ص :2

بسم الله الرحمن الرحیم

ص :3

ص :4

موسوعة معارف الکتاب والسنة

محمد الری شهری

بمساعدة عدة من الفضلاء

ص :5

ص :6

ص :7

ص :8

الحَفیظُ،الحَقُّ،الحَسیبُ (1)،الحَمیدُ،الحَفیُّ،الرَّبُّ،الرَّحمنُ،الرَّحیمُ،الذَّارِئُ (2)،الرَّزّاقُ، الرَّقیبُ،الرَّؤوفُ،الرَّائِی،السَّلامُ،المُؤمِنُ،المُهیمِنُ،العَزیزُ،الجَبّارُ،المُتَکَبِّرُ،السَّیِّدُ، السُّبّوحُ (3)،الشَّهیدُ،الصّادِقُ،الصّانِعُ،الطّاهِرُ،العَدلُ،العَفُوُّ،الغَفورُ،الغَنِیُّ،الغِیاثُ،الفاطِرُ، الفَردُ،الفَتّاحُ،الفالِقُ،القَدیمُ،المَلِکُ،القُدّوسُ،القَوِیُّ،القَریبُ،القَیّومُ،القابِضُ،الباسِطُ، قاضِی الحاجاتِ،المَجیدُ،المَولَی،المَنّانُ،المُحیطُ،المُبینُ،المُقیتُ،المُصَوِّرُ،الکَریمُ، الکَبیرُ،الکافی،کاشِفُ الضُّرِّ،الوَترُ،النُّورُ،الوَهّابُ،النّاصِرُ،الواسِعُ،الوَدودُ،الهادِی، الوَفِیُّ،الوَکیلُ،الوارِثُ،البَرُّ،الباعِثُ،التَّوّابُ،الجَلیلُ،الجَوادُ،الخَبیرُ،الخالِقُ،خَیرُ النّاصِرینَ،الدَّیّانُ (4)،الشَّکورُ،العَظیمُ،اللَّطیفُ،الشَّافی. (5)

3526. رسول اللّه صلی الله علیه و آله: إنَّ للّهِ تِسعَةً وتِسعینَ اسماً،مَن أحصاها دَخَلَ الجَنَّةَ،وإنَّها لَفی کِتابِ اللّهِ؛مِنها فی فاتِحَةِ الکِتابِ خَمسَةُ أسماءٍ،وفِی البِقَرَةِ ثَلاثَةٌ وثَلاثونَ اسماً،وفی آلِ عِمرانَ خَمسَةُ أسماءٍ،وفِی النِّساءِ سَبعَةُ أسماءٍ،وفِی الأَنعامِ سِتَّةُ أسماءٍ،وفِی الأَعرافِ حَرفانِ،وفِی الأَنفالِ حَرفانِ،وفی هودٍ أربَعَةُ أسماءٍ،وفِی الرَّعدِ حَرفانِ، وفی إبراهیمَ اسمٌ واحِدٌ،وفِی الحِجرِ اسمٌ واحِدٌ،وفی مَریمَ ثَلاثَةُ أسماءٍ،وفی طه اسمٌ واحِدٌ،وفِی الحَجِّ اسمٌ واحِدٌ،وفِی المُؤمِنونَ (6)اسمٌ واحِدٌ،وفِی النّورِ ثَلاثَةُ

ص:10

أسماءٍ،وفِی الفُرقانِ اسمٌ واحِدٌ،وفی سَبَأٍ اسمٌ واحِدٌ،وفِی الزُّمَرِ أربَعَةُ أسماءٍ،وفِی المُؤمِنِ أربَعَةُ أسماءٍ،وفِی الذّارِیاتِ اسمانِ،وفِی الطّورِ اسمٌ واحِدٌ،وفِی«اقتَرَبَتِ السَّاعَةُ»حَرفانِ،وفِی الرَّحمانِ أربَعَةُ أسماءٍ،وفِی الحَدیدِ أربَعَةُ أسماءٍ،وفِی الحَشرِ إحدی عَشرَةَ،وفِی البُروجِ حَرفانِ،وفِی الفَجرِ واحِدٌ،وفِی الإِخلاصِ حَرفانِ....

فَأَمَّا الخَمسَةُ فی فاتِحَةِ الکِتابِ:یا اللّهُ،یا رَبُّ،یا رَحمانُ،یا رَحیمُ،یا مالِکُ.

وأمَّا الثَّلاثَةُ وَالثَّلاثونَ الَّتی فِی البَقَرَةِ:یا مُحیطُ،یا قَدیرُ،یا عَلیمُ،یا حَکیمُ،یا تَوّابُ،یا رَحیمُ،یا بَصیرُ،یا عَظیمُ،یا وَلِیُّ،یا نَصیرُ،یا واسِعُ،یا بَدیعُ،یا سَمیعُ،یا عَزیزُ،یا کافی،یا رَؤوفُ،یا شاکِرُ،یا واحِدُ،یا قَوِیُّ،یا شَدیدُ،یا قَریبُ،یا مُجیبُ، یا سَریعُ،یا حَلیمُ،یا خَبیرُ،یا قابِضُ،یا باسِطُ،یا حَیُّ،یا قَیّومُ،یا غَنِیُّ،یا حَمیدُ.

وأمَّا الَّتی فی آلِ عِمرانَ:یا وَهّابُ،یا قائِمُ،یا صادِقُ،یا مُنعِمُ،یا مُتَفَضِّلُ.

وأمَّا الَّتی فِی النِّساءِ:یا رَقیبُ،یا حَسیبُ،یا شَهیدُ،یا مُقیتُ،یا عَلِیُّ،یا کَبیرُ،یا وَکیلُ.

وأمَّا الَّتی فِی الأَنعامِ:یا غَفورُ،یا بُرهانُ،یا فاطِرُ،یا قاهِرُ،یا مُمیتُ.

وأمَّا الَّتی فِی الأَعرافِ:یا مُحیی،یا مُمیتُ.

وأمَّا الَّتی فِی الأَنفالِ:یا نِعمَ المَولی ونِعمَ النَّصیرُ.

وأمَّا الَّتی فی هودٍ:یا مُحیطُ،یا مَجیدُ،یا وَدودُ،یا فَعّالُ لِما یُریدُ.

وأمَّا الَّتی فِی الرَّعدِ:یا کَبیرُ،یا مُتَعالُ.

وفی سورَةِ إبراهیمَ:یا مَنّانُ.

وفِی الحِجرِ:یا خَلّاقُ.

وفی مَریمَ:یا صادِقُ،یا وارِثُ،یا فَردُ.

وفی طه:یا غَفّارُ.

وفِی الحَجِّ:یا باعِثُ.

ص:11

وفِی المُؤمِنونَ (1):یا کَریمُ.

وفِی النّورِ:یا حَقُّ.

وفِی الفُرقانِ:یا هاد. (2)

وفی سَبَأٍ:یا فَتّاحُ.

وفِی الزُّمَرِ:یا عالِمَ الغَیبِ وَالشَّهادَةِ.

وفِی المُؤمِنِ:یا غافِرَ الذَّنبِ،یا قابِلَ التَّوبِ،یا ذَا الطَّولِ،یا رَفیعُ.

وفِی الذّارِیاتِ:یا رَزّاقُ،یا ذَا القُوَّةِ المَتینُ.

وفِی الطّورِ:یا بَرُّ.

وفِی«اقتَرَبَتِ السّاعَةُ»:یا مَلیکُ،یا مُقتَدِرُ.

وفِی الرَّحمانِ:یا رَبَّ المَشرِقَینِ،یا رَبَّ المَغرِبَینِ،یا ذَا الجَلالِ وَالإِکرامِ.

وفِی الحَدیدِ:یا أوَّلُ،یا آخِرُ،یا ظاهِرُ،یا باطِنُ.

وفِی الحَشرِ:یا مَلِکُ،یا قُدّوسُ،یا سَلامُ،یا مُؤمِنُ،یا مُهَیمِنُ،یا عَزیزُ،یا جَبّارُ، یا مُتَکَبِّرُ،یا خالِقُ،یا بارِئُ،یا مُصَوِّرُ.

وفِی البُروجِ:یا مُبدِئُ،یا مُعیدُ.

وفِی الفَجرِ:یا وَترُ.

وفِی الإِخلاصِ:یا أحَدُ،یا صَمَدُ. (3)

ص:12

خ-الخبیر،الخالق،الخلاق،الخیر،خیر الماکرین،خیر الرازقین،خیر الفاصلین،خیر الحاکمین،خیر الفاتحین،خیر الغافرین،خیر الوارثین،خیر الرّاحمین،خیر المنزلین.

ذ-ذو العرش،ذو الطول،ذو الانتقام،ذو الفضل العظیم،ذو الرَّحمة، ذو القوّة،ذو الجلال والإکرام،ذو المعارج.

ر-الرّحمن،الرَّحیم،الرؤوف،الرَّب،رفیع الدَّرجات،الرَّزاق،الرَّقیب.

س-السَّمیع،السَّلام،سریع الحساب،سریع العقاب.

ش-الشَّهید،الشَّاکر،الشَّکور،شدید العقاب،شدید المحال.

ص-الصَّمد.

ظ-الظَّاهر.

ع-العلیم،العزیز،العفوّ،العلیّ،العظیم،علّام الغیوب،عالم الغیب والشَّهادة.

غ-الغنیّ،الغفور،الغالب،غافر الذنب،الغفار.

ف-فالق الإصباح،فالق الحبّ والنوی،الفاطر،الفتّاح.

ق-القویّ،القدّوس،القیّوم،القاهر،القهّار،القریب،القادر،القدیر،قابل التوب،القائم علی کلّ نفس بما کسبت.

ک-الکبیر،الکریم،الکافی.

ل-اللطیف.

م-الملک،المؤمن،المهیمن،المتکبّر،المصوّر،المجید،المجیب،المبین، المولی،المحیط،المقیت،المتعال،المحیی،المتین،المقتدر،المستعان، المبدی،مالک الملک.

ن-النَّصیر،النُّور.

و-الوهّاب،الواحد،الولیّ،الوالی،الواسع،الوکیل،الودود.

ه-الهادی.

ص:14

وقد تقدّم أنّ ظاهر قوله:«وللّه الأسماء الحسنی»«و له الأسماء الحسنی»أنّ معانی هذه الأسماء له تعالی حقیقة وعلی نحو الأصالة،ولغیره تعالی بالتبع،فهو المالک لها حقیقة،ولیس لغیره إِلّا ما ملکه اللّه من ذلک،وهو مع ذلک مالک لما ملکه غیره لم یخرج عن ملکه بالتملیک،فله سبحانه حقیقة العلم مثلاً،ولیس لغیره منه إِلّا ما وهبه له،وهو مع ذلک له لم یخرج من ملکه وسلطانه...

وأمّا ما ورد مستفیضاً ممّا رواه الفریقان عن النَّبیّ صلی الله علیه و آله: «إِنَّ للّهِ ِ تِسعَةً وتِسعینَ اسماً؛مِئَةً إِلّا واحِداً،مَن أحصاها دَخَلَ الجَنَّةَ» أو ما یقرب من هذا اللفظ فلا دلالة فیها علی التوقیف.

هذا بالنظر إِلی البحث التفسیری،وأمّا البحث الفقهی فمرجعه فنّ الفقه والاحتیاط فی الدِّین یقتضی الاقتصار فی التسمیة بما ورد من طریق السمع.وأمّا مجرّد الإجراء والإطلاق من دون تسمیة،فالأمر فیه سهل. (1)

ص:15

«لا یُغادِرُ صَغِیرَةً وَ لا کَبِیرَةً إِلاّ أَحْصاها» 1 ، «وَ کُلَّ شَیْءٍ أَحْصَیْناهُ کِتاباً». 2

إضافة إِلی الأسماء والکلمات التکوینیّة العامّة،فإنّ للّه تعالی أسماء وکلمات تکوینیّة خاصّة أیضاً تُذکر تحت عنوان«أسماء اللّه الحسنی»،أو«أمثاله العلیا»،أو «آیاته الکبری»،أو«اسم اللّه الرضیّ»،ومصداقُها البارز الأنبیاءُ والأولیاء وأهل البیت علیهم السلام.

ص:17

ص:18

3529. مُهج الدعوات عن معاویة بن عمّار عن الإمام الصادق علیه السلام: «بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ» اسمُ اللّهِ الأکبَرُ.أَو قالَ:الأَعظَمُ. (1)

3533. عنه صلی الله علیه و آله: هَل أَدُلُّکُم عَلَی اسمِ اللّهِ الأَعظَمِ الَّذی إِذا دُعِیَ بِهِ أَجابَ،وإِذا سُئِلَ بِهِ أَعطی؟ الدَّعوَةُ الَّتی دَعا بِها یونُسُ،حَیثُ ناداهُ فِی الظُّلُماتِ الثَّلاثِ: «لا إِلهَ إِلاّ أَنْتَ سُبْحانَکَ إِنِّی کُنْتُ مِنَ الظّالِمِینَ» 1 . (1)

3534. عنه صلی الله علیه و آله: اسمُ اللّهِ الأَعظَمُ فی سِتِّ آیاتٍ فی آخِرِ سورَةِ الحَشرِ. (2)

3535. کنز العمّال عن البراء بن عازب: قُلتُ لِعَلِیٍّ علیه السلام:یا أَمیرَ المُؤمِنینَ،أسأَ لُکَ بِاللّهِ ورَسولِهِ إِلّا خَصَصتَنی بِأَعظَمِ ما خَصَّکَ بِهِ رَسولُ اللّهِ صلی الله علیه و آله،وَاختَصَّهُ بِهِ جِبریلُ،وأَرسَلَهُ بِهِ الرَّحمنُ.

فَضَحِکَ،ثُمَّ قالَ لَهُ:یا بَراءُ،إِذا أَرَدتَ أَن تَدعُوَ اللّهَ عز و جل بِاسمِهِ الأَعظَمِ،فَاقرَأ مِن أَوَّلِ سورَةِ الحَدیدِ إِلی آخِرِ سِتِّ آیاتٍ مِنها إِلی «...عَلِیمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ» ،وآخِرَ سورَةِ الحَشرِ،یَعنی أَربَعَ آیاتٍ،ثُمَّ ارفَع یَدَیکَ فَقُل: «یا من هو هکذا،أسأ لک بحق هذه الأسماء أن تصلی علی محمد و آل محمد،و أن تفعل بی کذا و کذا مما ترید» ، فَوَ الَّذی لا إِلهَ غَیرُهُ لَتُقبِلَنَّ (3)بِحاجَتِکَ إِن شاءَ اللّهُ. (4)

3536. الإمام الصادق علیه السلام: اسمُ اللّهِ الأَعظَمُ مُقَطَّعٌ فی أُمِّ الکِتابِ. (5)

ص:21

3537. عنه علیه السلام: «الم»هُوَ حَرفٌ مِن حُروفِ اسمِ اللّهِ الأَعظَمِ المُقَطَّعِ فِی القُرآنِ،الَّذی یُؤَلِّفُهُ النَّبِیُّ صلی الله علیه و آله وَالإِمامُ،فَإِذا دَعا بِهِ أُجیبَ. (1)

وَالأَرضِ،یا ذَا الجَلالِ وَالإِکرامِ،یا حَیُّ یا قَیّومُ.

فَقالَ النَّبِیُّ صلی الله علیه و آله:لَقَد دَعا اللّهَ بِاسمِهِ العَظیمِ،الَّذی إِذا دُعِیَ بِهِ أَجابَ،وإِذا سُئِلَ بِهِ أَعطی. (1)

3541. الأدب المفرد عن أنس: کُنتُ مَعَ النَّبِیِّ صلی الله علیه و آله دَعا رَجُلٌ فَقالَ:یا بَدیعَ السَّماواتِ،یا حَیُّ یا قَیّومُ،إِنّی أَسأَ لُکَ.

فَقالَ:أتَدرونَ بِما دَعا؟وَالَّذی نَفسی بِیَدِهِ،دَعَا اللّهَ بِاسمِهِ الَّذی إِذا دُعِیَ بِهِ أَجابَ. (2)

3542. الإمام الحسین علیه السلام عن الإمام علیّ علیه السلام: رَأَیتُ الخِضرَ علیه السلام فِی المَنامِ قَبلَ بَدرٍ بِلَیلَةٍ، فَقُلتُ لَهُ:عَلِّمنی شَیئاً أُنصَرُ بِهِ عَلَی الأَعداءِ.

فَقالَ:قُل: «یا هو،یا من لا هو إلا هو» ،فَلَمّا أَصبَحتُ قَصَصتُها عَلی رَسولِ اللّهِ صلی الله علیه و آله،فَقالَ لی:یا عَلِیُّ عُلِّمتَ الاِسمَ الأَعظَمَ.فَکانَ عَلی لِسانی یَومَ بَدرٍ.

وإِنَّ أَمیرَ المُؤمِنینَ علیه السلام قَرَأَ: «قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ» ،فَلَمّا فَرَغَ قالَ:یا هُوَ،یا مَن لا هُوَ إِلّا هُوَ،اغفِر لی وَانصُرنی عَلَی القَومِ الکافِرینَ.

وکانَ عَلِیٌّ علیه السلام یَقولُ ذلِکَ یَومَ صِفّینَ وهُوَ یُطارِدُ،فَقالَ لَهُ عَمّارُ بنُ یاسِرٍ:یا أَمیرَ المُؤمِنینَ،ما هذِهِ الکِنایاتُ؟

قالَ:اِسمُ اللّهِ الأَعظَمُ،وعِمادُ التَّوحیدِ للّهِ ِ لا إِلهَ إِلّا هُوَ،ثُمَّ قَرَأَ: «شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لا

ص:23

إِلهَ إِلاّ هُوَ» ،وآخِرَ الحَشرِ،ثُمَّ نَزَلَ فَصَلّی أَربَع رَکعاتٍ قَبلَ الزَّوالِ. (1)

3543. الإمام زین العابدین علیه السلام: کُنتُ أَدعُو اللّهَ سُبحانَهُ سَنَةً عَقیبَ کُلِّ صَلاةٍ أَن یُعَلِّمَنِی الاِسمَ الأَعظَمَ،فَإِنّی ذاتَ یَومٍ قَد صَلَّیتُ الفَجرَ،إِذ غَلَبَتنی عَینایَ وأَنَا قاعِدٌ،وإِذا أَنَا بِرَجُلٍ قائِمٍ بَینَ یَدَیَّ یَقولُ لی:سَأَلتَ اللّهَ تَعالی أَن یُعَلِّمَکَ الاِسمَ الأَعظَمَ؟قُلتُ:نَعَم.

قالَ:قُل: «اللهم إنی أسأ لک باسمک الله،الله،الله،الله،الله،الذی لا إله إلا هو رب العرش العظیم».

قالَ:فَوَ اللّهِ ما دَعَوت بِها (2)لِشَیءٍ إِلّا رَأَیتُ نُجحَهُ. (3)

3544. الإمام الرضا علیه السلام: مَن قالَ بَعدَ صَلاةِ الفَجرِ: «بسم الله الرحمن الرحیم،لا حول و لا قوة إلا بالله العلی العظیم» مِئَةَ مَرَّةٍ،کانَ أَقرَبَ إِلَی اسمِ اللّهِ الأَعظَمِ مِن سَوادِ العَینِ إِلی بَیاضِها،وإِنَّهُ دَخَلَ فیهَا اسمُ اللّهِ الأَعظَمُ. (4)

3548. عنه علیه السلام: سَلمانُ عُلِّمَ الاِسمَ الأَعظَمَ. (1)

3549. بصائر الدرجات عن عبد اللّه بن بکیر عن أَبی عبد اللّه علیه السلام: کُنتُ عِندَهُ فَذَکَروا سُلیمانَ وما أُعطِیَ مِنَ العِلمِ وما أُوتِیَ مِنَ المُلکِ،فَقالَ لی:وما أُعطِیُ سُلیمانُ بنُ داودَ؟! إِنَّما کانَ عِندَهُ حَرفٌ واحِدٌ مِنَ الاِسمِ الأَعظَمِ،وصاحِبُکُمُ،الَّذی قالَ اللّهُ: «قُلْ کَفی بِاللّهِ شَهِیداً بَیْنِی وَ بَیْنَکُمْ وَ مَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْکِتابِ» 2 ،وکانَ وَاللّهِ عِندَ عَلِیٍّ علیه السلام عِلمُ الکِتابِ.

فَقُلتُ:صَدَقتَ وَاللّهِ،جُعِلتُ فِداکَ! (2)

3550. الإمام الصادق علیه السلام: إِنَّ عیسَی بنَ مَریَمَ علیه السلام أُعطِیَ حَرفَینِ وکانَ یَعمَلُ بِهِما،وأُعطِیَ موسی أَربَعَةَ أَحرُفٍ،وأُعطِیَ إِبراهیمُ ثَمانِیَةَ أَحرُفٍ،وأُعطِیَ نوحٌ خَمسَةَ عَشَرَ حَرفاً،وأُعطِیَ آدَمُ خَمسَةً وعِشرینَ حَرفاً،وإِنَّ اللّهَ تَعالی جَمَعَ ذلِکَ کُلَّهُ لِمُحَمَّدٍ صلی الله علیه و آله، وإِنَّ اسمَ اللّهِ الأَعظَمَ ثَلاثَةٌ وسَبعونَ حَرفاً،أَعطی مُحَمَّداً صلی الله علیه و آله اثنَینِ وسَبعینَ حَرفاً، وحُجِبَ عَنهُ حَرفٌ واحِدٌ. (3)

3551. عنه علیه السلام: إِنَّ اللّهَ سُبحانَهُ وتَعالی جَعَلَ اسمَهُ الأَعظَمَ عَلی ثَلاثَةٍ وسَبعینَ حَرفاً،فَأَعطی آدَمَ مِنها خَمسَةً وعِشرینَ حَرفاً،وأَعطی نوحاً مِنها خَمسَةَ عَشَرَ حَرفاً،وأَعطی إِبراهیمَ مِنها ثَمانِیَةَ أَحرُفٍ،وأَعطی موسی مِنها أَربَعَةَ أَحرُفٍ،وأَعطی عیسی مِنها

ص:26

حَرفَینِ؛فَکانَ یُحیی بِهِمَا (1)المَوتی،ویُبرِئُ الأَکمَهَ وَالأَبرَصَ،وأَعطی مُحَمَّداً صلی الله علیه و آله اثنَینِ وسَبعینَ حَرفاً،وَاحتَجَبَ بِحَرفٍ لِئَلّا یَعلَمَ أحَدٌ ما فی نَفسِهِ،ویَعلَمَ ما فی أَنفُسِ العِبادِ. (2)

3552. الإمام الرضا علیه السلام: أُعطِیَ بَلعَمُ بنُ باعورا الاِسمَ الأَعظَمَ،فَکانَ یَدعو بِهِ فَیُستَجابُ لَهُ. (3)

راجع: هذه الموسوعة:ج 6 ص 240 (أبواب علومهم/اسم اللّه الأعظم).

ص:27

ص:28

وقال آخرون:الاسم الأعظم،هو کلّ اسم یدعو به العبد ربّه بکلّ وجوده. (1)

ومنهم من ذکر أنّ الاسم الأعظم اسم جامع للأَسماء کلّها. (2)

ومنهم من یعتقد أنّ الأنبیاء مظاهر امّهات أسماء الحقّ،وهی داخلة فی الاسم الأعظم الجامع،ومظهر الحقیقة المحمّدیّة. (3)

أجل،إِنّ الخلاف فی تبیان ما غمضت حقیقته علی الباحثین طبیعیّ،بید أنّی وجدتُ بین الآراء المختلفة الّتی لاحظتها أنّ کلام العلّامة الطباطبائی فی تبیینه هو أفضلها.

سوادها،وما ورد أَنّه فی آیة الکرسی،وأَوّل سورة آل عمران،وما ورد أَنّ حروفه متفرّقة فی سورة الحمد یعرفها الإمام،وإِذا شاء أَلّفها ودعا بها فاستجیب له،وما ورد أَن آصف بن برخیا وزیر سلیمان دعا بما عنده من حروف اسم اللّه الأَعظم فأَحضر عرش ملکة سبأ عند سلیمان فی أَقلّ من طرفة عین،وما ورد أَنّ الاسم الأَعظم علی ثلاثة وسبعین حرفاً،قسّم اللّه بین أَنبیائه اثنین وسبعین منها،واستأَثر واحداً منها عنده فی علم الغیب،إِلی غیر ذلک من الروایات المشعرة بأنّ له تألیفاً لفظیاً.

والبحث الحقیقی عن العلّة والمعلول وخواصّها یدفع ذلک کلّه؛فإنّ التأثیر الحقیقی یدور مدار وجود الأَشیاء فی قوّته وضعفه،والمسانخة بین المؤثّر والمتأثّر، والاسم اللفظی إِذا اعتبرنا من جهة خصوص لفظه کان مجموعة أَصوات مسموعة هی من الکیفیات العرضیة،وإِذا اعتبر من جهة معناه المتصوّر کان صورة ذهنیة لا أَثر لها من حیث نفسها فی شیء البتّة،ومن المستحیل أَن یکون صوت أَوجدناه من طریق الحنجرة أَو صورة خیالیة نصوّرها فی ذهننا بحیث یقهر بوجوده وجود کلّ شیء،ویتصرّف فیما نریده علی ما نریده،فیقلب السماء أَرضاً،والأَرض سماءً، ویحوّل الدنیا إِلی الآخرة،وبالعکس،وهکذا،وهو فی نفسه معلول لإرادتنا.

والأَسماء الإلهیة واسمه الأَعظم خاصّة وإِن کانت مؤثّرة فی الکون ووسائط وأَسباباً لنزول الفیض من الذات المتعالیة فی هذا العالم المشهود،لکنّها إِنّما تؤثّر بحقائقها لا بالأَلفاظ الدالّة فی لغة کذا علیها،ولا بمعانیها المفهومة من أَلفاظها المتصوّرة فی الأَذهان،ومعنی ذلک أَنّ اللّه سبحانه هو الفاعل الموجد لکلّ شیء بما له من الصفة الکریمة المناسبة له الّتی یحویها الاسم المناسب،لا تأثیر اللفظ أَو صورة مفهومة فی الذهن أَو حقیقة اخری غیر الذات المتعالیة،إِلّا أَنّ اللّه سبحانه وعد إِجابة دعوة من دعاه کما فی قوله: «أُجِیبُ دَعْوَةَ الدّاعِ إِذا دَعانِ» 1، و هذا یتوقّف علی دعاء وطلب حقیقی،وأَن یکون الدعاء والطلب منه تعالی

ص:31

لا من غیره-کما تقدم فی تفسیر الآیة-فمن انقطع عن کلّ سبب واتّصل بربِّه لحاجة من حوائجه،فقد اتّصل بحقیقة الاسم المناسب لحاجته،فیؤثّر الاسم بحقیقته ویستجاب له،و ذلک حقیقة الدعاء بالاسم،فعلی حسب حال الاسم الّذی انقطع إِلیه الداعی یکون حال التأثیر خصوصاً وعموماً،و لو کان هذا الاسم هو الاسم الأَعظم انقاد لحقیقته کلّ شیء،واستجیب للداعی به دعاؤه علی الإطلاق.

وعلی هذا یجب أَن یحمل ما ورد من الروایات والأَدعیة فی هذا الباب دون الاسم اللفظی أَو مفهومه.

ومعنی تعلیمه تعالی نبیاً من أَنبیائه أَو عبداً من عباده أسما من أَسمائه أَو شیئاً من الاسم الأَعظم هو أَن یفتح له طریق الانقطاع إِلیه تعالی باسمه ذلک فی دعائه ومسألته،فإن کان هناک اسم لفظی وله معنی مفهوم فإنّما ذلک لأَجل أَن الأَلفاظ ومعانیها وسائل وأَسباب تحفظ بها الحقائق نوعاً من الحفظ،فافهم ذلک. (1)

ص:32

وأَسأَ لُکَ بِاسمِکَ الَّذی خَلَقتَ بِهِ الحَیاةَ مِن مَشیئَتِکَ العُظمی إِلی أَجَلٍ مُسَمّیً یا اللّهُ.

وأَسأَ لُکَ بِاسمِکَ الَّذی خَلَقتَ بِهِ المَوتَ وأَجرَیتَهُ فِی الخَلقِ عِندَ انقِطاعِ آجالِهِم وفَراغِ أَعمالِهِم یا اللّهُ.

وأَسأَ لُکَ بِاسمِکَ الَّذی طَیَّبتَ بِهِ نُفوسَ عِبادِکَ،فَطابَت لَهُم أَسماؤُکَ الحُسنی وآلآؤُکَ الکُبری یا اللّهُ.

وأَسأَ لُکَ بِاسمِکَ المُصَوِّرِ الماجِدِ الواحِدِ الَّذی خَشَعَت لَهُ الجِبالُ وما فیها یا اللّهُ.

وأَسأَ لُکَ بِاسمِکَ الَّذی تَقولُ بِهِ لِلشَّیءِ کُن فَیَکونُ بِقُدرَتِکَ یا اللّهُ...

وأَسأَ لُکَ بِاسمِکَ الّذی تُجری بِهِ الفُلکَ فِی البَحرِ المُسَلسَلِ المَحبوسِ بِقُدرَتِکَ یا اللّهُ.

وأَسأَ لُکَ بِاسمِکَ الّذی یُسَبِّحُ لَکَ بِهِ قَطرُ المَطَرِ وَالسَّحابُ الحامِلاتُ قَطَراتِ رَحمَتِکَ یا اللّهُ.

وأَسأَ لُکَ بِاسمِکَ الَّذی أَجرَیتَ بِهِ وابِلَ السَّحابِ فِی الهَواءِ بِقُدرَتِکَ یا اللّهُ.

وأَسأَ لُکَ بِاسمِکَ الَّذی تُنَزِّلُ بِهِ قَطرَ المَطَرِ مِنَ المُعصِراتِ ماءً ثَجّاجاً (1)فَتَجعَلُهُ فَرَجاً یا اللّهُ.

وأَسأَ لُکَ بِاسمِکَ الَّذِی مَلَأتَ بِهِ قُدسَکَ بِعَظیمِ التَّقدیسِ یا قُدّوسُ یا اللّهُ.

وأَسأَ لُکَ بِاسمِکَ الَّذِی استَعانَ بِهِ حَمَلَةُ عَرشِکَ فَأَعَنتَهُم وطَوَّقتَهُمُ احتِمالَهُ فَحَمَلوهُ بِذلِکَ الاِسمِ یا اللّهُ.

وأَسأَ لُکَ بِاسمِکَ الَّذی خَلَقتَ بِهِ الکُرسِیَّ سَعَةَ السَّماواتِ وَالأَرضِ یا اللّهُ.

ص:34

وأَسأَ لُکَ بِاسمِکَ الَّذی خَلَقتَ بِهِ العَرشَ العَظیمَ الکَریمَ وعَظَّمتَ خَلقَهُ فَکان کَما شِئتَ أَن یَکونَ بِذلِکَ الاِسمِ یا عَظیمُ یا اللّهُ.

وأَسأَ لُکَ بِاسمِکَ الَّذی طَوَّقتَ بِهِ العَرشَ بِهَیبَةِ العِزَّةِ وَالسُّلطانِ یا اللّهُ.

وأَسأَ لُکَ بِاسمِکَ الَّذی تُخرِجُ بِهِ نَباتَ الأَرضِ مَنافِعَ لِخَلقِکَ وغِیاثاً یا اللّهُ....

وأَسأَ لُکَ بِاسمِکَ الَّذی خَلَقتَ بِهِ النُّجومَ وجَعَلتَ مِنها رُجوماً لِلشَّیاطینِ ما بَینَ السَّماءِ وَالأَرضِ یا اللّهُ.

وأَسأَ لُکَ بِاسمِکَ الَّذی تَنتَثِرُ بِهِ الکَواکِبُ نَثراً لِدَعوَتِکَ یا اللّهُ.

وأَسأَ لُکَ بِاسمِکَ الَّذی یَطیرُ بِهِ الطَّیرُ فی جَوِّ السَّماءِ صافّاتٍ بِأَمرِکَ یا اللّهُ.

وأَسأَ لُکَ بِاسمِکَ الَّذی أُحضِرَت بِهِ الأَرَضونَ لِأَمرِکَ یا اللّهُ.

وأَسأَ لُکَ بِاسمِکَ الَّذی یُسَبِّحُ لَکَ بِهِ کُلُّ شَیءٍ بِلُغاتٍ مُختَلِفَةٍ یا اللّهُ....

وأَسأَ لُکَ بِاسمِکَ الَّذی شَقَقتَ بِهِ الأَرضَ شَقّاً،وأَنبَتَّ فیها حَبّاً وعِنَباً وقَضباً (1)، وزَیتوناً ونَخلاً،وحَدائِقَ غُلباً (2)،وفاکِهَةً وأَبّاً (3)یا اللّهُ.

وأَسأَ لُکَ بِاسمِکَ الَّذی تُخرِجُ بِهِ الحُبوبَ مِنَ الأَرضِ،فَتُزَیِّنُ بِهَا الأَرضَ،فَتُذَکِّرُ بِنِعمَتِکَ یا اللّهُ.

وأَسأَ لُکَ بِاسمِکَ الَّذی تُسَبِّحُ لَکَ بِهِ الضَّفادِعُ فِی البِحارِ وَالأَنهارِ وَالغُدرانِ بِأَلوانِ صِفاتِها وَاختِلافِ لُغاتِها یا اللّهُ....

وأَسأَ لُکَ بِاسمِکَ الظّاهِرِ فی کُلِّ شَیءٍ بِالقُدرَةِ وَالکِبرِیاءِ وَالبُرهانِ وَالسُّلطانِ یا اللّهُ. (4)

ص:35

3554. الإمام علیّ علیه السلام -فی دُعائِهِ المَعروفِ بِدُعاءِ کُمَیلٍ-:اللّهُمَّ إِنّی أَسأَلُکَ...بِأَسمائِکَ الَّتی غَلَبَت (مَلَأَت) أَرکانَ کُلِّ شَیءٍ. (1)

3555. الإمام زین العابدین علیه السلام -فی دُعائِهِ عَقیبَ الصَّلاةِ-:اللّهُمَّ إِنّی أَسأَلُکَ بِاسمِکَ الَّذی بِهِ تَقومُ السَّماءُ وَالأَرضُ،وبِاسمِکَ الَّذی بِهِ تَجمَعُ المُتَفَرِّقَ وتُفَرِّقُ المُجتَمِعَ،وبِاسمِکَ الَّذی تُفَرِّقُ بِهِ بَینَ الحَقِّ وَالباطِلِ،وبِاسمِکَ الَّذی تَعلَمُ بِهِ کَیلَ البِحارِ وعَدَدَ الرِّمالِ ووَزنَ الجِبالِ،أَن تَفعَلَ بی کَذا وکَذا. (2)

3556. الإمام الصادق علیه السلام -فی دُعاءِ الإِلحاحِ-:اللّهُمَّ إِنّی أَسأَ لُکَ بِاسمِکَ الَّذی بِهِ تَقومُ السَّماءُ وبِهِ تَقومُ الأَرضُ،وبِهِ تُفَرِّقُ بَینَ الحَقِّ وَالباطِلِ،وبِهِ تَجمَعُ بَینَ المُتَفَرِّقِ،وبِهِ تُفَرِّقُ بَینَ المُجتَمِعِ،وبِهِ أَحصَیتَ عَدَدَ الرِّمالِ وزِنَةَ الجِبالِ وکَیلَ البِحارِ. (3)

3557. الإمام الکاظم علیه السلام -فی دُعاءٍ لَهُ بَعدَ صَلاةِ جَعفَرٍ-:أَسأَ لُکَ بِاسمِکَ الَّذی تَحشُرُ بِهِ المَوتی إِلَی المَحشَرِ،یا مَن لا یَقدِرُ عَلی ذلِکَ أَحَدٌ غَیرُهُ،أَسأَ لُکَ بِاسمِکَ الَّذی تُحیی بِهِ العِظامَ وهِیَ رَمیمٌ. (4)

3558. الإمام المهدی علیه السلام -فی قُنوتِهِ-:أَسأَ لُکَ بِاسمِکَ الَّذی کَوَّنتَ بِهِ طَعمَ المِیاهِ.

وأَسأَ لُکَ بِاسمِکَ الَّذی أَجرَیتَ بِهِ الماءَ فی عُروقِ النَّباتِ بَینَ أَطباقِ الثَّری، وسُقتَ الماءَ إِلی عُروقِ الأَشجارِ بَینَ الصَّخرَةِ الصَّمّاءِ.

ص:36

وأَسأَ لُکَ بِاسمِکَ الَّذی کَوَّنتَ بِهِ طَعمَ الثِّمارِ وأَلوانَها.

وأَسأَ لُکَ بِاسمِکَ الَّذی بِهِ تُبدِئُ وتُعیدُ.

وأَسأَ لُکَ بِاسمِکَ الفَردِ الواحِدِ المُتَفَرِّدِ بِالوَحدانِیَّةِ المُتَوَحِّدِ بِالصَّمَدانِیَّةِ بِاسمِکَ. (1)

وأَسأَ لُکَ بِاسمِکَ الَّذی فَجَّرتَ بِهِ الماءَ مِنَ الصَّخرَةِ الصَّمّاءِ وسُقتَهُ مِن حَیثُ شِئتَ.

وأَسأَ لُکَ بِاسمِکَ الَّذی خَلَقتَ بِهِ خَلقَکَ ورَزَقتَهُم کَیفَ شِئتَ وکَیفَ شاؤوا. (2)

ص:37

ص:38

أ-من الواضح أنّ صفات اللّه عز و جل أکثر من الصفات الواردة فی هذه الفصول، وملاکنا فی الاختیار،محوریّة الصفة وکثرة الآیات والأحادیث الّتی تدور حولها.

ب-تمّ تنظیم الصفات الثبوتیّة حسب الحروف الهجائیة إلّاالصفات المتقاربة أو المتقابلة فی المعنی،فإنّها عُرضت فی موضعٍ واحدٍ.

ج-فی بدایة کلّ صفة خلاصة لمعناها اللغویّ وکیفیّة عرضها فی القرآن الکریم،وبعض النقاط الّتی تُیسّر البحث فی تلک الصفة،وفهم الآیات والأحادیث المتعلّقة بها.

فَانظُر أَیُّهَا السّائِلُ:فَما دَلَّکَ القُرآنُ عَلَیهِ مِن صِفَتِهِ فَائتَمَّ بِهِ وَاستَضِئ بِنورِ هِدایَتِهِ، وما کَلَّفَکَ الشَّیطانُ عِلمَهُ مِمّا لَیسَ فِی الکِتابِ عَلَیکَ فَرضُهُ،ولا فی سُنَّةِ النَّبِیِّ صلی الله علیه و آله وأَئِمَّةِ الهُدی أَثَرُهُ،فَکِل عِلمَه إِلَی اللّهِ سُبحانَهُ؛فَإِنَّ ذلِکَ مُنتَهی حَقِّ اللّهِ عَلَیکَ.

وَاعلَم أَنَّ الرّاسِخینَ فِی العِلم هُمُ الَّذینَ أَغناهُم عَنِ اقتِحامِ السُّدَدِ المَضروبَةِ دونَ الغُیوبِ الإِقرارُ بِجُملَةِ ما جَهِلوا تَفسیرَهُ مِنَ الغَیبِ المَحجوبِ،فَمَدَحَ اللّهُ-تَعالَی- اعترافَهُم بِالعَجزِ عَن تَناوُلِ ما لَم یُحیطوا بِه عِلماً،وسَمّی تَرکَهُمُ التَّعَمُّقَ فیما لَم یُکَلِّفهُمُ البَحثَ عَن کُنهِهِ رُسوخاً،فَاقتَصِر عَلی ذلِکَ،ولا تُقَدِّر عَظَمَةَ اللّهِ سُبحانَهُ عَلی قَدرِ عَقلِکَ؛فَتَکونَ مِنَ الهالِکینَ.

هُوَ القادِرُ الَّذی إِذَا ارتَمَتِ الأَوهامُ لِتُدرِکَ مُنقَطَعَ قُدرَتِهِ،وحاوَلَ الفِکرُ المُبَرَّأُ مِن خَطَراتِ الوَساوِسِ أن یَقَعَ عَلَیهِ فی عَمیقاتِ غُیوبِ مَلَکوتِهِ،وتَوَلَّهَتِ القُلوبُ إِلَیهِ لِتَجرِیَ فی کَیفِیَّة صِفاتِهِ،وغَمَضَت مَداخِلُ العُقولِ فی حَیثُ لا تَبلُغُهُ الصِّفاتُ لِتَناوُلِ عِلمِ ذاتِهِ،رَدَعَها وهِیَ تَجوبُ مَهاوِیَ سُدَفِ الغُیوبِ،مُتَخَلِّصَةً إِلَیهِ-سُبحانَهُ- فَرَجَعَت إِذ جُبِهَت مُعتَرِفَةً بِأَنَّهُ لا یُنالُ بِجَورِ الاِعتِسافِ کُنهُ مَعرِفَتِهِ،ولا تَخطُرُ بِبالِ أُولِی الرَّوِیّاتِ (1)خاطِرَةٌ مِن تَقدیرِ جَلالِ عِزَّتِهِ. (2)

3561. عنه علیه السلام: سُبحانَهُ! هُوَ کَما وَصَفَ نَفسَهُ،وَالواصِفونَ لا یَبلُغونَ نَعتَهُ. (3)

3562. عنه علیه السلام: إِنَّ مَن یَعجِزُ عَن صِفاتِ ذِی الهَیئَةِ وَالأَدَواتِ فَهُوَ عَن صِفاتِ خالِقِهِ أَعجَزُ،

ص:41

وَ مِن تَناوُلِهِ بِحُدودِ المَخلوقینَ أَبعَدُ. (1)

3563. الإمام الحسین علیه السلام: أَصِفُ إِلهی بِما وَصَفَ بِهِ نَفسَهُ،وأُعَرِّفُهُ بِما عَرَّفَ بِهِ نَفسَهُ؛لا یُدرَکُ بِالحَواسِّ،ولا یُقاسُ بِالنّاسِ،فَهُوَ قَریبٌ غَیرُ مُلتَصِقٍ،وبَعیدٌ غَیرُ مُتَقَصٍّ، یُوَحَّدُ ولا یُبَعَّضُ،مَعروفٌ بِالآیاتِ،مَوصوفٌ بِالعَلاماتِ،لا إِلهَ إِلّا هُوَ الکَبیرُ المُتَعالُ. (2)

3564. الإمام الصادق علیه السلام: إِنَّ اللّهَ لا یُوصَفُ،وکَیفَ یُوصَفُ وقَد قالَ فی کتابِهِ: «وَ ما قَدَرُوا اللّهَ حَقَّ قَدْرِهِ» (3)!! فَلا یوصَفُ بِقَدرٍ إِلّا کانَ أَعظَمَ مِن ذلِکَ. (4)

3565. الإمام الکاظم علیه السلام: مَن ظَنَّ بِاللّهِ الظُّنونَ هَلَکَ،فَاحذَروا فی صِفاتِهِ مِن أَن تَقِفوا لَهُ عَلی حَدٍّ تَحُدّونَهُ بِنَقصٍ أَو زِیادَةٍ،أَو تَحریکٍ أَو تَحَرُّکٍ،أَو زَوالٍ أَوِ استِنزالٍ،أَو نُهوضٍ أَو قُعودٍ؛فَإِنَّ اللّهَ جلّ وعزّ عَن صِفَةِ الواصِفینَ،ونَعتِ النّاعِتینَ،وتَوَهُّمِ المُتَوَهِّمینَ. (5)

3566. الإمام الرضا علیه السلام -لَمّا سَمِعَ کَلاماً فِی التَّشبیهِ،خَرَّ ساجِداً وقالَ-:سُبحانَکَ ما عَرَفوکَ ولا وَحَّدوکَ،فَمِن أَجلِ ذلِکَ وَصَفوک،سُبحانَکَ لو عَرَفوکَ لَوَصفوکَ بِما وَصَفتَ بِهِ نَفسَکَ. (6)

ص:42

3567. الإمام الجواد علیه السلام: قامَ رَجُلٌ إِلَی الرِّضا علیه السلام فَقالَ لَهُ:یَابنَ رَسولِ اللّهِ،صِف لَنا رَبَّکَ؛فَإِنَّ مَن قِبَلَنا قَدِ اختَلَفوا عَلَینا.

فَقالَ الرِّضا علیه السلام:إِنَّهُ مَن یَصِفُ رَبَّهُ بِالقِیاسِ لا یَزالُ الدَّهرُ فِی الاِلتباسِ،مائِلاً مِنَ المِنهاجِ،ظاعِناً فِی الاِعوِجاجِ،ضالاًّ عَنِ السَّبیلِ،قائِلاً غَیرَ الجَمیلِ،أُعَرِّفُهُ بِما عَرَّفَ بِهِ نَفسَهُ مِن غَیرِ رُؤیَةٍ،وأَصِفُهُ بِما وَصَفَ بِهِ نَفسَهُ مِن غَیرِ صورَةٍ؛لا یُدرَکُ بِالحَواسِّ،ولا یُقاسُ بِالنّاسِ،مَعروفٌ بِغَیرِ تَشبیهٍ. (1)

راجع: هذه الموسوعة:ج 3 ص 417 (آفاق معرفة اللّه عز و جل ).

3570. عوالی اللآلی عنهم علیهم السلام: التَّوحیدُ نَفیُ الحَدَّینِ؛حَدِّ التَّشبیهِ وحَدِّ التَّعطیلِ. (1)

3571. الإمام علیّ علیه السلام: لَیسَ بِإِلهٍ مَن عُرِفَ بِنَفسِهِ،هُوَ الدَّالُّ بِالدَّلیلِ عَلَیهِ،وَالمُؤَدّی بِالمَعرِفَةِ إِلَیهِ. (2)

راجع: هذه الموسوعة:ج 3 ص 476 (مراتب التوحید/المرتبة الاولی:التوحید فی الذات/المذهب الحقّ فی التوحید)

وموسوعة العقائد الإسلامیّة (معرفة اللّه):ج5 ص235 (التعرّف علی الصفات السلبیّة/المِثل).

سُئِلَتِ الأَنبِیاءُ عَنهُ فَلَم تَصِفهُ بِحَدٍّ ولا بِبَعضٍ،بَل وَصَفَتهُ بِفِعالِهِ. (1)

3575. الإمام الرضا علیه السلام -لَمّا سُئِلَ عَن قَولِ اللّهِ عز و جل: «سَخِرَ اللّهُ مِنْهُمْ» (2)وعَن قَولِهِ: «اَللّهُ یَسْتَهْزِئُ بِهِمْ» (3)وعَن قَولِهِ: «وَ مَکَرُوا وَ مَکَرَ اللّهُ» (4)وعَن قَولِهِ: «یُخادِعُونَ اللّهَ وَ هُوَ خادِعُهُمْ» (5)-:إِنَّ اللّهَ-تَبارَکَ وتَعالی-لا یَسخَرُ ولا یَستَهزِئُ ولا یَمکُرُ ولا یُخادِعُ، ولکِنَّ اللّهَ عز و جل یُجازیهِم جَزاءَ السُّخرِیَةِ،وجَزاءَ الاِستِهزاءِ،وجَزاءَ المَکرِ،وجَزاءَ الخَدیعَةِ،تَعالَی اللّهُ عَمّا یَقولُ الظّالِمونَ عُلُوّاً کَبیراً. (6)

فَإِن قُلتَ:لَم تَزَل عِندَهُ فی عِلمِهِ وهُوَ مُستَحِقُّها،فَنَعَم.وإِن کُنتَ تَقولُ:لَم یَزَل تَصویرُها وهِجاؤُها وتَقطیعُ حُروفِها؛فَمَعاذَ اللّهِ أَن یَکونَ مَعَهُ شَیءٌ غَیرُهُ،بَل کانَ اللّهُ ولا خَلقَ،ثُمَّ خَلَقَها وَسیلَةً بَینَهُ وبَینَ خَلقِهِ،یَتَضَرَّعونَ بِها إِلَیهِ ویَعبُدونَهُ،وهِیَ ذِکرُهُ وکانَ اللّهُ ولا ذِکرَ،وَالمَذکورُ بِالذِّکرِ هُوَ اللّهُ القَدیمُ الَّذی لَم یَزَل،وَالأَسماءُ وَالصِّفاتُ مَخلوقاتٌ،وَالمَعانی (1)والمَعنِیُّ بِها هُوَ اللّهُ الَّذی لا یَلیقُ بِهِ الاِختِلافُ ولا الاِئتِلافُ، وإِنَّما یَختَلِفُ وتَأتَلِفُ (2)المُتَجَزِّئُ،فَلا یُقالُ:اللّهُ مُؤتَلِفٌ،ولَا:اللّهُ قَلیلٌ ولا کَثیرٌ، ولکِنَّهُ القَدیمُ فی ذاتِهِ؛لِأَنّ ما سِوَی الوَاحِدِ مُتَجَزِّئٌ،وَاللّهُ واحِدٌ لا مُتَجَزِّئٌ ولا مُتَوَهَّمٌ بِالقِلَّةِ وَالکَثرَةِ،وکُلُّ مُتَجَزِّیً أَو مُتَوَهَّمٍ بِالقِلَّةِ وَالکَثرَةِ فَهُوَ مَخلوقٌ دالٌّ عَلی خالِقٍ لَهُ.

فَقَولُکَ:إِنَّ اللّهَ قَدیرٌ،خَبَّرتَ أَنَّهُ لا یُعجِزُه شَیءٌ،فَنَفَیتَ بِالکَلِمَةِ العَجزَ،وجَعَلتَ العَجزَ سِواهُ.وکَذلِکَ قَولُکَ:عالِمٌ،إِنَّما نَفَیتَ بِالکَلِمَةِ الجَهلَ،وَجَعلتَ الجَهلَ سِواهُ، وإِذا أَفنَی اللّهُ الأَشیاءَ أَفنَی الصّورَةَ وَالهِجاءَ وَالتَّقطیعَ،ولا یَزالُ مَن لَم یَزَل عالِماً.

فَقالَ الرَّجُلُ:فَکَیفَ سَمَّینا رَبَّنا سَمیعاً؟

فَقالَ:لِأَنَّهُ لا یَخفی عَلَیهِ ما یُدرَکُ بِالأَسماعِ،ولَم نَصِفهُ بِالسَّمعِ المَعقولِ فِی الرَّأسِ،وکَذلِکَ سَمَّیناهُ بَصیراً؛لِأَنَّهُ لا یَخفی عَلَیهِ ما یُدرَکُ بِالأَبصارِ،مِن لَونٍ أَو شَخصٍ أَو غَیرِ ذلِکَ،ولَم نَصِفهُ بِبَصَرِ لَحظَةِ العَینِ،وکَذلِکَ سَمّیناهُ لَطیفاً؛لِعِلمِهِ بِالشَّیءِ اللَّطیفِ مِثلِ البَعوضَةِ وأَخفی مِن ذلِکَ،ومَوضِعِ النُّشوءِ مِنها،وَالعَقلِ

ص:46

وَالشَّهوَةِ لِلسِّفادِ وَالحَدَبِ عَلی نَسلِها،وإِقامَ بَعضِها عَلی بَعضٍ،ونَقلِهَا الطَّعامَ وَالشَّرابَ إِلی أَولادِها فِی الجِبالِ وَالمَفاوِزِ (1)وَالأَودِیَةِ والقِفارِ (2)،فَعَلِمنا أَنَّ خالِقَها لَطیفٌ بِلا کَیفٍ،وإِنَّمَا الکَیفِیَّةُ لِلمَخلوقِ المُکَیَّفِ.

وکذلِکَ سَمَّینا رَبَّنا قَوِیّاً لا بِقُوَّةِ البَطشِ المَعروفِ مِنَ المَخلوقِ،ولَو کانَت قُوَّتُهُ قُوَّةَ البَطشِ المَعروفِ مِنَ المَخلوقِ لَوَقَعَ التَّشبیهُ،ولَاحتَمَلَ الزِّیادَةَ،ومَا احتَمَلَ الزِّیادَةَ احتَمَلَ النُّقصانَ،وما کانَ ناقِصاً کانَ غَیرَ قَدیمٍ،وما کانَ غَیرَ قَدیمٍ کانَ عاجِزاً،فَرَبُّنا-تَبارَکَ وتَعالی-لا شِبهَ لَهُ ولا ضِدَّ ولا نِدَّ ولا کَیفَ ولا نِهایةَ ولا تَبصارَ بَصَرٍ،ومُحَرَّمٌ عَلَی القُلوبِ أَن تُمَثِّلَهُ،وعَلَی الأَوهامِ أَن تَحُدَّهُ،وعَلَی الضَّمائِرِ أَن تُکَوِّنَهُ،جَلَّ وعَزَّ عَن أَداةِ خَلقِهِ وسِماتِ بَرِیَّتِهِ،وتَعالی عَن ذلِکَ عُلُوّاً کَبیراً. (3)

ص:47

ص:48

ص:50

القَلبِ مِمّا یُنالُ مِنَ الخَیرِ:أمَلٌ،ومِنَ الخَوفِ:إیحاشٌ. (1)

ویقترب معنی (المنی) و(التمنّی) من الأمل والرجاء أیضاً،لکن غالباً ما یطلقان علی الأمانی الباطلة،یقول الراغب فی المفردات فی هذا الصدد:

المَنی:التَّقدیرُ،یُقالُ:مَنی لَکَ المانی،أی:قَدَّرَ لَکَ المُقَدِّرُ،ومِنهُ:المَنَا الَّذی یوزَنُ بِهِ فیما قیلَ،وَالمَنِیُّ لِلَّذی قُدِّرَ بِهِ الحَیَواناتُ،قالَ تَعالی: «أَ لَمْ یَکُ نُطْفَةً مِنْ مَنِیٍّ یُمْنی» (2)، «مِنْ نُطْفَةٍ إِذا تُمْنی» (3)،أی تُقَدَّرُ بِالعِزَّةِ الإِلهِیَّةِ ما لَم یَکُن مِنهُ، ومِنهُ:المَنِیَّةُ:وهُوَ الأَجَلُ المُقَدَّرُ لِلحَیَوانِ،وجَمعُهُ:مَنایا.وَالتَّمَنّی:تَقدیرُ شَیءٍ فِی النَّفسِ وتَصویرُهُ فیها،وذلِکَ قَد یَکونُ عَن تَخمینٍ وظَنٍّ،ویَکونُ عَن رَوِیَّةٍ وبِناءٍ عَلی أصلٍ،لکن لَمّا کانَ أکثرُهُ عَن تَخمینٍ صارَ الکَذِبُ لَهُ أمْلَکَ،فَأَکثَرُ التَّمَنّی تَصَوُّرُ ما لا حَقیقَةَ لَهُ،قالَ تَعالی: «أَمْ لِلْإِنْسانِ ما تَمَنّی» (4)، «فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ» (5)، «وَ لا یَتَمَنَّوْنَهُ أَبَداً» (6).وَالاُمِنیَةُ:الصّورَةُ الحاصِلَةُ فِی النَّفسِ مِن تَمَنِّی الشَّیءِ،ولَمّا کانَ الکَذِبُ تَصَوُّرَ ما لا حَقیقَةَ لَهُ وإیرادَهُ بِاللَّفظِ صارَ التَّمَنّی کَالمَبدَأ لِلکَذِبِ. (7)

والاُخری بمعنی الأمل المذموم (1)،ووردت کلمة الرجاء ومشتقّاتها 23 مرّة،اُطلقت فی أغلبها علی معنی الأمانی الحسنة،علی عکس ذلک کلمة (المنی) ومشتقّاتها التی وردت 17 مرّة،ویراد فی غالبها الأمانی المذمومة.

ممّا یجدر ذکره أنّ ثمّة روایات تعضد ما ذهب إلیه فی تاج العروس من اختلاف معنی الأمل والرجاء،بمعنی أنّ الأمل یغلب استعماله فیما یکون مستبعد التحقّق والحصول.

سنشیر فیما یلی علی نحو الإجمال من هذا الفصل إلی جملة نقاط تربویّة هامّة فیما یتعلّق بمفهوم الأمل:

بالرحمةِ الإلهیّة المهداة من اللّه تعالی إلی المجتمع البشری. (1)

إنّ الأمر الأساس فی مجال استثمار الإنسان لهذه الموهبة الإلهیّة هو کیفیّة صقلها ورعایتها،حیث إنّ هذه الخاصیّة الفطریّة لو تمّ رعایتها وتنمیتها بشکل صحیح لبلغ الإنسان من خلال تحقیق أمانیه إلی حالة الاستقرار والطمأنینة لیکون بشکل تدریجیّ-کما یعبّر القرآن الکریم-ذا نفس مطمئنّة. (2)

أمّا إذا لم یستطع تربیتها ورعایتها بشکل صحیح،فهو کمن یتوهّم السراب ماءً، ویسعی طوال عمره فی طلب ذلک السراب،حتّی ینزل به الموت وهو بعدُ لم یبلغ الغایة،ولو نال شیئاً ممّا کان یتخیّل أنّه یأمل الوصول إلیه فإنّه لن یجد فیه مراده، لذا فهو لا یستشعر الراحة والاستقرار فی حیاته أبداً،وفی ذلک یقول أمیر المؤمنین علیه السلام:

مَن سَعی فی طَلَبِ السَّرابِ طالَ تَعَبُهُ،وکَثُرَ عَطَشُهُ. (3)

وقال علیه السلام أیضاً:

من أمَّلَ الرِّیَّ مِنَ السَّرابِ خابَ أمَلُهُ،وماتَ بِعَطَشِهِ. (4)

لهذا فإنّه من أجل تربیة الأمل وصقله ینبغی أوّلاً معرفة ما تطلبه الفطرة وترید تحقیقه،وعلی هذا الأساس یمکن أن نفصل بین الأمانی الصحیحة والأمانی غیر الصحیحة،ثمّ نسعی غایة جهدنا للوصول إلی الأمانی الفطریّة الحقیقیّة،واجتناب الأمانی الکاذبة.

ص:54

یتمنّون (1)،فاذا ارتبطتم بی فسوف تفوزون فی الدنیا والآخرة:

«مَنْ کانَ یُرِیدُ ثَوابَ الدُّنْیا فَعِنْدَ اللّهِ ثَوابُ الدُّنْیا وَ الْآخِرَةِ» . (2)

عند ذلک تغمرکم الطمأنینة المطلقة:

«أَلا بِذِکْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ» . (3)

وإذا نسیتمونی فإنّکم فی الحقیقة إنّما تنسون أنفسکم:

«نَسُوا اللّهَ فَأَنْساهُمْ أَنْفُسَهُمْ» . (4)

فی هذه الصورة لا تستشعرون الطمأنینة فی کلّ ما تنالونه من أمانیّکم:

«وَ مَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِکْرِی فَإِنَّ لَهُ مَعِیشَةً ضَنْکاً» . (5)

بهذا الحال لو أردت أن اعرّفک نفسی بأجلی من ذلک،فأنا الذی لا تقطع دونه الآمال حینما تنقطع عن کلّ شیء (6)،و أنا الذی التجأت إلیه بکلّ وجودک،ودعوته وطلبت منه إجابة مسألتک.

خیّرة وثقة بالنفس،ثمّ إنّه بحاجة إلی سعی و ثبات وصبر و أناة،وتوکّل علی اللطیف المتعال وطلب العون منه.

وفی المقابل،فإنّ من آفات بلوغ الآمال،عدم تحدید الهدف من الحیاة،وعدم معرفة الحاجات الحقیقیّة والأمانی الحقّة،وعدم الاکتراث بالحیاة الخالدة،و انتیاب حالات الکسل والجزع،والانشغال بالأعمال الباطلة والمشاغل الضارّة،والانحطاط الأخلاقی والعملی،والأهمّ من کلّ ذلک عدم الاعتماد علی المواهب الفطریّة الربّانیّة، والاعتماد علی ما سوی اللّه تعالی فی الحیاة،وسوف تأتی لاحقاً-فی الفصل الثالث والرابع-الإشارة إلی تعالیم أهل البیت علیهم السلام وإرشاداتهم فی هذا الخصوص.

ونسیان الموت والحیاة الأبدیّة،وقسوة القلب،والتقصیر فی إنجاز صالح الأعمال والغفلة عنها،والوقوع فی شِراک المفاسد والمصاعب والمنغِّصات.

إنّ الحدیث عن جذور الأمانی الباطلة ومضارّها،یعنی أنّ المرتبة الدنیا من الجهل والتلوّث الأخلاقیّ والسلوکی هما السبب وراء حصول الأمانی الباطلة المذمومة،فیما تغدو المراحل الأعلی من ذلک نتائجَ لتلک الأمانی ومستتبعات لها،بحیث أنّ الإنسان یتمنّی-ونتیجة الجهل وعدم الدرایة-أشیاء تؤدّی به إلی الانحطاط الأخلاقی والعملی،والانحطاط الذهنی والروحی،ممّا یهیّئ الأرضیّة بدوره لجهل أکثر وأمانی أخطر،حتّی یشرف صاحبها علی الموت.

من هنا،کلّما استطالت الأمانی الإنسانیة الباطلة وتنامت،تضاعف جهل الإنسان وانحطاطه وتلوّثه وفشله وحرمانه.

فَقالَ الشَّیخُ:بَینا أنَا أعمَلُ إذ قالَت لی نَفسی:إلی مَتی تَعمَلُ وأنتَ شَیخٌ کَبیرٌ؟! فَأَلقَیتُ المِسحاةَ وَاضطَجَعتُ.ثُمَّ قالَت لی نَفسی:وَاللّهِ ما بِذلِکَ مِن عَیشٍ ما بَقیتَ، فَقُمتُ إلی مِسحاتی. (1)

3590. عنه صلی الله علیه و آله: لا یَزالُ قَلبُ الکَبیرِ شابّاً فِی اثنَتَینِ:فی حُبِّ الدُّنیا وطولِ الأَمَلِ. (1)

الإنسان الأجل الأمل

3594. عارِضة الأحوَذیّ عن الرّبیع بن خُثَیم عن عبد اللّه -وَاللَّفظُ لِلبُخاریّ-:خَطَّ النَّبِیُّ صلی الله علیه و آله خَطّاً مُرَبَّعاً،و خَطَّ خَطّاً فِی الوَسَطِ،وخَطَّ خِطَطاً صِغاراً إلی هذَا الَّذی فِی الوَسَطِ مِن جانِبِهِ،فَقالَ:هذَا الإِنسانُ،وهذا أجَلُهُ مُحیطٌ بِهِ،وهذَا الَّذی هُوَ خارِجٌ أمَلُهُ، وهذِهِ الخِطَطُ الصِّغارُ الأَعراضُ،فَإِن أخطَأَهُ هذا نَهَشَهُ هذا....

قال ابن العربیّ:لم یُتقن البخاریّ هذا الحدیث:فإنّه مهّد ثلاثة معانٍ،وهی الخطّ المربّع واحدٌ،والخطّ الذی فی وسطه اثنان،والخطط الصغار ثلاثة،ثمّ قال:أعطی لکلّ ممهّدٍ مثاله،فقال:هذا الإنسان واحدٌ،و هذا أجله محیطٌ به اثنان،و هذا الذی هو خارجٌ أمله ثلاثة،وهذه الخطط الصغار الأعراض أربعةٌ.

و إنّما صوابه ما رواه غیره،قال عبد اللّه:

خَطَّ لَنا رَسولُ اللّهِ صلی الله علیه و آله خَطّاً مُرَبَّعاً،وخَطّاً وَسَطَ الخَطِّ المُرَبَّعِ،وخَطَّ خُطوطاً إلی جانِبِ الخَطِّ الَّذی فی وَسَطِ المُرَبَّعِ،وخَطّاً خارِجَ الخَطِّ المُرَبَّعِ،ثُمَّ قالَ:

أتَدرونَ ما هذا؟

قالوا:اللّهُ ورَسولُهُ أعلَمُ!

قالَ:هذَا الخَطُّ الأَوسَطُ الإِنسانُ،وَالخُطوطُ الَّتی إلی جانِبِهِ الأَعراضُ، وَالأَعراضُ تَنهَشُهُ مِن کُلِّ مَکانٍ؛إن أخطَأَهُ هذا أصابَهُ هذا،وَالخَطُّ المُرَبَّعُ الأَجَلُ المُحیطُ بِهِ،والخَطُّ الخارِجُ البَعیدُ الأَمَلُ،وهذِهِ صورَتُهُ: (1)

ص:63

الأمل الإنسان

3595. معدن الجواهر: أخَذَ [رَسولُ اللّهِ صلی الله علیه و آله ] حَجَرَینِ،فَأَلقی بَینَ یَدَیهِ حَجَراً وقالَ:هذا أمَلُ ابنِ آدَمَ.وألقی خَلفَهُ حَجَراً وقالَ:هذا أجَلُهُ،فَهُوَ یَری أمَلَهُ ولا یَری أجَلَهُ. (1)

3596. الإمام علیّ علیه السلام: الأَجَلُ حَصادُ الأَمَلِ. (2)

3597. عنه علیه السلام -مِن وَصِیَّتِهِ لاِبنِهِ الحَسَنِ علیه السلام-:اِعلَم یَقیناً أنَّکَ لَن تَبلُغَ أمَلَکَ،ولَن تَعدُوَ أجَلَکَ،وأنَّکَ فی سَبیلِ مَن کانَ قَبلَکَ. (3)

3598. عنه علیه السلام: لا تَخلُو النَّفسُ مِنَ الأَمَلِ،حَتّی تَدخُلَ فِی الأَجَلِ. (4)

3599. عنه علیه السلام: غایَةُ الأَمَلِ الأَجَلُ. (5)

3600. عنه علیه السلام: فی غُرورِ الآمالِ انقِضاءُ الآجالِ. (6)

ص:64

3601. عنه علیه السلام: تَأریخُ المُنَی المَوتُ. (1)

3602. الإمام الصادق عن آبائه عن الإمام علیّ: -مِن خُطبَةٍ لَهُ بِالبَصرَةِ-:اِعلَموا أنَّکُم فی أجَلٍ مَحدودٍ،وأمَلٍ مَمدودٍ،ونَفَسٍ مَعدودٍ،ولابُدَّ لِلأَجَلِ أن یَتَناهی،ولِلأَمَلِ أن یُطوی،ولِلنَّفَسِ أن یُحصی.

ثُمَّ دَمَعَت عَیناهُ وقَرَأَ: «وَ إِنَّ عَلَیْکُمْ لَحافِظِینَ * کِراماً کاتِبِینَ * یَعْلَمُونَ ما تَفْعَلُونَ» (2). (3)

ص:65

ص:66

فَإِنَّهُ یَقولُ:

«وعِزَّتی وجَلالی،لَاَقطَعَنَّ أمَلَ کُلِّ مَن یُؤَمِّلُ غَیریِ بِالیَأسِ،ولَأَکسُوَنَّهُ ثَوبَ المَذَلَّةِ فِی النّاسِ،ولَاُبعِدَنَّهُ مِن قُربی،ولَأَقَطَعَنَّهُ عَن وَصلی،ولَاُخمِلَنَّ (1)ذِکرَهُ حینَ یَرعی غَیری.أیُؤَمِّلُ-وَیلَهُ-لِشَدائِدِهِ غَیری وکَشفُ الشَّدائِدِ بِیَدی؟! ویَرجو سِوایَ وأنَا الحَیُّ الباقی ! ویَطرُقُ أبوابَ عِبادی وهِیَ مُغلَقَةٌ ویَترُکُ بابی وهُوَ مَفتوحٌ ! فَمَن ذَاالَّذی رَجانی لِکَثیرِ جُرمِهِ فَخَیَّبتُ رَجاءَهُ؟!

جَعَلتُ آمالَ عِبادی مُتَّصِلَةً بی،وجَعَلتُ رَجاءَهُم مَذخوراً لَهُم عِندی،ومَلَأتُ سَماواتی مِمَّن لا یَمَلُّ تَسبیحی،وأمَرتُ مَلائِکَتی أن لا یُغلِقُوا الأَبوابَ بَینی وبَینَ عِبادی.

ألَم یَعلَم مَن فَدَحَتهُ (2)نائِبَةٌ مِن نَوائِبی أن لا یَملِکَ أحَدٌ کَشفَها إلّابِإِذنی؟! فَلِمَ یُعرِضُ العَبدُ بِأَمَلِهِ عَنّی وقَد أعطَیتُهُ ما لَم یَسأَلنی،فَلَم یَسأَلنی وسَأَلَ غَیری؟ أفَتَرانی أبتَدِئُ خَلقی مِن غَیرِ مَسألَةٍ،ثُمَّ اسألُ فَلا اجیبُ سائِلی؟! أبَخیلٌ أنَا فَیُبَخِّلُنی عَبدی؟أوَلَیسَ الدُّنیا وَالآخِرَةُ لی؟أوَلَیسَ الکَرَمُ وَالجودُ صِفَتی؟أوَلَیسَ الفَضلُ وَالرَّحمَةُ بِیَدی؟أوَلَیسَ الآمالُ لاتَنتَهی إلّاإلَیَّ،فَمَن یَقطَعُها دونی؟وما عَسی أن یُؤَمِّلَ المُؤَمِّلونَ مَن سِوایَ؟!

وعِزَّتی وجَلالی،لَو جَمَعتُ آمالَ أهلِ الأَرضِ وَالسَّماءِ ثُمَّ أعطَیتُ کُلَّ واحِدٍ مِنهُم،ما نَقَصَ مِن مُلکی بَعضُ عُضوِ الذَّرَّةِ،وکَیفَ یَنقُصُ نائِلٌ أنَا أفَضتُهُ؟!

یا بُؤساً لِلقانِطینَ مِن رَحمَتی،یا بُؤساً لِمَن عَصانی وتَوَثَّبَ عَلی مَحارِمی،ولَم

ص:68

یُراقِبنی وَاجتَرَأَ عَلَیَّ».

ثُمَّ قالَ-عَلَیهِ وعَلی آلِهِ السَّلامُ-لی:یا نَوفُ،ادعُ بِهذَا الدُّعاءِ:

إلهی،إن حَمِدتُکَ فَبِمَواهِبِکَ،وإن مَجَّدتُکَ فَبِمُرادِکَ،وإن قَدَّستُکَ فَبِقُوَّتِکَ،وإن هَلَّلتُکَ فَبِقُدرَتِکَ،وإن نَظَرتُ فَإِلی رَحمَتِکَ،وإن عَضَضتُ فَعَلی نِعمَتِکَ،إلهی إنَّهُ مَن لَم یَشغَلهُ الوُلوعُ (1)بِذِکرِکَ،ولَم یَزوِهِ (2)السَّفَرُ بِقُربِکَ،کانَت حَیاتُه عَلَیهِ میتَةً ومیتَتُهُ عَلَیهِ حَسرَةً.

إلهی،تَناهَت أبصارُ النّاظِرینَ إلَیکَ بِسَرائِرِ القُلوبِ،وطالَعَت أصغَی السّامِعینَ لَکَ نَجِیّاتِ الصُّدورِ،فَلَم یَلقَ أبصارُهُم رَدّاً (3)دونَ ما یُریدونَ،هَتَکتَ بَینَکَ وبَینَهُم حُجُبَ الغَفلَةِ،فَسَکَنوا فی نورِکَ،وتَنَفَّسوا بِرَوحِکَ،فَصارَت قُلوبُهُم مَغارِسَ لِهَیبَتِکَ،وأبصارُهُم مَآکِفَ لقُدرَتِکَ،وقَرَّبتَ أرواحَهُم مِن قُدسِکَ،فَجالَسُوا اسمَکَ بِوَقارِ المُجالَسَةِ،وخُضوعِ المُخاطَبَةِ،فَأَقبَلتَ إلَیهمِ إقبالَ الشَّفیقِ،وأنصَتَّ لَهُم إنصاتَ الرَّفیقِ،وأجَبتَهُم إجاباتِ الأَحِبّاءِ،وناجَیتَهُم مُناجاةَ الأَخِلّاءِ،فَبَلِّغ بِیَ المَحَلَّ الَّذی إلَیهِ وَصَلوا،وَانقُلنی مِن ذِکری إلی ذِکرِکَ،ولا تَترُک بَینی وبَینَ مَلَکوتِ عِزِّکَ باباً إلّافَتَحتَهُ،ولا حِجاباً مِن حُجُبِ الغَفلَةِ إلّاهَتَکتَهُ،حَتّی تُقیمَ روحی بَینَ ضِیاءِ عَرشِکَ،وتَجعَلَ لَها مَقاماً نُصبَ نورِکَ،إنَّکَ عَلی کُلِّ شَیءٍ قَدیرٌ.

إلهی،ما أوحَشَ طَریقاً لا یَکونُ رَفیقی فیهِ أمَلی فیکَ،وأبعَدَ سَفَراً لا یَکونُ رَجائی مِنهُ دَلیلی مِنکَ،خابَ مَنِ اعتَصَمَ بِحَبلِ غَیرِکَ،وضَعُفَ رُکنُ مَنِ استَنَدَ إلی غَیرِ رُکنِکَ.فَیا مُعَلِّمَ مُؤَمِّلیهِ الأَمَلَ فَیُذهِبُ عَنهُم کَآبَةَ الوَجَلِ (4)،لا تَحرِمنی صالِحَ

ص:69

العَمَلِ،وَاکلَأنی کِلاءَةَ (1)مَن فارَقَتهُ الحِیَلُ،فَکَیفَ یَلحَقُ مُؤَمِّلیکَ ذُلُّ الفَقرِ وأنتَ الغَنِیُّ عَن مَضارِّ المُذنِبینَ !

إلهی،وإنَّ کُلَّ حَلاوَةٍ مُنقَطِعَةٌ،وحَلاوَةَ الإِیمانِ تَزدادُ حَلاوَتُهَا اتِّصالاً بِکَ.

إلهی،وإنَّ قَلبی قَد بَسَطَ أمَلَهُ فیکَ،فَأَذِقهُ مِن حَلاوَةِ بَسطِکَ إیّاهُ البُلوغَ لِما أمَّلَ، إنَّکَ عَلی کُلِّ شَیءٍ قَدیرٌ.

إلهی،أسأَلُکَ مَسأَلَةَ مَن یَعرِفُکَ کُنهَ (2)مَعرِفَتِکَ مِن کُلِّ خَیرٍ یَنبَغی لِلمُؤمِنِ أن یَسلُکَهُ،وأعوذُ بِکَ مِن کُلِّ شَرٍّ وفِتنَةٍ أعَذتَ بِها أحِبّاءَکَ مِن خَلقِکَ،إنَّکَ عَلی کُلِّ شَیءٍ قَدیرٌ.

إلهی،أسأَلُکَ مَسأَلَةَ المِسکینِ الَّذی قَد تَحَیَّرَ فی رَجاهُ،فَلایَجِدُ مَلجَأً ولا مَسنَداً یَصِلُ بِهِ إلَیکَ،ولا یُستَدَلُّ بِهِ عَلَیکَ إلّابِکَ،وبِأَرکانِکَ ومَقاماتِکَ الَّتی لاتَعطیلَ لَها مِنکَ،فَأَسأَلُکَ بِاسمِکَ الَّذی ظَهَرتَ بِهِ لِخاصَّةِ أولِیائِکَ فَوَحَّدوکَ وعَرَفوکَ فَعَبَدوکَ بِحَقیقَتِکَ،أن تُعَرِّفَنی نَفسَکَ لِاُقِرَّ لَکَ بِرُبوبِیَّتِکَ عَلی حَقیقَةِ الإِیمانِ بِکَ،ولا تَجعَلنی یا إلهی مِمَّن یَعبُدُ الاِسمَ دونَ المَعنی،وَالحَظنی بِلَحظَةٍ مِن لَحَظاتِکَ تُنَوِّرُ بِها قَلبی بِمَعرِفَتِکَ خاصَّةً ومَعرِفَةِ أولِیائِکَ،إنَّکَ عَلی کُلِّ شَیءٍ قَدیرٌ. (3)

یا اللّهُ یا اللّهُ یا اللّهُ ألّا تُشَوِّهَ خَلقی فِی النّارِ. (1)

3605. عنه صلی الله علیه و آله: یا اللّهُ...لا تَرُدَّ مَسأَلَتی،ولا تَحجُب دَعوَتی،ولا تَنقُص رَغبَتی،وَارحَم ذُلّی وتَضَرُّعی،وفَقری وفاقَتی،فَما لی رَجاءٌ غَیرُکَ ولا أمَلٌ سِواکَ. (2)

3606. عنه صلی الله علیه و آله -فی دُعاءِ الأَسماءِ الحُسنی-:یا مَن یَرجوهُ أهلُ السَّماواتِ وَالأَرضِ یا اللّهُ،یا ثِقَةَ أهلِ السَّماواتِ والأَرضِ یا اللّهُ،یا أملَ أهلِ السَّماواتِ وَالأَرضِ یا اللّهُ،یا رَجاءَ أهلِ السَّماواتِ وَالأَرضِ یا اللّهُ. (3)

3607. فاطمة علیها السلام -مِن دُعائِها عَقیبَ صَلاةِ الظُّهرِ-:یا أکرَمَ الأَکرَمینَ ومُنتَهی امنِیَّةِ السّائِلینَ، أنتَ مَولایَ فَتَحتَ لی بابَ الدُّعاءِ وَالإِنابَةِ (4)،فَلا تُغلِق عَنّی بابَ القَبولِ وَالإِجابَةِ. (5)

3608. الإمام الحسین علیه السلام: اللّهُمَّ یا مَن مَلَکَ فَقَدَرَ،وقَدَرَ فَقَهَرَ،وعُصِیَ فَسَتَرَ،وَاستُغفِرَ فَغَفَرَ، یا غایَةَ رَغبَةِ الرّاغِبینَ،ومُنتَهی أمَلِ الرّاجینَ. (6)

3609. الإمام زین العابدین علیه السلام -فی مُناجاةِ المُفتَقرِینَ-:یا مُنتَهی أمَلِ الآمِلینَ،ویا غایَةَ سُؤلِ السّائِلینَ،ویا أقصی طَلِبَةِ الطّالِبینَ،ویا أعلی رَغبَةِ الرّاغِبینَ...لَکَ تَخَضُّعی وسُؤالی،وإلَیکَ تَضَرُّعی وَابتِهالی. (7)

ص:71

یا رَجائی،یا مُعتَمَدی ومَلجَئی،وذُخری وظَهری وعُدَّتی،وأمَلی وغایَتی. (1)

3614. الإمام العسکری علیه السلام: اللّهُمَّ أنتَ غِیاثی وعِمادی،وأنتَ عِصمَتی ورَجائی،ما لی أمَلٌ سِواکَ ولا رَجاءٌ غَیرَکَ. (2)

3618. عنه علیه السلام: اللّهُمَّ...إنَّکَ وَلِیُّ نَعمائی،ومُنتَهی مُنایَ،وغایَةُ رَجائی فی مُنقَلَبی ومَثوایَ. (1)

3619. عنه علیه السلام: اللّهُمَّ یا مَن لا یَصِفُهُ نَعتُ الواصِفینَ،ویا مَن لا یُجاوِزُهُ رَجاءُ الرّاجینَ. (2)

اللّهُمَّ وهذا مَقامُ مَن أفرَدَکَ بِالتَّوحیدِ الَّذی هُوَ لَکَ،ولَم یَرَ مُستَحِقّاً لِهذِهِ المَحامِدِ وَالمَمادِحِ غَیرَکَ،وبی فاقَةٌ إلَیکَ لایَجبُرُ مَسکَنَتَها إلّافَضلُکَ،ولا یَنعَشُ (1)مِن خَلَّتِها (2)إلّا مَنُّک وجودُکَ،فَهَب لنا فی هذَا المَقامِ رِضاکَ،وأغنِنا عَن مَدِّ الأَیدی إلی سِواکَ، إنَّکَ عَلی کُلِّ شَیءٍ قَدیرٌ. (3)

3622. عنه علیه السلام -مِن دُعائِهِ قَبلَ صَلاةِ اللَّیلِ-:فَیا أمَلَ العارِفینَ،ورَجاءَ الآمِلینَ،صَلِّ عَلی مُحَمَّدٍ وآلِهِ الطّاهِرینَ.... (4)

3623. فاطمة علیها السلام -فی دُعائِها عَقیبَ الصَّلَواتِ الخَمسِ-:سَیِّدی...إلَیکَ المُشتَکی،وأنتَ المُستَعانُ والمُرتَجی. (5)

3624. الإمام زین العابدین علیه السلام: اللّهُمَّ أنتَ المَدعُوُّ،وأنتَ المَرجُوُّ،ورازِقُ الخَیرِ،وکاشِفُ السّوءِ. (6)

3625. عنه علیه السلام -فِی الدُّعاءِ- : یا مَن هُوَ الرَّجاءُ وَالأَمَلُ،وعَلَیهِ فِی الشَّدائِدِ المُتَّکَلُ...کَیفَ أخافُ وأنتَ رَجائی! وکَیفَ أضیعُ وأنتَ لِشِدَّتی ورَخائی (7)! (8)

3626. الإمام الباقر علیه السلام -فِی الدُّعاءِ-:اللّهُمَ مَن کانَ النّاسُ ثِقَتَهُ ورَجاءَهُ فَأَنتَ ثِقَتی

ص:75

ورَجائِی.اقدِر لی خَیرَها عافِیَةً،ورَضِّنی بِما قَضَیتَ لی. (1)

ألا أیُّهَا المَأمولُ فی کُلِّ حاجَةٍ

قالَ:فَتَأَمَّلتُهُ فَإِذا هُوَ عَلِیُّ بنُ الحُسَینِ علیه السلام. (1)

3632. الإمام الصادق علیه السلام -فِی الدُّعاءِ-:یا مَن أرجوهُ لِکُلِّ خَیرٍ،وآمَنُ سَخَطَهُ عِندَ کُلِّ عَثرَةٍ. (2)

3634. عنه علیه السلام: اللّهُمَّ قَد أکدَی (1)الطَّلَبُ وأعیَتِ (2)الحِیَلُ إلّاعِندَکَ،وضاقَتِ المَذاهِبُ وَامتَنَعَتِ المَطالِبُ وعَسُرَتِ الرَّغائِبُ وَانقَطَعَتِ الطُّرُقُ إلّاإلَیکَ،وتَصَرَّمَتِ (3)الآمالُ وَانقَطَعَ الرَّجاءُ إلّامِنکَ،وخابَتِ الثِّقَةُ وأخلَفَ الظَّنُ إلّابِکَ. (4)

3635. عنه علیه السلام: اللّهُمَّ بِذِکرِکَ أستَفتِحُ مَقالی،وبِشُکرِکَ أستَنجِحُ سُؤالی،وعَلَیکَ تَوَکُّلی فی کُلِّ أحوالی،وإیّاکَ أمَلی فَلا تُخَیِّب آمالی. (5)

3636. عنه علیه السلام -مِن دُعائِهِ فی صَلاةِ اللَّیلِ-:أنَا العَبدُ الضَّعیفُ عَمَلاً،الجَسیمُ أمَلاً،خَرَجَت مِن یَدی أسبابُ الوُصُلاتِ إلّاما وَصَلَهُ رَحمَتُک،وتَقَطَّعَت عَنّی عِصَمُ الآمالِ إلّاما أنَا مُعتَصِمٌ بِهِ مِن عَفوِکَ. (6)

3637. الإمام الصادق علیه السلام: اللّهُمَّ أنتَ أنتَ،اِنقَطَعَ الرَّجاءُ إلّامِنکَ،وخابَتِ الآمالُ إلّافیکَ،یا ثِقَةَ مَن لا ثِقَةَ لَهُ،لا ثِقَةَ لی غَیرُکَ،اِجعَل لی مِن أمری فَرَجاً ومَخرَجاً،وَارزُقنی مِن حَیثُ أحتَسِبُ ومِن حَیثُ لا أحتَسِبُ. (7)

3638. عنه علیه السلام: اللّهُمَّ...اکفِنی ما ضاقَ بِهِ صَدری،وعِیلَ (8)بِهِ صَبری،وقَلَّت فیهِ حیلَتی،

ص:78

وضَعُفَت عَنهُ قُوَّتی،وعَجَزَت عَنهُ طاقَتی،ورَدَّتنی فیهِ الضَّرورَةُ عِندَ انقِطاعِ الآمالِ وخَیبَةِ الرَّجاءِ مِنَ المَخلوقینَ إلَیکَ. (1)

3639. عنه علیه السلام: اللّهُمَّ إنَّهُ قَد أکدَی الطَّلَبُ،وأعیَتِ الحِیَلُ إلّاعِندَکَ،وَانغَلَقتِ الطُّرُقُ وضاقَتِ المَذاهِبُ إلّاإلَیکَ،ودَرَسَتِ (2)الآمالُ وَانقَطَعَ الرَّجاءُ إلّامِنکَ،وکُذِّبَ الظَّنُّ واُخلِفَتِ العِداةُ إلّاعِدَتُکَ. (3)

راجع:موسوعة العقائد الإسلامیّة (معرفة اللّه):ج 3 ص 62 (القسم الأوّل/الفصل الثالث:

مبادئ معرفة اللّه عز و جل/تجلّی الفطرة عند الشدائد).

ص:79

ص:80

3650. عنه علیه السلام: مَن کانَتِ الآخِرَةُ هِمَّتَهُ بَلَغَ مِنَ الخَیرِ غایَةَ امنِیَّتِهِ. (1)

3651. عنه علیه السلام: مَن أمَّلَ ثَوابَ الحُسنی لَم تُنکَد (2)آمالُهُ. (3)

3652. عنه علیه السلام: صارَ أولیاءُ اللّهِ إلَی الأَجرِ بِالصَّبرِ،وإلَی الأَمَلِ بِالعَمَلِ. (4)

3653. عنه علیه السلام: إنَّکُم إنِ اغتَنَمتُم صالِحَ الأَعمالِ نِلتُم مِنَ الآخِرَةِ نِهایَةَ الآمالِ. (5)

3654. عنه علیه السلام: ألا وإنَّکُم فی أیّامِ أمَلٍ مِن وَرائِهِ أجَلٌ؛فَمَن عَمِلَ فی أیّامِ أمَلِهِ قَبلَ حُضورِ أجَلِهِ فَقَد نَفَعَهُ عَمَلُهُ ولَم یَضرُرهُ أجَلُهُ،ومَن قَصَّرَ فی أیّامِ أمَلِهِ قَبلَ حُضورِ أجَلِهِ فَقَد خَسِرَ عَمَلُهُ وضَرَّهُ أجَلُهُ. (6)

3657. عنه علیه السلام: مَن رَغِبَ فیما عِندَ اللّهِ بَلَغَ آمالَهُ. (1)

3658. عنه علیه السلام: إنَّکُم إن رَجَوتُمُ اللّهَ بَلَغتُم آمالَکُم،وإن رَجَوتُم غَیرَ اللّهِ خابَت أمانِیُّکُم و آمالُکُم. (2)

راجع: ص 90 (الاِتّکال علی غیر اللّه عز و جل ).

سِربالَ القُنوطِ وَالإِبلاسِ. (1)

3662. عنه علیه السلام: اللّهُمَّ...أسأَلُکَ مِنَ الشَّهادَةِ أقسَطَها،و مِنَ العِبادَةِ أنشَطَها...ومِنَ الأَعمالِ أقسَطَها،ومِنَ الآمالِ أوفَقَها،ومِنَ الأَقوالِ أصدَقَها. (2)

3663. عنه علیه السلام: إلهی،کَسری لا یَجبُرُهُ إلّالُطفُکَ وحَنانُکَ...واُمنِیَّتی لا یُبَلِّغُنیها إلّا فَضلُکَ. (3)

3664. الإمام الصادق علیه السلام -فی دُعاءِ الصَّباحِ-:یا مَن جودُهُ وسیلَةُ کُلِّ سائِلٍ،وکَرَمُهُ شَفیعُ کُلِّ آمِلٍ،یا مَن هُوَ بِالجودِ مَوصوفٌ،اِرحَم مَن هُوَ بِالإِساءَةِ مَعروفٌ. (4)

3665. عنه علیه السلام -فی دُعاءِ السَّفَرِ-:اللّهُمَّ فَاصرِف عَنّی مَقادیرَ کُلِّ بَلاءٍ،ومَقضِیَّ کُلِّ لَأواءٍ (5)، وَابسُط عَلَیَّ کَنَفاً (6)مِن رَحمَتِکَ،ولُطفاً مِن عَفوِکَ،وسَعَةً مِن رِزقِکَ،وتَماماً مِن نِعمَتِکَ،وجِماعاً (7)مِن مُعافاتِکَ،وأوقعِ عَلَیَّ فیهِ جَمیعَ قَضائِکَ عَلی مُوافَقَةِ جَمیعِ هَوایَ فی حَقیقَةِ (8)أحسَنِ أمَلی. (9)

ص:85

3666. عنه علیه السلام -فی دُعائِهِ عِندَ التَّوَجُّهِ إلی مِنی-:اللّهُمَّ إیّاکَ أرجو وإیّاکَ أدعو،فَبَلِّغنی أمَلی وأصلِح لی عَمَلی. (1)

3667. عنه علیه السلام: اللّهُمَّ صَلِّ عَلی مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ،وأعِذنا أن تُخَیِّبَ آمالَنا وتُحبِطَ أعمالَنا. (2)

ص:86

وفَضلی،أیُؤَمِّلُ عَبدی فِی الشَّدائِدِ غَیری؟! أو یَرجو سِوایَ؟! وأنَا الغَنِیُّ الجَوادُ، بِیَدی مَفاتیحُ الأَبوابِ وهِیَ مُغلَقَةٌ،وبابی مَفتوحٌ لِمَن دَعانی!

ألَم یَعلَم أنَّهُ ما أوهَنَتهُ نائِبَةٌ لَم یَملِک کَشفَها عَنهُ غَیری؟فَما لی أراهُ بِأَمَلِهِ مُعرِضاً عَنّی؟! قَد أعطَیتُهُ بِجودی وکَرَمی ما لَم یَسأَلنی،فَأَعرَضَ عَنّی ولَم یَسأَلنی وسَأَلَ فی نائِبَتِهِ غَیری،وأنَا اللّهُ أبتَدِئُ بِالعَطِیَّةِ قَبلَ المَسأَلَةِ،أفَاُسأَلُ فَلا اجیبُ؟کَلّا،أوَ لَیسَ الجُودُ وَالکَرَمُ لی؟أوَ لَیسَ الدُّنیا وَالآخِرَةُ بِیَدی؟فَلَو أنَّ أهلَ سَبعِ سَماواتٍ وأرَضینَ سَأَلونی جَمیعاً فَأَعطَیتُ کُلَّ واحِدٍ مِنهُم مَسأَلَتَهُ،ما نَقَصَ ذلِکَ مِن مُلکی مِثلَ جَناحِ بَعوضَةٍ،وکَیفَ یَنقُصُ مُلکٌ أنا قَیِّمُهُ؟فیا بُؤساً (1)لِمَن عَصانی ولَم یُراقِبنی.

فَقُلتُ:یَابنَ رَسولِ اللّهِ أعِد عَلَیَّ هذَا الحَدیثَ،فَأَعادَهُ ثَلاثاً،فَقُلتُ:لا وَاللّهِ،لا سَأَلتُ أحَداً بَعدَ هذا حاجَةً.فَما لَبِثتُ أن جاءَنی بِرِزقٍ (2)وفَضلٍ مِن عِندِهِ. (3)

راجع: ص 83 (الاِتّکال علی اللّه عز و جل ).

ص:91

ص:92

3690. الإمام علیّ علیه السلام -مِن وَصِیَّتِهِ لِوَلَدِهِ الحَسَنِ علیه السلام-:اُوصیکَ-یا بُنَیَّ-بِالصَّلاةِ عِندَ وَقتِها...وقَصرِ الأَمَلِ وذِکرِ المَوتِ،وَالزُّهدِ فِی الدُّنیا،فَإِنَّکَ رَهنُ مَوتٍ وغَرَضُ بَلاءٍ و طَریحُ سُقمٍ. (1)

3691. عنه علیه السلام: قَصِّرُوا الأَمَلَ،وبادِرُوا العَمَلَ،وخافوا بَغتَةَ الأَجَلِ؛فَإِنَّهُ لَن یُرجی مِن رَجعَةِ العُمُرِ ما یُرجی مِن رَجعَةِ الرِّزقِ،ما فاتَ الیَومَ مِنَ الرِّزقِ یُرجی غَداً زِیادَتُهُ،و ما فاتَ أمسِ مِنَ العُمُرِ لَم تُرجَ الیَومَ رَجعَتُهُ. (2)

3692. عنه علیه السلام: قَصِّرِ الأَمَلَ فَإِنَّ العُمُرَ قَصیرٌ،وَافعَلِ الخَیرَ فَإِنَّ یَسیرَهُ کَثیرٌ. (3)

3693. عنه علیه السلام: زِد مِن طولِ أمَلِکَ فی قَصرِ أجَلِکَ،ولا تَغُرَّنَّکَ صِحَّةُ جِسمِکَ وسَلامَةُ أمسِکَ؛ فَإِنَّ مُدَّةَ العُمُرِ قَلیلَةٌ،وسَلامَةَ الجِسمِ مُستَحیلَةٌ. (4)

3694. عنه علیه السلام: قَصِّر أملَکَ،فَما أقرَبَ أجَلَکَ ! (5)

3695. عنه علیه السلام: أفضَلُ الدّینِ قَصرُ الأَمَلِ،وأفضَلُ العِبادَةِ إِخلاصُ العَمَلِ. (6)

3696. عنه علیه السلام: الکَیِّسُ (7)مَن قَصَّرَ آمالَهُ. (8)

ص:94

3697. عنه علیه السلام -فی وَصفِ المُؤمِنِ-:تَراهُ بَعیداً کَسَلُهُ،دائِماً نَشاطُهُ،قَریباً أمَلُهُ. (1)

3698. عنه علیه السلام: طوبی (2)لِمَن قَصَّرَ أمَلَهُ،وَاغتَنَمَ مَهَلَهُ. (3)

یا أبا ذَرٍّ،لَو نَظَرتَ إلَی الأَجَلِ ومَسیرِهِ لَأَبغَضتَ الأَمَلَ وغُرورَهُ. (1)

3702. عنه صلی الله علیه و آله: عَجِبتُ لِمُؤَمِّلِ دُنیا وَالمَوتُ یَطلُبُهُ. (2)

3703. عنه صلی الله علیه و آله: مَن عَلِمَ أنَّهُ یُفارِقُ الأَحبابَ،ویَسکُنُ التُّرابَ،ویُواجَهُ بِالحِسابِ؛کانَ حَرِیّاً (3)بِقَطعِ الأَمَلِ وحُسنِ العَمَلِ. (4)

3704. الإمام علیّ علیه السلام: مَن راقَبَ أجَلَهُ،قَصُرَ أمَلُهُ. (5)

3705. عنه علیه السلام: مَنِ استَقصَرَ بَقاءَهُ وأجَلَهُ،قَصُرَ رَجاؤُهُ وأمَلُهُ. (6)

3706. عنه علیه السلام: لو رَأَی العَبدُ الأَجَلَ ومَصیرَهُ،لَأَبغَضَ الأَمَلَ وغُرورَهُ. (7)

3707. عنه علیه السلام: لو رَأَی العَبدُ أجَلَهُ وسُرعَتَهُ إلَیهِ،لَأَبغَضَ الأَمَلَ وتَرَکَ طَلَبَ الدُّنیا. (8)

3708. عنه علیه السلام: لو عُرِفَ الأَجَلُ،قَصُرَ الأَمَلُ. (9)

ص:96

3709. عنه علیه السلام: مَن رَأَی المَوتَ بِعَین یَقینِهِ رَآهُ قَریباً.مَن رَأَی المَوتَ بِعَینِ أمَلِهِ رَآهُ بَعیداً. (1)

3710. عنه علیه السلام: لَو رَأَیتُمُ الأَجَلَ ومَسیرَهُ،لَلُهیتُم (2)عَنِ الأَمَلِ وغُرورِهِ. (3)

3711. عنه علیه السلام: لَو ظَهَرَتِ الآجالُ،لَافتَضَحَتِ الآمالُ. (4)

3712. عنه علیه السلام: عِندَ حُضورِ الآجالِ تَظهَرُ خَیبَةُ الآمالِ. (5)

3713. عنه علیه السلام: الأَجَلُ یَفضَحُ الأَمَلَ. (6)

3714. عنه علیه السلام: عِندَ هُجومِ الآجالِ تَفتَضِحُ الأَمانِیُّ وَالآمالُ. (7)

3715. عنه علیه السلام: إذا حَضَرَتِ المَنِیَّةُ،افتَضَحَتِ الاُمنِیَّةُ. (8)

3716. عنه علیه السلام: إنَّ المَرءَ یُشرِفُ عَلی أمَلِهِ فَیَقتَطِعُهُ حُضورُ أجَلِهِ. (9)

3717. عنه علیه السلام: رُبَّ أجَلٍ تَحتَ أمَلٍ. (10)

3718. عنه علیه السلام: رُبّ امنِیَّةٍ تَحتَ مَنِیَّةٍ. (11)

ص:97

3719. عنه علیه السلام: صِدقُ الأَجَلِ یُفصِحُ (1)کِذبَ الأَمَلِ. (2)

3720. عنه علیه السلام: عَجِبتُ لِمَن لا یَملِکُ أجَلَهُ کَیفَ یُطیلُ أمَلَهُ ! (3)

3721. الإمام الکاظم علیه السلام -فی وَصِیَّتِهِ لِهِشامِ بنِ الحَکَمِ-:لَو رَأَیتَ مَسیرَ الأَجَلِ لَأَلهاکَ عَنِ الأَمَلِ. (4)

3722. الإمام علیّ علیه السلام -فِی الدّیوانِ المَنسوبِ إلَیهِ-:

تُؤَمِّلُ فِی الدُّنیا طَویلاً فَلا تَدری

حَیاتِکَ قَبلَ مَوتِکَ؛فَإِنَّکَ لا تَدری مَا اسمُکَ غَداً. (1)

وکَذَّبَ مُناهُ. (1)

3730. عنه علیه السلام: طوبی لِمَنِ استَشعَرَ الوَجَلَ،وکَذَّبَ الأَمَلَ،وتَجَنَّبَ الزَّلَلَ. (2)

3734. عنه علیه السلام: نِعمَ عَونُ العَمَلِ قَصرُ الأَمَلِ. (1)

ألا تَستَحیونَ ذلِکَ (1)؟! (2)

3748. رسول اللّه صلی الله علیه و آله -فی وَصِیَّتِهِ لِأَبی ذَرٍّ-:یا أبا ذَرٍّ،إیّاکَ وَالتَّسویفَ بِأَمَلِکَ،فَإِنَّکَ بِیَومِکَ ولَستَ بِما بَعدَهُ،فَإِن یَکُن غَدٌ لَکَ تَکُن فِی الغَدِ کَما کُنتَ فِی الیَومِ،وإن لَم یَکُن غَدٌ لَکَ لَم تَندَم عَلی ما فَرَّطتَ فِی الیَومِ. (3)

3749. الإمام علیّ علیه السلام: إنَّما أخافُ عَلَیکُمُ اثنَتَینِ:اِتِّباعَ الهَوی وطولَ الأَمَلِ،أمَّا اتِّباعُ الهَوی فَإِنَّهُ یَصُدُّ عَنِ الحَقِّ،وأمّا طولُ الأَمَلِ فَیُنسِی الآخِرَةَ. (4)

3750. عنه علیه السلام: إنَّ اللّهَ سُبحانَهُ لِیُبغِضُ الطَّویلَ الأَمَلِ،السَّیِّئَ العَمَلِ. (5)

3751. عنه علیه السلام: شَرُّ النّاسِ الطَّویلُ الأَمَلِ،السَّیِّئُ العَمَلِ. (6)

3752. عنه علیه السلام: إیّاکَ وطولَ الأَمَلِ؛فَکَم مِن مَغرورٍ افتُتِنَ بِطولِ أمَلِهِ،وأفسَدَ عَمَلَهُ وقَطَعَ أجَلَهُ،فَلا أمَلَهُ أدرَکَ،ولا ما فاتَهُ استَدرَکَ. (7)

3753. الإمام زین العابدین علیه السلام -فی وَصِیَّتِهِ لِابنِهِ الباقِرِ علیه السلام-:اِعلَم أنَّ السّاعاتِ تُذهِبُ عُمُرَکَ (8)،و أنَّکَ لا تَنالُ نِعمَةً إلّابِفِراقِ اخری،فَإِیّاکَ والأَمَلَ الطَّویلَ؛فَکَم مِن

ص:104

مُؤَمِّلٍ أملاً لا یَبلُغُهُ،وجامِعِ مالٍ لا یَأکُلُهُ. (1)

3754. الإمام الصادق علیه السلام -فی دُعاءٍ لَهُ-:الحَمدُ للّهِ ِ وَلِیِّ الحَمدِ وأهلِهِ،ومُنتَهاهُ ومَحَلِّهِ...

رَبِّ،ما أسوَأَ فِعلی،وأقبَحَ عَمَلی،وأقسی قَلبی،وأطوَلَ أمَلی،وأقصَرَ أجَلی، وأجرَأَنی عَلی عِصیانِ مَن خَلَقَنی!...رَبِّ،وما أطوَلَ أمَلی فی قِصَرِ أجَلی،وأقصَرَ أجَلی فی بُعدِ أمَلی! وما أقبَحَ سَریرَتی وعَلانِیَتی! (2)

3757. عنه علیه السلام: احذَرُوا الأَمَلَ المَغلوبَ،وَالنَّعیمَ المَسلوبَ. (1)

3764. عنه علیه السلام: الأَمانِیُّ تَخدَعُکَ،وعِندَ الحَقائِقِ تَدَعُکَ. (1)

3765. عنه علیه السلام: أنفاسُ المَرءِ خُطاهُ إلی أجَلِهِ،وأمَلُهُ خادِعٌ عَن عَمَلِهِ. (2)

3766. عنه علیه السلام: الأَمَلُ خَوّانٌ. (3)

3767. عنه علیه السلام: لا یَطولَنَّ عَلَیکُمُ الأَمَدُ (4)،ولا یَغُرَّنَّکُمُ الأَمَلُ؛فَإِنَّ الأَمَلَ لَیسَ مِنَ الدّینِ فی شَیءٍ. (5)

3768. عنه علیه السلام -لِصَعصَعَةَ بنِ صوحانَ وقَد أتاهُ عائِداً لَهُ،فَلَمّا أرادَ أن یَقومَ مِن عِندِهِ قالَ-:یا صَعصَعَةَ بنَ صوحانَ لا تَفتَخِر بِعیِادَتی إیّاکَ،وَانظُر لِنَفسِکَ فَکَأَنَّ الأَمرَ قَد وَصَلَ إلَیکَ،ولا یُلهِیَنَّکَ الأَمَلُ.أستَودِعُکَ اللّهَ. (6)

3769. عنه علیه السلام: مَعاشِرَ النّاسِ (المُسلِمینَ) اتَّقُوا اللّهَ،فَکَم مِن مُؤَمِّلٍ ما لا یَبلُغُهُ،وبانٍ ما لا یَسکُنُهُ،وجامِعٍ ما سَوفَ یَترُکُهُ،ولَعَلَّهُ مِن باطِلٍ جَمَعَهُ،ومِن حَقٍّ مَنَعَهُ،أصابَهُ حَراماً وَاحتَمَلَ بِهِ آثاماً،فَباءَ بِوِزرِهِ،وقَدِمَ عَلی رَبِّهِ آسِفاً لاهِفاً (7)،قَد خَسِرَ الدُّنیا وَالآخِرَةَ؛ذلِکَ هُوَ الخُسرانُ المُبینُ. (8)

ص:107

الآمالِ،فَصارَتِ الدُّنیا أملَکَ بِکُم مِنَ الآخِرَةِ،وَالعاجِلَةُ أذهَبَ بِکُم مِنَ الآجِلَةِ. (1)

3779. عنه علیه السلام: الأَمَلُ أبَداً فی تَکذیبٍ. (2)

3780. عنه علیه السلام: لا تَفِی الأَمانِیُّ لِمَن عَوَّلَ عَلَیها. (3)

3781. الإمام الصادق علیه السلام: طوبی لِعَبدٍ طَلَبَ الآخِرَةَ وسَعی لَها،طوبی لِمَن لَم تُلهِهِ الأَمانِیُّ الکاذِبَةُ. (4)

3786. عنه علیه السلام: لا غارَّ أخدَعُ مِنَ الأَمَلِ. (1)

3787. عنه علیه السلام: کَفی بِالأَمَلِ اغتِراراً. (2)

3788. عنه علیه السلام: لِکُلِّ أمَلٍ غُرورٌ. (3)

3789. عنه علیه السلام: أکذِبِ الأَمَلَ ولا تَثِق بِهِ؛فَإِنَّهُ غُرورٌ وصاحِبَهُ مَغرورٌ. (4)

3790. عنه علیه السلام: المُغتَرُّ بِالآمالِ مَخدوعٌ. (5)

3791. عنه علیه السلام: إیّاکَ وَالاِغتِرارَ بِالأَمَلِ. (6)

3792. عنه علیه السلام: الشَّقِیُّ مَنِ اغتَرَّ بِحالِهِ،وَانخَدَعَ لِغُرورِ آمالِهِ. (7)

3793. عنه علیه السلام: أَزمِعوا (8)عِبادَ اللّهِ بِالرَّحیلِ مِن هذِهِ الدّارِ،المَقدورِ عَلی أهلِها الزَّوالُ،المَمنوعِ أهلُها مِنَ الحَیاةِ،المُذَلَّلَةِ أنفُسُهُم بِالمَوتِ،فَلا حَیٌّ یَطمَعُ فِی البَقاءِ،و لا نَفسٌ إلّا مُذعِنَةٌ بِالمَنونِ؛فَلا یَغلِبَنَّکُمُ الأَمَلُ،ولا یَطُل عَلَیکُم الأَمَدُ،ولا تَغتَرّوا فیها بِالآمالِ،

ص:110

وتَعَبَّدُوا اللّهَ أیّامَ الحَیاةِ. (1)

3794. الإمام الصادق علیه السلام: کَم مِن نِعمَةٍ للّهِ ِ عَلی عَبدِهِ فی غَیرِ أمَلِهِ،وکَم مِن مُؤَمِّلٍ أمَلاً الخِیارُ فی غَیرِهِ. (2)

3795. عیون أخبار الرضا علیه السلام عن محمّد بن یحیی بن أبی عَبّادٍ عن عَمّه: سَمِعتُ الرِّضا علیه السلام یَوماً یُنشِدُ-وقَلیلاً ما کان یُنشِدُ شِعراً-:

کُلُّنا نَأمُلُ مَدّاً فِی الأَجَل

3797. عنه علیه السلام: رُبَّ أمَلٍ خائِبٍ. (1)

3798. عنه علیه السلام: کَم مِن آمِلٍ خائِبٍ،وغائِبٍ غَیرِ آئِبٍ (2)! (3)

3799. عنه علیه السلام: ذُلُّ الرِّجالِ فی خَیبَةِ الآمالِ. (4)

ص:112

3805. عنه علیه السلام: ما لَکُم تُؤَمِّلونَ ما لا تُدرِکونَهُ،وتَجمَعونَ ما لا تَأکُلونَهُ،وتَبنونَ ما لا تَسکنونَهُ؟! (1)

3813. عنه علیه السلام: لا تَغُرَّنَّکَ الأَمانِیُّ وَالخُدَعَ،فَکَفی بِذلِکَ خُرقاً (1). (2)

ولا یَعلَمونَ؟ (1)

قالَ علیه السلام:إنَّ اللّهَ تَبارَکَ وتَعالی حینَ خَلَقَ آدَمَ جَعَلَ أجَلَهُ بَینَ عَینَیهِ وأمَلَهُ خَلفَ ظَهرِهِ،فَلَمّا أصابَ الخَطیئَةَ جَعَلَ (2)أمَلَهُ بَینَ عَینَیهِ وأجَلَهُ خَلفَ ظَهرِهِ،فَمِن ثَمَّ یَعقِلونَ ولا یَعلَمونَ. (3)

بِاللّهِ عز و جل حَتّی تَرجُوَهُ فَتَغتَرَّ بِذلِکَ وتَعصِیَهُ،وجَزاءُ العاصی لَظی (1). (2)

3824. الإمام الصادق علیه السلام: مَن تَعَلَّقَ قَلبُهُ بِالدُّنیا تَعَلَّقَ قَلبُهُ بِثَلاثِ خِصالٍ:هَمٍّ لا یَفنی،وأمَلٍ لا یُدرَکُ،ورَجاءٍ لا یُنالُ. (1)

فَاعزُبوا (1)عَنِ الدُّنیا کَأَشَدِّ ما أنتُم عَن شَیءٍ تَعزُبونَ. (2)

3830. عنه علیه السلام: عِندَ غُرورِ الأَطماعِ وَالآمالِ تَنخَدِعُ عُقولُ الجُهّالِ،وتُختَبَرُ ألبابُ الرِّجالِ. (3)

مِنَ الهَولِ وَالوَجَلِ،وَالغِرَّةَ تَقصُرُ بِالمَرءِ عَنِ العَمَلِ. (1)

3833. الإمام الکاظم علیه السلام: مَن سَلَّطَ ثَلاثاً عَلی ثَلاثٍ فَکَأَنَّما أعانَ عَلی هَدمِ عَقلِهِ:مَن أظلَمَ نورَ تَفَکُّرِهِ بِطولِ أمَلِهِ،ومَحا طَرائِفَ حِکمَتِهِ بِفُضولِ کَلامِهِ،وأطفَأَ نورَ عِبرَتِهِ بِشَهَواتِ نَفسِهِ؛فَکَأَنَّما أعانَ هَواهُ عَلی هَدمِ عَقلِهِ،ومَن هَدَمَ عَقلَهُ أفسَدَ عَلَیهِ دینَهُ ودُنیاهُ. (2)

3853. عنه علیه السلام: یَسیرُ الأَمَلِ یوجِبُ فَسادَ العَمَلِ. (1)

3854. عنه علیه السلام: غَرَّ جَهولاً کاذِبُ أمَلِهِ،فَفاتَهُ حُسنُ عَمَلِهِ. (2)

3855. عنه علیه السلام: کَم مِن مَخدوعٍ بِالأَمَلِ مُضَیِّعٍ لِلعَمَلِ. (3)

3860. عنه علیه السلام: ما أطالَ أحَدٌ الأَمَلَ إلّانَسِیَ الأَجَلَ وأساءَ العَمَلَ. (1)

3861. الإمام زین العابدین علیه السلام -فِی مُناجاتِهِ-:سُبحانَکَ یا إلهی...خَلَقتَنا بِقُدرَتِکَ...وهَدَیتَنا إلی تَوحیدِکَ،وسَهَّلتَ لَنَا المَسلَکَ إلَی النَّجاةِ،وحَذَّرتَنا سَبیلَ المَهلَکَةِ،فَکانَ جَزاؤُکَ مِنّا أن کافَأناکَ عَلَی الإِحسانِ بِالإِساءَةِ،اجتِراءً مِنّا عَلی ما أسخَطَ،ومُسارَعَةً إلی ما باعَدَ مِن رِضاکَ،وَاغتِباطاً (2)بِغُرورِ آمالِنا،وإعراضاً عَلی زَواجِرِ آجالِنا. (3)

3865. عنه علیه السلام: حاصِلُ المُنَی الأَسَفُ،وثَمَرَتُهُ التَّلَفُ. (1)

غَداً أو بَعدَ غَدٍ؛فَإِنَّما هَلَکَ مَن کانَ قَبلَکَ بِإِقامَتِهِم عَلَی الأَمانِیِّ وَالتَّسویفِ (1)حَتّی أتاهُم أمرُ اللّهِ بَغتَةً (2)وهُم غافِلونَ،فَنُقِلوا عَلی أعوادِهِم إلی قُبورِهِمُ المُظلِمَةِ الضَّیِّقَةِ. (3)

3878. عنه علیه السلام: مَن جَری فی عِنانِ (4)أمَلِهِ،عَثَرَ بِأَجَلِهِ. (5)

3879. عنه علیه السلام: مَن جَری فی مَیدانِ أمَلِهِ،عَثَرَ بِأَجَلِهِ. (6)

3880. عنه علیه السلام: بادِرُوا الأَمَلَ وسابِقوا هُجومَ الأجَلِ؛فَإِنَّ النّاسَ یوشِکُ أن یَنقَطِعَ بِهِمُ الأَمَلُ فَیَرهَقُهُمُ الأَجَلُ. (7)

3881. عنه علیه السلام: إنَّمَا الدُّنیا فَناءٌ وعَناءٌ وغِیَرٌ (8)وعِبَرٌ...ومِن عِبَرِها أنَّ المَرءَ یُشرِفُ عَلی أمَلِهِ فَیَتَخَطَّفُهُ (9)أجَلُهُ،فَلا أمَلٌ مَدروکٌ ولا مُؤَمَّلٌ مَتروکٌ. (10)

ص:129

3882. عنه علیه السلام: إذا بَلَغتُم نِهایةَ الآمالِ،فَاذکُروا بَغَتاتِ الآجالِ. (1)

3883. عنه علیه السلام: مَن بَلَغَ أقصی أمَلِهِ،فَلیَتَوَقَّع أدنی أجَلِهِ. (2)

3884. عنه علیه السلام: مَن بَلَغَ غایَةَ ما یُحِبُّ،فَلیَتَوَقَّع غایَةَ ما یَکرَهُ. (3)

ص:130

ص:132

کانَ أو مُبطِلاً. (1)

وفی ضوء ما ذکره اللغویّون فی تحدید الأصل فی لفظ«الإمام»و«الإمامة»، فإنّه یمکن استنتاج ما یلی:

أوّلاً:تقارب هذه الاُصول من حیث المعنی،فهی تشیر إلی حقیقة واحدة وهی أنّ إمامة الاُمّة تمثّل فی حقیقتها الأصل والأساس للاُمّة،حیث یتّبع الناس الإمام ویرجعون إلیه فی امورهم.

ثانیاً:عدم اختصاص مصطلح«الإمام»و«الإمامة»بالإنسان فقط،بل کلّ ما هو مبدأ لحرکة شیء آخر،سواء کان إنساناً أو غیر إنسان،حقّاً کان أو باطلاً،فهو إمام.

عنوان«الإمامة»إنّما یراد به خصوص إمامة أئمّة الحقّ (1)،ولکن نشیر قبل البحث إلی نکتتین مهمّتین:

1.إنّه سیتمّ استعراض موضوع«الإمامة من منظور القرآن والحدیث»کأصل من اصول العقائد بشکل مستوعَب فی«موسوعة العقائد الإسلامیّة».

کما سنستعرض أیضاً حیاة الأئمّة علیهم السلام بالتفصیل فی«موسوعة أهل البیت فی القرآن والحدیث»،وعلیه فإنّ ما سنتناوله هنا فی«موسوعة معارف الکتاب والسنّة»لیس إلّاشطراً ممّا یتعلّق بهذا الموضوع،کی لا تخلو هذه الموسوعة من إشارة للمطالب العقائدیّة.

2.إنّ ما سیأتی بحثه فی الفصول الاثنی عشر الآتیة هو استعراض الرؤیة القرآنیة والروائیة فیما یتعلّق بإمامة الأئمّة الاثنی عشر،المکلّفین من قبل اللّه سبحانه فی کلّ عصر واحداً تلو الآخر بأمر الهدایة الظاهریّة والباطنیّة للمجتمع، والأخذ بید النفوس المستعدّة وهدایتها،باعتبارهم الواسطة فی الفیوضات الإلهیّة.

نعم ستکون بعض العناوین الواردة مثل«شؤون الإمامة»و«مسؤولیّات الإمام» شاملة للولاة المنصوبین من قبل الإمام علیه السلام.

ص:135

ص:136

مَرتَبَةً ثالِثَةً،وفَضیلَةً شَرَّفَهُ بِها وأَشادَ بِها ذِکرَهُ،فَقالَ: «إِنِّی جاعِلُکَ لِلنّاسِ إِماماً» فَقالَ الخَلیلُ علیه السلام سُروراً بِها: «وَ مِنْ ذُرِّیَّتِی» قالَ اللّهُ تَبارَکَ وتَعالی: «لا یَنالُ عَهْدِی الظّالِمِینَ» ،فَأَبطَلَت هذِهِ الآیَةُ إمامَةَ کُلِّ ظالِمٍ إلی یَومِ القِیامَةِ،وصارَت فِی الصَّفوَةِ. (1)

راجع: ح 3889 و ص 215 ح 4072.

أبی جَعفَرٍ وأَبی عَبدِ اللّهِ علیهما السلام. (1)

راجع: ص 213 (شروط الإمامة/النص من اللّه)

و ص 243 (موانع الإمامة/الظلم).

أبی مُحَمَّدَ بنَ عَلِیٍّ یَقولُ:سَمِعتُ أبی عَلِیَّ بنَ الحُسَینِ یَقولُ:سَمِعتُ أبِیَ الحُسَینَ بنَ عَلِیِّ بنِ أبی طالِبٍ یَقولُ:سَمِعتُ أبی أمیرَ المُؤمِنینَ عَلِیَّ بنَ أبی طالِبٍ یَقولُ:

سَمِعتُ رَسولَ اللّهِ صلی الله علیه و آله یَقولُ:سَمِعتُ جَبرَئیلَ یَقولُ:سَمِعتُ اللّهَ جَلَّ جَلالُهُ یَقولُ: «لا إله إلا الله حصنی،فمن دخل حصنی أمن من عذابی» .

قالَ:فَلَمّا مَرَّتِ الرّاحِلَةُ نادانا:بِشُروطِها،وأَنَا مِن شُروطِها (1). (2)

وَ أَتْمَمْتُ عَلَیْکُمْ نِعْمَتِی وَ رَضِیتُ لَکُمُ الْإِسْلامَ دِیناً» (1). (2)

3895. الإمام الباقر علیه السلام: بُنِیَ الإِسلامُ عَلی خَمسٍ:عَلَی الصَّلاةِ،وَالزَّکاةِ،وَالصَّومِ،وَالحَجِّ، وَالوِلایَةِ،ولَم یُنادَ بِشَیءٍ کَما نُودِیَ بِالوِلایَةِ،فَأَخَذَ النّاسُ بِأَربَعٍ وتَرَکوا هذِهِ-یَعنِی الوِلایَةَ-. (3)

3896. الکافی عن زرارة عن الإمام الباقر علیه السلام: بُنِیَ الإِسلامُ عَلی خَمَسةِ أشیاءَ:عَلَی الصَّلاةِ، وَالزَّکاةِ،وَالحَجِّ،وَالصَّومِ،وَالوِلایَةِ.فَقُلتُ:وأَیُّ شَیءٍ مِن ذلِکَ أفضَلُ؟

فَقالَ:الوِلایَةُ أفضَلُ؛لِأَنَّها مِفتاحُهُنَّ،وَالوالی هُوَ الدَّلیلُ عَلَیهِنَّ. (4)

3897. الإمام الباقر علیه السلام: بُنِیَ الإِسلامُ عَلی سَبعِ دَعائِمَ:الوِلایَةِ وهِیَ أفضَلُها وبِها وبِالوَلِیِّ یوصَلُ إلی مَعرِفَتِها،وَالطَّهارَةِ،وَالصَّلاةِ،وَالزَّکاةِ،وَالصَّومِ،وَالحَجِّ،وَالجِهادِ. (5)

3898. الإمام الصادق علیه السلام: أثافِیُّ (6)الإِسلامِ ثَلاثَةٌ:الصَّلاةُ وَالزَّکاةُ وَالوِلایَةُ،لا تَصِحُّ واحِدَةٌ مِنهُنَّ إلّا بِصاحِبَتَیها. (7)

ص:141

3899. عنه علیه السلام: إنَّ اللّهَ افتَرَضَ عَلی امَّةِ مُحَمَّدٍ صلی الله علیه و آله خَمسَ فَرائِضَ:الصَّلاةَ،وَالزَّکاةَ،وَالصِّیامَ، وَالحَجَّ،وَوِلایَتَنا،فَرَخَّصَ لَهُم فی أشیاءَ مِنَ الفَرائِضِ الأَربَعَةِ،ولَم یُرَخِّص لِأَحَدٍ مِنَ المُسلِمینَ فی تَرکِ وِلایَتِنا،لا وَاللّهِ ما فیها رُخصَةٌ. (1)

3900. الإمام الرضا علیه السلام: إنَّ الإِمامَةَ اسُّ الإِسلامِ النّامی،وفَرعُهُ السّامی. (2)

3905. عنه صلی الله علیه و آله: یُرفَعُ لِلوالِی العادِلِ المُتَواضِعِ فی کُلِّ یَومٍ ولَیلَةٍ کَعَمَلِ سِتّینَ صِدِّیقاً،کُلُّهُم عامِلٌ مُجتَهِدٌ فی نَفسِهِ. (1)

3906. عنه صلی الله علیه و آله: یَومٌ من إِمامٍ عادِلٍ،أفضَلُ مِن عِبادَةِ سِتّینَ سَنَةً. (2)

3907. عنه صلی الله علیه و آله: ساعَةٌ مِن إمامِ عَدلٍ،أفضَلُ مِن عِبادَةِ سَبعینَ سَنَةً. (3)

3908. عنه صلی الله علیه و آله: قالَ اللّهُ تَبارَکَ وتَعالی:...لَو لَم یَکُن مِن (4)خَلقی فِی الأَرضِ بَینَ المَشرِقِ وَالمَغرِبِ إلَّامُؤمِنٌ واحِدٌ مَعَ إمامٍ عادِلٍ،لاَستَغنَیتُ بِعِبادَتِهِما عَن جَمیعِ ما خَلَقتُ فی أرضی،ولَقامَت سَبعُ أرَضینَ وسَبعُ سَماواتٍ بِهِما،ولَجَعَلتُ لَهُما مِن إیمانِهِما انساً لا یَحتاجانِ إلی انسِ سِواهُما. (5)

3909. الإمام علیّ علیه السلام: اعلَم أنَّ أفضَلَ عِبادِ اللّهِ عِندَ اللّهِ إمامٌ عادِلٌ،هُدِیَ وهَدی،فَأَقامَ سُنَّةً مَعلومَةً،وأَماتَ بِدعَةً مَجهولَةً،وإِنَّ السُّنَنَ لَنَیِّرَةٌ لَها أعلامٌ،وإِنَّ البِدَعَ لَظاهِرَةٌ لَها أعلامٌ. (6)

3910. تفسیر العیّاشی عن مرزبان القمّی: سَأَلتُ أبَا الحَسَنِ علیه السلام عَن قَولِ اللّهِ: «شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ وَ الْمَلائِکَةُ وَ أُولُوا الْعِلْمِ قائِماً بِالْقِسْطِ» (7)قالَ:هُوَ الإِمامُ. (8)

ص:144

3911. الإمام الباقر علیه السلام -فی قَولِ اللّهِ تَعالی: «وَ آتَیْناهُمْ مُلْکاً عَظِیماً» (1)-:المُلکُ العَظیمُ أن جَعَلَ فیهِم أئِمَّةً،مَن أطاعَهُم أطاعَ اللّهَ،ومَن عَصاهُم عَصَی اللّهَ،فَهُوَ المُلکُ العَظیمُ. (2)

3916. عنه صلی الله علیه و آله: إنَّ أحَبَّ النّاسِ إلَی اللّهِ یَومَ القِیامَةِ،وأَقرَبَهُم مِنّی مَجلِساً،إمامٌ عادِلٌ. (1)

3917. عنه صلی الله علیه و آله: یُقالُ لِلإِمامِ العادِلِ یَومَ القِیامَةِ فی قَبرِهِ:أبشِر فَإِنَّکَ رَفیقُ مُحَمَّدٍ صلی الله علیه و آله. (2)

3918. عنه صلی الله علیه و آله: سَبعَةٌ یُظِلُّهُمُ اللّهُ تَعالی فِی ظِلِّهِ یَومَ لا ظِلَّ إلّاظِلُّهُ:إمامٌ عَدلٌ،وشابٌّ نَشَأَ فی عِبادَةِ اللّهِ،ورَجُلٌ قَلبُهُ مُعَلَّقٌ فِی المَساجِدِ،ورَجُلانِ تَحابّا فِی اللّهِ اجتَمَعا عَلَیهِ وتَفَرَّقا عَلَیهِ،ورَجُلٌ دَعَتهُ امرَأةٌ ذاتُ مَنصِبٍ وجَمالٍ،فَقالَ:إنّی أخافُ اللّهَ،ورَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأَخفاها حَتّی لا تَعلَمَ شِمالُهُ ما تُنفِقُ یَمینُهُ،ورَجُلٌ ذَکَرَ اللّهَ خالِیاً فَفاضَت عَیناهُ. (3)

3919. عنه صلی الله علیه و آله: سَبعَةٌ فی ظِلِّ العَرشِ یَومَ لا ظِلَّ إلّاظلُّهُ:رَجُلٌ ذَکَرَ اللّهَ فَفاضَت عَیناهُ...

وإِمامٌ مُقسِطٌ فی رَعِیَّتِهِ.... (4)

3920. الإمام الکاظم علیه السلام: إنَّ للّهِ ِ عز و جل جَنَّةً ادَّخَرَها لِثَلاثٍ:إمامٍ عادِلٍ،ورَجُلٍ یُحَکِّمُ أخاهُ المُسلِمَ فی مالِهِ،ورَجُلٍ یَمشی لِأَخیهِ المُسلِمِ فی حاجَةٍ،قُضِیَت لَهُ أو لَم تُقضَ. (5)

ص:146

ص:148

عَلِیٌّ ثُمَّ الأَوصِیاءُ،واحِدٌ بَعدَ واحِدٍ. (1)

3927. الکافی عن الفضیل: سَأَلتُ أبا عَبدِ اللّهِ علیه السلام عَن قَولِ اللّهِ عز و جل: «وَ لِکُلِّ قَوْمٍ هادٍ» فَقالَ:کُلُّ إمامٍ هادٍ لِلقَرنِ الَّذی هُوَ فیهِم. (2)

3928. الکافی عن عبد اللّه بن جندب: سَأَلتُ أبَا الحَسَنِ علیه السلام عَن قَولِ اللّهِ عز و جل: «وَ لَقَدْ وَصَّلْنا لَهُمُ الْقَوْلَ لَعَلَّهُمْ یَتَذَکَّرُونَ» ،قالَ:إمامٌ إلی إمامٍ. (3)

3929. رسول اللّه صلی الله علیه و آله: یا عَلِیُّ...مَثَلُکَ ومَثَلُ الأَئِمَّةِ مِن وُلدِکَ بَعدی مَثَلُ سَفینةِ نوحٍ،مَن رَکِبَها نَجا،ومَن تَخَلَّفَ عَنها غَرِقَ،ومَثَلُکُم مَثَلُ النُّجومِ،کُلَّما غابَ نَجمٌ طَلَعَ نَجمٌ،إلی یَومِ القِیامَةِ. (4)

3930. الإمام الباقر علیه السلام: وَاللّهِ ما تَرَکَ اللّهُ أرضاً مُنذُ قُبِضَ آدَمُ علیه السلام إلّاوفیها إمامٌ یُهتَدی بِهِ إلَی اللّهِ،وهُوَ حُجَّتُهُ عَلی عِبادِهِ،ولا تَبقَی الأَرضُ بِغَیرِ إمامٍ حُجَّةٍ للّهِ ِ عَلی عِبادِهِ. (5)

3931. الإمام الصادق علیه السلام: لا تَبقَی الأَرضُ یَوماً واحِداً بِغَیرِ إمامٍ مِنّا تَفزَعُ إلَیهِ الاُمَّةُ. (6)

ص:150

3932. عنه علیه السلام: إنَّ جَبرَئیلَ نَزَلَ عَلی مُحَمَّدٍ صلی الله علیه و آله یُخبِرُ عَن رَبِّهِ عز و جل،فَقالَ لَهُ:یا مُحَمَّدُ،لَم أترُکِ الأَرضَ إلّاوفیها عالِمٌ یَعرِفُ طاعَتی وهُدایَ،ویَکونُ نَجاةً فیما بَینَ قَبضِ النَّبِیِّ إلی خُروجِ النَّبِیِّ الآخَرِ،ولَم أکُن أترُکُ إبلیسَ یُضِلُّ النّاسَ،ولَیسَ فِی الأَرضِ حُجَّةٌ وداعٍ إلَیَّ وهادٍ إلی سَبیلی وعارِفٌ بِأَمری،وإنّی قَد قَضَیتُ (1)لِکُلِّ قَومٍ هادِیاً أهدی بِهِ السُّعَداءَ،ویَکونُ حُجَّةً عَلَی الأَشقِیاءِ. (2)

3933. عنه علیه السلام: إنَّ الأَرضَ لا تُترَکُ إلّابِعالِمٍ یَعلَمُ الحَلالَ وَالحَرامَ وما یَحتاجُ النّاسُ إلَیهِ،ولا یَحتاجُ إلَی النّاسِ. (3)

3934. الکافی عن کرام: قالَ أبو عَبدِ اللّهِ علیه السلام:لَو کانَ النّاسُ رَجُلَینِ لَکانَ أحَدَهُما الإِمامُ.

وَقالَ:إنَّ آخِرَ مَن یَموتُ الإِمامُ،لِئَلّا یَحتَجَّ أحَدٌ عَلَی اللّهِ عز و جل أنَّهُ تَرَکَهُ بِغَیرِ حُجَّةٍ للّهِ ِ عَلَیهِ. (4)

3935. مختصر بصائر الدرجات عن عبد اللّه بن أبی یعفور عن الإمام الصادق علیه السلام: کانَ عَلِیُّ بنُ أبی طالِبٍ علیه السلام عالِمَ هذِهِ الاُمَّةِ،وَالعِلمُ یُتَوارَثُ،ولَیسَ یَهلِکُ مِنّا هالِکٌ حَتّی یَری مِن وُلدِهِ مَن یَعلَمُ عِلمَهُ،ولا تَبقَی الأَرضُ بِغَیرِ إمامٍ تَفزَعُ إلَیهِ الاُمَّةُ.

قُلتُ:فَیَکونُ اثنانِ؟

فَقالَ:لا،إلّاوَأحَدُهُما صامِتٌ ولا یَتَکَلَّمُ حَتّی یَمضِیَ الأَوَّلُ. (5)

ص:151

3936. کمال الدین عن عبد اللّه بن خداش البصری عن الإمام الصادق علیه السلام،قالَ: سَأَلَهُ رَجُلٌ فَقالَ:تَخلُو الأَرضُ ساعَةً لا یَکونُ فیها إمامٌ؟قالَ:لا تَخلُو الأَرضُ مِنَ الحَقِّ. (1)

3937. الکافی عن أبی بصیر عن أحدهما علیهما السلام :إنَّ اللّهَ لَم یَدَعِ الأَرضَ بِغَیرِ عالِمٍ،ولَولا ذلِکَ لَم یُعرَفِ الحَقُّ مِنَ الباطِلِ. (2)

3942. عنه علیه السلام: وَاللّهِ ما تَرَکَ اللّهُ عز و جل الأَرضَ قَطُّ مُنذُ قُبِضَ آدَمُ إلَّاوفیها إمامٌ یُهتَدی بِهِ إلَی اللّهِ عز و جل،وهُوَ حُجَّةُ اللّهِ عَلَی العِبادِ،مَن تَرَکَهُ هَلَکَ،ومَن لَزِمَهُ نَجا،حَقّاً عَلَی اللّهِ عز و جل. (1)

3943. کمال الدین عن عمّار بن موسی الساباطی عن الإمام الصادق علیه السلام،قال: سَمِعتُهُ یَقولُ:

لَم تَخلُ الأَرضُ مُنذُ کانَت مِن حُجَّةٍ،عالِمٍ یُحیی فیها ما یُمیتونَ مِنَ الحَقِّ،ثُمَّ تَلا هذِهِ الآیَةَ: «یُرِیدُونَ لِیُطْفِؤُا نُورَ اللّهِ بِأَفْواهِهِمْ وَ اللّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَ لَوْ کَرِهَ الْکافِرُونَ» (2). (3)

3944. الإمام الصادق علیه السلام: ما زالَتِ الأَرضُ إلّاوللّهِ ِ فیهَا الحُجَّةُ،یَعرِفُ الحَلالَ وَالحَرامَ، ویَدعو النّاسَ إلی سَبیلِ اللّهِ. (4)

3946. الإمام علیّ علیه السلام: اعلَموا أنَّ الأَرضَ لا تَخلو مِن حُجَّةٍ للّهِ ِ عز و جل،ولکِنَّ اللّهَ سَیُعمی خَلقَهُ عَنها بِظُلمِهِم وجَورِهِم وإِسرافِهِم عَلی أنفُسِهِم. (1)

3947. عنه علیه السلام: اللَّهُمَّ بَلی،لا تَخلُو الأَرضُ مِن قائِمٍ للّهِ ِ بِحُجَّةٍ،إمّا ظاهِراً مَشهوراً وإِمّا خائِفاً مَغموراً (2)،لِئَلّا تَبطُلَ حُجَجُ اللّهِ و بَیِّناتُهُ،وکَم ذا وأَینَ اولئِکَ؟اُولئِکَ وَاللّهِ الأَقَلّونَ عَدَداً،وَالأَعظَمونَ عِندَ اللّهِ قَدراً،یَحفَظُ اللّهُ بِهِم حُجَجَهُ وبَیِّناتِهِ،حَتّی یُودِعوها نُظَراءَهُم (3)،ویَزرَعوها فی قُلوبِ أشباهِهِم. (4)

3948. عنه علیه السلام -فی خُطبَةٍ لَهُ عَلی مِنبَرِ الکوفَةِ-:اللّهُمَّ إنَّهُ لابُدّ لِأَرضِکَ مِن حُجَّةٍ لَکَ عَلی خَلقِکَ،یَهدیهِم إلی دینِکَ ویُعَلِّمُهُم عِلمَکَ،لِئَلّا تَبطُلَ حُجَّتُکَ،ولا یَضِلَّ أتباعُ أولیائِکَ بَعدَ إذ هَدَیتَهُم بِهِ،إمّا ظاهِرٌ لَیسَ بِالمُطاعِ أو مُکتَتِمٌ مُتَرَقِّبٌ (5)،إن غابَ عَنِ النّاسِ شَخصُهُ فی حالِ هِدایَتِهِم،فَإِنَّ عِلمَهُ وآدابَهُ فی قُلوبِ المُؤمِنینَ مُثبَتَةٌ،فَهُم بِها عامِلونَ. (6)

3949. عنه علیه السلام: اللّهُمَّ إِنَّهُ لا بُدَّ لَکَ مِن حُجَجٍ فی أرضِکَ،حُجَّةٍ بَعدَ حُجَّةٍ عَلی خَلقِکَ، یَهدونَهُم إلی دینِکَ،ویُعَلِّمونَهُم عِلمَکَ کَیلا یَتَفَرَّقَ أتباعُ أولِیائِکَ،ظَاهِرٍ غَیرِ مُطاعٍ،

ص:154

أو مُکتَتِمٍ یَتَرَقَّبُ،إن غابَ عَنِ النّاسِ شَخصُهُم فی حالِ هُدنَتِهِم فَلَم یَغِب عَنهُم قَدیمُ مَبثوثِ عِلمِهِم،وآدابُهُم فی قُلوبِ المُؤمِنینَ مُثبَتَةٌ،فَهُم بِها عامِلونَ...اللّهُمَّ فَإِنّی لَأَعلَمُ أنَّ العِلمَ لا یَأرِزُ (1)کُلُّهُ ولا یَنقَطِعُ مَوادُّهُ،وأنَّکَ لا تُخلی أرضَکَ مِن حُجَّةٍ لَکَ عَلی خَلقِکَ،ظَاهِرٍ لَیسَ بِالمُطاعِ،أو خائِفٍ مَغمورٍ،کَی لا تَبطُلَ حُجَّتُکَ ولا یَضِلَّ أولِیاؤُکَ بَعدَ إِذ هَدَیتَهُم،بَل أینَ هُم؟وکَم هُم؟اُولئِکَ الأَقَلّونَ عَدَداً،الأَعظَمونَ عِندَ اللّهِ قَدراً. (2)

3950. الإمام زین العابدین علیه السلام: لَم تَخلُ الأَرضُ مُنذُ خَلَقَ اللّهُ آدَمَ مِن حُجَّةٍ للّهِ ِ (3)فیها،ظاهِرٍ مَشهورٍ أو غائِبٍ مَستورٍ،ولا تَخلو إلی أن تَقومَ السّاعَةُ مِن حُجَّةِ اللّهِ فیها،ولَولا ذلِکَ لَم یُعبَدِ اللّهُ. (4)

راجع: هذه الموسوعة ج 6 ص 147 (دراسة حول حدیث الثقلین ودلالته علی استمرار إمامة أهل البیت علیهم السلام ).

ص:155

خلق آدم أبی البشر،ولا تزال الإمامة قائمة مادام بشر یقطن الأرض. (1)

القسم الثانی:الأحادیث التی تؤکّد ضرورة وجود الحجّة الإلهیة فی کافة الأزمان،وتصرّح بأنّ حجّة اللّه کانت قبل الناس ومع الناس وستکون بعد الناس. (2)

القسم الثالث:الأحادیث التی تؤکّد ضرورة وجود العالم والهدایة الإلهیة فی جمیع الأزمان. (3)

القسم الرابع:الأحادیث التی تشیر إلی الحکمة والفلسفة التشریعیة والتکوینیة لوجود الإمام،إضافة إلی تأکید ضرورة وجود الإمام والحجّة والعالم الربّانی. (4)

القسم الخامس:الأحادیث التی تشبّه أهل بیت النبیّ صلی الله علیه و آله بنجوم السماء،من حیث دیمومة بقائها،فکلّما أفل نجم منها،ظهر نجم آخر (5)،کذلک نور أهل البیت علیهم السلام ساطع علی أهل العالم إلی قیام یوم الدین.وتشیر بعض الأحادیث بشکل محدّد إلی الإمام المهدی علیه السلام. (6)

القسم السادس:الأحادیث التی تدلّ علی أنّ هناک فی کل عصر عادلاً من أهل بیت النبیّ صلی الله علیه و آله،یقف دون تحریف الدین. (7)

إنّ التأمّل فی الأحادیث المذکورة،والآیات التی تدلّ علی استمرار الهدایة الإلهیة فی کافّة الأزمان،والأحادیث الاُخری وحدیث الثقلین (8)یوصلنا إلی النقاط التالیة:

ص:157

1.المقصود من«الإمام»أو«الحجّة»أو«العالم»فی کافة الروایات المذکورة آنفاً هو«الهادی»المذکور فی الآیة السابعة من سورة الرعد،وفی الحقیقة إنّ هذه الروایات تفسّر الآیة المذکورة والآیات المشابهة لها،وکلّ من هذه الأسماء یشیر إلی صفة من صفات الهادی والمرشد الإلهی فی کلّ زمان.

2.هؤلاء الهداة الذین هم من قبل اللّه،ویکون وجودهم واحداً تلو الآخر فی کافة الأزمان ضروریاً،هم اعم من الأنبیاء وخلفائهم.

3.الهداة بعد خاتم الأنبیاء صلی الله علیه و آله إلی یوم القیامة هم أهل بیته.

4.من الممکن أن یغیب الهادی فی مقاطع من التاریخ لأسباب ما،وفی هذه الحالة یتمتّع الناس من برکاته التکوینیة حتّی ظهوره،وإن حرموا من بعض منافع وجوده.

الواقعة بین نبوّة عیسی علیه السلام والنبیّ الخاتم صلی الله علیه و آله بعهد«فترة الرسل»،والتی استمرّت 600 عام. (1)

إنّ بعض الروایات تصرّحُ بأنّ الذین یعیشون فترة الفتور مستضعفون،ولا یحاسبهم اللّه یوم القیامة (2).لذا تطرح هذه الشبهة بأنّ الإمامة والهدایة لم تستمرّ فی زمن الفتور.

یمکننا الردّ علی هذه الشبهة بأنّ القرآن والأحادیث سمّت الفاصلة الزمنیة بین المسیح علیه السلام والنبیّ الخاتم صلی الله علیه و آله ب«فترة الرسل»ولم تسمّها«فترة الإمامة والحجّة»،فلا یمکن للنصوص التی تدلّ علی زمن الفتور،نفی استمرار الإمامة والهدایة الإلهیة فی کافّة الأزمان،فهی لا تعارض تلک النصوص إطلاقاً.

کما أنّ القرآن یشیر (3)إلی أنّه قد بعث ثلاثة أنبیاء علی الأقلّ بین السیّد المسیح علیه السلام وخاتم الأنبیاء صلی الله علیه و آله.بناءً علی روایات متعدّدة،فإنّ لکلّ نبیّ أوصیاء (4)یقومون بالهدایة الظاهریة والباطنیة لأتباع الحقّ فی زمن«فترة الرسل» (5)،وآخرهم قبل بعثة الرسول صلی الله علیه و آله کان خالد بن سنان العبسی (6)،الذی التقی الرسول صلی الله علیه و آله بابنته.وقد ورد فی روایة عن الإمام الصادق أنّه قال:

...إنَّهُ کانَ بَینَ النَّبِیِّ صلی الله علیه و آله وعیسی علیه السلام ولَم یَکُن بَینَهُما فَترَةٌ. (7)

ص:159

إذاً لا یتنافی زمن«فترة الرسل»واستمرار الإمامة والهدایة الباطنیة الإلهیة بواسطة الإمام الغائب أو الظاهر الذی لا یستطیع الناس الوصول إلیه.کما أنّ بعض الروایات سمّت الفترة بین وفاة إمام وتثبیت إمامة الآخر بعهد الفترة. (1)وقد سمّی الإمام الصادق علیه السلام زمن غیبة إمام العصر (عجّل اللّه فرجه) بزمن«فترة الأئمّة»:

...الَّذی یَملَؤُها عَدلاً کَما مُلِئَت ظُلماً وجَوراً،لَعَلی فَترَةٍ مِنَ الأَئِمَّةِ یَأتی کَما أنَّ النَّبِیِّ صلی الله علیه و آله بَعَثَ عَلی فَترَةٍ مِنَ الرُّسُلِ. (2)

تنویه:قد وردت روایة عن الإمام الصادق علیه السلام،ظاهرها ینفی وجود أیّ حجّة فی زمن الفترة،ونصّ هذه الروایة هو کما یلی:

زید عن محمّد بن علیّ الحلبی عن أبی عبد اللّه علیه السلام،قال:قُلتُ لَهُ:کانَتِ الدُّنیا قَطُّ مُنذُ کانَت ولَیسَ فِی الأَرضِ حُجَّةٌ؟قالَ:قَد کانَتِ الأَرضُ ولَیسَ فیها رَسولٌ ولا نَبِیٌّ ولا حُجَّةٌ وذلِکَ بَینَ آدَمَ ونوحٍ فِی الفَترَةِ،ولَو سَأَلتَ هؤُلاءِ عَن هذا لَقالوا:لَن تَخلُوَ الأَرضُ مِن الحُجَّةِ وکذبوا.إنَّما ذلِکَ شَیءٌ بَدا للّهِ ِ عَزَّ وجَلَّ فیهِ «فَبَعَثَ اللّهُ النَّبِیِّینَ مُبَشِّرِینَ وَ مُنْذِرِینَ» وقَد کانَ بَینَ عیسی ومُحَمَّدٍ صلی الله علیه و آله فَترَةٌ مِنَ الزَّمانِ ولَم یَکُن فِی الأَرضِ نَبِیٌّ ولا رَسولٌ ولا عالِمٌ،فَبَعَثَ اللّهُ مُحَمَّداً صلی الله علیه و آله بَشیراً ونَذیراً وداعِیاً إلَیهِ (إلَی اللّهِ خ.ل). (3)

وردّ العلّامة المجلسی علی المدلول الظاهری لهذه الروایة،وقال:

لعلّ المراد عدم الحجّة والعالم الظاهرین،لتظافر الأخبار بعدم خلو الأرض من حجّة قطّ. (4)

ص:160

ولنفترض أنّنا لم نقبل بهذا التبریر للروایة،فإنّ انتسابها إلی الامام علیه السلام غیر ثابت، -وهو کتاب الاُصول الستّة عشر-لیس هناک دلیل علی رجوعه إلی مؤلفیه.إضافة لذلک،فإنّ راویها وهو«زید النرسی»،لم یوثّق فی الکتب الرجالیّة.بل حتّی لو افترضنا قبول سند الروایة،یبقی نصّها معارضاً للأحادیث الصحیحة المشهورة المقبولة.

2.الروایة التی تنیط بقاء الأرض بوجود إمام ظاهر.

لقد جاء بصراحة فی کثیر من الروایات التی ذکرت (1)أو ستذکر (2)،أن بقاء کیان الأرض منوط بوجود إمام ظاهر أو باطن،وفی أحادیث معدودة لم ترد عبارة«أو باطن».نصّ الحدیث کما یلی:حدّثنا محمّد بن عیسی عن الحسن بن محبوب والحجّال عن العلا عن محمّد بن مسلم عن أبی جعفر علیه السلام،قال:

لا تَبقَی الأَرضُ بِغَیرِ إمامٍ ظاهرٍ. (3)

هل مدلول هذه الروایة مع ملاحظة صحّة سندها،یتعارض مع باقی الروایات؟

الجواب هو النفی،و ذلک للأسباب التالیة:

أوّلاً-نقل هذا النصّ بنفس السند فی کتاب الإمامة والتبصرة وعلل الشرائع، وقد ورد فی آخره«ظاهر أو باطن» (4).فیبدو أنّ کلمات قد سقطت من نصّ کتاب البصائر.

ثانیاً-أورد مؤلّف کتاب البصائر هذا النصّ إلی جانب نصوص تشیر إلی الإمام

ص:161

الظاهر والباطن،وتصرّح الروایة الّتی أوردها بعد هذا النصّ مباشرة علی وجود حجّة غائب،بل إنّ الباب الذی عقده بعد هذا الباب مباشرةً هو حول لزوم الوجود الدائم للحجّة،بحیث لو بقی نفران علی سطح الأرض لکان أحدهما الحجّة.

ثالثاً:إنّ الذی ألّف کتاب البصائر هو إمامیّ معتقد مخلص فی زمن الغیبة الصغری،ومن الطبیعی ألّا ینقل شخص کهذا نصّاً یخالف معتقداته الرسمیة.

رابعاً:یدلّ مفهوم الروایة علی بقاء الأرض بوجود إمام ظاهر،وقد مرّ أکثر من ألف عام ولیس هناک إمام ظاهر،وقد استمرّ بقاء الدنیا.

خامساً:الروایات التی تشیر إلی الإمام الظاهر والباطن أکثر وأقوی بکثیر من النصّ الذی ذکر الإمام الظاهر فقط،إذاً علی فرض وجود التعارض فی النصوص یُقدّم القسم الأوّل.

ص:162

شَیءٍ مِن فُضولِ الحُطامِ،ولکِن لِنَرُدَّ المَعالِمَ مِن دینِکَ،ونُظهِرَ الإِصلاحَ فی بِلادِکَ، فَیَأمَنَ المَظلومونَ مِن عِبادِکَ،وتُقامَ المُعَطَّلَةُ مِن حُدودِکَ. (1)

3954. عنه علیه السلام: الواجِبُ فی حُکمِ اللّهِ وحُکمِ الإِسلامِ عَلَی المُسلِمینَ بَعدَما یَموتُ إمامُهُم أو یُقتَلُ-ضالّاً کانَ أو مُهتَدِیاً،مَظلوماً کانَ أو ظالِماً،حَلالَ الدَّمِ أو حَرامَ الدَّمِ-ألّا یَعمَلوا عَمَلاً ولا یُحدِثوا حَدَثاً،ولا یُقَدِّموا یَداً ولا رِجلاً،ولا یَبدَؤوا بِشَیءٍ قَبلَ أن یَختاروا لِأَنفُسِهِم إماماً عَفیفاً عالِماً وَرِعاً،عارِفاً بِالقَضاءِ وَالسُنَّةِ،یَجمَعُ أمرَهُم ویَحکُمُ بَینَهُم،ویَأخُذُ لِلمَظلومِ مِنَ الظَّالِمِ حَقَّهُ،ویَحفَظُ أطرافَهُم،ویَجبی فَیأَهُم (2)، ویُقیمُ حِجَّتَهُم وجُمُعَتَهُم،ویَجبی صَدَقاتِهِم،ثُمَّ یَحتَکِمونَ إلَیهِ فی إمامِهِمُ المَقتولِ ظُلماً لِیَحکُمَ بَینَهُم بِالحَقِّ،فَإِن کانَ إمامُهُم قُتِلَ مَظلوماً حَکَمَ لِأَولِیائِهِ بِدَمِهِ،وإن کانَ قُتِلَ ظالِماً نَظَرَ کَیفَ الحُکمُ فی ذلِکَ.

هذا أوَّلُ ما یَنبَغی أن یَفعَلوهُ؛أن یَختاروا إماماً یَجمَعُ أمرَهُم-إن کانَتِ الخِیَرَةُ لَهُم-ویُتابِعوهُ ویُطیعوهُ،وإن کانَتِ الخِیَرَةُ إلَی اللّهِ عز و جل وإِلی رَسولِهِ فَإِنَّ اللّهَ قَد کَفاهُمُ النَّظَرَ فی ذلِکَ وَالاِختِیارَ،ورَسولُ اللّهِ صلی الله علیه و آله قَد رَضِیَ لَهُم إماماً وأَمَرَهُم بِطاعَتِهِ وَاتِّباعِهِ. (3)

3955. عنه علیه السلام: الأَمرُ وَالنَّهیُ وَجهٌ واحِدٌ،لا یَکونُ مَعنیً مِن مَعانِی الأَمرِ إلّاویَکونُ بَعدَ ذلِکَ نَهیاً،ولا یَکونُ وَجهٌ مِن وُجوهِ النَّهیِ إلّاومَقرونٌ بِهِ الأَمرُ،قالَ اللّهُ تَعالی: «یا أَیُّهَا

ص:164

اَلَّذِینَ آمَنُوا اسْتَجِیبُوا لِلّهِ وَ لِلرَّسُولِ إِذا دَعاکُمْ لِما یُحْیِیکُمْ» (1)إلی آخِرِ الآیَةِ،فَأَخبَرَ سُبحانَهُ أنَّ العِبادَ لا یَحیَونَ إلّابِالأَمرِ وَالنَّهیِ،کَقَولِهِ تَعالی: «وَ لَکُمْ فِی الْقِصاصِ حَیاةٌ یا أُولِی الْأَلْبابِ» (2)،ومِثلُهُ قَولُهُ تَعالی: «اِرْکَعُوا وَ اسْجُدُوا وَ اعْبُدُوا رَبَّکُمْ وَ افْعَلُوا الْخَیْرَ» (3)،فَالخَیرُ هُوَ سَبَبُ البَقاءِ وَالحَیاةِ.

وفی هذا أوضَحُ دَلیلٍ عَلی أنَّهُ لا بُدَّ لِلاُمَّةِ مِن إمامٍ یَقومُ بِأَمرِهِم،فَیَأمُرُهُم ویَنهاهُم،ویُقیمُ فیهِمُ الحُدودَ ویُجاهِدُ العَدُوَّ ویُقَسِّمُ الغَنائِمَ،ویَفرِضُ الفَرائِضَ، ویُعَرِّفُهُم أبوابَ ما فیهِ صَلاحُهُم،ویُحَذِّرُهُم ما فیهِ مَضارُّهُم،إذ کانَ الأَمرُ وَالنَّهیُ أحَدَ أسبابِ بَقاءِ الخَلقِ،وإلَّا سَقَطَتِ الرَّغبَةُ وَالرَّهبَةُ،ولَم یُرتَدَع،ولَفَسَدَ التَّدبیرُ، وکانَ ذلِکَ سَبَباً لِهَلاکِ العِبادِ فی أمرِ البَقاءِ وَالحَیاةِ،فِی الطَّعامِ وَالشَّرابِ وَالمَساکِنِ وَالمَلابِسِ،وَالمَناکِحِ مِنَ النِّساءِ،وَالحَلالِ وَالحَرامِ وَالأَمرِ وَالنَّهیِ،إذ کانَ سُبحانَهُ لَم یَخلُقهُم بِحَیثُ یَستَغنونَ عَن جَمیعِ ذلِکَ،ووَجَدنا أوَّلَ المَخلوقینَ وهُوَ آدَمُ علیه السلام لَم یَتِمَّ لَهُ البَقاءُ وَالحَیاةُ إلّابِالأَمرِ وَالنَّهیِ،قالَ اللّهُ عز و جل: «یا آدَمُ اسْکُنْ أَنْتَ وَ زَوْجُکَ الْجَنَّةَ وَ کُلا مِنْها رَغَداً حَیْثُ شِئْتُما وَ لا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ» (4). (5)

3956. الإمام الرضا علیه السلام: إنَّ الإِمامَةَ زِمامُ الدّینِ،ونِظامُ المُسلِمینَ،وصَلاحُ الدُّنیا وعِزُّ المُؤمِنینَ،إنَّ الإِمامَةَ اسُّ (6)الإِسلامِ النّامی،وفَرعُهُ السّامی،بِالإِمامِ تَمامُ الصَّلاةِ وَالزَّکاةِ وَالصِّیامِ وَالحَجِّ وَالجِهادِ،وتَوفیرِ الفَیءِ وَالصَّدَقاتِ،وإمضاءِ الحُدودِ

ص:165

وَالأَحکامِ،ومَنعِ الثُّغورِ (1)وَالأَطرافِ. (2)

راجع: ص 249 (شؤون الإمامة).

ما لَم أخَف عَلی جَماعَتِکُم،فَإِنَّهُم إن تَمَّموا عَلی فَیالَةِ (1)هذَا الرَّأیِ انقَطَعَ نِظامُ المُسلِمینَ. (2)

3960. عنه علیه السلام -فِی الخَوارِجِ لَمّا سَمِعَ قَولَهُم:لا حُکمَ إلّاللّهِ ِ-:کَلِمَةُ حَقٍّ یُرادُ بِها باطِلٌ ! نَعَم،إنَّهُ لا حُکمَ إلّاللّهِ ِ،وَلکِنَّ هؤُلاءِ یَقولونَ:لا إمرَةَ إلّاللّهِ ِ ! وإنَّهُ لابُدَّ لِلنّاسِ مِن أمیرٍ؛بَرٍّ أو فاجِرٍ،یَعمَلُ فی إمرَتِهِ المُؤمِنُ،وَیَستَمتِعُ فیهَا الکافِرُ،ویُبَلِّغُ اللّهُ فیهَا الأَجَلَ،ویُجمَعُ بِهِ الفَیءُ،ویُقاتَلُ بِهِ العَدُوُّ،وتَأمَنُ بِهِ السُّبُلُ،ویُؤخَذُ بِهِ لِلضَّعیفِ مِنَ القَوِیِّ؛حَتّی یَستَریحَ بَرٌّ،ویُستَراحَ مِن فاجِرٍ. (3)

3961. شعب الإیمان عن لیث عن الإمام علیّ علیه السلام: لا یُصلِحُ النّاسَ إلّاأمیرٌ؛بَرٌّ أو فاجِرٌ.

قالوا:یا أَمیرَ المُؤمِنینَ،هذَا البَرُّ فَکَیفَ بِالفاجِرِ؟!

قالَ:إنَّ الفاجِرَ یُؤمِنِ اللّهُ عز و جل بِهِ السُّبُلَ،ویُجاهِدُ بِهِ العَدُوَّ،ویُجبی بِهِ الفَیءُ،وتُقامُ بِهِ الحُدودُ،ویُحَجُّ بِهِ البَیتُ،ویَعبُدُ اللّهَ فیهِ المُسلِمُ آمِناً حَتّی یَأتِیَهُ أجَلُهُ. (4)

3962. الإمام علیّ علیه السلام: إنَّ النّاسَ لا یُصلِحُهُم إلّاإمامٌ؛بَرٌّ أو فاجِرٌ،فَإِن کانَ بَرّاً فَلِلرّاعی وَالرَّعِیَّةِ،وإن کانَ فاجِراً عَبَدَ المُؤمِنُ رَبَّهُ فیها،وعَمِلَ فیهَا الفاجِرُ إلی أجَلِهِ. (5)

ص:167

3963. عنه علیه السلام: والٍ ظَلومٌ غَشومٌ،خَیرٌ مِن فِتنَةٍ تَدومُ. (1)

3964. عنه علیه السلام: أسَدٌ حَطومٌ خَیرٌ مِن سُلطانٍ ظَلومٍ،وسُلطانٌ ظَلومٌ خَیرٌ مِن فِتَنٍ تَدومُ. (2)

3968. عنه صلی الله علیه و آله: لَن تَهلِکَ الرَّعِیَّةُ وإن کانَت ظالِمَةً مُسیئَةً،إذا کانَتِ الوُلاةُ هادِیَةً مَهدِیَّةً. (1)

3969. الإمام علیّ علیه السلام -فی وَصفِ رَسولِ اللّهِ صلی الله علیه و آله-:أرسَلَهُ داعِیاً إلَی الحَقِّ وشاهِداً عَلَی الخَلقِ،فَبَلَّغَ رِسالاتِ رَبِّهِ غَیرَ وانٍ ولامُقَصِّرٍ،وجاهَدَ فِی اللّهِ أعداءَهُ غَیرَ واهِنٍ ولا مُعَذِّرٍ،إمامُ مَنِ اتَّقی،وبَصَرُ (بَصیرَةُ) مَنِ اهتَدی. (2)

3970. الکافی عن برید: سَمِعتُ أبا جَعفَرٍ علیه السلام یَقولُ فی قَولِ اللّهِ تَبارَکَ وتَعالی: «أَ وَ مَنْ کانَ مَیْتاً فَأَحْیَیْناهُ وَ جَعَلْنا لَهُ نُوراً یَمْشِی بِهِ فِی النّاسِ» (3):«مَیتٌ»لا یَعرِفُ شَیئاً و «نُوراً یَمْشِی بِهِ فِی النّاسِ» إماماً یُؤتَمُّ بِهِ «کَمَنْ مَثَلُهُ فِی الظُّلُماتِ لَیْسَ بِخارِجٍ مِنْها» قالَ:الَّذی لا یَعرِفُ الإِمامَ. (4)

3971. تفسیر العیّاشی عن برید العجلی عن الإمام الباقر علیه السلام -فی قَولِهِ تَعالی: «أَ وَ مَنْ کانَ مَیْتاً فَأَحْیَیْناهُ وَ جَعَلْنا لَهُ نُوراً یَمْشِی بِهِ فِی النّاسِ» -:«المَیتُ»الَّذی لا یَعرِفُ هذَا الشَّأنَ.

قالَ:أتَدری ما یَعنی«مَیتاً»؟

قالَ:قُلتُ:جُعِلتُ فِداکَ،لا.

قالَ:المَیتُ:الَّذی لا یَعرِفُ شَیئاً،فَأَحیَیناهُ بِهذَا الأَمرِ «وَ جَعَلْنا لَهُ نُوراً یَمْشِی بِهِ فِی النّاسِ» قالَ:إماماً یَأتَمُّ بِهِ. (5)

3972. الکافی عن أبی الجارود: قُلتُ لِأَبی جَعفَرٍ علیه السلام:لَقَد آتَی اللّهُ أهلَ الکِتابِ خَیراً کَثیراً !

ص:169

قالَ:وما ذاکَ؟قُلتُ:قَولُ اللّهِ تَعالی: «اَلَّذِینَ آتَیْناهُمُ الْکِتابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ یُؤْمِنُونَ» إلی قَولِهِ «أُولئِکَ یُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَیْنِ بِما صَبَرُوا» . (1)

قالَ:فَقالَ:قَد آتاکُمُ اللّهُ کَما آتاهُم.ثُمَّ تَلا: «یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا اتَّقُوا اللّهَ وَ آمِنُوا بِرَسُولِهِ یُؤْتِکُمْ کِفْلَیْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَ یَجْعَلْ لَکُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ» (2)یَعنی إماماً تَأتَمّونَ بِهِ. (3)

3973. الکافی عن سماعة بن مهران عن الإمام الصادق علیه السلام -فی قَولِ اللّهِ عز و جل: «وَ یَجْعَلْ لَکُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ» -:قالَ:إمامٌ تَأتَمّونَ بِهِ. (4)

3974. الإمام الباقر علیه السلام: یا أبا حَمزَةَ،یَخرُجُ أحدُکُم فَراسِخَ فَیَطلُبُ لِنَفسِهِ دَلیلاً ! وأَنتَ بِطُرُقِ السَّماءِ أجهَلُ مِنکَ بِطُرُقِ الأَرضِ،فَاطلُب لِنَفسِکَ دَلیلاً. (5)

3975. الإمام الصادق علیه السلام: ما زالَتِ الأَرضُ إلّاوللّهِ ِ تَعالی ذِکرُهُ فیها حُجَّةٌ،یَعرِفُ الحَلالَ وَالحَرامَ ویَدعو إلی سَبیلِ اللّهِ جَلَّ وعَزَّ.... (6)

3976. معانی الأخبار عن المفضّل بن عمر: سَأَلتُ أبا عَبدِ اللّهِ علیه السلام عَنِ الصِّراطِ،فَقالَ:هُوَ الطَّریقُ إلی مَعرِفَةِ اللّهِ عز و جل،وهُما صِراطانِ:صِراطٌ فِی الدُّنیا،وصِراطٌ فِی الآخِرَةِ.

وأمَّا الصِّراطُ الَّذی فِی الدُّنیا فَهُوَ الإِمامُ المُفتَرَضُ الطّاعَةِ،مَن عَرَفَهُ فِی الدُّنیا

ص:170

وَاقتَدی بِهُداهُ مَرَّ عَلَی الصِّراطِ الَّذی هُوَ جِسرُ جَهَنَّمَ فِی الآخِرَةِ،ومَن لَم یَعرِفهُ فِی الدُّنیا زَلَّت قَدَمُهُ عَنِ الصِّراطِ فِی الآخِرَةِ،فَتَرَدَّی فِی نارِ جَهَنَّمَ. (1)

3977. الإمام الصادق علیه السلام -فی جَوابِ زِندیقٍ سَأَلَهُ:مِن أینَ أثبَتَّ الأَنبِیاءَ وَالرُّسُلَ؟-:إنّا لَمّا أثبَتنا أنَّ لَنا خالِقاً صانِعاً مُتَعالِیاً عَنّا وعَن جَمیعِ ما خَلَقَ،وکَانَ ذلِکَ الصّانِعُ حَکیماً مُتَعالِیاً،لَم یَجُز أن یُشاهِدَهُ خَلقُهُ،ولا یُلامِسوهُ،فَیُباشِرَهُم ویُباشِروهُ،ویُحاجَّهُم ویُحاجّوهُ،ثَبَتَ أنَّ لَهُ سُفَراءَ فی خَلقِهِ،یُعَبِّرونَ عَنهُ إلی خَلقِهِ وعِبادِهِ،ویَدُلّونَهُم عَلی مَصالِحِهِم ومَنافِعِهِم وما بِهِ بَقاؤُهُم،وفی تَرکِهِ فَناؤُهُم.

فَثَبَتَ الآمِرونَ وَالنّاهونَ عَنِ الحَکیمِ العَلیمِ فی خَلقِهِ وَالمُعَبِّرونَ عَنهُ جَلَّ وعَزَّ، وهُمُ الأَنبِیاءُ علیهم السلام وصَفوَتُهُ مِن خَلقِهِ،حُکَماءَ مُؤَدَّبینَ بِالحِکمَةِ،مَبعوثینَ بِها،غَیرَ مُشارِکینَ لِلنّاسِ-عَلی مُشارَکَتِهِم لَهُم فِی الخَلقِ وَالتَّرکیبِ-فی شَیءٍ مِن أحوالِهِم، مُؤَیَّدینَ مِن عِندِ الحَکیمِ العَلیمِ بِالحِکمَةِ،ثُمَّ ثَبَتَ ذلِکَ فی کُلِّ دَهرٍ وزَمانٍ مِمّا أتَت بِهِ الرُّسُلُ وَالأَنبِیاءُ مِنَ الدَّلائِلِ وَالبَراهینِ،لِکَیلا تَخلُوَ أرضُ اللّهِ مِن حُجَّةٍ یَکُونُ مَعَهُ عِلمٌ یَدُلُّ عَلی صِدقِ مَقالَتِهِ وجَوازِ عَدالَتِهِ. (2)

3978. الکافی عن محمّد بن الفضیل عن الإمام الکاظم علیه السلام: الإِمامَةُ هِیَ النّورُ،وذلِکَ قَولُهُ عز و جل:

«فَآمِنُوا بِاللّهِ وَ رَسُولِهِ وَ النُّورِ الَّذِی أَنْزَلْنا» (3)قالَ:النّورُ هُوَ الإِمامُ. (4)

ص:171

3979. الإمام المهدیّ علیه السلام -فی بَعضِ التَّوقیعاتِ المَروِیَّةِ عَنِ الشَّیخِ المَوثوقِ أبی عَمرٍو العَمرِیِّ-:...ونَحنُ صَنائِعُ رَبِّنا،وَالخَلقُ بَعدُ صَنائِعُنا (1). (2)

ما لَم یَعلَموا،وتُجاهِدُهُم عَلَی التَّأویلِ کَما جاهَدتَهُم عَلَی التَّنزیلِ. (1)

3981. عنه صلی الله علیه و آله: عَلِیُّ بنُ أبی طالِبٍ أعلَمُ امَّتی،وأَقضاهُم فیمَا اختَلَفوا فیهِ مِن بَعدی. (2)

3982. عنه صلی الله علیه و آله -لِعَلِیٍّ علیه السلام-:أنتَ تُؤَدّی عَنّی،وتُسمِعُهُم صَوتی،وتُبَیِّنُ لَهُم مَا اختَلَفوا فیهِ بَعدی. (3)

3983. الإمام علیّ علیه السلام -فی ذَمِّ اختِلافِ العُلَماءِ فِی الفُتیا وعَدَمِ الرُّجوعِ إلی إمامٍ یَعرِفُ القُرآنَ ویَقدِرُ عَلی حَلِّ مَا اختَلَفوا فیهِ مِنَ الحَقِّ-:تَرِدُ عَلی أحَدِهِمُ القَضِیَّةُ فی حُکمٍ مِنَ الأَحکامِ فَیَحکُمُ فیها بِرَأیِهِ،ثُمَ تَرِدُ تِلکَ القَضِیَّةُ بِعَینِها عَلی غَیرِهِ فَیَحکُمُ فیها بِخِلافِ قَولِهِ،ثُمَّ یَجتَمِعُ القُضاةُ بِذلِکَ عِندَ الإِمامِ الَّذی استَقضاهُم،فَیُصَوِّبُ آراءَهُم جَمیعاً، وإلهُهُم واحِدٌ ! ونَبِیُّهُم واحِدٌ ! وکِتابُهُم واحِدٌ ! أفَأَمَرَهُمُ اللّهُ-سُبحانَهُ-بِالاِختِلافِ فَأَطاعوهُ،أم نَهاهُم عَنهُ فَعَصَوهُ. (4)

3984. الکافی عن یونس بن یعقوب: کانَ عِندَ أبی عَبدِ اللّهِ علیه السلام جَماعَةٌ مِن أصحابِهِ،مِنهُم حُمرانُ بنُ أعیَنَ،ومُحَمَّدُ بنُ النُّعمانِ،وهِشامُ بنُ سالِمٍ،وَالطَّیّارُ،وجَماعَةٌ فیهِم هِشامُ بنُ الحَکَمِ وهُوَ شابٌّ.

فَقالَ أبو عَبدِ اللّهِ علیه السلام:یا هِشامُ،ألا تُخبِرُنی کَیفَ صَنَعتَ بِعَمرِو بنِ عُبَیدٍ،

ص:173

وکَیفَ سأَلتَهُ؟

فَقالَ هِشامٌ:یَا بنَ رَسولِ اللّهِ،إنّی اجِلُّکَ وأستَحییکَ ولا یَعمَلُ لِسانی بَینَ یَدَیکَ.

فَقالَ أبو عَبدِ اللّهِ:إذا أمَرتُکُم بِشَیءٍ فَافعَلوا.

قالَ هِشامٌ:بَلغَنی ما کانَ فیهِ عَمرُو بنُ عُبَیدٍ وجُلوسُهُ فی مَسجِدِ البَصرَةِ،فَعَظُم ذلِکَ عَلَیَّ فَخَرَجتُ إلَیهِ،ودَخَلتُ البَصرَةَ یَومَ الجُمُعَةِ،فَأَتَیتُ مَسجِدَ البَصرَةِ،فَإِذا أنَا بِحَلقَةٍ کَبیرَةٍ فیها عَمرُو بنُ عُبَیدٍ،وعَلَیهِ شَملَةٌ (1)سَوداءُ مُتَّزِرٌ بِها مِن صوفٍ،وشَملَةٌ مُرتَدٍ بِها،وَالنَّاسُ یَسأَلونَهُ،فَاستَفرَجتُ النّاسَ فَأَفرَجوا لی،ثُمَّ قَعَدتُ فی آخِرِ القَومِ عَلی رُکبَتَیَّ،ثُمَّ قُلتُ:أیُّهَا العالِمُ،إنّی رَجُلٌ غَریبٌ تَأذَنُ لی فی مَسأَلَةٍ؟فَقال لی:نَعَم،فَقُلتُ لَهُ:ألَکَ عَینٌ؟فَقالَ:یا بُنَیَّ أیُّ شَیءٍ هذا مِنَ السُّؤالِ؟وشَیءٌ تَراهُ کَیفَ تَسأَلُ عَنهُ؟فَقُلتُ:هکَذا مَسأَلَتی،فَقالَ:یا بُنَیَّ سَل وإن کانَت مَسأَلَتُکَ حَمقاءَ،قُلتُ:أجِبنی فیها،قالَ لی:سَل.

قُلتُ:ألَکَ عَینٌ؟قالَ:نَعَم،قُلتُ:فَما تَصنَعُ بِها؟قالَ:أری بِهَا الأَلوانَ وَالأَشخاصَ،قُلتُ:فَلَکَ أنفٌ؟قالَ:نَعَم،قُلتُ:فَما تَصنَعُ بِهِ؟قالَ:أشُمُّ بِهِ الرَّائِحَةَ، قُلتُ:ألَکَ فَمٌ؟قالَ:نَعَم،قُلتُ:فَما تَصنَعُ بِهِ؟قالَ:أذوقُ بِهِ الطَّعمَ،قُلتُ:فَلَکَ اذُنٌ؟قالَ:نَعَم،قُلتُ:فَما تَصنَعُ بِها؟قالَ:أسمَعُ بِها الصَّوتَ،قُلتُ:ألَکَ قَلبٌ؟قالَ:

نَعَم،قُلتُ:فَما تَصنَعُ بِهِ؟قالَ:اُمَیِّزُ بِهِ کُلَّما وَرَدَ عَلی هذهِ الجَوارحِ (2)وَالحَواسِّ، قُلتُ:أوَلَیسَ فی هذِهِ الجَوارِحِ غِنیً عَنِ القَلبِ؟فَقالَ:لا،قُلتُ:وکَیفَ ذلِکَ وهِیَ صَحیحَةٌ سَلیمَةٌ؟قالَ:یا بُنَیَّ إنَّ الجَوارِحَ إذا شَکَّت فی شَیءٍ شَمَّتهُ أو رَأَتهُ أو ذاقَتهُ أو سَمِعَتهُ،رَدَّتهُ إلَی القَلبِ؛فَیَستَیقِنُ الیَقینَ ویُبطِلُ الشَّکَّ.

ص:174

قالَ هِشامٌ:فَقُلتُ لَهُ:فَإِنَّما أقامَ اللّهُ القَلبَ لِشَکِّ الجَوارِحِ؟قالَ:نَعَم،قُلتُ:لابُدّ مِنَ القَلبِ وإلّا لَم تَستَیقِنِ الجَوارِحُ؟قالَ:نَعَم،فَقُلتُ لَهُ:یا أَبا مَروانَ،فَاللّهُ تَبارَکَ وتَعالی لَم یَترُک جَوارِحَکَ حَتّی جَعَلَ لَها إماماً یُصَحِّحُ لَها الصَّحیحَ ویَتَیَقَّنُ بِهِ ما شَکَّ فیهِ،ویَترُکُ هذَا الخَلقَ کُلَّهُم فی حَیرَتِهِم وشَکِّهِم وَاختِلافِهِم،لا یُقیمُ لَهُم إماماً یَرُدّونَ إلَیهِ شَکَّهُم وحَیرَتَهُم،ویُقیمُ لَکَ إماماً لِجَوارِحِکَ تَرُدُّ إلَیهِ حَیرَتَکَ وَشَکَّکَ؟!

قالَ:فَسَکَتَ ولَم یَقُل لی شَیئاً.

ثُمَّ التَفَتَ إلَیَّ فَقالَ لی:أنتَ هِشامُ بنُ الحَکَمِ؟فَقُلتُ:لا،قالَ:أمِن جُلَسائِهِ؟ قُلتُ:لا،قالَ:فَمِن أینَ أنتَ؟قالَ:قُلتُ:مِن أهلِ الکوفَةِ.قال:فَأَنتَ إذاً هُوَ،ثُمَّ ضَمَّنی إلَیهِ،وأَقعَدَنی فی مَجلِسِهِ وزالَ عَن مَجلِسِهِ وما نَطَق حَتّی قُمتُ.

قالَ:فَضَحِکَ أبو عَبدِ اللّهِ علیه السلام وقالَ:یا هِشامُ،مَن عَلَّمَکَ هذا؟قُلتُ:شَیءٌ أخَذتُهُ مِنکَ وَألَّفتُهُ. (1)فَقالَ:هذا وَاللّهِ مَکتوبٌ فی صُحُفِ إبراهیمَ وموسی علیهما السلام. (2)

3985. الکافی عن سدیر: قُلتُ لِأَبی جَعفَرٍ علیه السلام:إنّی تَرَکتُ مَوالِیَکَ مُختَلِفینَ یَتَبَرَّأُ بَعضُهُم مِن بَعضٍ.

قالَ:فَقالَ:وما أنتَ وذاکَ،إنَّما کُلِّفَ النّاسُ ثَلاثَةً:مَعرِفَةَ الأَئِمَّةِ،وَالتَّسلیمَ لَهُم فیما وَرَدَ عَلَیهِم،وَالرَّدَّ إلَیهِم فیمَا اختَلَفوا فیهِ. (3)

3986. الإمام الصادق علیه السلام -لِبَعضِ أصحابِهِ،وقَد أشارَ إلَی ابنِهِ الإِمامِ الکاظِمِ علیه السلام-:هؤُلاءِ وُلدی،وهذا سَیِّدُهُم...وقَد عُلِّمَ الحُکمَ وَالفَهمَ وَالسَّخاءَ،وَالمَعرِفَةَ بِما یَحتاجُ إلَیهِ

ص:175

النّاسُ،ومَا اختَلَفوا فیهِ مِن أمرِ دینِهِم ودُنیاهُم،وفیهِ حُسنُ الخُلُقِ وحُسنُ الجَوابِ، وهُوَ بابٌ مِن أبوابِ اللّهِ عز و جل. (1)

3990. عنه علیه السلام: إنَّ الأَرضَ لا تَخلو إلّاوفیها إمامٌ،کَیما إن زادَ المُؤمِنونَ شَیئاً رَدَّهُم،وإن نَقَصوا شَیئاً أتَمَّهُ لَهُم. (1)

3993. علل الشرائع عن جابر بن یزید الجعفی :قُلتُ لِأَبی جَعفَرٍ مُحَمَّدِ بنِ عَلِیٍّ الباقِرِ علیه السلام:

لِأَیِّ شَیءٍ یُحتاجُ إلَی النَّبِیِّ صلی الله علیه و آله وَالإِمامِ علیه السلام؟

فَقالَ:لِبَقاءِ العالَمِ عَلی صَلاحِهِ،وذلِکَ أنَّ اللّهَ عز و جل یَرفَعُ العَذابَ عَن أهلِ الأَرضِ إذا کانَ فیها نَبِیٌّ أو إمامٌ. (1)

3994. الإمام الباقر علیه السلام -لِیَزیدَ الکُناسِیِّ-:لَیسَ تَبقَی الأَرضُ-یا أَبا خالِدٍ-یَوماً واحِداً بِغَیرِ حُجَّةٍ للّهِ ِ عَلَی النّاسِ،مُنذُ یَومِ خَلَقَ اللّهُ آدَمَ علیه السلام وأَسکَنَهُ الأَرضَ. (2)

3995. عنه علیه السلام: لَو بَقِیَتِ الأَرضُ یَوماً بِلا إمامٍ مِنّا لَساخَت بِأَهلِها،ولَعَذَّبَهُمُ اللّهُ بِأَشَدِّ عَذابِهِ، إنَّ اللّهَ تَبارَکَ وتَعالی جَعَلَنا حُجَّةً فی أرضِهِ،وأَماناً فِی الأَرضِ لِأَهلِ الأَرضِ،لَم یَزالوا فی أمانٍ مِن أن تَسیخَ بِهِمُ الأَرضُ مادُمنا بَینَ أظهُرِهِم،فَإِذا أرادَ اللّهُ أن یُهلِکَهُم ثُمَّ لا یُمهِلُهُم ولا یُنظِرُهُم،ذَهَبَ بِنا مِن بَینِهِم ورَفَعَنا إلَیهِ،ثُمَّ یَفعَلُ اللّهُ ما شاءَ وَأَحَبَّ. (3)

3996. عنه علیه السلام: لَو أنَّ الإِمامَ رُفِعَ مِنَ الأَرضِ ساعَةً،لَماجَت بِأَهلِها کَما یَموجُ البَحرُ بِأَهلِهِ. (4)

3997. عنه علیه السلام: لا تَبقَی الأَرضُ بِغَیرِ إمامٍ،ظاهِرٍ أو باطِنٍ. (5)

ص:178

3998. عنه علیه السلام -فی وَصفِ الأَئِمَّةِ علیهم السلام-:جَعَلَهُمُ اللّهُ عز و جل أرکانَ الأَرضِ أن تَمیدَ (1)بِأَهلِها،وعُمُدَ الإِسلامِ،ورابِطَةً عَلی سَبیلِ هُداهُ. (2)

3999. الإمام الصادق علیه السلام -أیضاً-:جَعَلَهُمُ اللّهُ أرکانَ الأَرضِ أن تَمیدَ بِهِم،وَالحُجَّةَ البالِغَةَ عَلی مَن فَوقَ الأَرضِ ومَن تَحتَ الثَّری. (3)

4000. عنه علیه السلام -فی زِیارَةِ الإِمامِ الحُسَینِ علیه السلام-:بِکُم فَتَحَ اللّهُ،وبِکُم یَختِمُ اللّهُ،وبِکُم یَمحو ما یَشاءُ وبِکُم یُثبِتُ،وبِکُم یَفُکُّ الذُّلَّ مِن رِقابِنا،وبِکُم یُدرِکُ اللّهُ تِرَةَ کُلِّ مُؤمِنٍ یَطلُبُ بِها.

وبِکُم تُنبِتُ الأَرضُ أشجارَها،وبِکُم تُخرِجُ الأَشجارُ أثمارَها،وبِکُم تُنزِلُ السَّماءُ قَطرَها ورِزقَها،وبِکُم یَکشِفُ اللّهُ الکُرَبَ،وبِکُم یُنَزِّلُ اللّهُ الغَیثَ،وبِکُم تَسیخُ (4)الأَرضُ الَّتی تَحمِلُ أبدانَکُم،وتَستَقِرُّ جِبالُها عَن (5)مَراسیها.إرادَةُ الرَبِّ فی مَقادیرِ امورِهِ تَهبِطُ إلَیکُم وتَصدُرُ مِن بُیوتِکُم. (6)

ص:179

4001. عنه علیه السلام: إنَّ الأَرضَ لا تَکونُ إلّاوفیها حُجَّةٌ،إنَّهُ لا یُصلِحُ النّاسَ إلّاذلِکَ،ولا یُصلِحُ الأَرضَ إلّاذلِکَ. (1)

4002. عنه علیه السلام: لَولا مَن عَلَی الأَرضِ مِن حُجَجِ اللّهِ،لَنَفَضَتِ الأَرضُ ما فیها وأَلقَت ما عَلَیها،إنَّ الأَرضَ لا تَخلو ساعَةً مِنَ الحُجَّةِ. (2)

4003. الکافی عن أبی حمزة [ الثمالی ] : قُلتُ لِأَبی عَبدِ اللّهِ علیه السلام:أتَبقَی الأَرضُ بِغَیرِ إمامٍ؟

قالَ:لَو بَقِیَتِ الأَرضُ بِغَیرِ إمامٍ لَساخَت. (3)

4004. کمال الدین عن سلیمان الجعفری: سَأَلتُ أبَا الحَسَنِ الرِّضا علیه السلام فَقُلتُ:أتَخلُو الأَرضُ مِن حُجَّةٍ؟

فَقالَ:لَو خَلَت مِن حُجَّةٍ طَرفَةَ عَینٍ لَساخَت بِأَهلِها. (4)

4005. الکافی عن محمّد بن الفضیل عن الإمام الرضا علیه السلام،قال: قُلتُ لَهُ:أتَبقَی الأَرضُ بِغَیرِ إمامٍ؟قالَ:لا.قُلتُ:فَإِنّا نُرَوّی عَن أبی عَبدِ اللّهِ علیه السلام أنَّها لا تَبقی بِغَیرِ إمامٍ إلّاأن یَسخَطَ اللّهُ تَعالی عَلی أهلِ الأَرضِ أو عَلَی العِبادِ.

فَقالَ:لا،لا تَبقی،إذاً لَساخَت. (5)

ص:180

4009. الإمام الرضا علیه السلام: الإِمامُ کَالشَّمسِ الطَّالِعَةِ المُجَلِّلَةِ بِنورِها لِلعالَمِ،وهِیَ فِی الاُفُقِ بِحَیثُ لا تَنالُهَا الأَیدی وَالأَبصارُ.

الإِمامُ البَدرُ المُنیرُ،وَالسِّراجُ الزّاهِرُ،وَالنّورُ السَّاطِعُ،وَالنَّجمُ الهادی فی غَیاهِبِ (1)الدُّجی،وأجوازِ (2)البُلدانِ وَالقِفارِ (3)،ولُجَجِ البِحارِ. (4)

یا أحمَدَ بنَ إسحاقَ،إنَّ اللّهَ تَبارَکَ وتَعالی لَم یُخلِ الأَرضَ مُنذُ خَلَقَ آدَمَ علیه السلام،ولا یُخلیها إلی أن تَقومَ السّاعَةُ مِن حُجَّةٍ للّهِ ِ عَلی خَلقِهِ،بِهِ یَدفَعُ البَلاءَ عَن أهلِ الأَرضِ، وبِهِ یُنزِلُ الغَیثَ،وبِهِ یُخرِجُ بَرَکاتِ الأَرضِ. (1)

4013. الإمام الهادی علیه السلام -فِی الزِّیارَةِ الَّتی یُزارُ بِها جَمیعُ الأَئِمَّةِ علیهم السلام-:بِکُم فَتَحَ اللّهُ،وبِکُم یَختِمُ،وبِکُم یُنزِلُ الغَیثَ،وبِکُم یُمسِکُ السَّماءَ أن تَقَعَ عَلَی الأَرضِ إلّابِإِذنِهِ،وبِکُم یُنَفِّسُ الهَمَّ ویَکشِفُ الضُّرَّ. (2)

4014. الإمام المهدیّ علیه السلام -فِی التَّوقیعِ الَّذی خَرَجَ عَلی یَدِ مُحَمَّدِ بنِ عُثمانَ العَمرِیِّ إلی جَماعَةٍ مِنَ الشِّیعَةِ-:أمَّا الأَئِمَّةُ علیهم السلام،فَإِنَّهُم یَسأَلونَ اللّهَ تَعالی فَیَخلُقُ،ویَسأَلونَهُ فَیَرزُقُ،إیجاباً لِمَسأَلَتِهِم،وإِعظاماً لِحَقِّهِم. (3)

ص:183

وسیاسیّة مقتدرة،وقد أشارت جمیع الروایات التی فسّرت الإمامة علی أنّها«نظام الإسلام»أو«نظام المسلمین»-والتی أناطت إجراء الأحکام وتقدّم المجتمع الإسلامی بأئمّة الدین-إلی هذا النوع من فلسفة الإمامة والحکمة فیها. (1)

الحکمة الثانیة:منع الفوضی

علی الرغم من إلزام الإسلام المسلمین جمیعاً بتهیئة الأرضیّة لتأسیس حکومة الصالحین فی الأرض،إلّاأنّه لا ینکر فی جمیع الظروف ضرورة وجود القیادة السیاسیّة فی المجتمع مهما کانت توجّهاتها الدینیّة،فهو لا یسمح للمجتمع الإسلامی أن یقف حیادیّاً أو مکتوف الیدین تجاه قضیّة هامّة کمسألة القیادة السیاسیّة أو الاستسلام لحالات الفوضی.وإنّ جمیع الروایات التی تؤکّد بصورة عامّة مبدأ القیادة السیاسیّة فی المجتمع ورجحانها علی حالات الفوضی و الفتنة، فهی تشیر إلی هذه الحکمة علی نحو التّرتّب. (2)

یقول الإمام أمیر المؤمنین علیه السلام فی بیان وجه الحکمة السیاسیّة من وجود مطلق القیادة السیاسیّة،ردّاً علی من کان یرفع شعار:«لا حکم إلّاللّه»وهو شعار مصدره القرآن الکریم،إلّاأنّ حَمَلَته أرادوا به التمرّد علی حکم الإمام علیه السلام:

کَلِمَةُ حَقٍّ یُرادُ بِها باطِلٌ ! نَعَم،إنَّهُ لا حُکمَ إلّاللّهِ ِ،وَلکِنَّ هؤُلاءِ یَقولونَ:لا إمرَةَ إلّا للّهِ ِ ! وإنَّهُ لابُدَّ لِلنّاسِ مِن أمیرٍ؛بَرٍّ أو فاجِرٍ،یَعمَلُ فی إمرَتِهِ المُؤمِنُ،وَیَستَمتِعُ فیهَا الکافِرُ،ویُبَلِّغُ اللّهُ فیهَا الأَجَلَ،ویُجمَعُ بِهِ الفَیءُ،ویُقاتَلُ بِهِ العَدُوُّ،وتَأمَنُ بِهِ السُّبُلُ،ویُؤخَذُ بِهِ لِلضَّعیفِ مِنَ القَوِیِّ؛حَتّی یَستَریحَ بَرٌّ،ویُستَراحَ مِن فاجِرٍ. (3)

إنّ شعار«لا حُکمَ إلّاللّهِ ِ»شعار صحیح فی نفسه،ولکن حملته وهم«الخوارج»

ص:185

استغلّوه من أجل هدف باطل،وهو الإخلال بنظم المجتمع الإسلامی.

لقد کان الهدف الأساس من وراء شعار الخوارج،النیل من وحدة المجتمع الإسلامی،و ذلک من خلال الإطاحة بالقیادة السیاسیّة،والحال إنّ حفظ النظام واجب فی جمیع الأحوال:

إنَّ هؤُلاءِ قَد تَمالَؤوا عَلی سَخطَةِ إمارَتی،وسَأَصبِرُ ما لَم أخَف عَلی جَماعَتِکُم، فَإِنَّهُم إن تَمَّموا عَلی فَیالَةِ هذَا الرَّأیِ انقَطَعَ نِظامُ المُسلِمینَ. (1)

وممّا تجدر الإشارة إلیه أنّ هذه الفکرة لم تکن لدی جمیع الخوارج،بل کانت عند فرقة منهم ولم یکتب لها الاستمرار طویلاً فی تاریخ الإسلام.

قال التفتازانی بعد نقل آراء الأشاعرة والمعتزلة وأتباع مدرسة أهل البیت علیهم السلام فی وجوب نصب الإمام وکیفیّة نصبه:

قالت النجدات-قوم من الخوارج أصحاب نجدة بن عویمر-:إنّه لیس بواجب أصلاً.وقال أبو بکر الأصمّ من المعتزلة:لا یجب عند ظهور العدل والإنصاف لعدم الاحتیاج،ویجب عند ظهور الظالم.وقال هشام القوطی منهم بالعکس؛أی یجب عند ظهور العدل لإظهار شرائع الشرع. (2)

وقال ابن حزم الأندلسی عند قول«النجدات»:

وهذه فرقة ما نری بقی منهم أحداً. (3)

وقال ابن أبی الحدید فی ذلک:

فقال المتکلّمون کافّة:الإمامة واجبة،إلّاما یُحکی عن أبی بکر الأصمّ من قدماء أصحابنا أنّها غیر واجبة؛إذا تناصفت الاُمّة ولم تتظالم.وقال المتأخّرون من

ص:186

أصحابنا:إنّ هذا القول منه غیر مخالف لما علیه الاُمّة؛لأنّه إذا کان لا یجوز فی العادة أن تستقیم امور الناس من دون رئیسٍ یحکم بینهم،فقد قال بوجوب الریاسة علی کلّ حال،اللّهمّ إلّاأن یقول:إنّه یجوز أن تستقیم امور الناس من دون رئیس،و هذا بعید أن یقوله. (1)

علی کلّ حال فإنّ حکمة القیادة السیاسیّة وضرورتها أمر لا ینکر؛لذا نجد أنّ فکرة الخوارج لمّا کانت علی خلاف الفطرة والعقل والدین،لم تلقَ قبولاً ولم تستمرّ فی التأریخ الإسلامی.

عنه بالفلسفة أو الحکمة التکوینیّة للإمامة:

4017. الإمام الصادق علیه السلام: لا تُترَکُ الأَرضُ بِغَیرِ إمامٍ یُحِلُّ حَلالَ اللّهِ ویُحَرِّمُ حَرامَهُ،وهُوَ قَولُ اللّهِ: «یَوْمَ نَدْعُوا کُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ» . (1)

4018. عنه علیه السلام -فی بَیانِ بَعضِ ما تَکَلَّمَ بِهِ الحُسَینُ علیه السلام أثناءَ مَسیرِهِ إلَی الکوفَةِ-:فَلَمّا نَزَلُوا الثَّعلَبِیَّةَ،وَرَدَ عَلَیهِ رَجُلٌ یُقالُ لَهُ بِشرُ بنُ غالِبٍ،فَقالَ:یَابنَ رَسولِ اللّهِ،أخبِرنی عَن قَولِ اللّهِ عز و جل: «یَوْمَ نَدْعُوا کُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ» .

قالَ:إمامٌ دَعا إلی هُدیً فَأَجابوهُ إلَیهِ،وإمامٌ دَعا إلی ضَلالَةٍ فَأَجابوهُ إلَیها،هؤُلاءِ فِی الجَنَّةِ وهؤُلاءِ فِی النّارِ،وهُوَ قَولُهُ عز و جل: «فَرِیقٌ فِی الْجَنَّةِ وَ فَرِیقٌ فِی السَّعِیرِ» (2). (3)

4019. الکافی عن عبد اللّه بن سنان: قُلتُ لِأَبی عَبدِ اللّهِ علیه السلام: «یَوْمَ نَدْعُوا کُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ» ؟ قالَ:إمامُهُمُ الَّذی بَینَ أظهُرِهِم،وهُوَ قائِمُ أهلِ زَمانِهِ. (4)

4020. الکافی عن الفضیل بن یسار: سَأَلتُ أبا عَبدِ اللّهِ علیه السلام عَن قَولِ اللّهِ تَبارَکَ وتَعالی: «یَوْمَ نَدْعُوا کُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ» ،فَقالَ:

یا فُضَیلُ،اِعرِف إمامَکَ،فَإِنَّکَ إذا عَرَفتَ إمامَکَ لَم یَضُرَّکَ تَقَدَّمَ هذَا الأَمرُ أو تَأَخَّرَ، ومَن عَرَفَ إمامَهُ ثُمَّ ماتَ قَبلَ أن یَقومَ صاحِبُ هذَا الأَمرِ،کانَ بِمَنزِلَةِ مَن کانَ قاعِداً فی عَسکَرِهِ،لا بَل بِمَنزِلَةِ مَن قَعَدَ تَحتَ لِوائِهِ.

قالَ:وقالَ بَعضُ أصحابِهِ:بِمَنزِلَةِ مَنِ استُشهِدَ مَعَ رَسولِ اللّهِ صلی الله علیه و آله. (5)

4021. تفسیر العیّاشی عن إسماعیل بن همام عن الإمام الرضا علیه السلام -فی قَولِ اللّهِ عز و جل: «یَوْمَ نَدْعُوا کُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ» -:إذا کانَ یَومُ القِیامَةِ قالَ اللّهُ:ألَیسَ عَدلٌ مِن رَبِّکُم أن

ص:190

تُوَلّوا کُلَّ قَومٍ مَن تَوَلَّوا؟قالوا:بَلی،قالَ:فَیَقولُ:تَمَیَّزوا! فَیَتَمَیَّزونَ. (1)

4022. رسول اللّه صلی الله علیه و آله: لَو أنَّ عَبداً عَبَدَ اللّهَ ألفَ عامٍ ما بَینَ الرُّکنِ وَالمَقامِ،ثُمَّ ذُبِحَ کَما یُذبَحُ الکَبشُ مَظلوماً،لَبَعَثَهُ اللّهُ مَعَ النَّفَرِ الَّذینَ یَقتَدی بِهِم،ویَهتَدی بِهُداهُم،ویَسیرُ بِسیرَتِهِم، إن جَنَّةً فَجَنَّةٌ وإِن ناراً فنارٌ. (2)

4023. الإمام علیّ علیه السلام: لَو أنَّ رَجُلاً صامَ الدَّهرَ کُلَّهُ،وقامَ الدَّهرَ کُلَّهُ،ثُمَّ قُتِلَ بَینَ الرُّکنِ وَالمَقامِ، لَحَشَرَهُ اللّهُ یَومَ القِیامَةِ مَعَ مَن یَری أنَّهُ کانَ عَلی هُدیً. (3)

4024. عنه علیه السلام: إنَّمَا الأَئِمَّةُ قُوّامُ (4)اللّهِ عَلی خَلقِهِ،وعُرَفاؤُهُ (5)عَلی عِبادِهِ،ولا یَدخُلُ الجَنَّةَ إلّامَن عَرَفَهُم وعَرَفوهُ،ولا یَدخُلُ النَّارَ إلّامَن أنکَرَهُم وأَنکَروهُ. (6)

4025. الإمام الصادق علیه السلام: لا یَسَعُ النّاسَ حَتّی یَسأَلوا ویَتَفَقَّهوا،ویَعرِفوا إمامَهُم. (7)

4027. عنه صلی الله علیه و آله: مَن مات بِغَیرِ إمامٍ ماتَ میتَةً جاهِلِیَّةً. (1)

4028. عنه صلی الله علیه و آله: مَن ماتَ ولَیسَ عَلَیهِ إمامُ جَماعَةٍ،فَإِنَّ مَوتَتَهُ مَوتَةٌ جاهِلِیَّةٌ. (2)

4029. عنه صلی الله علیه و آله: مَن ماتَ ولَیسَ عَلَیهِ إمامٌ حَیٌّ یَعرِفُهُ،ماتَ میتَةً جاهِلِیَّةً. (3)

4030. عنه صلی الله علیه و آله: مَن ماتَ ولَیسَت عَلَیهِ طاعَةٌ،ماتَ میتَةً جاهِلِیَّةً،فَإِن خَلَعَها مِن بَعدِ عَقدِها فی عُنُقِهِ،لِقَیَ اللّهَ تَبارَکَ وتَعالی ولَیسَت لَهُ حُجَّةٌ. (4)

4031. عنه صلی الله علیه و آله: مَن ماتَ عَلی غَیرِ طاعَةِ اللّهِ،ماتَ ولا حُجَّةَ لَهُ،ومَن ماتَ وقَد نَزَعَ یَدَهُ مِن بَیعَةٍ،کانَت میتَتُهُ میتَةَ ضَلالَةٍ. (5)

4032. عنه صلی الله علیه و آله: مَن ماتَ ولا إمامَ لَهُ،ماتَ میتَةً جاهِلِیَّةً. (6)

ص:192

4033. عنه صلی الله علیه و آله: مَن خَلَعَ یَداً مِن طاعَةٍ،لَقِیَ اللّهَ یَومَ القِیامَةِ لا حُجَّةَ لَهُ،ومَن ماتَ ولَیسَ فی عُنُقِهِ بَیعَةٌ،ماتَ میتَةً جاهِلِیَّةً. (1)

4034. کمال الدین عن أبان بن أبی عیّاش عن سلیم بن قیس الهلالیّ: أنَّهُ سَمِعَ مِن سَلمانَ ومِن أبی ذَرٍّ ومِنَ المِقدادِ حَدیثاً عَن رَسولِ اللّهِ صلی الله علیه و آله أنَّهُ قالَ: «من مات و لیس له إمام مات میتة جاهلیة» ،ثُمَّ عَرَضَهُ عَلی جابِرٍ وَابنِ عَبّاسٍ فَقالا:صَدَقوا وبَرّوا،وقَد شَهِدنا ذلِکَ وسَمِعناهُ مِن رَسولِ اللّهِ صلی الله علیه و آله،وإنَّ سَلمانَ قالَ:یا رَسولَ اللّهِ،إنَّکَ قُلتَ:مَن ماتَ ولَیسَ لَهُ إمامٌ ماتَ میتَةً جاهِلِیَّةً،مَن هذَا الإِمامُ؟

قالَ:«مِن أوصِیائی یا سَلمانُ،فَمَن ماتَ مِن امَّتی ولَیسَ لَهُ إمامٌ مِنهُم یَعرِفُهُ، فَهِیَ میتَةٌ جاهِلِیَّةٌ،فَإِن جَهِلَهُ وعاداهُ فَهُوَ مُشرِکٌ،وإن جَهِلَهُ ولَم یُعادِهِ ولَم یُوالِ لَهُ عَدُوّاً،فَهُوَ جاهِلٌ ولَیسَ بِمُشرِکٍ». (2)

4035. الإمام علیّ علیه السلام: مَن ماتَ ولَیسَ لَهُ إمامٌ ماتَ میتَةً جاهِلِیَّةً،إذا کانَ الإِمامُ عَدلاً بَرّاً تَقِیّاً. (3)

4036. عنه علیه السلام -فی صِفَةِ الضّالِّ-:هُوَ فی مُهلَةٍ مِنَ اللّهِ،یَهوی مَعَ الغافِلینَ،ویَغدو مَعَ المُذنِبینَ،بِلا سَبیلٍ قاصِدٍ (4)ولا إمامٍ قائِدٍ. (5)

ص:193

4037. الإمام الباقر علیه السلام: مَن ماتَ ولَیسَ لَهُ إمامٌ ماتَ میتَةً جاهِلِیَّةً،ولا یُعذَرُ النّاسُ حَتّی یَعرِفوا إمامَهُم. (1)

4038. عنه علیه السلام: کُلُّ مَن دانَ اللّهَ عز و جل بِعِبادَةٍ یُجهِدُ فیها نَفسَهُ ولا إمامَ لَهُ مِنَ اللّهِ،فَسَعیُهُ غَیرُ مَقبولٍ،وهُوَ ضالٌّ مُتَحَیِّرٌ،وَاللّهُ شانِئٌ (2)لِأَعمالِهِ. (3)

4039. عنه علیه السلام: مَن ماتَ ولَیسَ لَهُ إمامٌ فَمَوتُهُ میتَةٌ جاهِلِیَّةٌ،ولا یُعذَرُ النّاسُ حَتّی یَعرِفوا إمامَهُم،ومَن ماتَ وهُوَ عارِفٌ لِإِمامِهِ،لا یَضُرُّهُ تَقَدَّمَ هذَا الأَمرَ أو تَأَخَّرَهُ،ومَن ماتَ عارِفاً لِإِمامِهِ کانَ کَمَن هُوَ مَعَ القائِمِ فی فِسطاطِهِ (4). (5)

4040. عنه علیه السلام -لِمُحَمَّدِ بنِ مُسلِمٍ-:مَن أصبَحَ مِن هذِهِ الاُمَّةِ لا إمامَ لَهُ مِنَ اللّهِ عز و جل ظاهِرٌ عادِلٌ، أصبَحَ ضالّاً تائِهاً،وإن ماتَ عَلی هذِهِ الحالَةِ ماتَ میتَةَ کُفرٍ ونِفاقٍ.

وَاعلَم یا مُحَمَّدُ أنَّ أَئِمَّةَ الجَورِ وأَتباعَهُم لَمَعزولونَ عَن دینِ اللّهِ،قَد ضَلّوا وأَضَلّوا،فَأَعمالُهُمُ الَّتی یَعمَلونَها کَرَمادٍ اشتَدَّت بِهِ الرِّیحُ فی یَومٍ عاصِفٍ،لا یَقدِرونَ مِمّا کَسَبوا عَلی شَیءٍ،ذلِکَ هُوَ الضَّلالُ البَعیدُ. (6)

4041. الکافی عن برید: سَمِعتُ أبا جَعفَرٍ علیه السلام یَقولُ فی قَولِ اللّهِ تَبارَکَ وتَعالی: «أَ وَ مَنْ کانَ مَیْتاً

ص:194

فَأَحْیَیْناهُ وَ جَعَلْنا لَهُ نُوراً یَمْشِی بِهِ فِی النّاسِ» (1)فَقال:«مَیتٌ»لا یَعرِفُ شَیئاً و «نُوراً یَمْشِی بِهِ فِی النّاسِ» :إماماً یُؤتَمُّ بِهِ «کَمَنْ مَثَلُهُ فِی الظُّلُماتِ لَیْسَ بِخارِجٍ مِنْها» قالَ:الَّذی لا یَعرِفُ الإِمامَ. (2)

4042. الإمام الصادق علیه السلام: إنَّ الأَرضَ لا تَصلُحُ إلّابِإِمامٍ،ومَن ماتَ لا یَعرِفُ إمامَهُ ماتَ میتَةً جاهِلِیَّةً. (3)

4043. عنه علیه السلام: مَن ماتَ ولَیسَ لَهُ إمامٌ ماتَ میتَةً جاهِلِیَّةً،کُفرٌ وشِرکٌ وضَلالَةٌ. (4)

4044. عنه علیه السلام: مَن باتَ لَیلَةً لا یَعرِفُ فیها إمامَهُ،ماتَ میتَةً جاهِلِیَّةً. (5)

4045. الاختصاص عن أبی الجارود عن الإمام الصادق علیه السلام: مَن ماتَ ولَیسَ عَلَیهِ إمامٌ حَیٌّ ظاهِرٌ،ماتَ میتَةً جاهِلِیَّةً.

قالَ:قُلتُ:إمامٌ حَیٌّ جُعِلتُ فِداکَ؟قالَ:إمامٌ حَیٌّ. (6)

4046. أعلام الدین عن أبی بصیر عن الإمام الصادق علیه السلام: مَن ماتَ ولَیسَ فی رَقَبَتِهِ بَیعَةٌ لِإِمامٍ،ماتَ میتَةً جاهِلِیَّةً،ولا یُعذَرُ النّاسُ حَتّی یَعرِفوا إمامَهُم،فَمَن ماتَ وهُوَ عارِفٌ بِالإِمامَةِ لَم یَضُرَّهُ تَقَدَّمَ هذا الأَمرُ أو تَأَخَّرَ،وکانَ کَمَن هُوَ مَعَ القائِمِ فی فِسطاطِهِ.

ص:195

قالَ:ثُمَّ مَکَثَ هُنَیئَةً،ثُمَّ قالَ:لا،بَل کَمَن قاتَلَ مَعَهُ.

ثُمَّ قالَ:لا،بَل-وَاللّهِ-کَمَنِ استُشهِدَ مَعَ رَسولِ اللّهِ صلی الله علیه و آله. (1)

4047. الکافی عن الفضیل بن یسار: ابتَدَأَنا أبو عَبدِ اللّهِ علیه السلام یَوماً وقالَ:قالَ رَسولُ اللّهِ صلی الله علیه و آله:

«مَن ماتَ ولَیسَ عَلَیهِ إمامٌ فَمیتَتُهُ مِیتَةٌ جاهِلِیَّةٌ».

فَقُلتُ:قالَ ذلِکَ رَسولُ اللّهِ صلی الله علیه و آله؟فَقالَ:إی وَاللّهِ،قَد قالَ.

قُلتُ:فَکُلُّ مَن ماتَ ولَیسَ لَهُ إمامٌ فَمیتَتُهُ میتَةٌ جاهِلِیَّةٌ؟قالَ:نَعَم. (2)

4048. ثواب الأعمال عن عیسی بن السَّریّ: قُلتُ لِأَبی عَبدِ اللّهِ علیه السلام:قالَ رَسولُ اللّهِ صلی الله علیه و آله:

«من مات لا یعرف إمامه مات میتة جاهلیة» ؟

قالَ أبو عَبدِ اللّهِ علیه السلام:أحوَجُ ما یَکونُ إلی مَعرِفَتِهِ إذا بَلَغَ نَفسُهُ هذا-وأَشارَ بِیَدِهِ إلی صَدرِهِ-فَقالَ:لَقَد کُنتُ عَلی أمرٍ حَسَنٍ. (3)

4049. الکافی عن الحارث بن المغیرة: قُلتُ لِأَبی عَبدِ اللّهِ علیه السلام:قالَ رَسولُ اللّهِ صلی الله علیه و آله:

«من مات لا یعرف إمامه مات میتة جاهلیة» ؟قالَ:نَعَم.

قُلتُ:جاهِلِیَّةً جَهلاءَ أو جاهِلِیَّةً لا یَعرِفُ إمامَهُ؟قالَ:جاهِلِیَّةَ کُفرٍ ونِفاقٍ وضَلالٍ. (4)

4050. الکافی عن ابن أبی یعفور: سَأَلتُ أبا عَبدِ اللّهِ علیه السلام عَن قَولِ رَسولِ اللّهِ صلی الله علیه و آله:«مَن ماتَ ولَیسَ لَهُ إمامٌ فَمیتَتُهُ میتَةٌ جاهِلِیَّةٌ»،قالَ:قُلتُ:میتَةُ کُفرٍ؟قالَ:میتَةُ ضَلالٍ.

ص:196

قُلتُ:فَمَن ماتَ الیَومَ ولَیسَ لَهُ إمامٌ فَمیتَتُهُ میتَةٌ جاهِلِیَّةٌ؟فَقالَ:نَعَم. (1)

4051. المحاسن عن حسین بن أبی العلاء: سَأَلتُ أبا عَبدِ اللّهِ علیه السلام عَن قَولِ رَسولِ اللّهِ صلی الله علیه و آله:«مَن ماتَ لَیسَ لَهُ إمامٌ ماتَ میتَةَ جاهِلِیَّةٍ».

فَقالَ:نَعَم،لَو أنَّ النّاسَ تَبِعوا عَلِیَّ بنَ الحُسَینِ علیه السلام وتَرَکوا عَبدَ المَلِکِ بنَ مَروانَ اهتَدَوا.

فَقُلنا:مَن ماتَ لا یَعرِفُ إمامَهُ ماتَ میتَةً جاهِلِیَّةً،میتَةَ کُفرٍ؟

فَقالَ:لا،میتَةَ ضَلالٍ. (2)

4052. الاختصاص عن عمر بن یزید عن الإمام الکاظم علیه السلام،قالَ: سَمِعتُهُ یَقولُ:مَن ماتَ بِغَیرِ إمامٍ ماتَ میتَةً جاهِلِیَّةً،إمامٍ حَیٍّ یَعرِفُهُ،فَقُلتُ:لَم أسمَع أباکَ یَذکُر هذا-یَعنی إماماً حَیّاً-!

فَقالَ:قَد وَاللّهِ قالَ ذاکَ رَسولُ اللّهِ صلی الله علیه و آله،قالَ:وقالَ رَسولُ اللّهِ صلی الله علیه و آله:«مَن ماتَ ولَیسَ لَهُ إمامٌ یَسمَعُ لَهُ ویُطیعُ،ماتَ میتَةً جاهِلِیَّةً». (3)

4053. کمال الدین عن محمّد بن إسماعیل عن الإمام الرضا علیه السلام: مَن ماتَ ولَیسَ لَهُ إمامٌ ماتَ میتَةً جاهِلِیَّةً.

فَقُلتُ لَهُ:کُلُّ مَن ماتَ ولَیسَ لَهُ إمامٌ ماتَ میتَةً جاهِلِیَّةً؟قالَ:نَعَم. (4)

4054. الإمام العسکری عن آبائه علیهم السلام: مَن ماتَ ولَم یَعرِف إمامَ زَمانِهِ ماتَ میتَةً جاهِلِیَّةً. (5)

ص:197

ص:198

وهو ما رواه مسلم فی صحیحه:

مَن ماتَ ولَیسَ فی عُنُقِهِ بَیعَةٌ،ماتَ میتةً جاهِلِیَّةً. (1)

وفی الواقع فإنّ أمثال هؤلاء الأشخاص یحاولون صرف هذه الأحادیث عن الأئمّة المعصومین علیهم السلام الذین اصطفاهم اللّه من العترة الطاهرة،وتأویلها وتطبیقها علی الجهلة وحکّام الجور.

لقد روی ابن أبی الحدید أنّ عبداللّه بن عمر عندما امتنع عن بیعة علی علیه السلام قصد الحَجّاج فی تلک اللّیلة لیبایع عبدالملک بن مروان،حتّی لا یبیت لیلته بدون إمام، لحدیث النبیّ صلی الله علیه و آله:«مَن باتَ بِغَیرِ إمامٍ ماتَ میتَةً جاهِلِیَّةً»،فبلغ من احتقار الحجّاج له واسترذال حاله أن أخرج رجله من الفِراش فقال:إصفق بیدک علیها ! (2)

علی هذا الأساس فإنّ المهم فی الحدیث هو دلالته ولیس صدوره عن النبی صلی الله علیه و آله (3).ومن أجل الوقوف علی مفاد الحدیث ینبغی تحدید المراد بلفظ «الجاهلیّة»الوارد فیه.

إنّ عصر الرسول الأعظم صلی الله علیه و آله فی منظار الثقافة الإسلامیة هو عصر العلم،بینا یعتبر العصر الذی سبقه عصر الجاهلیّة،بمعنی أنّ الفترة المتقدّمة علی بعثة النبیّ صلی الله علیه و آله کانت فترة غیاب لمصادر الإشعاع والهدایة التی یمکن للناس من خلالها معرفة حقائق الوجود،و ذلک بسبب التحریف الذی لحق الأدیان السابقة،والذی حوّلها إلی خرافات وأوهام تحکم المجتمعات باسم الدین،فقد تحوّلت تلک الأدیان

ص:200

المحرّفة والعقائد الوهمیّة فی الواقع إلی وسیلة لهیمنة سلطة القهر والقوّة علی الإنسان،وهذه حقیقة یشهد لها تأریخ ما قبل الإسلام أیضاً.

لقد مثّل عصر النبیّ صلی الله علیه و آله بدایة عصر العلم،وإنّ أهم المسؤولیّات التی نهض بها النبیّ صلی الله علیه و آله هی اجتثاث الخرافات والتحریفات،وإظهار الحقائق للناس.لقد کان النبیّ صلی الله علیه و آله یری مَثَله کمثل الوالد للناس،یربّیهم ویعلّمهم،فقد ورد فی الحدیث عنه صلی الله علیه و آله:

إنَّما أنَا لَکُم مِثلُ الوالِدِ اعَلِّمُکُم. (1)

لقد کان النبیّ صلی الله علیه و آله یطرح نبوّته علی أنّها ظاهرة تنطبق والمعاییر العقلیّة والعلمیّة، بحیث یتسنّی معها للعلماء وبسهولة-لو شاؤوا-معرفة صدقه فی دعواه فی الارتباط بمبدأ الوجود الأعلی:

«وَ یَرَی الَّذِینَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِی أُنْزِلَ إِلَیْکَ مِنْ رَبِّکَ هُوَ الْحَقَّ» . (2)

لقد کان صلی الله علیه و آله یحذّر الناس بشدّة من اتّباع ما لیس للإنسان فیه علم ولا یقین،وکان یتلو علیهم قوله سبحانه:

«وَ لا تَقْفُ ما لَیْسَ لَکَ بِهِ عِلْمٌ» . (3)

ومن خلال هذه المقدّمة،یتّضح لنا بأنّ الهدف من الحدیث الذی یشیر الی ضرورة معرفة الإمام فی کلّ عصر،یتجاوز الإطار الفردی،فلیس المراد هو أنّ المسلم إذا لم یعرف إمام زمانه سیکون غیر مسلم فی الواقع،وأنّ إسلامه وکفره سواء حینئذٍ،بل الأمر الأهمّ الذی یشیر له هذا الحدیث هو أنّ عصر العلم-الذی

ص:201

ابتدأ ببعثة الرسول الأکرم صلی الله علیه و آله-لا یمکن أن تکتب له الاستمراریّة،إلّااذا عرف المسلمون فی کلّ زمان إمامهم واقتدوا به.

ومجمل الکلام:إنّ الإمامة هی الضمانة لاستمرار عصر العلم أو عصر الإسلام الحقّ،وبدون هذه الضمانة سیؤول مصیر المجتمع إلی جاهلیّة ما قبل الإسلام، ویستوحی هذا الحدیث مضمونه-فی الواقع-من الآیة الکریمة التی تستشرف المستقبل حیث تقول:

«وَ ما مُحَمَّدٌ إِلاّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلی أَعْقابِکُمْ» . (1)

لقد بیّن النبی صلی الله علیه و آله فی بعض الروایات التی یؤکّد فیها ضرورة معرفة الإمام،کیف أنّ المجتمع الإسلامی یمکن أن یرجع إلی جاهلیّة ما قبل الإسلام.

إنّ کلام الرسول صلی الله علیه و آله فی هذا الحدیث یُعبّر عن توقّع حصول مثل هذا الخطر فیما لو تمّ مصادرة مسألة الإمامة والقیادة.

إنّ من البدیهی أن یتحوّل مثل هذا الحدیث مستنداً للحکّام المنحرفین فی تأریخ الإسلام الذین یحاولون تبریر مشروعیّتهم،وإثبات وجوب طاعتهم علی الناس، وتدعیم قوائم حکمهم،لذا نجد أنّ من جملة رواة هذا الحدیث معاویة بن أبی سفیان (1).کما أنّ من البدیهی أیضاً أن یبادر علماء البلاط ووعّاظ السلاطین وبنفس الدافع إلی تأوّل حدیث النبیّ صلی الله علیه و آله وتطبیقه علی أئمّة الجور،ولکن من الواضح أنّ هذا لیس لعجز أو قصور منهم فی فهم الحدیث،بل تهکّم وتلاعب بألفاظه.

إنّه من غیر الممکن فهم موقف عبداللّه بن عمر الرافض لبیعة الإمام علی علیه السلام-کما یروی ذلک ابن أبی الحدید فی شرح نهج البلاغة-علی أساس عدم معرفته بالإمام علیه السلام،وهو المبادر من لیلته-عملاً بحدیث«من مات بغیر إمام»-للدخول علی الحجّاج لمبایعة خلیفة عصره عبدالملک بن مروان،حتی لا یبیت لیلة وهو لا یعرف إمام زمانه!!

أجل،إنّ من لا یُقرّ بإمامة علیّ علیه السلام ویعرض عن مبایعته،لابدّ أن یعترف ویُقرّ بإمامة عبدالملک بن مروان الذی ترک بیعته کفر ورجوع إلی الجاهلیّة،ونتیجة ذلک مبایعته بذلک الشکل المُهین لقَدَم عامله السفّاح الحجّاج بن یوسف ! بل بلغ الأمر بعبد اللّه بن عمر أنّه یری فی یزید بن معاویة الذی ارتکب ما ارتکب بحق الإسلام وأهل البیت علیهم السلام،مصداقاً للإمام فی حدیث:«من مات بغیر إمام»معتبراً الخروج علیه کفراً وارتداداً !

لقد نقل المؤرّخون أنّ أهل المدینة تحرّکوا بعد حادثة کربلاء الألیمة و ذلک فی سنة 63 هجریّة،حتّی آل الأمر إلی«واقعة الحرّة»،فدخل عبداللّه بن عمر علی زعیم قریش فی هذه النهضة عبداللّه بن مطیع،فأمر له بوسادة لیجلس فقال له ابن

ص:203

عمر:لم أدخل علیک لأجلس ولکن لاُحدّثک بحدیث سمعته من رسول اللّه صلی الله علیه و آله؛ سمعت رسول اللّه صلی الله علیه و آله یقول:«مَن خَلَعَ یَداً من طاعَةٍ،لَقِیَ اللّهَ یَومَ القِیامَةِ لا حُجَّةَ لَهُ ومَن ماتَ ولَیسَ فی عُنُقِهِ بَیعَةٌ ماتَ میتَةً جاهِلِیَّةً». (1)

انظر إلی هذه المهارة فی تفسیر حدیث رسول اللّه صلی الله علیه و آله علی خلاف مقصوده صلی الله علیه و آله ! وهذه هی الظاهرة الخطرة التی حذّر الرسول فی هذا الحدیث وغیره من الأحادیث من الوقوع فیها،ودعا الاُمّة إلی اتّباع أئمّة الحق.

لقد حُرّف تحذیر رسول اللّه صلی الله علیه و آله علی ید المتلاعبین بالسیاسة من المتظاهرین بالإسلام،وکذلک علی ید أدواتهم وعمّالهم،وبذلک صار یُساء إلی الحدیث من خلال الحدیث نفسه،وإلی الإسلام من خلال الإسلام نفسه،والنتیجة هی الخروج من عصر العلم والإسلام والرجوع إلی عهد الجاهلیّة والکفر،و ذلک عندما نتجاهل موقع الإمامة فی المجتمع الإسلامی،ونغفل وصایا النبی صلی الله علیه و آله فی ذلک.

علی هذا الأساس فإنّ المقصود بالأحادیث الواردة فی أنّ«من مات ولم یعرف إمام زمانه مات میتة جاهلیّة»هو التحذیر-بلا أدنی شک-من مغبّة ترک ولایة الأئمّة علیهم السلام الثابت ضرورة التمسّک بها فی حدیث الثقلین والغدیر ومئات الأحادیث الاُخری الواردة للاُمّة فی هذا الشأن.

ص:204

4059. الکافی عن منصور عمّن ذکره عن الإمام الصادق علیه السلام،قال: قُلتُ:إذا أصبَحتُ وأَمسَیتُ لا أری إماماً أئتَمُّ بِهِ ما أصنَعُ؟

قالَ:فَأَحِبَّ مَن کُنتَ تُحِبُّ،وأبغِض مَن کُنتَ تُبغِضُ،حَتّی یُظهِرَهُ اللّهُ عز و جل. (1)

4060. کمال الدین عن أبان بن تغلب: قالَ لی أبو عَبدِ اللّهِ علیه السلام:یَأتی عَلَی النّاسِ زَمانٌ یُصیبُهُم فیهِ سَبطَةٌ،یَأرِزُ العِلمُ فیها بَینَ المَسجِدَینِ کَما تَأرِزُ (2)الحَیَّةُ فی جُحرِها-یَعنی بَینَ مَکَّةَ وَالمَدینَةِ-فَبَینَماهُم کَذلِکَ إذ أطلَعَ اللّهُ عز و جل لَهُم نَجمَهُم.

قالَ:قُلتُ:ومَا السَّبطَةُ؟قالَ:الفَترَةُ وَالغَیبَةُ لِإِمامِکُم.قالَ:قُلتُ:فَکَیفَ نَصنَعُ فیما بَینَ ذلِکَ؟فَقالَ:کونوا عَلی ما أَنتُم عَلَیهِ،حَتّی یُطلِعَ اللّهُ لَکُم نَجمَکُم. (3)

4061. کمال الدین عن عبد اللّه بن سنان: دَخَلتُ أنَا وأبی عَلی أبی عَبدِ اللّهِ علیه السلام فَقالَ:فَکَیفَ أنتُم إذا صِرتُم فی حالٍ لا تَرَونَ فیها إمامَ هُدیً،ولا عَلَماً یُری،ولا یَنجو مِنها إلّا مَن دَعا دُعاءَ الغَریقِ.

فَقالَ لَهُ أبی:إذا وَقَعَ هذا لَیلاً (4)فَکَیفَ نَصنَعُ؟

فَقالَ:أما أنتَ لا تُدرِکُهُ،فَإِذا کانَ ذلِکَ فَتَمَسَّکوا بِما فی أیدیکُم،حَتّی یَتَّضِحَ لَکُمُ الأَمرُ. (5)

4062. الکافی عن عیسی بن عبد اللّه عن الإمام الصادق علیه السلام،قال: قُلتُ لَهُ:إن کانَ کَونٌ-ولا أرانِیَ اللّهُ ذلِکَ-فَبِمَن أئتَمُّ؟

ص:206

قالَ:فَأَومَأَ إلَی ابنِهِ موسی علیه السلام.

قُلتُ:فَإِن حَدَثَ بِموسی حَدَثٌ فَبِمَن أئتَمُّ؟

قالَ:بِوَلَدِهِ.

قُلتُ:فَإِن حَدَثَ بِوَلَدِهِ حَدَثٌ وتَرَکَ أخاً کَبیراً وَابناً صَغیراً فَبِمَن أئتَمُّ؟

قالَ:بِوَلَدِهِ.ثُمَّ قالَ:هکَذا أبَداً.

قُلتُ:فَإِن لَم أعرِفهُ ولا أعرِفُ مَوضِعَهُ؟

قالَ:تَقولُ:اللّهُمَّ إنّی أتَولّی مَن بَقِیَ مِن حُجَجِکَ مِن وُلدِ الإِمامِ الماضی،فَإِنَّ ذلِکَ یَجزیکَ إن شاءَ اللّهُ. (1)

4063. رجال الکشّی عن عبد اللّه بن زرارة: بَعَثَ زُرارَةُ عُبَیداً ابنَهُ یَسأَلُ عَن خَبَرِ أبِی الحَسَنِ علیه السلام،فَجاءَهُ المَوتُ قَبلَ رُجوعِ عُبَیدٍ إلَیهِ،فَأَخَذَ المُصحَفَ فَأَعلاهُ فوقَ رَأسِهِ وقالَ:إنَّ الإِمامَ بَعدَ جَعفَرِ بنِ مُحَمَّدٍ مَنِ اسمُهُ بَینَ الدَّفَتَینِ فی جُملَةِ القُرآنِ، مَنصوصٌ عَلَیهِ مِنَ الَّذینَ أوجَبَ اللّهُ طاعَتَهُم عَلی خَلقِهِ أنَا مُؤمِنٌ بِهِ.

قالَ:فَاُخبِرَ بِذلِکَ أبو الحَسَنِ الأَوَّلُ علیه السلام،فَقالَ:وَاللّهِ،کانَ زُرارَةُ مُهاجِراً إلَی اللّهِ تَعالی. (2)

ص:207

عیسی بن عبد اللّه:

تَقولُ:اللّهمّ إنّی أتَوَلّی مَن بَقِیَ مِن حُجَجِکَ مِن وُلدِ الإِمامِ الماضی. (1)

الأئمّة السابقین،أو عدم السعی لمعرفة الإمام اللاحق،ولزوم تحصیل الاعتقاد الإجمالی به.

وأمّا الروایات الدالّة علی عدم معرفة زرارة بإمامة الإمام الکاظم علیه السلام عند موته (1).

فتوجد فی هذا المجال بعض الملاحظات نعرضها فیما یلی:

1.إنّ أکثر هذه الروایات لا تتمتع بأسانید صحیحة (2)،نعم هناک روایتان منها تتمتعان بسند صحیح،إلّاأنهما تدلّان علی إرسال زرارة شخصاً إلی المدینة للفحص عن خلیفة الإمام الصادق علیه السلام،وقد رحل عن هذه الدنیا مع إیمانه الإجمالی بإمامة الإمام الکاظم علیه السلام. (3)

2.مع أخذ الخناق السیاسی الحاکم فی تلک الفترة بنظر الاعتبار (4)،فإنّ المصالح السیاسیة توجب عدم إعلان زرارة وإفصاحه عن إمامة الإمام الکاظم علیه السلام،ولهذا فإنّ هدف زرارة من بعث ولده إلی المدینة هو معرفة وظیفته العملیة،و هل یجوز له أن یعمل شیئاً یخالف المصالح السیاسیة،أم لا؟و هذا ما صرح به الإمام الرضا علیه السلام فی جواب سؤال إبراهیم بن محمّد الهمدانی عندما سأله قائلاً:

یَابنَ رَسولِ اللّهِ أخبِرنی عَن زُرارَةَ هَل کانَ یَعرِفُ حَقَّ أبیکَ علیه السلام؟فَقالَ:نَعَم.فَقُلتُ لَهُ:فَلِمَ بَعَثَ ابنَهُ عُبَیداً لِیَتَعَرَّفَ الخَبَرَ إلی مَن أوصَی الصّادِقُ جَعفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ علیه السلام؟ فَقالَ:إنَّ زُرارَةَ کانَ یَعرِفُ أمرَ أبی علیه السلام ونَصَّ أبیهِ عَلَیهِ،وإنَّما بَعَثَ ابنَهُ لِیَتَعَرَّفَ مِن

ص:210

أبی علیه السلام هَل یَجوزُ لَهُ أن یَرفَعَ التَّقِیَّةَ فی إظهارِ أمرِهِ ونَصَّ أبیهِ عَلَیهِ،وأنَّهُ لَمّا أبطَأَ عَنهُ ابنُهُ طولِبَ بِإِظهارِ قَولِهِ فی أبی علیه السلام،فَلَم یُحِبَّ أن یَقدَمَ عَلی ذلِکَ دونَ أمرِهِ، فَرَفَعَ المُصحَفَ وقالَ:اللّهُمَّ إنَّ إمامی مَن أثبَتَ هذَا المُصحَفُ إمامَتَهُ مِن وُلدِ جَعفَرِ بنِ مُحمََّدٍ علیه السلام. (1)

3.مع وجود الروایات الکثیرة (2)المصرّحة بإمامة الإمام الکاظم علیه السلام ومع الالتفات إلی منزلة زرارة ووجاهته بین الأصحاب یمکن القول بأن زرارة کان له علم وافٍ بالإمام الذی یتلو الإمام الصادق علیه السلام قبل رحیل الإمام الصادق علیه السلام بسنین عدیدة.

4.دلّت بعض النصوص التاریخیة علی أن زرارة عاش ما یقرب من عامین بعد وفاة الإمام الصادق علیه السلام،و ذلک أن وفاته کانت سنة 150 هجریة (3)،وعلی هذا لا یمکن قبول دعوی أنّه لم یعرف الإمام التالی للصادق علیه السلام بعد هذه الفترة الطویلة نسبیاً.

وعلی هذا الأساس ونظراً للمنزلة العلمیة لزرارة وشهرة الأحادیث الدالّة علی أنّ الأئمّة إثنا عشر إماماً،وبالأخصّ ما تقدّم من الروایة المرویة عن الإمام الرضا علیه السلام فی شأن فعل زرارة وبیان السرّ منه،ینبغی القول إنّه لیس زرارة یعرف الإمام الکاظم علیه السلام فحسب بل هو من أصحابه کما صرح به الشیخ الطوسی حیث ذکره فی رجاله فی بابِ أصحاب موسی بن جعفر الکاظم علیه السلام. (4)

ص:211

ص:212

4065. المناقب لابن شهرآشوب: لَمّا کانَ النَّبِیُّ صلی الله علیه و آله یَعرِضُ نَفسَهُ عَلَی القَبائِلِ،جاءَ إلی بَنی کِلابٍ،فَقالوا:نُبایِعُکَ عَلی أن یَکونَ لَنَا الأَمرُ بَعدَکَ.

فَقالَ:الأَمرُ للّهِ ِ فَإِن شاءَ کانَ فیکُم،أو فی غَیرِکُم.فَمَضَوا فَلَم یُبایِعوهُ،وقالوا:لا نَضرِبُ لِحَربِکَ بِأَسیافِنا ثُمَّ تُحَکِّمُ عَلَینا غَیرَنا ! (1)

4066. معانی الأخبار عن أبی الجارود: سَأَلتُ أبا جَعفَرٍ الباقِرَ علیه السلام:بِمَ یُعرَفُ الإِمامُ؟قالَ:

بِخِصالٍ؛أوَّلُها:نَصٌّ مِنَ اللّهِ تَبارَکَ وتَعالی عَلَیهِ،ونَصبُهُ عَلَماً لِلنّاسِ حَتّی یَکونَ عَلَیهِم حُجَّةً؛لِأَنَّ رَسولَ اللّهِ صلی الله علیه و آله نَصَبَ عَلِیّاً علیه السلام وعَرَّفَهُ النّاسَ بِاسمِهِ وعَیَّنَهُ،وکَذلِکَ الأَئِمَّةُ علیهم السلام یَنصِبُ الأَوَّلُ الثّانِیَ،وأَن یُسأَلَ فَیُجیبَ،و أن یُسکَتَ عَنهُ فَیَبتَدِئَ،ویُخبِرَ النّاسَ بِما یَکونُ فی غَدٍ،ویُکَلِّمَ النّاسَ بِکُلِّ لِسانٍ وَلُغَةٍ. (2)

4067. الإمام الباقر علیه السلام -لِمُحَمَّدِ بنِ مُسلِمٍ-:مَن أصبَحَ مِن هذِهِ الاُمَّةِ لا إمامَ لَهُ مِنَ اللّهِ عز و جل،ظاهِرٌ عادِلٌ،أصبَحَ ضالّاً تائِهاً،وإن ماتَ عَلی هذِهِ الحالَةِ ماتَ میتَةَ کُفرٍ ونِفاقٍ. (3)

4068. الکافی عن أبی بصیر: کُنتُ عِندَ أبی عَبدِ اللّهِ علیه السلام فَذَکَرُوا الأَوصِیاءَ وذکَرتُ إسماعیلَ.

فَقالَ:لا وَاللّهِ یا أبا مُحَمَّدٍ،ما ذاکَ إلَینا،وما هُوَ إلّاإلَی اللّهِ عز و جل،یُنَزِّلُ واحِداً بَعدَ واحِدٍ. (4)

ص:214

4069. الإمام الصادق علیه السلام: إنَّ الإِمامَةَ عَهدٌ مِنَ اللّهِ عز و جل مَعهودٌ لِرِجالٍ مُسَمَّینَ،لَیسَ لِلإِمامِ أن یَزوِیَها عَنِ الَّذی یَکونُ مِن بَعدِهِ. (1)

4070. الکافی عن عبد الأعلی مولی آل سام عن الإمام الصادق علیه السلام،قال: قُلتُ لَهُ: «قُلِ اللّهُمَّ مالِکَ الْمُلْکِ تُؤْتِی الْمُلْکَ مَنْ تَشاءُ وَ تَنْزِعُ الْمُلْکَ مِمَّنْ تَشاءُ» (2)ألَیسَ قَد آتَی اللّهُ عز و جل بَنی امَیَّةَ المُلکَ؟

قالَ:لَیسَ حَیثُ تَذهَبُ إلَیهِ،إنَّ اللّهَ عز و جل آتانَا المُلکَ وأَخَذَتهُ بَنو امَیَّةَ،بِمَنزِلَةِ الرَّجُلِ یَکونُ لَهُ الثَّوبُ فَیَأخُذُهُ الآخَرُ،فَلَیسَ هُوَ لِلَّذی أخَذَهُ. (3)

4071. الإمام الرضا علیه السلام: إنَّهُ لَمّا کانَ الإِمامُ مُفتَرَضَ الطَّاعَةِ،لَم یَکُن بُدٌّ مِن دِلالَةٍ تَدُلُّ عَلَیهِ ویَتَمَیَّزُ بِها مِن غَیرِهِ،وهِیَ القَرابَةُ المَشهورَةُ وَالوَصِیَّةُ الظّاهِرَةُ،لِیُعرَفَ مِن غَیرِهِ ویُهتَدی إلَیهِ بِعَینِهِ. (4)

4072. عنه علیه السلام: هَل یَعرِفونَ قَدرَ الإِمامَةِ ومَحَلَّها مِنَ الاُمَّةِ فَیَجوزَ فیهَا اختِیارُهُم؟إنَّ الإِمامَةَ أجَلُّ قَدراً،وأَعظَمُ شَأناً وأَعلی مَکاناً،وأَمنَعُ جانِباً،وأبعَدُ غَوراً (5)مِن أن یَبلُغَهَا النّاسُ بِعُقولِهِم،أو یَنالوها بِآرائِهِم،أو یُقیموا إماماً بِاختِیارِهِم.

إنَّ الإمامَةَ خَصَّ اللّهُ عز و جل بِها إبراهیمَ الخَلیلَ علیه السلام بَعدَ النُّبُوَّةِ وَالخُلَّةِ (6)مَرتَبَةً ثالِثَةً،

ص:215

وفَضیلَةً شَرَّفَهُ بِها وأَشادَ بِها ذِکرَهُ،فَقالَ: «إِنِّی جاعِلُکَ لِلنّاسِ إِماماً» فَقالَ الخَلیلُ علیه السلام سُروراً بِها: «وَ مِنْ ذُرِّیَّتِی» قالَ اللّهُ تَبارَکَ وتَعالی: «لا یَنالُ عَهْدِی الظّالِمِینَ» فَأَبطَلَت هذِهِ الآیَةُ إمامَةَ کُلِّ ظالِمٍ إلی یَومِ القِیامَةِ،وصارَت فِی الصَّفوَةِ. (1)

4073. کمال الدّین عن سعد بن عبد اللّه القمّی -فیما قالَ لِلحُجَّةِ بنِ الحَسَنِ علیه السلام-:أخبِرنی یا مَولایَ عَنِ العِلَّةِ الَّتی تَمنَعُ القَومَ مِنِ اختِیارِ إمامٍ لِأَنفُسِهِم؟

قالَ:مُصلِحٍ أو مُفسِدٍ؟قُلتُ:مُصلِحٍ،قالَ:فَهَل یَجوزُ أن تَقَعَ خِیرَتُهُم عَلَی المُفسِدِ بَعدَ أن لا یَعلَمَ أحَدٌ ما یَخطُرُ بِبالِ غَیرِهِ مِن صَلاحٍ أو فَسادٍ؟قُلتُ:بَلی.

قالَ:فَهِیَ العِلَّةُ،واُورِدُها لَکَ بِبُرهانٍ یَنقادُ لَهُ عَقلُکَ:أخبِرنی عَنِ الرُّسُلِ الَّذینَ اصطَفاهُمُ اللّهُ تَعالی،وأنزَلَ عَلَیهِمُ الکِتابَ وأَیَّدَهُم بِالوَحیِ وَالعِصمَةِ،إذ هُم أعلامُ الاُمَمِ وَأهدی إلی الاِختِیارِ،مِنهُم موسی وعیسی علیهما السلام،هَل یَجوزُ مَعَ وُفورِ عَقلِهِما وکَمالِ عِلمِهِما إذا هَمّا بِالاِختِیارِ أن یَقَعَ خِیرَتُهُما عَلَی المُنافِقِ وهُما یَظُنّانِ أنَّهُ مُؤمِنٌ؟قُلتُ:لا.

فَقالَ:هذا موسی کَلیمُ اللّهِ مَعَ وُفورِ عَقلِهِ،وکَمالِ عِلمِهِ،ونُزولِ الوَحیِ عَلَیهِ، اختارَ مِن أعیانِ قَومِهِ ووُجوهِ عَسکَرِهِ لِمیقاتِ رَبِّهِ سَبعینَ رَجُلاً مِمَّن لا یَشُکَّ فی إیمانِهِم وإخلاصِهِم،فَوَقَعَت خیرَتُهُ عَلَی المُنافِقینَ،قالَ اللّهُ تَعالی: «وَ اخْتارَ مُوسی قَوْمَهُ سَبْعِینَ رَجُلاً لِمِیقاتِنا» (2)...فَلَمّا وَجَدنَا اختِیارَ مَن قَدِ اصطَفاهُ اللّهُ لِلنُّبُوَّةِ واقِعاً عَلَی الأَفسَدِ دونَ الأَصلَحِ،وهُوَ یَظُنُّ أنَّهُ الأَصلَحُ دونَ الأَفسَدِ،عَلِمنا أن لَااختِیارَ

ص:216

إلّا لِمَن یَعلَمُ ما تُخفِی الصُّدورُ وما تُکِنُّ الضَّمائِرُ. (1)

لا یَکونُ إلّامَعصوماً؟فَقالَ:سَأَلتُ أبا عَبدِ اللّهِ علیه السلام عَن ذلِکَ فَقالَ:المَعصومُ هُوَ المُمتَنِعُ بِاللّهِ مِن جَمیعِ مَحارِمِ اللّهِ،وقالَ اللّهُ تَبارَکَ وتَعالی: «وَ مَنْ یَعْتَصِمْ بِاللّهِ فَقَدْ هُدِیَ إِلی صِراطٍ مُسْتَقِیمٍ» (1). (2)

4078. الإمام الصادق علیه السلام: لا یَفرِضُ اللّهُ عز و جل عَلی عِبادِهِ طاعَةَ مَن یَعلَمُ أنَّهُ یُغویهِم ویُضِلُّهُم، ولا یَختارُ لِرِسالَتِهِ ولا یَصطَفی مِن عِبادِهِ مَن یَعلَمُ أنَّهُ یَکفُرُ بِهِ ویَعبُدُ الشَّیطانَ دونَهُ، ولا یَتَّخِذُ عَلی خَلقِهِ حُجَّةً إلّامَعصوماً. (3)

4079. عنه علیه السلام -فی خُطبَةٍ لَهُ یَذکُرُ فیها صِفاتِ الإِمامِ-:لَم یَزَل مَرعِیّاً بِعَینِ اللّهِ،یَحفَظُهُ ویَکلَؤُهُ بِسِترِهِ،مَطروداً عَنهُ حَبائِلُ (4)إبلیسَ وجُنودِهِ،مَدفوعاًعَنهُ وُقوبُ الغَواسِقِ (5)ونُفوثُ (6)کُلِّ فاسِقٍ،مَصروفاً عَنهُ قَوارِفُ (7)السّوءِ،مُبَرَّأً مِنَ العاهاتِ،مَحجوباً عَنِ الآفاتِ،مَعصوماً مِنَ الزَّلّاتِ،مَصوناً عَنِ الفَواحِشِ کُلِّها،مَعروفاً بِالحِلمِ وَالبِرِّ فی یَفاعِهِ (8)،مَنسوباً إلَی العَفافِ وَالعِلمِ وَالفَضلِ عِندَ انتِهائِهِ. (9)

4080. الإمام الرضا علیه السلام: الإِمامُ:المُطَهَّرُ مِنَ الذُّنوبِ،وَالمُبَرَّأُ عَنِ العُیوبِ،المَخصوصُ

ص:218

بِالعِلمِ،المَوسومُ بِالحِلمِ،نِظامُ الدّینِ،وعِزُّ المُسلِمینَ،وغَیظُ المُنافِقینَ،وبَوارُ الکافِرینَ. (1)

4081. الخصال عن محمّد بن أبی عمیر: ما سَمِعتُ و لا استَفَدتُ مِن هِشامِ بنِ الحَکَمِ فی طولِ صُحبَتی لَهُ شَیئاً أحسَنَ مِن هذَا الکَلامِ فی عِصمَةِ الإِمامِ،فَإِنّی سَأَلتُهُ یَوماً عَنِ الإِمامِ أهُوَ مَعصومٌ؟فَقالَ:نَعَم،فَقُلتُ:فَما صِفَةُ العِصمَةِ فیهِ؟وبِأَیِّ شَیءٍ یُعرَفُ؟

قالَ:إنَّ جَمیعَ الذُّنوبِ لَها أربَعَةُ أوجُهٍ لا خامِسَ لَها:الحِرصُ (2)وَالحَسَدُ وَالغَضَبُ وَالشَّهوَةُ،فَهذِهِ مَنفِیَّةٌ عَنهُ.

لا یَجوزُ أن یَکونَ حَریصاً عَلی هذِهِ الدُّنیا وهِیَ تَحتَ خاتَمِهِ،لِأَنَّهُ خازِنُ المُسلِمینَ،فَعَلی ماذا یَحرِصُ؟!

ولا یَجوزُ أن یَکونَ حَسوداً،لِأَنَّ الإِنسانَ إنَّما یَحسِدُ مَن فَوقَهُ ولَیسَ فَوقَهُ أحَدٌ، فَکَیفَ یَحسِدُ مَن هُوَ دونَهُ؟!

و لا یَجوزُ أن یَغضَبَ لِشَیءٍ مِن امورِ الدُّنیا إلّاأن یَکونَ غَضَبُهُ للّهِ ِ عز و جل،فَإِنَّ اللّهَ عز و جل قَد فَرَضَ عَلَیهِ إقامَةَ الحُدودِ،وأَلّا تَأخُذَهُ فِی اللّهِ لَومَةُ لائِمٍ،وَلا رَأفَةٌ فی دینِهِ،حَتّی یُقیمَ حُدودَ اللّهِ عز و جل.

ولا یَجوزُ لَهُ أن یَتَّبِعَ الشَّهواتِ،ویُؤثِرَ الدُّنیا عَلَی الآخِرَةِ؛لِأَنَّ اللّهَ عز و جل حَبَّبَ إلَیهِ الآخِرَةَ کَما حَبَّبَ إلَینَا الدُّنیا،فَهُوَ یَنظُرُ إلَی الآخِرَةِ کَما نَنظُرُ إلَی الدُّنیا،فَهَل رَأَیتَ أحَداً تَرَکَ وَجهاً حَسَناً لِوَجهٍ قَبیحٍ،وطَعاماً طَیِّباً لِطَعامٍ مُرٍّ،وثَوباً لَیِّناً لِثَوبٍ خَشِنٍ،

ص:219

ونِعمَةً دائِمَةً باقِیَةً لِدُنیا زائِلَةٍ فانِیَةٍ؟! (1)

4084. عنه صلی الله علیه و آله: مَن ضَرَبَ النّاسَ بِسَیفِهِ وَدعاهُم إلی نَفسِهِ وفِی المُسلِمینَ مَن هُوَ أعلَمُ مِنهُ، فَهُوَ ضالٌّ مُتَکَلِّفٌ. (1)

4085. عنه صلی الله علیه و آله: ألا ومَن أمَّ قَوماً إمامَةً عَمیاءَ،وفِی الاُمَّةِ مَن هُوَ أعلَمُ مِنهُ فَقَد کَفَرَ. (2)

4086. الإمام علیّ علیه السلام: لا یَحمِلُ هذَا العِلمَ إلّاأهلُ البَصَرِ وَالصَّبرِ وَالعِلمِ بِمَواضِعِ الحَقِّ، فَامضوا لِما تُؤمَرونَ بِهِ،وقِفوا عِندَ ما تُنهَونَ عَنهُ؛ولا تَعجَلوا فی أمرٍ حَتّی تَتَبَیَّنوا، فَإِنَّ لَنا مَعَ کُلِّ أمرٍ تُنکِرونَهُ غِیَراً (3). (4)

4087. عنه علیه السلام: مَجارِی الاُمورِ وَالأَحکامِ عَلی أیدِی العُلماءِ بِاللّهِ،الاُمناءِ عَلی حَلالِهِ وحَرامِهِ. (5)

4088. الکافی عن أبی حمزة: سَمِعتُ أبا جَعفَرٍ علیه السلام یَقولُ:لا وَاللّهِ لا یَکونُ عالِمٌ جاهِلاً أبَداً، عالِماً بِشَیءٍ جاهِلاً بِشَیءٍ (6)،ثُمَّ قالَ:اللّهُ أجَلُّ وأَعَزُّ وأَکرَمُ مِن أن یَفرِضَ طاعَةَ عَبدٍ

ص:221

یَحجُبُ عَنهُ عِلمَ سَمائِهِ وأَرضِهِ،ثُمَّ قالَ:لا یُحجَبُ ذلِکَ عَنهُ. (1)

4089. الکافی عن ضریس الکناسی عن الإمام الباقر علیه السلام،قال: قالَ لَهُ حُمرانُ:جُعِلتُ فِداکَ، أرَأَیتَ ما کانَ مِن أمرِ عَلِیٍّ وَالحَسَنِ وَالحُسَینِ علیهم السلام وخُروجِهِم وقِیامِهِم بِدینِ اللّهِ عز و جل، وما اصیبوا مِن قَتلِ الطَّواغیتِ إیّاهُم،وَالظَّفَرِ بِهِم حَتّی قُتِلوا وغُلِبوا؟

فَقالَ أبو جَعفَرٍ علیه السلام:یا حُمرانُ،إنَّ اللّهَ تَبارَکَ وتَعالی قَد کانَ قَدَّرَ ذلِکَ عَلَیهِم وقَضاهُ وأَمضاهُ وحَتَمَهُ،ثُمَّ أجراهُ،فَبِتَقَدُّمِ عِلمِ ذلِکَ إلَیهِم مِن رَسولِ اللّهِ،قامَ عَلِیٌّ وَالحَسَنُ وَالحُسَینُ،وبِعِلمٍ صَمَتَ مَن صَمَتَ مِنّا. (2)

4090. الإمام الباقر علیه السلام -فی تَفسیرِ قَولِ اللّهِ عز و جل: «فَقَدْ آتَیْنا آلَ إِبْراهِیمَ الْکِتابَ وَ الْحِکْمَةَ وَ آتَیْناهُمْ مُلْکاً عَظِیماً» (3)-:أَمَّا الکِتابُ فَهُوَ النُّبُوَّةُ،وأَمَّا الحِکمَةُ فَهُمُ الحُکَماءُ مِنَ الأَنبِیاءِ مِنَ الصَّفوَةِ،وأَمَّا المُلکُ العَظیمُ فَهُمُ الأَئِمَّةُ الهُداةُ مِنَ الصَّفوَةِ،وکُلُّ هؤُلاءِ مِنَ الذُّرِّیَّةِ الَّتی بَعضُها مِن بَعضٍ،وَالعُلَماءِ الَّذینَ جَعَلَ اللّهُ فیهِمُ البَقِیَّةَ،وفیهِمُ العاقِبَةُ وحِفظُ المیثاقِ، حَتّی تَنقَضِیَ الدُّنیا وَالعُلماءُ.ولِوُلاةِ الأَمرِ استِنباطُ العِلمِ ولِلهُداةِ.

فَهذا شَأنُ الفَضلِ مِنَ الصَّفوَةِ وَالرُّسُلِ وَالأَنبِیاءِ وَالحُکَماءِ وأئِمَّةِ الهُدی وَالخُلَفاءِ، الَّذینَ هُم وُلاةُ أمرِ اللّهِ عز و جل،وَاستِنباطِ عِلمِ اللّهِ،وأهلُ آثارِ عِلمِ اللّهِ،مِنَ الذُّرِیَّةِ الَّتی بَعضُها مِن بَعضٍ،مِنَ الصَّفوَةِ بَعدَ الأَنبِیاءِ علیهم السلام مِنَ الآباءِ وَالإِخوانِ وَالذُّرِیَّةِ مِنَ

ص:222

الأَنبِیاءِ. (1)

4091. الإمام الصادق علیه السلام: إنَّ اللّهَ لا یَجعَلُ حُجَّةً فی أرضِهِ یُسأَلُ عَن شَیءٍ،فَیَقولُ:لا أدری. (2)

4092. عنه علیه السلام: إنَّ اللّهَ أحکَمُ وأکرَمُ وأجَلُّ وأعلَمُ مِن أن یَکونَ احتَجَّ عَلی عِبادِهِ بِحُجَّةٍ،ثُمَّ یُغَیِّبُ عَنهُم شَیئاً مِن أمرِهِم. (3)

4093. الکافی عن هشام بن الحکم: سَأَلتُ أبا عَبدِ اللّهِ علیه السلام بِمِنی عَن خَمسِمِئَةِ حَرفٍ مِنَ الکَلامِ،فَأَقبَلتُ أقولُ:یَقولونَ:کَذا وکَذا،قالَ:فَیَقولُ:قُل:کَذا وکَذا،قُلتُ:جُعِلتُ فِداکَ،هذَا الحَلالُ وهذَا الحَرامُ،أعلَمُ أنَّکَ صاحِبُهُ وأَنَّکَ أعلَمُ النّاسِ بِهِ،وهذا هُوَ الکَلامُ.

فَقالَ لی:وَیکَ (4)یا هِشامُ ! لا یَحتَجُّ اللّهُ تَبارَکَ وتَعالی عَلی خَلقِهِ بِحُجَّةٍ لا یَکونُ عِندَهُ کُلُّ ما یَحتاجونَ إلَیهِ. (5)

4094. الإمام الصادق علیه السلام: إنَّ فِی الإِمامِ آیَةً لِلمُتَوَسِّمینَ (6)،وهُوَ السَّبیلُ المُقیمُ،یَنظُرُ بِنورِ اللّهِ، ویَنطِقُ عَنِ اللّهِ،لا یَعزُبُ (7)عَلَیهِ شَیءٌ مِمّا أرادَ. (8)

ص:223

4095. عنه علیه السلام: اتَّقوا الحُکومَةَ،فَإِنَّ الحُکومَةَ إنَّما هِیَ لِلإِمامِ العالِمِ بِالقَضاءِ،العادِلِ فِی المُسلِمینَ،لِنَبِیٍّ أو وَصِیِّ نَبِیٍّ. (1)

4096. الإمام الکاظم علیه السلام: إنَّما مَنزِلَةُ الإِمامِ فِی الأَرضِ بِمَنزِلَةِ القَمَرِ فِی السَّماءِ،وفی مَوضِعِهِ هُوَ مُطَّلِعٌ عَلی جَمیعِ الأَشیاءِ کُلِّها. (2)

4097. الإمام الرضا علیه السلام: إنَّ الأَنبِیاءَ وَالأَئِمَّةَ صَلَواتُ اللّهِ عَلَیهِم،یُوَفِّقُهُمُ اللّهُ ویُؤتیهِم مِن مَخزونِ عِلمِهِ وحُکمِهِ ما لا یُؤتیهِ غَیرَهُم،فَیَکونُ عِلمُهُم فَوقَ عِلمِ أهلِ الزَّمانِ،فی قَولِهِ تَعالی:

«أَ فَمَنْ یَهْدِی إِلَی الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ یُتَّبَعَ أَمَّنْ لا یَهِدِّی إِلاّ أَنْ یُهْدی فَما لَکُمْ کَیْفَ تَحْکُمُونَ» (3)،وقَولِهِ تَبارَکَ وتَعالی: «وَ مَنْ یُؤْتَ الْحِکْمَةَ فَقَدْ أُوتِیَ خَیْراً کَثِیراً» (4)،وقَولِهِ فی طالوتَ: «إِنَّ اللّهَ اصْطَفاهُ عَلَیْکُمْ وَ زادَهُ بَسْطَةً فِی الْعِلْمِ وَ الْجِسْمِ وَ اللّهُ یُؤْتِی مُلْکَهُ مَنْ یَشاءُ وَ اللّهُ واسِعٌ عَلِیمٌ» (5).

وقالَ لِنَبِیِّهِ صلی الله علیه و آله: «وَ أَنْزَلَ اللّهُ عَلَیْکَ الْکِتابَ وَ الْحِکْمَةَ وَ عَلَّمَکَ ما لَمْ تَکُنْ تَعْلَمُ وَ کانَ فَضْلُ اللّهِ عَلَیْکَ عَظِیماً» (6)،وقالَ فِی الأَئِمَّةِ مِن أهلِ بَیتِ نَبِیِّهِ وعِترَتِهِ وذُرِّیَّتِهِ صَلَواتُ اللّهِ عَلَیهِم:

«أَمْ یَحْسُدُونَ النّاسَ عَلی ما آتاهُمُ اللّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَیْنا آلَ إِبْراهِیمَ الْکِتابَ وَ الْحِکْمَةَ وَ آتَیْناهُمْ مُلْکاً عَظِیماً * فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ وَ مِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ وَ کَفی بِجَهَنَّمَ سَعِیراً» (7). (8)

ص:224

«وَ قالَ لَهُمْ نَبِیُّهُمْ إِنَّ اللّهَ قَدْ بَعَثَ لَکُمْ طالُوتَ مَلِکاً قالُوا أَنّی یَکُونُ لَهُ الْمُلْکُ عَلَیْنا وَ نَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْکِ مِنْهُ وَ لَمْ یُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمالِ قالَ إِنَّ اللّهَ اصْطَفاهُ عَلَیْکُمْ وَ زادَهُ بَسْطَةً فِی الْعِلْمِ وَ الْجِسْمِ وَ اللّهُ یُؤْتِی مُلْکَهُ مَنْ یَشاءُ وَ اللّهُ واسِعٌ عَلِیمٌ» . (1)

الحدیث

4106. الکافی عن حنّان عن أبیه عن الإمام الباقر علیه السلام: قالَ رَسولُ اللّهِ صلی الله علیه و آله:لا تَصلُحُ الإِمامَةُ إلّا لِرَجُلٍ فیهِ ثَلاثُ خِصالٍ:وَرَعٌ (2)یَحجُزُهُ عَن مَعاصِی اللّهِ،وحِلمٌ یَملِکُ بِهِ غَضَبَهُ، وحُسنُ الوِلایَةِ عَلی مَن یَلِیَ حَتّی یَکونَ لَهُم کَالوالِدِ الرَّحیمِ.

وَفی رِوایَةٍ اخری:حَتّی یَکونَ لِلرَّعِیَّةِ کَالأَبِ الرَّحیمِ. (3)

4107. الإمام علیّ علیه السلام -فی کِتابٍ لَهُ إلی مُعاوِیَةَ:أولَی النّاسِ بِأَمرِ هذِهِ الاُمَّةِ قَدیماً وحَدیثاً، أقرَبُها مِن رَسولِ اللّهِ صلی الله علیه و آله،وأعلَمُها بِالکِتابِ،وأفقَهُها فِی الدّینِ،وأوَّلُها إسلاماً، وأفضَلُها جِهاداً،وأشَدُّها بِما تَحمِلُهُ الرَّعِیَّةُ مِن امورِهَا اضطِلاعاً. (4)

4108. عنه علیه السلام: یَحتاجُ الإِمامُ إلی قَلبٍ عَقولٍ،ولِسانٍ قَؤولٍ،وجَنانٍ (5)عَلی إقامَةِ الحَقِّ صَؤولٍ (6). (7)

ص:227

4109. عنه علیه السلام: ثَلاثَةٌ مَن کُنَّ فیهِ مِنَ الأَئِمَّةِ صَلَحَ أن یَکونَ إماماً اضطَلَعَ بِأَمانَتِهِ:إذا عَدَلَ فی حُکمِهِ،ولَم یَحتَجِب دونَ رَعِیَّتِهِ،وأَقامَ کِتابَ اللّهِ تَعالی فِی القَریبِ وَالبَعیدِ. (1)

4110. عنه علیه السلام -مِن خُطبَتِهِ بَعدَ تَوَلّیهِ الخِلافَةَ،فی بَیانِ أمرِ الإِمامَةِ-:لا یَحمِلُ هذَا العَلَمَ إلّا أهلُ البَصَرِ وَالصَّبرِ،وَالعِلمِ بِمَواضِعِ الحَقِّ. (2)

4111. عنه علیه السلام -فِی الحِکَمِ المَنسوبَةِ إلَیهِ- : مِن عَلاماتِ المَأمونِ عَلی دینِ اللّهِ بَعدَ الإِقرارِ وَالعَمَلِ،الحَزمُ فی أمرِهِ،وَالصِّدقُ فی قَولِه ِ،وَالعَدلُ فی حُکمِهِ،وَالشَّفَقَةُ عَلی رَعِیَّتِهِ،لا تُخرِجُهُ القُدرَةُ إلی خُرقٍ،ولَا اللّینُ إلی ضَعفٍ،ولا تَمنَعُهُ العِزَّةُ مِن کَرَمِ عَفوٍ،ولا یَدعوهُ العَفوُ إلی إضاعَةِ حَقٍّ،ولا یُدخِلُهُ الإِعطاءُ فی سَرَفٍ،ولا یَتَخَطّی بِهِ القَصدُ (3)إلی بُخلٍ،ولا تَأخُذُهُ نِعَمُ اللّهِ بِبَطَرٍ (4). (5)

4112. الإمام الحسین علیه السلام: فَلَعَمری مَا الإِمامُ إلَّاالحاکِمُ بِالکِتابِ،القائِمُ بِالقِسطِ،الدّائِنُ بِدینِ الحَقِّ،الحابِسُ نَفسَهُ عَلی ذاتِ اللّهِ. (6)

4113. الکافی عن معاویة بن وهب: قُلتُ لِأَبی جَعفَرٍ علیه السلام:ما عَلامَةُ الإِمامِ الَّذی بَعدَ الإِمامِ؟

فَقالَ:طَهارَةُ الوِلادَةِ،وحُسنُ المَنشأِ،ولا یَلهو ولا یَلعَبُ. (7)

ص:228

4114. الخصال عن الحارث بن المغیرة النصریّ: قُلتُ لِأَبی عَبدِ اللّهِ علیه السلام:بِمَ یُعرَفُ صاحِبُ هذَا الأَمرِ؟قالَ:بِالسَّکینَةِ وَالوَقارِ وَالعِلمِ وَالوَصِیَّةِ. (1)

4115. الإمام الباقر علیه السلام: لِلإِمامِ عَشرُ عَلاماتٍ:یولَدُ مُطَهَّراً،مَختوناً،وإذا وَقَعَ عَلَی الأَرضِ وَقَعَ عَلی راحَتِهِ،رافِعاً صَوتَهُ بِالشَّهادَتَینِ،ولا یُجنِبُ،وتَنامُ عَینُهُ (2)ولا یَنامُ قَلبُهُ، ولا یَتَثاءَبُ ولا یَتَمَطّی،ویَری مِن خَلفِهِ کَما یَری مِن أمامِهِ،ونَجوُهُ (3)کَرائِحَةِ المِسکِ،وَالأَرضُ مُوَکَّلَةٌ بِسَترِهِ وَابتِلاعِهِ،وإذا لَبَسَ دِرعَ رَسولِ اللّهِ صلی الله علیه و آله کانَت عَلَیهِ وَفقاً،وإذا لَبِسَها غَیرُهُ مِنَ النّاسِ طَویلِهِم وقَصیرِهِم زادَت عَلَیهِ شِبراً،وهُوَ مُحَدَّثٌ إلی أن تَنقَضِیَ أیّامُهُ. (4)

4116. الإمام الرضا علیه السلام: لِلإِمامِ عَلاماتٌ:یَکونُ أعلَمَ النّاسِ،وأحکَمَ النّاسِ،وأتقَی النّاسِ، وأحلَمَ النّاسِ،وأشجَعَ النّاسِ،وأَسخَی النّاسِ،وأَعبَدَ النّاسِ،ویولَدُ مَختوناً، ویَکونُ مُطَهَّراً،ویَری مِن خَلفِهِ کَما یَری مِن بَینِ یَدَیهِ،ولا یَکونُ لَهُ ظِلٌّ،وإذا وَقَعَ عَلَی الأَرضِ مِن بَطنِ امِّهِ وَقَعَ عَلی راحَتَیهِ رافِعاً صَوتَهُ بِالشَّهادَتَینِ،ولا یَحتَلِمُ، وتَنامُ عَینُهُ ولا یَنامُ قَلبُهُ،ویَکونُ مُحَدَّثاً....

ویَکونُ أولی بِالنّاسِ مِنهُم بِأَنفُسِهِم،وأشفَقَ عَلَیهِم مِن آبائِهِم واُمَّهاتِهِم،ویَکونُ أشَدَّ النّاسِ تَواضُعاً للّهِ ِ جَلَّ ذِکرُهُ،ویَکونُ آخَذَ النّاسِ بِما یُؤمَرُ بِهِ،وأکَفَّ النّاسِ عَمّا یُنهی عَنهُ،ویَکونُ دُعاؤُهُ مُستَجاباً؛حَتّی إِنَّهُ لَو دَعا عَلی صَخرَةٍ لَانشَقَّت بِنِصفَینِ.

ص:229

ویَکونُ عِندَهُ سِلاحُ رَسولِ اللّهِ صلی الله علیه و آله وسَیفُهُ ذُو الفَقارِ،ویَکونُ عِندَهُ صَحیفَةٌ یَکونُ فیها أسماءُ شیعَتِهِ إلی یَومِ القِیامَةِ،وصَحیفَةٌ فیها أسماءُ أعدائِهِ إلی یَومِ القِیامَةِ، وتَکونُ عِندَهُ الجامِعَة،وهِیَ صَحیفَةٌ طولُها سَبعونَ ذِراعاً،فیها جَمیعُ ما یَحتاجُ إلَیهِ وُلدُ آدَمَ،ویَکونُ عِندَهُ الجَفرُ الأَکبَرُ وَالأَصغَرُ:إهابُ (1)ماعِزٍ وإهابُ کَبشٍ،فیهِما جَمیعُ العُلومِ حَتّی أرشُ (2)الخَدشِ،وحَتّی الجَلدَةُ ونِصفُ الجَلدَةِ وثُلُثُ الجَلدَةِ، ویَکونُ عِندَهُ مُصحَفُ فاطِمَةَ علیها السلام. (3)

4117. الإمام الصادق علیه السلام: عَشرُ خِصالٍ مِن صِفاتِ الإِمامِ:العِصمَةُ،وَالنُّصوصُ،و أن یَکونَ أعلَمَ النّاسِ،وأتقاهُم للّهِ ِ،وأعلَمَهُم بِکِتابِ اللّهِ،و أن یَکونَ صاحِبَ الوَصِیَّةِ الظَّاهِرَةِ، ویَکونَ لَهُ المُعجِزُ وَالدَّلیلُ،وتَنامُ عَینُهُ ولا یَنامُ قَلبُهُ،ولا یَکونُ لَهُ فَیءٌ،ویَری مِن خَلفِهِ کَما یَری مِن بَینِ یَدَیهِ. (4)

4118. الکافی عن حفص بن غیاث: قالَ أبو عَبدِ اللّهِ علیه السلام:یا حَفصُ،إنَّ مَن صَبَرَ صَبَرَ قَلیلاً، وإنَّ مَن جَزَعَ جَزَعَ قَلیلاً.ثُمَّ قالَ:عَلَیکَ بِالصَّبرِ فی جَمیعِ امورِکَ،فَإِنَّ اللّهَ عز و جل بَعَثَ مُحَمَّداً صلی الله علیه و آله فَأَمَرَهُ بِالصَّبرِ وَالرِّفقِ،فَقالَ: «وَ اصْبِرْ عَلی ما یَقُولُونَ وَ اهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِیلاً * وَ ذَرْنِی وَ الْمُکَذِّبِینَ أُولِی النَّعْمَةِ» (5)،وقالَ تَبارَکَ وتَعالی: «اِدْفَعْ بِالَّتِی هِیَ أَحْسَنُ» السَّیِّئَةَ «فَإِذَا الَّذِی بَیْنَکَ وَ بَیْنَهُ عَداوَةٌ کَأَنَّهُ وَلِیٌّ حَمِیمٌ * وَ ما یُلَقّاها إِلاَّ الَّذِینَ صَبَرُوا

ص:230

وَ ما یُلَقّاها إِلاّ ذُو حَظٍّ عَظِیمٍ» (1).

فَصَبَرَ رَسولُ اللّهِ صلی الله علیه و آله حَتّی نالوهُ بِالعَظائِمِ ورَمَوهُ بِها،فَضاقَ صَدرُهُ فَأَنزَلَ اللّهُ عز و جل:

«وَ لَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّکَ یَضِیقُ صَدْرُکَ بِما یَقُولُونَ * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّکَ وَ کُنْ مِنَ السّاجِدِینَ» (2)،ثُمَّ کَذَّبوهُ ورَمَوهُ،فَحَزِنَ لِذلِکَ،فَأَنزَلَ اللّهُ عز و جل: «قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَیَحْزُنُکَ الَّذِی یَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لا یُکَذِّبُونَکَ وَ لکِنَّ الظّالِمِینَ بِآیاتِ اللّهِ یَجْحَدُونَ * وَ لَقَدْ کُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِکَ فَصَبَرُوا عَلی ما کُذِّبُوا وَ أُوذُوا حَتّی أَتاهُمْ نَصْرُنا» . (3)

فَأَلزَمَ النَّبِیُّ صلی الله علیه و آله نَفسَهُ الصَّبرَ،فَتَعَدَّوا فَذَکَرُوا اللّهَ تَبارَکَ وتَعالی وکَذَّبوهُ،فَقالَ:قَد صَبَرتُ فی نَفسی وأهلی وعِرضی ولا صَبرَ لی عَلی ذِکرِ إلهی،فَأَنزَلَ اللّهُ عز و جل «وَ لَقَدْ خَلَقْنَا السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ ما بَیْنَهُما فِی سِتَّةِ أَیّامٍ وَ ما مَسَّنا مِنْ لُغُوبٍ * فَاصْبِرْ عَلی ما یَقُولُونَ» (4)،فَصَبَرَ النَّبِیُّ صلی الله علیه و آله فی جَمیعِ أحوالِهِ،ثُمَّ بُشِّرَ فی عِترَتِهِ بِالأَئِمَّةِ ووُصِفوا بِالصَّبرِ،فَقالَ جَلَّ ثَناؤُهُ: «وَ جَعَلْنا مِنْهُمْ أَئِمَّةً یَهْدُونَ بِأَمْرِنا لَمّا صَبَرُوا وَ کانُوا بِآیاتِنا یُوقِنُونَ» (5)،فَعِندَ ذلِکَ قالَ صلی الله علیه و آله:

«الصبر من الإیمان کالرأس من الجسد» . (6)

4119. الإمام الصادق علیه السلام -فی خُطبَةٍ لَهُ یَذکُرُ فیها حالَ الأَئِمَّةِ علیهم السلام وصِفاتِهِم-:إنَّ اللّهَ عز و جل أوضَحَ بِأَئِمَّةِ الهُدی مِن أهلِ بَیتِ نَبِیِّنا عَن دینِهِ،وأَبلَجَ (7)بِهِم عَن سَبیلِ مِنهاجِهِ، وفَتَحَ بِهِم عَن باطِنِ یَنابیعِ عِلمِهِ،فَمَن عَرَفَ مِن امَّةِ مُحَمَّدٍ صلی الله علیه و آله واجِبَ حَقِّ إمامِهِ،

ص:231

وَجَدَ طَعمَ حَلاوَةِ إیمانِهِ،وعَلِمَ فَضلَ طَلاوَةِ إسلامِهِ،لِأَنَّ اللّهَ تَبارَکَ وتَعالی نَصَبَ الإِمامَ عَلَماً لِخَلقِهِ،وجَعَلَهُ حُجَّةً عَلی أهلِ مَوادِّهِ وعالَمِهِ (1)،وأَلبَسَهُ اللّهُ تاجَ الوَقارِ، وغَشّاهُ مِن نورِ الجَبَّارِ،یَمُدُّ بِسَببٍ إلَی السَّماءِ،لا یَنقَطِعُ عَنهُ مَوادُّهُ،ولا یُنالُ ما عِندَ اللّهِ إلّابِجِهَةِ أسبابِهِ،ولا یَقبَلُ اللّهُ أعمالَ العِبادِ إلّابِمَعرِفَتِهِ،فَهُوَ عالِمٌ بِما یَرِدُ عَلَیهِ مِن مُلتَبِساتِ الدُّجی،ومُعَمَّیاتِ السُّنَنِ،ومُشَبِّهاتِ الفِتَنِ.

فَلَم یَزَلِ اللّهُ تَبارَکَ وتَعالی یَختارُهُم لِخَلقِهِ مِن وُلدِ الحُسَینِ علیه السلام مِن عَقِبِ کُلِّ إمامٍ، یَصطَفیهِم لِذلِکَ ویَجتَبیهِم،ویَرضی بِهِم لِخَلقِهِ ویَرتَضیهِم،کُلَّما مَضی مِنهُم إمامٌ نَصَبَ لِخَلقِهِ مِن عَقِبِهِ إماماً،عَلَماً بَیِّناً،وهادِیاً نَیِّراً،وإماماً قَیِّماً،وحُجَّةً عالِماً، أئِمَّةٌ مِنَ اللّهِ،یَهدونَ بِالحَقِّ وبِهِ یَعدِلونَ،حُجَجُ اللّهِ ودُعاتُهُ ورُعاتُهُ عَلی خَلقِهِ،یَدینُ بِهَدیِهِمُ العِبادُ،وتَستَهِلُّ بِنورِهِمُ البِلادُ،ویَنمو بِبَرَکَتِهِمُ التِّلادُ (2)،جَعَلَهُمُ اللّهُ حَیاةً لِلأَنامِ،ومَصابیحَ لِلظَّلامِ،ومَفاتیحَ لِلکَلامِ،ودَعائِمَ لِلإِسلامِ،جَرَت بِذلِکَ فیهِم مَقادیرُ اللّهِ عَلی مَحتومِها.

فَالإِمامُ هُوَ المُنتَجَبُ المُرتَضی،وَالهادِی المُنتَجی،وَالقائِمُ المُرتَجی،اصطَفاهُ اللّهُ بِذلِکَ وَاصطَنَعَهُ عَلی عَینِهِ فِی الذَّرِّ حینَ ذَرَأَهُ،وفِی البَرِیَّةِ حینَ بَرَأَهُ،ظِلّاً قَبلَ خَلقِ نَسَمةٍ عَن یَمینِ عَرشِهِ،مَحبُوّاً بِالحِکمَةِ فی عِلمِ الغَیبِ عِندَهُ،اختارَهُ بِعِلمِهِ،وَانتَجَبَهُ لِطُهرِهِ،بَقیَّةً مِن آدَمَ علیه السلام،وخِیَرَةً مِن ذُرِّیَّةِ نوحٍ،ومُصطَفیً مِن آلِ إبراهیمَ،وسُلالَةً مِن إسماعیلَ،وصَفوَةً مِن عِترَةِ مُحَمَّدٍ صلی الله علیه و آله.

ص:232

لَم یَزَل مَرعِیّاً بِعَینِ اللّهِ،یَحفَظُهُ ویَکلَؤُهُ بِسِترِهِ،مَطروداً عَنهُ حَبائِلُ إبلیسَ وجُنودِهِ،مَدفوعاً عَنهُ وُقوبُ الغَواسِقِ (1)ونُفوثُ (2)کُلِّ فاسِقٍ،مَصروفاً عَنهُ قَوارِفُ (3)السّوءِ،مُبَرَّأً مِنَ العاهاتِ،مَحجوباً عَنِ الآفاتِ،مَعصوماً مِنَ الزَّلّاتِ،مَصوناً عَنِ الفَواحِشِ کُلِّها،مَعروفاً بِالحِلمِ وَالبِرِّ فی یَفاعِهِ (4)،مَنسوباً إلَی العَفافِ وَالعِلمِ وَالفَضلِ عِندَ انتِهائِهِ،مُسنَداً إلَیهِ أمرُ والدِهِ،صامِتاً عَنِ المَنطِقِ فی حَیاتِهِ.

فَإِذا انقَضَت مُدَّةُ والِدِهِ،إلی أنِ انتَهَت بِهِ مَقادیرُ اللّهِ إلی مَشیئَتِهِ،وجاءَتِ الإِرادَةُ مِنَ اللّهِ فیهِ إلی مَحَبَّتِهِ،وبَلَغَ مُنتَهی مُدَّةِ والِدِهِ علیه السلام فَمَضی،وصارَ أمرُ اللّهِ إلَیهِ مِن بَعدِهِ، وقَلَّدَهُ دینَهُ،وجَعَلَهُ الحُجَّةَ عَلی عِبادِهِ،وقَیِّمَهُ فی بِلادِهِ،وأیَّدَهُ بِروحِهِ،وآتاهُ عِلمَهُ، وأنبَأَهُ فَصلَ بَیانِهِ،وَاستَودَعَهُ سِرَّهُ،وَانتَدَبَهُ لِعَظیمِ أمرِهِ،وأنبَأَهُ فَضلَ بَیانِ عِلمِهِ، ونَصَبَهُ عَلَماً لِخَلقِهِ،وجَعَلَهُ حُجَّةً عَلی أهلِ عالَمِهِ،وضِیاءً لِأَهلِ دینِهِ،وَالقَیِّمَ عَلی عِبادِهِ،رَضِیَ اللّهُ بِهِ إماماً لَهُم،استَودَعَهُ سِرَّهُ،وَاستَحفَظَهُ عِلمَهُ،وَاستَخبَأَهُ حِکمَتَهُ، وَاستَرعاهُ لِدینِهِ،وَانتَدَبَهُ لِعَظیمِ أمرِهِ،وأحیا بِهِ مَناهِجَ سَبیلِهِ،وفَرائِضَهُ وحُدودَهُ، فَقامَ بِالعَدلِ عِندَ تَحَیُّرِ أهلِ الجَهلِ،وَ تَحییرِ أهلِ الجَدَلِ،بِالنّورِ السّاطِعِ،وَالشِّفاءِ النّافِعِ،بِالحَقِّ الأَبلَجِ،وَالبَیانِ اللّائِحِ مِن کُلِّ مَخرَجٍ،عَلی طَریقِ المَنهَجِ الَّذی مَضی عَلَیهِ الصّادِقونَ مِن آبائِهِ علیهم السلام،فَلَیسَ یَجهَلُ حَقَّ هذَا العالِمِ إلّاشَقِیٌّ،ولا یَجحَدُهُ إلَّا غَوِیٌّ،ولا یَصُدُّ عَنهُ إلّاجَرِیٌّ عَلَی اللّهِ جَلَّ وعَلا. (5)

ص:233

4120. عیون أخبار الرضا علیه السلام عن الحسن بن الجهم: حَضَرتُ مَجلِسَ المَأمونِ یَوماً وعِندَهُ عَلِیُّ ابنُ موسَی الرِّضا علیه السلام،وقَدِ اجتَمَعَ الفُقَهاءُ وأهلُ الکَلامِ مِنَ الفِرَقِ المُختَلِفَةِ، فَسَأَلَهُ بَعضُهُم،فَقالَ لَهُ:یَابنَ رَسولِ اللّهِ،بِأَیِّ شَیءٍ تَصِحُّ الإِمامَةُ لِمُدَّعیها؟

قالَ:بِالنَصِّ وَالدَّلیلِ.

قالَ لَهُ:فَدَلالَةُ الإِمامِ فیما هِیَ؟

قالَ:فِی العِلمِ وَاستِجابَةِ الدَّعوَةِ. (1)

4121. الکافی عن عبد العزیز بن مسلم: کُنّا مَعَ الرِّضا علیه السلام بِمَروَ،فَاجتَمَعنا فِی الجامِعِ یَومَ الجُمُعَةِ فی بَدءِ مَقدَمِنا،فَأَداروا أمرَ الإِمامَةِ وذَکَروا کَثرَةَ اختِلافِ النّاسِ فیها، فَدَخَلتُ عَلی سَیِّدی علیه السلام فَأَعلَمتُهُ خَوضَ النّاسِ فیهِ،فَتَبَسَّمَ علیه السلام ثُمَّ قالَ:

یا عَبدَ العَزیزِ،جَهِلَ القومُ وخُدِعوا عَن آرائِهِم،إنَّ اللّهَ عز و جل لَم یَقبِض نَبِیَّهُ صلی الله علیه و آله حَتّی أکمَلَ لَهُ الدّینَ،وأنزَلَ عَلَیهِ القُرآنَ فیهِ تِبیانُ کُلِّ شَیءٍ،بَیَّنَ فیهِ الحَلالَ وَالحَرامَ، وَالحُدودَ وَالأَحکامَ،وجَمیعَ ما یَحتاجُ إلَیهِ النّاسُ کَمَلاً،فَقالَ عز و جل: «ما فَرَّطْنا فِی الْکِتابِ مِنْ شَیْءٍ» (2)،وأنزَلَ فی حَجَّةِ الوَداعِ وهِیَ آخِرَ عُمُرِهِ صلی الله علیه و آله: «اَلْیَوْمَ أَکْمَلْتُ لَکُمْ دِینَکُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَیْکُمْ نِعْمَتِی وَ رَضِیتُ لَکُمُ الْإِسْلامَ دِیناً» (3).

وأمرُ الإِمامَةِ مِن تَمامِ الدّینِ،ولَم یَمضِ صلی الله علیه و آله حَتّی بَیَّنَ لِاُمَّتِهِ مَعالِمَ دینِهِم،وأوضَحَ لَهُم سَبیلَهُم،وتَرَکَهُم عَلی قَصدِ سَبیلِ الحَقِّ،وأقامَ لَهُم عَلِیّاً علیه السلام عَلَماً وإماماً،وما تَرَکَ لَهُم شَیئاً یَحتاجُ إلَیهِ الاُمَّةُ إلّابَیَّنَهُ،فَمَن زَعَم أنَّ اللّهَ عز و جل لَم یُکمِل دینَهُ فَقَد رَدَّ کِتابَ اللّهِ،ومَن رَدَّ کِتابَ اللّهِ فَهُوَ کافِرٌ بِهِ.

ص:234

هَل یَعرِفونَ قَدرَ الإِمامَةِ وَمَحَلَّها مِنَ الاُمَّةِ فَیَجوزَ فیهَا اختِیارُهُم؟! إنَّ الإِمامَةَ أجَلُّ قَدراً،وأعظَمُ شَأناً،وأعلی مَکاناً،وأمنَعُ جانِباً،وأَبعَدُ غَوراً مِن أن یَبلُغَهَا النّاسُ بِعُقولِهِم،أو یَنالوها بِآرائِهِم،أو یُقیموا إماماً بِاختِیارِهِم.

إنَّ الإِمامَةَ خَصَّ اللّهُ عز و جل بِها إبراهیمَ الخَلیلَ علیه السلام بَعدَ النُّبُوَّةِ وَالخُلَّةِ مَرتَبَةً ثالِثَةً، وفَضیلَةً شَرَّفَهُ بِها وأشادَ بِها ذِکرَهُ (1)،فَقالَ: «إِنِّی جاعِلُکَ لِلنّاسِ إِماماً» ،فَقالَ الخَلیلُ علیه السلام سُروراً بِها: «وَ مِنْ ذُرِّیَّتِی» قالَ اللّهُ تَبارَکَ وتَعالی: «لا یَنالُ عَهْدِی الظّالِمِینَ» (2)،فَأَبطَلَت هذِهِ الآیَةُ إمامَةَ کُلِّ ظالِمٍ إلی یَومِ القِیامَةِ وصارَت فِی الصَّفوَةِ،ثُمَّ أکرَمَهُ اللّهُ تَعالی بِأَن جَعَلَها فی ذُرِّیَّتِهِ أهلِ الصَّفوَةِ وَالطَّهارَةِ،فَقالَ: «وَ وَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَ یَعْقُوبَ نافِلَةً وَ کُلاًّ جَعَلْنا صالِحِینَ * وَ جَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً یَهْدُونَ بِأَمْرِنا وَ أَوْحَیْنا إِلَیْهِمْ فِعْلَ الْخَیْراتِ وَ إِقامَ الصَّلاةِ وَ إِیتاءَ الزَّکاةِ وَ کانُوا لَنا عابِدِینَ» . (3)

فَلَم تَزَل فی ذُرِّیَّتِهِ یَرِثُها بَعضٌ عَن بَعضٍ،قَرناً فَقَرناً،حَتّی وَرَّثَهَا اللّهُ تَعالَی النَّبِیَّ صلی الله علیه و آله،فَقالَ جَلَّ وتَعالی: «إِنَّ أَوْلَی النّاسِ بِإِبْراهِیمَ لَلَّذِینَ اتَّبَعُوهُ وَ هذَا النَّبِیُّ وَ الَّذِینَ آمَنُوا وَ اللّهُ وَلِیُّ الْمُؤْمِنِینَ» (4)،فَکانَت لَهُ خاصَّةً،فَقَلَّدَها صلی الله علیه و آله عَلِیّاً علیه السلام بِأَمرِ اللّهِ تَعالی عَلی رَسمِ ما فَرَضَ اللّهُ،فَصارَت فی ذُرِّیَّتِهِ الأَصفِیاءِ الَّذینَ آتاهُمُ اللّهُ العِلمَ وَالإیمانَ،بِقَولِهِ تَعالی: «وَ قالَ الَّذِینَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَ الْإِیمانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِی کِتابِ اللّهِ إِلی یَوْمِ الْبَعْثِ» (5)،فَهِیَ فی وُلدِ عَلِیٍّ علیه السلام خاصَّةً إلی یَومِ القِیامَةِ؛إذ لا نَبِیَّ بَعدَ مُحَمَّدٍ صلی الله علیه و آله.

فَمِن أینَ یَختارُ هؤُلاءِ الجُهّالُ؟! إنَّ الإِمامَةَ هِیَ مَنزِلَةُ الأَنبِیاءِ،وإرثُ الأَوصِیاءِ،

ص:235

إنَّ الإِمامَةَ خِلافَةُ اللّهِ وخِلافَةُ الرَّسولِ صلی الله علیه و آله،ومَقامُ أمیرِ المُؤمِنینَ علیه السلام،ومیراثُ الحَسَنِ وَالحُسَینِ علیهما السلام،إنَّ الإِمامَةَ زِمامُ الدّینِ،ونِظامُ المُسلِمینَ،وصَلاحُ الدُّنیا وعِزُّ المُؤمِنینَ،إنَّ الإِمامَةَ اسُّ الإِسلامِ النّامی،وفَرعُهُ السّامی،بِالإِمامِ تَمامُ الصَّلاةِ وَالزَّکاةِ وَالصِّیامِ وَالحَجِّ وَالجِهادِ،وتَوفیرِ الفَیءِ وَالصَّدَقاتِ،وإمضاءِ الحُدودِ وَالأَحکامِ،ومَنعِ الثُّغورِ وَالأَطرافِ.

الإِمامُ یُحِلُّ حَلالَ اللّهِ،ویُحَرِّمُ حَرامَ اللّهِ،ویُقیمُ حُدودَ اللّهِ،ویَذُبُّ عَن دینِ اللّهِ، ویَدعو إلی سَبیلِ رَبِّهِ بِالحِکمَةِ وَالمَوعِظَةِ الحَسَنَةِ وَالحُجَّةِ البالِغَةِ.

الإِمامُ کَالشَّمسِ الطَّالِعَةِ المُجَلِّلَةِ بِنورِها لِلعالَمِ،وهِیَ فِی الاُفُقِ بِحَیثُ لا تَنالُهَا الأَیدی وَالأَبصارُ.

الإِمامُ البَدرُ المُنیرُ،وَالسِّراجُ الزّاهِرُ،وَالنّورُ السّاطِعُ،وَالنَّجمُ الهادی فی غَیاهِبِ (1)الدُّجی (2)،وأجوازِ البُلدانِ وَالقِفارِ،ولُجَجِ البِحارِ.

الإِمامُ الماءُ العَذبُ عَلَی الظِّماءِ،وَالدالُّ عَلَی الهُدی،وَالمُنجی مِنَ الرَّدی.

الإِمامُ النّارُ عَلَی الیَفاعِ (3)،الحارُّ لِمَنِ اصطَلَی بِهِ،وَالدّلیلُ فِی المَهالِکِ،مَن فارَقَهُ فَهالِکٌ.

الإِمامُ السَّحابُ الماطِرُ،وَالغَیثُ الهاطِلُ (4)،وَالشَّمسُ المُضیئَةُ،وَالسَّماءُ الظَّلیلَةُ، وَالأَرضُ البَسیطَةُ،وَالعَینُ الغَزیرَةُ،وَ الغَدیرُ وَالرَّوضَةُ.

الإِمامُ الأَنیسُ الرَّفیقُ،وَ الوالِدُ الشَّفیقُ،وَالأَخُ الشَّقیقُ،وَالاُمُّ البَرَّةُ بِالوَلَدِ

ص:236

الصَّغیرِ،وَمَفزَعُ العِبادِ فِی الدَّاهِیَةِ (1)النَّآدِ (2).

الإِمامُ أمینُ اللّهِ فی خَلقِهِ،وحُجَّتُهُ عَلی عِبادِهِ،وخَلیفَتُهُ فی بِلادِهِ،وَالدّاعی إلَی اللّهِ،وَالذّابُّ عَن حُرَمِ اللّهِ.

الإِمامُ المُطَهَّرُ مِنَ الذُّنوبِ،وَالمُبَرَّأُ عَنِ العُیوبِ،المَخصوصُ بِالعِلمِ،المَوسومُ بِالحِلمِ،نِظامُ الدّینِ،وعِزُّ المُسلِمینَ،وغَیظُ المُنافِقینَ،وبَوارُ الکافِرینَ.

الإِمامُ واحِدُ دَهرِهِ،لا یُدانیهِ أحَدٌ،ولا یُعادِلُهُ عالِمٌ،ولا یُوجَدُ مِنهُ بَدَلٌ،ولا لَهُ مَثَلٌ ولا نَظیرٌ،مَخصوصٌ بِالفَضلِ کُلِّهِ مِن غَیرِ طَلَبٍ مِنهُ لَهُ ولَا اکتِسابٍ،بَلِ اختِصاصٌ مِنَ المُفضِلِ الوَهّابِ.

فَمَن ذَا الَّذی یَبلُغُ مَعرِفَةَ الإِمامِ،أو یُمکِنُهُ اختِیارُهُ ! هَیهاتَ هَیهاتَ،ضَلَّتِ العُقولُ،وتاهَت الحُلومُ (3)،وحارَتِ الأَلبابُ (4)،وخَسَأَتِ (5)العُیونُ،وتَصاغَرَتِ العُظَماءُ،وتَحَیَّرَتِ الحُکَماءُ،وتَقاصَرَتِ الحُلَماءُ،وحَصِرَتِ الخُطَباءُ،وجَهِلَتِ الأَلِبّاءُ،وکَلَّتِ الشُّعَراءُ،وعَجَزَتِ الاُدَباءُ،وعَیِیَتِ البُلَغاءُ،عَن وَصفِ شَأنٍ مِن شَأنِهِ، أو فَضیلَةٍ مِن فَضائِلِهِ،وأَقَرَّت بِالعَجزِ وَالتَّقصیرِ.

وکَیفَ یُوصَفُ بِکُلِّهِ،أو یُنعَتُ بِکُنهِهِ،أو یُفهَمُ شَیءٌ مِن أمرِهِ،أو یُوجَدُ مَن یَقومُ

ص:237

مَقامَهُ ویُغنی غِناهُ؟لا،کَیفَ وأنّی؟وَهُوَ بِحَیثُ النَّجمُ مِن یَدِ المُتَناوِلینَ ووَصفِ الواصِفینَ،فَأَینَ الاِختِیارُ مِن هذا؟وأَینَ العُقولُ عَن هذا؟وأَینَ یُوجَدُ مِثلُ هذا؟!

أتَظُنّونَ أنَّ ذلِکَ یُوجَدُ فی غَیرِ آلِ الرَّسولِ مُحَمَّدٍ صلی الله علیه و آله؟کَذَبَتهُم وَاللّهِ أنفُسُهُم ومَنَّتهُمُ الأَباطیلَ،فَارتَقَوا مَرتَقیً صَعباً دَحضاً (1)،تَزِلُّ عَنهُ إلَی الحَضیضِ (2)أقدامُهُم.

راموا إقامَةَ الإِمامِ بِعُقولٍ حائِرَةٍ بائِرَةٍ ناقِصَةٍ،وآراءٍ مُضِلَّةٍ،فَلَم یَزدادوا مِنهُ إلّا بُعداً «قاتَلَهُمُ اللّهُ أَنّی یُؤْفَکُونَ» (3)،ولَقَد راموا صَعباً،وقالوا إفکاً،وضَلّوا ضَلالاً بَعیداً، ووَقَعوا فِی الحَیرَةِ،إذ تَرَکُوا الإِمامَ عَن بَصیرَةٍ «وَ زَیَّنَ لَهُمُ الشَّیْطانُ أَعْمالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِیلِ وَ کانُوا مُسْتَبْصِرِینَ» . (4)

رَغِبوا عَنِ اختِیارِ اللّهِ وَاختِیارِ رَسولِ اللّهِ صلی الله علیه و آله وأهلِ بَیتِهِ إلَی اختِیارِهِم،وَالقُرآنُ یُنادیهِم: «وَ رَبُّکَ یَخْلُقُ ما یَشاءُ وَ یَخْتارُ ما کانَ لَهُمُ الْخِیَرَةُ سُبْحانَ اللّهِ وَ تَعالی عَمّا یُشْرِکُونَ» (5)،وقالَ عز و جل: «وَ ما کانَ لِمُؤْمِنٍ وَ لا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَی اللّهُ وَ رَسُولُهُ أَمْراً أَنْ یَکُونَ لَهُمُ الْخِیَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ» (6)الآیَةَ،وقالَ: «ما لَکُمْ کَیْفَ تَحْکُمُونَ * أَمْ لَکُمْ کِتابٌ فِیهِ تَدْرُسُونَ * إِنَّ لَکُمْ فِیهِ لَما تَخَیَّرُونَ * أَمْ لَکُمْ أَیْمانٌ عَلَیْنا بالِغَةٌ إِلی یَوْمِ الْقِیامَةِ إِنَّ لَکُمْ لَما تَحْکُمُونَ * سَلْهُمْ أَیُّهُمْ بِذلِکَ زَعِیمٌ * أَمْ لَهُمْ شُرَکاءُ فَلْیَأْتُوا بِشُرَکائِهِمْ إِنْ کانُوا صادِقِینَ» . (7)

ص:238

وقالَ عز و جل: «أَ فَلا یَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلی قُلُوبٍ أَقْفالُها» (1)،أم «طُبِعَ عَلی قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا یَفْقَهُونَ» (2)،أم «قالُوا سَمِعْنا وَ هُمْ لا یَسْمَعُونَ * إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللّهِ الصُّمُّ الْبُکْمُ الَّذِینَ لا یَعْقِلُونَ * وَ لَوْ عَلِمَ اللّهُ فِیهِمْ خَیْراً لَأَسْمَعَهُمْ وَ لَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَ هُمْ مُعْرِضُونَ» (3)،أم «قالُوا سَمِعْنا وَ عَصَیْنا» (4)،بَل هُوَ «فَضْلُ اللّهِ یُؤْتِیهِ مَنْ یَشاءُ وَ اللّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِیمِ» . (5)

فَکَیفَ لَهُم بِاختِیارِ الإِمامِ؟! وَالإِمامُ عالِمٌ لا یَجهَلُ،وراعٍ لا یَنکُلُ (6)، مَعدِنُ القُدسِ وَالطَّهارَةِ،وَالنُّسُکِ وَالزَّهادَةِ،وَالعِلمِ وَالعِبادَةِ،مَخصوصٌ بِدَعوَةِ الرَّسولِ صلی الله علیه و آله،ونَسلُ المُطَهَّرَةِ البَتولِ،لا مَغمَزَ فیهِ فی نَسَبٍ،وَلا یُدانیهِ ذو حَسَبٍ، فِی البَیتِ مِن قُرَیشٍ،وَالذِّروَةِ من هاشِمٍ،وَالعِترَةِ مِن الرَّسولِ صلی الله علیه و آله،وَالرِّضا مِنَ اللّهِ عز و جل،شَرَفُ الأَشرافِ،وَالفَرعُ مِن عَبدِ مَنافٍ،نامِی العِلمِ،کامِلِ الحِلمِ،مُضطَلِعٌ بِالإِمامَةِ،عالِمٌ بِالسِّیاسَةِ،مَفروضُ الطّاعَةِ،قائِمٌ بِأَمرِ اللّهِ عز و جل،ناصِحٌ لِعبادِ اللّهِ،حافِظٌ لدِینِ اللّهِ.

إنَّ الأَنبِیاءَ وَالأَئِمَّةَ صَلَواتُ اللّهِ عَلَیهِم یُوَفِّقُهُمُ اللّهُ ویُؤتیهِم مِن مَخزونِ عِلمِهِ وحُکمِهِ ما لا یُؤتیهِ غَیرَهُم،فَیَکونُ عِلمُهُم فَوقَ عِلمِ أهلِ الزَّمانِ،فی قَولِهِ تَعالی:

«أَ فَمَنْ یَهْدِی إِلَی الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ یُتَّبَعَ أَمَّنْ لا یَهِدِّی إِلاّ أَنْ یُهْدی فَما لَکُمْ کَیْفَ تَحْکُمُونَ» (7)،

ص:239

وقَولِهِ تَبارَکَ وتَعالی: «وَ مَنْ یُؤْتَ الْحِکْمَةَ فَقَدْ أُوتِیَ خَیْراً کَثِیراً» (1)،وقَولِهِ فی طالوتَ:

«إِنَّ اللّهَ اصْطَفاهُ عَلَیْکُمْ وَ زادَهُ بَسْطَةً فِی الْعِلْمِ وَ الْجِسْمِ وَ اللّهُ یُؤْتِی مُلْکَهُ مَنْ یَشاءُ وَ اللّهُ واسِعٌ عَلِیمٌ» (2)،وقالَ لِنَبِیِّهِ صلی الله علیه و آله: «وَ أَنْزَلَ [اللّهُ ] 3عَلَیْکَ الْکِتابَ وَ الْحِکْمَةَ وَ عَلَّمَکَ ما لَمْ تَکُنْ تَعْلَمُ وَ کانَ فَضْلُ اللّهِ عَلَیْکَ عَظِیماً» (3)،وقالَ فِی الأَئِمَّةِ مِن أهلِ بَیتِ نَبِیِّهِ وعِترَتِهِ وذُرِّیَّتِهِ صَلَواتُ اللّهِ عَلَیهِم: «أَمْ یَحْسُدُونَ النّاسَ عَلی ما آتاهُمُ اللّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَیْنا آلَ إِبْراهِیمَ الْکِتابَ وَ الْحِکْمَةَ وَ آتَیْناهُمْ مُلْکاً عَظِیماً * فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ وَ مِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ وَ کَفی بِجَهَنَّمَ سَعِیراً» (4).

وإنَّ العَبدَ إذَا اختارَهُ اللّهُ عز و جل لِاُمورِ عِبادِهِ،شَرَحَ صَدرَهُ لِذلِکَ،وأودَعَ قَلبَهُ یَنابیعَ الحِکمَةِ،وألهَمَهُ العِلمَ إلهاماً،فَلَم یَعیَ (5)بَعدَهُ بِجَوابٍ،ولا یَحیرُ فیهِ عَنِ الصَّوابِ، فَهُوَ مَعصومٌ مُؤَیَّدٌ،مُوَفَّقٌ مُسَدَّدٌ،قَد أمِنَ مِنَ الخَطایا وَالزَّلَلِ وَالعِثارِ،یَخُصُّهُ اللّهُ بِذلِکَ لِیَکونَ حُجَّتَهُ عَلی عِبادِهِ،وشاهِدَهُ عَلی خَلقِهِ،وذلِکَ فَضلُ اللّهِ یُؤتیهِ مَن یَشاءُ وَاللّهُ ذُو الفَضلِ العَظیمِ.

فَهَل یَقدِرونَ عَلی مِثلِ هذا فَیَختارونَهُ؟أو یَکونُ مُختارُهُم بِهذِهِ الصِّفَةِ فَیُقَدِّمونَهُ؟تَعَدَّوا-وبَیتِ اللّهِ-الحَقَّ،ونَبَذوا کِتابَ اللّهِ وَراءَ ظُهورِهِم کَأَنَّهُم لا یَعلَمونَ،وفی کِتابِ اللّهِ الهُدی وَالشِّفاءُ،فَنَبَذوهُ واتَّبَعوا أهواءَهُم،فَذَمَّهُمُ اللّهُ ومَقَتَهُم وأتعَسَهُم (6)،فَقالَ جَلَّ وتَعالی: «وَ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَواهُ بِغَیْرِ هُدیً مِنَ اللّهِ إِنَّ اللّهَ

ص:240

لا یَهْدِی الْقَوْمَ الظّالِمِینَ» (1)،وقالَ: «فَتَعْساً لَهُمْ وَ أَضَلَّ أَعْمالَهُمْ» (2)،وقالَ: «کَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللّهِ وَ عِنْدَ الَّذِینَ آمَنُوا کَذلِکَ یَطْبَعُ اللّهُ عَلی کُلِّ قَلْبِ مُتَکَبِّرٍ جَبّارٍ» (3)،وصَلَّی اللّهُ عَلَی النَّبِیِّ مُحَمَّدٍ وآلِهِ وسَلَّمَ تَسلیماً کَثیراً. (4)

ص:241

ص:242

4123. الإمام الصادق علیه السلام -فی قَولِهِ تَعالی: «لا یَنالُ عَهْدِی الظّالِمِینَ» -:قالَ:لا یَکونُ السَّفیهُ (1)إمامَ التَّقِیِّ. (2)

4124. عنه علیه السلام -فی قَولِهِ تَعالی: «لا یَنالُ عَهْدِی الظّالِمِینَ» -:مَن عَبَدَ صَنَماً أو وَثَناً لا یَکونُ إماماً. (3)

4125. عنه علیه السلام -فی قَولِهِ تَعالی: «وَ إِذِ ابْتَلی إِبْراهِیمَ رَبُّهُ بِکَلِماتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قالَ إِنِّی جاعِلُکَ لِلنّاسِ إِماماً قالَ وَ مِنْ ذُرِّیَّتِی قالَ لا یَنالُ عَهْدِی الظّالِمِینَ» -:العَهدُ عَهدُ الإِمامَةِ لا یَنالُهُ ظالِمٌ. (4)

4126. الإمام الرضا علیه السلام -فی قَولِهِ تَعالی: «لا یَنالُ عَهْدِی الظّالِمِینَ» -:أبطَلَت هذِهِ الآیَةُ إمامَةَ کُلِّ ظالِمٍ إلی یَومِ القِیامَةِ،وصارَت فِی الصَّفوَةِ. (5)

الحدیث

4127. رسول اللّه صلی الله علیه و آله: قالَ اللّهُ تَعالی لِداوودَ علیه السلام:حَرامٌ عَلی کُلِّ قَلبِ عالِمٍ مُحِبٍّ لِلشَّهَواتِ،أن أجعَلَهُ إماماً لِلمُتَّقینَ. (1)

4128. الإمام الصادق علیه السلام -فی تَفسیرِ قَولِهِ تَعالی: «وَ جَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً یَدْعُونَ إِلَی النّارِ» (2)-:یُقدِّمونَ أمرَهُم قَبلَ أمرِ اللّهِ،وحُکمَهُم قَبلَ حُکمِ اللّهِ،ویَأخُذونَ بِأَهوائِهِم خِلافَ ما فی کِتابِ اللّهِ عز و جل. (3)

وَالحِقدُ وَالحَسَدُ. (1)

4136. الإمام علیّ علیه السلام: لا یُقیمُ أمرَ اللّهِ سُبحانَهُ إلّامَن لا یُصانِعُ (2)،ولا یُضارِعُ (3)،ولا یَتَّبِعُ المَطامِعَ. (4)

4137. عنه علیه السلام: لا یُقیمُ أمرَ اللّهِ سُبحانَهُ إلّامَن لا یُصانِعُ،ولا یُخادِعُ،ولا تَغُرُّهُ المَطامِعُ. (5)

4138. عنه علیه السلام: قَد عَلِمتُم أنَّهُ لا یَنبَغی أن یَکونَ الوالی عَلَی الفُروجِ وَالدِّماءِ وَالمَغانِمِ وَالأَحکامِ وإمامَةِ المُسلِمینَ البَخیلَ؛فَتَکونَ فی أموالِهِم نَهمَتُهُ،ولَا الجاهِلَ؛فَیُضِلَّهُم بِجَهلِهِ،ولَا الجافِیَ (6)؛فَیَقطَعَهُم بِجَفائِهِ،وَلَا الحائِفَ (7)لِلدُّوَلِ (8)؛فَیَتَّخِذَ قَوماً دونَ قَومٍ، ولَا المُرتَشِیَ فِی الحُکمِ؛فَیَذهَبَ بِالحُقوقِ،وَیَقِفُ بِها دونَ المَقاطِعِ،ولَا المُعَطِّلَ لِلسُّنَّةِ؛فَیُهلِکَ الاُمَّةَ. (9)

4139. عنه علیه السلام -فی خُطبَتِهِ بِالکوفَةِ-:إنَّ مِثلَ مُعاوِیَةَ لا یَجوزُ أن یَکونَ أمیناً عَلَی الدِّماءِ وَالأَحکامِ وَالفُروجِ وَالمَغانِمِ وَالصَّدَقَةِ،المُتَّهَمِ فی نَفسِهِ ودینِهِ،المُجَرَّبِ بِالخِیانَةِ

ص:247

لِلأَمانَةِ،النّاقِضِ لِلسُّنَّةِ،المُستَأصِلِ لِلذِّمَّةِ،التّارِکِ لِلکِتابِ،اللَّعینِ ابنِ اللَّعینِ،لَعَنَهُ رَسولُ اللّهِ صلی الله علیه و آله فی عَشَرَةِ مَواطِنَ،ولَعَنَ أباهُ وأَخاهُ.

ولا یَنبَغی أن یَکونَ عَلَی المُسلِمینَ الحَریصُ؛فَتَکونَ فی أموالِهِم نَهمَتُهُ،ولَا الجاهِلُ؛فَیُهلِکَهُم بِجَهلِهِ،ولَا البَخیلُ؛فَیَمنَعَهُم حُقوقَهُم،ولَا الجافی؛فَیَحمِلَهُم بِجِنایَتِهِ عَلَی الجَفاءِ،ولَا الخائِفُ (1)لِلدُّوَلِ؛فَیَتَّخِذَ قَوماً دونَ قَومٍ،ولَا المُرتَشی فِی الحُکمِ؛فَیَذهَبَ بِحُقوقِ النّاسِ،ولَا المُعَطِّلُ لِلسُّنَّةِ؛فَیُهلِکَ الاُمَّةَ. (2)

4140. الکافی عن هشام بن سالم وحفص بن البختری عن الإمام الصادق علیه السلام،قال: قیلَ لَهُ:

بِأَیِّ شَیءٍ یُعرَفُ الإِمامُ؟

قالَ:بِالوَصِیَّةِ الظّاهِرَةِ وبِالفَضلِ،إنَّ الإِمامَ لا یَستَطیعُ أحَدٌ أن یَطعَنَ عَلَیهِ فی فَمٍ ولا بَطنٍ ولا فَرجٍ،فَیُقالَ:کَذّابٌ،ویَأکلُ أموالَ النّاسِ،وما أشبَهَ هذا. (3)

ص:248

4142. عنه علیه السلام: لا یَخرُجُ المُسلِمُ فِی الجِهادِ مَعَ مَن لا یُؤمَنُ عَلَی الحُکمِ،ولا یُنَفِّذُ فِی الفَیءِ أمرَ اللّهِ عز و جل،فَإِن ماتَ فی ذلِکَ کانَ مُعیناً لِعَدُوِّنا فی حَبسِ حُقوقِنا،وَالإِشاطَةِ (1)بِدِمائِنا،ومیتَتُهُ میتَةٌ جاهِلِیَّةٌ. (2)

4143. الإمام الصادق علیه السلام: لا جِهادَ إلّامَعَ الإِمامِ. (3)

4144. الکافی عن بشیر الدهّان عن الإمام الصادق علیه السلام،قال: قُلتُ لَهُ:إنّی رَأَیتُ فِی المَنامِ أنّی قُلتُ لَکَ:إنَّ القِتالَ مَعَ غَیرِ الإِمامِ المَفروضِ طاعَتُهُ حَرامٌ مِثلُ المَیتَةِ وَالدَّمِ ولَحمِ الخِنزیرِ،فَقُلتَ لی:هُوَ کَذلِکَ.

فَقالَ أبو عَبدِ اللّهِ علیه السلام:هُوَ کَذلِکَ،هُوَ کَذلِکَ. (4)

4145. الإمام الصادق علیه السلام: الجِهادُ وَاجِبٌ مَعَ إمامٍ عادِلٍ،ومَن قُتِلَ دونَ مالِهِ فَهُوَ شَهیدٌ. (5)

عَلَیکَ فَاجمَع لَهُ الفُقَهاءَ بِحَضرَتِکَ فَناظِرهُم فیهِ،ثُمَّ أمضِ ما یَجتَمِعُ عَلَیهِ أقاویلُ الفُقَهاءِ بِحَضرَتِکَ مِنَ المُسلِمینَ،فَإِنَّ کُلَّ أمرٍ اختَلَفَ فیهِ الرَّعِیَّةُ مَردودٌ إلی حُکمِ الإِمامِ،وعَلَی الإِمامِ الاِستِعانَةُ بِاللّهِ،وَالاِجتِهادُ فی إقامَةِ الحُدودِ،وجَبرِ الرَّعِیَّةِ عَلی أمرِهِ. (1)

4147. الکافی عن أبی ولّاد الحنّاط عن الإمام الصادق علیه السلام،قال: سَأَلتُهُ عَنِ امرَأَةٍ ادَّعَت عَلی زَوجِها أنَّهُ طَلَّقَها تَطلیقَةَ طَلاقِ العِدَّةِ طَلاقاً صَحیحاً،یَعنی عَلی طُهرٍ مِن غَیرِ جِماعٍ، وأشهَدَ لَها شُهوداً عَلی ذلِکَ،ثُمَّ أنکَرَ الزَّوجُ بَعدَ ذلِکَ.

فَقالَ علیه السلام:إن کانَ إنکارُهُ الطَّلاقَ قَبلَ انقِضاءِ العِدَّةِ فَإِنَّ إنکارَهُ لِلطَّلاقِ رَجعَةٌ لَها،وإن کانَ أنکَرَ الطَّلاقَ بَعدَ انقِضاءِ العِدَّةِ فَإِنَّ عَلَی الإِمامِ أن یُفَرِّقَ بَینَهُما بَعدَ شَهادَةِ الشُّهودِ، بَعدَ أن یُستَحلَفَ أنَّ إِنکارَهُ لِلطَّلاقِ بَعدَ انقِضاءِ العِدَّةِ،وهُوَ خاطِبٌ مِنَ الخُطّابِ. (2)

4148. تهذیب الأحکام عن حفص بن غیاث: سَأَلتُ أبا عَبدِ اللّهِ علیه السلام قُلتُ:مَن یُقیمُ الحُدودَ، السُّلطانُ أوِ القاضی؟فَقالَ:إقامَةُ الحُدودِ إلی مَن إلَیهِ الحُکمُ. (3)

راجع:موسوعة الإمام علیّ بن أبی طالب علیه السلام:ج2 ص505 (القسم الخامس/الفصل السابع:السیاسة القضائیّة).

فی حَدٍّ فَلا بَأسَ بِأَن یُعفی عَنهُ دونَ الإِمامِ. (1)

4150. الإمام الهادی علیه السلام -فی جَوابِهِ عَلی مَسائِلَ سَأَلَها یَحیی بنُ أکثَمَ وَالَّتی مِن جُملَتِها سُؤالُهُ عَن رَجُلٍ أقَرَّ بِاللِّواطِ عَلی نَفسِهِ،أیُحَدُّ أم یُدرَأُ عَنهُ الحَدُّ؟-:...أمَّا الرَّجُلُ الَّذِی اعتَرَفَ بِاللِّواطِ فَإِنَّهُ لَم تَقُم عَلَیهِ بَیِّنَةٌ،وإنَّما تَطَوَّعَ بِالإِقرارِ مِن نَفسِهِ،وإذا کانَ لِلإِمامِ الَّذی مِنَ اللّهِ أن یُعاقِبَ عَنِ اللّهِ کانَ لَهُ أن یَمُنَّ عَنِ اللّهِ،أما سَمِعتَ قَولَ اللّهِ:

«هذا عَطاؤُنا» الآیة (2). (3)

4151. تهذیب الأحکام عن بعض الصادقین علیهم السلام: جاءَ رَجُلٌ إلی أمیرِ المُؤمِنینَ علیه السلام فَأَقرَّ بِالسَّرِقَةِ.

فَقالَ لَهُ أمیرُ المُؤمِنینَ:أتَقرَأُ شَیئاً مِن کِتابِ اللّهِ؟قالَ:نَعَم،سورَةُ البَقَرَةِ،قالَ:قَد وَهَبتُ یَدَکَ لِسورَةِ البَقَرَةِ.

قالَ:فَقالَ الأَشعَثُ:أتُعَطِّلُ حَدّاً مِن حُدودِ اللّهِ؟!

فَقالَ:وَما یُدریکَ ما هذا؟! إذا قامَتِ البَیِّنَةُ فَلَیسَ لِلإِمامِ أن یَعفُوَ،وَإِذا أقَرَّ الرَّجُلُ عَلی نَفسِهِ فَذلِکَ إلَی الإِمامِ،إن شاءَ عَفا وإن شاءَ قطَعَ. (4)

ص:252

ما یَلزَمُ الوالِدَ لِلوَلَدِ.

فَقالَ عِندَ ذلِکَ:مَن تَرَکَ مالاً فَلِوَرَثَتِهِ،ومَن تَرَکَ دَیناً أو ضَیاعاً (1)فَعَلَی الوالی، فَلَزِمَ الإِمامَ ما لَزِمَ الرَّسولَ،فَلِذلِکَ صارَ لَهُ مِنَ الخُمسِ ثَلاثَةُ أسهُمٍ. (2)

4159. عنه علیه السلام: لَیسَ عَلَی الإِمامِ إلّاما حُمِّلَ مِن أمرِ رَبِّهِ:الإِبلاغُ فِی المَوعِظَةِ،وَالاِجتِهادُ فِی النَّصیحَةِ،وَالإِحیاءُ لِلسُّنَّةِ،وإِقامَةُ الحُدودِ عَلی مُستَحِقّیها،وإصدارُ السُّهمانِ (1)عَلی أهلِها. (2)

4160. الإمام الرضا علیه السلام -فیما جَمَعَهُ الفَضلُ بنُ شاذانَ مِن کَلامِهِ فی عِلَلِ الفَرائِضِ-:فَإِن قالَ قائِلٌ:فَلِمَ جَعَلَ اولِی الأَمرِ وأَمَرَ بِطاعَتِهِم؟

قیلَ:لِعِلَلٍ کَثیرَةٍ؛مِنها:أنَّ الخَلقَ لَمّا وقَفوا عَلی حَدٍّ مَحدودٍ،واُمِروا ألَّا یَتَعَدَّوا ذلِکَ الحَدَّ لِما فیهِ مِن فَسادِهِم،لَم یَکُن یَثبُتُ ذلِکَ ولا یَقومُ إلّابِأَن یَجعَلَ عَلَیهِم فیهِ أمیناً،یَمنَعُهُم مِنَ التَّعدّی وَالدُّخولِ فیما حَظَرَ عَلَیهِم،لِأَنَّهُ لَو لَم یَکُن ذلِکَ لَکانَ أحَدٌ لا یَترُکُ لَذَّتَهُ ومَنفَعَتَهُ لِفَسادِ غَیرِهِ،فَجَعَلَ عَلَیهِم قَیِّماً (3)یَمنَعُهُم مِنَ الفَسادِ ویُقیمُ فیهِم الحُدودَ وَالأَحکامَ.

ومِنها:أنّا لا نَجِدُ فِرقَةً مِنَ الفِرَقِ ولا مِلَّةً مِنَ المِلَلِ بَقوا وعاشوا إلّابِقَیِّمٍ ورَئیسٍ، لِما (4)لابُدَّ لَهُم مِنهُ فی أمرِ الدّینِ وَالدُّنیا،فَلَم یَجُز فی حِکمَةِ الحَکیمِ أن یَترُکَ الخَلقَ مِمّا یَعلَمُ أنَّهُ لابُدَّ لَهُ مِنهُ،ولا قِوامَ لَهُم إلّابِهِ،فَیُقاتِلونَ بِهِ عَدُوَّهُم،ویُقَسِّمونَ فَیأَهُم، ویُقیمُ لَهُم جُمُعَتَهُم (5)وجَماعَتَهُم،ویَمنَعُ ظالِمَهُم مِن مَظلومِهِم.

ومِنها:أنَّهُ لَو لَم یَجعَل لَهُم إماماً قَیِّماً أمیناً حافِظاً مُستَودَعاً،لَدَرَسَتِ (6)المِلَّةُ،

ص:255

وذَهَبَ الدّینُ،وغُیِّرَتِ السُّنَنُ وَالأَحکامُ،ولَزادَ فیهِ المُبتَدِعونَ ونَقَص مِنهُ المُلحِدونَ،وشَبَّهوا ذلِکَ عَلَی المُسلِمینَ،لِأَنّا وَجَدنَا الخَلقَ مَنقوصینَ مُحتاجینَ غَیرَ کامِلینَ،مَعَ اختِلافِهِم وَاختِلافِ أهوائِهِم وتَشَتُّتِ أنحائِهِم،فَلَو لَم یَجعَل لَهُم قَیِّماً حافِظاً لِما جاءَ بِهِ الرَّسولُ صلی الله علیه و آله،لَفَسدوا عَلی نَحوِ ما بَیَّنّا،وغُیِّرَتِ الشَّرائِعُ وَالسُّنَنُ وَالأَحکامُ وَالإیمانُ،وکانَ فی ذلِکَ فَسادُ الخَلقِ أجمَعینَ. (1)

راجع: ص 163 (حکمة الإمامة/الحکمة السیاسیّة).

ص:256

ص:258

اَلْأَماناتِ إِلی أَهْلِها وَ إِذا حَکَمْتُمْ بَیْنَ النّاسِ أَنْ تَحْکُمُوا بِالْعَدْلِ» ،قالَ:إیّانا عَنی؛أن یُؤَدِّیَ الأَوَّلُ إلَی الإِمامِ الَّذی بَعدَهُ الکُتُبَ وَالعِلمَ وَالسِّلاحَ، «وَ إِذا حَکَمْتُمْ بَیْنَ النّاسِ أَنْ تَحْکُمُوا بِالْعَدْلِ» الَّذی فی أیدیکُم. (1)

4162. الکافی عن أحمد بن عمر: سَأَلتُ الرِّضا علیه السلام عَن قَولِ اللّهِ عز و جل: «إِنَّ اللّهَ یَأْمُرُکُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلی أَهْلِها» ،قالَ:هُمُ الأَئِمَّةُ مِن آلِ مُحَمَّدٍ صلی الله علیه و آله؛أن یُؤَدِّیَ الإِمامُ الأَمانَةَ إلی مَن بَعدَهُ،ولا یَخُصَّ بِها غَیرَهُ،ولا یَزوِیَها (2)عَنهُ. (3)

4163. الکافی عن المعلّی بن خنیس: سَأَلتُ أبا عَبدِ اللّهِ علیه السلام عَن قَولِ اللّهِ عز و جل: «إِنَّ اللّهَ یَأْمُرُکُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلی أَهْلِها» ،قالَ:أمَرَ اللّهُ الإِمامَ الأَوَّلَ أن یَدفَعَ إلَی الإِمامِ الَّذی بَعدَهُ کُلَّ شَیءٍ عِندَهُ. (4)

4164. رسول اللّه صلی الله علیه و آله: کُلُّکُم راعٍ وکُلُّکُم مَسؤولٌ عَن رَعِیَّتِهِ،الإِمامُ راعٍ ومَسؤولٌ عَن رَعِیَّتِهِ. (5)

4165. عنه صلی الله علیه و آله: ما مِن أمیرٍ یُؤَمَّرُ عَلی عَشَرَةٍ،إلّاسُئِلَ عَنهُم یَومَ القِیامَةِ. (6)

4166. صحیح البخاری عن عطاء بن یسار عن أبی هریرة: قالَ رَسولُ اللّهِ صلی الله علیه و آله:إذا ضُیِّعَتِ

ص:260

الأَمانَةُ فَانتَظِرِ السَّاعَةَ،قالَ:کَیفَ إضاعَتُها یا رَسولَ اللّهِ؟

قالَ:إذا اسنِدَ الأَمرُ إلی غَیرِ أهلِهِ،فَانتَظِرِ السّاعَةَ. (1)

4167. الإمام الرضا علیه السلام: الإِمامُ أمینُ اللّهِ فی خَلقِهِ،وَحُجَّتُهُ عَلی عِبادِهِ. (2)

4172. عنه صلی الله علیه و آله: مَنِ استَعمَلَ عامِلاً مِنَ المُسلِمینَ،وهُوَ یَعلَمُ أنَّ فیهِم أولی بِذلِکَ مِنهُ،وأعلَمَ بِکتابِ اللّهِ وسُنَّةِ نَبِیِّهِ؛فَقَد خانَ اللّهَ ورَسولَهُ وجَمیعَ المُسلِمینَ. (1)

4173. عنه صلی الله علیه و آله: مَنِ استَعمَلَ غُلاماً فی عِصابَةٍ فیها مَن هُوَ أرضی للّهِ ِ مِنهُ،فَقَد خانَ اللّهَ. (2)

4174. عنه صلی الله علیه و آله -مِن کِتابٍ کَتَبَهُ لِعَتّابِ بنِ اسَیدٍ عَهداً عَلی أهلِ مَکَّةَ-:...قَد قَلَّدَ مُحَمَّدٌ رَسولُ اللّهِ صلی الله علیه و آله عَتَّابَ بنَ اسَیدٍ أحکامَکُم ومَصالِحَکُم،[و] (3)قَد فَوَّضَ (4)إلَیهِ تَنبیهَ غافِلِکُم،وتَعلیمَ جاهِلِکُم،وتَقویمَ أوَدِ مُضطَرِبِکُم،وتَأدیبَ مَن زالَ عَن أدَبِ اللّهِ مِنکُم،لِما عَلِمَ مِن فَضلِهِ عَلَیکُم...ولا یَحتَجَّ مُحتَجٌّ مِنکُم فی مُخالَفَتِهِ بِصِغَرِ سِنِّهِ، فَلَیسَ الأَکبَرُ هُوَ الأَفضَلَ،بَلِ الأَفضَلُ هُوَ الأَکبَرُ. (5)

4175. الإمام علیّ علیه السلام -مِن کِتابٍ کَتَبَهُ لِلأَشتَرِ لَمّا وَلّاهُ عَلی مِصرَ-:ثُمَّ انظُر فی امورِ عُمّالِکَ فَاستَعمِلهُمُ اختِباراً،ولا تُوَلِّهِم مُحاباةً (6)وأثَرَةً (7)،فَإِنَّهُما جِماعٌ مِن شُعَبِ الجَورِ وَالخِیانَةِ،وتَوَخَّ مِنهُم أهلَ التَّجرِبَةِ وَالحَیاءِ،مِن أهلِ البُیوتاتِ الصّالِحَةِ،وَالقَدَمِ فِی الإِسلامِ المُتَقَدِّمَةِ،فَإِنَّهُم أکرَمُ أخلاقاً،و أصَحُّ أعراضاً،وأقَلُّ فِی المَطامِعِ إشراقاً، وأبلَغُ فی عَواقِبِ الاُمورِ نَظَراً.

ص:263

ثُمَّ أسبِغ (1)عَلَیهِمُ الأَرزاقَ؛فَإِنَّ ذلِکَ قُوَّةٌ لَهُم عَلَی استِصلاحِ أنفُسِهِم،وغِنیً لَهُم عَن تَناوُلِ ما تَحتَ أیدیهِم،وحُجَّةٌ عَلَیهِم إن خالفوا أمرَکَ أو ثَلَموا أمانَتَکَ. (2)

راجع:موسوعة الإمام علی بن أبی طالب علیه السلام:ج 2 ص 395 (القسم الخامس/الفصل الثالث:

السیاسة الاداریة/انتخاب العمال الصالحین) و ص 397 (عدم استعمال الخائن والعاجز).

4179. صحیح البخاری عن أبی موسی: أقبَلتُ إلَی النَّبِیِّ صلی الله علیه و آله ومَعی رَجُلانِ مِنَ الأَشعَرِیّینَ، فَقُلتُ:ما عَمِلتُ (1)أنَّهُما یَطلُبانِ العَمَلَ.

فَقالَ [رَسولُ اللّهِ صلی الله علیه و آله ]:لَن-أو:لا-نَستَعمِلَ عَلی عَمَلِنا مَن أرادَهُ. (2)

بَسَطَ یَدَهُ لَهُم بِالمَعروفِ رُزِقَ المَحَبَّةَ مِنهُم،وإذا وَفَّرَ عَلَیهِم أموالَهُم وَفَّرَ اللّهُ عَلَیهِ مالَهُ،وإذا أنصَفَ الضَّعیفَ مِنَ القَوِیِّ قَوَّی اللّهُ سُلطانَهُ،وإذا عَدَلَ مَدَّ اللّهُ فی عُمُرِهِ. (1)

4182. عنه صلی الله علیه و آله: أفضَلُ عِبادِ اللّهِ مَنزِلَةً یَومَ القِیامَةِ إمامٌ عَدلٌ رَقیقٌ (2)،وشَرُّ عِبادِ اللّهِ عِندَ اللّهِ مَنزِلَةً یَومَ القِیامَةِ إمامٌ جائِرٌ خَرِقٌ (3). (4)

4183. عنه صلی الله علیه و آله: أحسِنوا إذا وُلِّیتُم،وَاعفوا عَمّا مَلَکتُم. (5)

4184. الإمام علیّ علیه السلام: اعرِفُوا اللّهَ بِاللّهِ،وَالرَّسولَ بِالرِّسالَةِ،واُولِی الأَمرِ بِالأَمرِ بِالمَعروفِ وَالعَدلِ وَالإِحسانِ. (6)

4185. عنه علیه السلام: إمامٌ عادِلٌ خَیرٌ مِن مَطَرٍ وابِلٍ (7). (8)

4186. الإمام الحسین علیه السلام: لَیسَ الإِمامُ العادِلُ بِالکِتابِ وَالعادِلُ بِالقِسطِ،کَالَّذی یَحکُمُ بِغَیرِ الحَقِّ ولا یَهدی ولا یَهتَدی. (9)

4187. الإمام الصادق علیه السلام: مَن تَوَلّی أمراً مِن امورِ النّاسِ،فَعَدَلَ وفَتَحَ بابَهُ ورَفَعَ سِترَهُ ونَظَرَ

ص:266

فی امورِ النّاسِ،کانَ حَقّاً عَلَی اللّهِ عز و جل أن یُؤمِنَ رَوعَتَهُ (1)یَومَ القِیامَةِ،ویُدخِلَهُ الجَنَّةَ. (2)

4188. عنه علیه السلام: لَیلَةٌ مِن إمامٍ عَدلٍ،خَیرٌ مِن ألفِ شَهرِ مُلکِ بَنی امَیَّةَ. (3)

4189. الکافی عن العبّاس بن هلال الشامی عن أبی الحسن [ الرّضا علیه السلام ] (4)،قالَ: قُلتُ لَهُ:جُعِلتُ فِداکَ،ما أعجَبَ إلَی النّاسِ مَن یَأکُلُ الجَشِبَ،ویَلبَسُ الخَشِنَ ویَتَخَشَّعُ !

فَقالَ:أما عَلِمتَ أنّ یُوسُفَ علیه السلام نَبِیٌّ ابنُ نَبِیٍّ،کانَ یَلبَس أقبِیَةَ الدّیباجِ مَزرورَةً بِالذَّهَبِ،ویَجلِسُ فی مجالِسِ آلِ فِرعَونَ یَحکُمُ،فَلَم یَحتَجِ النّاسُ إلی لِباسِهِ،وإنَّمَا احتاجوا إلی قِسطِهِ،وإنَّما یُحتاجُ مِنَ الإِمامِ فی أن إذا قالَ صَدَقَ،وإذا وَعَدَ أنجَزَ، وإذا حَکَمَ عَدَلَ،إنَّ اللّهَ لا یُحَرِّمُ طَعاماً ولا شَراباً مِن حَلالٍ،وإنّما حَرَّمَ الحَرامَ قَلَّ أو کَثُرَ،وقَد قالَ اللّهُ عز و جل: «قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِینَةَ اللّهِ الَّتِی أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَ الطَّیِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ» (5). (6)

4190. الإمام الرضا علیه السلام: إذا وَلِیَ الظّالِمُ الظّالِمَ فَقَدِ انتَصَفَ الحَقُّ،وإذا وَلِیَ العادِلُ العادِلَ فَقَدِ اعتَدَلَ الحَقُّ،وإذا وَلِیَ العادِلُ الظّالِمَ فَقَدِ استَراحَ الحَقُّ،وإذا وَلِیَ العَبدُ الحُرَّ فَقَدِ استُرِقَّ الحَقُّ. (7)

ص:267

4195. عنه علیه السلام: إنَّ حَقّاً عَلَی الوالی ألّا یُغَیِّرَهُ عَلی رَعِیَّتِهِ فَضلٌ نالَهُ،ولا طَولٌ (1)خُصَّ بِهِ،وأن یَزیدَهُ ما قَسَمَ اللّهُ لَهُ مِن نِعمَةٍ دُنُوّاً مِن عِبادِهِ،وعَطفاً عَلی إخوانِهِ. (2)

4196. عنه علیه السلام -فِی الحِکَمِ المَنسوبَةِ إلَیهِ-:یَنبَغی لِلوالی أن یعمَلَ بِخِصالٍ ثَلاثٍ:تَأخیرِ العُقوبَةِ مِنهُ فی سُلطانِ الغَضَبِ،وَالأَناةِ فیما یَرتَئیهِ مِن رَأیٍ،وتَعجیلِ مُکافَأَةِ المُحسِنِ بِالإِحسانِ؛فَإِنَّ فی تَأخیرِ العُقوبَةِ إِمکانَ العَفوِ،وفی تَعجیلِ المُکافَأَةِ بِالإِحسانِ طاعَةَ الرَّعِیَّةِ،وفِی الأَناةِ انفِساحَ الرَّأیِ وَحَمدَ العاقِبَةِ ووُضُوحَ الصَّوابِ. (3)

4197. الإمام زین العابدین علیه السلام -فی رِسالَةِ الحُقوقِ-:وأمَّا حَقُّ رَعِیَّتِکَ بِالسُّلطانِ،فَأَن تَعلَمَ أنَّهُم صاروا رَعِیَّتَکَ لِضَعفِهِم وقُوَّتِکِ،فَیَجِبُ أن تَعدِلَ فیهِم وتَکونَ لَهُم کَالوالِدِ الرَّحیمِ،وتَغفِرَ لَهُم جَهلَهُم،ولا تُعاجِلَهُم بِالعُقوبَةِ،وتَشکُرَ اللّهَ عز و جل عَلی ما آتاکَ مِنَ القُوَّةِ عَلَیهِم. (4)

4198. عنه علیه السلام: أمّا حُقوقُ رَعِیَّتِکَ بِالسُّلطانِ،فَأَن تَعلَمَ أنَّکَ إنَّمَا استُرعیتَهُم بِفَضلِ قُوَّتِکَ عَلَیهِم،فَإِنَّهُ إنَّما أحَلَّهُم مَحَلَّ الرَّعِیَّةِ لَکَ ضَعفُهُم وذُلُّهُم.فَما أولی مَن کَفاکَهُ ضَعفُهُ وذُلُّهُ حَتّی صَیَّرَهُ لَکَ رَعِیَّةً،وصَیَّرَ حُکمَکَ عَلَیهِ نافِذاً،لا یَمتَنِعُ مِنکَ بِعِزَّةٍ ولا قُوَّةٍ، ولا یَستَنصِرُ فیما تَعاظَمَهُ مِنکَ إلَّابِاللّهِ-بِالرَّحمَةِ وَالحِیاطَةِ وَالأَناةِ،وما أولاکَ إذا عَرَفتَ ما أعطاکَ اللّهَ مِن فَضلِ هذِهِ العِزَّةِ وَالقُوَّةِ الَّتی قَهَرتَ بِها أن تَکونَ للّهِ ِ شاکِراً، ومَن شَکَرَ اللّهَ أعطاهُ فیما أنعَمَ عَلَیهِ،ولا قُوَّةَ إلّابِاللّهِ. (5)

ص:269

4199. الکافی عن حنان بن سدیر الصیرفی: سَمِعتُ أبا عَبدِ اللّهِ علیه السلام یَقولُ:...صَعِدَ النَّبِیُّ صلی الله علیه و آله المِنبَرَ فَنَعی إلَیهِم نَفسَهُ،ثُمَّ قالَ:اُذَکِّرُ اللّهَ الوالِیَ مِن بَعدی عَلی امَّتی،إلّاتَرَحَّمَ (1)عَلی جَماعَةِ المُسلِمینَ؛فَأَجَلَّ کَبیرَهُم،ورَحِمَ ضَعیفَهُم،ووَقَّرَ عالِمَهُم،ولَم یَضُرَّ بِهِم فَیُذِلَّهُم،ولَم یُفقِرهُم فَیُکَفِّرَهُم،ولَم یَغلِق بابَهُ دونَهُم فَیَأکُلَ قَوِیُّهُم ضَعیفَهُم،ولَم یَخبِزهُم (2)فی بُعوثِهِم فَیَقطَعَ نَسلَ امَّتی.

ثُمَّ قالَ:قَد بَلَّغتُ ونَصَحتُ فَاشهَدوا.

وقالَ أبو عَبدِ اللّهِ علیه السلام:هذا آخِرُ کَلامٍ تَکَلَّمَ بِهِ رَسولُ اللّهِ صلی الله علیه و آله عَلی مِنبَرِهِ. (3)

4200. الإمام الصادق علیه السلام: أحَبُّ الأَعمالِ إلَی اللّهِ تَعالی،رِفقُ الوالی وعَدلُهُ. (4)

4201. الإمام الرضا علیه السلام: الإِمامُ الأَمینُ الرَّفیقُ،وَالوالِدُ الشَّفیقُ،وَالأَخُ الشَّقیقُ. (5)