَیَحکُمُ،اتَّقُوا اللّهَ ! ونَهَوهُم عَمّا کانوا

ص:153


1- (1) .الأعراف:165. [1]
2- (2) .تفسیر القمّی:ج 1 ص 244، [2]تفسیر العیّاشی:ج 2 ص 33 ح 93، [3]سعد السعود:ص 118، [4]بحار الأنوار:ج 14 ص 52 ح 5. [5]
3- (3) .القَرَمُ:هی شِدَّةُ شهوَة اللحم حتّی لا یصبر عنه (النهایة:ج 4 ص 49« [6]قرم»).
4- (4) .الخِزامَةُ:حَلَقَةٌ من شعرٍ تُجعل فی أحد جانبی منخری البعیر (لسان العرب:ج 12 ص 174« [7]خزم»).

یَصنَعونَ.وقالَت طائِفَةٌ اخری لَم تَأکُلِ الحیتانَ ولَم تَنهَ القومَ عَمّا صَنَعوا: «لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللّهُ مُهْلِکُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذاباً شَدِیداً قالُوا مَعْذِرَةً إِلی رَبِّکُمْ» لِسَخَطِنا أعمالَهُم «وَ لَعَلَّهُمْ یَتَّقُونَ» . (1)

18/1 ابتِلاءُ أصحابِ طالوتَ

الکتاب

«فَلَمّا فَصَلَ طالُوتُ بِالْجُنُودِ قالَ إِنَّ اللّهَ مُبْتَلِیکُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَیْسَ مِنِّی وَ مَنْ لَمْ یَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّی إِلاّ مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِیَدِهِ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلاّ قَلِیلاً مِنْهُمْ فَلَمّا جاوَزَهُ هُوَ وَ الَّذِینَ آمَنُوا مَعَهُ قالُوا لا طاقَةَ لَنَا الْیَوْمَ بِجالُوتَ وَ جُنُودِهِ قالَ الَّذِینَ یَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا اللّهِ کَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِیلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً کَثِیرَةً بِإِذْنِ اللّهِ وَ اللّهُ مَعَ الصّابِرِینَ» . (2)

الحدیث

11153. الإمام الباقر علیه السلام -فی قَولِ اللّهِ جَلَّ ذِکرُهُ: «إِنَّ اللّهَ مُبْتَلِیکُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَیْسَ مِنِّی وَ مَنْ لَمْ یَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّی» -:فَشَرِبوا مِنهُ إلّاثَلاثَمِئَةٍ وثَلاثَةَ عَشَرَ رَجُلاً،مِنهُم مَنِ اغتَرَفَ ومِنهُم مَن لَم یَشرَب،فَلَمّا بَرَزوا قالَ الَّذینَ اغتَرَفوا: «لا طاقَةَ لَنَا الْیَوْمَ بِجالُوتَ وَ جُنُودِهِ» ،وقالَ الَّذینَ لَم یَغتَرِفوا: «کَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِیلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً کَثِیرَةً بِإِذْنِ اللّهِ وَ اللّهُ مَعَ الصّابِرِینَ» . (3)

11154. الإمام الصادق علیه السلام: القَلیلُ الَّذینَ لَم یَشرَبوا ولَم یَغتَرِفوا ثَلاثُمِئَةٍ وثَلاثَةَ عَشَرَ رَجُلاً،

ص:154


1- (1) .تفسیر الطبری:ج 1 الجزء 1 ص 330، [1]تفسیر ابن کثیر:ج 1 ص 151 [2] وراجع:تفسیر الآلوسی:ج 9 ص 93. [3]
2- (2) .البقرة:249. [4]
3- (3) .الکافی:ج 8 ص 316 ح 498، [5]تفسیر العیّاشی:ج 1 ص 134 ح 443 [6] کلاهما عن أبی بصیر،بحار الأنوار:ج 13 ص 438 ح 1. [7]

فَلَمّا جاوَزُوا النَّهَرَ ونَظَروا إلی جُنودِ جالوتَ،قالَ الَّذینَ شَرِبوا مِنهُ: «لا طاقَةَ لَنَا الْیَوْمَ بِجالُوتَ وَ جُنُودِهِ» ،وقالَ الَّذینَ لَم یَشرَبوا: «رَبَّنا أَفْرِغْ عَلَیْنا صَبْراً وَ ثَبِّتْ أَقْدامَنا وَ انْصُرْنا عَلَی الْقَوْمِ الْکافِرِینَ» (1).فَجاءَ داودُ علیه السلام حَتّی وَقَفَ بِحِذاءِ جالوتَ،وکانَ جالوتُ عَلَی الفیلِ وعَلی رَأسِهِ التّاجُ،وفی [جَبهَتِهِ] (2)یاقوتٌ یَلمَعُ نورُهُ،وجُنودُهُ بَینَ یَدَیهِ،فَأَخَذَ داودُ مِن تِلکَ الأَحجارِ حَجَراً فَرَمی بِهِ فی مَیمَنَةِ جالوتَ،فَمَرَّ فِی الهَواءِ ووَقَعَ عَلَیهِم فَانهَزَموا،وأَخَذَ حَجَراً آخَرَ فَرمی بِهِ فی مَیسَرَةِ جالوتَ فَوَقَعَ عَلَیهِم فَانهَزَموا،ورَمی جالوتَ بِحَجَرٍ ثالِثٍ فَصَکَّ (3)الیاقوتَةَ فی جَبهَتِهِ ووَصَلَ إلی دِماغِهِ، ووَقَعَ إلَی الأَرضِ مَیِّتاً،فَهُوَ قَولُهُ: «فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللّهِ وَ قَتَلَ داوُدُ جالُوتَ وَ آتاهُ اللّهُ الْمُلْکَ وَ الْحِکْمَةَ » (4). (5)

19/1 ابتِلاءُ المُسلِمینَ فی عَصرِ النَّبِیِّ

الکتاب

«یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا اذْکُرُوا نِعْمَةَ اللّهِ عَلَیْکُمْ إِذْ جاءَتْکُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنا عَلَیْهِمْ رِیحاً وَ جُنُوداً لَمْ تَرَوْها وَ کانَ اللّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِیراً* إِذْ جاؤُکُمْ مِنْ فَوْقِکُمْ وَ مِنْ أَسْفَلَ مِنْکُمْ وَ إِذْ زاغَتِ الْأَبْصارُ وَ بَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَناجِرَ وَ تَظُنُّونَ بِاللّهِ الظُّنُونَا* هُنالِکَ ابْتُلِیَ الْمُؤْمِنُونَ وَ زُلْزِلُوا زِلْزالاً شَدِیداً» . (6)

ص:155


1- (1) .البقرة:250. [1]
2- (2) .مابین المعقوفین سقط من المصدر،وأثبتناه من بحار الأنوار. [2]
3- (3) .الصَکُّ:الضَربُ (مجمع البحرین:ج 2 ص 1040«صکک»).
4- (4) .البقرة:251. [3]
5- (5) .تفسیر القمّی:ج 1 ص 83، [4]بحار الأنوار:ج 13 ص 441 ح 4. [5]
6- (6) .الأحزاب:9-11. [6]

«أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَ لَمّا یَأْتِکُمْ مَثَلُ الَّذِینَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِکُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْساءُ وَ الضَّرّاءُ وَ زُلْزِلُوا حَتّی یَقُولَ الرَّسُولُ وَ الَّذِینَ آمَنُوا مَعَهُ مَتی نَصْرُ اللّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللّهِ قَرِیبٌ» . (1)

الحدیث

11155. الإمام زین العابدین علیه السلام -فِی الصَّلاةِ عَلی أتباعِ الرُّسُلِ ومُصَدِّقیهِم-:اللّهُمَّ وأَصحابُ مُحَمَّدٍ خاصَّةً الَّذینَ أحسَنُوا الصَّحابَةَ،وَالَّذینَ أبلَوُا البَلاءَ الحَسَنَ فی نَصرِهِ، وکانَفوهُ (2)وأَسرَعوا إلی وِفادَتِهِ،وسابَقوا إلی دَعوَتِهِ،وَاستَجابوا لَهُ حَیثُ أسمَعَهُم حُجَّةَ رِسالاتِهِ،وفارَقُوا الأَزواجَ وَالأَولادَ فی إظهارِ کَلِمَتِهِ،وقاتَلُوا الآباءَ وَالأَبناءَ فی تَثبیتِ نُبُوَّتِهِ،وَانتَصَروا بِهِ،ومَن کانوا مُنطَوینَ عَلی مَحَبَّتِهِ،یَرجونَ تِجارَةً لَن تَبورَ فی مَوَدَّتِهِ،وَالَّذینَ هَجَرَتهُمُ العَشائِرُ إذ تَعَلَّقوا بِعُروَتِهِ،وَانتَفَت مِنهُمُ القَراباتُ إذ سَکَنوا فی ظِلِّ قَرابَتِهِ؛فَلا تَنسَ لَهُمُ اللّهُمَّ ما تَرَکوا لَکَ وفیکَ،وأَرضِهِم مِن رِضوانِکَ،وبِما حاشُوا الخَلقَ عَلَیکَ،و کانوا مَعَ رَسولِکَ دُعاةً لَکَ إلَیکَ،وَاشکُرهُم عَلی هَجرِهِم فیکَ دِیارَ قَومِهِم،وخُروجِهِم مِن سَعَةِ المَعاشِ إلی ضیقِهِ،ومَن کَثَّرتَ فی إعزازِ دینِکَ مِن مَظلومِهِم. (3)

20/1 ابتِلاءُ المُسلِمینَ بَعدَ النَّبِیِّ

الکتاب

«أَ حَسِبَ النّاسُ أَنْ یُتْرَکُوا أَنْ یَقُولُوا آمَنّا وَ هُمْ لا یُفْتَنُونَ* وَ لَقَدْ فَتَنَّا الَّذِینَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَیَعْلَمَنَّ

ص:156


1- (1) .البقرة:214. [1]
2- (2) .کنفه:حفظه و أعانه (لسان العرب:ج 9 ص 308« [2]کنف»).
3- (3) .الصحیفة السجّادیة:ص 31 الدعاء 4. [3]

اَللّهُ الَّذِینَ صَدَقُوا وَ لَیَعْلَمَنَّ الْکاذِبِینَ» . (1)

الحدیث

11156. الإمام علیّ علیه السلام -لَمّا قامَ إلَیهِ رَجُلٌ فَقالَ:یا أمیرَ المُؤمِنینَ،أخبِرنا عَنِ الفِتنَةِ،وهَل سَأَلتَ رَسولَ اللّهِ صلی الله علیه و آله عَنها؟-:إنَّهُ لَمّا أنزَلَ اللّهُ سُبحانَهُ قَولَهُ: «الم* أَ حَسِبَ النّاسُ أَنْ یُتْرَکُوا أَنْ یَقُولُوا آمَنّا وَ هُمْ لا یُفْتَنُونَ» ،عَلِمتُ أنَّ الفِتنَةَ لا تَنزِلُ بِنا ورَسولُ اللّهِ صلی الله علیه و آله بَینَ أظهُرِنا،فَقُلتُ:یا رَسولَ اللّهِ،ما هذِهِ الفِتنَةُ الَّتی أخبَرَکَ اللّهُ تَعالی بِها؟

فَقالَ:یا عَلِیُّ،إنَّ امَّتی سَیُفتنَونَ مِن بَعدی.

فَقُلتُ:یا رَسولَ اللّهِ،أوَلَیسَ قَد قُلتَ لی یَومَ احُدٍ حَیثُ استُشهِدَ مَنِ استُشهِدَ مِنَ المُسلِمینَ،وحِیزَت عَنِّی الشَّهادَةُ فَشَقَّ ذلِکَ عَلَیَّ،فَقُلتَ لی:أبشِر،فَإِنَّ الشَّهادَةَ مِن وَرائِکَ؟

فَقالَ لی:إنَّ ذلِکَ لَکَذلِکَ،فَکَیفَ صَبرُکَ إذَن؟،فَقُلتُ:یا رَسولَ اللّهِ،لَیسَ هذا مِن مَواطِنِ الصَّبرِ،ولکِن مِن مَواطِنِ البُشری وَالشُّکرِ.وقالَ:یا عَلِیُّ،إنَّ القَومَ سَیُفتَنونَ بِأَموالِهِم،ویَمُنّونَ بِدینِهِم عَلی رَبِّهِم،ویَتَمَنَّونَ رَحمَتَهُ،ویَأمَنونَ سَطوَتَهُ، ویَستَحِلّونُ حَرامَهُ بِالشُّبُهاتِ الکاذِبَةِ وَالأَهواءِ السّاهِیَةِ،فَیَستَحِلّونَ الخَمرَ بِالنَّبیذِ وَالسُّحتَ بِالهَدِیَّةِ،وَالرِّبا بِالبَیعِ.

قُلتُ:یا رَسولَ اللّهِ،فَبِأَیِّ المَنازِلِ انزِلُهُم عِندَ ذلِکَ؟أبِمَنزِلَةِ رِدَّةٍ،أم بِمَنزِلَةِ فِتنَةٍ؟

فَقالَ:بِمَنزِلَةِ فِتنَةٍ. (2)

ص:157


1- (1) .العنکبوت:2 و 3. [1]
2- (2) .نهج البلاغة:الخطبة 156، [2]أعلام الدین:ص 104، [3]بحار الأنوار:ج 32 ص 241 ح 191؛ [4]کنز العمّال:ج 16 ص 193 ح 44216 نقلاً عن الوکیع.

11157. عنه علیه السلام: لَمّا نَزَلَت: «الم* أَ حَسِبَ النّاسُ أَنْ یُتْرَکُوا أَنْ یَقُولُوا آمَنّا وَ هُمْ لا یُفْتَنُونَ» قُلتُ:یا رَسولَ اللّهِ،ما هذِهِ الفِتنَةُ؟قالَ:یا عَلِیُّ،إنَّکَ مُبتَلیً بِکَ،وإنَّکَ مُخاصَمٌ فَأَعِدَّ لِلخُصومَةِ. (1)

11158. مجمع البیان -فی تَفسیرِ قَولِهِ تَعالی: «قُلْ هُوَ الْقادِرُ عَلی أَنْ یَبْعَثَ عَلَیْکُمْ عَذاباً مِنْ فَوْقِکُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِکُمْ أَوْ یَلْبِسَکُمْ شِیَعاً وَ یُذِیقَ بَعْضَکُمْ بَأْسَ بَعْضٍ » (2)-:فی تَفسیرِ الکَلبِیِّ:أنَّهُ لَمّا نَزَلَت هذِهِ الآیَةُ قامَ النَّبِیُّ صلی الله علیه و آله فَتَوَضَّأَ وأَسبَغَ وُضوءَهُ،ثُمَّ قامَ وصَلّی فَأَحسَنَ صَلاتَهُ،ثُمَّ سَأَلَ اللّهَ سُبحانَهُ أن لا یَبعَثَ عَلی امَّتِهِ عَذاباً مِن فَوقِهِم ولا مِن تَحتِ أرجُلِهِم،ولا یُلبِسَهُم شِیَعاً،ولا یُذیقَ بَعضَهُم بَأسَ بَعضٍ،فَنَزَلَ جَبرَئیلُ علیه السلام فَقالَ:یا مُحَمَّدُ،إنَّ اللّهَ تَعالی سَمِعَ مَقالَتَکَ،وأَنَّهُ قَد أجارَهُم مِن خَصلَتَینِ،ولَم یُجرِهُم مِن خَصلَتَینِ؛أجارَهُم مِن أن یَبعَثَ عَلَیهِم عَذاباً مِن فَوقِهِم أو مِن تَحتِ أرجُلِهِم،ولَم یُجِرهُم مِنَ الخَصلَتَینِ الاُخرَیَینِ.

فَقالَ صلی الله علیه و آله:یا جَبرَئیلُ،ما بَقاءُ امَّتی مَعَ قَتلِ بَعضِهِم بَعضاً؟فَقامَ وعادَ إلَی الدُّعاءِ، فَنَزَلَ: «الم* أَ حَسِبَ النّاسُ أَنْ یُتْرَکُوا أَنْ یَقُولُوا آمَنّا وَ هُمْ لا یُفْتَنُونَ» الآیَتَینِ،فَقالَ:لا بُدَّ مِن فِتنَةٍ تُبتَلی بِهَا الاُمَّةُ بَعدَ نَبِیِّها؛لِیَتَبَیَّنَ الصّادِقُ مِنَ الکاذِبِ؛لِأَنَّ الوَحیَ انقَطَعَ، وبَقِیَ السَّیفُ وَافتِراقُ الکَلِمَةِ إلی یَومِ القِیامَةٍ. (3)

ص:158


1- (1) .تأویل الآیات الظاهرة:ج 1 ص 427 ح 2 عن عبد اللّه بن الحسین عن أبیه عن جدّه عن الإمام الحسین علیه السلام،المناقب لابن شهرآشوب:ج 3 ص 203 [1] عن الإمام الحسین عنه علیهما السلام وفیه«مبتلی ومبتلیً بک»بدل«مبتلیً بک»،بحار الأنوار:ج 24 ص 228 ح 26؛ [2]شواهد التنزیل:ج 1 ص 565 ح 602 [3] عن عبید اللّه بن الحسین عن أبیه عن جدّه عن الإمام الحسین عنه علیهما السلام وفیه«مبتلی ومبتلی بک»بدل«مبتلیً بک»ولیس فیه ذیله.
2- (2) .الأنعام:65. [4]
3- (3) .مجمع البیان:ج 4 ص 487،بحار الأنوار:ج 9 ص 88. [5]

11159. الإمام زین العابدین علیه السلام: قَدِ انتَحَلَت طَوائِفُ مِن هذِهِ الاُمَّةِ-بَعدَ مُفارَقَتِها أئِمَّةَ الدّینِ وَالشَّجَرَةَ النَّبَوِیَّةَ-إخلاصَ الدِّیانَةِ،وأَخَذوا أنفُسَهُم فی مَخایِلِ (1)الرَّهبانِیَّةِ،وتَغالَوا فِی العُلومِ،ووَصَفُوا الإِسلامَ بِأَحسَنِ صِفاتِهِم،وتَحَلَّوا بِأَحسَنِ السُّنَّةِ،حَتّی إذا طالَ عَلَیهِمُ الأَمَدُ وبَعُدَت عَلَیهِمُ الشُّقَّةُ،وَامتُحِنوا بِمِحَنِ الصّادِقینَ،رَجَعوا عَلی أعقابِهِم ناکِصینَ عَن سَبیلِ الهُدی وعَلَمِ النَّجاةِ،یَتَفَسَّحونَ تَحتَ أعباءِ الدِّیانَةِ،تَفَسُّحَ حاشِیَةِ الإِبِلِ تَحتَ أوراقِ البُزَّلِ (2). (3)

11160. الإمام علیّ علیه السلام -مِن خُطبَةٍ لَهُ لَمّا بویِعَ بَعدَ مَقتَلِ عُثمانَ-:ألا إن بَلِیَّتَکُم قَد عادَت کَهَیئَتِها یَومَ بَعَثَ اللّهُ نَبِیَّهُ صلی الله علیه و آله،وَالَّذی بَعَثَهُ بِالحَقِّ لَتُبَلبَلُنَّ بَلبَلَةً (4)،ولَتُغَربَلُنَّ غَربَلَةً، حَتّی یَعودَ أسفَلُکُم أعلاکُم وأَعلاکُم أسفَلَکُم،ولَیَسبِقَنَّ سَبّاقونَ کانوا قَصَّروا، وَلَیُقَصِّرَنَّ سَبّاقونَ کَانوا سَبَقوا،وَاللّهِ ما کَتَمتُ وَسمَةً،ولا کَذَبتُ کَذِبَةً،ولَقَد نُبِّئتُ بِهذَا المَقامِ وهذَا الیَومِ. (5)

ص:159


1- (1) .المخایل:جمع المخیلة؛وهی ما یوقع فی الخیال،یعنی به الإمارات (مجمع البحرین:ج 1 ص 722«خیل»).
2- (2) .قال العلّامة المجلسی قدس سره:الحاشیة:صِغار الإبل.والأوراق:جمع أورق؛وهو من الإبل ما فی لونه بیاض إلی سواد.والبُزَّل-کرُکَّع-:جمع بازل؛وهو جمل أو ناقة طلع نابُهما و ذلک فی السنة التاسعة.والحاصل:أنّه شبّه علیه السلام ضَعفهم عن إقامة السنن ونفورهم عنها لألفهم بالبدع بناقةٍ صغیرة ضرب علیها فحل قویّ بازل لا تطیقه فتمتنع منه.والأصوب أنّه«أرواق»کما فی بعض النسخ؛أی الأحمال الثقیلة تُحمل علی الإبل الکاملة القویّة،فإنّ صغار الإبل لا تطیقها (بحار الأنوار:ج 27 ص 194). [1]
3- (3) .کشف الغمّة:ج 2 ص 310، [2]بحار الأنوار:ج 27 ص 193 ح 52. [3]
4- (4) .البَلبَلة:جمعها البلابل؛وهی الهموم والأحزان ( راجع:النهایة:ج 1 ص 150« [4]بلبل»).
5- (5) .الکافی:ج 1 ص 369 ح 1 و ج 8 ص 67 ح 23، [5]الغیبة للنعمانی:ص 201 ح 1 [6] کلّها عن یعقوب السرّاج وعلی بن رئاب عن الإمام الصادق علیه السلام،نهج البلاغة:الخطبة 16، [7]المسترشد:ص 404 ح 137 کلّها نحوه،بحار الأنوار:ج 5 ص 218 ح 12. [8]

21/1 ابتِلاءُ المُسلِمینَ بِمَحَبَّةِ أهلِ البَیتِ

11161. تفسیر الثعلبی عن جابر بن عبد اللّه الأنصاری: أتَینا رَسولَ اللّهِ صلی الله علیه و آله یَوماً فی مَسجِدِ المَدینَةِ،فَذَکَرَ بَعضُ أصحابِهِ الجَنَّةَ...فَقالَ عَلِیٌّ علیه السلام:الحَمدُ للّهِ ِ الَّذی هَدانا بِکَ، وکَرَّمَنا وشَرَّفَنا.

فَقالَ لَهُ النَّبِیُّ صلی الله علیه و آله:یا عَلِیُّ،أما عَلِمتَ أنَّ مَن أحَبَّنا وَانتَحَلَ مَحَبَّتَنا أسکَنَهُ اللّهُ تَعالی مَعَنا؟وتَلا هذِهِ الآیة: «فِی مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِیکٍ مُقْتَدِرٍ» (1). (2)

11162. رسول اللّه صلی الله علیه و آله -لِعَلِیٍّ-:یا عَلِیُّ،أنتَ أوَّلُ هذِهِ الاُمَّةِ إیماناً بِاللّهِ ورَسولِهِ،وأَوَّلُهُم هِجرَةً إلَی اللّهِ ورَسولِهِ،وآخِرُهُم عَهداً بِرَسولِهِ،لا یُحِبُّکَ-وَالَّذی نَفسی بِیَدِهِ-إلّا مُؤمِنٌ قَدِ امتَحَنَ اللّهُ قَلبَهُ لِلإِیمانِ،ولا یُبغِضُکَ إلّامُنافِقٌ أو کافِرٌ. (3)

11163. الإمام علیّ علیه السلام: إنَّ اللّهَ-تَبارَکَ اسمُهُ-امتَحَنَ بی عِبادَهُ. (4)

11164. عنه علیه السلام: أما إنَّهُ لَیسَ عَبدٌ مِن عِبادِ اللّهِ مِمَّنِ امتَحَنَ اللّهُ قَلبَهُ لِلإِیمانِ،إلّاوهُوَ یَجِدُ مَوَدَّتَنا عَلی قَلبِهِ فَهُوَ یُحِبُّنا. (5)

ص:160


1- (1) .القمر:55. [1]
2- (2) .تفسیر الثعلبی:ج 9 ص 174، [2]شواهد التنزیل:ج 2 ص 470 ح 1141، [3]الفردوس:ج 5 ص 377 ح 8484 نحوه،کنزالعمّال:ج 12 ص 422 ح 35474؛الفضائل:ص 104، [4]تأویل الآیات الظاهرة:ج 2 ص 630 ح 2 کلاهما نحوه،بحار الأنوار:ج 27 ص 130 ح 120 [5] نقلاً عن کتاب المحتضر للحسن بن سلیمان.
3- (3) .الأمالی للطوسی:ص 472 ح 1031 [6] عن ابن أبی رافع،کشف الغمّة:ج 2 ص 33 [7] عن هند بن أبی هالة،المناقب لابن شهرآشوب:ج 1 ص 184، [8]تأویل الآیات الظاهرة:ج 1 ص 127 ح 46،بحار الأنوار:ج 19 ص 67 ح 18. [9]
4- (4) .الکافی:ج 8 ص 26 ح 4 [10] عن جابر بن یزید عن الإمام الباقر علیه السلام.
5- (5) .الأمالی للمفید:ص 271 ح 2،الأمالی للطوسی:ص 34 ح 34 [11] کلاهما عن الحارث الأعور ū و ص 148 ح 243 عن میثم التمّار،بشارة المصطفی:ص 48 [12] عن الحارث الأعور،شرح الأخبار:ج 3 ص 499 ح 1430 عن أبی الجارود عن الإمام الباقر عنه علیهما السلام والثلاثة الأخیرة نحوه،بحار الأنوار:ج 27 ص 80 ح 19. [13]

22/1 ابتِلاءُ المُؤمِنینَ فی آخِرِ الزَّمانِ

11165. الإمام علیّ علیه السلام: أما إنَّهُ سَیَأتی عَلَی النّاسِ زَمانٌ یَکونُ الحَقُّ فیهِ مَستوراً،وَالباطِلُ ظاهِراً مَشهوراً؛وذلِکَ إذا کانَ أولَی النّاسِ بِهِم أعداهُم لَهُ،وَاقتَرَبَ الوَعدُ الحَقُّ، وعَظُمَ الإِلحادُ،وظَهَرَ الفَسادُ «هُنالِکَ ابْتُلِیَ الْمُؤْمِنُونَ وَ زُلْزِلُوا زِلْزالاً شَدِیداً» (1)،ونَحَلَهُمُ الکُفّارُ أسماءَ الأَشرارِ،فَیَکونُ جُهدُ المُؤمِنِ أن یَحفَظَ مُهجَتَهُ مِن أقرَبِ النّاسِ إلَیهِ، ثُمَّ یُتیحُ اللّهُ الفَرَجَ لِأَولِیائِهِ،ویُظهِرُ صاحِبَ الأَمرِ عَلی أعدائِهِ. (2)

11166. الإمام الباقر علیه السلام: وَاللّهِ ! لَتُمَحَّصُنَّ (3)یا مَعشَرَ الشّیعَةِ-شیعَةَ آلِ مُحَمَّدٍ-کَمَخیضِ (4)الکُحلِ فِی العَینِ؛لِأَنَّ صاحِبَ الکُحلِ یَعلَمُ مَتی یَقَعُ فِی العَینِ ولا یَعلَمُ مَتی یَذهَبُ، فَیُصبِحُ أحَدُکُم وهُوَ یَری أنَّهُ عَلی شَریعَةٍ مِن أمرِنا فَیُمسی وقَد خَرَجَ مِنها،ویُمسی وهُوَ عَلی شَریعَةٍ مِن أمرِنا فَیُصبِحُ وقَد خَرَجَ مِنها. (5)

11167. عنه علیه السلام: إنَّما مَثَلُ شیعَتِنا مَثَلُ أندَرٍ-یَعنی بَیدَراً (6)فیهِ طَعامٌ-فَأَصابَهُ آکِلٌ فَنُقِّیَ،ثُمَّ أصابَهُ آکِلٌ فَنُقِّیَ،حَتّی بَقِیَ مِنهُ ما لا یَضُرُّهُ الآکِلُ؛وکَذلِکَ شیعَتُنا یُمَیَّزونَ

ص:161


1- (1) .الأحزاب:11. [1]
2- (2) .الاحتجاج:ج 1 ص 590 ح 137، [2]بحار الأنوار:ج 93 ص 116 ح 1. [3]
3- (3) .یُمَحّصون:أی یُختَبرون کما یُختَبَرُ الذهب (النهایة:ج 4 ص 302« [4]محص»).
4- (4) .المَخیضُ:اللبن الذی مُخِّضَ واُخذ زبده (مجمع البحرین:ج 3 ص 1678«مخض»).فلعلّه شبّه مایبقی من الکحل فی العین باللبن الذی یُمخّض؛لأنّها تقذفه شیئاً فشیئاً.
5- (5) .الغیبة للطوسی:ص 339 ح 288،الغیبة للنعمانی:ص 206 ح 12، [5]بحار الأنوار:ج 52 ص 101 ح 2. [6]
6- (6) .البیدر:الموضع الذی یُداس فیه الطعام (الصحاح:ج 2 ص 587« [7]بدر»).

ویُمَحَّصونَ حَتّی تَبقی مِنهُم عِصابَةٌ لا تَضُرُّهَا الفِتنَةُ. (1)

11168. عنه علیه السلام: وَاللّهِ لَتُمَیَّزُنَّ،وَاللّهِ لَتُمَحَّصُنَّ،وَاللّهِ لَتُغَربَلُنَّ کَما یُغرَبَلُ الزُّؤانُ (2)مِنَ القَمحِ. (3)

11169. الإمام الصادق علیه السلام: وَاللّهِ لَتُکسَرُنَّ کَسرَ الزُّجاجِ،وإنَّ الزُّجاجَ یُعادُ فَیَعودُ کَما کانَ،وَاللّهِ لَتُکسَرُنَّ کَسرَ الفَخّارِ،وإنَّ الفَخّارَ لا یَعودُ کَما کانَ،وَاللّهِ لَتُمَیَّزُنَّ،وَاللّهِ لَتُمَحَّصُنَّ، وَاللّهِ لَتُغَربَلُنَّ کَما یُغَربَلُ الزُّؤانُ مِنَ القَمحِ. (4)

11170. عنه علیه السلام: وَاللّهِ لَتُمَحَّصُنَّ،وَاللّهِ لَتُمَیَّزُنَّ،وَاللّهِ لَتُغَربَلُنَّ حَتّی لا یَبقی مِنکُم إلَّا الأَندَرُ.

قُلتُ:ومَا الأَندَرُ؟قالَ:البَیدرُ؛وهُوَ أن یُدخِلَ الرَّجُلُ فیهِ الطَّعامَ،یُطَیِّنُ عَلَیهِ ثُمَّ یُخرِجُهُ قَد أکَلَ بَعضُهُ بَعضاً،فَلا یَزالُ یُنَقّیهِ،ثُمَّ یُکِنُّ عَلَیهِ ثُمَّ یُخرِجُهُ،حَتّی یَفعَلَ ذلِکَ ثَلاثَ مَرّاتٍ،حَتّی یَبقی ما لا یَضُرُّهُ شَیءٌ. (5)

11171. کمال الدین عن محمّد بن مسلم: سَمِعتُ أبا عَبدِ اللّهِ علیه السلام یَقولُ:إنَّ قُدّامَ القائِمِ عَلاماتٌ تَکونُ مِنَ اللّهِ عز و جل لِلمُؤمِنینَ،قُلتُ:وما هِیَ جَعَلَنِیَ اللّهُ فِداکَ؟

قالَ:ذلِکَ قَولُ اللّهِ عز و جل: «وَ لَنَبْلُوَنَّکُمْ» یَعنِی المُؤمِنینَ قَبلَ خُروجِ القائِمِ علیه السلام «بِشَیْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَ الْجُوعِ وَ نَقْصٍ مِنَ الْأَمْوالِ وَ الْأَنْفُسِ وَ الثَّمَراتِ وَ بَشِّرِ الصّابِرِینَ» (6)؛قالَ:

ص:162


1- (1) .الغیبة للنعمانی:ص 211 ح 18 [1]عن أبی بصیر،بحار الأنوار:ج 52 ص 116 ح 38. [2]
2- (2) .الزؤان:حَبٌّ یکون فی الحنطة تُسمّیه أهل الشام«الشیلم»(لسان العرب:ج 13 ص 200« [3]زون»).
3- (3) .الغیبة للنعمانی:ص 205 ح 8 [4]عن أبی بصیر،بحار الأنوار:ج 52 ص 114 ح 32. [5]
4- (4) .الغیبة للطوسی:ص 340 ح 289 عن الربیع بن محمّد المُسلی،الغیبة للنعمانی:ص 207 ح 13 [6] عن مِهزَم بن أبی بردة الأسدی نحوه،بحار الأنوار:ج 52 ص 101 ح 3. [7]
5- (5) .تفسیر العیّاشی:ج 1 ص 199 ح 146، [8]بحار الأنوار:ج 5 ص 216 ح 1. [9]
6- (6) .البقرة:155. [10]

یَبلوهُم بِشَیءٍ مِنَ الخَوفِ مِن مُلوکِ بَنی فُلانٍ فی آخِرِ سُلطانِهِم، «وَ الْجُوعِ» بِغَلاءِ أسعارِهِم، «وَ نَقْصٍ مِنَ الْأَمْوالِ» ؛قالَ:کَسادُ التِّجاراتِ وقِلَّةُ الفَضلِ، «وَ» نَقصٍ مِنَ «اَلْأَنْفُسِ» ؛قالَ:مَوتٌ ذَریعٌ، «وَ» نَقصٍ مِنَ «اَلثَّمَراتِ» ؛قالَ:قِلَّةُ رَیعِ ما یُزرَعُ، «وَ بَشِّرِ الصّابِرِینَ» عِندَ ذلِکَ بِتَعجیلِ خُروجِ القائِمِ علیه السلام.

ثُمَّ قالَ لی:یا مُحَمَّدُ،هذا تَأویلُهُ،إنَّ اللّهَ تَعالی یَقولُ: «وَ ما یَعْلَمُ تَأْوِیلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَ الرّاسِخُونَ فِی الْعِلْمِ» (1). (2)

11172. الکافی عن ابن أبی یعفور: سَمِعتُ أبا عَبدِ اللّهِ علیه السلام یَقولُ:وَیلٌ لِطُغاةِ العَرَبِ مِن أمرٍ قَدِ اقتَرَبَ،قُلتُ:جُعِلتُ فِداکَ،کَم مَعَ القائِمِ مِنَ العَرَبِ؟قالَ:نَفَرٌ یَسیرٌ،قُلتُ:وَاللّهِ إنَّ مَن یَصِفُ هذَا الأَمرَ مِنهُم لَکَثیرٌ !

قالَ:لابُدَّ لِلنّاسِ مِن أن یُمَحَّصوا ویُمَیَّزوا ویُغَربَلوا،ویُستَخرَجُ فِی الغَربالِ خَلقٌ کَثیرٌ. (3)

11173. قرب الإسناد عن أحمد بن محمّد بن أبی نصر عن الإمام الرضا علیه السلام: کانَ جَعفَرٌ علیه السلام یَقولُ:وَاللّهِ لا یَکونُ الَّذی تَمُدّونَ إلَیهِ أعناقَکُم حَتّی تُمَیَّزونَ وتُمَحَّصونَ،ثُمَّ یَذهَبُ مِن کُلِّ عَشَرَةٍ شَیءٌ،ولا یَبقی مِنکُم إلّانَزرٌ.

ثُمَّ تَلا هذِهِ الآیَةَ: «أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَ لَمّا یَعْلَمِ اللّهُ الَّذِینَ جاهَدُوا مِنْکُمْ وَ یَعْلَمَ

ص:163


1- (1) .آل عمران:7. [1]
2- (2) .کمال الدین:ص 649 ح 3، [2]الإرشاد:ج 2 ص 377 و [3]لیس فیه ذیله،الغیبة للنعمانی:ص 250 ح 5، [4]دلائل الإمامة:ص 483 ح 478،إعلام الوری:ج 2 ص 280 [5] کلّها نحوه،بحار الأنوار:ج 52 ص 202 ح 28. [6]
3- (3) .الکافی:ج 1 ص 370 ح 2، [7]العدد القویة:ص 74 ح 123، [8]الغیبة للنعمانی:ص 204 ح 6 [9] عن أبی بصیر و لیس فیه صدره إلی«جعلت فداک»و ح 7،دلائل الإمامة:ص 456 ح 436،بحار الأنوار:ج 52 ص 114 ح 31. [10]

اَلصّابِرِینَ» (1). (2)

11174. الإمام الصادق علیه السلام: إیّاکُم وَالتَّنویهَ (3)،أما وَاللّهِ لَیَغیبَنَّ إمامُکُم سِنیناً مِن دَهرِکُم، ولَتُمَحَّصُنَّ حَتّی یُقالَ:ماتَ،قُتِلَ،هَلَکَ،بِأَیِّ وادٍ سَلَکَ؟ولَتَدمَعَنَّ عَلَیهِ عُیونُ المُؤمِنینَ،ولَتُکفَؤُنَّ کَما تُکفَأُ السُّفُنُ فی أمواجِ البَحرِ،فَلا یَنجو إلّامَن أخَذَ اللّهُ میثاقَهُ،وکَتَبَ فی قَلبِهِ الإِیمانَ،وأَیَّدَهُ بِروحٍ مِنهُ. (4)

11175. عنه علیه السلام -فی غَیبَةِ القائِمِ علیه السلام-:إنَّ اللّهَ عز و جل یُحِبُّ أن یَمتَحِنَ الشّیعَةَ،فَعِندَ ذلِکَ یَرتابُ المُبطِلونَ. (5)

11176. الکافی عن منصور الصیقل: کُنتُ أنَا وَالحارِثُ بنُ المُغیرَةِ وجَماعَةٌ مِن أصحابِنا جُلوساً وأَبو عَبدِ اللّهِ علیه السلام یَسمَعُ کَلامَنا،فَقالَ لَنا:

فی أیِّ شَیءٍ أنتُم؟هَیهاتَ،هَیهاتَ ! لا وَاللّهِ لا یَکونُ ما تَمُدّونَ إلَیهِ أعیُنَکُم حَتّی تُغَربَلوا،لا وَاللّهِ لا یَکونُ ما تَمُدّونَ إلَیهِ أعیُنَکُم حَتّی تُمَحَّصوا،لا وَاللّهِ لا یَکونُ ما تَمُدّونَ إلَیهِ أعیُنَکُم حَتّی تُمَیَّزوا،لا وَاللّهِ ما یَکونُ ما تَمُدّونَ إلَیهِ أعیُنَکُم إلّابَعدَ إیاسٍ،لا وَاللّهِ لا یَکونُ ما تَمُدّونَ إلَیهِ أعیُنَکُم حَتّی یَشقی مَن

ص:164


1- (1) .آل عمران:142. [1]
2- (2) .قرب الإسناد:ص 369 ح 1321، [2]الغیبة للطوسی:ص 336 ح 283، [3]الخرائج والجرائح:ج 3 ص 1170 نحوه ولیس فیه ذیله،بحار الأنوار:ج 52 ص 113 ح 24. [4]
3- (3) .لعلّ المراد تنویه أمره وغیبته وتشهیرها عند المخالفین (شرح اصول الکافی للمازندرانی:ج 6ص 251 ).
4- (4) .الکافی:ج 1 ص 336 ح 3، [5]الغیبة للطوسی:ص 337 ح 285،کمال الدین:ص 347 ح 35 [6] ولیس فیه«قتل»وکلّها عن المفضّل بن عمر،بحار الأنوار:ج 52 ص 281 ح 9. [7]
5- (5) .الکافی:ج 1 ص 337 ح 5، [8]کمال الدین:ص 342 ح 24 و ص 346 ح 32 [9] وفیه«خلقه»بدل«الشیعة»،الغیبة للطوسی:ص 334 ح 279 وکلّها عن زرارة،بحار الأنوار:ج 52 ص 146 ح 70. [10]

یَشقی ویَسعَدَ مَن یَسعَدُ. (1)

11177. الإمام الکاظم علیه السلام: إذا فُقِدَ الخامِسُ مِن وُلدِ السّابِعِ (2)،فَاللّهَ اللّهَ فی أدیانِکُم لا یُزیلُکُم عَنها أحَدٌ.یا بُنَیَّ ! إنَّهُ لا بُدَّ لِصاحِبِ هذَا الأَمرِ مِن غَیبَةٍ،حَتّی یَرجِعَ عَن هذَا الأَمرِ مَن کانَ یَقولُ بِهِ،إنَّما هِیَ مِحنَةٌ مِنَ اللّهِ عز و جل امتَحَنَ بِها خَلقَهُ. (3)

ص:165


1- (1) .الکافی:ج 1 ص 370 ح 6، [1]الغیبة للطوسی:ص 335 ح 281،الغیبة للنعمانی:ص 209 ح 16 [2] کلاهما نحوه،بحار الأنوار:ج 52 ص 112 ح 23. [3]
2- (2) .السابع موسی بن جعفر علیه السلام،والخامس هو الصاحب المنتظر (شرح اصول الکافی للمازندرانی:ج 6ص 249 ).
3- (3) .الکافی:ج 1 ص 336 ح 2، [4]کمال الدین:ص 359 ح 1، [5]الغیبة للطوسی:ص 166 ح 128 ولیس فیه«لا یزیلکم عنها أحد»وکلّها عن علیّ بن جعفر،بحار الأنوار:ج 51 ص 150 ح 1. [6]

ص:166

الفصل الثانی:حکمة البلاء

1/2 ظُهورُ الإِیمانِ و قُوَّتِهِ

الکتاب

«أَ حَسِبَ النّاسُ أَنْ یُتْرَکُوا أَنْ یَقُولُوا آمَنّا وَ هُمْ لا یُفْتَنُونَ* وَ لَقَدْ فَتَنَّا الَّذِینَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَیَعْلَمَنَّ اللّهُ الَّذِینَ صَدَقُوا وَ لَیَعْلَمَنَّ الْکاذِبِینَ» . (1)

«إِنْ یَمْسَسْکُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَ تِلْکَ الْأَیّامُ نُداوِلُها بَیْنَ النّاسِ وَ لِیَعْلَمَ اللّهُ الَّذِینَ آمَنُوا وَ یَتَّخِذَ مِنْکُمْ شُهَداءَ وَ اللّهُ لا یُحِبُّ الظّالِمِینَ* وَ لِیُمَحِّصَ اللّهُ الَّذِینَ آمَنُوا وَ یَمْحَقَ الْکافِرِینَ* أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَ لَمّا یَعْلَمِ اللّهُ الَّذِینَ جاهَدُوا مِنْکُمْ وَ یَعْلَمَ الصّابِرِینَ» . (2)

«یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا لَیَبْلُوَنَّکُمُ اللّهُ بِشَیْءٍ مِنَ الصَّیْدِ تَنالُهُ أَیْدِیکُمْ وَ رِماحُکُمْ لِیَعْلَمَ اللّهُ مَنْ یَخافُهُ بِالْغَیْبِ فَمَنِ اعْتَدی بَعْدَ ذلِکَ فَلَهُ عَذابٌ أَلِیمٌ » (3). (4)

ص:167


1- (1) .العنکبوت:2 و 3. [1]
2- (2) .آل عمران:140-142. [2]
3- (3) .المائدة:94. [3]
4- (4) .قوله تعالی: «لَیَبْلُوَنَّکُمُ اللّهُ بِشَیْءٍ مِنَ الصَّیْدِ» :قال البیضاوی:نزلت عام الحدیبیة؛ابتلاهم اللّه بالصید،وکانت الوحوش تغشاهم فی رحابهم بحیث یتمکّنون من صیدها أخذاً بأیدیهم وطعناً برماحهم وهم مُحرِمون،والتقلیل والتحقیر فی«بِشَیْءٍ»للتنبیه علی أنّه لیس من العظائم التی تدحض الأقدام کالابتلاء ببذل الأنفس والأموال،فمن لم یثبت عنده کیف یثبت عند ما هو أشدّ منه؟«لِیَعْلَمَ اللَّهُ مَن یَخَافُهُ و بِالْغَیْبِ»لیتمیّز الخائف من عقابه وهو غائب منتظر لقوّة إیمانه،ممّن لا یخافه لضعف قلبه وقلّة إیمانه،فذکر العلم وأراد وقوع المعلوم وظهوره،أو تعلّق العلم«فَمَنِ اعْتَدَی بَعْدَ ذَ لِکَ»بعد ذلک الابتلاء بالصید (بحار الأنوار:ج 20 ص 323، [4]وراجع:تفسیر الفخر الرازی:ج 12 ص 91 [5] وتفسیر الثعلبی:ج 4 ص 108). [6]

الحدیث

11178. رسول اللّه صلی الله علیه و آله -فی قَولِهِ تَعالی: «وَ هُمْ لا یُفْتَنُونَ» -:لابُدَّ مِن فِتنَةٍ تُبتَلی بِهَا الاُمَّةُ بَعدَ نَبِیِّها، لِیَتَبَیَّنَ الصّادِقُ مِنَ الکاذِبِ؛لِأَنَّ الوَحیَ انقَطَعَ وبَقِیَ السَّیفُ وَافتِراقُ الکَلِمَةِ إلی یَومِ القِیامَةِ. (1)

11179. الکافی عن الحلبی: سَأَلتُ أبا عَبدِ اللّهِ علیه السلام عَن قَولِ اللّهِ عز و جل: «یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا لَیَبْلُوَنَّکُمُ اللّهُ بِشَیْءٍ مِنَ الصَّیْدِ تَنالُهُ أَیْدِیکُمْ وَ رِماحُکُمْ» ،قالَ:حُشِرَ عَلَیهِمُ الصَّیدُ فی کُلِّ مَکانٍ حَتّی دَنا مِنهُم؛لِیَبلُوَهُمُ اللّهُ بِهِ. (2)

11180. الإمام الصادق علیه السلام -فی قَولِ اللّهِ عز و جل: «لَیَبْلُوَنَّکُمُ اللّهُ بِشَیْءٍ مِنَ الصَّیْدِ تَنالُهُ أَیْدِیکُمْ وَ رِماحُکُمْ» -:حُشِرَ لِرَسولِ اللّهِ صلی الله علیه و آله الوُحوشُ حَتّی نالَتها أیدیهِم ورِماحُهُم فی عُمرَةِ الحُدَیبِیَةِ؛ لِیَبلُوَهُمُ اللّهُ بِهِ. (3)

11181. الإمام علیّ علیه السلام: لَو أرادَ اللّهُ جَلَّ ثَناؤُهُ بِأَنبِیائِهِ-حَیثُ بَعَثَهُم-أن یَفتَحَ لَهُم کُنوزَ الذِّهبانِ ومَعادِنَ العِقیانِ (4)ومَغارِسَ الجِنانِ،وأَن یَحشُرَ طَیرَ السَّماءِ ووَحشَ

ص:168


1- (1) .مجمع البیان:ج 4 ص 487،بحار الأنوار:ج 67 ص 41. [1]
2- (2) .الکافی:ج 4 ص 396 ح 2، [2]تهذیب الأحکام:ج 5 ص 301 ح 1022،علل الشرائع:ج 2 ص 456، [3]بحار الأنوار:ج 20 ص 347 ح 2. [4]
3- (3) .تفسیر العیّاشی:ج 1 ص 343 ح 193 [5]عن معاویة بن عمّار،بحار الأنوار:ج 99 ص 156 ح 41. [6]
4- (4) .العِقیانُ:الذهب الخالص (مجمع البحرین:ج 2 ص 1252«عقی»).

الأَرضِ مَعَهُم لَفَعَلَ،ولَو فَعَلَ لَسَقَطَ البَلاءُ،وبَطَلَ الجَزاءُ،وَاضمَحَلَّتِ الأَنباءُ،ولَما وَجَبَ لِلقائِلینَ اجورُ المُبتَلَینَ،ولا لَحِقَ المُؤمِنینَ ثَوابُ المُحسِنینَ،ولا لَزِمَتِ الأَسماءُ أهالِیَها عَلی مَعنیً مُبینٍ،ولِذلِکَ لَو أنزَلَ اللّهُ مِنَ السَّماءِ آیَةً فَظَلَّت أعناقُهُم لَها خاضِعینَ (1)،ولَو فَعَلَ لَسَقَطَ البَلوی عَنِ النّاسِ أجمَعینَ. (2)

11182. الإمام الباقر علیه السلام: إنَّ مَلَکَینِ هَبَطا مِنَ السَّماءِ فَالتَقَیا فِی الهَواءِ،فَقالَ أحَدُهُما لِصاحِبِهِ:

فیمَ هَبَطَتَ؟قالَ:بَعَثَنِیَ اللّهُ إلی بَحرِ أیلَةَ،أحُشُّ (3)سَمَکَةً إلی جَبّارٍ مِنَ الجَبابِرَةِ تَشَهّی عَلَیهِ سَمَکَةً فی ذلِکَ البَحرِ،فَأَمَرَنی أن أحُشَّ إلَی الصَّیّادِ سَمَکَ ذلِکَ البَحرِ، حَتّی یَأخُذَها لَهُ؛لِیُبَلِّغَ اللّهُ بِالکافِرِ غایَةَ مُناهُ فی کُفرِهِ.

وقالَ الآخَرُ:فَفَیم بُعِثتَ أنتَ؟قالَ:بَعَثَنِیَ اللّهُ فی أعجَبَ مِنَ الَّذی بَعَثَکَ فیهِ ! بَعَثَنی إلی عَبدِهِ المُؤمِنِ الصّائِمِ القائِمِ المُجتَهِدِ،المَعروفِ دُعاؤُهُ وصَلاتُهُ فِی السَّماءِ، لِاُکفِیَ قِدرَهُ الَّتی طَبَخَها لِإِفطارِهِ؛لِیُبَلِّغَ اللّهُ بِالمُؤمِنِ الغایَةَ فِی اختِبارِ إیمانِهِ. (4)

11183. الإمام الصادق علیه السلام: البَلاءُ زَینُ المُؤمِنِ،وکَرامَةٌ لِمَن عَقَلَ؛لِأَنَّ فی مُباشَرَتِهِ وَالصَّبرِ عَلَیهِ وَالثَّباتِ عِندَهُ تَصحیحَ نِسبَةِ الإِیمانِ. (5)

11184. الإمام علیّ علیه السلام: لا یَکمُلُ إیمانُ المُؤمِنِ حَتّی یَعُدَّ الرَّخاءَ فِتنَةً وَالبَلاءَ نِعمَةً. (6)

ص:169


1- (1) .من قوله تعالی:«إِن نَّشَأْ نُنَزِّلْ عَلَیْهِم مِّنَ السَّمَآءِ ءَایَةً فَظَلَّتْ أَعْنَقُهُمْ لَهَا خَضِعِینَ»(الشعراء:4). [1]
2- (2) .الکافی:ج 4 ص 198 ح 2، [2]نهج البلاغة:الخطبة 193 [3] نحوه،بحار الأنوار:ج 13 ص 141. [4]
3- (3) .حَشَشتُهُ:طَلَبتُهُ وجَمعتُهُ (لسان العرب:ج 6 ص 283«حشش»).
4- (4) .مشکاة الأنوار:ص 501 ح 1679، [5]بحار الأنوار:ج 67 ص 229 ح 40. [6]
5- (5) .مسکّن الفؤاد:ص 58،مصباح الشریعة:ص 486، [7]بحار الأنوار:ج 67 ص 231 ح 47. [8]
6- (6) .غرر الحکم:ج 6 ص 408 ح 10811، [9]عیون الحکم والمواعظ:ص 542 ح 10060.

2/2 ظُهورُ التَّقوی وَالطّاعَةِ

الکتاب

«أُولئِکَ الَّذِینَ امْتَحَنَ اللّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوی» . (1)

«لَتُبْلَوُنَّ فِی أَمْوالِکُمْ وَ أَنْفُسِکُمْ وَ لَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِینَ أُوتُوا الْکِتابَ مِنْ قَبْلِکُمْ وَ مِنَ الَّذِینَ أَشْرَکُوا أَذیً کَثِیراً وَ إِنْ تَصْبِرُوا وَ تَتَّقُوا فَإِنَّ ذلِکَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ» . (2)

الحدیث

11185. الإمام الرضا علیه السلام -فی جَوابِ مَسائِلِ مُحَمَّدِ بنِ سِنانٍ-:إنَّ عِلَّةَ الزَّکاةِ مِن أجلِ قوتِ الفُقَراءِ،وتَحصینِ أموالِ الأَغنِیاءِ؛لِأَنَّ اللّهَ عز و جل کَلَّفَ أهلَ الصِّحَّةِ القِیامَ بِشَأنِ أهلِ الزَّمانَةِ (3)وَالبَلوی،کَما قالَ اللّهُ تَبارَکَ وتَعالی: «لَتُبْلَوُنَّ فِی أَمْوالِکُمْ وَ أَنْفُسِکُمْ» ؛فی أموالِکُم إخراجُ الزَّکاةِ،وفی أنفُسَکُم تَوطینُ الأَنفُسِ عَلَی الصَّبرِ،مَعَ ما فی ذلِکَ مِن أداءِ شُکرِ نِعَمِ اللّهِ عز و جل وَالطَّمَعِ فِی الزِّیادَةِ،مَعَ ما فیهِ مِنَ الزِّیادَةِ وَالرَّأفَةِ وَالرَّحمَةِ لِأَهلِ الضَّعفِ وَالعَطفِ عَلی أهلِ المَسکَنَةِ،وَالحَثِّ لَهُم عَلَی المُواساةِ،وتَقوِیَةِ الفُقَراءِ،وَالمَعونَةِ لَهُم عَلی أمرِ الدّینِ.

وهُوَ عِظَةٌ لِأَهلِ الغِنی وعِبرَةٌ لَهُم؛لِیَستَدِلّوا عَلی فُقَراءِ الآخِرَةِ بِهِم،وما لَهُم مِنَ الحَثِّ فی ذلِکَ عَلَی الشُّکرِ للّهِ ِ-تَبارَکَ وتَعالی-لِما خَوَّلَهُم وأَعطاهُم،وَالدُّعاءِ وَالتَّضَرُّعِ وَالخَوفِ مِن أن یَصیروا مِثلَهُم فی امورٍ کَثیرَةٍ فی أداءِ الزَّکاةِ وَالصَّدَقاتِ،وصِلَةِ الأَرحامِ،وَاصطِناعِ المَعروفِ. (4)

ص:170


1- (1) .الحجرات:3. [1]
2- (2) .آل عمران:186. [2]
3- (3) .الزمانة:العاهة،أو مَرَضٌ یدوم زماناً طویلاً (مجمع البحرین:ج 2 ص 782« [3]زمن»).
4- (4) .کتاب من لا یحضره الفقیه:ج 2 ص 8 ح 1580،عیون أخبار الرضا علیه السلام:ج 2 ص 89، [4]علل الشرائع:ص 369 ح 3، [5]بحار الأنوار:ج 96 ص 18 ح 38. [6]

11186. الإمام الباقر علیه السلام: وَجَدنا فی کِتابِ أمیرِ المُؤمِنینَ علیه السلام أنَّ قَوماً مِن أهلِ أیلَةَ مِن قَومِ ثَمودَ،وأَنَّ الحیتانَ کانَت سَبَقَت إلَیهِم یَومَ السَّبتِ؛لِیَختَبِرَ اللّهُ طاعَتَهُم فی ذلِکَ، فَشَرَعَت لَهُم یَومَ سَبتِهِم فی نادیهِم وقُدّامَ أبوابِهِم فی أنهارِهِم وسَواقیهِم،فَتَبادَروا إلَیها فَأَخَذوا یَصطادونَها ویَأکُلونَها،فَلَبِثوا بِذلِکَ ما شاءَ اللّهُ،لا یَنهاهُمُ الأَحبارُ ولا یَنهاهُمُ العُلَماءُ مِن صَیدِها.... (1)

11187. الإمام علیّ علیه السلام: إنَّ اللّهَ عز و جل یَمتَحِنُ الأَوصِیاءَ فی حَیاةِ الأَنبِیاءِ فی سَبعَةِ مَواطِنَ لِیَبتَلِیَ طاعَتَهُم،فَإِذا رَضِیَ طاعَتَهُم ومِحنَتَهُم،أمَرَ الأَنبِیاءَ أن یَتَّخِذوهُم أولِیاءَ فی حَیاتِهِم وأَوصِیاءَ بَعدَ وَفاتِهِم،ویَصیرَ طاعَةُ الأَوصِیاءِ فی أعناقِ الاُمَمِ مِمَّن یَقولُ بِطاعَةِ الأَنبِیاءِ.ثُمَّ یَمتَحِنُ الأَوصِیاءَ بَعدَ وَفاةِ الأَنبِیاءِ علیهم السلام فی سَبعَةِ مَواطِنَ لِیَبلُوَ صَبرَهُم، فَإِذا رَضِیَ مِحنَتَهُم خَتَمَ لَهُم بِالسَّعادَةِ،لِیُلحِقَهُم بِالأَنبِیاءِ وقَد أکمَلَ لَهُمُ السَّعادَةَ. (2)

11188. الإمام زین العابدین علیه السلام: الحَمدُ للّهِ ِ الَّذی رَکَّبَ فینا آلاتِ البَسطِ،وجَعَلَ لَنا أدَواتِ القَبضِ،ومَتَّعَنا بِأَرواحِ الحَیاةِ،وأَثبَتَ فینا جَوارِحَ الأَعمالِ،وغَذّانا بِطَیِّباتِ الرِّزقِ، وأَغنانا بِفَضلِهِ،وأَقنانا (3)بِمَنِّهِ،ثُمَّ أمَرَنا لِیَختَبِرَ طاعَتَنا،ونَهانا لِیَبَتلِیَ شُکرَنا. (4)

11189. الإمام الصادق علیه السلام: إنَّما وُضِعَتِ الزَّکاةُ اختِباراً لِلأَغنِیاءِ ومَعونَةً لِلفُقَراءِ،ولَو أنَّ النّاسَ أدَّوا زَکاةَ أموالِهِم ما بَقِیَ مُسلِمٌ فَقیراً مُحتاجاً. (5)

ص:171


1- (1) .تفسیر العیّاشی:ج 2 ص 33 ح 93، [1]تفسیر القمّی:ج 1 ص 244، [2]سعد السعود:ص 118 [3] کلّها عن أبی عُبیدة الحذّاء،بحار الأنوار:ج 14 ص 52. [4]
2- (2) .الخصال:ص 365 ح 58 عن جابر الجُعفی عن الإمام الباقر علیه السلام،الاختصاص:ص 164 عن جابر الجُعفی عن الإمام الباقر علیه السلام عن محمّد بن الحنفیة،بحار الأنوار:ج 38 ص 167 ح 1. [5]
3- (3) .أقناهُ اللّهُ:أعطاه،أرضاه (مجمع البحرین:ج 3 ص 1518«قنا»).
4- (4) .الصحیفة السجّادیة:ص 21 الدعاء 1. [6]
5- (5) .کتاب من لا یحضره الفقیه:ج 2 ص 7 ح 1579 عن معتّب،عوالی اللآلی:ج 1 ص 370 ح 74، [7]وسائل الشیعة:ج 6 ص 4 ح 11395. [8]

11190. عنه علیه السلام -فی جَوابِ ابنِ أبِی العَوجاءِ حَیثُ أنکَرَ الحَجَّ وَالطَّوافَ-:هذا بَیتٌ استَعبَدَ اللّهُ بِهِ خَلقَهُ؛لِیَختَبِرَ طاعَتَهُم فی إتیانِهِ،فَحَثَّهُم عَلی تَعظیمِهِ وزِیارَتِهِ،وجَعَلَهُ مَحَلَّ أنبِیائِهِ،وقِبلَةً لِلمُصَلّینَ إلَیهِ. (1)

11191. الاحتجاج: ومِن سُؤالِ الزِّندیقِ الَّذی سَأَلَ أبا عَبدِ اللّهِ [الصّادِقَ] علیه السلام عَن مَسائِلَ کَثیرَةٍ أن قالَ:...فَلِأَیِّ عِلَّةٍ خَلَقَ الخَلقَ وهُوَ غَیرُ مُحتاجٍ إلَیهِم ولا مُضطَرٍّ إلی خَلقِهِم،ولا یَلیقُ بِهِ التَّعَبُّثُ بِنا؟

قالَ:خَلَقَهُم لِإِظهارِ حِکمَتِهِ،وإنفاذِ عِلمِهِ،وإمضاءِ تَدبیرِهِ.

قالَ:وکَیفَ لا یَقتَصِرُ عَلی هذِهِ الدّارِ فَیَجعَلَها دارَ ثَوابِهِ و مُحتَبَسَ عِقابِهِ؟

قالَ:إنَّ هذِهِ الدّارَ دارُ ابتِلاءٍ،ومَتجَرُ الثَّوابِ،ومُکتَسَبُ الرَّحمَةِ،مُلِئَت آفاتٍ، وطُبِّقَت شَهَواتٍ؛لِیَختَبِرَ فیها عَبیدَهُ بِالطّاعَةِ،فَلا یَکونُ دارُ عَمَلٍ دارَ جَزاءٍ. (2)

3/2 ظُهورُ ما یُستَحَقُّ بِهِ الثَّوابُ وَالعِقابُ

11192. الإمام علیّ علیه السلام: لا یَقولَنَّ أحَدُکُم:«اللّهُمَّ إنّی أعوذُ بِکَ مِنَ الفِتنَةِ»؛لِأَنَّهُ لَیسَ أحَدٌ إلّا وهُوَ مُشتَمِلٌ عَلی فِتنَةٍ،ولکِن مَنِ استَعاذَ فَلیَستَعِذ مِن مُضِلّاتِ الفِتَنِ،فَإِنَّ اللّهَ سُبحانَهُ یَقولُ: «وَ اعْلَمُوا أَنَّما أَمْوالُکُمْ وَ أَوْلادُکُمْ فِتْنَةٌ» (3)؛ومَعنی ذلِکَ:أنَّهُ یَختَبِرُهُم بِالأَموالِ وَالأَولادِ؛لِیَتَبَیَّنَ السّاخِطَ لِرِزقِهِ وَالرّاضِیَ بِقِسمِهِ،وإن کانَ سُبحانَهُ أعلَمَ

ص:172


1- (1) .الکافی:ج 4 ص 198 ح 1،کتاب من لا یحضره الفقیه:ج 2 [1] ص 250 ح 2325 کلاهما عن عیسی بن یونس،الإرشاد:ج 2 ص 200 عن عبّاس بن عمرو الفقیمی،الاحتجاج:ج 2 ص 207 [2] وفیه«عباده»بدل«خلقه»،کنز الفوائد:ج 2 ص 76 [3] ولیس فیه«محلّ أنبیائه»،بحار الأنوار:ج 3 ص 33 ح 7. [4]
2- (2) .الاحتجاج:ج 2 ص 212-217 ح 223، [5]بحار الأنوار:ج 5 ص 317 ح 14. [6]
3- (3) .الأنفال:28. [7]

بِهِم مِن أنفُسِهِم،ولکِن لِتَظهَرَ الأَفعالُ الَّتی بِها یُستَحَقُّ الثَّوابُ وَالعِقابُ؛لِأَنَّ بَعضَهُم یُحِبُّ الذُّکورَ ویَکرَهُ الإِناثَ،وبَعضَهُم یُحِبُّ تَثمیرَ المالِ ویَکرَهُ انثِلامَ الحالِ (1). (2)

4/2 ظُهورُ الأَحسَنِ عَمَلاً

الکتاب

«اَلَّذِی خَلَقَ الْمَوْتَ وَ الْحَیاةَ لِیَبْلُوَکُمْ أَیُّکُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَ هُوَ الْعَزِیزُ الْغَفُورُ» . (3)

«وَ هُوَ الَّذِی خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ فِی سِتَّةِ أَیّامٍ وَ کانَ عَرْشُهُ عَلَی الْماءِ لِیَبْلُوَکُمْ أَیُّکُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَ لَئِنْ قُلْتَ إِنَّکُمْ مَبْعُوثُونَ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ لَیَقُولَنَّ الَّذِینَ کَفَرُوا إِنْ هذا إِلاّ سِحْرٌ مُبِینٌ» . (4)

«إِنّا جَعَلْنا ما عَلَی الْأَرْضِ زِینَةً لَها لِنَبْلُوَهُمْ أَیُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً» . (5)

الحدیث

11193. تفسیر الطبری عن عبد اللّه بن عمر عن النبی صلی الله علیه و آله: أنَّهُ تَلا هذِهِ الآیَةَ: «لِیَبْلُوَکُمْ أَیُّکُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً» ،قالَ:أیُّکُم أحسَنُ عَقلاً،وأَورَعُ عَن مَحارِمِ اللّهِ،وأَسرَعُ فی طاعَةِ اللّهِ. (6)

11194. مجمع البیان عن أبی قتادة: سَأَلتُ النَّبِیَّ صلی الله علیه و آله عَن قَولِهِ تَعالی: «أَیُّکُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً» ما عَنی بِهِ؟فَقالَ:یَقولُ:أیُّکُم أحسَنُ عَقلاً.ثُمَّ قالَ صلی الله علیه و آله:أتَمُّکُم عَقلاً،وأَشَدُّکُم للّهِ ِ

ص:173


1- (1) .قال الرضی قدس سره:و هذا من غریب ما سُمع منه علیه السلام فی التفسیر.
2- (2) .نهج البلاغة:الحکمة 93، [1]مجمع البحرین:ج 3 ص 1360، [2]بحار الأنوار:ج 94 ص 197 ح 6. [3]
3- (3) .الملک:2. [4]
4- (4) .هود:7. [5]
5- (5) .الکهف:7. [6]
6- (6) .تفسیر الطبری:ج 7 الجزء 12 ص 5، [7]تفسیر ابن أبی حاتم:ج 6 ص 2006 ح 10705، [8]سبل الهدی والرشاد:ج 9 ص 330، [9]تفسیر الآلوسی:ج 12 ص 11، [10]الدرّ المنثور:ج 4 ص 404. [11]

خَوفاً،وأَحسَنُکُم فیما أمَرَ اللّهُ بِهِ ونَهی عَنهُ نَظَراً،وإن کانَ أقَلَّکُم تَطَوُّعاً. (1)

11195. رسول اللّه صلی الله علیه و آله: یَابنَ مَسعودٍ،قَولُ اللّهِ تَعالی: «لِیَبْلُوَکُمْ أَیُّکُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً» یَعنی:أیُّکُم أزهَدُ فِی الدُّنیا؛إنَّها دارُ الغُرورِ ودارُ مَن لا دارَ لَهُ؛ولَها یَجمَعُ مَن لا عَقلَ لَهُ؛إنَّ أحمَقَ النّاسِ مَن طَلَبَ الدُّنیا ! (2)

11196. الإمام علیّ علیه السلام -مِن کِتابٍ لَهُ علیه السلام إلی مُعاوِیَةَ-:أمّا بَعدُ،فَإِنَّ اللّهَ سُبحانَهُ قَد جَعَلَ الدُّنیا لِما بَعدَها،وَابتَلی فیها أهلَها؛لِیَعلَمَ أیُّهُم أحسَنُ عَمَلاً.ولَسنا لِلدُّنیا خُلِقنا،ولا بِالسَّعیِ فیها امرِنا،وإنَّما وُضِعنا فیها لِنُبتَلی بِها،وقَدِ ابتَلانِیَ اللّهُ بِکَ وَابتَلاکَ بی، فَجَعَلَ أحَدَنا حُجَّةً عَلَی الآخَرِ. (3)

11197. عنه علیه السلام: ألا إنَّ اللّهَ تَعالی قَد کَشَفَ الخَلقَ کَشفَةً،لا أنَّهُ جَهِلَ ما أخفَوهُ مِن مَصونِ أسرارِهِم ومَکنونِ ضَمائِرِهِم،ولکِن لِیَبلُوَهُم أیُّهُم أحسَنُ عَمَلاً،فَیَکونَ الثَّوابُ جَزاءً،وَالعِقابُ بَواءً (4). (5)

11198. عنه علیه السلام: أسهِروا عُیونَکُم،وأَضمِروا بُطونَکُم،وَاستَعمِلوا أقدامَکُم،وأَنفِقوا أموالَکُم، وخُذوا مِن أجسادِکُم فَجودوا بِها عَلی أنفُسِکُم،ولا تَبخَلوا بِها عَنها،فَقَد قالَ اللّهُ سُبحانَهُ: «إِنْ تَنْصُرُوا اللّهَ یَنْصُرْکُمْ وَ یُثَبِّتْ أَقْدامَکُمْ» (6)،وقالَ تَعالی: «مَنْ ذَا الَّذِی یُقْرِضُ اللّهَ قَرْضاً حَسَناً فَیُضاعِفَهُ لَهُ وَ لَهُ أَجْرٌ کَرِیمٌ» (7)،فَلَم یَستَنصِرکُم مِن ذُلٍّ،ولَم

ص:174


1- (1) .مجمع البیان:ج 10 ص 484،بحار الأنوار:ج 70 ص 233؛ [1]تفسیر الثعلبی:ج 9 ص 355، [2]تفسیر الثعالبی:ج 5 ص 456 [3] کلاهما نحوه.
2- (2) .مکارم الأخلاق:ج 2 ص 340 ح 2660 [4]عن عبد اللّه بن مسعود،بحار الأنوار:ج 77 ص 93 ح 1. [5]
3- (3) .نهج البلاغة: [6]الکتاب 55،بحار الأنوار:ج 33 ص 116 ح 409؛ [7]المعیار والموازنة:ص 138 [8] نحوه.
4- (4) .قوله:«والعقاب بواءً»:أی مکافأةً ( شرح نهج البلاغة لابن أبی الحدید:ج 9 ص 85 ). [9]
5- (5) .نهج البلاغة:الخطبة 144، [10]بحار الأنوار:ج 5 ص 315 ح 11. [11]
6- (6) .محمّد:7. [12]
7- (7) .الحدید:11. [13]

یَستَقرِضکُم مِن قُلٍّ؛استَنصَرَکُم ولَهُ جُنودُ السَّماواتِ وَالأَرضِ وهُوَ العَزیزُ الحَکیمُ، وَاستَقرَضَکُم ولَهُ خَزائِنُ السَّماواتِ وَالأَرضِ،وهُوَ الغَنِیُّ الحَمیدُ،وإنَّما أرادَ أنَ یَبلُوَکُم «أَیُّکُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً» . (1)

11199. الإمام زین العابدین علیه السلام: إنَّ اللّهَ عز و جل لَم یُحِبَّ زَهرَةَ الدُّنیا وعاجِلَها لِأَحَدٍ مِن أولِیائِهِ،ولَم یُرَغِّبهُم فیها وفی عاجِلِ زَهرَتِها وظاهِرِ بَهجَتِها،وإنَّما خَلَقَ الدُّنیا وخَلَقَ أهلَها لِیَبلُوَهُم فیها أیُّهُم أحسَنُ عَمَلاً لِآخِرَتِهِ. (2)

11200. الإمام الصادق علیه السلام -فی قَولِ اللّهِ عز و جل: «لِیَبْلُوَکُمْ أَیُّکُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً» -:لَیسَ یَعنی أکثَرَکُم عَمَلاً، ولکِن أصوَبَکُم عَمَلاً؛وإنَّمَا الإِصابَةُ خَشیَةُ اللّهِ وَالنِّیَّةُ الصّادِقَةُ وَالحَسَنَةُ. (3)

11201. الإمام الرضا علیه السلام -لَمّا سَأَلَهُ المَأمونُ عَن قَولِهِ تَعالی: «وَ هُوَ الَّذِی خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ فِی سِتَّةِ أَیّامٍ وَ کانَ عَرْشُهُ عَلَی الْماءِ لِیَبْلُوَکُمْ أَیُّکُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً» -:أمّا قَولُهُ عز و جل: «لِیَبْلُوَکُمْ أَیُّکُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً» ،فَإِنَّهُ عز و جل خَلَقَ خَلقَهُ لِیَبلُوَهُم بِتَکلیفِ طاعَتِهِ وعِبادَتِهِ،لا عَلی سَبیلِ الاِمتِحانِ وَالتَّجرِبَةِ؛لِأَنَّهُ لَم یَزَل عَلیماً بِکُلِّ شَیءٍ. (4)

5/2 ظُهورُ الجِهادِ وَالصَّبرِ

الکتاب

«وَ لَنَبْلُوَنَّکُمْ حَتّی نَعْلَمَ الْمُجاهِدِینَ مِنْکُمْ وَ الصّابِرِینَ وَ نَبْلُوَا أَخْبارَکُمْ» . (5)

ص:175


1- (1) .نهج البلاغة:الخطبة 183. [1]
2- (2) .الکافی:ج 8 ص 75 ح 29، [2]الأمالی للصدوق:ص 595 ح 822، [3]أعلام الدین:ص 225 [4] کلّها عن سعید بن المسیّب،تحف العقول:ص 251،بحار الأنوار:ج 78 ص 145 ح 6. [5]
3- (3) .الکافی:ج 2 ص 16 ح 4 [6] عن سفیان بن عیینة،مجمع البحرین:ج 1 ص 190، [7]بحار الأنوار:ج 70 ص 230 ح 6. [8]
4- (4) .التوحید:ص 320 ح 2،عیون أخبار الرضا علیه السلام:ج 1 ص 135 ح 33، [9]الاحتجاج:ج 2 ص 393 ح 302 [10] کلّها عن أبی الصلت الهرویّ،بحار الأنوار:ج 4 ص 80 ح 5. [11]
5- (5) .محمّد:31. [12]

«وَ لَنَبْلُوَنَّکُمْ بِشَیْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَ الْجُوعِ وَ نَقْصٍ مِنَ الْأَمْوالِ وَ الْأَنْفُسِ وَ الثَّمَراتِ وَ بَشِّرِ الصّابِرِینَ» . (1)

«أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَکُوا وَ لَمّا یَعْلَمِ اللّهُ الَّذِینَ جاهَدُوا مِنْکُمْ وَ لَمْ یَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللّهِ وَ لا رَسُولِهِ وَ لاَ الْمُؤْمِنِینَ وَلِیجَةً وَ اللّهُ خَبِیرٌ بِما تَعْمَلُونَ» . (2)

الحدیث

11202. رسول اللّه صلی الله علیه و آله: یَقولُ البَلاءُ کُلَّ یَومٍ:إلی أینَ أتَوَجَّهُ؟فَیَقولُ اللّهُ عز و جل:إلی أحِبّائی واُولی طاعَتی؛أبلو بِکَ أخبارَهُم،وأَختَبِرُ صَبرَهُم،واُمَحِّصُ بِکَ ذُنوبَهُم،وأَرفَعُ بِکَ دَرَجاتِهِم.

ویَقولُ الرَّخاءُ کُلَّ یَومٍ:إلی أینَ أتَوَجَّهُ؟فَیَقولُ اللّهُ عز و جل:إلی أعدائی وأَهلِ مَعصِیَتی؛أزیدُ بِکَ طُغیانَهُم،واُضاعِفُ بِکَ ذُنوبَهُم،واُعَجِّلُ بِکَ لَهُم،واُکَثِّرُ بِکَ عَلی غَفلَتِهِم. (3)

11203. الإمام علیّ علیه السلام -مِن خُطبَةٍ لَهُ-:وقَدَّرَ الأَرزاقَ فَکَثَّرَها وقَلَّلَها،وقَسَّمَها عَلَی الضّیقِ وَالسَّعَةِ فَعَدَلَ فیها؛لِیَبتَلِیَ مَن أرادَ بِمَیسورِها ومَعسورِها،ولِیَختَبِرَ بِذلِکَ الشُّکرَ وَالصَّبرَ مِن غَنِیِّها وفَقیرِها. (4)

11204. الإمام الصادق علیه السلام: اعلَم أنَّ الخَلقَ بَینَ فِتَنٍ ومِحَنٍ فِی الدُّنیا؛إمّا مُبتَلیً بِالنِّعَمِ لِیَظهَرَ شُکرُهُ،وإمّا مُبتَلیً بِالشِّدَّةِ لِیَظهَرَ صَبرُهُ. (5)

11205. عنه علیه السلام: قَد عَجَزَ مَن لَم یُعِدَّ لِکُلِّ بَلاءٍ صَبراً،ولِکُلِّ نِعمَةٍ شُکراً،ولِکُلِّ عُسرٍ یُسراً.

ص:176


1- (1) .البقرة:155. [1]
2- (2) .التوبة:16. [2]
3- (3) .کنز العمّال:ج 3 ص 341 ح 6850 نقلاً عن الدیلمی عن أنس.
4- (4) .نهج البلاغة:الخطبة 91، [3]بحار الأنوار:ج 5 ص 148 ح 11. [4]
5- (5) .مصباح الشریعة:ص 122، [5]بحار الأنوار:ج 85 ص 308 ح 12. [6]

صَبِّر نَفسَکَ عِندَ کُلِّ بَلِیَّةٍ،فی وَلَدٍ أو مالٍ أو رَزِیَّةٍ،فَإِنَّما یَقبِضُ عارِیَتَهُ ویَأخُذُ هِبَتَهُ،لِیَبلُوَ فیهِما صَبرَکَ وشُکرَکَ. (1)

11206. بحار الأنوار عن عبد اللّه بن جعفر الحمیری: کُنتُ عِندَ مَولایَ أبِی مُحَمَّدٍ الحَسَنِ بنِ عَلِیٍّ العَسکَرِیِّ صَلَواتُ اللّهِ عَلَیهِ،إذ وَرَدَت إلَیهِ رُقعَةٌ مِنَ الحَبسِ مِن بَعضِ مَوالیهِ، یَذکُرُ فیها ثِقَل الحَدیدِ وسوءَ الحالِ وتَحامُلَ السُّلطانِ.

وکَتَبَ إلَیهِ:یا عَبدَ اللّهِ،إنَّ اللّهَ عز و جل یَمتَحِنُ عِبادَهُ لِیَختَبِرَ صَبرَهُم،فُیُثیبَهُم عَلی ذلِکَ ثَوابَ الصّالِحینَ،فَعَلَیکَ بِالصَّبرِ. (2)

راجع:ص 191 ( مجاهدة الأعداء ).

6/2 ظُهورُ الطَّیِّبِ وَالخَبیثِ

الکتاب

«ما کانَ اللّهُ لِیَذَرَ الْمُؤْمِنِینَ عَلی ما أَنْتُمْ عَلَیْهِ حَتّی یَمِیزَ الْخَبِیثَ مِنَ الطَّیِّبِ وَ ما کانَ اللّهُ لِیُطْلِعَکُمْ عَلَی الْغَیْبِ وَ لکِنَّ اللّهَ یَجْتَبِی مِنْ رُسُلِهِ مَنْ یَشاءُ فَآمِنُوا بِاللّهِ وَ رُسُلِهِ وَ إِنْ تُؤْمِنُوا وَ تَتَّقُوا فَلَکُمْ أَجْرٌ عَظِیمٌ» . (3)

«لِیَمِیزَ اللّهُ الْخَبِیثَ مِنَ الطَّیِّبِ وَ یَجْعَلَ الْخَبِیثَ بَعْضَهُ عَلی بَعْضٍ فَیَرْکُمَهُ جَمِیعاً فَیَجْعَلَهُ فِی جَهَنَّمَ أُولئِکَ هُمُ الْخاسِرُونَ » . (4)

ص:177


1- (1) .تحف العقول:ص 304،التمحیص:ص 60 ح 127 عن أحمد بن محمّد البرقی،بحار الأنوار:ج 71 ص 94 ح 55. [1]
2- (2) .بحار الأنوار:ج 102 ص 238 ح 5 [2] نقلاً عن کتاب العتیق الغروی.
3- (3) .آل عمران:179. [3]
4- (4) .الأنفال:37. [4]

الحدیث

11207. رسول اللّه صلی الله علیه و آله: إنَّ اللّهَ لَیُجَرِّبُ أحَدَکُم بِالبَلاءِ وهُوَ أعلَمُ بِهِ کَما یُجَرِّبُ أحَدُکُم ذَهَبَهُ بِالنّارِ؛فَمِنهُم مَن یَخرُجُ کَالذَّهَبِ الإِبریزِ (1)،فَذلِکَ الَّذی نَجّاهُ اللّهُ تَعالی مِنَ السَّیِّئاتِ، ومِنهُم مَن یَخرُجُ کَالذَّهَبِ دونَ ذلِکَ،فَذلِکَ الَّذی یَشُکُّ بَعضَ الشَّکِّ،ومِنهُم مَن یَخرُجُ کَالذَّهَبِ الأَسوَدِ،فَذلِکَ الَّذی قَدِ افتَتَنَ. (2)

11208. الإمام علیّ علیه السلام: یُمتَحَنُ المُؤمِنُ بِالبَلاءِ کَما یُمتَحَنُ بِالنّارِ الخِلاصُ (3). (4)

11209. عنه علیه السلام: لا تَفرَح بِالغَناءِ وَالرَّخاءِ،ولا تَغتَمَّ بِالفَقرِ وَالبَلاءِ؛فَإِنَّ الذَّهَبَ یُجَرَّبُ بِالنّارِ، وَالمُؤمِنُ یُجَرَّبُ بِالبَلاءِ. (5)

11210. الإمام الحسن علیه السلام: إنَّ اللّهَ تَعالی-بِمَنِّهِ ورَحمَتِهِ-لَمّا فَرَضَ عَلَیکُمُ الفَرائِضَ،لَم یَفرِض ذلِکَ عَلَیکُم لِحاجَةٍ مِنهُ إلَیهِ،بَل رَحمَةً مِنهُ إلَیکُم لا إلهَ إلّاهُوَ؛لِیَمیزَ الخَبیثَ مِنَ الطَّیِّبِ،ولِیَبتَلِیَ ما فی صُدورِکُم،ولِیُمَحِّصَ ما فی قُلوبِکُم،ولِتَتَسابَقوا إلی رَحمَتِهِ،ولِتَتَفاضَلَ مَنازِلُکُم فی جَنَّتِهِ. (6)

ص:178


1- (1) .الإبریز:الذَهَبُ الخالِصُ من الکُدورات (مجمع البحرین:ج 1 ص 140«برز»).
2- (2) .المستدرک علی الصحیحین:ج 4 ص 350 ح 7878،المعجم الکبیر:ج 8 ص 166 ح 7698،لسان العرب:ج 5 ص 311 [1] کلّها عن أبی أمامة،تفسیر الآلوسی:ج 2 ص 104 [2] ولیس فیه«فمنهم من یخرج...بعض الشکّ»،کنز العمّال:ج 3 ص 335 ح 6819.
3- (3) .الخِلاصُ:ما أخلَصَتهُ النار من الذهب وغیره (النهایة:ج 2 ص 62« [3]خلص»).
4- (4) .غرر الحکم:ج 6 ص 476 ح 11023، [4]عیون الحکم والمواعظ:ص 550 ح 10151.
5- (5) .غرر الحکم:ج 6 ص 328 ح 10394، [5]عیون الحکم والمواعظ:ص 520 ح 9437.
6- (6) .علل الشرائع:ص 249 ح 6، [6]الأمالی للطوسی:ص 655 ح 1355 [7] کلاهما عن إسحاق بن إسماعیل النیشابوری،تحف العقول:ص 485،بحار الأنوار:ج 5 ص 315 ح 10. [8]

7/2 ظُهورُ السَّرائِرِ

الکتاب

«وَ لِیَبْتَلِیَ اللّهُ ما فِی صُدُورِکُمْ وَ لِیُمَحِّصَ ما فِی قُلُوبِکُمْ وَ اللّهُ عَلِیمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ» . (1)

«وَ لا تَکُونُوا کَالَّتِی نَقَضَتْ غَزْلَها مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْکاثاً تَتَّخِذُونَ أَیْمانَکُمْ دَخَلاً بَیْنَکُمْ أَنْ تَکُونَ أُمَّةٌ هِیَ أَرْبی مِنْ أُمَّةٍ إِنَّما یَبْلُوکُمُ اللّهُ بِهِ وَ لَیُبَیِّنَنَّ لَکُمْ یَوْمَ الْقِیامَةِ ما کُنْتُمْ فِیهِ تَخْتَلِفُونَ» . (2)

الحدیث

11211. الإمام علیّ علیه السلام: فی تَقَلُّبِ الأَحوالِ عُلِمَ جَواهِرُ الرِّجالِ،وَالأَیّامُ تُوَضِّحُ لَکَ السَّرائِرَ الکامِنَةَ. (3)

ص:179


1- (1) .آل عمران:154. [1]
2- (2) .النحل:92. [2]
3- (3) .الکافی:ج 8 ص 23 ح 4 [3] عن جابر بن یزید عن الامام الباقر علیه السلام،کتاب من لا یحضره الفقیه:ج 4 ص 388 فیه«تهتک»بدل«توضیح»،نهج البلاغة:الحکمة 217 لیس فیه ذیله من«والأیّام»،تحف العقول:ص 97،بحار الأنوار:ج 77 ص 286؛ [4]دستور معالم الحکم:ص 29 نحوه.

ص:180

الفصل الثالث:الاُمور التی یبتلی بها الإنسان

1/3 أنواعُ النِّعَمِ

الکتاب

«وَ أَنْزَلْنا إِلَیْکَ الْکِتابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِما بَیْنَ یَدَیْهِ مِنَ الْکِتابِ وَ مُهَیْمِناً عَلَیْهِ فَاحْکُمْ بَیْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللّهُ وَ لا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ عَمّا جاءَکَ مِنَ الْحَقِّ لِکُلٍّ جَعَلْنا مِنْکُمْ شِرْعَةً وَ مِنْهاجاً وَ لَوْ شاءَ اللّهُ لَجَعَلَکُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَ لکِنْ لِیَبْلُوَکُمْ فِی ما آتاکُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَیْراتِ إِلَی اللّهِ مَرْجِعُکُمْ جَمِیعاً فَیُنَبِّئُکُمْ بِما کُنْتُمْ فِیهِ تَخْتَلِفُونَ» . (1)

«وَ هُوَ الَّذِی جَعَلَکُمْ خَلائِفَ الْأَرْضِ وَ رَفَعَ بَعْضَکُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ لِیَبْلُوَکُمْ فِی ما آتاکُمْ إِنَّ رَبَّکَ سَرِیعُ الْعِقابِ وَ إِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِیمٌ» . (2)

«فَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ ضُرٌّ دَعانا ثُمَّ إِذا خَوَّلْناهُ نِعْمَةً مِنّا قالَ إِنَّما أُوتِیتُهُ عَلی عِلْمٍ بَلْ هِیَ فِتْنَةٌ وَ لکِنَّ أَکْثَرَهُمْ لا یَعْلَمُونَ» . (3)

ص:181


1- (1) .المائدة:48. [1]
2- (2) .الأنعام:165. [2]
3- (3) .الزمر:49. [3]

الحدیث

11212. رسول اللّه صلی الله علیه و آله: قالَ اللّهُ عز و جل:إنَّ مِن عِبادِیَ المُؤمِنینَ لَعِباداً لا یَصلُحُ لَهُم أمرُ دینِهِم إلّا بِالغِنی وَالسَّعَةِ وَالصِّحَّةِ فِی البَدَنِ،فَأَبلوهُم بِالغِنی وَالسَّعَةِ وَالصِّحَّةِ فِی البَدَنِ، فَیَصلُحُ لَهُم أمرُ دینِهِم.

وقالَ:إنَّ مِن العِبادِ لَعِباداً لا یَصلُحُ لَهُم أمرُ دینِهِم إلّابِالفاقَةِ وَالمَسکَنَةِ وَالسُّقمِ فی أبدانِهِم،فَأَبلوهُم بِالفَقرِ وَالفاقَةِ وَالمَسکَنَةِ وَالسُّقمِ فی أبدانِهِم،فَیَصلُحُ لَهُم أمرُ دینِهِم. (1)

11213. عنه صلی الله علیه و آله: لَأَنَا فی فِتنَةِ السَّرّاءِ (2)أخوَفُ عَلَیکُم مِن فِتنَةِ الضَّرّاءِ،إنَّکُم قَدِ ابتُلیتُم بِفِتنَةِ الضَّرّاءِ فَصَبَرتُم،وإنَّ الدُّنیا خَضِرَةٌ حُلوَةٌ ! (3)

11214. الإمام علیّ علیه السلام: کَم مِن مُبتَلیً بِالنَّعماءِ. (4)

11215. عنه علیه السلام: أیُّهَا النّاسُ،لِیَرَکُمُ اللّهُ مِنَ النِّعمَةِ وَجِلینَ کَما یَراکُم مِنَ النَّقِمَةِ فَرِقینَ (5)،إنَّهُ مَن وُسِّعَ عَلَیهِ فی ذاتِ یَدِهِ فَلَم یَرَ ذلِکَ استِدراجاً،فَقَد آمَنَ مَخوفاً،ومَن ضُیِّقَ عَلَیهِ فی ذاتِ یَدِهِ فَلَم یَرَ ذلِکَ اختِباراً،فَقَد ضَیَّعَ مَأمولاً. (6)

ص:182


1- (1) .المؤمن:ص 24 [1] عن الإمام الصادق علیه السلام،التمحیص:ص 57 ح 115 عن أبی عبیدة،مشکاة الأنوار:ص 538 ح 1805 [2] کلاهما عن الإمام الباقر علیه السلام عنه صلی الله علیه و آله.
2- (2) .السَرّاءُ:الخیر والفضل (المصباح المنیر:ص 274«سرر»).
3- (3) .مسند أبی یعلی:ج 1 ص 364 ح 776،حلیة الأولیاء:ج 1 ص 93 [3] کلاهما عن مصعب بن سعد عن أبیه،کنز العمّال:ج 3 ص 257 ح 6431 وراجع:المصنّف لابن أبی شیبة:ج 8 ص 618 عن معاذ من دون إسنادٍ إلی أحدٍ من أهل البیت علیهم السلام.
4- (4) .غرر الحکم:ج 4 ص 551 ح 6951، [4]عیون الحکم والمواعظ:ص 380 ح 6446.
5- (5) .الفَرَقُ:الخَوفُ والفَزَعُ (النهایة:ج 3 ص 438«فرق»).
6- (6) .نهج البلاغة:الحکمة 358، [5]بحار الأنوار:ج 5 ص 220 ح 18. [6]

2/3 أنواعُ المَصائِبِ

الکتاب

«وَ لَنَبْلُوَنَّکُمْ بِشَیْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَ الْجُوعِ وَ نَقْصٍ مِنَ الْأَمْوالِ وَ الْأَنْفُسِ وَ الثَّمَراتِ وَ بَشِّرِ الصّابِرِینَ» . (1)

الحدیث

11216. رسول اللّه صلی الله علیه و آله: یا أیُّهَا النّاسُ،إنَّ هذِهِ الدُّنیا دارُ التِواءٍ لا دارُ استِواءٍ،ودارُ تَرَحٍ (2)لا دارُ فَرَحٍ،فَمَن عَرَفَها لَم یَفرَح لِرَخاءٍ،ولَم یَحزَن لِشِدَّةٍ.

ألا وإنَّ اللّهَ تَعالی خَلَقَ الدُّنیا دارَ بَلوی،وَالآخِرَةَ دارَ عُقبی،فَجَعَلَ بَلوَی الدُّنیا لِثَوابِ الآخِرَةِ،وثَوابَ الآخِرَةِ مِن بَلوَی الدُّنیا عِوَضاً،فَیَأخُذُ ویَبتَلی لِیَجزِیَ؛ فَاحذَروا حَلاوَةَ رَضاعِها لِمَرارَةِ فِطامِها،وَاحذَروا لَذیذَ عاجِلِها لِکُربَةِ آجِلِها،ولا تَسعَوا فی عِمرانِ دارٍ قَد قَضَی اللّهُ خَرابَها،ولا تُواصِلوها وقَد أرادَ مِنکُم اجتِنابَها؛ فَتَکونوا لِسُخطِهِ مُتَعَرِّضینَ،ولِعُقوبَتِهِ مُستَحِقّینَ. (3)

11217. الغیبة للنعمانی عن أبی بصیر عن الإمام الصادق علیه السلام: لا بُدَّ أن یَکونَ قُدّامَ القائِمِ سَنَةٌ یَجوعُ فیهَا النّاسُ،ویُصیبُهُم خَوفٌ شَدیدٌ مِنَ القَتلِ ونَقصٍ مِنَ الأَموالِ وَالأَنفُسِ وَالثَّمَراتِ،فَإِنَّ ذلِکَ فی کِتابِ اللّهِ لَبَیِّنٌ.ثُمَّ تَلا هذِهِ الآیَةَ: «وَ لَنَبْلُوَنَّکُمْ بِشَیْءٍ مِنَ

ص:183


1- (1) .البقرة:155. [1]
2- (2) .الترح:ضد الفرح،و هو الهلاک و الانقطاع أیضا (النهایة:ج 1 ص 186« [2]ترح»).
3- (3) .کنز العمّال:ج 3 ص 211 ح 6203 نقلا عن الدیلمی عن ابن عمر،و راجع:کمال الدین:ص 74 و الأما لی للصدوق:ص 309 و المناقب لا بن شهرآشوب:ج 1 ص 267 و [3]أعلام الدین:ص 343 و [4]روضة الواعظین:ص 486.

اَلْخَوْفِ وَ الْجُوعِ وَ نَقْصٍ مِنَ الْأَمْوالِ وَ الْأَنْفُسِ وَ الثَّمَراتِ وَ بَشِّرِ الصّابِرِینَ» . (1)

11218. لقمان علیه السلام: یا بُنَیَّ،إنَّ الذَّهَبَ یُجَرَّبُ بِالنّارِ،وَالعَبدَ الصّالِحَ یُجَرَّبُ بِالبَلاءِ،وإذا أحَبَّ اللّهُ قَوماً ابتَلاهُم،فَمَن رَضِیَ فَلَهُ الرِّضا،ومَن سَخِطَ فَلَهُ السُّخطُ. (2)

3/3 أنواعُ الشُّرورِ وَالخَیراتِ

الکتاب

«کُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ وَ نَبْلُوکُمْ بِالشَّرِّ وَ الْخَیْرِ فِتْنَةً وَ إِلَیْنا تُرْجَعُونَ» . (3)

«وَ قَطَّعْناهُمْ فِی الْأَرْضِ أُمَماً مِنْهُمُ الصّالِحُونَ وَ مِنْهُمْ دُونَ ذلِکَ وَ بَلَوْناهُمْ بِالْحَسَناتِ وَ السَّیِّئاتِ لَعَلَّهُمْ یَرْجِعُونَ » . (4)

«فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَ لکِنَّ اللّهَ قَتَلَهُمْ وَ ما رَمَیْتَ إِذْ رَمَیْتَ وَ لکِنَّ اللّهَ رَمی وَ لِیُبْلِیَ الْمُؤْمِنِینَ مِنْهُ بَلاءً حَسَناً إِنَّ اللّهَ سَمِیعٌ عَلِیمٌ» . (5)

الحدیث

11219. الإمام الصادق علیه السلام: مَرِضَ أمیرُ المُؤمِنینَ علیه السلام،فَعادَهُ قَومٌ فَقالوا لَهُ:کَیفَ أصبَحتَ یا أمیرَ المُؤمِنینَ؟

ص:184


1- (1) .الغیبة للنعمانی:ص 251 ح 6، [1]بحار الأنوار:ج 52 ص 229 ح 93. [2]
2- (2) .المحجّة البیضاء:ج 7 ص 234،مشکاة الأنوار:ص 517 ح 1739، [3]روضة الواعظین:ص 463 [4] کلاهما عن رسول اللّه صلی الله علیه و آله وفیهما«إنّ أعظم الجزاء مع أعظم البلاء»بدل«یا بنی...یُجرّب بالبلاء»،غرر الحکم:ج 6 ص 328 ح 10394 نحوه ولیس فیه ذیله من«و إذا أحبّ»؛سنن الترمذی:ج 4 ص 601 ح 2396،سنن ابن ماجة:ج 2 ص 1338 ح 4031 کلاهما عن أنس بن مالک عن رسول اللّه صلی الله علیه و آله وفیهما«إنّ عظم الجزاء مع عظم البلاء»بدل«یا بنی...یُجرّب بالبلاء»،وراجع:الکافی:ج 2 ص 109 ح 2. [5]
3- (3) .الأنبیاء:35. [6]
4- (4) .الأعراف:168. [7]
5- (5) .الأنفال:17. [8]

فَقالَ:أصبَحتُ بِشَرٍّ.فَقالوا لَهُ:سُبحانَ اللّهِ! هذا کَلامُ مِثلِکَ؟

فَقالَ:یَقولُ اللّهُ تَعالی: «وَ نَبْلُوکُمْ بِالشَّرِّ وَ الْخَیْرِ فِتْنَةً وَ إِلَیْنا تُرْجَعُونَ» ؛فَالخَیرُ الصِّحَّةُ وَالغِنی،وَالشَّرُّ المَرَضُ وَالفَقرُ؛ابتِلاءً وَاختِباراً (1). (2)

11220. عنه علیه السلام: کانَ عَمُّنَا العَبّاسُ نافِذَ البَصیرَةِ،صَلبَ الإِیمانِ،جاهَدَ مَعَ أبی عَبدِ اللّهِ علیه السلام، وأَبلی بَلاءً حَسَناً،ومَضی شَهیداً. (3)

11221. الإمام علیّ علیه السلام: ...ولکِنَّ اللّهَ عز و جل یَختَبِرُ عَبیدَهُ بِأَنواعِ الشَّدائِدِ،ویَتَعَبَّدُهُم بِأَلوانِ المَجاهِدِ،ویَبتَلیهِم بِضُروبِ المَکارِهِ؛إخراجاً لِلتَّکَبُّرِ مِن قُلوبِهِم،وإسکاناً لِلتَّذَلُّلِ فی أنفُسِهِم،ولِیَجعَلَ ذلِکَ أبواباً فُتُحاً إلی فَضلِهِ،وأَسباباً ذُلُلاً لِعَفوِهِ وفِتنَتِهِ،کَما قالَ:

«الم* أَ حَسِبَ النّاسُ أَنْ یُتْرَکُوا أَنْ یَقُولُوا آمَنّا وَ هُمْ لا یُفْتَنُونَ* وَ لَقَدْ فَتَنَّا الَّذِینَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَیَعْلَمَنَّ اللّهُ الَّذِینَ صَدَقُوا وَ لَیَعْلَمَنَّ الْکاذِبِینَ» (4). (5)

4/3 کُلُّ قَبضٍ وبَسطٍ

اشارة

الکتاب

«فَأَمَّا الْإِنْسانُ إِذا مَا ابْتَلاهُ رَبُّهُ فَأَکْرَمَهُ وَ نَعَّمَهُ فَیَقُولُ رَبِّی أَکْرَمَنِ* وَ أَمّا إِذا مَا ابْتَلاهُ فَقَدَرَ عَلَیْهِ رِزْقَهُ فَیَقُولُ رَبِّی أَهانَنِ» . (6)

ص:185


1- (1) .فی مجمع البیان:«فِتْنَةً»؛أی ابتلاءً واختباراً وشدّة تعبّدٍ.
2- (2) .الدعوات:ص 168 ح 469،الجعفریات:ص 233 [1] عن الإمام الصادق عن آبائه عن الإمام علیّ علیهم السلام،مجمع البیان:ج 7 ص 74 نحوه،بحار الأنوار:ج 82 ص 209 ح 25 [2] وج 5 ص 213.
3- (3) .سرّ السلسلة العلویّة:ص 89،عمدة الطالب:ص 356 [3] کلاهما عن المفضّل بن عمر.
4- (4) .العنکبوت:1-3. [4]
5- (5) .الکافی:ج 4 ص 200 ح 2، [5]نهج البلاغة:الخطبة 192 ولیس فیه ذیله من«وفتنته»،التمحیص:ص 5 ولیس فیه ذیله من«وأسباباً»،بحار الأنوار:ج 6 ص 114 ح 11. [6]
6- (6) .الفجر:15 و 16. [7]

الحدیث

11222. مجمع البیان عن السکونی عن الإمام الصادق عن آبائه عن رسول اللّه صلی الله علیه و آله -فی قَولِهِ تَعالی: «أَ یَحْسَبُونَ أَنَّما نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مالٍ وَ بَنِینَ* نُسارِعُ لَهُمْ فِی الْخَیْراتِ بَلْ لا یَشْعُرُونَ» (1)-:

إنَّ اللّهَ تَعالی یَقولُ:یَحزَنُ عَبدِی المُؤمِنُ إذا أقتَرتُ (2)عَلَیهِ شَیئاً مِنَ الدُّنیا،وذلِکَ أقرَبُ لَهُ مِنّی،ویَفرَحُ إذا بَسَطتُ لَهُ الدُّنیا،وذلِکَ أبعَدُ لَهُ مِنّی.

ثُمَّ تَلا هذِهِ الآیَةَ إلی قَولِهِ: «بَلْ لا یَشْعُرُونَ» ،ثُمَّ قالَ:إنَّ ذلِکَ فِتنَةٌ لَهُم. (3)

11223. الإمام علیّ علیه السلام: مَن ضُیِّقَ عَلَیهِ فی ذاتِ یَدِهِ فَلَم یَرَ ذلِکَ اختِباراً،فَقَد ضَیَّعَ مَأمولاً. (4)

11224. تفسیر القمّی -فی قَولِهِ تَعالی: «وَ لا تَطْرُدِ الَّذِینَ یَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَ الْعَشِیِّ» (5)-:کانَ سَبَبُ نُزولِها أنَّهُ کانَ بِالمَدینَةِ قَومٌ فُقَراءُ مُؤمِنونَ یُسَمَّونَ أصحابَ الصُّفَّةِ (6)،وکانَ رَسولُ اللّهِ صلی الله علیه و آله أمَرَهُم أن یَکونوا فِی الصُّفَّةِ یَأوونَ إلَیها،وکانَ رَسولُ اللّهِ صلی الله علیه و آله یَتَعاهَدُهُم بِنَفسِهِ، ورُبَّما حَمَلَ إلَیهِم ما یَأکُلونَ،و کانوا یَختَلِفونَ إلی رَسولِ اللّهِ صلی الله علیه و آله فَیُقَرِّبُهُم ویَقعُدُ مَعَهُم ویُؤنِسُهُم،وکانَ إذا جاءَ الأَغنِیاءُ وَالمُترَفونَ مِن أصحابِهِ أنکَروا عَلَیهِ ذلِکَ،ویَقولونَ لَهُ:

اطرُدهُم عَنکَ !

فَجاءَ یَوماً رَجُلٌ مِنَ الأَنصارِ إلی رَسولِ اللّهِ صلی الله علیه و آله وعِندَهُ رَجُلٌ مِن أصحابِ الصُّفَّةِ قَد لَزِقَ بِرَسولِ اللّهِ صلی الله علیه و آله،ورَسولُ اللّهِ صلی الله علیه و آله یُحَدِّثُهُ،فَقَعَدَ الأَنصارِیُّ بِالبُعدِ مِنهُما،فَقالَ لَهُ

ص:186


1- (1) .المؤمنون:55 و 56. [1]
2- (2) .قَتَرَ علی عیالِه:ضَیَّقَ فی النفقة (المصباح المنیر:ص 490«قتر»).
3- (3) .مجمع البیان:ج 7 ص 175،الکافی:ج 2 ص 141،تحف العقول:513 [2] ولیس فیهما ذیله من«ثمّ تلا...»،بحار الأنوار:ج 72 ص57. [3]
4- (4) .نهج البلاغة:الحکمة 358، [4]تحف العقول:ص 206،التمحیص:ص 48 ح 75 فیهما«فلم یظن أنّ ذلک حسنُ نظرٍ من اللّه»بدل«فلم یَر ذلک اختباراً»،بحار الأنوار:ج 5 ص 220 ح 18. [5]
5- (5) .الأنعام:52. [6]
6- (6) .أهل الصُفَّة:هم فقراء المهاجرین،ومن لم یکن له منهم منزل یسکنه،فکانوا یأوون إلی موضعٍ مظلّل فی مسجد المدینة یسکنونه (النهایة:ج 3 ص 37« [7]صفف»).

رَسولُ اللّهِ صلی الله علیه و آله:تَقَدَّم،فَلَم یَفعَل ! فَقالَ لَهُ رَسولُ اللّهِ صلی الله علیه و آله:لَعَلَّکَ خِفتَ أن یَلزَقَ فَقرُهُ بِکَ؟

فَقالَ الأَنصارِیُّ:اُطرُد هؤُلاءِ عَنکَ ! فَأَنزَلَ اللّهُ: «وَ لا تَطْرُدِ الَّذِینَ یَدْعُونَ رَبَّهُمْ...» الآیَةَ، ثُمَّ قالَ: «وَ کَذلِکَ فَتَنّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ» ؛أیِ اختَبَرنَا الأَغنِیاءَ بِالغَناءِ لِنَنظُرَ کَیفَ مُواساتُهُم لِلفُقَراءِ،وکَیفَ یُخرِجونَ ما فَرَضَ اللّهُ عَلَیهِم فی أموالِهِم،فَاختَبَرنَا الفُقَراءَ لِنَنظُرَ کَیفَ صَبرُهُم عَلَی الفَقرِ وعَمّا فی أیدِی الأَغنِیاءِ،و «لِیَقُولُوا» أیِ الفُقَراءُ «أَ هؤُلاءِ» الأَغنِیاءُ «مَنَّ اللّهُ عَلَیْهِمْ مِنْ بَیْنِنا أَ لَیْسَ اللّهُ بِأَعْلَمَ بِالشّاکِرِینَ» (1). (2)

11225. الإمام الکاظم علیه السلام: إنَّ اللّهَ عز و جل یَقولُ:إنّی لَم اغنِ الغَنِیَّ لِکَرامَةٍ بِهِ عَلَیَّ،ولَم افقِرِ الفَقیرَ لِهَوانٍ بِهِ عَلَیَّ،وهُوَ مِمَّا ابتَلَیتُ بِهِ الأَغنِیاءَ بِالفُقَراءِ،ولَولَا الفُقَراءُ لَم یَستَوجِبِ الأَغنِیاءُ الجَنَّةَ. (3)

11226. الإمام الصادق علیه السلام: إنَّهُ لَیسَ شَیءٌ فیهِ قَبضٌ أو بَسطٌ مِمّا أمَرَ اللّهُ بِهِ أو نَهی عَنهُ،إلّاوفیهِ للّهِ ِ عز و جل ابتِلاءٌ وقَضاءٌ (4). (5)

ص:187


1- (1) .الأنعام:53. [1]
2- (2) .تفسیر القمّی:ج 1 ص 202، [2]بحار الأنوار:ج 17 ص 81 ح 3. [3]
3- (3) .الکافی:ج 2 ص 265 ح 20، [4]التمحیص:ص 47 ح 69 کلاهما عن مبارک غلام شعیب،تاریخ الیعقوبی:ج 2 ص 91 [5] عن رسول اللّه صلی الله علیه و آله،مشکاة الأنوار:ص 501 ح 1678 [6] کلّها نحوه،بحارالانوار:ج 72 ص 26 ح 22. [7]
4- (4) .الکافی:ج 1 ص 152 ح 2، [8]التوحید:ص 354 ح 3،المحاسن:ج 1 ص 434 ح 1005، [9]مشکاة الأنوار:ص 583 ح 1935 [10] وفیه«لیس للعبد»بدل«لیس شیء فیه»وکلّها عن حمزة بن محمّد الطیّار،بحار الأنوار:ج 5 ص 217 ح 6. [11]
5- (5) .قال العلّامة الطباطبائی قدس سره:لمّا تحقّق أنّ کلّ تکلیف متعلّق بقبضٍ أو بسط ففیه إرادة تکوینیّة وإرادة تشریعیة،والتشریع إنّما یتحقّق بالمصلحة فی الفعل أو الترک الاختیاری،فلا یخلو التشریع عن ابتلاء وامتحان؛لیظهر بذلک مافی کمون العبد من الصلاح والفساد بالإطاعة والمعصیة،والإرادة التکوینیة لا یخلو من قضاء، [12]فما من تکلیف إلّاوفیه ابتلاء وقضاء ( [13]هامش الکافی:ج 1 ص 152). [14]

11227. عنه علیه السلام: ما مِن قَبضٍ ولا بَسطٍ إلّاوللّهِ ِ فیهِ مَشیئَةٌ وقَضاءٌ وَابتِلاءٌ. (1)

11228. عنه علیه السلام: ما اعطِیَ عَبدٌ مِنَ الدُّنیا إلَّااعتِباراً،وما زُوِیَ عَنهُ إلَّااختِباراً. (2)

بیان

لعلّ القبض والبسط فی الأرزاق بالتوسیع والتقتیر،وفی النفوس بالسرور والحزن، وفی الأبدان بالصحّة والألم،وفی الأعمال بتوفیق الإقبال إلیه وعدمه،وفی الأخلاق بالتحلیة وعدمها،وفی الدعاء بالإجابة له وعدمها،وفی الأحکام بالرخصة فی بعضها والنهی عن بعضها. (3)

5/3 الأَموالُ وَالأَولادُ وَالأَنفُسُ وَالأَزواجُ

الکتاب

«لَتُبْلَوُنَّ فِی أَمْوالِکُمْ وَ أَنْفُسِکُمْ وَ لَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِینَ أُوتُوا الْکِتابَ مِنْ قَبْلِکُمْ وَ مِنَ الَّذِینَ أَشْرَکُوا أَذیً کَثِیراً وَ إِنْ تَصْبِرُوا وَ تَتَّقُوا فَإِنَّ ذلِکَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ» . (4)

«وَ لا تَمُدَّنَّ عَیْنَیْکَ إِلی ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَیاةِ الدُّنْیا لِنَفْتِنَهُمْ فِیهِ وَ رِزْقُ رَبِّکَ خَیْرٌ وَ أَبْقی» . (5)

«إِنَّما أَمْوالُکُمْ وَ أَوْلادُکُمْ فِتْنَةٌ وَ اللّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِیمٌ» . (6)

ص:188


1- (1) .الکافی:ج 1 ص 152 ح 1، [1]التوحید:ص 354 ح 2،المحاسن:ج 1 ص 434 ح 1007 فیه«فضل»بدل«قضاء» [2]وکلّها عن حمزة بن محمّد الطیّار،بحار الأنوار:ج 5 ص 216 ح 5. [3]
2- (2) .الکافی:ج 2 ص 261 ح 6، [4]مشکاة الأنوار:ص 226 ح 629،بحار الأنوار:ج 72 ص 9 ح 8. [5]
3- (3) .بحار الأنوار:ج 5 ص 217. [6]
4- (4) .آل عمران:186. [7]
5- (5) .طه:131. [8]
6- (6) .التغابن:15. [9]

«وَ اعْلَمُوا أَنَّما أَمْوالُکُمْ وَ أَوْلادُکُمْ فِتْنَةٌ وَ أَنَّ اللّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِیمٌ» . (1)

الحدیث

11229. الإمام الصادق علیه السلام -فی قَولِهِ تَعالی: «وَ هُمْ لا یُفْتَنُونَ» (2)-:یُبتَلَونَ فی أنفُسِهِم وأَموالِهِم. (3)

11230. رسول اللّه صلی الله علیه و آله: إنَّ فی مالِ الرَّجُلِ فِتنَةً،وفی زَوجَتِهِ فِتنَةً،ووَلَدِهِ. (4)

11231. عنه صلی الله علیه و آله: أولادُنا أکبادُنا،صُغَراؤُهُم امَراؤُنا،وکُبَراؤُهُم أعداؤُنا،فَإِن عاشوا فَتَنونا، وإن ماتوا أحزَنونا. (5)

11232. عنه صلی الله علیه و آله: إنَّ لِکُلِّ امَّةٍ فِتنَةً،وفِتنَةَ امَّتِی المالُ. (6)

11233. عنه صلی الله علیه و آله: إنَّ مالَ الدُّنیا کُلَّمَا ازدادَ کَثرَةً وعِظَماً،ازدادَ صاحِبُهُ بَلاءً. (7)

11234. مسند الشامیین عن عبد اللّه بن حوالة: کُنّا عِندَ رَسولِ اللّهِ صلی الله علیه و آله،نَشکُو الفَقرَ وَالعُری وقِلَّةَ الشَّیءِ،فَقالَ نَبِیُّ اللّهِ صلی الله علیه و آله:أبشِروا،فَوَاللّهِ لَأَنَا بِکَثرَةِ الشَّیءِ أخوَفُ مِنّی عَلَیکُم مِن قِلَّتِهِ.وَاللّهِ ! لایَزالُ هذَا الأَمرُ فیکُم حَتّی یَفتَحَ اللّهُ لَکُم أرضَ فارِسَ وَالرّومَ

ص:189


1- (1) .الأنفال:28. [1]
2- (2) .العنکبوت:2. [2]
3- (3) .مجمع البیان:ج 8 ص 427،التبیان فی تفسیر القرآن:ج 8 ص 186 [3]عن مجاهد،لسان العرب:ج 13 ص 320 [4] کلاهما من دون إسنادٍ إلی أحد من أهل البیت علیهم السلام،بحار الأنوار:ج 67 ص 42؛ [5]تفسیر الطبری:ج 11 ص 128 [6] عن مجاهد من دون إسنادٍ إلی أحد من أهل البیت علیهم السلام.
4- (4) .المعجم الکبیر:ج 3 ص 169 ح 3024 عن حذیفة،کنز العمّال:ج 16 ص 284 ح 44490.
5- (5) .جامع الأخبار:ص 283 ح 755، [7]بحار الأنوار:ج 104 ص 97 ح 58. [8]
6- (6) .سنن الترمذی:ج 4 ص 569 ح 2336،مسند ابن حنبل:ج 6 ص 152 ح 17478،المستدرک علی الصحیحین:ج 4 ص 354 ح 7896،صحیح ابن حبّان:ج 8 ص 17 ح 3223 کلّها عن کعب بن عیاض؛روضة الواعظین:ص 471. [9]
7- (7) .الأمالی للصدوق:ص 443 ح 591، [10]بشارة المصطفی:ص 57، [11]تأویل الآیات الظاهرة:ج 2 ص 867 ح 5 کلّها عن أبی هریرة،بحار الأنوار:ج 38 ص 197 ح 5. [12]

وأَرضَ حِمیَرَ،وحَتّی تَکونوا أجناداً مُجَنَّدَةً؛جُنداً بِالشّامِ،وجُنداً بِالعِراقِ،وجُنداً بِالیَمَنِ،وحَتّی یُعطَی الرَّجُلُ المِئَةَ فَیَتَسَخَّطُها. (1)

11235. رسول اللّه صلی الله علیه و آله: إنَّ إعطاءَ هذَا المَالِ فِتنَةٌ،وإمساکَهُ فِتنَةٌ. (2)

11236. الإمام علیّ علیه السلام -وَقَد عَزَّی الأَشعَثَ عَنِ ابنٍ لَهُ-:یا أشعَثُ،إن تَحزَن عَلَی ابنِکَ فَقَدِ استَحَقَّت مِنکَ ذلِکَ الرَّحِمُ،وإن تَصبِر فَفِی اللّهِ مِن کُلِّ مُصیبَةٍ خَلَفٌ.

یا أشعَثُ،إن صَبَرتَ جَری عَلَیکَ القَدَرُ وأَنتَ مَأجورٌ،وإن جَزِعتَ جَری عَلَیکَ القَدَرُ وأَنتَ مَأزورٌ.

یا أشعَثُ،ابنُکُ سَرَّکَ وهُوَ بَلاءٌ وفِتنَةٌ،وحَزَنَکَ وهُوَ ثَوابٌ ورَحمَةٌ. (3)

11237. عنه علیه السلام -وسَمِعَ رَجُلاً یَقولُ:اللّهُمَّ إنّی أعوذُ بِکَ مِنَ الفِتنَةِ-:أراکَ تَتَعَوَّذُ مِن مالِکَ ووَلَدِکَ ! یَقولُ اللّهُ تَعالی: «أَنَّما أَمْوالُکُمْ وَ أَوْلادُکُمْ فِتْنَةٌ» ،ولکِن قُل:اللّهُمَّ إنّی أعوذُ بِکَ مِن مُضِلّاتِ الفِتَنِ. (4)

11238. عنه علیه السلام: لا تَعتَبِرُوا الرِّضا وَالسُّخطَ بِالمالِ وَالوَلَدِ جَهلاً بِمَواقِعِ الفِتنَةِ وَالاِختِبارِ فی

ص:190


1- (1) .مسند الشامیّین:ج 3 ص 395 ح 2540،حلیة الأولیاء:ج 2 ص 3 الرقم 87، [1]تاریخ دمشق:ج 1 ص 73،معجم البلدان:ج 3 ص 314، [2]سبل الهدی والرشاد:ج 10 ص 74، [3]کنز العمّال:ج 11 ص 371 ح 3178.
2- (2) .مسند الشهاب:ج 2 ص 114 ح 999،شرح نهج البلاغة لابن أبی الحدید:ج 7 ص 21، [4]مسند ابن حنبل:ج 7 ص 348 [5] عن أمیر الکوفة من دون إسنادٍ إلی إحد من أهل البیت علیهم السلام،مجمع الزوائد:ج 3 ص 241؛غرر الحکم:ح 3391 عن الإمام علیّ علیه السلام وفیه«قنیة»بدل«فتنة»فی الموضع الأوّل.
3- (3) .نهج البلاغة:الحکمة 291، [6]بحار الأنوار:ج 82 ص 134 ح 18. [7]
4- (4) .الأمالی للطوسی:ص 580 ح 1201، [8]أعلام الدین:ص 210 [9] کلاهما عن عبد اللّه بن محمّد بن عبید عن الإمام الهادی عن آبائه علیهم السلام،نهج البلاغة:الحکمة 93 [10] نحوه،تنبیه الخواطر:ج 2 ص 72 [11] عن محمّد بن عجلان عن الإمام الهادی عن آبائه عن الإمام الصادق عنه علیهم السلام،بحار الأنوار:ج 93 ص 325 ح 7؛ [12]مسند ابن حنبل:ج 10 ص 193 ح 26638 عن امّ سلمة عن رسول اللّه صلی الله علیه و آله نحوه وفیه ذیله فقط،کنز العمّال:ج 7 ص 141 ح 18409.

مَوضِعِ الغِنی وَالإِقتارِ (1)،فَقَد قالَ سُبحانَهُ وتَعالی: «أَ یَحْسَبُونَ أَنَّما نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مالٍ وَ بَنِینَ* نُسارِعُ لَهُمْ فِی الْخَیْراتِ بَلْ لا یَشْعُرُونَ» (2)،فَإِنَّ اللّهَ سُبحانَهُ یَختَبِرُ عِبادَهُ المُستَکبِرینَ فی أنفُسِهِم بِأَولِیائِهِ المُستَضعَفینَ فی أعیُنِهِم. (3)

11239. الإمام الباقر علیه السلام: لَمّا نَزَلَت هذِهِ الآیَةُ: «مَنْ یَعْمَلْ سُوءاً یُجْزَ بِهِ» (4)،قالَ بَعضُ أصحابِ رَسولِ اللّهِ صلی الله علیه و آله:ما أشَدَّها مِن آیَةٍ! فَقالَ لَهُم رَسولُ اللّهِ صلی الله علیه و آله:أما تُبتَلونَ فی أموالِکُم وأَنفُسِکُم وذَرارِیِّکُم؟قالوا:بَلی،قالَ:هذا مِمّا یَکتُبُ اللّهُ لَکُم بِهِ الحَسَناتِ ویَمحو بِهِ السَّیِّئاتِ. (5)

11240. رسول اللّه صلی الله علیه و آله: إنَّ الوَلَدَ فِتنَةٌ. (6)

6/3 مُجاهَدَةُ الأَعداءِ

الکتاب

«وَ لَقَدْ صَدَقَکُمُ اللّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتّی إِذا فَشِلْتُمْ وَ تَنازَعْتُمْ فِی الْأَمْرِ وَ عَصَیْتُمْ مِنْ بَعْدِ ما أَراکُمْ ما تُحِبُّونَ مِنْکُمْ مَنْ یُرِیدُ الدُّنْیا وَ مِنْکُمْ مَنْ یُرِیدُ الْآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَکُمْ عَنْهُمْ لِیَبْتَلِیَکُمْ وَ لَقَدْ عَفا عَنْکُمْ وَ اللّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَی الْمُؤْمِنِینَ» . (7)

ص:191


1- (1) .فی الطبعة المعتمدة:«الاقتدار»،والتصویب من شرح نهج البلاغة لابن أبی الحدید:ج 13 ص 151. [1]
2- (2) .المؤمنون:55 و 56. [2]
3- (3) .نهج البلاغة:الخطبة 192، [3]بحار الأنوار:ج 14 ص 468 ح 37. [4]
4- (4) .النساء:123. [5]
5- (5) .تفسیر العیّاشی:ج 1 ص 277 ح 278 [6] عن محمّد بن مسلم.
6- (6) .المعجم الکبیر:ج 3 ص 42 ح 2626،التاریخ الکبیر:ج 3 ص 402 الرقم 1338 [7] کلاهما عن عبد اللّه بن عمر،کنز العمّال:ج 16 ص 289 ح 44519؛الکافی:ج 6 ص 50 ح 9 [8] عن ذریح عن الإمام الصادق علیه السلام،المناقب لابن شهرآشوب:ج 3 ص 385 نحوه،بحار الأنوار:ج 43 ص 284 ح 50. [9]
7- (7) .آل عمران:152. [10]

«فَإِذا لَقِیتُمُ الَّذِینَ کَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقابِ حَتّی إِذا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثاقَ فَإِمّا مَنًّا بَعْدُ وَ إِمّا فِداءً حَتّی تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزارَها ذلِکَ وَ لَوْ یَشاءُ اللّهُ لاَنْتَصَرَ مِنْهُمْ وَ لکِنْ لِیَبْلُوَا بَعْضَکُمْ بِبَعْضٍ وَ الَّذِینَ قُتِلُوا فِی سَبِیلِ اللّهِ فَلَنْ یُضِلَّ أَعْمالَهُمْ» . (1)

«ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَیْکُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعاساً یَغْشی طائِفَةً مِنْکُمْ وَ طائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ یَظُنُّونَ بِاللّهِ غَیْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجاهِلِیَّةِ یَقُولُونَ هَلْ لَنا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَیْءٍ قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ کُلَّهُ لِلّهِ یُخْفُونَ فِی أَنْفُسِهِمْ ما لا یُبْدُونَ لَکَ یَقُولُونَ لَوْ کانَ لَنا مِنَ الْأَمْرِ شَیْءٌ ما قُتِلْنا هاهُنا قُلْ لَوْ کُنْتُمْ فِی بُیُوتِکُمْ لَبَرَزَ الَّذِینَ کُتِبَ عَلَیْهِمُ الْقَتْلُ إِلی مَضاجِعِهِمْ وَ لِیَبْتَلِیَ اللّهُ ما فِی صُدُورِکُمْ وَ لِیُمَحِّصَ ما فِی قُلُوبِکُمْ وَ اللّهُ عَلِیمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ» . (2)

«فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَ لکِنَّ اللّهَ قَتَلَهُمْ وَ ما رَمَیْتَ إِذْ رَمَیْتَ وَ لکِنَّ اللّهَ رَمی وَ لِیُبْلِیَ الْمُؤْمِنِینَ مِنْهُ بَلاءً حَسَناً إِنَّ اللّهَ سَمِیعٌ عَلِیمٌ» . (3)

«إِنْ یَمْسَسْکُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَ تِلْکَ الْأَیّامُ نُداوِلُها بَیْنَ النّاسِ وَ لِیَعْلَمَ اللّهُ الَّذِینَ آمَنُوا وَ یَتَّخِذَ مِنْکُمْ شُهَداءَ وَ اللّهُ لا یُحِبُّ الظّالِمِینَ* وَ لِیُمَحِّصَ اللّهُ الَّذِینَ آمَنُوا وَ یَمْحَقَ الْکافِرِینَ* أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَ لَمّا یَعْلَمِ اللّهُ الَّذِینَ جاهَدُوا مِنْکُمْ وَ یَعْلَمَ الصّابِرِینَ» . (4)

الحدیث

11241. تفسیر القمّی: لَمّا دَخَلَ رَسولُ اللّهِ المَدینَةَ نَزَلَ عَلَیهِ جَبرَئیلُ فَقالَ:یا مُحَمَّدُ،إنَّ اللّهَ یَأمُرُکَ أن تَخرُجَ فی أثَرِ القَومِ،ولا یَخرُجُ مَعَکَ إلّامَن بِهِ جِراحَةٌ.

فَأَمَرَ رَسولُ اللّهِ صلی الله علیه و آله مُنادِیاً یُنادی:یا مَعشَرَ المُهاجِرینَ وَالأَنصارِ،مَن کانَت بِهِ

ص:192


1- (1) .محمّد:4. [1]
2- (2) .آل عمران:154. [2]
3- (3) .الأنفال:17. [3]
4- (4) .آل عمران:140-142. [4]

جِراحَةٌ فَلیَخرُج،ومَن لَم یَکُن بِهِ جِراحَةٌ فَلیُقِم،فَأَقبَلوا یُضَمِّدونَ جِراحاتِهِم ویُداوونَها.

فَأَنزَلَ اللّهُ عَلی نَبِیِّهِ: «وَ لا تَهِنُوا فِی ابْتِغاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَکُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ یَأْلَمُونَ کَما تَأْلَمُونَ وَ تَرْجُونَ مِنَ اللّهِ ما لا یَرْجُونَ» (1)...قالَ عز و جل: «إِنْ یَمْسَسْکُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَ تِلْکَ الْأَیّامُ نُداوِلُها بَیْنَ النّاسِ وَ لِیَعْلَمَ اللّهُ الَّذِینَ آمَنُوا وَ یَتَّخِذَ مِنْکُمْ شُهَداءَ» .فَخَرَجوا عَلی ما بِهِم مِنَ الأَلَمِ وَالجِراحِ. (2)

7/3 المَواقِعُ الاِجتِماعِیَّةُ وَالاِقتِصادِیَّةُ

الکتاب

«وَ جَعَلْنا بَعْضَکُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَ تَصْبِرُونَ وَ کانَ رَبُّکَ بَصِیراً» . (3)

«وَ کَذلِکَ فَتَنّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِیَقُولُوا أَ هؤُلاءِ مَنَّ اللّهُ عَلَیْهِمْ مِنْ بَیْنِنا أَ لَیْسَ اللّهُ بِأَعْلَمَ بِالشّاکِرِینَ» . (4)

الحدیث

11242. رسول اللّه صلی الله علیه و آله: إنَّ الفَقیرَ عِندَ الغَنِیِّ فِتنَةٌ،وإنَّ الضَّعیفَ عِندَ القَوِیِّ فِتنَةٌ،وإنَّ المَملوکَ عِندَ المَلیکِ فِتنَةٌ،فَلیَتَّقِ اللّهَ عز و جل وَلیُکَلِّفهُ ما یَستَطیعُ،فَإِن أمَرَهُ أن یَعمَلَ بِما لا یَستَطیعُ فَلیُعِنهُ عَلَیهِ،فَإِن لَم یَفعَل فَلا یُعَذِّبهُ. (5)

ص:193


1- (1) .النساء:104. [1]
2- (2) .تفسیر القمّی:ج 1 ص 124، [2]مجمع البیان:ج 2 ص 886 نحوه،بحار الأنوار:ج 20 ص 64. [3]
3- (3) .الفرقان:20. [4]
4- (4) .الأنعام:53. [5]
5- (5) .شعب الإیمان:ج 6 ص 371 ح 8559، [6]کنز العمّال:ج 9 ص 81 ح 25063 نقلاً عن الدیلمی وکلاهما عن أبی ذرّ الغفاری.

11243. عنه صلی الله علیه و آله: لَو شاءَ اللّهُ لَجَعَلَکُم أغنِیاءَ کُلَّکُم لا فَقیرَ فیکُم،ولَو شاءَ اللّهُ لَجَعَلَکُم فُقَراءَ کُلَّکُم لا غَنِیَّ فیکُم،ولکِنِ ابتَلی بَعضَکُم بِبَعضٍ. (1)

11244. عنه صلی الله علیه و آله: إخوانُکُم جَعَلَهُمُ اللّهُ فِتنَةً تَحتَ أیدیکُم؛فَمَن کانَ أخوهُ تَحتَ یَدَیهِ فَلیُطعِمهُ مِن طَعامِهِ،وَلیُکسِهِ مِن لِباسِهِ،ولا یُکَلِّفهُ ما یَغلِبُهُ،فَإِن کَلَّفَهُ ما یَغلِبُهُ فَلیُعِنهُ عَلَیهِ. (2)

11245. الإمام علیّ علیه السلام -فی کِتابِهِ إلی مُعاوِیَةَ-:لَسنا لِلدُّنیا خُلِقنا،ولا بِالسَّعیِ فیها امِرنا، وإنَّما وُضِعنا فیها لِنُبتَلی بِها،وقَدِ ابتَلانِیَ اللّهُ بِکَ وَابتَلاکَ بی،فَجَعَلَ أحَدَنا حُجَّةً عَلَی الآخَرِ. (3)

11246. عنه علیه السلام -فی بابِ العِبرَةٍ بِالماضینَ-:و کانوا قَوماً مُستَضعَفینَ،قَدِ اختَبَرَهُمُ اللّهُ بِالمَخمَصَةِ (4)،وَابتَلاهُم بِالمَجهَدَةِ،وَامتَحَنَهُم بِالمَخاوِفِ،ومَخَضَهُم بِالمَکارِهِ.فَلا تَعتَبِرُوا الرِّضا وَالسُّخطَ بِالمالِ وَالوَلَدِ جَهلاً بِمَواقِعِ الفِتنَةِ وَالاِختِبارِ فی مَوضعِ الغِنی وَالإِقتارِ (5)،فَقَد قالَ سُبحانَهُ وتَعالی: «أَ یَحْسَبُونَ أَنَّما نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مالٍ وَ بَنِینَ* نُسارِعُ لَهُمْ فِی الْخَیْراتِ بَلْ لا یَشْعُرُونَ» ،فَإِنَّ اللّهَ سُبحانَهُ یَختَبِرُ عِبادَهُ المُستَکبِرینَ فی أنفُسِهِم بِأَولِیائِهِ المُستَضعَفینَ فی أعیُنِهِم.

ص:194


1- (1) .الدرّ المنثور:ج 6 ص 244 [1] نقلاً عن ابن أبی شیبة عن الحسن،المصنّف لابن أبی شیبة:ج 8 ص 129 ح 29 ولیس فیه صدره،إحیاء العلوم:ج 1 ص 337 [2] عن الحسن من دون إسنادٍ إلی أحدٍ من أهل البیت علیهم السلام ولیس فیه وسطه.
2- (2) .مسند ابن حنبل:ج 8 ص 93 ح 21466، [3]صحیح البخاری:ج 5 ص 2248 ح 5703،صحیح مسلم:ج 3 ص 1283 ح 38 و 40 کلاهما نحوه وکلّها عن أبی ذرّ،کنز العمّال:ج 9 ص 72 ح 25009.
3- (3) .نهج البلاغة: [4]الکتاب 55،بحار الأنوار:ج 33 ص 116 ح 409. [5]
4- (4) .المَخمَصَةُ:المَجاعَةُ (المصباح المنیر:ص 182«خمص»).
5- (5) .فی الطبعة المعتمدة:«الاقتدار»بدل«الإقتار»،والتصویب من شرح نهج البلاغة لابن أبی الحدید:ج 13 ص 151. [6]

ولَقَد دَخَلَ موسَی بنُ عِمرانَ ومَعَهُ أخوهُ هارونُ علیهما السلام عَلی فِرعَونَ،وعَلَیهِما مَدارِعُ (1)الصّوفِ،وبِأَیدِیهِمَا العِصِیُّ،فَشَرَطا لَهُ-إن أسلَمَ-بَقاءَ مُلکِهِ،ودَوامَ عِزِّهِ، فَقالَ:«ألا تَعجَبونَ مِن هذَینِ یَشرِطانِ لی دَوامَ العِزِّ،وبَقاءَ المُلکِ،وهُما بِما تَرَونَ مِن حالِ الفَقرِ وَالذُّلِّ ! فَهَلّا القِیَ عَلَیهِما أساوِرَةٌ مِن ذَهَبٍ»؟إعظاماً لِلذَّهَبِ وجَمعِهِ، وَاحتِقاراً لِلصّوفِ ولُبسِهِ ! ولَو أرادَ اللّهُ سُبحانَهُ لِأَنبِیائِهِ حَیثُ بَعَثَهُم أن یَفتَحَ لَهُم کُنوزَ الذِّهبانِ،ومَعادِنَ العِقیانِ،ومَغارِسَ الجِنانِ،وأَن یَحشُرَ مَعَهُم طُیورَ السَّماءِ ووُحوشَ الأَرَضینَ لَفَعَلَ،ولَو فَعَلَ لَسَقَطَ البَلاءُ،وبَطَلَ الجَزاءُ،وَاضمَحَلَّتِ الأَنباءُ، ولَما وَجَبَ لِلقابِلینَ اجورُ المُبتَلَینَ،ولَا استَحَقَّ المُؤمِنونَ ثَوابَ المُحسِنینَ،ولا لَزِمَتِ الأَسماءُ مَعانِیَها؛ولکِنَّ اللّهَ سُبحانَهُ جَعَلَ رُسُلَهُ اولی قُوَّةٍ فی عَزائِمِهِم،وضَعَفَةً فیما تَرَی الأَعیُنُ مِن حالاتِهِم،مَعَ قَناعَةٍ تَملَأُ القُلوبَ وَالعُیونَ غِنیً،وخَصاصَةٍ (2)تَملَأُ الأَبصارَ وَالأَسماعَ أذیً.

ولَو کانَتِ الأَنبِیاءُ أهلَ قُوَّةٍ لا تُرامُ،وعِزَّةٍ لا تُضامُ،ومُلکٍ تُمَدُّ نَحوَهُ أعناقُ الرِّجالِ،وتُشَدُّ إلَیهِ عُقَدُ الرِّحالِ،لَکانَ ذلِکَ أهوَنَ عَلَی الخَلقِ فِی الاِعتِبارِ،وأَبعَدَ لَهُم فِی الاِستِکبارِ،ولَآمَنوا عَن رَهبَةٍ قاهِرَةٍ لَهُم،أو رَغبَةٍ مائِلَةٍ بِهِم،فَکانَتِ النِّیّاتُ مُشتَرِکَةً،وَالحَسَناتُ مُقتَسَمَةً؛ولکِنَّ اللّهَ سُبحانَهُ أرادَ أن یَکونَ الاِتِّباعُ لِرُسُلِهِ،وَالتَّصدیقُ بِکُتُبِهِ،وَالخُشوعُ لِوَجهِهِ،وَالاِستِکانَةُ لِأَمرِهِ،وَالاِستِسلامُ لِطاعَتِهِ،اُموراً لَهُ خاصَّةً،لا تَشوبُها مِن غَیرِها شائِبَةٌ.وکُلَّما کانَتِ البَلوی وَالاِختِبارُ أعظَمَ کانَتِ المَثوبَةُ وَالجَزاءُ أجزَلَ. (3)

ص:195


1- (1) .المدَرَعَةُ:ثوب من صوف (مجمع البحرین:ج 1 ص 588«درع»).
2- (2) .الخَصاصَةُ:الجوعُ والضعف،وأصلها الفقر والحاجة (النهایة:ج 2 ص 37«خصص»).
3- (3) .نهج البلاغة:الخطبة 192، [1]بحار الأنوار:ج 14 ص 468 ح 37. [2]

11247. نوادر الاُصول عن رفاعة بن رافع الزرقی: قالَ رَجُلٌ:یا رَسولَ اللّهِ،کَیفَ تَری فی رَقیقِنا أقوامٌ مُسلِمونَ یُصَلّونَ صَلاتَنا ویَصومونَ صِیامَنا،نَضرِبُهُم؟

فَقالَ رَسولُ اللّهِ صلی الله علیه و آله:یوزَنُ ذَنبُهُم وعُقوبَتُکُم إیّاهُم،فَإِن کانَت عُقوبَتُکُم أکثَرَ مِن ذَنبِهِم،أخَذوا مِنکُم. (1)

قال:أَفَرَأَیتَ سَبَّنا إیّاهُم؟

قالَ:یوزَنُ ذَنبُهُم وأَذاکُم إیّاهُم،فَإِن کانَ أذاکُم أکثَرَ اعطوا مِنکُم.

قالَ الرَّجُلُ:ما أسمَعُ عَدُوّاً أقرَبَ إلَیَّ مِنهُم ! فَتَلا رَسولُ اللّهِ صلی الله علیه و آله: «وَ جَعَلْنا بَعْضَکُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَ تَصْبِرُونَ وَ کانَ رَبُّکَ بَصِیراً» (2). (3)

11248. الإمام زین العابدین علیه السلام: حَقُّ السُّلطانِ أن تَعلَمَ أنَّکَ جُعِلتَ لَهُ فِتنَةً،وأَنَّهُ مُبتَلیً فیکَ بِما جَعَلَهُ اللّهُ عز و جل عَلَیکَ مِنَ السُّلطانِ. (4)

11249. الإمام علیّ علیه السلام عن الخضر علیه السلام: إنَّ اللّهَ ابتَلی عِبادَهُ بَعضَهُم بِبَعضٍ،وَابتَلَی العالِمَ بِالعالِمِ، وَالجاهِلَ بِالجاهِلِ،وَالعالِمَ بِالجاهِلِ،وَالجاهِلَ بِالعالِمِ. (5)

11250. الإمام الباقر علیه السلام: إنَّ اللّهَ عز و جل لَمّا أخرَجَ ذُرِّیَّةَ آدَمَ علیه السلام مِن ظَهرِهِ لِیَأخُذَ عَلَیهِمُ المیثاقَ

ص:196


1- (1) .فی المصدر:«منک»،والتصویب من الدرّ المنثور. [1]
2- (2) .الفرقان:20. [2]
3- (3) .نوادر الاُصول:ج 1 ص 63،تفسیر ابن أبی حاتم:ج 8 ص 2675 ح 15046 [3] عن أبی رافع الزرقی نحوه،الدرّ المنثور:ج 6 ص 244. [4]
4- (4) .کتاب من لا یحضره الفقیه:ج 2 ص 620 ح 3214،الخصال:ص 567 ح 1،الأمالی للصدوق:ص 452 ح 610، [5]مکارم الأخلاق:ج 2 ص 300 ح 2654 [6] کلّها عن ثابت بن دینار،بحار الأنوار:ج 74 ص 4 ح 1. [7]
5- (5) .تفسیر العیّاشی:ج 2 ص 348 ح 79 [8] عن الأصبغ بن نباتة،بحار الأنوار:ج 12 ص 205 ح 29؛ [9]تاریخ دمشق:ج 17 ص 350 ح 4140 عن معتمر بن سلیمان عن الإمام الباقر عن أبیه عن الخضر علیهم السلام،العظمة:ج 4 ص 1466 ح 966 عن معمر بن سام عن الإمام الباقر عن أبیه عن الخضر علیهم السلام.

بِالرُّبوبِیَّةِ لَهُ،وبِالنُّبُوَّةِ لِکُلِّ نَبِیٍّ،فَکانَ أوَّلَ مَن أخَذَ لَهُ عَلَیهِمُ المیثاقَ بِنُبُوَّتِهِ مُحَمَّدُ بنُ عَبدِ اللّهِ صلی الله علیه و آله،ثُمَّ قالَ اللّهُ عز و جل لِآدَمَ:اُنظُر ماذا تَری؟قالَ:فَنَظَرَ آدَمُ علیه السلام إلی ذُرِّیَّتِهِ وهُم ذَرٌّ (1)قَد مَلَؤُوا السَّماءَ،قالَ آدَمُ علیه السلام:یا رَبِّ ما أکثَرَ ذُرِّیَّتی ! ولِأَمرٍ ما خَلَقتَهُم،فَما تُریدُ مِنهُم بِأَخذِکَ المیثاقَ عَلَیهِم؟

قالَ اللّهُ عز و جل:یَعبُدُونَنی لا یُشرِکونَ بی شَیئاً،ویُؤمِنونَ بِرُسُلی ویَتَّبِعونَهُم.

قالَ آدَمُ علیه السلام:یا رَبِّ،فَما لی أری بَعضَ الذَّرِّ أعظَمَ مِن بَعضٍ،وبَعضَهُم لَهُ نورٌ کَثیرٌ،وبَعضَهُم لَهُ نورٌ قَلیلٌ،وبَعضَهُم لَیسَ لَهُ نورٌ؟!

فَقالَ اللّهَ عز و جل:کَذلِکَ خَلَقتُهُم لِأَبلُوَهُم فی کُلِّ حالاتِهِم.

قالَ آدَمُ علیه السلام:یا رَبِّ،فَتَأذَنُ لی فِی الکَلامِ فَأَتَکَلَّمَ؟

قالَ اللّهُ عز و جل:تَکَلَّم،فَإِنَّ روحَکَ مِن روحی،وطَبیعَتَکَ مِن خِلافِ کَینونَتی.

قالَ آدَمُ:یا رَبِّ،فَلَو کُنتَ خَلَقتَهُم عَلی مِثالٍ واحِدٍ،وقَدرٍ واحِدٍ،وطَبیعَةٍ واحِدَةٍ،وجِبِلَّةٍ واحِدَةٍ،وأَلوانٍ واحِدَةٍ،وأَعمارٍ واحِدَةٍ،وأَرزاقٍ سَواءٍ،لَم یَبغِ بَعضُهُم عَلی بَعضٍ،ولَم یَکُن بَینَهُم تَحاسُدٌ ولا تَباغُضٌ،ولَا اختِلافٌ فی شَیءٍ مِنَ الأَشیاءِ.

قالَ اللّهُ عز و جل:یا آدَمُ ! بِروحی نَطَقتَ،وبِضَعفِ طَبیعَتِکَ تَکَلَّفتَ ما لا عِلمَ لَکَ بِهِ، وأَنَا الخالِقُ العالِمُ،بِعِلمی خالَفتُ بَینَ خَلقِهِم،وبِمَشیئَتی یَمضی فیهِم أمری،وإلی تَدبیری وتَقدیری صائِرونَ،لا تَبدیلَ لِخَلقی،إنَّما خَلَقتُ الجِنَّ وَالإِنسَ لِیَعبُدونَ، وخَلَقتُ الجَنَّةَ لِمَن أطاعَنی وعَبَدَنی مِنهُم وَاتَّبَعَ رُسُلی ولا ابالی،وخَلَقتُ النّارَ لِمَن

ص:197


1- (1) .الذَرُّ:النسل (المصباح المنیر:ص 207«ذرر»).

کَفَرَ بی وعَصانی ولَم یَتَّبِع رُسُلی ولا ابالی.

وخَلَقتُکَ وخَلَقتُ ذُرِّیَّتَکَ مِن غَیرِ فاقَةٍ بی إلَیکَ وإلَیهِم،وإنَّما خَلَقتُکَ وخَلَقتُهُم لِأَبلُوَکَ وأَبلُوَهُم أیُّکُم أحسَنُ عَمَلاً فی دارِ الدُّنیا،فی حَیاتِکُم وقَبلَ مَماتِکُم.

فَلِذلِکَ خَلَقتُ الدُّنیا وَالآخِرَةَ،وَالحَیاةَ وَالمَوتَ،وَالطّاعَةَ وَالمَعصِیَةَ،وَالجَنَّةَ وَالنّارَ،وکَذلِکَ أرَدتُ فی تَقدیری وتَدبیری،وبِعِلمِی النافِذِ فیهِم خالَفتُ بَینَ صُوَرِهِم وأَجسامِهِم وأَلوانِهِم وأَعمارِهِم وأَرزاقِهِم وطاعَتِهِم ومَعصِیَتِهِم،فَجَعَلتُ مِنهُمُ الشَّقِیَّ وَالسَّعیدَ،وَالبَصیرَ وَالأَعمی،وَالقَصیرَ وَالطَّویلَ،وَالجَمیلَ وَالدَّمیمَ، وَالعالِمَ وَالجاهِلَ،وَالغَنِیَّ وَالفَقیرَ،وَالمُطیعَ وَالعاصِیَ،وَالصَّحیحَ وَالسَّقیمَ،ومَن بِهِ الزَّمانَةُ (1)ومَن لا عاهَةَ بِهِ.فَیَنظُرُ الصَّحیحُ إلَی الَّذی بِهِ العاهَةُ فَیَحمَدُنی عَلی عافِیَتِهِ،ویَنظُرُ الَّذی بِهِ العاهَةُ إلَی الصَّحیحِ فَیَدعونی ویَسأَ لُنی أن اعافِیَهُ، ویَصبِرُ عَلی بَلائی فَاُثیبُهُ جَزیلَ عَطائی،ویَنظُرَ الغَنِیُّ إلَی الفَقیرِ فَیَحمَدُنی ویَشکُرُنی،ویَنظُرُ الفَقیرُ إلَی الغَنِیِّ فَیَدعونی ویَسأَ لُنی،ویَنظُرُ المُؤمِنُ إلَی الکافِرِ فَیَحمَدُنی عَلی ما هَدَیتُهُ.

فَلِذلِکَ خَلَقتُهُم لِأَبلُوَهُم فِی السَّرّاءِ وَالضَّرّاءِ،وفیما اعافیهِم،وفیما أبتَلیهِم،وفیما اعطیهِم وفیما أمنَعُهُم،وأَنَا اللّهُ المَلِکُ القادِرُ،ولی أن امضِیَ جَمیعَ ما قَدَّرتُ عَلی ما دَبَّرتُ،ولی أن اغَیِّرَ مِن ذلِکَ ما شِئتُ إلی ما شِئتُ،واُقَدِّمُ مِن ذلِکَ ما أخَّرتُ، واُؤَخِّرُ مِن ذلِکَ ما قَدَّمتُ،وأَنَا اللّهُ الفَعّالُ لِما اریدُ،لا اسأَلُ عَمّا أفعَلُ،وأَنَا أسأَلُ خَلقی عَمّا هُم فاعِلونَ. (2)

ص:198


1- (1) .الزمانة:العاهة (مجمع البحرین:ج 2 ص 782«زمن»).
2- (2) .الکافی:ج 2 ص 8 ح 2، [1]علل الشرائع:ص 10 ح 4، [2]الاختصاص:ص 332،مختصر بصائر الدرجات:ص 155 کلّها عن حبیب السجستانی نحوه،بحار الأنوار:ج 5 ص 226 ح 5. [3]

11251. الإمام الصادق علیه السلام -فی قَولِهِ تَعالی: «وَ لَوْ لا أَنْ یَکُونَ النّاسُ أُمَّةً واحِدَةً لَجَعَلْنا لِمَنْ یَکْفُرُ بِالرَّحْمنِ لِبُیُوتِهِمْ سُقُفاً مِنْ فِضَّةٍ وَ مَعارِجَ عَلَیْها یَظْهَرُونَ* وَ لِبُیُوتِهِمْ أَبْواباً وَ سُرُراً عَلَیْها یَتَّکِؤُنَ» (1)-:لَو فَعَلَ اللّهُ ذلِکَ لَما آمَنَ أحَدٌ،ولکِنَّهُ جَعَلَ فِی المُؤمِنینَ أغنِیاءَ وفِی الکافِرینَ فُقَراءَ،وجَعَلَ فِی الکافِرینَ أغنِیاءَ وفِی المُؤمِنینَ فُقَراءَ،ثُمَّ امتَحَنَهُم بِالأَمرِ وَالنَّهیِ وَالصَّبرِ وَالرِّضا. (2)

11252. عنه علیه السلام: مَسأَلَةُ ابنِ آدَمَ لِابنِ آدَمَ فِتنَةٌ؛إن أعطاهُ حَمِدَ مَن لَم یُعطِهِ،وإن رَدَّهُ ذَمَّ مَن لَم یَمنَعهُ. (3)

11253. الکافی عن علیّ بن عیسی رفعه،قال: إنَّ موسی علیه السلام ناجاهُ اللّهُ تَبارَکَ وتَعالی،فَقالَ لَهُ فی مُناجاتِهِ:...یا موسی،أبناءُ الدُّنیا وأَهلُها فِتَنٌ بَعضُهُم لِبَعضٍ،فَکُلٌّ مُزَیَّنٌ لَهُ ما هُوَ فیهِ. (4)

8/3 القُدرَةُ الباطِنِیَّةُ

«قالَ الَّذِی عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْکِتابِ أَنَا آتِیکَ بِهِ قَبْلَ أَنْ یَرْتَدَّ إِلَیْکَ طَرْفُکَ فَلَمّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قالَ هذا مِنْ فَضْلِ رَبِّی لِیَبْلُوَنِی أَ أَشْکُرُ أَمْ أَکْفُرُ وَ مَنْ شَکَرَ فَإِنَّما یَشْکُرُ لِنَفْسِهِ وَ مَنْ کَفَرَ فَإِنَّ رَبِّی غَنِیٌّ کَرِیمٌ» . (5)

ص:199


1- (1) .الزخرف:33 و 34. [1]
2- (2) .تفسیر القمّی:ج 2 ص 284. [2]
3- (3) .تحف العقول:ص 365،بحار الأنوار:ج 78 ص 248 ح 83. [3]
4- (4) .الکافی:ج 8 ص 42-47 ح 8، [4]تحف العقول:ص 494،أعلام الدین:ص 221 [5] ولیس فیهما«أبناء»،بحار الأنوار:ج 77 ص 37 ح 7. [6]
5- (5) .النمل:40. [7]

9/3 الشَّهوَةُ الجِنسِیَّةٌ

11254. رسول اللّه صلی الله علیه و آله: ما تَرَکتُ بَعدی فِتنَةً أضَرَّ عَلَی الرِّجالِ مِنَ النِّساءِ. (1)

11255. عنه صلی الله علیه و آله: ما أخافُ عَلی امَّتی فِتنَةً أخوَفَ عَلَیها مِنَ النِّساءِ وَالخَمرِ. (2)

11256. عنه صلی الله علیه و آله: أصابَتکُم فِتنَةُ الضَّرّاءِ فَصَبَرتُم،وإنَّ أخوَفَ ما أخافُ عَلَیکُم فِتنَةُ السَّرّاءِ مِن قِبَلِ النِّساءِ،إذا تَسَوَّرنَ الذَّهَبَ،ولَبِسنَ رَیطَ (3)الشّامِ وعَصبَ الیَمَنِ (4)،وأَتعَبنَ الغَنِیَّ، وکَلَّفنَ الفَقیرَ مالا یَجِدُ. (5)

11257. الإمام علیّ علیه السلام: النِّساءُ أعظَمُ الفِتنَتَینِ. (6)

11258. عنه علیه السلام: لا فِتنَةَ أعظَمُ مِنَ الشَّهوَةِ. (7)

ص:200


1- (1) .صحیح البخاری:ج 5 ص 1959 ح 4808،صحیح مسلم:ج 4 ص 2097 ح 97،سنن الترمذی:ج 5 ص 103 ح 2780،سنن ابن ماجة:ج 2 ص 1325 ح 3998 کلّها عن اسامة بن زید،کنز العمّال:ج 16 ص 286 ح 44503؛مجمع البیان:ج 2 ص 711.
2- (2) .الفردوس:ج 4 ص 94 ح 6293 عن الإمام علیّ علیه السلام،تاریخ بغداد:ج 14 ص 79 الرقم 7432 [1] عن هبیرة بن یریم عن الإمام علیّ علیه السلام عنه صلی الله علیه و آله نحوه،کنز العمّال:ج 16 ص 286 ح 44502 عن یوسف الخفّاف فی مشیخته عن الإمام علیّ علیه السلام عنه صلی الله علیه و آله.
3- (3) .رَیطة:کلّ ثوب رقیق (المصباح المنیر:ص 248«ریط»).
4- (4) .العَصبُ الیمانی:هو بُرد یَمنیَّة یُعصَبُ غزلها؛أی یجمع ویُشَدُّ،ثم یُصبغ ویُنسَجُ (مجمع البحرین:ج 2 ص 1222«عصب»).
5- (5) .تاریخ بغداد:ج 3 ص 190 الرقم 1233 [2] عن معاذ بن جبل،المصنّف لابن أبی شیبة:ج 8 ص 618 ح 173،الزهد لابن المبارک:ص 271 ح 785،حلیة الأولیاء:ج 1 ص 236، [3]شعب الإیمان:ج 4 ص 362 ح 5414 [4] وفیه صدره إلی«النساء»وکلّها عن معاذ بن جبل من دون إسنادٍ إلی أحدٍ من أهل البیت علیهم السلام نحوه،کنز العمّال:ج 16 ص 283 ح 44482.
6- (6) .غرر الحکم:ج 2 ص 26 ح 1680.
7- (7) .غرر الحکم:ج 6 ص 393 ح 10725، [5]عیون الحکم والمواعظ:ص 538 ح 9930.

10/3 اللَّذائذُ الدُّنیَوِیَّةُ

11259. الإمام علیّ علیه السلام: ألا إنَّ الدُّنیا دارٌ لا یُسلَمُ مِنها إلّافیها،ولا یُنجی بِشَیءٍ کانَ لَهَا،ابتُلِیَ النّاسُ بِها فِتنَةً،فَما أخَذوهُ مِنها لَها اخرِجوا مِنهُ وحوسِبوا عَلَیهِ،وما أخَذَوهُ مِنها لِغَیرِها قَدِموا عَلَیهِ وأَقاموا فیهِ،فَإِنَّها عِندَ ذَوِی العُقولِ کَفَیءِ الظِّلِّ؛بَینا تَراهُ سابِغاً حَتّی قَلَصَ (1)،وزائِداً حَتّی نَقَصَ. (2)

11260. عنه علیه السلام: احفَظ بَطنَکَ وفَرجَکَ؛فَفیهِما فِتنَتُکَ. (3)

11261. تاریخ دمشق عن عبد اللّه بن جراد: قالَ لی رَسولُ اللّهِ صلی الله علیه و آله کَم إبِلُکُ؟قالَ:قُلتُ ثَلاثونَ،قالَ:إنَّ ثَلاثَین خَیرٌ مِن مِئَةٍ،قُلتُ:یا رَسولَ اللّهِ! إنّا لَنَری أنَّ المِئَةَ أکثَرُ مِن ثَلاثینَ،وهِیَ أحَبُّ إلَینا !

قالَ:إنَّ رَبَّها بِها مُعجَبٌ وإنَّهُ لا یُؤَدّی حَقَّها،إنَّ المِئَةَ مُفرِحَةٌ مُفتِنَةٌ،وکُلُّ مُفرِحٍ مُفتِنٌ. (4)

11/3 أحکامٌ لا تُعلَمُ حِکمَتُها

11262. الإمام علیّ علیه السلام: ولَو أرادَ اللّهُ أن یَخلُقَ آدَمَ مِن نورٍ یَخطَفُ الأَبصارَ ضِیاؤُهُ،ویَبهَرُ

ص:201


1- (1) .قَلَصَ:اجتمع (النهایة:ج 4 ص 100«قلص»).
2- (2) .نهج البلاغة:الخطبة 63، [1]روضة الواعظین:ص 483 [2] وفیه«ذوق،سائغاً»بدل«ذوی،سابغاً»،عیون الحکم والمواعظ:ص 148 ح 3252 نحوه،بحار الأنوار:ج 73 ص 119 ح 110. [3]
3- (3) .غرر الحکم:ج 2 ص 179 ح 2289، [4]عیون الحکم والمواعظ:ص 78 ح 1883.
4- (4) .تاریخ دمشق:ج 27 ص 240 ح 5793،أمثال الحدیث للرامهرمزی:ص 163 نحوه،کنز العمّال:ج 6 ص 562 ح 16943.

العُقولَ رُواؤُهُ،وطیبٍ یَأخُذُ الأَنفاسَ عَرفُهُ،لَفَعَلَ؛ولَو فَعَلَ لَظَلَّت لَهُ الأَعناقُ خاضِعَةً،ولَخَفَّتِ البَلوی فیهِ عَلَی المَلائِکَةِ،ولکِنَّ اللّهَ سُبحانَهُ یَبتَلی خَلقَهُ بِبَعضِ ما یَجهَلونَ أصلَهُ؛تَمییزاً بِالاِختِبارِ لَهُم،ونَفیاً لِلاِستِکبارِ عَنهُم،وإبعاداً لِلخُیَلاءِ مِنهُم. (1)

ص:202


1- (1) .نهج البلاغة:الخطبة 192، [1]بحار الأنوار:ج 14 ص 465 ح 37. [2]

الفصل الرابع:أشدّ ما یبتلی به

1/4 الإِملاءُ

الکتاب

«وَ الَّذِینَ کَذَّبُوا بِآیاتِنا سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَیْثُ لا یَعْلَمُونَ* وَ أُمْلِی لَهُمْ إِنَّ کَیْدِی مَتِینٌ» . (1)

«فَذَرْنِی وَ مَنْ یُکَذِّبُ بِهذَا الْحَدِیثِ سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَیْثُ لا یَعْلَمُونَ* وَ أُمْلِی لَهُمْ إِنَّ کَیْدِی مَتِینٌ» . (2)

الحدیث

11263. الکافی عن سماعة بن مهران: سَأَلتُ أبا عَبدِ اللّهِ علیه السلام عَن قَولِ اللّهِ عز و جل: «سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَیْثُ لا یَعْلَمُونَ» قالَ:هُوَ العَبدُ یُذنِبُ الذَّنبَ فَتُجَدَّدُ لَهُ النِّعمَةُ مَعَهُ،تُلهیهِ تِلکَ النِّعمَةُ عَنِ الاِستِغفارِ مِن ذلِکَ الذَّنبِ. (3)

11264. الإمام الصادق علیه السلام: إنَّ اللّهَ إذا أرادَ بِعَبدٍ خَیراً فَأَذنَبَ ذَنباً أتبَعَهُ بِنَقِمَةٍ ویُذَکِّرُهُ

ص:203


1- (1) .الأعراف:182 و 183. [1]
2- (2) .القلم:44 و 45. [2]
3- (3) .الکافی:ج 2 ص 452 ح 3، [3]معجم الفروق اللغویة:ص 73 الرقم 290،بحار الأنوار:ج 5 ص 218 ح 11. [4]

الاِستِغفارَ،وإذا أرادَ بِعَبدٍ شَرّاً فَأَذنَبَ ذَنباً أتبَعَهُ بِنِعمَةٍ؛لِیُنسِیَهُ الاِستِغفارَ ویَتَمادی بِها،وهُوَ قَولُ اللّهِ عز و جل: «سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَیْثُ لا یَعْلَمُونَ» بِالنِّعَمِ عِندَ المَعاصی. (1)

11265. رسول اللّه صلی الله علیه و آله: رُبَّ مُستَدرَجٍ بِالإِحسانِ إلَیهِ،مَفتونٍ بِحُسنِ القَولِ فیهِ،مَغرورٍ بِالسَّترِ عَلَیهِ. (2)

11266. الإمام علیّ علیه السلام: کَم مِن مُستَدرَجٍ بِالإِحسانِ إلَیهِ،ومَغرورٍ بِالسَّترِ عَلَیهِ،ومَفتونٍ بِحُسنِ القَولِ فیهِ،ومَا ابتَلَی اللّهُ أحَداً بِمِثلِ الإِملاءِ لَهُ. (3)

11267. رجال الکشّی عن الحسین بن الحسن: قُلتُ لِأَبِی الحَسَنِ الرِّضا علیه السلام:إنّی تَرَکتُ ابنَ قیاما مِن أعدی خَلقِ اللّهِ لَکَ،قالَ:ذلِکَ شَرٌّ لَهُ،قُلتُ:ما أعجَبَ ما أسمَعُ مِنکَ جُعِلتُ فِداکَ !

قالَ:أعجَبُ مِن ذلِکَ إبلیسُ؛کانَ فی جِوارِ اللّهِ عز و جل فِی القُربِ مِنهُ،فَأَمَرَهُ فَأَبی وتَعَزَّزَ فَکانَ مِنَ الکافِرینَ،فَأَملَی اللّهُ لَهُ،وَاللّهِ ما عَذَّبَ اللّهُ بِشَیءٍ أشَدَّ مِنَ الإِملاءِ، وَاللّهِ یا حُسَینُ،ما عَذَّبَهُمُ اللّهُ بِشَیءٍ أشَدَّ مِنَ الإِملاءِ. (4)

ص:204


1- (1) .الکافی:ج 2 ص 452 ح 1، [1]علل الشرائع:ص 561 [2] کلاهما عن سفیان بن السمط،مشکاة الأنوار:ص 579 ح 1926 [3] ولیس فیه صدره إلی«الاستغفار»الأوّل،مجمع البحرین:ج 1 ص 585، [4]بحار الأنوار:ج 5 ص 217 ح 9. [5]
2- (2) .أعلام الدین:ص 259، [6]الکافی:ج 2 ص 452 ح 4 و ج 8 ص 128 ح 98 [7] کلاهما عن حفص بن غیاث،تحف العقول:ص 357 [8] کلّها عن الإمام الصادق علیه السلام نحوه،بحار الأنوار:ج 78 ص 225 ح 95؛ [9]تفسیر القرطبی:ج 18 ص 251، [10]تفسیر الثعلبی:ج 10 ص 23 [11] کلاهما عن الحسن من دون إسنادٍ إلی أحدٍ من أهل البیت علیهم السلام نحوه.
3- (3) .نهج البلاغة:الحکمة 116 و 260، [12]تحف العقول:ص 203 و 281 نحوه ولیس فیه ذیله،الأمالی للطوسی:ص 443 ح 992 [13] عن ثعلبة بن میمون عن الإمام الصادق عنه علیهما السلام،تاریخ الیعقوبی:ج 2 ص 206، [14]بحار الأنوار:ج 5 ص 220 ح 17. [15]
4- (4) .رجال الکشی:ج 2 ص 828 ح 1045، [16]بحار الأنوار:ج 5 ص 216 ح 3. [17]

2/4 الإِنفاقُ

11268. الإمام الصادق علیه السلام: مَا ابتُلِیَ النّاسُ بِشَیءٍ أشَدَّ مِن إخراجِ الدِّرهَمِ؛لَاالصَّلاةِ ولَا الصِّیامِ ولَا الحَجِّ،فَإِنَّ اللّهَ تَعالی یَقولُ: «وَ لا یَسْئَلْکُمْ أَمْوالَکُمْ* إِنْ یَسْئَلْکُمُوها فَیُحْفِکُمْ تَبْخَلُوا» (1)،ثُمَّ قالَ: «وَ مَنْ یَبْخَلْ فَإِنَّما یَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَ اللّهُ الْغَنِیُّ وَ أَنْتُمُ الْفُقَراءُ» (2). (3)

3/4 الفَقرُ

11269. رسول اللّه صلی الله علیه و آله: أوحَی اللّهُ تَعالی إلی إبراهیمَ علیه السلام:خَلَقتُکَ وَابتَلَیتُکَ بِنارِ نُمرودَ،فَلَوِ ابتَلَیتُکَ بِالفَقرِ ورَفَعتُ عَنکَ الصَّبرَ فَما تَصنَعُ؟

قالَ إبراهیمُ:یا رَبِّ ! الفَقرُ إلَیَّ أشَدُّ مِن نارِ نُمرودَ.

قالَ اللّهُ تَعالی:فَبِعِزَّتی وجَلالی،ما خَلَقتُ فِی السَّماءِ وَالأَرضِ أشَدَّ مِنَ الفَقرِ. (4)

11270. عنه صلی الله علیه و آله: جَهدُ البَلاءِ (5)کَثرَةُ العِیالِ مَعَ قِلَّةِ الشَّیءِ. (6)

11271. عنه صلی الله علیه و آله: جَهدُ البَلاءِ کَثرَةُ العِیالِ وقِلَّةُ المالِ،وقِلَّةُ العِیالِ أحَدُ الیَسارَینِ. (7)

ص:205


1- (1) .محمد:36،37 و 38.
2- (2) .محمد:36،37 و 38. [1]
3- (3) .أعلام الدین:ص 120. [2]
4- (4) .جامع الأخبار:ص 299 ح 817، [3]بحار الأنوار:ج 72 ص 47 ح 58. [4]
5- (5) .الجَهدُ:النهایة والغایة،وهو مصدرٌ مِن جَهَدَ فی الأمر جهداً ما إذا طلب حتّی بلغ غایته فی الطلب.وجَهَدَه الأمرُ والمرضُ:إذا بلغ منه المشقّة،ومنه جَهدُ البلاء (المصباح المنیر:ص 112« [5]جهد»).
6- (6) .الفردوس:ج 2 ص 110 ح 2580 عن ابن عمر،تاریخ جرجان:ص 125 الرقم 154 نحوه،فتح الباری:ج 11 ص 149 کلاهما عن ابن عمر من دون إسنادٍ إلی أحدٍ من أهل البیت علیهم السلام،لسان العرب:ج 3 ص 134 [6] من دون إسنادٍ إلی أحدٍ من أهل البیت علیهم السلام،کنز العمّال:ج 16 ص 285 ح 44491 نقلاً عن الحاکم فی تاریخه عن ابن عمر؛مجمع البحرین:ج 1 ص 330 [7] من دون إسنادٍ إلی أحدٍ من أهل البیت علیهم السلام،بحار الأنوار:ج 86 ص 111.
7- (7) .دعائم الإسلام:ج 2 ص 255 ح 970، [8]الجعفریات:ص 238 [9] عن الإمام الکاظم عن آبائه عن الإمام علیّ علیهم السلام ولیس فیه ذیله.

11272. عنه صلی الله علیه و آله: جَهدُ (1)البَلاءِ أن تَحتاجوا إلی ما فی أیدِی النّاسِ فَیَمنَعونَ. (2)

11273. الإمام علیّ علیه السلام -لِلحَسَنِ علیه السلام-:یا بُنَیَّ،مَنِ ابتُلِیَ بِالفَقرِ فَقَدِ ابتُلِیَ بِأَربَعَ خِصالٍ:بِالضَّعفِ فی یَقینِهِ،وَالنُّقصانِ فی عَقلِهِ،وَالرِّقَّةِ فی دینِهِ،وقِلَّةِ الحَیاءِ فی وَجهِهِ؛فَنَعوذُ بِاللّهِ مِنَ الفَقرِ. (3)

11274. الکافی: رُوِیَ عَن لُقمانَ أنَّهُ قالَ لِابنِهِ:یا بُنَیَّ،ذُقتُ الصَّبِرَ،وأَکَلتُ لِحاءَ الشَّجَرِ،فَلَم أجِد شَیئاً هُوَ أمَرُّ مِنَ الفَقرِ ! فَإِن بُلیتَ بِهِ یَوماً فَلا تُظهِرِ (4)النّاسَ عَلَیهِ فَیَستَهینوکَ ولا یَنفَعوکَ بِشَیءٍ،ارجِع إلَی الَّذِی ابتَلاکَ بِهِ فَهُوَ أقدَرُ عَلی فَرَجِکَ وسَلهُ؛مَن ذَا الَّذی سَأَلَهُ فَلَم یُعطِهِ،أو وَثِقَ بِهِ فَلَم یُنجِهِ؟! (5)

4/4 تِلکَ الخِصالُ

11275. الکافی عن أبی اسامة عن الإمام الصادق علیه السلام: مَا ابتُلِیَ المُؤمِنُ بِشَیءٍ أشَدَّ عَلَیهِ مِن خِصالٍ ثَلاثٍ یُحرَمُها.قیلَ:وما هُنَّ؟قالَ:المُؤاساةُ فی ذاتِ یَدِهِ،وَالإِنصافُ من نَفسِهِ،وذِکرُ اللّهِ کَثیراً؛أما إنّی لا أقولُ:«سُبحانَ اللّهِ،وَالحَمدُ للّهِ ِ،ولا إلهَ إلَّااللّهُ»،ولکِن ذِکرُ اللّهِ عِندَ ما أحَلَّ لَهُ،وذِکرُ اللّهِ عِندَ ما حَرَّمَ عَلَیهِ. (6)

ص:206


1- (1) .فی المصدر:«جهاد»،والتصویب من کنز العمّال.
2- (2) .الفردوس:ج 2 ص 110 ح 2581 عن ابن عبّاس،کنز العمّال:ج 6 ص 492 ح 16684.
3- (3) .جامع الأخبار:ص 300 ح 818، [1]بحار الأنوار:ج 72 ص 47 ح 58. [2]
4- (4) .فی الطبعة المعتمدة:«و لا تظهر»،والتصویب من طبعة مرکز بحوث دار الحدیث.
5- (5) .الکافی:ج 4 ص 22 ح 8، [3]کنزالفوائد:ج 2 ص 66، [4]اعلام الدین:ص 327 [5] کلاهما نحوه،بحار الأنوار:ج 78 ص 458 ح 27. [6]
6- (6) .الکافی:ج 2 ص 145 ح 9، [7]الخصال:ص 128 ح 130،معانی الأخبار:ص 192 ح 1،تحف العقول:ص 207 عن الإمام علیّ علیه السلام،مشکاة الأنوار:ص 115 ح 270 [8] نحوه،بحار الأنوار:ج 75 ص 35 ح 30. [9]

47.البُهتانُ

اشارة

ص:207

ص:208

المدخل

البهتان لغة واصطلاحاً

کلمة البهتان مصدر من مادة«ب ه ت»،وتدلّ علی النطق بکلام (1)أو القیام بعمل (2)یؤدّی إلی بهت شخص ما وإیقاعه فی الحیرة،ولذلک یسمی الکلام الکاذب الذی تُنسب فیه المخالفة إلی شخص ما،بالبهتان؛ذلک لأنّ هذا الشخص یقع فی الحیرة والدهشة لسماع تلک النسبة.

یقول ابن فارس فی هذا المجال:

الباءُ وَالهاءُ وَالتّاءُ أصلٌ واحِدٌ وهُوَ کَالدَّهشِ وَالحَیرَةِ؛یُقالُ:بُهِتَ الرَّجُلُ یُبهَتُ بَهَتاً،وَالبَهتَةُ الحَیرَةُ،فَأَمَّا البُهتانُ فَالکَذِبُ،یَقولُ العَرَبُ:یا لَلبَهیتَة،أی یا لَلکَذِب. (3)

کما ذکر ابن منظور فی بیان معنی البهتان قائلاً:

بَهَتَ الرَّجُلَ یَبهَتُهُ بَهتاً وبَهَتاً وبُهتاناً،فَهُوَ بَهّاتٌ أی قالَ عَلَیهِ ما لَم یَفعَلهُ فَهُوَ مَبهوتٌ...قالَ أبو إسحاقَ:البُهتانُ الباطِلُ الَّذی یُتَحَیَّرُ مِن بُطلانِهِ،ومِنَ البَهتِ:

التَّحَیُّرُ. (4)

ص:209


1- (1) .شاهده الآیة:: «قالَ إِبْراهِیمُ فَإِنَّ اللّهَ یَأْتِی بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِها مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِی کَفَرَ» (البقرة:258). [1]
2- (2) .شاهده الآیة:: «وَ یَقُولُونَ مَتی هذَا الْوَعْدُ... بَلْ تَأْتِیهِمْ بَغْتَةً فَتَبْهَتُهُمْ» (الأنبیاء:40). [2]
3- (3) .معجم مقاییس اللغة:ج 1 ص 307« [3]بهت».
4- (4) .لسان العرب:ج 2 ص 12 و 13« [4]بهت».

و یقول الراغب:

قالَ اللّهُ عز و جل: «فَبُهِتَ الَّذِی کَفَرَ» (1) أی دُهِشَ وتَحَیَّرَ.وقَد بَهَتَهُ،قالَ عز و جل: «هذا بُهْتانٌ عَظِیمٌ» (2) ،أی کَذِبٌ یُبهِتُ سامِعَهُ لِفظاعَتِهِ. (3)

الفرق بین«البهتان»و«التهمة»

جدیر بالقول أنّ البعض یعتبر«البهتان»و«التهمة»مترادفَین،فی حین أنّ«التهمة» اسم مصدر من مادة«وهم»بمعنی سوء الظنّ.

یقول ابن منظور فی بیان معنی«التهمة»:

التُّهَمَةُ أصلُهَا الوُهَمَةُ مِنَ الوَهمِ،ویُقالُ:اِتَّهَمتُهُ افتِعالٌ مِنهُ. [ قالَ ] الجَوهَرِیُّ:

اتَّهَمتُ فُلاناً بِکَذا،وَالاِسمُ التُّهَمَةُ-بالتحریک-. [ قالَ ] ابنُ سَیِّدَةَ:التُّهَمَةُ:

الظَّنُّ... [ قالَ ] سیبَوَیهِ:اِتَّهَمَ الرَّجُلَ وأَتهَمَهُ وأَوهَمَهُ:أدخَلَ عَلَیهِ التُّهَمَةَ أی ما یُتَّهَمُ عَلَیهِ.... (4)

وبناءً علی ذلک،فإنّ کون النسبة کذباً واضحة للناسب فی«البهتان»،خلافاً للتّهمة فإنّه لیس مطمئنّاً بکذبه بل إنّ سوء الظنّ هو الذی یؤدّی إلی تلک النسبة، ولذلک فإنّنا سوف نطرح روایات«التهمة»فی مبحث«الظن».

«البهتان»فی الکتاب والسنة

اشارة

استُخدمت کلمة«البهتان»فی الکتاب والسنة بنفس معناها اللغوی،أی نسبة شیء کذباً إلی شخص یعلم الناسب أنه بریء منه،ویذکر القرآن الکریم مشیراً إلی هذا

ص:210


1- (1) .البقرة:258. [1]
2- (2) .النور:16. [2]
3- (3) .مفردات ألفاظ القرآن:ص 148« [3]بهت».
4- (4) .لسان العرب:ج 12 ص 644« [4]وهم».

المعنی:

«وَ الَّذِینَ یُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِینَ وَ الْمُؤْمِناتِ بِغَیْرِ مَا اکْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتاناً وَ إِثْماً مُبِیناً» . (1)

وقد أبان الإمام الصادق علیه السلام-استناداً إلی نقل الکلینی رحمه الله-الفرقَ بین الغیبة والبهتان حیث قال:

الغیبَةُ أن تَقولَ فی أخیکَ ما سَتَرَهُ اللّهُ عَلَیهِ،وأَمَّا الأَمرُ الظّاهِرُ فیهِ مِثلُ الحِدَّةِ وَالعَجَلَةِ فَلا،وَالبُهتانُ أن تَقولَ فیهِ ما لَیسَ فیهِ. (2)

جدیر ذکره أنّ نسبة الزنا واللواط إلی الشخص المسلم دون دلیل وحجة شرعیة -وهما شهادة أربعة عدول-تعتبر فی الإسلام بهتاناً حتی مع العلم بصحة تلک النسبة.یقول القرآن الکریم مشیراً إلی هذا المعنی:

«لَوْ لا جاؤُ عَلَیْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ فَإِذْ لَمْ یَأْتُوا بِالشُّهَداءِ فَأُولئِکَ عِنْدَ اللّهِ هُمُ الْکاذِبُونَ... وَ لَوْ لا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ ما یَکُونُ لَنا أَنْ نَتَکَلَّمَ بِهذا سُبْحانَکَ هذا بُهْتانٌ عَظِیمٌ» . (3)

وعلی هذا الأساس،فإنَّ الذی یعلم بأنّ أحد المسلمین قد ارتکب هذا الذنب، إلّا أنه لیس بمقدوره أن یأتی بأربعة شهود عدول لإثبات ادعائه،لیس من حقّه أن ینسب الزنا إلیه،وإذا ما فعل ذلک،عوقب بثمانین جلدة حسب النصّ الصریح للقرآن:

«وَ الَّذِینَ یَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ ثُمَّ لَمْ یَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِینَ جَلْدَةً وَ لا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهادَةً أَبَداً وَ أُولئِکَ هُمُ الْفاسِقُونَ» . (4)

ص:211


1- (1) .الأحزاب:58. [1]
2- (2) .ص 223 ح 11283. [2]
3- (3) .النور:13-16. [3]
4- (4) .النور:4. [4]

وبناءً علی ذلک،یمکن القول إنّ«البهتان»فی اصطلاح الکتاب والسنّة،أعمّ من معناه اللغوی فیما یتعلّق بنسبة الزنا أو اللواط إلی المسلم.وبعبارة أکثر وضوحاً، فإنّ الغیبة من وجهة نظر الإسلام فی هذین الموضعین تُعتبر بهتاناً نظراً إلی أنها توجّه ضربةً قاصمةً إلی کرامة الإنسان المسلم،وتهدم کیانه الاجتماعی بشکل کامل.

جدیر ذکره أنّ کلمة«البهتان»استُخدمت فی القرآن الکریم ستّ مرات (1)،کما استُخدمت کلمات مثل«الافتراء» (2)،«الإفک» (3)،«الکذب» (4)،«الرمی» (5)و«التقوّل» (6)بمعنی البهتان فی هذا الکتاب السماوی.

والملاحظة الملفتة للنظر أنّ کلمة«البهتان»فی القرآن،لم تُستخدم إلّافیما یتعلّق بالکذب علی الإنسان،کما استخدمت مشتقات کلمة«الرمی»أربع مرات (7)فی القرآن بمعنی نسبة الکذب إلی الإنسان،فی حین أنّ کلمة«الافتراء»استعملت فی الأعم الأغلب من المواضع فی الکذب علی اللّه تعالی،کما استُخدمت کلمة «التقوّل» (8)مرتین فی الکذب علی اللّه،وأمّا کلمتا«الإفک»و«الکذب»،فقد استخدمتا فی القرآن فی کل من الکذب علی اللّه والکذب علی الإنسان.

وسنورد فیما یلی توضیحاً مختصراً حول إرشادات الکتاب والسنّة الإسلامیة فیما یخصّ هذا السلوک القبیح:

ص:212


1- (1) .النساء:20 و 112 و 156،النور:16،الأحزاب:58،الممتحنة:12.
2- (2) .آل عمران:94،النساء:48،الأنعام:21 و 93 و 138 و 140،الأعراف:89 و....
3- (3) .النور:12،الفرقان:4،العنکبوت:17،سبأ:43 و....
4- (4) .آل عمران:75 و 78 و 94 و....
5- (5) .النساء:112،النور:4 و 6 و 23.
6- (6) .الحاقة:44،الطور:33.
7- (7) .النساء:112،النور:4 و 6 و 23.
8- (8) .الحاقة:44،الطور:33.
1.مصادیق البهتان فی القرآن
اشارة

رغم أن الکتاب والسنة الإسلامیة اعتبرتا مطلق البهتان والنسبة الباطلة إلی الأشخاص الأبریاء،أمراً مذموماً،إلّاأنّ القرآن قد أشار إلی بعض الأمثلة من النسب الباطلة،حیث یمکن أن نذکرها باعتبارها أذمّ مصادیقها:

أ-نسبة الإنسان ذنبه إلی شخص آخر

إن النسبة الباطلة إلی الآخرین تکون علی نوعین:فقد لا یکون الباهت قد ارتکب ذلک الذنب بنفسه،وقد یکون ارتکبه ثم تبلغ به الوقاحة إلی أن ینسبه إلی شخص آخر،ولا شکّ أنّ النوع الثانی من البهتان أکثر مذمّةً،ومسؤولیته أکثر فداحة،وقد ذکر القرآن هذا النوع من البهتان کالتالی:

«وَ مَنْ یَکْسِبْ إِثْماً فَإِنَّما یَکْسِبُهُ عَلی نَفْسِهِ وَ کانَ اللّهُ عَلِیماً حَکِیماً* وَ مَنْ یَکْسِبْ خَطِیئَةً أَوْ إِثْماً ثُمَّ یَرْمِ بِهِ بَرِیئاً فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتاناً وَ إِثْماً مُبِیناً» . (1)

ومن الملفت للنظر أنّه قد جاء فی شأن نزول هذه الآیة أنّ الشخص البریء کان یهودیّاً فاتُّهم بالسرقة من قبل شخص مسلم فی الظاهر،فی حین أنّ المتّهم کان هو نفسه الذی ارتکب هذا الذنب. (2)

ب-الافتراء علی زوجة النبی صلی الله علیه و آله

من المصادیق الاُخری للبهتان،الافتراء علی إحدی زوجات النبی صلی الله علیه و آله حیث ذکره القرآن تحت عنوان«الإفک» (3)وبرَّأ أسرة النبی صلی الله علیه و آله من هذه التهمة ونهی المسلمین

ص:213


1- (1) .النساء:111 و 112. [1]
2- (2) .راجع:ص 224 ( [2] أقبح البهتان ).
3- (3) .کان منشأ هذه الشائعة هو أنّ إحدی زوجات النبی صلی الله علیه و آله کانت قد تأخّرت فی إحدی الغزوات عن جیش المسلمین والتحقت بالقافلة برفقة أحد الرجال المسلمین،فاتّهمها بعض المسلمین بالفاحشة،وقد ذمّهم اللّه تعالی فی آیات من سورة النور بشدّة ونهی عن نشر هذه الشائعة،وقد رأی معظم المفسّرین أنّ هذه الآیات قد نزلت فی عائشة،حیث اتّهمت من قبل بعض المنافقین بزعامة عبد اللّه بن أبی سلول،إلّاأنّ بعض الروایات وبعض التفاسیر تری أنّ هذه الآیات نزلت فی ماریة القبطیة التی تعرّضت للافتراء من جانب عائشة (راجع:تفسیر القمی:ج 2 ص 99، [3]بحار الأنوار:ج 22 ص 154 ح 10-12).

بشدة عن نشر هذه الشائعة العدیمة الأساس ودعا إلی التصدی لها:

«وَ لَوْ لا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ ما یَکُونُ لَنا أَنْ نَتَکَلَّمَ بِهذا سُبْحانَکَ هذا بُهْتانٌ عَظِیمٌ» . (1)

وفی الحقیقة فإنّ هذه الآیة لم تطلب من المسلمین عدم الترویج لهذه الشائعة فحسب،بل تطلب منهم أیضاً أن یسعوا من أجل الحیلولة دون انتشارها،ثم تمضی الآیات التی نزلت فی هذا الشأن،إلی تهدید الأشخاص الذین یرجفون بهذه الشائعات،حیث تقول:

«إِنَّ الَّذِینَ یُحِبُّونَ أَنْ تَشِیعَ الْفاحِشَةُ فِی الَّذِینَ آمَنُوا لَهُمْ عَذابٌ أَلِیمٌ فِی الدُّنْیا وَ الْآخِرَةِ وَ اللّهُ یَعْلَمُ وَ أَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ» . (2)

ج-البهتان علی الزوجة من أجل سلبها مهرها

من السنن الخاطئة التی کانت سائدة فی العصر الجاهلی أنّ بعض الرجال کانوا یتّهمون زوجاتهم السابقات بالزنا عند تزوجهم من نساء اخریات کی یسلبوهنّ مهورهنّ،وقد اعتبر القرآنُ هذا العملَ إثماً مبیناً،ونهی عنه قائلاً:

«وَ إِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدالَ زَوْجٍ مَکانَ زَوْجٍ وَ آتَیْتُمْ إِحْداهُنَّ قِنْطاراً فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَیْئاً أَ تَأْخُذُونَهُ بُهْتاناً وَ إِثْماً مُبِیناً» . (3)

ص:214


1- (1) .النور:16. [1]
2- (2) .النور:19. [2]
3- (3) .النساء:20. [3]
د-نسبة الولد غیر الشرعی إلی الزوج

و من السنن الاُخری التی کانت سائدة فی الجاهلیة أنّ بعض النساء کنّ ینسبن أولادهنّ غیر الشرعیّین إلی أزواجهن،حیث أمرَ اللّهُ تعالی النبیَّ صلی الله علیه و آله أن یطلب من النساء اجتناب الذنب المذکور حین مبایعتهنّ له،ضمن تعهّدهنّ باجتناب عددٍ من الذنوب التی کانت شائعة فی ذلک العهد:

« یا أَیُّهَا النَّبِیُّ إِذا جاءَکَ الْمُؤْمِناتُ یُبایِعْنَکَ عَلی أَنْ لا یُشْرِکْنَ بِاللّهِ شَیْئاً وَ لا یَسْرِقْنَ وَ لا یَزْنِینَ وَ لا یَقْتُلْنَ أَوْلادَهُنَّ وَ لا یَأْتِینَ بِبُهْتانٍ یَفْتَرِینَهُ بَیْنَ أَیْدِیهِنَّ وَ أَرْجُلِهِنَّ وَ لا یَعْصِینَکَ فِی مَعْرُوفٍ فَبایِعْهُنَّ وَ اسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللّهَ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَحِیمٌ» . (1)

2.فداحة ذنب البهتان وعقوبته

تری الروایات الإسلامیة (2)أنّ ذنب البهتان أثقل من جبال الأرض،وأثقل من السماء وکواکبها،بل هو أشدّ من أیّ ذنبٍ آخر.وأنّ الشرک هو الذنب الوحید الذی یعدل ذنب البهتان:

البُهتانُ عُدِلَ بِالشِّرکِ بِاللّهِ. (3)

ولذلک،فقد اعتبر الشخص الذی یرتکب البهتان أسوء البشر،وسوف لا یحیق به أشدّ أنواع العذاب فی جهنّم فحسب،بل إنّ عذاب الضمیر سوف یقضّ مضجعه فی هذه الدنیا أیضاً. (4)

ص:215


1- (1) .الممتحنة:12. [1]
2- (2) .راجع:ص 229 ( الفصل الثانی:ذمّ الباهت والبهتان ).
3- (3) .راجع:ص 230 ح 11291. [2]
4- (4) .راجع:ص 239 ( الفصل الرابع:جزاء الباهت ).
3.المحاربة الجذریة للبهتان

طرحنا فی الفصل الثالث أموراً مثل:البغض والانزجار الداخلی،النفاق والازدواجیّة،التجاوز علی حقوق الآخرین المالیّة،الکذب وجلیس السوء؛اُسساً ودواعی للبهتان.ولکنّ الجذور الأساسیّة لهذه الرذیلة-حاله فی ذلک کحال الرذائل الأخلاقیة والسلوکیّة-تتمثّل فی الأنانیّة دون شکّ.وبناءً علی ذلک فإنّ من الضروری محاربة هذا السلوک القبیح بصورة جذریّة و ذلک عن طریق محاربة الأنانیة التی هی امّ الفتن،مع السعی فی مواجهة الاُمور المشار إلیها آنفاً.

4.مسؤولیة سامع البهتان

إن المسؤولیة الاُولی التی تقع علی عاتق سامع البهتان،هی الالتفات إلی أنّ معظم ما یسمعه عن الآخرین،لا حقیقة له:

ما رَأَتهُ عَیناکَ فَهُوَ الحَقُّ،وما سَمِعَتهُ اذُناکَ فَأَکثَرُهُ باطِلٌ. (1)

وعلی هذا الأساس ینبغی علی المؤمن أن لا یصدّق الافتراءات التی تذکر فی حقّ إخوانه من المسلمین،وخاصة الموثوقین منهم:

مَن عَرَفَ مِن أخیهِ وَثیقَةَ دینٍ وسَدادَ طَریقٍ،فَلا یَسمَعَنَّ فیهِ أقاویلَ الرِّجالِ. (2)

والمسؤولیة الثانیة التی تقع علی عاتق سامع البهتان،نهی الباهت عن هذا السلوک القبیح والدفاع عن کرامة المسلم،کما جاء فی القرآن:

«وَ لَوْ لا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ ما یَکُونُ لَنا أَنْ نَتَکَلَّمَ بِهذا سُبْحانَکَ هذا بُهْتانٌ عَظِیمٌ» . (3)

ص:216


1- (1) .راجع:ص 244 ح 11323. [1]
2- (2) .راجع:ص 244 ح 11324. [2]
3- (3) .النور:16. [3]

وجاء فی روایة عن رسول اللّه صلی الله علیه و آله بشأن الدفاع عن کرامة المسلم:

مَن رَدَّ عَن عِرضِ أخیهِ المُسلِمِ وَجَبَت لَهُ الجَنَّةُ البَتَّةَ. (1)

5.مسؤولیّة الشخص الذی تعرّض للبهتان

علی الإنسان التجنّب عن الأفعال المؤدّیة إلی سوء الظن والتهمة له،قبل أن یتعرّض للبهتان،فقد روی عن النبی صلی الله علیه و آله:

أولَی النّاسِ بِالتُّهَمَةِ مَن جالَسَ أهلَ التُّهَمَةِ. (2)

وجاء فی روایة اخری عن الإمام علیٍّ علیه السلام:

مَن وَقَفَ نَفسَهُ مَوقِفَ التُّهَمَةِ فَلا یَلومَنَّ مَن أساءَ بِهِ الظَّنَّ. (3)

وإذا ما استلزم منع البهتان،إنفاق المال،فقد وردت التوصیة بدفع مثل هذه النفقات من أجل الحفاظ علی الکرامة. (4)

وأمّا إذا اتّهم شخص ما لأیّ سبب من الأسباب،فإنّه لم ترد التوصیة بمواجهة الباهت ومحاربته،فقد جاء عن الإمام الرضا علیه السلام أنه أنشد قائلاً: اِصبِر عَلی بُهتِ السَّفیهِ

ص:217


1- (1) .ثواب الأعمال:ص 175 عن إسماعیل بن أبی زیاد السکونی عن الإمام الصادق علیه السلام،الأمالی للطوسی:ص 233 ح 414، [1]الجعفریات:ص 198، [2]النوادر للراوندی:ص 101 ح 62، [3]بحار الأنوار:ج 75 ص 254 ح 38. [4]
2- (2) .کتاب من لا یحضره الفقیه:ج 4 ص 395 ح 5840،معانی الأخبار:ص 196 ح 1،الأمالی للصدوق:ص 73 ح 41، [5]بحار الأنوار:ج 75 ص 90 ح 3. [6]
3- (3) .الأمالی للصدوق:ص 380 ح 483، [7]تحف العقول:ص 368،بحار الأنوار:ج 75 ص 90 ح 4. [8]
4- (4) .راجع:ص 246 ح 11329.

وثواب الصبر علی البهتان عظیم إلی درجة أنّ کفّة حسنات اولئک الذین ستعوزهم الحسنات عند الحساب یوم القیامة سترجح علی کفة سیّئاتهم،وتؤدّی إلی نجاتهم. (1)

6.حکم توجیه البهتان إلی أهل البدعة

إنّ بعض الروایات تدلّ فی الظاهر،علی أنّ توجیه البهتان إلی أهل البدع بهدف محاربتهم،لیس أمراً جائزاً فحسب،بل هو واجب ومطلوب،و هذا هو نصّ الروایة المنقولة عن النبی صلی الله علیه و آله:

إذا رَأَیتُم أهلَ الرَّیبِ (2)وَالبِدَعِ مِن بَعدی،فَأَظهِرُوا البَراءَةَ مِنهُم،وأَکثِروا مِن سَبِّهِم وَالقَولِ فیهِم وَالوَقیعَةِ،وباهِتوهُم کَی لا یَطمَعوا فِی الفَسادِ فِی الإِسلامِ ویَحذَرَهُمُ النّاسُ ولا یَتَعَلَّمونَ (3)مِن بِدَعِهِم،یَکتُبِ اللّهُ لَکُم بِذلِکَ الحَسَناتِ،ویَرفَع لَکُم بِهِ الدَّرَجاتِ فِی الآخِرَةِ. (4)

وقد أخذ بعض الفقهاء بدلالة هذه الروایة علی جواز البهتان. (5)یقول الشیخ الأنصاری فی معرض بیانه لهذه الروایة:

[ قوله باهتوهم ] محمول علی اتّهامهم وسوء الظنّ بهم بما یحرم اتّهام المؤمن به، بأن یقال:لعلّه زان،أو سارق،وکذا إذا زاد ذکر ما لیس فیه من باب المبالغة.

ویحتمل إبقاؤه علی ظاهره بتجویز الکذب علیهم لأجل المصلحة،فإنّ مصلحة تنفیر الخلق عنهم أقوی من مفسدة الکذب. (6)

ص:218


1- (1) .راجع:ص 245 ح 11327. [1]
2- (2) .الریبُ:الشّکُّ،وقیل:هو الشکُّ مع التُهمة ( النهایة:ج 2 ص 286« [2]ریب»).
3- (3) .کذا فی المصدر،والظاهر أنّ الصواب:«و لا یتعلّموا»کما فی الطبعة الاُخری للمصدر وبحار الأنوار. [3]
4- (4) .الکافی:ج 2 ص 375 ح 4 [4] عن داود بن سرحان عن الإمام الصادق علیه السلام،بحارالأنوار:ج 74 ص 202 ح 41. [5]
5- (5) .الدر المنضود للسید الگلپایگانی:ج 2 ص 148.
6- (6) .المکاسب:ج 2 ص 118. [6]

إلا أن العلامة المجلسی رحمه الله یقول فی توضیح الروایة المذکورة:

والظاهر أنّ المراد بالمباهتة إلزامهم بالحجج القاطعة وجعلهم متحیّرین لا یحیرون جواباً کما قال تعالی: «فَبُهِتَ الَّذِی کَفَرَ» (1) ،ویحتمل أن یکون من البهتان للمصلحة فإنّ کثیراً من المساوی یعدّها أکثر الناس محاسن خصوصاً العقائد الباطلة،والأوّل أظهر،قال الجوهری:بهته بهتاً أخذه بغتةً. (2)

ویبدو أنّ المراد من«باهتوهم»فی الروایة المذکورة،لیس تجویز نسبة الذنب إلی من لم یرتکبه من أهل البدع،ذلک لأنّ مثل هذه الأعمال لا أنّها لیست فی ضررهم فحسب بل إنّها ومن خلال سعیهم لإثبات براءتهم،وإیضاح الحقیقة للناس،ستکون وسیلة لإظهار أهل البدع أنفسهم فی مظهر المظلوم وابراز عدم قیمة کلام المنتقدین،حیث سینتهی کلّ ذلک لصالح أهل البدع.

وبناءً علی ذلک،فإنّ علینا من أجل إیضاح العبارة المذکورة،إما أن نأخذ بالمعنی الأوّل الذی ذکره العلامة المجلسی،أو یمکننا القول إنّ المراد من هذا البهتان هو البهتان الاصطلاحی،لا البهتان اللغوی؛أی إنّ المواضع التی تکون فیها غیبة أهل الإیمان بهتاناً،فهی لا تحمل حکم البهتان فیما یتعلّق بأصحاب البدع،بل إنّ إظهار مخالفاتهم واجب وضروری بهدف محاربة البدعة.

ص:219


1- (1) .البقرة:258. [1]
2- (2) .مرآة العقول:ج 11 ص 81. [2]

ص:220

الفصل الأول:تفسیر البهتان

1/1 رَمیُ البَریءِ بِما لَیسَ فیهِ

الکتاب

«وَ مَنْ یَکْسِبْ خَطِیئَةً أَوْ إِثْماً ثُمَّ یَرْمِ بِهِ بَرِیئاً فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتاناً وَ إِثْماً مُبِیناً» . (1)

«وَ الَّذِینَ یُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِینَ وَ الْمُؤْمِناتِ بِغَیْرِ مَا اکْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتاناً وَ إِثْماً مُبِیناً» . (2)

الحدیث

11276. شعب الإیمان عن عائشة: قالَ رَسولُ اللّهِ صلی الله علیه و آله لِأَصحابِهِ:أخبِرونی ما أربَی الرِّبا؟ قالوا:اللّهُ ورَسولُهُ أعلَمُ !

قالَ:فَإِنَّ أربَی الرِّبا عِندَ اللّهِ عز و جل استِحلالُ عِرضِ المُسلِمِ،ثُمَّ قَرَأَ: «وَ الَّذِینَ یُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِینَ وَ الْمُؤْمِناتِ بِغَیْرِ مَا اکْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتاناً وَ إِثْماً مُبِیناً» . (3)

ص:221


1- (1) .النساء:112. [1]
2- (2) .الأحزاب:58. [2]
3- (3) .شعب الإیمان:ج 5 ص 298 ح 6711، [3]مسند أبی یعلی:ج 4 ص 359 ح 4670،تفسیر ابن کثیر:ج 6 ص 470، [4]الدرّ المنثور:ج 6 ص 658 [5] نقلاً عن ابن أبی حاتم،مجمع الزوائد:ج 8 ص 174 ح 13132 وفیه«أزنی الزنا»بدل«أربی الربا»نقلاً عن أبی یعلی.

11277. صحیح مسلم عن أبی هریرة: إنَّ رَسولَ اللّهِ صلی الله علیه و آله قالَ:أتَدرونَ مَا الغیبَةُ؟قالوا:اللّهُ ورَسولُهُ أعلَمُ ! قالَ:ذِکرُکَ أخاکَ بِما یَکرَهُ.

قیلَ:أفَرَأَیتَ إن کانَ فی أخی ما أقولُ؟

قالَ:إن کانَ فیهِ ما تَقولُ فَقَدِ اغتَبتَهُ،وإن لَم یَکُن فیهِ فَقَد بَهَتَّهُ. (1)

11278. تفسیر الطبری عن أبی هریرة: سُئِلَ رَسولُ اللّهِ صلی الله علیه و آله عَنِ الغیبَةِ،فَقالَ:

هُوَ أن تَقولَ لِأَخیکَ ما فیهِ؛فَإِن کُنتَ صادِقاً فَقَدِ اغتَبتَهُ،وإن کُنتَ کاذِباً فَقَد بَهَتَّهُ. (2)

11279. المعجم الکبیر عن معاذ بن جبل: کُنتُ عِندَ النَّبِیِّ صلی الله علیه و آله فَذَکَروا رَجُلاً عِندَهُ فَقالوا:ما أعجَزَهُ ! فَقالَ النَّبِیُّ صلی الله علیه و آله:اِغتَبتُم أخاکُم.قالوا:یا رَسولَ اللّهِ،قُلنا ما فیهِ ! قالَ:إن قُلتُم ما لَیسَ فیهِ فَقَد بَهَتُّموهُ. (3)

11280. رسول اللّه صلی الله علیه و آله: إنَّ مِن أکبَرِ الکَبائِرِ استِطالَةُ المَرءِ فی عِرضِ رَجُلٍ مُسلِمٍ (4)بِغَیرِ حَقٍّ. (5)

ص:222


1- (1) .صحیح مسلم:ج 4 ص 2001 ح 70،سنن أبی داود:ج 4 ص 269 ح 4874، [1]سنن الترمذی:ج 4 ص 329 ح 1934، [2]کنز العمّال:ج 3 ص 584 ح 8012؛الأمالی للطوسی:ص 537 [3] نحوه عن أبی ذر،بحار الأنوار:ج 75 ص 222. [4]
2- (2) .تفسیر الطبری:ج 13 الجزء 26 ص 135، [5]مسند أبی یعلی:ج 6 ص 80 ح 6497 نحوه.
3- (3) .المعجم الکبیر:ج 20 ص 39 ح 57،الصمت وآداب حفظ اللسان:ص 121 ح 205 عن عمرو بن شعیب عن أبیه عن جدّه،الدرّ المنثور:ج 7 ص 575 [6]نقلاً عن البیهقی،شرح نهج البلاغة لابن أبی الحدید:ج 9 ص 67 [7] کلّها عن معاذ بن جبل.
4- (4) .قال السیّد الرضی قدس سره:ومن ذلک قوله علیه الصلاة والسلام:«إنَّ مِن أربَی الرِّبَا استِطالَةَ المَرءِ فی عِرضِ أخیهِ المُسلِمِ»وهذه استعارة،لأنّه علیه الصلاة والسلام شبّه تناول الإنسان من عرض غیره بالذمّ والوقیعة،والطعن والعضیهة أکثر ممّا تناوله منه ذلک الذی قدح فی عرضه وأغرق فی ذمّه،بالربا فی الأموال،وهو أن یعطی الإنسان القلیل لیجرّ الکثیر،فإنّه یستربی المال بذلک الفعل:أی یطلب نماءه وزیادته ( المجازات النبویة:ص 323 ح 274 ). [8]
5- (5) .سنن أبی داود:ج 4 ص 269 ح 4877، [9]تفسیر ابن کثیر:ج 2 ص 242 [10] کلاهما عن أبی هریرة،مسند ابن حنبل:ج 1 ص 402 ح 1651 نحوه عن سعید بن زید،کنز العمّال:ج 3 ص 592 ح 8057.

11281. مستدرک الوسائل: عَن أبی عَبدِ اللّهِ علیه السلام أنَّهُ قالَ:الغیبَةُ کُفرٌ،وَالمُستَمِعُ لَها وَالرّاضی بِها مُشرِکٌ.قُلتُ:فَإِن قالَ ما لَیسَ فیهِ؟فَقالَ:ذاکَ بُهتانٌ. (1)

11282. الإمام الصادق علیه السلام: الغیبَةُ أن تَقولَ فی أخیکَ ما هُوَ فیهِ مِمّا قَد سَتَرَهُ اللّهُ عز و جل عَلَیهِ،فَإِذا قُلتَ فیهِ ما لَیسَ فیهِ،فَذلِکَ قَولُ اللّهِ عز و جل فی کِتابِهِ: «فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتاناً وَ إِثْماً مُبِیناً» . (2)

11283. عنه علیه السلام: الغیبَةُ أن تَقولَ فی أخیکَ ما سَتَرَهُ اللّهُ عَلَیهِ،وأَمَّا الأَمرُ الظّاهِرُ فیهِ مِثلُ الحِدَّةِ وَالعَجَلَةِ فَلا.وَالبُهتانُ أن تَقولَ فیهِ ما لَیسَ فیهِ. (3)

11284. الإمام الکاظم علیه السلام: مَن ذَکَرَ رَجُلاً مِن خَلفِهِ بِما هُوَ فیهِ مِمّا عَرَفَهُ النّاسُ لَم یَغتَبهُ،ومَن ذَکَرَهُ مِن خَلفِهِ بِما هُوَ فیهِ مِمّا لا یَعرِفُهُ النّاسُ اغتابَهُ،ومَن ذَکَرَهُ بِما لَیسَ فیهِ فَقَد بَهَتَهُ. (4)

2/1 انموذَجٌ مِنَ البُهتانِ فِی الجاهِلِیَّةِ

11285. مجمع البیان -فی قَولِهِ تَعالی: «یا أَیُّهَا النَّبِیُّ إِذا جاءَکَ الْمُؤْمِناتُ یُبایِعْنَکَ...» -:ثُمَّ ذَکَرَ سُبحانَهُ بَیعَةَ النِّساءِ،وکانَ ذلِکَ یَومَ فَتحِ مَکَّةَ لَمّا فَرَغَ النَّبِیُّ صلی الله علیه و آله مِن بَیعَةِ الرِّجالِ وهُوَ عَلَی الصَّفا،جاءَتهُ النِّساءُ یُبایِعنَهُ،فَنَزَلَت هذِهِ الآیَةُ،فَشَرَطَ اللّهُ تَعالی فی مُبایَعَتِهِنَّ

ص:223


1- (1) .مستدرک الوسائل:ج 9 ص 133 ح 10462 [1] نقلاً عن مجموعة الشهید.
2- (2) .المؤمن:ص 70 ح 191، [2]تفسیر العیّاشی:ج 1 ص 275 ح 270 [3] عن عبداللّه بن سنان،بحار الأنوار:ج 75 ص 258 ح 49. [4]
3- (3) .الکافی:ج 2 ص 358 ح 7، [5]معانی الأخبار:ص 184،مشکاة الأنوار:ص 163 ح 421 [6] وکلّها عن عبدالرحمن بن سیابة،روضة الواعظین:ص 515 [7] ولیس فیها«وأمّا الأمر»إلی«والعجلة فلا»،تحف العقول:ص 298 عن الإمام الباقر علیه السلام،بحار الأنوار:ج 75 ص 246 ح 7. [8]
4- (4) .الکافی:ج 2 ص 358 ح 6 [9] عن یحیی الأزرق،بحار الأنوار:ج 75 ص 245 ح6؛ [10]تاریخ أصبهان:ج 2 ص 6 ح 937 [11] عن أبی هریرة عن رسول اللّه صلی الله علیه و آله نحوه.

أن یَأخُذَ عَلَیهِنَّ هذِهِ الشُّروطَ،وهُوَ قَولُهُ: «یا أَیُّهَا النَّبِیُّ إِذا جاءَکَ الْمُؤْمِناتُ یُبایِعْنَکَ» عَلی هذِهِ الشَّرائِطِ وهِیَ: «أَنْ لا یُشْرِکْنَ بِاللّهِ شَیْئاً» مِنَ الأَصنامِ وَالأَوثانِ «وَ لا یَسْرِقْنَ» لا مِن أزواجِهِنَّ،ولا مِن غَیرِهِم «وَ لا یَزْنِینَ وَ لا یَقْتُلْنَ أَوْلادَهُنَّ» عَلی وَجهٍ مِنَ الوُجوهِ،لا بِالوَأدِ ولا بِالإِسقاطِ «وَ لا یَأْتِینَ بِبُهْتانٍ یَفْتَرِینَهُ» أی:بِکَذِبٍ یَکذِبنَهُ فی مَولودٍ یوجَدُ «بَیْنَ أَیْدِیهِنَّ وَ أَرْجُلِهِنَّ» أی:لا یُلحِقنَ بِأَزواجِهِنَّ غَیرَ أولادِهِم،عَنِ ابنِ عَبّاسٍ (1). (2)

3/1 أقبَحُ البُهتانِ

الکتاب

«وَ مَنْ یَکْسِبْ خَطِیئَةً أَوْ إِثْماً ثُمَّ یَرْمِ بِهِ بَرِیئاً فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتاناً وَ إِثْماً مُبِیناً» . (3)

الحدیث

11286. تفسیر ابن أبی حاتم عن عطیّة العوفیّ: إنَّ رَجُلاً یُقالُ لَهُ:«طُعمَةُ بنُ ابَیرِقٍ»سَرَقَ دِرعاً عَلی عَهدِ النَّبِیِّ صلی الله علیه و آله،فَرُفِعَ ذلِکَ إلَی النَّبِیِّ صلی الله علیه و آله،فَأَلقاها فی بَیتِ رَجُلٍ،ثُمَّ قالَ

ص:224


1- (1) .وجاء فی المصدر فی ذیل المتن:«و قالَ الفَرّاءُ:کانَتِ المَرأَةُ [1]تَلتَقِطُ المَولودَ،فَتَقولُ لِزَوجِها:هذا وَلَدی مِنکَ،فَذلِکَ البُهتانُ المُفتَری بَینَ أیدیهِنَّ وأَرجُلِهِنَّ،وذلِکَ أنَّ الوَلَدَ إذا وَضَعَتهُ الاُمُّ سَقَطَ بَینَ یَدَیها ورِجلَیها،ولَیسَ المَعنی عَلی نَهیِهِنَّ مِن أن یَأتینَ بِوَلَدٍ مِنَ الزِّنا،فَیَنسِبنَهُ إلَی الأَزواجِ،لِأَنَّ الَّشرطَ بِنَهیِ الزِّنا قَد تَقَدَّمَ.وقیلَ:البُهتانُ الَّذی نُهینَ عَنهُ قَذفُ المُحصَناتِ،وَالکَذِبُ عَلَی النّاسِ،وإضافَةُ الأَولادِ إلَی الأَزواجِ عَلَی البُطلانِ فِی الحاضِرِ وَالمُستَقبَلِ مِنَ الزَّمانِ«وَلَا یَعْصِینَکَ فِی مَعْرُوفٍ»وهُوَ جَمیعُ ما یَأمُرُهُنَّ بِهِ».
2- (2) .مجمع البیان:ج 9 ص 413،التبیان فی تفسیر القرآن:ج 9 ص 587 [2] نحوه،بحار الأنوار:ج 21 ص 97؛ [3]زاد المسیر:ج 8 ص 12، [4]تفسیر البغوی:ج 4 ص 334 [5] کلاهما نحوه،وراجع:أحکام القرآن للجصاص:ج 3 ص 589، [6]وتفسیر ابن أبی حاتم:ج 10 ص 3352. [7]
3- (3) .النساء:112. [8]

لِأَصحابٍ لَهُ:اِنطَلِقوا فَأَعذِرونی عِندَ النَّبِیِّ صلی الله علیه و آله،فَإِنَّ الدِّرعَ قَد وُجِدَ فی بَیتِ فُلانٍ، فَانطَلَقوا یُعذِرونَهُ عِندَ النَّبِیِّ صلی الله علیه و آله،فَأَنزَلَ اللّهُ تَعالی: «وَ مَنْ یَکْسِبْ خَطِیئَةً أَوْ إِثْماً ثُمَّ یَرْمِ بِهِ بَرِیئاً فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتاناً وَ إِثْماً مُبِیناً» ،قالَ:بُهتانَ قَذفِهِ الرَّجُلَ. (1)

11287. مجمع البیان -فی تَفسیرِ قَولِهِ تَعالی: «إِنّا أَنْزَلْنا إِلَیْکَ الْکِتابَ... * إِنَّ اللّهَ لا یَغْفِرُ أَنْ یُشْرَکَ بِهِ» (2)-:نَزَلَت فی بَنی ابَیرِقٍ؛و کانوا ثَلاثَةَ إخوَةٍ:بِشرٌ وبُشَیرٌ ومُبَشِّرٌ،وکانَ بُشَیرٌ یُکَنّی أبا طُعمَةَ،وکانَ یَقولُ الشِّعرَ یَهجو بِهِ أصحابَ رَسولِ اللّهِ صلی الله علیه و آله،ثُمَّ یَقولُ:قالَهُ فُلانٌ.و کانوا أهلَ حاجَةٍ فِی الجاهِلِیَّةِ وَالإِسلامِ،فَنَقَبَ أبو طُعمَةَ عَلی عِلِّیَّةِ (3)رِفاعَةَ بنِ زَیدٍ وأَخَذَ لَهُ طَعاماً وسَیفاً ودِرعاً،فَشَکا ذلِکَ إلَی ابنِ أخیهِ قَتادَةَ بنِ النُّعمانِ، وکانَ قَتادَةُ بَدرِیّاً،فَتَجَسَّسا فِی الدّارِ وسَأَلا أهلَ الدّارِ فی ذلِکَ،فَقالَ بَنو ابَیرِقٍ:وَاللّهِ ما صاحِبُکُم إلّالَبیدُ بنُ سَهلٍ؛رَجُلٌ ذو حَسَبٍ ونَسَبٍ،فَأَصلَتَ عَلَیهِم لَبیدُ بنُ سَهلٍ سَیفَهُ وخَرَجَ إلَیهِم،وقالَ:یا بَنی ابَیرِقٍ ! أتَرمونَنی بِالسَّرَقِ وأَنتُم أولی بِهِ مِنّی،وأَنتُمُ مُنافِقونَ،تَهجونَ رَسولَ اللّهِ صلی الله علیه و آله وتَنسُبونَ ذلِکَ إلی قُرَیشٍ؟لَتُبَیِّنُنَّ ذلِکَ أو لَأَضَعَنَّ سَیفی فیکُم،فَدارَوهُ.

وأَتی قَتادَةُ رَسولَ اللّهِ صلی الله علیه و آله فَقالَ:یا رَسولَ اللّهِ،إنَّ أهلَ بَیتٍ مِنّا أهلُ بَیتِ سَوءٍ، عَدَوا عَلی عَمّی فَخَرَقوا عِلِّیَّةً لَهُ مِن ظَهرِها،وأَصابوا لَهُ طَعاماً وسِلاحاً.فَقالَ رَسولُ اللّهِ صلی الله علیه و آله:اُنظُروا (4)فی شَأنِکُم.

ص:225


1- (1) .تفسیر ابن أبی حاتم:ج 4 ص 1063 ح 5953، [1]الدرّ المنثور:ج 2 ص 676. [2]
2- (2) .النساء:105-116. [3]
3- (3) .العِلِّیَّةُ وَالعُلِّیَّةُ جَمیعاً:الغُرفَةُ ( لسان العرب:ج 15 ص 86« [4]علا»).
4- (4) .کذا فی المصدر،وفی المستدرک علی الصحیحین:«سأنظر»،وهو المناسب للسیاق.

فَلَمّا سَمِعَ بِذلِکَ رَجُلٌ مِن بَطنِهِمُ الَّذی هُم مِنهُ یُقالُ لَهُ:«اُسَیرُ بنُ عُروَةَ»،جَمَعَ رِجالاً مِن أهلِ الدّارِ،ثُمَّ انطَلَقَ إلی رَسولِ اللّهِ صلی الله علیه و آله فَقالَ:إنَّ قَتادَةَ بنَ النُّعمانِ وعَمَّهُ عَمَدا إلی أهلِ بَیتٍ مِنّا لَهُم حَسَبٌ ونَسَبٌ وصَلاحٌ وأبَّنوهُم بِالقَبیحِ،وقالوا لَهُم ما لا یَنبَغی،وَانصَرَفَ.

فَلَمّا أتیَ قَتادَةُ رَسولَ اللّهِ صلی الله علیه و آله بَعدَ ذلِکَ لِیُکَلِّمَهُ،جَبَهَهُ رَسولُ اللّهِ صلی الله علیه و آله جَبهاً شَدیداً، وقالَ:

عَمَدتَ إلی أهلِ بَیتِ حَسَبٍ ونَسَبٍ تَأتیهم بِالقَبیحِ وتَقولُ لَهُم ما لا یَنبَغی؟!

قالَ:فَقامَ قَتادَةُ مِن عِندِ رَسولِ اللّهِ صلی الله علیه و آله ورَجَعَ إلی عَمِّهِ،وقالَ:لَیتَنی مِتُّ ولَم أکُن کَلَمَّتُ رَسولَ اللّهِ صلی الله علیه و آله،فَقَد قالَ لی ما کَرِهتُ.فَقالَ عَمُّهُ رَفاعَةُ:اللّهُ المُستَعانُ.

فَنَزَلَتِ الآیاتُ: «إِنّا أَنْزَلْنا إِلَیْکَ الْکِتابَ» إلیَ قَولِهِ: «إِنَّ اللّهَ لا یَغْفِرُ أَنْ یُشْرَکَ بِهِ» ،فَبَلَغَ بُشَیراً ما نَزَلَ فیهِ مِنَ القُرآنِ فَهَرَبَ إلی مَکَّةَ وَارتَدَّ کافِراً. (1)

11288. الإمام الباقر علیه السلام: إنَّ اناساً مِن رَهطِ بُشَیرٍ الأَدنَینَ قالوا:اِنطَلِقوا إلی رَسولِ اللّهِ صلی الله علیه و آله، وقالوا:نُکَلِّمُهُ فی صاحِبِنا ونُعذِرُهُ وإنَّ صاحِبَنا بَریءٌ.

فَلَمّا أنزَلَ اللّهُ: «یَسْتَخْفُونَ مِنَ النّاسِ وَ لا یَسْتَخْفُونَ مِنَ اللّهِ وَ هُوَ مَعَهُمْ» إلی قَولِهِ:

«وَکِیلاً» (2)،فَأَقبَلَت رَهطُ بُشَیرٍ،فَقالَ (3):یا بُشَیرُ استَغفِرِ اللّهَ وتُب إلَیهِ مِنَ الذَّنبِ،فَقالَ:

وَالَّذی أحلِفُ بِهِ ما سَرَقَها إلّالَبیدٌ! فَنَزَلَت: «وَ مَنْ یَکْسِبْ خَطِیئَةً أَوْ إِثْماً ثُمَّ یَرْمِ بِهِ بَرِیئاً فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتاناً وَ إِثْماً مُبِیناً» .

ص:226


1- (1) .مجمع البیان:ج 3 ص 160،التبیان فی تفسیر القرآن:ج 3 ص 316 [1] نحوه،بحار الأنوار:ج 22 ص 22 [2] وراجع:المستدرک علی الصحیحین:ج 4 ص 426 ح 8164.
2- (2) .النساء:108 و 109. [3]
3- (3) .فی بحار الأنوار:« [4]فقالوا».

ثُمَّ إنَّ بُشَیراً کَفَرَ ولَحِقَ بِمَکَّةَ.وأَنزَلَ اللّهُ فِی النَّفَرِ الَّذینَ أعذَروا بُشَیراً وأَتَوُا النَّبِیَّ صلی الله علیه و آله لِیُعذِروهُ قَولَهُ: «وَ لَوْ لا فَضْلُ اللّهِ عَلَیْکَ وَ رَحْمَتُهُ لَهَمَّتْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنْ یُضِلُّوکَ وَ ما یُضِلُّونَ إِلاّ أَنْفُسَهُمْ وَ ما یَضُرُّونَکَ مِنْ شَیْءٍ وَ أَنْزَلَ اللّهُ عَلَیْکَ الْکِتابَ وَ الْحِکْمَةَ وَ عَلَّمَکَ ما لَمْ تَکُنْ تَعْلَمُ وَ کانَ فَضْلُ اللّهِ عَلَیْکَ عَظِیماً» (1).

ونَزَلَت فی بُشَیرٍ وهُوَ بِمَکَّةَ: «وَ مَنْ یُشاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ ما تَبَیَّنَ لَهُ الْهُدی وَ یَتَّبِعْ غَیْرَ سَبِیلِ الْمُؤْمِنِینَ نُوَلِّهِ ما تَوَلّی وَ نُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَ ساءَتْ مَصِیراً» (2). (3)

ص:227


1- (1) .النساء:113. [1]
2- (2) .النساء:115. [2]
3- (3) .تفسیر القمی:ج 1 ص 152 [3] عن أبی الجارود،بحار الأنوار:ج 17 ص 79 ح 1 و ج 22 ص 75 ح 26. [4]

ص:228

الفصل الثانی:ذمُّ الباهت والبهتان

1/2 الباهِتُ شَرُّ النّاسِ

11289. الکافی عن جابر بن عبد اللّه: قالَ رَسولُ اللّهِ صلی الله علیه و آله:ألا اخبِرُکُم بِشِرارِ رِجالِکُم؟قُلنا:بَلی یا رَسولَ اللّهِ.

فَقالَ:إنَّ مِن شِرارِ رِجالِکُم البَهّاتَ الجَریءَ الفَحّاشَ،الآکِلَ وَحدَهُ،وَالمانِعَ رِفدَهُ (1)، وَالضّارِبَ عَبدَهُ،وَالمُلجِئَ عِیالَهُ إلی غَیرِهِ. (2)

11290. الإمام الصادق علیه السلام: قالَ رَسولَ اللّهِ صلی الله علیه و آله:ألا انَبِّئُکُم بِشِرارِکُم؟قالوا:بَلی،یا رَسولَ اللّهِ صلی الله علیه و آله.

قالَ:المَشّاؤونَ بِالنَّمیمَةِ،المُفَرِّقونَ بَینَ الأَحِبَّةِ،الباغونَ لِلبُرَآءِ المَعایِبَ. (3)

ص:229


1- (1) .الرِفدُ:العَطاءُ والصِلةُ ( الصحاح:ج 2 ص 475«رفد»).
2- (2) .الکافی:ج 2 ص 292 ح 13، [1]تهذیب الأحکام:ج 7 ص 400 ح 1597،بحار الأنوار:ج 72 ص 114 ح 13. [2]
3- (3) .الکافی:ج 2 ص 369 ح 1 [3] عن عبد اللّه بن سنان،کتاب من لا یحضره الفقیه:ج 4 ص 375 ح 5762،الخصال:ص 182 ح 249 عن حماد بن عمرو عن جعفر بن محمد عن أبیه عن جده عن علی بن أبی طالب علیهم السلام،بحار الأنوار:ج75 ص72 ح212؛مسند ابن حنبل:ج10 ص443 ح27670، [4]الأدب المفرد:ص104 ح323، [5]المعجم الکبیر:ج24 ص167 ح423،کنز العمّال:ج1 ص440 ح1901.

2/2 البُهتانُ مِن أقبَحِ الذُّنوبِ

11291. رسول اللّه صلی الله علیه و آله: البُهتانُ عُدِلَ بِالشِّرکِ بِاللّهِ. (1)

11292. عنه صلی الله علیه و آله: خَمسٌ لَیسَ لَهُنَّ کَفّارَةٌ:الإِشراکُ بِاللّهِ،وقَتلُ النَّفسِ بِغَیرِ حَقٍّ،وبُهتُ المُؤمِنِ، وَالفِرارُ مِنَ الزَّحفِ،ویَمینٌ صَبرٌ یُقطَعُ بِها مالُ امرِئٍ مُسلِمٍ. (2)

11293. عنه صلی الله علیه و آله: مَن قَذَفَ مُؤمِناً بِکُفرٍ فَهُوَ کَقَتلِهِ. (3)

11294. الإمام علی علیه السلام: لا قِحَةَ (4)کَالبُهتِ. (5)

3/2 البُهتانُ أثقَلُ الأَشیاءِ

11295. رسول اللّه صلی الله علیه و آله: البُهتانُ عَلَی البَریءِ أثقَلُ مِنَ السَّماءِ. (6)

11296. الإمام الصادق علیه السلام: تَبِعَ حَکیمٌ حَکیماً سَبعَمِئَةِ فَرسَخٍ فی سَبعِ کَلِماتٍ،فَلَمّا لَحِقَ بِهِ قالَ لَهُ:یا هذا! ما أرفَعُ مِنَ السَّماءِ،وأَوسَعُ مِنَ الأَرضِ،وأَغنی مِنَ البَحرِ،وأَقسی

ص:230


1- (1) .نوادر الاُصول:ج 1 ص 121.
2- (2) .مسند الشامییّن:ج 2 ص 188 ح 1161 عن معاذ بن جبل،المغنی لعبد اللّه بن قدامة:ج 11 ص 178 نحوه،الدرّ المنثور:ج 2 ص 629 [1] عن أبی هریرة،کنز العمّال:ج 16 ص 79 ح 44007.
3- (3) .صحیح البخاری:ج 5 ص 2248 ح 5700،مسند ابن حنبل:ج 5 ص 519 ح 16385، [2]المعجم الکبیر:ج 2 ص 73 ح 1332،البدایة والنهایة:ج 8 ص 347 [3] وفیه«کفیله»بدل«کقتله»و کلّها عن ثابت بن ضحّاک،کنز العمّال:ج 3 ص 616 ح 8183.
4- (4) .وقُحَ الرجلُ:إذا صارَ قلیل الحَیاء ( لسان العرب:ج 2 ص 637« [4]وقح»).
5- (5) .غرر الحکم:ج 6 ص 349 ح 10455، [5]عیون الحکم والمواعظ:ص 536 ح 9834.
6- (6) .إرشاد القلوب:ص 192، [6]جامع الأخبار:ص 383 ح 1071 [7] عن الإمام علی علیه السلام،وفیه«أعظم»بدل«أثقل»،معدن الجواهر:ص 60، [8]کشف الریبة:ص 43 وفی کلیهما«السماوات»بدل«السماء»من دون إسناد إلی أحد من أهل البیت علیهم السلام،بحار الأنوار:ج 78 ص 31 ح 99؛ [9]نوادر الاُصول:ج 1 ص 120 عن الإمام علی علیه السلام وفیه«السماوات»بدل«السماء».

مِنَ الحَجَرِ،وأَشَدُّ حَرارَةً مِنَ النّارِ،وأَشَدُّ بَرداً مِنَ الزَّمهَریرِ،وأَثقَلُ مِنَ الجِبالِ الرّاسِیاتِ؟

فَقالَ لَهُ:یا هذا ! الحَقُّ أرفَعُ مِنَ السَّماءِ،وَالعَدلُ أوسَعُ مِنَ الأَرضِ،وغِنَی النَّفسِ أغنی مِنَ البَحرِ،وقَلبُ الکافِرِ أقسی مِنَ الحَجَرِ،وَالحَریصُ الجَشِعُ أشَدُّ حَرارَةً مِنَ النّارِ،وَالیَأسُ مِن رَوحِ اللّهِ عز و جل أشَدُّ بَرداً مِنَ الزَّمهَریرِ،وَالبُهتانُ عَلَی البَریءِ أثقَلُ مِنَ الجِبالِ الرّاسِیاتِ. (1)

11297. نوادر الاُصول: رُوِیَ فِی الخَبَرِ:إنّ داوودَ علیه السلام سَأَلَ سُلَیمانَ علیه السلام:ما أثقَلُ شَیءٍ؟

فَقالَ:البُهتانُ عَلَی البَریءِ. (2)

4/2 النَّوادِرُ

11298. رسول اللّه صلی الله علیه و آله: لا یَرمی رَجُلٌ رَجُلاً بِالفُسوقِ ولا یَرمیهِ بِالکُفرِ،إلَّاارتَدَّت عَلَیهِ إن لَم یَکُن صاحِبُهُ کَذلِکَ. (3)

11299. عنه صلی الله علیه و آله: ...أمّا عَلامَةُ الفاسِقِ فَأَربَعَةٌ:اللَّهوُ،وَاللَّغوُ،وَالعُدوانُ،وَالبُهتانُ. (4)

11300. الإمام الصادق علیه السلام: إیّاکُم أن تُزلِقوا ألسِنَتَکُم بِقَولِ الزُّورِ وَالبُهتانِ وَالإِثمِ وَالعُدوانِ. (5)

ص:231


1- (1) .الخصال:ص 348 ح 21 عن معاویة بن وهب،معانی الأخبار:ص 177 عن محمّد بن وهب،جامع الأحادیث للقمی ( الغایات ):ص 227،الاختصاص:ص 247،بحار الأنوار:ج 78 ص 447 ح 7. [1]
2- (2) .نوادر الاُصول:ج 1ص 121.
3- (3) .صحیح البخاری:ج 5 ص 2247 ح 5698،مسند ابن حنبل:ج 8 ص 136 ح 21627، [2]ریاض الصالحین:ص 571، [3]مجمع الزوائد:ج 8 ص 141 ح 13015 نقلاً عن البزّار،إمتاع الأسماع:ج 9 ص 213 [4] وکلّها عن أبی ذرّ،تفسیر الثعالبی:ج 5 ص 276. [5]
4- (4) .تحف العقول:ص 22،بحار الأنوار:ج 1 ص 122. [6]
5- (5) .الکافی:ج 8 ص 2 ح 1 [7] عن إسماعیل بن مخلّد السرّاج،بحار الأنوار:ج 78 ص 211 ح 93.

ص:232

الفصل الثالث:مبادئ البهتان

1/3 البُغضُ

الکتاب

«وَ بِکُفْرِهِمْ وَ قَوْلِهِمْ عَلی مَرْیَمَ بُهْتاناً عَظِیماً» . (1)

الحدیث

11301. رسول اللّه صلی الله علیه و آله: یا عَلِیُّ،فیکَ مَثَلٌ مِن عیسی؛أبغَضَتهُ الیَهودُ حَتّی بَهَتوا امَّهُ،وأحَبَّتهُ النَّصاری حَتّی أنزَلوهُ بِالمَنزِلِ الَّذی لَیسَ بِهِ. (2)

11302. الإمام علی علیه السلام: یَهلِکُ فینا أهلَ البَیتِ فَریقانِ:مُحِبٌّ مُطرٍ (3)،وباهِتٌ مُفتَرٍ. (4)

ص:233


1- (1) .النساء:156. [1]
2- (2) .السنن الکبری للنسائی:ج 5 ص 137 ح 8488، [2]مسند ابن حنبل:ج 1 ص 336 ح 1376، [3]المستدرک علی الصحیحین:ج 3 ص 133 ح 462 وکلّها عن ربیعة بن ناجد عن الإمام علی علیه السلام،کنز العمّال:ج 11 ص 623 ح 33032؛الأمالی للطوسی:ص 256 ح 462، [4]الغارات:ج 2 ص 589 [5] کلاهما عن ربیعة بن ناجذ عن الإمام علی علیه السلام عنه صلی الله علیه و آله،بحار الأنوار:ج 35 ص 316 ح 5. [6]
3- (3) .أطریت فلاناً:مدحته،وقیل:بالغت فی مدحه وجاوزت الحدّ ( المصباح المنیر:ص 372«طرو»).
4- (4) .السنّة لابن أبی عاصم:ص 470 ح 1005 عن نزال بن سبرة،کنز العمّال:ج 11 ص 325 ح 31641.

11303. عنه علیه السلام: یَهلِکُ فِیَّ رَجُلانِ:مُحِبٌّ مُفرِطٌ،وباهِتٌ مُفتَرٍ. (1)

11304. عنه علیه السلام: یَهلِکَ فِیَّ رَجُلانِ:مُحِبٌّ مُفرِطٌ یُقَرِّظُنی (2)بِما لَیسَ فِیَّ،ومُبغِضٌ یَحمِلُهُ شَنَآنی (3)عَلی أن یَبهَتَنی. (4)

11305. عنه علیه السلام: یَهلِکُ فِیَّ رَجُلانِ:مُحِبٌّ مُطرٍ یَضَعُنی غَیرَ مَوضِعی ویَمدَحُنی بِما لَیسَ فِیَّ، ومُبغِضٌ مُفتَرٍ یَرمینی بِما أنَا مِنهُ بَریءٌ. (5)

2/3 حُبُّ المالِ

الکتاب

«وَ إِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدالَ زَوْجٍ مَکانَ زَوْجٍ وَ آتَیْتُمْ إِحْداهُنَّ قِنْطاراً فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَیْئاً أَ تَأْخُذُونَهُ بُهْتاناً وَ إِثْماً مُبِیناً * وَ کَیْفَ تَأْخُذُونَهُ وَ قَدْ أَفْضی بَعْضُکُمْ إِلی بَعْضٍ وَ أَخَذْنَ مِنْکُمْ مِیثاقاً غَلِیظاً » . (6)

الحدیث

11306. تفسیر الصافی: «أَ تَأْخُذُونَهُ بُهْتاناً وَ إِثْماً مُبِیناً» إنکارٌ وتَوبیخٌ،قیلَ:کانَ الرَّجُلُ إذا أرادَ جَدیدَةً بَهَتَ الَّتی تَحتَهُ بِفاحِشَةٍ حَتّی یُلجِئَها إلَی الاِفتِداءِ مِنهُ بِما أعطاها؛لِیَصرِفَهُ إلی تَزَوُّجِ الجَدیدَةِ! فَنُهوا عَن ذلِکَ. (7)

ص:234


1- (1) .نهج البلاغة:الحکمة 469، [1]خصائص الأئمّة:ص 124، [2]بحار الأنوار:ج 34 ص 344 ح 1167. [3]
2- (2) .التقریظ:مدح الحیّ ووصفُه ( النهایة:ج 4 ص 43« [4]قرظ»).
3- (3) .شنأ:بغض ( الصحاح:ج 1 ص 57«شنأ»).
4- (4) .مسند ابن حنبل:ج 1 ص 337 ح 1376، [5]المستدرک علی الصحیحین:ج 3 ص 133 ح 4622 کلاهما عن ربیعة بن ناجذ،النهایة:ج 4 ص 43، [6]کنز العمّال:ج 13 ص 125 ح 36399؛الأمالی للطوسی:ص 256 ح 462 [7] عن ربیعة بن ناجذ،الغارات:ج 2 ص 590، [8]بحار الأنوار:ج 25 ص 285 ح 37. [9]
5- (5) .شرح نهج البلاغة لابن أبی الحدید:ج 5 ص 5 [10] عن محمّد بن سلیمان النوفلی.
6- (6) .النساء:20 و 21. [11]
7- (7) .تفسیر الصافی:ج 2 ص 210؛ [12]تفسیر البیضاوی:ج 1 ص 332، [13]وراجع:مجمع البیان:ج 3 ص 42.

3/3 النِّفاقُ

11307. الکافی عن سلیم بن قیس الهلالی: قُلتُ لِأَمیرِ المُؤمِنینَ علیه السلام:إنّی سَمِعتُ مِن سَلمانَ وَالمِقدادِ وأَبی ذَرٍّ شَیئاً مِن تَفسیرِ القُرآنِ وأَحادیثَ عَن نَبِیِّ اللّهِ صلی الله علیه و آله غَیرَ ما فی أیدِی النّاسِ،ثُمَّ سَمِعتُ مِنکَ تَصدیقَ ما سَمِعتُ مِنهُم،ورَأَیتُ فی أیدِی النّاسِ أشیاءَ کَثیرَةً مِن تَفسیرِ القُرآنِ ومِنَ الأَحادیثِ عَن نَبِیِّ اللّهِ صلی الله علیه و آله أنتُم تُخالِفونَهُم فیها، وتَزعُمونَ أنَّ ذلِکَ کُلَّهُ باطِلٌ،أفَتَرَی النّاسَ یَکذِبونَ عَلی رَسولِ اللّهِ صلی الله علیه و آله مُتَعَمِّدینَ، ویُفَسِّرونَ القُرآنَ بِآرائِهِم؟!

قالَ:فَأَقبَلَ عَلَیَّ فَقالَ:قَد سَأَلتَ فَافهَمِ الجَوابَ؛إنَّ فی أیدِی النّاسِ حَقّاً وباطِلاً،وصِدقاً وکِذباً،وناسِخاً ومَنسوخاً،وعامّاً وخاصّاً،ومُحکَماً ومُتَشابِهاً، وحِفظاً ووَهماً،وقَد کُذِبَ عَلی رَسولِ اللّهِ صلی الله علیه و آله عَلی عَهدِهِ حتَّی قامَ خَطیباً فَقالَ:

«أیُّهَا النّاسُ قَد کَثُرَت عَلَیَّ الکَذّابَةُ،فَمَن کَذَبَ عَلَیَّ مُتَعَمِّداً فَلیَتَبَوَّأ مَقعَدَهُ مِنَ النّارِ»،ثُمَّ کُذِبَ عَلَیهِ مِن بَعدِهِ !

وإنَّما أتاکُمُ الحَدیثُ مِن أربَعَةٍ لَیسَ لَهُم خامِسٌ:رَجُلٍ مُنافِقٍ یُظهِرُ الإِیمانَ، مُتَصَنِّعٍ بِالإِسلامِ،لا یَتَأَثَّمُ ولا یَتَحَرَّجُ أن یَکذِبَ عَلی رَسولِ اللّهِ صلی الله علیه و آله مُتَعَمِّداً،فَلَو عَلِمَ النّاسُ أنَّهُ مُنافِقٌ کَذّابٌ لَم یَقبَلوا مِنهُ ولَم یُصَدِّقوهُ،ولکِنَّهُم قالوا:هذا قَد صَحِبَ رَسولَ اللّهِ صلی الله علیه و آله ورَآهُ وسَمِعَ مِنهُ،وأَخَذوا عَنهُ وهُم لا یَعرِفونَ حالَهُ،وقَد أخبَرَهُ اللّهُ عَنِ المُنافِقینَ بِما أخبَرَهُ،ووَصَفَهُم بِما وَصَفَهُم،فَقالَ عز و جل: «وَ إِذا رَأَیْتَهُمْ تُعْجِبُکَ أَجْسامُهُمْ وَ إِنْ یَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ» (1)،ثُمَّ بَقوا بَعدَهُ فَتَقَرَّبوا إلی أئِمَّةِ الضَّلالَةِ

ص:235


1- (1) .المنافقون:4. [1]

وَالدُّعاةِ إلَی النّارِ بِالزّورِ وَالکَذِبِ وَالبُهتانِ،فَوَلَّوهُمُ الأَعمالَ،وحَمَلوهُم عَلی رِقابِ النّاسِ،وأَکَلوا بِهِمُ الدُّنیا،وإنَّمَا النّاسُ مَعَ المُلوکِ وَالدُّنیا إلّامَن عَصَمَ اللّهُ،فَهذا أحَدُ الأَربَعَةِ... (1)

11308. الإمام علی علیه السلام -فِی الدّیوانِ المَنسوبِ إلَیهِ فی شِکایَةِ أهلِ النِّفاقِ-:

هذا زَمانٌ لَیسَ إخوانُهُ

4/3 الکَذِبُ

11309. رسول اللّه صلی الله علیه و آله: أمّا عَلامَةُ الکَذّابِ فَأَربَعَةٌ:إن قالَ لَم یَصدُق،وإن قیلَ لَهُ لَم یُصَدِّق، وَالنَّمیمَةُ (2)،وَالبُهتُ. (3)

11310. علل الشرائع عن وهب بن مُنَبِّه -فیما نَقَلَهُ عَنِ التَّوراةِ-:إذا ضَعُفَ الصِّدقُ کَثُرَ

ص:236


1- (1) .الکافی:ج 1 ص 62 ح 1، [1]الخصال:ص 255 ح 131،الإعتقادات للصدوق:ص 118، [2]الاستنصار:ص 10،الغیبة للنعمانی:ص 75 ح 10، [3]بحارالأنوار:ج 2 ص 228 ح 12؛ [4]المعیار والموازنة:ص 301 [5] نحوه.
2- (3) .النمیمَة:هی نقل الحدیث من قوم إلی قوم علی جهة الإفساد والشرّ ( النهایة:ج 5 ص 120« [6]نمم»).
3- (4) .تحف العقول:ص 22،بحار الأنوار:ج 1 ص 122. [7]

الکَذِبُ،وفَشَتِ الفِریَةُ،وجاءَ الإِفکُ بِکُلِّ وَجهٍ وَالبُهتانُ.وإذا حَصَلَ الصِّدقُ اختَسَأَ الکَذِبُ،وذَلَّ وصَمَتَ الإِفکُ،واُمیتَتِ الفِریَةُ،واُهینَ البُهتانُ. (1)

5/3 مُجالَسَةُ جَلیسِ السَّوءِ

11311. الإمام علی علیه السلام: احذَر مِمَّن إذا حَدَّثتَهُ مَلَّکَ،وإذا حَدَّثَکَ غَمَّکَ،وإن سَرَرتَهُ أو ضَرَرتَهُ سَلَکَ مَعَکَ فیهِ سَبیلَکَ،وإن فارقَکَ ساءَکَ مَغیبُهُ بِذِکرِ سَوأَتِکَ،وإن مانَعتَهُ بَهَتَکَ وَافتَری،وإن وافَقتَهُ حَسَدَکَ وَاعتَدی،وإن خالَفتَهُ مَقَتَکَ وماری،یَعجِزُ عَن مُکافَأَةِ مَن أحسَنَ إلَیهِ،ویُفرِطُ عَلی مَن بَغی عَلَیهِ،یُصبِحُ صاحِبُهُ فی أجرٍ،ویُصبِحُ هُوَ فی وِزرٍ،لِسانُهُ عَلَیهِ لا لَهُ،ولا یَضبِطُ قَلبُهُ قَولَهُ،یَتَعَلَّمُ المِراءَ،ویَفَقَهُ الرِّیاءَ (2)،یُبادِرُ الدُّنیا،ویُواکِلُ التَّقوی. (3)

ص:237


1- (1) .علل الشرائع:ص 112 ح 9، [1]بحار الأنوار:ج 61 ص 289. [2]
2- (2) .فی بحارالأنوار: [3]یتعلَّم لِلمِراءِ ویَتَفَقَّهُ لِلرِّیاء.
3- (3) .مطالب السؤول:ص 232، [4]تاریخ دمشق:ج 47 ص 81 نحوه من دون إسناد إلی أحد من أهل البیت علیهم السلام؛بحار الأنوار:ج 78 ص 10 ح 67. [5]

ص:238

الفصل الرابع:جزاء الباهت

1/4 اضطِرابُ النَّفسِ

11312. الإمام الصادق علیه السلام: خَمسَةٌ لا یَنامونَ:الهامُّ بِدَمٍ یَسفِکُهُ،وذُو المالِ الکَثیرِ لا أمینَ لَهُ، وَالقائِلُ فِی النّاسِ الزُّورَ وَالبُهتانَ عَن عَرَضٍ مِنَ الدُّنیا یَنالُهُ،وَالمَأخوذُ بِالمالِ الکَثیرِ ولا مالَ لَهُ،وَالمُحِبُّ حَبیباً یَتَوَقَّعُ فِراقَهُ. (1)

2/4 عَذابُ یَومِ القِیامَةِ

11313. رسول اللّه صلی الله علیه و آله: مَن قالَ فِی امرِیٍ مُسلِمٍ ما لَیسَ فیهِ لِیُؤذِیَهُ،حَبَسَهُ اللّهُ فی رَدغَةِ الخَبالِ (2)یَومَ القِیامَةِ حَتّی یُقضی بَینَ النّاسِ. (3)

11314. عنه صلی الله علیه و آله: مَن قالَ فی مُؤمِنٍ ما لَیسَ فیهِ،أسکَنَهُ اللّهُ رَدغَةَ الخَبالِ حَتّی یَخرُجَ

ص:239


1- (1) .کتاب من لا یحضره الفقیه:ج 1 ص 503 ح 1446،الخصال:ص 296 ح 64 کلاهما عن أبی بصیر،بحار الأنوار:ج 70 ص 15 ح 5. [1]
2- (2) .رَدغَةُ الخَبال:عصارة أهل النار،والردغة:طین ووحل کثیر ( النهایة:ج 2 ص 215« [2]ردغ»).
3- (3) .تاریخ دمشق:ج 6 ص 73 عن أبی الدرداء،کنز العمّال:ج 3 ص 564 ح 7925.

مِمّا قالَ. (1)

11315. عنه صلی الله علیه و آله: أیُّما رَجُلٍ أشاعَ عَلی رَجُلٍ مُسلِمٍ بِکَلِمَةٍ وهُوَ مِنها بَریءٌ،سَبَّهُ بِها فِی الدُّنیا؛ کانَ حَقّاً عَلَی اللّهِ تَعالی أن یُذیبَهُ یَومَ القِیامَةِ فِی النّارِ حَتّی یَأتِیَ بِإِنفاذِ ما قالَ. (2)

11316. عنه صلی الله علیه و آله: مَن ذَکَرَ امرَأً بِما لَیسَ فیهِ لِیَعیبَهُ بِما لَیسَ فیهِ،حَبَسَهُ اللّهُ فی نارِ جَهَنَّمَ حَتّی یَأتِیَ بِنَفاذِ ما قالَ فیهِ. (3)

11317. عنه صلی الله علیه و آله: مَن بَهَتَ مُؤمِناً أو مُؤمِنَةً أو قالَ فیهِ ما لَیسَ فیهِ،أقامَهُ اللّهُ عز و جل یَومَ القِیامَةِ عَلی تَلٍّ مِن نارٍ حَتّی یَخرُجَ مِمّا قالَهُ فیهِ. (4)

11318. الکافی عن ابن أبی یعفور عن الإمام الصادق علیه السلام: مَن بَهَتَ مُؤمِناً أو مُؤمِنَةً بِما لَیسَ فیهِ،بَعَثَهُ اللّهُ فی طینَةِ خَبالٍ حَتّی یَخرُجَ مِمّا قالَ.

قُلتُ:وما طینَةُ الخَبالِ؟قالَ:صَدیدٌ یَخرُجُ مِن فُروجِ المومِساتِ. (5)

ص:240


1- (1) .سنن أبی داود:ج 3 ص 305 ح 3597 [1] عن یحیی بن راشد،المستدرک علی الصحیحین:ج 2 ص 33 ح 2222 عن عبد اللّه بن عمر،کنز العمّال:ج 16 ص 108 ح 44079؛المؤمن:ص 70 ح 191 [2]عن الإمام الصادق علیه السلام،تفسیر القمّی:ج 2 ص 19، [3]عوالی اللآلی:ج 1 ص 165 ح172 [4] وکلّها نحوه.
2- (2) .مجمع الزوائد:ج 4 ص 363 ح 7040 نقلاً عن المعجم الکبیر،تفسیر القرطبی:ج 12 ص 206، [5]تفسیر الثعلبی:ج 7 ص 81 [6] کلاهما نحوه وکلّها عن أبی الدرداء،الدرّ المنثور:ج 5 ص 286 [7] عن أبی ذرّ نقلاً عن الحاکم النیشابوری ولیس فیه«سبّه بها فی الدنیا»،کنز العمّال:ج 16 ص 38 ح 43837؛کشف الریبة:ص 42 عن أبی الدرداء ولیس فیه ذیله من«حتّی یأتی».
3- (3) .المعجم الأوسط:ج 8 ص 380 ح 8936،ربیع الأبرار:ج 2 ص 155، [8]تاریخ دمشق:ج 37 ص 253 کلّها عن أبی الدرداء،کنز العمّال:ج3 ص 587 ح 8032.
4- (4) .عیون أخبار الرضا علیه السلام:ج 2 ص 33 ح 63، [9]صحیفة الإمام الرضا علیه السلام:ص 99 ح 37 [10] کلاهما عن أحمد بن عامر الطائی عن الإمام الرضا عن آبائه علیهم السلام،جامع الأخبار:ص 419 ح 1164، [11]بحار الأنوار:ج 75 ص 194 ح 5؛ [12]تفسیر القرطبی:ج 3 ص 29، [13]ربیع الأبرار:ج 2 ص 183 [14] کلاهما عن الإمام علی علیه السلام عنه صلی الله علیه و آله،کنز العمّال:ج 3 ص 564 ح 7924.
5- (5) .الکافی:ج 2 ص 357 ح 5، [15]معانی الأخبار:ص 164،بحار الأنوار:ج 75 ص 244 ح 5؛ [16]المعجم الکبیر:ج 12 ص 297 ح 13435،تهذیب الکمال:ج 22 ص 614 الرقم 4629 کلاهما عن ابن عمر عن رسول اللّه صلی الله علیه و آله نحوه،کنز العمّال:ج 3 ص 564 ح 7924.

3/4 الخُلودُ فِی النّارِ

11319. رسول اللّه صلی الله علیه و آله: مَنِ اغتابَ مُؤمِناً بِما فیهِ،لَم یَجمَعِ اللّهُ بَینَهُما فِی الجَنَّةِ أبَداً،ومَنِ اغتابَ مُؤمِناً بِما لَیسَ فیهِ،فَقَدِ انقَطَعَتِ العِصمَةُ بَینَهُما،وکانَ المُغتابُ فِی النّارِ خالِداً فیها وبِئسَ المَصیرُ. (1)

ص:241


1- (1) .الأمالی للصدوق:ص 164 ح 163، [1]قصص الأنبیاء للراوندی:ص 203 ح 264 [2] کلاهما عن علقمة عن الإمام الصادق عن آبائه علیهم السلام،مشکاة الأنوار:ص 302 ح 941، [3]جامع الأخبار:ص 412 ح 1143، [4]روضة الواعظین:ص 515، [5]بحار الأنوار:ج 70 ص 2 ح 4. [6]

ص:242

الفصل الخامس:مواجهة البهتان

1/5 المُکافَحَةُ

الکتاب

«وَ لَوْ لا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ ما یَکُونُ لَنا أَنْ نَتَکَلَّمَ بِهذا سُبْحانَکَ هذا بُهْتانٌ عَظِیمٌ» . (1)

الحدیث

11320. المعجم الکبیر للطبرانی عن ابن عمر: إنَّ رَسولَ اللّهِ صلی الله علیه و آله قالَ لِاُسامَةَ فی شَأنِ عائِشَةَ (2)لَمّا رُمِیَت بِالإِفکَ:ما تَقولُ أنتَ؟

فَقالَ:سُبحانَ اللّهِ! ما یَحِلُّ لَنا أن نَتَکَلَّمَ بِهذا،سُبحانَکَ هذا بُهتانٌ عَظیمٌ. (3)

11321. المعجم الکبیر للطبرانی عن ابن عبّاس: «وَ لَوْ لا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ» یُریدُ:أفَلا سَمِعتُموهُ «قُلْتُمْ ما یَکُونُ لَنا أَنْ نَتَکَلَّمَ بِهذا سُبْحانَکَ هذا بُهْتانٌ عَظِیمٌ» یُریدُ بِالبُهتانِ الاِفتِراءَ العَظیمَ،مِثلُ قَولِهِ فی مَریَمَ: «وَ قَوْلِهِمْ عَلی مَرْیَمَ بُهْتاناً عَظِیماً» (4). (5)

ص:243


1- (1) .النور:16. [1]
2- (2) .راجع:ص 213 الهامش 3.
3- (3) .المعجم الکبیر للطبرانی:ج 23 ص 143 ح 202.
4- (4) .النساء:156. [2]
5- (5) .المعجم الکبیر للطبرانی:ج 23 ص 144 ح 203.

11322. المعجم الکبیر للطبرانی عن سعید بن جبیر: «وَ لَوْ لا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ» یَعنِی القَذفَ،ألا «قُلْتُمْ ما یَکُونُ لَنا» یَعنی ما یَنبَغی لَنا «أَنْ نَتَکَلَّمَ بِهذا» یَعنی بِالقَذفِ،ولَم تَرَ أعیُنُنا «سُبْحانَکَ» یَعنی ألا قُلتُم:سُبحانَکَ «هذا بُهْتانٌ عَظِیمٌ» . (1)

2/5 عَدَمُ تَرتیبِ الأَثَرِ عَلَی الأَقاویِلِ

11323. الإمام الباقر علیه السلام: سُئِلَ أمیرُ المُؤمِنینَ علیه السلام:کَم بَینَ الحَقِّ وَالباطِلِ؟فَقالَ:أربَعُ أصابِعَ، ووَضَعَ أمیرُ المُؤمِنینَ علیه السلام یَدَهُ عَلی اذُنِهِ وعَینَیهِ،فَقالَ:ما رَأَتهُ عَیناکَ فَهُوَ الحَقُّ،وما سَمِعَتهُ اذُناکَ فَأَکثَرُهُ باطِلٌ. (2)

11324. نهج البلاغة عن الإمام علیّ علیه السلام -فِی النَّهیِ عَن سَماعِ الغیبَةِ وفِی الفَرقِ بَینَ الحَقِّ وَالباطِلِ-:أیُّهَا النّاسُ! مَن عَرَفَ مِن أخیهِ وَثیقَةَ دینٍ وسَدادَ طَریقٍ،فَلا یَسمَعَنَّ فیهِ أقاویلَ الرِّجالِ.أما إنَّهُ قَد یَرمِی الرّامی وتُخطِئُ السِّهامُ،ویُحیلُ الکَلامُ،وباطِلُ ذلِکَ یَبورُ،وَاللّهُ سَمیعٌ وشَهیدٌ.أما إنَّهُ لَیسَ بَینَ الحَقِّ وَالباطِلِ إلّا أربَعُ أصابِعَ.

فَسُئِلَ علیه السلام عَن مَعنی قَولِهِ هذا،فَجَمَعَ أصابِعَهُ ووَضَعَها بَینَ اذُنِهِ وعَینِهِ،ثُمَّ قالَ:

الباطِلُ أن تَقولَ:«سَمِعتُ»،وَالحَقُّ أن تَقولَ:«رَأَیتُ». (3)

ص:244


1- (1) .المعجم الکبیر للطبرانی:ج 23 ص 144 ح 204،مجمع الزوائد:ج 7 ص 183 ح 11205،تفسیر ابن أبی حاتم:ج 8 ص 2549 ح14236 و14239، [1]الدرّ المنثور:ج 6 ص 153. [2]
2- (2) .الخصال:ص 236 ح 78 عن میّسر بن عبد العزیز،بحار الأنوار:ج 75 ص 196 ح 9 و 10. [3]
3- (3) .نهج البلاغة:الخطبة 141، [4]بحارالأنوار:ج 75 ص 197 ح 16. [5]

3/5 الصَّبرُ عَلی بُهتِ السَّفیهِ

11325. عیون أخبار الرضا علیه السلام عن أحمد بن الحسین کاتب أبی الفیّاض عن أبیه: حَضَرنا مَجلِسَ عَلِیِّ بنِ موسی علیه السلام فَشَکا رَجُلٌ أخاهُ،فَأَنشَأَ یَقولُ:

اِعذِر أخاکَ عَلی ذُنوبِهِ

11326. موسی بن عمران علیه السلام -فی مُناجاتِهِ-:أسأَلُکَ یارَبِّ أن لا یُقالَ فِیَّ ما لَیسَ فِیَّ.

فَقالَ:یا موسی،ما فَعَلتُ هذا لِنَفسی،فَکَیفَ لَکَ؟! (1)

4/5 ثَوابُ الصَّبرِ عَلَی البُهتانِ

11327. رسول اللّه صلی الله علیه و آله: یُجاءُ بِالعَبدِ یَومَ القِیامَةِ،فَتوضَعُ حَسَناتُهُ فی کِفَّةٍ وسَیِّئاتُهُ فی کِفَّةٍ، فَتَرجَحُ السَّیِّئاتُ،فَتَجیءُ بِطاقَةٌ فَتَقَعُ فی کِفَّةِ الحَسَناتِ فَتَرجَحُ بِها،فَیَقولُ:یا رَبِّ ! ما هذِهِ البِطاقَةُ؟فَما مِن عَمَلٍ عَمِلتُهُ فی لَیلی ونَهاری إلّاوقَدِ استُقبِلتُ بِهِ!

قالَ:هذا ما قیلَ فیکَ وأَنتَ مِنهُ بَریءٌ. (2)

ص:245


1- (2) .إرشاد القلوب:ج 1 ص 134. [1]
2- (3) .نوادر الاُصول:ج 1 ص 120 عن ابن عمر،کنز العمّال:ج 14 ص 383 ح 39024؛بحار الأنوار ( الإجازات للمجلسی ):ج 109 ص 112.

11328. الإمام علی علیه السلام: لا یَسوءَنَّکَ ما یَقولُ النّاسُ فیکَ؛فَإِنَّهُ إن کانَ کَما یَقولونَ کانَ ذَنباً عُجِّلَت عُقوبَتُهُ،وإن کانَ عَلی خِلافِ ما قالوا کانَت حَسَنَةً لَم تَعمَلها. (1)

5/5 بَذلُ المالِ لِوِقایَةِ العِرضِ

11329. شرح نهج البلاغة لابن أبی الحدید: رَوی أبو جَعفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ حَبیبٍ أنَّ الحَسَنَ علیه السلام أعطی شاعِراً،فَقالَ لَهُ رَجُلٌ مِن جُلَسائِهِ:سُبحانَ اللّهِ ! أتُعطی شاعِراً یَعصِی الرَّحمنَ،ویَقولُ البُهتانَ؟

فَقالَ:یا عَبدَ اللّهِ،إنَّ خَیرَ ما بَذَلتَ مِن مالِکَ ما وَقَیتَ بِهِ عِرضَکَ،وإنَّ مِنِ ابتِغاءِ الخَیرِ اتِّقاءَ الشَّرِّ. (2)

ص:246


1- (1) .غرر الحکم:ج 6 ص 320 ح 10378، [1]عیون الحکم والمواعظ:ص 526 ح 9585.
2- (2) .شرح نهج البلاغة لابن أبی الحدید:ج 16 ص 10؛ [2]بحار الأنوار:ج 43 ص 358 ح 35. [3]

48.المُباهَلَةُ

اشارة

ص:247

ص:248

المدخل

«المباهلة»لغة واصطلاحاً

کلمة«المباهلة»مشتقّة من مادة«بهل»علی وزن«أهل».والجدیر بالذکر أنّ «البهل»له معانٍ مختلفة (1)،منها:نوع من الدعاء یقترن مع الإخلاص (2)،والإصرار، والتوسّل،والأنین،والعویل.و«البهل»و«المباهلة»هنا بهذا المعنی،یقول الفراهیدی فی هذا المجال:

باهَلتُ فُلاناً،أی:دَعَونا عَلَی الظّالِمِ مِنّا،وبَهَلتُهُ:لَعَنتُهُ.وَابتَهَلَ إلَی اللّهِ فِی الدُّعاءِ،أی:جَدَّ وَاجتَهَدَ. (3)

وبناء علی ذلک فإنّ«البهل»یختلف عن«اللعن»،حیث إنّ«اللعن»عبارة عن الدعاء علی الآخر لیکون بعیداً عن رحمة اللّه ولکن«البهل»هو الاجتهاد والإصرار فی«اللعن»،ولذلک فإنّ الشخص الذی یصرّ ویتوسّل فی الدعاء واللعن یسمی «المبتهل».

ص:249


1- (1) .ورد فی معجم مقاییس اللغة:البا،والهاء واللام اصول ثلاثةٌ:أحدها التخلیة،والثانی جنسٌ من الدعاء،والثالث قِلَّةٌ فی الماء...وأمّا الآخَرُ فالابتهال والتضرّع فی الدعاء ( معجم مقاییس اللغة:ج 1 ص 310« [1]بهل»).
2- (2) .ورد فی صحاح اللغة:المباهلة:الملاعنة.والابتهال:التضرع.ویقال فی قوله تعالی: «ثُمَّ نَبْتَهِلْ» (آل عمران:61) أی نُخلِصُ فی الدعاء (صحاح اللغة:ج 4 ص 1643« [2]بهل»).
3- (3) .ترتیب کتاب العین:ص 100«بهل».

الجدیر بالذکر أنّ«المباهلة»هی دوماً علاقة بین شخصین،أو مجموعتین متخاصمتین،حیث یطلب کلّ واحد من اللّه أن یرسل اللعنة علی الطرف المقابل والذی یظنّه ظالماً لإثبات أنّه محقّ،وأمّا«الابتهال»فقد یکون دعاء للشخص «المبتهل»فقط،وبناءً علی ذلک،فإنّ کلّ«مباهلة»هی«ابتهال»أیضاً،ولکن لیس کلّ«ابتهال»،«مباهلة».

«المباهلة»فی الکتاب والسنة

لم تستخدم کلمة«المباهلة»فی القرآن الکریم،وإنّما استخدمت کلمة«نبتهل»مرّة واحدة بصیغة المضارع المتکلم مع الغیر فی الآیة 61 من سورة آل عمران،ولذلک فقد سمیت بآیة المباهلة،وأمّا فی الأحادیث الإسلامیة والمصادر التاریخیّة فقد استخدمت هذه الکلمة ومشتّقاتها بکثرة لبیان شأن نزول آیة المباهلة. (1)

نصّ حدیث المباهلة

یمثل حدیث المباهلة روایة حول شأن نزول آیة المباهلة وقد روی نصّ هذا الحدیث بشکل موجز وقصیر أحیاناً،ومقترناً مع قصّته التاریخیّة أحیاناً اخری، حسب المصادر المختلفة التی نقلته،ومن أجل تقدیم أقصر روایات هذا الحدیث، یمکن الإشارة إلی روایة مسلم النیسابوری التی نقلها عن سعد ابن أبی وقاص:

لَمّا نَزَلَت هذِهِ الآیَةُ: «فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَکُمْ» دَعا رَسولُ اللّهِ صلی الله علیه و آله عَلِیّاً وفاطِمَةَ وحَسَناً وحُسَیناً علیهم السلام فَقالَ:اللّهُمَّ هؤُلاءِ أهلی. (2)

وأطول الروایات،روایة السید ابن طاووس والتی سیأتی تفصیلها فی الباب الرابع من الفصل الأول. (3)

ص:250


1- (1) .راجع:ص 260 ح 11333 و 11334،و ص 262 ح 11335 و ص 265 ح 11336 و....
2- (2) .راجع:ص 260 ح 11332. [1]
3- (3) .راجع:ص 265 ح 11336.

قیمة حدیث المباهلة

نقل حدیث المباهلة فی المصادر الحدیثیة والتفسیریة والتاریخیة والکلامیة المختلفة لأتباع أهل البیت وأهل السنة. (1)

جدیر ذکره أنّ الأغلبیة العظمی من ناقلی حدیث المباهلة،قد أیّدوا تواتره أو صحّته،فقد ذکر السید ابن طاووس فی کتاب سعد السعود نقلاً عن تفسیر أبی عبداللّه محمد ابن عباس ابن مروان المعروف بالحجام:

ص:251


1- (1) .أ-نماذج من مصادر الحدیث الشیعیة التی نقلت هذا الحدیث:الأمالی للطوسی:ص 271 ح 507،الأمالی للصدوق:ص 618 ح 1،عیون أخبار الرضا علیه السلام:ج 1 ص 85 ح 9،الخصال:ص 550،الاختصاص:ص 56،بحارالأنوار:ج 21 ص 277-354. ب-نماذج من مصادر أهل السنة الحدیثیة التی نقلت هذا الحدیث:صحیح مسلم (راجع:ح 3)،سنن الترمذی (راجع:ح 3) مسند ابن حنبل (راجع:ح 3)،المستدرک علی الصحیحین (راجع:ح 3)،السنن الکبری (راجع:ح 3) المصنف لابن أبی شیبة:ج 8 ص 564. ج-نماذج من مصادر الشیعة التفسیریة التی نقلت هذا الحدیث:تفسیر القمی:ج 1 ص 104،التبیان فی تفسیر القرآن:ج 2 ص 484،تفسیر العیاشی:ج 1 ص 176 وص 177،مجمع البیان:ج 2 ص 762. د-نماذج من مصادر أهل السنة التفسیریة التی نقلت هذا الحدیث:تفسیر الطبری:ج 3 الجزء 3 ص 300،تفسیر أبی حاتم الرازی:ج 2 ص 667،تفسیر البحر المحیط:ج 2 ص 502،تفسیر عبد الرزاق:ج 1 ص 122،الدرّ المنثور:ج 2 ص 231،تفسیر الکشّاف:ج 1 ص 193،تفسیر الفخر الرازی:ج 8 ص 88،زاد المسیر:ج 1 ص 339،أسباب النزول:ص 107،تفسیر النسفی:ج 1 ص 158. ه-نماذج من المصادر التاریخیة التی نقلت هذا الحدیث:البدایة والنهایة:ج 5 ص 54،الکامل فی التاریخ:ج 1 ص 646،السیرة النبویة لابن کثیر:ج 4 ص 103،السیرة النبویة للحلبی:ج 3 ص 240،السیرة النبویة لزین بن دحلان بهامش الحلبیة:ج 3 ص 6،تاریخ الیعقوبی:ج 2 ص 82،تاریخ ابن خلدون:ج 2 (ق 2) ص 57،تاریخ دمشق:ج 42 ص 16 ح 8355،سیر أعلام النبلاء:ج 3 ص 286،تاریخ المدینة المنوّرة:ج 2 ص 581،فتوح البلدان:ص 75. و-نماذج من المصادر الکلامیة التی نقلت هذا الحدیث:دلائل النبوة لأبی نعیم الأصبهانی:ص 353 ح 244 وص 354 ح 245،دلائل النبوة للبیهقی:ج 5 ص 388،المواقف:ج 2 ص 614،الصواعق المحرقة:ص 93،إعلام الوری؛ج 1 ص 256،نهج الحق:ص 177،غایة المرام:ج 2 ص 92.

وفی آیة المباهلة بمولانا علی وفاطمة والحسن والحسین علیهم السلام لنصاری نجران رواه من أحد وخمسین طریقاً عمّن سمّاه من الصحابة وغیرهم. (1)

ثم یمضی إلی الإشارة إلی أسماء رواة هذا الحدیث.

یقول الحاکم النیسابوری:

وقد تواترت الأخبار فی التفاسیر عن عبداللّه بن عبّاس وغیره أنّ رسول اللّه أخذ یوم المباهلة بید علیّ و حسن وحسین و جعلوا فاطمة وراءهم،ثمّ قال:هؤُلاءِ أبناءُنا وأَنفُسُنا ونِساءُنا.... (2)

وقال الجصاص فی أحکام القرآن:

نقل رواة السیر ونقلة الأثر لم یختلفوا فیه:أنّ النبیّ صلی الله علیه و آله أخذ بید الحسن والحسین وعلیّ وفاطمة رضی اللّه عنهم،ثمّ دعا النصاری الذین حاجّوه إلی المباهلة. (3)

وکتب الفخر الرازی بعد نقل حدیث المباهلة قائلاً:

واعلم أنّ هذه الروایة کالمتّفق علی صحّتها بین أهل التفسیر. (4)

کما جاء فی سنن الترمذی فی معرض الإشارة إلی حدیث المباهلة:

هذا حدیث صحیح غریب من هذا الوجه (5)

و یقول ابن تیمیة:

أمّا أخذه علیّاً وفاطمة والحسن والحسین فی المباهلة فحدیثٌ صحیح. (6)

ص:252


1- (1) .سعد السعود:ص 91. [1]
2- (2) .معرفة علوم الحدیث:ص 50.
3- (3) .أحکام القرآن للجصاص:ج 2 ص 295. [2]
4- (4) .تفسیر الفخر الرازی:ج 8 ص 89.
5- (5) .سنن الترمذی:ج 5 ص 638 ذیل ح 3724.
6- (6) .منهاج السنة:ج 7 ص 123.

وبناءً علی ذلک،فإنّ الشکّ فی صحّة هذا الحدیث (1)،أو تحریفه من خلال إضافة أسماء أشخاص آخرین (2)إلی الأشخاص الأربعة (علیّ،فاطمة،الحسن والحسین علیهم السلام ) والذین خرج بهم النبی صلی الله علیه و آله للمباهلة،أو حذف بعضهم (3)،مردّه الجهل والعناد،أو جفاء أهل بیت الرسالة،أو بغضهم،ولا قیمة علمیة له. (4)

أرضیّات حادثة المباهلة

أدّی فتح مکّة فی السنة الثامنة من الهجرة علی ید جیش الإسلام دون سفک للدماء، إلی الازدهار التدریجی لنفوذ الإسلام الثقافی والسیاسی فی الحجاز،بل وفی جمیع أنحاء العالم،ولذلک فقد حظیت المدینة-المرکز الرئیس للثورة الإسلامیة-باهتمام الزعماء الدینیین والسیاسیّین فی العالم.

وقد هیّأت هذه الظاهرة الثقافیة والسیاسیة،أرضیّةً مناسبة لأن یدعوهم رسول اللّه صلی الله علیه و آله إلی الدخول فی الإسلام،أو الاعتراف بالدولة الإسلامیة والالتزام بمقرّراتها؛ و ذلک من خلال إرسال السفراء والکتب إلی زعماء العالم السیاسیّین والدینیّین وخاصّة فی المناطق الأقرب إلی المدینة.

وبالطبع فإنّ الکثیر من الأشخاص الذین خاطبهم النبیّ صلی الله علیه و آله فی کتبه کانوا یرغبون فی التعرّف عن کثب علی مرکز الثورة الإسلامیة ورسول اللّه صلی الله علیه و آله،عبر القدوم إلی المدینة،ولذلک فقد کانت وفود القبائل العربیة تتوافد علی رسول اللّه صلی الله علیه و آله تدریجیاً فی السنة التاسعة من الهجرة،ولهذا سمّی المؤرّخون هذه السنة«عام الوفود».

ص:253


1- (1) .راجع:تفسیر المنار:ج 3 ص 322.
2- (2) .راجع:تاریخ دمشق:ج 39 ص 177،السیرة النبویة لزین بن دحلان:ج 3 ص 5.
3- (3) .راجع:تفسیر الطبری:ج 3 الجزء 3 ص 299،تاریخ المدینة المنورة:ج 2 ص 582.
4- (4) .راجع:المیزان فی تفسیر القرآن:ج 3 ص 375.

وقد کان کتاب النبی صلی الله علیه و آله إلی نصاری نجران (1)من جملة الکتب التی بعثها صلی الله علیه و آله فی السنة التاسعة من الهجرة (2)،و هذا نصها:

بِسمِ إلهِ إبراهیمَ وإسحاقَ ویَعقوبَ،مِن مُحَمَّدٍ النَّبِیِّ رَسولِ اللّهِ إلی اسقُفِّ نَجرانَ، وأَهلِ نَجرانَ:إن أسلَمتُم فَإِنّی أحمَدُ إلَیکُمُ اللّهَ إلهَ إبراهیمَ وإسحاقَ ویَعقوبَ،أمّا بَعدُ:فَإِنّی أدعوکُم إلی عِبادَةِ اللّهِ مِن عِبادَةِ العِبادِ،وأَدعوکُم إلی وِلایَةِ اللّهِ مِن وِلایَةِ العِبادِ،فَإِن أبَیتُم فَالجِزیَةُ،فَإِن أبَیتُم فَقَد آذَنتُکُم بِحَربٍ،وَالسَّلامُ. (3)

وبعد إرسال هذا الکتاب،قدم إلی المدینة وفد رفیع المستوی من زعماء نصاری نجران وأخذوا یحاورون النبیّ صلی الله علیه و آله،ولکنهّم لم یُذعنوا للبراهین الواضحة التی قدّمها النبیّ صلی الله علیه و آله،لإثبات الرسالة،بسبب التعصّب والعناد ولذلک لم تتمخّض محادثاتهم عن نتیجة.عندها نزلت الآیة 61 من سورة آل عمران فیها أمرٌ للنبیّ صلی الله علیه و آله بأن یعرض علیهم المباهلة کی یقضی اللّه تعالی نفسه بین مدّعی النبوة والنصاری ویفضح الکاذب منهما.

وقد کان اقتراح النبی صلی الله علیه و آله هذا أکثر فاعلیة من أیّ دلیل وبرهان آخر عند خاصة المسلمین وعامتهم والمسیحیّین من أجل حسم المجادلات بینه وبین وفد نصاری نجران،إلّاأنّ زعماء نصاری نجران الذین کانوا قد وافقوا علی هذا الاقتراح، انصرفوا عن القیام بها بعد أن حضروا فی المکان المتّفق علیه فی الیوم الموعود

ص:254


1- (1) .راجع:نهایة الأرب:ص 19 و 55،معجم البلدان:ج 2 ص 538 و ج 5 ص 267،معجم ما استعجم:ج 4 ص 1298،فتوح البلدان:ج 1 ص 79،لغت نامه دهخدا«بالفارسیة»:مدخل نجران،لسان العرب:ج 5 ص 195. [1]
2- (2) .راجع:ص 315 ( کلام حول تاریخ المباهلة ).
3- (3) .دلائل النبوة للبیهقی:ج 5 ص 385، [2]تفسیر ابن کثیر:ج 2 ص 43، [3]البدایة والنهایة:ج 5 ص 53، [4]إمتاع الأسماع:ج 14 ص 67، [5]سبل الهدی والرشاد:ج 6 ص 451 [6] کلّها عن سلمة بن یسوع عن أبیه عن جدّه،الوثائق السیاسیة:ص 179 الرقم 95،الدرّ المنثور:ج 2 ص 229؛ [7]تاریخ الیعقوبی:ج 2 ص 81 [8] نحوه،بحارالانوار:ج 35 ص 262. [9]

وشاهدوا علامات صدق رسول اللّه صلی الله علیه و آله وأحقّیّته،فرضخوا للتوقیع علی معاهدة الصلح التی حدّد رسول اللّه صلی الله علیه و آله شروطَها ودفع الجزیة.

أبرز الملاحظات فی حادثة المباهلة

اشارة

تحظی حادثة المباهلة بأهمّیة کبیرة من جوانب مختلفة وتستحقّ التأمّل والدراسة، وتتمثّل أهمّ وأبرز الملاحظات التی نراها فی هذه الحادثة فی:

1.إثبات أحقیّة الإسلام فی مقابل المسیحیة

أثبتت حادثة المباهلة أنّ زعماء نصاری نجران-کغیرهم من علماء النصاری المعاصرین للنبیّ صلی الله علیه و آله-کانوا قد قرؤوا علامات النبی الخاتم فی کتبهم السماویة فرأوا تلک العلامات منطبقة بشکل کامل علیه صلی الله علیه و آله،إلّاأنّهم کانوا یکتمون الحقّ لئلّا یفقدوا مرکزهم فی المجتمع المسیحی،کما یصرّح القرآن الکریم بذلک فی قوله:

«اَلَّذِینَ آتَیْناهُمُ الْکِتابَ یَعْرِفُونَهُ کَما یَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمْ وَ إِنَّ فَرِیقاً مِنْهُمْ لَیَکْتُمُونَ الْحَقَّ وَ هُمْ یَعْلَمُونَ» . (1)

وبناءً علی ذلک،فإنّ حادثة المباهلة لم تکن ذات فاعلیّة أکثر من أیّ برهان آخر لإثبات صدق النبیّ وأحقّیته أمام نصاری نجران وحسب،بل إنّها تعتبر من أدلّة أحقیّة الإسلام فی مقابل المسیحیة علی مرّ الزمن وحتی یوم القیامة،والملفت للنظر أنّ أیّ عالِم مسیحیّ لم یعلن عن استعداده لمباهلة المسلمین بعد تلک الحادثة منذ السنة الهجریة التاسعة وحتّی الآن.

2.إثبات انحیاز الإسلام للمنطق والسلام

الملاحظة الثانیة فیما یتعلّق بحادثة المباهلة،إثبات انحیاز الإسلام للمنطق

ص:255


1- (1) .البقرة:146. [1]

والسلام.وقد أثبتت هذه الحادثة أنّ رسول اللّه صلی الله علیه و آله کان یسعی فی الخطوة الاُولی من تعامله مع القوی المعارضة له لدعوتها إلی الحقّ من خلال توظیف الحوار والمناظرة واستخدام الدلیل والبرهان،ثمّ یدعوهم فی الخطوة الثانیة-إن کانوا یؤمنون باللّه- إلی المباهلة و أن یحکم اللّه بینه وبینهم،فإن لم یرضخوا للمباهلة أبرم معهم معاهدة سیاسیّة إذا ما وافقوا علی شروط الإسلام،وبناءً علی ذلک فإنّ استخدام الإسلام للقوّة فی ساحة الحرب کان لتحطیم الموانع والسدود أمام الوعی والحریة وحسب.

3.إثبات أفضلیة أهل البیت علیهم السلام

اصطحب النبی صلی الله علیه و آله فی حادثة المباهلة الحسنین علیهما السلام لبیان مصداق«أبنائنا»،وفاطمة لتجسید مصداق«نساءنا»،والإمام علیاً علیه السلام لإظهار مصداق«أنفسنا»،ووصفهم بأنّهم أهله (1).ومبادرة النبیّ صلی الله علیه و آله هذه تدلّ علی أفضلیّتهم علی سائر الاُمّة الإسلامیة، ولذلک فقد احتجّ أهلُ البیت علیهم السلام فی الکثیر من الروایات بآیة المباهلة لإثبات مکانتهم الإلهیة والقرآنیة فی العدید من المواضع. (2)

4.إثبات خلافة الإمام علی علیه السلام للنبیّ صلی الله علیه و آله بشکل مباشر

إن آیة المباهلة إلی جانب مبادرة النبی صلی الله علیه و آله العملیة فی التعریف بالإمام علیّ علیه السلام

ص:256


1- (1) .جاء فی کتاب«المحاسن والمساوئ» [1]عن رجل من بنی هاشم:حَدَّثَنی أبی قالَ:حَضَرتُ مَجلِسَ مُحَمَّدِ بنِ عائِشَةَ بِالبَصرَةِ،إذ قامَ إلَیهِ رَجُلٌ مِن وَسَطِ الحَلقَةِ فَقالَ:یا أبا عَبدِالرَّحمنِ،مَن أفضَلُ أصحابِ رَسولِ اللّهِ صلی الله علیه و آله فَقالَ:أبو بَکرٍ،وعُمَرُ،وعُثمانُ،وطَلحَةُ،وَالزُّبَیرُ،وسَعدٌ،وسَعیدٌ،وعَبدُالرَّحمنِ بنُ عَوفٍ،وأبو عُبَیدَةَ بنُ الجَرّاحِ.فَقالَ لَهُ:فَأَینَ عَلِیُّ بنُ أبی طالِبٍ علیه السلام؟قالَ:یا هذا ! تَستَفتی عَن أصحابِهِ أم عَن نَفسِهِ؟قالَ:بَل عَن أصحابِهِ.قالَ:إنَّ اللّهَ تَبارَکَ وتَعالی یَقولُ: «فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَکُمْ وَ نِساءَنا وَ نِساءَکُمْ وَ أَنْفُسَنا وَ أَنْفُسَکُمْ» (آل عمران:61)، [2]فَکَیفَ یَکونُ أصحابُهُ مِثلَ نَفسِهِ؟! (المحاسن والمساوئ:ص 42). [3]
2- (2) .راجع:ص 323 ( الفصل الثانی:احتجاجات أهل البیت علیهم السلام بقصة المباهلة ).

باعتباره«نفسه»،تثبت بوضوحٍ أنّ أیّاً من الصحابة لم یکن کالإمام علیّ علیه السلام یستحقّ الخلافة بعد النبی صلی الله علیه و آله مباشرة،ولذلک فإنّ المأمون عندما سأل الإمام الرضا علیه السلام:

مَا الدَّلیلُ عَلی خِلافَةِ جَدِّکَ [ عَلِیِّ بنِ أبی طالِبٍ ] ؟قالَ علیه السلام: «أَنْفُسَنا» ،فَقالَ المَأمونُ:لَولا «نِساءَنا» ! فَقالَ الرِّضا علیه السلام:لَولا «أَبْناءَنا» ! فَسَکَتَ المَأمونُ. (1)

تکریم یوم المباهلة

تفید بعض الروایات بأنّ الیوم الرابع والعشرین من ذی الحجّة (2)،هو یوم میعاد مباهلة النبیّ صلی الله علیه و آله مع ممثّلی نصاری نجران،حیث امتنعوا عن المباهلة وقبلوا المصالحة.وقد ذکرت روایات أهل البیت علیهم السلام آداباً وأعمالاً (3)لهذا الیوم ینبغی للمجتمع المسلم وخاصة المعنیین أن یحیطها باهتمامهم من أجل الانتفاع من برکات هذا الیوم المبارک،وإحیاء ذکری حادثة المباهلة.

الشرعیّة العامة للمباهلة لإثبات الحق

یمکننا أن نستنبط من آیة المباهلة الشرعیّة العامّة للمباهلة لإثبات الحقّ واتّضاحه بعد إقامة البرهان علیه،کما أنّ روایات أهل البیت علیهم السلام (4)وسیرة أئمّة الدین (5)قد دلّت علی ذلک أیضاً،ولذلک فإنّ الکثیر من الفقهاء أفتَوا (6)بشرعیّة

ص:257


1- (1) .لتوضیح هذه الروایة راجع:ص 333 الهامش 2.
2- (2) .توجد آراء حول یوم المباهلة وهی 21،25 أو 27 من ذی الحجّة،إلا أنّ الشیخ الطوسی واستناداًلروایة اختار یوم 24 ذی الحجة،وقد اشتهر هذا القول (راجع:الإقبال:ج 2 ص 354،المصباح للکفعمی:ص 515،المصباح المتهجد:ص 759 و 764 ).
3- (3) .راجع:ص 337 ( الفصل الرابع:آداب یوم المباهلة ).
4- (4) .راجع:ص 320 ( [1] جواز مباهلة کلّ من جحد حقاً ).
5- (5) .راجع:الغیبة:ص 307 ح 258.
6- (6) .راجع:الکافی:ج 1 ص 328 ح 2 و ج 2 ص 513 ح 1 وفتح الباری:ج 8 ص 74.

المباهلة المطلقة لإثبات الحق.

جدیرٌ ذکره أنّ بعض الروایات ذکرت آداباً للمباهلة (1)یؤدّی الالتزام بها إلی تعزیز الحضور القلبی للمباهِل والتفاته إلی اللّه تعالی،ویهیّیء الأرضیّة لاستجابة دعائه.

ص:258


1- (1) .راجع:ص 322 ( آداب المباهلة ).

الفصل الأوّل:تشریع المباهلة

1/1 مَبدَأُ تَشریعِ المُباهَلَةِ

الکتاب

«فَمَنْ حَاجَّکَ فِیهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَکَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَکُمْ وَ نِساءَنا وَ نِساءَکُمْ وَ أَنْفُسَنا وَ أَنْفُسَکُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللّهِ عَلَی الْکاذِبِینَ» . (1)

الحدیث

11330. تفسیر الطبری عن زید بن علیّ علیه السلام -فی قَولِهِ تَعالی: «تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَکُمْ» الآیَةَ-:

کانَ النَّبِیُّ صلی الله علیه و آله وعَلِیٌّ وفاطِمَةُ وَالحَسَنُ وَالحُسَینُ علیهم السلام. (2)

11331. دلائل النبوّة لأبی نعیم عن جابر -فی تَفسیرِ آیَةِ المُباهَلَةِ-: «وَ أَنْفُسَنا وَ أَنْفُسَکُمْ» :رَسولُ اللّهِ صلی الله علیه و آله وعَلِیٌّ، «أَبْناءَنا وَ أَبْناءَکُمْ» :الحَسَنُ وَالحُسَینُ، «وَ نِساءَنا وَ نِساءَکُمْ» :فاطِمَةُ،رَضِیَ اللّهُ عَنهُم أجمَعینَ. (3)

ص:259


1- (1) .آل عمران:61. [1]
2- (2) .تفسیر الطبری:ج 3 الجزء 3 ص 300.
3- (3) .دلائل النبوّة لأبی نعیم:ص 354 ح 244،تفسیر ابن کثیر:ج 2 ص 45، [2]شواهد التنزیل:ج 1 ص 163 ح 173. [3]

11332. صحیح مسلم عن سعد بن أبی وقّاص: ...لَمّا نَزَلَت هذِهِ الآیَةُ: «فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَکُمْ» دَعا رَسولُ اللّهِ صلی الله علیه و آله عَلِیّاً وفاطِمَةَ وحَسَناً وحُسَیناً علیهم السلام فَقالَ:اللّهُمَّ هؤُلاءِ أهلی. (1)

11333. تفسیر العیّاشی عن عامر بن سعد: قالَ مُعاوِیَةُ لِأَبی:ما یَمنَعُکَ أن تَسُبَّ أبا تُرابٍ؟ قالَ:لِثَلاثٍ رَوَیتُهُنَّ عَنِ النَّبِیِّ صلی الله علیه و آله:لَمّا نَزَلَت آیَةُ المُباهَلَةِ: «تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَکُمْ» الآیَةَ،أخَذَ رَسولُ اللّهِ صلی الله علیه و آله بِیَدِ عَلِیٍّ وفاطِمَةَ وَالحَسَنِ وَالحُسَینِ علیهم السلام قالَ:هؤُلاءِ أهلی. (2)

2/1 قِصَّةُ المُباهَلَةِ بِرِوایَةِ الإِمامِ الرّازِیِّ

11334. تفسیر الفخر الرازی: رُوِیَ أنَّهُ صلی الله علیه و آله لَمّا أورَدَ الدَّلائِلَ عَلی نَصاری نَجرانَ،ثُمَّ إنَّهُم أصَرّوا عَلی جَهلِهِم،فَقالَ صلی الله علیه و آله:إنَّ اللّهَ أمَرَنی إن لَم تَقبَلُوا الحُجَّةَ أن اباهِلَکُم.

فَقالوا:یا أبَا القاسِمِ،بَل نَرجِعُ فَنَنظُرُ فی أمرِنا ثُمَّ نَأتیکَ.

فَلَمّا رَجَعوا قالوا لِلعاقِبِ (3)-وکانَ ذا رَأیِهِم-:یا عَبدَ المَسیحِ،ما تَری؟فَقالَ:

وَاللّهِ ! لَقَد عَرَفتُم یا مَعشَرَ النَّصاری أنَّ مُحَمَّداً نَبِیٌّ مُرسَلٌ،ولَقَد جاءَکُم بِالکَلامِ الحَقِّ فی أمرِ صاحِبِکُم.وَاللّهِ ! ما باهَلَ قَومٌ نَبِیّاً قَطُّ فَعاشَ کَبیرُهُم ولا نَبَتَ صَغیرُهُم،ولَئِن فَعَلتُم لَکانَ الاِستِئصالُ،فَإِن أبَیتُم إلَّاالإِصرارَ عَلی دینِکُم وَالإِقامَةِ

ص:260


1- (1) .صحیح مسلم:ج 4 ص 1871 ح 32،سنن الترمذی:ج 5 ص 638 ح 3724،مسند ابن حنبل:ج 1 ص 391 ح 1608، [1]المستدرک علی الصحیحین:ج 3 ص 163 ح 4719،السنن الکبری:ج 7 ص 101 ح 13392. [2]
2- (2) .تفسیر العیّاشی:ج 1 ص 177 ح 59، [3]بحار الأنوار:ج 21 ص 342 ح 11. [4]
3- (3) .وهو عبد المسیح بن ثوبان اسقف نجران ( شرح الأخبار:ج 2 ص 339 )،والعاقب یُطلق علی من یکون بعد السیّد؛أی یعقبه ( راجع:بحار الأنوار:ج 35 ص 264 ). [5]

عَلی ما أنتُم عَلَیهِ،فَوادِعُوا الرَّجُلَ وَانصَرِفوا إلی بِلادِکُم.

وکانَ رَسولُ اللّهِ صلی الله علیه و آله خَرَجَ وعَلَیهِ مِرطٌ (1)مِن شَعرٍ أسوَدَ،وکانَ قَدِ احتَضَنَ الحُسَینَ وأَخَذَ بِیَدِ الحَسَنِ،وفاطِمَةُ تَمشی خَلفَهُ،وعَلِیٌّ رَضِیَ اللّهُ عَنهُ خَلفَها،وهُوَ یَقولُ:إذا دَعَوتُ فَأَمِّنوا.

فَقالَ اسقُفُّ نَجرانَ:یا مَعشَرَ النَّصاری ! إنّی لَأَری وُجوهاً لَو سَأَلُوا اللّهَ أن یُزیلَ جَبَلاً مِن مَکانِهِ لَأَزالَهُ بِها،فَلا تُباهِلوا فَتَهلِکوا ولا یَبقی عَلی وَجهِ الأَرضِ نَصرانِیٌّ إلی یَومِ القِیامَةِ.

ثُمَّ قالوا:یا أبَا القاسِمِ،رَأَینا أن لا نُباهِلَکَ وأَن نُقِرَّکَ عَلی دینِکَ.

فَقالَ صَلَواتُ اللّهِ عَلَیهِ:فَإِذا أبَیتُمُ المُباهَلَةَ فَأَسلِموا؛یَکُن لَکُم ما لِلمُسلِمینَ وعَلَیکُم ما عَلَی المُسلِمینَ،فَأَبَوا،فَقالَ:فَإِنّی اناجِزُکُمُ القِتالَ،فَقالوا:ما لَنا بِحَربِ العَرَبِ طاقَةٌ،ولکِن نُصالِحُکَ عَلی أن لا تَغزُوَنا ولا تَرُدَّنا عَن دینِنا،عَلی أن نُؤَدِّیَ إلَیکَ فی کُلِّ عامٍ ألفَی حُلَّةٍ:ألفاً فی صَفَرٍ،وأَلفاً فی رَجَبٍ،وثَلاثینَ دِرعاً عادِیَةً مِن حَدیدٍ.

فَصالَحَهُم عَلی ذلِکَ.وقالَ:وَالَّذی نَفسی بِیَدِهِ،إنَّ الهَلاکَ قَد تَدَلّی عَلی أهلِ نَجرانَ،ولو لاعَنوا لَمُسِخوا قِرَدَةً وخَنازیرَ،ولَاضطَرَمَ عَلَیهِمُ الوادی ناراً، ولَاستَأَصَلَ اللّهُ نَجرانَ وأَهلَهُ،حَتَّی الطَّیرَ عَلی رُؤوسِ الشَّجَرِ،ولَما حالَ الحَولُ عَلَی النَّصاری کُلِّهِم حَتّی یَهلِکوا.

ورُوِیَ أنَّهُ صلی الله علیه و آله لَمّا خَرَجَ فِی المِرطِ الأَسوَدِ،فَجاءَ الحَسَنُ رَضِیَ اللّهُ عَنهُ فَأَدخَلَهُ،

ص:261


1- (1) .المِرطُ:کِساءٌ من صوفٍ أو خَزٍّ کان یؤتَزَرُ به (مجمع البحرین:ج 3 ص 1688« [1]مرط»).

ثُمَّ جاءَ الحُسَینُ رَضِیَ اللّهُ عَنهُ فَأَدخَلَهُ،ثُمَّ فاطِمَةُ،ثُمَّ عَلِیٌّ رَضِیَ اللّهُ عَنهُما،ثُمَّ قالَ: «إِنَّما یُرِیدُ اللّهُ لِیُذْهِبَ عَنْکُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَیْتِ وَ یُطَهِّرَکُمْ تَطْهِیراً» (1).

وَاعلَم أنَّ هذِهِ الرِّوایَةَ کُالمُتَّفَقِ عَلی صِحَّتِها بَینَ أهلِ التَّفسیرِ وَالحَدیثِ. (2)

3/1 قِصَّةُ المُباهَلَةِ بِرِوایَةِ الشَّیخِ المُفیدِ

11335. الإرشاد: لَمَّا انتَشَرَ الإِسلامُ بَعدَ الفَتحِ وما وَلِیَهُ مِنَ الغَزَواتِ المَذکورَةِ وقَوِیَ سُلطانُهُ، وَفَدَ إلَی النَّبِیِّ صلی الله علیه و آله الوُفودُ،فَمِنهُم مَن أسلَمَ،ومِنهُم مَنِ استَأمَنَ لِیَعودَ إلی قَومِهِ بِرَأیِهِ صلی الله علیه و آله فیهِم.

وکانَ فیمَن وَفَدَ عَلَیهِ أبو حارِثَةَ اسقُفُّ نَجرانَ فی ثَلاثینَ رَجُلاً مِنَ النَّصاری، مِنهُمُ العاقِبُ وَالسَّیِّدُ وعَبدُ المَسیحِ،فَقَدِمُوا المَدینَةَ وَقتَ صَلاةِ العَصرِ وعَلَیهِم لِباسُ الدّیباجِ وَالصُّلُبِ،فَصارَ إلَیهِمُ الیَهودُ،وتَساءَلوا بَینَهُم،فَقالَتِ النَّصاری لَهُم:لَستُم عَلی شَیءٍ،وقالَت لَهُمُ الیَهودُ:لَستُم عَلی شَیءٍ،وفی ذلِکَ أنزَلَ اللّهُ سُبحانَهُ: «وَ قالَتِ الْیَهُودُ لَیْسَتِ النَّصاری عَلی شَیْءٍ وَ قالَتِ النَّصاری لَیْسَتِ الْیَهُودُ عَلی شَیْءٍ» (3)إلی آخِرِ الآیَةِ.

فَلَمّا صَلَّی النَّبِیُّ صلی الله علیه و آله العَصرَ تَوَجَّهوا إلَیهِ یَقدُمُهُمُ الاُسقُفُ،فَقالَ لَهُ:یا مُحَمَّدُ،ما تَقولُ فِی السَّیِّدِ المَسیحِ؟

فَقالَ النَّبِیُّ صلی الله علیه و آله:عَبدٌ للّهِ ِ اصطَفاهُ وَانتَجَبَهُ.

ص:262


1- (1) .الأحزاب:33. [1]
2- (2) .تفسیر الفخر الرازی:ج 8 ص 88.
3- (3) .البقرة:113. [2]

فَقالَ الاُسقُفُ:أتَعرِفُ لَهُ یا مُحَمَّدُ أباً وَلَّدَهُ؟

فَقالَ النَّبِیُّ صلی الله علیه و آله:لَم یَکُن عَن نِکاحٍ فَیَکونَ لَهُ والِدٌ.

قالَ:فَکَیفَ قُلتَ:إنَّهُ عَبدٌ مَخلوقٌ،وأَنتَ لَم تَرَ عَبداً مَخلوقاً إلّاعَن نِکاحٍ ولَهُ والِدٌ؟!

فَأَنزَلَ اللّهُ تَعالَی الآیاتِ مِن سورَةِ آلِ عِمرانَ إلی قَولِهِ: «إِنَّ مَثَلَ عِیسی عِنْدَ اللّهِ کَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ قالَ لَهُ کُنْ فَیَکُونُ* اَلْحَقُّ مِنْ رَبِّکَ فَلا تَکُنْ مِنَ الْمُمْتَرِینَ* فَمَنْ حَاجَّکَ فِیهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَکَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَکُمْ وَ نِساءَنا وَ نِساءَکُمْ وَ أَنْفُسَنا وَ أَنْفُسَکُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللّهِ عَلَی الْکاذِبِینَ» (1)،فَتَلاهَا النَّبِیُّ صلی الله علیه و آله عَلَی النَّصاری ودَعاهُم إلَی المُباهَلَةِ وقالَ:إنَّ اللّهَ عَزَّ اسمُهُ أخبَرَنی أنَّ العَذابَ یَنزِلُ عَلَی المُبطِلِ عَقیبَ المُباهَلَةِ ویُبَیِّنُ الحَقَّ مِنَ الباطِلِ بِذلِکَ.

فَاجتَمَعَ الاُسقُفُ مَعَ عَبدِ المَسیحِ وَالعاقِبِ عَلَی المَشوَرَةِ،فَاتَّفَقَ رَأیُهُم عَلَی استِنظارِهِ إلی صَبیحَةِ غَدٍ مِن یَومِهِم ذلِکَ.فَلَمّا رَجَعوا إلی رِحالِهِم قالَ لَهُمُ الاُسقُفُ:

انظُروا مُحَمَّداً فی غَدٍ،فَإِن غَدا بِوُلدِهِ وأَهلِهِ فَاحذَروا مُباهَلَتَهُ،وإن غَدا بِأَصحابِهِ فَباهَلوهُ فَإِنَّهُ عَلی غَیرِ شَیءٍ.

فَلَمّا کانَ مِنَ الغَدِ جاءَ النَّبِیُّ صلی الله علیه و آله آخِذاً بِیَدِ أمیرِ المُؤمِنینَ عَلِیِّ بنِ أبی طالِبٍ، وَالحَسَنُ وَالحُسَینُ بَینَ یَدَیهِ یَمشِیانِ،وفاطِمَةُ-صَلَواتُ اللّهِ عَلَیهِم-تَمشی خَلفَهُ.

وخَرَجَ النَّصاری یَقدُمُهُم اسقُفُّهُم،فَلَمّا رَأَی النَّبِیَّ صلی الله علیه و آله قَد أقبَلَ بِمَن مَعَهُ سَأَلَ عَنهُم،فَقیلَ لَهُ:هذَا ابنُ عَمِّهِ عَلِیُّ بنُ أبی طالِبٍ،وهُوَ صِهرُهُ وأبو وُلدِهِ وأَحَبُّ

ص:263


1- (1) .آل عمران:59-61. [1]

الخَلقِ إلَیهِ،وهذانِ الطِّفلانِ ابنا بِنتِهِ مِن عَلِیٍّ،وهُما مِن أحَبِّ الخَلقِ إلَیهِ،وهذِهِ الجارِیَةُ بِنتُهُ فاطِمَةُ أعَزُّ النّاسِ عَلَیهِ وأَقرَبُهُم إلی قَلبِهِ.

فَنَظَرَ الاُسقُفُ إلَی العاقِبِ وَالسَّیِّدِ وعَبدِ المَسیحِ وقالَ لَهُم:اُنظُروا إلَیهِ قَد جاءَ بِخاصَّتِهِ مِن وُلدِهِ وأَهلِهِ لِیُباهِلَ بِهِم واثِقاً بِحَقِّهِ،وَاللّهِ ما جاءَ بِهِم وهُوَ یَتَخَوَّفُ الحُجَّةَ عَلَیهِ،فَاحذَروا مُباهَلَتَهُ،وَاللّهِ لَولا مَکانُ قَیصَرَ لَأَسلَمتُ لَهُ،ولکِن صالِحوهُ عَلی ما یَتَّفِقُ بَینَکُم وبَینَهُ،وَارجِعوا إلی بِلادِکُم وَارتَؤُوا لِأَنفُسِکُم.فَقالوا لَهُ:رَأیُنا لِرَأیِکَ تَبَعٌ.

فَقالَ الاُسقُفُ:یا أبَا القاسِمِ،إنّا لا نُباهِلُکَ ولکِنّا نُصالِحُکَ،فَصالِحنا عَلی ما نَنهَضُ بِهِ.

فَصالَحَهُمُ النَّبِیُّ صلی الله علیه و آله عَلی ألفَی حُلَّةٍ مِن حُلَلِ الأَواقِیِّ،قیمَةُ کُلِّ حُلَّةٍ أربَعونَ دِرهَماً جِیاداً،فَما زادَ أو نَقَصَ کانَ بِحِسابِ ذلِکَ،وکَتَبَ لَهُمُ النَّبِیُّ صلی الله علیه و آله کِتاباً بِما صالَحَهُم عَلَیهِ،وکانَ الکِتابُ:

«بِسمِ اللّهِ الرَّحمنِ الرَّحیمِ،هذا کِتابٌ مِن مُحَمَّدٍ النَّبِیِّ رَسولِ اللّهِ لِنَجرانَ وحاشِیَتِها،فی کُلِّ صَفراءَ وبَیضاءَ وثَمَرَةٍ ورَقیقٍ،لا یُؤخَذُ مِنهُ شَیءٌ مِنهُم غَیرُ ألفَی حُلَّةٍ مِن حُلَلِ الأَواقِیِّ،ثَمَنُ کُلِّ حُلَّةٍ أربَعونَ دِرهَماً،فَما زادَ أو نَقَصَ فَعَلی حِسابِ ذلِکَ،یُؤَدّونَ ألفاً مِنها فی صَفَرٍ وأَلفاً مِنها فی رَجَبٍ،وعَلَیهِم أربَعونَ دیناراً مثواة رسولی مِمّا فَوقَ ذلِکَ،وعَلَیهِم فی کُلِّ حَدَثٍ یَکونُ بِالیَمَنِ مِن کُلِّ ذی عَدَنٍ (1)عارِیَّةً مَضمونَةً؛ثَلاثونَ دِرعاً وثَلاثونَ فَرَساً وثَلاثونَ جَمَلاً عارِیَّةً مَضمونَةً،لَهُم بِذلِکَ جِوارُ اللّهِ وذِمَّةُ مُحَمَّدِ بنِ عَبدِ اللّهِ،فَمَن أکَلَ الرِّبا مِنهُم بَعدَ عامِهِم هذا فَذِمَّتی مِنهُ بَریئَةٌ».

ص:264


1- (1) .عَدَنَ فلانٌ بالمکان:أقام،وعَدَنتُ البلَدَ:تَوَطّنتُه (لسان العرب:ج 13 ص 279« [1]عدن»).

وأَخَذَ القَومُ الکِتابَ وَانصَرَفوا. (1)

4/1 قِصَّةُ المُباهَلَةِ بِرِوایَةِ السَّیِّدِ ابنِ طاووسٍ1

11336. الإقبال -فی بَیانِ إنفاذِ النَّبِیِّ صلی الله علیه و آله لِرُسُلِهِ إلی نَصاری نَجرانَ ومُناظَرَتِهِم فیما بَینَهُم وظُهورِ تَصدیقِهِ فیما دَعاهُم إلَیهِ-:رَوَینا ذلِکَ بِالأَسانیدِ الصَّحیحَةِ،وَالرِّوایاتِ الصَّریحَةِ إلی أبِی المُفَضَّلِ مُحَمَّدِ بنِ [عَبدِ اللّهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَبدِ] (2)المُطَّلِبِ الشَّیبانِیِّ رحمه الله مِن کِتابِ المُباهَلَةِ،ومِن أصلِ کِتابِ الحَسَنِ بنِ إسماعیلَ بنِ أشناسٍ مِن کِتابِ عَمَلِ ذِی الحِجَّةِ،فیما رَوَیناهُ بِالطُّرُقِ الواضِحَةِ عَن ذَوِی الهِمَمِ الصّالِحَةِ،لا حاجَةَ إلی ذِکرِ أسمائِهِم؛لِأَنَّ المَقصودَ ذِکرُ کَلامِهِم.

قالوا:لَمّا فَتَحَ النَّبِیُّ صلی الله علیه و آله مَکَّةَ،وَانقادَت لَهُ العَرَبُ،وأَرسَلَ رُسُلَهُ ودُعاتِهِ إلَی الاُمَمِ،وکاتَبَ المَلِکَینِ-کِسری وقَیصَرَ-یَدعوهُما إلَی الإِسلامِ،وإلّا أقَرّا بِالجِزیَةِ وَالصَّغارِ (3)،وإلّا أذِنا بِالحَربِ العَوانِ (4)؛أکبَرَ شَأنَهُ نَصاری نَجرانَ وخُلَطاؤُهُم مِن بَنی عَبدِ المَدانِ وجَمیعُ بَنِی الحارِثِ بنِ کَعبٍ،ومَن ضَوی (5)إلَیهِم ونَزَلَ بِهِم مِن دَهماءِ (6)النّاسِ عَلَی اختِلافِهِم هُناکَ فی دینِ النَّصرانِیَّةِ،مِن الأروسِیَّةِ (7)،

ص:265


1- (1) .الإرشاد:ج 1 ص 166 [1] وراجع:تاریخ الیعقوبی:ج 2 ص 82. [2]
2- (2) .ما بین المعقوفین أثبتناه من الذریعة [3]فقد ذکر للمؤلّف کتاب المباهلة ( راجع:الذریعة:ج 19 ص 47الرقم 243). [4]
3- (3) .الصَّغار-بالفتح-:الذلّ والضیم (الصحاح:ج 2 ص 713« [5]صغر»).
4- (4) .الحربُ العَوانُ:التی قُوتِلَ فیها مرّةً بعد مرّة (الصحاح:ج 6 ص 2168« [6]عون»).
5- (5) .ضویت إلیه أضوی ضویاً:إذا أویت إلیه وانضممت (الصحاح:ج 6 ص 2410« [7]ضوا»).
6- (6) .دهماء الناس:جماعتهم (الصحاح:ج 5 ص 1924« [8]دهم»).
7- (7) .الأروسیة:الذین یقولون إنّ عیسی علیه السلام ابن اللّه علی جهة الاختصاص والإکرام،ولا یجدون لذلک دفعاً (تمهید الأوائل وتلخیص الدلائل للباقلانی:ص 194).

وَالسّالوسِیَّةِ (1)،وأَصحابِ دینِ المَلِکِ (2)،وَالمارونیَّةِ،وَالعُبّادِ،وَالنّسطورِیَّةِ،واُملِئَت قُلوبُهُم-عَلی تَفاوُتِ مَنازِلِهِم-رَهبَةً مِنهُ ورُعباً.

فَإِنَّهُم کَذلِکَ مِن شَأنِهِم،إذا وَرَدَت عَلَیهِم رُسُلُ رَسولِ اللّهِ صلی الله علیه و آله بِکِتابِهِ؛وهُم عُتبَةُ بنُ غَزوانَ،وعَبدُ اللّهِ بنُ أبی امَیَّةَ،وَالهُدَیرُ بنُ عَبدِ اللّهِ-أخو تَیمِ بنِ مُرَّةَ-،وصُهَیبُ بنُ سِنانٍ-أخُو النَّمِرِ بنِ قاسِطٍ-یَدعوهُم إلَی الإِسلامِ،فَإِن أجابوا فَإِخوانٌ،وإن أبَوا وَاستَکبَروا فَإِلَی الخُطَّةِ المُخزِیَةِ؛إلی أداءِ الجِزیَةِ عَن یَدٍ،فَإِن رَغِبوا عَمّا دَعاهُم إلَیهِ مِن إحدَی (3)المَنزِلَتَینِ وعَنِدوا،فَقَد آذَنَهُم عَلی سَواءٍ.

وکانَ فی کِتابِهِ صلی الله علیه و آله: «قُلْ یا أَهْلَ الْکِتابِ تَعالَوْا إِلی کَلِمَةٍ سَواءٍ بَیْنَنا وَ بَیْنَکُمْ أَلاّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَ لا نُشْرِکَ بِهِ شَیْئاً وَ لا یَتَّخِذَ بَعْضُنا بَعْضاً أَرْباباً مِنْ دُونِ اللّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنّا مُسْلِمُونَ» . (4)

قالوا:وکانَ رَسولُ اللّهِ صلی الله علیه و آله لا یُقاتِلُ قَوماً حَتّی یَدعُوَهُم،فَازدادَ القَومُ-لِوُرودِ رُسُلِ نَبِیِّ اللّهِ صلی الله علیه و آله وکِتابِهِ-نُفوراً وَامتِزاجاً،فَفَزِعوا لِذلِکَ إلی بِیعَتِهِمُ العُظمی،وأَمَروا فَفُرِشَ أرضُها واُلبِسَ جُدُرُها بِالحَریرِ وَالدِّیباجِ،ورَفَعُوا الصَّلیبَ الأَعظَمَ-وکانَ مِن ذَهَبٍ مُرَصَّعٍ أنفَذَهُ إلَیهِمُ القَیصَرُ الأَکبَرُ-،وحَضَرَ ذلِکَ بَنُو الحارِثِ بنُ کَعبٍ،وکانوا لُیوثَ الحَربِ وفُرسانَ النّاسِ،قَد عَرَفَتِ العَرَبُ ذلِکَ لَهُم فی قَدیمِ أیّامِهِم فِی الجاهِلِیَّةِ.

ص:266


1- (1) .السالوسیّة:لعلّه تصحیف عن السبالیوسیّة،نسبة إلی سابلیوس من قساوسة مصرفی القرن الثالث،أوعن النوء توس:نسبة إلی نوء توس قسّیس فی القرن الثالث ( هامش بحار الأنوار:ج 21 ص 287). [1]
2- (2) .هم الملکانیة أصحاب ملک الروم،أو الملکائیة أصحاب الملکا الذی ظهر بالروم واستولی علیها (المصدر السابق).
3- (3) .فی المصدر:«أحد»،والتصویب من بعض النسخ.
4- (4) .آل عمران:64. [2]

فَاجتَمَعَ القَومُ جَمیعاً لِلمَشوَرَةِ وَالنَّظَرِ فی امورِهِم،وأَسرَعَت إلَیهِمُ القَبائِلُ مِن مَذحِجٍ وعَکٍّ وحِمیَرٍ وأَنمارٍ ومَن دَنا مِنهُم نَسَباً وداراً مِن قَبائِلِ سَبَأٍ،وکُلُّهُم قَد وَرِمَ أنفُهُ غَضَباً لِقَومِهِم،ونَکَصَ مَن تَکَلَّمَ مِنهُم بِالإِسلامِ ارتِداداً،فَخاضوا وأَفاضوا فی ذِکرِ المَسیرِ بِنَفسِهِم وجَمعِهِم إلی رَسولِ اللّهِ صلی الله علیه و آله وَالنُّزولِ بِهِ بِیَثرِبَ لِمُناجَزَتِهِ.

فَلَمّا رَأی أبو حارِثَةَ (1)حُصَینُ بنُ عَلقَمَةَ اسقُفُّهُمُ الأَوَّلُ وصاحِبُ مَدارِسِهِم وعَلّامُهُم-وکانَ رَجُلاً مِن بَنی بَکرِ بنِ وائِلٍ-ما أزمَعَ القَومُ عَلَیهِ مِن إطلاقِ الحَربِ،دَعا بِعِصابَةٍ فَرَفَعَ بِها حاجِبَیهِ عَن عَینَیهِ-وقَد بَلَغَ یَومَئِذٍ عِشرینَ ومِئَةَ سَنَةٍ-ثُمَّ قامَ فیهِم خَطیباً مُعتَمِداً عَلی عَصا،وکانَت فیهِ بَقِیَّةٌ ولَهُ رَأیٌ ورَوِیَّةٌ،وکانَ مُوَحِّداً یُؤمِنُ بِالمَسیحِ وبِالنَّبِیِّ علیهما السلام،ویَکتُمُ ذلِکَ مِن کَفَرَةِ قَومِهِ وأَصحابِهِ،فَقالَ:

مَهلاً بَنی عَبدِ المَدانِ مَهلاً،استَدیمُوا العافِیَةَ وَالسَّعادَةَ؛فَإِنَّهُما مَطوِیّانِ فِی الهَوادَةِ،دُبّوا إلی قَومٍ فی هذَا الأَمرِ دَبیبَ (2)الذَّرِّ (3)،وإیّاکُم وَالسَّورَةَ (4)العَجلی؛فَإِنَّ البَدیهَةَ بِها لا تُنجَبُ،إنَّکُم وَاللّهِ عَلی فِعلِ ما لَم تَفعَلوا أقدَرُ مِنکُم عَلی رَدِّ ما فَعَلتُم، ألا إنَّ النَّجاةَ مَقرونَةٌ بِالأَناةِ،ألا رُبَّ إحجامٍ أفضَلُ مِن إقدامٍ،وکَأَیِّن (5)مِن قَولٍ أبلَغُ مِن صَولٍ (6).

ثُمَّ أمسَکَ،فَأَقبَلَ عَلَیهِ کُرزُ بنُ سَبرَةَ الحارِثِیُّ،وکانَ یَومَئِذٍ زَعیمَ بَنِی الحارِثِ بنِ

ص:267


1- (1) .فی المصدر:«أبو حامد»،والتصویب من بحار الأنوار. [1]
2- (2) .دبّ علی الأرض یدبّ دبیباً،وکلّ ماشٍ علی الأرض دابّة ودبیب.والذرّ-جمع ذرّة-:وهی أصغرالنمل (الصحاح:ج 1 ص 124« [2]دبب»وج 2 ص 663«ذرر»).
3- (3) .فی المصدر:«الزور»،والتصویب من بحار الأنوار. [3]
4- (4) .سَورَةُ الخمر وغیرها:حدّتها (تاج العروس:ج 6 ص 551«سور»).
5- (5) .فی المصدر:«وکائن»،والتصویب من بحار الأنوار. [4]
6- (6) .فی المصدر:«وصوله»،والتصویب من بحار الأنوار. [5]وصال علیه:وثب صولاً وصولةً،یقال:«ربّ قَولٍ أشَدّ مِن صَولٍ»(الصحاح:ج 5 ص 1746« [6]صول»).

کَعبٍ وفی بَیتِ شَرَفِهِم وَالمُعَصَّبَ فیهِم وأَمیرَ حُروبِهِم،فَقالَ:لَقَدِ انتَفَخَ سَحرُکَ وَاستُطیرَ قَلبُکَ أبا حارِثَةَ،فَظِلتَ کَالمَسبوعِ النزاعة (1)الهَلوعِ،تَضرِبُ لَنَا الأَمثالَ وتُخَوِّفُنَا النِّزالَ،لَقَد عَلِمتَ-وحَقِّ المَنّانِ-بِفَضیلَةِ الحُفّاظِ بِالنّوءِ بِالعِبءِ (2)وهُوَ عَظیمٌ،وتَلقَحُ الحَربَ وهِیَ عَقیمٌ،تَثقَفُ أودَ (3)المَلِکِ الجَبّارِ،ولَنَحنُ أرکانُ الرائِشِ (4)وذِی المنارِ (5)الّذینَ شَدَدنا مُلکَهُما وأَمَّرنا مَلیکَهُما،فَأَیَّ أیّامِنا تُنکِرُ أم لِأَیِّهِما -وَیکَ-تَلمِزُ؟

فَما أتی عَلی آخِرِ کَلامِهِ حَتَّی انتَظَمَ (6)نَصلَ (7)نَبلَةٍ کانَت فی یَدِهِ بِکَفِّهِ غَیظاً وغَضَباً وهُوَ لا یَشعُرُ.فَلَمّا أمسَکَ کُرزُ بنُ سَبرَةَ أقبَلَ عَلَیهِ العاقِبُ،وَاسمُهُ عَبدُ المَسیحِ بنُ شُرَحبیلَ-وهُوَ یَومَئِذٍ عَمیدُ القَومِ وأَمیرُ رَأیِهِم وصاحِبُ مَشوَرَتِهِم، الَّذی لا یَصدِروُن جَمیعاً إلّاعَن قَولِهِ-فَقالَ لَهُ:

أفلَحَ وَجهُکَ،وآنَسَ رَبعُکَ (8)،وعَزَّ جارُکَ،وَامتَنَعَ ذِمارُکَ،ذَکَرتَ-وحَقِّ مُغبَرَّةِ الجِباهِ-حَسَباً صَمیماً،وعیصاً (9)کَریماً،وعِزّاً قَدیماً،ولکِن أبا سَبرَةَ ! لِکُلِّ مَقامٍ

ص:268


1- (1) .کذا،وفی بحار الأنوار:« [1]الیراعة»بدل«النزاعة».ویقال للجبان:یرع ویراعة (الصحاح:ج 3ص 1310« [2]یرع»).
2- (2) .فی المصدر:«باللعب»،والتصویب من بحار الأنوار. [3]
3- (3) .فی المصدر:«أورد»،والتصویب من بحار الأنوار. [4]
4- (4) .الحارث الرائش:مَلِک من ملوک الیمن (الصحاح:ج 3 ص 1008« [5]ریش»).
5- (5) .قیل لملکٍ من ملوک الیمن:«ذو المنار»؛لأنّه أوّل من ضرب المنار [أی العلائم] علی الطریق لیُهتدی به (الفائق فی غریب الحدیث:ج 3 ص 334). [6]
6- (6) .یقال:طعنه فانتظمه:أی اختلّه [واختلّه بمعنی أنفذ الطعنة من الجانب الآخر] ( راجع:الصحاح:ج 5ص 2041« [7]نظم»).
7- (7) .النَّصل:حدیدة السهم والرمح (تاج العروس:ج 15 ص 736«نصل»).
8- (8) .الرَّبعُ:المَنزِلُ ودار الإقامة (النهایة:ج 2 ص 189« [8]ربع»).
9- (9) .العِیصُ:الأصلُ (الصحاح:ج 3 ص 1047«عیص»).

مَقالٌ،ولِکُلِّ عَصرٍ رِجالٌ،وَالمَرءُ بِیَومِهِ أشبَهُ مِنهُ بِأَمسِهِ،وهِیَ الأَیّامُ تُهلِکُ جیلاً وتُدیلُ قَبیلاً،وَالعافِیَةُ أفضَلُ جِلبابٍ،ولِلآفاتِ أسبابٌ،فَمِن أوکَدِ أسبابِهَا التَّعَرُّضُ لِأَبوابِها.

ثُمَّ صَمَتَ العاقِبُ مُطرِقاً،فَأَقبَلَ عَلَیهِ السَّیِّدُ وَاسمُهُ أهتَمُ بنُ النُّعمانِ-وهُوَ یَومَئِذٍ اسقُفُّ نَجرانَ،وکانَ نَظیرَ العاقِبِ فی عُلُوِّ المَنزِلَةِ،وهُوَ رَجُلٌ مِن عامِلَةَ وعِدادُهُ فی لَخمٍ،فَقالَ لَهُ:سَعَدَ جَدُّکَ وسَما جَدُّکَ أبا واثِلَةَ،إنَّ لِکُلِّ لامِعَةٍ ضِیاءٌ،وعَلی کُلِّ صَوابٍ نوراً،ولکِن لا یُدرِکُهُ-وحَقِّ واهِبِ العَقلِ-إلّامَن کانَ بَصیراً،إنَّکَ أفضَیتَ وهذانِ فیما تصرّف بِکُمَا الکَلِمُ إلی سَبیلَی حَزَنٍ (1)وسَهلٍ،ولِکُلٍّ عَلی تَفاوُتِکُم حَظٌّ مِنَ الرَّأیِ الرَّبیقِ (2)وَالأَمرِ الوَثیقِ إذا اصیبَ بِهِ مَواضِعُهُ،ثُمَّ إنَّ أخا قُرَیشٍ قَد نَجَدَکُم لِخَطبٍ عَظیمٍ وأَمرٍ جَسیمٍ،فَما عِندَکُم فیهِ قولوا وأَنجِزوا،أبُخوعٌ (3)وإقرارٌ،أم نُزوعٌ؟

قالَ عُتبَةُ وَالهَدیرُ (4)وَالنَّفَرُ مِن أهلِ نَجرانَ:فَعادَ کُرزُ بنُ سَبرَةَ لِکَلامِهِ وکانَ کَمِیّاً (5)أبِیّاً،فَقالَ:

أنَحنُ نُفارِقُ دیناً رَسَخَت عَلَیهِ عُروقُنا،ومَضی عَلَیهِ آباؤُنا،وعَرَفَ مُلوکُ النّاسِ ثُمّ العَرَبُ ذلِکَ مِنّا؟! أنَتَهالَکُ إلی ذلِکَ أم نُقِرُّ بِالجِزیَةِ وهِیَ الخِزیَةُ حَقّاً؟لا وَاللّهِ حَتّی نُجَرِّدَ البَواتِرَ مِن أغمادِها،وتَذهَلَ الحَلائِلُ عَن أولادِها،أو نَشرُقُ نَحنُ [و] (6)مُحَمَّدٌ بِدِمائِنا،ثُمَّ یُدیلُ اللّهُ عز و جل بِنَصرِهِ مَن یَشاءُ.

ص:269


1- (1) .الحَزَنُ:المکانُ الغلیظُ الخَشِن ( النهایة:ج 1 ص 380« [1]حزن»).
2- (2) .من الرأی الربیق:أی الرأی الذی عزم علیه،کأنّه مشدود فی ربقة،أو یلزم العمل به،کأنّه یجعل فی عنق الإنسان فی رِبقة؛وهی العروة التی یُشدّ بها البهیمة ( بحار الأنوار:ج 21 ص 326 ). [2]
3- (3) .بَخَعَ بالحقّ بُخوعاً:أقرّ به وخضع له (الصحاح:ج 3 ص 1183« [3]بخع»).
4- (4) .وهما رَسولا رسول اللّه صلی الله علیه و آله إلی نصاری نجران،وقد تقدّم ذکرهما.
5- (5) .الکَمیُّ:الشجاعُ (مجمع البحرین:ج 3 ص 1596«کمی»).
6- (6) .زیدت الواو من بحار الأنوار. [4]

قالَ لَهُ السَّیِّدُ:اِربَع (1)عَلی نَفسِکَ وعَلَینا أبا سَبرَةَ،فَإِنَّ سَلَّ السَّیفِ یَسِلُّ السَّیفَ، وإنَّ مُحَمَّداً قَد بَخَعَت لَهُ العَرَبُ وأَعطَتهُ طاعَتَها ومَلَکَ رِجالَها وأَعِنَّتَها،وجَرَت أحکامُهُ فی أهلِ الوَبَرِ مِنهُم وَالمَدَرِ،ورَمَقَهُ المَلِکانِ العَظیمانِ کِسری وقَیصَرَ،فَلا أراکُم-وَالرّوحِ-لَو نَهَدَ (2)لَکُم إلّاوقَد تَصَدَّعَ عَنکُم مَن خَفَّ مَعَکُم مِن هذِهِ القَبائِلِ، فَصِرتُم جُفاءً کَأَمسِ الذّاهِبِ،أو کَلَحمٍ عَلی وَضَمٍ (3).

وکانَ فیهِم رَجُلٌ یُقالُ لَهُ جَهیرُ بنُ سُراقَةَ البارِقِیُّ مِن زَنادِقَةِ نَصارَی العَرَبِ،و کانَ لَهُ مَنزِلَةٌ مِن مُلوکِ النَّصرانِیَّةِ،وکانَ مَثواهُ بِنَجرانَ،فَقالَ لَهُ:أبا سُعادَ،قُل فی أمرِنا وأَنجِدنا بِرَأیِکَ،فَهذا مَجلِسٌ لَهُ ما بَعدُهُ.

فَقالَ:فَإِنّی أری لَکُم أن تُقارِبوا مُحَمَّداً وتُطیعوهُ فی بَعضِ مُلتَمَسِهِ عِندَکُم، وَلیَنطَلِق وُفودُکُم إلی مُلوکِ أهلِ مِلَّتِکُم؛إلَی المَلِکِ الأَکبَرِ بِالرّومِ قَیصَرَ،وإلی مُلوکِ هذِهِ الجِلدَةِ السَّوداءِ الخَمسَةِ؛یَعنی مُلوکَ السّودانِ:مَلِکَ النّوبَةِ،ومَلِکَ الحَبَشَةِ،و مَلِکَ علوه،و مَلِکَ الرّعا،و مَلِکَ الرّاحاتِ ومَریسَ وَالقِبطِ-وکُلُّ هؤُلاءِ کانوا نَصاری-.قالَ:وکذلک مَن ضَوی (4)إلَی الشّامِ وحَلَّ بِها مِن مُلوکِ غَسّانَ ولَخمٍ وجُذامٍ وقُضاعَةَ،وغَیرِهِم مِن ذَوی یُمنِکُم،فَهُم لَکُم عَشیرَةٌ ومَوالی وأَعوانٌ،وفِی الدّینِ إخوانٌ-یَعنی أنَّهُم نَصاری-وکَذلِکَ نَصارَی الحیرَةِ مِنَ العُبّادِ وغَیرِهِم،فَقَد صَبَت إلی دینِهِم قَبائِلُ تَغلِبَ بِنتِ وائِلٍ وغَیرِهِم مِن رَبیعَةَ بنِ نزارٍ،لِتَسیرَ وُفودُکُم ثُمَّ لِتَخرِقَ إلَیهِمُ البِلادَ إغذاذاً (5)،فَیَستَصرِخونَهُم لِدینِکُم فَیَستَنجِدَکُمُ الرّومُ وتَسیرَ

ص:270


1- (1) .اِربع:أی إرفق بنفسک وکُفّ (الصحاح:ج 3 ص 1212« [1]ربع»).
2- (2) .نَهَدَ:نهضَ وتقدّمَ (مجمع البحرین:ج 3 ص 839«نهد»).
3- (3) .الوَضمُ:الخَشبةُ أو الباریة التی یوضع علیها اللحم تقیه من الأرض (النهایة:ج 5 ص 199« [2]وضم»).
4- (4) .ضَوی:آوی وانضَمَّ (الصحاح:ج 6 ص 2410«ضوا»).
5- (5) .یَغُذُّ إغذاذاً:إذا أسرع فی السیر (النهایة:ج 3 ص 347« [3]غذذ»).

إلَیکُمُ الأَساوِدَةُ (1)مَسیرَ أصحابِ الفیلِ،وتُقبِلَ إلَیکُم نَصارَی العَرَبِ مِن رَبیعَةِ الیَمَنِ.

فَإِذا وَصَلَتِ الأَمدادُ وارِدةً سِرُتم أنتُم فی قَبائِلِکُم وسائِرِ مَن ظاهَرَکُم وبَذَلَ نَصرَهُ ومُوازَرَتَهُ لَکُم،حَتّی تُضاهِئونَ مَن أنجَدَکُم وأَصرَخَکُم مِنَ الأَجناسِ وَالقَبائِلِ الوارِدَةِ عَلَیکُم.

فَأُمُّوا مُحَمَّداً حَتّی تَنجوا بِهِ جَمیعاً،فَسَیَعتِقُ إلَیکُم وافِداً لَکُم مَن صَبا إلَیهِ مَغلوباً مَقهوراً،ویَنعَتِقُ بِهِ مَن کانَ مِنهُم فی مَدَرَتِهِ مَکثوراً (2)،فَیوشِکُ أن تَصطَلِموا (3)حَوزَتَهُ وتُطفِئُوا جَمرَتَهُ،ویَکونَ لَکُم بِذلِکَ الوَجهُ وَالمَکانُ فِی النّاسِ،فَلا تَتَمالَکُ العَرَبُ حینَئِذٍ حَتّی تَتَهافَتَ دُخولاً فی دینِکُم،ثُمَّ لَتَعظُمَنَّ بیعَتُکُم هذِهِ ولَتَشرُفُنَّ حَتّی تَصیرَ کَالکَعبَةِ المَحجوجَةِ بِتِهامَةَ،هذَا الرَّأیُ فَانتَهِزوهُ فَلا رَأیَ لَکُم بَعدَهُ.

فَأَعجَبَ القَومُ کَلامَ جَهیرِ بنِ سُراقَةَ،ووَقَعَ مِنهُم کُلَّ مَوقِعٍ،فَکادَ أن یَتَفَرَّقوا عَلَی العَمَلِ بِهِ،وکانَ فیهِم رَجُلٌ مِن رَبیعَةَ بنِ نزارٍ مِن بَنی قَیسِ بنِ ثَعلَبَةَ،یُدعی حارِثَةَ بنَ أثالٍ عَلی دینِ المَسیحِ علیه السلام،فَقامَ حارِثَةُ عَلی قَدَمَیهِ وأَقبَلَ عَلی جَهیرٍ وقالَ مُتَمَثِّلاً شِعراً: مَتی ما تُقِد بِالباطِلِ الحَقَّ یَأبَهُ

ص:271


1- (1) .الأساوِدُ:أی الجماعة المتَفَرِّقَةُ (النهایة:ج 2 ص 418« [1]سود»).
2- (2) .المَکثُور:المَغلوبُ،وهو الذی تکاثر علیه الناس فقهروه (النهایة:ج 4 ص 153« [2]کثر»).
3- (3) .الاصطلام:الاستئصال (الصحاح:ج 5 ص 1967«صلم»).

ثُمَّ استَقبَلَ السَّیِّدَ وَالعاقِبَ وَالقِسّیسینَ وَالرُّهبانَ وکافَّةَ نَصاری نَجرانَ بِوَجهِهِ لَم یَخلِط مَعَهُم غَیرَهُم،فَقالَ:سَمعاً سَمعاً یا أبناءَ الحِکمَةِ،وبَقایا حَمَلَةِ الحُجَّةِ،إنَّ السَّعیدَ وَاللّهِ مَن نَفَعَتهُ المَوعِظَةُ،ولَم یَعشُ عَنِ التَّذکِرَةِ،ألا وإنّی انذِرُکُم واُذَکِّرُکُم قَولَ مَسیحِ اللّهِ عز و جل.ثُمَّ شَرَحَ وَصِیَّتَهُ ونَصَّهُ عَلی وَصِیِّهِ شَمعونَ بنِ یوحَنّا،وما یَحدُثُ عَلی امَّتِهِ مِنَ الاِفتِراقِ،ثُمَّ ذَکَرَ عیسی علیه السلام وقالَ:إنَّ اللّهَ جَلَّ جَلالُهُ أوحی إلَیهِ:

«فَخُذ یَابنَ أمَتی کِتابی بِقُوَّةٍ،ثُمَّ فَسِّرهُ لِأَهلِ سورِیا بِلِسانِهِم،وأَخبِرهُم أنّی أنَا اللّهُ لا إلهَ إلّاأنَا الحَیُّ القَیّومُ،البَدیعُ الدّائِمُ الَّذی لا أحولُ ولا أزولُ،إنّی بَعَثتُ رُسُلی ونَزَّلتُ کُتُبی رَحمَةً ونوراً وعِصمَةً لِخَلقی،ثُمَّ إنّی باعِثٌ بِذلِکَ نَجیبَ رِسالَتی أحمَدَ،صَفوَتی مِن بَرِیَّتی،البارِقلیطا (1)عَبدی،اُرسِلُهُ فی خُلُوٍّ مِنَ الزَّمانِ،أبعَثُهُ بِمَولِدِهِ فارانَ مِن مَقامِ أبیهِ إبراهیمَ علیه السلام،اُنزِلُ عَلَیهِ تَوراةً حَدیثَةً،أفتَحُ بِها أعیُناً عُمیاً، آذاناً (2)صُمّاً،وقُلوباً غُلفاً،طوبی لِمَن شَهِدَ أیّامَهُ وسَمِعَ کَلامَهُ فَآمَنَ بِهِ،وَاتَّبَعَ النّورَ الَّذی جاءَ بِهِ،فَإِذا ذَکَرتَ یا عیسی ذلِکَ النَّبِیَّ فَصَلِّ عَلَیهِ فَإِنّی ومَلائِکَتی نُصَلّی عَلَیهِ».

قالَ:فَما أتی حارِثَةُ بنُ أثالٍ عَلی قَولِهِ هذا،حَتّی أظلَمَ بِالسَّیِّدِ وَالعاقِبِ مَکانُهُما،وکَرِها ما قامَ بِهِ فِی النّاسِ مُعرِباً ومُخبِراً عَنِ المَسیحِ علیه السلام بِما أخبَرَ وقَدَّمَ مِن ذِکرِ النَّبِیِّ مُحَمَّدٍ صلی الله علیه و آله؛لِأَنَّهُما کانا قَد أصابا بِمَواضِعِهِما مِن دینِهِما شَرَفاً بِنَجرانَ، ووَجهاً عِندَ مُلوکِ النَّصرانِیَّةِ جَمیعاً،وکَذلِکَ عِندَ سوقَتِهِم وعَرَبِهِم فِی البِلادِ،

ص:272


1- (1) .البارقلیط:قال القاضی:هو اسمه صلی الله علیه و آله فی الإنجیل؛ومعناه روح القدس.وقال ثعلب:الذی یفرّق بین الحقّ والباطل،وقیل:الحامد،وقیل:الحمّاد (سبیل الهدی والرشاد:ج 1 ص 438).
2- (2) .فی المصدر:«واُذناً»،والتصویب من بحار الأنوار. [1]

فَأَشفَقا أن یَکونَ ذلِکَ سَبَباً لِانصِرافِ قَومِهِما عَن طاعَتِهِما لِدینِهِما وفَسخاً لِمَنزِلَتِهِما فِی النّاسِ.

فَأَقبَلَ العاقِبُ عَلی حارِثَةَ فَقالَ:أمسِک عَلَیکَ یا حارِ،فَإِنَّ رادَّ هذَا الکَلامِ عَلَیکَ أکثَرُ مِن قابِلِهِ،ورُبَّ قَولٍ یَکونُ بَلِیَّةً عَلی قائِلِهِ،ولِلقُلوبِ نَفَراتٌ عِندَ الإِصداعِ بِمَظنونِ الحِکمَةِ،فَاتَّقِ نُفورَها،فَلِکُلِّ نَبَإٍ أهلٌ،ولِکُلِّ خَطبٍ مَحَلٌّ،وإنَّمَا الدَّرَکُ ما أخَذَ لَکَ بِمَواضِی النَّجاةِ،وأَلبَسَکَ جُنَّةَ السَّلامَةِ،فَلا تَعدِلَنَّ بِهِما حَظّاً،فَإِنّی لَم آلُکَ -لا أباً لَکَ (1)-نُصحاً.ثُمَّ أرَمَّ (2).

فَأَوجَبَ السَّیِّدُ أن یُشرِکَ العاقِبَ فی کَلامِهِ،فَأَقبَلَ عَلی حارِثَةَ فَقالَ:إنّی لَم أزَل أتَعَرَّفُ لَکَ فَضلاً تَمیلُ إلَیکَ الأَلبابُ،فَإِیّاکَ أن تَقتَعِدَ (3)مَطِیَّةَ اللَّجاجِ،وأَن توجِفَ (4)إلَی السَّرابِ،فَمَن عُذِرَ بِذلِکَ فلَستَ فیهِ أیُّهَا المَرءُ بِمَعذورٍ،وقَد أغفَلَکَ أبو واثِلَةَ- وهُوَ وَلِیُّ أمرِنا وسَیِّدُ حَضَرِنا-عِتاباً،فَأَولِهِ اعتِباراً (5).

ثُمَّ تَعلَمُ أنَّ ناجِمَ (6)قُرَیشٍ-یَعنی رَسولَ اللّهِ صلی الله علیه و آله-یَکونُ رُزؤُهُ قَلیلاً ثُمَّ یَنقَطِعُ، ویَخلو أنَّ بَعدَ ذلِکَ قَرنٌ (7)یُبعَثُ فی آخِرِهِ النَّبِیُّ المَبعوثُ بِالحِکمَةِ وَالبَیانِ وَالسَّیفِ وَالسُّلطانِ،یَملِکُ مُلکاً مُؤَجَّلاً تُطَبِّقُ فیهِ امَّتُهُ المَشارِقَ وَالمَغارِبَ،ومِن ذُرِّیَّتِهِ الأَمیرُ الظّاهِرُ؛یَظهَرُ عَلی جَمیعِ المَلَکاتِ وَالأَدیانِ،ویَبلُغُ مُلکُهُ ما طَلَعَ عَلَیهِ اللَّیلُ

ص:273


1- (1) .لا أباً لک:أکثر ما یُذکر فی المدح؛أی لا کافی لک غیر نفسک،وقد یذکر فی معرض الذمّ (النهایة فی غریب الحدیث:ج 1 ص 19«أبا»).
2- (2) .أرَمَّ:أی سَکَتَ (النهایة:ج 2 ص 267«رمم»).
3- (3) .فی المصدر:«تقعد»،والتصویب من بحار الأنوار. [1]
4- (4) .وَجَفَ:اضطرَبَ وسار سریعاً (مجمع البحرین:ج 3 ص 1911«وجف»).
5- (5) .فی بحار الأنوار:« [2]أعتاباً»بدل«اعتباراً».
6- (6) .نجم الشیء ینجم نجوماً:ظهر وطلع (الصحاح:ج 5 ص 2039« [3]نجم»).
7- (7) .فی بحار الأنوار:« [4]ویکون بعد ذلک قرنٌ»بدل«ویخلو أنّ بعد ذلک قرنٌ».

وَالنَّهارُ،وذلِکَ-یا حارِ-أمَلٌ مِن وَرائِهِ أمَدٌ ومِن دونِهِ أجَلٌ،فَتَمَسَّک مِن دِینِکَ بِما تَعلَمُ،وتَمَنَّع-للّهِ ِ أبوکَ (1)-مِن انسٍ مُتَصَرِّمٍ (2)بِالزَّمانِ،أو لِعارِضٍ مِنَ الحَدَثانِ،فَإِنَّما نَحنُ لِیَومِنا ولِغَدٍ أهلُهُ.

فَأَجابَهُ حارِثَةُ بنُ أثالٍ فَقالَ:إیهاً عَلَیکَ أبا قُرَّةَ ! فَإِنَّهُ لا حَظَّ فی یَومِهِ لِمَن لا دَرَکَ لَهُ فی غَدِهِ،وَاتَّقِ اللّهَ تَجدِ اللّهَ جَلَّ وتَعالی بِحَیثُ لا مَفزَعَ إلّاإلَیهِ.

وعَرَّضتَ مُشَیِّداً بِذِکرِ أبی واثِلَةَ ! فَهُوَ العَزیزُ المُطاعُ،الرَّحِبُ الباعُ،وإلَیکُما مَعاً مُلقَی الرِّحالِ،فَلَو اضرِبَتِ التَّذکِرَةُ عَن أحَدٍ لِتَبریزِ فَضلٍ لَکُنتُماهُ،لکِنَّها أبکارُ الکَلامِ تُهدی لِأَربابِها،ونَصیحَةٌ کُنتُما أحَقَّ مَن أصغی لَها (3).إنَّکُما مَلیکا ثَمَراتِ قُلوبِنا،ووَلِیّا طاعَتِنا فی دینِنا،فَالکَیَسَ الکَیَسَ-یا أیُّهَا المُعَظَمّانِ-عَلَیکُما بِهِ، أرِیا مَقاماً یُدهِکُما نَواحیهِ،وَاهجُرا سُنَّةَ (4)التَّسویفِ فیما أنتُما بِعَرضِهِ.

آثِرَا اللّهَ فیما کانَ یُؤثِرُکُما بِالمَزیدِ مِن فَضلِهِ،ولا تَخلُدا فیما أظَلَّکُما إلَی الونیّةِ (5)، فَإِنَّهُ مَن أطالَ عِنانَ الأَمرِ أهلَکَتهُ الغِرَّةُ (6)،ومَنِ اقتَعَدَ مَطِیَّةَ الحَذَرِ کانَ بِسَبیلِ أمنٍ مِنَ المَتالِفِ،ومَنِ استَنصَحَ عَقلَهُ کانَتِ العِبرَةُ لَهُ لا بِهِ،ومَن نَصَحَ للّهِ ِ عز و جل آنَسَهُ اللّهُ جَلَّ وتَعالی بِعِزِّ الحَیاةِ وسَعادَةِ المُنقَلَبِ.

ثُمَّ أقبَلَ عَلَی العاقِبِ مُعاتِباً،فَقالَ:وزَعَمتَ-أبا واثِلَةَ-أنَّ رادَّ ما قُلتُ أکثَرُ

ص:274


1- (1) .للّه أبوک:فی معرض المدح والتعجّب؛أی أبوک للّه خالصاً حیث أنجب بک وأتی بمثلک (النهایة:ج 1ص 19« [1]أبا»).
2- (2) .الانصرام:الانقطاع...والتصرّم:التقطّع (الصحاح:ج 5 ص 1965« [2]صرم»).
3- (3) .فی المصدر:«بها»،والتصویب من بحار الأنوار. [3]
4- (4) .فی المصدر:«سنته»،والتصویب من بحارالأنوار. [4]
5- (5) .الونی:الضعف والفتور والکلال والإعیاء (تاج العروس:ج 20 ص 317«ونی»).
6- (6) .فی بحار الأنوار:« [5]العِزَّة»بدل«الغِرَّة».

مِن قائِلِهِ،وأَنتَ لعَمرُو اللّهِ حَرِیٌّ ألّا یُؤثَرُ هذا عَنکَ،فَقَد عَلِمتَ وعَلِمنا امَّةَ الإِنجیلِ مَعاً بِسیرَةِ ما قامَ بِهِ المَسیحُ علیه السلام فی حَوارِیِّهِ،ومَن آمَنَ لَهُ مِن قَومِهِ،وهذِهِ مِنکَ فَهَّةٌ (1)لا یَرحَضُها (2)إلَّاالتَّوبَةُ وَالإِقرارُ بِما سَبَقَ بِهِ الإِنکارُ.

فَلَمّا أتی عَلی هذَا الکَلامِ صَرَفَ إلَی السَّیِّدِ وَجهَهُ،فَقالَ:

لا سَیفَ إلّاذو نَبوَةٍ،ولا عَلیمَ إلّاذو هَفوَةٍ،فَمَن نَزَعَ عَن وَهلَةٍ وأَقلَعَ فَهُوَ السَّعیدُ الرَّشیدُ،وإنَّمَا الآفَةُ فِی الإِصرارِ.

وأَعرَضتَ بِذِکرِ نَبِیَّینِ یُخلَقانِ-زَعَمتَ-بَعدَ ابنِ البَتولِ،فَأَینَ یَذهَبُ بِکَ عَمّا خَلَدَ فِی الصُّحفِ مِن ذِکری ذلِکَ؟ألَم تَعلَم ما أنبَأَ بِهِ المَسیحُ علیه السلام فی بَنی إسرائیلَ، وقَولَهُ لَهُم:

«کَیفَ بِکُم إذا ذُهِبَ بی إلی أبی وأَبیکُم،وخُلِّفَ بَعدَ أعصارٍ یَخلو مِن بَعدی وبَعدِکُم صادِقٌ وکاذِبٌ؟قالوا:ومَن هُما یا مَسیحَ اللّهِ؟قالَ:نَبِیٌّ مِن ذُرِّیَّةِ إسماعیلَ علیه السلام صادِقٌ،ومُتَنَبِّئٌ مِن بَنی إسرائیلَ کاذِبٌ،فَالصّادِقُ مُنبَعِثٌ مِنهُما بِرَحمَةٍ ومَلحَمَةٍ،یَکونُ لَهُ المُلکُ وَالسُّلطانُ ما دامَتِ الدُّنیا،وأَمَّا الکاذِبُ فَلَهُ نَبزٌ یُذکَرُ بِهِ المَسیحُ الدَّجّالُ،یَملِکُ فُواقاً (3)ثُمَّ یَقتُلُهُ اللّهُ بِیَدی إذا رُجِعَ بی».

قالَ حارِثَةُ:واُحَذِّرُکُم یا قَومِ أن یَکونَ مَن قَبلَکُم مِنَ الیَهودِ اسوَةً لَکُم،إنَّهُم انذِروا بِمَسیحَینِ؛مَسیحِ رَحمَةٍ وهُدیً،ومَسیحِ ضَلالَةٍ،وجُعِلَ لَهُم عَلی کُلِّ واحِدٍ مِنهُما آیَةٌ وأَمارَةٌ،فَجَحَدوا مَسیحَ الهُدی وکَذَّبوا بِهِ،وآمَنوا بِمَسیحِ الضَّلالَةِ الدَّجّالِ

ص:275


1- (1) .الفهه والفهاهة:العیّ (الصحاح:ج 6 ص 2245«فهه»).
2- (2) .یَرحضُها:أی یغسلها (النهایة:ج 2 ص 208«رحض»).
3- (3) .الفَواقُ:ما بین الحلبتین من الوقت-أی قلیلاً من الوقت-(الصحاح:ج 4 ص 1546« [1]فوق»).

وأَقبَلوا عَلَی انتِظارِهِ،وأَضرَبوا فِی الفِتنَةِ ورَکِبُوا نَتجَها،ومِن قَبلُ نَبَذوا کِتابَ اللّهِ وَراءَ ظُهورِهِم وقَتَلوا أنبِیاءَهُ وَالقَوّامینَ بِالقِسطِ مِن عِبادِهِ،فَحَجَبَ اللّهُ عز و جل عَنهُمُ البَصیرَةَ بَعدَ التَّبصِرَةِ بِما کَسَبَت أیدیهِم،ونَزَعَ مُلکَهُم مِنهُم بِبَغیِهِم،وأَلزَمهُمُ الذِّلَّةَ وَالصَّغارَ،وجَعَلَ مُنقَلَبَهُم إلَی النّارِ.

قالَ العاقِبُ:فَما أشعَرَکَ-یا حارِ-أن یَکونَ هذَا النَّبِیُّ المَذکورُ فِی الکُتُبِ هُوَ قاطِنُ یَثرِبَ،ولَعَلَّهُ ابنُ عَمِّکَ صاحِبُ الیَمامَةِ،فَإِنَّهُ یَذکُرُ مِنَ النُّبُوَّةِ ما یَذکُرُ مِنها أخو قُرَیشٍ،وکِلاهُما مِن ذُرِّیَّةِ إسماعیلَ ولِجَمیعِهِما أتباعٌ وأَصحابٌ،یَشهَدونَ بِنُبُوَّتِهِ ویُقِرّونَ لَهُ بِرِسالَتِهِ،فَهَل تَجِدُ بَینَهُما فی ذلِکَ مِن فاصِلَةٍ فَتَذکُرُها؟

قالَ حارِثَةُ:أجَل وَاللّهِ،أجِدُها وَاللّهِ أکبَرَ وأَبعَدَ مِمّا بَینَ السَّحابِ وَالتُّرابِ،وهِیَ الأَسبابُ الَّتی بِها وبِمِثلِها تَثبُتُ حُجَّةُ اللّهِ فی قُلوبِ المُعتَبِرینَ مِن عِبادِهِ لِرُسُلِهِ وأَنبِیائِهِ.

وأَمّا صاحِبُ الیَمامَةِ فَیَکفیکَ فیهِ ما أخبَرَکُم بِهِ سُفَراؤُکُم وغَیرُکُم (1)،وَالمُنتَجِعَةُ (2)مِنکُم أرضَهُ،ومَن قَدِمَ مِن أهلِ الیَمامَةِ عَلَیکُم،ألَم یُخبِروکُم جَمیعاً عَن رُوّادِ مُسَیلِمَةَ وسَمّاعیهِ،ومَن أوفَدَهُ صاحِبُهُم إلی أحمَدَ بِیَثرِبَ،فَعادوا إلَیهِ جَمیعاً بِما تَعَرَّفوا هُناکَ فی بَنی قیلَةَ وتَبَیَّنوا بِهِ ! قالوا:قَدِمَ عَلَینا أحمَدُ یَثرِبَ وبِئارُنا ثِمادٌ (3)ومِیاهُنا مَلِحَةٌ،وکُنّا مِن قَبلِهِ لا نَستَطیبُ ولا نَستَعذِبُ،فَبَصَقَ فی بَعضِها ومَجَّ (4)فی بَعضٍ فَعادَت عِذاباً مُحلَولِیةً،وجاشَ (5)مِنها ما کانَ ماؤُها ثِماداً فَحارَ (6)بَحراً.

ص:276


1- (1) .فی بحار الأنوار:« [1]وعِیرُکُم».
2- (2) .النُّجعة:طلب الکلأ فی موضعه (تاج العروس:ج 11 ص 469« [2]نجع»).
3- (3) .الثَمدُ:الماء القلیل (النهایة:ج 1 ص 221«ثمد»).
4- (4) .مجّ الرجل الشراب من فیه:إذا رمی به (الصحاح:ج 1 ص 340« [3]مجج»).
5- (5) .جاشَ:أی زَخَرَ وامتدّ (الصحاح:ج 3 ص 999«جیش»).
6- (6) .تحیّر المکان بالماء واستحار:إذا امتلأ (الصحاح:ج 2 ص 641« [4]حیر»).

قالوا:وتَفَلَ مُحَمَّدٌ فی عُیونِ رِجالٍ ذَوی رَمَدٍ،وعَلی کُلومِ (1)رِجالٍ ذوی جِراحٍ، فَبَرَأَت لِوَقتِهِ عُیونُهُم فَمَا اشتَکوها،وَاندَمَلَت جِراحاتُهُم فَما ألِموها،فی کَثیرٍ مِمّا أدَّوا ونَبَّئوا عَن مُحَمَّدٍ صلی الله علیه و آله مِن دَلالَةٍ وآیَةٍ.

وأَرادوا صاحِبَهُم مُسَیلِمَةَ عَلی بَعضِ ذلِکَ،فَأَنعَمَ لَهُم کارِهاً،وأَقبَلَ بِهِم إلی بَعضِ بِئارِهِم فَمَجَّ فیها،وکانَتِ الرَّکِیُّ (2)مَعذوذَبَةً فَصارَت مَلِحاً لا یُستَطاعُ شَرابُهُ، وبَصَقَ فی بِئرٍ کانَ ماؤُها وَشَلاً (3)فَعادَت فَلَم تَبِضَّ (4)بِقَطرَةٍ مِن ماءٍ،وتَفَلَ فی عَینِ رَجُلٍ کانَ بِها رَمَدٌ فَعَمِیَت،وعَلی جِراحٍ-أو قالوا:جِراحِ آخَرَ-فَاکتَسی جِلدَهُ بَرَصاً.

فَقالوا لِمُسَیلِمَةَ فیما أبصَروا فی ذلِکَ مِنهُ وَاستَبرَؤوهُ،فَقالَ:وَیحَکُم! بِئسَ الاُمَّةُ أنتُم لِنَبِیِّکُم وَالعَشیرَةُ لِابنِ عَمِّکُم،إنَّکُم کَلَّفتُمونی یا هؤُلاءِ مِن قَبلِ أن یوحی إلَیَّ فی شَیءٍ مِمّا سَأَلتُم،وَالآنَ فَقَد اذِنَ لی فی أجسادِکُم وأَشعارِکُم دونَ بِئارِکُم ومِیاهِکُم،هذا لِمَن کانَ مِنکُم بی مُؤمِناً،وأَمّا مَن کانَ مُرتاباً فَإِنَّهُ لا یَزیدُهُ تَفلَتی عَلَیهِ إلّابَلاءً،فَمَن شاءَ الآنَ مِنکُم فَلیَأتِ لِأَتفِلَ فی عَینِهِ وعَلی جِلدِهِ.

قالوا:ما فینا-وأَبیکَ-أحَدٌ یَشاءُ ذلِکَ،إنّا نَخافُ أن یَشمَتَ بِکَ أهلُ یَثرِبَ.

وأَضرَبوا عَنهُ حَمِیَّةً لِنَسَبِهِ فیهِم وتَذَمُّماً لِمَکانِهِ مِنهُم.

فَضَحِکَ السَّیِّدُ وَالعاقِبُ حَتّی فَحَصَا الأَرضَ بِأَرجُلِهِما،وقالا:مَا النّورُ وَالظَّلامُ وَالحَقُّ وَالباطِلُ،بِأَشَدَّ تَبایُناً وتَفاوُتاً مِمّا بَینَ هذَینِ الرَّجُلَینِ صِدقاً وکِذباً.

ص:277


1- (1) .الکَلمُ:الجراحة،والجمع کُلوم وکِلام (الصحاح:ج 5 ص 2023« [1]کلم»).
2- (2) .الرکیُّ:البئرُ (النهایة:ج 2 ص 261«رکا»).
3- (3) .الوَشَلُ:الماءُ القَلیلُ (النهایة:ج 5 ص 189« [2]وشل»).
4- (4) .یقال:بَضَّ الماءُ:إذا قطر وسال (النهایة:ج 1 ص 132« [3]بضض»).

قالوا:وکانَ العاقِبُ أحَبَّ-مَعَ ما تَبَیَّنَ مِن ذلِکَ-أن یُشَیِّدَ ما فَرَطَ مِن تَفریطِ مُسَیلِمَةَ،ویُؤَهِّلَ (1)مَنزِلَتَهُ لِیَجعَلَهُ لِرَسولِ اللّه صلی الله علیه و آله کُفّاً (2)،استِظهاراً بِذلِکَ فی بَقاءِ عِزَّتِهِ، وما طارَ لَهُ مِنَ السُّمُوِّ فی أهلِ مِلَّتِهِ،فَقالَ:ولَئِن فَخَرَ أخو بَنی حَنیفَةَ فی زَعمِهِ أنَّ اللّهَ عز و جل أرسَلَهُ،وقالَ مِن ذلِکَ ما لَیسَ لَهُ بِحَقٍّ،فَلَقَد بَرَّ فی أن نَقَلَ قَومَهُ مِن عِبادَةِ الأَوثانِ إلَی الإِیمانِ بِالرَّحمنِ.

قالَ حارِثَةُ:أنشُدُکَ بِاللّهِ الَّذی دَحاها (3)،وأَشرَقَ بِاسمِهِ قَمَراها،هَل تَجِدُ فیما أنزَلَ اللّهُ عز و جل فِی الکُتُبِ السّالِفَةِ،یَقولُ اللّهُ عز و جل:

«أنَا اللّهُ لا إلهَ إلّاأنَا دَیّانُ یَومِ الدّینِ،أنزَلتُ کُتُبی وأَرسَلتُ رُسُلی؛لِأَستَنقِذَ بِهِم عِبادی مِن حَبائِلِ الشَّیطانِ،وجَعَلتُهُم فی بَرِیَّتی وأَرضی کَالنُّجومِ الدَّراری فی سَمائی،یَهدونَ بِوَحیی وأَمری،مَن أطاعَهُم أطاعَنی ومَن عَصاهُم فَقَد عَصانی، وإنّی لَعَنتُ ومَلائِکَتی فی سَمائی وأَرضی وَالّلاعِنونَ مِن خَلقی،مَن جَحَدَ رُبوبِیَّتی، أو عَدَلَ بی شَیئاً مِن بَرِیَّتی،أو کَذَّبَ بِأَحَدٍ مِن أنبِیائی ورُسُلی،أو قالَ:"اُوحِیَ إلَیَّ" و لَم یوحَ إلَیهِ شَیءٌ،أو غَمَصَ (4)سُلطانی أو تَقَمَّصَهُ مُتَبَرِّیاً،أو أکمَهَ (5)عِبادی وأَضَلَّهُم عَنّی،ألا وإنَّما یَعبُدُنی مَن عَرَفَ ما اریدُ مِن عِبادَتی وطاعَتی مِن خَلقی،فَمَن لَم یَقصِد إلَیَّ مِنَ السَّبیلِ الَّتی نَهَجتُها بِرُسُلی،لَم یَزدَد فی عِبادَتِهِ مِنّی إلّابُعداً»؟

قالَ العاقِبُ:رُوَیدَکَ،فَأَشهَدُ لَقَد نَبَّأتَ حَقّاً.

ص:278


1- (1) .فی بحارالأنوار:« [1]ویؤثّل»بدل«یؤهّل».والتأثیل:التأصیل،قال ابن الأثیر:أثلة الشیء:أصله(النهایة:ج 1 ص 23«أثل»).
2- (2) .فی بحار الأنوار:« [2]کفؤاً»بدل«کُفّاً».
3- (3) .دَحاها:بَسَطَها (المصباح المنیر:ص 190«دحا»).
4- (4) .غَمَصَ:أی استَصغَرَ.وغَمَصَ النعمَةَ:لم یشکرها (الصحاح:ج 3 ص 1047«غمص»).
5- (5) .من سَلبِ العقل لا سَلبِ البصر؛من قولهم:کمُهَ الرّجُل؛إذا سُلِبَ عقله ( راجع:تاج العروس:ج 19 ص 87« [3]کمه»).

قالَ حارِثَةُ:فَما دونَ الحَقِّ مِن مُقنِعٍ،وما بَعدَهُ لِامرِئٍ مَفزَعٌ،ولِذلِکَ قُلتُ الَّذی قُلتُ.

فَاعتَرَضَهُ السَّیِّدُ-وکانَ ذا مِحالٍ (1)وجِدالٍ شَدیدٍ-فَقالَ:ما أحری وما أری أخا قُرَیشٍ مُرسَلاً إلّاإلی قَومِهِ بَنی إسماعیلَ [ بِ ] (2)-دینِهِ،وهُوَ مَعَ ذلِکَ یَزعُمُ أنَّ اللّهَ عز و جل أرسَلَهُ إلَی النّاسِ جَمیعاً !

قالَ حارِثَةُ:أفتَعَلَمُ أنتَ-یا أبا قُرَّةَ-أنَّ مُحَمَّداً مُرسَلٌ مِن رَبِّهِ إلی قَومِهِ خاصَّةً؟ قالَ:أجَل.

قالَ:أتَشهَدُ لَهُ بِذلِکَ؟

قالَ:وَیحَکَ! وهَل یُستَطاعُ دَفعُ الشَّواهِدِ؟نَعَم،أشهَدُ غَیرَ مُرتابٍ بِذلِکَ،وبِذلِکَ شَهِدَت لَهُ الصُّحُفُ الدّارِسَةُ وَالأَنباءُ الخالِیَةُ.

فَأَطرَقَ حارِثَةُ ضاحِکاً یَنکُتُ الأَرضَ بِسَبّابَتِهِ.

قالَ السَّیِّدُ:ما یُضحِکُکَ یَابنَ اثالٍ؟قالَ:عَجِبتُ فَضَحِکتُ،قالَ:أوَ عَجَبٌ ما تَسمَعُ؟قالَ:نَعَم،العَجَبُ أجمَعُ،أ لَیسَ-بِالإِلهِ-بِعَجیبٍ مِن رَجُلٍ اوتِیَ أثَرَةً مِن عِلمٍ وحِکمَةٍ یَزعُمُ أنَّ اللّهَ عز و جل اصطَفی لِنُبُوَّتِهِ وَاختَصَّ بِرِسالَتِهِ وأَیَّدَ بِروحِهِ وحِکمَتِهِ، رَجُلاً خَرّاصاً (3)یَکذِبُ عَلَیهِ،ویَقولُ:اُوحِیَ إلَیَّ ولَم یوحَ إلَیهِ،فَیَخلِطُ-کَالکاهِنِ- کَذِباً بِصِدقٍ وباطِلاً بِحَقٍّ؟!

فَارتَدَعَ السَّیِّدُ وعَلِمَ أنَّهُ قَد وَهِلَ (4)،فَأَمسَکَ مَحجوجاً.

ص:279


1- (1) .المِحال:الکید وروم الأمر بالحیل (لسان العرب:ج 11 ص 616«محل»).
2- (2) .إضافة یقتضیها السیاق.
3- (3) .الخَرّاصُ:الکَذّابُ (الصحاح:ج 3 ص 1035« [1]خرص»).
4- (4) .وَهِلَ:أی غَلِطَ (المصباح المنیر:ص 674«وهل»).

قالوا:وکانَ حارِثَةُ بِنَجرانَ حَثیثاً (1)،فَأَقبَلَ عَلَیهِ العاقِبُ وقَد قَطَعَهُ ما فَرَطَ إلَی السَّیِّدِ مِن قَولِهِ،فَقالَ لَهُ:

عَلَیکَ أخا بَنی قَیسِ بنِ ثَعلَبَةَ،وَ احبِس عَلَیکَ ذَلَقَ (2)لِسانِکَ،وما لَم تَزَل تَستَحِمُّ (3)لَنا مِن مَثابَةِ سَفَهِکَ،فَرُبَّ کَلِمَةٍ یَرفَعُ صاحِبُها بِها رَأساً قَد ألقَتهُ فی قَعرٍ مُظلِمَةٍ، ورُبَّ کَلِمَةٍ لَأَمَت ورَأَبَت قُلوباً نَغلَةً (4)،فَدَع عَنکَ ما یَسبِقُ إلَی القُلوبِ إنکارُهُ،وإن کانَ عِندَکَ ما یَبینُ اعتِذارُهُ.

ثُمَّ اعلَم أنَّ لِکُلِّ شَیءٍ صورَةً،وصورَةُ الإِنسانِ العَقَلُ،وصورَةُ العَقلِ الأَدَبُ، وَالأَدَبُ أدَبانِ:طباعِیٌّ ومُرتاضِیٌّ،فَأَفضَلُهُما أدَبُ اللّهِ جَلَّ جَلالُهُ،ومِن أدَبِ اللّهِ سُبحانَهُ وحِکمَتِهِ أن یُری لِسُلطانِهِ حَقٌّ لَیسَ لِشَیءٍ مِن خَلقِهِ؛لِأَنَّهُ الحَبلُ بَینَ اللّهِ وبَینَ عِبادِهِ،وَالسُّلطانُ اثنانِ:سُلطانُ مَلَکَةٍ وقَهرٍ،وسُلطانُ حِکمَةٍ وشَرعٍ،فَأَعلاهُما فَوقاً سُلطانُ الحِکمَةِ،قَد تَری یا هذا أنَّ اللّهَ عز و جل قَد صَنَعَ لَنا حَتّی جَعَلَنا حُکّاماً وقُوّاماً عَلی مُلوکِ مِلَّتِنا،ومِن بَعدِهِم مِن حَشوَتِهِم وأَطرافِهِم،فَاعرِف لِذِی الحَقِّ حَقَّهُ أیُّهَا المَرءُ وخَلّاکَ (5)ذَمٌّ.

ثُمَّ قالَ:وذَکَرتَ أخا قُرَیشٍ وما جاءَ بِهِ مِنَ الآیاتِ وَالنُّذُرِ،فَأَطَلتَ وأَعرَضتَ، ولَقد بَرَرتَ (6)؛فَنَحنُ بِمُحَمَّدٍ عالِمونَ،وبِهِ جِدّاً موقِنونَ،شَهِدتُ لَقَد انتَظَمَت لَهُ الآیاتُ وَالبَیِّناتُ،سالِفُها وآنِفُها،إلّاآیَةً (7)هِیَ أشفاها وأَشرَفُها،وإنَّما مَثَلُها فیما

ص:280


1- (1) .رجلٌ حثیثٌ وحَثوث:حادٌّ سریع فی أمره،کأنّ نفسه تحثّه (تاج العروس:ج 3 ص 188« [1]حثث»).وفی بحار الأنوار:« [2]جنیباً-یعنی غریباً-»بدل«حثیثاً».
2- (2) .ذَلَقُ اللسان:حِدّته (لسان العرب:ج 10 ص 109«ذلق»).
3- (3) .فی بحار الأنوار: [3]تستخمّ بدل«تَستَحِمُّ».
4- (4) .نَغل قلبه علیَّ:أی ضغن،یقال:نغلت نیّاتهم؛أی فسدت (الصحاح:ج 5 ص 1832« [4]نغل»).
5- (5) .وخلّاک ذمّ:أی اعذرت وسقط عنک الذمّ (النهایة:ج 2 ص 76« [5]خلل»).
6- (6) .فی المصدر:«برزت»،والتصویب من بحار الأنوار. [6]
7- (7) .فی المصدر:«إنّه»،والتصویب من بحار الأنوار. [7]

جاءَ بِهِ کَمَثلِ الرَّأسِ لِلجَسَدِ،فَما حالُ جَسَدٍ لا رَأسَ لَهُ؟! فَأَمهِل رُوَیداً نَتَجَسَّسُ الأَخبارَ ونَعتَبِرُ الآثارَ،وَلنَستَشِفَّ ما ألفَینا مِمّا افضِیَ إلَینا،فَإِن آنَسنَا الآیَةَ الجامِعَةَ الخاتِمَةَ لَدَیهِ،فَنَحنُ إلَیهِ أسرَعُ ولَهُ أطوَعُ،وإلّا فَاعلَم ما تَذکُرُ (1)بِهِ النُّبُوَّةَ وَ السِّفارَةَ عَنِ الرَّبِّ الَّذی لا تَفاوُتَ فی أمرِهِ ولا تُغایَرَ فی حُکمِهِ.

قالَ لَهُ حارِثَةُ:قَد نادَیتَ فَأَسمَعتَ،وقَرَعتَ (2)فَصَدَعتَ،وسَمِعتَ وأَطَعتَ،فَما هذِهِ الآیَةُ الَّتی أوحَشَ بَعدَ الأُنسَةِ فَقدُها،وأَعقَبَ الشَّکَّ بَعدَ البَیِّنَةِ عُدمُها؟!

وقالَ لَهُ العاقِبُ:قَد أثلَجَکَ أبو قُرَّةَ بِها،فَذَهَبتَ عَنها فی غَیرِ مَذهَبٍ،وحاوَرتَنا فَأَطَلتَ فی غیرِ ما طائِلٍ حِوارَنا (3).

قالَ حارِثَةُ:إلی ذلِکَ فَجَلِّهَا الآنَ لی فِداکَ أبی واُمّی.

قالَ العاقِبُ:أفلَحَ مَن سَلَّمَ لِلحَقِّ وصَدَعَ بِهِ ولَم یَرغَب عَنهُ،وقَد أحاطَ بِهِ عِلماً،فَقَد عَلِمنا وعَلِمتَ مِن أنباءِ الکُتُبِ المُستَودَعَةِ عِلمَ القُرونِ،وما کانَ وما یَکونُ،فَإِنَّهَا استَهَلَّت بِلِسانِ کُلِّ امَّةٍ مِنهُم،مُعرِبَةً مُبَشِّرَةً ومُنذِرَةً بِأَحمَدَ النَّبِیِّ العاقِبِ،الَّذی تُطَبِّقُ امَّتُهُ المَشارِقَ وَالمَغارِبَ،یَملِکُ-وشیعَتُهُ مِن بَعدِهِ-مُلکاً مُؤَجَّلاً یَستَأثِرُ مُقتَبَلُهُم مُلکاً عَلَی الأَحَمِّ (4)مِنهُم بِذلِکَ النَّبِیِّ وتَباعَةَ وبَیتاً (5).

ویوسِع مِن بَعدِهِم امَّتُهُم عُدواناً وهَضماً،فَیَملِکونَ بِذلِکَ سَبتاً (6)طَویلاً،حَتّی

ص:281


1- (1) .فی المصدر:«نذکر»،والتصویب من بحار الأنوار. [1]
2- (2) .فی المصدر:«وفزعت»،والتصویب من بحار الأنوار. [2]
3- (3) .فی المصدر:«وجاورتها...وحاورتنا»بدل«وحاورتنا...حوارنا»،والتصویب من بحار الأنوار. [3]
4- (4) .الحَمیم:القریب،والجمع أحِمّاء (لسان العرب:ج 12 ص 152« [4]حمم»).
5- (5) .فی المصدر:«وتباعة وسیماً»،والتصویب من بحار الأنوار؛ [5]أی علی من کان أقرب منهم من جهة المتابعة.و البیت:النسب.
6- (6) .السَّبت:الدهر (الصحاح:ج 1 ص 250«سبت»).

لا یَبقی بِجَزیرَةِ العَرَبِ بَیتٌ إلّاوهُوَ راغِبٌ إلَیهِم أو راهِبٌ لَهُم،ثُمَّ یُدالُ بَعدَ لَأیٍ (1)مِنهُم،ویَشعَثُ سُلطانُهُم حَدّاً حَدّاً،وبَیتاً فَبَیتاً،حَتّی تَجیءَ أمثالُ النَّغَفِ (2)مِنَ الأَقوامِ فیهِم،ثُمَّ یَملِکُ أمرَهُم عَلَیهِم عُبَداؤُهم وقِنُّهُم،یَملِکونَ جیلاً فَجیلاً،یَسیرونُ فِی النّاسِ بِالقَعسَرِیَّةِ (3)خبطاً خبطاً،ویَکونُ سُلطانُهُم سُلطاناً عَضوضاً ضَروساً،فَتَنقُصُ الأَرضُ حینَئِذٍ مِن أطرافِها،ویَشتَدُّ البَلاءُ وتَشتَمِلُ الآفاتُ،حَتّی یَکونَ المَوتُ أعَزَّ مِنَ الحَیاةِ الحَمراءِ،أو أحَبَّ حینَئِذٍ إلی أحَدِهِم مِنَ الحَیاةِ،وما ذلِکَ إلّالِما یُدهَونَ (4)بِهِ مِنَ الضُّرِّ وَالضَّرّاءِ،وَالفِتنَةِ العَشواءِ.

وقُوّامُ الدّینِ یَومَئِذٍ وزُعَماؤُهُم یَومَئِذٍ اناسٌ لَیسوا مِن أهلِهِ،فَیَمُجُّ الدّینُ بِهِم وتَعفو آیاتُهُ،ویُدبِرُ تَوَلِّیاً وإمحاقاً،فَلا یَبقی مِنهُ إلَّااسمُهُ،حَتّی یَنعاهُ ناعیهِ، وَالمُؤمِنُ یَومَئِذٍ غَریبٌ،وَالدَّیّانونَ قَلیلٌ ما هُم،حَتّی یَستَأیِسُ (5)النّاسُ مِن رَوحِ اللّهِ وفَرَجِهِ إلّاأقَلُّهُم،وتَظُّنُّ أقوامٌ أن لَن یَنصُرَ اللّهُ رُسُلَهُ ویُحِقَّ وَعدَهُ،فَإِذا بِهِمُ الشَّصائِبُ (6)وَالنِّقَمُ،واُخِذَ مِن جَمیعِهِم بِالکَظمِ،تَلافَی اللّهُ دینَهُ،وراشَ (7)عِبادَهُ مِن بَعدِ ما قَنَطوا بِرَجُلٍ مِن ذُرِّیَّةِ نَبِیِّهِم أحمَدَ ونَجلِهِ،یَأتِی اللّهُ عز و جل بِهِ مِن حَیثُ لا یَشعُرونَ،تُصَلّی عَلَیهِ السَّماواتُ وسُکّانُها،وتَفرَحُ بِهِ الأَرضُ وما عَلَیها مِن سَوامٍ وطائِرٍ وأَنامٍ،وتَخرُجُ لَهُ امُّکُم-یَعنِی الأَرضَ-بَرَکَتَها وزینَتَها،وتُلقِی إلَیهِ کُنوزَها

ص:282


1- (1) .یقال:«فعل ذلک بعد لَأیٍ»أی بعد شدّةٍ وإبطاء (الصحاح:ج 6 ص 2478« [1]لأی»).
2- (2) .فی المصدر:«النعف»،والتصویب من بحار الأنوار. [2]والنغف:دود یکون فی انوف الإبل (النهایة:ج 5ص 87« [3]نغف»).
3- (3) .القعسریّ:الصلِبُ الشدید (لسان العرب:ج 5 ص 110« [4]قعسر»).
4- (4) .فی المصدر:«یدهنون»،والتصویب من بحار الأنوار. [5]
5- (5) .فی المصدر:«یستأنس»،والتصویب من بحار الأنوار. [6]
6- (6) .الشِصبُ:الشِّدَّةُ والجدب (لسان العرب:ج 1 ص 495«شصب»).
7- (7) .راش یَریشُ:أی یعینُه (النهایة:ج 2 ص 288«ریش»).

وأَفلاذَ کَبِدِها،حَتّی تَعودَ کَهَیئَتِها عَلی عَهدِ آدَمَ علیه السلام،وتَرفَعُ عَنهُمُ المَسکَنَةَ وَالعاهاتِ فی عَهدِهِ،وَالنَّقِماتِ الَّتی کانَت تَضرِبُ بِهَا الأُمَمَ مِن قَبلُ،وتُلقی فِی البِلادِ الأَمَنَةُ، وتُنزَعُ حُمَةُ (1)کُلِّ ذاتِ حُمَةٍ،ومِخلَبُ کُلِّ ذی مِخلَبٍ،ونابُ کُلِّ ذی نابٍ،حَتّی أنَّ الجُوَیرِیَةَ اللُّکاعَ (2)لَتَلعَبُ بِالأُفعُوانِ (3)فَلا یَضُرُّها شَیئاً،وحَتّی یَکونَ الأَسَدُ فِی الباقِرِ (4)کَأَنَّهُ راعیها،وَالذِّئبُ فِی البُهَمِ کَأَنَّهُ رَبُّها،ویُظهِرُ اللّهُ عَبدَهُ عَلَی الدّینِ کُلِّهِ فَیَملِکُ مَقالیدَ الأَقالیمِ إلی بَیضاءِ الصّینِ،حَتّی لا یَکونَ عَلی عَهدِهِ فِی الأَرضِ أجمَعِها إلّادینُ اللّهِ الحَقُّ الَّذِی ارتَضاهُ لِعِبادِهِ،وبَعَثَ بِهِ آدَمَ بَدیعَ فِطرَتِهِ،وأَحمَدَ خاتَمِ رِسالَتِهِ،ومَن بَینَهُما مِن أنبِیائِهِ ورُسُلِهِ.

فَلَمّا أتَی العاقِبُ عَلَی اقتِصاصِهِ (5)هذا،أقبَلَ عَلَیهِ حارِثَةُ مُجیباً،فَقالَ:أشهَدُ بِاللّهِ البَدیعِ-یا أیُّهَا النَّبیهُ الخَطیرُ وَالعَلیمُ الأَثیرُ !-لَقَدِ ابتَسَمَ الحَقُّ بِقَلبِکَ،وأَشرَقَ الجَنانُ (6)بِعَدلِ مَنطِقِکَ،وتَنَزَّلَت کُتُبُ اللّهِ الَّتی جَعَلَها نوراً فی بِلادِهِ وشاهِدَةً عَلی عِبادِهِ بِمَا اقتَصَصتَ مِن سُطورِها حَقّاً،فَلَم یُخالِف طِرسٌ (7)مِنها طِرساً،ولا رَسمٌ مِن آیاتِها رَسماً،فَما بَعدَ هذا؟!

قالَ العاقِبُ:فَإِنَّکَ زَعَمتَ زَعمَةَ أخا قُرَیشٍ،فَکُنتَ بِما تَأثِرُ مِن هذا حَقَّ غالِطٍ.

ص:283


1- (1) .حُمَّةُ:سُمُّ کلِّ شیء یلدغ أو یلسع (المصباح المنیر:ص 154« [1]حمم»).
2- (2) .الجویریّة:تصغیر الجاریة.واللکع یطلق علی الصغیر؛أی جاریة صغیرة ( راجع:النهایة:ج 4ص 268« [2]لکع»).
3- (3) .الاُفعُوان-بالضمّ-:ذَکَر الأفاعی (النهایة:ج 1 ص 55« [3]أفع»).
4- (4) .الباقِرُ:جماعة البَقَرِ مع رُعاتِها (لسان العرب:ج 4 ص 73« [4]بقر»).
5- (5) .اقتصصت الحدیث:رویته علی وجهه،وقد قصّ علیه الخبر قصصاً (الصحاح:ج 3 ص 1051« [5]قصص»).
6- (6) .فی بحار الأنوار:« [6]الجناب»بدل«الجنان».
7- (7) .الطِرسُ:الصحیفة ( المصباح المنیر:ص 371«طرس»).

قالَ:وبِمَ؟ألَم تَعتَرِف لَهُ بِنُبُوَّتِهِ ورِسالَتِهِ الشَّواهِدُ؟

قالَ العاقِبُ:بَلی-لَعَمرُو اللّهِ-ولکِنَّهُما نَبِیّانِ رَسولانِ،یَعتَقِبانِ (1)بَینَ مَسیحِ اللّهِ عز و جل وبَینَ السّاعَةِ،اشتُقَّ اسمُ أحَدِهِما مِن صاحِبِهِ:مُحَمَّدٍ وأَحمَدَ،بَشَّرَ بِأَوَّلِهِما موسی علیه السلام وبِثانیهِما عیسی علیه السلام،فَأَخو قُرَیشٍ هذا مُرسَلٌ إلی قَومِهِ،ویَقفوهُ مِن بَعدِهِ ذُو المُلکِ الشَّدیدِ،وَالأَکلِ الطَّویلِ،یَبعَثُهُ اللّهُ عز و جل خاتِماً لِلدّینِ،وحُجَّةً عَلَی الخَلائِقِ أجمَعینَ،ثُمَّ تَأتی مِن بَعدِهِ فَترَةٌ تَتَزایَلُ فیهَا القَواعِدُ مِن مَراسیها،فَیُعیدُهَا اللّهُ عز و جل ویُظهِرُهُ عَلَی الدّینِ کُلِّهِ،فَیَملِکُ هُوَ وَالمُلوکُ الصّالِحونَ مِن عَقِبِهِ جَمیعَ ما طَلَعَ عَلَیهِ اللَّیلُ وَالنَّهارُ،مِن أرضٍ وجَبَلٍ وبَرٍّ وبَحرٍ،یَرِثونَ أرضَ اللّهِ عز و جل مُلکاً کَما وَرِثَهُما أو مَلَکَهُمَا الأَبَوانِ آدَمُ ونوحٌ علیهما السلام.یُلقَونَ-وهُمُ المُلوکُ الأَکابِرُ-فی مِثلِ هَیئَةِ المَساکینِ بَذاذَةً (2)وَاستِکانَةً،فَاُولئِکَ الأَکرَمونَ الأَماثِلُ،لا یَصلُحُ عِبادُ اللّهِ وبِلادُهُ إلّابِهِم، وعَلَیهِم یَنزِلُ عیسَی ابنُ البِکرِ علیه السلام عَلی آخِرِهِم،بَعدَ مَکثٍ طَویلٍ ومُلکٍ شَدیدٍ،لا خَیرَ فِی العَیشِ بَعدَهُم.وتَردِفُهُم رَجرَجَةُ طَغامٍ (3)فی مِثلِ أحلامِ العَصافیرِ،وعَلَیهِم تَقومُ السّاعَةُ،وإنَّما تَقومُ عَلی شِرارِ النّاسِ وأَخابِثِهِم،فَذلِکَ الوَعدُ الَّذی صَلّی بِهِ اللّهُ عز و جل عَلی أحمَدَ،کَما صَلّی بِهِ [عَلی] (4)خَلیلِهِ إبراهیمَ علیه السلام فی کَثیرٍ مِمّا لِأَحمَدَ صلی الله علیه و آله مِنَ البَراهینِ وَالتَّأییدِ،الَّذی خَبَّرَت بِهِ کُتُبُ اللّهِ الأُولی.

قالَ حارِثَةُ:فَمِنَ الأَثَرِ المُستَقَرِّ عِندَکَ-أبا واثِلَةَ-فی هذَینِ الاِسمَینِ أنَّهُما لِشَخصَینِ؛لِنَبِیَّیَّنِ مُرسَلَینِ،فی عَصرَینِ مُختَلِفَینِ؟

ص:284


1- (1) .أی یأتی کلّ منهما عقیب صاحبه.
2- (2) .البذاذة:رثاثة الهیئة (لسان العرب:ج 3 ص 477« [1]بذذ»).
3- (3) .الرجرجة:الاضطراب (الصحاح:ج 1 ص 317« [2]رجرج»).والطغام:أوغاد الناس (الصحاح:ج 5ص 1975«طغم»).
4- (4) .ما بین المعقوفین أثبتناه من بحار الأنوار. [3]

قالَ العاقِبُ:أجَل.

قالَ:فَهَل یَتَخالَجُکَ فی ذلِکَ رَیبٌ،أو یَعرِضُ لَکَ فیهِ ظَنٌّ؟

قالَ العاقِبُ:کَلّا وَالمَعبودِ،إنَّ هذا لَأَجلی مِن بُوحٍ (1)-وأَشارَ لَهُ إلی جِرمِ الشَّمسِ المُستَدیرِ-.

فَأَکَبَّ حارِثَةُ مُطرِقاً وجَعَلَ یَنکُتُ فِی الأَرضِ عَجَباً،ثُمَّ قالَ:إنَّمَا الآفَةُ-أیُّهَا الزَّعیمُ المُطاعُ-أن یَکونَ المالُ عِندَ مَن یَخزِنُهُ لا مَن یُنفِقُهُ،وَالسِّلاحُ عِندَ مَن یَتَزَیَّنُ بِهِ لا مَن یُقاتِلُ بِهِ،وَالرَّأیُ عِندَ مَن یَملِکُهُ لا مَن یَنصُرُهُ.

قالَ العاقِبُ:لَقَد أسمَعتَ-یا حُوَیرِثُ-فَأَقذَعتَ (2)،وطَفِقتَ فَأَقدَمتَ،فَمَهْ؟!

قالَ:اُقسِمُ بِالَّذی قامَتِ (3)السَّماواتُ وَالأَرَضونَ بِإِذنِهِ،وغَلَبَتِ الجَبابِرَةُ بِأَمرِهِ، إنَّهُمَا اسمانِ مُشتَقّانِ لِنَفسٍ واحِدَةٍ ولِنَبِیٍّ واحِدٍ ورَسولٍ واحِدٍ (4)،أنذَرَ بِهِ موسَی بنُ عِمرانَ،وبَشَّرَ بِهِ عیسَی بنُ مَریَمَ،ومِن قَبلِهِما أشارَ بِهِ صُحُفُ إبراهیمَ علیه السلام.

فَتَضاحَکَ السَّیِّدُ؛یُری قَومَهُ ومَن حَضَرَهُم أنَّ ضِحکَهُ هُزءٌ مِن حارِثَةَ وتَعَجُّبٌ.

وَانتَشَطَ (5)العاقِبُ مِن ذلِکَ،فَأَقبَلَ عَلی حارِثَةَ مُؤَنِّباً فَقالَ:لا یَغرُرکَ باطِلُ أبی قُرَّةَ،فَإِنَّهُ وإن ضَحِکَ لَکَ فَإِنَّما یَضحَکُ مِنکَ.

ص:285


1- (1) .بُوح:الشمس؛سُمّیت بذلک لظهورها (لسان العرب:ج 2 ص 416« [1]بوح»).
2- (2) .القذع:الخنا والفحش...یقال:قذعته وأقذعته؛إذا رمیته بالفحش وشتمته (الصحاح:ج 3 ص 1261« [2]قذع»).
3- (3) .فی المصدر:«قامت به...»،والتصویب من بحار الأنوار. [3]
4- (4) .فی المصدر:«واحد لنبی وواحد رسول واحد»بدل«ولنبی واحد ورسول واحد»،والتصویب من بحار الأنوار.
5- (5) .النشط:اللسع باختلاسٍ وسرعةٍ،وکلّ شیء اختُلس فقد انتشط (الفائق فی غریب الحدیث:ج 2ص 277« [4]ضحضح»).

قالَ حارِثَةُ:لَئِن فَعَلَها لِأَنَّها لِإِحدَی الدَّهارِسِ (1)أو سوءٍ (2)،أفَلَم تَتَعَرَّفا-راجَعَ اللّهُ بِکُما-مِن مَوروثِ الحِکمَةِ:«لا یَنبَغی لِلحَکیمِ أن یَکونَ عَبّاساً فی غَیرِ أدَبٍ،ولا ضَحّاکاً فی غَیرِ عَجَبٍ»؟أ وَلَم یَبلُغکُما عَن سَیِّدِکُمَا المَسیحِ علیه السلام قالَ:«فَضِحکُ العالِمِ فی غَیرِ حینِهِ غَفلَةٌ مِن قَلبِهِ،أو سَکرَةٌ ألهَتهُ عَمّا فی غَدِهِ»؟

قالَ السَّیِّدُ:یا حارِثَةُ ! إنَّهُ لا یَعیشُ-وَاللّهِ-أحَدٌ بِعَقلِهِ حَتّی یَعیشَ بِظَنِّهِ،وإذا أنَا لَم أعلَم إلّاما رَوَیتُ فَلا عَلِمتُ،أوَلَم یَبلُغکَ أنتَ عَن سَیِّدِنَا المَسیحِ-عَلَینا سَلامُهُ-أنَّ للّهِ ِ عِباداً ضَحِکوا جَهراً مِن سَعَةِ رَحمَةِ رَبِّهِم،وبَکَوا سِرّاً مِن خیفَةِ رَبِّهِم؟

قالَ:إذا کانَ هذا فَنَعَم.

قالَ:فَما هُنا فَلیَکُن مَراجِمَ ظُنونِکَ بِعِبادِ رَبِّکَ،وعُد بِنا إلی ما نَحنُ بِسَبیلِهِ،فَقَد طالَ التَّنازُعُ وَالخِصامُ بَینَنا یا حارِثَةُ !

قالوا:وکانَ هذا مَجلِساً ثالِثاً فی یَومٍ ثالِثٍ مِنِ اجتِماعِهِم لِلنَّظَرِ فی أمرِهِم.

فَقالَ السَّیِّدُ:یا حارِثَةُ،ألَم یُنبِئکَ أبو واثِلَةَ بِأَفصَحِ لَفظٍ اختَرَقَ اذُناً،ودَعا ذلِکَ بِمِثلِهِ مُخبِراً،فَأَلقاکَ مَعَ غرماتک (3)بِمَوارِدِهِ حَجَراً؟وها أنَا ذا اؤَکِّدُ (4)عَلَیکَ التَّذکِرَةَ بِذلِکَ مِن مَعدِنٍ ثالِثٍ،فَأَنشُدُکَ اللّهَ وما أنزَلَ إلی کَلِمَةٍ مِن کَلِماتِهِ،هَل تَجِدُ فِی الزّاجِرَةِ المَنقولَةِ مِن لِسانِ أهلِ سورِیا إلی لِسانِ العَرَبِ،یَعنی صَحیفَةَ شَمعونَ بنِ حَمّونَ الصَّفَا الَّتی تَوارَثَها عَنهُ أهلُ النَّجرانِ؟!

ص:286


1- (1) .الدهارِسُ:الدواهی (لسان العرب:ج 6 ص 89«دهرس»).
2- (2) .فی بحار الأنوار:« [1]أو سوءة»بدل«أو سوء».
3- (3) .فی بحار الأنوار:« [2]عزماتک»بدل«غرماتک».
4- (4) .فی المصدر:«...حجراً وهاجماً أنا ذا آکد»،والتصویب من بحار الأنوار. [3]

قالَ السَّیِّدُ:أ لَم یَقُل-بَعدَ نَبذٍ طَویلٍ مِن کَلامٍ-:

«فَإذا طبّقت وقُطِّعَتِ الأَرحامُ،وعَفَتِ الأَعلامُ،بَعَثَ اللّهُ عَبدَهُ الفارِقلیطا بِالرَّحمَةِ وَالمَعدِلَةِ.قالوا:ومَا الفارِقلیطا یا مَسیحَ اللّهِ؟قالَ:أحمَدُ النَّبِیُّ الخاتِمُ الوارِثُ،ذلِکَ الَّذی یُصَلّی عَلَیهِ حَیّاً ویُصَلّی عَلَیهِ بَعدَما یَقبِضُهُ إلَیهِ،بِابنِهِ الطّاهِرِ الخایِرِ،یَنشُرُهُ اللّهُ فی آخِرِ الزَّمانِ،بَعدَمَا انقَضَّت (1)عُرَی الدّینِ،وخَبَتَ مَصابیحُ النّاموسِ،وأفِلَت نُجومُهُ،فَلا یَلبَثُ ذلِکَ العَبدُ الصّالِحُ إلّاأمَماً (2)حَتّی یَعودَ الدّینُ بِهِ کَما بَدَأَ،ویُقِرُّ اللّهُ عز و جل سُلطانَهُ فی عَبدِهِ،ثُمَّ فِی الصّالِحینَ مِن عَقِبِهِ،ویَنشُرُ مِنهُ حَتّی یَبلُغَ مُلکُهُ مُنقَطَعَ التُّرابِ»؟

قالَ حارِثَةُ:کُلُّ ما قَد أنشَدتُما (3)حَقٌّ،لا وَحشَةَ مَعَ الحَقِّ،ولا انسَ فی غَیرِهِ، فَمَه؟!

قالَ السَّیِّدُ:فَإِنَّ مِنَ الحَقِّ أن لا حَظَّ فی هذِهِ الأُکرومَةِ لِلأَبتَرِ.

قالَ حارِثَةُ:إنَّهُ لَکَذلِکَ،ولَیسَ (4)بِمُحَمَّدٍ صلی الله علیه و آله.

قالَ السَّیِّدُ:إنَّکَ ما عَمِلَت إلّالُدّاً (5)،ألَم یُخبِرنا سَفرُنا وأَصحابُنا فیما تَجَسَّسنا مِن خَبَرِهِ،أنَّ وَلَدَیهِ الذَّکَرَینِ-القُرَشِیَّةَ وَالقِبطِیَّةَ-بادا،وغودِرَ مُحَمَّدٌ کَقَرنِ الأَعضَبِ (6)، موفٍ عَلی ضَریحِهِ،فَلَو کانَ لَهُ بَقِیَّةٌ لَکانَ لَکَ بِذلِکَ مَقالاً،إذا وَلَّت أنباؤُهُ الَّذی تَذکُرُ.

ص:287


1- (1) .فی بحارالأنوار:« [1]انفصمت»بدل«انقضّت».
2- (2) .الأمَم:الیسیر (النهایة:ج 1 ص 69«أمم»).
3- (3) .فی بحار الأنوار« [2]أشدتما بهذه المأثرة لأحمد وکرّرتما بها القول وهی»بدل«أنشدتما».
4- (4) .فی المصدر:«ألیسَ»،والتصویب من بحار الأنوار. [3]
5- (5) .الألَدُّ:الخصم الجدل الشحیح الذی لا یزیغ إلی الحقّ،وجمعه لُدّ ولِداد (لسان العرب:ج 3 ص 391« [4]لدد»).
6- (6) .الأعضب:المکسور القرن الداخل،والأعضب من الرجال:الذی لیس له أخٌ ولا أحد (لسان العرب:ج 1 ص 609« [5]عضب»).

قالَ حارِثَةُ:العِبَرُ-لَعَمرُو اللّهِ-کَثیرَةٌ،وَالاِعتِبارُ بِها قَلیلٌ،وَالدَّلیلُ موفٍ عَلی سُنَنِ السَّبیلِ إن لَم یَعشُ عَنهُ ناظِرٌ،وکَما أنَّ أبصارَ الرَّمِدَةِ لا تَستَطیعُ النَّظَرَ فی قُرصِ الشَّمسِ لِسُقمِها،فَکَذلِکَ البَصائِرُ القَصیرَةُ لا تَتَعَلَّقُ بِنورِ الحِکمَةِ لِعَجزِها، ألا ومَن کانَ کَذلِکَ فَلَستُماهُ-وأَشارَ إلَی السَّیِّدِ وَالعاقِبِ-إنَّکُما-ویَمینُ اللّهِ- لَمَحجوجانِ بِما آتاکُمَا اللّهُ عز و جل مِن میراثِ الحِکمَةِ،وَاستَودَعَکُما مِن بَقایَا الحُجَّةِ، ثُمَّ بِما أوجَبَ لَکُما مِنَ الشَّرَفِ وَالمَنزِلَةِ فِی النّاسِ،فَقَد جَعَلَ اللّهُ عز و جل مَن آتاهُ سُلطاناً مُلوکاً لِلنّاسِ وأَرباباً،وجَعَلَکُما حَکَماً وقُوّاماً عَلی مُلوکِ مِلَّتِنا،وذادَةً (1)لَهُم یَفزَعونَ إلَیکُما فی دینِهِم ولا تَفزَعانِ إلَیهِم،وتَأمُرانِهِم فَیَأتَمِرونَ لَکُما،وحَقٌّ لِکُلِّ مَلِکٍ أو مُوَطَّإِ الأَکنافِ،أن یَتَواضَعَ للّهِ ِ عز و جل إذ رَفَعَهُ،وأَن یَنصَحَ للّهِ ِ عز و جل فی عِبادِهِ، ولا یَدَّهِنَ (2)فی أمرِهِ.

وذَکَرتُما مُحَمَّداً بِما حَکَمَت لَهُ الشَّهاداتُ الصّادِقَةُ،وبَیَّنَتهُ فیهِ الأَسفارُ المُستَحفَظَةُ،ورَأَیتُماهُ مَعَ ذلِکَ مُرسَلاً إلی قَومِهِ لا إلَی النّاسِ جَمیعاً،وأَن لَیسَ بِالخاتِمِ الحاشِرِ (3)ولَا الوارِثِ العاقِبِ؛لِأَنَّکُما زَعَمتُماهُ أبتَرَ،ألَیسَ کَذلِکَ؟

قالا:نَعَم.

قالَ:أ رَأَیتُکُما لَو کانَ لَهُ بَقِیَّةٌ وعَقِبٌ هَل کُنتُما مُمتَرِیانِ-لِما تَجِدانِ وبِما تُکَذِّبانِ مِنَ الوَراثَةِ وَالظُّهورِ عَلَی النَّوامیسِ-أنَّهُ النَّبِیُّ الخاتِمُ،وَالمُرسَلُ إلی کافَّةِ البَشَرِ؟

قالا:لا.

قالَ:أفَلَیسَ هذَا القیلُ لِهذِهِ الحالِ مَعَ طولِ اللَّوائِمِ وَالخَصائِمِ عِندَکُما مُستَقَرّاً؟

ص:288


1- (1) .أذدت الرجل:أعنته علی ذیاد إبله،ورجل ذائد وذوّاد؛أی حامی الحقیقة (الصحاح:ج 2 ص 471« [1]ذود»).
2- (2) .المداهنة کالمصانعة،والادّهان مثله (الصحاح:ج 5 ص 2116« [2]دهن»).
3- (3) .الحاشِرُ:الذی یُحشَرُ الناس خَلفَهُ وعلی مِلّتِهِ دون مِلَّةِ غیره (النهایة:ج 1 ص 388« [3]حشر»).

قالا:أجَل.

قالَ:اللّهُ أکبَرُ.

قالا:کَبَّرتَ کَبیراً،فَما دَعاکَ إلی ذلِکَ؟

قالَ حارِثَةُ:الحَقُّ أبلَجُ (1)،وَالباطِلُ لَجلَجٌ،ولَنَقلُ ماءِ البَحرِ ولَشَقُّ الصَّخرِ أهوَنُ مِن إماتَةِ ما أحیاهُ اللّهُ عز و جل وإحیاءِ ما أماتَهُ.الآنَ فَاعلَما أنَّ مُحَمَّداً غَیرُ أبتَرٍ،وأنَّهُ الخاتِمُ الوارِثُ،وَالعاقِبُ الحاشِرُ حَقّاً،فَلا نَبِیَّ بَعدَهُ،وعَلی امَّتِهِ تَقومُ السّاعَةُ، ویَرِثُ اللّهُ الأَرضَ ومَن عَلَیها،وأَنَّ مِن ذُرِّیَّتِهِ الأَمیرُ الصّالِحُ الَّذی بَیَّنتُما ونَبَأّتُما أنَّهُ یَملِکُ مَشارِقَ الأَرضِ ومَغارِبَها،ویُظهِرُهُ اللّهُ عز و جل بِالحَنیفِیَّةِ الإِبراهیمِیَّةِ عَلَی النَّوامیسِ کُلِّها.

قالا:أولی لَکَ یا حارِثَةُ ! لَقَد أغفَلناکَ،وتَأبی إلّامُراوَغَةً کَالثَّعالِبَةِ،فَما تَسأَمُ المُنازَعَةَ،ولا تَمَلُّ مِنَ المُراجَعَةِ،ولَقَد زَعَمتَ مَعَ ذلِکَ عَظیماً ! فَما بُرهانُکَ بِهِ؟

قالَ:أما-وجَدِّکُما-لَأُنَبِئُّکُما بِبُرهانٍ یُجیرُ مِنَ الشُّبهَةِ،ویُشفی بِهِ جَوَی الصُّدورِ.ثُمَّ أقبَلَ عَلی أبی حارِثَةَ حُصَینِ بنِ عَلقَمَةَ شَیخِهِم واُسقُفِّهِمُ الأَوَّلِ،فَقالَ:

إن رَأَیتَ أیُّهَا الأَبُ الأَثیرُ أن تُؤنِسَ قُلوبَنا وتُثلِجَ صُدورَنا بِإِحضارِ الجامِعَةِ وَالزّاجِرَةِ.

قالوا:وکانَ هذَا المَجلِسُ الرّابِعُ مِنَ الیَومِ الرّابِعِ،وذلِکَ لَمّا حَلَّقَتِ الشَّمسُ (2)، وفی زَمَنِ قَیظٍ (3)شَدیدٍ،فَأَقبَلا عَلی حارِثَةَ فَقالا:أرجِ هذا إلی غَدٍ؛فَقَد بَلَغَتِ القُلوبُ مِنّا الصُّدورَ.

ص:289


1- (1) .البلوج:الإشراق...وصبح أبلج؛أی مشرق مضیء (الصحاح:ج 1 ص 300« [1]بلج»).
2- (2) .فی المصدر:«و ذلک لمّا خَلَّقَتِ الأرضُ ورَکَدَتِ الشمسُ»وما فی المتن أثبتناه من بحار الأنوار. [2]وتحلیق الشمس:ارتفاعها.
3- (3) .القیظ:صمیم الصیف (لسان العرب:ج 7 ص 456« [3]قیظ»).

فَتَفَرَّقوا عَلی إحضارِ الزّاجِرَةِ وَالجامِعَةِ مِن غَدٍ،لِلنَّظَرِ فیهِما وَالعَمَلِ بِما یَتَراءانِ مِنهُما.فَلَمّا کانَ مِنَ الغَدِ صارَ أهلُ نَجرانَ إلی بِیعَتِهِم؛لِاعتِبارِ ما أجمَعَ صاحِباهُم مَعَ حارِثَةَ عَلَی اقتِباسِهِ وتَبَیُّنِهِ مِنَ الجامِعَةِ،ولَمّا رَأَی السَّیِّدُ وَالعاقِبُ اجتِماعَ النّاسِ لِذلِکَ،قُطِعَ بِهِما؛لِعِلمِهِما بِصَوابِ قَولِ حارِثَةَ،وَاعتَرَضاهُ لِیَصُدّانِهِ عَن تَصَفُّحِ الصُّحُفِ عَلی أعیُنِ النّاسِ،وکانا مِن شَیاطینِ الإِنسِ.

فَقالَ السَّیِّدُ:إنَّکَ قَد أکثَرتَ وأَملَلتَ،قُضَّ الحَدیثَ لَنا مَعَ قَصِّهِ (1)،ودَعنا مِن تِبیانِهِ.

فَقالَ حارِثَةُ:وهَل هذا إلّامِنکَ وصاحِبِکَ؟فَمِنَ الآنِ فَقولا ما شِئتُما.

فَقالَ العاقِبُ:ما مِن مَقالٍ إلّاقُلنا،وسَنَعودُ فَنُخَبِّرُ بَعضَ ذلِکَ تَخبیراً،غَیرَ کاتِمینَ للّهِ ِ عز و جل مِن حُجَّةٍ،ولا جاحِدینَ لَهُ آیَةً،ولا مُفتَرینَ مَعَ ذلِکَ عَلَی اللّهِ عز و جل لِعَبدٍ أنَّهُ مُرسَلٌ مِنهُ ولَیسَ بِرَسولِهِ،فَنَحنُ نَعتَرِفُ-یا هذا-بِمُحَمَّدٍ صلی الله علیه و آله أنَّهُ رَسولٌ مِنَ اللّهِ عز و جل إلی قَومِهِ مِن بَنی إسماعیلَ علیه السلام،فی غَیرِ أن تَجِبَ لَهُ بِذلِکَ عَلی غَیرِهِم مِن عُربِ النّاسِ ولا أعاجِمِهم تِباعَةٌ ولا طاعَةٌ،بِخُروجٍ لَهُ عَن مِلَّةٍ ولا دُخولٍ مَعَهُ فی مِلَّةٍ،إلَّا الإِقرارَ لَهُ بِالنُّبُوَّةِ وَالرِّسالَةِ إلی أعیانِ قَومِهِ ودینِهِ.

قالَ حارِثَةُ:وبِم شَهِدتُما لَهُ بِالنُّبُوَّةِ وَالأَمرِ؟

قالا:حَیثُ جاءَتنا فیهِ البَیِّنَةُ مِن تَباشیرِ الأَناجیلِ وَالکُتُبِ الخالِیَةِ.

فَقالَ:مُنذُ وَجَبَ هذا لِمُحَمَّدٍ صلی الله علیه و آله عَلَیکُما فی طَویلِ الکَلامِ وقَصیِرهِ،وبَدئِهِ

ص:290


1- (1) .هکذا وردتا فی المصدر:«قضّ...قصّه»،وفی بحارالأنوار:« [1]فضَّ...فضّه»،وفی بعض النسخ«قصّ».والقَضّ:الکسر،واستعمل فی سرعة الإرسال.وکذلک الفَضّ فهو بمعنی الکسر أیضاً ( راجع:الفائق فی غریب الحدیث:ج 3 ص 107« [2]قضض»و ج 2 ص 323«فضض»).وأمّا القصّ فمعلوم.وعلی أیّ حال فالمراد:اقطع الحدیث فی هذا الأمر فقد أکثرت فیه وأمللت.

وعَودِهِ،فَمِن أینَ زَعَمتُما أنَّهُ لَیسَ بِالوارِثِ الحاشِرِ،ولَا المُرسَلِ إلی کافَّةِ البَشَرِ؟

قالا:لَقَد عَلِمتَ وعَلِمنا،فَما نَمتَری بِأَنَّ حُجَّةَ اللّهِ عز و جل لَم یَنتَهِ أمرُها،وأَنَّها کَلِمَةُ اللّهِ جارِیَةٌ فِی الأَعقابِ مَا اعتَقَبَ اللَّیلُ وَالنَّهارُ وما بَقِیَ مِنَ النّاسِ شَخصانِ،وقَد ظَنَنّا مِن قَبلُ أنَّ مُحَمَّداً صلی الله علیه و آله رَبُّها (1)،وأَنَّهُ القائِدُ بِزِمامِها،فَلَمّا أعقَمَهُ اللّهُ عز و جل بِمَهلِکِ الذُّکورَةِ مِن وُلدِهِ عَلِمنا أنَّهُ لَیسَ بِهِ؛لِأَنَّ مُحَمَّداً أبتَرُ،وحُجَّةَ اللّهِ عز و جل الباقِیَةَ ونَبِیَّهُ الخاتِمَ-بِشَهادَةِ کُتُبِ اللّهِ عز و جل المُنزَلَةِ-لَیسَ بِأَبتَرَ،فَإِذاً هُوَ نَبِیٌّ یَأتی ویُخلَدُ بَعدَ مُحَمَّدٍ صلی الله علیه و آله،اشتُقَّ اسمُهُ مِنِ اسمِ مُحَمَّدٍ،وهُوَ أحمَدُ الَّذی نَبَّأَ المَسیحُ علیه السلام بِاسمِهِ وبِنُبُوَّتِهِ ورِسالاتِهِ الخاتِمَةِ،ویَملِکُ ابنُهُ القاهِرُ الجامِعَةَ لِلنّاسِ جَمیعاً عَلی ناموسِ اللّهِ عز و جل الأَعظَمِ،لَیسَ بِمَظهَرَةِ دینِهِ ولکِنَّهُ مِن ذُرِّیَّتِهِ وعَقِبِهِ،یَملِکُ قُرَی الأَرضِ وما بَینَهُما مِن لوبٍ وسَهلٍ وصَخرٍ وبَحرٍ،مُلکاً مُوَرَّثاً مُوَطَّأً،وهذا نَبَأٌ أحاطَت سَفَرَةُ الأَناجیلِ بِهِ عِلماً،وقَد أوسَعناکَ بِهذَا القیلِ سَمعاً،وعُدنا لَکَ بِهِ آنِفَةً بَعدَ سالِفَةٍ،فَما إربُکَ (2)إلی تِکرارِهِ.

قالَ حارِثَةُ:قَد أعلَمُ أنّی وإیّاکُما فی رَجعٍ مِنَ القَولِ مُنذُ ثَلاثٍ؛وما ذاکَ إلّا لِیَذکُرَ ناسٍ ویَرجِعَ فارِطٌ (3)وتَظهَرَ لَنَا الکَلِمُ.وذَکَرتُما نَبِیَّینِ یُبعَثانِ یَعتَقِبانِ بَینَ مَسیحِ اللّهِ عز و جل وَالسّاعَةِ؛قُلتُما:وکِلاهُما مِن بَنی إسماعیلَ،أوَّلُهُما (4):مُحَمَّدٌ بِیَثرِبَ، وثانیهِما:أحمَدُ العاقِبُ.وأَمّا مُحَمَّدٌ صلی الله علیه و آله-أخو قُرَیشٍ-هذَا القاطِنُ بِیَثرِبَ فَأَنَا به (5)

ص:291


1- (1) .ربّ کلّ شیء:مالکه (الصحاح:ج 1 ص 130« [1]ربب»).
2- (2) .الإرب:الحاجة (الصحاح:ج 1 ص 87«إرب»).
3- (3) .فرط فی الأمر یفرط فرطاً:أی قصّر فیه وضیّعه حتّی فات (الصحاح:ج 3 ص 1148« [2]فرط»).
4- (4) .فی المصدر:«أوّلهم»،والتصویب من بحار الأنوار. [3]
5- (5) .فی المصدر:«فآیاته»بدل«فأنا به»،والتصویب من بحار الأنوار. [4]

حَقٌّ مُؤمِنٌ،أجَل وهُوَ-وَالمَعبودِ-أحمَدُ الَّذی نَبَّأَت بِهِ کُتُبُ اللّهِ عز و جل،ودَلَّت عَلَیهِ آیاتُهُ،وهُوَ حُجَّةُ اللّهِ عز و جل،ورَسولُهُ صلی الله علیه و آله الخاتِمُ الوارِثُ حَقّاً،ولا نُبُوَّةَ ولا رَسولَ للّهِ ِ عز و جل ولا حُجَّةَ بَینَ ابنِ البَتولِ وَالسَّاعَةِ غَیرُهُ،بَلی ومَن کانَ مِنهُ مِنِ ابنَتِهِ البُهلولَةِ (1)الصِّدّیقَةِ،فَأَنتُما بِبَلاغِ اللّهِ إلَیکُما (2)مِن نُبُوَّةِ مُحَمَّدٍ صلی الله علیه و آله فی أمرٍ مُستَقَرٍّ،ولَولَا انقِطاعِ نَسلِهِ لَمَا ارتَبتُما فیما زَعَمتُما بِهِ أنَّهُ السّابِقُ العاقِبُ؟

قالا:أجَل،إنَّ ذلِکَ لَمِن أکبَرِ أماراتِهِ عِندَنا.

قالَ:فَأَنتُما-وَاللّهِ-فیما تَزعُمانِ مِن نَبِیٍّ ثانٍ مِن بَعدِهِ فی أمرٍ مُلتَبَسٍ،وَالجامِعَةُ تَحکُمُ فی ذلِکَ بَینَنا.

فَتَنادَی النّاسُ مِن کُلِّ ناحِیَةٍ،وقالوا:الجامِعَةَ-یا أبا حارِثَةَ !-الجامِعَةَ؛وذلِکَ لِما مَسَّهُم فی طولِ تَحاوُرِ الثَّلاثَةِ مِنَ السَّأمَةِ وَالمَلَلِ،وظَنَّ القَومُ مَعَ ذلِکَ أنَّ الفَلجَ (3)لِصاحِبَیهِما لِما کانا یَدَّعِیانِ فی تِلکَ المَجالِسِ مِن ذلِکَ.فَأَقبَلَ أبو حارِثَةَ إلی عِلجٍ (4)واقِفٍ مِنهُ [أمَماً] (5)،فَقالَ:اِمضِ یا غُلامُ فَائتِ بِها.فَجاءَ بِالجامِعَةِ یَحمِلُها عَلی رَأسِهِ وهُوَ لا یَکادُ یَتَماسَکُ بِها لِثِقَلِها.

قالَ:فَحَدَّثَنی رَجُلُ صِدقٍ (6)مِنَ النَّجرانِیَّةِ-مِمَّن کانَ یَلزَمُ السَّیِّدَ وَالعاقِبَ، ویَحِفُّ لَهُما فی بَعضِ امورِهِما،ویَطَّلِعُ عَلی کَثیرٍ مِن شَأنِهِما-قالَ:لَمّا حَضَرَتِ

ص:292


1- (1) .البُهلول:العزیز الجامع لکلّ خیر.والبُهلول-أیضاً-:الحَییّ الکریم (لسان العرب:ج 11 ص 73« [1]بهل»).
2- (2) .فی المصدر:«لکنّکما»،والتصویب من بحار الأنوار. [2]
3- (3) .الفلج:الظفر والفوز (الصحاح:ج 1 ص 335«فلج»).
4- (4) .العِلجُ:الرجل القویّ الضخم (النهایة:ج 3 ص 286« [3]علج»).
5- (5) .الزیادة من بحارالأنوار. [4]
6- (6) .رَجُلُ صِدقٍ:أی نِعمَ الرجل هو.ورَجُلٌ صَدقٌ:نقیض رَجلٌ سَوءٌ ( راجع:لسان العرب:ج 10ص 194« [5]صدق»).

الجامِعَةُ بَلَغَ ذلِکَ مِنَ السَّیِّدِ وَالعاقِبِ کُلَّ مَبلَغٍ؛لِعِلمِهِما بِما یَهجُمانِ عَلَیهِ فی تَصَفُّحِهِما مِن دَلائِلِ رَسولِ اللّهِ صلی الله علیه و آله وصِفَتِهِ،وذِکرِ أهلِ بَیتِهِ وأَزواجِهِ وذُرِّیَّتِهِ،وما یَحدُثُ فی امَّتِهِ وأَصحابِهِ مِن بَوائِقِ الاُمورِ مِن بَعدِهِ إلی فَناءِ الدُّنیا وَانقِطاعِها.

فَأَقبَلَ أحَدُهُما عَلی صاحِبِهِ فَقالَ:هذا یَومٌ ما بورِکَ لَنا فی طُلوعِ شَمسِهِ ! لَقَد شَهِدَتهُ أجسامُنا وغابَت عَنهُ آراؤُنا بِحُضورِ طَغامِنا (1)وسَفَلَتِنا،ولَقَلَّما شَهِدَ سُفَهاءُ قَومٍ مَجمَعَةً إلّاکانَت لَهُمُ الغَلَبَةُ.

قالَ الآخَرُ:فَهُم شَرُّ غالِبٍ لِمَن غَلَبَ،إنَّ أحَدَهُم لَیُفیقُ (2)بِأَدنی کَلِمَةٍ،ویَفسُدُ فی بَعضِ ساعَةٍ،ما لا یَستَطیعُ الآسِی الحَلیمُ لَهُ رَتقاً،ولَا الخَوَلِیُّ (3)النَّفیسُ إصلاحاً لَهُ فی حَولٍ مُحَرَّمٍ؛ذلِکَ لِأَنَّ السَّفیهَ هادِمٌ وَالحَلیمَ بانٍ،وشَتّانَ بَینَ البِناءِ وَالهَدمِ.

قالَ:فَانتَهَزَ حارِثَةُ الفُرصَةَ فَأَرسَلَ فی خُفیَةٍ وسِرٍّ إلَی النَّفَرِ مِن أصحابِ رَسولِ اللّهِ صلی الله علیه و آله فَاستَحضَرَهُمُ استِظهاراً بِمَشهَدِهِم،فَحَضَروا،فَلَم یَستَطِعِ الرَّجُلانِ فَضَّ ذلِکَ المَجلِسِ ولا إرجاءَهُ،وذلِکَ لِما تَبَیَّنا (4)مِن تَطَلُّعِ عامَّتِهِما مِن نَصاری نَجرانَ إلی مَعرِفَةِ ما تَضَّمَنَتِ الجامِعَةُ مِن صِفَةِ رَسولِ اللّهِ صلی الله علیه و آله وَانبِعاثِهِم (5)لَهُ مَعَ حُضورِ رُسُلِ رَسولِ اللّهِ صلی الله علیه و آله لِذلِکَ،وتَألیبِ حارِثَةَ عَلَیهِما فیهِ،وصَغوِ (6)أبی حارِثَةَ شَیخِهِم إلَیهِ.

ص:293


1- (1) .فی المصدر:«طغاتنا»،والتصویب من بحار الأنوار. [1]والطَّغام:أوغاد الناس وأرذالهم (تاج العروس:ج 17 ص 441«طغم»).
2- (2) .فی بحار الأنوار:« [2]لیفتق».
3- (3) .الخَوَلّیُّ:القَیِّمُ بأمر الإبل وإصلاحها،من التخوّل:التعهّدُ وحسنُ الرعایة (النهایة:ج 2 ص 88«خول»).
4- (4) .فی المصدر:«بیّنا»،والتصویب من بحار الأنوار. [3]
5- (5) .فی المصدر:«وانبعاث»،والتصویب من بحار الأنوار. [4]
6- (6) .صَغا إلیه:مالَ ( لسان العرب:ج 14 ص 461«صغا»).

قالَ:قالَ لی ذلِکَ الرَّجُلُ النَّجرانِیُّ:فَکانَ الرَّأیُ عِندَهُما أن یَنقادا لِما یُدهِمُهُما مِن هذَا الخَطبِ،ولا یُظهِرانِ شِماساً (1)مِنهُ و لا نُفوراً؛حَذارِ أن یُطرَقا الظِّنَّة فیهِ إلَیهِما،وأَن یَکونا أیضاً أوَّلَ مُعتَبِرٍ لِلجامِعَةِ ومُستَحِثٍّ لَها؛لِئَلّا یُفتاتَ (2)فی شَیءٍ مِن ذاکَ المَقامِ وَالمَنزِلَةِ عَلَیهِما،ثُمَّ یَستبینَ (3)أنَّ الصَّوابَ فِی الحالِ ویَستَنجِدانِهِ لِیَأخُذانِ بِمَوجِبِهِ.فَتَقَدَّما لِما تَقَدَّمَ فی أنفُسِهِما مِن ذلِکَ إلَی الجامِعَةِ-وهِیَ بَینَ یَدَی أبی حارِثَةَ-،وحاذاهُما حارِثَةُ بنُ أثالٍ،وتَطاوَلَت إلَیهِما فیهِ الأَعناقُ،وحَفَّت رُسُلُ رَسولِ اللّهِ صلی الله علیه و آله بِهِم.

فَأَمَرَ أبو حارِثَةَ بِالجامِعَةِ فَفُتِحَ طَرَفُها،وَاستُخرِجَ مِنها صَحیفَةُ آدَمَ الکُبرَی المُستَودَعَةُ عِلمَ مَلَکوتِ اللّهِ عَزَّ وجَلَّ جَلالُهُ،وما ذَرَأَ وما بَرَأَ فی أرضِهِ وسَمائِهِ، وما وَصَلَهُما جَلَّ جَلالُهُ بِهِ مِن ذِکرِ عالَمَیهِ؛وهِیَ الصَّحیفَةُ الَّتی وَرِثَها شَیثٌ مِن أبیهِ آدَمَ علیه السلام،عَمّا دَعا مِنَ الذِّکرِ المَحفوظِ.فَقَرَأَ القَومُ السَّیِّدُ وَالعاقِبُ وحارِثَةُ فِی الصَّحیفَةِ؛تَطَلُّباً لِما تَنازَعوا فیهِ مِن نَعتِ رَسولِ اللّهِ صلی الله علیه و آله وصِفَتِهِ،ومَن حَضَرَهُم یَومَئِذٍ مِنَ النّاسِ إلَیهِم،مُضِجّونَ مُرتَقِبونَ لِما یُستَدرَکُ مِن ذِکری ذلِکَ،فَأَلفَوا فِی المِسباحِ الثّانی مِن فَواصِلِها (4):

«بِسمِ اللّهِ الرَّحمنِ الرَّحیمِ،أنَا اللّهُ لا إلهَ إلّاأنَا الحَیُّ القَیّومُ،مُعَقِّبُ الدُّهورِ، وفاصِلُ الاُمورِ،سَبَقتُ بِمَشِیَّتِی الأَسبابَ،وذَلَّلتُ بِقُدرَتِی الصِّعابَ،فَأَنَا العَزیزُ الحَکیمُ،الرَّحمنُ الرَّحیمُ،اِرحَم تُرحَم،سَبَقَت رَحمَتی غَضَبی،وعَفوی عُقوبَتی،

ص:294


1- (1) .شمسَ لی فلانٌ:إذا أبدی لک عداوتَه (الصحاح:ج 3 ص 940« [1]شمس»).
2- (2) .فلانٌ لا یُفتاتُ علیه:أی لا یُعمل شیءٌ دونَ أمرِه (الصحاح:ج 1 ص 260« [2]فوت»).
3- (3) .فی بحار الأنوار:« [3]یستبینان»بدل«یستبین».
4- (4) .فی المصدر:«فواصلهما»،والتصویب من بحار الأنوار. [4]

خَلَقتُ عِبادی لِعِبادَتی،وأَلزَمتُهُم حُجَّتی،ألا إنّی باعِثٌ فیهِم رُسُلی،ومُنزِلٌ عَلَیهِم کُتُبی،اُبرِمُ ذلِکَ مِن لَدُن أوَّلِ مَذکورٍ مِن بَشَرٍ،إلی أحمَدَ نَبِیّی وخاتِمِ رُسُلی،ذاکَ الَّذی أجعَلُ عَلَیهِ صَلَواتی،وأسلُکُ فی قَلبِهِ بَرَکاتی،وبِهِ اکمِلُ أنبِیائی ونُذُری.

قالَ آدَمُ علیه السلام:إلهی! مَن هؤُلاءِ الرُّسُلُ؟ومَن أحمَدُ هذَا الَّذی رَفَعتَ وشَرَّفتَ؟

قالَ:کُلٌّ مِن ذُرِّیَّتِکَ،وأَحمَدُ عاقِبُهُم.

قالَ:رَبِّ ! بِما أنتَ باعِثُهُم ومُرسِلُهُم؟

قالَ:بِتَوحیدی،ثُمَّ اقَفّی ذلِکَ بِثَلاثِمِئَةٍ وثَلاثینَ شَریعَةً،أنظُمُها واُکمِلُها لِأَحمَدَ جَمیعاً،فَأَذِنتُ لِمَن جاءَنی بِشَریعَةٍ مِنها مَعَ الإِیمانِ بی وبِرُسُلی أن ادخِلَهُ الجَنَّةَ».

ثُمَّ ذَکَرَ ما جُملَتُهُ أنَّ اللّهَ تَعالی عَرَضَ عَلی آدَمَ علیه السلام مَعرِفَةَ الأَنبِیاءِ علیهم السلام وذُرِّیَّتِهِم، ونَظَرَ إلَیهِم آدَمُ،ثُمَّ قالَ ما هذا لَفظُهُ:

«ثُمَّ نَظَرَ آدَمُ علیه السلام إلی نورٍ قَد لَمَعَ فَسَدَّ الجَوَّ المُنخَرِقَ،فَأَخَذَ بِالمَطالِعِ مِنَ المَشارِقِ،ثُمَّ سَری کَذلِکَ حَتّی طَبَّقَ المَغارِبَ،ثُمَّ سَما حَتّی بَلَغَ مَلَکوتَ السَّماءِ، فَنَظَرَ فَإِذا هُوَ نورُ مُحَمَّدٍ رَسولِ اللّهِ صلی الله علیه و آله،وإذَا الأَکنافُ بِهِ قَد تَضَوَّعَت طیباً،وإذا أنوارٌ أربَعَةٌ قَدِ اکتَنَفَتَهُ عَن یَمینِهِ وشِمالِهِ ومِن خَلفِهِ وأَمامِهِ،أشبَهُ شَیءٍ بِهِ أرجاً (1)ونوراً، ویَتلوها أنوارٌ مِن بَعدِها تَستَمِدُّ مِنها،وإذا هِیَ شَبیهَةٌ (2)بِها فی ضِیائِها وعِظَمِها ونَشرِها،ثُمَّ دَنَت مِنها فَتَکَلَّلَت عَلَیها وحَفَّت بِها.

ونَظَرَ فَإِذا أنوارٌ مِن بَعدِ ذلِکَ فی مِثلِ عَدَدِ الکَواکِبِ،ودونَ مَنازِلِ الأَوائِلِ جِدّاً

ص:295


1- (1) .الأرج والأریج:توهّج ریح الطیب (الصحاح:ج 1 ص 298« [1]أرج»).
2- (2) .فی المصدر:«شبیه»،والتصویب من بحارالأنوار. [2]

جِدّاً،وبَعضُ هذِهِ أضوَأُ مِن بَعضٍ،وهِیَ فی ذلِکَ مُتَفاوِتَةٌ (1)جِدّاً،ثُمَّ طَلَعَ عَلَیهِ سَوادٌ کَاللَّیلِ وکَالسَّیلِ،یَنسِلونَ مِن کُلِّ وِجهَةٍ وأَوبٍ (2)،فَأَقبَلوا کَذلِکَ حَتّی مَلَؤُوا القاعَ وَالأَکَمَ،فَإِذا هُم أقبَحُ شَیءٍ صُوَراً وهَیئَةً،وأَنتَنُهُ ریحاً،فَبَهَرَ (3)آدَمُ علیه السلام ما رَأی مِن ذلِکَ،وقالَ:یا عالِمَ الغُیوبِ وغافِرَ الذُّنوبِ،ویا ذَا القُدرَةِ القاهِرَةِ وَالمَشِیَّةِ الغالِبَةِ ! مَن هذَا الخَلقُ السَّعیدُ الَّذی کَرَّمتَ ورَفَعتَ عَلَی العالَمینَ،ومَن هذِهِ الأَنوارُ المُنیفَةُ المُکتَنِفَةُ لَهُ؟

فَأَوحَی اللّهُ عز و جل إلَیهِ:یا آدَمُ،هذا وهؤُلاءِ وَسیلَتُکَ ووَسیلَةُ مَن أسعَدتُ مِن خَلقی، هؤُلاءِ السّابِقونَ المُقَرَّبونَ وَالشّافِعونَ المُشَفَّعونَ،و هذا أحمَدُ سَیِّدُهُم وسَیِّدُ بَرِیَّتِی، اختَرتُهُ بِعِلمی،وَاشتَقَقتُ اسمَهُ مِن اسمی،فَأَنَا المَحمودُ وهُوَ مُحَمَّدٌ،وهذا صِنوُهُ ووَصِیُّهُ،آزَرتُهُ بِهِ،وجَعَلتُ بَرَکاتی وتَطهیری فی عَقِبِهِ،وهذِهِ سَیِّدَةُ إمائی وَالبَقِیَّةُ فی عِلمی مِن أحمَدَ نَبِیّی،وهذانِ السِّبطانِ وَالخَلَفانِ لَهُم،وهذِهِ الأَعیانُ المُضارِعُ (4)نورُها أنوارَهُم بَقِیَّةٌ مِنهُم،ألا إنَّ کُلاًّ اصطَفَیتُ وطَهَّرتُ،وعَلی کُلٍّ بارَکتُ وتَرَحَّمتُ،فَکُلاًّ بِعِلمی جَعَلتُ قُدوَةَ عِبادی ونورَ بِلادی.

ونَظَرَ فَإِذا شَبَحٌ فی آخِرِهِم یَزهَرُ فی ذلِکَ الصَّفیحِ کَما یَزهَرُ کَوکَبُ الصُّبحِ لِأَهلِ الدُّنیا،فَقالَ اللّهُ تَبارَکَ وتَعالی:وبِعَبدی هذَا السَّعیدِ أفُکُّ عَن عِبادِی الأَغلالَ،وأَضَعُ عَنهُمُ الآصارَ،وأَملَأُ أرضی بِهِ حَناناً و رَأفَةً وعَدلاً،کَما مُلِئَت مِن قَبلِهِ قَسوَةً وقَشعَرِیَّةً وجَوراً.

ص:296


1- (1) .فی المصدر:«متفاوتون»،والتصویب من بحار الأنوار. [1]
2- (2) .فی المصدر:«وأرب»،والتصویب من بحار الأنوار. [2]
3- (3) .البُهر-بالضمّ-:تتابع النفس،وبالفتح المصدر،یقال:بَهَرَه الحملُ یَبهره بهراً؛أی أوقع علیه البهرفانبهر؛أی تتابع نفسه (الصحاح:ج 2 ص 598« [3]بهر»).
4- (4) .المضارعة:المشابهة (الصحاح:ج 3 ص 1249« [4]ضرع»).

قالَ آدَمُ علیه السلام:رَبِّ ! إنَّ الکَریمَ مَن کَرَّمتَ،وإنَّ الشَّریفَ مَن شَرَّفتَ،وحُقَّ-یا إلهی-لِمَن رَفَعتَ وأَعلَیتَ أن یَکونَ کَذلِکَ،فَیا ذَا النِّعَمِ الَّتی لا تَنقَطِعُ،وَالإِحسانِ الَّذی لا یُجازی ولا یَنفَدُ،بِمَ بَلَغَ عِبادُکَ هؤُلاءِ العالونَ هذِهِ المَنزِلَةَ مِن شَرَفِ عَطائِکَ وعَظیمِ فَضلِکَ وحِبائِکَ،وکَذلِکَ مَن کَرَّمتَ مِن عِبادِکَ المُرسَلینَ؟

قالَ اللّهُ تَبارَکَ وتَعالی:إنّی أنَا اللّهُ لا إلهَ إلّاأنَا الرَّحمنُ الرَّحیمُ العَزیزُ الحَکیمُ، عالِمُ الغُیوبِ ومُضمَراتِ القُلوبِ،أعلَمُ ما لَم یَکُن مِمّا یَکونُ کَیفَ یَکونُ،وما لا یَکونُ کَیفَ لَو کانَ یَکونُ،وإنِّی اطَّلَعتُ-یا عَبدی-فی عِلمی عَلی قُلوبِ عِبادی، فَلَم أرَ فیهِم أطوَعَ لی ولا أنصَحَ لِخَلقی مِن أنبِیائی ورُسُلی،فَجَعَلتُ لِذلِکَ فیهِم روحی وکَلِمَتی،وأَلزَمتُهُم عِبءَ حُجَّتی،وَاصطَفَیتُهُم عَلَی البَرایا بِرِسالَتی ووَحیی (1).

ثُمَّ ألقَیتُ بِمَکانَتِهِم تِلکَ فی مَنازِلِهِم حَوامَّهُم (2)وأَوصِیاءَهُم مِن بَعدِهم (3)[فَأَلحَقتُهُم بِأَنبِیائی ورُسُلی،وجَعَلتُهُم مِن بَعدِهِم] (4)وَدائِعَ حُجَّتی،وَالسّادَةَ (5)فی بَرِیَّتی؛لِأَجبُرَ بِهِم کَسرَ عِبادی،واُقیمَ بِهِم أَوَدَهُم،ذلِکَ أنّی بِهِم وبِقُلوبِهِم لَطیفٌ خَبیرٌ.

ثُمَّ اطَّلَعتُ عَلی قُلوبِ المُصطَفَینَ مِن رُسُلی،فَلَم أجِد فیهِم أطوَعَ ولا أنصَحَ لِخَلقی مِن مُحَمَّدٍ خِیَرَتی وخالِصَتی،فَاختَرتُهُ عَلی عِلمٍ،ورَفَعتُ ذِکرَهُ إلی ذِکری، ثُمَّ وَجَدتُ قُلوبَ حامَّتِهِ اللّاتی مِن بَعدِهِ عَلی صِبغَةِ قَلبِهِ،فَأَلحَقتُهُم بِهِ،وجَعَلتُهُم

ص:297


1- (1) .فی الطبعة المعتمدة:«وولی»بدل«ووحیی»،والتصویب من طبعة دار الکتب الإسلامیة و بحارالأنوار. [1]
2- (2) .أی قرابتهم،من الحمیم بمعنی القریب ( راجع:الصحاح:ج 5 ص 1905«حمم»).
3- (3) .فی الطبعة المعتمدة:«بعدی»،وما أثبتناه من طبعة دار الکتب الإسلامیة.وفی بحار الأنوار:« [2]مِن بَعدُ».
4- (4) .ما بین المعقوفین أثبتناه من بحار الأنوار. [3]
5- (5) .فی طبعة دار الکتب الإسلامیة:«والاُساةَ».

وَرَثَةَ کِتابی ووَحیی،وأَوکارَ حِکمَتی ونوری،وآلَیتُ بی ألّا اعَذِّبَ بِناری مَن لَقِیَنی مُعتَصِماً بِتَوحیدی،وحَبلِ (1)مَوَدَّتِهِم أبَداً».

ثُمَّ أمَرَهُم أبو حارِثَةَ أن یَصیروا إلی صَحیفَةِ شَیثٍ الکُبرَی،الَّتِی انتَهی میراثُها إلی إدریسَ النَّبِیِّ علیه السلام،قالَ:وکانَ کِتابَتُها بِالقَلَمِ السُّریانِیِّ القَدیمِ،وهُوَ الَّذی کُتِبَ بِهِ مِن بَعدِ نوحٍ علیه السلام مِن مُلوکِ الهیاطلة وهُمُ النَّمادِرَةُ.

قالَ:فَاقتَصَّ القَومُ الصَّحیفَةَ وأَفضَوا مِنها إلی هذَا الرَّسمِ،قالَ:

«اِجتَمَعَ إلی إدریسَ علیه السلام قَومُهُ وصَحابَتُهُ-وهُوَ یَومَئِذٍ فی بَیتِ عِبادَتِهِ مِن أرضِ کوفانَ-فَخَبَّرَهُم فیمَا اقتَصَّ عَلَیهِم،قالَ:إنَّ بَنی أبیکُم آدَمَ علیه السلام الصُّلبِیَّةَ (2)وبَنی بَنیهِ وذُرِّیَّتَهُ،اختَصَموا فیما بَینَهُم،وقالوا:أیُّ الخَلقِ عِندَکُم أکرَمُ عَلَی اللّهِ عز و جل،وأَرفَعُ لَدَیهِ مَکانَةً،وأَقرَبُ مِنهُ مَنزِلَةً؟

فَقالَ بَعضُهُم:أبوکُم آدَمُ علیه السلام؛خَلَقَهُ اللّهُ عز و جل بِیَدِهِ وأَسجَدَ لَهُ مَلائِکَتَهُ،وجَعَلَهُ الخَلیفَةَ فی أرضِهِ وسَخَّرَ لَهُ جَمیعَ خَلقِهِ.وقالَ آخَرونَ:بَلِ المَلائِکَةُ الَّذینَ لَم یَعصُوا اللّهَ عز و جل.

وقالَ بَعضُهُم:لا،بَل رُؤَساءُ المَلائِکَةِ الثَّلاثَةِ:جَبرَئیلُ،ومیکائیلُ،وإسرافیلُ علیهم السلام.

وقالَ بَعضُهُم:لا،بَل أمینُ اللّهِ جَبرَئیلُ علیه السلام.

فَانطَلَقوا إلی آدَمَ علیه السلام فَذَکَرُوا الَّذی قالوا وَاختَلَفوا فیهِ،فَقالَ:یا بَنِیَّ ! أنَا اخبِرُکُم بِأَکرَمِ الخَلائِقِ جَمیعاً عَلَی اللّهِ عز و جل،إنَّهُ-وَاللّهِ-لَمّا أن نُفِخَ فِیَّ الرّوحُ حَتَّی استَوَیتُ جالِساً،فَبَرَقَ لِیَ العَرشُ العَظیمُ،فَنَظَرتُ فیهِ فَإِذا فیهِ:لا إلهَ إلَّااللّهُ،مُحَمَّدٌ رَسولُ اللّهِ،فُلانٌ صَفوَةُ اللّهِ،فُلانٌ أمینُ اللّهِ،فُلانٌ خِیَرَةُ اللّهِ عز و جل،فَذَکَرَ عِدَّةَ أسماءٍ

ص:298


1- (1) .فی الطبعة المعتمدة:«وجعل»،والتصویب من طبعة دار الکتب الإسلامیة وبحار الأنوار. [1]
2- (2) .فی بحار الأنوار:« [2]لصلبه»بدل«الصلبیّة».

مَقرونَةٍ بِمُحَمَّدٍ صلی الله علیه و آله.

قالَ آدَمُ:ثُمَّ لَم أرَ فِی السَّماءِ مَوضِعَ أدیمٍ-أو قالَ:صَفیحٍ-مِنها إلّاوفیهِ مَکتوبٌ:"لا إلهَ إلَّااللّهُ"،وما مِن مَوضِعٍ مَکتوبٌ فیهِ:"لا إله إلَّااللّهُ" إلّاوفیهِ مَکتوبٌ -خَلقاً لا خَطّاً-:"مُحَمَّدٌ رَسولُ اللّهِ"،وما مِن مَوضِعٍ فیهِ (1)مَکتوبٌ:"مُحَمَّدٌ رَسولُ اللّهِ" إلّاومَکتوبٌ:"فُلانٌ خِیَرَةُ اللّهِ،فُلانُ صَفوَةُ اللّهِ،فُلانٌ أمینُ اللّهِ عز و جل "،فَذَکَرَ عِدَّةَ أسماءٍ تَنتَظِمُ حِسابَ المَعدودِ.

قالَ آدَمُ علیه السلام:فَمُحَمَّدٌ صلی الله علیه و آله-یا بَنِیَّ-ومَن خُطَّ مِن تِلکَ الأَسماءِ مَعَهُ،أکرَمُ الخَلائِقِ عَلَی اللّهِ تَعالی جَمیعاً».

ثُمَّ ذَکَرَ أنَّ أبا حارِثَةَ سَأَلَ السَّیِّدَ وَالعاقِبَ أن یَقِفا عَلی صَلَواتِ إبراهیمَ علیه السلام الَّذی جاءَ بِهَا الأَملاکُ مِن عِندِ اللّهِ عز و جل،فَقَنَعوا بِما وَقَفوا عَلَیهِ فِی الجامِعَةِ.

قالَ أبو حارِثَةَ:لا،بَل شارِفوها بِأَجمَعِها وأَسبِروها (2)؛فَإِنَّهُ أصرَمُ (3)لِلمَعذورِ وأَرفَعُ لِحِکَّةِ (4)الصُّدورِ،وأَجدَرُ ألّا تَرتابوا فِی الأَمرِ مِن بَعدُ.فَلَم یَجِدا (5)مِنَ المَصیرِ إلی قَولِهِ مِن بُدٍّ،فَعَمَدَ القَومُ إلی تابوتِ إبراهیمَ علیه السلام،قالَ:

«و کانَ اللّهُ عز و جل بِفَضلِهِ عَلی مَن یَشاءُ مِن خَلقِهِ،قَدِ اصطَفی إبراهیمَ علیه السلام بِخُلَّتِهِ، وشَرَّفَهُ بِصَلَواتِهِ وبَرَکاتِهِ،وجَعَلَهُ قِبلَةً وإماماً لِمَن یَأتی مِن بَعدِهِ،وجَعَلَ النُّبُوَّةَ

ص:299


1- (1) .فی المصدر«فی»والتصویب من بحارالأنوار. [1]
2- (2) .أسبَرَهُ:اِختبره (النهایة:ج 2 ص 333«سبر»).
3- (3) .صَرم:أی انقطاع وانقضاء (النهایة:ج 3 ص 26«صرم»).
4- (4) .لِحَسَکَة (خ ل).والحَسَکَة:الحِقد والعداوة.یقال:فی قلبه عَلَیَّ حَسَکَة:أی ضغن وعداوة (مجمع البحرین:ج 1 ص 511«حسک»).
5- (5) .فی المصدر«یجد»،والتصویب من بحارالأنوار. [2]

وَالإِمامَةَ وَالکِتابَ فی ذُرِّیَّتِهِ یَتَلَقّاها آخِرٌ عَن أوَّلٍ،ووَرَّثَهُ تابوتَ آدَمَ علیه السلام المُتَضَمِّنَ لِلحِکمَةِ وَالعِلمِ،الَّذی فَضَّلَهُ اللّهُ عز و جل بِهِ عَلَی المَلائِکَةِ طُرّاً.

فَنَظَرَ إبراهیمُ علیه السلام فی ذلِکَ التّابوتِ فَأَبصَرَ فیهِ بُیوتاً بِعَدَدِ ذَوِی العَزمِ مِنَ الأَنبِیاءِ المُرسَلینَ وأَوصِیائِهِم مِن بَعدِهِم،ونَظَرَهُم (1)فَإِذا بَیتُ مُحَمَّدٍ صلی الله علیه و آله آخِرَ الأَنبِیاءِ،عَن یَمینِهِ عَلِیُّ بنُ أبی طالِبٍ آخِذٌ بِحُجزَتِهِ (2)،فَإِذا شَکلٌ عَظیمٌ یَتَلَألَأُ نوراً،فیهِ:هذا صِنوُهُ ووَصِیُّهُ المُؤَیَّدُ بِالنَّصرِ،فَقالَ إبراهیمُ علیه السلام:إلهی وسَیِّدی! مَن هذَا الخَلقُ الشَّریفُ؟فَأَوحَی اللّهُ عز و جل:هذا عَبدی وصَفوَتِی الفاتِحُ الخاتِمُ،وهذا وَصِیُّهُ الوارِثُ، قالَ:رَبِّ ! مَا الفاتِحُ الخاتِمُ؟قالَ:هذا مُحَمَّدٌ خِیَرَتی،وبِکرُ فِطرَتی،وحُجَّتِی الکُبری فی بَرِیَّتی،نَبَّأتُهُ وَاجتَبَیتُهُ إذ آدَمُ بَینَ الطّینِ وَالجَسَدِ،ثُمَّ إنّی باعِثُهُ عِندَ انقِطاعِ الزَّمانِ لِتَکمِلَةِ دینی،وخاتِمٌ بِهِ رِسالاتی ونُذُری،وهذا عَلِیٌّ أخوهُ وصِدّیقُهُ الأَکبَرُ،آخَیتُ بَینَهُما وَاختَرتُهُما وصَلَّیتُ وبارَکتُ عَلَیهِما،وطَهَّرتُهُما وأَخلَصتُهُما وَالأَبرارَ مِنهُما وذُرِّیَّتَهُما قَبلَ أن أخلُقَ سَمائی وأَرضی وما فیهِما مِن خَلقی،وذلِکَ لِعِلمی بِهِم وبِقُلوبِهِم،إنّی بِعِبادی عَلیمٌ (3)خَبیرٌ.

قالَ:ونَظَرَ إبراهیمُ علیه السلام فَإِذَا اثنا عَشَرَ [عَظیماً] (4)تَکادُ تَلَألَأُ أشکالُهُم لِحُسنِها نوراً،فَسَأَلَ رَبَّهُ عز و جل فَقالَ:رَبِّ نَبِّئنی بِأَسماءِ هذِهِ الصُّوَرِ المُقرونَةِ بِصوَرةِ مُحَمَّدٍ ووَصِیِّهِ؛وذلِکَ لِما رَأی مِن رَفیعِ دَرَجاتِهِم وَالتِحاقِهِم بِشَکلَی مُحَمَّدٍ ووَصِیِّهِ علیهما السلام،

ص:300


1- (1) .فی بحار الأنوار:« [1]ونظر»بدل«ونظرهم».
2- (2) .أصل الحجزة:موضع شدّ الإزار...فاستعار للاعتصام والالتجاء والتمسّک بالشیء والتعلّق به (النهایة:ج 1 ص 344« [2]حجز»).
3- (3) .فی الطبعة المعتمدة:«علیهم»،والتصویب من طبعة دار الکتب الإسلامیة وبحار الأنوار. [3]
4- (4) .ما بین المعقوفین أثبتناه من طبعة دار الکتب الإسلامیة وبحار الأنوار. [4]

فَأَوحَی اللّهُ عز و جل إلَیهِ:هذِهِ أمَتی وَالبَقِیَّةُ مِن نَبِیّی فاطِمَةُ الصِّدّیقَةُ الزَّهراءُ،وجَعَلتُها مَعَ خَلیلِها عَصَبَةً لِذُرِّیَّةِ نَبِیّی هؤُلاءِ،وهذانِ الحَسَنانِ،وهذا فُلانٌ،وهذا فُلانٌ،وهذا کَلِمَتِی الَّتی أنشُرُ بِهِ رَحمَتی فی بِلادی،وبِهِ أنتاشُ (1)دینی وعِبادی،ذلِکَ بَعدَ إیاسٍ مِنهُم وقُنوطٍ مِنهُم مِن غِیاثی،فَإِذا ذَکَرتَ مُحَمَّداً نَبِیّی لِصَلَواتِکَ (2)فَصَلِّ عَلَیهِم مَعَهُ یا إبراهیمُ.

قالَ:فَعِندَها صَلّی عَلَیهِم إبراهیمُ علیه السلام،فَقالَ:رَبِّ صَلِّ عَلی مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ، کَمَا اجتَبَیتَهُم وأَخلَصتَهُم إخلاصاً.

فَأَوحَی اللّهُ عز و جل:لِتَهنِئکَ کَرامَتی وفَضلی عَلَیکَ،فَإِنّی صائِرٌ بِسُلالَةِ مُحَمَّدٍ صلی الله علیه و آله ومَنِ اصطَفَیتُ مَعَهُ مِنهُم إلی قَناةِ صُلبِکَ ومُخرِجُهُم مِنکَ،ثُمَّ مِن بِکرِکَ إسماعیلَ علیه السلام، فَأَبشِر یا إبراهیمُ فَإِنّی واصِلٌ صَلَواتِکَ بِصَلَواتِهِم،ومُتِبعٌ ذلِکَ بَرَکاتی وتَرَحُّمی عَلَیکَ وعَلَیهِم،وجاعِلُ حَنانی (3)وحُجَّتی إلَی الأَمَدِ المَعدودِ وَالیَومِ المَوعودِ الَّذی أرِثُ فیهِ سَمائی وأَرضی،وأبعَثُ لَهُ خَلقی لِفَصلِ قَضائی وإفاضَةِ رَحمَتی وعَدلی».

قالَ:فَلَمّا سَمِعَ أصحابُ رَسولِ اللّهِ صلی الله علیه و آله ما أفضی إلَیهِ القَومُ مِن تِلاوَةِ ما تَضَمَّنَتِ الجامِعَةُ وَالصُّحُفُ الدّارِسَةُ مِن نَعتِ رَسولِ اللّهِ صلی الله علیه و آله،وصِفَةِ أهلِ بَیتِهِ المَذکورینَ مَعَهُ بِما هُم بِهِ مِنهُ،وبِما شاهَدوا مِن مَکانَتِهِم عِندَهُ،ازدادَ القَومُ بِذلِکَ یَقیناً وإیماناً، وَاستُطیروا لَهُ فَرَحاً.

قالَ:ثُمَّ صارَ القَومُ إلی ما نَزَلَ عَلی موسی علیه السلام،فَأَلفَوا فِی السَّفرِ الثّانی مِنَ التَّوراةِ:

ص:301


1- (1) .نتشت الشیء بالمنتاش وهو المنقاش:أی استخرجته به (الصحاح:ج 3 ص 1021« [1]نتش»).
2- (2) .فی بحار الأنوار:« [2]بصلواتک»بدل«لصلواتک».
3- (3) .فی طبعة دار الکتب الإسلامیة:«حسناتی»بدل«حنانی».

«إنّی باعِثٌ فِی الاُمِّیّینَ مِن وُلدِ إسماعیلَ رَسولاً،اُنزِلُ عَلَیهِ کِتابی،وأَبعَثُهُ بِالشَّریعَةِ القَیِّمَةِ إلی جَمیعِ خَلقی،اُوتیهِ (1)حِکمَتی،وأیَّدتُهُ بِمَلائِکَتی وجُنودی، یَکونُ ذُرِّیَّتُهُ مِنِ ابنَةٍ لَهُ مُبارَکَةٍ بارَکتُها،ثُمَّ مِن شِبلَینِ لَهُما-کَإِسماعیلَ وإسحاقَ-، أصلَینِ لِشُعَبتَینِ عَظیمَتَینِ،اُکَثِّرُهُم جِدّاً جِدّاً،یَکونُ مِنهُمُ اثنا عَشَرَ قَیِّماً (2)،اُکمِلُ بِمُحَمَّدٍ صلی الله علیه و آله وبِما ارسِلُهُ بِهِ مِن بَلاغٍ وحِکمَةٍ دینی،وأَختِمُ بِهِ أنبِیائی ورُسُلی،فَعَلی مُحَمَّدٍ صلی الله علیه و آله واُمَّتِهِ تَقومُ السّاعَةُ».

فَقالَ حارِثَةُ:الآنَ أسفَرَ الصُّبحُ لِذی عَینَینِ،ووَضَحَ الحَقُّ لِمَن رَضِیَ بِهِ دیناً، فَهَل فی أنفُسِکُما مِن مَرَضٍ تَستَشفِیانِ بِهِ؟

فَلَم یُرجِعا إلَیهِ قَولاً.

فَقالَ أبو حارِثَةَ:اِعتَبِرُوا الامارَةَ الخاتِمَةَ مِن قَولِ سَیِّدِکُمُ المَسیحِ علیه السلام.فَصارَ [القَومُ] (3)إلَی الکُتُبِ وَالأَناجیلِ الَّتی جاءَ بِها عیسی علیه السلام،فَأَلفَوا فِی المِفتاحِ الرّابِعِ مِنَ الوَحیِ إلَی المَسیحِ علیه السلام:

«یا عیسی،یَابنَ الطّاهِرَةِ البَتولِ،اسمَع قَولی وجِدَّ فی أمری،إنّی خَلَقتُکَ مِن غَیرِ فَحلٍ،وجَعَلتُکَ آیَةً لِلعالَمینَ،فَإِیّایَ فَاعبُد،وعَلَیَّ فَتَوَکَّل،وخُذِ الکِتابَ بِقُوَّةٍ، ثُمَّ فَسِّرهُ لِأَهلِ سورِیا وأَخبِرهُم أنّی أنَا اللّهُ لا إلهَ إلّاأنَا الحَیُّ القَیّومُ،الَّذی لا أحولُ ولا أزولُ،فَآمِنوا بی وبِرَسولِی النَّبِیِّ الاُمِّیِّ،الَّذی یَکونُ فی آخِرِ الزَّمانِ؛نَبِیِّ الرَّحمَةِ وَالمَلحَمَةِ،الأَوَّلِ وَالآخِرِ-قالَ:أوَّلُ النَّبِیّینَ خَلقاً،وآخِرُهُم مَبعَثاً-ذلِکَ

ص:302


1- (1) .فی المصدر:«اُوتیته»،والتصویب من بحار الأنوار. [1]
2- (2) .فی المصدر:«فیما»بدل«قیّماً»والتصویب من بحار الأنوار. [2]
3- (3) .ما بین المعقوفین أثبتناه من بحار الأنوار.

العاقِبُ الحاشِرُ،فَبَشِّر بِهِ بَنی إسرائیلَ.

قالَ عیسی علیه السلام:یا مالِکَ الدُّهورِ،وعَلّامَ الغُیوبِ ! مَن هذَا العَبدُ الصّالِحُ الَّذی قَد أحَبَّهُ قَلبی ولَم تَرَهُ عَینی؟

قالَ:ذلِکَ خالِصَتی ورَسولِیَ المُجاهِدُ بِیَدِهِ فی سَبیلی،یُوافِقُ قَولُهُ فِعلَهُ،و سَریرَتُهُ عَلانِیَتَهُ،اُنزِلُ عَلَیهِ تَوراةً حَدیثَةً،أفتَحُ بِها أعیُناً عُمیاً،وآذاناً صُمّاً،وقُلوباً غُلفاً،فیها یَنابیعُ العِلمِ،وفَهمُ الحِکمَةِ،ورَبیعُ القُلوبِ.وطوباهُ! طوبی امَّتَهُ !

قالَ:رَبِّ ! مَا اسمُهُ وعَلامَتُهُ،وما أکلُ امَّتِهِ-یَقولُ:مُلکُ امَّتِهِ-وهَل لَهُ مِن بَقِیَّةٍ- یَعنی ذُرِّیَّةً-؟

قالَ:سَاُنَبِّئُکَ بِما سَأَلتَ؛اسمُهُ أحمَدُ صلی الله علیه و آله،مُنتَخَبٌ مِن ذُرِّیَّةِ إبراهیمَ،ومُصطَفیً مِن سُلالَةِ إسماعیلَ علیه السلام،ذُو الوَجهِ الأَقمَرِ،وَالجَبینِ الأَزهَرِ،راکِبُ الجَمَلِ،تَنامُ عَیناهُ ولا یَنامُ قَلبُهُ،یَبعَثُهُ اللّهُ فی امَّةٍ امِّیَّةٍ ما بَقِیَ اللَّیلُ وَالنَّهارُ،مَولِدُهُ فی بَلَدِ أبیهِ إسماعیلَ -یَعنی مَکَّةَ-کَثیرُ الأَزواجِ،قَلیلُ الأَولادِ،نَسلُهُ مِن مُبارَکَةٍ صِدّیقَةٍ،یَکونُ لَهُ مِنهَا ابنَةٌ،لَها فَرخانِ سَیِّدانِ یُستَشهَدانِ،أجعَلُ نَسلَ أحمَدَ مِنهُما،فَطوباهُما ولِمَن أحَبَّهُما،وشَهِدَ أیّامَهُما فَنَصَرَهُما.

قالَ عیسی علیه السلام:إلهی ! وما طوبی؟

قالَ:شَجَرَةٌ فِی الجَنَّةِ،ساقُها وأَغصانُها مِن ذَهَبٍ،ووَرَقُها حُلَلٌ،وحَملُها کَثَدیِ الأَبکارِ،أحلی مِنَ العَسَلِ وأَلیَنُ مِنَ الزَّبَدِ،وماؤُها مِن تَسنیمٍ (1)،لَو أنَّ غُراباً طارَ وهُوَ فَرخٌ لَأَدرَکَهُ الهَرَمُ مِن قَبلِ أن یَقطَعهَا،ولَیسَ مَنزِلٌ مِن مَنازِلِ أهلِ الجَنَّةِ

ص:303


1- (1) .تَسنیم:هو عَینٌ فی الجنّة، [1]وهو أشرف شراب فی الجنّة ( [2]مجمع البحرین:ج 2 ص 891«سنم»).

إلّا وظِلالُهُ فَنَنٌ (1)مِن تِلکَ الشَّجَرَةِ».

قالَ:فَلَمّا أتَی القَومُ عَلی دِراسَةِ ما أوحَی اللّهُ عز و جل إلَی المَسیحِ علیه السلام،مِن نَعتِ مُحَمَّدٍ رَسولِ اللّهِ صلی الله علیه و آله وصِفَتِهِ،ومُلکِ امَّتِهِ،وذِکرِ ذُرِّیَّتِهِ وأَهلِ بَیتِهِ،أمسَکَ الرَّجُلانِ مَخصومینَ،وَانقَطَعَ التَّحاوُرُ بَینَهُم فی ذلِکَ.

قالَ:فَلَمّا فَلَجَ حارِثَةُ عَلَی السَّیِّدِ وَالعاقِبِ بِالجامِعَةِ وما تَبَیَّنوهُ فِی الصُّحُفِ القَدیمَةِ،ولَم یَتِمَّ لَهُما ما قَدَّروا مِن تَحریفِها،ولَم یُمکِنُهما أن یُلَبِّسا عَلَی النّاسِ فی تَأویلِهِما،أمسَکا عَنِ المُنازَعَةِ مِن هذَا الوَجهِ،وعَلِما أنَّهُما قَد أخطَآ سَبیلَ الصَّوابِ، فَصارا إلی مَعبَدِهِم آسِفینَ،لِیَنظُرا ویَرتَئِیا.وفَزِعَ إلَیهِما نَصاری نَجرانَ،فَسَأَلوهُما عَن رَأیهِمِا وما یَعمَلانِ فی دینِهِما،فَقالا ما مَعناهُ:تَمَسَّکوا بِدینِکُم حَتّی یُکشَفَ دینُ مُحَمَّدٍ،وسَنَسیرُ إلی بَنی قُرَیشٍ-إلی یَثرِبَ-ونَنظُرُ إلی ما جاءَ بِهِ وإلی ما یَدعو إلَیهِ.

قالَ:فَلَمّا تَجَهَّزَ السَّیِّدُ وَالعاقِبُ لِلمَسیرِ إلی رَسولِ اللّهِ بِالمَدینَةِ،انتَدَبَ مَعَهُما أربَعَةَ عَشَرَ راکِباً مِن نَصاری نَجرانَ،هُم مِن أکابِرِهِم فَضلاً وعِلماً فی أنفُسِهِم، وسَبعونَ رَجُلاً مِن أشرافِ بَنِی الحارِثِ بنِ کَعبٍ وسادَتِهِم.قالَ:وکانَ قَیسُ بنُ الحُصینِ ذُو الغُصَّةِ ویَزیدُ بنُ عَبدِ المَدانِ بِبِلادِ حَضرَموتَ،فَقَدِما نَجرانَ عَلی بَقِیَّةِ مَسیرِ قَومِهِم،فَشَخَصا مَعَهُم.

فَاغتَرَزَ القَومُ فی ظُهورِ مَطایاهُم،وجَنَبوا خَیلَهُم،وأَقبَلوا لِوُجوهِهِم حَتّی وَرَدُوا المَدینَةَ.

ص:304


1- (1) .الفَنَن:الغُصنُ وما تَشَعَّبَ منه ( راجع:لسان العرب:ج 13 ص 327« [1]فنن»).

قالَ:ولَمَّا استَراثَ (1)رَسولُ اللّهِ صلی الله علیه و آله خَبَرَ أصحابِهِ،أنفَذَ إلَیهِم خالِدَ بنَ الوَلیدِ فی خَیلٍ سَرَّحَها (2)مَعَهُ لِمُشارَفَةِ أمرِهِم،فَأَلفَوهُم وهُم عامِدونَ (3)إلی رَسولِ اللّهِ صلی الله علیه و آله.

قالَ:ولَمّا دَنَوا مِنَ المَدینَةِ أحَبَّ السَّیِّدُ وَالعاقِبُ أن یُباهِیَا المُسلِمینَ وأَهلَ المَدینَةِ بِأَصحابِهِما وبِمَن حَفَّ مِن بَنِی الحارِثِ مَعَهُما،فَاعتَرَضاهُم فَقالا:لَو کَفَفتُم صُدورَ رِکابِکُم ومَسَستُمُ الأَرضَ فَأَلقَیتُم عَنکُم تَفَثَکُم (4)وثِیابَ سَفَرِکُم،وشَنَنتُم (5)عَلَیکُم مِن باقی مِیاهِکُم،کانَ ذلِکَ أمثَلَ.فَانحَدَرَ القَومُ عَنِ الرِّکابِ فَأَماطوا مِن شَعَثِهِم،وأَلقَوا عَنهُم ثِیابَ بِذلَتِهِم،ولَبِسوا ثِیابَ صَونِهِم مِنَ الأَتحَمِیّاتِ (6)وَالحَریرِ،وذَرُّوا المِسکَ فی لِمَمِهِم ومَفارِقِهِم،ثُمَّ رَکِبُوا الخَیلَ وَاعتَرَضوا بِالرِّماحِ عَلی مَناسِجِ (7)خَیلِهِم،وأَقبَلوا یَسیرونَ رَزدَقاً (8)واحِداً،و کانوا مِن أجمَلِ العَرَبِ أجساماً وخَلقاً.

فَلَمّا تَشَرَّفَهُمُ (9)النّاسُ أقبَلوا نَحوَهُم،فَقالوا:ما رَأَینا وَفداً أجمَلَ مِن هؤُلاءِ !

فَأَقبَلَ القَومُ حَتّی دَخَلوا عَلی رَسولِ اللّهِ صلی الله علیه و آله فی مَسجِدِهِ،وحانَت وَقتُ صَلاتِهِم

ص:305


1- (1) .فی المصدر«استرات»والتصویب من بحار الأنوار. [1]والاستراثة:الاستبطاء،استفعل من الریث،یقال:راث علینا خبر فلان؛إذا أبطأ ( راجع:النهایة:ج 2 ص 287« [2]ریث»).
2- (2) .فی المصدر«سَرَجَها»وما فی المتن أثبتناه من بحار الأنوار.
3- (3) .عمدت للشیء أعمدت عمداً:قصدت له (الصحاح:ج 2 ص 511« [3]عمد»).
4- (4) .التفثُ:التنظیف من الوسخ (مجمع البحرین:ج 1 ص 226«تفث»).
5- (5) .الشَنُّ:صبُّ الماء المنقطع (النهایة:ج 2 ص 507«شنن»).
6- (6) .الأتحمّی:ضرب من البرود (الصحاح:ج 5 ص 1877« [4]تحم»).
7- (7) .المنسج من الفرس:أسفل من حارکه...وقیل:هو ما بین العرف وموضع اللبد (تاج العروس:ج 3ص 498« [5]نسج»).
8- (8) .الرزداق:لغة فی تعریب الرستاق.والرزداق السطر من النخیل،والصفّ من الناس (الصحاح:ج 4 ص 1481« [6]رزدق»).
9- (9) .فی بحار الأنوار:« [7]تَشوَّفَهم»بدل«تشرّفهم».

فَقاموا یُصَلّونَ إلَی المَشرِقِ،فَأَرادَ النّاسُ أن یَنهَوهُم عَن ذلِکَ،فَکَفَّهُم رَسولُ اللّهِ صلی الله علیه و آله، ثُمَّ أمهَلَهُم وأَمهَلوهُ ثَلاثاً،فَلَم یَدعُهُم ولَم یَسأَلوهُ لِیَنظُروا إلی هَدْیِهِ،ویَعتَبِروا ما یُشاهِدونَ مِنهُ مِمّا یَجِدونَ مِن صِفَتِهِ،فَلَمّا کانَ بَعدَ ثالِثَةٍ دَعاهُم صلی الله علیه و آله إلَی الإِسلامِ.

فَقالوا:یا أبَا القاسِمِ،ما أخبَرَتنا کُتُبُ اللّهِ عز و جل بِشَیءٍ مِن صِفَةِ النَّبِیِّ المَبعوثِ بَعدَ الرّوحِ عیسی علیه السلام إلّاوقَد تَعَرَّفناهُ فیکَ،إلّاخَلَّةً هِیَ أعظَمُ الخِلالِ آیَةً ومَنزِلَةً، وأَجلاها أمارَةً ودَلالَةً !

قالَ صلی الله علیه و آله:وما هِیَ؟

قالوا:إنّا نَجِدُ فِی الإِنجیلِ مِن صِفَةِ النَّبِیِّ الغابِرِ مِن بَعدِ المَسیحِ أنَّهُ یُصَدِّقُ بِهِ ویُؤمِنُ بِهِ،وأَنتَ تَسُبُّهُ وتُکَذِّبُ بِهِ،وتَزعُمُ أنَّهُ عَبدٌ !

قالَ:فَلَم تَکُن خُصومَتُهُم ولا مُنازَعَتُهُم لِلنَّبِیِّ صلی الله علیه و آله إلّافی عیسی علیه السلام.

فَقالَ النَّبِیُّ صلی الله علیه و آله:لا،بَل اصَدِّقُهُ واُصَدِّقُ بِهِ واُؤمِنُ بِهِ،وأَشهَدُ أنَّهُ النَّبِیُّ المُرسَلُ مِن رَبِّهِ عز و جل،وأَقولُ:إنَّهُ عَبدٌ لا یَملِکُ لِنَفسِهِ نَفعاً ولا ضَرّاً ولا مَوتاً ولا حَیاةً ولا نُشوراً.

قالوا:وهَل یَستَطیعُ العَبدُ أن یَفعَلَ ما کانَ یَفعَلُ؟! وهَل جاءَتِ الأَنبِیاءُ بِما جاءَ بِهِ مِنَ القُدرَةِ القاهِرَةِ؟أ لَم یَکُن یُحیِی المَوتی ویُبرِئُ الأَکمَهَ وَالأَبرَصَ،ویُنَبِّئُهُم بِما یُکِنّونَ فی صُدورِهِم وما یَدَّخِرونَ فی بُیوتِهِم؟فَهَل یَستَطیعُ هذا إلَّااللّهُ عز و جل أوِ ابنُ اللّهِ؟!

وقالوا فِی الغُلُوِّ فیهِ وأَکثَروا،تَعالَی اللّهُ عَن ذلِکَ عُلُوّاً کَبیراً.

فَقالَ صلی الله علیه و آله:قَد کانَ عیسی أخی کَما قُلتُم،یُحیِی المَوتی ویُبرِئُ الأَکمَهَ وَالأَبرَصَ، ویُخبِرُ قَومَهُ بِما فی نُفوسِهِم وبِما یَدَّخِرونَ فی بُیوتِهِم،وکُلُّ ذلِکَ بِإِذنِ اللّهِ عز و جل،وهُوَ

ص:306

للّهِ ِ عز و جل عَبدٌ،وذلِکَ عَلَیهِ غَیرُ عارٍ،وهُوَ مِنهُ غَیرُ مُستَنکِفٍ،فَقَد کانَ لَحماً ودَماً وشَعراً وعَظماً وعَصَباً وأَمشاجاً (1)،یَأکُلُ الطَّعامَ ویَظمَأُ ویَنصَبُ بِأَرَبِهِ،ورَبُّهُ الأَحَدُ الحَقُّ الَّذی لَیسَ کَمِثلِهِ شَیءٌ،ولَیسَ لَهُ نِدٌّ.

قالوا:فَأَرِنا مِثلَهُ مَن جاءَ مِن غَیرِ فَحلٍ ولا أبٍ؟

قالَ:هذا آدَمُ علیه السلام أعجَبُ مِنهُ خَلقاً،جاءَ مِن غَیرِ أبٍ ولا امٍّ،ولَیسَ شَیءٌ مِنَ الخَلقِ بِأَهوَنَ عَلَی اللّهِ عز و جل فی قُدرَتِهِ مِن شَیءٍ ولا أصعَبَ، «إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَیْئاً أَنْ یَقُولَ لَهُ کُنْ فَیَکُونُ» (2).وتَلا عَلَیهِم: «إِنَّ مَثَلَ عِیسی عِنْدَ اللّهِ کَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ قالَ لَهُ کُنْ فَیَکُونُ» (3).

قالا:فَما نَزدادُ مِنکَ فی أمرِ صاحِبِنا إلّاتَبایُناً،وهذَا الأَمرُ الَّذی لا نُقِرُّ لَکَ،فَهَلُمَّ فَلنُلاعِنکَ أیُّنا أولی بِالحَقِّ فَنَجعَلَ لَعنَةَ اللّهِ عَلَی الکاذِبینَ،فَإِنَّها مُثلَةٌ وآیَةٌ مُعَجَّلَةٌ.

فَأَنزَلَ اللّهُ عز و جل آیَةَ المُباهَلَةِ عَلی رَسولِ اللّهِ صلی الله علیه و آله: «فَمَنْ حَاجَّکَ فِیهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَکَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَکُمْ وَ نِساءَنا وَ نِساءَکُمْ وَ أَنْفُسَنا وَ أَنْفُسَکُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللّهِ عَلَی الْکاذِبِینَ» (4)،فَتَلا عَلَیهِم رَسولُ اللّهِ صلی الله علیه و آله ما نَزَلَ عَلَیهِ فی ذلِکَ مِنَ القُرآنِ، فَقالَ صلی الله علیه و آله:إنَّ اللّهَ قَد أمَرَنی [أن] (5)أصیرَ إلی مُلتَمَسِکُم،وأَمَرَنی بِمُباهَلَتِکُم إن أقَمتُم وأَصرَرتُم عَلی قَولِکُم.

قالا:وذلِکَ آیَةُ ما بَینَنا وبَینَکَ،إذا کانَ غَداً باهَلناکَ.

ص:307


1- (1) .أمشاجٍ:أی أخلاطٍ من الدم (مفردات ألفاظ القرآن:ص 769« [1]مشبح»).
2- (2) .یس:82. [2]
3- (3) .آل عمران:59. [3]
4- (4) .آل عمران:61. [4]
5- (5) .ما بین المعقوفین أثبتناه من بحار الأنوار. [5]

ثُمَّ قاما،وأَصحابُهُما مِنَ النَّصاری مَعَهُما،فَلَمّا أبعَدا وقَد کانوا أنزَلوا (1)بِالحَرَّةِ، أقبَلَ بَعضُهُم عَلی بَعضٍ فَقالوا:قَد جاءَکُم هذا بِالفَصلِ مِن أمرِهِ وأَمرِکُم،فَانظُروا أوَّلاً بِمَن یُباهِلُکُم؛أ بِکافَّةِ أتباعِهِ،أم بِأَهلِ الکِتابِ مِن أصحابِهِ،أو بِذَوِی التَّخَشُّعِ وَالتَّمَسُّکِ (2)وَالصَّفوَةِ دیناً،وهُمُ القَلیلُ مِنهُم عَدداً؟فَإِن جاءَکُم بِالکَثرَةِ وذَوِی الشِّدَّةِ مِنهُم،فَإِنَّما جاءَکُم مُباهِیاً کَما یَصنَعُ المُلوکُ،فَالفَلجُ (3)إذاً لَکُم دونَهُ،وإن أتاکُم بنَفَرٍ قَلیلٍ ذَوی تَخَشُّعٍ فَهؤُلاءِ سَجِیَّةُ (4)الأَنبِیاءِ وصَفوَتُهُم ومَوضِعُ بَهلَتِهِم،فَإِیّاکُم وَالإِقدامَ إذاً عَلی مُباهَلَتِهِم،فَهذِهِ لَکُم أمارَةٌ،وَانظُروا حینَئِذٍ ما تَصنَعونَ ما بَینَکُم وبَینَهُ،فَقَد أعذَرَ مَن أنذَرَ.

فَأَمَرَ صلی الله علیه و آله بِشَجَرَتَینِ فَقُصِدَتا وکُسِحَ ما بَینَهُما،وأَمهَلَ حَتّی إذا کانَ مِنَ الغَدِ أمَرَ بِکِساءٍ أسوَدَ رَقیقٍ فَنُشِرَ عَلَی الشَّجَرَتَینِ،فَلَمّا أبصَرَ السَّیِّدُ وَالعاقِبُ ذلِکَ خَرَجا بِوَلَدَیهِما:صِبغَةِ المُحسِنِ،وعَبدِ المُنعِمِ،وسارَةَ،ومَریَمَ،وخَرَجَ مَعَهُما نَصاری نَجرانَ،ورَکِبَ فُرسانُ بَنِی الحارِثِ بنِ الکَعبِ فی أحسَنِ هَیئَةٍ.

وأَقبَلَ النّاسُ مِن أهلِ المَدینَةِ مِنَ المُهاجِرینَ وَالأَنصارِ وغَیرِهِم مِنَ النّاسِ فی قَبائِلِهِم وشِعارِهِم مِن رایاتِهِم وأَلوِیَتِهِم وأَحسَنِ شارَتِهِم وهَیئَتِهِم،لِیَنظُروا ما یَکونُ مِنَ الأَمرِ.

ولَبِثَ رَسولُ اللّهِ صلی الله علیه و آله فی حُجرَتِهِ حَتّی مَتَعَ (5)النَّهارُ،ثُمَّ خَرَجَ آخِذاً بِیَدِ عَلِیٍّ علیه السلام،

ص:308


1- (1) .فی بحار الأنوار:« [1]نزلوا».
2- (2) .فی بحار الأنوار:« [2]والتمسکن»بدل«والتمسّک».
3- (3) .فَلَجَ:ظَفَرَ بِما طَلَبَ (المصباح المنیر:ص 480«فلج»).
4- (4) .قال العلّامة المجلسی قدس سره:والأظهر«شجنة»بالشین المعجمة والنون،کما فی بعض النسخ.قال فی النهایة:«الرحم شجنة من الرحمن»؛أی قرابة مشتبکة کاشتباک العروق،شبّهه بذلک مجازاً واتّساعاً.وأصل الشجنة-بالکسر والضمّ-:شعبة من غصن من غصون الشجرة (بحار الأنوار:ج 21 ص 335). [3]
5- (5) .مَتَعَ النهارُ:ارتَفَعَ (الصحاح:ج 3 ص 1282«متع»).

وَالحَسَنُ وَالحُسَینُ علیهما السلام أمامَهُ،وفاطِمَةُ علیها السلام مِن خَلفِهِم،فَأَقبَلَ بِهِم حَتّی أتَی الشَّجَرَتَینِ فَوَقَفَ مِن بَینِهِما مِن تَحتِ الکِساءِ عَلی مِثلِ الهَیئَةِ الَّتی خَرَجَ بِها مِن حُجرَتِهِ، فَأَرسَلَ إلَیهِما یَدعوهُما إلی ما دَعَواهُ إلَیهِ مِنَ المُباهَلَةِ.

فَأَقبَلا إلَیهِ فَقالا:بِمَن تُباهِلُنا یا أبَا القاسِمِ؟

قالَ:بِخَیرِ أهلِ الأَرضِ وأَکرَمِهِم عَلَی اللّهِ عز و جل،بِهؤُلاءِ.وأشارَ لَهُما إلی عَلِیٍّ و فاطِمَةَ وَالحَسَنِ وَالحُسَینِ صَلَواتُ اللّهِ عَلَیهِم.

قالا:فَما نَراکَ جِئتَ لِمُباهَلَتِنا بِالکُبرِ،ولا مِنَ الکُثرِ،ولا أهلِ الشّارَةِ مِمَّن نَری مِمَّن آمَنَ بِکَ وَاتَّبَعَکَ،وما نَری هاهُنا مَعَکَ إلّاهذَا الشّابَّ وَالمَرأَةَ وَالصَّبِیَّینِ، أ فَبِهؤُلاءِ تُباهِلُنا؟!

قالَ صلی الله علیه و آله:نَعَم،أوَلَم اخبِرکُم بِذلِکَ آنِفاً؟! نَعَم بِهؤُلاءِ امِرتُ-وَالَّذی بَعَثَنی بِالحَقِّ-أن اباهِلَکُم.

فَاصفارَّت حینَئِذٍ ألوانُهُما،وکَرّا وعادا إلی أصحابِهِما ومَوقِفِهِما.فَلَمّا رَأی أصحابُهُما ما بِهِما وما دَخَلَهُما،قالوا:ما خَطبُکُما؟فَتَماسَکا وقالا:ما کانَ ثَمَّةَ مِن خَطبٍ فَنُخبِرَکُم.

وأَقبَلَ عَلَیهِم شابٌّ کانَ مِن خِیارِهِم قَد اوتِیَ فیهِم عِلماً،فَقالَ:وَیحَکُم ! لا تَفعَلوا وَاذکُروا ما عَثَرتُم عَلَیهِ فِی الجامِعَةِ مِن صِفَتِهِ،فَوَ اللّهِ إنَّکُم لَتَعلَمونَ حَقَّ العِلمِ أنَّهُ لَصادِقٌ،وإنَّما عَهدُکُم بِإِخوانِکُم حَدیثٌ؛قَد مُسِخوا قِرَدَةً وخَنازیرَ !

فَعَلِموا أنَّهُ قَد نَصَحَ لَهُم،فَأَمسَکوا.

قالَ:وکانَ لِلمُنذِرِ بنِ عَلقَمَةَ-أخی أسقُفِّهِم أبی حارِثَةَ-حَظٌّ مِنَ العِلمِ فیهِم

ص:309

یَعرِفونَهُ لَهُ،وکانَ نازِحاً عَن نَجرانَ فی وَقتِ تَنازُعِهِم،فَقَدِمَ وقَدِ اجتَمَعَ القَومُ عَلَی الرِّحلَةِ إلی رَسولِ اللّهِ صلی الله علیه و آله،فَشَخَصَ مَعَهُم،فَلَمّا رَأَی المُنذِرُ انتِشارَ أمرِ القَومِ یَومَئِذٍ وتَرَدُّدَهُم فی رَأیِهِم،أخَذَ بِیَدِ السَّیِّدِ وَالعاقِبِ وأَقبَلَ عَلی أصحابِهِ،فَقالَ:«أخلونی وهذَینِ»،فَاعتَزَلَ بِهِما ثُمَّ أقبَلَ عَلَیهِما فَقالَ:إنَّ الرّائِدَ لا یَکذِبُ أهلَهُ،[وأنَا لَکُما حَقُّ نَصیحٍ] (1)وأَنَا لَکُما جِدُّ شَفیقٍ،فَإِن نَظَرتُما لِأَنفُسِکُما نَجَوتُما،وإن تَرَکتُما ذلِکَ هَلَکتُما وأَهلَکتُما.

قالا:أنتَ النّاصِحُ جَیباً (2)،المَأمونُ عَیباً،فَهاتِ.

قالَ:أتَعلَمانِ أنَّهُ ما باهَلَ قَومٌ (3)نَبِیّاً قَطُّ إلّاکانَ مَهلِکُهُم کَلَمحِ البَصَرِ،وقَد عَلِمتُما -وکُلُّ ذی أرِبٍ مِن وَرَثَةِ الکُتُبِ مَعَکُما-أنَّ مُحَمَّداً أبَا القاسِم هذا هُوَ الرَّسولُ الَّذی بَشَّرَت بِهِ الأَنبِیاءُ علیهم السلام،وأَفصَحَت بِنَعتِهِ وأَهلِ بَیتِهِ الاُمَناءُ (4)،واُخری انذِرُکُما بِها فَلا تَعشوا عَنها.

قالا:وما هِیَ یا أبَا المُثَنّی؟

قالَ:اُنظُرا إلَی النَّجمِ قَدِ استَطلَعَ إلَی الأَرضِ،وإلی خُشوعِ الشَّجَرِ،وتَساقُطِ الطَّیرِ بِإِزائِکُما لِوُجوهِها (5)،قَد نَشَرَت عَلَی الأَرضِ أجنِحَتَها،وقاءَت (6)ما فی

ص:310


1- (1) .ما بین المعقوفین أثبتناه من بحار الأنوار. [1]
2- (2) .فی المصدر:«الناصح حبیباً»،والتصویب من بحار الأنوار. [2]یقال:رجلٌ ناصحُ الجَیب:أی نقیّ الصدر،ناصح القلب،لا غشّ فیه (لسان العرب:ج 2 ص 616« [3]نصح»).
3- (3) .فی المصدر:«یوم»بدل«قوم»،والتصویب من بحار الأنوار. [4]
4- (4) .فی المصدر:«وأفصحت ببیعتهم وأهل بیتهم الاُمناء»،والتصویب من بحار الأنوار. [5]
5- (5) .فی المصدر:«لوجوههما»،والتصویب من بحار الأنوار. [6]
6- (6) .فی المصدر:«وفات»،والتصویب من بحار الأنوار. [7]

حَواصِلِها،وما عَلَیها للّهِ ِ عز و جل مِن تَبِعَةٍ،لَیسَ ذلِکَ إلّاما قَد أظَلَّ مِنَ العَذابِ ! وَانظُرا إلَی اقشِعرارِ الجِبالِ،وإلَی الدُّخانِ المُنتَشِرِ،وقَزَعِ السَّحابِ،هذا ونَحنُ فی حَمارَّةِ القَیظِ (1)وإبّانِ الهَجیرِ ! وَانظُروا إلی مُحَمَّدٍ رافِعاً یَدَهُ وَالأَربَعَةُ مِن أهلِهِ (2)مَعَهُ،إنَّما یَنتَظِرُ ما تُجیبانِ بِهِ،ثُمَّ اعلَموا أنَّهُ إن نَطَقَ فوهُ بِکَلِمَةٍ مِن بَهلَةٍ،لَم نَتَدارَکَ هَلاکاً،ولَم نَرجِع إلی أهلٍ ولا مالٍ.

فَنَظَرا فَأَبصَرا أمراً عَظیماً،فَأَیقَنا أنَّهُ الحَقُّ مِنَ اللّهِ تَعالی،فَزَلزَلَت أقدامُهُما، وکادَت أن تَطیشَ عُقولُهُما،وَاستَشعرا أنَّ العَذابَ واقِعٌ بِهِما.

فَلَمّا أبصَرَ المُنذِرُ بنُ عَلقَمَةَ ما قَد لَقِیا مِنَ الخیفَةِ وَالرَّهبَةِ،قالَ لَهُما:إنَّکُما إن أسلَمتُما لَهُ سَلِمتُما فی عاجِلِهِ وآجِلِهِ (3)،وإن آثَرتُما دینَکُما وغَضارَةَ مِلَّتِکُما (4)وشَحَحتُما بِمَنزِلَتِکُم مِنَ الشَّرَفِ فی قَومِکُما،فَلَستُ أحجُرُ عَلَیکُمَا الضَّنینَ بِما نِلتُما مِن ذلِکَ،ولکِنَّکُما بَدَهتُما مُحَمَّداً بِتَطَلُّبِ المُباهَلَةِ،وجَعَلتُماها حِجازاً وآیَةً بَینَکُما وبَینَهُ،وشَخَصتُما مِن نَجرانَ وذلِکَ مِن تَأَلّیکُما،فَأَسرَعَ مُحَمَّدٌ إلی ما بَغَیتُما مِنهُ، وَالأَنبِیاءُ إذا أظهَرَت بِأَمرٍ لَم تَرجِع إلّابِقَضائِهِ وفِعلِهِ،فَإِذا نَکَلتُما عَن ذلِکَ، وأَذهَلَتکُما مَخافَةُ ما تَرَیانِ،فَالحَظُّ فِی النُّکولِ لَکُما،فَالوَحا (5)-یا إخوَتی-الوَحا، صالِحا مُحَمَّداً صلی الله علیه و آله وأَرضِیاهُ،ولا تُرجِئا ذلِکَ؛فَإِنَّکُما-وأَنَا مَعَکُما-بِمَنزِلَةِ قَومِ یونُسَ لَمّا غَشِیَهُمُ العَذابُ !

قالا:فَکُن أنتَ-یا أبَا المُثَنَّی-أنتَ الَّذی تَلقی مُحَمَّداً بِکِفالَةِ ما یَبتَغیهِ لَدَینا،

ص:311


1- (1) .حمارَّة القَیظ:أی شدّة الحَرّ (النهایة:ج 1 ص 439« [1]حمر»).
2- (2) .فی المصدر«أهل»،والتصویب من بحارالأنوار. [2]
3- (3) .فی بحار الأنوار:« [3]فی عاجلةٍ وآجلةٍ».
4- (4) .فی طبعة دار الکتب الإسلامیة و بحار الأنوار:« [4]أیکتکما»بدل«ملّتکما».
5- (5) .الوَحا الوَحا:أی السرعة السرعة (النهایة:ج 5 ص 163« [5]وحا»).

وَالتَمِس لَنا إلَیهِ ابنَ عَمِّهِ هذا لِیَکونَ هُوَ الَّذی یُبرِمُ الأَمرَ بَینَنا وبَینَهُ،فَإِنَّهُ ذُو الوَجهِ وَالزَّعیمُ عِندَهُ،ولا تُبطِئَنَّ بِما (1)تَرجِعُ إلَینا بِهِ.

وَانطَلَقَ المُنذِرُ إلی رَسولِ اللّهِ صلی الله علیه و آله،فَقالَ:السَّلامُ عَلَیکَ یا رَسولَ اللّهِ،أشهَدُ أن لا إلهَ إلَّااللّهُ الَّذِی ابتَعَثَکَ،وأَنَّکَ وعیسی عَبدانِ للّهِ ِ عز و جل مُرسَلانِ.فَأَسلَمَ وبَلَّغَهُ ما جاءَ لَهُ، فَأَرسَلَ رَسولُ اللّهِ صلی الله علیه و آله عَلِیّاً علیه السلام لِمُصالَحَةِ القَومِ،فَقالَ عَلِیٌّ علیه السلام:بِأَبی أنتَ،عَلی ما اصالِحُهُم؟فَقالَ لَهُ:رَأیُکَ-یا أبَا الحَسَنِ-فیما تُبرِمُ مَعَهُم رَأیی.

فَصارَ إلَیهِم،فَصالَحاهُ عَلی ألفِ حُلَّةٍ وأَلفِ دینارٍ خَرجاً فی کُلِّ عامٍ،یُؤَدِّیانِ شَطرَ ذلِکَ فِی المُحَرَّمِ وشَطراً فی رَجَبٍ،فَصارَ عَلِیٌّ علیه السلام بِهِما إلی رَسولِ اللّهِ صلی الله علیه و آله ذَلیلَینِ صاغِرَینِ،وأَخبَرَهُ بِما صالَحَهُما عَلَیهِ،وأَقَرّا لَهُ بِالخَرجِ وَالصَّغارِ.

فَقالَ لَهُما (2)رَسولُ اللّهِ صلی الله علیه و آله:قَد قَبِلتُ ذلِکَ مِنکُم؛أما إنَّکُم لَو باهَلتُمونی بِمَن تَحتَ الکِساءِ،لَأَضرَمَ اللّهُ عَلَیکُمُ الوادِیَ ناراً تَأَجَّجُ،ثُمَّ لَساقَهَا اللّهُ عز و جل إلی مَن وَراءَکُم فی أسرَعَ مِن طَرفِ العَینِ فَحَرَقَهُم تَأَجُّجاً.

فَلَمّا رَجَعَ النَّبِیُّ صلی الله علیه و آله بِأَهلِ بَیتِهِ وصارَ إلی مَسجِدِهِ،هَبَطَ عَلَیهِ جَبرَئیلُ علیه السلام فَقالَ:یا مُحَمَّدُ،إنَّ اللّهَ عز و جل یُقرِئُکَ السَّلامَ ویَقولُ:إنَّ عَبدی موسی علیه السلام باهَلَ عَدُوَّهُ قارونَ بِأَخیهِ هارونَ وبَنیهِ،فَخَسَفتُ بِقارونَ وأَهلِهِ ومالِهِ وبِمَن آزَرَهُ مِن قَومِهِ،وبِعِزَّتی اقسِمُ وبِجَلالی-یا أحمَدُ-،لَو باهَلتَ-بِکَ وبِمَن تَحتَ الکِساءِ مِن أهلِکَ-أهلَ الأَرضِ وَالخَلائِقَ جَمیعاً،لَتَقَطَّعتِ السَّماءُ کِسَفاً وَالجِبالُ زُبَراً،ولَساخَتِ الأَرضُ فَلَم تَستَقِرَّ

ص:312


1- (1) .فی المصدر:«به ما»بدل«بما»،والتصویب من بحارالأنوار. [1]
2- (2) .فی المصدر:«له»بدل«لهما»،والتصویب من بحار الأنوار. [2]

أبَداً،إلّاأن أشاءَ ذلِکَ.

فَسَجَدَ النَّبِیُّ صلی الله علیه و آله،ووَضَعَ عَلَی الأَرضِ وَجهَهُ،ثُمَّ رَفَعَ یَدَیهِ حَتّی تَبَیَّنَ لِلنّاسِ عُفرَةُ إبطَیهِ (1)،فَقالَ:شُکراً لِلمُنعِمِ،شُکراً لِلمُنعِمِ-قالَها ثَلاثاً-.

فَسُئِلَ النَّبِیُّ صلی الله علیه و آله عَن سَجدَتِهِ وعَمّا (2)رُئِیَ مِن تَباشیرِ السُّرورِ فی وَجهِهِ،فَقالَ:

«شُکراً للّهِ ِ عز و جل لِما أبلانی مِنَ الکَرامَةِ فی أهلِ بَیتی»،ثُمَّ حَدَّثَهُم بِما جاءَ بِهِ جَبرَئیلُ علیه السلام. (3)

ص:313


1- (1) .العفرة:بیاضٌ لیس بالناصع،ولکن کلَون عفر الأرض؛وهو وجهها (النهایة:ج 3 ص 261« [1]عفر»).
2- (2) .فی المصدر:«ممّا»،والتصویب من بحارالأنوار. [2]
3- (3) .الإقبال:ج 2 ص 310، [3]بحار الأنوار:ج 21 ص 286. [4]

ص:314

کلام حول تاریخ المباهلة

سنة المباهلة
اشارة

تفید الوثائق التاریخیّة العدیدة،بأنّ مباهلة النبیّ صلی الله علیه و آله لنصاری نجران،حدثت بعد الهجرة إلی المدینة (1).والمشهور بین المؤرّخین،أنّ هذه الحادثة کانت فی السنة العاشرة،وذکر البعض الآخر أنّها حدثت فی السنة التاسعة،ورأی العلّامة الطباطبائیّ أنّها حدثت فی السنة السادسة،أو قبلها،وسنذکر فیما یلی نقل الأقوال ونقدها:

أ-السنة السادسة للهجرة

یری العلّامة الطباطبائی أنّ حادثة المباهلة لا تفصلها من الناحیة التاریخیّة مدّة طویلة عن کتب النبی صلی الله علیه و آله إلی الملوک والحکام،وبما أنّ إرسال هذه الکتب تمّ فی السنة السادسة،فإنّ المباهلة حدثت هی أیضاً فی هذه السنة نفسها،بل قبلها (2).

ص:315


1- (1) .الجدیر بالذکر هو أنّ البیهقی قدّم روایة عن رسالة النجرانیّین إلی النبیّ فی مکّة وقبل الهجرة،وعلی فرض صحّتها فإنّها لا تتعارض مع حدوث المباهلة فی المدینة،حیث یمکن أن تکون حادثة مستقلة.راجع:سبل الهدی والرشاد:ج 6 ص 415 و [1]البدایة والنهایة:ج 5 ص 64.
2- (2) .المیزان فی تفسیر القرآن:ج 3 ص 4 و ص 293.جدیر ذکره أنّ العلّامة الطباطبائی رحمه الله ذکر فی هامش ص 263 أنّ کلا القولین-أی السنة التاسعة والعاشرة-لا یخلوان من الإشکال.

وتتمثّل قرائن العلّامة الطباطبائی،فی وقوع آیة المباهلة فی سورة آل عمران، حیث یری أنّها نزلت مرّة واحدة فی أواسط سنوات الهجرة،أی بعد غزوة احد وقبل الاستقرار التامّ للحکم فی المدینة. (1)

کما یری العلّامة الطباطبائی استناداً إلی قول بعض المفسّرین،أنّ الآیة «قُلْ یا أَهْلَ الْکِتابِ تَعالَوْا إِلی کَلِمَةٍ سَواءٍ بَیْنَنا...» (2)نزلت فی نصاری نجران،وبما أنّ هذه الآیة تطالعنا فی بعض الرسائل التی أرسلها النبی صلی الله علیه و آله إلی زعماء البلدان،فلا بدّ أن تکون هذه الآیة قد نزلت فی السنة السادسة،أو قبلها.

وقد استبعد العلّامة فی الختام،أن یکون النبیّ صلی الله علیه و آله قد بعث الکتب إلی زعماء بلدان بعیدة مثل بلاد الروم ومصر وإیران،ثم یغضّ الطرف عن النجرانیّین الذین هم فی جواره. (3)

نقد رأی العلّامة الطباطبائی

إنّ دلیل العلّامة علی نزول سورة آل عمران فی السنوات الوسطی من الهجرة،هو تحلیل واستنباط ولیس وثیقة تاریخیة،فقد استنتج من الدعوة إلی الصبر والثبات فی الحرب،وعدم الاستقرار الکامل للحکم فی المدینة،فی حین أنّنا نشهد فی السنتین الثامنة والتاسعة أیضاً معرکة مؤتة وغزوة تبوک بسب التهدیدات الخارجیة، حیث کان المسلمون بحاجة إلی الثبات.

کما أنّ القرینة الثانیة تقوم علی أن نؤیّد نزول الآیة: «قُلْ یا أَهْلَ الْکِتابِ تَعالَوْا إِلی کَلِمَةٍ سَواءٍ بَیْنَنا...» کان بشکل متزامن مع آیة المباهلة سواء علی أساس نزول سورة

ص:316


1- (1) .المیزان فی تفسیر القرآن:ج 3 ص 2. [1]
2- (2) .آل عمران:64. [2]
3- (3) .المیزان فی تفسیر القرآن:ج 3 ص 294.

آل عمران کلّها دفعة واحدة أو النزول التدریجی للآیات الثمانین والنیّف الاُولی، علی أساس ما ذکره بعض المفسّرین،و أن نعتبر هذا التزامن قطعیّاً إلی درجة أنّه یلغی الوثائق التاریخیة المعارضة؛فی حین أنّ الأمر لیس کذلک.

جدیر ذکره أنّ بالإمکان أن نقول بتعدّد نزول الآیة«تعالوا»مرة فی السنة السادسة واُخری خلال حادثة النجرانیّین،أو اعتبار الآیة «قُلْ یا أَهْلَ الْکِتابِ تَعالَوْا إِلی کَلِمَةٍ سَواءٍ بَیْنَنا...» نازلة فی بدایة الهجرة وأنّ المراد منها الیهود. (1)

کما یمکننا أن نجیب علی استبعاد العلّامة بالقول إنّ رسائل النبی کانت موجّهة إلی ملوک البلدان القویّة والمؤثّرة فی العالم آنذاک،حیث کانت هذه المبادرة نوعاً من السلوک السیاسی وفتح الساحة العالمیة والعامّة لعرض رسالة الإسلام.ولذلک لم تکن هناک حاجة إلی بعث الرسائل إلی أقلیة دینیة داخل الجزیرة العربیة باسم نصاری نجران،وفضلاً عن ذلک،فإنّ إرسال رسائل ذات لهجة حادّة وصارمة إلی ملوک بلاد الروم ومصر والحبشة والذین کانوا یدعمون النجرانیّین بشکل ما،کان نذیراً لهم بما یکفی.

ب-السنة التاسعة للهجرة

یری المؤرّخ والمفسر الشهیر ابن کثیر أنّ دخول النجرانیّین المدینة کان فی السنة التاسعة من الهجرة،و هذا ما ینسجم مع شهرة هذه السنة باسم«عام الوفود» (2).

ویتّفق الحلبیّ والشنقیطیّ مع ابن کثیر فی هذه النقطة (3)،رغم أنّ وصول الوفود کان مستمرّاً حتی محرم من السنة الحادیة عشرة أیضاً.و مما یجدر ذکره أنّنا لا نمتلک

ص:317


1- (1) .السیرة الحلبیة:ج 3 ص 244. [1]
2- (2) .البدایة والنهایة:ج 4 ص 220.
3- (3) .السیرة الحلبیة:ج 3 ص 244،أضواء البیان:ج 4 ص 341.

دلیلاً قویّاً لرفض هذا القول،ولا یتعارض معه کلام الشیخ المفید قدس سره الذی یری أنّ المباهلة کانت بعد فتح مکّة (1)،ذلک لأنّ أحداث مکّة ومعرکة حنین ومحاصرة الطائف کلّ ذلک أدّی إلی أن یعود النبیّ إلی المدینة فی أواخر السنة الثامنة،ومراسلة النجرانیّین وتحرّکهم بحاجة إلی شهر أو شهرین.

ج-السنة العاشرة للهجرة

رأی الطبریّ،المؤرخ المعروف،وابن الأثیر،المؤرّخ الشهیر وکذلک المسعودی وابن خلدون والمقریزی وبعض المعاصرین،أنّ المباهلة حدثت فی السنة العاشرة من الهجرة (2)،وإذا ما کانت کثرة المؤرّخین،مرجِّحاً یمکن الوثوق به،فسوف تکون السنة العاشرة مقبولة أکثر من السنة التاسعة.

قرائن القولین الأخیرین

تفید الوثائق التاریخیّة بأنّ أشخاصاً قد شهدوا المعاهدة المبرمة بین النبیّ والنجرانیّین،من بینهم أبو سفیان والأقرع بن حابس،حیث کانوا-کبقیة وجهاء قریش-حدیثی العهد بالإسلام فی فتح مکّة (فی أواخر السنة الهجریّة الثامنة).

کما أنّ تهدید مسیحیّی نجران بالحرب،أو دفع الجزیة فی حالة عدم إسلامهم، لا یکون معقولاً إلّاإذا کانت الحکومات المسیحیّة الداعمة لهم قد تراجعت فی معرکةٍ مثل تبوک،وإذا لم یکن هناک مانع مهمّ مثل قریش مکّة فی طریق جیش الإسلام إلی نجران.وفضلاً عن ذلک،فإنّ الجزیة المذکورة فی رسالة النبیّ إلی

ص:318


1- (1) .الإرشاد:ج 1 ص 166.
2- (2) .تاریخ الطبری:ج 3 ص 139،الکامل فی التاریخ:ج 2 ص 293،التنبیه والإشراف:ص 239،تاریخ ابن خلدون:ج 2 ص 57،إمتاع الأسماع:ج 2 ص 94،مکاتیب الرسول صلی الله علیه و آله:ج 2 ص 496.

أهالی نجران،تمّ تشریعها فی السنة التاسعة للهجرة (1)لا فی السنة السادسة،وإلّا لکان النبی صلی الله علیه و آله یطرحها علی الیهود فی معرکة خیبر (7 ه.ق).

شهر المباهلة ویومها

لم یعیّن المؤرّخون المعروفون شهرَ المباهلة ویومها،إلّاأنّ المحدّثَین الشیعیَّین، ( الشیخ الطوسی وابن طاووس ) ذکرا أنّ المباهلة کانت فی الرابع والعشرین من شهر ذی الحجّة،علی أساس روایتین ضعیفتی السند،کما احتملوا الحادی والعشرین، والخامس والعشرین والسابع والعشرین أیضاً (2).واستناداً إلی مبدأ التسامح فی هذا النوع من الاُمور،فإنّنا لا نواجه مشکلةً فی قبول هذه الاحتمالات؛ذلک لأنّ حجّ الإمام علی علیه السلام فی السنین التاسعة والعاشرة،وکذلک تواجد النبی الأعظم صلی الله علیه و آله فی الجحفة وغدیر خمّ فی الثامن عشر من ذی الحجّة من السنة العاشرة،یجعل تواجدهما فی المدینة فی أواخر ذی الحجّة سوی الیوم الحادی والعشرین ممکناً، ذلک لأنّ المسافة بین المدینة حتّی الجحفة تبلغ حوالی خمسة أیّام،وحتّی مکة تبلغ حوالی سبعة أیّام.

جدیر ذکره أنّه لیس من الضروری أن نأخذ بنظر الاعتبار فترة زمنیّة مهمّة بین عودة النبیّ صلی الله علیه و آله من الحجّ وانطلاق نصاری نجران إلی المدینة.ویمکننا أن نتصوّر أنّهم انطلقوا وهم علی علم بسفر النبیّ للحجّ وأنّهم وصلوا المدینة مع قوافل الحجیج. (3)

ص:319


1- (1) .رأی العدید من المفسرین أنّ نزول آیات الجزیة کان متزامناً مع غزوة تبوک وفی السنة التاسعةالهجریة،راجع:مجمع البیان:ج 5 ص 40،جامع البیان:ج 10 ص 141،الجزیة وأحکامها للکلانتری:ص 41.
2- (2) .مصباح المتهجّد:ص 764،الإقبال:ج 2 ص 354.
3- (3) .راجع:سیّد المرسلین للسبحانی:ج 2 ص 610-621.

5/1 جَوازُ مُباهَلَةِ کُلِّ مَن جَحَدَ حَقّاً

11337. الکافی عن أبی مسروق عن الإمام الصادق علیه السلام،قال: قُلتُ:إنّا نُکَلِّمُ النّاسَ فَنَحتَجُّ عَلَیهِم بِقَولِ اللّهِ عز و جل: «أَطِیعُوا اللّهَ وَ أَطِیعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِی الْأَمْرِ مِنْکُمْ» (1)،فَیَقولونَ:نَزَلَت فی امَراءِ السَّرایا ! فَنَحتَجُّ عَلَیهِم بِقَولِهِ عز و جل: «إِنَّما وَلِیُّکُمُ اللّهُ وَ رَسُولُهُ» (2)إلی آخِرِ الآیَةِ، فَیَقولونَ:نَزَلَت فِی المُؤمِنینَ ! ونَحتَجُّ عَلَیهِم بِقَولِ اللّهِ عز و جل: «قُلْ لا أَسْئَلُکُمْ عَلَیْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِی الْقُرْبی» (3)،فَیَقولونَ:نَزَلَت فی قُربَی المُسلِمینَ ! قالَ:فَلَم أدَع شَیئاً مِمّا حَضَرَنی ذِکرُهُ مِن هذِهِ وشِبهِهِ إلّاذَکَرتُهُ.

فَقالَ لی:إذا کانَ ذلِکَ فَادعُهُم إلَی المُباهَلَةِ.

قُلتُ:وکَیفَ أصنَعُ؟

قالَ:أصلِح نَفسَکَ ثَلاثاً.وأَظُنُّهُ قالَ:وصُم وَاغتَسِل وَابرُز أنتَ وهُوَ إلَی الجَبّانِ (4)، فَشَبِّک أصابِعَکَ مِن یَدِکَ الیُمنی فی أصابِعِهِ،ثُمَّ أنصِفهُ وَابدَأ بِنَفسِکَ وقُل:«اللّهُمَّ رَبَّ السَّماواتِ السَّبعِ ورَبَّ الأَرَضینَ السَّبعِ،عالِمَ الغَیبِ وَالشَّهادَةِ الرَّحمنَ الرَّحیمَ،إن کانَ أبُو مَسروقٍ جَحَدَ حَقّاً وَادَّعی باطِلاً فَأَنزِل عَلَیهِ حُسباناً (5)مِنَ السَّماءِ أو عَذاباً ألیماً»،ثُمَّ رُدَّ الدَّعوَةَ عَلَیهِ فَقُل:«و إن کانَ فُلانٌ جَحَدَ حَقّاً وَادَّعی باطِلاً فَأَنزِل عَلَیهِ حُسباناً مِنَ السَّماءِ أو عَذاباً ألیماً».

ثُمَّ قالَ لی:فَإِنَّکَ لا تَلبَثُ أن تَری ذلِکَ فیهِ.فَوَاللّهِ ما وَجَدتُ خَلقاً یُجیبُنی إلَیهِ ! (6)

ص:320


1- (1) .النساء:59. [1]
2- (2) .المائدة:55. [2]
3- (3) .الشوری:23. [3]
4- (4) .الجبّان والجبّانة-بالتشدید-:الصحراء (الصحاح:ج 5 ص 2090«جبن»).
5- (5) .حُسباناً:أی عذاباً (النهایة:ج 1 ص 383« [4]حسب»).
6- (6) .الکافی:ج 2 ص 513 ح 1، [5]عدة الداعی:ص 200، [6]بحار الأنوار:ج 95 ص 349 ح 2. [7]

11338. الکافی عن الخیرانیّ عن أبیه،أنّه قالَ: کانَ یَلزَمُ بابَ أبی جَعفَرٍ [الإِمامِ الجَوادِ] علیه السلام لِلخِدمَةِ الَّتی کانَ وُکِّلَ بِها،وکانَ أحمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عیسی یَجیءُ فِی السَّحَرِ فی کُلِّ لَیلَةٍ لِیَعرِفَ خَبَرَ عِلَّةِ أبی جَعفَرٍ علیه السلام،وکانَ الرَّسولُ الَّذی یَختَلِفُ بَینَ أبی جَعفَرٍ علیه السلام وبَینَ أبی إذا حَضَرَ قامَ أحمَدُ وخَلا بِهِ أبی،فَخَرَجتُ ذاتَ لَیلَةٍ وقامَ أحمَدُ عَنِ المَجلِسِ وخَلا أبی بِالرَّسولِ،وَاستَدارَ أحمَدُ فَوَقَفَ حَیثُ یَسمَعُ الکَلامَ.

فَقالَ الرَّسولُ لِأَبی:إنَّ مَولاکَ یَقرَأُ عَلَیکَ السَّلامَ ویَقولُ لَکَ:إنّی ماضٍ وَالأَمرُ صائِرٌ إلَی ابنی عَلِیٍّ،ولَهُ عَلَیکُم بَعدی ما کانَ لی عَلَیکُم بَعدَ أبی.ثُمَّ مَضَی الرَّسولُ ورَجَعَ أحمَدُ إلی مَوضِعِهِ،وقالَ لِأَبی:مَا الَّذی قَد قالَ لَکَ؟قالَ:خَیراً،قالَ:قَد سَمِعتُ ما قالَ،فَلِمَ تَکتُمُهُ؟وأعادَ ما سَمِعَ،فَقالَ لَهُ أبی:قَد حَرَّمَ اللّهُ عَلَیکَ ما فَعَلتَ؛لِأَنَّ اللّهَ تَعالی یَقولُ: «وَ لا تَجَسَّسُوا» (1)،فَاحفَظِ الشَّهادَةَ لَعَلَّنا نَحتاجُ إلَیها یَوماً ما،وإیّاکَ أن تُظهِرَها إلی وَقتِها.

فَلَمّا أصبَحَ أبی کَتَبَ نُسخَةَ الرِّسالَةِ فی عَشرِ رِقاعٍ،وخَتَمَها ودَفَعَها إلی عَشَرَةٍ مِن وُجوهِ العِصابَةِ،وقالَ:إن حَدَثَ بی حَدَثُ المَوتِ قَبلَ أن اطالِبَکُم بِها فَافتَحوها وَاعمَلوا بِما فیها.

فَلَمّا مَضی أبو جَعفَرٍ علیه السلام ذَکَرَ أبی أنَّهُ لَم یَخرُجُ مِن مَنزِلِهِ حَتّی قَطَعَ عَلی یَدَیهِ نَحوٌ مِن أربَعِمِئَةِ إنسانٍ،وَاجتَمَعَ رُؤَساءُ العِصابَةِ عِندَ مُحَمَّدِ بنِ الفَرَجِ یَتَفاوَضونَ هذَا الأَمرَ،فَکَتَبَ مُحَمَّدُ بنُ الفَرَجِ إلی أبی یُعلِمُهُ بِاجتِماعِهِم عِندَهُ،وأَنَّهُ لَولا مَخافَةُ الشُّهرَةِ لَصارَ مَعَهُم إلَیهِ،ویَسأَلُهُ أن یَأتِیَهُ،فَرَکِبَ أبی وصارَ إلَیهِ،فَوَجَدَ القَومَ مُجتَمِعینَ عِندَهُ،فَقالوا لِأَبی:ما تَقولُ فی هذَا الأَمرِ؟

فَقالَ أبی لِمَن عِندَهُ الرِّقاعُ:أحضِرُوا الرِّقاعَ،فَأَحضَروها،فَقالَ لَهُم:هذا

ص:321


1- (1) .الحجرات:12. [1]

ما امِرتُ بِهِ،فَقالَ بَعضُهُم:قَد کُنّا نُحِبُّ أن یَکونَ مَعَکَ فی هذَا الأَمرِ شاهِدٌ آخَرُ.

فَقالَ لَهُم:قَد آتاکُمُ اللّهُ عز و جل بِهِ،هذا أبو جَعفَرٍ الأَشعَرِیُّ یَشهَدُ لی بِسَماعِ هذِهِ الرِّسالَةِ،وسَأَلَهُ أن یَشهَدَ بِما عِندَهُ،فَأَنکَرَ أحمَدُ أن یَکونَ سَمِعَ مِن هذا شَیئاً ! فَدَعاهُ أبی إلَی المُباهَلَةِ،فَقالَ:لَمّا حُقِّقَ عَلَیهِ قالَ:قَد سَمِعتُ ذلِکَ،وهذا مَکرُمَةٌ کُنتُ احِبُّ أن تَکونَ لِرَجُلٍ مِنَ العَرَبِ لا لِرَجُلٍ مِنَ العَجَمِ.فَلَم یَبرَحِ القَومُ حَتّی قالوا بِالحَقِّ جَمیعاً. (1)

6/1 آدابُ المُباهَلَةِ

11339. الإمام الصادق علیه السلام -فِی المُباهَلَةِ-:تُشَبِّکُ أصابِعَکَ فی أصابِعِهِ ثُمَّ تَقولُ:«اللّهُمَّ إن کانَ فُلانٌ جَحَدَ حَقّاً وأَقَرَّ بِباطِلٍ،فَأَصِبهُ بِحُسبانٍ مِنَ السَّماءِ أو بِعَذابٍ مِن عِندِکَ»، وتُلاعِنُهُ سَبعینَ مَرَّةً. (2)

11340. الکافی عن أبی جمیلة عن بعض أصحابه،قال (3): إذا جَحَدَ الرَّجُلُ الحَقَّ،فَإِن أرادَ أن تُلاعِنُهُ قُل:اللّهُمَّ رَبَّ السَّماواتِ السَّبعِ،ورَبَّ الأَرَضینَ السَّبعِ،ورَبَّ العَرشِ العَظیمِ، إن کانَ فُلانٌ جَحَدَ الحَقَّ وکَفَرَ بِهِ،فَأَنزِل عَلَیهِ حُسباناً مِنَ السَّماءِ أو عَذاباً ألیماً. (4)

11341. الإمام الباقر علیه السلام: السّاعَةُ الَّتی تُباهِلُ فیها،ما بَینَ طُلوعِ الفَجرِ إلی طُلوعِ الشَّمسِ. (5)

ص:322


1- (1) .الکافی:ج 1 ص 324 ح 2، [1]کشف الغمّة:ج 3 ص 167،إعلام الوری:ج 2 ص 111 [2] کلاهما نحوه،بحار الأنوار:ج 50 ص 119 ح 3. [3]
2- (2) .الکافی:ج 2 ص 514 ح 4 [4]عن أبی العبّاس،بحار الأنوار:ج 95 ص 350 ح 2. [5]
3- (3) .هکذا جاء الحدیث موقوفاً.
4- (4) .الکافی:ج 2 ص 515 ح 5، [6]وسائل الشیعة:ج 4 ص 1168 ح 8938. [7]
5- (5) .الکافی:ج 2 ص 514 ح 2، [8]عدة الداعی:ص 200 [9] کلاهما عن أبی حمزة الثمالی،بحار الأنوار:ج 95 ص 349 ح 2. [10]

الفصل الثانی:احتجاجات أهل البیت بقصّة المباهلة

1/2 احتِجاجُ الإِمامِ عَلِیٍّ

11342. الإمام زین العابدین علیه السلام: لَمّا کانَ مِن أمرِ أبی بَکرٍ وبَیعَةِ النّاسِ لَهُ وفِعلِهِم بِعَلِیِّ بنِ أبی طالِبٍ علیه السلام ما کانَ،لَم یَزَل أبو بَکرٍ یُظهِرُ لَهُ الاِنبِساطَ ویَری مِنهُ انقِباضاً،فَکَبُرَ ذلِکَ عَلی أبی بَکرٍ،فَأَحَبَّ لِقاءَهُ وَاستِخراجَ ما عِندَهُ،وَالمَعذِرَةَ إلَیهِ مِمَّا (1)اجتَمَعَ النّاسُ عَلَیهِ وتَقلیدِهِم إیّاهُ أمرَ الاُمَّةِ وقِلَّةِ رَغبَتِهِ فی ذلِکَ وزُهدِهِ فیهِ،أتاهُ فی وَقتِ غَفلَةٍ وطَلَبَ مِنهُ الخَلوَةَ،وقالَ لَهُ:وَاللّهِ یا أبَا الحَسَنِ،ما کانَ هذَا الأَمرُ مُواطَأَةً مِنّی، ولا رَغبَةً فیما وَقَعتُ فیهِ،ولا حِرصاً عَلَیهِ،ولا ثِقَةً بِنَفسی فیما تَحتاجُ إلَیهِ الاُمَّةُ، ولا قُوَّةً لی لِمالٍ،ولا کَثرَةَ العَشیرِةِ،ولَا ابتِزازاً لَهُ دونَ غَیری،فَما لَکَ تُضمِرُ عَلَیَّ ما لَم أستَحِقَّهُ مِنکَ،وتُظهِرُ لِیَ الکَراهَةَ فیما صِرتُ إلَیهِ،وتَنظُرُ إلَیَّ بِعَینِ السَّأَمَةِ مِنّی؟

قالَ:فَقالَ لَهُ علیه السلام:فَما حَمَلَکَ عَلَیهِ إذا لَم تَرغَبَ فیهِ ولا حَرَصتَ عَلَیهِ ولا وَثِقتَ بِنَفسِکَ فِی القِیامِ بِهِ،وبِما یُحتاجُ مِنکَ فیهِ؟!

فَقالَ أبو بَکرٍ:حَدیثٌ سَمِعتُهُ مِن رَسولِ اللّهِ صلی الله علیه و آله:«إنَّ اللّهَ لا یَجمَعُ امَّتی عَلی

ص:323


1- (1) .فی المصدر:«لما»،والتصویب من بحارالأنوار. [1]

ضَلالٍ»،ولَمّا رَأَیتُ اجتِماعَهُمُ اتَّبَعتُ حَدیثَ النَّبِیِّ صلی الله علیه و آله،وأَحَلتُ أن یَکونَ اجتِماعُهُم عَلی خِلافِ الهُدی،وأَعطَیتُهُم قَوَدَ الإِجابَةِ،ولَو عَلِمتُ أنَّ أحَداً یَتَخَلَّفُ لَامتَنَعتُ.

قالَ:فَقالَ عَلِیٌّ علیه السلام:أمّا ما ذَکَرتَ مِن حَدیثِ النَّبِیِّ صلی الله علیه و آله«إنَّ اللّهَ لا یَجمَعُ امّتی عَلی ضَلالٍ»،أفَکُنتُ مِنَ الاُمَّةِ أو لَم أکُن؟

قالَ:بَلی.

قالَ:وکَذلِکَ العِصابَةُ المُمتَنِعَةُ عَلَیکَ مِن سَلمانَ وعَمّارٍ وأبی ذَرٍّ وَالمِقدادِ وَابنِ عُبادَةَ ومَن مَعَهُ مَنِ الأَنصارِ؟

قالَ:کُلٌّ مِنَ الاُمَّةِ.

فَقالَ عَلِیٌّ علیه السلام...فَأَنشُدُکَ بِاللّهِ،أبی بَرَزَ رَسولُ اللّهِ صلی الله علیه و آله وبِأَهلِ بَیتی ووُلدی فی مُباهَلَةِ المُشرِکینَ مِنَ النَّصاری،أم بِکَ وبِأَهلِکَ ووُلدِکَ؟

قالَ:بِکُم.... (1)

11343. تاریخ دمشق عن عاصم بن ضمرة وهبیرة وعبّاد بن عبد اللّه الأسدی وعمرو بن واثلة: قالَ عَلِیُّ بنُ أبی طالِبٍ یَومَ الشّوری:وَاللّهِ لَأَحتَجَّنَّ عَلَیهِم بِما لا یَستَطیعُ قُرَشِیُّهُم ولا عَرَبِیُّهُم ولا عَجَمِیُّهُم رَدَّهُ ولا یَقولُ خِلافُهُ.

ثُمَّ قالَ لِعُثمانَ بنِ عَفّانَ ولِعَبدِ الرَّحمنِ بنِ عوفٍ وَالزُّبَیرِ ولِطَلحَةَ وسَعدٍ:...

نَشَدتُکُم بِاللّهِ،هَل فیکُم أحَدٌ أقرَبُ إلی رَسولِ اللّهِ صلی الله علیه و آله فِی الرَّحِمِ،ومَن جَعَلَهُ رَسولُ اللّهِ صلی الله علیه و آله نَفسَهُ،وَابناهُ أبناءَهُ،ونِساءَهُ نِساءَهُ،غَیری؟

قالوا:اللّهُمَّ لا ! (2)

ص:324


1- (1) .الخصال:ص 548 ح 30 عن أبی سعید الورّاق عن أبیه عن الإمام الصادق عن أبیه علیهما السلام،الاحتجاج:ج 1 ص 304 ح 53 [1] عن الإمام الصادق عن أبیه عنه علیهم السلام،بحار الأنوار:ج 29 ص 3 ح 1. [2]
2- (2) .تاریخ دمشق:ج 42 ص 431،الصواعق المحرقة:ص 156 [3] نحوه.

11344. الأمالی للطوسی عن أبی ذر: إنَّ عَلِیّاً علیه السلام وعُثمانَ وطَلحَةَ وَالزُّبَیرَ وعَبدَ الرَّحمنِ بنَ عوفٍ وسَعدَ بنَ أبی وَقّاصٍ،أمَرَهُم عُمَرُ بنُ الخَطّابِ أن یَدخُلوا بَیتاً ویُغلِقوا عَلَیهِم بابَهُ ویَتَشاوَروا فی أمِرِهم،وأَجَّلَهُم ثَلاثَةَ أیّامٍ،فَإِن تَوافَقَ خَمسَةٌ عَلی قَولٍ واحِدٍ وأَبی رَجُلٌ مِنهُم قُتِلَ ذلِکَ الرَّجُلُ،وإن تَوافَقَ أربَعَةٌ وأبَی اثنانِ قُتِلَ الاِثنانِ.فَلَمّا تَوافَقوا جَمیعاً عَلی رَأیٍ واحِدٍ،قالَ لَهُم عَلِیُّ بنُ أبی طالِبٍ علیه السلام:

إنّی احِبُّ أن تَسمَعوا مِنّی ما أقولُ،فَإِن یَکُن حَقّاً فَاقبَلوهُ،وإن یَکُن باطِلاً فَأَنکِروهُ.

قالوا:قُل.

قالَ:أنشُدُکُم بِاللّهِ...فَهَل فیکُم أحَدٌ أنزَلَ اللّهُ عز و جل فیهِ وفی زَوجَتِهِ ووَلَدَیهِ آیَةَ المُباهَلَةِ،وجَعَلَ اللّهُ عز و جل نَفسَهُ نَفسَ رَسولِهِ،غَیری؟

قالوا:لا. (1)

11345. المسترشد -فی ذِکرِ مُناشَدَةِ أمیرِ المُؤمِنینَ علیه السلام یَومَ الشّوری-:هذا عَلِیٌّ أمیرُ المُؤمِنینَ علیه السلام خَطَبَ یَومَ الشّوری فَعَدَّدَ خِصالاً هذِهِ مِنها،فَقالَ:...نَشَدتُکُمُ اللّهَ، أفیکُم أحَدٌ قالَ لَهُ رَسولُ اللّهِ یَومَ المُباهَلَةِ،إذ نَزَلَت «فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَکُمْ وَ نِساءَنا وَ نِساءَکُمْ وَ أَنْفُسَنا وَ أَنْفُسَکُمْ» :أنتَ نَفسی،غَیری؟

قالوا:اللّهُمَّ لا ! (2)

11346. الخصال عن مکحول: قالَ أمیرُ المُؤمِنینَ عَلِیُّ بنُ أبی طالِبٍ علیه السلام:لَقَد عَلِمَ المُستَحفَظونَ مِن أصحابِ النَّبِیِّ مُحَمَّدٍ صلی الله علیه و آله أنَّهُ لَیسَ فیهِم رَجُلٌ لَهُ مَنقَبَةٌ إلّاوقَد شَرِکتُهُ فیها

ص:325


1- (1) .الأمالی للطوسی:ص 545-551 ح 1168، [1]بحار الأنوار:ج 31 ص 372 ح 24 [2]نقلاً عن إرشاد القلوب. [3]
2- (2) .المسترشد:ص 354 ح 46. [4]

وفُضِّلتُهُ،ولی سَبعونَ مَنقَبَةً لَم یَشرَکنی فیها أحَدٌ مِنهُم.

قُلتُ:یا أمیرَ المُؤمِنینَ فَأَخبِرنی بِهِنَّ.

فَقالَ علیه السلام:إنَّ أَوَّلَ مَنقَبَةٍ لی أنّی لَم اشرِک بِاللّهِ طَرفَةَ عَینٍ...وأَمَّا الرابِعَةُ وَالثَّلاثونَ فَإِنَّ النَّصارَی ادَّعَوا أمراً فَأَنزَلَ اللّهُ عز و جل فیهِ: «فَمَنْ حَاجَّکَ فِیهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَکَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَکُمْ وَ نِساءَنا وَ نِساءَکُمْ وَ أَنْفُسَنا وَ أَنْفُسَکُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللّهِ عَلَی الْکاذِبِینَ» ،فَکانَت نَفسی نَفسَ رَسولِ اللّهِ صلی الله علیه و آله،وَالنِّساءَ فاطِمَةُ علیها السلام، وَالأَبناءَ الحَسَنُ وَالحُسَینُ،ثُمَّ نَدِمَ القَومُ فَسَأَلوا رَسولَ اللّهِ صلی الله علیه و آله الإِعفاءَ فَأَعفاهُم، وَالَّذی أنزَلَ التَّوراةَ عَلی موسی وَالفُرقانَ عَلی مُحَمَّدٍ صلی الله علیه و آله ! لَو باهَلونا لَمُسِخوا قِرَدَةً وخَنازیرَ. (1)

2/2 احتِجاجُ الإِمامِ الحَسَنِ بنِ عَلِیٍّ

11347. الأمالی للطوسی عن أبی عمر زاذان: لَمّا وادَعَ الحَسَنُ بنُ عَلِیٍّ علیه السلام مُعاوِیَةَ،صَعِدَ مُعاوِیَةُ المِنبَرَ،وجَمَعَ النّاسَ فَخَطَبَهُم،وقالَ:إنَّ الحَسَنَ بنَ عَلِیِّ رَآنی لِلخِلافَةِ أهلاً ولَم یَرَ نَفسَهُ لَها أهلاً.

وکانَ الحَسَنُ علیه السلام أسفَلَ مِنهُ بِمِرقاةٍ،فَلَمّا فَرَغَ مِن کَلامِهِ،قامَ الحَسَنُ علیه السلام فَحَمِدَ اللّهَ تَعالی بِما هُوَ أهلُهُ،ثُمَّ ذَکَرَ المُباهَلَةَ فَقالَ:فَجاءَ رَسولُ اللّهِ صلی الله علیه و آله مِنَ الأَنفُسِ بِأَبی، ومِنَ الأَبناءِ بی وبِأَخی،ومِنَ النِّساءِ بِاُمّی،وکُنّا أهلَهُ ونَحنُ لَهُ،وهُوَ مِنّا ونَحنُ مِنهُ. (2)

ص:326


1- (1) .الخصال:ص 572-576 ح 1،بحار الأنوار:ج 31 ص 432 ح 2. [1]
2- (2) .الأمالی للطوسی:ص 559 ح 1173، [2]بحار الأنوار:ج 44 ص 62 ح 12. [3]

3/2 احتِجاجُ الإِمامِ الحُسَینِ بنِ عَلِیٍّ

11348. کتاب سلیم بن قیس: لَمّا کانَ قَبلَ مَوتِ مُعاوِیَةَ بِسَنَةٍ،حَجَّ الحُسَینُ بنُ عَلِیٍّ صَلَواتُ اللّهِ عَلَیهِ وعَبدُ اللّهِ بنُ عَبّاسٍ وعَبدُ اللّهِ بنُ جَعفَرٍ مَعَهُ،فَجَمَعَ الحُسَینُ علیه السلام بَنی هاشِمٍ؛ رِجالَهُم ونِساءَهُم ومَوالِیَهُم وشیعَتَهُم مَن حَجَّ مِنهُم،ومِنَ الأَنصارِ مِمَّن یَعرِفُهُ الحُسَینُ علیه السلام وأَهلُ بَیتِهِ،ثُمَّ أرسَلَ رُسُلاً:لا تَدَعو أحَداً مِمَّن حَجَّ العامَ مِن أصحابِ رَسولِ اللّهِ صلی الله علیه و آله المَعروفینَ بِالصَّلاحِ وَالنُّسُکِ إلَّااجمَعوهُم لی،فَاجتَمَعَ إلَیهِ بِمِنیً أکثَرُ مِن سَبعِمِئَةِ رَجُلٍ وهُم فی سُرادِقِهِ،عامَّتُهُم مِنَ التّابِعینَ،ونَحوٌ مِن مِئَتَی رَجُلٍ مِن أصحابِ النَّبِیِّ صلی الله علیه و آله وغَیرِهِم.

فَقامَ فیهِمُ الحُسَینُ علیه السلام خَطیباً،فَحَمِدَ اللّهَ وأَثنی عَلَیهِ ثُمَّ قالَ:...أنشُدُکُمُ اللّهَ، أتَعلَمونَ أنَّ رَسولَ اللّهِ صلی الله علیه و آله حینَ دَعَا النَّصاری مِن أهلِ نَجرانَ إلَی المُباهَلَةِ،لَم یَأتِ إلّا بِهِ وبِصاحِبَتِهِ وَابنَیهِ؟

قالوا:اللّهُمَّ نَعَم ! (1)

4/2 احتِجاجُ الإِمامِ موسَی بنِ جَعفَرٍ

11349. الإمام الکاظم علیه السلام -فِی احتِجاجاتٍ لَهُ مَعَ هارونَ الرَّشیدِ-:...ثُمَّ قالَ [أیِ الرَّشیدُ]:

کَیفَ قُلتُم:«إنّا ذُرِّیَّةُ النَّبِیِّ صلی الله علیه و آله»وَالنَّبِیُّ صلی الله علیه و آله لَم یُعَقِّب،وإنَّمَا العَقِبُ لِلذَّکَرِ لا لِلاُنثی، وأَنتُم وَلَدُ البِنتِ ولا یَکونُ لَها عَقِبٌ؟!

فَقُلتُ:...أعوذُ بِاللّهِ مِنَ الشَّیطانِ الرَّجیمِ،بِسمِ اللّهِ الرَّحمنِ الرَّحیمِ «وَ مِنْ ذُرِّیَّتِهِ

ص:327


1- (1) .کتاب سلیم بن قیس:ج 2،ص 788-791،بحار الأنوار:ج 33 ص 181. [1]

داوُدَ وَ سُلَیْمانَ وَ أَیُّوبَ وَ یُوسُفَ وَ مُوسی وَ هارُونَ وَ کَذلِکَ نَجْزِی الْمُحْسِنِینَ* وَ زَکَرِیّا وَ یَحْیی وَ عِیسی وَ إِلْیاسَ» (1)،مَن أبو عیسی یا أمیرَ المُؤمِنینَ؟

فَقالَ:لَیسَ لِعیسی أبٌ !

فَقُلتُ:إنَّما ألحَقناهُ بِذرارِیِّ الأَنبِیاءِ علیهم السلام مِن طَریقِ مَریَمَ علیها السلام،وکَذلِکَ الحِقنا بِذَرارِیِّ النَّبِیِّ صلی الله علیه و آله مِن قِبَلِ امِّنا فاطِمَةَ علیها السلام.أزیدُکَ یا أمیرَ المُؤمِنینَ؟

قالَ:هاتِ.

قُلتُ:قَولُ اللّهِ عز و جل: «فَمَنْ حَاجَّکَ فِیهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَکَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَکُمْ وَ نِساءَنا وَ نِساءَکُمْ وَ أَنْفُسَنا وَ أَنْفُسَکُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللّهِ عَلَی الْکاذِبِینَ» ، ولَم یَدَّعِ أحَدٌ أنَّهُ أدخَلَ النَّبِیُّ صلی الله علیه و آله تَحتَ الکِساءِ عِندَ المُباهَلَةِ لِلنَّصاری إلّاعَلِیَّ بنَ أبی طالِبٍ وفاطِمَةَ وَالحَسَنَ وَالحُسَینَ،فَکانَ تَأویلُ قَولِهِ تَعالی: «أَبْناءَنا» الحَسَنَ وَالحُسَینَ، «وَ نِساءَنا» فاطِمَةَ، «وَ أَنْفُسَنا» عَلِیَّ بنَ أبی طالِبٍ علیهم السلام. (2)

5/2 احتِجاجُ الإِمامِ عَلِیِّ بنِ موسی

11350. عیون أخبار الرضا علیه السلام عن الریّان بن الصلت: حَضَرَ الرِّضا علیه السلام مَجلِسَ المَأمونِ بِمَروَ، وقَدِ اجتَمَعَ فی مَجلِسِهِ جَماعَةٌ مِن عُلَماءِ أهلِ العِراقِ وخُراسانَ.

فَقالَ المَأمونُ:أخبِرونی عَن مَعنی هذِهِ الآیَةِ: «ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْکِتابَ الَّذِینَ اصْطَفَیْنا مِنْ عِبادِنا» (3)،فَقالَتِ العُلَماءُ:أرادَ اللّهُ عز و جل بِذلِکَ الاُمَّةَ کُلَّها.

ص:328


1- (1) .الأنعام:84 و 85. [1]
2- (2) .عیون أخبار الرضا علیه السلام:ج 1 ص 84 ح 9، [2]الاختصاص:ص 56 نحوه،الاحتجاج:ج 2 ص 339 ح 271، [3]بحار الأنوار:ج 96 ص 240 ح 4. [4]
3- (3) .فاطر:32. [5]

فَقالَ المَأمونُ:ما تَقولُ یا أبَا الحَسَنِ؟

فَقالَ الرِّضا علیه السلام:لا أقولُ کَما قالوا،ولکِنّی أقولُ:أرادَ اللّهُ عز و جل بِذلِکَ العِترَةَ الطّاهِرَةَ.

فَقالَ المَأمونُ:وکَیفَ عَنَی العِترَةَ مِن دونِ الاُمَّةِ؟

فَقالَ لَهُ الرِّضا علیه السلام:إنَّهُ لَو أرادَ الاُمَّةَ لَکانَت أجمَعُها فِی الجَنَّةِ،لِقَولِ اللّهِ عز و جل: «فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ وَ مِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَ مِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَیْراتِ بِإِذْنِ اللّهِ ذلِکَ هُوَ الْفَضْلُ الْکَبِیرُ» (1)،ثُمَّ جَمَعَهُم کُلَّهُم فِی الجَنَّةِ فَقالَ عز و جل: «جَنّاتُ عَدْنٍ یَدْخُلُونَها یُحَلَّوْنَ فِیها مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ» (2)الآیَةَ،فَصارَتِ الوِراثَةُ لِلعِترَةِ الطّاهِرَةِ لا لِغَیرِهِم.

فَقالَ المَأمونُ:مَنِ العِترَةُ الطّاهِرَةُ؟

فَقالَ الرِّضا علیه السلام:الَّذینَ وَصَفَهُمُ اللّهُ فی کِتابِهِ،فَقالَ عز و جل: «إِنَّما یُرِیدُ اللّهُ لِیُذْهِبَ عَنْکُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَیْتِ وَ یُطَهِّرَکُمْ تَطْهِیراً» (3)،وهُمُ الَّذینَ قالَ رَسولُ اللّهِ صلی الله علیه و آله:«إنّی مُخَلِّفٌ فیکُمُ الثَّقَلَینِ:کِتابَ اللّهِ وعِترَتی أهلَ بَیتی،ألا وإنَّهُما لَن یَفتَرِقا حَتّی یَرِدا عَلَیَّ الحَوضَ، فَانظُروا کَیفَ تُخَلِّفُونّی فیهِما،أیُّهَا النّاسُ! لا تُعَلِّموهُم فَإِنَّهُم أعلَمُ مِنکُم».

قالَتِ العُلَماءُ:أخبِرنا یا أبَا الحَسَنِ عَنِ العِترَةِ،أهُمُ الآلُ أم غَیرُ الآلِ؟

فَقالَ الرِّضا علیه السلام:هُمُ الآلُ.

فَقالَتِ العُلَماءُ:فَهذا رَسولُ اللّهِ صلی الله علیه و آله یُؤثَرُ عَنهُ أنَّهُ قالَ:«اُمَّتی آلی»،وهؤُلاءِ أصحابُهُ یَقولونَ بِالخَبَرِ المُستَفاضِ الَّذی لا یُمکِنُ دَفعُهُ:آلُ مُحَمَّدٍ امَّتُهُ.

فَقالَ أبُو الحَسَنِ علیه السلام:أخبِرونی،فَهَل تَحرُمُ الصَّدَقَةُ عَلَی الآلِ؟فَقالوا:نَعَم.قالَ:

فَتَحرُمُ عَلَی الاُمَّةِ؟قالوا:لا.قالَ:هذا فَرقُ ما بَینَ الآلِ وَالاُمَّةِ.وَیحَکُم! أینَ یُذهَبُ

ص:329


1- (1) .فاطر:32. [1]
2- (2) .فاطر:33. [2]
3- (3) .الأحزاب:33. [3]

بِکُم،أضَرَبتُم عَنِ الذِّکرِ صَفحاً أم أنتُم قَومٌ مُسرِفونَ (1)؟! أما عَلِمتُم أنَّهُ وَقَعَتِ الوِراثَةُ وَالطَّهارَةُ عَلَی المُصطَفَینِ المُهتَدینَ دونَ سائِرِهِم؟

قالوا:ومِن أینَ یا أبَا الحَسَنِ؟

فَقالَ:مِن قَولِ اللّهِ جَلَّ وعَزَّ: «وَ لَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً وَ إِبْراهِیمَ وَ جَعَلْنا فِی ذُرِّیَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَ الْکِتابَ فَمِنْهُمْ مُهْتَدٍ وَ کَثِیرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ» (2)،فَصارَت وِراثَةُ النُّبُوَّةِ وَالکِتابِ لِلمُهتَدینَ دونَ الفاسِقینَ،أما عَلِمتُم أنَّ نوحاً حینَ سَأَلَ رَبَّهُ عز و جل «فَقالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِی مِنْ أَهْلِی وَ إِنَّ وَعْدَکَ الْحَقُّ وَ أَنْتَ أَحْکَمُ الْحاکِمِینَ » (3)وذلِکَ أنَّ اللّهَ عز و جل وَعَدَهُ أن یُنجِیَهُ وأَهلَهُ،فَقالَ رَبُّهُ عز و جل:

«یا نُوحُ إِنَّهُ لَیْسَ مِنْ أَهْلِکَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَیْرُ صالِحٍ فَلا تَسْئَلْنِ ما لَیْسَ لَکَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّی أَعِظُکَ أَنْ تَکُونَ مِنَ الْجاهِلِینَ» (4)؟

فَقالَ المَأمونُ:هَل فَضَّلَ اللّهُ العِترَةَ عَلی سائِرِ النّاسِ؟

فَقالَ أبُو الحَسَنِ علیه السلام:إنَّ اللّهَ عز و جل أبانَ فَضلَ العِترَةِ عَلی سائِرِ النّاسِ فی مُحکَمِ کِتابِهِ.

فَقالَ لَهُ المَأمونُ:أینَ ذلِکَ مِن کِتابِ اللّهِ؟

فَقالَ لَهُ الرِّضا علیه السلام:فی قَولِ اللّهِ عز و جل: «إِنَّ اللّهَ اصْطَفی آدَمَ وَ نُوحاً وَ آلَ إِبْراهِیمَ وَ آلَ عِمْرانَ عَلَی الْعالَمِینَ* ذُرِّیَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَ اللّهُ سَمِیعٌ عَلِیمٌ» (5)،وقالَ عز و جل فی مَوضِعٍ آخَرَ: «أَمْ یَحْسُدُونَ النّاسَ عَلی ما آتاهُمُ اللّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَیْنا آلَ إِبْراهِیمَ الْکِتابَ وَ الْحِکْمَةَ وَ آتَیْناهُمْ مُلْکاً عَظِیماً» (6).

ص:330


1- (1) .اقتباس من قوله تعالی فی سورة الزخرف الآیة 5.
2- (2) .الحدید:26. [1]
3- (3) .هود:45. [2]
4- (4) .هود:46. [3]
5- (5) .آل عمران:33 و 34. [4]
6- (6) .النساء:54. [5]

ثُمَّ رَدَّ المُخاطَبَةَ فی أثَرِ هذِهِ إلی سائِرِ المُؤمِنینَ،فَقالَ: «یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا أَطِیعُوا اللّهَ وَ أَطِیعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِی الْأَمْرِ مِنْکُمْ» (1)؛یَعنِی الَّذینَ قَرَنَهُم بِالکِتابِ وَالحِکمَةِ وحُسِدوا عَلَیهِما،فَقَولُهُ عز و جل: «أَمْ یَحْسُدُونَ النّاسَ عَلی ما آتاهُمُ اللّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَیْنا آلَ إِبْراهِیمَ الْکِتابَ وَ الْحِکْمَةَ وَ آتَیْناهُمْ مُلْکاً عَظِیماً» ؛یَعنِی الطّاعَةَ لِلمُصطَفَینِ الطّاهِرینَ، فَالمُلکُ هاهُنا هُوَ الطّاعَةُ لَهُم.

فَقالَتِ العُلَماءُ:فَأَخبِرنا هَل فَسَّرَ اللّهُ عز و جل الاِصطِفاءَ فِی الکِتابِ؟

فَقالَ الرِّضا علیه السلام:فَسَّرَ الاِصطِفاءَ فِی الظّاهِرِ سِوَی الباطِنِ فِی اثنَی عَشَرَ مَوطِناً ومَوضِعاً،فَأَوَّلُ ذلِکَ قَولُهُ عز و جل: «وَ أَنْذِرْ عَشِیرَتَکَ الْأَقْرَبِینَ» (2)ورَهطَکَ (3)المُخلِصینَ،هکَذا فی قِراءَةِ ابَیِّ بنِ کَعبٍ،وهِیَ ثابِتَةٌ فی مُصحَفِ عَبدِ اللّهِ بنِ مَسعودٍ،وهذِهِ مَنزِلَةٌ رَفیعَةٌ وفَضلٌ عَظیمٌ وشَرَفٌ عالٍ،حینَ عَنَی اللّهُ عز و جل بِذلِکَ الآلَ،فَذَکَرَهُ لِرَسولِ اللّهِ صلی الله علیه و آله،فَهذِهِ واحِدَةٌ.

وَالآیَةُ الثّانِیَةُ فِی الاصطِفاءِ قَولُهُ عز و جل: «إِنَّما یُرِیدُ اللّهُ لِیُذْهِبَ عَنْکُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَیْتِ وَ یُطَهِّرَکُمْ تَطْهِیراً» (4)،وهذَا الفَضلُ الَّذی لا یَجهَلُهُ أحَدٌ إلّامُعانِدٌ ضالٌّ؛لِأَنَّهُ فَضَّلَ بَعدَ طَهارَةٍ تُنتَظَرُ،فَهذِهِ الثّانِیَةُ.

وأمَّا الثّالِثَةُ فَحینَ مَیَّزَ اللّهُ الطّاهِرینَ مِن خَلقِهِ،فَأَمَرَ نَبِیَّهُ صلی الله علیه و آله بِالمُباهَلَةِ بِهِم فی آیَةِ الاِبتهِالِ،فَقالَ عز و جل:یا مُحَمَّدُ «فَمَنْ حَاجَّکَ فِیهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَکَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَکُمْ وَ نِساءَنا وَ نِساءَکُمْ وَ أَنْفُسَنا وَ أَنْفُسَکُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللّهِ عَلَی

ص:331


1- (1) .النساء:59. [1]
2- (2) .الشعراء:214. [2]
3- (3) .رهط الرجل:قومه و قبیلته (الصحاح:ج 3 ص 1128« [3]رهط»).
4- (4) .الأحزاب:33. [4]

اَلْکاذِبِینَ» (1)،فَبَرَّزَ النَّبِیُّ صلی الله علیه و آله عَلِیّاً وَالحَسَنَ وَالحُسَینَ وفاطِمَةَ صَلَواتُ اللّهِ عَلَیهِم،وقَرَنَ أنفُسَهُم بِنَفسِهِ،فَهَل تَدرونَ ما مَعنی قَولِهِ عز و جل: «وَ أَنْفُسَنا وَ أَنْفُسَکُمْ» ؟

قالَتِ العُلَماءُ:عَنی بِهِ نَفسَهُ.

فَقالَ أبُو الحَسَنِ علیه السلام:غَلِطتُم،إنَّما عَنی بِها عَلِیَّ بنَ أبی طالِبٍ علیه السلام،ومِمّا یَدُلُّ عَلی ذلِکَ قَولُ النَّبِیِّ صلی الله علیه و آله حینَ قالَ:«لَیَنتَهِیَنَّ بَنو وَلیعَةَ أو لَأَبعَثَنَّ إلَیهِم رَجُلاً کَنَفسی»؛ یَعنی عَلِیَّ بنَ أبی طالِبٍ علیه السلام،وعَنی بِالأَبناءِ الحَسَنَ وَالحُسَینَ علیهما السلام،وعَنی بِالنِّساءِ فاطِمَةَ علیها السلام (2)،فَهذِهِ خُصوصِیَّةٌ لا یَتَقَدَّمُهُم فیها أحَدٌ،وفَضلٌ لا یَلحَقُهُم فیهِ بَشَرٌ، وشَرَفٌ لا یَسبِقُهُم إلَیهِ خَلقٌ،إذ جَعَلَ نَفسَ عَلِیٍّ علیه السلام کَنَفسِهِ،فَهذِهِ الثّالِثَةُ.... (3)

11351. الفصول المختارة: قالَ المَأمونُ یَوماً لِلرِّضا علیه السلام:أخبِرنی بِأَکبَرِ فَضیلَةٍ لِأَمیرِ المُؤمِنینَ علیه السلام یَدُلُّ عَلَیهَا القُرآنُ؟

قالَ:فَقالَ لَهُ الرِّضا علیه السلام:فَضیلَتُهُ فِی المُباهَلَةِ؛قالَ اللّهُ جَلَّ جَلالُهُ: «فَمَنْ حَاجَّکَ فِیهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَکَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَکُمْ وَ نِساءَنا وَ نِساءَکُمْ وَ أَنْفُسَنا وَ أَنْفُسَکُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللّهِ عَلَی الْکاذِبِینَ» ،فَدَعا رَسولُ اللّهِ صلی الله علیه و آله الحَسَنَ وَالحُسَینَ علیهما السلام فَکانَا ابنَیهِ،ودَعا فاطِمَةَ علیها السلام فَکانَت فی هذَا المَوضِعِ نِساءَهُ،ودَعا أمیرَ المُؤمِنینَ علیه السلام فَکانَ نَفسَهُ بِحُکمِ اللّهِ عز و جل،وقَد ثَبَتَ أنَّهُ لَیسَ أحَدٌ مِن خَلقِ اللّهِ سُبحانَهُ أجَلَّ مِن رَسولِ اللّهِ صلی الله علیه و آله وأَفضَلَ،فَوَجَبَ أن لا یَکونَ أحَدٌ أفضَلَ مِن نَفسِ

ص:332


1- (1) .آل عمران:61. [1]
2- (2) .لیس فی الأمالی:« [2]وعنی بالأبناء الحسن والحسین علیهما السلام وعنی بالنساء فاطمة علیها السلام»واللفظ فیه بعده هکذا:«فهذه خصوصیة لا یتقدّمه فیها أحد،وفضل لا یلحقه فیه بشر،وشرف لا یسبقه إلیه خلق أن جعل نفس علی کنفسه».
3- (3) .عیون أخبار الرضا علیه السلام:ج 1 ص 229-232 ح 1، [3]الأمالی للصدوق:ص 615 ح 843، [4]تحف العقول:ص 425 [5] نحوه،بحار الأنوار:ج 25 ص 220 ح 20. [6]

رَسولِ اللّهِ صلی الله علیه و آله بِحُکمِ اللّهِ عز و جل.

قالَ:فَقالَ لَهُ المَأمونُ:ألَیسَ قَد ذَکَرَ اللّهُ الأَبناءَ بِلَفظِ الجَمعِ،وإنَّما دَعا رَسولُ اللّهِ صلی الله علیه و آله ابنَیهِ خاصَّةً،وذَکَرَ النِّساءَ بِلَفظِ الجَمعِ وإنَّما دَعا رَسولُ اللّهِ صلی الله علیه و آله ابنَتَهُ وَحدَها،فَلِمَ لا جازَ أن یَذکُرَ الدُّعاءَ لِمَن هُوَ نَفسَهُ ویَکونَ المُرادُ نَفسَهُ فِی الحَقیقَةِ دونَ غَیرِهِ،فَلا یَکونُ لِأَمیرِ المُؤمِنینَ علیه السلام ما ذَکَرتَ مِنَ الفَضلِ؟

قالَ:فَقالَ لَهُ الرِّضا علیه السلام:لَیسَ بِصَحیحٍ ما ذَکَرتَ یا أمیرَ المُؤمِنینَ،وذلِکَ أنَّ الدّاعِیَ إنَّما یَکونُ داعِیاً لِغَیرِهِ کَما یَکونُ الآمِرُ آمِراً لِغَیرِهِ،ولا یَصِحُّ أن یَکونَ داعِیاً لِنَفسِهِ فِی الحَقیقَةِ کَما لا یَکونُ آمِراً لَها فِی الحَقیقَةِ،وإذا لَم یَدعُ رَسولُ اللّهِ صلی الله علیه و آله رَجُلاً فِی المُباهَلَةِ إلّاأمیرَ المُؤمِنینَ علیه السلام،فَقَد ثَبَتَ أنَّهُ نَفسُهُ الَّتی عَناهَا اللّهُ تَعالی فی کِتابِهِ، وجَعَلَ حُکمَهُ ذلِکَ فی تَنزیلِهِ.

قالَ:فَقالَ المَأمونُ:إذا وَرَدَ الجَوابَ سَقَطَ السُّؤالُ. (1)

11352. طرائف المقال: إنَّ المَأمونَ قالَ لِلرِّضا علیه السلام:مَا الدَّلیلُ عَلی خِلافَةِ جَدِّکَ [عَلِیِّ بنِ أبی طالِبٍ]؟قالَ علیه السلام: «أَنْفُسَنا» ،فَقالَ المَأمونُ:لَولا «نِساءَنا» ! فَقالَ الرِّضا علیه السلام:لَولا «أَبْناءَنا» ! فَسَکَتَ المَأمونُ (2). (3)

ص:333


1- (1) .الفصول المختارة:ص 38، [1]بحار الأنوار:ج 10 ص 350 ح 10. [2]
2- (2) .قال العلّامة الطباطبائی فی بیان هذا الحدیث:قوله علیه السلام:آیة «أَنْفُسَنا» ،یرید أنّ اللّه جعل نفس علیّ علیه السلام کنفس نبیّه صلی الله علیه و آله،وقوله:«لولا نساءنا»معناه:أنّ کلمة «نِساءَنا» فی الآیة دلیل علی أنّ المراد بالأنفس الرجال،فلا فضیلة فیه حینئذٍ،وقوله علیه السلام:«لولا أبناءنا»معناه:أنّ وجود «أَبْناءَنا» فیها یدلّ علی خلافه؛فإنّ المراد بالأنفس لو کان هو الرجال لم یکن مورد لذکر الأبناء (المیزان فی تفسیر القرآن:ج 3 ص 230). [3]
3- (3) .طرائف المقال:ج 2 ص 302. [4]

ص:334

الفصل الثالث:نماذج من مباهلات غیر أهل البیت

11353. الملهوف: قالَ الرّاوی:وخَرَجَ بُرَیرُ بنُ خُضَیرٍ-وکانَ زاهِداً عابِداً-فَخَرَج إلَیهِ یَزیدُ بنُ مَعقِلٍ،وَاتَّفَقا عَلَی المُباهَلَةِ إلَی اللّهِ فی أن یَقتُلَ المُحِقُّ مِنهُمَا المُبطِلَ،فَتَلاقَیا فَقَتَلَهُ بُرَیرٌ. (1)

11354. رجال النجاشی: مُحَمَّدُ بنُ أحمَدَ بنِ عَبدِ اللّهِ بنِ قُضاعَةَ بنِ صَفوانَ بنِ مِهرانَ الجَمّالِ، مَولی بَنی أسَدٍ،أبو عَبدِ اللّهِ،شَیخُ الطّائِفَةِ،ثِقَةٌ فَقیهٌ فاضِلٌ،وکانَت لَهُ مَنزِلَةٌ مِنَ السُّلطانِ،کانَ أصلُها أنَّهُ ناظَرَ قاضِیَ المَوصِلِ فِی الإِمامَةِ بَینَ یَدَیِ ابنِ حَمدانَ، فَانتَهَی القَولُ بَینَهُما إلی أن قالَ لِلقاضی:تُباهِلُنی؟فَوَعَدَهُ إلی غَدٍ،ثُمَّ حَضَرُوا فَباهَلَهُ وجَعَلَ کَفَّهُ فی کَفِّهِ،ثُمَّ قاما مِنَ المَجلِسِ.

وکانَ القاضی یَحضُرُ دارَ الأَمیرِ ابنِ حَمدانَ فی کُلِّ یَومٍ،فَتَأَخَّرَ ذلِکَ الیَومَ ومِن غَدِهِ،فَقالَ الأَمیرُ:اِعرِفوا خَبَرَ القاضی !

فَعادَ الرَّسولُ فَقالَ:إنَّهُ مُنذُ قامَ مِن مَوضِعِ المُباهَلَةِ حُمَّ وَانتَفَخَ الکَفُّ الَّذی مَدَّهُ لِلمُباهَلَةِ وقَدِ اسوَدَّت،ثُمَّ ماتَ مِنَ الغَدِ.

ص:335


1- (1) .الملهوف:ص 160،مثیر الأحزان:ص 61.

فَانتَشَرَ لِأَبی عَبدِ اللّهِ الصَّفوانِیِّ بِهذا ذِکرٌ عِندَ المُلوکِ،وحُظِیَ مِنهُم وکانَت لَهُ مَنزِلَةٌ. (1)

11355. الغیبة للطوسی عن أبی علیّ بن همّام: أنفَذَ مُحَمَّدُ بنُ عَلِیٍّ الشَّلمَغانِیُّ العَزاقِرِیُّ إلَی الشَّیخِ الحُسَینِ بنِ روحٍ؛یَسأَلُهُ أن یُباهِلَهُ،وقالَ:أنَا صاحِبُ الرَّجُلِ وقَد امِرتُ بِإِظهارِ العِلمِ،وقَد أظهَرتُهُ باطِناً وظاهِراً،فَباهِلنی.

فَأَنفَذَ إلَیهِ الشَّیخُ رضی الله عنه فی جَوابِ ذلِکَ:أیُّنا تَقَدَّمَ صاحِبَهُ فَهُوَ المَخصومُ.

فَتَقَدَّمَ العَزاقِرِیُّ فَقُتِلَ وصُلِبَ،واُخِذَ مَعَهُ ابنُ أبی عَونٍ،وذلِکَ فی سَنَةِ ثَلاثٍ وعِشرینَ وثَلاثِمِئَةٍ. (2)

11356. بحار الأنوار عن ابن عبّاس: الوُضوءُ غَسلَتانِ ومَسحَتانِ،مَن باهَلَنی باهَلتُهُ. (3)

11357. جامع بیان العلم عن ابن عبّاس: لِیَتَّقِ اللّهَ زَیدٌ (4)،أیَجعَلُ وَلَدَ الوَلَدِ بِمَنزِلَةِ الوَلَدِ،لا یَجعَلُ أبَ الأَبِ بِمَنزِلَةِ الأَبِ؟! إن شاءَ باهَلتُهُ عِندَ الحَجَرِ الأَسوَدِ. (5)

ص:336


1- (1) .رجال النجاشی:ج 2 ص 316 الرقم 1051،خلاصة الأقوال:ص 144 رقم 33. [1]
2- (2) .الغیبة للطوسی:ص 307 ح 258،الخرائج والجرائح:ج 3 ص 1122 ح 39،بحار الأنوار:ج 51 ص 323 ح 43. [2]
3- (3) .بحار الأنوار:ج 80 ص 247. [3]
4- (4) .هو زید بن ثابت،حَکَمَ فی الإرث بحُکم الجاهلیة وخالف حکم الإسلام.
5- (5) .جامع بیان العلم:ج 2 ص 107. [4]

الفصل الرابع:آداب یوم المباهلة

1/4 الغُسلُ

11358. الإمام الصادق علیه السلام -فی حَدیثٍ یَذکُرُ فیهِ الأَغسالَ-:غُسلُ الجَنابَةِ واجِبٌ...وغُسلُ المُباهَلَةِ واجِبٌ (1). (2)

2/4 الصَّلاةُ

11359. الإمام الصادق علیه السلام: مَن صَلّی فی هذَا الیَومِ [یَعنِی الرابِعَ وَالعِشرینَ مِن ذِی الحِجَّةِ] رَکعَتَینِ قَبلَ الزَّوالِ بِنِصفِ ساعَةٍ شُکراً للّهِ ِ عَلی ما مَنَّ بِهِ عَلَیهِ وخَصَّهُ بِهِ،یَقرَأُ فی کُلِّ رَکعَةٍ امَّ الکِتابِ مَرَّةً واحِدَةً،وعَشرَ مَرّاتٍ«قُل هُوَ اللّهُ أحَدٌ»،وعَشرَ مَرّاتٍ آیَةَ

ص:337


1- (1) .ورواه الکلینی عن محمد بن یحیی عن أحمد بن محمّد عن عثمان بن عیسی نحوه،إلّاأنّه أسقط غسل من مسّ میتاً،وغسل المحرم،وغسل یوم عرفة،وغسل دخول الحرم،وغسل المباهلة.أقول:حمل الشیخ وغیره الوجوب علی الاستحباب المؤکّد فی غیر الأغسال الستّة الواجبة،وذکروا أنّ الأخبار دالّة علی نفی وجوبها (وسائل الشیعة:ج 2 ص 937 ح 3708). [1]
2- (2) .تهذیب الأحکام:ج 1 ص 104 ح 270 عن سماعة،کتاب من لا یحضره الفقیه:ج 1 ص 78 ح 176،وسائل الشیعة:ج 2 ص 937 ح 3708. [2]

الکُرسِیِّ إلی قَولِهِ: «هُمْ فِیها خالِدُونَ» ،وعَشرَ مَرّاتٍ«إنّا أنزَلناهُ فی لَیلَةِ القَدرِ»؛عَدَلَت عِندَ اللّهِ مِئَةَ ألفِ حِجَّةٍ،ومِئَةَ ألفِ عُمرَةٍ،ولَم یَسأَلِ اللّهِ عز و جل حاجَةً مِن حَوائِجِ الدُّنیا وَالآخِرَةِ إلّاقَضاها لَهُ کائِنَةً ما کانَت،إن شاءَ اللّهُ عز و جل. (1)

3/4 الدُّعاءُ

11360. الإقبال عن الحسین بن خالد عن الإمام الصادق علیه السلام: قالَ أبو جَعفَرٍ علیه السلام:لَو قُلتُ إنَّ فی هذَا الدُّعاءِ الاِسمَ الأَکبَرَ لَصَدَقتُ،ولَو عَلِمَ النّاسُ ما فیهِ مِنَ الإِجابَةِ لَاضطَرَبوا عَلی تَعلیمِهِ بِالأَیدی،وأَنَا لَاُقَدِّمُهُ بَینَ یَدَی حَوائِجی فَیُنجِحُ،وهُوَ دُعاءُ المُباهَلَةِ مِن قَولِ اللّهِ تَعالی: «فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَکُمْ وَ نِساءَنا وَ نِساءَکُمْ وَ أَنْفُسَنا وَ أَنْفُسَکُمْ» (2)ثُمَّ إلی آخِرِ الآیَةِ،وإنَّ جَبرَئیلَ علیه السلام نَزَلَ عَلی رَسولِ اللّهِ صلی الله علیه و آله فَأَخبَرَهُ بِهذَا الدُّعاءِ،قالَ:تَخرُجُ أنتَ ووَصِیُّکَ وسِبطاکَ وَابنَتُکَ وباهِلِ القَومَ وَادعوا بِهِ.

قالَ أبو عَبدِ اللّهِ علیه السلام:فَإِذا دَعَوتُم فَاجتَهِدوا فِی الدُّعاءِ،فَإِنَّ ما عِندَ اللّهِ خَیرٌ وأَبقی مِن کُنوزِ العِلمِ،فَاشفَعوا بِهِ وَاکتُموهُ مِن غَیرِ أهلِهِ السُّفَهاءِ وَالمُنافِقینَ.الدُّعاءُ:

«اللّهُمَّ إنّی أسأَ لُکَ مِن بَهائِکَ بِأَبهاهُ،وکُلُّ بَهائِکَ بَهِیٌّ،اللّهُمَّ إنّی أسأَ لُکَ بِبَهائِکَ کُلِّهِ، اللّهُمَّ إنّی أسأَ لُکَ مِن جَلالِکَ بِأَجَلِّهِ،وکُلُّ جَلالِکَ جَلیلٌ،اللّهُمَّ إنی أسأَ لُکَ بِجَلالِکَ کُلِّهِ، اللّهُمَّ إنّی أسأَ لُکَ مِن جَمالِکَ بِأَجمَلِهِ،وکُلُّ جَمالِکَ جَمیلٌ،اللّهُمَّ إنی أسأَ لُکَ بِجَمالِکَ کُلِّهِ، اللّهُمَّ إنّی أدعوکَ کَما أمَرتَنی فَاستَجِب لی کَما وَعَدتَنی.

اللّهُمَّ إنّی أسأَ لُکَ من عَظَمَتِکَ بِأَعظَمِها،وکُلُّ عَظَمَتِکَ عَظیمَةٌ،اللّهُمَّ إنّی أسأَ لُکَ بِعَظَمَتِکَ

ص:338


1- (1) .مصباح المتهجّد:ص 758، [1]الإقبال:ج 2 ص 371، [2]وسائل الشیعة:ج 5 ص 287 ح 10354. [3]
2- (2) .آل عمران:61. [4]

کُلِّها،اللّهُمَّ إنّی أسأَ لُکَ مِن نورِکَ بِأَنوَرِهِ،وکُلُّ نورِکَ نَیِّرٌ،اللّهُمَّ إنّی أسأَ لُکَ بِنورِکَ کُلِّهِ، اللّهُمَّ إنّی أسأَ لُکَ مِن رَحمَتِکَ بِأَوسَعِها،وکُلُّ رَحمَتِکَ واسِعَةٌ،اللّهُمَّ إنّی أسأَ لُکَ بِرَحمَتِکَ کُلِّها،اللّهُمَّ إنّی أدعوکَ کَما أمَرتَنی فَاستَجِب لی کَما وَعَدتَنی.

اللّهُمَّ إنّی أسأَ لُکَ مِن کَمالِکَ بِأَکمَلِهِ،وکُلُّ کَمالِکَ کامِلٌ،اللّهُمَّ إنّی أسأَ لُکَ بِکَمالِکَ کُلِّهِ، اللّهُمَّ إنّی أسأَ لُکَ مِن کَلِماتِکَ بِأَتَمِّها،وکُلُّ کَلِماتِکَ تامَّةٌ،اللّهُمَّ إنّی أسأَ لُکَ بِکَلِماتِکَ کُلِّها، اللّهُمَّ إنّی أسأَ لُکَ مِن أسمائِکَ بِأَکبَرِها،وکُلُّ أسمائِکَ کَبیرَةٌ،اللّهُمَّ إنّی أسأَ لُکَ بِأَسمائِکَ کُلِّها،اللّهُمَّ إنّی أدعوکَ کَما أمَرتَنی فَاستَجِب لی کَما وَعَدتَنی.

اللّهُمَّ إنّی أسأَ لُکَ مِن عِزَّتِکَ بِأَعَزِّها،وکُلُّ عِزَّتِکَ عَزیزَةٌ،اللّهُمَّ إنّی أسأَ لُکَ بِعِزَّتِکَ کُلِّها،اللّهُمَّ إنّی أسأَ لُکَ مِن مَشِیَّتِکَ بِأَمضاها،وکُلُّ مَشِیَّتِکَ ماضِیَةٌ،اللّهُمَّ إنّی أسأَ لُکَ بِمَشِیَّتِکَ کُلِّها،اللّهُمَّ إنّی أسأَ لُکَ بِقُدرَتِکَ الَّتی استَطَلتَ بِها عَلی کُلِّ شَیءٍ،وکُلُّ قُدرَتِکَ مُستَطیلَةٌ،اللّهُمَّ إنّی أسأَ لُکَ بِقُدرَتِکَ کُلِّها،اللّهُمَّ إنّی أدعوکَ کَما أمَرتَنی فَاستَجِب لی کَما وَعَدتَنی.

اللّهُمَّ إنّی أسأَ لُکَ مِن عِلمِکَ بِأَنفَذِهِ،وکُلُّ عِلمِکَ نافِذٌ،اللّهُمَّ إنّی أسأَ لُکَ بِعِلمِکَ کُلِّهِ، اللّهُمَّ إنّی أسأَ لُکَ مِن قَولِکَ بِأَرضاهُ،وکُلُّ قَولِکَ رِضاً (1)،اللّهُمَّ إنّی أسأَ لُکَ بِقَولِکَ کُلِّهِ،اللّهُمَّ إنّی أسأَ لُکَ مِن مَسائِلِکَ بِأَحَبِّها إلَیکَ،وکُلُّ مَسائِلِکَ إلَیکَ حَبیبَةٌ،اللّهُمَّ إنّی أسأَ لُکَ بِمَسائِلِکَ کُلِّها،اللّهُمَّ إنّی أدعوکَ کَما أمَرتَنی فَاستَجِب لی کَما وَعَدتَنی.

اللّهُمَّ إنّی أسأَ لُکَ مِن شَرَفِکَ بِأَشرَفِهِ،وکُلُّ شَرَفِکَ شَریفٌ،اللّهُمَّ إنّی أسأَ لُکَ بِشَرَفِکَ کُلِّهِ،اللّهُمَّ إنّی أسأَ لُکَ مِن سُلطانِکَ بِأَدوَمِهِ،وکُلُّ سُلطانِکَ دائِمٌ،اللّهُمَّ إنّی أسأَ لُکَ بِسُلطانِکَ کُلِّهِ،اللّهُمَّ إنّی أسأَ لُکَ مِن مُلکِکَ بِأَفخَرِهِ،وکُلُّ مُلکِکَ فاخِرٌ،اللّهُمَّ إنّی أسأَ لُکَ

ص:339


1- (1) .رَضِیٌّ (خ ل).

بِمُلکِکَ کُلِّهِ،اللّهُمَّ إنّی أدعوکَ کَما أمَرتَنی فَاستَجِب لی کَما وَعَدتَنی.

اللّهُمَّ إنّی أسأَ لُکَ مِن عَلائِکَ بِأَعلاهُ،وکُلُّ عَلائِکَ عالٍ،اللّهُمَّ إنّی أسأَ لُکَ بِعَلائِکَ کُلِّهِ، اللّهُمَّ إنّی أسأَ لُکَ مِن آیاتِکَ بِأَعجَبِها،وکُلُّ آیاتِکَ عَجیبَةٌ،اللّهُمَّ إنّی أسأَ لُکَ بِآیاتِکَ کُلِّها، اللّهُمَّ إنّی أسأَ لُکَ مِن مَنِّکَ بِأَقدَمِهِ،وکُلُّ مَنِّکَ قَدیمٌ،اللّهُمَّ إنّی أسأَ لُکَ بِمَنِّکَ کُلِّهِ،اللّهُمَّ إنّی أدعوکَ کَما أمَرتَنی فَاستَجِب لی کَما وَعَدتَنی.

اللّهُمَّ إنّی أسأَ لُکَ بِما أنتَ فیهِ مِنَ الشُّؤونِ وَالجَبَروتِ،اللّهُمَّ وإنّی أسأَ لُکَ بِکُلِّ شَأنٍ، وکُلِّ جَبَروتٍ لَکَ.

اللّهُمَّ وإنّی أسأَ لُکَ بِما تُجیبُنی بِهِ حینَ أسأَ لُکَ،یا اللّهُ،یا لا إلهَ إلّاأنتَ أسأَ لُکَ بِبَهاءِ لا إلهَ إلّاأنتَ،یا لا إلهَ إلّاأنتَ أسأَ لُکَ بِجَلالِ لا إلهَ إلّاأنتَ،یا لا إلهَ إلّاأنتَ أسأَ لُکَ بِجَمالِ لا إلهَ إلّاأنتَ،یا لا إلهَ إلّاأنتَ أسأَ لُکَ بِعَظَمَةِ لا إلهَ إلّاأنتَ،یا لا إلهَ إلّاأنتَ أسأَ لُکَ بِکَمالِ لا إلهَ إلّاأنتَ،یا لا إلهَ إلّاأنتَ أسأَ لُکَ بِقَولِ لا إلهَ إلّاأنتَ،یا لا إلهَ إلّا أنتَ أسأَ لُکَ بِشَرَفِ لا إلهَ إلّاأنتَ،یا لا إلهَ إلّاأنتَ أسأَ لُکَ بِعَلاءِ لا إلهَ إلّاأنتَ،یا لا إلهَ إلّا أنتَ أسأَ لُکَ بِکَلِماتِ لا إلهَ إلّاأنتَ،یا لا إلهَ إلّاأنتَ أسأَ لُکَ بِعِزَّةِ لا إلهَ إلّاأنتَ،یا لا إلهَ إلّاأنتَ أسأَ لُکَ بِلا إلهَ إلّاأنتَ،یا لا إلهَ إلّاأنتَ یا اللّهُ یا رَبّاه-حَتّی یَنقَطِعَ النَّفَسُ-».

وتَقولُ:

«أسأَ لُکَ سَیِّدی فَلَیسَ مِثلَکَ شَیءٌ،وأَسأَ لُکَ بِکُلِّ دَعوَةٍ دَعاکَ بِها نَبِیٌّ مُرسَلٌ أو مَلَکٌ مُقَرَّبٌ أو مُؤمِنٌ امتَحَنتَ قَلبَهُ لِلإِیمانِ استَجَبتَ دَعوَتَهُ مِنهُ،وأَتَوَجَّهُ إلَیکَ بِمُحَمَّدٍ نَبِیِّکَ نَبِیِّ الرَّحمَةِ،وأَتَقَدَّمُ بَینَ یَدَی حوَائِجی بِمُحَمَّدٍ،یا مُحَمَّدُ یا رَسولَ اللّهِ،بِأَبی أنتَ وأُمّی،أتَوَجَّهُ إلی رَبِّکَ ورَبّی واُقَدِّمُکَ بَینَ یَدَی حاجَتی،یا رَبّاه یا اللّهُ یا رَبّاه، أسأَ لُکَ بِکَ فَلَیسَ کَمِثلِکَ شَیءٌ،وأَتَوَجَّهُ إلَیکَ بِمُحَمَّدٍ خَلیلِکَ ونَبِیِّکَ نَبِیِّ الرَّحمَةِ

ص:340

وبِعِترَتِهِ،واُقَدِّمُهُم بَینَ یَدَی حَوائِجی.

وأَسأَ لُکَ بِحَیاتِکَ الَّتی لا تَموتُ،وبِنورِ وَجهِکَ الَّذی لا یُطفَأُ،وبِالعَینِ الَّتی لا تَنامُ، أسأَ لُکَ أن تُصَلِّیَ عَلی مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ قَبلَ کُلِّ شَیءٍ».

ثُمَّ تَسأَلُ حاجَتَکَ تُقضی إن شاءَ اللّهُ. (1)

11361. الإقبال: (2)دُعاءُ المُباهَلَةِ وَالإِنابَةِ وَالتَّضَرُّعِ وَالمَسأَلَةِ عَن مَولانا أمیرِ المُؤمِنینَ علیه السلام:

«اَللّهُ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ الْحَیُّ الْقَیُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَ لا نَوْمٌ لَهُ ما فِی السَّماواتِ وَ ما فِی الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِی یَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاّ بِإِذْنِهِ یَعْلَمُ ما بَیْنَ أَیْدِیهِمْ وَ ما خَلْفَهُمْ وَ لا یُحِیطُونَ بِشَیْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلاّ بِما شاءَ وَسِعَ کُرْسِیُّهُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ لا یَؤُدُهُ حِفْظُهُما وَ هُوَ الْعَلِیُّ الْعَظِیمُ» (3).

«شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ وَ الْمَلائِکَةُ وَ أُولُوا الْعِلْمِ قائِماً بِالْقِسْطِ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ الْعَزِیزُ الْحَکِیمُ» (4).

«قُلِ اللّهُمَّ مالِکَ الْمُلْکِ تُؤْتِی الْمُلْکَ مَنْ تَشاءُ وَ تَنْزِعُ الْمُلْکَ مِمَّنْ تَشاءُ وَ تُعِزُّ مَنْ تَشاءُ وَ تُذِلُّ مَنْ تَشاءُ بِیَدِکَ الْخَیْرُ إِنَّکَ عَلی کُلِّ شَیْءٍ قَدِیرٌ* تُولِجُ اللَّیْلَ فِی النَّهارِ وَ تُولِجُ النَّهارَ فِی اللَّیْلِ وَ تُخْرِجُ الْحَیَّ مِنَ الْمَیِّتِ وَ تُخْرِجُ الْمَیِّتَ مِنَ الْحَیِّ وَ تَرْزُقُ مَنْ تَشاءُ بِغَیْرِ حِسابٍ» (5).

«لَوْ أَنْزَلْنا هذَا الْقُرْآنَ عَلی جَبَلٍ لَرَأَیْتَهُ خاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْیَةِ اللّهِ وَ تِلْکَ الْأَمْثالُ

ص:341


1- (1) .الإقبال:ج 2 ص 356، [1]مصباح المتهجّد:ص 759 ح 844 [2] ولیس فیه صدره إلی«وادعوا به».
2- (2) .قال السیّد قدس سره:ومن الدعاء فی یوم المباهلة ما وجدناه فی کتب الدعوات،فقال ما هذا لفظه:دعاء المباهلة والإنابة والتضرّع والمسألة عن مولانا أمیرالمؤمنین علیه السلام. واستظهر السیّد قدس سره من هذا الخبر المرسل أنّ هذا الدعاء لیوم المباهلة،ولذا أدرجه فی طیّ أعمال هذا الیوم،والظاهر-کما احتمله المحدّث النوری-المراد منها الابتهال؛بقرینة عطف الإنابة والتضرّع والمسألة علیها،ولیس فی ألفاظ الدعاء ما ینافیه،فیکون من الأدعیة المطلقة.
3- (3) .البقرة:255. [3]
4- (4) .آل عمران:18. [4]
5- (5) .آل عمران:26 و 27. [5]

نَضْرِبُها لِلنّاسِ لَعَلَّهُمْ یَتَفَکَّرُونَ* هُوَ اللّهُ الَّذِی لا إِلهَ إِلاّ هُوَ عالِمُ الْغَیْبِ وَ الشَّهادَةِ هُوَ الرَّحْمنُ الرَّحِیمُ* هُوَ اللّهُ الَّذِی لا إِلهَ إِلاّ هُوَ الْمَلِکُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَیْمِنُ الْعَزِیزُ الْجَبّارُ الْمُتَکَبِّرُ سُبْحانَ اللّهِ عَمّا یُشْرِکُونَ* هُوَ اللّهُ الْخالِقُ الْبارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنی یُسَبِّحُ لَهُ ما فِی السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ هُوَ الْعَزِیزُ الْحَکِیمُ» (1).

هُوَ اللّهُ الَّذی لا یُعرَفُ لَهُ سَمِیٌّ،وهُوَ اللّهُ الرَّجاءُ وَالمُرتَجی،وَاللَّجَأُ وَالمُلتَجی،وإلَیهِ المُشتَکی،ومِنهُ الفَرَجُ وَالرَّخاءُ،وهُوَ سَمیعُ الدُّعاءِ.

اللّهُمَّ إنّی أسأَ لُکَ یا اللّهُ بِحَقِّ الاِسمِ الرَّفیعِ عِندَکَ،العالِی المَنیعِ،الَّذِی اختَرتَهُ لِنَفسِکَ، وَاختَصَصتَهُ لِذِکرِکَ،ومَنَعتَهُ جَمیعَ خَلقِکَ،وأَفرَدتَهُ عَن کُلِّ شَیءٍ دونَکَ،وجَعَلتَهُ دَلیلاً عَلَیکَ وسَبَباً إلَیکَ،وهُوَ أعظَمُ الأَسماءِ،وأَجَلُّ الأَقسامِ،وأَفخَرُ الأَشیاءِ،وأَکبَرُ الغَنائِمِ، وأَوفَقُ الدُّعاءِ،ثُمَّ (2)لا تُخَیِّبُ راجِیَهُ ولا تَرُدُّ داعِیَهُ،ولا یَضعُفُ مَنِ اعتَمَدَ عَلَیهِ ولَجَأَ إلَیهِ.

وأَسأَ لُکَ یا اللّهُ بِالرُّبوبِیَّةِ الَّتی تَفَرَّدتَ بِها أن تَقِیَنِی النّارَ بِقُدرَتِکَ،وتُدخِلَنِی الجَنَّةَ بِرَحمَتِکَ.

یا نورُ أنتَ نورُ السَّماواتِ وَالأَرضِ،قَدِ استَضاءَ بِنورِکَ أهلُ سَماواتِکَ وأَرضِکَ، فَأَسأَ لُکَ أن تَجعَلَ لی نوراً فی سَمعی وبَصَری أستَضیءُ بِهِ فِی الدُّنیا وَالآخِرَةِ.

یا عَظیمُ أنتَ رَبُّ العَرشِ العَظیمِ،بِعَظَمَتِکَ استَعَنتُ فَارفَعنی وأَلحِقنی دَرَجَةَ الصّالِحینَ.

یا کَریمُ بِکَرَمِکَ تَعَرَّضتُ،وبِهِ تَمَسَّکتُ،وعَلَیهِ تَوَکَّلتُ وَاعتَمَدتُ،فَأَکرِمنی بِکَرامَتِکَ،وأَنزِل عَلَیَّ رَحمَتَکَ وبَرَکاتِکَ،وقَرِّبنی مِن جِوارِکَ،وأَلبِسنی مِن مَهابَتِکَ

ص:342


1- (1) .الحشر:21-24. [1]
2- (2) .فی الطبعة المعتمدة:«أوفق الدعائم»بدل«أوفق الدعاء ثمّ»،وما فی المتن أثبتناه من طبعة دار الکتب الإسلامیة.

وبَهائِکَ،وأَنِلنی مِن رَحمَتِکَ وجَزیلِ عَطائِکَ.

یا کَبیرُ لا تُصَعِّر خَدّی،ولا تُسَلِّط عَلَیَّ مَن لا یَرحَمُنی،وَارفَع ذِکری،وشَرِّف مَقامی، وأَعلِ فی عِلِّیّینَ دَرَجَتی.یا مُتَعالِ (1)أسأَ لُکَ بِعُلُوِّکَ أن تَرفَعَنی ولا تَضَعَنی،ولا تُذِلَّنی بِمَن هُوَ أرفَعُ مِنّی،ولا تُسَلِّط عَلَیَّ مَن هُوَ دونی،وأَسکِن خَوفَکَ قَلبی.

یا حَیُّ أسأَ لُکَ بِحَیاتِکَ الَّتی لا تَموتُ أن تُهَوِّنَ عَلَیَّ المَوتَ،وأَن تُحیِیَنی حَیاةً طَیِّبَةً، وتَوَفَّنی مَعَ الأَبرارِ.

یا قَیّومُ أنتَ القائِمُ عَلی کُلِّ نَفسٍ (بِما کَسَبَت)،وَالمُقیمُ بِکُلِّ شَیءٍ،اجعَلنی مِمَّن یُطیعُکَ ویَقومُ بِأَمرِکَ وحَقِّکَ،ولا یَغفُلُ عَن ذِکرِکَ.

یا رَحمنُ ارحَمنی بِرَحمَتِکَ،وجُد عَلَیَّ بِفَضلِکَ وجودِکَ (2)،ونَجِّنی مِن عِقابِکَ،وأَجِرنی مِن عَذابِکَ.

یا رَحیمُ تَعَطَّف عَلی ضُرّی بِرَحمَتِکَ،وجُد عَلَیَّ بِجودِکَ ورَأفَتِکَ،وخَلِّصنی مِن عَظیمِ جُرمی بِرَحمَتِکَ؛فَإِنَّکَ الشَّفیقُ الرَّفیقُ،ومَن لَجَأَ إلَیکَ فَقَدِ استَمسَکَ بِالعُروَةِ الوُثقی وَالرُّکنِ الوَثیقِ.

یا مَلِکُ مِن مُلکِکَ أطلُبُ،ومِن خَزائِنِکَ الَّتی لا تَنفَدُ أسأَلُ،فَأَعطِنی مُلکَ الدُّنیا وَالآخِرَةِ؛فَإِنَّهُ لا یُعجِزُکَ ولا یَنقُصُکَ شَیءٌ،ولا یُؤثَرُ فیما عِندَکَ.

یا قُدّوسُ أنتَ الطّاهِرُ المُقَدَّسُ،فَطَهِّر قَلبی وفَرِّغنی لِذِکِرکَ،وعَلِّمنی ما یَنفَعُنی،وزِدنی عِلماً إلی ما عَلَّمتَنی.

یا جَبّارُ بِقُوَّتِکَ أعِنّی عَلَی الجَبّارینَ،وَاجبُرنی یا جابِرَ العَظمِ الکَسیرِ،وکُلُّ جَبّارٍ خاضِعٌ لَکَ.

ص:343


1- (1) .یا مُتَعالی (خ ل).
2- (2) .جِوارِکَ (خ ل).

یا مُتَکَبِّرُ اکنُفنی بِرُکنِکَ،وحُل بَینی وبَینَ البُغاةِ مِن خَلقِکَ بِکِبرِیائِکَ.

یا عَزیزُ أعِزَّنی بِطاعَتِکَ،ولا تُذِلَّنی (1)بِالمَعاصی فَأَهونَ عِندَکَ وعِندَ خَلقِکَ.

یا حَلیمُ عُد عَلَیَّ بِحِلمِکَ،وَاستُرنی بِعَفوِکَ،وَاجعَلنی مُؤَدِّیاً لِحَقِّکَ،ولا تَفضَحنی یَومَ الوُقوفِ بَینَ یَدَیکَ.

یا عَلیمُ أنتَ العالِمُ بِحالی وسِرّی وجَهری وخَطَئی وعَمدی،فَاصفَح لی عَمّا خَفِیَ عَن خَلقِکَ مِن أمری.

یا حَکیمُ أسأَ لُکَ بِما أحکَمتَ بِهِ الأَشیاءَ فَأَتقَنتَها،أن تَحکُمَ لی بِالإِجابَةِ فیما أسأَ لُکَ وأَرغَبُ فیهِ إلَیکَ.

یا سَلامُ سَلِّمنی مِن مَظالِمِ العِبادِ،ومِن عَذابِ القَبرِ وأَهوالِ یَومِ القِیامَةِ.

یا مُؤمِنُ آمِنّی مِن کُلِّ خَوفٍ،وَارحَم ضُرّی وذُلَّ مَقامی،وَاکفِنی ما أهَمَّنی مِن أمرِ دُنیای وآخِرَتی.

یا مُهَیمِنُ خُذ بِناصِیَتی إلی رِضاکَ،وَاجعَلنی عامِلاً بِطاعَتِکَ مَعصوماً عَن طاعَةِ مَن سِواکَ.

یا بارِئَ الأَشیاءِ عَلی غَیرِ مِثالٍ،أسأَ لُکَ أن تَجعَلَنی مِنَ الصّادِقینَ المَبرورینَ عِندَکَ.

یا مُصَوِّرُ صَوَّرتَنی فَأَحسَنتَ صورَتی،وخَلَقتَنی فَأَکمَلتَ خَلقی،فَتَمِّم أحسَنَ ما أنعَمتَ بِهِ عَلَیَّ،ولا تُشَوِّه خَلقی یَومَ القِیامَةِ.

یا قَدیرُ بِقُدرَتِکَ قَدَّرتَ وقَدَّرتَنی عَلَی الأَشیاءِ،فَأَسأَ لُکَ أن تُحسِنَ عَلی أمورِ الدُّنیا وَالآخِرَةِ مَعونَتی،وتُنجِینَی مِن سوءِ أقدارِکَ.

ص:344


1- (1) .فی الطبعة المعتمدة:«و لا تبتلنی»بدل«من خلقک بکبریائک یا عزیز أعزّنی بطاعتک ولا تذلّنی»وما فی المتن أثبتناه من طبعة دار الکتب الإسلامیة.

یا غَنِیُّ أغنِنی بِغَنائِکَ،وأَوسِع عَلَیَّ فی عَطائِکَ،وَاشفِنی بِشِفائِکَ،ولا تُبعِدنی مِن سَلامَتِکَ.

یا حَمیدُ لَکَ الحَمدُ کُلُّهُ،وبِیَدِکَ الأَمرُ کُلُّهُ،ومِنکَ الخَیرُ کُلُّهُ.اللّهُمَّ ألهِمنِی الشُّکرَ عَلی ما أعطَیتَنی.

یا مَجیدُ أنتَ المَجیدُ وَحدَکَ،لا یَفوتُکَ شَیءٌ ولا یَؤُودُکَ (1)شَیءٌ،فَاجعَلنی مِمَّن یُقَدِّسُکَ ویُمَجِّدُکَ ویُثنی عَلَیکَ.

یا أحَدُ أنتَ اللّهُ الفَردُ الأَحَدُ الصَّمَدُ لَم تَلِد ولَم تولَد ولَم یَکُن لَکَ کُفُواً أحَدٌ،فَکُن لی اللّهُمَّ جاراً ومونِساً وحِصناً مَنیعاً.

یا وَترُ أنتَ وَترُ کُلِّ شَیءٍ،ولا یَعدِلُکَ شَیءٌ،فَاجعَل عاقِبَةَ أمری إلی خَیرٍ،وَاجعَل خَیرَ أیّامی یَومَ ألقاکَ.

یا صَمَدُ یا مَن لا تَأخُذُهُ سِنَةٌ ولا نَومٌ،ولا یَخفی عَلَیهِ خافِیَةٌ فی ظُلُماتِ البَرِّ وَالبَحرِ، احفَظنی فی تَقَلُّبی (2)ونَومی ویَقَظَتی.

یا سَمیعُ اسمَع صَوتی،وَارحَم صَرخَتی.

یا سَمیعُ یا مُجیبُ یا بَصیرُ،قَد أحاطَ بِکُلِّ شَیءٍ عِلمُکَ ونَفَذَ فیهِ عِلمُکَ وکُلُّهُ بِعَینِکَ، فَانظُر إلَیَّ بِرَحمَتِکَ،ولا تُعرِض عَنّی بِوَجهِکَ.

یا رَؤوفُ أنتَ أرأَفُ بی مِن أبی واُمّی،ولَو لا رَأفَتُکَ لَما عَطَفا عَلَیَّ،فَتَمِّم نِعمَتَکَ عَلَیَّ ولا تُنَغِّصنی ما أعطَیتَنی.

یا لَطیفُ الطُف بی بِلُطفِکَ الخَفِیِّ مِن حَیثُ أعلَمُ ومِن حَیثُ لا أعلَمُ،إنَّکَ أنتَ علّامُ الغُیوبِ.

ص:345


1- (1) .وَأَدَهُ:أی أثْقَلَهُ (المصباح المنیر:ص 674«وأد»).
2- (2) .تَخَیُّلی (خ ل).

یا حَفیظُ احفَظنی فی نَفسی وأَهلی ومالی ووَلَدی،وما حَضَرتُهُ ووَعَیتُهُ وغِبتُ عَنهُ مِن أمری بِما حَفِظتَ بِهِ السَّماواتِ وَالأَرَضینَ وما بَینَهُما،إنَّکَ عَلی کُلِّ شَیءٍ قَدیرٌ.

یا غَفورُ اغفِر لی ذُنوبی وَاستُر عُیوبی،ولا تَفضَحنی بِسَرائِری إنَّکَ أرحَمُ الرّاحِمینَ.

ویا وَدودُ اجعَل لی مِنکَ مَوَدَّةً ورَحمَةً فِی الدُّنیا وَالآخِرَةِ،وَاجعَل لی ذلِکَ فی صُدورِ المُؤمِنینَ.

یا ذَا العَرشِ المَجیدِ اجعَلنی مِنَ المُسَبِّحینَ المُمَجِّدینَ لَکَ فی آناءِ اللَّیلِ وأَطرافِ النَّهارِ وبِالغُدُوِّ وَالآصالِ،وأَعِنّی عَلی ذلِکَ.

یا مُبدِئُ أنتَ بَدَأتَ الأَشیاءَ کَما تُریدُ،وأَنتَ المُبدِئُ المُعیدُ الفَعّالُ لِما تُریدُ،فَاجعَل لِیَ الخِیَرَةَ فِی البَدءِ وَالعاقِبَةِ فِی الاُمورِ.

یا مُعیدُ أنتَ تُعیدُ الأَشیاءَ کَما بَدَأتَها أوَّلَ مَرَّةٍ،أسأَ لُکَ إعادَةَ الصِّحَّةِ وَالمالِ وجَلیلِ الأَحوالِ إلَیَّ وَالتَّفَضُّلَ بِذلِکَ.

یا رَقیبُ احرُسنی بِرَقبَتِکَ،وأَعِنّی بِحِفظِکَ،وَاکنُفنی بِفَضلِکَ،ولا تَکِلنی إلی غَیرِکَ.

یا شَکورُ أنتَ المَشکورُ عَلی ما رَعَیتَ وغَذَّیتَ،ووَهَبتَ وأَعطَیتَ وأَغنَیتَ،فَاجعَلنی لَکَ مِنَ الشّاکِرینَ ولِآلائِکَ مِنَ الحامِدینَ.

یا باعِثُ ابعَثنی شَهیداً صِدّیقاً رَضِیّاً،عزیزاً حَمیداً،مُغتَبِطاً مَسروراً،مَشکوراً مَحبوراً.

یا وارِثُ تَرِثُ الأَرضَ ومَن عَلَیها،وَالسَّماواتِ وسُکّانَها،وجَمیعَ ما خَلَقتَ،فَوَرِّثنی حِلماً وعِلماً إنَّکَ خَیرُ الوارِثینَ.

یا مُحیی أحیِنی حَیاةً طَیِّبَةً بِجودِکَ،وأَلهِمنی شُکرَکَ [ وذِکرَکَ] (1)أبَداً ما أبقَیتَنی،

ص:346


1- (1) .أثبتناه من طبعة دار الکتب الإسلامیة.

وآتِنی فِی الدُّنیا حَسَنَةً وفِی الآخِرَةِ حَسَنَةً وقِنی عَذابَ النّارِ.

یا مُحسِنُ عُد عَلَیَّ اللّهُمَّ بِإِحسانِکَ،وضاعِف عِندی نِعمَتَکَ وجَمیلَ بَلائِکَ.

یا مُمیتُ هَوِّن عَلَیَّ سَکَراتِ المَوتِ وغُصَصَهُ،وبارِک لی فیهِ عِندَ نُزولِهِ،ولا تَجعَلنی مِنَ النّادِمینَ عِندَ مُفارَقَةِ الدُّنیا.

یا مُجمِلُ لا تُبَغِّضنی بِما أعطَیتَنی،ولا تَمنَعنی ما رَزَقتَنی،ولا تَحرِمنی ما وَعَدتَنی، وجَمِّلنی بِطاعَتِکَ.

یا مُنعِمُ تَمِّم نِعمَتَکَ عَلَیَّ،وآنِسنی بِها،وَاجعَلنی مِنَ الشّاکِرینَ لَکَ عَلَیها.

یا مُفضِلُ بِفَضلِکَ أعیشُ،ولَکَ أرجو،وعَلَیکَ أعتَمِدُ،فَأَوسِع عَلَیَّ مِن فَضلِکَ،وَارزُقنی مِن حَلالِ رِزقِکَ.

أنتَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ،وَالظّاهِرُ وَالباطِنُ،وأَنتَ عَلی کُلِّ شَیءٍ قَدیرٌ،فَاجعَلنی أوَّلَ التّائِبینَ،ومِمَّن یَروی مِن حَوضِ نَبِیِّکَ یَومَ القِیامَةِ.

یا آخِرُ أنتَ الآخِرُ،وکُلُّ شَیءٍ هالِکٌ إلّاوَجهَکَ،تَعالَیتَ عُلُوّاً کَبیراً.

یا ظاهِرُ أنتَ الظّاهِرُ عَلی کُلِّ شَیءٍ مَکنونٍ،وَالعالِمُ بِکُلِّ شَیءٍ مَکتومٍ،فَأَسأَ لُکَ أن تُظهِرَ مِن اموری أحَبَّها إلَیکَ.

یا باطِنُ أنتَ تُبطِنُ فِی الأَشیاءِ مِثلَ ما تُظهِرُهُ فیها،وأَنتَ عَلّامُ الغُیوبِ،فَأَسأَ لُکَ اللّهُمَّ أن تُصلِحَ ظَاهِری وباطِنی بِقُدرَتِکَ.

یا قاهِرُ أنتَ الَّذی قَهَرتَ الأَشیاءَ بِقُدرَتِکَ،فَکُلُّ جَبّارٍ دونَکَ،ونَواصِی الخَلقِ کُلُّهُم بِیَدِکَ،وکُلُّهُم واقِفٌ بَینَ یَدَیکَ وخاضِعٌ لَکَ.

یا وَهّابُ هَب لی مِن لَدُنکَ رَحمَةً وعِلماً ومالاً ووَلَداً طَیِّباً،إنَّکَ أنتَ الوَهّابُ.

یا فَتّاحُ افتَح لی أبوابَ رَحمَتِکَ وأَدخِلنی فیها،وأَعِذنی مِنَ الشَّیطانِ الرَّجیمِ،وَافتَح لی

ص:347

مِن فَضلِکَ.

یا رَزّاقُ ارزُقنی مِن فَضلِکَ،وزِدنی مِن عَطائِکَ،وسَعَةِ ما عِندَکَ،وأَغنِنی عَن خَلقِکَ.

یا خَلّاقُ أنتَ خَلَقتَ الأَشیاءَ بِغَیرِ نَصَبٍ ولا لُغوبٍ،خَلَقتَنی خَلقاً سَوِیّاً حَسَناً جَمیلاً،وفَضَّلتَنی عَلی کَثیرٍ مِمَّن خَلَقتَ تَفضیلاً.

یا قاضی أنتَ تَقضی فی خَلقِکَ بِما تُریدُ،فَاقضِ لی بِالحُسنی،وجَنِّبنِی الرَّدی،وَاختِم لی بِالحُسنی فِی الآخِرَةِ وَالاُولی.

یا حَنّانُ تَحَنَّن عَلَیَّ بِرَأفَتِکَ،وتَفَضَّل عَلَیَّ بِرِزقِکَ ورَحمَتِکَ،وَاقبِض عَنّی یَدَ کُلِّ جَبّارٍ عَنیدٍ وشَیطانٍ مَریدٍ،وأَخرِجنی بِعِزَّتِکَ مِن حَلَقِ المَضیقِ إلی فَرَجِکَ القَریبِ.

یا مَنّانُ امنُن عَلَیَّ بِالعافِیَةِ فِی الدُّنیا وَالآخِرَةِ،ولا تَسلُبنیها أبَداً ما أبقَیتَنی.

یا ذَا الجَلالِ وَالإِکرامِ اغفِر لی بِجَلالِکَ وکَرَمِکَ مَغفِرَةً تَحُلُّ بِها عَنّی قُیودَ ذُنوبی،وتَغفِرُ لی سَیِّئاتی،إنَّکَ عَلی کُلِّ شَیءٍ قَدیرٌ.

یا جَوادُ أنتَ الجَوادُ الکَریمُ الَّذی لا تَبخَلُ،وَالمُعطِی الَّذی لا تَنکُلُ،فَجُد عَلَیَّ بِکَرَمِکَ، وَاجعَلنی شاکِراً لِإِنعامِکَ.

یا قَوِیُّ خَلَقتَ السَّماواتِ وما فِی الأَرضِ وما بَینَهُما وما فیهِما وَحدَکَ لا شَریکَ لَکَ بِغَیرِ نَصَبٍ ولا لُغوبٍ،فَقَوِّنی عَلی أمری بِقُوَّتِکَ.

یا شَدیدُ اشدُد أزری،وأَعِنّی عَلی أمری،وکُن لی مِن کُلِّ حاجَةٍ قاضِیاً.یا غالِبُ غَلَبتَ کُلَّ غَلّابٍ بِقُدرَتِکَ،فَاغلِب بالی وهَوایَ حَتّی تَرُدَّهُما إلی طاعَتِکَ،وَاغلِب بِعِزَّتِکَ مَن بَغی عَلَیَّ ورامَ حَربی.

یا دَیّانُ أنتَ تَحشُرُ الخَلقَ،وعَلَیکَ العَرضُ،وکُلٌّ یَدینُ لَکَ ویُقِرُّ لَکَ بِالرُّبوبِیَّةِ،فَاغفِر لِیَ الذُّنوبَ بِعِزَّتِکَ.

ص:348

یا ذَکورُ اذکُرنی فِی الأَوَّلینَ وَالشُّهَداءِ وَالصّالِحینَ،وعِندَ کُلِّ خَیرٍ تَقسِمُهُ.

یا خَفِیُّ أنتَ تَعلَمُ السِّرَّ وأَخفی وهُوَ ظاهِرٌ عِندَکَ،فَاغفِر لی ما خَفِیَ عَلَی النّاسِ مِن أمری،ولا تَهتِکنی یَومَ القِیامَةِ عَلی رُؤوسِ الأَشهادِ.

یا جَلیلُ جَلَلتَ عَنِ الأَشیاءِ فَکُلُّها صَغیرَةٌ عِندَکَ،فَأَعطِنی مِن جَلائِلِ نِعمَتِکَ،ولا تَحرِمنی مِن فَضلِکَ.

یا مُنقِذُ أنقِذنی مِنَ الهَلاکِ،وَاکشِف عَنّی غَمّاءَ الضَّلالاتِ،وخَلِّصنی مِن کُلِّ موبِقَةٍ، وفَرِّج عَنّی کُلَّ مُلِمَّةٍ.

یا رَفیعُ ارتَفَعتَ عَن أن یَبلُغَکَ وَصفٌ،أو یُدرِکَکَ نَعتٌ،أو یُقاسَ بِکَ قِیاسٌ،فَارفَعنی فی عِلِّیّینَ.

یا قابِضُ کُلُّ شَیءٍ فی قَبضَتِکَ،مُحیطٌ بِهِ قُدرَتُکَ،فَاجعَلنی فی ضِمانِکَ وحِفظِکَ،ولا تَقبِض یَدی عَن کُلِّ خَیرٍ أفعَلُهُ.

یا باسِطُ ابسُط یَدی بِالخَیراتِ،وأَعطِنی بِقُدرَتِکَ أعلَی الدَّرَجاتِ.

یا واسِعُ وَسِعتَ کُلَّ شَیءٍ رَحمَةً وعِلماً فَوَسِّع عَلَیَّ فی رِزقی.

یا شَفیقُ أنتَ أشفَقُ عَلی خَلقِکَ مِن آبائِهِم واُمَّهاتِهِم وأَرأَفُ بِهِم،فَاجعَلنی شَفیقاً رَفیقاً،وکُن بی شَفیقاً رَفیقاً بِرَحمَتِکَ.

یا رَفیقُ ارفُق بی إذا أخطَأتُ،وتَجاوَز عَنّی إذا أسَأتُ،وَأْمُر مَلَکَ المَوتِ وأَعوانَهُ عَلَیهِمُ السَّلامُ أن یَرفُقوا بِروحی إذا أخرَجوها عَن جَسَدی،ولا تُعَذِّبنی بِالنّارِ.

یا مُنشِئُ أنشَأتَ کُلَّ شَیءٍ کَما أرَدتَ،وخَلَقتَ ما أحبَبتَ،فَبِتِلکَ القُدرَةِ أنشِئنی سَعیداً مَسعوداً فِی الدُّنیا وَالآخِرَةِ،وأَنشِئ ذُرِّیَّتی وما زَرَعتُ وبَذَرتُ فی أرضِکَ،وأَنشِئ مَعاشی ورِزقی وبارِک لی فیهِما بِرَحمَتِکَ.

ص:349

یا بَدیعُ أنتَ بَدیعُ السَّماواتِ وَالأَرضِ ومُبدِعُهُما،ولَیسَ لَکَ شِبهٌ،ولا یَلحَقُکَ وَصفٌ، ولا یُحیطُ بِکَ فَهمٌ.

یا مَنیعُ لا تَمنَعنی ما أطلُبُ مِن رَحمَتِکَ وفَضلِکَ،وَامنَع عَنّی کُلَّ مَحذورٍ ومَخوفٍ.

یا تَوّابُ اقبَل تَوبَتی،وَارحَم عَبرَتی،وَاصفَح عَن خَطیئَتی،ولا تَحرِمنی ثَوابَ عَمَلی.

یا قَریبُ قَرِّبنی مِن جِوارِکَ،وَاجعَلنی فی حِفظِکَ وکَنَفِکَ،ولا تُبعِدنی عَنکَ بِرَحمَتِکَ.

یا مُجیبُ أجِب دُعائی وتَقَبَّلهُ مِنّی،ولا تَحرِمنِی الثَّوابَ کَما وَعَدتَنی.

یا مُنعِمُ بَدَأتَ بِالنِّعَمِ قَبلَ استِحقاقِها وقَبلَ السُّؤالِ بِها،فَکَذلِکَ إتمامُها بِالکَمالِ وَالزِّیادَةِ مِن فَضلِکَ.

یا ذَا الإِفضالِ (1)،یا مُفضِلُ،لَو لا فَضلُکَ هَلَکنا،فَلا تُقَصِّر عَنّا فَضلَکَ.یا مَنّانُ،فَامنُن عَلَینا بِالدَّوامِ،یا ذَا الإِحسانِ.

یا مَعروفُ أنتَ المَعروفُ الَّذی لا یَجهَلُ،ومَعروفُکَ ظاهِرٌ لا یُنکَلُ،فَلا تَسلُبنا ما أودَعتَناهُ مِن مَعروفِکَ بِرَحمَتِکَ.

یا خَبیرُ خَبَرتَ الأَشیاءَ قَبلَ کَونِها،وخَلَقتَها عَلی عِلمٍ مِنکَ بِها،فَأَنتَ أوَّلُها وآخِرُها، فَزِدنی خَیراً بِما ألهَمتنَیهِ مِن شُکرِکَ وبَصیرَةً.

یا مُعطی أعطِنی مِن جَلیلِ عَطائِکَ،وبارِک لی فی قَضائِکَ،وأَسکِنّی بِرَحمَتِکَ فی جِوارِکَ.

یا مُعینُ أعِنّی عَلی امورِ الدُّنیا وَالآخِرَةِ بِقُوَّتِکَ،ولا تَکِلنی فی شَیءٍ إلی غَیرِکَ.

یا سَتّارُ استُر عُیوبی،وَاغفِر ذُنوبی،وَاحفَظنی فی مَشهَدی ومَغیبَی.

یا شَهیدُ اشهِدُکَ اللّهُمَّ وجَمیعَ خَلقِکَ ومَلائِکَتِکَ أنَّهُ لا إلهَ إلّاأنتَ وَحدَکَ لا شَریکَ

ص:350


1- (1) .ذَا الفَضلِ (خ ل).

لَکَ،فَاکتُب هذِهِ الشَّهادَةَ عِندَکَ ونَجِّنی بِها مِن عَذابِکَ.

یا فاطِرُ أنتَ فاطِرُ السَّماواتِ وَالأَرضِ وما بَینَهُما وما فیهِما،فَکُن لی فِی الدُّنیا وَالآخِرَةِ،وتَوَفَّنی مُسلِماً وأَلحِقنی بِالصّالِحینَ.

یا مُرشِدُ أرشِدنی إلَی الخَیرِ بِعِزَّتِکَ،وجَنِّبنِی السَّیِّئاتِ بِعِصمَتِکَ،ولا تُخزِنی یَومَ القِیامَةِ.

یا سَیِّدَ السّاداتِ ومَولَی المَوالی إلَیکَ مَصیرُ کُلِّ شَیءٍ،فَانظُر إلَیَّ بِعَینِ عَفوِکَ.

یا سَیِّدُ أنتَ سَیِّدی وعِمادی ومُعتَمَدی،وذُخری وذَخیرَتی وکَهفی،فَلا تَخذُلنی.

یا مُحیطُ أحاطَ بِکُلِّ شَیءٍ عِلمُکَ،ووَسِعَت کُلَّ شَیءٍ رَحمَتُکَ،فَاجعَلنی فی ضِمانِکَ، وحُطنی مِن کُلِّ سوءٍ بِقُدرَتِکَ.

یا مُجیرُ أجِرنی مِن عِقابِکَ،وآمِنّی مِن عَذابِکَ.

اللّهُمَّ إنّی خائِفٌ،وإنّی مُستَجیرٌ بِکَ،فَأَجِرنی مِنَ النّارِ بِرَحمَتِکَ،یا أهلَ التَّقوی وأَهلَ المَغفِرَةِ،یا عَدلُ أنتَ أعدَلُ الحاکِمینَ وأَرحَمُ الرّاحِمینَ،فَالطُف لَنا بِرَحمَتِکَ،وآتِنا شَیئاً بِقُدرَتِکَ،ووَفِّقنا لِطاعَتِکَ،ولا تَبتَلِنا بِما لا طاقَةَ لَنا بِهِ،وخَلِّصنا مِن مَظالِمِ العِبادِ،وأَجِرنا مِن ظُلمِ الظّالِمینَ وغَشمِ الغاشِمینَ بِقُدرَتِکَ،إنَّکَ عَلی کُلِّ شَیءٍ قَدیرٌ.

اللّهُمَّ اسمَع دُعائی،وَاقبَل ثَنائی،وعَجِّل إجابَتی،وآتِنی فِی الدُّنیا حَسَنَةً وفِی الآخِرَةِ حَسَنَةً،وقِنی بِرَحمَتِکَ عَذابَ النّارِ،وصَلَّی اللّهُ عَلی خِیَرَتِهِ مِن خَلقِهِ مُحَمَّدٍ وعِترَتِهِ الطّاهِرینَ. (1)

11362. الإمام الکاظم علیه السلام: یَومُ المُباهَلَةِ الیَومُ الرّابِعُ وَالعِشرونَ مِن ذِی الحِجَّةِ،تُصَلّی فی ذلِکَ الیَومِ ما أرَدتَ مِنَ الصَّلاةِ،فَکُلَّما صَلَّیتَ رَکعَتَینِ استَغفَرتَ اللّهَ تَعالی بِعَقِبِها سَبعینَ

ص:351


1- (1) .الإقبال:ج 2 ص 359-368. [1]

مَرَّةً،ثُمَّ تَقومُ قائِماً وتَرمی (1)بِطَرفِکَ فی مَوضِعِ سُجودِکَ وتَقولُ وأَنتَ عَلی غُسلٍ:

الحَمدُ للّهِ ِ رَبِّ العالَمینَ،الحَمدُ للّهِ ِ فاطِرِ السَّماواتِ وَالأَرضِ،الحَمدُ للّهِ ِ الَّذی لَهُ ما فِی السَّماواتِ وَالأَرضِ، «اَلْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِی خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ جَعَلَ الظُّلُماتِ وَ النُّورَ ثُمَّ الَّذِینَ کَفَرُوا بِرَبِّهِمْ یَعْدِلُونَ» (2)،الحَمدُ للّهِ ِ الَّذی عَرَّفَنی ما کُنتُ بِهِ جاهِلاً،ولَو لا تَعریفُهُ إیّایَ لَکُنتُ هالِکاً،إذ قالَ وقَولُهُ الحَقُّ: «قُلْ لا أَسْئَلُکُمْ عَلَیْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِی الْقُرْبی» (3)،فَبَیَّنَ لِیَ القَرابَةَ فَقالَ سُبحانَهُ: «إِنَّما یُرِیدُ اللّهُ لِیُذْهِبَ عَنْکُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَیْتِ وَ یُطَهِّرَکُمْ تَطْهِیراً» (4)،فَبَیَّنَ لِیَ البَیتَ (5)بَعدَ القَرابَةِ،ثُمَّ قالَ تَعالی مُبَیِّناً عَنِ الصّادِقینَ الَّذینَ أمَرَنا بِالکَونِ مَعَهُم وَالرَّدِّ إلَیهِم بِقَولِهِ سُبحانَهُ: «یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا اتَّقُوا اللّهَ وَ کُونُوا مَعَ الصّادِقِینَ» (6)،فَأَوضَحَ عَنهُم وأَبانَ عَن صِفَتِهِم بِقَولِهِ جَلَّ ثَناؤُهُ: «فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَکُمْ وَ نِساءَنا وَ نِساءَکُمْ وَ أَنْفُسَنا وَ أَنْفُسَکُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللّهِ عَلَی الْکاذِبِینَ» ؛فَلَکَ الشُّکرُ یا رَبِّ ولَکَ المَنُّ حَیثُ هَدَیتَنی وأَرشَدتَنی،حَتّی لَم یَخفَ عَلَیَّ الأَهلُ وَالبَیتُ وَالقَرابَةُ،فَعَرَّفتَنی نِساءَهُم وأَولادَهُم ورِجالَهُم.

اللّهُمَّ إنّی أتَقَرَّبُ إلَیکَ بِذلِکَ المَقامِ الَّذی لا یَکونُ أعظَمَ مِنهُ فَضلاً لِلمُؤمِنینَ،ولا أکثَرَ رَحمَةً لَهُم،بِتَعریفِکَ إیّاهُم شَأنَهُ،وإبانَتِکَ فَضلَ أهلِهِ الَّذینَ بِهِم أدحَضتَ باطِلَ أعدائِکَ، وثَبَّتَّ بِهِم قَواعِدَ دینِکَ،ولَولا هذَا المَقامُ المَحمودُ الَّذی أنقَذتَنا بِهِ ودَلَلتَنا عَلَی اتِّباعِ

ص:352


1- (1) .فی المصباح للکفعمی:« [1]تُؤمی».
2- (2) .الأنعام:1. [2]
3- (3) .الشوری:23. [3]
4- (4) .الأحزاب:33. [4]
5- (5) .فی المصباح للکفعمی:« [5]أهل البیت».
6- (6) .التوبة:119. [6]

المُحِقّینَ مِن أهلِ بَیتِ نَبِیِّکَ الصّادِقینَ عَنکَ،الَّذینَ عَصَمتَهُم مِن لَغوِ المَقالِ ومَدانِسِ الأَفعالِ،لَخُصِمَ أهلُ الإِسلامِ وظَهَرَت کَلِمَةُ أهلِ الإِلحادِ وفِعلُ اولِی العِنادِ،فَلَکَ الحَمدُ ولَکَ المَنُّ ولَکَ الشُّکرُ عَلی نَعمائِکَ وأَیادیکَ.

اللّهُمَّ فَصَلِّ عَلی مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ،الَّذینَ افتَرَضتَ عَلَینا طاعَتَهُم،وعَقَدتَ فی رِقابِنا وِلایَتَهُم،وأَکرَمتَنا بِمَعرِفَتِهِم،وشَرَّفتَنا بِاتِّباعِ آثارِهِم،وثَبَّتَّنا بِالقَولِ الثّابِتِ الَّذی عَرَّفوناهُ،فَأَعِنّا عَلَی الأَخذِ بِما بَصَّروناهُ،وَاجزِ مُحَمَّداً عَنّا أفضَلَ الجَزاءِ بِما نَصَحَ لِخَلقِکَ، وبَذَلَ وُسعَهُ فی إبلاغِ رِسالَتِکَ،وأَخطَرَ بِنَفسِهِ فی إقامَةِ دینِکَ،وعَلی أخیهِ ووَصِیِّهِ وَالهادی إلی دینِهِ وَالقَیِّمِ بِسُنَّتِهِ عَلِیٍّ أمیرِ المُؤمِنینَ،وصَلِّ عَلَی الأَئِمَّةِ مِن أبنائِهِ الصّادِقینَ الَّذینَ وَصَلتَ طاعَتَهُم بِطاعَتِکَ،وأَدخِلنا بِشَفاعَتِهِم دارَ کَرامَتِکَ،یا أرحَمَ الرّاحِمینَ.

اللّهُمَّ هؤُلاءِ أصحابُ الکِساءِ وَالعَباءِ یَومَ المُباهَلَةِ اجعَلهُم شُفَعاءَنا،أسأَ لُکَ بِحَقِّ ذلِکَ المَقامِ المَحمودِ وَالیَومِ المَشهودِ،أن تَغفِرَ لی وتَتوبَ عَلَیَّ إنَّکَ أنتَ التَّوّابُ الرَّحیمُ.

اللّهُمَّ إنّی أشهَدُ أنَّ أرواحَهُم وطینَتَهُم واحِدَةٌ،وهِیَ الشَّجَرَةُ الَّتی طابَ أصلُها وأَغصانُها (1)،اِرحَمنا بِحَقِّهِم،وأَجِرنا مِن مَواقِفِ الخِزیِ فِی الدُّنیا وَالآخِرَةِ بِوِلایَتِهِم، وأورِدنا مَوارِدَ الأَمنِ مِن أهوالِ یَومِ القِیامَةِ بِحُبِّهِم،وإقرارِنا بِفَضلِهِم،وَاتِّباعِنا آثارَهُم، وَاهتِدائِنا بِهُداهُم،وَاعتِقادِنا ما عَرَّفوناهُ مِن تَوحیدِکَ،ووَقَّفونا عَلَیهِ مِن تَعظیمِ شَأنِکَ وتَقدیسِ أسمائِکَ،وشُکرِ آلائِکَ،ونَفیِ الصِّفاتِ أن تَحُلَّکَ،وَالعِلمِ أن یُحیطَ بِکَ وَالوَهمِ أن یَقَعَ عَلَیکَ؛فَإِنَّکَ أقَمتَهُم حُجَجاً عَلی خَلقِکَ،ودَلائِلَ عَلی تَوحیدِکَ،وهُداةً تُنَبِّهُ عَن أمرِکَ،وتَهدی إلی دینِکَ،وتوضِحُ ما أشکَلَ عَلی عِبادِکَ،وباباً لِلمُعجِزاتِ الَّتی یَعجِزُ

ص:353


1- (1) .فی المصباح للکفعمی:« [1]وأَوراقُها»بدل«وأَغصانُها».

عَنها غَیرُکَ،وبِها تُبَیِّنُ حُجَّتَکَ وتَدعو إلی تَعظیمِ السَّفیرِ بَینَکَ وبَینَ خَلقِکَ،وأَنتَ المُتَفَضِّلُ عَلَیهِم حَیثُ قَرَّبتَهُم مِن مَلَکوتِکَ،وَاختَصَصتَهُم بِسِرِّکَ،وَاصطَفَیتَهُم لِوَحیِکَ،وأَورَثتَهُم غَوامِضَ تَأویلِکَ؛رَحمَةً بِخَلقِکَ،ولُطفاً بِعِبادِکَ،وحَناناً عَلی بَرِیَّتِکَ،وعِلماً بِما تَنطَوی عَلَیهِ ضَمائِرُ امَنائِکَ،وما یَکونُ مِن شَأنِ صَفوَتِکَ،وطَهَّرتَهُم فی مُنشَئِهِم ومُبتَدَئِهِم، وحَرَستَهُم مِن نَفثِ (1)نافِثٍ إلَیهِم،وأَرَیتَهُم بُرهاناً عَلی مَن عَرَضَ بِسوءٍ لَهُم،فَاستَجابوا لِأَمرِکَ،وشَغَلوا أنفُسَهُم بِطاعَتِکَ،ومَلَؤوا أجزاءَهُم مِن ذِکرِکَ،وعَمَروا قلُوبَهُم بِتَعظیمِ أمرِکَ،وجَزَّؤوا أوقاتَهُم فیما یُرضیکَ،وأَخلَوا دَخائِلَهُم مِن مَعاریضِ الخَطَراتِ الشّاغِلَةِ عَنکَ،فَجَعَلتَ قُلوبَهُم مَکامِنَ لِإِرادَتِکَ،وعُقولَهُم مَناصِبَ لِأَمرِکَ ونَهیِکَ،وأَلسِنَتَهُم تَراجِمَةً لِسُنَّتِکَ،ثُمَّ أکرَمتَهُم بِنورِکَ حَتّی فَضَّلتَهُم مِن بَینِ أهلِ زَمانِهِم وَالأَقرَبینَ إلَیهِم، فَخَصَصتَهُم بِوَحیِکَ،وأَنزَلتَ إلَیهِم کِتابَکَ،وأَمَرتَنا بِالتَّمَسُّکِ بِهِم وَالرَّدِّ إلَیهِم وَالاِستِنباطِ مِنهُم.

اللّهُمَّ إنّا قَد تَمَسَّکنا بِکِتابِکَ وبِعِترَةِ نَبِیِّکَ-صَلَواتُکَ عَلَیهِمُ-الَّذینَ أقَمتَهُم لَنا دَلیلاً وعَلَماً،وأَمَرتَنا بِاتِّباعِهِم،اللّهُمَّ فَإِنّا قَد تَمَسَّکنا بِهِم فَارزُقنا شَفاعَتَهُم حینَ یَقولُ الخائِبونَ: «فَما لَنا مِنْ شافِعِینَ * وَ لا صَدِیقٍ حَمِیمٍ» (2)،وَاجعَلنا مِنَ الصّادِقینَ المُصَدِّقینَ لَهُمُ، المُنتَظِرینَ لِأَیّامِهِمُ،النّاظِرینَ إلی شَفاعَتِهِم،ولا تُضِلَّنا بَعدَ إذ هَدَیتَنا،وهَب لَنا مِن لَدُنکَ رَحمَةً،إنَّکَ أنتَ الوَهّابُ،آمینَ رَبَّ العالَمینَ.

اللّهُمَّ صَلِّ عَلی مُحَمَّدٍ وعَلی أخیهِ وصِنوِهِ؛أمیرِ المُؤمِنینَ،وقِبلَةِ العارِفینَ،وعَلَمِ

ص:354


1- (1) .فی الدعاء:«أعوذ بک من نفث الشیطان»وهو ما یلقیه فی قلب الإنسان ویوقعه فی باله ممّا یصطاده به ( مجمع البحرین:ج4 ص340« [1]نفث»).
2- (2) .الشعراء:100 و 101. [2]

المُهتَدینَ،وثانِی الخَمسَةِ المَیامینَ،الَّذینَ فَخَرَ بِهِمُ الرّوحُ الأَمینُ،وباهَلَ اللّهُ بِهِمُ المُباهِلینَ،فَقالَ وهُوَ أصدَقُ القائِلینَ: «فَمَنْ حَاجَّکَ فِیهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَکَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ» إلی آخِرِ الآیَةِ (1).

ذلِکَ الإِمامُ المَخصوصُ بِمُؤاخاتِهِ یَومَ الإِخاءِ،وَالمُؤثِرُ بِالقوتِ بَعدَ ضُرِّ الطَّوی (2)،ومَن شَکَرَ اللّهُ سَعیَهُ فی«هَل أتی»،ومَن شَهِدَ بِفَضلِهِ مُعادوهُ،وأَقَرَّ بِمَناقِبِهِ جاحِدوهُ،مَولَی الأَنامِ ومُکَسِّرُ الأَصنامِ،ومَن لَم تَأخُذهُ فِی اللّهِ لَومَةُ لائِمٍ،صَلَّی اللّهُ عَلَیهِ وآلِهِ ما طَلَعَت شَمسُ النَّهارِ وأَورَقَتِ الأَشجارُ،وعَلَی النُّجومِ المُشرِقاتِ مِن عِترَتِهِ وَالحُجَجِ الواضِحاتِ مِن ذُرِّیَّتِهِ. (3)

ص:355


1- (1) .آل عمران:61. [1]
2- (2) .الطَّوی:الجوع (لسان العرب:ج 15 ص 20«طوی»).
3- (3) .مصباح المتهجّد:ص 764 ح 845 [2] عن محمد بن صدقة العنبری،المصباح للکفعمی:ص 911، [3]الإقبال:ج 2 ص 354 من دون إسناد إلی أحد من أهل البیت علیهم السلام.

ص:356

49.البَیعَةُ

اشارة

ص:357

ص:358

المدخل

«البیعة»لغةً واصطلاحاً

اشتقّت کلمة«البیعة»من مادّة«ب ی ع»،وهی إلی جانب کلمة«البیع»مصدر من المادّة؛تعنی المعاهدة والتعاقد،العهد والمیثاق،قبول الرئاسة والطاعة والوفاء.

یقول ابن منظور فی هذا المجال:

البَیعَةُ:الصَّفقَةُ عَلی إیجابِ البَیعِ وعَلَی المُبایَعَةِ وَالطّاعَةِ. (1)

وقد کان العرب یتصافقون بأیمانهم عند البیع والشراء؛تعبیراً عن اکتساب المعاملة للقطعیة،و کانوا یسمّون ذلک«صفقة»أو«بیعة»،کما کانوا یمدّون أیدیهم للحاکم والأمیر معبّرین عن قبولهم لرئاسته.و هذا السلوک کان یعتبر نوعاً من الصفقة والتعامل أیضاً،بمعنی أن المبایِع-بالکسر-قد قبل الطاعة،والمبایَع -بالفتح-یتعهّد ببعض الاُمور،ولذلک کان یُسمّی هذا العمل ب«البیعة»أیضاً. (2)

«البیعة»قبل الإسلام

کانت البیعة من السنن المهمّة للعرب فی العصر الجاهلی عند اختیار حاکم أو زعیم

ص:359


1- (1) .لسان العرب:ج 8 ص 26« [1]بیع».
2- (2) .راجع:دائرة المعارف قرآن کریم (بالفارسیة):ج 6 ص 407 و 408،مقدّمة ابن خلدون:ص 209،دائرة المعارف جهان إسلام (بالفارسیة):ج 5«بیعت»،دائرة المعارف بزرگ اسلامی (بالفارسیة):ج 13«بیعت».

للقبیلة أو قائد عسکری،أو التعبیر عن الوفاء لهؤلاء،حیث کانت تتمّ بأشکالٍ مختلفة.

ومن أهمّ البیعات التی یمکن الإشارة إلیها قبل الإسلام،بیعة قریش وبنی کنانة مع قصیّ بن کلاب لإخراج خزاعة وبنی بکیر من مکّة. (1)

«البیعة»فی الکتاب والسنّة

ورد مفهوم«البیعة»فی القرآن خمس مرّات وفی ثلاث آیات صریحة،وقد وردت جمیعاً بصیغة المفاعلة (2).کما جاء موردٌ آخر من هذا الباب فی القرآن الکریم،وهو کنظائره الاُخری مستعمل بمعنی بیع الجنّة فی مقابل بذل الروح والمال من قبل المؤمنین:

«إِنَّ اللّهَ اشْتَری مِنَ الْمُؤْمِنِینَ أَنْفُسَهُمْ وَ أَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ یُقاتِلُونَ فِی سَبِیلِ اللّهِ فَیَقْتُلُونَ وَ یُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَیْهِ حَقًّا فِی التَّوْراةِ وَ الْإِنْجِیلِ وَ الْقُرْآنِ وَ مَنْ أَوْفی بِعَهْدِهِ مِنَ اللّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَیْعِکُمُ الَّذِی بایَعْتُمْ بِهِ وَ ذلِکَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِیمُ» . (3)

وفی الحقیقة فإنّ مبایعة النبیّ وخلفائه هی مبایعة مع اللّه (4)،والشخص الذی یعقد معهم عهد الطاعة فإنّه یکون فی الحقیقة قد وقع علی أکثر الصفقات ربحاً. (5)

وقد جاءت فی القرآن تعابیر اخری،مثل«العهد»«العقد»و«المیثاق»التی هی بمعنی مطلق المعاهدة،استُخدمت للتعبیر عن«البیعة»أحیاناً،أو فُسّرت بها،أو تمّ

ص:360


1- (1) .راجع:دانش نامۀ جهان إسلام (بالفارسیة).
2- (2) .راجع:الفتح:10 و 18،الممتحنة:12.
3- (3) .التوبة:111. [1]
4- (4) .راجع:الفتح:10.
5- (5) .راجع:الفتح:10 و 18،التوبة:111.

تطبیقها علی إحدی البیعات التی تمّت فی عهد النبی صلی الله علیه و آله. (1)

کما ربطت بعض الآیات بموضوع«البیعة»،دون أن تستخدم فیها لفظة خاصّة تدلّ علی«البیعة»،و ذلک عن طریق شأن النزول (2)أو بعض الروایات. (3)

البیعة فی سیرة النبیّ صلی الله علیه و آله

اشارة

نُسخت السنن الخاطئة التی کانت سائدة فی الجاهلیة علی أساس تعالیم الوحی تزامناً مع بعثة خاتم الأنبیاء صلی الله علیه و آله ونزول القرآن،وأمّا السنن الحسنة فقد تمّ تأییدها (4).

وکانت سنّة البیعة من بین تلک السنن الحسنة التی کان بإمکان المجتمع استغلالها بعد إجراء بعض التعدیلات علیها بهدف تأمین حقوق الناس،ولذلک فقد حظیت بتأیید النبیّ الأعظم صلی الله علیه و آله وانعکست فی القرآن والسیرة النبویّة.

وأمّا البیعات التی تمّت فی عهد النبی صلی الله علیه و آله فهی:

1.بیعة الإسلام

أوّل بیعة تمّت مع رسول اللّه صلی الله علیه و آله وبها بدأ انتشار الدین الإسلامی،هی بیعة الإمام علی علیه السلام وخدیجة علیها السلام،وقد جاء فی روایة أنّ النبیّ صلی الله علیه و آله قال لهما:

إنَّ جَبرَئیلَ عِندی یِدعوکُما إلی بَیعَةِ الإِسلامِ فَأَسلِما تَسلَما،وأَطیعا تُهدَیا ! فَقالا:

فَعَلنا وأَطَعنا یا رَسولَ اللّهِ. (5)

وکما جاء فی هذه الروایة،فإنّ البیعة الاُولی التی تحقّقت فی السیرة النبویّة

ص:361


1- (1) .راجع:النحل:95،المائدة:7 و 14.
2- (2) .راجع:المائدة:67.
3- (3) .راجع:دائرة المعارف قرآن کریم ( بالفارسیة ):ج 6 ص 309.
4- (4) .راجع:موسوعة العقائد الإسلامیة (المعرفة):ج 2 ( الفصل الخامس:الجاهلیة الاُولی ).
5- (5) .راجع:ص 373 ح 11363. [1]

سُمّیت«بیعة الإسلام»من قبل جبرئیل،إلّاأنّ هذا الاصطلاح استُخدم فیما بعد لکلّ من بایع النبی صلی الله علیه و آله ممّن أسلم حدیثاً. (1)

2.بیعة العشیرة

تعدّ بیعة العشیرة أوّل بیعة علنیّة ورسمیّة فی تاریخ الإسلام،حیث حدثت فی السنة الثالثة من البعثة بعد نزول الآیة «وَ أَنْذِرْ عَشِیرَتَکَ الْأَقْرَبِینَ» (2)فی الیوم الذی یُسمّی «یوم الدار» (3)،ففی هذا الیوم طالب النبی الأعظم صلی الله علیه و آله بأمر اللّه بنی هاشم باعتناق الإسلام ومبایعته،وتفید روایات الفریقین (الشیعة وأهل السنّة) أنّ الإمام علیّاً علیه السلام الذی کان أصغر الحاضرین سنّاً،کان الوحید الذی بایع النبی صلی الله علیه و آله. (4)

3.البیعة الاُولی فی«العقبة»

(5)

بعد الإعلان الرسمی عن الرسالة،بدأ رسول اللّه صلی الله علیه و آله نشاطاته المکثّفة للدعوة إلی الإسلام،وقد بلغ هذا النشاط ذروته فی أیّام الحجّ،حیث کان الناس یتوافدون إلی مکّة من المدن المختلفة،وفی السنة الحادیة عشرة من البعثة،التقی النبیّ صلی الله علیه و آله ستّة أشخاص من قبیلة الخزرج التی تقطن المدینة ودعاهم إلی الإسلام، فأجابوه لذلک،فلما عادوا إلی المدینة عملوا علی الدعوة إلی الدین الإسلامی.وقد أدّت دعوتهم المستمرّة والمتواصلة إلی أن تعتنق مجموعة من أهل المدینة الإسلام، وفی السنة الثانیة عشرة من البعثة قدم اثنا عشر شخصاً من أهل المدینة إلی مکّة والتقوا مع النبی صلی الله علیه و آله فی«العقبة»فبایعوه،وبذلک بدأ أوّل تحرّک سیاسیّ لتشکیل

ص:362


1- (1) .راجع:ص 374 ح 11364.
2- (2) .الشعراء:214. [1]
3- (3) .بما أنّ هذه البیعة تمت فی دار أبی طالب سُمّیت بیوم الدار.
4- (4) .راجع:ص 375 ( بیعة العشیرة ).
5- (5) .العقبة بالقرب من منی فی مکّة إلی جانب جمرة العقبة،وهی الیوم عبارة عن مسجد مهجور.

الدولة الإسلامیة.

وکان أسعد ابن زرارة وعبادة بن الصامت أبرز الشخصیّات التی شارکت فی هذه البیعة.

وقد روی عبادة بن الصامت قضیّة هذه البیعة کما یلی:

کُنتُ فیمَن حَضَرَ العَقَبَةَ الاُولی،وکُنَّا اثنَی عَشَرَ رَجُلاً،فَبایَعنا رَسولَ اللّهِ صلی الله علیه و آله عَلی بَیعَةِ النِّساءِ،وذلِکَ قَبلَ أن یُفتَرَضَ الحَربُ،عَلی أن لا نُشرِکَ بِاللّهِ شَیئاً،ولا نَسرِقَ،ولا نَزنِیَ،ولا نَقتُلَ أولادَنا،ولا نَأتِیَ بِبُهتانٍ نَفتَریهِ بَینَ أیدینا وأَرجُلِنا، ولا نَعصِیَهُ فی مَعروفٍ؛فَإِن وَفَیتُم فَلَکُمُ الجَنَّةُ،وإن غَشیتُم مِن ذلِکَ شَیئاً فَأَمرُکُم إلَی اللّهِ إن شاءَ عَذَّبَکُم وإن شاءَ غَفَرَ لَکُم. (1)

کما تُسمّی هذه البیعة فی اصطلاح کتّاب السیرة«بیعة النساء»؛ذلک لأنّ النبیّ صلی الله علیه و آله أخذ البیعة علی النساء عند فتح مکّة بنفس هذه الشروط أیضاً.

4.البیعة الثانیة فی العقبة

بعث المبایعون الأوائل للنبیّ صلی الله علیه و آله فی«العَقَبة»-بعد عودتهم إلی المدینة-رسالة إلی النبی صلی الله علیه و آله،وطلبوا فیها منه مبلّغاً یعلّمهم القرآن،فأرسل النبیّ صلی الله علیه و آله مصعبَ بن عمیر، الذی استطاع خلال فترة قصیرة أن یدخل أعداداً کبیرة من أهل المدینة فی الإسلام، وفی السنة التالیة-أی السنة الثالثة عشرة من البعثة-أرسلوا ثلاثة وسبعین رجلاً وامرأتین (2)إلی مکّة فی موسم الحجّ،وبایعوا النبی صلی الله علیه و آله من جدید فی«العقبة»أی نفس البقعة التی بایعوا النبیّ صلی الله علیه و آله فیها فی السنة السابقة،إلّاأنّ مضمون بیعتهم فی هذه المرّة،کان منطلق حرکة سیاسیّة وعسکریّة.ویروی جابر أنّ النبیّ صلی الله علیه و آله طلب

ص:363


1- (1) .راجع:ص 379 ح 11368. [1]
2- (2) .راجع:ص 389 ح 11376.

منهم أن یبایعوه علی هذه الشروط التی ذکرها صلی الله علیه و آله فی قوله:

تُبایِعونی عَلَی السَّمعِ وَالطّاعَةِ فِی النَّشاطِ وَالکَسَلِ،وَالنَّفَقَةِ فِی العُسرِ وَالیُسرِ، وعَلَی الأَمرِ بِالمَعروفِ وَالنَّهیِ عَنِ المُنکَرِ،و أن تَقولوا فِی اللّهِ لا تَخافونَ فِی اللّهِ لَومَةَ لائِمٍ،وعَلی أن تَنصُرونی فَتَمنَعونی إذا قَدِمتُ عَلَیکُم،مِمّا تَمنَعونَ مِنهُ أنفُسَکُم وأَزواجَکُم وأَبناءَکُم؛ولَکُمُ الجَنَّةُ.قالَ:فَقُمنا إلَیهِ فَبایَعناهُ. (1)

وقد هیّأت هذه البیعة الأرضیّة لهجرة النبیّ صلی الله علیه و آله إلی المدینة.واستناداً إلی ما ذکرَ عدد من المفسّرین فإنّ الآیة السابعة من سورة المائدة والخامسة عشرة من سورة الأحزاب تشیران إلی هذه البیعة. (2)

5.بیعة الرضا

بعد هجرة النبی صلی الله علیه و آله إلی المدینة،وفی السنة الثانیة من الهجرة وقبل معرکة بدر التی کانت تمثّل أوّل صدامٍ بین المسلمین وکفّار قریش،أخذ النبیُّ صلی الله علیه و آله عند انطلاقه إلی الأعداءِ البیعةَ من المسلمین،وقد سُمّیت هذه البیعةُ فی روایة عن الإمام الصادق علیه السلام ب«بیعة الرضا»،و هذا هو نصّها:

لَمّا هاجَرَ النَّبِیُّ صلی الله علیه و آله إلَی المَدینَةِ...وحَضَرَ خُروجُهُ إلی بَدرٍ،دَعَا النّاسَ إلَی البَیعَةِ، فَبایَعَ کُلَّهُم عَلَی السَّمعِ وَالطّاعَةِ. (3)

6.بیعة الرضوان

تمّت هذه البیعة فی السنة السادسة من الهجرة فی الحدیبیة (4)،خلال خروج

ص:364


1- (1) .راجع:ص 386 ح 11373. [1]
2- (2) .راجع:ص 385 الهامش 1 و 2.
3- (3) .راجع:ص 397 ح 11386. [2]
4- (4) .اسم موضع علی مسافة فرسخین من مکّة،وقیل إنّه علی بعد تسعة أمیال من مکّة،وهو اسم بئر،أوشجرة محدودبة کانت هناک،وقد حدثت غزوة الحدیبیة فیه ( لغت نامه دهخدا«بالفارسیة»:مدخل«حدیبیة»).

النبی صلی الله علیه و آله مع عِدّة من المسلمین لأداء مناسک العمرة.وعلی إثر منع المشرکین للمسلمین من دخول مکّة دعا النبیّ صلی الله علیه و آله أصحابه إلی البیعة.

وقد روی أنّ عدد المسلمین الذین رافقوا النبیّ صلی الله علیه و آله فی هذا السفر هو 1200 حتّی 1525 شخصاً علی اختلاف الروایات. (1)

وتفید بعض الروایات بأنّ موضوع هذه البیعة کان المقاومة حتّی الموت،وفی روایات اخری أنّه عدم الهروب من القتال،ویبدو أن لیس هناک تعارض بینها وأنّ المراد استنفار کلّ الإمکانیات فی محاربة العدوّ.

جدیر ذکره أنّ لهذه البیعة اسمین:«بیعة الرضوان»؛لأنّ اللّه تعالی عبّر عن رضاه عن الذین بایعوا النبیّ صلی الله علیه و آله فیها،و«بیعة الشجرة»؛لأنّها تمّت تحت شجرة.

وتفید روایات المصادر الشیعیّة أنّ الإمام علیّاً علیه السلام کان أوّل من بایع النبیّ صلی الله علیه و آله فیها، (2)إلّاأنّ بعض مصادر أهل السنّة اعتبرت أبا سنان الأسدی أوّل المبایعین. (3)

7.بیعة الفتح

بایع النبیُّ صلی الله علیه و آله بعد فتح مکّة فی السنة الثامنة من الهجرة،النساءَ فضلاً عن الرجال، إلّا أنّ مضمون مبایعة الرجال وکیفیّتها کانتا تختلفان عن النساء.وقد جاء فی بعض الروایات أن مضمونَ مبایعةِ الرجال کانت علی«طاعة اللّه والنبیّ صلی الله علیه و آله قدر المستطاع»،وجاء فی البعض الآخر«الإسلام والإیمان والجهاد»،وفی اخری «الإسلام والشهادة».وبناءً علی ذلک،یمکن القول إنّ الشروط التی أخذها النبیّ صلی الله علیه و آله

ص:365


1- (1) .راجع:ص 407 ( عدد المسلمین فی بیعة الرضوان ).
2- (2) .راجع:ص 404 ( [1] أوّل من بایع رسول اللّه صلی الله علیه و آله تحت الشجرة ).
3- (3) .راجع:الطبقات الکبری:ج 2 ص 100،المصنّف لابن أبی شیبة:ج 8 ص 589.

علی الرجال کانت مختلفة.

وأمّا شروط مبایعة النساء فقد وردت الإشارة إلیها فی الآیة 12 من سورة الممتحنة،أی:اجتناب الشرک،تجنّب السرقة والفحشاء،عدم مخالفة النبیّ صلی الله علیه و آله فی معروف.

8.بیعة الجنّ

رویت فی عدد من المصادر الروائیة (1)بیعة الجنّ مع النبیّ صلی الله علیه و آله فی مسجد الأحزاب (2)، ولکنّنا لا نمتلک معلومات عن خصوصیاتها.

9.بیعة الغدیر

کانت البیعة الأخیرة فی سیرة النبی صلی الله علیه و آله مبایعة المسلمین للإمام علیّ علیه السلام فی الیوم الثامن عشر من شهر ذی الحجّة فی السنة العاشرة من الهجرة،فی موضعٍ یُدعی «غدیر خم» (3)،ففی هذا الیوم قدّم النبیُّ صلی الله علیه و آله الإمامَ علیّاً علیه السلام للمسلمین باعتباره الخلیفة من بعده،وطلب منهم أن یبایعوه.مضافاً لذلک،فقد أمر أن یسلّموا علیه باعتباره الخلیفة اللّاحق للمسلمین. (4)

ص:366


1- (1) .راجع:ص 404 ح 11394.
2- (2) .مسجد الأحزاب:هو مسجد بُنی فی عهد النبیّ صلی الله علیه و آله،واسمه الآخر:مسجد الفتح،ویقع علی أعلی جبل سلع،وهو الموضع الذی دعا فیه النبیّ صلی الله علیه و آله اللّهَ تعالی فی معرکة الخندق (راجع:معجم البلدان:ج 1 ص 111، [1]البدایة والنهایة:ج 4 ص 127،مجمع الزوائد:ج 4 ص 12،المصنف لابن أبی شیبة:ج 7 ص 146،الطبقات الکبری:ج 2 ص 73،إمتاع الأسماع:ج 9 ص 275 و...). [2]
3- (3) .راجع:موسوعة الإمام علیّ بن أبی طالب علیه السلام:ج 1 ص 511 ( القسم الثالث/الفصل العاشر/حدیث الغدیر ).
4- (4) .راجع:موسوعة الإمام علیّ بن أبی طالب علیه السلام:ج 1 ص 548 ( القسم الثالث/الفصل العاشر:حدیث الغدیر/التحیة القیادیة ).

البیعة فی السیرة العلویّة

بعد وفاة النبیّ صلی الله علیه و آله،طُویت بیعة الغدیر بمطاوی النسیان حتّی الثامن عشر من ذی الحجّة سنة 35 للهجرة بعد ثورة المسلمین ضدّ الخلیفة الثالث وإصرار عامّة المسلمین علی بیعته قبل بیعتهم،وتولّی زمام امور المسلمین حتّی یوم شهادته فی 21 رمضان من سنة 40 للهجرة لمدّة أربع سنوات وتسعة شهور وثلاثة أیّام.

الحقوق المتبادلة بین المبایِع والمبایَع

یمکن القول من خلال التأمّل فی الآیات والروایات التی جاءت حول البیعة،إنّ البیعة مع القائد من وجهة نظر الإسلام هی فی الحقیقة إنشاء نوعٍ من الصفقة والتعاقد،حیث یتعهّد المبایِعُ أن یطیع أوامر القائد حتّی الموت،فی مقابل أن یعمل القائد علی تلبیة حاجاته المادّیة والمعنویة،وقد أکّدت الروایات الإسلامیة بصراحة علی هذه الحقوق (1)،وقد جاء فی روایة عن الإمام علی علیه السلام حول الحقوق المتبادلة بین الإمام والاُمّة:

أیُّهَا النّاسُ ! إنَّ لی عَلَیکُم حَقّاً ولَکُم عَلَیَّ حَقٌّ:فَأَمّا حَقُّکُم عَلَیَّ فَالنَّصیحَةُ لَکُم، وتَوفیرُ فَیئِکُم عَلَیکُم،وتَعلیمُکُم کَیلا تَجهَلوا،وتَأدیبُکُم کَیما تَعلَموا.وأمَّا حَقّی عَلَیکُم فَالوَفاءُ بِالبَیَعةِ،وَالنَّصیحَةُ فِی المَشهَدِ وَالمَغیبِ،وَالإِجابَةُ حینَ أدعوکُم، وَالطّاعَةُ حینَ آمُرُکُم. (2)

دور البیعة فی عهد النبی صلی الله علیه و آله أو الأئمّة المعصومین علیهم السلام

استناداً إلی الاُسس العقائدیة لأتباع أهل البیت علیهم السلام،فإنّ الولایة السیاسیّة للنبیّ صلی الله علیه و آله والأئمّة المعصومین علیهم السلام لیست بحاجة إلی البیعة فی مقام الثبوت،إلّاأنّها بحاجة إلی

ص:367


1- (1) .راجع:هذه الموسوعة:ج 4 ص 291 ( [1]الفصل العاشر:حقوق الإمام علیه السلام والاُمّة ).
2- (2) .نهج البلاغة:الخطبة 34، [2]بحار الأنوار:ج 27 ص 251 ح 12. [3]

البیعة وأصوات الناس فی مقام الإثبات وإنشاء السلطة التنفیذیّة.

وبعبارة اخری،فإن قَبِل الناسُ ولایةَ النبیّ صلی الله علیه و آله أو الأئمّة المعصومین علیهم السلام وقیادتَهم،فإنّ اللّه تعالی سیضمن لهم تأمین حقوقهم المادّیة والمعنویة فی ظلّ النظام السیاسی الحاکم،فلا تحتاج ولایتهم لأخذ البیعة من الناس،وبناءً علی ذلک فإنّ دور البیعة فی عصر حضور المعصوم یقتصر علی أداء واجب شرعی من جانب الناس باتّجاه خلق السلطة التنفیذیة للقادة الإلهیّین،ولیس له دور فی ثبوت ولایتهم الحقیقیة.

دور البیعة فی عصر الغیبة

دور البیعة فی عصر غیبة الإمام المعصوم،هو کدورها فی عصر الحضور،بل وقبله، فی تأسیس أو بقاء الحکومة الدینیّة وتحکیم القیم الإلهیّة،و ذلک أنّه وفقاً للمبانی الفقهیّة لولایة الفقیه فی عصر الغیبة،فإنّ حقّ حکومة المعصوم وولایته ینتقل إلی الفقهاء الواجدین للشرائط،النقطة المتبقیّة هی أنّ عدداً من الفقهاء یری أنّ الواجدین للشرائط هم المنصوبون من قبل المعصوم علیه السلام،ویری آخرون أنّ انتخاب واختیار الناس له دور فی مشروعیّة ولایة الفقیه.

وبعبارة اخری:أحد المبانی فی ولایة الفقیه هی أنّ ولایة الفقیه الواجد للشرائط ثابتة فی مرحلة الثبوت،وهی بحاجة لبیعة الناس فی مرحلة الإثبات.وهناک مبنی آخر فی هذا المجال یری أنّ ولایة الفقیه بحاجة لبیعة الناس فی مرحلتی الثبوت والإثبات.

بناء علی ذلک فإنّ فعلیّة ولایة الفقیه وفقاً لکلا المبنیین بحاجة إلی بیعة الناس وآرائهم،وبدون رأی الناس وقبول عامّتهم لاتتحقق للفقیه ولایة.وعلی هذا فإنّ تأسیس وبقاء الحکومة الدینیّة فی عصر الغیبة من دون بیعة أمر غیر ممکن کما هو

ص:368

الحال فی عصر الحضور.

علی هذا لأساس فإنّ الفقیه الواجد لشرائط القیادة لیس له ولایة علی الناس قبل بیعتهم أو بیعة ممثلیهم له،فلا تنفذ أحکامه علیهم.وأمّا بعد بیعتهم له فسیکون والیاً علیهم وتکون أحکامه نافذة علی الجمیع-حتّی الفقهاء الواجدین لشرائط القیادة-ویحرم التمرّد علی أحکامه الولائیّة.

أرکان البیعة

إنّ البیعة هی فی حقیقتها نوع من المعاهدة والعقد بین المبایِع من جهة،والمبایَع من جهة اخری،وعلی هذا الأساس،فإنّ البیعة تشتمل علی ثلاثة أرکان أساسیة:

الرکن الأوّل:المبایِع.

الرکن الثانی:المبایَع.

الرکن الثالث:میثاق الطاعة.

وبناءً علی ذلک،فإنّ مضمون البیعة قد یختلف حسب الشروط المذکورة فی المعاهدة.

شروط البیعة

من القضایا المهمّة فی مبایعة القادة السیاسیّین،هی أن تکون شروط البیعة متناسبة مع متطلّبات الزمان والحاجات المادّیة والمعنویة للمجتمعات المختلفة،ولذلک فإنّ القیادة الموفّقة والناجحة فی کسب أصوات الناس،هی التی تحیط بزمانها، والمجتمع والقضایا النفسیة.

إنّ دراسة الشروط التی کان النبی صلی الله علیه و آله یطرحها علی أتباعه خلال المراحل المختلفة من قیادته (1)،تظهر بوضوح أنّه صلی الله علیه و آله تبعاً لما یملیه علیه الوحی،وبصیرته

ص:369


1- (1) .راجع:ص 384 ( بیعة العقبة/شروط بیعة العقبة الثانیة ) وص 405 ( شروط بیعة الرضوان )وص 409 ( شروط بیعة الرجال ) وص 410 ( شروط بیعة النساء ).

الإلهیّة،وعلی ضوء متطلّبات زمان البیعة،وقلّة الأنصار أو کثرتهم،والخصائص الجسمیة والروحیة والاُسریّة للشخص المبایِع،کان یقترح شروطاً مختلفة لهذه المعاهدة،وبذلک فقد کان یقود الناس المعاصرین له علی أفضل وجه ممکن،ولذلک فإنّ سیرته السیاسیة فی هذا الصدد تعدّ درساً کبیراً لقادة المجتمعات الإسلامیة السیاسیّین.

الوفاء بالبیعة

مع الأخذ بنظر الاعتبار ما سبقت الإشارة إلیه فی بیان حقیقة البیعة،فإنّ البیعة نوع من العقود ومشمولة بالقانون العامّ المتمثّل فی «أَوْفُوا بِالْعُقُودِ» (1)،وعلی هذا الأساس فإنّ الوفاء ببیعة الإمام العادل واجب (2)،ونقضها محرّم،بل هو من الکبائر (3).إلّاإذا أجاز المبایَع فسخها (4)،أو أن یشرط المبایِع جواز فسخ البیعة خلال عقدها،کما حدث ذلک فی واقعة عاشوراء،حیث اکتسب کلا القسمین مصداقیته (5).

کیفیة البیعة

من خلال التأمّل فی الأحادیث التی بیّنت کیفیّة بیعة المسلمین لرسول اللّه صلی الله علیه و آله (6)، یمکن القول إنّ کیفیة أخذ البیعة فی النظام الإسلامی تتوقّف علی أعراف المجتمع وثقافته فی عقد هذه المعاهدة،بشرط أن لا تتعارض هذه الأعرافُ مع أحکام

ص:370


1- (1) .المائدة:1. [1]
2- (2) .راجع:ص 450 ( أحکام البیعة/الوفاء بالبیعة ).
3- (3) .راجع:ص 455 ( أحکام البیعة/نکث البیعة ).
4- (4) .راجع:ص 458 ( أحکام البیعة/حلّ البیعة ).
5- (5) .راجع:ص 431 ( الفصل الثامن:أقسام البیعة ).
6- (6) .راجع:ص 459 ح 11523.

الإسلام القطعیّة،ولذلک فقد أخذ رسولُ اللّه صلی الله علیه و آله بیعة الرجال علی ضوء الأعراف المتداولة فی ذلک العصر،وأمّا النساء فقد بایعنه صلی الله علیه و آله من خلال المصافحة من فوق الثیاب،أو غمس الأیدی فی الماء الذی غمس فیه النبی صلی الله علیه و آله یده،أو من خلال التکلّم معهنّ.

بناء علی ذلک ففی العصر الحاضر والذی اندرست فیه السنن السابقة للبیعة مع القائد،یمکن أن تتمّ هذه البیعة من خلال إجراء المسیرات أو الاقتراع،أو من خلال مبایعة المندوبین له،وتترتّب آثار البیعة علیها.

الاختلاف بین البیعة والتصویت

أوضحنا فیما سبق أنّ البیعة هی نوع من المعاهدات والعقود،وعلیه فإنّ التصویت (الاقتراع) فی الانتخاب هو أکثر عمومیة وشمولیة من البیعة،ذلک لأنّ التصویت یمکن أن یکون بمعنی البیعة والمعاهدة،کما هو الحال بالنسبة إلی انتخاب القائد فی الجمهوریة الإسلامیة،ویمکن أن یکون بمعنی الوکالة،مثل التصویت فی انتخابات مجلس الشوری الإسلامی،وبناءً علی ذلک فإنّ ما تصوّره البعضُ من أنّ التصویت هو نوعٌ من التوکیل (1)بشکلٍ مطلق،لا یبدو صحیحاً.جدیر بالذکر أنّ التوکیل لأعضاء مجلس الشوری الإسلامی هو نوع من الولایة أیضاً،ولیس المراد به هو التوکیل بمعناه الفقهی.

ص:371


1- (1) .راجع:تفسیر نمونه (بالفارسیة):ج 22 ص 71 و 72.

ص:372

الفصل الأوّل:بدء الإسلام بالبیعة

1/1 بَیعَةُ الإِسلامِ

11363. الإمام الکاظم علیه السلام: سَأَلتُ أبی؛جَعفَرَ بنَ مُحَمَّدٍ علیه السلام عَن بَدءِ الإِسلامِ،کَیفَ أسلَمَ عَلِیٌّ علیه السلام،وکَیفَ أسلَمَت خَدیجَةُ رَضِیَ اللّهُ عَنها؟...فَقالَ لی أبی:إنَّهُما لَمّا أسلَما دَعاهُما رَسولُ اللّهِ صلی الله علیه و آله فَقالَ:یا عَلِیُّ ویا خَدیجَةُ،أسلَمتُما للّهِ ِ وسَلَّمتُما لَهُ.وقالَ:إنَّ جَبرَئیلَ عِندی یَدعوکُما إلی بَیعَةِ الإِسلامِ،فَأَسلِما تَسلَما،وأَطیعا تُهدَیا.فَقالا:

فَعَلنا وأَطَعنا یا رَسولَ اللّهِ.

فَقالَ:إنَّ جَبرَئیلَ عِندی یَقولُ لَکُما:إنَّ لِلإِسلامِ شُروطاً وعُهوداً ومَواثیقَ، فَابتَدِئاهُ بِما شَرَطَهُ اللّهُ عَلَیکُما لِنَفسِهِ ولِرَسولِهِ؛أن تَقولا:«نَشهَدُ أن لا إلهَ إلَّااللّهُ وَحدَهُ لا شَریکَ لَهُ فی مُلکِهِ،ولَم یَلِدهُ والِدٌ ولَم یَلِد وَلَداً ولَم یَتَّخِذ صاحِبَةً،إلهاً واحِداً مُخلِصاً،وأَنّ مُحَمَّداً عَبدُهُ ورَسولُهُ،أرسَلَهُ إلَی النّاسِ کافَّةً بَینَ یَدَیِ السَّاعَةِ، ونَشهَدُ أنَّ اللّهَ یُحیی ویُمیتُ،ویَرفَعُ ویَضَعُ،ویُغنی ویُفقِرُ،ویَفعَلُ ما یَشاءُ،ویَبعَثُ مَن فِی القُبورِ».قالا:شَهِدنا.

قالَ:وإسباغُ الوُضوءِ عَلَی المَکارِهِ؛غَسلُ الیَدَینِ وَالوَجهِ وَالذِّراعَینِ،ومَسحُ

ص:373

الرَّأسِ ومَسحُ الرِّجلَینِ إلَی الکَعبَینِ.وغُسلُ الجَنابَةِ فِی الحَرِّ وَالبَردِ،وإقامُ الصَّلاةِ، وأَخذُ الزَّکاةِ مِن حِلِّها،ووَضعُها فی أهلِها،وحِجُّ البَیتِ،وصَومُ شَهرِ رَمَضانَ، وَالجِهادُ فی سَبیلِ اللّهِ،وبِرُّ الوالِدَینِ،وصِلَةُ الرَّحِمِ،وَالعَدلُ فِی الرَّعِیَّةِ،وَالقَسمُ بِالسَّوِیَّةِ،وَالوُقوفُ عِندَ الشُّبهَةِ [ورَفعُها] (1)إلَی الإِمامِ؛فَإِنَّهُ لا شُبهَةَ عِندَهُ،وطاعَةُ وَلِیِّ الأَمرِ بَعدی،ومَعرِفَتُهُ فی حَیاتی وبَعدَ مَوتی،وَالأَئِمَّةِ مِن بَعدِهِ واحِداً فَواحِداً، ومُوالاةُ أولِیاءِ اللّهِ،ومُعاداةُ أعداءِ اللّهِ،وَالبَراءَةُ مِنَ الشَّیطانِ الرَّجیمِ وحِزبِهِ وأَشیاعِهِ...وَالحَیاةُ عَلی دینی وسُنَّتی،ودینِ وَصِیّی وسُنَّتِهِ إلی یَومِ القِیامَةِ، وَالمَوتُ عَلی مِثلِ ذلِکَ،غَیرَ شاقَّةٍ لِأَمرِهِ،ولا مُتَقَدِّمَةٍ ولا مُتَأَخِّرَةٍ عَنهُ،وتَرکُ شُربِ الخَمرِ،ومُلاحاةِ النّاسِ.

یا خَدیجَةُ،فَهِمتِ ما شَرَطَ عَلَیکِ رَبُّکِ؟قالَت:نَعَم،وآمَنتُ وصَدَّقتُ،ورَضیتُ وسَلَّمتُ.قالَ عَلِیٌّ علیه السلام:وأَنَا عَلی ذلِکَ.

فَقالَ:یا عَلِیُّ،تُبایِعُ عَلی ما شَرَطتُ عَلَیکَ؟قالَ:نَعَم.

قالَ:فَبَسَطَ رَسولُ اللّهِ صلی الله علیه و آله کَفَّهُ فَوَضَعَ کَفَّ عَلِیٍّ فی کَفِّهِ فَقالَ:بایِعنی یا عَلِیُّ عَلی ما شَرَطتُ عَلَیکَ،وأَن تَمنَعَنی مِمّا تَمنَعُ مِنهُ نَفسَکَ.فَبَکی عَلِیٌّ علیه السلام وقالَ:بِأَبی واُمّی لا حَولَ ولا قُوَّةَ إلّابِاللّهِ. (2)

11364. السنن الکبری عن عاصم عن أبیه حصین بن مشمت: أنَّه وَفَدَ إلَی النَّبِیِّ صلی الله علیه و آله وبایَعَهُ بَیعَةَ الإِسلامِ،وصَدَّقَ إلَیهِ ما لَهُ،وأَقطَعَهُ النَّبِیُّ صلی الله علیه و آله مِیاهَ عِدَّةٍ فَسَمّاهُنَّ...قالَ:

ص:374


1- (1) .ما بین المعقوفین أثبتناه من بحار الأنوار:ج 18 ص 233. [1]وفی بحار الأنوار:ج 68:« [2]والوقوف عندالشبهة إلی الوصول إلی الإمام».
2- (2) .طرف من الأنباء والمناقب:ص 115 عن عیسی بن المستفاد،بحار الأنوار:ج 18 ص 232 ح 75 و ج 68 ص 392 ح 41. [3]

وشَرَطَ النَّبِیُّ صلی الله علیه و آله لِابنِ مشمتٍ فیما أقطَعَهُ إیّاهُ ألّا یُباحَ ماؤُهُ ولا یُعقَدَ (1)مَرعاهُ ولا یَعضَدَ (2)شَجَرُهُ. (3)

2/1 بَیعَةُ العَشیرَةِ

الکتاب

«وَ أَنْذِرْ عَشِیرَتَکَ الْأَقْرَبِینَ» . (4)

الحدیث

11365. مسند ابن حنبل عن ربیعة بن ناجذ عن الإمام علی علیه السلام: جَمَعَ رَسولُ اللّهِ صلی الله علیه و آله-أو دَعا رَسولُ اللّهِ صلی الله علیه و آله-بَنی عَبدِ المُطَّلِبِ،فیهِم رَهطٌ (5)کُلُّهُم یَأکُلُ الجَذَعَةَ (6)ویَشرَبُ الفَرَقَ (7)! قالَ:فَصَنَعَ لَهُم مُدّاً مِن طَعامٍ،فَأَکَلوا حَتّی شَبِعُوا.قالَ:وبَقِیَ الطَّعامُ کَما هُوَ کَأَنَّهُ لَم یُمَسَّ،ثُمَّ دَعا بِغُمَرٍ (8)،فَشَرِبوا حَتّی رَوُوا،وبَقِیَ الشَّرابُ کَأَنَّهُ لَم یُمَسَّ،أو لَم

ص:375


1- (1) .هکذا جاء فی المصدر:«یباح»،«یعقد»،وفی اسد الغابة:«لا یُعقر مرعاه،ولا یباع ماؤه،ولا یمنع فضله،ولا یعضَد شجره»ولعلّه الصّواب کما فی المصادر الأخری.
2- (2) .عَضَدتُ الشجر أعضده:أی قطعته بالمِعضَد (الصحاح:ج 2 ص 509« [1]عضد»).
3- (3) .السنن الکبری:ج 6 ص 239 ح 11791، [2]المعجم الکبیر:ج 4 ص 29 الرقم 3555،التاریخ الکبیر:ج 3 ص 2 الرقم 5،الإصابة:ج 2 ص 79 الرقم 1748،اُسد الغابة:ج 2 ص 37 الرقم 1192 [3] وکلّها نحوه.
4- (4) .الشعراء:214. [4]
5- (5) .الرهط:ما دون العشرة من الرجال (الصحاح:ج 3 ص 112«رهط»).
6- (6) .الجَذَعُ:هو من الإبل ما دخل فی السنة الخامسة،ومن البقر والمَعز ما دخل فی الثانیة (مجمع البحرین:ج 1 ص 279« [5]جذع»).
7- (7) .الفَرقُ والفَرَق:مکیال ضخم لأهل المدینة معروف (لسان العرب:ج 10 ص 305« [6]فرق»).
8- (8) .الغُمَر-بضمّ الغین و فتح المیم-:القدح الصغیر (النهایة:ج 3 ص 385« [7]غمر»).

یُشرَب،فَقالَ:یا بَنی عَبدِ المُطَّلِبِ،إنّی بُعِثتُ لَکُم خاصَّةً وإلَی النّاسِ بِعامَّةٍ،وقَد رَأَیتُم مِن هذِهِ الآیَةِ ما رَأَیتُم،فَأَیُّکُم یُبایِعُنی عَلی أن یَکونَ أخی وصاحِبی؟قالَ:

فَلَم یَقُم إلَیهِ أحَدٌ،فَقُمتُ إلَیهِ وکُنتُ أصغَرَ القَومِ،قالَ:فَقالَ:اِجلِس،قالَ ثَلاثَ مَرّاتٍ،کُلُّ ذلِکَ أقومُ إلَیهِ فَیَقولُ لی:اِجلِس،حَتّی کانَ فِی الثّالِثَةِ ضَرَبَ بِیَدِهِ عَلی یَدی. (1)

11366. مجمع البیان عن أبی رافع -فی ذِکرِ قَضِیَّةِ جَمعِ النَّبِیِّ صلی الله علیه و آله بَنی عَبدِ المُطَّلِبِ-:إنَّهُ صلی الله علیه و آله جَمَعَهُم فِی الشِّعبِ...ثُمَّ قالَ:إنَّ اللّهَ تَعالی أمَرَنی أن انذِرَ عَشیرَتِیَ الأَقرَبینَ،وأَنتُم عَشیرَتی ورَهطی،وإنَّ اللّهَ لَم یَبعَث نَبِیّاً إلّاجَعَلَ مِن أهلِهِ أخاً ووَزیراً ووارِثاً ووَصِیّاً وخَلیفَةً فی أهلِهِ،فَأَیُّکُم یَقومُ فَیُبایِعُنی عَلی أنَّهُ أخی ووارِثی ووَزیری ووَصِیّی،ویَکونُ مِنّی بِمَنزِلَةِ هارونَ مِن موسی إلّاأنَّهُ لا نَبِیَّ بَعدی؟

فَسَکَتَ القَومُ فَقالَ:لَیَقومَنَّ قائِمُکُم أو لَیَکونَنَّ فی غَیرِکُم ثُمَّ لَتَندَمُنَّ.ثُمَّ أعادَ الکَلامَ ثَلاثَ مَرّاتٍ،فَقامَ عَلِیٌّ علیه السلام فَبایَعَهُ وأَجابَهُ. (2)

11367. شرح نهج البلاغة لابن أبی الحدید عن أبی جعفر الإسکافی: قَد رُوِیَ فِی الخَبَرِ الصَّحیحِ أنَّهُ صلی الله علیه و آله کَلَّفَهُ علیه السلام فی مَبدَإِ الدَّعوَةِ قَبلَ ظُهورِ کَلِمَةِ الإِسلامِ وَانتِشارِها بِمَکَّةَ أن یَصنَعَ لَهُ طَعاماً،و أن یَدعُوَ لَهُ بَنی عَبدِ المُطَّلِبِ،فَصَنَعَ لَهُ الطَّعامَ ودَعاهُم لَهُ، فَخَرَجوا ذلِکَ الیَومَ ولَم یُنذِرهُم صلی الله علیه و آله؛لِکَلِمَةٍ قالَها عَمُّهُ أبو لَهَبٍ.

فَکَلَّفَهُ فِی الیَومِ الثّانی أن یَصنَعَ مِثلَ ذلِکَ الطَّعامِ،و أن یَدعُوَهُم ثانِیَةً،فَصَنَعَهُ

ص:376


1- (1) .مسند ابن حنبل:ج 1 ص 335 ح 1371، [1]السنن الکبری للنسائی:ج 5 ص 126 ح 8451 [2] نحوه،کنزالعمّال:ج 13 ص 174 ح 36520؛علل الشرائع:ص 170 ح 1 [3] نحوه،بحار الأنوار:ج 18 ص 178 ح 6. [4]
2- (2) .مجمع البیان:ج 7 ص 323،تفسیر فرات:ص 303 ح 408، [5]تأویل الآیات الظاهرة:ج 1 ص 393 ح 19 کلاهما نحوه،بحار الأنوار:ج 18 ص 212 ح 41 [6] وص 163.

ودَعاهُم فَأَکَلوا،ثُمَّ کَلَّمَهُم صلی الله علیه و آله فَدَعاهُم إلَی الدّینِ،ودَعاهُ مَعَهُم؛لِأَ نَّهُ مِن بَنی عَبدِ المُطَّلِبِ،ثُمَّ ضَمِنَ لِمَن یُؤازِرُهُ مِنهُم ویَنصُرُهُ عَلی قَولِهِ أن یَجعَلَهُ أخاهُ فِی الدّینِ،ووَصِیَّهُ بَعدَ مَوتِهِ،وخَلیفَتَهُ مِن بَعدِهِ،فَأَمسَکوا کُلُّهُم وأجابَهُ هُوَ وَحدَهُ، وقالَ:أنَا أنصُرُکَ عَلی ما جِئتَ بِهِ،واُوازِرُکَ واُبایِعُکَ.فَقالَ لَهُم-لَمّا رَأی مِنهُمُ الخِذلانَ ومِنهُ النَّصرَ،وشاهَدَ مِنهُمُ المَعصِیَةَ ومِنهُ الطّاعَةَ،وعایَنَ مِنهُمُ الإِباءَ ومِنهُ الإِجابَةَ-:هذا أخی ووَصِیّی وخَلیفَتی مِن بَعدی.

فَقاموا یَسخَرونَ ویَضحَکونَ،ویَقولونَ لِأَبی طالِبٍ:أطِعِ ابنَکَ؛فَقَد أمَّرَهُ عَلَیکَ. (1)

راجع:موسوعة الإمام علیّ بن أبی طالب علیه السلام:ج 1 ص 129 ( القسم الثانی:الإمام علیّ علیه السلام مع النبی صلی الله علیه و آله/الفصل الأؤل:المؤازرة علی الدعوة ).

ص:377


1- (1) .شرح نهج البلاغة لابن أبی الحدید:ج 13 ص 244. [1]

ص:378

الفصل الثانی:بیعة العقبة

1/2 بَیعَةُ العَقَبَةِ الاُولی

11368. مسند ابن حنبل عن عُبادة بن الصامت: کُنتُ فیمَن حَضَرَ العَقَبَةَ الاُولی،وکُنَّا اثنَی عَشَرَ رَجُلاً،فَبایَعنا رَسولَ اللّهِ صلی الله علیه و آله عَلی بَیعَةِ النِّساءِ،وذلِکَ قَبلَ أن یُفتَرَضَ الحَربُ؛ عَلی أن لا نُشرِکَ بِاللّهِ شَیئاً،ولا نَسرِقَ،ولا نَزنِیَ،ولا نَقتُلَ أولادَنا،ولا نَأتِیَ بِبُهتانٍ نَفتَریهِ بَینَ أیدینا وأَرجُلِنا،ولا نَعصِیَهُ فی مَعروفٍ؛فَإِن وَفَیتُم فَلَکُمُ الجَنَّةُ، وإن غَشیتُم مِن ذلِکَ شَیئاً فَأَمرُکُم إلَی اللّهِ إن شاءَ عَذَّبَکُم وإن شاءَ غَفَرَ لَکُم. (1)

11369. صحیح البخاری عن أبی إدریس عائذ اللّه: إنَّ عُبادَةَ بنَ الصّامِتِ-مِنَ الَّذینَ شَهِدوا بَدراً مَعَ رَسولِ اللّهِ صلی الله علیه و آله،ومِن أصحابِهِ لَیلَةَ العَقَبَةِ-أخبَرَهُ أنَّ رَسولَ اللّهِ صلی الله علیه و آله قالَ وحَولَهُ عِصابَةٌ مِن أصحابِهِ:تَعالَوا بایِعونی عَلی ألّا تُشرِکوا بِاللّهِ شَیئاً،ولا تَسرِقوا، ولا تَزنوا،ولا تَقتُلوا أولادَکُم،ولا تَأتوا بِبُهتانٍ تَفتَرونَهُ بَینَ أیدیکُم وأَرجُلِکُم،

ص:379


1- (1) .مسند ابن حنبل:ج 8 ص 411 ح 22818 [1] وص 392 ح 22731،السیرة النبویة لابن هشام:ج 2 ص 75، [2]دلائل النبوّة للبیهقی:ج 2 ص 436 [3] نحوه،تاریخ الطبری:ج 2 ص 356، [4]کنز العمّال:ج 1 ص 324 ح 1518 وح 1520 وراجع:تهذیب الکمال:ج 14 ص 186 الرقم 3107.

ولا تَعصونی فی مَعروفٍ،فَمَن وَفی مِنکُم فَأَجرُهُ عَلَی اللّهِ،ومَن أصابَ مِن ذلِکَ شَیئاً فَعوقِبَ بِهِ فِی الدُّنیا فَهُوَ لَهُ کَفّارَةٌ،ومَن أصابَ مِن ذلِکَ شَیئاً فَسَتَرَهُ اللّهُ فَأَمرُهُ إلَی اللّهِ،إن شاءَ عاقَبَهُ وإن شاءَ عَفا عَنهُ.قالَ:فَبایَعتُهُ عَلی ذلِکَ. (1)

11370. المناقب لابن شهر آشوب: کانَ النَّبِیُّ صلی الله علیه و آله یَعرِضُ نَفسَهُ عَلی قَبائِلِ العَرَبِ فی المَوسِمِ، فَلَقِیَ رَهطاً مِنَ الخَزرَجِ فَقالَ:ألا تَجلِسونَ احَدِّثُکُم؟قالوا:بَلی،فَجَلَسوا إلَیهِ فَدَعاهُم إلَی اللّهِ،وتَلا عَلَیهِمُ القُرآنَ،فَقالَ بَعضُهُم لِبَعضٍ:یا قَومِ تَعَلَّموا،وَاللّهِ إنَّهُ النَّبِیُّ الَّذی کانَ یوعِدُکُم بِهِ الیَهودُ،فَلا یَسبِقَنَّکُم إلَیهِ أحَدٌ.فَأَجابوهُ،وقالوا لَهُ:إنّا قَد تَرَکنا قَومَنا ولا قَومَ بَینَهُم مِنَ العَداوَةِ وَالشَّرِّ مِثلَما بَینَهُم،وعَسی أن یَجمَعَ اللّهُ بَینَهُم بِکَ،فَتَقدَمُ (2)عَلَیهِم وتَدعوهُم إلی أمرِکَ.و کانوا سِتَّةَ نَفَرٍ.

قالَ:فَلَمّا قَدِمُوا المَدینَةَ فَأَخبَروا قَومَهُم بِالخَبرِ،فَما دارَ حَولٌ إلّاوفیها حَدیثُ رَسولِ اللّهِ صلی الله علیه و آله،حَتّی إذا کانَ العامُ المُقبِلُ أتَی المَوسِمَ مِنَ الأَنصارِ اثنا عَشَرَ رَجُلاً، فَلَقُوا النَّبِیَّ صلی الله علیه و آله فَبایَعوهُ عَلی بَیعَةِ النِّساءِ:ألّا یُشرِکوا بِاللّهِ شَیئاً،ولا یَسرِقوا،إلی آخِرِها.

ثُمَّ انصَرَفوا،وبَعَثَ مَعَهُم مُصعَبَ بنَ عُمَیرٍ یُصَلّی بِهِم،وکانَ بَینَهُم بِالمَدینَةِ یُسَمَّی المُقرِئَ،فَلَم یَبقَ دارٌ فِی المَدینَةِ إلّاوفیها رِجالٌ ونِساءٌ مُسلِمونَ،إلّادارُ امَیَّةَ وحُطَیمَةَ ووائِلٍ،وهُم مِنَ الأَوسِ.

ثُمَّ عادَ مُصعَبٌ إلی مَکَّةَ،وخَرَجَ مَن خَرَجَ مِنَ الأَنصارِ إلَی المَوسِمِ مَعَ حُجّاجِ قَومِهِم،فَاجتَمَعوا فِی الشِّعبِ عِندَ العََقبَةِ؛ثَلاثَةٌ وسَبعونَ رَجُلاً وَامرَأَتانِ فی أیّامِ

ص:380


1- (1) .صحیح البخاری:ج 3 ص 1413 ح 3679 وج 1 ص 15 ح 18،سنن النسائی للبیهقی:ج 7 ص 142،السنن الکبری للبیهقی:ج 8 ص 34 ح 15842 کلاهما نحوه،کنز العمّال:ج 1 ص 101 ح 453.
2- (2) .فی بحارالأنوار:« [1]فَسَتَقدَمُ».

التَّشریقِ بِاللَّیلِ.

فَقالَ صلی الله علیه و آله:اُبایِعُکُم عَلَی الإِسلامِ.

فَقالَ لَهُ بَعضُهُم:نُریدُ أن تُعَرِّفَنا یا رَسولَ اللّهِ؛ما للّهِ ِ عَلَینا،وما لَکَ عَلَینا،وما لَنا عَلَی اللّهِ.

فَقالَ:أمّا للّهِ ِ عَلَیکُم فَأَن تَعبُدوهُ ولا تُشرِکوا بِهِ شَیئاً،وأَمّا ما لی عَلَیکُم فَتَنصُرونَنی مِثلَ نِسائِکُم وأَبنائِکُم،و أن تَصبِروا عَلی عَضِّ السَّیفِ وإن یُقتَلَ خِیارُکُم.

قالوا:فَإِذا فَعَلنا ذلِکَ ما لَنا عَلَی اللّهِ؟

قالَ:أمّا فِی الدُّنیا فَالظُّهورُ عَلی مَن عاداکُم،وفِی الآخِرَةِ الرِّضوانُ وَالجَنَّةُ.

فَأَخَذَ البَراءُ بنُ مَعرورٍ بِیَدِهِ ثُمَّ قالَ:وَالَّذی بَعَثَکَ بِالحَقِّ ! لَنَمنَعُکَ بِما نَمنَعُ بِهِ ازُرَنا (1)؛فَبایِعنا یا رَسولَ اللّهِ؛فَنَحنُ-وَاللّهِ-أهلُ الحُروبِ وأَهلُ الحِلفَةِ (2)،وَرِثناها کِباراً عَن کِبارٍ.

فَقالَ أبُو الهَیثَمِ:إنَّ بَینَنا وبَینَ الرِّجالِ حِبالاً،وإنّا إن قَطَعناها أو قَطَعوها فَهَل عَسَیتَ إن فَعَلنا ذلِکَ ثُمَّ أظهَرَکَ اللّهُ أن تَرجِعَ إلی قَومِکَ وتَدَعَنا؟

فَتَبَسَّمَ رَسولُ اللّهِ صلی الله علیه و آله،ثُمَّ قالَ:بَلِ الدَّمُ الدَّمُ،وَالهَدمُ الهَدمُ،اُحارِبُ مَن حارَبتُم، واُسالِمُ مَن سالَمتُم.

ثُمَّ قالَ:أخرِجوا إلَیَّ مِنکُمُ اثنَی عَشَرَ نَقیباً.فَاختاروا.

ص:381


1- (1) .اُزُرَنا:أی نساءنا وأهلنا (النهایة:ج 1 ص 45«أزر»).
2- (2) .الحِلْفَة-بالکسر-:الحِلف والمعاقدة والمعاهدة علی التضاعد والمساعدة.ولعلّ الصواب:«الحَلْقَة»-بالفتح-کما فی بعض المتون،وهی السلاح عامّةً أو الدروع خاصّةً،وهو أظهر ( راجع:غریب الحدیث لابن قتیبة:ج 1 ص 252 والصحاح:ج 4 ص 1462 ولسان العرب:ج 10 ص 65 ). [1]

ثُمَّ قالَ:اُبایِعُکُم کَبَیعَةِ عیسَی بنِ مَریَمَ لِلحَوارِیّینَ کُفَلاءَ عَلی قَومِهِم بِما فیهِم، وعَلی أن تَمنَعونی مِمّا تَمنَعونَ مِنهُ نِساءَکُم وأَبناءَکُم.فَبایَعوهُ عَلی ذلِکَ.

فَصَرَخَ الشَّیطانُ فِی العَقَبَةِ:یا أهلَ الجَباجِبِ (1)،هَل لَکُم فی مُحَمَّدٍ وَالصُّباةِ (2)مَعَهُ؟قَدِ اجتَمَعوا عَلی حَربِکُم.

ثُمَّ نَفَرَ النّاسُ مِن مِنیً،وفَشَا الخَبَرُ،فَخَرَجوا فِی الطَّلَبِ،فَأَدرَکوا سَعدَ بنَ عُبادَةَ وَالمُنذِرَ بنَ عَمرٍو،فَأَمَّا المُنذِرُ فَأَعجَزَ (3)القَومَ،وأمّا سَعدٌ فَأَخَذوهُ ورَبَطوهُ بِنِسعِ (4)رَحلِهِ،وأَدخَلوهُ مَکَّةَ یَضرِبونَهُ،فَبَلَغَ خَبَرُهُ إلی جُبَیرِ بنِ مُطعِمٍ وَالحارِثِ بنِ حَربِ بنِ امَیَّةَ،فَأَتَیاهُ وخَلَّصاهُ.

وکانَ النَّبِیُّ صلی الله علیه و آله لَم یُؤمَر إلّابِالدُّعاءِ وَالصَّبرِ عَلَی الأَذی،وَالصَّفحِ عَنِ الجاهِلِ، فَطالَت قُرَیشٌ عَلَی المُسلِمینَ،فَلَمّا کَثُرَ عُتُوُّهُم امِرَ بِالهِجرَةِ.

فَقالَ صلی الله علیه و آله:إنَّ اللّهَ قَد جَعَلَ لَکُم داراً وإخواناً تَأمَنونَ بِها.فَخَرَجوا أرسالاً (5)حَتّی لَم یَبقَ مَعَ النَّبِیِّ صلی الله علیه و آله إلّاعَلِیٌّ وأبو بَکرٍ،فَحَذَرَت قُرَیشٌ خُروجَهُ،وعَرَفوا أنَّهُ قَد أجمَعَ لِحَربِهِم،فَاجتَمَعوا فی دارِ النَّدوَةِ-وهِیَ دارُ قُصَیِّ بنِ کِلابٍ-یَتَشاوَرونَ فی أمرِهِ. (6)

11371. الطبقات الکبری عن عُبادة بن الصامت: لَمّا کانَ العامُ المُقبِلُ مِنَ العامِ الَّذی لَقِیَ فیهِ رَسولُ اللّهِ صلی الله علیه و آله النَّفَرَ السِّتَّةَ،لَقِیَهُ اثنا عَشَرَ رَجُلاً بَعدَ ذلِکَ بِعامٍ،وهِیَ العَقَبَةُ الاُولی؛

ص:382


1- (1) .الجَباجِبُ:جمع جُبجُب،وهو المستوی من الأرض لیس بِحَزن،وهی أسماء منازل بمنی (النهایة:ج 1 ص 234« [1]جبجب»).
2- (2) .یقال:صبأ فلان؛إذا خرج من دینٍ إلی دینٍ غیره...ویسمّون المسلمین:الصُّباة (النهایة:ج 3 ص 3« [2]صبأ»).
3- (3) .أعجَزَنی فُلانٌ:أی فاتنی (لسان العرب:ج 5 ص 370« [3]عجز»).
4- (4) .النِّسعُ:سَیر مَظفور،یُجعل زماماً للبعیر (النهایة:ج 5 ص 48«نسع»).
5- (5) .أرسالاً:أی أفواجاً وفِرقاً متقطّعة یَتبع بعضهم بَعضاً (مجمع البحرین:ج 2 ص 700«رسل»).
6- (6) .المناقب لابن شهر آشوب:ج 1 ص 181، [4]بحار الأنوار:ج 19 ص 25 ح 15. [5]

مِن بَنِی النَّجّارِ:أسعَدُ بنُ زُرارَةَ،وعَوفٌ ومُعاذٌ وهُمَا ابنَا الحارِثِ،وهُمَا ابنا عَفراءَ، ومِن بَنی زُرَیقٍ:ذَکوانُ بنُ عَبدِ قَیسٍ ورافِعُ بنُ مالِکٍ،ومِن بَنی عَوفِ بنِ الخَزرَجِ:

عُبادَةُ بنُ الصّامِتِ ویَزیدُ بنُ ثَعلَبَةَ أبو عَبدِ الرَّحمنِ،ومِن بَنی عامِرِ بنِ عَوفٍ:عَبّاسُ بنُ عُبادَةَ بنِ نَضلَةَ،ومِن بَنی سَلِمَةَ:عُقبَةُ بنُ عامِرِ بنِ نابِئٍ،ومِن بَنی سَوادٍ:قُطَبَةُ بنُ عامِرِ بنِ حَدیدَةَ؛فَهؤُلاءِ عَشَرَةٌ مِنَ الخَزرَجِ.

ومِنَ الأَوسِ رَجُلانِ:أبُو الهَیثَمِ بنُ التَّیِّهانِ مِن بَلِیٍّ حَلیفٌ فی بَنی عَبدِ الأَشهَلِ، ومِن بَنی عَمرِو بنِ عَوفٍ:عُوَیمُ بنُ ساعِدَةَ.

فَأَسلَموا،وبایَعوا عَلی بَیعَةِ النِّساءِ؛عَلی أن لا نُشرِکَ بِاللّهِ شَیئاً،ولا نَسرِقَ،ولا نَزنِیَ،ولا نَقتُلَ أولادَنا،ولا نَأتِیَ بِبُهتانٍ نَفتَریهِ بَینَ أیدینا وأَرجُلِنا،ولا نَعصِیَهُ فی مَعروفٍ.

قالَ:فَإِن وَفَیتُم فَلَکُمُ الجَنَّةُ،ومَن غَشِیَ مِن ذلِکَ شَیئاً کانَ أمرُهُ إلَی اللّهِ؛إن شاءَ عَذَّبَهُ وإن شاءَ عَفا عَنهُ.ولَم یُفرَض یَومَئِذٍ القِتالُ.

ثُمَّ انصَرَفوا إلَی المَدینَةِ،فَأَظهَرَ اللّهُ الإِسلامَ،وکانَ أسعَدُ بنُ زُرارَةَ یُجَمِّعُ بِالمَدینَةِ بِمَن أسلَمَ.

وکَتَبَتِ الأَوسُ وَالخَزرَجُ إلی رَسولِ اللّهِ صلی الله علیه و آله:اِبعَث إلَینا مُقرِئاً یُقرِئُنَا القُرآنَ.فَبَعَثَ إلَیهِم مُصعَبَ بنَ عُمَیرٍ العَبدَرِیَّ،فَنَزَلَ عَلی أسعَدَ بنِ زُرارَةَ،فَکانَ یُقرِئُهُمُ القُرآنَ.

فَرَوی بَعضُهُم أنَّ مُصعَباً کانَ یُجَمِّعُ بِهِم،ثُمَّ خَرَجَ مَعَ السَّبعینَ حَتّی وافَوُا المَوسِمَ مَعَ رَسولِ اللّهِ صلی الله علیه و آله. (1)

ص:383


1- (1) .الطبقات الکبری:ج 1 ص 220، [1]تاریخ دمشق:ج 26 ص 185 ولیس فیه ذیله من«و کان أسعد بن زرارة یُجمّع...».

11372. الکامل فی التاریخ: فَلَمّا أرادَ اللّهُ إظهارَ دینِهِ وإنجازَ وَعدِهِ،خَرَجَ رَسولُ اللّهِ صلی الله علیه و آله فِی المَوسِمِ الَّذی لَقِیَ فیهِ النَّفَرَ مِنَ الأَنصارِ،فَعَرَضَ نَفسَهُ عَلَی القَبائِلِ کَما کانَ یَفعَلُهُ، فَبَینَما هُوَ عِندَ العَقَبَةِ لَقِیَ رَهطاً مِنَ الخَزرَجِ فَدَعاهُم إلَی اللّهِ عز و جل،وعَرَضَ عَلَیهِمُ الإِسلامَ،وقَد کانَت یَهودُ مَعَهُم بِبِلادِهِم،وکانَ هؤُلاءِ أهلَ أوثانٍ،فَکانوا إذا کانَ بَینَهُم شَرٌّ تَقولُ الیَهودُ:إنَّ نَبِیّاً یُبعَثُ الآنَ نَتَّبِعُهُ ونَقتُلُکُم مَعَهُ قَتلَ عادٍ وثَمودَ.فَقالَ اولئِکَ النَّفَرُ بَعضُهُم لِبَعضٍ:هذا وَاللّهِ النَّبِیُّ الَّذی تَوَعَّدَکُم بِهِ الیَهودُ،فَأَجابوهُ وصَدَّقوهُ وقالوا لَهُ:إنَّ بَینَ قَومِنا شَرّاً،وعَسَی اللّهُ أن یَجمَعَهُم بِکَ،فَإِنِ اجتَمَعوا عَلَیکَ فَلا رَجُلَ أعَزُّ مِنکَ.

ثُمَّ انصَرَفوا عَنهُ،و کانوا سَبعَةَ نَفَرٍ مِنَ الخَزرَجِ:أسعَدُ بنُ زُرارَةَ بنِ عُدَسٍ أبو امامَةَ،وعَوفُ بنُ الحارِثِ بنِ رِفاعَةَ،وهُوَ ابنُ عَفراءَ،کِلاهُما مِن بَنِی النَّجّارِ، ورافِعُ بنُ مالِکِ بنِ عَجلانَ،وعامِرُ بنُ عَبدِ حارِثَةَ بنِ ثَعلَبَةَ بنِ غَنمٍ،کِلاهُما مِن بَنی زُرَیقٍ،وقُطبَةُ بنُ عامِرِ بنِ حَدیدَةَ بنِ سَوادٍ مِن بَنی سَلِمَةَ-سَلِمَةَ هذا بِکَسرِ اللّامِ-،وعُقبَةُ بنُ عامِرِ بنِ نابِئٍ مِن بَنی غَنمٍ،وجابِرُ بنُ عَبدِ اللّهِ بنِ رِئابٍ مِن بَنی عُبَیدَةَ. (1)

2/2 بَیعَةُ العَقَبَةِ الثّانِیَةِ

الکتاب

«وَ اذْکُرُوا نِعْمَةَ اللّهِ عَلَیْکُمْ وَ مِیثاقَهُ الَّذِی واثَقَکُمْ بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنا وَ أَطَعْنا وَ اتَّقُوا اللّهَ إِنَّ اللّهَ

ص:384


1- (1) .الکامل فی التاریخ:ج 1 ص 510، [1]السیرة النبویّة لا بن هشام:ج 2 ص 70، [2]تاریخ الطبری:ج 2 ص 353، [3]تفسیر الطبری:ج 3 الجزء 4 ص 34 [4] کلّها نحوه.

عَلِیمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ» . (1)

«وَ لَقَدْ کانُوا عاهَدُوا اللّهَ مِنْ قَبْلُ لا یُوَلُّونَ الْأَدْبارَ وَ کانَ عَهْدُ اللّهِ مَسْؤُلاً» . 2

الحدیث

11373. مسند ابن حنبل عن جابر: مَکَثَ رَسولُ اللّهِ صلی الله علیه و آله بِمَکَّةَ عَشرَ سِنینَ 3،یَتبَعُ النّاسَ فی مَنازِلِهِم بِعُکاظَ 4ومَجَنَّةَ 5،وفِی المَواسِمِ بِمِنیً،یَقولُ:مَن یُؤوینی،مَن یَنصُرُنی حَتّی ابَلِّغَ رِسالَةَ رَبّی ولَهُ الجَنَّةُ؟

...فَقُلنا:حَتّی مَتی نَترُکُ رَسولَ اللّهِ صلی الله علیه و آله یُطرَدُ مِن جِبالِ مَکَّةَ ویَخافُ؟فَرَحَلَ

ص:385


1- (1) .المائدةء:7.والمیثاق الذی واثقهم به؛قال البلخی والجبّائی:هو ما أخذ علیهم رسول اللّه صلی الله علیه و آله عند إسلامهم وبیعتهم بأن یطیعوا اللّه فی کلّ ما یفرضه علیهم ممّا ساءهم أو سرّهم.قال الجبّائی:هو مبایعتهم له لیلة العقبة وبیعة الرضوان،وهو قول ابن عبّاس (التبیان فی تفسیر القرآن:ج 3 ص 459، [1]وراجع:مجمع البیان:ج 3 ص 290 وتفسیر الرازی:ج 11 ص 178 [2] وتفسیر القرطبی:ج 6 ص 108). [3]

إلَیهِ مِنّا سَبعونَ رَجُلاً حَتّی قَدِموا عَلَیهِ فِی المَوسِمِ،فَواعَدناهُ شِعبَ العَقَبَةِ،فَاجتَمَعنا عَلَیهِ مِن رَجُلٍ ورَجُلَینِ،حَتّی تَوافَینا فَقُلنا:یا رَسولَ اللّهِ نُبایِعُکَ.

قالَ:تُبایِعونی عَلَی السَّمعِ وَالطّاعَةِ فِی النَّشاطِ وَالکَسَلِ،وَالنَّفَقَةِ فِی العُسرِ وَالیُسرِ،وعَلَی الأَمرِ بِالمَعروفِ وَالنَّهیِ عَنِ المُنکَرِ،و أن تَقولوا فِی اللّهِ لا تَخافونَ فِی اللّهِ لَومَةَ لائِمٍ،وعَلی أن تَنصُرونی فَتَمنَعونی إذا قَدِمتُ عَلَیکُم،مِمّا تَمنَعونَ مِنهُ أنفُسَکُم وأَزواجَکُم وأَبناءَکُم؛ولَکُمُ الجَنَّةُ.قالَ:فَقُمنا إلَیهِ فَبایَعناهُ. (1)

11374. المناقب لابن شهر آشوب: فَلَمّا تُوُفِّیَ أبو طالِبٍ خَرَجَ [رَسولُ اللّهِ صلی الله علیه و آله ] إلَی الطّائِفِ وأَقامَ فیهِ شَهراً،وکانَ مَعَهُ زَیدُ بنُ الحارِثِ،ثُمَّ انصَرَفَ إلی مَکَّةَ،ومَکَثَ فیها سَنَةً وسِتَّةَ أشهُرٍ فی جِوارِ مُطعِمِ بنِ عَدِیٍّ،وکانَ یَدعُو القَبائِلَ فِی المَواسِمِ،فَکانَت بَیعَةُ العَقَبَةِ الاُولی بِمِنیً،فَبایَعَهُ خَمسَةُ نَفَرٍ مِنَ الخَزرَجِ وواحِدٌ مِنَ الأَوسِ-فی خُفیَةٍ مِن قَومِهِم-بَیعَةَ النِّساءِ،وهُم:جابِرُ بنُ عَبدِ اللّهِ،وفِطنَةُ بنُ عامِرِ بنِ حِزامٍ، وعَوفُ بنُ الحارِثِ،وحارِثَةُ بنُ ثَعلَبَةَ،ومَرثَدُ بنُ الأَسَدِ،وأبو امامَةَ ثَعلَبَةُ بنُ عَمرٍو، ویُقالُ:هُوَ أسعَدُ بنُ زُرارَةَ.فَلَمَّا انصَرَفوا إلَی المَدینَةِ وذَکَرُوا القِصَّةَ وقَرَؤُوا القُرآنَ صَدَّقوهُ.

وفِی السَّنَةِ القابِلَةِ-وهِیَ العَقَبَةُ الثّانِیَةُ-أنفَذوا مَعَهُم سِتَّةً اخری بِالسَّلامِ وَالبَیعَةِ،وهُم:أبُو الهَیثَمِ بنُ التَّیِّهانِ،وعُبادَةُ بنُ الصّامِتِ،وذَکوانُ بنُ عَبدِ اللّهِ،ونافِعُ بنُ مالِکِ بنِ العَجلانِ،وعَبّاسُ بنُ عُبادَةَ بنِ نَضلَةَ،ویَزیدُ بنُ ثَعلَبَةَ حَلیفٌ لَهُ،ویُقالُ:

مَسعودُ بنُ الحارِثِ،وعُوَیمُ بنُ ساعِدَةَ حَلیفٌ لَهُم.ثُمَّ أنفَذَ النَّبِیُّ صلی الله علیه و آله مَعَهُمُ

ص:386


1- (1) .مسند ابن حنبل:ج 5 ص 67 ح 14463، [1]السنن الکبری:ج 8 ص 251 ح 16556،المستدرک علی الصحیحین:ج 2 ص 681 ح 4251 نحوه.

ابنَ عَمِّهِ مُصعَبَ بنَ هاشِمٍ،فَنَزَلَ دارَ أسعَدَ بنِ زُرارَةَ،فَاجتَمَعوا عَلَیهِ وأَسلَمَ أکثَرُهُم،إلّادارَ امَیَّةَ بنِ زَیدٍ وحَطَمَةَ ووائِلٍ وواقِفٍ،فَإِنَّهُم أسلَموا بَعدَ بَدرٍ واُحُدٍ وَالخَندَقِ.

وفِی السَّنَةِ القابِلَةِ کانَت بَیعَةُ الحارِثِ؛کانوا مِنَ الأَوسِ وَالخَزرَجِ سَبعینَ رَجُلاً وَامرَأَتَینِ،وَاختارَ صلی الله علیه و آله مِنهُم اثنَی عَشَرَ نَقیباً؛لِیَکونوا کُفَلاءَ قَومِهِ،تِسعَةً مِنَ الخَزرَجِ وثَلاثَةً مِنَ الأَوسِ،فَمِنَ الخَزرَجِ أسعَدُ وجابِرٌ وَالبَراءُ بنُ مَعرورٍ وعَبدُ اللّهِ بنُ حِزامٍ وسَعدُ بنُ عُبادَةَ وَالمُنذِرُ بنُ قَمَرٍ وعَبدُ اللّهِ بنُ رَواحَةَ وسَعدُ بنُ الرَّبیعِ،ومِنَ القَواقِلِ (1)عُبادَةُ بنُ الصّامِتِ،ومِنَ الأَوسِ أبو الهَیثَمِ واُسَیدُ بنُ خُضَیرٍ وسَعیدُ بنُ خَیثَمَةَ. (2)

11375. دلائل النبوّة لأبی نعیم عن الزهری -فی ذِکرِ ما جَری بَینَ رَسولِ اللّهِ صلی الله علیه و آله وبَینَ الأَوسِ وَالخَزرَجِ وکَلامِهِ مَعَهُم-:فَمَرَّ العَبّاسُ بنُ عَبدِ المُطَّلِبِ وهُوَ یُکَلِّمُهُم ویُکَلِّمونَهُ، فَعَرَفَ صَوتَ النَّبِیِّ صلی الله علیه و آله فَقالَ:ابنَ أخی ! مَن هؤُلاءِ الَّذینَ عِندَکَ؟قالَ:یا عَمِّ،سُکّانُ یَثرِبَ؛الأَوسُ وَالخَزرَجُ،فَدَعَوتُهُم إلی ما دَعَوتُ إلَیهِ مِن قَبلِهِم مِنَ الأَحیاءِ، فَأَجابونی وصَدَّقونی،وذَکَروا أنَّهُم یُخرِجونَنی إلی بِلادِهِم.

فَنَزَلَ العَبّاسُ بنُ عَبدِ المُطَّلِبِ وعَقَلَ راحِلَتَهُ،ثُمَّ قالَ لَهُم:یا مَعشَرَ الأَوسِ وَالخَزرَجِ،هذَا ابنُ أخی وهُوَ أحَبُّ النّاسِ إلَیَّ،فَإِن کُنتُم صَدَّقتُموهُ وآمَنتُم بِهِ وأَرَدتُم إخراجَهُ مَعَکُم،فَإِنّی اریدُ أن آخُذَ عَلَیکُم مَوثِقاً تَطمَئِنُّ بِهِ نَفسی،ولا تَخذُلوهُ ولا تَغِرّوهُ،فَإِنَّ جیرانَکُمُ الیَهودُ،وَالیَهودُ لَهُ عَدُوٌّ ولا آمَنُ مَکرَهُم عَلَیهِ.

ص:387


1- (1) .فی المصدر:«القوافل»،والصواب ما أثبتناه.قال الجوهری:القواقل قومٌ من الخزرج ( الصحاح:ج 5ص 1803« [1]ققل»).وإنّما سُمّوا القواقل لأنّهم کانوا فی الجاهلیة إذا نزل بهم الضیف قالوا له:قَوقِل حیث شئت؛یریدون:اِذهب حیث شئت وقل ما شِئت فإنّ لک الأمان لأنّک فی ذمّتی ( راجع:الثقات لابن حبان:ج 3 ص 302 والسیرة النبویة لابن هشام:ج 2 ص 294 ). [2]
2- (2) .المناقب لابن شهر آشوب:ج 1 ص 174، [3]بحار الأنوار:ج 19 ص 15 ح 7. [4]

فَقالَ أسعَدُ بنُ زُرارَةَ وشَقَّ عَلَیهِ قَولُ العَبّاسِ حینَ اتَّهَمَ عَلَیهِ أسعَدَ وأَصحابَهُ، قالَ:یا رَسولَ اللّهِ صلی الله علیه و آله،ائذَن لَنا فَلنُجِبهُ غَیرَ مُخشِنینَ بِصَدرِکَ ولا مُتَعَرِّضینَ لِشَیءٍ مِمّا تَکرَهُ،إلّاتَصدیقاً لِإِجابَتِنا إیّاکَ وإیماناً بِکَ.

فَقالَ رَسولُ اللّهِ صلی الله علیه و آله:أجیبوهُ غَیرَ مُتَّهَمینَ.

فَقالَ أسعَدُ بنُ زُرارَةَ وأَقبَلَ عَلی رَسولِ اللّهِ صلی الله علیه و آله بِوَجهِهِ،فَقالَ:یا رَسولَ اللّهِ،إنَّ لِکُلِّ دَعوَةٍ سَبیلاً؛إن لینٌ وإن شِدَّةٌ،وقَد دَعَوتَ الیَومَ إلی دَعوَةٍ مُتَجَهِّمَةٍ (1)لِلنّاسِ مُتَوَعِّرَةٍ عَلَیهِم،دَعَوتَنا إلی تَرکِ دینِنا وَاتِّباعِکَ عَلی دینِکَ،وتِلکَ رُتبَةٌ صَعبَةٌ، فَأَجَبناکَ إلی ذلِکَ،ودَعَوتَنا إلی قَطعِ ما بَینَنا وبَینَ النّاسِ مِنَ الجِوارِ وَالأَرحامِ القَریبِ وَالبَعیدِ،وتِلکَ رُتبَةٌ صَعبَةٌ،فَأَجَبناکَ إلی ذلِکَ،ودَعَوتَنا-ونَحنُ جَماعَةٌ فی دارِ عِزٍّ ومَنَعَةٍ لا یَطمَعُ فیها أحَدٌ-أن یَرأَسَ عَلَینا رَجُلٌ مِن غَیرِنا قَد أفرَدَهُ قَومُهُ وأَسلَمَهُ أعمامُهُ،وتِلکَ رُتبَةٌ صَعبَةٌ،فَأَجَبناکَ إلی ذلِکَ.

وکُلُّ هؤُلاءِ الرُّتَبُ مَکروهَةٌ عِندَ النّاسِ،إلّامَن عَزَمَ اللّهُ عَلی رُشدِهِ،وَالتَمَسَ الخَیرَ فی عَواقِبِها،وقَد أجَبناکَ إلی ذلِکَ بِأَلسِنَتِنا وصُدورِنا وأَیدینا؛إیماناً بِما جِئتَ بِهِ،وتَصدیقاً بِمَعرِفَةٍ ثَبَتَت فی قُلوبِنا،نُبایِعُکَ عَلی ذلِکَ ونُبایِعُ رَبَّنا ورَبَّکَ،یَدُ اللّهِ فَوقَ أیدینا،ودِماؤُنا دونَ دَمِکَ،وأَیدینا دونَ یَدِکَ،نَمنَعُکُ مِمّا نَمنَعُ مِنهُ أنفُسَنا وأَبناءَنا ونِساءَنا،فَإِن نَفِ بِذلِکَ فَلِلّهِ نَفی،وإن نَغدِر فَبِاللّهِ نَغدِرُ ونَحنُ بِهِ أشقِیاءُ،هذَا الصِّدقُ مِنّا یا رَسولَ اللّهِ،وَاللّهُ المُستَعانُ.

ثُمَّ أقبَلَ عَلَی العَبّاسِ بنِ عَبدِ المُطَّلِبِ بِوَجهِهِ فَقالَ:وأَمّا أنتَ أیُّهَا المُعتَرِضُ لَنا بِالقَولِ دونَ النَّبِیِّ صلی الله علیه و آله،وَاللّهُ أعلَمُ ما أرَدتَ بِذلِکَ،ذَکَرتَ أنَّهُ ابنُ أخیکَ وَأَحَبُّ

ص:388


1- (1) .تجهّمه:أی یلقاه بالغلظة ( النهایة:ج 1 ص 323«جهم»).

النّاسِ إلَیکَ،فَنَحنُ قَد قَطَعنَا القَریبَ وَالبَعیدَ وذَا الرَّحِمِ،ونَشهَدُ أنَّهُ رَسولُ اللّهِ أرسَلَهُ مِن عِندِهِ لَیسَ بِکَذّابٍ،وإنَّ ما جاءَ بِهِ لا یُشبِهُ کَلامَ البَشَرِ.وأَمّا ما ذَکَرتَ أنَّکَ لا تَطمَئِنُّ إلَینا فی أمرِهِ حَتّی تَأخُذَ مَواثیقَنا،فَهذِهِ خَصلَةٌ لا نَرُدُّها عَلی أحَدٍ أرادَها لِرَسولِ اللّهِ صلی الله علیه و آله،فَخُذ ما شِئتَ.

ثُمَّ التَفَتَ إلَی النَّبِیِّ صلی الله علیه و آله فَقالَ:یا رَسولَ اللّهِ،خُذ لِنَفسِکَ ما شِئتَ وَاشتَرِط لِرَبِّکَ ما شِئتَ.

فَقالَ النَّبِیُّ صلی الله علیه و آله:أشتَرِطُ لِرَبّی عز و جل أن تَعبُدوهُ ولا تُشرِکوا بِهِ شَیئاً،ولِنَفسی أن تَمنَعونی مِمّا تَمنَعونَ مِنهُ أنفُسَکُم وأَبناءَکُم ونِساءَکُم.

قالوا:فَذلِکَ لَکَ یا رَسولَ اللّهِ. (1)

11376. السیرة النبویّة لابن هشام عن کعب بن مالک -وکانَ مِمَّن شَهِدَ العَقَبَةَ وبایَعَ رَسولَ اللّهِ صلی الله علیه و آله بِها-:خَرَجنا إلَی الحَجِّ،وواعَدَنا رَسولُ اللّهِ صلی الله علیه و آله العَقَبَةَ مِن أوسَطِ أیّامِ التَّشریقِ،فَلَمّا فَرَغنا مِنَ الحَجِّ،وکانَتِ اللَّیلَةُ الَّتی واعَدَنا رَسولُ اللّهِ صلی الله علیه و آله لَها،ومَعَنا عَبدُ اللّهِ بنُ عَمرِو بنِ حَرامٍ أبو جابِرٍ؛سَیِّدٌ مِن ساداتِنا،وشَریفٌ مِن أشرافِنا أخَذناهُ مَعَنا،وکُنّا نَکتُمُ مَن مَعَنا مِن قَومِنا مِنَ المُشرِکینَ أمرَنا،فَکَلَّمناهُ وقُلنا لَهُ:یا أبا جابِرٍ،إنَّکَ سَیِّدٌ مِن ساداتِنا وشَریفٌ مِن أشرافِنا،وإنّا نَرغَبُ بِکَ عَمّا أنتَ فیهِ أن تَکونَ حَطَباً لِلنّارِ غَداً.ثُمَّ دَعَوناهُ إلَی الإِسلامِ،وأَخبَرناهُ بِمیعادِ رَسولِ اللّهِ صلی الله علیه و آله إیّانَا العَقَبَةَ.قالَ:فَأَسلَمَ وشَهِدَ مَعَنَا العَقَبَةَ،وکانَ نَقیباً.

قالَ:فَنِمنا تِلکَ اللَّیلَةَ مَعَ قَومِنا فی رِحالِنا،حَتّی إذا مَضی ثُلُثُ اللَّیلِ خَرَجنا مِن رِحالِنا لِمیعادِ رَسولِ اللّهِ صلی الله علیه و آله،نَتَسَلَّلُ تَسَلُّلَ القَطا مُستخَفینَ،حَتَّی اجتَمَعنا فِی الشِّعبِ عِندَ العَقَبَةِ،ونَحنُ ثَلاثَةٌ وسَبعونَ رَجُلاً،ومَعَنَا امرَأَتانِ مِن نِسائِنا:نُسَیبَةُ

ص:389


1- (1) .دلائل النبوّة لأبی نعیم:ج 1 ص 302 ح 226،کنز العمّال:ج 1 ص 326 ح 1525.

بِنتُ کَعبٍ امُّ عُمارَةَ؛إحدی نِساءِ بَنی مازِنِ بنِ النَّجّارِ،وأَسماءُ بِنتُ عَمرِو بنِ عَدِیِّ بنِ نابِئٍ؛إحدی نِساءِ بَنی سَلِمَةَ وهِیَ امُّ مَنیعٍ.

قالَ:فَاجتَمَعنا فِی الشِّعبِ نَنتَظِرُ رَسولَ اللّهِ صلی الله علیه و آله،حَتّی جاءَنا ومَعَهُ عَمُّهُ العَبّاسُ بنُ عَبدِ المُطَّلِبِ،وهُوَ یَومَئِذٍ عَلی دینِ قَومِهِ،إلّاأنَّهُ أحَبَّ أن یَحضُرَ أمرَ ابنِ أخیهِ ویَتَوَثَّقَ لَهُ.فَلَمّا جَلَسَ کانَ أوَّلَ مُتَکَلِّمٍ العَبّاسُ بنُ عَبدِ المُطَّلِبِ،فَقالَ:

یا مَعشَرَ الخَزرَجِ-قالَ:وکانَتِ العَرَبُ إنَّما یُسَمّونَ هذَا الحَیَّ مِنَ الأَنصارِ الخَزرَجَ؛خَزرَجَها وأَوسَها-إنَّ مُحَمَّداً مِنّا حَیثُ قَد عَلِمتُم،وقَد مَنَعناهُ مِن قَومِنا مِمَّن هُوَ عَلی مِثلِ رَأیِنا فیهِ،فَهُوَ فی عِزٍّ مِن قَومِهِ ومَنَعَةٍ فی بَلَدِهِ،وإنَّهُ قَد أبی إلَّا الاِنحِیازَ إلَیکُم وَاللُّحوقَ بِکُم،فَإِن کُنتُم تَرَونَ أنَّکُم وافونَ لَهُ بِما دَعَوتُموهُ إلَیهِ ومانِعوهُ مِمَّن خالَفَهُ،فَأَنتُم وما تَحَمَّلتُم مِن ذلِکَ،وإن کُنتُم تَرَونَ أنَّکُم مُسلِموهُ وخاذِلوهُ بَعدَ الخُروجِ بِهِ إلَیکُم،فَمِنَ الآنَ فَدَعوهُ،فَإِنَّهُ فی عِزٍّ ومَنَعَةٍ مِن قَومِهِ وبَلَدِهِ.

قالَ:فَقُلنا لَهُ:قَد سَمِعنا ما قُلتَ،فَتَکَلَّم یا رَسولَ اللّهِ،فَخُذ لِنَفسِکَ ولِرَبِّکَ ما أحبَبتَ.

قالَ:فَتَکَلَّمَ رَسولُ اللّهِ صلی الله علیه و آله،فَتَلَا القُرآنَ ودَعا إلَی اللّهِ ورَغَّبَ فِی الإِسلامِ،ثُمَّ قالَ:

ابایِعُکُم عَلی أن تَمنَعونی مِمّا تَمنَعونَ مِنهُ نِساءَکُم وأَبناءَکُم.

قالَ:فَأَخَذَ البَراءُ بنُ مَعرورٍ بِیَدِهِ،ثُمَّ قالَ:نَعَم،وَالَّذی بَعَثَکَ بِالحَقِّ نَبِیّاً،لَنَمنَعَنَّکَ مِمّا نَمنَعُ مِنهُ ازُرَنا،فَبایِعنا یا رَسولَ اللّهِ. (1)

ص:390


1- (1) .السیرة النبویّة لابن هشام:ج 2 ص 83، [1]مسند ابن حنبل:ج 5 ص 358 ح 15798، [2]تاریخ الطبری:ج 2 ص 361، [3]اُسد الغابة:ج 1 ص 365 الرقم 392 [4] کلّها نحوه،کنز العمّال:ج 8 ص 29 ح 21722 نقلاً عن أبی نعیم.

11377. الکامل فی التاریخ: لَمّا فَشَا الإِسلامُ فِی الأَنصارِ اتَّفَقَ جَماعَةٌ مِنهُم عَلَی المَسیرِ إلَی النَّبِیِّ صلی الله علیه و آله،مُستَخفینَ لا یَشعُرُ بِهِم أحَدٌ،فَساروا إلی مَکَّةَ فِی المَوسِمِ فی ذِی الحِجَّةِ مَعَ کُفّارِ قَومِهِم،وَاجتَمَعوا بِهِ وواعَدوهُ أوسَطَ أیّامِ التَّشریقِ (1)بِالعَقَبَةِ.

فَلَمّا کانَ اللَّیلُ خَرَجوا بَعدَ مُضِیِّ ثُلُثِهِ مُستَخفینَ یَتَسَلَّلونَ حَتَّی اجتَمَعوا بِالعَقَبَةِ، وهُم سَبعونَ رَجُلاً،مَعَهُمُ امرَأَتانِ:نُسَیبَةُ بِنتُ کَعبٍ امُّ عُمارَةَ،وأَسماءُ امُّ عَمرِو بنِ عَدِیٍّ مِن بَنی سَلِمَةَ،وجاءَهُم رَسولُ اللّهِ ومَعَهُ عَمُّهُ العَبّاسُ بنُ عَبدِ المُطَّلِبِ،وهُوَ کافِرٌ،أحَبَّ أن یَتَوَثَّقَ لِابنِ أخیهِ،فَکانَ العَبّاسُ أوَّلَ مَن تَکَلَّمَ فَقالَ:

یا مَعشَرَ الخَزرَجِ-وکانَتِ العَرَبُ تُسَمِّی الخَزرَجَ وَالأَوسَ بِهِ-إنَّ مُحَمَّداً مِنّا حَیثُ قَد عَلِمتُم فی عِزٍّ ومَنَعَةٍ،وإنَّهُ قَد أبی إلَّاالاِنقِطاعَ إلَیکُم،فَإِن کُنتُم تَرَونَ أنَّکُم وافونَ لَهُ بِما دَعَوتُموهُ إلَیهِ ومانِعوهُ،فَأَنتُم وذلِکَ،وإن کُنتُم تَرَونَ أنَّکُم مُسلِموهُ،فَمِنَ الآنَ فَدَعوهُ فَإِنَّهُ فی عِزٍّ ومَنَعَةٍ.

فَقالَ الأَنصارُ:قَد سَمِعنا ما قُلتَ،فَتَکَلَّم یا رَسولَ اللّهِ وخُذ لِنَفسِکَ ورَبِّکَ ما أحبَبتَ.

فَتَکَلَّمَ وتَلَا القُرآنَ ورَغَّبَ فِی الإِسلامِ،ثُمَّ قالَ:تَمنَعُونّی مِمّا تَمنَعونَ مِنهُ نِساءَکُم وأَبناءَکُم.

ثُمَّ أخَذَ البَراءُ بنُ مَعرورٍ بِیَدِهِ،ثُمَّ قالَ:وَالَّذی بَعَثَکَ بِالحَقِّ لَنَمنَعَنَّکَ مِمّا نَمنَعُ مِنهُ ازُرَنا،فَبایِعنا یا رَسولَ اللّهِ فَنَحنُ وَاللّهِ أهلُ الحَربِ.

فَاعتَرَضَ الکَلامَ أبُو الهَیثَمِ بنِ التَّیِّهانِ فَقالَ:یا رَسولَ اللّهِ،إنَّ بَینَنا وبَینَ النّاسِ حِبالاً،وإنّا قاطِعوها-یَعنِی الیَهودَ-فَهَل عَسَیتَ إن أظهَرَکَ اللّهُ عز و جل أن تَرجِعَ إلی قَومِکَ وتَدَعَنا؟

ص:391


1- (1) .فی المصدر:«التشریف»،وما أثبتناه هو الصواب ویؤیّده السیاق والنصوص السابقة واللاحقة.

فَتَبَسَّمَ رَسولُ اللّهِ صلی الله علیه و آله وقالَ:بَلِ الدَّمُ الدَّمُ وَالهَدمُ الهَدمُ،أنتُم مِنّی وأَنَا مِنکُم،اُسالِمُ مَن سالَمتُم واُحارِبُ مَن حارَبتُم.

وقالَ رَسولُ اللّهِ صلی الله علیه و آله:أخرِجوا إلَیَّ اثنَی عَشَرَ نَقیباً یَکونونَ عَلی قَومِهِم.

فَأَخرَجوهُم تِسعَةً مِنَ الخَزرَجِ وثَلاثَةً مِنَ الأَوسِ.

وقالَ لَهُمُ العَبّاسُ بنُ عُبادَةَ بنِ نَضلَةَ الأَنصارِیُّ:یا مَعشَرَ الخَزرَجِ،هَل تَدرونَ عَلامَ تُبایِعونَ هذَا الرَّجُلَ؟تُبایِعونَهُ عَلی حَربِ الأَحمَرِ وَالأَسوَدِ،فَإِن کُنتُم تَرَونَ أنَّکُم إذا نُهِکَت أموالُکُم مُصیبَةً وأَشرافُکُم قَتلاً أسلَمتُموهُ،فَمِنَ الآنَ فَهُوَ وَاللّهِ خِزیُ الدُّنیا وَالآخِرَةِ،وإن کُنتُم تَرَونَ أنَّکُم وافونَ لَهُ،فَخُذوهُ فَهُوَ وَاللّهِ خَیرُ الدُّنیا وَالآخِرَةِ.

قالوا:فَإِنّا نَأخُذُهُ عَلی مُصیبَةِ الأَموالِ وقَتلِ الأَشرافِ،فَما لَنا بِذلِکَ یا رَسولَ اللّهِ؟قالَ:الجَنَّةُ،قالوا:اُبسُط یَدَکَ.فَبایَعوهُ...وکانَتِ البَیعَةُ فی هذِهِ العَقَبَةِ عَلی غَیرِ الشُّروطِ فِی العَقَبَةِ الاُولی،فَإِنَّ الاُولی کانَت عَلی بَیعَةِ النِّساءِ،وهذِهِ البَیعَةَ کانَت عَلی حَربِ الأَحمَرِ وَالأَسوَدِ. (1)

11378. تفسیر القمّی: قَولُهُ: «وَ إِذْ یَمْکُرُ بِکَ الَّذِینَ کَفَرُوا لِیُثْبِتُوکَ أَوْ یَقْتُلُوکَ أَوْ یُخْرِجُوکَ وَ یَمْکُرُونَ وَ یَمْکُرُ اللّهُ وَ اللّهُ خَیْرُ الْماکِرِینَ» (2)فَإِنَّها نَزَلَت بِمَکَّةَ قَبلَ الهِجرَةِ،وکانَ سَبَبُ نُزولِها أنَّهُ لَمّا أظهَرَ رَسولُ اللّهِ صلی الله علیه و آله الدَّعوَةَ بِمَکَّةَ قَدِمَت عَلَیهِ الأَوسُ وَالخَزرَجُ.

فَقالَ لَهُم رَسولُ اللّهِ صلی الله علیه و آله:تَمنَعُونّی وتَکونونَ لی جاراً حَتّی أتلُوَ عَلَیکُم کِتابَ رَبّی وثَوابُکُم عَلَی اللّهِ الجَنَّةُ؟فَقالوا:نَعَم،خُذ لِرَبِّکَ ولِنَفسِکَ ما شِئتَ،فَقالَ لَهُم:

مَوعِدُکُمُ العَقَبَةُ فِی اللَّیلَةِ الوُسطی مِن لَیالِی التَّشریقِ.

ص:392


1- (1) .الکامل فی التاریخ:ج 1 ص 512، [1]المعجم الکبیر:ج 19 ص 89 ح 174 عن کعب بن مالک نحوه.
2- (2) .الأنفال:30. [2]

فَحَجّوا ورَجَعوا إلی مِنیً،وکانَ فیهِم مِمَّن قَد حَجَّ بَشَرٌ کَثیرٌ.فَلَمّا کانَ الیَومُ الثّانی مِن أیّامِ التَّشریقِ،قالَ لَهُم رَسولُ اللّهِ صلی الله علیه و آله:إذا کانَ اللَّیلُ فَاحضُروا دارَ عَبدِ المُطَّلِبِ عَلَی العَقَبَةِ،ولا تُنَبِّهوا نائِماً،وَلیَنسَلَّ واحِدٌ فَواحِدٌ.

فَجاءَ سَبعونَ رَجُلاً مِنَ الأَوسِ وَالخَزرَجِ،فَدَخَلُوا الدّارَ،فَقالَ لَهُم رَسولُ اللّهِ صلی الله علیه و آله:

تَمنَعُونّی وتُجیرُونّی حَتّی أتلُوَ عَلَیکُم کِتابَ رَبّی وثَوابُکُم عَلَی اللّهِ الجَنَّةُ؟

فَقالَ أسعَدُ بنُ زُرارَةَ وَالبَراءُ بنُ مَعرورٍ وعَبدُ اللّهِ بنُ حِزامٍ:نَعَم یا رَسولَ اللّهِ، اشتَرِط لِرَبِّکَ ولِنَفسِکَ ما شِئتَ.

فَقالَ:أمّا ما أشتَرِطُ لِرَبّی فَأَن تَعبُدوهُ ولا تُشرِکوا بِهِ شَیئاً،وأَشتَرِطُ لِنَفسی أن تَمنَعونی مِمّا تَمنَعونَ أنفُسَکُم،وتَمنَعوا أهلی مِمّا تَمنَعونَ أهالِیَکُم وأَولادَکُم،فَقالوا:

وما لَنا عَلی ذلِکَ؟فَقالَ:الجَنَّةُ فِی الآخِرَةِ،وتَملِکونَ العَرَبَ وتَدینُ لَکُمُ العَجَمُ فِی الدُّنیا. (1)

فَقالوا:قَد رَضینا.

فَقالَ:أخرِجوا إلَیَّ مِنکُمُ اثنَی عَشَرَ نَقیباً یَکونونَ شُهَداءَ عَلَیکُم بِذلِکَ،کَما أخَذَ موسی مِن بَنی اسرائیلَ اثنَی عَشَرَ نَقیباً.

فَأَشارَ إلَیهِم جَبرَئیلُ فَقالَ:هذا نَقیبٌ،هذا نَقیبٌ؛تِسعَةٌ مِنَ الخَزرَجِ،وثَلاثَةٌ مِنَ الأَوسِ،فَمِنَ الخَزرَجِ:أسعَدُ بنُ زُرارَةَ،وَالبَراءُ بنُ مَعرورٍ،وعَبدُ اللّهِ بنُ حِزامٍ وهُوَ أبو جابِرِ بنِ عَبدِ اللّهِ،ورافِعُ بنُ مالِکٍ،وسَعدُ بنُ عُبادَةَ،وَالمُنذِرُ بنُ عُمَرَ،وعَبدُ اللّهِ بنُ رَواحَةَ،وسَعدُ بنُ الرَّبیعِ وعُبادَةُ بنُ الصّامِتِ.ومِنَ الأَوسِ:أبُو الهَیثَمِ بنُ التَّیِّهانِ وهُوَ مِنَ الیَمَنِ،واُسَیدُ بنُ حُصَینٍ وسَعدُ بنُ خَثیَمَةَ. (2)

ص:393


1- (1) .فی بحار الأنوار [1]هنا بزیادة:«وتَکونونَ مُلوکاً فِی الجَنَّةِ».
2- (2) .تفسیر القمّی:ج 1 ص 272، [2]إعلام الوری:ج 1 ص 141 [3] نحوه،بحار الأنوار:ج 19 ص 47 ح 8. [4]

3/2 شُروطُ بَیعَةِ العَقَبَةِ الثّانِیَةِ

11379. الإمام الصادق علیه السلام: أشهَدُ عَلی أبی لَحَدَّثَنی عَن أبیهِ عَن جَدِّهِ حُسَینِ بنِ عَلِیٍّ علیهم السلام قالَ:

جاءَتِ الأَنصارُ تُبایِعُ رَسولَ اللّهِ صلی الله علیه و آله عَلَی العَقَبَةِ،فَقالَ:قُم یا عَلِیُّ فَبایِعهُم،فَقالَ:

عَلی ما ابایِعُهُم یا رَسولَ اللّهِ؟قالَ:عَلی أن یُطاعَ اللّهُ ولا یُعصی،وعَلی أن تَمنَعوا رَسولَ اللّهِ وأَهلَ بَیتِهِ وذُرِّیَّتَهُ مِمّا تَمنَعونَ مِنهُ أنفُسَکُم وذَرارِیَّکُم. (1)

11380. مسند ابن حنبل عن عبادة [ بن الصامت ]-لَمّا کَلَّمَهُ أبو هُرَیرَةَ فی رَوایَا الخَمرِ الَّتی تُباعُ زَمَنَ مُعاوِیَةَ-:یا أبا هُرَیرَةَ،إنَّکَ لَم تَکُن مَعَنا إذ بایَعنا رَسولَ اللّهِ صلی الله علیه و آله،إنّا بایَعناهُ عَلَی السَّمعِ وَالطّاعَةِ فِی النَّشاطِ وَالکَسَلِ،وعَلَی النَّفَقَةِ فِی الیُسرِ وَالعُسرِ،وعَلَی الأَمرِ بِالمَعروفِ وَالنَّهیِ عَنِ المُنکَرِ،وعَلی أن نَقولَ فِی اللّهِ تَبارَکَ وتَعالی ولا نَخافَ لَومَةَ لائِمٍ فیهِ،وعَلی أن نَنصُرَ النَّبِیَّ صلی الله علیه و آله إذا قَدِمَ عَلَینا یَثرِبَ،فَنَمنَعَهُ مِمّا نَمنَعُ مِنهُ أنفُسَنا وأَزواجَنا وأَبناءَنا،ولَنَا الجَنَّةُ؛فَهذِهِ بَیعَةُ رَسولِ اللّهِ صلی الله علیه و آله الَّتی بایَعنا عَلَیها،فَمَن نَکَثَ فَإِنَّما یَنکُثُ عَلی نَفسِهِ،ومَن أوفی بِما بایَعَ عَلَیهِ رَسولَ اللّهِ صلی الله علیه و آله وَفَی اللّهُ تَبارَکَ وتَعالی [لُهُ] بِما بایَعَ عَلَیهِ نَبِیَّهُ صلی الله علیه و آله. (2)

11381. السیرة النبویّة لابن هشام عن ابن إسحاق: وکانَت بَیعَةُ الحَربِ،حینَ أذِنَ اللّهُ لِرَسولِهِ صلی الله علیه و آله فِی القِتالِ شُروطاً سِوی شَرطِهِ عَلَیهِم فِی العَقَبَةِ الاُولی،کانَتِ الاُولی عَلی بَیعَةِ النِّساءِ،وذلِکَ أنَّ اللّهَ تَعالی لَم یَکُن أذِنَ لِرَسولِهِ صلی الله علیه و آله فِی الحَربِ،فَلَمّا أذِنَ اللّهُ لَهُ فیها وبایَعَهُم رَسولُ اللّهِ صلی الله علیه و آله فِی العَقَبَةِ الأَخیرَةِ عَلی حَربِ الأَحمَرِ وَالأَسوَدِ،

ص:394


1- (1) .المعجم الأوسط:ج 2 ص 207 ح 1745،المناقب لابن شهر آشوب:ج 2 ص 24 [1] نحوه،کلاهما عن الحسین بن زید بن علی،بحار الأنوار:ج 38 ص 220 ح 23. [2]
2- (2) .مسند ابن حنبل:ج 8 ص 415 ح 22833، [3]دلائل النبّوة للبیهقی:ج 2 ص 452، [4]فتح الباری:ج 1 ص 66،تاریخ دمشق:ج 26 ص 198 وکلّها نحوه.

أخَذَ لِنَفسِهِ وَاشتَرَطَ عَلَی القَومِ لِرَبِّهِ،وجَعَلَ لَهُم عَلَی الوَفاءِ بِذلِکَ الجَنَّةَ. (1)

11382. المعجم الکبیر عن عقبة بن عمرو: وَعَدنا رَسولَ اللّهِ صلی الله علیه و آله فی أصلِ العَقَبَةِ یَومَ الأَضحی ونَحنُ سَبعونَ رَجُلاً،إنّی لَأَصغَرُهُم سِنّاً،فَأَتانا رَسولُ اللّهِ صلی الله علیه و آله فَقالَ:أوجِزوا فِی الخُطبَةِ،فَإِنّی أخافُ عَلَیکُم کُفّارَ قُرَیشٍ،فَقُلنا:یا رَسولَ اللّهِ،سَلنا لِرَبِّکَ وسَلنا لِنَفسِکَ وسَلنا لِأَصحابِکَ،وأَخبِرنا ما لَنا مِنَ الثَّوابِ عَلَی اللّهِ عز و جل وعَلَیکَ؟

فَقالَ:أمَّا الَّذی أسأَلُ لِرَبّی:أن تُؤمِنوا بِهِ ولا تُشرِکوا بِهِ شَیئاً،وأَمَّا الَّذی أسأَلُ لِنَفسی فَإِنّی أسأَ لُکُم أن تُطیعونی أهدِکُم سَبیلَ الرَّشادِ،وأَسأَ لُکُم لی ولِأَصحابی أن تُواسُونا فی ذاتِ أیدیکُم،وأَن تَمنَعونا مِمّا مَنَعتُم مِنِه أنفُسَکُم؛فَإِذا فَعَلتُم ذلِکَ فَلَکُم عَلَی اللّهِ الجَنَّةُ وعَلَیَّ.

فَمَدَدنا أیدِیَنا فَبایَعناهُ. (2)

11383. الطبقات الکبری عن عبادة بن الولید بن عبادة بن الصامت: إنَّ أسعَدَ بنَ زُرارَةَ أخَذَ بِیَدِ رَسولِ اللّهِ صلی الله علیه و آله-یَعنی لَیلَةَ العَقَبَةِ-فَقالَ:یا أیُّهَا النّاسُ! هَل تَدرونَ عَلی ما تُبایِعونَ مُحَمَّداً؟إنَّکُم تُبایِعونَهُ عَلی أن تُحارِبُوا العَرَبَ وَالعَجَمَ وَالجِنَّ وَالإِنسَ مُجلِبَةً (3).

فَقالوا:نَحنُ حَربٌ لِمَن حارَبَ وسِلمٌ لِمَن سالَمَ.

فَقالَ أسعَدُ بنُ زُرارَةَ:یا رَسولَ اللّهِ،اشتَرِط عَلَیَّ.

فَقالَ رَسولُ اللّهِ صلی الله علیه و آله:تُبایِعُونّی عَلی أن تَشهَدوا أن لا إلهَ إلَّااللّهُ،وأنّی رَسولُ اللّهِ،

ص:395


1- (1) .السیرة النبویّة لابن هشام:ج 2 ص 97 [1] وراجع:اُسد الغابة:ج 2 ص 243 الرقم 1598.
2- (2) .المعجم الکبیر:ج 17 ص 256 ح 710،مسند ابن حنبل:ج 6 ص 69 ح 17077، [2]المصنّف لابن أبی شیبة:ج 8 ص 587 ح 2 و 3،المنتخب من مسند عبد بن حمید:ص 107 ح 238،تاریخ دمشق:ج 40 ص 520 ح 8177 کلّها نحوه،کنز العمّال:ج 1 ص 332 ح 1534.
3- (3) .مُجلِبة:أی مجتمعین علی الحرب (لسان العرب:ج 1 ص 269« [3]جلب»).

وتُقیمُوا الصَّلاةَ وتُؤتُوا الزَّکاةَ،وَالسَّمَعِ وَالطّاعَةَ،ولا تُنازِعُوا الأَمرَ أهلَهُ،وتَمنَعونّی مِمّا تَمنَعونَ مِنهُ أنفُسَکُم وأَهلیکُم.

قالوا:نَعَم.

قالَ قائِلُ الأَنصارِ:نَعَم،هذا لَکَ یا رَسولَ اللّهِ،فَما لَنا؟

قالَ:الجَنَّةُ وَالنَّصرُ. (1)

راجع:الطبقات الکبری:ج 1 ص 221.

4/2 عَدَدُ مَن شَهِدَ البَیعَةَ الثّانِیَةَ

11384. السیرة النبویّة لابن هشام عن کعب بن مالک: اجتَمَعنا فِی الشِّعبِ عِندَ العَقَبَةِ ونَحنُ ثَلاثَةٌ وسَبعونَ رَجُلاً،ومَعَنَا امرَأَتانِ مِن نِسائِنا:نُسَیبَةُ بِنتُ کَعبٍ امُّ عُمارَةَ؛إحدی نِساءِ بَنی مازِنِ بنِ النَّجّارِ،وأَسماءُ بِنتُ عَمرِو بنِ عَدِیِّ بنِ نابِئٍ؛إحدی نِساءِ بَنی سَلِمَةَ وهِیَ امُّ مَنیعٍ. (2)

11385. السیرة النبویّة لابن هشام: قالَ إسحاقُ:وهذِهِ تَسمِیَةُ مَن شَهِدَ العَقَبَةَ،وبایَعَ رَسولَ اللّهِ صلی الله علیه و آله بِها مِنَ الأَوسِ وَالخَزرَجِ،و کانوا ثَلاثَةً وسَبعینَ رَجُلاً وَامرَأَتَینِ،شَهِدَها مِنَ الأَوسِ.... (3)

ص:396


1- (1) .الطبقات الکبری:ج 3 ص 609، [1]المعجم الأوسط:ج 5 ص 13 ح 4538 عن عبادة بن الصامت نحوه ولیس فیه ذیله«قالوا:نعم...».
2- (2) .السیرة النبویّة لابن هشام:ج 2 ص 84. [2]
3- (3) .السیرة النبویّة لابن هشام:ج 2 ص 97، [3]تاریخ دمشق:ج 11 ص 213 الرقم 1062 وزاد فیه«الثانیة»بعد«العقبة».

الفصل الثالث:بیعة الرّضا

11386. الإمام الصادق علیه السلام: لَمّا هاجَرَ النَّبِیُّ صلی الله علیه و آله إلَی المَدینَةِ [وَ]اجتَمَعَ النّاسُ،وسَکَنَ رَسولُ اللّهِ صلی الله علیه و آله المَدینَةَ،وحَضَرَ خُروجُهُ إلی بَدرٍ،دَعَا النّاسَ إلَی البَیعَةِ،فَبایَعَ کُلُّهُم عَلَی السَّمعِ وَالطّاعَةِ،وکانَ رَسولُ اللّهِ صلی الله علیه و آله إذا خَلا دَعا عَلِیّاً علیه السلام فَأَخبَرَهُ مَن یَفی مِنهُم ومَن لا یَفی،ویَسأَ لُهُ کِتمانَ ذلِکَ.

ثُمَّ دَعا رَسولُ اللّهِ صلی الله علیه و آله عَلِیّاً علیه السلام وحَمزَةَ رضی الله عنه وفاطِمَةَ علیها السلام فَقالَ لَهُم:بایِعونی بِبَیعَةِ الرِّضا (1).

فَقالَ حَمزَةُ:بِأَبی أنتَ واُمِّی عَلی ما نُبایِعُ؟ألَیسَ قَد بایَعنا؟!

فَقالَ:یا أسَدَ اللّهِ وأَسَدَ رَسولِهِ،تُبایِعُ للّهِ ِ ولِرَسولِهِ بِالوَفاءِ وَالاِستِقامَةِ لِابنِ أخیکَ،إذَن تَستَکمِلَ الإِیمانَ.

قالَ:نَعَم سَمعاً وطاعَةً.وبَسَطَ یَدَهُ.

ثُمَّ قالَ لَهُم: «یَدُ اللّهِ فَوْقَ أَیْدِیهِمْ» (2)،عَلِیٌّ أمیرُ المُؤمِنینَ،وحَمزَةُ سَیِّدُ الشُّهَداءِ،

ص:397


1- (1) .فی بحار الأنوار [1]والنسخ الخطّیة الاُخری للمصدر:«بِیعَةَ الرِّضا»بدل«بِبَیعَةِ الرِّضا».
2- (2) .الفتح:10. [2]

وجَعفَرٌ الطَّیّارُ فِی الجَنَّةِ،وفاطِمَةُ سَیِّدَةُ نِساءِ العالَمینَ،وَالسِّبطانِ الحَسَنُ وَالحُسَینُ سَیِّدا شَبابِ أهلِ الجَنَّةِ،هذا شَرطٌ مِنَ اللّهِ عَلی جَمیعِ المُسلِمینَ،مِنَ الجِنِّ وَالإِنسِ أجمَعینَ «فَمَنْ نَکَثَ فَإِنَّما یَنْکُثُ عَلی نَفْسِهِ وَ مَنْ أَوْفی بِما عاهَدَ عَلَیْهُ اللّهَ فَسَیُؤْتِیهِ أَجْراً عَظِیماً» .ثُمَّ قَرَأَ: «إِنَّ الَّذِینَ یُبایِعُونَکَ إِنَّما یُبایِعُونَ اللّهَ یَدُ اللّهِ فَوْقَ أَیْدِیهِمْ» . (1)

11387. الإمام الصادق علیه السلام: ...ثمَّ خَرَجَ رَسولُ اللّهِ صلی الله علیه و آله إلَی النّاسِ،فَدَعاهُم إلی مِثلِ ما دَعا أهلَ بَیتِهِ مِنَ البَیعَةِ رَجُلاً رَجُلاً،فَبایَعوا،وظَهَرَتِ الشَّحناءُ وَالعَداوَةُ مِن یَومَئِذٍ لَنا.

وکانَ مِمّا شَرَطَ عَلَیهِ رَسولُ اللّهِ صلی الله علیه و آله أن لا یُنازَعَ الأَمرَ ولا یُغلَبَهُ،فَمَن فَعَلَ ذلِکَ فَقَد شاقَّ اللّهَ ورَسولَهُ. (2)

11388. الإمام الباقر علیه السلام: لَمّا کانَتِ اللَّیلَةُ الَّتی اصیبَ حَمزَةُ فی یَومِها،دَعاهُ رَسولُ اللّهِ صلی الله علیه و آله فَقالَ:یا حَمزَةُ یا عَمَّ رَسولِ اللّهِ،یوشِکُ أن تَغیبَ غَیبَةً بَعیدَةً،فَما تَقولُ لَو وَرَدتَ عَلَی اللّهِ تَبارَکَ وتَعالی وسَأَلَکَ عَن شَرائِعِ الإِسلامِ وشُروطِ الإِیمانِ؟

فَبَکی حَمزَةُ فَقالَ:بِأَبی أنتَ واُمّی،أرشِدنی وفَهِّمنی.

فَقالَ:یا حَمزَةُ،تَشهَدُ أن لا إلهَ إلَّااللّهُ مُخلِصاً،وأَنّی رَسولُ اللّهِ بَعَثَنی بِالحَقِّ.

فَقالَ حَمزَةُ:شَهِدتُ.

قالَ:وأَنَّ الجَنَّةَ حَقٌّ،وأَنَّ النَّارَ حَقٌّ،وأَنَّ السّاعَةَ آتِیَةٌ لا رَیبَ فیها،وَالصِّراطَ حَقٌّ،وَالمیزانَ حَقٌّ،و «فَمَنْ یَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَیْراً یَرَهُ* وَ مَنْ یَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا یَرَهُ» (3)و «فَرِیقٌ فِی الْجَنَّةِ وَ فَرِیقٌ فِی السَّعِیرِ» (4)،وأَنَّ عَلِیّاً أمیرُ المُؤمِنینَ.

ص:398


1- (1) .طرف من الأنباء والمناقب:ص 121 عن عیسی بن المستفاد عن الإمام الکاظم علیه السلام،بحار الأنوار:ج 22 ص 278 ح 32 و ج 68 ص 395. [1]
2- (2) .طرف من الأنباء والمناقب:ص 123 عن عیسی بن المستفاد عن الإمام الکاظم علیه السلام.
3- (3) .الزلزلة:7 و 8. [2]
4- (4) .الشوری:7. [3]

قالَ حَمزَةُ:شَهِدتُ وأَقرَرتُ وآمَنتُ وصَدَّقتُ.

وقالَ:الأَئِمَّةَ مِن ذُرِّیَّتِهِ الحَسَنُ وَالحُسَینُ علیهما السلام وَ[الإِمامَةَ] (1)فی ذُرِّیَّتِهِ.

قالَ حَمزَةُ:آمَنتُ وصَدَّقتُ.

وقالَ:وفاطِمَةَ سَیِّدَةُ نِساءِ العالَمینَ مِنَ الأَوَلّینَ وَالآخِرینَ.

قالَ:نَعَم،صَدَّقتُ.

وقالَ:وحَمزَةَ سَیِّدُ الشُّهَداءِ وأَسَدُ اللّهِ وأَسَدُ رَسولِهِ وعَمُّ نَبِیِّهِ.

فَبَکی حَمزَةُ وقالَ:نَعَم،صَدَّقتُ،وبَرِرتَ یا رَسولَ اللّهِ.

وبَکی حَمزَةُ حَتّی سَقَطَ عَلی وَجهِهِ،وجَعَلَ یُقَبِّلُ عَینَی رَسولِ اللّهِ صلی الله علیه و آله.

وقالَ:جَعفَر[اً] ابنَ أخِیکَ طَیّارٌ یَطیرُ فِی الجَنَّةِ مَعَ المَلائِکَةِ،وأَنَّ مُحَمَّداً وآلَهُ خَیرُ البَرِیَّةِ،تُؤمِنُ یا حَمزَةُ بِسِرِّهِم وعَلانِیَتِهِم،وظاهِرِهِم وباطِنِهِم،وتَحیا عَلی ذلِکَ وتَموتُ،وتُوالی مَن والاهُم وتُعادی مَن عاداهُم.

قالَ:نَعَم یا رَسولَ اللّهِ،اُشهِدُ اللّهَ واُشهِدُکَ وکَفی بِاللّهِ شَهیداً.

فَقالَ رَسولُ اللّهِ صلی الله علیه و آله:سَدَّدَکَ اللّهُ ووَفَّقَکَ. (2)

ص:399


1- (1) .أثبتناه من بحار الأنوار.
2- (2) .طرف من الأنباء والمناقب:ص 125 عن عیسی بن المستفاد عن الإمام الکاظم عن أبیه علیهما السلام،بحار الأنوار:ج 22 ص 278 ح 32 و ج 68 ص 395.

ص:400

الفصل الرابع:بیعة الرّضوان

1/4 البَیعَةُ تَحتَ الشَّجَرَةِ

(1)

الکتاب

«إِنَّ الَّذِینَ یُبایِعُونَکَ إِنَّما یُبایِعُونَ اللّهَ یَدُ اللّهِ فَوْقَ أَیْدِیهِمْ فَمَنْ نَکَثَ فَإِنَّما یَنْکُثُ عَلی نَفْسِهِ وَ مَنْ أَوْفی بِما عاهَدَ عَلَیْهُ اللّهَ فَسَیُؤْتِیهِ أَجْراً عَظِیماً» . (2)

«لَقَدْ رَضِیَ اللّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِینَ إِذْ یُبایِعُونَکَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ ما فِی قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّکِینَةَ عَلَیْهِمْ وَ أَثابَهُمْ فَتْحاً قَرِیباً» . (3)

الحدیث

11389. تفسیر القمّی: نَزَلَت فی بَیعَةِ الرِّضوانِ: «لَقَدْ رَضِیَ اللّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِینَ إِذْ یُبایِعُونَکَ تَحْتَ

ص:401


1- (1).هی الشجرة المعروفة بالحدیبیة و هی شجرة السمرة ( مجمع البیان:ج 9 ص 194 ).و یقال:ام ّ غیلان ( تفسیر السمرقندی:ج 3 ص 301 ).و [1]بلغ عمر بن الخطّاب أن ّ الناس یکثرون قصدها...فخشی أن تعبد...فأمر بقطعها و إعدامها ( معجم البلدان:ج 2-325 ).و [2]الحدیبیة:قریة سمّیت ببئر هناک عند مسجد الشجرة...قال الخطابی فی أمالیه:سمّیت الحدیبیة بشجرة حدباء کانت فی ذلک الموضع.و بین الحدیبیة و مکّة مرحلة ( معجم البلدان:ج 2-325 ). [3]
2- (2) .الفتح:10. [4]
3- (3) .الفتح:18. [5]

اَلشَّجَرَةِ» ،وَاشتَرَطَ عَلَیهِم ألّا یُنکِروا بَعدَ ذلِکَ عَلی رَسولِ اللّهِ صلی الله علیه و آله شَیئاً یَفعَلُهُ،ولا یُخالِفوهُ فی شَیءٍ یَأمُرُهُم بِهِ،فَقالَ اللّهُ عز و جل-بَعدَ نُزولِ آیَةِ الرِّضوانِ-: «إِنَّ الَّذِینَ یُبایِعُونَکَ إِنَّما یُبایِعُونَ اللّهَ یَدُ اللّهِ فَوْقَ أَیْدِیهِمْ فَمَنْ نَکَثَ فَإِنَّما یَنْکُثُ عَلی نَفْسِهِ وَ مَنْ أَوْفی بِما عاهَدَ عَلَیْهُ اللّهَ فَسَیُؤْتِیهِ أَجْراً عَظِیماً» ،وإنَّما رَضِیَ عَنهُم بِهذَا الشَّرطِ:أن یَفوا بَعدَ ذلِکَ بِعَهدِ اللّهِ ومیثاقِهِ ولا یَنقُضوا عَهدَهُ وعَقدَهُ،فَبِهذَا العَهدِ رَضِیَ اللّهُ عَنهُم،فَقَد قَدَّموا فِی التَّألیفِ آیَةَ الشَّرطِ عَلی بَیعَةِ الرِّضوانِ،وإنَّما نَزَلَت أوَّلاً بَیعَةُ الرِّضوانِ ثُمَّ آیَةُ الشَّرطِ عَلَیهِم فیها. (1)

11390. المناقب للکوفی: عَنِ ابنِ عَبّاسٍ فی قَولِ اللّهِ: «لَقَدْ رَضِیَ اللّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِینَ إِذْ یُبایِعُونَکَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ ما فِی قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّکِینَةَ عَلَیْهِمْ» قالَ:عَلی مَن عَلِمَ مِنهُ الوَفاءَ. (2)

11391. المصنّف لابن أبی شیبة عن إیاس بن سلمة عن أبیه: بَعَثَت قُرَیشٌ خارِجَةَ بنَ کُرزٍ یَطَّلِعُ عَلَیهِم طَلیعَةً،فَرَجَعَ حامِداً یُحسِنُ الثَّناءَ،فَقالوا لَهُ:إنَّکَ أعرابِیٌّ قَعقَعوا لَکَ السِّلاحَ فَطارَ فُؤادُکَ،فَما دَرَیتَ ما قیلَ لَکَ وما قُلتَ !

ثُمَّ أرسَلوا عُروَةَ بنَ مَسعودٍ،فَجاءَهُ فَقالَ:یا مُحَمَّدُ،ما هذَا الحَدیثُ تَدعو إلی ذاتِ اللّهِ،ثُمَّ جِئتَ قَومَکَ بِأَوباشِ النّاسِ مَن تَعرِفُ ومَن لا تَعرِفُ،لِتَقطَعَ أرحامَهُم وتَستَحِلَّ حُرمَتَهُم ودِماءَهُم وأَموالَهُم؟!

فَقالَ:إنّی لَم آتِ قَومی إلّالِأَصِلَ أرحامَهُم،یُبَدِّلُهُمُ اللّهُ بِدینٍ خَیرٍ مِن دینِهِم، ومَعائِشَ خَیرٍ مِن مَعائِشِهِم.فَرَجَعَ حامِداً یُحسِنُ الثَّناءَ.

فَاشتَدَّ البَلاءُ عَلی مَن کانَ فی یَدِ المُشرِکینَ مِنَ المُسلِمینَ.فَدَعا رَسولُ اللّهِ صلی الله علیه و آله

ص:402


1- (1) .تفسیر القمّی:ج 2 ص 315، [1]بحار الأنوار:ج 20 ص 354 ح 4. [2]
2- (2) .المناقب للکوفی:ج 1 ص 379 ح 298؛ [3]الدرّ المنثور:ج 7 ص 523 [4] نقلاً عن ابن أبی حاتم.

عُمَرَ،فَقالَ:یا عُمَرُ،هَل أنتَ مُبَلِّغٌ عَنّی إخوانَکَ مِن اسارَی المُسلِمینَ؟قالَ:بَلی یا نَبِیَّ اللّهِ،وَاللّهِ ما لی بِمَکَّةَ مِن عَشیرَةٍ،غَیری أکثَرُ عَشیرَةً مِنّی ! فَدَعا عُثمانَ فَأَرسَلَهُ إلَیهِم.

فَخَرَجَ عُثمانُ عَلی راحِلَتِهِ حَتّی جاءَ عَسکَرَ المُشرِکینَ،فَعَتَبوا بِهِ وأَساؤوا لَهُ القَولَ،ثُمَّ أجارَهُ أبانُ بنُ سَعیدِ بنِ العاصِ ابنُ عَمِّهِ،وحَمَلَهُ عَلَی السَّرجِ ورَدِفَهُ (1)، فَلَمّا قَدِمَ قالَ:یَابنَ عَمِّ،ما لی أراکَ مُتَخَشِّعاً أسبَلَ؟وکانَ إزارُهُ إلی نِصفِ ساقَیهِ، فَقالَ لَهُ عُثمانُ:هکَذا إزرَةُ صاحِبِنا.فَلَم یَدَع أحَداً بِمَکَّةَ مِن اسارَی المُسلِمینَ إلّا أبلَغَهُم ما قالَ رَسولُ اللّهِ صلی الله علیه و آله.

قالَ:فَبَینَما نَحنُ قائِلونَ (2)نادی مُنادی رَسولِ اللّهِ صلی الله علیه و آله:أیُّهَا النّاسُ ! البَیعَةَ البَیعَةَ، نَزَلَ رُوحُ القُدُسِ،فَثِرنا إلی رَسولِ اللّهِ صلی الله علیه و آله وهُوَ تَحتَ شَجَرَةِ سَمُرَةٍ (3)فَبایَعناهُ،وذلِکَ قَولُ اللّهِ: «لَقَدْ رَضِیَ اللّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِینَ إِذْ یُبایِعُونَکَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ» .فَبایَعَ [النَّبِیُّ صلی الله علیه و آله ] لِعُثمانَ إحدی یَدَیهِ عَلَی الاُخری،فَقالَ النّاسُ:هَنیئاً لِأَبی عَبدِ اللّهِ،یَطوفُ بِالبَیتِ ونَحنُ هاهُنا.

فَقالَ رَسولُ اللّهِ صلی الله علیه و آله:لَو مَکَثَ کَذا وکَذا سَنَةً ما طافَ حَتّی أطوفَ. (4)

11392. المستدرک علی الصحیحین عن عبادة بن الصامت عن رسول اللّه صلی الله علیه و آله: مَن یُبایِعُنی

ص:403


1- (1) .المُرتدف:هو الذی یرکب خلف الراکب (الصحاح:ج 4 ص 1363« [1]ردف»).
2- (2) .قائِلون:أی نائمون نصف النهار (مجمع البحرین:ج 3 ص 1536« [2]قیل»).
3- (3) .السَّمُرُ:ضربٌ من شجر الطلح،وهی الشجرة التی کانت عندها بیعة الرضوان عام الحُدیبیة (النهایة:ج 2 ص 399« [3]سمر»).
4- (4) .المصنّف لابن أبی شیبة:ج 8 ص 511 ح 15،تفسیر الطبری:ج 13 الجزء 26 ص 86،تفسیر ابن کثیر:ج 7 ص 315، [4]تاریخ الطبری:ج 2 ص 632، [5]دلائل النبّوة للبیهقی:ج 4 ص 134،تاریخ دمشق:ج 39 ص 77 کلّها نحوه،کنزالعمّال:ج 1 ص 331 ح 1532.

عَلی هؤُلاءِ الآیاتِ-ثُمَّ قَرَأَ: «قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ ما حَرَّمَ رَبُّکُمْ عَلَیْکُمْ» (1)،حَتّی خَتَمَ الآیاتِ الثَّلاثَ-:فَمَن وَفی فَأَجرُهُ عَلَی اللّهِ،ومَنِ انتَقَصَ شَیئاً أدرَکَهُ اللّهُ بِها فِی الدُّنیا کانَت عُقوبَتُهُ،ومَن اخِّرَ إلَی الآخِرَةِ کانَ أمرُهُ إلَی اللّهِ إن شاءَ عَذَّبَهُ وإن شاءَ غَفَرَ لَهُ. (2)

2/4 أوَّلُ مَن بایَعَ رَسولَ اللّهِ تَحتَ الشَّجَرَةِ

11393. الإمام علیّ علیه السلام -فیما کَتَبَهُ إلی مُعاوِیَةَ-:أنَا أوَّلُ مَن بایَعَ رَسولَ اللّهِ صلی الله علیه و آله تَحتَ الشّجَرَةِ فی قَولِهِ: «لَقَدْ رَضِیَ اللّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِینَ إِذْ یُبایِعُونَکَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ» . (3)

11394. المناقب لابن شهر آشوب: کانَ لِلنَّبِیِّ صلی الله علیه و آله بَیعَةٌ عامَّةٌ وبَیعَةٌ خاصَّةٌ؛فَالخاصَّةُ بَیعَةُ الجِنِّ ولَم یَکُن لِلإِنسِ فیها نَصیبٌ،وبَیعَةُ الأَنصارِ ولَم یَکُن لِلمُهاجِرینَ فیها نَصیبٌ،وبَیعَةُ العَشیرَةِ ابتِداءً وبَیعَةُ الغَدیرِ انتِهاءً،وقَد تَفَرَّدَ عَلِیٌ علیه السلام بِهِما وأَخَذَ بِطَرَفَیهِما.وأَمَّا البَیعَةُ العامَّةُ فَهِیَ بَیعَةُ الشَّجَرَةِ؛وهِیَ سَمُرَةٌ أو أراکٌ عِندَ بِئرِ الحُدَیبِیَّةِ،ویُقالُ لَها بَیعَةُ الرِّضوانِ؛لِقَولِهِ: «لَقَدْ رَضِیَ اللّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِینَ» ،وَالمَوضِعُ مَجهولٌ وَالشَّجَرَةُ مَفقودَةٌ، فَیُقالُ:إنَّها بِرَوحاءَ،فَلا یُدری أرَوحاءُ مَکَّةَ عِندَ الحَمّامِ أو رَوحاءُ فی طَریقِها؟ وقالوا:الشَّجَرَةُ ذَهَبَتِ السُّیولُ بِها.

وقَد سَبَقَ أمیرُ المُؤمِنینَ علیه السلام الصَّحابَةَ کُلَّهُم فی هذِهِ البَیعَةِ أیضاً بِأَشیاءَ:مِنها أنَّهُ کانَ مِنَ السّابِقینَ فیها،ذَکَرَ أبو بَکرٍ الشِّیرازِیُّ فی کِتابِهِ عَن جابِرٍ الأَنصارِیِّ:

ص:404


1- (1) .الأنعام:151. [1]
2- (2) .المستدرک علی الصحیحین:ج 2 ص 348 ح 3240،کنز العمّال:ج 1 ص 104 ح 467.
3- (3) .تفسیر القمّی:ج 2 ص 268 [2] عن عبد الملک بن هارون عن الإمام الصادق عن آبائه علیهم السلام،بحار الأنوار:ج 33 ص 233 ح 517. [3]

إنَّ أوَّلَ مَن قامَ لِلبَیعَةِ أمیرُ المُؤمِنینَ علیه السلام،ثُمَّ أبو سِنانٍ عَبدُ اللّهِ بنُ وَهبٍ الأَسَدِیُّ،ثُمَّ سَلمانُ الفارِسِیُّ.وفی أخبارِ اللَّیثِ:إنَّ أوَّلَ مَن بایَعَ عَمّارٌ؛یَعنی بَعدَ عَلِیٍّ.

ثُمَّ إنَّهُ أولَی النّاسِ بِهذِهِ الآیَةِ؛لِأَنَّ حُکمَ البَیعَةِ ما ذَکَرَهُ اللّهُ تَعالی: «إِنَّ اللّهَ اشْتَری مِنَ الْمُؤْمِنِینَ أَنْفُسَهُمْ وَ أَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ یُقاتِلُونَ فِی سَبِیلِ اللّهِ فَیَقْتُلُونَ وَ یُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَیْهِ حَقًّا فِی التَّوْراةِ وَ الْإِنْجِیلِ وَ الْقُرْآنِ» (1)الآیَةَ.ورَوَوا جَمیعاً عَن جابِرٍ الأَنصارِیِّ أنَّهُ قالَ:بایَعَنا رَسولُ اللّهِ صلی الله علیه و آله عَلَی المَوتِ. (2)

11395. المناقب للخوارزمی: قَولُهُ تَعالی: «لَقَدْ رَضِیَ اللّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِینَ إِذْ یُبایِعُونَکَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ» نَزَلَت فی أهلِ الحُدَیبِیَّةِ،قالَ جابِرٌ:کُنّا یَومَ الحُدَیبِیَّةِ ألفاً وأربَعَمِئَةٍ،فَقالَ لَنَا النَّبِیُّ صلی الله علیه و آله:أنتُمُ الیَومَ خِیارُ أهلِ الأَرضِ،فَبایَعَنا تَحتَ الشَّجَرَةِ عَلَی المَوتِ،فَما نَکَثَ إلّاجَدُّ بنُ قَیسٍ وکانَ مُنافِقاً.

وأَولَی النّاسِ بِهذِهِ الآیَةِ عَلِیُّ بنُ أبی طالِبٍ علیه السلام؛لِأَنَّهُ قالَ تَعالی: «وَ أَثابَهُمْ فَتْحاً قَرِیباً» ؛یَعنی فَتحَ خَیبَرَ،وکانَ ذلِکَ عَلی یَدِ عَلِیِّ بنِ أبی طالِبٍ علیه السلام. (3)

3/4 شُروطُ بَیعَةِ الرِّضوانِ

11396. السیرة النبویّة لابن هشام عن عبد اللّه بن أبی بکر: دَعا رَسولُ اللّهِ صلی الله علیه و آله النّاسَ إلَی

ص:405


1- (1) .التوبة:111. [1]
2- (2) .المناقب لابن شهر آشوب:ج 2 ص 21، [2]بحار الأنوار:ج 38 ص 217 ح 23. [3]
3- (3) .المناقب للخوارزمی:ص 276 ح 258،کفایة الطالب:ص 247 [4] وزاد فی ذیله«بإجماع منهم»؛کشف الغمّة:ج 1 ص 305 [5] وفیه«جزء بن قیس»بدل«جدّ بن قیس»،بحار الأنوار:ج 36 ص 121 ح 65. [6]

البَیعَةِ،فَکانَت بَیعَةُ الرِّضوانِ تَحتَ الشَّجَرَةِ،فَکانَ النّاسُ یَقولونَ:بایَعَهُم رَسولُ اللّهِ صلی الله علیه و آله عَلَی المَوتِ.وکانَ جابِرُ بنُ عَبدِ اللّهِ یَقولُ:إنَّ رَسولَ اللّهِ صلی الله علیه و آله لَم یُبایِعنا عَلَی المَوتِ،ولکِن بایَعَنا عَلی أن لا نَفِرَّ. (1)

11397. المعجم الکبیر عن معقل بن یسار: کُنتُ یَومَ بَیعَةِ الرِّضوانِ رافِعاً غُصناً مِن أغصانِ الشَّجَرَةِ عَن رَأسِ رَسولِ اللّهِ صلی الله علیه و آله وهُوَ یُبایِعُ النّاسَ،لَم یُبایِعهُم عَلَی المَوتِ،بایَعَهُم عَلی ألّا یَفِرّوا،وکانَ یُصافِحُ النِّساءَ مِن تَحتِ الثَّوبِ. (2)

11398. سنن الترمذی عن جابر بن عبد اللّه -فی قَولِهِ تَعالی: «لَقَدْ رَضِیَ اللّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِینَ إِذْ یُبایِعُونَکَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ» -:بایَعنا رَسولَ اللّهِ صلی الله علیه و آله عَلی ألّا نَفِرَّ،ولَم نُبایِعهُ عَلَی المَوتِ. (3)

11399. صحیح البخاری عن یزید بن أبی عبید: قُلتُ لِسَلَمَةَ بنِ الأَکوَعِ:عَلی أیِّ شَیءٍ بایَعتُم رَسولَ اللّهِ صلی الله علیه و آله یَومَ الحُدَیبِیَّةِ؟قالَ:عَلَی المَوتِ. (4)

11400. صحیح البخاری عن یزید بن أبی عبید عن سلمة: بایَعتُ النَّبِیَّ صلی الله علیه و آله ثُمَّ عَدَلتُ إلی ظِلِّ الشَّجَرَةِ،فَلَمّا خَفَّ النّاسُ قالَ:یَابنَ الأَکوَعِ ألا تُبایِعُ؟قالَ:قُلتُ:قَد بایَعتُ یا رَسولَ اللّهِ ! قالَ:وأَیضاً.فَبایَعتُهُ الثّانِیَةَ.

ص:406


1- (1) .السیرة النبویّة لابن هشام:ج 3 ص 330، [1]تفسیر الطبری:ج 13 الجزء 26 ص 86، [2]تفسیر القرطبی:ج 16 ص 276 [3] نحوه.
2- (2) .المعجم الکبیر:ج 20 ص 201 ح 454،المعجم الأوسط:ج 7 ص 357 ح.
3- (3) .سنن الترمذی:ج 4 ص 149 ح 1591، [4]المعجم الأوسط:ج 6 ص 306 ح 6482،تاریخ دمشق:ج 56 ص 292.
4- (4) .صحیح البخاری:ج 4ص 1529 ح 3936،صحیح مسلم:ج 3 ص 1486 ح 80،سنن الترمذی:ج 4 ص 150 ح 1592. [5]

فَقُلتُ لَهُ:یا أبا مُسلِمٍ،عَلی أیِّ شَیءٍ کُنتُم تُبایِعونَ یَومَئِذٍ؟قالَ:عَلَی المَوتِ. (1)

4/4 عَدَدُ المُسلِمینَ فی بَیعَةِ الرِّضوانِ

11401. تأویل الآیات الظاهرة عن جابر عن الإمام الباقر علیه السلام،قال: قُلتُ لَهُ:قَولُ اللّهِ عز و جل: «لَقَدْ رَضِیَ اللّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِینَ إِذْ یُبایِعُونَکَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ» کَم کانوا؟قالَ:ألفاً ومِئَتَینِ،قُلتُ:

هَل کانَ فیهِم عَلِیٌّ علیه السلام؟قالَ:نَعَم،عَلِیٌّ سَیِّدُهُم وشَریفُهُم. (2)

11402. صحیح البخاری عن عبد اللّه بن أبی أوفی: کانَ أصحابُ الشَّجَرَةِ ألفاً وثَلاثَمِئَةٍ، وکانَت أسلَمُ ثُمنَ المُهاجِرینَ. (3)

11403. صحیح مسلم عن جابر: کُنّا یَومَ الحُدَیبِیَّةِ ألفاً وأَربَعَمِئَةٍ،فَقالَ لَنَا النَّبِیُّ صلی الله علیه و آله:أنتُمُ الیَومَ خَیرُ أهلِ الأَرضِ. (4)

11404. الطبقات الکبری عن سالم بن أبی الجعد: سَأَلتُ جابِرَ بنَ عَبدِ اللّهِ:کَم کُنتُم یَومَ الشَّجَرَةِ؟قالَ:کُنّا ألفاً وخَمسَمِئَةٍ.وذَکَرَ عَطَشاً أصابَهُم،قالَ:فَاُتِیَ رَسولُ اللّهِ صلی الله علیه و آله،

ص:407


1- (1) .صحیح البخاری:ج 3 ص 1081 ح 2800،مسند ابن حنبل:ج 5 ص 548 ح 16509، [1]السنن الکبری:ج 8 ص 252 ح 16559 [2] کلاهما نحوه.
2- (2) .تأویل الآیات الظاهرة:ج 2 ص 595 ح 7،بحار الأنوار:ج 24 ص 93 ح 4. [3]
3- (3) .صحیح البخاری:ج 4 ص 1526 ح 3924،صحیح مسلم:ج 3 ص 1485 ح 75،صحیح ابن حبّان:ج 11 ص 128 ح 4803،السنن الکبری:ج 5 ص 385 ح 10202 [4] کلاهما نحوه،کنز العمّال:ج 10 ص 480 ح 30150.
4- (4) .صحیح مسلم:ج 3 ص 1484 ح 71،مسند ابن حنبل:ج 5 ص 40 ح 14317، [5]السنن الکبری للنسائی:ج 6 ص 464 ح 11507، [6]المصنّف لابن أبی شیبة:ج 8 ص 510 ح 12،کنز العمّال:ج 10 ص 475 ح 30143.

بِماءٍ فی تَورٍ (1)،فَوَضَعَ یَدَهُ فیهِ فَجَعَلَ الماءُ یَخرُجُ مِن بَینِ أصابِعِهِ کَأَنَّهَا العُیونُ.قالَ:

فَشَرِبنا ووَسِعَنا وکَفانا.

قالَ:قُلتُ:کَم کُنتُم؟قالَ:لَو کُنّا مِئَةَ ألفٍ لَکَفانا،کُنّا ألفاً وخَمسَمِئَةٍ ! (2)

11405. تفسیر الطبری عن ابن عبّاس -فی قَولِهِ: «لَقَدْ رَضِیَ اللّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِینَ إِذْ یُبایِعُونَکَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ» -:کانَ أهلُ البَیعَةِ تَحتَ الشَّجَرَةِ ألفاً وخَمسَمِئَةٍ وخَمساً وعِشرینَ. (3)

ص:408


1- (1) .التَّورُ:هو إناء من صُفر أو حجارة کالإجّانة (النهایة:ج 1 ص 199« [1]تور»).
2- (2) .الطبقات الکبری:ج 2 ص 98، [2]مسند الطیالسی:ص 239 ح 1729؛مجمع البیان:ج9 ص167،بحار الأنوار:ج 20 ص 346. [3]
3- (3) .تفسیر الطبری:ج 13 الجزء 26 ص 87، [4]تاریخ الطبری:ج 2 ص 621. [5]

الفصل الخامس:بیعة الفتح

1/5 شُروطُ بَیعَةِ الرِّجالِ

11406. الکامل فی التاریخ: لَمّا دَخَلَ رَسولُ اللّهِ صلی الله علیه و آله مَکَّةَ...ثُمَّ جَلَسَ رَسولُ اللّهِ صلی الله علیه و آله لِلبَیعَةِ عَلَی الصَّفا...وَاجتَمَعَ النّاسُ لِبَیعَةِ رَسولِ اللّهِ صلی الله علیه و آله عَلَی الإِسلامِ،فَکانَ یُبایِعُهُم عَلَی السَّمعِ وَالطّاعَةِ للّهِ ِ ولِرَسولِهِ فیمَا استَطاعوا،فَکانَت هذِهِ بَیعَةَ الرِّجالِ.وأَمّا بَیعَةُ النِّساءِ،فَإِنَّهُ لَمّا فَرَغَ مِنَ الرِّجالِ بایَعَ النِّساءَ،فَأَتاهُ مِنهُنَّ نِساءٌ مِن نِساءِ قُرَیشٍ. (1)

11407. صحیح البخاری عن مجاشع [ بن مسعود ] : أتَیتُ النَّبِیَّ صلی الله علیه و آله بِأَخی بَعدَ الفَتحِ،قُلتُ:یا رَسولَ اللّهِ جِئتُکَ بِأَخی لِتُبایِعَهُ عَلَی الهِجرَةِ.

قالَ:ذَهَبَ أهلُ الهِجرَةِ بِما فیها.

فَقُلتُ:عَلی أیِّ شَیءٍ تُبایِعُهُ؟

قالَ:اُبایِعُهُ عَلَی الإِسلامِ وَالإِیمانِ وَالجِهادِ. (2)

ص:409


1- (1) .الکامل فی التاریخ:ج 1 ص 618، [1]تاریخ الطبری:ج 3 ص 61 [2] نحوه.
2- (2) .صحیح البخاری:ج 4 ص 1566 ح 4054 وج 3 ص 1082 ح 2802،صحیح مسلم:ج 3 ص 1487 ح 84 وزاد فی آخره«والخیر»،مسند ابن حنبل:ج 5 ص 374 ح 15848 وح 15851، [3]المستدرک علی الصحیحین:ج 3 ص 714 ح 6581 کلّها نحوه،کنز العمّال:ج 1 ص 103 ح 462 وص 101 ح 452.

11408. مسند ابن حنبل عن محمّد بن الأسود: أنَّ أباهُ الأَسوَدَ رَأَی النَّبِیَّ صلی الله علیه و آله یُبایِعُ النّاسَ یَومَ الفَتحِ،قالَ:جَلَسَ عِندَ قَرنِ مَسقَلَةَ (1)،فَبایَعَ النّاسَ عَلَی الإِسلامِ وَالشَّهادَةِ. (2)

11409. المستدرک علی الصحیحین عن یعلی بن امیّة: کَلَّمتُ رَسولَ اللّهِ صلی الله علیه و آله فی أبی امَیَّةَ یَومَ الفَتحِ،فَقُلتُ:یا رَسولَ اللّهِ بایِع أبی عَلَی الهِجرَةِ.

فَقالَ رَسولُ اللّهِ صلی الله علیه و آله:اُبایِعُهُ عَلَی الجِهادِ،فَقَدِ انقَطَعَتِ الهِجرَةُ. (3)

2/5 شُروطُ بَیعَةِ النِّساءِ

الکتاب

«یا أَیُّهَا النَّبِیُّ إِذا جاءَکَ الْمُؤْمِناتُ یُبایِعْنَکَ عَلی أَنْ لا یُشْرِکْنَ بِاللّهِ شَیْئاً وَ لا یَسْرِقْنَ وَ لا یَزْنِینَ وَ لا یَقْتُلْنَ أَوْلادَهُنَّ وَ لا یَأْتِینَ بِبُهْتانٍ یَفْتَرِینَهُ بَیْنَ أَیْدِیهِنَّ وَ أَرْجُلِهِنَّ وَ لا یَعْصِینَکَ فِی مَعْرُوفٍ فَبایِعْهُنَّ وَ اسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللّهَ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَحِیمٌ» . (4)

راجع:المیزان فی تفسیر القرآن:ج 19 ص 242 و 243.

الحدیث

11410. صحیح البخاری عن ابن عبّاس: خَرَجَ النَّبِیُّ صلی الله علیه و آله کَأَنّی أنظُرُ إلَیهِ حینَ یُجلِسُ بِیَدِهِ،ثُمَّ

ص:410


1- (1) .قَرن مَسقَلَة:هو قرنٌ قد بقیت منه بقیّة بأعلی مکّة فی دُبُر دارِ سَمُرة عند موقف الغنم بین شِعب ابن عامر وحرف دار رابغة فی أصله.ومَسقَلة:رجل کان یسکنه فی الجاهلیّة (أخبار مکّة للأزرقی:ج 2 ص 270). [1]
2- (2) .مسند ابن حنبل:ج 5 ص 259 ح 15431، [2]المستدرک علی الصحیحین:ج 3 ص 335 ح 5283،المصنّف لعبد الرزّاق:ج 6 ص 5 ح 9820 کلاهما نحوه.
3- (3) .المستدرک علی الصحیحین:ج 3 ص 479 ح 5789،سنن النسائی:ج 7 ص 141،مسند ابن حنبل:ج 6 ص 282 ح 17980. [3]
4- (4) .الممتحنة:12. [4]

أقبَلَ یَشُقُّهُم حَتّی جاءَ النِّساءَ مَعهُ بِلالٌ،فَقالَ: «یا أَیُّهَا النَّبِیُّ إِذا جاءَکَ الْمُؤْمِناتُ یُبایِعْنَکَ» الآیَةَ.ثُمَّ قالَ حینَ فَرَغَ مِنها:أنتُنَّ عَلی ذلِکِ؟قالَتِ امرَأَةٌ واحِدَةٌ مِنهُنَّ لَم یُجِبهُ غَیرُها:نَعَم...

قالَ:فَتَصَدَّقنَ.فَبَسَطَ بِلالٌ ثَوبَهُ ثُمَّ قالَ:هَلُمَّ لَکُنَّ فِداءٌ أبی واُمّی.فَیُلقینَ الفَتَخَ (1)وَالخَواتیمَ فی ثَوبِ بِلالٍ. (2)

11411. صحیح البخاری عن عروة بن الزبیر: إنَّ عائِشَةَ زَوجَ النَّبِیِّ صلی الله علیه و آله أخبَرَتهُ:أنَّ رَسولَ اللّهِ صلی الله علیه و آله کانَ یَمتَحِنُ مَن هاجَرَ إلَیهِ مِنَ المُؤمِناتِ بِهذِهِ الآیَةِ؛بِقَولِ اللّهِ: «یا أَیُّهَا النَّبِیُّ إِذا جاءَکَ الْمُؤْمِناتُ یُبایِعْنَکَ» إلی قَولِهِ: «غَفُورٌ رَحِیمٌ» .

قالَ عُروَةُ:قالَت عائِشَةُ:فَمَن أقَرَّ بِهذَا الشَّرطِ مِنَ المُؤمِناتِ قالَ لَها رَسولُ اللّهِ صلی الله علیه و آله:قَد بایَعتُکِ کَلاماً.ولا وَاللّهِ ما مَسَّت یَدُهُ یَدَ امرَأَةٍ قَطُّ فِی المُبایَعَةِ،ما یُبایِعُهُنَّ إلّا بِقَولِهِ:قَد بایَعتُکِ عَلی ذلِکَ. (3)

11412. مجمع البیان: رُوِیَ أنَّ النَّبِیَّ صلی الله علیه و آله بایَعَهُنَّ وکانَ عَلَی الصَّفا وکانَ عُمَرُ أسفَلَ مِنهُ،وهِندٌ بِنتُ عُتبَةَ مُتَنَقِّبَةٌ مُتَنَکِّرَةٌ مَعَ النِّساءِ خَوفاً أن یَعرِفَها رَسولُ اللّهِ صلی الله علیه و آله.

فَقالَ:اُبایِعُکُنَّ عَلی ألّا تُشرِکُنَّ بِاللّهِ شَیئاً.

فَقالَت هِندٌ:إنَّکَ لَتَأخُذُ عَلَینا أمراً ما رَأَیناکَ أخَذتَهُ عَلَی الرِّجالِ؛وذلِکَ أنَّهُ بایَعَ الرِّجالَ یَومَئِذٍ عَلَی الإِسلامِ وَالجِهادِ فَقَط.

فَقالَ صلی الله علیه و آله:ولا تَسرِقنَ.فَقالَت هِندٌ:إنَّ أبا سُفیانَ رَجُلٌ مُمسِکٌ وإنّی أصَبتُ مِن

ص:411


1- (1) .الفَتَخ:کلّ خلخال لا یجرس (لسان العرب:ج 3 ص 40« [1]جرس»).
2- (2) .صحیح البخاری:ج 1 ص 332 ح 936،صحیح مسلم:ج 2 ص 602 ح 1،مسند ابن حنبل:ج 1 ص 710 ح 3064 [2] کلاهما نحوه.
3- (3) .صحیح البخاری:ج 4 ص 1856 ح 4609 و ج 2 ص 967 ح 2564 نحوه،مسند ابن حنبل:ج 10 ص 137 ح 26386. [3]

مالِهِ هَناتٍ،فَلا أدری أیَحِلُّ لی أم لا؟فَقالَ أبو سُفیانَ:ما أصَبتِ مِن مالی فیما مَضی وفیما غَبَرَ فَهُوَ لَکِ حَلالٌ.

فَضَحِکَ رَسولُ اللّهِ صلی الله علیه و آله وعَرَفَها،فَقالَ لَها:وإنَّکِ لَهِندٌ بِنتُ عُتبَةَ؟قالَت:نَعَم، فَاعفُ عَمّا سَلَفَ یا نَبِیَّ اللّهِ،عَفَا اللّهُ عَنکَ.

فَقالَ صلی الله علیه و آله:ولا تَزنینَ.فَقالَت هِندٌ:أوَ تَزنِی الحُرَّةُ؟....

فَقالَ صلی الله علیه و آله:ولا تَقتُلنَ أولادَکُنَّ.فَقالَت هِندٌ:رَبَّیناهُم صِغاراً وقَتَلتُموهُم کِباراً، وأَنتُم وهُم أعلَمُ ! وکانَ ابنُها حَنظَلَةُ بنُ أبی سُفیانَ قَتَلَهُ عَلِیُّ بنُ أبی طالِبٍ علیه السلام یَومَ بَدرٍ،فَضَحِکَ عُمَرُ حَتَّی استَلقی،وتَبَسَّمَ النَّبِیُّ صلی الله علیه و آله.

ولَمّا قالَ:ولا تَأتینَ بِبُهتانٍ،فَقالَت هِندٌ:وَاللّهِ إنَّ البُهتانَ قَبیحٌ وما تَأمُرُنا إلّا بِالرُّشدِ ومَکارِمِ الأَخلاقِ.ولَمّا قالَ: «وَ لا یَعْصِینَکَ فِی مَعْرُوفٍ» ،فَقالَت هِندٌ:ما جَلَسنا مَجلِسَنا هذا وفی أنفُسِنا أن نَعصِیَکَ فی شَیءٍ. (1)

11413. الإمام الصادق علیه السلام: لَمّا فَتَحَ رَسولُ اللّهِ صلی الله علیه و آله مَکَّةَ بایَعَ الرِّجالَ،ثُمَّ جاءَ النِّساءُ یُبایِعنَهُ، فَأَنزَلَ اللّهُ عز و جل: «یا أَیُّهَا النَّبِیُّ إِذا جاءَکَ الْمُؤْمِناتُ یُبایِعْنَکَ عَلی أَنْ لا یُشْرِکْنَ بِاللّهِ شَیْئاً وَ لا یَسْرِقْنَ وَ لا یَزْنِینَ وَ لا یَقْتُلْنَ أَوْلادَهُنَّ وَ لا یَأْتِینَ بِبُهْتانٍ یَفْتَرِینَهُ بَیْنَ أَیْدِیهِنَّ وَ أَرْجُلِهِنَّ وَ لا یَعْصِینَکَ فِی مَعْرُوفٍ فَبایِعْهُنَّ وَ اسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللّهَ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَحِیمٌ» ،فَقالَت هِندٌ:أمَّا الوَلَدُ فَقَد رَبَّینا صِغاراً وقَتَلتَهُم کِباراً.

وقالَت امُّ حَکیمٍ بِنتُ الحارِثِ بنِ هِشامٍ-وکانَت عِندَ عِکرِمَةَ بنِ أبی جَهلٍ-:یا رَسولَ اللّهِ،ما ذلِکَ المَعروفُ الَّذی أمَرَنَا اللّهُ أن لا نَعصِیَنَّکَ فیهِ؟

ص:412


1- (1) .مجمع البیان:ج 9 ص 414،بحار الأنوار:ج 21 ص 98؛ [1]تفسیر القرطبی:ج 18 ص 71، [2]تفسیر ابن کثیر:ج 8 ص 124 [3]عن ابن عبّاس،تاریخ الطبری:ج 3 ص 61 [4] عن قتادة السدوسی،تاریخ دمشق:ج 70 ص 181 عن مقاتل بن سلیمان و کلّها نحوه.

قالَ:لا تَلطِمنَ خَدّاً،ولا تَخمِشنَ وَجهاً،ولا تَنتِفنَ شَعراً،ولا تَشقُقنَ جَیباً،ولا تُسَوِّدنَ ثَوباً،ولا تَدعِینَ بِوَیلٍ.فَبایَعَهُنَّ رَسولُ اللّهِ صلی الله علیه و آله عَلی هذا.

فَقالَت:یا رَسولَ اللّهِ کَیفَ نُبایِعُکَ؟

قالَ:إنَّنی لا اصافِحُ النِّساءَ.فَدَعا بِقَدَحٍ مِن ماءٍ فَأَدخَلَ یَدَهُ ثُمَّ أخرَجَها،فَقالَ:

أدخِلنَ أیدِیَکُنَّ فِی هذَا الماءِ فَهِیَ البَیعَةُ. (1)

11414. تفسیر القمّی -فی قَولِهِ تَعالی: «یا أَیُّهَا النَّبِیُّ إِذا جاءَکَ الْمُؤْمِناتُ یُبایِعْنَکَ عَلی أَنْ لا یُشْرِکْنَ بِاللّهِ شَیْئاً وَ لا یَسْرِقْنَ وَ لا یَزْنِینَ وَ لا یَقْتُلْنَ أَوْلادَهُنَّ وَ لا یَأْتِینَ بِبُهْتانٍ یَفْتَرِینَهُ بَیْنَ أَیْدِیهِنَّ وَ أَرْجُلِهِنَّ وَ لا یَعْصِینَکَ فِی مَعْرُوفٍ فَبایِعْهُنَّ وَ اسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللّهَ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَحِیمٌ» -:نَزَلَت یَومَ فَتحِ مَکَّةَ؛وذلِکَ أنَّ رَسولَ اللّهِ صلی الله علیه و آله قَعَدَ فِی المَسجِدِ یُبایِعُ الرِّجالَ إلی صَلاةِ الظُّهرِ وَالعَصرِ،ثُمَّ قَعَدَ لِبَیعَةِ النِّساءِ،وأَخَذَ قَدَحاً مِن ماءٍ فَأَدخَلَ یَدَهُ فیهِ،ثُمَّ قالَ لِلنِّساءِ:

مَن أرادَت أن تُبایِعَ فَلتُدخِل یَدَها فِی القَدَحِ،فَإِنّی لا اصافِحُ النِّساءَ.

ثُمَّ قَرَأَ عَلَیهِنَّ ما أنزَلَ اللّهُ مِن شُروطِ البَیعَةِ عَلَیهِنَّ،فَقالَ: «عَلی أَنْ لا یُشْرِکْنَ بِاللّهِ شَیْئاً وَ لا یَسْرِقْنَ وَ لا یَزْنِینَ وَ لا یَقْتُلْنَ أَوْلادَهُنَّ وَ لا یَأْتِینَ بِبُهْتانٍ یَفْتَرِینَهُ بَیْنَ أَیْدِیهِنَّ وَ أَرْجُلِهِنَّ وَ لا یَعْصِینَکَ فِی مَعْرُوفٍ فَبایِعْهُنَّ» ،فَقامَت امُّ حَکیمٍ ابنَةُ الحارِثِ بنِ عَبدِ المُطَّلِبِ، فَقالَت:یا رَسولَ اللّهِ،ما هذَا المَعروفُ الَّذی أمَرَنَا اللّهُ بِهِ أن لا نَعصِیَکَ فیهِ؟

فَقالَ:أن لا تَخمِشنَ وَجهاً،ولا تَلطِمنَ خَدّاً،ولا تَنتِفنَ شَعراً،ولا تَمزِقنَ جَیباً، ولا تُسَوِّدنَ ثَوباً،ولا تَدعونَ بِالوَیلِ وَالثُّبورِ،ولا تُقیمَنَّ عِندَ قَبرٍ.

فَبایَعَهُنَّ رَسولُ اللّهِ صلی الله علیه و آله عَلی هذِهِ الشُّروطِ. (2)

ص:413


1- (1) .الکافی:ج 5 ص 527 ح 5 [1] عن أبان،بحار الأنوار:ج 21 ص 134 ح 23. [2]
2- (2) .تفسیر القمّی:ج 2 ص 364، [3]بحار الأنوار:ج 21 ص 113 ح 6.

11415. صحیح البخاری عن امّ عطیّة: أخَذَ عَلَینَا النَّبِیُّ صلی الله علیه و آله عِندَ البَیعَةِ ألّا نَنوحَ،فَما وَفَت مِنَّا امرَأَةٌ غَیرُ خَمسِ نِسوَةٍ:اُمُّ سُلَیمٍ،واُمُّ العَلاءِ،وَابنَةُ أبی سَبرَةَ امَرأَةُ مُعاذٍ،وَامرَأَتانِ.

أوِ ابنَةُ أبی سَبرَةَ،وَامرَأَةُ مُعاذٍ،وَامرَأَةٌ اخری. (1)

11416. الطبقات الکبری عن بکر بن عبد اللّه: أخَذَ رَسولُ اللّهِ صلی الله علیه و آله فِی البَیعَةِ عَلَی النِّساءِ:ألّا یَشقُقنَ جَیباً،ولا یَدَّعینَ وَیلاً،ولا یَخمِشنَ وَجهاً،ولا یَقُلنَ هُجراً. (2)

11417. سنن أبی داوود عن امرأة من المبایعات: کانَ فیما أخَذَ عَلَینا رَسولُ اللّهِ صلی الله علیه و آله فِی المَعروفِ الَّذی أخَذَ عَلَینا ألّا نَعصِیَهُ فیهِ:ألّا نَخمِشَ وَجهاً،ولا نَدعُوَ وَیلاً،ولا نَشُقَّ جَیباً،وألّا نَنشُرَ شَعراً. (3)

11418. مسند ابن حنبل عن امّ عطیّة: لَمّا قَدِمَ رَسولُ اللّهِ صلی الله علیه و آله المَدینَةَ،جَمَعَ نِساءَ الأَنصارِ فی بَیتٍ ثُمَّ بَعَثَ إلَیهِنَّ عُمَرَ بنَ الخَطّابِ،قامَ عَلَی البابِ فَسَلَّمَ فَرَدَدنَ عَلَیهِ السَّلامَ، فَقالَ:أنَا رَسولُ رَسولِ اللّهِ صلی الله علیه و آله إلَیکُنَّ،قُلنا:مَرحَباً بِرَسولِ اللّهِ ورَسولِ رَسولِ اللّهِ.

وقالَ:تُبایِعنَ عَلی ألّا تُشرِکنَ بِاللّهِ شَیئاً،ولا تَزنینَ،ولا تَقتُلنَ أولادَکُنَّ،ولا تَأتینَ بِبُهتانٍ تَفتَرینَهُ بَینَ أیدیکُنَّ وأَرجُلِکُنَّ،ولا تَعصینَهُ فی مَعروفٍ.

قُلنا:نَعَم.فَمَدَدنا أیدِینَا مِن داخِلِ البَیتِ،ومَدَّ یَدَهُ مِن خارِجِ البَیتِ،ثُمَّ قالَ:

اللّهُمَّ اشهَد.وأَمَرَنا بِالعیدَینِ أن نُخرِجَ العُتَّقَ (4)وَالحُیَّضَ،ونَهی عَنِ اتِّباعِ الجَنائِزِ،ولا جُمُعَةَ عَلَینا.

ص:414


1- (1) .صحیح البخاری:ج 1 ص 440 ح 1244،صحیح مسلم:ج 2 ص 645 ح 31،مسند ابن حنبل:ج 10 ص 367 ح 27374 [1] کلاهما نحوه.
2- (2) .الطبقات الکبری:ج 8 ص 9. [2]
3- (3) .سنن أبی داود:ج 3 ص 194 ح 3131، [3]المعجم الکبیر:ج 25 ص 184 ح 451،اُسد الغابة:ج 7 ص 420 الرقم 7695 [4] کلاهما نحوه.
4- (4) .العاتق:الشابّة أوّل ما تُدرِکُ،ویُجمَعُ علی العُتَّقِ (لسان العرب:ج 10 ص 236« [5]عتق»).

وسَأَلتُها عَن قَولِهِ: «وَ لا یَعْصِینَکَ فِی مَعْرُوفٍ» ،قالَت:نُهینا عَنِ النِّیاحَةِ. (1)

11419. السنن الکبری للنسائی عن أمیمة بنت رقیقة: أتَیتُ النَّبِیَّ صلی الله علیه و آله فی نِسوَةٍ مِنَ الأَنصارِ نُبایِعُهُ،فَقُلنا:یا رَسولَ اللّهِ،نُبایِعُکَ عَلی ألّا نُشرِکَ بِاللّهِ شَیئاً،ولا نَسرِقَ،ولا نَزِنیَ، ولا نَأتِیَ بِبُهتانٍ نَفتَریهِ بَینَ أیدینا وأَرجُلِنا،ولا نَعصِیَکَ فی مَعروفٍ.

قالَ:فیمَا استَطَعتُنَّ وأَطَقتُنَّ.

قالَت:قُلنا:رَسولُ اللّهِ صلی الله علیه و آله أرحَمُ بِنا مِن أنفُسِنا.قُلنا:یا رَسولَ اللّهِ لا تُصافِحُنا، هَلُمَّ نُبایِعُکَ یا رَسولَ اللّهِ.

فَقالَ رَسولُ اللّهِ صلی الله علیه و آله:إنّی لا اصافِحُ النِّساءَ،إنَّما قَولی لِمِئَةِ امرَأَةٍ کَقَولی لِامرَأَةٍ واحِدَةٍ-أو مِثلَ قَولی لِامرَأَةٍ واحِدَةٍ-. (2)

11420. الإمام علی علیه السلام: أخَذَ رَسولُ اللّهِ صلی الله علیه و آله البَیعَةَ عَلَی النِّساءِ:ألّا یَنحُنَ،ولا یَخمِشنَ،ولا یَقعُدنَ مَعَ الرِّجالِ فِی الخَلاءِ. (3)

11421. دعائم الاسلام: عَنهُ صلی الله علیه و آله أنَّهُ کانَ مِمّا یَأخُذُ عَلَی النِّساءِ فِی البَیعَةِ:ألّا یُحَدِّثنَ مِنَ الرِّجالِ إلّاذا مَحرَمٍ. (4)

11422. مسند ابن حنبل عن أنس: أخَذَ النَّبِیُّ صلی الله علیه و آله عَلَی النِّساءِ حینَ بایَعَهُنَّ ألّا یَنُحنَ،فَقُلنَ:

ص:415


1- (1) .مسند ابن حنبل:ج 7 ص 402 ح 20823، [1]صحیح ابن حبّان:ج 7 ص 314 ح 3041،صحیح ابن خزیمة:ج 3 ص 112 ح 1722،السنن الکبری:ج 3 ص 262 ح 5637 [2] کلّها نحوه،کنز العمّال:ج 1 ص 321 ح 1503.
2- (2) .السنن الکبری للنسائی:ج 4 ص 429 ح 7804. [3]
3- (3) .دعائم الإسلام:ج 1 ص 226، [4]الکافی:ج 5 ص 519 ح 6 [5] عن مسمع أبی سیّار نحوه،مکارم الأخلاق:ج 1 ص 497 ح 1726 [6] عن الإمام الصادق علیه السلام و لیس فیه«البیعة»،بحار الأنوار:ج 82 ص 101 ح 48. [7]
4- (4) .دعائم الإسلام:ج 2 ص 214 ح 791، [8]مستدرک الوسائل:ج 14 ص 272 ح 16690. [9]

یا رَسولَ اللّهِ،إنَّ نِساءً أسعَدنَنا (1)فِی الجاهِلِیَّةِ أفَنُسعِدُهُنَّ فِی الإِسلامِ؟

فَقالَ النَّبِیُّ صلی الله علیه و آله:لا إسعادَ فِی الإِسلامِ،ولا شِغارَ (2)،ولا عُقرَ فِی الإِسلامِ،ولا جَلَبَ فِی الإِسلامِ ولا جَنَبَ (3)،ومَنِ انتَهَبَ فَلَیسَ مِنّا. (4)

11423. المعجم الکبیر عن ابن عبّاس: لَمّا بایَعَ [النَّبِیُّ صلی الله علیه و آله ] النِّساءَ:لا یَتَبَرَّجنَ تَبَرُّجَ الجاهِلِیَّةِ الاُولی،قالَتِ امرَأَةٌ:یا رَسولَ اللّهِ،أراکَ تَشتَرِطُ عَلَینا ألّا نَتَبَرَّجَ،وإنَّ فُلانَةَ قَد أسعَدَتنی،وقَد ماتَ أخوها.

فَقالَ رَسولُ اللّهِ صلی الله علیه و آله:اِذهَبی فَأَسعِدیها،ثُمَّ تَعالَی فَبایِعینی. (5)

11424. صحیح البخاری عن امّ عطیة: أخَذَ عَلَینَا النَّبِیُّ صلی الله علیه و آله عِندَ البَیعَةِ ألّا نَنوحَ. (6)

11425. مسند ابن حنبل عن سلمی بنت قیس: جِئتُ رَسولَ اللّهِ صلی الله علیه و آله فَبایَعتُهُ فی نِسوَةٍ مِنَ الأَنصارِ،فَلَمّا شَرَطَ عَلَینا ألّا نُشرِکَ بِاللّهِ شَیئاً،ولا نَسرِقَ،ولا نَزنِیَ،ولا نَقتُلَ أولادَنا،ولا نَأتِیَ بِبُهتانٍ نَفتَریهِ بَینَ أیدینا وأَرجُلِنا،ولا نَعصِیَهُ فی مَعروفٍ،قالَ:

ولا تَغشُشنَ أزواجَکُنَّ.قالَت:فَبایَعناهُ،ثُمَّ انصَرَفنا،فَقُلتُ لِامرَأَةٍ مِنهُنَّ:اِرجِعی

ص:416


1- (1) .إسعاد النساء فی المناحات:هو أن تقوم المرأة فتقوم معها اخری من جاراتها فتساعدها علی النیاحة (النهایة:ج 2 ص 366« [1]سعد»).
2- (2) .الشِغارُ:هو نکاح معروف فی الجاهلیة؛کان یقول الرجل للرجل:شاغرنی؛أی زوّجنی اختک أوبنتک،حتّی ازوّجک اختی أو بنتی،ولا یکون بینهما مهر (النهایة:ج 2 ص 482« [2]شغر»).
3- (3) .الجَلَب والجَنَب:هو أن یَقدِم المصدّق علی أهل الزکاة،فینزل موضعاً ثمّ یرسل من یجلب إلیه الأموال من أماکنها لیأخذ صدقتها،فنُهی عن ذلک (النهایة:ج 1 ص 281« [3]جلب»).
4- (4) .مسند ابن حنبل:ج 4 ص 392 ح 13031، [4]صحیح ابن حبّان:ج 7 ص 415 ح 3146،المصنّف لعبد الرزّاق:ج 3 ص 560 ح 6690،کنز العمّال:ج 4 ص 346 ح 10822.
5- (5) .المعجم الکبیر:ج 11 ص 211 ح 11688،مجمع الزوائد:ج 6 ص 45 ح 9873،الدّر المنثور:ج 6 ص 602.
6- (6) .صحیح البخاری:ج 1 ص 440 ح 1244،صحیح مسلم:ج 2 ص 646 ح 32 نحوه،السنن الکبری للنسائی:ج 4 ص 428 ح 7803. [5]

فَاسأَلی رَسولَ اللّهِ صلی الله علیه و آله ما غِشُّ أزواجِنا؟

قالَت:فَسَأَلتَهُ،فَقالَ:تَأخُذُ مالَهُ فَتُحابی بِهِ غَیرَهُ. (1)

11426. مسند ابن حنبل عن عائشة بنت قدامة: أنَا مَعَ امّی رائِطَةَ بِنتِ سُفیانَ الخُزاعِیَّةِ، وَالنَّبِیُّ صلی الله علیه و آله یُبایِعُ النِّسوَةَ،ویَقولُ:اُبایِعُکُنَّ عَلی ألّا تُشرِکنَ بِاللّهِ شَیئاً،ولا تَسرِقنَ ولا تَزنینَ،ولا تَقتُلنَ أولادَکُنَّ،ولا تَأتینَ بِبُهتانٍ تَفتَرینَهُ بَینَ أیدیکُنَّ وأَرجُلِکُنَّ،ولا تَعصینَ فی مَعروفٍ،قالَت:فَأَطرَقنَ.

فَقالَ لَهُنَّ النَّبِیُّ صلی الله علیه و آله:قُلنَ:نَعَم فیمَا استَطَعتُنَّ.فَکُنَّ یَقُلنَ. (2)

11427. رسول اللّه صلی الله علیه و آله -لَمّا قالَت هِندٌ بِنتُ عُتبَةَ:یا نَبِیَّ اللّهِ بایِعنی-:لا ابایِعُکِ حَتّی تُغَیِّری کَفَّیکِ کَأَنَّهُما کَفّا سَبُعٍ. (3)

3/5 أوَّلُ مَن بایَعَ مِنَ النِّساءِ

11428. مقاتل الطالبیّین عن الزبیر بن العوّام: سَمِعتُ النَّبِیَّ صلی الله علیه و آله یَدعُو النِّساءَ إلَی البَیعَةِ حینَ انزِلَت هذِهِ الآیَةُ: «یا أَیُّهَا النَّبِیُّ إِذا جاءَکَ الْمُؤْمِناتُ یُبایِعْنَکَ» ،وکانَت فاطِمَةُ بِنتُ

ص:417


1- (1) .مسند ابن حنبل:ج 10 ص 324 ح 27203، [1]تفسیر ابن کثیر:ج 8 ص 122، [2]اُسد الغابة:ج 7 ص 150 الرقم 7013، [3]المعجم الکبیر:ج 24 ص 296 ح 751 کلاهما نحوه.
2- (2) .مسند ابن حنبل:ج 10 ص 301 ح 27130، [4]اُسد الغابة:ج 7 ص 191 الرقم 7100، [5]تفسیر ابن کثیر:ج 8 ص 123، [6]الإصابة:ج 8 ص 236 الرقم 11468. [7]
3- (3) .سنن أبی داود:ج 4 ص 76 ح 4165، [8]السنن الکبری للبیهقی:ج 7 ص 139 ح 13498،مسند أبی یعلی:ج 4 ص 383 ح 4735 نحوه وکلّها عن عائشة،کنز العمّال:ج 1 ص 101 ح 455.

أسَدٍ أوَّلَ امرَأَةٍ بایَعَت رَسولَ اللّهِ صلی الله علیه و آله. (1)

11429. الطبقات الکبری عن عاصم بن عمرو بن قتادة: أوَّلُ مَن بایَعَ النَّبِیَّ صلی الله علیه و آله امُّ سَعدِ بنِ مُعاذٍ کَبشَةُ بِنتُ رافِعِ بنِ عُبَیدٍ،واُمُّ عامِرٍ بِنتُ یَزیدِ بنِ السَّکَنِ،وحَوّاءُ بِنتُ یَزیدِ بنِ السَّکَنِ. (2)

راجع:الطبقات الکبری:ج 8 ص 222 ( تسمیة النساء المسلمات المبایعات )،الکامل فی التاریخ:ج 1 ص 618.

ص:418


1- (1) .مقاتل الطالبیّین:ص 29، [1]المناقب للخوارزمی:ص 277 ح 264،شرح نهج البلاغة لابن أبی الحدید:ج 1 ص 14 [2] نحوه؛کشف الغمّة:ج 1 ص 306 [3] وزاد فیهما«اُمّ علیّ بن أبی طالب»بعد«فاطمة بنت أسد»،شرح الأخبار:ج 3 ص 214 ح 1141،بحار الأنوار:ج 36 ص 122 ح 65. [4]
2- (2) .الطبقات الکبری:ج 8 ص 12، [5]الإصابة:ج 8 ص 68 [6] عن قتادة ولیس فیه ذیله من«وحواء»،و ص 304 ولیس فیه ذیله من«واُمّ عامر».

الفصل السادس:بیعة الغدیر

الکتاب

«اَلْیَوْمَ أَکْمَلْتُ لَکُمْ دِینَکُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَیْکُمْ نِعْمَتِی وَ رَضِیتُ لَکُمُ الْإِسْلامَ دِیناً» . (1)

«یا أَیُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَیْکَ مِنْ رَبِّکَ وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَ اللّهُ یَعْصِمُکَ مِنَ النّاسِ إِنَّ اللّهَ لا یَهْدِی الْقَوْمَ الْکافِرِینَ» . (2)

الحدیث

11430. الإمام الصادق علیه السلام: لَمّا نَزَلَت هذِهِ الآیَةُ بِالوِلایَةِ،أمَرَ رَسولُ اللّهِ صلی الله علیه و آله بِالدَّوحاتِ (3)-دَوحاتِ غَدیرِ خُمٍّ-فَقُمَّت (4)،ثُمَّ نُودِیَ الصَّلاةَ جامِعَةً،ثُمَّ قالَ:أیُّهَا النّاسُ،ألَستُ أولی بِالمُؤمِنینَ مِن أنفُسِهِم؟قالُوا:بَلی.

قالَ:فَمَن کُنتُ مَولاهُ فَعَلِیٌّ مَولاهُ،رَبِّ والِ مَن والاهُ وعادِ مَن عاداهُ.ثُمَّ أمَرَ النّاسَ بِبَیعَتِهِ،وبایَعَهُ النّاسُ،لا یَجیءُ أحَدٌ إلّابَایَعَهُ،ولا یَتَکَلَّمُ. (5)

ص:419


1- (1) .المائدة:3. [1]
2- (2) .المائدة:67. [2]
3- (3) .الدَّوحة:الشجرة العظیمة (الصحاح:ج 1 ص 361« [3]دوح»).
4- (4) .قممت البیت:کنسته (الصحاح:ج 5 ص 2015« [4]قمم»).
5- (5) .تفسیر العیّاشی:ج1 ص329 ح143، [5]بحار الأنوار:ج37 ص138 ح30. [6]

11431. الإمام الباقر علیه السلام: حَجَّ رَسولُ اللّهِ صلی الله علیه و آله مِنَ المَدینَةِ،وقَد بَلَّغَ جمَیعَ الشَّرائِعِ قَومَهُ،غَیرَ الحَجِّ وَالوِلایَةِ،فَأَتاهُ جَبرَئیلُ علیه السلام،فَقالَ لَهُ:یا مُحَمَّدُ،إنَّ اللّهَ جَلَّ اسمُهُ یُقرِئُکَ السَّلامَ ویَقولُ لَکَ:إنّی لَم أقبِض نَبِیّاً مِن أنبِیائی ولا رَسولاً مِن رُسُلی إلّابَعدَ إکمالِ دینی وتَأکیدِ حُجَّتی،وقَد بَقِیَ عَلَیکَ مِن ذاکَ فرَیضَتانِ مِمّا تَحتاجُ أن تُبَلِّغَهُما قَومَکَ:

فَریضَةُ الحَجِّ،وفَریضَةُ الوِلایَةِ وَالخِلافَةِ مِن بَعدِکَ؛فَإِنّی لَم اخلِ أرضی مِن حُجَّةٍ، ولَن اخلِیَها أبَداً،فَإِنَّ اللّهَ-جَلَّ ثَناؤُهُ-یَأمُرُکَ أن تُبَلِّغَ قَومَکَ الحَجَّ،وتَحُجَّ....

فَلَمّا وَقَفَ بِالمَوقِفِ أتاهُ جَبرَئیلُ علیه السلام عَنِ اللّهِ عز و جل،فَقالَ:یا مُحَمَّدُ،إنَّ اللّهَ عز و جل یُقرِئُکَ السَّلامَ ویَقولُ لَکَ:إنَّهُ قَد دَنا أجَلُکَ ومُدَّتُکَ،وأنَا مُستَقدِمُکَ عَلی ما لابُدَّ مِنهُ ولا عَنهُ مَحیصٌ،فَاعهَد عَهدَکَ،وقَدِّمَ وَصِیَّتَکَ،وَاعمِد إلی ما عِندَکَ مِنَ العِلمِ ومیراثِ عُلومِ الأَنبِیاءِ مِن قَبلِکَ،وَالسِّلاحِ وَالتّابوتِ،وجَمیعِ ما عِندَکَ مِن آیاتِ الأَنبِیاءِ،فَسَلِّمهُ إلی وَصِیِّکَ وخَلیفَتِکَ مِن بَعدِکَ؛حُجَّتِی البالِغةِ عَلی خَلقی عَلِیِّ بنِ أبی طالِبٍ، فَأَقِمهُ لِلنّاسِ عَلَماً،وجَدِّد عَهدَهُ ومیثاقَهُ وبَیعَتَهُ.

وذَکِّرهُم ما أخَذتَ عَلَیهِم مِن بَیعَتی ومیثاقِی الَّذی واثَقتَهُم بِهِ،وعَهدِی الَّذی عَهِدتَ إلَیهِم؛مِن وِلایَةِ وَلِیّی ومَولاهُم ومَولی کُلِّ مَؤمِنٍ ومَؤمِنَةٍ عَلِیِّ بنِ أبی طالِبٍ؛ فَإِنّی لَم أقبِض نَبِیّاً مِنَ الأَنبِیاءِ إلّامِن بَعدِ إکمالِ دینی وحُجَّتی،وإتمامِ نِعمَتی بِوِلایَةِ أولِیائی ومُعاداةِ أعدائی،وذلِکَ کَمالُ تَوحیدی ودینی.

وإتمامُ نِعمَتی عَلی خَلقی بِاتِّباعِ وَلِیّی وطاعَتِهِ؛وذلِکَ أنّی لا أترُکُ أرضی بِغَیرِ وَلِیٍّ ولا قَیِّمٍ؛لِیَکونَ حُجَّةً لی عَلی خَلقی،فَ «اَلْیَوْمَ أَکْمَلْتُ لَکُمْ دِینَکُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَیْکُمْ نِعْمَتِی وَ رَضِیتُ لَکُمُ الْإِسْلامَ دِیناً» بِوِلایَةِ وَلِیّی ومَولی کُلِّ مُؤمِنٍ ومُؤمِنَةٍ؛عَلِیٍّ عَبدی، ووَصِیِّ نَبِیّی،وَالخَلیفَةِ مِن بَعدِهِ،وحُجَّتِی البالِغَةِ عَلی خَلقی،مَقرونَةٌ طاعَتُهُ بِطاعَةِ مُحَمَّدٍ نَبِیّی،ومَقرونَةٌ طاعَتُهُ مَعَ طاعَةِ مُحَمَّدٍ بِطاعَتی،مَن أطاعَهُ فَقَد أطاعَنی،ومَن عَصاهُ فَقَد عَصانی،جَعَلتُهُ عَلَماً بَینی وبَینَ خَلقی....

ص:420

فَلَمّا بَلَغَ غَدیرَ خُمِّ-قَبلَ الجُحفَةٍ بِثَلاثَةِ أمیالٍ-أتاهُ جَبرَئیلُ علیه السلام-عَلی خَمسِ ساعاتٍ مَضَت مِنَ النَّهارِ-بِالزَّجرِ وَالاِنتِهارِ،وَالعِصمَةِ مِنَ النّاسِ ! فَقالَ:یا مُحَمَّدُ، إنَّ اللّهَ عز و جل یُقرِئُکَ السَّلامَ،ویَقولُ لَکَ: «یا أَیُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَیْکَ مِنْ رَبِّکَ» فی عَلِیٍّ، «وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَ اللّهُ یَعْصِمُکَ مِنَ النّاسِ» .وکانَ أوائِلُهُم قَریباً مِنَ الجُحفَةِ، فَأَمَرَهُ بِأَن یَرُدَّ مَن تَقَدَّمَ مِنهُم،ویَحبِسَ منَ تَأَخَّرَ عَنهُم فی ذلِکَ المَکانِ؛لِیُقیمَ عَلِیّاً لِلنّاسِ عَلَماً،ویُبَلِّغَهُم ما أنزَلَ اللّهُ تَعالی فی عَلِیٍّ علیه السلام،وأخبَرَهُ بِأَنَّ اللّهَ عز و جل قَد عَصَمَهُ مِن النّاسِ. (1)

11432. الإمام الهادی علیه السلام -فی زِیارَةٍ زارَ بِها فی یَومِ الغَدیرِ فِی السَّنَةِ الَّتی أشخَصَهُ المُعتَصِمُ -:...السَّلامُ عَلَیکَ یا سَیِّدَ المُسلِمینَ،ویَعسوبَ المُؤمِنینَ،وإمامَ المُتَّقینَ،وقائِدَ الغُرِّ المُحَجَّلینَ ورَحمَةُ اللّهِ وَبرَکاتُهُ،أشهَدُ أنَّکَ أخُو الرَّسولِ ووَصِیُّهُ،ووارِثُ عِلمِهِ، وأمینُهُ عَلی شَرعِهِ،وخَلیفَتُهُ فی امَّتِهِ،وأوَّلُ مَن آمَنَ بِاللّهِ وصَدَّقَ بِما أنزَلَ عَلی نَبِیِّهِ، وأشهَدُ أنَّهُ قَد بَلَّغَ عَنِ اللّهِ ما أنزَلَهُ فیکَ،وصَدَعَ بِأَمرِهِ،وأوجَبَ عَلی امَّتِهِ فَرضَ وِلایَتِکَ،وعَقَدَ عَلَیهِمُ البَیعَةَ لَکَ،وجَعَلَکَ أولی بِالمُؤمِنینَ مِن أنفُسِهِم کَما جَعَلَهُ اللّهُ کَذلِکَ. (2)

راجع:موسوعة الإمام علیّ بن أبی طالب علیه السلام:ج 1 ص 511 ( القسم الثالث/الفصل العاشر:حدیث الغدیر ).

ص:421


1- (1) .الاحتجاج:ج1 ص133 ح32، [1]الیقین:ص343 ح127 کلاهما عن علقمة بن محمّد الحضرمی،روضة الواعظین:ص100، [2]بحار الأنوار:ج37 ص201 ح86. [3]
2- (2) .المزار الکبیر:ص264 ح12 عن أبی القاسم بن روح وعثمان بن سعید العمری عن الإمام العسکری علیه السلام،المزار للشهید الأوّل:ص66 من دون إسنادٍ إلیه علیه السلام،بحار الأنوار:ج100 ص359 ح6 [4] نقلاً عن المفید.

ص:422

الفصل السابع:بیعة النّاس أمیر المؤمنین علیّاً

1/7 إقبالُ النّاسِ عَلی بَیعَةِ الإِمامِ

11433. الإمام علیّ علیه السلام -فی وَصفِ بَیعَتِهِ-:أقبَلتُم إلَیَّ إقبالَ العوذِ المَطافیلِ (1)عَلی أولادِها، تَقولونَ:البَیعَةَ البَیعَةَ ! قَبَضتُ کَفّی فَبَسَطتُموها،ونازَعتُکُم یَدی فَجاذَبتُموها ! (2)

11434. عنه علیه السلام -فی صِفَةِ النّاسِ عِندَ بَیعَتِهِ-:فَما راعَنی إلّاوَالنّاسُ کَعُرفِ الضَّبُعِ (3)إلَیَّ، یَنثالونَ عَلَیَّ مِن کُلّ جانِبٍ،حَتّی لَقَد وُطِئَ الحَسَنانِ،وشُقَّ عِطفایَ (4)،مُجتَمِعینَ حَولی کَرَبیضَةِ الغَنَمِ. (5)

ص:423


1- (1) .العُوذ:الإبل الَّتی وضعت أولادها حدیثاً،ویقال:أطفلت فهی مطفل ومطفلة؛ویرید أنّهم جاؤوابأجمعهم صغارهم وکبارهم ( لسان العرب:ج 11 ص 402 ). [1]
2- (2) .نهج البلاغة:الخطبة 137، [2]بحار الأنوار:ج 32 ص 78 ح 51. [3]
3- (3) .أی یتبع بعضهم بعضاً ( لسان العرب:ج 9 ص 240 ). [4]قال ابن أبی الحدید:عُرف الضبع ثخین ویُضرب به المثل فی الازدحام ( شرح نهج البلاغة لابن أبی الحدید:ج 1 ص 200 ). [5]
4- (4) .عطفا الرجل:جانباه من لدن رأسه إلی ورکیه ( الصحاح:ج 4 ص 1405« [6]عطف»).
5- (5) .نهج البلاغة:الخطبة 3، [7]معانی الأخبار:ص 361 ح 1،علل الشرائع:ص 151 ح 12، [8]الإرشاد:ج 1 ص 289 [9] والثلاثة الأخیرة عن ابن عبّاس،نثر الدرّ:ج 1 ص 275 کلاهما نحوه ولیس فیها من«مجتمعین...»وراجع:تذکرة الخواصّ:ص125. [10]

11435. عنه علیه السلام -فی ذِکرِ البَیعَةِ (1)-:فَتَداکّوا عَلَیَّ تَداکَّ الإِبِلِ الهیمِ (2)یَومَ وِردِها وقَد أرسَلَها راعیها،وخُلِعَت مَثانیها،حَتّی ظَنَنتُ أنَّهُم قاتِلِیَّ،أو بَعضُهُم قاتِلُ بَعضٍ لَدَیَّ. (3)

11436. عنه علیه السلام -فی ذِکرِ بَیعَةِ طَلحَةَ وَالزُّبَیرِ-:أتَیتُمونی فَقُلتُم:بایِعنا،فَقُلتُ:لا أفعَلُ،فَقُلتُم:

بَلی،فَقُلتُ:لا.وقَبَضتُ یَدی فَبَسَطتُموها،ونازَعتُکُم فَجَذَبتُموها،وتَداکَکتُم عَلَیَّ تَداکَّ الإِبلِ الهیمِ عَلی حِیاضِها یَومَ وُرودِها،حَتّی ظَنَنتُ أنَّکُم قاتِلِیَّ،وأنّ بَعضَکُم قاتِلُ بَعضٍ،فَبَسَطتُ یَدی،فَبایَعتُمونی مُختارِینَ،وبایَعَنی فی أوَّلِکُم طَلحَةُ وَالزُّبَیرُ طائِعینَ غَیرَ مُکرَهینَ. (4)

11437. عنه علیه السلام -فی وَصفِ بَیعَتِهِ-:بَسَطتُم یَدی فَکَفَفتُها،ومَدَدتُموها فَقَبَضتُها،ثُمَّ تَداکَکتُم عَلَیَّ تَداکَّ الإِبِلِ الهیمِ عَلی حِیاضِها یَومَ وِردِها،حَتَّی انقَطَعَتِ النَّعلُ،وسَقَطَ الرِّداءُ، ووُطِئَ الضَّعیفُ،وبَلَغَ مِن سُرورِ النّاسِ بِبَیعَتِهِم إیّایَ أنِ ابتَهَجَ بِهَا الصَّغیرُ،وهَدَجَ (5)إلَیهَا الکَبیرُ،وتَحامَلَ نَحوَها العَلیلُ،وحَسَرَت إلَیهَا الکِعابُ. (6)

11438. وقعة صفّین عن خفاف بن عبد اللّه: تَهافَتَ النّاسُ عَلی عَلِیٍّ بِالبَیعَةِ تَهافُتَ الفَراشِ،

ص:424


1- (1) .کما فی نسخة فیض الإسلام:الخطبة 53 وشرح نهج البلاغة لابن أبی الحدید:ج 4 ص 6 [1] وهوالصحیح،وأمّا ما ورد فی نسخة صبحی الصالح وشرح ابن میثم:الخطبة 53« [2]من خطبة له علیه السلام وفیها یصف أصحابه بصفّین حین طال منعهم له من قتال أهل الشام»فهو غیر صحیح،وإن کان آخر الخطبة یشعر بذلک.والظاهر أنّ السیّد الرضی قدس سره جمع بین خطبتین.ولمزید التحقیق قارن بین ذیل هذه الخطبة والخطبة 43،وأیضاً صدر هذه الخطبة والخطبة 229.وراجع:بحار الأنوار:ج 32 ص 555 ح 463. [3]
2- (2) .الهِیم:الإبل العطاش ( الصحاح:ج 5 ص 2063 ). [4]
3- (3) .نهج البلاغة:الخطبة 54. [5]
4- (4) .الإرشاد:ج 1 ص 244، [6]الاحتجاج:ج 1 ص 375 ح 68، [7]الجمل:ص 267 [8] نحوه،بحار الأنوار:ج 32 ص 98 ح 69؛ [9]العقد الفرید:ج 3 ص 123، [10]شرح نهج البلاغة لابن أبی الحدید:ج 1 ص 309 [11] عن زید بن صوحان وکلاهما نحوه.
5- (5) .الهَدَجان:مشیة الشیخ،وقد هدج یهدج (الصحاح:ج 1 ص 349« [12]هدج»).
6- (6) .نهج البلاغة:الخطبة 229، [13]بحار الأنوار:ج 32 ص 51 ح 35. [14]

حَتّی ضَلَّتِ النَّعلُ،وسَقَطَ الرِّداءُ،ووُطِئَ الشَّیخُ. (1)

2/7 بَیعَةُ عامَّةِ النّاسِ

11439. شرح نهج البلاغة لابن أبی الحدید عن ابن عبّاس: لَمّا دَخَلَ عَلِیٌّ علیه السلام المَسجِدَ وجاءَ النّاسُ لِیُبایِعوهُ،خِفتُ أن یَتَکَلَّمَ بَعضُ أهلِ الشَّنَآنِ لِعَلِیٍّ علیه السلام؛مِمَّن قَتَلَ أباهُ أو أخاهُ أو ذا قَرابَتِهِ فی حَیاةِ رسَولِ اللّهِ صلی الله علیه و آله،فَیَزهَدَ عَلِیٌّ فِی الأَمرِ ویَترُکَهُ،فَکُنتُ أرصُدُ ذلِکَ وأَتَخَوَّفُهُ،فَلَم یَتَکَلَّم أحَدٌ حَتّی بایَعَهُ النّاسُ کُلُّهُم،راضینَ مُسَلِّمینَ غَیرَ مُکرَهینَ (2).

11440. الفتوح: قالَتِ الأَنصارُ [ لِلنّاسِ]:إنَّکُم قَد عَرَفتُم فَضلَ عَلِیِّ بنِ أبی طالِبٍ وسابِقَتَهُ وقَرابَتَهُ ومَنزِلَتَهُ مِنَ النَّبِیِّ صلی الله علیه و آله،مَعَ عِلمِهِ بِحَلالِکُم وحَرامِکُم،وحاجَتِکُم إلَیهِ مِن بَینِ الصَّحابَةِ،ولَن یَألُوَکُم نُصحاً،ولَو عَلِمنا مَکانَ أحَدٍ هُوَ أفضَلُ مِنهُ وأَجمَلُ لِهذَا الأَمرِ وأَولَی بِهِ مِنهُ لَدَعَوناکُم إلَیهِ.

فَقالَ النّاسُ کُلُّهُم بِکَلِمَةٍ واحِدَةٍ:رَضینا بِهِ طائِعینَ غَیرَ کارِهینَ.

فَقالَ لَهُم عَلِیٌّ:أخبِرونی عَن قَولِکُم هذا:«رَضینا بِهِ طائِعینَ غَیرَ کارِهینَ»، أحَقٌّ واجِبٌ هذا مِنَ اللّهِ عَلَیکُم،أم رَأیٌ رَأَیتُموهُ مِن عِندِ أنفُسِکُم؟

قالوا:بَل هُوَ واجِبٌ أوجَبَهُ اللّه عز و جل لَکَ عَلَینا. (3)

11441. الجمل عن عبد الحَمید بن عبد الرحمن عن ابن أبزی: أ لا احَدِّثُکَ ما رَأَت عَینایَ

ص:425


1- (1) .وقعة صفّین:ص 65؛ [1]شرح نهج البلاغة لابن أبی الحدید:ج 3 ص 111، [2]الإمامة والسیاسة:ج 1 ص 105. [3]
2- (2) .شرح نهج البلاغة لابن أبی الحدید:ج 4 ص 10. [4]وفی هذا القول تأمّل؛لأنّ عبد اللّه بن عبّاس کان عاملاً من جانب عثمان علی الحجّ وقدم المدینة وقد بویع لعلیّ علیه السلام.راجع:تاریخ الطبری:ج 4 ص 439. [5]ویمکن أن یکون الراوی عبید اللّه أو قثم ابنی عبّاس.
3- (3) .الفتوح:ج 2 ص 435. [6]

وسَمِعَت اذُنایَ؟لَمَّا التَقَی النّاسُ عِندَ بَیتِ المالِ قالَ عَلِیٌّ لِطَلحَةَ:اُبسُط یَدَکَ ابایِعکَ،فَقالَ طَلحَةُ:أنتَ أحَقُّ بِهذَا الأَمرِ مِنّی،وقَدِ اجتَمَعَ لَکَ مِن أهواءِ النّاسِ ما لَم یَجتَمِع لی،فَقالَ علیه السلام لَهُ:ما خَشینا غَیرَکَ ! فَقالَ طَلحَةُ:لا تَخشَ،فَوَاللّهِ لا تُؤتی مِن قِبَلی.

وقامَ عَمّارُ بنُ یاسِرٍ،وأبُو الهَیثَمِ بنُ التَّیِّهانِ،ورِفاعَةُ بنُ رافِعِ بنِ مالِکِ بنِ العَجلانِ،وأبو أیّوبَ خالِدُ بنُ زَیدٍ،فَقَالوا لِعَلِیٍّ:إنَّ هذَا الأَمرَ قَد فَسَدَ،وقَد رَأَیتَ ما صَنَعَ عُثمانُ،وما أتاهُ مِن خِلافِ الکِتابِ وَالسُّنَّةِ،فَابسُط یَدَکَ نُبایِعکَ؛لِتُصلِحَ مِن أمرِ الاُمَّةِ ما قَد فَسَدَ.

فَاستَقالَ عَلِیٌّ علیه السلام وقالَ:قَد رَأَیتُم ما صُنِعَ بی،وعَرَفتُم رَأیَ القَومِ،فَلا حاجَةَ لی فیهِم.

فَأَقبَلوا عَلَی الأَنصارِ فَقالوا:یا مَعاشِرَ الأَنصارِ،أنتُم أنصارُ اللّهِ وأنصارُ رَسولِهِ، وبِرَسولِهِ أکرَمَکُمُ اللّهُ تَعالی،وقَد عَلِمتُم فَضلَ عَلِیٍّ وسابِقَتَهُ فِی الإِسلامِ،وقَرابَتَهُ ومَکانَتَهُ الَّتی کانَت لَهُ مِنَ النَّبِیِّ صلی الله علیه و آله،وإن وَلِیَ أنالَکُم خَیراً.فَقالَ القَومُ:نَحنُ أرضَی النّاسِ بِهِ،ما نُریدُ بِهِ بَدَلاً.

ثُمَّ اجتَمَعوا عَلَیهِ،فَلَم یَزالوا بِهِ حَتّی بایَعوهُ. (1)

11442. الطبقات الکبری: لَمّا قُتِلَ عُثمانُ یَومَ الجُمُعَةِ لِثَمانِیَ عَشرَةَ لَیلَةً مَضَت مِن ذِی الحِجَّةِ سَنَةَ خَمسٍ وثَلاثینَ،وبویِعَ لِعَلِیِّ بنِ أبی طالِبٍ-بِالمَدینَةِ الغَدَ مِن یَومَ قُتِلَ عُثمانُ- بِالخِلافَةِ؛بایَعَهُ طَلحَةُ،وَالزُّبَیرُ،وسَعدُ بنُ أبی وَقّاصٍ،وسَعیدُ بنُ زَیدِ بنِ عَمرِو بنِ نُفَیلٍ،وعَمّارُ بنُ یاسِرٍ،واُسامَةُ بنُ زَیدٍ،وسَهلُ بنُ حُنَیفٍ،وأبو أیّوبَ الأَنصارِیُّ،

ص:426


1- (1) .الجمل:ص 128 [1] وراجع:الکافئة:ص 12 ح 8 والفتوح:ج 2 ص 434 و 435 [2] وتاریخ الطبری:ج 4 ص 434. [3]

ومُحَمَّدُ بنُ مَسلَمَةَ،وزَیدُ بنُ ثابِتٍ،وخُزَیمَةُ بنُ ثابِتٍ،وجَمیعُ مَن کانَ بِالمَدینَةِ مِن أصحابِ رَسولِ اللّهِ صلی الله علیه و آله،وغَیرُهُم. (1)

3/7 حُرِّیَّةُ النّاسِ فِی انتِخابِ الإِمامِ

11443. الإمام علیّ علیه السلام -فی کِتابِهِ إلی أهلِ الکوفَةِ عِندَ مَسیرِهِ مِنَ المَدینَةِ إلَی البَصرَةِ-:

بایَعَنِی النّاسُ غَیرَ مُستَکرَهینَ،ولا مُجبَرینَ،بَل طائِعینَ مُخَیَّرینَ. (2)

11444. عنه علیه السلام: قُبِضَ رَسولُ اللّهِ صلی الله علیه و آله وأنَا أری أنّی أحَقُّ النّاسِ بِهذَا الأَمرِ،فَاجتَمَعَ النّاسُ عَلی أبی بَکرٍ ! فَسَمِعتُ وأطَعتُ،ثُمَّ إنَّ أبا بَکرٍ حَضَرَ فَکُنتُ أری أن لا یَعدِلَها عَنّی، فَوَلّی (3)عُمَرَ! فَسَمِعتُ وأطَعتُ،ثُمَّ إنَّ عُمَرَ اصیبَ،فَظَنَنتُ أنَّهُ لا یَعدِلُها عَنّی،فَجَعَلَها فی سِتَّةٍ أنَا أحَدُهُم ! فَوَلَّوها (4)عُثمانَ،فَسَمِعتُ وأطَعتُ،ثُمَّ إنَّ عُثمانَ قُتِلَ،فَجاؤونی فَبایَعونی طائِعینَ غَیرَ مُکرَهینَ. (5)

11445. عنه علیه السلام -مِن کِتابٍ لَهُ إلی طَلحَةَ وَالزُّبَیرِ-:أمّا بَعدُ،فَقَد عَلِمتُما-وإن کَتَمتُما-أنّی لَم ارِدِ النّاسَ حَتّی أرادونی،ولَم ابایِعهُم حَتّی بایَعونی،وإنَّکُما مِمَّن أرادَنی

ص:427


1- (1) .الطبقات الکبری:ج 3 ص 31. [1]
2- (2) .نهج البلاغة: [2]الکتاب 1،الجمل:ص 244، [3]الأمالی للطوسی:ص 718 ح 1518 [4] عن عبد الرحمن بن أبی عمرة الأنصاری وفیه إلی«غیر مُستکرَهین»،بحار الأنوار:ج 32 ص 84 ح 56؛ [5]الإمامة والسیاسة:ج 1 ص 86 [6] وفیه صدره إلی«مستکرهین».
3- (3) .فی الطبعة المعتمدة:«فولی»،والصحیح ما أثبتناه کما فی تاریخ دمشق«ترجمة الإمام علیّ علیه السلام»تحقیق محمّد باقر المحمودی ( ج3 ص101 ح1142 ).
4- (4) .فی المصدر:«فَوَلّاها»،والصواب ما أثبتناه کما فی اسد الغابة. [7]
5- (5) .تاریخ دمشق:ج 42 ص 439،اُسد الغابة:ج 4 ص 106 ح 3789 [8] کلاهما عن یحیی بن عروة المرادی.

وبایَعَنی،وإنَّ العامَّةَ لَم تُبایِعنی لِسُلطانٍ غالِبٍ،ولا لِعَرَضٍ حاضِرٍ. (1)

11446. الفتوح: أقبَلَ عَمّارُ بنُ یاسِرٍ إلی عَلِیِّ بنِ أبی طالِبٍ رضی الله عنه،فَقالَ:یا أمیرَ المُؤمِنینَ،إنَّ النّاسَ قَد بایَعوکَ طائِعینَ غَیرَ کارِهینَ،فَلَو بَعَثتَ إلی اسامَةَ بنِ زَیِدٍ وعَبدِ اللّهِ بنِ عُمَرَ ومُحَمَّدِ بنِ مَسلَمَةَ وحَسّانِ بنِ ثابِتٍ وکَعبِ بنِ مالِکٍ،فَدَعَوتَهُم لِیَدخُلوا فیما دَخَلَ فیهِ النّاسُ مِنَ المُهاجِرینَ وَالأَنصارِ !

فَقالَ عَلِیٌّ رضی الله عنه:إنَّهُ لا حاجَةَ لَنا فیمَن لا یَرغَبُ فینا. (2)

11447. شرح الأخبار عن عبد اللّه بن موسی بن قادم: سَمِعتُ سُفیانَ الثَّورِیَّ یَقولُ بِأَعلی صَوتِهِ:وَاللّهِ ما أشُکُّ،لَقَد بایَعَ طَلحَةُ وَالزُّبَیرُ عَلِیّاً صَلَواتُ اللّهِ عَلَیهِ،ولَقَد نَکَثا عَلَیهِ، وَاللّهِ ما وَجَدا فیهِ لا عِلَّةً فی دینٍ ولا خِیانَةً فی مالٍ. (3)

11448. الکافئة عن الحسن: بایَعَ طَلحَةُ وَالزُّبَیرُ عَلِیّاً علیه السلام عَلی مِنبَرِ رَسولِ اللّهِ صلی الله علیه و آله طائِعَینِ غَیرَ مُکرَهَینِ. (4)

4/7 خِطابُ طائِفَةٍ مِن أصحابِهِ بَعدَ البَیعِةِ

11449. تاریخ الیعقوبی -بَعدَ ذِکرِ بَیعَةِ النّاسِ لِعَلِیٍّ علیه السلام-:وقامَ قَومٌ مِنَ الأَنصارِ فَتَکَلَّموا، وکانَ أوَّلَ مَن تَکَلَّمَ ثابِتُ بنُ قَیسِ بنِ شَمّاسٍ الأَنصارِیُّ-وکانَ خَطیبَ الأَنصارِ-

ص:428


1- (1) .نهج البلاغة: [1]الکتاب 54،کشف الغمّة:ج 1 ص 239 [2] نحوه،بحار الأنوار:ج 32 ص 135 ح 111؛ [3]الفتوح:ج 2 ص 465 [4] نحوه،الإمامة والسیاسة:ج 1 ص 90 [5] وفیه«خاصّ»بدل«غالب»ولیس فیه«و لا لعرض حاضر».
2- (2) .الفتوح:ج 2 ص 441. [6]
3- (3) .شرح الأخبار:ج 1 ص 403 ح 353.
4- (4) .الکافئة للشیخ المفید:ص 13 ح 10، [7]بحار الأنوار:ج 32 ص 32 [8] ح،وراجع:الأمالی للمفید:ص 73.

فَقالَ:وَاللّهِ یا أمیرَ المُؤمِنینَ،لَئِن کانوا تَقَدَّموکَ فِی الوِلایَةِ فَما تَقَدَّموکُ فِی الدِّینِ، ولَئِن کانوا سَبَقوکَ أمسِ فَقَد لَحِقتَهُمُ الیَومَ،ولَقَد کانوا وکُنتَ لا یَخفی مَوضِعُکَ،ولا یُجهَلُ مَکانُک،یَحتاجونَ إلَیکَ فیما لا یَعلَمونَ،ومَا احتَجتَ إلی أحَدٍ مَعَ عِلمِکَ.

ثُمَّ قامَ خُزَیمَةُ بنُ ثابِتٍ الأَنصارِیُّ-وهُوَ ذُو الشَّهادَتَینِ-فَقالَ:یا أمیرَ المُؤمِنینَ، ما أصَبنا لِأَمرِنا هذا غَیرَکَ،ولا کانَ المُنقَلَبُ إلّاإلَیکَ،ولَئِن صَدَقنا أنفُسَنا فیکَ، فَلَأَنتَ أقدَمُ النّاسِ إیماناً،وأعلَمُ النّاسِ بِاللّهِ،وأولَی المُؤمِنینَ بِرَسولِ اللّهِ،لَکَ ما لَهُم،ولَیسَ لَهُم ما لَکَ.

وقامَ صَعصَعَةُ بنُ صوحانَ فَقالَ:وَاللّهِ یا أمیرَ المُؤمِنینَ،لَقَد زَیَّنتَ الخِلافَةَ وما زانَتکَ،ورَفَعتَها وما رَفَعَتکَ،ولَهِیَ إلَیکَ أحوَجُ مِنکَ إلَیها.

ثُمَّ قامَ مالِکُ بنُ الحارِثِ الأَشتَرُ فَقالَ:أیُّهَا النّاسُ ! هذا وَصِیُّ الأَوصِیاءِ،ووارِثُ عِلمِ الأَنبِیاءِ،العَظیمُ البَلاءِ،الحَسَنُ العَناءِ (1)،الَّذی شَهِدَ لَهُ کِتابُ اللّهِ بِالإِیمانِ، ورَسولُهُ بِجَنَّةِ الرِّضوانِ،مَن کَمُلَت فیهِ الفَضائِلُ،ولَم یَشُکَّ فی سابِقَتِهِ وعِلمِهِ وفَضلِهِ الأَواخِرُ ولَا الأَوائِلُ.

ثُمَّ قامَ عُقبَةُ بنُ عَمرٍو فَقالَ:مَن لَهُ یَومٌ کَیَومِ العَقَبَةِ،وبَیعَةٌ کَبَیعَةِ الرِّضوانِ، وَالإِمامُ الأَهدَی الَّذی لا یُخافُ جَورُهُ،وَالعالِمُ الَّذی لا یُخافُ جَهلُهُ. (2)

راجع:موسوعة الإمام علیّ بن أبی طالب علیه السلام:ج 2 ص 325 ( القسم الخامس/الفصل الأوّل:بیعة النور ).

ص:429


1- (1) .فی الطبعة المعتمدة:«الغناء»وما أثبتناه من طبعة النجف ( ج 2 ص 155 ).والعناء هنا:المداراة أو حسن السیاسة ( لسان العرب:ج 15 ص 106 ). [1]
2- (2) .تاریخ الیعقوبی:ج 2 ص 179. [2]

ص:430

الفصل الثامن:أقسام البیعة

1/8 بَیعَةُ الرِّجالِ

11450. الإرشاد -فی بَیانِ البَیعَةِ لِلإِمامِ الرِّضا علیه السلام-:جَلَسَ المَأمونُ ووَضَعَ لِلرِّضا علیه السلام وِسادَتَینِ عَظیمَتَینِ حَتّی لَحِقَ بِمَجلِسِهِ وفَرشِهِ،وأَجلَسَ الرِّضا علیه السلام عَلَیهِما فِی الخُضرَةِ (1)وعَلَیهِ عِمامَةٌ وسَیفٌ،ثُمَّ أمَرَ ابنَهُ العَبّاسَ بنَ المَأمونِ یُبایِعُ لَهُ أوَّلَ النّاسِ،فَرَفَعَ الرِّضا علیه السلام یَدَهُ فَتَلَقّی بِها (2)وَجهَ نَفسِهِ وبِبَطنِها وُجوهَهُم.

فَقالَ لَهُ المَأمونُ:اُبسُط یَدَکَ لِلبَیعَةِ.

فَقالَ الرِّضا علیه السلام:إنَّ رَسولَ اللّهِ صلی الله علیه و آله هکَذا کانَ یُبایِعُ.فَبایَعَهُ النّاسُ ویَدُهُ فَوقَ أیدیهِم. (3)

11451. علل الشرائع عن الریّان بن شبیب خال المعتصم أخی ماردة: إنَّ المَأمونَ لَمّا أرادَ

ص:431


1- (1) .فی روضة الواعظین [1]ومقاتل الطالبیّین:« [2]الحضرة»بدل«الخضرة».
2- (2) .فی روضة الواعظین [3]ومقاتل الطالبیین [4]وبحار الأنوار:« [5]بظهرها»بدل«بها».
3- (3) .الإرشاد:ج 2 ص 261، [6]روضة الواعظین:ص 248، [7]المناقب لابن شهر آشوب:ج 4 ص 363 [8] عن أبی الصلت ویاسر نحوه،بحار الأنوار:ج 49 ص 146 ح 23؛ [9]مقاتل الطالبیّین:ص 455 [10] عن یحیی بن الحسن العلوی.

أن یَأخُذَ البَیعَةَ لِنَفسِهِ بِإِمرَةِ المُؤمِنینَ،ولِأَبِی الحَسَنِ عَلِیِّ بنِ موسَی الرِّضا علیه السلام بِوِلایَةِ العَهدِ،ولِلفَضلِ بنِ سَهلٍ بِالوِزارَةِ،أمَرَ بِثَلاثَةِ کَراسِیَّ تُنصَبُ لَهُم،فَلَمّا قَعَدوا عَلَیها أذِنَ لِلنّاسِ فَدَخَلوا یُبایِعونَ،فَکانوا یُصَفِّقونَ بِأَیمانِهِم عَلی أیمانِ الثَّلاثَةِ مِن أعلَی الإِبهامِ إلی أعلَی الخِنصِرِ،ویَخرُجونَ،حَتّی بایَعَ آخِرَ النّاسِ فَتیً مِنَ الأَنصارِ،فَصَفَّقَ بِیَمینِهِ مِنَ الخِنصِرِ إلی أعلَی الإِبهامِ،فَتَبَسَّمَ أبُو الحَسَنِ علیه السلام ثُمَّ قالَ:

کُلُّ مَن بایَعَنا بایَعَ بِفَسخِ البَیعَةِ،غَیرَ هذَا الفَتی،فَإِنَّهُ بایَعَنا بِعَقدِها.

فَقالَ المَأمونُ:وما فَسخُ البَیعَةِ مِن عَقدِها؟

قالَ أبُو الحَسَنِ علیه السلام:عَقدُ البَیعَةِ هُوَ مِن أعلَی الخِنصِرِ إلی أعلَی الإِبهامِ،وفَسخُها مِن أعلَی الإِبهامِ إلی أعلَی الخِنصِرِ.

قالَ:فَماجَ النّاسُ فی ذلِکَ،وأَمَرَ المَأمونُ بِإِعادَةِ النّاسِ إلَی البَیعَةِ عَلی ما وَصَفَهُ أبُو الحَسَنِ علیه السلام،وقالَ النّاسُ:کَیفَ یَستَحِقُّ الإِمامَةَ مَن لا یَعرِفُ عَقدَ البَیعَةِ،إنَّ مَن عَلِمَ لَأَولی بِها مِمَّن لا یَعلَمُ.

قالَ:فَحَمَلَهُ ذلِکَ عَلی ما فَعَلَهُ مِن سَمِّهِ. (1)

2/8 بَیعَةُ النِّساءِ بِالکَلامِ

11452. صحیح البخاری عن عائشة: کانَ النَّبِیُّ صلی الله علیه و آله یُبایِعُ النِّساءَ بِالکَلامِ بِهذِهِ الآیَةِ: «لا یُشْرِکْنَ بِاللّهِ شَیْئاً» (2).قالَت:وما مَسَّت یَدُ رَسولِ اللّهِ صلی الله علیه و آله یَدَ امرَأَةٍ إلَّاامرَأَةً یَملِکُها. (3)

ص:432


1- (1) .علل الشرائع:ص 239 ح 1، [1]عیون أخبار الرضا علیه السلام:ج 2 ص 238 ح 2 وفیه«أعلی الخنصر»بدل«الخنصر»فی الموضع الثانی،المناقب لابن شهر آشوب:ج 4 ص 369 [2] نحوه،بحار الأنوار:ج 49 ص 144 ح 21. [3]
2- (2) .الممتحنة:12. [4]
3- (3) .صحیح البخاری:ج 6 ص 2637 ح 6788،مسند ابن حنبل:ج 9 ص 493 ح 25253، [5]السنن الکبری:ج 8 ص 254 ح 16566؛ [6]مجمع البیان:ج 9 ص 414،بحار الأنوار:ج 21 ص 98. [7]

11453. سنن ابن ماجة عن عائشة: وَاللّهِ،ما مَسَّت یَدُ رَسولِ اللّهِ صلی الله علیه و آله یَدَ امرَأَةٍ قَطُّ،غَیرَ أنَّهُ یُبایِعُهُنَّ بِالکَلامِ...وَاللّهِ،ما أخَذَ رَسولُ اللّهِ صلی الله علیه و آله عَلَی النِّساءِ إلّاما أمَرَهُ اللّهُ،ولا مَسَّت کَفُّ رَسولِ اللّهِ صلی الله علیه و آله کَفَّ امرَأَةٍ قَطُّ،وکانَ یَقولُ لَهُنَّ إذا أخَذَ عَلَیهِنَّ:قَد بایَعتُکُنَّ کَلاماً. (1)

11454. صحیح مسلم عن عائشة -فی بَیانِ بَیعَةِ النِّساءِ-:ما مَسَّ رَسولُ اللّهِ صلی الله علیه و آله بِیَدِهِ امرَأَةً قَطُّ، إلّا أن یَأخُذَ عَلَیها،فَإِذا أخَذَ عَلَیها فَأَعطَتهُ قالَ:اِذهَبی فَقَد بایَعتُکِ. (2)

11455. السیرة النبویّة لابن هشام عن ابن إسحاق: کانَ رَسولُ اللّهِ صلی الله علیه و آله لا یُصافِحُ النِّساءَ،إنَّما کانَ یَأخُذُ عَلَیهِنَّ،فَإِذا أقرَرنَ قالَ:اِذهَبنَ فَقَد بایَعتُکُنَّ. (3)

11456. اُسد الغابة عن عقیلة بنت عبید: جِئتُ أنَا واُمّی قَریرَةُ بِنتُ الحارِثِ العُتوارِیَّةُ فی نِساءٍ مِنَ المُهاجِراتِ،فَبایَعنَ النَّبِیَّ صلی الله علیه و آله وهُوَ ضارِبٌ عَلَیهِ قُبَّتَهُ بِالأَبطَحِ،فَأَخَذَ عَلَینا أن لا نُشرِکَ بِاللّهِ شَیئاً الآیَةَ کُلَّها،فَلَمّا أقرَرنا وبَسَطنا أیدِیَنا لِنُبایِعَهُ،قالَ:إنّی لا أمَسُّ أیدِی النِّساءِ،فَاستَغفَرَ لَنا،فَکانَت تِلکَ بَیعَتُنا. (4)

11457. مسند ابن حنبل عن أسماء بنت یزید: إنَّ رَسولَ اللّهِ صلی الله علیه و آله جَمَعَ نِساءَ المُسلِمینَ لِلبَیعَةِ، فَقالَت لَهُ أسماءُ:ألا تَحسِرُ لَنا عَن یَدِکَ یا رَسولَ اللّهِ؟

فَقالَ لَها رَسولُ اللّهِ صلی الله علیه و آله:إنّی لَستُ اصافِحُ النِّساءَ،ولکِن آخُذُ عَلَیهِنَّ. (5)

ص:433


1- (1) .سنن ابن ماجة:ج 2 ص 960 ح 2875،صحیح البخاری:ج 5 ص 2025 ح 4983،صحیح مسلم:ج 3 ص 1489 ح 88 کلاهما نحوه.
2- (2) .صحیح مسلم:ج 3 ص 1489 ح 89،سنن أبی داود:ج 3 ص 133 ح 2941 [1] وفیه«ید»بدل«بیده»،مسند ابن حنبل:ج 9 ص 422 ح 24883 [2] وزاد فیه«ید»بعد«بیده».
3- (3) .السیرة النبویّة لابن هشام:ج 2 ص 109، [3]اُسد الغابة:ج 7 ص 269 الرقم 7319، [4]الإصابة:ج 8 ص 334 الرقم 11813 [5] ولیس فیه آخره«فقد بایعتکنّ».
4- (4) .اُسد الغابة:ج 7 ص 237 الرقم 7225. [6]
5- (5) .مسند ابن حنبل:ج 10 ص 436 ح 27643، [7]المعجم الکبیر:ج 24 ص 163 ح 417 و ص 182 ح 459،مسند إسحاق بن راهویه:ج 5 ص 183 ح 2309 وکلّها نحوه،کنز العمّال:ج 1 ص 105 ح 476.

11458. سنن النسائی عن امیمة بنت رقیقة: أتَیتُ النَّبِیَّ صلی الله علیه و آله فی نِسوَةٍ مِنَ الأَنصارِ نُبایِعُهُ، فَقُلنا:یا رَسولَ اللّهِ،نُبایِعُکَ عَلی ألّا نُشرِکَ بِاللّهِ شَیئاً،ولا نَسرِقَ،ولا نَزنِیَ،ولا نَأتِیَ بِبُهتانٍ نَفتَریهِ بَینَ أیدینا وأَرجُلِنا،ولا نَعصِیَکَ فی مَعروفٍ.

قالَ:فیمَا استَطَعتُنَّ وأَطَقتُنَّ.

قالَت:قُلنا:اللّهُ ورَسولُهُ أرحَمُ بِنا،هَلُمَّ نُبایِعُکَ یا رَسولَ اللّهِ.

فَقالَ رَسولُ اللّهِ صلی الله علیه و آله:إنّی لا اصافِحُ النِّساءَ،إنَّما قَولی لِمِئَةِ امرَأَةٍ کَقَولی لِامرَأَةٍ واحِدَةٍ-أو مِثل قَولی لِامرَأَةٍ واحِدَةٍ-. (1)

3/8 بَیعَةُ النِّساءِ بِغَمسِ أیدیهِنَّ فی إناءِ الماءِ

11459. الإمام علی علیه السلام: کانَ رَسولُ اللّهِ صلی الله علیه و آله لا یُصافِحُ النِّساءَ،فَکانَ إذا أرادَ أن یُبایِعَ النِّساءَ، أتی بِإِناءٍ فیهِ ماءٌ فَیَغمِسُ یَدَهُ ثُمَّ یُخرِجُها،ثُمَّ یَقولُ:اِغمِسنَ أیدِیَکُنَّ فیهِ،فَقَد بایَعتُکُنَّ. (2)

11460. الکافی عن المفضّل بن عمر: قُلتُ لِأَبی عَبدِ اللّهِ علیه السلام:کَیفَ ماسَحَ رَسولُ اللّهِ صلی الله علیه و آله النِّساءَ حینَ بایَعَهُنَّ؟قالَ:دَعا بِمِرکَنِهِ (3)الَّذی کانَ یَتَوَضَّأُ فیهِ،فَصَبَّ فیهِ ماءَ ثُمَّ غَمَسَ یَدَهُ الیُمنی،فَکُلَّما بایَعَ واحِدَةً مِنهُنَّ قالَ:اِغمِسی یَدَکِ،فَتَغمِسُ کَما غَمَسَ رَسولُ اللّهِ صلی الله علیه و آله.فَکانَ هذا مُماسَحَتَهُ إیّاهُنَّ. (4)

ص:434


1- (1) .سنن النسائی:ج 7 ص 149،مسند ابن حنبل:ج 10 ص 286 ح 27075، [1]المستدرک علی الصحیحین:ج 4 ص 80 ح 6946 کلاهما نحوه،کنز العمّال:ج 1 ص 106 ح 477.
2- (2) .الجعفریّات:ص 80، [2]النوادر للراوندی:ص 168 ح 263 [3] کلاهما عن الإمام الکاظم عن آبائه علیهم السلام،مستدرک الوسائل:ج 14 ص 277 ح 16709. [4]
3- (3) .المِرکن-بکسر المیم-:الإجانة (الصحاح:ج 5 ص 2126« [5]رکن»).
4- (4) .الکافی:ج 5 ص 526 ح 1، [6]بحار الأنوار:ج 67 ص 187 ح 9. [7]

11461. الکافی عن سعدان بن مسلم: قالَ أبو عَبدِ اللّهِ علیه السلام:أتَدری کَیفَ بایَعَ رَسولُ اللّهِ صلی الله علیه و آله النِّساءَ؟قُلتُ:اللّهُ أعلَمُ وَابنُ رَسولِهِ أعلَمُ.

قالَ:جَمَعَهُنَّ حَولَهُ ثُمَّ دَعا بِتَورِ بِرامٍ (1)،فَصَبَّ فیهِ نَضوحاً ثُمَّ غَمَسَ یَدَهُ فیهِ،ثُمَّ قالَ:اِسمَعنَ یا هؤُلاءِ ! ابایِعُکُنَّ عَلی ألّا تُشرِکنَ بِاللّهِ شَیئاً،ولا تَسرِقنَ،ولا تَزنینَ، ولا تَقتُلنَ أولادَکُنَّ،ولا تَأتینَ بِبُهتانٍ تَفتَرینَهُ بَینَ أیدیکُنَّ وأَرجُلِکُنَّ،ولا تَعصینَ بَعولَتَکُنَّ فی مَعروفٍ،أقرَرتُنَّ؟قُلنَ:نَعَم.

فَأَخرَجَ یَدَهُ مِنَ التَّورِ،ثُمَّ قالَ لَهُنَّ:اِغمِسنَ أیدِیَکُنَّ،فَفَعَلنَ،فَکانَت یَدُ رَسولِ اللّهِ صلی الله علیه و آله الطّاهِرَةُ أطیَبَ مِن أن یَمَسَّ بِها کَفَّ انثی لَیسَت لَهُ بِمَحرَمٍ. (2)

11462. الإمام الجواد علیه السلام: کانَت مُبایَعَةُ رَسولِ اللّهِ صلی الله علیه و آله النِّساءَ أن یَغمِسَ یَدَهُ فی إناءٍ فیهِ ماءٌ ثُمَّ یُخرِجَها،وتَغمِسَ النِّساءُ بِأَیدیهِنَّ فی ذلِکَ الإِناءِ؛بِالإِقرارِ وَالإِیمانِ بِاللّهِ وَالتَّصدیقِ بِرَسولِهِ عَلی ما أخَذَ عَلَیهِنَّ. (3)

11463. کتاب من لا یحضره الفقیه عن ربعی بن عبد اللّه: لَمّا بایَعَ رَسولُ اللّهِ صلی الله علیه و آله النِّساءَ وأَخَذَ عَلَیهِنَّ،دَعا بِإِناءٍ فَمَلَأَهُ،ثُمَّ غَمَسَ یَدَهُ فِی الإِناءِ ثُمَّ أخرَجَها،فَأَمَرَهُنَّ أن یُدخِلنَ أیدِیَهُنَّ فَیَغمِسنَ فیهِ. (4)

11464. الطبقات الکبری عن عمرو بن شعیب عن أبیه عن جدّه: لَمّا قَدِمَ رَسولُ اللّهِ صلی الله علیه و آله المَدینَةَ

ص:435


1- (1) .التَّور:من الأوانی.والبُرمَةُ:قِدرٌ مِن حجارة والجمع:بَرَمٌ وبِرامٌ (لسان العرب:ج 4 ص 96« [1]تور»وج 12 ص 45«برم»).
2- (2) .الکافی:ج 5 ص 526 ح 2، [2]بحار الأنوار:ج 21 ص 134 ح 24. [3]
3- (3) .تحف العقول:ص 457،مشکاة الأنوار:ص 355 ح 1152 [4] نحوه،بحار الأنوار:ج 21 ص 117 ح 14. [5]
4- (4) .کتاب من لایحضره الفقیه:ج 3 ص 469 ح 4634،مشکاة الأنوار:ص 355 ح 1153 [6] نحوه،وسائل الشیعة:ج 14 ص 152 ح 25449؛ [7]تاریخ الطبری:ج 3 ص 62 [8] عن أبان بن صالح نحوه.

لِلهِجرَةِ،کانَ نِساءٌ قَد أسلَمنَ فَدَخَلنَ عَلَیهِ فَقُلنَ:یا رَسولَ اللّهِ،إنَّ رِجالَنا قَد بایَعوکَ وإنّا نُحِبُّ أن نُبایِعَکَ.

قالَ:فَدَعا رَسولُ اللّهِ صلی الله علیه و آله بِقَدَحٍ مِن ماءٍ فَأَدخَلَ یَدَهُ فیهِ،ثُمَّ أعطاهُنَّ امرَأَةً امرَأَةً، فَکانَت هذِهِ بَیعَتَهُنَّ. (1)

4/8 بَیعَةُ النِّساءِ مِن وَراءِ الثَّوبِ

11465. رسول اللّه صلی الله علیه و آله -فی حَدیثٍ طَویلٍ یَذکُرُ فیهِ أحکامَ النِّساءِ-:...ولا یَجوزُ لِلمَرأَةِ أن تُصافِحَ غَیرَ ذی مَحرَمٍ إلّامِن وَراءِ ثَوبِها،ولا تُبایِعَ إلّامِن وَراءِ ثَوبِها. (2)

11466. مشکاة الأنوار عن سعیدة وأیمنة اختی محمّد بن أبی عمیر: دَخَلنا عَلی أبی عَبدِ اللّهِ علیه السلام،فَقُلنا:تَعودُ المَرأَةُ أخاها فِی اللّهِ؟قالَ:نَعَم.قُلنا:فَتُصافِحُهُ؟قالَ:

نَعَم مِن وَراءِ ثَوبٍ؛کانَ رَسولُ اللّهِ صلی الله علیه و آله لَبِسَ الصّوفَ یَومَ بایَعَ النِّساءَ،فَکانَت یَدُهُ فی کُمِّهِ،وهُنَّ یَمسَحنَ أیدِیَهُنَّ عَلَیهِ. (3)

11467. الطبقات الکبری عن عامر الشعبی: بایَعَ النَّبِیُّ صلی الله علیه و آله النِّساءَ وعَلی یَدِهِ ثَوبٌ. (4)

ص:436


1- (1) .الطبقات الکبری:ج 8 ص 11، [1]وراجع:تاریخ أصبهان:ج 2 ص 346 الرقم 630. [2]
2- (2) .الخصال:ص 588 ح 12 عن جابر بن یزید الجعفی عن الإمام الباقر علیه السلام،بحار الأنوار:ج 103 ص 256 ح 1. [3]
3- (3) .مشکاة الأنوار:ص 355 ح 1151، [4]مستدرک الوسائل:ج 14 ص 278 ح 16711. [5]
4- (4) .الطبقات الکبری:ج 8 ص 5، [6]تفسیر ابن کثیر:ج 8 ص 126 [7] بزیادة«قد وضعه علی کفّه»فی آخره،تفسیر القرطبی:ج 18 ص 71 [8] نحوه،المصنّف لعبد الرزّاق:ج 6 ص 9 ح 9832 عن إبراهیم وفیه«یصافح»بدل«بایع»؛مجمع البیان:ج 9 ص 415 نحوه،بحار الأنوار:ج 67 ص 184. [9]

الفصل التاسع:أحکام البیعة

1/9 وُجوبُ بَیعَةِ الإِمامِ العادِلِ عَلَی المُکَلَّفینَ

الکتاب

«إِنَّ الَّذِینَ یُبایِعُونَکَ إِنَّما یُبایِعُونَ اللّهَ یَدُ اللّهِ فَوْقَ أَیْدِیهِمْ فَمَنْ نَکَثَ فَإِنَّما یَنْکُثُ عَلی نَفْسِهِ وَ مَنْ أَوْفی بِما عاهَدَ عَلَیْهُ اللّهَ فَسَیُؤْتِیهِ أَجْراً عَظِیماً* سَیَقُولُ لَکَ الْمُخَلَّفُونَ مِنَ الْأَعْرابِ شَغَلَتْنا أَمْوالُنا وَ أَهْلُونا فَاسْتَغْفِرْ لَنا یَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ ما لَیْسَ فِی قُلُوبِهِمْ قُلْ فَمَنْ یَمْلِکُ لَکُمْ مِنَ اللّهِ شَیْئاً إِنْ أَرادَ بِکُمْ ضَرًّا أَوْ أَرادَ بِکُمْ نَفْعاً بَلْ کانَ اللّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِیراً» . (1)

«وَ أَوْفُوا بِعَهْدِ اللّهِ إِذا عاهَدْتُمْ وَ لا تَنْقُضُوا الْأَیْمانَ بَعْدَ تَوْکِیدِها وَ قَدْ جَعَلْتُمُ اللّهَ عَلَیْکُمْ کَفِیلاً إِنَّ اللّهَ یَعْلَمُ ما تَفْعَلُونَ* وَ لا تَکُونُوا کَالَّتِی نَقَضَتْ غَزْلَها مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْکاثاً تَتَّخِذُونَ أَیْمانَکُمْ دَخَلاً بَیْنَکُمْ أَنْ تَکُونَ أُمَّةٌ هِیَ أَرْبی مِنْ أُمَّةٍ إِنَّما یَبْلُوکُمُ اللّهُ بِهِ وَ لَیُبَیِّنَنَّ لَکُمْ یَوْمَ الْقِیامَةِ ما کُنْتُمْ فِیهِ تَخْتَلِفُونَ* وَ لَوْ شاءَ اللّهُ لَجَعَلَکُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَ لکِنْ یُضِلُّ مَنْ یَشاءُ وَ یَهْدِی مَنْ یَشاءُ وَ لَتُسْئَلُنَّ عَمّا کُنْتُمْ تَعْمَلُونَ* وَ لا تَتَّخِذُوا أَیْمانَکُمْ دَخَلاً بَیْنَکُمْ فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِها وَ تَذُوقُوا السُّوءَ بِما صَدَدْتُمْ عَنْ سَبِیلِ اللّهِ وَ لَکُمْ عَذابٌ عَظِیمٌ* وَ لا تَشْتَرُوا بِعَهْدِ اللّهِ ثَمَناً قَلِیلاً إِنَّما

ص:437


1- (1) .الفتح:10-11. [1]

عِنْدَ اللّهِ هُوَ خَیْرٌ لَکُمْ إِنْ کُنْتُمْ تَعْلَمُونَ» . (1)

«یا أَیُّهَا النَّبِیُّ إِذا جاءَکَ الْمُؤْمِناتُ یُبایِعْنَکَ عَلی أَنْ لا یُشْرِکْنَ بِاللّهِ شَیْئاً وَ لا یَسْرِقْنَ وَ لا یَزْنِینَ وَ لا یَقْتُلْنَ أَوْلادَهُنَّ وَ لا یَأْتِینَ بِبُهْتانٍ یَفْتَرِینَهُ بَیْنَ أَیْدِیهِنَّ وَ أَرْجُلِهِنَّ وَ لا یَعْصِینَکَ فِی مَعْرُوفٍ فَبایِعْهُنَّ وَ اسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللّهَ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَحِیمٌ» . (2)

«إِنَّ اللّهَ اشْتَری مِنَ الْمُؤْمِنِینَ أَنْفُسَهُمْ وَ أَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ یُقاتِلُونَ فِی سَبِیلِ اللّهِ فَیَقْتُلُونَ وَ یُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَیْهِ حَقًّا فِی التَّوْراةِ وَ الْإِنْجِیلِ وَ الْقُرْآنِ وَ مَنْ أَوْفی بِعَهْدِهِ مِنَ اللّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَیْعِکُمُ الَّذِی بایَعْتُمْ بِهِ وَ ذلِکَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِیمُ» . (3)

الحدیث

11468. الفتوح: قالَتِ الأَنصارُ [ لِلنّاسِ]:إنَّکُم قَد عَرَفتُم فَضلَ عَلِیِّ بنِ أبی طالِبٍ وسابِقَتَهُ وقَرابَتَهُ ومَنزِلَتَهُ مِنَ النَّبِیِّ صلی الله علیه و آله،مَعَ عِلمِهِ بِحَلالِکُم وحَرامِکُم وحاجَتِکُم إلَیهِ مِن بَینِ الصَّحابَةِ،ولَن یَألُوَکُم نُصحاً،ولَو عَلِمنا مَکانَ أحَدٍ هُوَ أفضَلُ مِنهُ وأَجمَلُ لِهذَا الأَمرِ وأَولی بِهِ مِنهُ لَدَعَوناکُم إلَیهِ.

فَقالَ النّاسُ کُلُّهُم بِکَلِمَةٍ واحِدَةٍ:رَضینا بِهِ طائِعینَ غَیرَ کارِهینَ.

فَقالَ لَهُم عَلِیٌّ علیه السلام:أخبِرونی عَن قَولِکُم هذا:«رَضینا بِهِ طائِعینَ غَیرَ کارِهینَ».

أحَقٌّ واجِبٌ هذا مِنَ اللّهِ عَلَیکُم،أم رَأیٌ رَأَیتُموهُ مِن عِندِ أنفُسِکُم؟

قالوا:بَل هُوَ واجِبٌ أوجَبَهُ اللّهُ عز و جل لَکَ عَلَینا. (4)

11469. الاحتجاج عن الأصبغ بن نباتة: کُنتُ جالِساً عِندَ أمیرِ المُؤمِنینَ علیه السلام فَجاءَهُ ابنُ الکَوّا فَقالَ:یا أمیرَ المُؤمِنینَ،مَنِ البُیوتُ فی قَولِ اللّهِ عز و جل: «وَ لَیْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُیُوتَ مِنْ

ص:438


1- (1) .النحل:91-95. [1]
2- (2) .الممتحنة:12. [2]
3- (3) .التوبة:111. [3]
4- (4) .الفتوح:ج 2 ص 435. [4]

ظُهُورِها وَ لکِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقی وَ أْتُوا الْبُیُوتَ مِنْ أَبْوابِها» (1)؟

قالَ عَلِیٌّ علیه السلام:نَحنُ البُیوتُ الَّتی أمَرَ اللّهُ بِها أن تُؤتی مِن أبوابِها،نَحنُ بابُ اللّهِ وبُیوتُهُ الَّتی یُؤتی مِنهُ،فَمَن بایَعَنا وأَقَرَّ بِوِلایَتِنا فَقَد أتَی البُیوتَ مِن أبوابِها،ومَن خالَفَنا وفَضَّلَ عَلَینا غَیرَنا فَقَد أتَی البُیوتَ مِن ظُهورِها. (2)

11470. بحار الأنوار -مِمّا وَرَدَ فِی استِحبابِ زِیارَةِ المُصافَقَةِ لِلأَئِمَّةِ علیهم السلام-:ثُمَّ تَضَعُ یَدَکَ الیُمنی عَلَی القَبرِ وتَقولُ:هذِهِ یَدَیَّ مُصافَقَةً لَکَ عَلَی البَیعَةِ الواجِبَةِ عَلَینا،فَاقبَل ذلِکَ مِنّی یا إمامی. (3)

2/9 إجبارُ الإِمامِ عَلی قَبولِ بَیعَةِ النّاسِ

11471. مقاتل الطالبیین عن یحیی بن الحسن العلوی: إنَّ المَأمونَ وَجَّهَ إلی جَماعَةٍ مِن آلَ أبی طالِبٍ،فَحَمَلَهُم إلَیهِ مِنَ المَدینَةِ،وفیهِم عَلِیُّ بنُ موسَی الرِّضا،فَأَخَذَ بِهِم عَلی طَریقِ البَصرَةِ حَتّی جاؤوهُ بِهِم،وکانَ المُتَوَلّی لِإِشخاصِهِمُ المَعروفَ بِالجَلُودِیِّ مِن أهلِ خُراسانَ،فَقَدِمَ بِهِم عَلَی المَأمونِ،فَأَنزَلَهُم داراً وأَنزَلَ عَلِیَّ بنَ موسَی الرِّضا داراً،ووَجَّهَ إلَی الفَضلِ بنِ سَهلٍ فَأَعلَمَهُ أنَّهُ یُریدُ العَقدَ لَهُ،وأَمَرَهُ بِالاِجتِماعِ مَعَ أخیهِ الحَسَنِ بنِ سَهلٍ عَلی ذلِکَ،فَفَعَلَ وَاجتَمَعا بِحَضرَتِهِ.

فَجَعَلَ الحَسَنُ یُعظِمُ ذلِکَ عَلَیهِ ویُعَرِّفُهُ ما فی إخراجُ الأَمرَ مِن أهلِهِ عَلَیهِ،فَقالَ

ص:439


1- (1) .البقرة:189. [1]
2- (2) .الاحتجاج:ج 1 ص 540 ح 129، [2]شرح الأخبار:ج 2 ص 343 ح 687 نحوه،بحار الأنوار:ج 23 ص 328 ح 9. [3]
3- (3) .بحار الأنوار:ج 102 ص 198 [4] الزیارة الحادیة عشرة نقلاً عن نسخة قدیمة فی تألیف أصحابنا،مستدرک الوسائل:ج 10 ص 223 ح 11901 [5] نقلاً عن المزار القدیم.

لَهُ:إنّی عاهَدتُ اللّهَ أن اخرِجَها إلی أفضَلِ آلِ أبی طالِبٍ إن ظَفِرتُ بِالمَخلوعَ،وما أعلَمُ أحَداً أفضَلُ مِن هذَا الرَّجُلِ،فَاجتَمَعا مَعَهُ عَلی ما أرادَ.

فَأَرسَلَهُما إلی عَلِیِّ بنِ موسی علیه السلام،فَعَرَضا ذلِکَ عَلَیهُ فَأَبی،فَلَم یَزالا بِهِ وهُوَ یَأبی ذلِکَ ویَمتَنِعُ مِنهُ،إلی أن قالَ لَهُ أحَدُهُما:إن فَعَلتَ وإلّا فَعَلنا بِکَ وصَنَعنا،وتَهَدَّدَهُ، ثُمَّ قالَ لَهُ أحَدُهُما:وَاللّهِ،أمَرَنی بِضَربِ عُنُقِکَ إذا خالَفتَ ما یُریدُ.

ثُمَّ دَعا بِهِ المَأمونُ فَخاطَبَهُ فی ذلِکَ فَامتَنَعَ،فَقالَ لَهُ قَولاً شَبیهاً بِالتَّهَدُّدِ،ثُمَّ قالَ لَهُ:إنَّ عُمَرَ جَعَلَ الشُّوری فی سِتَّةٍ أحَدُهُم جَدُّکَ وقالَ:مَن خالَفَ فَاضرِبوا عُنُقَهُ، ولا بُدَّ مِن قَبولِ ذلِکَ.فَأَجابَهُ عَلِیُّ بنُ موسی إلی مَا التَمَسَ. (1)

11472. الأمالی للصدوق عن یاسر: لَمّا وُلِّیَ الرِّضا علیه السلام العَهدَ،سَمِعتُهُ وقَد رَفَعَ یَدَیهِ إلَی السَّماءِ وقالَ:

اللّهُمَّ إنَّکَ تَعلَمُ أنّی مُکرَهٌ مُضطَرٌّ،فَلا تُؤاخِذنی کَما لَم تُؤاخِذ عَبدَکَ ونَبِیَّکَ یوسُفَ حِینَ دُفِعَ إلی وِلایَةِ مِصر. (2)

11473. عیون أخبار الرضا علیه السلام عن محمّد بن عرفة: قُلتُ لِلرِّضا علیه السلام:یَابنَ رَسولِ اللّهِ،ما حَمَلَکَ عَلَی الدُّخولِ فی وِلایَةِ العَهدِ؟فَقالَ:ما حَمَلَ جَدّی أمیرَ المُؤمِنینَ علیه السلام عَلَی الدُّخولِ فِی الشُّوری. (3)

11474. عیون أخبار الرضا علیه السلام عن الریّان بن الصلت: دَخَلتُ عَلی عَلِیِّ بنِ موسَی الرِّضا علیه السلام،

ص:440


1- (1) .مقاتل الطالبیین:ص 454، [1]الإرشاد:ج 2 ص 259، [2]روضة الواعظین:ص 247، [3]الدرّ النظیم:ص 679 وکلّها نحوه،بحار الأنوار:ج 49 ص 145 ح 23. [4]
2- (2) .الأمالی للصدوق:ص 757 ح 1022، [5]المناقب لابن شهرآشوب:ج 4 ص 364 [6] نحوه،روضة الواعظین:ص 252، [7]بحار الأنوار:ج 49 ص 130 ح 5. [8]
3- (3) .عیون أخبار الرضا علیه السلام:ج 2 ص 141 ح 4، [9]المناقب لابن شهرآشوب:ج 4 ص 364، [10]بحار الأنوار:ج 49 ص 140 ح 14. [11]

فَقُلتُ لَهُ:یَابنَ رَسولِ اللّهِ،النّاسُ یَقولونَ:إنَّکَ قَبِلتَ وِلایَةَ العَهدِ مَعَ إظهارِکَ الزُّهدَ فِی الدُّنیا !

فَقالَ علیه السلام:قَد عَلِمَ اللّهُ کَراهَتی لِذلِکَ،فَلَمّا خُیِّرتُ بَینَ قَبولِ ذلِکَ وبَینَ القَتلِ، اختَرتُ القَبولَ عَلَی القَتلِ.وَیحَهُم أما عَلِموا أنَّ یوسُفَ علیه السلام کانَ نَبِیّاً ورَسولاً،فَلَمّا دَفَعَتهُ الضَّرورَةُ إلی تَوَلّی خَزائِنِ العَزیزِ قالَ: «اِجْعَلْنِی عَلی خَزائِنِ الْأَرْضِ إِنِّی حَفِیظٌ عَلِیمٌ» (1)! ودَفَعَتنِی الضَّرورَةُ إلی قَبولِ ذلِکَ عَلی إکراهٍ وإجبارٍ بَعدَ الإِشرافِ عَلَی الهَلاکِ،عَلی أنّی ما دَخَلتُ فی هذا الأَمرِ إلّادُخولَ خارِجٍ مِنهُ،فَإِلَی اللّهِ المُشتَکی وهُوَ المُستَعَانُ. (2)

11475. الأمالی للصدوق عن أبی الصلت الهَرَویّ: إنَّ المَأمونَ قالَ لِلرِّضا علیه السلام:یَابنَ رَسولِ اللّهِ،قَد عَرَفتُ فَضلَکَ وعِلمَکَ وزُهدَکَ ووَرَعَکَ وعِبادَتَکَ،وأَراکَ أحَقَّ بِالخِلافَةِ مِنّی.

فَقالَ الرِّضا علیه السلام:بِالعُبودِیَّةِ للّهِ ِ عز و جل أفتَخِرُ،وبِالزُّهدِ فِی الدُّنیا أرجُو النَّجاةَ مِن شَرِّ الدُّنیا،وبِالوَرَعِ عَنِ المَحارِمِ أرجُو الفَوزَ بِالمَغانِمِ،وبِالتَّواضُعِ فِی الدُّنیا أرجُو الرِّفعَةَ عِندَ اللّهِ عز و جل.

فَقالَ لَهُ المَأمونُ:إنّی قَد رَأَیتُ أن أعزِلَ نَفسی عَنِ الخِلافَةِ وأَجعَلَها لَکَ واُبایِعَکَ.

فَقالَ لَهُ الرِّضا علیه السلام:إن کانَت هذِهِ الخِلافَةُ لَکَ وجَعَلَها اللّهُ لَکَ،فَلا یَجوزُ أن تَخلَعَ

ص:441


1- (1) .یوسف:55. [1]
2- (2) .عیون أخبار الرضا علیه السلام:ج 2 ص 139 ح 2 [2] وص 138 ح 1،علل الشرائع:ص 238 ح 2 [3] کلاهما عن الحسن بن موسی نحوه وص 239 ح 3،الأمالی للصدوق:ص 130 ح 118،روضة الواعظین:ص 247، [4]بحار الأنوار:ج 49 ص 130 ح 4 [5] وراجع:تفسیر العیّاشی:ج 2 ص 180 ح 38 [6] والخرائج والجرائح:ج 2 ص 766 ح 86.

لِباساً ألبَسَکَهُ اللّهُ وتَجعَلَهُ لِغَیرِکَ،وإن کانَتِ الخِلافَةُ لَیسَت لَکَ،فَلا یَجوزُ لَکَ أن تَجعَلَ لِیَ ما لَیسَ لَکَ !

فَقالَ لَهُ المَأمونُ:یَابنَ رَسولِ اللّهِ،لا بُدَّ لَکَ مِن قَبولِ هذا الأَمرِ.

فَقالَ:لَستُ أفعَلُ ذلِکَ طائِعاً أبَداً.

فَما زالَ یَجهَدُ بِهِ أیّاماً حَتّی یَئِسَ مِن قَبولِهِ،فَقالَ لَهُ:فَإِن لَم تَقبَلِ الخِلافَةَ ولَم تُحِب مُبَایَعَتی لَکَ،فَکُن وَلِیَّ عَهدی لِتَکونَ لَکَ الخِلافَةُ بَعدی.

فَقالَ الرِّضا علیه السلام:وَاللّهِ،لَقَد حَدَّثَنی أبی عَن آبائِهِ،عَن أمیرِ المُؤمِنینَ،عَن رَسولِ اللّهِ صلی الله علیه و آله:أنّی أخرُجُ مِنَ الدُّنیا قَبلَکَ مَقتولاً بِالسَّمِّ مَظلوماً،تَبکی عَلَیَّ مَلائِکَةُ السَّماءِ ومَلائِکَةُ الأَرضِ،واُدفَنُ فی أرضِ غُربَةٍ إلی جَنبِ هارونَ الرَّشیدِ.

فَبَکَی المَأمونُ،ثُمَّ قالَ لَهُ:یَابنَ رَسولِ اللّهِ،ومَنِ الَّذی یَقتُلُکَ،أو یَقدِرُ عَلَی الإِساءَةِ إلَیکَ وأَنَا حَیٌّ؟

فَقالَ الرِّضا علیه السلام:أما إنّی لَو أشاءُ أن أقولَ مَنِ الَّذی یَقتُلُنی لَقُلتُ.

فَقالَ المَأمونُ:یَابنَ رَسولِ اللّهِ،إنَّما تُریدُ بِقَولِکَ هذَا التَّخفیفَ عَن نَفسِکَ،ودَفعَ هذا الأَمرِ عَنکَ،لِیَقولَ النّاسُ:إنَّکَ زاهِدٌ فِی الدُّنیا.

فَقالَ الرِّضا علیه السلام:وَاللّهِ،ما کَذَبتُ مُنذُ خَلَقَنی رَبّی عز و جل،وما زَهِدتُ فِی الدُّنیا لِلدُّنیا، وإنّی لَأَعلَمُ ما تُریدُ.

فَقالَ المَأمونُ:وما اریدُ؟

قالَ:لی الأَمانَ عَلَی الصِّدقِ؟قالَ:لَکَ الأَمانُ.

ص:442

قالَ:تُریدُ بِذلِکَ أن یَقولَ النّاسُ:إنَّ عَلِیَّ بنَ موسی لَم یَزهَد فِی الدُّنیا،بَل زَهِدَتِ الدُّنیا فیهِ،ألا تَرَونَ کَیفَ قَبِلَ وِلایَةَ العَهدِ طَمَعاً فِی الخِلافَةِ؟

فَغَضِبَ المَأمونُ،ثُمَّ قالَ:إنَّکَ تَتَلَقّانی أبَداً بِما أکرَهُهُ،وقَد أمِنتَ سَطَواتی، فَبِاللّهِ اقسِمُ ! لَئِن قَبِلتَ وِلایَةَ العَهدِ وإلّا أجبَرتُکَ عَلی ذلِکَ،فَإِن فَعَلتَ وإلّا ضَرَبتُ عُنُقَکَ.

فَقالَ الرِّضا علیه السلام:قَد نَهانِیَ اللّهُ عز و جل أن القِیَ بِیَدی إلَی التَّهلُکَةِ،فَإِن کانَ الأَمرُ عَلی هذا فَافعَل ما بَدا لَکَ،وأَنَا أقبَلُ ذلِکَ،عَلی أنّی لا اوَلّی أحَداً،ولا أعزِلُ أحَداً،ولا أنقُضُ رَسماً ولا سُنَّةً،وأَکونُ فِی الأَمرِ مِن بَعیدٍ مُشیراً.

فَرَضِیَ مِنهُ بِذلِکَ،وجَعَلَهُ وَلِیَّ عَهدِهِ عَلی کَراهَةٍ مِنهُ علیه السلام لِذلِکَ. (1)

3/9 بَیعَةُ مَن لَم یَبلُغُ الحُلُمَ

11476. الإمام الصادق عن أبیه علیهما السلام: إنَّ النَّبِیَّ صلی الله علیه و آله بایَعَ الحَسَنَ وَالحُسَینَ علیهما السلام،وعَبدَ اللّهِ بنَ عَبّاسٍ،و عَبدَ اللّهِ بنَ جَعفَرٍ وهُم صِغارٌ لَم یَبلُغوا.

قالَ:ولَم یُبایِع صَغیراً إلّامِنّا. (2)

ص:443


1- (1) .الأمالی للصدوق:ص 125 ح 115،عیون أخبار الرضا علیه السلام:ج 2 ص 139 ح 3،علل الشرائع:ص 237 ح 1،المناقب لابن شهرآشوب:ج 4 ص 362 نحوه،روضة الواعظین:ص 246، [1]بحار الأنوار:ج 49 ص 128 ح 3. [2]
2- (2) .المعجم الکبیر:ج 3 ص 115 ح 2843،تاریخ دمشق:ج 14 ص 180 کلاهما عن عبد العزیز الدراوردی؛ینابیع المودّة:ج 3 ص 150 [3] نحوه وراجع:الإرشاد:ج 2 ص 287 [4] وتحف العقول:ص 452 والاحتجاج:ج 2 ص 446 [5] والاختصاص:ص 100.

4/9 بَیعَةُ غَیرِ الإِمامِ العادِلِ

11477. الإمام الحسین علیه السلام -لَمّا قالَ عَبدُ اللّهِ بنُ الزُّبَیرِ:ما تَری أن تَصنَعَ إن دُعیتَ إلی بَیعَةِ یَزیدَ؟-:أنّی ابایِعُ لِیَزیدَ ! ویَزیدُ رَجُلٌ فاسِقٌ،مُعلِنُ الفِسقِ،یَشرَبُ الخَمرَ،ویَلعَبُ بِالکِلابِ وَالفُهودِ،ویُبغِضُ بَقِیَّةَ آلِ الرَّسولِ ! لا وَاللّهِ لا یَکونُ ذلِکَ أبَداً. (1)

11478. الإمام الحسین علیه السلام -لِوالِی المَدینَةِ-:أیُّهَا الأَمیرُ ! إنّا أهلُ بَیتِ النُّبُوَّةِ ومَعدِنُ الرِّسالَةِ ومُختَلَفُ المَلائِکَةِ،وبِنا فَتَحَ اللّهُ وبِنا خَتَمَ اللّهُ،ویَزیدُ رَجُلٌ فاسِقٌ،شارِبُ الخَمرِ، قاتِلُ النَّفسِ المُحَرَّمَةِ،مُعلِنٌ بِالفِسقِ،لَیسَ لَهُ هذِهِ المَنزِلَةُ،ومِثلی لا یُبایِعُ مِثلَهُ، ولکِن نُصبِحُ وتُصبِحونُ،ونَنظُرُ وتَنظُرونَ،أیُّنا أحَقُّ بِالخِلافَةِ وَالبَیعَةِ. (2)

5/9 قَبولُ بَیعَةِ النّاسِ

11479. الإمام علیّ علیه السلام -فی خُطبَةٍ لَهُ-:أما وَالَّذی فَلَقَ الحَبَّةَ،وبَرَأَ النَّسَمَةَ،لَولا حُضورُ الحاضِرِ،وقِیامُ الحُجَّةِ بِوُجودِ النّاصِرِ،وما أخَذَ اللّهُ عَلَی العُلَماءِ ألّا یُقارّوا (3)عَلی کِظَّةِ (4)ظالِمٍ،ولا سَغَبِ (5)مَظلومٍ،لَأَلقَیتُ حَبلَها عَلی غارِبِها،ولَسَقَیتُ آخِرَها بِکَأسِ

ص:444


1- (1) .الفتوح:ج 5 ص 12، [1]مقتل الحسین للخوارزمی:ج 1 ص 182 [2] وفیه«ونحن»بدل«ویبغض».
2- (2) .اللهوف:ص 98، [3]مثیر الأحزان:ص 24 نحوه،بحار الأنوار:ج 44 ص 325؛ [4]الفتوح:ج 5 ص 14. [5]
3- (3) .قارَّه مُقارَّةً:أی قرَّ معه وسکن،وهو تفاعل من القرار (لسان العرب:ج 5 ص 85« [6]قرر»).
4- (4) .الکِظَّةُ:البِطنَةُ،کظّه الطعامُ والشرابُ یکُظُّه کظّاً؛إذا ملأه حتّی لا یطیق النفَس (لسان العرب:ج 7ص 457« [7]کظظ»). والمراد استئثار الظالم بالحقوق.
5- (5) .سَغِب الرجل یَسغَب وسَغَبَ یَسغُبُ:جاع (لسان العرب:ج 1 ص 468« [8]سغب»).

أوَّلِها،ولَأَلفَیتُم دُنیاکُم هذِهِ أزهَدَ عِندی مِن عَفطَةِ عَنزٍ. (1)

6/9 وَضعُ الشَّرطِ مِن قِبَلِ الإِمامِ أو مِن قِبَلِ النّاسِ

11480. رسول اللّه صلی الله علیه و آله: بایِعونی عَلی ألّا تُشرِکوا بِاللّهِ شَیئاً،ولا تَسرِقوا ولا تَزنوا...فَمَن وَفی مِنکُم فَأَجرُهُ عَلَی اللّهِ،ومَن أصابَ مِن ذلِکَ شَیئاً فَعوقِبَ فِی الدُّنیا فَهُوَ کَفّارَةٌ لَهُ،و مَن أصابَ مِن ذلِکَ شَیئاً ثُمَّ سَتَرَهُ اللّهُ فَهُوَ إلَی اللّهِ إن شاءَ عَفا عَنهُ وإن شاءَ عاقَبَهُ. (2)

11481. الإصابة عن سهل بن سعد: بایَعتُ النَّبِیَّ صلی الله علیه و آله أنَا وأبو ذَرٍّ وعُبادَةُ بنُ الصّامِتِ ومُحَمَّدُ بنُ مَسلَمَةَ وأبو سَعیدٍ الخُدرِیُّ وسادِسٌ،عَلی ألّا تَأخُذَنا فِی اللّهِ لَومَةُ لائِمٍ.فَاستَقالَ السّادِسُ فَأَقالَهُ. (3)

11482. عدّة الداعی: قالَ النَّبِیُّ صلی الله علیه و آله یَوماً لِأَصحابِهِ:ألا تُبایِعُونّی؟فَقالوا:قَد بایَعناکَ یا رَسولَ اللّهِ صلی الله علیه و آله،قالَ:تُبایِعُونّی عَلی أن لا تَسأَلُوا النّاسَ شَیئاً.

فَکانَ بَعدَ ذلِکَ تَقَعُ المِخصَرَةُ (4)مِن یَدِ أحَدهِمِ فَیَنزِلُ لَها ولا یَقولُ لِأَحَدٍ:

ناوِلنیها. (5)

ص:445


1- (1) .نهج البلاغة:الخطبة 3، [1]علل الشرائع:ص 151 ح 12، [2]معانی الأخبار:ص 362 ح 1،الإرشاد:ج 1 ص 289 [3] والثلاثة الأخیرة عن ابن عبّاس،بحار الأنوار:ج 29 ص 499 ح 1. [4]
2- (2) .صحیح البخاری:ج 1 ص 15 ح 18،سنن الدارمی:ج 2 ص 668 ح 2362، [5]السنن الکبری:ج 8 ص 34 ح 15842 [6] کلّها عن عبادة بن الصامت،کنز العمّال:ج 1 ص 101 ح 453.
3- (3) .الإصابة:ج 3 ص 66 الرقم 3204، [7]تاریخ دمشق:ج 20 ص 384 الرقم 2427،تهذیب الکمال:ج 10 ص 299 الرقم 2224 ولیس فیه«ومحمّد بن مسلمة»،کنز العمّال:ج 1 ص 324 ح 1516.
4- (4) .المخصَرةُ کالسوط،وکلّ ما اختصر الإنسان بیده فأمسکه من عصا ونحوها (الصحاح:ج 2 ص 646« [8]خصر»).
5- (5) .عدّة الداعی:ص 89، [9]بحار الأنوار:ج 96 ص 158 ح 37. [10]

11483. تاریخ الیعقوبی: بایَعَ النّاسُ إلّاثَلاثَةَ نَفَرٍ مِن قُرَیشٍ:مَروانَ بنَ الحَکَمِ،وسَعیدَ بنَ العاصِ،وَالوَلیدَ بن عُقبَةَ،وکانَ لِسانَ القَومِ فَقالَ:یا هذا،إنَّکَ قَد وَتَرتَنا (1)جَمیعاً، أمّا أنَا فَقَتَلتَ أبی صَبراً (2)یَومَ بَدرٍ،وأمّا سَعیدٌ فَقَتَلتَ أباهُ یَومَ بَدرٍ-وکانَ أبوهُ مِن نورِ قُرَیشٍ-وأمّا مَروانُ فَشَتَمتَ أباهُ وعِبتَ عَلی عُثمانَ حینَ ضَمَّهُ إلَیهِ...فَتَبایَعنا عَلی أن تَضَعَ عَنّا ما أصَبنا،وتُعفِیَ لَنا عَمّا فی أیدینا،وتَقتُلَ قَتَلَةَ صاحِبِنا.

فَغَضِبَ عَلِیٌّ علیه السلام وقالَ:أمّا ما ذَکَرتَ مِن وَتری إیّاکُم،فَالحَقُّ وَتَرَکُم.وأمّا وَضعی عَنکُم ما أصَبتُم،فَلَیسَ لی أن أضَعَ حَقَّ اللّهِ تَعالی.وأمّا إعفائی عَمّا فی أیدیکُم، فَما کانَ للّهِ ِ ولِلمُسلِمینَ فَالعَدلُ یَسَعُکُم.وأمّا قَتلی قَتلَةَ عُثمانَ،فَلَو لَزِمَنی قَتلُهُم الیَومَ لَزِمَنی قِتالُهُم غَداً،ولکِن لَکُم أن أحمِلَکُم عَلی کِتابِ اللّهِ وسُنَّةِ نَبِیِّهِ،فَمَن ضاقَ عَلَیهِ الحَقُّ فَالباطِلُ عَلَیهِ أضیَقُ،وإن شِئتُم فَالحَقوا بِمَلاحِقِکُم.

فَقالَ مَروانُ:بَل نُبایِعُکَ،ونُقیمُ مَعَکَ،فَتَری ونَری. (3)

11484. الإمام الصادق علیه السلام: أتی رَجُلٌ رَسولَ اللّهِ صلی الله علیه و آله فَقالَ:یا رَسولَ اللّهِ،إنّی جِئتُکَ ابایِعُکَ عَلَی الإِسلامِ.

فَقالَ لَهُ رَسولُ اللّهِ صلی الله علیه و آله:اُبایِعُکَ عَلی أن تَقتُلَ أباکَ،فَقَبَضَ الرَّجُلُ یَدَهُ فَانصَرَفَ، ثُمَّ عادَ،فَقالَ:یا رَسولَ اللّهِ،إنّی جِئتُ عَلی أن ابایِعَکَ عَلَی الإِسلامِ.

فَقالَ لَهُ:عَلی أن تَقتُلَ أباکَ،قالَ:نَعَم،فَقالَ لَهُ رَسولُ اللّهِ صلی الله علیه و آله:إنّا وَاللّهِ لا نَأمُرُکُم بِقَتلِ آبائِکُم،ولکِنِ الآنَ عَلِمتُ مِنکَ حَقیقَةَ الإِیمانِ وأَنَّکَ لَن تَتَّخِذَ مِن دونِ اللّهِ

ص:446


1- (1) .وَتَرَتُ الرَّجُلَ:إذا قتلت له قتیلاً ( لسان العرب:ج 5 ص 274« [1]وتر»).
2- (2) .قَتَلَهُ صَبراً:کُلُّ ذی روحٍ یوثَقُ حتّی یُقتَل (المصباح المنیر:ص 331« [2]صبر»).
3- (3) .تاریخ الیعقوبی:ج 2 ص 178، [3]بحار الأنوار:ج 32 ص 19 ح 7؛ [4]الفتوح:ج 2 ص 442،شرح نهج البلاغة:ج 7 ص 38 کلاهما نحوه.

وَلیجِةً (1)،أطیعوا آباءَکُم فیما أمَروکُم،ولا تُطیعوهُم فی مَعاصِی اللّهِ. (2)

11485. المستدرک علی الصحیحین عن أبی الیسر کعب بن عمرو: أتَیتُ النَّبِیَّ صلی الله علیه و آله وهُوَ یُبایِعُ النّاسَ،فَقُلتُ:یا رَسولَ اللّهِ،ابسُط یَدَکَ حَتّی ابایِعَکَ،وَاشتَرِط عَلَیَّ فَأَنتَ أعلَمُ بِالشَّرطِ.

قالَ:اُبایِعُکَ عَلی أن تَعبُدَ اللّهَ،وتُقیمَ الصَّلاةَ،وتُؤتِیَ الزَّکاةَ،وتُناصِحَ المُسلِمَ، وتُفارِقَ المُشرِکَ. (3)

11486. المعجم الکبیر عن جریر بن عبد اللّه: کانَ النَّبِیُّ صلی الله علیه و آله إذا بایَعَ،بایَعَ عَلی شَهادَةِ أن لا إلهَ إلَّا اللّهُ،وأَنَّ مُحَمَّداً رَسولُ اللّهِ،وإقامِ الصَّلاةِ،وإیتاءِ الزَّکاةِ،وَالسَّمعِ وَالطّاعَةِ للّهِ ِ ولِرَسولِهِ،وَالنُّصحِ لِکُلِّ مُسلِمٍ. (4)

11487. مسند ابن حنبل عن عبادة بن الصامت: بایَعنا رَسولَ اللّهِ صلی الله علیه و آله...عَلَی السَّمعِ وَالطّاعَةِ فِی النَّشاطِ وَالکَسَلِ،وعَلَی النَّفَقَةِ فِی الیُسرِ وَالعُسرِ،وعَلَی الأَمرِ بِالمَعروفِ وَالنَّهیِ عَنِ المُنکَرِ،وعَلی أن نَقولَ فِی اللّهِ تَبارَکَ وتَعالی ولا نَخافَ لَومَةَ لائِمٍ فیهِ،وعَلی أن نَنصُرَ النَّبِیَّ صلی الله علیه و آله إذا قَدِمَ عَلَینا یَثرِبَ،فَنَمنَعَهُ مِمّا نَمنَعُ مِنهُ أنفُسَنا وأَزواجَنا وأَبناءَنا ولَنَا الجَنَّةُ؛فَهذِهِ بَیعَةُ رَسولِ اللّهِ صلی الله علیه و آله الَّتی بایَعَنا عَلَیها،فَمَن نَکَثَ فَإِنَّما یَنکُثُ عَلی نَفسِهِ،ومَن أوفی بِما بایَعَ عَلَیهِ رَسولَ اللّهِ صلی الله علیه و آله،وَفَّی اللّهَ

ص:447


1- (1) .الوَلیجَةُ:کلّ ما یتّخذُه الإنسان مُعتَمِداً علیه (مفردات ألفاظ القرآن:ص 883« [1]ولج»).
2- (2) .المحاسن:ج 1 ص 386 ح 856 [2] عن أبی خدیجة وح 857 عن داود بن فرقد،تفسیر العیّاشی:ج 2 ص 83 ح 31 [3] عن أبی العبّاس وکلاهما نحوه،بحار الأنوار:ج 68 ص 281 ح 33؛ [4]الإصابة:ج 3 ص 426 الرقم 4277 [5] عن طلحة بن البراء نحوه.
3- (3) .المستدرک علی الصحیحین:ج 3 ص 577 ح 6137،سنن النسائی:ج 7 ص 148،مسند ابن حنبل:ج 7 ص 70 ح 19253، [6]المعجم الکبیر:ج 2 ص 314 ح 2306،السنن الکبری:ج 9 ص 22 ح 17757 [7] کلّها عن جریر بن عبد اللّه،کنز العمّال:ج 1 ص 102 ح 459.
4- (4) .المعجم الکبیر:ج 2 ص 313 ح 2303.

تَبارَکَ وتَعالی بِما بایَعَ عَلَیهِ نَبِیَّهُ صلی الله علیه و آله. (1)

11488. المستدرک علی الصحیحین عن ابن الخصاصیّة: أتَیتُ رَسولَ اللّهِ صلی الله علیه و آله لِاُبایِعَهُ عَلَی الإِسلامِ،فَاشتَرَطَ عَلَیَّ:تَشهَدُ أن لا إلهَ إلَّااللّهُ،وأَنَّ مُحَمَّداً عَبدُهُ ورَسولُهُ، وتُصَلِّیَ الخَمسَ،وتَصومَ رَمَضانَ،وتُؤَدِّیَ الزَّکاةَ،وتَحُجَّ البَیتَ،وتُجاهِدَ فی سَبیلِ اللّهِ.

قُلتُ:یا رَسولَ اللّهِ،أمَّا اثنَتانِ فَلا اطیقُهُما؛أمَّا الزَّکاةُ فَما لی إلّاعَشرُ ذَودٍ (2)،هُنَّ رَسَلُ أهلی وحَمولَتُهُم،وأمَّا الجِهادُ،فَیَزعُمونَ أنَّهُ مَن وَلّی فَقَد باءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللّهِ، فَأَخافُ إذا حَضَرَنی قِتالٌ کَرِهتُ المَوتَ وخَشَعَت نَفسی.

قالَ:فَقَبَضَ رَسولُ اللّهِ صلی الله علیه و آله یَدَهُ ثُمَّ حَرَّکَها،ثُمَّ قالَ:لا صَدَقَةَ ولا جِهادَ،فَبِمَ تَدخُلُ الجَنَّةَ؟!

قالَ:ثُمَّ قُلتُ:یا رَسولَ اللّهِ ابایِعُکَ،فَبایَعَنی عَلَیهِنَّ کُلِّهِنَّ. (3)

11489. تاریخ دمشق عن أبی عیاض (4)مولی عیاض بن ربیعة الأسدی: أتَیتُ عَلِیَّ بنَ أبی طالِبٍ وأَنَا مَملوکٌ،فَقُلتُ:یا أمیرَ المُؤمِنینَ،ابسُط یَدَکَ ابایِعکَ،فَرَفَعَ رَأسَهُ إلَیَّ فَقالَ:ما أنتَ؟قُلتُ:مَملوکٌ،قالَ:لا إذَن،قُلتُ لَهُ:یا أمیرَ المُؤمِنینَ ! إنَّما أقولُ:

ص:448


1- (1) .مسند ابن حنبل:ج 8 ص 416 ح 22833 [1] وج 5 ص 68 ح 14463،المستدرک علی الصحیحین:ج 2 ص 682 ح 4251،صحیح ابن حبّان:ج 14 ص 173 ح 6274،السنن الکبری:ج 8 ص 251 ح 16556 کلّها عن جابر نحوه ولیس فیها ذیله من«فهذه بیعة...».
2- (2) .الذَّودُ من الإبل:ما بین الثنتین إلی التسع،وقیل:ما بین الثلاث إلی العشر (النهایة:ج 2 ص 171« [2]ذود»).
3- (3) .المستدرک علی الصحیحین:ج 2 ص 89 ح 2421،السنن الکبری:ج 9 ص 35 ح 17796،مسند ابن حنبل:ج 8 ص 221 ح 22011 نحوه،کنز العمّال:ج 13 ص 300 ح 36865.
4- (4) .فی کنز العمّال:«أبی صادق»بدل«أبی عیاض».

إنّی إذا شَهِدتُکَ نَصَرتُکَ،وإن غِبتُ نَصَحتُکَ.

قالَ:نَعَم إذاً.قالَ:فَبَسَطَ یَدَهُ فَبایَعَنی. (1)

11490. سنن أبی داود عن عبد اللّه بن عمرو: جاءَ رَجُلٌ إلی رَسولِ اللّهِ صلی الله علیه و آله،فَقالَ:جِئتُ ابایِعُکَ عَلَی الهِجرَةِ،وتَرَکتُ أبَوَیَّ یَبکِیانِ.

فَقالَ:اِرجِع عَلَیهِما فَأَضحِکهُما کَما أبکَیتَهُما. (2)

11491. مسند الشامیّین عن عتبة بن عبدٍ: بایَعتُ النَّبِیَّ صلی الله علیه و آله خَمساً عَلَی الطَّاعَةِ،وَاثنَتَینِ عَلَی المَحَبَّةِ. (3)

11492. صحیح البخاری عن عبد اللّه بن عمر: کُنّا إذا بایَعنا رَسولَ اللّهِ صلی الله علیه و آله عَلَی السَّمعِ وَالطّاعَةِ، یَقولُ لَنا:فیمَا استَطَعتُم. (4)

11493. مسند ابن حنبل عن أنس: بایَعتُ رَسولَ اللّهِ صلی الله علیه و آله بِیَدی هذِهِ-یَعنِی الیُمنی-عَلَی السَّمعِ وَالطّاعَةِ فیمَا استَطَعتُ. (5)

راجع:ص 458 ( حلّ البیعة ).

ص:449


1- (1) .تاریخ دمشق:ج 42 ص 588،کنز العمّال:ج 11 ص 302 ح 31575.
2- (2) .سنن أبی داود:ج 3 ص 17 ح 2528، [1]مسند ابن حنبل:ج 2 ص 554 ح 6500، [2]سنن النسائی:ج 7 ص 143،کنز العمّال:ج 16 ص 477 ح 45532.
3- (3) .مسند الشامیّین:ج 2 ص 430 ح 1634،السنّة لابن أبی عاصم:ص 484 ح 1046 وفیه«المودّة»بدل«المحبّة»،تاریخ دمشق:ج 38 ص 283،کنز العمّال:ج 1 ص 326 ح 1524.
4- (4) .صحیح البخاری:ج 6 ص 2633 ح 6776،صحیح مسلم:ج 3 ص 1490 ح 90،سنن أبی داوود:ج 3 ص 133 ح 2940 کلاهما نحوه،کنز العمّال:ج 1 ص 326 ح 1522 نقلاً عن ابن جریر.
5- (5) .مسند ابن حنبل:ج 4 ص 344 ح 12763، [3]المعجم الکبیر:ج 20 ص 47 ح 78،مسند الطیالسی:ص 277 ح 2083،مسند ابن الجعد:ص 222 ح 1481،تهذیب الکمال:ج 19 ص 296 الرقم 3768،کنز العمّال:ج 1 ص 322 ح 1506.

7/9 الوَفاءُ بِالبَیعَةِ

الکتاب

«وَ أَوْفُوا بِعَهْدِ اللّهِ إِذا عاهَدْتُمْ وَ لا تَنْقُضُوا الْأَیْمانَ بَعْدَ تَوْکِیدِها وَ قَدْ جَعَلْتُمُ اللّهَ عَلَیْکُمْ کَفِیلاً إِنَّ اللّهَ یَعْلَمُ ما تَفْعَلُونَ* وَ لا تَکُونُوا کَالَّتِی نَقَضَتْ غَزْلَها مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْکاثاً تَتَّخِذُونَ أَیْمانَکُمْ دَخَلاً بَیْنَکُمْ أَنْ تَکُونَ أُمَّةٌ هِیَ أَرْبی مِنْ أُمَّةٍ إِنَّما یَبْلُوکُمُ اللّهُ بِهِ وَ لَیُبَیِّنَنَّ لَکُمْ یَوْمَ الْقِیامَةِ ما کُنْتُمْ فِیهِ تَخْتَلِفُونَ* وَ لَوْ شاءَ اللّهُ لَجَعَلَکُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَ لکِنْ یُضِلُّ مَنْ یَشاءُ وَ یَهْدِی مَنْ یَشاءُ وَ لَتُسْئَلُنَّ عَمّا کُنْتُمْ تَعْمَلُونَ* وَ لا تَتَّخِذُوا أَیْمانَکُمْ دَخَلاً بَیْنَکُمْ فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِها وَ تَذُوقُوا السُّوءَ بِما صَدَدْتُمْ عَنْ سَبِیلِ اللّهِ وَ لَکُمْ عَذابٌ عَظِیمٌ* وَ لا تَشْتَرُوا بِعَهْدِ اللّهِ ثَمَناً قَلِیلاً إِنَّما عِنْدَ اللّهِ هُوَ خَیْرٌ لَکُمْ إِنْ کُنْتُمْ تَعْلَمُونَ» . (1)

الحدیث

11494. رسول اللّه صلی الله علیه و آله: مَن بایَعَ إماماً فَأَعطاهُ صَفقَةَ یَدِهِ وثَمَرَةَ قَلبِهِ،فَلیُطِعهُ إنِ (2)استَطاعَ. (3)

11495. سنن ابن ماجة عن أبی هریرة عن رسول اللّه صلی الله علیه و آله: إنَّ بَنی إسرائیلَ کانَت تَسوسُهُم أنبِیاؤُهُم،کُلَّما ذَهَبَ نَبِیٌّ خَلَفَهُ نَبِیٌّ،وإنَّهُ لَیسَ کائِنٌ بَعدی نَبِیٌّ فیکُم.

قالوا:فَما یَکونُ یا رَسولَ اللّهِ؟

قالَ:تَکونُ خُلَفاءُ فَیَکثُروا.

قالوا:فَکَیفَ نَصنَعُ؟

ص:450


1- (1) .النحل:91-95. [1]
2- (2) .فی المصادر الاُخری:«ما»بدل«إن».
3- (3) .صحیح مسلم:ج 3 ص 1473 ح 46،سنن أبی داود:ج 4 ص 97 ح 4248 [2] کلاهما عن عبد اللّه بن عمرو بن العاص،کنز العمّال:ج 6 ص 64 ح 14856؛المجازات النبویّة:ص 156 ح 118 [3] بزیادة«ونخیلة صدره»بعد«وثمرة قلبه».

قالَ:أوفوا بِبَیعَةِ الأَوَّلِ فَالأَوَّلِ،أدُّوا الَّذی عَلَیکُم،فَسَیَسأَلُهُمُ اللّهُ عز و جل عَنِ الَّذی عَلَیهِم. (1)

11496. الإمام علیّ علیه السلام -فی خُطبَةٍ لَهُ-:أیُّهَا النّاسُ ! إنَّ لی عَلَیکُم حَقّاً ولَکُم عَلَیَّ حَقٌّ...

وأَمّا حَقّی عَلَیکُم فَالوَفاءُ بِالبَیعَةِ،وَالنَّصیحَةُ فِی المَشهَدِ وَالمَغیبِ. (2)

11497. کنز العمّال عن عبد اللّه بن الحسن: قامَ إلَیهِ [عَلِیٍّ علیه السلام ] رَجُلٌ فَقالَ:یا أمیرَ المُؤمِنینَ، أخبِرنا عَلی ما قاتَلتَ طَلحَةَ وَالزُّبَیرَ؟

قالَ:قاتَلتُهُم عَلی نَقضِهِم بَیعَتی،وقَتِلِهم شیعَتی مِنَ المُؤمِنینَ. (3)

11498. الإمام علیّ علیه السلام -مِن کَلامٍ لَهُ علیه السلام یَعنی بِهِ الزُّبَیرَ-:یَزعُمُ أنَّهُ قَد بایَعَ بِیَدِهِ ولَم یُبایِع بِقَلبِهِ، فَقَد أقَرَّ بِالبَیعَةِ وَادَّعَی الوَلیجَةَ،فَلیَأتِ عَلَیها بِأَمرٍ یُعرَفُ،وإلّا فَلیَدخُل فیما خَرَجَ مِنهُ. (4)

11499. تفسیر العیّاشی عن أبی عثمان مولی بنی قصیّ: شَهِدتُ عَلِیّاً صَلَّی اللّهُ عَلَیهِ سَنَتَهُ کُلَّها،فَما سَمِعتُ مِنهُ وِلایَةً ولا بَراءَةً،وقَد سَمِعتُهُ یَقولُ:

عَذَرَنِیَ اللّهُ مِن طَلحَةَ وَالزُّبَیرِ،بایَعانی طائِعینَ غَیرَ مُکرَهینَ،ثُمَّ نَکَثا بَیعَتی،مِن غَیرِ حَدَثٍ أحدَثتُهُ،وَاللّهِ ما قوتِلَ أهلُ هذِهِ الآیَةِ مُنذُ نَزَلَت حَتّی قاتَلتُهُم: «وَ إِنْ نَکَثُوا

ص:451


1- (1) .سنن ابن ماجة:ج 2 ص 958 ح 2871،صحیح البخاری:ج 3 ص 1273 ح 3268،صحیح مسلم:ج 3 ص 1471 ح 44 کلاهما نحوه،کنز العمّال:ج 6 ص 51 ح 14805.
2- (2) .نهج البلاغة:الخطبة 34، [1]الغارات:ج 1 ص 37 و ج 2 ص 692 [2] کلاهما عن زید بن وهب،بحار الأنوار:ج 27 ص 251 ح 12؛ [3]أنساب الأشراف:ج 3 ص 154، [4]الإمامة و السیاسة:ج 1 ص 171 [5] نحوه.
3- (3) .کنز العمّال:ج 16 ص 191 ح 44216 نقلا عن و کیع و راجع:الأما لی للمفید:ص 129 ح 5 و الجمل:ص 334 و [6]المناقب لا بن شهر آشوب:ج 3 ص 152.
4- (4) .نهج البلاغة:الخطبة 8، [7]الجمل:ص 327 [8] عن الإمام الحسن علیه السلام نحوه،بحار الأنوار:ج 32 ص 52 ح 36. [9]

أَیْمانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَ طَعَنُوا فِی دِینِکُمْ» (1). (2)

11500. الجمل عن أبی مِخنَف: إنَّ أمیرَ المُؤمِنینَ علیه السلام لَمّا هَمَّ بِالمَسیرِ إلَی البَصرَةِ،بَلَغَهُ عَن سَعدِ بنِ أبی وَقّاصٍ وَابنِ مَسلَمَةَ واُسامَةَ بنِ زَیدٍ وَابنِ عُمَرَ تَثاقُلٌ عَنهُ،فَبَعَثَ إلَیهِم، فَلَمّا حَضَروا قالَ لَهُم:

قَد بَلَغَنی عَنکُم هَناتٌ (3)کَرِهتُها،وأنَا لا اکرِهُکُم عَلَی المَسیرِ مَعی،أ لَستُم عَلی بَیعَتی؟

قالوا:بَلی.

قالَ:فَمَا الَّذی یُقعِدُکُم عَن صُحبَتی؟

فَقالَ لَهُ سَعدٌ:إنّی أکرَهُ الخُروجَ فی هذَا الحَربِ؛لِئَلّا اصیبَ مُؤمِناً،فَإِن أعطَیتَنی سَیفاً یَعرِفُ المُؤمِنَ مِنَ الکافِرِ قاتَلتُ مَعَکَ !

وقالَ لَهُ اسامَةُ:أنتَ أعَزُّ الخَلقِ عَلَیَّ،ولکِنّی عاهَدتُ اللّهَ أن لا اقاتِلَ أهلَ لا إلهَ إلَّا اللّهُ...

وقالَ عَبدُ اللّهِ بنُ عُمَرَ:لَستُ أعرِفُ فی هذَا الحَربِ شَیئاً،أسأَلُکَ ألّا تَحمِلَنی عَلی ما لا أعرِفُ.

فَقالَ لَهُم أمیرُ المُؤمِنینَ علیه السلام:لَیسَ کُلُّ مَفتونٍ مُعاتَباً،أ لَستُم عَلی بَیعَتی؟قالوا:

بَلی،قالَ:اِنصَرِفوا فَسَیُغنِی اللّهُ تَعالی عَنکُم. (4)

ص:452


1- (1) .التوبة:12. [1]
2- (2) .تفسیر العیّاشی:ج 2 ص 79 ح 28، [2]الأمالی للمفید:ص 73 ح 7 عن عثمان مؤذّن بنی أفصی،بحار الأنوار:ج 32 ص 233 ح 185؛ [3]شواهد التنزیل:ج 1 ص 276 ح 281، [4]کنز العمّال:ج 2 ص 379 ح 4303 نقلاً عن أبی الحسن البکالی عن عثمان مؤذّن بنی قصی وکلاهما نحوه.
3- (3) .هَناتٌ:أی شرورٌ وَفَسادٌ (النهایة:ج 5 ص 279«هنا»).
4- (4) .الجمل:ص 95. [5]

11501. نهج البلاغة: اخِذَ مَروانُ بنُ الحَکَمِ أسیراً یَومَ الجَمَلِ،فَاستَشفَعَ الحَسَنَ وَالحُسَینَ علیهما السلام إلی أمیرِ المُؤمِنینَ علیه السلام،فَکَلَّماهُ فیهِ،فَخَلّی سَبیلَهُ،فَقالا لَهُ:یُبایِعُکَ یا أمیرَ المُؤمِنینَ؟ فَقالَ علیه السلام:

أوَلَم یُبایِعنی بَعدَ قَتلِ عُثمانَ؟لا حاجَةَ لی فی بَیعَتِهِ ! إنَّها کَفٌّ یَهودِیَّةٌ،لَو بایَعَنی بِکَفِّهِ لَغَدَرَ بِسُبَّتِهِ (1)،أما إنَّ لَهُ إمرَةً کَلَعقَةِ الکَلبِ أنفَهُ،وهُوَ أبُو الأَکبُشِ الأَربَعَةِ، وسَتَلقَی الاُمَّةُ مِنهُ ومِن وُلدِهِ یَوماً (مَوتاً خ ل) أحمَرَ ! (2)

11502. الإمام علیّ علیه السلام -فی کِتابِهِ إلی مُعاوِیَةَ-:وکَأَنّی بِجَماعَتِکَ تَدعونی-جَزَعاً مِنَ الضَّربِ المُتَتابِعِ،وَالقَضاءِ الواقِعِ،ومَصارِعَ بَعدَ مَصارِعَ-إلی کِتابِ اللّهِ،وهِیَ کافِرَةٌ جاحِدَةٌ،أو مُبایِعَةٌ حائِدَةٌ. (3)

11503. عنه علیه السلام -فی جَوابِ کِتابِ مُعاوِیَةَ-:أمّا تَمییزُکَ بَینَکَ وبَینَ طَلحَةَ وَالزُّبَیرِ،وبَینَ أهلِ الشّامِ وأَهلِ البَصرَةِ،فَلَعَمری مَا الأَمرُ فیما هُناکَ إلّاسَواءٌ؛لِأَنَّها بَیعَةٌ شامِلَةٌ،لا یُستَثنی فیهَا الخِیارُ ولا یُستَأنَفُ فیهَا النَّظَرُ. (4)

11504. عنه علیه السلام -فی کِتابِهِ إلی مُعاوِیَةَ-:إنَّهُ بایَعَنِی القَومُ الَّذینَ بایَعوا أبا بَکرٍ وعُمَرَ وعُثمانَ عَلی ما بایَعوهُم عَلَیهِ،فَلَم یَکُن لِلشّاهِدِ أن یَختارَ،ولا لِلغائِبِ أن یَرُدَّ،وإنَّمَا الشَّوری لِلمُهاجِرینَ وَالأَنصارِ،فَإِنِ اجتَمَعوا عَلی رَجُلٍ وسَمَّوهُ إماماً کانَ ذلِکَ للّهِ ِ

ص:453


1- (1) .السُبَّةُ:الاُست،ذکرها تفظیعاً له وطعناً علیه،والمعنی أنّه منافق (مجمع البحرین:ج 2 ص 802« [1]سبب»).
2- (2) .نهج البلاغة:الخطبة 73، [2]إعلام الوری:ج 1 ص 340 [3] نحوه،بحار الأنوار:ج 32 ص 235 ح 187 [4] وراجع:أنساب الأشراف:ج 3 ص 984.
3- (3) .نهج البلاغة: [5]الکتاب 10،بحار الأنوار:ج 33 ص 102 ح 406. [6]
4- (4) .الکامل للمبرّد:ج 1 ص 428، [7]شرح نهج البلاغة لابن أبی الحدید:ج 3 ص 89، [8]الإمامة والسیاسة:ج 1 ص 122؛ [9]وقعة صفّین:ص 58 [10] کلاهما نحوه،بحار الأنوار:ج 32 ص 380 ح 342 [11] وراجع:نهج البلاغة: [12]الکتاب 7.

رِضاً،فَإِن خَرَجَ عَن أمرِهِم خارِجٌ بِطَعنٍ أو بِدعَةٍ رَدّوهُ إلی ما خَرَجَ مِنهُ،فَإِن أبی قاتَلوهُ عَلَی اتِّباعِهِ غَیرَ سَبیلِ المُؤمِنینَ،ووَلّاهُ اللّهُ ما تَوَلّی. (1)

11505. الإمام الصادق علیه السلام: إنَّ أمیرَ المُؤمِنینَ علیه السلام کانَ إذا أرادَ القِتالَ قالَ هذِهِ الدَّعَواتِ:اللّهُمَّ إنَّکَ أعلَمتَ سَبیلاً مِن سُبُلِکَ جَعَلتَ فیهِ رِضاکَ،ونَدَبتَ إلَیهِ أولِیاءَکَ،وجَعَلتَهُ أشرَفَ سُبُلِکَ عِندَکَ ثَواباً،وأَکرَمَها لَدَیکَ مَآباً،وأَحَبَّها إلَیکَ مَسلَکاً،ثُمَّ اشتَرَیتَ فیهِ مِنَ المُؤمِنینَ أنفُسَهُم وأَموالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ،یُقاتِلونَ فی سَبیلِکَ فَیَقتُلونَ ویُقتَلونَ وَعداً عَلَیکَ حَقّاً.

فَاجعَلنی مِمَّنِ اشتَری فیهِ مِنکَ نَفسَهُ،ثُمَّ وَفی لَکَ بِبَیعِهِ (2)الَّذی بایَعَکَ عَلَیهِ،غَیرَ ناکِثٍ ولا ناقِضٍ عَهداً ولا مُبَدِّلاً تَبدیلاً،بَلِ استیجاباً لِمَحَبَّتِکَ،وتَقَرُّباً بِهِ إلَیکَ. (3)

11506. أنساب الأشراف -فی ذِکرِ مَجیءِ حُجرِ بنِ عَدِیٍّ إلَی الإِمامِ الحُسَینِ علیه السلام بَعدَ صُلحِ الإِمامِ الحَسَنِ علیه السلام مَعَ مُعاوِیَةَ-:أتَی الحُسَینَ فَقالَ لَهُ:یا أبا عَبدِ اللّهِ،شَرَیتُمُ العِزَّ بِالذُّلِّ ! وقَبِلتُمُ القَلیلَ بِتَرکِ الکَثیرِ ! أطِعنِی الیَومَ وَاعصِنی سائِرَ الدَّهرِ ! ! دَع رَأیَ الحَسَنِ وَاجمَع شیعَتَکَ،ثُمَّ ادعُ قَیسَ بنَ سَعدِ بنِ عُبادَةَ وَابعَثهُ فِی الرِّجالِ،وأَخرُجُ أنَا فِی الخَیلِ،فَلا یَشعُرُ ابنُ هِندٍ إلّاونَحنُ مَعَهُ فی عَسکَرِهِ،فَنُضارِبُهُ حَتّی یَحکُمَ اللّهُ بَینَنا وبَینَهُ وهُوَ خَیرُ الحاکِمینَ،فَإِنَّهُمُ الآنَ غارّونَ. (4)

ص:454


1- (1) .نهج البلاغة: [1]الکتاب 6،وقعة صفّین:ص 29 [2] عن عامر الشعبی وفیه«رغبة»بدل«بدعة»،بحار الأنوار:ج 33 ص 76 ح 400؛ [3]الأخبار الطوال:ص 157، [4]الإمامة والسیاسة:ج 1 ص 113 [5] کلاهما نحوه.
2- (2) .فی الإقبال وتفسیر العیّاشی وبحار الأنوار:«بِبَیعَتِهِ».
3- (3) .الکافی:ج 5 ص 46 ح 1 [6] عن میمون،تهذیب الأحکام:ج 3 ص 81 ح 237 عن عبد اللّه بن میمون،الإقبال:ج 1 ص 318 [7] کلاهما عن الإمام الصادق عن أبیه عن جدّه عنه علیهم السلام،تفسیر العّیاشی:ج 2 ص 113 ح 143 [8] عن عبد اللّه بن میمون القدّاح وکلّها نحوه،بحار الأنوار:ج 98 ص 126 ح 3. [9]
4- (4) .غارّون:أی غافِلون (النهایة:ج 3 ص 355«غرر»).

فَقالَ:إنّا قَد بایَعنا ولَیسَ إلی ما ذَکَرتَ سَبیلٌ. (1)

11507. الإرشاد عن الکلبی والمدائنی وغیرهما من أصحاب السیرة: لَمّا ماتَ الحَسَنُ بنُ عَلِیٍّ علیه السلام،تَحَرَّکَتِ الشّیعَةُ بِالعِراقِ،وکَتَبوا إلَی الحُسَینِ علیه السلام فی خَلعِ مُعاوِیَةَ وَالبَیعَةِ لَهُ، فَامتَنَعَ عَلَیهِم وذَکَرَ أنَّ بَینَهُ وبَینَ مُعاوِیَةَ عَهداً وعَقداً،لا یَجوزُ لَهُ نَقضُهُ حَتّی تَمضِیَ المُدَّةُ،فَإِن ماتَ مُعاوِیَةُ نَظَرَ فی ذلِکَ. (2)

8/9 نَکثُ البَیعَةِ

الکتاب

«إِنَّ الَّذِینَ یُبایِعُونَکَ إِنَّما یُبایِعُونَ اللّهَ یَدُ اللّهِ فَوْقَ أَیْدِیهِمْ فَمَنْ نَکَثَ فَإِنَّما یَنْکُثُ عَلی نَفْسِهِ وَ مَنْ أَوْفی بِما عاهَدَ عَلَیْهُ اللّهَ فَسَیُؤْتِیهِ أَجْراً عَظِیماً» . (3)

الحدیث

11508. تاریخ بغداد عن أنس عن رسول اللّه صلی الله علیه و آله: ثَلاثٌ مَن کُنَّ فیهِ فَهِیَ راجِعَةٌ عَلی صاحِبِها:

البَغیُ وَالمَکرُ وَالنَّکثُ.

ثُمَّ قَرَأَ رَسولُ اللّهِ صلی الله علیه و آله:... «فَمَنْ نَکَثَ فَإِنَّما یَنْکُثُ عَلی نَفْسِهِ» (4). (5)

ص:455


1- (1) .أنساب الأشراف:ج 3 ص 365، [1]الأخبار الطوال:ص 220 [2] نحوه.
2- (2) .الإرشاد:ج 2 ص 32، [3]روضة الواعظین:ص 189، [4]المناقب لابن شهر آشوب:ج 4 ص 87 [5] نحوه،بحار الأنوار:ج 44 ص 324 ح 2. [6]
3- (3) .الفتح:10. [7]
4- (4) .الفتح:10. [8]
5- (5) .تاریخ بغداد:ج 8 ص 450 الرقم 4563، [9]تاریخ أصبهان:ج 2 ص 31 الرقم 994 [10] کلاهما عن أنس،کنز العمّال:ج 16 ص 26 ح 43780؛خصائص الأئمّة:ص 101، [11]تفسیر القمّی:ج 2 ص 210 [12] کلاهما عن الإمام علی علیه السلام،بحار الأنوار:ج 32 ص 107 ح 78. [13]

11509. رسول اللّه صلی الله علیه و آله: مَن نَکَثَ بَیعَةً،أو رَفَعَ لِواءَ ضَلالَةٍ،أو کَتَمَ عِلماً،أوِ اعتَقَلَ مالاً ظُلماً، أو أعانَ ظالِماً عَلی ظُلمِهِ وهُوَ یَعلَمُ أنَّهُ ظالِمٌ؛فَقَد بَرِئَ مِنَ الإِسلامِ. (1)

11510. عنه صلی الله علیه و آله: مَن نَکَثَ العَهدَ وماتَ ناکِثاً لِلعَهدِ،جاءَ یَومَ القِیامَةِ لا حُجَّةَ لَهُ. (2)

11511. عنه صلی الله علیه و آله: مَن خَلَعَ یَدَاً مِن طاعَةٍ،لَقِیَ اللّهَ ولا حُجَّةَ لَهُ. (3)

11512. عنه صلی الله علیه و آله: مَن ماتَ عَلی غَیرِ طاعَةِ اللّهِ،ماتَ ولا حُجَّةَ لَهُ،ومَن ماتَ وقَد نَزَعَ یَدَهُ مِن بَیعَةٍ،کانَت میتَتُهُ میتَةَ ضَلالَةٍ. (4)

11513. عنه صلی الله علیه و آله: مَن بایَعَ إماماً فَأَعطاهُ صَفقَةَ یَدِهِ وثَمَرَةَ قَلبِهِ،فَلیُطِعهُ مَا استَطاعَ،فَإِن جاءَ آخَرُ یُنازِعُهُ،فَاضرِبوا رَقَبَةَ الآخَرِ. (5)

11514. عنه صلی الله علیه و آله: یَجیءُ کُلُّ غادِرٍ-یَومَ القِیامَةِ-بِإِمامٍ مائِلٍ شِدقُهُ (6)حَتّی یَدخُلَ النّارَ،ویَجیءُ کُلُّ ناکِثٍ بَیعَةَ إمامٍ أجذَمَ (7)حَتّی یَدخُلَ النّارَ. (8)

ص:456


1- (1) .النوادر للراوندی:ص 128 ح 154 [1] عن الإمام الکاظم عن آبائه علیهم السلام،بحار الأنوار:ج 2 ص 67 ح 11. [2]
2- (2) .مسند ابن حنبل:ج 5 ص 324 ح 15681 [3] وص 326 ح 15693 کلاهما عن عاصم بن عبید اللّه،اُسد الغابة:ج 3 ص 119 الرقم 2692، [4]المصنّف لعبد الرزّاق:ج 2 ص 379 ح 3779 عن ربیعة،کنز العمّال:ج 6 ص 59 ح 14835.
3- (3) .المجازات النبویّة:ص 169 ح 135، [5]بحار الأنوار:ج 29 ص 332؛ [6]صحیح مسلم:ج 3 ص 1478 ح 58،السنن الکبری:ج 8 ص 270 ح 16612 [7] کلاهما عن عبد اللّه بن عمر بزیادة«یوم القیامة»بعد«لقی اللّه»،کنز العمّال:ج 6 ص 52 ح 14810.
4- (4) .مسند ابن حنبل:ج 2 ص 445 ح 5904 [8] عن ابن عمر.
5- (5) .سنن أبی داود:ج 4 ص 97 ح 4248، [9]صحیح مسلم:ج 3 ص 1473 ح 46 وفیه«إن استطاع»بدل«ما استطاع»،مسند ابن حنبل:ج 2 ص 556 ح 6511 [10] کلّها عن عبد اللّه بن عمرو،کنز العمّال:ج 6 ص 64 ح 14856.
6- (6) .الشِدقُ:جانِبُ الفَمِ (الصحاح:ج 4 ص 1500« [11]شدق»).
7- (7) .الأجذَمُ:المَقطوعُ الیَدِ (لسان العرب:ج 12 ص 87« [12]جذم»).
8- (8) .الکافی:ج 2 ص 337 ح 2 [13] عن السکونی عن الإمام الصادق علیه السلام،بحار الأنوار:ج 7 ص 201 ح 81. [14]

11515. عنه صلی الله علیه و آله: ثَلاثٌ موبِقاتٌ:نَکثُ الصَّفقَةِ،وتَرکُ السُّنَّةِ،وفِراقُ الجَماعَةِ. (1)

11516. مسند ابن حنبل عن أبی هریرة: قالَ رَسولُ اللّهِ صلی الله علیه و آله:الصَّلاةُ المَکتوبَةُ إلَی الصَّلاةِ الَّتی بَعدَها کَفّارَةٌ لِما بَینَهُما.قالَ:وَالجُمُعَةُ إلَی الجُمُعَةِ،وَالشَّهرُ إلَی الشَّهرِ-یَعنی رَمَضانَ إلی رَمَضانَ-کَفّارَةٌ لِما بَینَهُما.

قالَ:ثُمَّ قالَ بَعدَ ذلِکَ:إلّامِن ثَلاثٍ.قالَ:فَعَرَفتُ أنَّ ذلِکَ الأَمرَ حَدَثَ؛إلّامِنَ الإِشراکِ بِاللّهِ،ونَکثِ الصَّفقَةِ،وتَرکِ السُّنَّةِ.

قالَ:أَمّا مِن نَکثِ الصَّفقَةِ:أن تُبایِعَ رَجُلاً ثُمَّ تُخالِفَ إلَیهِ تُقاتِلَهُ بِسَیفِکَ،وأمّا تَرکُ السُّنَّةِ:فَالخُروجُ مِنَ الجَماعَةِ. (2)

11517. رسول اللّه صلی الله علیه و آله: ثَلاثَةٌ لا یُکَلِّمُهُمُ اللّهُ عز و جل یَومَ القِیامَةِ ولا یَنظُرُ إلَیهِم ولا یُزَکّیهِم ولَهُم عَذابٌ ألیمٌ:رَجُلٌ بایَعَ إماماً لا یُبایِعُهُ إلّالِلدُّنیا،إن أعطاهُ مِنها ما یُریدُ وَفی لَهُ،وإلّا کَفَّ.... (3)

11518. الإمام علیّ علیه السلام: الکَبائِرُ:الإِشراکُ بِاللّهِ،وقَتلُ النَّفسِ،...ونَکثُ الصَّفقَةِ. (4)

ص:457


1- (1) .الخصال:ص 85 ح 13 عن مسعدة بن زیاد عن الإمام الصادق عن أبیه علیهما السلام،المحاسن:ج 1 ص 178 ح 279 عن علی بن جعفر عن أخیه الإمام الکاظم عن الإمام علیّ علیهم السلام وص 346 ح 719 عن السکونی عن الإمام الصادق عن آبائه عن الإمام علی علیهم السلام،الجعفریات:ص 231 [1] عن الإمام الکاظم عن آبائه عن الإمام علی علیهم السلام وفیه«البیعة»بدل«الصفقة»،بحار الأنوار:ج 2 ص 266 ح 25. [2]
2- (2) .مسند ابن حنبل:ج 3 ص 5 ح 7132، [3]المستدرک علی الصحیحین:ج 1 ص 207 ح 412،مسند إسحاق بن راهویه:ج 1 ص 397 ح 435 کلاهما نحوه،کنز العمّال:ج 7 ص 318 ح 19057.
3- (3) .الخصال:ص 107 ح 70 عن أبی هریرة،بحار الأنوار:ج 67 ص 185 ح 2؛ [4]صحیح البخاری:ج 6 ص 2637 ح 6786،صحیح مسلم:ج 1 ص 103 ح 173 کلاهما عن أبی هریرة نحوه،کنز العمّال:ج 16 ص 34 ح 43817.
4- (4) .تفسیر ابن کثیر:ج 2 ص 245 [5] عن مالک بن جوین،فتح الباری:ج 12 ص 182 عن مالک بن حریث نحوه،کنز العمّال:ج 2 ص 387 ح 4326 نقلاً عن ابن أبی حاتم.

11519. الخصال عن مسعدة بن زیاد عن الإمام الصادق عن آبائه علیهم السلام: إنّ عَلِیّاً قالَ:...إنَّ فِی النّارِ لَمَدینَةً یُقالُ لَها الحَصینَةُ،أفَلا تَسأَلُونّی ما فیها؟فَقیلَ:وما فیها یا أمیرَ المُؤمِنینَ؟فَقالَ:فیها أیدِی النّاکِثینَ. (1)

11520. الإمام الصادق علیه السلام: مَن فارَقَ جَماعَةَ المُسلِمینَ ونَکَثَ صَفقَةَ الإِمامِ،جاءَ إلَی اللّهِ عز و جل أجذَمَ. (2)

11521. الإمام الرضا علیه السلام: لا یَعدَمَ المَرءُ دائِرَةَ السَّوءِ (3)مَعَ نَکثِ الصَّفقَةِ. (4)

9/9 حَلُّ البَیعَةِ

11522. رسول اللّه صلی الله علیه و آله -لِأَبی دُجانَةَ لَمَّا انهَزَمَ النّاسُ یَومَ احُدٍ-:یا أبا دُجانَةَ،ذَهَبَ النّاسُ فَالحَق بِقَومِکَ،فَقالَ أبو دُجانَةَ:یا رَسولَ اللّهِ ما عَلی هذا بایَعناکَ وبایَعنَا اللّهَ،ولا عَلی هذا خَرَجنا،یَقولُ اللّهُ تَعالی: «إِنَّ الَّذِینَ یُبایِعُونَکَ إِنَّما یُبایِعُونَ اللّهَ یَدُ اللّهِ فَوْقَ أَیْدِیهِمْ» .

ص:458


1- (1) .الخصال:ص 296 ح 65 عن مسعدة بن زیاد عن الإمام الصادق عن آبائه علیهم السلام،ثواب الأعمال:ص 302 ح 1 عن مسعدة بن زیاد عن الإمام الصادق عنه علیهما السلام،روضة الواعظین:ص 556، [1]بحار الأنوار:ج 2 ص 107 ح 6. [2]
2- (2) .الکافی:ج 1 ص 405 ح 5، [3]المحاسن:ج 1 ص 345 ح 718 [4] کلاهما عن محمّد الحلبی وص 178 ح 279 کلاهما نحوه،بحار الأنوار:ج 2 ص 267 ح 28. [5]
3- (3) .قال الراغب:الدائرة فی المکروه،کما یقال:دولة فی المحبوب،قال تعالی: «نَخْشی أَنْ تُصِیبَنا دائِرَةٌ» ...وقوله: «یَتَرَبَّصُ بِکُمُ الدَّوائِرَ عَلَیْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ» ؛أی یحیط بهم السوء إحاطة الدائرة بمن فیها،فلا سبیل لهم إلی الانفکاک منه بوجه...وقال الجوهری:صفقت له بالبیع والبیعة صفقاً:أی ضربت بیدی علی یده،وتصافق القوم عند البیعة (مفردات ألفاظ القرآن:ص 321« [6]دار»،الصحاح:ج 4 ص 1507« [7]صفق»).
4- (4) .الدرّة الباهرة:ص 37،نزهة الناظر:ص 198 ح 425،العدد القویّة:ص 297 ح 26 [8] وفیه«الشرّ»بدل«السوء»،بحار الأنوار:ج 67 ص 186 ح 4. [9]

فَقالَ رَسولُ اللّهِ صلی الله علیه و آله:یا أبا دُجانَةَ أنتَ فی حِلٍّ مِن بَیعَتِکَ فَارجِع،فَقالَ أبو دُجانَةَ:

یا رَسولَ اللّهِ لا تُحَدِّثُ نِساءُ الأَنصارِ فِی الخُدورِ أنّی أسلَمتُکَ ورَغِبتُ بِنَفسی (1)عَن نَفسِکَ،یا رَسولَ اللّهِ،لا خَیرَ فِی العَیشِ بَعدَکَ.

قالَ:فَلَمّا سَمِعَ رَسولُ اللّهِ صلی الله علیه و آله کَلامَهُ ورَغبَتَهُ فِی الجِهادِ،انتَهی رَسولُ اللّهِ صلی الله علیه و آله إلی صَخرَةٍ فَاستَتَرَ بِها لِیَتَّقِیَ بِها مَنِ السِّهامِ-سِهامِ المُشرِکینَ-،فَلَم یَلبَث أبو دُجانَةَ إلّا یَسیراً حَتّی اثخِنَ جِراحَةً،فَتَحامَلَ حَتَّی انتَهی إلی رَسولِ اللّهِ صلی الله علیه و آله،فَجَلَسَ إلی جَنبِهِ مُثخَناً لا حَراکَ بِهِ. (2)

11523. تاریخ الطبری عن عبد اللّه بن شریک العامریّ عن الإمام زین العابدین علیه السلام: جَمَعَ الحُسَینُ أصحابَهُ بَعدَما رَجَعَ عُمَرُ بنُ سَعدٍ،وذلِکَ عِندَ قُربِ المَساءِ،قالَ عَلِیُّ بنُ الحُسَینِ:فَدَنَوتُ مِنهُ لِأَسمَعَ وأَنَا مَریضٌ،فَسَمِعتُ أبی وهُوَ یَقولُ لِأَصحابِهِ:اُثنی عَلَی اللّهِ تَبارَکَ وتَعالی أحسَنَ الثَّناءِ،وأَحمَدُهُ عَلَی السَّرّاءِ وَالضَّرّاءِ،اللّهُمَّ إنّی أحمَدُکَ عَلی أن أکرَمتَنا بِالنُّبُوَّةِ،وعَلَّمتَنَا القُرآنَ،وفَقَّهتَنا فِی الدّینِ،وجَعَلتَ لَنا أسماعاً وأَبصاراً وأَفئِدَةً،ولَم تَجعَلنا مِنَ المُشرِکینَ،أمّا بَعدُ،فَإِنّی لا أعلَمُ أصحاباً أولی ولا خَیراً مِن أصحابی،ولا أهلَ بَیتٍ أبَرَّ ولا أوصَلَ مِن أهلِ بَیتی،فَجَزاکُمُ اللّهُ عَنّی جَمیعاً خَیراً،ألا وإنّی أظُنُّ یَومَنا مِن هؤُلاءِ الأَعداءِ غَداً،ألا وإنّی قَد رَأَیتُ لَکُم فَانطَلِقوا جَمیعاً فی حِلٍّ،لَیسَ عَلَیکُم مِنّی ذِمامٌ (3)،هذا لَیلٌ قَد غَشِیَکُم فَاتَّخِذوهُ جَمَلاً. (4)

ص:459


1- (1) .فی المصدر:«نفسی»،وما أثبتناه هو الأصوب کما فی بحار الأنوار.
2- (2) .تفسیر فرات:ص 94 ح 78 [1] عن حذیفة الیمانی،بحار الأنوار:ج 20 ص 104 ح 30، [2]وراجع:الکافی:ج 8 ص 318 ح 502. [3]
3- (3) .الذِمامُ:بمعنی العهد،الأمان والضمان والحرمة والحقّ (مجمع البحرین:ج 1 ص 644«ذمم»).
4- (4) .یقال للرجل إذا سری لیلته جمعاء:اتّخذَ اللیلَ جَمَلاً؛کأنّه رکبه (النهایة:ج 1 ص 298« [4]جمل»).

قالَ أبو مِخنَفٍ:حَدَّثَنا عَبدُ اللّهِ بنُ عاصِمٍ الفائِشِیُّ-بَطنٌ مِن هَمدانَ-عَنِ الضَّحّاکِ بنِ عَبدِ اللّهِ المَشرِقِیِّ،قالَ:قَدِمتُ ومالِکَ بنَ النَّضرِ الأَرحَبِیَّ عَلَی الحُسَینِ، فَسَلَّمنا عَلَیهِ ثُمَّ جَلَسنا إلَیهِ فَرَدَّ عَلَینا،ورَحَّبَ بِنا،وسَأَلَنا عَمّا جِئنا لَهُ،فَقُلنا:جِئنا لِنُسَلِّمَ عَلَیکَ،ونَدعُوَ اللّهَ لَکَ بِالعافِیَةِ،ونُحدِثَ بِکَ عَهداً،ونُخبِرَکَ خَبَرَ النّاسِ،وإنّا نُحَدِّثُکَ أنَّهُم قَد جَمَعوا عَلی حَربِکَ فَرَ (1)رَأیَکَ.

فَقالَ الحُسَینُ علیه السلام:حَسبِیَ اللّهُ ونِعمَ الوَکیلُ !

قالَ:فَتَذَمَّمنا وسَلَّمنا عَلَیهِ،ودَعَونَا اللّهَ لَهُ.

قالَ:فَما یَمنَعُکُما مِن نُصرَتی؟فَقالَ مالِکُ بنُ النَّضرِ:عَلَیَّ دَینٌ ولی عِیالٌ.فَقُلتُ لَهُ:إنَّ عَلَیَّ دَیناً،وإنَّ لی لَعِیالاً،ولکِنَّکَ إن جَعَلتَنی فی حِلٍّ مِنَ الاِنصِرافِ إذا لَم أجِد مُقاتِلاً قاتَلتُ عَنکَ ما کانَ لَکَ نافِعاً،وعَنکَ دافِعاً.

قالَ:قالَ:فَأَنتَ فی حِلٍّ،فَأَقَمتُ مَعَهُ.

فَلَمّا کانَ اللَّیلُ قالَ:هذَا اللَّیلُ قَد غَشِیَکُم،فَاتَّخِذوهُ جَمَلاً،ثُمَّ لیَأخُذ کُلُّ رَجُلٍ مِنکُم بِیَدِ رَجُلٍ مِن أهلِ بَیتی،تَفَرَّقوا فی سَوادِکُم ومَدائِنِکُم حَتّی یُفَرِّجَ اللّهُ،فَإِنَّ القَومَ إنَّما یَطلُبُونّی،ولَو قَد أصابونی لَهَوا عَن طَلَبِ غَیری.

فَقالَ لَهُ إخوَتُهُ وأَبناؤُهُ وبَنو أخیهِ وَابنا عَبدِ اللّهِ بنِ جَعفَرٍ:لِمَ نَفعَلُ؟لِنَبقی بَعدَکَ؟! لا أرانَا اللّهُ ذلِکَ أبَداً.بَدَأَهُم بِهذَا القَولِ العَبّاسُ بنُ عَلِیٍّ.ثُمَّ إنَّهُم تَکَلَّموا بِهذا ونَحوِهِ. (2)

ص:460


1- (1) .رَ:فعل الأمر من رأی.
2- (2) .تاریخ الطبری:ج 5 ص 418، [1]الکامل فی التاریخ:ج 2 ص 559؛ [2]الإرشاد:ج 2 ص 91، [3]الأمالی للصدوق:ص 220 ح 239 عن عبد اللّه بن منصور عن الإمام الصادق عن أبیه عن جدّه علیهم السلام وکلّها نحوه،بحار الأنوار:ج 44 ص 315 ح 1. [4]

11524. الطبقات الکبری عن الأسود بن قیس العبدی: قیلَ لِمُحَمَّدِ بنِ بَشیرٍ الحَضرَمِیِّ:قَد اسِرَ ابنُکَ بِثَغرِ الرِّیِّ،قالَ:عِندَ اللّهِ أحتَسِبُهُ ونَفسی،ما کُنتُ احِبُّ أن یُؤسَرَ،ولا أن أبقی بَعدَهُ.

فَسَمِعَ قَولَهُ الحُسَینُ علیه السلام فَقالَ لَهُ:رَحِمَکَ اللّهُ،أنتَ فی حِلٍّ مِن بَیعَتی،فَاعمَل فی فِکاکِ ابنِکَ.

قالَ:أکَلَتنِی السِّباعُ حَیّاً إن فارَقتُکَ.

قالَ:فَأَعطِ ابنَکَ هذِهِ الأَثوابَ وَالبُرودَ یَستَعینُ بِها فی فِکاکِ أخیهِ.

فَأَعطاهُ خَمسَةَ أثوابٍ قیمَتُها ألفُ دینارٍ. (1)

11525. مقاتل الطالبیّین عن حمید بن مسلم: جاءَ رَجُلٌ حَتّی دَخَلَ عَسکَرَ الحُسَینِ علیه السلام،فَجاءَ إلی رَجُلٍ مِن أصحابِهِ،فَقالَ لَهُ:إنَّ خَبَرَ ابنِکَ فُلانٍ وافی أنَّ الدَّیلَمَ أسِروهُ،فَتَنصَرِفُ مَعی حَتّی نَسعی فی فِدائِهِ،فَقالَ:حَتّی أصنَعَ ماذا؟عِندَ اللّهِ أحتَسِبُهُ ونَفسی.

فَقالَ لَهُ الحُسَینُ علیه السلام:اِنصَرِف وأنتَ فی حِلٍّ مِن بَیعَتی،وأنَا اعطیکَ فِداءَ ابنِکَ.

فَقالَ:هَیهاتَ أن افارِقَکَ ثُمَّ أسأَلَ الرُّکبانَ عَن خَبَرِکَ ! لا یَکونُ-وَاللّهِ-هذا أبَداً، ولا افارِقُکَ.ثُمَّ حَمَلَ عَلَی القَومِ فَقاتَلَ حَتّی قُتِلَ رَحمَةُ اللّهِ عَلَیهِ ورِضوانُهُ. (2)

11526. شرح الأخبار عن الحسین علیه السلام -لِأَصحابِهِ-:إنَّ هؤُلاءِ لا یَطلُبونَ مِنکُم غَیری،وأنَا فَلَستُ اسَلِّمُ إلَیهِم نَفسی أو یَقتُلونی،فَمَن شاءَ مِنکُم فَلیَنصَرِف عَنّی مُحَلَّلاً مِن ذلِکَ.

قالوا:وکَیفَ نَنصَرِفُ عَنِ ابنِ رَسولِ اللّهِ صلی الله علیه و آله؟! نُقتَلُ بَینَ یَدَیهِ بَعدَ أن نَبذُلَ مَجهودَنا فی عَدُوِّهِ،وفی دَفعِهِ عَنهُ حَتّی نَلقَی اللّهَ عز و جل. (3)

ص:461


1- (1) .الطبقات الکبری ( الطبقة الخامسة من الصحابة ):ج 1 ص 468 ح 443،تهذیب الکمال:ج 6 ص 407،تاریخ دمشق:ج 14 ص 182؛الملهوف:ص 151،بحار الأنوار:ج 44 ص 394. [1]
2- (2) .مقاتل الطالبیّین:ص 116. [2]
3- (3) .شرح الأخبار:ج 3 ص 152.

ص:462

الفصل العاشر:النّوادر

11527. تاریخ دمشق عن سعد بن عبادة: بایَعَ رَسولُ اللّهِ صلی الله علیه و آله عِصابَةً مِن أصحابِهِ عَلَی المَوتِ یَومَ احُدٍ حینَ انهَزَمَ المُسلِمونَ،فَصَبَروا ولَزِموا وجَعَلوا یَستُرونَهُ بِأَنفُسِهِم؛یَقولُ الرَّجلُ مِنهُم:نَفسی لِنَفسِکَ الفِداءُ یا رَسولَ اللّهِ،وَجهی لِوَجهِکَ الوِقاءُ یا رَسولَ اللّهِ، وهُم یَحمونَهُ ویَقونَهُ بِأَنفُسِهِم،حَتّی قُتِلَ مِنهُم مَن قُتِلَ. (1)

11528. صحیح مسلم عن عوف بن مالک الأشجعی: کُنّا عِندَ رَسولِ اللّهِ صلی الله علیه و آله،تِسعَةٌ أو ثَمانِیَةٌ أو سَبعَةٌ،فَقالَ:ألا تُبایِعونَ رَسولَ اللّهِ؟وکُنّا حَدیثُ عَهدٍ بِبَیعَةٍ،فَقُلنا:قَد بایَعناکَ یا رَسولَ اللّهِ،ثُمَّ قالَ:ألا تُبایِعونَ رَسولَ اللّهِ؟فَقُلنا:قَد بایَعناکَ یا رَسولَ اللّهِ ! ثُمَّ قالَ:

ألا تُبایِعونَ رَسولَ اللّهِ؟فَبَسَطنا أیدِیَنا وقُلنا:قَد بایَعناکَ یا رَسولَ اللّهِ ! فَعَلامَ نُبایِعُکَ؟

قالَ:عَلی أن تَعبُدُوا اللّهَ ولا تُشرِکُوا بِهِ شَیئاً،وَالصَّلَواتِ الخَمسِ،وتُطیعوا (وأَسَرَّ کَلِمَةً خَفِیَّةً) ولا تَسأَلُوا النّاسَ شَیئاً. (2)

ص:463


1- (1) .تاریخ دمشق:ج 25 ص 70 ح 5353،الإصابة:ج 3 ص 431 [1] نحوه،کنز العمّال:ج 10 ص 435 ح 30049.
2- (2) .صحیح مسلم:ج 2 ص 721 ح 108،سنن أبی داود:ج 2 ص 121 ح 1642، [2]سنن ابن ماجة:ج 2 ص 957 ح 2867 کلاهما نحوه،کنز العمّال:ج 1 ص 101 ح 450.

11529. تاریخ دمشق عن محمّد بن عثمان بن حوشب عن أبیه عن جدّه: لَمّا أن أظهَرَ اللّهُ عز و جل مُحَمَّداً صلی الله علیه و آله،انتَدَبتُ إلیهِ مَعَ النّاسِ فی أربَعینَ فارِساً مَعَ عَبدِ شَرٍّ،فَقَدِموا عَلَیهِ المَدینَةَ بِکِتابی.فَقالَ:أیُّکُم مُحَمَّدٌ؟قالوا:هذا،قالَ:مَا الَّذی جِئتَنا بِهِ؟فَإِن یَکُ حَقّاً اتَّبَعناکَ.

قالَ:تُقیمُوا الصَّلاةَ،وتُؤتُوا الزَّکاةَ،وتَحقِنُوا الدِّماءِ،وتَأمُروا بِالمَعروفِ وتَنهَوا عَنِ المُنکَرِ.

فَقالَ عَبدُ شَرٍّ:إنَّ هذَا لَحَسَنٌ جَمیلٌ،مُدَّ یَدَکَ ابایِعکَ.

فَقالَ النَّبِیُّ صلی الله علیه و آله:مَا اسمُکَ؟قالَ:عَبدُ شَرٍّ،قالَ:أنتَ عَبدُ خَیرٍ.وکَتَبَ مَعَهُ الجَوابَ إلی حوشَبَ ذِی ظلیمٍ،فَآمَنَ. (1)

11530. المناقب لابن شهر آشوب عن ابن عبّاس -فی قَولِهِ: «وَ إِنْ کادُوا لَیَفْتِنُونَکَ عَنِ الَّذِی أَوْحَیْنا» (2)-:قالَ وَفدُ ثَقیفٍ:نُبایِعُکَ عَلی ثَلاثٍ:لا نَنحَنی،ولا نَکسِرُ إلهاً بِأَیدینا، وتَمَتَّعنا بِاللّاتِ سَنَةً.

فَقالَ علیه السلام:لا خَیرَ فی دینٍ لَیسَ فیهِ رُکوعٌ وسُجودٌ،فَأَمّا کَسرُ أصنامِکُم بِأَیدیکُم فَذاکَ لَکُم،وأَمَّا الطّاغِیَةُ اللّاتُ (3)فَإِنّی غَیرُ مُمَتِّعِکُم بِها.

قالوا:أجِّلنا سَنَةً حَتّی نَقبِضَ ما یُهدی لِآلِهَتِنا،فَإِذا قَبَضناها کَسَرناها وأَسلَمنا.

فَهَمَّ بِتَأجیلِهِم،فَنَزَلَت هذِهِ الآیَةُ.

قالَ قَتادَةُ:فَلَمّا سَمِعَ قَولَهُ: «ثُمَّ لا تَجِدُ لَکَ عَلَیْنا نَصِیراً» (4)قالَ:اللّهُمَّ لا تَکِلنی إلی

ص:464


1- (1) .تاریخ دمشق:ج 15 ص 342 ح 3797،کنز العمّال:ج 1 ص 330 ح 1531.
2- (2) .الإسراء:73. [1]
3- (3) .فی مجمع البیان:«وأمّا الطاعة للّات»بدل«وأمّا الطاغیة اللات».
4- (4) .الإسراء:75. [2]

نَفسی طَرفَةَ عَینٍ أبَداً. (1)

11531. السیرة النبویّة لابن هشام عن الزهریّ: إنَّهُ [أی رَسولَ اللّهِ صلی الله علیه و آله ] أتی بَنی عامِرِ بنِ صَعصَعَةَ،فَدَعاهُم إلَی اللّهِ عز و جل،وعَرَضَ عَلَیهِم نَفسَهُ،فَقالَ لَهُ رَجُلٌ مِنهُم:...أرَأَیتَ إن نَحنُ بایَعناکَ عَلی أمرِکَ ثُمَّ أظهَرَکَ اللّهُ عَلی مَن خالَفَکَ،أیَکونُ لَنا الأَمرُ مِن بَعدِکَ؟

قالَ:الأَمرُ إلَی اللّهِ یَضَعُهُ حَیثُ یَشاءُ.

قالَ:فَقالَ لَهُ:أفَتَهدِفُ نُحورَنا لِلعَرَبِ دونَکَ،فَإِذا أظهَرَکَ اللّهُ کانَ الأَمرُ لِغَیرِنا؟! لا حاجَةَ لَنا بِأَمرِکَ.فَأَبَوا عَلَیهِ. (2)

11532. المناقب لابن شهر آشوب: لَمّا کانَ النَّبِیُّ صلی الله علیه و آله یَعرِضُ نَفسَهُ عَلَی القَبائِلِ،جاءَ إلی بَنی کِلابٍ فَقالوا:نُبایِعُکَ عَلی أن یَکونَ لَنَا الأَمرُ بَعدَکَ.

فَقالَ:الأَمرُ للّهِ ِ،فَإِن شاءَ کانَ فیکُم،أو فی غَیرِکُم.

فَمَضَوا فَلَم یُبایِعوهَ،وقالوا:لا نَضرِبُ لِحَربِکَ بِأَسیافِنا ثُمَّ تُحَکِّمُ عَلَینا غَیرَنا. (3)

11533. صحیح البخاری عن جابر بن عبد اللّه: إنَّ أعرابِیّاً بایَعَ رَسولَ للّهِ صلی الله علیه و آله عَلَی الإِسلامِ، فَأَصابَ الأَعرابِیَّ وَعَکٌ بِالمَدینَةِ،فَأَتَی الأَعرابِیُّ إلی رَسولِ اللّهِ صلی الله علیه و آله فَقالَ:یا رَسولَ

ص:465


1- (1) .المناقب لابن شهر آشوب:ج 1 ص 57، [1]مجمع البیان:ج 6 ص 665 نحوه،بحار الأنوار:ج 17 ص 53. [2]
2- (2) .السیرة النبویّة لابن هشام:ج 2 ص 66، [3]تاریخ الطبری:ج 2 ص 350، [4]الثقات لابن حبّان:ج 1 ص 89 عن أبی حاتم نحوه.
3- (3) .المناقب لابن شهر آشوب:ج 1 ص 257، [5]الصراط المستقیم:ج 1 ص 72 ولیس فیه ذیله من«فمضوا فلم یبایعوه»،بحار الأنوار:ج 23 ص 74 ح 23. [6]

اللّهِ،أقِلنی بَیعَتی،فَأَبی رَسولُ اللّهِ صلی الله علیه و آله.ثُمَّ جاءَهُ فَقالَ:أقِلنی بَیعَتی،فَأَبی،ثُمَّ جاءَهُ فَقالَ:أقِلنی بَیعَتی،فَأَبی.فَخَرَجَ الأَعرابِیُّ.

فَقالَ رَسولُ اللّهِ صلی الله علیه و آله:إنَّمَا المَدینَةُ کَالکِیرِ (1)،تَنفی خَبَثَها وتَنصَعُ (2)طَیِّبَها. (3)

ص:466


1- (1) .الکِیرُ:زِقُّ الحدّادِ الذی یَنفُخُ به (المصباح المنیر:ص 545«کیر»).
2- (2) .الناصع:الخالص من کلّ شیء (الصحاح:ج 3 ص 1290« [1]نصح»).
3- (3) .صحیح البخاری:ج 6 ص 2636 ح 6785،صحیح مسلم:ج 2 ص 1006 ح 489،سنن الترمذی:ج 5 ص 720 ح 3920 ولیس فیه من«ثمّ جاءه»إلی«فأبی»فی الموضع الثالث،کنز العمّال:ج 12 ص 233 ح 34813.

الفهارس

اشارة

1.فهرس الآیات الکریمة 469

2.فهرس الأعلام 500

3.فهرس الأدیان والفرق والمذاهب 508

4.فهرس الجماعات والقبائل 509

5.فهرس البلدان والأماکن 513

6.فهرس الحوادث والوقائع والأیام والأزمنة 515

7.فهرس المفردات اللغویة (المشروحة فی الهامش) 517

8.الفهرس التفصیلی 520

ص:467

ص:468

(1)فهرس الآیات الکریمة

البقرة

الآیة.....رقم الآیة..........الصفحة

«مثلهم کمثل الذی استوقد نارا فلما أضاءت ما حوله ذهب الله»17 79

«أو کصیّب مّن السماء فیه ظلمت و رعد و برق یجعلون»......19......79

«و إذ قلنا للمللکة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبلیس»......34......101

«أ تامرون الناس بالبر و تنسون أنفسکم و أنتم تتلون الکتاب»......44......7،8،12

«فجعلناها نکلا لّما بین یدیها و ما خلفها و موعظة»......66......66

«کذلک یحی الله الموتی و یریکم آیاته لعلکم تعقلون»......73......59

«ثم قست قلوبکم مّن بعد ذلک فهی کالحجارة أو أشد»......74......81

«و اتبعوا ما تتلوا الشیاطین علی ملک سلیمان و ما کفر»......102......131

«و قالوا لن یدخل الجنة إلا من کان هودا أو نصاری»......111......71

«تلک أمانیهم قل هاتوا برهانکم إن کنتم صادقین»......111......71

«و قالت الیهود لیست النصاری علی شیء و قالت النصاری»......113......262

«إنّی جاعلک للناس إماما»......124......108

«و إذ ابتلی إبر هیم ربه بکلمت فأتمهن قال إنّی جاعلک»......124......108

«أسلم قال أسلمت لربّ العالمین»......131......109

ص:469

«الذین آتیناهم الکتاب یعرفونه کما یعرفون أبناءهم»......146......255

«و لنبلونکم بشیء مّن الخوف و الجوع و نقص مّن الأمو ل»......155......162،176،183

«إن الذین یکتمون ما أنزلنا من البیّنت و الهدی من بعد ما»......159......63

«و إلهکم إله و حد لا إله إلاهو الرحمن الرحیم»......163......60

«إن فی خلق السمو ت و الأرض و اختلف اللیل و النهار...»......164......60

«و مثل الذین کفروا کمثل الذی ینعق بما لا یسمع إلا دعاء...»......171......78

«إن الذین یکتمون ما أنزل الله من الکتاب و یشترون به»......174......24

«و لیس البر بأن تأتوا البیوت من ظهورها و لکن البر...»......189......439

«أم حسبتم أن تدخلوا الجنة و لما یأتکم مثل الذین»......214......104،106،107،156

«کذلک یبیّن الله لکم آیاته لعلکم تعقلون»......242......59

«فلما فصل طالوت بالجنود قال إن الله مبتلیکم بنهر»......249......154

«إن الله مبتلیکم بنهر فمن شرب منه فلیس منی و من لم یطعمه»......249......154

«لا طاقة لنا الیوم بجالوت و جنوده»......249......154،155

«کم مّن فئة قلیلة غلبت فئة کثیرة بإذن الله و الله مع...»......249......154

«ربنا أفرغ علینا صبرا و ثبّت أقدامنا و انصرنا علی...»......250......155

«فهزموهم بإذن الله و قتل داود جالوت وآتله الله...»......251......155

«الله لا إله إلا هو الحی القیوم لا تأخذه سنة و لا نوم»......255......341

«لا إکراه فی الدین قد تبین الرشد من الغی فمن یکفر...»......256......17

«فبهت الذی کفر»......258......210،219

«مثل الذین ینفقون أمو لهم فی سبیل الله کمثل حبة أنبتت...»......261......79

«الذین ینفقون أمو لهم فی سبیل الله ثم لا یتبعون ما أنفقوا»......262......79

«قول معروف و مغفرة خیر مّن صدقة یتبعها أذی و الله غنی...»......263......79

«یا أیها الذین آمنوا لا تبطلوا صدقتکم بالمن ّ و الأذی»......264......79

«و مثل الذین ینفقون أمو لهم ابتغاء مرضات الله و تثبیتا...»......265......79

«الذین یأکلون الرّبوا لا یقومون إلا کما یقوم الذی»......275......66

ص:470

آل عمران

«و ما یعلم تأویله إلا الله و الر سخون فی العلم»......7......163

«شهد الله أنه لا إله إلا هو و المللکة و أولوا العلم»......18......341

«قل اللهم ملک الملک تؤتی الملک من تشاء و تنزع الملک...»......26......341

«تولج اللیل فی النهار و تولج النهار فی اللیل و تخرج الحی...»......27......341

«إن الله اصطفی آدم و نوحا وآل إبر هیم»......33......330

«ذرّیة بعضها من بعض و الله سمیع علیم»......34......330

«إن مثل عیسی عند الله کمثل آدم خلقه من تراب»......59......263،307

«الحق من ربّک فلا تکن مّن الممترین»......60......263

«فمن حاجک فیه من بعد ما جاءک من العلم فقل تعالوا ندع»......61......259،263،307،326،............328،331،332،355

«فقل تعالوا ندع أبناءنا و أبناءکم و نساءنا و نساءکم...»......61......250،260،325،338،............352

«أبناءنا و أبناءکم و نساءنا و نساءکم و أنفسنا و أنفسکم»......61......259

«قل یا أهل الکتاب تعالوا إلی کلمة سواء بیننا و بینکم»......64......266،316،317

«هذا بیان لّلناس و هدی و موعظة لّلمتقین»......138......63،66

«إن یمسسکم قرح فقد مس القوم قرح مّثله و تلک الأیام»......140......167،192،193

«و لیمحّص الله الذین آمنوا و یمحق الکافرین»......141......167،192

«أم حسبتم أن تدخلوا الجنة و لما یعلم الله الذین جاهدوا»......142......163،167،192

«و لقد صدقکم الله وعده إذ تحسونهم بإذنه حتی إذا فشلتم»......152......191

«و لیبتلی الله ما فی صدورکم و لیمحّص ما فی قلوبکم»......154......179

«ثم أنزل علیکم مّن بعد الغمّ أمنة نعاسا یغشی»......154......192

«ما کان الله لیذر المؤمنین علی ما أنتم علیه حتی یمیز»......179......177

«لتبلون فی أمو لکم و أنفسکم و لتسمعن من الذین أوتوا»......186......170،188

«و إذ أخذ الله میثاق الذین أوتوا الکتاب لتبیننه للناس»......187......24

ص:471

النساء

«و إن أردتم استبدال زوج مکان زوج و آتیتم إحدلهن قنطارا»......20......214،234

«أ تاخذونه بهتنا و إثما مبینا»......20......234

«و کیف تأخذونه و قد أفضی بعضکم إلی بعض و أخذن منکم»......21......234

«أم یحسدون الناس علی ماء اتلهم الله من فضله فقدآتینا»......54......330،331

«یا أیها الذین آمنوا أطیعوا الله و أطیعوا الرسول و أولی...»......59......320،331

«فلا و ربّک لا یؤمنون حتی یحکّموک فیما شجر بینهم ثم لا یجدوا»......65......82

«و لا تهنوا فی ابتغاء القوم إن تکونوا تألمون فإنهم یألمون»......104......193

«إنا أنزلنا إلیک الکتاب...»......105......225،226

«یستخفون من الناس و لا یستخفون من الله و هو معهم»......108......226

«و من یکسب إثما فإنما یکسبه علی نفسه و کان الله علیما...»......111......213

«و من یکسب خطیئة أو إثما ثم یرم به بریئا فقد احتمل بهتنا»......112......213،221،224،225،............226

«فقد احتمل بهتنا و إثما مبینا»......112......223

«و لو لا فضل الله علیک و رحمته لهمت طالفة مّنهم أن یضلوک»......113......227

«و من یشاقق الرسول من بعد ما تبین له الهدی و یتبع غیر...»......115......227

«إن الله لا یغفر أن یشرک به»......116......225،226

«من یعمل سوءا یجز به»......123......191

«و بکفرهم و قولهم علی مریم بهتنا عظیما»......156......233،243

«یا أیها الناس قد جاءکم برهان مّن ربّکم و أنزلنا إلیکم»......174......64

المائدة

«أوفوا بالعقود»......1......370

«الیوم أکملت لکم دینکم و أتممت علیکم نعمتی و رضیت...»......3......419،420

«و اذکروا نعمة الله علیکم و میثقه الذی واثقکم به»......7......384

«و اتل علیهم نبأ ابنی آدم بالحقّ إذ قربا قربانا»......27......103

ص:472

«و قفینا علی آثارهم بعیسی ابن مریم مصدّقا»......46......66

«و أنزلنا إلیک الکتاب بالحقّ مصدّقا لّما بین یدیه»......48......181

«إنما ولیکم الله و رسوله»......55......320

«یا أیها الرسول بلّغ ما أنزل إلیک من ربّک و إن لم تفعل»......67......419،421

«یا أیها الذین آمنوا لیبلونکم الله بشیء مّن الصید تناله»......94......167،168

«ما قلت لهم إلا ما أمرتنی به أن اعبدوا الله ربّی و ربکم»......117......67

الأنعام

«الحمد لله الذی خلق السمو ت و الأرض و جعل الظلمت...»......1......352

«و لا تطرد الذین یدعون ربهم بالغداة و العشیّ»......52......186

«و لا تطرد الذین یدعون ربهم...»......53......187

«و کذلک فتنا بعضهم ببعض لّیقولوا أ هؤلاء من الله علیهم»......53......187،193

«من الله علیهم مّن بیننا أ لیس الله بأعلم بالشاکرین»......53......187

«قل إنّی علی بیّنة مّن ربّی و کذبتم به ما عندی ما»......57......63

«قل هو القادر علی أن یبعث علیکم عذابا مّن فوقکم»......65......158

«و من ذرّیته داود و سلیمان و أیوب و یوسف و موسی...»......84......328

«و زکریا و یحیی و عیسی و إلیاس»......85......328

«أوللک الذین هدی الله فبهدلهم اقتده قل لا أسلکم»......90......29

«أو من کان میتا فأحیینه و جعلنا له نورا یمشی به»......122......77

«قل فلله الحجة البلغة فلو شاء لهدلکم أجمعین»......149......65

«قل تعالوا أتل ما حرم ربکم علیکم ألا تشرکوا به شیئا»......151......61،404

«أو تقولوا لو أنا أنزل علینا الکتاب لکنا أهدی منهم»......157......63

«و هو الذی جعلکم خللف الأرض و رفع بعضکم فوق بعض»......165......181

الأعراف

«خلقتنی من نار و خلقته من طین»......12......102

ص:473

«و یادم اسکن أنت و زوجک الجنة فکلا من حیث شئتما»......19......102

«فوسوس لهما الشیطان لیبدی لهما ماوری عنهما»......20......103

«و قاسمهما إنّی لکما لمن النصحین»......21......103

«فدللهما بغرور فلما ذاقا الشجرة بدت لهما سوء تهما و طفقا»......22......103

«قالا ربنا ظلمنا أنفسنا و إن لم تغفر لنا و ترحمنا»......23......103

«یا بنی آدم لا یفتننکم الشیطان کما أخرج أبویکم»......27......103

«و إلی ثمود أخاهم صلحا قال یا قوم اعبدوا الله ما لکم»......73......125

«و اذکروا إذ جعلکم خلفاء من بعد عاد و بوأکم فی الأرض...»......74......125

«قال الملأ الذین استکبروا من قومه للذین استضعفوا لمن»......75......125

«قال الذین استکبروا إنا بالذی آمنتم به کافرون»......76......125

«فعقروا الناقة و عتوا عن أمر ربّهم و قالوا یصلح ائتنا»......77......125

«فأخذتهم الرجفة فأصبحوا فی دارهم جثمین»......78......125

«فتولی عنهم و قال یا قوم لقد أبلغتکم رسالة ربّی و نصحت لکم»......79......125

«و کتبنا له فی الألواح من کلّ شیء موعظة و تفصیلا»......145......66

«و اختار موسی قومه سبعین رجلا لمیقاتنا فلما أخذتهم الرجفة»......155 128

«و سئلهم عن القریة التی کانت حاضرة البحر إذ یعدون»......163......149،150

«لم تعظون قوما الله مهلکهم أو معذّبهم عذابا شدیدا»......164......150،152،154

«معذرة إلی ربّکم و لعلهم یتقون»......164......150،152

«فلما نسوا ما ذکّروا به»......165......152

«أنجینا الذین ینهون عن السوء و أخذنا الذین ظلموا بعذاب»......165......152

«فلما عتوا»......166......150

«عن ما نهوا عنه قلنا لهم کونوا قردة خسین»......166......150

«و قطعنهم فی الأرض أمما مّنهم الصالحون و منهم دون ذ لک»......168......184

«و بلونهم بالحسنت و السیّات لعلهم یرجعون»......168......96

«و اتل علیهم نبأ الذی آتیناه آیاتنا فانسلخ منها»......175......81

ص:474

«و لو شئنا لرفعنه بها و لکنه أخلد إلی الأرض»......176......81

«ساء مثلا القوم الذین کذبوا بآیاتنا و أنفسهم کانوا یظلمون»......177......81

«و الذین کذبوا بآیاتنا سنستدرجهم مّن حیث لا یعلمون»......182......203،204

«و أملی لهم إن کیدی متین»......183......203

الأنفال

«فلم تقتلوهم و لکن الله قتلهم و ما رمیت إذ رمیت»......17......184،192

«و لیبلی المؤمنین منه بلاء حسنا»......17......97

«یا أیها الذین آمنوا أطیعوا الله و رسوله و لا تولوا عنه»......20......81

«و لا تکونوا کالذین قالوا سمعنا و هم لا یسمعون»......21......81

«إن شر الدوابّ عند الله الصم البکم الذین لا یعقلون»......22......78،81

«و لو علم الله فیهم خیرا لأسمعهم و لو أسمعهم لتولوا»......23......81

«و اعلموا أنما أمو لکم و أولادکم فتنة و أن الله عنده أجر عظیم»......28......94،104،172،189،190

«و إذ یمکر بک الذین کفروا لیثبتوک أو یقتلوک أو یخرجوک»......30......392

«لیمیز الله الخبیث من الطیّب و یجعل الخبیث بعضه علی...»......37......177

«لیهلک من هلک عن بیّنة و یحیی من حی عن بیّنة و إن الله»......42......63

التوبة

«و إن نکثوا أیمانهم مّن بعد عهدهم و طعنوا فی دینکم»......12......452

«أم حسبتم أن تترکوا و لما یعلم الله الذین جاهدوا منکم»......16......176

«إن الله اشتری من المؤمنین أنفسهم و أمو لهم بأن لهم...»......111......360،405،438

«یا أیها الذین آمنوا اتقوا الله و کونوا مع الصادقین»......119......352

یونس

«إنما مثل الحیاة الدنیا کماء أنزلناه من السماء فاختلط به»......24......80

ص:475

«و یستنبئونک أ حق هو قل إی و ربّی إنه لحق و ما أنتم...»......53......83

«یا أیها الناس قد جاءتکم موعظة مّن ربّکم و شفاء لّما فی...»......57......66

«قل أرءیتم ما أنزل الله لکم من رزق فجعلتم منه حراما»......59......18

«و لو شاء ربک لأمن من فی الأرض کلهم جمیعا أ فأنت تکره...»......99......17،18

هود

«و هو الذی خلق السمو ت و الأرض فی ستة أیام و کان عرشه»......7......173،175

«لیبلوکم أیکم أحسن عملا»......7......62،104،175

«و من أظلم ممن افتری علی الله کذبا أوللک یعرضون علی»......18......18

«مثل الفریقین کالأعمی و الأصمّ و البصیر و السمیع هل...»......24......77

«فقال ربّ إن ابنی من أهلی و إن وعدک الحق»......45......330

«ینوح إنه لیس من أهلک إنه عمل غیر صلح فلا تسئلن»......46......330

«و کلا نقص علیک من أ نبأ الرسل ما نثبّت به فؤادک»......120......66

یوسف

«إذ قال یوسف لأبیه یا أبت إنّی رأیت أحد عشر کوکبا»......4......114

«قال یا بنی لا تقصص رؤیاک علی إخوتک فیکیدوا لک کیدا»......5......114،120

«و کذلک یجتبیک ربک و یعلّمک من تأویل الأحادیث»......6......121

«إذ قالوا لیوسف و أخوه أحب إلی أبینا منا و نحن عصبة»......8......121

«أحب إلی أبینا منا و نحن عصبة إن أبانا لفی ضلال مبین»......8......116

«إن أبانا لفی ضلال مبین»......8......121

«اقتلوا یوسف أو اطرحوه أرضا یخل لکم وجه أبیکم و تکونوا»......9......117

«لا تقتلوا یوسف و ألقوه فی غیبت الجب ّ یلتقطه بعض السیارة»......10......117

«قالوا یأبانا ما لک لا تأمنا علی یوسف و إنا له لنصحون»......11......117،121

«أرسله معنا غدا یرتع و یلعب»......12......117،121

ص:476

«و إنا له لحفظون»......12......121

«إنّی لیحزننی أن تذهبوا به و أخاف أن یأکله الذّئب و أنتم...»......13......117،121

«لئن أکله الذّئب و نحن عصبة إنا إذا لخاسرون»......14......121

«فلما ذهبوا به و أجمعوا أن یجعلوه فی غیبت الجب ّ و أوحینا»......15......114،121

«عشاء یبکون»......16......117

«قالوا یأبانا إنا ذهبنا نستبق و ترکنا یوسف عند متعنا»......17......118

«بل سولت لکم أنفسکم أمرا»......18......118

«و قال الذی اشترله من مّصر لامرأته أکرمی مثوله»......21......118

«و ر و دته التی هو فی بیتها عن نفسه و غلقت الأبو ب»......23......114

«و لقد همت به و هم بها لو لا أن رءا برهان ربّه کذ لک»......24......114،124

«و ألفیا سیّدها لدی الباب قالت ما جزاء من أراد بأهلک سوءا»......25......119

«هی ر و دتنی عن نفسی»......26......119

«إنه من کیدکن»......28......119

«أعرض عن هذا»......29......119

«امرأت العزیز تر ود فتلها عن نفسه»......30......120

«وآتت کل و حدة مّنهن سکّینا»......31......120

«اخرج علیهن فلما رأینه أکبرنه و قطعن أیدیهن»......31......120

«إلا تصرف عنّی کیدهن أصب إلیهن و أکن مّن الجاهلین»......33......120

«اجعلنی علی خزالن الأرض إنّی حفیظ علیم»......55......441

«و تولی عنهم و قال یأسفی علی یوسف و ابیضت عیناه»......84......110

«قالوا تالله تفتؤا تذکر یوسف حتی تکون حرضا أو تکون»......85......110

«یا بنی اذهبوا فتحسسوا من یوسف و أخیه و لا تیأسوا...»......87......111،121،122

«یا أیها العزیز مسنا و أهلنا الضر و جئنا ببضعة»......88......113

«قال هل علمتم ما فعلتم بیوسف و أخیه إذ أنتم جهلون»......89......113،114،123

«قالوا أءنک لأنت یوسف قال أنا یوسف و هذا أخی قد»......90......113،114،123

«قالوا تالله لقد آثرک الله علینا»......91......113

ص:477

«لقدآثرک الله علینا و إن کنا لخطین»......91......123

«قال لا تثریب علیکم الیوم یغفر الله لکم»......92......113،123

«یغفر الله لکم و هو أرحم الر حمین»......92......123

الرعد

«و جنات مّن أعناب و زرع و نخیل صنوان و غیر صنوان»......4......61

«له دعوة الحقّ و الذین یدعون من دونه لا یستجیبون لهم»......14......78

«أنزل من السماء ماء فسالت أودیة بقدرها فاحتمل السیل»......17......76

إبراهیم

«مثل الذین کفروا بربّهم أعمالهم کرماد اشتدت به الرّیح»......18......80

«ا لم تر کیف ضرب الله مثلا کلمة طیّبة کشجرة طیّبة»......24......76

«تؤتی أکلها کل حین بإذن ربّها و یضرب الله الأمثال»......25......76

«و مثل کلمة خبیثة کشجرة خبیثة اجتثت من فوق الأرض...»......26......76

«و سکنتم فی مسکن الذین ظلموا أنفسهم و تبین لکم»......45......75

الحجر

«إنک من المنظرین»......37......101

«إلی یوم الوقت المعلوم»......38......101

«لعمرک إنهم لفی سکرتهم یعمهون»......72......83

«فأخذتهم الصیحة مشرقین»......73......83

«فو ربّک لنسئلنهم أجمعین»......92......83

«عما کانوا یعملون»......93......83

النحل

«هو الذی أنزل من السماء ماء لکم مّنه شراب و منه شجر فیه»......10......60

ص:478

«ینبت لکم به الزرع و الزیتون و النخیل و الأعنب و من کل ّ...»......11......60

«و سخر لکم اللیل و النهار و الشمس و القمر و النجوم مسخر ت...»......12......61

«و ما أرسلنا من قبلک إلا رجالا نوحی إلیهم فسئلوا أهل الذّکر»......43......63

«بالبیّنت و الزبر و أنزلنا إلیک الذّکر لتبیّن للناس»......44......64

«و یجعلون لما لا یعلمون نصیبا مّما رزقناهم تالله لتسئلن عما»......56......82

«تالله لقد أرسلنا إلی أمم مّن قبلک فزین لهم الشیطان أعمالهم»......63......82

«ضرب الله مثلا عبدا مملوکا لا یقدر علی شیء و من رزقنه»......75......77

«و ضرب الله مثلا رجلین أحدهما أبکم لا یقدر علی شیء و هو کل»......76......77

«و أوفوا بعهد الله إذا عهدتم و لا تنقضوا الأیمن بعد توکیدها»......91......437،450

«و لا تکونوا کالتی نقضت غزلها من بعد قوة أنکثا تتخذون»......92......62،179،437،450

«و لو شاء الله لجعلکم أمة و حدة و لکن یضل من یشاء و یهدی...»......93......437،450

«و لا تتخذوا أیمانکم دخلا بینکم فتزل قدم بعد ثبوتها و تذوقوا»......94......437،450

«و لا تشتروا بعهد الله ثمنا قلیلا إنما عند الله هو خیر لکم»......95......437،450

«و ضرب الله مثلا قریة کانت آمنة مطملنة یأتیها رزقها»......112......82

«و لا تقولوا لما تصف ألسنتکم الکذب هذا حلائل و هذا حرام»......116......18

«ادع إلی سبیل ربّک بالحکمة و الموعظة الحسنة وجدلهم»......125......68،70،71

«و جدلهم بالتی هی أحسن»......125......73

الإسراء

«و لا تقف ما لیس لک به علم إن السمع و البصر و الفؤاد»......36......22

«و إن کادوا لیفتنونک عن الذی أوحینا»......73......464

«ثم لا تجد لک علینا نصیرا»......75......464

«و لقد صرفنا للناس فی هذا القرءان من کل ّ مثل فأبی»......89......74

الکهف

«فلعلک بخع نفسک علی آثارهم إن لم یؤمنوا بهذا»......6......17

ص:479

«إنا جعلنا ما علی الأرض زینة لها لنبلوهم أیهم أحسن عملا»......7......17،173

«و اضرب لهم مثلا رجلین جعلنا لأحدهما جنتین من أعناب»......32......77

«کلتا الجنتین آتت أکلها و لم تظلم مّنه شیئا و فجرنا»......33......77

«و کان له ثمر فقال لصحبه و هو یحاوره أنا أکثر منک مالا»......34......77

«و دخل جنته و هو ظالم لّنفسه قال ما أظن أن تبید هذه أبدا»......35......77

«و ما أظن الساعة قالمة و لئن رددت إلی ربّی لأجدن خیرا مّنها»......36......77

«قال له صاحبه و هو یحاوره أ کفرت بالذی خلقک من تراب ثم...»......37......77

«لکنا هو الله ربّی و لا أشرک بربّی أحدا»......38......78

«و لو لا إذ دخلت جنتک قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله إن ترن»......39......78

«فعسی ربّی أن یؤتین خیرا مّن جنتک و یرسل علیها حسبانا...»......40......78

«أو یصبح ماؤها غورا فلن تستطیع له طلبا»......41......78

«و أحیط بثمره فأصبح یقلّب کفیه علی ما أنفق فیها و هی...»......42......78

«و اضرب لهم مثل الحیاة الدنیا کماء أنزلناه من السماء»......45......80

«و لقد صرفنا فی هذا القرءان للناس من کل ّ مثل و کان الإنسان»......54......75

مریم

«فو ربّک لنحشرنهم و الشیاطین»......68......83

طه

«إذ تمشی أختک فتقول هل أدلکم علی من یکفله فرجعنک إلی أمّک»......40 128

«و لا تمدن عینیک إلی ما متعنا به أزو جا مّنهم»......131......188

الأنبیاء

«لقد أنزلنا إلیکم کتابا فیه ذکرکم ا فلا تعقلون»......1......59

«أم اتخذوا من دونه آلهة قل هاتوا برهانکم هذا ذکر»......24......64

«کل نفس ذالقة الموت و نبلوکم بالشرّ و الخیر فتنة»......35......184

ص:480

«و نبلوکم بالشرّ و الخیر فتنة و إلینا ترجعون»......35......96،97،185

«و داود و سلیمان إذ یحکمان فی الحرث إذ نفشت فیه غنم»......78......132

«ففهمنها سلیمان و کلاآتینا حکما و علما و سخرنا مع داود»......79......132

«و أیوب إذ نادی ربه أنّی مسنی الضر و أنت أرحم الر حمین»......83......133

«فاستجبنا له فکشفنا ما به من ضر و آتیناه أهله و مثلهم...»......84......133

«کل مّن الصابرین»......85......137

«و ذا النون إذ ذهب مغاضبا فظن أن لن نقدر علیه فنادی»......87......129

«فاستجبنا له و نجینه من الغم ّ و کذ لک ننجی المؤمنین»......88......129

الحجّ

«حنفاء لله غیر مشرکین به و من یشرک بالله فکأنما خر»......31......78

المؤمنون

«إن فی ذلک لآیات و إن کنا لمبتلین»......30......103،104

«فبعدا لّلقوم الظالمین»......41......152

«أ یحسبون أنما نمدهم به من مال و بنین»......55......186،191،194

«نسارع لهم فی الخیر ت بل لا یشعرون»......56......186،191،194

«و هو الذی یحیی و یمیت و له اختلف اللیل و النهار ا فلا تعقلون»......80......59

«و من یدع مع الله إلهاء اخر لا برهان له به فإنما حسابه»......117......64

النور

«و الذین یرمون المحصنات ثم لم یأتوا بأربعة شهداء»......4......211

«لو لا جاؤ علیه بأربعة شهداء فإذ لم یأتوا بالشهداء»......13......211

«إذ تلقونه بألسنتکم و تقولون بأفواهکم ما لیس لکم»......15......22،211

«و لو لا إذ سمعتموه قلتم ما یکون لنا أن نتکلم بهذا سبحانک»......16......211،214،216،243،............244

ص:481

«هذا بهتن عظیم»......16......210

«إن الذین یحبون أن تشیع الفاحشة فی الذین آمنوا»......19......214

«الله نور السمو ت و الأرض مثل نوره کمشکاة فیها...»......35......75

«و الذین کفروا أعمالهم کسراب بقیعة یحسبه الظمآن»......39......80

الفرقان

«و جعلنا بعضکم لبعض فتنة أ تصبرون و کان ربک بصیرا»......20......193،196

«أم تحسب أن أکثرهم یسمعون أو یعقلون إن هم إلا کالأنعم»......44......81

«قل ما أسلکم علیه من أجر إلا من شاء أن یتخذ إلی ربه سبیلا»......57......30،34

الشعراء

«لعلک بخع نفسک ألا یکونوا مؤمنین»......3......17

«إن نشأ ننزل علیهم من السماء آیة فظلت أعناقهم لها خضعین»......4......17

«فما لنا من شفعین»......100......354

«و لا صدیق حمیم»......101......354

«کذبت قوم نوح المرسلین»......105......29

«إذ قال لهم أخوهم نوح أ لا تتقون»......106......29

«إنی لکم رسول أمین»......107......29

«فاتقوا الله و أطیعون»......108......29

«و ما أسلکم علیه من أجر إن أجری إلا علی رب العالمین»......109......29

«کذبت عاد المرسلین»......123......29

«إذ قال لهم أخوهم هود أ لا تتقون»......124......29

«إنی لکم رسول أمین»......125......29

«فاتقوا الله و أطیعون»......126......29

«و ما أسلکم علیه من أجر إن أجری إلا علی رب العالمین»......127......29

ص:482

«کذبت ثمود المرسلین»......141......29

«إذ قال لهم أخوهم صلح ألا تتقون»......142......29

«إنی لکم رسول أمین»......143......29

«فاتقوا الله و أطیعون»......144......29

«و ما أسلکم علیه من أجر إن أجری إلا علی رب العالمین»......145......29

«کذبت قوم لوط المرسلین»......160......29

«إذ قال لهم أخوهم لوط أ لا تتقون»......161......29

«إنی لکم رسول أمین»......162......29

«فاتقوا الله و أطیعون»......163......29

«و ما أسلکم علیه من أجر إن أجری إلا علی رب العالمین»......164......29

«کذب أصحاب الایکة المرسلین»......176......29

«إذ قال لهم شعیب أ لا تتقون»......177......29

«إنی لکم رسول أمین»......178......29

«فاتقوا الله و أطیعون»......179......29

«و ما أسلکم علیه من أجر إن أجری إلا علی رب العالمین»......180......29

«و أنذر عشیرتک الأقربین»......214......331،362،375

النمل

«قال الذی عنده علم مّن الکتاب أناء اتیک به قبل أن یرتد إلیک...»......40......199

«أمن یبدؤا الخلق ثم یعیده و من یرزقکم مّن السماء و الأرض»......64......64

القصص

«رب إنی لما أنزلت إلی من خیر فقیر»......24......38

«إن أبی یدعوک لیجزیک أجر ما سقیت لنا...»......25......38

«اسلک یدک فی جیبک تخرج بیضاء من غیر سوء و اضمم إلیک»......32......64

«و نزعنا من کلّ أمة شهیدا فقلنا هاتوا برهانکم فعلموا أن الحق»......75......64

ص:483

العنکبوت

«الم»......1......157،158،185

«أ حسب الناس أن یترکوا أن یقولوا آمنا و هم لا یفتنون»......2......96،156،157،158،............167،185،189

«و لقد فتنا الذین من قبلهم فلیعلمن الله الذین صدقوا»......3......96،157،167،......185

«مثل الذین اتخذوا من دون الله أولیاء کمثل العنکبوت اتخذت»......41......78

«و لا تجدلوا أهل الکتاب إلا بالتی هی أحسن»......46......70،71

الروم

«و من آیاته أن خلق لکم مّن أنفسکم أزو جا لّتسکنوا إلیها»......21......60

«و من آیاته یریکم البرق خوفا و طمعا و ینزّل من السماء ماء»......24......61

«هل لکم مّن ما ملکت أیمانکم مّن شرکاء فی ما رزقنکم»......28......61

«و لقد ضربنا للناس فی هذا القرءان من کل ّ مثل و للن»......58......73،75

الأحزاب

«یا أیها الذین آمنوا اذکروا نعمة الله علیکم إذ جاءتکم»......9......155

«إذ جاؤکم مّن فوقکم و من أسفل منکم و إذ زاغت الأبصار»......10......155

«هنالک ابتلی المؤمنون و زلزلوا زلزالا شدیدا»......11......155،161

«و لقد کانوا عهدوا الله من قبل لا یولون الأدبر و کان»......15......385

«إنما یرید الله لیذهب عنکم الرّجس أهل البیت»......33......262،329،331،352

«و الذین یؤذون المؤمنین و المؤمنات بغیر ما اکتسبوا»......58......211،221

سبأ

«و قال الذین کفروا لا تأتینا الساعة قل بلی و ربّی لتأتینکم»......3......83

ص:484

«قل إنما أعظکم بو حدة أن تقوموا لله مثنی و فر دی»......46......68

«قل ما سألتکم من أجر فهو لکم إن أجری إلا علی الله و هو علی»......47......30،33

فاطر

«ثم أورثنا الکتاب الذین اصطفینا من عبادنا»......32......328

«فمنهم ظالم لّنفسه و منهم مقتصد و منهم سابق بالخیر ت»......32......329

«جنات عدن یدخلونها یحلون فیها من أساور من ذهب»......33......329

یس

«یس»......1......84

«و القرءان الحکیم»......2......84

«إنک لمن المرسلین»......3......84

«علی صر ط مستقیم»......4......84

«و ضرب لنا مثلا و نسی خلقه قال من یحی العظم و هی رمیم»......78......72

«قل یحییها الذی أنشأها أول مرة و هو بکلّ خلق علیم»......79......72،73

«الذی جعل لکم مّن الشجر الأخضر نارا فإذآ أنتم مّنه توقدون»......80......72

«أ و لیس الذی خلق السمو ت و الأرض بقدر علی أن یخلق...»......81......72

«إنما أمره إذا أراد شیئا أن یقول له کن فیکون»......82......307

الصافّات

«و الصفت صفا»......1......85

«فالز جر ت زجرا»......2......85

«فالتلیت ذکرا»......3......85

«إن إلهکم لو حد»......4......85

«فبشرنه بغلم حلیم»......101......109

ص:485

«فلما بلغ معه السعی قال یا بنی إنّی أری فی المنام أنّی أذبحک»......102......109،110

«ستجدنی إن شاء الله من الصابرین»......102......110

«فلما أسلما و تله للجبین»......103......109

«و ندینه أن یإبر هیم»......104......110

«قد صدقت الرؤیا إنا کذلک نجزی المحسنین»......105......110

«إن هذا لهو البلؤا المبین»......106......110

«و فدینه بذبح عظیم»......107......110

«فلو لا أنه کان من المسبّحین»......143......130

«للبث فی بطنه إلی یوم یبعثون»......144......130

ص

«ص و القرءان ذی الذّکر»......1......84

«بل الذین کفروا فی عزة و شقاق»......2......84

«کم أهلکنا من قبلهم مّن قرن فنادوا و لات حین مناص»......3......84

«و عجبوا أن جاءهم منذر مّنهم و قال الکافرون هذا سحر کذاب»......4......84

«أجعل الألهة إلها و حدا إن هذا لشیء عجاب»......5......84

«و هل أتلک نبا الخصم إذ تسوروا المحراب»......21......130

«خصمان بغی بعضنا علی بعض فاحکم بیننا بالحق...»......22......130،131

«إن هذا أخی له تسع و تسعون نعجة و لی نعجة و حدة»......23......130

«قال لقد ظلمک بسؤال نعجتک إلی نعاجه»......24......130،131

«فغفرنا له ذلک و إن له عندنا لزلفی و حسن مآب»......25......130

«یداود إنا جعلنک خلیفة فی الأرض فاحکم بین الناس بالحق ّ»......26......131

«و لقد فتنا سلیمان و ألقینا علی کرسیّه جسدا ثم أناب»......34......131،132

«قال ربّ اغفر لی و هب لی ملکا لا ینبغی لأحد مّن بعدی»......35......132

«فسخرنا له الرّیح تجری بأمره رخاء حیث أصاب»......36......132

ص:486

«و اذکر عبدنا أیوب إذ نادی ربه أنّی مسنی الشیطان...»......41......133

«إنا وجدنه صابرا نّعم العبد إنه أواب»......44......146

«قل ما أسلکم علیه من أجر و ما أنا من المتکلفین»......86......29

الزمر

«فبشّر عباد»......17......59،60

«الذین یستمعون القول فیتبعون أحسنه أوللک الذین هدلهم...»......18......59،60

«ضرب الله مثلا رجلا فیه شرکاء متشکسون و رجلا سلما»......29......77

«فإذا مس الإنسان ضر دعانا ثم إذا خولنه نعمة مّنا»......49......181

«أن تقول نفس یا حسرتی علی ما فرطت فی جنب الله»......56......16

غافر

«قل إنّی نهیت أن أعبد الذین تدعون من دون الله»......66......63

«هو الذی خلقکم مّن تراب ثم من نطفة ثم من علقة»......67......61

الشوری

«فریق فی الجنة و فریق فی السعیر»......7......398

«قل لا أسلکم علیه أجرا إلا المودة فی القربی»......23......29،33،320،352

«ما کنت تدری ما الکتاب و لا الإیمان و لکن جعلناه»......52......55

الزخرف

«حم»......1......84

«و الکتاب المبین»......2......84

«إنا جعلناه قرء نا عربیا لعلکم تعقلون»......3......84

«و إنه فی أمّ الکتاب لدینا لعلی حکیم»......4......84

ص:487

«و لو لا أن یکون الناس أمة و حدة لجعلنا لمن یکفر بالرحمن»......33......199

«و لبیوتهم أبو با و سررا علیها یتکون»......34......199

«و لما جاء عیسی بالبیّنت قال قد جئتکم بالحکمة و لأبیّن»......63......64

الدخان

«حم»......1......84

«و الکتاب المبین»......2......84

«إنا أنزلناه فی لیلة مبرکة إنا کنا منذرین»......3......84

«فیها یفرق کل أمر حکیم»......4......84

«أمرا مّن عندنا إنا کنا مرسلین»......5......84

الجاثیة

«و سخر لکم ما فی السمو ت و ما فی الأرض جمیعا مّنه»......13......60

محمّد

«فإذا لقیتم الذین کفروا فضرب الرّقاب حتی إذا أثخنتموهم»......4......192

«إن تنصروا الله ینصرکم و یثبّت أقدامکم»......7......174

«ا فمن کان علی بیّنة مّن ربّه کمن زیّن له سوء عمله»......14......63

«و لنبلونکم حتی نعلم المجهدین منکم و الصابرین...»......31......175

«و لا یسئلکم أمو لکم»......36......205

«إن یسئلکموها فیحفکم تبخلوا»......37......205

«و من یبخل فإنما یبخل عن نفسه و الله الغنی و أنتم الفقراء»......38......205

الفتح

«فمن نکث فإنما ینکث علی نفسه و من أوفی بما عهد علیه الله»......10......398،455

ص:488

«إن الذین یبایعونک إنما یبایعون الله ید الله فوق أیدیهم»......10......398،401،402،......437،455،458

«ید الله فوق أیدیهم»......10......397

«سیقول لک المخلفون من الأعراب شغلتنا أمو لنا و أهلونا»......11......437

«لقد رضی الله عن المؤمنین إذ یبایعونک تحت الشجرة»......18......401،402،403،404،

............405،406،407،408

«و أثبهم فتحا قریبا»......18......405

«محمد رسول الله و الذین معه أشداء علی الکفار»......29......76

الحجرات

«أوللک الذین امتحن الله قلوبهم للتقوی»......3......170

«و لا تجسسوا»......12......321

ق

«ق و القرءان المجید»......1......84

«بل عجبوا أن جاءهم منذر مّنهم فقال الکافرون هذا شیء عجیب»......2......84

«و ما أنت علیهم بجبار فذکر بالقرءان من یخاف وعید»......45......17

الذاریات

«و الذ ریت ذروا»......1......85

«فالحملت وقرا»......2......85

«فالجریت یسرا»......3......85

«فالمقسّمت أمرا»......4......85

«إنما توعدون لصادق»......5......85

«و إن الدّین لوقع»......6......85

ص:489

«و السماء ذات الحبک»......7......85

«إنکم لفی قول مختلف»......8......85

«فو ربّ السماء و الأرض إنه لحق مّثل ما أنکم تنطقون»......23......83

الطور

«و الطور»......1......85

«و کتب مسطور»......2......85

«فی رق منشور»......3......85

«و البیت المعمور»......4......85

«و السقف المرفوع»......5......85

«و البحر المسجور»......6......85

«إن عذاب ربّک لوقع»......7......85

«ما له من دافع»......8......85

النجم

«و النجم إذا هوی»......1......84

«ما ضل صاحبکم و ما غوی»......2......84

«و ما ینطق عن الهوی»......3......84

«إن هو إلا وحی یوحی»......4......84

القمر

«کذبت ثمود بالنذر»......23......125،126

«فقالوا أبشرا مّنا و حدا نتبعه إنا إذا لفی ضلال و سعر»......24......125،126

«أءلقی الذّکر علیه من بیننا بل هو کذاب أشر»......25......125،126

«سیعلمون غدا من الکذاب الأشر»......26......125

ص:490

«إنا مرسلوا الناقة فتنة لهم فارتقبهم و اصطبر»......27......125

«فی مقعد صدق عند ملیک مقتدر»......55......160

الواقعة

«فلا أقسم بموقع النجوم»......75......84

«و إنه لقسم لو تعلمون عظیم»......76......84

«إنه لقرءان کریم»......77......84

«فی کتب مکنون»......78......84

«لا یمسه إلا المطهرون»......79......85

الحدید

«من ذا الذی یقرض الله قرضا حسنا فیضعفه له و له أجر کریم»......11......174

«یحی الأرض بعد موتها قد بینا لکم الآیت لعلکم»......17......61

«اعلموا أنما الحیاة الدنیا لعب و لهو و زینة و تفاخر بینکم»......20......80

«و لقد أرسلنا نوحا و إبر هیم و جعلنا فی ذرّیتهما النبوة»......26......330

الحشر

«لو أنزلنا هذا القرءان علی جبل لرأیته خشعا متصدّعا»......21......74،341

«هو الله الذی لا إله إلا هو علم الغیب و الشهادة هو الرحمن...»......22......342

«هو الله الذی لا إله إلا هو الملک القدوس السلم المؤمن»......23......342

«هو الله الخلق البارئ المصوّر له الأسماء الحسنی یسبّح...»......24......342

الممتحنة

«یا أیها النبی إذا جاءک المؤمنات یبایعنک علی أن لا یشرکن...»......12......215،223،224،410،............411،412،413،417،438

ص:491

«أن لا یشرکن بالله شیئا»......12......224،432

«و لا یزنین و لا یقتلن أولدهن»......12......224

«و لا یأتین ببهتن یفترینه»......12......224

«بین أیدیهن و أرجلهن»......12......224

الصف

«یا أیها الذین آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون»......2......7،8

«کبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون»......3......7

«و إذ قال عیسی ابن مریم یا بنی إسر ءیل إنّی رسول الله»......6......64

الجمعة

«مثل الذین حمّلوا التورلة ثم لم یحملوها کمثل الحمار»......5......81

المنافقون

«و إذا رأیتهم تعجبک أجسامهم و إن یقولوا تسمع لقولهم»......4......235

التغابن

«زعم الذین کفروا أن لن یبعثوا قل بلی و ربّی لتبعثن»......7......83

«إنما أمو لکم و أولادکم فتنة و الله عنده أجر عظیم»......15......188

الطلاق

«من یتق الله یجعل له مخرجا»......2......42

«و یرزقه من حیث لا یحتسب و من یتوکل علی الله فهو حسبه»......3......42

التحریم

«ضرب الله مثلا لّلذین کفروا امرأت نوح و امرأت لوط»......10......82

ص:492

«و ضرب الله مثلا لّلذین آمنوا امرأت فرعون إذ قالت ربّ ابن لی»......11 82

الملک

«الذی خلق الموت و الحیاة لیبلوکم أیکم أحسن عملا»......2......62،173،174

«ا فمن یمشی مکبا علی وجهه أهدی أمن یمشی سویا علی صر ط»......23......77

القلم

«ن و القلم و ما یسطرون»......1......85

«ما أنت بنعمة ربّک بمجنون»......2......85

«و إن لک لأجرا غیر ممنون»......3......85

«و إنک لعلی خلق عظیم»......4......85

«فذرنی و من یکذّب بهذا الحدیث سنستدرجهم مّن حیث...»......44......203

«و أملی لهم إن کیدی متین»......45......203

الحاقّة

«فلا أقسم بما تبصرون»......38......85

«و ما لا تبصرون»......39......85

«إنه لقول رسول کریم»......40......85

«و ما هو بقول شاعر قلیلا ما تؤمنون»......41......85

«و لا بقول کاهن قلیلا ما تذکرون»......42......85

«تنزیل مّن ربّ العالمین»......43......85

المعارج

«فلا أقسم برب ّ المشرق و المغرب إنا لقادرون»......40......83

«علی أن نبدّل خیرا مّنهم و ما نحن بمسبوقین»......41......83

ص:493

المدّثّر

«و ما یعلم جنود ربّک إلا هو و ما هی إلا ذکری للبشر»......31......85

«کلا و القمر»......32......85

«و اللیل إذ أدبر»......33......85

«و الصبح إذا أسفر»......34......85

«إنها لإحدی الکبر»......35......86

«نذیرا لّلبشر»......36......86

«لمن شاء منکم أن یتقدم أو یتأخر»......37......86

القیامة

«لا أقسم بیوم القیامة»......1......86

«و لا أقسم بالنفس اللوامة»......2......86

«أ یحسب الإنسان ألن نجمع عظامه»......3......86

«بلی قادرین علی أن نسوّی بنانه»......4......86

«بل یرید الإنسان لیفجر أمامه»......5......86

«یسل أیان یوم القیامة»......6......86

الإنسان

«إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتلیه فجعلناه»......2......103

المرسلات

«و المرسلت عرفا»......1......86

«فالعاصفات عصفا»......2......86

«و النشر ت نشرا»......3......86

«فالفرقت فرقا»......4......86

ص:494

«فالملقیات ذکرا»......5......86

«عذرا أو نذرا»......6......86

«إنما توعدون لوقع»......7......86

النازعات

«و النزعت غرقا»......1......86

«و النشطت نشطا»......2......86

«و السبحت سبحا»......3......86

«فالسبقت سبقا»......4......86

«فالمدبّر ت أمرا»......5......86

«یوم ترجف الراجفة»......6......86

«تتبعها الرادفة»......7......86

«قلوب یومئذ واجفة»......8......86

«أبصارها خشعة»......9......86

التکویر

«فلا أقسم بالخنس»......15......86

«الجوار الکنس»......16......86

«و اللیل إذا عسعس»......17......86

«و الصبح إذا تنفس»......18......86

«إنه لقول رسول کریم»......19......86

«ذی قوة عند ذی العرش مکین»......20......86

«مطاع ثم أمین»......21......86

الإنشقاق

«فلا أقسم بالشفق»......16......86

ص:495

«و اللیل و ما وسق»......17......86

«و القمر إذا اتسق»......18......86

«لترکبن طبقا عن طبق»......19......86

«فما لهم لا یؤمنون»......20......86

«و إذا قرئ علیهم القرءان لا یسجدون»......21......86

البروج

«و السماء ذات البروج»......1......86

«و الیوم الموعود»......2......86

«و شاهد و مشهود»......3......86

«قتل أصحاب الأخدود»......4......86

«النار ذات الوقود»......5......86

«إذ هم علیها قعود»......6......86

«و هم علی ما یفعلون بالمؤمنین شهود»......7......86

«و ما نقموا منهم إلا أن یؤمنوا بالله العزیز الحمید»......8......86

الطارق

«و السماء و الطارق»......1......86

«و ما أدرلک ما الطارق»......2......86

«النجم الثاقب»......3......86

«إن کل نفس لما علیها حافظ»......4......86

الغاشیة

«فذکر إنما أنت مذکر»......21......17

«لست علیهم بمصیطر»......22......17

«إلا من تولی و کفر»......23......17

ص:496

الفجر

«و الفجر»......1......87

«و لیال عشر»......2......87

«و الشفع و الوتر»......3......87

«و اللیل إذا یسر»......4......87

«هل فی ذلک قسم لّذی حجر»......5......87

«فأما الإنسان إذا ما ابتلله ربه فأکرمه و نعمه»......15......185

«و أما إذا ما ابتلله فقدر علیه رزقه فیقول ربّی أهنن»......16......130،185

البلد

«لا أقسم بهذا البلد»......1......83،87

«و أنت حل بهذا البلد»......2......83،87

«و والد و ما ولد»......3......83،87

«لقد خلقنا الإنسان فی کبد»......4......83،87

الشمس

«و الشمس و ضحلها»......1......87

«و القمر إذا تللها»......2......87

«و النهار إذا جللها»......3......87

«و اللیل إذا یغشلها»......4......87

«و السماء و ما بنلها»......5......87

«و الأرض و ما طحلها»......6......87

«و نفس و ما سولها»......7......87

«فألهمها فجورها و تقولها»......8......87

«قد أفلح من زکلها»......9......87

ص:497

«و قد خاب من دسلها»......10......87

اللیل

«و اللیل إذا یغشی»......1......87

«و النهار إذا تجلی»......2......87

«و ما خلق الذکر و الأنثی»......3......87

«إن سعیکم لشتی»......4......87

الضحی

«و الضحی»......1......87

«و اللیل إذا سجی»......2......87

«ما ودعک ربک و ما قلی»......3......87

«و للآخرة خیر لک من الأولی»......4......87

«و لسوف یعطیک ربک فترضی»......5......87

التین

«و التّین و الزیتون»......1......87

«و طور سینین»......2......87

«و هذا البلد الأمین»......3......87

«لقد خلقنا الإنسان فی أحسن تقویم»......4......87

«ثم رددنه أسفل سفلین»......5......87

«إلا الذین آمنوا و عملوا الصالحات فلهم أجر غیر ممنون»......6......87

الزلزلة

«من یعمل مثقال ذرة خیرا یره»......7......398

ص:498

«و من یعمل مثقال ذرة شرا یره»......8......398

العادیات

«و العادیات ضبحا»......1......87

«فالموریات قدحا»......2......87

«فالمغیر ت صبحا»......3......87

«فأثرن به نقعا»......4......87

«فوسطن به جمعا»......5......87

«إن الإنسان لربّه لکنود»......6......87

«و إنه علی ذلک لشهید»......7......87

«و إنه لحبّ الخیر لشدید»......8......87

العصر

«و العصر»......1......84

«إن الإنسان لفی خسر»......2......84

ص:499

(2)فهرس الأعلام

آدم علیه السلام 11،30،31،102،136،137، 197،199،284،294،295،296، 297،298،299،300،307

أبان بن سعید بن العاص403

إبراهیم النبیّ علیه السلام 108،109،110،120، 122،123،139،140،205،254، 272،284،285،299،300،301، 303

إبلیس102،204

ابن أبی العوجاء50،51،52،172

ابن أبی عون336

ابن الأثیر318

ابن تیمیة252

ابن حمدان335

ابن خلدون318

ابن السّوداء الزّنجیّة البذیّة45

ابن طاووس319

ابن الطّبّاخة45

ابن عبادة324

ابن عبّاس224،402

ابن عفراء384

ابن عمر452

ابن فارس91،209

ابن کثیر317

ابن الکوّا438

ابن مسعود8،22،62،174

ابن مسلمة452

ابن منظور91،209،210،359

ابنة أبی سبرة (امرأة معاذ)414

أبو امامة ثعلبة بن عمرو384،386

أبو أیّوب الأنصاری426

أبو أیّوب خالد بن زید426

أبو بکر بن أبی قحافة323،382،427،453

أبو بکر الشّیرازی404

أبو تراب260

أبو جابر بن عبد اللّه389،393

أبو جعفر الأشعری322

أبو جعفر الإمام الجواد علیه السلام 321

أبو جعفر الباقر علیه السلام 12،338

أبو جعفر محمّد بن حبیب246

ص:500

أبو حارثة262،267،289،292،293، 294،298،299،302،309

أبو الحسن الرّضا علیه السلام 110،130،204، 329،330،332،432

أبو الحسن علیّ بن أبی طالب علیه السلام 312

أبو الحسن موسی الکاظم علیه السلام 56،57،70، 71

أبو حمزة118،119،120

أبو دجانة458،459

أبو ذرّ الغفاری8،15،68،69،235،324، 445

أبو سبرة268،270

أبو سعاد270

أبو سعید الخدری445

أبو سفیان318،411،412

أبو سنان عبد اللّه بن وهب الأسدی365،405

أبو طالب بن عبد المطّلب377،386

أبو طعمة225

أبو عبد اللّه جعفر الصادق علیه السلام 47،48،49، 54،70،133،162،163،164،168، 172،203،223،338،435،436، 434

أبو عبد اللّه الحسین علیه السلام 124،185

أبو عبد اللّه الصّفوانی336

أبو عبد اللّه محمّد بن عبّاس بن مروان251

أبو عبد الرّحمن383

أبو القاسم260،261،264،306،309، 310

أبو قرّة274،279،281،285

أبو لهب376

أبو محمّد الحسن العسکری علیه السلام 73،177

أبو مخنف460

أبو مسروق320

أبو مسلم407

أبو المفضّل محمّد بن عبد اللّه265

أبو النّعمان19

أبو واثلة269،273،274،284،286

أبو هریرة394

أبو الهیثم بن التّیّهان381،383،386،387، 391،393،426

ابیّ بن کعب331

أحمد صلی الله علیه و آله 284،295،303،312

أحمد بن محمّد بن عیسی321

إدریس النّبی علیه السلام 138،298

اسامة بن زید243،426،428،452

إسحاق بن یعقوب علیه السلام 120،122،123، 140،254،302

إسحاق (راوی)396

إسرافیل علیه السلام 298

أسعد387

أسعد بن زرارة بن عدس363،383،384، 386،388،393،395

إسماعیل بن یعقوب علیه السلام 108،110،137، 139،140،276،301،303

أسماء امّ عمرو بن عدیّ391

أسماء بنت عمرو بن عدیّ بن نابئ390،396

اسید بن حصین393

اسید بن خضیر387

اسیر بن عروة226

الأشعث190

ص:501

الأقرع بن حابس318

الإمام الباقر علیه السلام 45

الإمام الحسن علیه السلام 44،454

الإمام الحسین علیه السلام 454

الإمام الرّضا علیه السلام 130،217،257،328، 329،331،333،431،441،442

الإمام زین العابدین علیه السلام 10

الإمام الصّادق علیه السلام 12،35،36،37،71، 73،97،98،108،211،364

الإمام العسکری علیه السلام 98

الإمام علیّ علیه السلام 35،38،94،217،256، 257،319،361،362،366،367

الإمام المهدی علیه السلام 40،106

امّ حکیم ابنة الحارث بن عبد المطّلب412، 413

امّ سعد بن معاذ418

امّ سلیم414

امّ عامر بنت یزید بن السّکن418

امّ العلاء414

امّ عمارة390،391،396

امّ منیع390،396

أمیر المؤمنین علیه السلام 43،44،46،53،58، 75،97،157،171،184،235،244، 263،325،332،333،341،404، 405،438،440،442،448،451، 452،453،454،

أهتم بن النّعمان269

أیّوب النّبی علیه السلام 133،137،146،147

البراء بن معرور381،387،390،391، 393

بریر بن خضیر335

بشیر الأدنین226،227

بلال الحبشی411

بنیامین122

تغلب بنت وائل270

تیم بن مرّة266

ثابت بن قیس بن شمّاس الأنصاری428

جابر بن عبد اللّه الأنصاری387،386، 404،405،406،407

جابر بن عبد اللّه بن رئاب384

جبرئیل علیه السلام 14،112،123،124،125، 128،158،192،298،312،313، 338،361،362،373،393،420، 421

جبیر بن مطعم382

جدّ بن قیس405

جعفر بن محمّد الصّادق علیه السلام 51،163،373

جعفر الطّیّار398،399

جالوت145،154،155

جهیر بن سراقة البارقی270،271

الحارث بن حرب بن امیّة382،383

الحارث بن المغیرة164

حارثة بن أثال 294،271،272،274، 278،279،284،286،287،288، 289

حارثة بن ثعلبة386

حجر بن عدیّ454

حسّان بن ثابت428

الحسن علیه السلام (بن علیّ علیه السلام )23،45،206، 246،250،252،253،259،260،

ص:502

261،262،263،309،326،328، 332،398،399،443،453

الحسن البصری10،11

الحسن بن إسماعیل بن أشناس265

الحسن بن سهل439

الحسن بن علیّ علیه السلام 326،455

الحسن بن علیّ العسکری علیه السلام 177

الحسین علیه السلام (بن علیّ علیه السلام )43،45،250، 252،253،259،260،261،262، 263،309،326،327،328،332، 398،399،443،453،455،459، 460،461

الحسین بن روح336

الحسین بن علیّ علیه السلام 18،327،394

حطمة387

حطیمة380

حمران بن أعین49

حمزة بن عبد المطّلب397،398،399

حمزة بن حمران37

حنظلة بن أبی سفیان412

حوّاء بنت یزید بن السّکن418

حویرث285

خارجة بن کرز402

خالد بن الولید305

خدیجة علیها السلام (بنت خویلد)361،373،374

خزیمة بن ثابت الأنصاری427،429

خضر النبی علیه السلام 27

داود النبی علیه السلام 7،130،131،132،145، 155،231

ذکوان بن عبد اللّه386

ذکوان بن عبد قیس383

ذو النون138

ذو الکفل137

رائطة بنت سفیان الخزاعیّة417

الراغب الإصفهانی93،210

رافع بن مالک بن عجلان383،384،393

ربیعة بن نزار270،271

رسول اللّه صلی الله علیه و آله 18،19،21،33،41،43، 54،62،71،73،96،99،105،138، 157،160،168،186،187،189، 191،192،196،201،217،221، 222،225،226،229،235،243، 250،253،255،256،259،261، 266،267،273،278،293،294، 295،301،304،305،306،307، 308،310،312،323،324،326، 329،332،333،338،361،362، 363،371،370،373،374،375، 379،380،381،382،383،384، 385،386،387،388،389،390، 392،393،394،395،396،397، 398،402،403،404،405،406، 407،409،410،411،412،413، 414،415،416،417،418،419، 420،425،427،428،431،432، 433،434،435،436،442،445، 446،447،448،449،455،457، 459،461،463،465،466

رفاعة بن رافع بن مالک بن العجلان426

رفاعة بن زید225

ص:503

الزّبیر324،325،424،426،427،428، 451،453

زکریّا علیه السلام 138،147

زید بن ثابت427

زید بن الحارث386

سارة109،308

السّامری129

سعد بن أبی وقّاص250،324،325،426، 452

سعد بن خثیمة393

سعد بن الرّبیع387،393

سعد بن عبادة382،387،393

سعد الخیر25

سعید بن خیثمة387

سعید بن زید بن عمرو بن نفیل426

سعید بن العاص446

سفیان الثّوری428

سلمان الفارسی405،235،324

سلمة بن الأکوع406

سلیمان بن داوود علیهما السلام 131،132،145، 146،231

سهل بن حنیف426

السیّد ابن طاووس250

شریح القاضی53،54

شعیب النّبی علیه السلام 33،37،38،39

شمعون بن حمّون286

شمعون بن یوحنّا272

الشیخ الأنصاری218

الشیخ الطوسی319

الشیخ المفید318

الشّیطان25،26،112،136،137،142، 151،278،327،374،382

صالح النبی علیه السلام 33،126،127،128

صعصعة بن صوحان429

صهیب بن سنان266

الضّحّاک بن عبد اللّه المشرقی460

طعمة بن ابیرق224

طلحة324،325،424،426،427، 428،451،453

طالوت145،154

جعفر الطّیّار70

عائشة243،411

العاقب283،284،285

عامر بن عبد حارثة بن ثعلبة بن غنم384

عبادة بن الصامت363،379،383،386، 387،393،445

العبّاس بن عبادة بن نضلة الأنصاری383، 386،392

العبّاس بن عبد المطّلب387،388،390، 391

العبّاس بن علیّ علیه السلام 185،460

العبّاس بن المأمون431

عبد اللّه بن أبی امیّة266

عبد اللّه بن جعفر327،443،460

عبد اللّه بن جندب23

عبد اللّه بن حزام387،393

عبد اللّه بن رواحة26،387،393

عبد اللّه بن الزّبیر444

عبد اللّه بن عاصم الفائشی460

عبد اللّه بن عبّاس252،327،443

ص:504

عبد اللّه بن عبد المطّلب110

عبد اللّه بن عمر428،452

عبد اللّه بن عمرو بن حرام389

عبد اللّه بن مسعود331

عبد اللّه بن المقفّع51

عبد الرّحمن بن الحجّاج70

عبد الرّحمن بن عوف324،325

عبد المسیح بن شرحبیل268

عبد المطّلب376

عبد المنعم308

عتبة بن غزوان266،269

عثمان بن عفّان159،324،325،403، 426،427،446،453

عروة بن مسعود402،411

عزیز مصر111،112،122،142

عفراء383

عقبة بن عامر بن نابئ383،384

عقبة بن عمرو429

عکرمة بن أبی جهل412

العلّامة الطباطبائیّ315،316

العلّامة المجلسی219

علیّ علیه السلام (بن أبی طالب)54،56،151، 152،160،233،250،252،253، 259،260،261،262،308،309، 312،324،328،332،373،374، 376،397،398،404،407،419، 421،425،426،428،438،439، 446،451

علیّ بن أبی طالب علیه السلام 18،53،257،263، 300،323،324،325،333،405، 412،420،428،438،448

علیّ بن الحسین علیه السلام 11،18،56،114، 116،118،119،120،459

علیّ بن موسی الرّضا علیه السلام 17،110،129، 245،432،439،440،443

عمّار بن یاسر324،426،426،428

عمر بن الخطّاب56،325،403،411، 412،414،427،440،453

عمر بن سعد459

العمری57

عوف بن الحارث بن رفاعة383،384،386

عویم بن ساعدة383،386

عیسی بن مریم علیه السلام 8،35،64،66،233، 272،284،285،302،303،306، 312،382

الفارقلیطا287

فاطمة علیها السلام بنت رسول اللّه صلی الله علیه و آله 250،252، 253،256،259،260،261،262، 263،301،309،326،328،332، 397،398،399

فاطمة بنت أسد417

الفخر الرازی252

الفراهیدی249

فرعون143،195

الفضل بن سهل432،439

فطنة بن عامر بن حزام386

القائم علیه السلام 162،163،164

قابیل137

قارون312

قتادة بن النّعمان225،226

ص:505

قریرة بنت الحارث العتواریّة433

قصیّ بن کلاب360

قضاعة بن صفوان بن مهران الجمّال335

قطبة بن عامر بن حدیدة بن سواد383،384

قیس بن الحصین304

قیس بن سعد بن عبادة454

قیصر265،270

کبشة بنت رافع بن عبید418

کرز بن سبرة الحارثی267،268،269

کسری265،270

کعب بن مالک428

الکلینی211

لبید بن سهل225

لقمان الحکیم206

لوط النبی علیه السلام 29،33،139

ماروت131

المأمون العبّاسی17،104،129،175، 257،310،328،329،330،332، 333،431،432،439،440،441، 442،443

محمّد رسول اللّه صلی الله علیه و آله 10،11،18،43،47، 50،74،124،158،163،192،197، 254،260،262،263،264،269، 270،271،272،277،279،280، 284،287،288،290،291،292، 295،298،299،300،301،302، 304،310،311،312،326،331، 382،390،395،399،402،420، 421،447،448،464

محمّد بن أحمد بن عبد اللّه335

محمّد بن بشیر الحضرمی461

محمّد بن حکیم71

محمّد بن الحنفیّة10

محمّد بن سنان170

محمّد بن عبد المطّلب الشّیبانیّ265

محمّد بن علیّ الباقر علیه السلام 18

محمّد بن علیّ الشّلمغانی العزاقری336

محمّد بن الفرج321

محمّد بن مسلمة427،428،445

مرثد بن الأسد386

مروان بن الحکم446،453

مریم بنت عمران علیها السلام 138،147،308،328

مسعود بن الحارث386

المسعودی318

مسلم النیسابوری250

المسیح علیه السلام 148،267،271،272،275، 286،291،302،304

مصعب بن عمیر363،380

مصعب بن عمیر العبدری383

مصعب بن هاشم387

مطعم بن عدیّ386

معاذ383

معاویة بن أبی سفیان174،194،260، 326،327،404،453،454،455

المفضّل بن عمر50،51

المقداد235،324

المقریزی318

مالک الأشتر58

مالک بن الحارث الأشتر429

مالک بن النّضر الأرحبی460

ص:506

ملک الموت علیه السلام 122،132

المنذر بن علقمة309،311

المنذر بن عمر393

المنذر بن عمرو382

المنذر بن قمر387

موسی بن عمران علیه السلام 27،37،38،39، 128،129،142،143،145،195، 199،245،284،285،301،312، 326،376

موسی بن جعفر الکاظم علیه السلام 17

میکائیل علیه السلام 298

نافع بن مالک بن العجلان386

النّبی صلی الله علیه و آله 27،43،68،99،110،134، 158،160،173،213،215،217، 218،222،223،224،225،227، 252،253،253،254،256،257، 259،260،262،263،264،265، 306،312،313،315،316،318، 319،319،324،327،328،332، 361،362،363،364،365،366، 367،369،371،374،375،376، 380،382،386،387،388،389، 391،394،397،403،404،405، 406،407،409،410،414،415، 416،417،425،426،432،433، 434،436،438،443،445،447، 449،464،465

نسیبة بنت کعب390،391،396

النّمر بن قاسط266

نمرود111،122،139،205

نوح علیه السلام 29،33،138،284،298

وائل380،387

واقف387

الولید بن عبد الملک56

الولید بن عقبة446

هابیل137

هاروت131

هارون بن عمران علیه السلام 195،312،376

هارون الرّشید327،442

الهدیر بن عبد اللّه266،269

هشام بن إسماعیل56

هشام بن الحکم47،48،49،60،62

هند بنت عتبة411،412،417

هود النبی علیه السلام 33

یحیی بن زکریّا علیه السلام 147

یزید بن ثعلبة383،386

یزید بن عبد المدان304

یزید بن معاویة444

یزید بن معقل335

یزید الصّائغ16

یعقوب النبی علیه السلام 110،111،112،113، 115،116،117،118،119،120، 121،122،123،124،140،254

الیمانیّة132

یوسف بن یعقوب علیهما السلام 110،112،113، 116،117،118،119،120،121، 122،123،124،125،140،141، 441

یونس بن متّی علیه السلام 130،138،144

ص:507

(3)فهرس الأدیان والفرق والمذاهب

الإسلام18،34،39،40،41،54،55، 65،95،99،159،211،212،218، 225،235،253،255،256،262، 265،266،267،306،317،318، 360،361،362،363،365،367، 368،371،373،374،376،381، 383،384،389،390،391،398، 409،410،411،416،426،446، 448،456،465

الحنیفیّة20،55

الشّیعة71،161،164،362،455

المعتزلة11

النّصاری233،252،254،261،262، 263،270،308،324،326،327

الیهود147،148،233،262،275، 317،319،380،384،387،391

ص:508

( 4)فهرس الجماعات والقبائل

آل أبی طالب439،440

آل داود علیه السلام 11

آل الرّسول صلی الله علیه و آله 444

آل محمّد صلی الله علیه و آله 301،329

آل یعقوب علیه السلام 112،115،116

الأئمّة علیهم السلام 71،367،374،399،439

أئمّة الدین257

أئمّة الضّلالة235

الأئمّة المعصومین علیهم السلام 367

أتباع فرعون143

أصحاب جعفر بن محمّد الصّادق علیه السلام 51

أصحاب دین الملک266

أصحاب رسول اللّه صلی الله علیه و آله 191،225،293، 301،327،427

أصحاب السّبت149

أصحاب الشّجرة407

أصحاب الصّفّة186

أصحاب العلم41

أصحاب علیّ علیه السلام 46

أصحاب فرعون143

أصحاب الفیل271

أصحاب القبور69

أصحاب محمّد صلی الله علیه و آله 156

أصحاب النّبیّ صلی الله علیه و آله 76،325،327

أصحاب النعاج145

الأغنیاء170،186،187

الاُمّة الإسلامیة256

امراء السّرایا320

الأنبیاء علیهم السلام 24،33،36،37،54،55،96، 108،129،133،134،135،136، 138،147،171،195،295،300، 306،308،310،311،328،361، 420،429

الأنصار186،192،308،324،327، 370،380،384،390،391،394، 396،404،415،416،425،426، 428،434،438،453

الأوصیاء171،429

أولاد الرّسول صلی الله علیه و آله 56

أهل أیلة151

ص:509

أهل البدع219

أهل البصرة453

أهل البیت علیهم السلام 73،251،256،257،367، 368

أهل بیت الرسول صلی الله علیه و آله 34

أهل بیت الرسالة253

أهل بیت النّبوّة444

أهل التفسیر252،262

أهل الحدیبیّة405

أهل خراسان439

أهل السنّة251،362،365

أهل سوریا272،286،302

أهل الشّام49،453

أهل الفقه69

أهل القری150

أهل القریة153

أهل الکتاب70،308

أهل الکوفة427

أهل مدین128

أهل المدینة71،305،308،362،363

أهل نجران254،261،269،286،290، 327

أهل یثرب277

أهل الیمامة276

بنو آدم122

بنو ابیرق225

بنو أسد335

بنو إسرائیل68،142،143،145،146، 153،275،303،393،450

بنو إسماعیل علیه السلام 279،290،291

بنو بکر بن وائل267

بنو بکیر360

بنو الحارث بن الکعب265،266،267، 304،305،308

بنو حنیفة278

بنو زریق383،384

بنو سلمة383،384،390،391،396

بنو سواد383

بنو عامر بن صعصعة465

بنو عامر بن عوف383

بنو عبد الأشهل383

بنو عبد المدان265،267

بنو عبد المطّلب375،376،377

بنو عبیدة384

بنو عمرو بن عوف383

بنو عوف بن الخزرج383

بنو غنم384

بنو قریش304

بنو قیس بن ثعلبة271،280

بنو قیلة276

بنو کلاب465

بنو کنانة360

بنو مازن بن النّجّار383،384،390،396

بنو هاشم327،362

الجنّ132،145،197،366،395،398، 404

جنود جالوت155

جهّال الاُمّة14

جیش الإسلام253

الحاکم النیسابوری252

ص:510

الحواریّون382

الخطباء14،50

الدّیلم461

ذرّیّة آدم علیه السلام 196

ذرّیّة إسماعیل علیه السلام 275

الرّاسخون فی العلم163

الربّانیّون34

الرّهبان272

الزعماء الدینیّین40،253

زعماء نصاری254،255

زنادقة270

زوجات النبی صلی الله علیه و آله 213

السّالوسیّة266

السیاسیّون253،369،370

الشّیاطین131،132،133،146،290

شیعة آل محمّد صلی الله علیه و آله 161

العبّاد266

العجم322،393،395

العرب46،108،163،261،265،266، 269،270،271،286،305،322، 359،390،391،393،395،465

عسکر الحسین علیه السلام 461

عسکر المشرکین403

العلماء15،16،22،25،26،68،71، 151،171،328،329،331،332

علماء أهل العراق328

علماء الدین39،41

علماء النصاری255

الفاسقون330

الفراعنة37،106،142

الفسّاق13

الفصحاء50

الفقراء170،187

الفقهاء218،257،368،369

قبائل سبأ267

قبائل العرب253،380

قبیلة أنمار267

قبیلة الأوس380،383،386،387،391، 392،393،396

قبیلة حمیر267

قبیلة الخزرج362،380،383،384، 386،387،390،391،392،393، 396

قبیلة عکّ267

قبیلة مذحج267

قبیلة همدان460

قریش269،273،276،279،280، 283،284،291،318،360،382، 402،446

القسّیسون272

القضاة16

قوم ثمود علیه السلام 29،125،151،171،384

قوم صالح علیه السلام 127

قوم عاد علیه السلام 29،384

قوم لوط علیه السلام 29

قوم موسی علیه السلام 143

قوم یونس علیه السلام 311

الکافرون73،204

الکفّار49،138،139،161

کفّار قریش364،395

ص:511

المارونیّة266

المبلّغون36،40

المحدّثون الشیعیّین319

المرسلون30

المسلمون18،53،55،99،157،196، 211،214،216،254،261،316، 320،364،366،370،380،382، 398،402،403،421،446،458، 463

المسیحیّون254

مسیحیّو نجران318

المشرکون324،365،389،402،459

معشر النّصاری260

المفسّرون316،317،364

الملائکة47،94،101،102،202،298، 300،399،444

ملائکة الأرض442

ملائکة السّماء442

المنافقون225،235،338

المهاجرات433

المهاجرون192،308،404،407،428، 453

المؤرّخون253،315،318،319

المؤمنات221،411

المؤمنون62،105،107،138،144، 145،155،162،164،169،176، 182،191،195،199،221،320، 331،360،419،421،432،451، 454

النّاکثون458

النّبیّون60،107،302

النجرانیّون316،317،318

نساء الأنصار414،459

نساء قریش409

نساء المسلمین433

النّسطوریّة266

نصاری العرب270،271

نصاری نجران252،254،255،257، 260،265،272،293،304،308، 316،317،319

ولد إبراهیم علیه السلام 139

ولد إسماعیل علیه السلام 302

ولد عمر بن الخطّاب56

ولد یعقوب علیه السلام 112

ص:512

( 5)فهرس البلدان والأماکن

احد316،387

إیران99،316

بئر الحدیبیّة404

بابل131،139

بدر364،387،397

البصرة427،439،452

بکّة46

بیت محمّد صلی الله علیه و آله 300

تبوک316

الجحفة319

جذام270

جزیرة العرب282،317

الحبشة270،317

الحجاز253

الحدیبیة168،364

الحرّة308

حضر موت105،304

خراسان328

دار امیّة بن زید380،387

دار أسعد بن زرارة387

دار شعیب علیه السلام 38

دار عبد المطّلب393

دار قصیّ بن کلاب382

الرّاحات270

الرّعا270

الرّوم270،316،317

سوق الکوفة58

الشّام190،270

شعب العقبة386،389،391،392،394، 395،396

الصّفا409،411

الصّفّة186

صنعاء105

الطّائف386

العراق190،455

علوه270

غدیر خمّ319،366،404،421

غسّان270

القبط270

قصر فرعون143

ص:513

قضاعة270

الکعبة105،271

کوفان298

الکوفة12،44،55

لخم270

مدین37،143،153

المدینة47،56،57،71،114،120، 149،152،186،192،253،254، 262،304،305،315،316،317، 318،319،362،363،364،380، 383،386،397،414،420،426، 427،435،439،444،458،464، 465،466

مرو328

مریس270

مسجد الأحزاب366

المسجد الحرام11،51

مسجد رسول اللّه صلی الله علیه و آله 71

مسجد المدینة160

مصر111،112،142،143،316،317

مکّة46،47،226،227،253،265، 303،318،319،360،362،363، 365،376،380،382،385،386، 391،392،403،404،409،412

منی386،393

نجران254،261،262،264،269، 272،304،311،315،318

النّوبة270

یثرب267،276،291،304،387،394، 447

الیمن190،271،393

ص:514

( 6)فهرس الحوادث والوقائع والأیام والأزمنة

آخر الزّمان287،302

أواخر ذی الحجّة319

أیّام التّشریق381،389،391،393

الثامن عشر من شهر ذی الحجّة319،366

ثمانی عشرة لیلة مضت من ذی الحجّة426

الرّابع والعشرون من ذی الحجّة351،257، 337

زمن معاویة394

السنة التاسعة من الهجرة253،254،317، 365

شهر ذی الحجّة319،391

شهر رجب312

شهر رمضان374،448،457

شهر المحرّم312

صدر الإسلام99

عام الوفود253

العصر الجاهلی359

عصر غیبة الإمام المعصوم368

عهد آدم علیه السلام 283

عهد الجاهلیّة225

عهد النّبی صلی الله علیه و آله 224،361،367

لیلة الإسراء14

لیلة العقبة379،395

لیالی التّشریق392

یوم احد157،458،463

یوم الأحد149

یوم الأضحی395

یوم بایع النّساء436

یوم بدر412،446

یوم بعث اللّه النّبی صلی الله علیه و آله 159

یوم بیعة الرّضوان406

یوم الجمعة114،153،426،457

یوم الجمل453

یوم الحدیبیّة405،406،407

یوم السّبت149،151،153،171

یوم الشّوری325

یوم العقبة429

یوم الغدیر421

یوم فتح مکّة223،413

یوم قتل عثمان426

ص:515

یوم القیامة15،16،24،28،30،67، 158،168،179،218،239،240، 245،255،261،374،456،457

یوم المباهلة252،325،351

یوم میعاد مباهلة النّبی صلی الله علیه و آله 257

ص:516

(7)فهرس المفردات اللغویة (المشروحة فی الهامش)

إبطیه 313

الأتحمیّات 305

اترجّ 120

الأحمّ 281

أربع 270

إربک 291

ازرنا 381

الأساودة 271

استراث 305

استرجع 115

اعترّ 115

الأعضب 287

اغترّه 102

إغذاذا 270

الأفعوان 283

اقتصاصه 283

الإبریز 178

الاصطلام 150

الانبعاق 27

انتظم 268

أبخوع 269

أبلج 289

أبوک 274

أجذم 456

أحشّ 169

أرجا 295

أرسالا 382

أرمّ 273

أسبروها 299

أسعدننا 416

أصرم 299

أعتی 128

أعجز 382

أقترت 186

أقذعت 285

أقنانا 171

أکمه 278

أمشاجا 307

أمما 287

أنتاش 301

أنعموا 74

أیلة 151

الباقر 283

بتور برام 435

بذاذة 284

بطانا 115

بقصبه 16

البلاء 205

بلبلة 159

بوح 285

بهر 296

البهلولة 292

بیدرا 161

تبضّ 277

تجهّمة 388

ترح 183

ترة 106

تسنّموا 150

تسنیم 303

تصرّم 274

ص:517

تصطلموا 271

تفثکم 305

تمحّصن 161

التّمحیص 106

تنصع 466

تور 408

الثّرثارون 28

ثکلی 124

جاش 276

الجباجب 382

الجبّان 320

الجذعة 375

جعلا 127

جملا 459

جنب 416

الجویریة اللّکاع 283

جیبا 310

الحاشر 288

حثیثا 280

حجزته 300

حزن 269

حسبانا 320

الحلفة 381

حمة 283

الحمیّة 102

حوامّهم 297

خاسئین 150

خرّاصا 279

خزمه 153

الخلاص 178

خلّاک 280

الخولی 293

دبیب 267

دحاها 278

درّک 130

الدّهارس 286

دهماء 265

ذادة 288

ذرّ 197

ذلق 280

ذمام 459

ذود 448

راش 282

ربعک 268

ربّها 291

ردغة الخبال 239

ردفه 403

رزدقا 305

رفده 229

الرّکب 68

الرّکی 277

رهط 375

رهطک 331

الرّیب 218

ریط 200

الزّمانة 198

الزّؤان 162

سبتا 281

سبّته 453

السّرّاء 182

سغب 444

سمرة 403

السّورة 267

السّوء 458

السیئة 97

شدقه 456

الشّصائب 282

شغار 416

شقاشق 26

شماسا 294

الصّباة 382

صبرا 446

صدق 292

الصّغار 265

صغو 293

الصّفّة 186

صکّ 155

صول 267

الضّبع 423

ضوی 265،270

طاویا 115

طرس 283

طغام 284

طغامنا 293

طوال 46

الطّوی 355

عامدون 305

العتّق 414

عدن 264

عطفای 423

ص:518

العقیان 168

عکاظ 385

علج 292

علّیّة 225

العناء 429

العوان 265

عیّر 134

غارّون 454

الغلّ 68

غمر 375

غمص 278

غیضة 117

فارط 291

فحار 276

الفرق 375

فرقین 182

فعتت 151

الفلج 292،308

فنن 304

فواقا 275

قائلون 403

قارّوا 444

قحة 230

قرموا 153

القعسریّة 282

قلص 201

قمّت 419

قیّض 107

القیظ 311

قیظ 289

کانفوه 156

کظّة 444

الکلام 25

کلوم 277

الکیر 466

لا أبا لک 273

اللّجج 149

لحکّة 299

لدّا 287

المتشدّقون 28

متع 308

المتفیهقون 28

مجّ 276

مجلبة 395

مجنّة 385

محال 279

مخایل 159

المخصرة 445

المخمصة 194

مدارع 195

مدحورا 102

مدّة 133

مرط 261

مرکنه 434

المطافیل 423

مطر 233

معنّتا 26

المعنّف 27

مکثورا 271

مناسج 305

المیرة 111

ناجم 273

ناقة عشراء 126

النزاعة 268

نسع 382

نصل 268

النّغف 282

نغلة 280

نفث 354

النّمیمة 236

نهد 270

وترتنا 446

الوحا 311

وشلا 277

وضم 270

وعیصا 268

ولیجة 447

الونیّة 274

و هل 279

هنات 452

الهیم 424

یدّهن 288

یرحضها 275

یعضد 375

یفتات 294

یقرّظنی 234

یمتاروا 123

الیمن 200

یؤودک 345

یؤهّل 278

ص:519

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.