پایه 10

مشخصات کتاب

سرشناسه : مرکز تحقیقات رایانه ای قائمیه اصفهان،1398

عنوان و نام پدیدآور : دروس حوزه پایه اول تا دهم/ واحد تحقیقات مرکز تحقیقات رایانه ای قائمیه اصفهان

مشخصات نشر : اصفهان : مرکز تحقیقات رایانه ای قائمیه اصفهان 1398.

مشخصات ظاهری : نرم افزار تلفن همراه و رایانه

موضوع : حوزه و دانشگاه.

موضوع : حوزه های علمیه-- ایران.

موضوع : دانشگاه ها و مدارس عالی-- ایران.

شناسه افزوده : مرکز تحقیقات رایانه ای قائمیه اصفهان

توضیح : مجوعه حاضر،متن کتب متداول حوزه از پایه اول تا دهم می باشد.

ص: 1

اصول

کفایة الأصول المجلد 1 (المقصد الثانی تا المقصد الخامس)

المقصد الثانی : فی النواهی

اشارة

[شماره صفحه واقعی : 205]

ص: 1

[شماره صفحه واقعی : 206]

ص: 2

فصل : مفاد مادّة النهی وصیغته
اشارة

صوت

[*حیدری فسایی]

الظاهر : أنّ النهی بمادّته وصیغته فی الدلالة علی الطلب ، مثلُ الأمر بمادّته وصیغته ، غیر أنّ متعلّق الطلب فی أحدهما الوجود ، وفی الآخر العدم ، فیعتبر فیه ما استظهرنا اعتبارَه فیه ، بلا تفاوتٍ أصلاً .

هل متعلق الطلب فی النهی هو الکفّ أو مجرّد الترک ؟

نعم ، یختصّ النهی بخلافٍ ، وهو : أنّ متعلّق الطلب فیه هل هو الکفّ ، أو مجرّدُ الترک وأن لا یفعل ؟ والظاهر هو الثانی .

وتوهُّمُ : أنّ الترک ومجرّد أن « لا یفعل » خارجٌ عن تحت الاختیار ، فلا یصحّ أن یتعلّق به البعث والطلب .

فاسدٌ ؛

[*حیدری فسایی]

فإنّ الترک أیضاً یکون مقدوراً ، وإلّا لَما کان الفعل مقدوراً وصادراً بالإرادة والاختیار .

وکون العدم الأزلیّ لا بالاختیار ، لا یوجب أن یکون کذلک بحسب البقاء والاستمرار الّذی یکون بحسبه محلّاً للتکلیف .

عدم دلالةصیغة النهی علی التکرار

ثمّ إنّه لا دلالة لصیغته علی الدوام والتکرار ، کما لا دلالة لصیغة الأمر ، وإن کان قضیّتهما عقلاً یختلف (1) ولو مع وحدة متعلّقهما ، بأن یکون طبیعةٌ

[شماره صفحه واقعی : 207]

ص: 3


1- أثبتناها من « ر » ، وفی غیرها : تختلف .

واحدة بذاتها وقیدها تعلَّقَ بها الأمر مرّةً ، والنهی أُخری؛ ضرورة أنّ وجودها یکون بوجود فردٍ واحدٍ ، وعدَمَها لا یکاد یکون إلّابعدم الجمیع ، کما لا یخفی .

ومن ذلک یظهر : أنّ الدوام والاستمرار إنّما یکون فی النهی إذا کان متعلّقهُ طبیعةً مطلقة غیرَ مقیّدةٍ بزمان أو حال ، فإنّه حینئذٍ لا یکاد یکون مثلُ هذه الطبیعة معدومةً إلّابعدم جمیع أفرادها الدفعیّة والتدریجیّة .

وبالجملة: قضیّة النهی لیس إلّاترک تلک الطبیعة الّتی تکون متعلّقةً له ، - کانت مقیّدةً أو مطلقة - ، وقضیّة ترکها عقلاً إنّما هو ترک جمیع أفرادها .

عدم دلالة النهی علی استمراره أو سقوطه فی فرض العصیان

صوت

[*حیدری فسایی]

ثمّ إنّه لا دلالة للنهی علی إرادة الترک لو خولف ، أو عدمِ إرادته ، بل لابدّ فی تعیین ذلک من دلالةٍ ، ولو کان إطلاق المتعلّق من هذه الجهة ، ولا یکفی إطلاقها من سائر الجهات ، فتدبّر جیّداً .

[شماره صفحه واقعی : 208]

ص: 4

فصل : اجتماع الأمر والنهی
اشارة

اختلفوا فی جواز اجتماع الأمر والنهی فی واحد و امتناعِهِ علی أقوال ، ثالثها : جوازه عقلاً وامتناعه عرفاً .

تقدیم أُمور
اشارة

وقبل الخوض فی المقصود یقدّم أُمور :

الأمر الأول :المراد بالواحد

الأوّل : المراد بالواحد مطلقُ ما کان ذا وجهین ، ومندرجاً تحت عنوانین، بأحدهما کان مورداً للأمر ، وبالآخر للنهی ، وإن کان کلّیّاً مقولاً علی کثیرین ، کالصلاة فی المغصوب (1) .

وإنّما ذُکر (2) لإخراج ما إذا تعدّد متعلّق الأمر والنهی ، ولم یجتمعا وجوداً - ولو جمعهما واحدٌ مفهوماً ، کالسجود للّٰه- تعالی - ، والسجود للصنم مثلاً - ، لا لإخراج الواحد الجنسیّ أو النوعیّ (3) ، کالحرکة والسکون الکلّیَّین المعنونَین بالصلاتیّة والغصبیّة .

[شماره صفحه واقعی : 209]

ص: 5


1- الأولی : عدم التمثیل للمجمع الکلّی به ؛ حیث إنّه لابدّ من إخراج عنوان المأمور به والمنهیّ عنه عن ذلک ، کما لا یخفی . فالأولی فی المثال قوله أخیراً : کالحرکة والسکون ... ( کفایة الأُصول مع حاشیة القوچانی : 129 ) ، وراجع کفایة الأُصول مع حاشیة المشکینی 2 : 98 .
2- فی « ر » : ذُکر هذا .
3- تعریض بالمحقّق القمّی وصاحب الفصول ، فإنّهما خصّصا النزاع بالواحد الشخصی . راجع القوانین 1 : 140 ، والفصول : 124 .
الأمر الثانی
اشارة

الفرق بین هذه المسألة ومسألة النهی فی العبادة

[*حیدری فسایی]

الثانی : الفرق بین هذه المسألة ومسألة النهی فی العبادة هو : أنّ الجهة المبحوث عنها فیها - الّتی بها تمتاز المسائل - هی أنّ تعدُّد الوجه والعنوانِ فی الواحد یوجب تعدّد متعلّق الأمر والنهی - بحیث یرتفع به غائلةُ استحالة الاجتماع فی الواحد بوجهٍ واحد - أو لا یوجبه ، بل یکون حاله حالَه ؟

فالنزاع فی سرایة کلٍّ من الأمر والنهی إلی متعلّق الآخر - لاتّحاد متعلّقیهما وجوداً - ، وعدمِ سرایته - لتعدّدهما وجهاً - . وهذا بخلاف الجهة المبحوث عنها فی المسألة الاُخری؛ فإنّ البحث فیها عن أنّ النهی فی العبادة (1) یوجب فسادها ، بعد الفراغ عن التوجّه إلیها .

نعم ، لو قیل بالامتناع مع ترجیح جانب النهی فی مسألة الاجتماع ، یکون مثل الصلاة فی الدار المغصوبة من صغریات تلک المسألة .

فانقدح : أنّ الفرق بین المسألتین فی غایة الوضوح .

کلام الفصول فی الفرق بین المسألتین والمناقشة فیه

وأمّا ما أفاده فی الفصول من الفرق بما هذه عبارته :

[*حیدری فسایی]

«ثمّ اعلم : أنّ الفرق بین المقام والمقام المتقدّم - وهو أنّ الأمر والنهی هل یجتمعان فی شیءٍ واحد أو لا ؟ - أمّا فی المعاملات فظاهر ، وأمّا فی العبادات فهو أنّ النزاع هناک فی ما إذا تعلَّق الأمرُ والنهی بطبیعتین متغایرتین بحسب الحقیقة ، وإن کان بینهما عموم مطلق ، وهنا فی ما إذا اتّحدتا حقیقةً وتغایرتا بمجرّد الإطلاق والتقیید ، بأن تعلّق الأمر بالمطلق والنهی بالمقیّد» (2) ، انته موضع الحاجة .

[شماره صفحه واقعی : 210]

ص: 6


1- فی « ن » ، « ق » ، « ش » وبعض الطبعات الأُخری : النهی فی العبادة أو المعاملة .
2- الفصول : 140 .

فاسدٌ (1)؛ فإنّ مجرّد تعدّد الموضوعات وتغایرِها بحسب الذوات ، لا یوجب التمایزَ بین المسائل ما لم یکن هناک اختلافُ الجهات ، ومعه لا حاجة أصلاً إلی تعدّدها ، بل لابدّ من عقد مسألتین مع وحدة الموضوع وتعدّد الجهة المبحوث عنها ، وعَقْدِ مسألة واحدة فی صورة العکس ، کما لا یخفی .

فرقٌ آخر بین المسألتین والمناقشة فیه

ومن هنا انقدح أیضاً : فساد الفرق بأنّ النزاع هنا فی جواز الاجتماع عقلاً ، وهناک فی دلالة النهی لفظاً.

[*حیدری فسایی]

فإنّ مجرّد ذلک - لو (2) لم یکن تعدّد الجهة فی البین - لا یوجب إلّاتفصیلاً فی المسألة الواحدة ، لا عقْدَ مسألتین ، هذا .

مع عدم اختصاص النزاع فی تلک المسألة بدلالة اللفظ ، کما سیظهر .

الأمر الثالث : مسألة الاجتماع من مسائل الأُصول

الثالث : أنّه حیث کانت نتیجة هذه المسألة ممّا تقع فی طریق الاستنباط ، کانت المسألة من المسائل الاُصولیّة، لا من مبادئها الأحکامیّة (3)، ولا التصدیقیّة، ولا من المسائل الکلامیّة (4) ، ولا من المسائل الفرعیّة ، وإن کانت فیها جهاتها ، کما لا یخفی؛ ضرورة أنّ مجرّد ذلک لا یوجب کونَها منها ، إذا کانت فیها جهةٌ أُخری یمکن عقدها معها من المسائل؛ إذ لا مجال حینئذٍ لتوهّم عقدها من

[شماره صفحه واقعی : 211]

ص: 7


1- الصواب : « ففاسد » ، راجع منته الدرایة 3 : 18 .
2- فی هامش « ق » و « ش » : « ما لو » نقلاً عن نسخةٍ من الکتاب .
3- وهو مختار الشیخ الأعظم الأنصاری حسب ما جاء فی مطارح الأنظار 1 : 594 ، وبعد استدلاله علی ذلک قال : وذلک هو الوجه فی ذکر العضدی ( شرح مختصر الأُصول : 3 و 92 ) له فی المبادیء الأحکامیة ، کشیخنا البهائی . ( زبدة الأُصول: 102 ) .
4- وهو الذی ذهب إلیه المحقّق القمّی فی القوانین 1 : 140 .

غیرها فی الأُصول ، وإن عقدت کلامیّةً فی الکلام (1) ، وصحّ عقدها فرعیّةً أو غیرَها بلا کلام .

[*حیدری فسایی]

وقد عرفت فی أوّل الکتاب (2): أنّه لا ضیر فی کون مسألة واحدة یبحث فیها عن جهة خاصّة من مسائل علمین؛ لانطباق جهتین عامّتین علی تلک الجهة : کانت بإحداهما من مسائل علمٍ ، وبالاُخری من آخر . فتذکّر .

الأمر الرابع :

مسألة الاجتماع عقلیّة لا لفظیّة

الرابع : إنّه قد ظهر من مطاوی ما ذکرناه: أنّ المسألة عقلیّة ، ولا اختصاص للنزاع فی جواز الاجتماع والامتناع فیها بما إذا کان الإیجاب والتحریم باللفظ ، کما ربّما یوهمه التعبیر ب « الأمر والنهی » الظاهرَین فی الطلب بالقول ، إلّاأنّه لکون الدلالة علیهما غالباً بهما ، کما هو أوضح من أن یخفی .

وذهاب البعض (3) إلی الجواز عقلاً والامتناع عرفاً ، لیس بمعنی دلالة اللفظ ، بل بدعوی أنّ الواحد بالنظر الدقیق العقلیّ اثنان (4) ، وأنّه بالنظر المسامحیّ العرفیّ واحد ذو وجهین ، وإلّا فلا یکون معنیً محصّلاً للامتناع العرفیّ .

[*حیدری فسایی]

غایة الأمر دعوی دلالة اللفظ علی عدم الوقوع ، بعد اختیار جواز الاجتماع ، فتدبّر جیّداً .

الأمر الخامس :

شمول النزاع لجمیع أقسام الأمر والنهی

الخامس : لا یخفی أنّ ملاک النزاع فی جواز الاجتماع والامتناع یعمّ جمیعَ أقسام الإیجاب والتحریم ، کما هو قضیّة إطلاق لفظ الأمر والنهی .

[شماره صفحه واقعی : 212]

ص: 8


1- علی هذا کان المناسب أن یقول : « هذه المسألة من المسائل الأُصولیّة وإن کانت کلامیّة وفرعیّة وغیر ذلک » . لا نفی کونها فرعیّة أو کلامیّة ( حقائق الأُصول 1 : 354 ) .
2- فی الأمر الأوّل من مقدّمة الکتاب .
3- هو المحقّق الأردبیلی فی مجمع الفائدة والبرهان 2 : 112 .
4- فی الأصل و « ن » : اثنین . وفی أکثر الطبعات مثل ما أثبتناه .

ودعوی الانصراف إلی النفسیّین التعیینیّین العینیّین فی مادّتهما ، غیرُ خالیةٍ عن الاعتساف ، وإن سُلّم فی صیغتهما ، مع أنّه فیها ممنوع .

نعم ، لا یبعدُ دعوی الظهور والإنسباق من الإطلاق ، بمقدّمات الحکمة غیر الجاریة فی المقام؛ لما عرفت من عموم الملاک لجمیع الأقسام ، وکذا ما وقع فی البین من النقض والإبرام .

[*حیدری فسایی]

مثلاً : إذا أمر بالصلاة والصوم تخییراً بینهما ، وکذلک نهی عن التصرّف فی الدار ، والمجالسة مع الأغیار ، فصلّی فیها مع مجالستهم ، کان حالُ الصلاة فیها حالَها کما إذا أمر بها تعییناً ، ونهی عن التصرّف فیها کذلک ، فی جریان النزاع فی الجواز والامتناع ، ومجیءِ أدلّة الطرفین ، وما وقع من النقض والإبرام فی البین ، فتفطّن .

الأمر السادس :

الکلام فی اعتبار قید المندوحة

السادس : أنّه ربما یؤخذ فی محلّ النزاع قید «المندوحة» فی مقام الامتثال (1) . بل ربما قیل (2) بأنّ الإطلاق إنّما هو للإتّکال علی الوضوح؛ إذ بدونها یلزم التکلیف بالمحال .

ولکنّ التحقیق - مع ذلک - : عدمُ اعتبارها فی ما هو المهمّ فی محلّ النزاع من : لزوم المحال ، - وهو اجتماع الحکمین المتضادّین ، وعدمِ الجدوی فی کون موردهما موجَّهاً بوجهین فی دفع (3) غائلة اجتماع الضدّین - ، أو عدمِ لزومه ، وأنّ تعدّد الوجه (4) یجدی فی دفعها (5) . ولا یتفاوت فی ذلک أصلاً

[شماره صفحه واقعی : 213]

ص: 9


1- بل حکی اتفاق کلمتهم علیه ( حقائق الأُصول 1 : 356 ) .
2- قاله صاحب الفصول فی فصوله : 124 .
3- فی ظاهر « ن » وحقائق الأُصول : رفع .
4- فی « ر » : تعدّد الجهة .
5- فی « ن » وحقائق الأُصول : رفعها .

وجودُ المندوحة وعدمُها . ولزوم التکلیف بالمحال بدونها محذورٌ آخرُ ، لا دخلَ له بهذا النزاع .

[*حیدری فسایی]

نعم ، لابدّ من اعتبارها فی الحکم بالجواز فعلاً ، لمن یری التکلیف بالمحال محذوراً ومحالاً ، کما ربما لابدّ من اعتبار أمر آخر فی الحکم به کذلک أیضاً .

وبالجملة: لا وجه لاعتبارها إلّالأجل اعتبار القدرة علی الامتثال ، وعدمِ لزوم التکلیف بالمحال ، ولا دخل له بما هو المحذور فی المقام من التکلیف المحال . فافهم واغتنم .

الأمر السابع :

توهّمان فی مبنی النزاع والمناقشة فیهما

السابع : انّه ربما یتوهّم:

تارةً: أنّ النزاع فی الجواز والامتناع یبتنی علی القول بتعلّق الأحکام بالطبائع . وأمّا الامتناع علی القول بتعلّقها بالأفراد فلا یکاد یخفی؛ ضرورة لزوم تعلّق الحکمین بواحدٍ شخصیّ - ولو کان ذا وجهین - علی هذا القول .

وأُخری : أنّ القول بالجواز مبنیٌّ علی القول بالطبائع؛ لتعدُّدِ متعلّق الأمر والنهی ذاتاً علیه ، وإن اتّحد (1) وجوداً ، والقولَ بالامتناع علی القول بالأفراد؛ لاتّحاد متعلّقهما شخصاً خارجاً ، وکونِه فرداً واحداً .

[*حیدری فسایی]

وأنت خبیر بفساد کلا التوهّمین؛ فإنّ تعدُّدَ الوجه إن کان یُجدی - بحیث لا یضرّ معه الاتّحادُ بحسب الوجود والإیجاد - ، لکان یُجدی ولو علی القول بالأفراد؛ فإنّ الموجود الخارجیّ الموجَّه بوجهین یکون فرداً لکلّ من الطبیعتین ، فیکون مجمعاً لفردین موجودین بوجودٍ واحد . فکما لا یضرّ وحدة الوجود بتعدّد الطبیعتین ، لا یضرّ (2) بکون المجمع اثنین بما هو مصداقٌ وفردٌ

[شماره صفحه واقعی : 214]

ص: 10


1- کذا فی الأصل وأکثر الطبعات ، وفی بعضها : اتّحدا .
2- فی مصحّح « ق » و « ش » : کذلک لا یضرّ .

لکلٍّ من الطبیعتین ، وإلّا لما کان یُجدی أصلاً حتّی علی القول بالطبائع ، کما لا یخفی؛ لوحدة الطبیعتین وجوداً واتّحادهما خارجاً .

فکما أنّ وحدة الصلاتیّة والغصبیّة فی الصلاة فی الدار المغصوبة وجوداً ، غیرُ ضائر بتعدّدهما وکونِهما طبیعتین ، کذلک وحدة ما وقع فی الخارج من خصوصیّات الصلاة فیها وجوداً ، غیرُ ضائرٍ بکونه فرداً للصلاة ، فیکون مأموراً به ، وفرداً للغصب ، فیکون منهیّاً عنه ، فهو - علی وحدته وجوداً - یکون اثنین؛ لکونه مصداقاً للطبیعتین . فلا تغفل .

الأمر الثامن :الفرق بین مسألة الاجتماع وباب التعارض:
1 - الفرق بحسب الثبوت

صوت

[*حیدری فسایی]

الثامن : أنّه لا یکاد یکون من باب الاجتماع ، إلّاإذا کان فی کلّ واحد من متعلّقی الإیجاب والتحریم مناطُ حکمه مطلقاً ، حتّی فی مورد التّصادق والاجتماع ، کی یحکم علی الجواز بکونه فعلاً محکوماً بالحکمین ، وعلی الامتناع بکونه محکوماً بأقوی المناطین ، أو بحکمٍ آخر غیر الحکمین فی ما لم یکن هناک أحدهما أقوی ، کما یأتی تفصیله (1) .

وأمّا إذا لم یکن للمتعلّقین مناطٌ کذلک ، فلا یکون (2) من هذا الباب ، ولا یکون مورد الاجتماع محکوماً إلّابحکم واحدٍ منهما إذا کان له مناطه ، أو حکمٍ آخر غیرهما فی ما لم یکن لواحدٍ منهما ، قیل بالجواز أو الامتناع .

هذا بحسب مقام الثبوت .

2 - الفرق بحسب الإثبات

وأمّا بحسب مقام الدلالة والإثبات: فالروایتان الدالّتان علی الحکمین متعارضتان ، إذا أُحرز أنّ المناط من قبیل الثانی ، فلابدّ من عمل المعارضة

[شماره صفحه واقعی : 215]

ص: 11


1- فی الأمر التاسع .
2- فی « ر » : فلا یکاد یکون .

حینئذٍ بینهما من الترجیح أو التخییر (1) ، وإلّا فلا تعارض فی البین ، بل کان من باب التزاحم بین المقتضیین . فربما کان الترجیح مع ما هو أضعف دلیلاً ؛ لکونه أقوی مناطاً ، فلا مجال حینئذٍ لملاحظة مرجّحات الروایات أصلاً ، بل لابدّ من مرجّحات المقتضیات المتزاحمات ، کما تأتی الإشارة إلیها (2) .

نعم ، لو کان کلّ منهما متکفّلاً للحکم (3) الفعلیّ لَوقع بینهما التعارض ، فلابدّ من ملاحظة مرجّحات باب المعارضة ، لو لم یوفّق بینهما بحمل أحدهما علی الحکم الاقتضائیّ بملاحظة مرجّحات باب المزاحمة ، فتفطّن .

الأمر التاسع :حکم دلیلی الأمر والنهی فی مقام الإثبات

صوت

[*حیدری فسایی]

التاسع (4) : إنّه قد عرفت : أنّ المعتبر فی هذا الباب أن یکون کلّ واحد من الطبیعة المأمور بها والمنهیّ عنها مشتملةً علی مناط الحکم مطلقاً ، حتّی فی حال الاجتماع .

فلو کان هناک ما دلّ علی ذلک من إجماع أو غیره فلا إشکال .

ولو لم یکن إلّاإطلاق دلیلی الحکمین ففیه تفصیل ، وهو:

أنّ الإطلاق لو کان فی بیان الحکم الاقتضائیّ لکان دلیلاً علی ثبوت المقتضی والمناط فی مورد الاجتماع ، فیکون من هذا الباب .

ولو کان بصدد الحکم الفعلیّ فلا إشکال فی استکشاف ثبوت المقتضی فی الحکمین علی القول بالجواز ، إلّاإذا علم إجمالاً بکذب أحد الدلیلین ، فیعامل معهما معاملة المتعارضین .

[شماره صفحه واقعی : 216]

ص: 12


1- فی غیر « ر » : من الترجیح والتخییر .
2- فی التنبیه الثانی من تنبیهات الفصل .
3- الأنسب : بالحکم .
4- الأولی له : ذکره فی ذیل الأمر المتقدّم ؛ لکونه راجعاً إلی مقام إثبات باب الاجتماع ( کفایة الأُصول مع حاشیة المشکینی 2 : 121 ) ، وانظر منته الدرایة 3 : 47 .

وأمّا علی القول بالامتناع فالإطلاقان متنافیان ، من غیر دلالة علی ثبوت المقتضی للحکمین فی مورد الاجتماع أصلاً؛ فإنّ انتفاء أحد المتنافیین کما یمکن أن یکون لأجل المانع مع ثبوت المقتضی له ، یمکن أن یکون لأجل انتفائه .

[*حیدری فسایی]

إلّاأن یقال: إنّ قضیّة التوفیق بینهما (1) هو : حمل کلٍّ منهما علی الحکم الاقتضائیّ لو لم یکن أحدهما أظهر ، وإلّا فخصوص الظاهر منهما .

فتلخّص: أنّه کلّما کانت هناک دلالة علی ثبوت المقتضی فی الحکمین ، کان من مسألة الاجتماع ، وکلّما لم تکن هناک دلالة علیه ، فهو من باب التعارض مطلقاً ، إذا کانت هناک دلالة علی انتفائه فی أحدهما بلا تعیین ولو علی الجواز ، وإلّا فعلی الامتناع .

الأمر العاشر :ثمرة المسألة

العاشر (2) : أنّه لا إشکال فی سقوط الأمر وحصول الامتثال بإتیان المجمع بداعی الأمر علی الجواز مطلقاً ، - ولو فی العبادات - ، وإن کان معصیةً للنهی أیضاً .

وکذا الحال علی الامتناع مع ترجیح جانب الأمر ، إلّاأنّه لا معصیة علیه .

وأمّا علیه وترجیح جانب النهی: فیسقط به الأمر به مطلقاً فی غیر العبادات؛ لحصول الغرض الموجب له .

وأمّا فیها فلا ، مع الالتفات إلی الحرمة ، أو بدونه تقصیراً؛ فإنّه وإن کان متمکّناً - مع عدم الالتفات - من قصد القربة ، وقد قَصَدها ، إلّاأنّه مع التقصیر

[شماره صفحه واقعی : 217]

ص: 13


1- فی نهایة الدرایة 2 : 303 : قضیة التوفیق عرفاً .
2- من هنا إلی قوله : « ضرورة أنّه لولا جعله » فی الصفحة 254 ساقط عن نسخة الأصل .

لا یصلح لأن یتقرّب به أصلاً ، فلا یقع مقرِّباً ، وبدونه لا یکاد یحصل به الغرض الموجب للأمر به عبادةً ، کما لا یخفی .

[*حیدری فسایی]

وأمّا إذا لم یلتفت إلیها قصوراً ، وقد قصد القربة بإتیانه ، فالأمر یسقط ؛ لقصد التقرّب بما یصلح لأنْ (1) یتقرّب به؛ لاشتماله علی المصلحة ، مع صدوره حَسَناً؛ لأجل الجهل بحرمته قصوراً ، فیحصل به الغرض من الأمر ، فیسقط به (2) قطعاً وإن لم یکن امتثالاً له ، بناءً علی تبعیّة الأحکام لما هو الأقوی من جهات المصالح والمفاسد واقعاً ، لا لِما هو المؤثّر منها (3) فعلاً للحسن (4) أو القبح؛ لکونهما تابعین لما علم منهما ، کما حُقّق فی محلّه .

مع أنّه یمکن أن یقال بحصول الامتثال مع ذلک؛ فإنّ العقل لا یری تفاوتاً بینه وبین سائر الأفراد فی الوفاء بغرض الطبیعة المأمور بها ، وإن لم تعمّه بما هی مأمور بها ، لکنّه لوجود المانع ، لا لعدم المقتضی .

ومن هنا انقدح : أنّه یجزئ ولو قیل باعتبار قصد الامتثال فی صحّة العبادة ، وعدمِ کفایة الإتیان بمجرّد المحبوبیّة ،

[*حیدری فسایی]

کما یکون کذلک فی ضدّ الواجب ، حیث لا یکون هناک أمرٌ یُقصد أصلاً .

وبالجملة: مع الجهل - قصوراً - بالحرمة موضوعاً أو حکماً ، یکون الإتیان بالمجمع امتثالاً، وبداعی الأمر بالطبیعة لا محالة. غایة الأمر أنّه لا یکون ممّا تَسَعه (5) بما هی مأمورٌ بها ، لو قیل بتزاحم الجهات فی مقام تأثیرها للأحکام الواقعیّة .

[شماره صفحه واقعی : 218]

ص: 14


1- أثبتنا الکلمة من « ر » ومنته الدرایة وفی غیرهما : أن .
2- أثبتنا « به » من « ق » ، « ش » وحقائق الأُصول .
3- فی « ر » : منهما .
4- الأولی : تبدیل اللام ب « فی » ( منته الدرایة 3 : 70 ) .
5- فی « ر » ، « ق » و « ش » هنا وفی المورد التالی : یسعه .

وأمّا لو قیل بعدم التزاحم إلّافی مقام فعلیّة الأحکام ، لکان ممّا تَسَعه ، وامتثالاً لأمرها بلا کلام .

وقد انقدح بذلک : الفرقُ بین ما إذا کان دلیلا الحرمة والوجوب متعارضین ، وقُدِّم دلیلُ الحرمة تخییراً أو ترجیحاً ، حیث لا یکون معه مجالٌ للصحّة أصلاً ، وبین ما إذا کانا من باب الاجتماع ، وقیل بالامتناع ، وتقدیمِ جانب الحرمة ، حیث یقع صحیحاً فی غیر موردٍ من موارد الجهل والنسیان ؛ لموافقته للغرض بل للأمر .

ومن هنا عُلم: أنّ الثواب علیه من قبیل الثواب علی الإطاعة ، لا الانقیاد ومجرّدِ اعتقاد الموافقة .

وقد ظهر بما ذکرناه : وجهُ حکم الأصحاب بصحّة الصلاة فی الدار المغصوبة مع النسیان أو الجهل بالموضوع ، بل أو الحکم ، إذا کان عن قصور ، مع أنّ الجلّ - لولا الکلّ - قائلون بالامتناع وتقدیم الحرمة ، ویحکمون بالبطلان فی غیر موارد العذر . فلتکن من ذلک علی ذُکر .

الحقّ هو :القول بالامتناع
اشارة

صوت

[*حیدری فسایی]

إذا عرفت هذه الأُمور فالحقّ هو : القول بالامتناع ، کما ذهب إلیه المشهور . وتحقیقه - علی وجهٍ یتّضح به فساد ما قیل أو یمکن أن یقال ، من وجوه الاستدلال لسائر الأقوال - یتوقّف علی :

مقدّمات الاستدلال:
اشارة

تمهید مقدّمات :

1 - تضادّ الأحکام الخمسة

إحداها : أنّه لا ریب فی أنّ الأحکام الخمسة متضادّة فی مقام فعلیّتها ، وبلوغِها إلی مرتبة البعث والزجر؛ ضرورة ثبوت المنافاة والمعاندة التامّة بین البعث نحوَ واحدٍ فی زمانٍ ، والزجرِ عنه فی ذاک الزمان ، وإن لم یکن بینها

[شماره صفحه واقعی : 219]

ص: 15

مضادّة ما لم تبلغ إلی تلک المرتبة؛ لعدم المنافاة والمعاندة بین وجوداتها الإنشائیّة قبل البلوغ إلیها ، کما لایخفی .

فاستحالة اجتماع الأمر والنهی فی واحد لا تکون من باب التکلیف بالمحال ، بل من جهة أنّه بنفسه محال ، فلا یجوز عند من یجوّز التکلیف بغیر المقدور أیضاً .

2 - تعلّق الأحکام بأفعال المکلّفین لا بعناوینها

ثانیتها : أنّه لا شبهة فی أنّ متعلّق الأحکام هو فعل المکلّف ، وما هو فی الخارج یصدر عنه ، وما هو فاعله وجاعله (1) ، لا ما هو اسمه - وهو واضح - ، ولا ما هو عنوانه ممّا قد انتُزع عنه - بحیث لولا انتزاعه تصوّراً واختراعه ذهناً ، لَما کان بحذائه شیءٌ خارجاً - ویکون خارج المحمول (2) ، کالملکیّة والزوجیّة والرقیّة والحرّیّة والغصبیّة ... إلی غیر ذلک من الاعتبارات والإضافات؛

[*حیدری فسایی]

ضرورة أنّ البعث لیس نحوَه ، والزجرَ لا یکون عنه ، وإنّما یؤخذ فی متعلّق الأحکام آلةً للحاظ متعلّقاتها ، والإشارةِ إلیها بمقدار الغرض منها والحاجةِ إلیها ، لا بما هو هو وبنفسه ، وعلی استقلاله وحیاله .

3 تعدّد العنوان لا یوجب تعدّدَ المعنون وجوداً

ثالثتها : انّه لا یوجب تعدُّدُ الوجه والعنوان تعدُّدَ المعنون ، ولا ینثلم به وحدتُه؛ فإنّ المفاهیم المتعدّدة والعناوین الکثیرة ربما تنطبق علی الواحد ، وتصدق علی الفارد الّذی لا کثرة فیه من جهةٍ ، بل بسیطٌ من جمیع الجهات ، لیس فیه « حیثٌ » غیر « حیثٍ » ، وجهةٌ مغایرة لجهةٍ أصلاً ، کالواجب - تبارک وتعالی - ، فهو علی بساطته و وحدته وأحدیّته ، تصدق علیه مفاهیم الصفات

[شماره صفحه واقعی : 220]

ص: 16


1- أثبتنا العبارة من « ر » . وفی غیرها : وهو فاعله وجاعله .
2- کذا ، والأوفق بمعنی الاصطلاح : الخارج المحمول .

الجلالیّة والجمالیّة ، له الأسماء الحسنی والأمثال العلیا ، لکنّها بأجمعها حاکیة عن ذاک (1) الواحد الفرد الأحد . عباراتنا شتّی وحُسنک واحدٌ وکلٌّ إلی ذاک الجمال یشیر

4 - الواحدوجوداً واحدٌ ماهیّةً

صوت

[*حیدری فسایی]

رابعتها : انّه لا یکاد یکون للموجود بوجودٍ واحد ، إلّاماهیّةً واحدة وحقیقةً فاردة ، لا یقع فی جواب السؤال عن حقیقته بما هو إلّاتلک الماهیّة ، فالمفهومان المتصادقان علی ذاک لا یکاد یکون کلٌّ منهما ماهیّةً وحقیقة ، وکانت (2) عینَه فی الخارج ، کما هو شأن الطبیعیّ وفرده ، فیکون الواحد وجوداً ، واحداً ماهیّةً وذاتاً لا محالة ، فالمجمع وإن تصادق علیه متعلّقا الأمر والنهی ، إلّاأنّه کما یکون واحداً وجوداً ، یکون واحداً ماهیّةً وذاتاً ، ولا یتفاوت فیه القول بأصالة الوجود أو أصالة الماهیّة .

مناقشة ماأفاده فی الفصول فی ابتناء المسألة

ومنه ظهر : عدم ابتناء القول بالجواز والامتناع فی المسألة علی القولین فی تلک المسألة ، کما توهّم فی الفصول (3) .

کما ظهر : عدم الابتناء علی تعدّد وجود الجنس والفصل فی الخارج ، وعدمِ تعدّده (4) ؛ ضرورةَ عدم کون العنوانین المتصادقین علیه من قبیل الجنس

[شماره صفحه واقعی : 221]

ص: 17


1- فی « ر » ومنته الدرایة : ذلک .
2- الأولی : إسقاطه ( کانت ) لیکون « عینه » معطوفاً علی « ماهیة » یعنی : ولا یکاد کل من المفهومین ماهیة وعینه فی الخارج ، أو تبدیل « کانت » ب « تکون » لیصیر معطوفاً علی « یکون » . ( منته الدرایة 3 : 181 ) .
3- راجع الفصول : 126 .
4- المصدر السابق ، وصریح عبارته هو ابتناء الدلیل الأول ( الذی ذکره ) للامتناع علی الأصلین : أصالة الوجود واتحاد الجنس والفصل ، لا ابتناء الخلاف فی المسألة علیهما . ومن هنا قال بعد ذلک : ولنا أن نقرّر الدلیل علی وجه لا یبتنی علی هذا الأصل ، یعنی الأصل الثانی ، فلاحظ . ( حقائق الأُصول 1 : 372 ) وراجع کفایة الأُصول مع حاشیة المشکینی 2 : 138 .

والفصل له ،

[*حیدری فسایی]

وأنّ (1) مثل الحرکة فی دار - من أیّ مقولة کانت - لا تکاد تختلف (2) حقیقتها وماهیّتها وتتخلّف (3) ذاتیّاتها ، وقعت جزءً للصلاة ، أو لا ، کانت تلک الدار مغصوبةً ، أو لا (4)* .

إذا عرفت ما مهّدناه عرفت:

تقریر دلیل الامتناع

أنّ المجمع حیث کان واحداً وجوداً وذاتاً ، کان تعلّق الأمر والنهی به محالاً ولو کان تعلّقهما به بعنوانین؛ لما عرفت من کون فعل المکلّف - بحقیقته وواقعیّته الصادرة عنه - متعلّقاً للأحکام ، لا بعناوینه الطارئة علیه .

إشارة إلی دلیل الجواز والجواب عنه

صوت

[*حیدری فسایی]

وأنّ غائلة اجتماع الضدّین فیه لاتکاد ترتفع بکون الأحکام تتعلّق بالطبائع لا الأفراد (5) ؛ فإنّ غایة تقریبه (6) أن یقال:

[شماره صفحه واقعی : 222]

ص: 18


1- فی « ر » : من قبیل تصادق الجنس والفصل وأنّ .
2- فی غیر « ر » : لا یکاد یختلف .
3- فی غیر « ر » : یتخلّف .
4- (*) وقد عرفت : أنّ صدق العناوین المتعدّدة لا تکاد تنثلم به وحدة المعنون ، لا ذاتاً ولا وجوداً ، غایته أن تکون له خصوصیّةٌ بها یستحقّ الاتّصاف بها ، ومحدوداً بحدودٍ موجبة لانطباقها علیه کما لا یخفی . وحدوده ومختصّاته لا توجب تعدّده بوجهٍ أصلاً ، فتدبّر جیّداً . ( منه قدس سره ) .
5- إشارة إلی الجزء الأول من الدلیل الأول الذی ذکره المحقّق القمّی علی الجواز . ( القوانین 1 : 140 ) . وقال فی مطارح الأنظار 2 : 677 - بشأن الدلیل - وقد سلک هذا المسلک غیر واحد من المجوّزین ، وأوضحه المحقّق القمّی .
6- ورد هذا التقریب باختلاف یسیر فی الفصول : 125 .

إنّ الطبائع من حیث هی هی وإن کانت لیست إلّاهی ، ولا تتعلّق بها الأحکام الشرعیّة - کالآثار العادیّة والعقلیّة - ، إلّاأنّها مقیّدةً بالوجود - بحیث کان القید خارجاً والتقیّد داخلاً - صالحةٌ لتعلُّقِ الأحکام بها .

ومتعلّقا الأمر والنهی علی هذا لا یکونان متّحدین أصلاً ، لا فی مقام تعلّق البعث والزجر ، ولا فی مقام عصیان النهی وإطاعة الأمر بإتیان المجمع بسوء الاختیار :

أمّا فی المقام الأوّل: فلتعدّدهما بما هما متعلّقان لهما ، وإن کانا متّحدین فی ما هو خارج عنهما بما هما کذلک .

وأمّا فی المقام الثانی: فلسقوط أحدهما بالإطاعة ، والآخر بالعصیان بمجرّد الإتیان ، ففی أیّ مقام اجتمع الحکمان فی واحد ؟

[*حیدری فسایی]

وأنت خبیر: بأنّه لا یکاد یُجدی بعد ما عرفت من أنّ تعدّد العنوان لا یوجب تعدّد المعنون ، لا وجوداً ولا ماهیّةً ، ولا تنثلم به وحدتُه أصلاً ، وأنّ المتعلّق للأحکام هو المعنونات لا العنوانات ، وأنّها إنّما تؤخذ فی المتعلّقات بما هی حاکیات - کالعبارات - ، لا بما هی علی حیالها واستقلالها .

إشارة إلی دلیل آخر علی الجواز والجواب عنه

کما ظهر ممّا حقّقناه: أنّه لا یکاد یُجدی أیضاً کون الفرد مقدّمةً لوجود الطبیعیّ المأمور به أو المنهیّ عنه (1) ، وأنّه لا ضیر فی کون المقدّمة محرّمةً فی صورة عدم الانحصار بسوء الاختیار (2)؛ وذلک - مضافاً إلی

[شماره صفحه واقعی : 223]

ص: 19


1- إشارة إلی الجزء الثانی من الدلیل الأول للمحقّق القمّی . راجع القوانین 1 : 141 .
2- أیضاً إشارة إلی کلام آخر للمحقّق القمّی ، راجع المصدر : 141 . لکنّه لم یقیّد الانحصار بسوء الاختیار ، کما قیّده المصنّف هنا . أُنظر عنایة الأُصول 2 : 68 .

وضوح فساده ، وأنّ الفرد هو عین الطبیعیّ فی الخارج ، کیف ؟ والمقدّمیّة تقتضی الإثنینیّة بحسب الوجود ، ولا تعدُّدَ کما هو واضح - أنّه إنّما یُجدی لو لم یکن المجمع واحداً ماهیّةً ، وقد عرفت - بما لا مزید علیه - أنّه بحسبها أیضاً واحد .

أدلّة القول بجواز الاجتماع:
اشارة

صوت

[*حیدری فسایی]

ثمّ إنّه قد استدلّ علی الجواز (1) بأُمور :

الدلیل الأول :الوقوع
اشارة

منها: أنّه لو لم یجز اجتماع الأمر والنهی لما وقع نظیرُه ، وقد وقع ، کما فی العبادات المکروهة ، کالصلاة فی مواضع التُّهمة وفی الحمّام ، والصیام فی السفر وفی بعض الأیّام .

بیان الملازمة: أنّه لو لم یکن تعدّد الجهة مجدیاً فی إمکان اجتماعهما ، لما جاز اجتماع حکمین آخرین فی موردٍ مع تعدّدها؛ لعدم اختصاصهما من بین الأحکام بما یوجب الامتناع من التضادّ؛ بداهةَ تضادّها بأسرها ، والتالی باطلٌ؛ لوقوع اجتماع الکراهة والإیجاب أو الاستحباب فی مثل الصلاة فی الحمّام ، والصیام فی السفر وفی عاشوراء - ولو فی الحضر - ، واجتماعِ الوجوب أو الاستحباب مع الإباحة أو الاستحباب فی مثل الصلاة فی المسجد أو الدار (2) .

والجواب عنه:

الجواب عنه إجمالاً

أمّا إجمالاً: فبأنّه لابدّ من التصرّف والتأویل فی ما وقع فی الشریعة ممّا ظاهره الاجتماع ، بعدَ قیام الدلیل علی الامتناع؛ ضرورةَ أنّ الظهور

[شماره صفحه واقعی : 224]

ص: 20


1- حقّ العبارة أن تکون هکذا : ثمّ إنه قد استدلّ علی الجواز - مضافاً إلی الوجهین المزبورین - بأُمور أُخر .. ( منته الدرایة 3 : 102 ) .
2- الدلیل وتقریبه مذکوران فی القوانین 1 : 142 - 143 .

لا یصادم البرهان .

مع أنّ قضیّة ظهور تلک الموارد : اجتماعُ الحکمین فیها بعنوانٍ واحد ، ولا یقول الخصم بجوازه کذلک ، بل بالامتناع ما لم یکن بعنوانین وبوجهین .

فهو أیضاً لابدّ له من التفصّی عن إشکال الاجتماع فیها ، لا سیّما إذا لم یکن هناک مندوحة ، کما فی العبادات المکروهة الّتی لا بدل لها ، فلا یبقی له مجال للاستدلال بوقوع الاجتماع فیها علی جوازه أصلاً ، کما لا یخفی .

الجواب عنه تفصیلاً

وأمّا تفصیلاً: فقد اجیب عنه بوجوه ، یوجب ذکرها - بما فیها من النقض والإبرام - طولَ الکلام بما لا یسعه المقام .

فالأولی : الاقتصار علی ما هو التحقیق فی حَسْم مادّة الإشکال ، فیقال - وعلی اللّٰه الاتّکال - :

أقسام العبادات المکروهة

إنّ العبادات المکروهة علی ثلاثة أقسام:

أحدها: ما تعلّق به النهی بعنوانه وذاته ، ولا بدل له ، کصوم یوم عاشوراء ، والنوافل المبتدأة فی بعض الأوقات .

ثانیها: ما تعلّقَ به النهی کذلک ، ویکون له البدل ، کالنهی عن الصلاة فی الحمّام .

ثالثها: ما تعلّق النهی به لا بذاته ، بل بما هو مجامع معه وجوداً ، أو ملازمٌ له خارجاً ، کالصلاة فی مواضع التُّهمة ، بناءً علی کون النهی عنها لأجل اتّحادها مع الکون فی مواضعها .

تحقیق الکلام فی القسم الأول

صوت

[*حیدری فسایی]

أمّا القسم الأوّل: فالنهی تنزیهاً عنه - بعد الإجماع علی أنّه یقع صحیحاً (1)،

[شماره صفحه واقعی : 225]

ص: 21


1- راجع جواهر الکلام 17 : 105 .

ومع ذلک یکون ترکه أرجح ، کما یظهر من مداومة الأئمّة علیهم السلام علی الترک (1) - :

إمّا لأجل انطباق عنوانٍ ذی مصلحةٍ (2) علی الترک ، فیکون الترک - کالفعل - ذا مصلحةٍ موافقةٍ للغرض ، وإن کان مصلحة الترک أکثر ، فهما حینئذٍ یکونان من قبیل المستحبّین المتزاحمین ، فیحکم بالتخییر بینهما لو لم یکن أهمّ فی البین ، وإلّا فیتعیّن الأهمّ ، وإن کان الآخر یقع صحیحاً ؛ حیث إنّه کان راجحاً وموافقاً للغرض ، کما هو الحال فی سائر المستحبّات المتزاحمات ، بل الواجبات .

وأرجحیّة الترک من الفعل لا توجب حزازة ومنقصة فیه أصلاً (3)* ، کما یوجبها ما إذا کان فیه مفسدةً غالبةً علی مصلحته ، ولذا لا یقع صحیحاً علی

[شماره صفحه واقعی : 226]

ص: 22


1- وسائل الشیعة 10 : 457 ، باب استحباب صوم یوم التاسع والعاشر من المحرم حزناً .
2- فی نهایة الدرایة 2 : 330 : « راجح » بدل : ذی مصلحة .
3- (*) ربّما یقال: إنّ أرجحیّة الترک وإن لم توجب منقصةً وحزازة فی الفعل أصلاً ، إلّاأنّه توجب المنع منه فعلاً ، والبعث إلی الترک قطعاً ، کما لا یخفی . ولذا کان ضدّ الواجب - بناءً علی کونه مقدّمةً له - حراماً ، ویفسد لو کان عبادة . مع أنّه لا حزازة فی فعله ، وإنّما کان النهی عنه وطلب ترکه لما فیه من المقدّمیّة له ، وهو علی ما هو علیه من المصلحة ، فالمنع عنه لذلک کافٍ فی فساده لو کان عبادة . قلت: یمکن أن یقال: إنّ النهی التحریمیّ لذلک وإن کان کافیاً فی ذلک بلا إشکالٍ ، إلّاأنّ التنزیهیّ غیر کافٍ ، إلّاإذا کان عن حزازة فیه؛ وذلک لبداهة عدم قابلیّة الفعل للتقرّب به منه - تعالی - مع المنع عنه وعدم ترخیصه فی ارتکابه . بخلاف التنزیهیّ عنه إذا کان لا لحزازة فیه ، بل لما فی الترک من المصلحة الراجحة ، حیث إنّه معه مرخّص فیه ، وهو علی ما هو علیه من الرجحان والمحبوبیّة له - تعالی - ، ولذلک لم تفسد العبادة إذا کانت ضدّاً لمستحبّة أهمّ اتّفاقاً ، فتأمّل . ( منه قدس سره ) .

الامتناع؛ فإنّ الحزازة والمنقصة فیه مانعة عن صلاحیّة التقرّب به ، بخلاف المقام ، فإنّه علی ما هو علیه من الرجحان وموافقةِ الغرض - کما إذا لم یکن ترکه راجحاً - بلا حدوثِ حزازةٍ فیه أصلاً .

وإمّا لأجل ملازمة الترک لعنوانٍ کذلک من دون انطباقه علیه ، فیکون کما إذا انطبق علیه من غیر تفاوت ،

[*حیدری فسایی]

إلّافی أنّ الطلب المتعلّق به حینئذٍ لیس بحقیقیٍّ ، بل بالعرَض والمجاز ، فإنّما یکون فی الحقیقة متعلّقاً بما یلازمه من العنوان . بخلاف صورة الانطباق ؛ لتعلّقه به حقیقةً ، کما فی سائر المکروهات من غیر فرق ، إلّاأنّ منشأه فیها حزازةٌ ومنقصة فی نفس الفعل ، وفیه رجحان فی الترک ، من دون حزازة فی الفعل أصلاً ، غایة الأمر کون الترک أرجح .

نعم ، یمکن أن یحمل النهی - فی کلا القسمین - علی الإرشاد إلی الترک الّذی هو أرجح من الفعل ، أو ملازمٌ لما هو الأرجح وأکثر ثواباً لذلک ، وعلیه یکون النهی علی نحو الحقیقة ، لا بالعرض والمجاز ، فلا تغفل .

تحقیق الکلام فی القسم الثانی

وأمّا القسم الثانی: فالنهی فیه یمکن أن یکون لأجل ما ذُکر فی القسم الأوّل طابق النعل بالنعل .

کما یمکن أن یکون بسبب حصول منقصة فی الطبیعة المأمور بها ، لأجل تشخُّصها فی هذا القسم بمشخِّص غیرِ ملائم لها ، کما فی الصلاة فی الحمّام؛ فإنّ تشخّصها بتشخّص وقوعها فیه لا یناسب کونَها معراجاً ، وإن لم یکن نفسُ الکون فی الحمّام بمکروهٍ ، ولا حزازة فیه أصلاً ، بل کان راجحاً کما لا یخفی .

وربما یحصل لها - لأجل تخصّصها بخصوصیّة شدیدة الملائمة معها - مزیّةٌ فیها ، کما فی الصلاة فی المسجد والأمکنة الشریفة؛ وذلک لأنّ الطبیعة المأمور

[شماره صفحه واقعی : 227]

ص: 23

بها فی حدّ نفسها - إذا کانت (1) مع تشخُّصٍ لا تکون له شدّةُ الملائمة ، ولا عدم الملائمة - لها مقدارٌ من المصلحة والمزیّة ، کالصلاة فی الدار - مثلاً - ، وتزداد تلک المزیّة فی ما کان تشخّصها بما لَه شدّة الملائمة ، وتنقص فی ما إذا لم تکن له ملائمة . ولذلک ینقص ثوابها تارةً ، ویزید أُخری .

[*حیدری فسایی]

ویکون النهی فیه - لحدوث نقصانٍ فی مزیّتها فیه - إرشاداً إلی ما لا نقصان فیه من سائر الأفراد ، ویکون أکثر ثواباً منه .

ولْیکن هذا (2) مراد من قال: إنّ الکراهة فی العبادة بمعنی أنّها تکون أقلّ ثواباً .

ولا یردّ علیه : بلزوم اتّصاف العبادة الّتی تکون أقلّ ثواباً من الاُخری بالکراهة (3) ، ولزومِ اتّصاف ما لا مزیّة فیه ولا منقصة بالاستحباب؛ لأنّه أکثر ثواباً ممّا فیه المنقصة .

لما عرفت من أنّ المراد من کونه أقلَّ ثواباً ، إنّما هو بقیاسه إلی نفس الطبیعة المتشخّصة ، بما لا یحدث معه مزیّة لها ولا منقصة من المشخّصات ، وکذا کونه أکثرَ ثواباً .

ولا یخفی: أنّ النهی فی هذا القسم لا یصحّ إلّاللإرشاد ، بخلاف القسم الأوّل ، فإنّه یکون فیه مولویّاً ، وإن کان حمله علی الإرشاد بمکانٍ من الإمکان .

[شماره صفحه واقعی : 228]

ص: 24


1- فی « ق » و « ش » : کان . یلاحظ منته الدرایة 3 : 122 .
2- فی « ر » : ولعلّ هذا .
3- هذا الإیراد ذکره صاحب الفصول فی فصوله : 131 وتعرّض له المحقّق القمّی واعترف بعدم وروده ، کما ذکره الشیخ الأعظم - علی ما فی تقریراته - ثمّ أجاب عنه . راجع القوانین 1: 143 ، ومطارح الأنظار 1 : 636 - 637 .
تحقیق الکلام فی القسم الثالث

وأمّا القسم الثالث: فیمکن أن یکون النهی فیه عن العبادة - المتّحدة مع ذاک العنوان ، أو الملازمةِ له - بالعرض والمجاز ، وکان المنهیّ عنه به حقیقةً ذاک العنوان .

ویمکن أن یکون - علی الحقیقة - إرشاداً إلی غیرها من سائر الأفراد ، ممّا لا یکون متّحداً معه أو ملازماً له؛ إذ المفروض : التمکّن من استیفاء مزیّة العبادة بلا ابتلاءٍ بحزازةِ ذاک العنوان أصلاً .

[*حیدری فسایی]

هذا علی القول بجواز الاجتماع .

وأمّا علی الامتناع : فکذلک فی صورة الملازمة . وأمّا فی صورة الاتّحاد وترجیح جانب الأمر - کما هو المفروض ، حیث إنّه صحّة العبادة - فیکون حال النهی فیه حاله فی القسم الثانی ، فیحمل علی ما حُمِل علیه فیه ، طابق النعل بالنعل ، حیث إنّه بالدقّة یرجع إلیه؛ إذ علی الامتناع لیس الاتّحاد مع العنوان الآخر إلّامن مخصِّصاته ومشخِّصاته ، الّتی تختلف الطبیعة المأمور بها فی المزیّة - زیادةً ونقیصةً - بحسب اختلافها فی الملائمة ، کما عرفت .

وقد انقدح بما ذکرناه: أنّه لا مجال أصلاً لتفسیر الکراهة فی العبادة بأقلّیّة الثواب فی القسم الأوّل مطلقاً ، وفی هذا القسم علی القول بالجواز .

کما انقدح حالُ اجتماع الوجوب والاستحباب فیها ،

[*حیدری فسایی]

وأنّ الأمر الاستحبابیّ یکون علی نحو الإرشاد إلی أفضل الأفراد مطلقاً علی نحو الحقیقة ، و مولویّاً اقتضائیّاً کذلک ، وفعلیّاً بالعرض والمجاز فی ما کان ملاکه ملازمتها لما هو مستحبّ ، أو متّحد معه (1) علی القول بالجواز .

[شماره صفحه واقعی : 229]

ص: 25


1- فی مصحّح « ن » : أو متحدة معه . قال فی منته الدرایة 3 : 227 : العبارة لا تخلو عن اضطراب ؛ لأنّ قوله : « متحد » معطوف علی « ملازمتها » لیکون المراد به مولویة الأمر الندبی اقتضاءً حقیقة ، کی یصیر مثالاً لقوله : « ومولویاً اقتضائیاً کذلک » فالصواب حینئذ : تبدیل « متحد » ب « اتحاد » . والحاصل : أنّ حقّ العبارة أن تکون هکذا : وفعلیاً بالعرض والمجاز ، فی ما کان ملاکه ملازمتها أو اتحادها مع ما هو مستحب .

ولا یخفی: أنّه لایکاد یأتی القسم الأوّل هاهنا (1)؛ فإنّ انطباق عنوان راجح علی الفعل الواجب الّذی لا بدل له إنّما یؤکّد إیجابه ، لا أنّه یوجب استحبابه أصلاً ، ولو بالعرض والمجاز ،

[*حیدری فسایی]

إلّاعلی القول بالجواز . وکذا فی ما إذا لازَمَ مثلَ هذا العنوان ، فإنّه لو لم یؤکّد الإیجاب لما یصحَّح (2) الاستحباب إلّااقتضائیّاً بالعرض والمجاز . فتفطّن .

الدلیل الثانی علی جواز الاجتماع والجواب عنه
اشارة

ومنها: أنّ أهل العرف یعدّون من أتی بالمأمور به فی ضمن الفرد المحرّم ، مطیعاً وعاصیاً من وجهین ، فإذا أمر المولی عبده بخیاطة ثوب ، ونهاه عن الکون فی مکان خاصّ - کما مثّل به الحاجبیّ والعضدیّ (3) - فلو خاطه فی ذاک المکان ، عُدَّ مطیعاً لأمر الخیاطة ، وعاصیاً للنهی عن الکون فی ذلک المکان (4) .

وفیه: - مضافاً إلی المناقشة فی المثال بأنّه لیس من باب الاجتماع؛ ضرورةَ أنّ الکون المنهیّ عنه غیرُ متّحد مع الخیاطة وجوداً أصلاً ، کما لا یخفی - المنعُ إلّا عن صدق أحدهما: إمّا الإطاعة بمعنی الامتثال فی ما غلب جانب الأمر ، أو العصیان فی ما غلب جانب النهی؛ لما عرفت من البرهان علی الامتناع .

[شماره صفحه واقعی : 230]

ص: 26


1- الظاهر : أنّه حُذف هنا جملة : « ما ذکر » ، فالصواب أن یقال : لا یکاد یأتی ما ذکر فی القسم الأول هاهنا . ( منته الدرایة 3 : 136 ) .
2- فی « ش » : « لما یصحّ » . ولعلّ الأنسب : لم یصحّ .
3- شرح العضدی علی مختصر الحاجبی 1 : 92 - 93 .
4- راجع القوانین 1 : 148 .

نعم ، لا بأس بصدق الإطاعة - بمعنی حصول الغرض - والعصیانِ فی التوصّلیّات . وأمّا فی العبادات فلا یکاد یحصل الغرض منها إلّافی ما صدر من المکلّف فعلاً غیر محرّم وغیر مبغوض علیه ، کما تقدّم (1) .

القول بالجواز عقلاً والامتناع عرفاً والمناقشة فیه

صوت

[*حیدری فسایی]

بقی الکلام فی حال التفصیل من بعض الأعلام ، والقول بالجواز عقلاً ، والامتناع عرفاً (2) .

وفیه: أنّه لا سبیل للعرف فی الحکم بالجواز أو الامتناع إلّاطریق العقل ، فلا معنی لهذا التفصیل إلّاما أشرنا إلیه من النظر المسامحیّ غیر المبتنی علی التدقیق والتحقیق . وأنت خبیر بعدم العبرة به ، بعد الإطّلاع علی خلافه بالنظر الدقیق .

وقد عرفت فی ما تقدّم (3) : أنّ النزاع لیس فی خصوص مدلول صیغة الأمر والنهی ، بل فی الأعمّ ، فلا مجال لأن یتوهّم أنّ العرف هو المحکّم فی تعیین المدالیل ، ولعلّه کان بین مدلولیهما - حسب تعیینه - تنافٍ لا یجتمعان فی واحد ولو بعنوانین ، وإن کان العقل یری جواز اجتماع الوجوب والحرمة فی واحد بوجهین ، فتدبّر .

[شماره صفحه واقعی : 231]

ص: 27


1- فی الأمر العاشر من مقدّمات هذا الفصل .
2- قال فی مطارح الأنظار 1 : 611 : نسبه بعضهم إلی الأردبیلی فی شرح الإرشاد ( مجمع الفائدة والبرهان 2 : 110 - 112 ) . ثمّ أنکر هذه الاستفادة من کلامه وقال : وقد یُنسب ذلک إلی فاضل الریاض ، وکأنّه مسموع منه شفاهاً . وقال فی موردٍ آخر ( مطارح الأنظار 1 : 695 ) : ویظهر ذلک من سلطان المحقّقین أیضاً فی تعلیقاته علی المعالم ، والمحقّق القمّی .
3- فی الأمر الرابع من مقدّمات هذا الفصل .

وینبغی التنبیه علی أُمور:

تنبیهات المسألة :
التنبیه الأول :مناط الاضطرار الرافع للحرمة
اشارة

الأوّل: إنّ الاضطرار إلی ارتکاب الحرام وإن کان یوجب ارتفاعَ حرمته والعقوبةِ علیه ، مع بقاء ملاک وجوبه - لو کان - مؤثّراً له ، کما إذا لم یکن بحرام بلا کلام، إلّاأنّه إذا لم یکن الاضطرار إلیه بسوء الاختیار ، - بأن یختار ما یؤدّی إلیه لا محالة - ، فإنّ الخطاب بالزجر عنه حینئذٍ وإن کان ساقطاً ، إلّاأنّه حیث یصدر عنه مبغوضاً علیه ، وعصیاناً لذاک الخطاب ، ومستحقّاً علیه العقاب ، لا یصلح لأن یتعلّق به الإیجاب .

[*حیدری فسایی]

وهذا فی الجملة ممّا لا شبهة فیه ولا ارتیاب .

حکم الاضطرار بسوء الاختیار بناءً علی الامتناع

وإنّما الإشکال فی ما إذا کان ما اضطُرَّ إلیه بسوء اختیاره ، ممّا ینحصر به التخلّص عن محذور الحرام - کالخروج عن الدار المغصوبة فی ما إذا توسّطها بالاختیار - فی کونه منهیّاً عنه ، أو مأموراً به ، مع جریان حکم المعصیة علیه (1) أو بدونه (2) ، فیه أقوال .

هذا علی الامتناع .

حکم الاضطرار بسوء الاختیاربناءً علی الجواز :
اشارة

وأمّا علی القول بالجواز:

1 - مختار أبی هاشم والمحقّق القمّی

فعن أبی هاشم: أنّه مأمور به ومنهیّ عنه (3) . واختاره الفاضل القمّیّ ،

[شماره صفحه واقعی : 232]

ص: 28


1- وهو مختار الفصول : 138 ، ونسبه فی القوانین 1 : 153 إلی الفخر الرازی .
2- وهذا ما اختاره الشیخ الأعظم الأنصاری علی ما فی مطارح الأنظار 1 : 709 ، واستظهره من کلمات الفقهاء أیضاً .
3- نقله عنه العلامة فی نهایة الوصول : 117 والعضدی فی شرح المختصر : 94 . وقال المحقّق الرشتی ( شرح کفایة الأُصول 1 : 236 ) : أقول : فی النسبة منع ، وجهه : أن صاحب الجواهر قال - فی مسألة الصلاة فی المکان المغصوب التی قد أفتی المحقّق بصحّة الصلاة فی ضیق الوقت فی حال الخروج - : لکن عن أبی هاشم أنّ الخروج أیضاً تصرّف فی المغصوب ، فیکون معصیة ، فلا تصحّ الصلاة حینئذ وهو خارج ، سواءٌ تضیّق الوقت أم لا ( جواهر الکلام 8 : 294 ) . وهو کما تری صریح فی أنّ أبی هاشم لم یقل بصحّة الصلاة المزبورة ، ولو کان قائلاً فی مسألة الاجتماع بالجواز ؛ لأنّ القول بالجواز من الجهتین لا یستلزم صحّة الصلاة ؛ لعدم تعدّد الجهة عنده .

ناسباً له إلی أکثر المتأخّرین وظاهرِ الفقهاء (1) .

2 - مختار المصنف

والحقّ : أنّه منهیٌّ عنه بالنهی السابق الساقط بحدوث الاضطرار إلیه ، وعصیانٌ له بسوء الاختیار . ولا یکاد یکون مأموراً به - کما إذا لم یکن هناک توقّف علیه (2)* ، أو بلا انحصارٍ به - ؛ وذلک ضرورة أنّه حیث کان قادراً علی ترک الحرام رأساً ، لا یکون عقلاً معذوراً فی مخالفته فی ما اضطرّ إلی ارتکابه بسوء اختیاره ، ویکون معاقباً علیه - کما إذا کان ذلک بلا توقّف علیه ، أو مع عدم الانحصار به - .

ولا یکاد یُجدی توقّف انحصار التخلّص عن الحرام به (3)؛ لکونه بسوء الاختیار .

[شماره صفحه واقعی : 233]

ص: 29


1- القوانین 1 : 153 .
2- (*) لا یخفی : أنّه لا توقّف هاهنا حقیقةً؛ بداهةَ أنّ الخروج إنّما هو مقدّمة للکون فی خارج الدار ، لا مقدّمة لترک الکون فیها الواجب ؛ لکونه ترک الحرام . نعم ، بینهما ملازمة ، لأجل التضادّ بین الکونین ، ووضوح الملازمة بین وجود الشیء وعدم ضدّه ، فیجب الکون فی خارج الدار عَرَضاً ؛ لوجوب ملازمه حقیقةً ، فتجب مقدّمته کذلک . وهذا هو الوجه فی المماشاة والجری علی أنّ مثل الخروج یکون مقدّمة لما هو الواجب من ترک الحرام ، فافهم . ( منه قدس سره ) .
3- تعریض بالشیخ الأعظم الأنصاری ، حیث استدلّ علی کون الخروج مأموراً به ب : أنّ التخلّص عن الغصب واجب ، ولا سبیل إلی التخلّص إلّابالخروج . راجع مطارح الأنظار 1 : 709 .

إن قلت: کیف لا یجدیه ، ومقدّمة الواجب واجبة ؟

قلت: إنّما تجب المقدّمة لو لم تکن محرّمة ، ولذا لا یترشّح الوجوب من الواجب إلّاعلی ما هو المباح من المقدّمات ، دون المحرّمة ، مع اشتراکهما فی المقدّمیّة .

[*حیدری فسایی]

وإطلاق الوجوب (1) بحیث ربما یترشّح منه الوجوب علیها مع انحصار المقدّمة بها ، إنّما هو فی ما إذا کان الواجب أهمَّ من ترک المقدّمة المحرّمة ، والمفروض هاهنا وإن کان ذلک ، إلّاأنّه کان بسوء الاختیار ، ومعه لا یتغیّر عمّا هو علیه من الحرمة والمبغوضیّة ، وإلّا لکانت الحرمة معلّقةً علی إرادة المکلّف واختیاره لغیره ، وعدمُ حرمته مع (2) اختیاره له ، وهو کما تری ، مع أنّه خلاف الفرض ، وأنّ الاضطرار یکون بسوء الاختیار .

3 - مختار الشیخ الأنصاریّ
اشارة

إن قلت: إنّ التصرّف فی أرض الغیر بدون إذنه بالدخول والبقاء حرامٌ بلا إشکال ولا کلام . وأمّا التصرّف بالخروج الّذی یترتّب علیه رفع الظلم ، ویتوقّف علیه التخلّص عن التصرّف الحرام ، فهو لیس بحرام فی حالٍ من الحالات ، بل حاله مثل حال (3) شرب الخمر ، المتوقّف علیه النجاة من الهلاک ، فی الاتّصاف بالوجوب فی جمیع الأوقات .

[*حیدری فسایی]

ومنه ظهر المنع عن کون جمیع أنحاء التصرّف فی أرض الغیر - مثلاً - حراماً قبل الدخول ، وأنّه یتمکّن من ترک الجمیع حتّی الخروج؛ وذلک لأنّه

[شماره صفحه واقعی : 234]

ص: 30


1- فی « ر » : وإطلاق الوجوب وأهمیّة الواجب .
2- الظاهر : کون کلمة « مع » غلطاً ، وحقّ العبارة أن یقال : علی اختیاره له ( کفایة الأُصول مع حاشیة المشکینی 2 : 169 ) ، وراجع منته الدرایة 3 : 155 .
3- أثبتنا العبارة من « ر » ، « ق » ، « ش » وفی غیرها : بل حاله حال مثل .

لو لم یدخل لما کان متمکّناً من الخروج وترکِه . وترکُ الخروج بترک الدخول رأساً لیس فی الحقیقة إلّاترک الدخول . فمن لم یشرب الخمر ؛ لعدم وقوعه فی المهلکة الّتی یعالجها به - مثلاً - لم یصدق علیه إلّا: أنّه لم یقع فی المهلکة ، لا : أنّه ما شرب الخمر فیها ، إلّاعلی نحو السالبة المنتفیة بانتفاء الموضوع ، کما لا یخفی .

وبالجملة: لا یکون الخروج - بملاحظة کونه مصداقاً للتخلّص عن الحرام أو سبباً له - إلّامطلوباً ، ویستحیل أن یتّصف بغیر المحبوبیّة ، ویحکم علیه بغیر المطلوبیّة .

قلت: هذا غایة ما یمکن أن یقال فی تقریب الاستدلال علی کون ما انحصر به التخلّص مأموراً به . وهو موافق لما أفاده شیخنا العلّامة أعلی اللّٰه مقامه - علی ما فی تقریرات بعض الأجلّة (1) - .

الإشکال فی ما أفاده الشیخ الأنصاری

لکنّه لا یخفی : أنّ ما به التخلّص عن فعل الحرام أو ترک الواجب ، إنّما یکون حَسَناً عقلاً ، ومطلوباً شرعاً بالفعل - وإن کان قبیحاً ذاتاً - إذا لم یتمکّن المکلّف من التخلّص بدونه ، ولم یقع بسوء اختیاره : إمّا (2) فی الاقتحام فی ترک الواجب ، أو فعلِ الحرام ، وإمّا فی (3) الإقدام علی ما هو قبیح وحرام ، لولا أنّ به (4) التخلّص بلا کلامٍ ، کما هو المفروض فی المقام؛ ضرورة تمکّنه منه قبل اقتحامه فیه بسوء اختیاره .

[شماره صفحه واقعی : 235]

ص: 31


1- مطارح الأنظار 1 : 709 .
2- شطب علی « إمّا » فی « ق » .
3- شطب علی « إمّا فی » فی « ق » .
4- فی « ق » و « ش » : لولا به .

وبالجملة : کان قبل ذلک متمکّناً من التصرّف خروجاً ، کما یتمکّن منه دخولاً ، غایة الأمر یتمکّن منه بلا واسطة ، ومنه بالواسطة . ومجرّدُ عدم التمکّن منه إلّابواسطةٍ لا یُخرجه عن کونه مقدوراً ،

[*حیدری فسایی]

کما هو الحال فی البقاء ، فکما یکون ترکه مطلوباً فی جمیع الأوقات ، فکذلک الخروج ، مع أنّه مثله فی الفرعیّة علی الدخول ، فکما لا تکون الفرعیّة مانعةً عن مطلوبیّته قبلَه وبعدَه ، کذلک لم تکن مانعةً عن مطلوبیّته ، وإن کان العقل یحکم بلزومه ، إرشاداً إلی اختیار أقلّ المحذورین وأَخفّ القبیحین .

حکم شرب الخمر علاجاً

ومن هنا ظهر حال شرب الخمر علاجاً وتخلّصاً عن المهلکة ، وأنّه إنّما یکون مطلوباً علی کلّ حالٍ لو لم یکن الاضطرار إلیه بسوء الاختیار ، وإلّا فهو علی ما هو علیه من الحرمة ، وإن کان العقل یُلزمه ، إرشاداً إلی ما هو أهمّ وأولی بالرعایة من ترکه؛ لکون الغرض فیه أعظم .

فمن تَرَکَ الاقتحام فی ما یؤدّی إلی هلاک النفس ، أو شَربَ الخمر لئلّا یقع فی أشدّ المحذورین منهما ، فیصدق (1) أنّه تَرَکَهما ، ولو بترکه ما لو فَعَلَه لأدّی - لا محالة - إلی أحدهما ، کسائر الأفعال التولیدیّة (2) ، حیث یکون العمدُ إلیها بالعمد إلی أسبابها ، واختیارُ ترکها بعدم العمد إلی الأسباب ، وهذا یکفی فی استحقاق العقاب علی الشرب للعلاج ، وإن کان لازماً عقلاً ، للفرار عمّا هو أکثر عقوبةً .

[شماره صفحه واقعی : 236]

ص: 32


1- کذا ، والأولی : « یصدق » کما استظهر فی هامش « ق » و « ش » .
2- کان الأولی أن یقول : نظیر الأفعال التولیدیّة ؛ فإنّ شرب الخمر لیس من الأفعال التولیدیّة . ( حقائق الأُصول 1 : 397 ) وراجع کفایة الأُصول مع حاشیة المشکینی 2 : 173 .

ولو سُلّم عدمُ الصدق إلّابنحو السالبة المنتفیة بانتفاء الموضوع ، فهو غیر ضائرٍ ، بعدَ تمکّنه من الترک - ولو علی نحو هذه السالبة - ، ومن الفعل بواسطة تمکّنه ممّا هو من قبیل الموضوع فی هذه السالبة ، فیوقع نفسَه - بالاختیار - فی المهلکة ، أو یدخل الدار ، فیعالج بشرب الخمر ، ویتخلّص بالخروج ، أو یختار ترکَ الدخول والوقوعِ فیها (1) ، لئلّا یحتاج إلی التخلّص والعلاج .

[*حیدری فسایی]

إن قلت: کیف یقع مثل الخروج والشرب ممنوعاً عنه شرعاً ، ومعاقباً علیه عقلاً (2) ، مع بقاء ما یتوقّف علیه علی وجوبه ، ووضوح سقوط الوجوب (3) مع امتناع المقدّمة المنحصرة ، ولو کان بسوء الاختیار ، والعقلُ قد استقلّ بأنّ الممنوع شرعاً کالممتنع عادةً أو عقلاً ؟

قلت: أوّلاً: إنّما کان الممنوع کالممتنع ، إذا لم یحکم العقل بلزومه ، إرشاداً إلی ما هو أقلّ المحذورین ، وقد عرفت لزومَه بحکمه؛ فإنّه مع لزوم الإتیان بالمقدّمة عقلاً ، لا بأس فی بقاء (4) ذی المقدّمة علی وجوبه ، فإنّه حینئذٍ لیس من التکلیف بالممتنع ، کما إذا کانت المقدّمة ممتنعة .

وثانیاً: لو سلّم ، فالساقط إنّما هو الخطاب فعلاً بالبعث والإیجاب ، لا لزوم إتیانه عقلاً ؛ - خروجاً عن عهدة ما تنجّز علیه سابقاً - ؛ ضرورة أنّه لو لم یأتِ به لوقع فی المحذور الأشدّ ، ونقضِ الغرض الأهمّ ؛ حیث إنّه الآن کما

[شماره صفحه واقعی : 237]

ص: 33


1- أثبتنا المصحّح فی « ن » ، وفی سائر الطبعات : فیهما .
2- الأولی أن یقال: « ومستحقاً علیه العقاب عقلاً » ؛ لأنّ العقل یحکم باستحقاق العقاب ، وأما العقوبة الفعلیّة التکوینیّة فهی فعل الشارع دون العقل . ( منته الدرایة 3 : 170 ) .
3- أثبتنا المصحّح فی « ن » ، وفی بعض الطبعات : لسقوط الوجوب .
4- الأولی : ... لا بأس ببقاء . ( منته الدرایة 3 : 172 ) .

کان علیه من الملاک والمحبوبیّة ، بلا حدوث قصورٍ أو طروء فتورٍ فیه أصلاً ، وإنّما کان سقوط الخطاب لأجل المانع ، وإلزامُ العقل به لذلک إرشاداً کافٍ ، لاحاجة معه إلی بقاء الخطاب بالبعث إلیه والإیجاب له فعلاً ، فتدبّر جیّداً .

4 - مختار الفصول وما یرد علیه
اشارة

وقد ظهر ممّا حقّقناه : فساد القول بکونه مأموراً به ، مع إجراء حکم المعصیة علیه ، نظراً إلی النهی السابق (1) .

[*حیدری فسایی]

مع ما فیه من لزوم اتّصاف فعلٍ واحدٍ بعنوانٍ واحدٍ بالوجوب والحرمة .

ولا یرتفع غائلته باختلاف زمان التحریم والإیجاب قبل الدخول وبعده - کما فی الفصول (2) - ، مع اتّحاد زمان الفعل المتعلّق لهما ، وإنّما المفید اختلاف زمانه ولو مع اتّحاد زمانهما . وهذا أوضح من أن یخفی ، کیف ؟ ولازمه وقوع الخروج بعد الدخول عصیاناً للنهی السابق ، وإطاعةً للأمر اللاحق فعلاً ، ومبغوضاً ومحبوباً کذلک بعنوانٍ واحد ، وهذا ممّا لا یرضی به القائل بالجواز ، فضلاً عن القائل بالامتناع .

کما لا یُجدی فی رفع هذه الغائلة : کونُ النهی مطلقاً وعلی کلِّ حالٍ ، وکونُ الأمر مشروطاً بالدخول؛ ضرورةَ منافاة حرمة شیءٍ کذلک مع وجوبه فی بعض الأحوال .

الإیراد علی مختار أبی هاشم والمحققّ القمّی

وأمّا القول بکونه مأموراً به و منهیّاً عنه (3): ففیه - مضافاً إلی ما عرفت من امتناع الاجتماع فی ما إذا کان بعنوانین ، فضلاً عمّا إذا کان بعنوانٍ واحد ، کما فی المقام ، حیث کان الخروج بعنوانه سبباً للتخلّص ، وکان بغیر إذن المالک ،

[شماره صفحه واقعی : 238]

ص: 34


1- الفصول : 138 .
2- المصدر السابق .
3- القوانین 1 : 153 .

ولیس التخلّص إلّامنتزعاً عن ترک الحرام المسبّب عن الخروج (1) ، لا عنواناً له - : أنّ الاجتماع هاهنا لو سلّم أنّه لا یکون بمحالٍ - لتعدّد العنوان ، وکونِه مجدیاً فی رفع غائلة التضادّ - کان محالاً؛ لأجل کونه طلبَ المحال ، حیث لا مندوحة هنا ؛

[*حیدری فسایی]

وذلک لضرورة عدم صحّة تعلّق الطلب والبعث حقیقةً بما هو واجب أو ممتنع (2) ، ولو کان الوجوب أو الامتناع بسوء الاختیار .

وما قیل: « إنّ الامتناع أو الإیجاب بالاختیار لا ینافی الاختیار » ، إنّما هو فی قبال استدلال الأشاعرة للقول بأنّ الأفعال غیر اختیاریّة بقضیّة : أنّ الشیء ما لم یجب لم یُوجد .

استدلال المحقّق القمّی والإیراد علیه

فانقدح بذلک : فساد الاستدلال (3) لهذا القول بأنّ الأمر بالتخلّص والنهی عن الغصب دلیلان یجب إعمالهما ، ولا موجب للتقیید عقلاً؛ لعدم استحالة کون الخروج واجباً وحراماً باعتبارین مختلفین؛ إذ منشأ الاستحالة :

[شماره صفحه واقعی : 239]

ص: 35


1- (*) قد عرفت - ممّا علّقت علی الهامش - : أنّ ترک الحرام غیر مسبّب عن الخروج حقیقةً ، وإنّما المسبّب عنه إنّما هو الملازم له ، وهو الکون فی خارج الدار . نعم ، یکون مسبّباً عنه مسامحة وعَرَضاً . وقد انقدح بذلک: أنّه لا دلیل فی البین إلّاعلی حرمة الغصب ، المقتضی لاستقلال العقل بلزوم الخروج من باب أنّه أقلّ المحذورین ، وأنّه لا دلیل علی وجوبه بعنوان آخر ، فحینئذٍ یجب إعماله أیضاً - بناءً علی القول بجواز الاجتماع - ، کإعمال1) النهی عن الغصب لیکون الخروج مأموراً به و منهیاً عنه ، فافهم . ( منه قدس سره ) .
2- فی « ر » زیادة : أو ترک کذلک .
3- هذا الاستدلال ذُکر فی القوانین 1 : 153 - 154 باختلاف یسیر . - 1) فی بعض الطبعات : کاحتمال .

إمّا لزوم اجتماع الضدّین ، وهو غیر لازم مع تعدّد الجهة ، وإمّا لزوم التکلیف بما لا یطاق ، وهو لیس بمحال إذا کان مسبّباً عن سوء الاختیار .

وذلک لما عرفت من ثبوت الموجِب للتقیید عقلاً ولو کانا بعنوانین ، وأنّ اجتماع الضدّین لازمٌ ولو مع تعدّد الجهة ، مع عدم تعدّدها هاهنا . والتکلیف بما لا یطاق محالٌ علی کلِّ حالٍ .

[*حیدری فسایی]

نعم ، لو کان بسوء الاختیار لا یسقط العقاب بسقوط التکلیف بالتحریم أو الإیجاب .

ثمرة الأقوال فی المسألة

ثمّ لا یخفی: أنّه لا إشکال فی صحّة الصلاة مطلقاً فی الدار المغصوبة ، علی القول بالاجتماع .

وأمّا علی القول بالامتناع ، فکذلک ، مع الاضطرار (1) إلی الغصب لا بسوء الاختیار ، أو معه (2) ولکنّها وقعت فی حال الخروج ، علی القول بکونه مأموراً به بدون إجراء حکم المعصیة علیه ، أو مع غلبة ملاک الأمر علی النهی مع ضیق الوقت .

أمّا مع السعة فالصحّة وعدمها مبنیّان علی عدم اقتضاء الأمر بالشیء للنهی عن الضدّ واقتضائه؛ فإنّ الصلاة فی الدار المغصوبة وإن کانت مصلحتها

[شماره صفحه واقعی : 240]

ص: 36


1- من قوله : « مع الاضطرار » إلی قوله : « أ مّا مع السعة » أُدرج فی هامش « ق » بعنوان « نسخة بدل » وأثبت بدلاً عنه - فی المتن - ما یلی : فکذلک ، لو غلب ملاک الأمر علی ملاک النهی مع ضیق الوقت ، أو اضطرّ إلی الغصب لا بسوء الاختیار ، أو بسوء الاختیار مع وقوعها فی حال الخروج مطلقاً ، ولو علی القول بکونه مأموراً به مع إجراء حکم المعصیة علیه ؛ فإنّ هذا لولا عروض وجه الصلاتیّ علیه ؛ إذ الفرض غلبة ملاک الأمر علی ملاک النهی ، وإن لم یکن الخروج مأموراً به ، فضلاً عمّا لو قیل به . أما الصلاة فیها فی سعة الوقت وعدم الاضطرار إلی الغصب فالصحّة وعدمها ... .
2- فی « ر » : لا بسوء الاختیار مطلقاً ، أو بسوء الاختیار ولکنّها ... .

غالبةً علی ما فیها من المفسدة ، إلّاأنّه لا شبهة فی أنّ الصلاة فی غیرها تُضادّها ، بناءً علی أنّه لا یبقی مجال مع إحداهما للاُخری ، مع کونها أهمّ منها؛ لخلوّها عن (1) المنقصة الناشئة من قِبَل اتّحادها مع الغصب .

لکنّه عرفت (2) : عدم الاقتضاء بما لا مزید علیه ، فالصلاة فی الغصب اختیاراً فی سعة الوقت صحیحةٌ (3) ، وإن لم تکن مأموراً بها .

التنبیه الثانی :صغرویّة المقام لکبری التزاحم أو التعارض
اشارة

صوت

[*حیدری فسایی]

الأمر الثانی: قد مرّ - فی بعض المقدّمات (4) - : أنّه لا تعارض بین مثل خطاب «صلّ» وخطاب «لا تغصب» علی الامتناع ، تعارُضَ الدلیلین بما هما دلیلان حاکیان ، کی یقدّم الأقوی منهما دلالةً أو سنداً ، بل إنّما هو من باب تزاحم المؤثّرین والمقتضیین ، فیقدّم الغالب منهما ، وإن کان الدلیل علی مقتضی الآخر أقوی من دلیل مقتضاه .

هذا فی ما إذا أُحرز الغالب منهما ، وإلّا کان بین الخطابین تعارضٌ ، فیقدّم الأقوی منهما دلالةً أو سنداً ، و بطریق « الإنّ » یُحرز به أنّ مدلوله أقوی مقتضیاً .

[شماره صفحه واقعی : 241]

ص: 37


1- أثبتناها من « ر » ، وفی غیرها : من .
2- فی مسألة اقتضاء الأمر بالشیء للنهی عن ضدّه .
3- فی « ر » : فالصلاة فی سعة الوقت صحیحة . وفی منته الدرایة 3 : 192 لیست هذه الکلمة ( اختیاراً ) فی جملة من النسخ ، والظاهر عدم الحاجة إلیها ؛ إذ بعد فرض تمامیة ملاک الأمر وغلبته علی مناط النهی ، لا وجه لبطلان الصلاة فی المغصوب فی سعة الوقت إلّاالنهی الغیری ، ولا فرق فی هذا النهی - الملازم للأمر - بین الاختیار والاضطرار ، بعد فرض سعة الوقت وإمکان الاتیان بالصلاة فی غیر المغصوب .
4- فی الأمر الثامن والتاسع من مقدّمات هذا الفصل .

هذا لو کان کلٌّ من الخطابین متکفّلاً لحکم (1) فعلیّ ، وإلّا فلابدّ من الأخذ بالمتکفّل لذلک منهما لو کان ، وإلّا فلا محیص عن الانتهاء إلی ما تقتضیه الأُصول العملیّة .

ترجیح أحد الدلیلین لا یوجب خروج مورد الاجتماع عن المطلوبیة رأساً

ثمّ لا یخفی: أنّ ترجیح أحد الدلیلین وتخصیصَ الآخر به فی المسألة ، لا یوجب خروجَ مورد الاجتماع عن تحت الآخر رأساً (2) ، کما هو قضیّة التقیید والتخصیص فی غیرها ، ممّا لا یحرز فیه المقتضی لکلا الحکمین ،

[*حیدری فسایی]

بل قضیّته لیس إلّا خروجه فی ما کان الحکم الّذی هو مفاد الآخر فعلیّاً ؛ وذلک لثبوت المقتضی فی کلّ واحد من الحکمین فیها . فإذا لم یکن المقتضی لحرمة الغصب مؤثّراً لها (3) - لاضطرارٍ أو جهلٍ أو نسیانٍ - کان المقتضی لصحّة الصلاة مؤثّراً لها فعلاً ، کما إذا لم یکن دلیل الحرمة أقوی ، أو لم یکن واحدٌ من الدلیلین دالّاً علی الفعلیّة أصلاً .

دفع الإشکال عن صحّة الصلاة فی موارد العذر

فانقدح بذلک : فساد الإشکال فی صحّة الصلاة - فی صورة الجهل أو النسیان ونحوهما - ، فی ما إذا قُدّم خطاب « لا تغصب » ، کما هو الحال فی ما إذا کان الخطابان من أوّل الأمر متعارضین ، ولم یکونا من باب الاجتماع أصلاً؛ وذلک لثبوت المقتضی فی هذاالباب ، کما إذا لم یقع بینهما تعارضٌ ، ولم یکونا متکفّلین للحکم الفعلیّ .

[شماره صفحه واقعی : 242]

ص: 38


1- الأنسب : « بحکم » ، وکذا الأمر فی الموردین التالیین .
2- ردٌّ علی مطارح الأنظار 1 : 701 ؛ إذ قال : إنّ ملاحظة الترجیح فی الدلالة یوجب المصیر إلی أنّ مورد الاجتماع خارج عن المطلوب .
3- الأولی : إبدال « لها » ب « فیها » هنا ، وکذا فی قوله : « مؤثراً لها فعلاً » . راجع منته الدرایة 3 : 199 .

فیکون وزانُ التخصیص فی مورد الاجتماع ، وزانَ التخصیص العقلیّ الناشئ من جهة تقدیم أحد المقتضیین وتأثیرِه فعلاً ، المختصِّ بما إذا لم یمنع عن تأثیره مانعٌ ، المقتضی لصحّة مورد الاجتماع مع الأمر ، أو بدونه فی ما کان هناک مانع عن تأثیر المقتضی للنهی له (1) ، أو عن فعلیّته ، کما مرّ تفصیله (2) .

وجوه ترجیح النهی علی الأمر وبیان ما یرد علیها :
اشارة

وکیف کان ، فلابدّ فی ترجیح أحد الحکمین من مرجّح .

[*حیدری فسایی]

وقد ذکروا لترجیح النهی وجوهاً :

1 - النهی أقوی دلالة من الأمر

منها: أنّه أقوی دلالة؛ لاستلزامه انتفاءَ جمیع الأفراد ، بخلاف الأمر .

وقد أُورد علیه (3) : بأنّ ذلک فیه من جهة إطلاق متعلّقه بقرینة الحکمة ، کدلالة الأمر علی الاجتزاء بأیّ فردٍ کان .

وقد أُورد علیه (4) : بأنّه لو کان العموم المستفاد من النهی بالإطلاق بمقدّمات الحکمة ، وغیرَ مستند إلی دلالته علیه بالالتزام ، لکان استعمال مثل « لا تغصب » فی بعض أفراد الغصب حقیقةً ، وهذا واضح الفساد ، فتکون دلالته علی العموم من جهة أنّ وقوع الطبیعة فی حیّز النفی أو النهی یقتضی عقلاً سریانَ الحکم إلی جمیع الأفراد؛ ضرورة عدم الانتهاء عنها أو انتفائها إلّا بالانتهاء عن الجمیع أو انتفائه .

قلت: دلالتهما علی العموم والاستیعاب - ظاهراً - ممّا لا یُنکر ، لکنّه من

[شماره صفحه واقعی : 243]

ص: 39


1- الأولی : تبدیل « له » ب « فیه » ؛ لتعلّق « له » ب « تأثیر » . ( منته الدرایة 3 : 202 ) .
2- فی عاشر الأُمور من مقدّمة الفصل .
3- فی القوانین 1 : 138 ، فی مبحث دلالة النهی علی التکرار .
4- لم نظفر بالمُورد .

الواضح : أنّ العموم المستفاد منهما کذلک ، إنّما هو بحسب ما یراد من متعلّقهما ، فیختلف سعةً وضیقاً ، فلا یکاد یدلّ علی استیعاب جمیع الأفراد ، إلّاإذا أُرید منه الطبیعة مطلقةً وبلا قیدٍ . ولایکاد یستظهر ذلک - مع عدم دلالته علیه (1) بالخصوص - إلّابالإطلاق وقرینة الحکمة ، بحیث لو لم یکن هناک قرینتها - بأن یکون الإطلاق فی غیر مقام البیان - لم یکد یستفاد استیعاب أفراد الطبیعة ،

[*حیدری فسایی]

وذلک لا ینافی دلالَتهما علی استیعاب أفراد ما یراد من المتعلّق؛ إذ الفرض عدم الدلالة علی أنّه المقیّد أو المطلق .

اللهمّ إلّاأن یقال: إنّ فی دلالتهما علی الاستیعاب کفایةً ودلالةً علی أنّ المراد من المتعلّق هو المطلق ، کما ربما یدّعی ذلک فی مثل: «کلّ رجل» ، وأنّ مثل لفظة «کلّ» تدلّ علی استیعاب جمیع أفراد الرجل ، من غیر حاجةٍ إلی ملاحظة إطلاق مدخوله وقرینة الحکمة ، بل یکفی إرادة ما هو معناه - من الطبیعة المهملة ولابشرط - فی دلالته علی الاستیعاب ، وإن کان لا یلزم مجاز أصلاً لو أُرید منه خاصٌّ بالقرینة ، لا فیه؛ لدلالته علی استیعاب أفراد ما یراد من المدخول ، ولا فیه إذا کان بنحو تعدّد الدالّ والمدلول؛ لعدم استعماله إلّا فی ما وضع له ، والخصوصیّةُ مستفادة من دالٍّ آخر ، فتدبّر .

2 دفع المفسدة أولی من جلب المنفعة

صوت

[*حیدری فسایی]

ومنها: أنّ دفع المفسدة أولی من جلب المنفعة .

وقد أورد علیه - فی القوانین (2) - بأنّه مطلقاً ممنوع؛ لأنّ فی ترک الواجب أیضاً مفسدة إذا تعیّن .

[شماره صفحه واقعی : 244]

ص: 40


1- الظاهر : أنّ أصل العبارة : عدم دلالةٍ علیه . ( حقائق الأُصول 1 : 412 ) .
2- القوانین 1 : 153 .

ولا یخفی ما فیه؛ فإنّ الواجب - ولو کان معیّناً - لیس إلّالأجل أنّ فی فعله مصلحة یلزم استیفاؤها ، من دون أن یکون فی ترکه مفسدة ، کما أنّ الحرام لیس إلّالأجل المفسدة فی فعله بلا مصلحة فی ترکه .

ولکن یرد علیه : أنّ الأولویّة مطلقاً ممنوعة ، بل ربما یکون العکس أولی ، کما یشهد به مقایسة فعل بعض المحرّمات مع ترک بعض الواجبات ، خصوصاً مثل الصلاة وما یتلو تلوها .

ولو سلّم فهو أجنبیّ عن المقام (1)*؛ فإنّه فی ما إذا دار بین الواجب والحرام .

ولو سلّم فإنّما یُجدی فی ما لو حصل به القطع .

ولو سلّم أنّه یُجدی ولو لم یحصل ، فإنّما یُجدی (2) فی ما لا یکون هناک مجالٌ لأصالة البراءة أو الاشتغال ، کما فی دوران الأمر بین الوجوب والحرمة التعیینیّین ، لا فی ما تجری ، کما فی محلّ الاجتماع؛ لأصالة البراءة عن حرمته ، فیحکم بصحّته ، ولو قیل بقاعدة الاشتغال فی الشکّ فی الأجزاء والشرائط ، فإنّه لا مانع عقلاً إلّافعلیّة الحرمة المرفوعة بأصالة البراءة عنها عقلاً ونقلاً (3) .

[*حیدری فسایی]

نعم ، لو قیل (4) بأنّ المفسدة الواقعیّة الغالبة مؤثّرةٌ فی المبغوضیّة ولو لم

[شماره صفحه واقعی : 245]

ص: 41


1- (*) فإنّ الترجیح به إنّما یناسب ترجیح المکلّف ، واختیاره للفعل أو الترک ، بما هو أوفق بغرضه ، لا المقام ، وهو مقام جعل الأحکام؛ فانّ المرجّح هناک لیس إلّاحسنها أو قبحها العقلیّان ، لا موافقة الأغراض ومخالفتها ، کما لا یخفی ، تأمّل تعرف . ( منه قدس سره ) .
2- فی « ق » و « ش » : یجری .
3- فی « ق » : المرفوعة عقلاً ونقلاً بأصالة البراءة عنها .
4- (**) کما هو غیر بعید کلّه ، بتقریب: أنّ إحراز المفسدة والعلم بالحرمة الذاتیّة کافٍ فی تأثیرها بما لها من المرتبة ، ولایتوقّف تأثیرها کذلک علی إحرازها بمرتبتها . ولذا کان العلم بمجرّد حرمة شیءٍ موجباً لتنجّز حرمته علی ما هی علیه من المرتبة ، ولو کانت فی أقوی مراتبها ، ولاستحقاق العقوبة الشدیدة علی مخالفتها حسب شدّتها ، کما لا یخفی ، هذا . لکنّه إنّما یکون إذا لم یحرز أیضاً ما یحتمل أن یزاحمها ویمنع عن تأثیرها المبغوضیّة . وأمّا معه فیکون الفعل کما إذا لم یحرز أنّه ذو مصلحة أو مفسدة ممّا لا یستقلّ العقل بحسنه أو قبحه ، وحینئذٍ یمکن أن یقال بصحّته عبادةً لو أتی به بداعی الأمر المتعلّق بما یصدق علیه من الطبیعة ، بناءً علی عدم اعتبار أزید من إتیان العمل قُربیّاً فی العبادة ، وامتثالاً للأمر بالطبیعة ، وعدم اعتبار کونه ذاتاً راجحاً . کیف ؟ ویمکن أن لا یکون جلّ العبادات ذاتاً راجحاً ، بل إنّما یکون کذلک فی ما إذا أُتی بها علی نحوٍ قربیّ . نعم ، المعتبر فی صحّته عبادةً إنّما هو أن لا یقع منه مبغوضاً علیه ، کما لا یخفی . وقولنا: «فتأمّل» إشارة إلی ذلک . ( منه قدس سره ) .

تکن الغلبة بمحرزة (1) ، فأصالة البراءة غیر جاریة (2) ، بل کانت أصالة الاشتغال بالواجب - لو کان عبادةً - محکّمةً ، ولو قیل بأصالة البراءة فی الأجزاء والشرائط؛ لعدم تأ تّی قصدِ القربة مع الشکّ فی المبغوضیّة ، فتأمّل .

3 - الاستقراء

ومنها: الاستقراء ، فإنّه یقتضی ترجیحَ جانب الحرمة علی جانب الوجوب ، کحرمة الصلاة فی أیّام الاستظهار ، وعدمِ جواز الوضوء من الإناءین المشتبهین .

وفیه: أنّه لادلیل علی اعتبار الاستقراء ما لم یُفِد القطع .

ولو سلّم فهو لا یکاد یثبت بهذا المقدار .

ولو سلّم فلیس حرمة الصلاة فی تلک الأیّام ، ولا عدمُ جواز الوضوء منهما مربوطاً بالمقام؛ لأنّ حرمة الصلاة فیها إنّما تکون لقاعدة الإمکان

[شماره صفحه واقعی : 246]

ص: 42


1- فی (ر) ولو تکن بمحرزة
2- فی (ق) (ر) و (ش) غیر مجیة

والاستصحاب المثبتین لکون الدم حیضاً ، فیحکم بجمیع أحکامه ، ومنها حرمة الصلاة علیها ، لا لأجل تغلیب جانب الحرمة کما هو المدّعی .

[*حیدری فسایی]

هذا لو قیل بحرمتها الذاتیّة فی أیّام الحیض ، وإلّا فهو خارج عن محلّ الکلام .

ومن هنا انقدح: أنّه لیس منه ترک الوضوء من الإناءین؛ فإنّ حرمة الوضوء من الماء النجس لیس إلّاتشریعیّاً ، ولا تشریعَ فی ما لو توضّأ منهما احتیاطاً ، فلا حرمة فی البین غُلّب جانبها . فعدم جواز الوضوء منهما ولو کذلک ، - بل إراقتهما ، کما فی النصّ (1) - لیس إلّامن باب التعبّد ، أو من جهة الابتلاء بنجاسة البدن ظاهراً بحکم الاستصحاب؛ للقطع بحصول النجاسة حال ملاقاة المتوضّئ من (2) الإناء (3) الثانیة : إمّا بملاقاتها ، أو بملاقاة الأُولی وعدم استعمال مطهّر (4) بعدَه ،

[*حیدری فسایی]

ولو طهّر بالثانیة مواضع الملاقاة بالأُولی .

نعم، لو طهُرت - علی تقدیر نجاستها - بمجرّد ملاقاتها، - بلا حاجةٍ إلی التعدّد أو انفصال (5) الغسالة - لا یعلم (6) تفصیلاً بنجاستها، وإن علم بنجاستها حین ملاقاة الأُولی أو الثانیة إجمالاً ، فلامجال لاستصحابها ، بل کانت قاعدة الطهارة محکّمةً .

[شماره صفحه واقعی : 247]

ص: 43


1- وسائل الشیعة 1 : 151 ، الباب 8 من أبواب الماء المطلق ، الحدیث 2 .
2- متعلّق ب « ملاقاة » والأولی أن یقال : « للإناء الثانیة » . ( منته الدرایة 3 : 226 ) .
3- فی « ر » : الآنیة .
4- الصواب أن یقال : « وعدم العلم باستعمال مطهّر » ، لا نفی استعماله واقعاً ؛ لاحتماله مع کون ماء الأولی نجساً واقعاً . ( منته الدرایة 3 : 226 ) . ویؤیّد ذلک کلامه فی حاشیته علی الفرائد : 354 ؛ حیث قال : وعدم استعمال مطهّرٍ یقینیٍّ بعده .
5- فی بعض الطبعات : وانفصال .
6- الأنسب : لم یعلم .
التنبیه الثالث : لحوق تعدّد الإضافات بتعدّد الجهات

الأمر الثالث: الظاهر : لحوق تعدّد الإضافات بتعدّد العنوانات والجهات ، فی أنّه لو کان تعدّد الجهة والعنوان کافیاً - مع وحدة المعنون وجوداً - فی جواز الاجتماع ، کان تعدّد الإضافات مجدیاً؛ ضرورة أنّه یوجب أیضاً اختلاف المضاف بها بحسب المصلحة والمفسدة ، والحسن والقبح عقلاً ، وبحسب الوجوب والحرمة شرعاً .

فیکون مثل «أکرم العلماء» و«لاتکرم الفسّاق» من باب الاجتماع ، ک «صلّ» و «لا تغصب» ، لا من باب التعارض ، إلّاإذا لم یکن للحکم فی أحد الخطابین فی مورد الاجتماع مقتضٍ ، کما هو الحال أیضاً فی تعدّد العنوانین .

فما یُتراءی منهم - من المعاملة مع مثل « أکرم العلماء » و « لا تکرم الفسّاق » معاملةَ تعارُضِ العموم من وجه - إنّما یکون بناءً علی الامتناع ، أو عدم المقتضی لأحد الحکمین فی مورد الاجتماع .

[شماره صفحه واقعی : 248]

ص: 44

فصلٌ : فی أنّ النهی عن الشیء هل یقتضی فساده أم لا ؟
تقدیم أُمور :
اشارة

ولیقدّم أُمور:

1 - الفرق بین هذه المسألةومسألة الاجتماع

الأوّل: أنّه قد عرفت فی المسألة السابقة الفرق بینها وبین هذه المسألة ، وأنّه لا دخل للجهة المبحوث عنها فی إحداهما بما هو جهة البحث فی الاُخری ، وأنّ البحث فی هذه المسألة فی دلالة النهی - بوجهٍ یأتی تفصیله - علی الفساد ، بخلاف تلک المسألة ، فإنّ البحث فیها فی أنّ تعدّد الجهة یجدی فی رفع غائلة اجتماع الأمر والنهی فی مورد الاجتماع أم لا ؟

2 - الوجه فی عدّ المسألة من مباحث الألفاظ

صوت

[*حیدری فسایی]

الثانی: أنّه لا یخفی أنّ عدّ هذه المسألة من مباحث الألفاظ ، إنّما هو لأجل أنّه فی الأقوال قولٌ بدلالته علی الفساد فی المعاملات ، مع إنکار الملازمة بینه وبین الحرمة الّتی هی مفاده فیها (1) .

ولا ینافی ذلک: أنّ الملازمة علی تقدیر ثبوتها فی العبادة إنّما تکون بینه وبین الحرمة ولو لم تکن مدلولةً بالصیغة ، وعلی تقدیر عدمها تکون منتفیةً بینهما (2)؛ لإمکان أن یکون البحث معه فی دلالة الصیغة بما تعمّ دلالتها بالالتزام ، فلا تقاس بتلک المسألة الّتی لا یکاد یکون لدلالة اللفظ بها مساس، فتأمّل جیّداً .

[شماره صفحه واقعی : 249]

ص: 45


1- لم نعثر علی القائل به .
2- هذا هو البیان الوارد فی مطارح الأنظار 1: 728 للردّ علی إدراج المسألة فی مباحث الألفاظ .
3 - شمول ملاک البحث للنهی التنزیهی والغیری

الثالث: ظاهر لفظ النهی وإن کان هو النهی التحریمیّ ، إلّاأنّ ملاک البحث یعمّ التنزیهیّ . ومعه لا وجه لتخصیص العنوان (1) . واختصاص عموم ملاکه بالعبادات لایوجب التخصیص به ، کما لا یخفی .

کما لا وجه لتخصیصه بالنفسیّ ، فیعمّ الغیریّ إذا کان أصلیّاً . وأمّا إذا کان تبعیّاً فهو وإن کان خارجاً عن محلّ البحث - ؛ لما عرفت أنّه فی دلالة النهی ، والتبعیّ منه من مقولة المعنی - ، إلّاأنّه داخلٌ فی ما هو ملاکه؛

[*حیدری فسایی]

فإنّ دلالته علی الفساد - علی القول به فی ما لم یکن للإرشاد إلیه - إنّما یکون لدلالته علی الحرمة ، من غیر دَخْلٍ لاستحقاق العقوبة علی مخالفته فی ذلک ، کما توّهمه القمیّ قدس سره (2).

ویؤیّد ذلک : أنّه جُعِل ثمرة النزاع فی أنّ الأمر بالشیء یقتضی النهی عن ضدّه : فسادُه إذا کان عبادةً ، فتدبّر جیّداً .

4 - المراد من العبادة فی محلّ النزاع

الرابع: ما یتعلّق به النهیُ : إمّا أن یکون عبادةً أو غیرَها . والمراد بالعبادة هنا ما یکون بنفسه وبعنوانه عبادةً له - تعالی - ، موجِباً بذاته للتقرّب من حضرته - لولا حرمته - ، کالسجود والخضوع والخشوع له وتسبیحه وتقدیسه ، أو ما لو تعلّق الأمر به کان أمره أمراً عبادیّاً ، لا یکاد یسقط إلّاإذا أُتی به بنحوٍ قُربیّ ، کسائر أمثاله ، نحو صوم العیدین والصلاة فی أیّام العادة (3) .

[شماره صفحه واقعی : 250]

ص: 46


1- ردٌّ علی تخصیص الشیخ الأعظم الأنصاری عنوان البحث بالنهی التحریمی . راجع مطارح الأنظار 1 : 728 .
2- راجع القوانین 1 : 102 ذیل المقدّمة السادسة .
3- الأولی : تبدیل « العادة » ب « الحیض » ؛ لعدم اختصاص الحیض بأیّام العادة . ( منته الدرایة 3 : 244 ) .

لا ما أُمر به لأجل التعبّد به (1) ، ولا ما یتوقّف صحّته علی النیّة (2) ، ولا ما لا یُعلم انحصار المصلحة فیه فی شیءٍ (3) - کما عُرّفت بکلٍّ منها العبادةُ - ؛ ضرورةَ أنّها بواحدٍ منها لا یکاد یمکن أن یتعلّق بها النهی .

مع ما أُورد علیها بالانتقاض طرداً أو عکساً ، أو بغیره - کما یظهر من مراجعة المطوّلات (4) - . وإن کان الإشکال بذلک فیها فی غیر محلّه؛ لأجل کون مثلها من التعریفات لیس بحدٍّ ولا برسمٍ ، بل من قبیل شرح الإسم ، کما نبّهنا علیه غیر مرّة ، فلا وجه لإطالة الکلام بالنقض والإبرام فی تعریف العبادة ، ولا فی تعریف غیرها کما هو العادة .

5 - تحریر محلّ النزاع

صوت

[*حیدری فسایی]

الخامس: أنّه لا یدخل فی عنوان النزاع إلّاما کان قابلاً للاتّصاف بالصحّة والفساد ، بأن یکون تارةً تامّاً ، یترتّب علیه ما یُترقّب عنه من الأثر ، وأُخری لا کذلک؛ لاختلال بعض ما یعتبر فی ترتّبه .

أمّا ما لا أثر له شرعاً ، أو کان أثره ممّا لا یکاد ینفکّ عنه - کبعض أسباب الضمان - فلا یدخل فی عنوان النزاع؛ لعدم طروء الفساد علیه ، کی ینازع فی أنّ النهی عنه یقتضیه أو لا .

فالمراد ب « الشیء » - فی العنوان - هو : العبادة بالمعنی الّذی تقدّم ، والمعاملة بالمعنی الأعمّ ، ممّا یتّصف بالصحّة والفساد ، عقداً کان أو إیقاعاً أو غیرهما ، فافهم .

[شماره صفحه واقعی : 251]

ص: 47


1- وهذا ما جعله هو الأجود فی مطارح الأنظار 1 : 729 .
2- وهو مختار المحقّق القمّی فی القوانین 1 : 154 .
3- تعریف آخر عن المحقّق القمّی ، راجع المصدر السابق .
4- یراجع الفصول : 139 - 140 ، ومطارح الأنظار 1 : 728 - 730 .
6 - اختلاف الصحّة والفساد بحسب الآثار والأنظار
اشارة

السادس: إنّ الصحّة والفساد وصفان إضافیّان ، یختلفان بحسب الآثار والأنظار ، فربما یکون شیءٌ واحد صحیحاً بحسب أثرٍ أو نظرٍ ، وفاسداً بحسب آخر .

ومن هنا صحّ أن یقال: إنّ الصحّة فی العبادة والمعاملة لا تختلف ، بل فیهما بمعنی واحد وهو « التمامیّة » ، وإنّما الاختلاف فی ما هو المرغوب منهما ، من الآثار الّتی بالقیاس علیها (1) تتّصف بالتمامیّة وعدمها .

وهکذا الاختلاف بین الفقیه والمتکلّم فی صحّة العبادة (2) إنّما یکون لأجل الاختلاف فی ما هو المهمّ لکلٍّ منهما من الأثر ، بعد الاتّفاق ظاهراً علی أنّها بمعنی التمامیّة ، کما هی معناها لغةً وعرفاً .

[*حیدری فسایی]

فلمّا کان غرض الفقیه هو : وجوب القضاء أو الإعادة ، أو عدمُ الوجوب ، فَسَّر صحّة العبادة بسقوطهما . وکان غرض المتکلّم هو : حصول الامتثال - الموجب عقلاً لاستحقاق المثوبة - فَسَّرها بما یوافق الأمر تارةً ، وبما یوافق الشریعة أُخری .

وحیث إنّ الأمر فی الشریعة یکون علی أقسام - من الواقعیّ الأوّلیّ والثانویّ ، والظاهریّ - ، والأنظار تختلف فی أنّ الأخیرین یفیدان الإجزاء ، أو لا یفیدان ، کان الإتیان بعبادةٍ موافقةً لأمرٍ ، ومخالفةً لآخر ، أو مسقطاً للقضاء والإعادة بنظرٍ ، وغیرَ مسقطٍ لهما بنظرٍ آخر .

فالعبادة الموافقة للأمر الظاهریّ تکون صحیحةً عند المتکلّم والفقیه ، بناءً

[شماره صفحه واقعی : 252]

ص: 48


1- الأولی : تبدیل « علیها » ب « إلیها » . ( منته الدرایة 3 : 251 ) .
2- هذا تعریض بمن نسب الاختلاف إلی الفقهاء والمتکلمین فی معنی الصحّة ، کالمحقّق القمّی فی القوانین 1 : 157 .

علی أنّ « الأمر » فی تفسیر الصحّة بموافقة الأمر ، أعمُّ من الظاهریّ (1) مع اقتضائه للإجزاء ، وعدمُ اتّصافها بها (2) عند الفقیه بموافقته (3) ، بناءً علی عدم الإجزاء ، وکونُه مراعی بموافقة الأمر الواقعیّ عند المتکلّم (4) ، بناءً علی کون الأمر فی تفسیرها خصوصَ الواقعیّ (5) .

هل الصحّة والفساد من الأُمور المجعولة أو العقلیّة أو الاعتباریّة ؟

صوت

[*حیدری فسایی]

تنبیه :

وهو أنّه لا شبهة فی أنّ الصحّة والفساد عند المتکلّم وصفان اعتباریّان ، ینتزعان من مطابقة المأتیّ به مع المأمور به وعدمها .

وأمّا الصحّة - بمعنی سقوط القضاء والإعادة - عند الفقیه: فهی من لوازم الإتیان بالمأمور به بالأمر الواقعیّ الأوّلیّ عقلاً ؛ حیث لا یکاد یعقل ثبوت الإعادة أو القضاء معه جزماً .

[شماره صفحه واقعی : 253]

ص: 49


1- فی « ر » و « ش » : یعمّ الظاهری .
2- لا یخفی عدم صحة ترکیبه النحوی ، والأولی أن یقول : وغیر متصفة بها ( کفایة الأُصول مع حاشیة المشکینی 2 : 225 ) .
3- لا یخفی استدراکها ( بموافقته ) والاستغناء عنها . ( منته الدرایة 3 : 256 ) .
4- فی « ق » و « ش » : وعند المتکلم .
5- حقّ العبارة أن تکون هکذا : فالعبادة الموافقة للأمر الظاهری تکون صحیحة عند المتکلم والفقیه ، بناءً علی أن « الأمر » فی تفسیر الصحة ب « موافقة الأمر » ، أعم من الظاهری مع اقتضائه للإجزاء ، ولا تکون صحیحة عند الفقیه ، بناءً علی عدم الإجزاء فی الأمر الظاهری ، وکذا عند المتکلم ، بناءً علی إرادته خصوص الأمر الواقعی ، إلّاإذا انکشف وجود الأمر الواقعی فی مورده . ( منته الدرایة 3 : 256 - 257 ) .

فالصحّة بهذا المعنی فیه وإن کان لیس بحکمٍ وضعیٍّ مجعولٍ بنفسه أو بتبع تکلیفٍ ، إلّاأنّه لیس (1) بأمرٍ اعتباریِّ یُنتزع - کما تُوهّم (2) - ، بل ممّا یستقلّ به العقل ، کما یستقلّ باستحقاق المثوبة به .

وفی غیره ، فالسقوط ربما یکون مجعولاً ، وکان الحکم به تخفیفاً ومنّةً علی العباد ، مع ثبوت المقتضی لثبوتهما - کما عرفت فی مسألة الإجزاء (3) - کما ربما یحکم بثبوتهما، فیکون الصحّة والفساد فیه حکمین مجعولین، لا وصفین انتزاعیّین .

نعم ، الصحّة والفساد فی الموارد الخاصّة لا یکاد یکونان مجعولین ، بل إنّما هی تتّصف بهما بمجرّد الانطباق علی ما هو المأمور به (4) .

هذا فی العبادات .

وأمّا الصحّة فی المعاملات: فهی تکون مجعولة ؛ حیث کان ترتّب الأثر علی معاملة إنّما هو بجعل الشارع ، وترتیبه علیها ولو إمضاءً ؛ ضرورة أنّه لولا جعله (5) لما کان یترتّب علیه؛ لأصالة الفساد .

[*حیدری فسایی]

نعم ، صحّة کلّ معاملة شخصیّةٍ وفسادُها لیس إلّالأجل انطباقها مع ما

[شماره صفحه واقعی : 254]

ص: 50


1- الأولی : « وإن کانت لیست بحکم وضعی ... إلّاأنّها لیست » ؛ لرجوع الضمائر إلی الصحّة . راجع منته الدرایة 3 : 260 .
2- فی مطارح الأنظار 1 : 737 .
3- فی إجزاء المأمور به الاضطراری عن الأمر الواقعی ؛ حیث قال : وإن لم یکن وافیاً ، وقد أمکن تدارک الباقی ... راجع الصفحة : 123 .
4- حقّ العبارة أن تکون هکذا : بمجرّد انطباق المأمور به علیها . ( منته الدرایة 3 : 262 ) .
5- من قوله فی الصفحة : 217 : العاشر : « أنّه لا إشکال فی سقوط الأمر ... » . إلی هنا سقط من الأصل .

هو المجعول سبباً وعدمِه (1) ، کما هو الحال فی التکلیفیّة من الأحکام؛ ضرورة أنّ اتّصاف المأتیّ به بالوجوب أو الحرمة أو غیرهما ، لیس إلّالانطباقه مع ما هو الواجب أو الحرام (2) .

7 - لا أصل فی المسألة

السابع: لا یخفی: أنّه لا أصل فی المسألة یعوّل علیه لو شکّ فی دلالة النهی علی الفساد . نعم ، کان الأصل فی المسألة الفرعیّة : الفساد ، لو لم یکن هناک إطلاق أو عموم یقتضی الصحّة فی المعاملة .

وأمّا العبادة فکذلک؛ لعدم الأمر بها مع النهی عنها ، کما لا یخفی (3) .

[شماره صفحه واقعی : 255]

ص: 51


1- الأولی أن یقال : لیس إلّابانطباق ما هو المجعول سبباً أو عدم انطباقه علیها . راجع منته الدرایة 3 : 264 .
2- الأولی - کما عرفت - أن یقال : لانطباق ما هو الواجب أو الحرام علیه . ( المصدر السابق : 363 ) .
3- هذه العبارة وردت فی « ق » فی الهامش ، وکُتب آخرها : « نسخة بدل » . وأُدرج فی المتن بدلها ما یلی : وأما العبادة فکذلک ، لو کان الشک فی أصل ثبوت الأمر ، أو فی صحّة المأتیّ به وفساده ، لأجل الشک فی انطباقه مع ما هو المأمور به حین إتیانه ، وإلّا فأصالة الصحة بعد فراغه متّبعة . وأ مّا لو کان الشک لأجل دوران الواجب بین الأقل والأکثر ، فقضیة الأصل بحکم العقل وإن کانت هو الاشتغال - علی ما حقّقناه فی محلّه - إلّاأنّ النقل - مثل حدیث الرفع - یقتضی صحة الأقل والبراءة عن الأکثر ، فتدبّر جیّداً . وقال فی حقائق الأُصول 1 : 432 : ثمّ إنّ فی بعض النسخ بدل قوله : « وأما العبادة فکذلک لعدم الأمر بها مع النهی عنها » قوله : « وأما العبادة فلذلک لو کان الشک فی أصل ثبوت الأمر ... » وقد ضرب علیها فی بعض النسخ . ولعلّ الوجه فیه: أنّ الصور المذکورة فیها کلّها مشترکة فی کون الشک فی الصحة من جهة الشک فی المشروعیة، وهو خارج عن محل الکلام ؛ لأنّ الکلام فی الشک فی اقتضاء النهی ، فلاحظ .
8 - أقسام متعلّق النهی فی العبادات و أحکامها

الثامن: إنّ متعلّق النهی : إمّا أن یکون نفسَ العبادة ، أو جزأَها ، أو شرطَها الخارج عنها ، أو وصفَها الملازم لها ، کالجهر والإخفات للقراءة (1)* ، أو وصفَها غیرَ الملازم ، کالغصبیّة لأکوان الصلاة المنفکّة عنها .

لا ریب فی دخول القسم الأوّل فی محلّ النزاع، وکذا القسم الثانی، بلحاظ أنّ جزء العبادة عبادة ، إلّاأنّ بطلان الجزء لا یوجب بطلانها إلّامع الاقتصار علیه ، لا مع الإتیان بغیره ممّا لا نهی عنه ، إلّاأن یستلزم محذوراً آخر .

وأمّا القسم الثالث: فلا تکون حرمة الشرط والنهی عنه موجباً لفساد العبادة إلّافی ما کان عبادةً ، کی تکون حرمته موجبة لفساده ، المستلزمِ لفساد المشروط به .

[*حیدری فسایی]

وبالجملة: لا یکاد یکون النهی عن الشرط موجباً لفساد العبادة المشروطة به لو لم یکن موجباً لفساده ، کما إذا کان عبادةً .

وأمّا القسم الرابع: فالنهی عن الوصف اللازم مساوقٌ للنهی عن موصوفه ، فیکون النهی عن الجهر فی القراءة - مثلاً - مساوقاً للنهی عنها؛ لاستحالة کون القراءة الّتی یجهرُ بها مأموراً بها ، مع کون الجهر بها منهیّاً عنه فعلاً ، کما لا یخفی .

وهذا بخلاف ما إذا کان مفارقاً - کما فی القسم الخامس - ؛ فإنّ النهی عنه لا یسری إلی الموصوف إلّافی ما إذا اتّحد معه وجوداً ، بناءً علی امتناع الاجتماع . وأمّا بناءً علی الجواز فلا یسری إلیه ، کما عرفت فی المسألة السابقة .

[شماره صفحه واقعی : 256]

ص: 52


1- (*) فإنّ کلّ واحد منهما لایکاد ینفکّ عن القراءة ، وإن کانت هی تنفکّ عن أحدهما ، فالنهی عن أیّهما یکون مساوقاً للنهی عنها ، کما لایخفی . ( منه قدس سره ) .

هذا حال النهی المتعلّق بالجزء أو الشرط أو الوصف .

وأمّا النهی عن العبادة لأجل أحد هذه الاُمور: فحاله حال النهی عن أحدها إن کان من قبیل الوصف بحال المتعلّق ، وبعبارةٍ أُخری: کان النهی عنها بالعرَض .

وإن کان النهی عنها (1) علی نحو الحقیقة والوصف بحاله - وإن کان بواسطة أحدها ، إلّاأنّه من قبیل الواسطة فی الثبوت ، لا العروض - کان حالُه حالَ النهی فی القسم الأوّل ، فلا تغفل .

وممّا ذکرنا فی بیان أقسام النهی فی العبادة یظهر حال الأقسام فی المعاملة ، فلا یکون بیانها علی حِدَة بمهمّ . کما أنّ تفصیل الأقوال فی الدلالة علی الفساد وعدمها - الّتی ربما تزید علی العشرة ، علی ما قیل (2) - کذلک .

تحقیق المسألة فی مقامین
اشارة

إنّما المهمّ بیان ما هو الحقّ فی المسألة ، ولابدّ فی تحقیقه - علی نحوٍ یظهر الحال فی الأقوال - من بسط المقال فی مقامین:

الأوّل: فی العبادات
النهی فی العبادة یقتضی الفساد

صوت

[*حیدری فسایی]

فنقول - وعلی اللّٰه الاتّکال - : إنّ النهی المتعلّق بالعبادة بنفسها ، ولو کانت

[شماره صفحه واقعی : 257]

ص: 53


1- فی الأصل و « ن » و « ر » کما أثبتناه وفی « ق » ، « ش » ، حقائق الأُصول ومنته الدرایة : عنه ، وقال فی منته الدرایة 3 : 274 : ضمیر « عنه » راجع إلی العبادة ، والصواب تأنیث الضمیر .
2- قاله فی مطارح الأنظار 1 : 749 .

جزء عبادة بما هو عبادة - کما عرفت (1) - مقتضٍ لفسادها؛ لدلالته علی حرمتها ذاتاً ، ولا یکاد یمکن اجتماع الصحّة - بمعنی موافقة الأمر أو الشریعة - مع الحرمة ، وکذا بمعنی سقوط الإعادة؛ فإنّه مترتّب علی إتیانها بقصد القربة ، وکانت ممّا یصلح لأن یتقرّب به (2) ، ومع الحرمة لا تکاد تصلح لذلک ، ولا یتأتّی (3) قصدُها من الملتفِت إلی حرمتها ، کما لا یخفی .

الإشکال فی الاقتضاء

لا یقال: هذا لو کان النهی عنها دالّاً علی الحرمة الذاتیّة ، ولا یکاد یتّصف بها العبادة؛ لعدم الحرمة بدون قصد القربة ، وعدمِ القدرة علیها مع قصد القربة بها إلّاتشریعاً ، ومعه تکون محرّمة بالحرمة التشریعیّة لا محالة ، ومعه لا تتّصف بحرمة أُخری؛ لامتناع اجتماع المثلین کالضدّین .

الجواب الأول عن الإشکال

فإنّه یقال: لا ضیر فی اتّصاف ما یقع عبادةً - لو کان مأموراً به - بالحرمة الذاتیّة ، مثلاً : صوم العیدین کان عبادةً منهیّاً عنها ، بمعنی أنّه لو أُمر به کان عبادةً ، لا یسقط الأمر به إلّاإذا أُتی به بقصد القربة ، کصوم سائر الأیّام .

هذا فی ما إذا لم یکن ذاتاً عبادةً ، کالسجود للّٰه- تعالی - ونحوه ، وإلّا کان محرّماً مع کونه فعلاً عبادةً ، مثلاً: إذا نُهِی الجنبُ أو الحائض عن السجود له - تبارک وتعالی - ، کان عبادةً محرّمةً ذاتاً حینئذٍ؛ لما فیه من المفسدة والمبغوضیّة فی هذا الحال .

[شماره صفحه واقعی : 258]

ص: 54


1- فی أوائل الأمر الثامن من هذا الفصل ؛ إذ قال : وکذا القسم الثانی ، بلحاظ أنّ جزء العبادة عبادة . راجع الصفحة : 256 .
2- کذا فی الأصل و « ن » . وفی سائر الطبعات : بها .
3- أثبتناها من « ر » ومنته الدرایة . وفی غیرهما : ویتأتّی .

صوت

[*حیدری فسایی]

الجواب الثانی مع أنّه لا ضیر فی اتّصافه بهذه الحرمة مع الحرمة التشریعیّة ، بناءً علی أنّ الفعل فیها لا یکون فی الحقیقة متّصفاً بالحرمة ، بل إنّما یکون المتّصف بها ما هو من أفعال القلب ، کما هو الحال فی التّجرّی والانقیاد ، فافهم ، هذا .

الجواب الثالث مع أنّه لو لم یکن النهی فیها دالّاً علی الحرمة لکان دالّاً علی الفساد؛ لدلالته علی الحرمة التشریعیّة ، فإنّه لا أقلّ من دلالته علی أنّها لیست بمأمورٍ بها ، وإن عمّها إطلاق دلیل الأمر بها أو عمومه .

نعم ، لو لم یکن النهی عنها إلّاعَرَضاً ، کما إذا نهی عنها فی ما کانت ضدّاً لواجبٍ - مثلاً - لا یکون مقتضیاً للفساد ، بناءً (1) علی عدم اقتضاء الأمر بالشیء للنهی عن الضدّ إلّاکذلک - أی عَرَضاً - ، فیخصَّص به أو یقیَّد (2) .

المقام الثانی: فی المعاملات
النهی فی المعاملة لایقتضی الفساد

ونخبة القول: أنّ النهی الدالّ علی حرمتها لا یقتضی الفساد؛ لعدم الملازمة فیها - لغةً ولا عرفاً - بین حرمتها وفسادها أصلاً : کانت الحرمة متعلّقةً بنفس

[شماره صفحه واقعی : 259]

ص: 55


1- ظاهره : - بمقتضی الأقربیّة - کونه علّة لعدم اقتضاء النهی العرضی للفساد ، لکنّه غیر سدید ؛ إذ لا علّیة فی النهی العرضی - الذی یقتضیه الأمر بالشیء - لعدم الفساد ، بل علّة عدم الفساد : عدم الملازمة بین النهی العرضی وبین الفساد ، فقوله : « بناءً علی عدم الاقتضاء » علّة لکون النهی عن ضدّ الواجب نهیاً عرضیّاً . فحقّ العبارة أن تکون هکذا : « فی ما کانت ضدّاً لواجب مثلاً ، - بناءً علی عدم الاقتضاء للأمر بالشیء للنهی عن الضد إلّاکذلک ، أی : عرضاً - لا یکون مقتضیاً للفساد » . ( منته الدرایة 3 : 284 ) وراجع حقائق الأُصول 1 : 438 .
2- الظاهر : أنّ هذا فی أصل العبارة واقع قبل قوله : نعم لو لم ... . ( حقائق الأُصول 1 : 439 ) .

المعاملة بما هی فعلٌ بالمباشرة ، أو بمضمونها بما هو فعلٌ بالتسبیب ، أو بالتسبّب بها إلیه ، وإن لم یکن السبب ولا المسبَّب - بما هو فعل من الأفعال - بحرام .

[*حیدری فسایی]

وإنّما یقتضی الفساد فی ما إذا کان دالّاً علی حرمة ما لا یکاد یحرم مع صحّتها ، مثل النهی عن أکل الثمن أو المثمن فی بیع ، أو بیع شیءٍ .

نعم ، لا یبعد دعوی ظهور النهی عن المعاملة فی الإرشاد إلی فسادها ، کما أنّ الأمر بها یکون ظاهراً فی الإرشاد إلی صحّتها ، من دون دلالته علی إیجابها أو استحبابها ، کما لا یخفی . لکنّه فی المعاملات بمعنی العقود والإیقاعات ، لا المعاملات بالمعنی الأعمّ المقابل للعبادات .

فالمعوّل هو : ملاحظة القرائن (1) فی خصوص المقامات ، ومع عدمها لا محیص عن الأخذ بما هو قضیّة صیغة النهی من الحرمة ، وقد عرفت أنّها غیر مستتبعة للفساد لا لغةً ولا عرفاً .

توهّم دلالة الروایات علی الاقتضاء

نعم ، ربما یتوهّم (2) استتباعها له شرعاً من جهة دلالة غیر واحد من الأخبار علیه:

منها: ما رواه فی الکافی والفقیه عن زرارة عن الباقر علیه السلام : سألته عن مملوکٍ تزوَّجَ بغیر إذن سیّده ، فقال: «ذاک إلی سیّده ، إن شاء أجازه وإن شاء

[شماره صفحه واقعی : 260]

ص: 56


1- هذا ینافی قوله : « نعم لا یبعد دعوی ظهور النهی عن المعاملة فی الإرشاد إلی فسادها » فکیف یجعله متفرعاً علیه ؟ إذ مع الظهور لا حاجة إلی القرینة ، لیکون عند عدم القرینة محکوماً بالتحریم فقط ، إلّاأن یکون مراده : الاحتیاج إلی القرینة فی المعاملات بالمعنی الأعم ، لکن ینافیه ذیل العبارة ، والتمسک لاستتباع الفساد شرعاً بأخبار نکاح العبد . ( نهایة النهایة 1 : 253 ) ، وراجع منته الدرایة 3 : 289 .
2- کما فی الفصول : 144 .

فرَّق بینهما » . قلت : - أصلحک اللّٰه تعالی - إنّ الحَکَم بن عُتَیبَة (1) وإبراهیمَ النَّخعیّ وأصحابَهما یقولون: «إنّ أصل النکاح فاسدٌ ولا یحلّ (2) إجازة السیّد له» . فقال أبو جعفر علیه السلام : «إنّه لم یعصِ اللّٰه ، إنّما عصی سیّده ، فإذا أجاز (3) فهو له جائز» (4)؛ حیث دلّ بظاهره علی (5) أنّ النکاح لو کان ممّا حرّمه اللّٰه - تعالی - علیه کان فاسداً .

الجواب عن التوهّم

صوت

[*حیدری فسایی]

ولا یخفی: أنّ الظاهر أن یکون المراد بالمعصیة المنفیّة هاهنا : أنّ النکاح لیس ممّا لم یُمضه اللّٰه ولم یُشرّعه کی یقع فاسداً ، ومن المعلوم استتباع المعصیة بهذا المعنی للفساد ، کما لا یخفی . ولابأس بإطلاق المعصیة علی عمل لم یمضه اللّٰه ولم یأذن به ، کما اطلق علیه بمجرّد عدم إذن السیّد فیه أنّه معصیة (6)(7)* .

[شماره صفحه واقعی : 261]

ص: 57


1- فی الأصل و « ن » و « ر » : حکم بن عتبة . وفی حقائق الأُصول ومنته الدرایة : الحکم بن عیینة . وفی مصادر الحدیث وبعض طبعات الکتاب مثل ما أثبتناه .
2- فی الکافی : ولا تحلّ ، وفی الفقیه : فلا تحلّ .
3- فی المصدرین : أجازه .
4- الکافی 5 : 478 ، الفقیه 3 : 541 .
5- أثبتنا « علی » من « ر » ، حقائق الأُصول ومنته الدرایة .
6- ذکر هذا الجواب فی الفوائد الحائریة : 176 ، والقوانین 1 : 162 .
7- (*) وجه ذلک: أنّ العبودیّة تقتضی عدم صدور فعلٍ عن1) العبد إلّاعن أمر سیّده وإذنه؛ حیث إنّه کَلٌّ علیه لا یقدر علی شیءٍ ، فإذا استقلّ بأمرٍ کان عاصیاً ؛ حیث أتی بما ینافیه مقامُ عبودیّته ، لا سیّما مثل التزوّج الّذی کان خطیراً . وأمّا وجه أنّه لم یعص اللّٰه فیه: فلأجل کون التزوّج بالنسبة إلیه أیضاً کان مشروعاً ماضیاً، غایته أنّه یعتبر -1) فی « ن » وبعض الطبعات : عدم صدور العبد ، وأثبتنا الجملة کما وردت فی « ر » ومنته الدرایة .فی تحقّقه إذن سیّده ورضاه ، ولیس کالنکاح فی العدّة غیر مشروع من أصله ، فإذا أجاز ما صدر عنه بدون إذنه، فقد وجد شرط نفوذه، وارتفع محذور عصیانه، فعصیانه لسیّده. ( منه قدس سره ) .

وبالجملة: لو لم یکن ظاهراً فی ذلک ، لما کان ظاهراً فی ما تُوهّم .

وهکذا حال سائر الأخبار الواردة فی هذا الباب ، فراجع وتأمّل .

الکلام فی دلالة النهی علی الصحّة

تذنیب:

حُکی عن أبی حنیفة والشیبانیّ (1) : دلالة النهی علی الصحّة ، وعن الفخر (2) : أنّه وافقهما فی ذلک .

والتحقیق (3) : أنّه فی المعاملات کذلک ، إذا کان عن المسبّب أو التسبیب (4) ؛

[شماره صفحه واقعی : 262]

ص: 58


1- انظر المستصفی : 222 ، والإحکام للآمدی 2 : 192 .
2- فخر المحقّقین نجل العلّامة الحلّی ، حکاه عنه الکلباسی فی إشارات الأُصول : 109 ، وانظر مطارح الأنظار 1 : 763 .
3- (*) ملخّصه: أنّ الکبری - وهی أنّ النهی حقیقةً إذا تعلّق بشیءٍ ذی أثر ، کان دالّاً علی صحّته وترتّب أثره علیه؛ لاعتبار القدرة فی ما تعلّق به النهی کذلک - وإن کانت مسلّمة، إلّاأنّ النهی کذلک لا یکاد یتعلّق بالعبادات؛ ضرورةَ امتناع تعلّق النهی کذلک بما تعلّق به الأمر کذلک . وتعلّقه بالعبادات بالمعنی الأوّل وإن کان ممکناً ، إلّاأنّ الأثر1) المرغوب منها عقلاً أو شرعاً غیر مترتّب علیها مطلقاً ، بل علی خصوص ما لیس بحرام منها . وهکذا الحال فی المعاملات ، فإن کان الأثر فی معاملة مترتّباً علیها ولازماً لوجودها ، کان النهی عنها دالّاً علی ترتّبه علیها؛ لما عرفت . ( منه قدس سره ) .
4- فی بعض الطبعات : التسبّب . - 1) أثبتناها من « ر » وفی غیرها : أثر .

لاعتبار القدرة فی متعلّق النهی ، کالأمر ، ولا یکاد یقدر علیهما إلّافی ما کانت المعاملة مؤثّرةً صحیحة .

[*حیدری فسایی]

وأمّا إذا کان عن السبب ، فلا؛ لکونه مقدوراً وإن لم یکن صحیحاً . نعم ، قد عرفت : أنّ النهی عنه لا ینافیها .

وأمّا العبادات: فما کان منها عبادةً ذاتیّة - کالسجود والرکوع والخشوع والخضوع له « تبارک وتعالی » - فمع النهی عنه یکون مقدوراً ، کما إذا کان مأموراً به . وما کان منها عبادةً لاعتبار قصد القربة فیه لو کان مأموراً به ، فلا یکاد یقدر علیه إلّاإذا قیل باجتماع الأمر والنهی فی شیءٍ ولو بعنوان واحد ، وهو محال . وقد عرفت : أنّ النهی فی هذا القسم إنّما یکون نهیاً عن العبادة ، بمعنی أنّه لو کان مأموراً به ، کان الأمر به أمرَ عبادة لا یسقط إلّابقصد القربة ، فافهم .

[شماره صفحه واقعی : 263]

ص: 59

[شماره صفحه واقعی : 264]

ص: 60

المقصد الثالث : فی المفاهیم

اشارة

[شماره صفحه واقعی : 265]

ص: 61

[شماره صفحه واقعی : 266]

ص: 62

مقدّمة
تعریف المفهوم

صوت

[*حیدری فسایی]

وهی: أنّ المفهوم - کما یظهر من موارد إطلاقه - هو عبارةٌ عن حکم إنشائیٍّ أو إخباریٍّ ، تستتبعه خصوصیّةُ المعنی الّذی أُرید من اللفظ بتلک الخصوصیّة ، ولو بقرینة الحکمة ، وکان یلزمه لذلک ، وافقه فی الإیجاب والسلب ، أو خالفه .

[*حیدری فسایی]

فمفهوم «إن جاءک زیدٌ فأکرمه» مثلاً - لو قیل به - قضیّةٌ شرطیّةٌ سالبةٌ بشرطها وجزائها ، لازمةٌ للقضیّة الشرطیّة الّتی تکون معنی القضیّة اللفظیّة ، ویکون لها خصوصیّةٌ ، بتلک الخصوصیّة کانت مستلزمةً لها .

فصحّ أن یقال: إنّ المفهوم إنّما هو حکمٌ غیر مذکور؛ لا أنّه حکمٌ لغیر مذکور - کما فُسِّر به (1) - ، وقد وقع فیه النقض والإبرام بین الأعلام (2) ، مع أنّه لا موقع له ، - کما أشرنا إلیه فی غیر مقام - ؛ لأنّه من قبیل شرح الاسم ، کما فی التفسیر اللغویّ .

ومنه قد انقدح حال غیر هذا التفسیر ممّا ذکر فی المقام ، فلا یهمّنا التصدّی

هل المفهوم من صفات المدلول أو الدلالة ؟

لذلک ، کما لا یهمّنا بیان أنّه من صفات المدلول أو الدلالة؛ وإن کان بصفات المدلول أشبه ، وتوصیف الدلالة به - أحیاناً - کان من باب التوصیف بحال المتعلّق .

[شماره صفحه واقعی : 267]

ص: 63


1- کما عن العضدی فی شرح المختصر : 306 .
2- یراجع الفصول : 145 ، والقوانین 1 : 167 ، ومطارح الأنظار 2 : 12 - 18 .
موضع النزاع فی ثبوت المفهوم وعدمه

وقد انقدح من ذلک: أنّ النزاع فی ثبوت المفهوم وعدمه فی الحقیقة ، إنّما یکون فی أنّ القضیّة الشرطیّة أو الوصفیّة أو غیرهما ، هل تدلّ - بالوضع أو بالقرینة العامّة - علی تلک الخصوصیّة المستتبعة لتلک القضیّة الاُخری ، أم لا ؟

فصل : مفهوم الشرط
الملاک فی ثبوت المفهوم

الجملة الشرطیّة هل تدلّ علی الانتفاء عند الانتفاء - کما تدلّ علی الثبوت عند الثبوت بلا کلام - أم لا ؟ فیه خلاف بین الأعلام .

لاشبهة فی استعمالها وإرادة الانتفاء عند الانتفاء فی غیر مقام ، إنّما الإشکال والخلاف فی أنّه بالوضع أو بقرینة عامّة ، بحیث لابدّ من الحمل (1) علیه ، لو لم یقم علی خلافه قرینةٌ من حالٍ أو مقالٍ ؟

فلابدّ للقائل بالدلالة من إقامة الدلیل علی الدلالة - بأحد الوجهین - علی تلک الخصوصیّة المستتبعة لترتّب الجزاء علی الشرط ، نحو ترتّب المعلول علی علّته المنحصرة .

[*حیدری فسایی]

وأمّا القائل بعدم الدلالة ففی فُسْحة؛ فإنّ له منعَ دلالتها علی اللزوم - بل علی مجرّد الثبوت عند الثبوت ، ولو من باب الاتّفاق - ، أو منعَ دلالتها علی الترتّب ، أو علی نحو الترتّب علی العلّة ، أو العلّة المنحصرة ، بعد تسلیم اللزوم أو العلّیّة .

[شماره صفحه واقعی : 268]

ص: 64


1- فی « ر » : الجری .

لکن منع دلالتها علی اللزوم ، ودعوی کونِها اتفاقیّةً فی غایة السقوط؛ لانسباق اللزوم منها قطعاً .

وأمّا المنع عن أنّه بنحو الترتّب علی العلّة - فضلاً عن کونها منحصرة - فله مجالٌ واسعٌ .

الوجوه فی دلالة الجملة الشرطیّة علی انحصار العلّة :
1 - دعوی التبادر وما یرد علیها

ودعوی : تبادر اللزوم والترتّب بنحو الترتّب علی العلّة المنحصرة - مع کثرة استعمالها فی الترتّب علی نحو الترتّب علی غیر المنحصرة منها ، بل فی مطلق اللزوم - بعیدةٌ ، عهدتُها علی مدّعیها .

کیف ؟ ولا یُری فی استعمالها فیهما (1) عنایةٌ ورعایةُ علاقةٍ ، بل إنّما تکون إرادتهما (2) - کإرادة الترتّب علی العلّة المنحصرة - بلا عنایة . کما یظهر علی من (3) أمعن النظر وأجال البصر (4) فی موارد الاستعمالات ، وفی عدم الإلزام والأخذ بالمفهوم فی مقام المخاصمات والاحتجاجات ، وصحّة الجواب ب : أنّه لم یکن لکلامه مفهوم ، وعدم صحّته لو کان له ظهور فیه ، معلومٌ .

2 - دعوی الانصراف وما یرد علیها

صوت

[*حیدری فسایی]

وأمّا دعوی الدلالة ، بادّعاء انصراف إطلاق العلاقة اللزومیّة إلی ما هو أکمل أفرادها ، وهو اللزوم بین العلّة المنحصرة ومعلولها ، ففاسدة جدّاً؛ لعدم کون الأکملیّة موجبة للانصراف إلی الأکمل ، لا سیّما مع کثرة الاستعمال فی غیره ، کما لا یکاد یخفی ، هذا .

[شماره صفحه واقعی : 269]

ص: 65


1- فی « ن » وبعض الطبعات الأُخری : فیها .
2- صُحّحت الکلمة فی الأصل بما أثبتنا أعلاه . وفی أکثر الطبعات : إرادته .
3- کذا ، والأولی : یظهر لمَن .
4- فی « ق » : البصیرة .

مضافاً إلی منع کون اللزوم بینهما أکمل ممّا إذا لم تکن العلّة بمنحصرة؛ فإنّ الانحصار لا یوجب أن یکون ذاک الربط الخاصّ - الّذی لابدّ منه فی تأثیر العلّة فی معلولها - آکدَ وأقوی .

3 - التمسّک بالإطلاق :
التقریب الأول وما یرد علیه

إن قلت: نعم ، ولکنّه قضیّة الإطلاق بمقدّمات الحکمة ، کما أنّ قضیّة إطلاق صیغة الأمر هو الوجوب النفسیّ .

قلت: أوّلاً: هذا فی ما تمّت هناک مقدّمات الحکمة ، ولا تکاد تتمّ فی ما هو مفاد الحرف ، کما هاهنا ، وإلّا لما کان معنی حرفیّاً ، کما یظهر وجهه بالتأمّل .

وثانیاً: تعیُّنُه من بین أنحائه بالإطلاق المسوق فی مقام البیان بلا معیِّن .

ومقایستُه مع تعیّن الوجوب النفسیّ بإطلاق صیغة الأمر مع الفارق؛ فإنّ النفسیّ هو الواجب (1) علی کلِّ حالٍ ، بخلاف الغیریّ ، فإنّه واجب علی تقدیرٍ دون تقدیر ، فیحتاج بیانه إلی مؤونة التقیید بما إذا وجب الغیر ، فیکون الإطلاق فی الصیغة مع مقدّمات الحکمة محمولاً علیه . وهذا بخلاف اللزوم والترتّب بنحو الترتّب علی العلّة المنحصرة؛ ضرورة أنّ کلّ واحد من أنحاء اللزوم والترتّب ، محتاج فی تعیّنه إلی القرینة مثل الآخر بلا تفاوت أصلاً ، کما لا یخفی .

التقریب الثانی والجواب عنه

صوت

[*حیدری فسایی]

ثمّ إنّه ربما یتمسّک للدلالة علی المفهوم بإطلاق الشرط ، بتقریب : أنّه

[شماره صفحه واقعی : 270]

ص: 66


1- الأولی : تبدیله ب « الوجوب » ، کما أنّ تبدیل قوله : « واجب » به أولی ؛ لأنّ الکلام فی الوجوب ، لا الواجب . ( منته الدرایة 3 : 323 ) .

لولم یکن بمنحصر یلزم (1) تقییده؛ ضرورة أنّه لو قارنه أو سبقه الآخر لما أ ثّر وحده (2) ، وقضیّةُ إطلاقه أنّه یؤثّر کذلک مطلقاً .

وفیه: أنّه لا تکاد تُنکَر الدلالة علی المفهوم مع إطلاقه کذلک ، إلّاأنّه من المعلوم ندرةَ تحقّقه ، لولم نقل بعدم اتّفاقه .

فتلخّص - بما ذکرناه - : أنّه لم ینهض دلیلٌ علی وضع مثل «إن» علی تلک الخصوصیّة المستتبعة للانتفاء عند الانتفاء ، ولم تقم علیها قرینة عامّة .

أمّا قیامها أحیاناً - کانت مقدّمات الحکمة أو غیرها - ممّا لا یکاد ینکر ، فلا یجدی القائل بالمفهوم : أنّه قضیّة الإطلاق فی مقامٍ من باب الاتّفاق .

التقریب الثالث والجواب عنه

وأمّا توهُّم : أنّه قضیّة إطلاق الشرط ، بتقریب: أنّ مقتضاه تعیّنُه ، کما أنّ مقتضی إطلاق الأمر تعیّنُ الوجوب .

ففیه: أنّ التعیّن لیس فی الشرط نحوٌ (3) ، یغایر نحوَه فی ما إذا کان متعدّداً ، کما کان فی الوجوب کذلک ، وکان الوجوب فی کلّ منهما متعلّقاً بالواجب بنحوٍ آخر ، لابدّ فی التخییریّ منهما من العِدل . وهذا بخلاف الشرط ،

[شماره صفحه واقعی : 271]

ص: 67


1- فی « ر » زیادة : علی المتکلّم .
2- ظاهره : أن الشرط فی صورتی التقارن وسبق الآخر یکون جزء السبب المؤثر ، ویکون المؤثر هو الجامع بینهما ، مع انه لیس کذلک ؛ لأنّ الأثر فی صورة السبق واللحوق یستند إلی السابق ، ویلغو اللاحق . فالصواب : إسقاط قوله : « أو سبقه الآخر » . ( منته الدرایة 3 : 325 ) .
3- کذا فی الأصل « ن » ، « ر » ، « ق » و « ش » ، وفی حقائق الأُصول ومنته الدرایة : نحواً .

فإنّه - واحداً کان أو متعدّداً - کان نحوُه واحداً ، ودخلُه فی المشروط بنحوٍ واحد ، لا تتفاوت الحال فیه ثبوتاً ، کی تتفاوت عند الإطلاق إثباتاً ، وکان الإطلاق مثبتاً لنحوٍ لا یکون له عِدْل؛ لاحتیاج ما لَه العِدل إلی زیادةِ مؤونةٍ ، وهو ذِکره بمثل : «أو کذا» .

[*حیدری فسایی]

واحتیاج ما إذا کان الشرط متعدّداً إلی ذلک إنّما یکون لبیان التعدّد ، لا لبیان نحو الشرطیّة . فنسبة إطلاق الشرط إلیه لاتختلف ، کان هناک شرط آخر أم لا ، حیث کان مسوقاً لبیان شرطیّته بلاإهمال ولا إجمال . بخلاف إطلاق الأمر؛ فإنّه لو لم یکن لبیان خصوص الوجوب التعیینیّ ، فلا محالة یکون فی مقام الإهمال أو الإجمال ، تأمّل تعرف . هذا .

مع أنّه لو سلّم لا یُجدی القائل بالمفهوم؛ لما عرفت أنّه لا یکاد ینکر فی ما إذا کان مفاد الإطلاق من باب الاتّفاق .

أدلّة المنکرین للمفهوم وما یرد علیها :
اشارة

ثمّ إنّه ربما استدلّ المنکرون للمفهوم بوجوه:

1 - إمکان نیابة شرط آخر عن الشرط المذکور فی القضیة

أحدها: ما عُزِی إلی السیّد (1) من أنّ تأثیر الشرط إنّما هو تعلیق الحکم به ، ولیس بممتنع أن یخلفه وینوب منابه شرطٌ آخر یجری مجراه ، ولا یخرج عن کونه شرطاً؛ فإنّ قوله تعالی: «وَاسْتَشْهِدُوا شَهیدَیْنِ مِنْ رِجالِکُمْ » (2)یمنع من قبول الشاهد الواحد حتّی ینضمّ إلیه شاهد آخر ، فانضمام الثانی إلی الأوّل شرط فی القبول ، ثمّ علمنا: أنّ ضمّ امرأتین إلی الشاهد الأوّل شرط فی القبول ، ثمّ علمنا: أنّ ضمّ الیمین یقوم مقامه أیضاً . فنیابة بعض الشروط عن بعض أکثر

[شماره صفحه واقعی : 272]

ص: 68


1- الذریعة 1 : 406 .
2- البقرة : 282 .

من أن تحصی ، مثل الحرارة ؛ فإنّ انتفاء الشمس لا یلزم منه (1) انتفاء الحرارة (2)؛ لاحتمال قیام النار مقامها . والأمثلة لذلک کثیرة شرعاً وعقلاً .

الجواب عنه

[*حیدری فسایی]

والجواب: أنّه قدس سره إن کان بصدد إثبات (3) إمکان نیابة بعض الشروط عن بعض فی مقام الثبوت وفی الواقع ، فهو ممّا لا یکاد ینکر؛ ضرورة أنّ الخصم یدّعی عدَمَ وقوعه فی مقام الإثبات ، ودلالةَ القضیّة الشرطیّة علیه .

وإن کان بصدد إبداء احتمال وقوعه ، فمجرّد الاحتمال لا یضرّه ، ما لم یکن بحسب القواعد اللفظیّة راجحاً أو مساویاً ، ولیس فی ما أفاده ما یثبت ذلک أصلاً ، کما لا یخفی .

2 - انتفاء الدلالات الثلاث عن المفهوم

ثانیها: ا نّه لو دلّ لکان بإحدی الدلالات ، والملازمة - کبطلان التالی - ظاهرة .

الجواب عنه

وقد أُجیب عنه (4) بمنع بطلان التالی ، وأنّ الالتزام ثابت . وقد عرفت بما لا مزید علیه ما قیل أو یمکن أن یقال فی إثباته أو منعه ، فلا تغفل .

3 - الاستدلال بالآیة الشریفة

ثالثها: قوله تبارک وتعالی: «ولاتُکْرِهُوا فَتَیاتِکُمْ عَلیٰ الْبِغاءِ إِنْ أرَدْنَ تَحَصُّناً » (5).

[شماره صفحه واقعی : 273]

ص: 69


1- أثبتنا کلمة « منه » من « ق » و « ش » .
2- فی « ش » ادرجت الجملة المثبتة أعلاه فی الهامش نقلاً عن نسخة من الکتاب ، وجعل بدلها فی المتن هذه العبارة : مثل الشمس ؛ فإنّ انتفاءها لا یستلزم انتفاء الحرارة .
3- فی « ر » : بصدد بیان .
4- فی مطارح الأنظار 2 : 33 .
5- النور : 33 .

الجواب عنه

وفیه ما لا یخفی؛ ضرورة أنّ استعمال الجملة الشرطیّة فی ما لا مفهوم له أحیاناً وبالقرینة لا یکاد ینکر ، کما فی الآیة وغیرها . وإنّما القائل به إنّما یدّعی ظهورها فی ما له المفهوم وضعاً أو بقرینةٍ عامّة ، کما عرفت .

بقی هاهنا أُمور :
1 - المفهوم هو انتفاء سنخ الحکم عند انتفاء الشرط
اشارة

الأمر الأوّل: أنّ المفهوم هو : انتفاء سنخ الحکم المعلّق علی الشرط عند انتفائه ، لا انتفاءُ شخصه (1)؛ ضرورة انتفائه عقلاً بانتفاء موضوعه ولو ببعض قیوده ، فلا (2) یتمشّی الکلام فی أنّ للقضیّة الشرطیّة مفهوماً أو لیس لها مفهومٌ ، إلّا فی مقامٍ کان هناک ثبوت سنخ الحکم فی الجزاء ، وانتفاؤه عند انتفاء الشرط ممکناً . وإنّما وقع النزاع فی أنّ لها دلالةً علی الانتفاء عند الانتفاء ، أو لا یکون لها دلالة .

عدم کون الانتفاء عند الانتفاء فی الوصایا ونحوهامن المفهوم

صوت

[*حیدری فسایی]

ومن هنا انقدح : أنّه لیس من المفهوم دلالةُ القضیّة (3) علی الانتفاء عند الانتفاء فی الوصایا والأوقاف والنذور والأیمان ، کما توهّم (4) ، بل عن الشهید

[شماره صفحه واقعی : 274]

ص: 70


1- فی « ر » : ولا إلی انتفاء شخصه .
2- أثبتناها من الأصل و « ر » ، وفی أکثر الطبعات : ولا .
3- أثبتنا الجملة کما هی فی « ر » ومنته الدرایة . وفی الأصل وأکثر الطبعات : لیس من المفهوم ودلالة القضیة . قال فی منته الدرایة 3 : 343 : فی بعض النسخ : « ودلالة » مع الواو ، فیکون معطوفاً علی المفهوم ومفسّراً له ، وهو مشکل ؛ إذ یلزم حینئذٍ خلوّ « لیس » عن الإسم ... یراجع أیضاً نهایة النهایة 1 : 258 .
4- فی مطارح الأنظار 2 : 37 .

فی تمهید القواعد: أنّه لا إشکال فی دلالتها علی المفهوم (1) .

وذلک لأنّ انتفاءها عن غیر ما هو المتعلّق لها ، - من الأشخاص الّتی تکون بألقابها ، أو بوصف شیءٍ ، أو بشرطه ، مأخوذةً فی العقد ، أو مثل العهد - لیس بدلالة الشرط أو الوصف أو اللقب علیه ، بل لأجل أنّه إذا صار شیءٌ وقفاً علی أحدٍ ، أو اوصی به ، أو نُذر له - إلی غیر ذلک - لا یقبل أن یصیر وقفاً علی غیره أو وصیّةً أو نذراً له . وانتفاءُ شخص الوقف أو النذر أو الوصیّة عن غیر مورد المتعلّق ، قد عرفت أنّه عقلیٌّ مطلقاً ، ولو قیل بعدم المفهوم فی موردٍ صالح له .

توهّم أنّ المعلّق علی الشرط هو شخص الحکم لا سنخه

إشکال ودفع :

لعلّک تقول: کیف یکون المناط فی المفهوم هو سنخ الحکم ، لا نفس شخص الحکم فی القضیّة ، وکان الشرط فی الشرطیّة إنّما وقع شرطاً بالنسبة إلی الحکم الحاصل بإنشائه دون غیره ؟ فغایة قضیّتها انتفاء ذاک الحکم بانتفاء شرطه ، لا انتفاء سنخه . وهکذا الحال فی سائر القضایا الّتی تکون مفیدة للمفهوم (2) .

الجواب عن التوهّم

صوت

[*حیدری فسایی]

ولکنّک غفلت عن أنّ المعلّق علی الشرط إنّما هو نفس الوجوب الّذی

[شماره صفحه واقعی : 275]

ص: 71


1- تمهید القواعد: 14 .
2- ورد هذا الإشکال فی مطارح الأنظار 2 : 38 .

هو مفاد الصیغة ومعناها ، وأمّا الشخص والخصوصیّة الناشئة من قِبَل استعمالها فیه ، لا تکاد (1) تکون من خصوصیّات معناها المستعملة فیه ، کما لا یخفی ، کما لا تکون الخصوصیّة الحاصلة من قِبَل الإخبار به ، من خصوصیّات ما اخبر به واستعمل فیه إخباراً لا إنشاءً .

وبالجملة: کما لا یکون المخبَر به المعلّق علی الشرط خاصّاً بالخصوصیّات الناشئة من قِبَل الإخبار به ، کذلک المُنشأ بالصیغة المعلّق علیه ، وقد عرفت بما حقّقناه فی معنی الحرف وشبهه (2): أنّ ما استعمل فیه الحرف عامّ کالموضوع له ، وأنّ خصوصیّة لحاظِه بنحو الآلیّة والحالیّة لغیره من خصوصیّة الاستعمال ، کما أنّ خصوصیّة لحاظ المعنی بنحو الاستقلال فی الاسم کذلک ، فیکون اللحاظ الآلیّ - کالاستقلالیّ - من خصوصیّات الاستعمال ، لا المستعمل فیه .

جواب الشیخ الأنصاری عن التوهّم والکلام فیه

وبذلک قد انقدح فساد ما یظهر من التقریرات (3) - فی مقام التفصّی عن هذا الإشکال - من التفرقة بین الوجوب الإخباریّ والإنشائیّ ، بأنّه کلّیٌّ فی الأوّل وخاصٌّ فی الثانی ، حیث دفع الإشکال بأنّه لا یتوجّه فی (4) الأوّل ؛ لکون الوجوب کلّیّاً (5) ، وعلی الثانی بأنّ ارتفاع مطلق الوجوب فیه من فوائد العلّیّة المستفادة من الجملة الشرطیّة؛

[*حیدری فسایی]

حیث کان ارتفاع شخص الوجوب لیس مستنداً إلی ارتفاع العلّة المأخوذة فیها ، فإنّه یرتفع ولو لم یوجد فی حیال أداة الشرط ، کما فی اللقلب والوصف .

وأُورد (6) علی ما تُفُصّی به عن الإشکال ، بما (7) ربما یرجع إلی ما ذکرنا

[شماره صفحه واقعی : 276]

ص: 72


1- کذا ، والأولی : « فلا تکاد » کما استظهره فی « ش » .
2- تقدّم ذلک فی الصفحة : 25 وما بعدها .
3- مطارح الأنظار 2 : 38 - 39 .
4- الأولی : تبدیل « فی » ب « علی » . ( منته الدرایة 3 : 351 ) .
5- حقّ العبارة أن تکون هکذا : « حیث دفع الإشکال علی الأول بکون الوجوب کلّیاً ... » . ( المصدر السابق : 350 ) .
6- فی مطارح الأنظار 2 : 39 .
7- الظاهر أنّ أصل العبارة: « ممّا ربما » ؛ لیکون بیاناً لما تُفصّی. (حقائق الأُصول 1: 458).

بما حاصله: أنّ التفصّی لا یبتنی علی کلّیّة الوجوب ؛ لما أفاده . وکونُ الموضوع له فی الإنشاء عامّاً لم یقم علیه دلیل ، لو لم نقل بقیام الدلیل علی خلافه؛ حیث إنّ الخصوصیّات بأنفسها مستفادة من الألفاظ .

وذلک لما عرفت من أنّ الخصوصیّات فی الإنشاءات والإخبارات ، إنّما تکون ناشئة من الاستعمالات بلا تفاوتٍ أصلاً بینهما .

ولعمری لا یکاد ینقضی تعجّبی ، کیف تُجعل خصوصیّات الإنشاء من خصوصیّات المستعمل فیه ؟ مع أنّها - کخصوصیّات الإخبار - تکون ناشئة من الاستعمال ، ولا یکاد یمکن أن یدخل فی المستعمل فیه ما ینشأ من قِبَل الاستعمال ، کما هو واضح لمن تأمّل .

2 - إذا تعدّد الشرط واتّحد الجزاء فلابدّ من التصرّف فی ظهور الجملة
اشارة

الأمر الثانی: انّه إذا تعدّد الشرط مثل: «إذا خفی الأذانُ فقصِّر» و «إذا خفی الجدران فقصِّر» ، فبناءً علی ظهور الجملة الشرطیّة فی المفهوم ، لابدّ من التصرّف ورفع الید عن الظهور:

وجوه التصرّف فی الظهور

- إمّا بتخصیص مفهوم کلّ منهما بمنطوق الاُخری ، فیقال بانتفاء وجوب القصر عند انتفاء الشرطین .

- وإمّا برفع الید عن المفهوم فیهما ، فلا دلالة لهما علی عدم مدخلیّة شیءٍ آخر فی الجزاء ، بخلاف الوجه الأوّل ، فإنّ فیهما الدلالة علی ذلک .

- وإمّا بتقیید إطلاق الشرط فی کلّ منهما بالآخر ، فیکون الشرط هو خفاء الأذان والجدران معاً ، فإذا خفیا وجب القصر ، ولا یجب عند انتفاء خفائهما ، ولو خفی أحدهما .

[*حیدری فسایی]

- وإمّا بجعل الشرط هو القدر المشترک بینهما ، بأن یکون تعدّد الشرط قرینة علی أنّ الشرط فی کلٍّ منهما لیس بعنوانه الخاصّ ، بل بما هو مصداق لما

[شماره صفحه واقعی : 277]

ص: 73

یعمّهما من العنوان .

مساعدة العرف علی الوجه الثانی وحکم العقل بتعیین الوجه الرابع

ولعلّ العرف یساعد علی الوجه الثانی ، کما أنّ العقل ربما یعیّن هذا الوجه ، بملاحظة أنّ الأُمور المتعدّدة - بما هی مختلفة - لا یمکن أن یکون کلّ منها (1) مؤثّراً فی واحد؛ فإنّه لابدّ من الربط الخاصّ بین العلّة والمعلول ، ولا یکاد یکون الواحد بما هو واحد مرتبطاً بالاثنین - بما هما إثنان - ، ولذلک أیضاً لا یصدر من الواحد إلّاالواحد .

فلابدّ من المصیر إلی أنّ الشرط فی الحقیقة واحد ، وهو المشترک بین الشرطین ، بعد البناء علی رفع الید عن المفهوم ، وبقاءِ إطلاق الشرط فی کلّ منهما علی حاله ، وإن کان بناء العرف والأذهان العامیّة علی تعدّد الشرط ، وتأثیر کلّ شرط بعنوانه الخاصّ ، فافهم (2) .

3 - إذا تعدّدالشرط واتّحد الجزاء فهل یلتزم بتعدّد الجزاء أم بتداخله ؟
اشارة

صوت

[*حیدری فسایی]

الأمر الثالث: إذا تعدّد الشرط واتّحد الجزاء ، فلا إشکال علی الوجه الثالث . وأمّا علی سائر الوجوه ، فهل اللازم الإتیان (3) بالجزاء متعدّداً ، حَسَبَ تعدُّدِ الشروط ، أو یتداخل ، ویُکتفی بإتیانه دفعةً واحدةً ؟ فیه أقوال :

[شماره صفحه واقعی : 278]

ص: 74


1- فی « ر » و« ش » : کلّ منهما .
2- هنا زیادة مشطوبٌ علیها فی الأصل و « ن » ، ولکنها مثبتةٌ فی « ق » و « ش » ، وهی : «وأمّا رفع الید عن المفهوم فی خصوص أحد الشرطین وبقاء الآخر علی مفهومه ، فلا وجه لأن یصار إلیه ، إلّابدلیل آخر ، إلّاأن یکون ما أُبقی علی المفهوم أظهر ، فتدبّر جیّداً» . وقد علّق المصنف علیها بقوله : « ولازمه تقیید منطوقها بمفهوم الآخر ، فلا یکون عند ثبوت شرطها ثبوت الجزاء إلّاإذا کان شرط الآخر یلزم ثانیاً » . وفی نهایة الدرایة 2 : 422 تعقیباً علی الزیادة : « ضُرب علیه خطّ المحو فی النسخة المصحّحة ، ولعلّه أنسب » . أیضاً یراجع نهایة النهایة 1 : 263 .
3- فی الأصل وبعض طبعاته : فهل اللازم لزوم الإتیان . وفی « ر » وحقائق الأُصول ومنته الدرایة مثل ما أثبتناه .

والمشهور: عدم التداخل .

وعن جماعة - منهم المحقّق الخوانساریّ (1) - : التداخل .

وعن الحلّی (2) : التفصیل بین اتّحاد جنس الشروط وتعدّده .

التحقیق فی المسألة: ضرورة التصرّف فی الشرط علی القول بالتداخل

والتحقیق: أنّه لمّا کان ظاهر الجملة الشرطیّة حدوث الجزاء عند حدوث الشرط بسببه ، أو بکشفه عن سببه ، وکان قضیّته تعدّدَ الجزاء عند تعدّد الشرط ، کان الأخذُ بظاهرها - إذا تعدّد الشرط حقیقةً أو وجوداً - محالاً؛ ضرورة أنّ لازمه أن تکون الحقیقة الواحدة - مثل الوضوء - بما هی واحدة - فی مثل : إذا بُلتَ فتوضّأ ، و : إذا نمتَ فتوضّأ ، أو فی ما إذا بال مکرّراً ، أو نام کذلک - محکوماً (3) بحکمین متماثلین ، وهو واضح الاستحالة کالمتضادّین .

فلابدّ علی القول بالتداخل من التصرّف فیه:

وجوه التصرّف فی الشرط -

إمّا بالالتزام بعدم دلالتها فی هذا الحال علی الحدوث عند الحدوث ، بل علی مجرّد الثبوت .

[*حیدری فسایی]

- أو الالتزامِ بکون متعلّق الجزاء وإن کان واحداً صورةً ، إلّاأنّه حقائقُ متعدّدة - حَسَبَ تعدّد الشرط - ، متصادقةٌ علی واحدٍ . فالذمّة وإن اشتغلت بتکالیفِ متعدّدة حسب تعدّد الشروط ، إلّاأنّ الاجتزاء بواحد؛ لکونه مجمعاً لها ، کما فی : أکرِم هاشمیّاً وأضِف عالماً ، فأکرمَ العالمَ الهاشمیّ بالضیافة؛ ضرورة أنّه بضیافته بداعی الأمرین یصدق أنّه امتثلهما ، ولا محالة یسقط الأمر بامتثاله

[شماره صفحه واقعی : 279]

ص: 75


1- مشارق الشموس : 61 .
2- السرائر 1 : 258 .
3- الصحیح : محکومة .

وموافقته ، وإن کان له امتثال کلّ منهما علی حدة ، کما إذا أکرم الهاشمیَّ بغیر الضیافة ، وأضاف العالمَ غیرَ الهاشمیّ .

إن قلت: کیف یمکن ذلک - أی الامتثالُ بما تصادق علیه العنوانان - مع استلزامه محذورَ اجتماع الحکمین المتماثلین فیه ؟

قلت: انطباق عنوانین واجبین علی واحدٍ لا یستلزم اتّصافَه بوجوبین ، بل غایته أنّ انطباقهما علیه یکون منشئاً لاتّصافه بالوجوب ، وانتزاعِ صفته له .

مع أنّه - علی القول بجواز الاجتماع - لا محذور فی اتّصافه بهما ، بخلاف ما إذا کان بعنوان واحد ، فافهم .

[*حیدری فسایی]

- أو الالتزامِ بحدوث الأثر عند وجود کلِّ شرطٍ ، إلّاأنّه وجوب الوضوء فی المثال عند الشرط الأوّل ، وتأکُّدُ وجوبه عند الآخر .

ما یرد علی وجوه التصرّف فی الشرط

ولا یخفی: أنّه لا وجه لأن یصار إلی واحدٍ منها؛ فإنّه رفع الید عن الظاهر بلا وجه . مع ما فی الأخیرین من الاحتیاج إلی إثبات أنّ متعلّق الجزاء متعدّدٌ متصادقٌ علی واحد ، وإن کان صورةً واحداً سمّی باسم واحدٍ کالغُسل ، وإلی إثبات أنّ الحادث بغیر الشرط الأوّل تأکُّدُ ما حدث بالأوّل ، ومجرّدُ الاحتمال لا یُجدی ، ما لم یکن فی البین ما یثبته .

إن قلت: وجه ذلک هو لزوم التصرّف فی ظهور الجملة الشرطیّة؛ لعدم إمکان الأخذ بظهورها ، حیث إنّ قضیّته اجتماع الحکمین فی الوضوء فی المثال ، کما مرّت الإشارة إلیه (1) .

قلت: نعم ، إذا لم یکن المراد بالجملة - فی ما إذا تعدّد الشرط ، کما فی

[شماره صفحه واقعی : 280]

ص: 76


1- آنفاً ، عند قوله : ضرورة أنّ لازمه أن یکون الحقیقة الواحدة مثل الوضوء ... .

المثال - هو وجوب وضوءٍ (1) - مثلاً - بکلِّ شرطٍ غیر ما وجب بالآخر ، ولا ضیر فی کون فردٍ محکوماً بحکم فردٍ آخر أصلاً ، کما لا یخفی .

إن قلت: نعم ، لو لم یکن تقدیر تعدّد الفرد علی خلاف الإطلاق .

قلت: نعم ، لو لم یکن ظهور الجملة الشرطیّة فی کون الشرط سبباً أو کاشفاً عن السبب ، مقتضیاً لذلک - أی لتعدّد الفرد - ، وإلّا کان بیاناً (2) لما هو المراد من الإطلاق .

[*حیدری فسایی]

وبالجملة: لا دوران بین ظهور الجملة فی حدوث الجزاء وظهورِ الإطلاق؛ ضرورة أنّ ظهور الإطلاق یکون معلّقاً علی عدم البیان ، وظهورَها فی ذلک صالحٌ لأن یکون بیاناً ، فلا ظهور له مع ظهورها ، فلا یلزم علی القول بعدم التداخل تصرّفٌ أصلاً ، بخلاف القول بالتداخل کما لا یخفی (3)* .

فتلخّص بذلک: أنّ قضیّة ظاهر الجملة الشرطیّة هو القول بعدم التداخل عند تعدّد الشرط .

[شماره صفحه واقعی : 281]

ص: 77


1- کذا فی الأصل ، « ن » و « ر » . وفی « ق » ، « ش » ، حقائق الأُصول ومنته الدرایة : وجوب الوضوء .
2- کذا فی الأصل وبعض الطبعات . وفی « ن » وبعض الطبعات الأُخری : لتعدّد الفرد وبیاناً .
3- (*) هذا واضحٌ بناءً علی مایظهر من شیخنا العلّامة : من کون ظهور الإطلاق معلّقاً علی عدم البیان مطلقاً ، ولو کان منفصلاً . وأمّا بناءً علی ما اخترناه فی غیر مقام - من أنّه إنّما یکون معلّقاً علی عدم البیان فی مقام التخاطب، لا مطلقاً - فالدوران حقیقةً بین الظهورین حینئذٍ وإن کان ، إلّاأنّه لا دوران بینهما حکماً؛ لأنّ العرف لایکاد یشکّ - بعد الإطّلاع علی تعدّد القضیّة الشرطیّة - أنّ قضیّته تعدّد الجزاء ، وأنّه فی کلّ قضیّة وجوب فرد غیر ما وجب فی الاُخری ، کما إذا اتّصلت القضایا وکانت فی کلام واحد ، فافهم . ( منه قدس سره ) .
عدم ابتناء التداخل علی کون الأسباب الشرعیّة معرّفات

وقد انقدح ممّا ذکرناه: أنّ الُمجدی للقول بالتداخل هو أحد الوجوه الّتی ذکرناها ، لا مجرّد کون الأسباب الشرعیّة معرِّفات لا مؤثّرات .

فلا وجه لما عن الفخر (1) وغیره (2) من ابتناء المسألة علی أنّها معرّفات أو مؤثّرات . مع أنّ الأسباب الشرعیّة حالها حال غیرها ، فی کونها معرّفات تارةً ، ومؤثّرات أُخری؛ ضرورة أنّ الشرط للحکم الشرعیّ فی الجمل الشرطیّة ربما یکون ممّا له دخل فی ترتّب الحکم ، بحیث لولاه لما وجدت له علّة ، کما أنّه فی الحکم غیر الشرعیّ قد یکون أمارة علی حدوثه بسببه ، وإن کان ظاهر التعلیق أنّ له الدخل فیهما ، کما لا یخفی .

[*حیدری فسایی]

نعم ، لو کان المراد بالمعرِّفیّة فی الأسباب الشرعیّة : أنّها لیست بدواعی الأحکام الّتی هی فی الحقیقة عللٌ لها ، وإن کان لها دخْلٌ فی تحقّق موضوعاتها ، بخلاف الأسباب غیرِ الشرعیّة ، فهو وإن کان له وجه ، إلّاأنّه ممّا لا یکاد یتوهّم أنّه یُجدی فی ما همّ و أراد .

التفصیل بین اختلاف الشروط بحسب الجنس وعدمه والجواب عنه

ثمّ إنّه لا وجه للتفصیل بین اختلاف الشروط بحسب الأجناس وعدمِه ، واختیار عدم التداخل فی الأوّل ، و التداخِل فی الثانی (3) ، إلّاتوهُّم عدم صحّة التعلّق (4) بعموم اللفظ فی الثانی؛ لأنّه من أسماء الأجناس ، فمع تعدّد أفراد شرط واحد لم یوجد إلّاالسبب الواحد ، بخلاف الأوّل؛ لکون کلّ منها سبباً ، فلا وجه لتداخلها .

[شماره صفحه واقعی : 282]

ص: 78


1- راجع إیضاح الفوائد 1 : 145 .
2- کالمحقّق النراقیّ فی عوائد الأیّام: 294 .
3- ذهب إلیه ابن إدریس الحلّی فی السرائر 1 : 144 - 145 و 258 .
4- فی « ر » : التعلیق .

وهو فاسد؛ فإنّ قضیّة إطلاق الشرط فی مثل : « إذا بُلت فتوضّأ » هو حدوث الوجوب عند کلّ مرّةٍ لو بال مرّات ، وإلّا فالأجناس المختلفة لابدّ من رجوعها إلی واحد ، فی ما جُعلت شروطاً وأسباباً لواحد؛ لما مرّت إلیه الإشارة (1) : من أنّ الأشیاء المختلفة بما هی مختلفة لا تکون أسباباً لواحد .

القول بالتداخل فی ما إذا لم یکن الموضوع قابلاً للتعدّد

صوت

[*حیدری فسایی]

هذا کلّه فی ما کان موضوع الحکم فی الجزاء قابلاً للتعدّد ، وأمّا إذا لم یکن قابلاً له (2) ، فلابدّ من تداخل الأسباب فی (3) ما لا یتأکّد المسبّب ، ومن التداخل فیه فی ما یتأکّد .

فصل : مفهوم الوصف
عدم ثبوت المفهوم للوصف

الظاهر : أنّه لا مفهوم للوصف وما بحکمه مطلقاً؛ لعدم ثبوت الوضع، وعدمِ لزوم اللغویّة بدونه؛ لعدم انحصار الفائدة به ، وعدمِ قرینة أُخری ملازمة له .

التفصیل بین ما کان الوصف علّة والذی لا یکون کذلک والإشکال علیه

وعلّیّته - فی ما إذا استفیدت - غیر مقتضیة له ، کما لا یخفی (4) . ومع کونها بنحو الانحصار وإن کانت مقتضیة له ، إلّاأنّه لم یکن من مفهوم الوصف؛ ضرورة أنّه قضیّة العلّة الکذائیّة المستفادة من القرینة علیها فی خصوص مقام ،

[شماره صفحه واقعی : 283]

ص: 79


1- فی الأمر الثانی من تنبیهات هذا الفصل ، عند قوله : بملاحظة أنّ الأُمور المتعدّدة بما هی مختلفة ، لا یمکن أن یکون کلّ منها مؤثّراً فی واحد . انظر الصفحة : 278 .
2- أثبتنا العبارة من « ر » . وفی غیرها : وأ مّا ما لا یکون قابلاً لذلک .
3- فی « ق » و « ش » : الأسباب فیه فی ... .
4- إشارة إلی التفصیل المنسوب إلی العلّامة الحلّی . راجع هدایة المسترشدین 2 : 498 ، ومفاتیح الأُصول : 220 .

وهو ممّا لا إشکال فیه ولا کلام ، فلا وجه لجعله تفصیلاً فی محلّ النزاع ، ومورداً للنقض والإبرام .

ولا ینافی (1) ذلک ما قیل من أنّ الأصل فی القید أن یکون احترازیّاً؛ لأنّ الاحترازیّة لا توجب إلّاتضییق دائرة موضوع الحکم فی القضیّة، مثل ما إذا کان هذا الضیق (2) بلفظ واحد . فلا فرق أن یقال: جئنی بإنسان ، أو : بحیوان ناطق .

[*حیدری فسایی]

کما أنّه لا یلزم من (3) حمل المطلق علی المقیّد - فی ما وُجد شرائطه - إلّاذلک ، من دون حاجةٍ فیه إلی دلالته علی المفهوم (4)؛ فإنّ (5) من المعلوم أنّ قضیّة الحمل لیس إلّاأنّ المراد بالمطلق هو المقیّد ، وکأنّه لا یکون فی البین غیره . بل ربما قیل (6): إنّه لا وجه للحمل لو کان بلحاظ المفهوم ؛ فإنّ ظهوره فیه لیس بأقوی من ظهور المطلق فی الإطلاق کی یحمل علیه ، لو لم نقل بأنّه الأقوی ؛ لکونه بالمنطوق ، کما لا یخفی .

الاستدلال علی عدم دلالة الوصف علی المفهوم والإیراد علیه

صوت

[*حیدری فسایی]

وأمّا الاستدلال علی ذلک - أی: عدمِ الدلالة علی المفهوم - بآیة « وَ رَبٰائِبُکُمُ اللاّٰتِی فِی حُجُورِکُمْ » (7)، ففیه: أنّ الاستعمال فی غیره أحیاناً مع القرینة ممّا لا یکاد ینکر ، کما فی الآیة قطعاً .

[شماره صفحه واقعی : 284]

ص: 80


1- ذکر المحقّق التّقی توهّم هذه المنافاة وأجاب عنه . انظر هدایة المسترشدین 2 : 471 .
2- أدرجنا ما هو المثبت فی « ر » . وفی الأصل وبقیة الطبعات : بهذا الضیق .
3- أثبتنا « من » من « ر » ، وفی غیرها : فی حمل .
4- إشارة إلی أمر آخر یتوهّم إیجابه للمفهوم ، منسوب إلی الشیخ البهائی . انظر هدایة المسترشدین 2 : 473 ومطارح الأنظار 2 : 82 - 83 .
5- فی غیر « ر » ومنته الدرایة : فإنّه .
6- فی مطارح الأنظار 2 : 83 .
7- النساء : 23 .

مع أنّه یعتبر فی دلالته علیه - عند القائل بالدلالة - أن لا یکون وارداً مورد الغالب - کما فی الآیة - ، ووجهُ الاعتبار واضح؛ لعدم دلالته معه علی الاختصاص ، وبدونها لا یکاد یتوهّم دلالته علی المفهوم ، فافهم .

جریان النزاع فی الوصف الأخص

تذنیبٌ:

لا یخفی أنّه لا شبهة فی جریان النزاع فی ما إذا کان الوصف أخصّ من موصوفه ولو من وجهٍ ، فی مورد الافتراق من جانب الموصوف .

الإشکال فی جریان النزاع فی مورد انتفاء الوصف والموصوف

وأمّا فی غیره: ففی جریانه إشکالٌ، أظهره عدم جریانه . وإن کان یظهر ممّا عن بعض الشافعیّة (1) - حیث قال: قولنا: فی الغنم السائمة زکاةٌ ، یدلّ علی عدم الزکاة فی معلوفة الإبل - جریانُه فیه، ولعلّ وجهه استفادة العلّیّة المنحصرة منه .

وعلیه فیجری فی ما کان الوصف مساویاً أو أعمّ مطلقاً أیضاً ، فیدلّ علی انتفاء سنخ الحکم عند انتفائه ، فلا وجه فی التفصیل بینهما وبین ما إذا کان أخصّ من وجهٍ ، - فی ما إذا کان الافتراق من جانب الوصف (2) - بأنّه لا وجه للنزاع فیهما ، معلّلاً بعدم الموضوع ، واستظهارِ جریانه من بعض الشافعیّة فیه (3) ، کما لا یخفی ، فتأمّل جیّداً .

[شماره صفحه واقعی : 285]

ص: 81


1- انظر المنخول ( للغزالی ) : 297 .
2- قد عبّر فی التقریرات ( مطارح الأنظار 2 : 80 ) أیضاً ، والظاهر أنه سهو من القلم ؛ إذ افتراقه فی الإبل السائمة ، ولا إشکال فی عدم جریان النزاع فیه من جهة الوصف ، والمراد : ما لم یصدق علیه واحد من الموصوف والصفة ، وهی الإبل المعلوفة ... ( کفایة الأُصول مع حاشیة المشکینی 2 : 323 ) .
3- تعریض بالتفصیل الوارد فی مطارح الأنظار 2 : 80 - 81 . قال فی نهایة النهایة 1 : 269 : ولو راجعته لعلمت أنّ التعریض فی غیر محلّه ؛ لوقوع التصریح فیه بعدم الوجه للنزاع فی الجمیع . نعم ، أفاد أوّلاً عدم الجریان فی قسمین منه ، وأخّر بیان عدم الجریان فی الثالث ، قاصداً الردّ علی الشافعی الظاهر منه الجریان .
فصل : مفهوم الغایة
الخلاف فی ثبوت مفهوم الغایة

صوت

[*حیدری فسایی]

هل الغایة فی القضیّة تدلّ علی ارتفاع الحکم عمّا بعد الغایة - بناءً علی دخول الغایة فی المغیّا - أو عنها وبعدها - بناءً علی خروجها - أو لا ؟

فیه خلافٌ . وقد نُسب إلی المشهور : الدلالةُ علی الارتفاع (1) ، وإلی جماعة - منهم : السیّد (2) والشیخ (3) - : عدم الدلالة علیه .

دلالة الغایة علی المفهوم إذا کانت قیداً للحکم

والتحقیق: أنّه إذا کانت الغایة بحسب القواعد العربیّة قیداً للحکم ، - کما فی قوله علیه السلام : «کلُّ شیءٍ حلالٌ حتّی تعرف أنّه حرامٌ» (4) ، و : «کلُّ شیءٍ طاهرٌ حتّی تعلم أنّه قَذِر» (5) - کانت دالّةً علی ارتفاعه عند حصولها (6)؛ لانسباق ذلک منها ، کما لا یخفی ، وکونِهِ قضیّة تقییده بها ، وإلّا لما کان (7) ما جُعل غایةً له بغایةٍ ، وهو واضح إلی النهایة .

عدم دلالة الغایة

وأمّا إذا کانت بحسبها قیداً للموضوع - مثل : سِر من البصرة إلی الکوفة -

[شماره صفحه واقعی : 286]

ص: 82


1- کما فی مطارح الأنظار 2 : 98 .
2- الذریعة 1 : 407 - 408
3- عدّة الأُصول 2 : 478 .
4- وسائل الشیعة 17 : 88 ، الباب 4 من أبواب ما یکتسب به ، الحدیث الأول .
5- أرسله الصدوق فی المقنع : 5 ، وفیه : إلّاما علمت .
6- فی « ر » : حصولهما .
7- أثبتناها من حقائق الأُصول ومنته الدرایة . وفی غیرهما : لما کانت .
علی المفهوم إذا کانت قیداً للموضوع

فحالها حال الوصف فی عدم الدلالة ، وإن کان تحدیده بها بملاحظة حکمه ، وتعلُّق الطلب به ، وقضیّته لیس إلّاعدم الحکم فیها إلّابالمغیّا ، من دون دلالة لها أصلاً علی انتفاء سنخه عن غیره؛ لعدم ثبوت وضع لذلک ، وعدمِ قرینة ملازمة لها - ولو غالباً - دلّت علی اختصاص الحکم به . وفائدةُ التحدید بها - کسائر أنحاء التقیید - غیر منحصرة بإفادته ، کما مرّ فی الوصف (1) .

هل الغایة داخلة فی المغیّا أم لا ؟

صوت

[*حیدری فسایی]

ثمّ إنّه فی الغایة خلاف آخر - کما أشرنا إلیه - ، وهو أنّها هل هی داخلة فی المغیّا بحسب الحکم ، أو خارجة عنه ؟

والأظهر: خروجها؛ لکونها من حدوده، فلا تکون محکومة بحکمه. ودخوله (2) فیه فی بعض الموارد إنّما یکون بالقرینة . وعلیه تکون کما بعدها بالنسبة إلی الخلاف الأوّل ، کما أنّه علی القول الآخر تکون محکومةً بالحکم منطوقاً .

ثمّ لا یخفی : أنّ هذا الخلاف لا یکاد یعقل جریانه فی ما إذا کانت (3) قیداً للحکم ، فلا تغفل (4) .

[شماره صفحه واقعی : 287]

ص: 83


1- إذ قال فی بدایة البحث عنه : لا مفهوم للوصف ... لعدم انحصار الفائدة به .
2- کذا فی الأصل وطبعاته والصحیح : « دخولها » کما استظهر فی « ش » .
3- أثبتنا المصحّح من الأصل ، وفی طبعاته : کان .
4- (*) حیث إنّ المغیّا حینئذٍ هو نفس الحکم ، لا المحکوم به لیصحّ أن ینازع فی دخول الغایة فی حکم المغیّا ، أو خارج عنه1) ، کما لا یخفی . نعم ، یعقل أن ینازع فی أنّ الظاهر هل هو انقطاع الحکم المغیّا بحصول غایته الاصطلاحیّ2) - أی مدخول « إلی » أو « حتّی » - أو استمراره فی تلک الحال ؟ ولکن الأظهر هو انقطاعه ، فافهم واستقم . ( منه قدس سره ) . - 1) کذا فی الأصل وأکثر طبعاته . وفی « ر » : أو خارجاً . والأنسب : أو خروجها عنه . 2) فی « ق » و « ش » : غایته فی الاصطلاح .
فصل : مفهوم الحصر
مفاد أدوات الاستثناء

لا شبهة فی دلالة الاستثناء علی اختصاص الحکم - سلباً أو إیجاباً - بالمستثنی منه ، ولا یعمّ المستثنی . ولذلک یکون الاستثناء من النفی إثباتاً ، ومن الإثبات نفیاً ؛ وذلک للانسباق عند الإطلاق قطعاً .

فلا یُعبأ بما عن أبی حنیفة من عدم الإفادة (1) ، محتجّاً بمثل: «لا صلاة إلّا بطهور» (2) .

ضرورة ضعف احتجاجه:

أوّلاً : بکون المراد من مثله (3)* : أنّه لا تکون الصلاة الّتی کانت واجدةَ لأجزائها وشرائطها المعتبرة فیها صلاةً إلّاإذا کانت واجدةً للطهارة ، وبدونها لا تکون صلاةً علی وجهٍ ، وصلاةً تامّةً مأموراً بها علی آخر .

وثانیاً : بأنّ الاستعمال مع القرینة - کما فی مثل الترکیب ، ممّا عُلم فیه الحال - لا دلالة له علی مدّعاه أصلاً ، کما لا یخفی .

مفاد کلمة التوحید

ومنه قد انقدح: أنّه لا موقع للاستدلال علی المدّعی بقبول رسول اللّٰه صلی الله علیه و آله إسلامَ من قال کلمة التوحید (4)؛ لإمکان دعوی أنّ دلالتها علی التوحید

[شماره صفحه واقعی : 288]

ص: 84


1- راجع المحصول 3 : 29 ، والإحکام للآمدی 2 : 308 .
2- وسائل الشیعة 1 : 315 ، الباب 9 من أبواب أحکام الخلوة ، الحدیث الأوّل .
3- (*) بل المراد من مثله فی المستثنی منه نفی الإمکان ، وأنّه لا یکاد یکون بدون المستثنی ، وقضیّته لیس إلّاإمکان ثبوته معه ، لا ثبوته فعلاً ؛ لما هو واضح لمن راجع أمثاله من القضایا العرفیّة . ( منه قدس سره ) .
4- استدلّ بذلک صاحب الفصول فی فصوله : 195 والشیخ الأعظم الأنصاری علی ما فی مطارح الأنظار 2 : 106 .

کان بقرینة الحال أو المقال (1) .

[*حیدری فسایی]

والإشکال (2) فی دلالتها علیه : بأنّ خبر «لا» : إمّا یقدّر : «ممکن» ، أو : «موجود» ، وعلی کلّ تقدیر لا دلالة لها علیه :

أمّا علی الأوّل: فلأنّه (3) حینئذٍ لا دلالة لها إلّاعلی إثبات إمکان وجوده - تبارک وتعالی - ، لا وجوده .

وأمّا علی الثانی: فلأنّها وإن دلّت علی وجوده - تعالی - ، إلّاأنّه لا دلالة لها علی عدم إمکان إلٰهٍ آخر .

مندفعٌ : بأنّ المراد من الإله هو واجب الوجود ، ونفیُ ثبوته ووجوده فی الخارج ، وإثباتُ فردٍ منه فیه - وهو اللّٰه - یدلّ بالملازمة البیّنة علی امتناع تحقّقه فی ضمن غیره - تبارک وتعالی - ؛ ضرورة أنّه لو لم یکن ممتنعاً لوُجد؛ لکونه من أفراد الواجب .

هل دلالة الاستثناء علی الانتفاء بالمنطوق أم بالمفهوم ؟

ثمّ إنّ الظاهر : أنّ دلالة الاستثناء علی الحکم فی طرف المستثنی بالمفهوم ، وأنّه لازمُ خصوصیّة الحکم فی جانب المستثنی منه الّتی دلّت علیها الجملة الاستثنائیّة .

نعم ، لو کانت الدلالة فی طرفه بنفس الاستثناء ، - لابتلک الجملة - ، کانت بالمنطوق ، کما هو لیس ببعید ، وإن کان تعیین ذلک لا یکاد یفید .

[شماره صفحه واقعی : 289]

ص: 85


1- هذه الدعوی جعلها فی مطارح الأنظار 2 : 106 فی غایة السخافة .
2- الإشکال والجواب عنه مذکوران فی مطارح الأنظار 2 : 107 - 108 .
3- أثبتناها من مصحّح « ن » . وفی الأصل وسائر الطبعات : « فإنّه » . والأنسب : « فلأنّها » کتالیها .
دلالة « إنّما » علی الحصر

وممّا یدلّ علی الحصر والاختصاص : «إنّما» ؛ وذلک لتصریح أهل اللغة بذلک (1) ، وتبادرِه منها قطعاً عند أهل العرف والمحاورة .

ودعوی : «أنّ الإنصاف أنّه لا سبیل لنا إلی ذلک؛ فإنّ موارد استعمال هذه اللفظة مختلفة ، ولا یعلم بما هو مرادف لها فی عرفنا ، حتّی یستکشف منها ما هو المتبادر منها» (2) .

غیر مسموعة؛ فإنّ السبیل إلی التبادر لا ینحصر بالانسباق إلی أذهاننا؛ فإنّ الانسباق إلی أذهان أهل العرف أیضاً سبیلٌ .

مفاد کلمة «بل» الإضرابیة

صوت

[*حیدری فسایی]

وربما یُعدّ ممّا دلّ علی الحصر کلمة : «بل» الإضرابیّة .

والتحقیق: أنّ الإضراب علی أنحاء:

منها: ما کان لأجل أنّ المُضرَب عنه إنّما أتی به غفلةً ، أو سَبقَه به لسانُه ، فیضرب بها عنه إلی ماقصد بیانه ، فلا دلالة له علی الحصر أصلاً ، فکأنّه أتی بالمُضرَب إلیه ابتداءً ، کما لا یخفی .

ومنها: ما کان لأجل التأکید ، فیکون ذکر المُضرَب عنه کالتوطئة والتمهید لذکر المُضرَب إلیه ، فلا دلالة له علیه أیضاً .

ومنها: ما کان فی مقام الردع وإبطال ما أثبت أوّلاً ، فیدلّ علیه* ، وهو واضح (3) .

[شماره صفحه واقعی : 290]

ص: 86


1- راجع تاج العروس 9 : 129 .
2- هذا ما ادّعاه فی مطارح الأنظار 2 : 110 .
3- إذا کان بصدد الردع عنه ثبوتاً . وأمّا إذا کان بصدده إثباتاً - کما إذا کان مثلاً بصدد بیان أنّه إنّما أثبته أوّلاً بوجهٍ لا یصحّ معه الإثبات اشتباهاً(فی « ر » ومنته الدرایة زیادة : منه . ) - فلا دلالة له علی الحصر أیضاً ، فتأمّل جیّداً . ( منه قدس سره ) .
دلالة المسند إلیه المعرّف باللام

وممّا یفید الحصر - علی ما قیل (1) - تعریف المسند إلیه باللام .

والتحقیق: أنّه لا یفیده إلّافی ما اقتضاه المقام؛ لأنّ الأصل فی اللام أن تکون لتعریف الجنس ، کما أنّ الأصل فی الحمل - فی القضایا المتعارفة - هو الحمل المتعارف ، الّذی ملاکه مجرّد الاتّحاد فی الوجود ، فإنّه الشائع فیها ، لا الحمل الذاتیّ ، الّذی ملاکه الاتّحاد بحسب المفهوم ، کما لا یخفی . وحمل شیءٍ علی جنسٍ وماهیّةٍ کذلک، لا یقتضی اختصاص تلک الماهیّة به وحصرها علیه .

[*حیدری فسایی]

نعم ، لو قامت قرینة علی أنّ اللام للاستغراق ، أو أنّ مدخوله أُخذ بنحو الإرسال والإطلاق ، أو علی أنّ الحمل علیه کان ذاتیّاً ، لاُفید حَصْرُ مدخوله علی محموله واختصاصُه به .

وقد انقدح بذلک : الخلل فی کثیرٍ من کلمات الأعلام فی المقام ، وما وقع منهم من النقض والإبرام . ولانطیل بذکرها ، فإنّه بلاطائل ، کما یظهر للمتأمّل ، فتأمّل جیّداً .

فصل مفهوم اللقب والعدد

لا دلالة للّقب ولا للعدد علی المفهوم ، وانتفاءِ سنخ الحکم عن غیر موردهما أصلاً . وقد عرفت (2) : أنّ انتفاء شخصه لیس بمفهوم .

[شماره صفحه واقعی : 291]

ص: 87


1- راجع المطوّل : 145 - 146 والقوانین 1 : 190 .
2- فی أوّل مبحث المفاهیم .

کما أنّ قضیّة التقیید بالعدد منطوقاً عدمُ جواز الاقتصار علی ما دونه؛ لأنّه لیس بذاک الخاصّ والمقیّد .

وأمّا الزیادة فکالنقیصة ، إذا کان التقیید به للتحدید بالإضافة إلی کلا طرفیه .

نعم ، لو کان لمجرّد التحدید بالنظر إلی طرفه الأقلّ ، لما کان فی الزیادة ضیرٌ أصلاً ، بل ربما کان فیها فضیلة وزیادة ، کما لا یخفی .

وکیف کان ، فلیس عدم الاجتزاء (1) بغیره من جهة دلالته علی المفهوم ، بل إنّما یکون لأجل عدم الموافقة مع ما أُخذ فی المنطوق ، کما هو معلوم .

[شماره صفحه واقعی : 292]

ص: 88


1- فی « ر » : الإجزاء .

المقصد الرابع : فی العامّ والخاصّ

اشارة

[شماره صفحه واقعی : 293]

ص: 89

[شماره صفحه واقعی : 294]

ص: 90

فصل : تعریف العامّ وأقسامه
تعریف العامّ

صوت

[*حیدری فسایی]

قد عُرِّف العامّ بتعاریف ، وقد وقع من الأعلام فیها النقض - بعدم الاطّراد تارةً ، والانعکاسِ أُخری - بما لا یلیقُ بالمقام؛ فإنّها تعاریف لفظیّة تقع فی جواب السؤال عنه ب «ما » الشارحة ، لا واقعة (1) فی جواب السؤال عنه ب «ما » الحقیقیّة . کیف ؟ وکان المعنی المرکوز منه فی الأذهان أوضح ممّا عُرِّف به مفهوماً ومصداقاً ، ولذا یجعل صدقُ ذاک المعنی علی فردٍ وعدمُ صدقه ، المقیاسَ فی الإشکال علیها بعدم الاطّراد أو الانعکاس ، بلا ریب فیه ، ولا شبهة تعتریه من أحد ، والتعریفُ لابدّ أن یکون بالأجلی ، کما هو أوضح من أن یخفی .

فالظاهر : أنّ الغرض من تعریفه إنّما هو بیان ما یکون بمفهومه جامعاً بین ما لا شبهة فی أنّها أفراد العامّ ، لیشار به إلیه فی مقام إثبات ما له من الأحکام ، لا بیانُ ما هو حقیقته وماهیّته؛ لعدم تعلُّق غرضٍ به - بعدَ وضوح ما هو محلّ الکلام بحسب الأحکام من أفراده ومصادیقه - ؛ حیث لا یکون

[شماره صفحه واقعی : 295]

ص: 91


1- الأولی : إسقاط کلمة « واقعة » ؛ لعدم الحاجة إلیها . ( منته الدرایة 3 : 451 ) .

بمفهومه العامّ (1) محلّاً لحکم من الأحکام .

أقسام العامّ بحسب عروض الحکم علیه

صوت

[*حیدری فسایی]

ثمّ الظاهر : أنّ ما ذُکِر له من الأقسام - من الاستغراقیّ والمجموعیّ والبدلیّ - إنّما هو باختلاف کیفیّة تعلّق الأحکام به (2)* ، وإلّا فالعموم فی الجمیع بمعنی واحد ، وهو: شمول المفهوم لجمیع ما یصلح أن ینطبق (3) علیه . غایة الأمر أنّ تعلُّقَ الحکم به :

تارةً بنحوٍ یکون کلُّ فردٍ موضوعاً علی حدة للحکم .

وأُخری بنحوٍ یکون الجمیع موضوعاً واحداً ، بحیث لو أخلّ بإکرام واحدٍ فی : « أکرم کلّ فقیه » - مثلاً - لَما امتثل أصلاً ، بخلاف الصورة الأُولی ، فإنّه أطاع وعصی .

وثالثةً بنحوٍ یکون کلّ واحدٍ موضوعاً علی البدل ، بحیث لو أکرم واحداً منهم لقد (4) أطاع وامتثل ، کما یظهر لمن أمعن النظر وتأمّل .

[شماره صفحه واقعی : 296]

ص: 92


1- الظاهر استدراکه ( العامّ ) لکفایة قوله : « بمفهومه » فی الوفاء بالمقصود .. ( منته الدرایة 3 : 456 ) . وفی « ر » : بمفهوم العام .
2- (*) إن قلت: کیف ذلک ؟ ولکلّ واحد منها لفظ غیر ما للآخر ، مثل «أیّ رجل» للبدلیّ ، و «کلّ رجل» للاستغراقیّ . قلت: نعم، ولکنّه لا یقتضی أن تکون هذه الأقسام له، ولو1) بملاحظة اختلاف کیفیّة تعلّق الأحکام؛ لعدم إمکان تطرّق هذه الأقسام إلّابهذه الملاحظة ، فتأمّل جیّداً . ( منه قدس سره ) .
3- الظاهر : أنّ الصواب : دخول اللام علی « أن » ؛ لأنّ « یصلح » لازم ، و « أن ینطبق » مفعول له ، فلابدّ من تعدیته بحرف الجرّ ... ( منته الدرایة 3 : 459 ) .
4- الأولی : فقد .1) فی « ر » : لا .
أسماء الأعداد لیست من أفراد العام

وقد انقدح: أنّ مثل شمول «عشرة» وغیرها (1) لآحادها المندرجة تحتها لیس من العموم؛ لعدم صلاحیّتها بمفهومها للانطباق علی کلّ واحدٍ منها ، فافهم .

فصل : هل للعموم صیغة تخصّه أم لا ؟
اشارة

لا شبهة فی أنّ للعموم صیغةٌ تخصّه - لغةً وشرعاً (2) - ، کالخصوص ، کما یکون ما یشترک بینهما ویعمّهما (3)؛ ضرورة أنّ مثل لفظ «کلّ» وما یرادفه - فی أیّ لغةٍ کان - یخصّه ، ولا یخصّ الخصوص ولا یعمّه .

ولا ینافی اختصاصه به استعمالُه فی الخصوص عنایةً ، بادّعاء أنّه العموم ، أو بعلاقة العموم والخصوص .

دعوی وضع« کلّ » ومایرادفها للخصوص والکلام فیها

ومعه لا یُصغی إلی أنّ إرادة الخصوص متیقّنة ولو فی ضمنه ، بخلافه ، وجعْلُ اللفظ حقیقةً فی المتیقّن أولی .

ولا إلی أنّ التخصیص قد اشتهر وشاع حتّی قیل: ما من عامّ إلّاوقد خصّ ، والظاهر یقتضی کونه حقیقةً لما هو الغالب ، تقلیلاً للمجاز (4) .

[شماره صفحه واقعی : 297]

ص: 93


1- فی « ر » زیادة : کالعقود الأُخر .
2- إشارة إلی النزاع بین الأُصولیین فی أنّه هل للعموم صیغة تخصّه أم لا ؟ انظر الفصول: 161.
3- لا توجد کلمة « ویعمّهما » فی « ر » .
4- قال فی الفصول : 161 : « حجّةُ مَن جعلها حقیقة فی الخصوص فقط أمران ... » وذکر الوجهین المدرجین فی المتن . وأفاد الآمدی فی الإحکام 2 : 201 الوجه الأول منهما لإثبات الاختصاص ، وهو مختاره .

صوت

[*حیدری فسایی]

مع أنّ تیقّن إرادته لایوجب اختصاص الوضع به (1) ، مع کون العموم کثیراً مّا یراد .

واشتهارَ التخصیص لا یوجب کثرة المجاز؛ لعدم الملازمة بین التخصیص والمجازیّة ، کما یأتی توضیحه (2) ، ولو سلّم فلا محذور فیه أصلاً إذا کان بالقرینة ، کما لا یخفی .

فصل : الألفاظ الدالّة علی العموم
دلالة النکرةفی سیاق النفی أو النهی علی العموم

ربما عُدّ من الألفاظ الدالّة علی العموم : النکرةُ فی سیاق النفی أو النهی .

ودلالتها علیه لا ینبغی أن تنکر عقلاً؛ لضرورة أنّه لا یکاد یکون (3) طبیعةٌ معدومةً إلّاإذا لم یکن فردٌ منها بموجود ، وإلّا کانت موجودة .

لکن لا یخفی: أنّها تفیده إذا أُخذت مرسلةً (4)* - لا مبهمة - قابلةً للتقیید ، وإلّا فسلبها لا یقتضی إلّااستیعابَ السلب لما أُرید منها یقیناً ، لا استیعابَ ما یصلح انطباقها علیه (5) من أفرادها .

[شماره صفحه واقعی : 298]

ص: 94


1- فی « ر » : له .
2- فی الفصل الآتی .
3- فی « ر » : لا یکون .
4- (*) وإحراز الإرسال فی ما اضیفت إلیه إنّما هو بمقدّمات الحکمة ، فلولاها کانت مهملة ، وهی لیست إلّابحکم الجزئیّة ، فلا تفید إلّانفی هذه الطبیعة فی الجملة ولو فی ضمن صنفٍ منها ، فافهم ، فإنّه لا یخلو من دقّة . ( منه قدس سره ) .
5- حقّ العبارة أن تکون هکذا : ولا یقتضی استیعاب ما تصلح لانطباقها علیه وفاعل « تصلح » ضمیر راجع إلی النکرة . ( منته الدرایة 3 : 471 ) .

وهذا لا ینافی کونَ دلالتها علیه عقلیّةً ، فإنّها بالإضافة إلی أفراد ما یراد منها ، لا الأفرادِ الّتی یصلح (1) لانطباقها علیها .

[*حیدری فسایی]

کما لا ینافی دلالةَ مثل لفظ «کلّ» علی العموم وضعاً ، کونُ عمومه بحسب ما یراد من مدخوله ، ولذا لا ینافیه تقیید المدخول بقیود کثیرة . نعم ، لا یبعد أن یکون ظاهراً - عند إطلاقها - فی استیعاب جمیع أفرادها .

دلالة المحلّی باللام

وهذا هو الحال فی المحلّی باللام ، جمعاً کان أو مفرداً ، - بناءً علی إفادته للعموم - . ولذا لا ینافیه تقیید المدخول بالوصف وغیره .

وإطلاق التخصیص علی تقییده لیس إلّامن قبیل : ضَیِّقْ فم الرَکیّة .

لکن دلالته علی العموم وضعاً محلّ منْعٍ ، بل إنّما یفیده فی ما إذا اقتضته الحکمة أو قرینةٌ أُخری ؛ وذلک لعدم اقتضائه وضعُ «اللام» ولا مدخولِه ، ولا وضعٌ (2) آخر للمرکّب منهما (3) ، کما لا یخفی . وربما یأتی فی المطلق والمقیّد بعض الکلام ممّا یناسب المقام (4) .

[شماره صفحه واقعی : 299]

ص: 95


1- الأولی أن یقال: «تصلح»؛ لأنّ فاعله ضمیر یرجع إلی النکرة ... (منته الدرایة 3: 472).
2- فی « ر » : ولا ثبت وضعٌ .
3- الأولی أن یقال : « لعدم اقتضاء وضع اللام ولا مدخوله ولا المرکّب منهما للعموم » ، بل الصواب : إسقاط « اقتضاء » ... ؛ إذ لا معنی لعدم المقتضی فی وضع اللام للعموم ... ثمّ إنّ « اقتضائه » مصدر أُضیف إلی المفعول المراد به العموم ، وقوله : « وضع » فاعله ، یعنی : لعدم اقتضاء وضع اللام للعموم . وإضافة المصدر إلی الضمیر المفعول ، ثمّ ذکر الفاعل بعده باسم الظاهر غیر معه دة فی المحاورات . ( منته الدرایة 3 : 476 ) .
4- راجع الفصل الأول من مباحث المطلق والمقیّد ، فی بیان ألفاظ المطلق ، منها : المفرد المعرّف باللام . الصفحة : 339 .
فصل : حجّیّة العامّ المخصَّص فی الباقی
اشارة

صوت

[*حیدری فسایی]

لا شبهة فی أنّ العام المخصَّص - بالمتّصل أو المنفصل - حجّةٌ فی ما بقی ، ممّا (1) عُلم عدم دخوله فی المخصِّص مطلقاً ولو کان متّصلاً ، وما احتمل دخوله فیه أیضاً إذا کان منفصلاً ، کما هو المشهور بین الأصحاب ، بل لا ینسب الخلاف إلّاإلی بعض أهل الخلاف (2) .

وربما فصّل بین المخصّص المتّصل ، فقیل بحجّیّته فیه ، وبین المنفصل ، فقیل بعدم حجّیّته فیه (3)(4) .

احتجاج النافین والجواب عنه

واحتجّ النافی بالإجمال؛ لتعدُّدِ المجازات حَسَبَ تعدّد (5) مراتب الخصوصیّات ، وتعیینُ (6) الباقی من بینها بلا معیِّن ، ترجیحٌ بلا مرجّح (7) .

والتحقیق فی الجواب أن یقال: إنّه لا یلزم من التخصیص کون العامّ مجازاً:

أمّا فی التخصیص بالمتّصل : فلما عرفت من أنّه لا تخصیص أصلاً ، وأنّ

[شماره صفحه واقعی : 300]

ص: 96


1- فی غیر « ر » : فی ما .
2- وإلیه میل الغزالی وکثیر من المعتزلة وأصحاب أبی حنیفة ، کعیسی بن أبان وغیره . راجع الإحکام ( للآمدی ) 2 : 227 .
3- لا توجد « فیه » فی غیر « ر » .
4- وهو اختیار القاضی أبی بکر ، کما فی المصدر المتقدم .
5- لا توجد « تعدّد » فی غیر « ر » .
6- أثبتنا الکلمة من حقائق الأُصول ومنته الدرایة ، وفی غیرهما : تعیّن .
7- ذکره فی الفصول : 199 .

أدوات العموم قد استعملت فیه ، وإن کان دائرته - سعةً وضیقاً - یختلف (1) باختلاف ذوی الأدوات ، فلفظة «کلّ» فی مثل «کلّ رجل» و «کلّ رجل عالم» قد استعملت فی العموم ، وإن کان أفراد أحدهما بالإضافة إلی الآخر ، - بل فی نفسها - فی غایة القلّة .

وأمّا فی المنفصل : فلأنّ إرادة الخصوص واقعاً لا تستلزم استعمالَه فیه ، وکَوْنَ الخاصّ قرینةً علیه ،

[*حیدری فسایی]

بل من الممکن - قطعاً - استعمالُه معه فی العموم قاعدةً ، وکوْنُ الخاصّ مانعاً عن حجیّة ظهوره ، تحکیماً للنصّ - أو الأظهر - علی الظاهر ، لا مصادماً لأصل ظهوره ، ومعه لامجال للمصیر إلی أنّه قد استعمل فیه مجازاً ، کی یلزم الإجمال .

لا یقال: هذا مجرّد احتمالٍ ولا یرتفع به الإجمال؛ لاحتمال الاستعمال فی خصوص مرتبةٍ من مراتبه .

فإنّه یقال: مجرّد احتمال استعماله فیه لایوجب إجماله بعد استقرار ظهوره فی العموم ، والثابتُ من مزاحمته بالخاصّ إنّما هو بحسب الحجّیّة ، تحکیماً لما هو الأقوی ، کما أشرنا إلیه آنفاً (2) .

وبالجملة: الفرق بین المتّصل والمنفصل وإن کان بعدم انعقاد الظهور فی الأوّل إلّافی الخصوص ، وفی الثانی إلّافی العموم ، إلّاأنّه لا وجه لتوهّم استعماله مجازاً فی واحدٍ منهما أصلاً ، وإنّما اللازم الالتزام بحجّیّة الظهور فی الخصوص فی الأوّل ، وعدمِ حجّیّة ظهوره فی خصوص ما کان الخاصّ حجّةً فیه فی الثانی ، فتفطّن .

[شماره صفحه واقعی : 301]

ص: 97


1- فی « ق » ، « ر » و « ش » : تختلف . والأولی أن یقال : وإن کانت دائرته .. تختلف .
2- قبل أسطر ، حیث قال : تحکیماً للنص أو الأظهر علی الظاهر .
جوابٌ آخر عن الاحتجاج والمناقشة فیه

وقد أُجیب (1) عن الاحتجاج : بأنّ الباقی أقرب المجازات .

وفیه: أنّه (2) لا اعتبار فی الأقربیّة بحسب المقدار ، وإنّما المدار علی الأقربیّة بحسب زیادة الاُنس الناشئة من کثرة الاستعمال (3) .

جواب الشیخ الأنصاری عن الاحتجاج

صوت

[*حیدری فسایی]

وفی تقریرات بحث شیخنا الأُستاذ قدس سره - فی مقام الجواب عن الاحتجاج - ما هذا لفظه: «والأولیٰ أن یجاب - بعد تسلیم مجازیّة الباقی - بأنّ دلالة العامّ علی کلّ فردٍ من أفراده غیرُ منوطة بدلالته علی فردٍ آخر من أفراده ، ولو کانت دلالةً مجازیّة؛ إذ هی إنّما بواسطة عدم شموله للأفراد المخصوصة ، لا بواسطة دخول غیرها فی مدلوله ، فالمقتضی للحمل علی الباقی موجود والمانع مفقود؛ لأنّ المانع فی مثل المقام إنّما هو ما یوجب صرفَ اللفظ عن مدلوله ، والمفروض انتفاؤه بالنسبة إلی الباقی؛ لاختصاص المخصّص بغیره ، فلو شکّ فالأصل عدمه» (4) . انتهٰ موضع الحاجة .

المناقشة فی جواب الشیخ الأعظم

قلت: لا یخفی أنّ دلالته علی کلّ فردٍ إنّما کانت لأجل دلالته علی العموم والشمول ، فإذا لم یستعمل فیه واستعمل فی الخصوص - کما هو المفروض - مجازاً ، وکان إرادة کلّ واحدة (5) من مراتب الخصوصیّات - ممّا جاز انتهاءُ التخصیص إلیه ، واستعمالُ العامّ فیه مجازاً - ممکناً ، کان تعیین (6) بعضها بلا معیِّن

[شماره صفحه واقعی : 302]

ص: 98


1- فی القوانین 1 : 266 ، والفصول : 200 .
2- أثبتنا « أنّه » من « ر » ، « ق » و « ش » وبعض الطبعات الأُخری . وفی الأصل و « ن » : وفیه لا اعتبار .
3- أصل هذا الردّ من الشیخ الأعظم علی ما فی مطارح الأنظار 2 : 132 .
4- مطارح الأنظار 2 : 132 .
5- أثبتنا الکلمة کما هی فی حقائق الأُصول ومنته الدرایة ، وفی غیرهما : کلّ واحد .
6- أثبتناها من « ن » ، « ر » و « ش » . وفی الأصل وسائر الطبعات : تعیّن .

ترجیحاً بلا مرجّح ، ولا مقتضی لظهوره فیه؛ ضرورةَ أنّ الظهور إمّا بالوضع ، وإمّا بالقرینة ، والمفروض أنّه لیس بموضوعٍ له ، ولم یکن هناک قرینة ، ولیس له موجبٌ آخر .

ودلالته علی کلِّ فردٍ علی حدة - حیث کانت فی ضمن دلالته علی العموم - لا توجب ظهوره فی تمام الباقی بعد عدم استعماله فی العموم ، إذا لم تکن هناک قرینة علی تعیینه (1) . فالمانع عنه وإن کان مدفوعاً بالأصل ، إلّاأنّه لامقتضی له بعد رفع الید عن الوضع . نعم ، إنّما یُجدی إذا لم یکن مستعملاً إلّا فی العموم ، کما حقّقناه (2) فی الجواب ، فتأمّل جیّداً .

فصل : هل یسری إجمال الخاصّ إلی العامّ ؟
المخصّص اللفظی المجمل مفهوماً :

صوت

[*حیدری فسایی]

عدم سرایة الإجمال من الخاص المنفصل المردّد بین الأقلّ والأکثر إذا کان الخاصّ بحسب المفهوم مجملاً ، بأن کان دائراً بین الأقلّ والأکثر ،

[شماره صفحه واقعی : 303]

ص: 99


1- فی « ر » : تعیّنه .
2- فی غیر « ر » : کما فی ما حقّقناه .

وکان منفصلاً ، فلا یسری إجماله إلی العامّ ، لا حقیقةً ، ولا حکماً ، بل کان العامّ متَّبَعاً فی ما لا یتّبع فیه الخاصّ؛ لوضوح أنّه حجّة فیه بلا مزاحمٍ أصلاً؛ ضرورةَ أنّ الخاصّ إنّما یزاحمه فی ما هو حجّة علی خلافه ، تحکیماً للنصّ أو الأظهر علی الظاهر ، لا فی ما لا یکون کذلک ، کما لا یخفی .

سرایة الاجمال فی غیره وإن لم یکن کذلک ، بأن کان دائراً بین المتباینین مطلقاً ، أو بین الأقلّ والأکثر فی ما کان متّصلاً ، فیسری إجماله إلیه حکماً فی المنفصل المردّد بین المتباینین ، وحقیقةً فی غیره :

أمّا الأوّل: فلأنّ العامّ - علی ما حقّقناه (1) - کان (2) ظاهراً فی عمومه ، إلّاأنّه لا یتّبع ظهورُه فی واحدٍ من المتباینین اللّذین علم تخصیصه بأحدهما .

وأمّا الثانی: فلعدم انعقاد ظهور من رأس للعامّ؛ لاحتفاف الکلام بما یوجب احتماله لکلّ واحدٍ من الأقلّ والأکثر ، أو لکلّ واحدٍ من المتباینین ، لکنّه حجّة فی الأقلّ؛ لأنّه المتیقّن فی البین .

فانقدح بذلک : الفرق بین المتّصل والمنفصل . وکذا فی المجمل بین المتباینین ، والأکثر والأقلّ ، فلا تغفل .

المخصّص اللفظی المجمل مصداقاً :

عدم جواز التمسّک بالعام سواءً کان المخصّص متصلاً أو منفصلاً

[*حیدری فسایی]

وأمّا إذا کان مجملاً بحسب المصداق - بأن اشتبه فردٌ ، وتردّد بین أن یکون فرداً له أو باقیاً تحت العامّ - فلا کلام فی عدم جواز التمسّک بالعامّ لو کان متّصلاً به (3)؛ ضرورةَ عدم انعقاد ظهورٍ للکلام إلّافی الخصوص ، کما عرفت (4) .

وأمّا إذا کان منفصلاً عنه ، ففی جواز التمسّک به خلافٌ .

[شماره صفحه واقعی : 304]

ص: 100


1- فی أوائل الفصل السابق ، الصفحة : 301 ، إذ قال : وأ مّا فی المنفصل ، فلأنّ إرادة الخصوص واقعاً ، لا تستلزم استعمالَه فیه .
2- الأولی أن یقال : « وإن کان » حتی یلائمه قوله : « إلّاأنّه لا یتبع ظهوره » . ( منته الدرایة 3 : 501 ) .
3- قد یظهر من مطارح الأنظار 2 : 136 دخوله فی محلّ النزاع . یراجع أیضاً حقائق الأُصول 1 : 496 .
4- آنفاً ، إذ قال : أو بین الأقلّ والأکثر فی ما کان متصلاً فیسری إجماله إلیه .

والتحقیق : عدم جوازه؛ إذ غایة ما یمکن أن یقال فی وجه جوازه: أنّ الخاصّ إنّما یزاحم العامّ فی ما کان فعلاً حجّةً فیه (1) ، ولا یکون حجّةً فی ما اشتبه أنّه من أفراده ، فخطاب «لا تکرم فسّاق العلماء» لا یکون دلیلاً علی حرمة إکرام مَن شُکّ فی فسقه من العلماء ، فلا یزاحم مثلَ «أکرم العلماء» ولا یعارضه؛ فإنّه یکون من قبیل مزاحمة الحجّة بغیر الحجّة .

وهو فی غایة الفساد؛ فإنّ الخاصّ وإن لم یکن دلیلاً فی الفرد المشتبه فعلاً ، إلّاأنّه یوجب اختصاصَ حجّیّة العامّ بغیر (2) عنوانه من الأفراد ، فیکون «أکرم العلماء» دلیلاً وحجّةً فی العالِم غیرِ الفاسق . فالمصداق المشتبة وإن کان مصداقاً للعامّ بلا کلام ، إلّاأنّه لم یعلم أنّه من مصادیقه بما هو حجّة؛ لاختصاص حجّیّته بغیر الفاسق .

وبالجملة: العامّ المخصَّص بالمنفصل وإن کان ظهوره فی العموم کما إذا لم یکن مخصَّصاً - بخلاف المخصَّص بالمتّصل ، کما عرفت - إلّاأنّه فی عدم الحجّیّة - إلّافی غیر عنوان الخاصّ - مثلُهُ . فحینئذٍ یکون الفرد المشتبه غیرَ معلوم الاندراج تحت إحدی الحجّتین ، فلابدّ من الرجوع إلی ما هو الأصل فی البین .

هذا إذا کان المخصّص لفظیّاً .

المخصّص اللبّی المجمل مصداقاً

التفصیل بین ما إذا کان ممّا یصحّ ان یتّکل علیه وما لم یکن کذلک

[*حیدری فسایی]

وأمّا إذا کان لبّیّاً : فإن کان ممّا یصحّ أن یتّکل علیه المتکلّم إذا کان بصدد البیان فی مقام التخاطب ، فهو کالمتّصل ، حیث لا یکاد ینعقد معه ظهور للعامّ إلّافی الخصوص .

[شماره صفحه واقعی : 305]

ص: 101


1- أثبتنا « فیه » من « ر » .
2- فی غیر « ر » : فی غیر .

وإن لم یکن کذلک ، فالظاهر بقاء العامّ فی المصداق المشتبة علی حجّیّته کظهوره (1) فیه .

والسرّ فی ذلک: أنّ الکلام الملقیٰ من السیّد حجّةً، لیس إلّاما اشتمل علی العامّ الکاشف (2) بظهوره عن إرادته للعموم ، فلابدّ من اتّباعه ما لم یقطع بخلافه . مثلاً ، إذا قال المولی: «أکرم جِیرانی» ، وقَطَعَ بأنّه لا یرید إکرامَ من کان عدوّاً له منهم ، کان أصالة العموم باقیةً علی الحجّیّة بالنسبة إلی من لم یعلم بخروجه عن عموم الکلام ، للعلم بعداوته؛ لعدم حجّة أُخری بدون ذلک علی خلافه .

بخلاف ما إذا کان المخصِّص لفظیّاً؛ فإنّ قضیّة تقدیمه علیه هو کون الملقیٰ إلیه کأنّه کان من رأس لا یعمّ الخاصّ ، کما کان کذلک حقیقةً فی ما کان الخاصّ متّصلاً .

والقطعُ بعدم إرادة العدوّ لا یوجب انقطاع حجیّته إلّافی ما قطع أنّه عدوُّهُ، لا فی ما شکّ فیه ، کما یظهر صدق هذا من صحّة مؤاخذة المولی لو لم یکرم واحداً من جیرانه؛ لاحتمال عداوته له، وحُسْنِ عقوبته علی مخالفته، وعدَمِ صحّة الاعتذار عنه بمجرّد احتمال العداوة، کما لا یخفی علی من راجع الطریقة المعروفة ، والسیرةَ المستمرّة المألوفة بین العقلاء الّتی هی ملاک حجّیّة أصالة الظهور .

[*حیدری فسایی]

وبالجملة: کان بناء العقلاء علی حجّیّتها بالنسبة إلی المشتبه هاهنا ، بخلافه (3) هناک ؛ ولعلّه لما أشرنا إلیه ، من التفاوت بینهما بإلقاء حجّتین هناک ،

[شماره صفحه واقعی : 306]

ص: 102


1- فی « ر » : لظهوره .
2- فی « ر » : ما اشتمل العامّ علی اللفظ الکاشف .
3- أثبتناها من « ش » ، وفی غیرها : بخلاف .

تکون قضیّتهما - بعد تحکیم الخاصّ وتقدیمه علی العامّ - کأنّه لم یعمّه حکماً من رأس ، وکأنّه لم یکن بعامّ .

بخلافه (1) هاهنا؛ فإنّ الحجّة الملقاة لیست إلّاواحدةً . والقطعُ بعدم إرادة إکرام العدوّ فی «أکرم جیرانی» - مثلاً - لا یوجب رفعَ الید عن عمومه إلّافی ما قُطع بخروجه من تحته ، فإنّه علی الحکیم إلقاء کلامه علی وفق غرضه ومرامه ، فلابدّ من اتّباعه ما لم تقم حجّة أقویٰ علی خلافه .

بل یمکن أن یقال: إنّ قضیّة عمومه للمشکوک أنّه لیس فرداً لما عُلم بخروجه من حکمه بمفهومه ، فیقال فی مثل «لعن اللّٰه بنی امیّة قاطبة» (2): إنّ فلاناً وإن شُکّ فی إیمانه یجوز لعنه؛ لمکان العموم ، وکلُّ من جاز لعنه لا یکون مؤمناً ، فیُنتج : أنّه لیس بمؤمن ، فتأمّل جیّداً .

إحراز المشتبه بالأصل الموضوعی

إیقاظ (3):

لا یخفی: أنّ الباقی تحت العامّ بعد تخصیصه بالمنفصل ، أو کالاستثناء من المتّصل ، لمّا کان غیرَ معنونٍ بعنوان خاصّ ، بل بکلّ عنوانٍ لم یکن ذاک بعنوان الخاصّ ، کان إحراز المشتبه منه بالأصل الموضوعیّ فی غالب الموارد - إلّاماشذّ - ممکناً ، فبذلک یحکم علیه بحکم العامّ ، وإن لم یجز التمسّک به بلا کلام؛

[*حیدری فسایی]

ضرورة أنّه قلَّما لا یوجد عنوان یجری فیه أصل یُنقّح به أنّه ممّا بقی تحته .

[شماره صفحه واقعی : 307]

ص: 103


1- أثبتناها من « ش » وفی غیرها : بخلاف .
2- کامل الزیارات : 329 ، وبحار الأنوار 98 : 292 .
3- الأنسب : ذکر هذا الایقاظ عقیب المخصّص اللفظیّ المجمل مصداقاً ، الذی لا یکون العام حجة فیه . ( منته الدرایة 3 : 538 ) .

مثلاً: إذا شُکّ أنّ امرأة تکون قرشیّة ، - فهی وإن کانت وُجدت (1) إمّا قرشیّةً أو غیرها - فلا أصل (2) یُحرز به (3) أنّها قرشیّة أو غیرها ، إلّاأنّ أصالة عدم تحقّق الانتساب بینها وبین قریش ، تُجدی فی تنقیح أنّها ممّن لا تحیض إلّا إلی خمسین؛ لأنّ المرأة الّتی لا یکون بینها وبین قریش انتسابٌ أیضاً ، باقیةٌ تحت ما دلّ علی : أنّ المرأة إنّما تری الحمرة إلی خمسین (4) ، والخارج عن تحته هی القرشیّة ، فتأمّل تعرف .

توهّم جواز التمسّک بالعامّ فی غیر الشک فی التخصیص

وهمٌ وإزاحةٌ (5) :

ربما یظهر من بعضهم (6) : التمسّک بالعمومات فی ما إذا شکّ فی فردٍ لا من جهة احتمال التخصیص ، بل من جهةٍ أُخری ، کما إذا شکّ فی صحّة الوضوء أو الغسل بمائع مضاف، فیستکشف صحّته بعموم مثل: «أوفوا بالنذور» فی ما إذا وقع متعلّقاً للنذر، بأن یقال: وجب الإتیان بهذا الوضوء وفاءً للنذر؛ للعموم، وکلُّ ما یجب الوفاء به لا محالة یکون صحیحاً؛ للقطع بأنّه لولا صحّته لما وجب الوفاء به.

وربما یؤیَّد ذلک بما ورد من صحّة الإحرام والصیام قبل المیقات وفی السفر ، إذا تعلّق بهما النذر کذلک (7) .

[شماره صفحه واقعی : 308]

ص: 104


1- فی « ر » : إذا وجدت .
2- فی « ق » : إذا شکّ أنّ امرأةً تکون قرشیّة أو غیرها ، فلا أصل .
3- أثبتنا « به » من « ش » .
4- راجع وسائل الشیعة 2 : 335 باب حدّ الیأس من المحیض .
5- هذا الوهم وجوابه مذکوران فی مطارح الأنظار 2 : 148 - 149 .
6- فی غیر « ر » : عن بعضهم .
7- راجع وسائل الشیعة 11: 326 - 327، الباب 13 من أبواب المواقیت، الأحادیث1 - 3 و 10 : 196 ، الباب 10 من أبواب من یصحّ منه الصوم ، الحدیث الأول .
إزاحة الوهم

صوت

[*حیدری فسایی]

والتحقیق أن یقال: إنّه لا مجال لتوهّم الاستدلال بالعمومات المتکفّلة لأحکام (1) العناوین الثانویّة فی ما شکّ من غیر جهة تخصیصها ، إذا أُخذ فی موضوعاتها أحد الأحکام المتعلّقة بالأفعال بعناوینها الأوّلیّة ، کما هو الحال فی وجوب إطاعة الوالد ، والوفاء بالنذر وشبهه فی الاُمور المباحة أو الراجحة ؛ ضرورة أنّه - معه - لا یکاد یتوهّم عاقلٌ أنّه (2) إذا شَکّ فی رجحان شیءٍ أو حلّیّته، جوازَ التمسّک بعموم دلیل وجوب الإطاعة أو الوفاء فی رجحانه أو حلّیّته .

نعم ، لا بأس بالتمسّک به فی جوازه - بعد إحراز التمکّن منه والقدرة علیه - فی ما لم یؤخذ فی موضوعاتها حکم أصلاً ، فإذا شکّ (3) فی جوازه صحّ التمسّک بعموم دلیلها فی الحکم بجوازها (4) . وإذا کانت محکومةً بعناوینها الأوّلیّة بغیر حکمها بعناوینها الثانویّة ، وقع (5) المزاحمة بین المقتضیین ، ویؤثّر الأقوی منهما لو کان فی البین ، وإلّا لم یؤثّر أحدهما ، وإلّا لزم الترجیح بلا مرجّح ، فلیحکم علیه حینئذٍ بحکم آخر - کالإباحة - ، إذا کان أحدُهما مقتضیاً للوجوب ، والآخر للحرمة مثلاً .

الکلام فی صحّة الصوم فی السفر والإحرام قبل المیقات بالنذر

وأمّا صحّة الصوم فی السفر بنذره فیه - بناءً علی عدم صحّته فیه بدونه -

[شماره صفحه واقعی : 309]

ص: 105


1- کذا ، والأنسب : بأحکام .
2- لا توجد « أنّه » فی بعض الطبعات .
3- هذا کأنّه تکرار غیر مناسب ( حقائق الأُصول 1 : 509 ) .
4- الأولی : تذکیر ضمیر «بجوازها» لرجوعه إلی «شیء». راجع منته الدرایة 3: 555 .
5- فی الأصل و « ر » : فتقع . وفی سائر الطبعات مثل ما أثبتناه .

وکذا الإحرام قبل المیقات ، فإنّما هو (1) لدلیل خاصّ کاشفٍ عن رجحانهما ذاتاً فی السفر وقبل المیقات ، وإنّما لم یؤمر بهما - استحباباً أو وجوباً - لمانعٍ یرتفع مع النذر (2) .

[*حیدری فسایی]

وإمّا لصیرورتهما راجحین بتعلّق (3) النذر (4) بهما بعد ما لم یکونا کذلک ، کما ربما یدلّ علیه ما فی الخبر : من کون الإحرام قبل المیقات کالصلاة قبل الوقت (5) .

لا یقال: لا یُجدی صیرورتهما راجحین بذلک (6) فی عبادیّتهما؛ ضرورة کون وجوب الوفاء توصّلیّاً لا یعتبر فی سقوطه إلّاالإتیان بالمنذور بأیّ داعٍ کان .

فإنّه یقال: عبادیّتهما إنّما تکون لأجل کشف دلیل صحّتهما عن عروضِ عنوانٍ راجحٍ علیهما ، ملازمٍ لتعلّق النذر بهما .

[شماره صفحه واقعی : 310]

ص: 106


1- الأولی : تأنیث الضمیر ؛ لرجوعه إلی صحّة الصوم . ( منته الدرایة 3 : 557 ) .
2- فی « ر » : بالنذر .
3- فی « ق » : لتعلّق .
4- الأولی أن یقال : « مع تعلّق النذر » أو « حین تعلّق النذر » ؛ لأنّ الباء ظاهر فی السببیة ، وکون الرجحان معلولاً للنذر وناشئاً عنه ، وهو خلاف ما تسالموا علیه من اعتبار الرجحان مع الغضّ عن النذر ، فلابدّ أن یکون الباء للمصاحبة - کما فی بعض حواشی المتن - وإن کان خلاف الظاهر . ( منته الدرایة 3 : 559 ) .
5- لم نعثر علی حدیث بهذا المضمون ، وإنّما ورد : فإنّما مثل ذلک مثل من صلّی فی السفر أربعاً وترک اثنتین . ( وسائل الشیعة 11 : 323 ، الباب 11 من أبواب المواقیت ، الحدیث 3 ) .
6- الأولی : تبدیل الباء ب « مع » کما عرفت . ( منته الدرایة 3: 560 ) .

هذا لو لم نقل بتخصیص عموم دلیل اعتبار الرجحان فی متعلّق النذر بهذا الدلیل ، وإلّا أمکن أن یقال بکفایة الرجحان الطارئ علیهما من قِبَل النذر فی عبادیّتهما ، بعد تعلّق النذر بإتیانهما عبادیّاً ومتقرّباً بهما منه - تعالی - ،

[*حیدری فسایی]

فإنّه وإن لم یتمکّن من إتیانهما کذلک قبله ، إلّاأنّه یتمکّن منه بعده ، ولا یعتبر فی صحّة النذر إلّاالتمکّن من الوفاء ولو بسببه ، فتأمّل جیّداً .

الکلام فی التمسّک بأصالة العموم لإحراز عدم فردیّة المشتبه

بقی شیء ، وهو: أنّه هل یجوز التمسّک بأصالة عدم التخصیص فی إحراز عدم کون ما شُکّ فی أنّه من مصادیق العامّ - مع العلم بعدم کونه محکوماً بحکمه - مصداقاً له ، مثل ما إذا عُلم أنّ زیداً یحرم إکرامه ، وشکّ فی أنّه عالم (1) ، فیحکم علیه - بأصالة عدم تخصیص «أکرم العلماء» - أنّه لیس بعالم ، بحیث یحکم علیه بسائر ما لغیر العالم من الأحکام (2) ؟

فیه إشکال؛ لاحتمال اختصاص حجّیّتها بما إذا شکّ فی کون فرد العامّ (3) محکوماً بحکمه ، کما هو قضیّة عمومه . والمثبِت من الأُصول اللفظیّة وإن کان حجّة ، إلّاأنّه لابدّ من الاقتصار علی ما یساعد علیه الدلیل ، ولا دلیل هاهنا إلّا السیرة وبناء العقلاء ، ولم یعلم استقرار بنائهم علی ذلک ، فلا تغفل .

[شماره صفحه واقعی : 311]

ص: 107


1- فی « ر » زیادة : أو لیس بعالم .
2- الذی یظهر من غیر واحد من المقامات من طهارة شیخنا الأعظم رحمه الله ( انظر کتاب الطهارة للشیخ الأنصاری 1 : 346 ) ، وکذا من التقریرات ( مطارح الأنظار 2 : 150 ) جواز الرجوع إلیها ، وعلیه بنی بعض من تأخّر عنه من المحقّقین . بل قیل ( کما فی مطارح الأنظار 2 : 150 ) إنّه جری علیه دیدنهم فی الاستدلالات الفقهیة ( حقائق الأُصول 1 : 514 ) .
3- فی « ر » زیادة : المحقّق فردیّته .
فصل : العمل بالعامّ قبل الفحص عن المخصّص
اشارة

هل یجوز العمل بالعامّ قبل الفحص عن المخصّص ؟

فیه خلاف، وربما نُفی الخلاف عن عدم جوازه (1)، بل ادّعی الإجماع علیه (2) .

تحدید محلّ البحث

والّذی ینبغی أن یکون محلّ الکلام فی المقام ، أنّه هل یکون أصالة العموم متّبَعةً مطلقاً ، أو بعد الفحص عن المخصّص والیأس عن الظفر به ؟ بعد الفراغ عن اعتبارها بالخصوص فی الجملة ، من باب الظنّ النوعیّ للمشافه وغیره ما لم یعلم بتخصیصه تفصیلاً ، ولم یکن من أطراف ما عُلم تخصیصه إجمالاً .

وعلیه فلا مجال لغیر واحدٍ ممّا استدلّ به علی عدم جواز العمل به قبل الفحص والیأس (3) .

التحقیق : عدم جواز التمسّک فی العمومات المعرّضة للتخصیص

صوت

[*حیدری فسایی]

فالتحقیق : عدم جواز التمسّک به قبل الفحص ، فی ما إذا کان فی معرض التخصیص ، کما هو الحال فی عمومات الکتاب والسنّة ؛ وذلک لأجل أنّه لولا القطع باستقرار سیرة العقلاء علی عدم العمل به قبله ، فلا أقلّ من الشکّ ، کیف ؟ وقد ادّعی الإجماع علی عدم جوازه فضلاً عن نفی الخلاف عنه ، وهو کافٍ فی عدم الجواز ، کما لا یخفی .

وأمّا إذا لم یکن العامّ کذلک - کما هو الحال فی غالب العمومات الواقعة فی

[شماره صفحه واقعی : 312]

ص: 108


1- حکی ذلک فی مطارح الأنظار 2 : 1567 عن الغزالی والآمدی .
2- نقله فی القوانین 1 : 272 .
3- هذا تعریض بجماعة من القائلین بعدم جواز العمل بالعام قبل الفحص ، حیث استدلّوا بوجوه کلّها خارجة عن محلّ الکلام . راجع للتفصیل : مطارح الأنظار 2 : 161 - 170 .

ألسنة أهل المحاورات - فلا شبهة فی أنّ السیرة علی العمل به بلا فحص عن مخصّص.

الکلام فی مقدارالفحص اللازم

وقد ظهر لک بذلک : أنّ مقدار الفحص اللازم ، ما به یخرج عن المعرضیّة له . کما أنّ مقداره اللازم منه (1) - بحسب سائر الوجوه الّتی استدلّ بها ، من العلم الإجمالیّ به (2) ، أو حصولِ الظنّ بما هو التکلیف (3) ، أو غیرِ ذلک - رعایتُها ، فیختلف مقداره بحسبها ، کما لا یخفی .

عدم لزوم الفحص عن المخصّص المتصل

ثمّ إنّ الظاهر : عدم لزوم الفحص عن المخصّص المتّصل ، باحتمال أنّه کان ولم یصِل ، بل حاله حال احتمال قرینة المجاز ، وقد اتّفقت کلمتهم (4) علی عدم الاعتناء به مطلقاً ، ولو قبل الفحص عنها ، کما لا یخفی (5) .

الفرق فی الفحص بین الأُصول اللفظیّة والعملیّة

إیقاظ:

لا یذهب علیک الفرق بین الفحص هاهنا ، وبینه فی الأُصول العلمیّة؛ حیث إنّه هاهنا عمّا یزاحم الحجة (6) ، بخلافه (7) هناک ، فإنّه بدونه لا حجّة؛

[شماره صفحه واقعی : 313]

ص: 109


1- کلمة « منه » زائدة ؛ لأنّه بمنزلة أن یقال : مقدار الفحص اللازم من الفحص . ( منته الدرایة 3 : 573 ) .
2- وهو الذی جعله العمدة فی مطارح الأنظار 2 : 168 .
3- کما جاء فی زبدة الأُصول : 97 .
4- أثبتناها من الأصل . وفی طبعاته : کلماتهم .
5- قال فی المعالم : 120 : احتجّ مجوّز التمسّک به ( العام ) قبل البحث ، بأنّه لو وجب طلب المخصص فی التمسّک بالعام ، لوجب طلب المجاز فی التمسّک بالحقیقة ... لکن اللازم - أعنی طلب المجاز - منتفٍ ، فإنه لیس بواجب اتفاقاً . انظر أیضاً مطارح الأنظار 2 : 173 .
6- فی « ن » ، « ق » و « ش » وبعض الطبعات الأُخری : الحجیّة . وفی الأصل وبعض طبعاته مثل ما أثبتناه .
7- فی الأصل : « بخلاف » ، وفی طبعاته مثل ما أدرجناه .

ضرورة أنّ العقل بدونه یستقلّ باستحقاق المؤاخذة علی المخالفة ، فلا یکون العقاب بدونه بلا بیان ، والمؤاخذةُ علیها من غیر برهانٍ .

والنقل وإن دلّ علی البراءة أو الاستصحاب فی موردهما مطلقاً ، إلّاأنّ الإجماع بقسمیه علی تقییده به (1) ، فافهم .

فصل : هل الخطابات الشفاهیّة تعمّ غیر الحاضرین ؟
اشارة

صوت

[*حیدری فسایی]

هل الخطابات الشفاهیّة (2) - مثل «یا أیّها المؤمنون» - تختصّ بالحاضر مجلسَ التخاطب ، أو تعمّ (3) غَیره من الغائبین ، بل المعدومین ؟ فیه خلاف .

بیان الوجوه التی یمکن أن تکون محلاًّ للنزاع

ولابدّ - قبل الخوض فی تحقیق المقام - من بیان ما یمکن أن یکون محلّاً للنقض والإبرام بین الأعلام :

فاعلم : أنّه یمکن أن یکون النزاع فی أنّ التکلیف المتکفّل له (4) الخطاب ، هل یصحّ تعلّقه بالمعدومین ، کما صحّ تعلّقه بالموجودین ، أم لا ؟

أو فی صحّة المخاطبة معهم - بل مع الغائبین عن مجلس الخطاب - بالألفاظ الموضوعة للخطاب ، أو بنفس توجیه الکلام إلیهم ، وعدمِ صحّتها (5) .

[شماره صفحه واقعی : 314]

ص: 110


1- هذا الفرق بین المقامین فی الفحص ، مذکور فی مطارح الأنظار 2 : 160 - 161 .
2- الأولی : التعبیر ب « الشَفَهیّة » . راجع منته الدرایة 3 : 578 .
3- فی غیر « ش » : یعمّ .
4- کذا ، والمناسب : به .
5- الظاهر من الفصول : 179 : أنّ النزاع فی المقام هو بهذا الوجه .

أو فی عموم الألفاظ الواقعة عقیبَ أداة الخطاب للغائبین ، بل المعدومین ، وعدمِ عمومها لهما بقرینة تلک الأداة (1) .

ولا یخفی: أنّ النزاع علی الوجهین الأوّلین یکون عقلیّاً ، وعلی الوجه الأخیر لغویّاً (2) .

حکم النزاع علی الوجوه الثلاثة

إذا عرفت هذا ، فلا ریب فی عدم صحّة تکلیف المعدوم عقلاً ، بمعنی بعثه أو زجره فعلاً؛ ضرورة أنّه بهذا المعنی یستلزم الطلب منه حقیقةً ، ولا یکاد یکون الطلب کذلک إلّامن الموجود ضرورةً .

نعم ، هو بمعنی مجرّد إنشاء الطلب - بلا بعثٍ ولا زجرٍ - لا استحالة فیه أصلاً؛ فإنّ الإنشاء خفیف المؤونة ، فالحکیم - تبارک وتعالی - یُنشئ علی وفق الحکمة والمصلحة طلَبَ شیءٍ - قانوناً - من الموجود والمعدوم حین الخطاب ، لیصیر فعلیّاً بعد ما وُجد الشرائط وفُقد الموانع، بلا حاجة إلی إنشاء آخر، فتدبّر .

[*حیدری فسایی]

ونظیره من غیر الطلب إنشاءُ التملیک فی الوقف علی البطون ، فإنّ المعدوم منهم یصیر مالکاً للعین الموقوفة بعد وجوده بإنشائه ، ویتلقّیٰ لها من الواقف بعقده ، فیؤثّر فی حقّ الموجود منهم الملکیّةَ الفعلیّة ، ولا یؤثّر فی حقّ المعدوم فعلاً إلّااستعدادَها لأن تصیر ملکاً له بعد وجوده .

هذا إذا أُنشئ الطلب مطلقاً .

وأمّا إذا أُنشئ مقیّداً بوجود المکلّف ووجدانه الشرائط ، فإمکانه بمکانٍ من الإمکان .

[شماره صفحه واقعی : 315]

ص: 111


1- وهذا هو الظاهر من مطارح الأنظار 2 : 183 فی تحریر العنوان .
2- اشارة إلی ما ورد فی مطارح الأنظار 2 : 186 من أنّ النزاع المذکور هل هو عقلیّ أو لغویّ ؟ ... فظاهر جملة من الامارات یشهد للثانی ، وظاهر جملة أُخری یشهد للأول .

وکذلک لا ریب فی عدم صحّة خطاب المعدوم - بل الغائب - حقیقةً ، وعدم إمکانه؛ ضرورةَ عدم تحقّق توجیه الکلام نحو الغیر حقیقةً إلّاإذا کان موجوداً ، وکان بحیث یتوجّه إلی الکلام ویلتفت إلیه .

الکلام فی ماوُضعت له أدوات الخطاب

ومنه قد انقدح: أنّ ما وضع للخطاب - مثل أدوات النداء - لو کان موضوعاً للخطاب الحقیقیّ ، لأوجب استعمالُه فیه تخصیصَ ما یقع فی تلوه بالحاضرین . کما أنّ قضیّة إرادة العموم منه لغیرهم استعماله فی غیره .

لکنّ الظاهر : أنّ مثل أدوات النداء لم یکن موضوعاً لذلک ، بل للخطاب الإیقاعیّ الإنشائیّ . فالمتکلّم ربما یُوقع الخطاب بها تحسّراً وتأسّفاً وحزناً، مثل «یا کوکباً ما کان أقصر عمره» (1)، أو شوقاً ونحو ذلک، کما یوقعه مخاطِباً لمن ینادیه حقیقةً، فلا یوجب استعماله فی معناه الحقیقیّ حینئذٍ التخصیصَ بمن یصحّ مخاطبته .

[*حیدری فسایی]

نعم ، لا یبعد دعوی الظهور - انصرافاً - فی الخطاب الحقیقیّ ، کما هو الحال فی حروف الاستفهام والترجّی والتمنّی وغیرها ، علی ما حقّقناه فی بعض المباحث السابقة (2) من کونها موضوعةً للإیقاعیّ منها بدواعٍ مختلفة ، مع ظهورها فی الواقعیّ منها انصرافاً ، إذا لم یکن هناک ما یمنع عنه ، کما یمکن دعویٰ وجوده غالباً فی کلام الشارع؛ ضرورة وضوح عدم اختصاص الحکم فی مثل: «یا أیّها الناس اتّقوا» و «یا أیّها المؤمنون» بمن حضر مجلسَ الخطاب ، بلا شبهة ولا ارتیاب .

[شماره صفحه واقعی : 316]

ص: 112


1- وتمام البیت : « وکذاک عمر کواکب الأسحار » ، وهو من رائیّة أبی الحسن التهامی فی رثاء ولده الذی مات صغیراً ، راجع الکنی والألقاب 1 : 48 - 49 .
2- فی المبحث الأول من مباحث صیغة الأمر فی الصفحة : 100 ؛ قال : إیقاظ : لا یخفی أنّ ما ذکرناه فی صیغة الأمر جارٍ فی سائر الصیغ الانشائیة ... .

ویشهد لما ذکرنا : صحّةُ النداء بالأدوات ، مع إرادة العموم من العامّ الواقع تِلْوَها بلا عنایة ، ولا للتنزیل والعلاقة رعایة .

وتوهّم کونِه ارتکازیّاً ، یدفعه عدمُ العلم به مع الالتفات إلیه والتفتیش عن حاله ، مع حصوله بذلک لو کان مرتکزاً (1) ، وإلّا فمن أین یعلم ثبوته (2) کذلک ؟ کما هو واضح .

وإن أبیت إلّاعن وضع الأدوات للخطاب الحقیقیّ ، فلا مناصَ عن التزام اختصاص الخطابات الإلٰهیّة - بأدوات الخطاب ، أو بنفس توجیه الکلام بدون الأداة - ، کغیرها ، بالمشافهین ، فی ما لم یکن هناک قرینة علی التعمیم .

[*حیدری فسایی]

وتوهّم (3) : صحّة التزام التعمیم فی خطاباته - تعالی - لغیر الموجودین - فضلاً عن الغائبین - ؛ لإحاطته بالموجود فی الحال والموجود فی الاستقبال .

فاسدٌ : ضرورة أنّ إحاطته - تعالی - لا توجب صلاحیّة المعدوم - بل الغائب - للخطاب . وعدم صحّة المخاطبة معهما لقصورهما لا یوجب نقصاً فی ناحیته - تعالی - ، کما لا یخفی .

کما أنّ خطابه اللفظیّ - لکونه تدریجیّاً ومتصرّمَ الوجود - کان قاصراً عن أن یکون موجّهاً نحوَ غیر مَن کان بمسمع منه ضرورةً (4) .

[شماره صفحه واقعی : 317]

ص: 113


1- فی « ق » و « ش » : مع حصول العلم بذلک لو کان ارتکازیاً .
2- أثبتناها من « ر » . وفی غیرها : بثبوته .
3- ذکره - مع المناقشة فیه - فی الفصول : 183 ، وأورده فی مطارح الأنظار 2 : 192 - 193 وردّ علیه بما ذکره المصنّف هنا .
4- ردٌّ علی توهّم شمول الخطابات الشفاهیة للغائبین عن مجلس الخطاب وإن لم تشمل المعدومین .

هذا لو قلنا بأن الخطاب بمثل «یَا أیّها النَّاس اتَّقوا » (1)فی الکتاب حقیقةً إلی غیر النبیّ صلی الله علیه و آله بلسانه .

وأمّا إذا قیل بأنّه المخاطَب والموجّه إلیه الکلام حقیقةً ، - وحیاً أو إلهاماً - ، فلا محیص إلّا (2)عن کون الأداة فی مثله للخطاب الإیقاعیّ ولو مجازاً .

وعلیه لا مجال لتوهّم اختصاص الحکم - المتکفّل له (3) الخطاب - بالحاضرین ، بل یعمّ المعدومین فضلاً عن الغائبین .

فصل : ثمرة عموم الخطابات الشفاهیّة
اشارة

فصل (4) ثمرة عموم الخطابات الشفاهیّة

ربما قیل: إنّه یظهر لعموم الخطابات الشفاهیّة للمعدومین ثمرتان (5):

الثمرة الأُولی والإشکال علیها

الأُولی: حجّیّة ظهور خطابات الکتاب لهم کالمشافهین .

وفیه: أنّه مبنیٌّ علی اختصاص حجّیّة الظواهر بالمقصودین بالإفهام ، وقد حُقّق عدم الاختصاص بهم .

[شماره صفحه واقعی : 318]

ص: 114


1- الحج : 1 .
2- الظاهر : زیادة کلمة « إلّا» . ( منته الدرایة 3 : 599 ) .
3- المناسب : به .
4- أدرجنا ما هو المثبت فی الأصل ، وفی طبعاته : فصل . قال فی منته الدرایة 3 : 600 الأولی : تبدیل « الفصل » بعنوان ... « تذنیب » أو « تکملة » ؛ إذ هو ثمرة لما قبله ومن توابعه .
5- ذکرهما المحقّق القمی فی القوانین 1 : 233 ، وانظر الفصول : 184 ، ومطارح الأنظار 2 : 194 - 198 .

ولوسلّم فاختصاص المشافهین بکونهم مقصودین بذلک ممنوعٌ ، بل الظاهر : أنّ الناس کلَّهُم إلی یوم القیامة یکونون کذلک ، وإن لم یعمّهم الخطاب ، کما یومئ إلیه غیر واحدٍ من الأخبار (1) .

الثمرة الثانیةالإیراد علیها

صوت

[*حیدری فسایی]

الثانیة (2): صحّة التمسّک بإطلاقات الخطابات القرآنیّة - بناءً علی التعمیم - لثبوت الأحکام لمن وُجد وبلغ من المعدومین ، وإن لم یکن متّحداً مع المشافهین فی الصنف ، وعدمُ صحّته علی عدمه؛ لعدم کونها حینئذٍ متکفّلةً لأحکام (3) غیر المشافهین ، فلابدّ من إثبات اتّحاده معهم فی الصنف ، حتّی یُحکم بالاشتراک مع المشافهین فی الأحکام؛ حیث (4) لا دلیل علیه حینئذٍ إلّاالإجماع ، ولا إجماع علیه إلّافی ما اتّحد الصنف ، کما لا یخفی .

ولا یذهب علیک: أنّه یمکنُ إثبات الاتّحاد ، وعدمِ دخْلِ ما کان البالغ الآن فاقداً له ممّا کان المشافهون واجدین له ، بإطلاق الخطاب إلیهم من دون التقیید به . وکونُهم کذلک لا یوجب صحّةَ الإطلاق مع إرادة المقیّد منه (5) فی ما یمکن أن یتطرّق إلیه (6) الفقدان ، وإن صحّ فی ما لا یتطرّق إلیه ذلک .

[شماره صفحه واقعی : 319]

ص: 115


1- انظر وسائل الشیعة 1 : 413 ، الباب 23 من أبواب الوضوء ، الحدیث الأول ، و 12 : 309 ، الباب 164 من أبواب أحکام العشرة ، الحدیث 10 و 19 : 82 - 83 ، الباب 6 من کتاب الودیعة ، الحدیث الأول .
2- راجع الفوائد الحائریة ( للوحید البهبهانی ) : 153 - 154 .
3- الأنسب : بأحکام .
4- فی الأصل : « وحیث » وفی طبعاته مثل ما أدرجناه .
5- فی « ر » ومنته الدرایة : إرادة المقیّد معه .
6- أثبتنا « إلیه » من « ق » ، « ر » و « ش » .

ولیس المراد بالاتّحاد فی الصنف إلّاالاتّحاد فی ما اعتبر قیداً فی الأحکام ، لا الاتّحاد فی ما کثُر الاختلاف بحسبه ، والتفاوتُ بسببه بین الأنام ، بل فی شخصٍ واحدٍ بمرور الدهور والأیّام ، وإلّا لما ثبت بقاعدة الاشتراک للغائبین - فضلاً عن المعدومین - حکمٌ من الأحکام .

[*حیدری فسایی]

ودلیل الاشتراک إنّما یُجدی فی عدم اختصاص التکالیف بأشخاص المشافهین ، فی ما لم یکونوا مختصّین بخصوص عنوانٍ ، لو لم (1) یکونوا معنونین به (2) لَشُکّ (3) فی شمولها لهم أیضاً . فلولا الإطلاق وإثبات عدم دخل ذاک العنوان فی الحکم لما أفاد دلیل الاشتراک . ومعه کان الحکم یعمّ غیرَ المشافهین ولو قیل باختصاص الخطابات بهم ، فتأمّل جیّداً .

فتلخّص: أنّه لا یکاد تظهر الثمرة إلّاعلی القول باختصاص حجّیّة الظواهر لمن قُصد إفهامه ، مع کون غیر المشافهین غیرَ مقصودین بالإفهام ، وقد حُقّق عدم الاختصاص به فی غیر المقام (4) ، وأُشیر إلی منع کونهم غیر مقصودین به فی خطاباته - تبارک وتعالی - فی المقام (5) .

[شماره صفحه واقعی : 320]

ص: 116


1- فی « ر » وحقائق الأُصول : أو لم . وقال فی حقائق الأُصول 1 : 527 : الظاهر : أنّه بالواو بدل « أو » .
2- فی بعض النسخ : ولو کانوا معنونین به . راجع کفایة الأُصول مع حاشیة المشکینی 2 : 426 ، ومنته الدرایة 3 : 610 .
3- فی « ر » : شکّ . وفی حقائق الأُصول : للشک .
4- فی مبحث حجّیة الظواهر ، إذ قال : کما أنّ الظاهر عدم اختصاص ذلک ( اتباع الظواهر ) بمن قُصد إفهامه . راجع الصفحة : 47 من الجزء الثانی .
5- فی هذا المبحث ، فی ردّ الثمرة الأُولی ، حیث قال : ولو سلّم ، فاختصاص المشافَهین بکونهم مقصودین بذلک ممنوع .
فصل : تعقّب العامّ بضمیرٍ یرجع إلی بعض أفراده
اشارة

هل تعقُّبُ العامّ بضمیرٍ یرجع إلی بعض أفراده یوجب تخصیصَه به أو لا ؟

محلّ الخلاف فی المسألة

فیه خلافٌ بین الأعلام . ولیکن محلّ الخلاف ما إذا وقعا فی کلامین أو فی کلام واحد ، مع استقلال العامّ بما حُکم علیه فی الکلام ، کما فی قوله تبارک وتعالی: «وَ الْمُطَلَّقٰاتُ یَتَرَبَّصْنَ » إلی قوله «وَ بُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ » (1). وأمّا ما إذا کان مثل «و المطلقات أزواجهن أحق بردهن » فلا شبهة فی تخصیصه به (2) .

تحقیق المسألة

والتحقیق أن یقال: إنّه حیث دار الأمرُ بین التصرّف فی العامّ - بإرادة خصوص ما أُرید من الضمیر الراجع إلیه - ، والتصرّف (3) فی ناحیة الضمیر - إمّا بإرجاعه إلی بعض ما هو المراد من مرجعه ، أو إلی تمامه مع التوسّع فی الإسناد ، بإسناد الحکم المسند إلی البعض حقیقةً ، إلی الکلّ توسّعاً وتجوّزاً -

[*حیدری فسایی]

کانت أصالة الظهور فی طرف العامّ سالمةً عنها فی جانب الضمیر ؛ وذلک لأنّ المتیقّن من بناء العقلاء هو اتّباع الظهور فی تعیین المراد ، لا فی تعیین کیفیّة الاستعمال ، وأنّه علی نحو الحقیقة أو المجاز فی الکلمة أو الإسناد ، مع القطع بما یراد ، کما هو الحال فی ناحیة الضمیر .

وبالجملة: أصالة الظهور إنّما تکون حجّة فی ما إذا شکّ فی ما أُرید ، لا فی ما إذا شکّ فی أنّه کیف أُرید ، فافهم .

[شماره صفحه واقعی : 321]

ص: 117


1- البقرة : 228 .
2- هذا التحدید لمحلّ الخلاف مذکور فی الفصول : 211 مع اختلاف یسیر .
3- فی غیر حقائق الأُصول : أو التصرّف .

لکنّه (1) إذا انعقد للکلام ظهور فی العموم ، بأن لا یُعدّ ما اشتمل علی الضمیر ممّا یکتنف به (2) عرفاً ، وإلّا فیحکم علیه بالإجمال ، ویرجع إلی ما یقتضیه الأُصول.

إلّاأن یقال باعتبار أصالة الحقیقة تعبّداً ، حتّی فی ما إذا احتفّ بالکلام ما لا یکون ظاهراً معه فی معناه الحقیقیّ ، کما عن بعض الفحول (3) .

فصل : التخصیص بالمفهوم المخالف
اشارة

قد اختلفوا فی جواز التخصیص بالمفهوم المخالف - مع الاتّفاق علی الجواز بالمفهوم الموافق - علی قولین (4) . وقد استُدِلّ لکلٍّ منهما بما لا یخلو عن قصور .

تحقیق المسألة: لزوم الأخذ بالأظهر وإلّافالرجوع إلی الأصل العملی

صوت

[*حیدری فسایی]

وتحقیق المقام: أنّه إذا ورد العامّ وما لَه المفهوم فی کلام أو کلامین ، ولکن علی نحوٍ یصلح أن یکون (5) کلٌّ منهما قرینةً متّصلة (6) للتصرّف فی

[شماره صفحه واقعی : 322]

ص: 118


1- فی « ر » زیادة : حجة .
2- الأولی : تبدیل الضمیر بالظاهر ، بأن یقال : « بما یصلح للقرینیّة » ؛ لأنّ ضمیر « به » راجع إلی الضمیر فی قوله : « علی الضمیر » فکأنّه قیل : بأن لا یعدّ ما اشتمل علی الضمیر ممّا یکتنف بالضمیر عرفاً ، وهذا لا محصّل له . ( منته الدرایة 3 : 619 ) .
3- لعلّ المقصود به هو صاحب الفصول . راجع الفصول : 212 .
4- فذهب الأکثرون إلی الجواز وآخرون إلی المنع . راجع المعالم: 140 والقوانین 1: 304 .
5- فی الأصل : علی نحوٍ یکون . وفی طبعاته مثل ما أثبتناه .
6- کلمة « متصلة » مشطوبٌ علیها فی « ق » .

الآخر ، ودار الأمر بین تخصیص العموم أو (1) إلغاء المفهوم ، فالدلالة علی کلٍّ منهما إن کانت بالإطلاق - بمعونة مقدّمات الحکمة ، أو بالوضع - فلا یکون هناک عموم ولا مفهوم؛ لعدم تمامیّة مقدّمات الحکمة فی واحدٍ منهما ، لأجل المزاحمة ، کما فی مزاحمة ظهور أحدهما وضعاً لظهور الآخر کذلک ، فلابدّ من العمل بالاُصول العملیّة فی ما دار الأمر (2) بین العموم والمفهوم إذا لم یکن - مع ذلک - أحدهما أظهر (3) ، وإلّا کان مانعاً عن انعقاد الظهور أو استقراره فی الآخر (4) .

ومنه قد انقدح الحال فی ما إذا لم یکن بین ما دلّ علی العموم ، وما لَه المفهوم ذاک الارتباط والاتّصال ، وأنّه لابدّ أن یعامل مع کلٍّ منهما معاملة المجمل ، لو لم یکن فی البین أظهرُ ،

[*حیدری فسایی]

وإلّا فهو المعوّل والقرینةُ علی التصرّف فی الآخر بما لا یخالفه بحسب العمل .

[شماره صفحه واقعی : 323]

ص: 119


1- الأولی : تبدیله بالواو . ( منته الدرایة 3 : 623 ) .
2- أثبتنا الجملة کما هی فی « ر » وفی غیرها : دار فیه .
3- المناسب : أن یعبّر عوض قوله : « أظهر » بکلمة : « ظاهراً » ؛ لأنّ الأظهریّة فرع انقعاد ظهور للآخر ، وانعقاد الظهورین فی کلام واحد أو ما فی حکمه ، غیر ممکن ( کفایة الأُصول مع حاشیة المشکینی 2 : 432 ) .
4- لم یذکر فی العبارة اختلاف المتصلین فی الوضع والحکمة ، والظاهر سقوطه من القلم ، بقرینة قوله فی ما سبق : « فالدلالة علی کل منهما إن کانت ... » ؛ لأنّ سیاق هذه العبارة دالّ علی کونه بصدد ذکر شرطیة أُخری متعرضة لحکم الاختلاف ... ( کفایة الأُصول مع حاشیة المشکینی 2 : 433 ) .
فصل : الاستثناء المتعقّب لجُمَلٍ متعاطفة
اشارة

الاستثناء (1) المتعقّب لجُملٍ متعدّدة (2) :

هل الظاهر هو رجوعه إلی الکلّ (3)، أو خصوص الأخیرة (4)، أو لا ظهور له فی واحدٍ منهما ، بل لابدّ فی التعیین من قرینة (5) ؟ أقوال .

لا إشکال فی رجوع الاستثناءإلی الأخیرة

والظاهر : أنّه لا خلاف ولا إشکال فی رجوعه إلی الأخیرة علی أیّ حالٍ؛ ضرورةَ أنّ رجوعه إلی غیرها بلا قرینةٍ خارجٌ عن طریقة أهل المحاورة .

لا إشکال فی صحة رجوع الاستثناء إلی الکلّ

وکذا فی صحّة رجوعه إلی الکلّ ، وإن کان المتراءیٰ من کلام صاحب المعالم رحمه الله (6)- حیث مهّد مقدّمةً لصحّة رجوعه إلیه (7) - أنّه محلّ الإشکال والتأمّل .

[شماره صفحه واقعی : 324]

ص: 120


1- لا یخفی : عدم اختصاص البحث بالاستثناء ، وجریانه فی سائر التوابع من النعت والحال وغیرهما ... . ( منته الدرایة 3 : 628 ) .
2- الأولی : تبدیلها ب « المتعاطفة » ؛ لدلالة « الجمل » علی التعدّد . . . بخلاف التعاطف ؛ فإنّ لفظ «الجمل» لا یدلّ علیه، مع أن مفروض البحث هو الجمل المتعاطفة ؛ إذ فی غیرها ینفصل البیان، وتکون نسبة الخاص إلی کل واحدة منها واحدة. (منته الدرایة 3: 628).
3- وهو المنسوب إلی المذهب الشافعی ، واختاره الشیخ الطوسی أیضاً . یراجع : الذریعة 1 : 249 ، والعدة 1 : 321 .
4- وهو مختار أبی حنیفة وأتباعه ( الإحکام ، للآمدی 2 : 300 ) ، واختاره العلّامة الحلّی فی مبادیء الوصول : 136 .
5- وهو ما ذهب إلیه السیّد المرتضی ( الذریعة 1 : 249 ) .
6- المعالم : 124 .
7- یظهر لمن راجعه (کلام صاحب المعالم) أنّ غرضه إثبات ما اختاره من الاشتراک المعنوی من بین الأقوال ، لا إثبات الإمکان ( کفایة الأُصول مع حاشیة المشکینی 2 : 437 ) ، وراجع منته الدرایة 3 : 630 .

وذلک ضرورةَ أنّ تعدّد المستثنی منه - کتعدّد المستثنیٰ - لا یوجب تفاوتاً أصلاً فی ناحیة الأداة بحسب المعنی - کان الموضوع له فی الحروف عامّاً أو خاصّاً - ، وکان المستعمل فیه الأداة فی ما کان المستثنی منه متعدّداً ، هو المستعمل فیه فی ما کان واحداً ، کما هو الحال فی المستثنیٰ بلا ریب ولا إشکال. وتعدُّدُ المُخرَج أو المُخرَج عنه خارجاً، لا یوجب تعدّدَ ما استعمل فیه أداة الإخراج مفهوماً .

لا ظهور للاستثناء فی الرجوع إلی الجمیع أوخصوص الأخیرة

وبذلک یظهر: أنّه لا ظهور لها فی الرجوع إلی الجمیع ، أو خصوص الأخیرة ، وإن کان الرجوع إلیها متیقّناً علی کلّ تقدیر .

نعم ، غیر الأخیرة أیضاً من الجمل لا یکون ظاهراً فی العموم؛ لاکتنافه بما لا یکون معه ظاهراً فیه، فلابدّ فی مورد الاستثناء فیه من الرجوع إلی الأُصول.

اللهمّ إلّاأن یقال بحجّیّة أصالة الحقیقة تعبّداً ، لا من باب الظهور ، فیکون المرجع - علیه - أصالةَ العموم إذا کان وضعیّاً ، لا ما إذا کان بالإطلاق ومقدّمات الحکمة؛ فإنّه لا یکاد تتمّ تلک المقدّمات مع صلوح الاستثناء للرجوع إلی الجمیع ، فتأمّل (1) .

[شماره صفحه واقعی : 325]

ص: 121


1- (*) إشارةٌ إلی أنّه یکفی فی منع جریان المقدّمات صلوح الاستثناء لذلک؛ لاحتمال اعتماد المطلق حینئذٍ فی التقیید علیه ، لاعتقاد أنّه کافٍ فیه . اللهمّ إلّاأن یقال: إنّ مجرّد صلوحه لذلک - بدون قرینة علیه - غیر صالح للاعتماد ، ما لم یکن بحسب متفاهم العرف ظاهراً فی الرجوع إلی الجمیع . فأصالة الإطلاق مع عدم القرینة محکّمة؛ لتمامیّة مقدّمات الحکمة ، فافهم . ( منه قدس سره ) .
فصل : تخصیص الکتاب بخبر الواحد
اشارة

صوت

[*حیدری فسایی]

ألحقّ : جواز تخصیص الکتاب بخبر الواحد المعتبر بالخصوص ، کما جاز بالکتاب ، أو بالخبر المتواتر ، أو المحفوف بالقرینة القطعیّة من خبر الواحد

الدلیل علی جواز التخصیص

بلا ارتیاب؛ لما هو الواضح من سیرة الأصحاب علی العمل بأخبار الآحاد فی قبال عمومات الکتاب إلی زمن الأئمّة علیهم السلام .

واحتمال أن یکون ذلک بواسطة القرینة واضح البطلان (1) .

مع أنّه لولاه لزم إلغاء الخبر بالمرّة أو ما بحکمه؛ ضرورةَ ندرة خبرٍ لم یکن علی خلافه عمومُ الکتاب ، لو سلّم وجود ما لم یکن کذلک (2) .

أدلّة المانعین من التخصیص والجواب عنها

- وکونُ العامّ الکتابیّ قطعیّاً صدوراً ، وخبر الواحد ظنّیّاً سنداً ، لا یمنع عن التصرّف فی دلالته غیرِ القطعیّة قطعاً ، وإلّا لما جاز تخصیص المتواتر به أیضاً ، مع أنّه جائز جزماً .

والسرُّ: أنّ الدوران فی الحقیقة بین أصالة العموم ودلیل سند الخبر ، مع أنّ الخبر - بدلالته وسنده - صالحٌ للقرینیّة علی التصرّف فیها ، بخلافها ، فإنّها غیر صالحة لرفع الید عن دلیل اعتباره .

[*حیدری فسایی]

- ولا ینحصر الدلیل علی الخبر بالإجماع ، کی یقال ب «أنّه فی ما لا یوجد

[شماره صفحه واقعی : 326]

ص: 122


1- فی « ر » زیادة : فإنّه تعویلٌ علی ما یعلم خلافه بالضرورة .
2- هذا الوجه وسابقه مذکوران فی مطارح الأنظار 2 : 220 - 221 ونقل الثانی منهما عن بعض الأفاضل ، - وهو المحقّق القمّی فی القوانین 1 : 310 - وأجاب عنه .

علی خلافه دلالة، ومع وجود الدلالة القرآنیّة یسقط وجوب العمل به» (1). کیف ؟ وقد عرفت : أنّ سیرتهم مستمرّة علی العمل به فی قبال العمومات الکتابیّة .

- والأخبارُ (2) الدالّة علی أنّ الأخبار المخالفة للقرآن یجب طرحها ، أو ضربها علی الجدار (3) ، أو أنّها زخرف ، أو أنّها ممّا لم یقل بها الإمام علیه السلام ، وإن کانت کثیرةً جدّاً ، وصریحةَ الدلالة علی طرح المخالف (4) ، إلّاأنّه لا محیص عن أن یکون المراد من المخالفة فی هذه الأخبار غیرَ مخالفة العموم ، إن لم نقل بأنّها لیست من المخالفة عرفاً ، کیف ؟ وصدور الأخبار المخالفة للکتاب - بهذه المخالفة - منهم علیهم السلام کثیرةٌ جدّاً .

مع قوّة احتمال أن یکون المراد : أنّهم لا یقولون بغیر ما هو قول اللّٰه - تبارک وتعالی - واقعاً ، وإن کان هو علی خلافه ظاهراً ، شرحاً لمرامه - تعالی - ، وبیاناً لمراده من کلامه ، فافهم .

- والملازمة بین جواز التخصیص وجواز النسخ به ممنوعةٌ، وإن کان مقتضی القاعدة جوازَهما؛ لاختصاص النسخ بالإجماع علی المنع. مع وضوح الفرق بتوافر الدواعی إلی ضبطه ، ولذا قلّ الخلاف فی تعیین موارده ، بخلاف التخصیص (5).

[شماره صفحه واقعی : 327]

ص: 123


1- هذا الوجه حکاه صاحب المعالم عن المحقّق . انظر المعالم : 141 والمعارج : 96 .
2- راجع الکافی 1 : 69 ، باب الأخذ بالسنة وشواهد الکتاب .
3- لم نعثر علی هذا النص فی جوامع الحدیث ، وإنما ورد عن النبی صلی الله علیه و آله : ما خالفه فاضربوا به عرض الحائط . ( التبیان 1 : 5 ) .
4- أصل هذا الوجه للشیخ فی العدّة 1 : 144 و 350 ، راجع فرائد الأُصول 1 : 245 .
5- الأدلّة الأربعة للمانعین - المذکورة هنا - وأجوبتها وردت فی مطارح الأنظار 2 : 221 - 226 ، وانظر المعالم : 141 .
فصل : الخاص والعام المتخالفان
اشارة

لا یخفی: أنّ الخاصّ والعامّ المتخالفین یختلف حالهما ناسخاً ومخصِّصاً (1) ومنسوخاً ، فیکون الخاصُّ : مخصِّصاً تارةً ، وناسخاً مرّةً ، ومنسوخاً أُخری :

صُوَر التخالف وأحکامها

وذلک لأنّ الخاصّ إن کان مقارناً مع العامّ ، أو وارداً بعده قبلَ حضور وقت العمل به ، فلا محیص عن کونه مخصِّصاً وبیاناً له .

وإن کان بعد حضوره کان ناسخاً لا مخصِّصاً ؛

[*حیدری فسایی]

لئلّا یلزم تأخیرُ البیان عن وقت الحاجة فی ما إذا کان العامّ (2) وارداً لبیان الحکم الواقعیّ ، وإلّا لکان الخاصّ أیضاً مخصِّصاً له ، کما هو الحال فی غالب العمومات والخصوصات فی الآیات والروایات (3) .

[شماره صفحه واقعی : 328]

ص: 124


1- إن کانت کلمة « مخصّصاً » مبنیّة للمفعول ، کانت الصفات الثلاث حالاً من ضمیر التثنیة باعتبار العام . وإن کانت مبنیّة للفاعل ، کانت حالاً منه باعتبار الخاص ، وذلک خلاف المتعارف ، مع أنّه لا یجوز الحال من المضاف إلیه . والأولی أن یقال : الخاص الملحوظ بالنسبة إلی عام مخالف له یکون ناسخاً تارة ، ومخصِّصاً أُخری ، ومنسوخاً ثالثة . ( کفایة الأُصول مع حاشیة المشکینی 2 : 447 ) .
2- الأولی أن یقول : فی ما أُحرز کون العام .. ( کفایة الأُصول مع حاشیة المشکینی 2 : 454 ) .
3- فی « ر » هنا زیادة : « وإن کان العام وارداً بعده قبل حضور وقت العمل به ، کان الخاص مخصّصاً وبیاناً له » . وفی منته الدرایة 3 : 651 : الأولی : ذکر هذه الزیادة عقیب قوله : « قبل حضور وقت العمل » حتی لا یتخلّل بین الصور الثلاث المتحدة فی الحکم - وهو کون الخاص مخصّصاً - ما یغایرها فی الحکم .

وإن کان العامّ وارداً بعد حضور وقت العمل بالخاصّ ، فکما یحتمل أن یکون الخاصّ مخصّصاً للعامّ ، یحتمل أن یکون العامّ ناسخاً له ، وإن کان الأظهر أن یکون الخاصّ مخصّصاً؛ لکثرة التخصیص حتّی اشتهر: ما من عامّ إلّاوقد خُصّ ، مع قلّة النسخ فی الأحکام جدّاً . وبذلک یصیر ظهور الخاصّ فی الدوام - ولو کان بالإطلاق - أقوی من ظهور العامّ - ولو کان بالوضع - ، کما لا یخفی .

هذا فی ما عُلم تأریخُهما .

وأمّا لو جُهل وتردّد بین أن یکون الخاصّ بعد حضور وقت العمل بالعامّ ، وقبل حضوره ، فالوجه هو الرجوع إلی الأُصول العملیّة .

وکثرة التخصیص وندرة النسخ هاهنا، وإن کانا یوجبان الظنّ بالتخصیص أیضاً ، وأنّه واجدٌ لشرطه ، إلحاقاً له بالغالب ، إلّا أنّه لا دلیل علی اعتباره ، وإنّما یوجبان الحملَ علیه فی ما إذا ورد العامّ بعد حضور وقت العمل بالخاصّ؛ لصیرورة الخاصّ بذلک فی الدوام أظهر من العامّ ، کما أُشیر إلیه (1)، فتدبّر جیّداً.

ثمّ إنّ تعیُّن الخاصّ للتخصیص ، إذا ورد قبل حضور وقت العمل بالعامّ ، أو ورد العامّ قبل حضور وقت العمل به ، إنّما یکون مبنیّاً علی عدم جواز النسخ قبل حضور وقت العمل ،

[*حیدری فسایی]

وإلّا فلا یتعیّن له ، بل یدور بین کونه مخصِّصاً وناسخاً (2)* فی الأوّل ، ومخصَّصاً ومنسوخاً فی الثانی ، إلّاأنّ الأظهر کونه

[شماره صفحه واقعی : 329]

ص: 125


1- آنفاً قبل أسطر ، بقوله : وبذلک یصیر ظهور الخاص فی الدوام - ولو کان بالإطلاق - أقویٰ من ظهور العامّ .
2- (*) لا یخفی: أنّ کونه مخصّصاً بمعنی کونه مبیّناً لمقدار المرام من العامّ1) ، وناسخاً بمعنی کون حکم العامّ غیر ثابت فی نفس الأمر فی مورد الخاصّ ، مع کونه مراداً أو - 1) فی غیر « ر » : بمقدار المرام عن العام . مقصوداً بالإفهام فی مورده بالعامّ کسائر الأفراد ، وإلّا فلا تفاوت بینهما عملاً أصلاً ، کما هو واضح لا یکاد یخفی . ( منه قدس سره ) .

مخصِّصاً ، ولو فی ما کان ظهور العامّ فی عموم الأفراد أقوی من ظهور الخاصّ فی الخصوص (1)؛ لما أُشیر إلیه من تعارف التخصیص وشیوعه ، وندرة النسخ جدّاً فی الأحکام .

حقیقة النسخ

ولا بأس بصرف الکلام إلی ما هو نخبة القول فی النسخ .

فاعلم: أنّ النسخ وإن کان رفعَ الحکم الثابت إثباتاً ، إلّاأنّه فی الحقیقة دفع الحکم ثبوتاً ، وإنّما اقتضت الحکمة إظهارَ دوام الحکم واستمراره ، أو أصلَ إنشائه وإقراره ، مع أنّه بحسب الواقع لیس له قرار ، أو لیس له دوام واستمرار؛ وذلک لأنّ النبیّ الصادع للشرع (2) ربما یُلهَم أو یوحیٰ إلیه أن یُظهر الحکم أو استمراره ، مع اطّلاعه علی حقیقة الحال ، وأنّه یُنسِخ فی الاستقبال ، أو مع عدم اطّلاعه علی ذلک؛ لعدم إحاطته بتمام ما جریٰ فی علمه - تبارک وتعالی - . ومن هذا القبیل لعلّه یکون أمرُ إبراهیم علیه السلام بذبح إسماعیل علیه السلام .

النسخ لا یستلزم البداء المحال

وحیث عرفت: أنّ النسخ بحسب الحقیقة یکون دفعاً ، وإن کان بحسب الظاهر رفعاً ، فلا بأس به مطلقاً ، ولو کان قبل حضور وقت العمل؛ لعدم لزوم البداء المحال فی حقّه - تبارک وتعالی - ، بالمعنی المستلزم لتغیّر إرادته - تعالی - مع اتّحاد الفعل ذاتاً وجهةً ، ولا لزومِ (3) امتناع النسخ أو الحکم المنسوخ؛ فإنّ

[شماره صفحه واقعی : 330]

ص: 126


1- فی الأصل : « وإن کان ظهور العام فی عموم الأفراد أقوی من ظهوره وظهور الخاص فی الدوام » ، إلّاأنّ فی طبعاته مثل ما أثبتناه .
2- الأنسب : بالشرع .
3- فی « ر » ، « ق » ، « ش » وحقائق الأُصول : « وإلّا لزم » . وفی حقائق الأُصول 1 : 543 : الموجود فی بعض النسخ : « ولا لزوم » بدل : « وإلّا لزم » . والظاهر أنه الصحیح ، ویکون معطوفاً علی قوله : لعدم لزوم البداء . وفی منته الدرایة 3 : 662 : الأولی أن یقال : « وعدم لزوم » ؛ لتکون العبارة هکذا : لعدم لزوم البداء المحال ... وعدم لزوم امتناع النسخ .. .

الفعل إن کان مشتملاً علی مصلحة موجبة للأمر به امتنع النهی عنه ، وإلّا امتنع الأمر به ؛

[*حیدری فسایی]

وذلک لأنّ الفعل أو دوامه لم یکن متعلّقاً لإرادته ، فلا یستلزم نسخُ أمره بالنهی تغییرَ إرادته ، ولم یکن الأمر بالفعل من جهة کونه مشتملاً علی مصلحة ، وإنّما کان إنشاء الأمر به أو إظهار دوامه عن حکمة ومصلحة .

حقیقة البداء

وأمّا البداء فی التکوینیّات بغیر ذاک المعنی ، فهو ممّا تدلّ (1) علیه الروایات المتواترات (2) ، کما لا یخفی .

ومجمله: أنّ اللّٰه - تبارک وتعالی - إذا تعلّقت مشیئته (3) بإظهار ثبوت ما یمحوه - لحکمةٍ داعیةٍ إلی إظهاره - ألهَم أو أوحیٰ إلی نبیّه أو ولیّه أن یُخبر به ، مع علمه بأنّه یمحوه ، أو مع عدم علمه به؛ لما أُشیر إلیه (4) من عدم الإحاطة بتمام ما جری فی علمه . وإنّما یخبر به ؛ لأنّه حال الوحی أو الإلهام - لارتقاء نفسه الزکیّة ، واتّصاله بعالم لوح المحو والإثبات - اطّلع علی ثبوته ، ولم یطّلع علی کونه معلَّقاً علی أمرٍ (5) غیرِ واقع ، أو عدم الموانع ، قال اللّٰه - تبارک وتعالی - : «یَمْحُوا اللّٰهُ مٰا یَشٰاءُ وَ یُثْبِتُ » (6)الآیة .

[شماره صفحه واقعی : 331]

ص: 127


1- أثبتناها من « ر » ، وفی غیرها : ممّا دلّ .
2- راجع الکافی 1 : 146 ، باب البداء .
3- فی غیر « ر » : مشیئته تعالی .
4- آنفاً بقوله : لعدم إحاطته بتمام ما جری فی علمه تبارک وتعالی .
5- کلمة « أمر » لم ترد فی الأصل ، وأثبتناها من طبعاته .
6- الرعد : 39 .

نعم ، مَن شملته العنایة الإلهیّة ، واتّصلت نفسه الزکیّة بعالم اللوح المحفوظ - الّذی هو من أعظم العوالم الربوبیّة ، وهو امّ الکتاب - ینکشف (1) عنده الواقعیّات علی ما هی علیها ، کما ربما یتّفق لخاتم الأنبیاء ولبعض الأوصیاء ، و (2)کان عارفاً بالکائنات کما کانت وتکون .

نعم ، مع ذلک ، ربما یوحیٰ إلیه حکمٌ من الأحکام : تارةً بما یکون ظاهراً فی الاستمرار والدوام ، مع أنّه فی الواقع له غایة وأمدٌ یعیّنها بخطاب آخر ، وأُخری بما یکون ظاهراً فی الجدّ ، مع أنّه لا یکون واقعاً بجدٍّ ، بل لمجرّد الابتلاء والاختبار ، کما أنّه یؤمر وحیاً أو إلهاماً بالإخبار بوقوع عذابٍ أو غیره ممّا لا یقع ؛ لأجل حکمةٍ فی هذا الإخبار أو ذاک الإظهار .

[*حیدری فسایی]

فبداؤه (3) تعالی بمعنی: أنّه یُظهِر ما أمَرَ نبیَّه أو ولیَّه بعدم إظهاره أوّلاً ، ویُبدی ما خفی ثانیاً .

وإنّما نسب إلیه - تعالی - البداء مع أنّه فی الحقیقة الإبداء؛ لکمال شباهة إبدائه - تعالی - کذلک بالبداء فی غیره .

وفی ما ذکرنا کفایة فی ما هو المهمّ فی باب النسخ ، ولا داعی بذکر تمام ما ذکروه فی ذاک الباب ، کما لا یخفی علی اولی الألباب .

الثمرة بین التخصیص والنسخ

[شماره صفحه واقعی : 332]

ص: 128


1- أثبتناها من « ق » و « ش » . وفی غیرهما : یکشف . یراجع منته الدرایة 3 : 666 .
2- فی غیر « ق » و « ش » : « کان عارفاً » ، بدون الواو . یلاحظ المصدر السابق أیضاً .
3- أثبتناها من « ر » وفی غیرها : فبدا له .

ثمّ لا یخفی ثبوت الثمرة بین التخصیص والنسخ؛ ضرورةَ أنّه علی التخصیص یُبنیٰ علی خروج الخاصّ عن حکم العامّ رأساً ، وعلی النسخ علی ارتفاع حکمه عنه من حینه ، فی ما دار الأمر بینهما فی المخصّص .

وأمّا إذا دار بینهما فی الخاصّ والعامّ ، فالخاصُّ علی التخصیص غیر محکوم بحکم العامّ أصلاً ، وعلی النسخ کان محکوماً به من حین صدور دلیله ، کما لا یخفی .

[شماره صفحه واقعی : 333]

ص: 129

[شماره صفحه واقعی : 334]

ص: 130

المقصد الخامس : فی المطلق والمقیّد والمجمل والمبیّن

اشارة

[شماره صفحه واقعی : 335]

ص: 131

[شماره صفحه واقعی : 336]

ص: 132

فصل : ألفاظ المطلق
تعریف المطلق

عُرّف المطلق بأنّه : ما دلّ علی شائع فی جنسه (1) .

وقد أشکل علیه بعضُ الأعلام (2) بعدم الاطّراد والانعکاس (3) ، وأطال الکلام فی النقض والإبرام .

وقد نبّهنا فی غیر مقامٍ علی أنّ مثله شرح الاسم ، وهو ممّا یجوز أن لا یکون بمطّرد ولا بمنعکس .

فالأولی : الإعراض عن ذلک ، ببیان ما وضع له بعض الألفاظ الّتی یطلق علیها المطلق ، أو غیرها (4) ممّا یناسب المقام :

ألفاظ المطلق :
1 - اسم الجنس

صوت

[*حیدری فسایی]

فمنها: اسم الجنس ، کإنسان ورجل وفرس وحیوان وسواد وبیاض ...

إلی غیر ذلک من أسماء الکلّیّات من الجواهر والأعراض بل العرضیّات (5) .

[شماره صفحه واقعی : 337]

ص: 133


1- القوانین 8 : 321 .
2- هو صاحب الفصول فی فصوله : 218 .
3- أثبتناها من « ر » وفی غیرها : أو الانعکاس .
4- فی غیر « ق » و « ش » : أو من غیرها .
5- مراده من الأول (الأعراض) هو: المتأصّل من الأعراض. ومن الثانی (العرضیّات)هو : الاعتباری منها ، وهذا خلاف اصطلاح أهل المعقول ؛ حیث یطلقون الأول علی المبادی - أصیلةً کانت أو اعتباریة - ، مثل السواد والملکیة ، والثانی علی المشتق ، کالأسود والمالک . ( کفایة الأُصول مع حاشیة المشکینی 2 : 469 ) .

ولا ریب أنّها موضوعة لمفاهیمها بما هی هی مبهمة مهملة ، بلا شرطٍ أصلاً ملحوظٍ (1) معها ، حتّی لحاظ أنّها کذلک .

التحقیق فی ما وضع له اسم الجنس

وبالجملة: الموضوع له اسم الجنس هو : نفس المعنی ، وصِرف المفهوم غیرِ الملحوظ معه شیءٌ أصلاً - الّذی هو المعنی بشرط شیء - ، ولو کان ذاک الشیء هو الإرسال والعموم البدلیّ ،

[*حیدری فسایی]

ولا الملحوظ معه عدمُ لحاظ شیءٍ معه - الّذی هو الماهیّة اللابشرط القسمیّ - ؛ وذلک لوضوح صدقها - بما لها من المعنی - بلا عنایة التجرید عمّا هو قضیّة الاشتراط والتقیید فیها ، کما لا یخفی .

مع بداهة عدم صدق المفهوم بشرط العموم علی فردٍ من الأفراد ، وإن کان یعمّ کلّ واحد منها بدلاً أو استیعاباً . وکذا المفهوم اللّابشرط القسمیّ ، فإنّه کلّیّ عقلیّ (2) لا موطن له إلّاالذهن ، لا یکاد یمکن صدقه وانطباقه علیها؛ بداهة أنّ مناطه الإتّحاد بحسب الوجود خارجاً ، فکیف یمکن أن یتّحد معها ما لا وجود له إلّاذهناً ؟

2 - علم الجنس

ومنها: علم الجنس ، ک «أُسامة» . والمشهور بین أهل العربیّة: أنّه موضوع للطبیعة لا بما هی هی ، بل بما هی متعیّنة بالتعیّن الذهنیّ ، ولذا یعامَل معه معاملة المعرفة بدون أداة التعریف .

[شماره صفحه واقعی : 338]

ص: 134


1- فی « ق » ، « ش » ، حقائق الأُصول ومنته الدرایة : ملحوظاً .
2- قد تقدّم - فی المعنی الحرفی - أنّ إطلاقه هنا مسامحة ( کفایة الأُصول مع حاشیة المشکینی 2 : 472 ) .

التحقیق فی ما وضع له علم الجنس

لکنّ التحقیق: أنّه موضوع لصِرف المعنی بلا لحاظ شیءٍ معه أصلاً - کاسم الجنس - ، والتعریف فیه (1) لفظیٌّ - کما هو الحال فی التأنیث اللفظیّ - ، وإلّا لما صحّ حمله علی الأفراد بلا تصرّف وتأویل؛ لأنّه علی المشهور کلّیّ عقلیّ (2) ، وقد عرفت : أنّه لا یکاد یصحّ صدقه (3) علیها (4) ، مع صحّة حمله علیها بدون ذلک کما لا یخفی؛ ضرورة أنّ التصرّف فی المحمول ، بإرادة نفس المعنی بدون قیده تعسّفٌ ، لا یکاد یکون بناء القضایا المتعارفة علیه .

مع أنّ وضعَهُ لخصوص معنی یحتاج إلی تجریده عن خصوصیّته عند الاستعمال ، لا یکاد یصدر عن جاهل ، فضلاً عن الواضع الحکیم .

3 - المفرد المعرّف باللام
اشارة

صوت

[*حیدری فسایی]

ومنها: المفرد المعرّف باللام . والمشهور أنّه علی أقسام:

المعرّف بلام الجنس ، أو الاستغراق ، أو العهد بأقسامه ، علی نحو الاشتراک بینها لفظاً أو معنیً .

التحقیق فی مفاد

المعرّف باللام

والظاهر : أنّ الخصوصیّة فی کلّ واحد من الأقسام من قِبل خصوص «اللام» ، أو من قِبل قرائن المقام ، من باب تعدّد الدالّ والمدلول ، لا باستعمال المدخول ، لیلزم فیه المجاز أو الاشتراک ، فکان المدخول علی کلّ حال مستعملاً فی ما یستعمل فیه غیر المدخول .

والمعروف : أنّ «اللام» تکون موضوعةً للتعریف ، ومفیدةً للتعیین فی غیر العهد الذهنیّ .

[شماره صفحه واقعی : 339]

ص: 135


1- فی « ر » : والتعریف معه .
2- هذا الإطلاق مسامحیّ کما تقدّم .
3- أثبتنا العبارة من « ر » ، حقائق الأُصول ومنته الدرایة ، وفی غیرها : لا یکاد صدقه .
4- فی « ر » : صدقه علی الأفراد .

وأنت خبیرٌ بأنّه لا تعیّن (1) فی تعریف الجنس ، إلّاالإشارة إلی المعنی المتمیّز بنفسه من بین المعانی ذهناً . ولازمه أن لا یصحّ حمل المعرّف باللام - بما هو معرَّفٌ - علی الأفراد؛ لما عرفت من امتناع الاتّحاد مع ما لا موطن له إلّا الذهن ، إلّابالتجرید . ومعه لا فائدة فی التقیید .

مع أنّ التأویل والتصرّف فی القضایا المتداولة فی العرف غیرُ خالٍ عن التعسّف . هذا .

مضافاً (2) إلی أنّ الوضع لِما لا حاجة إلیه - بل لابدّ من التجرید عنه وإلغائه فی الاستعمالات المتعارفة المشتملة علی حمل المعرّف باللام أو الحمل علیه - کان لغواً ، کما أشرنا إلیه (3) .

فالظاهر : أنّ «اللام» مطلقاً تکون للتزیین ، کما فی « الحسن » و « الحسین » . واستفادة الخصوصیّات إنّما تکون بالقرائن الّتی لابدّ منها لتعیینها (4) علی کلّ حال ،

[*حیدری فسایی]

ولو قیل بإفادة « اللام » للإشارة إلی المعنی . ومع الدلالة علیه بتلک الخصوصیّات لا حاجة إلی تلک الإشارة ، لو لم تکن مخلّة ، وقد عرفت إخلالها ، فتأمّل جیّداً .

الجمع المعرّف باللام

وأمّا دلالة الجمع المعرّف باللام علی العموم - مع عدم دلالة المدخول علیه - : فلا دلالة فیها علی أنّها تکون لأجل دلالة اللام علی التعیین (5)

[شماره صفحه واقعی : 340]

ص: 136


1- أثبتنا الکلمة کما وردت فی الأصل و « ش » وفی غیرهما : لا تعیین .
2- لم یظهر المراد به زائداً علی ما أفاده بقوله : ومعه لا فائدة . ( حقائق الأُصول 1 : 552 ) . وراجع منته الدرایة 3 : 698 .
3- إذ قال آنفاً : مع أنّ و ضعه لخصوص معنی یحتاج إلی تجریده ... .
4- فی « ر » و « ش » : لتعیّنها .
5- فی الأصل : التعیّن ، وفی أکثر طبعاته مثل ما أثبتناه .

- حیث أنّه (1) لا تعیّن إلّاللمرتبة المستغرقة لجمیع الأفراد (2) - ؛ وذلک لتعیّن المرتبة الاُخریٰ ، وهی أقلّ مراتب الجمع ، کما لا یخفی .

فلابدّ أن تکون دلالته علیه مستندةً إلی وضعه کذلک لذلک (3) ، لا إلی دلالة اللام علی الإشارة إلی المعیّن ، لیکون به التعریف .

وإن أبیت إلّاعن استناد الدلالة علیه إلیه ، فلا محیص عن دلالته علی الاستغراق بلا توسیط الدلالة علی التعیین ، فلا یکون بسببه تعریفٌ إلّالفظاً ، فتأمّل جیّداً .

4 - النکرة

صوت

[*حیدری فسایی]

ومنها: النکرة ، مثل «رجل» فی «وَ جٰاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَی الْمَدِینَةِ » (4)، أو فی «جئنی برجل» .

التحقیق فی مفاد النکرة ولا إشکال أنّ المفهوم منها فی الأوّل - ولو بنحو تعدّد الدالّ والمدلول - هو : الفرد المعیّن فی الواقع ، المجهولُ عند المخاطب ، المحتملُ الانطباق علی غیر واحد من أفراد الرجل .

کما أنّه فی الثانی هی : الطبیعة المأخوذة مع قید الوحدة ، فیکون حصّةً من الرجل ، ویکون کلّیّاً ینطبق علی کثیرین ، لا فرداً مردّداً بین الأفراد .

وبالجملة: النکرة - أی ما بالحمل الشائع یکون نکرةً عندهم - إمّا هو فردٌ معیّنٌ فی الواقع غیرُ معیَّنٍ للمخاطب ، أو حصّةٌ کلّیّة ، لا الفرد المردّد بین

[شماره صفحه واقعی : 341]

ص: 137


1- أثبتناها من « ر » وفی غیرها : حیث لا تعیّن .
2- ردٌّ علی الفصول : 169 ، وهدایة المسترشدین 3 : 189 ، حیث ادّعیا أنّ دلالة الجمع المعرّف باللام ، إنما هی لعدم تعیّن شیء من مراتب الجمع سوی الجمیع ، فیتعیّن إرادته .
3- کما ذهب إلی ذلک المحقق القمی فی قوانینه 1 : 216 .
4- القصص : 20 .

الأفراد (1)؛ وذلک لبداهة کون لفظ «رجل» فی «جئنی برجل» نکرةً ، مع أنّه یصدق علی کلّ مَن جیء به من الأفراد ، ولا یکاد یکون واحد منها هذا أو غیره ، کما هو قضیّة الفرد المردّد ، لو کان هو المراد منها؛ ضرورة أنّ کلّ واحدٍ هو هو ، لا هو أو غیره .

فلابدّ أن تکون النکرة الواقعة فی متعلّق الأمر ، هو الطبیعیّ المقیّد بمثل مفهوم الوحدة ، فیکون کلّیّاً قابلاً للانطباق ، فتأمّل جیّداً .

إذا عرفت ذلک ، فالظاهر : صحّة إطلاق « المطلق » عندهم - حقیقةً - علی اسم الجنس والنکرة بالمعنی الثانی ، کما یصحّ لغةً . وغیرُ بعید أن یکون جریهم فی هذا الإطلاق علی وِفْق اللغة ، من دون أن یکون لهم فیه اصطلاح علی خلافها ، کما لا یخفی .

نعم ، لو صحّ ما نُسِب إلی المشهور (2) ، من کون المطلق عندهم موضوعاً لما قُیّد بالإرسال والشمول البدلیّ ، لَما کان ما أُرید منه الجنس أو الحصّة عندهم بمطلق ، إلّاأنّ الکلام فی صدق النسبة .

[*حیدری فسایی]

ولا یخفی: أنّ المطلق بهذا المعنی لطروء القید (3) غیرُ قابل؛ فإنّ ما له من الخصوصیّة ینافیه ویعانده . وهذا (4) بخلافه بالمعنیین ، فإنّ کلّاً منهما له قابل؛ لعدم انثلامهما بسببه أصلاً ، کما لا یخفی .

[شماره صفحه واقعی : 342]

ص: 138


1- خلافاً لما ذهب إلیه صاحب الفصول فی فصوله : 163 من أنّ النکرة فردٌّ من الجنس لا بعینه ، وأنّ مدلولها جزئی ولیس بکلّی .
2- کما فی القوانین 1 : 321 ، حیث قال : المطلق - علی ما عرّفه أکثر الأُصولییّن - هو ما دلّ علی شائع فی جنسه .
3- فی بعض الطبعات : التقیید .
4- فی الأصل ، حقائق الأُصول ومنته الدرایة : بل وهذا .

وعلیه لا یستلزم التقییدُ تجوّزاً فی المطلق؛ لإمکان إرادة معناه من لفظه (1) وإرادةِ قیده من قرینة حال أو مقال ، وإنّما استلزمه لو کان (2) بذاک المعنی .

نعم ، لو أُرید من لفظه : المعنی المقیّد ، کان مجازاً مطلقاً ، کان التقیید بمتّصل أو منفصل .

فصل : مقدّمات الحکمة
اشارة

قد ظهر لک: أنّه لا دلالة لمثل «رجل» إلّاعلی الماهیّة المبهمة وضعاً ، وأنّ الشیاع والسریان - کسائر الطوارئ - یکون خارجاً عمّا وضع له .

فلابدّ فی الدلالة علیه من قرینة حالٍ ، أو مقالٍ ، أو حکمةٍ .

وهی تتوقّف علی مقدّمات:

إحداها: کون المتکلّم فی مقام بیان تمام المراد ، لا الإهمال أو الإجمال .

ثانیتها: انتفاء ما یوجب التعیین .

ثالثتها: انتفاء القدر المتیقّن فی مقام التخاطب ، ولو کان المتیقّن بملاحظة الخارج عن ذاک المقام فی البین ،

[*حیدری فسایی]

فإنّه غیر مؤثّر فی رفع الإخلال بالغرض ، لو کان بصدد البیان ، کما هو الفرض .

فإنّه - فی ما تحقّقت - لو لم یرد الشیاعَ لأخلّ بغرضه؛ حیث إنّه

[شماره صفحه واقعی : 343]

ص: 139


1- فی «ن»، «ق»، «ش»، حقائق الأُصول ومنته الدرایة: لإمکان إرادة معنی لفظه منه .
2- فی « ر » زیادة : المطلق .

لم یبیّنه (1) مع أنّه بصدده. وبدونها لا یکاد یکون هناک إخلال به؛ حیث لم یکن مع انتفاء الأُولی إلّافی مقام الإهمال أو الإجمال ، ومع انتفاء الثانیة کان البیان بالقرینة (2)؛ ومع انتفاء الثالثة لا إخلال بالغرض لو کان المتیقّن تمام مراده؛ فإنّ الفرض أنّه بصدد بیان تمامه وقد بیّنه ، لا بصدد بیان أنّه تمامه ، کی أخلّ ببیانه (3) ، فافهم (4) .

شبهة عدم جواز التمسّک بالإطلاق بعد الظفر بالقید المنفصل والجواب عنها

ثمّ لا یخفی علیک (5): أنّ المراد بکونه فی مقام بیان تمام مراده : مجرّدُ بیان ذلک وإظهاره وإفهامه ، ولو لم یکن عن جدٍّ ، بل قاعدةً وقانوناً؛ لیکون حجّة فی ما لم تقم (6) حجّةٌ أقویٰ علی خلافه ، لا البیان فی قاعدة قبح تأخیر البیان

[شماره صفحه واقعی : 344]

ص: 140


1- أثبتناها من « ر » ومنته الدرایة . وفی غیرهما : لم ینبّه .
2- کان الأولی أن یقول بدله : کان المقیّد هو المبیّن ، فیحکم بأنّه المراد . ( حقائق الأُصول 1 : 557 ) .
3- الصواب : أن تکون العبارة هکذا : « کی یخلّ » أو : « کی یکون أخلّ » . ( منته الدرایة 3 : 720 ) .
4- (*) إشارةٌ إلی أنّه لو کان بصدد بیان أنّه تمامه ، ما أخلّ ببیانه ، بعد عدم نصب قرینة علی إرادة تمام الأفراد؛ فإنّه بملاحظته یفهم أنّ المتیقّن تمام المراد ، وإلّا کان علیه نصب القرینة علی إرادة تمامها ، وإلّا قد أخلّ بغرضه . نعم ، لا یفهم ذلک إذا لم یکن إلّابصدد بیان أنّ المتیقّن مرادٌ ، لا بصدد1) بیان أنّ غیره مراد أو لیس بمراد ، قبالاً للإجمال والإهمال المطلقین ، فافهم ، فإنّه لا یخلو عن دقّة . ( منه قدس سره ) .
5- ردٌّ لما ورد فی مطارح الأنظار 2 : 259 من أنّ نسبة المطلق إلی الدلیل المقید نسبة الأصل إلی الدلیل .
6- أثبتنا ما فی الأصل ، وفی طبعاته : لم تکن . - 1) فی « ر » ، حقائق الأُصول ومنته الدرایة : ولم یکن بصدد .

عن وقت الحاجة ، فلا یکون الظفر بالمقیِّد - ولو کان مخالفاً - کاشفاً (1) عن عدم کون المتکلّم فی مقام البیان . ولذا لا ینثلم به إطلاقُه وصحّةُ التمسّک به أصلاً ، فتأمّل جیّداً .

[*حیدری فسایی]

وقد انقدح بما ذکرنا : أنّ النکرة فی دلالتها علی الشیاع والسریان أیضاً تحتاج - فی ما لا یکون هناک دلالةُ حالٍ أو مقالٍ - إلی مقدّمات (2) الحکمة ، فلا تغفل .

الأصل عند الشکّ فی کون المتکلّم فی مقام البیان

بقی شیء:

وهو أنّه لا یبعد أن یکون الأصل فی ما إذا شکّ فی کون المتکلّم فی مقام بیان تمام المراد هو : کونه بصدد بیانه ؛ وذلک لما جرت علیه سیرة أهل المحاورات من التمسّک بالإطلاقات ، فی ما إذا لم یکن هناک ما یوجب صرْفَ وجهها إلی جهة خاصّة .

ولذا تری أنّ المشهور لا یزالون یتمسّکون بها مع عدم إحراز کون مطلِقها بصدد البیان ، وبُعدِ کونه لأجل ذهابهم إلی أنّها موضوعة للشیاع والسریان ، وإن کان ربما نسب ذلک إلیهم (3) . ولعلّ وجهَ النسبة ملاحظةُ أنّه لا وجه للتمسّک بها بدون الإحراز ، والغفلةُ عن وجهه ، فتأمّل جیّداً .

الانصراف و مراتبه

ثمّ إنّه قد انقدح بما عرفت - من توقّف حمل المطلق علی الإطلاق فی ما

[شماره صفحه واقعی : 345]

ص: 141


1- فی « ر » : « فلا یکون الظفر بالمقیّد لو کان کاشفاً » ، والعبارة علی التقدیرین لا تخلو من اضطراب . والمناسب أن تکون العبارة هکذا : « فلا یکون الظفر بالمقیّد کاشفاً » . راجع منته الدرایة 3 : 723 .
2- فی الأصل و « ن » : من مقدّمات .
3- راجع القوانین 1 : 321 .

لم یکن هناک قرینة حالیّة أو مقالیّة علی قرینة الحکمة ، المتوقّفة علی المقدّمات المذکورة - : أنّه لا إطلاق له فی ما کان له الانصراف إلی خصوص بعض الأفراد أو الأصناف؛ لظهوره فیه ، أو کونِه متیقّناً منه ، ولو لم یکن ظاهراً فیه بخصوصه ، حَسَب اختلاف مراتب الانصراف .

کما أنّ (1) منها ما لا یوجب ذا ولا ذاک ، بل یکون بدویّاً زائلاً بالتأمّل .

کما أنّ (2) منها ما یوجب الاشتراک ، أو النقل .

[*حیدری فسایی]

لا یقال (3): کیف یکون ذلک ؟ وقد تقدّم أنّ التقیید لا یوجب التجوّز فی المطلق أصلاً .

فإنّه یقال: - مضافاً إلی أنّه إنّما قیل (4) لعدم استلزامه له ، لا عدمِ إمکانه؛ فإنّ استعمال المطلق فی المقیّد بمکانٍ من الإمکان - إنّ کثرة إرادة المقیّد لدیٰ إطلاق المطلق ولو بدالٍّ آخر ربما تبلغ بمثابة توجب له مزیّةَ أُنسٍ (5) - کما فی المجاز المشهور - أو تعیّناً واختصاصاً به - کما فی المنقول بالغلبة - ، فافهم .

إذا کان للمطلق جهات عدیدة

تنبیه (6):

وهو أنّه یمکن أن یکون للمطلق جهات عدیدة ، کان وارداً فی مقام البیان من جهةٍ منها ، وفی مقام الإهمال أو الإجمال من أُخری ، فلابدّ فی حمله

[شماره صفحه واقعی : 346]

ص: 142


1- أثبتنا الکلمة من « ر » وفی غیرها : أنّه .
2- أثبتنا الکلمة من « ر » وفی غیرها : أنّه .
3- هذا الإشکال وجوابه مذکوران فی مطارح الأنظار 2 : 265 .
4- الأنسب ذکر « به » بعد قوله : قیل انظر منته الدرایة 3 : 734 .
5- فی « ر » : مزید أُنس ، وفی هامش « ق » و « ش » : مرتبةُ أُنس (نسخة بدل ) .
6- هذا التنبیه مذکور فی مطارح الأنظار 2 : 269 - 270 بعنوان : تذنیب .

علی الإطلاق بالنسبة إلی جهةٍ ، من کونه بصدد البیان من تلک الجهة ، ولا یکفی کونه بصدده من جهة أُخری ، إلّاإذا کان بینهما ملازمة عقلاً أو شرعاً أو عادةً ، کما لا یخفی .

فصل : المطلق والمقیّد المتنافیان
اشارة

إذا ورد مطلق و مقیّد متنافیین : فإمّا یکونان مختلفین فی الإثبات والنفی ، وإمّا یکونان متوافقین .

المطلق والمقیّد المختلفان

فإن کانا مختلفین ، مثل: «أعتق رقبة» و «لا تعتق رقبة کافرة» ، فلا إشکال فی التقیید .

المطلق والمقیّد المتوافقان

وإن کانا متوافقین ، فالمشهور فیهما الحمل والتقیید .

وقد استدلّ (1) بأنّه جمع بین الدلیلین ، وهو أولی .

وقد أُورد علیه (2) بإمکان الجمع علی وجهٍ آخر ، مثل حمل الأمر فی المقیّد علی الاستحباب .

[*حیدری فسایی]

وأُورد علیه (3): بأنّ التقیید لیس تصرّفاً فی معنی اللفظ ، وإنّما هو تصرّف

[شماره صفحه واقعی : 347]

ص: 143


1- نسبه فی مطارح الأنظار 2 : 273 إلی الأکثر .
2- فی القوانین 1 : 325 .
3- هذا الایراد من الشیخ الأعظم الأنصاری ، انتصاراً لدلیل المشهور . راجع مطارح الأنظار 2 : 273 .

فی وجهٍ من وجوه المعنیٰ ، اقتضاه تجرّدُه عن القید ، مع تخیُّل وروده فی مقام بیان تمام المراد ، وبعد الاطّلاع علی ما یصلح للتقیید نعلم وجوده علی وجه الإجمال ، فلا إطلاق فیه حتّی یستلزم تصرّفاً ، فلا یعارض ذلک بالتصرّف فی المقیّد ، بحمل أمره علی الاستحباب .

وأنت خبیر بأنّ التقیید أیضاً یکون تصرّفاً فی المطلق؛ لما عرفت (1) من أنّ الظفر بالمقیّد لا یکون کاشفاً عن عدم ورود المطلق فی مقام البیان ، بل عن عدم کون الإطلاق - الّذی هو ظاهره بمعونة الحکمة - بمراد جدّیّ ، غایة الأمر أنّ التصرّف فیه بذلک لا یوجب التجوّز فیه .

مع أنّ حمل الأمر فی المقیّد علی الاستحباب لا یوجب تجوّزاً فیه؛ فإنّه فی الحقیقة مستعملٌ فی الإیجاب ، فإنّ المقیّد إذا کان فیه ملاک الاستحباب ، کان من أفضل أفراد الواجب ، لا مستحبّاً فعلاً؛ ضرورة أنّ ملاکه لا یقتضی استحبابه إذا اجتمع مع ما یقتضی وجوبه .

[*حیدری فسایی]

نعم ، فی ما إذا کان إحرازُ کون المطلقِ فی مقام البیان بالأصل ، کان من التوفیق بینهما حملُه علی أنّه سیق فی مقام الإهمال ، علی خلاف مقتضی الأصل ، فافهم .

[شماره صفحه واقعی : 348]

ص: 144


1- الظاهر : أنّ العبارة لا تخلو عن الاضطراب وسوء التأدیة ؛ لأنّ قوله : « لما » ظاهر فی کونه علّة لکون التقیید تصرّفاً فی المطلق ، ولا یلائمه ؛ لعدم المناسبة بین التعلیل والمعلّل ... فلو کانت العبارة هکذا : « بأنّ التقیید أیضاً یکون تصرّفاً فی المطلق ؛ لأنّ قضیّة التقیید عدم کون المطلق مراداً جدّیاً للمتکلم ، وهو خلاف الظاهر » کانت صواباً . ( منته الدرایة 3 : 744 ) .

ولعلّ وجه التقیید : کون ظهور إطلاق الصیغة فی الإیجاب التعیینیّ أقویٰ من ظهور المطلق فی الإطلاق .

الوجه فی عدم حمل المطلق علی المقیّد فی المستحبّات

وربما یُشکل (1) بأنّه یقتضی التقیید فی باب المستحبّات ، مع أنّ بناء المشهور علی حمل الأمر بالمقیّد فیها علی تأکّد الاستحباب . اللهمّ إلّا أن یکون الغالب فی هذا الباب هو تفاوت الأفراد بحسب مراتب المحبوبیّة ، فتأمّل .

أو أنّه کان بملاحظة التسامح فی أدلّة المستحبّات ، وکان عدمُ رفع الید عن (2) دلیل استحباب المطلق - بعد مجیء دلیل المقیّد - وحمله علی تأکّد استحبابه ، من التسامح فیها (3)* .

لا فرق فی الحمل علی المقیّد بین المثبتین و المنفیّین

ثمّ إنّ الظاهر : أنّه لا یتفاوت فی ما ذکرنا بین المثبتَیْن والمنفیَّیْن (4) بعد فرض کونهما متنافیین .

[شماره صفحه واقعی : 349]

ص: 145


1- أورده فی مطارح الأنظار 2 : 281 وأجاب علیه .
2- أثبتناها من منته الدرایة وفی غیره : من دلیل .
3- (*) ولا یخفی: أنّه لو کان حمل المطلق علی المقیّد جمعاً عرفیّاً ، کان قضیّته عدم الاستحباب إلّاللمقیّد ، وحینئذٍ إن کان بلوغ الثواب صادقاً علی المطلق ، کان استحبابه تسامحیّاً ، وإلّا فلا استحباب له1) أصلاً ، کما لا وجه - بناءً علی هذا الحمل ، وصدق البلوغ - لتأکّد الاستحباب فی المقیّد ، فافهم . ( منه قدس سره ) .
4- تعریض بمن ذهب إلی عدم الحمل فی المنفیّین ، کالعلّامة الحلّی فی نهایة الوصول : 175 وصاحب المعالم فی معالمه : 152 ، والشیخ البهائی رحمهم الله فی زبدة الأُصول : 143 . انظر مطارح الأنظار 2 : 282 . - 1) فی « ق » وحقائق الأُصول ومنته الدرایة : فلا استحباب له وحده .
لا فرق فی استظهار التنافی بین استظهاره من وحدة السبب وغیرها

کما لا یتفاوتان فی استظهار التنافی بینهما من استظهار اتّحاد التکلیف من وحدة السبب (1) وغیره (2) ، من قرینة حالٍ أو مقالٍ حَسَبما یقتضیه النظر ، فلیتدبّر .

لا فرق فی الحمل علی المقیّد بین لحکم التکلیفی و الوضعی

صوت

[*حیدری فسایی]

تنبیهٌ:

لا فرق فی ما ذُکر من الحمل فی المتنافیین بین کونهما فی بیان الحکم التکلیفیّ ، وفی بیان الحکم الوضعیّ . فإذا ورد - مثلاً - : أنّ البیع سبب ، وأنّ البیع الکذائیّ سبب ، وعُلم أنّ مراده : إمّا البیع علی إطلاقه ، أو البیع الخاصّ ، فلابدّ من التقیید لو کان ظهور دلیله فی دخل القید أقوی من ظهور دلیل الإطلاق فیه ، کما هو لیس ببعید؛ ضرورة تعارف ذکر المطلق وإرادة المقیّد - بخلاف العکس - بإلغاء القید وحملِه علی أنّه غالبیّ ، أو علی وجهٍ آخر ، فإنّه علی خلاف المتعارف .

اختلاف نتیجةمقدّمات الحکمة

تبصرةٌ لا تخلو من تذکرة:

وهی: أنّ قضیّة مقدّمات الحکمة فی المطلقات تختلف حسب اختلاف المقامات :

[شماره صفحه واقعی : 350]

ص: 146


1- تعریض بمن اعتبر اتحاد السبب والموجب فی عنوان البحث ، کصاحب المعالم فی معالمه : 151 - 152 ، والمحقّق القمّی فی القوانین 1 : 322 .
2- الأولی أن تکون العبارة هکذا : « کما لا یتفاوتان فی استظهار ما یوجب التنافی بینهما من اتحاد التکلیف بین استظهاره من وحدة السبب وغیرها » وذلک لاقتضاء قوله : « لا یتفاوتان » وجود کلمة « بین » کما لا یخفی . وینبغی تأنیث ضمیر « غیره » ؛ لرجوعه إلی « وحدة » لا إلی « السبب » . واستظهار التنافی منوط بإحراز وحدة الحکم ، فلابدّ من استظهار وحدته أولاً ، ثمّ إضافة التنافی إلی الدلیلین . ( منته الدرایة 3 : 755 ) .

فإنّها تارةً : یکون حملها علی العموم البدلیّ ، وأُخری : علی العموم الاستیعابیّ ، وثالثةً : علی نوعٍ خاصّ ممّا ینطبق علیه ، حسب اقتضاء خصوص المقام ، واختلافِ الآثار والأحکام ، کما هو الحال فی سائر القرائن بلا کلام .

فالحکمة فی إطلاق صیغة الأمر تقتضی أن یکون المراد : خصوص الوجوب التعیینیّ العینیّ النفسیّ ؛ فإنّ إرادة غیره تحتاج إلی مزید بیان ، ولا معنی لإرادة الشیاع فیه ، فلا محیص عن الحمل علیه فی ما إذا کان بصدد البیان .

کما أنّها قد تقتضی العموم الاستیعابیّ ، کما فی «أَحَلَّ اللّٰهُ الْبَیْعَ » (1)؛ إذ إرادة البیع مهملاً أو مجملاً تنافی ما هو المفروض من کونه بصدد البیان ، وإرادةُ العموم البدلیّ لا تناسب المقام .

ولا مجال لاحتمال إرادة بیعٍ اختاره المکلّف - أیَّ بیعٍ کان - ، مع أنّها تحتاج إلی نصب دلالة علیها ، لا یکاد یفهم بدونها من الإطلاق .

ولا یصحّ قیاسه علی ما إذا أُخذ فی متعلّق الأمر؛ فإنّ العموم الاستیعابیّ (2) لا یکاد یمکن إرادته ، وإرادةُ غیر العموم البدلیّ وإن کانت ممکنة ، إلّا أنّها منافیة للحکمة وکونِ المطلِق بصدد البیان (3) .

[شماره صفحه واقعی : 351]

ص: 147


1- البقرة : 275 .
2- فی « ر » زیادة : فی مثل ذلک .
3- فی « ر » زیادة : کما لا یخفی .
فصل : فی المجمل والمبیّن
تعریف المجمل والمبیّن

صوت

[*حیدری فسایی]

والظاهر : أنّ المراد من المبیَّن - فی موارد إطلاقه - : الکلامُ الّذی له ظاهر ، ویکون بحسب متفاهم العرف قالباً لخصوص معنی؛ والمجمل بخلافه .

فما لیس له ظهورٌ : مجملٌ ، وإن عُلم بقرینةٍ خارجیّة ما أُرید منه ، کما أنّ ما له الظهور : مبیّنٌ ، وإن عُلم بالقرینة الخارجیّة أنّه ما أُرید ظهوره وأنّه مؤوّل (1) .

موارد الاشتباه والخلاف فی الإجمال والبیان

ولکلٍّ منهما - فی الآیات والروایات - وإن کان أفرادٌ کثیرة لا تکاد تخفیٰ ، إلّا أنّ لهما أفراداً مشتبهةً ، وقعت محلَّ البحث والکلام للأعلام فی أنّها من أفراد أیّهما ؟ کآیة السرقة (2) ، ومثل: «حُرِّمَتْ عَلَیْکُمْ أُمَّهٰاتُکُمْ » (3)و «أُحِلَّتْ لَکُمْ بَهِیمَةُ الْأَنْعٰامِ » (4)ممّا اضیف التحریم والتحلیل إلی الأعیان (5) ، ومثل «لا صَلاةَ إلّا بطَهور» (6) .

ولا یذهب علیک: أنّ إثبات الإجمال أو البیان لا یکاد یکون بالبرهان (7)؛ لما عرفت من أنّ ملاکهما أن یکون للکلام ظهور ، ویکون قالباً

[شماره صفحه واقعی : 352]

ص: 148


1- هذا تعریض بما فی مطارح الأنظار 2 : 299 من عدّه هذا القسم من مصادیق المجمل .
2- وهی قوله تعالی : «وَ السّٰارِقُ وَ السّٰارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَیْدِیَهُمٰا » المائدة : 38 .
3- النساء : 23 . (4) المائدة : 1 .
4-
5- فی غیر « ر » : مما أُضیف التحلیل إلی الأعیان .
6- وسائل الشیعة 1 : 315 ، الباب 9 من أبواب أحکام الخلوة ، الحدیث 9 .
7- هذا تعریض بکلّ من تعرّض لإثبات دعوی الإجمال والبیان ، کما صنعه جماعة . ( حقائق الأُصول 1 : 569 ) .

لمعنیً ، وهو ممّا یظهر بمراجعة الوجدان ، فتأمّل .

الإجمال والبیان

وصفان إضافیّان

ثمّ لا یخفیٰ: أنّهما وصفان إضافیّان ، ربما یکون مجملاً عند واحدٍ - لعدم معرفته بالوضع ، أو لتصادم ظهوره بما حفّ به لدیه - ، ومبیَّناً لدی الآخر - لمعرفته وعدم التصادم بنظره - ، فلا یهمّنا التعرّض لموارد الخلاف ، والکلام والنقض والإبرام فی المقام ، وعلی اللّٰه التوکّل وبه الاعتصام .

[شماره صفحه واقعی : 353]

ص: 149

کفایة الأصول المجلد 2

اشارة

سرشناسه : آخوند خراسانی،محمدکاظم بن حسین، 1255 - 1329ق.

عنوان و نام پدیدآور : کفایه الاصول/ تالیف محمدکاظم الخراسانی؛ المحقق مجتبی المحمودی.

مشخصات نشر : قم : مجمع الفکر الاسلامی، 1431ق.= 1389.

مشخصات ظاهری : 2 ج.

موضوع : اصول فقه شیعه -- قرن 14ق.

رده بندی کنگره : BP159/8/آ3ک7 1389الف

رده بندی دیویی : 297/312

شماره کتابشناسی ملی : 2105366

توضیح : کفایه الاصول آخرین متن درسی علم اصول در دوره سطح حوزه های تشیع است که در آن آخرین یافته های آخوند خراسانی در علم اصول به سبک کلاسیک و نو مطرح شده است. این کتاب حاصل مغز متفکری است که هم به معقول و هم به منقول نظر داشته است. موضوعات این کتاب به یک مقدمه و دو قسمت عمده تقسیم شده است:

1. مباحث الفاظ.

2. مباحث ادله عقلی.

مقصد ششم، شامل مباحث ادله عقلی، احکام قطع، حجّیت آن، ظن و انواع آن است.

ص: 1

اشارة

[شماره صفحه واقعی : 1]

ص: 150

[شماره صفحه واقعی : 2]

ص: 151

[شماره صفحه واقعی : 3]

ص: 152

[شماره صفحه واقعی : 4]

ص: 153

[شماره صفحه واقعی : 5]

ص: 154

[شماره صفحه واقعی : 6]

ص: 155

[شماره صفحه واقعی : 7]

ص: 156

[الجزء الثانی ]

المقصد السادس : فی بیان الأمارات المعتبرة شرعاً أو عقلاً
اشارة

صوت

[*حیدری فسایی]

بسم اللّٰه الرحمن الرحیم

مباحث القطع
تمهید
خروج مباحث القطع عن علم الأُصول

وقبل الخوض فی ذلک ، لا بأس بصرف الکلام إلی بیان بعض ما للقطع من الأحکام - وإن کان خارجاً من مسائل الفنّ ، وکان أشبه (1) بمسائل الکلام - ؛ لشدّة مناسبته مع المقام .

أقسام حالات البالغ الذی وضع علیه قلم التکلیف

فاعلم: أنّ البالغ (2) الّذی وضع علیه القلم ، إذا التفت إلی حکم فعلیٍّ واقعیّ ، أو ظاهریّ ، متعلّقٍ به أو بمقلّدیه :

فإمّا أن یحصل له القطع به ، أو لا . وعلی الثانی لابدّ من انتهائه إلی ما استقلّ به العقل ، من اتّباع الظنّ لو حصل له ، وقد تمّت مقدّمات الانسداد علی تقدیر (3) الحکومة ، وإلّا فالرجوع إلی الأُصول العقلیّة : من البراءة والاشتغال والتخییر ، علی تفصیل یأتی فی محلّه إن شاء اللّٰه تعالی .

[*حیدری فسایی]

وإنّما عمّمنا متعلّق القطع؛ لعدم اختصاص أحکامه بما إذا کان متعلّقاً

[شماره صفحه واقعی : 8]

ص: 157


1- التعبیر ب « الأشبه » لا یخلو من المسامحة ... ، فالأولی أن یقال : «إن مسألة القطع وإن کانت من جهة کلامیّة ، لکن لمّا کان فیها جهة أُصولیّة أیضاً صحّ إدراجها فی علم الأُصول » . (منته الدرایة 4 : 7 ) .
2- ذکر البلوغ مستدرک بذکر ما بعده . ( حقائق الأُصول 2 : 4 ) .
3- فی « ن » : علی تقریر .

[شماره صفحه واقعی : 9]

ص: 158

بالأحکام الواقعیّة ، وخصّصنا بالفعلیّ؛ لاختصاصها بما إذا کان متعلّقاً به - علی ما ستطّلع علیه - . ولذلک عَدَلْنا عمّا فی رسالة شیخنا العلّامة - أعلی اللّٰه مقامه - من تثلیث الأقسام (1) .

تقسیمٌ آخر

وإن أبیت إلّاعن ذلک ، فالأولی أن یقال: «إنّ المکلّف : إمّا أن یحصل له القطع ، أولا . وعلی الثانی : إمّا أن یقوم عنده طریق معتبر ، أولا» ؛ لئلّا تتداخل الأقسام فی ما یذکر لها من الأحکام . ومرجعه - علی الأخیر - إلی القواعد المقرّرة - عقلاً أو نقلاً - لغیر القاطع ومن یقوم عنده الطریق ، علی تفصیلٍ یأتی فی محلّه - إن شاء اللّٰه تعالی - حَسَبما یقتضی دلیلها .

[شماره صفحه واقعی : 10]

ص: 159


1- فرائد الأُصول 1 : 25 .
أحکام القطع وأقسامه

وکیف کان ، فبیان أحکام القطع وأقسامه یستدعی رسم أُمور:

الأمر الأوّل : لزوم العمل بالقطع عقلاً
اشارة

لا شبهة فی وجوب العمل علی وفق القطع عقلاً ، ولزومِ الحرکة علی طبقه جزماً ، وکونِه موجباً لتنجّز التکلیف الفعلیّ فی ما أصاب ، باستحقاق (1) الذمّ والعقاب علی مخالفته ، وعذراً فی ما أخطأ قصوراً . وتأثیره فی ذلک لازمٌ ، وصریحُ الوجدان به شاهدٌ وحاکمٌ ، فلا حاجة إلی مزید بیانٍ وإقامة برهان .

الحجّیةذاتیّة للقطع

صوت

[*حیدری فسایی]

ولا یخفی: أنّ ذلک لا یکون بجعل جاعلٍ؛ لعدم جعلٍ تألیفیّ حقیقةً بین الشیء ولوازمه ، بل عَرَضاً بتبع جعله بسیطاً .

وبذلک انقدح امتناع المنع عن تأثیره أیضاً ، مع أنّه یلزم منه اجتماع الضدّین اعتقاداً مطلقاً ، وحقیقةً فی صورة الإصابة ، کما لا یخفی .

اختصاص حجّیة القطع بما إذا تعلّق بالحکم الفعلی

ثمّ لا یذهب علیک: أنّ التکلیف ما لم یبلغ مرتبة البعث والزجر لم یصِر فعلیّاً ، وما لم یصِر فعلیّاً لم یکد یبلغ مرتبة التنجّز واستحقاقِ العقوبة علی المخالفة ، وإن کان ربما یوجب موافقتُهُ استحقاقَ المثوبة؛ وذلک لأنّ الحکم ما لم یبلغ تلک المرتبة لم یکن حقیقةً بأمر ولا نهی ، ولا مخالفتهُ عن عمدٍ بعصیان ،بل کان ممّا سکت اللّٰه عنه ، کما فی الخبر (2) ، فلاحظ وتدبّر .

[شماره صفحه واقعی : 11]

ص: 160


1- ظاهر العبارة : أنّ تنجّز التکلیف معلول لاستحقاق الذمّ والعقاب ، مع أنّه لیس کذلک ... فحقّ العبارة أن تکون هکذا : « وکونه موجباً لتنجّز التکلیف ... ولحکم العقل باستحقاق ... » . ( منته الدرایة 4 : 24 - 25 ) .
2- وسائل الشیعة 27 : 175 ، الباب 12 من أبواب صفات القاضی ، الحدیث 68 .

نعم، فی کونه بهذه المرتبة مورداً للوظائف المقرّرة شرعاً للجاهل ، إشکالُ لزوم اجتماع الضدّین أو المثلین ، علی ما یأتی تفصیله (1) - إن شاء اللّٰه تعالی - ، مع ما هو التحقیق فی دفعه ، فی التوفیق بین الحکم الواقعیّ والظاهریّ ، فانتظر .

الأمر الثانی : التجرّی والانقیاد
اشارة

صوت

[*حیدری فسایی]

قد عرفت : أنّه لا شبهة فی أنّ القطع یوجب استحقاقَ العقوبة علی المخالفة ، والمثوبةِ علی الموافقة فی صورة الإصابة .

فهل یوجب استحقاقها - فی صورة عدم الإصابة - علی التجرّی بمخالفته ، واستحقاقَ المثوبة علی الانقیاد بموافقته ، أو لا یوجب شیئاً ؟

استحقاق المتجرّی للعقاب

ألحقّ : أنّه یوجبه؛ لشهادة الوجدان بصحّة مؤاخذته ، وذمّه علی تجرّیه وهتک حرمته لمولاه (2) ، وخروجه عن رسوم عبودیّته ، وکونه بصدد الطغیان ، وعزمه علی العصیان ، وصحّةِ مثوبته ، ومدحه علی إقامته (3) بما هو قضیّة عبودیّته ، من العزم علی موافقته ، والبناء علی إطاعته ، وإن قلنا بأنّه لا یستحقّ مؤاخذة أو مثوبة - ما لم یعزم علی المخالفة أو الموافقة - بمجرّد سوء سریرته أو حُسنها (4) ، وإن کان مستحقّاً للّوم (5) أو المدح بما یستتبعانه ، کسائر الصفات والأخلاق الذمیمة أو الحسنة .

[شماره صفحه واقعی : 12]

ص: 161


1- فی أوّل مبحث الأمارات .
2- الصواب : وهتکه لحرمة مولاه . ( منته الدرایة 4 : 37 ) .
3- الصواب : علی قیامه . ( المصدر السابق ) .
4- إشارة وتعریض بما أفاده الشیخ الأعظم من أن المتجرّی لا یستحق إلّاالمذمّة واللوم . انظر فرائد الأُصول 1 : 41 .
5- فی « ر » و « ق » : للذمّ .

وبالجملة: ما دامت فیه صفة کامنة لا یستحقّ بها إلّامدحاً أو لوماً (1) ، وإنّما یستحقّ الجزاء بالمثوبة أو العقوبة - مضافاً إلی أحدهما - إذا صار بصدد الجری علی طبقها ، والعمل علی وفقها ، وجَزَمَ وعَزَمَ؛ وذلک لعدم صحّة مؤاخذته بمجرّد سوء سریرته من دون ذلک ، وحسنها معه ، کما یشهد به مراجعة الوجدان ، الحاکم بالاستقلال فی مثل باب الإطاعة والعصیان ، وما یستتبعان من استحقاق النیران أو الجنان .

القطع غیر المصیب لا یُحدث تغییراً فی الواقع

ولکن ذلک مع بقاء الفعل المتجرّیٰ به ، أو المنقاد به علی ما هو علیه من الحسن أو القبح ، والوجوب أو الحرمة واقعاً ، بلا حدوث تفاوتٍ فیه بسبب تعلُّقِ القطع بغیر ما هو علیه من الحکم والصفة ، ولا یغیَّر جهة حُسنِه أو قبحِه بجهته أصلاً (2)؛

[*حیدری فسایی]

ضرورة أنّ القطع بالحسن أو القبح ، لا یکون من الوجوه والاعتبارات التّی بها یکون الحسنُ والقبحُ عقلاً ، ولا ملاکاً للمحبوبیّة والمبغوضیّة شرعاً؛ ضرورة عدم تغیّر الفعل عمّا هو علیه - من المبغوضیّة والمحبوبیّة للمولی - بسبب قطع العبد بکونه محبوباً أو مبغوضاً له ، فقَتْلُ ابن المولی لا یکاد یخرج عن کونه مبغوضاً له ، ولو اعتقد العبد بأنّه عدُوُّه ، وکذا قَتْلُ عدوِّه - مع القطع بأنّه ابنه - لا یخرج عن کونه محبوباً أبداً . هذا .

مع أنّ الفعل المتجرّیٰ به أو المنقاد به - بما هو مقطوع الحرمة أو الوجوب - لا یکون اختیاریّاً؛ فإنّ القاطع لا یقصده إلّابما قطع أنّه علیه من

[شماره صفحه واقعی : 13]

ص: 162


1- فی « ر » : ذمّاً .
2- فی « ر » : ولا یغیّر جهة ... بجهة أصلاً . وفی « ق » : ولا یغیّر حسنه أو قبحه أصلاً . وفی حقائق الأُصول : ولا تغیّر جهة حسنه أو قبحه أصلاً . وفی « ش » ومنته الدرایة : لا یغیّر حسنه أو قبحه بجهة أصلاً .

عنوانه الواقعیّ الاستقلالیّ ، لا بعنوانه الطارئ الآلیّ ، بل لا یکون غالباً بهذا العنوان ممّا یلتفت إلیه ، فکیف یکون من جهات الحسن أو القبح عقلاً ، ومن مناطات الوجوب أو الحرمة شرعاً ؟ ولا یکاد یکون صفةٌ موجبةٌ لذلک إلّاإذا کانت اختیاریّة .

الإشکال فی استحقاق العقاب علی مخالفة القطع والجواب عنه

إن قلت: إذا لم یکن الفعل کذلک ، فلا وجه لاستحقاق العقوبة علی مخالفة القطع ، وهل کان العقاب علیها إلّاعقاباً علی ما لیس بالاختیار ؟

قلت: العقاب إنّما یکون علی قصد العصیان والعزم علی الطغیان ، لا علی الفعل الصادر بهذا العنوان بلا اختیار .

إن قلت: إنّ القصد والعزم إنّما یکون من مبادئ الاختیار ، وهی لیست باختیاریّة ، وإلّا لتسلسل .

[*حیدری فسایی]

قلت: - مضافاً إلی أنّ الاختیار وإن لم یکن بالاختیار ، إلّاأنّ بعض مبادیه غالباً یکون وجوده بالاختیار؛ للتمکّن من عدمه ، بالتأمّل فی ما یترتّب علی ما عزم علیه من تبعة العقوبة واللوم والمذمّة - یمکن أن یقال:

إنّ حسن المؤاخذة والعقوبة إنّما یکون من تبعة بُعده عن سیّده ، بتجرّیه علیه ، کما کان من تبعته بالعصیان فی صورة المصادفة ، فکما أنّه یوجب البُعد عنه ، کذلک لا غروَ فی أن یوجب حسن العقوبة؛ فإنّه وإن لم یکن باختیاره (1)* ، إلّاأنّه بسوء سریرته وخبث باطنه ، بحسب نقصانه ، واقتضاء

[شماره صفحه واقعی : 14]

ص: 163


1- (*) کیف لا ؟ وکانت المعصیة الموجبة لاستحقاق العقوبة غیر اختیاریّة ، فإنّها هی المخالفة العمدیّة ، وهی لا تکون بالاختیار؛ ضرورة أنّ العمد إلیها لیس باختیاریّ ، وإنّما تکون نفس المخالفة اختیاریّة ، وهی غیر موجبة للاستحقاق ، وإنّما الموجبة له هی العمدیّة منها ، کما لا یخفی علی اولی النهی . ( منه قدس سره ) .

استعداده ذاتاً وإمکانه (1) .

وإذا انته الأمرُ إلیه یرتفع الإشکال وینقطع السؤال ب « لِمَ » ؛ فإنّ الذاتیّات ضروریّ الثبوت (2) للذات .

وبذلک أیضاً ینقطع السؤال عن أنّه لِمَ اختار الکافر والعاصی ، الکفرَ والعصیان ، والمطیعُ والمؤمن ، الإطاعةَ والإیمان ؟ فإنّه یساوق السؤال عن أنّ الحمار لِمَ یکون ناهقاً ؟ والإنسان لِمَ یکون ناطقاً ؟

وبالجملة : تفاوت أفراد الإنسان فی القرب منه - جلّ شأنه وعظمت کبریاؤه (3) - والبعدِ عنه ، سببٌ لاختلافها فی استحقاق الجنّة ودرجاتها ، والنار ودرکاتها ، وموجبٌ لتفاوتها فی نیل الشفاعة وعدمه (4)(5) ، وتفاوتُها فی ذلک بالآخرة یکون ذاتیّاً ، والذاتیّ لا یعلَّل .

إن قلت : علی هذا فلا فائدة فی بَعْثِ الرُسل وإنزال الکتب ، والوعظ والإنذار .

قلت : ذلک لینتفع به من حسُنت سریرته وطابت طینته ، لتکمل به نفسه ، ویخلص مع ربّه انسه ، «مٰا کُنّٰا لِنَهْتَدِیَ لَوْ لاٰ أَنْ هَدٰانَا اللّٰهُ » (6) ، قال اللّٰه تبارک

[شماره صفحه واقعی : 15]

ص: 164


1- کذا فی الأصل ومصحّح « ن » ، وفی « ر » ، « ق » ، « ش » وبعض الطبعات الأُخری : إمکاناً .
2- الصواب : ضروریّة الثبوت . ( منته الدرایة 4 : 54 ) .
3- فی الأصل : « منه تعالی » ، وفی طبعاته مثل ما أثبتناه .
4- فی « ش » ومنته الدرایة : عدمها ، وفی « ن » : وعدم نیلها .
5- قوله : « وموجب لتفاوتها فی نیل الشفاعة وعدمه » غیر موجود فی الأصل ، وأثبتناه من طبعاته .
6- الأعراف : 43 .

وتعالی: «وَ ذَکِّرْ فَإِنَّ الذِّکْریٰ تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِینَ » (1) ، ولیکون حجّةً علی من ساءت سریرته وخبثت طینته ، «لِیَهْلِکَ مَنْ هَلَکَ عَنْ بَیِّنَةٍ وَ یَحْییٰ مَنْ حَیَّ عَنْ بَیِّنَةٍ » (2) ، کیلا یکون للناس علی اللّٰه حجّة ، بل کان له حجّةٌ بالغة .

شهادة الآیات والروایات علی استحقاق المتجرّی للعقاب

صوت

[*حیدری فسایی]

ولا یخفی: أنّ فی الآیات (3) والروایات (4) شهادةً علی صحّة ما حکم به الوجدان ، الحاکم علی الإطلاق فی باب الاستحقاق للعقوبة والمثوبة .

استدلال المحقّق السبزواریّ علی استحقاق المتجرّی للعقاب المناقشةفی الدلیل

ومعه لا حاجة إلی ما استُدلّ علی استحقاق المتجرّی للعقاب بما حاصله:

أنّه لولاه - مع استحقاق العاصی له - یلزم إناطةُ استحقاق العقوبة بما هو خارجٌ عن الاختیار ، من مصادفة قطعه ، الخارجة عن تحت قدرته واختیاره (5) .

مع بطلانه وفساده؛ إذ للخصم أن یقول: بأنّ استحقاق العاصی دونه ، إنّما

[شماره صفحه واقعی : 16]

ص: 165


1- الذاریات : 55 .
2- الأنفال : 42 .
3- البقرة : 225 ، 284 ، الإسراء : 36 ، الأحزاب : 5 .
4- وسائل الشیعة 1 : 48 و 50 ، الباب 5 من أبواب مقدّمة العبادات ، الحدیث 4 و 5 ، و 16 : 141 ، الباب 5 من أبواب الأمر والنهی ، الحدیث 12 .
5- ذخیرة المعاد : 209 - 210 ، وقد ذکره الشیخ الأعظم الأنصاری أیضاً علی وجهٍ رباعی . انظر فرائد الأُصول 1 : 38 - 39 .

هو لتحقّقِ سبب الاستحقاق فیه - وهو مخالفته عن عمدٍ واختیار - وعدمِ تحقّقه فیه؛ لعدم مخالفته أصلاً - ولو بلا اختیار - ، بل عدمِ صدور فعلٍ منه فی بعض أفراده بالاختیار ، کما فی التجرّی بارتکاب ما قطع أنّه من مصادیق الحرام ، کما إذا قطع - مثلاً - بأنّ مائعاً خمرٌ ، مع أنّه لم یکن بالخمر ، فیحتاج إلی إثبات أنّ المخالفة الاعتقادیّة سببٌ کالواقعیّة الاختیاریّة ، کما عرفت بما لا مزید علیه .

توهّم استحقاق المتجرّی عقابین متداخلین والجواب عنه

ثمّ لا یذهب علیک: أنّه لیس فی المعصیة الحقیقیّة إلّامَنْشَأٌ واحد لاستحقاق العقوبة - وهو هتک واحدٌ - ، فلا وجه لاستحقاق عقابین متداخلین - کما توهّم (1) - . مع ضرورة أنّ المعصیة الواحدة لاتوجب إلّاعقوبةً واحدةً ، کما لا وجه لتداخلهما علی تقدیر استحقاقهما کما لا یخفی .

ولا منشأ لتوهّمه إلّابداهة أنّه لیس فی معصیة واحدة إلّاعقوبة واحدة ، مع الغفلة عن أنّ وحدة المسبّب تکشف - بنحو « الإنّ » - عن وحدة السبب .

الأمر الثالث أقسام القطع وأحکامها
القطع الطریقیّ

صوت

[*حیدری فسایی]

إنّه قد عرفت (2) : أنّ القطع بالتکلیف - أخطأ أو أصاب - یوجب عقلاً استحقاق المدح والثواب ، أو الذمِّ والعقاب ، من دون أن یؤخذ (3) شرعاً فی خطاب .

القطع الموضوعیّ وأقسامه

وقد یؤخذ فی موضوع حکم آخر مخالف لحکم متعلّقه (4)(5) ، لا یماثله ولا یضادّه ، - کما إذا ورد مثلاً فی الخطاب: أنّه إذا قطعت بوجوب شیءٍ یجب علیک التصدّق بکذا - :

[شماره صفحه واقعی : 17]

ص: 166


1- فی الفصول : 87 .
2- فی الأمر الأول من أحکام القطع .
3- فی « ر » : یوجد .
4- أدرجنا ما فی « ر » ، وفی غیرها : حکم آخر یخالف متعلّقه .
5- فی العبارة تسامح ، ومقصوده جواز أخذ القطع بحکمٍ فی موضوع حکمٍ آخر متعلّق بموضوع آخر ، کما إذا أُخذ القطع بحرمة الخمر قیداً لموضوع وجوب التصدّق . (نهایة النهایة 2 : 24 ) .

تارةً : بنحوٍ یکون تمامَ الموضوع ، بأن یکون القطع بالوجوب مطلقاً - ولو أخطأ - موجباً لذلک .

وأُخری : بنحوٍ یکون جزأه وقیدَه ، بأن یکون القطع به فی خصوص ما أصاب موجباً له .

وفی کلّ منهما یؤخذ : طوراً بما هو کاشفٌ وحاکٍ عن متعلّقه؛ وآخرَ بما هو صفة خاصّة للقاطع ، أو المقطوع به (1) .

وذلک لأنّ القطع لمّا کان من الصفات الحقیقیّة ذاتِ الإضافة - ولذا کان العلم نوراً لنفسه ونوراً لغیره - صحّ أن یؤخذ فیه بما هو صفة خاصّة وحالة مخصوصة ، بإلغاء جهةِ کشفه (2) ، أو اعتبارِ (3) خصوصیّةٍ أُخری فیه معها؛ کما صحّ أن یؤخذ بما هو کاشف عن متعلّقه وحاکٍ عنه . فتکون أقسامه أربعة ، مضافاً (4) إلی ما هو طریقٌ محضٌ عقلاً ، غیرُ مأخوذ فی الموضوع شرعاً .

قیام الأمارات مقام القطع الطریقیّ وعدم قیامها مقام القطع الموضوعی

ثمّ لا ریب فی قیام الطرق والأمارات المعتبرة - بدلیل حجیّتها واعتبارها - مقام هذا القسم .

کما لا ریب فی عدم قیامها - بمجرّد ذلک الدلیل - مقام ما أُخذ فی

[شماره صفحه واقعی : 18]

ص: 167


1- لا یخفی : أنّ خصوصیّة المقطوع به لابدّ من أخذها فی أخذ جهة الکشف أیضاً . والأولی : ترک قوله : « أو المقطوع به » بعد قوله : « للقاطع » . ( کفایة الأُصول مع حاشیة المشکینی 3 : 75 ) .
2- الأولی أن یقول : بلا لحاظ جهة کشفه . ( منته الدرایة 4 : 81 ) .
3- معطوف علی « إلغاء » . وحقّ العبارة أن تکون هکذا : مع اعتبار خصوصیة أُخری فیه معها ، أو بدونه . ( المصدر السابق ) .
4- فی بعض الطبعات : فیکون أقسامه أربعة مضافةً .

الموضوع علی نحو الصفتیّة من تلک الأقسام ، بل لابدّ من دلیلٍ آخر علی التنزیل؛

[*حیدری فسایی]

فإنّ قضیّة الحجّیّة والاعتبار ترتیبُ ما للقطع - بما هو حجّة - من الآثار ، لا ما لَه (1) بما هو صفة وموضوع؛ ضرورة أنّه کذلک یکون کسائر الموضوعات والصفات .

ومنه قد انقدح : عدم قیامها - بذاک الدلیل - مقامَ ما أُخذ فی الموضوع علی نحو الکشف؛ فإنّ القطع المأخوذ بهذا النحو فی الموضوع شرعاً ، کسائر ما لها (2) دخلٌ فی الموضوعات أیضاً ، فلا یقوم مقامه شیءٌ بمجرّد حجّیّته وقیام (3) دلیل علی اعتباره ، ما لم یقم دلیل علی تنزیله ودخله فی الموضوع کدخله .

توهّم قیام الأمارات مقام القطع الموضوعی المأخوذ علی نحو الطریقیّة والجواب عنه

وتوهُّمُ (4) : کفایة دلیل الاعتبار ، الدالّ علی إلغاء احتمال خلافه ، وجعله بمنزلة القطع من جهة کونه موضوعاً ، ومن جهة کونه طریقاً ، فیقوم مقامه :

طریقاً کان أو موضوعاً .

فاسدٌ جدّاً؛ فإنّ الدلیل الدالّ علی إلغاء الاحتمال ، لا یکاد یفی (5) إلّابأحد التنزیلین؛ حیث لابدّ فی کلّ تنزیلٍ منهما من لحاظ المنزَّل والمنزَّل علیه ، ولحاظهما فی أحدهما آلیٌّ ، وفی الآخر استقلالیٌّ؛ بداهة أنّ النظر فی حجّیّته

[شماره صفحه واقعی : 19]

ص: 168


1- أوردنا العبارة کما جاءت فی « ر » ، وفی غیرها : لا له .
2- فی حقائق الأُصول : ما له .
3- کذا فی الأصل و « ر » . وفی « ن » وسائر الطبعات : أو قیام . یراجع لتوضیح الفرق بین التعبیرین : منته الدرایة 4 : 90 ، وکفایة الأُصول مع حاشیة المشکینی 3 : 78 .
4- المتوهّم هو الشیخ الأعظم الأنصاری ، حیث أفاد : أنّ الأمارات والأُصول تقوم مقام القطع الموضوعی المأخوذ علی نحو الطریقیّة . انظر فرائد الأُصول 1 : 33 .
5- أثبتنا الکلمة من حقائق الأُصول ، وفی غیره : یکفی .

وتنزیله منزلةَ القطع فی طریقیّته - فی الحقیقة - ، إلی الواقع ومؤدّی الطریق، وفی کونه بمنزلته ، فی دخله فی الموضوع إلی أنفسهما ، ولا یکاد یمکن الجمع بینهما .

نعم ، لو کان فی البین ما بمفهومه جامعٌ بینهما ، یمکن (1) أن یکون دلیلاً علی التنزیلین ، والمفروض أنّه لیس . فلا یکون دلیلاً علی التنزیل إلّابذاک اللحاظ الآلیّ ، فیکون حجّةً موجبةً لتنجّز متعلّقه ، وصحّةِ العقوبة علی مخالفته ، فی صورتَی إصابته وخطئه ، بناءً علی استحقاق المتجرّی ، أو بذلک اللحاظ الآخر الاستقلالیّ ، فیکون مثله فی دخله فی الموضوع ، وترتیبٍ ما لَه علیه من الحکم الشرعیّ .

لا یقال: علی هذا لا یکون دلیلاً علی أحد التنزیلین ، ما لم یکن هناک قرینةٌ فی البین .

فإنّه یقال: لا إشکال فی کونه دلیلاً علی حجّیّته؛ فإنّ ظهوره فی أنّه بحسب اللحاظ الآلیّ ، ممّا لا ریب فیه ولا شبهة تعتریه ، وإنّما یحتاج تنزیله - بحسب اللحاظ الآخر الاستقلالیّ - من نصْبِ (2) دلالةٍ علیه . فتأمّل فی المقام ، فإنّه دقیقٌ ، ومزالُّ الأقدام للأعلام .

[*حیدری فسایی]

ولا یخفی: أنّه لولا ذلک ، لأمکن أن یقوم الطریقُ بدلیل واحد - دالّ علی إلغاء احتمال خلافه - مقامَ القطع بتمام أقسامه ، ولو فی ما أُخذ فی الموضوع علی نحو الصفتیّة ، کان تمامه ، أو قیده وبه قوامه (3) .

[شماره صفحه واقعی : 20]

ص: 169


1- الأولی : أمکن .
2- الصواب : إلی نصب . ( منته الدرایة 4 : 97 ) .
3- تعریض بتفصیل الشیخ الأعظم من قیام الأمارة مقام القطع الموضوعی الطریقی ، وعدم قیامها مقام القطع الصفتی . راجع فرائد الأُصول 1 : 34 .

فتلخّص ممّا ذکرنا: أنّ الأمارة لا تقوم بدلیل اعتبارها (1) ، إلّامقام ما لیس بمأخوذ فی الموضوع أصلاً .

عدم قیام الأُصول مقام القطع الطریقی إلّا الاستصحاب

وأمّا الأُصول: فلا معنی لقیامها مقامه بأدلّتها أیضاً ، غیر الاستصحاب (2) ؛ لوضوح أنّ المراد من قیام المُقام : ترتیب ما لَه من الآثار والأحکام ، من تنجّز التکلیف وغیره - کما مرّت إلیه الإشارة - ، وهی لیست إلّاوظائف مقرّرة للجاهل فی مقام العمل ، شرعاً أو عقلاً .

لا یقال: إنّ الاحتیاط لا بأس بالقول بقیامه مقامه فی تنجّز التکلیف - لو کان - .

فإنّه یقال: أمّا الاحتیاط العقلیّ: فلیس إلّانفسَ (3) حکم العقل بتنجّز التکلیف ، وصحّةِ العقوبة علی مخالفته ، لا شیءٌ یقوم (4) مقامه فی هذا الحکم .

وأمّا النقلیّ: فإلزام الشارع به وإن کان ممّا یوجب التنجّز ، وصحّةَ العقوبة علی المخالفة - کالقطع - ، إلّاأنّه لا نقول به (5) فی الشبهة البدویّة ، ولا یکون بنقلیّ فی المقرونة بالعلم الإجمالیّ ، فافهم .

[شماره صفحه واقعی : 21]

ص: 170


1- فی « ر » زیادة : فقط .
2- لا یبعد أن یکون إشارة إلی ما فی إطلاق کلام الشیخ الأعظم ؛ إذ قال : ثمّ من خواصّ القطع الذی هو طریق إلی الواقع قیام الأمارات الشرعیة والأُصول العملیة مقامه فی العمل . انظر فرائد الأُصول 1 : 33 .
3- فی مصحّح الأصل و « ق » : « فلیس إلّالأجل » . وفی سائر الطبعات کما أثبتناه .
4- حقّ العبارة أن تکون هکذا : لا شیئاً آخر یقوم ... ( منته الدرایة 4 : 101 ) .
5- فی هامش « ش » : لا یقول به ( نسخة بدل ) .
عدم قیام الاستصحاب مقام القطع الموضوعیّ

صوت

[*حیدری فسایی]

[*حیدری فسایی]

ثمّ لا یخفی: أنّ دلیل الاستصحاب أیضاً لا یفی بقیامه مقام القطع المأخوذ فی الموضوع مطلقاً ، وأنّ مثل «لا تنقض الیقین» لابدّ من أن یکون مسوقاً : إمّا بلحاظ المتیقّن ، أو بلحاظ نفس الیقین .

العدول عمّا أفاده المصنّف فی حاشیته علی الفرائد

وما ذکرنا فی الحاشیة (1) - فی وجه تصحیح لحاظٍ واحدٍ (2) فی التنزیل منزلة الواقع والقطع ، وأنّ دلیل الاعتبار إنّما یوجب تنزیل المستصحب والمؤدّی منزلة الواقع ، وإنّما کان تنزیل القطع فی ما له دخلٌ فی الموضوع ، بالملازمة بین تنزیلهما وتنزیل القطع بالواقع تنزیلاً وتعبّداً (3) منزلةَ القطع بالواقع حقیقةً - ، لا یخلو من تکلّفٍ ، بل تعسّفٍ؛ فإنّه لا یکاد یصحّ تنزیل جزء الموضوع أو قیده - بما هو کذلک ، بلحاظ أثره - إلّافی ما کان جزؤه الآخر أو ذاتُه محرزاً بالوجدان ، أو تنزیله (4) فی عرضه .

فلا یکاد (5) یکون دلیل الأمارة أو الاستصحاب دلیلاً علی تنزیل جزء الموضوع ما لم یکن هناک دلیلٌ علی تنزیل جزئه الآخر ، فی ما لم یکن (6)

[شماره صفحه واقعی : 22]

ص: 171


1- الحاشیة علی الفرائد : 8 - 9 .
2- فی هذه العبارة مسامحة ؛ إذ لا یمکن تصحیح لحاظ واحد فی التنزیلین أصلاً ؛ لتضادّ الطریقیّة والموضوعیة ... ، فحقّ العبارة أن تکون هکذا : وما ذکرناه فی الحاشیة فی وجه تصحیح التنزیلین بنفس دلیل الاعتبار أو بدلیلٍ واحد ... ( منته الدرایة 4 : 106 ) .
3- قیداً للواقع ، یعنی : تنزیل القطع بالواقع التنزیلی التعبّدی . ( کفایة الأُصول مع حاشیة المشکینی 3 : 89 ) .
4- فی « ر » : بتنزیله .
5- فی « ر » : وأ مّا إذا لم یکن کذلک ، فلا یکاد ... .
6- حقّ العبارة أن تکون هکذا : فلا یکون دلیل الأمارة أو الاستصحاب دلیلاً علی جزئه الآخر ، ما لم یکن هناک دلیل آخر علی تنزیله فی ما لم یکن . ( منته الدرایة 4 : 113 ) .

محرزاً (1) حقیقةً؛ وفی ما لم یکن دلیلٌ علی تنزیلهما بالمطابقة - کما فی ما نحن فیه ، علی ما عرفت (2) - لم یکن دلیل الأمارة دلیلاً علیه أصلاً (3)؛ فإنّ دلالته علی تنزیل المؤدّیٰ تتوقّف علی دلالته علی تنزیل القطع بالملازمة .

ولا دلالة له کذلک ، إلّابعد دلالته علی تنزیل المؤدّیٰ؛ فإنّ الملازمة إنّما تکون بین تنزیل القطع به منزلةَ القطع بالموضوع الحقیقیّ ، وتنزیلِ المؤدّیٰ منزلة الواقع (4) ، کما لا یخفی ، فتأمّل جیّداً ، فإنّه لا یخلو عن دقّة .

ثمّ لا یذهب علیک: أ نّ (5) هذا لو تمّ لعمّ ، ولا اختصاص له بما إذا کان القطع مأخوذاً علی نحو الکشف .

[شماره صفحه واقعی : 23]

ص: 172


1- قوله : « فی ما لم یکن محرزاً » إلی قوله : « دلیلاً علیه أصلاً » مستدرک وتکرار . ( منته الدرایة 4 : 114 ) .
2- فی حدیثه عن عدم قیام الأمارة مقام القطع الموضوعی ، إذ قال : فإنّ الدلیل الدالّ علی إلغاء احتمال لا یکاد یکفی ... انظر الصفحة : 19 .
3- لا یخفی : أنّ حسن التعبیر یقتضی تبدیله بقوله : « بالملازمة أیضاً » . ( کفایة الأُصول مع حاشیة المشکینی 3 : 91 ) .
4- فی « ش » أُبدلت العبارة من قوله : « فإنّ الملازمة إنّما تکون ... » إلی قوله : « منزلة الواقع » ب : « فإنّ الملازمة إنّما تدّعی بین القطع بالموضوع التنزیلیّ والقطع بالموضوع الحقیقیّ ، وبدون تحقّق الموضوع التنزیلیّ التعبّدی أوّلاً بدلیل الأمارة ، لا قطع بالموضوع التنزیلیّ ، کی یدّعی الملازمة بین تنزیل القطع به منزلة القطع بالموضوع الحقیقیّ ، وتنزیل المؤدّی منزلة الواقع » .
5- فی الأصل و « ن » : أنّه ، وفی سائر الطبعات مثل ما أثبتناه .
الأمر الرابع : امتناع أخذ القطع بحکمٍ فی موضوع نفسه أو مثله أو ضدّه
اشارة

صوت

[*حیدری فسایی]

لا یکاد یمکن أن یؤخذ القطع بحکمٍ فی موضوع نفس هذا الحکم؛ للزوم الدور ، ولا مِثلِه؛ للزوم اجتماع المثلین ، ولا ضدِّه؛ للزوم اجتماع الضدّین .

نعم ، یصحّ أخذ القطع بمرتبةٍ من الحکم فی مرتبةٍ أُخری منه ، أو من مثله ، أو من ضدّه (1) .

امتناع أخذالظنّ بالحکم فی موضوع نفسه وإمکان أخذه فی موضوع مثله أو ضدّه

وأمّا الظنّ بالحکم: فهو وإن کان کالقطع ، فی عدم جواز أخذه فی موضوع نفس ذاک الحکم المظنون ، إلّاأنّه لمّا کان معه مرتبةُ الحکم الظاهریّ محفوظةً ، کان جعل حکمٍ آخر فی مورده - مثل الحکم المظنون أو ضدّه - بمکانٍ من الإمکان .

إن قلت: إن کان الحکم المتعلّق به الظنّ فعلیّاً أیضاً - بأن یکون الظنّ متعلّقاً بالحکم الفعلیّ - ، لا یمکن أخذُه فی موضوع حکم فعلیّ آخر ، مثله أو ضدّه؛ لاستلزامه الظنّ باجتماع الضدّین أو المثلین ، وإنّما یصحّ أخذه فی موضوع حکم آخر ، کما فی القطع ، طابق النعل بالنعل .

قلت: یمکن أن یکون الحکم فعلیّاً ، بمعنی أنّه لو تعلّق به القطع - علی ما هو علیه من الحال - لتنجَّزَ ، واستحقّ علی مخالفته العقوبة (2) . ومع ذلک

[شماره صفحه واقعی : 24]

ص: 173


1- کذا فی الأصل و « ر » . وفی « ن » ، « ق » ، « ش » وبعض الطبعات الأُخری : أو مثله أو ضدّه .
2- عبارة المتن لا تفی بالمقصود . فالأولی سوقها هکذا : قلت : إنّما یمتنع أخذ الظنّ بحکمٍ فعلی موضوعاً لحکمٍ فعلی مثله أو ضدّه ، إذا کانت الفعلیّة فی کلیهما بمعنی واحد ، وهو کون الحکم بحیث إذا تعلّق به القطع لتنجّز واستحقّ علی مخالفته العقوبة ... وأما إذا اختلف معناها فیهما ، بأن أُرید بها فی الحکم المظنون : الفعلیة غیر المنجّزة ، وفی الثانی : الفعلیّة المنجّزة ، فلا یلزم محذور اجتماع المثلین أو الضدّین ؛ لتعدّد الرتبة فیهما . ( منته الدرایة 4 : 124 ) .

لا یجبُ علی الحاکم رفع (1) عذر المکلّف - برفع جهله لو أمکن ، أو بجعل لزوم الاحتیاط علیه فی ما أمکن - ، بل یجوز جعلُ أصلٍ أو أمارةٍ مؤدّیةٍ إلیه تارةً ، وإلی ضدّه أُخری ، ولایکاد یمکنُ مع القطع به ، جعلُ حکمٍ آخر مثله أو ضدّه ، کما لا یخفی (2) .

إن قلت: کیف یمکن ذلک ؟ وهل هو إلّاأنّه یکون مستلزماً لاجتماع المثلین أو الضدّین ؟

قلت: لا بأس باجتماع الحکم الواقعیّ الفعلیّ بذاک المعنیٰ - أی لو قطع به من باب الاتّفاق لتنجَّزَ - مع حکمٍ آخر فعلیّ فی مورده ، بمقتضی الأصل أو الأمارة ، أو دلیلٍ (3) أُخذ فی موضوعه الظنّ بالحکم بالخصوص (4) ، علی ما سیأتی (5) من التحقیق فی التوفیق بین الحکم الظاهریّ والواقعیّ .

[شماره صفحه واقعی : 25]

ص: 174


1- فی « ش » : دفع .
2- فی « ق » ، « ش » ، حقائق الأُصول ومنته الدرایة زیادة : فافهم .
3- الأولی سوق العبارة هکذا : أو دلیل دلّ بالخصوص علی أخذ الظنّ بحکم موضوعاً لحکم آخر مثله أو ضدّه . ( منته الدرایة 4 : 127 ) .
4- فی « ق » ، « ش » وحقائق الأُصول زیادة : « به » . وقال فی منته الدرایة 4 : 127 : لا یخفی أنّه لا حاجة إلی کلمة « به » ، کما أنّ بعض النسخ خالیة عنه .
5- فی أوائل بحث الأمارات ، عند قوله : فاجتماع حکمین وإن کان یلزم إلّاأ نهما لیسا بمثلین . انظر الصفحة : 41 .
الأمر الخامس : الموافقة الالتزامیّة
اشارة

صوت

[*حیدری فسایی]

هل تنجُّزُ التکلیف بالقطع - کما یقتضی موافقته عملاً - ، یقتضی موافقته التزاماً ، والتسلیمَ له اعتقاداً وانقیاداً ، کما هو اللازم فی الأُصول الدینیّة والاُمور الاعتقادیّة ، بحیث کان له امتثالان وطاعتان: إحداهما بحسب القلب والجنان ، والاُخریٰ بحسب العمل بالأرکان ، فیستحقّ العقوبة علی عدم الموافقة التزاماً ، ولو مع الموافقة عملاً ، أو لا یقتضی (1) ، فلا یستحقّ العقوبة علیه ، بل إنّما یستحقّها علی المخالفة العملیّة ؟

ألحقّ : عدم وجوب الموافقة الالتزامیّة

ألحقّ : هو الثانی؛ لشهادة (2) الوجدان - الحاکم فی باب الإطاعة والعصیان - بذلک ، واستقلالِ العقل بعدم استحقاق العبد الممتثل لأمر سیّده ، إلّاالمثوبة دون العقوبة ، ولو لم یکن مسلّماً (3) وملتزماً به ومعتقداً ومنقاداً له ، وإن کان ذلک یوجب (4) تنقیصه وانحطاطَ درجته لدی سیّده؛ لعدم اتّصافه بما یلیق أن یتّصف العبد به من الاعتقاد بأحکام مولاه والانقیاد لها ، وهذا غیر استحقاق العقوبة علی مخالفته لأمره أو نهیه التزاماً مع موافقته عملاً ، کما لا یخفی .

عدم الملازمة بین وجوب الموافقة الالتزامیّة ووجوب الموافقة العملیّة

ثمّ لا یذهب علیک: أنّه علی تقدیر لزوم الموافقة الالتزامیّة ، وکان المکلّف متمکّناً منها (5) یجب (6) ، ولو فی ما لا یجب علیه الموافقة القطعیّة عملاً ،

[شماره صفحه واقعی : 26]

ص: 175


1- الأولی : « أو لا یقتضیها » . ( منته الدرایة 4 : 131 ) . (2) فی « ر » : بشهادة .
2-
3- أدرجنا ما فی « ق » ، « ش » ، حقائق الأُصول ومنته الدرایة . وفی غیرها : متسلّماً .
4- فی « ش » : لوجب . راجع للتوضیح منته الدرایة 4 : 132 .
5- أثبتنا العبارة کما وردت فی الأصل ، « ر » وحقائق الأُصول . وفی غیرها : لو کان المکلّف متمکّناً منها لوجب ... .
6- الظاهر: زیادة هذه الجملة ؛ لأنّه مع عدم اعتبار العلم التفصیلی بالحکم الملتزم به فی وجوب الموافقة الإلتزامیة، وکفایة العلم الإجمالی به، خصوصاً مع ملاحظة قوله فی ما بعد: «وإن أبیت» ... لا یتصوّر عدم التمکّن من الموافقة الإلتزامیة. (منته الدرایة 4: 134).

ولا یحرم المخالفة القطعیّة علیه کذلک أیضاً؛ لامتناعهما ، - کما إذا علم إجمالاً بوجوب شیءٍ أو حرمته - ؛ للتمکّن من الالتزام بما هو الثابت واقعاً ، والانقیادِ له والاعتقادِ به بما هو الواقع والثابت ، وإن لم یعلم أنّه الوجوب أو الحرمة .

وإن أبیت إلّاعن لزوم الالتزام به بخصوص عنوانه؛ لَما کانت موافقته القطعیّة الالتزامیّة حینئذٍ ممکنةً ، ولما وجب علیه الالتزام بواحدٍ قطعاً؛ فإنّ محذور الالتزام بضدّ التکلیف عقلاً ، لیس بأقلّ من محذور عدم الالتزام به بداهةً ، مع ضرورة أنّ التکلیف - لو قیل باقتضائه للالتزام - لم یکد یقتضی إلّا الالتزام بنفسه عیناً ، لا الالتزام به أو بضدّه تخییراً .

الالتزام غیر مانع عن جریان الأُصول فی أطراف العلم

ومن هنا قد انقدح: أنّه لایکون من قِبَل لزوم الالتزام مانعٌ عن إجراء الأُصول - الحکمیّة أو الموضوعیّة - فی أطراف العلم ، لو کانت جاریةً مع قطع النظر عنه .

[*حیدری فسایی]

کما لا یدفع بها (1) محذورُ عدم الالتزام به (2)(3) .

[شماره صفحه واقعی : 27]

ص: 176


1- فی « ش » : لا یدفع هنا .
2- إشارة إلی ما أفاده الشیخ الأعظم من دفع محذور عدم الالتزام بالتکلیف ، بإجراء الأُصول الموضوعیة والحکمیة . راجع تفصیل کلامه فی فرائد الأُصول 1 : 84 - 85 .
3- فی « ش » ومنته الدرایة زیادة بهذه العبارة : « بل الالتزام بخلافه لو قیل بالمحذور فیه حینئذٍ أیضاً ، إلّاعلی وجهٍ دائر ، لأنّ جریانها موقوف علی عدم محذور فی عدم الالتزام اللازم من جریانها ، وهو موقوف علی جریانها بحسب الفرض » ، وهذه الزیادة حذفت من الأصل و « ن » . ولا توجد فی « ق » ، « ر » وحقائق الأُصول . یراجع کفایة الأُصول مع حاشیة المشکینی 3 : 108 - 111 ونهایة النهایة 2 : 38 .

اللهمّ إلّاأن یقال: إنّ استقلال العقل بالمحذور فیه إنّما یکون فی ما إذا لم یکن هناک ترخیص فی الإقدام والاقتحام فی الأطراف ، ومعه لا محذور فیه ، بل ولا فی الالتزام بحکم آخر .

إلّاأنّ الشأن حینئذٍ فی جواز جریان الأُصول فی أطراف العلم الإجمالیّ (1)* مع عدم ترتّب أثرٍ عملیّ علیها (2) ، مع أنّها أحکام عملیّة کسائر الأحکام الفرعیّة .

مضافاً إلی عدم شمول أدلّتها لأطرافه؛ للزوم التناقض فی مدلولها علی تقدیر شمولها ، کما ادّعاه (3) شیخنا العلّامة (4) - أعلی اللّٰه مقامه - ، وإن کان محلّ تأمّل ونظر ، فتدّبر جیّداً .

الأمر السادس : حجّیّة القطع الطریقی مطلقاً
اشارة

لاتفاوت فی نظر العقل أصلاً - فی ما یترتّب علی القطع من الآثار عقلاً - بین أن یکون حاصلاً بنحوٍ متعارف ، ومن سببٍ ینبغی حصوله منه ، أو غیرِ

[شماره صفحه واقعی : 28]

ص: 177


1- والتحقیق جریانها ؛ لعدم اعتبار شیء فی ذلک ، عدا قابلیّة المورد للحکم إثباتاً ونفیاً ، فالأصل الحکمی یثبت به1) الحکم تارةً - کأصالة الصحة - وینفیه أُخری - کاستصحاب الحرمة والوجوب فی ما دار بینهما - فتأمّل جیداً ( منه قدس سره ) . ( هذه التعلیقة لا توجد فی بعض طبعات الکتاب ) .
2- الظاهر : اشتباه عدم لزوم المخالفة العملیّة - المفروض فی محلّ البحث - بعدم أثرٍ عملی ، وإلّا فالأثر العملی ثابت فی ما نحن فیه . ( نهایة النهایة 2 : 38 ) .
3- فی « ر » : ادّعاها .
4- راجع فرائد الأُصول 3 : 410 . فی « ق » وحقائق الأُصول : له .
حجّیة قطع القطّاع

متعارف لا ینبغی حصوله منه - کما هو الحال غالباً فی القطّاع - ؛ ضرورة أنّ العقل یریٰ تنجّزَ التکلیف بالقطع الحاصل ممّا لاینبغی حصوله ، وصحّةَ مؤاخذة قاطعه علی مخالفته ، وعدمَ صحّة الاعتذار عنها بأنّه حصل کذلک ، وعدمَ صحّة المؤاخذة مع القطع بخلافه ، وعدمَ حُسن الاحتجاج علیه بذلک ولو مع التفاته إلی کیفیّة حصوله .

تبعیّة القطع الموضوعی لدلیل الاعتبار

نعم (1) ، ربما یتفاوت الحال فی القطع المأخوذ فی الموضوع شرعاً ، والمتَّبع - فی عمومه وخصوصه - دلالةُ دلیله فی کلّ مورد ، فربما یدلّ علی اختصاصه بقسمٍ فی مورد ، وعدمِ اختصاصه به فی آخر ، علی اختلاف الأدلّة واختلاف المقامات ، بحسب مناسبات الأحکام والموضوعات وغیرها من الأمارات .

عموم حجّیة القطع الطریقی

وبالجملة: القطعُ فی ما کان موضوعاً عقلاً لا یکادُ یتفاوتُ من حیث القاطع (2) ، ولا من حیث المورد ، ولا من حیث السبب ، لا عقلاً ، وهو واضح ،

الکلام فی ما نُسب إلی بعض الأخبارییّن من عدم حجّیةالقطع الحاصل من المقدّمات العقلیّة

ولا شرعاً؛ لما عرفت (3)(4) من أنّه لا تناله یدُ الجعل نفیاً ولا إثباتاً ، وإن نُسب إلی بعض الأخباریّین: أنّه لا اعتبار بما إذا کان بمقدّمات عقلیّة . إلّا أنّ مراجعة کلماتهم لا تساعد علی هذه النسبة ، بل تشهد بکذبها ، وأنّها إنّما تکونُ :

[شماره صفحه واقعی : 29]

ص: 178


1- أشار الشیخ الأعظم إلی هذا الاستدراک . انظر فرائد الأُصول 1 : 31 .
2- خلافاً لما حکاه الشیخ الأعظم عن کاشف الغطاء من عدم حجّیة قطع من خرج عن العادة فی قطعه . انظر فرائد الأُصول 1 : 65 ، وکشف الغطاء 1 : 308 .
3- فی الأمر الأول من مباحث القطع .
4- التعلیل واضح ، لکنّه مشترک بین الشرع والعقل ، فتخصیصه بالشرع بلا موجب ( منته الدرایة 4 : 152 ) .

إمّا (1) فی مقام منع الملازمة بین حکم العقل بوجوب شیء وحکم الشرع بوجوبه ، کما ینادی به بأعلی صوته ما حکی (2) عن السیّد الصدر (3) فی باب الملازمة ، فراجع .

[*حیدری فسایی]

وإمّا فی مقام عدم جواز الاعتماد علی المقدّمات العقلیّة؛ لأنّها لا تفید إلّا الظنّ ، کما هو صریح الشیخ المحدّث الأمین الأسترآبادیّ (4) حیث قال - فی جملة ما استدلّ به فی فوائده علی انحصار مدرک ما لیس من ضروریّات الدین فی السماع عن الصادقین علیهم السلام - : «الرابع: أنّ کلّ مسلک غیر ذلک المسلک - یعنی التمسّک بکلامهم علیهم السلام - إنّما یعتبر من حیث إفادته الظنّ بحکم اللّٰه - تعالی - ، وقد أثبتنا سابقاً أنّه لا اعتماد علی الظنّ المتعلّق بنفس أحکامه - تعالی - أو بنفیها» (5) .

وقال فی جملتها أیضاً - بعد ذکر ما تفطّن بزعمه من الدقیقة - ما هذا لفظه: « وإذا عرفت ما مهّدناه من الدقیقة الشریفة فنقول: إن تمسّکنا بکلامهم علیهم السلام فقد عُصمنا من الخطأ ، وإن تمسّکنا بغیره لم نعصم منه ، ومن المعلوم أنّ العصمة من الخطأ أمرٌ مطلوبٌ مرغوبٌ فیه شرعاً وعقلاً ، ألا تریٰ أنّ الإمامیّة استدلّوا علی وجوب عصمة الإمام (6) : بأنّه لولا العصمة للزم أمرُه

[شماره صفحه واقعی : 30]

ص: 179


1- فی « ر » ومنته الدرایة : وأنّها إمّا .
2- حکاه عنه الشیخ الأعظم الأنصاری فی فرائد الأُصول 1 : 59 - 60 .
3- شرح الوافیة ( مخطوط ) : 215 .
4- فی الأصل : کما هو صریح الأمین ، وفی طبعاته مثل ما أثبتناه .
5- الفوائد المدنیة : 255 .
6- فی « ق » و « ش » : وجوب العصمة .

- تعالی - عبادَهُ باتّباع الخطأ ، وذلک الأمر محال؛ لأنّه قبیح ؟ وأنت إذا تأمّلت فی هذا الدلیل علمت أنّ مقتضاه أنّه لا یجوز الاعتماد علی الدلیل الظنّیّ فی أحکامه - تعالی - » (1) . انته موضع الحاجة من کلامه .

وما مهّده من الدقیقة هو الّذی نقله شیخنا العلّامة - أعلی اللّٰه مقامه - فی الرسالة (2) .

وقال فی فهرست فصولها أیضاً: «الأوّل : فی إبطال جواز التمسّک بالاستنباطات الظنّیّة فی نفس أحکامه - تعالی - ، ووجوب التوقّف عند فقد القطع بحکم اللّٰه ، أو بحکمٍ ورد عنهم علیهم السلام » (3) ، انته .

وأنت تریٰ أنّ محلّ کلامه ومورد نقضه وإبرامه هو العقلیّ غیرُ المفید للقطع ، وإنّما همُّه إثبات عدم جواز اتّباع غیر النقل فی ما لا قطع .

وکیف کان ، فلزوم اتّباع القطع مطلقاً ، وصحّةُ المؤاخذة علی مخالفته عند إصابته ، وکذا ترتّب (4) سائر آثاره علیه عقلاً ، ممّا لا یکاد یخفی علی عاقلٍ ، فضلاً عن فاضل .

فلابدّ فی ما یوهم خلافَ ذلک فی الشریعة ، من المنع عن حصول العلم التفصیلیّ بالحکم الفعلیّ (5) لأجل منع بعض مقدّماته الموجبة له ، ولو إجمالاً ،

[شماره صفحه واقعی : 31]

ص: 180


1- الفوائد المدنیة : 259 ، مع اختلاف فی بعض الألفاظ .
2- فرائد الأُصول 1 : 52 .
3- الفوائد المدنیة : 32 .
4- فی « ر » : ترتیب .
5- فی هامش « ن » ، « ش » وبعض الطبعات الأُخری : العقلی ( نسخة بدل ) .

فتدبّر جیّداً .

الأمر السابع : حجّیّة العلم الإجمالیّ
اشارة

صوت

[*حیدری فسایی]

إنّه قد عرفت (1) : کونَ القطع التفصیلیّ بالتکلیف الفعلیّ علّةً تامّةً لتنجُّزه ، لا یکاد تناله یدُ الجعل إثباتاً أو نفیاً ، فهل القطع الإجمالیّ کذلک ؟

فیه إشکال .

مختار المصنّف:اقتضاء العلم الإجمالی لوجوب الموافقة وحرمة المخالفة

ربما یقال (2): إنّ التکلیف حیث لم ینکشف به تمام الانکشاف ، وکانت مرتبة الحکم الظاهریّ معه محفوظةً ، جاز الإذنُ من الشارع بمخالفته احتمالاً ، بل قطعاً .

ولیس محذور مناقضته مع المقطوع إجمالاً ، إلّامحذورَ (3) مناقضة الحکم الظاهریّ مع الواقعیّ فی الشبهة غیر المحصورة ، بل الشبهة البدویّة (4)؛ ضرورة عدم تفاوتٍ فی المناقضة بین التکلیف الواقعیّ والإذنِ بالاقتحام فی مخالفته بین الشبهات أصلاً (5) ، فما به التفصّی عن المحذور فیهما ، کان به التفصّی عنه فی القطع به فی الأطراف المحصورة أیضاً ، کما لا یخفی . وقد أشرنا إلیه سابقاً (6)

[شماره صفحه واقعی : 32]

ص: 181


1- فی الأمر الأول من مباحث القطع .
2- أدرجنا ما فی الأصل ، « ق » وحقائق الأُصول . وفی سائر الطبعات : لا یبعد أن یقال .
3- فی « ر » : « ومحذور مناقضته مع المقطوع إجمالاً إنّما هو محذور ... » .
4- توجد هنا فی « ش » زیادةٌ نقلاً عن بعض النسخ وهی : «لا یقال: إنّ التکلیف فیهما لا یکون بفعلیّ . فإنّه یقال: کیف المقال فی موارد ثبوته فی أطراف غیر محصورة ، أو فی الشبهات البدویّة ، مع القطع به أو احتماله ، أو بدون ذلک ؟» . وشطب علی هذه الزیادة فی الأصل و « ن » .
5- فی « ش » : ضرورة عدم تفاوت فی المناقضة بینهما بذلک أصلاً .
6- فی الأمر الرابع من مباحث القطع ، إذ قال : لا بأس باجتماع الحکم الواقعی الفعلی بذاک المعنی ... راجع الصفحة : 25 .

ویأتی إن شاء اللّٰه مفصّلاً (1)(2) .

نعم ، کان العلم الإجمالیّ کالتفصیلیّ فی مجرّد الاقتضاء ، لا فی العلّیّة التامّة (3)* ، فیوجب تنجّز التکلیف أیضاً لو لم یمنع عنه مانع عقلاً ، کما کان فی أطراف کثیرة غیر محصورة ، أو شرعاً ، کما فی ما أذن الشارع فی الاقتحام فیها ، کما هو ظاهر: «کلُّ شیءٍ فیه حلالٌ وحرامٌ فهو لک حلالٌ حتّی تعرف الحرام منه بعینه» (4) .

وبالجملة: قضیّة صحّة المؤاخذة علی مخالفته ، مع القطع به بین

[شماره صفحه واقعی : 33]

ص: 182


1- فی أوائل البحث عن حجّیة الأمارات .
2- قوله : « وقد أشرنا ... » إلی قوله : « مفصّلاً » مشطوب علیه فی « ن » ولا یوجد فی « ق » .
3- (*) لکنّه لا یخفی: أنّ التفصّی عن المناقضة - علی ما یأتی - لمّا کان بعدم المنافاة1) بین الحکم الواقعیّ - مالم یصر فعلیّاً - والحکم الظاهریّ الفعلیّ ، کان الحکم الواقعیّ فی موارد الأُصول والأمارات المؤدّیة إلی خلافه - لا محالة - غیر فعلیّ ، وحینئذٍ فلایجوّز العقلُ - مع القطع بالحکم الفعلیّ - الإذنَ فی مخالفته ، بل یستقلّ - مع قطعه ببعث المولی أو زجره ولو إجمالاً - بلزوم موافقته وإطاعته . نعم لو عرض بذلک عسر موجب لارتفاع فعلیّته شرعاً أو عقلاً ، - کما إذا کان مخلاًّ بالنظام - ، فلا تنجّز حینئذٍ ، لکنّه لأجل عروض الخلل فی المعلوم ، لا لقصور العلم عن ذلک ، کما کان الأمر کذلک فی ما إذا أذن الشارع فی الاقتحام ، فإنّه أیضاً موجب للخلل فی المعلوم ، لا المنع عن تأثیر العلم شرعاً . وقد انقدح بذلک : أنّه لا مانع عن تأثیره شرعاً أیضاً ، فتأمّل جیّداً . ( منه قدس سره ) .
4- الکافی 5 : 313 ، مع زیادة بعض الألفاظ فی المصدر . - 1) فی « ر » ، حقائق الأُصول ومنته الدرایة : بعدم المنافاة والمناقضة .

أطراف (1) محصورة ، وعدمِ صحّتها مع عدم حصرها ، أو مع الإذن فی الاقتحام فیها هو : کونُ القطع الإجمالیّ مقتضیاً للتنجّز ، لا علّةً تامّة .

القول باقتضاءالعلم الإجمالی بالنسبة إلی وجوب الموافقة وعلّیته بالنسبة إلی حرمة المخالفة والمناقشة فیه

وأمّا احتمال أنّه بنحو الاقتضاء بالنسبة إلی لزوم الموافقة القطعیّة ، وبنحو العلّیّة بالنسبة إلی الموافقة الاحتمالیّة وترک المخالفة القطعیّة (2) ، فضعیفٌ جدّاً؛ ضرورة أنّ احتمال ثبوت المتناقضین (3) کالقطع بثبوتهما (4) فی الاستحالة ، فلا یکون عدم (5) القطع بذلک معها (6) موجباً لجواز الإذن فی الاقتحام ، بل لو صحّ (7) الإذن فی المخالفة الاحتمالیّة ، صحّ فی القطعیّة أیضاً ، فافهم .

ما یناسب المقام وما لا یناسبه من بحث العلم الإجمالی

ولا یخفی: أنّ المناسب للمقام هو البحث عن ذلک (8) ، کما أنّ المناسب فی

[شماره صفحه واقعی : 34]

ص: 183


1- فی « ر » : بین أفراد .
2- نسب المحقّق الشیخ عبد الحسین الرشتی ذلک إلی الفاضل القمی . انظر شرح کفایة الأُصول 2 : 34 . وقد یستفاد من کلمات الشیخ الأنصاری أیضاً . راجع فرائد الأُصول 2 : 204 .
3- فی « ر » : المناقضة .
4- فی « ر » : بثبوتها .
5- فی « ش » : هدم .
6- فی « ش » ، حقائق الأُصول ومنته الدرایة : معهما . وفی « ر » : فلا یکون عدم القطع بذلک موجباً ... .
7- فی « ق » ، « ر » و « ش » : لو صحّ معها . وفی حقائق الأُصول ومنته الدرایة : لو صحّ معهما .
8- فی هذا الکلام تعریض بالشیخ الأعظم ، حیث جعل البحث عن علیة العلم الإجمالی لوجوب الموافقة القطعیة من مباحث البراءة والاشتغال ، وخصّ البحث فی مبحث القطع عن علّیته لحرمة المخالفة القطعیة . راجع فرائد الأُصول 1 : 77 . وحاصل إیراد المصنّف علیه هو : أنّ المناسب هو البحث عن کلّ من حرمة المخالفة ووجوب الموافقة فی مباحث القطع ، ولا وجه لتأخیر البحث عن وجوب الموافقة القطعیة وعدمه إلی مباحث البراءة والاشتغال التی یبحث فیها عن الشک . انظر حقائق الأُصول 2 : 55 ، ومنته الدرایة 4 : 184 .

باب البراءة والاشتغال - بعد الفراغ هاهنا عن أنّ تأثیره فی التنجّز بنحو الاقتضاء لا العلّیة - هو البحث عن ثبوت المانع شرعاً أو عقلاً ، وعدمِ ثبوته (1) ، کما لا مجال - بعد البناء علی أنّه بنحو العلّیّة - للبحث عنه هناک أصلاً ، کما لا یخفی .

هذا بالنسبة إلی إثبات التکلیف وتنجّزه به .

کفایة الامتثال الاجمالی فی التوصّلیّات والتعبّدیّات غیر المستلزم للتکرار

صوت

[*حیدری فسایی]

وأمّا سقوطه به بأن یوافقه إجمالاً: فلا إشکال فیه فی التوصّلیّات .

وأمّا فی العبادات (2): فکذلک فی ما لا یحتاج إلی التکرار ، کما إذا تردّد أمرُ عبادةٍ بین الأقلّ والأکثر؛ لعدم الإخلال بشیءٍ ممّا یعتبر أو یحتمل اعتباره فی حصول الغرض منها - ممّا لا یمکن أن یؤخذ فیها؛ فإنّه (3) نشأ من قِبَل الأمر بها ، کقصد الإطاعة والوجه والتمییز - فی ما إذا أتی بالأکثر ، ولا یکون إخلالٌ حینئذٍ إلّابعدم إتیان ما احتمل جزئیّته علی تقدیرها بقصدها ، واحتمالُ دخل قصدها فی حصول الغرض ضعیفٌ فی الغایة ، وسخیفٌ إلی النهایة .

[شماره صفحه واقعی : 35]

ص: 184


1- هذا تعریض بالشیخ أیضاً ، حیث بحث فی الاشتغال عن علّیة العلم لکل من حرمة المخالفة ووجوب الموافقة القطعیّتین ، ( راجع فرائد الأُصول 2 : 200 و 210 ) وقد عرفت أنّهما من مباحث القطع ، والمناسب لمباحث الشک هو خصوص البحث عن ثبوت الترخیص الشرعی أو العقلی فی أحد الأطراف . انظر المصدرین السابقین .
2- أثبتناها من « ر » ، وفی الأصل وبعض الطبعات : وأما العبادیّات ، وفی بعضها الآخر : وأما فی العبادیّات .
3- فی « ق » : لکونه .
الکلام فی الامتثال الاجمالی المستلزم للتکرار فی العبادات

وأمّا فی ما احتاج إلی التکرار: فربما یشکل من جهة الإخلال بالوجه تارةً ، وبالتمییز (1) أُخری ، وکونِه لعباً وعبثاً ثالثةً .

وأنت خبیرٌ بعدم الإخلال بالوجه بوجهٍ فی الإتیان مثلاً بالصلاتین المشتملتین علی الواجب لوجوبه ، غایة الأمر أنّه لا تعیین له ولا تمیّز (2) ، فالإخلال إنّما یکون به .

واحتمال اعتباره أیضاً فی غایة الضعف؛ لعدم عینٍ منه ولا أثرٍ فی الأخبار ، مع أنّه ممّا یُغفل عنه غالباً ، وفی مثله لابدّ من التنبیه علی اعتباره ودخله فی الغرض ، وإلّا لأخلّ بالغرض ، کما نبّهنا علیه سابقاً (3) .

وأمّا کون التکرار لعباً وعبثاً: - فمع أنّه ربّما یکون لداعٍ عقلائیّ (4) - ، إنّما یضرّ إذا کان لعباً بأمرِ المولی ، لا فی کیفیّة إطاعته بعد حصول الداعی إلیها ، کما لا یخفی .

هذا کلّه فی قبال ما إذا تمکّن من القطع تفصیلاً بالامتثال .

الامتثال الظنّی التفصیلی فی العبادات

وأمّا إذا لم یتمکّن إلّامن الظنّ به کذلک: فلا إشکال فی تقدیمه علی الامتثال الظنّیّ ، لو لم یقم دلیل علی أعتباره إلّافی ما إذا لم یتمکّن منه .

[شماره صفحه واقعی : 36]

ص: 185


1- أثبتناها من « ر » وفی غیرها : بالتمیّز .
2- إمّا أن یجعل کلاهما ( التعیین والتمیز ) من باب التفعل ، أو کلاهما من باب التفعیل ، وإن کان الأول أولی . ( منته الدرایة 4 : 191 ) .
3- فی مبحث التعبّدی والتوصّلی ، حیث قال : إنّ کلّ ما ربما یحتمل بدواً دخله فی الامتثال ، وکان ممّا یغفل عنه غالباً العامّة ، کان علی الآمر بیانه . راجع الجزء الأول ، الصفحة : 109 .
4- العبارة لا تخلو عن قصور ، فالأولی أن تکون هکذا : ففیه - مع أنّه ممنوع ؛ إذ یمکن أن یکون التکرار لداع عقلائی - أنّه لو سلّم کونه لعباً وعبثاً فهو إنّما یضرّ ... ( منته الدرایة 4 : 193 ) ، وراجع حقائق الأُصول 2 : 58 .

وأمّا لو قام علی اعتباره مطلقاً ، فلا إشکال فی الاجتزاء بالظنّیّ .

کما لا إشکال فی الإجتزاء بالامتثال الإجمالیّ فی قبال الظنّیّ ، بالظنّ المطلق المعتبر بدلیل الانسداد ، بناءً علی أن یکون من مقدّماته عدم وجوب الاحتیاط .

وأمّا لوکان من مقدّماته بطلانه - لاستلزامه العسر المخلّ بالنظام ، أو لأنّه لیس من وجوه الطاعة والعبادة ، بل هو نحو لعبٍ وعبثٍ بأمر المولی فی ما إذا کان بالتکرار ، کما توهّم (1) - فالمتعیّن هو التنزّل عن القطع تفصیلاً إلی الظنّ کذلک ، وعلیه فلا مناص عن الذهاب إلی بطلان عبادة تارک طریقی التقلید والاجتهاد وإن احتاط فیها ، کما لا یخفی .

هذا بعض الکلام فی القطع ممّا یناسب المقام ، ویأتی بعضه الآخر فی مبحث البراءة والاشتغال .

[شماره صفحه واقعی : 37]

ص: 186


1- توهّمه الشیخ الأعظم الأنصاری فی فرائد الأُصول 2 : 409 .
مباحث الأمارات
تمهید
اشارة

فیقع المقال فی ما هو المهمّ من عقد هذا المقصد ، وهو بیان ما قیل باعتباره من الأمارات ، أو صحّ أن یقال .

وقبل الخوض فی ذلک ینبغی تقدیم أُمور:

1 - عدم اقتضاء الأمارة للحجّیة ذاتاً

صوت

[*حیدری فسایی]

أحدها: أنّه لا ریب فی أنّ الأمارة غیر العلمیّة لیست کالقطع ، فی کون الحجّیّة من لوازمها ومقتضیاتها بنحو العلّیّة ، بل مطلقاً ، وأنّ ثبوتها لها محتاجٌ إلی جعلٍ ، أو ثبوتِ مقدّمات وطروء حالاتٍ موجبة لاقتضائها (1) الحجّیّةَ عقلاً - بناءً علی تقریر مقدّمات الانسداد بنحو الحکومة - ؛ وذلک لوضوح عدم اقتضاء غیر القطع للحجّیّة بدون ذلک ثبوتاً - بلاخلاف - ولا سقوطاً ، وإن کان ربما یظهر فیه من بعض المحقّقین (2) الخلافُ ، والاکتفاءُ بالظنّ بالفراغ ، ولعلّه لأجل عدم لزوم دفع الضرر المحتمل ، فتأمّل .

[شماره صفحه واقعی : 38]

ص: 187


1- الأولی : إسقاط کلمة « لاقتضائها » ؛ لئلّا یتوهّم رجوع ضمیره إلی الأمارات وأنّها مقتضیة للحجّیة ، وإن کان الظاهر : رجوع الضمیر إلی المقدّمات والحالات ، فهی المقتضیة للحجّیة ، لا نفس الأمارات ، فحقّ العبارة حینئذ أن تکون هکذا : وطروّ حالات موجبة لحجّیتها . ( منته الدرایة 4 : 204 ) .
2- کالمحقّق الخوانساری فی مشارق الشموس : 76 و 147 ، ونسب أیضاً إلی الشیخ البهائی . انظر شرح کفایة الأُصول للشیخ عبد الحسین الرشتی 2 : 41 .
2 - إمکان التعبّد بالأمارات وقوعاً
اشارة

ثانیها: فی بیان إمکان التعبّد بالأمارة غیرِ العلمیّة شرعاً ، وعدمِ لزوم محالٍ منه عقلاً ، فی قبال دعوی استحالته للزومه .

الإشکال فی ما أفاده الشیخ الأنصاری فی المقام

ولیس الإمکان - بهذا المعنی ، بل مطلقاً - أصلاً متّبعاً (1) عند العقلاء فی مقام احتمال ما یقابله من الامتناع (2)؛ لمنع کونه سیرتهم علی ترتیب آثار الإمکان عند الشکّ فیه ، ومنعِ حجّیّتها - لو سلّم ثبوتها - ؛ لعدم قیام دلیلٍ قطعیّ علی اعتبارها ، والظنّ به - لو کان - فالکلام الآن فی إمکان التعبّد بها (3) وامتناعه ، فما ظنّک به ؟

لکن دلیلَ وقوع التعبّد بها من طرق إثبات إمکانه؛ حیث یستکشف به عدم ترتّب محالٍ - من تالٍ باطل ، فیمتنع (4) مطلقاً ، أو علی الحکیم تعالی - ، فلا حاجة معه - فی دعوی الوقوع - إلی إثبات (5) الإمکان ، وبدونه لا فائدة فی إثباته ، کما هو واضح .

وقد انقدح بذلک : ما فی دعوی شیخنا العلّامة - أعلی اللّٰه مقامه - من کون الإمکان عند العقلاء - مع احتمال الامتناع - أصلاً .

المقصود من الإمکان فی کلام الشیخ الرئیس

والإمکانُ فی کلام الشیخ الرئیس: «کلُّ ما قرع سمعک من الغرائب فَذَره

[شماره صفحه واقعی : 39]

ص: 188


1- أثبتنا ما ورد فی « ن » وأکثر الطبعات ، وفی الأصل : بأصل متّبع ، وفی « ر » و « ش » : أصلٌ متّبع .
2- تعریضٌ بالشیخ الأعظم الأنصاری ، حیث أفاد : أنّ الإمکان - عند الشک فی إمکان شیء وامتناعه - أصلٌ متّبع عند العقلاء . انظر فرائد الأُصول 1 : 106 .
3- فی هامش « ش » : به ( نسخة بدل ) .
4- فی الأصل : ممتنع ، وفی طبعاته کما أثبتناه .
5- فی « ر » : فلا حاجة معه إلی إثبات ... .

فی بقعة الإمکان ما لم یذُدک عنه واضح البرهان» (1) ، بمعنی الاحتمال المقابل للقطع والإیقان ، ومن الواضح أن لا موطن له إلّاالوجدان ، فهو المرجع فیه بلا بیّنة وبرهان .

محاذیر التعبّد بالأمارات

صوت

[*حیدری فسایی]

وکیف کان ، فما قیل أو یمکن أن یقال فی بیان ما یلزم التعبّد بغیر العلم - من المحال ، أو الباطل ولو لم یکن بمحال - أُمور:

أحدها: اجتماع المثلین - من إیجابین ، أو تحریمین مثلاً - فی ما أصاب ، أو ضدّین - من إیجاب وتحریم ، ومن إرادة وکراهة ، ومصلحة ومفسدة ملزمتین ، بلا کسر وانکسار فی البین - فی ما أخطأ ، أو التصویب وأن لا یکون هناک غیر مؤدّیات الأمارات (2) أحکامٌ .

ثانیها: طلب الضدّین فی ما إذا أخطأ ، وأدّی إلی وجوب ضدّ الواجب .

ثالثها: تفویت المصلحة ، أو الإلقاءُ فی المفسدة ، فی ما أدّی إلی عدم وجوب ما هو واجب ، أو عدمِ حرمة ما هو حرام ، وکونِه محکوماً بسائر الأحکام .

الجواب عن المحاذیر وبیان وجوه الجمع بین الحکم الواقعی والظاهری :

والجواب: أنّ ما ادّعی لزومُه إمّا غیرُ لازم ، أو غیر باطل :

الوجه الأول وذلک لأنّ التعبّد بطریقٍ غیر علمیّ إنّما هو بجعل حجّیّته ، والحجّیّةُ المجعولة غیر مستتبعة لإنشاء أحکام تکلیفیّة بحسب ما أدّی إلیه الطریق ، بل إنّما تکون موجبةً لتنجُّزِ التکلیف به إذا أصاب ، وصحّةِ الاعتذار به إذا أخطأ ، ولکون مخالفته وموافقته تجرّیاً وانقیاداً مع عدم إصابته ، کما هو شأن

[شماره صفحه واقعی : 40]

ص: 189


1- شرح الاشارات 3 : 418 .
2- فی « ر » : فی غیر مورد الأمارات .

الحجّة غیرِ المجعولة ، فلا یلزم اجتماع حکمین - مثلین أو ضدّین - ، ولا طلب الضدّین ، ولا اجتماع المفسدة والمصلحة ، ولا الکراهة والإرادة ، کما لا یخفی .

وأمّا تفویت مصلحة الواقع ، أو الإلقاء فی مفسدته ، فلا محذور فیه أصلاً إذا کانت فی التعبّد به مصلحة غالبةٌ علی مفسدة التفویت أو الإلقاء .

[*حیدری فسایی]

الوجه الثانی نعم ، لو قیل باستتباع جعل الحجّیّة للأحکام التکلیفیّة (1) ، أو بأنّه لا معنی لجعلها إلّاجعل تلک الأحکام (2) ، فاجتماع حکمین وإن کان یلزم ، إلّاأنّهما لیسا بمثلین أو ضدّین :

لأنّ أحدهما طریقیٌّ عن مصلحةٍ فی نفسه ، موجبةٍ لإنشائه الموجبِ للتنجّز ، أو لصحّة الاعتذار بمجرّده (3) من دون إرادة نفسانیّة أو کراهة کذلک ، متعلّقةٍ بمتعلّقه فی ما یمکن هناک انقداحهما ؛ حیث إنّه مع المصلحة أو المفسدة الملزمتین فی فعلٍ ، وإن لم یحدث بسببها إرادة أو کراهة فی المبدأ الأعلی ، إلّا أنّه إذا أوحی بالحکم - الناشئ (4) من قِبَل تلک المصلحة أو المفسدة - إلی النبیّ ، أو أُلهم به الولیّ ، فلا محالة ینقدح فی نفسه الشریفة - بسببهما (5) -

[شماره صفحه واقعی : 41]

ص: 190


1- وهو الذی یظهر من عبارة المحقّق الکاظمی فی شرحه علی الوافیة ( مخطوط ) : 243 .
2- کما قد یظهر ذلک من بعض کلمات الشیخ الأعظم ، ونسبه إلی المشهور أیضاً . انظر فرائد الأُصول 3 : 126 .
3- لا یخفی عدم استقامة العبارة ؛ لأنّ الانشاء بنفسه لیس موجباً للتنجّز ، بل الموجب له هو العلم بهذا الإنشاء . ( منته الدرایة 4 : 224 ) .
4- أدرجنا ما فی الأصل و « ر » . وفی « ن » ، « ق » ، « ش » ، حقائق الأُصول ومنته الدرایة : الشأنی .
5- فی « ن » وبعض الطبعات : بسببها .

الإرادةُ أو الکراهة ، الموجبةُ للإنشاء بعثاً أو زجراً ، بخلاف ما لیس هناک مصلحةٌ أو مفسدة فی المتعلّق ، بل إنّما کانت فی نفس إنشاء الأمر به (1) طریقیّاً .

والآخر واقعیٌّ حقیقیٌّ عن مصلحة أو مفسدة فی متعلّقه ، موجبةٍ لإرادته أو کراهته ، الموجبة لإنشائه بعثاً أو زجراً فی بعض المبادئ العالیة ، وإن لم یکن فی المبدأ الأعلی إلّاالعلم بالمصلحة أو المفسدة - کما أشرنا - . فلا یلزم أیضاً اجتماع إرادة وکراهة ، وإنّما لزم إنشاء حکم واقعیّ حقیقیّ - بعثاً أو زجراً - وإنشاء حکم آخر طریقیّ ، ولا مضادّة بین الإنشائین فی ما إذا اختلفا، ولا یکون من اجتماع المثلین (2) فی ما اتّفقا ، ولا إرادة ولا کراهة أصلاً إلّابالنسبة إلی متعلّق الحکم الواقعیّ ، فافهم .

عدم کفایة الوجه الثانی بالنسبة إلی بعض الأُصول العملیّة

صوت

[*حیدری فسایی]

نعم ، یشکل الأمر فی بعض الأُصول العملیّة ، کأصالة الإباحة الشرعیّة؛ فإنّ الإذن فی الإقدام والاقتحام ینافی المنعَ فعلاً ، کما فی ما صادف الحرام ، وإن کان الإذنُ فیه لأجل عدم مصلحة فیه ، لا لأجل عدم مصلحة أو مفسدة (3) ملزمة فی المأذون فیه .

الوجه الثالث فلا محیص فی مثله إلّاعن (4) الالتزام بعدم انقداح الإرادة أو الکراهة فی

[شماره صفحه واقعی : 42]

ص: 191


1- لا یخفی : أن مراده من « الأمر » هو الحکم ، وإلّا فالأمر لیس قابلاً للإنشاء . وفی العبارة مسامحة . ( کفایة الأُصول مع حاشیة المشکینی 3 : 170 ) .
2- فی « ر » زیادة : المستحیل .
3- فی مصحّح « ن » : ومفسدة .
4- الصواب : إسقاط « إلّا» أو « عن » . ( منته الدرایة 4 : 232 ) .

بعض المبادئ العالیة أیضاً ، کما فی المبدأ الأعلی .

لکنّه لا یوجب الالتزام بعدم کون التکلیف الواقعیّ بفعلیّ ، بمعنیٰ کونه علی صفةٍ ونحوٍ لو عَلم به المکلّف لتنجَّزَ علیه ، کسائر التکالیف الفعلیّة الّتی تتنجّز بسبب القطع بها . وکونُه فعلیّاً إنّما یوجب البعث أو الزجر فی النفس النبویّة أو الولویّة ، فی ما إذا لم ینقدح فیها الإذن لأجل مصلحة فیه .

الإشارة إلی الوجه الرابع وما یرد علیه

فانقدح بما ذکرنا: أنّه لا یلزم الالتزام بعدم کون الحکم الواقعیّ فی مورد الأُصول والأمارات فعلیّاً (1)، کی یشکل:

تارةً : بعدم لزوم الإتیان حینئذٍ بماقامت الأمارة علی وجوبه؛ ضرورة عدم لزوم امتثال الأحکام الإنشائیّة ، ما لم تَصِر فعلیّةً ولم تبلغ مرتبة البعث والزجر ، ولزوم الإتیان به ممّا لا یحتاج إلی مزید بیان أو إقامة برهان .

لا یقال: لا مجال لهذا الإشکال ، لوقیل بأنّها کانت قبل أداء الأمارة إلیها إنشائیّةً؛ لأنّها بذلک تصیر فعلیّةً تبلغ تلک المرتبة .

فإنّه یقال: لا یکاد یُحرز بسبب قیام الأمارة المعتبرة علی حکم إنشائیّ - لا حقیقةً ولا تعبّداً - إلّاحکمٌ إنشائیّ تعبّداً، لا حکمٌ إنشائیّ أدّت إلیه الأمارة :

أمّا حقیقةً ، فواضح .

[*حیدری فسایی]

وأمّا تعبّداً ، فلأنّ قصاری ما هو قضیّة حجیّة الأمارة :

کون مؤدّاها (2) هو الواقع تعبّداً ، لا الواقع الّذی أدّت إلیه الأمارة ، فافهم .

اللهمّ إلّاأن یقال: إنّ الدلیل علی تنزیل المؤدّیٰ منزلة الواقع - الّذی صار مؤدّیً لها - ، هو دلیل الحجّیّة بدلالة الاقتضاء ، لکنّه لا یکاد یتمّ إلّاإذا لم یکن للأحکام بمرتبتها الإنشائیّة أثرٌ أصلاً، وإلّا لم یکن لتلک الدلالة مجالٌ ، کما لا یخفی .

[شماره صفحه واقعی : 43]

ص: 192


1- إشارة إلی ما یستفاد من ظاهر کلام الشیخ فی الجمع بین الحکم الظاهری والواقعی ، بالتزام کون الحکم الواقعی انشائیاً غیر فعلی . راجع فرائد الأُصول 1 : 114 .
2- أثبتنا المصحّح من « ن » ، وفی الأصل وبعض الطبعات : مؤدّاه .

وأُخری : بأنّه کیف یکون التوفیق بذلک ؟ مع احتمال أحکامٍ فعلیّة - بعثیّة أو زجریّة - فی موارد الطرق والأُصول العملیّة المتکفّلة لأحکام فعلیّة؛ ضرورة أنّه کما لا یمکن القطع بثبوت المتنافیین ، کذلک لا یمکن احتماله .

فلا یصحّ التوفیق بین الحکمین بالتزام کون الحکم الواقعیّ - الّذی یکون فی مورد الطرق والأُصول العملیّة - إنشائیّاً (1) غیرَ فعلیّ .

الإشارة إلی الوجه الخامس وما یرد علیه

کما لا یصحّ بأنّ الحکمین لیسا فی مرتبة واحدة ، بل فی مرتبتین؛ ضرورة تأخّر الحکم الظاهریّ عن الواقعیّ بمرتبتین (2) ، وذلک لا یکاد یُجدی؛ فإنّ الظاهریّ وإن لم یکن فی تمام مراتب الواقعیّ ، إلّاأنّه یکون فی مرتبته أیضاً ، وعلی تقدیر المنافاة لزم اجتماع المتنافیین فی هذه المرتبة .

فتأمّل فی ما ذکرنا من التحقیق فی التوفیق ، فإنّه دقیق وبالتأمّل حقیق .

3 - الأصل فی مشکوک الاعتبار هو عدم حجّیته جزماً
اشارة

ثالثها: أنّ الأصل فی ما لا یُعلم اعتباره بالخصوص شرعاً ، ولا یُحرز التعبّد به واقعاً ، عدَمُ حجّیّته جزماً ، بمعنی عدم ترتّب الآثار المرغوبة من الحجّة علیه قطعاً؛ فإنّها لا تکاد تترتّب إلّاعلی ما اتّصف بالحجّیّة فعلاً ، ولا یکاد یکون الاتّصاف بها إلّاإذا أُحرز التعبّدُ به وجعلُه طریقاً متّبعاً؛ ضرورة أنّه بدونه لا یصحّ المؤاخذة علی مخالفة التکلیف بمجرّد إصابته ، ولا یکون عذراً لدی مخالفته مع عدمها ، ولا یکون مخالفته تجرّیاً ، ولا یکون

[شماره صفحه واقعی : 44]

ص: 193


1- أثبتنا العبارة کما وردت فی « ر » . وفی غیرها : الذی یکون مورد الطرق إنشائیاً .
2- هذا هو الجمع المنقول عن السیّد محمد الإصفهانی قدس سره . ( کفایة الأُصول مع حاشیة المشکینی 3 : 183 ) . ویظهر أیضاً من کلمات الشیخ الأعظم فی أوّل مبحث البراءة وأوّل مباحث التعادل والترجیح . انظر فرائد الأُصول 2 : 11 و 4 : 11 - 12 .

موافقته - بما هی موافقة (1) - انقیاداً ، وإن کانت بما هی محتملةٌ لموافقة الواقع کذلک ، إذا وقعت برجاء إصابته . فمع الشکّ فی التعبّد به یُقطع بعدم حجّیّته ، وعدم ترتیب شیءٍ من الآثار علیه؛ للقطع بانتفاء الموضوع معه . ولعمری هذا واضحٌ لا یحتاج (2) إلی مزید بیان أو إقامة برهان .

المناقشة فی ما أفاده الشیخ الأعظم فی المقام

وأمّا صحّة الالتزام (3) بما أدّی إلیه من الأحکام ، وصحّةُ نسبته إلیه - تعالی - فلیستا (4) من آثارها؛ ضرورة أنّ حجّیّة الظنّ عقلاً (5) - علی تقریر الحکومة فی حال الانسداد - لا توجب صحّتهما ، فلو فرض صحّتهما شرعاً - مع الشکّ فی التعبّد به - لما کان یُجدی فی الحجّیّة شیئاً ، ما لم یترتّب علیه ما ذکر من آثارها ، ومعه لما کان یضرّ عدم صحّتهما أصلاً ، کما أشرنا إلیه آنفاً .

فبیان عدم صحّة الالتزام مع الشکّ فی التعبّد ، وعدم جواز إسناده إلیه - تعالی - غیر مرتبط بالمقام ، فلا یکون الاستدلال علیه بمهمّ ، کما أتعب به شیخنا العلّامة - أعلی اللّٰه مقامه - نفسه الزکیّة بما أطنب من النقض والإبرام ، فراجعه (6) بما علّقناه علیه (7) ، وتأمّل .

[شماره صفحه واقعی : 45]

ص: 194


1- أثبتنا الکلمة کما هی فی « ش » ومنته الدرایة . وفی غیرهما : موافقته .
2- الظاهر أنّه تعریض بالشیخ الأعظم ، حیث استدلّ علی حرمة التعبد بما لم یعلم اعتباره بالأدلّة الأربعة . انظر فرائد الأُصول 1 : 125 - 126 .
3- شروع فی الردّ علی ما أفاده الشیخ الأعظم من أنّ جواز الالتزام والإسناد مترتب علی العلم بالحجیة ، وحرمتهما مترتّبة علی الشک فی الحجیة . راجع فرائد الأُصول 1 : 131 .
4- أثبتنا الکلمة من حقائق الأُصول ومنته الدرایة ، وفی غیرهما : فلیسا .
5- فی عنایة الأُصول 3 : 109 نقلاً عن بعض النسخ : حجّیة الظن عملاً .
6- تقدّم آنفاً .
7- حاشیة فرائد الأُصول : 41 .

وقد انقدح بما ذکرنا: أنّ الصواب - فی ما هو المهمّ فی الباب - : ما ذکرنا فی تقریر الأصل ، فتدّبر جیّداً .

إذا عرفت ذلک ، فما خرج موضوعاً عن تحت هذا الأصل أو قیل بخروجه ، یذکر فی ذیل فصول:

[شماره صفحه واقعی : 46]

ص: 195

فصل حجّیّة الظواهر
اشارة

لا شبهة فی لزوم اتّباع ظاهر کلام الشارع فی تعیین مراده فی الجملة؛ لاستقرار طریقة العقلاء علی اتّباع الظهورات فی تعیین المرادات ، مع القطع بعدم الردع عنها؛ لوضوح عدم اختراع طریقة أُخری فی مقام الإفادة لمرامه من کلامه ، کما هو واضح .

حجّیة الظواهر مطلقاً

والظاهر : أنّ سیرتهم علی اتّباعها من غیر تقیید بإفادتها للظنّ فعلاً ، ولا بعدم الظنّ کذلک علی خلافها قطعاً (1)؛ ضرورة أنّه لا مجال عندهم للاعتذار عن مخالفتها : بعدم إفادتها للظنّ بالوفاق ، ولا بوجود الظنّ بالخلاف .

التفصیل بین من قُصد إفهامه وغیره والمناقشة فیه

کما أنّ الظاهر : عدم اختصاص ذلک بمن قُصد إفهامه (2) ، ولذا لا یسمع اعتذار من لا یقصد إفهامه ، إذا خالف ما تضمّنه ظاهر کلام المولی ، من تکلیفٍ یعمّه أو یخصّه ، ویصحّ به الاحتجاج لدی المخاصمة واللجاج ، کما تشهد به صحّة الشهادة بالإقرار من کلّ مَن سمعه ، ولو قصد عدم إفهامه ، فضلاً عمّا إذا لم یکن بصدد إفهامه .

[شماره صفحه واقعی : 47]

ص: 196


1- نسب الشیخ الأعظم هذین التفصیلین إلی بعض متأخّری المتأخّرین من المعاصرین ( فرائد الأُصول 1 : 170 ) ، ونقل فی موضع آخر ( المصدر المتقدم : 591 ) التفصیل الثانی حکایةً عن بعض المعاصرین عن شیخه .
2- إشارة إلی تفصیل المحقّق القمّی . انظر قوانین الأُصول 1 : 398 - 403 و 2 : 103 .
التفصیل بین ظواهر الکتاب وغیرها والأدلّة علی ذلک

ولا فرق فی ذلک بین الکتاب المبین ، وأحادیث سیّد المرسلین ، والأئمّة الطاهرین علیهم السلام . وإن ذهب بعض الأصحاب (1) إلی عدم حجّیّة ظاهر الکتاب :

إمّا بدعوی : اختصاص فهم القرآن ومعرفته بأهله ومن خوطب به ، کما یشهد به ما ورد فی ردع أبی حنیفة (2) وقتادة (3) عن الفتویٰ به .

أو بدعوی : أنّه لأجل إحتوائه علی مضامین شامخة ، ومطالب غامضة عالیة ، لا یکاد تصل إلیها أیدی أفکار اولی الأنظار غیر الراسخین العالمین بتأویله ، کیف ؟ ولا یکاد یصل إلی فهم کلمات الأوائل إلّاالأوحدیُّ من الأفاضل ، فما ظنّک بکلامه - تعالی - مع اشتماله علی علم ما کان وما یکون ، وحکم کلّ شیء ؟

أو بدعوی : شمول المتشابه - الممنوع عن اتّباعه - للظاهر ، لا أقلّ من احتمال شموله له؛ لتشابه المتشابه وإجماله .

أو بدعوی : أنّه وإن لم یکن منه ذاتاً ، إلّاأنّه صار منه عرضاً؛ للعلم الإجمالیّ بطروّ التخصیص والتقیید والتجوّز فی غیر واحد من ظواهره ، کما هو الظاهر (4) .

[شماره صفحه واقعی : 48]

ص: 197


1- انظر الفوائد المدنیة : 178 ، وشرح الوافیة : 137 - 150 ( مخطوط ) ، والحدائق 1 : 27 - 35 ، والفوائد الطوسیة : 186 - 195 .
2- راجع وسائل الشیعة 27 : 47 - 48 ، الباب 4 من أبواب صفات القاضی ، الحدیث 27 .
3- الکافی 8 : 311 - 312 .
4- الصواب : « کما هو ظاهر » ؛ لأنّ التعبیر ب « الظاهر » یوهم التردید ، وهو ینافی الجزم بالإجمال العارض علی ظهورات الکتاب . راجع منته الدرایة 4 : 294 .

أو بدعوی : شمول الأخبار الناهیة عن تفسیر القرآن بالرأی (1) لحمل الکلام الظاهر فی معنی ، علی إرادة هذا المعنیٰ .

ولا یخفی: أنّ النزاع یختلف صغرویّاً وکبرویّاً بحسب الوجوه ، فبحسب غیر الوجه الأخیر والثالث یکون صغرویّاً . وأمّا بحسبهما فالظاهر أنّه کبرویّ ، ویکون المنع عن الظاهر : إمّا لأنّه من المتشابه - قطعاً أو احتمالاً - ، أو لکون حمل الظاهر علی ظاهره من التفسیر بالرأی .

الإشکال فی أدلّة التفصیل

وکلّ هذه الدعاوی فاسدة:

أمّا الأُولی: فبأنّ (2) المراد ممّا دلّ علی اختصاص فهم القرآن ومعرفته بأهله : اختصاصُ فَهْمِه بتمامه - بمتشابهاته ومحکماته - ؛ بداهة أنّ فیه ما لا یختصّ به ، کما لا یخفی .

ورَدْعُ أبی حنیفة وقتادة عن الفتویٰ به ، إنّما هو لأجل الاستقلال فی الفتوی ، بالرجوع إلیه من دون مراجعة أهله ، لا عن الاستدلال (3) بظاهره مطلقاً ، ولو مع الرجوع (4) إلی روایاتهم ، والفحصِ عمّا ینافیه ، والفتوی به مع الیأس عن الظفر به ، کیف (5) ؟ وقد وقع فی غیر واحد من الروایات الإرجاعُ

[شماره صفحه واقعی : 49]

ص: 198


1- وسائل الشیعة 27 : 176 ، الباب 13 من أبواب صفات القاضی ، باب عدم جواز استنباط الأحکام النظریة من ظواهر القرآن إلّابعد معرفة تفسیرها من الأئمة علیهم السلام .
2- أثبتنا الکلمة من « ر » ، وفی غیرها : فإنّما .
3- حقّ العبارة أن تکون هکذا : لا لأجل أصل الاستدلال ( منته الدرایة 4 : 298 ) .
4- فی منته الدرایة : بالرجوع .
5- الأنسب فی نظم عبارة المصنف کان أن یوصل قوله هذا بقوله : بداهة أن فیه ما لا یختص به ... ( عنایة الأُصول 3 : 126 ) .

إلی الکتاب ، والاستدلالُ بغیر واحد من الآیات (1) .

وأمّا الثانیة: فلأنّ احتواءه علی المضامین العالیة الغامضة ، لا یمنع عن فهم ظواهره - المتضمّنة للأحکام - وحجّیّتها ، کما هو محلّ الکلام .

وأمّا الثالثة: فللمنع عن کون الظاهر من المتشابه؛ فإنّ الظاهر أنّ (2) المتشابه هو خصوص المجمل ، ولیس بمتشابهٍ ومجمل .

وأمّا الرابعة: فلأنّ العلم إجمالاً بطروء إرادة خلاف الظاهر ، إنّما یوجب الإجمال فی ما إذا لم ینحلّ بالظفر - فی الروایات - بموارد إرادة خلاف الظاهر ، بمقدار المعلوم بالإجمال .

مع (3) أنّ دعوی اختصاص أطرافه بما إذا تفحّص عمّا یخالفه لظفر به ، غیر بعیدة ، فتأمّل جیّداً .

وأمّا الخامسة: فبمنع (4) کون حمل الظاهر علی ظاهره من التفسیر؛ فإنّه کشف القناع ، ولا قناعَ للظاهر .

ولو سلّم ، فلیس من التفسیر بالرأی؛ إذ الظاهر أنّ المراد بالرأی هو :

الاعتبار الظنّیّ الّذی لا اعتبار به ، وإنّما کان منه حملُ اللفظ علی خلاف ظاهره ، لرجحانه بنظره ، أو حملِ المجمل علی محتمله ، بمجرّد مساعدة ذاک الاعتبار علیه ، من دون (5) السؤال عن الأوصیاء . وفی بعض الأخبار: «إنّما

[شماره صفحه واقعی : 50]

ص: 199


1- أدرجنا الکلمة کما فی الأصل و « ر » ، وفی « ن » وبعض الطبعات : آیاته .
2- فی غیر « ق » : الظاهر کون .
3- هذا الجواب عن الدعوی الرابعة ورد فی فرائد الأُصول 1 : 150 .
4- فی « ق » و « ش » : فیمنع .
5- أثبتنا العبارة کما وردت فی « ق » ، « ش » ومنته الدرایة . وفی غیرها : بمجرّد مساعدته ذاک الاعتبار من دون ... .

هلک الناس فی المتشابه؛ لأنّهم لم یقفوا علی معناه ، ولم یعرفوا حقیقته ، فوضعوا له تأویلاً من عند أنفسهم بآرائهم ، واستغنوا بذلک عن مسألة الأوصیاء فیعرّفونهم» (1) ، هذا .

مع أنّه لا محیص عن حمل هذه الروایات الناهیة عن التفسیر به علی ذلک ، ولو سلّم شمولها لحمل اللفظ علی ظاهره؛ ضرورة أنّه قضیّة التوفیق بینها وبین ما دلّ علی جواز التمسّک بالقرآن ، - مثل خبر الثقلین (2) - ، وما دلّ علی التمسّک به والعمل بما فیه (3) ، وعرضِ الأخبار المتعارضة علیه (4) ، وردِّ الشروط المخالفة له (5) ، وغیر ذلک (6)(7) ممّا لا محیصَ عن إرادة الإرجاع إلی ظواهره ، لا خصوص نصوصه؛ ضرورة أنّ الآیات الّتی یمکن أن تکون

[شماره صفحه واقعی : 51]

ص: 200


1- انظر وسائل الشیعة 27 : 201 ، الباب 13 من أبواب صفات القاضی ، الحدیث 62 ، و 24 ، الباب 5 من أبواب صفات القاضی ، الحدیث 9 ، والکافی 2 : 596 ، ووسائل الشیعة 27 : 118 ، الباب 9 من أبواب صفات القاضی ، الحدیث 29 ، و 18: 16 ، الباب 6 من أبواب الخیار ، الحدیث الأول ، والکافی 1 : 59 ، باب الردّ إلی الکتاب والسنة ... .
2- انظر وسائل الشیعة 27 : 201 ، الباب 13 من أبواب صفات القاضی ، الحدیث 62 ، و 24 ، الباب 5 من أبواب صفات القاضی ، الحدیث 9 ، والکافی 2 : 596 ، ووسائل الشیعة 27 : 118 ، الباب 9 من أبواب صفات القاضی ، الحدیث 29 ، و 18: 16 ، الباب 6 من أبواب الخیار ، الحدیث الأول ، والکافی 1 : 59 ، باب الردّ إلی الکتاب والسنة ... .
3- انظر وسائل الشیعة 27 : 201 ، الباب 13 من أبواب صفات القاضی ، الحدیث 62 ، و 24 ، الباب 5 من أبواب صفات القاضی ، الحدیث 9 ، والکافی 2 : 596 ، ووسائل الشیعة 27 : 118 ، الباب 9 من أبواب صفات القاضی ، الحدیث 29 ، و 18: 16 ، الباب 6 من أبواب الخیار ، الحدیث الأول ، والکافی 1 : 59 ، باب الردّ إلی الکتاب والسنة ... .
4- انظر وسائل الشیعة 27 : 201 ، الباب 13 من أبواب صفات القاضی ، الحدیث 62 ، و 24 ، الباب 5 من أبواب صفات القاضی ، الحدیث 9 ، والکافی 2 : 596 ، ووسائل الشیعة 27 : 118 ، الباب 9 من أبواب صفات القاضی ، الحدیث 29 ، و 18: 16 ، الباب 6 من أبواب الخیار ، الحدیث الأول ، والکافی 1 : 59 ، باب الردّ إلی الکتاب والسنة ... .
5- انظر وسائل الشیعة 27 : 201 ، الباب 13 من أبواب صفات القاضی ، الحدیث 62 ، و 24 ، الباب 5 من أبواب صفات القاضی ، الحدیث 9 ، والکافی 2 : 596 ، ووسائل الشیعة 27 : 118 ، الباب 9 من أبواب صفات القاضی ، الحدیث 29 ، و 18: 16 ، الباب 6 من أبواب الخیار ، الحدیث الأول ، والکافی 1 : 59 ، باب الردّ إلی الکتاب والسنة ... .
6- انظر وسائل الشیعة 27 : 201 ، الباب 13 من أبواب صفات القاضی ، الحدیث 62 ، و 24 ، الباب 5 من أبواب صفات القاضی ، الحدیث 9 ، والکافی 2 : 596 ، ووسائل الشیعة 27 : 118 ، الباب 9 من أبواب صفات القاضی ، الحدیث 29 ، و 18: 16 ، الباب 6 من أبواب الخیار ، الحدیث الأول ، والکافی 1 : 59 ، باب الردّ إلی الکتاب والسنة ... .
7- الأجوبة الثلاثة عن الدعوی الخامسة مذکورة فی فرائد الأُصول 1 : 142 - 143 .

مرجعاً فی باب تعارض الروایات أو الشروط ، أو یمکن أن یتمسّک بها ویعمل بما فیها ، لیست إلّاظاهرةً فی معانیها ، و (1)لیس فیها ما کان نصّاً ، کما لا یخفی .

العلم الاجمالی بالتحریف لایمنع عن التمسّک بظواهر الکتاب

ودعوی العلم الإجمالیّ بوقوع التحریف فیه بنحوٍ : إمّا بإسقاط ، أو تصحیف وإن کانت غیرَ بعیدة ، - کما یشهد به بعض الأخبار (2) ، ویساعده الاعتبار (3) - ، إلّاأنّه لایمنع عن حجّیّة ظواهره ؛ لعدم العلم بوقوع خلل فیها بذلک أصلاً .

ولو سلّم فلا علمَ بوقوعه فی آیات الأحکام (4) .

[شماره صفحه واقعی : 52]

ص: 201


1- أثبتنا « و » من « ق » ، « ش » ، حقائق الأُصول ومنته الدرایة .
2- راجع بحار الأنوار 89 : 40 ، باب ما جاء فی کیفیّة جمع القرآن وما یدلّ علی تغییره . قال الشیخ الطوسی : أ مّا الکلام فی زیادته ونقصانه (یعنی القرآن) فممّا لا یلیق به ؛ لأنّ الزیادة فیه مُجمع علی بطلانها، والنقصان منه ، فالظاهر أیضاً من مذهب المسلمین خلافه، وهو الألیق بالصحیح من مذهبنا، کما نصره المرتضی، وهو الظاهر من الروایات ، غیر أنّه رویت روایات کثیرة من جهة العامّة والخاصّة بنقصان کثیر من آی القرآن ، ونقل شیء منه من موضع إلی موضع ، لکن طریقها : الآحاد التی لا توجب علماً ، فالأولی : الإعراض عنها وترک التشاغل بها ؛ لأنّه یمکن تأویلها . ( التبیان 1: 3 ) .
3- قال السیّد المرتضی : إنّ العلم بصحّة نقل القرآن ، کالعلم بالبلدان والحوادث الکبار ، والوقائع العظام ، والکتب المشهورة ، وأشعار العرب المسطورة ؛ فإنّ العنایة اشتدّت ، والدواعی توفّرت علی نقله وحراسته ، وبلغت إلی حدّ لم یبلغه ما ذکرناه ؛ لأنّ القرآن معجز النبوّة ، ومأخذ العلوم الشرعیة والأحکام الدینیة ، وعلماء المسلمین قد بلغوا فی حفظه وحمایته الغایة ، حتی عرفوا کلّ شیء اختلف فیه من إعرابه وقراءته وحروفه وآیاته ، فکیف یجوز أن یکون مغیّراً ومنقوصاً ، مع العنایة الصادقة والضبط الشدید . ( مجمع البیان 1 : 43 نقلاً عنه ) وبهذا یظهر الإشکال فی ما ذکره المصنّف بقوله : ویساعد علیه الاعتبار . انظر حقائق الأُصول 2 : 88 . وإنّما أضفنا هنا هذین التوضیحین والتعلیقین - خلافاً لما التزمنا به من ترک التعلیق علی آراء المصنّف - ؛ لأنّ موضوع حفظ القرآن عن التحریف یحظی بالأهمیّة القصویٰ عند عموم علمائنا قدّس اللّٰه أسرارهم .
4- هذان الجوابان أفادهما الشیخ الأعظم أیضاً . انظر فرائد الأُصول 1 : 158 .

والعلم بوقوعه فیها أو فی غیرها من الآیات ، غیر ضائر بحجّیّة آیاتها؛ لعدم حجّیّة ظاهر سائر الآیات . والعلم الإجمالیّ بوقوع الخلل فی الظواهر إنّما یمنع عن حجّیّتها إذا کانت کلُّها حجّةً ، وإلّا لا یکاد ینفکّ ظاهرٌ عن ذلک ، کما لا یخفی ، فافهم .

نعم لو کان الخلل المحتمل فیه ، أو فی غیره بما اتّصل به ، لأخلّ بحجّیّته؛ لعدم انعقاد ظهور له حینئذٍ ، وإن انعقد له الظهور لولا اتّصاله .

اختلاف القراءات وأثره فی التمسّک بظواهر الکتاب

ثمّ إنّ التحقیق : أنّ الاختلاف فی القراءة بما یوجب الاختلاف فی الظهور - مثل «یطهرن» (1) بالتشدید والتخفیف - یوجب الإخلال بجواز التمسّک والاستدلال؛ لعدم إحراز ما هو القرآن .

ولم یثبت تواترُ القراءات ، ولا جوازُ الاستدلال بها ، وإن نُسب إلی المشهور تواترها (2) ، لکنّه ممّا لا أصل له ، وإنّما الثابت جواز القراءة بها ، ولا ملازمة بینهما ، کما لا یخفی .

ولو فرض جواز الاستدلال بها ، فلا وجه (3) لملاحظة الترجیح بینها ، بعد

[شماره صفحه واقعی : 53]

ص: 202


1- فی قوله تعالی : «وَ لاٰ تَقْرَبُوهُنَّ حَتّٰی یَطْهُرْنَ فَإِذٰا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَیْثُ أَمَرَکُمُ اللّٰهُ » البقرة : 222 .
2- نسبه إلیهم المحقّق القمّی فی قوانین الأُصول 1 : 406 والشیخ الأعظم فی فرائد الأُصول 1 : 157 وغیرهما .
3- فی « ش » : فلا حاجة .

کون الأصل فی تعارض الأمارات ، هو سقوطها عن الحجّیّة فی خصوص المؤدّیٰ ، بناءً علی اعتبارها من باب الطریقیّة ، والتخییرُ بینها بناءً علی السببیّة ، مع عدم دلیلٍ علی الترجیح فی غیر الروایات من سائر الأمارات ، فلابدّ من الرجوع حینئذٍ إلی الأصل أو العموم ، حَسَب اختلاف المقامات .

فصل طُرُق إحراز الظهور
اشارة

قد عرفت حجّیّة ظهور الکلام فی تعیین المرام : فإن أُحرز بالقطع ، وأنّ المفهوم منه جزماً - بحسب متفاهم أهل العرف - هو ذا ، فلا کلام .

الشک فی وجود القرینة وحکمه

وإلّا ، فإن کان لأجل احتمال وجود قرینة ، فلا خلاف فی أنّ الأصل عدمها .

لکنّ الظاهر أنّه معه یُنبیٰ علی المعنی الّذی لولاها کان اللفظ ظاهراً فیه ابتداءً ، لا أنّه یُبنیٰ علیه (1) بعد البناء علی عدمها (2) ، کما لا یخفی ، فافهم .

الشک فی قرینیّة الموجود وحکمه

وإن کان لاحتمال قرینیّة الموجود ، فهو وإن لم یکن مجالاً للإشکال (3) - بناءً علی حجّیّة أصالة الحقیقة من باب التعبّد - ، إلّاأنّ الظاهر أن یُعامل معه (4) معاملة المجمل .

[شماره صفحه واقعی : 54]

ص: 203


1- العبارة لا تخلو عن استخدام ؛ فإنّ ضمیر « علیه » لا یرجع إلی ما ذکره من المعنی بما أُرید منه هناک ، بل إلی مطلق المعنی . ( نهایة النهایة 2 : 59 ) .
2- تعریض بما أفاده الشیخ الأعظم من إرجاع أصالة العموم ونحوها إلی أصالة عدم القرینة ، انظر فرائد الأُصول 1 : 135 .
3- أدرجنا ما فی حقائق الأُصول ومنته الدرایة ، وفی « ر » : « بمحلٍّ من الإشکال » ، وفی الأصل وأغلب الطبعات : « وإن لم یکن بخالٍ عن الإشکال » . ولا یستقیم المعنی علی هذا الأخیر . راجع منته الدرایة 4 : 325 - 326 وعنایة الأُصول 3 : 136 .
4- فی « ر » : معها .
الشک فی ما هو الموضوع له لغة وحکمه

وإن کان لأجل الشکّ فی ما هو الموضوع له لغةً ، أو المفهوم منه عرفاً ، فالأصلُ یقتضی عدم حجّیّة الظنّ فیه؛ فإنّه ظنٌّ فی أنّه ظاهر ، ولا دلیل إلّا علی حجّیّة الظواهر (1) .

الاستدلال علی حجّیة قول اللغوی والمناقشة فیه

نعم ، نسب إلی المشهور (2) حجّیّة قول اللغویّ - بالخصوص - فی تعیین الأوضاع .

الدلیل الأول :الاتفاق والإجماع واستدلّ لهم (3) باتّفاق العلماء - بل العقلاء - علی ذلک ، حیث لا یزالون یستشهدون بقوله فی مقام الاحتجاج ، بلا إنکارٍ من أحد ، ولو مع المخاصمة واللجاج .

وعن بعضٍ (4) دعوی الإجماع علی ذلک .

وفیه: أنّ الاتّفاق - لو (5) سلّم اتّفاقه - فغیر مفید .

[شماره صفحه واقعی : 55]

ص: 204


1- فی « ر » : ولا دلیل علی حجّیة الظنّ بالظواهر .
2- نسبه الشیخ الأعظم إلیهم فی فرائد الأُصول 1 : 173 .
3- فی « ر » : واستدلالهم .
4- قال الشیخ الأعظم : وقد حکی عن السیّد - فی بعض کلماته - دعوی الإجماع علی ذلک ، بل ظاهر کلامه المحکیّ : اتفاق المسلمین ( فرائد الأُصول 1 : 174 ) . ولکن لم نظفر به فی کلمات السیّد المرتضی ، ولا بالحاکی . نعم ، ادّعاه المحقّق التقی فی هدایة المسترشدین 1 : 213 - 214 ، والسیّد المجاهد فی مفاتیح الغیب : 61 .
5- فی « ر » : الاتفاق ممنوع ولو .

مع أنّ المتیقّن منه هو الرجوع إلیه مع اجتماع شرائط الشهادة من العدد والعدالة (1) .

والإجماع المحصَّل غیر حاصل ، والمنقول منه غیر مقبول ، خصوصاً فی مثل المسألة ، ممّا احتمل قریباً (2) أن یکون وجه ذهاب الجلّ - لولا الکلّ - هو اعتقاد أنّه ممّا اتّفق علیه العقلاء ، من الرجوع إلی أهل الخبرة من کلّ صنعة فی ما اختصّ بها .

والمتیقّن من ذلک إنّما هو فی ما إذا کان الرجوع یوجب الوثوق والاطمئنان ، ولا یکاد یحصل من قول اللغویّ وثوقٌ بالأوضاع ، بل لا یکون اللغویّ من أهل خبرة ذلک (3)(4) ، بل إنّما هو من أهل خبرة موارد الاستعمال؛ بداهة أنّ همّه : ضبط موارده ، لا تعیین أنّ أیّاً منها کان اللفظ فیه حقیقةً أو مجازاً ، وإلّا لوضعوا لذلک علامةً . ولیس ذکره أوّلاً علامةَ کونِ اللفظ حقیقةً فیه؛ للانتقاض بالمشترک .

الدلیل الثانی :انسداد باب العلم بتفاصیل المعانی موجب لحجّیة قول اللغوی وکونُ موارد الحاجة إلی قول اللغویّ أکثر من أن یحصیٰ - لانسداد باب العلم بتفاصیل المعانی غالباً (5) ، بحیث یُعلم بدخول الفرد المشکوک أو خروجه ، وإن کان المعنیٰ معلوماً فی الجملة - لا یوجبُ اعتبار قوله مادام انفتاح باب العلم بالأحکام ، کما لا یخفی .

ومع الانسداد کان قوله معتبراً - إذا أفاد الظنّ - من باب حجّیّة مطلق الظنّ ، وإن فُرض انفتاح باب العلم باللّغات بتفاصیلها فی ما عدا المورد .

نعم ، لو کان هناک دلیل علی اعتباره ، لا یبعد أن یکون انسداد باب العلم بتفاصیل اللّغات موجباً له علی نحو الحکمة ، لا العلّة .

[شماره صفحه واقعی : 56]

ص: 205


1- هذا الجواب ذکره الشیخ الأنصاری فی فرائده 1 : 174 .
2- هذا الوجه حکاه الشیخ الأعظم عن الفاضل السبزواری . راجع فرائد الأُصول 1 : 174 ، ورسالة فی تحریم الغناء ، ضمن مجموعة رسائل فی حکم الغناء 1 : 46 .
3- هذا الجواب أیضاً مذکور فی فرائد الأُصول 1 : 175 .
4- الأولی أن یقال : من أهل الخبرة بها . ( منته الدرایة 4 : 333 ) .
5- المستدلّ بالانسداد هو المحقّق التقی فی هدایة المسترشدین 1 : 213 .
فائدة الرجوع إلی قول اللغوی

لا یقال: علی هذا لا فائدة فی الرجوع إلی اللغة .

فإنّه یقال: مع هذا لا یکاد تخفی الفائدة فی المراجعة إلیها؛ فإنّه ربما یوجب القطع بالمعنیٰ ، وربما یوجب القطع بأنّ اللفظ فی المورد ظاهرٌ فی معنیً - بعد الظفر به وبغیره فی اللغة - وإن لم یقطع (1) بأنّه حقیقة فیه أو مجاز ، کما اتّفق کثیراً ، وهو یکفی فی الفتویٰ .

[شماره صفحه واقعی : 57]

ص: 206


1- فی « ر » : نقطع .
فصل الاجماع المنقول
اشارة

الإجماع المنقول بخبر الواحد (1) حجّةٌ عند کثیر ممّن قال باعتبار الخبر بالخصوص ، من جهة أنّه من أفراده ، من دون أن یکون علیه دلیلٌ بالخصوص ، فلابدّ فی اعتباره من شمول أدلّة اعتباره له ، بعمومها أو إطلاقها .

تحقیق الکلام :
اشارة

وتحقیق القول فیه یستدعی رسم أُمور:

1 - الملاک فی حجیّة الإجماع
اشارة

الأوّل: أنّ وجه اعتبار الإجماع هو : القطع برأی الإمام علیه السلام .

المستند فی کاشفیّة الاجماع عن رأی الإمام علیه السلام

ومستند القطع به لحاکیه - علی مایظهر من کلماتهم - هو :

علمُه بدخوله علیه السلام فی المجمعین شخصاً ، ولم یُعرف عیناً .

أو قطعُه باستلزام ما یحکیه لرأیه علیه السلام عقلاً من باب اللطف (2) ، أو عادةً ، أو اتّفاقاً من جهة حدس رأیه علیه السلام (3)، وإن لم تکن ملازمة بینهما (4) عقلاً

[شماره صفحه واقعی : 58]

ص: 207


1- فی « ق » و « ش » : بالخبر الواحد . وفی « ر » : بخبرٍ واحد .
2- وهو طریقة الشیخ الطوسی وأتباعه . انظر عدّة الأُصول 2 : 630 و 642 .
3- فی « ق » و « ش » : الحدس برأیه .
4- فی هذا التعبیر مسامحة ؛ إذ لیس للإتفاق إلّافرد واحد ، وهو ما لم یکن فیه ملازمة لا عقلاً ولا عادةً . . . فالأولی إبداله بقوله : « بأن لم تکن » لیکون مفسّراً للاتفاق . ( منته الدرایة 4 : 350 ) .

ولا عادةً ، کما هو طریقة المتأخّرین فی دعوی الإجماع ، حیث إنّهم مع عدم الاعتقاد بالملازمة العقلیّة ، ولا الملازمة العادیّة غالباً ، وعدمِ العلم بدخول جنابه علیه السلام فی المجمعین عادةً ، یحکون الإجماع کثیراً .

کما أنّه یظهر ممّن اعتذر عن وجود المخالف بأنّه معلوم النسب ، أنّه استند فی دعوی الإجماع إلی العلم بدخوله علیه السلام ، وممّن اعتذر عنه بانقراض عصره ، أنّه استند إلی قاعدة اللطف ، هذا . مضافاً إلی تصریحاتهم بذلک ، علی ما یشهد به مراجعة کلماتهم .

وربما یتّفق لبعض الأوحدیّ (1) وجه آخر ، من تشرُّفِهِ برؤیته علیه السلام وأخذه الفتویٰ من جنابه علیه السلام ، وإنّما لم ینقل عنه بل یحکی الإجماع لبعض دواعی الإخفاء .

2 - اختلاف نقل الإجماع واختلاف ألفاظه

الأمر الثانی: أنّه لا یخفی اختلاف نقل الإجماع :

فتارةً : ینقل رأیه علیه السلام فی ضمن نقله حدساً - کما هو الغالب - أو حسّاً - وهو نادر جدّاً - .

وأُخری : لا ینقل إلّاما هو السبب عند ناقله ، عقلاً أو عادةً أو اتّفاقاً .

واختلاف ألفاظ النقل أیضاً ، صراحةً وظهوراً وإجمالاً فی ذلک ، أی: فی أنّه نقل السبب ، أو نقل السبب والمسبّب .

3 - صُور نقل الإجماع وحکم کلّ منها :
اشارة

1 - أن یکون النقل متضمّناً لنقل السبب والمسبّب عن حسّ الأمر الثالث: أنّه لا إشکال فی حجّیّة الإجماع المنقول بأدلّة حجّیّة الخبر ، إذا کان نقله متضمّناً لنقل السبب والمسبّب عن حسٍّ ، لو لم نقل بأنّ نقله کذلک فی زمان الغیبة موهون جدّاً .

[شماره صفحه واقعی : 59]

ص: 208


1- کذا ، والصواب : یتّفق للأوحدیّ . راجع منته الدرایة 4 : 374 .

2 - أن یکون نقل الإجماع سبباً حسّیاً فی نظر الناقل والمنقول إلیه وکذا إذا لم یکن متضمّناً له ، بل کان ممحّضاً لنقل السبب عن حسّ ، إلّا أنّه کان سبباً بنظر المنقول إلیه أیضاً - عقلاً أو عادةً أو اتّفاقاً - ، فیعامل حینئذٍ مع المنقول معاملة المحصَّل ، فی الالتزام بمسبَّبه ، بأحکامه وآثاره .

3 - أن یکون نقل الإجماع سبباً حسّیاً بنظر الناقل فقط وأمّا إذا کان نقله للمسبَّب لا عن حسّ (1) ، بل بملازمةٍ ثابتة عند الناقل بوجهٍ ، دون المنقول إلیه ، ففیه إشکالٌ ، أظهرُه عدم نهوض تلک الأدلّة علی حجّیّته؛ إذ المتیقّن من بناء العقلاء غیر ذلک ، کما أنّ المنصرف من الآیات والروایات - علی تقدیر دلالتهما - ذلک (2) ، خصوصاً فی ما إذا رأی المنقول إلیه خطأَ الناقل فی اعتقاد الملازمة . هذا فی ما انکشف الحال .

4 - إذا اشتبه أنّ نقل المسبّب عن حسّ أو حدس وأمّا فی ما اشتبه ، فلا یبعد أن یقال بالاعتبار؛ فإنّ عمدة أدلّة حجّیّة الأخبار هو بناء العقلاء ، وهم کما یعملون بخبر الثقة إذا عُلم أنّه عن حسّ ، یعملون به فی ما یحتمل کونه عن حدس؛ حیث إنّه لیس بناؤهم - إذا أُخبروا بشیءٍ - علی التوقّف والتفتیش عن أنّه عن حدس أو حسّ ، بل علی العمل علی طبقه (3) ، والجری علیٰ وفقه بدون ذلک .

نعم ، لا یبعد أن یکون بناؤهم علی ذلک ، فی ما لا یکون هناک أمارة علی الحدس ، أو اعتقاد الملازمة فی ما لا یرون هناک ملازمةً ، هذا .

[شماره صفحه واقعی : 60]

ص: 209


1- الصواب : سوق العبارة هکذا : وأما إذا کان سبباً بنظر الناقل فقط ، فالمسبّب وإن کان عن حسّ - لملازمة ثابتة عنده بوجه - لکن لمّا لم یکن سبباً بنظر المنقول إلیه ، کان نقله للمسبّب بنظره نقلاً له لا عن حس ، وفیه حینئذ إشکال ... ( منته الدرایة 4 : 359 ) .
2- فی الأصل : « والروایات ذلک ، علی تقدیر دلالتهما » ، وفی طبعاته کما أثبتناه .
3- أثبتنا ما فی الأصل ، وفی طبعاته : بل العمل علی طبقه .

لکنّ الإجماعات المنقولة فی ألسنة الأصحاب - غالباً - مبنیّةٌ علی حدس الناقل ، أو اعتقادِ الملازمة عقلاً ، فلا اعتبار لها ما لم ینکشف أنّ نقل السبب (1) کان مستنداً إلی الحسّ .

فلابدّ فی الإجماعات المنقولة - بألفاظها المختلفة - من استظهار مقدار دلالة ألفاظها ، ولو بملاحظة حال الناقل ، وخصوصِ موضع النقل ، فیؤخذ بذاک المقدار ویعامل معه کأنّه المحصَّل ، فإن کان بمقدار تمام السبب ، وإلّا فلا یُجدی ما لم یضمّ إلیه - ممّا حصّله ، أو نُقِل له من سائر الأقوال ، أو سائر الأمارات - ما به تمّ ، فافهم .

خلاصة الکلام فی حجّیةالإجماع المنقول

فتلخّص بما ذکرنا: أنّ الإجماع المنقول بخبر الواحد ، من جهة حکایته رأیَ الإمام علیه السلام - بالتضمّن أو الالتزام - کخبر الواحد فی الاعتبار - إذا کان مَن نُقل إلیه ممّن یری الملازمة بین رأیه علیه السلام وما نقله (2) من الأقوال ، بنحو الجملة والإجمال - وتعمّه (3) أدلّة اعتباره ، وینقسم بأقسامه ، ویشارکه فی أحکامه ، وإلّا لم یکن مثله فی الاعتبار من جهة الحکایة .

وأمّا (4) من جهة نقل السبب: فهو - فی الاعتبار - بالنسبة إلی مقدارٍ من الأقوال الّتی نقلت إلیه علی الإجمال بألفاظ نقلِ الإجماع ، مثل ما إذا نقلت علی التفصیل ، فلو ضُمّ إلیه - ممّا حصّله ، أو نُقِل له من أقوال السائرین ،

[شماره صفحه واقعی : 61]

ص: 210


1- فی « ن » وحقائق الأُصول : المسبّب .
2- الأولی أن یقال : وبین ما نُقل إلیه . ( منته الدرایة 4 : 367 ) .
3- فی « ر » : فعلیه یعمّه . والأولی : فتعمّه . انظر المصدر السابق .
4- الأولی بسوق العبارة أن یقال : هذا کلّه من حیث الحکایة عن المسبب ، وأ مّا ... ( منته الدرایة 4 : 368 ) .

أو سائر الأمارات - مقدارٌ کان المجموع منه وما نُقل - بلفظ الإجماع - بمقدار السبب التامّ ، کان المجموع کالمحصّل ، ویکون حاله کما إذا کان کلّه منقولاً .

ولا تفاوت فی اعتبار الخبر بین ما إذا کان المخبَر به تمامَه ، أو ما له دخل فیه ، وبه قوامه ، کما یشهد به حجّیّته بلا ریب فی تعیین حال السائل ، وخصوصیّةِ القضیّة الواقعة المسؤول عنها ، وغیر ذلک ممّا له دخل فی تعیین مرامه علیه السلام من کلامه .

تنبیهات :
اشارة

وینبغی التنبیه علی أُمور:

1 - بطلان المستندات المتقدّمة فی کاشفیّةالإجماع عن رأی المعصوم علیه السلام

الأوّل: أنّه قد مرّ (1) : أنّ مبنیٰ دعوی الإجماع - غالباً - هو : اعتقاد الملازمة عقلاً ؛ - لقاعدة اللطف - ، وهی باطلة ، أو اتّفاقاً ؛ - بحدس رأیه علیه السلام من فتوی جماعة - ، وهی غالباً غیر مسلّمة .

وأمّا کون المبنی : العلمَ بدخول الإمام علیه السلام بشخصه فی الجماعة ، أو العلمَ برأیه ؛ - للاطّلاع بما یلازمه عادةً من الفتاوی - ، فقلیلٌ جدّاً فی الإجماعات المتداولة فی ألسنة الأصحاب ، کما لا یخفی .

بل لا یکاد یتّفق العلم بدخوله علیه السلام علی نحو الإجمال فی الجماعة فی زمان الغیبة ، وإن احتمل تشرُّفُ الأوحدیّ (2) بخدمته ومعرفته علیه السلام أحیاناً .

[شماره صفحه واقعی : 62]

ص: 211


1- آنفاً قوله : لکنّ الاجماعات المنقولة فی ألسنة الأصحاب غالباً مبنیّة علی حدس الناقل أو اعتقاد الملازمة عقلاً .
2- أدرجنا ما فی « ر » ، وفی الأصل وسائر الطبعات : تشرّف بعض الأوحدی . وقال فی منته الدرایة 4 : 374 : هکذا ( کما نقلناها آنفاً عن الأصل وطبعاته ) فی أکثر النسخ ، وفی بعضها : « تشرّف الأوحدی » بدون « بعض » ، وهو الصواب ... .

فلا یکاد یُجدی نقل الإجماع إلّامن باب نقل السبب ، بالمقدار الّذی أُحرز من لفظه ، بما اکتنف به من حالٍ أو مقالٍ ، ویعامل معه معاملة المحصَّل .

2 - تعارض الإجماعات المنقولة

الثانی: انّه لا یخفی : أنّ الإجماعات المنقولة إذا تعارض إثنان منهما أو أکثر ، فلا یکون التعارض إلّابحسب المسبّب (1) ، وأمّا بحسب السبب فلا تعارضَ فی البین؛ لاحتمال صدق الکلّ .

لکنّ نقل الفتاویٰ - علی الإجمال - بلفظ الإجماع حینئذٍ لا یصلحُ لأن یکون سبباً ، ولا جزءَ سببٍ؛ لثبوت الخلاف فیها ، إلّاإذا کان فی أحد المتعارضین خصوصیّةٌ موجبةٌ لقَطْعِ المنقول إلیه برأیه علیه السلام لو اطّلع علیها ، ولو مع اطّلاعه علی الخلاف . وهو وإن لم یکن - مع الاطّلاع علی الفتاویٰ علی اختلافها مفصّلاً - ببعید ، إلّاأنّه مع عدم الاطّلاع علیها کذلک (2) بعیدٌ ، فافهم .

3 - نقل التواتر بخبر الواحد

الثالث: انّه ینقدح ممّا ذکرنا فی نقل الإجماع حالُ نقلِ التواتر ، وأنّه - من حیث المسبّب - لابدّ فی اعتباره من کون الإخبار به إخباراً علی الإجمال ،

[شماره صفحه واقعی : 63]

ص: 212


1- إنّ فی الحصر المستفاد من قوله : « فلا یکون التعارض ... » غموضاً ؛ لما سیظهر من إمکان التعارض بحسب السبب أیضاً . وکان حقّ العبارة أن یقال : إذا تعارض اثنان منها ، فقد یکون فی کلّ من السبب والمسبّب - کما فی قاعدة اللطف - وقد یکون فی المسبّب فقط - کما فی غیر قاعدة اللطف - دون السبب ؛ لاحتمال صدق ... ( منته الدرایة 4 : 376 ) .
2- أثبتنا العبارة کما هی فی « ق » ، وفی غیرها زیادة : « إلّامجملاً » . وکتبت فی « ش » فوق قوله : إلّامجملاً ( نسخة بدل ) . وقال فی منته الدرایة ( 4 : 379 ) - بعد توضیح العبارة - : ومن هنا ظهر زیادة قوله : « کذلک » أو قوله : « إلّامجملاً » ؛ إذ لا معنی لأن یقال : إلّاأنّه مع عدم الاطلاع علیها مفصّلاً إلّامجملاً بعید .

بمقدار یوجب قطعَ المنقول إلیه بما اخبر به لو علم به (1) ، ومن حیث السبب یثبت به کلّ مقدار کان إخباره بالتواتر دالّاً علیه ، کما إذا اخبر به علی التفصیل . فربما لا یکون إلّادون حدّ التواتر ، فلابدّ فی معاملته معه معاملَتَه ، من لحوق مقدارٍ آخر من الأخبار یبلغ المجموع ذاک الحدّ .

نعم ، لو کان هناک أثر للخبر المتواتر فی الجملة - ولو عند المخبِر - لوجب ترتیبه علیه ، ولو لم یدلّ علی ما بحدّ التواتر من المقدار .

فصل الشهرة فی الفتوی
اشارة

ممّا قیل باعتباره بالخصوص : الشهرةُ فی الفتوی ، ولا یساعده دلیل (2) .

أدلّة حجّیة الشهرة فی الفتوی ومناقشتها

وتوهّمُ (3) : دلالة أدلّة حجّیّة خبر الواحد علیه بالفحوی؛ لکون الظنّ الّذی تفیده أقویٰ ممّا یفیده الخبر .

فیه ما لا یخفی ؛ ضرورة عدم دلالتها علی کون مناط اعتباره إفادتَه الظنّ ، غایتُه تنقیح ذلک بالظنّ ، وهو لا یوجب إلّاالظنّ بأنّها أولیٰ بالاعتبار ، ولا اعتبار به .

مع أنّ دعوی القطع بأنّه لیس بمناطٍ غیرُ مجازفة (4) .

[شماره صفحه واقعی : 64]

ص: 213


1- فی حقائق الأُصول : بها .
2- فی « ر » : ولا دلیل یساعده علیه مطلقاً .
3- انظر مفاتیح الأُصول : 480 و 499 - 501 ، وهدایة المسترشدین 3 : 445 .
4- هذا الإیراد وکذا السابق علیه أفادهما الشیخ الأعظم فی فرائده 1 : 232 .

وأضعفُ منه توهُّمُ دلالةِ المشهورة (1)(2) والمقبولة (3) علیه؛ لوضوح أنّ المراد بالموصول فی قوله علیه السلام فی الأُولی: «خُذ بِما اشتَهَرَ بَین أصحابِک » ، وفی الثانیة: «یُنظرُ إلیٰ ما کان من روایتهما عنّا فی ذلک الّذی حکما به ، الُمجمع علیه عند أصحابِک ، فَیؤخَذُ بِه» هو الروایة ، لا مایعمّ الفتویٰ (4) ، کما هو أوضحُ من أن یخفی .

نعم ، بناءً علی حجّیّة الخبر ببناء العقلاء ، لا یبعد دعویٰ عدمِ اختصاص بنائهم علی حجّیّته (5) ، بل علی حجّیّة کلّ أمارة مفیدة للظنّ أو الاطمئنان ، لکن دون إثبات ذلک خرطُ القتاد .

[شماره صفحه واقعی : 65]

ص: 214


1- فی « ر » : المرفوعة .
2- عوالی اللآلی 4 : 133 .
3- وسائل الشیعة 27 : 106 ، الباب 9 من أبواب صفات القاضی ، الحدیث الأول .
4- هذا الردّ ذکره الشیخ الأنصاری فی فرائده 1 : 234 .
5- الظاهر : سقوط کلمة « به » بعد « حجّیته » لیکون متعلقاً ب « اختصاص » وضمیره راجعاً إلی الخبر . ( منته الدرایة 4 : 402 ) .
فصل حجّیّة خبر الواحد
اشارة

المشهور بین الأصحاب : حجّیّة خبر الواحد فی الجملة بالخصوص .

المسألة أُصولیّة

ولا یخفی: أنّ هذه المسألة من أهمّ المسائل الاُصولیّة . وقد عرفت فی أوّل الکتاب : أنّ الملاک فی الاُصولیّة صحّة وقوع نتیجة المسألة فی طریق الاستنباط ، ولو لم یکن البحث فیها عن الأدلّة الأربعة ، وإن اشتهر فی ألسنة الفحول : کونُ الموضوع فی علم الأُصول هی الأدلّة .

وعلیه لا یکاد یفید فی ذلک - أی کون هذه المسألة اصولیّة - تجشُّمُ دعوی : أنّ البحث عن دلیلیّة الدلیل بحثٌ عن أحوال الدلیل (1)؛ ضرورة أنّ البحث فی المسألة لیس عن دلیلیّة الأدلّة ، بل عن حجّیّة الخبر الحاکی عنها .

کما لا یکاد یفید علیه تجشُّمُ دعوی : أنّ مرجعَ هذه المسألة إلی أنّ السنّة - وهی قول الحجّة أو فعله أو تقریره - هل تثبت بخبر الواحد ، أو لا تثبت إلّا بما یفید القطع ، من التواتر أو القرینة ؟ (2)؛ فإنّ التعبّد بثبوتها مع الشکّ فیها - لدی الإخبار بها - لیس من عوارضها ، بل من عوارض مشکوکها ، کما لا یخفی .

[شماره صفحه واقعی : 66]

ص: 215


1- هذا ما ادّعاه صاحب الفصول فی دفع إشکال خروج حجّیة خبر الواحد عن علم الأُصول ، بناءً علی کون موضوعه خصوص الأدلّة الأربعة . انظر الفصول : 12 .
2- تعریض بجواب الشیخ الأعظم عن إشکال خروج حجّیة الخبر عن علم الأُصول . راجع فرائد الأُصول 1 : 238 .

مع أنّه لازمٌ لما یبحث عنه فی المسألة من حجّیّة الخبر ، والمبحوث عنه فی المسائل إنّما هو الملاک فی أنّها من المباحث أو من غیرها (1) ، لا ما هو لازمه (2) ، کما هو واضح .

المنکرون لحجّیة الخبر وأدلّتهم

وکیف کان ، فالمحکیّ عن السیّد (3) والقاضی (4) وابن زهرة (5) والطبرسیّ (6) وابن إدریس (7) عدم حجّیّة الخبر .

واستدلّ لهم:

بالآیات الناهیة عن اتّباع غیر العلم (8) .

والروایاتِ الدالّة علی ردّ ما لم یعلم أنّه قولهم علیهما السلام (9)، - أو لم یکن علیه شاهدٌ من کتاب اللّٰه أو شاهدان ، أو لم یکن موافقاً للقرآن ، إلیهم (10)؛ أو علی

[شماره صفحه واقعی : 67]

ص: 216


1- أثبتنا الکلمة من « ر » ومنته الدرایة ، وفی غیرهما : غیره .
2- الأنسب : سوق العبارة هکذا : مع أنّه لازم لحجّیة الخبر المبحوث عنها ، والملاک فی أنّ القضیة من مسائل العلم هو کون المحمول نفس المبحوث عنه ، لا ما هو لازمه . ( منته الدرایة 4 : 414 ) .
3- الذریعة 2: 528 - 531 ، ورسالة فی إبطال العمل بخبر الواحد المطبوعة فی رسائله 3 : 309 .
4- المهذّب (کتاب القضاء) 2: 598 .
5- غنیة النزوع : 329 .
6- مجمع البیان 9: 133.
7- السرائر 1: 48 - 51 .
8- الأنعام : 116 ، الإسراء : 36 ، النجم : 28 .
9- بصائر الدرجات : 524 .
10- وسائل الشیعة 27 : 112 ، الباب 9 من أبواب صفات القاضی ، الحدیث 18 و 19 .

بطلان ما لا یصدّقه کتابُ اللّٰه (1)؛ أو علی أنّ ما لا یوافق کتاب اللّٰه زخرفٌ (2)؛ أو علی النهی عن قبول حدیث إلّاماوافق الکتاب أو السنّة (3) ... إلی غیر (4) ذلک (5) .

والإجماعِ المحکیّ عن السیّد فی مواضعَ من کلامه ، بل حکی عنه أنّه جَعلَه بمنزلة القیاس ، فی کون ترکه معروفاً من مذهب الشیعة (6) .

الجواب عن الأدلّة

والجواب:

أمّا عن الآیات: فبأنّ الظاهر منها - أو المتیقّن من إطلاقاتها - هو : اتّباع غیر العلم فی الأُصول الاعتقادیّة ، لا ما یعمّ الفروعَ الشرعیّة ، ولو سلّم عمومُها لها فهی مخصَّصة بالأدلّة الآتیة الدالّة (7) علی اعتبار الأخبار (8) .

وأمّا عن الروایات: فبأنّ الاستدلال بها خالٍ عن السداد؛ فإنّها أخبار آحاد (9) .

[شماره صفحه واقعی : 68]

ص: 217


1- وسائل الشیعة 27 : 109 - 111 ، الباب 9 من أبواب صفات القاضی ، الحدیث 10 و 11 و 12 و 14 .
2- وسائل الشیعة 27 : 109 - 111 ، الباب 9 من أبواب صفات القاضی ، الحدیث 10 و 11 و 12 و 14 .
3- وسائل الشیعة 27 : 109 - 111 ، الباب 9 من أبواب صفات القاضی ، الحدیث 10 و 11 و 12 و 14 .
4- فی « ر » : أو غیر .
5- وسائل الشیعة 27 : 106 ، الباب 9 من أبواب صفات القاضی ، باب وجوه الجمع بین الأحادیث المختلفة وکیفیة العمل بها .
6- رسائل الشریف المرتضی 1 : 24 و 3 : 309 .
7- أثبتنا « الدالّة » من « ر » .
8- هکذا أفاد الشیخ الأعظم فی فرائده 1 : 246 .
9- هکذا أفاد الشیخ الأعظم فی فرائده 1 : 246 .

لا یقال: إنّها وإن لم تکن متواترة لفظاً ولامعنیً ، إلّاأنّها متواترة إجمالاً؛ للعلم الإجمالیّ بصدور بعضها لا محالة .

فإنّه یقال: إنّها وإن کانت کذلک ، إلّاأنّها لاتفید إلّافی ما توافقت علیه ، وهو غیر مفید فی إثبات السلب کلّیّاً ، - کما هو محلّ الکلام ، ومورد النقض والإبرام - ، وإنّما تفید عدمَ حجّیّة الخبر المخالف للکتاب والسنّة ، والالتزامُ به لیس بضائر ، بل لا محیصَ عنه فی مقام المعارضة .

وأمّا عن الإجماع: فبأنّ المحصّل منه غیر حاصل ، والمنقول منه للاستدلال به غیر قابل ، خصوصاً فی المسألة ، کما یظهر وجهه للمتأمّل ، مع أنّه معارَضٌ بمثله ، وموهونٌ بذهاب المشهور إلی خلافه (1) .

أدلّة حجّیة خبر الواحد

وقد استدلّ للمشهور بالأدلّة الأربعة :

فصلٌ فی الآیات الّتی استدلّ بها
1 - آیة النبأ

فمنها: آیة النبأ ، قال اللّٰه - تبارک وتعالی - : «إِنْ جٰاءَکُمْ فٰاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَیَّنُوا ... » (2).

ویمکن تقریب الاستدلال بها من وجوه ، أظهرها: أنّه من جهة مفهوم الشرط ، وأنّ تعلیق الحکم - بإیجاب التبیّن عن النبأ الّذی جیء به - علی کون الجائی به الفاسق (3) ، یقتضی انتفاءه عند انتفائه .

[شماره صفحه واقعی : 69]

ص: 218


1- هذه المناقشة أیضاً من إفادات الشیخ فی فرائده 1 : 253 .
2- الحجرات : 6 .
3- فی « ر » ومنته الدرایة : فاسقاً .

الإشکال الأوّل علی الاستدلال بالآیة الجواب عنه ولا یخفی: أنّه علی هذا التقریر لا یرد : أنّ الشرط فی القضیّة لبیان تحقّق الموضوع ، فلا مفهوم له ، أو مفهومه السالبة بانتفاء الموضوع (1) ، فافهم .

نعم ، لو کان الشرط هو نفس تحقّق النبأ ومجیء الفاسق به ، کانت القضیّة الشرطیّة مسوقةً لبیان تحقّق الموضوع .

مع أنّه یمکن أن یقال: إنّ القضیّة ولو کانت مسوقة لذلک ، إلّاأنّها ظاهرة فی انحصار موضوع وجوب التبیّن فی النبأ الّذی جاء به الفاسق ، فیقتضی انتفاءَ وجوب التبیّن عند انتفائه ووجودِ موضوعٍ آخر ، فتدبّر .

الإشکال الثانی

ولکنّه یشکل: بأنّه لیس لها هاهنا مفهوم ، ولو سلّم أنّ أمثالها ظاهرة فی المفهوم؛ لأنّ التعلیل بإصابة القوم بالجهالة - المشترکَ بین المفهوم والمنطوق - یکون قرینةً علی أنّه لیس لها مفهوم (2) .

الجواب عن الإشکال ولا یخفی: أنّ الإشکال إنّما یبتنی علی کون الجهالة بمعنی عدم العلم ، مع أنّ دعوی أنّها بمعنی السفاهة ، وفعلِ ما لا ینبغی صدوره عن (3) العاقل غیرُ بعیدة (4) .

الإشکال الثالث ثمّ إنّه لوسلّم تمامیّةَ دلالةِ الآیة علی حجّیّة خبر العدل ، ربما اشکل (5) شمولُ مثلها للروایات الحاکیة لقول الإمام علیه السلام بواسطة أو وسائط (6)؛ فإنّه کیف

[شماره صفحه واقعی : 70]

ص: 219


1- هذا الإشکال ذکره الشیخ الأعظم فی فرائده 1 : 257 .
2- هذا الإشکال حکاه الشیخ الأعظم عن جماعة. راجع فرائد الأُصول 1 : 258 - 259 .
3- فی غیر « ر » : من .
4- هذا الجواب نقله الشیخ عن بعض وناقش فیه . انظر فرائد الأُصول 1 : 261 .
5- ورد هذا الإشکال والجواب عنه فی فرائد الأُصول 1 : 265 - 266 .
6- الظاهر: أنه من سهو الناسخ أو من قلمه الشریف ، والصواب أن یقال: بواسطتین أو وسائط ؛ لأنّ مناط الإشکال فی أخبار الوسائط ... مفقود فی خبر الواسطة . . لأنّه إذا نقل زرارة کلامه علیه السلام لحریز مثلاً ، فیکون لخبر زرارة أثر شرعی ، وهو قول الإمام علیه السلام . ( منته الدرایة 4 : 452 ) .

یمکن الحکم بوجوب التصدیق - الّذی لیس إلّابمعنی وجوب ترتیب ما للمخبَر به من الأثر الشرعیّ - بلحاظ نفس هذا الوجوب ، فی ما کان المخبَر به خبرَ العدل أو عدالةَ المخبر ؟ لأنّه وإن کان أثراً شرعیّاً لهما ، إلّاأنّه بنفس الحکم - فی مثل الآیة - بوجوب تصدیق خبر العدل حسب الفرض .

نعم ، لو انشئ هذا الحکم ثانیاً ، فلا بأس فی أن یکون بلحاظه أیضاً؛ حیث إنّه صار أثراً بجعلٍ آخر ، فلا یلزم اتّحاد الحکم والموضوع ، بخلاف ما إذا لم یکن هناک إلّاجعلٌ واحد ، فتدبّر .

الجواب الأوّل عن الإشکال الثالث ویمکن الذبّ عن الإشکال (1): بأنّه إنّما یلزم إذا لم تکن (2) القضیّة طبیعیّةً ، والحکمُ فیها بلحاظ طبیعة الأثر ، بل بلحاظ أفراده ، وإلّا فالحکم بوجوب التصدیق یسری إلیه ، سرایةَ حکم الطبیعة إلی أفراده (3) ، بلا محذورِ لزوم اتّحاد الحکم والموضوع ، هذا .

الجواب الثانی عن الإشکال مضافاً (4) إلی القطع بتحقّق ما هو المناط فی سائر الآثار فی هذا الأثر ، - أی: وجوب التصدیق - بعد تحقّقه بهذا الخطاب ، وإن کان لا یمکن أن یکون ملحوظاً (5) لأجل المحذور .

[شماره صفحه واقعی : 71]

ص: 220


1- الصواب : ویمکن ذبّ الإشکال .
2- أدرجنا ما فی « ر » ، وفی غیرها : یکن .
3- الأولی : أفرادها . انظر منته الدرایة 4 : 460 .
4- یستفاد هذا الجواب من کلام الشیخ الأعظم . راجع فرائد الأُصول 1 : 268 .
5- فی « ق » : تکون ملحوظةً .

الجواب الثالث عن الإشکال وإلی عدم القول بالفصل بینه وبین سائر الآثار ، فی وجوب الترتیب لدی الإخبار بموضوعٍ صار أثرُه الشرعیّ وجوبَ التصدیق ، وهو خبر العدل ، ولو بنفس الحکم فی الآیة (1) ، فافهم .

الإشکال الرابع ولا یخفی: أنّه لامجال - بعد اندفاع الإشکال بذلک - للإشکال فی خصوص الوسائط من الأخبار - کخبر الصفّار المحکیّ بخبر المفید مثلاً - بأنّه لا یکاد یکون خبراً تعبّداً إلّابنفس الحکم بوجوب تصدیق العادل الشامل للمفید ، فکیف یکون هذا الحکم - المحقِّق لخبر الصفّار تعبّداً مثلاً - حکماً له أیضاً (2)(3)؟

الجواب عنه وذلک لأنّه إذا کان خبر العدل ذا أثر شرعیّ حقیقةً - بحکم الآیة - وجب ترتیب أثره علیه ، عند إخبار العدل به ، کسائر ذوات الآثار من الموضوعات؛ لما عرفت من شمول مثل الآیة للخبر الحاکی للخبر بنحو القضیّة الطبیعیّة ، أو لشمول الحکم فیها له مناطاً ، وإن لم یشمله لفظاً ، أو لعدم القول بالفصل ، فتأمّل جیّداً .

2 - آیة النفر

ومنها: آیة النفر ، قال اللّٰه - تعالی - : «فَلَوْ لاٰ نَفَرَ مِنْ کُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طٰائِفَةٌ ... » الآیة (4) .

[شماره صفحه واقعی : 72]

ص: 221


1- فی الأصل وبعض الطبعات زیادة : به .
2- نبّه علی هذا الإشکال أیضاً الشیخ الأنصاری وأجاب عنه بجوابین . راجع فرائد الأُصول 1 : 267 - 270 .
3- حقّ العبارة أن تکون هکذا : المحقّق لخبر الصفّار مثلاً حکماً له تعبّداً أیضاً . ( منته الدرایة 4 : 464 ) .
4- التوبة : 122 .

وجوه الاستدلال بالآیة وربما یستدلّ بها من وجوه:

أحدُها: أنّ کلمة «لعلّ» وإن کانت مستعملةً - علی التحقیق - فی معناها (1) الحقیقیّ - وهو الترجّی الإیقاعیّ الإنشائیّ - ، إلّاأنّ الداعی إلیه - حیث یستحیل فی حقّه تعالی أن یکون هو الترجّی الحقیقیّ - کان هو محبوبیّة التحذّر عند الإنذار ، وإذا ثبت محبوبیّته ثبت وجوبه شرعاً؛ لعدم الفصل (2) ، وعقلاً؛ لوجوبه مع وجود ما یقتضیه ، وعدم حسنه - بل عدم إمکانه - بدونه (3) .

ثانیها: أنّه لمّا وجب الإنذار ؛ - لکونه غایةً للنفر الواجب ، کما هو قضیّة کلمة « لولا » التحضیضیّة - وجب التحذّر ، وإلّا لغا وجوبه .

ثالثها: أنّه جعل غایةً للإنذار الواجب ، وغایةُ الواجب واجب (4) .

الإشکال فی وجوه الاستدلال ویشکل الوجه الأوّل : بأنّ التحذّر لرجاء إدراک الواقع ، وعدمِ الوقوع فی محذور مخالفته - من فوت المصلحة ، أو الوقوع فی المفسدة - ، حسنٌ ، ولیس بواجبٍ فی ما لم یکن هناک حجّة علی التکلیف . ولم یثبت هاهنا عدم الفصل ، غایتُه عدم القول بالفصل .

والوجه الثانی والثالث : بعدم انحصار فائدة الإنذار بإیجاب التحذّر (5) تعبّداً؛ لعدم إطلاقٍ (6) یقتضی وجوبَه علی الإطلاق؛ ضرورة أنّ الآیة مسوقة

[شماره صفحه واقعی : 73]

ص: 222


1- فی « ش » : معناه .
2- وهذا ما أفاده الشیخ فی فرائده 1 : 277 .
3- کما أفاده صاحب المعالم فی معالمه : 190 .
4- هذه الوجوه الثلاثة ذکرها الشیخ الأعظم فی فرائده 1 : 277 - 278 .
5- فی الأصل و « ش » : بالتحذّر ، وفی سائر الطبعات مثل ما أوردناه .
6- فی « ق » : ولا إطلاق .

لبیان وجوب النفر ، لا لبیان غایتیّة التحذّر ، ولعلّ وجوبَه کان مشروطاً بما إذا أفاد العلم ، و (1)لو لم نقل بکونه مشروطاً به؛ فإنّ النفر إنّما یکون لأجل التفقّه وتعلّمِ معالم الدین ، ومعرفةِ ما جاء به سیّدُ المرسلین ، کی ینذروا بها المتخلّفین أو النافرین - علی الوجهین فی تفسیر الآیة - ، لکی یحذروا إذا انذروا بها ، وقضیّتُه إنّما هو وجوب الحذر عند إحراز أنّ الإنذار بها ، کما لا یخفی .

إشکالٌ آخر علی الاستدلال بالآیة ثمّ إنّه أُشکل أیضاً : بأنّ الآیة لو سلّم دلالتها علی وجوب الحذر مطلقاً ، فلا دلالة لها علی حجّیّة الخبر بما هو خبر؛ حیث إنّه لیس شأن الراوی إلّا الإخبارَ بما تحمَّله ، لا التخویفَ والإنذار ، وإنّما هو شأن المرشد أو المجتهد بالنسبة إلی المسترشد أو المقلِّد (2) .

الجواب عن الإشکال

قلت: لا یذهب علیک أنّه لیس حال الرواة فی الصدر الأوّل - فی نقل ما تحمّلوا من النبیّ صلّی اللّٰه علیه وعلی أهل بیته الکرام أو (3) الإمام علیه السلام من الأحکام إلی الأنام - إلّاکحال نقَلَة الفتاوی إلی العوامّ ، ولاشبهة فی أنّه یصحّ منهم التخویفُ فی مقام الإبلاغ والإنذار ، والتحذیرِ بالبلاغ ، فکذا من الرواة ، فالآیة لو فُرض دلالتها علی حجّیّة نقل الراوی إذا کان مع التخویف ، کان نقله حجةً

[شماره صفحه واقعی : 74]

ص: 223


1- أثبتنا « و » من الأصل ، ولا یوجد فی طبعاته .
2- هذه الإشکالات من إفادات الشیخ الأعظم فی فرائد الأُصول 1 : 282 - 286 .
3- فی « ق » وحقائق الأُصول : و .

بدونه أیضاً؛ لعدم الفصل بینهما جزماً ، فافهم .

3 - آیة الکتمان

ومنها: آیة الکتمان: «إِنَّ الَّذِینَ یَکْتُمُونَ مٰا أَنْزَلْنٰا ... » (1)الآیة .

وتقریب الاستدلال بها : أنّ حرمة الکتمان تستلزم وجوب القبول (2) عقلاً؛ للزوم لغویّته (3) بدونه .

ولا یخفی: أنّه لو سُلّمت هذه الملازمة لا مجالَ (4) للإیراد علی هذه الآیة بما أُورد علی آیة النَفر (5) من دعوی الإهمال ، أو استظهار الاختصاص بما إذا أفاد العلم؛ فإنّها تنافیهما ، کما لا یخفی .

الإشکال علی لاستدلال بالآیة لکنّها ممنوعة؛ فإنّ اللغویّة غیر لازمة؛ لعدم انحصار الفائدة بالقبول تعبّداً ، وإمکانِ أن تکون حرمة الکتمان لأجل وضوح الحقّ (6) بسبب کثرةَ من أفشاه وبیّنه ، لئلّا یکون للناس علی اللّٰه حجّة ، بل کان له علیهم الحجّة البالغة .

4 - آیة السؤال

ومنها: آیة السؤال عن أهل الذکر : «فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّکْرِ إِنْ کُنْتُمْ لاٰ تَعْلَمُونَ » (7).

وتقریب الاستدلال بها ما فی آیة الکتمان .

الإشکال فی

[شماره صفحه واقعی : 75]

ص: 224


1- البقرة : 159 .
2- أثبتنا العبارة کما وردت فی الأصل ، وفی غیره من الطبعات : تستلزم القبول . انظر منته الدرایة 4 : 484 .
3- فی « ر » ومنته الدرایة : لغوّیتها .
4- الصواب : فلا مجال . ( منته الدرایة 4 : 484 ) .
5- غرضه دفع ما أورده الشیخ الأعظم علی الاستدلال بهذه الآیة ، حیث قال : ویرد علیها ما ذکرنا من الإیرادین الأوّلین فی آیة النفر . ( فرائد الأُصول 1 : 287 ) .
6- الأولی : حرمة الکتمان ووجوب الإظهار لیتّضح الحق . ( منته الدرایة 4 : 486 ) .
7- النحل : 43 ، الأنبیاء : 7 .

الاستدلال بالآیة

وفیه: أنّ الظاهر منها إیجاب السؤال لتحصیل العلم ، لا للتعبّد بالجواب .

إیرادٌ آخر علی الاستدلال بالآیةوالجواب عنه

وقد أُورد علیها (1): بأنّه لو سلّم دلالتها علی التعبّد بما أجاب أهل الذکر ، فلا دلالة لها علی التعبّد بما یروی الراوی؛ فإنّه بما هو راوٍ لا یکون من أهل الذکر والعلم ، فالمناسب : إنّما هو الاستدلال بها علی حجّیّة الفتوی ، لا الروایة (2) .

وفیه: أنّ کثیراً من الرواة یصدق علیهم أنّهم أهل الذکر والاطّلاع علی رأی الإمام علیه السلام ، کزرارة ومحمّد بن مسلم ومثلهما (3) ، ویصدق علی السؤال عنهم ، أنّه السؤال عن أهل الذکر والعلم ، ولو کان السائل من أضرابهم .

فإذا وجب قبول روایتهم فی مقام الجواب - بمقتضی هذه الآیة - ، وجب قبول روایتهم وروایة غیرهم من العدول مطلقاً؛ لعدم الفصل جزماً فی وجوب القبول بین المبتدِئ والمسبوق بالسؤال ، ولا بین أضراب زرارة وغیرهم ، ممّن لا یکون من أهل الذکر ، وإنّما یروی ما سمعه أو رآه ، فافهم .

5 - آیة الأُذن

ومنها: آیة الأُذن : «وَ مِنْهُمُ الَّذِینَ یُؤْذُونَ النَّبِیَّ وَ یَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَیْرٍ لَکُمْ یُؤْمِنُ بِاللّٰهِ وَ یُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِینَ » (4). فإنّه - تبارک وتعالی - مَدَحَ نبیَّه بأنّه یصدِّق المؤمنین ، وقَرنَه بتصدیقه - تعالی - .

الإشکال فی الاستدلال بالآیة

وفیه أوّلاً: أنّه إنّما مدحَه بأنّه أُذُن ، وهو سریع القطع ، لا الآخذُ بقول الغیر تعبّداً .

[شماره صفحه واقعی : 76]

ص: 225


1- أی : علی الاستدلال بالآیة ، فالأولی : تذکیر الضمیر . ( منته الدرایة 4 : 488 ) .
2- هذا الإیراد ذکره الشیخ الأعظم فی فرائد الأُصول 1 : 290 .
3- الأولی : وأمثالهما . ( منته الدرایة 4 : 490 ) .
4- التوبة : 61 .

وثانیاً: أنّه إنّما المراد (1) بتصدیقه المؤمنین (2) هو ترتیب خصوص الآثار الّتی تنفعهم ولا تضرّ غیرَهم ، لا التصدیق بترتیب جمیع الآثار ، کما هو المطلوب فی باب حجّیّة الخبر (3) .

ویظهر ذلک من تصدیقه صلی الله علیه و آله للنّمام بأنّه ما نمّه ، وتصدیقه للّٰه- تعالی - بأنّه نمّه (4) ، کما هو المراد من التصدیق فی قوله علیه السلام : «فصدِّقه وکذِّبهم» حیث قال - علی ما فی الخبر - : «یا محمَّد (5) ، کذِّب سمعَک وبصرَک عن أخیک ، فإن شهدَ عِندک خمسون قسامة أنّه قال قولاً ، وقال: لم أقله ، فصدّقه وکذّبهم» (6) ، فیکون مراده تصدیقَه بما ینفعه ولا یضرّهم ، وتکذیبَهم فی ما یضرّه ولا ینفعهم ، وإلّا فکیف یحکم بتصدیق الواحد وتکذیب خمسین ؟

[شماره صفحه واقعی : 77]

ص: 226


1- الأولی : وثانیاً أنّ المراد . ( منته الدرایة 4 : 493 ) .
2- فی غیر « ر » : للمؤمنین .
3- هذان الإیرادان مذکوران فی فرائد الأُصول 1: 292 .
4- إشارة إلی ما رواه القمّی فی تفسیره ( 1 : 300 ) فی سبب نزول الآیة : أنّه نمّ منافقٌ علی النبی صلی الله علیه و آله فأخبره اللّٰه - تعالی - بذلک ، فأحضره النبی صلی الله علیه و آله وسأله ، فحلف له أنّه لم ینمّ علیه ، فقبِل منه النبی صلی الله علیه و آله فأخذ الرجل یطعن علی النبی صلی الله علیه و آله : إنه یقبل کل ما یسمع ، فأخبر اللّٰه - تعالی - بأنّه نمّ علیه .
5- أثبتنا العبارة کما فی مصادر الحدیث ، وفی أصل الکتاب وطبعاته : « یا أبا محمد » . والصحیح ما أثبتناه ؛ لأنّه خطاب لمحمد بن الفضیل الراوی للحدیث ، وکنیته : أبو جعفر . راجع منته الدرایة 4 : 495 .
6- وسائل الشیعة 12 : 295 الباب 157 من أبواب أحکام العِشرة ، الحدیث 4 ، مع اختلاف فی بعض الألفاظ .

وهکذا المراد بتصدیق المؤمنین فی قصّة إسماعیل (1) ، فتأمّل جیّداً .

فصلٌ فی الأخبار التی دلّت علی اعتبار أخبار الآحاد
اشارة

وهی وإن کانت طوائف کثیرة (1) - کما یظهر من مراجعة الوسائل

الإشکال فی الاستدلال بالأخبار والجواب عنه

وغیرها - إلّاأنّه یشکل الاستدلالُ بها علی حجّیّة أخبار الآحاد : بأنّها أخبار آحاد؛ فإنّها غیر متّفقةٍ علی لفظٍ ولا علی معنی ، فتکونَ متواترةً لفظاً أو معنیً (2) .

[شماره صفحه واقعی : 78]

ص: 227


1- عن ابن أبی عمیر ، عن حمّاد بن عیسی ، عن حریز ، قال: کانت لإسماعیل بن أبی عبد اللّٰه علیه السلام دنانیر ، وأراد رجل من قریش أن یخرج إلی الیمن ، فقال إسماعیل: یا أبه! إنّ فلاناً یرید الخروج إلی الیمن وعندی کذا وکذا دیناراً ، أفتَری أن أدفعها إلیه یبتاع لی بها بضاعة من الیمن ؟ فقال أبو عبد اللّٰه علیه السلام : «یا بنیّ! أما بلغک أنّه یشرب الخمر ؟» فقال إسماعیل: هکذا یقول الناس . فقال علیه السلام : «یا بنیّ! لا تفعل» . فعصی إسماعیل أباه ودفع إلیه دنانیره فاستهلکها ولم یأته بشیءٍ منها ، فخرج إسماعیل ، وقضی أنّ أبا عبد اللّٰه علیه السلام حجّ ، وحجّ إسماعیل تلک السنة ، فجعل یطوف بالبیت ویقول: «اللّهم أجرنی واخلف علیّ» ، فلحقه أبو عبد اللّٰه علیه السلام فهمزه بیده من خلفه وقال له: «مه ، یا بنی ، فلا واللّٰه ما لک علی اللّٰه حجّة ، ولا لک أن یأجرک ولا یخلف علیک ، وقد بلغک أنّه یشرب الخمر فائتمنته» . فقال إسماعیل: یا أبه! أ نّی لم أره یشرب الخمر ، إنّما سمعت الناس یقولون . قال علیه السلام : «یا بنیّ! إنّ اللّٰه عزّوجلّ یقول فی کتابه: «یُؤْمِنُ بِاللّٰهِ وَ یُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِینَ » [ التوبة : 61 ] یقول: یصدّق اللّٰه ویصدّق المؤمنین ، فإذا شهد عندک المؤمنون فصدّقهم ، ولا تأتمن شارب الخمر ... » . الحدیث . الکافی 5 : 299 .
2- منها : الأخبار العلاجیّة الدالّة علی أنّ حجّیة أخبار الآحاد کانت مسلّمة بین الأصحاب ، وإنّما سألوا عن علاج معارضتها . انظر وسائل الشیعة 27 : 106 ، باب وجوه الجمع بین الأحادیث المختلفة ، وکیفیّة العمل بها . ومنها : الأخبار الآمرة بالرجوع إلی أشخاص معیّنین من الرواة . انظر المصدر السابق : 138 ، الباب 11 من أبواب صفات القاضی ، الحدیث 4 ، و 143 : الحدیث 19 ، و 146 - 147 : الحدیثان 27 و 33 . ومنها : ما ورد فی الرجوع إلی ثقاة الرواة وعدم جواز التشکیک فی حدیثهم . المصدر : 150 و 151 ، الباب 11 من أبواب صفات القاضی ، الحدیث 40 و 42 و 45 .

ولکنّه مندفع: بأنّها وإن کانت کذلک ، إلّاأنّها متواترةٌ إجمالاً؛ ضرورة أنّه یعلم إجمالاً بصدور بعضها منهم علیهم السلام ، وقضیّتُه وإن کان حجّیّةَ خبرٍ دلّ علی حجّیةِ (1) أخصِّها مضموناً ، إلّاأنّه یتعدّیٰ عنه فی ما إذا کان بینها ما کان بهذه الخصوصیّة ، وقد دلّ علی حجّیّة ماکان أعمّ ، فافهم .

فصلٌ فی الجماع علی حجیة الخبر
وجوه تقریرالإجماع :
اشارة

وتقریره من وجوه :

الوجه الأوّل:دعوی الإجماع القولیّ وما یرد علیها

أحدها (2): دعوی الإجماع من تتبُّع فتاوی الأصحاب علی الحجّیّة ، من زماننا إلی زمان الشیخ ، فیُکشف رضاه علیه السلام بذلک ، ویُقطع به ، أو من تتبُّع الإجماعات المنقولة علی الحجّیّة .

[شماره صفحه واقعی : 79]

ص: 228


1- أثبتنا الکلمة من « ر » ومنته الدرایة ، وفی غیرهما : حجّیته . وفی حقائق الأُصول : وإن کان حجّیة خبر أخصّها مضموناً .
2- أفاده الشیخ الأعظم فی فرائد الأُصول 1 : 311 .

ولا یخفی مجازفة هذه الدعوی؛ لاختلاف الفتاوی فی ما أُخذ فی اعتباره من الخصوصیّات ، ومعه لا مجال لتحصیل القطع برضاه علیه السلام من تتبّعها؛ وهکذا حال تتبُّع الإجماعات المنقولة .

اللهمّ إلّاأن یُدّعی تواطؤها علی الحجّیّة فی الجملة ، وإنّما الاختلاف فی الخصوصیّات المعتبرة فیها ، ولکن دون إثباته خرط القتاد .

الوجه الثانی: دعوی الإجماع العملیّ وما یرد علیها

ثانیها (1): دعوی اتّفاق العلماء عملاً - بل کافّةِ المسلمین - علی العمل بخبر الواحد فی أُمورهم الشرعیّة ، کما یظهر من أخذ فتاوی المجتهدین من الناقلین لها .

وفیه: - مضافاً إلی ما عرفت ممّا یرد علی الوجه الأوّل - أنّه لو سُلّم اتّفاقهم علی ذلک ، لم یُحرز أنّهم اتّفقوا بما هم مسلمون ومتدیّنون بهذا الدین ، أو بما هم عقلاء ولو لم یلتزموا (2) بدینٍ ، کما هم لایزالون یعملون بها فی غیر الاُمور الدینیّة من الاُمور العادیّة .

فیرجع إلی ثالث الوجوه .

الوجه الثالث: سیرة العقلاء

وهو دعویٰ استقرار سیرة العقلاء من ذوی الأدیان وغیرِهم علی العمل بخبر الثقة ، واستمرّت إلی زماننا ، ولم یردع عنه نبیّ ولا وصیّ نبیّ؛ ضرورة أنّه لو کان لاشتهر وبان ، ومن الواضح أنّه یکشف عن رضاء الشارع به فی الشرعیّات أیضاً .

الإشکال علی التمسّک بسیرة العقلاء والجواب عنه

إن قلت (3): یکفی فی الردع : الآیاتُ الناهیة والروایاتُ المانعة عن اتّباع

[شماره صفحه واقعی : 80]

ص: 229


1- أفاده الشیخ الأنصاری أیضاً فی فرائده 1 : 343 .
2- فی « ق » و « ش » : یُلزَموا .
3- هذا الإشکال ذکره الشیخ الأعظم وأجاب عنه فی فرائد الأُصول 1 : 346 .

غیر العلم (1) ، وناهیک قولُه تعالیٰ: «وَ لاٰ تَقْفُ مٰا لَیْسَ لَکَ بِهِ عِلْمٌ » (2)، وقولُه تعالیٰ: «إِنَّ الظَّنَّ لاٰ یُغْنِی مِنَ الْحَقِّ شَیْئاً » (3).

قلت: لا یکاد یکفی تلک الآیات فی ذلک؛ فإنّه - مضافاً إلی أنّها إنّما وردت إرشاداً إلی عدم کفایة الظنّ فی اصول الدین ، ولو سلّم فإنّما المتیقّن ، لولا أنّه المنصرف إلیه إطلاقُها ، هو خصوص الظنّ (4) الّذی لم یقم علی اعتباره حجّة - لا یکاد یکون الردع بها إلّاعلی وجه دائر؛ وذلک لأنّ الردع بها یتوقّف علی عدم تخصیص عمومها ، أو تقیید إطلاقها بالسیرة علی اعتبار خبر الثقة ، وهو یتوقّف علی الردع عنها بها ، وإلّا لکانت مخصِّصة أو مقیّدة لها (5) ، کما لا یخفی .

لا یقال: علی هذا لا یکون اعتبار خبر الثقة بالسیرة أیضاً إلّاعلی وجهٍ دائر؛ فإنّ اعتباره بها فعلاً یتوقّف علی عدم الردع بها عنها ، وهو یتوقّف علی تخصیصها بها ، وهو یتوقّف علی عدم الردع بها عنها .

فإنّه یقال: إنّما یکفی فی حجّیّته بها عدمُ ثبوت الردع عنها ؛ لعدم نهوض ما یصلح لردعها ، کما یکفی فی تخصیصها لها ذلک ، کما لا یخفی؛ ضرورة أنّ ما

[شماره صفحه واقعی : 81]

ص: 230


1- سبق تخریجهما فی استدلالات المنکرین لحجّیّة الخبر . راجع الصفحة : 67 - 68 .
2- الإسراء : 36 .
3- یونس : 36 .
4- الأولی : فإنّما المتیقّن هو خصوص الظن الذی لم یقم علی اعتباره حجّة ، لولا أنّه المنصرف إطلاقها إلیه . ( منته الدرایة 4 : 515 ) .
5- فی « ر » : مقیَّدة بها . یلاحظ منته الدرایة 4 : 517 .

جرت علیه السیرة المستمرّة فی مقام الإطاعة والمعصیة ، - وفی استحقاق العقوبة بالمخالفة ، وعدم استحقاقها مع الموافقة ، ولو فی صورة المخالفة عن الواقع (1) - ، یکون عقلاً فی الشرع متّبعاً ، ما لم ینهض دلیل علی المنع عن اتّباعه فی الشرعیّات ، فافهم وتأمّل (2)* .

[شماره صفحه واقعی : 82]

ص: 231


1- الأولی : سوق العبارة هکذا : وفی استحقاق العقوبة بالمخالفة ، والمثوبة بالموافقة ، ولو فی صورة المخالفة للواقع . ( منته الدرایة 4 : 520 ) .
2- (*) قولنا: «فافهم وتأمّل» إشارةٌ إلی کون خبر الثقة متَّبَعاً ، ولو قیل بسقوط کلٍّ من السیرة والإطلاق عن الاعتبار ، بسبب دوران الأمر بین ردعها به وتقییده بها ؛ وذلک لأجل استصحاب حجّیّته الثابته قبل نزول الآیتین . فإن قلت: لا مجال لاحتمال التقیید بها؛ فإنّ دلیل اعتبارها مغیّا بعدم الردع به عنها ، ومعه لا تکون صالحة لتقیید الإطلاق مع صلاحیّته للردع عنها ، کما لا یخفی . قلت: الدلیل لیس إلّاإمضاء الشارع لها ورضاه بها ، المستکشف بعدم ردعه1) عنها فی زمان مع إمکانه ، وهو غیر مغیّا . نعم ، یمکن أن یکون له - واقعاً ، وفی علمه تعالی - أمدٌ خاصّ ، کحکمه الابتدائیّ؛ حیث إنّه ربما یکون له أمد ، فینسخ ، فالردع فی الحکم الإمضائیّ لیس إلّاکالنسخ فی الابتدائیّ ، وذلک غیر کونه بحسب الدلیل مغیّا ، کما لا یخفی . وبالجملة: لیس حال السیرة مع الآیات الناهیة ، إلّاکحال الخاصّ المقدّم والعامّ المؤخّر ، فی دوران الأمر بین التخصیص بالخاصّ أو النسخ بالعامّ ، ففیهما یدور الأمر أیضاً بین التخصیص بالسیرة أو الردع بالآیات ، فافهم . ( منه قدس سره ) . - 1) أثبتناها من « ر » ، حقائق الأُصول ومنته الدرایة وفی غیرها : الردع .
فصلٌ فی الوجوه العقلیّة التی أُقیمت علی حجّیّة الواحد
اشارة

فصلٌ فی الوجوه العقلیّة التی أُقیمت علی حجّیّة (1) الواحد

الوجه الأول : العلم الإجمالی بصدور کثیر من الأخبار
اشارة

أحدها: أنّه یُعلم إجمالاً بصدور کثیرٍ ممّا بأیدینا من الأخبار ، من الأئمّة الأطهار علیهم السلام بمقدار وافٍ بمعظم الفقه ، بحیث لو علم تفصیلاً ذاک المقدار لانحلَّ علْمُنا الإجمالیّ - بثبوت التکالیف بین الروایات وسائر الأمارات - إلی العلم التفصیلیّ بالتکالیف ، فی مضامین الأخبار الصادرة المعلومة تفصیلاً (2) ، والشکِّ البدویّ فی ثبوت التکلیف فی مورد سائر الأمارات غیرِ المعتبرة .

ولازم ذلک (3) : لزوم العمل علی وفق جمیع الأخبار المثبتة ، وجوازُ

[شماره صفحه واقعی : 83]

ص: 232


1- التعبیر بالحجّیة مسامحة ؛ إذ مقتضی الوجوه العقلیة لیس إلّالزوم العمل بالأخبار احتیاطاً بحکم العقل . راجع منته الدرایة 4 : 522 .
2- الصواب: ذکر کلمة «أو إجمالاً» بعد قوله: «تفصیلاً» فی الموضعین؛ ضرورة عدم توقف انحلال العلم الإجمالی الکبیر، علی العلم التفصیلی بصدور الروایات؛ لکفایة العلم الإجمالی بصدور أخبار فی انحلال العلم الإجمالی الکبیر ... وسیأتی التصریح منه بکفایة العلم الإجمالی بصدور روایات فی الإنحلال المزبور بقوله: « لما عرفت من انحلال العلم الإجمالی بینها بما علم بین الأخبار بالخصوص ولو بالإجمال » . ( منته الدرایة 4 : 526 - 527 ) .
3- إشارة إلی ردّ الجواب الثالث الذی ذکره الشیخ قدس سره عن الدلیل ، وحاصله : أنّ قضیّة العلم الإجمالی وجوب العمل بالأخبار المثبتة ، لا النافیة ؛ لعدم وجوب العمل بها . وحاصل الردّ : أنّ المدّعی للمستدل إثبات الوجوب فی الأُولی ، والجواز فی الثانیة ، لا الوجوب فیها أیضاً . ( کفایة الأُصول مع حاشیة المشکینی 3 : 347 - 348 ) ، وانظر فرائد الأُصول 1 : 360 .

العمل علی طبق النافی منها ، فی ما إذا لم یکن فی المسألة أصلٌ مثبِت له ، من قاعدة الاشتغال أو الاستصحاب ، بناءً علی جریانه فی أطراف ما عُلم إجمالاً بانتقاض الحالة السابقة فی بعضها ، أو قیامِ (1) أمارةٍ معتبرة علی انتقاضها فیه ، وإلّا لاختصّ عدمُ جواز العمل علی وفق النافی بما إذا کان علی خلاف قاعدة الاشتغال .

الجواب عن الوجه الأوّل

وفیه (2): أنّه لا یکاد ینهض علی حجّیّة الخبر ، بحیث یُقدّم تخصیصاً أو تقییداً أو ترجیحاً علی غیره ، من عمومٍ أو إطلاق أو مثلِ مفهومٍ ، وإن کان یسلم عمّا أُورد علیه (3) : من أنّ لازمه الاحتیاط فی سائر الأمارات ، لا فی خصوص الروایات؛ لما عرفت من انحلال العلم الإجمالیّ بینهما (4) بما علم بین الأخبار بالخصوص ولو بالإجمال ، فتأمّل جیّداً .

الوجه الثانی: ثبوت کثیر من الأحکام بخبر الواحد
اشارة

ثانیها: ما ذکره فی « الوافیة » مستدلّاً (5) علی حجّیّة الأخبار الموجودة فی الکتب المعتمدة للشیعة - کالکتب الأربعة - مع عمل جَمْعٍ به (6) من غیر ردٍّ ظاهرٍ . وهو: «أ نّا نقطع ببقاء التکلیف إلی یوم القیامة ، سیّما بالأُصول الضروریّة ،

[شماره صفحه واقعی : 84]

ص: 233


1- عطف علی قوله : « بانتقاض » ... والأولی : « أو قام أمارة » لیکون معطوفاً علی « عُلم » . ( منته الدرایة 4 : 530 ) .
2- هذا الإیراد هو رابع إیرادات الشیخ الأعظم علی الوجه المتقدّم . راجع فرائد الأُصول 1 : 360 .
3- إشارة إلی أوّل إیرادات الشیخ الأنصاری علی الوجه المتقدّم . المصدر : 357 .
4- فی حقائق الأُصول ومنته الدرایة : بینها .
5- الأولی : إضافة « به » . ( منته الدرایة 4 : 534 ) .
6- الأولی : تأنیث الضمیر ؛ لرجوعه إلی الأخبار . ( المصدر السابق ) .

کالصلاة والزکاة والصوم والحجّ والمتاجر والأنکحة ونحوها ، مع أنّ جلّ أجزائها وشرائطها وموانعها ، إنّما یثبت بالخبر غیرِ القطعیّ ، بحیث نقطع بخروج حقائق هذه الاُمور عن کونها هذه الاُمور ، عند ترک العمل بخبر الواحد ، ومن أنکر ذلک فإنّما یُنکره باللسان ، «وَ قَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِیمٰانِ » » (1)(2) ، انته .

وأُورد علیه (3):

إیرادان للشیخ الأعظم علی الوجه الثانی

أوّلاً: بأنّ العلم الإجمالیّ حاصل بوجود الأجزاء والشرائط بین جمیع الأخبار ، لا خصوص الأخبار المشروطة بما ذکره ، فاللازم حینئذٍ : إمّا الاحتیاط ، والعمل بکل خبرٍ دلّ علی جزئیة شیء أو شرطیّته ، وإمّا العمل بکل خبرٍ ظُنّ صدوره ، ممّا دلّ علی (4) الجزئیة أو الشرطیة (5) .

قلت: یمکن أن یقال: إنّ العلم الإجمالیّ وإن کان حاصلاً بین جمیع

[شماره صفحه واقعی : 85]

ص: 234


1- النحل : 106 .
2- الوافیة : 159 .
3- المُورِد هو الشیخ الأنصاری فی فرائده 1 : 361 - 362 .
4- أدرجنا العبارة کما وردت فی « ر » ومنته الدرایة . وفی الأصل : إمّا الاحتیاط ، أو العمل بکل ما ظنّ صدوره بکلّ ما دلّ علی ... وفی مصحّح « ن » : إمّا الاحتیاط أو العمل بکلّ ما ظنّ صدوره مما دلّ علی ... وفی « ق » ، « ش » وحقائق الأُصول : إمّا الاحتیاط أو العمل بکلّ ما دلّ علی جزئیة شیء أو شرطیته . وقال المحقّق المشکینی : ( کفایة الأُصول مع حاشیة المشکینی 3 : 352 ) تعلیقاً علی العبارة التی أثبتها : « الظاهر : اغتشاش النسخة ، والعبارة هکذا : » فذکر العبارة التی أوردناها فی المتن ، وذلک وفقاً لما جاء فی فرائد الشیخ الأعظم 1 : 362 .
5- فی « ر » هنا زیادة هذه العبارة : إلّاأن یقال : « إنّ المظنون الصدور من الأخبار هو الجامع لما ذکر من الشروط » ، وهی واردة فی فرائد الأُصول 1 : 362 .

الأخبار ، إلّاأنّ العلم بوجود الأخبار الصادرة عنهم علیهم السلام بقدر الکفایة بین تلک الطائفة ، أو العلم باعتبار طائفة (1) کذلک بینها ، یوجب انحلالَ ذاک العلم الإجمالیّ ، وصیرورةَ غیرها خارجةً (2) عن طرف العلم ، کما مرّت إلیه الإشارة فی تقریب الوجه الأوّل .

اللهمّ إلّاأن یُمنع عن ذلک ، وادُّعی عدم الکفایة فی ما علم بصدوره أو اعتباره ، أو ادّعی العلم بصدور أخبارٍ اخر بین غیرها ، فتأمّل .

وثانیاً: بأنّ قضیّته إنّما هو العمل بالأخبار المثبِتة للجزئیّة أو الشرطیّة ، دون الأخبار النافیة لهما .

إشکال المصنّف علی الوجه الثانی

والأولی أن یورد علیه: بأنّ قضیّته إنّما هو الاحتیاط بالأخبار المثبِتة ، فی ما لم تقم حجّة معتبرة علی نفیهما ، من عموم دلیلٍ أو إطلاقه ، لا الحجّیّةُ بحیث یخصَّص أو یقیَّد بالمثبِت منها ، أو یُعمل بالنافی فی قبال حجّةٍ علی الثبوت و (3)لو کان أصلاً ، کما لا یخفی .

الوجه الثالث: وجوب العمل بالظنّ فی الکتاب والسنّة عند انسداد باب العلم والعلمی
اشارة

ثالثها: ما أفاده بعض المحقّقین (4) بما ملخّصه: أ نّا نعلم بکوننا مکلّفین بالرجوع إلی الکتاب والسنّة إلی یوم القیامة، فإن تمکّنّا من الرجوعُ إلیهما علی نحوٍ یحصل العلم بالحکم أو ما بحکمه ، فلابدّ من الرجوع إلیهما کذلک ، وإلّا

[شماره صفحه واقعی : 86]

ص: 235


1- فی « ش » : الطائفة . وفی منته الدرایة : تلک الطائفة .
2- فی « ق » ، « ش » ، حقائق الأُصول ومنته الدرایة : غیره خارجاً .
3- الصواب : إسقاط الواو ؛ لأنّ المقصود إثبات العمل بالنافی من هذه الأخبار ، لو کان الحجة علی الثبوت أصلاً ، کالاستصحاب ... إذ لو کان المثبت خبراً لم یقدّم النافی علیه ، بل یتعارضان . ( منته الدرایة 4 : 543 ) .
4- وهو المحقّق التقی فی هدایة المسترشدین 3 : 373 - 374 .

فلا محیصَ عن الرجوع علی نحوٍ یحصل الظنّ به فی الخروج عن عهدة هذا التکلیف ، فلو لم یتمکّن من القطع بالصدور أو الاعتبار ، فلابدّ من التنزّل إلی الظنّ بأحدهما .

الجواب عن الوجه الثالث

وفیه: أنّ قضیّة بقاء التکلیف فعلاً بالرجوع إلی الأخبار الحاکیة للسنّة - کما صرّح بأنّها المراد منها فی ذیل کلامه (1)زید فی علوّ مقامه - إنّما هو (2) الاقتصار فی الرجوع (3) إلی الأخبار المتیقّن الاعتبار ، فإن وفی ، وإلّا اضیف إلیه الرجوعُ إلی ما هو المتیقّن اعتباره بالإضافة ، لو کان ، وإلّا فالاحتیاط بنحوٍ عرفت (4) ، لا الرجوعُ إلی ما ظُنّ اعتباره؛ وذلک للتمکّن من الرجوع علماً - تفصیلاً أو إجمالاً (5) - ، فلا وجه معه من الاکتفاء بالرجوع إلی ما ظنّ اعتباره ، هذا .

مع أنّ مجال المنع عن ثبوت التکلیف بالرجوع إلی السنّة بذاک المعنی - فی ما لم یعلم بالصدور ولا بالاعتبار بالخصوص - واسعٌ .

إیراد الشیخ الأنصاری علی الوجه الثالث والکلام فیه

وأمّا الإیراد علیه (6): برجوعه : إمّا إلی دلیل الانسداد ، لو کان ملاکه دعوی العلم الإجمالیّ بتکالیف واقعیّة ، وإمّا إلی الدلیل الأوّل ، لو کان ملاکه دعوی العلم بصدور أخبارٍ کثیرة بین ما بأیدینا من الأخبار .

ففیه: أنّ ملاکه إنّما هو دعوی العلم بالتکلیف بالرجوع إلی الروایات - فی الجملة - إلی یوم القیامة ، فراجع تمام کلامه ، تعرف حقیقةَ مرامه .

[شماره صفحه واقعی : 87]

ص: 236


1- هدایة المسترشدین 3 : 378 .
2- فی « ق » و « ش » : هی . (3) کذا ، والأولی : علی الرجوع .
3-
4- فی إیراده علی الوجه الثانی، بقوله: والأولی أن یورد علیه بأنّ قضیّة إنّما هو الاحتیاط ... .
5- الأولی أن یقال : للتمکّن من الرجوع إلی المعلوم الاعتبار تفصیلاً أو إجمالاً . ( منته الدرایة 4 : 549 ) .
6- أورده الشیخ الأعظم فی فرائد الأُصول 1 : 363 - 364 .
مباحث الظنّ
فصلٌ فی الوجوه التی أقاموها علی حجّیّة الظنّ
اشارة

وهی أربعة:

الوجه الأوّل:قاعدة دفع الضرر المظنون
اشارة

الأوّل: أنّ فی مخالفة (1) المجتهد لما ظنَّه من الحکم الوجوبیّ أو التحریمیّ مظَنّةً للضرر ، ودفعُ الضرر المظنون لازمٌ .

أمّا الصغری: فلأنّ الظنّ بوجوب شیءٍ أو حرمته ، یلازم الظنّ بالعقوبة علی مخالفته ، أو الظنَّ بالمفسدة فیها ، بناءً علی تبعیّة الأحکام للمصالح والمفاسد .

وأمّا الکبریٰ: فلاستقلال العقل بدفع الضرر المظنون ، ولو لم نقل بالتحسین والتقبیح (2)؛ لوضوح عدم انحصار ملاک حکمه بهما ، بل یکون (3) التزامه بدفع الضرر المظنون ، - بل المحتمل - بما هو کذلک ، ولو لم یستقلّ بالتحسین والتقبیح ،

[شماره صفحه واقعی : 88]

ص: 237


1- فی « ر » : أنّ مخالفة ... .
2- هذا ردّ علی ما أجاب به الحاجبی عن الدلیل ، من منع الکبری ، وأنّ دفع الضرر المظنون - إذا قلنا بالتحسین والتقبیح العقلیین - احتیاط مستحسنٌ لا واجب . انظر شرح العضدی علی مختصر الأُصول 1 : 163 .
3- فی « ر » زیادة : ملاکه .

مثل الالتزام بفعل ما استقلّ بحسنه - إذا قیل باستقلاله - ، ولذا أطبق العقلاء علیه ، مع خلافهم فی اسقلاله بالتحسین والتقبیح ، فتدبّر جیّداً .

الإشکال علی الوجه الأول

والصواب فی الجواب هو : منع الصغری:

أمّا العقوبة: فلضرورة عدم الملازمة بین الظنّ بالتکلیف والظنّ بالعقوبة علی مخالفته؛ لعدم الملازمة بینه والعقوبة (1) علی مخالفته ، وإنّما الملازمة بین خصوص معصیته واستحقاق العقوبة علیها ، لا بین مطلق المخالفة والعقوبة بنفسها (2) . ومجرّد (3) الظنّ به - بدون دلیل علی اعتباره - لایتنجّز به ، کی یکون مخالفته عصیانَه .

إلّاأن یقال: إنّ العقل وإن لم یستقلّ بتنجّزه بمجرّده ، بحیث یحکم باستحقاق العقوبة علی مخالفته ، إلّاأنّه لا یستقلّ أیضاً بعدم استحقاقها معه ، فیحتمل العقوبة حینئذٍ علی المخالفة . ودعوی استقلاله بدفع الضرر المشکوک - کالمظنون - قریبةٌ جدّاً ، لا سیّما إذا کان هو العقوبة الاُخرویّة (4) ، کما لا یخفی .

وأمّا المفسدة: فلأنّها وإن کان الظنّ بالتکلیف یوجب الظنّ بالوقوع فیها

[شماره صفحه واقعی : 89]

ص: 238


1- الأولی : أن یقال : بینه وبین العقوبة . ( منته الدرایة 4 : 558 ) .
2- هذه الکلمة ( بنفسها ) مستدرکة ؛ لأنّ المقصود نفی الملازمة بین مطلق المخالفة والعقوبة ، وهو یستفاد من العبارة ، بلا حاجة إلیها . ( المصدر السابق ) .
3- فی الأصل : وبمجرّد ، وفی غیره مثل ما أثبتناه .
4- هذه الجملة مستدرکة ؛ إذ الکلام فی منع الصغری علی تقدیر إرادة خصوص العقوبة من الضرر ، کما تقدّم بقوله : « أما العقوبة » ، فالکلام حول الضرر بمعنی العقوبة ، لا مطلق الضرر ، حتی یتّجه قوله : « لا سیما ... » . ( منته الدرایة 4 : 561 ) .

لو خالفه ، إلّاأنّها لیست بضرر علی کلّ حال؛ ضرورة أنّ کلّ ما یوجب قبحَ الفعل من المفاسد ، لا یلزم أن یکون من الضرر علی فاعله ، بل ربما یوجب حزازةً ومنقصةً فی الفعل ، بحیث یُذمّ علیه فاعلُه بلا ضررٍ علیه أصلاً ، کما لا یخفی .

وأمّا تفویت المصلحة: فلا شبهة فی أنّه لیس فیه مضرّةٌ ، بل ربما یکون فی استیفائها المضرّة ، کما فی الإحسان بالمال ، هذا .

مع منع کون الأحکام تابعةً للمصالح والمفاسد فی المأمور بها والمنهیّ عنها (1) ، بل إنّما هی تابعة لمصالحَ فیها (2) ، کما حقّقناه فی بعض فوائدنا (3) .

وبالجملة (4): لیست المفسدة ولاالمنفعة الفائتة - اللّتان فی الأفعال ، واُنیط بهما الأحکام - بمضرّة . ولیس مناط حکم العقل بقبح ما فیه المفسدة ، أو حُسْن ما فیه المصلحة من الأفعال - علی القول باستقلاله بذلک - هو کونه ذا ضررٍ واردٍ علی فاعله ، أو نفعٍ عائدٍ إلیه .

[شماره صفحه واقعی : 90]

ص: 239


1- کذا فی الأصل وطبعاته ، والأولی : المأمور به والمنهیّ عنه .
2- فیه مسامحة واضحة ؛ إذ ظاهر العبارة تُوهم کون الأحکام دائماً کذلک ، وهو کما تری . ( کفایة الأُصول مع حاشیة المشکینی 3 : 374 ) .
3- لا یخفی : أنّ الذی حقّقه فی بعض فوائده ... هو کونها ( الأحکام ) تابعة للمصالح والمفاسد فی متعلقاتها . ( حقائق الأُصول 2 : 153 ) ، وراجع الفوائد ( للمصنف ) : 330 فائدة فی الملازمة بین الأحکام الشرعیة والعقلیة . نعم ، یوجد له - فی حاشیته علی الفرائد : 76 - جواب قریب عمّا ذکره هنا . یلاحظ أیضاً منته الدرایة 4 : 565 .
4- هذا حاصل ما ذکره فی قوله : وأ مّا المفسدة ... فکان المناسب بیانه قبل قوله : مع منع کون ... انظر منته الدرایة 4 : 567 وکفایة الأُصول مع حاشیة المشکینی 3 : 374 .

ولعمری هذا أوضح من أن یخفی ، فلا مجال لقاعدة دفع الضرر المظنون هاهنا أصلاً .

ولا استقلال للعقل بقبح فعْلِ ما فیه احتمال المفسدة ، أو ترک ما فیه احتمال المصلحة ، فافهم .

الوجه الثانی: الملازمة بین عدم الأخذ بالظنّ وترجیح المرجوح علی الراجح والردّ علیه

الثانی: أنّه لو لم یؤخذ بالظنّ لزم ترجیح المرجوح علی الراجح ، وهو قبیح .

وفیه (1): أنّه لا یکاد یلزم منه ذلک ، إلّافی ما إذا کان الأخذ بالظنّ أو بطرفه لازماً ، مع عدم إمکان الجمع بینهما عقلاً ، أو عدم وجوبه شرعاً ، لیدور الأمر بین ترجیحه وترجیح طرفه . ولا یکاد یدور الأمر بینهما إلّابمقدّمات دلیل الانسداد ، وإلّا کان اللازم هو الرجوع إلی العلم ، أو العلمیّ ، أو الاحتیاط ، أو البراءة ، أو غیرها (2) ، علی حسب اختلاف الأشخاص أو الأحوال فی اختلال (3) المقدّمات ، علی ما ستطّلع علی حقیقة الحال .

الوجه الثالث : لزوم العمل بالاحتیاط فی المظنونات دون المشکوکات والموهومات
اشارة

الثالث: ما عن السیّد الطباطبائیّ قدس سره (4)من : أنّه لا ریب فی وجود واجبات ومحرّمات کثیرة بین المشتبهات ، ومقتضیٰ ذلک وجوب الاحتیاط بالإتیان بکلّ ما یحتمل الوجوب ولو موهوماً ، وترکِ ما یحتمل الحرمة کذلک ، ولکن مقتضیٰ قاعدة نفی الحرج ، عدم وجوب ذلک کلّه؛ لأنّه عُسْرٌ أکید

[شماره صفحه واقعی : 91]

ص: 240


1- هذا هو أحد جوابی الشیخ الأعظم عن الوجه المذکور . راجع فرائد الأُصول 1: 381 .
2- أدرجنا الکلمة من « ر » ، وفی غیرها : غیرهما .
3- فی « ش » ، حقائق الأُصول ومنته الدرایة : اختلاف .
4- حکاه الشیخ الأعظم الأنصاری عن أُستاذه ( شریف العلماء ) عن أُستاذه السیّد الطباطبائی . انظر فرائد الأُصول 1 : 382 وبحر الفوائد 1 : 189 .

وحَرَجٌ شدید ، فمقتضی الجمع بین قاعدتی الاحتیاط وانتفاء الحرج : العمل بالاحتیاط فی المظنونات ، دون المشکوکات والموهومات؛ لأنّ الجمع علی غیر هذا الوجه - بإخراج بعض المظنونات ، وإدخال بعض المشکوکات والموهومات - باطل إجماعاً .

الإیراد علی الوجه

ولا یخفی ما فیه من القدح والفساد؛ فإنّه (1) بعضُ مقدّمات دلیل الانسداد ، ولا یکاد ینتج بدون سائر مقدّماته ، ومعه لا یکون دلیلاً (2) آخر بل ذاک الدلیل .

الوجه الرابع : دلیل الانسداد
اشارة

الرابع: دلیل الانسداد ، وهو مؤلّف من مقدّمات ، یستقلّ العقل مع تحقّقها بکفایة الإطاعة الظنیّة - حکومةً أو کشفاً ، علی ماتعرف - ، ولا یکاد یستقلّ بها بدونها .

مقدّمات دلیل الانسداد

وهی خمس:

أُولاها (3): أنّه یعلم إجمالاً بثبوت تکالیف کثیرة فعلیّة فی الشریعة .

ثانیتها: أنّه قد انسدّ علینا باب العلم والعلمیّ إلی کثیر منها .

ثالثتها: أنّه لا یجوز لنا إهمالها ، وعدم التعرّض لامتثالها أصلاً .

رابعتها: أنّه لا یجب علینا الاحتیاط فی أطراف علمنا ، بل لا یجوز فی الجملة ، کما لا یجوز الرجوع إلی الأصل فی المسألة ، من استصحابٍ وتخییر وبراءة واحتیاط ، ولا إلی فتوی العالم بحکمها .

[شماره صفحه واقعی : 92]

ص: 241


1- أفاد ذلک الشیخ الأعظم فی فرائده 1 : 382 .
2- فی « ق » و « ر » وحقائق الأُصول : دلیلٌ . یراجع منته الدرایة 4 : 574 .
3- أثبتنا الأعداد وفقاً لما ورد فی حقائق الأُصول ، وفی غیره : أوّلها ، ثانیها ... .

خامستها: أنّه کان ترجیح المرجوح علی الراجح قبیحاً (1)(2) .

فیستقلّ العقل حینئذٍ بلزوم الإطاعة الظنّیّة لتلک التکالیف المعلومة ، وإلّا لزم - بعد انسداد باب العلم والعلمیّ بها - : إمّا إهمالها ، وإمّا لزوم الاحتیاط فی أطرافها ، وإمّا الرجوع إلی الأصل الجاری فی کلّ مسألة ، - مع قطع النظر عن العلم بها - أو التقلید فیها ، أو الاکتفاء بالإطاعة الشکّیّة أو الوهمیّة مع التمکّن من الظنّیّة .

والفرض بطلان کلّ واحد منها :

التحقیق فی مقدّمات الإنسداد:
1 - انحلال العلم الإجمالی بالتکالیف بسبب الأخبار الواردة عن أهل البیت علیهم السلام

أمّا المقدّمة الأُولی: فهی وإن کانت بدیهیّةً ، إلّاأنّه قد عرفت (3) انحلالَ العلم الإجمالیّ بما فی الأخبار الصادرة عن الأئمّة الطاهرین علیهم السلام ، الّتی تکون فی ما بأیدینا ، من الروایات فی الکتب المعتبرة ، ومعه لا موجب للاحتیاط إلّافی خصوص ما فی الروایات ، وهو غیر مستلزم للعسر ، فضلاً عمّا یوجب الاختلال ، ولا إجماع علی عدم وجوبه ، ولو سُلّم الإجماع علی عدم وجوبه لو لم یکن هناک انحلال .

2 - انسداد باب العلم ، لا باب العلمی

وأمّا المقدّمة الثانیة: فأمّا بالنسبة إلی العلم: فهی بالنسبة إلی أمثال زماننا بیّنة وجدانیّة ، یَعرف الانسدادَ کلُّ من تعرّض للاستنباط والاجتهاد .

[شماره صفحه واقعی : 93]

ص: 242


1- الأولی : « أنّ ترجیح المرجوح علی الراجح قبیح » حتی یلائم قوله : « فیستقل العقل » . ( منته الدرایة 4 : 577 ) .
2- هذا دلیل المقدّمة الخامسة ، لا نفسها ، بل اللازم أن یقال : « أنّه لا یجوز التنزل إلی الشک أو الوهم ؛ لقبح ترجیح المرجوح علی الراجح » کما فی المقدّمات السابقة . ( نهایة الدرایة 3 : 273 ) .
3- فی جوابه علی الوافیة : أنّ العلم بوجود الأخبار الصادرة عنهم علیهم السلام ... یوجب انحلال ذاک العلم الاجمالی . انظر الصفحة : 86 .

وأمّا بالنسبة إلی العلمیّ: فالظاهر أنّها غیر ثابتة؛ لما عرفت من نهوض الأدلّة علی حجّیّة خبرٍ یوثق بصدقه ، وهو - بحمد اللّٰه - وافٍ بمعظم الفقه ، لا سیّما بضمیمة ما عُلم تفصیلاً منها ، کما لا یخفی .

3 - المقدّمة الثالثة - وهی عدم جواز الإهمال - قطعیّة

وأمّا الثالثة: فهی قطعیّة ، ولو لم نقل بکون العلم الإجمالیّ منجِّزاً مطلقاً ، أو فی ما جاز أو وجب الاقتحام فی بعض أطرافه ، کما فی المقام ، حسب ما یأتی (1)؛ وذلک لأنّ إهمال معظم الأحکام ، وعدمَ الاجتناب کثیراً عن الحرام ، ممّا یقطع بأنّه مرغوب عنه شرعاً ، وممّا یلزم ترکه إجماعاً .

إن قلت: إذا لم یکن العلمُ بها منجِّزاً لها؛ - للزوم الاقتحام فی بعض الأطراف، کما أُشیر إلیه - فهل کان العقاب علی المخالفة فی سائر الأطراف حینئذٍ - علی تقدیر المصادفة - إلّاعقاباً بلا بیان ، والمؤاخذةُ علیها إلّامؤاخذةً بلا برهان ؟

قلت: هذا إنّما یلزم لو لم یُعلم بإیجاب الاحتیاط ، وقد عُلم به بنحو اللمّ؛ حیث عُلم اهتمام الشارع بمراعاة تکالیفه ، بحیث ینافیه عدمُ إیجابه الاحتیاطَ الموجَب للزوم المراعاة ، ولوکان بالالتزام ببعض المحتملات .

مع صحّة دعوی الإجماع علی عدم جواز الإهمال فی هذا الحال ، وأنّه مرغوب عنه شرعاً قطعاً (2) ، فلا تکون المؤاخذة والعقاب حینئذٍ بلا بیان وبلا برهان ، کما حقّقناه فی البحث وغیره .

[شماره صفحه واقعی : 94]

ص: 243


1- فی نهایة المقام الأوّل من مبحث الاشتغال ، حیث قال فی الصفحة : 166 : ومنه ظهر أنه لو لم یعلم فعلیة التکلیف مع العلم به إجمالاً ... لما وجب موافقته ، بل جاز مخالفته .
2- أثبتنا العبارة کما وردت فی « ن » ، « ق » ، حقائق الأُصول ومنته الدرایة . وفی الأصل وبعض طبعاته توجد هنا هذه الزیادة : « وأما مع استکشافه » . یراجع منته الدرایة 4 : 586 .
4 - عدم وجوب الاحتیاط فی ما یوجب عُسره اختلال النظام لا فی ما لا یوجبه

وأمّا المقدّمة الرابعة: فهی بالنسبة إلی عدم وجوب الاحتیاط التامّ بلا کلام ، فی ما یوجب عُسْرُه اختلالَ النظام .

وأمّا فی ما لا یوجب فمحلُّ نظرٍ ، بل مَنْعٍ؛ لعدم حکومة قاعدة نفی العسر والحرج علی قاعدة الاحتیاط؛ وذلک لما حقّقناه فی معنی ما دلّ علی نفی الضرر والعُسْر (1) ، من أنّ التوفیق بین دلیلهما ودلیلِ التکلیف ، أو الوضع - المتعلّقین بما یعمّهما - ، هو : نفیهما عنهما بلسان نفیهما ، فلا یکون له حکومة علی الاحتیاط العَسِر إذا کان بحکم العقل؛ لعدم العُسْر فی متعلّق التکلیف ، وإنّما هو فی الجمع بین محتملاته احتیاطاً .

نعم ، لو کان معناه نفیَ الحکم الناشی من قِبَله العسر - کما قیل (2) - لکانت قاعدة نفیه محکّمةً علی قاعدة الاحتیاط؛ لأنّ العسر حینئذٍ یکون من قِبَل التکالیف المجهولة ، فتکون منفیّة بنفیه .

ولا یخفی: أنّه علی هذا لا وجه لدعوی استقلال العقل بوجوب الاحتیاط فی بعض الأطراف ، بعد رفع الید عن الاحتیاط فی تمامها (3) ، بل لابدّ من دعوی وجوبه شرعاً، کما أشرنا إلیه فی بیان المقدّمة الثالثة ، فافهم وتأمّل جیّداً .

لا مانع من إجراء الأُصول المثبتة فی أطراف العلم

وأمّا الرجوع إلی الأُصول: فبالنسبة إلی الأُصول المثبتة - من احتیاطٍ أو استصحابٍ مثبِتٍ للتکلیف - فلا مانع عن إجرائها عقلاً مع حکم العقل وعموم النقل .

[شماره صفحه واقعی : 95]

ص: 244


1- فی خاتمة البحث عن قاعدة نفی الضرر .
2- قاله الشیخ الأعظم فی فرائده 2 : 460 - 462 .
3- هذا تعریض بالشیخ الأعظم ، حیث ذهب إلی وجوب الاحتیاط فی بقیّة الأطراف ، بعد ارتفاع وجوبه فی جمیعها بقاعدة نفی العسر . انظر فرائد الأُصول 1 : 421 - 422 .

هذا ، ولو قیل بعدم جریان الاستصحاب فی أطراف العلم الإجمالیّ؛ لاستلزام شمول دلیله لها التناقُضَ فی مدلوله؛ بداهةَ تناقض حرمة النقض فی کلٍّ منها - بمقتضیٰ : «لا تنقض» - لوجوبه فی البعض ، کما هو قضیّة : «ولکن تنقضه بیقین آخر» .

وذلک لأنّه إنّما یلزم فی ما إذا کان الشکّ فی أطرافه فعلیّاً ، وأمّا إذا لم یکن کذلک ، بل لم یکن الشکّ فعلاً إلّافی بعض أطرافه ، وکان بعض أطرافه الآخرُ غیرَ ملتفتٍ إلیه فعلاً أصلاً - کما هو حال المجتهد فی مقام استنباط الأحکام ، کما لا یخفی - فلا یکاد یلزم ذلک؛ فإنّ قضیّة :

«لا تنقض» لیس حینئذٍ إلّاحرمة النقض فی خصوص الطرف المشکوک ، ولیس فیه علم بالانتقاض ، کی یلزم التناقض فی مدلول دلیله من شموله له ، فافهم .

لا مانع من إجراء الأُصول النافیة أیضاً مع الانحلال

ومنه قد انقدح : ثبوت حکم العقل وعموم النقل بالنسبة إلی الأُصول النافیة أیضاً ، وأنّه لا یلزم محذورُ لزوم التناقض من شمول الدلیل لها ، لو لم یکن هناک مانع - عقلاً أو شرعاً - من إجرائها ، ولا مانع کذلک لو کانت موارد الأُصول المثبتة - بضمیمة ما علم تفصیلاً ، أو نهض علیه علمیّ - بمقدار المعلوم إجمالاً ، بل بمقدارٍ لم یکن معه مجال لاستکشاف إیجاب الاحتیاط ، وإن لم یکن بذاک المقدار ، ومن الواضح أنّه یختلف باختلاف الأشخاص والأحوال .

وقد ظهر بذلک: أنّ العلم الإجمالیّ بالتکالیف ربما ینحلّ ببرکة جریان الأُصول المثبتة وتلک الضمیمة ، فلا موجب حینئذٍ للاحتیاط عقلاً ولا شرعاً أصلاً ، کما لا یخفی .

[شماره صفحه واقعی : 96]

ص: 245

لزوم الاحتیاط فی موارد الأُصول النافیةمع عدم الانحلال

کما ظهر: أنّه لولم ینحلّ بذلک ، کان خصوص موارد الأُصول النافیة ، مطلقاً - ولو من مظنونات عدم التکلیف (1) - محلّاً للاحتیاط فعلاً - ویرفع الید عنه فیها کلاًّ أو بعضاً ، بمقدار رفع الاختلال أو رفع العسر علی ما عرفت - ، لا محتملات التکلیف مطلقاً (2) .

عدم جواز رجوع الانسدادی إلی المجتهد الانفتاحی
اشارة

وأمّا الرجوع إلی فتوی العالم: فلا یکاد یجوز؛ ضرورةَ أنّه لا یجوز إلّا للجاهل ، لا للفاضل الّذی یریٰ خطأ من یدّعی انفتاح باب العلم أو العلمیّ ، فهل یکون رجوعه إلیه بنظره إلّامن قبیل رجوع الفاضل إلی الجاهل ؟

5 - ترجیح المرجوح علی الراجح قبیح قطعاً إلّا أنّ النوبة لا تصل إلیه

وأمّا المقدّمة الخامسة: فلاستقلال العقل بها ، وأنّه لایجوز التنزّل - بعد عدم التمکّن من الإطاعة العلمیّة ، أو عدم وجوبها - إلّاإلی الإطاعة الظنّیّة ، دون الشکّیّة أو الوهمیّة؛ لبداهة مرجوحیّتهما بالإضافة إلیها ، وقبحِ ترجیح المرجوح علی الراجح .

لکنّک عرفت عدم وصول النوبة إلی الإطاعة الاحتمالیّة ، مع دوران الأمر (3) بین الظنّیّة والشکّیّة أو الوهمیّة (4) ، من جهة ما أوردناه علی المقدّمة الأُولی من : انحلال العلم الإجمالیّ بما فی أخبار الکتب المعتبرة ، وقضیّتُه (5)

[شماره صفحه واقعی : 97]

ص: 246


1- قال المحقّق المشکینی : الظاهر : إنّه سهو من القلم ، والأولی بدله أن یقال : ولو من موهومات التکلیف ؛ لأنّها أولی بالذکر والوصلیّة . (کفایة الأُصول مع حاشیة المشکینی 3: 409)، یلاحظ أیضاً منته الدرایة 4: 614 . وفی الأصل و «ر»: ولو من مظنونات التکلیف .
2- کما نسب ذلک إلی المشهور . ( حقائق الأُصول 2 : 167 ) .
3- یعنی : « وعدم دوران الأمر » ، فالأولی : تبدیل « مع » ب « وعدم » لیکون معطوفاً علی « عدم وصول » . ( منته الدرایة 4 : 607 - 608 ) .
4- أثبتنا ما فی الأصل وبعض الطبعات ، وفی بعضها الآخر : والوهمیّة .
5- فی « ر » : وقضیّة .

الاحتیاط بالالتزام (1) عملاً بما فیها من التکالیف ، ولا بأس به؛ حیث لا یلزم منه عسرٌ ، فضلاً عمّا یوجب اختلال النظام .

وما أوردناه علی المقدّمة الرابعة من جواز الرجوع إلی الأُصول مطلقاً ، ولو کانت نافیةً؛ لوجود المقتضی وفقد المانع عنه ، لو کان التکلیف - فی موارد الأُصول المثبتة ، وما علم منه تفصیلاً ، أو نهض علیه دلیلٌ معتبرٌ - بمقدار المعلوم بالإجمال ، وإلّا فإلی الأُصول المثتبة وحدها .

وحینئذٍ کان خصوص موارد الأُصول النافیة محلّاً لحکومة العقل ، وترجیحِ مظنونات التکلیف منها (2) علی غیرها ، ولو بعد استکشاف وجوب الاحتیاط فی الجملة شرعاً ، بعد عدم وجوب الاحتیاط التامّ شرعاً أو عقلاً ، علی ما عرفت تفصیله .

هذا هو التحقیق علی ما یساعد علیه النظر الدقیق ، فافهم وتدبّر جیّداً .

فصل الظنّ بالطریق والظنّ بالواقع
اشارة

هل قضیّة المقدّمات - علی تقدیر سلامتها - هی حجّیّة الظنّ بالواقع ، أو بالطریق ، أو بهما ؟

أقوال :

التحقیق: اعتبار الظنّ بالطریق والظنّ بالواقع

[شماره صفحه واقعی : 98]

ص: 247


1- فی حقائق الأُصول ومنته الدرایة : بالإلزام .
2- أدرجنا ما فی « ن » وبعض الطبعات ، وفی الأصل وبعض الطبعات الأُخری : فیها .

والتحقیق أن یقال: إنّه لا شبهة فی أنّ هَمّ العقل فی کلّ حال ، إنّما هو تحصیل الأمن من تبعة التکالیف المعلومة ، من العقوبة علی مخالفتها .

کما لا شبهة فی استقلاله فی تعیین ما هو المؤمِّن منها ، وفی أنّ کلّ ما کان القطع به مؤمِّناً فی حال الانفتاح ، کان الظنّ به مؤمّناً حالَ الانسداد جزماً ، وأنّ المؤمِّن فی حال الانفتاح هو القطع بإتیان المکلّف به الواقعیّ بما هو کذلک - لا بما هو معلوم ، ومؤدّی الطریق ، ومتعلَّقُ العلم ، وهو طریقٌ (1) شرعاً وعقلاً - أو بإتیانه الجعلیّ؛ وذلک لأنّ العقل قد استقلّ بأنّ الإتیان بالمکلّف به الحقیقیّ بما هو هو - لا بما هو مؤدّی الطریق - مبرئٌ للذمّة قطعاً .

کیف ؟ وقد عرفت : أنّ القطع بنفسه طریقٌ لایکاد تناله یدُ الجعل إحداثاً وإمضاءً ، إثباتاً ونفیاً . ولا یخفی : أنّ قضیّة ذلک هو التنزّل إلی الظنّ بکلّ واحد من الواقع والطریق .

الوجه فی اختصاص الحجّیة بالظنّ بالواقع والجواب عنه

ولا منشأ لتوهّم الاختصاص بالظنّ بالواقع ، إلّاتوهّمُ أنّه قضیّةُ اختصاص المقدّمات بالفروع ؛ - لعدم انسداد باب العلم فی الأُصول ، وعدمِ إلجاءٍ فی التنزّل إلی الظنّ فیها - . والغفلة عن أنّ جریانها فی الفروع ، موجبٌ لکفایة الظنّ بالطریق فی مقام تحصیل (2) الأمن من عقوبة التکالیف (3) ، وإن کان باب العلم فی غالب الأُصول مفتوحاً ؛ وذلک لعدم التفاوت فی نظر العقل - فی ذلک - بین الظنّین .

الوجه الأوّل فی اختصاص الحجّیة بالظنّ بالطریق
اشارة

کما أنّ منشأ توهّم الاختصاص بالظنّ بالطریق وجهان:

أحدهما: ما أفاده بعضُ الفحول (4) . وتبعه فی الفصول ، قال فیها: «إنّا کما

[شماره صفحه واقعی : 99]

ص: 248


1- حق العبارة : لأنّه طریق . ( منته الدرایة 4 : 616 ) .
2- أدرجنا الکلمة من « ر » ، « ق » و « ش » . وفی غیرها : یحصل .
3- فی « ق » زیادة : الشرعیّة .
4- هو المحقّق العلّامة الشیخ أسد اللّٰه التستری فی کتابه : کشف القناع : 460 .

نقطع بأ نّا مکلّفون - فی زماننا هذا - تکلیفاً فعلیّاً بأحکامٍ فرعیّة کثیرة ، لا سبیل لنا - بحکم العیان وشهادة الوجدان - إلی تحصیل کثیر منها بالقطع ، ولا بطریقٍ معیّنٍ یقطع من السمع - بحکم الشارع - بقیامه ، أو قیام طریقه مقام القطع ولو عند تعذّره ، کذلک نقطع بأنّ الشارع قد جعل لنا إلی تلک الأحکام طریقاً مخصوصاً ، وکلَّفنا تکلیفاً فعلیّاً بالعمل بمؤدّیٰ طرقٍ مخصوصة ، وحیث إنّه لا سبیل غالباً إلی تعیینها بالقطع ، ولا بطریقٍ یقطع من السمع بقیامه بالخصوص ، أو قیامِ طریقه کذلک مقام القطع ولو بعد تعذّره ، فلا ریب أنّ الوظیفة - فی مثل ذلک - بحکم العقل ، إنّما هو الرجوع - فی تعیین ذلک الطریق - إلی الظنّ الفعلیّ الّذی لادلیل علی عدم حجّیّته (1)؛ لأنّه أقرب إلی العلم وإلی إصابة الواقع ممّا عداه» (2) .

الإشکال الأوّل علی الوجه

وفیه أوّلاً (3) : - بعد تسلیم العلم بنصب طُرُقٍ خاصّة ، باقیةٍ فی ما بأیدینا من الطرق غیرِ العلمیّة ، وعدمِ وجود المتیقّن بینها أصلاً - أنّ قضیّة ذلک هو الاحتیاط فی أطراف هذه الطرق المعلومة بالإجمال ، لا تعیینها بالظنّ .

لا یقال (4): الفرض هو عدم وجوب الاحتیاط ، بل عدم جوازه .

[شماره صفحه واقعی : 100]

ص: 249


1- أثبتنا العبارة کما وردت فی الفصول ، حقائق الأُصول ومنته الدرایة . وفی الأصل وأکثر طبعاته : لا دلیل علی حجّیته . یلاحظ منته الدرایة 4 : 625 .
2- الفصول : 277 ، مع اختلاف فی بعض الألفاظ .
3- هذا الإیراد یتضمّن أربعة من الردود الخمسة التی أوردها الشیخ الأعظم علی صاحب الفصول . راجع فرائد الأُصول 1 : 439 - 446 .
4- هذا الإشکال أیضاً ذکره الشیخ الأعظم من غیر تعرّض لجوابه . انظر فرائد الأُصول 1 : 446 .

لأنّ الفرض إنّما هو عدم وجوب الاحتیاط التامّ فی أطراف الأحکام ، ممّا یوجب العسر المخلَّ بالنظام (1) ، لا الاحتیاط فی خصوص ما بأیدینا من الطرق؛ فإنّ قضیّة هذا الاحتیاط هو جواز رفع الید عنه فی غیر مواردها (2) ، والرجوعُ إلی الأصل فیها ولو کان نافیاً للتکلیف .

وکذا فی ما إذا نهض (3) الکلّ علی نفیه .

وکذا فی ما إذا تعارض فردان من بعض الأطراف فیه - نفیاً وإثباتاً - ، مع ثبوت المرجِّح للنافی، بل مع عدم رجحان المثبِت فی خصوص الخبر منها، ومطلقاً فی غیره، بناءً علی عدم ثبوت الترجیح - علیٰ تقدیر الاعتبار - فی غیر الأخبار .

وکذا لو تعارض إثنان منها فی الوجوب والتحریم ، فإنّ المرجع - فی جمیع ما ذکر من موارد التعارض هو الأصل الجاری فیها ولو کان نافیاً؛ لعدم نهوض طریق معتبر ، ولا ما هو من أطراف العلم به ، علی خلافه ، فافهم .

وکذا کلُّ موردٍ لم یجرِ فیه الأصل المثبِت؛ للعلم بانتقاض الحالة السابقة فیه إجمالاً ، بسبب العلم به (4) أو بقیام أمارة معتبرة علیه فی بعض أطرافه ، بناءً علی عدم جریانه بذلک (4) .

[شماره صفحه واقعی : 101]

ص: 250


1- الأولی للمصنّف : عدم توصیف العسر بکونه مخلاًّ بالنظام ؛ لأنّه لا یلزم فی الکبیر ، فضلاً عن الصغیر ، بل الغرض فی المقام هو إثبات العسر فی الأوّل ، دون الثانی . ( کفایة الأُصول مع حاشیة المشکینی 3 : 420 ) .
2- هذا مقتضی الانحلال ، لا مقتضی الاحتیاط ، فالعبارة لا تخلو من مسامحة . ( حقائق الأُصول 2 : 176 ) .
3- فی « ش » : إذا نقض .
4- فیه مسامحة ؛ إذ العلم بالانتقاض لا یکون سبباً للعلم به . والصحیح أن یقال : للعلم بالانتقاض أو بقیام ... ( نهایة الدرایة 3 : 307 - 308 ) . وقال فی منته الدرایة 4 : 634 - تعلیقاً علی قول المصنف : « للعلم بانتقاض الحالة السابقة » - : هذه الجملة مستدرکة ؛ للاستغناء عنها بقوله : بسبب العلم به أو بقیام ... .
الإشکال الثانی

وثانیاً: لو سلّم أنّ قضیَّته لزوم التنزّل إلی الظنّ ، فتوهُّم : أنّ الوظیفة حینئذٍ هو خصوص الظنّ بالطریق ، فاسدٌ قطعاً؛ وذلک لعدم کونه أقرب إلی العلم وإصابةِ الواقع ، من الظنّ بکونه مؤدّی طریقٍ معتبرٍ - من دون الظنّ بحجّیّة طریق أصلاً - ، ومن الظنّ بالواقع ، کما لا یخفی .

شبهة أقربیّة الظنّ بالطریق من الظنّ بالواقع مع صرف الواقع إلی المؤدّیٰ والجواب عنها

لا یقال: إنّما لا یکون أقرب من الظنّ بالواقع ، إذا لم یصرف التکلیف الفعلیّ عنه إلی مؤدّیات الطرق ولو بنحو التقیید (1) .

فإنّ الالتزام به بعیدٌ؛ إذ الصرف لو لم یکن تصویباً محالاً ، فلا أقلّ من کونه مجمعاً علی بطلانه؛ ضرورة (2) أنّ القطع بالواقع یُجدی فی الإجزاء بما هو واقع ، لا بما هو مؤدّیٰ طریق القطع (3) ، کما عرفت (4) .

ومن هنا انقدح: أنّ التقیید أیضاً غیر سدید ، مع أنّ الالتزام بذلک غیر مفید؛ فإنّ الظنّ بالواقع فی ما ابتلی به من التکالیف ، لا یکاد ینفکّ عن الظنّ بأنّه مؤدّی طریق معتبر .

[شماره صفحه واقعی : 102]

ص: 251


1- إشارة إلی تکملة دلیل الفصول ، وهو الصرف والتقیید ، وقد أفادها ضمن کلامه ، ولم ینقلها المصنف ضمن العبارة التی أوردها عنه . انظر الفصول : 277 .
2- الأولی : ذکر هذا التعلیل عقیب قوله : « ومن هنا انقدح أن التقیید أیضاً غیر سدید » وذلک لاشتراکه بین التصویب والتقیید . ( منته الدرایة 4 : 642 ) .
3- هذا من إضافة الصفة إلی الموصوف . والأولی أن یقال : « القطع الطریقی » . راجع المصدر السابق : 643 .
4- فی بدایة هذا الفصل ، إذ قال : وأنّ المؤمِّن فی حال الانفتاح هو القطع بإتیان المکلّف به الواقعی بما هو کذلک ، لا بما هو معلوم ومؤدّی الطریق .

والظنّ بالطریق ما لم یظنّ بإصابة (1) الواقع - غیر مجدٍ بناءً علی التقیید؛ لعدم استلزامه الظنَّ بالواقع المقیَّد به بدونه ، هذا .

مع عدم مساعدة نصب الطریق علی الصرف ، ولاعلی التقیید . غایته أنّ العلم الإجمالیّ بنصب طرقٍ وافیةٍ ، یوجب انحلالَ العلم بالتکالیف الواقعیّة إلی العلم بما هو مضامین الطرق المنصوبة من التکالیف الفعلیّة . والانحلال وإن کان یوجب عدم تنجّز مالم یؤدّ إلیه الطریق من التکالیف الواقعیّة ، إلّاأنّه إذا کان رعایةُ العلم بالنصب لازماً ، والفرضُ عدمُ اللزوم بل عدم الجواز .

وعلیه تکون التکالیف الواقعیة کما إذا لم یکن هناک علْمٌ بالنصب ، فی کفایة الظنّ بها حال انسداد باب العلم ، کما لا یخفی .

ولابدّ حینئذٍ من عنایة أُخری (2)* فی لزوم رعایة الواقعیّات بنحوٍ من

[شماره صفحه واقعی : 103]

ص: 252


1- فی « ن » : بإصابته ، وفی الأصل وسائر الطبعات مثل ما أدرجناه .
2- (*) وهی إیجاب الاحتیاط فی الجملة ، المستکشف بنحو اللمّ ، من عدم الإهمال فی حال الانسداد قطعاً إجماعاً ، بل ضرورةً . وهو یقتضی التنزّل إلی الظنّ بالواقع حقیقةً أو تعبّداً ، إذا کان استکشافه فی التکالیف المعلومة إجمالاً ، لما عرفت من وجوب التنزّل عن القطع - بکلّ ما یجب تحصیل القطع به فی حال الانفتاح - إلی الظنّ به فی هذا الحال ، وإلی الظنّ بخصوص الواقعیّات الّتی تکون مؤدّیات الطرق المعتبرة ، أو بمطلق المؤدّیات ، لو کان استکشافه فی خصوصها أو فی مطلقها ، فلا یکاد أن تصل النوبة إلی الظنّ بالطریق بما هو کذلک ، وإن کان یکفی ؛ لکونه مستلزماً للظنّ بکون مؤدّاه مؤدّیٰ طریق معتبر ، کما یکفی الظنّ بکونه کذلک ، ولو لم یکن ظنّ باعتبار طریق أصلاً ، کما لا یخفی . وأنت خبیر بأنّه لا وجه لاحتمال ذلک ، وإنّما المتیقّن هو لزوم رعایة الواقعیّات فی کلّ حال ، بعد عدم لزوم رعایة الطرق المعلومة بالإجمال بین أطراف کثیرة ، فافهم . ( منه قدس سره ) .

الإطاعة ، وعدمِ إهمالها رأساً ، کما أشرنا إلیها (1) .

ولا شبهة فی أنّ الظنّ بالواقع لو لم یکن أولیٰ حینئذٍ - لکونه أقرب فی التوسّل به إلی ما به الاهتمام ، من فعل الواجب و (2)ترک الحرام - من الظنّ بالطریق ، فلا أقلّ من کونه مساویاً فی ما یهمّ العقل ، من تحصیل الأمن من العقوبة فی کلّ حال ، هذا .

مع ما عرفت (3) من أنّه عادةً یلازم الظنّ بأنّه مؤدّیٰ طریق ، وهو - بلا شبهة - یکفی ولو لم یکن هناک ظنّ بالطریق ، فافهم فإنّه دقیق .

الوجه الثانی فی اختصاص الحجّیة بالظنّ بالطریق
اشارة

ثانیهما: ما اختصّ به بعض المحقّقین ، قال: «لا ریب فی کوننا مکلّفین بالأحکام الشرعیّة ، ولم یسقط عنّا التکلیف بالأحکام الشرعیّة ، وأنّ الواجب علینا أوّلاً هو : تحصیل العلم بتفریغ الذمّة فی حکم المکلِّف ، بأن یقطع معه بحکمه بتفریغ ذمّتنا عمّا کُلّفنا به ، وسقوطِ تکلیفنا عنّا ، سواءً حصل العلم معه بأداء الواقع أو لا ، حسبما مرّ تفصیل القول فیه . فحینئذٍ نقول: إن صحّ لنا تحصیل العلم بتفریغ ذمّتنا فی حکم الشارع ، فلا إشکال فی وجوبه وحصول البراءة به ، وإن انسدّ علینا سبیل العلم ، کان الواجب علینا تحصیل الظنّ بالبراءة فی حکمه؛ إذ هو الأقرب إلی العلم به ، فیتعیّن الأخذ به عند التنزّل من العلم فی حکم العقل - بعد انسداد سبیل العلم والقطعِ ببقاء التکلیف - دون ما یحصل معه الظنّ بأداء الواقع ، کما یدّعیه القائل بأصالة حجّیّة

[شماره صفحه واقعی : 104]

ص: 253


1- فی المقدّمة الثالثة من مقدّمات الانسداد .
2- فی « ر » : أو .
3- عرفته آنفاً عند قوله : فإنّ الظنّ بالواقع فی ما ابتلی به من التکالیف لا یکاد ینفک عن الظنّ بأنّه مؤدّی طریق معتبر .

الظنّ» (1) . انتهٰ موضع الحاجة من کلامه - زید فی علوّ مقامه

المناقشة الأُولی فی الوجه الثانی

وفیه أوّلاً: أنّ الحاکم - علی الاستقلال - فی باب تفریغ الذمّة - بالإطاعة والامتثال - إنّما هو العقل ، ولیس للشارع فی هذا الباب حکمٌ مولویّ یتبعه حکم العقل ، ولو حکَم فی هذا الباب کان بتبع حکمه إرشاداً إلیه ، وقد عرفت (2) استقلاله بکون الواقع - بما هو هو - مفرّغاً (3) ، وأنّ القطع به حقیقةً أو تعبّداً مؤمِّن جزماً ، وأنّ المؤمِّن فی حال الانسداد هو الظنّ بما کان القطع به مؤمِّناً حال الانفتاح ، فیکون الظنّ بالواقع أیضاً مؤمِّناً حال الانسداد .

المناقشة الثانیة

وثانیاً (4): سلّمنا ذلک ، لکن حکمه بتفریغ الذمّة - فی ما إذا أتی المکلّف بمؤدّی الطریق المنصوب - لیس إلّابدعویٰ أنّ النصب یستلزمه، مع أنّ دعوی:

أنّ التکلیف بالواقع یستلزم حکمَه بالتفریغ فی ما إذا أتی به أولی ، کما لا یخفی ، فیکون الظنّ به ظنّاً بالحکم بالتفریغ أیضاً .

إن قلت: کیف یستلزمه الظنُّ (5) بالواقع ؟ مع أنّه ربما یقطع بعدم حکمه

[شماره صفحه واقعی : 105]

ص: 254


1- هدایة المسترشدین 3 : 351 - 352 .
2- فی أوائل هذا الفصل ، حیث قال : وأنّ المؤمّن فی حال الانفتاح هو القطع ... . انظر الصفحة : 99 .
3- أدرجنا المصحّح فی الأصل ، وفی أکثر الطبعات : بکون الواقع بما هو مفرّغ . وفی « ر » : بکون إتیان الواقع مفرّغاً . یلاحظ منته الدرایة 4 : 655 .
4- یستفاد هذا الجواب من ردّ الشیخ الأعظم علی هدایة المسترشدین . انظر فرائد الأُصول 1 : 459 .
5- أثبتنا العبارة کما هی فی الأصل و « ر » ، وفی « ن » وسائر الطبعات : کیف یستلزم الظن . یراجع شرح کفایة الأُصول ( للشیخ عبد الحسین الرشتی ) 2 : 111 ، ومنته الدرایة 4 : 657 .

به معه ، کما إذا کان (1) من القیاس ، وهذا بخلاف الظنّ بالطریق ، فإنّه یستلزمه ولو کان من القیاس .

قلت: الظنّ بالواقع أیضاً یستلزم الظنّ بحکمه بالتفریغ (2)* (3) ، ولا ینافی القطعَ بعدم حجّیّته لدی الشارع ، وعدَمَ کون المکلّف معذوراً - إذا عمل به فیهما - فی ما أخطأ ، بل کان مستحقّاً للعقاب - ولو فی ما أصاب - لو بنی علی حجّیّته والاقتصار علیه؛ لتجرّیه (4) ، فافهم .

وثالثاً: سلّمنا أنّ الظنّ بالواقع لایستلزم الظنّ به ، لکن قضیّته لیس إلّا التنزّلَ إلی الظنّ بأنّه مؤدّیٰ طریق معتبر ، لا خصوصَ الظنّ بالطریق ، وقد عرفت : أنّ الظنّ بالواقع لا یکاد ینفکّ عن الظنّ بأنّه مؤدّی الطریق غالباً .

[شماره صفحه واقعی : 106]

ص: 255


1- فی « ر » : کما إذا ظنّ بالحکم .
2- (*) وذلک لضرورة الملازمة بین الإتیان بما کلّف به واقعاً وحکمه بالفراغ . ویشهد به عدم جواز الحکم بعدمه ، لو سئل عن أنّ الإتیان بالمأمور به علیٰ وجهه هل هو مفرّغ ؟ ولزومٌ حکمه بأنّه مفرّغ ، وإلّا لزم عدم إجزاء الأمر الواقعیّ ، وهو واضح البطلان . ( منه قدس سره ) .
3- أثبتنا العبارة من مصحّح « ن » وسائر الطبعات ، وفی الأصل : الظن بهما علی الأقوی یستلزم الحکم بالتفریغ .
4- کان الأولی : عطف التشریع علی التجرّی ؛ فإنّ البناء علی أنّه حجة ، تشریع موجب للعقاب . ( حقائق الأُصول 2 : 183 ) .
فصل الکشف والحکومة
لا مجال لاستکشاف حجّیة الظنّ شرعاً

لا یخفی : عدم مساعدة مقدّمات الانسداد علی الدلالة علی کون الظنّ طریقاً منصوباً شرعاً؛ ضرورة أنّه معها لا یجب عقلاً علی الشارع أن ینصب طریقاً؛ لجواز اجتزائه بما استقلّ به العقل فی هذا الحال .

توهّم إثبات حجّیة الظنّ شرعاً بقاعدة الملازمة والجواب عنه

ولا مجال لاستکشاف نصب الشارع من حکم العقل ، لقاعدة الملازمة؛ ضرورة أنّها إنّما تکون فی موردٍ قابلٍ للحکم الشرعیّ ، والموردُ هاهنا غیر قابل له؛ فإنّ الإطاعة الظنّیّة - الّتی یستقلّ العقل بکفایتها فی حال الانسداد - إنّما هی بمعنی عدم جواز مؤاخذة الشارع بأزید منها ، وعدمِ جواز اقتصار المکلّف بدونها . ومؤاخذة الشارع غیر قابلة لحکمه ، وهو واضح (1) .

واقتصار المکلّف بما دونها ، لمّا کان بنفسه موجباً للعقاب مطلقاً ، أو فی ما أصاب (2) الظنّ - کما أنّها بنفسها موجبةٌ للثواب ، أخطأ أو أصاب ، من دون حاجة إلی أمرٍ بها أو نهی عن مخالفتها - کان حکم الشارع فیه مولویّاً بلاملاک یوجبه ، کما لا یخفی ، ولا بأس به إرشادیّاً ، کما هو شأنه فی حکمه بوجوب الإطاعة وحرمة المعصیة .

[شماره صفحه واقعی : 107]

ص: 256


1- هذا التوهّم ودفعه مذکوران فی فرائد الأُصول 1 : 466 .
2- فی حقائق الأُصول : إلّافی ما أصاب . وقال تعلیقاً علی ما أثبته : ولو قال بدله : « مطلقاً ، أو فی ما أخطأ الظنّ والشک » لکان أولی . ( حقائق الأُصول 2 : 188 ) ، یراجع أیضاً منته الدرایة 5 : 10 .
توهّم آخر فی المقام والجواب عنه

وصحّة نصبه (1) الطریقَ وجعلِهِ - فی کلّ حال - بملاکٍ یوجب نصبَه ، وحکمةٍ داعیة إلیه ، لا تنافی استقلال العقل بلزوم الإطاعة بنحوٍ حالَ الانسداد ، کما یحکم بلزومها بنحوٍ آخر حال الانفتاح ، من دون استکشاف حکم الشارع بلزومها مولویّاً؛ لما عرفت .

فانقدح بذلک : عدم صحّة تقریر المقدّمات إلّاعلی نحو الحکومة ، دون الکشف .

عدم الإهمال فی النتیجة بناءً علی الحکومة

وعلیها (2) فلا إهمالَ فی النتیجة أصلاً ، سبباً ومورداً ومرتبةً؛ لعدم تطرّق الإهمال و (3)الإجمال فی حکم العقل ، کما لا یخفی :

أمّا بحسب الأسباب: فلا تفاوت بنظره فیها .

وأمّا بحسب الموارد: فیمکن أن یقال بعدم استقلاله بکفایة الإطاعة الظنّیّة ، إلّافی ما لیس للشارع مزید اهتمامٍ فیه بفعل الواجب وترک الحرام ، واستقلالِه بوجوب الاحتیاط فی ما فیه مزید الاهتمام ، کما فی الفروج والدماء ، بل وسائر حقوق الناس ، ممّا لا یلزم من الاحتیاط فیها العسر .

وأمّا بحسب المرتبة: فکذلک لا یستقلّ إلّابلزوم التنزّل إلی مرتبة الاطمئنان من الظنّ بعدم التکلیف ، إلّا (4)علی تقدیر عدم کفایتها فی دفع محذور العسر .

[شماره صفحه واقعی : 108]

ص: 257


1- فی « ش » : نصب .
2- فی « ر » : وعلیه .
3- فی « ر » : أو .
4- فی الأصل و « ش » : « لا یستقل إلّابکفایة مرتبة الاطمئنان من الظن إلّا... » ، وفی مصحّح « ن » وسائر الطبعات مثل ما أثبتناه .
التفصیل بین محتملات الکشف : الاحتمال الأوّل ونتیجته

وأمّا علی تقریر الکشف: فلو قیل بکون النتیجة هو نصب الطریق الواصل بنفسه ، فلا إهمال فیها أیضاً بحسب الأسباب ، بل یستکشف حینئذٍ أنّ الکلّ حجّة لو لم یکن بینها ما هو المتیقّن ، وإلّا فلا مجال لاستکشاف حجّیّة (1) غیره .

ولا بحسب الموارد ، بل یحکم بحجّیّته فی جمیعها ، وإلّا لزم عدم وصول الحجّة ، ولو لأجل التردّد فی مواردها ، کما لا یخفی .

ودعوی الإجماع (2) علی التعمیم بحسبها فی مثل هذه المسألة المستحدثة ، مجازفةٌ جدّاً .

وأمّا بحسب المرتبة: ففیها إهمال؛ لأجل احتمال حجّیّة خصوص الاطمئنانیّ منه إذا کان وافیاً ، فلابدّ من الاقتصار علیه .

الاحتمال الثانی ونتیجته

ولو قیل : بأنّ النتیجة هو نصب الطریق الواصل ، ولو بطریقه ، فلا إهمال فیها بحسب الأسباب ، لو لم یکن بینها (3) تفاوت أصلاً ، أو لم یکن بینها إلّاواحد ، وإلّا فلابدّ من الاقتصار علی متیقّن الاعتبار منها أو مظنونِه ، بإجراء مقدّمات دلیل الانسداد حینئذٍ مرّةً أو مرّات فی تعیین الطریق المنصوب ، حتّی ینتهی إلی ظنٍّ واحد ، أو إلی ظنون متعدّدةٍ لا تفاوت بینها ، فیحکم بحجّیّة کلّها ، أو متفاوتةٍ یکون بعضها الوافی متیقّنَ الاعتبار ، فیقتصر علیه .

وأمّا بحسب الموارد والمرتبة ، فکما إذا کانت النتیجة هی الطریق الواصل بنفسه ، فتدبّر جیّداً .

[شماره صفحه واقعی : 109]

ص: 258


1- فی « ن » : حجّة .
2- کما ادّعاه الشیخ الأعظم الأنصاریّ فی فرائد الأُصول 1: 467 .
3- فی « ن » : فیها .
الاحتمال الثالث ونتیجته

ولو قیل : بأنّ النتیجة هو الطریق ولو لم یصل أصلاً ، فالإهمالُ فیها یکون من الجهات . ولامحیص حینئذٍ إلّامن (1) الاحتیاط فی الطریق بمراعاة أطراف الاحتمال ، لو لم یکن بینها متیقّنُ الاعتبار ، لو لم یلزم منه محذور ، وإلّا لزم التنزّل إلی حکومة العقل بالاستقلال ، فتأمّل ، فإنّ المقام من مزالّ الأقدام .

وهمٌ و دفعٌ (2):

لعلّک تقول: إنّ القدر المتیقّن الوافی لو کان فی البین ، لما کان مجالٌ لدلیل الانسداد؛ ضرورة أنّه من مقدّماته : انسداد باب العلمیّ أیضاً .

لکنّک غفلت عن أنّ المراد : ما إذا کان الیقین بالاعتبار من قِبَله ، لأجل الیقین بأنّه لو کان شیءٌ حجّةً شرعاً ، کان هذا الشیء حجّةً قطعاً؛ بداهة أنّ الدلیل علی أحد المتلازمین إنّما هو الدلیل علی الآخر ، لا الدلیلُ علی الملازمة .

طرق تعمیم النتیجة علی الکشف والکلام فیها

ثمّ لا یخفی (3): أنّ الظنّ باعتبار ظنٍّ بالخصوص ، یوجب الیقین باعتباره من باب دلیل الانسداد علی تقریر الکشف ، بناءً علی کون النتیجة هو الطریق الواصل بنفسه ، فإنّه حینئذٍ یقطع بکونه حجّةً ، کان غیره حجّةً أو لا .

[شماره صفحه واقعی : 110]

ص: 259


1- الصواب : إسقاط « إلّا» أو کلمة : « من » ؛ لأنّ المقصود - حین الإهمال من جمیع الجهات - هو : إثبات الاحتیاط والعمل به ، وهذه الجملة لو أُبقیت علی حالها تفید عکس المطلوب . ( منته الدرایة 5 : 34 ) .
2- أشار الشیخ الأعظم إلی هذا التوهّم ودفعه فی فرائده 1 : 472 .
3- ما أفاده هنا إلی آخر الفصل أورده الشیخ الأعظم فی فرائد الأُصول 1 : 471 - 498 نقلاً عن غیر واحد من المعاصرین وبعض مشایخه ( شریف العلماء ) فی بیان طرق تعمیم النتیجة بناءً علی الکشف .

واحتمال عدم حجّیّته بالخصوص (1) ، لا ینافی القطعَ بحجّیّته بملاحظة الانسداد؛ ضرورة أنّه علی الفرض لا یحتمل أن یکون غیره حجّةً بلا نصب قرینة ، ولکنّه من المحتمل أن یکون هو الحجّة دون غیره؛ لما فیه من خصوصیّة الظنّ بالاعتبار .

وبالجملة: الأمر یدور بین حجّیّة الکلّ وحجّیّته ، فیکون مقطوعَ الاعتبار.

ومن هنا ظهر حال القوّة .

ولعلّ نظر من رجّح بهما (2) إلی هذا الفرض (3) ، وکان منع شیخنا العلّامة - أعلی اللّٰه مقامه - عن الترجیح بهما (4) بناءً علی کون النتیجة هو الطریق الواصل ولو بطریقه ، أو الطریق ولولم یصل أصلاً . وبذلک ربما یوفّق بین کلمات الأعلام فی المقام ، وعلیک بالتأمّل التامّ .

ثمّ لا یذهب علیک: أنّ الترجیح بهما إنّما هو علی تقدیر کفایة الراجح (5) ، وإلّا فلابدّ من التعدّی إلی غیره بمقدار الکفایة ، فیختلف الحال باختلاف الأنظار ، بل الأحوال .

[شماره صفحه واقعی : 111]

ص: 260


1- أدرجنا ما فی « ن » وسائر الطبعات ، وفی الأصل : بخصوصه .
2- فی « ن » وأکثر الطبعات - هنا وفی الموردین الآتیین - : « بها » ، وفی الأصل مثل ما أثبتناه . یلاحظ منته الدرایة 5 : 44 و 46 .
3- کالمحقّق التقی فی هدایة المسترشدین 3 : 363 والفاضل النراقی فی عوائد الأیام : 396 - 397 .
4- فی فرائد الأُصول 1 : 475 - 476 .
5- تخصیص الترجیح بکفایة الراجح غیر سدید ؛ لأنّ الترجیح بذی المزیة ثابت علی کل حال ، سواء وفی بجمیع الأحکام أم لا ... فالأولی سوق العبارة هکذا : أنّ الترجیح بها متعین ، فإن وفی فهو ، وإلّا فلابدّ ... ( منته الدرایة 5 : 47 - 48 ) .

وأمّا تعمیم النتیجة - بأنّ قضیّة العلم الإجمالیّ بالطریق هو الاحتیاط فی أطرافه (1) - : فهو لا یکاد یتمّ إلّاعلی تقدیر کون النتیجة هو نصب الطریق ، ولو لم یصل أصلاً .

مع أنّ التعمیم بذلک لا یوجب العمل إلّاعلی وفق المثبتات من الأطراف ، دون النافیات ، إلّافی ما إذا کان هناک نافٍ من جمیع الأصناف؛ ضرورة أنّ الاحتیاط فیها لا یقتضی رفع الید عن الاحتیاط فی المسألة الفرعیّة إذا لزم؛ حیث لا ینافیه؛ کیف ؟ ویجوز الاحتیاط فیها مع قیام الحجّة النافیة ، کما لا یخفی ، فما ظنّک بما لا یجب الأخذ بموجَبه إلّامن باب الاحتیاط ؟ فافهم .

فصل الإشکال فی خروج القیاس عن عموم النتیجة
اشارة

قد اشتهر الإشکال (2) بالقطع بخروج القیاس عن عموم نتیجة دلیل الانسداد بتقریر الحکومة .

تقریر الشیخ الأعظم للإشکال

وتقریره - علی ما فی الرسائل - : «أنّه کیف یجامع حکم العقل بکون الظنّ کالعلم مناطاً للإطاعة والمعصیة ، ویقبح علی الآمر والمأمور التعدّی عنه ، ومع ذلک یحصل الظنّ أو خصوص الاطمئنان من القیاس ، ولا یجوّز الشارع

[شماره صفحه واقعی : 112]

ص: 261


1- التعمیم بهذه الطریقة حکاه الشیخ الأعظم عن أُستاذه شریف العلماء . انظر فرائد الأُصول 1 : 497 وضوابط الأُصول : 255 .
2- هذا الإشکال أورده الأمین الأسترآبادی علی الأُصولییّن العاملین بالظنّ . ( شرح کفایة الأُصول للشیخ عبد الحسین الرشتی 2 : 118 ) .

العمل به ؟ فإنّ المنع عن العمل بما یقتضیه العقل - من الظنّ أو خصوص الاطمئنان - لو فرض ممکناً ، جریٰ فی غیر القیاس ، فلا یکون العقل مستقلّاً؛ إذ لعلّه نهی عن أمارة ، مثل ما نهی عن القیاس (1) ، واختفی علینا . ولا دافع لهذا الاحتمال إلّاقبح ذلک علی الشارع؛ إذ احتمال صدور الممکن بالذات عن الحکیم لا یرتفع إلّابقبحه ، وهذا من أفراد ما اشتهر من : أنّ الدلیل العقلیّ لا یقبل التخصیص» (2) . انته موضع الحاجة من کلامه - زید فی علوّ مقامه - .

جواب المصنّف عن الإشکال

وأنت خبیرٌ بأنّه لا وقع لهذا الإشکال ، بعد وضوح کون حکم العقل بذلک معلّقاً علی عدم نصب الشارع طریقاً واصلاً ، وعدمِ حکمِهِ به فی ما کان هناک منصوب ولو کان أصلاً (3)؛ بداهة أنّ من مقدّمات حکمه : عدمَ وجود علمٍ ولا علمیّ ، فلا موضوع لحکمه مع أحدهما .

والنهی عن ظنٍّ حاصل من سبب ، لیس إلّاکنصب شیء ، بل هو یستلزمه فی ما کان فی مورده أصل شرعیّ ، فلا یکون نهیه عنه رفعاً لحکمه عن موضوعه ، بل به یرتفع موضوعه ، ولیس حال النهی عن سبب مفیدٍ للظنّ إلّاکالأمر بما لا یفیده . وکما لا حکومة معه للعقل ، لا حکومة (4) له معه ، وکما لا یصحّ بلحاظ حکمه الإشکالُ فیه ، لا یصحّ الإشکال فیه (5) بلحاظه .

[شماره صفحه واقعی : 113]

ص: 262


1- فی المصدر زیادة : بل وأزید .
2- فرائد الأُصول 1 : 516 - 517 .
3- لا یخلو من تسامح ؛ فإنّ الأصل لیس من الطرق . ( حقائق الأُصول 2 : 200 ) .
4- فی « ر » : لا حکم .
5- فی « ق » : لا یصحّ فیه .
إشکالٌ آخر فی خروج الظنّ القیاسی عن النتیجة

نعم ، لا بأس بالإشکال فیه فی نفسه ، کما اشکل فیه برأسه ، بملاحظة توهّم استلزام النصب لمحاذیر ، تقدَّمَ الکلام فی تقریرها - وما هو التحقیق فی جوابها - فی جعل الطرق (1) . غایة الأمر ، تلک المحاذیر - الّتی تکون فی ما إذا أخطأ الطریق المنصوب - کانت فی الطریق المنهیّ عنه فی مورد الإصابة .

ولکن من الواضح أنّه لا دخل لذلک فی الإشکال علی دلیل الانسداد بخروج القیاس؛ ضرورة أنّه بعد الفراغ عن صحّة النهی عنه فی الجملة ، قد اشکل فی عموم النهی لحال الانسداد بملاحظة حکم العقل . وقد عرفت أنّه بمکان من الفساد .

دفع ما ذکره الشیخ الأعظم فی تقریر الإشکال

واستلزام إمکان المنع عنه - لاحتمال المنع عن أمارة أُخری ، وقد اختفی علینا - وإن کان موجباً لعدم استقلال العقل ، إلّاأنّه إنّما یکون بالإضافة إلی تلک الأمارة ، لو کان غیرُها ممّا لا یحتمل فیه المنع بمقدار الکفایة ، وإلّا فلا مجال لاحتمال المنع فیها مع فرض استقلال العقل؛ ضرورة عدم استقلاله بحکمٍ مع احتمال وجود مانعه ، علی ما یأتی تحقیقه فی الظنّ المانع والممنوع (2) .

وقیاس (3) حکم العقل - بکون الظنّ مناطاً للإطاعة فی هذا الحال - علی حکمه بکون العلم مناطاً لها فی حال الانفتاح ، لا یکاد یخفیٰ علی أحدٍ فسادُه؛ لوضوح أنّه مع الفارق؛ ضرورة أنّ حکمه فی العلم علی نحو التنجّز ، وفیه علی نحو التعلیق .

[شماره صفحه واقعی : 114]

ص: 263


1- فی مبحث إمکان التعبّد بالأمارات فی الصفحة : 40 وما بعدها .
2- فی الفصل القادم .
3- کما صنع ذلک فی فرائد الأُصول 1 : 527 .
عدم اختصاص الإشکال بالقیاس

ثمّ لا یکاد ینقضی تعجّبی : لِمَ خصّصوا الإشکال بالنهی عن القیاس ؟ مع جریانه فی الأمر بطریق غیرِ مفید للظنّ ، بداهة انتفاء حکمه فی مورد الطریق قطعاً ، مع أنّه لا یُظنّ بأحد أن یستشکل بذلک ، ولیس إلّالأجل أنّ حکمه به معلّق علی عدم النصب ، ومعه لا حکم له ، کما هو کذلک مع النهی عن بعض أفراد الظنّ ، فتدبّر جیّداً .

الوجوه المذکورة لدفع الإشکال والمناقشة فیها

وقد انقدح بذلک: أنّه لا وقْع للجواب عن الإشکال :

تارةً : بأنّ المنع عن القیاس لأجل کونه غالبَ المخالفة (1) .

وأُخری : بأنّ العمل به یکون ذا مفسدة غالبة علی مصلحة الواقع الثابتةِ عند الإصابة (2) .

وذلک لبداهة أنّه إنّما یُشکل بخروجه - بعد الفراغ عن صحّة المنع عنه فی نفسه - بملاحظة حکم العقل بحجّیّة الظنّ ، ولا یکاد یجدی صحّتُه کذلک - فی التفصّی (3) عن الإشکال - فی صحّته بهذا اللحاظ ، فافهم ، فإنّه لا یخلو عن دقّة .

وأمّا ما قیل فی جوابه - من منع عموم المنع عنه بحال الانسداد ، أو منعِ حصول الظنّ منه بعد انکشاف حاله (4) ، وأنّ ما یفسده أکثرُ ممّا

[شماره صفحه واقعی : 115]

ص: 264


1- هذا سابع الوجوه الّتی ذکرها الشیخ الأعظم فی الجواب عن الإشکال . راجع فرائد الأُصول 1: 529 - 530 .
2- هذا سادس الوجوه الّتی أفادها الشیخ فی الجواب عن الإشکال واستشکل فیه . راجع فرائد الأُصول 1: 528 .
3- أوردنا ما أُدرج فی « ر » ، وفی غیرها : فی الذبّ .
4- هذان هما الوجهان الأوّلان من الوجوه السبعة المذکورة فی فرائد الأُصول 1: 517 و 521 . وذکرهما المحقّق القمیّ أیضاً فی القوانین 1: 448 - 449 و 2: 112 - 113 .

یصلحه (1) - ، ففی غایة الفساد؛ فإنّه - مضافاً إلی کون کلّ واحدٍ من المنعین غیرَ سدید؛ لدعوی الإجماع علی عموم المنع ، مع إطلاق أدلّته ، وعمومِ علّته ، وشهادةِ الوجدان (2) بحصول الظنّ منه فی بعض الأحیان - لا یکاد یکون فی دفع الإشکال - بالقطع بخروج الظنّ الناشئ منه - بمفید ، غایة الأمر أنّه لا إشکال (3) مع فرض أحد المنعین ، لکنّه غیر فرض الإشکال ، فتدبّر جیّداً .

فصل الظنّ المانع والممنوع

]

إذا قام ظنٌّ علی عدم حجّیّة ظنٍّ بالخصوص ، فالتحقیق أن یقال - بعد تصوّر المنع عن بعض الظنون فی حال الانسداد - : إنّه لا استقلال للعقل بحجّیّة ظنٍّ احتمل المنع عنه ، فضلاً عمّا إذا ظُنّ - کما أشرنا إلیه فی الفصل السابق (4) - ؛ فلابدّ من الاقتصار علی ظنٍّ قطع بعدم المنع عنه بالخصوص ، فإن کفیٰ ، وإلّا فبضمیمة ما لم یظنّ المنع عنه وإن احتمل ، مع قطع النظر عن مقدّمات الانسداد ، وإن انسدّ باب هذا الاحتمال معها ، کما لا یخفی؛ وذلک ضرورة أنّه لا احتمال مع الاستقلال حسب الفرض .

[شماره صفحه واقعی : 116]

ص: 265


1- الجملة مستدرکة ؛ لأنها نفس الوجه السادس الذی أشار إلیه المصنّف آنفاً .
2- هذا الجواب أورده الشیخ الأعظم عن الوجه الثانی . انظر فرائد الأُصول 1 : 521 .
3- لعلّ الأولی تبدیله بما یفید التعلیل ، کقوله : لأنّه لا إشکال . ( منته الدرایة 5 : 74 ) .
4- حیث قال فی الصفحة : 114 : ضرورة عدم استقلاله بحکم مع احتمال وجود مانعه علی ما یأتی تحقیقه فی الظنّ المانع والممنوع .

ومنه انقدح (1): أنّه لا تتفاوت الحال لوقیل بکون النتیجة هی حجّیّة الظنّ فی الأُصول ، أو فی الفروع ، أو فیهما ، فافهم .

فصل لا فرق فی نتیجة دلیل الانسداد بین أقسام الظنّ بالحکم
اشارة

لا فرق - فی نتیجة دلیل الانسداد - بین الظنّ بالحکم من أمارةٍ علیه ، وبین الظنّ به من أمارةٍ متعلّقة بألفاظ الآیة أو الروایة ، کقول اللغویّ فی ما یورث الظنّ بمراد الشارع من لفظه ، وهو واضح .

حجّیة قول اللغوی مع الانسداد

ولا یخفی: أنّ اعتبار ما یورثه لا محیص عنه فی ما (2) إذا کان ممّا ینسدّ فیه باب العلم ، فقول أهل اللغة حجّة فی ما یورث الظنّ بالحکم مع الانسداد ، ولو انفتح باب العلم باللغة فی غیر المورد .

نعم ، لا یکاد یترتّب علیه أثر آخر ، من تعیین المراد فی وصیّة أو إقرار أو غیرهما من الموضوعات الخارجیّة ، إلّافی ما یثبت فیه حجّیّةُ مطلق الظنّ بالخصوص ، أو ذاک المخصوص (3) .

[شماره صفحه واقعی : 117]

ص: 266


1- ردٌّ لما استظهره الشیخ الأعظم من کلمات جمع من المحقّقین من ابتناء الأقوال فی المسألة علی ما یستفاد من دلیل الانسداد . انظر فرائد الأُصول 1 : 532 .
2- فی الأصل و « ن » کما أثبتناه . وفی « ر » ، « ق » و « ش » : لا یختص ظاهراً بما . وفی حقائق الأُصول ومنته الداریة : یختص بما . یلاحظ منته الدرایة 5 : 83 .
3- الأولی سوق العبارة هکذا : إلّافی ما یثبت فیه حجّیة مطلق الظنّ بدلیل خاص ، أو یثبت ذلک الظنّ المخصوص ، کقول اللغوی . ( منته الدرایة 5 : 85 ) .
حجّیة قول الرجالیّ فی حال الانسداد

ومثله : الظنّ الحاصل بحکم شرعیّ کلّی من الظنّ بموضوع خارجیّ ، کالظنّ بأنّ راوی الخبر هو : زرارة بن أعین - مثلاً - لا آخر .

فانقدح: أنّ الظنون الرجالیّة مجدیة فی حال الانسداد ، ولو لم یقم دلیل علی اعتبار قول الرجالیّ ، لا من باب الشهادة ، ولا من باب الروایة (1) .

تنبیه:

لزوم تقلیل الاحتمالات المتطرّقة إلی الروایة

لا یبعد استقلال العقل بلزوم تقلیل الاحتمالات - المتطرّقة إلی مثل السند أو الدلالة أو جهة الصدور - مهما أمکن فی الروایة ، وعدم الاقتصار علی الظنّ (2) الحاصل منها ، بلا سدِّ بابه (3) فیه (4) بالحجّة ، من علمٍ أو علمیّ؛ وذلک لعدم جواز التنزّل فی صورة الانسداد إلی الضعیف ، مع التمکّن من القویّ ، أو ما بحکمه عقلاً ، فتأمّل جیّداً .

فصل عدم اعتبار الظنّ الانسدادی فی مقام الامتثال

]

إنّما الثابت بمقدّمات دلیل الانسداد فی الأحکام ، هو : حجّیّة الظنّ فیها ، لا حجّیّته فی تطبیق المأتیّ به فی الخارج معها (5) ، فیتّبع - مثلاً - فی

[شماره صفحه واقعی : 118]

ص: 267


1- ما ورد فی هذا الفصل إلی هنا من إفادات الشیخ الأعظم فی الأمر الثالث من الأُمور التی نبّه علیها بعد مقدّمات الانسداد . انظر فرائد الأُصول 1 : 537 - 539 .
2- فی الأصل وبعض الطبعات : بالظنّ . وفی « ن » وأکثر الطبعات مثل ما أثبتناه .
3- الأولی : تأنیث الضمیر ؛ لرجوعه إلی الاحتمالات . ( منته الدرایة 5 : 89 ) .
4- أی : فی السند أو الدلالة أو الجهة ، والأولی : تأنیثه أیضاً . ( المصدر نفسه ) .
5- الأولی : تبدیله ب « علیها » . ( المصدر السابق 5 : 93 ) .

وجوب صلاة الجمعة یومها ، لا فی إتیانها ، بل لابدّ من علم أو علمیّ بإتیانها ، کما لا یخفی .

نعم ، ربما یجری نظیر مقدّمات الانسداد فی الأحکام ، فی بعض الموضوعات الخارجیّة ، من : انسداد باب العلم به غالباً ، واهتمامِ الشارع به ، بحیث عُلم بعدم الرضا بمخالفة (1) الواقع ، بإجراء الأُصول فیه مهما (2) أمکن ، وعدمِ وجوب الاحتیاط (3) شرعاً ، أو عدمِ إمکانه عقلاً ، کما فی موارد الضرر المردّد أمره بین الوجوب والحرمة مثلاً ، فلا محیص عن اتّباع الظنّ حینئذٍ أیضاً (4) ، فافهم .

[شماره صفحه واقعی : 119]

ص: 268


1- فی « ن » ، « ق » ، « ش » وحقائق الأُصول : بمخالفته .
2- فی « ر » : فی ما .
3- فی « ر » : وعدم اهتمام الشارع به ، بحیث علم وجوب الاحتیاط .
4- ما ورد فی هذا الفصل أفاده الشیخ الأعظم أیضاً فی الأمر الرابع من تنبیهات الانسداد . انظر فرائد الأُصول 1 : 549 - 552 .
خاتمة یذکر فیها أمران
الأوّل عدم اعتبار الظنّ فی الاعتقادات
اشارة

هل الظنّ کما یتّبع - عند الانسداد عقلاً - فی الفروع العملیّة - المطلوب فیها أوّلاً العملُ بالجوارح - یتّبع فی الأُصول الاعتقادیّة - المطلوبُ فیها عملُ الجوانح ، من : الاعتقاد به ، وعقد القلب علیه ، وتحمّله ، والانقیادِ له (1) - أو لا ؟

عدم انسداد باب الانقیاد فی الاعتقادات ولو فُرض انسداد باب العلم فیها

الظاهر : لا؛ فإنّ الأمر الاعتقادیّ وإن انسدّ باب القطع به ، إلّاأنّ باب الاعتقاد إجمالاً - بما هو واقعه - والانقیادِ له وتحمّلِه غیرُ منسدٍّ . بخلاف العمل بالجوارح ، فإنّه لایکاد یعلم مطابقته مع ما هو واقعه إلّابالاحتیاط ، والمفروض عدم وجوبه شرعاً ، أو عدم جوازه عقلاً ، ولا أقرب من العمل علی وفق الظنّ .

وبالجملة: لا موجب - مع انسداد باب العلم فی الاعتقادیّات - لترتیب الأعمال الجوانحیّة علی الظنّ فیها ، مع إمکان ترتیبها علی ما هو الواقع

[شماره صفحه واقعی : 120]

ص: 269


1- الأولی فی هذه الضمائر : التأنیث ؛ لرجوعها إلی الأُصول الاعتقادیة . انظر منته الدرایة 5 : 99 .

فیها ، فلا یتحمّل إلّالما هو الواقع ، ولا ینقاد إلّاله ، لا لما هو مظنونه .

وهذا بخلاف العملیّات ، فإنّه لا محیص عن العمل بالظنّ فیها مع مقدّمات الانسداد .

وجوب تحصیل العلم فی بعض الاعتقادات

نعم ، یجب تحصیل العلم فی بعض الاعتقادات - لو أمکن - ، من باب وجوب المعرفة لنفسها ، کمعرفة الواجب - تعالیٰ - وصفاته ، أداءً لشکر بعض نعمائه ، ومعرفةِ أنبیائه؛ فإنّهم وسائط نعمه وآلائه ، بل وکذا معرفة الإمام علیه السلام علی وجه صحیح (1)*؛ فالعقل یستقلّ بوجوب معرفة النبیّ ووصیّه ؛ لذلک ، ولاحتمال الضرر فی ترکه (2) .

ولا یجب عقلاً معرفة غیر ما ذکر إلّاما وجب شرعاً معرفته ، کمعرفة الإمام علیه السلام علی وجهٍ آخر غیر صحیح ، أو أمرٍ آخر ممّا دلّ الشرع علی وجوب معرفته .

وما لا دلالة علی وجوب معرفته بالخصوص - لا من العقل ولا من النقل - کان أصالة البراءة من وجوب معرفته محکّمة .

لا دلیل علی عموم وجوب المعرفة

ولا دلالة لمثل قوله تعالی: «وَ مٰا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَ الْإِنْسَ » (3)الآیة ، ولا لقوله صلی الله علیه و آله : «وما أعلم شیئاً بعد المعرفة أفضل من هذه الصلوات الخمس» (4)، ولا لما دلّ علی وجوب التفقّه وطلب العلم - من الآیات والروایات - علی

[شماره صفحه واقعی : 121]

ص: 270


1- (*) وهو کون الإمامة - کالنبوّة - منصباً إلهیّاً یحتاج إلی تعیینه - تعالی - ونصبه ، لا أنّها من الفروع المتعلّقة بأفعال المکلّفین ، وهو الوجه الآخر . ( منه قدس سره ) .
2- الأولی : « فی ترکها » ؛ لرجوع الضمیر إلی المعرفة . ( منته الدرایة 5 : 104 ) .
3- الذاریات : 56 .
4- الکافی 3 : 264 مع اختلاف یسیر ، والحدیث مرویٌّ عن الإمام الصادق علیه السلام .

وجوب معرفته بالعموم (1) .

ضرورة أنّ المراد من «لیعبدون» هو خصوص عبادة اللّٰه ومعرفته .

والنبویّ إنّما هو بصدد بیان فضیلة الصلوات ، لا بیان حکم المعرفة ، فلا إطلاق فیه أصلاً . ومثل آیة النفر إنّما هو بصدد بیان الطریق المتوسّل به إلی التفقّه الواجب ، لا بیان ما یجب فقهه ومعرفته ، کما لا یخفی . وکذا ما دلّ علی وجوب طلب العلم ، إنّما هو بصدد الحثّ علی طلبه ، لا بصدد بیان ما یجب العلم به .

عدم کفایة الظنّ فی ما یجب معرفته

ثمّ إنّه لا یجوز الاکتفاء بالظنّ فی ما یجب معرفته عقلاً أو شرعاً؛ حیث إنّه لیس بمعرفة قطعاً ، فلابدّ من تحصیل العلم لو أمکن . ومع العجز عنه کان معذوراً إن کان عن قصور ؛ لغفلةٍ ، أو لغموض (2) المطلب مع قلّة الاستعداد ، کما هو المشاهَد فی کثیر من النساء بل الرجال . بخلاف ما إذا کان عن تقصیر فی الاجتهاد ، ولو لأجل حبّ طریقة الآباء والأجداد ، واتّباع سیرة السلف ، فإنّه کالجبلّیّ للخلف ، وقلّما عنه تخلّف .

والمراد من المجاهدة - فی قوله تعالی: «وَ الَّذِینَ جٰاهَدُوا فِینٰا لَنَهْدِیَنَّهُمْ سُبُلَنٰا » (3)- هو : المجاهدة مع النفس ، بتخلیتها عن الرذائل ، وتحلیتها بالفضائل - وهی الّتی کانت أکبر من الجهاد - ، لا النظر والاجتهاد ، وإلّا لأدّیٰ إلی الهدایة ، مع أنّه یؤدّی إلی الجهالة والضلالة ، إلّاإذا کانت هناک منه - تعالی -

[شماره صفحه واقعی : 122]

ص: 271


1- تعریض بما أفاده الشیخ الأنصاری من دلالة هذه الآیات والروایات علی وجوب تحصیل العلم فی الأُمور الاعتقادیة حتی یحصل الیأس. انظر فرائد الأُصول 1: 559 - 560 .
2- أثبتنا الکلمة من « ر » وفی الأصل وبعض الطبعات : لغموضة ، وفی غیرها : لغموضیّة .
3- العنکبوت : 69 .

عنایة ؛ فإنّه غالباً بصدد إثبات أنّ ما وجد آباءَه علیه هو الحقّ ، لا بصدد الحقّ ، فیکون مقصِّراً مع اجتهاده ، ومؤاخَذاً إذا أخطأ علی قطعه واعتقاده .

لا دلالة للعقل ولا للنقل علی وجوب تحصیل الظنّ مع الیأس عن العلم

ثمّ لا استقلال للعقل (1) بوجوب تحصیل الظنّ مع الیأس عن تحصیل العلم ، فی ما یجب تحصیله عقلاً لو أمکن ، لو لم نقل باستقلاله بعدم وجوبه ، بل بعدم جوازه؛ لما أشرنا إلیه (2) : من أنّ الاُمور الاعتقادیّة - مع عدم القطع بها - أمکن الاعتقاد بما هو واقعها والانقیاد لها (3) ، فلا إلجاء فیها أصلاً إلی التنزّل إلی الظنّ فی ما انسدّ فیه باب العلم ، بخلاف الفروع العملیّة ، کما لا یخفی .

وکذلک لا دلالة من النقل علی وجوبه فی ما یجب معرفته مع الإمکان شرعاً ، بل الأدلّة الدالّة علی النهی عن اتّباع الظنّ دلیلٌ علی عدم جوازه أیضاً .

وجود القاصر فی تحصیل العلم بالاعتقادیّات

وقد انقدح من مطاوی ما ذکرنا : أنّ القاصر یکون - فی الاعتقادیّات - للغفلة ، أو عدمِ الاستعداد للاجتهاد فیها؛ لعدم وضوح الأمر فیها ، بمثابةٍ لا یکون الجهلُ بها إلّاعن تقصیر ، کما لا یخفی ، فیکون معذوراً عقلاً (4)* .

[شماره صفحه واقعی : 123]

ص: 272


1- فی « ر » : ثمّ لا یخفی عدم استقلال العقل .
2- فی بدایات الفصل ، حیث قال : فلا یتحمّل إلّالما هو الواقع ، ولا ینقاد إلّاله ، لا لما هو مظنونه .
3- الأولی : تذکیر الضمیر ؛ لرجوعه إلی الموصول فی « بما » ... فالأولی : سوق العبارة هکذا : یمکن الاعتقاد بما هو واقعها والانقیاد له . ( منته الدرایة 5 : 121 ) .
4- (*) ولا ینافی ذلک عدم استحقاقه درجة ، بل استحقاقه درکة؛ لنقصانه بسبب فقدانه للإیمان به تعالی أو برسوله ، أو لعدم معرفة أولیائه؛ ضرورة أنّ نقصان الإنسان لذلک یوجب بُعْدَه عن ساحة جلاله تعالی ، وهو یستتبع لا محالة درکة من الدرکات . وعلیه فلا إشکال فی ما هو ظاهر بعض الروایات والآیات، من خلود الکافر مطلقاً ولو کان قاصراً. فقصوره إنّما ینفعه فی دفع1) المؤاخذة عنه بما یتبعها من الدرکات ، لا فی ما یستتبعه نقصان ذاته ودنوّ نفسه وخساسته ، فإذا انته إلی اقتضاء الذات لذلک ، فلا مجال للسؤال عنه ب : « لِمَ ذلک ؟ » ، فافهم . ( منه قدس سره ) .

ولا یصغیٰ إلی ما ربما قیل : بعدم وجود القاصر فیها (1) ، لکنّه إنّما یکون معذوراً - غیرَ معاقَب علی عدم معرفة الحقّ - إذا لم یکن یعانده ، بل کان ینقاد له علی إجماله لو احتمله .

هذا بعض الکلام ممّا یناسب المقام ، وأمّا بیان حکم الجاهل من حیث الکفر والإسلام ، فهو - مع عدم مناسبته - خارجٌ عن وضع الرسالة .

الثانی الجبر والوهن والترجیح بالظنّ غیر المعتبر
اشارة

الظنّ الذی لم یقم علی حجّیّته دلیلٌ : هل یجبر به ضعف السند أو الدلالة ، بحیث صار حجّة ما لولاه لما کان بحجّة ؟ أو یوهن به ما لولاه علی خلافه لکان حجّة ؟ أو یرجّح به أحدُ المتعارضین ، بحیث لولاه علی وفقه لما کان ترجیحٌ لأحدهما ، أو کان للآخر منهما ، أم لا ؟

[شماره صفحه واقعی : 124]

ص: 273


1- لم نظفر بالقائل . وقال فی منته الدرایة 5 : 124 نُسب إلی بعض بل إلی المشهور . - 1) فی « ر » ومنته الدرایة : رفع .

ومجمل القول فی ذلک : أنّ العبرة فی حصول الجبران أو الرجحان - بموافقته - هو الدخول بذلک تحت دلیل الحجّیّة ، أو المرجّحیّة الراجعة إلی دلیل الحجّیّة . کما أنّ العبرة فی الوهن إنّما هو الخروج - بالمخالفة - عن تحت دلیل الحجّیّة .

جبر ضعف السند بالظنّ

فلا یبعد جبرُ ضعف السند فی الخبر بالظنّ بصدوره ، أو بصحّة مضمونه ، ودخوله بذلک تحت ما دلّ علی حجّیّة ما یوثق به ، فراجع أدلّة أعتبارها .

عدم جبر ضعف الدلالة بالظنّ

وعدمُ جبر ضعف الدلالة بالظنّ بالمراد؛ لاختصاص دلیل الحجّیّة بحجّیّة الظهور فی تعیین المراد . والظنّ - من أمارة خارجیّة - به لا یوجب ظهورَ اللفظ ، کما هو ظاهر ، إلّافی ما أوجب القطع - ولو إجمالاً - باحتفافه بما کان موجباً لظهوره فیه ، لولا عروض انتفائه .

عدم وهن السند والدلالة بالظنّ

وعدمُ وهن السند بالظنّ بعدم صدوره ، وکذا عدم وهن دلالته مع ظهوره ، إلّافی ما کشف - بنحوٍ معتبر - عن ثبوت خلل فی سنده ، أو وجود قرینةٍ مانعة عن انعقاد ظهوره فی ما فیه ظاهرٌ (1) ، لولا تلک القرینة؛ لعدم اختصاص دلیل اعتبار خبر الثقة ، ولا دلیل اعتبار الظهور بما إذا لم یکن ظنٌّ بعدم صدوره ، أو ظنٌّ بعدم إرادة ظهوره .

عدم الترجیح بالظنّ

وأمّا الترجیح بالظنّ: فهو فرع دلیل علی الترجیح به ، بعد سقوط الأمارتین بالتعارض من البین ، وعدمِ حجّیّة واحد منهما بخصوصه وعنوانه ، وإن بقی أحدهما - بلا عنوان - علی حجّیّته (2) ، ولم یقم دلیل بالخصوص علی

[شماره صفحه واقعی : 125]

ص: 274


1- فی « ق » و « ش » : ظاهراً . یلاحظ منته الدرایة 5 : 134 .
2- الأولی تأنیث الضمائر ؛ لأنّ المراد بها الأمارة . راجع منته الدرایة 6 : 65 .

الترجیح به ، وإن ادّعیٰ شیخنا العلّامة (1) - أعلی اللّٰه مقامه - استفادتَه من الأخبار الدالّة علی الترجیح بالمرجّحات الخاصّة ، علی ما یأتی تفصیله (2) فی التعادل والتراجیح (3) .

ومقدّمات الانسداد فی الأحکام إنّما توجب حجّیّة الظنّ بالحکم أو بالحجّة ، لا الترجیح به ما لم یوجب (4) الظنّ بأحدهما .

ومقدّماته فی خصوص الترجیح - لو جرت - إنّما توجب حجیّة الظنّ فی تعیین المرجّح ، لا أنّه مرجّح ، إلّاإذا ظنّ أنّه أیضاً مرجّح (5) ، فتأمّل جیّداً .

هذا فی ما لم یقم علی المنع عن العمل به بخصوصه دلیلٌ .

عدم حصول الجبر والوهن والترجیح بمثل القیاس

وأمّا ما قام الدلیل علی المنع عنه کذلک - کالقیاس - فلا یکاد یکون به جبرٌ أو وهنٌ أو ترجیحٌ ، فی ما لا یکون لغیره أیضاً . وکذا فی ما یکون به أحدها (6)؛ لوضوح أنّ الظنّ القیاسیّ إذا کان علی خلاف ما لولاه لکان حجّةً - بعد المنع عنه - ، لا یوجب خروجه عن تحت دلیل الحجّیة (7) ، وإذا کان علی وفق ما لولاه لما کان حجّةً ، لا یوجب دخوله تحت دلیل الحجّیّة . وهکذا

[شماره صفحه واقعی : 126]

ص: 275


1- فرائد الأُصول 1 : 610 .
2- أدرجنا ما فی « ن » وبعض الطبعات ، وفی الأصل : علی ما فی تفصیله .
3- فی مبحث التعدّی عن المرجّحات المنصوصة ، الصفحة : 294 وما بعدها .
4- فی « ش » : توجب .
5- هذا ردٌّ علی ما أفاده الشیخ الأعظم من أنّ نتیجة المقدمات هی العمل بالظنّ المرجّح . انظر فرائد الأُصول 1 : 617 .
6- فی « ر » : أحدهما .
7- فی الأصل : حجّیته ، وفی طبعاته کما أثبتناه .

لا یوجب ترجیح أحد المتعارضین ؛ وذلک لدلالة دلیل المنع علی إلغائه الشارع (1) رأساً ، وعدمِ جواز استعماله فی الشرعیّات قطعاً ، ودخلُه فی واحد منها نحوُ استعمال له فیها ، کما لا یخفی ، فتأمّل جیّداً .

[شماره صفحه واقعی : 127]

ص: 276


1- الاول علی الغا الشارع ایاه (منته الدرایة 5:145

[شماره صفحه واقعی : 128]

ص: 277

المقصد السابع :فی الأُصول العملیّة
اشارة

[شماره صفحه واقعی : 129]

ص: 278

[شماره صفحه واقعی : 130]

ص: 279

تعریف الأُصول العملیّة

صوت

[*حیدری فسایی]

وهی الّتی ینتهی إلیها المجتهد بعد الفحص والیأس عن الظفر بدلیل ، ممّا (1) دلّ علیه حکم العقل أو عموم النقل .

المهمّ من الأُصول العملیّة

والمهمّ منها أربعة؛ فإنّ مثل قاعدة الطهارة فی ما اشتبه طهارته بالشبهة الحکمیّة (2)* وإن کان ممّا ینتهی إلیها فی ما لا حجّة علی طهارته ولا علی نجاسته ، إلّاأنّ البحث عنها لیس بمهمّ ، حیث إنّها ثابتة بلا کلام ، من دون حاجة إلی نقض وإبرام . بخلاف الأربعة - وهی : البراءة والاحتیاط والتخییر والاستصحاب - ، فإنّها محلّ الخلاف بین الأصحاب، ویحتاج - تنقیح مجاریها،

[شماره صفحه واقعی : 131]

ص: 280


1- فی « ش » : ما .
2- (*)لا یقال: إنّ قاعدة الطهارة مطلقاً تکون قاعدة فی الشبهة الموضوعیّة؛ فإنّ الطهارة والنجاسة من الموضوعات الخارجیّة الّتی یکشف عنها الشرع . فإنّه یقال: أوّلاً: نمنع ذلک ، بل إنّهما من الأحکام الوضعیّة الشرعیّة . ولذا اختلفتا فی الشرائع1) بحسب المصالح الموجبة لشرعهما ، کما لا یخفی . وثانیاً: إنّهما لو کانتا کذلک فالشبهة فیهما - فی ما کان الاشتباه لعدم الدلیل علی إحداهما - کانت حکمیّة؛ فإنّه لا مرجع لرفعها إلّاالشارع ، وما کانت کذلک لیست إلّاحکمیّة . ( منه قدس سره ) . - 1) فی « ق » ، حقائق الأُصول ومنته الدرایة : فی الشرع .

وتوضیح ما هو حکم العقل ، أو مقتضی عموم النقل فیها - إلی مزید بحثٍ وبیانٍ ، ومؤونةِ حجّةٍ وبرهان ، هذا .

مع جریانها فی کلّ الأبواب ، واختصاص تلک القاعدة ببعضها ، فافهم .

[شماره صفحه واقعی : 132]

ص: 281

فصلٌ فی البراءة
اشارة

لو شکّ فی وجوب شیءٍ أو حرمته (1)* ، ولم تنهض حجّة علیه (2) ، جاز شرعاً وعقلاً ترک الأوّل وفعل الثانی ، وکان مأموناً من عقوبة مخالفته ، کان

[شماره صفحه واقعی : 133]

ص: 282


1- (*) لا یخفی: أنّ جمع الوجوب والحرمة فی فصل ، وعدمَ عقد فصل لکلّ منهما علی حدة ، وکذا جمع فقد النصّ وإجماله فی عنوان عدم الحجّة ، إنّما هو لأجل عدم الحاجة إلی ذلک ، بعد الاتّحاد فی ما هو الملاک ، وما هو العمدة من الدلیل علی المهمّ . واختصاص بعض شقوق المسألة بدلیل أو بقول لا یوجب تخصیصه بعنوان علی حدة . وأمّا ما تعارض فیه النصّان ، فهو خارج عن موارد الأُصول العملیّة المقرّرة للشاکّ علی التحقیق فیه من الترجیح أو التخییر ، کما أ نّه داخل فی ما لا حجّة فیه ، بناءً علی سقوط النصّین عن الحجّیّة . وأمّا الشبهة الموضوعیّة فلا مساس لها بالمسائل الاُصولیّة ، بل فقهیّةٌ ، فلا وجه لبیان حکمها فی الأُصول إلّااستطراداً ، فلا تغفل1) . ( منه قدس سره ) .
2- أثبتنا ما فی الأصل ، وفی طبعاته : علیه حجّة . - 1) تعریض بتفصیل الشیخ الأعظم ، حیث عقد لکلّ شقٍّ من المذکورات أعلاه مسألةً علی حدة . راجع فرائد الأُصول 2 : 17 - 18 .

عدم نهوض الحجّة لأجل فقدان النصّ ، أو إجماله واحتماله الکراهة أو الاستحباب ، أو تعارضه فی ما لم یثبت بینهما ترجیح ، بناءً علی التوقّف فی مسألة تعارض النصّین ، فی ما لم یکن ترجیح فی البین .

وأمّا بناءً علی التخییر - کما هو المشهور - فلا مجال لأصالة البراءة وغیرها؛ لمکان وجود الحجّة المعتبرة ، وهو أحد النصّین فیها ، کما لا یخفی .

الاستدلال علی البراءة بالأدلّة الأربعة
اشارة

صوت

[*حیدری فسایی]

وقد استدلّ علی ذلک بالأدلّة الأربعة:

الاستدلال بالکتاب

أمّا «الکتاب»: فبآیاتٍ ، أظهرها: قوله تعالی: «وَ مٰا کُنّٰا مُعَذِّبِینَ حَتّٰی نَبْعَثَ رَسُولاً » (1).

المناقشة فی الاستدلال

وفیه (2): أنّ نفی التعذیب - قبل إتمام الحجّة ببعث الرسل - لعلّه کان منّةً منه - تعالی - علی عباده ، مع استحقاقهم لذلک .

ولو سُلّم (3) اعتراف الخصم بالملازمة بین الاستحقاق والفعلیّة ، لما صحّ الاستدلال بها إلّاجدلاً ، مع وضوح منعه؛ ضرورة أنّ ماشکّ فی وجوبه أو حرمته لیس عنده بأعظم ممّا علم بحکمه ، ولیس حال الوعید بالعذاب فیه إلّا کالوعید به فیه ، فافهم .

[شماره صفحه واقعی : 134]

ص: 283


1- الإسراء : 15 .
2- هذه المناقشة ذکرها فی الفصول : 342 .
3- دفع لما ذکره الشیخ الأعظم تصحیحاً للاستدلال بالآیة ، من أنّ الآیة وإن کانت ظاهرة فی نفی الفعلیّة لا نفی الاستحقاق ، لکنّ الخصم یعترف بالملازمة بین الاستحقاق والفعلیّة ، فینتفی الاستحقاق بانتفاء الفعلیّة . انظر فرائد الأُصول 2 : 23 - 24 .
الاستدلال بالروایات
اشاره

وأمّا «السنّة»: فبروایات:

1 - حدیث الرفع
اشارة

منها: حدیث الرفع (1) ، حیث عُدَّ «ما لا یعلمون» من التسعة المرفوعة فیه ، فالإلزام المجهول من «ما لایعلمون» ، فهو مرفوع فعلاً وإن کان ثابتاً واقعاً ، فلا مؤاخذة علیه قطعاً .

الإشکال الأوّل علی الاستدلال بحدیث الرفع والجواب عنه

لا یقال (2): لیست المؤاخذة من الآثار الشرعیّة ، کی ترتفع بارتفاع التکلیف المجهول ظاهراً ، فلا دلالة له علی ارتفاعها (3)* .

[*حیدری فسایی]

فإنّه یقال: إنّها وإن لم تکن بنفسها أثراً شرعیّاً ، إلّاأ نّها ممّا یترتّب علیه بتوسیط ما هو أثره وباقتضائه ، من إیجاب الاحتیاط شرعاً ، فالدلیل علی رفعه دلیلٌ علی عدم إیجابه ، المستتبعِ لعدم استحقاق العقوبة علی مخالفته .

الإشکال الثانی علی الاستدلال والجواب عنه

لا یقال: لا یکاد یکون إیجابه مستتبعاً لاستحقاقها علی مخالفة التکلیف المجهول ، بل علی مخالفة (4) نفسه ، کما هو قضیّة إیجاب غیره .

فإنّه یقال: هذا إذا لم یکن إیجابه طریقیّاً ، وإلّا فهو موجب لاستحقاق العقوبة علی المجهول ، کما هو الحال فی غیره من الإیجاب والتحریم الطریقیّین؛ ضرورة أ نّه کما یصحّ أن یحتجّ بهما ، صحّ أن یحتجّ به ، ویقال:

[شماره صفحه واقعی : 135]

ص: 284


1- الخصال : 417 ، التوحید : 353 .
2- هذا الإشکال وجوابه مذکوران فی فرائد الأُصول 2 : 33 - 34 .
3- (*) مع أنّ ارتفاعها وعدم استحقاقها بمخالفة التکلیف المجهول هو المهمّ فی المقام . والتحقیق فی الجواب أن یقال - مضافاً إلی ما قلناه - : إنّ الاستحقاق وإن کان أثراً عقلیّاً ، إلّاأنّ عدم الاستحقاق عقلاً مترتّب علی عدم التکلیف شرعاً ولو ظاهراً ، تأمّل تعرف . ( منه قدس سره ) .
4- فی « ن » : مخالفته .

لِمَ أقدمتَ مع إیجابه ؟ ویخرج به عن العقاب بلا بیان والمؤاخذة بلا برهان ، کما یخرج بهما .

[*حیدری فسایی]

وقد انقدح بذلک: أنّ رفع التکلیف المجهول کان منّةً علی الأُمّة؛ حیث کان له - تعالی - وضعُهُ بما هو قضیّته من إیجاب الاحتیاط ، فرفَعَه ، فافهم .

المراد من الموصول فی مما لا یعلمون»

ثمّ لا یخفی عدم الحاجة إلی تقدیر المؤاخذة - ولا غیرِها من الآثار الشرعیّة - فی «ما لا یعلمون» (1) ؛ فإنّ ما لا یعلم من التکلیف مطلقاً - کان فی الشبهة الحکمیّة أو الموضوعیّة - بنفسه قابلٌ للرفع والوضع شرعاً ، وإن کان فی غیره لابدّ من تقدیر الآثار ، أو المجاز فی إسناد الرفع إلیه؛ فإنّه لیس «ما اضطرّوا وما استکرهوا ...» - إلی آخر التسعة - بمرفوع حقیقةً .

نعم ، لو کان المرادُ من الموصول فی «ما لا یعلمون» ما اشتبه حاله ولم یعلم عنوانه (2) ، لکان أحد الأمرین ممّا لابدّ منه أیضاً .

ثمّ لا وجه لتقدیر خصوص المؤاخذة (3) ، بعد وضوح أنّ المقدّر فی غیر واحدٍ غیرها ، فلا محیص عن أن یکون المقدّر هو الأثر الظاهر فی کلّ منها ، أو تمام آثارها الّتی تقتضی المنّة رفعَها . کما أنّ ما یکون بلحاظه الإسناد إلیها مجازاً هو هذا ، کما لا یخفی .

فالخبر دلّ علی رفع کلِّ أثر تکلیفیّ أو وضعیّ کان فی رفعه منّة علی

[شماره صفحه واقعی : 136]

ص: 285


1- تعریض بما أفاده الشیخ الأنصاری من لزوم التقدیر فی « ما لا یعلمون » . راجع فرائد الأُصول 2 : 28 - 29 .
2- وهو الذی استظهره الشیخ قدس سره . راجع فرائد الأُصول 2 : 28 .
3- تعریض آخر بالشیخ الأعظم . المصدر المتقدّم : 29 .

الأُمّة ،

[*حیدری فسایی]

کما استشهد الإمام علیه السلام بمثل هذا الخبر فی رفع ما استکره علیه من الطلاق والصدقة والعتاق (1) .

المرفوع فی غیر «ما لا یعلمون»

ثمّ لا یذهب علیک: أنّ المرفوع فی «ما اضطرّوا إلیه» وغیره - ممّا أُخذ بعنوانه الثانویّ - إنّما هو الآثار المترتّبة علیه بعنوانه الأوّلیّ؛ ضرورة أنّ الظاهر أنّ هذه العناوین صارت موجبةً للرفع ، والموضوعُ للأثر مستدعٍ لوضعه ، فکیف یکون موجباً لرفعه ؟

لا یقال: کیف ؟ وإیجاب الاحتیاط فی ما لا یعلم ، وإیجاب التحفّظ فی الخطأ والنسیان ، یکون أثراً لهذه العناوین بعینها وباقتضاء نفسها .

فإنّه یقال: بل إنّما یکون باقتضاء الواقع فی موردها؛ ضرورة أنّ الاهتمام به یوجب إیجابهما (2) ، لئلّا یفوت علی المکلّف ، کما لا یخفی .

2 - حدیث الحجب

ومنها: حدیث الحَجْب (3) ،

[*حیدری فسایی]

وقد انقدح تقریب الاستدلال به ممّا ذکرنا فی حدیث الرفع .

إلّاأ نّه ربما یشکل (4) بمنع ظهوره فی وضع ما لا یعلم من التکلیف ، بدعوی ظهوره فی خصوص ما تعلّقت عنایته - تعالی - بمنع اطّلاع العباد علیه ؛ لعدم أمر رسُله بتبلیغه ، حیث إنّه بدونه لما صحّ (5) إسناد الحجب إلیه - تعالی - .

[شماره صفحه واقعی : 137]

ص: 286


1- وسائل الشیعة 23 : 226 ، الباب 12 من أبواب کتاب الأیمان ، الحدیث 12 .
2- فی « ر » : إیجابها . انظر منته الدرایة 5 : 214 .
3- عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام : «ما حجب اللّٰه علْمَه عن العباد فهو موضوع عنهم» . التوحید: 413 ، وسائل الشیعة 27: 163 ، الباب 12 من أبواب صفات القاضی ، الحدیث 33 .
4- المستشکل هو الشیخ الأعظم فی فرائد الأُصول 2 : 41 .
5- الأنسب : لا یصحّ .
3 - حدیث الحلّ
اشارة

ومنها: قوله علیه السلام : «کلُّ شیءٍ لَکَ حلالٌ حتّی تعرف أ نّه حرامٌ بعینه ... » (1) الحدیث . حیث دلّ علی حلّیّة ما لم یعلم حرمته مطلقاً ، ولو کان من جهة عدم الدلیل علی حرمته .

تعمیم مفاد الحدیث للشبهة الوجوبیّة

وبعدم الفصل قطعاً بین إباحته وعدم وجوب الاحتیاط فیه ، وبین عدم وجوب الاحتیاط فی الشبهة الوجوبیّة ، یتمّ المطلوب .

مع إمکان أن یقال: ترک ما احتمل وجوبه ممّا لم یعرف حرمته ، فهو حلال ، تأمّل .

4 - حدیث السعة

ومنها: قوله صلی الله علیه و آله : «الناسُ فی سعة ما لا یعلمون» (2) .

[*حیدری فسایی]

فهم فی سعةِ ما لم یُعلم ، أو ما دام لم یعلم وجوبه أو حرمته ، ومن الواضح أ نّه لو کان الاحتیاط واجباً لما کانوا فی سعةٍ أصلاً ، فیعارض به ما دلّ علی وجوبه ، کما لا یخفی (3) .

إشکال الشیخ الأعظم علی الاستدلال بالروایة والجواب عنه

لا یقال: قد عُلم به وجوب الاحتیاط (4)فإنّه یقال: لم یعلم الوجوب أو الحرمة بعدُ ، فکیف یقع فی ضیق الاحتیاط من أجله ؟

[شماره صفحه واقعی : 138]

ص: 287


1- وسائل الشیعة 17 : 89 ، الباب 4 من أبواب ما یکتسب به ، الحدیث 4 مع اختلاف فی بعض الألفاظ .
2- رواه ابن أبی جمهور فی عوالی اللآلی 1 : 424 بلفظ : وقال النبی صلی الله علیه و آله : إنّ الناس فی سعة ما لم یعلموا .
3- ردٌّ علی ما أفاده الشیخ الأعظم من أنّ الحدیث لا یعارض دلیل الاحتیاط ؛ فإنّه بالنسبة إلیه کالأصل بالنسبة إلی الدلیل . راجع فرائد الأُصول 2 : 41 و 27 .
4- هذا ما أشکل به الشیخ الأنصاری علی الاستدلال بالحدیث . راجع فرائد الأُصول 2 : 41 .

نعم ، لو کان الاحتیاط واجباً نفسیّاً کان وقوعهم فی ضیقه بعد العلم بوجوبه ، لکنّه عرفت أنّ وجوبه کان طریقیّاً ، لأجل أن لا یقعوا فی مخالفة الواجب أو الحرام أحیاناً ، فافهم .

5 - حدیث الإطلاق
اشارة

صوت

[*حیدری فسایی]

ومنها: قوله علیه السلام : «کلُّ شیءٍ مطلقٌ حتّی یرِدَ فیه نهی» (1) . ودلالته تتوقّف علی عدم صدق الورود إلّابعد العلم أو ما بحکمه ، بالنهی عنه ، وإن صدر عن

الإشکال فی دلالة الروایة

الشارع ووصل إلی غیر واحد (2)(3)، مع أ نّه ممنوع؛ لوضوح صدقه علی صدوره عنه ، سیّما بعد بلوغه إلی غیر واحد ، وقد خفی علی من لم یعلم بصدوره .

لا یقال: نعم ، ولکن بضمیمة أصالة العدم صحّ الاستدلال به وتمّ .

فإنّه یقال: وإن تمّ الاستدلال به بضمیمتها ، ویُحکم بإباحة مجهول الحرمة وإطلاقه ، إلّاأ نّه لا بعنوان أ نّه مجهول الحرمة شرعاً ، بل بعنوان أ نّه ممّا لم یرد عنه النهی واقعاً .

لا یقال: نعم ، ولکنّه لا یتفاوت فی ما هو المهمّ من الحکم بالإباحة فی مجهول الحرمة ، کان بهذا العنوان أو بذاک العنوان .

فإنّه یقال: حیث أ نّه بذاک العنوان لاختصّ (4) بما لم یعلم ورود النهی عنه أصلاً ، ولا یکاد یعمّ ما إذا ورد النهی عنه فی زمان ، وإباحتُه (5)

[شماره صفحه واقعی : 139]

ص: 288


1- الفقیه 1 : 317 ، وسائل الشیعة 6 : 289 ، الباب 19 من أبواب القنوت ، الحدیث 3 .
2- فی « ش » : ووصل غیر واحد .
3- وهذا هو ما أفاده الشیخ الأعظم فی الاستدلال بالمرسلة . انظر فرائد الأُصول 2 : 43 .
4- الأولی : تبدیله ب « یختص » ؛ لأنّه جعله جواباً ل « حیث » المتضمّن لمعنی الشرط ، ولم یُعهد دخول اللام علی جوابه . ( منته الدرایة 5 : 287 )
5- فی الأصل وبعض الطبعات کما أثبتناه . وفی « ن » وبعض الطبعات الأُخری : إباحة .

فی آخر ، واشتبها من حیث التقدّم والتأخّر .

لا یقال: هذا لولا عدم الفصل بین أفراد ما اشتبهت حرمته .

فإنّه یقال: وإن لم یکن بینها الفصل ، إلّاأ نّه إنّما یُجدی فی ما کان المُثبِت للحکم بالإباحة فی بعضها الدلیل ، لا الأصل ، فافهم .

دعوی الإجماع علی البراءةوالکلام فیها

وأمّا «الإجماع»: فقد نقل علی البراءة (1) ، إلّاأ نّه موهونٌ ، ولو قیل باعتبار الإجماع المنقول فی الجملة؛ فإنّ تحصیله فی مثل هذه المسألة - ممّا للعقل إلیه سبیل ، ومن واضح النقل علیه دلیل - بعیدٌ جدّاً .

حکم العقل بالبراءة

صوت

[*حیدری فسایی]

وأمّا «العقل»: فإنّه قد استقلّ بقبح العقوبة والمؤاخذة علی مخالفة التکلیف المجهول ، بعد الفحص والیأس عن الظفر بما کان حجّةً علیه ، فإنّهما بدونها عقابٌ بلا بیان ، ومؤاخذةٌ بلابرهان ، وهما قبیحان بشهادة الوجدان .

عدم جریان قاعدة دفع الضرر المحتمل فی الشبهات البدویّة

ولا یخفی: أ نّه مع استقلاله بذلک لا احتمال لضرر العقوبة فی مخالفته ، فلا یکون مجال هاهنا لقاعدة وجوب دفع الضرر المحتمل ، کی یتوهّم أ نّها تکون بیاناً (2) . کما أ نّه مع احتماله لا حاجة إلی القاعدة ، بل فی صورة المصادفة استحقّ (3) العقوبة علی المخالفة ، ولو قیل بعدم وجوب دفع الضرر

[شماره صفحه واقعی : 140]

ص: 289


1- راجع فرائد الأُصول 2 : 50 .
2- إشارة إلی ما قد یتوهّم فی المقام من ورود قاعدة دفع الضرر المحتمل علی قاعدة قبح العقاب بلا بیان ، أورده الشیخ فی فرائده وأجاب علیه . انظر فرائد الأُصول 2 : 56 - 57 .
3- الأولی : « یستحق » . ( منته الدرایة 5 : 315 ) .

المحتمل .

وأمّا ضرر غیر العقوبة ، فهو وإن کان محتملاً ، إلّاأنّ المتیقّن منه - فضلاً عن محتمله - لیس بواجب الدفع شرعاً ولا عقلاً؛ ضرورةَ عدمِ القبح فی تحمّل بعض المضارّ ببعض الدواعی عقلاً ، وجوازِه شرعاً .

مع أنّ احتمال الحرمة أو الوجوب لا یلازم احتمالَ المضرّة (1) ، وإن کان ملازماً لاحتمال المفسدة أو ترک المصلحة؛ لوضوح أنّ المصالح والمفاسد الّتی تکون مناطات الأحکام - وقد استقلّ العقل بحسن الأفعال الّتی تکون ذات المصالح ، وقبحِ ما کان ذات المفاسد - لیست براجعةٍ إلی المنافع والمضارّ ،

[*حیدری فسایی]

وکثیراً مّا یکون محتمل التکلیف مأمونَ الضرر . نعم ، ربما تکون المنفعة أو المضرّة مناطاً للحکم شرعاً وعقلاً .

إن قلت: نعم ، ولکنّ العقل یستقلّ بقبح الإقدام علی ما لا تؤمن مفسدته ، وأ نّه کالإقدام علی ما علم مفسدته ، کما استدلّ به شیخ الطائفة قدس سره علی أنّ الأشیاء علی الحظر أو الوقف (2) .

قلت: استقلاله بذلک ممنوع ، والسند : شهادة الوجدان ، ومراجعة دیدن العقلاء من أهل الملل والأدیان ، حیث إنّهم لا یحترزون ممّا لا تؤمن مفسدته ، ولا یعامِلون معه معاملةَ ما علم مفسدته ، کیف ؟ وقد أذِن الشارع بالإقدام علیه ، ولا یکاد یأذن بارتکاب القبیح ، فتأمّل .

[شماره صفحه واقعی : 141]

ص: 290


1- الأولی : سوق العبارة هکذا : « لا یلازم احتمال المضرّة أو المنفعة ... . ( منته الدرایة 5 : 317 ) .
2- استدلّ الشیخ الطوسی بهذا الحکم العقلی علی القول بالوقف ، فقال : « وذهب کثیر من الناس إلی أنها علی الوقف ... وهو الذی یقوی فی نفسی » لکنّه قال - قبل هذا - : وذهب کثیر من البغدادییّن وطائفة من أصحابنا الإمامیّة إلی أ نّها علی الحظر ، ووافقهم علی ذلک جماعة من الفقهاء . ( العدّة 2 : 742 ) .
أدلّة القول بالاحتیاط فی الشبهات البدویّة والجواب عنها
اشارة

واحتُجّ للقول بوجوب الاحتیاط - فی ما لم تقم فیه حجّةٌ - بالأدلّة الثلاثة:

الاستدلال بالکتاب والجواب عنه

أمّا «الکتاب»: فبالآیات الناهیة عن القول بغیر العلم (1) ، وعن الإلقاء فی التهلکة (2) ، والآمرة بالتقوی (3) .

والجواب: أنّ القول بالإباحة شرعاً ، وبالأمن من العقوبة عقلاً ، لیس قولاً بغیر علم؛ لما دلّ علی الإباحة من النقل ، وعلی البراءة من حکم العقل ، ومعهما لا مهلکة فی اقتحام الشبهة أصلاً ، ولا فیه مخالفة التقوی ، کما لا یخفی .

الاستدلال بالأخباروالجواب عنه

وأمّا «الأخبار»: فبما دلّ علی وجوب التوقّف عند الشبهة ، - معلّلاً فی بعضها بأنّ « الوقوف عند الشبهة خیرٌ من الاقتحام فی التهلکة » (4) - من الأخبار الکثیرة الدالّة علیه مطابقةً (5) أو التزاماً (6) .

[شماره صفحه واقعی : 142]

ص: 291


1- الأعراف : 33 ، الإسراء : 36 ، النور : 15 .
2- البقرة : 195 .
3- آل عمران : 102 ، التغابن : 16 .
4- فی أکثر الطبعات : المهلکة .
5- راجع وسائل الشیعة 20 : 259 ، الباب 157 من أبواب مقدّمات النکاح وآدابه ، الحدیث 2 و 27 : 106 و 119 ، الباب 9 من أبواب صفات القاضی ، الحدیث 1 و 35 .
6- کالأخبار الواردة لبیان وجوب الکفّ والردّ . راجع وسائل الشیعة 27 : 106 ، باب وجوه الجمع بین الأحادیث المختلفة وکیفیّة العمل بها .

صوت

[*حیدری فسایی]

وبما دلّ علی وجوب الاحتیاط من الأخبار الواردة بألسنة مختلفة (1) .

والجواب: أ نّه لا تهلکة (2) فی الشبهة البدویّة ، مع دلالة النقل علی الإباحة (3) ، وحکمِ العقل بالبراءة ، کما عرفت .

وما دلّ علی وجوب الاحتیاط - لو سلّم - وإن کان وارداً علی حکم العقل؛ فإنّه کفیٰ بیاناً علی العقوبة علی مخالفة التکلیف المجهول - ولا یُصغی إلی ما قیل (4) من: أنّ إیجاب الاحتیاط إن کان مقدّمةً للتحرّز عن عقاب الواقع المجهول ، فهو قبیح ، وإن کان نفسیّاً فالعقاب علی مخالفته ، لا علی مخالفة الواقع ؛ وذلک لما عرفت من أنّ إیجابه یکون طریقیّاً ، وهو عقلاً ممّا یصحّ أن یحتجّ به علی المؤاخذة فی مخالفة الشبهة ، کما هو الحال فی أوامر الطرق والأمارات والأُصول العملیّة (5) - ، إلّاأ نّها تُعارَض بما هو أخصّ و (6)أظهر ؛ ضرورة أنّ ما دلّ علی حلّیّة المشتبه أخصّ ، بل هو

[شماره صفحه واقعی : 143]

ص: 292


1- راجع وسائل الشیعة 4 : 177 ، الباب 16 من أبواب المواقیت ، الحدیث 14 و 13 : 46 ، الباب 18 من أبواب کفارات الصید ، الحدیث 6 و 27 : 154 ، 167 ، 172 ، الباب 12 من أبواب صفات القاضی ، الحدیث 1 و 46 و 61 .
2- فی أکثر الطبعات : مهلکة .
3- لا توجد عبارة « علی الإباحة » فی الأصل ، وأثبتناها من بعض طبعات الکتاب .
4- قاله الشیخ الأعظم فی فرائد الأُصول 2 : 71 .
5- الصواب أن یقال : « وبعض الأُصول العملیّة » کما عبّر به فی حاشیته علی الفرائد : 116 ؛ إذ الأمر المولوی الطریقی علی فرض تسلیمه فی الأُصول العملیّة لا یتعلّق إلّابالاستصحاب . راجع منته الدرایة 5 : 346 - 348 .
6- فی « ن » وحقائق الأُصول : أو . یراجع منته الدرایة 5 : 348 لتوضیح الوجهین فی العاطف .

فی الدلالة علی الحلّیّة نصّ ، وما دلّ علی الاحتیاط غایته أ نّه ظاهر فی وجوب الاحتیاط .

مع أنّ هناک قرائن دالّة علی أ نّه للإرشاد ، فیختلف إیجاباً واستحباباً حَسَب اختلاف ما یرشد إلیه .

ویؤیّده : أ نّه لو لم یکن للإرشاد لوجب (1) تخصیصه - لا محالة - ببعض الشبهات إجماعاً ، مع أ نّه آبٍ عن التخصیص قطعاً (2) .

[*حیدری فسایی]

کیف لا یکون (3) قوله: «قف عند الشبهة؛ فإنّ الوقوف عند الشبهة خیرٌ من الاقتحام فی المهلکة» للإرشاد ؟ مع أنّ المهلکة ظاهرةٌ فی العقوبة ، ولا عقوبة فی الشبهة البدویّة قبل إیجاب الوقوف والاحتیاط ، فکیف یعلّل إیجابه بأ نّه خیرٌ من الاقتحام فی المهلکة ؟

لا یقال (4): نعم ، ولکنّه یستکشف منه - علی نحو « الإنّ » - إیجابُ الاحتیاط من قبلُ ، لیصحّ به العقوبة علی المخالفة .

فإنّه یقال: إنّ مجرّد إیجابه واقعاً ما لم یعلم لا یصححّ العقوبة ، ولا یخرجها عن أ نّها بلا بیان ولا برهان ، فلا محیص عن اختصاص مثله

[شماره صفحه واقعی : 144]

ص: 293


1- فی « ق » و « ش » : یوجب .
2- انظر تفصیل هذا الجواب وتأییده فی فرائد الأُصول 2 : 80 .
3- إنّ المصنّف قدس سره قد خلط البحث ، وعاد إلی الطائفة الأُولی من الأخبار المعلّلة التی تقدّم منه الجواب عنها ، فالأولی : إسقاط هذه العبارة إلی قوله : وأ مّا العقل ( نهایة النهایة 2 : 105 ) . وانظر کفایة الأُصول مع حاشیة المشکینی 4 : 85 ، حقائق الأُصول 2 : 241 ومنته الدرایة 5 : 356 .
4- هذا هو الإشکال الذی أورده الشیخ علی نفسه ، وأجاب عنه بما أشار إلیه المصنّف بقوله آنفاً : ولا یصغی إلی ما قیل ... . راجع فرائد الأُصول 2 : 71 .

بما یتنجّز فیه المشتبه - لو کان - ، کالشبهة قبل الفحص (1) مطلقاً ، أو الشبهة المقرونة بالعلم الإجمالیّ ، فتأمّل جیّداً .

الاستدلال بالعقل :
الوجه الأول : العلم الإجمالی
اشارة

وأمّا العقل: فلاستقلاله بلزوم فعْلِ ما احتمل وجوبُه ، وترکِ ما احتمل حرمتُه - حیث علم إجمالاً بوجود واجباتٍ ومحرّمات کثیرة فی ما اشتبه وجوبه أو حرمته ، ممّا لم یکن هناک حجّة علی حکمه - ؛ تفریغاً للذمّة بعد اشتغالها ، ولا خلاف فی لزوم الاحتیاط فی أطراف العلم الإجمالیّ إلّامن بعض الأصحاب (2) .

الجواب عن الدلیل العقلی بانحلال العلم الاجمالی

صوت

[*حیدری فسایی]

والجواب: أنّ العقل وإن استقلّ بذلک ، إلّاأ نّه إذا لم ینحلّ العلم الإجمالیّ إلی علم تفصیلیّ وشکّ بدویّ ، وقد انحلّ هاهنا ، فإنّه کما عُلِم بوجود تکالیف إجمالاً ، کذلک عُلِم إجمالاً (3) بثبوت طُرقٍ واُصولٍ معتبرة مثبتة لتکالیف ، بمقدار تلک التکالیف المعلومة أو أزید ، وحینئذٍ لا علم بتکالیف اخر غیر التکالیف الفعلیّة فی الموارد (4) المثبتة من الطرق والأُصول العملیّة (5) .

[شماره صفحه واقعی : 145]

ص: 294


1- فی حقائق الأُصول ومنته الدرایة : بما یتنجّز فیه المشتبه قبل الفحص .
2- کالسیّد العاملی فی المدارک 1 : 107 - 108 ، والمحقّق القمّی فی القوانین 2 : 25 .
3- ورد فی حقائق الأُصول بعد : « إجمالاً » : « تفصیلاً ظ » بین القوسین . وقال فی الهامش 2 : 252 : لا یبعد أن یکون « علم إجمالاً » من قلم الناسخ ، والأصل : « علم تفصیلاً » . ویشهد به کلامه فی حاشیته علی الرسائل ( : 129 ) وقوله هنا : « إن قلت » وما بعده إلی آخر المطلب . ( أیضاً یراجع منته الدرایة 5 : 385 ) .
4- أثبتنا ما فی الأصل وبعض الطبعات . وفی « ن » وبعض الطبعات الأُخری : فی موارد .
5- کان الأولی أن یقال : التکالیف الفعلیة المثبتة بالطرق و ... . ( منته الدرایة 5: 386 ) .
الإشکال علی الانحلال بوجود المانع منه والجواب عنه

إن قلت: نعم ، لکنّه إذا لم یکن العلم بها مسبوقاً بالعلم بالتکالیف (1) .

قلت: إنّما یضرّ السبق إذا کان المعلوم اللاحق حادثاً آخر (2) ، وأمّا إذا لم یکن کذلک ، بل ممّا ینطبق علیه ما علم أوّلاً ، فلا محالة قد انحلّ العلم الإجمالیّ إلی التفصیلیّ والشکّ البدویّ .

توهّم صحّة الانحلال علی القول بالسببیّة فی الأمارات

إن قلت: إنّما یوجب العلمُ بقیام الطرق - المثبِته له بمقدار المعلوم بالإجمال - ذلک ، إذا کان قضیّة قیام الطریق علی تکلیفٍ موجباً لثبوته (3) فعلاً . وأمّا بناءً علی أنّ قضیّة حجّیّته واعتباره شرعاً لیس إلّاترتیبَ ما للطریق المعتبر عقلاً - وهو تنجُّز ما أصابه والعذر عمّا أخطأ عنه - ، فلا انحلال لما علم بالإجمال أوّلاً ، کما لا یخفی .

الجواب عن التوهّم

صوت

[*حیدری فسایی]

قلت: قضیّة الاعتبار شرعاً - علی اختلاف ألسنة أدلّته - وإن کان ذلک - علی ما قوّیناه (4) فی البحث (5) - ، إلّاأنّ نهوض الحجّة علی ما ینطبق (6) علیه

[شماره صفحه واقعی : 146]

ص: 295


1- فی الأصل و « ق » و « ش » : بالواجبات .
2- أثبتنا « آخر » من « ر » .
3- لا یخفی اغتشاش العبارة ، واللازم : حذف کلمة « قضیّة » أو إسقاط « موجباً » مع لام « لثبوته » . ( کفایة الأُصول مع حاشیة المشکینی 4 : 93 ) .
4- أثبتنا الکلمة کما وردت فی « ر » ومنته الدرایة . وفی غیرهما : قوّینا .
5- فی أوائل مباحث الأمارات ، فی الصفحة : 40 حیث قال : والحجّیة المجعولة غیر مستتبعة لإنشاء أحکام تکلیفیة ... بل إنّما تکون موجبة لتنجّز التکلیف به إذا أصاب .
6- الأولی أن یقال : « علی ما یمکن أن ینطبق علیه المعلوم بالإجمال » ؛ حیث إنّ ظاهر قوله : « ینطبق » هو تسلیم الانطباق ، فالإنحلال حینئذٍ یصیر حقیقیاً لا حکمیّاً ، وهو ینافی قوله : « یکون عقلاً بحکم الإنحلال » . ( منته الدرایة 5 : 394 ) .

المعلوم بالإجمال فی بعض الأطراف ، یکونُ عقلاً بحکم الانحلال ، وصَرْف تنجّزه إلی ما إذا کان فی ذاک الطرف ، والعذر عمّا إذا کان فی سائر الأطراف ، مثلاً: إذا علم إجمالاً بحرمة إناء زید بین الإناءین ، وقامت البیّنة علی أنّ هذا إناؤه ، فلا ینبغی الشکّ فی أ نّه کما إذا علم أ نّه إناؤه ، فی عدم لزوم الاجتناب إلّاعن خصوصه دون الآخر .

ولو لا ذلک لما کان یُجدی القول بأنّ قضیّة اعتبار الأمارات هی کون المؤدّیات أحکاماً شرعیّة فعلیّة؛ ضرورة أ نّها تکون کذلک بسبب حادث ، وهو کونها مؤدّیات الأمارات الشرعیّة .

هذا إذا لم یعلم بثبوت (1) التکالیف الواقعیّة - فی موارد الطرق المثبتة - بمقدار المعلوم بالإجمال ، وإلّا فالانحلال إلی العلم بما فی الموارد ، وانحصارُ أطرافه بموارد تلک الطرق بلا إشکال ، کما لا یخفی .

الوجه الثانی لدلالة العقل علی الاحتیاط : أصالة الحظر
اشارة

صوت

[*حیدری فسایی]

وربما استدلّ (2) بما قیل من : استقلال العقل بالحظر فی الأفعال غیر الضروریّة قبل الشرع ، ولا أقلّ من الوقف (3) وعدمِ استقلاله ، لا به ولا بالإباحة ، ولم یثبت شرعاً إباحة ما اشتبه حرمته؛ فإنّ ما دلّ علی الإباحة معارض بما دلّ علی وجوب التوقّف أو الاحتیاط .

المناقشة فی الدلیل

وفیه أوّلاً: أ نّه لا وجه للاستدلال بما هو محلّ الخلاف والإشکال ، وإلّا لصحّ الاستدلال علی البراءة بما قیل من : کون تلک الأفعال علی الإباحة .

وثانیاً: أ نّه ثبتت الإباحة شرعاً؛ لما عرفت من عدم صلاحیّة ما دلّ علی التوقّف أو الاحتیاط للمعارضة لما دلّ علیها .

[شماره صفحه واقعی : 147]

ص: 296


1- فی بعض الطبعات : ثبوت .
2- قرّره الشیخ الأعظم فی فرائد الأُصول 2 : 90 ، وانظر معارج الأُصول : 203 .
3- کما علیه الشیخان : المفید والطوسی . انظر التذکرة بأُصول الفقه : 43 والعدّة 2: 742 .

وثالثاً: أ نّه لا یستلزم القولُ بالوقف - فی تلک المسألة - للقول (1) بالاحتیاط فی هذه المسألة؛ لاحتمال أن یقال معه بالبراءة ، لقاعدة قبح العقاب بلا بیان .

توهّم عدم جریان البراءة العقلیّة فی المقام والکلام فیه

وما قیل (2) من : أنّ الإقدام علی ما لا تؤمن المفسدة فیه ، کالإقدام علی ما تعلم فیه المفسدة .

ممنوعٌ ، ولو قیل بوجوب دفع الضرر المحتمل؛ فإنّ المفسدة المحتملة فی المشتبه لیس بضرر غالباً؛ ضرورة أنّ المصالح والمفاسد - الّتی هی مناطات الأحکام - لیست براجعة إلی المنافع والمضارّ ، بل ربّما تکون (3) المصلحة فی ما فیه الضرر ، والمفسدة فی ما فیه المنفعة . واحتمال أن یکون فی المشتبه ضررٌ ، ضعیفٌ غالباً ، لا یعتنیٰ به قطعاً .

[*حیدری فسایی]

مع أنّ الضرر لیس دائماً ممّا یجب التحرّز عنه عقلاً ، بل یجب ارتکابه أحیاناً ، فی ما کان المترتّب علیه أهمّ فی نظره ممّا فی الاحتراز عن ضرره ، مع القطع به ، فضلاً عن احتماله (4)

[شماره صفحه واقعی : 148]

ص: 297


1- الأولی : حذف اللام ؛ لأنّه مفعول « یستلزم » ، ولا یحتاج الفعل فی عمله إلی لام التقویة . ( منته الدرایة 5 : 404 ) .
2- قاله الشیخ الطوسی فی العدّة 2 : 742 .
3- أثبتناها من « ر » ، وفی غیرها : یکون .
4- لا یخفی ما فی هذه العبارة من التعقید وکثرة الضمائر ، مع اختلاف مراجعها ، وعدم وجود بعضها فی العبارة ، وخلوّ صلة الموصول فی « ممّا » عن العائد ، فالأولی سوق العبارة هکذا : بل قد یجب ارتکابه - مع القطع به ، فضلاً عن احتماله - إذا کان ما یترتّب علیه أهمّ فی نظر الشارع ممّا یترتّب علی الاحتراز عنه . ( منته الدرایة 5 : 410 ) .
تنبیهات :
اشاره

بقی أُمور مهمّة لا بأس بالإشارة إلیها:

التنبیه الأول - اشتراط جریان البراءة بعدم وجودأصلٍ موضوعی فی موردها
اشاره

الأوّل : أ نّه إنّما تجری أصالة البراءة - شرعاً وعقلاً - فی ما لم یکن هناک أصل موضوعیّ مطلقاً ، ولو کان موافقاً لها؛ فإنّه معه لا مجال لها أصلاً؛ لوروده علیها (1) ، کما یأتی تحقیقه (2) .

صُور الشک فی التذکیة :

الصورة الأُولی فلا تجری مثلاً : أصالة الإباحة فی حیوان شُکّ فی حلّیّته مع الشکّ فی قبوله التذکیة؛ فإنّه إذا ذُبح مع سائر الشرائط المعتبرة فی التذکیة، فأصالة عدم التذکیة تدرجه (3) فی ما لم یُذکّ ، وهو حرام إجماعاً ، کما إذا مات حتفَ أنفه .

فلا حاجة إلی إثبات أنّ المیتة تعمّ غیرَ المذکّیٰ شرعاً (4)؛ ضرورة کفایة کونه مثله حکماً ؛ وذلک لأنّ (5) التذکیة إنّما هی عبارة عن فری الأوداج الأربعة (6) مع سائر شرائطها ، عن خصوصیّةٍ فی الحیوان الّتی (7) بها

[شماره صفحه واقعی : 149]

ص: 298


1- وجعل الشیخ الأعظم الوجه فی تقدیم الأصل الموضوعی علی البراءة هو الحکومة . راجع فرائد الأُصول 2 : 109 و 127 .
2- فی التذنیب الذی عقده فی خاتمة الاستصحاب لبیان نسبة الاستصحاب مع بعض القواعد والأُصول .
3- أثبتنا الکلمة من « ن » ، « ر » وبعض الطبعات الأُخری ، وفی الأصل وبعض الطبعات : تدرجها .
4- تعریض بکلام الشیخ الأعظم ، حیث حکم بحرمة « غیر المذکّی » ؛ لصدق عنوان « المیتة » علیه فی لسان الشرع . راجع فرائد الأُصول 2 : 129 و 3 : 198 .
5- أثبتنا الکلمة من « ر » ، وفی غیرها : بأنّ .
6- لا توجد « الأربعة » فی الأصل ، وأثبتناها من طبعاته .
7- الظاهر زیادتها ( التی ) ؛ لتمامیة المعنی بدونها ، وإن فرض بقاؤها فاللازم تعریف « خصوصیّة » ؛ لتُطابق الصفة موصوفها . ( منته الدرایة 5 : 423 ) .

تؤثّر (1) فیه الطهارةَ وحدها أو مع الحلّیة ، ومع الشکّ فی تلک الخصوصیّة ، فالأصل عدم تحقّق التذکیة بمجرّد الفری بسائر شرائطها ، کما لا یخفی .

الصورة الثانیة نعم ، لو عُلم بقبوله التذکیة وشُکّ فی الحلّیّة ، فأصالة الإباحة فیه محکّمة؛ فإنّه حینئذٍ إنّما یشکّ فی أنّ هذا الحیوان المذکّیٰ حلال أو حرام ، ولا أصل فیه إلّاأصالة الإباحة ، کسائر ما شکّ فی أ نّه من الحلال أو الحرام .

[*حیدری فسایی]

الصورة الثالثة هذا إذا لم یکن هناک أصل موضوعیّ آخرُ مثبتٌ لقبوله التذکیة ، کما إذا شکّ - مثلاً - فی أنّ الجلل فی الحیوان هل یوجب ارتفاع قابلیّته لها ، أم لا ؟ فأصالة قبوله لها معه محکّمة ، ومعها لا مجال لأصالة عدم تحقّقها ، فهو قبل الجلل کان یطهر ویحلّ بالفری بسائر شرائطها ، فالأصل أ نّه کذلک بعده .

الصورة الرابعة وممّا ذکرنا ظهر الحال فی ما اشتبهت حلّیّته وحرمته بالشبهة الموضوعیّة من الحیوان ، وأنّ أصالة عدم التذکیة محکّمة فی ما شکّ فیها لأجل الشکّ فی تحقّق ما اعتبر فی التذکیة شرعاً .

الصورة الخامسة کما أنّ أصالة قبول التذکیة محکّمة إذا شکّ فی طروء ما یمنع عنه ، فیحکم بها فی ما أُحرز الفری بسائر شرائطها عداه ، کما لا یخفی ، فتأمّل جیّداً .

التنبیه الثانی - حسن الاحتیاط شرعاً وعقلاً
اشاره

الثانی : أ نّه لا شبهة فی حسن الاحتیاط شرعاً وعقلاً فی الشبهة الوجوبیّة و (2)التحریمیّة ، فی العبادات وغیرها .

[شماره صفحه واقعی : 150]

ص: 299


1- فی غیر « ر » : یؤثّر .
2- فی « ن » وبعض الطبعات : أو .

کما لا ینبغی الارتیاب فی استحقاق الثواب فی ما إذا احتاط وأتی أو ترک بداعی احتمال الأمر أو النهی .

الإشکال فی جریان الاحتیاط فی العبادات

وربما یشکل (1) فی جریان الاحتیاط فی العبادات عند دوران الأمر بین الوجوب وغیر الاستحباب ، من جهة أنّ العبادة لابدّ فیها من نیّة القربة المتوقّفة علی العلم بأمر الشارع تفصیلاً أو إجمالاً .

الجواب الأوّل عن الإشکال والمناقشة فیه

وحُسْن الاحتیاط عقلاً (2) لا یکاد یُجدی فی رفع الإشکال ، ولو قیل بکونه موجباً لتعلّق الأمر به شرعاً؛ بداهةَ توقّفه علی ثبوته توقُّفَ العارض علی معروضه ، فکیف یعقل أن یکون من مبادئ ثبوته (3) ؟

الجواب الثانی والمناقشة فیه

صوت

[*حیدری فسایی]

وانقدح بذلک : أ نّه لا یکاد یُجدی فی رفعه أیضاً القولُ بتعلّق الأمر به من جهة ترتُّب الثواب علیه؛ ضرورة أ نّه فرع إمکانه ، فکیف یکون من مبادئ جریانه ؟ هذا .

مع أنّ حسن الاحتیاط لا یکون بکاشف عن تعلّق الأمر به بنحو

[شماره صفحه واقعی : 151]

ص: 300


1- أورده الشیخ الأعظم فی فرائد الأُصول . ( فرائد الأُصول 2 : 150 - 151 ) .
2- هذا الجواب ذکره الشیخ فی فرائد الأُصول 2 : 151 بقوله : ودعوی أنّ العقل ... وأجاب علیه بما ستأتی الإشارة إلیه بقول المصنّف : مع أنّ حسن الاحتیاط ... .
3- هذا هو محذور الدور الذی أورد به الشیخ الأعظم علی استدلال الشهید ( الذکری 2 : 444 ) علی شرعیّة قضاء الصلوات لمجرّد احتمال الخلل . راجع فرائد الأُصول 2 : 152 .

« اللّمّ » ، ولا ترتّبِ الثواب علیه بکاشف عنه بنحو « الإنّ » ، بل یکون حاله فی ذلک حال الإطاعة؛ فإنّه نحوٌ من الانقیاد والطاعة (1) .

الجواب الثالث والإیراد علیه

وما قیل (2) فی دفعه: من کون المراد بالاحتیاط فی العبادات ، هو مجرّد الفعل المطابق للعبادة من جمیع الجهات ، عدا نیّة القربة .

ففیه (3): - مضافاً إلی عدم مساعدة دلیل حینئذٍ علی حسنه بهذا المعنی فیها؛ بداهة أ نّه لیس باحتیاط حقیقةً ،

[*حیدری فسایی]

بل هو أمرٌ لو دلّ علیه دلیلٌ کان مطلوباً مولویّاً نفسیّاً عبادیّاً ، والعقلُ لا یستقلّ إلّابحسن الاحتیاط ، والنقل لا یکاد یرشد إلّاإلیه . نعم ، لو کان هناک دلیلٌ علی الترغیب فی الاحتیاط فی خصوص العبادة ، لَما کان محیصٌ عن دلالته اقتضاءً علی أنّ المراد به ذاک المعنی ، بناءً علی عدم إمکانه فیها بمعناه حقیقةً ، کما لا یخفی - أ نّه التزامٌ بالإشکال وعدمِ جریانه فیها ، وهو کما تریٰ .

الجواب الرابع عن الإشکال( جواب المصنف )

قلت: لا یخفی أنّ منشأ الإشکال هو تخیّل کون القربة المعتبرة فی العبادة مثلَ سائر الشروط المعتبرة فیها ، ممّا یتعلّق بها الأمر المتعلّق بها ،فیشکل جریانه حینئذٍ؛ لعدم التمکّن من قصد القربة المعتبر فیها (4) ، وقد عرفت (5) أ نّه فاسد* ، وإنّما اعتبر قصد القربة فیها عقلاً ، لأجل أنّ الغرض منها لا یکاد یحصل بدونه (6) .

[شماره صفحه واقعی : 152]

ص: 301


1- إشارة إلی وجهی التفصّی عن الإشکال ، المذکورین فی فرائد الأُصول 2 : 151 .
2- أفاده الشیخ فی فرائده 2 : 153 .
3- أثبتناها من « ر » ومنته الدرایة ، وفی غیرهما : فیه .
4- فی الأصل و « ش » : « لعدم التمکّن من جمیع ما اعتبر فیها » . وفی مصحّح « ن » وسائر الطبعات مثل ما أثبتناه .
5- فی المقدّمة الثانیة من مبحث التعبّدی والتوصّلی . راجع الجزء الأوّل ، الصفحة : 105 .
6- هذا . مع أ نّه لو أُغمض عن فساده لما کان فی الاحتیاط فی العبادات إشکالٌ غیر الإشکال فیها . فکما یلتزم فی دفعه بتعدّد الأمر فیها ، لیتعلّق أحدهما بنفس الفعل،والآخر بإتیانه بداعی أمره ، کذلک فی ما احتمل وجوبه منها ، فکان فیه علی هذا 1 احتمال أمرین کذلک ، أی : أحدهما کان متعلّقاً بنفسه ، والآخر بإتیانه بداعی ذاک الأمر ، فیتمکّن من الاحتیاط فیها بإتیان ما احتمل وجوبه بداعی رجاء أمره واحتماله ، فیقع عبادة وإطاعة لو کان واجباً ، وانقیاداً لو لم یکن کذلک نعم ، کان بین الاحتیاط هاهنا وفی التوصّلیّات فرق ، وهو : أنّ المأتیّ به فیها قطعاً کان موافقاً لما احتمل وجوبه مطلقاً ، بخلافه هاهنا ، فإنّه لا یوافق إلّاعلی تقدیر وجوبه واقعاً؛ لما عرفت من عدم کونه عبادة إلّاعلی هذا التقدیر ، ولکنّه لیس بفارق؛ لکونه عبادة علی تقدیر الحاجة إلیه وکونه واجباً . ودعویٰ عدم کفایة الإتیان برجاء الأمر فی صیرورته عبادة أصلاً - ولو علی هذا التقدیر - مجازفة؛ ضرورة استقلال العقل بکونه امتثالاً لأمره علی نحو العبادة لو کان ، وهو الحاکم فی باب الإطاعة والعصیان ، فتأمّل جیّداً . ( منه قدس سره ) . (4) هذا ما أشکل به الشیخ الأنصاری علی الاستدلال بالحدیث . راجع فرائد الأُصول 2 : 41 .

وعلیه کان جریان الاحتیاط فیه (1) بمکانٍ من الإمکان؛ ضرورة التمکّن من الإتیان بما احتمل وجوبه بتمامه وکماله ، غایة الأمر أ نّه لابدّ أن یؤتیٰ به علی نحوٍ لو کان مأموراً به لکان مقرِّباً ، بأن یؤتیٰ به بداعی احتمال الأمر ، أو احتمال کونه محبوباً له - تعالی - ، فیقع حینئذٍ علی تقدیر الأمر به امتثالاً لأمره - تعالی - ، وعلی تقدیر عدمه انقیاداً لجنابه - تبارک وتعالی - ، ویستحقّ الثواب علی کلّ حال : إمّا علی الطاعة أو الانقیاد .

وقد انقدح بذلک : أ نّه لا حاجة فی جریانه فی العبادات إلی تعلّق أمر بها ،

[*حیدری فسایی]

بل لو فُرض تعلّقه بها لما کان من الاحتیاط بشیء ، بل کسائر ما علم وجوبه أو استحبابه منها ، کما لا یخفی .

[شماره صفحه واقعی : 153]

ص: 302


1- الأولی : تأنیث الضمیر ؛ لرجوعه إلی العبادة ... منته الدرایة 5 : 500 . - 1) أثبتنا الجملة کما وردت فی « ق » و « ر » ، وفی غیرهما : کان علی هذا .
الجواب الخامس والإیراد علیه

فظهر أ نّه لو قیل (1) بدلالة أخبار « من بلغه ثوابٌ » (2) علی استحباب العمل الّذی بلغ علیه الثواب ولو بخبر ضعیف ، لَما کان یُجدی فی جریانه فی خصوص ما دلّ علی وجوبه أو استحبابه خبرٌ ضعیف ، بل کان - علیه - مستحبّاً ، کسائر ما دلّ الدلیل علی استحبابه .

الجواب السادس والمناقشة فیه

لا یقال: هذا لو قیل بدلالتها علی استحباب نفس العمل الّذی بلغ علیه الثواب بعنوانه ، وأمّا لو دلّ (3) علی استحبابه لا بهذا العنوان ، بل بعنوان أ نّه محتمل الثواب ، لکانت دالّةً علی استحباب الإتیان به بعنوان الاحتیاط ، کأوامر الاحتیاط لو قیل بأ نّها للطلب المولویّ ، لا الإرشادیّ .

فإنّه یقال: إنّ الأمر بعنوان الاحتیاط ولو کان مولویّاً لکان توصّلیّاً .

مع أ نّه لو کان عبادیّاً لما کان مصحِّحاً للاحتیاط ، ومُجدیاً فی جریانه فی العبادات ، کما أشرنا إلیه آنفاً (4) .

مفاد أخبار « من بلغه »

صوت

[*حیدری فسایی]

ثمّ إنّه لا یبعد دلالة بعض تلک الأخبار علی استحباب ما بلغ علیه الثواب؛ فإنّ صحیحة هشام بن سالم المحکیّة عن المحاسن عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام قال: «مَن بلَغَه عن النبیّ صلی الله علیه و آله (5)شیءٌ مِنَ الثواب فعَمِلَهُ کانَ أجرُ ذلک لَه ، وإن کان رسول اللّٰه صلی الله علیه و آله لم یَقُله» (5) ظاهرةٌ فی أنّ الأجر کان مترتّباً

[شماره صفحه واقعی : 154]

ص: 303


1- قاله الشیخ الأعظم فی فرائد الأُصول 2 : 153 .
2- وسائل الشیعة 1 : 82 ، الباب 18 من أبواب مقدّمة العبادات ، باب استحباب الإتیان بکلّ عملٍ مشروعٍ رُوی له ثوابٌ عنهم علیهم السلام .
3- الصواب : « دلّت » ؛ لرجوع الضمیر المستتر فیه إلی « أخبار من بلغ » . ( منته الدرایة 5 : 506 ) .
4- فی بدایة هذا التنبیه . (5) المحاسن 1 : 25 .
5-

علی نفس العمل الّذی بلغه عنه صلی الله علیه و آله أ نّه ذو ثواب .

وکون العمل متفرّعاً علی البلوغ ، وکونه الداعی إلی العمل (1) ، غیرُ موجبٍ لأن یکون الثواب إنّما یکون مترتّباً علیه فی ما إذا أتیٰ (2) برجاء أ نّه مأمور به وبعنوان الاحتیاط؛ بداهة أنّ الداعی إلی العمل لا یوجب له وجهاً وعنواناً یؤتی به بذاک الوجه والعنوان .

وإتیان العمل بداعی « طلب قول النبیّ صلی الله علیه و آله » (3) - کما قُیِّد به فی بعض الأخبار (4) - وإن کان انقیاداً ، إلّاأنّ الثواب فی الصحیحة إنّما رُتّب علی نفس العمل ، ولا موجب لتقییدها به؛ لعدم المنافاة بینهما ، بل لو أتیٰ به کذلک ، أو التماساً للثواب الموعود - کما قُیِّد به فی بعضها الآخر (5) - لاُوتی الأجر والثواب علی نفس العمل ، لا بما هو احتیاط وانقیاد ،

[*حیدری فسایی]

فیکشف عن کونه بنفسه

[شماره صفحه واقعی : 155]

ص: 304


1- إشارة وتضعیف لما أفاده الشیخ الأعظم من أن الظاهر من الأخبار المذکورة أنّ الثواب متفرّع علی العمل المأتیّ به بداعی البلوغ ، لا علی نفس العمل . راجع فرائد الأُصول 2 : 155 .
2- الأولی سوق العبارة هکذا : غیر موجب لترتّب الثواب علی العمل فی خصوص ما إذا أتی ... ( منته الدرایة 5 : 514 ) .
3- تعریض آخر بالشیخ الأنصاری ، حیث أیّد کلامه بقوله : ویؤیّده تقیید العمل فی غیر واحد من تلک الأخبار بطلب قول النبی صلی الله علیه و آله والتماس الثواب الموعود . ( فرائد الأُصول 2 : 155 ) .
4- وهو خبر محمد بن مروان عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام . راجع وسائل الشیعة 1 : 81 ، الباب 18 من أبواب مقدّمة العبادات ، الحدیث 4 .
5- وهو خبر محمد بن مروان عن أبی جعفر علیه السلام . وسائل الشیعة 1 : 82 ، الباب 18 من أبواب مقدّمة العبادات ، الحدیث 7 .

مطلوباً وإطاعة ، فیکون وزانه وزان : « من سرّح لحیته » (1) ، أو : من صلّی أو صام فله کذا (2) . ولعلّه لذلک أفتی المشهور بالاستحباب ، فافهم وتأمّل .

التنبیه الثالث - لزوم التفصیل فی جریان البراءةفی الشبهة الموضوعیّة التحریمیّة
اشاره

الثالث : أ نّه لا یخفی أنّ النهی عن شیءٍ إذا کان بمعنی طلب ترکه فی زمانٍ أو مکانٍ ، - بحیث لو وُجد فی ذاک الزمان أو المکان ولو دفعةً لما امتثل أصلاً - ، کان اللازم علی المکلّف إحراز أ نّه تَرَکَه بالمرّة ولو بالأصل ، فلا یجوز الإتیان بشیءٍ یشکّ معه فی ترکه ،

[*حیدری فسایی]

إلّاإذا کان مسبوقاً به لیستصحب مع الإتیان به .

نعم ، لو کان بمعنی طلب ترک کلِّ فردٍ منه علی حدة ، لَما وجب إلّا ترک ما علم أ نّه فردٌ ، وحیث لم یعلم تعلّق النهی إلّابما علم أ نّه مصداقه ، فأصالة البراءة فی المصادیق المشتبهة محکَّمة .

عدم لزوم الاحتیاط فی جمیع الشبهات الموضوعیّة

فانقدح بذلک : أنّ مجرّد العلم بتحریم شیءٍ لا یوجب لزوم الاجتناب عن الأفراد (3) المشتبهة ، فی ما کان المطلوب بالنهی طلب ترک کلّ فرد علی حدة ، أو کان الشیء مسبوقاً بالترک ، وإلّا لوجب الاجتناب عنها عقلاً لتحصیل الفراغ قطعاً (4) .

فکما یجب فی ما علم وجوب شیءٍ إحرازُ إتیانه ، إطاعةً لأمره ،

[شماره صفحه واقعی : 156]

ص: 305


1- انظر وسائل الشیعة 2 : 126 ، الباب 76 من أبواب آداب الحمّام ، الحدیث الأول .
2- أشار الشیخ الأعظم إلی هذا التشبیه وردّ علیه بأنّ الإطاعة هناک حقیقیّة ، أ مّا فی المقام فهی حکمیّة . راجع فرائد الأُصول 2 : 156 - 157 .
3- فی غیر « ر » : أفراده .
4- إشارة إلی ضعف ما أفاده الشیخ قدس سره من جریان البراءة فی الشبهات الموضوعیة التحریمیة مطلقاً . راجع فرائد الأُصول 2 : 121 - 122 .

فکذلک یجب فی ما علم حرمته إحرازُ ترکه وعدمِ إتیانه ، امتثالاً لنهیه . غایة الأمر کما یحرز وجود الواجب بالأصل ، کذلک یحرز ترک الحرام به .

والفرد المشتبه وإن کان مقتضیٰ أصالة البراءة جواز الاقتحام فیه ، إلّا أنّ قضیّةَ لزوم إحراز الترک اللازم : وجوبُ التحرّز عنه ، ولا یکاد یحرز إلّا بترک المشتبه أیضاً (1) ، فتفطّن .

التنبیه الرابع - الاحتیاط حسنٌ مطقاً إلّاإذا أخلّ بالنظام

الرابع (2) : أ نّه قد عرفت (3) حُسْن الاحتیاط عقلاً ونقلاً . ولا یخفی أ نّه مطلقاً کذلک ، حتّی فی ما کان هناک حجّةٌ علی عدم الوجوب أو الحرمة ، أو أمارةٌ معتبرةٌ علی أ نّه لیس فرداً للواجب أو الحرام ، ما لم یخلّ بالنظام فعلاً ، فالاحتیاط قبل ذلک مطلقاً یقع حسناً ، کان فی الأُمور المهمّة ، کالدماء والفروج ، أو غیرها ، وکان احتمال التکلیف قویّاً أو ضعیفاً ، کانت الحجّة علی خلافه أو لا (4) . کما أنّ الاحتیاط الموجب لذلک لا یکون حَسناً کذلک ، وإن کان الراجح لمن التفت إلی ذلک من أوّل الأمر ترجیح بعض الاحتیاطات احتمالاً أو محتملاً (5) ، فافهم .

[شماره صفحه واقعی : 157]

ص: 306


1- دفع لما ذکره الشیخ الأعظم من أنّ الفرد المشتبه من المنهیّ عنه یجوز ارتکابه بمقتضی أصالة البراءة . راجع فرائد الأُصول 2 : 121 .
2- المطالب المدرجة فی هذا التنبیه طرحها الشیخ الأعظم فی التنبیه الثالث من تنبیهات الشبهة الموضوعیة التحریمیة مع بعض الاختلاف . انظر فرائد الأُصول 2 : 137 - 139 .
3- فی التنبیه الثانی ، حیث قال : لا شبهة فی حُسن الاحتیاط شرعاً وعقلاً فی الشبهة الوجوبیة أو التحریمیة .
4- هذه الجملة مستدرکة بما أفاده فی صدر التنبیه بقوله : « حتی فی ما کان هناک حجة ... » . ( منته الدرایة 5 : 558 ) .
5- ورد ذکْر هذین الترجیحین علی سبیل الاحتمال فی فرائد الأُصول 2 : 137 .

[شماره صفحه واقعی : 158]

ص: 307

فصلٌ فی التخییر
دوران الأمر بین الوجوب والحرمةوالوجوه فیه

صوت

[*حیدری فسایی]

إذا دار الأمر بین وجوب شیءٍ وحرمته ؛ لعدم نهوض حجّة علی أحدهما تفصیلاً ، بعد نهوضها علیه إجمالاً ، ففیه وجوه:

الحکم بالبراءة عقلاً ونقلاً؛ لعموم النقل ، وحکمِ العقل بقبح المؤاخذة علی خصوص الوجوب أو الحرمة؛ للجهل به .

ووجوبِ الأخذ بأحدهما تعییناً أو تخییراً .

والتخییرِ بین الترک والفعل عقلاً ، مع التوقّف عن الحکم به رأساً ، أو مع الحکم علیه بالإباحة شرعاً .

مختار المصنّف فی المسألة

أوْجَهُها : الأخیر؛ لعدم الترجیح بین الفعل والترک ، وشمولِ مثل «کلُّ شیءٍ لک حلالٌ حتّی تعرف أ نّه حرامٌ» (1) له ، ولا مانع عنه عقلاً ولا نقلاً .

توهّم وجود المانع عن جریان أصالة الحلّ والجواب عنه

وقد عرفت (2) أ نّه لا یجب موافقة الأحکام التزاماً ، ولو وجب لکان

[شماره صفحه واقعی : 159]

ص: 308


1- وسائل الشیعة 17 : 89 ، الباب 4 من أبواب ما یکتسب به ، الحدیث 4 مع المغایرة فی بعض الألفاظ .
2- فی الأمر الخامس من مباحث القطع فی الصفحة : 26 إذ قال : هل تنجّز التکلیف بالقطع کما یقتضی موافقته عملاً یقتضی موافقته التزاماً أو لا یقتضی ... ألحقّ هو الثانی .

الالتزام إجمالاً بما هو الواقع معه ممکناً (1) .

والالتزام التفصیلیّ بأحدهما لو لم یکن تشریعاً محرّماً لَما نَهَضَ علی وجوبه دلیلٌ قطعاً (2) .

الردّ علی القول بالتخییر الشرعی فی المقام

صوت

[*حیدری فسایی]

وقیاسه بتعارض الخبرین - الدالّ أحدهما علی الحرمة والآخر علی الوجوب - باطلٌ (3)؛ فإنّ التخییر بینهما علی تقدیر کون الأخبار حجّةً من باب السببیّة یکونُ علی القاعدة ، ومن جهة التخییر بین الواجبین المتزاحمین (4) .

وعلی تقدیر أ نّها من باب الطریقیّة ، فإنّه وإن کان علی خلاف القاعدة ، إلّا أنّ أحدهما - تعییناً أو تخییراً - حیث کان واجداً لِما هو المناط للطریقیّة - من احتمال الإصابة مع اجتماع سائر الشرائط - جُعِلَ (5) حجّةً فی هذه الصورة بأدلّة الترجیح تعییناً ، أو التخییر تخییراً ، وأین ذلک ممّا إذا لم یکن المطلوب إلّاالأخذ بخصوص ما صدر واقعاً ؟ وهو حاصلٌ ، والأخذ بخصوص أحدهما ربما لا یکون إلیه بموصِل .

نعم ، لو کان التخییر بین الخبرین لأجل إبدائهما احتمالَ الوجوب

[شماره صفحه واقعی : 160]

ص: 309


1- التوهّم وجوابه مذکوران فی فرائد الأُصول 2 : 180 .
2- الأولی سوق العبارة هکذا : « لم ینهض علی وجوبه دلیل أیضاً » . ( منته الدرایة 5 : 591 ) .
3- هذا القیاس والجواب عنه مذکوران فی فرائد الأُصول 2 : 181 - 182 ، إلّاأنّ الشیخ قدس سره اختصر فی الجواب عنه بما تقتضیه القاعدة بناءً علی السببیّة فی حجیّة الأخبار ، ولم یتعرّض لحاله بناءً علی الطریقیّة .
4- الأولی أن یقال : « بین الواجب والحرام المتزاحمین » ، أو یقال : « من قبیل التخییر بین الواجبین المتزاحمین » . ( منته الدرایة 5 : 596 ) .
5- فی مصحّح « ن » ، « ق » و « ر » : صار .

والحرمة ، وإحداثِهما التردیدَ بینهما ، لکان القیاس فی محلّه؛ لدلالة الدلیل علی التخییر بینهما علی التخییر هاهنا ، فتأمّل جیّداً .

عدم جریان البراءة العقلیّة فی المقام

ولا مجال هاهنا لقاعدة قبح العقاب بلا بیان؛ فإنّه لا قصور فیه هاهنا ، وإنّما یکون عدم تنجّز التکلیف لعدم التمکّن من الموافقة القطعیّة کمخالفتها (1) ، والموافقةُ الاحتمالیّة حاصلة لا محالة ، کما لا یخفی .

شمول النزاع للتعبّدیّات

صوت

[*حیدری فسایی]

ثمّ إنّ مورد هذه الوجوه وإن کان ما إذا لم یکن واحدٌ من الوجوب والحرمة علی التعیین تعبّدیّاً؛ إذ لو کانا تعبّدیّین ، أو کان أحدهما المعیّن کذلک ، لم یکن إشکالٌ فی عدم جواز طرحهما والرجوعِ إلی الاباحة؛ لأنّها مخالفة عملیّة قطعیّة - علی ما أفاد (2) شیخنا الأستاذ قدس سره (3)- ، إلّاأنّ الحکم أیضاً فیهما إذا کانا کذلک هو التخییر عقلاً بین إتیانه علی وجه قربیّ - بأن یؤتیٰ به بداعی احتمال طلبه - وترکِه کذلک؛ لعدم الترجیح ، وقبحه بلا مرجّح .

فانقدح : أ نّه لا وجه لتخصیص المورد بالتوصّلیّین بالنسبة إلی ما هو المهمُّ فی المقام (4) ، وإن اختصّ بعض الوجوه بهما ، کما لا یخفی .

تقدیم محتمل الأهمیّة

ولا یذهب علیک : أنّ استقلال العقل بالتخییر إنّما هو فی ما لا یحتمل الترجیح فی أحدهما علی التعیین . ومع احتماله لا یبعد دعوی استقلاله بتعیّنه (5)،

[شماره صفحه واقعی : 161]

ص: 310


1- الصواب سوق العبارة هکذا : « کالمخالفة القطعیة » ... ( منته الدرایة 5 : 604 ) .
2- فی « ر » ومنته الدرایة : أفاده .
3- فرائد الأُصول 2 : 179 .
4- تعریض بما قاله الشیخ الأعظم من « أنّ محلّ هذه الوجوه ما لو کان کلّ من الوجوب والتحریم توصّلیاً » . راجع فرائد الأُصول 2 : 179 .
5- فی « ق » : بتعیینه .

کما هو الحال فی دوران الأمر بین التخییر والتعیین فی غیر المقام . ولکنّ الترجیح إنّما یکون لشدّة الطلب فی أحدهما ، وزیادتهِ علی الطلب فی الآخر بما لا یجوز الإخلال بها فی صورة المزاحمة ، ووجب الترجیح بها . وکذا وجب ترجیح احتمال ذی المزیّة فی صورة الدوران .

بطلان القول بترجیح جانب الحرمة

صوت

[*حیدری فسایی]

ولا وجه لترجیح احتمال الحرمة مطلقاً ، لأجل أنّ دفع المفسدة أولیٰ من ترک المصلحة؛ ضرورةَ أ نّه رُبّ واجبٍ یکون مقدّماً علی الحرام فی صورة المزاحمة بلا کلام ، فکیف یقدّم علی احتمالِه احتمالُه فی صورة الدوران بین مثلیهما ؟ فافهم .

[شماره صفحه واقعی : 162]

ص: 311

فصلٌ فی الاشتغال
اشارة

لو شکّ فی المکلّف به مع العلم بالتکلیف من الإیجاب أو التحریم :

فتارةً لتردّده بین المتباینین ، وأُخری بین الأقلّ والأکثر الارتباطیّین ، فیقع الکلام فی مقامین:

المقام الأوّل فی دوران الأمر بین المتباینین
منجّزیّة العلم الإجمالی بالتکلیف الفعلی من جمیع الجهات

لا یخفی : أنّ التکلیف المعلوم بینهما مطلقاً - ولو کانا فعلَ أمرٍ وترکَ آخر (1)(2) - إن کان فعلیّاً من جمیع الجهات - بأن یکون واجداً لما هو العلّة

[شماره صفحه واقعی : 163]

ص: 312


1- لعلّ هذا تعریض بالشیخ الأعظم ، حیث خصّ النزاع - علی ما یبدو من بعض عبائره - بالعلم بنوع التکلیف ، وجعل العلم بالجنس مجری البراءة . راجع فرائد الأُصول 2 : 17 و 195 .
2- لا یخفی : أ نّه إذا علم إجمالاً بوجوب شیء وحرمة آخر فلا علم إجمالاً بوجوب أو تحریم ، وإنما علم إجمالاً بالإلزام المردّد بین الوجوب والتحریم ، فلا یدخل فی العنوان المذکور فی صدر البحث . ( حقائق الأُصول 2 : 282 - 283 ) ، فکان الأولی : تعمیم العنوان ( فی أوّل البحث ) لما علم الإلزام المردّد بین الإیجاب والتحریم مع کونهما فی موضوعین ( کفایة الأُصول مع حاشیة المشکینی 4 : 163 ) ، وراجع منته الدرایة 6 : 9 - 10 .

التامّة للبعث أو الزجر الفعلیّ ، مع ما هو علیه (1) من الإجمال والتردّد والاحتمال - فلا محیصَ عن تنجّزه وصحّة العقوبة علی مخالفته ، وحینئذٍ لا محالة یکون مادلّ بعمومه علی الرفع أو الوضع أو السعة أو الإباحة ممّا یعمّ أطراف العلم مخصَّصاً عقلاً؛ لأجل مناقضتها معه .

عدم التنجیز فی الإجمالی غیر الفعلی

صوت

[*حیدری فسایی]

وإن لم یکن فعلیّاً کذلک - ولو کان بحیث لو علم تفصیلاً لَوَجَب امتثاله وصحّ العقاب علی مخالفته - لم یکن هناک مانعٌ عقلاً ولا شرعاً عن شمول أدلّة البراءة الشرعیّة للأطراف .

جریان الحکم الظاهری فی أطراف الإجمالی غیر الفعلی

ومن هنا انقدح: أ نّه لا فرق بین العلم التفصیلیّ والإجمالیّ ، إلّاأ نّه لا مجال للحکم الظاهریّ مع التفصیلیّ ، فإذا کان الحکم الواقعیّ فعلیّاً من سائر الجهات لا محالة (2) یصیر فعلیّاً معه من جمیع الجهات ، وله مجالٌ مع الإجمالیّ ، فیمکن أن لا یصیر فعلیّاً معه؛ لإمکان جعل الظاهریّ فی أطرافه ، وإن کان فعلیّاً من غیر هذه الجهة ، فافهم .

بطلان التفصیل بین الشبهة المحصورة وغیر المحصورة

صوت

[*حیدری فسایی]

ثمّ إنّ الظاهر : أ نّه لو فُرض أنّ المعلوم بالإجمال کان فعلیّاً من جمیع الجهات ، لَوَجَب عقلاً موافقته مطلقاً ، ولو کانت أطرافه غیرَ محصورة (3) .

[شماره صفحه واقعی : 164]

ص: 313


1- أثبتنا « علیه » من « ر » ، حقائق الأُصول ومنته الدرایة .
2- الأولی : اقترانه بالفاء ؛ لأنّه جواب « فإذا کان » ... ( منته الدرایة 6 : 19 ) .
3- إشکال علی ما اشتهر من وجوب الاحتیاط فی أطراف الشبهة المحصورة وعدم وجوبه فی غیر المحصورة . ویظهر هذا التفصیل من الشیخ الأعظم أیضاً فی فرائد الأُصول 2 : 257 .

وإنّما التفاوت بین المحصورة وغیرها هو : أنّ عدم الحصر ربما یلازم ما یمنع عن فعلیّة المعلوم مع کونه فعلیّاً - لولاه - من سائر الجهات .

وبالجملة: لا یکاد یری العقل تفاوتاً بین المحصورة وغیرها فی التنجّز وعدمِه ، فی ما کان المعلوم إجمالاً فعلیّاً ، یبعثُ المولیٰ نحوَه فعلاً أو یزجر عنه کذلک ، مع ما هو علیه من کثرة أطرافه .

والحاصل: أنّ اختلاف الأطراف فی الحصر وعدمه لا یوجب تفاوتاً فی ناحیة العلم . ولو أوجب تفاوتاً فإنّما هو فی ناحیة المعلوم ، فی فعلیّة البعث أو الزجر مع الحصر ، وعدمِها (1) مع عدمه ، فلا یکاد یختلف العلم الإجمالیّ باختلاف الأطراف - قلّةً وکثرةً - فی التنجیز (2) وعدمه ، ما لم یختلف المعلوم فی الفعلیّة وعدمها بذلک ، وقد عرفت آنفاً : أ نّه لا تفاوت بین التفصیلیّ والإجمالیّ فی ذلک ، ما لم یکن تفاوتٌ فی طرف المعلوم أیضاً (3) ، فتأمّل تعرف .

مسلک الاقتضاء والإشکال علیه

وقد انقدح (4): أ نّه لا وجه لاحتمال عدم وجوب الموافقة القطعیّة مع حرمة مخالفتها (5)؛ ضرورة أنّ التکلیف المعلوم إجمالاً لو کان فعلیّاً لوجب موافقته قطعاً ، وإلّا لم یحرم مخالفته کذلک أیضاً .

[شماره صفحه واقعی : 165]

ص: 314


1- فی الأصل و « ر » : وعدمهما . (2) فی « ق » : التنجّز .
2-
3- الظاهر : زیادة هذه الکلمة ( أیضاً ) ؛ لظهورها فی عدم انحصار مناط التنجیز فی فعلیة المعلوم فقط ، بل للعلم دخل فیه أیضاً ، وهذا خلاف ما صرّح به آنفاً . راجع منته الداریة 6 : 27 .
4- تعریض - کما فی فوائد المصنف : 143 - ببعض کلمات الشیخ الأنصاری التی یظهر منها إمکان الترخیص فی ارتکاب بعض أطراف الشبهة المحصورة وترک الموافقة القطعیة . راجع فرائد الأُصول 2 : 204 .
5- الأولی أن یقال: «مع حرمة المخالفة القطعیّة» ، وقد تقدم نظیره . (منته الدرایة 6: 28).
موانع فعلیّة الحکم فی العلم الإجمالی

صوت

[*حیدری فسایی]

ومنه ظهر: أ نّه لو لم یعلم فعلیّة التکلیف مع العلم به إجمالاً - إمّا من جهة عدم الابتلاء ببعض أطرافه ، أو من جهة الاضطرار إلی بعضها معیّناً أو مردّداً ، أو من جهة تعلّقه بموضوع یقطع بتحقّقه إجمالاً فی هذا الشهر ، کأ یّام حیض المستحاضة مثلاً - لما وجبت موافقته ، بل جازت مخالفته .

منجّزیة العلم الإجمالی فی التدریجیّات

وأ نّه لو علم فعلیّته - ولو کان بین أطراف تدریجیّة - لکان منجَّزاً ووجب موافقته؛ فإنّ التدرّج لا یمنع عن الفعلیّة؛ ضرورة أ نّه کما یصحّ التکلیف بأمرٍ حالیّ ، کذلک یصحُّ بأمر استقبالیّ ، کالحجّ فی الموسم للمستطیع ، فافهم .

تنبیهاتٌ
التنبیه الأول : الاضطرار إلی المعیّن أو غیر المعیّن مانع عن التکلیف

الأوّل: إنّ الاضطرار کما یکون مانعاً عن العلم بفعلیّة التکلیف لو کان إلی واحدٍ معیّن ، کذلک یکون مانعاً لو کان إلی غیر معیّن (1)؛ ضرورةَ أ نّه مطلقاً موجبٌ لجواز ارتکاب أحد الأطراف أو ترکه ، تعییناً أو تخییراً ، وهو ینافی العلم بحرمة المعلوم أو بوجوبه بینها فعلاً .

لا فرق بین الاضطرار السابق علی حدوث العلم واللاحق له وکذلک لا فرق (2) بین أن یکون الاضطرار کذلک سابقاً علی حدوث العلم أو لاحقاً ؛

[*حیدری فسایی]

وذلک لأنّ التکلیف (3)* المعلوم بینها من أوّل الأمر کان محدوداً

[شماره صفحه واقعی : 166]

ص: 315


1- خلافاً للشیخ الأعظم الأنصاری ، حیث ذهب إلی تنجّز الحکم فی غیر المعیّن بالنسبة إلی الباقی . راجع فرائد الأُصول 2 : 245 .
2- خلافاً للشیخ أیضاً ، حیث اختار وجوب الاجتناب عن الباقی ، فی صورة الاضطرار إلی المعیّن الحاصل بعد العلم ، المصدر السابق .
3- (*) لا یخفی: أنّ ذلک إنّما یتمّ فی ما کان الاضطرار إلی أحدهما لا بعینه . وأمّا لو کان إلی أحدهما المعیّن ، فلا یکون بمانع عن تأثیر العلم للتنجّز ؛ لعدم منعه عن العلم بفعلیّة التکلیف المعلوم إجمالاً ، المردّد بین أن یکون التکلیفُ المحدودُ فی ذلک الطرف أو المطلقُ فی الطرف الآخر؛ ضرورة عدم ما یوجب عدم فعلیّة مثل هذا المعلوم أصلاً ، وعروض الاضطرار إنّما یمنع عن فعلیّة التکلیف لو کان فی طرف معروضه بعد عروضه ، لا عن فعلیّة المعلوم بالإجمال المردّد بین التکلیف المحدود فی طرف المعروض ، والمطلق فی الآخر بعد العروض . وهذا بخلاف ما إذا عرض الاضطرار إلی أحدهما لا بعینه ، فإنّه یمنع عن فعلیّة التکلیف فی البین مطلقاً ، فافهم وتأمّل . ( منه قدس سره ) .

بعدم عروض الاضطرار إلی متعلّقة ، فلو عرض علی بعض أطرافه لَما کان التکلیف به معلوماً ؛ لاحتمال أن یکون هو المضطرّ إلیه فی ما کان الاضطرار إلی المعیّن ، أو یکون هو المختار فی ما کان إلی بعض الأطراف بلا تعیین .

قیاس الاضطرار إلی بعض الأطراف بفقد بعضها

لا یقال: الاضطرار إلی بعض الأطراف لیس إلّاکفقد بعضها ، فکما لا إشکال فی لزوم رعایة الاحتیاط فی الباقی مع الفقدان ، کذلک لا ینبغی الإشکال فی لزوم رعایته مع الاضطرار ، فیجب الاجتناب عن الباقی أو ارتکابه ؛ خروجاً عن عهدة ما تنجّز علیه قبل عروضه .

الجواب عن القیاس

فإنّه یقال: حیث إنّ فقد المکلّف به لیس من حدود التکلیف به وقیوده ، کان التکلیفُ المتعلّق به مطلقاً ، فإذا اشتغلت الذمّة به کان قضیّة الاشتغال به یقیناً الفراغَ عنه کذلک . وهذا بخلاف الاضطرار إلی ترکه (1)؛ فإنّه من حدود التکلیف به وقیوده ، ولا یکون الاشتغال به من الأوّل إلّامقیّداً بعدم عروضه ، فلا یقین باشتغال الذمّة بالتکلیف به إلّاإلی هذا الحدّ ، فلا یجب رعایته فی ما بعده ، ولا یکون إلّامن باب الاحتیاط فی الشبهة البدویّة ، فافهم وتأمّل ، فإنّه دقیق جدّاً .

التنبیه الثانی : شرطیّة الابتلاء بتمام الأطراف
اشارة

الثانی: أ نّه لمّا کان النهی عن الشیء (2)* إنّما هو لأجل أن یصیر داعیاً

[شماره صفحه واقعی : 167]

ص: 316


1- الأولی : إضافة : « أو ارتکابه » ... حتّی یعمّ کلاًّ من الشبهة الوجوبیة والتحریمیة . ( منته الدرایة 6 : 64 ) .
2- (*) کما أ نّه إذا کان فعل الشیء الّذی کان متعلّقاً لغرض المولی ممّا لا یکاد عادةً أن یترکه العبد ، وأن لا یکون له داعٍ إلیه ، لم یکن للأمر به والبعث إلیه موقعٌ أصلا ، کما لا یخفی . ( منه قدس سره ) .

للمکلّف نحوَ ترکه ، لو لم یکن له داعٍ آخر - ولا یکاد یکون ذلک إلّافی ما یمکن عادةً ابتلاؤه به ، وأمّا ما لا ابتلاء به بحسبها ، فلیس للنهی عنه موقعٌ أصلاً (1)؛ ضرورةَ أ نّه بلا فائدة ولا طائل ، بل یکون من قبیل طلب الحاصل - کان الابتلاء بجمیع الأطراف ممّا لابدّ منه فی تأثیر العلم ، فإنّه بدونه لا علم بتکلیف فعلیٍّ؛ لاحتمال تعلّق الخطاب بما لا ابتلاء به .

الملاک فی الابتلاء

صوت

[*حیدری فسایی]

ومنه قد انقدح: أنّ الملاک فی الابتلاء المصحِّح لفعلیّة الزجر ، وانقداحِ طلب ترکه فی نفس المولیٰ فعلاً ، هو ما إذا صحّ انقداح الداعی إلی فعله فی نفس العبد ، مع اطّلاعه علی ما هو علیه من الحال .

حکم الشک فی الابتلاء

ولو شکّ فی ذلک کان المرجع هو البراءة؛ لعدم القطع بالاشتغال ، لا إطلاقُ الخطاب (2)؛ ضرورةَ أ نّه لا مجال للتشبّث به إلّافی ما إذا شکّ فی التقیید بشیء (3) بعد الفراغ عن صحّة الإطلاق بدونه ، لا فی ما شکّ فی اعتباره فی صحّته (4)(5)* ، تأمّل لعلّک تعرف إن شاء اللّٰه - تعالی - .

[شماره صفحه واقعی : 168]

ص: 317


1- أوّل من اعتبر هذا الشرط فی خصوص التکالیف التحریمیة هو الشیخ الأعظم قدس سره . انظر بحر الفوائد 2 : 102 وفرائد الأُصول 2 : 233 .
2- کما قد یظهر ذلک من الشیخ الأعظم فی فرائد الأُصول 2 : 238 .
3- فی الأصل : به .
4- فی العبارة مسامحة واضحة ، وحقّها أن یقال : « لا فی ما شکّ فی تحقّق ما یعتبر فی صحّته » ؛ لأنّ الابتلاء لا شکّ فی اعتباره ، بل الشکّ فی تحقّقه بعد القطع باعتباره فی صحة الإطلاق ( کفایة الأُصول مع حاشیة المشکینی 4 : 211 ) ، وراجع منته الدرایة 6 : 87 .
5- (*) نعم ، لو کان الإطلاق فی مقامٍ یقتضی بیان التقیید بالابتلاء - لو لم یکن هناک ابتلاء مصحّح للتکلیف - کان الإطلاق وعدم بیان التقیید دالّاً علی فعلیّته ووجود الابتلاء المصحّح لهما ، کما لا یخفی ، فافهم . ( منه قدس سره ) .
التنبیه الثالث : الشبهة غیر المحصورة
اشارة

الثالث: أ نّه قد عرفت (1) : أ نّه مع فعلیّة التکلیف المعلوم لا تفاوت بین أن تکون أطرافه محصورةً وأن تکون غیر محصورة .

نعم ، ربما تکون کثرة الأطراف فی مورد موجبةً لعُسْر موافقته القطعیّة باجتناب کلّها ، أو ارتکابه ، أو ضررٍ فیها ، أو غیرِهما ممّا لا یکون معه التکلیف فعلیّاً ، بعثاً أو زجراً فعلاً (2) ، ولیست (3) بموجبة لذلک فی غیره . کما أنّ نفسها ربما تکون موجبة لذلک ، ولو کانت قلیلةً فی مورد آخر .

فلابدّ من ملاحظة ذاک الموجب لرفع فعلیّة التکلیف المعلوم بالإجمال أ نّه یکون ، أو لا یکون فی هذا المورد ، أو یکون مع کثرة أطرافه ، وملاحظة أ نّه مع أیّة مرتبة من کثرتها ، کما لا یخفی .

حکم الشک فی طروء الموجب لرفع فعلیّةالتکلیف

صوت

[*حیدری فسایی]

ولو شکّ فی عروض الموجب ، فالمتَّبع هو إطلاق دلیل التکلیف لو کان ، وإلّا فالبراءة لأجل الشکّ فی التک لیف الفعلیّ . هذا هو حقّ القول فی المقام .

وما قیل فی ضبط المحصور وغیره (4) لا یخلو من الجزاف (5) .

[شماره صفحه واقعی : 169]

ص: 318


1- فی بدایات الفصل فی الصفحة : 164 إذ قال : لو فُرض أنّ المعلوم بالإجمال کان فعلیاً من جمیع الجهات لوجب عقلاً موافقته قطعاً ، ولو کانت أطرافه غیر محصورة .
2- الظاهر عدم الحاجة إلیه ( فعلاً ) ؛ فإنّه مستدرک . انظر منته الدرایة 6 : 112 .
3- فی غیر « ر » ومنته الدرایة : لیس .
4- نقل الشیخ الأعظم فی فرائده بعض هذه الضوابط وناقشها ، والتزم بالاحتیاط فی الموارد المشکوکة . راجع فرائد الأُصول 2 : 268 - 273 .
5- فی « ر » : من إنحراف .
التنبیه الرابع : حکم ملاقی بعض الأطراف
اشارة

الرابع: أ نّه إنّما یجب عقلاً رعایة الاحتیاط فی خصوص الأطراف ، ممّا یتوقّف علی اجتنابه أو ارتکابه حصولُ العلم بإتیان الواجب أو ترک الحرام المعلومین (1) فی البین دون غیرها ، وإن کان حاله حال بعضها فی کونه محکوماً بحکمه (2) واقعاً .

ومنه ینقدح الحال فی مسألة ملاقاة شیءٍ مع أحد (3) أطراف النجس المعلوم بالإجمال ، وأ نّه :

الصورة الأُولی للملاقاة وحکمها

تارةً : یجبُ الاجتنابُ عن الملاقیٰ دون ملاقیه ، فی ما کانت الملاقاة بعد العلم إجمالاً بالنجس بینها؛ فإنّه إذا اجتنبَ عنه وطرفِه اجتنبَ عن النجس فی البین قطعاً ولو لم یجتنب عمّا یلاقیه؛ فإنّه علی تقدیر نجاسته لنجاسته کان فرداً آخر من النجس ، قد شُکّ فی وجوده ، کشیءٍ آخر شُکّ فی نجاسته بسبب آخر .

ومنه ظهر: أ نّه لا مجال لتوهّم أنّ قضیّة تنجّز الاجتناب عن المعلوم هو الاجتناب عنه أیضاً (4)؛ ضرورةَ أنّ العلم به إنّما یوجبُ تنجّزَ الاجتناب عنه ، لا تنجّز الاجتناب عن فردٍ آخر لم یُعلم حدوثه ، وإن احتُمل .

[شماره صفحه واقعی : 170]

ص: 319


1- الأولی : تبدیله ب « المعلوم » ؛ لکونه صفة للواجب أو الحرام ، والعطف ب « أو » قاطعٌ للشرکة وموجبٌ لوحدة الموصوف . راجع منته الدرایة 6 : 139 .
2- أثبتنا ما فی الأصل ، وفی أکثر الطبعات : محکوماً بحکم .
3- الأولی : تبدیله ب « بعض » ؛ إذ المناط فی المسألة هو عدم الملاقاة لجمیع الأطراف ، سواءً لاقیٰ واحداً منها أم أکثر . انظر منته الدرایة 6 : 140 .
4- إشارة إلی ما عن ظاهر ابن زهرة من أن المتنجّس من شؤون نفس النجس ، فوجوب الاجتناب عن النجس یقتضی الاجتناب عنه وعمّا لاقاه . انظر الغنیة : 46 ، وفرائد الأُصول 2 : 239 .
الصورة الثانیة

صوت

[*حیدری فسایی]

وأُخریٰ : یجب الاجتناب عمّا لاقاه دونه ، فی ما لو علم إجمالاً نجاسته أو نجاسةُ شیءٍ آخر ، ثمّ حدَثَ العلم بالملاقاة والعلمُ بنجاسة الملاقیٰ (1) أو ذاک الشیء أیضاً؛ فإنّ حال الملاقیٰ (2)* فی هذه الصورة بعینها حالُ ما لاقاه فی الصورة السابقة ، فی عدم کونه طرفاً للعلم الإجمالیّ ، وأ نّه فردٌ آخر علی تقدیر نجاسته واقعاً غیر معلوم النجاسة أصلاً ، لا إجمالاً ولا تفصیلاً .

وکذا لو علم بالملاقاة ثمّ حدث العلم الإجمالیّ ، ولکن کان الملاقیٰ خارجاً عن محلّ الابتلاء فی حال حدوثه ، وصار مبتلی به بعده .

الصورة الثالثة

وثالثةً : یجبُ الاجتناب عنهما فی ما لو حصل العلم الإجمالیّ بعد العلم بالملاقاة؛ ضرورة أ نّه حینئذٍ نعلم إجمالاً : إمّا بنجاسة الملاقی والملاقیٰ ، أو بنجاسة الآخر (3) ، کما لا یخفی ، فیتنجّز التکلیف بالاجتناب عن النجس فی البین ، وهو الواحد أو الإثنان (4) .

المقام الثانی فی دوران الأمر بین الأقلّ والأکثر الارتباطیّین
لزوم الاحتیاط عقلاً والدلیل علیه

صوت

[*حیدری فسایی]

والحقّ : أنّ العلم الإجمالیّ بثبوت التکلیف بینهما أیضاً یوجبُ الاحتیاط عقلاً بإتیان الأکثر؛ لتنجُّزِه به ، حیث تعلَّقَ بثبوته فعلاً .

[شماره صفحه واقعی : 171]

ص: 320


1- فی الأصل : ثمّ حدث الملاقاة والعلم ... ، وفی « ر » : ثمّ حدث العلم بنجاسة الملاقی ، وفی سائر الطبعات مثل ما أثبتناه .
2- (*) وإن لم یکن احتمال نجاسة ما لاقاه إلّامن قِبَل ملاقاته . ( منه قدس سره ) .
3- فی منته الدرایة : بنجاسة شیء آخر .
4- أثبتنا الکلمة کما وردت فی حقائق الأُصول ومنته الدرایة ، وفی غیرهما : الإثنین .
توّهم انحلال العلم الاجمالی والجواب عنه

وتوهّم (1) : انحلاله إلی العلم بوجوب الأقلّ تفصیلاً ، والشکّ فی وجوب الأکثر بدواً ؛ ضرورةَ لزوم الإتیان بالأقلّ لنفسه شرعاً ، أو لغیره کذلک ، أو عقلاً ، ومعه لا یوجب تنجّزه لو کان متعلّقاً بالأکثر .

فاسدٌ قطعاً ؛ لاستلزام الانحلالِ المحالَ ، بداهةَ توقُّفِ لزوم الأقلّ فعلاً - إمّا لنفسه أو لغیره - علی تنجُّز التکلیف مطلقاً ، ولو کان متعلّقاً بالأکثر ، فلو کان لزومه کذلک مستلزماً لعدم تنجّزه إلّاإذا کان متعلّقاً بالأقلّ ، کان خلفاً .

[*حیدری فسایی]

مع أ نّه یلزم من وجوده عدمُهُ ؛ لاستلزامه عدمَ تنجّز التکلیف علی کلّ حالٍ ، المستلزم لعدم لزوم الأقلّ مطلقاً ، المستلزم لعدم الانحلال ، وما یلزم من وجوده عدمُه محالٌ .

انحلال العلم الإجمالی فی الأقلّ والأکثر الاستقلالییّن

نعم ، إنّما ینحلّ إذا کان الأقلّ ذا مصلحة ملزمة ؛ فإنّ وجوبه حینئذٍ یکون معلوماً له ، وإنّما کان التردید لاحتمال أن یکون الأکثر ذا مصلحتین ، أو مصلحة أقویٰ من مصلحة الأقلّ ، فالعقل فی مثله وإن استقلّ بالبراءة بلا کلام ، إلّاأ نّه خارجٌ عمّا هو محلّ النقض والإبرام فی المقام ، هذا .

دلیلٌ آخر علی لزوم الاحتیاط عقلاً

صوت

[*حیدری فسایی]

مع أنّ الغرض الداعی إلی الأمر لا یکاد یحرز إلّابالأکثر ، بناءً علی ما ذهب إلیه المشهورُ من العدلیّة ، من تبعیّة الأوامر والنواهی للمصالح والمفاسد فی المأمور بها والمنهیّ عنها ، وکونِ الواجبات الشرعیّة ألطافاً فی الواجبات العقلیّة ، وقد مرّ (2) اعتبار موافقة الغرض وحصولِه عقلاً فی إطاعة الأمر وسقوطه ، فلابدّ من إحرازه فی إحرازها ، کما لا یخفی .

[شماره صفحه واقعی : 172]

ص: 321


1- إشارة إلی کلام الشیخ الأعظم القائل بالإنحلال بجریان البراءة عن الأکثر . راجع فرائد الأُصول 2 : 322 - 323 .
2- فی بحث التعبّدی والتوصّلی وبیان الفرق بینهما ، إذ قال : بخلاف التعبّدی ، فإنّ الغرض منه لا یکاد یحصل بذلک ، بل لابدّ فی سقوطه وحصول غرضه من الإتیان به متقرّباً به منه تعالی . راجع الجزء الأول ، الصفحة : 105 .
اعتراضان للشیخ الأعظم علی الدلیل

ولا وجه للتفصّی عنه (1) :

تارةً : بعدم ابتناء مسألة البراءة والاحتیاط علی ما ذهب إلیه مشهور العدلیّة ، وجریانِها علی ما ذهب إلیه الأشاعرة المنکرین (2) لذلک ، أو بعض العدلیّة المکتفین (3) بکون المصلحة فی نفس الأمر دون المأمور به (4) .

وأُخری : بأنّ حصول المصلحة واللطف فی العبادات لا یکاد یکون إلّا بإتیانها علی وجه الامتثال ، وحینئذٍ کان لاحتمال اعتبار معرفة أجزائها تفصیلاً - لیؤتی بها مع قصد الوجه - مجالٌ ، ومعه لا یکاد یقطع بحصول اللطف والمصلحة الداعیة إلی الأمر ، فلم یبقَ إلّاالتخلّص عن تبعة مخالفته ، بإتیان ما علم تعلّقه به ، فإنّه واجب عقلاً وإن لم یکن فی المأمور به مصلحةٌ ولطف رأساً ؛ لتنجّزه بالعلم به إجمالاً . وأمّا الزائد علیه - لو کان - فلا تبعة علی مخالفته من جهته ؛ فإنّ العقوبة علیه بلا بیان .

الجواب عن الاعتراض الأول وذلک ضرورةَ أنّ حکم العقل بالبراءة - علی مذهب الأشعریّ - لا یُجدی من ذهب إلی ما علیه المشهور من العدلیّة ،

[*حیدری فسایی]

بل مَن ذهب إلی ما علیه غیر المشهور ؛ لاحتمال أن یکون الداعی إلی الأمر ومصلحتهُ - علی هذا المذهب أیضاً - هو ما فی الواجبات من المصلحة وکونِها ألطافاً ، فافهم .

[شماره صفحه واقعی : 173]

ص: 322


1- المتفصّی بذلک الشیخ الأعظم فی فرائد الأُصول 2 : 319 - 320 .
2- الصواب : المنکرون . ( منته الدرایة 6 : 211 ) .
3- الصواب : المکتفی ، أو : المکتفون .
4- انظر الفصول : 237 - 238 .

الجواب الأول عن الاعتراض الثانی وحصول اللطف والمصلحة فی العبادة وإن کان یتوقّف علی الإتیان بها علی وجه الامتثال ، إلّاأ نّه لا مجال لاحتمال اعتبار معرفة الأجزاء وإتیانِها علی وجهها ، کیف ؟ ولا إشکال فی إمکان الاحتیاط هاهنا ، کما فی المتباینین ، ولا یکاد یمکن مع اعتباره . هذا .

الجواب الثانی عن الاعتراض مع وضوح بطلان احتمال اعتبار قصد الوجه کذلک . والمرادُ (1) ب «الوجه» - فی کلام من صرّح بوجوب إیقاع الواجب علی وجهه ووجوب اقترانه به - هو وجه نفسه من وجوبه النفسیّ ، لا وجهُ أجزائه من وجوبها الغیریّ ، أو وجوبها العرَضیّ . وإتیانُ الواجب مقترناً بوجهه - غایةً ووصفاً - بإتیان الأکثر بمکانٍ من الامکان ؛ لانطباق الواجب علیه ولو کان هو الأقلّ ، فیتأتّیٰ من المکلّف معه قصدُ الوجه .

[*حیدری فسایی]

واحتمال اشتماله علی ما لیس من أجزائه لیس بضائر ، إذا قصد وجوبَ المأتیّ علی إجماله ، بلا تمییز ما له دخلٌ فی الواجب من أجزائه ، لا سیّما إذا دار الزائد بین کونه جزءاً لماهیّته وجزءاً لفرده ؛ حیث ینطبق الواجب علی المأتیّ حینئذٍ بتمامه وکماله ؛ لأنّ الطبیعیّ یصدق علی الفرد بمشخِّصاته (2) .

نعم ، لو دار بین کونه جزءاً أو مقارناً ، لَما کان منطبقاً علیه بتمامه لو لم یکن جزءاً . لکنّه غیر ضائر ؛ لانطباقه علیه أیضاً فی ما لم یکن ذاک الزائد جزءاً ، غایته لا بتمامه بل بسائر أجزائه . هذا .

الجواب الثالث مضافاً إلی أنّ اعتبار قصد الوجه من رأس ممّا یقطع بخلافه .

[شماره صفحه واقعی : 174]

ص: 323


1- الأولی أن یقال : « إذ المراد » ؛ لأنّه تعلیل لوضوح الفساد ، ولیس وجهاً آخر . ( منته الدرایة 6 : 218 ) .
2- کان الأولی أن یقول : بأجزائه . ( حقائق الأُصول 2 : 324 ) .

الجواب الرابع مع أنّ الکلام فی هذه المسألة لا یختصّ بما لابدّ أن یؤتیٰ به علی وجه الامتثال من العبادات .

[*حیدری فسایی]

الجواب الخامس مع أ نّه لو قیل باعتبار قصد الوجه فی الامتثال فیها علی وجهٍ ینافیه التردّد والاحتمال ، فلا وجه معه للزوم مراعاة الأمر المعلوم أصلاً ، ولو بإتیان الأقلّ لو لم یحصل الغرض ، وللزم الاحتیاط بإتیان الأکثر مع حصوله ، لیحصل القطع بالفراغ بعد القطع بالاشتغال ؛ لاحتمال بقائه مع الأقلّ بسبب بقاء غرضه ، فافهم .

هذا بحسب حکم العقل .

جریان البراءة الشرعیّة عن الأکثر

وأمّا النقل (1)*: فالظاهر أنّ عموم مثل حدیث الرفع قاضٍ برفع جزئیّة ما شکّ فی جزئیّته ، فبمثله یرتفع الإجمال والتردّد عمّا تردّد أمره بین الأقلّ والأکثر ، ویعیّنه (2) فی الأوّل .

الإشکال علی جریان البراءة والجواب عنه

لا یقال: إنّ جزئیّة السورة المجهولة (3) - مثلاً - لیست بمجعولة ، ولیس

[شماره صفحه واقعی : 175]

ص: 324


1- (*) لکنّه لا یخفی: أ نّه لا مجال للنقل فی ما هو مورد حکم العقل بالاحتیاط ، وهو ما إذا علم إجمالاً بالتکلیف الفعلیّ ؛ ضرورة أ نّه ینافیه رفع الجزئیّة المجهولة ، وإنّما یکون مورده ما إذا لم یعلم به کذلک ، بل علم مجرّد ثبوته واقعاً . وبالجملة: الشکّ فی الجزئیّة والشرطیّة وإن کان جامعاً بین الموردین ، إلّاأنّ مورد حکم العقل القطع بالفعلیّة ، ومورد النقل هو مجرّد الخطاب بالإیجاب ، فافهم . ( منه قدس سره ) .
2- معطوف علی قوله : « یرتفع » ، والأولی کونه بلفظ « ویتعیّن » أو « ویعیّن » بصیغة المجهول ... ( منته الدرایة 6 : 229 ) .
3- فی الأصل : « السورة المنسیّة » . وفی مصحّح « ن » وسائر الطبعات مثل ما أثبتناه . وقال المحقّق المشکینی : ثمّ إنّ فی بعض النسخ بدل لفظ « المجهولة » لفظ « المنسیّة » ، ویمکن توجیهه بأنّ الجزء المنسیّ من مصادیق المقام ، إذا لم یکن لدلیله إطلاق یشمل حال النسیان ، إلّاأ نّه قد صُحّح بتبدیلها بها فی الدورات الأخیرة من مباحثاته . ( کفایة الأُصول مع حاشیة المشکینی 4 : 252 ) .

لها أثر مجعول ، والمرفوع بحدیث الرفع إنّما هو المجعول بنفسه أو أثرِه .

ووجوب الإعادة إنّما هو أثر بقاء الأمر الأوّل (1) بعد العلم (2) ، مع أ نّه عقلیّ ، ولیس إلّامن باب وجوب الإطاعة عقلاً .

لأنّه یقال: إنّ الجزئیّة وإن کانت غیرَ مجعولة بنفسها ، إلّا أنّها مجعولة بمنشأ انتزاعها ، وهذا کافٍ فی صحّة رفعها .

لا یقال: إنّما یکون ارتفاع الأمر الانتزاعیّ برفع منشأ انتزاعه ، وهو الأمر الأوّل ، ولا دلیل آخر علی أمرٍ آخر بالخالی عنه .

لأنّه یقال: نعم ، وإن کان ارتفاعه بارتفاع منشأ انتزاعه ،

[*حیدری فسایی]

إلّاأنّ نسبة حدیث الرفع - الناظرِ إلی الأدلّة الدالّة علی بیان الأجزاء - إلیها نسبةُ الاستثناء (3) ، وهو معها یکون دالاًّ (4) علی جزئیّتها إلّامع الجهل بها (5) ، کما لا یخفی ، فتدبّر جیّداً .

[شماره صفحه واقعی : 176]

ص: 325


1- کلمة « الأوّل » لا توجد فی « ش » ومشطوبٌ علیها فی « ق » .
2- فی الأصل و « ش » : بعد التذکّر . وفی سائر طبعاته مثل ما أثبتناه .
3- الظاهر : وجود مسامحة فی العبارة ، وأنّ نظر حدیث الرفع ، وکونه بمنزلة الاستثناء ، إنما هو بالنسبة إلی دلیل المجمل ، لا بالنسبة إلی أدلّة الأجزاء المعلومة ، کما فرضه فی العبارة ، وظنّی أنّ العبارة ناظرة إلی النسخة القدیمة ؛ إذ هی صحیحة بناءً علی فرض النسیان ، کما لا یخفی ، وقد غفل عن تصحیح هذه العبارة عند تصحیح الأُولی . ( کفایة الأُصول مع حاشیة المشکینی 4 : 253 ) .
4- أثبتنا ما فی منته الدرایة واستظهره فی هامش « ش » أیضاً ، وفی الأصل وسائر الطبعات : دالّة .
5- فی الأصل و « ش » : « مع نسیانها » ، وفی سائر الطبعات کما أثبتناه .
تنبیهات
اشارة

وینبغی التنبیه علی أُمور:

التنبیه الأول - عدم جریان البراءة العقلیة فی الشک فی الشرطیّة والخصوصیّة
اشارة

الأوّل: أ نّه ظهر - ممّا مرّ (1) - : حالُ دوران الأمر بین المشروط بشیءٍ ومطلقهِ ، وبین الخاصّ - کالإنسان - وعامِّه - کالحیوان - ، وأ نّه لا مجال هاهنا للبراءة عقلاً (2) ، بل کان الأمر فیهما أظهر ؛ فإنّ الانحلال المتوهّم فی الأقلّ والأکثر لا یکاد یتوهّم هاهنا ؛ بداهةَ أنّ الأجزاء التحلیلیّة لا تکاد تتّصف (3) باللزوم من باب المقدّمة عقلاً ،

[*حیدری فسایی]

فالصلاة - مثلاً - فی ضمن الصلاة المشروطة أو الخاصّة موجودةٌ بعین وجودها ، وفی ضمن صلاة أُخری فاقدةٍ لشرطها أو خصوصیّتها تکون مباینةً (4) للمأمور بها ، کما لا یخفی .

جریان البراءة الشرعیّة فی الشک فی الشرطیّة دون الخصوصیة

نعم ، لا بأس بجریان البراءة النقلیّة فی خصوص دوران الأمر بین المشروط وغیره ، دون الدوران (5) بین الخاصّ وغیره (6) ؛ لدلالة مثل حدیث الرفع علی عدم شرطیّة ما شکّ فی شرطیّته ، ولیس کذلک خصوصیّة الخاصّ ؛ وإنّها إنّما تکون منتزعةَ عن نفس الخاصّ ، فیکون الدورانُ بینه وبین (7)

[شماره صفحه واقعی : 177]

ص: 326


1- فی دوران الأمر بین الأقلّ والأکثر الارتباطیّین ، عند جوابه عن توهّم الانحلال وجریان البراءة عن الأکثر فی الأجزاء الخارجیّة . انظر الصفحة : 172 .
2- خلافاً لما صار إلیه الشیخ الأعظم من جریان البراءة العقلیة . راجع فرائد الأُصول 2 : 356 - 357 .
3- أدرجنا ما فی « ش » ، وفی سائر الطبعات : لا یکاد یتّصف .
4- أثبتنا الکلمة من « ر » ، وفی غیرها : متباینة .
5- فی بعض الطبعات : دون دوران الأمر .
6- خلافاً لما اختاره الشیخ الأنصاری من جریان البراءة الشرعیة فی کلتا الصورتین . انظر فرائد الأُصول 2 : 356 - 357 .
7- فی الأصل وأکثر الطبعات : بینه وغیره . وفی « ن » وبعض الطبعات الأُخری کما أثبتناه .

غیره من قبیل الدوران بین المتباینین (1) ، فتأمّل جیّداً .

التنبیه الثانی - حکم ناسی الجزء والشرط
اشارة

الثانی: أ نّه لا یخفی : أنّ الأصل فی ما إذا شکّ فی جزئیّة شیءٍ أو شرطیّته فی حال نسیانه عقلاً ونقلاً ، ما ذکر فی الشکّ فی أصل الجزئیّة أو الشرطیّة ، فلو لا مثل حدیث الرفع مطلقاً ، و «لا تعاد» فی الصلاة ، لَحُکم عقلاً بلزوم إعادة ما اخلّ بجزئه أو شرطه نسیاناً (2) ، کما هو الحالُ فی ما ثبت شرعاً جزئیّتهُ أو شرطیّته مطلقاً ، نصّاً أو إجماعاً .

الخلاف بین المصنّف والشیخ فی تکلیف الناسی

صوت

[*حیدری فسایی]

ثمّ لا یذهب علیک: أ نّه کما یمکن رفع الجزئیّة أو الشرطیّة فی هذا الحال بمثل حدیث الرفع ، کذلک یمکن تخصیصهما (3)(4) بهذا الحال بحسب الأدلّة الاجتهادیّة ، کما إذا وُجِّه الخطاب - علی نحوٍ یعمّ الذاکرَ والناسی - بالخالی عمّا شکّ فی دخله مطلقاً ، وقد دلّ دلیل آخر علی دخله فی حقّ الذاکر ، أو وُجّه إلی الناسی خطابٌ یخصّه بوجوب الخالی بعنوان آخر - عامٍّ أو خاصّ - ، لا بعنوان الناسی ، کی یلزم استحالة إیجاب ذلک علیه بهذا العنوان ؛ لخروجه عنه بتوجیه الخطاب إلیه لا محالة ، کما توهّم (5) لذلک

[شماره صفحه واقعی : 178]

ص: 327


1- فی العبارة مسامحة ؛ لأنّه لیس کذلک ، بل من قبیل الدوران بین الوجوب السّعیّ للشیء وبین وجوب الوجود المضیّق منه ، إلّاأ نّه لمّا کان مثله فی حکم العقل بالاشتغال وعدم جریان البرائتین عبّر بما ذکر ( کفایة الأُصول مع حاشیة المشکینی 4 : 265 ) .
2- واختار الشیخ الأعظم عدم جریان البراءة العقلیة ولا النقلیة فی المقام . راجع فرائد الأُصول 2 : 363 .
3- فی الأصل و « ر » کما أثبتناه . وفی سائر الطبعات : تخصیصها .
4- خلافاً للشیخ الأنصاری ؛ إذ ذهب إلی امتناع تخصیص الجزئیة والشرطیة بحال النسیان . انظر فرائد الأُصول 2 : 363 .
5- إشارة إلی کلام الشیخ الأعظم . راجع المصدر المتقدّم .

استحالة تخصیص الجزئیّة أو الشرطیّة بحال الذکر ، وإیجابِ العمل الخالی عن المنسیّ علی الناسی ، فلا تغفل .

التنبیه الثالث - حکم زیادةالجزء عمداً أو سهواً فی التوصّلیّات
اشارة

الثالث: انّه ظهر - ممّا مرّ (1) - : حالُ زیادة الجزء إذا شکّ فی اعتبار عدمها شرطاً أو شطراً فی الواجب - مع عدم اعتباره فی جزئیّته ، وإلّا لم یکن من زیادته ، بل من نقصانه (2) - ؛ وذلک لاندراجه فی الشکّ فی دخل شیءٍ فیه جزءاً أو شرطاً ، فیصحّ لو أتی به مع الزیادة عمداً تشریعاً ، أو جهلاً - قصوراً أو تقصیراً - أو سهواً (3) ، وإن استقلّ العقل - لولا النقل (4) - بلزوم الاحتیاط ؛ لقاعدة الاشتغال .

حکم زیادة الجزء فی التعبّدیّات

نعم ، لو کان عبادةً ، وأتی به کذلک - علی نحوٍ لو لم یکن للزائد دخلٌ فیه لَما یدعو إلیه وجوبُه - ، لکان باطلاً مطلقاً ، أو فی صورة عدم دخله فیه ؛ لعدم قصد الامتثال فی هذه الصورة ، مع استقلال العقل بلزوم الإعادة مع اشتباه الحال ؛ لقاعدة الاشتغال (5) .

[شماره صفحه واقعی : 179]

ص: 328


1- فی التنبیه الأوّل .
2- هذا ما اعتبره الشیخ قدس سره فی زیادة الجزء . راجع فرائد الأُصول 2 : 370 .
3- إشارة إلی الزیادة السهویة التی عقد لها الشیخ الأعظم مسألة مستقلّة ، وحکم فیها بالبطلان ، إلحاقاً لها بالنقیصة السهویة . راجع فرائد الأُصول 2 : 384 .
4- فی « ر » : لولاه .
5- أدرجنا ما فی الأصل و « ن » ، وفی « ق » و « ش » : لعدم قصور . وفی حقائق الأُصول ومنته الدرایة : لعدم تصوّر . وفی منته الدرایة 6 : 297 : وما فی بعض نسخ الکتاب - کطبعة بغداد - من « لعدم قصور » تعلیلاً للبطلان فمن سهو الناسخ قطعاً ؛ إذ علیه یصیر تعلیلاً لصحّة العبادة لا لبطلانها ، وهو خلاف مقصود المصنف .

وأمّا لو أتی به علی نحوٍ یدعوه إلیه علی أیّ حال ، کان صحیحاً ، ولو کان مشرِّعاً فی دخله الزائد فیه بنحوٍ ، مع عدم علمه بدخله ؛ فإنّ تشریعه فی تطبیق المأتیّ مع المأمور به ، وهو لا ینافی قصدَه الامتثالَ والتقرّبَ به علی کلّ حالٍ .

استصحاب صحّةالعبادة فی صورة الزیادة

ثمّ إنّه ربّما تمسّک - لصحّة ما أتی به مع الزیادة - باستصحاب الصحّة (1) . وهو لا یخلو من کلامٍ ونقض وإبرام (2) خارجٍ عمّا هو المهمّ فی المقام ، ویأتی تحقیقه فی مبحث الاستصحاب إن شاء اللّٰه - تعالی - (3) .

التنبیه الرابع -الشک فی إطلاق الجزئیّة والشرطیّة
اشارة

صوت

[*حیدری فسایی]

الرابع: أ نّه لو علم بجزئیّة شیءٍ أو شرطیّته فی الجملة ، ودار الأمر بین أن یکون جزءاً أو شرطاً مطلقاً ولو فی حال العجز عنه ، وبین أن یکون جزءاً أو شرطاً فی خصوص حال التمَکّن منه - فیسقط الأمرُ بالعجز عنه علی الأوّل ؛ لعدم القدرة حینئذٍ علی المأمور به ، لا علی الثانی فیبقیٰ متعلّقاً (4) بالباقی - ، ولم یکن هناک ما یُعیِّن أحدَ الأمرین ، - من إطلاق دلیل اعتباره

جریان البراءةعن الباقی بعد تعذّر الجزء أو الشرط

جزءاً أو شرطاً ، أو إطلاق دلیل المأمور به ، مع إجمال دلیل اعتباره أو إهماله (5) - ، لا ستقلّ العقل بالبراءة عن الباقی ؛ فإنّ العقاب علی ترکه بلا بیان ،

[شماره صفحه واقعی : 180]

ص: 329


1- تمسّک به الشهید الثانی فی تمهید القواعد : 273 .
2- إشارة إلی تضعیف الشیخ الأعظم لهذا الاستصحاب . انظر فرائد الأُصول 2: 372 - 373 .
3- لکنّه لم یذکره لا فی مبحث الاستصحاب ولا فی غیره . راجع لتحقیق المسألة : نهایة الدرایة 4 : 359 - 370 .
4- فی « ق » و « ش » : معلّقاً . وفی منته الدرایة 6 : 326 : ما فی بعض النسخ من : « معلّقاً » فلعلّه من سهو الناسخ ، وذلک لأنّ ظاهر قوله : « معلّقاً » هو عدم الجزم ببقاء الأمر بالباقی ، وهذا خلاف ما فرضه من دخل التمکّن فی الشرط أو الجزء .
5- لعلّ الأولی إبدال العبارة من قوله : « ولم یکن » إلی « لاستقلّ » بأن یقال : « ولم یدل شیء من دلیلی المأمور به واعتبار الجزء أو الشرط علی تعیّن أحد الأمرین ، من الدخل مطلقاً أو فی خصوص حال التمکّن ؛ لإجمالهما أو إهمالهما » . ( منته الدرایة 6 : 326 ) .

والمؤاخذةَ علیه بلا برهان .

لا یقال: نعم ، ولکنّ قضیّة مثل حدیث الرفع عدمُ الجزئیّة أو الشرطیّة إلّا فی حال التمکّن منه .

فإنّه یقال: إنّه لا مجال هاهنا لمثله ؛ بداهة أ نّه ورد فی مقام الامتنان ، فیختصّ بما یوجبُ نفیَ التکلیف ، لا إثباتَه .

التمسّک باستصحاب وجوب الباقی والکلام فیه

صوت

[*حیدری فسایی]

نعم ، ربما یقال: إنّ قضیّة الاستصحاب فی بعض الصور وجوبُ الباقی فی حال التعذّر أیضاً .

ولکنّه لا یکاد یصحّ إلّابناءً علی صحّة القسم الثالث من استصحاب الکلّی ، أو علی المسامحة فی تعیین الموضوع فی الاستصحاب ، وکان ما تعذّر ممّا یُسامَح به عرفاً ، بحیث یصدق مع تعذّره بقاءُ الوجوب لو قیل بوجوب الباقی ، وارتفاعُه لو قیل بعدم وجوبه . ویأتی تحقیق الکلام فیه فی غیر المقام (1) .

التمسّک بقاعدة المیسور لإثبات وجوب الباقی والکلام فیه

کما أنّ وجوب الباقی فی الجملة ، ربّما قیل (2) بکونه مقتضیٰ ما یستفاد من قوله صلی الله علیه و آله : «إذا أمرتُکم بشیءٍ فأتُوا منهُ ما استطعتُم» (3) ، وقوله صلی الله علیه و آله : «المیسُور لا یسقُط بالمعْسُور» (4) ، وقوله صلی الله علیه و آله : «ما لا یُدرَکُ کُلّه لا یُترکُ کلّه» (5) .

الإشکال فی دلالةالروایة الأُولی علی القاعدة

ودلالة الأوّل مبنیّة علی کون کلمة «مِن» تبعیضیّة ، لا بیانیّة ، ولا بمعنی الباء .

[شماره صفحه واقعی : 181]

ص: 330


1- یأتی فی المقام الأول من التتمّة التی عقدها فی أواخر مبحث الاستصحاب . راجع الصفحة : 263 - 265 .
2- یظهر من الشیخ الأعظم الأنصاری تمامیّة الاستدلال بالروایات علی قاعدة المیسور . راجع فرائد الأُصول 2 : 390 - 394 .
3- عوالی اللآلی 4 : 58 مع اختلاف فی بعض الألفاظ .
4- عوالی اللآلی 4 : 58 مع اختلاف فی بعض الألفاظ .
5- عوالی اللآلی 4 : 58 مع اختلاف فی بعض الألفاظ .

وظهورُها فی التبعیض وإن کان ممّا لا یکاد یخفی ، إلّاأنّ کونه بحسب الأجزاء غیرُ واضح ؛ لاحتمال أن یکون بلحاظ الأفراد .

ولو سلّم ، فلا محیص عن أ نّه هاهنا بهذا اللحاظ یرادُ ؛ حیث ورد جواباً عن السؤال عن تکرار الحجّ بعد أمره به . فقد روی أ نّه خطبَ رسول اللّٰه صلی الله علیه و آله ، فقال: «إنّ اللّٰه کتبَ علیکم الحجَّ» ، فقام عکاشه - ویُرویٰ سُراقة بن مالک - فقال: أفی (1) کلّ عام یا رسول اللّٰه ؟ فأعرض عنه ، حتّی أعادَ مرّتین أو ثلاثاً ، فقال صلی الله علیه و آله : «ویحَکَ ! وما یؤمنُک أن أقول: نعم ؟ وَاللّٰه لو قلتُ: نعم ، لوَجَبَ ، ولو وجَب ما استطعتم ، ولو ترکتُم لکفَرتُم ، فاترُکونی ما تُرکتم (2) ، وإنّما هلک من کان قبلَکم بِکَثرة سؤالهم واختلافِهم إلی أنبیائهم ، فإذا أمرتُکم بشیءٍ فأتُوا منه ما استطعتُم ، وإذا نهیتکم عن شیءٍ فاجتَنِبوه» (3) .

الإشکال فی دلالةالروایة الثانیة

صوت

[*حیدری فسایی]

ومن ذلک ظهر الإشکال فی دلالة الثانی أیضاً ، حیث لم یظهر فی عدم سقوط المیسور من الأجزاء بمعسورها ؛ لاحتمال إرادة عدم سقوط المیسور من أفراد العامّ بالمعسور منها ، هذا .

مضافاً إلی عدم دلالته علی عدم السقوط لزوماً ؛ لعدم اختصاصه بالواجب . ولا مجال معه لتوهّم دلالته علی أ نّه بنحو اللزوم ، إلّاأن یکون المرادُ عدمَ سقوطه بما له من الحکم - وجوباً کان أو ندباً - بسبب سقوطه عن المعسور ، بأن یکون قضیّة المیسور کنایةً عن عدم سقوطه بحکمه ؛ حیث إنّ الظاهر من مثله هو ذلک - کما أنّ الظاهر من مثل «لا ضَرَرَ ولا ضِرار» هو نفی ما لَه من تکلیف أو وضع - ، لا أ نّها عبارة عن عدم سقوطه بنفسه ، وبقائه

[شماره صفحه واقعی : 182]

ص: 331


1- کذا فی الأصل و « ر » ، وفی غیرهما : فقال : فی ... .
2- فی هامش « ق » : ما ترکتکم ظ .
3- راجع مجمع البیان 3 : 250 .

علی عهدة المکلّف ، کی لا یکون له دلالة علی جریان القاعدة فی المستحبّات علی وجهٍ ، أو لا یکون له دلالة علی وجوب المیسور فی الواجبات علی آخر ، فافهم .

الإشکال فی دلالة
الروایة الثالثة

وأمّا الثالث: فبعد تسلیم ظهور الکلّ (1) فی المجموعیّ لا الأفرادیّ ، لا دلالة له إلّاعلی رجحان الإتیان بباقی الفعل المأمور به - واجباً کان أو مستحبّاً - عند تعذّر بعض أجزائه ؛ لظهور الموصول فی ما یعمّهما .

[*حیدری فسایی]

ولیس ظهور «لا یترک» فی الوجوب - لو سلّم - موجباً لتخصیصه بالواجب ، لو لم یکن ظهوره فی الأعمّ قرینةً علی إرادة خصوص الکراهة ، أو مطلق المرجوحیّة من النفی . وکیف کان ، فلیس ظاهراً فی اللزوم هاهنا ، ولو قیل بظهوره فیه فی غیر المقام (2) .

جریان قاعدةالمیسور مع تعذّر الجزء والشرط

ثمّ إنّه حیث کان الملاک فی قاعدة المیسور هو صدق المیسور علی الباقی عرفاً ، کانت القاعدة جاریةً مع تعذّر الشرط أیضاً ؛ لصدقه حقیقةً علیه مع تعذّره عرفاً ، کصدقه علیه کذلک مع تعذّر الجزء فی الجملة ، وإن کان فاقد الشرط مبایناً للواجد عقلاً ، ولأجل ذلک ربّما لا یکون الباقی - الفاقد لمعظم الأجزاء أو لرکنها - مورداً لها ، فی ما إذا لم یصدق علیه المیسور عرفاً ، وإن کان غیر مباین للواجد عقلاً .

المناط فی تشخیص المیسور هو العرف إلّامع تصرّف الشرع

نعم ، ربّما یلحق به شرعاً ما لایعدّ بمیسور عرفاً تخطئةً (3) للعرف ، وأنّ عدم العدّ کان لعدم الاطّلاع علی ما هو علیه الفاقد ، من قیامه فی هذا الحال

[شماره صفحه واقعی : 183]

ص: 332


1- أدرجنا ما فی الأصل و « ق » ، وفی سائر الطبعات : کون الکلّ .
2- هذه الإشکالات أوردها الفاضل النراقی علی دلالة الحدیث الثالث . انظر عوائد الأیّام 2 : 266 ونقلها عنه الشیخ الأعظم وردّها فی فرائد الأُصول 2 : 393 .
3- أثبتنا ما فی الأصل ، وفی طبعاته : بتخطئته .

بتمام ما قام علیه الواجد ، أو بمعظمه فی غیر الحال ، وإلّا عدّ أ نّه میسوره .

کما ربّما یقوم الدلیل علی سقوط میسور عرفیّ لذلک - أی : للتخطئة - وأ نّه لا یقوم بشیءٍ من ذلک .

وبالجملة: ما لم یکن دلیل علی الإخراج أو الإلحاق کان المرجع هو الإطلاق ، ویستکشف منه أنّ الباقی قائم بما یکون المأمور به قائماً بتمامه ، أو بمقدارٍ یوجب (1) إیجابه فی الواجب ، واستحبابه فی المستحبّ .

وإذا قام دلیل علی أحدهما فیخرج أو یدرج ، تخطئةً أو تخصیصاً فی الأوّل ، وتشریکاً (2) فی الحکم - من دون الاندراج فی الموضوع - فی الثانی ، فافهم .

الدوران بین الجزئیّة والمانعیّة ونحوهما
تذنیب :

صوت

[*حیدری فسایی]

لا یخفی: أ نّه إذا دار الأمر بین جزئیّة شیءٍ أو شرطیّته ، وبین مانعیّته أو قاطعیّته ، لکان من قبیل المتباینین ، ولا یکاد یکونُ من الدوران بین المحذورین (3) ، لإمکان الاحتیاط بإتیان العمل مرّتین ، مع ذاک الشیء مرّةً ، وبدونه أُخری ، کما هو أوضح من أن یخفی .

[شماره صفحه واقعی : 184]

ص: 333


1- الأولی أن یقال : « إنّ الباقی قائم بتمام ما یکون المأمور به قائماً ، أو بمقدارٍ منه یوجب » وذلک لأنّ الغرض قیام الفاقد بتمام ملاک الواجد أو بعضه ، والعبارة توهم خلافه . انظر منته الدرایة 6 : 360 .
2- کان المناسب أن یقول بعده : « أو تخطئة » کما ذکره بقوله سابقاً : نعم ، ربما یلحق ... . ( حقائق الأُصول 2 : 357 ) ، وراجع منته الدرایة 6 : 361 .
3- إشارة إلی ما أفاده الشیخ الأعظم من اندراج المقام فی الدوران بین المحذورین . راجع فرائد الأُصول 2 : 400 - 401 .
خاتمةٌفی شرائط الأُصول
شرط حُسن الاحتیاط

أمّا الاحتیاط: فلا یعتبر فی حسنه شیءٌ أصلاً ، بل یحسن علی کلّ حال ، إلّا إذا کان موجباً لاختلال النظام .

ولا تفاوت فیه بین المعاملات والعبادات مطلقاً ، ولو کان موجباً للتکرار فیها.

وتوهّم : کون التکرار عبثاً ولعباً بأمر المولیٰ ، وهو ینافی قصد الامتثال المعتبر فی العبادة .

فاسدٌ ؛ لوضوح أنّ التکرار ربّما یکون بداعٍ صحیح عقلائیّ ، مع أ نّه لو لم یکن بهذا الداعی ، وکان أصل إتیانه بداعی أمر مولاه بلاداعٍ له سواه ، لَما ینافی قصد الامتثال ، وإن کان لاغیاً (1) فی کیفیّة امتثاله ، فافهم .

بل یحسن أیضاً فی ما قامت الحجّة علی البراءة عن التکلیف ؛ لئلّا یقع فی ما کان فی مخالفته علی تقدیر ثبوته ، من المفسدة وفوتِ المصلحة .

شروط البراءة :
اشتراط الفحص فی البراءة العقلیّة والنقلیّة

وأمّا البراءة العقلیّة: فلا یجوز إجراؤها إلّابعد الفحص والیأس عن الظفر بالحجّة علی التکلیف ؛ لما مرّت الإشارة (2) إلیه من عدم استقلال العقل بها إلّابعدهما .

[شماره صفحه واقعی : 185]

ص: 334


1- فی « ق » ، « ر » ، حقائق الأُصول ومنته الدرایة : لاعباً .
2- فی الاستدلال علی البراءة بالدلیل العقلی ، إذ قال فی الصفحة : 140 : وأما العقل فإنّه قد استقلّ بقبح العقوبة والمؤاخذة علی مخالفة التکلیف المجهول ، بعد الفحص والیأس عن الظفر بما کان حجة علیه .

وأمّا البراءة النقلیّة: فقضیّة إطلاق أدلّتها ، وإن کان هو عدم اعتبار الفحص فی جریانها ، کما هو حالها فی الشبهات الموضوعیّة ،

[*حیدری فسایی]

إلّا أ نّه استُدِلّ علی اعتباره بالإجماع ، وبالعقل (1) ، فإنّه لا مجالَ لها بدونه ؛ حیث یعلم إجمالاً بثبوت التکلیف بین موارد الشبهات ، بحیث لو تفحّص عنه لظَفَرَ به .

ولا یخفی: أنّ الإجماع هاهنا غیر حاصل ، ونَقْلُه - لوَهْنه - بلا طائل ؛ فإنّ (2) تحصیله فی مثل هذه المسألة - ممّا للعقل إلیه سبیلٌ - صعبٌ ، لو لم یکن عادةً بمستحیل ؛ لقوّة احتمال أن یکون المستند للجلّ - لولا الکلّ - هو ما ذکر من حکم العقل .

وأنّ الکلام فی البراءة فی ما لم یکن هناک علم موجب للتنجّز ، إمّا لانحلال العلم الإجمالیّ بالظفر بالمقدار المعلوم بالإجمال ، أو لعدم الابتلاء إلّا بما لا یکون بینها علم بالتکلیف من موارد الشبهات ، ولو لعدم الالتفات إلیها .

فالأولی : الاستدلال للوجوب بما دلّ من الآیات والأخبار علی وجوب التفقّه والتعلّم ، والمؤاخذةِ علی ترک التعلّم - فی مقام الاعتذار عن عدم العمل بعدم العلم - بقوله تعالی ، - کما فی الخبر - : «هلّا تعلّمت» (3) . فیُقیّد بها أخبارُ

[شماره صفحه واقعی : 186]

ص: 335


1- راجع فرائد الأُصول 2 : 412 - 413 .
2- الأنسب : ذکر هذا التعلیل متصلاً بقوله : « غیر حاصل » . ( منته الدرایة 6 : 391 ) .
3- إشارة إلی ما ورد عن الإمام الصادق علیه السلام فی تفسیر قوله تعالی : «فَلِلّٰهِ الْحُجَّةُ الْبٰالِغَةُ » . الأنعام : 149 . إذ سئل عن الآیة فقال : « إنّ اللّٰه تعالی یقول للعبد یوم القیامة : عبدی أکنت عالماً ؟ فإن قال : نعم ، قال له : أفلا عملت بما علمت ؟ وإن قال : کنت جاهلاً ، قال له : أفلا تعلّمت حتّی تعمل ، فیخصمه ، فتلک الحجّة البالغة » . الأمالی ( للشیخ الطوسی ) : 9 .

البراءة ؛ لقوّة ظهورها فی أنّ المؤاخذة والاحتجاج بترک التعلّم فی ما لم یعلم ، لا بترک العمل فی ما علم وجوبه ولو إجمالاً ، فلا مجال للتوفیق بحمل هذه الأخبار علی ما إذا علم إجمالاً ، فافهم .

لزوم الفحص فی التخییر العقلی

صوت

[*حیدری فسایی]

ولا یخفی اعتبار الفحص فی التخییر العقلیّ أیضاً بعین ما ذکر فی البراءة ، فلا تغفل .

حکم العمل بالبراءةقبل الفحص :
اشارة

ولا بأس بصرف الکلام فی بیان بعض ماللعمل بالبراءة قبل الفحص من التبعة والأحکام :

1 - استحقاق العقوبة
اشاره

أمّا التبعة: فلا شبهة فی استحقاق العقوبة علی المخالفة ، فی ما إذا کان ترک التعلّم والفحص مؤدّیاً إلیها ؛ فإنّها وإن کانت مغفولة حینها وبلا اختیار ، إلّا أ نّها منتهیة إلی الاختیار ، وهو کافٍ فی صحّة العقوبة ، بل مجرّد ترکهما کافٍ فی صحّتها ، وإن لم یکن مؤدّیاً إلی المخالفة مع احتماله (1) ؛ لأجل التجرّی وعدم المبالاة بها .

إشکال وجوب التعلّم فی الواجبات المشروطة و المؤقّتة والجواب عنه

نعم ، یشکل (2) فی الواجب المشروط والموقّت ، ولو أدّیٰ (3) ترکهما قبل الشرط والوقت إلی المخالفة بعدهما ، فضلاً عمّا إذا لم یؤدّ إلیها ؛ حیث لا یکون حینئذٍ تکلیف فعلیّ أصلاً ، لا قبلهما - وهو واضح - ولا بعدهما - وهو کذلک - ؛

[شماره صفحه واقعی : 187]

ص: 336


1- تعریض بما نسب إلی المشهور من عدم استحقاق العقوبة علی نفس ترک التعلّم ، بل فی ما أدّی إلی مخالفة الواقع . راجع فرائد الأُصول 2 : 461 .
2- هذا الإشکال أورده الشیخ الأعظم علی المشهور القائلین بکون العقاب علی ترک الواقع . انظر المصدر المتقدم : 421 .
3- فی « ن » : لو أدّی . وفی الأصل وسائر الطبعات مثل ما أثبتناه .

لعدم التمکّن منه بسبب الغفلة (1)* ، ولذا التجأ المحقّق الأردبیلیّ (2) وصاحب المدارک0 (3) إلی الالتزام بوجوب التفقّه والتعلّم نفسیّاً تهیّئیّاً ، فتکون العقوبة علی ترک التعلّم نفسِهِ ، لا علی ما أدّیٰ إلیه من المخالفة .

فلا إشکال حینئذٍ فی المشروط والموقّت . ویسهل بذلک الأمرُ فی غیرهما لو صعب علی أحدٍ ، ولم تصدّق (4) کفایة الانتهاء إلی الاختیار فی استحقاق العقوبة علی ما کان فعلاً مغفولاً عنه ، ولیس بالاختیار .

[*حیدری فسایی]

ولا یخفی: أ نّه لا یکاد ینحلّ هذا الإشکالُ إلّابذلک ، أو الالتزامِ بکون المشروط أو الموقّت مطلقاً معلّقاً ، لکنّه قد اعتبر علی نحوٍ لا تتّصف مقدّماته الوجودیّة عقلاً بالوجوب قبل الشرط أو الوقت غیر التعلّم ، فیکون الإیجاب حالیّاً ، وإن کان الواجب استقبالیّاً قد أُخذ علی نحوٍ لا یکاد یتّصف بالوجوب شرطه ، ولا غیر التعلّم من مقدّماته قبل شرطه أو وقته .

وأمّا لو قیل بعدم الإیجاب إلّابعد الشرط والوقت - کما هو ظاهر الأدلّة وفتاوی المشهور - ، فلا محیصَ عن الالتزام بکون وجوب التعلّم نفسیّاً ،

[شماره صفحه واقعی : 188]

ص: 337


1- (*) إلّاأن یقال بصحّة المؤاخذة علی ترک المشروط أو الموقّت عند العقلاء إذا تمکّن منهما فی الجملة ، ولو بأن تعلّم وتفحّص إذا التفت ، وعدم لزوم التمکّن منهما بعد حصول الشرط ودخول الوقت مطلقاً ، کما یظهر ذلک من مراجعة العقلاء ومؤاخذتهم العبید علی ترک الواجبات المشروطة أو الموقّتة ، بترک تعلّمها قبل الشرط أو الوقت المؤدّی إلی ترکها بعد حصوله أو دخوله ، فتأمّل . ( منه قدس سره ) .
2- راجع مجمع الفائدة 2 : 110 .
3- راجع مدارک الأحکام 2 : 345 و 3 : 219 .
4- فی « ق » و « ر » : یصدّق .

لتکون العقوبة (1) - لو قیل بها - علی ترکه ، لا علی ما أدّیٰ إلیه من المخالفة ، ولا بأس به ، کما لا یخفی .

ولا ینافیه ما یظهر من الأخبار من کون وجوب التعلّم إنّما هو لغیره ، لا لنفسه ؛ حیث إنّ وجوبه لغیره لا یوجب کونَه واجباً غیریّاً یترشّح وجوبه من وجوب غیره ، فیکونَ مقدّمیّاً ، بل للتهیّؤ لإیجابه (2) ، فافهم .

2 - وجوب الإعادة إلّافی الجهر والإخفات والقصر والإتمام
اشارة

وأمّا الأحکام: فلا إشکال فی وجوب الإعادة فی صورة المخالفة ، بل فی صورة الموافقة أیضاً فی العبادة ، فی ما لا یتأتّی منه قصد القربة ؛ وذلک لعدم الإتیان بالمأمور به (3) ،

[*حیدری فسایی]

مع عدم دلیل علی الصحّة والإجزاء إلّافی الإتمام فی موضع القصر ، أو الإجهار أو الإخفات فی موضع الآخر ، فورد فی الصحیح (4) - وقد أفتی به المشهور - صحّةُ الصلاة وتمامیّتها فی الموضعین مع الجهل مطلقاً ، ولو کان عن تقصیرٍ موجبٍ لاستحقاق العقوبة علی ترک الصّلاة المأمور بها ؛ لأنّ ما أُتی بها وإن صحّت وتمّت ، إلّاأ نّها لیست بمأمورٍ بها .

[شماره صفحه واقعی : 189]

ص: 338


1- الأولی : « لیکون استحقاق العقوبة » کما عبّر به قبل أسطر ؛ إذ لیس الکلام فی العقوبة الفعلیّة ، بل فی استحقاقها . ( منته الدرایة 6 : 433 ) .
2- هذا ما أفاده الشیخ قدس سره فی توجیه کلام المدارک ومن تبعه ، وإن عدل بعد ذلک عنه . راجع فرائد الأُصول 2 : 421 .
3- الأولی : إضافة « علی وجهه » إلیه ؛ لما مرّ منه فی بحث التعبّدی والتوصّلی من دخل قصد القربة فی الغرض ، وعدم تکفّل نفس الخطاب لاعتباره فی العبادة . ( منته الدرایة 6 : 438 ) .
4- راجع وسائل الشیعة 8 : 506 ، الباب 17 من أبواب صلاة المسافر ، الحدیث 4 ، و 6 : 86 ، الباب 26 من أبواب القراءة ، الحدیث الأول .
إشکالان فی المقام والجواب عنهما

إن قلت: کیف یحکم بصحّتها مع عدم الأمر بها (1) ؟ وکیف یصحّ الحکم باستحقاق العقوبة علی ترک الصّلاة الّتی أُمر بها ، حتّی فی ما إذا تمکّن ممّا أُمر بها ، - کما هو ظاهر إطلاقاتهم - بأن علم بوجوب القصر أو الجهر بعد الإتمام والإخفات ، وقد بقی من الوقت مقدارُ إعادتها قصراً أو جهراً ؟ ؛ ضرورة أ نّه لا تقصیر هاهنا یوجب استحقاقَ العقوبة .

وبالجملة: کیف یحکم بالصحّة بدون الأمر ؟ وکیف یحکم باستحقاق العقوبة مع التمکّن من الإعادة ؟ لولا الحکم شرعاً بسقوطها وصحّة ما أُتی بها .

قلت: إنّما حکم بالصحّة لأجل اشتمالها علی مصلحة تامّة ، لازمةِ الاستیفاء فی نفسها ، مهمّةٍ فی حدّ ذاتها ، وإن کانت دون مصلحة الجهر والقصر ، وإنّما لم یؤمر بها لأجل أ نّه أُمر بما کانت واجدةً لتلک المصلحة علی النحو الأکمل والأتمّ .

وأمّا الحکم باستحقاق العقوبة مع التمکّن من الإعادة ، فإنّها بلا فائدة (2) ؛ إذ مع استیفاء تلک المصلحة لا یبقیٰ مجال لاستیفاء المصلحة الّتی کانت فی المأمور بها ، ولذا لو أتیٰ بها فی موضع الآخر جهلاً - مع تمکّنه من التعلّم - فقد قصّر ، ولو علم بعده (3) وقد وسع الوقت .

[شماره صفحه واقعی : 190]

ص: 339


1- هذا الإشکال أورده الشیخ قدس سره وذکر وجوهاً ثلاثة فی الجواب عنه وناقش فیها . راجع فرائد الأُصول 2 : 437 - 440 .
2- کان المناسب أن یقول : فلأ نّها - أی الإعادة قصراً - بلا فائدة . ( حقائق الأُصول 2 : 370 ) .
3- فی « ر » : مع تمکّنه من التعلّم لا یعید قصراً لو علم بعده .

فانقدح : أ نّه لا یتمکّن من صلاة القصر صحیحةً بعد فعل صلاة الإتمام ، ولا من الجهر کذلک بعد فعل صلاة الإخفات ، وإن کان الوقت باقیاً .

إشکالان آخران والجواب عنهما

إن قلت: علی هذا یکون کلّ منهما فی موضع الآخر سبباً لتفویت الواجب فعلاً ، وما هو السبب لتفویت الواجب کذلک حرام ، وحرمةُ العبادة موجبة لفسادها بلا کلام .

[*حیدری فسایی]

قلت: لیس سبباً لذلک ، غایته أ نّه یکون مضادّاً له ، وقد حقّقنا فی محلّه (1) : أنّ الضدّ وعدم ضدّه متلازمان لیس بینهما توقّف أصلاً .

لا یقال: علی هذا فلو صلّی تماماً أو صلّی إخفاتاً فی موضع القصر والجهر - مع العلم بوجوبهما فی موضعهما - لکانت صلاته صحیحة ، وإن عوقب علی مخالفة الأمر بالقصر أو الجهر .

فإنّه یقال: لا بأس بالقول به لو دلّ دلیل علی أ نّها تکون مشتملةً علی المصلحة ولو مع العلم ؛ لاحتمال اختصاص أن یکون کذلک فی صورة الجهل ، ولا بُعد أصلاً فی اختلاف الحال فیها باختلاف حالتی العلم بوجوب شیءٍ والجهل به ، کما لا یخفی .

تصحیح الأمر بالتمام علی نحو الترتّب والکلام فیه

وقد صار بعض الفحول (2) بصدد بیان إمکان کون المأتیّ فی غیر موضعه مأموراً به بنحو الترتّب .

[شماره صفحه واقعی : 191]

ص: 340


1- فی الأمر الثانی من مبحث الضد ، حیث قال - فی ردّ توهّم مقدّمیة عدم الضدّ للضدّ الآخر - : « وذلک لأنّ المعاندة والمنافرة بین الشیئین لا تقتضی إلّاعدم اجتماعهما فی التحقّق ... من دون أن یکون فی البین ما یقتضی تقدّم أحدهما علی الآخر » . راجع الجزء الأوّل ، الصفحة : 182 .
2- هو کاشف الغطاء فی کشف الغطاء 1 : 171 .

وقد حقّقنا فی مبحث الضدّ امتناعَ الأمر بالضدّین مطلقاً - ولو بنحو الترتّب - بما لا مزید علیه ، فلا نعید .

شرطان آخران ذکرهما الفاضل التونی لأصل البراءة
اشارة

ثمّ إنّه ذُکِر (1) لأصل البراءة شرطان آخران:

أحدهما: أن لا یکون موجباً لثبوت حکم شرعیّ من جهةٍ أُخری .

ثانیهما: أن لا یکون موجباً للضرر علی آخر .

مناقشة الشرط الأول

ولا یخفی: أنّ أصالة البراءة عقلاً ونقلاً فی الشبهة البدویّة بعد الفحص لا محالة تکون جاریةً . وعدمُ استحقاق العقوبة - الثابت بالبراءة العقلیّة - والإباحةُ أو (2) رفعُ التکلیف - الثابتُ بالبراءة النقلیّة - لو کان موضوعاً لحکم شرعیّ أو ملازماً له ، فلا محیص عن ترتّبه علیه بعد إحرازه .

[*حیدری فسایی]

فإن لم یکن مترتّباً علیه ، بل علی نفی التکلیف واقعاً ، فهی وإن کانت جاریة ، إلّاأنّ ذاک الحکم لا یترتّب ؛ لعدم ثبوت ما یترتّب علیه بها ، وهذا لیس بالاشتراط .

مناقشة الشرط الثانی

وأمّا اعتبار أن لا یکون موجباً للضرر: فکلّ مقام تعمّه قاعدةُ نفی الضرر ، وإن لم یکن مجال فیه لأصالة البراءة - کما هو حالها مع سائر القواعد الثابتة بالأدلّة الاجتهادیّة - ، إلّاأ نّه حقیقةً لا یبقیٰ لها موردٌ ؛ بداهةَ أنّ الدلیل الاجتهادیّ یکون بیاناً وموجباً للعلم بالتکلیف ولو ظاهراً ، فإن کان المراد من الاشتراط ذلک ، فلابدّ من اشتراط أن لا یکون علی خلافها دلیل اجتهادیّ ، لا خصوص قاعدة الضرر ، فتدبّر ، والحمد للّٰه علی کلّ حال .

[شماره صفحه واقعی : 192]

ص: 341


1- ذکرهما الفاضل التونی فی الوافیة : 186 - 187 و 193 - 195 مضافاً إلی شرط ثالث لم ینبّه علیه المصنّف ، وهی شروط لمطلق الأُصول العدمیّة ومنها البراءة .
2- فی حقائق الأُصول ومنته الدرایة : و .
قاعدة نفی الضرر
اشارة

ثمّ إنّه لا بأس بصرف الکلام إلی بیان قاعدة الضرر والضرار علی نحو الاقتصار ، وتوضیحِ مدرکها ، وشرح مفادها ، وإیضاح نسبتها مع الأدلّة المثبتة للأحکام الثابتة للموضوعات بعناوینها الأوّلیّة أو الثانویّة ، وإن کانت أجنبیّة عن مقاصد الرسالة ، إجابةً لا لتماس بعض الأحبّة ، فأقول وبه أستعین:

أخبار نفی الضرر

إنّه قد استدلّ علیها بأخبارٍ کثیرة:

منها: موثّقة زرارة عن أبی جعفر علیه السلام : «إنّ سَمُرة بن جُنْدَب کان له عَذْقٌ فی حائطٍ لرَجُلٍ مِنَ الأنصار ، وکان منزل الأنصاریّ بباب البستانِ ، وکان سَمُرة یَمُرّ إلی نخلتِهِ ولا یستَأذِنُ ، فکَلّمَهُ الأنصاریّ أن یستأذنَ إذا جاء ، فأبیٰ سَمُرة ، فجاء الأنصاریّ إلی النبیّ صلی الله علیه و آله ، فَشَکیٰ إلیه ، فأخبره بالخَبر ، فأرسل رسول اللّٰه صلی الله علیه و آله ، وأخبرَه بقول الأنصاریّ وما شکاه ، فقال: إذا أردتَ الدخُول فاستأذِن ، فأبیٰ ، فلمّا أبیٰ فساومه حتّی بلغَ مِنَ الَثمن ما شاء اللّٰه ، فأبیٰ أن یبیعه ، فقال: لَکَ بِها عذْقٌ فی الجنّة ، فأبیٰ أن یقبل ، فقال رسول اللّٰه صلی الله علیه و آله للأنصاریّ: اذهَب فاقلَعْها وارْمِ بها إلیه ، فإنّه لا ضرر ولا ضِرار» (1) .

وفی روایة الحذّاء عن أبی جعفر علیه السلام مثل ذلک ، إلّاأ نّه فیها بعد الإباء:

«ما أراک یا سمرة إلّامضارّاً ؛ اذهَبْ یا فلان ، فاقلَعْها وارْمِ بها وجْهَه» (2) .

[شماره صفحه واقعی : 193]

ص: 342


1- وسائل الشیعة 25 : 428 ، الباب 12 من أبواب کتاب إحیاء الموات ، الحدیث 3 مع اختلاف فی بعض الألفاظ .
2- المصدر السابق : الحدیث الأوّل .

إلی غیر ذلک من الروایات الواردة فی قصّة سمرة وغیرها (1) . وهی کثیرة ،

[*حیدری فسایی]

وقد ادُّعی (2) تواترها مع اختلافها لفظاً ومورداً ، فلیکن المراد به تواترها إجمالاً ، بمعنی القطع بصدور بعضها .

لا إشکال فی صدور بعض أخبار نفی الضرر

والإنصاف: أ نّه لیس فی دعوی التواتر کذلک جزافٌ . وهذا مع استناد المشهور إلیها موجبٌ لکمال الوثوق بها وانجبارِ ضعفها ؛ مع أنّ بعضها موثّقة (3) ، فلا مجال للإشکال فیها من جهة سندها ، کما لا یخفی .

معنی «الضرر»

وأمّا دلالتها: فالظاهر أنّ « الضرر » هو ما یقابل النفع - من النقص فی النفس أو الطرف أو العِرْض أو المال - تقابلَ العدم والملکة .

معنی «الضرار» کما أنّ الأظهر : أن یکون « الضرار » بمعنی الضرر ، جیء به تأکیداً - کما یشهد به إطلاق « المضارّ » علی سَمُرة ، وحکی عن النهایة (4) - ، لا فعل الاثنین ، وإن کان هو الأصل فی باب المفاعلة ، ولا الجزاء علی الضرر ؛ لعدم تعاهده من باب المفاعلة .

وبالجملة: لم یثبت له معنیً آخَرُ غیر الضرر .

[شماره صفحه واقعی : 194]

ص: 343


1- وسائل الشیعة 25: 428 الباب 12 من أبواب إحیاء الموات ، الحدیث 4 و 400 ، الباب 5 من أبواب کتاب الشفعة ، الحدیث الأول ، و 420 ، الباب 7 من أبواب إحیاء الموات الحدیث 2 ، و 26 : 14 ، الباب الأول من أبواب کتاب الفرائض والمواریث ، الحدیث 10 .
2- ادّعاه فخر المحققین فی ایضاح الفوائد 2 : 48 .
3- وهی موثّقة زرارة المتقدّمة . (4) النهایة ( لابن الأثیر ) 3 : 81 .
4-
المقصود من « لا » هو نفی الحقیقة ادّعاءً

کما أنّ الظاهر : أن یکون «لا» لنفی الحقیقة - کما هو الأصل فی هذا الترکیب (1) - حقیقةً أو ادّعاءً ، کنایةً عن نفی الآثار ، کما هو الظاهر من مثل : «لا صلاة لجار المسجد إلّافی المسجد» (2) ، و«یا أشباه الرجالِ ولا رجال» (3) ؛ فإنّ قضیّة البلاغة فی الکلام هو إرادة نفی الحقیقة ادّعاءً ،

[*حیدری فسایی]

لا نفی الحکم أو الصفة ، کما لا یخفی .

ونفیُ الحقیقة ادّعاءً بلحاظ الحکم أو الصفة ، غیرُ نفی أحدهما ابتداءً مجازاً فی التقدیر أو فی الکلمة ، ممّا (4) لا یخفی علی من له معرفة بالبلاغة .

استبعاد إرادة نفی الحکم أو الصفة أو إرادة النهی من النفی

وقد انقدح بذلک : بُعْدُ إرادةِ نفی الحکم الضرریّ (5) ، أو الضرر غیر المتدارک (6) ، أو إرادةِ النهی من النفی جدّاً (7) ؛ ضرورة بشاعة استعمال الضرر وإرادة خصوص سبب من أسبابه ، أو خصوصِ غیر المتدارک منه .

ومثله لو أُرید ذاک بنحو التقیید ، فإنّه وإن لم یکن ببعید ، إلّاأ نّه بلا دلالةٍ علیه غیر سدید .

وإرادة النهی من النفی وإن کان لیس بعزیز ، إلّاأ نّه لم یُعهد من مثل هذا الترکیب .

وعدم إمکان إرادة نفی الحقیقة حقیقةً لا یکاد یکونُ قرینةً علی إرادة

[شماره صفحه واقعی : 195]

ص: 344


1- الأولی : تأخیره عن « حقیقة » بأن یقال : « لنفی الحقیقة حقیقةً ، کما هو الأصل فی هذا الترکیب أو ادّعاءً » . ( منته الدرایة 6 : 507 ) .
2- دعائم الإسلام 1 : 148 . ولعلّ الأولی تبدیله بمثل « لا صلاة إلّابفاتحة الکتاب » ممّا یکون المنفیّ فیه غیر وصف الکمال . ( منته الدرایة 6 : 507 ) .
3- نهج البلاغة : الخطبة 27 .
4- الصواب : « کما » بدل « ممّا » ، ولعلّه من سهو الناسخ . راجع منته الدرایة 6 : 511 .
5- تعریض بما أفاده الشیخ الأعظم من أنّ المعنی هو عدم تشریع الحکم الذی یلزم منه الضرر . انظر فرائد الأُصول 2 : 460 .
6- اختاره الفاضل التونی فی الوافیة : 194 .
7- اختاره السیّد میرفتّاح فی العناوین 1 : 311 .

واحدٍ منها (1) ، بَعْدَ إمکان حمله علی نفیها ادّعاءً ، بل کان هو الغالب فی موارد استعماله .

المرفوع بالضرر هو الحکم الثابت للشیء بعنوانه الأوّلی

ثمّ الحکم الّذی أُرید نفیه بنفی الضرر هو الحکم الثابتُ للأفعال بعناوینها ، أو المتوهّمُ ثبوتُه لها کذلک فی حال الضرر ، لا الثابتُ له بعنوانه ؛ لوضوح أ نّه العلّة للنفی ، ولا یکاد یکون الموضوع یمنع عن حکمه وینفیه ، بل یُثبته ویقتضیه .

نسبة القاعدة مع أدلّة الأحکام الأوّلیّة

صوت

[*حیدری فسایی]

ومن هنا لا یلاحظ النسبة بین أدلّة نفیه وأدلّة الأحکام ، وتُقدّم أدلّته علی أدلّتها ، - مع أ نّها عمومٌ من وجه - ؛ حیث إنّه یوفّق بینهما عرفاً بأنّ الثابت للعناوین الأوّلیّة اقتضائیّ ، یمنع عنه فعلاً ما عرض علیها من عنوان الضرر بأدلّته ، کما هو الحال فی التوفیق بین سائر الأدلّة المثبتة أو النافیة لحکم الأفعال بعناوینها الثانویّة ، والأدلّةِ المتکفّلة لحکمها بعناوینها الأوّلیّة .

نعم ، ربّما یعکس الأمر فی ما أُحرز - بوجهٍ معتبرٍ - أنّ الحکم فی المورد لیس بنحو الاقتضاء ، بل بنحو العلّیّة التامّة .

وبالجملة: الحکم الثابت بعنوان أوّلیّ :

تارةً : یکون بنحو الفعلیّة مطلقاً ، أو بالإضافة إلی عارض دون عارضٍ ، بدلالة لایجوز الإغماض عنها بسبب دلیل حکم العارض المخالف له ، فیقدّم دلیل ذاک العنوان علی دلیله .

[*حیدری فسایی]

[*حیدری فسایی]

وأُخری : یکون علی نحوٍ لو کانت هناک دلالة للزم الإغماض عنها

[شماره صفحه واقعی : 196]

ص: 345


1- لعلّ هذا تعریض بما قاله الشیخ الأعظم من « أنّ المعنی - بعد تعذّر إرادة الحقیقة - : عدم تشریع الضرر » . راجع فرائد الأُصول 2 : 460 .

بسببه عرفاً ، حیث کان اجتماعهما قرینةً علی أ نّه بمجرّد المقتضی ، وأنّ العارض مانع فعلیّ . هذا ولو لم نقل بحکومة دلیله علی دلیله ؛ لعدم ثبوت نظره إلی مدلوله ، کما قیل (1) .

نسبة القاعدة مع أدلّة الأحکام الثانویّة

ثمّ انقدح بذلک : حال توارد دلیلی العارضین ، کدلیل نفی العسر ودلیل نفی الضرر مثلاً ، فیعامل معهما معاملة المتعارضین لو لم یکن من باب تزاحم المقتضیین ، وإلّا فیقدّم ما کان مقتضیه أقوی ، وإن کان دلیل الآخر أرجح وأولی .

ولا یبعد : أنّ الغالب فی توارد العارضین أن یکون من ذاک الباب ، بثبوت (2) المقتضی فیهما مع تواردهما ، لا من باب التعارض ؛ لعدم ثبوته إلّافی أحدهما ، کما لا یخفی .

هذا حال تعارض الضرر مع عنوان أوّلیّ أو ثانویّ آخر .

تعارض الضررین

وأمّا لو تعارض مع ضرر آخر ، فمجمل القول فیه:

أنّ الدوران ، إن کان بین ضررَیْ شخصٍ واحد أو اثنین ، فلا مسرح إلّا لاختیار أقلّهما لو کان ، وإلّا فهو مختار .

وأمّا لو کان بین ضرر نفسه وضرر غیره ، فالأظهر عدم لزوم تحمّله الضررَ ، ولو کان ضرر الآخر أکثر ؛ فإنّ نفیه یکون للمنّة علی الأُمّة ، ولا مِنّة علی تحمّل الضرر لدفعه عن الآخر ، وإن کان أکثر .

نعم ، لو کان الضرر متوجّهاً إلیه ، لیس (3) له دفعه عن نفسه بإیراده علی الآخر .

[شماره صفحه واقعی : 197]

ص: 346


1- قاله الشیخ الأنصاری فی فرائد الأُصول 2 : 462 .
2- فی « ر » ومنته الدرایة : لثبوت .
3- الأولی أن یقال : فلیس ( منته الدرایة 6 : 535 ) .

اللهم إلّاأن یقال (1): إن نفی الضرر وإن کان للمنّة ، إلّاأ نّه بلحاظ نوع الأُمّة ، واختیار الأقلّ بلحاظ النوع منّة ، فتأمّل .

[شماره صفحه واقعی : 198]

ص: 347


1- الأولی : جعل هذا عقیب قوله : « وإن کان أکثر » ؛ لأنّه متمّم ذلک . ( منته الدرایة 6 : 535 ) .
فصلٌ فی الاستصحاب
اشارة

صوت

[*حیدری فسایی]

وفی حجّیّته - إثباتاً ونفیاً - أقوال للأصحاب (1) .

تعریف الاستصحاب

ولا یخفی: أنّ عباراتهم فی تعریفه وإن کانت شتّیٰ ، إلّاأ نها تشیر إلی مفهومٍ واحد ومعنیً فارد ، وهو : «الحکم ببقاء حکم أو موضوع ذی حکم شُکّ فی بقائه» :

إمّا من جهة بناء العقلاء علی ذلک فی أحکامهم العرفیّة مطلقاً ، أو فی الجملة تعبّداً ، أو للظنّ به الناشئ من ملاحظة ثبوته سابقاً .

وإمّا من جهة دلالة النصّ ، أو دعوی الإجماع علیه کذلک ، حَسَبما تأتی الإشارة (2) إلی ذلک مفصّلاً .

ولا یخفی: أنّ هذا المعنیٰ هو القابل لأن یقع فیه النزاع والخلاف فی نفیه وإثباته - مطلقاً أو فی الجملة - وفی وجه ثبوته علی أقوال (3) .

[شماره صفحه واقعی : 199]

ص: 348


1- انظر الفصول : 367 وفرائد الأُصول 3 : 48 - 50 .
2- الأولی : تبدیلها ب « بیان » ونحوه ؛ إذ لا مناسبة بین الإشارة والتفصیل . ( منته الدرایة 7 : 17 ) .
3- لم ترد « علی أقوال » فی « ر » .

ضرورةَ أ نّه لو کان الاستصحاب هو نفس بناء العقلاء علی البقاء ، أو الظنّ به الناشئ من العلم بثبوته ، لَما تقابل فیه الأقوال ، ولَما کان النفی والإثبات واردین علی موردٍ واحد ، بل موردین (1) .

وتعریفه بما ینطبق علی بعضها (2) ، وإن کان ربما یوهم أن لا یکون هو الحکم بالبقاء ، بل ذاک الوجه ، إلّاأ نّه حیث لم یکن بحدٍّ ولا رسم ، بل من قبیل شرح الاسم - کما هو الحال فی التعریفات غالباً - لم یکن له دلالةٌ علی أ نّه نفس الوجه ، بل للإشارة إلیه من هذا الوجه . ولذا لا وقْع للإشکال علی ما ذکر فی تعریفه بعدم الطرد أو العکس ، فإنّه لم یکن به - إذا لم یکن بالحدّ أو الرسم - بأس .

فانقدح : أنّ ذکْرَ تعریفات القوم له - وما ذُکر فیها من الإشکال - بلا حاصل ، وطولٌ (3) بلا طائل .

الاستصحاب مسألة أُصولیّة

صوت

[*حیدری فسایی]

ثمّ لا یخفی: أنّ البحث فی حجّیّته مسألة اصولیّة ؛ حیث یبحث فیها لتمهید قاعدةٍ تقع فی طریق استنباط الأحکام الفرعیّة . ولیس مفادها حکمَ العمل بلا واسطة ، وإن کان ینتهی إلیه ، کیف ؟ وربما لا یکون مجری الاستصحاب إلّا حکماً اصولیّاً ، کالحجّیّة مثلاً .

هذا لو کان الاستصحاب عبارةً عمّا ذکرنا .

[شماره صفحه واقعی : 200]

ص: 349


1- الظاهر : کونه عطفاً تفسیریاً لما سبقه ، لا أمراً مغایراً ، ولذا لم یذکر فی أثناء مباحثته إلّاوجهاً واحداً ، ولکنّ المناسب حینئذٍ التعبیر هکذا : « بل موارد ثلاثة » ؛ لکون المقابل لوحدة الحقیقة هو کونه ذا معان ثلاثة ( کفایة الأُصول مع حاشیة المشکینی 3 : 377 ) .
2- إشارة إلی تعریفی الفاضل التونی ( الوافیة : 200 ) والمحقّق القمی ( القوانین 2 : 53 ) ؛ فإنّ ظاهرهما هو أنّ «الثبوت» أو «الحصول الیقینی» هو الملاک فی حجیّة الاستصحاب .
3- فی « ر » ، حقائق الأُصول ومنته الدرایة : وتطویلٌ .

وأمّا لو کان عبارةً عن بناء العقلاء علی بقاء ما علم ثبوته ، أو الظنِ ّ به الناشئ من ملاحظة ثبوته ، فلا إشکالَ فی کونه مسألة اصولیّة .

اعتبار اتّحاد القضیّة المشکوکة والمتیقّنة

وکیف کان ، فقد ظهر ممّا ذکرنا فی تعریفه اعتبار أمرین فی مورده: القطعِ بثبوت شیءٍ ، والشکِ ّ فی بقائه .

ولا یکاد یکون الشکّ فی البقاء إلّامع اتّحاد القضیّة المشکوکة والمتیقّنة ، بحسب الموضوع والمحمول . وهذا ممّا لا غبار علیه فی الموضوعات الخارجیّة فی الجملة .

الإشکال فی اتحاد القضیّتین فی الأحکام

وأمّا الأحکامُ الشرعیّة ، - سواء کان مدرکها العقل أم النقل - ، فیُشکلُ حصوله فیها ؛ لأنّه لا یکاد یشکّ فی بقاء الحکم إلّامن جهة الشکّ فی بقاء موضوعه ، بسبب تغیُّرِ بعض ما هو علیه ، ممّا احتمل دخله فیه حدوثاً أو بقاءً ، وإلّا لَما تخلّف (1) الحکمُ عن موضوعه إلّابنحو البداء بالمعنی المستحیل فی حقّه - تعالی - ، ولذا کان النسخُ بحسب الحقیقة دفعاً ، لا رفعاً .

الجواب عن الإشکال

صوت

[*حیدری فسایی]

ویندفعُ هذا الإشکال بأنّ الاتّحاد فی القضیّتین بحسبهما ، وإن کان ممّا لا محیص عنه فی جریانه ، إلّاأ نّه لمّا کان الاتّحاد بحسب نظر العرف کافیاً فی تحقّقه ، وفی صدق الحکم ببقاء ما شکّ فی بقائه ، وکان بعض ما علیه الموضوع من الخصوصیّات الّتی یقطع معها بثبوت الحکم له ، ممّا یعدّ بالنظر العرفیّ من حالاته - وإن کان واقعاً من قیوده ومقوّماته - کان جریان الاستصحاب فی الأحکام الشرعیّة الثابتة لموضوعاتها عند الشکّ فیها - لأجل طروء انتفاء بعض ما احتمل دخله فیها ، ممّا عُدَّ من حالاتها ، لا من مقوِّماتها - بمکانٍ من الإمکان ؛ ضرورةَ صحّة إمکان دعویٰ بناء العقلاء علی البقاء تعبّداً ، أو لکونه

[شماره صفحه واقعی : 201]

ص: 350


1- أثبتنا ما فی الأصل . وفی طبعاته : لا یتخلّف .

مظنوناً ولو نوعاً ، أو دعویٰ دلالة النصّ ، أو قیامِ الإجماع علیه قطعاً ، بلا تفاوتٍ فی ذلک بین کون دلیل الحکم نقلاً أو عقلاً (1) .

لا فرق فی استصحاب الحکم الشرعی بین المستند إلی النقل أو العقل

أمّا الأوّل: فواضحٌ .

وأمّا الثانی: فلأنّ الحکمَ الشرعیّ المستکشف به عند طروء انتفاء ما احتمل دخله فی موضوعه - ممّا لا یریٰ مقوِّماً له - کان مشکوکَ البقاء عرفاً ؛

[*حیدری فسایی]

لاحتمال عدم دخله فیه واقعاً ، وإن کان لا حکم للعقل بدونه قطعاً .

إن قلت: کیف هذا ؟ مع الملازمة بین الحکمین .

قلت: ذلک لأنّ الملازمة إنّما تکون فی مقام الإثبات والاستکشاف ، لا فی مقام الثبوت ، فعدمُ استقلال العقل إلّافی حالٍ غیرُ مُلازمٍ لعدم حکم الشرع فی غیر تلک الحال (2) ؛ وذلک لاحتمال أن یکون ما هو ملاک حکم الشرع - من المصلحة أو المفسدة الّتی هی ملاک حکم العقل - کان علی حاله فی کلتا الحالتین ، وإن لم یدرکه إلّافی إحداهما ؛ لاحتمال عدم دخل تلک الحالة فیه ، أو احتمالِ أن یکون معه ملاک آخر بلا دخلٍ لها فیه أصلاً ، وإن کان لها دخلٌ فی ما اطّلع علیه من الملاک .

[شماره صفحه واقعی : 202]

ص: 351


1- إشارة إلی دفع ما ذکره الشیخ قدس سره من التفصیل بین کون دلیل الحکم عقلیاً أو نقلیاً ، فیجری الاستصحاب فی الثانی دون الأول . راجع فرائد الأُصول 3 : 37 - 39 .
2- کلمة « غیر » لا توجد فی الأصل ، « ق » و « ش » ، وأثبتناها من « ن » وحقائق الأُصول . وفی « ر » ومنته الدرایة : إلّافی تلک الحال . وقد علّق المحقّق المشکینی علی العبارة المدرجة فی الأصل بقوله : لا یخفی وجود الغلط فی العبارة ، والإصلاح یکون بزیادة کلمة « إلّا» وکون کلمة « لانحصار » بدل کلمة «لعدم » أو سقوط کلمة « غیر » بین کلمة « فی » وکلمة « تلک الحال » ( کفایة الأُصول مع حاشیة المشکینی 3 : 394 ) .

وبالجملة: حکم الشرع إنّما یتبع ما هو ملاک حکم العقل واقعاً ، لا ما هو مناط حکمه فعلاً . وموضوعُ حکمه کذلک ممّا لا یکاد یتطرّق إلیه الإهمال والإجمال ، مع تطرّقه إلی ما هو موضوع حکمه شأناً ، وهو ما قام به ملاک حکمه واقعاً ، فربّ خصوصیّة لها دخلٌ فی استقلاله مع احتمال عدم دخله ، فبدونها لا استقلال له بشیءٍ قطعاً ، مع احتمال بقاء ملاکه واقعاً ، ومعه یحتمل بقاء حکم الشرع جدّاً ؛ لدورانه معه وجوداً وعدماً ، فافهم وتأمّل جیّداً .

الاشارة إلی بعض لاختلاف فی حجّیة الاستصحاب

ثمّ إنّه لا یخفی اختلاف آراء الأصحاب فی حجّیّة الاستصحاب مطلقاً ، وعدمِ حجّیّته کذلک ، والتفصیل بین الموضوعات والأحکام ، أو بین ما کان الشکّ فی الرافع وما کان فی المقتضی ، إلی غیر ذلک من التفاصیل الکثیرة ، علی أقوال شتّیٰ لا یهمُّنا نقلها ونقل ما ذکر من الاستدلال علیها .

حجّیة الاستصحاب مطلقاً والأدلّة علیها :
اشارة

صوت

[*حیدری فسایی]

وإنّما المهمّ الاستدلال علی ما هو المختار منها - وهو الحجّیّة مطلقاً - علی نحوٍ یظهر بطلانُ سائرها .

فقد استدلّ علیه (1) بوجوه:

1 - بناء العقلاء الإشکال علیه

الوجه الأوّل: استقرار بناء العقلاء من الإنسان - بل ذوی الشعور من کافّة أنواع الحیوان - علی العمل علی طبق الحالة السابقة ، وحیث لم یردع عنه الشارع کان ماضیاً .

وفیه أوّلاً: منعُ استقرار بنائهم علی ذلک تعبّداً ، بل إمّا رجاءً واحتیاطاً ، أو اطمئناناً بالبقاء ، أو ظنّاً (2) - ولو نوعاً - ، أو غفلةً ، کما هو الحال فی سائر

[شماره صفحه واقعی : 203]

ص: 352


1- فی « ر » : علیها .
2- فی « ر » زیادة : به .

الحیوانات دائماً ، وفی الإنسان أحیاناً .

وثانیاً: سلّمنا ذلک ، لکنّه لم یعلم أنّ الشارع به راضٍ ، وهو عنده ماضٍ ، ویکفی فی الردع عن مثله : ما دلّ من الکتاب والسنّة علی النهی عن اتّباع غیر العلم ، وما دلّ علی البراءة أو الاحتیاط فی الشبهات ، فلا وجه لاتّباع هذا البناء فی ما لابدّ فی اتّباعه من الدلالة علی إمضائه ، فتأمّل جیّداً .

2 - الاستصحاب یفید الظنّ بالبقاء ، والإشکال علیه

الوجه الثانی: أنّ الثبوت فی السابق موجبٌ للظنّ به فی اللاحق (1) .

وفیه: منع اقتضاء مجرّد الثبوت للظنّ بالبقاء فعلاً ولا نوعاً ، فإنّه لا وجه له أصلاً ، إلّاکون الغالب فی ما ثبت أن یدومَ ، مع إمکان أن لا یدوم ، وهو غیر معلوم .

ولو سلّم ، فلا دلیلَ علی اعتباره بالخصوص ، مع نهوض الحجّة علی عدم اعتباره بالعموم .

3 - الإجماع ، وما یرد علیه

الوجه الثالث: دعوی الإجماع علیه ، کما عن المبادئ ، حیث قال:

«الاستصحاب حجّة ؛ لإجماع الفقهاء علی أ نّه متیٰ حصل حکمٌ ، ثمّ وقع الشکُّ فی أ نّه طرأ ما یزیله أم لا ، وجب الحکم ببقائه علی ما کان أوّلاً ، ولولا القول بأنّ الاستصحاب حجّة (2) ، لکان ترجیحاً لأحد طرفی الممکن من غیر مرجّح» (3) ، انته . وقد نُقل عن غیره (4) أیضاً .

[شماره صفحه واقعی : 204]

ص: 353


1- انظر الحبل المتین : 36 .
2- هذه العبارة زائدة غیر دخیلة فی الدلیل ؛ فإنّ نفس إجماعهم - إن تمّ - کان إجماعاً علی الاستصحاب . ( نهایة النهایة 2 : 171 ) .
3- مبادئ الوصول : 251 .
4- نقل الشیخ الأعظم شهادة صاحب المعالم والفاضل الجواد علی أنّ حجّیة الاستصحاب موضع وفاق . انظر فرائد الأُصول 3 : 54 . ولکن فی المعالم نسبته إلی الأکثر . راجع المعالم : 235 .

وفیه: أنّ تحصیل الإجماع فی مثل هذه المسألة - ممّا له مبانٍ مختلفة - فی غایة الإشکال ، ولو مع الاتّفاق ، فضلاً عمّا إذا لم یکن ، وکان مع الخلاف من المعظم (1) ؛ حیث ذهبوا إلی عدم حجّیّته مطلقاً ، أو فی الجملة ، ونقْلُه موهون جدّاً لذلک ، ولو قیل بحجّیّته لو لا ذلک .

4 - الأخبار المستفیضة :
اشارة

الوجه الرابع: - وهو العمدة فی الباب - الأخبار المستفیضة :

1 - صحیحة زرارة الأُولی
اشارة

منها: صحیحة زرارة . قال: قلت له: الرجلُ ینام وهو علی وضوء ، أتوجب الخفقة والخفقتان علیه الوضوءَ ؟

قال: «یا زرارة ! قد تنام العین ولا ینام القلب والأُذُن ، فإذا نامت العین والأُذن والقلب فقد وجب الوضوء» .

قلت: فإن حُرِّک فی جنبه شیءٌ وهو لا یعلم ؟

قال: «لا ، حتّی یستیقن أ نّه قد نام ، حتّی یجیء من ذلک أمرٌ بیّن ، وإلّا فإنّه علی یقین من وضوئه ، ولا ینقض الیقین أبداً بالشکّ ، ولکنّه ینقضه بیقین آخر» (2) .

[*حیدری فسایی]

وهذه الروایة وإن کانت مضمَرة ، إلّاأنّ إضمارها لا یضرُّ باعتبارها ، حیث کان مُضمِرها مثلَ زرارة ، وهو ممّن لا یکاد یستفتی من غیر

[شماره صفحه واقعی : 205]

ص: 354


1- لا تخلو هذه النسبة من تأمّل ، وغالب التفصیلات منسوبة إلی أشخاص معیّنین . ( حقائق الأُصول 2 : 400 ) .
2- وسائل الشیعة 1 : 245 ، الباب الأول من أبواب نواقض الوضوء ، الحدیث الأوّل ، مع اختلاف فی بعض الألفاظ .

الإمام علیه السلام ، لا سیّما مع هذا الاهتمام .

تقریب الاستدلال بالروایة

وتقریب الاستدلال بها أ نّه لا ریب فی ظهور قوله علیه السلام : «وإلّا فإنّه علی یقین ...» عرفاً فی النهی عن نقض الیقین بشیءٍ بالشکّ فیه ، وأ نّه علیه السلام بصدد بیان ما هو علّة الجزاء المستفاد من قوله علیه السلام : «لا» فی جواب: «فإن حُرّک فی جنبه ...» ، وهو اندراج الیقین والشکّ فی مورد السؤال ، فی القضیّة الکلّیّة الارتکازیّة غیر المختصّة بباب دون باب .

عدم اختصاص الصحیحة بالوضوء

واحتمال : أن یکون الجزاء هو قوله: «فإنّه علی یقین ...» غیرُ سدید ؛ فإنّه لا یصحّ إلّابإرادة لزوم العمل علی طبق یقینه ، وهو إلی الغایة بعیدٌ .

وأبعد منه کونُ الجزاء قوله: «لا ینقض ...» ، وقد ذکر: «فإنّه علی یقین» للتمهید .

وقد انقدح بما ذکرنا : ضعف احتمال اختصاص قضیّة «لا تنقض ...» بالیقین والشکّ فی باب الوضوء (1) جدّاً ؛ فإنّه ینافیه ظهورُ التعلیل فی أ نّه بأمر ارتکازیّ لا تعبّدیّ قطعاً .

ویؤیّده : تعلیل الحکم بالمضیّ مع الشکّ فی غیر الوضوء ، - فی غیر هذه الروایة - بهذه القضیّة ، أو ما یرادفها ، فتأمّل جیّداً ، هذا .

مع أ نّه لا موجب لاحتماله إلّااحتمال کون اللام فی « الیقین » للعهد ، إشارةً إلی الیقین فی «فإنّه علی یقین من وضوئه» ، مع أنّ الظاهر أ نّه للجنس ،

[شماره صفحه واقعی : 206]

ص: 355


1- ذکر الشیخ الأعظم هذا الاحتمال ، إلّاأ نّه قال أخیراً : « لکنّ الإنصاف أنّ الکلام - مع ذلک - لا یخلو عن ظهور ، خصوصاً بضمیمة الأخبار الآتیة المتضمّنة لعدم نقض الیقین بالشک » . راجع فرائد الأُصول 3 : 57 .

کما هو الأصل فیه ، وسَبْقُ «فإنّه علی یقین ...» لا یکون قرینةً علیه ، مع کمال الملائمة مع الجنس أیضاً ، فافهم .

[*حیدری فسایی]

مع أ نّه غیر ظاهر فی الیقین بالوضوء ؛ لقوّة احتمال أن یکون «من وضوئه» متعلّقاً بالظرف ، لا ب «یقین» ، وکان المعنی: فإنّه کان من طرف وضوئه علی یقین ، وعلیه لا یکون الأوسط (1) إلّاالیقین ، لا الیقین بالوضوء ، کما لا یخفی علی المتأمّل .

وبالجملة: لا یکاد یشکّ فی ظهور القضیّة فی عموم الیقین والشکّ ، خصوصاً بعد ملاحظة تطبیقها فی الأخبار علی غیر الوضوء أیضاً .

عدم اختصاص الصحیحة بالشک فی الرافع

ثمّ لا یخفی حُسْن إسناد النقض - وهو ضدّ الإبرام - إلی الیقین (2) ، ولو کان متعلّقاً بما لیس فیه اقتضاء البقاء والاستمرار ، لِما یتخیّل فیه من الاستحکام ، بخلاف الظنّ ، فإنّه یظنُّ أ نّه لیس فیه إبرام واستحکام ، وإن کان متعلّقاً بما فیه اقتضاء ذلک ،

[*حیدری فسایی]

وإلّا لصحّ أن یُسنَد إلی نفس ما فیه المقتضی له ، مع رکاکة مثل : نقضتُ الحجر من مکانه ، ولما صحّ أن یقال: انتقض الیقین باشتعال السراج ، فی ما إذا شکّ فی بقائه للشکّ فی استعداده ، مع بداهة صحّته وحسنه .

وبالجملة: لا یکاد یشکّ فی أنّ الیقین - کالبیعة والعهد - إنّما یکون حُسْن إسناد النقض إلیه بملاحظته ، لا بملاحظة متعلّقه ، فلا موجب لإرادة ما هو

[شماره صفحه واقعی : 207]

ص: 356


1- فی الأصل و « ش » : الأصغر . وفی سائر الطبعات ما أثبتناه .
2- شروعٌ فی الردّ علی الشیخ الأعظم ، حیث استشکل - تبعاً للمحقّق الخوانساری فی مشارق الشموس 1 : 76 - فی دلالة الأخبار علی ثبوت الاستصحاب فی موارد الشک فی المقتضی . راجع فرائد الأُصول 3 : 78 - 82 .

أقرب إلی الأمر المبرم ، أو أشبه بالمتین المستحکم ممّا فیه اقتضاء البقاء ؛ لقاعدة: « إذا تعذّرت الحقیقة فأقرب المجازات » (1) ، بعدَ تعذُّر إرادة مثل ذاک الأمر ، ممّا یصحّ إسناد النقض إلیه حقیقةً .

الاستدلال علی اختصاص الأخبار بالشک فی الرافع

فإن قلت (2): نعم ، ولکنّه حیث لا انتقاض للیقین فی باب الاستصحاب حقیقةً ، فلو لم یکن هناک اقتضاء البقاء فی المتیقّن ، لما صحّ إسناد الانتقاض إلیه بوجهٍ ولو مجازاً ، بخلاف ما إذا کان هناک ، فإنّه وإن لم یکن معه أیضاً انتقاضٌ حقیقةً ، إلّاأ نّه صحّ إسناده إلیه مجازاً ، فإنّ الیقین معه کأ نّه تعلّق بأمرٍ مستمرّ مستحکم ، قد انحلّ وانفصم بسبب الشکّ فیه ، من جهة الشکّ فی رافعه .

الجواب عن الدلیل

قلت: الظاهر : أنّ وجه الإسناد هو لحاظ اتّحاد متعلّقی الیقین والشکّ ذاتاً ، وعدمُ ملاحظة تعدّدهما زماناً ، وهو کافٍ عرفاً فی صحّة إسناد النقض إلیه واستعارته له ، بلا تفاوتٍ فی ذلک أصلاً - فی نظر أهل العرف - بین ما کان هناک اقتضاء البقاء وما لم یکن .

وکونه مع المقتضی أقرب بالانتقاض وأشبه ، لا یقتضی تعیینه (3) لأجل قاعدة : « إذا تعذّرت الحقیقة » ؛ فإنّ الاعتبار فی الأقربیّة إنّما هو بنظر العرف لا الاعتبار ، وقد عرفت عدم التفاوت بحسب نظر أهله .

هذا کلّه فی المادّة .

[*حیدری فسایی]

وأمّا الهیئة ، فلا محالة یکون المراد منها : النهی عن الانتقاض بحسب

[شماره صفحه واقعی : 208]

ص: 357


1- فی « ق » زیادة : أولی .
2- عبّر المصنّف فی حاشیته علی الفرائد : 190 عن هذا الاشکال بالتقریب الأدقّ والأمتن لدلالة الأخبار علی الاختصاص بالشک فی الرافع ، وأجاب عنه بما أفاده هنا .
3- فی « ر » : تعیّنه .

البناء والعمل ، لا الحقیقة ؛ لعدم کون الانتقاض بحسبها تحت الاختیار ، سواء کان متعلّقاً بالیقین - کما هو ظاهر القضیّة - أو بالمتیقّن ، أو بآثار الیقین ، بناءً علی التصرّف فیها بالتجوّز ، أو الإضمار ؛ بداهةَ أ نّه کما لا یتعلّق النقضُ الاختیاریّ - القابل لورود النهی علیه - بنفس الیقین ، کذلک لا یتعلّق بما کان علی یقینٍ منه ، أو أحکامِ الیقین ، فلا یکاد یجدی التصرّفُ بذلک فی بقاء الصیغة علی حقیقتها ، فلا مجوِّز له ، فضلاً عن الملزم ، کما تُوهّم (1) .

لا یقال: لا محیصَ عنه (2) ؛ فإنّ النهی عن النقض بحسب العمل ، لا یکاد یراد بالنسبة إلی الیقین وآثاره ؛ لمنافاته مع المورد .

فإنّه یقال: إنّما یلزم لو کان الیقین ملحوظاً بنفسه وبالنظر الاستقلالیّ ، لا ما إذا کان ملحوظاً بنحو المرآتیّة وبالنظر الآلیّ ،

[*حیدری فسایی]

کما هو الظاهر فی مثل قضیّة «لا تنقض الیقین» ؛ حیث تکون ظاهرة عرفاً فی أ نّها کنایةٌ عن لزوم البناء والعمل ، بالتزام (3) حکم مماثل للمتیقّن تعبّداً إذا کان حکماً ، ولحکمه إذا کان موضوعاً ، لا عبارةً عن لزوم العمل بآثار نفس الیقین ، بالالتزام بحکمٍ

[شماره صفحه واقعی : 209]

ص: 358


1- فی فرائد الأُصول 3 : 79 . لکنّه - بعد بیان ما یوهم إرادة النقض الحقیقی - قال : « فالمراد إمّا نقض المتیقّن ، والمراد به رفع الید عن مقتضاه ، وإمّا نقض أحکام الیقین ... والمراد حینئذ رفع الید عنها » ( المصدر نفسه : 80 ) ، وهو صریح فی أنّ النقض المتعلّق بالمتیقن أو أحکام الیقین یراد منه النقض عملاً ، لا حقیقة . انظر نهایة الدرایة 5 : 59 ، حقائق الأُصول 2 : 409 ومنته الدرایة 7 : 111 .
2- لا یخفی : أ نّه کان الأنسب إسقاط قوله : « لا محیص عنه » ؛ إذ بعد إثبات امتناعه لا وجه لدعوی کونه لا محیص عنه . ( حقائق الأُصول 2 : 410 ) .
3- الأولی : تعدیته ب « علی » لیصح تعلّقه بکلّ من البناء والعمل ؛ لأنّه لم یُعهد تعدیة البناء - بمعنی العمل - بالباء . ( منته الدرایة 7 : 114 ) .

مماثل لحکمه شرعاً ؛ وذلک لسرایة الآلیّة والمرآتیّة من الیقین الخارجیّ إلی مفهومه الکلّیّ ، فیؤخذ فی موضوع الحکم فی مقام بیان حکمه ، مع عدم دخله فیه أصلاً ، کما ربما یؤخذ فی ما له دخلٌ فیه ، أو تمام الدخل ، فافهم .

عموم الروایة لاستصحاب الموضوع والحکم

ثمّ إنّه حیث کان کلٌّ من الحکم الشرعیّ وموضوعه مع الشکّ ، قابلاً للتنزیل بلا تصرّفٍ وتأویل ، غایة الأمر تنزیلُ الموضوع بجعل مماثلِ حکمه ، وتنزیلُ الحکم بجعل مثله - کما اشیر الیه آنفاً (1) - ، کان قضیّةُ «لا تنقض» ظاهرةً فی اعتبار الاستصحاب فی الشبهات الحکمیّة والموضوعیّة . واختصاص المورد بالأخیرة لا یوجب تخصیصها بها ، خصوصاً بعد ملاحظة أ نّها قضیّةٌ کلّیّة ارتکازیّة ، قد أُتی بها فی غیر موردٍ لأجل الاستدلال بها علی حکم المورد ، فتأمّل .

2 - صحیحة زرارة الثانیة
اشارة

صوت

[*حیدری فسایی]

ومنها: صحیحة أُخری لزرارة . قال: قلتُ له: أصابَ ثوبی دمُ رُعافٍ أو غیرهِ أو شیءٌ مِن المَنیّ ، فَعَلَّمْتُ أثرَه إلی أن اصیبَ له الماء ، فحضرتُ (2) الصلاة ، ونسیت أنّ بثوبی شیئاً ، وصلّیتُ ، ثمّ إنّی ذکرتُ بعد ذلک ؟

قال: «تعیدُ الصلاة ، وتغسلهُ» .

قلتُ: فإن لم أکن رأیتُ موضِعه ، وعَلِمتُ أ نّه قد أصابه ، فطلبته ولم أقدر علیه ، فلمّا صلّیتُ وجدتُه ؟

قال: «تغسله ، وتعید» .

قلت: فإن ظننت أ نّه قد أصابه ولم أتیقّن ذلک ، فنظرتُ فلَم أرَ شَیئاً ، فصلّیت ، فرأیت فیه ؟

[شماره صفحه واقعی : 210]

ص: 359


1- إذ قال قبل أسطر : بالتزام حکمٍ مماثلٍ للمتیقّن تعبّداً .
2- فی المصدر : فأصبْت وحضرت ... .

قال: «تغسله ، ولا تعید الصلاة» .

قلتُ: لِمَ ذلک ؟

قال: «لأ نّک کنتَ علی یقین من طهارتک فشککت ، فلیس ینبغی لَکَ أن تنقض الیقین بالشکّ أبداً» .

قلت: فإنّی قد عَلِمت أ نّه قد أصابه ولم أدرِ أینَ هو ، فأغسِله ؟

قال: «تغسِل من ثوبک الناحیةَ الّتی تریٰ أ نّه قد أصابها ، حتّی تکون علی یقینٍ من طهارتک» .

قلت: فهل علیَّ إن شککتُ فی أ نّه أصابه شیءٌ أن أنظر فیه ؟

قال: «لا ، ولکنّک إنّما ترید أن تُذهب الشکّ الّذی وقَع فی نفسِک» .

قلت: إن رأیتُه فی ثوبی وأنا فی الصلاة ؟

قال: «تنقض الصلاة وتعید ، إذا شککت فی موضِع منه ثمَّ رأیته ، وإن لم تشُکّ ثمّ رأیته رَطباً قطعتَ الصلاة ، وغسلتَه ، ثمّ بنیتَ علی الصلاة ؛ لأنّک لا تدری لعلّه شیءٌ اوقعَ علیک ، فلیس ینبغی أن تنقُضَ الیقین بالشکّ» (1) .

تقریب الاستدلال بالروایة

وقد ظهر ممّا ذکرنا فی الصحیحة الاُولی تقریبُ الاستدلال بقوله:

«فلیس ینبغی أن تنقض الیقین بالشکّ» فی کلا الموردین ، ولا نعید .

نعم ، دلالته فی المورد الأوّل علی الاستصحاب مبنیٌّ علی أن یکون المراد من « الیقین » فی قوله علیه السلام : «لأ نّک کنت علی یقین من طهارتک» :

الیقینَ بالطهارة قبلَ ظنِّ الإصابة ، کما هو الظاهر ؛ فإنّه لو کان المراد منه الیقینَ الحاصل بالنظر والفحص بعده - الزائل بالرؤیة بعد الصلاة - کان مفاده قاعدةَ الیقین ، کما لا یخفی .

[شماره صفحه واقعی : 211]

ص: 360


1- تهذیب الأحکام 1 : 421 - 422 .
الإشکال علی الاستدلال بالروایة الجواب عن الإشکال

صوت

[*حیدری فسایی]

ثمّ إنّه أُشکل علی الروایة (1) بأنّ الإعادة بعد انکشاف وقوع الصلاة فی النجاسة لیست نقضاً للیقین بالطهارة بالشکّ فیها ، بل بالیقین بارتفاعها ، فکیف یصحّ أن یُعلّل عدمُ الإعادة بأ نّها نقض الیقین بالشکّ ؟ نعم ، إنّما یصحّ أن یُعلّل به جواز الدخول فی الصلاة ، کما لا یخفی (2) .

ولا یکاد یمکن التفصّی عن هذا الإشکال إلّابأن یقال: إنّ الشرط فی الصلاة فعلاً حین الالتفات إلی الطهارة هو إحرازها ، ولو بأصلٍ أو قاعدة ، لاُنفسها ، فیکون قضیّة استصحاب الطهارة حالَ الصلاة : عدمَ إعادتها ، ولو انکشف وقوعُها فی النجاسة بعدها (3) . کما أنّ إعادتها بعد الکشف ، تکشف عن جواز النقض وعدمِ حجّیّة الاستصحاب حالَها ، کما لا یخفی ، فتأمّل جیّداً .

لا یقال: لا مجال حینئذٍ لاستصحاب الطهارة ؛ فإنّها إذا لم تکن شرطاً لم تکن موضوعاً لحکم ، مع أ نّها لیست (4) بحکم ، ولا محیصَ فی الاستصحاب عن کون المستصحب حکماً أو موضوعاً لحکم .

[شماره صفحه واقعی : 212]

ص: 361


1- حکی الشیخ الأعظم هذا الإشکال عن السیّد الصدر ( شرح الوافیة « مخطوط » : 361 ) . وانظر فرائد الأُصول 3 : 60 .
2- هنا توجد تعلیقة من المصنّف قدس سره حول التحقیق فی حلّ الإشکال المذکور أعلاه ، مذکورة فی « ش » ، ولا توجد فی غیرها . وجاء فی کفایة الأُصول مع حاشیة الشیخ علی القوچانی : 85 ( فی الهامش ) ما یلی : تعلیقة نقلها المحشّی دام ظلّه بألفاظها ، وضرب علیها المصنّف أیّده اللّٰه أخیراً فی النسخة التی وردت إلینا مصححّة بتصحیحه أیّده اللّٰه .
3- الأولی : أن یقال : ولو انکشف بعدها وقوعها فی النجاسة ( منته الدرایة 7 : 149 ) .
4- أثبتنا العبارة من مصحّح « ن » ، وفی الأصل وبعض الطبعات : فإنّه إذا لم یکن شرطاً لم یکن موضوعاً لحکم ، مع أ نّه لیس ... راجع أیضاً منته الدرایة 7 : 150 .

فإنّه یقال: إنّ الطهارة وإن لم تکن شرطاً فعلاً ، إلّاأ نّها غیر منعزلة عن الشرطیّة رأساً ، بل هی (1) شرط واقعیّ اقتضائیّ - کما هو قضیّة التوفیق بین بعض الإطلاقات ومثل هذا الخطاب - ، هذا .

مع کفایة کونها من قیود الشرط ؛ حیث إنّه کان إحرازُها بخصوصها - لا غیرها - شرطاً .

لا یقال: سلّمنا ذلک ، لکنّ قضیّته أن یکون علّةُ عدم الإعادة حینئذٍ - بعد انکشاف وقوع الصلاة فی النجاسة - هو إحرازَ الطهارة حالها باستصحابها ، لا الطهارة المحرَزة بالاستصحاب .

مع أنّ قضیّة التعلیل أن تکون العلّة له هی نفسها لا إحرازَها ؛

[*حیدری فسایی]

ضرورة أنّ نتیجة قوله: «لأ نّک کنت علی یقین ...» أ نّه علی الطهارة ، لا أ نّه مستصحِبها ، کما لا یخفی .

فإنّه یقال: نعم ، ولکنّ التعلیل إنّما هو بلحاظ حال قبل انکشاف الحال ، لنکتة التنبیه علی حجّیّة الاستصحاب ، وأ نّه کان هناک استصحابٌ ، مع وضوح استلزام ذلک لأن یکون المجدی بعد الانکشاف هو ذاک الاستصحاب ، لا الطهارة ، وإلّا لما کانت الإعادة نقضاً ، کما عرفت فی الإشکال .

جواب آخر عن أصل الإشکال والإیراد علیه

ثمّ إنّه لا یکاد یصحّ التعلیل لو قیل باقتضاء الأمر الظاهریّ للإجزاء ، - کما قیل (2) - ؛ ضرورةَ أنّ العلّة علیه إنّما هو اقتضاء ذلک الخطاب الظاهریّ

[شماره صفحه واقعی : 213]

ص: 362


1- أثبتنا العبارة کما وردت فی « ن » ، وفی الأصل وأکثر الطبعات صیغت العبارة علی أساس تذکیر الطهارة : إن الطهارة وإن لم یکن ... بل هو ... .
2- جوابٌ آخر عن أصل الإشکال لشریف العلماء علی ما فی تقریرات بحثه . ضوابط الأُصول : 354 . وذکره الشیخ الأعظم مع الإیراد علیه فی فرائد الأُصول 3 : 60 .

حالَ الصلاة للإجزاء وعدمِ إعادتها ، لا لزومُ النقض من الإعادة ، کما لا یخفی .

اللهمّ إلّاأن یقال: إنّ التعلیل به إنّما هو بملاحظة ضمیمة اقتضاء الأمر الظاهریّ للإجزاء ، بتقریب : أنّ الإعادة - لو قیل بوجوبها - کانت موجبةً لنقض الیقین بالشکّ فی الطهارة قبل الانکشاف ، وعدمِ حرمته شرعاً ، وإلّا للزم عدمُ اقتضاء ذاک الأمر له ، کما لا یخفی ، مع اقتضائه شرعاً أو عقلاً ، فتأمّل (1)* .

ولعلّ ذلک مراد من قال بدلالة الروایة علی إجزاء الأمر الظاهریّ .

هذا غایة ما یمکن أن یقال فی توجیه التعلیل .

مع أ نّه لا یکاد یوجب الإشکالُ فیه ، والعجز عن التفصّی عنه إشکالاً فی دلالة الروایة علی الاستصحاب ؛ فإنّه لازمٌ علی کلّ حال ، کان مفاده قاعدتَه ، أو قاعدةَ الیقین ، مع بداهة عدم خروجه منهما ، فتأمّل جیّداً .

3 - صحیحة زرارة الثالثة
اشارة

صوت

[*حیدری فسایی]

ومنها: صحیحة ثالثة لزرارة: «وإذا لم یدْرِ فی ثلاثٍ هو أو فی أربع ، وقد أحرز الثلاث ، قام فأضاف إلیها أُخری ، ولا شیء علیه ، ولا ینقضُ الیقین بالشکّ ، ولا یدخل الشکّ فی الیقین ، ولا یخلطُ أحدهما بالآخر ، ولکنّه

[شماره صفحه واقعی : 214]

ص: 363


1- (*) وجه التأمّل : أنّ اقتضاء الأمر الظاهریّ للإجزاء لیس بذاک الوضوح ، کی یحسن بملاحظته التعلیل بلزوم النقض من الإعادة ، کما لا یخفی . ( منه قدس سره ) . هذه التعلیقة لا توجد فی « ق » . وقال فی حقائق الأُصول 2 : 420 : حکی أ نّه ضرب علیها ( الحاشیة ) أخیراً . وفی منته الدرایة 7 : 162 : وما فی بعض الشروح « من أنّ المصنّف ضرب علی هذه الحاشیة مؤخّراً » کأ نّه نشأ من خلط هذه بحاشیة أُخری علی قوله : « ثمّ أشکل ... » حیث ضرب علیها فی النسخة المصحّحة بقلمه بعد طبعته الأُولی .

ینقضُ الشکّ بالیقین ، ویتمّ علی الیقین ، فیبنی علیه ، ولا یعتدُّ بالشکّ فی حال من الحالات» (1) .

تقریب الاستدلال

والاستدلال بها علی الاستصحاب مبنیٌّ علی إرادة الیقین بعدم الإتیان بالرکعة الرابعة سابقاً ، والشکّ فی إتیانها .

الإشکال فی دلالة الروایة

وقد أُشکل (2) بعدم إمکان إرادة ذلک علی مذهب الخاصّة ؛ ضرورة أنّ قضیّتَه إضافةُ رکعة أُخری موصولةً ، والمذهبُ قد استقرّ علی إضافة رکعة بعد التسلیم مفصولةً . وعلی هذا یکون المراد بالیقین : الیقین بالفراغ ، بما علّمه الإمام علیه السلام من الاحتیاط بالبناء علی الأکثر ، والإتیانِ بالمشکوک بعد التسلیم مفصولةً .

دفع الإشکال

ویمکن الذبُّ عنه (3) بأنّ الاحتیاط کذلک لا یأبیٰ عن إرادة الیقین بعدم الرکعة المشکوکة ، بل کان أصل الإتیان بها باقتضائه ، غایة الأمر إتیانها مفصولةً ینافی إطلاق النقض ، وقد قام الدلیل (4) علی التقیید فی الشکّ فی

[شماره صفحه واقعی : 215]

ص: 364


1- وسائل الشیعة 8 : 217 ، الباب 11 من أبواب الخلل الواقع فی الصلاة ، الحدیث 3 .
2- أورده الشیخ الأعظم فی فرائد الأُصول 3 : 62 - 63 .
3- الصحیح أن یقال : « ویمکن ذبّه » ؛ حیث أنّ الذبّ عن الشیء هو إحکامه لا دفعه . راجع منته الدرایة 7 : 178 .
4- وهو روایة عمّار الساباطی ، قال : سألت أبا عبد اللّٰه علیه السلام عن شیء من السهو فی الصلاة ، فقال : ألا اعلّمک شیئاً إذا فعلته ثمّ ذکرت أ نّک أتممت أو نقصت لم یکن علیک شیء ؟ قلت : بلی . فقال : إذا سهوت فابن علی الأکثر ، فإذا فرغت وسلّمت فقم فصلّ ما ظننت أ نّک نقصت ... وسائل الشیعة 8 : 213 ، الباب 8 من أبواب الخلل الواقع فی الصلاة ، الحدیث 3 . وبمعناها روایات أُخری . انظر المصدر المتقدّم ، الحدیث 1 و 4 من الباب نفسه .

الرابعة وغیره ، وأنّ المشکوکة لابدّ أن یؤتیٰ بها مفصولةً ، فافهم .

إشکالٌ آخر علی الاستدلال بالروایة والجواب عنه

وربما أُشکل (1) أیضاً بأ نّه لو سلّم دلالتها علی الاستصحاب کانت من الأخبار الخاصّة الدالّة علیه فی خصوص المورد ، لا العامةِ لغیر مورد ؛ ضرورة ظهور الفقرات فی کونها مبنیّةً للفاعل ، ومرجع الضمیر فیها هو المصلّی الشاکّ .

وإلغاء خصوصیّة المورد لیس بذاک الوضوح ، وإن کان یؤیّده تطبیق قضیّة «لا تنقض الیقین» - وما یقاربها - علی غیر مورد .

بل دعویٰ : أنّ الظاهر من نفس القضیّة هو أنّ مناط حرمة النقض إنّما یکون لأجل ما فی الیقین والشکّ ، لا لما فی المورد من الخصوصیّة ، وأنّ مثل الیقین لا ینقض بمثل الشکّ ، غیر بعیدة .

4 - خبر محمّد بن مسلم
اشارة

صوت

[*حیدری فسایی]

ومنها: قوله علیه السلام : «من کان علی یقین فأصابه شکٌّ فلیمض علی یقینه ؛ فإنّ الشکّ لا ینقض الیقین» أو : «فإنّ الیقین لا یدفع بالشکّ» (2) .

تقریب الاستدلال بالروایة

وهو وإن کان یحتمل قاعدة الیقین (3) ؛ - لظهوره فی اختلاف زمان الوصفین ، وإنّما یکون ذلک فی القاعدة دون الاستصحاب ؛ ضرورة إمکان اتّحاد

[شماره صفحه واقعی : 216]

ص: 365


1- لم نظفر بالمستشکل .
2- لم ینقل المصنف الروایة بألفاظها ؛ فإنّ المرویّ عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام عن أمیر المؤمنین علیه السلام روایتان : إحداهما فی الخصال : 619 : من کان علی یقین فشکّ فلیمض علی یقینه ؛ فإنّ الشک لا ینقض الیقین . ثانیتهما فی الإرشاد 1 : 302 : من کان علی یقین فشکّ فلیمض علیٰ یقینه ؛ فإنّ الیقین لا یدفع بالشک .
3- ذکر الشیخ الأعظم أنّ حمل الروایة علی قاعدة الیقین هو المتعیّن ، ولکنّه أفاد فی آخر کلامه دلالتها علی الاستصحاب ؛ لورود مثل ألفاظها فی صحاح زرارة التی لا یراد منها إلّاالاستصحاب . انظر فرائد الأُصول 3 : 69 - 70 .

زمانهما - ، إلّاأنّ المتداول فی التعبیر عن مورده هو مثل هذه العبارة ، ولعلّه بملاحظة اختلاف زمان الموصوفین ، وسرایته إلی الوصفین ، لما بین الیقین والمتیقّن من نحوٍ من الاتّحاد ، فافهم ، هذا .

مع وضوح أنّ قوله: «فإنّ الشکّ لا ینقض ...» هی القضیّة المرتکزة الواردة مورد الاستصحاب فی غیر واحدٍ من أخبار الباب .

5 - خبر الصفّار
اشارة

ومنها: خبر الصفّار عن علیّ بن محمّد القاسانیّ . قال: کتبتُ إلیه - وأنا بالمدینة - عن الیوم الّذی یُشکّ فیه من رمضان ، هَل یُصامُ أم لا ؟ فکتب:

«الیقینُ لا یدخلُ فیه الشکّ ، صُم للرؤیة وأفطر للرؤیة» (1) .

تقریب الاستدلال بالروایة

حیث دلّ علی أنّ الیقین بشعبان (2)(3) لا یکونُ مدخولاً بالشکّ فی بقائه وزوالِهِ بدخول شهر رمضان ، ویتفرّع علیه (4) عدم وجوب الصوم إلّابدخول شهر رمضان .

المنع من دلالة الروایة علی الاستصحاب

وربّما یقال: إنّ مراجعة الأخبار الواردة فی یوم الشکّ یُشْرف علی (5) القطع بأنّ المراد بالیقین هو الیقین بدخول شهر رمضان ، وأ نّه لابدّ فی وجوب

[شماره صفحه واقعی : 217]

ص: 366


1- وسائل الشیعة 10 : 256 ، الباب 3 من أبواب أحکام شهر رمضان ، الحدیث 13 .
2- أثبتناها من « ق » ، حقائق الأُصول ومنته الدرایة . وفی الأصل وسائر الطبعات : بالشعبان .
3- الأولی : تبدیله بالیقین بعدم دخول شهر رمضان ؛ فإنّه موضوع الحکم وجوداً وعدماً ، لا کونه من شعبان وجوداً وعدماً إلّاللتعبّد بحکمه ، وهو استحباب صومه . ( نهایة الدرایة 5 : 87 ) .
4- کلمة « علیه » غیر موجودة فی الأصل ، « ن » وحقائق الأُصول . وأثبتناها من سائر الطبعات .
5- أدرجنا « علی » من حقائق الأُصول ومنته الدرایة .

الصوم ووجوب الإفطار من الیقین بدخول شهر رمضان وخروجه (1) ، وأین هذا من الاستصحاب ؟ فراجع ما عُقِد فی الوسائل (2) لذلک من الباب تجده شاهداً علیه .

6 و 7 و 8 - أخبار الحلّ والطهارة
اشارة

صوت

[*حیدری فسایی]

ومنها : قوله علیه السلام : «کلُّ شیءٍ طاهرٌ حتّی تعلم أ نّه قذرٌ» (3) ، وقوله علیه السلام : «الماء کلُّه طاهر حتّی تعلم أ نّه نجس» (4) ، وقوله علیه السلام : «کلُّ شیءٍ لک (5) حلالٌ حتّی تعرف أ نّه حرام» (6) .

تقریب دلالة الروایات

وتقریب دلالة مثل هذه الأخبار علی الاستصحاب أن یقال: إنّ الغایة فیها إنّما هی لبیان استمرار ما حُکمَ علی الموضوع واقعاً - من الطهارة والحلّیّة - ظاهراً ، ما لم یعلم بطروء ضدّه أو نقیضه ، لا لتحدید الموضوع ، کی یکون

[شماره صفحه واقعی : 218]

ص: 367


1- فیه مسامحة ؛ إذ مقتضی ترتّب وجوب الافطار علی الرؤیة - کوجوب الصوم علی الرؤیة - هو أنّ الموضوع فی کلیهما هو الیقین بالدخول ، وإن کان الیقین بالخروج مستلزماً للیقین بالدخول . ( نهایة الدرایة 5 : 89 ) .
2- وسائل الشیعة 10 : 252 ، الباب 3 من أبواب أحکام شهر رمضان . باب : أنّ علامة شهر رمضان وغیره رؤیة الهلال ، فلا یجب الصوم إلّاللرؤیة أو مضیّ ثلاثین ، ولا یجوز الافطار فی آخره إلّاللرؤیة أو مضیّ ثلاثین ، وأ نّه یجب العمل فی ذلک بالیقین دون الظن .
3- نصّ الروایة هکذا : کلّ شیء نظیف حتی تعلم أنه قذر . وسائل الشیعة 3 : 467 ، الباب 37 من أبواب النجاسات ، الحدیث 4 .
4- وسائل الشیعة 1 : 134 ، الباب الأول من أبواب الماء المطلق ، الحدیث 5 . وفیه : « قذر » بدل « نجس » .
5- أثبتنا « لک » من المصدر ومنته الدرایة ، ولا توجد فی الأصل وطبعاته .
6- وسائل الشیعة 17 : 89 ، الباب 4 من أبواب ما یکتسب به ، الحدیث 4 مع اختلاف فی بعض الألفاظ .

الحکم بهما قاعدةً مضروبةً لما شکّ فی طهارته أو حلّیّته ؛ وذلک لظهور المغیّا فیها فی بیان الحکم للأشیاء بعناوینها ، لا بما هی مشکوکة الحکم ، کما لا یخفی .

فهو (1) وإن لم یکن له بنفسه مساسٌ بذیل القاعدة ولا الاستصحاب ، إلّاأ نّه بغایته دلّ علی الاستصحاب ؛ حیث إنّها ظاهرة فی استمرار ذلک الحکم الواقعیّ ظاهراً ما لم یعلم بطروء ضدّه (2) أو نقیضه .

کما أ نّه لو صار مغیّا لغایةٍ - مثل الملاقاة بالنجاسة أو ما یوجب الحرمة - لدلّ علی استمرار ذاک الحکم واقعاً ، ولم یکن له حینئذٍ - بنفسه ولا بغایته - دلالةٌ علی الاستصحاب .

ولا یخفی: أ نّه لا یلزم علی ذلک استعمالُ اللفظ فی معنیین أصلاً (3) ، وإنّما یلزم لو جُعِلَت الغایة - مع کونها من حدود الموضوع وقیوده - غایةً لاستمرار حکمه ، لیدلّ علی القاعدة والاستصحاب ، من غیر تعرّضٍ لبیان الحکم الواقعیّ للأشیاء أصلاً ، مع وضوح ظهور مثل : « کلُّ شیءٍ حلالٌ » أو « طاهرٌ » ، فی أ نّه لبیان حکم الأشیاء بعناوینها الأوّلیّة ، وهکذا: «الماءُ کلّه طاهرٌ» ، وظهورِ الغایة فی کونها حدّاً للحکم لا لموضوعه ، کما لا یخفی ، فتأمّل جیّداً .

[شماره صفحه واقعی : 219]

ص: 368


1- الأولیٰ : تأنیث الضمائر والأفعال : « فهی وإن لم یکن لها بنفسها ... إلّاأ نّها بغایتها دلّت ... » وذلک لأنّ المقصود منها « الأخبار » . انظر منته الدرایة 7 : 224 .
2- فی الأصل : « ما لم یعلم بارتفاعه لطروء ضدّه » . وفی طبعاته مثل ما أثبتناه .
3- هذا دفع للإشکال الذی أورده الشیخ الأعظم علی صاحب الفصول ، حیث ذهب صاحب الفصول إلی جواز إرادة قاعدة الطهارة والاستصحاب من موثقة عمّار ، وأورد علیه الشیخ بأنّ إرادة القاعدة والاستصحاب ممّا یوجب استعمال اللفظ فی معنیین . راجع الفصول : 373 وفرائد الأُصول 3 : 74 .

ولا یذهب علیک : أ نّه بضمیمة عدم القول بالفصل قطعاً بین الحلّیّة والطهارة وبین سائر الأحکام ، لعمّ (1) الدلیل وتمّ .

ثمّ لا یخفی: أنّ ذیل موثّقة عمّار: «فإذا علمتَ فقد قذر ، وما لم تعلم فلیس علیک» (2) یؤیّد ما استظهرنا منها ، من کون الحکم المغیّا واقعیّاً ثابتاً للشیء بعنوانه ، لا ظاهریّاً ثابتاً له بما هو مشتبه ؛

[*حیدری فسایی]

لظهوره فی أ نّه متفرّع علی الغایة وحدها ، وأ نّه بیان لها وحدها - منطوقها ومفهومها - ، لا لها مع المغیّا ، کما لا یخفیٰ علی المتأمّل .

ثمّ إنّک إذا حقّقت ما تلونا علیک ممّا هو مفاد الأخبار ، فلا حاجة فی إطالة الکلام فی بیان سائر الأقوال ، والنقض والإبرام فی ما ذکر لها من الاستدلال .

التفصیل بین التکلیف والوضع فی الاستصحاب

ولا بأس بصرفه إلی تحقیق حال الوضع : وأ نّه حکم مستقلّ بالجعل - کالتکلیف - ، أو منتزع عنه وتابعٌ له فی الجعل ، أو فیه تفصیل ؟ حتّیٰ یظهر حال ما ذکر هاهنا بین التکلیف والوضع من التفصیل .

فنقول - وباللّٰه الاستعانة - :

الإشارة إلی اختلاف التکلیف والوضع

لا خلاف - کما لا إشکال - فی اختلاف التکلیف والوضع مفهوماً ، واختلافهما فی الجملة مورداً ؛ لبداهة ما بین مفهوم السببیّة أو الشرطیّة ، ومفهوم مثل الإیجاب أو الاستحباب من المخالفة والمباینة .

کما لا ینبغی النزاع فی صحّة تقسیم الحکم الشرعیّ إلی التکلیفیّ والوضعیّ ؛ بداهة أنّ الحکم وإن لم یصحّ تقسیمه إلیهما ببعض معانیه ، ولم یکَدْ

[شماره صفحه واقعی : 220]

ص: 369


1- لا حاجة إلی اللام الظاهر فی کونه جواباً لشرط ونحوه . ( منته الدرایة 7 : 230 ) .
2- وسائل الشیعة 3 : 467 ، الباب 37 من أبواب النجاسات ، الحدیث 4 .

یصحّ إطلاقه علی الوضع ، إلّاأنّ صحّة تقسیمه بالبعض الآخر إلیهما ، وصحّةَ إطلاقه علیه بهذا المعنی ، ممّا لا یکاد یُنکر ، کما لا یخفی . ویشهد به کثرة إطلاق الحکم علیه فی کلماتهم . والالتزام بالتجوّز فیه کما تریٰ .

النزاع فی أن الوضع محصور فی أُمور مخصوصة أم لا ؟

صوت

[*حیدری فسایی]

وکذا لا وقْع للنزاع فی أ نّه محصورٌ فی أُمور مخصوصة - کالشرطیّة والسببیّة والمانعیّة ، کما هو المحکیّ عن العلّامة (1) ، أو مع زیادة العلّیّة والعلامیّة ، أو مع زیادة الصحّة والبطلان ، والعزیمة والرخصة (2) ، أو زیادة غیر ذلک ، کما هو المحکیّ عن غیره (3) - أو لیس بمحصور ، بل کلّ ما لیس بتکلیف ممّا له دخلٌ فیه ، أو فی متعلّقه وموضوعه ، أو لم یکن له دخلٌ ممّا اطلق علیه الحکم فی کلماتهم ؛ ضرورة أ نّه لا وجه للتخصیص بها بعدَ کثرة إطلاق الحکم فی الکلمات علی غیرها ، مع أ نّه لا تکاد تظهر ثمرة مهمّة علمیّة أو عملیّة للنزاع فی ذلک .

[شماره صفحه واقعی : 221]

ص: 370


1- فی تهذیب الوصول : 2 والسیوری فی نضد القواعد : 28 والشهید فی القواعد والفوائد 1 : 39 ، القاعدة : 8 .
2- انظر تمهید القواعد : 37 ، القاعدة 3 ، والإحکام 1 : 127 - 130 والمحصول 1 : 109 - 120 والمستصفی : 74 - 79 .
3- حکی صلاح الدین عن القرافی أ نّه زاد : التقدیرات والحجاج . والمراد من الأول : تنزیل الموجود أو المعدوم منزلة الآخر ، مثل تنزیل المقتول منزلة الحیّ فی إرث الدیة منه ، وتنزیل الماء بمنزلة عدمه بالنسبة إلی المریض الذی یخاف استعماله . والمراد من الثانی مطلق الحجج التی یستند إلیها القضاة . وعدّ الطباطبائی فی فوائده من أحکام الوضع الحکم بکونه جزءً أو خارجاً ، والحکم بأنّ اللفظ موضوع لمعناه المعیّن شرعاً . انظر : شرح کفایة الأُصول للشیخ عبدالحسین الرشتی 2: 239 وحقائق الأُصول 2: 433 .
هل الحکم الوضعی مجعول مستقلاً کالتکلیف أم لا ؟

وإنّما المهمُّ فی النزاع هو : أنّ الوضع کالتکلیف فی أ نّه مجعولٌ تشریعاً ، بحیث یصحّ انتزاعه بمجرّد إنشائه ، أو غیرُ مجعول کذلک ، بل إنّما هو منتزع عن التکلیف ، ومجعول بتبعه وبجعله (1)(2)؟

أقسام الحکم الوضعی :
اشارة

والتحقیق : أنّ ما عُدّ من الوضع علی أنحاء:

منها: ما لا یکاد یتطرّق إلیه الجعل تشریعاً أصلاً ، لا استقلالاً ولا تبعاً ، وإن کان مجعولاً تکویناً عرَضاً بعین جعل موضوعه کذلک .

ومنها: ما لا یکاد یتطرّق إلیه الجعل التشریعیّ إلّاتبعاً للتکلیف .

ومنها: ما یمکن فیه الجعل استقلالاً - بإنشائه - وتبعاً للتکلیف - بکونه منشأً لانتزاعه - ، وإن کان الصحیح انتزاعه من إنشائه وجعله ، وکونُ التکلیف من آثاره وأحکامه ، علی ما یأتی الإشارة إلیه .

1 - ما لا یقبل التشریع أصلاً

صوت

[*حیدری فسایی]

أمّا النحو الأوّل: فهو کالسببیّة والشرطیّة والمانعیّة والرافعیّة لِما هو سبب التکلیف وشرطه ومانعه ورافعه ؛ حیث أ نّه لا یکاد یعقل انتزاع هذه العناوین لها من التکلیف المتأخّر عنها ذاتاً ، - حدوثاً أو (3) ارتفاعاً - ، کما أنّ اتّصافها بها لیس إلّالأجل ما علیها (4) من الخصوصیّة المستدعیة لذلک تکویناً ؛ للزوم

[شماره صفحه واقعی : 222]

ص: 371


1- إشارة إلی ما اختاره الشیخ الأعظم من أنّ معنی کون الشیء سبباً لواجب هو الحکم بوجوب ذلک الواجب عند حصول ذلک الشیء . راجع فرائد الأُصول 3 : 126 .
2- الأولی أن یقول : أو فیه تفصیل ، کما صنع فی أوّل العنوان ( کفایة الأُصول مع حاشیة المشکینی 4 : 472 ) .
3- فی « ق » ، « ر » ، حقائق الأُصول ومنته الدرایة : و ... .
4- الأولی : ذکر ضمیر « هی » بین « ما » و « علیها » . ( منته الدرایة 7 : 261 ) .

أن یکون فی العلّة بأجزائها (1) ربط خاصّ ، به کانت مؤثرة (2) فی معلولها ، لا فی غیره ، ولا غیرها فیه ، وإلّا لزم أن یکون کلُّ شیءٍ مؤثّراً فی کلِّ شیءٍ .

وتلک الخصوصیّة (3) لا تکاد توجد (4) فیها بمجرّد إنشاء مفاهیم العناوین ، ومثلِ (5) قول : دلوک الشمس سبب لوجوب الصلاة ، إنشاءً لا إخباراً ؛ ضرورة بقاء الدلوک علی ما هو علیه قبل إنشاء السببیّة له ، من کونه واجداً لخصوصیّةٍ مقتضیةٍ لوجوبها ، أو فاقداً لها ،

[*حیدری فسایی]

وأنّ الصلاة لا تکاد تکون واجبة عند الدلوک ما لم یکن هناک ما یدعو إلی وجوبها ، ومعه تکون واجبة لا محالة ، وإن لم یُنشأ السببیّة للدلوک أصلاً .

ومنه انقدح أیضاً : عدم صحّة انتزاع السببیّة له حقیقةً من إیجاب الصلاة عنده ؛ لعدم اتّصافه بها بذلک ضرورةً .

[شماره صفحه واقعی : 223]

ص: 372


1- فی الأصل و « ر » زیادة : من .
2- أثبتنا العبارة کما وردت فی « ر » ، واستظهرها فی « ش » أیضاً ، وفی الأصل : کان مؤثراً . وفی بعض الطبعات : کانت مؤثراً .
3- فی « ر » : خصوصیّة .
4- أدرجنا ما فی « ر » و « ش » ، وفی غیرهما : لا یکاد یوجد .
5- أثبتنا ما فی الأصل ، « ن » ، « ق » و « ش » ، وفی « ر » : « مثل » بدون الواو . وفی حقائق الأُصول ومنته الدرایة : وبمثل . قال فی منته الدرایة 7 : 263 : بناءً علی کون النسخة « وبمثل » فهو معطوف علی « بمجرّد » یعنی : أنّ تلک الخصوصیة لا توجد بمثل ... ، وبناءً علی کونها « ومثل » فهو معطوف علی « إنشاء » یعنی : بمجرّد مثل قول ... ، وبناءً علی ما فی بعض النسخ المصححّة علی نسخة المصنّف قدس سره من کون العبارة هکذا : « مثل قول دلوک الشمس » یکون بیاناً لإنشاء مفاهیم العناوین ، ولعلّه أولی .

نعم ، لا بأس باتّصافه بها عنایةً ، وإطلاقِ السبب علیه مجازاً . کما لا بأس بأن یعبّر عن إنشاء وجوب الصلاة عند الدلوک - مثلاً - بأ نّه سببٌ لوجوبها ، فیکنّیٰ (1) به عن الوجوب عنده .

فظهر بذلک: أ نّه لا منشأ لانتزاع السببیّة - وسائر ما لأجزاء العلّة للتکلیف - إلّاما هی علیها (2) من الخصوصیّة الموجبة لدخل کلٍّ فیه علی نحوٍ غیرِ دخل الآخر ، فتدبّر جیّداً .

2 - ما یقبل التشریع تبعاً للتکلیف

وأمّا النحو الثانی: فهو کالجزئیّة والشرطیّة والمانعیّة والقاطعیّة لِما هو جزء المکلّف به وشرطُه ومانِعُه وقاطِعُه ؛ حیث إنّ اتّصافَ شیءٍ بجزئیّة المأمور به أو شرطیّته أو غیرهما ، لا یکاد یکون إلّابالأمر بجملة أُمور مقیّدة بأمرٍ وجودیّ أو عدمیّ ، ولا یکاد یتّصف شیءٌ بذلک - أی کونه جزءاً أو شرطاً للمأمور به - إلّابتبع ملاحظة الأمر بما یشتمل علیه مقیّداً بأمرٍ آخر ، وما لم یتعلّق بها الأمر کذلک لما کاد اتّصف (3) بالجزئیّة أو الشرطیّة ، وإن أنشأ الشارعُ له الجزئیّةَ أو الشرطیّة .

وجعلُ الماهیّة وأجزائها (4) لیس إلّاتصوّر (5) ما فیه المصلحة المهمّة

[شماره صفحه واقعی : 224]

ص: 373


1- أثبتناها من « ر » ، وفی غیرها : فکُنّی .
2- فی « ق » ، « ش » ومنته الدرایة : إلّاعمّا هی . وفی منته الدرایة 7 : 266 : کلمة المجاوزة ( عن ) زائدة ؛ إذ العبارة هکذا : لا منشأ لانتزاع السببیة ... إلّاالخصوصیّة الموجبة ... .
3- الأولی : « یتّصف » ؛ لکونه خبراً لفعل المقاربة ، أو حذف « کاد » . ( منته الدرایة 7 : 273 ) .
4- فی محتمل الأصل قویّاً : « واختراعها » . وفی طبعاته ما أدرجناه .
5- أثبتناها من حقائق الأُصول ومنته الدرایة . وفی غیرهما : تصویر .

الموجبة للأمر بها ، فتصوّرها (1) بأجزائها وقیودها لا یوجب اتّصاف شیءٍ منها بجزئیّة المأمور به أو شرطیّته قبل الأمر بها .

فالجزئیّة للمأمور به أو الشرطیّة له إنّما تنتزع لجزئه أو شرطه بملاحظة الأمر به ، بلا حاجةٍ إلی جعلها له ، وبدون الأمر به لا اتّصاف بها أصلاً ، وإن اتّصف بالجزئیّة أو الشرطیّة للمتصوّر أو لذی المصلحة ، کما لا یخفی .

3 - ما یقبل التشریع أصالةً وتبعاً

صوت

[*حیدری فسایی]

وأمّا النحو الثالث: فهو کالحجّیّة والقضاء (2) والولایة والنیابة والحرّیّة والرقّیّة والزوجیّة والملکیّة ... إلی غیر ذلک ؛ حیث إنّها وإن کان من الممکن انتزاعُها من الأحکام التکلیفیّة الّتی تکون فی مواردها - کما قیل (3) - ومِن جَعْلها بإنشاء أنفسها ، إلّاأ نّه لا یکاد یشکّ فی صحّة انتزاعها من مجرّد جعله - تعالی - ، أو مَنْ بیده الأمر من قِبَله - جلَّ وعلا - لها بإنشائها ، بحیث یترتّب علیها آثارها ، کما تشهد به ضرورةُ صحّة انتزاع الملکیّة والزوجیّة والطلاق والعتاق ، بمجرّد العقد أو الإیقاع ممّن بیده الاختیار ، بلا ملاحظة التکالیف والآثار . ولو کانت منتزعةً عنها لما کاد یصحُّ اعتبارها إلّابملاحظتها ، وللَزم أن لا یقع ما قُصد ، ووَقَع ما لم یُقصد .

کما لا ینبغی أن یشکّ فی عدم صحّة انتزاعها عن مجرّد التکلیف فی موردها (4) ، فلا ینتزع الملکیّة عن إباحة التصرّفات ، ولا الزوجیّة من

[شماره صفحه واقعی : 225]

ص: 374


1- فی « ر » : فتصویرها .
2- أثبتنا الکلمة من « ر » ، وفی غیرها : القضاوة .
3- إشارة إلی ما اختاره الشیخ الأعظم ونسبه إلی المشهور من أنّ الخطاب الوضعی مرجعه إلی الخطاب الشرعی . راجع فرائد الأُصول 3 : 126 .
4- الأولی أن یقال : فی مواردها . ( منته الدرایة 7 : 285 ) .

جواز الوطء ، وهکذا سائر الاعتبارات فی أبواب العقود والإیقاعات .

فانقدح بذلک : أنّ مثل هذه الاعتبارات إنّما تکون مجعولةً بنفسها ، یصحّ انتزاعها بمجرّد إنشائها کالتکلیف ، لا مجعولةً بتبعه ومنتزعةً عنه .

إشکال : الملکیّة من المقولات المتأصّلة فکیف تکون من الوضعیّات ؟

وهمٌ ودفعٌ

صوت

[*حیدری فسایی]

أمّا الوهم فهو: أنّ الملکیّة کیف جُعلت من الاعتبارات الحاصلة بمجرّد الجعل والإنشاء الّتی تکون من خارج المحمول (1) ، حیث لیس بحذائها فی الخارج شیءٌ ، وهی إحدی المقولات المحمولات بالضمیمة الّتی لا تکاد تکون بهذا السبب ، بل بأسباب اخر کالتعمّم والتقمّص والتنعّل ، فالحالة الحاصلة منها للإنسان هو الملک ، وأین هذه من الاعتبار الحاصل بمجرّد إنشائه ؟

الجواب : الملکیّة مشترک لفظی وأمّا الدفع فهو: أنّ الملک یقال بالاشتراک علی ذلک - ویسمّیٰ بالجدة أیضاً - وعلی (2) اختصاصِ شیءٍ بشیءٍ (3) خاصٍّ ، وهو ناشیءٌ :

إمّا من جهة إسناد وجوده إلیه ، ککون العالَم ملکاً للباریء - جلَّ ذکره - .

أو من جهة الاستعمال والتصرّف فیه ، ککون الفَرَس لزید برکوبه له (4) وسائر تصرّفاته فیه .

أو من جهة إنشائه والعقد مع مَن اختیارُه بیده ، کملک الأراضی والعِقار

[شماره صفحه واقعی : 226]

ص: 375


1- سبق أنّ الأوفق بمعنی الإصطلاح : الخارج المحمول .
2- أثبتنا « علی » من « ر » ومنته الدرایة . ولا توجد فی غیرهما .
3- فی « ر » : لشیء .
4- الأولی : تبدیله ب « علیه » . ( منته الدرایة 7 : 289 ) .

البعیدة للمشتری بمجرّد عقد البیع شرعاً وعرفاً .

فالمِلکُ الذی یسمّی بالجدة أیضاً غیرُ الملک الّذی هو اختصاص خاصّ ناشیء من سبب اختیاریّ کالعقد ، أو غیر اختیاریّ کالإرث ، ونحوهما من الأسباب الاختیاریّة وغیرها .

فالتوهّم إنّما نشأ من إطلاق المِلک علی مقولة الجدة أیضاً ، والغفلةِ عن أ نّه بالاشتراک بینه (1) وبین الاختصاص الخاصّ والإضافة (2) الخاصّة الإشراقیّة ، کملکه - تعالی - للعالَم ، أو المقولیّةِ (3) ، کملک غیره لشیءٍ بسببٍ ، من تصرّفٍ واستعمالٍ أو إرث أو عقد أو غیرها (4) من الأعمال ، فیکون شیءٌ ملکاً لأحدٍ بمعنی ، ولآخر بالمعنی الآخر ، فتدبّر .

حکم الاستصحاب بالنسبة إلی أقسام الحکم الوضعی

صوت

[*حیدری فسایی]

إذا عرفت اختلاف الوضع فی الجعل ، فقد عرفت أ نّه لا مجال لاستصحاب دَخْلِ ما لَه الدخلُ فی التکلیف ، إذا شکّ فی بقائه علی ما کان علیه من الدخل ؛ لعدم کونه حکماً شرعیّاً ، ولا یترتّب علیه أثر شرعیّ ، والتکلیفُ وإن کان مترتّباً علیه (5) ، إلّاأ نّه لیس بترتّب شرعیّ ، فافهم .

[شماره صفحه واقعی : 227]

ص: 376


1- الأولی أن یقال : « بینها » ؛ لرجوع الضمیر إلی مقولة الجدة حقیقة . ( منته الدرایة 7 : 291 ) .
2- حقّ العبارة أن تکون هکذا : « وبین الاختصاص الخاص الناشیء من الاضافة الإشراقیة ... أو المقولیة » ؛ إذ ما ذکره هنا خلاصة لما بیّنه بقوله : وعلی اختصاص شیء بشیء ، وهو ناشیء من ... . راجع منته الدرایة 7 : 291 .
3- الصواب أن یقال : « أو الاعتباریة » بدل : « أو المقولیّة » . ( نهایة الدرایة 2 : 190 ) .
4- أدرجنا ما فی « ن » ، وفی الأصل وأکثر الطبعات : وغیرهما .
5- فی العبارة مسامحة ؛ إذ الکلام فی استصحاب الشرطیّة والدخل ، لا فی ذات الشرط وما له الدخل ، والأثر الشرعی مترتّب علی الثانی ، دون الأول ، إلّاأنّ غرضه هو الثانی ، وهو واضح . ( نهایة الدرایة 5 : 125 ) .

وأ نّه لا إشکال فی جریان الاستصحاب فی الوضع المستقلّ بالجعل ؛ حیث إنّه کالتکلیف .

وکذا ما کان مجعولاً بالتبع ؛ فإنّ أمر وضعه ورفعه بید الشارع ولو بتبع منشأ انتزاعه . وعدم تسمیته حکماً شرعیّاً - لو سُلّم - غیرُ ضائر ، بعدَ کونه ممّا تناله ید التصرّف شرعاً .

نعم ، لا مجال لاستصحابه ؛ لاستصحاب سببه ومنشأ انتزاعه ، فافهم .

[شماره صفحه واقعی : 228]

ص: 377

ثمّ إنّ هاهنا تنبیهات

تنبیهات الاستصحاب :
اشارة
التنبیه الأول : اعتبار فعلیّة الشک والیقین

الأوّل : انّه یعتبر فی الاستصحاب فعلیّة الشکّ والیقین ، فلا استصحاب مع الغفلة ؛ لعدم الشکّ فعلاً ، ولو فرض أ نّه یشکّ لو التفت ؛ ضرورة أنّ الاستصحاب وظیفة الشاکّ ، ولا شکّ مع الغفلة أصلاً .

فیحکم بصحّة صلاة من أحدث ، ثمّ غفل وصلّیٰ ، ثمّ شکّ فی أ نّه تطهّر قبل الصلاة ؛ لقاعدة الفراغ . بخلاف من التفت قبلها وشکّ ، ثمّ غفل وصلّی ، فیحکم بفساد صلاته فی ما إذا قطع بعدم تطهیره بعد الشکّ ؛ لکونه محدثاً قبلها بحکم الاستصحاب ، مع القطع بعدم رفع حدثه الاستصحابیّ (1) .

لا یقال: نعم ، ولکنّ استصحاب الحدث فی حال الصلاة بعد ما التفت بعدها یقتضی أیضاً فسادها .

فإنّه یقال: نعم ، لولا قاعدة الفراغ المقتضیةُ لصحّتها ، المقدّمةُ علی أصالة فسادها (2) .

التنبیه الثانی : دفع الإشکال عن الاستصحاب فی مؤدّی الأمارات

صوت

[*حیدری فسایی]

الثانی: انّه هل یکفی فی صحّة الاستصحاب الشکُّ فی بقاء شیءٍ علی

[شماره صفحه واقعی : 229]

ص: 378


1- الظاهر : الإستغناء عن هذه الجملة بقوله : « فی ما إذا قطع بعدم تطهیره بعد الشک » ؛ لأنّه عبارة أُخری عن القطع ببقاء حدثه الاستصحابی . ( منته الدرایة 7 : 308 ) .
2- الأولی أن یقال : « المقدّمة علی استصحاب الحدث المقتضی لفسادها » ؛ إذ لم یُعهد إطلاق أصالة الفساد فی العبادات . ( منته الدرایة 7 : 309 ) .

تقدیر ثبوته ، وإن لم یُحرز ثبوتُه ، فی ما رتّب علیه أثر شرعاً أو عقلاً ؟ إشکالٌ:

من عدم إحراز الثبوت ، فلا یقین ، ولابدّ منه ، بل ولا شکّ ، فإنّه علی تقدیرٍ لم یثبت .

ومن أنّ اعتبار الیقین إنّما هو لأجل أنّ التعبّد والتنزیل شرعاً انّما هو فی البقاء ، لا فی الحدوث ، فیکفی الشکّ فیه علی تقدیر الثبوت ، فیتعبّد به علی هذا التقدیر ، فیترتّب علیه الأثر فعلاً فی ما کان هناک أثر ، وهذا هو الأظهر .

[*حیدری فسایی]

وبه یمکن أن یُذبَّ عمّا فی (1) استصحاب الأحکام الّتی قامت الأمارات المعتبرة علی مجرّد ثبوتها ، وقد شُکّ فی بقائها علی تقدیر ثبوتها ، من الإشکال بأ نّه لا یقینَ بالحکم الواقعیّ ، ولا یکون هناک حکم آخر فعلیٌّ ، بناءً علی ما هو التحقیق (2)* من : أنّ قضیّة حجّیّة الأمارة لیست إلّاتنجّز التکالیف مع الإصابة ، والعذر مع المخالفة - کما هو قضیّة الحجّة المعتبرة عقلاً ، کالقطع والظنّ فی حال الانسداد علی الحکومة - ، لا إنشاء أحکام فعلیّة شرعیّة ظاهریّة ، کما هو ظاهر الأصحاب .

[شماره صفحه واقعی : 230]

ص: 379


1- الصواب : إبداله ب « ویمکن أن یذبّ ما فی ... » ، وقد سبق نظیره .
2- (*) وأمّا بناءً علی ما هو المشهور من کون مؤدّیات الأمارات أحکاماً ظاهریّة شرعیّة - کما اشتهر أنّ ظنیّة الطریق لا تنافی قطعیّة الحکم - فالاستصحاب جارٍ ؛ لأنّ الحکم الّذی أدّت إلیه الأمارة محتمل البقاء ؛ لإمکان إصابتها الواقع ، وکان ممّا یبقی . والقطع بعدم فعلیّته حینئذٍ مع احتمال بقائه - لکونها بسبب دلالة الأمارة ، والمفروض عدم دلالتها إلّاعلی ثبوته لا علی بقائه - غیرُ ضائر بفعلیّته الناشئة باستصحابه ، فلا تغفل ، منه قدس سره .

ووجه الذبّ بذلک: أنّ الحکم الواقعیّ الّذی هو مؤدّی الطریق حینئذٍ محکومٌ بالبقاء ، فتکون الحجّة علی ثبوته حجّةً علی بقائه تعبّداً ؛ للملازمة بینه وبین ثبوته واقعاً .

إن قلت: کیف ؟ وقد اخِذَ الیقینُ بالشیء فی التعبّد ببقائه فی الأخبار ، ولایقینَ فی فرض تقدیر الثبوت .

قلتُ: نعم ، ولکنّ الظاهر أ نّه اخِذَ کشفاً عنه ومرآةً لثبوته ، لیکون التعبّدُ فی بقائه ، والتعبّد مع فرض ثبوته إنّما یکون فی بقائه ، فافهم .

التنبیه الثالث :استصحاب الکلّی

الثالث:

انّه لا فرق فی المتیقّن السابق بین أن یکون خصوص أحد الأحکام ، أو ما یشترک بین الاثنین منها ، أو الأزیدِ من أمر عامّ .

القسم الأول و جریان الاستصحاب فیه فإن کان الشکُّ فی بقاء ذاک العامّ من جهة الشکّ فی بقاء الخاصّ - الّذی کان فی ضمنه - وارتفاعِه ، کان استصحابه کاستصحابه بلا کلام .

القسم الثانی و جریان الاستصحاب فیه وإن کان الشکُّ فیه من جهة تردّد الخاصّ - الّذی فی ضمنه - بین ما هو باقٍ أو مرتفعٌ قطعاً ، فکذا لا إشکالَ فی استصحابه ، فیترتّب علیه کافّةُ ما یترتّب علیه عقلاً أو شرعاً من أحکامه ولوازمه .

الإشکال علی جریان الاستصحاب فی القسم الثانی والجواب عنه وتردُّدُ ذاک الخاصّ - الّذی یکون الکلّیّ موجوداً فی ضمنه ، ویکون وجوده بعین وجوده - بین متیقّن الارتفاع ومشکوکِ الحدوث المحکومِ بعدم حدوثه (1) ، غیرُ ضائر باستصحاب الکلّیّ المتحقّق فی ضمنه ، مع عدم إخلاله بالیقین والشکّ فی حدوثه وبقائه . وإنّما کان التردّد بین الفردین ضائراً

[شماره صفحه واقعی : 231]

ص: 380


1- هذا الإشکال ذکره الشیخ الأعظم فی فرائده 3 : 192 وأجاب عنه .

باستصحاب أحد الخاصّین - الّلذین کان أمره مردّداً بینهما - ؛ لإخلاله بالیقین الّذی هو أحد رکنی الاستصحاب ، کما لا یخفی .

نعم ، یجب رعایة التکالیف المعلومة إجمالاً المترتّبة علی الخاصّین ، فی ما علم تکلیف فی البین .

إشکالٌ آخر علی استصحاب القسم الثانی والجواب عنه

صوت

[*حیدری فسایی]

وتوهّم : کون الشکّ فی بقاء الکلّیّ - الّذی فی ضمن ذاک المردّد - مسبّباً عن الشکّ فی حدوث الخاصّ المشکوک حدوثُه ، المحکومِ بعدم الحدوث بأصالة عدمه (1) .

فاسدٌ قطعاً ؛ لعدم کون بقائه وارتفاعه من لوازم حدوثه وعدم حدوثه ، بل من لوازم کون الحادث المتیقّن ذاک المتیقّن الارتفاع أو البقاء .

مع أنّ بقاء القدر المشترک إنّما هو بعین بقاء الخاصّ الّذی فی ضمنه ، لا أ نّه من لوازمه .

علی أ نّه لو سلّم أ نّه من لوازم حدوث المشکوک ، فلا شبهة فی کون اللزوم عقلیّاً ، ولا یکاد (2) یترتّب بأصالة عدم الحدوث إلّاما هو من لوازمه وأحکامه شرعاً .

القسم الثالث وعدم جریان الاستصحاب فیه وأمّا إذا کان الشکُّ فی بقائه من جهة الشکّ فی قیامِ خاصٍّ آخر فی مقام ذاک الخاصّ - الّذی کان فی ضمنه - بعد القطع بارتفاعه ، ففی استصحابه إشکالٌ ، أظهرُه عدم جریانه (3) ؛ فإنّ وجود الطبیعیّ وإن کان بوجود فرده ، إلّا

[شماره صفحه واقعی : 232]

ص: 381


1- هذا الإیراد وجوابه الأوّل أیضاً مذکوران فی فرائد الأُصول 3 : 193 .
2- فی الأصل : فلا یکاد . وفی طبعاته کما أثبتناه .
3- تعریض بما قوّاه الشیخ الأعظم من جریان الاستصحاب فی هذه الصورة من القسم الثالث . انظر فرائد الأُصول 3 : 196 .

أنّ وجودَه فی ضمن المتعدّد من أفراده لیس من نحو وجودٍ واحد له ، بل متعدّدٍ حسَبَ تعدُّدِها ، فلو قَطع بارتفاع ما عُلم وجوده منها لقَطَع بارتفاع وجوده (1) ، وإن شکّ فی وجود فردٍ آخر مقارنٍ لوجود ذاک الفرد ، أو لارتفاعه بنفسه أو بملاکه ، کما إذا شکّ فی الاستحباب بعد القطع بارتفاع الإیجاب بملاکٍ مقارن أو حادث .

شبهة جریان الاستصحاب فی بعض موارد القسم الثالث

لا یقال: الأمر وإن کان کما ذُکر ، إلّاأ نّه حیث کان التفاوت بین الإیجاب والاستحباب - وهکذا بین الکراهة والحرمة - لیس إلّابشدّة الطلب بینهما وضعفه ، کان تبدّلُ أحدهما بالآخر - مع عدم تخلّل العدم - غیرَ موجبٍ لتعدّد وجود الطبیعیّ بینهما ؛ لمساوقة الاتّصال مع الوحدة ، فالشکّ فی التبدّل حقیقةً شکٌّ فی بقاء الطلب وارتفاعه ، لا فی حدوث وجودٍ آخر .

الجواب عن الشبهة

فإنّه یقال: الأمر وإن کان کذلک ، إلّاأنّ العرف حیث یری الإیجابَ والاستحباب المتبادلین فردَیْن متباینَیْن ، لا واحداً (2) مختلفَ الوصف فی زمانین ، لم یکن مجالٌ للاستصحاب ؛ لما مرّت الإشارة إلیه ویأتی (3) من أنّ قضیّة إطلاق

[شماره صفحه واقعی : 233]

ص: 382


1- فی منته الدرایة : وجوده منها .
2- فی « ر » ، « ق » ، « ش » ، حقائق الأُصول ومنته الدرایة : « لا واحدٌ » . وفی الأصل و « ن » مثل ما أثبتناه . راجع منته الدرایة 7 : 364 .
3- مرّت الإشارة إلیه فی بدایة الاستصحاب إذ قال فی الصفحة : 201 : إلّاأ نّه لمّا کان الاتحاد بحسب نظر العرف کافیاً فی تحقّقه ... کان جریان الاستصحاب فی الأحکام الشرعیة ... بمکانٍ من الإمکان . وسیأتی شرحه فی تتمّة الاستصحاب فی الصفحة : 265 عند قوله : فالتحقیق أن یقال : إنّ قضیّة إطلاق خطاب « لا تنقض » هو أن یکون بلحاظ الموضوع العرفی .

أخبار الباب : أنّ العبرة فیه بما یکون رفع الید عنه مع الشکّ بنظر العرف نقضاً ، وإن لم یکن بنقضٍ بحسب الدقّة ، ولذا لو انعکس الأمر ولم یکن نقضٌ عرفاً ، لم یکن الاستصحاب جاریاً وإن کان هناک نقضٌ عقلاً .

وممّا ذکرنا فی المقام یظهر أیضاً حال الاستصحاب فی متعلّقات الأحکام فی الشبهات الحکمیّة والموضوعیّة ، فلا تغفل .

التنبیه الرابع : الاستصحاب فی التدریجیّات
اشارة

صوت

[*حیدری فسایی]

الرابع: انّه لا فرق فی المتیقّن بین أن یکون من الأُمور القارّة أو التدریجیّة غیر القارّة ؛ فإنّ الأُمور غیرَ القارّة وإن کان وجودها ینصرم ، ولا یتحقّق منه جزءٌ إلّا بعدَ ما انصرم منه جزءٌ وانعدم ، إلّاأ نّه ما لم یتخلّل فی البین العدم - بل وإن تخلّل بما لا یخلّ بالاتّصال عرفاً ، وإن انفصل حقیقةً - کانت باقیة مطلقاً أو عرفاً ، ویکون رفعُ الید عنها مع الشکّ فی استمرارها وانقطاعها نقضاً ، ولا یعتبر فی الاستصحاب - بحسب تعریفه وأخبار الباب وغیرها من أدلّته - غیرُ صدْقِ النقض والبقاء کذلک قطعاً ، هذا .

مع أنّ الانصرامَ والتدرّج فی الوجود فی الحرکة - فی الأین وغیره - إنّما هو فی الحرکة القطعیّة ، وهی: «کون الشیء فی کلّ آنٍ فی حدٍّ أو مکان» (1) ، لا التوسّطیّة ، وهی: «کونه بین المبدأ والمنتهٰ» ؛ فإنّه بهذا المعنیٰ یکون قارّاً مستمرّاً (1) .

[شماره صفحه واقعی : 234]

ص: 383


1- فی « ر » : وهی کون الأوّل فی حدّ أو مکان آخر فی الآن الثانی . ولا یخفی أنّ ما ذکره هنا فی تعریف الحرکة القطعیة هو تعریف مطلق الحرکة ، لا القطعیة منها . راجع کفایة الأُصول مع حاشیة المشکینی 4 : 513 ونهایة الدرایة 5 : 155 ومنته الدرایة 8 : 465 فقد جاء فی تعریف قسمی الحرکة : أنّ الحرکة التوسطیة هی کون الشیء بین المبدء والمنته ، بحیث أیّ حدّ من حدود المسافة فُرض ، لا یکون هو قبل آنِ الوصول إلیه ولا بعده حاصلاً فیه ، وهی حالة بسیطة ثابتة غیر منقسمة . والحرکة القطعیّة هی کون الشیء بین المبدء والمنته ، بحیث له نسبة إلی حدود المسافة المفروضة ، من حدّ یترکه ومن حدّ یستقبله ، ولازم ذلک : الإنقسام إلی الأجزاء والانصرام والتقضّی تدریجاً وعدم اجتماع الأجزاء فی الوجود . راجع شرح المنظومة للسبزواری ( قسم الفلسفة ) : 240 - 241 ، ونهایة الحکمة : 255 - 256 .
أقسام الأُمور التدریجیة وحکم استصحابها :

1 - الزمان فانقدح بذلک أ نّه : لا مجال للإشکال فی استصحاب مثل اللیل أو النهار وترتیب ما لهما من الآثار .

2 - الزمانیّات وکذا کلّما إذا (1) کان الشکّ فی الأمر التدریجیّ من جهة الشکّ فی انتهاء حرکته ووصوله إلی المنته ، أو أ نّه بعْدُ فی البین .

وأمّا إذا کان من جهة الشکّ فی کمیّته ومقداره - کما فی نبْع الماء وجریانه ، وخروجِ الدم وسیلانه ، فی ما کان سبب الشکّ فی الجریان والسیلان ، الشکَّ فی أ نّه بقی فی المنبع والرحم فعلاً شیءٌ من الماء والدم غیر ما سال وجری منهما - .

فربما یشکل فی استصحابهما حینئذٍ ؛

[*حیدری فسایی]

فإنّ الشکّ لیس فی بقاء جریان شخص ما کان جاریاً ، بل فی حدوث جریان جزءٍ آخر شُکَّ فی جریانه من جهة الشکّ فی حدوثه .

ولکنّه ینحلّ (2) بأ نّه لا یختلّ به ما هو الملاک فی الاستصحاب ، بحسب

[شماره صفحه واقعی : 235]

ص: 384


1- الظاهر : أنّ « إذا » مستدرکة .
2- أثبتنا ما فی الأصل و « ر » ، وفی سائر الطبعات : یتخیّل .

تعریفه ودلیله حَسَبما عرفت (1) .

ثمّ إنّه لا یخفیٰ : أنّ استصحاب بقاء الأمر التدریجیّ إمّا یکون من قبیل استصحاب الشخص ، أو من قبیل استصحاب الکلّیّ بأقسامه (2) :

فإذا شکّ فی أنّ السورة المعلومة الّتی شرع فیها تمّت ، أو بقی شیءٌ منها ، صحّ فیه استصحابُ الشخص والکلّیّ .

وإذا شکّ فیه من جهة تردُّدها بین القصیرة والطویلة کان من القسم الثانی .

وإذا شکّ فی أ نّه شرع فی اخریٰ مع القطع بأ نّه قد تمّت الاُولی ، کان من القسم الثالث ، کما لا یخفی .

هذا فی الزمان ونحوه من سائر التدریجیّات .

3 - الفعل المقیّد بالزمان وحکم أقسام الشک فیه :

وأمّا الفعل المقیّد بالزمان:

فتارةً : یکون الشکّ فی حکمه من جهة الشکّ فی بقاء قیده .

وطوراً : مع القطع بانقطاعه وانتفائه من جهةٍ أُخری ، کما إذا احتمل أن یکون التقیید (3) به إنّما هو بلحاظ تمام المطلوب ، لا أصله .

[شماره صفحه واقعی : 236]

ص: 385


1- فی بدایة الأمر الرابع ، فی الصفحة : 234 ، إذ قال : إلّاأ نّه ما لم یتخلّل فی البین العدم ... کانت باقیة مطلقاً أو عرفاً .
2- الظاهر : أ نّه تضعیف لما استظهره الشیخ قدس سره من کون استصحاب الأُمور التدریجیة من قبیل القسم الأول من استصحاب الکلّی . راجع فرائد الأُصول 3 : 206 .
3- أدرجنا ما هو المحتمل قویاً من الأصل . وفی الطبعات : « التعبّد » . قال فی منته الدرایة 7 : 415 : الأولی : تبدیل « التعبد » ب « التقیید » ؛ لکون الکلام فی الفعل المقید بالزمان ، خصوصاً بقرینة قوله بعد أسطر : « ظرفاً لثبوته ، لا قیداً مقوّماً » مع أنّ دخل القید فی المصلحة تکوینی لا تشریعی . یراجع أیضاً : حقائق الأُصول 2 : 463 .

أ - جریان الاستصحاب فی صورة الشک فی الحکم من جهة

الشک فی بقاء قیده فإن کان من جهة الشکّ فی بقاء القید ، فلابأس باستصحاب قیده من الزمان (1) ، کالنهار الّذی قُیِّد به الصومُ - مثلاً - ، فیترتّب علیه وجوبُ الإمساک وعدمُ جواز الإفطار ما لم یقطع بزواله .

کما لا بأس باستصحاب نفس المقیّد (2) ، فیقال: إنّ الإمساک کان قبل هذا الآن فی النهار ، والآنَ کما کان ، فیجب ، فتأمّل .

ب - عدم جریان الاستصحاب فی صورة الشک فی الحکم من جهة احتمال کون الزمان قیداً له علی نحو وحدة المطلوب وإن کان من الجهة الاُخریٰ ، فلا مجال إلّالاستصحاب الحکم فی خصوص ما لم یؤخذ الزمان فیه إلّاظرفاً لثبوته (3) ، لا قیداً مقوّماً لموضوعه ، وإلّا فلا مجال إلّا لاستصحاب عدمه فی ما بعد ذاک الزمان ؛ فإنّه غیرُ ما علم ثبوته له ، فیکون الشکُّ فی ثبوته له أیضاً شکّاً فی أصل ثبوته بعد القطع بعدمه ، لا فی بقائه .

الاشکال علی التفصیل والجواب عنه

صوت

[*حیدری فسایی]

لا یقال: إنّ الزمان لا محالة یکون من قیود الموضوع ، وإن اخِذَ ظرفاً لثبوت الحکم فی دلیله ؛ ضرورة دخل مثل الزمان فی ما هو المناط لثبوته ، فلا مجال إلّالاستصحاب عدمه .

فإنّه یقال: نعم ، لوکانت العبرة فی تعیین الموضوع بالدقّة ونظر العقل ، وأمّا إذا کانت العبرة بنظر العرف ، فلا شبهة فی أنّ الفعل - بهذا النظر - موضوع واحد فی الزمانین ، قُطِع بثبوت الحکم له فی الزمان الأوّل ، وشُکَّ فی بقاء هذا الحکم له وارتفاعه فی الزمان الثانی ، فلا یکون مجال إلّالاستصحاب ثبوته .

[شماره صفحه واقعی : 237]

ص: 386


1- خلافاً للشیخ الأعظم الأنصاری ، حیث لم یُجر إلّااستصحاب الحکم المترتّب علی الزمان . انظر فرائد الأُصول 3 : 205 .
2- الظاهر أنّ أصل العبارة : نفس التقیید . ( حقائق الأُصول 2 : 463 ) .
3- لا یخفی : أنّ جعل ما أُخذ الزمان فیه ظرفاً لثبوت الحکم من أقسام المقیّد بالزمان لا یخلو من مسامحة ( حقائق الأُصول 2 : 464 ) .

شبهة تعارض الاستصحابین فی الصورة الأُولی والجواب عنها لا یقال: فاستصحاب کلّ واحد من الثبوت والعدم یجری ؛ لثبوت کلا النظرین ، ویقع التعارض بین الاستصحابین ، کما قیل (1) .

فإنّه یقال: إنّما یکون ذلک لو کان فی الدلیل ما بمفهومه یعمّ النظرین ، وإلّا فلا یکاد یصحّ إلّاإذا سیق بأحدهما ؛ لعدم إمکان الجمع بینهما ؛ لکمال المنافاة بینهما ، ولا یکون فی أخبار الباب ما بمفهومه یعمّهما ، فلا یکون هناک إلّا استصحاب واحد ، وهو استصحاب الثبوت فی ما إذا اخِذَ الزمانُ ظرفاً ، واستصحابُ العدم فی ما إذا اخِذَ قیداً ؛ لما عرفت من أنّ العبرة فی هذا الباب بالنظر العرفیّ .

ولا شبهة فی أنّ الفعل - فی ما بعد ذاک الوقت مع قبله (2) - متّحدٌ فی الأوّل ، ومتعدّدٌ فی الثانی بحسبه ؛ ضرورةَ أنّ الفعل المقیّد بزمان خاصّ غیرُ الفعل فی زمان آخر ، ولو بالنظر المسامحیّ العرفیّ .

- جریان لاستصحاب فی ما إذا کان الزمان قیداً للحکم بنحو تعدّد المطلوب

[*حیدری فسایی]

نعم ، لا یبعد أن یکون بحسبه أیضاً متّحداً فی ما إذا کان الشکّ فی بقاء حکمه ، من جهة الشکّ فی أ نّه بنحو التعدّد المطلوبیّ ، وأنّ حکمه - بتلک المرتبة الّتی کان (3) مع ذاک الوقت - وإن لم یکن باقیاً بعده قطعاً ، إلّاأ نّه یحتمل بقاؤه بما دون تلک المرتبة من مراتبه ، فیستصحب ، فتأمّل جیّداً .

[شماره صفحه واقعی : 238]

ص: 387


1- قاله المحقّق النراقی فی مناهج الأُصول والأحکام : 237 ، وحکاه عنه الشیخ الأعظم فی فرائد الأُصول 3 : 208 - 209 .
2- أثبتنا ما فی « ن » ، حقائق الأُصول ومنته الدرایة . وفی الأصل وبعض الطبعات « معه قبله » ، وفی حقائق الأُصول 2 : 465 : الظاهر أنّ أصل العبارة : مع ما قبله .
3- الظاهر : أنّ الصواب : « کانت » بدل « کان » ؛ لکونه صلة ل « التی » . ( منته الدرایة 7 : 433 ) .

إزاحة وَهْمٍ

شبهة تعمیم التعارض لأمثال المقام والجواب عنها

لا یخفیٰ : أنّ الطهارة الحدثیّة والخبثیّة وما یقابلها تکون (1) ممّا إذا وجدت بأسبابها ، لا یکاد یشکّ فی بقائها إلّامن قِبَل الشکّ فی الرافع لها ، لا من قِبَل الشکّ فی مقدار تأثیر أسبابها ؛ ضرورةَ أ نّها إذا وجدت بها کانت تبقیٰ ما لم یحدث رافعٌ لها ، - کانت من الأُمور الخارجیّة ، أو الأُمور الاعتباریّة الّتی کانت لها آثار شرعیّة - ، فلا أصل لأصالة عدم جعل الوضوء سبباً للطهارة بعد المذی ، أو (2) أصالة عدم جعل الملاقاة سبباً للنجاسة بعد الغسل مرّةً - کما حکی عن بعض الأفاضل (3) - ، ولا یکون هاهنا أصل إلّاأصالة الطهارة أو النجاسة .

التنبیه الخامس: الاستصحاب التعلیقیّ

الخامس:

أ نّه کما لا إشکال فی ما إذا کان المتیقّن حکماً فعلیّاً مطلقاً ، لا ینبغی الإشکال فی ما إذا کان مشروطاً معلّقاً . فلو شُکّ فی موردٍ - لأجل طروء بعض الحالات علیه - فی بقاء أحکامه ، فکما (4) صحّ استصحابُ أحکامه المطلقة ، صحّ استصحابُ أحکامه المعلّقة ؛ لعدم الاختلال بذلک فی ما اعتبر فی قوام الاستصحاب ، من الیقین ثبوتاً والشکّ بقاءً .

الإشکال فی جریان الاستصحاب التعلیقی بعدم المقتضی والجواب عنه

صوت

[*حیدری فسایی]

وتوهّم (5) : أ نّه لا وجود للمعلّق قبلَ وجود ما عُلِّق علیه ، فاختلّ أحد رکنیه .

[شماره صفحه واقعی : 239]

ص: 388


1- فی غیر « ق » : یکون . (2) فی « ق » : و .
2-
3- هو الفاضل النراقی فی مناهج الأُصول والأحکام : 237 .
4- أدرجنا ما فی حقائق الأُصول ومنته الدرایة . وفی غیرهما : ففیما .
5- هذا ما توهّمه السیّد محمد الطباطبائی وفاقاً لما حکاه عن والده السیّد علی الطباطبائی فی الدرس . انظر المناهل : 652 .

فاسدٌ جدّاً (1) ؛ فإنّ المعلَّق قبْلَه إنّما لا یکون موجوداً فعلاً ، لا أ نّه لا یکون موجوداً أصلاً ولو بنحو التعلیق ، کیف ؟ والمفروض أ نّه موردٌ فعلاً للخطاب بالتحریم - مثلاً - أو الإیجاب ، فکان علی یقینٍ منه قبل طروء الحالة ،فیشکّ فیه بعده . ولا یعتبر فی الاستصحاب إلّاالشکّ فی بقاء شیء کان علی یقین من ثبوته . واختلافُ نحو ثبوته لا یکاد یوجب تفاوتاً فی ذلک .

وبالجملة (2): یکون الاستصحابُ متمّماً لدلالة الدلیل علی الحکم فی ما أُهمل أو أُجمل ، - کان الحکم مطلقاً أو معلّقاً - ، فببرکته یعمّ الحکم للحالة الطارئة اللاحقة کالحالة السابقة ، فیحکم مثلاً بأنّ العصیر الزبیبیّ یکونُ علی ماکان علیه سابقاً فی حال عنبیّته ، من أحکامه المطلقة والمعلّقة لو شکّ فیها ،فکما یحکم ببقاء ملکیّته ، یحکم بحرمته علی تقدیر غلیانه .

الإشکال علی الاستصحاب التعلیقی بوجود المانع والجواب عنه

إن قلت: نعم ، ولکنّه لا مجال لاستصحاب المعلّق ؛ لمعارضته باستصحاب ضدّه المطلق ، فیعارَض استصحاب الحرمة المعلّقة للعصیر باستصحاب حلّیّته المطلقة .

قلت: لا یکاد یضرّ استصحابه علی نحوٍ کان قبل عروض الحالة الّتی شکّ فی بقاء الحکم (3) المعلّق بعده ؛ ضرورة أ نّه کان مغیّا بعدم ما عُلّق علیه المعلّق ، وما کان کذلک لا یکاد یضرّ ثبوته بعدَه بالقطع ، فضلاً عن الاستصحاب ؛

[شماره صفحه واقعی : 240]

ص: 389


1- أدرجنا کلمة « جدّاً » من الأصل ، ولا توجد فی طبعاته .
2- الأولی : تبدیل قوله : « وبالجملة » إلی ما یدلّ علی التعلیل ، بأن یقال : « لأنّ الاستصحاب متمّم لدلالة الدلیل علی الحکم ... » وذلک لظهور : « بالجملة » فی کونه خلاصة لما تقدّم ، مع أ نّه لم یسبق منه هذا المطلب حتّی یکون هذا خلاصة له . ( منته الدرایة 8 : 537 ) .
3- أثبتنا ما فی الأصل ، وفی طبعاته : حکم .

لعدم المضادّة بینهما ، فیکونان بعد عروضها بالاستصحاب ، کما کانا معاً بالقطع قبلُ ، بلا منافاة أصلاً ،

[*حیدری فسایی]

وقضیّة ذلک انتفاء الحکم (1) المطلق بمجرّد ثبوت ما علّق علیه المعلّق .

فالغلیانُ فی المثال کما کان شرطاً للحرمة کان غایةً للحلّیّة ، فإذا شُکّ فی حرمته المعلّقة بعد عروض حالة علیه ، شُکَّ فی حلّیّته المغیّاة لا محالة أیضاً ، فیکون الشکّ فی حلّیّته أو حرمته فعلاً بعد عروضها ، متّحداً خارجاً مع الشکّ فی بقائه علی ما کان علیه من الحلّیّة والحرمة بنحوٍ کانتا علیه ، فقضیّةُ استصحاب حرمته المعلّقة بعد عروضها - الملازِم لاستصحاب حلّیّته المغیّاة - حرمتُه فعلاً بعد غلیانه وانتفاءُ حلّیّته ؛ فإنّه قضیّة نحو ثبوتهما ، کان بدلیلهما أو بدلیل الاستصحاب ، کما لا یخفیٰ بأدنی التفات علی ذوی الألباب ، فالتفت ولا تغفل (2)* .

[شماره صفحه واقعی : 241]

ص: 390


1- أدرجنا ما فی الأصل ، وفی طبعاته : حکم .
2- (*) کی لا تقول فی مقام التفصّی عن إشکال المعارضة: إنّ الشکّ فی الحلّیّة فعلاً بعد الغلیان یکون مسبّباً عن الشکّ فی الحرمة المعلّقة1) ، فیشکل بأ نّه لا ترتّب بینهما عقلاً ولا شرعاً ، بل بینهما ملازمة عقلاً ؛ لما عرفت من أنّ الشکّ فی الحلّیّة أو الحرمة الفعلیّتین بعده ، متّحد مع الشکّ فی بقاء حرمته وحلّیّته المعلّقة ، وأنّ قضیّة الاستصحاب حرمته فعلاً وانتفاء حلّیّته بعد غلیانه ؛ فإنّ حرمته کذلک وإن کان لازماً عقلاً لحرمته المعلّقة المستصحبة ، إلّاأ نّه لازم أعمّ لها2) ، کان ثبوتها بخصوص خطاب ، أو عموم دلیل الاستصحاب ، فافهم . ( منه قدس سره ) . -1) هذا ما أفاده الشیخ الأعظم فی مقام التفصّی عن إشکال المعارضة . انظر فرائد الأُصول 3 : 223 . 2) أثبتنا « أعم » من منته الدرایة . وفی « ر » : لازم الأعم . وفی غیرهما : لازم لها .
التنبیه السادس: استصحاب أحکام الشرائع السابقة

السادس: لا فرق أیضاً بین أن یکون المتیقّن من أحکام هذه الشریعة أو الشریعة السابقة ، إذا شکّ فی بقائه وارتفاعه بنسخه فی هذه الشریعة ؛ لعموم أدلّة الاستصحاب ، وفسادِ توهّم (1) اختلال أرکانه فی ما کان المتیقّن من أحکام الشریعة السابقة لا محالة :

الإشکال علی استصحاب الشریعة السابقة إمّا لعدم الیقین بثبوتها فی حقّهم (2) ، وإن علم بثبوتها سابقاً فی حقّ آخرین ، فلا شکّ فی بقائها أیضاً ، بل فی ثبوت مثلها ، کما لا یخفی .

وإمّا للیقین بارتفاعها بنسخ الشریعة السابقة بهذه الشریعة ، فلا شکّ فی بقائها حینئذٍ ، ولو سلّم الیقین بثبوتها فی حقّهم (3) .

الجواب عن الإشکال وذلک لأنّ الحکمَ الثابتَ فی الشریعة السابقة حیث کان ثابتاً لأفراد المکلّف ، کانت محقّقةً وجوداً أو مقدّرةً - کما هو قضیّة القضایا المتعارفة المتداولة ، وهی قضایا حقیقیّة - ، لا خصوص الأفراد الخارجیّة - کما هو قضیّة القضایا الخارجیّة - ، وإلّا لما صحّ الاستصحاب فی الأحکام الثابتة فی هذه الشریعة ، ولا النسخُ بالنسبة إلی غیر الموجود فی زمان ثبوتها ، کان الحکم فی الشریعة السابقة ثابتاً لعامّة أفراد المکلّف ، ممّن وُجد أو یوجد ، وکان الشکّ فیه کالشکّ فی بقاء الحکم الثابت فی هذه الشریعة (4)* لغیر من وجد فی زمان ثبوته .

[شماره صفحه واقعی : 242]

ص: 391


1- هذا ما توهّمه فی الفصول : 315 .
2- فی هامش « ق » و « ش » : فی حقّنا ( نسخة بدل ) . انظر منته الدرایة 8 : 564 .
3- فی هامش « ق » و « ش » : فی حقّنا ( نسخة بدل ) .
4- (*) فی کفایة الیقین بثبوته ، بحیث لو کان باقیاً ولم ینسخ لعمّه ، ضرورة صدق : أ نّه علی یقین منه ، فشکّ فیه بذلک ، ولزوم الیقین بثبوته فی حقّه سابقاً بلا ملزم . وبالجملة: قضیّة دلیل الاستصحاب جریانه لإثبات حکم السابق للّاحق وإسرائه إلیه فی ما کان یعمّه ویشمله ، لولا طروء حالة معها یحتمل نسخه ورفعه ، وکان دلیله قاصراً عن شمولها ، من دون لزوم کونه ثابتاً له قبل طروئها أصلاً ، کما لا یخفی . ( منه قدس سره ) .

صوت

[*حیدری فسایی]

والشریعة السابقة وإن کانت منسوخةً بهذه الشریعة یقیناً ، إلّاأ نّه لا یوجب الیقین بارتفاع أحکامها بتمامها ؛ ضرورةَ أنّ قضیّة نسخ الشریعة لیس ارتفاعَها کذلک ، بل عدَمُ بقائها بتمامها (1) .

إشکالٌ آخر علی استصحاب الشریعة السابقة والجواب عنه

والعلمُ إجمالاً بارتفاع بعضها إنّما یمنعُ عن استصحاب ما شکّ فی بقائه منها ، فی ما إذا کان من أطراف ما علم ارتفاعه إجمالاً ، لا فی ما إذا لم یکن من أطرافه (2) ، کما إذا علم بمقداره تفصیلاً ، أو فی موارد لیس المشکوک منها ، وقد علم بارتفاع ما فی موارد الأحکام الثابتة فی هذه الشریعة .

توجیه الجواب الثانی للشیخ الأعظم عن إشکال تغایر الموضوع

ثمّ لا یخفیٰ : أ نّه یمکنُ إرجاع ما أفاده شیخنا العلّامة - أعلی اللّٰه فی الجنان مقامه - فی الذبّ عن إشکال (3) تغایُرِ الموضوع فی هذا الاستصحاب - من الوجه الثانی - إلی ما ذکرنا ، لا ما یوهمه ظاهر کلامه (4) من : أنّ الحکم ثابتٌ للکلّیّ ، کما أنّ الملکیّة له فی مثل باب الزکاة والوقف العامّ ، حیث لا مدخل للأشخاص فیها ؛ ضرورة أنّ التکلیف والبعث أو الزجر لا یکاد یتعلّقُ به کذلک ، بل لابدّ من تعلّقه بالأشخاص ، وکذلک الثواب أو العقاب

[شماره صفحه واقعی : 243]

ص: 392


1- هذا ما أجاب به الشیخ الأعظم عن الشقّ الثانی للإشکال . راجع فرائد الأُصول 3 : 227 .
2- حقّ العبارة أن تکون هکذا : « لا فی ما إذا خرج من أطرافه » . انظر منته الدرایة 7 : 493 .
3- الصواب : « فی ذبّ إشکال » .
4- راجع فرائد الأُصول 3 : 226 .

المترتّب علی الطاعة أو المعصیة ، وکأنّ غرضه من عدم دخل الأشخاص :

عدم دخل (1) أشخاص خاصّة . فافهم .

المناقشة فی الجواب الأول للشیخ وأمّا ما أفاده من الوجه الأوّل (2) ، فهو وإن کان وجیهاً بالنسبة إلی جریان الاستصحاب فی حقّ خصوص المدرک للشریعتین ، إلّاأ نّه غیر مجدٍ فی حقّ غیره من المعدومین . ولایکاد یتمّ الحکم فیهم بضرورة اشتراک أهل الشریعة الواحدة أیضاً ؛

[*حیدری فسایی]

ضرورة أنّ قضیّة الاشتراک لیس إلّاأنّ الاستصحاب حکْمُ کلِّ مَنْ کان علی یقین فشکّ ، لا أ نّه حکْمُ الکلّ ولو مَنْ لم یکن کذلک بلا شکّ ، وهذا واضح .

التنبیه السابع : الأصل المثبت
اشارة

السابع:

مقتضی أخبار الاستصحاب لا شبهة فی أنّ قضیّة أخبار الباب هو إنشاء حکم مماثل للمستصحب فی استصحاب الأحکام ، ولأحکامه فی استصحاب الموضوعات .

کما لا شبهة فی ترتیب ما للحکم المنشأ بالاستصحاب من الآثار الشرعیّة والعقلیّة .

الإشکال فی ترتیب الآثار الشرعیّة الملازمة للمستصحب وإنّما الإشکالُ فی ترتیب الآثار الشرعیّة المترتّبة علی المستصحب بواسطةٍ غیرِ شرعیّة ، - عادیّةً کانت أو عقلیّةً - . ومنشؤه أنّ مفادَ الأخبار :

هل هو تنزیلُ المستصحب والتعبّد به وحْدَه ، بلحاظ خصوص ما له من الأثر بلا واسطة ؟

[شماره صفحه واقعی : 244]

ص: 393


1- أوردنا کلمة « دخل » من « ن » ، « ق » وحقائق الأُصول .
2- بقوله : « أ نّا نفرض الشخص الواحد مُدرکاً للشریعتین ، فإذا حرم فی حقّه شیءٌ سابقاً ، وشکّ فی بقاء الحرمة فی الشریعة اللاحقة فلا مانع عن الاستصحاب أصلاً ؛ فإنّ الشریعة اللاحقة لا تحدث عند انقراض أهل الشریعة الأُولی » . ( فرائد الأُصول 3 : 225 ) .

أو تنزیلهُ بلوازمه العقلیّة أو العادیّة ، کما هو الحال فی تنزیل مؤدّیات الطرق والأمارات ؟

أو بلحاظ مطلق ما له من الأثر ولو بالواسطة ، بناءً علی صحّة التنزیل بلحاظ أثر الواسطة أیضاً (1)* ؛ لأجل أنّ أثر الأثر أثر ؟

وذلک لأنّ مفادها لو کان هو تنزیل الشیء وحده بلحاظ أثر نفسه لم یترتّب علیه ما کان مترتّباً علیها ؛ لعدم إحرازها حقیقةً ولا تعبّداً ، ولا یکون تنزیله بلحاظه (2) ، بخلاف ما لو کان تنزیله بلوازمه ، أو بلحاظ ما یعمّ آثارَها ، فإنّه یترتّب باستصحابه ما کان بوساطتها .

التحقیق فی المسألة : عدم حجّیة الأصل المثبت

صوت

[*حیدری فسایی]

والتحقیق: أنّ الأخبار إنّما تدلُّ علی التعبّد بما کان علی یقینٍ منه فشکّ ، بلحاظ ما لنفسه من آثاره وأحکامه ، ولا دلالة لها بوجهٍ علی تنزیله بلوازمه الّتی لا تکون کذلک - کما هی محلّ ثمرة الخلاف - ، ولا علی تنزیله بلحاظ ما له مطلقاً ولو بالواسطة ؛ فإنّ المتیقّن إنّما هو لحاظ آثار نفسه ، وأمّا آثار لوازمه فلا دلالة هناک علی لحاظها أصلاً ، وما لم یثبت لحاظها بوجهٍ أیضاً لما کان وجهٌ لترتیبها علیه باستصحابه ، کما لا یخفی .

[شماره صفحه واقعی : 245]

ص: 394


1- (*) ولکنّ الوجه عدم صحّة التنزیل بهذا اللحاظ ؛ ضرورة أ نّه ما یکون شرعاً لشیءٍ من الأثر لا دخْلَ له بما یستلزمه عقلاً أو عادة . وحدیث « أثر الأثر أثرٌ » وإن کان صادقاً ، إلّاأ نّه إذا لم یکن الترتّب بین الشیء وأثره ، وبینه وبین مؤثّره مختلفاً ؛ وذلک ضرورة أ نّه لا یکاد یعدّ الأثر الشرعیّ لشیءٍ أثراً شرعیّاً لما یستلزمه عقلاً أو عادة أصلاً ، لا بالنظر الدقیق العقلیّ ، ولا النظر المسامحیّ العرفیّ ، إلّافی ما عدّ أثر الواسطة أثراً لذیها ؛ لخفائها أو لشدّة وضوح الملازمة بینهما ، بحیث عدّا شیئاً واحداً ذا وجهین ، وأثر أحدهما أثر الاثنین ، کما یأتی الإشارة إلیه ، فافهم . ( منه قدس سره ) .
2- حقّ العبارة أن تکون هکذا : ولعدم کون تنزیله بلحاظه . ( منته الدرایة 7 : 521 ) .
موارد الاستثناء من عدم حجّیة الأصل المثبت

نعم ، لا یبعد ترتیب خصوص ما کان منها محسوباً بنظر العرف من آثار نفسه ، لخفاء ما بوساطته ، بدعویٰ : أنّ مفاد الأخبار عرفاً مایعمّه أیضاً حقیقةً (1) ، فافهم .

کما لا یبعد ترتیب ماکان بوساطة ما لا یمکن التفکیک عرفاً بینه وبین المستصحب تنزیلاً ، کما لا تفکیک بینهما واقعاً ، أو بوساطة ما لأجل وضوح لزومه له (2) ، أو ملازمته معه بمثابةٍ عُدّ أثره أثراً لهما (3) ؛ فإنّ عدمَ ترتیب مثل هذا الأثر علیه یکونُ نقضاً لیقینه بالشکّ أیضاً بحسب ما یفهم من النهی عن نقضه عرفاً ، فافهم .

حجّیة مثبتات الأمارات

ثمّ لا یخفیٰ وضوح الفرق بین الاستصحاب وسائر الأُصول التعبّدیّة وبین الطرق والأمارات ؛ فإنّ الطریق أو (4) الأمارة حیث إنّه کما یحکی عن المؤدّیٰ ویشیر إلیه ، کذا یحکی عن أطرافه - من ملزومه و لوازمه وملازماته - ویشیر

[شماره صفحه واقعی : 246]

ص: 395


1- هذا ما استثناه الشیخ الأعظم من الأصل المثبت ، وذکر له بعض الأمثلة الفقهیة . راجع فرائد الأُصول 3 : 244 - 245 .
2- الظاهر : أنّ فی العبارة غلطاً ؛ لأنّ هذین الأمرین لیسا مغایرین مع ما لا یمکن التفکیک ، بل عدم إمکان التفکیک ناشئٌ من الأمرین . ویشهد له کلامه فی الحاشیة ( حاشیة فرائد الأُصول : 212 ) ، وقوله فی آخر العبارة : « إلّافی ما عُدّ أثر الواسطة ... » ، وتصریحه فی أثناء الدرس . وحقّ العبارة هکذا : « لأجل وضوح ... » حتی یکون تعلیلاً لعدم إمکان التفکیک ( کفایة الأُصول مع حاشیة المشکینی 4 : 554 ) .
3- حاصل العبارة : « أو بوساطة واسطةٍ عُدّ أثرها - لأجل وضوح لزومها للمستصحب ، أو ملازمتها معه - أثراً للمستصحب أیضاً » وکلمة « بمثابة » مستغنیً عنها ظاهراً . ( منته الدرایة 7 : 536 ) .
4- فی « ر » ومنته الدرایة : و . وفی الأصل وسائر الطبعات مثل ما أثبتناه .

إلیها ، کان مقتضیٰ إطلاق دلیل اعتبارها لزومَ تصدیقها فی حکایتها ،

[*حیدری فسایی]

وقضیّته حجّیّة المثبت منها ، کما لا یخفیٰ .

بخلاف مثل دلیل الاستصحاب ، فإنّه لابدّ من الاقتصار بما فیه من الدلالة علی التعبّد بثبوته (1) ، ولا دلالة له إلّاعلی التعبّد بثبوت المشکوک بلحاظ أثره حسبما عرفت (2) ، فلا دلالة له علی اعتبار المثبت منه کسائر الأُصول التعبّدیّة ، إلّافی ما عدّ أثر الواسطة أثراً له ، لخفائها ، أو لشدّة وضوحها وجلائها ، حسبما حقّقناه .

التنبیه الثامن : دفع توهّم مثبتیّة الأصل فی موارد ثلاثة :
اشارة

الثامن (3):

المورد الأوّل - استصحاب الفرد لترتیب أثر الطبیعی علیه

انّه لا تفاوت فی الأثر المترتّب علی المستصحب بین أن یکون مترتّباً علیه بلا وساطة شیءٍ ، أو بوساطة عنوانٍ کلّیٍّ ینطبق ویحمل علیه بالحمل الشائع ، ویتّحد معه وجوداً (4) ، کان منتزعاً عن مرتبة ذاته ، أو بملاحظة بعض

[شماره صفحه واقعی : 247]

ص: 396


1- الأولی أن یقال : « بثبوت المشکوک ، ولا دلالة له إلّاعلی التعبّد بثبوته بلحاظ أثره » حتی یکون مرجع ضمیر « بثبوته » مذکوراً فی الکلام . ( منته الدرایة 7 : 545 ) .
2- آنفاً ، فی بدایة تحقیقه فی الأصل المثبت ، حیث قال : والتحقیق : أنّ الأخبار إنّما تدلّ علی التعبّد بما کان علی یقین منه فشکّ بلحاظ ما لنفسه من آثاره .
3- لا یخفی : أنّ ما ذکر فیه من المطالب الثلاثة وکذا ما ذکر فی التاسع والعاشر من فروع التنبیه المتقدّم ، ولا وجه لعقد أُمور ثلاثة زیادة علی السابع ( کفایة الأُصول مع حاشیة المشکینی 4 : 557 ) . ونفی فی منته الدرایة 7 : 585 - 586 أن یکون التنبیه العاشر من ملحقات الأصل المثبت ، فراجع .
4- إشارة إلی دفع ما یظهر من کلام الشیخ الأعظم من عدم الفرق فی مثبتیّة الأصل بین کون اللازم العادی متحد الوجود مع المستصحب ومتغایر الوجود معه . راجع فرائد الأُصول 3 : 235 .

عوارضه ممّا هو خارج المحمول (1) لا بالضمیمة ؛ فإنّ الأثر فی الصورتین إنّما یکون له حقیقةً ، حیث لا یکون بحذاء ذاک الکلّیّ فی الخارج سواه ، لا لغیره ممّا کان مبایناً معه ، أو من أعراضه ممّا کان محمولاً علیه بالضمیمة کسواده مثلاً أو بیاضه ؛ وذلک لأنّ الطبیعیّ إنّما یوجد بعین وجود فرده ، کما أنّ العرضیّ - کالملکیّة والغصبیّة ونحوهما - لا وجودَ له إلّابمعنیٰ وجود منشأ انتزاعه ، فالفرد أو منشأ الانتزاع فی الخارج هو عین ما رتّب علیه الأثر ، لا شیءٌ آخر ، فاستصحابه لترتیبه لا یکون بمثبِت ، کما توهّم (2) .

المورد الثانی -استصحاب الشرط والمانع لترتیب لشرطیّة والمانعیّة

صوت

[*حیدری فسایی]

وکذا لا تفاوت فی الأثر المستصحب أو المترتّب علیه ، بین أن یکون مجعولاً شرعاً بنفسه ، - کالتکلیف وبعض أنحاء الوضع - ، أو بمنشأ انتزاعه ، - کبعض أنحائه ، کالجزئیّة والشرطیّة والمانعیّة - ؛ فإنّه أیضاً ممّا تناله ید الجعل شرعاً ، ویکون أمرُه بیده الشارع وضعاً ورفعاً ، ولو (3) بوضع منشأ انتزاعه ورفعه . ولا وجه لاعتبار أن یکون المترتّب أو المستصحب مجعولاً مستقلاًّ ، کما لا یخفی .

فلیس استصحاب الشرط أو المانع لترتیب الشرطیّة أو المانعیّة بمثبت ، کما ربما توهّم ، بتخیّل أنّ الشرطیّة أو المانعیّة لیست من الآثار الشرعیّة ، بل من الأُمور الانتزاعیّة (4) ، فافهم .

[شماره صفحه واقعی : 248]

ص: 397


1- الصواب : الخارج المحمول ، فالأنسب بالسیاق : مما هو من الخارج المحمول .
2- فی فرائد الأُصول 3 : 235 - 236 .
3- الأولی : اسقاط کلمة « ولو » ؛ لانحصار کیفیة تناول ید التشریع لهذا الأثر بتناولها له . ( منته الدرایة 7 : 569 ) .
4- صرّح بذلک الشیخ الأعظم فی غیر موضع من کتابه . انظر فرائد الأُصول 2 : 333 و 367 و 3 : 127 .
المورد الثالث - استصحاب نفی التکلیف لترتیب آثاره

وکذا لا تفاوتَ فی المستصحب أو المترتّب بین أن یکون ثبوتَ الأثر ووجودَه ، أو نفیَه وعدَمَه ؛ ضرورةَ أنّ أمْرَ نفیه بید الشارع کثبوته .

وعدم إطلاق الحکم علی عدمه غیر ضائر ؛ إذ لیس هناک ما دلّ علی اعتباره بعدَ صِدْق نقض الیقین بالشکّ برفع الید عنه ، کصدقه برفعها من طرف ثبوته ، کما هو واضح .

فلا وجه للإشکال فی الاستدلال علی البراءة باستصحاب البراءة من التکلیف ، وعدمِ المنع عن الفعل بما فی الرسالة من: «أنّ عدمَ استحقاق العقاب فی الآخرة لیس من اللوازم المجعولة الشرعیّة» (1) ؛ فإنّ عدم استحقاق العقوبة وإن کان غیرَ مجعول ، إلّاأ نّه لا حاجة إلی ترتیب أثر مجعول فی استصحاب عدم المنع .

وترتّب عدم الاستحقاق - مع کونه عقلیّاً - علی استصحابه ، إنّما هو لکونه لازم مطلق عدم المنع ولو فی الظاهر ، فتأمّل .

التنبیه التاسع : ترتّب بعض الآثار العقلیّة والعادیّةعلی الأصل

صوت

[*حیدری فسایی]

التاسع: أ نّه لا یذهب علیک : أنّ عدم ترتّب الأثر غیر الشرعیّ ولا الشرعیّ ، بوساطة غیره من العادیّ أو العقلیّ بالاستصحاب ، إنّما هو بالنسبة إلی ما للمستصحب واقعاً ، فلا یکاد یثبت به من آثاره إلّاأثره الشرعیّ الّذی کان له بلا واسطة ، أو بوساطة أثر شرعیّ آخر - حَسَبما عرفت فی ما مرّ (2) - ، لا بالنسبة إلی ما کان للأثر الشرعیّ مطلقاً (3) ، کان بخطاب الاستصحاب ، أو

[شماره صفحه واقعی : 249]

ص: 398


1- فرائد الأُصول 2 : 60 .
2- فی التنبیه السابع .
3- الأنسب : لا بالنسبة إلی ما للمستصحب مطلقاً . ( عنایة الأُصول 5 : 183 ) .

بغیره من أنحاء الخطاب ؛ فإنّ آثاره - شرعیّة کانت أو غیرها - تترتّب علیه إذا ثبت ، ولو بأن یستصحب ، أو کان من آثار المستصحب ؛ وذلک لتحقّق موضوعها حینئذٍ حقیقةً .

فما للوجوب عقلاً یترتّب علی الوجوب الثابت شرعاً باستصحابه أو استصحاب موضوعه ، من وجوب الموافقة وحرمة المخالفة واستحقاق العقوبة ...

إلی غیر ذلک ، کما یترتّب علی الثابت بغیر الاستصحاب ، بلا شبهة ولا ارتیاب ، فلا تغفل .

التنبیه العاشر اعتبار ترتّب الأثرعلی المستصحب بقاءً لا حدوثاً

العاشر:

انّه قد ظهر ممّا مرّ (1) : لزومُ أن یکون المستصحب حکماً شرعیّاً ، أو ذا حکم کذلک . لکنّه لا یخفیٰ : أ نّه لابدّ أن یکون کذلک بقاءً ، ولو لم یکن کذلک ثبوتاً . فلو لم یکن المستصحب فی زمان ثبوته حکماً ، ولا له أثر شرعاً ، وکان فی زمان استصحابه کذلک - أی : حکماً أو ذا حکم - یصحُّ استصحابه ، کما فی استصحاب عدم التکلیف ؛ فإنّه وإن لم یکن بحکم مجعول فی الأزل ولا ذاحکم ، إلّا أ نّه حکم مجعول فی ما لا یزال ؛ لما عرفت (2) من أنّ نفیه - کثبوته فی الحال - مجعول شرعاً .

[*حیدری فسایی]

وکذا استصحاب موضوعٍ لم یکن له حکم ثبوتاً ، أو کان ولم یکن حکمه (3) فعلیّاً ، وله حکم کذلک بقاءً ، وذلک لصدق نقض الیقین بالشکّ علی

[شماره صفحه واقعی : 250]

ص: 399


1- من خلال الأبحاث السابقة .
2- فی التنبیه الثامن ، حیث قال فی الصفحة السابقة : وکذا لا تفاوت فی المستصحب أو المترتّب بین أن یکون ثبوت الأثر ووجوده ، أو نفیه وعدمه ... .
3- الأولی : إسقاط کلمة « حکمه » ؛ للاستغناء عنها ( منته الدرایة 7 : 589 ) .

رفع الید عنه ، والعملِ کما إذا قطع بارتفاعه یقیناً ، ووضوحِ عدم دخل أثر الحالة السابقة ثبوتاً (1) فیه و (2)فی تنزیلها بقاءً .

فتوهّم اعتبار الأثر سابقاً - کما ربما یتوهّمه الغافل من اعتبار کون المستصحب حکماً أو ذا حکم - ، فاسدٌ قطعاً ، فتدبّر جیّداً .

التنبیه الحادی عشر : أصالة تأخّر الحادث
اشارة

الحادی عشر:

لا إشکال فی الاستصحاب فی ما کان الشکّ فی أصل تحقّق حکم أو موضوع .

وأمّا إذا کان الشکّ فی تقدّمه وتأخّره ، بعد القطع بتحقّقه وحدوثه فی زمانٍ:

الشک فی تقدّم الحادث وتأخّره بالاضافة إلی أجزاء الزمان

فإن لوحظ بالإضافة إلی أجزاء الزمان ، فکذا لا إشکال فی استصحاب عدم تحقّقه فی الزمان الأوّل وترتیب آثاره ، لا آثارِ تأخّره عنه ؛ - لکونه بالنسبة إلیها مثبتاً ، إلّابدعویٰ خفاء الواسطة ، أو عدمِ التفکیک فی التنزیل بین عدم تحقّقه إلی زمانٍ ، وتأخّره عنه عرفاً ، کما لا تفکیک بینهما واقعاً - ، ولا آثارِ حدوثه فی الزمان الثانی ؛ فإنّه نحوُ وجودٍ خاصّ .

نعم ، لا بأس بترتیبها بذاک الاستصحاب ، بناءً علی أ نّه عبارة عن أمرٍ مرکّب من الوجود فی الزمان اللاحق ، وعدمِ الوجود فی السابق (3) .

[شماره صفحه واقعی : 251]

ص: 400


1- لا یخفی : عدم الحاجة إلی قوله : « ثبوتاً » ؛ لأنّ أثر الحالة السابقة مساوق لوجود الأثر ثبوتاً ( کفایة الأُصول مع حاشیة المشکینی 4 : 567 ) .
2- لا یوجد « و » فی « ق » و « ش » .
3- أشار الشیخ الأعظم أیضاً إلی ترکّب معنی الحدوث . راجع فرائد الأُصول 3 : 248 .
الشک فی تقدّم الحادث وتأخّره بالاضافة إلی حادث آخر :
اشارة

صوت

[*حیدری فسایی]

وإن لوحظ بالإضافة إلی حادثٍ آخر عُلم بحدوثه أیضاً ، وشُکّ فی تقدّم ذاک علیه وتأخّره عنه ، کما إذا علم بعروض حکمین ، أو موت متوارثین ، وشکّ فی المتقدّم والمتأخّر منهما:

1 - الکلام فی مجهولی التاریخ وأقسامه

فإن کانا مجهولی التاریخ :

فتارةً : کان الأثر الشرعیّ لوجود أحدهما بنحوٍ خاصّ ، من التقدّم أو التأخّر أو التقارن ، لا للآخر ، ولا له بنحوٍ آخر ، فاستصحابُ عدمه جارٍ (1) بلا معارض ، بخلاف ما إذا کان الأثرُ لوجود کلٍّ منهما کذلک ، أو لکلٍّ من أنحاء وجوده ، فإنّه حینئذٍ یعارَض ، فلا مجال لاستصحاب العدم فی واحد ؛ للمعارضة باستصحاب العدم فی آخر ؛ لتحقّق أرکانه فی کلّ منهما .

هذا إذا کان الأثر المهمّ مترتّباً علی وجوده الخاصّ الّذی کان مفاد « کان » التامّة .

[*حیدری فسایی]

وأمّا إن کان مترتّباً علی ما إذا کان متّصفاً بالتقدّم ، أو بأحد ضدَّیْه الّذی کان مفاد « کان » الناقصة ، فلا مورد هاهنا للاستصحاب ؛ لعدم الیقین السابق فیه بلا ارتیاب .

وأُخری : کان الأثرُ لعدم أحدهما فی زمان الآخر ، فالتحقیق أ نّه أیضاً لیس بموردٍ للاستصحاب ، فی ما کان الأثر المهمّ مترتّباً علی ثبوته المتّصفِ (2) بالعدم فی زمان حدوث الآخر ؛ لعدم الیقین بحدوثه کذلک فی زمان ،

[شماره صفحه واقعی : 252]

ص: 401


1- أثبتنا ما فی الأصل ، وفی عموم الطبعات : « صار » . وفی « ر » : فحینئذٍ صار استصحاب عدمه .
2- فی الأصل : « مترتّباً علی ثبوته للحادث ، بأن یکون الأثر للحادث المتصف .. » ، وفی طبعاته مثل ما أثبتناه .

بل قضیّة الاستصحاب عدم حدوثه کذلک ، کما لا یخفی (1) .

[*حیدری فسایی]

وکذا فی ما کان مترتّباً علی نفس عدمه فی زمان الآخر واقعاً ، وإن کان علی یقینٍ منه فی آنٍ قبلَ زمان الیقین بحدوث أحدهما ؛ لعدم إحراز اتّصال زمان شکّه - وهو زمان حدوث الآخر - بزمان یقینه ؛ لاحتمال انفصاله عنه باتّصال حدوثه به .

وبالجملة (2)*: کان بعد ذاک الآن - الّذی قبل زمان الیقین بحدوث أحدهما - زمانان : أحدهما : زمان حدوثه ، والآخر : زمان حدوث الآخر وثبوته ، الّذی یکون ظرفاً للشکّ فی أ نّه فیه أو قبله ، وحیث شکّ فی أنّ أیّهما مقدّم وأیّهما مؤخّر ، لم یحرز اتّصال زمان الشکّ بزمان الیقین ، ومعه لا مجال للاستصحاب ؛ حیث لم یحرز معه کون رفع الید عن الیقین بعدم حدوثه بهذا الشکّ ، من نقض الیقین بالشکّ .

[*حیدری فسایی]

لا یقال: لا شبهة فی اتّصال مجموع الزمانین بذاک الآن ، وهو بتمامه زمان الشکّ فی حدوثه ؛ لاحتمال تأخّره عن الآخر . مثلاً: إذا کان علی یقینٍ من عدم

[شماره صفحه واقعی : 253]

ص: 402


1- قوله : « بل قضیّة الاستصحاب عدم حدوثه کذلک ، کما لا یخفی » لا یوجد فی الأصل ، وأثبتناه من طبعاته .
2- (*) وإن شئت قلت: إنّ عدمه الأزلیّ المعلوم قبل الساعتین ، وإن کان فی الساعة الاُولی منهما مشکوکاً ، إلّاأ نّه - حسب الفرض - لیس موضوعاً للحکم والأثر ، وإنّما الموضوع هو عدمه الخاصّ ، وهو عدمه فی زمان حدوث الآخر ، المحتمل کونه فی الساعة الاُولی المتّصلة بزمان یقینه ، أو الثانیة المنفصلة عنه ، فلم یحرز اتّصال زمان شکّه بزمان یقینه ، ولابدّ منه فی صدق : « لا تنقض الیقین بالشکّ » . فاستصحاب عدمه إلی الساعة الثانیة لا یثبت عدمه فی زمان حدوث الآخر ، إلّاعلی الأصل المثبت فی ما دار الأمر بین التقدّم والتأخّر ، فتدبّر . ( منه قدس سره ) .

حدوث واحد منهما فی ساعةٍ ، وصار علی یقینٍ من حدوث أحدهما بلا تعیین فی ساعةٍ أُخری بعدها ، وحدوثِ الآخر فی ساعة ثالثة ، کان زمان الشکّ فی حدوث کلّ منهما تمامَ الساعتین ، لا خصوص إحداهما ، کما لا یخفی .

فإنّه یقال: نعم ، ولکنّه إذا کان بلحاظ إضافته إلی أجزاء الزمان ، والمفروض أ نّه بلحاظ إضافته إلی الآخر ، وأ نّه حدَثَ فی زمان حدوثه وثبوته أو قبله ، ولا شبهة أنّ زمان شکّه بهذا اللحاظ إنّما هو خصوص ساعة ثبوت الآخر وحدوثه ، لا الساعتین .

فانقدح : أ نّه لا مورد هاهنا للاستصحاب ؛ لاختلال أرکانه (1) ، لا أ نّه مورُده ، وعدمَ جریانه إنّما هو بالمعارضة (2) ، کی یختصّ بما کان الأثر لعدم کلٍّ فی زمان الآخر ، وإلّا کان الاستصحاب فی ما له الأثر جاریاً .

2 - الکلام فی ما لو کان أحدهما معلوم التاریخ وبیان أقسامه

وأمّا لو عُلِمَ بتاریخ أحدهما ، فلا یخلو أیضاً:

إمّا أن یکون الأثر المهمُّ مترتّباً علی الوجود الخاصّ ، من المقدّم أو المؤخّر أو المقارن ، فلا إشکال فی استصحاب عدمه ، لولا المعارضة باستصحاب العدم فی طرف الآخر أو طرفه ، کما تقدّم (3) .

[*حیدری فسایی]

وإمّا أن یکون مترتّباً علی ما إذا کان متّصفاً بکذا ، فلا مورد للاستصحاب أصلاً ، لا فی مجهول التاریخ ولا فی معلومه ، کما لا یخفی ؛ لعدم الیقین

[شماره صفحه واقعی : 254]

ص: 403


1- الأولی : « رُکنه » . راجع منته الدرایة 7 : 626 .
2- تعریض بما أفاده الشیخ الأعظم من جریان الاستصحاب فی الحادثین وسقوطهما بالتعارض . راجع فرائد الأُصول 3 : 249 .
3- فی مجهولی التاریخ فی الصفحة : 252 : إذ قال : بخلاف ما إذا کان الأثر لوجود کلّ منهما کذلک ... فإنّه حینئذٍ یعارض .

بالاتّصاف به سابقاً فیهما (1) .

وإمّا أن (2) یکون مترتّباً علی عدمه - الّذی هو مفادُ « لیس » التامّة - فی زمان الآخر ، فاستصحابُ العدم فی مجهول التاریخ منهما کان جاریاً ؛ لاتّصال زمان شکّه بزمان یقینه ، دون معلومه ؛ لانتفاء الشکّ فیه فی زمانٍ ، وإنّما الشکّ فیه بإضافة زمانه إلی الآخر ، وقد عرفت جریانه فیهما تارةً ، وعدمَ جریانه کذلک أُخری .

[*حیدری فسایی]

فانقدح : أ نّه لا فرق بینهما ، کان الحادثان مجهولی التاریخ ، أو کانا مختلفین (3) ، ولا بین مجهوله ومعلومه فی المختلفین (4) ، فی ما اعتبر فی الموضوع خصوصیّةٌ ناشئة من إضافة أحدهما إلی الآخر بحسب الزمان ، من التقدّم أو أحد ضدّیه ، وشکّ فیها ، کما لا یخفی .

الکلام فی تعاقب الحالتین المتضادّتین

کما انقدح : أ نّه لا مورد للاستصحاب أیضاً فی ما تعاقب حالتان متضادّتان - کالطهارة والنجاسة - وشکّ فی ثبوتهما وانتفائهما (5) ؛ للشکّ فی المقدّم والمؤخّر منهما ؛ وذلک لعدم إحراز الحالة السابقة المتیقّنة المتّصلة

[شماره صفحه واقعی : 255]

ص: 404


1- فی أکثر الطبعات : « منهما » .
2- أضفنا « أن » هنا وفی الموردین السابقین من « ر » .
3- لا یخفی عدم سلاسة العبارة ، وحقّها أن یقال : بین کون الحادثین مجهولی التاریخ ومختلفیه ( کفایة الأُصول مع حاشیة المشکینی 4 : 579 ) .
4- إشارة إلی ردّ الشیخ ، حیث فرّق بین معلوم التاریخ ، فلا یجری أبداً ، وبین مجهوله ، فیجری کذلک . ( کفایة الأُصول مع حاشیة المشکینی : 4 : 580 ) ، وانظر فرائد الأُصول 3 : 249 - 250 .
5- الأنسب أن یقال : « وشک فی بقاء واحد منهما لا بعینه وارتفاعه » . انظر منته الدرایة 7 : 644 .

بزمان الشکّ فی ثبوتهما ، وتردّدُها بین الحالتین ، وأ نّه لیس من تعارض الاستصحابین ، فافهم وتأمّل فی المقام ، فإنّه دقیق .

الثانی عشر:

التنبیه الثانی عشر : استصحاب الأُمور الاعتقادیّة
اشارة

انّه قد عرفت (1) : أنّ مورد الاستصحاب لابدّ أن یکون حکماً شرعیّاً ، أو موضوعاً لحکمٍ کذلک ، فلا إشکال فی ما کان المستصحب من الأحکام الفرعیّة ، أو الموضوعات الصرفة الخارجیّة ، أو اللغویّة ، إذا کانت ذاتَ أحکام شرعیّة .

الأُمور الاعتقادیة نوعان :

1 - ما کان الواجب فیه الاعتقاد فقط وأمّا الأُمور الاعتقادیّة الّتی کان المهمُّ فیها شرعاً هو الانقیاد والتسلیم والاعتقاد - بمعنی عقد القلب علیها - من الأعمال القلبیّة الاختیاریّة ، فکذا لا إشکالَ فی الاستصحاب فیها حکماً ، وکذا موضوعاً ، فی ما کان هناک یقین سابقٌ وشکّ لاحق ؛ لصحّة التنزیل وعمومِ الدلیل .

وکونُه أصلاً عملیّاً إنّما هو بمعنی أ نّه وظیفة الشاکّ تعبّداً ، قبالاً للأمارات الحاکیة عن الواقعیّات ، فیعمّ العملَ بالجوانح کالجوارح .

2 - ما کان الواجب فیه المعرفة والیقین وأمّا الّتی کان المهمّ فیها شرعاً وعقلاً هو القطع بها ومعرفتها ، فلا مجال له موضوعاً ، ویجری حکماً . فلو کان متیقِّناً بوجوب (2) تحصیل القطع بشیءٍ - کتفاصیل القیامة - فی زمانٍ ، وشکّ فی بقاء وجوبه ، یستصحب .

[*حیدری فسایی]

وأمّا لو شکّ فی حیاة إمام زمان - مثلاً - فلا یستصحب ، لأجل ترتیب لزوم معرفة إمام زمانه ، بل یجب تحصیل الیقین بموته أو حیاته مع إمکانه .

[شماره صفحه واقعی : 256]

ص: 405


1- فی التنبیه العاشر وغیره .
2- فی الأصل : « فلو شکّ فی وجوب » . وفی طبعاته مثل ما أثبتناه .

ولا یکاد یُجدی فی مثل وجوب المعرفة عقلاً أو شرعاً ، إلّاإذا کان حجّةً من باب إفادته الظنّ ، وکان المورد ممّا یکتفیٰ به أیضاً .

فالاعتقادیّات (1) - کسائر الموضوعات - لابدّ فی جریانه فیها من أن یکون فی المورد أثر شرعیّ ، یتمکّن من موافقته ، مع بقاء الشکّ فیه ، کان ذاک متعلّقاً بعمل الجوارح أو الجوانح .

لا مجال لاستصحاب النبوّة

وقد انقدح بذلک : أ نّه لا مجال له فی نفس النّبوّة ، إذا کانت ناشئةً من کمال النفس بمثابةٍ یوحیٰ إلیها ، وکانت لازمةً لبعض مراتب کمالها ، إمّا لعدم الشکّ فیها بعد اتّصاف النفس بها ، أو لعدم کونها مجعولة ، بل من الصفات الخارجیّة التکوینیّة ، ولو فُرض الشکّ فی بقائها باحتمال انحطاط النفس عن تلک المرتبة ، وعدمِ بقائها بتلک المثابة - کما هو الشأن فی سائر الصفات والملکات الحسنة ، الحاصلة بالریاضات والمجاهدات - ، وعدمِ (2) أثر شرعیّ مهمّ لها یترتّب علیها باستصحابها .

نعم ، لو کانت النبوّة من المناصب المجعولة ، وکانت کالولایة - وإن کان لابدّ فی إعطائها من أهلیّةٍ وخصوصیّةٍ یستحقّ بها لها - لکانت مورداً للاستصحاب بنفسها ، فیترتّب علیها آثارها - ولو کانت عقلیّة - بعد استصحابها ، لکنّه یحتاج هناک إلی دلیلٍ (3) غیر منوطٍ بها ، وإلّا لدار ، کما لا یخفی .

[شماره صفحه واقعی : 257]

ص: 406


1- فی حقائق الأُصول ومنته الدرایة : فالاعتقادات .
2- معطوف علی عدم کونها مجعولة ، یراد من « الواو » معنی « مع » ؛ لأنّ عدم کونها مجعولة لا یکفی فی المنع عن استصحابها إلّامع عدم أثر شرعی لها . ( حقائق الأُصول 2 : 516 ) .
3- أثبتنا العبارة من « ر » ، وفی غیرها : یحتاج إلی دلیل کان هناک .

وأمّا استصحابها ، بمعنی استصحاب بعض أحکام شریعةِ مَن اتّصف بها ، فلا إشکال فیه (1) ، کما مرّ (2) .

[*حیدری فسایی]

ثمّ لا یخفی : أنّ الاستصحاب لا یکاد یلزم به الخصم ، إلّاإذا اعترف بأ نّه علی یقینٍ فشکّ ، فی ما صحّ هناک التعبّد والتنزیل ودلّ علیه الدلیل ، کما لا یصحّ أن یقنع به إلّامع الیقین والشکّ ، والدلیلِ علی التنزیل .

لا مجال لتشبّث الکتابی باستصحاب نبوّة موسی علیه السلام

ومنه انقدح : أ نّه لا موقع لتشبّث الکتابیّ باستصحاب نبوّة موسی علیه السلام أصلاً :

لا إلزاماً للمسلم ؛ لعدم الشکّ فی بقائها قائمةً بنفسه المقدّسة ، والیقینِ بنسخ شریعته ، وإلّا لم یکن بمسلم ، مع أ نّه لا یکاد یلزم به ما لم یعترف بأ نّه علی یقین وشکّ .

ولا إقناعاً مع الشکّ ؛ للزوم معرفة النبیّ بالنظر إلی حالاته ومعجزاته عقلاً (3) ، وعدمِ الدلیل علی التعبّد بشریعته ، لا عقلاً ولا شرعاً ، - والاتّکالُ علی قیامه فی شریعتنا لا یکاد یُجدیه إلّاعلی نحوٍ محال - ، ووجوب العمل بالاحتیاط عقلاً - فی حال عدم المعرفة - بمراعاة الشریعتین ، ما لم یلزم منه الاختلال ؛ للعلم بثبوت إحداهما علی الإجمال ، إلّاإذا علم بلزوم البناء علی الشریعة السابقة ما لم یعلم الحال .

[شماره صفحه واقعی : 258]

ص: 407


1- أثبتنا ما فی منته الدرایة نقلاً عن بعض النسخ . وفی الأصل وطبعاته : فیها . انظر منته الدرایة 7 : 674 .
2- فی التنبیه السادس ، إذ قال : والشریعة السابقة وإن کانت منسوخة ... إلّاأ نّه لا یوجب الیقین بارتفاع أحکامها بتمامها . انظر الصفحة : 243 .
3- الأولی : « للزوم معرفة النبی عقلاً بالنظر إلی حالاته ومعجزاته » . ( منته الدرایة 7 : 679 ) .
التنبیه الثالث عشر : استصحاب حکم الخاص
اشارة

صوت

[*حیدری فسایی]

الثالث عشر: انّه لا شبهة فی عدم جریان الاستصحاب فی مقامٍ مع دلالة مثلِ العامّ ، لکنّه ربما یقع الإشکال - والکلام فی ما إذا خُصّص فی زمانٍ - فی : أنّ المورد بعد هذا الزمان مورد الاستصحاب ، أو التمسّک بالعامّ .

أقسام العام والخاص بملاحظة الزمان :

والتحقیق أن یقال :

إنّ مفاد العامّ تارةً : یکون - بملاحظة الزمان - ثبوتَ حکمه لموضوعه علی نحو الاستمرار والدوام . وأُخری : علی نحوٍ جُعل کلُّ یوم من الأیّام فرداً لموضوع ذاک العامّ .

وکذلک مفاد مخصِّصه : تارةً : یکون علی نحوٍ أُخذ الزمان ظرف استمرار حکمه ودوامه . وأُخری : علی نحوٍ یکون مفرِّداً ومأخوذاً فی موضوعه .

1 - ما لو کان الزمان ظرفاً لحکم العام والخاص فإن کان مفادُ کلٍّ من العامّ والخاصّ علی النحو الأوّل ، فلا محیصَ عن استصحاب حکم الخاصّ فی غیر مورد دلالته ؛ لعدم دلالةٍ للعامّ علی حکمه ؛ لعدم دخوله علی حدة فی موضوعه ، وانقطاعِ الاستمرار بالخاصّ الدالّ علی ثبوت الحکم له فی الزمان السابق ، من دون دلالته علی ثبوته فی الزمان اللاحق ، فلا مجال إلّالاستصحابه .

نعم ، لو کان الخاصُّ غیرَ قاطع لحکمه ، - کما إذا کان مخصِّصاً له من الأوّل - لَما ضرَّ به فی غیر مورد دلالته ، فیکون أوّل زمان استمرار حکمه بعدَ زمان دلالته ، فیصحّ التمسّک ب «أَوْفُوا بِالْعُقُودِ» (1) ولو خصِّص بخیار المجلس ونحوه ، ولا یصحّ التمسّک به فی ما إذا خصّص بخیارٍ لا فی أوّله ، فافهم .

[شماره صفحه واقعی : 259]

ص: 408


1- المائدة : 1 .

2 - ما لو کان الزمان قیداً للموضوع فی العام والخاص

[*حیدری فسایی]

وإن کان مفادهما علی النحو الثانی ، فلابدّ من التمسّک بالعامّ بلا کلام ؛ لکون موضوع الحکم - بلحاظ هذا الزمان - من أفراده ، فله الدلالة علی حکمه ، والمفروض عدم دلالة الخاصّ علی خلافه .

3 - ما لو کان الزمان ظرفاً للعام وقیداً للخاص وإن کان مفاد العامّ علی النحو الأوّل ، والخاصِّ علی النحو الثانی ، فلا مورد للاستصحاب ؛ فإنّه وإن لم یکن هناک دلالة أصلاً ، إلّاأنّ انسحاب حکم الخاصّ إلی غیر مورد دلالته ، من إسراء حکم موضوعٍ إلی آخر ، لا استصحابِ حکم الموضوع . ولا مجال أیضاً للتمسّک بالعامّ ؛ لما مرّ آنفاً (1) ، فلابدّ من الرجوع إلی سائر الأُصول .

4 - ما لو کان الزمان قیداً للعام وظرفاً للخاص وإن کان مفادهما علی العکس کان المرجع هو العامّ ؛ للاقتصار فی تخصیصه بمقدار دلالة الخاصّ . ولکنّه لولا دلالته لکان الاستصحاب مرجعاً ؛ لما عرفت من أنّ الحکم فی طرف الخاصّ قد أُخذ علی نحوٍ صحّ استصحابه .

فتأمّل تعرف أنّ إطلاق کلام شیخنا العلّامة - أعلی اللّٰه مقامه - فی المقام نفیاً وإثباتاً ، فی غیر محلّه (2) .

التنبیه الرابع عشر : جریان الاستصحاب مع الظنّ بالخلاف

الرابع عشر:

المقصود من الشک فی الأخبار

الظاهر : أنّ الشکّ - فی أخبار الباب وکلمات الأصحاب - هو خلاف الیقین ، فمع الظنّ بالخلاف - فضلاً عن الظنّ بالوفاق - یجری الاستصحاب .

[شماره صفحه واقعی : 260]

ص: 409


1- فی القسم الأوّل ، عند قوله : لعدم دلالةٍ للعام علی حکمه ... .
2- ملخّص کلام الشیخ قدس سره هو التفصیل بین ما إذا کان الزمان قیداً للعام ، فلا یرجع فیه إلی استصحاب حکم الخاص ، بل إلی عموم العام ، وبین ما إذا کان الزمان ظرفاً للعام فلا یرجع فیه إلی العموم ، بل إلی استصحاب حکم الخاص . ومقتضی إطلاق کلامه هو عدم الفرق بین کون الزمان ظرفاً أو قیداً للخاص . انظر فرائد الأُصول 3 : 274 .

ویدلّ علیه - مضافاً إلی أ نّه کذلک لغةً ، کما فی الصحاح (1) ، وتعارف استعماله فیه فی الأخبار فی غیر بابٍ - قوله علیه السلام فی أخبار الباب: «ولکن تنقضه بیقین آخر» ، حیث إنّ ظاهره أ نّه فی بیان تحدید ما ینقض به الیقین ، وأ نّه لیس إلّاالیقین .

وقوله علیه السلام أیضاً: «لا ، حتّی یستیقن أ نّه قد نام» ، بعد السؤال عنه علیه السلام عمّا إذا حُرّک فی جنبه شیءٌ وهو لا یعلم ، حیث دلّ بإطلاقه - مع ترک الاستفصال بین ما إذا أفادت هذه الأمارة الظنَّ ، وما إذا لم تَفد ؛ بداهة أ نّها لولم تکن مفیدة له دائماً لکانت مفیدةً له أحیاناً - علی عموم النفی لصورة الإفادة .

[*حیدری فسایی]

وقوله علیه السلام بعده: «ولا ینقض (2) الیقین بالشکّ» (3) ، أنّ (4) الحکم فی المغیّا مطلقاً هو : عدم نقض الیقین بالشکّ ، کما لا یخفی .

استدلال الشیخ علی جریان الاستصحاب مع الظن بالخلاف والجواب عنه وقد استدلّ علیه (5) أیضاً بوجهین آخرین :

الأوّل: الإجماع القطعیّ علی اعتبار الاستصحاب مع الظنّ بالخلاف ، علی تقدیر اعتباره من باب الأخبار .

[شماره صفحه واقعی : 261]

ص: 410


1- الصحاح 4 : 1594 .
2- أثبتنا الکلمة کما وردت فی الروایة و « ر » ومنته الدرایة . وفی غیرها : تنقض .
3- الظاهر : أ نّه سهو من قلمه الشریف ؛ إذ المظنون أنّ مورد استشهاده - کما فی کلام الشیخ الأعظم - هو قوله علیه السلام : « ولکن ینقضه بیقین آخر » ؛ فإنّ الظاهر سوقه فی مقام بیان حصر ناقض الیقین بالیقین . ( منته الدرایة 7 : 717 ) .
4- الصواب : دخول « علی » علی « أنّ » . ( منته الدرایة 7 : 717 ) .
5- فی فرائد الأُصول 3 : 285 - 286 ، والوجه الثانی منقول بنصّه عنه .

وفیه: أ نّه لا وجه لدعواه ، ولو سُلّم اتّفاق الأصحاب علی الاعتبار ؛ لاحتمال أن یکون ذلک من جهة ظهور دلالة الأخبار علیه .

الثانی: « أنّ الظنّ غیر المعتبر : إن علم بعدم اعتباره بالدلیل ، فمعناه أنّ وجوده کعدمه عند الشارع ، وأنّ کلّ ما یترتّب شرعاً علی تقدیر عدمه فهو المترتّب علی تقدیر وجوده . وإن کان ممّا شکّ فی اعتباره ، فمرجع رفع الید عن الیقین بالحکم الفعلیّ السابق بسببه إلی نقض الیقین بالشکّ ، فتأمّل جیّداً » .

وفیه: أنّ قضیّة عدم اعتباره ؛ - لإلغائه أو لعدم الدلیل علی اعتباره - لا یکاد یکون إلّاعدمَ إثبات مظنونه (1) به تعبّداً لیترتّب علیه آثاره شرعاً ، لا ترتیبَ آثار الشکّ مع عدمه ، بل لابدّ حینئذٍ فی تعیین أنّ الوظیفة أیُّ أصلٍ من الأُصول العملیّة من الدلیل ، فلو فرض عدم دلالة الأخبار معه علی اعتبار الاستصحاب ، فلابدّ من الانتهاء إلی سائر الأُصول بلا شبهة ولا ارتیاب . ولعلّه اشیر إلیه (2) بالأمر بالتأمّل ، فتأمّل جیّداً .

[شماره صفحه واقعی : 262]

ص: 411


1- الأولی : إبداله ب « المظنون به » . ( منته الدرایة 7 : 720 ) .
2- فی فرائد الأُصول 3 : 286 .
تتمّة فیما مقامان
اشارة

لا یذهب علیک: أ نّه لابدّ فی الاستصحاب من :

بقاء الموضوع .

وعدمِ أمارة معتبرة هناک ولو علی وفاقه .

فهنا مقامان :

المقام الأوّل: اعتبار بقاء الموضوع واتّحاد المتیقّن والمشکوک
اشارة

صوت

[*حیدری فسایی]

أ نّه لا إشکال فی اعتبار بقاء الموضوع ، بمعنی اتّحاد القضیّة المشکوکة مع المتیقّنة موضوعاً ، کاتّحادهما حکماً ؛ ضرورة أ نّه بدونه لا یکون الشکّ فی البقاء ، بل فی الحدوث ، ولا رفعُ الید عن الیقین فی محلّ الشکّ نقضَ الیقین بالشکّ . فاعتبار البقاء بهذا المعنی لا یحتاجُ إلی زیادة بیان وإقامة برهان .

والاستدلال علیه (1) باستحالة انتقال العرض إلی موضوعٍ آخر ؛ لتقوّمه بالموضوع وتشخّصه به (2) ، غریبٌ ؛ بداهة أنّ استحالته حقیقةً غیرُ مستلزم لاستحالته تعبّداً ، والالتزام بآثاره شرعاً .

وأمّا بمعنی إحراز وجود الموضوع خارجاً (3) ، فلا یعتبر قطعاً فی جریانه ؛

[شماره صفحه واقعی : 263]

ص: 412


1- کما فی فرائد الأُصول 3 : 290 - 291 .
2- لا یخفی : أنّ هذا الاستدلال ... علی اعتبار البقاء بالمعنی الآتی - أعنی : إحراز وجود الموضوع - لا بمعنی اتحاد موضوع القضیّتین ، فلا یناسب ذکر هذا الکلام هنا ، بل المناسب ذکره بعد قوله : وأما بمعنی إحراز ... ( حقائق الأُصول 2 : 527 ) .
3- وهو المنسوب إلی صاحب الفصول . انظر الفصول : 381 وشرح کفایة الأُصول للشیخ عبد الحسین الرشتی 2 : 294 .

لتحقّق أرکانه بدونه . نعم ، ربما یکون ممّا لابدّ منه فی ترتیب بعض الآثار ، ففی استصحاب عدالة زید لا یحتاج إلی إحراز حیاته لجواز تقلیده ، وإن کان محتاجاً إلیه فی جواز الاقتداء به ، أو وجوبِ إکرامه ، أو الإنفاقِ علیه .

هل العبرة فی الاتحاد بنظر العرف أو الدلیل أو العقل ؟

وإنّما الإشکال کلُّه فی : أنّ هذا الاتّحاد هل هو بنظر العرف ، أو بحسب دلیل الحکم ، أو بنظر العقل ؟

فلو کان مناط الاتّحاد هو نظر العقل ، فلا مجال للاستصحاب فی الأحکام ؛ لقیام احتمال تغیّر الموضوع فی کلّ مقامٍ شُکّ فی الحکم ، بزوال بعض خصوصیّات موضوعه ؛ لاحتمال دخله فیه ، ویختصّ بالموضوعات ؛ بداهة أ نّه إذا شکّ فی حیاة زید شکّ فی نفس ما کان علی یقینٍ منه حقیقةً .

بخلاف ما لو کان بنظر العرف ، أو بحسب لسان الدلیل ؛ ضرورة أنّ انتفاء بعض الخصوصیّات وإن کان موجباً للشکّ فی بقاء الحکم ، - لاحتمال دخله فی موضوعه - ، إلّاأ نّه ربما لا یکون - بنظر العرف ولا فی لسان الدلیل - من مقوّماته :

[*حیدری فسایی]

کما أ نّه ربما لا یکون موضوع الدلیل بنظر العرف بخصوصه موضوعاً ، مثلاً: إذا ورد : العِنَبُ إذا غلی یحرُمُ ، کان العنبُ بحسب ما هو المفهوم عرفاً هو خصوص العنب ، ولکنّ العرف - بحسب ما یرتکز فی أذهانهم ، ویتخیّلونه من المناسبات بین الحکم وموضوعه - یجعلون الموضوع للحرمة ما یعمّ الزبیبَ ، ویرون العنبیّة والزبیبیّة من حالاته المتبادلة ، بحیث لو لم یکن الزبیبُ محکوماً بما حکم به العنبُ ، کان عندهم من ارتفاع الحکم عن موضوعه ، ولو کان محکوماً به کان من بقائه .

ولا ضیر فی أن یکون الدلیلُ بحسب فهمهم ، علی خلاف ما ارتکز فی أذهانهم ، بسبب ما تخیّلوه من الجهات والمناسبات ، فی ما إذا لم تکن

[شماره صفحه واقعی : 264]

ص: 413

بمثابة تصلح قرینةً علی صرفه عمّا هو ظاهر فیه .

ولا یخفی: أنّ النقض وعدمَه حقیقةً یختلف بحسب الملحوظ من الموضوع ، فیکون نقضاً بلحاظ موضوعٍ ، ولا یکون بلحاظ موضوعٍ آخر .

فلابدّ فی تعیین أنّ المناط فی الاتّحاد هو الموضوع العرفیّ أو غیرُه ، من بیان أنّ خطاب « لا تنقض » قد سیق بأیّ لحاظ .

تحقیق المسألة العبرة بنظر العرف

فالتحقیق أن یقال : إنّ قضیّة إطلاق خطاب «لا تنقض» هو أن یکون بلحاظ الموضوع العرفیّ ؛ لأنّه المنساق من الإطلاق فی المحاورات العرفیّة ، ومنها الخطابات الشرعیّة ،

[*حیدری فسایی]

فما لم یکن هناک دلالةٌ علی أنّ النهی فیه بنظرٍ آخر غیرُ ما هو الملحوظ فی محاوراتهم ، لا محیص (1) عن الحمل علی أ نّه بذاک اللحاظ ، فیکون المناطُ فی بقاء الموضوع هو الاتّحاد بحسب نظر العرف ، وإن لم یحرز بحسب العقل ، أو لم یساعده النقلُ ، فیستصحب مثلاً ما ثبت بالدلیل للعنب إذا صار زبیباً ؛ لبقاء الموضوع واتّحاد القضیّتین عرفاً . ولا یستصحب فی ما لا اتّحاد کذلک ، وإن کان هناک اتّحاد عقلاً ، کما مرّت الإشارة إلیه فی القسم الثالث من أقسام استصحاب الکلّیّ (2) ، فراجع .

المقام الثانی: اعتبار عدم جریان الأمارة المعتبرة فی مورد الاستصحاب
اشارة

أنّه لا شبهة فی عدم جریان الاستصحاب مع الأمارة المعتبرة فی مورده ، وإنّما الکلام فی أ نّه للورود ، أو الحکومة ، أو التوفیق بین دلیل اعتبارها وخطابه ؟

[شماره صفحه واقعی : 265]

ص: 414


1- جواب « فما لم یکن » . والأولی اقترانه بالفاء . ( منته الدرایة 7 : 746 ) .
2- إذ قال : إلّاأنّ العرف حیث یری الإیجاب والاستحباب المتبادلین فردین متباینین ... لم یکن مجال للاستصحاب . راجع الصفحة : 233 .
تقدّم الأمارة علی الاستصحاب بالورودلا الحکومة

والتحقیق : أ نّه للورود ؛ فإنّ رفع الید عن الیقین السابق بسبب أمارةٍ معتبرةٍ علی خلافه لیس من نقض الیقین بالشکّ ، بل بالیقین . وعدمُ رفع الید عنه مع الأمارة علی وفقه لیس لأجل أن لا یلزم نقضه به ، بل من جهة لزوم العمل بالحجّة .

لا یقال: نعم ، هذا لو أُخذ بدلیل الأمارة فی مورده ، ولکنّه لِمَ لا یؤخذ بدلیله ، ویلزم الأخذ بدلیلها ؟

فإنّه یقال: ذلک إنّما هو لأجل أ نّه لا محذور فی الأخذ بدلیلها ، بخلاف الأخذ بدلیله ، فإنّه یستلزم تخصیصَ دلیلها بلا مخصِّص (1) إلّاعلی وجهٍ دائر ؛ إذ التخصیص به یتوقّف علی اعتباره معها ، واعتبارُه کذلک یتوقّف علی التخصیص به ؛ إذ لولاه لا مورد له معها ، کما عرفت آنفاً .

[*حیدری فسایی]

وأمّا حدیث الحکومة (2): فلا أصل له أصلاً ؛ فإنّه لا نظَرَ لدلیلها إلی مدلول دلیله إثباتاً ، وبما هو مدلول الدلیل ، وإن کان دالّاً علی إلغائه معها ثبوتاً وواقعاً ؛ لمنافاة لزوم العمل بها مع العمل به لو کان علی خلافها ، کما أنّ قضیّة دلیله إلغاؤها کذلک ؛ فإنّ کلّاً من الدلیلین بصدد بیان ما هو الوظیفة للجاهل ، فیطرد کلّ منهما الآخرَ مع المخالفة ، هذا .

مع لزوم اعتباره معها فی صورة الموافقة ، ولا أظنّ أن یلتزم به القائل بالحکومة ، فافهم ، فإنّ المقام لا یخلو من دقّة .

[*حیدری فسایی]

وأمّا التوفیق: فإن کان بما ذکرنا فنعم الاتّفاق ، وإن کان بتخصیص دلیله بدلیلها فلا وجه له ؛ لما عرفت من أ نّه لا یکون مع الأخذ به نقضُ یقینٍ بشکّ ، لا أ نّه غیر منهیّ عنه مع کونه من نقض الیقین بالشکّ .

[شماره صفحه واقعی : 266]

ص: 415


1- الأولی أن یقال : فإنه یستلزم طرح دلیلها بلا مجوّز . ( منته الدرایة 7 : 766 ) .
2- وهو الذی اختاره الشیخ الأعظم فی فرائد الأُصول 3 : 314 .
خاتمةٌ
اشارة

لا بأس ببیان :

النسبة بین الاستصحاب وسائر الأُصول العملیّة

وبیان التعارض بین الاستصحابین :

تقدّم الاستصحاب علی الأُصول العملیة بالورود

أمّا الأوّل: فالنسبة بینه وبینها هی بعینها النسبة بین الأمارة وبینه ، فیقدّم علیها ، ولا موردَ معه لها ؛ للزوم محذور التخصیص إلّابوجهٍ دائرٍ فی العکس ، وعدمِ محذورٍ فیه أصلاً ، هذا فی النقلیّة منها .

وأمّا العقلیّة: فلا یکاد یشتبه وجهُ تقدیمه علیها ؛ بداهة عدم الموضوع معه لها ؛ ضرورة أ نّه إتمام حجّةٍ وبیانٌ ، ومؤمّنٌ من العقوبة وبه الأمان ، ولا شبهة فی أنّ الترجیح به عقلاً صحیح .

تعارض الاستصحابین وصُوره :
1 - استصحاب المتضادّین فی زمان الامتثال

وأمّا الثانی: فالتعارض بین الاستصحابین :

إن کان لعدم إمکان العمل بهما ، بدون علمٍ بانتقاض الحالة السابقة فی أحدهما - کاستصحاب وجوب أمرین حَدَثَ بینهما التضادُّ فی زمان الاستصحاب - فهو من باب تزاحم الواجبین (1)* .

[شماره صفحه واقعی : 267]

ص: 416


1- (*) فیتخیّر بینهما إن لم یکن أحد المستصحبین أهمّ ، وإلّا فیتعیّن الأخذ بالأهمّ . ولا مجال لتوهّم أ نّه لا یکاد یکون هناک أهمّ ؛ لأجل أنّ إیجابهما إنّما یکون من باب واحد ، وهو استصحابهما من دون مزیّة فی أحدهما أصلاً ، کما لا یخفی ؛ وذلک لأنّ الاستصحاب إنّما یتبع1) المستصحب . فکما یثبت به الوجوب والاستحباب ، یثبت به کلّ مرتبة منهما فتستصحب ، فلا تغفل . ( منه قدس سره ) . - 1) فی « ن » : یثبت .

وإن کان مع العلم بانتقاض (1) الحالة السابقة فی أحدهما :

فتارةً یکون المستصحب فی أحدهما من الآثار الشرعیّة لمستصحب الآخر (2) ، فیکون الشکُّ فیه مسبّباً عن الشکّ فیه ، کالشکّ فی نجاسة الثوب المغسول بماءٍ مشکوک الطهارة وقد کان طاهراً ، وأُخری لا یکون کذلک .

2 - استصحاب السبب والمسبّب

صوت

[*حیدری فسایی]

فإن کان أحدهما أثراً للآخر ، فلا مورد إلّاللاستصحاب فی طرف السبب ؛ فإنّ الاستصحاب فی طرف المسبّب موجبٌ لتخصیص الخطاب ، وجوازِ نقض الیقین بالشکّ فی طرف السبب بعدم ترتیب أثره الشرعیّ ، فإنّ من آثار طهارة الماء طهارةَ الثوب المغسول به ورفْعَ نجاسته ، فاستصحاب نجاسة الثوب نقضٌ للیقین بطهارته ، بخلاف استصحاب طهارته ؛ إذ لا یلزم منه نقضُ یقینٍ بنجاسة الثوب بالشکّ ، بل بالیقین بما هو رافعٌ لنجاسته ، وهو غَسله بالماء المحکوم شرعاً بطهارته .

وبالجملة: فکلّ من السبب والمسبّب وإن کان مورداً للاستصحاب ، إلّا أنّ الاستصحاب فی الأوّل بلا محذور ، بخلافه فی الثانی ، ففیه محذور التخصیص بلا وجه إلّابنحوٍ محال ، فاللازم الأخذ بالاستصحاب السببیّ (3)* .

[شماره صفحه واقعی : 268]

ص: 417


1- حقّ العبارة : « وإن کان للعلم بانتقاض ... » . راجع منته الدرایة 7 : 782 .
2- التعبیر لا یخلو عن مسامحة ؛ لأنّ المستصحب فی الشک المسبّبی هو بقاء النجاسة مثلاً ، وواضحٌ أ نّه لیس من آثار المستصحب السببیّ ، وهو طهارة الماء . انظر - للتوضیح - منته الدرایة 7 : 783 .
3- (*) وسرّ ذلک : أنّ رفع الید عن الیقین فی مورد السبب یکون فرداً لخطاب «لا تنقض الیقین» ، ونقضاً للیقین بالشکّ مطلقاً بلا شکّ ، بخلاف رفع الید عن الیقین فی مورد المسبّب ، فإنّه إنّما یکون فرداً له إذا لم یکن حکم حرمة النقض یعمّ النقض فی مورد السبب ، وإلّا لم یکن بفردٍ له ؛ إذ حینئذٍ یکون من نقض الیقین بالیقین ؛ ضرورة أ نّه یکون رفع الید عن نجاسة الثوب المغسول بماءٍ محکوم بالطهارة شرعاً باستصحاب طهارته ؛ للیقین بأنّ کلّ ثوب نجس یغسل بماء کذلک یصیر طاهراً شرعاً . وبالجملة: من الواضح - لمن له أدنی تأمّل - أنّ اللازم فی کلّ مقام کان للعامّ فردٌ مطلق ، وفردٌ کان فردیّته له معلّقة علی عدم شمول حکمه لذاک الفرد المطلق - کما فی المقام - أو کان هناک عامّان ، کان لأحدهما فردٌ مطلق ، وللآخر فردٌ کانت فردیّته معلّقة علی عدم شمول حکم ذاک العامّ لفرده المطلق - کما هو الحال فی الطرق فی مورد الاستصحاب - هو الالتزام بشمول حکم العامّ لفرده المطلق ، حیث لا مخصّص له ، ومعه لا یکون فرد آخر یعمّه أو لایعمّه . ولا مجال لأن یلتزم بعدم شمول حکم العامّ للفرد المطلق ، لیشمل حکمه لهذا الفرد ، فإنّه یستلزم التخصیص بلا وجه ، أو بوجهٍ دائر ، کما لا یخفی علی ذوی البصائر . ( منه قدس سره ) .

نعم ، لو لم یجرِ هذا الاستصحاب بوجهٍ لکان الاستصحاب المسبّبیّ جاریاً ؛ فإنّه لا محذور فیه حینئذٍ مع وجود أرکانه وعموم خطابه .

3 - استصحاب العرضیّین مع العلم بانتقاض أحدهما و

3 - استصحاب العرضیّین مع العلم بانتقاض أحدهما و (1)

إن لم یکن المستصحب فی أحدهما من الآثار للآخر ، فالأظهر جریانهما فی ما لم یلزم منه محذورُ المخالفة القطعیّة للتکلیف الفعلیّ المعلوم إجمالاً ؛ لوجود المقتضی إثباتاً (2) ، وفقد المانع عقلاً :

[شماره صفحه واقعی : 269]

ص: 418


1- فی الأصل سقط من هنا إلی بدایة المقصد الثامن .
2- تعریض بما أفاده الشیخ الأعظم من قصور دلیل الاستصحاب إثباتاً عن شموله لأطراف العلم الإجمالی ، بتقریب : أنّ مقتضی عموم « لا تنقض » حرمة نقض الیقین بالشک مطلقاً ، وإن کان مقروناً بالعلم الإجمالی ، ومقتضی « انقضه بیقین آخر » وجوب نقضه بیقین آخر ولو کان إجمالیّاً ، فیقع التعارض بین الصدر والذیل ، فإذا علم إجمالاً بنجاسة أحد إنائین کانا طاهرین ، فقد علم بانتقاض الطهارة فی أحدهما ، ولا وجه لجریان الاستصحاب فی کلیهما ؛ للمناقضة مع الیقین بنجاسة أحدهما إجمالاً ، مناقضة السلب الکلّی للایجاب الجزئی ، ولا فی أحدهما المعیّن ؛ لکونه بلا مرجّح ، ولا فی غیر المعیّن ؛ لأنّه لیس للعام فردٌ آخر غیر الفردین المتشخّصین فی الخارج . ( منته الدرایة 7 : 796 ) ، وراجع فرائد الأُصول 3 : 410 وحقائق الأُصول 2 : 545 .

أمّا وجود المقتضی: فلإطلاق الخطاب (1) وشمولِه للاستصحاب فی أطراف المعلوم بالإجمال ؛

[*حیدری فسایی]

فإنّ قوله علیه السلام - فی ذیل بعض أخبار الباب - : «ولکن تنقض الیقین بالیقین» (2) لو سُلّم أ نّه یمنع عن شمول قوله علیه السلام - فی صدره - : «لا تنقض (3) الیقین بالشکّ» للیقین والشکّ فی أطرافه ؛ للزوم المناقضة فی مدلوله ؛ ضرورةَ المناقضة بین السلب الکلّیّ والإیجاب الجزئیّ ، إلّاأ نّه لا یمنع عن عموم النهی فی سائر الأخبار - ممّا لیس فیه الذیل - وشمولِه لما فی أطرافه ؛ فإنّ إجمال ذاک الخطاب لذلک لا یکاد یسری إلی غیره ممّا لیس فیه ذلک .

وأمّا فقد المانع: فلأجل أنّ جریان الاستصحاب فی الأطراف لا یوجب إلّا المخالفة الالتزامیّة ، وهو لیس بمحذور ، لا شرعاً ولا عقلاً .

ومنه قد انقدح : عدم جریانه فی أطراف العلم بالتکلیف فعلاً أصلاً ، ولو فی بعضها ؛ لوجوب الموافقة القطعیّة له عقلاً ، ففی جریانه لا محالة یکون محذور المخالفة القطعیّة أو الاحتمالیّة ، کما لا یخفی .

[شماره صفحه واقعی : 270]

ص: 419


1- الأولی : تبدیل الإطلاق بالعموم ، کما سیأتی فی قوله : « عن عموم النهی » ، ووجه شموله : هو وقوع جنس الیقین فی حیّز النهی . ( منته الدرایة 7 : 797 ) .
2- فی « ر » : ولکن تنقض الشک بالیقین . وفی صحیحة زرارة الأُولی : ولکنّه ینقضه بیقین آخر ، وفی صحیحته الثالثة : ولکنّه ینقض الشک بالیقین .
3- فی الحدیث : لا ینقض .
تذنیبٌ النسبة بین الاستصحاب والقواعد
تقدیم بعض القواعد علی الاستصحاب

لا یخفی : أنّ مثل قاعدة التجاوز فی حال الاشتغال بالعمل ، وقاعدة الفراغ بعد الفراغ عنه ، وأصالة صحّة عمل الغیر ... إلی غیر ذلک من القواعد المقرّرة فی الشبهات الموضوعیّة - إلّاالقرعة - تکون مقدَّمةً علی استصحاباتها المقتضیة لفساد ما شُکّ فیه من الموضوعات ؛ لتخصیص دلیلها (1) بأدلّتها .

وکون النسبة بینه وبین بعضها عموماً من وجه ، لا یمنعُ عن تخصیصه بها بعد الإجماع علی عدم التفصیل بین مواردها ، مع لزوم قلّة المورد لها جدّاً ، لو قیل بتخصیصها بدلیلها (2) ؛ إذ قلَّ موردٌ منها لم یکن هناک استصحابٌ علی خلافها ، کما لا یخفی .

تقدیم الاستصحاب علی القرعة

صوت

[*حیدری فسایی]

وأمّا القرعة: فالاستصحاب فی موردها یقدّم علیها ؛ لأخصّیّة دلیله من دلیلها ؛ لاعتبار سبق الحالة السابقة فیه دونها .

واختصاصُها بغیر الأحکام إجماعاً ، لا یوجب الخصوصیّة فی دلیلها بعد عموم لفظها (3) لها ، هذا .

[شماره صفحه واقعی : 271]

ص: 420


1- فی « ر » ، حقائق الأُصول ومنته الدرایة : دلیله .
2- فی « ر » ، حقائق الأُصول ومنته الدرایة : بدلیله .
3- فی العبارة مسامحة ؛ إذ المقصود عموم الألفاظ الواردة فی دلیل القرعة من « المشکل » و « المشتبه » و « المجهول » . ( منته الدرایة 7 : 811 ) .

مضافاً إلی وَهْن دلیلها بکثرة تخصیصه ، حتّی صار العمل به فی موردٍ محتاجاً إلی الجبر بعمل المعظم - کما قیل (1) - وقوّةِ دلیله بقلّة تخصیصه بخصوص دلیل .

لا یقال: کیف یجوز تخصیص دلیلها بدلیله ؟ وقد کان دلیلها رافعاً لموضوع دلیله ، لا لحکمه ، وموجباً لکون نقض الیقین بالیقین بالحجّة علی خلافه ، کما هو الحال بینه وبین أدلّة سائر الأمارات ، فیکون - هاهنا أیضاً - من دوران الأمر بین التخصیص - بلا وجهٍ غیرِ دائر - والتخصّص .

فإنّه یقال: لیس الأمر کذلک ؛ فإنّ المشکوک ممّا کانت له حالة سابقة ، وإن کان من « المشکل » و « المجهول » و « المشتبه » بعنوانه الواقعیّ ، إلّاأ نّه لیس منها بعنوان ما طرأ علیه من نقض الیقین بالشکّ ، والظاهرُ من دلیل القرعة أن یکون منها بقول مطلق ، لا فی الجملة ، فدلیلُ الاستصحاب الدالّ علی حرمة النقض - الصادق علیه حقیقةً - ، رافعٌ لموضوعه أیضاً ، فافهم .

فلا بأسَ برفع الید عن دلیلها عند دوران الأمر بینه وبین رفع الید عن دلیله ؛ لوهن عمومها (2) وقوّة عمومه ، کما أشرنا إلیه آنفاً .

والحمد للّٰه أوّلاً وآخراً ، وصلّی اللّٰه علی محمّد وآله باطناً وظاهراً .

[شماره صفحه واقعی : 272]

ص: 421


1- فی الفصول : 362 ، وفرائد الأُصول 3 : 386 .
2- لا مناسبة بین التعلیل والمعلَّل ، بل لابدّ من التعلیل برافعیّة دلیل الاستصحاب لموضوع دلیل القرعة . راجع منته الدرایة 7 : 817 .
المقصد الثامن : فی تعارض الأدلّة والأمارات
اشارة

[شماره صفحه واقعی : 273]

ص: 422

[شماره صفحه واقعی : 274]

ص: 423

فصل ضابط التعارض
تعریف المصنّف للتعارض

صوت

[*حیدری فسایی]

التعارض هو: تَنافی الدلیلین أو الأدلّة - بحسب الدلالة ومقام الإثبات - علی وجه التناقض أو التضادّ حقیقةً ، أو عرَضاً ، بأن عُلم بکذب أحدهما إجمالاً ، مع عدم امتناع اجتماعهما أصلاً (1) .

خروج موارد الجمع الدلالی عن التعارض :
1 - الحکومة

وعلیه ، فلا تعارضَ بینهما بمجرّد تنافی مدلولهما (2) ، إذا کان بینهما حکومةٌ رافعةٌ للتعارض والخصومة ، بأن یکون أحدهما قد سیق ناظراً إلی بیان کمیّة ما أُرید من الآخر ، مقدّماً کان أو مؤخّراً (3) .

[شماره صفحه واقعی : 275]

ص: 424


1- یعنی : « لا عقلاً ولا شرعاً » ، لکنّه علی هذا التعمیم یخرج عن التعارض موضوعاً وحکماً ، فالأولی : إسقاط کلمة « أصلاً » أو إبدالها ب « عقلاً » حتی تندرج صورة العلم الإجمالی فی باب التعارض حکماً . ( منته الدرایة 8 : 22 ) .
2- تعریض بتعریف المشهور للتعارض بأ نّه التنافی بین مدلولی الدلیلین . انظر القوانین 2 : 276 ، وفرائد الأُصول 4 : 11 .
3- تعریض - کما صرّح به فی تعلیقته علی الفرائد : 256 - بالشیخ الأعظم ، حیث یظهر من عبارته اعتبار تقدّم زمان دلیل المحکوم علی الدلیل الحاکم . راجع فرائد الأُصول 4 : 13 .
2 - التوفیق العرفی
اشارة

أو کانا علی نحوٍ إذا عُرضا علی العرف وفّق بینهما بالتصرُّف فی خصوص أحدهما ، کما هو مطّردٌ فی مثل الأدلّة المتکفّلة لبیان (1) أحکام الموضوعات بعناوینها الأوّلیّة ، مع مثل الأدلّة النافیة للعسر والحرج والضرر والإکراه والاضطرار ، ممّا یتکفّل لأحکامها (2) بعناوینها الثانویّة ؛ حیث یقدّم فی مثلهما الأدلّة النافیة ، ولا تلاحظ النسبة بینهما أصلاً (3) ، ویتّفق فی غیرهما ، کما لا یخفی .

[*حیدری فسایی]

أو بالتصرّف فیهما ، فیکون مجموعهما قرینة علی التصرّف فیهما ، أو فی أحدهما المعیّن ولو کان من الآخر أظهر (4) .

تقدّم الأمارات علی الأُصول الشرعیة بالورود لا بالحکومة

ولذلک تُقدّم الأمارات المعتبرة علی الأُصول الشرعیّة ؛ فإنّه لا یکاد یتحیّر أهل العرف فی تقدیمها علیها بعد ملاحظتهما ، حیث لا یلزم منه محذورُ تخصیصٍ أصلاً . بخلاف العکس ، فإنّه یلزم منه (5) محذور التخصیص بلا وجهٍ ، أو بوجهٍ دائر ، کما أشرنا إلیه فی أواخر الاستصحاب (6) .

[شماره صفحه واقعی : 276]

ص: 425


1- الأولی : ببیان . (2) الأولی : بأحکامها .
2-
3- إشارة إلی الردّ علی الشیخ الأنصاری القائل بحکومة الأدلّة النافیة للضرر و ... علی أدلّة الأحکام الأوّلیة . راجع فرائد الأُصول 2 : 462 - 463 .
4- أثبتنا ما فی « ر » ومنته الدرایة ، وفی الأصل ، « ن » ، « ق » و « ش » : « ولو کان الآخر أظهر » . وقال المحقّق المشکینی : لا یخفی أنّ حقّ العبارة حذف کلمة « الآخر » أو تبدیل کلمة « أظهر » بکلمة « أضعف » . کفایة الأُصول مع حاشیة المشکینی 5 : 123 . وفی حقائق الأُصول : « لو کان الآخر أظهر » . یراجع للتوضیح منته الدرایة 8 : 37 - 38 .
5- فی « ش » : یلزم فیه .
6- فی المقام الثانی من تتمّة بحث الاستصحاب فی الصفحة : 266 حیث قال : فإنّه یقال : ذلک إنما هو لأجل أ نّه لا محذور فی الأخذ بدلیلها ... .

ولیس وجه تقدیمها حکومَتها علی أدلّتها ؛ لعدم کونها ناظرةً إلی أدلّتها بوجهٍ (1) .

وتعرُّضها لبیان حکم موردها (2) لا یوجب کونَها ناظرةً إلی أدلّتها وشارحةً لها ، وإلّا کانت أدلّتُها أیضاً دالّةً - ولو (3) بالالتزام - علی أنّ حکم مورد الاجتماع فعلاً هو مقتضی الأصل لا الأمارة ، وهو مستلزم عقلاً نفیَ ما هو قضیّة الأمارة ، بل (4) لیس مقتضیٰ حجّیّتها إلّانفیَ ما قضیّته عقلاً من دون دلالة علیه لفظاً ؛ ضرورة أنّ نفس الأمارة لا دلالة لها (5) إلّاعلی الحکم الواقعیّ ، وقضیّةُ حجّیّتها لیست إلّالزومَ العمل علی وفقها شرعاً ، المنافی عقلاً للزوم العمل علی خلافه (6) ، وهو قضیّة الأصل ، هذا .

[شماره صفحه واقعی : 277]

ص: 426


1- ردٌّ لما أفاده الشیخ الأنصاری من حکومة الأمارات علی الأُصول الشرعیة . راجع فرائد الأُصول 4 : 13 .
2- أیضاً إشارة إلی مقالة الشیخ فی المقام : وضابط الحکومة أن یکون أحد الدلیلین بمدلوله اللفظی متعرضاً لحال الدلیل الآخر . ( المصدر ) .
3- الظاهر : زیادة کلمة « ولو » ؛ لأنّها وصلیّة وتدلّ علی فرد خفیّ ، والمفروض انحصار الدلالة هنا فی فردٍ واحدٍ ، وهو الالتزامیة . ( منته الدرایة 8 : 44 ) .
4- الظاهر : أنّ الأولی تبدیل « بل » ب « إذ » ؛ لأنّ السیاق یقتضی علّیة « بل لیس مقتضی حجّیتها ... » لقوله : « لا یوجب کونها ناظرة ... » ( منته الدرایة 8 : 44 ) .
5- فی الأصل وعموم الطبعات : « له » . والصحیح ما أدرجناه من نسخة فی هامش « ش » . وفی منته الدرایة 8 : 47 - تعلیقاً علی ما أثبت فی المتن من التذکیر فی الضمیر - : الصناعة تقتضی تأنیثه .
6- الأولی : تأنیث الضمیر ؛ لرجوعه - کرجوع ضمیری « حجّیتها » ، « وفقها » - إلی الأمارة . ( منته الدرایة 8 : 47 ) .

مع احتمال أن یقال: إنّه لیس قضیّة الحجّیّة شرعاً إلّالزومَ العمل علی وِفْق الحجّة عقلاً ، وتنجُّز الواقع مع المصادفة ، وعدم تنجّزه فی صورة المخالفة .

[*حیدری فسایی]

وکیف کان (1) ، لیس مفاد دلیل الاعتبار هو وجوب إلغاء احتمال الخلاف تعبّداً (2) کی یختلفَ الحال ، ویکونَ مفاده فی الأمارة نفیَ حکم الأصل ، حیث إنّه حکم الاحتمال (3) ؛ بخلاف مفاده فیه ؛ لأجل أنّ الحکمَ الواقعیّ لیس حکم احتمال خلافه ، کیف ؟ وهو حکم الشکّ فیه واحتمالِه .

فافهم وتأمّل جیّداً .

فانقدح بذلک : أ نّه لا یکاد ترتفع غائلة المطاردة والمعارضة بین الأصل والأمارة إلّابما أشرنا سابقاً وآنفاً (4) ، فلا تغفل . هذا .

3 - حمل الظاهرعلی الأظهر

ولا تعارُضَ أیضاً إذا کان أحدهما قرینةً علی التصرّف فی الآخر ، کما فی الظاهر مع النصّ أو الأظهر ، مثل العامّ والخاصّ والمطلق والمقیّد ، أو مثلهما ممّا

[شماره صفحه واقعی : 278]

ص: 427


1- لا یخفی : أ نّه لم یقدّم إشارة إلی هذا الوجه ، فلا یناسب التعبیر بقوله : « وکیف کان » . ( کفایة الأُصول مع حاشیة المشکینی 5 : 127 ) .
2- جواب عمّا أفاده الشیخ فی أواخر الاستصحاب فی وجه حکومة الأمارات علی الاستصحاب ؛ حیث قال : إذا قال الشارع : إعمل بالبیّنة فی نجاسة الثوب ، والمفروض أنّ الشک موجود مع قیام البیّنة علی نجاسة الثوب ، فالشارع جعل الاحتمال المخالف للبیّنة کالعدم . ( فرائد الأُصول 3 : 315 ) .
3- فی « ش » : حکم الاختلاف .
4- المراد من السابق : ما تقدّم فی مبحث الاستصحاب فی الصفحة : 265 ؛ إذ قال : « لا شبهة فی عدم جریان الاستصحاب مع الأمارة المعتبرة ... والتحقیق أنه للورود » ، ومن الآنف : قوله : « ولذلک تقدّم الأمارات ... » .

کان أحدهما نصّاً أو أظهر ؛ حیث إنّ بناء العرف علی کون النصّ أو الأظهر قرینةً علی التصرّف فی الآخر .

وبالجملة: الأدلّة فی هذه الصور وإن کانت متنافیة بحسب مدلولاتها ، إلّا أ نّها غیر متعارضة ؛ لعدم تنافیها فی الدلالة وفی مقام الإثبات ، بحیث تبقی أبناءُ المحاورة متحیّرةً ، بل (1) بملاحظة المجموع أو خصوص بعضها ، یتصرّف فی الجمیع أو فی البعض عرفاً ، بما ترتفع به المنافاة الّتی تکون فی البین .

ولا فرق فیها (2) بین أن یکون السند فیها قطعیّاً ، أو ظنّیّاً ، أو مختلفاً ، فیقدّم النصّ أو الأظهر - وإن کان بحسب السند ظنّیّاً - علی الظاهر ، ولو کان بحسبه قطعیّاً .

[*حیدری فسایی]

وإنّما یکون التعارض فی غیر هذه الصور ، ممّا کان التنافی فیه بین الأدلّة بحسب الدلالة ومرحلة الإثبات .

وإنّما یکون التعارض بحسب السند (3) ، فی ما إذا کان کلّ واحد منها قطعیّاً دلالةً وجهةً ، أو ظنّیّاً فی ما إذا لم یمکن (4) التوفیق بینها ، بالتصرّف

[شماره صفحه واقعی : 279]

ص: 428


1- سوق العبارة یقتضی إبدال « بل » ب « إذ » ؛ لأنّ الظاهر أ نّه فی مقام تعلیل عدم المنافاة فی مقام الإثبات بین الدلیلین ، لا فی مقام الترقّی من عدم المنافاة فی مقام الإثبات إلی مطلب آخر . ( منته الدرایة 8 : 57 ) .
2- لا یخلو من تعریض بمقالة الشیخ الأعظم ؛ حیث فصّل بین صورة قطعیّة سند الخاص ودلالته ، وظنیّتهما ، وقطعیّة الدلالة وظنیّة صدوره . انظر - للتوضیح - فرائد الأُصول 4 : 15 - 17 ، ومنته الدرایة 8 : 58 - 59 .
3- هذه العبارة تکرار لسابقتها ، فالأولی : الاقتصار علیها وترک السابقة ؛ لکونها أبسط وأوفیٰ فی بیان المقصود منها . ( نهایة النهایة 2 : 246 ) .
4- أدرجنا ما هو المحتمل قویاً فی الأصل ، وفی طبعاته : یکن .

فی البعض أو الکلّ ؛ فإنّه حینئذٍ لا معنی للتعبّد بالسند فی الکلّ ؛ إمّا للعلم بکذب أحدهما (1) ، أو لأجل أ نّه لا معنی للتعبّد بصدورها مع إجمالها (2) ، فیقع التعارض بین أدلّة السند حینئذٍ ، کما لا یخفی .

فصل مقتضی الأصل الأوّلیّ فی المتعارضین
الأصل الأوّلی بناءً علی الطریقیّة: التساقط

التعارض وإن کان لا یوجب إلّاسقوطَ أحد المتعارضین عن الحجّیّة رأساً ؛ - حیث لا یوجب إلّاالعلم بکذب أحدهما ، فلا یکون هناک مانع عن حجّیّة الآخر (3) - ، إلّاأ نّه حیث کان بلا تعیین ولا عنوان واقعاً ، - فإنّه لم یعلم کذبه إلّاکذلک ، واحتمال کون کلّ منهما کاذباً (4) - ، لم یکن واحدٌ منهما بحجّة فی

[شماره صفحه واقعی : 280]

ص: 429


1- وحدة السیاق تقتضی إفراد ضمیر « أحدهما » کغیره من الضمائر لا تثنیته . ( منته الدرایة 8 : 62 ) .
2- لا یلزم الإجمال علی مذاقه من أن القرائن المنفصلة لا تخلّ بالظهور ، وإنّما تذهب بالحجّیة ، فالأولی أن یقال : أو لأجل أنه لا معنی للتعبّد بصدورها مع وجوب طرح بعضها ؛ لعدم إمکان الأخذ بأطراف المعارضة جمیعاً . ( نهایة النهایة 2 : 246 ) .
3- الأولی : أن یقال : « رافع لمقتضی حجّیة الآخر » أو « لما یقتضی حجّیة الآخر » ؛ ضرورة أ نّه قدس سره یذکر بعد ذلک مانع الحجّیة فی المدلول المطابقی لکلّ من المتعارضین ، فالعلم الإجمالی مانع عن حجّیة الآخر ، ولیس رافعاً لمقتضیها . ( منته الدرایة 8 : 68 ) .
4- لا یخفی عدم صحّة ترکیبه النحوی ، والأولی أن یقول : وإن احتمل کذب کلّ واحد فی نفسه . ( کفایة الأُصول مع حاشیة المشکینی 5 : 143 ) .

خصوص مؤدّاه ؛ لعدم التعیّن (1) فی الحجّة أصلاً (2) ، کما لا یخفیٰ .

نفی الثالث بأحد المتعارضین

صوت

[*حیدری فسایی]

نعم ، یکون نفی الثالث بأحدهما ؛ لبقائه علی الحجّیّة وصلاحیّتِه - علی ما هو علیه من عدم التعیّن (3) - لذلک ، لا بهما (4) .

هذا بناءً علی حجّیّة الأمارات من باب الطریقیّة - کما هو کذلک - ؛ حیث لا یکاد یکون حجّة طریقاً إلّاما احتمل إصابته ، فلا محالة کان العلم بکذب أحدهما مانعاً عن حجّیّته (5) .

الأصل الأوّلیّ بناءً علی السببیّة :
التفصیل بحسب المحتملات فی حجّیة الأمارة

وأمّا بناءً علی حجّیّتها من باب السببیّة ، فکذلک لو کان الحجّة هو خصوص ما لم یُعلم کذبه (6) ، بأن لا یکون المقتضی للسببیّة فیها إلّافیه ، کما هو المتیقّن من دلیل اعتبار غیر السند منها ، وهو بناء العقلاء علی أصالتی الظهور والصدور ، لا للتقیّة ونحوها ؛ وکذا السند ، لو کان دلیل اعتباره هو

[شماره صفحه واقعی : 281]

ص: 430


1- فی حقائق الأُصول ومنته الدرایة : التعیین .
2- لعلّ الأولی أن یقال : « لعدم شمول دلیل الاعتبار لهما مع العلم بکذب أحدهما إجمالاً ، الموجب لعدم شمول دلیل حجّیة الخبر لکلیهما » ؛ إذ هو المناسب لعدم حجّیة کلّ واحد منهما ، دون تعلیل المتن ؛ فإنّه یناسب حجّیة أحدهما لا بعینه . ( منته الدرایة 8 : 70 ) .
3- فی حقائق الأُصول ومنته الدرایة : التعیین .
4- الظاهر : أنّ قوله : « لا بهما » تعریض بمن جعل نفی الثالث مدلول کلا الخبرین ، لا مدلول أحدهما لا بعینه . ( منته الدرایة 8 : 71 ) . وقد أفاد ذلک أیضاً فی حاشیته علی الفرائد : 266 .
5- الأولی : إبدال العبارة ب «رافعاً لمقتضی حجّیته » . ( منته الدرایة 8 : 73 ) .
6- شروع فی الردّ علی الشیخ الأعظم القائل باندراج - المتعارضین بناءً علی حجّیة الأمارات من باب السببیّة - مطلقاً فی باب التزاحم ، من دون التفصیل المذکور فی المتن . انظر فرائد الأُصول 4 : 37 ومنته الدرایة 8 : 85 .

بناؤهم أیضاً ، وظهورُه (1) فیه لو کان هو الآیات والأخبار ؛ ضرورة ظهورها فیه (2) ، لو لم نقل بظهورها فی خصوص ما إذا حصل الظنّ منه أو الاطمئنان .

وأمّا لو کان المقتضی للحجّیّة فی کلّ واحدٍ من المتعارضین ، لکان التعارض بینهما من تزاحم الواجبین (3) ، فی ما إذا کانا مؤدّیین إلی وجوب الضدّین ، أو لزوم المتناقضین ،

[*حیدری فسایی]

لا فی ما إذا کان مؤدّیٰ أحدهما حکماً غیرَ إلزامیّ ، فإنّه حینئذٍ لا یزاحم الآخر ؛ ضرورة عدم صلاحیّة ما لا اقتضاء فیه أن یزاحَم به ما فیه الاقتضاء .

إلّاأن یقال : بأنّ قضیّة اعتبار دلیلِ غیر الإلزامیّ أن یکون عن اقتضاءٍ ، فیزاحَم به حینئذٍ ما یقتضی الإلزامیّ ، ویحکم فعلاً بغیر الإلزامیّ ، ولا یزاحَم بمقتضیه (4) ما یقتضی غیر الإلزامیّ ؛ لکفایة عدم تمامیّة علّة الإلزامیّ فی الحکم بغیره .

[شماره صفحه واقعی : 282]

ص: 431


1- لا یخفی : أنّ عطف « ظهوره » علی « المتیقّن » یقتضی أن تکون العبارة هکذا : « وظاهره » ... حتی یصیر المعنی : هو المتیقّن من دلیل اعتبار السند ، إن کان دلیل اعتباره بناؤهم ، وظاهره ، إن کان دلیل اعتبار السند : الآیات والأخبار ... وعلیه فکلمة « فیه » مستغنی عنها . ( منته الدرایة 8 : 81 - 82 ) .
2- لا یخلو هذا التعلیل من المصادرة ؛ لوحدة المدّعی والدلیل ... فلعلّ الأولی أن یقال : ضرورة انصراف إطلاقها ... إلی ما یوجب الکشف ... ( منته الدرایة 8 : 82 ) .
3- الأولی : تبدیله ب « الحکمین » ، لیشمل لزوم المتناقضین ؛ ضرورة أ نّه لیس من موارد تزاحم الواجبین ، بل من تزاحم الحکمین ، وإن کان أحدهما عدمیاً . ( منته الدرایة 8 : 84 ) .
4- أدرجنا الکلمة کما وردت فی الأصل و « ن » وهامش « ش » . وفی سائر الطبعات : « بمقتضاه » . یراجع منته الدرایة 8 : 86 .

نعم ، یکون باب التعارض من باب التزاحم مطلقاً ، لو کان قضیّة الاعتبار هو لزوم البناء والالتزام بما یؤدّی إلیه من الأحکام ، لا مجرّد العمل علی وفقه بلا لزوم الالتزام به .

وکونهما من تزاحم الواجبین حینئذٍ وإن کان واضحاً ؛ - ضرورة عدم إمکان الالتزام بحکمین فی موضوعٍ واحد من الأحکام - ، إلّاأ نّه لا دلیل - نقلاً ولا عقلاً - علی الموافقة الالتزامیّة للأحکام الواقعیّة ، فضلاً عن الظاهریّة ، کما مرّ تحقیقه (1) .

[*حیدری فسایی]

وحکم التعارض بناءً علی السببیّة - فی ما کان من باب التزاحم - هو التخییر ، لو لم یکن أحدُهما معلومَ الأهمّیّة أو محتملَها فی الجملة ، - حَسبما فصّلناه فی مسألة الضدّ (2) - ، وإلّا فالتعیین .

وفی ما لم یکن من باب التزاحم هو لزوم الأخذ بما دلّ علی الحکم الإلزامیّ ، لو لم یکن فی الآخر مقتضیاً (3) لغیر الإلزامیّ ، وإلّا فلا بأس بأخذه والعمل علیه ؛ لما أشرنا إلیه - من وجهه - آنفاً ، فافهم .

الإشکال علی قاعدة « أنّ الجمع مهما أمکن أولی من الطرح »

هذا هو قضیّة القاعدة فی تعارض الأمارات ، لا الجمع بینها (4) بالتصرّف فی أحد المتعارضین أو فی کلیهما ، کما هو قضیّة ما یتراءی ممّا قیل (5) من

[شماره صفحه واقعی : 283]

ص: 432


1- فی الأمر الخامس من مباحث القطع .
2- لم یتقدّم منه قدس سره فی مسألة الضد تفصیل ولا إجمال من هذه الحیثیّة . ( نهایة الدرایة 6 : 297 ) .
3- الصواب : «مقتضٍ» بدون الألف والیاء ، لیکون اسم «یکن» . ( منته الدرایة 8: 90 ) .
4- فی منته الدرایة : لا الجمع بینهما .
5- انظر عوالی اللآلی 4 : 136 ، وتمهید القواعد : 283 .

«أنّ الجمع مهما أمکن أولی من الطرح» ؛ إذ لا دلیل علیه فی ما لا یساعد علیه العرف ، ممّا (1) کان المجموع أو أحدهما قرینةً عرفیّةً علی التصرّف فی أحدهما بعینه أو فیهما ، کما عرفته فی الصور السابقة .

مع أنّ فی الجمع کذلک أیضاً طرحاً للأمارة أو الأمارتین ؛ ضرورة سقوط أصالة الظهور فی أحدهما أو کلیهما معه .

[*حیدری فسایی]

وقد عرفت (2) : أنّ التعارض بین الظهورین فی ما کان سنداهما قطعیّین ، وفی السندین إذا کانا ظنّیین .

وقد عرفت (3) : أنّ قضیّة التعارض إنّما هو سقوط المتعارضین فی خصوص کلّ ما یؤدّیان إلیه من الحکمین ، لا بقاؤهما علی الحجّیّة بما یتصرّف فیهما أو فی أحدهما ، أو بقاءُ سندَیْهما علیها کذلک ، بلا دلیلٍ یساعد علیه من عقل أو نقل .

توجیه القاعدة

فلا یبعد أن یکون المراد ، من إمکان الجمع هو : إمکانه عرفاً (4) . ولا ینافیه الحکمُ بأ نّه أولی مع لزومه حینئذٍ وتعیّنهِ ؛ فإنّ أولویّته من قبیل الأولویّة فی اولی الأرحام (5) ، وعلیه لا إشکال فیه ولا کلام .

[شماره صفحه واقعی : 284]

ص: 433


1- هذا بیان ل « ما یساعد علیه العرف » لا لما لا یساعد علیه العرف . انظر منته الدرایة 8 : 93 .
2- لم یذکر المصنف فی الفصل السابق حکم تعارض الدلیلین فی ما کان سندهما قطعیّین ، بل اقتصر علی تعارض السندین الظنیّین مع قطعیّة الدلالة أو الجهة . ( منته الدرایة 8 : 94 ) .
3- فی أوائل هذا الفصل ، حیث قال : ... لم یکن واحد منهما بحجّة .
4- یظهر هذا التوجیه من الشیخ الأعظم أیضاً . انظر فرائد الأُصول 4 : 24 .
5- إشارة إلی الآیة الکریمة : «وَ أُولُوا الْأَرْحٰامِ بَعْضُهُمْ أَوْلیٰ بِبَعْضٍ فِی کِتٰابِ اللّٰهِ » الأنفال : 75 .
فصل مقتضی الأصل الثانویّ فی المتعارضین
الأصل: عدم سقوط کلا المتعارضین
ولزوم الأخذ بأحدهما

لا یخفی: أنّ ما ذکر من قضیّة التعارض بین الأمارات ، إنّما هو بملاحظة القاعدة فی تعارضها ، وإلّا فربما یدّعیٰ الإجماعُ (1) علی عدم سقوط کلا المتعارضین فی الأخبار ، کما اتّفقت علیه کلمة غیر واحد من الأخبار (2) .

لزوم الأخذ بالراجح فی دوران الحجّیة بین التعیین والتخییر

ولا یخفی : أنّ اللازمَ فی ما إذا لم تنهض حجّةٌ علی التعیین أو التخییر بینهما ، هو الاقتصار علی الراجح منهما ؛ للقطع بحجّیّته - تخییراً أو تعییناً - ، بخلاف الآخر ؛ لعدم القطع بحجّیّته ، والأصل عدم حجّیّة ما لم یقطع بحجّیّته ، بل ربما ادّعی الإجماع (3) أیضاً علی حجّیّة خصوص الراجح (4) .

الاستدلال بالأخبار علی عدم سقوط المتعارضین ولزوم الأخذ بأحدهما

صوت

[*حیدری فسایی]

واستدلّ علیه بوجوه أُخر ، أحسنُها الأخبار .

وهی (5) علی طوائف:

[شماره صفحه واقعی : 285]

ص: 434


1- قال صاحب المعالم : « لا نعرف فی ذلک من الأصحاب مخالفاً » . المعالم : 250 .
2- فی « ر » : الأخیار .
3- لو تمّ فهو من الأدلّة الاجتهادیة ، ولا وجه لذکره فی مقام تأسیس الأصل ، ولذا ذکره فی ما بعد فی عداد الأدلّة الاجتهادیة . راجع کفایة الأُصول مع حاشیة المشکینی 5 : 167 .
4- قال العلّامة الحلّیّ: «ولأنّ الإجماع من الصحابة وقع علی ترجیح بعض الأخبار علی البعض» . مبادئ الوصول: 232 ، وانظر فرائد الأُصول 4 : 48 .
5- فی الضمیر استخدام ؛ إذ المراد من الأخبار هی أخبار الترجیح المدّعی دلالتها علیه ، والمراد من الضمیر : مطلق الأخبار الواردة فی مقام العلاج ، أعمّ منها ومن أخبار التخییر والتوقّف والاحتیاط . ( کفایة الأُصول مع حاشیة المشکینی 5 : 167 ) . وانظر حقائق الأُصول 2 : 564 ومنته الدرایة 8 : 101 .

منها: ما دلّ علی التخییر علی الإطلاق .

کخبر الحسن بن الجهم عن الرضا علیه السلام ، قلت: یجیئنا الرجلان - وکلاهما ثقة - بحدیثین مختلفین ، ولا یُعلم (1) أیّهما الحقّ ؟ قال: « فإذا لم یُعلم (2) فموسّعٌ علیک بأیّهما أخذتَ » (3) .

وخبر الحارث بن المغیرة عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام : «إذا سمعتَ من أصحابک الحدیث وکلّهم ثقةٌ ، فموسّع علیک حتّی تری القائم فتردَّ علیه (4)» (5) .

ومکاتبة عبد اللّٰه بن محمّد إلی أبی الحسن علیه السلام : اختلف أصحابنا فی روایاتهم عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام فی رکعتی الفجر ، فروی بعضُهم: صلّ (6) فی المحمِل ، وروی بعضهُم: لا تصلّها (7) إلّاعلی الأرض (8) ، فوقّع علیه السلام : «موسّعٌ علیک بأیّةٍ عملتَ» (9) .

[شماره صفحه واقعی : 286]

ص: 435


1- کذا فی طبعات الکتاب ، وفی المصدر : ولا نعلم .
2- کذا فی طبعات الکتاب ، وفی المصدر : لم تعلم .
3- وسائل الشیعة 27 : 121 ، الباب 9 من أبواب صفات القاضی ، الحدیث 40 .
4- کذا فی الاحتجاج - المصدر الذی نُقل عنه الحدیث فی وسائل الشیعة - وأصل الکتاب وطبعاته ، وفی وسائل الشیعة : تردّ إلیه .
5- وسائل الشیعة 27 : 122 ، الباب 9 من أبواب صفات القاضی ، الحدیث 41 .
6- فی المصدر : صلّها .
7- فی المصدر : لا تصلّهما .
8- أدرجنا ما فی المصدر ، وفی الکتاب وطبعاته : إلّافی الأرض .
9- وسائل الشیعة 27 : 122 ، الباب 9 من أبواب صفات القاضی ، الحدیث 44 .

ومکاتبة الحمیری إلی الحجّة علیه السلام ... . إلی أن قال فی الجواب عن ذلک حدیثان ... . إلی أن قال علیه السلام : «وبأیّهما أخذتَ من باب التسلیم کان صواباً» (1) ... إلی غیر ذلک من الإطلاقات (2) .

ومنها: ما دلّ علی التوقّف مطلقاً (3) .

ومنها: ما دلّ علی الأخذ بما هو (4) الحائط منها (5) .

ومنها: ما دلّ علی الترجیح بمزایا مخصوصة ومرجّحات منصوصة - من مخالفة القوم ، وموافقة الکتاب والسنّة ، والأعدلیّة ، والأصدقیّة ، والأفقهیّة ، والأورعیّة ، والأوثقیّة ، والشهرة - ، علی اختلافها فی الاقتصار علی بعضها ، وفی الترتیب بینها (6) .

[شماره صفحه واقعی : 287]

ص: 436


1- وسائل الشیعة 27 : 121 ، الباب 9 من أبواب صفات القاضی ، الحدیث 39 .
2- انظر وسائل الشیعة 27 : 108 ، الباب 9 من أبواب صفات القاضی ، الحدیثان 5 و 6 ، ومستدرک الوسائل 17 : 306 ، الباب 9 من أبواب صفات القاضی ، الحدیث 12 .
3- انظر السرائر ( المستطرفات ) 3 : 584 ، ووسائل الشیعة 27 : 120 ، الباب 9 من أبواب صفات القاضی ، الحدیث 37 ، ومستدرک الوسائل 17 : 303 ، الباب 9 من أبواب صفات القاضی ، الحدیث 2 .
4- أثبتنا العبارة کما وردت فی « ر » . وفی غیرها : ما دلّ علی ما هو ... .
5- انظر مستدرک الوسائل 17 : 303 ، الباب 9 من أبواب صفات القاضی ، الحدیث 2 ، ولا توجد روایة أُخری تدلّ علی الاحتیاط فی خصوص المتعارضین ، بل هذه الروایة الوحیدة تأمر بالاحتیاط بعد عدم المرجّح ، لا مطلقاً ، فالتعبیر عنها ب « الطائفة » مسامحة . راجع منته الدرایة 8 : 117 وحقائق الأُصول 2 : 565 .
6- انظر الکافی 1: 67 - 68 ، عیون أخبار الرضا 1: 23 - 24 ، وسائل الشیعة 27: 106 ، الباب 9 من أبواب صفات القاضی ، باب وجوه الجمع بین الأحادیث المختلفة وکیفیة العمل بها .
اختلاف الأنظار فی وجوب الترجیح ولزوم الاقتصار علی المرجّحات المنصوصة

ولأجل اختلاف الأخبار ، اختلفت الأنظار :

فمنهم من أوجب الترجیح بها ، مقیّدین بأخباره إطلاقاتِ التخییر .

وهم بین من اقتصر علی الترجیح بها (1) ، ومَنْ تعدّی منها إلی سائر المزایا (2) ، الموجبة لأقوائیّة ذی المزیّة وأقربیّته - کما صار إلیه شیخنا العلّامة (3) ( أعلی اللّٰه مقامه ) - ، أو المفیدةِ للظنّ ، کما ربّما یظهر من غیره (4) .

قصور المقبولة والمرفوعة عن إفادة وجوب الترجیح

فالتحقیق أن یقال: إنّ أجْمَعَ خبرٍ للمزایا المنصوصة فی الأخبار هو المقبولة والمرفوعة ، مع اختلافهما وضعْفِ سند المرفوعة جدّاً (5) .

والاحتجاج بهما (6) علی وجوب الترجیح فی مقام الفتوی لا یخلو عن إشکال ؛ لقوّة احتمال اختصاص الترجیح بها بمورد الحکومة ، لرفع المنازعة وفصل الخصومة ، کما هو موردهما (7) ،

[*حیدری فسایی]

ولا وجهَ معه للتعدّی منه إلی غیره ، کما لا یخفی .

[شماره صفحه واقعی : 288]

ص: 437


1- وهو ما یظهر من کلمات بعض المحدّثین . انظر الحدائق الناضرة 1 : 90 .
2- وهو المنسوب إلی جمهور المجتهدین ، کما فی فرائد الأُصول 4 : 75 .
3- فی فرائد الأُصول 4 : 75 - 78 ، وکذا صاحب الفصول فی فصوله : 443 .
4- کالمحقّق القمّی فی القوانین 2 : 299 والسیّد الطباطبائی فی مفاتیح الأُصول : 688 .
5- إذ لم یروها إلّاابن أبی جمهور عن العلّامة ؛ مرفوعاً إلی زرارة . ( حقائق الأُصول 2 : 566 ) .
6- کذا فی الأصل وطبعاته ، والصواب : إفراد الضمیر ؛ لاختصاص الإشکال - الذی ذکره بقوله : « والاحتجاج » - بالمقبولة ، وأما المرفوعة فلیس فیها ذکْر عن الخصومة ورفع المنازعة . انظر : منته الدرایة 8 : 130 وکفایة الأُصول مع حاشیة المشکینی 5 : 173 .
7- الحقّ : - علی ما أوضحناه فی التعلیقة السابقة - إفراد الضمیر ؛ لیرجع إلی المقبولة . انظر منته الدرایة 8 : 132 .

ولا وجهَ لدعوی تنقیح المناط ، مع ملاحظة أنّ رفع الخصومة بالحکومة فی صورة تعارض الحَکَمین ، وتعارضِ ما استندا (1) إلیه من الروایتین ، لا یکاد یکونُ إلّابالترجیح ، ولذا أمر علیه السلام بإرجاء الواقعة إلی لقائه علیه السلام فی صورة تساویهما فی ما ذُکِر من المزایا ، بخلاف مقام الفتوی .

ومجرّد مناسبة الترجیح لمقامها أیضاً ، لا یوجب ظهور الروایة فی وجوبه مطلقاً ، ولو فی غیر مورد الحکومة ، کما لا یخفی .

وإن أبیتَ إلا عن ظهورهما فی الترجیح فی کلا المقامین ، فلا مجال لتقیید إطلاقات التخییر فی مثل زماننا - ممّا لا یتمکّن من لقاء الإمام علیه السلام - بهما ؛ لقصور المرفوعة سنداً ، وقصور المقبولة دلالةً ؛ لاختصاصها بزمان التمکّن من لقائه علیه السلام ، ولذا ما أرجع إلی التخییر بعد فقْد الترجیح .

مع أنّ تقییدَ الإطلاقات الواردة فی مقام الجواب عن سؤال حُکم المتعارضین - بلا استفصال عن کونهما متعادلین أو متفاضلین ، مع ندرة کونهما متساویین جدّاً - بعیدٌ قطعاً ، بحیث لو لم یکن ظهورُ المقبولة فی ذاک الاختصاص لَوَجب حَمْلُها علیه ، أو علی ما لا ینافیها من الحمل علی الاستحباب - کما فعله بعض الأصحاب (2) - . ویشهد به الاختلاف الکثیر بین ما دلّ علی الترجیح من الأخبار (2) .

[شماره صفحه واقعی : 289]

ص: 438


1- أدرجنا الکلمة مثل ما وردت فی الأصل « ن » ومنته الدرایة ، وفی غیرها : « ما استند » . قال فی منته الدرایة 8 : 133 : بلفظ التثنیة کما فی النسخة المطبوعة عن نسخة الأصل ، وهو الصحیح ، دون ما فی سائر النسخ من الإفراد ؛ وذلک لرجوعه إلی الحکمین .
2- نسبه المحقّق الشیخ عبد الحسین الرشتی ( شرح کفایة الأُصول 2 : 324 ) إلی العلّامة المجلسی ، والسیّد الصدر ( شرح الوافیة : 500 « مخطوط » ) . والذی یظهر من شارح الوافیة هو حمل جمیع أخبار الترجیح - لا خصوص المقبولة - علی الاستحباب .
قصور سائر أخبار الترجیح عن إفادة الوجوب

ومنه قد انقدح حال سائر أخباره .

[*حیدری فسایی]

مع أنّ فی کون أخبار موافقة الکتاب ، أو مخالفة القوم من أخبار الباب نظراً ، وجهُهُ : قوّةُ احتمال أن یکون الخبر المخالف للکتاب فی نفسه غیرَ حجّة ؛ بشهادة ما ورد : فی أ نّه زخرف (1) ، وباطل ، ولیس بشیءٍ (2) ، أو أ نّه لم نقله (3) ، أو أُمر بطرحه علی الجدار (4) . وکذا الخبر الموافق للقوم ؛ ضرورة أنّ أصالة عدم صدوره تقیّةً - بملاحظة الخبر المخالف لهم ، مع الوثوق بصدوره لولا القطع به - غیرُ جاریة ؛ للوثوق حینئذٍ بصدوره کذلک . وکذا الصدور أو الظهور فی الخبر المخالف للکتاب یکونُ موهوناً ، بحیث لا یعمّه أدلّة اعتبار السند ، ولا الظهور ، کما لا یخفی .

فتکون هذه الأخبار فی مقام تمییز الحجّة عن اللاحجّة ، لا ترجیحِ الحجّة علی الحجّة ، فافهم .

وإن أبیتَ عن ذلک ، فلا محیصَ عن حملها - توفیقاً بینها وبین

[شماره صفحه واقعی : 290]

ص: 439


1- انظر وسائل الشیعة 27 : 111 ، الباب 9 من أبواب صفات القاضی الحدیثان 14 و 15 ، والصفحة 124 ، الحدیث 48 .
2- لم نعثر علی روایة بمضمون : ما خالف کتاب اللّٰه فلیس بشیء .
3- وسائل الشیعة 27 : 111 ، الباب 9 من أبواب صفات القاضی ، الحدیث 15 ، والمحاسن 1 : 221 .
4- لم نظفر بالروایة المشتملة علی هذه العبارة ، نعم روی الشیخ الطوسی فی مقدّمة تفسیره التبیان 1 : 5 : عنه علیه السلام أ نّه قال : إذا جاءکم عنّی حدیث فاعرضوه علی کتاب اللّٰه ... وما خالفه فاضربوا به عَرض الحائط .

الإطلاقات - إمّا علی ذلک ، أو علی الاستحباب ، کما أشرنا إلیه آنفاً (1) ، هذا .

ثمّ إنّه لولا التوفیق بذلک لَلَزم التقیید أیضاً فی أخبار المرجّحات ، وهی آبیة عنه ، کیف یمکن تقیید مثل : «ما خالف قول ربّنا لم أقله » أو : « زخرف » أو « باطل » ؟! کما لا یخفی .

فتلخّص ممّا ذکرنا: أنّ إطلاقات التخییر محکَّمة ، ولیس فی الأخبار ما یصلح لتقییدها .

أدلّة أُخری علی وجوب الترجیح والکلام فیها

نعم ، قد استدلّ علی تقییدها - ووجوبِ الترجیح فی المتفاضلین - بوجوه أُخر:

منها: دعوی الإجماع علی الأخذ بأقوی الدلیلین (2) .

وفیه: أنّ دعوی الإجماع - مع مصیر مثل الکلینیّ إلی التخییر ، وهو فی عهد الغیبة الصغری ، ویخالط النوّاب والسفراء ، قال فی دیباجة الکافی :

«ولا نجد شیئاً أوسع ولا أحوط من التخییر» (3) - مجازفةٌ .

[شماره صفحه واقعی : 291]

ص: 440


1- إذ قال فی حدیثه عن المقبولة : « لوجب حملها علیه ، أو علی ما لا ینافیها من الحمل علی الاستحباب » .
2- فرائد الأُصول 4 : 48 .
3- الکافی 1 : 9 ، لکنّ العبارة فیه هکذا : ولا نجد شیئاً أحوط ولا أوسع من ردّ علم ذلک کلّه إلی العالم علیه السلام وقبول ما وسّع من الأمر فیه بقوله علیه السلام : بأ یّهما أخذتم من باب التسلیم وسعکم . قال فی حقائق الأُصول 2 : 570 : لم ینقل الخلاف عنه ( الکلینی قدس سره ) فی الترجیح ، وإنما المنقول عنه : السیّد الصدر من أصحابنا ، والجبائیان من العامة ، بل عبارته المحکیة کالصریحة فی وجوب الترجیح . قال : إعلم یا أخی أرشدک اللّٰه - تعالی - إنه لا یسع أحد تمییز شیء مما اختلفت الروایة فیه من العلماء برأیه إلّاما أطلقه العالم علیه السلام بقوله : اعرضوهما علی کتاب اللّٰه ، فما وافق کتاب اللّٰه فخذوه وما خالف ... ولا نعرف من جمیع ذلک إلّاأقلّه ، ولا نجد شیئاً أحوط و ... فإنّه أشار بصدر عبارته إلی مضمون المقبولة ، فهو مفتٍ به ، وأ مّا قوله : ولا نجد ... فلعلّه - بقرینة قوله : و « لا نعرف » - یرید به : أ نّه حیث لا یمکن العلم غالباً بثبوت هذه المرجّحات یجب الرجوع إلی إطلاقات التخییر ، ولا یجوز الأخذ بالظن . یلاحظ أیضاً کفایة الأُصول مع حاشیة المشکینی 5 : 180 ، ونهایة الدرایة 6 : 324 .

صوت

[*حیدری فسایی]

ومنها: أ نّه لو لم یجب ترجیح ذی المزیّة لزم ترجیح المرجوح علی الراجح ، وهو قبیح عقلاً ، بل ممتنع قطعاً (1) .

وفیه: أ نّه إنّما یجب الترجیح لو کانت المزیّة موجبة لتأکّدُ ملاک الحجّیّة فی نظر الشارع ؛ ضرورةَ إمکان أن تکون تلک المزیّة بالإضافة إلی ملاکها ، من قبیل الحَجَر فی جنب الإنسان ، وکان (2) الترجیح بها بلا مرجّح ، وهو قبیح ، کما هو واضح ، هذا .

مضافاً إلی ما هو فی الإضراب من الحکم بالقبح إلی الامتناع ، من أنّ الترجیح بلا مرجّح فی الأفعال الاختیاریّة - ومنها الأحکام الشرعیّة - لا یکون إلّا قبیحاً (3) ، ولا یستحیل وقوعه إلّاعلی الحکیم - تعالی - ، وإلّا فهو بمکانٍ

[شماره صفحه واقعی : 292]

ص: 441


1- هذا الدلیل نسبه السیّد الطباطبائیّ إلی العلّامة الحلّی وآخرین . راجع مفاتیح الأُصول: 687 . واعتمد علیه المحقّق القمّی أیضاً ، یراجع قوانین الأُصول 2 : 278 .
2- الأولی : « فکان ... » ؛ لأنّ کون الترجیح بها بلا مرجّح ، نتیجة إمکان عدم دخل المزیّة فی ملاک الحجّیة ، فالتفریع أولی من العطف . ( منته الدرایة 8 : 198 ) .
3- فی العبارة مسامحة واضحة ؛ إذ ظاهره کونه فی الأفعال الاختیاریة قبیحاً دائماً ، لا ممتنعاً ، وفی غیره ممتنعاً دائماً . والثانی وإن کان کذلک ، إلّاأنّ الأول لیس کما ذکره ؛ إذ المرجّح فیه إن کان بمعنی العلّة فهو أیضاً محالٌ ذاتاً . وإن کان بمعنی الداعی العقلائی ، فهو یصیر قبیحاً من دون الاستحالة الذاتیة ؛ إذ الداعی الغیر العقلائی المحرّک للفاعل یکفی فی وجوده . وقد تدارک هذه المسامحة فی آخر العبارة بقوله : وبالجملة الترجیح ... ( کفایة الأُصول مع حاشیة المشکینی 5 : 183 - 184 ) .

من الإمکان ؛ لکفایة إرادة المختار علّة لفعله ، وإنّما الممتنع هو وجود الممکن بلا علّة ، فلا استحالة فی ترجیحه - تعالی - للمرجوح ، إلّامن باب امتناع صدوره منه - تعالی - ، وأمّا غیره فلا استحالة فی ترجیحه لما هو المرجوح ممّا (1) باختیاره .

وبالجملة: الترجیح بلا مرجّح بمعنی : «بلا علّة» محالٌ ، وبمعنی : «بلا داعٍ عقلائیّ» قبیحٌ لیس بمحال ، فلا تشتبه .

[*حیدری فسایی]

ومنها: غیر ذلک (2) ممّا لا یکاد یفید الظنّ ، فالصفح عنه أولیٰ وأحسن .

آثار القول بالتخییر

ثمّ إنّه لا إشکال فی الإفتاء بما اختاره من الخبرین ، فی عمل نفسه وعمل مقلِّدیه .

ولا وجه للإفتاء بالتخییر فی المسألة الفرعیّة ؛ لعدم الدلیل علیه فیها .

نعم ، له الإفتاء به فی المسألة الاُصولیّة ، فلا بأس حینئذٍ باختیار المقلِّد غیرَ ما اختاره المفتی ، فیعمل بما یَفهم منه ، بصریحه أو بظهوره الّذی لا شبهة فیه .

التخییر استمراریّ

وهل التخییر بدویّ أم استمراریّ ؟

قضیّة الاستصحاب - لولم نقل بأ نّه قضیّة الإطلاقات أیضاً - کونهُ استمراریّاً .

[شماره صفحه واقعی : 293]

ص: 442


1- فی هامش « ش » : بما ( نسخة بدل ) .
2- راجع مفاتیح الأُصول : 687 ، وفرائد الأُصول 4 : 53 - 54 .

وتوهُّمُ : أنّ المتحیّر کان محکوماً بالتخییر ، ولا تحیُّر له بعد الاختیار ، فلا یکون الإطلاق ولا الاستصحاب مقتضیاً للاستمرار ؛ لاختلاف الموضوع فیهما (1).

فاسدٌ ؛ فإنّ التحیّر بمعنیٰ تعارض الخبرین باقٍ علی حاله ، وبمعنی آخر ، لم یقع فی خطابٍ موضوعاً للتخییر أصلاً ، کما لا یخفی .

فصل : الاقتصار علی المرجّحات المنصوصة أو التعدّی عنها
اشارة

صوت

[*حیدری فسایی]

هل علی القول بالترجیح یُقتصر فیه علی المرجّحات المخصوصة المنصوصة ، أو یتعدّی إلی غیرها ؟

وجوه القول بالتعدّی

قیل : بالتعدّی (2) ؛ لما فی الترجیح بمثل الأصدقیّة والأوثقیّة ونحوهما ، ممّا فیه (3) من الدلالة علی أنّ المناط فی الترجیح بها ، هو کونها موجبةً للأقربیّة إلی الواقع .

ولما فی التعلیل ب : « أنّ المشهور ممّا لا ریب فیه » من استظهار أنّ العلّة هو : عدم الریب فیه ، بالإضافة إلی الخبر الآخر ، ولو کان فیه ألف ریب .

[شماره صفحه واقعی : 294]

ص: 443


1- هذا محصّل إشکال الشیخ الأعظم فی استمراریة التخییر . راجع فرائد الأُصول 4 : 43 .
2- القائل هو الشیخ الأعظم ونسبه إلی جمهور المجتهدین . راجع فرائد الأُصول 4 : 75 ، معارج الأُصول: 154 - 155 ، الفوائد الحائریّة: 207 - 214 و221 ، القوانین 2: 293 ، الفصول: 442 ومفاتیح الأُصول: 688 .
3- لا توجد عبارة « مما فیه » فی « ق » .

ولما فی التعلیل بأنّ الرشد فی خلافهم (1) .

الإشکال فی وجوه التعدّی

ولا یخفی ما فی الاستدلال بها:

أمّا الأوّل: فلأنّ (2) جعل خصوص شیءٍ فیه جهة الإراءة والطریقیّة حجّةً أو مرجِّحاً ، لا دلالة فیه علی أنّ الملاک فیه بتمامه جهة إراءته ، بل لا إشعار فیه کما لا یخفی ؛ لاحتمال (3) دخل خصوصیّته فی مرجِّحیّته أو حجّیّته ، لا سیّما قد ذکر فیها ما لا یحتمل الترجیح به إلّاتعبّداً ، فافهم .

[*حیدری فسایی]

وأمّا الثانی: فلتوقّفه علی عدم کون الروایة المشهورة فی نفسها ممّا لا ریب فیها ، مع أنّ الشهرة فی الصدر الأوّل بین الرواة وأصحاب الأئمّة علیهم السلام موجبةٌ لکون الروایة ممّا یُطمأنّ بصدورها ، بحیث یصحّ أن یقال عرفاً: إنّها ممّا لا ریب فیها ، کما لا یخفی .

ولا بأس بالتعدّی منه إلی مثله (4) ، ممّا یوجب الوثوق والاطمئنان بالصدور ، لا إلی کلّ مزیّة ولولم توجب إلّاأقربیّة ذی المزیّة إلی الواقع ، من المعارض الفاقد لها .

[شماره صفحه واقعی : 295]

ص: 444


1- الوجوه الثلاثة للتعدّی مذکورة فی فرائد الأُصول 4 : 76 - 78 .
2- أثبتنا الکلمة من « ر » ومنته الدرایة ، وفی غیرهما : فإنّ . یلاحظ منته الدرایة 8 : 213 .
3- هذا التعلیل لا یلائم عدم الإشعار ، بل یلائم الإشعار ، نعم ، ذلک یناسب عدم الدلالة ؛ حیث إنّ قوّة احتمال دخل خصوصیّة المورد تمنع الظهور العرفی ، ولا تمنع الإشعار . ( منته الدرایة 8 : 214 - 215 ) .
4- هذا الضمیر وضمیر « منه » راجعان إلی الشهرة ، وکان الأولی تأنیث الضمیرین ( منته الدرایة 8 : 219 ) .

وأمّا الثالث: فلاحتمال أن یکون الرشد فی نفس المخالفة ؛ لحسنها .

ولو سُلّم أ نّه لغلبة الحقّ فی طرف الخبر المخالف ، فلا شبهة فی حصول الوثوق بأنّ الخبر الموافق المعارَض بالمخالف لا یخلو من الخلل صدوراً ، أو جهةً ، ولا بأس بالتعدّی منه إلی مثله ، کما مرّ آنِفاً .

ومنه انقدح حال ما إذا کان التعلیل لأجل انفتاح باب التقیّة فیه ؛ ضرورةَ کمال الوثوق بصدوره کذلک ، مع الوثوق بصدورهما - لولا القطعُ به - فی الصدر الأوّل ؛ لقلّة الوسائط ومعرفتها ، هذا .

بعض القرائن الدالّة علی لزوم الاقتصار

مع ما فی عدم بیان الإمام علیه السلام للکلّیّة ، کی لا یحتاج السائل إلی إعادة السؤال مراراً ، وما فی أمره علیه السلام بالإرجاء - بعد فرض التساوی فی ما ذکره من المزایا المنصوصة - من الظهور فی أنّ المدار فی الترجیح علی المزایا المخصوصة ، کما لا یخفی .

لابدّ - علی القول بالتعدّی - من التعدّی إلی کلّ مزیة ولو لم توجب الظنّ أو الأقربیّة

صوت

[*حیدری فسایی]

ثمّ إنّه (1) بناءً علی التعدّی ، حیث کان فی المزایا المنصوصة ما لا یوجب الظنّ بذی المزیّة ، ولا أقربیّتَه - کبعض صفات الراوی ، مثل الأورعیّة أو الأفقهیّة ، إذا کان موجِبهما ممّا لایوجب الظنّ أو الأقربیّة ، کالتورّع من الشبهات ، والجهد فی العبادات ، وکثرةِ التتبّع فی المسائل الفقهیّة ، أو المهارة فی القواعد الاُصولیّة - فلا وجه للاقتصار علی التعدّی إلی خصوص ما یوجب

[شماره صفحه واقعی : 296]

ص: 445


1- إشارة إلی نزاعٍ جارٍ بین الشیخ الأعظم وبین السیّد المجاهد من أ نّه بناءً علی التعدّی هل یتعدّی إلی خصوص المزیّة الموجبة للظنّ الشأنی ( الأقربیّة ) ، کما هو مختار الشیخ ( فرائد الأُصول 4 : 116 - 117 ) ، أو یتعدّی إلی خصوص المزیّة الموجبة للظنّ الفعلی ، کما هو مختار السیّد الطباطبائی ؟ ( مفاتیح الأُصول : 688 ) . وقد اختار المصنّف التعدّی إلی کلّ مزیّة ولو لم توجب الظنّ الشأنی ولا الفعلی .

الظنّ أو الأقربیّة ، بل إلی کلّ مزیّة ، ولولم تکن بموجبة لأحدهما ، کما لا یخفی .

الإشکال علی القول بالتعدّی من باب الظنّ الفعلی والجواب عنه

وتوهّم: أنّ ما یوجب الظنّ بصدق أحد الخبرین لا یکون بمرجِّح ، بل موجبٌ لسقوط الآخر عن الحجّیّة ؛ للظنّ بکذبه حینئذٍ (1) .

فاسدٌ ؛ فإنّ الظنّ بالکذب لا یضرُّ بحجّیّة ما اعتبر من باب الظنّ نوعاً ، وإنّما یضرّ فی ما أُخذ فی اعتباره عدمُ الظنّ بخلافه ، ولم یؤخذ فی اعتبار الأخبار - صدوراً ولا ظهوراً ولا جهةً - ذلک ، هذا .

مضافاً إلی اختصاص حصول الظنّ بالکذب بما إذا علم بکذب أحدهما صدوراً ، وإلّا فلا یوجب الظنّ بصدور أحدهما ؛ لإمکان صدورهما مع عدم إرادة الظهور فی أحدهما أو فیهما ، أو إرادتهِ تقیّةً ، کما لا یخفی .

[*حیدری فسایی]

[*حیدری فسایی]

نعم ، لو کان وجه التعدّی اندراجَ ذی المزیّة فی أقوی الدلیلین ، لَوَجب الاقتصار علی ما یوجب القُوّة فی دلیلیّته ، وفی جهة إثباته وطریقیّته ، من دون التعدّی إلی ما لا یوجب ذلک ، وإن کان موجباً لقوّة مضمون ذیه ثبوتاً ، کالشهرة الفتوائیّة أو الأولویّة الظنّیّة ونحوهما ؛ فإنّ المنساق من قاعدة :

أقوی الدلیلین ، - أو المتیقّن منها - ، إنّما هو الأقویٰ دلالةً (2) ، کما لا یخفی ، فافهم .

[شماره صفحه واقعی : 297]

ص: 446


1- هذا الإشکال أورده الشیخ الأعظم علی القول بالتعدّی إلی کلّ ما یوجب الظنّ الشخصی الفعلی بالصدور . انظر فرائد الأُصول 4 : 116 - 117 .
2- لفظ « الدلالة » ظاهر فی الظهور ، لا الدلیلیّة الشاملة له والسند والجهة ، والمراد هو الثانی ، کما یظهر من صدر الکلام ، وفی العبارة مسامحة واضحة . ( کفایة الأُصول مع حاشیة المشکینی 5 : 202 ) .
فصل الکلام فی شمول أخبار العلاج لموارد الجمع العرفی
اشارة

صوت

[*حیدری فسایی]

قد عرفت سابقاً (1) : أ نّه لا تعارض فی موارد الجمع والتوفیق العرفیّ ، ولا یعمّها ما یقتضیه الأصل فی المتعارضین ، من سقوط أحدهما رأساً ، وسقوط کلّ منهما ، فی خصوص مضمونه کما إذا لم یکونا فی البین ؛

القولان فی المسألة

فهل التخییر أو الترجیح یختصّ أیضاً بغیر مواردها (2) أو یعمّها ؟ قولان :

وجه القول بعدم الشمول

أوّلهما المشهور (3) ، وقصاری ما یقال فی وجهه (4): أنّ الظاهر من الأخبار العلاجیّة - سؤالاً وجواباً - هو التخییر أو الترجیح فی موارد التحیّر ، ممّا لا یکاد یستفاد المراد هناک عرفاً ، لا فی ما یستفاد ولو بالتوفیق ، فإنّه من أنحاء طُرُق الاستفادة عند أبناء المحاورة .

الاشکال علی الوجه المذکور

صوت

[*حیدری فسایی]

ویشکل : بأنّ مساعدة العرف علی الجمع والتوفیق ، وارتکازَه فی أذهانهم علی وجه وثیق ، لا یوجب اختصاص السؤالات بغیر موارد الجمع ؛ لصحّة السؤال بملاحظة التحیّر فی الحال ، لأجل ما یتراءی من المعارضة ، وإن کان یزول عرفاً بحسب المآل ، أو للتحیّر فی الحکم واقعاً ، وإن لم یتحیّر فیه ظاهراً ، وهو کافٍ فی صحّته قطعاً .

[شماره صفحه واقعی : 298]

ص: 447


1- فی بدایة الفصل الأول من هذا المقصد ، حیث قال فی الصفحة : 275 : وعلیه فلا تعارض بینهما بمجرّد تنافی مدلولهما إذا کان بینهما حکومة رافعة للتعارض .
2- الأولی : تذکیر الضمیر ؛ لرجوعه إلی « الجمع » . ( منته الدرایة 8 : 235 ) .
3- بل قال الشیخ الأعظم : وما ذکرناه کأ نّه مما لا خلاف فیه . ( فرائد الأُصول 4 : 82 ) .
4- أفاده الشیخ الأعظم فی فرائده 4 : 81 .

مع إمکان أن یکون لاحتمال الردع شرعاً عن هذه الطریقة المتعارفة بین أبناء المحاورة ، وجلُّ العناوین المأخوذة فی الأسئلة (1) - لولا کلّها - یعمّها ، کما لا یخفی .

ودعوی: أنّ المتیقّن منها غیرها ، مجازفةٌ ، غایته أ نّه کان کذلک خارجاً ، لا بحسب مقام التخاطب .

وبذلک ینقدح وجه القول الثانی .

وجهٌ آخر فی إثبات القول بعدم الشمول

صوت

[*حیدری فسایی]

اللهمّ إلّاأن یقال: إنّ التوفیق فی مثل الخاصّ والعامّ ، والمقیّد والمطلق ، کان علیه السیرة القطعیّة من لدن زمان الأئمّة علیهم السلام ، وهی کاشفة - إجمالاً - عمّا یوجب تخصیص أخبار العلاج بغیر موارد التوفیق العرفیّ ، لولا دعوی اختصاصها به ، وأ نّها - سؤالاً وجواباً - بصدد الاستعلاج والعلاج فی موارد التحیّر والاحتیاج ، أو دعوی الإجمال ، وتساوی احتمال العموم مع احتمال الاختصاص .

[*حیدری فسایی]

ولا ینافیها (2) مجرّد صحّة السؤال لما (3) لا ینافی العموم ما لم یکن هناک ظهورُ أ نّه لذلک (4) .

[شماره صفحه واقعی : 299]

ص: 448


1- کما فی حدیث الحسن بن الجهم عن الرضا علیه السلام : « تجیئنا الأحادیث عنکم مختلفة » . وسائل الشیعة 27 : 121 ، الباب 9 من أبواب صفات القاضی ، الحدیث 40 ، وحدیث محمد بن عبد اللّٰه عن الرضا علیه السلام : « کیف نصنع بالخبرین المختلفین » . ( المصدر : 119 ، الحدیث 34 ) .
2- فی « ر » : « ولا ینافیهما » وأرجع الضمیر إلی الدعویین . انظر شرح کفایة الأُصول للشیخ عبد الحسین الرشتی 2 : 332 .
3- الأولی : تبدیله ب « عمّا » . ( منته الدرایة 8 : 247 ) .
4- لا یخفی عدم حُسن العبارة ، والمراد : أنّ صحّة السؤال عن مطلق التعارض لا توجب ظهوراً له فیه . ( کفایة الأُصول مع حاشیة المشکینی 5 : 206 ) .

فلم یثبت بأخبار العلاج ردعٌ عمّا هو (1) علیه بناء العقلاء وسیرة العلماء ، من التوفیق ، وحملِ الظاهر علی الأظهر ، والتصرّفِ فی ما یکون صدورهما قرینةً علیه ، فتأمّل .

فصل الکلام فی المرجّحات النوعیّة الدلالیّة
اشارة

قد عرفت (2) حکم تعارض الظاهر والأظهر ، وحمْلَ الأوّل علی الآخر ، فلا إشکال فی ما إذا ظهر أنّ أیّهما ظاهر وأیّهما أظهر .

وقد ذُکر فی ما اشتبه الحال لتمییز ذلک ما لا عبرة به أصلاً ، فلا بأس بالإشارة إلی جملةٍ منها وبیانِ ضعفها:

1 - ترجیح العموم علی الإطلاق
اشارة

منها: ما قیل (3) فی ترجیح ظهور العموم علی الإطلاق ، وتقدیمِ التقیید علی التخصیص - فی ما دار الأمر بینهما -

[*حیدری فسایی]

من : کون ظهور العامّ فی العموم تنجیزیّاً ، بخلاف ظهور المطلق فی الإطلاق ، فإنّه معلّقٌ علی عدم البیان ، والعامّ یصلح بیاناً ، فتقدیم العامّ حینئذٍ لعدم تمامیّة مقتضی الإطلاق معه ، بخلاف العکس ، فإنّه موجب لتخصیصه بلا وجهٍ إلّاعلی نحو دائر ؛ ومن : أنّ التقیید أغلبُ من التخصیص .

[شماره صفحه واقعی : 300]

ص: 449


1- هذه الکلمة زائدة ، فیکفی أن یقال : عمّا علیه ... ( منته الدرایة 8 : 248 ) .
2- فی أوائل هذا المقصد ، حیث قال فی الصفحة : 278 : ولا تعارض أیضاً إذا کان أحدهما قرینةً علی التصرف فی الآخر ، کما فی الظاهر مع النص أو الأظهر .
3- قاله الشیخ الأعظم فی فرائد 4 : 97 - 98 .
المناقشة فی هذا الترجیح

صوت

[*حیدری فسایی]

وفیه: أنّ عدم البیان - الّذی هو جزء المقتضی فی مقدّمات الحکمة - إنّما هو عدم البیان فی مقام التخاطب ، لا إلی الأبد .

وأغلبیّةُ التقیید مع کثرة التخصیص - بمثابة قد قیل: «ما من عامّ إلّاوقد خصّ» - غیرُ مفید (1) ؛ فلا بدّ فی کلّ قضیّة من ملاحظة خصوصیّاتها الموجبة لأظهریّة أحدهما من الآخر ، فتدبّر .

2 - ترجیح التخصیص علی النسخ
اشارة

ومنها: ما قیل (2) فی ما إذا دار بین التخصیص والنسخ - کما إذا ورد عامّ بعدَ حضور وقت العمل بالخاصّ ، حیث یدور بین أن یکون الخاصّ مخصِّصاً ، أو یکون العامّ ناسخاً ؛

[*حیدری فسایی]

أو ورد الخاصّ بعد حضور وقت العمل بالعامّ ، حیث یدور بین أن یکون الخاصّ مخصِّصاً للعامّ ، أو ناسخاً له ورافعاً لاستمراره ودوامه - فی وجه تقدیم التخصیص علی النسخ من : غلبة التخصیص وندرة النسخ .

الإشکال علی الترجیح المذکور

صوت

[*حیدری فسایی]

ولا یخفی: أنّ دلالة الخاصّ أو العامّ علی الاستمرار والدوام إنّما هو بالإطلاق ، لا بالوضع ، فعلی الوجه العقلیّ فی تقدیم التقیید علی التخصیص ، کان اللازم فی هذا الدوران تقدیم النسخ علی التخصیص أیضاً .

[*حیدری فسایی]

وأنّ غلبة التخصیص إنّما توجب أقوائیّةَ ظهور الکلام فی الاستمرار والدوام من ظهور العامّ فی العموم ، إذا کانت مرتکزةً فی أذهان أهل المحاورة ، بمثابةٍ تُعدُّ من القرائن المکتنفة بالکلام ، وإلّا فهی وإن کانت مفیدةً للظنّ بالتخصیص ، إلّا أنّها غیر موجبة لها (3) ، کما لا یخفی .

[شماره صفحه واقعی : 301]

ص: 450


1- خبر « وأغلبیّة » ... والأولی أن یقال : غیر مفیدة . ( منته الدرایة 8 : 254 ) .
2- قاله الشیخ الأنصاری فی فرائده 4 : 93 - 94 .
3- لکنّ المصنّف أفاد فی مبحث العام والخاص ، تقدیم التخصیص علی النسخ بقوله: «إلّا أنّ الأظهر کونه مخصِّصاً ، ولو فی ما کان ظهور العامّ فی عموم الأفراد أقوی من ظهور الخاصّ فی الخصوص ؛ لما اشیر إلیه من تعارف التخصیص وشیوعه وندرة النسخ جدّاً فی الأحکام» . راجع الجزء الأول ، الصفحة : 329 - 330 .
الإشکال فی الخصوصات الصادرة عن الأئمة علیهم السلام بعدحضور وقت العمل بعمومات الکتاب والسنّة

صوت

[*حیدری فسایی]

ثمّ إنّه بناءً علی اعتبار عدم حضور وقت العمل فی التخصیص - لئلّا یلزم تأخیر البیان عن وقت الحاجة - یُشکل الأمرُ فی تخصیص الکتاب أو السنّة بالخصوصات الصادرة عن الأئمّة علیهم السلام ؛ فإنّها صادرة بعد حضور وقت العمل بعموماتهما ، والتزامُ نسخهما (1) بها - ولو قیل بجواز نسخهما بالروایة عنهم علیهم السلام - کما تری .

جواب الإشکال

فلا محیصَ فی حلّه من أن یقال: إنّ اعتبار ذلک حیث کان لأجل قبح تأخیر البیان عن وقت الحاجة - وکان من الواضح أنّ ذلک فی ما إذا لم یکن هناک مصلحةٌ فی إخفاء الخصوصات ، أو مفسدةٌ فی إبدائها ، کإخفاء غیر واحد من التکالیف فی الصدر الأوّل - ، لم یکن بأس بتخصیص عموماتهما بها ، واستکشافِ أنّ موردها کان خارجاً عن حکم العامّ واقعاً ، وإن کان داخلاً فیه ظاهراً .

ولأجله لا بأس بالالتزام بالنسخ ، بمعنی رفع الید بها عن ظهور تلک العمومات - بإطلاقها - فی الاستمرار والدوام أیضاً (2) ، فتفطّن .

[شماره صفحه واقعی : 302]

ص: 451


1- أثبتنا العبارة کما وردت فی الأصل و « ن » ومنته الدرایة . وفی غیرها : بعموماتها والتزام نسخها .
2- أفاد الشیخ الأنصاری الإشکال والجوابین المذکورین هنا ، مضافاً إلی جوابٍ ثالث لم یذکره المصنّف ، غیر أنّ الشیخ رجّح الوجه الأول المذکور هنا واستشکل فی الجوابین الآخرین . راجع فرائد الأُصول 4 : 94 - 95 .
فصل الکلام فی انقلاب النسبة
التعارض بین أکثر من دلیلین مع اتحاد النسبة

لا إشکال فی تعیین الأظهر - لوکان فی البین - إذا کان التعارض بین الاثنین . وأمّا إذا کان بین الزائد علیهما فتعیُّنه ربّما لا یخلو عن خفاء .

ذهاب بعض الأعلام إلی انقلاب النسبة

ولذا وقع بعض الأعلام (1) فی اشتباه وخطأ ، حیث توهّم : أ نّه إذا کان هناک عامّ وخصوصات ، وقد خُصِّص ببعضها ، کان اللازم ملاحظة النسبة بینه وبین سائر الخصوصات بعد تخصیصه به (2) ، فربّما تنقلب النسبة إلی عمومٍ وخصوص من وجه ، فلابدّ من رعایة هذه النسبة ، وتقدیمِ (3) الراجح منه ومنها ، أو التخییرِ بینه وبینها لو لم یکن هناک راجح ، لا تقدیمُها علیه ، إلّاإذا کانت النسبة بعده علی حالها .

الإشکال علی انقلاب النسبة

وفیه: أنّ النسبة إنّما هی بملاحظة الظهورات ، وتخصیصُ العامّ بمخصِّص منفصل - ولو کان قطعیّاً - لا ینثلم به ظهورُه ، وإن انثلم به حجّیّتهُ ، ولذلک یکون بعد التخصیص حجّةً فی الباقی ؛ لأصالة عمومه بالنسبة إلیه .

لا یقال: إنّ العامّ بعد تخصیصه بالقطعیّ لا یکون مستعملاً فی العموم قطعاً ، فکیف یکون ظاهراً فیه ؟

[شماره صفحه واقعی : 303]

ص: 452


1- هو المحقّق المولی أحمد النراقی فی عوائد الأیام : 349 - 353 ، ومناهج الأُصول والأحکام : 317 - 318 .
2- الأولی أن یقال : بینه - بعد تخصیصه به - وبین سائر الخصوصات . ( منته الدرایة 8 : 270 ) .
3- لعلّ الأولی : إبدال الواو بالباء ، بأن یقال : بتقدیم ( المصدر السابق : 271 ) .

فإنّه یقال: إنّ المعلوم عدم إرادة العموم ، لا عدمُ استعماله فیه لإفادة القاعدة الکلّیّة ، فیعملَ بعمومها ما لم یعلم بتخصیصها ، وإلّا لم یکن وجهٌ فی حجّیّته فی تمام الباقی ؛ لجواز استعماله حینئذٍ فیه وفی غیره من المراتب الّتی یجوز أن ینتهی إلیها التخصیص .

وأصالة عدم مخصِّص آخر (1) لا توجب (2) انعقاد ظهورٍ له ، لا فیه ولا فی غیره من المراتب ؛ لعدم الوضع ولا القرینة المعیِّنة لمرتبةٍ منها ، کما لا یخفی ؛ لجواز إرادتها وعدم نصب قرینة علیها .

نعم ، ربما یکون عدمُ نصب قرینةٍ مع کون العامّ فی مقام البیان قرینةً علی إرادة التمام ، وهو (3) غیر ظهور العامّ فیه فی کلّ مقام .

التحقیق : عدم انقلاب النسبة

فانقدح بذلک : أ نّه لابدّ من تخصیص العامّ بکلّ واحدٍ من الخصوصات مطلقاً ، ولو کان بعضها مقدّماً أو قطعیّاً ، ما لم یلزم منه محذور انتهائه إلی ما لا یجوز الانتهاء إلیه عرفاً ، ولو لم یکن مستوعبةً (4) لأفراده (5) ، فضلاً عمّا إذا

[شماره صفحه واقعی : 304]

ص: 453


1- تعریض بالشیخ الأعظم الأنصاری ، حیث أثبت ظهور العام فی تمام الباقی بأصالة عدم التخصیص بمخصّص آخر . راجع فرائد الأُصول 4 : 104 .
2- أثبتناها من « ش » ، وفی غیرها : لا یوجب .
3- لو أبدل قوله : « وهو » ب « ولکن » ونحوه کان أدلّ علی عدم تمامیّة ما استدرکه فی « نعم » فی جمیع الموارد . ( منته الدرایة 8 : 280 ) .
4- الأولی : « ولو لم تکن » أو « مستوعباً » بدل « مستوعبة » . ( المصدر : 281 ) .
5- لا یخلو من تعریضٍ بعبارة شیخنا الأعظم ؛ فإنّه قدس سره اشترط فی تخصیص العام بالخصوصات عدم لزوم المحذور ، وظاهره : إرادة عدم بقاء مورد للعامّ أصلاً ، بقرینة التمثیل بقوله : « وإن لزم المحذور ، مثل قوله : یجب إکرام العلماء ، ویحرم إکرام فسّاق العلماء ، وورد : یکره إکرام عدول العلماء ، فإنّ اللازم من تخصیص العام بهما بقاؤه بلا مورد » . ( فرائد الأُصول 4 : 103 ) . وانظر حاشیة المصنف علی الفرائد : 277 ، ومنته الدرایة 8 : 281 .

کانت مستوعبة لها ، فلابدّ حینئذٍ من معاملة التباین بینه وبین مجموعها ، ومن ملاحظة الترجیح بینهما وعدمِه .

فلو رُجّح جانبها ، أو اختیر - فی ما لم یکن هناک ترجیح - فلا مجال للعمل به أصلاً . بخلاف ما لو رُجّح طرفه ، أو قُدّم تخییراً ، فلا یطرح منها إلّا خصوصُ ما لا یلزم - مع طرحه - المحذورُ من التخصیص بغیره (1) ؛ فإنّ التباین إنّما کان بینه وبین مجموعها ، لا جمیعها ، وحینئذٍ فربما یقع التعارضُ بین الخصوصات ، فیخصّص ببعضها ترجیحاً أو تخییراً ، فلا تغفل .

هذا فی ما کانت النسبة بین المتعارضات متّحدة .

التعارض بین أکثر من دلیلین مع تعدّد النسبة

وقد ظهر منه حالُها فی ما کانت النسبة بینها متعدّدة ، کما إذا ورد هناک عامّان من وجهٍ ، مع ما هو أخصّ مطلقاً من أحدهما ، وأ نّه لابدّ من تقدیم الخاصّ علی العامّ ، ومعاملة العموم من وجه بین العامّین ، من الترجیح والتخییر بینهما ، وإن انقلبت النسبة بینهما إلی العموم المطلق بعد تخصیص أحدهما (2) ؛ لما عرفت من أ نّه لا وجه إلّالملاحظة النسبة قبل العلاج .

نعم ، لولم یکن الباقی تحته بعد تخصیصه إلّا (3)ما لا یجوَّز أن یجوز

[شماره صفحه واقعی : 305]

ص: 454


1- لعلّ الأولیٰ بسلاسة العبارة أن یقال : فلا یطرح منها إلّاخصوص ما یلزم المحذور من التخصیص به . ( منته الدرایة 8 : 283 ) .
2- خلافاً للشیخ الأنصاری ؛ إذ التزم بملاحظة النسبة بعد انقلابها . انظر فرائد الأُصول 4 : 111 .
3- فی منته الدرایة زیادة : إلی .

عنه التخصیص ، أو کان بعیداً جدّاً ، لقُدِّم علی العامّ الآخر ، لا لانقلاب النسبة بینهما (1) ، بل لکونه کالنصّ فیه ، فیقدّم علی الآخر الظاهرفیه بعمومه ، کما لا یخفی .

فصل رجوع جمیع المرجّحات إلی المرجّح الصدوریّ وعدم الترتیب بینها
المزایا المرجّحة کلّها من مرجّحات السند

لا یخفی: أنّ المزایا المرجِّحة لأحد المتعارضین ، الموجبة للأخذ به وطرح الآخر - بناءً علی وجوب الترجیح - وإن کانت علی أنحاء مختلفة ، ومواردها متعدّدة - من راوی الخبر ، ونفسِهِ ، ووجه صدوره ، ومَتْنه ، ومضمونه ، مثل :

الوثاقة ، والفقاهة ، والشهرة ، ومخالفة العامّة ، والفصاحة ، وموافقة الکتاب ، والموافقة لفتوی الأصحاب ... إلی غیر ذلک ممّا یوجب مزیّةً فی طرف من أطرافه ، خصوصاً لو قیل بالتعدّی من المزایا المنصوصة - ، إلّاأ نّها موجبة لتقدیم أحد السندین وترجیحه وطرح الآخر ؛ فإنّ أخبار العلاج دلّت علی تقدیم روایةٍ ذاتِ مزیّةٍ فی أحد أطرافها ونواحیها .

فجمیع هذه من مرجّحات السند ، حتّی موافقة الخبر للتقیّة (2) ؛ فإنّها أیضاً ممّا یوجب ترجیح أحد السندین وحجّیّتَه فعلاً ، وطرحَ الآخر رأساً .

[شماره صفحه واقعی : 306]

ص: 455


1- تعریض بالشیخ الأعظم الأنصاری ؛ حیث قدّم العام المخصّص علی معارضه لانقلاب النسبة بینهما . راجع المصدر المتقدّم .
2- الصواب : « مخالفة الخبر للتقیّة » ؛ لأنّها من المرجّحات ، لا موافقة الخبر للتقیة . ( منته الدرایة 8 : 305 ) .

وکونها فی مقطوعی الصدور متمحِّضةً فی ترجیح الجهة ، لا یوجبُ کونها کذلک فی غیرهما ؛ ضرورة أ نّه لا معنی للتعبّد بسندمّا یتعیّن حملُه علی التقیّة ، فکیف یقاس علی ما لا تعبّد فیه ؛ للقطع بصدوره ؟

لا وجه لمراعاة الترتیب بین المرجّحات

ثمّ إنّه لا وجه لمراعاة الترتیب بین المرجّحات ، لو قیل بالتعدّی وإناطة الترجیح بالظنّ ، أو بالأقربیّة إلی الواقع ؛ ضرورةَ أنّ قضیّة ذلک تقدیم الخبر الّذی ظُنَّ صدْقُه ، أو کان أقرب إلی الواقع منهما (1) ، والتخییرُ بینهما إذا تساویا ، فلا وجه لإتعاب النفس فی بیان أنّ أیّها یُقدَّم أو یؤخّر ، إلّاتعیین أنّ أیّها یکون فیه المناط فی صورة مزاحمة بعضها مع الآخر .

وأمّا لو قیل بالاقتصار علی المزایا المنصوصة فله وجهٌ ؛ لِما یتراءیٰ من ذکرها مرتّباً فی المقبولة والمرفوعة .

مع إمکان أن یقال: إنّ الظاهر کونهما - کسائر أخبار الترجیح - بصدد بیان أنّ هذا مرجِّح وذاک مرجِّح ، ولذا اقتصر فی غیر واحد منها علی ذکر مرجِّح واحد ، وإلّا لَزِم تقیید جمیعها - علی کثرتها - بما فی المقبولة (2) ، وهو بعیدٌ جدّاً .

وعلیه فمتی وُجِد فی أحدهما مرجِّحٌ ، وفی الآخر آخرُ منها ، کان المرجع هو إطلاقات التخییر ، ولا کذلک علی الأوّل ، بل لابدّ من ملاحظة الترتیب ، إلّا إذا کانا فی عرضٍ واحد .

[شماره صفحه واقعی : 307]

ص: 456


1- الأولی : تبدیل « منهما » ب « من الآخر » . وإرجاع ضمیر التثنیة إلی الخبرین وإن کان صحیحاً أیضاً ، لکنّه لیس مذکوراً فی العبارة أوّلاً ، ویُوهم أنّ هذا الخبر المظنون الصدور ، أو المظنون المطابقة إلی الواقع غیر هذین الخبرین ثانیاً . ( منته الدرایة 8 : 308 ) .
2- ینبغی ذکر المرفوعة أیضاً ، کما ذکرهما معاً قبل ذلک . وإن کان نظره - فی عدم ذکرها - إلی عدم اعتبارها ، فهو یقتضی إهمالها قبل ذلک أیضاً . ( المصدر السابق : 311 ) .
لا وجه لتقدیم المرجّح الجهتی علی سائر المرجّحات

وانقدح بذلک : أنّ حال المرجّح الجهتیّ حال سائر المرجّحات ، فی أ نّه لابدّ فی صورة مزاحمته مع بعضها ، من ملاحظة أنّ أیّهما فعلاً موجبٌ للظنّ بصدق ذیه بمضمونه (1) ، أو الأقربیّةِ کذلک إلی الواقع ، فیوجب ترجیحَه وطرْحَ الآخر ؛ أو أ نّه لا مزیّة لأحدهما علی الآخر ، کما إذا کان الخبر الموافق للتقیّة - بما له من المزیّة - مساویاً للخبر المخالف لها بحسب المناطَین ، فلابدّ حینئذٍ من التخییر بین الخبرین .

فلا وجه لتقدیمه علی غیره ، کما عن الوحید البهبهانی قدس سره (2)وبالغ فیه بعضُ أعاظم المعاصرین (3) - أعلی اللّٰه درجته - .

کلام الشیخ الأعظم فی تقدیم المرجّح الصدوری علی المرجّح الجهتی

ولا لتقدیم غیره علیه ، کما یظهر من شیخنا العلّامة - أعلی اللّٰه مقامه - ، قال: «أمّا لو زاحم الترجیحُ بالصدور الترجیحَ من حیث جهة الصدور - بأن کان الأرجح صدوراً موافقاً للعامّة - فالظاهر تقدیمه علی غیره ، وإن کان مخالفاً للعامّة ، بناءً علی تعلیل الترجیح بمخالفة العامّة باحتمال التقیّة فی الموافق ؛ لأنّ هذا الترجیح ملحوظ فی الخبرین بعد فرض صدورهما قطعاً کما فی المتواترین ، أو تعبّداً کما فی الخبرین ، بعد عدم إمکان التعبّد بصدور أحدهما ، وترک التعبّد بصدور الآخر ، وفی ما نحن فیه یمکن ذلک بمقتضی أدلّة الترجیح من حیث الصدور .

إن قلت: إنّ الأصل فی الخبرین : الصدور ، فإذا تعبّدنا بصدورهما اقتضی ذلک الحکمَ بصدور الموافق تقیّةً ، کما یقتضی ذلک الحکمَ بإرادة خلاف الظاهر

[شماره صفحه واقعی : 308]

ص: 457


1- الأولی أن یقال : للظنّ بصدق مضمون ذیه . ( منته الدرایة 8 : 314 ) .
2- الفوائد الحائریة : 219 - 220 .
3- هو المحقّق الرشتیّ فی بدائع الأفکار: 457 .

فی أضعفهما دلالةً (1) ، فیکون هذا المرجّح - نظیر الترجیح بحسب الدلالة - مقدّماً علی الترجیح بحسب الصدور .

قلت: لا معنی للتعبّد بصدورهما مع وجوب حمل أحدهما المعیّن علی التقیّة ؛ لأنّه إلغاء لأحدهما فی الحقیقة» (2) .

وقال - بعد جملة من الکلام - : «فموردُ هذا الترجیح (3) تساوی الخبرین من حیث الصدور ، إمّا علماً کما فی المتواترین ، أو تعبّداً کما فی المتکافئین من الأخبار (4) . وأ مّا ما وجب فیه التعبّد بصدور أحدهما المعیّن دون الآخر ، فلا وجه لإعمال هذا المرجّح فیه ؛ لأنّ جهة الصدور متفرّعة (5) علی أصل الصدور» (6) . انته موضع الحاجة من کلامه ، زید فی علوّ مقامه .

الإشکال فی ما أفاده الشیخ الأعظم

وفیه : - مضافاً إلی ما عرفت - أنّ حدیث فرعیّة جهة الصدور علی أصله ، إنّما یفید إذا لم یکن المرجّح الجهتیّ من مرجّحات أصل الصدور ، بل من مرجّحاتها . وأمّا إذا کان من مرجّحاته - بأحد المناطَین - ، فأیّ فرقٍ بینه وبین سائر المرجّحات ؟ ولم یقم دلیلٌ بعدُ فی الخبرین المتعارضین علی وجوب التعبّد بصدور الراجح منهما من حیث غیر الجهة ، مع کون الآخر راجحاً بحسبها ، بل هو أوّل الکلام ، کما لا یخفی .

[شماره صفحه واقعی : 309]

ص: 458


1- کلمة « دلالة » أثبتناها من المصدر .
2- فرائد الأُصول 4 : 136 - 137 .
3- فی المصدر : المرجّح .
4- فی المصدر : من الآحاد .
5- أثبتنا الکلمة من المصدر ، وفی الأصل وطبعاته : متفرّع .
6- فرائد الأُصول 4 : 137 - 138 .

فلا محیصَ من ملاحظة الراجح من المرجِّحین بحسب أحد المناطین ، أو من دلالة أخبار العلاج علی الترجیح بینهما مع المزاحمة ، ومع عدم الدلالة - ولو لعدم التعرّض لهذه الصورة - فالمحکّم هو إطلاق التخییر ، فلا تغفل .

إیراد المحقّق الرشتیّ علی الشیخ الأنصاریّ

وقد أورد بعض أعاظم تلامیذه (1) علیه : بانتقاضه بالمتکافئین من حیث الصدور ؛ فإنّه لو لم یعقل التعبّد بصدور المتخالفین من حیث الصدور ، مع حمل أحدهما علی التقیّة ، لم یعقل التعبّد بصدورهما مع حمل أحدهما علیها ؛ لأنّه إلغاء لأحدهما أیضاً فی الحقیقة .

دفع الإیراد

وفیه ما لا یخفی من الغفلة وحِسبانِ أ نّه قدس سره التزم فی مورد الترجیح بحسب الجهة ، باعتبار تساویهما من حیث الصدور ، إمّا للعلم بصدورهما ، وإمّا للتعبّد به فعلاً ، مع بداهة أنّ غرضه من التساوی من حیث الصدور تعبّداً :

تساویهما بحسب دلیل التعبّد بالصدور قطعاً ؛ ضرورةَ أنّ دلیل حجّیّة الخبر لا یقتضی التعبّد فعلاً بالمتعارضین ، بل ولا بأحدهما ، وقضیّةُ دلیل العلاج لیس إلّا التعبّد بأحدهما تخییراً أو ترجیحاً .

برهان المحقّق الرشتیّ علی امتناع تقدیم المرجّح الصدوریّ علی الجهتیّ

والعجب کلّ العجب أ نّه رحمه الله لم یکتفِ بما أورده من النقض ، حتّی ادّعی استحالةَ تقدیم الترجیح بغیر هذا المرجّح علی الترجیح به ، وبَرهَن علیه بما حاصله: امتناعُ التعبّد بصدور الموافق ؛ لدوران أمره بین عدم صدوره من أصله ، وبین صدوره تقیّةً ، ولا یعقل التعبّد به علی التقدیرین بداهةً ، کما أ نّه لا یعقل التعبّد بالقطعیّ الصدور الموافق ، بل الأمرُ فی الظنّیّ الصدور أهون ؛ لاحتمال عدم صدوره ، بخلافه .

[شماره صفحه واقعی : 310]

ص: 459


1- هو المحقّق الرشتیّ فی بدائع الأفکار: 457 .

ثمّ قال: «فاحتمال تقدیم المرجّحات السندیّة علی مخالفة العامّة ، - مع نصّ الإمام علیه السلام علی طرح ما یوافقهم (1) - ، من العجائب والغرائب الّتی لم یُعهد صدورها من ذی مُسْکة ، فضلاً عمّن هو تالی العصمة علماً وعملاً» . ثمّ قال:

«ولیت شعری أنّ هذه الغفلة الواضحة کیف صدرت منه ؟ مع أ نّه فی جودة النظر یأتی بما یقرب من شقّ القمر» (2) .

المناقشة فی البرهان المذکور

وأنت خبیر بوضوح فساد برهانه ؛ ضرورة عدم دوران أمر الموافق بین الصدور تقیّةً ، وعدم الصدور رأساً ؛ لاحتمال صدوره لبیان حکم اللّٰه واقعاً ، وعدمِ صدور المخالف المعارض له أصلاً ، ولا یکاد یحتاجُ فی التعبّد إلی أزید من احتمال صدور الخبر لبیان ذلک بداهةً .

وإنّما دار احتمال الموافق بین الاثنین ، إذا کان المخالف قطعیّاً صدوراً وجهةً ودلالةً ؛ ضرورةَ دوران معارضه حینئذٍ بین عدم صدوره وصدوره تقیّةً ، وفی غیر هذه الصورة کان دوران أمره بین الثلاثة لا محالة ؛ لاحتمال صدوره لبیان الحکم الواقعیّ حینئذٍ أیضاً .

ومنه قد انقدح إمکانُ التعبّد بصدور الموافق القطعیّ لبیان الحکم الواقعیّ أیضاً ، وإنّما لم یمکن التعبّد بصدوره لذلک إذا کان معارضه المخالف قطعیّاً بحسب السند والدلالة (3) ، لتعیّن (4) حمله علی التقیّة حینئذٍ لا محالة .

[شماره صفحه واقعی : 311]

ص: 460


1- أثبتنا الکلمة کما وردت فی المصدر ، وفی الأصل وطبعاته : موافقهم .
2- بدائع الأفکار : 457 .
3- الأولی : إضافة الجهة إلی الدلالة أیضاً - کما ذکرها فی فقرة سابقة - ؛ إذ مع ظنّیة الجهة لا یتعیّن حمل الموافق علی التقیة . انظر منته الدرایة 8 : 331 .
4- أثبتنا الکلمة کما وردت فی الأصل و « ر » ، وفی غیرهما : لتعیین .

ولعمری إنّ ما ذکرنا أوضح من أن یخفی علی مثله ، إلّاأنّ الخطأ والنسیان کالطبیعة الثانیة للإنسان ، عَصَمنا اللّٰه من زَلَل الأقدام والأقلام فی کلّ وَرْطةٍ ومقام .

تقدیم مخالفة العامة علی المرجّحات الصدوریّة بسبب أقوائیّة الدلالة

ثمّ إنّ هذا کلَّه إنّما هو بملاحظة أنّ هذا المرجّح مرجّح من حیث الجهة ، وأمّا بما هو موجب لأقوائیّة دلالة ذیه من معارضه - لاحتمال التوریة فی المعارض المحتمل فیه التقیّة ، دونه - فهو مقدّم علی جمیع مرجّحات الصدور ، بناءً علی ما هو المشهور من تقدّم التوفیق - بحمل الظاهر علی الأظهر - علی الترجیح بها .

الإیراد فی هذا التقدیم

اللهمّ إلّاأن یقال: إنّ باب احتمال التوریة وإن کان مفتوحاً فی ما احتمل فیه التقیّة ، إلّاأ نّه حیث کان بالتأمّل والنظر ، لم یوجب (1) أن یکون معارُضه أظهر ، بحیث یکون قرینةً علی التصرّف عرفاً فی الآخر ، فتدبّر .

فصل المرجّحات الخارجیّة
1 - الترجیح بالظنّ غیر المعتبر

[شماره صفحه واقعی : 312]

ص: 461


1- الأولی : رعایة التأنیث فیه وفی « کان » ؛ لرجوع الضمیر المستتر إلی « التوریة » ، کما أن الأولی : تأنیث ضمیر « أ نّه » ولا یناسب جعله للشأن . ( منته الدرایة 8 : 338 ) .

موافقة الخبر لما یوجب الظنّ بمضمونه - ولو نوعاً - من المرجّحات فی الجملة ، - بناءً علی لزوم الترجیح - لو قیل بالتعدّی من المرجّحات المنصوصة ، أو قیل (1) بدخوله فی القاعدة المجمع علیها (2) - کما ادّعی (3) - ، وهی : لزوم العمل بأقوی الدلیلین .

وقد عرفت (4) : أنّ التعدّی محلُّ نظرٍ ، بل مَنْعٍ ؛ وأنّ الظاهر من القاعدة هو ما کان الأقوائیّة من حیث الدلیلیّة والکشفیّة . وکونُ مضمون (5) أحدهما مظنوناً - لأجل مساعدة أمارةٍ ظنّیّة علیه - لا یوجب قوّةً فیه من هذه الحیثیّة ، بل هو علی ما هو علیه ، من القوّة لولا مساعدتها ، کما لا یخفی .

ومطابقة أحد الخبرین لها (6) لا یکون لازمُه الظنَّ بوجود خِلَلٍ فی الآخر : إمّا من حیث الصدور ، أو من حیث جهته . کیف ؟ وقد اجتمع

[شماره صفحه واقعی : 313]

ص: 462


1- کما فی فرائد الأُصول 4 : 141 .
2- فی العبارة مسامحة واضحة ؛ فإنّ مقتضی عطف قوله : « أو قیل بدخوله ... » علی قوله : « لو قیل بالتعدّی » أنّ موافقة الخبر لِما یوجب الظنّ بمضمونه - ولو نوعاً - هی من المرجّحات ، إذا قیل بدخوله فی القاعدة المجمع علیها ، ولو لم نقل بالتعدّی من المرجّحات المنصوصة ، وهو کما تری غیر مستقیم . والصحیح هکذا : « لو قیل بالتعدّی من المرجّحات المنصوصة ، سواء کان ذلک لاستفادته من الفقرات الخاصّة من الروایات - کما تقدّم من الشیخ أعلی اللّٰه مقامه - أو کان لدخول الخبر الراجح فی القاعدة المجمع علیها » . ( عنایة الأُصول 6 : 146 ) ، وانظر منته الدرایة 8 : 341 - 342 .
3- انظر مبادئ الوصول: 232 ، ومفاتیح الأُصول: 686 .
4- فی الفصل الرابع من هذا المقصد ، عند تضعیف وجوه القول بالتعدّی ، فی الصفحة : 295 .
5- فی الأصل وحقائق الأُصول : ومضمون .
6- إشارة إلی وجه من وجوه الترجیح بالظنّ غیر المعتبر ، أفاده الشیخ الأعظم فی فرائده 4 : 140 ؛ إذ قال : « فإنّ أحد الخبرین إذا طابق أمارةً ظنّیة فلازمه الظنّ بوجود خلل فی الآخر » .

مع القطع بوجود جمیع ما اعتبر فی حجّیّة المخالف ، لولا معارضة الموافق .

والصدق واقعاً لا یکاد یعتبر فی الحجّیّة ، کما لا یکاد یضرُّ بها الکذبُ کذلک ، فافهم .

هذا حال الأمارة غیر المعتبرة ، لعدم الدلیل علی اعتبارها .

2 - الترجیح بالقیاس
اشارة

أمّا ما لیس بمعتبر بالخصوص - لأجل الدلیل علی عدم اعتباره بالخصوص (1) ، کالقیاس - : فهو وإن کان کغیر المعتبر لعدم الدلیل ، بحسب ما یقتضی الترجیح به من الأخبار - بناءً علی التعدّی - والقاعدةِ - بناءً علی دخول مظنون المضمون فی أقوی الدلیلین - ، إلّاأنّ الأخبار الناهیة عن القیاس (2) ؛ - و « أنّ السنّة إذا قیست مُحِق الدین » (3) - مانعةٌ عن الترجیح به ؛ ضرورة أنّ استعماله فی ترجیح أحد الخبرین ، استعمالٌ له فی المسألة الشرعیّة الاُصولیّة ، وخطرهُ لیس بأقلّ من استعماله فی المسألة الفرعیّة .

توهّم جوازالترجیح بالقیاس والجواب عنه

وتوهّم (4) : أنّ حال القیاس هاهنا لیس فی تحقّق الأقوائیّة به ، إلّاکحاله فی ما ینقّح به موضوع آخر ذو حکمٍ ، من دون اعتماد علیه فی مسألة اصولیّة ولا فرعیّة .

قیاسٌ مع الفارق ؛ لوضوح الفرق بین المقام والقیاس فی الموضوعات

[شماره صفحه واقعی : 314]

ص: 463


1- کلمة « بالخصوص » لا توجد فی الأصل وأضفناها من طبعاته .
2- انظر وسائل الشیعة 2 : 347 ، الباب 41 من أبواب الحیض ، الحدیث الأوّل ، والکافی 1 : 54 ، باب البدع والرأی والمقائیس .
3- وسائل الشیعة 27 : 41 ، الباب 6 من أبواب صفات القاضی ، الحدیث 10 .
4- انظر معارج الأُصول : 186 - 187 ، مفاتیح الأُصول : 716 وفرائد الأُصول 4 : 143 - 144 .

الخارجیّة الصّرفة ؛ فإنّ القیاس المعمول (1) فیها لیس فی الدین ، فیکونَ إفساده أکثر من إصلاحه .

وهذا بخلاف المعمول فی المقام ، فإنّه نحوُ إعمالٍ له فی الدین ؛ ضرورة أ نّه لولاه لَما تعیّن الخبر الموافق له للحجّیّة بعد سقوطه عن الحجّیّة - بمقتضی أدلّة الاعتبار - والتخییرِ بینه وبین معارضه - بمقتضی أدلّة العلاج - ، فتأمّل جیّداً .

3 - ترجیح موافق الکتاب أو السنّة القطعیّة علی مخالفهما
اشارة

وأمّا ما إذا اعتضد بما کان دلیلاً مستقلاًّ فی نفسه - کالکتاب والسنّة

صُور المخالفة :الصورة الأُولی :المخالفة بالمباینة

القطعیّة - : فالمعارض المخالف لأحدهما إن کانت مخالفته بالمباینة الکلّیّة ، فهذه الصورة خارجةٌ عن مورد الترجیح ؛ لعدم حجّیّة الخبر المخالف کذلک من أصله ، ولو مع عدم المعارض ، فإنّه المتیقّن من الأخبار الدالّة علی أ نّه :

« زخرفٌ » أو « باطلٌ » ، أو أ نّه : « لم نقله » أو غیر ذلک (2) .

الصورة الثانیة :المخالفة بالعموم و الخصوص المطلق

وإن کانت مخالفته بالعموم والخصوص المطلق ، فقضیّة القاعدة فیها وإن کانت ملاحظةَ المرجّحات بینه وبین الموافق ، وتخصیصَ الکتاب به تعییناً أو تخییراً ، لو لم یکن الترجیح فی الموافق - بناءً علی جواز تخصیص الکتاب بخبر الواحد - ، إلّاأنّ الأخبار الدالّة علی أخذ الموافق من المتعارضین ، غیرُ قاصرة عن العموم لهذه الصورة ، لو قیل بأ نّها فی مقام ترجیح أحدهما ، لا تعیینِ الحجّة عن اللاحجّة ، کما نزّلناها علیه (3) .

[شماره صفحه واقعی : 315]

ص: 464


1- الأولی هنا وفی المورد الآتی : المعمول به .
2- سبق تخریج هذه الأخبار فی الصفحة : 290 .
3- فی مبحث الأصل الثانوی الشرعی فی المتعارضین ، حیث قال : مع أنّ فی کون أخبار موافقة الکتاب ، أو مخالفة القوم ، من أخبار الباب نظراً ... راجع الصفحة : 290 .

ویؤیّده أخبار العرض علی الکتاب (1) ، الدالّة علی عدم حجّیّة المخالف من أصله ، فإنّهما تفرغان عن لسانٍ واحدٍ ، فلا وجه لحمل المخالفة فی إحداهما (2) علی خلاف المخالفة فی الاُخری ، کما لا یخفی .

اللهمّ إلّاأن یقال : نعم ، إلّاأنّ دعوی : اختصاص هذه الطائفة بما إذا کانت المخالفةُ بالمباینة ، - بقرینة القطع بصدور المخالف غیر المباین عنهم علیهم السلام کثیراً ، وإباءِ مثل: « ما خالف قول ربّنا لم أقله » ، أو : « زخرفٌ » ، أو :

« باطل » ، عن التخصیص - غیر بعیدة .

الصورة الثالثة : المخالفة بالعموم من وجه

وإن کانت المخالفة بالعموم والخصوص من وجه ، فالظاهر أ نّها کالمخالفة فی الصورة الاُولی ، کما لا یخفی .

4 - الترجیح بالأُصول العملیّة

وأمّا الترجیح بمثل الاستصحاب - کما وقع فی کلام غیر واحدٍ من الأصحاب (3) - : فالظاهر أ نّه لأجل اعتباره (4) من باب الظنّ والطریقیّة

[شماره صفحه واقعی : 316]

ص: 465


1- سبق تخریج هذه الأخبار فی الصفحة : 287 .
2- کذا فی الأصل ، وفی طبعاته : أحدهما .
3- انظر الفوائد الحائریة : 224 ، والفصول : 445 ، ومفاتیح الأُصول : 705 - 708 .
4- لا یخفی : أنّ سوق العبارة یقتضی رجوع ضمیر « اعتباره » إلی « مثل » لا إلی خصوص الاستصحاب ، لکنه لمنافاته لقوله : « لأجل اعتباره من باب الظنّ » ؛ لعدم التزامهم بحجّیة أصالتی البراءة والاحتیاط بمناط الظنّ ، فلابدّ من ارجاع الضمیر إلی خصوص الاستصحاب ، فإنّه مورد البحث بین القدماء والمتأخّرین ، فی استناد حجّیته إلی الظنّ ببقاء الحالة السابقة ، أو إلی الأخبار . ( منته الدرایة 8 : 357 ) . هذا . ولکن قد ورد فی کلام الشیخ : أنّ الفقهاء إنما رجّحوا بأصالة البراءة والاستصحاب من حیث بنائهم علی حصول الظنّ بمطابقة الأصل ، وأما الاحتیاط فلم یُعلم منهم الاعتماد علیه ، لا فی مقام الاستناد ولا فی مقام الترجیح . انظر فرائد الأُصول 4 : 151 .

عندهم (1) . وأمّا بناءً علی اعتباره تعبّداً من باب الأخبار ، وظیفةً للشاکّ - کما هو المختار ، کسائر الأُصول العملیّة الّتی تکون کذلک عقلاً أو نقلاً - ، فلا وجه للترجیح به أصلاً ؛ لعدم تقویة (2) مضمون الخبر بموافقته ، ولو بملاحظة دلیل اعتباره ، کما لا یخفی .

هذا آخِرُ ما أردنا إیراده ، والحمدللّٰه أوّلاً وآخراً وباطناً وظاهراً .

[شماره صفحه واقعی : 317]

ص: 466


1- صرّح الشیخ الأعظم بهذا البناء من الفقهاء . انظر فرائد الأُصول 4 : 151 .
2- الأولی أن یقال : « تقوّی » . ( منته الدرایة 8 : 357 ) .

[شماره صفحه واقعی : 318]

ص: 467

أمّا الخاتمة : فهی فی ما یتعلّق بالاجتهاد والتقلید
اشارة

[شماره صفحه واقعی : 319]

ص: 468

[شماره صفحه واقعی : 320]

ص: 469

فصل تعریف الاجتهاد
اشارة

الاجتهاد لغةً : تحمُّل المشقّة (1) .

الاجتهاد لغة واصطلاحاً

واصطلاحاً - کما عن الحاجبیّ (2) والعلّامة (3) - : «استفراغُ الوسع فی تحصیل الظنّ بالحکم الشرعیّ» .

وعن غیرهما (4) : «ملکةٌ یقتدرُ بها علی استنباط الحکم الشرعیّ الفرعیّ من الأصل ، فعلاً أو قوّةً قریبةً» .

تعاریف الاجتهاد لیست حقیقیّة

ولا یخفی: أنّ اختلاف عباراتهم فی بیان معناه اصطلاحاً ، لیس من جهة الاختلاف فی حقیقته وماهیّته ؛ لوضوح أ نّهم لیسوا فی مقام بیان حدّه أو رسمه ، بل إنّما کانوا فی مقام شرح اسمه ، والإشارة إلیه بلفظٍ آخر ، وإن لم یکن مساویاً له بحسب مفهومه ، کاللغویّ فی بیان معانی الألفاظ ، بتبدیل لفظٍ بلفظٍ آخر ، ولو کان أخصّ منه مفهوماً أو أعمّ .

[شماره صفحه واقعی : 321]

ص: 470


1- راجع الصحاح 2: 460 ، النهایة (لابن الأثیر) 1: 308 ، القاموس المحیط 1: 286 .
2- شرح مختصر الأُصول : 460 ، ومنته الوصول : 209 .
3- مبادئ الوصول إلی علم الأُصول : 240 ، مع اختلاف فی الألفاظ .
4- هذا التعریف للشیخ البهائی فی زبدة الأُصول : 159 .

ومن هنا انقدح : أ نّه لا وقْع للإیراد علی تعریفاته بعدم الانعکاس أو الاطّراد ، کما هو الحالُ فی تعریف جُلِّ الأشیاء - لولا الکلّ - ؛ ضرورةَ عدم الإحاطة بها بکُنهها ، أو بخواصّها - الموجبةِ لامتیازها عمّا عداها - لغیر علّام الغیوب ، فافهم .

تعدیل المصنّف لتعریف الاجتهاد

وکیف کان ، فالأولی : تبدیل «الظنّ بالحکم» ب «الحجّة علیه» ؛ فإنّ المناط فیه هو تحصیلها قوّةً أو فعلاً ، لا الظنّ ، حتّی عند العامّة القائلین بحجّیّته مطلقاً ، أو بعض الخاصّة القائل بها عند انسداد باب العلم بالأحکام (1) ، فإنّه مطلقاً عندهم ، أو عند الانسداد عنده من أفراد الحجّة ؛ ولذا لا شبهة فی کون استفراغ الوُسع فی تحصیل غیره من أفرادها - من العلم بالحکم أو غیره ، ممّا اعتبر من الطرق (2) التعبّدیّة غیرِ المفیدة للظنّ ولو نوعاً - اجتهاداً أیضاً .

لا وجه لإباء الأخباریّ عن الاجتهاد بهذا المعنی

ومنه قد انقدح : أ نّه لا وجه لتأبّی الأخباریّ عن الاجتهاد بهذا المعنی ، فإنّه لا محیصَ عنه ، کما لا یخفی .

غایة الأمر ، له أن ینازع فی حجّیّة بعض ما یقولُ الأُصولیّ باعتباره ، ویمنعَ عنها ، وهو غیر ضائر بالاتّفاق علی صحّة الاجتهاد بذاک المعنی ؛ ضرورة أ نّه ربما یقع بین الأخباریّین ، کما وقع بینهم وبین الأُصولیّین .

[شماره صفحه واقعی : 322]

ص: 471


1- کالمحقّق القمّی فی القوانین 1 : 440 ، والسیّد المجاهد فی مفاتیح الأُصول : 459 .
2- الأولی : تبدیله ب « الحجج » أو « الأدلّة » ؛ ضرورة عدم کون ما لا یفید الظن - ولو نوعاً - طریقاً . ( منته الدرایة 8 : 371 ) .
فصل الاجتهاد المطلق والتجزّی
اشارة

ینقسم الاجتهاد إلی مطلق وتجزٍّ :

تعریف الاجتهاد المطلق والتجزّی

فالاجتهادُ المطلق هو : ما یقتدر به علی استنباط الأحکام الفعلیّة من أمارة معتبرة ، أو أصلٍ معتبرٍ عقلاً أو نقلاً ، فی الموارد الّتی لم یظفر فیها بها .

والتجزیّ هو : ما یقتدر به علی استنباط بعض الأحکام .

أحکام الاجتهاد المطلق :
1 - إمکانه وقوعاً
اشارة

ثمّ إنّه لا إشکال فی إمکان المطلق وحصوله للأعلام .

وعدم التمکّن من الترجیح فی المسألة وتعیینِ حکمها ، والتردّدُ منهم فی بعض المسائل ، إنّما هو بالنسبة إلی حکمها الواقعیّ ، لأجل عدم دلیلٍ مساعد فی کلّ مسألة علیه ، أو عدمِ الظفر به بعد الفحص عنه بالمقدار اللازم ، لا لقلّة الاطّلاع أو قصور الباع ، وأمّا بالنسبة إلی حکمها الفعلیّ فلا تردّد لهم (1) أصلاً (2) .

2 - جواز عمل المجتهد المطلق باجتهاده

کما لا إشکال فی جواز العمل بهذا الاجتهاد لمن اتّصف به .

3 - جواز تقلید المجتهد المطلق الانفتاحی

وأمّا لغیره فکذا لا إشکال فیه ، إذا کان المجتهد ممّن کان باب العلم أو العلمیّ بالأحکام مفتوحاً له ، علی ما یأتی من الأدلّة علی جواز التقلید .

[شماره صفحه واقعی : 323]

ص: 472


1- الأولی ... : فلا تردّد لهم فیه أصلاً . انظر منته الدرایة 8 : 384 .
2- أصل هذا الردّ من الفصول : 393 ؛ حیث قال : فإنّ تردّدهم إنما هو فی مقام الاجتهاد ، وإلّا فلا تردّد فی مقام الحکم .
4 - الإشکال فی تقلید المجتهد الانسدادیّ علی تقدیر الحکومة
اشارة

بخلاف ما إذا انسدّ علیه بابُهما ، فجواز تقلید الغیر عنه فی غایة الإشکال ؛ فإنّ رجوعه إلیه لیس من رجوع الجاهل إلی العالم ، بل إلی الجاهل ، وأدلّةُ جواز التقلید إنّما دلّت علی جواز رجوع غیر العالم إلی العالم ، کما لا یخفی .

وقضیّةُ مقدّمات الانسداد لیست إلّاحجّیّة الظنّ علیه ، لا علی غیره .

فلابدّ فی حجّیّة اجتهاد مثله علی غیره من التماس دلیلٍ آخر ، غیرِ دلیل التقلید ، وغیرِ دلیل الانسداد الجاری فی حقّ المجتهد ، من إجماعٍ أو جریان مقدّمات دلیل الانسداد فی حقّه ، بحیث تکون منتِجةً لحجّیّة الظنّ - الثابت حجّیّته بمقدّماته - له أیضاً .

ولا مجال لدعوی الإجماع . ومقدّماتُه کذلک غیر جاریة فی حقّه ؛ لعدم انحصار المجتهد به ، أو عدمِ لزوم محذور عقلیّ من عمله بالاحتیاط ، وإن لزم منه العسر ، إذا لم یکن له سبیل إلی إثبات عدم وجوبه مع عسره .

نعم ، لو جرت المقدّمات کذلک ، - بأن انحصر المجتهد ، ولزم من الاحتیاط المحذور ، أو لزم منه العسرُ مع التمکّن من إبطال وجوبه حینئذٍ - کانت منتِجةً لحجّیّة فی حقّه أیضاً ، لکن دونه خَرطُ القتاد .

هذا علی تقدیر الحکومة .

الإشکال علی تقدیر الکشف

وأمّا علی تقدیر الکشف وصحّته ، فجواز الرجوع إلیه فی غایة الإشکال ؛ لعدم مساعدة أدلّة التقلید علی جواز الرجوع إلی من اختصّ حجّیّة ظنّه به .

وقضیّةُ مقدّمات الانسداد : اختصاص حجّیّة الظنّ بمن جرت فی حقّه ، دون غیره ؛ ولو سُلِّم أنّ قضیّتها کونُ الظنّ المطلق معتبراً شرعاً ، کالظنون الخاصّة الّتی دلّ الدلیل علی اعتبارها بالخصوص ، فتأمّل .

[شماره صفحه واقعی : 324]

ص: 473

إشکالان فی تقلید المجتهد الانفتاحی أیضاً والجواب عنهما

إن قلت: حجّیّة الشیء شرعاً ، مطلقاً ، لا توجب القطع بما أدّی إلیه من الحکم ولو ظاهراً ، کما مرّ تحقیقه (1) ، وأ نّه لیس أثره (2) إلّاتنجّزَ الواقع مع الإصابة ، والعذرَ مع عدمها ، فیکون رجوعه إلیه - مع انفتاح باب العلمیّ علیه أیضاً - رجوعاً إلی الجاهل ، فضلاً عمّا إذا انسدّ علیه .

قلت: نعم ، إلّاأ نّه عالِمٌ بموارد قیام الحجّة الشرعیّة علی الأحکام ، فیکون من رجوع الجاهل إلی العالم .

إن قلت: رجوعه إلیه فی موارد فقْد الأمارة المعتبرة عنده - الّتی یکون المرجع فیها الأُصول العقلیّة - لیس إلّاالرجوع إلی الجاهل .

قلت: رجوعه إلیه فیها إنّما هو لأجل اطّلاعه علی عدم الأمارة الشرعیّة فیها ، وهو عاجز عن الاطّلاع علی ذلک . وأمّا تعیین ما هو حکم العقل ، وأ نّه مع عدمها هو : البراءة أو الاحتیاط (3) ، فهو إنّما یرجعُ إلیه ؛ فالمتّبع ما استقلّ به عقلُه ، ولو علی خلاف ما ذهب إلیه مجتهدهُ ، فافهم .

5 - نفوذ قضاء المجتهد المطلق الانفتاحیّ

وکذلک لا خلافَ ولا إشکال فی نفوذ حکم المجتهد المطلق ، إذا کان باب العلم أو العلمیّ له مفتوحاً .

وأمّا إذا انسدّ علیه بابهما: ففیه إشکالٌ علی الصحیح ، من تقریر المقدّمات علی نحو الحکومة ؛ فإنّ مثله - کما أشرتُ آنفاً - لیس ممّن یعرف

[شماره صفحه واقعی : 325]

ص: 474


1- فی أوائل بحث الأمارات ، فی الصفحة : 40 حیث قال : ... والحجّیة المجعولة غیر مستتبعة لإنشاء أحکام تکلیفیة ... بل إنما تکون موجبة لتنجّز التکلیف ... .
2- أی : أثر حجّیة الشیء ، فالأولی : تأنیث الضمیر . ( منته الدرایة 8 : 394 ) .
3- الصحیح أن یقول : « هو البراءة أو التخییر أو الاحتیاط » ؛ فإن الأُصول العقلیّة ثلاثة لا اثنان . ( عنایة الأُصول 6 : 176 ) .

الأحکام ، مع أنّ معرفتها معتبرة فی الحاکم ، کما فی المقبولة .

إلّاأن یدّعی عدم القول بالفصل ؛ وهو إن کان غیرَ بعید ، إلّاأ نّه لیس بمثابةٍ یکون حجّةً علی عدم الفصل .

إلّاأن یقال (1) بکفایة انفتاح باب العلم فی موارد الإجماعات ، والضروریّات من الدین أو المذهب والمتواترات ، إذا کانت جملةً یعتدّ بها ، وإن انسدّ باب العلم بمعظم الفقه ، فإنّه یصدق علیه حینئذٍ : أ نّه ممّن روی حدیثهم علیهم السلام ونظر فی حلالهم وحرامهم ، وعرف أحکامَهُم عرفاً حقیقةً .

وأمّا قوله علیه السلام فی المقبولة: «فإذا حکم بحکمنا» فالمراد : أنّ مثله إذا حَکَم کان بحُکْمِهم حَکَم ؛ حیث کان منصوباً منهم ، کیف ؟ وحکمه غالباً یکون فی الموضوعات الخارجیّة ، ولیس مثل ملکیّة دارٍ لزید ، أو زوجیّة امرأة له من أحکامهم ، فصحّةُ إسناد حکمه إلیهم علیهم السلام إنّما هو لأجل کونه من المنصوب من قِبَلهم .

أحکام التجزّی فی الاجتهاد :
اشارة

وأمّا التجزّی فی الاجتهاد ففیه مواضع من الکلام:

1 - إمکانه وقوعاً
اشارة

الأوّل: فی إمکانه

وهو وإن کان محلّ الخلاف بین الأعلام (2) ، إلّاأ نّه لا ینبغی الارتیاب

[شماره صفحه واقعی : 326]

ص: 475


1- الأولی : إبداله ب « أو یدّعی » أو ب « أو یقال » ، حتی یکون معطوفاً علی « أن یدّعی » . ( منته الدرایة 8 : 407 ) .
2- قال فی المعالم : 238 : قد اختلف الناس فی قبوله - أی الاجتهاد - للتجزئة ... ذهب العلّامة فی التهذیب والشهید فی الذکریٰ والدروس ووالدی رحمه الله فی جملة من کتبه وجمع من العامّة إلی الأوّل ، وصار قوم إلی الثانی .

فیه ؛ حیث کان أبواب الفقه مختلفةً مدرکاً ، والمدارک متفاوتة سهولةً وصعوبةً ، من (1) عقلیّة ونقلیّة ، مع اختلاف الأشخاص فی الاطّلاع علیها ، وفی طول الباع وقصوره بالنسبة إلیها ، فربّ شخصٍ کثیرِ الاطّلاع وطویل الباع فی مدرک بابٍ ؛ بمهارته فی النقلیّات أو العقلیّات ، ولیس کذلک فی آخر ؛ لعدم مهارته فیها وابتنائه علیها . وهذا بالضرورة ربما یوجب حصول القدرة علی الاستنباط فی بعضها ؛ لسهولة مدرکه ، أو لمهارة الشخص فیه مع صعوبته ، مع عدم القدرة علی ما لیس کذلک .

بل یستحیل حصول اجتهادٍ مطلقٍ - عادةً - غیر مسبوق بالتجزّی ؛ للزوم الطفرة .

وجهان لامتناع التجزّی فی الاجتهاد والجواب عنهما

وبساطةُ الملکة وعدمُ قبولها التجزئة ، لا تمنعُ من حصولها بالنسبة إلی بعض الأبواب ، بحیث یتمکّن بها من الإحاطة بمدارکه ، کما إذا کانت هناک ملکة الاستنباط فی جمیعها .

ویقطع بعدم دخْل ما فی سائرها به (2) أصلاً ، أو لا یعتنی باحتماله ؛ لأجل الفحص بالمقدار اللازم الموجب للاطمئنان بعدم دخله ، کما فی الملکة المطلقة ؛ بداهة أ نّه لا یعتبر فی استنباط مسألة معها من (3) الاطّلاع فعلاً علی مدارک جمیع المسائل (4) ، کما لا یخفی .

[شماره صفحه واقعی : 327]

ص: 476


1- أثبتنا « من » من الأصل ، ولا توجد فی طبعاته .
2- الأولی : تبدیل « به » ب « فیه » . ( منته الدرایة 8 : 422 ) .
3- الظاهر : زیادة کلمة « من » . ( المصدر : 423 ) .
4- هذا الوجه منسوب إلی الحاجبی ( شرح کفایة الأُصول للشیخ عبدالحسین الرشتی 2 : 351 ) . ونقله صاحب المعالم عن المانعین وأجاب عنه بما أُفید هنا ، وناقش هو فی الجواب ، راجع معالم الدین : 238 - 239 . وأفاد صاحب الفصول أیضاً هذه الأجوبة فی فصوله : 394 .
2 - حجّیة رأی المتجزّی فی حقّ نفسه

الثانی: فی حجّیّة ما یؤدّی إلیه علی المتّصف به

وهو (1) أیضاً محلّ الخلاف (2) ، إلّاأنّ قضیّة أدلّة المدارک : حجّیّته ؛ لعدم اختصاصها بالمتّصف بالاجتهاد المطلق ؛ ضرورة أنّ بناء العقلاء علی حجّیّة الظواهر مطلقاً (3) ، وکذا ما دلّ علی حجّیّة خبر الواحد (4) ، غایته تقییده بما إذا تمکّن من دفع معارضاته ، کما هو المفروض .

3 - رجوع المقلّد إلی المتجزّی

الثالث: فی جواز رجوع غیر المتّصف به إلیه فی کلّ مسألة اجتهد فیها

وهو أیضاً محلّ الإشکال : من أ نّه من رجوع الجاهل إلی العالم ، فتعمّه أدلّةُ جواز التقلید . ومن دعوی عدم إطلاق فیها ، وعدم إحراز أنّ بناء العقلاء ، أو سیرة المتشرّعة علی الرجوع إلی مثله أیضاً ؛ وستعرفُ (5) - إن شاء اللّٰه تعالی - ما هو قضیّة الأدلّة .

4 - قضاء المتجزّی

[ الرابع: فی نفوذ قضائه فی المرافعات ]

وأمّا جواز حکومته ونفوذ فصل خصومته فأشکل .

[شماره صفحه واقعی : 328]

ص: 477


1- الأولی : تأنیث الضمیر ؛ لرجوعه إلی « حجّیة » . ( منته الدرایة 8 : 424 ) .
2- ذهب صاحب المعالم - مع قوله بإمکان التجزّی - إلی عدم حجّیة رأی المتجّزی . وربّما نُسب القول بالحجّیة إلی الأکثر . انظر المعالم : 239 والفصول : 394 .
3- فی « ق » : مطلق .
4- هذا ثالث الوجوه من الوجوه الستّة التی ذکرها صاحب الفصول علی حجّیة اجتهاد المتجزّی . انظر الفصول : 395 - 396 .
5- فی الفصل الأول من مباحث التقلید .

نعم ، لا یبعدُ نفوذه فی ما إذا عرف جملةً معتدّاً بها ، واجتهد فیها ، بحیث یصحّ أن یقال فی حقّه عرفاً: إنّه ممّن عرف أحکامهم ، کما مرّ (1) فی المجتهد المطلق المنسدّ علیه باب العلم والعلمیّ فی معظم الأحکام .

فصل مبادئ الاجتهاد
احتیاج الاجتهادإلی معرفة علوم العربیّة والتفسیرو الأُصول

لا یخفی : احتیاج الاجتهاد إلی معرفة العلوم العربیّة فی الجملة ، ولو بأن یقدرَ علی معرفة ما یبتنی علیه الاجتهاد فی المسألة ، بالرجوع إلی ما دُوّن فیه .

ومعرفةِ التفسیر کذلک .

وعمدة ما یحتاج إلیه هو علمُ الأُصول ؛ ضرورة أ نّه ما من مسألةٍ إلّا ویحتاج فی استنباط حکمها إلی قاعدة أو قواعد بُرهِنَ علیها فی الأُصول ، أو بُرهِنَ علیها مقدّمةً فی نفس المسألة الفرعیّة ، کما هو طریقة الأخباریّ .

تدوین علم الأُصول فی العصور المتأخّرة عن عصر الأئمة علیهم السلام لا یوجب کونه بدعة وتدوین تلک القواعد المحتاج إلیها علی حدة لا یوجب کونها بدعةً .

وعدمُ تدوینها فی زمانهم علیهم السلام لا یوجب ذلک ، وإلّا کان تدوین الفقه والنحو والصرف بدعةً .

وبالجملة: لا محیصَ لأحدٍ فی استنباط الأحکام الفرعیّة من أدلّتها ،

[شماره صفحه واقعی : 329]

ص: 478


1- حیث قال آنفاً فی نفوذ قضاء المجتهد الانسدادی : إلّاأن یقال بکفایة انفتاح باب العلم فی مورد الاجماعات والضروریات من الدین أو المذهب .

إلّا الرجوعُ إلی ما بنی علیه فی المسائل الاُصولیّة ، وبدونه لا یکاد یتمکّن من استنباطٍ واجتهاد ، مجتهداً کان أو أخباریّاً .

اختلاف الاحتیاج إلی الأُصول حسب اختلاف الأزمنة و ...

نعم ، یختلف الاحتیاجُ إلیها بحسب اختلاف المسائل والأزمنة والأشخاص ؛ ضرورة خفّةِ مؤونة الاجتهاد فی الصدر الأوّل ، وعدمِ حاجته إلی کثیرٍ ممّا یحتاج إلیه فی الأزمنة اللاحقة ، ممّا لا یکاد یُحقَّق ویُختار عادةً إلّا بالرجوع إلی ما دُوِّن فیه من الکتب الاُصولیّة .

فصل التخطئة والتصویب
اشارة

اتّفقت الکلمة علی التخطئة فی العقلیّات ، واختلفت فی الشرعیّات:

اتفاق الإمامیّة علی التخطئة فی الشرعیّات

فقال أصحابنا (1) بالتخطئة فیها أیضاً ، وأنّ له - تبارک وتعالی - فی کلّ مسألة حکماً یؤدّی إلیه الاجتهاد تارةً ، وإلی غیره أُخری .

قول المخالفین بالتصویب

وقال مخالفونا (2) بالتصویب ، وأنّ له - تعالی - أحکاماً بعدد آراء المجتهدین ، فما یؤدّی إلیه الاجتهاد هو حکمه - تبارک وتعالی - .

ولا یخفی: أ نّه لا یکاد یعقل الاجتهاد فی حکم المسألة ، إلّاإذا کان لها حکمٌ واقعاً ، حتّی صار المجتهد بصدد استنباطه من أدلّته ، وتعیینِه بحسبها ظاهراً .

[شماره صفحه واقعی : 330]

ص: 479


1- راجع الذریعة 2: 757 ، عدّة الأُصول 2: 725 - 726 ، القوانین 1: 449 ، الفصول : 406 .
2- نسب الآمدی فی الإحکام 4 : 183 القول بالتصویب إلی القاضی أبی بکر الباقلّانی وأبی الهذیل والجبائی .
الوجوه المحتملة فی معنی التصویب ومناقشتها

فلو کان غرضهم من التصویب هو : الالتزام بإنشاء أحکامٍ فی الواقع بعدد الآراء - بأن تکون الأحکام المؤدّی (1) إلیها الاجتهاداتُ أحکاماً واقعیّة ، کما هی ظاهریّة - فهو وإن کان خطأً من جهة تواتر الأخبار ، وإجماعِ أصحابنا الأخیار علی أنّ له - تبارک وتعالی - فی کلّ واقعة حکماً یشترک فیه الکلّ ، إلّا أ نّه غیر محال .

ولو کان غرضهم منه : الالتزامَ بإنشاء الأحکام علی وِفق آراء الأعلام بعد الاجتهاد ، فهو ممّا لایکاد یعقل ، فکیف یتفحّص عمّا لا یکون له عین ولا أثر ؟ أو یُستظهر من الآیة أو الخبر ؟

إلّاأن یراد : التصویب بالنسبة إلی الحکم الفعلیّ ، وأنّ المجتهد وإن کان یتفحّص عمّا هو الحکم واقعاً وإنشاءً ، إلّاأنّ ما أدّی إلیه اجتهاده یکون هو حکمه الفعلیّ حقیقةً ، وهو ممّا یختلف باختلاف الآراء ضرورةً ، ولا یشترک فیه الجاهل والعالم بداهةً ، وما یشترکان فیه لیس بحکم حقیقةً ، بل إنشاءً ، فلا استحالة فی التصویب بهذا المعنی ، بل لا محیصَ عنه فی الجملة ، بناءً علی اعتبار الأخبار من باب السببیّة والموضوعیّة ، کما لا یخفی . وربما یشیر إلیه ما اشتهر بیننا : أنّ ظنّیّة الطریق لا تنافی قطعیّة الحکم .

نعم ، بناءً علی اعتبارها من باب الطریقیّة - کما هو کذلک - فمؤدّیات الطرق والأمارات المعتبرة لیست بأحکام حقیقیّة نفسیّة ، ولو قیل بکونها أحکاماً طریقیّة (2) .

[شماره صفحه واقعی : 331]

ص: 480


1- الأولی : المؤدّیة . ( منته الدرایة 8 : 451 ) .
2- بناءً علی المصلحة السلوکیّة التی قال بها الشیخ الأعظم فی مبحث حجّیة الأمارات . راجع فرائد الأُصول 1 : 114 - 116 .

وقد مرّ غیر مرّة (1) : إمکانُ منع کونها أحکاماً کذلک أیضاً ، وأنّ قضیّة حجّیّتها لیس إلّاتنجّز مؤدّیاتها عند إصابتها ، والعذرُ عند خطئها ، فلا یکون حکمٌ أصلاً إلّاالحکم الواقعیّ ، فیصیر منجّزاً فی ما قام علیه حجّةٌ من علمٍ أو طریقٍ معتبر ، ویکون غیرَ منجّز - بل غیر فعلیّ - فی ما لم تکن هناک حجّة مصیبة ، فتأمّل جیّداً .

فصل تبدُّل رأی المجتهد
عدم جواز الرجوع إلی الاجتهاد السابق فی الأعمال اللاحقة

إذا اضمحلّ الاجتهاد السابق - بتبدّل الرأی الأوّل بالآخر ، أو بزواله بدونه - ، فلا شبهة فی عدم العبرة به فی الأعمال اللاحقة ، ولزومِ اتّباع الاجتهاد اللاحق مطلقاً ، أو الاحتیاط فیها .

بطلان حکم الأعمال السابقة المبتنیة علی القطع أو الأمارة بناءً علی الطریقیّة

وأمّا الأعمال السابقة الواقعة علی وِفْقه ، المختلُّ فیها ما اعتبر فی صحّتها بحسب هذا الاجتهاد:

فلابدّ من معاملة البطلان معها ، فی ما لم ینهض دلیلٌ علی صحّة العمل فی ما (2)

[شماره صفحه واقعی : 332]

ص: 481


1- منه ما تقدّم فی أول بحث الأمارات ؛ حیث قال : والحجّیة المجعولة غیر مستتبعة لإنشاء أحکام تکلیفیة ، بحسب ما أدّی إلیه الطریق ، بل إنما تکون موجبة لتنجّز التکلیف به إذا أصاب ، وصحة الاعتذار به إذا أخطأ . راجع الصفحة : 40 . ومنه ما تقدّم فی ثانی تنبیهات الاستصحاب ؛ إذ قال : أنّ قضیّة حجّیة الأمارة لیست إلّاتنجّز التکالیف مع الإصابة ، والعذر مع المخالفة . راجع الصفحة : 230 .
2- الأولی : إسقاط « فی ما » . ( منته الدرایة 8 : 464 ) .

إذا اختلّ فیه لعذرٍ ، کما نهض فی الصلاة وغیرها مثل «لا تعاد» (1) و «حدیث الرفع» (2) ، بل الإجماع علی الإجزاء فی العبادات علی ما ادّعی (3) .

وذلک فی ما کان بحسب الاجتهاد الأوّل قد حصل القطع بالحکم وقد اضمحلّ ، واضح ؛ بداهةَ أ نّه لا حکم معه شرعاً ، غایته المعذوریّة فی المخالفة عقلاً .

وکذلک فی ما کان هناک طریقٌ معتبرٌ شرعاً علیه بحسبه ، وقد ظهر خلافه ، - بالظفر بالمقیِّد ، أو المخصِّص ، أو قرینة المجاز ، أو المعارِض - ، بناءً علی ما هو التحقیق من اعتبار الأمارات من باب الطریقیّة ، قیل بأنّ قضیّة اعتبارها

عدم الفرق فی البطلان بین تعلّق الاجتهاد بالأحکام أوبمتعلّقاتها

إنشاء أحکام طریقیّة ، أم لا ، علی ما مرّ منّا غیر مرّة (4) ، من غیر فرقٍ بین تعلّقه بالأحکام ، أو بمتعلّقاتها ؛ ضرورة أنّ کیفیّة اعتبارها فیهما علی نهجٍ واحد .

تفصیل الفصول بین الأحکام ومتعلّقاتها والکلام فیه

[شماره صفحه واقعی : 333]

ص: 482


1- وسائل الشیعة 4 : 312 ، الباب 9 من أبواب القبلة ، الحدیث الأول .
2- الکافی 2 : 463 .
3- نسب ذلک فی مطارح الأنظار 1 : 169 إلی بعض من لا تحقیق له . لکن کلامه هذا فی مطلق الأمر الظاهری الذی انکشف خلافه بواسطة قیام أمارة ظنّیة أُخری ، ولیس فی خصوص تبدّل رأی المجتهد .
4- أشرنا إلی بعض موارده آنفاً .

ولم یُعلم وجهٌ للتفصیل بینهما - کما فی الفصول (1) - وأنّ المتعلّقات لا تتحمّل اجتهادَیْن ، بخلاف الأحکام ، إلّاحِسبان أنّ الأحکام قابلة للتغیّر والتبدّل ، بخلاف المتعلّقات والموضوعات .

وأنت خبیرٌ بأنّ الواقع واحدٌ فیهما ، وقد عُیِّن أوّلاً بما ظهر خطؤه ثانیاً .

ولزومُ العسر والحرج والهرج والمرج (2) ، المخلّ بالنظام ، والموجب للمخاصمة بین الأنام - لو قیل بعدم صحّة العقود والإیقاعات والعبادات الواقعةِ علی طبق الاجتهاد الأوّل ، الفاسدةِ بحسب الاجتهاد الثانی ، ووجوبِ العمل علی طبق الثانی : من عدم ترتیب الأثر علی المعاملة ، و (3)إعادة العبادة - لا یکونُ إلّاأحیاناً ، وأدلّةُ نفی العسر لا تنفی إلّاخصوصَ ما لزم منه العسر فعلاً .

مع عدم اختصاص ذلک بالمتعلّقات ، ولزومِ العسر فی الأحکام کذلک أیضاً ، لو قیل بلزوم ترتیب الأثر علی طبق الاجتهاد الثانی فی الأعمال السابقة .

وباب الهرج والمرج ینسدّ بالحکومة وفصل الخصومة .

وبالجملة (4): لا یکون التفاوت بین الأحکام ومتعلّقاتها - بتحمّل الاجتهادین وعدمِ التحمّل - بیِّناً ولا مبیَّناً ، بما یرجع إلی محصّلٍ فی کلامه - زید فی علوّ مقامه - ، فراجع وتأمّل .

صحّة الأعمال السابقة بناءً علی اعتبار الأمارات من باب السببیّة

وأمّا بناءً علی اعتبارها من باب السببیّة والموضوعیّة: فلا محیصَ عن القول بصحّة العمل علی طبق الاجتهاد الأوّل ، عبادةً کان أو معاملةً ، وکونِ مؤدّاه - ما لم یضمحلّ - حکماً حقیقةً .

[شماره صفحه واقعی : 334]

ص: 483


1- الفصول : 409 - 410 .
2- لکن الفصول لم یستدل بالهرج والمرج ، وإنما استدلّ علی التفصیل بوجوه أربعة ، منها : لزوم العسر والحرج . راجع کفایة الأُصول مع حاشیة المشکینی 5 : 308 - 309 .
3- فی « ر » : أو .
4- هذا حاصل ما أورده المصنّف علی الوجه الأوّل من کلام الفصول ، وکان المناسب : التعرّض له قبل بیان الوجه الثانی ، أعنی به : نفی العسر والحرج . ( منته الدرایة 8 : 475 ) .
صحّتها إذا کان الاجتهاد مستنداً إلی الأُصول العملیّة وقد ظفر بدلیلٍ علی الخلاف

وکذلک الحال إذا کان بحسب الاجتهاد الأوّل مجری الاستصحاب أو البراءة النقلیّة ، وقد ظفر فی الاجتهاد الثانی بدلیلٍ علی الخلاف ، فإنّه عمل بما هو وظیفته فی تلک الحال .

وقد مرّ فی مبحث الإجزاء (1) تحقیق المقال (2) ، فراجع هناک .

فصلٌ فی التقلید
تعریف التقلید

وهو أخذ قول الغیر ورأیهِ للعمل به فی الفرعیّات ، أو للالتزام به فی الاعتقادیّات تعبّداً ، بلا مطالبة دلیلٍ علی رأیه .

ولا یخفی: أ نّه لا وجه لتفسیره بنفس العمل (3) ؛ ضرورةَ سبقه علیه ، وإلّا کان بلا تقلید (4) ، فافهم .

أدلّة جواز التقلید

ثمّ إنّه لا یذهب علیک : أنّ جواز التقلید ، ورجوعِ الجاهل إلی العالم - فی الجملة - یکونُ بدیهیّاً جبلّیّاً فطریّاً ، لا یحتاج إلی دلیل ، وإلّا لزم سدُّ باب العلم به علی العامیّ مطلقاً غالباً ؛ لعجزه عن معرفة ما دلّ علیه کتاباً وسنّةً ، ولا یجوز التقلید فیه أیضاً ، وإلّا لدار أو تسلسل ، بل هذه هی العمدة فی أدلّته .

[شماره صفحه واقعی : 335]

ص: 484


1- راجع الجزء الأول ، الصفحة : 124 وما بعدها .
2- لا یخفی علی المراجع إلی بحث الإجزاء ، أنّ بین کلامیه فی المقامین نحو اختلافٍ ربما یشکل الجمع بینهما . انظر للتفصیل منته الدرایة 8 : 481 .
3- هکذا فسّره صاحب المعالم فی المعالم : 242 ، والآمدیّ فی الإحکام 4: 221 .
4- هذا هو مناقشة صاحب الفصول لتفسیر التقلید بالعمل . ( الفصول : 411 ) .
أدلّة أُخری علی جواز التقلید والمناقشة فیها

وأغلب ما عداه قابلٌ للمناقشة:

لبُعد تحصیل الإجماع (1) فی مثل هذه المسألة ، ممّا یمکن أن یکون القول فیه (2) لأجل کونه من الأُمور الفطریّة الارتکازیّة . والمنقولُ منه غیر حجّة فی مثلها - ولو قیل بحجّیّتها (3) فی غیرها - لِوَهنه بذلک .

ومنه قد انقدح : إمکانُ القدح فی دعوی کونه من ضروریّات الدّین (4) ؛ لاحتمال أن یکون من ضروریّات العقل وفطریّاته ، لا من ضروریّاته .

وکذا القدح فی دعوی سیرة المتدیّنین (5) .

وأمّا الآیات: فلعدم دلالة آیة النفر (6) والسؤال (7) علی جوازه ؛ لقوّة احتمال أن یکون الإرجاعُ لتحصیل العلم ، لا للأخذ (8) تعبّداً .

مع أنّ المسؤول فی آیة السؤال هم أهل الکتاب ، کما هو ظاهرها ، أو أهل بیت العصمة الأطهار ، کما فُسّر به فی الأخبار (9)(10).

تمامیّة دلالة الأخبار علی جواز التقلید

نعم ، لا بأس بدلالة الأخبار علیه بالمطابقة أو الملازمة ؛ حیث دلّ بعضها

[شماره صفحه واقعی : 336]

ص: 485


1- ادّعاه السیّد المرتضی والشیخ الطوسی والمحقّق الحلّی والشیخ الأنصاری . راجع الذریعة 2 : 797 ، العدّة 2: 730 ، معارج الأُصول: 197 ، رسالة الاجتهاد والتقلید: 48 .
2- الأولی : إبدال « فیه » ب « به » . ( منته الدرایة 8 : 507 ) .
3- الأولی : تذکیر ضمیر « بحجّیتها » ؛ لرجوعه إلی الإجماع المنقول . انظر المصدر المتقدّم : 508 .
4- لم نظفر بمن استدلّ بذلک علی جواز التقلید .
5- استدلّ بها فی الفصول : 411 .
6- التوبة : 122 .
7- النساء : 70 .
8- فی أکثر الطبعات : لا الأخذ .
9- انظر الکافی 1 : 210 باب أنّ أهل الذکر الذین أمر اللّٰه الخلق بسؤالهم ، هُم الأئمة علیهم السلام .
10- هذان الجوابان ذکرهما الشیخ الأنصاری فی فرائده 1 : 282 و 289 .

علی وجوب اتّباع قول العلماء (1) ، وبعضها علی أنّ للعوام تقلید العلماء (2) ، وبعضها علی جواز الإفتاء مفهوماً - مثل ما دلّ علی المنع عن الفتوی بغیر علم (3) - ، أو منطوقاً - مثل ما دلّ علی إظهاره علیه السلام المحبّة لأن یری فی أصحابه من یفتی الناسَ بالحلال والحرام - (4) .

لا یقال: إنّ مجرّد إظهار الفتوی للغیر لا یدلّ علی جواز أخذه واتّباعه (5) .

فإنّه یقال: إنّ الملازمة العرفیّة بین جواز الإفتاء وجواز اتّباعه واضحة ، وهذا غیر وجوب إظهار الحقّ والواقع ؛ حیث لا ملازمة بینه وبین وجوب أخذه تعبّداً ، فافهم وتأمّل .

وهذه الأخبار علی اختلاف مضامینها وتعدّد أسانیدها ؛ لا یبعد دعوی القطع بصدور بعضها ، فیکون دلیلاً قاطعاً علی جواز التقلید ،

أدلّة المنع عن التقلید والکلام فیها

وإن لم یکن کلّ واحد منها بحجّة ، فیکون مخصِّصاً لما دلّ علی عدم جواز اتّباع غیر العلم ، والذمِّ علی التقلید ، من الآیات والروایات (6) ، قال اللّٰه - تبارک وتعالی - :

[شماره صفحه واقعی : 337]

ص: 486


1- وسائل الشیعة 27 : 140 ، الباب 11 من أبواب صفات القاضی ، الحدیث 9 .
2- المصدر السابق : 131 ، الباب 10 من أبواب صفات القاضی ، الحدیث 20 .
3- المصدر السابق : 35 ، باب عدم جواز القضاء والإفتاء بغیر علمٍ بورود الحکم عن المعصومین علیهم السلام .
4- المصدر السابق : 148 ، الباب 11 من أبواب صفات القاضی ، الحدیث 36 ، ورجال النجاشی : 10 .
5- هذا الضمیر وضمیر « أخذه » راجعان إلی الفتوی ، فالأولی : تأنیثهما . ( منته الدرایة 8 : 524 ) .
6- وسائل الشیعة 27 : 128 ، الباب 10 من أبواب صفات القاضی ، الحدیث 12 و 129 ، الحدیث 14 .

« وَ لاٰ تَقْفُ مٰا لَیْسَ لَکَ بِهِ عِلْمٌ » (1)، وقوله - تعالی - : «إِنّٰا وَجَدْنٰا آبٰاءَنٰا عَلیٰ أُمَّةٍ وَ إِنّٰا عَلیٰ آثٰارِهِمْ مُقْتَدُونَ » (2).

مع احتمال أنّ الذمّ إنّما کان علی تقلیدهم للجاهل ، أو فی الأُصول الاعتقادیّة الّتی لابدّ فیها من الیقین .

وأمّا قیاس المسائل الفرعیّة علی الأُصول الاعتقادیة - فی أ نّه کما لا یجوز التقلید فیها مع الغموض فیها ، کذلک لا یجوز فیها بالطریق الأولی ؛ لسهولتها - فباطلٌ .

مع أ نّه مع الفارق ؛ ضرورة أنّ الأُصول الاعتقادیّة مسائل معدودة ، بخلافها ، فإنّها ممّا لا تعدّ ولا تحصی ، ولا یکاد یتیسّر من الاجتهاد فیها فعلاً طولَ العمر إلّاللأوحدیّ فی کلّیّاتها ، کما لا یخفی .

فصل تقلید الأعلم
وظیفة العامیّ فی مسألة تقلید الأعلم

إذا علم المقلِّد اختلاف الأحیاء فی الفتوی ، مع اختلافهم فی العلم والفقاهة ، فلابدّ من الرجوع إلی الأفضل إذا احتمل تعیُّنه ؛ للقطع بحجّیّته (3) ، والشکّ فی حجّیّة غیره ، ولا وجه لرجوعه إلی الغیر فی تقلیده إلّاعلی نحو دائر .

[شماره صفحه واقعی : 338]

ص: 487


1- الإسراء : 36 .
2- الزخرف : 23 .
3- هذا الضمیر وضمیر « غیره » راجعان إلی فتوی الأفضل ، فالأولی : تأنیثهما . ( منته الدرایة 8 : 535 ) .

نعم (1) ، لا بأس برجوعه إلیه إذا استقلّ عقلُه بالتساوی ، وجوازِ الرجوع إلیه أیضاً ، أو جوّز له الأفضلُ بعد رجوعه إلیه .

هذا حال العاجز عن الاجتهاد ، فی تعیین ما هو قضیّة الأدلّة فی هذه المسألة .

ما یستفیده المجتهد من الأدلّة فی مسألةتقلید الأعلم

وأمّا غیره: فقد اختلفوا فی جواز تقلید (2) المفضول وعدم جوازه :

ذهب بعضهم (3) إلی الجواز . والمعروف بین الأصحاب - علی ما قیل (4) - عدمه (5) . وهو الأقوی ؛ للأصل ، وعدم دلیل علی خلافه .

أدلّة جواز تقلید غیر الأعلم والکلام فیها

ولا إطلاق فی أدلّة التقلید - بعد الغضّ عن نهوضها علی مشروعیّة أصله - ؛ لوضوح أ نّها إنّما تکون بصدد بیان أصل جواز الأخذ بقول العالم ، لا فی کلّ حال ، من غیر تعرّضٍ أصلاً لصورة معارضته بقول الفاضل ، کما هو شأن سائر الطرق والأمارات ، علی ما لا یخفی (6) .

[شماره صفحه واقعی : 339]

ص: 488


1- هذا الاستدراک مذکور فی مطارح الأنظار 2 : 527 .
2- فی « ن » و « ر » : تقدیم .
3- قاله المحقّق القمّی فی قوانینه 2 : 246 ، وصاحب الفصول فی فصوله : 423 - 424 . وقال فی مطارح الأنظار 2 : 526 : حدث لجماعة ممّن تأخّر عن الشهید الثانی قولٌ بالتخییر بین الفاضل والمفضول ، تبعاً للحاجبی والقاضی وجماعة من الأُصولیّین والفقهاء فی ما حُکی عنهم ، وصار إلیه جملة من متأخّری أصحابنا ، حتی صار فی هذا الزمان قولاً معتمداً به .
4- قاله الشیخ الأعظم علی ما فی مطارح الأنظار 2 : 525 .
5- راجع الذریعة 2 : 801 ، معارج الأُصول : 201 ، معالم الدین : 246 .
6- هذه المناقشة أفادها الشیخ الأعظم فی رسالة الاجتهاد والتقلید : 78 .

ودعوی السیرة (1) علی الأخذ بفتوی أحد المخالفین فی الفتوی ، من دون فحص عن أعلمیّته ، مع العلم بأعلمیّة أحدهما ، ممنوعةٌ .

ولا عُسر فی تقلید الأعلم (2) ، لا علیه ؛ لأخذ فتاواه من رسائله وکتبه ، ولا لمقلّدیه (3) ؛ لذلک أیضاً .

ولیس تشخیص الأعلمیّة بأشکل (4) من تشخیص أصل الاجتهاد .

مع أنّ قضیّةَ نفی العُسر : الاقتصارُ علی موضع العُسر ، فیجب فی ما لا یلزم منه عُسر (5) ، فتأمّل جیّداً .

سائر أدلّة وجوب تقلید الأعلم

وقد استدلّ أیضاً للمنع بوجوه (6):

أحدها: نقل الإجماع علی تعیّن تقلید الأفضل (7) .

[شماره صفحه واقعی : 340]

ص: 489


1- هذه الدعوی ذکرها الشیخ الأعظم فی مطارح الأنظار 2 : 535 ، وأجاب عنها بنحو أوفی ممّا أُفید هنا إجمالاً .
2- ذکره فی الفصول : 424 دلیلاً علی جواز تقلید غیر الأعلم .
3- الأولی : ولا علی مقلّدیه . ( منته الدرایة 8 : 547 ) .
4- مقتضی الصناعة العربیة تبدیله ب « أشدّ إشکالاً » . ( المصدر السابق ) .
5- الجوابان الأخیران مذکوران فی مطارح الأنظار 2 : 539 .
6- استدلّ بهذه الوجوه الشیخ الأعظم الأنصاری فی رسالة الاجتهاد والتقلید : 71 ومطارح الأنظار 2 : 541 - 544 و 662 - 667 .
7- قال الشیخ الأعظم الأنصاریّ : «وقد اعترف الشهید الثانی فی منیة المرید ( : 304) بأ نّه لا یعلم فی ذلک خلافاً ، ونحوه غیره . بل صرّح المحقّق الثانی فی مسألة تقلید المیّت ( فی حاشیته علی الشرائع : 99 ) بالإجماع علی تعیُّن تقلید الأعلم» . رسالة الاجتهاد والتقلید: 71 . وراجع مطارح الأنظار 2 : 526 و 541 .

ثانیها: الأخبار الدالّة علی ترجیحه مع المعارضة ، کما فی المقبولة (1) وغیرها (2) ، أو علی اختیاره للحکم بین الناس ، کما دلّ علیه المنقول عن أمیر المؤمنین علیه السلام : «اختَر للحُکم بینَ النّاس أفضلَ رعیّتک» (3) .

ثالثها: أنّ قول الأفضل أقرب من غیره جزماً ، فیجب الأخذُ به عند المعارضة عقلاً .

ولا یخفی ضعفها:

الجواب عن الأدلّة

أمّا الأوّل: فلقوّة احتمال أن یکون وجه القول بالتعیین للکلّ - أو الجلّ - هو الأصل ، فلا مجال لتحصیل الإجماع مع الظفر بالاتّفاق ، فیکون نقله موهوناً ؛ مع عدم حجّیّة نقله ولو مع عدم وهنه .

وأمّا الثانی: فلأنّ الترجیح مع المعارضة فی مقام الحکومة - لأجل رفع الخصومة الّتی لا تکاد ترتفع إلّابه - لا یستلزم الترجیح فی مقام الفتوی ، کما لا یخفی .

وأمّا الثالث: فممنوع ، صغریً وکبریً:

أمّا الصغری: فلأجل أنّ فتوی غیر الأفضل ربما یکونُ أقرب من فتواه ؛ لموافقتها (4) لفتوی من هو أفضل منه ، ممّن مات (5) .

[شماره صفحه واقعی : 341]

ص: 490


1- وسائل الشیعة 27 : 106 ، الباب 9 من أبواب صفات القاضی، الحدیث 1 .
2- کروایة داود بن الحصین ، وروایة موسی بن أکیل . راجع وسائل الشیعة 27: 113 و123 ، الباب 9 من أبواب صفات القاضی ، الحدیث 20 و 45 .
3- نهج البلاغة ، الکتاب 53 فی کتابه للأشتر النخعیّ .
4- أثبتناها من منته الدرایة ، وفی غیره : لموافقته .
5- صرّح بهذا المنع الصغروی : الشهید الثانی فی المسالک 13 : 344 ، والمحقّق القمّی فی القوانین 2 : 246 - 247 ، والمحقّق النراقی فی مناهج الأحکام والأُصول : 300 ، والسیّد الطباطبائی فی مفاتیح الأُصول : 626 ، وصاحب الفصول فی فصوله : 424 والشیخ الأنصاری علی ما فی مطارح الأنظار 2 : 668 .

ولا یُصغی إلی : أنّ فتوی الأفضل أقربُ فی نفسه (1) ؛ فإنّه لو سُلّم أ نّه (2)کذلک ، إلّاأ نّه لیس بصغری لما ادُّعی عقلاً من الکبری ؛ بداهة أنّ العقل لا یری تفاوتاً بین أن تکون الأقربیّة فی الأمارة لنفسها ، أو لأجل موافقتها لأمارة أُخری ، کما لا یخفی .

وأمّا الکبری: فلأنّ ملاک حجّیّة قول الغیر تعبّداً - ولو علی نحو الطریقیّة - لم یُعلم أ نّه القرب من الواقع ، فلعلّه یکون ما هو فی الأفضل وغیره سیّان ، ولم یکن لزیادة القرب فی أحدهما دخلٌ أصلاً .

نعم ، لو کان تمام الملاک هو القرب ، - کما إذا کان حجّة بنظر العقل - لتعَیَّن الأقربُ قطعاً ، فافهم .

فصل تقلید المیّت
الاختلاف فی اشتراط الحیاة فی المفتی

اختلفوا فی اشتراط الحیاة فی المفتی :

والمعروف بین الأصحاب : الاشتراط (3) .

[شماره صفحه واقعی : 342]

ص: 491


1- الأولی : فی نفسها .
2- الأولی : تأنیث الضمیر . ( منته الدرایة 8 : 557 ) .
3- بل فی کلام جماعة : دعوی الاتفاق أو الإجماع علیه . ( رسالة الاجتهاد والتقلید للشیخ الأعظم الأنصاری : 58 ) ، یراجع أیضاً مطارح الأنظار 2 : 436 - 440 و 560 - 562 .

وبین العامّة : عدمه (1) ، وهو خیرة الأخباریِّین (2) ، وبعض المجتهدین من أصحابنا (3) .

وربما نُقِل تفاصیل ، منها: التفصیل بین البدویّ فیشترط ، والاستمراری فلا یشرط (4) .

المختار : عدم جواز تقلید المیت

والمختار : ما هو المعروف بین الأصحاب ؛ للشکّ فی جواز تقلید المیّت ، والأصل عدم جوازه .

أدلّة جواز تقلید المیّت المناقشة فیها
اشارة

ولا مخرج عن هذا الأصل إلّاما استدلّ به المجوّز علی الجواز من وجوه ضعیفة :

1 - الاستصحاب
اشارة

منها : استصحاب جواز تقلیده فی حال حیاته (5) .

ولا یذهب علیک : أ نّه لا مجال له ؛ لعدم بقاء موضوعه عرفاً ؛ لعدم بقاء الرأی معه ، فإنّه متقوّمٌ بالحیاة بنظر العرف - وإن لم یکن کذلک واقعاً - ؛ حیث إنّ الموت عند أهله موجبٌ لانعدام المیّت ورأیه .

ولا ینافی ذلک (6) صحّةُ استصحاب بعض أحکام حال حیاته ، کطهارته

[شماره صفحه واقعی : 343]

ص: 492


1- بل صرّح فی المنهاج بإجماعهم علیه . ( مطارح الأنظار 2 : 431 ) ، وانظر الإبهاج فی شرح المنهاج 3 : 268 ، والمنخول : 591 .
2- منهم الإسترآبادی فی الفوائد المدنیة : 299 ، والمحدّث الکاشانی فی مفاتیح الشرائع 2 : 52 ، والسیّد الجزائری فی کشف الأسرار 2 : 77 - 92 .
3- هو المحقّق القمی فی القوانین 2 : 270 ، وجامع الشتات ( الطبعة الحجریة ) : 496 .
4- وهو مختار الفصول : 422 .
5- انظر الفصول : 421 ، ومفاتیح الأُصول : 624 .
6- توهّم المنافاة وجوابه مذکوران فی مطارح انظار 2 : 466 .

ونجاسته ، وجواز نظر زوجته إلیه ؛ فإنّ ذلک إنّما یکون فی ما لا یتقوّم بحیاته عرفاً ، بحسبان بقائه ببدنه الباقی بعد موته ، وإن احتمل أن یکون للحیاة دخلٌ فی عروضه واقعاً . وبقاءُ الرأی لابدّ منه فی جواز التقلید قطعاً ، ولذا لا یجوز التقلید فی ما إذا تبدّل الرأی ، أو ارتفع لمرضٍ أو هرمٍ إجماعاً .

وبالجملة : یکون انتفاء الرأی بالموت - بنظر العرف - بانعدام موضوعه ، ویکون حشره فی القیامة إنّما هو من باب إعادة المعدوم ، وإن لم یکن کذلک حقیقةً ؛ لبقاء موضوعه ، وهو النفس الناطقة الباقیة حال الموت ؛ لتجرّده .

وقد عرفت فی باب الاستصحاب : أنّ المدار فی بقاء الموضوع وعدمه هو العرف ، فلا یجدی بقاء النفس عقلاً فی صحّة الاستصحاب مع عدم مساعدة العرف علیه ، وحِسبانِ أهله أ نّها غیر باقیة ، وإنّما تعاد یوم القیامة بعد انعدامها ، فتأمّل جیّداً .

لا یقال: نعم ، الاعتقاد والرأی وإن کان یزول بالموت - لانعدام موضوعه - إلّاأنّ حدوثه فی حال حیاته ، کافٍ فی جواز تقلیده فی حال موته ، کما هو الحال فی الروایة .

فإنّه یقال: لا شبهة فی أ نّه لابدّ فی جوازه من بقاء الرأی والاعتقاد ، ولذا لو زال بجنون أو تبدُّلٍ ونحوهما لما جاز قطعاً ، کما اشیر إلیه آنفاً .

هذا بالنسبة إلی التقلید الابتدائیّ .

الاستدلال علی جواز التقلید الاستمراریّ للمیّت بالاستصحاب والکلام فیه

[شماره صفحه واقعی : 344]

ص: 493

وأمّا الاستمراریّ: فربما یقال (1) بأ نّه قضیّة استصحاب الأحکام الّتی قلّده فیها ؛ فإنّ رأیه وإن کان مناطاً لعروضها وحدوثها ، إلّاأ نّه عرفاً من أسباب العروض ، لا من مقوّمات الموضوع والمعروض .

ولکنّه لا یخفی: أ نّه لا یقین بالحکم شرعاً سابقاً ؛ فإنّ جواز التقلید إن کان بحکم العقل وقضیّةِ الفطرة - کما عرفت (2) - فواضحٌ ؛ فإنّه لا یقتضی أزیدَ من تنجّز ما أصابه من التکلیف ، والعذر فی ما أخطأ ، وهو واضح .

وإن کان بالنقل ، فکذلک ، علی ما هو التحقیق : من أنّ قضیّة الحجّیّة شرعاً لیس إلّاذلک ، لا إنشاء أحکام شرعیّة علی طبق مؤدّاها ، فلا مجال لاستصحاب ما قلّده ؛ لعدم القطع به سابقاً ، إلّاعلی ما تکلّفنا فی بعض تنبیهات الاستصحاب ، فراجع (3) .

ولا دلیل علی حجّیّة رأیه السابق فی اللاحق .

وأمّا بناءً علی ما هو المعروف بینهم - من کون قضیّة الحجّیّة الشرعیّة :

جعلُ مثل ما أدّت إلیه من الأحکام الواقعیّة التکلیفیّة ، أو الوضعیّة شرعاً فی الظاهر - فلاستصحاب ما قلّده من الأحکام وإن کان مجالٌ ، بدعوی : بقاء الموضوع عرفاً ؛ لأجل کون الرأی عند أهل العرف من أسباب العروض (4) ، لا من مقوِّمات المعروض .

إلّاأنّ الإنصاف : عدمُ کون الدعوی خالیةً عن الجزاف ؛ فإنّه من المحتمل

[شماره صفحه واقعی : 345]

ص: 494


1- ذکره فی الفصول : 421 .
2- فی الفصل الأول من مباحث التقلید ، فی الصفحة : 335 حیث قال : إنّ جواز التقلید ورجوع الجاهل إلی العالم - فی الجملة - یکون بدیهیاً جبلّیاً فطریاً .
3- فی آخر التنبیه الثانی ، فی الصفحة : 231 : ولکنّ الظاهر أ نّه ( أی : الیقین بالثبوت ) أُخذ کشفاً عنه ومرآةً لثبوته ... .
4- العروض هنا [ وفی الموارد السابقة ] بمعنی الثبوت ، لا بمعناه المصطلح المقابل للواسطة الثبوتیّة أو الإثباتیّة . ( منته الدرایة 8 : 609 ) .

- لولا المقطوع - أنّ الأحکام التقلیدیّة عندهم أیضاً لیست أحکاماً لموضوعاتها بقولٍ مطلق ، بحیث عُدّ من ارتفاع الحکم عندهم من موضوعه ، بسبب تبدُّل الرأی ونحوه ، بل إنّما کانت أحکاماً لها بحسب رأیه ، بحیث عُدّ من انتفاء الحکم بانتفاء موضوعه عند التبدّل ، ومجرّدُ احتمال ذلک یکفی فی عدم صحّة استصحابها ؛ لاعتبار إحراز بقاء الموضوع ولو (1) عرفاً ، فتأمّل جیّداً .

هذا کلّه ، مع إمکان دعوی : أ نّه إذا لم یجز البقاء علی التقلید بعد زوال الرأی - بسبب الهرم أو المرض - إجماعاً ، لم یجز فی حال الموت بنحوٍ أولی قطعاً ، فتأمّل .

2 - إطلاق الأدلّة اللفظیّة

ومنها: إطلاق الآیات الدالّة علی التقلید (2) .

وفیه: - مضافاً إلی ما أشرنا إلیه (3) من عدم دلالتها علیه - منعُ إطلاقها علی تقدیر دلالتها ، وإنّما هو مسوق (4) لبیان أصل تشریعه ، کما لا یخفی .

ومنه انقدح حال إطلاق ما دلّ من الروایات علی التقلید ، مع إمکان دعوی الانسباق إلی حال الحیاة فیها .

[شماره صفحه واقعی : 346]

ص: 495


1- لا حاجة إلی کلمة « ولو » ؛ لما تحقّق فی خاتمة الاستصحاب من کون المناط : بقاء الموضوع العرفی ، لا الدلیلی ولا العقلی . ( منته الدرایة 8 : 612 ) .
2- مثل آیة النفر ( التوبة : 122 ) ، وآیة الکتمان ( البقرة : 159 ) ، وآیة السؤال ( النحل : 43 ، الأنبیاء : 7 ) .
3- فی الفصل الأوّل من مباحث التقلید ، فی الصفحة : 336 حیث قال : « وأ مّا الآیات : فلعدم دلالة آیة النفر والسؤال علی جوازه ؛ لقوّة احتمال أن یکون الإرجاع لتحصیل العلم ، لا للأخذ تعبّداً ... » .
4- الأولی : هی مسوقة . ( منته الدرایة 8 : 615 ) .
3 - دلیل الانسداد

ومنها: دعوی أ نّه لا دلیل علی التقلید إلّادلیل الانسداد ، وقضیّتُه جواز تقلید المیّت کالحیّ ، بلا تفاوت بینهما أصلاً ، کما لا یخفی (1) .

وفیه: أ نّه لا یکاد تصلُ النوبة إلیه ؛ لما عرفت من دلیل العقل والنقل علیه .

4 - سیرة المتشرّعة

ومنها: دعوی السیرة علی البقاء ؛ فإنّ المعلومَ من أصحاب الأئمّة علیهم السلام عدمُ رجوعهم عمّا أخذوه تقلیداً بعد موت المفتی (2) .

وفیه: منعُ السیرة فی ما هو محلّ الکلام . وأصحابُهم علیهم السلام إنّما لم یرجعوا عمّا أخذوه من الأحکام ، لأجل أ نّهم غالباً إنّما کانوا یأخذونها ممّن ینقلها عنهم علیهم السلام بلا واسطة أحد ، أو معها من دون دخل رأی الناقل فیه أصلاً ، وهو لیس بتقلید کما لا یخفی ، ولم یُعلم إلی الآن حالُ من تعبّد بقول غیره ورأیه ، أ نّه کان قد رجع أو لم یرجع بعد موته .

ومنها: غیر ذلک ممّا لا یلیق بأن یسطر أو یذکر (3)(4).

[شماره صفحه واقعی : 347]

ص: 496


1- انظر القوانین 2 : 266 - 267 .
2- هذه الدعوی وکذا الجواب عنها وردا فی مطارح الأنظار 2 : 629 - 630 .
3- شطب المصنّف هذا السطر الأخیر من نسخة الأصل ، لکنّه غیر محذوف من طبعاته .
4- یلاحظ مفاتیح الأُصول : 622 - 624 ، ومطارح الأنظار 2 : 482 - 493 و 609 .

فقه

فقه 6 (المکاسب : از «القول فی ماهیة العیب» تا «الکلام فی أحکام القبض»)

المجلد 5

[القول فی الخیار و أقسامه و أحکامه]
[فی أقسام الخیار]
[السابع : فی خیار العیب]
القول فی ماهیّة العیب

صوت

[*ابوالقاسم علیدوست]

و ذکر بعض أفراده اعلم أنّ حکم الردّ و الأرش معلّقٌ فی الروایات علی مفهوم «العیب»و«العوار».

أمّا العوار،ففی الصحاح:أنّه العیب (1).و أمّا العیب،فالظاهر من اللغة و العرف:أنّه النقص عن مرتبة الصحّة المتوسّطة بینه و بین الکمال.

فالصحّة:«ما یقتضیه أصل الماهیّة المشترکة بین أفراد الشیء لو خُلّی و طبعَه»،و العیب و الکمال یلحقان له لأمرٍ خارجٍ عنه.

ثمّ مقتضی حقیقة الشیء قد یُعلم (2)من الخارج،کمقتضی حقیقة الحیوان-الأناسی و غیره فإنّه یعلم أنّ العمی عیبٌ،و معرفة الکتابة فی العبد و الطبخ فی الأمة کمالٌ فیهما.و قد یستکشف ذلک بملاحظة أغلب الأفراد،فإنّ وجود صفةٍ فی أغلب أفراد الشیء یکشف عن کونه مقتضی الماهیّة المشترکة بین أفراده،و کون التخلّف فی النادر لعارضٍ.

و هذا و إن لم یکن مطّرداً فی الواقع؛إذ کثیراً ما یکون أغلب

[شماره صفحه واقعی : 355]

ص: 497


1- الصحاح 2:761،مادة«عور».
2- فی«ش»:«یعرف».

الأفراد متّصفةً بصفةٍ لأمرٍ عارضیٍّ أو لأُمورٍ مختلفةٍ،إلّا أنّ بناء العرف و العادة علی استکشاف حال الحقیقة عن حال أغلب الأفراد؛و من هنا استمرّت العادة علی حصول الظنّ بثبوت صفةٍ لفردٍ من ملاحظة أغلب الأفراد،فإنّ وجود الشیء فی أغلب الأفراد لا یمکن (1)الاستدلال به علی وجوده فی فردٍ غیرها؛لاستحالة الاستدلال و لو ظنّاً-بالجزئی علی الجزئی،إلّا أنّه یستدلّ من حال الأغلب علی حال القدر المشترک، ثمّ یستدلّ من ذلک علی حال الفرد المشکوک.

إذا عرفت هذا تبیّن لک الوجه فی تعریف العیب فی کلمات کثیرٍ (2)منهم ب«الخروج عن المجری الطبیعی»،و هو ما یقتضیه الخِلقة الأصلیّة.

و أنّ المراد بالخلقة الأصلیّة:ما علیه أغلب أفراد ذلک النوع،و أنّ ما خرج عن ذلک بالنقص فهو عیبٌ،و ما خرج عنه بالمزیّة فهو کمالٌ، فالضیعة إذا لوحظت من حیث الخراج فما علیه أغلب الضیاع من مقدار الخراج هو مقتضی طبیعتها،فزیادة الخراج علی ذلک المقدار عیبٌ، و نقصه عنه کمالٌ،و کذا کونها مورد العساکر.

ثمّ لو تعارض مقتضی الحقیقة الأصلیّة و حال أغلب الأفراد الّتی یستدلّ بها علی حال الحقیقة عرفاً رُجّح الثانی و حُکم للشیء بحقیقةٍ ثانویّةٍ اعتباریّةٍ یُعتبر الصحّة و العیب و الکمال بالنسبة إلیها.و من هنا لا یُعدّ ثبوت الخراج علی الضیعة عیباً مع أنّ حقیقتها لا تقتضی ذلک،

[شماره صفحه واقعی : 356]

ص: 498


1- فی«ش»:«و إن لم یمکن».
2- منهم العلامة فی القواعد 2:72،و راجع جامع المقاصد 4:322 323، و الحدائق 19:113،و مفتاح الکرامة 4:610.

و إنّما هو شیءٌ عرض أغلب الأفراد فصار مقتضی الحقیقة الثانویة، فالعیب لا یحصل إلّا بزیادة الخراج علی مقتضی الأغلب.و لعلّ هذا هو الوجه فی قول کثیرٍ منهم (1)بل عدم الخلاف بینهم فی أنّ الثیبوبة لیست عیباً فی الإماء.

و قد ینعکس الأمر فیکون العیب فی مقتضی الحقیقة الأصلیّة، و الصحّة (2)من مقتضی الحقیقة الثانویة،کالغُلفة فإنّها عیبٌ فی الکبیر؛ لکونها مخالفةً لما علیه الأغلب.إلّا أن یقال:إنّ الغُلفة بنفسها لیست عیباً إنّما العیب کون الأغلف مورداً للخطر بختانه؛و لذا اختصّ هذا العیب بالکبیر دون الصغیر.

[*ابوالقاسم علیدوست]

و یمکن أن یقال:إن العبرة بالحقیقة الأصلیة و النقص عنها عیب و إن کان علی طبق الأغلب،إلا أن حکم العیب لا یثبت مع إطلاق العقد حینئذ؛لأنه إنما یثبت من جهة اقتضاء الإطلاق للالتزام بالسلامة، فیکون کما لو التزمه صریحا فی العقد،فإذا فرض الأغلب علی خلاف مقتضی الحقیقة الأصلیة لم یقتض الإطلاق ذلک بل اقتضی عکسه،أعنی التزام البراءة من ذلک النقص.فإطلاق العقد علی الجاریة بحکم الغلبة منزَّلٌ علی التزام البراءة من عیب الثیبوبة،و کذا الغُلفة فی الکبیر،فهی

[شماره صفحه واقعی : 357]

ص: 499


1- منهم:المحقّق فی الشرائع 2:37،و المختصر النافع:126،و العلّامة فی القواعد 2:73،و غیره من کتبه،و الفاضل الآبی فی کشف الرموز 1:480 مع ادّعائه عدم الخلاف بین الأصحاب،راجع تفصیل الأقوال فی مفتاح الکرامة 4:618، و الجواهر 23:276.
2- فی«ش»زیادة:«بالخروج»مع تبدیل«من»ب«إلی».

أیضاً عیبٌ فی الکبیر لکون العبد معها مورداً للخطر عند الختان،إلّا أنّ الغالب فی المجلوب من بلاد الشرک لمّا کان هی الغلفة لم یقتض الإطلاق التزام سلامته من هذا العیب،بل اقتضی التزام البائع البراءة من هذا العیب.

فقولهم:«إنّ الثیبوبة لیست عیباً فی الإماء»،و قول العلّامة قدس سرّه فی القواعد:«إنّ الغُلفة لیست عیباً فی الکبیر المجلوب» (1)لا یبعد إرادتهم نفی حکم العیب من الردّ و الأرش،لا نفی حقیقته.و یدلّ علیه نفی الخلاف فی التحریر عن کون الثیبوبة لیست عیباً (2)،مع أنّه فی التحریر (3)و التذکرة (4)اختار الأرش مع اشتراط البَکارة،مع أنّه لا أرش فی تخلّف الشرط بلا خلافٍ ظاهر.

و تظهر الثمرة فیما لو شرط (5)المشتری البَکارة و الختان،فإنّه یثبت علی الوجه الثانی حکم العیب من الردّ و الأرش؛لثبوت العیب،غایة الأمر عدم ثبوت الخیار مع الإطلاق؛لتنزّله منزلة تبرّی البائع من هذا العیب،فإذا زال مقتضی الإطلاق بالاشتراط ثبت حکم العیب.و أمّا علی الوجه الأوّل،فإنّ الاشتراط لا یفید إلّا خیار تخلّف الشرط دون الأرش.

[شماره صفحه واقعی : 358]

ص: 500


1- القواعد 2:73،و العبارة منقولة بالمعنی،فإنّه قال عند عدّ العیوب-: «و عدم الختان فی الکبیر،دون الصغیر و الأمة و المجلوب من بلاد الشرک».
2- التحریر 1:182.
3- التحریر 1:186.
4- التذکرة 1:539.
5- فی«ش»:«اشترط».

لکنّ الوجه السابق أقوی،و علیه فالعیب إنّما یوجب الخیار إذا لم یکن غالباً فی أفراد الطبیعة بحسب نوعها أو صنفها،و الغلبة الصنفیّة مقدّمةٌ علی النوعیّة عند التعارض،فالثیبوبة فی الصغیرة الغیر المجلوبة عیبٌ؛لأنّها لیست غالبةً فی صنفها و إن غلبت فی نوعها.

ثمّ إنّ مقتضی ما ذکرنا دوران العیب مدار نقص الشیء من حیث عنوانه مع قطع النظر عن کونه مالاً،فإنّ الإنسان الخصیّ ناقصٌ فی نفسه و إن فُرض زیادته من حیث کونه مالاً،و کذا البغل الخصیّ حیوانٌ ناقصٌ و إن کان زائداً من حیث المالیّة علی غیره؛و لذا ذکر جماعةٌ ثبوت الردّ دون الأرش فی مثل ذلک (1).

و یحتمل قویّاً أن یقال:إنّ المناط فی العیب هو النقص المالی، فالنقص الخَلقی الغیر الموجب للنقص کالخصاء و نحوه لیس عیباً،إلّا أنّ الغالب فی أفراد الحیوان لمّا کان عدمه کان إطلاق العقد منزَّلاً علی إقدام المشتری علی الشیء (2)مع عدم هذا النقص اعتماداً علی الأصل و الغلبة،فکانت السلامة عنه بمنزلة شرطٍ اشترط فی العقد،لا یوجب تخلّفه إلّا خیار تخلّف الشرط.

[*ابوالقاسم علیدوست]

و تظهر الثمرة فی طروّ موانع الردّ بالعیب بناءً علی عدم منعها عن الردّ بخیار تخلّف الشرط،فتأمّل.و فی صورة حصول هذا النقص قبل القبض أو فی مدّة الخیار،فإنّه مضمونٌ علی الأوّل بناءً علی إطلاق

[شماره صفحه واقعی : 359]

ص: 501


1- کما تقدّم عنهم فی الصفحة 318 فی الموضع الثانی من الموضعین اللذین یسقط فیهما الأرش دون الردّ،و راجع مفتاح الکرامة 4:613 614.
2- فی«ش»بدل«الشیء»:«الشراء».

کلماتهم:أنّ العیب مضمونٌ علی البائع،بخلاف الثانی فإنّه لا دلیل علی أنّ فقد الصفة المشترطة قبل القبض أو فی مدّة الخیار مضمونٌ علی البائع،بمعنی کونه سبباً للخیار.

و للنظر فی کلا شقّی الثمرة مجال.

و ربّما یستدلّ (1)لکون الخیار هنا خیار العیب بما فی مرسلة السیّاری الحاکیة لقضیّة (2)ابن أبی لیلی،حیث قدّم إلیه رجلٌ خصماً له، فقال:إنّ هذا باعنی هذه الجاریة فلم أجد علی رکبها حین کشفها (3)شعراً،و زعمت أنّه لم یکن لها قطّ،فقال له ابن أبی لیلی:إنّ الناس لیحتالون لهذا بالحیل حتّی یذهبوه،فما الذی کرهت؟فقال له:أیّها القاضی إن کان عیباً فاقض لی به،قال (4)حتّی أخرج إلیک فإنّی أجد أذی فی بطنی،ثم دخل بیته و خرج من بابٍ آخر،فأتی محمّد بن مسلم الثقفی،فقال له:أیّ شیءٍ تروون عن أبی جعفر علیه السلام فی المرأة لا یکون علی رکبها شعرٌ،أ یکون هذا عیباً؟فقال له محمّد بن مسلم:

أمّا هذا نصّاً فلا أعرفه،و لکن حدّثنی أبو جعفر عن أبیه،عن آبائه، عن النبی صلی اللّٰه علیه و آله،قال:«کلّ ما کان فی أصل الخِلْقة فزاد أو نقص فهو عیبٌ»فقال له ابن أبی لیلی:حسبُک هذا!فرجع إلی القوم فقضی لهم بالعیب (5).

[شماره صفحه واقعی : 360]

ص: 502


1- راجع الجواهر 23:243.
2- فی«ش»:«لقصّة».
3- کذا فی النسخ،و الصواب:«کشفتها»،کما فی الوسائل.
4- فی«ش»زیادة:«فاصبر».
5- الوسائل 12:410،الباب الأوّل من أحکام العیوب،و فیه حدیث واحد.

فإنّ ظاهر إطلاق الروایة المؤیَّد بفهم ابن مسلم من حیث نفی نصوصیّة الروایة فی تلک القضیّة المشعر بظهورها فیها،و فهم ابن أبی لیلی من حیث قوله و عمله کون مجرّد الخروج عن المجری الطبیعی عیباً (1)و إن کان مرغوباً فلا ینقص لأجل ذلک من عوضه،کما یظهر من قول ابن أبی لیلی:«إنّ الناس لیحتالون..إلخ»،و تقریر المشتری له فی ردّه.

لکنّ الإنصاف:عدم دلالة الروایة علی ذلک.

أمّا أوّلاً:فلأنّ ظاهر الحکایة أنّ ردّ المشتری لم یکن لمجرّد عدم الشعر بل لکونها فی أصل الخلقة کذلک،الکاشف عن مرضٍ فی العضو أو فی أصل المزاج،کما یدلّ علیه عدم اکتفائه فی عذر الردّ بقوله:«لم أجد علی رکبها شعراً»حتّی ضمّ إلیه دعواه«أنّه لم یکن لها قطُّ».

و قول ابن أبی لیلی:«إنّ الناس لیحتالون فی ذلک حتّی یذهبوه» لا یدلّ علی مخالفة المشتری فی کشف ذلک عن المرض،و إنّما هی مغالطةٌ علیه تفصّیاً عن خصومته،لعجزه عن حکمها،و إلّا فالاحتیال لإذهاب شعر الرکب لا یدلّ علی أنّ عدمه فی أصل الخلقة شیءٌ مرغوبٌ فیه،کما أنّ احتیالهم لإذهاب شعر الرأس لا یدلّ علی کون عدمه من أصله لقَرَعٍ أو شبهه أمراً مرغوباً فیه.

و بالجملة،فالثابت من الروایة هو کون عدم الشعر علی الرکب ممّا یُقطع أو یُحتمل کونه لأجل مرضٍ عیباً.و قد عُدّ من العیوب الموجبة للأرش ما (2)هو أدون من ذلک.

[شماره صفحه واقعی : 361]

ص: 503


1- فی«ق»:«غالباً».
2- فی«ش»و محتمل«ق»:«بما».

و أمّا ثانیاً:فلأنّ قوله علیه السلام:«فهو عیبٌ»إنّما یراد به بیان موضوع العیب توطئةً لثبوت أحکام العیب له،و الغالب الشائع المتبادر فی الأذهان هو ردّ المعیوب؛و لذا اشتهر:کلّ معیوبٍ مردودٌ.و أمّا باقی أحکام العیب و خیاره مثل عدم جواز ردّه بطروّ موانع الردّ بخیار العیب،و کونه مضموناً علی البائع قبل القبض و فی مدّة الخیار-فلا یظهر من الروایة ترتّبها علی العیب،فتأمّل.

[*ابوالقاسم علیدوست]

و ثالثاً (1):فلأنّ (2)الروایة لا تدلّ علی الزائد عما یدلّ علیه العرف؛لأنّ المراد بالزیادة و النقیصة علی أصل الخلقة لیس مطلق ذلک قطعاً،فإنّ زیادة شعر رأس الجاریة أو حدّة بصر العبد أو تعلّمهما للصنعة (3)و الطبخ،و کذا نقص العبد بالختان و حلق الرأس لیس عیباً قطعاً،فتعیّن أن یکون المراد بها الزیادة و النقیصة الموجبتین لنقصٍ فی الشیء من حیث الآثار و الخواصّ المترتّبة علیه،و لازم ذلک نقصه من حیث المالیّة؛لأنّ المال المبذول فی مقابل الأموال بقدر ما یترتّب علیها من الآثار و المنافع.

و رابعاً (4):لو سلّمنا مخالفة الروایة للعرف فی معنی العیب،فلا ینهض لرفع الید بها عن العرف المحکَّم فی مثل ذلک لولا النصّ المعتبر،لا مثل هذه الروایة الضعیفة بالإرسال و المرسِل (5)،فافهم.

[شماره صفحه واقعی : 362]

ص: 504


1- فی«ش»:«و أمّا ثالثاً».
2- فی«ف»و«ق»بدل«فلأنّ»:«أنّ».
3- فی«ش»و محتمل«ق»:«للصیغة».
4- فی«ش»:«و أمّا رابعاً فلأنا».
5- لم ترد«و المرسِل»فی«ش».

و قد ظهر ممّا ذکرنا:أنّ الأولی فی تعریف العیب ما فی التحریر و القواعد:من أنّه نقصٌ فی العین،أو زیادةٌ فیها تقتضی النقیصة المالیّة فی عادات التجار (1).و لعلّه المراد بما فی الروایة کما عرفت و مراد کلّ من عبّر بمثلها؛و لذا قال فی التحریر بعد ذلک:«و بالجملة کلّ ما زاد أو نقص عن أصل الخلقة».و القید الأخیر لإدراج النقص الموجب لبذل الزائد لبعض الأغراض،کما قد یقال ذلک فی العبد الخصیّ.

و لا ینافیه ما ذکره فی التحریر:من أنّ عدم الشعر علی العانة عیبٌ فی العبد و الأمة (2)؛لأنّه مبنیٌّ علی ما ذکرنا فی الجواب الأوّل عن الروایة:من أنّ ذلک کاشفٌ أو موهمٌ لمرضٍ فی العضو أو المزاج، لا علی أنّه لا یعتبر فی العیب النقیصة المالیّة.

و فی التذکرة-بعد أخذ نقص المالیّة فی تعریف العیب،و ذکر کثیرٍ من العیوب-:و الضابط أنّه یثبت الردّ بکلّ ما فی المعقود علیه من منقّص القیمة أو العین نقصاً یفوت به غرضٌ صحیحٌ بشرط أن یکون الغالب فی أمثال المبیع عدمه (3)،انتهی کلامه.

و ما أحسنه!حیث لم یجعل ذلک تعریفاً للعیب،بل لما یوجب الردّ فیدخل فیه مثل خصاء العبد،کما صرّح به فی التذکرة معلّلاً بأنّ الغرض قد یتعلّق بالفحولیّة و إن زادت قیمته باعتبارٍ آخر،و قد دخل المشتری علی ظنّ السلامة،انتهی (4).و یخرج منه مثل الثیبوبة و الغُلفة فی المجلوب.

[شماره صفحه واقعی : 363]

ص: 505


1- التحریر 1:182،و القواعد 2:72،و العبارة من التحریر.
2- التحریر 1:182،و فیه:«عدم الشعر علی العانة فی الرجل و المرأة عیب».
3- التذکرة 1:540.
4- التذکرة 1:538.

و لعلّ من عمّم العیب لما لا یوجب نقص المالیة کما-فی المسالک (1)،و عن جماعةٍ (2)أراد به مجرّد موجب الردّ،لا العیب الذی یترتّب علیه کثیرٌ من الأحکام و إن لم یکن فیه أرشٌ (3)،کسقوط خیاره بتصرّفٍ أو حدوث عیبٍ و غیر ذلک.

و علیه یبتنی قول جامع المقاصد،کما عن تعلیق الإرشاد،حیث ذکرا (4):أنّ اللازم تقیید قول العلّامة:«یوجب نقص المالیّة»بقوله:

«غالباً»لیندرج مثل الخصاء و الجَبّ (5)؛لأنّ المستفاد من ذکر بعض الأمثلة أنّ الکلام فی موجبات الردّ،لا خصوص العیب.و یدلّ علی ذلک أنّه قیّد«کونَ عدم الختان فی الکبیر المجلوب من بلاد الشرک لیس عیباً»ب«علم المشتری بجلبه»؛إذ ظاهره أنّه مع عدم العلم عیبٌ، فلولا أنّه أراد بالعیب مطلق ما یوجب الردّ لم یکن معنیً لدخل علم المشتری و جهله فی ذلک.

[شماره صفحه واقعی : 364]

ص: 506


1- المسالک 3:290.
2- حکاه السید العاملی فی مفتاح الکرامة 4:611 عن المیسیّة،و قال:«و هو قضیة إطلاق المقنعة و النهایة و المبسوط و الخلاف و المراسم و فقه القرآن للراوندی و الوسیلة و الغنیة..».
3- لم ترد عبارة«و إن لم یکن فیه أرش»فی«ش».
4- فی«ش»:«ذکر».
5- جامع المقاصد 4:323 و حاشیة الإرشاد(مخطوط):262 و العبارة للأوّل.
الکلام فی بعض أفراد العیب
مسألة لا إشکال و لا خلاف فی کون المرض عیباً،

و إطلاق کثیرٍ و تصریح بعضهم (1)یشمل حُمّی یومٍ،بأن یجده فی یوم البیع قد عرض له الحُمّی و إن لم یکن نوبة له فی الأُسبوع.

قال فی التذکرة:الجُذام و البَرَص و العَمَی و العَوَر و العَرَج و القَرْن و الفَتْق و الرتَق و القَرَع (2)و الصمَم و الخَرَس عیوبٌ إجماعاً.و کذا أنواع المرض،سواءً استمرّ کما فی الممراض،أو کان عارضاً و لو حُمّی یومٍ.

و الإصبع الزائدة و الحَوَل و الحَوَص و السبَل و استحقاق القتل فی الردّة أو القصاص و القطع بالسرقة أو الجنایة و الاستسعاء فی الدین عیوبٌ إجماعاً (3).

ثم إن عد حمی الیوم المعلوم کونها حمی یوم یزول فی یومه و لا یعود مبنی علی عدِّ موجبات الردِّ لا العیوب الحقیقیّة؛لأنّ ذلک لیس مُنقِّصاً للقیمة.

[شماره صفحه واقعی : 365]

ص: 507


1- مثل المحقّق فی الشرائع 2:37،و العلّامة فی القواعد 2:72،و الشهید فی الدروس 3:281.
2- فی محتمل«ق»:«الصرع».
3- التذکرة 1:540.
مسألة الحَبَل عیبٌ فی الإماء

کما صرّح به جماعةٌ (1)،و فی المسالک (2):

الإجماع علیه،فی مسألة ردّ الجاریة الحامل بعد الوطء.و یدلّ علیه الأخبار الواردة فی تلک المسألة (3).و علّله فی التذکرة باشتماله علی تغریر النفس لعدم یقین السلامة بالوضع (4).هذا مع عدم کون الحمل للبائع، و إلّا فالأمر أوضح.و یؤیّده عجز الحامل عن کثیرٍ من الخدمات و عدم قابلیّتها للاستیلاد إلّا بعد الوضع.

أمّا فی غیر الإماء من الحیوانات،ففی التذکرة:أنّه لیس بعیبٍ و لا یوجب الردّ بل[ذلک (5)]زیادةٌ فی المبیع إن قلنا بدخول الحمل فی

[شماره صفحه واقعی : 366]

ص: 508


1- مثل العلامة فی التذکرة 1:540،و الشهید فی الدروس 3:281،و السید العاملی فی مفتاح الکرامة 4:622.
2- المسالک 3:287 288.
3- راجع الوسائل 12:415 417،الباب 5 من أبواب العیوب.
4- التذکرة 1:540.
5- لم یرد فی«ق».

بیع الحامل،کما هو مذهب الشیخ،و قال بعض الشافعیّة:یردّ به،و لیس بشیءٍ (1)،انتهی.

و رجّح المحقّق[الثانی (2)]کونه عیباً و إن قلنا بدخول الحمل فی بیع الحامل؛لأنّه و إن کان زیادةً من وجهٍ،إلّا أنّه نقیصةٌ من وجهٍ آخر،لمنع الانتفاع بها عاجلاً،و لأنه لا یؤمن علیها من أداء الوضع إلی الهلاک (3).

و الأقوی علی قول الشیخ (4)ما اختاره فی التذکرة؛لعدم النقص فی المالیّة بعد کونه زیادةً من وجهٍ آخر،و أداء الوضع إلی الهلاک نادرٌ فی الحیوانات لا یعبأ به.نعم،عدم التمکّن من بعض الانتفاعات نقصٌ یوجب الخیار دون الأرش،کوجدان العین مستأجرةً.

و کیف کان،فمقتضی کون الحمل عیباً فی الإماء أنّه لو حملت الجاریة المعیبة عند المشتری لم یجز ردّها؛لحدوث العیب فی یده (5)سواءً نقصت بعد الولادة أم لا،لأنّ العیب الحادث مانعٌ و إن زال،علی ما تقدّم من التذکرة (6).

و فی التذکرة:لو کان المبیع جاریةً (7)فحبلت و ولدت فی ید

[شماره صفحه واقعی : 367]

ص: 509


1- التذکرة 1:540.
2- لم یرد فی«ق».
3- جامع المقاصد 4:331.
4- و هو دخول الحمل فی بیع الحامل.
5- فی«ق»:«فی یدها»،و هو سهو.
6- تقدّم فی الصفحة 307.
7- فی«ش»زیادة:«معیبة».

المشتری،فإن نقصت بالولادة سقط الردّ بالعیب القدیم و کان له الأرش، و إن لم تنقص فالأولی جواز ردّها وحدها من دون الولد-إلی أن قال:-و کذا حکم الدابّة لو حملت و ولدت عند المشتری (1)،فإن نقصت بالولادة فلا ردّ،و إن لم تنقص ردّها[دون ولدها (2)]لأنّه للمشتری (3)، انتهی.

و فی مقامٍ آخر:لو اشتری جاریةً أو بهیمةً حائلاً فحبلت عند المشتری فإن نقصت بالحمل فلا ردّ (4)،و إن لم تنقص أو کان الحمل فی ید البائع فله الردّ (5)،انتهی.

و فی الدروس:لو حملت إحداهما یعنی الجاریة و البهیمة-عند المشتری لا بتصرّفه فالحمل له،فإن فسخَ ردَّ الاُمَّ ما لم تنقص بالحمل أو الولادة.و ظاهر القاضی:أن الحمل عند المشتری یمنع الردّ،لأنّه إمّا بفعله أو إهمال المراعاة حتّی ضربها الفحل،و کلاهما تصرّفٌ (6)،انتهی.

لکن صرّح فی المبسوط باستواء البهیمة و الجاریة فی أنّه إذا حملت

[شماره صفحه واقعی : 368]

ص: 510


1- فی«ش»:«لو حملت عند المشتری و ولدت».
2- من«ش»و المصدر.
3- التذکرة 1:532.
4- العبارة فی«ش»و المصدر هکذا:«لو اشتری جاریةً حائلاً أو بهیمةً حائلاً فحبلت،ثمّ اطّلع علی عیب،فإن نقصت بالحمل فلا ردّ إن کان الحمل فی ید المشتری،و به قال الشافعی».
5- التذکرة 1:532.
6- الدروس 3:285،و فیه:«و أطلق القاضی».

إحداهما عند المشتری و ولدت و لم تنقص بالولادة فوجد فیها عیباً ردَّ الاُمَّ دون الولد (1).

و ظاهر ذلک کلّه خصوصاً نسبة منع الردّ إلی خصوص القاضی و خصوصاً مع استدلاله علی المنع بالتصرّف،لا حدوث العیب-تسالمهم علی أنّ الحمل الحادث عند المشتری فی الأمة لیس فی نفسه عیباً بل العیب هو النقص الحاصل (2)بالولادة.و هذا مخالفٌ للأخبار المتقدّمة فی ردّ الجاریة الحامل الموطوءة من عیب الحَبَل (3)،و للإجماع المتقدّم عن المسالک (4)،و تصریح هؤلاء بکون الحمل (5)عیباً یُردّ منه لاشتماله علی التغریر بالنفس.

و الجمع بین کلماتهم مشکلٌ،خصوصاً بملاحظة العبارة الأخیرة المحکیّة عن التذکرة:من إطلاق کون الحمل عند البائع عیباً و إن لم یُنقِّص،و عند المشتری بشرط النقص-فافهم- (6)من غیر فرقٍ بین الجاریة و البهیمة،مع أنّ ظاهر العبارة الأُولی کالتحریر و القواعد- الفرق،فراجع.

قال فی القواعد:لو حملت غیر الأمة عند المشتری من غیر

[شماره صفحه واقعی : 369]

ص: 511


1- المبسوط 2:127.
2- فی«ش»:«الحادث».
3- تقدّم فی الصفحة 293 294.
4- تقدّم فی الصفحة 366.
5- فی«ش»:«الحبل».
6- لم ترد«فافهم»فی«ش».

تصرّفٍ فالأقرب أنّ للمشتری الردّ بالعیب السابق،لأنّ الحمل زیادة (1)، انتهی.و هذا بناءٌ منه علی أنّ الحمل لیس عیباً فی غیر الأمة.

و فی الإیضاح:أنّ هذا (2)علی قول الشیخ فی کون الحمل تابعاً للحامل فی الانتقال ظاهرٌ (3)،و أمّا عندنا فالأقوی ذلک؛لأنّه کالثمرة المتجدّدة علی الشجرة،و کما لو أطارت الریح ثوباً للمشتری فی الدار المبتاعة و الخیار له فلا یؤثّر،و یحتمل عدمه؛لحصول خطرٍ ما،و لنقص منافعها،فإنّها لا تقدر علی الحمل العظیم (4)،انتهی.

و ممّا ذکرنا ظهر الوهم فیما نسب إلی الإیضاح:من أنّ ما قرّبه فی القواعد مبنیٌّ علی قول الشیخ:من دخول الحمل فی بیع الحامل.

نعم،ذکر فی جامع المقاصد:أنّ ما ذکره المصنّف قدّس سرّه إن تمّ فإنّما یُخرَّج علی قول الشیخ:من کون المبیع فی زمن الخیار مِلکاً للبائع بشرط تجدّد الحمل فی زمان الخیار (5).

و لعلّه فهم من العبارة ردّ الحامل مع حملها علی ما یتراءی من تعلیله بقوله:«لأنّ الحمل زیادةٌ»یعنی:أنّ الحامل رُدَّت إلی البائع مع الزیادة،لا مع النقیصة.لکن الظاهر من التعلیل کونه تعلیلاً لعدم کون الحمل عیباً فی غیر الأمة.

[شماره صفحه واقعی : 370]

ص: 512


1- القواعد 2:75،و راجع التحریر 1:184 أیضاً.
2- فی«ش»زیادة:«بناء».
3- فی«ق»:«ظاهراً».
4- الإیضاح 1:495.
5- جامع المقاصد 4:341.

و کیف کان،فالأقوی فی مسألة حدوث حمل الأمة عدم جواز الردّ ما دام الحمل،و ابتناء حکمها بعد الوضع و عدم النقص علی ما تقدّم:

من أنّ زوال العیب الحادث یؤثّر فی جواز الردّ أم لا؟و أمّا حمل غیر الأمة فقد عرفت أنّه لیس عیباً موجباً للأرش؛لعدم الخطر فیه غالباً، و عجزها عن تحمّل بعض المشاقّ لا یوجب إلّا فوات بعض المنافع الموجب للتخییر فی الردّ دون الأرش.

لکن لمّا کان المراد بالعیب الحادث المانع عن الردّ ما یعمّ نقص الصفات الغیر الموجب للأرش،[و (1)]کان متحقّقاً (2)هنا مضافاً إلی نقصٍ آخر و هو کون المبیع متضمّناً لمال الغیر؛لأنّ المفروض کون الحمل للمشتری-اتّجه الحکم بعدم جواز الردّ حینئذٍ.

[شماره صفحه واقعی : 371]

ص: 513


1- لم یرد فی«ق».
2- فی«ش»:«محقّقاً».
مسألة الأکثر علی أنّ الثیبوبة لیست عیباً فی الإماء،

بل فی التحریر:لا نعلم فیه خلافاً (1)،و نسبه فی المسالک (2)کما عن غیره (3)إلی إطلاق الأصحاب؛ لغلبتها فیهنّ،فکانت بمنزلة الخلقة الأصلیّة.و استدلّ علیه أیضاً بروایة سماعة المنجبرة بعمل الأصحاب علی ما ادّعاه المستدلّ-:«عن رجلٍ باع جاریةً علی أنّها بِکرٌ،فلم یجدها کذلک؟قال:لا تردّ علیه،و لا یجب علیه شیءٌ؛إنّه قد یکون تذهب فی حال مرضٍ أو أمرٍ یصیبها» (4).

و فی کلا الوجهین نظر:

ففی الأوّل:ما عرفت سابقاً:من أنّ وجود الصفة فی أغلب أفراد الطبیعة إنّما یکشف عن کونها بمقتضی أصل وجودها المعبَّر عنه بالخلقة الأصلیّة إذا لم یکن مقتضی الخلقة معلوماً کما (5)نحن فیه،و إلّا فمقتضی

[شماره صفحه واقعی : 372]

ص: 514


1- التحریر 1:182.
2- المسالک 3:295.
3- مثل الحدائق 19:98،و راجع مفتاح الکرامة 4:618.
4- الوسائل 12:418،الباب 6 من أبواب العیوب،الحدیث 2.
5- فی«ش»:«فیما».

الغالب لا یقدَّم علی ما علم أنّه مقتضی الخلقة الأصلیّة و عُلم کون النقص عنها موجباً لنقص المالیّة کما فیما نحن فیه،خصوصاً مع ما عرفت من إطلاق مرسلة السیّاری (1)،غایة ما یفید الغلبة المذکورة هنا عدم تنزیل إطلاق العقد علی التزام سلامة المعقود علیه عن تلک الصفة الغالبة،و لا یثبت الخیار بوجودها و إن کانت نقصاً فی الخلقة الأصلیّة.

و أمّا روایة سماعة فلا دلالة لها علی المقصود؛لتعلیله علیه السلام عدم الردّ مع اشتراط البکارة باحتمال ذهابها بعارضٍ،و قدح هذا الاحتمال إمّا لجریانه بعد قبض المشتری فلا یکون مضموناً علی البائع،و إمّا لأنّ اشتراط البکارة کنایةٌ عن عدم وطء أحدٍ لها،فمجرّد ثیبوبتها لا یوجب تخلّف الشرط الموجب للخیار،بل مقتضی تعلیل عدم الردّ بهذا الاحتمال أنّه لو فرض عدمه لثبت الخیار،فیعلم من ذلک کون البکارة صفة کمالٍ طبیعیٍّ،فعدمها نقصٌ فی أصل الطبیعة فیکون عیباً.

و کیف کان،فالأقوی أنّ الثیبوبة عیبٌ عرفاً و شرعاً،إلّا أنّها لمّا غلبت علی الإماء لم یقتض إطلاق العقد التزام سلامتها عن ذلک.

و تظهر الثمرة فیما لو اشترط فی متن العقد سلامة المبیع عن العیوب مطلقاً أو اشترط خصوص البکارة،فإنّه یثبت بفقدها التخییر بین الردّ و الأرش؛لوجود العیب و عدم المانع من تأثیره.و مثله ما لو کان المبیع صغیرةً أو کبیرةً لم یکن الغالب علی صنفها الثیبوبة،فإنّه یثبت حکم العیب.

و الحاصل:أنّ غلبة الثیبوبة مانعةٌ عن حکم العیب لا موضوعِهِ،

[شماره صفحه واقعی : 373]

ص: 515


1- المتقدّمة فی الصفحة 360.

فإذا وجد ما یمنع عن مقتضاها ثبت حکم العیب،و لعلّ هذا (1)مراد المشهور أیضاً.و یدلّ علی ذلک ما عرفت (2)من العلّامة رحمه اللّٰه فی التحریر:

من نفی الخلاف فی عدم کون الثیبوبة عیباً،مع أنّه فی کتبه (3)،بل المشهور کما فی الدروس (4)علی ثبوت الأرش إذا اشترط البکارة،فلولا أنّ الثیبوبة عیبٌ لم یکن أرشٌ فی مجرّد تخلّف الشرط.

نعم،یمکن أن یقال:إنّ مستندهم فی ثبوت الأرش ورود النصّ بذلک فیما رواه فی الکافی و التهذیب عن یونس:«فی رجلٍ اشتری جاریةً علی أنّها عذراء،فلم یجدها عذراء؟قال:یردّ علیه فضل القیمة إذا علم أنّه صادق» (5).

ثمّ إنّه نسب فی التذکرة إلی أصحابنا عدم الردّ بمقتضی روایة سماعة المتقدّمة،و أوَّلَه بما وجّهنا به تلک الروایة (6).و ذکر الشیخ فی النهایة مضمون الروایة (7)مع تعلیلها الدالّ علی تأویلها.

و لو شرط الثیبوبة فبانت بکراً کان له الردّ؛لأنّه قد یقصد الثیّب لغرضٍ صحیح.

[شماره صفحه واقعی : 374]

ص: 516


1- فی«ش»زیادة:«هو».
2- فی الصفحة 372.
3- کما فی المختلف 5:174،و التحریر 1:186،و التذکرة 1:539.
4- الدروس 3:276.
5- الکافی 5:216،الحدیث 14،و التهذیب 7:64،الحدیث 278،و عنهما فی الوسائل 12:418،الباب 6 من أبواب العیوب،الحدیث الأوّل.
6- التذکرة 1:539 540،و تقدّمت الروایة فی الصفحة 372.
7- النهایة:394 395.
مسألة ذکر فی التذکرة و القواعد من جملة العیوب عدم الختان فی العبد الکبیر؛

لأنّه یخاف علیه من ذلک (1).و هو حسنٌ علی تقدیر تحقّق الخوف علی وجهٍ لا یرغب فی بذل ما یبذل لغیره بإزائه.و یلحق بذلک المملوک الغیر المجدّر،فإنّه یخاف علیه،لکثرة موت الممالیک بالجدری.

و مثل هذین و إن لم یکن نقصاً فی الخلقة الأصلیّة،إلّا أنّ عروض هذا النقص أعنی الخوف مخالفٌ لمقتضی ما علیه الأغلب فی النوع أو الصنف.

و لو کان الکبیر مجلوباً من بلاد الشرک،فظاهر القواعد کون عدم الختان عیباً فیه مع الجهل دون العلم (2).و هو غیر مستقیمٍ؛لأنّ العلم و الجهل بکونه مجلوباً لا یؤثّر فی کونه عیباً.نعم،لمّا کان الغالب فی المجلوب عدم الختان لم یکن إطلاق العقد الواقع علیه مع العلم بجلبه التزاماً بسلامته من هذا العیب،کما ذکرنا نظیره فی الثیّب.

[شماره صفحه واقعی : 375]

ص: 517


1- التذکرة 1:539،و القواعد 2:73.
2- القواعد 2:73.

و تظهر الثمرة هنا أیضاً فیما لو اشترط الختان فظهر أغلف،فیثبت الرد و الأرش.

فإخراج العلّامة قدّس سرّه الثیبوبة و عدم الختان فی الکبیر المجلوب مع العلم بجلبه من العیوب؛لکونه قدّس سرّه فی مقام عدّ العیوب الموجبة فعلاً للخیار.

[شماره صفحه واقعی : 376]

ص: 518

مسألة عدم الحیض ممّن شأنها الحیض بحسب السنّ و المکان و غیرهما من الخصوصیّات التی لها مدخلٌ

مسألة عدم الحیض ممّن شأنها الحیض بحسب السنّ و المکان و غیرهما من الخصوصیّات التی لها مدخلٌ (1)فی ذلک عیبٌ

تُردّ منه (2)الجاریة؛ لأنّه خروجٌ عن المجری الطبیعی،و لقول الصادق علیه السلام و قد سُئل عن رجلٍ اشتری جاریةً مدرکةً فلم تحض عنده حتی مضی لها ستّة أشهرٍ و لیس بها حملٌ،قال:«إن کان مثلها تحیض و لم یکن ذلک من کبرٍ فهذا عیبٌ تُردُّ منه» (3)و لیس التقیید بمضیّ ستّة أشهرٍ إلّا فی مورد السؤال، فلا داعی إلی تقیید کونه عیباً بذلک،کما فی ظاهر بعض الکلمات (4).

ثمّ إنّ حمل الروایة علی صورة عدم التصرّف فی الجاریة حتّی بمثل قول المولی لها:«اسقنی ماءً»و«أغلقی الباب»فی غایة البعد.

و ظاهر الحلیّ فی السرائر عدم العمل بمضمون الروایة رأساً (5).

[شماره صفحه واقعی : 377]

ص: 519


1- فی«ش»:«مدخلیة».
2- فی«ش»:«معه».
3- الوسائل 12:413،الباب 3 من أبواب العیوب،و فیه حدیث واحد.
4- مثل الشیخ فی النهایة:395،و المحقّق فی الشرائع 2:37،و العلّامة فی القواعد 2:72.
5- راجع السرائر 2:304 305.
مسألة الإباق عیبٌ بلا إشکالٍ و لا خلافٍ؛

لأنّه من أفحش العیوب.

و تدلّ علیه صحیحة أبی همّام (1)الآتیة فی عیوب السَّنَة (2).لکن فی روایة محمّد بن قیس:أنّه«لیس فی الإباق عهدةٌ» (3)،و یمکن حملها علی أنّه لیس کعیوب السَّنَة یکفی حدوثها بعد العقد،کما یشهد قوله علیه السلام فی روایة یونس:«إنّ العهدة فی الجنون و البرص سنةٌ» (4)،بل لا بدّ من ثبوت کونه کذلک عند البائع،و إلّا فحدوثه عند المشتری لیس فی عهدة البائع،و لا خلاف إذا ثبت وجوده عند البائع.

و هل یکفی المرّة عنده أو یشترط الاعتیاد؟قولان:من الشکّ فی کونه عیباً.و الأقوی ذلک،وفاقاً لظاهر الشرائع (5)و صریح

[شماره صفحه واقعی : 378]

ص: 520


1- الوسائل 12:411،الباب 2 من أبواب أحکام العیوب،الحدیث 2.
2- لم نعثر علیها فیما یأتی.
3- الوسائل 12:422،الباب 10 من أبواب العیوب،الحدیث 2.
4- الوسائل 12:412،الباب 2 من أبواب العیوب،الحدیث 5.
5- الشرائع 2:37.

التذکرة (1)؛لکون ذلک بنفسه نقصاً بحکم العرف.

و لا یشترط إباقه عند المشتری قطعاً.

[شماره صفحه واقعی : 379]

ص: 521


1- التذکرة 1:538،و فیه:«و المرّة الواحدة فی الإباق تکفی..»،و أمّا القول بالاعتیاد فقد نسبه فی المسالک 3:296 إلی بعض الأصحاب،و قال:«و هو أقوی»،و قال فی الروضة 3:499:«و الأقوی اعتبار اعتیاده».
مسألة الثفل الخارج عن العادة فی الزیت و البذر و نحوهما عیبٌ

یثبت به الردّ و الأرش؛لکون ذلک خلاف ما علیه غالب أفراد الشیء.

و فی روایة میسِّر بن عبد العزیز،قال:«قلت لأبی عبد اللّٰه علیه السلام فی الرجل یشتری زِقَّ زیتٍ یجد فیه دُردیّاً؟قال:إن کان یعلم أنّ الدُّردی یکون فی الزیت فلیس علیه أن یردّه،و إن لم یکن یعلم فله أن یردّه» (1).

نعم،فی روایة السکونی عن جعفر عن أبیه علیهما السلام:«أنّ علیّاً علیه السلام قضی فی رجلٍ اشتری من رجلٍ عُکّةً فیها سمنٌ احتکرها حُکرةً،فوجد فیها رُبّاً،فخاصمه إلی علیٍّ علیه السلام،فقال له علیٌّ علیه السلام:لک بکیل الرُّبّ سمناً،فقال له الرجل:إنّما بعته منه حُکرةً،فقال له علیٌّ علیه السلام:

إنّما اشتری منک سمناً و لم یشتر منک رُبّاً» (2)قال فی الوافی:یقال

[شماره صفحه واقعی : 380]

ص: 522


1- الوسائل 12:419،الباب 7 من أبواب العیوب،الحدیث الأولّ،نقله عن الکافی،و لکن الموجود فی المتن أقرب و أشبه لما فی التهذیب 7:66،الحدیث 283.
2- الوسائل 12:419،الباب 7 من أبواب العیوب،الحدیث 3.

«اشتری المتاع حُکرةً»أی جملةً (1).

و هذه الروایة بظاهرها منافٍ (2)لحکم العیب من الردّ أو الأرش، و توجیهها بما یطابق القواعد مشکلٌ،و ربّما استُشکل فی أصل الحکم بصحّة البیع لو کان کثیراً و علم (3)؛للجهل بمقدار المبیع.و کفایة معرفة وزن السمن بظروفه خارجةٌ بالإجماع کما تقدّم (4)أو مفروضةٌ فی صورة انضمام الظرف المفقود هنا؛لأنّ الدُّردی غیر متموَّل.

و الأولی أن یقال:إنّ وجود الدُّردی إن أفاد نقصاً فی الزیت من حیث الوصف و إن أفضی بعد التخلیص إلی نقص الکمّ-نظیر الغشّ فی الذهب-کان الزائد منه علی المعتاد عیباً و إن أفرط فی الکثرة، و لا إشکال فی صحّة البیع حینئذٍ،لأنّ المبیع زیتٌ و إن کان معیوباً، و علیه یحمل ما فی التحریر:من أنّ الدُّردی فی الزیت و البذر عیبٌ موجبٌ للردّ أو الأرش (5).

و إن لم یفد إلّا نقصاً فی الکم،فإن بیع (6)ما فی العُکّة بعد وزنها مع العُکّة و مشاهدة شیءٍ منه تکون أمارةً علی باقیه و قال:«بعتک ما فی هذه العُکّة من الزیت کلّ رطلٍ بکذا»فظهر امتزاجه بغیره الغیر الموجب لتعیّبه،فالظاهر صحّة البیع و عدم ثبوت الخیار أصلاً؛لأنّه

[شماره صفحه واقعی : 381]

ص: 523


1- الوافی 18:739،ذیل الحدیث 18202.
2- کذا،و المناسب:«منافیة».
3- لم ترد«و علم»فی«ش».
4- راجع الجزء الرابع،الصفحة 321 322.
5- التحریر 1:182.
6- فی«ش»:«باع».

اشتری السمن الموجود فی هذه العُکّة،و لا یقدح الجهل بوزنه؛للعلم به مع الظرف،و المفروض معرفة نوعه بملاحظة شیءٍ منها بفتح رأس العُکّة، فلا عیب و لا تبعّض صفقةٍ،إلّا أن یقال:إنّ إطلاق شراء ما فی العُکّة من الزیت فی قوّة اشتراط کون ما عدا العُکّة سمناً،فیلحق بما سیجیء فی الصورة الثالثة من اشتراط کونه بمقدارٍ خاصّ.

و إن باعه بعد معرفة وزن المجموع بقوله:«بعتک ما فی هذه العُکّة» فتبیّن بعضه دُردیّاً صحّ البیع فی الزیت مع خیار تبعّض الصفقة.

قال فی التحریر:لو اشتری سمناً فوجد فیه غیره تخیّر بین الرّد و أخذ ما وجده من السمن بنسبة الثمن (1).

و لو باع (2)ما فی العُکّة من الزیت علی أنّه کذا و کذا رطلاً،فتبیّن نقصه عنه لوجود الدُّردی،صحّ البیع و کان للمشتری خیار تخلّف الوصف أو الجزء،علی الخلاف المتقدّم (3)فیما لو باع الصبرة علی أنّها کذا و کذا فظهر ناقصاً.

و لو باعه مع مشاهدته ممزوجاً بما لا یُتموّل بحیث لا یعلم قدر خصوص الزیت،فالظاهر عدم صحّة البیع و إن عرف وزن المجموع مع العُکّة؛لأنّ کفایة معرفة وزن الظرف و المظروف إنّما هی من حیث الجهل الحاصل من اجتماعهما لا من انضمام مجهولٍ آخر غیر قابلٍ للبیع،کما لو علم بوزن مجموع الظرف و المظروف لکن علم بوجود صخرةٍ فی الزیت مجهولة الوزن.

[شماره صفحه واقعی : 382]

ص: 524


1- التحریر 1:182.
2- فی«ق»:«و لو باعه».
3- انظر الجزء السادس،الصفحة 81 82.
مسألة قد عرفت

مسألة قد عرفت (1)أنّ مطلق المرض عیبٌ،خصوصاً الجنون و البَرَص و الجُذام و القَرَن

.و لکن تختصّ هذه الأربعة من بین العیوب بأنّها لو حدثت إلی سنةٍ من یوم العقد یثبت لأجلها التخییر بین الرَّدّ و الأرش.هذا هو المشهور،و یدلّ علیه ما استفیض عن مولانا أبی الحسن الرضا علیه السلام.

ففی روایة علیّ بن أسباط عنه فی حدیث خیار الثلاثة:«إنّ أحداث السنّة تردّ بعد السنة،قلت:و ما أحداث السنة؟قال الجنون و الجُذام و البَرَص و القَرَن،فمن اشتری فحدث فیه هذه الأحداث فالحکم أن یردّ علی صاحبه إلی تمام السنة من یوم اشتراه» (2).

و فی روایة ابن فضّال المحکیّة عن الخصال:«فی أربعة أشیاء خیار سنة:الجنون و الجُذام و القَرَن و البَرَص» (3).

و فی روایةٍ أُخری له عنه علیه السلام قال:«تردّ الجاریة من أربع

[شماره صفحه واقعی : 383]

ص: 525


1- فی الصفحة 365.
2- الوسائل 12:412،الباب 2 من أبواب العیوب،الحدیث 4.
3- الخصال:245،الحدیث 104،و عنه فی الوسائل 12:412،الباب 2 من أبواب العیوب،الحدیث 7.

خصال:من الجنون و الجُذام و البَرَص و القَرَن و الحَدَبَة» (1)هکذا فی التهذیب.و فی الکافی:«القَرَن:الحَدَبَة،إلّا أنها تکون فی الصدر تدخل الظهر و تخرج الصدر» (2)،انتهی.

و مراده:أنّ الحَدَب لیس خامساً لها،لأنّ القَرَن یرجع إلی حَدَبٍ فی الفرج.لکن المعروف أنّه عَظْمٌ فی الفرج کالسنّ یمنع الوطء.

و فی الصحیح عن محمد بن علی قیل:و هو مجهول (3)،و احتمل بعض (4)کونه الحلبی عنه علیه السلام قال:«یرد المملوک من أحداث السنة، من الجنون و البرص و القرن،قال:قلت و کیف یرد من أحداث؟فقال:

هذا أول السنة یعنی المحرم فإذا اشتریت مملوکا فحدث فیه هذه الخصال ما بینک و بین ذی الحجة رددت علی صاحبه» (5)،و هذه الروایة لم یذکر فیها الجذام (6)مع ورودها فی مقام التحدید و الضبط لهذه الأُمور،

[شماره صفحه واقعی : 384]

ص: 526


1- الوسائل 12:411،الباب 2 من أبواب العیوب،الحدیث الأوّل،و راجع التهذیب 7:64،الحدیث 277.
2- الکافی 5:216،الحدیث 15.
3- قاله المحدّث البحرانی فی الحدائق 19:104،و السیّد العاملی فی مفتاح الکرامة 4:661.
4- و هو المحقق الأردبیلی فی مجمع الفائدة 8:449،و صاحب الجواهر فی الجواهر 23:298.
5- التهذیب 7:64،الحدیث 275،و عنه فی الوسائل 12:412 الباب 2 من أبواب أحکام العیوب،ذیل الحدیث 2.
6- وردت کلمة«الجذام»فی الحدیث المنقول فی التهذیب و غیره-،بل وردت فی کتب الفروع،مثل الحدائق و الجواهر أیضاً،نعم ذکر السیّد العاملی فی مفتاح الکرامة 4:661،الحدیث کما ذکره المصنف،و قال:«و قد ترک فیه الجذام»،

فیمکن أن یدّعی معارضتها لباقی الأخبار المتقدمة.

و من هنا استشکل المحقّق الأردبیلی فی الجذام (1).و لیس التعارض من باب المطلق و المقیّد کما ذکره فی الحدائق ردّاً علی الأردبیلی رحمه اللّٰه (2).

إلّا أن یرید أنّ التعارض یشبه تعارض المطلق و المقیّد فی وجوب العمل بما لا یجری فیه احتمالٌ یجری فی معارضه،و هو هنا احتمال سهو الراوی فی ترک ذکر الجذام،فإنّه أقرب الاحتمالات المتطرّقة فیما نحن فیه.

و یمکن أن یکون الوجه فی ترک الجذام فی هذه الروایة انعتاقها علی المشتری بمجرّد حدوث الجذام،فلا معنی للردّ،و حینئذٍ فیشکل الحکم بالردّ فی باقی الأخبار.

و وجّهه فی المسالک:بأنّ عتقه علی المشتری موقوفٌ علی ظهور الجذام بالفعل،و یکفی فی العیب الموجب للخیار وجود مادّته فی نفس الأمر و إن لم یظهر،فیکون سبب الخیار مقدّماً علی سبب العتق،فإن فسخ انعتق علی البائع،و إن أمضی انعتق علی المشتری (3).

و فیه أوّلاً:

أنّ ظاهر هذه الأخبار:أنّ سبب الخیار ظهور هذه الأمراض؛ لأنّه المعنیّ بقوله:«فحدث فیه هذه الخصال ما بینک و بین ذی الحجّة»، و لو لا ذلک لکفی وجود موادّها فی السنة،و إن تأخّر ظهورها عنها

6)

و الظاهر أنّ المصنّف أخذه منه.

[شماره صفحه واقعی : 385]

ص: 527


1- لم نعثر علیه فی مجمع الفائدة،نعم استشکل فی القَرَن و البَرَص کما نقل عنه فی الحدائق 19:105 106،و راجع مجمع الفائدة 8:449 450.
2- راجع الحدائق 19:105 106.
3- المسالک 3:305.

و لو بقلیلٍ بحیث یکشف عن وجود المادّة قبل انقضاء السنة.و هذا ممّا لا أظنّ (1)أحداً یلتزمه،مع أنّه لو کان الموجب للخیار هی موادّ هذه الأمراض کان ظهورها زیادةً فی العیب حادثةً فی ید المشتری،فلتکن مانعةً من الردّ؛لعدم قیام المال بعینه حینئذٍ،فیکون فی التزام خروج هذه العیوب عن عموم کون النقص الحادث مانعاً عن الردّ تخصیصٌ (2)آخر للعمومات.

و ثانیاً:أنّ سبق سبب الخیار لا یوجب عدم الانعتاق بطروّ سببه، بل ینبغی أن یکون الانعتاق القهری بسببه (3)مانعاً شرعیّاً بمنزلة المانع العقلی عن الردّ کالموت؛و لذا لو حدث الانعتاق بسببٍ آخر غیر الجذام فلا أظنّ أحداً یلتزم عدم الانعتاق إلّا بعد لزوم البیع،خصوصاً مع بناء العتق علی التغلیب.

هذا،و لکن رفع الید عن هذه الأخبار الکثیرة المعتضَدة بالشهرة المحقَّقة و الإجماع المدّعی فی السرائر (4)و الغنیة (5)مشکلٌ،فیمکن العمل بها فی موردها،أو الحکم من أجلها بأنّ تقدّم سبب الخیار یوجب توقّف الانعتاق علی إمضاء العقد و لو فی غیر المقام.ثمّ لو فسخ المشتری فانعتاقه علی البائع موقوفٌ علی دلالة الدلیل علی عدم جواز تملّک

[شماره صفحه واقعی : 386]

ص: 528


1- فی ظاهر«ق»:«یظنّ».
2- فی النسخ:«تخصیصاً».
3- فی«ش»:«سببه».
4- السرائر 2:302.
5- الغنیة:222 223.

المجذوم،لا أنّ جذام المملوک یوجب انعتاقه بحیث یظهر اختصاصه بحدوث الجذام فی ملکه.

ثمّ إنّ زیادة«القَرَن»لیس فی کلام الأکثر،فیظهر منهم العدم، فنسبة المسالک الحکم فی الأربعة إلی المشهور (1)کأنه لاستظهار ذلک من ذکره فی الدروس ساکتاً عن الخلاف فیه (2).و عن التحریر:نسبته إلی أبی علیّ (3)،و فی مفتاح الکرامة:أنّه لم یظفر بقائلٍ غیر الشهیدین و أبی علیّ (4)؛و من هنا تأمّل المحقّق الأردبیلی من عدم صحّة الأخبار و فقد الانجبار (5).

ثمّ إنّ ظاهر إطلاق الأخبار علی وجهٍ یبعد التقیید فیها-شمولُ الحکم لصورة التصرّف.لکن المشهور تقیید الحکم بغیرها،و نُسب إلیهم جواز الأرش قبل التصرّف و تعیّنه بعده (6)،و الأخبار خالیةٌ عنه،و کلا الحکمین (7)مشکلٌ،إلّا أن الظاهر من کلمات بعضٍ عدم الخلاف الصریح فیهما.لکن کلام المفید قدّس سرّه مختصٌّ بالوطء (8)،و الشیخ و ابن زهرة لم

[شماره صفحه واقعی : 387]

ص: 529


1- المسالک 3:305.
2- الدروس 3:281.
3- التحریر 1:185.
4- راجع مفتاح الکرامة 4:660 661،مع زیادة نقله عن جامع الشرائع.
5- مجمع الفائدة 8:449 450.
6- لم نعثر علیه بعینه،نعم فی مجمع الفائدة(8:450):«و ثبت عندهم:أن الردّ یسقط مع التصرف فی المبیع مطلقاً دون الأرش».
7- فی«ش»:«کلاهما».
8- سیأتی فی کلامه فی الصفحة الآتیة.

یذکرا التصرّف و لا الأرش (1).

نعم،ظاهر الحلّی الإجماع علی تساویها (2)مع سائر العیوب من هذه الجهة،و أنّ هذه العیوب کسائر العیوب فی کونها مضمونةً،إلّا أنّ الفارق ضمان هذه إذا حدثت فی السنة بعد القبض و انقضاء الخیار (3).

و لو ثبت أنّ أصل هذه الأمراض تکمن قبل سنةٍ من ظهورها،و ثبت أنّ أخذ الأرش للعیب الموجود قبل العقد أو القبض مطابقٌ للقاعدة، ثبت الأرش هنا بملاحظة التعیّب بمادّة هذه الأمراض الکامنة فی المبیع، لا بهذه الأمراض الظاهرة فیه.

قال فی المقنعة:و یردّ العبد و الأمة من الجنون و الجُذام و البَرَص ما بین ابتیاعهما و بین سنةٍ واحدة،و لا یُردّان بعد سنةٍ،و ذلک أنّ أصل هذه الأمراض یتقدّم ظهورها بسنةٍ و لا یتقدّم بأزید،فإن وطأ المبتاع الأمة فی هذه السنة لم یجز له ردّها و کان له قیمة ما بینها صحیحةً و سقیمةً (4)،انتهی.

و ظاهره:أنّ نفس هذه الأمراض تتقدّم بسنةٍ؛و لذا أورد علیه فی السرائر:أنّ هذا موجبٌ لانعتاق المملوک علی البائع فلا یصحّ البیع (5).

و یمکن أن یرید به ما ذکرنا:من إرادة موادّ هذه الأمراض.

[شماره صفحه واقعی : 388]

ص: 530


1- راجع النهایة:394،و الغنیة:222.
2- فی«ق»:«تساویه».
3- راجع السرائر 2:301 302.
4- المقنعة:600.
5- السرائر 2:302.
خاتمة فی عیوبٍ متفرّقة

قال فی التذکرة:بأنّ (1)الکفر لیس عیباً فی العبد و لا فی الجاریة (2).

ثمّ استحسن قول بعض الشافعیّة بکونه عیباً فی الجاریة إذا منع الاستمتاع کالتمجّس و التوثّن دون التهوّد و التنصّر.و الأقوی کونه موجباً للردّ فی غیر المجلوب و إن کان أصلاً فی الممالیک،إلّا أنّ الغالب فی غیر المجلوب الإسلام،فهو نقصٌ؛ (3)لتنفّر الطباع عنه،خصوصاً بملاحظة نجاستهم المانعة عن کثیرٍ من الاستخدامات.

نعم،الظاهر عدم الأرش فیه؛لعدم صدق العیب علیه عرفاً و عدم کونه نقصاً أو زیادةً فی أصل الخلقة.

و لو ظهرت الأمة محرَّمةً علی المشتری برضاعٍ أو نسبٍ فالظاهر عدم الردّ به؛لأنّه لا یعدّ نقصاً بالنوع،و لا عبرة بخصوص المشتری.

و لو ظهر (4)ممّن ینعتق علیه فکذلک،کما فی التذکرة (5)معلّلاً:بأنّه

[شماره صفحه واقعی : 389]

ص: 531


1- فی«ش»:«إنّ».
2- التذکرة 1:539.
3- فی«ش»زیادة:«موجب».
4- أی العبد،کما فی التذکرة.
5- التذکرة 1:540.

لیس نقصاً عند کلّ الناس و عدم نقص مالیّته عند غیره.

و فی التذکرة:لو ظهر أنّ البائع باعه وکالةً أو ولایةً أو وصایةً أو أمانةً،ففی ثبوت الردّ لخطر فساد النیابة احتمال (1).أقول:الأقوی عدمه.

و کذا لو اشتری ما علیه أثر الوقف.نعم،لو کان علیه أمارةٌ قویّةٌ علیه لم یبعد کونه موجباً للردّ،لقلّة رغبة الناس فی تملّک مثله،و تأثیر ذلک فی نقصان قیمته عن قیمة أصل الشیء لو خلی و طبعه أثراً بیّناً.

و ذکر فی التذکرة:أنّ الصیام و الإحرام و الاعتداد لیست عیوباً (2).

أقول:أمّا عدم إیجابها الأرش فلا إشکال فیه.و أمّا عدم إیجابها الردّ ففیه إشکالٌ إذا فات بها الانتفاع بها فی مدّةٍ طویلةٍ،فإنّه لا ینقص عن ظهور المبیع مستأجراً.

و قال أیضاً:إذا کان المملوک نمّاماً أو ساحراً أو قاذفاً للمحصنات أو شارباً للخمر أو مقامراً ففی کون هذه عیوباً إشکالٌ،أقربه العدم (3).

و قال:لو کان الرقیق رطب الکلام أو غلیظ الصوت أو سیّئ الأدب أو ولد زنا أو مغنیّاً أو حجّاماً أو أکولاً أو زهیداً،فلا ردّ.

و یردّ الدابّة بالزهادة.و کون الأمة عقیماً لا یوجب الردّ؛لعدم القطع بتحقّقه فربّما کان من الزوج أو لعارضٍ،انتهی.

و مراده العارض الاتّفاقی لا المرض العارضی.

قال فی التذکرة فی آخر ذکر موجبات الردّ:و الضابط أنّ الردّ یثبت بکلّ ما فی المعقود علیه من منقِّص القیمة أو العین نقصاً یفوت به غرضٌ صحیحٌ بشرط أن یکون الغالب فی أمثال المبیع عدمه (4)،انتهی.

[شماره صفحه واقعی : 390]

ص: 532


1- التذکرة 1:540،و العبارة الثالثة ثبتت فی الهامش،و کتب فی آخرها«صح».
2- التذکرة 1:540،و العبارة الثالثة ثبتت فی الهامش،و کتب فی آخرها«صح».
3- التذکرة 1:540،و العبارة الثالثة ثبتت فی الهامش،و کتب فی آخرها«صح».
4- التذکرة 1:540،و العبارة الثالثة ثبتت فی الهامش،و کتب فی آخرها«صح».
القول فی الأرش
اشاره

صوت

[*ابوالقاسم علیدوست]

و هو لغةً-کما فی الصحاح (1)و عن المصباح (2)-:دیة الجراحات، و عن القاموس:أنّه الدیة (3).و یظهر من الأوّلین أنّه فی الأصل اسمٌ للفساد.

و یُطلق فی کلام الفقهاء علی مالٍ یؤخذ بدلاً عن نقصٍ مضمونٍ فی مالٍ أو بدنٍ (4)،لم یقدّر له فی الشرع مقدّرٌ.

و عن حواشی الشهید قدّس سرّه:أنّه یطلق بالاشتراک اللفظی علی معانٍ:

منها:ما نحن فیه.

و منها:نقص القیمة لجنایة الإنسان علی عبد غیره فی غیر المقدّر الشرعی.

[شماره صفحه واقعی : 391]

ص: 533


1- الصحاح 3:995،مادّة«أرش».
2- المصباح المنیر:12،مادّة«أرش».
3- القاموس المحیط 2:261،مادّة«أرش».
4- فی«ش»زیادة:«و».

و منها:ثمن التالف المقدّر شرعاً بالجنایة،کقطع ید العبد.

و منها:أکثر الأمرین من المقدّر الشرعی و الأرش،و هو ما تلف بجنایة الغاصب (1)،انتهی.

و فی جعل ذلک من الاشتراک اللفظی إشارةٌ إلی أنّ هذا اللفظ قد اصطلح فی خصوص کلٍّ من هذه المعانی عند الفقهاء بملاحظة مناسبتها للمعنی اللغوی مع قطع النظر عن ملاحظة العلاقة بین کلٍّ منها و بین الآخر،فلا یکون مشترکاً معنویاً بینهما،و لا حقیقةً و مجازاً،فهی کلّها منقولاتٌ عن المعنی اللغویّ بعلاقة الإطلاق و التقیید.و ما ذکرناه فی تعریف الأرش فهو کلّی انتزاعیٌّ عن تلک المعانی،کما یظهر بالتأمّل.

و کیف کان،فقد ظهر من تعریف الأرش:أنّه لا یثبت إلّا مع ضمان النقص المذکور.

ثمّ إنّ ضمان النقص تابعٌ فی الکیفیّة لضمان المنقوص،و هو الأصل.

فإن کان مضموناً بقیمته کالمغصوب و المستام و شبههما-و یسمّی ضمان الید کان النقص مضموناً بما یخصّه من القیمة إذا وزّعت علی الکلّ.

و إن کان مضمونا بعوض،بمعنی أن فواته یوجب عدم تملک عوضه المسمی فی المعاوضة و یسمی ضمانه ضمان المعاوضة کان النقص مضمونا بما یخصه من العوض إذا وزع علی مجموع الناقص و المنقوص لا نفس قیمة العیب؛لأن الجزء تابع للکل فی الضمان؛

[*ابوالقاسم علیدوست]

و لذا عرف جماعةٌ الأرشَ فی عیب المثمن فیما نحن فیه:بأنّه جزءٌ من الثمن نسبته إلیه

[شماره صفحه واقعی : 392]

ص: 534


1- حکاه السیّد العاملی فی مفتاح الکرامة 4:632.

کنسبة التفاوت بین الصحیح و المعیب إلی الصحیح (1)؛و ذلک لأنّ ضمان تمام المبیع الصحیح علی البائع ضمان المعاوضة،بمعنی أنّ البائع ضامنٌ لتسلیم المبیع تامّاً إلی المشتری،فإذا فاته تسلیم بعضه ضَمِنَه بمقدار ما یخصّه من الثمن لا بقیمته.

نعم،ظاهر کلام جماعةٍ من القدماء (2)کأکثر النصوص-یوهم إرادة قیمة العیب کلّها،إلّا أنّها محمولةٌ علی الغالب من مساواة الثمن للقیمة السوقیّة للمبیع،بقرینة ما فیها:من أنّ البائع یردّ علی المشتری، و ظاهره کون المردود شیئاً من الثمن،الظاهر فی عدم زیادته علیه بل فی نقصانه.فلو کان اللازم هو نفس التفاوت لزاد علی الثمن فی بعض الأوقات،کما إذا اشتری جاریةً بدینارین و کانت (3)معیبها تسوی مائةً و صحیحها تسوی أزید،فیلزم استحقاق مائة دینارٍ،فإذا لم یکن مثل هذا الفرد داخلاً بقرینة عدم صدق الردّ و الاسترجاع تعیّن کون هذا التعبیر لأجل غلبة عدم استیعاب التفاوت للثمن،فإذا بُنی الأمر[علی ملاحظة الغلبة (4)]فمقتضاها الاختصاص بما هو الغالب من اشتراء الأشیاء من أهلها فی أسواقها بقیمتها المتعارفة.

[شماره صفحه واقعی : 393]

ص: 535


1- کما فی القواعد 2:74،و الإرشاد 1:376،و جامع المقاصد 4:192،و فیه: «لأنّ المعروف أنّ الأرش جزءٌ من الثمن..»،و مجمع الفائدة 8:426.
2- مثل علیّ بن بابویه و المفید کما فی الدروس 3:287،و راجع تفصیل ذلک فی مفتاح الکرامة 4:631 633.
3- فی«ش»:«کان»،و هو الأنسب.
4- لم یرد فی«ق».

و قد توهّم بعض من لا تحصیل له:أنّ العیب إذا کان فی الثمن کان أرشه تمام التفاوت بین الصحیح و المعیب،و منشأه ما یُری (1)فی الغالب:من وقوع الثمن فی الغالب نقداً غالباً مساویاً لقیمة المبیع،فإذا ظهر معیباً وجب تصحیحه ببذل تمام التفاوت،و إلّا فلو فرض أنّه اشتری عبداً بجاریةٍ تسوی معیبها أضعاف قیمته،فإنّه لا یجب بذل نفس التفاوت بین صحیحها و معیبها قطعاً.

و کیف کان،فالظاهر أنّه لا إشکال و لا خلاف فی ذلک و إن کان المتراءی من الأخبار خلافه،إلّا أنّ التأمّل فیها قاضٍ بخلافه.

نعم،یشکل الأمر فی المقام من جهةٍ أُخری،و هی:أنّ مقتضی ضمان وصف الصحّة بمقدار ما یخصّه من الثمن لا بقیمته انفساخ العقد فی ذلک المقدار؛لعدم مقابلٍ له حین العقد کما هو شأن الجزء المفقود من المبیع،مع أنّه لم یقل به أحدٌ،و یلزم من ذلک أیضاً تعیّن أخذ الأرش من الثمن،مع أنّ ظاهر جماعةٍ عدم تعیّنه منه معلّلاً بأنّه غرامة (2).

و توضیحه:أنّ الأرش لتتمیم المعیب حتّی یصیر (3)مقابلاً للثمن، لا لنقص (4)الثمن حتّی یصیر مقابلاً للمعیب؛و لذا سُمّی أرشاً کسائر الاُروش المتدارکة للنقائص،

[*ابوالقاسم علیدوست]

فضمان العیب علی هذا الوجه خارجٌ عن

[شماره صفحه واقعی : 394]

ص: 536


1- کذا فی ظاهر«ق»،و فی«ش»:«ما یتراءی».
2- صرّح به العلّامة فی التذکرة 1:528،و صاحب الجواهر فی الجواهر 23: 294.
3- فی«ق»:«یصلح»،و الظاهر أنّه من سهو القلم.
4- فی«ش»:«لا لتنقیص».

الضمانین المذکورین؛لأنّ ضمان المعاوضة یقتضی انفساخ المعاوضة بالنسبة إلی الفائت المضمون و مقابله؛إذ لا معنی له غیر ضمان الشیء و أجزائه بعوضه المسمّی و أجزائه،و الضمان الآخر یقتضی ضمان الشیء بقیمته الواقعیّة.

فلا أوثق من أن یقال:إنّ مقتضی المعاوضة عرفاً هو عدم مقابلة وصف الصحّة بشیءٍ من الثمن،لأنّه أمرٌ معنویٌّ کسائر الأوصاف؛و لذا لو قابل المعیب بما هو أنقص منه قدراً حصل الربا من جهة صدق الزیادة و عدم عدّ العیب نقصاً یتدارک بشیءٍ من مقابله،إلّا أنّ الدلیل من النصّ و الإجماع دلّ علی ضمان هذا الوصف من بین الأوصاف (1)، بمعنی وجوب تدارکه بمقدارٍ من الثمن مُنضافٍ (2)إلی ما یقابل بأصل المبیع لأجل اتّصافه بوصف الصحّة،فإنّ هذا الوصف کسائر الأوصاف و إن لم یقابله شیءٌ من الثمن،لکن له مدخلٌ فی وجود مقدارٍ من الثمن و عدمه، فإذا تعهّده البائع کان للمشتری مطالبته بخروجه عن عهدته بأداء ما کان یلاحظ من الثمن لأجله،و للمشتری أیضاً إسقاط هذا الالتزام عنه.

نعم،یبقی الکلام فی کون هذا الضمان المخالف للأصل بعین بعض الثمن،کما هو ظاهر تعریف الأرش فی کلام الأکثر بأنّه جزءٌ من الثمن (3)،أو بمقداره،کما هو مختار العلّامة فی صریح التذکرة (4)و ظاهر

[شماره صفحه واقعی : 395]

ص: 537


1- فی«ش»زیادة:«و کونه فی عهدة البائع».
2- فی«ش»:«یُضاف».
3- منهم العلّامة و المحقّق الثانی و غیرهما،و قد تقدّم عنهم فی الصفحة 393-394.
4- التذکرة 1:528،و فیه:و الأقرب أنّه لا یتعیّن حقّ المشتری فیه بل للبائع إبداله.

غیرها و الشهیدین فی کتبهما (1)؟وجهان:تردّد بینهما فی جامع المقاصد (2).

و أقواهما الثانی؛لأصالة عدم تسلّط المشتری علی شیءٍ من الثمن، و براءة ذمّة البائع من وجوب دفعه؛لأنّ المتیقّن من مخالفة الأصل ضمان البائع لتدارک الفائت الذی التزم وجوده فی المبیع بمقدارٍ وقع الإقدام من المتعاقدین علی زیادته علی الثمن لداعی وجود هذه الصفة،لا فی مقابلها،مضافاً إلی إطلاق قوله علیه السلام فی روایتی حمّاد و عبد الملک:

إنّ (3)«له أرش العیب» (4)،و لا دلیل علی وجوب کون التدارک بجزءٍ من عین الثمن،عدا ما یتراءی من ظاهر التعبیر فی روایات الأرش عن تدارک العیب ب:«ردّ التفاوت إلی المشتری» (5)الظاهر فی کون المردود شیئاً کان عنده أوّلاً،و هو بعض الثمن.

لکن التأمّل التامّ یقضی بأنّ هذا التعبیر وقع بملاحظة أنّ الغالب

[شماره صفحه واقعی : 396]

ص: 538


1- راجع الدروس 3:287،و المسالک 3:299 300،و الروضة 3:474.
2- جامع المقاصد 4:194.
3- فی«ش»:«إنّه».
4- راجع الوسائل 12:415،الباب 4 من أبواب العیوب،الحدیث 7،و الصفحة 416،الباب 5 من أبواب العیوب،الحدیث 3.
5- لم نعثر علی العبارة بلفظها،نعم یدلّ علی مفادها ما ورد فی أبواب الخیار و أبواب أحکام العیوب،منها ما ورد فی الوسائل 12:418،الباب 6 من أبواب أحکام العیوب،الحدیث الأوّل،و فیه:«یرد علیه فضل القیمة»، و الصفحة 362،الباب 16 من أبواب الخیار،و الصفحة 413،الباب 4 من أبواب أحکام العقود،و غیرهما.

وصول الثمن إلی البائع و کونه من النقدین،فالردّ باعتبار النوع،لا الشخص.

[*ابوالقاسم علیدوست]

و من ذلک یظهر أنّ قوله علیه السلام فی روایة ابن سنان:«و یوضع عنه من ثمنها بقدر العیب إن کان فیها» (1)محمولٌ علی الغالب:من کون الثمن کلّیاً فی ذمّة المشتری،فإذا اشتغلت ذمّة البائع بالأرش حسب المشتری عند أداء الثمن ما فی ذمّته علیه.

ثمّ علی المختار من عدم تعیّنه من عین الثمن،فالظاهر تعیّنه من النقدین؛لأنّهما الأصل فی ضمان المضمونات،إلّا أن یتراضی علی غیرهما من باب الوفاء أو المعاوضة.

و استظهر المحقّق الثانی من عبارة القواعد و التحریر بل الدروس عدم تعیّنه منهما؛حیث حکموا (2)فی باب الصرف بأنّه لو وجد عیبٌ فی أحد العوضین المتخالفین بعد التفرّق جاز أخذ الأرش من غیر النقدین و لم یجز منهما،فاستشکل ذلک بأنّ الحقوق المالیّة إنّما یرجع فیها إلی النقدین،فکیف الحقّ الثابت باعتبار نقصانٍ فی أحدهما؟ (3).

و یمکن رفع هذا الإشکال:بأنّ المضمون بالنقدین هی الأموال المتعیّنة المستقرّة،و الثابت هنا لیس مالاً فی الذمّة،و إلّا بطل البیع فیما قابلة من الصحیح؛لعدم وصول عوضه قبل التفرّق،و إنّما هو حقٌّ لو أعمله جاز له مطالبة المال،فإذا اختار الأرش من غیر النقدین

[شماره صفحه واقعی : 397]

ص: 539


1- الوسائل 12:414،الباب 4 من أبواب أحکام العیوب،الحدیث الأوّل.
2- فی«ش»:«حکما».
3- جامع المقاصد 4:192 194،و راجع القواعد 2:39،و التحریر 1: 172،و الدروس 3:304.

ابتداءً و رضی به الآخر فالمختار (1)نفس الأرش،لا عوضٌ عنه.نعم، للآخر الامتناع منه؛لعدم تعیّنه علیه،کما أنّ لذی الخیار مطالبة النقدین فی غیر هذا المقام و إن لم یکن للآخر الامتناع حینئذٍ.

و بالجملة،فلیس هنا شیءٌ معیّنٌ ثابتٌ فی الذمّة،إلّا أنّ دفع غیر النقدین یتوقّف علی رضا ذی الخیار و یکون نفس الأرش،بخلاف دفع النقدین،فإنّه إذا اختیر غیرهما لم یتعیّن (2)للأرشیّة.

ثمّ إنّه قد تبیّن ممّا ذکرنا فی معنی الأرش:أنّه لا یکون إلّا مقداراً مساویاً لبعض الثمن،و لا یعقل أن یکون مستغرقاً له،لأنّ المعیب إن لم یکن ممّا یتموّل و یبذل فی مقابله شیءٌ من المال بطل بیعه،و إلّا فلا بدّ من أن یبقی له من الثمن قسطٌ.

نعم،ربما یتصوّر ذلک فیما إذا حدث قبل القبض أو فی زمان الخیار عیبٌ یستغرق للقیمة مع بقاء الشیء علی صفة التملّک (3)،بناءً علی أنّ مثل ذلک غیر ملحقٍ بالتلف فی انفساخ العقد به،بل یأخذ المشتری أرش العیب،و هو هنا مقدار تمام الثمن.

[*ابوالقاسم علیدوست]

لکن عدم إلحاقه بالتلف مشکلٌ، بناءً علی أنّ العیب إذا کان مضموناً علی البائع بمقتضی قوله علیه السلام:

«إن حدث بالحیوان حدثٌ فهو من مال البائع حتّی ینقضی خیاره» (4)

[شماره صفحه واقعی : 398]

ص: 540


1- فی«ش»:«فمختاره».
2- کذا فی النسخ،لکن قال الشهیدی قدّس سرّه:«الصواب:فإنّه إذا اختیر أحدهما یتعیّن للأرشیّة»هدایة الطالب:548.
3- فی محتمل«ق»:«الملک».
4- الوسائل 12:352،الباب 5 من أبواب الخیار،الحدیث 5،و لیس فیه: «حتّی ینقضی خیاره».

کان هذا العیب کأنه حدث فی ملک البائع،و المفروض:أنّه إذا حدث مثل هذا فی ملک البائع کان بیعه باطلاً؛لعدم کونه متموّلاً یُبذل بإزائه شیءٌ من المال،فیجب الحکم بانفساخ العقد إذا حدث (1)بعده مضموناً علی البائع.إلّا أن یمنع ذلک و أنّ ضمانه علی البائع موجب (2)الحکم بکون دَرَکه علیه،فهو بمنزلة الحادث قبل البیع فی هذا الحکم لا مطلقاً حتّی ینفسخ العقد به،و یرجع هذا الملک الموجود الغیر المتموّل إلی البائع.بل لو فرضنا حدوث العیب علی وجهٍ أخرجه عن الملک فلا دلیل علی إلحاقه بالتلف،بل تبقی العین الغیر المملوکة حقّا للمشتری و إن لم یکن ملکاً له-کالخمر المتّخذ للتخلیل-و یأخذ الثمن أو مقداره من البائع أرشاً لا من باب انفساخ العقد.

هذا،إلّا أنّ العلّامة قدّس سرّه فی القواعد و التذکرة و التحریر (3)و محکیّ النهایة (4)یظهر منه الأرش المستوعب فی العیب المتقدّم علی العقد الذی ذکرنا أنّه لا یعقل فیه استیعاب الأرش للثمن.

قال فی القواعد:لو باع العبد الجانی خطأ ضمن أقل الأمرین علی رأی،و الأرش علی رأی،و صح البیع إن کان موسرا،و إلا تخیر المجنی علیه.و لو کان عمدا وقف علی إجازة المجنی علیه،و یضمن الأقلّ من الأرش و القیمة لا الثمن معها،و للمشتری الفسخ مع الجهل،فیرجع

[شماره صفحه واقعی : 399]

ص: 541


1- فی«ش»زیادة:«مثل هذا».
2- فی«ش»بدل«موجب»:«بمعنی».
3- ستأتی النصوص المنقولة عن هذه المصادر.
4- نهایة الإحکام 2:485 486.

بالثمن أو الأرش.فإن استوعبت الجنایة القیمة فالأرش ثمنه أیضاً،و إلّا فقدر الأرش.و لا یرجع لو کان عالماً،و له أن یفدیه کالمالک و لا یرجع به علیه.و لو اقتصّ منه فلا ردّ و له الأرش،و هو نسبة تفاوت ما بین کونه جانیاً و غیر جانٍ من الثمن (1)،انتهی.

و ذکر فی التذکرة هذه العبارة بعینها فی باب العیوب (2).و قال فی أوائل البیع من التذکرة فی مسألة بیع العبد الجانی:و لو کان المولی معسراً لم یسقط حقّ المجنیّ علیه من الرقبة ما لم یجز البیع أوّلاً،فإنّ البائع إنّما یملک نقل حقّه عن رقبته بفدائه،و لا یحصل من ذمّة المعسر، فیبقی حقّ المجنیّ علیه مقدّماً علی حقّ المشتری،و یتخیّر المشتری الجاهل فی الفسخ،فیرجع بالثمن[معه (3)]أو مع الاستیعاب،لأنّ أرش مثل هذا جمیع ثمنه.و إن لم یستوعب یرجع بقدر أرشه.و لو کان عالماً بتعلّق الحقّ[به (4)]فلا رجوع إلی أن قال:و إن أوجبت الجنایة قصاصاً تخیّر المشتری الجاهل بین الردّ و الأرش،

[*ابوالقاسم علیدوست]

فإن اقتصّ منه احتمل تعیّن الأرش،و هو قسط قیمة ما بینه جانیاً و غیر جانٍ.و لا یبطل البیع من أصله (5)؛لأنّه تلف عند المشتری بالعیب الذی کان فیه،فلم

[شماره صفحه واقعی : 400]

ص: 542


1- القواعد 2:76.
2- التذکرة 1:540.
3- أثبتناه من المصدر،و فی«ش»بعد قوله:«بالثمن»زیادة:«و به قال أحمد و بعض الشافعیّة».
4- من«ش»و المصدر.
5- فی المصدر زیادة:«و به قال أحمد و بعض الشافعیّة».

یوجب الرجوع بجمیع الثمن کالمریض و المرتدّ.و قال أبو حنیفة و الشافعی:

یرجع بجمیع[ثمنه (1)]؛لأنّ تلفه لمعنیً (2)استحقّ علیه عند البائع،فجری إتلافه (3)،انتهی.

و قال فی التحریر فی بیع الجانی خطأً:و لو کان السیّد معسراً لم یسقط حقّ المجنیّ علیه من (4)رقبة العبد،فیتخیّر المشتری مع عدم علمه، فإن فسخ یرجع بالثمن؛و کذا إن کانت الجنایة مستوعبةً،و إن لم یستوعب رجع بالأرش (5)،انتهی.

و قال فی أوائل البیع فی هذه المسألة:و لو کان السیّد معسراً لم یسقط حقّ المجنیّ علیه عن رقبة العبد،و للمشتری الفسخ مع عدم العلم (6)،فإن فسخ رجع بالثمن،و إن لم یفسخ و استوعبت الجنایة قیمته و انتزعت یرجع المشتری بالثمن أیضاً،و إن لم یستوعب رجع بقدر الأرش.و لو علم المشتری بتعلّق الحقّ برقبة العبد لم یرجع بشیءٍ.و لو اختار المشتری أن یفدیه جاز و رجع به علی البائع مع الإذن،و إلّا فلا(7)،انتهی.

[شماره صفحه واقعی : 401]

ص: 543


1- فی المصدر:«الثمن»،و الکلمة ساقطة من«ق».
2- کذا فی ظاهر«ق»،و فی المصدر:«بمعنی»،و فی«ش»:«لأمر».
3- التذکرة 1:465 466.
4- فی«ش»و المصدر:«عن».
5- التحریر 1:185 و 165.
6- فی«ش»بدل«فیتخیّر المشتری إلی مع عدم العلم»:«و للمشتری الفسخ مع عدم علمه».
7- التحریر 1:185 و 165.

قوله:«و انتزعت»إمّا راجعٌ إلی رقبة العبد،أو إلی القیمة إذا باعه المجنیّ علیه و أخذ قیمته،و هذا القید غیر موجودٍ فی باقی عبارات العلّامة فی کتبه الثلاثة.

و کیف کان:فالعبد المتعلّق برقبته حقٌّ للمجنیّ علیه یستوعب قیمته،إمّا أن یکون له قیمةٌ تبذل بإزائه،أو لا،و علی الأوّل:فلا بدّ أن یبقی شیءٌ من الثمن للبائع بإزائه،فلا یرجع بجمیع الثمن علیه.و علی الثانی:فینبغی بطلان البیع.

و لو قیل:إنّ انتزاعه عن ملک المشتری لحقٍّ کان علیه عند البائع یوجب غرامته علی البائع کان اللازم من ذلک مع منعه (1)فی نفسه- أن یکون الحکم کذلک فیما لو اقتصّ من الجانی عمداً.

و قد عرفت من التذکرة و القواعد الحکم بقسطٍ من الثمن فیه.

و بالجملة،فالمسألة محلّ تأمّلٍ،و اللّٰه العالم.

[شماره صفحه واقعی : 402]

ص: 544


1- فی«ش»:«مع بُعده».
مسألة یُعرف الأرش بمعرفة قیمتی الصحیح و المعیب لیعرف التفاوت بینهما، فیؤخذ من البائع بنسبة ذلک التفاوت.

و إذا لم تکن القیمة معلومةً فلا بدّ من الرجوع إلی العارف بها.

و هو قد یخبر عن القیمة المتعارفة المعلومة المضبوطة عند أهل البلد أو أهل الخبرة منهم لهذا المبیع المعیّن أو لمثله فی الصفات المقصودة، کمن یخبر:بأنّ هذه الحنطة أو مثلها یباع فی السوق بکذا،و هذا داخلٌ فی الشهادة یعتبر فیها جمیع ما یعتبر فی الشهادة علی سائر المحسوسات:

من العدالة،و الإخبار عن الحسّ،و التعدّد.

و قد یخبر عن نظره و حدسه من جهة کثرة ممارسته أشباه هذا الشیء و إن لم یتّفق اطّلاعه علی مقدار رغبة الناس فی أمثاله،و هذا یحتاج إلی الصفات السابقة و زیادة المعرفة و الخبرة بهذا الجنس،و یقال له بهذا الاعتبار:أهل الخبرة.

و قد یخبر عن قیمته باعتبار خصوصیّاتٍ فی المبیع یعرفها هذا المخبر مع کون قیمته علی تقدیر العلم بالخصوصیّات واضحةً،کالصائغ العارف بأصناف الذهب و الفضّة من حیث الجودة و الرداءة،مع کون

[شماره صفحه واقعی : 403]

ص: 545

قیمة الجیّد و الردیء محفوظةً عند الناس معروفةً بینهم،فقوله:«هذا قیمته کذا»یرید به أنّه من جنس قیمته کذا،و هذا فی الحقیقة لا یدخل فی المقوِّم،و کذا القسم الأوّل،فمرادهم بالمقوِّم هو الثانی.

لکن الأظهر عدم التفرقة بین الأقسام من حیث اعتبار شروط القبول و إن احتمل فی غیر الأوّل الاکتفاء بالواحد:

إمّا للزوم الحرج لو اعتبر التعدّد.

و إمّا لاعتبار الظنّ فی مثل ذلک ممّا انسدّ فیه باب العلم و یلزم من طرح قول العادل الواحد و الأخذ بالأقلّ-لأصالة براءة ذمّة البائع- تضییعُ حقِّ المشتری فی أکثر المقامات.

و إمّا لعموم ما دلّ علی قبول قول العادل،خرج منه ما کان من قبیل الشهادة کالقسم الأوّل،دون ما کان من قبیل الفتوی کالثانی؛ لکونه ناشئاً عن حدسٍ و اجتهادٍ و تتبّع الأشباه و الأنظار و قیاسه علیها حتّی أنّه یحکم لأجل ذلک بأنّه ینبغی أن یبذل بإزائه کذا و کذا و إن لم یوجد راغبٌ یبذل له ذلک.

ثمّ لو تعذّر معرفة القیمة لفقد أهل الخبرة أو توقّفهم ففی کفایة الظنّ أو الأخذ بالأقلّ وجهان.و یحتمل ضعیفاً الأخذ بالأکثر؛لعدم العلم بتدارک العیب المضمون إلّا به.

[شماره صفحه واقعی : 404]

ص: 546

مسألة لو تعارض المقوّمون

صوت

[*ابوالقاسم علیدوست]

فیحتمل:

تقدیم بیّنة الأقلّ؛للأصل.

و بیّنة الأکثر؛لأنّها مثبتة.

و القرعة؛لأنّها لکلّ أمرٍ مشتبه.

و الرجوع إلی الصلح؛لتشبّث کلٍّ من المتبایعین بحجّةٍ شرعیّةٍ ظاهریّةٍ،و المورد غیر قابل للحلف؛لجهل کلٍّ منهما بالواقع.

و تخییر الحاکم؛لامتناع الجمع و فقد المرجّح.

لکنّ الأقوی من الکلّ ما علیه المعظم (1):من وجوب الجمع بینهما بقدر الإمکان؛لأنّ کلاّ منهما حجّةٌ شرعیّة (2)،فإذا تعذّر العمل به (3)فی

[شماره صفحه واقعی : 405]

ص: 547


1- منهم المفید فی المقنعة:597،و المحقّق فی الشرائع 2:38،و العلّامة فی القواعد 2:75 و غیره من کتبه،و راجع تفصیل ذلک فی مفتاح الکرامة 4: 632-633.
2- فی«ش»زیادة:«یلزم العمل به».
3- فی«ق»:«بها».

تمام مضمونه وجب العمل به فی بعضه،فإذا قوّمه أحدهما بعشرةٍ فقد قوّم کلاّ من نصفه بخمسةٍ،و إذا قوّمه الآخر (1)بثمانیةٍ فقد قوّم کلاّ من نصفه بأربعةٍ،فیعمل بکلٍّ منهما فی نصف المبیع.و قولهما (2)و إن کانا متعارضین فی النصف أیضاً کالکلّ،فیلزم ممّا ذکر طرح کلا القولین فی النصفین،إلّا أنّ طرح قول کلٍّ منهما فی النصف مع العمل به فی النصف الآخر أولی فی مقام امتثال أدلّة العمل بکلّ بیّنةٍ من طرح کلیهما أو إحداهما رأساً،و هذا معنی قولهم:«إنّ الجمع بین الدلیلین و العمل بکلٍّ منهما-و لو من وجهٍ-أولی من طرح أحدهما رأساً»؛و لذا جعل فی تمهید القواعد من فروع هذه القاعدة:الحکم بالتنصیف فیما لو تعارضت البیّنتان فی دارٍ فی ید رجلین یدّعیها کلٌّ منهما (3).

بل ما نحن فیه أولی بمراعاة هذه القاعدة من الدلیلین المتعارضین فی أحکام اللّٰه تعالی؛لأنّ الأخذ بأحدهما کلّیةً و طرح (4)الآخر کذلک فی التکالیف الشرعیّة الإلهیّة لا ینقص عن التبعیض من حیث مراعاة حقّ اللّٰه سبحانه؛لرجوع الکلّ إلی امتثال أمر اللّٰه سبحانه،بخلاف مقام التکلیف بإحقاق حقوق الناس،فإنّ فی التبعیض جمعاً بین حقوق الناس و مراعاةً للجمیع و لو فی الجملة؛و لعلّ هذا هو السرّ فی عدم تخییر الحاکم عند تعارض أسباب حقوق الناس فی شیءٍ من موارد الفقه (5).

[شماره صفحه واقعی : 406]

ص: 548


1- فی«ق»:«الأُخری».
2- فی«ش»:«قولاهما».
3- تمهید القواعد:284.
4- فی«ش»:«ترک».
5- فی«ش»و مصحّحة«ف»بدل«موارد الفقه»:«الموارد».

و قد یُستشکل ما ذکرنا:تارةً بعدم التعارض بینهما عند التحقیق؛ لأنّ مرجع بیّنة النفی إلی عدم وصول نظرها و حدسها إلی الزیادة،فبیّنة الإثبات المدّعیة للزیادة سلیمة.

و أُخری بأنّ الجمع فرع عدم اعتضاد إحدی البیّنتین بمرجّحٍ، و أصالة البراءة هنا مرجّحةٌ للبیّنة الحاکمة بالأقلّ.

و ثالثةً بأنّ فی الجمع مخالفةً قطعیّةً و إن کان فیه موافقةٌ قطعیّةٌ، لکنّ التخییر الذی لا یکون فیه إلّا مخالفةٌ احتمالیّةٌ أولی منه.

و یندفع الأوّل بأنّ المفروض أنّ بیّنة النفی تشهد بالقطع علی نفی الزیادة واقعاً،و أنّ بذل الزائد فی مقابل المبیع سفهٌ.

و یندفع الثانی بما قرّرناه فی الأُصول (1):من أنّ الأُصول الظاهریّة لا تصیر مرجِّحةً للأدلّة الاجتهادیّة،بل تصلح مرجعاً فی المسألة لو تساقط الدلیلان من جهة ارتفاع ما هو مناط الدلالة فیهما لأجل التعارض،کما فی الظاهرین المتعارضین کالعامّین من وجهٍ المطابق أحدهما للأصل،

[*ابوالقاسم علیدوست]

و ما نحن فیه لیس من هذا القبیل.و الحاصل:أنّ بیّنة الزیادة تثبت أمراً مخالفاً للأصل،و معارضتها بالأُخری النافیة لها لا یوجب سقوطها بالمرّة لفقد المرجّح،فیجمع بین النفی و الإثبات فی النصفین.

و یندفع الثالث بأنّ ترجیح الموافقة الاحتمالیّة الغیر المشتملة علی المخالفة القطعیّة علی الموافقة القطعیّة المشتملة علیها إنّما هو فی مقام الإطاعة و المعصیة الراجعتین إلی الانقیاد و التجرّی؛حیث إنّ ترک

[شماره صفحه واقعی : 407]

ص: 549


1- راجع فرائد الأُصول 4:151-152.

التجرّی أولی من تحصیل العلم بالانقیاد،بخلاف مقام إحقاق حقوق الناس،فإنّ مراعاة الجمیع (1)أولی من إهمال أحدهما رأساً و إن اشتمل علی إعمال الآخر؛إذ لیس الحقّ فیهما لواحدٍ (2)کما فی حقوق اللّٰه سبحانه.

ثمّ إنّ قاعدة الجمع حاکمةٌ علی دلیل القرعة؛لأنّ المأمور به هو العمل بکلٍّ من الدلیلین لا بالواقع المردّد بینهما؛إذ قد یکون کلاهما مخالفاً للواقع،فهما سببان مؤثّران بحکم الشارع فی حقوق الناس،فیجب مراعاتها و إعمال أسبابها بقدر الإمکان،إذ لا ینفع توفیة حقِّ واحدٍ مع إهمال حقِّ الآخر رأساً (3).

ثم إنّ المعروف فی الجمع بین البینات الجمع بینها (4)فی قیمتی الصحیح،فیؤخذ من القیمتین للصحیح نصفهما و من الثلاث ثلثها (5)و من الأربع ربعها (6)و هکذا فی المعیب،ثم تلاحظ النسبة بین المأخوذ للصحیح و بین المأخوذ للمعیب و یؤخذ بتلک النسبة.فإذا کان إحدی قیمتی الصحیح اثنی عشر و الأُخری ستّةً،و إحدی قیمتی المعیب أربعةً (7)

[شماره صفحه واقعی : 408]

ص: 550


1- فی محتمل«ق»:«الجمع».
2- فی«ش»زیادة:«معیّن».
3- فی«ش»زیادة:«علی النهج الذی ذکرنا من التنصیف فی المبیع».
4- کذا فی ظاهر«ق»،و فی«ش»:«بینهما».
5- فی«ش»:«ثلثهما».
6- فی«ش»:«ربعهما».
7- فی«ق»:«ستّة»،و هو سهو.

و الأُخری اثنین،أُخذ للصحیح تسعةٌ و للمعیب ثلاثةٌ،و التفاوت بالثلثین، فیکون الأرش ثلثی الثمن (1).

[*ابوالقاسم علیدوست]

و یحتمل الجمع بطریقٍ آخر،و هو:أن یرجع إلی البیّنة فی مقدار التفاوت و یجمع بین البیّنات فیه من غیر ملاحظة القیم.و هذا منسوبٌ إلی الشهید قدّس سرّه علی ما فی الروضة (2).

و حاصله قد یتّحد مع طریق المشهور کما فی المثال المذکور،فإنّ التفاوت بین الصحیح و المعیب علی قول کلٍّ من البیّنتین بالثلثین کما ذکرنا فی الطریق الأوّل.

و قد یختلفان،کما إذا کانت إحدی قیمتی[الصحیح (3)]اثنی عشر و الأُخری ثمانیةً،و قیمة المعیب علی الأوّل عشرة و علی الثانی خمسةٌ.

فعلی الأوّل:یؤخذ نصف مجموع قیمتی الصحیح أعنی العشرة،و نصف قیمتی المعیب و هو سبعة و نصف،فالتفاوت بالربع،فالأرش ربع الثمن، أعنی ثلاثةً من اثنی عشر لو فرض الثمن اثنی عشر.و علی الثانی:

یؤخذ التفاوت بین الصحیح و المعیب علی إحدی البیّنتین بالسدس و علی

[شماره صفحه واقعی : 409]

ص: 551


1- فی«ش»زیادة ما یلی:«و یمکن أیضاً علی وجه التنصیف فیما به التفاوت بین القیمتین،بأن تعمل فی نصفه بقول المثبت للزیادة،و فی نصفه الآخر بقول النافی، فإذا قوّمه إحداهما باثنی عشر و الآخر بثمانیة أُخذ فی نصف الأربعة بقول المثبت و فی نصفها الآخر بقول النافی،جمعاً بین حقّی البائع و المشتری،لکنّ الأظهر هو الجمع علی النهج الأوّل».
2- الروضة البهیّة 3:478.
3- لم یرد فی«ق».

الأُخری ثلاثة أثمان،و یُنصّف المجموع-أعنی ستّة و نصف (1)من اثنی عشر جزءاً-و یؤخذ نصفه و هو ثلاثة و ربع،و قد کان فی الأوّل ثلاثة.

و قد ینقص عن الأوّل،کما إذا اتّفقا علی أنّ قیمة المعیب ستّةً، و قال إحداهما:قیمة الصحیح ثمانیةٌ،و قال الأُخری:عشرةٌ.فعلی الأوّل:یجمع القیمتان و یؤخذ نصفهما تسعة،و نسبته إلی الستّة بالثلث.

و علی الثانی:یکون التفاوت علی إحدی البیّنتین ربعاً و علی الأُخری خمسین فیؤخذ نصف (2)الربع و نصف الخمسین،فیکون ثُمناً و خُمساً،و هو ناقصٌ عن الثلث بنصف خمس.

توضیح هذا المقام:أنّ الاختلاف إمّا أن یکون فی الصحیح فقط مع اتّفاقهما علی المعیب،و إمّا أن یکون فی المعیب فقط،و إمّا أن یکون فیهما.

فإن کان فی الصحیح فقط-کما فی المثال الأخیر-فالظاهر التفاوت بین الطریقین دائماً؛لأنّک قد عرفت أنّ الملحوظ علی طریق المشهور نسبة المعیب إلی مجموع نصفی قیمتی الصحیح المجعول قیمةً منتزعةً،و علی الطریق الآخر نسبة المعیب إلی کلٍّ من القیمتین المستلزمة لملاحظة أخذ نصفه مع نصف الآخر لیجمع بین البیّنتین فی العمل، و المفروض فی هذه الصورة أنّ نسبة المعیب إلی مجموع نصفی قیمتی الصحیح التی هی طریقة المشهور مخالفةٌ لنسبة نصفه إلی کلٍّ من

[شماره صفحه واقعی : 410]

ص: 552


1- کذا فی«ق»،و المناسب:«نصفاً»کما فی«ش».
2- من هنا إلی قوله:«و توهّم أنّ حکم شراء شیءٍ..»فی الصفحة 414 مفقود من نسخة الأصل«ق».

النصفین؛لأنّ نسبة الکلّ إلی الکلّ تساوی نسبة نصفه إلی کلٍّ من نصفی ذلک الکلّ،و هو الأربعة و النصف فی المثال،لا إلی کلٍّ من النصفین (1)المرکّب منهما ذلک الکلّ کالأربعة و الخمسة،بل النصف المنسوب إلی أحد بعضی (2)المنسوب إلیه کالأربعة نسبةٌ مغایرةٌ لنسبته إلی البعض الآخر،أعنی الخمسة،و هکذا غیره من الأمثلة.

و إن کان الاختلاف فی المعیب فقط فالظاهر عدم التفاوت بین الطریقین أبداً؛لأنّ نسبة الصحیح إلی نصف مجموع قیمتی المعیب-علی ما هو طریق المشهور-مساویةٌ لنسبة نصفه إلی نصف إحداهما و نصفه الآخر إلی نصف الأُخری،کما إذا اتّفقا (3)علی کون الصحیح اثنی عشر و قالت إحداهما:المعیب ثمانیة،و قالت الأُخری:ستّة،فإنّ تفاوت السبعة و الاثنی عشر-الذی هو طریق المشهور مساوٍ لنصف مجموع تفاوتی الثمانیة مع الاثنی عشر و الستّة مع الاثنی عشر؛لأنّ نسبة الأوّلین بالثلث و الآخرین بالنصف و نصفهما السدس و الربع،و هذا بعینه تفاوت السبعة و الاثنی عشر.

و إن اختلفا فی الصحیح و المعیب،فإن اتّحدت النسبة بین الصحیح و المعیب علی کلتا البیّنتین (4)فیتّحد الطریقان دائماً،کما إذا قوّمه إحداهما صحیحاً باثنی عشر و معیباً بستّة،و قوّمه الأُخری صحیحاً بستّة و معیباً

[شماره صفحه واقعی : 411]

ص: 553


1- فی«ف»بدل«النصفین»:«البعضین».
2- فی«ش»:«بعض».
3- کذا،و المناسب:«اتّفقتا»،لرجوع الضمیر إلی البیّنتین.
4- فی نسخة بدل«ن»:«النسبتین».

بثلاثة،فإنّ نصف الصحیحین أعنی التسعة تفاوتُه مع نصف مجموع المعیبین-و هو الأربعة و نصف عینُ نصف تفاوتی الاثنی عشر مع الستّة و الستّة مع الثلاثة.

و الحاصل:أنّ کلّ صحیحٍ ضِعفُ المعیب،فیلزمه کون نصف الصحیحین ضِعف نصف المعیبین.

و إن اختلفت النسبة،فقد یختلف الطریقان و قد یتّحدان،و قد تقدّم مثالهما فی أوّل المسألة (1).

ثمّ إنّ الأظهر بل المتعیّن فی المقام هو الطریق الثانی المنسوب إلی الشهید قدّس سرّه وفاقاً للمحکیّ عن إیضاح النافع،حیث ذکر أنّ طریق المشهور لیس بجیّدٍ (2)،و لم یذکر وجهه.و یمکن إرجاع کلام الأکثر إلیه، کما سیجیء (3).

و وجه تعیّن هذا الطریق:أنّ أخذ القیمة من القیمتین علی طریق المشهور أو النسبة المتوسّطة من النسبتین علی الطریق الثانی،إمّا للجمع بین البیّنتین بإعمال کلٍّ منهما فی نصف العین کما ذکرنا،و إمّا لأجل أنّ ذلک توسّطٌ بینهما لأجل الجمع بین الحقّین بتنصیف ما به التفاوت نفیاً و إثباتاً علی النهج الذی ذکرناه أخیراً فی الجمع بین البیّنتین،کما یحکم بتنصیف الدرهم الباقی من الدرهمین المملوکین لشخصین إذا ضاع أحدهما المردّد بینهما من عند الودعی و لم تکن هنا بیّنةٌ تشهد لأحدهما

[شماره صفحه واقعی : 412]

ص: 554


1- تقدّم فی الصفحة 409.
2- حکاه السیّد العاملی فی مفتاح الکرامة 4:633.
3- یجیء فی الصفحة 416.

بالاختصاص،بل و لا ادّعی أحدهما اختصاصه بالدرهم الموجود.

فعلی الأوّل فاللازم و إن کان هو جمع نصفی قیمتی الصحیح و المعیب-کما فعله المشهور-بأن یُجمع الاثنا عشر و الثمانیة المفروضتان (1)قیمتین للصحیح فی المثال المتقدّم،و یؤخذ نصف أحدهما (2)قیمة نصف المبیع صحیحاً،و نصف الأُخری قیمةً للنصف الآخر منه،و لازم ذلک کون تمامه بعشرة،و یجمع قیمتا المعیب-أعنی العشرة و الخمسة-و یؤخذ لکلِّ نصفٍ من المبیع المعیوب نصفٌ من أحدهما،و لازم ذلک کون تمام المبیع بسبعةٍ و نصف (3)،إلّا أنّه لا ینبغی ملاحظة نسبة المجموع من نصفی إحدی القیمتین-أعنی العشرة إلی المجموع من نصف (4)الأُخری-أعنی سبعة و نصفاً-کما نسب إلی المشهور؛لأنّه إذا فرض لکلِّ نصفٍ من المبیع قیمةٌ تغایر قیمةَ النصف الآخر وجب ملاحظة التفاوت بالنسبة إلی کلٍّ من النصفین صحیحاً و معیباً و أخذ الأرش لکلِّ نصفٍ علی حسب تفاوت صحیحه و معیبه.

فالعشرة لیست قیمةً لمجموع الصحیح إلّا باعتبار أنّ نصفه مقوَّمٌ، بستّةٍ و نصفه الآخر بأربعةٍ،و کذا السبعة و نصف (5)لیست قیمةً لمجموع المعیب إلّا باعتبار أنّ نصفه مقوَّمٌ بخمسةٍ و نصفه الآخر باثنین و نصف،

[شماره صفحه واقعی : 413]

ص: 555


1- فی«ف»:«المفروضتین».
2- فی«ش»:«إحدیهما».
3- فی«ف»بدل«المبیع بسبعة و نصف»:«المعیب بخمسة عشر».
4- فی«ف»:«نصفی».
5- فی«ش»:«و النصف».

فلا وجه لأخذ تفاوت ما بین مجموع العشرة و السبعة و نصف (1)،بل لا بدّ من أخذ تفاوت ما بین الأربعة و الاثنین و نصف لنصفٍ منه، و تفاوت ما بین الستّة و الخمسة للنصف الآخر.

[*ابوالقاسم علیدوست]

و توهّم:أنّ حکم شراء شیءٍ تَغایَرَ قیمتا نصفیه حکم ما لو اشتری بالثمن[الواحد (2)]مالین معیبین مختلفین فی القیمة صحیحاً و معیباً،بأن اشتری عبداً و جاریةً[باثنی عشر (3)]فظهرا معیبین،و العبد یسوی أربعةً صحیحاً و اثنین و نصف (4)معیباً،و الجاریة یسوی ستّةً صحیحة و خمسةً معیبة،فإنّه لا شکّ فی أنّ اللازم فی هذه الصورة ملاحظة مجموع قیمتی الصفقة صحیحةً و معیبةً-أعنی العشرة و السبعة و نصف (5)-و أخذ التفاوت و هو الربع من الثمن،و هو ثلاثةٌ إذا فرض الثمن اثنی عشر کما هو طریق المشهور فیما نحن فیه.

مدفوعٌ:بأنّ الثمن فی المثال لمّا کان موزّعاً علی العبد و الجاریة بحسب قیمتهما،فإذا أخذ المشتری ربع الثمن أرشاً فقد أخذ للعبد ثلاثة أثمان قیمته و للجاریة سدسه (6)کما هو الطریق المختار؛لأنّه أخذ من مقابل الجاریة أعنی سبعةً و خمساً سُدسَه و هو واحدٌ و خُمس،و من مقابل العبد أعنی أربعةً و أربعة أخماس ثلاثة أثمانٍ و هو واحدٌ و أربعة

[شماره صفحه واقعی : 414]

ص: 556


1- فی«ش»:«و النصف».
2- لم یرد فی«ق».
3- لم یرد فی«ق».
4- کذا فی«ق»،و المناسب:«نصفاً»،کما فی«ش».
5- فی«ش»:«النصف».
6- کذا فی«ق»،و المناسب:«سدسها»،کما فی«ش».

أخماسٍ،فالثلاثة التی هی ربع الثمن منطبقٌ علی السدس و ثلاثة أثمان.

بخلاف ما نحن فیه؛فإنّ المبذول فی مقابل کلٍّ من النصفین المختلفین بالقیمة أمرٌ واحد،و هو نصف الثمن.

فالمناسب لما نحن فیه فرض شراء کلٍّ من الجاریة و العبد فی المثال المفروض بثمنٍ مساوٍ للآخر،بأن اشتری کلاّ منهما بنصف الاثنی عشر فی عقدٍ واحدٍ أو عقدین،فلا یجوز حینئذٍ أخذ الربع من اثنی عشر،بل المتعیّن حینئذٍ أن یؤخذ من ستّة الجاریة سُدس،و من ستّة العبد اثنان و ربع،فیصیر مجموع الأرش ثلاثة و ربعاً (1)،و هو المأخوذ فی المثال المتقدّم علی الطریق الثانی.

و قد ظهر ممّا ذکرنا:أنّه لا فرق بین شهادة البیّنات بالقیم أو شهادتهم بنفس النسبة بین الصحیح و المعیب و إن لم یذکروا القیم.

هذا کلّه إذا کان مستند المشهور فی أخذ القیمة الوسطی إلی (2)العمل بکلٍّ من البیّنتین فی جزءٍ من المبیع.

أمّا (3)إذا کان المستند مجرّد الجمع بین الحقّین (4)،بأن تنزّل القیمة الزائدة و ترفع (5)الناقصة علی حدٍّ سواء،فالمتعیّن الطریق الثانی[أیضاً (6)

[شماره صفحه واقعی : 415]

ص: 557


1- فی«ق»بدل«ربعاً»:«أربعة»،و هو سهو ظاهراً.
2- لم ترد«إلی»فی«ش».
3- فی«ش»:«و أمّا».
4- فی«ش»زیادة:«علی ما ذکرناه أخیراً».
5- فی«ش»:«یرتفع».
6- لم یرد فی«ق».

سواءً شهدت البیّنتان بالقیمتین أم شهدتا بنفس النسبة بین الصحیح و المعیب.

أمّا إذا شهدتا بنفس التفاوت،فلأنه إذا شهدت إحداهما بأنّ التفاوت بین الصحیح و المعیب بالسدس و هو الاثنان من اثنی عشر، و شهدت الأُخری بأنّه بثلاثة أثمان و هو الثلاثة من ثمانیة،زدنا علی السدس ما تنقص من ثلاثة أثمان صار (1)کلُّ واحدٍ (2)سدساً و نصف سدس و ثُمنه،و هو من الثمن المفروض اثنی عشر ثلاثةٌ و ربع،کما ذکرنا سابقاً.

و إن شهدت البیّنتان بالقیمتین،فمقتضی الجمع بین الحقّین فی هذا المقام (3)تعدیلُ قیمتی کلٍّ من الصحیح و المعیب بالزیادة و النقصان بأخذ (4)قیمةٍ نسبته إلی المعیب دون نسبة القیمة الزائدة و فوق نسبة الناقصة،فیؤخذ من الاثنی عشر و العَشر (5)و من الثمانیة و الخمسة قیمتان للصحیح و المعیب نسبة إحداهما إلی الأُخری یزید علی السدس بما ینقص من ثلاثة أثمان،فیؤخذ قیمتان یزید صحیحهما علی المعیب بسدسٍ و نصف سدس و ثُمن سدس.

و من هنا یمکن إرجاع کلام الأکثر إلی الطریق الثانی،بأن یریدوا

[شماره صفحه واقعی : 416]

ص: 558


1- فی«ش»:«و صار».
2- فی«ش»زیادة:«من التفاوتین بعد التعدیل».
3- العبارة فی«ش»هکذا:«بین حقّی البائع و المشتری فی مقام إعطاء الأرش و أخذه تعدیل..».
4- فی«ق»:«أخذ».
5- فی«ش»:«العشرة».

من«أوسط القیم المتعدّدة للصحیح و المعیب»القیمة المتوسّطة بین القیم لکلٍّ منهما من حیث نسبتهما إلی قیمة الآخر،فیکون مرادهم من أخذ قیمتین للصحیح و المعیب[قیمةً (1)]متوسّطةً من حیث نسبة إحداهما إلی الأُخری بین أقوال جمیع البیّنات المقوّمین للصحیح و الفاسد.و لیس فی کلام الأکثر أنّه تجمع قیم الصحیح و تنتزع منها قیمةٌ-و کذلک قیم المعیب-ثمّ تنسب إحدی القیمتین المنتزعتین إلی الأُخری.

قال فی المقنعة:فإن اختلف أهل الخبرة عُمل علی أوسط القیم (2)و نحوه فی النهایة (3).و فی الشرائع عُمل علی الأوسط (4).

و بالجملة،فکلّ من عبّر بالأوسط یحتمل أن یرید الوسط من حیث النسبة لا من حیث العدد (5).

[شماره صفحه واقعی : 417]

ص: 559


1- لم یرد فی«ق».
2- المقنعة:597.
3- النهایة:393.
4- الشرائع 2:38.
5- فی«ش»زیادة ما یلی: «هذا،مع أن المستند فی الجمیع هو ما ذکرنا:من وجوب العمل بکل من البینتین فی قیمة نصف المبیع.نعم،لو لم یکن بینة أصلا لکن علمنا من الخارج أن قیمة الصحیح إما هذا و إما ذاک و کذلک قیمة المعیب و لم نقل حینئذ بالقرعة أو الأصل،فاللازم الاستناد فی التنصیف إلی الجمع بین الحقین علی هذا الوجه،و قد عرفت أن الجمع بتعدیل التفاوت؛لأنّه الحقّ،دون خصوص القیمتین المحتملتین.و اللّٰه العالم».

المجلد 6

اشارة

سرشناسه : انصاری، مرتضی بن محمدامین، 1214 - 1281ق.

عنوان و نام پدیدآور : المکاسب / المولف مرتضی الانصاری؛ اعداد لجنه تحقیق تراث الشیخ الاعظم.

مشخصات نشر : قم : مجمع الفکر الاسلامی، 1413ه.ق

مشخصات ظاهری : 6 ج.

موضوع : معاملات (فقه)

رده بندی کنگره : BP190/1 /الف 8م 7 1300ی الف

رده بندی دیویی : 297/372

شماره کتابشناسی ملی : م 78-1937

توضیح : این کتاب از مهمترین کتابهای فقهی شیعه تألیف شیخ الفقهاء و المجتهدین، شیخ اعظم مرتضی بن محمد امین تستری نجفی انصاری ( م 1281 ق) می باشد و در باب معاملات محسوب می شود و از زمان تألیف تا کنون متن درسی حوزه های علمی شیعه قرار گرفته است، مؤلف بطور استدلالی به مباحث معاملات نظر دوخته و به ذکر و تحلیل کلمات فقهای پیشین توجه عمیقی داشته است و وجوه مختلف یک مسئله فقهی را با تردیدهای ویژه خود، ترسیم می نماید مؤلف در این کتاب به سه مبحث مهم پرداخته است: مکاسب محرمه، بیع، خیارات و پایان کتاب به برخی رساله های متفرقه اختصاص یافته است که عناوین آنها عبارتند از: تقیه، عدالت، قضا از میت، مواسعه و مضایقه، ارث، قاعده من ملک شیئا ملک الاقرار به، نفی ضرر، رضاع، مجرد عقد بر زن موجب تحریم او بر پدر و پسر عقد کننده می گردد.

کتاب المکاسب شامل کتاب های مکاسب محرمه ، بیع و خیارات است که بعدها 9 کتاب دیگر به آنها ملحق شده اند که عبارتند از: کتاب تقیه، رسالة فی العدالة، رسالة فی القضاء عن المیت، رسالة فی المواسعة و المضایقة، رسالة فی قاعدة من ملک شیئا ملک الإقرار به، رسالة فی قاعدة لا ضرر، رسالة فی المصاهرة، و در آخر هم کتاب مواریث که بسیار مختصر می باشد.

ص: 1

اشارة

[شماره صفحه واقعی : 1]

ص: 560

[شماره صفحه واقعی : 2]

ص: 561

[شماره صفحه واقعی : 3]

ص: 562

[شماره صفحه واقعی : 4]

ص: 563

[شماره صفحه واقعی : 5]

ص: 564

[شماره صفحه واقعی : 6]

ص: 565

ص: 7

[تتمة القول فی الخیار]
[تتمة القول فی أقسام الخیار]
[تتمة القول فی خیار العیب]
اشاره

بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِیمِ

الحمد للّٰه ربّ العالمین،و الصلاة و السلام علی محمّدٍ و آله الطاهرین،و لعنة اللّٰه علی أعدائهم أجمعین إلی یوم الدین (1).

[شماره صفحه واقعی : 7]

ص: 566


1- وردت الخطبة فی«ق»،و لم ترد فی سائر النسخ.

[شماره صفحه واقعی : 8]

ص: 567

فی الشروط التی یقع علیها العقد و شروط صحّتها و ما یترتّب علی صحیحها و فاسدها
اشاره

[شماره صفحه واقعی : 9]

ص: 568

[شماره صفحه واقعی : 10]

ص: 569

صوت

[*ابوالقاسم علیدوست]

فی الشروط (1)التی یقع علیها العقد و شروط صحّتها و ما یترتّب علی صحیحها و فاسدها

الشرط یطلق فی العرف علی معنیین:
أحدهما:المعنی الحدثی،

و هو بهذا المعنی مصدر«شَرَطَ»،فهو شارطٌ للأمر الفلانی،و ذلک الأمر مشروطٌ،و فلانٌ مشروط له أو علیه.

و فی القاموس:«أنّه إلزام الشیء و التزامه فی البیع و غیره» (2)و ظاهره کون استعماله فی الإلزام الابتدائی مجازاً أو غیر صحیح.

لکن لا إشکال فی صحّته،لوقوعه فی الأخبار کثیراً،مثل:

قوله صلّی اللّٰه علیه و آله و سلم فی حکایة بیع بریرة:إنّ«قضاء اللّٰه أحقّ، و شرطه أوثق،و الولاء لمن أعتق» (3).

و قول أمیر المؤمنین صلوات اللّٰه علیه فی الردّ علی مشترط عدم التزوّج

[شماره صفحه واقعی : 11]

ص: 570


1- فی«ش»:«القول فی الشروط».
2- القاموس المحیط 2:368،مادّة«شرط».
3- السنن الکبری للبیهقی 10:295،و کنز العمّال 10:322،الحدیث 29615،و أورد بعضه فی الوسائل 16:40،الباب 37 من أبواب کتاب العتق، الحدیث 1 و 2.

بامرأةٍ أُخری فی النکاح:إنّ«شرط اللّٰه قبل شرطکم» (1).

و قوله:«ما الشرط فی الحیوان؟قال:ثلاثة أیّامٍ للمشتری.

قلت:و فی غیره؟قال:هما بالخیار حتّی یفترقا» (2).

و قد أُطلق علی النذر أو العهد أو الوعد فی بعض أخبار الشرط فی النکاح (3).و[قد اعترف (4)]فی الحدائق:بأنّ إطلاق الشرط علی البیع کثیرٌ فی الأخبار (5).

و أمّا دعوی کونه مجازاً،فیدفعها مضافاً إلی أولویّة الاشتراک المعنوی،و إلی أنّ المتبادر من قوله:«شَرَطَ علی نفسه کذا»لیس إلّا مجرّد الإلزام (6)-استدلالُ الإمام علیه السلام بالنبویّ:«المؤمنون عند شروطهم» (7)فیما تقدّم من الخبر الذی أُطلق فیه الشرط علی النذر أو العهد.

و مع ذلک فلا حجّة فیما فی القاموس مع تفرّده به،و لعلّه لم یلتفت إلی الاستعمالات التی ذکرناها،و إلّا لذکرها و لو بعنوانٍ یشعر بمجازیّتها.

[شماره صفحه واقعی : 12]

ص: 571


1- الوسائل 15:31،الباب 20 من أبواب المهور،الحدیث 6.
2- الوسائل 12:349،الباب 3 من أبواب الخیار،الحدیث 5،و الصفحة 346، الباب الأوّل من أبواب الخیار،الحدیث 3.
3- راجع الوسائل 15:29،46-47،الباب 20،37-39 و غیرها من أبواب المهور،و راجع روایة منصور بن یونس الآتیة فی الصفحة 28.
4- لم یرد فی«ق».
5- الحدائق 20:73.
6- فی«ش»:«الالتزام».
7- الوسائل 15:30،الباب 20 من أبواب المهور،ذیل الحدیث 4.

ثمّ قد یتجوّز فی لفظ«الشرط»بهذا المعنی فیطلق علی نفس المشروط،کالخلق بمعنی المخلوق،فیراد به ما یلزمه الإنسان علی نفسه.

الثانی:ما یلزم من عدمه العدم من دون ملاحظة أنّه یلزم من وجوده الوجود أو لا،و هو بهذا المعنی اسمٌ جامدٌ لا مصدرٌ،فلیس فعلاً لأحدٍ (1)،و اشتقاق«المشروط»منه لیس علی الأصل ک«الشارط» و لذا لیسا بمتضایفین فی الفعل و الانفعال،بل«الشارط»هو الجاعل و«المشروط»هو ما جعل له الشرط،ک«المسبّب»بالکسر و الفتح المشتقّین من«السبب».

فعُلم من ذلک:أنّ«الشرط»فی المعنیین نظیر«الأمر»بمعنی المصدر و بمعنی«الشیء».

و أمّا استعماله فی ألسنة النحاة علی الجملة الواقعة عقیب أدوات الشرط فهو اصطلاحٌ خاصٌّ

صوت

[*ابوالقاسم علیدوست]

مأخوذٌ من إفادة تلک الجملة لکون مضمونها شرطاً بالمعنی الثانی،کما أنّ استعماله فی ألسنة أهل المعقول و الأُصول فی«ما یلزم من عدمه العدم و لا یلزم من وجوده الوجود»مأخوذٌ من ذلک المعنی،إلّا أنّه أُضیف إلیه ما ذکر فی اصطلاحهم مقابلاً للسبب.

فقد تلخّص ممّا ذکرنا:أنّ للشرط معنیین عرفیّین،و آخرین اصطلاحیّین لا یحمل علیهما الإطلاقات العرفیّة،بل هی مردّدة بین الأُولیین،فإن قامت قرینةٌ علی إرادة المصدر تعیّن الأوّل،أو علی إرادة الجامد تعیّن الثانی،و إلّا حصل الإجمال.

[شماره صفحه واقعی : 13]

ص: 572


1- کذا فی«ق»،و فی«ش»بدل«لأحد»:«و لا حدثاً».

و ظهر أیضاً:أنّ المراد ب«الشرط»فی قولهم صلوات اللّٰه علیهم:«المؤمنون عند شروطهم» (1)هو الشرط باعتبار کونه مصدراً،إمّا مستعملاً فی معناه-أعنی إلزاماتهم علی أنفسهم-و إمّا مستعملاً بمعنی ملتزماتهم، و إمّا بمعنی جعل الشیء شرطاً بالمعنی الثانی بمعنی التزام عدم شیءٍ عند عدم آخر؛و سیجیء الکلام فی ذلک (2).

و أمّا الشرط فی قوله:«ما الشرط فی الحیوان؟قال:ثلاثة أیّام للمشتری،قلت:و ما الشرط فی غیره؟قال:البیّعان بالخیار حتّی یفترقا» (3)،و قوله:«الشرط فی الحیوان ثلاثة أیّام للمشتری اشترط أو لم یشترط» (4)فیحتمل أن یراد به ما قرّره الشارع و ألزمه علی المتبایعین أو أحدهما:من التسلّط علی الفسخ،فیکون مصدراً بمعنی المفعول،فیکون المراد به نفس الخیار المحدود من الشارع.و یحتمل أن یراد به الحکم الشرعی المقرّر،و هو ثبوت الخیار،و علی کلِّ تقدیرٍ ففی الإخبار عنه حینئذٍ بقوله:«ثلاثة أیّام»مسامحةٌ.

نعم،فی بعض الأخبار:«فی الحیوان کلّه شرط ثلاثة أیّام» (5)و لا یخفی توقّفه علی التوجیه.

[شماره صفحه واقعی : 14]

ص: 573


1- تقدّم تخریجه فی الصفحة 12.
2- انظر الصفحة 59 و ما بعدها.
3- تقدّم تخریجه فی الصفحة 12.
4- الوسائل 12:351،الباب 4 من أبواب الخیار،الحدیث 1 و 4.
5- الوسائل 12:349،الباب 3 من أبواب الخیار،الحدیث 1 و 4.
[مسألة]

[مسألة] (1)فی شروط صحّة الشرط

و هی أُمورٌ قد وقع الکلام أو الخلاف فیها:

أحدها:أن یکون داخلاً تحت قدرة المکلّف،

فیخرج ما لا یقدر العاقد علی تسلیمه إلی صاحبه،سواء کان صفةً لا یقدر العاقد علی تسلیم العین موصوفاً بها،مثل صیرورة الزرع سنبلاً،و کون الأمة و الدابّة تحمل فی المستقبل أو تلد کذا.أو کان عملاً،کجعل الزرع سنبلاً و البُسْر تمراً،کما مثّل به فی القواعد (2).

لکن الظاهر أنّ المراد به جعل اللّٰه الزرع و البُسْر سنبلاً و تمراً، و الغرض الاحتراز عن اشتراط فعل غیر العاقد ممّا لا یکون تحت قدرته کأفعال اللّٰه سبحانه،لا عن اشتراط حدوث فعلٍ محالٍ من المشروط علیه؛لأنّ الإلزام و الالتزام بمباشرة فعلٍ ممتنعٍ عقلاً أو عادةً ممّا لا یرتکبه العقلاء،و الاحتراز عن مثل الجمع بین الضدّین أو الطیران فی الهواء ممّا لا یرتکبه العقلاء.

[*ابوالقاسم علیدوست]

و الإتیان بالقید المخرِج لذلک

[شماره صفحه واقعی : 15]

ص: 574


1- فی«ق»بدل«مسألة»:«مسائل»،و فی«ش»و مصحّحة«ف»:«الکلام».
2- القواعد 2:90.

و الحکم علیه بعدم الجواز و الصحّة بعیدٌ عن شأن الفقهاء؛و لذا لم یتعرّضوا لمثل ذلک فی باب الإجارة و الجعالة،مع أنّ اشتراط کون الفعل سائغاً یغنی عن اشتراط القدرة.

نعم،اشتراط تحقّق فعل الغیر،الخارج عن اختیار المتعاقدین، المحتمل وقوعه فی المستقبل،و ارتباط العقد به بحیث یکون التراضی منوطاً به و واقعاً علیه أمرٌ صحیحٌ عند العقلاء مطلوبٌ لهم،بل أولی بالاشتراط من الوصف الخالی الغیر المعلوم تحقّقه،ککون العبد کاتباً،أو الحیوان حاملاً،و الغرض الاحتراز عن ذلک.

و یدلّ علی ما ذکرنا تعبیر أکثرهم ب«بلوغ الزرع و البُسْر سنبلاً و تمراً» (1)،أو ل«صیرورتهما (2)کذلک»،و تمثیلهم لغیر المقدور ب«انعقاد الثمرة و إیناعها»،و«حمل الدابّة فیما بعدُ»،و«وضع الحامل فی وقت کذا»،و غیر ذلک.

و قال فی القواعد:یجوز اشتراط ما یدخل تحت القدرة:من منافع البائع دون غیره،ک«جعل الزرع سنبلاً و البُسْر تمراً» (3).قال الشهید رحمه اللّٰه فی محکیّ حواشیه علی القواعد:إنّ المراد جعل اللّٰه الزرع سنبلاً و البُسْر تمراً،لأنّا إنّما نفرض ما یجوز أن یتوهّمه عاقلٌ؛لامتناع ذلک من غیر الإله جلّت عظمته انتهی (4).

لکن قال فی الشرائع:و لا یجوز اشتراط ما لا یدخل فی

[شماره صفحه واقعی : 16]

ص: 575


1- کما فی الدروس 3:215،و جامع المقاصد 4:416،و الروضة 3:505.
2- کذا فی ظاهر«ق»،و الظاهر:«بصیرورتهما».
3- القواعد 2:90.
4- حکاه السیّد العاملی فی مفتاح الکرامة 4:734.

مقدوره،کبیع الزرع علی أن یجعله سنبلاً و الرطب علی أن یجعله تمراً، انتهی (1).و نحوها عبارة التذکرة (2).

لکن لا بدّ من إرجاعها إلی ما ذکر؛إذ لا یتصوّر القصد من العاقل إلی الإلزام و الالتزام بهذا الممتنع العقلی،اللهمّ إلّا أن یراد إعمال مقدّمات الجعل علی وجهٍ توصل إلیه مع التزام الإیصال،فأسند الجعل إلی نفسه بهذا الاعتبار،فافهم.

و کیف کان،فالوجه فی اشتراط الشرط المذکور-مضافاً إلی عدم الخلاف فیه-عدم القدرة علی تسلیمه،بل و لا علی تسلیم المبیع إذا أُخذ متّصفاً به؛لأنّ تحقّق مثل هذا الشرط بضربٍ من الاتّفاق، و لا یناط بإرادة المشروط علیه،فیلزم الغرر فی العقد،لارتباطه بما لا وثوق بتحقّقه؛و لذا نفی الخلاف فی الغنیة عن بطلان العقد باشتراط هذا الشرط استناداً إلی عدم القدرة علی تسلیم المبیع (3)،کما یظهر بالتأمّل فی آخر کلامه فی هذه المسألة.

و لا ینقض ما ذکرنا بما لو اشترط وصفاً حالیّا لا یعلم تحقّقه فی المبیع (4)،کاشتراط کونه کاتباً بالفعل أو حاملاً؛للفرق بینهما-بعد الإجماع-:بأنّ التزام وجود الصفة فی الحال بناءٌ علی وجود الوصف الحالی و لو لم یعلما به،فاشتراط کتابة العبد المعیّن الخارجی بمنزلة

[شماره صفحه واقعی : 17]

ص: 576


1- الشرائع 2:33.
2- التذکرة 1:490.
3- الغنیة:215.
4- ظاهر«ق»:«البیع»،و الصواب ما أثبتناه کما فی«ش».

توصیفه بها،و بهذا المقدار یرتفع الغرر،بخلاف ما سیتحقّق فی المستقبل، فإنّ الارتباط به لا یدلّ علی البناء علی تحقّقه.

و قد صرّح العلّامة-فیما حکی عنه ببطلان اشتراط أن تکون الأمة تحمل فی المستقبل؛لأنّه غرر (1)(2).خلافاً للمحکیّ عن الشیخ و القاضی،فحکما بلزوم العقد مع تحقّق الحمل،و بجواز الفسخ إذا لم یتحقّق (3)،و ظاهرهما کما استفاده فی الدروس (4)تزلزل العقد باشتراط مجهول التحقّق،فیتحقّق الخلاف فی مسألة اعتبار القدرة فی صحّة الشرط.

و یمکن توجیه فتوی الشیخ (5)بإرجاع اشتراط الحمل فی المستقبل إلی اشتراط صفةٍ حالیّةٍ موجبةٍ للحمل،فعدمه کاشفٌ عن فقدها.و هذا الشرط و إن کان للتأمّل فی صحّته مجالٌ،إلّا أنّ إرادة هذا المعنی یُخرج اعتبارَ کون الشرط ممّا یدخل تحت القدرة عن الخلاف.

ثمّ إنّ عدم القدرة علی الشرط:تارةً لعدم مدخلیّته فیه أصلاً کاشتراط أنّ الحامل تضع فی شهر کذا،و أُخری لعدم استقلاله فیه کاشتراط بیع المبیع من زیدٍ،فإنّ المقدور هو الإیجاب فقط لا العقد المرکّب،فإن أراد اشتراط المرکّب،فالظاهر دخوله فی اشتراط غیر

[شماره صفحه واقعی : 18]

ص: 577


1- فی«ش»زیادة:«عرفاً».
2- المختلف 5:242،و لکنه فی مورد الدابة.
3- حکاه العلّامة فی المختلف 5:242،و راجع المبسوط 2:156،و جواهر الفقه:60،المسألة 220.
4- الدروس 3:217.
5- فی«ش»:«کلام الشیخ».

المقدور.

[*ابوالقاسم علیدوست]

إلّا أنّ العلّامة قدّس سرّه فی التذکرة-بعد جزمه بصحّة اشتراط بیعه علی-زیدٍ قال:لو اشترط بیعه علی زیدٍ فامتنع زیدٌ من شرائه احتُمل ثبوت الخیار بین الفسخ و الإمضاء و العدم؛إذ تقدیره:بعه علی زیدٍ إن اشتراه (1)،انتهی.

و لا أعرف وجهاً للاحتمال الأوّل؛إذ علی تقدیر إرادة اشتراط الإیجاب فقط قد حصل الشرط،و علی تقدیر إرادة اشتراط المجموع المرکّب ینبغی البطلان،إلّا أن یحمل علی صورة الوثوق بالاشتراء، فاشتراط النتیجة بناءٌ علی حصولها بمجرّد الإیجاب،فاتّفاق امتناعه من الشراء بمنزلة تعذّر الشرط،و علیه یحمل قوله فی التذکرة:و لو اشترط علی البائع إقامة کفیلٍ علی العهدة فلم یوجد أو امتنع المعیّن ثبت للمشتری الخیار،انتهی.

و من أفراد غیر المقدور:ما لو شرط حصول غایةٍ متوقّفةٍ شرعاً علی سببٍ خاصٍّ،بحیث یعلم من الشرع عدم حصولها بنفس الاشتراط، کاشتراط کون امرأةٍ زوجةً أو الزوجة مطلّقةً من غیر أن یراد من ذلک إیجاد الأسباب.أمّا لو أراد إیجاد الأسباب أو کان الشرط ممّا یکفی فی تحقّقه نفس الاشتراط فلا إشکال.و لو شکّ فی حصوله بنفس الاشتراط -کملکیّة عینٍ خاصّة-فسیأتی الکلام فیه فی حکم الشرط.

الثانی:أن یکون الشرط سائغاً فی نفسه

صوت

[*ابوالقاسم علیدوست]

فلا یجوز اشتراط جعل العِنَب خمراً و نحوه من المحرّمات؛لعدم نفوذ الالتزام بالمحرّم.

و یدلّ علیه ما سیجیء من قوله علیه السلام:«المؤمنون عند شروطهم

[شماره صفحه واقعی : 19]

ص: 578


1- التذکرة 1:490.

إلّا شرطاً أحلّ حراماً أو حرّم حلالاً» (1)فإنّ المشروط (2)إذا کان محرّماً کان اشتراطه و الالتزام به إحلالاً للحرام،و هذا واضحٌ لا إشکال فیه.

الثالث:أن یکون ممّا فیه غرضٌ معتدٌّ به عند العقلاء نوعاً،أو بالنظر إلی خصوص المشروط له،

و مثّل له فی الدروس باشتراط جهل العبد بالعبادات (3).

و قد صرّح جماعةٌ (4):بأنّ اشتراط الکیل أو الوزن بمکیالٍ معیّنٍ أو میزانٍ معیّنٍ من أفراد المتعارف لغوٌ،سواء فی السلم و غیره،و فی التذکرة:لو شرط ما لا غرض للعقلاء فیه و لا یزید به المالیّة،فإنّه لغوٌ لا یوجب الخیار (5).و الوجه فی ذلک:أنّ مثل ذلک لا یُعدّ حقّا للمشروط له حتّی یتضرّر بتعذّره فیثبت له الخیار،أو یعتنی به الشارع فیوجب (6)الوفاء به و یکون ترکه ظلماً (7)،و لو شکّ فی تعلّق غرضٍ

[شماره صفحه واقعی : 20]

ص: 579


1- انظر الصفحة 22.
2- فی«ش»:«الشرط».
3- بل مثّل به لشرطٍ غیر مشروع،راجع الدروس 3:215.
4- منهم:العلّامة فی القواعد 2:49،و التذکرة 1:556،و الشهید فی الدروس 3:253،و المحقّق الثانی فی جامع المقاصد 4:225،و راجع مفتاح الکرامة 4: 453-454.
5- التذکرة 1:524.
6- فی ظاهر«ق»:«فوجب».
7- فی«ش»زیادة:«فهو نظیر عدم إمضاء الشارع لبذل المال علی ما فیه منفعة لا یعتدّ بها عند العقلاء».

صحیحٍ به حُمل علیه.

و من هنا اختار فی التذکرة صحّة اشتراط:أن لا یأکل إلّا الهریسة،و لا یلبس إلّا الخزّ (1).

و لو اشترط کون العبد کافراً ففی صحّته أو لغویّته قولان للشیخ (2)و الحلیّ (3):

من تعلّق الغرض المعتدّ به؛لجواز بیعه علی المسلم و الکافر؛ و لاستغراق أوقاته بالخدمة.

و من أنّ«الإسلام یعلو و لا یعلی علیه» (4)و الأغراض الدنیویّة لا تعارض الأُخرویّة.

و جزم بذلک فی الدروس (5)و بما قبله العلّامة قدّس سرّه (6).

الرابع:أن لا یکون مخالفاً للکتاب و السنّة،

فلو اشترط رقّیة حرٍّ أو توریث أجنبیٍّ کان فاسداً؛لأنّ مخالفة الکتاب و السنّة لا یسوّغهما شیءٌ.

نعم،قد یقوم احتمال تخصیص عموم الکتاب و السنّة بأدلّة الوفاء،

[شماره صفحه واقعی : 21]

ص: 580


1- التذکرة 1:493.
2- المبسوط 2:130،و الخلاف 3:112،المسألة 185 من کتاب البیوع.
3- السرائر 2:357.
4- الوسائل 17:376،الباب الأوّل من أبواب موانع الإرث،الحدیث 11.
5- الدروس 3:215.
6- المختلف 5:189.

بل قد جوّز بعضٌ (1)تخصیص عموم ما دلّ علی عدم جواز الشرط المخالف للکتاب و السنّة.لکنّه ممّا لا یرتاب فی ضعفه.

و تفصیل الکلام فی هذا المقام و بیان معنی مخالفة الشرط للکتاب [و السنّة (2)]موقوفٌ علی ذکر الأخبار الواردة فی هذا الشرط،ثمّ التعرّض لمعناها،فنقول:

إنّ الأخبار فی هذا المعنی مستفیضةٌ،بل متواترةٌ معنیً:

[*ابوالقاسم علیدوست]

ففی النبویّ المرویّ صحیحاً عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام:«من اشترط شرطاً سوی کتاب اللّٰه عزّ و جلّ،فلا یجوز ذلک له و لا علیه» (3).

و المذکور فی کلام الشیخ و العلّامة (4)رحمه اللّٰه المرویّ من طریق العامّة قوله صلّی اللّٰه علیه و آله فی حکایة بریرة لمّا اشترتها عائشة و شرط موالیها علیها ولاءها:«ما بال أقوامٍ یشترطون شروطاً لیست فی کتاب اللّٰه! فما کان من شرطٍ لیس فی کتاب اللّٰه عزّ و جلّ فهو باطلٌ،قضاء اللّٰه أحقّ،و شرطه أوثق،و الولاء لمن أعتق» (5).

و فی المرویّ موثّقاً عن أمیر المؤمنین علیه السلام:«من شرط لامرأته شرطاً فلیفِ لها به،فإنّ المسلمین عند شروطهم إلّا شرطاً حرّم حلالاً

[شماره صفحه واقعی : 22]

ص: 581


1- لم نعثر علیه.
2- لم یرد فی«ق».
3- الوسائل 15:47،الباب 38 من أبواب المهور،الحدیث 2.
4- راجع الخلاف 3:157-158،ذیل المسألة 249 من کتاب البیوع، و المختلف 5:298-299،و التذکرة 1:493.
5- السنن الکبری للبیهقی 10:295،و کنز العمّال 10:322،الحدیث 29615.

أو أحلّ حراماً» (1).

و فی صحیحة الحلبی:«کلّ شرطٍ خالف کتاب اللّٰه فهو ردٌّ» (2).

و فی صحیحة ابن سنان:«مَن اشترط شرطاً مخالفاً لکتاب اللّٰه عزّ و جلّ،فلا یجوز[له،و لا یجوز (3)]علی الذی اشترط علیه،و المسلمون عند شروطهم فیما وافق کتاب اللّٰه» (4).

و فی صحیحته الأُخری:«المؤمنون عند شروطهم إلّا کلّ شرطٍ خالف کتاب اللّٰه عزّ و جلّ فلا یجوز» (5).

و فی روایة محمّد بن قیس عن أبی جعفر علیه السلام فیمن تزوّج امرأةً (6)و اشترطت علیه أنّ بیدها الجماع و الطلاق؟قال:«خالفت السنّة و ولیت حقّا لیست أهلاً له.فقضی أنّ علیه الصداق و بیده الجماع و الطلاق، و ذلک السنّة» (7)،و فی معناها مرسلة ابن بکیر عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام و مرسلة مروان بن مسلم،إلّا أنّ فیهما عدم جواز هذا النکاح (8).

[شماره صفحه واقعی : 23]

ص: 582


1- الوسائل 15:50،الباب 40 من أبواب المهور،الحدیث 4.
2- الوسائل 13:44،الباب 15 من أبواب بیع الحیوان،الحدیث الأوّل.
3- من«ش»و الکافی و الوسائل،و فی التهذیب زیادة«له»فقط.
4- الوسائل 12:353،الباب 6 من أبواب الخیار،الحدیث الأوّل.
5- الوسائل 12:353،الباب 6 من أبواب الخیار،الحدیث 2،و لکن فیه بدل «المؤمنون»:«المسلمون».
6- فی«ش»زیادة:«و أصدقها».
7- الوسائل 15:40 41،الباب 29 من أبواب المهور،و فیه حدیث واحد.
8- الوسائل 15:340،الباب 42 من أبواب مقدّمات الطلاق،و فیه حدیث واحد،و 337،الباب 41 من الأبواب،الحدیث 5،إلّا أنّ الحکم بعدم جواز النکاح موجود فی مرسلة مروان فقط.

و فی روایة إبراهیم بن محرز،قال:«قلت لأبی عبد اللّٰه علیه السلام:

رجلٌ قال لامرأته:أمرکِ بیدکِ،فقال علیه السلام:أنّی یکون هذا!و قد قال اللّٰه تعالی: اَلرِّجٰالُ قَوّٰامُونَ عَلَی النِّسٰاءِ » (1).

و عن تفسیر العیّاشی،عن ابن مسلم،عن أبی جعفر علیه السلام قال:

«قضی أمیر المؤمنین علیه السلام فی امرأة تزوّجها رجلٌ،و شرط علیها و علی أهلها:إن تزوّج علیها أو هجرها أو أتی علیها سریّةً فهی طالق، فقال علیه السلام:شرط اللّٰه قبل شرطکم،إن شاء وفی بشرطه و إن شاء أمسک امرأته و تزوّج علیها و تسرّی و هجرها إن أتت بسبب ذلک،قال اللّٰه تعالی: فَانْکِحُوا مٰا طٰابَ لَکُمْ مِنَ النِّسٰاءِ مَثْنیٰ وَ ثُلاٰثَ (2)، (3)(أُحِلَّ لَکُمْ ما مَلَکَتْ أیْمانُکُمْ) (4)، وَ اللاّٰتِی تَخٰافُونَ نُشُوزَهُنَّ... (5)الآیة» (6).

[*ابوالقاسم علیدوست]

ثمّ الظاهر أنّ المراد ب«کتاب اللّٰه»هو ما کتب اللّٰه علی عباده من أحکام الدین و إن بیّنه علی لسان رسوله صلّی اللّٰه علیه و آله،فاشتراط ولاء المملوک لبائعه إنّما جعل فی النبویّ مخالفاً لکتاب اللّٰه بهذا المعنی.لکن

[شماره صفحه واقعی : 24]

ص: 583


1- الوسائل 15:337،الباب 41 من أبواب مقدّمات الطلاق،الحدیث 6، و الآیة فی سورة النساء:34.
2- النساء:3.
3- فی«ش»زیادة:«و قال».
4- النساء:3،و الآیة فی المصحف الکریم هکذا «...أَوْ مٰا مَلَکَتْ أَیْمٰانُکُمْ» .
5- النساء:34.
6- تفسیر العیّاشی 1:240،الحدیث 121،و عنه فی الوسائل 15:31،الباب 20 من أبواب المهور،الحدیث 6.

ظاهر النبوی و إحدی صحیحتی ابن سنان اشتراط موافقة کتاب اللّٰه فی صحّة الشرط،و أنّ ما لیس فیه أو لا یوافقه فهو باطلٌ.

و لا یبعد أن یراد بالموافقة عدم المخالفة؛نظراً إلی موافقة ما لم یخالف کتاب اللّٰه بالخصوص لعموماته المرخّصة للتصرّفات الغیر المحرّمة فی النفس و المال،فخیاطة ثوب البائع-مثلاً-موافقٌ للکتاب بهذا المعنی.

ثمّ إنّ المتّصف بمخالفة الکتاب إمّا نفس المشروط و الملتزَم-ککون الأجنبیّ وارثاً و عکسه،و کون الحرّ أو ولده رقّاً،و ثبوت الولاء لغیر المعتِق،و نحو ذلک-و إمّا أن یکون التزامه،مثلاً مجرّد عدم التسرّی و التزویج (1)علی المرأة لیس مخالفاً للکتاب،و إنّما المخالف الالتزام به، فإنّه مخالفٌ لإباحة التسرّی و التزویج الثابتة بالکتاب.

و قد یقال:إنّ التزام ترک المباح لا ینافی إباحته،فاشتراط ترک التزویج و التسرّی لا ینافی الکتاب،فینحصر المراد فی المعنی الأوّل.

و فیه:أنّ ما ذکر لا یوجب الانحصار،فإنّ التزام ترک المباح و إن لم یخالف الکتاب المبیح له،إلّا أنّ التزام فعل الحرام یخالف الکتاب المحرِّم له،فیکفی هذا مصداقاً لهذا المعنی،مع أنّ الروایة المتقدّمة (2)الدالّة علی کون اشتراط ترک التزویج و التسرّی مخالفاً للکتاب -مستشهداً علیه بما دلّ من الکتاب علی إباحتهما-کالصریحة فی هذا المعنی،و ما سیجیء (3)من تأویل الروایة بعیدٌ،مع أنّ قوله علیه السلام فی

[شماره صفحه واقعی : 25]

ص: 584


1- فی«ش»:«التزوّج»،و هکذا فیما یأتی.
2- راجع الصفحة المتقدّمة.
3- انظر الصفحة 27-28.

روایة إسحاق بن عمّار:«المؤمنون عند شروطهم إلّا شرطاً حرّم حلالاً أو أحلّ حراماً» (1)ظاهرٌ بل صریحٌ فی فعل الشارط؛فإنّه الذی یرخّص باشتراطه الحرام الشرعی،و یمنع باشتراطه عن المباح الشرعی؛ إذ المراد من التحریم و الإحلال ما هو من فعل الشارط لا الشارع.

و أصرح من ذلک کلّه المرسل المرویّ فی الغنیة:«الشرط جائزٌ بین المسلمین ما لم یمنع منه کتابٌ أو سنّة» (2).

[*ابوالقاسم علیدوست]

ثمّ إنّ المراد بحکم الکتاب و السنّة الذی یعتبر عدم مخالفة المشروط أو نفس الاشتراط له هو ما ثبت علی وجهٍ لا یقبل تغیّره بالشرط لأجل تغیّر موضوعه بسبب الاشتراط.

توضیح ذلک:أنّ حکم الموضوع قد یثبت له من حیث نفسه و مجرّداً عن ملاحظة عنوانٍ آخر طارٍ علیه،و لازم ذلک عدم التنافی بین ثبوت هذا الحکم و بین ثبوت حکمٍ آخر له إذا فرض عروض عنوانٍ آخر لذلک الموضوع.و مثال ذلک أغلب المباحات و المستحبّات و المکروهات بل جمیعها؛حیث إنّ تجوّز (3)الفعل و الترک إنّما هو من حیث ذات الفعل،فلا ینافی طروّ عنوانٍ یوجب المنع عن الفعل أو الترک،کأکل اللحم؛فإنّ الشرع قد دلّ علی إباحته فی نفسه،بحیث لا ینافی عروض التحریم له إذا حلف علی ترکه أو أمر الوالد بترکه،أو عروض الوجوب له إذا صار مقدّمةً لواجبٍ أو نَذَرَ فعله مع انعقاده.

[شماره صفحه واقعی : 26]

ص: 585


1- راجع الصفحة 22.
2- الغنیة:315.
3- کذا فی«ق»،و فی«ش»:«تجویز»،و الأصحّ:«جواز».

و قد یثبت له لا مع تجرّده عن ملاحظة العنوانات الخارجة الطاریة علیه،و لازم ذلک حصول التنافی بین ثبوت هذا الحکم و بین ثبوت حکمٍ آخر له،و هذا نظیر أغلب المحرّمات و الواجبات،فإنّ الحکم بالمنع عن الفعل أو الترک مطلقٌ لا مقیّدٌ بحیثیّة تجرّد الموضوع، إلّا عن بعض العنوانات کالضرر و الحرج،فإذا فرض ورود حکمٍ آخر من غیر جهة الحرج و الضرر فلا بدّ من وقوع التعارض بین دلیلی الحکمین،فیعمل بالراجح بنفسه أو بالخارج.

إذا عرفت هذا فنقول:الشرط إذا ورد علی ما کان من قبیل الأوّل لم یکن الالتزام بذلک مخالفاً للکتاب؛إذ المفروض أنّه لا تنافی بین حکم ذلک الشیء فی الکتاب و السنّة و بین دلیل الالتزام بالشرط و وجوب الوفاء به.

و إذا ورد علی ما کان من قبیل الثانی کان التزامه مخالفاً للکتاب و السنّة.

و لکن ظاهر مورد بعض الأخبار المتقدّمة من قبیل الأوّل،کترک التزویج (1)و ترک التسرّی،فإنّهما مباحان من حیث أنفسهما،فلا ینافی ذلک لزومهما بواسطة العنوانات الخارجة،کالحلف و الشرط و أمر السیّد و الوالد.

و حینئذٍ فیجب إمّا جعل ذلک الخبر کاشفاً عن کون ترک الفعلین فی نظر الشارع من الجائز الذی لا یقبل اللزوم بالشرط و إن کان فی أنظارنا نظیر ترک أکل اللحم و التمر و غیرهما من المباحات القابلة لطروّ

[شماره صفحه واقعی : 27]

ص: 586


1- فی«ش»:«التزوّج».

عنوان التحریم (1).

و إمّا الحمل علی أنّ هذه الأفعال ممّا لا یجوز تعلّق وقوع الطلاق علیها و أنّها لا توجب الطلاق کما فعله الشارط،فالمخالف للکتاب هو ترتّب طلاق المرأة؛إذ الکتاب دالّ علی إباحتها و أنّه (2)ممّا لا یترتّب علیه حرجٌ و لو من حیث خروج المرأة بها عن زوجیّة الرجل.

[*ابوالقاسم علیدوست]

و یشهد لهذا الحمل و إن بَعُد بعضُ الأخبار الظاهرة فی وجوب الوفاء بمثل هذا الالتزام،مثل روایة منصور بن یونس،قال:«قلت لأبی الحسن علیه السلام:إنّ شریکاً لی کان تحته امرأة فطلّقها فبانت منه فأراد مراجعتها،فقالت له المرأة:لا و اللّٰه لا أتزوّجک أبداً حتّی یجعل اللّٰه لی علیک أن لا تطلّقنی و لا تتزوّج علیَّ،قال:و قد فعل؟قلت:

نعم،جعلنی اللّٰه فداک!قال:بئس ما صنع!ما کان یدری ما یقع فی قلبه باللیل و النهار.ثمّ قال:أمّا الآن فقل له:فلیتمّ للمرأة شرطها، فإنّ رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله قال:المسلمون عند شروطهم» (3)،فیمکن حمل روایة محمّد بن قیس (4)علی إرادة عدم سببیّته للطلاق بحکم الشرط،فتأمّل.

[شماره صفحه واقعی : 28]

ص: 587


1- فی«ش»زیادة:«لکن یبعّده استشهاد الإمام علیه السلام لبطلان تلک الشروط بإباحة ذلک فی القرآن،و هو فی معنی إعطاء الضابطة لبطلان الشروط».
2- کذا فی«ق»،و فی«ش»:«و أنّها».
3- الکافی 5:404،الحدیث 8،و عنه فی الوسائل 15:30،الباب 20 من أبواب المهور،ذیل الحدیث 4،و فی المصادر:«منصور بن بزرج»و هو متّحد مع«منصور بن یونس»،و فی رجال النجاشی:«منصور بن یونس بُزُرْج». انظر رجال النجاشی:413،الترجمة رقم 110.
4- تقدّمت فی الصفحة 23.

ثمّ إنّه لا إشکال فیما ذکرنا:من انقسام الحکم الشرعی إلی القسمین المذکورین و أنّ المخالف للکتاب هو الشرط الوارد علی القسم الثانی لا الأوّل.

و إنّما الإشکال فی تمیّز مصداق أحدهما عن الآخر فی کثیرٍ من المقامات:

منها:کون مَن أحدُ أبویه حرٌّ رقّاً،فإنّ ما دلّ علی أنّه لا یُملَک ولدُ حرٍّ (1)قابلٌ لأن یراد به عدم رقّیة ولد الحرّ بنفسه،بمعنی أنّ الولد ینعقد لو خلی و طبعه تابعاً لأشرف الأبوین،فلا ینافی جعله رِقّاً بالشرط فی ضمن عقدٍ.و أن یراد به أنّ ولد الحرّ لا یمکن أن یصیر فی الشریعة رِقّاً،فاشتراطه اشتراطٌ لما هو مخالفٌ للکتاب و السنّة الدالّین علی هذا الحکم.

و منها:إرث المتمتَّع بها،هل هو قابلٌ للاشتراط فی ضمن عقد المتعة أو عقدٍ آخر،أم لا؟فإنّ الظاهر الاتّفاق علی عدم مشروعیّة اشتراطه فی ضمن عقدٍ آخر،و عدم مشروعیّة اشتراط إرث أجنبیٍّ آخر فی ضمن عقدٍ مطلقاً.فیشکل الفرق حینئذٍ بین أفراد غیر الوارث و بین أفراد العقود،و جعل ما حکموا بجوازه (2)مطابقاً للکتاب و ما منعوا عنه مخالفاً.إلّا أن یدّعی أنّ هذا الاشتراط مخالفٌ للکتاب إلّا فی هذا المورد،أو أنّ الشرط المخالف للکتاب ممنوعٌ إلّا فی هذا المورد.و لکن

[شماره صفحه واقعی : 29]

ص: 588


1- راجع الوسائل 14:578 و 579،الباب 67 من أبواب نکاح العبید و الإماء، الحدیث 2 و 5.
2- فی«ش»زیادة:«مطلقاً».

عرفت وَهْن الثانی،و الأوّل یحتاج إلی تأمّل.

[*ابوالقاسم علیدوست]

و منها:أنّهم اتّفقوا علی جواز اشتراط الضمان فی العاریة و اشتهر عدم جوازه فی عقد الإجارة،فیشکل أنّ مقتضی أدلّة عدم ضمان الأمین (1)عدم ضمانه فی نفسه من غیر إقدامٍ علیه،بحیث لا ینافی إقدامه علی الضمان من أوّل الأمر،أو عدم مشروعیّة ضمانه و تضمینه و لو بالأسباب،کالشرط فی ضمن ذلک العقد الأمانة (2)أو غیر ذلک.

و منها:اشتراط أن لا یخرج بالزوجة إلی بلدٍ آخر،فإنّهم اختلفوا فی جوازه،و الأشهر علی الجواز (3)،و جماعةٌ علی المنع (4)من جهة مخالفته للشرع من حیث وجوب إطاعة الزوج و کون مسکن الزوجة و منزلها باختیاره،و أورد علیهم بعض المجوّزین (5):بأنّ هذا جارٍ فی جمیع

[شماره صفحه واقعی : 30]

ص: 589


1- منها فی الوسائل 13:227،الباب 4 من أحکام الودیعة،و 235،الباب الأوّل من کتاب العاریة.
2- فی«ش»:«فی ضمن عقد تلک الأمانة».
3- کما فی نهایة المرام 1:406،و ذهب إلیه الشیخ فی النهایة:474،و القاضی فی المهذّب 2:212،و ابن حمزة فی الوسیلة:297،و المحقّق فی المختصر النافع: 190،و العلّامة فی المختلف 7:153،و الفاضل الأصفهانی فی کشف اللثام (الطبعة الحجریّة)2:82،و المحدّث البحرانی فی الحدائق 24:537.
4- منهم الشیخ فی المبسوط 4:303،و الخلاف 4:388،المسألة 32 من کتاب الصداق،و الحلّی فی السرائر 2:590،و المحقّق الثانی فی جامع المقاصد 13: 399.
5- و هو السیّد العاملی فی نهایة المرام 1:407،و السیّد الطباطبائی فی الریاض (الطبعة الحجریّة)2:147.

الشروط السائغة،من حیث إنّ الشرط ملزمٌ لما لیس بلازمٍ فعلاً أو ترکاً.

و بالجملة،فموارد الإشکال فی تمیّز الحکم الشرعی القابل لتغیّره بالشرط بسبب تغیّر عنوانه عن غیر القابل کثیرةٌ یظهر للمتتبّع،فینبغی للمجتهد ملاحظة الکتاب و السنّة الدالّین علی الحکم الذی یراد تغیّره بالشرط و التأمّل فیه حتّی یحصل له التمیّز و یعرف أنّ المشروط من قبیل ثبوت الولاء لغیر المعتق المنافی لقوله صلّی اللّٰه علیه و آله:«الولاء لمن أعتق» (1)أو من قبیل ثبوت الخیار للمتبایعین الغیر المنافی لقوله علیه السلام:«إذا افترقا وجب البیع» (2)أو عدمه لهما فی المجلس مع قوله علیه السلام:«البیّعان بالخیار ما لم یفترقا» (3)إلی غیر ذلک من الموارد المتشابهة صورةً المخالفة حکماً.

فإن لم یحصل له بنی علی أصالة عدم المخالفة،فیرجع إلی عموم:

«المؤمنون عند شروطهم» (4)

[*ابوالقاسم علیدوست]

و الخارج عن هذا العموم و إن کان هو المخالف واقعاً للکتاب و السنّة،لا ما علم مخالفته،إلّا أنّ البناء علی أصالة عدم المخالفة یکفی فی إحراز عدمها واقعاً،کما فی سائر مجاری الأُصول،و مرجع هذا الأصل إلی أصالة عدم ثبوت هذا الحکم علی وجهٍ لا یقبل تغیّره بالشرط.

[شماره صفحه واقعی : 31]

ص: 590


1- الوسائل 16:40،الباب 37 من کتاب العتق،الحدیث 1 و 2.
2- الوسائل 12:346،الباب الأوّل من أبواب الخیار،الحدیث 4.
3- الوسائل 12:346،الباب الأوّل من أبواب الخیار،الحدیث 3.
4- الوسائل 15:30،الباب 20 من أبواب المهور،ذیل الحدیث 4.

مثلاً نقول:إنّ الأصل عدم ثبوت الحکم بتسلّط الزوج علی الزوجة من حیث المسکن إلّا (1)من حیث هو لو خلی و طبعه،و لم یثبت فی صورة إلزام الزوج علی نفسه بعض خصوصیّات المسکن.

لکن هذا الأصل إنّما ینفع بعد عدم ظهور الدلیل الدالّ علی الحکم فی إطلاقه بحیث یشمل صورة الاشتراط،کما فی أکثر الأدلّة المتضمّنة للأحکام المتضمّنة للرخصة و التسلیط،فإنّ الظاهر سوقها فی مقام بیان حکم الشیء من حیث هو،الذی لا ینافی طروّ خلافه لملزمٍ شرعیٍّ، کالنذر و شبهه من حقوق اللّٰه،و الشرط و شبهه من حقوق الناس.أمّا ما کان ظاهره العموم،کقوله:«لا یُملک ولدُ حرٍّ» (2)فلا مجری فیه لهذا الأصل.

[*ابوالقاسم علیدوست]

ثمّ إنّ بعض مشایخنا المعاصرین (3)بعد ما خصّ الشرط المخالف للکتاب،الممنوع عنه فی الأخبار بما کان الحکم المشروط مخالفاً للکتاب،و أنّ التزام فعل المباح أو الحرام أو ترک المباح أو الواجب خارجٌ عن مدلول تلک الأخبار ذکر:أنّ المتعیّن فی هذه الموارد ملاحظة التعارض بین ما دلّ علی حکم ذلک الفعل و ما دلّ علی وجوب الوفاء بالشرط،و یُرجع إلی المرجّحات،و ذکر:أنّ[المرجّح] (4)فی مثل اشتراط شرب الخمر هو الإجماع،قال:و ما لم یکن فیه مرجّحٌ

[شماره صفحه واقعی : 32]

ص: 591


1- فی«ش»:«لا».
2- الوسائل 14:579،الباب 67 من أبواب نکاح العبید و الإماء،الحدیث 5.
3- فی«ق»زیادة:«ذکر».
4- لم یرد فی«ق».

یُعمل فیه بالقواعد و الأُصول (1).

و فیه من الضعف ما لا یخفی،مع أنّ اللازم علی ذلک الحکم بعدم لزوم الشرط بل عدم صحّته فی جمیع موارد عدم الترجیح؛لأنّ الشرط إن کان فعلاً لما یجوز (2)ترکه کان اللازم مع تعارض أدلّة وجوب الوفاء بالشرط و أدلّة جواز ترک ذلک الفعل مع فقد المرجّح الرجوع إلی أصالة عدم وجوب الوفاء بالشرط،فلا یلزم،بل لا یصحّ.و إن کان فعلَ محرّمٍ أو ترکَ واجبٍ،لزم الرجوع إلی أصالة بقاء الوجوب و التحریم الثابتین قبل الاشتراط.

فالتحقیق ما ذکرنا:من أنّ من الأحکام المذکورة فی الکتاب و السنّة ما یقبل التغییر بالشرط لتغییر عنوانه،کأکثر ما رُخّص فی فعله و ترکه،و منها ما لا یقبله،کالتحریم و کثیرٍ من موارد الوجوب.

و أدلّة الشروط حاکمةٌ علی القسم الأوّل دون الثانی،فإنّ اشتراطه مخالفٌ لکتاب اللّٰه،کما عرفت و عرفت حکم صورة الشکّ.

و قد تفطّن قدّس سرّه لما ذکرنا فی حکم القسم الثانی و أنّ الشرط فیه مخالفٌ للکتاب بعض التفطّن،بحیث کاد أن یرجع عمّا ذکره أوّلاً من التعارض بین أدلّة وجوب الوفاء بالشرط و أدلّة حرمة شرب الخمر، فقال:و لو جعل هذا الشرط من أقسام الشرط المخالف للکتاب و السنّة کما یطلق علیه عرفاً لم یکن بعیداً،انتهی (3).

[شماره صفحه واقعی : 33]

ص: 592


1- ذکره المحقّق النراقی فی العوائد:151.
2- لم ترد«لما»فی«ش».
3- عوائد الأیّام:151.

و ممّا ذکرنا:من انقسام الأحکام الشرعیّة المدلول علیها فی الکتاب و السنّة علی قسمین،یظهر لک معنی قوله علیه السلام-فی روایة إسحاق بن عمّار المتقدّمة-:«المؤمنون عند شروطهم إلّا شرطاً حرّم حلالاً أو أحلّ حراماً» (1)،فإنّ المراد ب«الحلال»و«الحرام»فیها ما کان کذلک بظاهر دلیله حتّی مع الاشتراط،

[*ابوالقاسم علیدوست]

نظیر شرب الخمر و عمل الخشب صنماً أو صورة حیوانٍ،و نظیر مجامعة الزوج التی دلّ بعض الأخبار السابقة (2)علی عدم ارتفاع حکمها أعنی الإباحة متی أراد الزوج باشتراط کونها بید المرأة،و نظیر التزویج (3)و التسرّی و الهجر، حیث دلّ بعض تلک الأخبار (4)علی عدم ارتفاع إباحتها باشتراط ترکها معلّلاً بورود الکتاب العزیز بإباحتها.

أمّا ما کان حلالاً لو خُلی و طبعه بحیث لا ینافی حرمته أو وجوبه بملاحظة طروّ عنوانٍ خارجیٍّ علیه،أو کان حراماً کذلک،فلا یلزم من اشتراط فعله أو ترکه إلّا تغیّر عنوان الحلال و الحرام الموجب لتغیّر الحلّ و الحرمة،فلا یکون حینئذٍ تحریم حلالٍ و لا تحلیل حرامٍ.

أ لا تری أنّه لو نهی السیّد عبده أو الوالد ولده عن فعلٍ مباح، أعنی:مطالبة غریمٍ (5)ما لَه فی ذمّة غریمه،أو حلف المکلّف علی ترکه،

[شماره صفحه واقعی : 34]

ص: 593


1- تقدّمت فی الصفحة 22.
2- مثل روایة محمّد بن قیس المتقدّمة فی الصفحة 23.
3- فی«ش»:«التزوّج».
4- و هو خبر ابن مسلم المنقول عن تفسیر العیّاشی المتقدّم فی الصفحة 24.
5- لم ترد«غریم»فی«ش».

لم یکن الحکم بحرمته شرعاً من حیث طروّ عنوان«معصیة السیّد و الوالد»و عنوان«حنث الیمین»علیه تحریماً لحلالٍ،فکذلک ترک ذلک الفعل فی ضمن عقدٍ یجب الوفاء به.

و کذلک امتناع الزوجة عن الخروج مع زوجها إلی بلدٍ آخر محرّمٌ فی نفسه،و کذلک امتناعها عن المجامعة،و لا ینافی ذلک حلّیتها باشتراط عدم إخراجها عن بلدها،أو باشتراط عدم مجامعتها،کما فی بعض النصوص (1).

و بالجملة،فتحریم الحلال و تحلیل الحرام إنّما یلزم مع معارضة أدلّة الوفاء بالشرط لأدلّة أصل الحکم حتّی یستلزم وجوب الوفاء مخالفة ذلک و طرح دلیله.أمّا إذا کان دلیل الحکم لا یفید إلّا ثبوته لو خُلی الموضوع و طبعه،فإنّه لا یعارضه ما دلّ علی ثبوت ضدّ ذلک الحکم إذا طرأ علی الموضوع عنوانٌ (2)لم یثبت ذلک الحکم له إلّا مجرّداً عن ذلک العنوان.

ثمّ إنّه یشکل الأمر فی استثناء الشرط المحرِّم للحلال،علی ما ذکرنا فی معنی الروایة:بأنّ أدلّة حلّیة أغلب المحلَّلات-بل کلّها- إنّما تدلّ علی حلّیتها فی أنفسها لو خُلّیت و أنفسها،فلا تنافی حرمتها من أجل الشرط،کما قد تُحرَّم من أجل النذر و أخویه،و من جهة إطاعة الوالد و السیّد،و من جهة صیرورتها علّةً للمحرَّم،و غیر ذلک من

[شماره صفحه واقعی : 35]

ص: 594


1- راجع الوسائل 15:49،الباب 40 من أبواب المهور،الحدیث 1 و 3، و الصفحة 45،الباب 36 من أبواب المهور،الحدیث الأوّل.
2- فی«ش»زیادة:«آخر».

العناوین الطارئة لها.

نعم،لو دلّ دلیل حِلّ شیءٍ علی حِلّه المطلق (1)نظیر دلالة أدلّة المحرَّمات،بحیث لا یقبل لطروّ (2)عنوانٍ مغیِّرٍ علیه أصلاً،أو خصوص الشرط من بین العناوین،أو دلّ (3)من الخارج علی کون ذلک الحلال کذلک-کما دلّ بعض الأخبار بالنسبة إلی بعض الأفعال کالتزویج و التسرّی (4)و ترک الجماع من دون إرادة الزوجة (5)-کان مقتضاه فساد اشتراط خلافه.

[*ابوالقاسم علیدوست]

لکن دلالة نفس دلیل الحلّیة علی ذلک لم توجد فی موردٍ،و الوقوف مع الدلیل الخارجی (6)الدالّ علی فساد الاشتراط یُخرج الروایة عن سوقها لبیان ضابطة الشروط عند الشکّ؛إذ مورد الشکّ حینئذٍ محکومٌ بصحّة الاشتراط.

و مورد ورود الدلیل علی عدم تغیّر حِلّ الفعل باشتراط ترکه مستغنٍ عن الضابطة،مع أنّ الإمام علّل فساد الشرط فی هذه الموارد بکونه محرِّماً للحلال،کما عرفت فی الروایة التی تقدّمت فی عدم صحّة اشتراط عدم التزویج (7)و التسرّی،معلّلاً بکونه مخالفاً للکتاب الدالّ علی

[شماره صفحه واقعی : 36]

ص: 595


1- فی«ش»:«الحلّیة المطلقة».
2- فی«ش»:«طروّ».
3- فی«ش»زیادة:«الدلیل».
4- فی«ش»:«کالتسرّی و التزوّج».
5- راجع للتزویج و التسری الخبر المتقدّم فی الصفحة 24 عن تفسیر العیاشی، و راجع لترک الجماع روایة محمّد بن قیس المتقدّمة فی الصفحة 23.
6- فی«ش»:«الخارج».
7- فی«ش»:«التزوّج».

إباحتها (1).

نعم،لا یرد هذا الإشکال فی طرف تحلیل الحرام؛لأنّ أدلّة المحرّمات قد عُلم دلالتها علی التحریم علی وجهٍ لا تتغیّر (2)بعنوان الشرط و النذر و شبههما،بل نفس استثناء الشرط المحلِّل للحرام عمّا یجب الوفاء به دلیلٌ علی إرادة الحرام فی نفسه لولا الشرط.

و لیس کذلک فی طرف المحرِّم للحلال،فإنّا قد علمنا أن لیس المراد الحلال لو لا الشرط؛لأنّ تحریم«المباحات لولا الشرط»لأجل الشرط فوق حدّ الإحصاء،بل اشتراط کلِّ شرطٍ عدا فعل الواجبات و ترک المحرّمات مستلزمٌ لتحریم الحلال فعلاً أو ترکاً.

[*ابوالقاسم علیدوست]

و ربما یتخیّل:أنّ هذا الإشکال مختصٌّ بما دلّ علی الإباحة التکلیفیّة،کقوله:«تحلّ کذا و تباح کذا»أمّا الحلّیة التی تضمّنها الأحکام الوضعیّة-کالحکم بثبوت الزوجیّة أو الملکیّة أو الرقّیة،أو أضدادها-فهی أحکامٌ (3)لا تتغیّر لعنوانٍ أصلاً،فإنّ الانتفاع بالملک فی الجملة و الاستمتاع بالزوجة و النظر إلی أُمّها و بنتها من المباحات التی لا تقبل التغییر؛و لذا ذکر فی مثال الصلح المحرِّم للحلال:أن لا ینتفع بماله أو لا یطأ جاریته.

و بعبارةٍ اخری:ترتّب آثار الملکیّة علی الملک فی الجملة و آثار الزوجیّة علی الزوج کذلک،من المباحات التی لا تتغیّر عن إباحتها،

[شماره صفحه واقعی : 37]

ص: 596


1- تقدّمت فی الصفحة 24.
2- فی«ش»:«لا یتغیّر».
3- فی«ق»:«حکم».

و إن کان ترتّب بعض الآثار قابلاً لتغیّر حکمه إلی التحریم،کالسکنی فیما (1)اشترط إسکان البائع فیه مدّةً،و إسکان الزوجة فی بلدٍ اشترط أن لا یخرج إلیه،أو وطأها مع اشتراط عدم وطئها أصلاً،کما هو المنصوص (2).

و لکنّ الإنصاف:أنّه کلامٌ غیر منضبط؛فإنّه کما جاز تغیّر إباحة بعض الانتفاعات کالوطء فی النکاح،و السکنی فی البیع إلی التحریم لأجل الشرط،کذلک یجوز تغیّر إباحة سائرها إلی الحرمة.فلیس الحکم بعدم (3)إباحة مطلق التصرّف فی الملک و الاستمتاع بالزوجة لأجل الشرط إلّا لإجماعٍ (4)أو لمجرّد الاستبعاد،و الثانی غیر معتدٍّ به،و الأوّل یوجب ما تقدّم:من عدم الفائدة فی بیان هذه الضابطة،مع أنّ هذا العنوان-أعنی تحریم الحلال و تحلیل الحرام-إنّما وقع مستثنی فی أدلّة انعقاد الیمین،و ورد:أنّه لا یمین فی تحلیل الحرام و تحریم الحلال (5)،و قد ورد بطلان الحلف علی ترک شرب العصیر المباح دائماً،معلّلاً:بأنّه لیس لک أن تحرّم ما أحلّ اللّٰه (6).و من المعلوم أنّ إباحة العصیر لم تثبت من الأحکام الوضعیّة،بل هی من الأحکام التکلیفیّة الابتدائیّة.

[شماره صفحه واقعی : 38]

ص: 597


1- فی«ش»زیادة:«لو».
2- تقدّم تخریجه فی الصفحة 35.
3- فی«ش»زیادة:«تغیّر».
4- فی«ش»:«للإجماع».
5- راجع الوسائل 16:130،الباب 11 من أبواب الأیمان،الحدیث 6 و 7.
6- راجع الوسائل 16:148،الباب 19 من أبواب الأیمان،الحدیث 2.

و بالجملة،فالفرق بین التزویج (1)و التسرّی اللذین ورد عدم جواز اشتراط ترکهما معلّلاً:بأنّه خلاف الکتاب الدالّ علی إباحتهما،و بین ترک الوطء الذی ورد جواز اشتراطه،و کذا بین ترک شرب العصیر المباح الذی ورد عدم جواز الحلف علیه معلّلاً:بأنّه من تحریم الحلال،و بین ترک بعض المباحات المتّفق علی جواز الحلف علیه،فی غایة الإشکال.

[*ابوالقاسم علیدوست]

و ربما قیل (2)فی توجیه الروایة و توضیح معناها:إنّ معنی قوله:

«إلّا شرطاً حرّم حلالاً أو أحلّ حراماً»إمّا أن یکون:«إلّا شرطاً حرّم وجوبُ الوفاء به الحلالَ»،و إمّا أن یکون:«إلّا شرطاً حرّم ذلک الشرط الحلالَ»،و الأوّل مخالفٌ لظاهر العبارة،مع مناقضته لما استشهد به الإمام علیه السلام فی روایة منصور بن یونس-المتقدّمة (3)-الدالّة علی وجوب الوفاء بالتزام عدم الطلاق و التزویج (4)بل یلزم کون الکلّ لغواً؛ إذ ینحصر مورد«المسلمون عند شروطهم»باشتراط الواجبات و اجتناب المحرّمات،فیبقی الثانی،و هو ظاهر الکلام،فیکون معناه:«إلّا شرطاً حرّم ذلک الشرطُ الحلالَ»،بأن یکون المشروط هو حرمة الحلال.

ثمّ قال:فإن قیل:إذا شرط عدم فعله (5)فیجعله حراماً علیه.

قلنا:لا نرید أنّ معنی الحرمة طلب الترک من المشترط بل جعله

[شماره صفحه واقعی : 39]

ص: 598


1- فی«ش»:«التزوّج».
2- قاله النراقی فی العوائد:148 150.
3- تقدّمت فی الصفحة 28.
4- فی«ش»:«التزوّج».
5- فی«ش»زیادة:«فلا یرضی بفعله».

حراماً واقعاً (1)أی مطلوب الترک شرعاً،و لا شکّ أنّ شرط عدم فعلٍ بل نهیَ شخصٍ عن فعلٍ لا یجعله حراماً شرعیّاً.

ثمّ قال:فإن قیل:الشرط من حیث هو مع قطع النظر عن إیجاب الشارع الوفاء لا یوجب تحلیلاً و تحریماً شرعاً فلا یحرّم و لا یحلّل.

قلنا:إن أُرید أنّه لا یوجب تحلیلاً و لا تحریماً شرعیّین واقعاً فهو کذلک،و إن أُرید أنّه لا یوجب تحلیلاً و لا تحریماً شرعیّاً بحکم الشرط فهو لیس کذلک،بل حکم الشرط ذلک،و هذا معنی تحریم الشرط و تحلیله.و علی هذا فلا إجمال فی الحدیث و لا تخصیص،و یکون [الشرط (2)]فی ذلک کالنذر و العهد و الیمین،فإنّ من نذر أن لا یأکل المال المشتبه ینعقد،و لو نذر أن یکون المال المشتبه حراماً علیه شرعاً أو یحرّم ذلک علی نفسه شرعاً لم ینعقد (3)،انتهی.

[*ابوالقاسم علیدوست]

أقول:لا أفهم معنیً محصّلاً لاشتراط حرمة الشیء أو حلّیته شرعاً،فإنّ هذا أمرٌ غیر مقدورٍ للمشترط و لا یدخل تحت الجعل،فهو داخلٌ فی غیر المقدور.و لا معنی لاستثنائه عمّا یجب الوفاء به؛لأنّ هذا لا یمکن عقلاً الوفاء به،إذ لیس فعلاً خصوصاً للمشترط،و کذلک الکلام فی النذر و شبهه.

و العجب منه قدّس سرّه!حیث لاحظ ظهور الکلام فی کون المحرِّم و المحلِّل نفس الشرط،و لم یلاحظ کون الاستثناء من الأفعال التی یعقل

[شماره صفحه واقعی : 40]

ص: 599


1- فی«ش»بدل«واقعاً»:«ذاتیّاً».
2- أثبتناه من المصدر.
3- انتهی ما قاله المحقّق النراقی.

الوفاء بالتزامها،و حرمة الشیء شرعاً لا یعقل فیها الوفاء و النقض.

و قد مثّل جماعةٌ (1)للصلح المحلِّل للحرام بالصلح علی شرب الخمر، و للمحرِّم للحلال بالصلح علی أن لا یطأ جاریته و لا ینتفع بماله.

و کیف کان،فالظاهر بل المتعیّن:أنّ المراد بالتحلیل و التحریم المستندین إلی الشرط هو الترخیص و المنع.نعم،المراد بالحلال و الحرام ما کان کذلک مطلقاً (2)بحیث لا یتغیّر موضوعه بالشرط،لا ما کان حلالاً لو خُلّی و طبعه بحیث لا ینافی عروض عنوان التحریم له لأجل الشرط،و قد ذکرنا:أنّ المعیار فی ذلک وقوع التعارض بین دلیل حلّیة ذلک الشیء أو حرمته و بین وجوب الوفاء بالشرط و عدم وقوعه،ففی الأوّل یکون الشرط علی تقدیر صحّته مغیِّراً للحکم الشرعی،و فی الثانی یکون مغیِّراً لموضوعه.

فحاصل المراد بهذا الاستثناء فی حدیثی«الصلح»و«الشرط»:

أنّهما لا یغیّران حکماً شرعیّاً بحیث یرفع الید عن ذلک الحکم لأجل الوفاء بالصلح و الشرط،کالنذر و شبهه.و أمّا تغییرهما لموضوع الأحکام الشرعیّة ففی غایة الکثرة،بل هما موضوعان لذلک،و قد ذکرنا:أنّ الإشکال فی کثیرٍ من الموارد فی تمیّز أحد القسمین من الأحکام عن الآخر.

[شماره صفحه واقعی : 41]

ص: 600


1- منهم الفاضل المقداد فی التنقیح 2:201،و الشهید الثانی فی المسالک 4: 262،و الروضة 4:174،و راجع تفصیل ذلک فی مفتاح الکرامة 5:456، و المناهل:345.
2- لم ترد«مطلقاً»فی«ش».

و ممّا ذکرنا یظهر النظر فی تفسیرٍ آخر لهذا الاستثناء یقرب من هذا التفسیر الذی تکلّمنا علیه،ذکره المحقّق القمّی صاحب القوانین فی رسالته التی ألّفها فی هذه المسألة،فإنّه بعد ما ذکر من أمثلة الشرط الغیر الجائز فی نفسه مع قطع النظر عن اشتراطه و التزامه شرب الخمر و الزنا و نحوهما من المحرّمات أو (1)فعل المرجوحات و ترک المباحات و فعل المستحبّات،کأن یشترط تقلیم الأظافر بالسنّ أبداً،أو أن لا یلبس الخزّ أبداً،أو لا یترک النوافل،

[*ابوالقاسم علیدوست]

فإنّ جعل المکروه أو المستحبّ واجباً و جعل المباح حراماً حرامٌ إلّا برخصةٍ شرعیّةٍ حاصلةٍ من الأسباب الشرعیّة،کالنذر و شبهه فیما ینعقد فیه،و یستفاد ذلک من کلام علیٍّ علیه السلام فی روایة إسحاق بن عمّار:«من اشترط لامرأته شرطاً،فلیفِ لها به،فإنّ المسلمین عند شروطهم إلّا شرطاً حرّم حلالاً أو أحلّ حراماً» (2)-قال قدّس سرّه (3):

فإن قلت:إنّ الشرط کالنذر و شبهه من الأسباب الشرعیّة المغیّرة للحکم،بل الغالب فیه هو إیجاب ما لیس بواجبٍ،فإنّ بیع الرجل ماله أو هبته لغیره مباحٌ،و أمّا لو اشترط فی ضمن عقدٍ آخر یصیر واجباً،فما وجه تخصیص الشرط بغیر ما ذکرته من الأمثلة؟

[شماره صفحه واقعی : 42]

ص: 601


1- فی«ش»بدل«أو»:«و»،مع زیادة:«من أمثلة ما یکون التزامه و الاستمرار علیه من المحرّمات..».
2- الوسائل 15:50،الباب 40 من أبواب المهور،الحدیث 4،و تقدّمت فی الصفحة 22.
3- خبر لقوله قبل أسطر:«فإنّه بعد ما ذکر».

قلت:الظاهر من«تحلیل الحرام و تحریم الحلال»هو تأسیس القاعدة،و هو تعلّق الحکم بالحِلّ أو الحرمة ببعض الأفعال علی سبیل العموم من دون النظر إلی خصوصیّة فردٍ،فتحریم الخمر معناه:منع المکلّف عن شرب جمیع ما یصدق علیه هذا الکلیّ،و کذا حلّیة المبیع، فالتزویج (1)و التسرّی أمرٌ کلیّ ٌ حلال،و التزام ترکه مستلزمٌ لتحریمه، و کذلک جمیع أحکام الشرع من التکلیفیّة و الوضعیّة و غیرها-إنّما یتعلّق بالجزئیّات باعتبار تحقّق الکلّی فیها،فالمراد من«تحلیل الحرام و تحریم الحلال»المنهیّ عنه هو أن یُحدِث (2)قاعدةً کلّیةً و یُبدع حکماً جدیداً،فقد أُجیز فی الشرع البناء علی الشروط إلّا شرطاً أوجب إبداع حکمٍ کلیّ جدید،مثل تحریم التزوّج و التسرّی و إن کان بالنسبة إلی نفسه فقط،و قد قال اللّٰه تعالی فَانْکِحُوا مٰا طٰابَ لَکُمْ مِنَ النِّسٰاءِ (3)،

[*ابوالقاسم علیدوست]

و کجعل الخیرة فی الجماع و الطلاق بید المرأة.و قد قال اللّٰه تعالی: اَلرِّجٰالُ قَوّٰامُونَ عَلَی النِّسٰاءِ (4).و فیما لو شرطت (5)علیه أن لا یتزوّج أو لا یتسرّی بفلانةٍ خاصّةً إشکالٌ.فما ذکر فی السؤال:من وجوب البیع الخاصّ الذی یشترطانه فی ضمن عقدٍ،لیس ممّا یوجب إحداث حکمٍ للبیع و لا تبدیل حلال الشارع و حرامه،و کذا لو شرط نقص الجماع عن الواجب إلی أن قال قدّس سرّه:-

[شماره صفحه واقعی : 43]

ص: 602


1- فی«ش»:«فالتزوّج».
2- أی المشترط.
3- النساء:3.
4- النساء:34.
5- فی«ش»:«اشترطت».

و بالجملة،اللزوم الحاصل من الشرط لما یشترطانه من الشروط الجائزة لیس من باب تحلیل حرامٍ أو تحریم حلالٍ أو إیجاب جائزٍ علی سبیل القاعدة،بل (1)یحصل من ملاحظة جمیع موارده حکمٌ کلیّ ٌ هو وجوب العمل علی ما یشترطانه،و هذا الحکم أیضاً من جعل الشارع، فقولنا:«العمل علی مقتضی الشرط الجائز واجبٌ»حکمٌ کلیٌّ شرعیٌّ، و حصوله لیس من جانب شرطنا حتّی یکون من باب تحلیل الحرام و عکسه،بل إنّما هو صادرٌ من الشارع (2)،انتهی کلامه رفع مقامه.

و للنظر فی مواضع من کلامه مجالٌ،فافهم و اللّٰه العالم.

الشرط الخامس:أن لا یکون منافیاً لمقتضی العقد،

و إلّا لم یصحّ، لوجهین:

أحدهما:وقوع التنافی فی العقد المقیَّد بهذا الشرط بین مقتضاه الذی لا یتخلّف عنه و بین الشرط الملزم لعدم تحقّقه،فیستحیل الوفاء بهذا العقد مع تقیّده بهذا الشرط،فلا بدّ إمّا أن یحکم بتساقط کلیهما، و إمّا أن یقدّم جانب العقد؛لأنّه المتبوع المقصود بالذات و الشرط تابعٌ، و علی کلّ تقدیرٍ لا یصحّ الشرط.

الثانی:أنّ الشرط المنافی مخالفٌ للکتاب و السنّة الدالّین علی عدم تخلّف العقد عن مقتضاه،فاشتراط تخلّفه عنه مخالفٌ للکتاب؛و لذا ذکر فی التذکرة:أنّ اشتراط عدم بیع المبیع منافٍ لمقتضی ملکیّته،فیخالف

[شماره صفحه واقعی : 44]

ص: 603


1- فی«ش»زیادة:«الذی».
2- رسالة الشروط المطبوعة مع غنائم الأیام:732.

قوله صلّی اللّٰه علیه و آله:«الناس مسلّطون علی أموالهم» (1).

و دعوی:أنّ العقد إنّما یقتضی ذلک مع عدم اشتراط عدمه فیه لا مطلقاً،خروجٌ عن محلّ الکلام؛إذ الکلام فیما یقتضیه مطلق العقد و طبیعته الساریة فی کلّ فردٍ منه،لا ما یقتضیه العقد المطلق بوصف إطلاقه و خلوه عن الشرائط و القیود حتّی لا ینافی تخلّفه عنه لقیدٍ یقیّده و شرطٍ یشترط فیه.

هذا کلّه مع تحقّق الإجماع علی بطلان هذا الشرط،فلا إشکال فی أصل الحکم.

و إنّما الإشکال فی تشخیص آثار العقد التی لا تتخلّف[عن (2)] مطلق العقد فی نظر العرف أو الشرع و تمیّزها عمّا یقبل التخلّف لخصوصیّةٍ تعتری العقد و إن اتّضح ذلک فی بعض الموارد؛لکون الأثر کالمقوِّم العرفی للبیع أو غرضاً أصلیّاً،کاشتراط عدم التصرّف أصلاً فی المبیع،و عدم الاستمتاع أصلاً بالزوجة حتّی النظر،و نحو ذلک.

إلّا أنّ الإشکال فی کثیرٍ من المواضع،خصوصاً بعد ملاحظة اتّفاقهم علی الجواز فی بعض المقامات و اتّفاقهم علی عدمه فیما یشبهه، و یصعب الفرق بینهما و إن تکلّف له بعضٌ (3).

مثلاً:المعروف عدم جواز المنع عن البیع و الهبة فی ضمن عقد البیع،و جواز اشتراط عتقه بعد البیع بلا فصلٍ أو وقفه حتّی علی البائع

[شماره صفحه واقعی : 45]

ص: 604


1- التذکرة 1:489،و راجع الحدیث فی عوالی اللآلی 1:222،الحدیث 99، و الصفحة 457،الحدیث 198.
2- لم یرد فی«ق».
3- و هو السیّد المراغی فی العناوین 2:307.

و ولده،کما صرّح به فی التذکرة (1)،و قد اعترف فی التحریر:بأنّ اشتراط العتق ممّا ینافی مقتضی العقد،و إنّما جاز لبناء العتق علی التغلیب (2).

و هذا لو تمّ لم یجز فی الوقف خصوصاً علی البائع و ولده،فإنّه (3)لیس مبنیّاً علی التغلیب؛و لأجل ما ذکرنا وقع فی موارد کثیرة الخلاف و الإشکال:فی أنّ الشرط الفلانی مخالفٌ لمقتضی العقد (4).

[*ابوالقاسم علیدوست]

منها:اشتراط عدم البیع،فإنّ المشهور عدم الجواز.لکن العلّامة فی التذکرة استشکل فی ذلک (5)،بل قوّی بعض من تأخّر عنه صحّته (6).

و منها:ما ذکره فی الدروس فی بیع الحیوان:من جواز الشرکة فیه إذا قال:«الربح لنا و لا خسران علیک»؛لصحیحة رفاعة فی شراء الجاریة (7)،قال:و منع (8)ابن إدریس؛لأنّه مخالفٌ (9)لقضیّة الشرکة.قلنا:

لا نسلّم أنّ تبعیّة المال لازمٌ (10)لمطلق الشرکة،بل للشرکة المطلقة،

[شماره صفحه واقعی : 46]

ص: 605


1- التذکرة 1:493.
2- التحریر 1:180.
3- فی«ش»زیادة:«شرط منافٍ کالعتق».
4- فی«ش»زیادة:«أم لا».
5- التذکرة 1:489.
6- لم نعثر علیه،نعم فی مفتاح الکرامة 4:732 عن إیضاح النافع:«أنّ الجواز غیر بعید»،و راجع الریاض 8:255.
7- فی«ش»:«فی الشرکة فی الجاریة».
8- فی«ش»:«منعه».
9- فی«ش»:«مناف».
10- فی«ش»:«لازمة».

و الأقرب تعدّی الحکم إلی غیر الجاریة من المبیعات (1)،انتهی.

و منها:[ما (2)]اشتهر بینهم:من جواز اشتراط الضمان فی العاریة و عدم جوازه فی الإجارة،مستدلّین:بأنّ مقتضی عقد الإجارة عدم ضمان المستأجر (3).

فأورد علیهم المحقّق الأردبیلی (4)و تبعه جمال المحقّقین فی حاشیة الروضة (5):بمنع اقتضاء مطلق العقد لذلک،إنّما المسلّم اقتضاء العقد المطلق المجرّد عن اشتراط الضمان،نظیر العاریة.

و منها:اشتراط عدم إخراج الزوجة من بلدها،فقد جوّزه جماعةٌ (6)؛لعدم المانع و للنصّ.و منعه آخرون (7)،منهم فخر الدین فی الإیضاح،مستدلا:بأنّ مقتضی العقد تسلّط الرجل علی المرأة فی الاستمتاع و الإسکان (8)،و قد بالغ حیث (9)جعل هذا قرینةً علی حمل

[شماره صفحه واقعی : 47]

ص: 606


1- الدروس 3:223 224،و راجع السرائر 2:349،و الوسائل 13:175، الباب الأوّل من کتاب الشرکة،الحدیث 8.
2- لم یرد فی«ق».
3- راجع مفتاح الکرامة 7:253،و الجواهر 27:217.
4- مجمع الفائدة 10:69.
5- حاشیة الروضة:365،ذیل قول الشارح:«لفساد الشرط».
6- مثل الشیخ فی بعض کتبه و القاضی و ابن حمزة و غیرهم،و قد تقدّم التخریج عنهم فی الصفحة 30.
7- کالشیخ فی بعض کتبه الأُخر و الحلّی و المحقّق الثانی،راجع الصفحة 30.
8- إیضاح الفوائد 3:209.
9- فی«ش»بدل«حیث»:«حتّی».

النصّ علی استحباب الوفاء.

[*ابوالقاسم علیدوست]

و منها:مسألة توارث الزوجین بالعقد المنقطع من دون شرطٍ أو معه،و عدم توارثهما مع الشرط أو لا (1)معه،فإنّها مبنیّةٌ علی الخلاف فی مقتضی العقد المنقطع.

قال فی الإیضاح ما ملخّصه-بعد إسقاط ما لا یرتبط بالمقام-:

إنّهم اختلفوا فی أنّ هذا العقد یقتضی التوارث أم لا؟ و علی الأوّل:فقیل:المقتضی هو العقد المطلق من حیث هو هو، فعلی هذا القول لو شرط سقوطه لبطل الشرط؛لأنّ کلّ ما تقتضیه الماهیّة من حیث هی هی یستحیل عدمه مع وجودها.و قیل:المقتضی إطلاق العقد أی العقد المجرّد عن شرط نقیضه-أعنی الماهیّة بشرط لا شیء-فیثبت الإرث ما لم یشترط سقوطه.

و علی الثانی،قیل:یثبت مع الاشتراط و یسقط مع عدمه،و قیل:

لا یصحّ اشتراطه (2)،انتهی.

و مرجع القولین إلی أنّ عدم الإرث من مقتضی إطلاق العقد أو ماهیّته.و اختار هو هذا القول الرابع،تبعاً لجدّه و والده قدّس سرّهما،و استدلّ علیه أخیراً بما دلّ علی أنّ من حدود المتعة أن لا ترثها و لا ترثک (3)، قال:فجُعل نفی الإرث من مقتضی الماهیّة.

و لأجل صعوبة دفع ما ذکرنا من الإشکال فی تمیّز مقتضیات

[شماره صفحه واقعی : 48]

ص: 607


1- ق»:«أو إلّا».
2- إیضاح الفوائد 3:132.
3- راجع الوسائل 14:487،الباب 32 من أبواب المتعة،الحدیث 7 و 8.

ماهیّة العقد من مقتضیات إطلاقه،التجأ المحقّق الثانی مع کمال تبحّره فی الفقه حتّی ثُنّی به المحقّق فأرجع هذا التمییز عند عدم اتّضاح المنافاة و[عدم (1)]الإجماع علی الصحّة أو البطلان إلی نظر الفقیه،فقال أوّلاً:

المراد ب«منافی مقتضی العقد»ما یقتضی عدم ترتّب الأثر الذی جعل الشارع العقد من حیث هو هو بحیث یقتضیه و رتّبه علیه علی أنّه أثره و فائدته التی لأجلها وضع،کانتقال العوضین إلی المتعاقدین،و إطلاق التصرّف فیهما فی البیع،و ثبوت التوثّق فی الرهن،و المال فی ذمّة الضامن بالنسبة إلی الضمان (2)،و انتقال الحقّ إلی ذمّة المحال علیه فی الحوالة،و نحو ذلک،فإذا شرط عدمها أو عدم البعض أصلاً نافی مقتضی العقد.

ثمّ اعترض علی ذلک بصحّة اشتراط عدم الانتفاع زماناً معیّناً، و أجاب بکفایة جواز الانتفاع وقتاً ما فی مقتضی العقد.ثمّ اعترض:

بأنّ العقد یقتضی الانتفاع مطلقاً،فالمنع عن البعض منافٍ له.

ثمّ قال:و دفع ذلک لا یخلو عن عسرٍ،و کذا القول فی خیار الحیوان (3)؛فإنّ ثبوته مقتضی العقد،فیلزم أن یکون شرط سقوطه منافیاً له.

ثمّ قال:و لا یمکن أن یقال:إنّ مقتضی العقد ما لم یجعل إلّا لأجله،کانتقال العوضین،فإنّ ذلک ینافی منع اشتراط أن لا یبیع أو لا یطأ (4)مثلاً.

[شماره صفحه واقعی : 49]

ص: 608


1- لم یرد فی«ق».
2- فی النسخ:«الضامن»،و الصواب ما أثبتناه من المصدر.
3- فی«ش»:«فی نحو خیار الحیوان مثلاً».
4- فی«ش»و المصدر بدل«أو لا یطأ»:«المبیع».

صوت

[*ابوالقاسم علیدوست]

ثمّ قال:و الحاسم لمادّة الإشکال أنّ الشروط علی أقسام:

منها:ما انعقد الإجماع علی حکمه من صحّةٍ أو فساد.

و منها:ما وضح فیه المنافاة للمقتضی کاشتراط عدم ضمان المقبوض بالبیع و (1)وضح مقابله،و لا کلام فیما وضح.

و منها:ما لیس واحداً من النوعین،فهو بحسب نظر الفقیه (2)، انتهی کلامه رفع مقامه.

أقول:وضوح المنافاة إن کان بالعرف-کاشتراط عدم الانتقال فی العوضین و عدم انتقال المال إلی ذمّة الضامن و المحال علیه-فلا یتأتّی معه إنشاء مفهوم العقد العرفی،و إن کان بغیر العرف فمرجعه إلی الشرع من نصٍّ أو إجماعٍ علی صحّة الاشتراط و (3)عدمه.و مع عدمهما وجب الرجوع إلی دلیل اقتضاء العقد لذلک الأثر المشترط عدمه،فإن دلّ علیه علی وجهٍ یعارض بإطلاقه أو عمومه دلیل وجوب الوفاء به بحیث لو أوجبنا الوفاء به وجب طرح عموم ذلک الدلیل و تخصیصه، حکم بفساد الشرط؛لمخالفته حینئذٍ للکتاب أو السنّة.و إن دلّ علی ثبوته للعقد لو خلی و طبعه بحیث لا ینافی تغیّر حکمه بالشرط،حکم بصحّة الشرط.

و قد فُهم من قوله تعالی: اَلرِّجٰالُ قَوّٰامُونَ عَلَی النِّسٰاءِ (4)الدّال

[شماره صفحه واقعی : 50]

ص: 609


1- فی«ش»بدل«و»:«أو».
2- جامع المقاصد 4:414 415.
3- فی«ش»بدل«و»:«أو».
4- النساء:34.

علی (1)أنّ السلطنة علی الزوجة من آثار الزوجیّة التی لا تتغیّر،فجُعل اشتراط کون الجماع بید الزوجة فی الروایة السابقة منافیاً لهذا الأثر و لم یُجعل اشتراط عدم الإخراج من البلد منافیاً.و قد فهم الفقهاء من قوله:«البیّعان بالخیار حتّی یفترقا،فإذا افترقا وجب البیع» (2)[عدم (3)] التنافی،فأجمعوا علی صحّة اشتراط سقوط الخیار الذی هو من الآثار الشرعیّة للعقد،و کذا علی صحّة اشتراط الخیار بعد الافتراق.و لو شکّ فی مؤدّی الدلیل وجب الرجوع إلی أصالة ثبوت ذلک الأثر علی الوجه الأوّل (4)،فیبقی عموم أدلّة الشرط سلیماً عن المخصّص؛و قد ذکرنا هذا فی بیان معنی مخالفة الکتاب و السنّة.

الشرط السادس: أن لا یکون الشرط مجهولاً جهالةً توجب الغرر فی البیع؛

صوت

[*ابوالقاسم علیدوست]

لأنّ الشرط فی الحقیقة کالجزء من العوضین،کما سیجیء بیانه (5).

قال فی التذکرة:و کما أنّ الجهالة فی العوضین مبطلةٌ فکذا فی صفاتهما و لواحق المبیع (6)،فلو شرطا شرطاً مجهولاً بطل البیع (7)،انتهی.

[شماره صفحه واقعی : 51]

ص: 610


1- عبارة«الدّال علی»لم ترد فی«ش»،و الظاهر زیادتها.
2- راجع الوسائل 12:346،الباب الأوّل من أبواب الخیار،الحدیث 3 و 4.
3- لم یرد فی«ق».
4- کذا فی«ق»،و الظاهر أنّ الصحیح:«الثانی»،کما فی«ش».
5- انظر الصفحة 81.
6- فی ظاهر«ق»:«البیع».
7- التذکرة 1:472.

و قد سبق ما یدلّ علی اعتبار تعیین الأجل المشروط فی الثمن،بل لو فرضنا عدم سرایة الغرر فی البیع کفی لزومه فی أصل الشرط بناءً علی أنّ المنفیّ مطلق الغرر حتّی فی غیر البیع؛و لذا یستندون إلیه فی أبواب المعاملات حتّی الوکالة،فبطلان الشرط المجهول لیس لإبطاله البیع المشروط به؛و لذا قد یُجزم ببطلان هذا الشرط مع الاستشکال فی بطلان البیع،فإنّ العلّامة فی التذکرة ذکر فی اشتراط عملٍ مجهولٍ فی عقد البیع:أنّ فی بطلان البیع وجهین مع الجزم ببطلان الشرط (1).

لکنّ الإنصاف:أنّ جهالة الشرط تستلزم فی العقد دائماً مقداراً من الغرر الذی یلزم من جهالته جهالة أحد العوضین.

و من ذلک یظهر وجه النظر فیما ذکره العلّامة فی مواضع (2)من التذکرة:من الفرق فی حمل الحیوان و بیض الدجاجة و مال العبد المجهول المقدار،بین تملیکها علی وجه الشرطیة فی ضمن بیع هذه الأُمور،بأن یقول:«بعتکها علی أنّها حامل-أو-علی أنّ لک حملها»و بین تملیکها علی وجه الجزئیّة،بأن یقول:«بعتکها و حملها» (3)،فصحّح الأوّل لأنّه تابعٌ،و أبطل الثانی لأنّه جزء.

[شماره صفحه واقعی : 52]

ص: 611


1- راجع التذکرة 1:472،و فیها:«فلو شرطا شرطاً مجهولاً بطل البیع» و الصفحة 491،و فیها:«لو اشترط شرطاً مجهولاً،کما لو باعه بشرط أن یعمل فیه ما یأمره به بعد العقد أو یصبغ له ثوباً و یطلقهما أو أحدهما،فالوجهان».
2- منها ما ذکره فی الجزء الأوّل:493 فی الحمل و البیض،و الصفحة 499 فی مال العبد.
3- التذکرة 1:493.

لکن قال فی الدروس:لو جعل الحمل جزءاً من المبیع فالأقوی الصحّة لأنّه بمنزلة الاشتراط،و لا یضرّ الجهالة لأنّه تابع (1).

و قال فی باب بیع المملوک:و لو اشتراه و ماله صحّ،و لم یُشترط علمه و لا التفصّی من الربا إن قلنا:إنّه یملک،و إن أحلناه اشترطا (2)، انتهی.

و المسألة محلّ إشکالٍ،و کلماتهم لا یکاد یعرف التئامها،حیث صرّحوا:بأنّ للشرط قسطاً من أحد العوضین،و أنّ التراضی بالمعاوضة (3)وقع منوطاً به،و لازمه کون الجهالة فیه قادحة.

و الأقوی اعتبار العلم؛لعموم نفی الغرر إلّا إذا عُدّ المشروط (4)فی العرف تابعاً غیر مقصودٍ بالبیع،کبیض الدجاج.و قد مرّ ما ینفع هذا المقام فی شروط العوضین (5)،و سیأتی بعض الکلام فی بیع الحیوان (6)،إن شاء اللّٰه تعالی.

الشرط السابع:أن لا یکون مستلزماً لمحال،

کما لو شرط فی البیع أن یبیعه علی البائع،فإنّ العلّامة قد ذکر هنا:أنّه مستلزمٌ للدور.

قال فی التذکرة:لو باعه شیئاً بشرط أن یبیعه إیّاه لم یصحّ سواء

[شماره صفحه واقعی : 53]

ص: 612


1- الدروس 3:216 217.
2- الدروس 3:226،و فیه بدل«اشترطا»:«اشترطنا».
3- فی«ش»:«علی المعاوضة».
4- فی«ش»:«الشرط».
5- راجع الجزء الرابع،الصفحة 313.
6- لم یتعرّض قدّس سرّه لمسألة بیع الحیوان فیما سیأتی.

اتّحد الثمن قدراً و جنساً و وصفاً أو لا،و إلّا جاء الدور؛لأنّ بیعه له یتوقّف علی ملکیّته له المتوقّفة علی بیعه،فیدور.أمّا لو شرط أن یبیعه علی غیره،فإنّه یصحّ عندنا حیث لا منافاة فیه للکتاب و السنّة.

لا یقال:ما التزموه من الدور آتٍ هنا؛لأنّا نقول:الفرق ظاهرٌ؛ لجواز أن یکون جاریاً علی حدّ التوکیل أو عقد الفضولی،بخلاف ما لو شرط البیع علی البائع (1)،انتهی.

[*ابوالقاسم علیدوست]

و قد تقدّم تقریر الدور مع جوابه فی باب النقد و النسیة (2).

و قد صرّح فی الدروس:بأنّ هذا الشرط باطلٌ لا للدور،بل لعدم القصد إلی البیع (3).

و یرد علیه و علی الدور:النقض بما إذا اشترط البائع علی المشتری أن یقف المبیع علیه و علی عقبه،فقد صرّح فی التذکرة بجوازه (4)، و صرّح بجواز اشتراط رهن المبیع علی الثمن (5)مع جریان الدور فیه.

الشرط الثامن:أن یلتزم به فی متن العقد،

فلو تواطیا علیه قبله لم یکف ذلک فی التزام المشروط به علی المشهور،بل لم یُعلم فیه

[شماره صفحه واقعی : 54]

ص: 613


1- التذکرة 1:490.
2- کذا فی«ق»،و لم یتقدّم بابهما،بل یأتی بعد أحکام الخیار،و لذا غیّره فی «ش»ب«و سیأتی»،و لعلّ الوجه فی ذلک تقدّمه فی المسودة،و علی أیّ تقدیر انظر الصفحة 232 و ما بعدها.
3- الدروس 3:216.
4- التذکرة 1:493 494،و تقدّم فی الصفحة 45 أیضاً.
5- التذکرة 1:491.

خلافٌ،عدا ما یتوهّم من ظاهر الخلاف و المختلف،و سیأتی (1).لأنّ المشروط علیه إن أنشأ إلزام الشرط علی نفسه قبل العقد کان إلزاماً ابتدائیّاً لا یجب الوفاء به قطعاً و إن کان أثره مستمرّاً فی نفس الملزِم إلی حین العقد،بل إلی حین حصول الوفاء و بعده نظیر بقاء أثر الطلب المُنشأ فی زمانٍ إلی حین حصول المطلوب و إن وعد بإیقاع العقد مقروناً بالتزامه،فإذا ترک ذکره فی العقد فلم یحصل ملزمٌ له.

نعم،یمکن أن یقال:إنّ العقد إذا وقع مع تواطئهما علی الشرط کان قیداً معنویّاً له،فالوفاء بالعقد الخاصّ لا یکون إلّا مع العمل بذلک الشرط،و یکون العقد بدونه تجارةً لا عن تراض؛إذ التراضی وقع مقیّداً بالشرط،فإنّهم قد صرّحوا بأنّ الشرط کالجزء من أحد العوضین، فلا فرق بین أن یقول:«بعتک العبد بعشرةٍ و شرطت لک ماله»و بین تواطئهما علی کون مال العبد للمشتری،فقال:«بعتک العبد بعشرة» قاصدین العشرة المقرونة بکون مال العبد للمشتری.

هذا،مع أنّ الخارج من عموم«المؤمنون عند شروطهم»هو ما لم یقع العقد مبنیّاً علیه،فیعمّ محلّ الکلام.

و علی هذا فلو تواطیا علی شرطٍ فاسدٍ فسد العقد المبنیّ علیه و إن لم یذکر فیه.نعم،لو نسیا الشرط المتواطأ علیه فأوقعا العقد غیر بانین علی الشرط بحیث یقصدان من العوض المقرون بالشرط،اتّجه صحّة العقد و عدم لزوم الشرط.

[*ابوالقاسم علیدوست]

هذا،و لکن الظاهر من کلمات الأکثر عدم لزوم الشرط الغیر

[شماره صفحه واقعی : 55]

ص: 614


1- سیأتی فی الصفحة 57.

المذکور فی متن العقد،و عدم إجراء أحکام الشرط علیه و إن وقع العقد مبنیّاً علیه،بل فی الریاض عن بعض الأجلّة حکایة الإجماع علی عدم لزوم الوفاء بما یشترط لا فی عقدٍ،بعد ما ادّعی هو قدّس سرّه الإجماع علی أنّه لا حکم للشروط إذا کانت قبل عقد النکاح (1).و تتبّع کلماتهم فی باب البیع و النکاح یکشف عن صدق ذلک المحکیّ،فتراهم یجوّزون فی باب الربا و الصرف الاحتیال فی تحلیل معاوضة أحد المتجانسین بأزید منه ببیع الجنس بمساویه ثم هبة الزائد من دون أن یشترط ذلک فی العقد،فإنّ الحیلة لا تتحقّق إلّا بالتواطی علی هبة الزائد بعد البیع و التزام الواهب بها قبل العقد مستمرّاً إلی ما بعده.

و قد صرّح المحقّق و العلّامة فی باب المرابحة:بجواز أن یبیع الشیء من غیره بثمنٍ زائدٍ مع قصدهما نقله بعد ذلک الی البائع لیخبر بذلک الثمن عند بیعه مرابحةً إذا لم یشترطا ذلک لفظاً (2).

و معلومٌ أنّ المعاملة لأجل هذا الغرض لا یکون إلّا مع التواطی و الالتزام بالنقل ثانیاً.

نعم،خصّ فی المسالک ذلک بما إذا وثق البائع بأن المشتری ینقله إلیه من دون التزام ذلک و إیقاع العقد علی هذا الالتزام (3).لکنّه تقییدٌ لإطلاق کلماتهم،خصوصاً مع قولهم:إذا لم یشترطا لفظاً.

و بالجملة،فظاهر عبارتی الشرائع و التذکرة:أنّ الاشتراط و الالتزام من قصدهما و لم یذکراه لفظاً،لا أنّ النقل من قصدهما،فراجع.

[شماره صفحه واقعی : 56]

ص: 615


1- راجع الریاض(الحجریّة)2:116.
2- الشرائع 2:41،و القواعد 2:58،و التذکرة 1:542.
3- المسالک 3:309.

و أیضاً فقد حکی عن المشهور:أنّ عقد النکاح المقصود فیه الأجل و المهر المعیّن إذا خلا عن ذکر الأجل ینقلب دائماً (1).

نعم،ربما ینسب (2)إلی الخلاف و المختلف:صحّة اشتراط عدم الخیار قبل عقد البیع.لکن قد تقدّم (3)فی خیار المجلس النظر فی هذه النسبة إلی الخلاف،بل المختلف،فراجع.

ثمّ إنّ هنا وجهاً آخر لا یخلو عن وجهٍ،و هو بطلان العقد الواقع علی هذا الشرط؛لأنّ الشرط من أرکان العقد المشروط،بل عرفت أنّه کالجزء من أحد العوضین،فیجب ذکره فی الإیجاب و القبول کأجزاء العوضین،و قد صرّح الشهید فی غایة المراد بوجوب ذکر الثمن فی العقد و عدم الاستغناء عنه بذکره سابقاً (4)،کما إذا قال:«بعنی بدرهم»فقال:

«بعتک»فقال المشتری:«قبلت»و سیأتی فی حکم الشرط الفاسد کلامٌ من المسالک (5)إن شاء اللّٰه تعالی.

و قد یتوهّم هنا شرطٌ تاسع،

و هو:تنجیز الشرط،بناءً علی أنّ تعلیقه یسری إلی العقد بعد ملاحظة رجوع الشرط إلی جزءٍ من أحد العوضین،فإنّ مرجع قوله:«بعتک هذا بدرهمٍ علی أن تخیط لی إن

[شماره صفحه واقعی : 57]

ص: 616


1- حکاه فی الجواهر 30:172.
2- نسبه فی مفتاح الکرامة 4:539 540،و راجع الخلاف 3:21،المسألة 28 من کتاب البیوع،و المختلف 5:63.
3- راجع الجزء الخامس،الصفحة 58.
4- غایة المراد 2:16 17.
5- یأتی فی الصفحة 104.

جاء زید»علی وقوع المعاوضة بین المبیع و بین الدرهم المقرون بخیاطة الثوب علی تقدیر مجیء زید،بل یؤدّی إلی البیع بثمنین علی تقدیرین، فباعه بالدرهم المجرّد علی تقدیر عدم مجیء زید،و بالدرهم المقرون مع خیاطة الثوب علی تقدیر مجیئه.

و یندفع:بأنّ الشرط هو الخیاطة علی تقدیر المجیء لا الخیاطة المطلقة لیرجع التعلّق (1)إلی أصل المعاوضة الخاصّة.و مجرّد رجوعهما فی المعنی إلی أمرٍ واحدٍ لا یوجب البطلان؛و لذا اعترف (2)أنّ مرجع قوله:

«أنت وکیلی إذا جاء رأس الشهر فی أن تبیع»و«أنت وکیلی فی أن تبیع إذا جاء رأس الشهر»إلی واحدٍ،مع الاتّفاق علی صحّة الثانی و بطلان الأوّل (3).

[*ابوالقاسم علیدوست]

نعم،ذکر فی التذکرة:أنّه لو شرط البائع کونه أحقّ بالمبیع لو باعه المشتری،ففیه إشکال (4).لکن لم یعلم أنّ وجهه تعلّق (5)الشرط، بل ظاهر عبارة التذکرة و کثیرٍ منهم-فی بیع الخیار بشرط ردّ الثمن- کون الشرط و هو الخیار معلّقاً علی ردّ الثمن.و قد ذکرنا ذلک سابقاً فی بیع الخیار (6).

[شماره صفحه واقعی : 58]

ص: 617


1- فی«ش»:«التعلیق».
2- أی:المتوهّم،بناءً علی نسخة«ق»،و فی«ش»:«اعترف بعضهم بأنّ».
3- من قوله:«و قد یتوهّم..»إلی هنا،قد ورد فی«ق»فی ذیل الشرط السابع.و لم نقف علی منشئه.
4- لم نعثر علیه فی التذکرة.
5- فی«ش»:«تعلیق».
6- راجع الجزء الخامس،الصفحة 129 131.
مسألة فی حکم الشرط الصحیح

و تفصیله:أنّ الشرط إمّا أن یتعلّق بصفةٍ من صفات المبیع الشخصی،ککون العبد کاتباً،و الجاریة حاملاً،و نحوهما.

و إمّا أن یتعلّق بفعلٍ من أفعال أحد المتعاقدین أو غیرهما، کاشتراط إعتاق العبد،و خیاطة الثوب.

و إمّا أن یتعلّق بما هو من قبیل الغایة للفعل،کاشتراط تملّک عینٍ خاصّةٍ،و انعتاق مملوکٍ خاصٍّ،و نحوهما.

و لا إشکال فی أنّه لا حکم للقسم الأوّل إلّا الخیار مع تبیّن فقد الوصف المشروط؛إذ لا یعقل تحصیله هنا،فلا معنی لوجوب الوفاء فیه،و عموم«المؤمنون»مختصٌّ بغیر هذا القسم.

و أمّا الثالث:فإن أُرید باشتراط الغایة-أعنی الملکیّة،و الزوجیة، و نحوهما-اشتراط تحصیلهما بأسبابهما الشرعیّة،فیرجع إلی الثانی،و هو اشتراط الفعل.

و إن أُرید حصول الغایة بنفس الاشتراط،فإن دلّ الدلیل الشرعی علی عدم تحقّق تلک الغایة إلّا بسببها الشرعیّ الخاصّ-کالزوجیة، و الطلاق،و العبودیّة،و الانعتاق،و کون المرهون مبیعاً عند انقضاء

[شماره صفحه واقعی : 59]

ص: 618

الأجل،و نحو ذلک-کان الشرط فاسداً؛لمخالفته للکتاب و السنّة.

کما أنّه لو دلّ الدلیل علی کفایة الشرط فیه کالوکالة،و الوصایة، و کون مال العبد و حمل الجاریة و ثمر الشجرة ملکاً للمشتری- فلا إشکال.

و أمّا لو لم یدلّ دلیلٌ علی أحد الوجهین،کما لو شرط فی البیع کون مالٍ خاصٍّ غیر تابعٍ لأحد العوضین-کالأمثلة المذکورة-ملکاً لأحدهما،أو صدقةً،أو کون العبد الفلانی حرّا،و نحو ذلک،ففی صحّة هذا الشرط إشکالٌ:

من أصالة عدم تحقّق تلک الغایة إلّا بما عُلم کونه سبباً لها، و عموم«المؤمنون عند شروطهم»و نحوه لا یجری هنا؛لعدم کون الشرط فعلاً لیجب الوفاء به.

و من أنّ الوفاء لا یختصّ بفعل ما شرط بل یشمل ترتّب (1)الآثار علیه،نظیر الوفاء بالعقد.و یشهد له تمسّک الإمام علیه السلام بهذا العموم فی موارد کلِّها من هذا القبیل،کعدم الخیار للمکاتبة التی أعانها ولد زوجها علی أداء مال الکتابة مشترطاً علیها عدم الخیار علی زوجها بعد الانعتاق (2)،مضافاً إلی کفایة دلیل الوفاء بالعقود فی ذلک بعد صیرورة الشرط جزءاً للعقد.

[*ابوالقاسم علیدوست]

و أمّا توقّف الملک و شبهه علی أسبابٍ خاصّةٍ فهی دعوی غیر مسموعةٍ مع وجود أفرادٍ اتّفق علی صحّتها،کما فی حمل الجاریة و مال

[شماره صفحه واقعی : 60]

ص: 619


1- فی«ش»:«ترتیب».
2- الوسائل 16:95،الباب 11 من أبواب کتاب المکاتبة،و فیه حدیث واحد.

العبد و غیرهما.

و دعوی:تسویغ ذلک لکونها توابع للمبیع،مدفوعةٌ؛لعدم صلاحیّة ذلک للفرق،مع أنّه یظهر من بعضهم جواز اشتراط ملک حمل دابةٍ فی بیع اخری،کما یظهر من المحقّق الثانی فی شرح عبارة القواعد فی شرائط العوضین:و کلّ مجهولٍ مقصودٍ بالبیع لا یصحّ بیعه و إن انضمّ إلی معلوم (1).

و کیف کان،فالأقوی صحّة اشتراط الغایات التی لم یُعلم من الشارع إناطتها بأسبابٍ خاصّة،کما یصحّ نذر مثل هذه الغایات،بأن ینذر کون المال صدقةً،أو الشاة أُضحیةً،أو کون هذا المال لزید.

و حینئذٍ فالظاهر عدم الخلاف فی وجوب الوفاء بها بمعنی ترتّب (2)الآثار،و إنّما الخلاف و الإشکال فی القسم الثانی،و هو ما تعلّق فیه الاشتراط بفعل.

و الکلام فیه یقع فی مسائل

[شماره صفحه واقعی : 61]

ص: 620


1- العبارة للقواعد،و راجع شرحها فی جامع المقاصد 4:112.
2- فی«ش»:«ترتیب».
الاُولی فی وجوب الوفاء من حیث التکلیف الشرعی

صوت

[*ابوالقاسم علیدوست]

ظاهر المشهور:هو الوجوب؛لظاهر النبوی:«المؤمنون عند شروطهم» (1)و العلوی:«مَنْ شَرَطَ لامرأته شرطاً فلیف لها به،فإنّ المسلمین عند شروطهم إلّا شرطاً حرّم حلالاً أو حلّل حراماً» (2).

و یؤکّد الوجوب ما أُرسل فی بعض الکتب (3)من زیادة قوله:«إلّا من عصی اللّٰه»فی النبوی،بناءً علی کون الاستثناء من المشروط علیه، لا من الشارط.هذا کلّه،مضافاً إلی عموم وجوب الوفاء بالعقد بعد کون الشرط کالجزء من رکن العقد.

خلافاً لظاهر الشهید فی اللمعة-و ربما ینسب إلی غیره-حیث قال:إنّه لا یجب علی المشروط علیه فعل الشرط،و إنّما فائدته جعل البیع عرضةً للزوال (4).

[شماره صفحه واقعی : 62]

ص: 621


1- الوسائل 15:30،الباب 20 من أبواب المهور،ذیل الحدیث 4.
2- الوسائل 15:50،الباب 40 من أبواب المهور،الحدیث 4.
3- أُرسل فی المسالک 3:274،و الروضة 3:506،و عوائد الأیّام:132.
4- اللمعة الدمشقیة:130،و راجع التنقیح الرائع 2:71،حیث قال بعد احتمال الوجوب و عدمه فی العتق المشروط:«و یحتمل الثانی و هو الأصحّ».

و وجهه-مع ضعفه-یظهر ممّا ذکره قدّس سرّه فی تفصیله المحکی فی الروضة عنه قدّس سرّه فی بعض تحقیقاته،و هو:أنّ الشرط الواقع فی العقد اللازم إن کان العقد کافیاً فی تحقّقه و لا یحتاج بعده إلی صیغةٍ فهو لازمٌ لا یجوز الإخلال به کشرط الوکالة،و إن احتاج بعده إلی أمرٍ آخر وراء ذکره فی العقد کشرط العتق فلیس بلازمٍ،بل یقلب العقد اللازم جائزاً.و جعل السرّ فیه:أنّ اشتراط ما العقد کافٍ فی تحقّقه کجزءٍ من الإیجاب و القبول فهو تابعٌ لهما فی اللزوم و الجواز،و اشتراط ما سیوجد أمرٌ منفصلٌ عن العقد و قد علّق علیه العقد،و المعلَّق علی الممکن ممکنٌ،و هو معنی قلب اللازم جائزاً،انتهی.

قال فی الروضة-بعد حکایة هذا الکلام-:و الأقوی اللزوم مطلقاً و إن کان تفصیله أجود ممّا اختاره هنا (1).

أقول:ما ذکره قدّس سرّه فی بعض تحقیقاته لیس تفصیلاً (2)فی محلّ الکلام مقابلاً لما اختاره فی اللمعة؛لأنّ الکلام فی اشتراط فعلٍ سائغ و أنّه هل یصیر واجباً علی المشروط علیه أم لا؟کما ذکره الشهید فی المتن،فمثل اشتراط کونه وکیلاً لیس إلّا کاشتراط ثبوت الخیار أو عدم ثبوته له،فلا یقال:إنّه یجب فعله أو لا یجب.

نعم،وجوب الوفاء بمعنی ترتّب (3)آثار ذلک الشرط المتحقّق بنفس العقد ممّا لا خلاف فیه،إذ لم یقل أحدٌ بعدم ثبوت الخیار أو

[شماره صفحه واقعی : 63]

ص: 622


1- الروضة البهیّة 3:507 508.
2- فی«ش»:«لا یحسن عدّه تفصیلاً».
3- فی«ش»:«ترتیب».

آثار اللزوم بعد اشتراطهما فی العقد.

و بالجملة،فالکلام هنا فی اشتراط فعلٍ یوجد بعد العقد.نعم، کلام الشهید فی اللمعة أعمّ منه و من کلّ شرطٍ لم یُسلم لمشترطه، و مراده تعذّر الشرط.

و کیف کان،فمثل اشتراط الوکالة أو الخیار و عدمه خارجٌ عن محلّ الکلام؛إذ لا کلام و لا خلاف فی وجوب ترتّب آثار الشرط علیه،

[*ابوالقاسم علیدوست]

و لا فی عدم انفساخ العقد بعدم ترتیب الآثار،و لا فی أنّ المشروط علیه یجبر علی ترتیب الآثار.و إن شئت قلت:اشتراط الوکالة من اشتراط الغایات،لا المبادئ.

و ممّا ذکرنا یظهر:أنّ تأیید القول المشهور أو الاستدلال علیه بما فی الغنیة:من الإجماع علی لزوم الوفاء بالعقد (1)غیر صحیح؛لأنّه إنّما ذکر ذلک فی مسألة اشتراط الخیار،و قد عرفت خروج مثل ذلک عن محلّ الکلام.نعم،فی التذکرة:لو اشتری عبداً بشرط أن یعتقه المشتری صحّ البیع و لزم الشرط عند علمائنا أجمع (2).

ثمّ إنّ ما ذکره الشهید قدّس سرّه:من أنّ«اشتراط ما سیوجد أمرٌ منفصلٌ و قد علّق علیه العقد..إلخ»لا یخلو عن نظرٍ؛إذ حاصله أنّ الشرط قد عُلّق علیه العقد فی الحقیقة و إن کان لا تعلیق صورةً، فحاصل قوله:«بعتک هذا العبد علی أن تعتقه»أنّ الالتزام بهذه المعاوضة معلَّقٌ علی التزامک بالعتق،فإذا لم یلتزم بالإعتاق لم یجب

[شماره صفحه واقعی : 64]

ص: 623


1- الغنیة:215.
2- التذکرة:492.

علی المشروط له الالتزام بالمعاوضة.

و فیه-مع أنّ المعروف بینهم:أنّ الشرط بمنزلة الجزء من أحد العوضین،و أنّ مقتضی (1)القاعدة اللفظیّة فی العقد المشروط لا یقتضی هذا المعنی أیضاً،و أنّ رجوعه إلی التعلیق علی المحتمل یوجب عدم الجزم المفسد للعقد و إن لم یکن فی صورة التعلیق-:أنّ لازم هذا الکلام-أعنی دعوی تعلیق العقد علی الممکن-ارتفاعه من رأسٍ عند فقد الشرط لا انقلابه جائزاً.

[شماره صفحه واقعی : 65]

ص: 624


1- لم ترد«مقتضی»فی«ش».
الثانیة

الثانیة (1)فی أنّه لو قلنا بوجوب الوفاء (2)من حیث التکلیف الشرعی،فهل یجبر علیه لو امتنع؟

ظاهر جماعةٍ ذلک (3).

و ظاهر التحریر خلافه،قال فی باب الشروط:إنّ الشرط إن تعلّقت[به (4)]مصلحة المتعاقدین-کالأجل،و الخیار،و الشهادة، و التضمین،و الرهن،و اشتراط صفةٍ مقصودةٍ کالکتابة-جاز و لزم الوفاء.

ثمّ قال:إذا باع بشرط العتق صحّ البیع و الشرط،فإن أعتقه المشتری، و إلّا ففی إجباره وجهان:أقربهما عدم الإجبار (5)،انتهی.

[*ابوالقاسم علیدوست]

و فی الدروس:یجوز اشتراط سائغٍ فی العقد،فیلزم الشرط فی

[شماره صفحه واقعی : 66]

ص: 625


1- فی«ق»:«المقام الثانی»،و هو من سهو القلم.
2- فی«ش»زیادة:«به».
3- منهم المحقّق الثانی فی جامع المقاصد 4:423،و الشهید الثانی فی المسالک 3: 274،و صاحب الجواهر فی الجواهر 23:218.
4- لم یرد فی«ق»،و أثبتناه من المصدر.و فی«ش»:«إن تعلّق بمصلحة».
5- التحریر 1:180.

طرف المشترط علیه،فإن أخلّ به فللمشترِط (1)الفسخ،و هل یملک إجباره علیه؟فیه نظر (2)،انتهی.

و لا معنی للزوم الشرط إلّا وجوب الوفاء.

و قال فی التذکرة-فی فروع مسألة العبد المشترَط عتقه-:إذا أعتقه المشتری فقد وفی بما وجب علیه-إلی أن قال:-و إن امتنع اجبر علیه إن قلنا:إنّه حقٌّ للّٰه تعالی،و إن قلنا:إنّه حقٌّ للبائع لم یُجبر، کما فی شرط الرهن و الکفیل،لکن یتخیّر البائع فی الفسخ؛لعدم سلامة ما شرط.ثمّ ذکر للشافعی وجهین فی الإجبار و عدمه-إلی أن قال-:

و الأولی عندی الإجبار فی شرط الرهن و الکفیل لو امتنع،کما لو شرط تسلیم الثمن معجّلاً فأهمل (3)،انتهی.

و یمکن أن یستظهر هذا القول-أعنی الوجوب تکلیفاً مع عدم جواز الإجبار-من کلّ من استدلّ علی صحّة الشرط بعموم«المؤمنون» مع قوله بعدم وجوب الإجبار،کالشیخ فی المبسوط،حیث استدلّ علی صحّة اشتراط عتق العبد المبیع بقوله صلّی اللّٰه علیه و آله:«المؤمنون عند شروطهم».

ثمّ ذکر:أنّ فی إجباره علی الإعتاق لو امتنع قولین:الوجوب؛لأنّ عتقه قد استحقّ بالشرط،و عدم الوجوب و إنّما یجعل له الخیار.ثمّ قال:

و الأقوی هو الثانی (4)،[انتهی (5)].

[شماره صفحه واقعی : 67]

ص: 626


1- فی«ق»:«فللمشتری».
2- الدروس 3:214.
3- التذکرة 1:492.
4- المبسوط 2:151.
5- لم یرد فی«ق».

فإنّ ظهور النبویّ فی الوجوب من حیث نفسه و من جهة القرائن المتّصلة و المنفصلة ممّا لا مساغ لإنکاره،بل الاستدلال به علی صحّة الشرط عند الشیخ و من تبعه فی عدم إفساد الشرط الفاسد یتوقّف ظاهراً علی إرادة الوجوب منه؛إذ لا تنافی حینئذٍ بین استحباب الوفاء بالشرط و فساده،فلا یدلّ استحباب الوفاء بالعتق المشروط فی المبیع (1)علی صحّته.

ثمّ إنّ الصیمری فی غایة المرام قال:لا خلاف بین علمائنا فی جواز اشتراط العتق؛لأنّه غیر مخالفٍ للکتاب و السنّة،فیجب الوفاء به، قال:و هل یکون حقّا للّٰه تعالی،أو للعبد،أو للبائع؟یحتمل الأوّل -إلی أن قال-:و یحتمل الثالث،و هو مذهب العلّامة فی القواعد و التحریر؛لأنّه استقرب فیهما عدم إجبار المشتری علی العتق،و هو یدلّ علی أنّه حقٌّ للبائع.و علی القول:بأنّه حقٌّ للّٰه،یکون المطالبة للحاکم و یجبره مع الامتناع،و لا یسقط بإسقاط البائع.و علی القول:بکونه للبائع،یکون المطالبة له و یسقط بإسقاطه،و لا یجبر المشتری،و مع الامتناع یتخیّر المشتری (2)بین الإمضاء و الفسخ.و علی القول:بأنّه للعبد،یکون هو المطالب بالعتق،و مع الامتناع یرافعه إلی الحاکم لیجبره علی ذلک،و کسبه قبل العتق للمشتری علی جمیع التقادیر (3)،انتهی.

[*ابوالقاسم علیدوست]

و ظاهر استکشافه مذهب العلّامة قدّس سرّه عن حکمه بعدم الإجبار

[شماره صفحه واقعی : 68]

ص: 627


1- فی«ش»:«البیع».
2- فی المصدر:«البائع»،و فی«ش»:«المشترط».
3- غایة المرام(مخطوط)1:304.

أنّ کلّ شرطٍ یکون حقّا مختصّاً للمشترط لا کلام و لا خلاف فی عدم الإجبار علیه،و هو ظاهر أوّل الکلام السابق فی التذکرة.لکن قد عرفت قوله أخیراً:و الأولی أنّ له إجباره علیه و إن قلنا:إنّه حقٌّ للبائع (1).

و ما أبعد ما بین ما ذکره الصیمری و ما ذکره فی جامع المقاصد و المسالک:من أنّه إذا قلنا بوجوب الوفاء فلا کلام فی ثبوت الإجبار، حیث قال:و اعلم أنّ فی إجبار المشتری علی الإعتاق وجهین:

أحدهما:العدم؛لأنّ للبائع طریقاً آخر للتخلّص (2)و هو الفسخ.و الثانی:

له ذلک؛لظاهر قوله تعالی: أَوْفُوا بِالْعُقُودِ و«المؤمنون عند شروطهم إلّا من عصی اللّٰه»و هو الأوجه (3)،انتهی.

و فی المسالک جعل أحد القولین ثبوت الخیار و عدم وجوب الوفاء،مستدلا له بأصالة عدم وجوب الوفاء،و القول الآخر وجوب الوفاء بالشرط،و استدلّ له:بعموم الأمر بالوفاء[بالعقد (4)]،و المؤمنون عند شروطهم إلّا من عصی اللّٰه،انتهی (5).

و ظاهره:وحدة الخلاف فی مسألتی وجوب الوفاء و التسلّط علی الإجبار.کما أنّ ظاهر الصیمری:الاتّفاق علی وجوب الوفاء،بل و علی

[شماره صفحه واقعی : 69]

ص: 628


1- راجع الصفحة 67.
2- فی«ق»:«للفسخ»،و الظاهر أنّه من سهو القلم.
3- جامع المقاصد 4:422.
4- کذا فی«ش»و المصدر،و فی«ق»:«بالشرط».
5- المسالک 3:274.

عدم الإجبار فیما کان حقّا مختصّاً (1)للبائع.و الأظهر فی کلمات الأصحاب وجود الخلاف فی المسألتین.

و کیف کان،فالأقوی ما اختاره جماعة (2):من أنّ للمشروط [له (3)]إجبار المشروط علیه؛لعموم وجوب الوفاء بالعقد و الشرط،فإنّ العمل بالشرط لیس إلّا کتسلیم العوضین،فإنّ المشروط له قد ملک الشرط علی المشروط علیه بمقتضی العقد المقرون بالشرط،فیجبر علی تسلیمه.

و ما فی جامع المقاصد:من توجیه عدم الإجبار:بأنّ له طریقاً إلی التخلّص بالفسخ،ضعیفٌ فی الغایة؛فإنّ الخیار إنّما شُرّع بعد تعذّر الإجبار دفعاً للضرر.

و قد یتوهّم:أنّ ظاهر الشرط هو فعل الشیء اختیاراً،فإذا امتنع المشروط علیه فقد تعذّر الشرط،و حصول الفعل منه کرهاً غیر ما شُرط (4)علیه،فلا ینفع فی الوفاء بالشرط.

و یندفع:بأنّ المشروط هو نفس الفعل مع قطع النظر عن الاختیار، و الإجبار إنّما یعرض له من حیث إنّه فعلٌ واجبٌ علیه،فإذا أُجبر فقد اجبر علی نفس الواجب.

نعم،لو صرّح باشتراط صدور الفعل عنه اختیاراً و عن رضاً منه لم ینفع إجباره فی حصول الشرط.

[شماره صفحه واقعی : 70]

ص: 629


1- فی محتمل«ق»:«محضاً».
2- منهم المحقّق الثانی فی جامع المقاصد 4:423،و الشهید الثانی فی المسالک 3: 274،و المحقّق السبزواری فی الکفایة:97،و النراقی فی العوائد:137،و صاحب الجواهر فی الجواهر 23:218.
3- لم یرد فی«ق».
4- فی«ش»:«اشترط».
الثالثة فی أنّه هل للمشروط له الفسخ مع التمکّن من الإجبار فیکون مخیّراً بینهما،أم لا یجوز له الفسخ إلّا مع تعذّر الإجبار؟

صوت

[*ابوالقاسم علیدوست]

ظاهر الروضة (1)و غیر واحد (2)هو الثانی.و صریح موضعٍ من التذکرة هو الأوّل،قال:لو باعه شیئاً بشرط أن یبیعه آخر أو یقرضه بعد شهرٍ أو فی الحال لزمه الوفاء بالشرط،فإن أخلّ به لم یبطل البیع،لکن یتخیّر المشتری بین فسخه للبیع و بین إلزامه بما شرط (3)،انتهی.

و لا نعرف مستنداً للخیار مع التمکّن من الإجبار؛لما عرفت:من أنّ مقتضی العقد المشروط هو العمل علی طبق الشرط اختیاراً أو قهراً.

إلّا أن یقال:إنّ العمل بالشرط حقٌّ لازمٌ علی المشروط علیه، یجبر علیه إذا بنی المشروط له علی الوفاء بالعقد،و أمّا إذا أراد الفسخ

[شماره صفحه واقعی : 71]

ص: 630


1- راجع الروضة 3:506.
2- کالمحقّق السبزواری فی الکفایة:97،و النراقی فی العوائد:137،و صاحب الجواهر فی الجواهر 23:219.
3- التذکرة 1:490.

لامتناع المشروط علیه عن الوفاء بالعقد علی الوجه الذی وقع علیه، فله ذلک،فیکون ذلک بمنزلة تقایلٍ من الطرفین عن تراضٍ منهما.

[*ابوالقاسم علیدوست]

و هذا الکلام لا یجری مع امتناع أحدهما عن تسلیم أحد العوضین لیجوز للآخر فسخ العقد؛لأنّ کلاّ منهما قد ملک ما فی ید الآخر، و لا یخرج عن ملکه بعدم تسلیم صاحبه،فیجبران علی ذلک.بخلاف الشرط،فإنّ المشروط (1)حیث فرض فعلاً کالإعتاق فلا معنی لتملّکه، فإذا امتنع المشروط علیه عنه فقد نَقَض العقد،فیجوز للمشروط له أیضاً نقضه،فتأمّل.

ثمّ علی المختار:من عدم الخیار إلّا مع تعذّر الإجبار،لو کان الشرط من قبیل الإنشاء القابل للنیابة،فهل یوقعه الحاکم عنه إذا فرض تعذّر إجباره؟الظاهر ذلک؛لعموم ولایة السلطان علی الممتنع، فیندفع ضرر المشروط له بذلک.

[شماره صفحه واقعی : 72]

ص: 631


1- فی«ق»زیادة:«له»،و هی من سهو القلم.
الرابعة لو تعذّر الشرط فلیس للمشتری

الرابعة لو تعذّر الشرط فلیس للمشتری (1)إلّا الخیار،لعدم دلیلٍ علی الأرش،

فإنّ الشرط فی حکم القید لا یقابَل بالمال،بل المقابلة عرفاً و شرعاً إنّما هی بین المالین،و التقیید أمرٌ معنویٌّ لا یُعدّ مالاً و إن کانت مالیّة المال تزید و تنقص بوجوده و عدمه،و ثبوت الأرش فی العیب لأجل النصّ.

و ظاهر العلّامة قدّس سرّه:ثبوت الأرش إذا اشترط عتق العبد فمات العبد قبل العتق (2).

و تبعه الصیمری فیما إذا اشترط تدبیر العبد،قال:فإن امتنع من تدبیره تخیّر البائع بین الفسخ و استرجاع العبد و بین الإمضاء،فیرجع بالتفاوت بین قیمته لو بیع مطلقاً و قیمته بشرط التدبیر (3)،انتهی.

و مراده ب«التفاوت»:مقدار جزءٍ من الثمن نسبته إلیه کنسبة

[شماره صفحه واقعی : 73]

ص: 632


1- فی«ش»:«للمشترط».
2- راجع التذکرة 1:492.
3- غایة المرام(مخطوط)1:305.

التفاوت إلی القیمة،لا تمام التفاوت؛لأنّ للشرط قسطاً من الثمن،فهو مضمونٌ به لا بتمام قیمته،کما نصّ علیه فی التذکرة (1).

[*ابوالقاسم علیدوست]

و ضعّف فی الدروس (2)قول العلّامة بما ذکرنا:من أنّ الثمن لا یقسّط علی الشروط.

و أضعف منه ثبوت الأرش بمجرّد امتناع المشتری عن الوفاء بالشرط و إن لم یتعذّر،کما عن الصیمری (3).

و لو کان الشرط عملاً من المشروط علیه یُعدّ مالاً و یقابل بالمال -کخیاطة الثوب-فتعذّر،ففی استحقاق المشروط له لاُجرته أو مجرّد ثبوت الخیار له،وجهان.

قال فی التذکرة:لو شرط علی البائع عملاً سائغاً تخیّر المشتری بین الفسخ و المطالبة به أو بعوضه إن فات وقته و کان ممّا یتقوّم،کما لو شرط تسلیم الثوب مصبوغاً فأتاه به غیر مصبوغٍ و تلف فی ید المشتری،و لو لم یکن ممّا یتقوّم تخیّر بین الفسخ و الإمضاء مجّاناً (4)، انتهی.

و قال أیضاً:لو کان الشرط علی المشتری مثل أن باعه داره بشرط أن یصبغ له ثوبه فتلف الثوب،تخیّر البائع بین الفسخ و الإمضاء بقیمة الفائت إن کان ممّا له قیمةٌ،و إلّا مجّاناً (5)،انتهی.

[شماره صفحه واقعی : 74]

ص: 633


1- راجع التذکرة 1:492.
2- الدروس 3:216.
3- راجع غایة المرام(مخطوط)1:305.
4- التذکرة 1:491.
5- التذکرة 1:491.

و الظاهر أنّ مراده ب«ما یتقوّم»ما یتقوّم فی نفسه،سواء کان عملاً محضاً کالخیاطة،أو عیناً کمال العبد المشترط معه،أو عیناً و عملاً کالصبغ،لا ما لَه مدخلٌ فی قیمة العوض؛إذ کلّ شرطٍ کذلک.

و ما ذکره قدّس سرّه لا یخلو عن وجهٍ و إن کان مقتضی المعاوضة بین العوضین بأنفسهما کون الشرط-مطلقاً-قیداً غیر مقابلٍ بالمال،فإنّ المبیع هو الثوب المخیط و العبد المصاحب للمال لا الثوب و الخیاطة و العبد و ماله؛و لذا لا یشترط قبض ما بإزاء المال من النقدین فی المجلس لو کان من أحدهما.و سیجیء فی المسألة السابعة المعاملة مع بعض الشروط معاملة الأجزاء (1).

[شماره صفحه واقعی : 75]

ص: 634


1- انظر الصفحة 81.
الخامسة لو تعذّر الشرط و قد خرج العین عن سلطنة المشروط علیه بتلفٍ أو بنقلٍ أو رهنٍ أو استیلادٍ

صوت

[*ابوالقاسم علیدوست]

فالظاهر عدم منع ذلک عن الفسخ.فإذا فسخ ففی رجوعه علیه بالقیمة،أو بالعین مع بقائها بفسخ العقد الواقع علیه من حینه،أو من أصله،وجوهٌ تقدّمت (1)فی أحکام الخیار، و تقدّم (2):أنّ الأقوی الرجوع بالبدل؛جمعاً بین الأدلّة.

هذا کلّه مع صحّة العقد الواقع،بأن لا یکون منافیاً للوفاء بالشرط.

و أمّا لو کان منافیاً-کبیع ما اشترط وقفه علی البائع-ففی صحّته مطلقاً أو مع إذن المشروط له أو إجازته،أو بطلانه،وجوهٌ خیرها أوسطها.

فلو باع بدون إذنه کان للمشروط[له (3)]فسخه و إلزامه بالوفاء

[شماره صفحه واقعی : 76]

ص: 635


1- کذا فی«ق»،و لم یتقدّم البحث عن أحکام الخیار،بل یأتی عن قریبٍ بعد حکم الشرط الفاسد.و الحمل علی سهو القلم أیضاً بعید،و لعلّه کان متقدّماً فی المسودة.و لذلک غیّرهما مصحّح«ش»ب«یأتی»،و انظر الصفحة 152.
2- کذا فی«ق»،و لم یتقدّم البحث عن أحکام الخیار،بل یأتی عن قریبٍ بعد حکم الشرط الفاسد.و الحمل علی سهو القلم أیضاً بعید،و لعلّه کان متقدّماً فی المسودة.و لذلک غیّرهما مصحّح«ش»ب«یأتی»،و انظر الصفحة 152.
3- لم یرد فی«ق».

بالشرط.نعم،لو لم نقل بإجبار المشروط علیه فالظاهر صحّة العقد الثانی.

فإذا فسخ المشروط له،ففی انفساخ العقد من حینه،أو من أصله،أو الرجوع بالقیمة،وجوهٌ،رابعها:التفصیل بین التصرّف بالعتق فلا یبطل-لبنائه علی التغلیب-فیرجع بالقیمة،و بین غیره فیبطل، اختاره فی التذکرة و الروضة.

قال فی فروع مسألة العبد المشترَط عتقه بعد ما ذکر:أنّ إطلاق اشتراط العتق یقتضی عتقه مجّاناً،فلو أعتقه بشرط الخدمة مدّةً،تخیّر المشروط له بین الإمضاء و الفسخ فیرجع بقیمة العبد.قال بعد ذلک:

و لو باعه المشتری أو وقفه أو کاتبه تخیّر البائع بین الفسخ و الإمضاء، فإن فسخ بطلت (1)العقود؛لوقوعها فی غیر ملکٍ تامّ،و تفارق (2)هذه العتقَ بشرط الخدمة (3)؛لأنّ العتق مبنیٌّ علی التغلیب،فلا سبیل إلی فسخه.و هل له إمضاء البیع مع طلب فسخ ما نقله المشتری؟فیه احتمالٌ (4)،انتهی.و مثله ما فی الروضة (5).

[*ابوالقاسم علیدوست]

و قال فی الدروس فی العبد المشروط عتقه:و لو أخرجه عن ملکه ببیعٍ أو هبةٍ أو وقفٍ،فللبائع فسخ ذلک کلّه (6)،انتهی.و ظاهره

[شماره صفحه واقعی : 77]

ص: 636


1- فی«ش»و المصدر زیادة:«هذه».
2- فی«ش»:«تخالف».
3- لم ترد«الخدمة»فی المصدر.
4- التذکرة 1:492 493.
5- راجع الروضة البهیّة 3:506.
6- الدروس 3:216.

ما اخترناه،و یحتمل ضعیفاً غیره.

و فی جامع المقاصد:الذی ینبغی،أنّ المشتری ممنوعٌ من کلّ تصرّفٍ ینافی العتق المشترط (1).

ثمّ إنّ هذا الخیار کما لا یسقط بتلف العین کذلک لا یسقط بالتصرّف فیها،کما نبّه علیه فی المسالک فی أوّل خیار العیب فیما لو اشترط الصحّة علی البائع (2).

نعم،إذا دلّ التصرّف علی الالتزام بالعقد[لزم العقد و سقط الخیار (3)]نظیر خیار المجلس و الحیوان بناءً علی ما استفید من بعض أخبار خیار الحیوان المشتمل علی سقوط خیاره بالتصرّف،معلّلاً بحصول الرضا بالعقد.و أمّا مطلق التصرّف فلا.

[شماره صفحه واقعی : 78]

ص: 637


1- جامع المقاصد 4:426.
2- المسالک 3:282.
3- لم یرد فی«ق».
السادسة للمشروط له إسقاط شرطه إذا کان ممّا یقبل الإسقاط،

لا مثل اشتراط مال العبد،أو حمل الدابة؛لعموم ما تقدّم فی إسقاط الخیار و غیره من الحقوق.

و قد یُستثنی من ذلک ما کان حقّا لغیر المشروط له کالعتق،فإنّ المصرّح به فی کلام جماعةٍ-کالعلّامة و ولده و الشهیدین و غیرهم-:عدمُ سقوطه بإسقاط المشروط له.

قال فی التذکرة:الأقوی عندی أنّ العتق المشروط اجتمع فیه حقوقٌ:حقٌّ للّٰه،و حقٌّ للبائع،و حقٌّ آخر للعبد.ثمّ استقرب-بناءً علی ما ذکره-مطالبةَ العبد بالعتق لو امتنع المشتری (1).

و فی الإیضاح:الأقوی أنّه حقٌّ للبائع و للّٰه تعالی،فلا یسقط بالإسقاط (2)،انتهی.

و فی الدروس:لو أسقط البائع الشرط جاز إلّا العتق،لتعلّق حقّ

[شماره صفحه واقعی : 79]

ص: 638


1- التذکرة 1:492.
2- الإیضاح 1:514.

العبد و حقّ اللّٰه تعالی به (1)،انتهی.

و فی جامع المقاصد:أنّ التحقیق أنّ العتق فیه معنی القربة و العبادة و هو حقّ اللّٰه تعالی،و زوال الحجر و هو حقٌّ للعبد،و فوات المالیّة علی الوجه المخصوص للقربة و هو حقّ البائع (2)(3)،انتهی.

أقول:أمّا کونه حقّا للبائع من حیث تعلّق غرضه بوقوع هذا الأمر المطلوب للشارع،فهو واضحٌ.

[*ابوالقاسم علیدوست]

و أمّا کونه حقّا للعبد،فإن أُرید به مجرّد انتفاعه بذلک فهذا لا یقتضی سلطنةً له علی المشتری،بل هو متفرّعٌ علی حقّ البائع دائرٌ معه وجوداً و عدماً.و إن أُرید به ثبوت حقٍّ علی المشتری یوجب السلطنة علی المطالبة فلا دلیل علیه،و دلیل الوفاء لا یوجب إلّا ثبوت الحقّ للبائع.

و بالجملة،فاشتراط عتق العبد لیس إلّا کاشتراط أن یبیع المبیع من زیدٍ بأدون من ثمن المثل أو یتصدّق به علیه،و لم یذکر أحدٌ أنّ لزیدٍ المطالبة.

و ممّا ذکر یظهر الکلام فی ثبوت حقّ اللّٰه تعالی،فإنّه إن أُرید به مجرّد وجوبه علیه لأنّه وفاءٌ بما شرط العباد بعضهم لبعض فهذا جارٍ فی کلّ شرطٍ،و لا ینافی ذلک سقوط الشروط بالإسقاط.و إن أُرید ما عدا ذلک من حیث کون العتق مطلوباً للّٰه-کما ذکره جامع المقاصد-ففیه:

أنّ مجرّد المطلوبیّة إذا لم یبلغ حدّ الوجوب لا یوجب الحقّ للّٰه علی وجهٍ یلزم به الحاکم،و لا وجوب هنا من غیر جهة وجوب الوفاء بشروط العباد و القیام بحقوقهم.و قد عرفت أنّ المطلوب غیر هذا،فافهم.

[شماره صفحه واقعی : 80]

ص: 639


1- الدروس 3:216.
2- فی«ش»و المصدر:«للبائع».
3- جامع المقاصد 4:421.
السابعة قد عرفت أنّ الشرط من حیث هو شرطٌ لا یقسّط علیه الثمن عند انکشاف التخلّف علی المشهور؛

لعدم الدلیل علیه بعد عدم دلالة العقد عرفاً علی مقابلة أحد العوضین إلّا بالآخر،و الشرع لم یزد علی أن أمَرَ (1)بالوفاء بذلک المدلول العرفی،فتخلُّفُ الشرط لا یقدح فی تملّک کلٍّ منهما لتمام العوضین.

هذا،و لکن قد یکون الشرط تضمّن المبیع لما هو جزءٌ له حقیقةً، بأن یشتری مرکّباً و یشترط کونه (2)کذا و کذا جزءاً،کأن یقول:بعتک هذه الأرض أو الثوب أو الصبرة علی أن یکون کذا ذراعاً أو صاعاً، فقد جعل الشرط ترکّبه من أجزاءٍ معیّنةٍ.

فهل یلاحظ حینئذٍ جانب القیدیّة و یقال:إنّ المبیع هو العین الشخصیّة المتّصفة بوصف کونه کذا جزءاً،فالمتخلّف هو قیدٌ من قیود العین-کالکتابة و نحوها فی العبد-لا یوجب فواتها إلّا خیاراً بین الفسخ و الإمضاء بتمام الثمن؟

[شماره صفحه واقعی : 81]

ص: 640


1- کذا فی«ق»،و فی«ش»:«لم یزد علی ذلک إذ أمره».
2- فی«ق»:«کونها»،و هو سهو.

أو یلاحظ جانب الجزئیّة؛فإنّ المذکور و إن کان بصورة القید إلّا أنّ منشأ انتزاعه هو وجود الجزء الزائد و عدمه،فالمبیع فی الحقیقة هو کذا و کذا جزءاً،إلّا أنّه عبّر عنه بهذه العبارة،کما لو أخبره بوزن المبیع المعیّن فباعه اعتماداً علی إخباره،فإنّ وقوع البیع علی العین الشخصیّة لا یوجب عدم تقسیط الثمن علی الفائت.و بالجملة،فالفائت عرفاً و فی الحقیقة هو الجزء و إن کان بصورة الشرط،فلا یجری فیه ما مرّ:من عدم التقابل إلّا بین نفس العوضین؟ و لأجل ما ذکرنا وقع الخلاف فیما لو باعه أرضاً علی أنّها جُربانٌ معیّنةٌ،أو صبرةً علی أنّها أصوعٌ معیَّنةٌ.

و تفصیل ذلک:العنوان الذی ذکره فی التذکرة بقوله:

[*ابوالقاسم علیدوست]

لو باعه شیئاً و شرط فیه قدراً معیّناً فتبیّن الاختلاف من حیث الکمّ،فأقسامه أربعة:

لأنّه إمّا أن یکون مختلف الأجزاء أو متّفقها،و علی التقدیرین:فإمّا أن یزید و إمّا أن ینقص (1).

فالأوّل: تبیّن النقص فی متساوی الأجزاء.و لا إشکال فی الخیار، و إنّما الإشکال و الخلاف فی أنّ له الإمضاء بحصّته (2)من الثمن،أو لیس له الإمضاء إلّا بتمام الثمن.

فالمشهور-کما عن غایة المرام (3)-هو الأوّل،و قد حکی عن المبسوط و الشرائع و جملةٍ من کتب العلّامة و الدروس و التنقیح و الروضة

[شماره صفحه واقعی : 82]

ص: 641


1- الی هنا تمّ ما ذکره عن التذکرة مع تفاوت،راجع التذکرة 1:494.
2- فی«ش»:«بحصّة».
3- حکاه السیّد العاملی فی مفتاح الکرامة 4:744،و راجع غایة المرام (مخطوط)1:309.

و ظاهر السرائر و إیضاح النافع (1)حیث اختارا ذلک فی مختلف الأجزاء، فیکون کذلک فی متساوی الأجزاء بطریقٍ أولی.و یظهر من استدلال بعضهم علی الحکم فی مختلف الأجزاء کونه فی متساوی الأجزاء مفروغاً عنه.و عن مجمع البرهان:أنّه ظاهر القوانین الشرعیة (2).

و وجهه-مضافاً إلی فحوی الروایة الآتیة فی القسم الثانی-ما أشرنا إلیه:من أنّ کون المبیع الشخصی بذلک المقدار و إن کان بصورة الشرط،إلّا أنّ مرجعه إلی کون المبیع هذا القدر،کما لو کالا طعاماً فاشتراه فتبیّن الغلط فی الکیل،و لا یرتاب أهل العرف فی مقابلة الثمن لمجموع المقدار المعیّن المشترط هنا.

خلافاً لصریح القواعد (3)و محکی الإیضاح (4).و قوّاه فی محکیّ حواشی الشهید و المیسیّة (5)و الکفایة (6).و استوجهه فی المسالک (7).و یظهر

[شماره صفحه واقعی : 83]

ص: 642


1- حکی عنهم جمیعاً السیّد العاملی فی مفتاح الکرامة 4:744،و راجع المبسوط 2:155،و الشرائع 2:35،و التحریر 1:177،و التبصرة:100،الفصل الثامن فی التسلیم،و المختلف 5:267-268،و الدروس 3:198،و التنقیح الرائع 2:76، و الروضة 3:267،و السرائر 2:377،و إیضاح النافع(مخطوط)لا یوجد لدینا.
2- مجمع الفائدة 8:530.
3- القواعد 2:92-93.
4- حکاه السیّد العاملی فی مفتاح الکرامة 4:744،و راجع إیضاح الفوائد 1: 517.
5- حکاه عنهما السیّد العاملی فی مفتاح الکرامة 4:744،و لا یوجدان لدینا.
6- کفایة الأحکام:90،و فیه:«الأقرب..».
7- المسالک 3:280.

من جامع المقاصد (1)أیضاً؛لأنّ المبیع هو الموجود الخارجی کائناً ما کان،غایة الأمر أنّه التزم أن یکون بمقدارٍ معیّنٍ،و هو وصفٌ غیر موجودٍ فی المبیع،فأوجب الخیار،کالکتابة المفقودة فی العبد.و لیس مقابل الثمن نفس ذلک المقدار؛لأنّه غیر موجودٍ فی الخارج؛مع أنّ مقتضی تعارض الإشارة و الوصف غالباً ترجیح الإشارة عرفاً،فإرجاع قوله:«بعتک هذه الصبرة علی أنّها عشرة أصوع»إلی قوله:«بعتک عشرة أصوع موجودة فی هذا المکان»تکلّف.

و الجواب:أنّ کونه من قبیل الشرط مسلّمٌ،إلّا أنّ الکبری و هی:

«أنّ کلّ شرطٍ لا یوزّع علیه الثمن»ممنوعةٌ؛فإنّ المستند فی عدم التوزیع عدم المقابلة عرفاً،و العرف حاکمٌ فی هذا الشرط بالمقابلة،فتأمّل.

الثانی: تبیّن النقص فی مختلف الأجزاء.و الأقوی فیه ما ذکر من التقسیط مع الإمضاء،وفاقاً للأکثر؛لما ذکر سابقاً:من قضاء العرف بکون ما انتزع منه الشرط جزءاً من المبیع،مضافاً إلی خبر ابن حنظلة:«رجلٌ باع أرضاً علی أنّها عشرة أجْربةٍ،فاشتری المشتری منه بحدوده و نقد الثمن و أوقع صفقة البیع و افترقا،فلمّا مسح الأرض فإذا هی خمسة أجْربةٍ؟قال:فإن شاء استرجع فضل ماله و أخذ الأرض،و إن شاء ردّ المبیع و أخذ المال کلّه،إلّا أن یکون له إلی جنب تلک الأرض أرضون فلیوفه (2)،و یکون البیع لازماً،فإن لم یکن له فی

[شماره صفحه واقعی : 84]

ص: 643


1- جامع المقاصد 4:428 و 430.
2- کذا فی«ق»،و فی«ش»:«فلیوفه»مثل التهذیب و فی الفقیه:«فیوفّیه»، و فی الوسائل:«فلیؤخذ».

ذلک المکان غیر الذی باع،فإن شاء المشتری أخذ الأرض و استرجع فضل ماله،و إن شاء ردّ الأرض و أخذ المال کلّه..الخبر» (1).

[*ابوالقاسم علیدوست]

و لا بأس باشتماله علی حکمٍ مخالفٍ للقواعد؛لأنّ غایة الأمر علی فرض عدم إمکان إرجاعه إلیها و مخالفة ظاهره للإجماع طرح ذیله الغیر المسقط لصدره عن الاحتجاج.

خلافاً للمحکّی عن المبسوط (2)و جمیع من قال فی الصورة الأُولی بعدم التقسیط (3)؛لما ذکر هناک:من کون المبیع عیناً خارجیّاً لا یزید و لا ینقص لوجود الشرط و عدمه،و الشرط التزامٌ من البائع بکون تلک العین بذلک المقدار،کما لو اشترط حمل الدابّة أو مال العبد فتبیّن عدمهما.و زاد بعض هؤلاء (4)[علی (5)]ما فرّق به فی المبسوط بین الصورتین (6):بأنّ الفائت هنا لا یعلم قسطه من الثمن؛لأنّ المبیع مختلف الأجزاء،فلا یمکن قسمته علی عدد الجُربان.

و فیه مضافاً إلی (7)أنّ عدم معلومیّة قسطه لا یوجب عدم

[شماره صفحه واقعی : 85]

ص: 644


1- ما نقله قدّس سرّه هو الحدیث بتمامه،و لا وجه لزیادة«الخبر»،راجع الوسائل 12:361،الباب 14 من أبواب الخیار،الحدیث الأوّل.
2- المبسوط 2:154.
3- تقدّم عنهم فی الصفحة 83.
4- کالمحقّق الثانی فی جامع المقاصد 4:428،و الشهید الثانی فی المسالک 3: 278.
5- اقتضاه السیاق.
6- المبسوط 3:155.
7- لم یرد«مضافاً إلی»فی«ش».

استحقاق المشتری ما یستحقّه علی تقدیر العلم،فیمکن التخلّص بصلحٍ أو نحوه،إلّا أن یدّعی استلزام ذلک جهالة ثمن المبیع فی ابتداء العقد،مع عدم إمکان العلم به عند الحاجة إلی التقسیط، و فیه نظرٌ (1)-:منعُ عدم المعلومیّة؛لأنّ الفائت صفة کون هذه الأرض المعیّنة المشخّصة عشرة أجْربةٍ،و یحصل فرضه-و إن کان المفروض مستحیل الوقوع-بتضاعف کلّ جزءٍ من الأرض؛لأنّه معنی فرض نفس الخمسة عشرةً.و فرضه أیضاً بصیرورة ثلاثةٍ منها ثمانیةً أو أربعةٍ تسعةً أو واحدٍ ستّةً أو غیر ذلک و إن کان ممکناً، إلّا أنّه لا یقدح (2)مع فرض تساوی قطاع الأرض،و مع اختلافها فظاهر التزام کونها عشرةً مع رؤیة قطاعها المختلفة أو وصفها له یقضی بلزوم کون کلّ جزءٍ منها مضاعفاً علی ما هو علیه من الصفات المرئیّة أو الموصوفة.

ثمّ إنّ المحکی عن الشیخ العمل بذیل الروایة المذکورة (3)،و نفی عنه البعد فی التذکرة (4)معلّلاً:بأنّ القطعة المجاورة للمبیع أقرب إلی المثل من الأرش.

و فیه-مع منع کون نحو الأرض مثلیّا-:أنّ الفائت لم یقع

[شماره صفحه واقعی : 86]

ص: 645


1- لم ترد«نظر»فی«ش».
2- کذا فی«ق»،و فی«ش»:«لا ینفع».
3- و هو المعبّر عنه فی بعض الکتب مثل المسالک 3:278 بالقول الثالث للشیخ المحکی عن نهایته،و راجع النهایة:420.
4- التذکرة 1:494.

المعاوضة علیه فی ابتداء العقد،و قسطه من الثمن باقٍ فی ملک المشتری، و لیس مضموناً علی البائع حتّی یقدم مثله علی قیمته.و أمّا الشیخ قدّس سرّه فالظاهر استناده فی ذلک إلی الروایة.

[*ابوالقاسم علیدوست]

الثالث: أن تتبیّن الزیادة عمّا شرط علی البائع.فإن دلّت القرینة علی أنّ المراد اشتراط بلوغه بهذا المقدار لا بشرط عدم الزیادة،فالظاهر أنّ الکلّ للمشتری و لا خیار.و إن أُرید ظاهره-و هو کونه شرطاً للبائع من حیث عدم الزیادة و علیه من حیث عدم النقیصة- ففی کون الزیادة للبائع و تخیّر المشتری للشرکة،أو تخیّر البائع بین الفسخ و الإجازة لمجموع الشیء بالثمن،وجهان:

من أنّ مقتضی ما تقدّم-من أنّ اشتراط بلوغ المقدار المعیّن بمنزلة تعلّق البیع به فهو شرطٌ صورةً و له حکم الجزء عرفاً-:

أنّ اشتراط عدم الزیادة علی المقدار المعیّن هنا بمنزلة الاستثناء و إخراج الزائد عن المبیع (1).

و من الفرق بینهما:بأنّ اشتراط عدم الزیادة شرطٌ عرفاً،و لیس بمنزلة الاستثناء،فتخلّفه لا یوجب إلّا الخیار.

و لعلّ هذا أظهر،مضافاً إلی إمکان الفرق بین الزیادة و النقیصة -مع اشتراکهما لکون (2)مقتضی القاعدة فیهما کونهما من تخلّف الوصف لا نقص الجزء أو زیادته-:بورود النصّ المتقدّم فی النقیصة،و یبقی الزیادة علی مقتضی الضابطة؛و لذا اختار الاحتمال الثانی بعض من قال

[شماره صفحه واقعی : 87]

ص: 646


1- فی ظاهر«ق»:«البیع».
2- کذا فی«ق»،و فی«ش»:«فی کون».

بالتقسیط فی طرف (1)النقیصة (2).

و قد یحکی عن المبسوط القول بالبطلان هنا (3)؛لأنّ البائع لم یقصد بیع الزائد و المشتری لم یقصد شراء البعض.و فیه تأمّل.

الرابع (4): أن تتبیّن الزیادة فی مختلف الأجزاء،و حکمه یعلم ممّا ذکرنا.

[شماره صفحه واقعی : 88]

ص: 647


1- فی«ش»:«أطراف».
2- مثل صاحب الجواهر،انظر الجواهر 23:232 و راجع مفتاح الکرامة 4: 743.
3- لم نعثر علی الحاکی عنه فی متساوی الأجزاء،نعم حکی عنه فی مختلف الأجزاء،راجع مفتاح الکرامة 4:743،و المبسوط 2:152-155.
4- فی«ق»:«الرابعة».و هو سهو.
[مسألة]

[مسألة] (1)فی حکم الشرط الفاسد

[و الکلام فیه یقع فی أُمور:] (2)

[الأوّل]

[الأوّل] (3)[أنّ الشرط الفاسد] (4)لا تأمّل فی عدم وجوب الوفاء به،

بل هو داخلٌ فی الوعد،فإن کان العمل به مشروعاً استحبّ الوفاء به علی القول بعدم فساد أصل العقد.

و لا تأمّل أیضاً فی أنّ الشرط الفاسد لأجل الجهالة یفسد العقد؛ لرجوع الجهالة فیه إلی جهالة أحد العوضین،فیکون البیع غرراً.

و کذا لو کان الاشتراط موجباً لمحذورٍ آخر فی أصل البیع، کاشتراط بیع المبیع من البائع ثانیاً؛لأنّه موجب للدور،أو لعدم القصد إلی البیع الأوّل،أو للتعبّد من أجل الإجماع أو النصّ.و کاشتراط جعل

[شماره صفحه واقعی : 89]

ص: 648


1- العنوان منّا.
2- ما بین المعقوفات لم یرد فی«ق»،و أثبتناه من«ش»لاقتضاء السیاق له.
3- ما بین المعقوفات لم یرد فی«ق»،و أثبتناه من«ش»لاقتضاء السیاق له
4- ما بین المعقوفات لم یرد فی«ق»،و أثبتناه من«ش»لاقتضاء السیاق له

الخشب المبیع صنماً؛لأنّ المعاملة علی هذا الوجه أکلٌ للمال بالباطل، و لبعض الأخبار (1).

و إنّما الإشکال فیما کان فساده لا لأمرٍ مخلٍّ بالعقد،فهل یکون مجرّد فساد الشرط موجباً لفساد العقد أم یبقی العقد علی الصحّة؟قولان:

حکی أوّلهما (2)عن الشیخ (3)و الإسکافی (4)و ابن البرّاج (5)و ابن سعید (6)، و ثانیهما للعلّامة (7)و الشهیدین (8)و المحقّق الثانی (9)و جماعةٍ ممّن تبعهم (10).

[شماره صفحه واقعی : 90]

ص: 649


1- راجع الوسائل 12:127،الباب 41 من أبواب ما یکتسب به.
2- کذا فی النسخ،و لکن المحکیّ فی الموردین عکس ذلک،کما نبّه علیه الشهیدی فی حاشیته بقوله:«ینبغی أن یقول ثانیهما عن الشیخ و الإسکافی و ابن البرّاج و ابن سعید،و أوّلهما للعلّامة إلی آخره،فراجع کلماتهم»هدایة الطالب:580، و راجع مفتاح الکرامة 4:732،و الجواهر 23:211.
3- المبسوط 2:149.
4- حکاه عنه العلّامة فی المختلف 5:298.
5- حکاه عنه العلّامة أیضاً فی المختلف 5:298،و لم نعثر علیه فیما بأیدینا من کتبه،بل الموجود فی المهذّب 1:389 الحکم بالفساد.
6- الجامع للشرائع:272.
7- راجع المختلف 5:298،و القواعد 2:90،و غیرهما من کتبه.
8- راجع الدروس 3:214-215،و اللمعة و شرحها(الروضة البهیّة)3: 505،و المسالک 3:273.
9- جامع المقاصد 4:431.
10- منهم الفاضل المقداد فی التنقیح 2:70 و 74،و المحقّق الأردبیلی 8:148، و المحقّق السبزواری فی الکفایة:97،و راجع تفصیل ذلک فی مفتاح الکرامة 4: 732.

و ظاهر ابن زهرة فی الغنیة:التفصیل بین الشرط الغیر المقدور کصیرورة الزرع سنبلاً و البسر تمراً،و بین غیره من الشروط الفاسدة، فادّعی فی الأوّل عدم الخلاف فی الفساد و الإفساد (1).

[*ابوالقاسم علیدوست]

و مقتضی التأمّل فی کلامه:أنّ الوجه فی ذلک صیرورة المبیع غیر مقدورٍ علی تسلیمه،و لو صحّ ما ذکره من الوجه خرج هذا القسم من الفاسد عن محلّ الخلاف؛ لرجوعه-کالشرط المجهول-إلی ما یوجب اختلال بعض شروط العوضین.

لکن صریح العلّامة فی التذکرة:وقوع الخلاف فی الشرط الغیر المقدور،و مثّله بالمثالین المذکورین،و نسب القول بصحّة العقد إلی بعض علمائنا (2).

و الحقّ:أنّ الشرط الغیر المقدور من حیث هو غیر مقدورٍ لا یوجب تعذّر التسلیم فی أحد العوضین.نعم،لو أوجبه فهو خارجٌ عن محلّ النزاع،کالشرط المجهول حیث یوجب کون المشروط بیع الغرر.

و ربما ینسب إلی ابن المتوّج البحرانی (3)التفصیل بین الفاسد لأجل عدم تعلّق غرضٍ مقصودٍ للعقلاء به فلا یوجب فساد العقد-کأکل طعامٍ بعینه أو لبس ثوبٍ کذلک-و بین غیره.

و قد تقدّم (4)فی اشتراط کون الشرط ممّا یتعلّق به غرضٌ مقصودٌ

[شماره صفحه واقعی : 91]

ص: 650


1- الغنیة:215.
2- التذکرة 1:490.
3- نسبه إلیه السیّد العاملی فی مفتاح الکرامة 4:732،و صاحب الجواهر فی الجواهر 23:211.
4- تقدّم فی الصفحة 20.

للعقلاء عن التذکرة و غیرها:أنّ هذا الشرط لغوٌ لا یؤثّر الخیار، و الخلاف فی أنّ اشتراط الکفر صحیحٌ أم لا،و عدم الخلاف ظاهراً فی لغویّة اشتراط کیل المسلَم فیه بمکیالٍ شخصیٍّ معیّن.

و ظاهر ذلک کلِّه التسالم علی صحّة العقد و لو مع لغویّة الشرط.

و یؤیّد الاتّفاق علی[عدم (1)]الفساد استدلال القائلین بالإفساد:

بأنّ للشرط قسطاً من الثمن،فیصیر الثمن مع فساد الشرط مجهولاً.

نعم،استدلالهم الآخر علی الإفساد بعدم التراضی مع انتفاء الشرط ربما یؤیّد عموم محلّ الکلام لهذا الشرط،إلّا أنّ الشهیدین ممّن استدلّ بهذا الوجه و صرّح بلغویّة اشتراط الکفر و الجهل بالعبادات، بحیث یظهر منه صحّة العقد،فراجع (2).

و کیف کان،فالقول بالصحّة فی أصل المسألة لا یخلو عن قوّةٍ، وفاقاً لمن تقدّم؛لعموم الأدلّة السالم عن معارضة ما یخصّصه،عدا وجوه:

أحدها: ما ذکره فی المبسوط للمانعین:من أنّ للشرط قسطاً من العوض مجهولاً،فإذا سقط لفساده صار العوض مجهولاً (3).

و فیه-بعد النقض بالشرط الفاسد فی النکاح الذی یکون بمنزلة جزءٍ من الصداق فیجب علی هذا سقوط المسمّی و الرجوع إلی مهر المثل-:

أوّلاً:منع مقابلة شیءٍ (4)من العوضین عرفاً و لا شرعاً؛لأنّ

[شماره صفحه واقعی : 92]

ص: 651


1- لم یرد فی«ق»،و الظاهر سقوطه من القلم.
2- راجع الدروس 3:215،و لم نعثر علیه فی کتب الشهید الثانی.
3- المبسوط 2:149.
4- کذا فی«ق»أیضاً،و الأولی فی العبارة:«مقابلة الشرط بشیءٍ»کما استظهره مصحّح«ش».

مدلول العقد هو وقوع المعاوضة بین الثمن و المثمن،غایة الأمر کون الشرط قیداً لأحدهما یکون له دخلٌ فی زیادة العوض و نقصانه، و الشرع لم یحکم علی هذا العقد إلّا بإمضائه علی النحو الواقع علیه، فلا یقابل الشرط بجزءٍ من العوضین؛و لذا لم یکن فی فقده إلّا الخیار بین الفسخ و الإمضاء مجّاناً،کما عرفت.

و ثانیاً:منع جهالة ما بإزاء الشرط من العوض؛إذ لیس العوض المنضمّ إلی الشرط و المجرّد عنه إلّا کالمتّصف بوصف الصحّة و المجرّد عنه، فی کون التفاوت بینهما مضبوطاً فی العرف؛و لذا حکم العلّامة فیما تقدّم (1)بوجوب الأرش لو لم یتحقّق العتق المشروط فی صحّة بیع المملوک،و بلزوم قیمة الصبغ المشروط فی بیع الثوب.

و ثالثاً:منع کون الجهالة الطارئة علی العوض قادحةً،إنّما القادح هو الجهل به عند إنشاء العقد.

[*ابوالقاسم علیدوست]

الثانی: أنّ التراضی إنّما وقع علی العقد الواقع علی النحو الخاصّ، فإذا تعذّرت الخصوصیّة لم یبق التراضی؛لانتفاء المقیّد بانتفاء القید، و عدم بقاء الجنس مع ارتفاع الفصل،فالمعاوضة بین الثمن و المثمن بدون الشرط معاوضةٌ أُخری محتاجةٌ إلی تراضٍ جدید و إنشاءٍ جدید،و بدونه یکون التصرّف أکلاً للمال لا عن تراضٍ.

و فیه:منع کون ارتباط الشرط بالعقد علی وجهٍ یُحوج انتفاؤه إلی معاملةٍ (2)جدیدةٍ عن تراضٍ جدید.و مجرّد الارتباط لا یقتضی ذلک،

[شماره صفحه واقعی : 93]

ص: 652


1- تقدّم فی الصفحة 73،و راجع التذکرة 1:491 و 492.
2- فی«ش»:«معاوضة».

کما إذا تعذّر بعض (1)أحد العوضین،أو انکشف فقد بعض الصفات المأخوذة فی البیع،کالکتابة و الصحّة،و کالشروط الفاسدة فی عقد النکاح،فإنّه لا خلاف نصّاً (2)و فتوی فی عدم فساد النکاح بمجرّد فساد شرطه المأخوذ فیه.و قد تقدّم (3):أنّ ظاهرهم فی الشرط الغیر المقصود للعقلاء فی السلم و غیره عدم فساد العقد به،و تقدّم (4)أیضاً:أنّ ظاهرهم أنّ الشرط الغیر المذکور فی العقد لا حکم له،صحیحاً کان أو فاسداً.

و دعوی:أنّ الأصل فی الارتباط هو انتفاء الشیء بانتفاء ما ارتبط به،و مجرّد عدم الانتفاء فی بعض الموارد لأجل الدلیل لا یوجب التعدّی،مدفوعةٌ:بأنّ المقصود من بیان الأمثلة:أنّه لا یستحیل التفکیک بین الشرط و العقد،و أنّه لیس التصرّف المترتّب علی العقد بعد انتفاء ما ارتبط به فی الموارد المذکورة تصرّفاً لا عن تراضٍ جوّزه الشارع تعبّداً و قهراً علی المتعاقدین،فما هو التوجیه فی هذه الأمثلة هو التوجیه فیما نحن فیه؛و لذا اعترف فی جامع المقاصد:بأنّ فی الفرق بین الشرط الفاسد و الجزء الفاسد عسراً (5).

و الحاصل:أنّه یکفی للمستدلّ بالعمومات منع کون الارتباط

[شماره صفحه واقعی : 94]

ص: 653


1- فی«ش»:«إذا تبیّن نقص».
2- راجع الوسائل 15:40،الباب 29 من أبواب المهور،و الصفحة 340،الباب 42 من أبواب کتاب الطلاق.
3- تقدّم فی الصفحة 20.
4- تقدّم فی الصفحة 54 و ما بعدها.
5- جامع المقاصد 4:431-432.

مقتضیاً لکون العقد بدون الشرط تجارةً لا عن تراض،مستنداً إلی النقض بهذه الموارد.و حَلّ ذلک:أنّ القیود المأخوذة (1)]فی المطلوبات العرفیّة و الشرعیّة:

منها:ما هو رکنٌ للمطلوب،ککون المبیع حیواناً ناطقاً لا ناهقاً (2)، و کون مطلوب المولی إتیان تُتُن الشطب لا الأصفر الصالح للنارجیل، و مطلوب الشارع الغسل بالماء للزیارة (3)،فإنّ العرف یحکم فی هذه الأمثلة بانتفاء المطلوب لانتفاء هذه القیود،فلا یقوم الحمار مقام العبد، و لا الأصفر مقام التتُن،و لا التیمُّم مقام الغسل.

و منها:ما لیس کذلک،ککون العبد صحیحاً،و التتُن جیّداً،و الغسل بماء الفرات،فإنّ العرف یحکم فی هذه الموارد بکون الفاقد نفس المطلوب.و الظاهر أنّ الشرط من هذا القبیل،لا من قبیل الأوّل، فلا یعدّ التصرّف الناشئ عن العقد بعد فساد الشرط تصرّفاً لا عن تراضٍ.

نعم،غایة الأمر أنّ فوات القید هنا موجبٌ للخیار لو کان المشروط له جاهلاً بالفساد،نظیر فوات الجزء و الشرط الصحیحین.

و لا مانع من التزامه

[*ابوالقاسم علیدوست]

و إن لم یظهر منه أثرٌ فی کلام القائلین بهذا القول.

[شماره صفحه واقعی : 95]

ص: 654


1- الزیادة اقتضتها الضرورة.
2- کان أصل العبارة فی«ق»هکذا:«ککون المبیع إنساناً لا حماراً»ثمّ شطب علی«إنساناً»و کتب بدله:«حیواناً ناطقاً،لا ناهقاً»و بقیت کلمة«لا حماراً»لم یشطب علیها،و من هنا وقع الالتباس و أُثبتت العبارة فی بعض النسخ هکذا: «ککون المبیع حیواناً ناطقاً،لا ناهقاً حماراً»،کما فی«ف»و«ن».
3- فی«ش»زیادة:«لأجل التنظیف».

الثالث: روایة عبد الملک بن عتبة عن الرضا علیه السلام (1):«عن الرجل ابتاع منه طعاماً أو متاعاً علی أن لیس منه علیّ و ضیعة،هل یستقیم ذلک؟ما حدّ ذلک (2)؟قال:لا ینبغی» (3)و الظاهر أنّ المراد الحرمة لا الکراهة کما فی المختلف (4)؛إذ مع صحّة العقد لا وجه لکراهة الوفاء بالوعد.

و روایة الحسین بن المنذر:«قال:قلت لأبی عبد اللّٰه علیه السلام:

الرجل یجیئنی فیطلب منّی العینة،فأشتری المتاع من أجله،ثمّ أبیعه إیّاه،ثمّ أشتریه منه مکانی؟فقال:إذا کان هو بالخیار إن شاء باع و إن شاء لم یبع،و کنت أنت بالخیار إن شئت اشتریت و إن شئت لم تشتر فلا بأس،فقلت:إنّ أهل المسجد یزعمون أنّ هذا فاسدٌ، و یقولون:إنّه إن جاء به بعد أشهرٍ صحّ،قال:إنّما هذا تقدیمٌ و تأخیرٌ لا بأس» (5)فإنّ مفهومه ثبوت البأس إذا لم یکونا أو أحدهما مختاراً فی ترک المعاملة الثانیة،و عدم الاختیار فی ترکها إنّما یتحقّق باشتراط فعلها فی ضمن العقد الأوّل،و إلّا فلا یُلزم له (6)علیها،فیصیر الحاصل:أنّه

[شماره صفحه واقعی : 96]

ص: 655


1- کذا فی«ق»أیضاً،و الموجود فی التهذیب و الوسائل:«سألت أبا الحسن موسی علیه السلام».
2- العبارة فی«ش»:«هل یستقیم هذا؟و کیف هذا؟و ما حدّ ذلک؟»،و فی التهذیب و الوسائل:«هل یستقیم هذا؟و کیف یستقیم وجه ذلک؟».
3- الوسائل 12:409،الباب 35 من أبواب أحکام العقود.
4- المختلف 5:311.
5- الوسائل 12:370،الباب 5 من أبواب أحکام العقود،الحدیث 4.
6- لم ترد«له»فی«ش».

إذا باعه بشرط أن یبیعه منه أو یشتریه منه لم یصحّ البیع الأوّل فکذا الثانی،أو لم یصحّ الثانی لأجل فساد الأوّل،إذ لا مفسد له غیره.

و روایة علیّ بن جعفر عن أخیه علیه السلام قال:«سألته عن رجلٍ باع ثوباً بعشرة دراهم إلی أجلٍ،ثم اشتراه بخمسةٍ نقداً،أ یحلّ؟قال:

إذا لم یشترطا و رضیا فلا بأس» (1)و دلالتها أوضح من الاُولی.

و الجواب أمّا عن الاُولی:فبظهور«لا ینبغی»فی الکراهة، و لا مانع من کراهة البیع علی هذا النحو،لا (2)أنّ البیع صحیحٌ غیر مکروهٍ و الوفاء بالشرط مکروهٌ.

[*ابوالقاسم علیدوست]

و أمّا عن الروایتین:

فأوّلاً:بأنّ الظاهر من الروایة (3)-بقرینة حکایة فتوی أهل المسجد علی خلاف قول الإمام علیه السلام فی الروایة الاُولی-هو رجوع البأس فی المفهوم إلی الشراء،و لا ینحصر وجه فساده فی فساد البیع؛ لاحتمال أن یکون من جهة عدم الاختیار فیه الناشئ عن التزامه فی خارج العقد الأوّل،فإنّ العرف لا یفرّقون فی إلزام المشروط علیه بالوفاء بالشرط بین وقوع الشرط فی متن العقد أو فی الخارج،فإذا التزم به أحدهما فی خارج العقد الأوّل کان وقوعه للزومه علیه عرفاً، فیقع لا عن رضاً منه فیفسد.

و ثانیاً:بأنّ غایة مدلول الروایة فساد البیع المشروط فیه بیعه

[شماره صفحه واقعی : 97]

ص: 656


1- الوسائل 12:371،الباب 5 من أبواب أحکام العقود،الحدیث 6.
2- فی«ش»بدل«لا»:«من».
3- فی«ش»:«الروایتین».

علیه ثانیاً،و هو ممّا لا خلاف فیه حتّی ممّن قال بعدم فساد العقد بفساد شرطه-کالشیخ فی المبسوط (1)-فلا یتعدّی منه إلی غیره،فلعلّ البطلان فیه للزوم الدور کما ذکره العلّامة (2)،أو لعدم قصد البیع کما ذکره الشهید قدّس سرّه (3)،أو لغیر ذلک.

بل التحقیق:أنّ مسألة اشتراط بیع المبیع خارجةٌ عمّا نحن فیه؛ لأنّ الفساد لیس لأجل کون نفس الشرط فاسداً،لأنّه فی نفسه لیس مخالفاً للکتاب و السنّة،و لا منافیاً لمقتضی العقد،بل الفساد فی أصل البیع لأجل نفس هذا الاشتراط فیه لا لفساد ما اشترط.و قد أشرنا إلی ذلک فی أوّل المسألة؛و لعلّه لما ذکرنا لم یستند إلیهما (4)أحدٌ فی مسألتنا هذه.

و الحاصل:أنّی لم أجد لتخصیص العمومات فی هذه المسألة ما یطمئن (5)به النفس.

و یدلّ علی الصحّة أیضاً جملةٌ من الأخبار:

منها:ما عن المشایخ الثلاثة-فی الصحیح-عن الحلبی عن الصادق علیه السلام:«أنّه ذکر أنّ بریرة کانت عند زوجٍ لها و هی مملوکةٌ، فاشترتها عائشة فأعتقتها،

[*ابوالقاسم علیدوست]

فخیّرها رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله فقال:إن شاءت قعدت عند زوجها و إن شاءت فارقته،و کان موالیها الذین

[شماره صفحه واقعی : 98]

ص: 657


1- المبسوط 2:149.
2- التذکرة 1:490.
3- الدروس 3:216.
4- فی«ش»:«إلیها».
5- کذا،و الأنسب:«تطمئن».

باعوها اشترطوا علی عائشة أنّ لهم ولاءها،فقال صلّی اللّٰه علیه و آله:الولاء لمن أعتق» (1).

و حملها علی الشرط الخارج عن العقد مخالفٌ لتعلیل فساده فی هذه الروایة إشارةً و فی غیرها صراحةً بکونه مخالفاً للکتاب و السنّة.

فالإنصاف:أنّ الروایة فی غایة الظهور.

و منها:مرسلة جمیل و صحیحة الحلبی:

الأُولی عن أحدهما علیهما السلام:«فی الرجل یشتری الجاریة و یشترط لأهلها أن لا یبیع و لا یهب و لا یورث،قال:یفی بذلک إذا شرط لهم، إلّا المیراث» (2).

فإنّ الحکم بوجوب الوفاء بالأوّلین دون الثالث مع اشتراط الجمیع فی العقد لا یکون إلّا مع عدم فساد العقد بفساد شرطه.و لو قلنا بمقالة المشهور:من فساد اشتراط عدم البیع و الهبة-حتی أنّه حکی عن کاشف الرموز:أنی لم أجد عاملاً بهذه الروایة (3)-کان الأمر بالوفاء محمولاً علی الاستحباب و یتمّ المطلوب أیضاً،و یکون استثناء اشتراط الإرث؛لأنّ الملک فیه قهری للوارث،لا معنی لاستحباب وفاء

[شماره صفحه واقعی : 99]

ص: 658


1- الکافی 5:486،الحدیث الأوّل،و الفقیه 3:134،الحدیث 3497،و التهذیب 7:341،الحدیث 1396،و راجع الوسائل 14:559،الباب 52 من أبواب نکاح العبید و الإماء،الحدیث 2،و 16:40،الباب 37 من کتاب العتق، الحدیث 2.
2- الوسائل 15:49،الباب 40 من أبواب المهور،الحدیث 3.
3- کشف الرموز 1:475.

المشتری به.مع أنّ تحقّق الإجماع علی بطلان شرط عدم البیع و الهبة ممنوعٌ،کما لا یخفی.

و الثانیة عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام:«عن الشرط فی الإماء، لا تباع (1)و لا توهب؟قال:یجوز ذلک غیر المیراث،فإنّها تورث، و کلّ شرطٍ خالف کتاب اللّٰه فهو رَدٌّ..الخبر» (2)فإنّ قوله علیه السلام:

«فإنّها تورث»یدلّ علی بقاء البیع الذی شرط فیه أن لا تورث علی الصحّة،بل یمکن أن یستفاد من قوله بعد ذلک:«کلّ شرطٍ خالف کتاب اللّٰه عزّ و جل فهو ردٌّ»-أی لا یعمل به-:أنّ جمیع ما ورد فی بطلان الشروط المخالفة لکتاب اللّٰه جلّ ذکره یراد بها عدم العمل بالشرط،لا بطلان أصل البیع.و یؤیّده ما ورد فی بطلان الشروط الفاسدة فی ضمن عقد النکاح (3).

و قد یستدلّ علی الصحّة:بأنّ صحّة الشرط فرعٌ علی صحّة البیع، فلو کان الحکم بصحّة البیع موقوفاً علی صحّة الشرط لزم الدور.و فیه ما لا یخفی.

و الإنصاف:أنّ المسألة فی غایة الإشکال؛و لذا توقّف فیها بعضٌ تبعاً للمحقّق قدّس سرّه (4).

[شماره صفحه واقعی : 100]

ص: 659


1- فی«ش»زیادة:«و لا تورث».
2- الوسائل 13:43،الباب 15 من أبواب بیع الحیوان،الحدیث الأوّل.
3- راجع تفصیل ذلک فی الصفحة 23 24 و 94.
4- راجع الشرائع 2:34،حیث قال:«قیل:یصحّ البیع و یبطل الشرط»،و لم یحکم بشیءٍ،و یظهر من ابن فهد فی المهذّب البارع(2:406-407)،حیث نقل القولین و لم یحکم بشیءٍ،و هو الظاهر من إیضاح الفوائد 1:518 أیضاً.

ثمّ علی تقدیر صحّة العقد،ففی ثبوت الخیار للمشروط له مع جهله بفساد الشرط وجهٌ؛من حیث کونه فی حکم تخلّف الشرط الصحیح،فإنّ المانع الشرعی کالعقلی،فیدلّ علیه ما یدلّ علی خیار تخلّف الشرط.و لا فرق فی الجهل المعتبر فی الخیار بین کونه بالموضوع أو بالحکم الشرعی؛و لذا یُعذر الجاهل بثبوت الخیار أو بفوریّته.

و لکن یشکل:بأنّ العمدة فی خیار تخلّف الشرط هو الإجماع، و أدلّة نفی الضرر قد تقدّم غیر مرةٍ أنّها لا تصلح لتأسیس الحکم الشرعی إذا لم یعتضد بعمل جماعةٍ؛لأنّ المعلوم إجمالاً أنّه لو عمل بعمومها لزم منه تأسیس فقهٍ جدیدٍ خصوصاً إذا جعلنا الجهل بالحکم الشرعی عذراً،

[*ابوالقاسم علیدوست]

فرُبَّ ضررٍ یترتّب علی المعاملات من أجل الجهل بأحکامها،خصوصاً الصحّة و الفساد،فإنّ ضرورة الشرع قاضیةٌ فی أغلب الموارد بأنّ الضرر المترتّب علی فساد معاملةٍ مع الجهل به لا یتدارک،مع أنّ مقتضی تلک الأدلّة نفی الضرر الغیر الناشئ عن تقصیر المتضرّر فی دفعه،سواء کان الجهل متعلّقاً بالموضوع أم بالحکم، و إن قام الدلیل فی بعض المقامات علی التسویة بین القاصر و المقصّر.

فالأقوی فی المقام عدم الخیار و إن کان یسبق خلافه فی بوادی الأنظار (1).

[شماره صفحه واقعی : 101]

ص: 660


1- فی«ش»:«بادی الأنظار».
الثانی لو أسقط المشروط له الشرط الفاسد علی القول بإفساده،

لم یصحّ بذلک العقد؛لانعقاده بینهما علی الفساد،فلا ینفع إسقاط المفسد.

و یحتمل الصحّة بناءً علی أنّ التراضی إنّما حصل علی العقد المجرّد عن الشرط،فیکون کتراضیهما علیه حال العقد.

و فیه:أنّ التراضی إنّما ینفع إذا وقع علیه العقد أو لحق العقد السابق،کما فی بیع المکرَه و الفضولی،أمّا إذا طرأ الرضا علی غیر ما وقع علیه العقد فلا ینفع؛لأنّ متعلّق الرضا لم یُعقد علیه و متعلّق العقد لم یُرض به.

و یظهر من بعض مواضع التذکرة التردّد فی الفساد بعد إسقاط الشرط،قال:یشترط فی العمل المشروط علی البائع أن یکون محلَّلاً، فلو اشتری العِنَب علی شرط أن یعصره البائع خمراً لم یصحّ الشرط و البیع علی إشکالٍ،ینشأ من جواز إسقاط المشتری الشرط عن البائع و الرضا به خالیاً عنه و هو المانع من صحّة البیع،و من اقتران البیع بالمبطل.

و بالجملة،فهل یُثمر اقتران مثل هذا الشرط بطلان البیع من أصله

[شماره صفحه واقعی : 102]

ص: 661

بحیث لو رضی صاحبه بإسقاطه لا یرجع البیع صحیحاً،أو إیقاف البیع بدونه فإن لم یرض بدونه بطل و إلّا صحّ؟ نظرٌ (1)،انتهی.

و لا یُعرف وجهٌ لما ذکره من احتمال الإیقاف.

[شماره صفحه واقعی : 103]

ص: 662


1- التذکرة 1:490.
[الثالث]

[الثالث] (1)لو ذکر الشرط الفاسد قبل العقد لفظاً و لم یذکر فی العقد،فهل یبطل العقد بذلک

بناءً علی أنّ الشرط الفاسد مفسدٌ أم لا؟وجهان،بل قولان مبنیّان علی تأثیر الشرط قبل العقد.

فإن قلنا:بأنّه لا حکم له-کما هو ظاهر المشهور،و قد تقدّم فی الشروط-لم یفسد،و إلّا فسد (2).و یظهر من المسالک هنا قولٌ ثالث، قال فی مسألة اشتراط بیع المبیع من البائع:المراد باشتراط ذلک شرطه فی متن العقد،فلو کان فی أنفسهما ذلک و لم یشترطاه لم یضرّ.و لو شرطاه قبل العقد لفظاً،فإن کانا یعلمان بأنّ الشرط المتقدّم لا حکم له، فلا أثر له،و إلّا اتّجه بطلان العقد کما لو ذکراه فی متنه؛لأنّهما لم یقدما إلّا علی الشرط و لم یتمّ لهما،فیبطل العقد (3)،انتهی.

[*ابوالقاسم علیدوست]

و فی باب المرابحة بعد ذکر المحقّق فی المسألة المذکورة:أنّه«لو کان

[شماره صفحه واقعی : 104]

ص: 663


1- مکانه بیاض فی«ق».
2- فی«ش»:«أفسد».
3- المسالک 3:224.

من قصدهما ذلک و لم یشترطاه لفظاً کره»قال فی المسالک:أی لم یشترطا فی نفس العقد فلا عبرة بشرطه قبله.نعم،لو توهّم لزوم ذلک أو نسی ذکره فیه مع ذکره قبله،اتّجه الفساد (1)،انتهی.

ثم حکی اعتراضاً علی المحقّق قدّس سرّه و جواباً عنه بقوله:

قیل علیه:إنّ مخالفة القصد لِلَّفظ تقتضی بطلان العقد؛لأنّ العقود تتبع القصود،فکیف یصحّ العقد مع مخالفة اللفظ للقصد.و أُجیب:بأنّ القصد و إن کان معتبراً فی الصحّة فلا یعتبر فی البطلان،لتوقّف البطلان علی اللفظ و القصد،و کذلک الصحّة،و لم یوجد فی الفرض.ثمّ قال قدّس سرّه:

و فیه منعٌ ظاهر،فإنّ اعتبارهما معاً فی الصحّة یقتضی کون تخلّف أحدهما کافیاً فی البطلان،و یرشد إلیه عبارة الساهی و النائم (2)و المکرَه، فإنّ المتخلّف الموجب للبطلان هو القصد[خاصّةً،و إلّا فاللفظ موجودٌ (3)].

ثمّ قال:و الذی ینبغی فهمه أنّه لا بدّ من قصدهما[إلی (4)]البیع المترتّب علیه أثر الملک للمشتری علی وجهٍ لا یلزمه ردّه،و إنّما یفتقر قصدهما لردّه بعد ذلک بطریق الاختیار،نظراً إلی وثوق البائع بالمشتری أنّه لا یمتنع من ردّه إلیه بعقدٍ جدیدٍ بمحض اختیاره و مروّته،انتهی (5)کلامه.

أقول:إذا أوقعا العقد المجرّد علی النحو الذی یوقعانه مقترناً

[شماره صفحه واقعی : 105]

ص: 664


1- المسالک 3:308.
2- فی«ش»و المصدر:«الغالط».
3- لم یردا فی«ق».
4- لم یردا فی«ق».
5- المسالک 3:308 309.

بالشرط و فُرض عدم التفاوت بینهما فی البناء علی الشرط و الالتزام به إلّا بالتلفّظ بالشرط و عدمه،فإن قلنا بعدم اعتبار التلفّظ فی تأثیر الشرط الصحیح و الفاسد،فلا وجه للفرق بین من یعلم فساد الشرط و غیره،فإنّ العالم بالفساد لا یمنعه علمه عن الإقدام علی العقد مقیّداً بالالتزام بما اشترطه خارج العقد،بل إقدامه کإقدام من یعتقد الصحّة، کما لا فرق فی إیقاع العقد الفاسد بین من یعلم فساده و عدم ترتّب أثرٍ شرعیٍّ علیه،و غیره.

و بالجملة،فالإقدام علی العقد مقیّداً أمرٌ عرفیٌّ یصدر من المتعاقدین و إن علما بفساد الشرط.

و أمّا حکم صورة نسیان ذکر الشرط:فإن کان مع نسیان أصل الشرط-کما هو الغالب-فالظاهر الصحّة؛لعدم الإقدام علی العقد مقیّداً،غایة الأمر أنّه کان عازماً علی ذلک لکن غفل عنه.نعم،لو اتّفق إیقاع العقد مع الالتفات إلی الشرط ثمّ طرأ علیه النسیان فی محلّ ذکر الشرط کان کتارک ذکر الشرط عمداً تعویلاً علی تواطئهما السابق.

[شماره صفحه واقعی : 106]

ص: 665

[الرابع]

[الرابع] (1)لو کان فساد الشرط لأجل عدم تعلّق غرضٍ معتدٍّ به عند العقلاء

فظاهر کلام جماعةٍ من القائلین بإفساد الشرط الفاسد کونه لغواً غیر مفسدٍ للعقد.

قال فی التذکرة فی باب العیب:لو شرط ما لا غرض فیه للعقلاء و لا یزید به المالیّة،فإنّه لغوٌ لا یوجب الخیار (2).و قد صرّح فی مواضع أُخر-فی باب الشروط-بصحّة العقد و لغویة الشرط (3).

و قد صرّح الشهید بعدم ثبوت الخیار إذا اشترط کون العبد کافراً فبان مسلماً (4).و مرجعه إلی لغویّة الاشتراط.

[شماره صفحه واقعی : 107]

ص: 666


1- لم یرد فی«ق».
2- التذکرة 1:524.
3- راجع التذکرة 1:494،و فیها:«فیما لو باع مکیلاً أو موزوناً أو مذروعاً بشرط أن یقال بمکیال معین-إلی أن قال:-صحّ البیع لکن یلغو الشرط»، و الصفحة 495،و الجزء 2:12.
4- الدروس 3:215.

و قد ذکروا فی السلم لغویّة بعض الشروط (1)،کاشتراط الوزن بمیزانٍ معیّن.

و لعلّ وجه عدم قدح هذه الشروط:أنّ الوفاء بها لمّا لم یجب شرعاً و لم یکن فی تخلّفها أو تعذّرها خیارٌ خرجت عن قابلیّة تقیید العقد بها؛لعدم عدّها کالجزء من أحد العوضین.

و یشکل:بأنّ لغویّتها لا تنافی تقیید العقد بها فی نظر المتعاقدین، فاللازم إمّا بطلان العقد و إمّا وجوب الوفاء،کما إذا جعل بعض الثمن ممّا لا یُعدّ مالاً فی العرف.

[شماره صفحه واقعی : 108]

ص: 667


1- کما فی التذکرة 1:556،و الدروس 3:253،و راجع مفتاح الکرامة 4: 453-454،و تقدّم فی الصفحة 20.
فی أحکام الخیار
اشاره
اشاره

فی أحکام الخیار (1)

[فی أن الخیار موروث و الاستدلال علیه]

الخیار موروثٌ بأنواعه بلا خلافٍ بین الأصحاب،کما فی الریاض (2)و ظاهر الحدائق (3).

و فی التذکرة:إنّ الخیار عندنا موروثٌ؛لأنّه من الحقوق کالشفعة و القصاص فی جمیع أنواعه،و به قال الشافعی إلّا فی خیار المجلس (4).

و ادّعی فی الغنیة:الإجماع علی إرث خیاری المجلس و الشرط.

و استدلّ علیه-مع ذلک-:بأنّه حقٌ للمیّت،فیورث لظاهر القرآن (5).

و تبعه بعض من تأخّر عنه (6)،و زید علیه الاستدلال بالنبوی:«ما ترک

[شماره صفحه واقعی : 109]

ص: 668


1- فی«ش»:«الکلام فی أحکام الخیار».
2- الریاض 8:202.
3- الحدائق 19:70.
4- التذکرة 1:536.
5- الغنیة:221.
6- الظاهر-و اللّٰه العالم-أنّ المراد به هو ابن إدریس فی السرائر 2:249، حیث قال:«خیار المجلس و الشرط،موروث عندنا».

المیّت من حقٍّ فلوارثه» (1).

أقول:الاستدلال علی هذا الحکم بالکتاب و السنّة الواردین فی إرث ما ترک المیّت یتوقّف علی ثبوت أمرین:

أحدهما:کون الخیار حقّا لا حکماً شرعیّاً،کالإجازة (2)لعقد الفضولی،و جواز الرجوع فی الهبة و سائر العقود الجائزة،فإنّ الحکم الشرعی ممّا لا یورث،و کذا ما تردّد بینهما،للأصل.

[*ابوالقاسم علیدوست]

و لیس فی الأخبار ما یدلّ علی ذلک،عدا ما دلّ علی انتفاء الخیار بالتصرّف معلّلاً بأنّه رضاً (3)،کما تقدّم فی خیار الحیوان (4).و التمسّک بالإجماع علی سقوطه بالإسقاط فیکشف عن کونه حقّا لا حکماً،مستغنی عنه بقیام الإجماع علی نفس الحکم.

الثانی:کونه حقّا قابلاً للانتقال لیصدق أنّه ممّا ترکه المیّت،بأن لا یکون وجود الشخص و حیاته مقوّماً له،و إلّا فمثل حقّ الجلوس فی السوق و المسجد و حقّ الخیار المجعول للأجنبیّ (5)و حقّ التولیة و النظارة غیر قابلٍ للانتقال،فلا یورث.و إثبات هذا الأمر بغیر الإجماع أیضاً مشکلٌ،و التمسّک فی ذلک باستصحاب بقاء الحقّ و عدم انقطاعه بموت

[شماره صفحه واقعی : 110]

ص: 669


1- لم نعثر علیه فی المجامیع الحدیثیّة،نعم أورده الفقهاء فی کتبهم مثل المسالک 12:341،و الریاض 2:202.
2- فی«ش»:«کإجازة العقد الفضولی».
3- الوسائل 12:351،الباب 4 من أبواب الخیار،الحدیث الأوّل.
4- راجع الجزء الخامس:97 و ما بعدها.
5- لم ترد«و حقّ الخیار المجعول للأجنبی»فی«ش».

ذی الحقّ أشکل؛لعدم إحراز الموضوع؛لأنّ الحقّ لا یتقوّم إلّا بالمستحقّ.

و کیف کان،ففی الإجماع المنعقد علی نفس الحکم کفایةٌ إن شاء اللّٰه تعالی.

بقی الکلام:فی أنّ إرث الخیار لیس تابعاً لإرث المال فعلاً،فلو فرض استغراق دین المیّت لترکته لم یمنع انتقال الخیار إلی الوارث.

و لو کان الوارث ممنوعاً لنقصانٍ فیه-کالرقّیة أو القتل للمورث أو الکفر-فلا إشکال فی عدم الإرث؛لأنّ الموجب لحرمانه من المال موجبٌ لحرمانه من سائر الحقوق.

و لو کان حرمانه من المال لتعبّدٍ شرعیٍّ-کالزوجة غیر ذات الولد،أو مطلقاً بالنسبة إلی العقار،و غیر الأکبر من الأولاد بالنسبة إلی الحبوة-ففی حرمانه من الخیار المتعلّق بذلک المال مطلقاً،أو عدم حرمانه کذلک،وجوهٌ،بل أقوال:

ثالثها:التفصیل بین کون ما یحرم الوارث عنه منتقلاً إلی المیّت أو عنه،فیرث فی الأوّل،صرّح به فخر الدین فی الإیضاح (1)،و فسّر به عبارة والده،کالسیّد العمید (2)و شیخنا الشهید فی الحواشی (3).

و رابعها:عدم الجواز فی تلک الصورة و الإشکال فی غیرها،صرّح به فی جامع المقاصد (4).

[شماره صفحه واقعی : 111]

ص: 670


1- إیضاح الفوائد 1:487.
2- کنز الفوائد 1:451.
3- لا توجد لدینا،و حکاه عنها السیّد العاملی فی مفتاح الکرامة 4:590.
4- جامع المقاصد 4:306.

و لم أجد من جزم بعدم الإرث مطلقاً،و إن أمکن توجیهه:بأنّ ما یحرم منه هذا الوارث إن کان قد انتقل عن المیّت فالفسخ لا معنی له؛لأنّه لا ینتقل إلیه بإزاء ما ینتقل عنه من الثمن شیءٌ من المثمن.

و بعبارةٍ اخری:الخیار علاقةٌ لصاحبه فیما انتقل عنه توجب سلطنته علیه،و لا علاقة هنا و لا سلطنة.و إن کان قد انتقل إلی المیّت فهو لباقی الورثة،و لا سلطنة لهذا المحروم،و الخیار حقٌّ فیما انتقل عنه بعد إحراز تسلّطه علی ما وصل بإزائه.

و لکن یردّ ذلک بما فی الإیضاح:من أنّ الخیار لا یقتضی (1)الملک -کخیار الأجنبی (2)-فعمومات الإرث بالنسبة إلی الخیار لم یخرج عنها الزوجة و إن خرجت عنها بالنسبة إلی المال.

و الحاصل:أنّ حق الخیار لیس تابعاً للملکیّة؛و لذا قوّی بعض المعاصرین (3)ثبوت الخیار فی الصورتین.

و یضعّفه:أنّ حقّ الخیار علقةٌ فی الملک المنتقل إلی الغیر من حیث التسلّط علی استرداده إلی نفسه أو (4)من هو منصوبٌ من قبله،کما فی الأجنبی.و بعبارةٍ اخری:ملکٌ لتملّک المعوّض لنفسه أو لمن نصب عنه.

و هذه العلاقة لا تنتقل من المیّت إلّا إلی وارثٍ یکون کالمیّت فی کونه مالکاً لأنْ یملک،فإذا فُرض أنّ المیّت باع أرضاً بثمنٍ،فالعلاقة

[شماره صفحه واقعی : 112]

ص: 671


1- فی«ش»و المصدر:«لا یتوقّف علی الملک».
2- إیضاح الفوائد 1:487.
3- و هو صاحب الجواهر،انظر الجواهر 23:77.
4- فی«ش»زیادة:«إلی».

المذکورة إنّما هی لسائر الورثة دون الزوجة؛لأنّها بالخیار لا تردّ شیئاً من الأرض إلی نفسها و لا إلی آخر هی من قِبَله لتکون کالأجنبی المجعول له الخیار.

نعم،لو کان المیّت قد انتقلت إلیه الأرض کان الثمن المدفوع إلی البائع متزلزلاً فی ملکه،فیکون فی معرض الانتقال إلی جمیع الورثة و منهم الزوجة،فهی أیضاً مالکةٌ لتملّک حصّتها من الثمن.

لکن فیه:ما ذکرنا سابقاً (1):من أنّ الخیار حقٌّ فیما انتقل عنه بعد إحراز التسلّط علی ما وصل بإزائه،و عبّر عنه فی جامع المقاصد بلزوم تسلّط الزوجة علی مال الغیر (2).

[*ابوالقاسم علیدوست]

و حاصله:أنّ المیّت إنّما کان له الخیار و العلقة فیما انتقل عنه من حیث تسلّطه علی ردّ ما فی یده لتملّک ما انتقل عنه بإزائه،فلا تنتقل هذه العلاقة إلّا إلی من هو کذلک من ورثته-کما مرّ نظیره فی عکس هذه الصورة-و لیست الزوجة کذلک.و قد تقدّم (3)فی مسألة ثبوت خیار المجلس للوکیل:أنّ أدلّة الخیار مسوقةٌ لبیان تسلّط ذی الخیار علی صاحبه،من جهة تسلّطه علی تملّک ما فی یده،فلا یثبت بها تسلّط الوکیل علی ما وصل إلیه لموکّله،و ما نحن فیه کذلک.

و یمکن دفعه:بأنّ ملک بائع الأرض للثمن لمّا کان متزلزلاً و فی معرض الانتقال إلی جمیع الورثة،اقتضی بقاء هذا التزلزل بعد موت

[شماره صفحه واقعی : 113]

ص: 672


1- فی الصفحة المتقدّمة.
2- جامع المقاصد 4:306-307.
3- راجع الجزء الخامس:29 و 32.

ذی الخیار ثبوت حقٍّ للزوجة و إن لم یکن لها تسلّطٌ علی نفس الأرض.و الفرق بین ما نحن فیه و بین ما تقدّم فی الوکیل:أنّ الخیار هناک و تزلزل ملک الطرف الآخر و کونه فی معرض الانتقال إلی موکّل الوکیل کان متوقّفاً علی تسلّط الوکیل علی ما فی یده،و تزلزل ملک الطرف الآخر هنا و کونه فی معرض الانتقال إلی الورثة ثابتٌ علی کلّ حالٍ و لو لم نقل بثبوت الخیار للزوجة،فإنّ باقی الورثة لو ردّوا الأرض و استردّوا الثمن شارکتهم الزوجة فیه،فحقّ الزوجة فی الثمن المنتقل إلی البائع ثابتٌ،فلها استیفاؤه بالفسخ.

ثمّ إنّ ما ذُکر واردٌ علی فسخ باقی الورثة للأرض المبیعة بثمنٍ معیّنٍ تشترک فیه الزوجة،إلّا أن یلتزم عدم تسلّطهم علی الفسخ إلّا فی مقدار حصّتهم من الثمن،فیلزم تبعیض الصفقة،فما اختاره فی الإیضاح:

من التفصیل مفسِّراً به عبارة والده فی القواعد لا یخلو عن قوّة.

قال فی القواعد:الخیار موروثٌ بالحصص کالمال فی (1)أیّ أنواعه کان،إلّا الزوجة غیر ذات الولد[فی الأرض (2)]علی إشکالٍ،أقربه ذلک إن اشتری بخیارٍ لترث من الثمن (3)،انتهی.

و قال فی الإیضاح:ینشأ الإشکال:من عدم إرثها[منها] (4)فلا یتعلّق بها فلا ترث من خیارها،و من أنّ الخیار لا یتوقّف علی

[شماره صفحه واقعی : 114]

ص: 673


1- فی«ش»و المصدر:«من».
2- من«ش»و المصدر.
3- القواعد 2:68.
4- من«ش»و المصدر.

الملک کالأجنبیّ،ثمّ فرّع المصنّف:أنّه لو اشتری المورّث بخیارٍ (1)فالأقرب إرثها من الخیار؛لأنّ لها حقّا فی الثمن.و یحتمل عدمه؛لأنّها لا ترث من الثمن إلّا بعد الفسخ،فلو عُلّل بإرثها دار.و الأصحّ اختیار المصنّف؛لأنّ الشراء یستلزم منعها من شیءٍ نزّله الشارع منزلة جزءٍ من الترکة،و هو الثمن،فقد تعلّق الخیار بما ترث منه (2)،انتهی.

و قد حمل العبارة علی هذا المعنی السیّد العمید الشارح للکتاب (3).

و استظهر خلاف ذلک من العبارة جامع المقاصد،فإنّه (4)-بعد بیان منشأ الإشکال علی ما یقرب من الإیضاح-قال:

و الأقرب من هذا الإشکال عدم إرثها إن کان المیّت قد اشتری [أرضاً (5)]بخیارٍ،فأرادت الفسخ لترث من الثمن.

[*ابوالقاسم علیدوست]

و أمّا إذا باع أرضاً بخیارٍ فالإشکال حینئذٍ بحاله؛لأنّها إذا فسخت فی هذه الصورة لم ترث شیئاً،و حَمَل الشارحان العبارة علی أنّ الأقرب إرثها إذا اشتری بخیارٍ، لأنّها حینئذٍ تفسخ فترث من الثمن،بخلاف ما إذا باع بخیار.و هو خلاف الظاهر؛فإنّ المتبادر أنّ المشار إلیه بقوله:«ذلک»هو عدم الإرث الذی سیقت لأجله العبارة،مع أنّه من حیث الحکم غیر مستقیمٍ أیضاً؛فإنّ الأرض حقٌّ لباقی الورّاث استحقّوها بالموت،فکیف تملک

[شماره صفحه واقعی : 115]

ص: 674


1- العبارة فی«ش»و المصدر:«لو کان المورّث قد اشتری بخیار».
2- إیضاح الفوائد 1:487.
3- کنز الفوائد 1:451.
4- فی«ق»زیادة:«قال».
5- من«ش»و المصدر.

الزوجة إبطال استحقاقهم[لها (1)]و إخراجها عن ملکهم؟نعم،لو قلنا:

إنّ ذلک یحصل (2)بانقضاء[مدّة (3)]الخیار استقام ذلک.و أیضاً فإنّها إذا ورثت فی هذه الصورة وجب أن ترث فیما إذا باع المیّت أرضاً [بخیارٍ (4)]بطریقٍ أولی؛لأنّها ترث حینئذٍ من الثمن.و أقصی ما یلزم من إرثها من الخیار أن یبطل حقّها من الثمن،و هو أولی من (5)إرثها حقّ غیرها[من الأرض (6)]التی (7)اختصّوا بملکها.ثمّ قال:و الحقّ أنّ إرثها من الخیار فی الأرض المشتراة مستبعدٌ جدّاً،و إبطال حقٍّ قد ثبت لغیرها یحتاج إلی دلیل.نعم قوله:«لترث من الثمن»علی هذا التقدیر یحتاج إلی تکلّف زیادة تقدیرٍ،بخلاف ما حملا علیه (8)،انتهی.

و قد تقدّم ما یمکن أن یقال علی هذا الکلام.

ثمّ إنّ الکلام فی ثبوت الخیار لغیر مستحقِّ الحَبْوَة من الورثة إذا اشتری المیّت أو باع بعض أعیان الحبوة بخیارٍ،هو الکلام فی ثبوته للزوجة فی الأرض المشتراة أو المبیعة.

[شماره صفحه واقعی : 116]

ص: 675


1- من«ش»و المصدر.
2- فی المصدر:«ینتقل».
3- من«ش»و المصدر.
4- من«ش»و المصدر.
5- فی«ش»زیادة:«إبطال».
6- من«ش»و المصدر.
7- فی«ق»:«الذی».
8- جامع المقاصد 4:306-307.
مسألة فی کیفیّة استحقاق کلٍّ من الورثة للخیار-
اشاره

مع أنّه شیءٌ واحدٌ غیر قابلٍ للتجزیة و التقسیم-وجوهٌ:

[وجوه فی کیفیة استحقاق الورثة للخیار]
الأوّل:ما اختاره بعضٌ

الأوّل:ما اختاره بعضٌ (1):من استحقاق کلٍّ منهم خیاراً مستقلا کمورّثه،

بحیث یکون له الفسخ فی الکلّ و إن أجاز الباقون (2)،نظیر حدّ القذف الذی لا یسقط بعفو بعض المستحقّین،و کذلک حقّ الشفعة علی المشهور.و استند (3)فی ذلک إلی أنّ ظاهر النبویّ المتقدّم و غیره ثبوت الحقّ لکلّ وارثٍ،لتعقّل تعدّد من لهم الخیار،بخلاف المال الذی لا بدّ من تنزیل مثل ذلک علی إرادة الاشتراک،لعدم تعدّد المُلّاک شرعاً لمالٍ واحدٍ،بخلاف محلّ البحث.

الثانی:استحقاق کلٍّ منهم خیاراً مستقلا فی نصیبه،

فله الفسخ

[شماره صفحه واقعی : 117]

ص: 676


1- فی«ش»:«بعضهم».
2- کما اختاره الشهید الثانی فی المسالک 3:214،و السیّد العاملی فی مفتاح الکرامة 4:591،و غیرهما کما سیجیء فی الصفحة 121.
3- استند إلیه صاحب الجواهر،انظر الجواهر 23:76.

فیه،دون باقی الحصص،غایة الأمر مع اختلاف الورثة فی الفسخ و الإمضاء تُبعَّض الصفقة علی من علیه الخیار فیثبت له الخیار.و وجه ذلک:أنّ الخیار لمّا لم یکن قابلاً للتجزیة،و کان مقتضی أدلّة الإرث -کما سیجیء-اشتراک الورثة فیما ترک مورّثهم،تعیّن تبعّضه بحسب متعلّقه،فیکون نظیر المشتریین لصفقةٍ واحدةٍ إذا قلنا بثبوت الخیار لکلٍّ منهما.

الثالث:استحقاق مجموع الورثة لمجموع الخیار،

فیشترکون فیه من دون ارتکاب تعدّده بالنسبة إلی جمیع المال،و لا بالنسبة إلی حصّة کلٍّ منهم؛لأنّ مقتضی أدلّة الإرث فی الحقوق الغیر القابلة للتجزیة و الأموال القابلة لها أمرٌ واحدٌ،و هو ثبوت مجموع ما ترک لمجموع الورثة،إلّا أن التقسیم فی الأموال لمّا کان أمراً ممکناً کان مرجع اشتراک المجموع فی المجموع إلی اختصاص کلٍّ منهم بحصّةٍ مشاعةٍ،بخلاف الحقوق فإنّها تبقی علی حالها من اشتراک مجموع الورثة فیها،فلا یجوز لأحدهم الاستقلال بالفسخ لا فی الکلّ و لا فی حصّته،فافهم (1).

و هنا معنیً آخر لقیام الخیار بالمجموع،و هو:أن یقوم بالمجموع من حیث تحقّق الطبیعة فی ضمنه،لا من حیث کونه مجموعاً،فیجوز لکلٍّ منهم الاستقلال بالفسخ ما لم یُجِز الآخر؛لتحقّق الطبیعة فی الواحد، و لیس له الإجازة بعد ذلک.کما أنّه لو أجاز الآخر لم یجز الفسخ بعده؛ لأنّ الخیار الواحد إذا قام بماهیّة الوارث،واحداً کان أو متعدّداً،کان إمضاء الواحد کفسخه ماضیاً،فلا عبرة بما یقع متأخّراً عن الآخر؛لأنّ

[شماره صفحه واقعی : 118]

ص: 677


1- کلمة«فافهم»مشطوب علیها-ظاهراً-فی«ق».

الأوّل قد استوفاه.و لو اتّحدا زماناً کان ذلک کالإمضاء و الفسخ من ذی الخیار بتصرّفٍ واحد،لا أنّ الفاسخ متقدّمٌ،کما سیجیء فی أحکام التصرّف (1).

[مناقشات التی تکون فی الوجوه و مختار المؤلف]

صوت

[*ابوالقاسم علیدوست]

ثمّ إنّه لا ریب فی فساد مستند الوجه الأوّل المذکور له؛لمنع ظهور النبویّ و غیره فی ثبوت ما ترک لکلّ واحدٍ من الورثة؛لأنّ المراد بالوارث فی النبوی و غیره ممّا أفرد فیه لفظ«الوارث»جنس الوارث المتحقّق فی ضمن الواحد و الکثیر،و قیام الخیار بالجنس یتأتّی علی الوجوه الأربعة المتقدّمة،کما لا یخفی علی المتأمّل.

و أمّا ما ورد فیه لفظ«الورثة» (2)بصیغة الجمع،فلا یخفی أنّ المراد به أیضاً إمّا جنس الجمع،أو جنس الفرد،أو الاستغراق القابل للحمل علی المجموعی و الأفرادی.و الأظهر هو الثانی،کما فی نظائره.

هذا کلّه،مع قیام القرینة العقلیّة و اللفظیة علی عدم إرادة ثبوته لکلِّ واحدٍ مستقلا فی الکلّ.

أمّا الاُولی:فلأنّ المفروض أنّ ما کان للمیّت و ترکه للوارث حقٌّ واحدٌ شخصیٌّ،و قیامه بالأشخاص المتعدّدین أوضح استحالةً و أظهر بطلاناً من تجزّیه و انقسامه علی الورثة،فکیف یدّعی ظهور أدلّة الإرث فیه؟

[شماره صفحه واقعی : 119]

ص: 678


1- سیجیء أحکام التصرّف فی الصفحة 129.
2- ورد اللفظ فی موارد متعدّدة،منها:ما ورد فی الوسائل 13:332،الباب 8 من کتاب السکنی و الحبیس،الحدیث 2،و 19:247،الباب 24 من أبواب دیات الأعضاء،الحدیث 1 و 2،و الأبواب المناسبة الأُخری.

و أمّا الثانیة:فلأنّ مفاد تلک الأدلّة بالنسبة إلی المال المتروک و الحقّ المتروک شیءٌ واحدٌ،و لا یستفاد منها بالنسبة إلی المال الاشتراک و بالنسبة إلی الحقّ التعدّد،إلّا مع استعمال الکلام فی معنیین.

هذا،مع أنّ مقتضی ثبوت ما کان للمیّت لکلٍّ من الورثة أن یکونوا کالوکلاء المستقلّین،فیمضی السابق من إجازة أحدهم أو فسخه، و لا یؤثّر اللاحق،فلا وجه لتقدّم الفسخ علی الإجازة علی ما ذکره.

و أمّا الوجه الثانی:فهو و إن لم یکن منافیاً لظاهر أدلّة الإرث:

من ثبوت مجموع المتروک لمجموع الوارث،إلّا أنّ تجزئة الخیار بحسب متعلّقه-کما تقدّم-ممّا لم تدلّ علیه أدلّة الإرث.أمّا ما کان منها -کالنبوی-غیر متعرّضٍ للقسمة فواضحٌ،و أمّا ما تعرّض فیه للقسمة -کآیات قسمة الإرث بین الورثة-فغایة ما یستفاد منها فی المقام بعد ملاحظة عدم انقسام نفس المتروک هنا ثبوتُ القسمة فیما یحصل بإعمال هذا الحقّ أو إسقاطه،فیقسّم بینهم العین المستردّة بالفسخ،أو ثمنها الباقی فی ملکهم بعد الإجازة علی طریق الإرث.

و أمّا ثبوت الخیار لکلٍّ منهم مستقلا فی حصّته،فلا یستفاد من تلک الأدلّة،فالمتیقّن من مفادها هو ثبوت الخیار الواحد الشخصی للمجموع،فإن اتّفق المجموع علی الفسخ انفسخ فی المجموع،و إلّا فلا دلیل علی الانفساخ فی شیءٍ منه.

[*ابوالقاسم علیدوست]

و من ذلک یظهر:أنّ المعنی الثانی للوجه الثالث-و هو قیام الخیار بالطبیعة المتحقّقة فی ضمن المجموع-أیضاً لا دلیل علیه،فلا یؤثّر فسخ أحدهم و إن لم یجز الآخر،مع أنّ هذا المعنی أیضاً مخالفٌ لأدلّة الإرث؛ لما عرفت من أنّ مفادها بالنسبة إلی المال و الحقّ واحدٌ،و من المعلوم:

[شماره صفحه واقعی : 120]

ص: 679

أنّ المالک للمال لیس هو الجنس المتحقّق فی ضمن المجموع.

ثم إنّ ما ذکرنا جارٍ فی کلّ حقٍّ ثبت لمتعدّدٍ لم یُعلم من الخارج کونه علی خصوص واحدٍ من الوجوه المذکورة.نعم،لو علم ذلک من دلیلٍ خارجٍ اتّبع،کما فی حدّ القذف؛فإنّ النصّ قد دلّ علی أنّه لا یسقط بعفو أحد الشریکین (1)،و کحقّ القصاص،فإنّه لا یسقط بعفو أحد الشریکین،لکن مع دفع الآخر مقدار حصّة الباقی من الدیة إلی أولیاء المقتصّ منه جمعاً بین الحقّین.

لکن یبقی الإشکال فی حکم المشهور من غیر خلافٍ یعرف بینهم -و إن احتمله فی الدروس (2)-:من أنّ أحد الورثة إذا عفی عن الشفعة کان للآخر الأخذ بکلّ المبیع،فإنّ الظاهر أنّ قولهم بذلک لیس لأجل دلیلٍ خارجیٍّ،و الفرق بینه و بین ما نحن فیه مشکلٌ.

و یمکن أن یفرّق بالضرر؛فإنّه لو سقطت الشفعة بعفو أحد الشریکین تضرّر الآخر بالشرکة.بل لعلّ هذا هو السرّ فی عدم سقوط حدّی القذف و القصاص بعفو البعض؛لأنّ الحکمة فیهما التشفّی،فإبطالهما بعفو أحد الشرکاء إضرارٌ علی غیر العافی،و هذا غیر موجودٍ فیما نحن فیه،فتأمّل.

ثمّ إنّ ما اخترناه من الوجه الأوّل (3)هو مختار العلّامة فی القواعد -بعد أن احتمل الوجه الثانی-و ولده فی الإیضاح و الشهید فی الدروس

[شماره صفحه واقعی : 121]

ص: 680


1- راجع الوسائل 18:456،الباب 22 من أبواب حدّ القذف،الحدیث 1 و 2.
2- الدروس 3:378.
3- أی المعنی الأوّل من معنیی الوجه الثالث،راجع الصفحة 118.

و الشهید الثانی فی المسالک،و حکی عن غیرهم (1).

قال فی القواعد:و هل للورثة التفریق؟فیه نظرٌ،أقربه المنع،و إن جوّزناه مع تعدّد المشتری (2).و زاد فی الإیضاح-بعد توجیه المنع بأنّه لم یکن لمورّثهم إلّا خیارٌ واحد-:أنّه لا وجه لاحتمال التفریق (3).

[*ابوالقاسم علیدوست]

و قال فی الدروس فی باب خیار العیب:لو جوّزنا لأحد المشتریین الردّ لم نجوّزه لأحد الوارثین عن واحدٍ؛لأنّ التعدّد طارٍ علی العقد سواء کان الموروث خیار العیب (4)أو غیره (5)،انتهی.

و قال فی المسالک بعد المنع عن تفرّق المشتریین فی الخیار:هذا کلّه فیما لو تعدّد المشتری،أمّا لو تعدّد مستحقّو (6)المبیع مع اتحاد المشتری ابتداءً-کما لو تعدّد وارث المشتری الواحد-فإنّه لیس لهم التفرّق لاتّحاد الصفقة،و التعدّد طارٍ،مع احتماله (7)،انتهی.

و ظاهر التذکرة-فی خیار المجلس-الوجهُ الأوّل من الوجوه المتقدّمة، قال:لو فسخ بعضهم و أجاز الآخر فالأقوی أنّه ینفسخ فی الکلّ، کالمورّث لو فسخ فی حیاته فی البعض و أجاز فی البعض (8)،انتهی.

[شماره صفحه واقعی : 122]

ص: 681


1- راجع مفتاح الکرامة 4:591،و مستند الشیعة 14:414-415.
2- القواعد 2:68.
3- إیضاح الفوائد 1:487.
4- فی«ش»و المصدر:«عیب».
5- الدروس 3:285.
6- فی«ش»:«مستحقّ المبیع»،و فی المصدر:«المستحقّ للمبیع».
7- المسالک 3:287.
8- التذکرة 1:518.

و یحتمل أن لا یرید بذلک أنّ لکلٍّ منهما ملک الفسخ فی الکلّ،کما هو مقتضی الوجه الأوّل،بل یملک الفسخ فی البعض و یسری فی الکلّ، نظیر فسخ المورّث فی البعض.

و کیف کان،فقد ذکر فی خیار العیب:أنّه لو اشتری عبداً فمات و خلّف وارثین فوجدا به عیباً لم یکن لأحدهما ردّ حصّته خاصّةً للتشقیص (1)،انتهی.

و قال فی التحریر:لو ورث اثنان عن أبیهما خیار عیبٍ،فرضی أحدهما،سقط حقّ الآخر عن (2)الردّ دون الأرش (3).

و الظاهر أنّ خیار العیب و خیار المجلس واحدٌ،کما تقدّم عن الدروس (4).فلعلّه رجوعٌ عمّا ذکره فی خیار المجلس.

ثمّ إنّه ربما یحمل ما فی القواعد و غیرها:من عدم جواز التفریق (5)،علی أنّه لا یصحّ تبعّض المبیع (6)من حیث الفسخ و الإجازة، بل لا بدّ من الفسخ فی الکلّ أو الإجازة،فلا دلالة فیها علی عدم استقلال کلٍّ منهم علی الفسخ فی الکلّ،و حینئذٍ فإن فسخ أحدهم و أجاز الآخر قُدّم الفسخ علی الإجازة.

[شماره صفحه واقعی : 123]

ص: 682


1- التذکرة 1:536.
2- فی«ش»و المصدر:«من».
3- التحریر 1:183.
4- تقدّم فی الصفحة المتقدّمة،و لکنّه قال:«سواء کان الموروث خیار العیب أو غیره».
5- القواعد 2:68،و راجع مستند الشیعة 14:414.
6- فی محتمل«ق»:«البیع».

و یُنسب تقدیم الفسخ إلی کلّ مَن مَنعَ من التفریق،بل فی الحدائق تصریح الأصحاب بتقدیم الفاسخ من الورثة علی المجیز (1).و لازم ذلک الاتّفاق علی أنّه متی فسخ أحدهم انفسخ فی الکلّ.و ما أبعد بین هذه الدعوی و بین ما فی الریاض،من قوله:و لو اختلفوا-یعنی الورثة- قیل:قُدّم الفسخ،و فیه نظرٌ (2).

لکنّ الأظهر فی معنی عبارة القواعد ما ذکرنا،و أنّ المراد بعدم جواز التفریق:أنّ فسخ أحدهم لیس ماضیاً مع عدم موافقة الباقین،کما یدلّ علیه قوله فیما بعد ذلک فی باب خیار العیب:إنّه«إذا ورثا خیار عیبٍ (3)،فلا إشکال فی وجوب توافقهما» (4)فإنّ المراد بوجوب التوافق وجوبه الشرطی،و معناه:عدم نفوذ التخالف،و لا ریب أنّ عدم نفوذ التخالف لیس معناه عدم نفوذ الإجازة من أحدهما (5)مع فسخ صاحبه، بل المراد عدم نفوذ فسخ صاحبه من دون إجازته (6)،و هو المطلوب.

و أصرح منه ما تقدّم من عبارة التحریر ثمّ التذکرة (7).نعم، ما تقدّم من قوله فی الزوجة غیر ذات الولد:«أقربه ذلک إن اشتری

[شماره صفحه واقعی : 124]

ص: 683


1- الحدائق 19:71.
2- الریاض 8:203.
3- فی«ش»:«أمّا لو أورثا خیار العیب».
4- القواعد 2:74.
5- فی«ق»:«أحدهم»،و هو لا یوافق السیاق.
6- فی«ش»زیادة:«لفسخ صاحبه».
7- تقدّمتا فی الصفحة المتقدّمة.

بخیارٍ لترث من الثمن» (1)قد یدلّ علی أنّ فسخ الزوجة فقط کافٍ فی استرجاع تمام الثمن لترث منه؛إذ استرداد مقدار حصّتها موجبٌ للتفریق الممنوع عنده و عند غیره.

و کیف کان،فمقتضی أدلّة الإرث ثبوت الخیار للورثة علی الوجه الثالث الذی اخترناه.و حاصله:أنّه متی فسخ أحدهم و أجاز الآخر لغی الفسخ.

و قد یتوهّم استلزام ذلک بطلان حقّ شخصٍ،لعدم إعمال الآخر حقّه.

و یندفع:بأنّ الحقّ إذا کان مشترکاً لم یجز إعماله إلّا برضا الکلّ، کما لو جعل الخیار لأجنبیین علی سبیل التوافق.

فرع

صوت

[*ابوالقاسم علیدوست]

إذا اجتمع الورثة کلّهم علی الفسخ فیما باعه مورّثهم،فإن کان عین الثمن موجوداً فی ملک المیّت دفعوه إلی المشتری،و إن لم یکن موجوداً أُخرج من مال المیّت و لا یمنعون من ذلک و إن کان علی المیّت دینٌ مستغرقٌ للترکة،لأنّ المحجور له الفسخ بخیاره.و فی اشتراط ذلک بمصلحة الدیّان و عدمه وجهان.و لو کان مصلحتهم فی الفسخ لم یجبروا الورثة (2)علیه لأنّه حقٌ لهم،فلا یجبرون علی إعماله.

و لو لم یکن للمیّت مالٌ ففی وجوب دفع الثمن من مالهم بقدر الحصص وجهان:

[شماره صفحه واقعی : 125]

ص: 684


1- تقدّم فی الصفحة 114.
2- فی«ق»:«الوارث».

من أنّه لیس لهم-کالأجنبیّ المجعول له الخیار،أو الوکیل المستناب فی الفسخ و الإمضاء-إلّا حقّ الفسخ

[*ابوالقاسم علیدوست]

و انحلال العقد المستلزم لدخول المبیع فی ملک المیّت یوفی عنه دیونه و خروج الثمن عن ملکه فی المعیّن و اشتغال ذمّته ببدله فی الثمن الکلیّ،فلا یکون مال الورثة عوضاً عن المبیع إلّا علی وجه کونه وفاءً لدین المیّت،و حینئذٍ فلا اختصاص له بالورثة علی حسب سهامهم،بل یجوز للغیر أداء ذلک الدین،بل لو کان للمیّت غرماء ضرب المشتری مع الغرماء.و هذا غیر اشتغال ذمم الورثة بالثمن علی حسب سهامهم من المبیع.

و من أنّهم قائمون مقام المیّت فی الفسخ بردّ الثمن أو بدله و تملّک المبیع،فإذا کان المبیع مردوداً علی الورثة من حیث إنّهم قائمون مقام المیّت،اشتغلت ذممهم بثمنه من حیث إنّهم کنفس المیّت،کما أنّ معنی إرثهم لحقّ الشفعة استحقاقهم لتملّک الحصّة بثمنٍ من مالهم لا من مال المیّت.

ثمّ لو قلنا بجواز الفسخ لبعض الورثة و إن لم یوافقه الباقی و فسخ، ففی انتقال المبیع إلی الکلّ أو إلی الفاسخ،وجهان:ممّا ذکرنا من مقتضی الفسخ،و ما ذکرنا أخیراً من مقتضی النیابة و القیام مقام المیّت.

و الأظهر فی الفرعین هو کون ولایة الوارث لا کولایة الولی و الوکیل فی کونها لاستیفاء حقٍّ للغیر،بل هی ولایة استیفاء حقٍّ متعلّقٍ بنفسه،فهو کنفس المیّت لا نائبٍ عنه فی الفسخ؛و من هنا جرت السیرة:بأنّ ورثة البائع ببیع خیار ردّ الثمن یردّون مثل الثمن من أموالهم،و یستردّون المبیع لأنفسهم من دون أن یُلزموا بأداء الدیون منه بعد الإخراج.و المسألة تحتاج إلی تنقیحٍ زائد.

[شماره صفحه واقعی : 126]

ص: 685

مسألة لو کان الخیار لأجنبیٍّ و مات

ففی انتقاله إلی وارثه کما فی التحریر (1)،أو إلی المتعاقدین،أو سقوطه کما اختاره غیر واحدٍ من المعاصرین (2)و ربما یظهر من القواعد (3)،وجوهٌ:

من أنّه حقٌّ ترکه المیّت فلوارثه.

و من أنّه حقٌّ لمن اشترط له من المتعاقدین؛لأنّه بمنزلة الوکیل الذی حکم فی التذکرة بانتقال خیاره إلی موکّله دون وارثه (4).

و من أنّ ظاهر الجعل أو محتملة مدخلیّة نفس الأجنبی،فلا یدخل فیما ترکه.

و هذا لا یخلو عن قوّة لأجل الشکّ فی مدخلیّة نفس الأجنبیّ.

[شماره صفحه واقعی : 127]

ص: 686


1- التحریر 1:168.
2- منهم النراقی فی المستند 14:413،و السیّد العاملی فی مفتاح الکرامة 4: 592.
3- القواعد 2:69.
4- التذکرة 1:518.

و فی القواعد:لو جعل الخیار لعبد أحدهما،فالخیار لمولاه (1)؛و لعلّه لعدم نفوذ فسخه و لا إجازته بدون رضا مولاه،و إذا أمره بأحدهما اجبر شرعاً علیه،فلو امتنع فللمولی فعله عنه،فیرجع الخیار بالأخرة له.

لکن هذا یقتضی أن یکون عبد الأجنبیّ کذلک،مع أنّه قال:لو کان العبد لأجنبیٍّ لم یملک مولاه و لا یتوقّف علی رضاه إذا لم یمنع حقّا للمولی (2)،فیظهر من ذلک فساد الوجه المذکور نقضاً و حلاّ،فافهم.

[شماره صفحه واقعی : 128]

ص: 687


1- القواعد 2:69.
2- القواعد 2:69.
مسألة و من أحکام الخیار سقوطه بالتصرّف بعد العلم بالخیار

صوت

[*ابوالقاسم علیدوست]

و قد مرّ بیان ذلک فی مسقطات الخیار.[و المقصود هنا بیان أنّه کما (1)]یحصل إسقاط الخیار و التزام العقد بالتصرّف فیکون التصرّف إجازةً فعلیّةً، کذلک یحصل الفسخ بالتصرّف،فیکون فسخاً فعلیّاً.

و قد صرّح فی التذکرة:بأنّ الفسخ-کالإجازة-قد یکون بالقول و قد یکون بالفعل (2).و قد ذکر جماعةٌ کالشیخ (3)و ابن زهرة (4)و ابن إدریس (5)و جماعةٌ من المتأخّرین عنهم کالعلّامة (6)

[شماره صفحه واقعی : 129]

ص: 688


1- لم یرد فی«ق».
2- التذکرة 1:537.
3- راجع المبسوط 2:83 84.
4- الغنیة:219.
5- السرائر 2:282.
6- انظر التذکرة 1:535،و فیه:«إنّ خیار المشتری یسقط بوطیه».و قال بعد أسطر:«و لو وطأها البائع فی مدّة خیاره فإنّه یکون فسخاً للبیع»،و راجع القواعد 2:69 أیضاً.

و غیره (1)قدّس اللّٰه أسرارهم-:أنّ التصرّف إن وقع فیما انتقل عنه کان فسخاً، و إن وقع فیما انتقل إلیه کان إجازة.

و قد عرفت فی مسألة الإسقاط (2):أنّ ظاهر الأکثر أنّ المسقط هو التصرّف المؤذن بالرضا،و قد دلّ علیه الصحیحة المتقدّمة فی خیار الحیوان (3)المعلِّلة للسقوط:بأنّ التصرّف رضاً بالعقد فلا خیار،و کذا النبویّ المتقدّم (4).

و مقتضی ذلک منهم:أنّ التصرّف فیما انتقل عنه إنّما یکون فسخاً إذا کان مؤذناً بالفسخ لیکون فسخاً فعلیّاً،و أمّا ما لا یدلّ علی إرادة الفسخ،فلا وجه لانفساخ العقد به و إن قلنا بحصول الإجازة به؛بناءً علی حمل الصحیحة المتقدّمة علی سقوط الخیار بالتصرّف تعبّداً شرعیّاً، من غیر أن یکون فیه دلالةٌ عرفیّةٌ نوعیّةٌ علی الرضا بلزوم العقد،کما تقدّم نقله عن بعضٍ (5).إلّا أن یدّعی الإجماع علی اتّحاد ما یحصل به الإجازة و الفسخ،فکلّ ما یکون إجازةً لو ورد علی ما فی یده یکون

[شماره صفحه واقعی : 130]

ص: 689


1- مثل الشهیدین فی الدروس 3:270،و المسالک 3:197 و 213،و المحقّق الأردبیلی فی مجمع الفائدة 8:412،و نسبه المحقّق التستری فی المقابس:247 إلی الأصحاب.
2- فی الجزء الخامس،الصفحة 102.
3- و هی صحیحة ابن رئاب المتقدّمة فی الجزء الخامس،الصفحة 97.
4- المتقدّم فی الجزء الخامس،الصفحة 100،المروی عن جعفر عن أبیه علیهما السلام قال:«قال رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله..».
5- راجع الجزء الخامس،الصفحة 99 و 103.

فسخاً إذا ورد منه علی ما فی ید صاحبه.

و هذا الاتّفاق و إن کان الظاهر تحقّقه،إلّا أنّ أکثر هؤلاء-کما عرفت-کلماتهم فی سقوط خیار الشرط بالتصرّف تدلّ علی اعتبار الدلالة علی الرضا فی التصرّف المسقط،فیلزمهم بالمقابلة اعتبار الدلالة علی الفسخ فی التصرّف الفاسخ،و یدلّ علیه کثیرٌ من کلماتهم فی هذا المقام أیضاً.

قال فی التذکرة:أمّا العرض علی البیع و الإذن فیه و التوکیل و الرهن غیر المقبوض-بناءً علی اشتراطه فیه-و الهبة غیر المقبوضة، فالأقرب أنّها من البائع فسخٌ و من المشتری إجازةٌ؛لدلالتها علی طلب المبیع و استیفائه (1)،و هذا هو الأقوی،و نحوها فی جامع المقاصد (2).

[*ابوالقاسم علیدوست]

ثمّ إنّک قد عرفت الإشکال فی کثیرٍ من أمثلتهم المتقدّمة للتصرّفات الملزمة،کرکوب الدابّة فی طریق الردّ و نحوه ممّا لم یدلّ علی الالتزام أصلاً،لکنّ الأمر هنا أسهل،بناءً علی أنّ ذا الخیار إذا تصرّف فیما انتقل عنه تصرّفاً لا یجوز شرعاً إلّا من المالک أو بإذنه،دلّ ذلک بضمیمة حمل فعل المسلم علی الصحیح شرعاً علی إرادة انفساخ العقد قبل هذا التصرّف.

قال فی التذکرة:لو قبّل الجاریة بشهوةٍ،أو باشر فی ما دون الفرج،أو لمس بشهوةٍ،فالوجه عندنا أنّه یکون فسخاً؛لأنّ الإسلام یصون صاحبه عن القبیح،فلو لم یختر الإمساک لکان مُقدِماً علی

[شماره صفحه واقعی : 131]

ص: 690


1- التذکرة 1:538.
2- جامع المقاصد 4:311.

المعصیة (1)،انتهی.

ثمّ نقل عن بعض الشافعیّة احتمال العدم؛نظراً إلی حدوث هذه الأُمور عمّن یتردّد فی الفسخ و الإجازة (2).

و فی جامع المقاصد عند قول المصنّف قدّس سرّه:«و یحصل الفسخ بوطء البائع و بیعه و عتقه وهبته»قال:لوجوب صیانة فعل المسلم عن الحرام حیث یوجد إلیه سبیلٌ،و تنزیل فعله علی ما یجوز له مع ثبوت طریق الجواز (3)،انتهی.

ثمّ إنّ أصالة حمل فعل المسلم علی الجائز من باب الظواهر المعتبرة شرعاً،کما صرّح به جماعةٌ (4)کغیرها من الأمارات الشرعیّة، فیدلّ علی الفسخ،لا من الأُصول التعبّدیة حتّی یقال:إنّها لا تثبت إرادة المتصرّف للفسخ؛لما تقرّر:من أنّ الأُصول التعبّدیّة لا تثبت إلّا اللوازم الشرعیّة لمجاریها،و هنا کلامٌ مذکورٌ فی الأُصول (5).

ثمّ إنّ مِثل التصرّف الذی یحرم شرعاً إلّا علی المالک أو مأذونه

[شماره صفحه واقعی : 132]

ص: 691


1- التذکرة 1:537.
2- التذکرة 1:538.
3- جامع المقاصد 4:309-310.
4- کالشهیدین فی الدروس 1:32،و القواعد و الفوائد 1:138،و تمهید القواعد: 312،و المسالک 1:239 و 6:174،و المحقّق الثانی فی جامع المقاصد 5:119 و 10:135،و 12:463،و راجع تفصیل ذلک فی فرائد الأُصول 3:355 و 374.
5- راجع فرائد الأُصول 3:233.

التصرّفُ الذی لا ینفذ شرعاً إلّا من المالک أو مأذونه و إن لم یحرم، کالبیع و الإجارة و النکاح،فإنّ هذه العقود و إن حلّت لغیر المالک لعدم عدّها تصرّفاً فی ملک الغیر،إلّا أنّها تدلّ علی إرادة الانفساخ بها

[*ابوالقاسم علیدوست]

بضمیمة أصالة عدم الفضولیّة،کما صرّح به (1)جامع المقاصد (2)عند قول المصنّف:«و الإجارة و التزویج فی معنی البیع»،و المراد بهذا الأصل الظاهر،فلا وجه لمعارضته بأصالة عدم الفسخ،مع أنّه لو أُرید به أصالة عدم قصد العقد عن الغیر،فهو حاکمٌ علی أصالة عدم الفسخ، لکنّ الإنصاف:أنّه لو أُرید به هذا لم یثبت به إرادة العاقد للفسخ.

و کیف کان،فلا إشکال فی إناطة الفسخ (3)عندهم-کالإجازة- بدلالة التصرّف علیه.و یؤیّده استشکالهم فی بعض أفراده من حیث دلالته بالالتزام علی الالتزام بالبیع أو فسخه،و من حیث إمکان صدوره عمّن یتردّد فی الفسخ،کما ذکره فی الإیضاح (4)و جامع المقاصد فی وجه إشکال القواعد فی کون العرض علی البیع و الإذن فیه فسخاً (5).

و ممّا ذکرنا یعلم:أنّه لو وقع التصرّف فیما انتقل عنه نسیاناً للبیع أو مسامحةً فی التصرّف فی ملک الغیر أو اعتماداً علی شهادة الحال بالإذن،لم یحصل الفسخ بذلک.

[شماره صفحه واقعی : 133]

ص: 692


1- فی«ش»:«بها».
2- جامع المقاصد 4:311.
3- فی«ش»زیادة:«بذلک».
4- إیضاح الفوائد 1:489.
5- جامع المقاصد 4:311.
مسألة هل الفسخ یحصل بنفس التصرّف أو یحصل قبله متّصلاً به؟
اشاره

صوت

[*ابوالقاسم علیدوست]

و بعبارةٍ اخری:التصرّف سببٌ أو کاشف؟فیه وجهان،بل قولان:

من ظهور کلماتهم فی کون نفس التصرّف فسخاً أو إجازةً و أنّه فسخٌ فعلیٌّ فی مقابل القولیّ،و ظهور اتّفاقهم علی أنّ الفسخ بل مطلق الإنشاء لا یحصل بالنیّة،بل لا بدّ من حصوله بالقول أو الفعل.

و ممّا عرفت من التذکرة و غیرها:من تعلیل تحقّق الفسخ بصیانة فعل المسلم عن القبیح (1)،و من المعلوم:أنّه لا یُصان عنه إلّا إذا وقع الفسخ قبله؛و إلّا لوقع الجزء الأوّل منه محرّماً.

و یمکن أن یحمل قولهم بکون التصرّف فسخاً علی کونه دالاّ علیه و إن لم یتحقّق به،و هذا المقدار یکفی فی جعله مقابلاً للقول.و یؤیّده ما دلّ من الأخبار المتقدّمة (2)علی کون الرضا هو مناط الالتزام بالعقد و سقوط الخیار،کما اعترف به فی الدروس (3)و صرّح به فی التذکرة،

[شماره صفحه واقعی : 134]

ص: 693


1- راجع الصفحة 131 132.
2- المتقدّمة فی خیار الحیوان فی الجزء الخامس،الصفحة 97 و ما بعدها.
3- الدروس 3:227.

حیث ذکر:«أنّ قصد المتبایعین لأحد عوضی الصرف قبل التصرّف رضاً بالعقد (1)و إن اعتبر کونه مکشوفاً عنه بالتصرّف (2)،فمقتضی المقابلة هو کون کراهة العقد باطناً و عدم الرضا به هو الموجب للفسخ إذا کشف عنه التصرّف.

و یؤیّده أنّهم ذکروا:أنّه لا تحصل الإجازة بسکوت البائع ذی الخیار علی وطء المشتری،معلّلاً:بأنّ السکوت لا یدلّ علی الرضا (3)؛ فإنّ هذا الکلام ظاهرٌ فی أنّ العبرة بالرضا.و صرّح فی المبسوط:بأنّه لو علم رضاه بوطء المشتری سقط خیاره (4)،فاقتصر فی الإجازة علی مجرّد الرضا.

و أمّا ما اتّفقوا علیه:من عدم حصول الفسخ بالنیّة،فمرادهم بها نیّة الانفساخ،أعنی الکراهة الباطنیّة لبقاء العقد و البناء علی کونه منفسخاً من دون أن یدلّ علیها بفعلٍ مقارنٍ له.و أمّا مع اقترانها بالفعل فلا قائل بعدم تأثیره (5)فیما یکفی فیه الفعل؛إذ کلّ ما یکفی (6)

[شماره صفحه واقعی : 135]

ص: 694


1- التذکرة 1:514،و فیه:«لأنّ قصدهما للتبایع رضاً به».
2- هکذا وردت العبارة فی الأصل،لکن جاءت عبارة«و إن اعتبر کونه مکشوفاً عنه بالتصرّف»فی«ش»بعد قوله:«و سقوط الخیار».
3- کما فی المبسوط 2:83،و الغنیة:221،و القواعد 2:69،و التذکرة 1: 535،و راجع مفتاح الکرامة 4:601.
4- المبسوط 2:83.
5- فی«ش»:«تأثیرها».
6- فی ظاهر«ق»:«یکتفی».

فیه الفعل من الإنشاءات و لا یعتبر فیه خصوص القول فهو من هذا القبیل؛لأنّ الفعل لا إنشاء فیه،فالمنشأ یحصل بإرادته المتّصلة بالفعل لا بنفس الفعل،لعدم دلالته علیه.

[*ابوالقاسم علیدوست]

نعم،یلزم من ذلک أن لا یحصل الفسخ باللفظ أصلاً؛لأنّ اللفظ أبداً مسبوقٌ بالقصد الموجود بعینه قبل الفعل الدالّ علی الفسخ.و قد ذکر العلّامة فی بعض مواضع التذکرة:بأنّ اللازم بناءً علی القول بتضمّن الوطء للفسخ عود الملک إلی الواطئ مع الوطء أو قُبیلَه،فیکون حلالاً (1).

هذا،و کیف کان،فالمسألة ذات قولین:

ففی التحریر قوّی حرمة الوطء الذی یحصل به الفسخ،و أنّ الفسخ یحصل بأوّل جزءٍ منه (2)،فیکشف عن عدم الفسخ قبله.و هو لازم کلّ من قال بعدم صحّة عقد الواهب الذی یتحقّق به الرجوع،کما فی الشرائع (3)و عن المبسوط (4)و المهذّب (5)و الجامع (6)،و الحکم فی باب الهبة و الخیار واحدٌ.و توقّف الشهید فی الدروس فی المقامین (7)مع حکمه

[شماره صفحه واقعی : 136]

ص: 695


1- التذکرة 1:534.
2- التحریر 1:168.
3- الشرائع 2:231.
4- المبسوط 3:304.
5- المهذّب 2:95.
6- الجامع:367.
7- راجع الدروس 3:271،و 2:289.

بصحّة رهن ذی الخیار (1).

و جزم الشهید و المحقّق الثانیان بالحِلّ (2)؛نظراً إلی حصول الفسخ قبله بالقصد المقارن.

ثمّ إنّه لو قلنا بحصول الفسخ قُبیل هذه الأفعال فلا إشکال فی وقوعها فی ملک الفاسخ،فیترتّب علیها آثارها،فیصحّ بیعه و سائر العقود الواقعة منه علی العین،لمصادفتهما للملک.و لو قلنا بحصوله بنفس الأفعال،فینبغی عدم صحّة التصرّفات المذکورة کالبیع و العتق من حیث عدم مصادفتهما لملک العاقد التی هی شرطٌ لصحّتها.

و قد یقرّر المانع بما فی التذکرة عن بعض العامّة:من أنّ الشیء الواحد لا یحصل به الفسخ و العقد،کما أنّ التکبیرة الثانیة فی الصلاة بنیّة الشروع فی الصلاة یخرج بها عن الصلاة،و لا یشرع بها فی الصلاة.و بأنّ (3)البیع موقوفٌ علی الملک الموقوف علی الفسخ المتأخّر عن البیع.

و أجاب فی التذکرة عن الأوّل بمنع عدم صحّة حصول الفسخ و العقد بشیءٍ واحدٍ بالنسبة إلی شیئین (4).و أجاب الشهید عن الثانی بمنع

[شماره صفحه واقعی : 137]

ص: 696


1- الدروس 3:391.
2- راجع المسالک 3:216،و جامع المقاصد 4:310.
3- ظاهر العبارة یقتضی أنّ هذا المانع موجود فی التذکرة،و لکن لم نعثر علیه فیها،نعم نقله السیّد العاملی فی مفتاح الکرامة 4:601 بلفظ:«فاندفع أیضاً ما قیل..»،و ذکر العلّامة فی التذکرة 1:490:«أنّه لو باع شیئاً بشرط أن یبیع إیّاه لم یصحّ..و جاء الدور».
4- التذکرة 1:538.

الدور التوقّفی،و أنّ الدور معیٌّ (1).

و قال فی الإیضاح:إنّ الفسخ یحصل بأوّل جزءٍ من العقد (2).و زاد فی باب الهبة قوله:فیبقی المحلّ قابلاً لمجموع العقد (3)،انتهی.

و قد یستدلّ للصحّة:بأنّه إذا وقع العقد علی مال الغیر فملکه بمجرّد العقد کان کمن باع مال غیره ثمّ ملکه.

[*ابوالقاسم علیدوست]

أقول:إن قلنا:بأنّ المستفاد من أدلّة توقّف البیع و العتق علی الملک-نحو قوله:«لا بیع إلّا فی ملک» (4)،و«لا عتق إلّا فی ملک» (5)- هو اشتراط وقوع الإنشاء فی ملک المنشئ،فلا مناص عن القول بالبطلان؛لأنّ صحّة العقد حینئذٍ تتوقّف علی تقدّم تملّک العاقد علی جمیع أجزاء العقد لتقع فیه،فإذا فرض العقد أو جزءٌ من أجزائه فسخاً کان سبباً لتملّک العاقد مقدّماً علیه؛لأنّ المسبّب إنّما یحصل بالجزء الأخیر من سببه،فکلّما فرض جزءٌ من العقد قابلٌ للتجزیة سبباً للتملّک،کان التملّک متأخّراً عن بعض ذلک الجزء،و إلّا لزم تقدّم وجود المسبّب علی السبب.و الجزء الذی لا یتجزّأ غیر موجودٍ،فلا یکون سبباً،مع أنّ غایة الأمر حینئذٍ المقارنة بینه و بین التملّک.

[شماره صفحه واقعی : 138]

ص: 697


1- لم نعثر علیه.
2- راجع إیضاح الفوائد 1:488،و 2:417.
3- راجع إیضاح الفوائد 1:488،و 2:417.
4- راجع عوالی اللآلی 2:247،الحدیث 16،و فیه:«لا بیع إلّا فیما تملک».
5- راجع الوسائل 16:7-8،الباب 5 من أبواب کتاب العتق،الأحادیث 1 و 2 و 6.

لکنّک عرفت أنّ الشرط بمقتضی الأدلّة سبق (1)التملّک علی جمیع أجزاء العقد قضاءً لحقّ الظرفیّة.

و أمّا دخول المسألة فی«من باع شیئاً ثمّ ملکه»فهو-بعد فرض القول بصحّته-یوجب اعتبار إجازة العاقد ثانیاً،بناءً علی ما ذکرنا (2)فی مسألة الفضولی:من توقّف لزوم العقد المذکور علی الإجازة.إلّا أن یقال:إنّ المتوقّف علی الإجازة عقد الفضولی و بیعه للمالک،و أمّا بیعه لنفسه-نظیر بیع الغاصب-فلا یحتاج إلی الإجازة بعد العقد.لکن هذا علی تقدیر القول به و الإغماض عمّا تقدّم فی عقد الفضولی لا یجری فی مثل العتق (3).

و إن قلنا (4):إنّ المستفاد من تلک الأدلّة هو عدم وقوع البیع فی ملک الغیر لیؤثّر (5)فی نقل مال الغیر بغیر إذنه،فالممنوع شرعاً تمام السبب فی ملک الغیر،لا وقوع بعض أجزائه فی ملک الغیر و تمامه فی ملک نفسه لیُنقل بتمام العقد الملکُ الحادث ببعضه،فلا مانع من تأثیر هذا العقد لانتقال ما انتقل إلی البائع بأوّل جزءٍ منه.

[*ابوالقاسم علیدوست]

و هذا لا یخلو عن قوّةٍ؛إذ لا دلالة فی أدلّة اعتبار الملکیّة فی المبیع إلّا علی اعتبار کونه مملوکاً قبل کونه مبیعاً،و الحصر فی قوله

[شماره صفحه واقعی : 139]

ص: 698


1- فی«ش»بدل«سبق»:«سبب».
2- راجع الجزء الثالث:435.
3- فی«ش»زیادة:«الغیر القابل للفضولی».
4- عطف علی قوله:«إن قلنا بأنّ المستفاد»فی الصفحة المتقدّمة.
5- فی«ش»:«المؤثّر».

«لا بیع إلّا فی ملک»إضافیٌّ بالنسبة إلی البیع فی ملک الغیر،أو فی غیر ملکٍ کالمباحات الأصلیّة،فلا یعمّ المستثنی منه البیعَ الواقع بعضه فی ملک الغیر و تمامه فی ملک البائع.

هذا،مع أنّه یقرب أن یقال:إنّ المراد بالبیع هو النقل العرفی الحاصل من العقد لا نفس العقد؛لأنّ العرف لا یفهمون من لفظ «البیع»إلّا هذا المعنی المأخوذ فی قولهم:«بعت»،و حینئذٍ فالفسخ الموجب للملک یحصل بأوّل جزءٍ من العقد،و النقل و التملّک (1)یحصل بتمامه،فیقع النقل فی الملک.و کذا الکلام فی العتق و غیره من التصرّفات القولیّة،عقداً کان أو إیقاعاً.

و لعلّ هذا معنی ما فی الإیضاح:من أنّ الفسخ یحصل بأوّل جزءٍ (2)،و بتمامه یحصل العتق.

نعم،التصرّفات الفعلیّة المحقِّقة للفسخ-کالوطء و الأکل و نحوهما- لا وجه لجواز الجزء الأوّل منها؛فإنّ ظاهر قوله تعالی: إِلاّٰ عَلیٰ أَزْوٰاجِهِمْ أَوْ مٰا مَلَکَتْ أَیْمٰانُهُمْ (3)اعتبار وقوع الوطء فیما اتّصف بکونها مملوکةً،فالوطء المحصِّل للفسخ لا یکون بتمامه حلالاً.

و توهّم أنّ الفسخ إذا جاز بحکم الخیار جاز کلّ ما یحصل به قولاً کان أو فعلاً،فاسدٌ؛فإنّ معنی جواز الفسخ لأجل الخیار الجواز الوضعی أعنی الصحّة لا التکلیفی،فلا ینافی تحریم ما یحصل به

[شماره صفحه واقعی : 140]

ص: 699


1- فی«ش»زیادة:«العرفی».
2- إیضاح الفوائد 1:488.
3- المؤمنون:6.

الفسخ،کما لا یخفی.

مع أنّه لو فرض دلالة دلیل الفسخ علی إباحة ما یحصل به تعیّن حمل ذلک علی حصول الفسخ قُبیل التصرّف،جمعاً بینه و بین ما دلّ علی عدم جواز ذلک التصرّف إلّا إذا وقع فی الملک.

و بالجملة،فما اختاره المحقّق و الشهید الثانیان (1)فی المسألة لا یخلو عن قوّةٍ،و به یرتفع الإشکال عن جواز التصرّفات تکلیفاً و وضعاً.

[*ابوالقاسم علیدوست]

و هذا هو الظاهر من الشیخ فی المبسوط،حیث جوّز للمتصارفین تبایع النقدین ثانیاً فی مجلس الصرف،و قال:إنّ شروعهما فی البیع قطعٌ لخیار المجلس (2).مع أنّ الملک عنده یحصل بانقطاع الخیار المتحقّق هنا بالبیع المتوقّف علی الملک.لکنّه فی باب الهبة لم یصحّح البیع الذی یحصل به الرجوع فیها معلّلاً بعدم وقوعه فی الملک (3).

فرع:

لو اشتری عبداً بجاریةٍ مع الخیار (4)فقال:أعتقهما،فربما یقال بانعتاق الجاریة دون العبد؛لأنّ الفسخ مقدَّمٌ علی الإجازة.

و فیه:أنّه لا دلیل علی التقدیم فی مثل المقام ممّا وقع الإجازة و الفسخ من طرفٍ واحدٍ دفعةً،سواء اتّحد المجیز و الفاسخ کما فی المقام،

[شماره صفحه واقعی : 141]

ص: 700


1- تقدّم عنهما فی الصفحة 137.
2- المبسوط 2:96.
3- المبسوط 3:304.
4- فی«ش»زیادة:«له».

أو تعدّد کما لو وقعا من وکیلی ذی الخیار دفعةً واحدةً،إنّما المسلّم تقدیم الفسخ الصادر من أحد الطرفین علی الإجازة الصادرة من الطرف الآخر؛لأنّ لزوم العقد من أحد الطرفین بمقتضی إجازته لا ینافی انفساخه بفسخ الطرف الآخر،کما لو کان العقد جائزاً من أحدهما ففسخ (1)مع لزوم العقد من الطرف الآخر،بخلاف اللزوم و الانفساخ من طرفٍ واحد.

و نحوه فی الضعف القول بعتق العبد؛لأنّ الإجازة إبقاءٌ للعقد، و الأصل فیه الاستمرار.

و فیه:أنّ عتق العبد موقوفٌ علی عدم عتق الجاریة کالعکس.

نعم،الأصل استمرار العقد و بقاء الخیار و عدم حصول العتق أصلاً.و هو الأقوی،کما اختاره جماعةٌ،منهم:العلّامة فی التذکرة و القواعد (2)و المحقّق الثانی فی جامع المقاصد (3)؛لأنّ عتقهما معاً لا ینفذ؛ لأنّ العتق لا یکون فضولیّاً،و المعتِق لا یکون مالکاً لهما بالفعل؛لأنّ ملک أحدهما یستلزم خروج الآخر عن الملک.

[*ابوالقاسم علیدوست]

و لو کان الخیار فی الفرض المذکور لبائع العبد بُنی عتق العبد علی جواز التصرّف من غیر ذی الخیار فی مدّة الخیار،و عتقُ الجاریة علی جواز عتق الفضولی.و الثانی غیر صحیحٍ اتّفاقاً،و سیأتی الکلام فی الأوّل و إن کان الخیار لهما.

[شماره صفحه واقعی : 142]

ص: 701


1- فی«ش»:«فیفسخ».
2- التذکرة 1:538،و القواعد 2:70.
3- جامع المقاصد 4:314.

ففی القواعد (1)و الإیضاح (2)و جامع المقاصد (3):صحّة عتق الجاریة و یکون فسخاً؛لأنّ عتق العبد من حیث إنّه إبطالٌ لخیار بائعه غیر صحیحٍ بدون إجازة البائع،و معها یکون إجازةً منه لبیعه،و الفسخ مقدّمٌ علی الإجازة.

و الفرق بین هذا و صورة اختصاص المشتری بالخیار:أنّ عتق کلٍّ من المملوکین کان من المشتری صحیحاً لازماً،بخلاف ما نحن فیه.

نعم،لو قلنا هنا بصحّة عتق المشتری فی زمان خیار البائع کان الحکم کما فی تلک الصورة.

[شماره صفحه واقعی : 143]

ص: 702


1- القواعد 2:70.
2- إیضاح الفوائد 1:490.
3- جامع المقاصد 4:316.
مسألة من أحکام الخیار عدم جواز تصرّف غیر ذی الخیار تصرّفاً یمنع من استرداد العین عند الفسخ
اشاره

علی قول الشیخ (1)و المحکیّ عن ابن سعید فی جامع الشرائع (2)و ظاهر جماعةٍ من الأصحاب،منهم:العلّامة فی القواعد (3)و المحقّق (4)و الشهید (5)الثانیان قدّس اللّٰه أسرارهم فی ظاهر کلماتهم (6)،بل فی مفتاح الکرامة-فی مسألة عدم انتقال حقّ الرجوع فی الهبة إلی الورثة-:أنّ حقّ الخیار یمنع المشتری من التصرّفات الناقلة عند

[شماره صفحه واقعی : 144]

ص: 703


1- راجع المبسوط 2:211،حیث حکم بعدم نفوذ تصرّف المشتری مع ثبوت الخیار للبائع،لأنّه إبطالُ حقّ البائع من الخیار،و راجع الصفحة 96 من نفس المصدر أیضاً.
2- الجامع للشرائع:248.
3- القواعد 2:70.
4- راجع جامع المقاصد 4:312 و 315،و 9:169.
5- راجع المسالک 1:360.
6- لم ترد«فی ظاهر کلماتهم»فی«ش».

الأکثر (1)،و عن جماعةٍ فی مسألة وجوب الزکاة علی المشتری للنصاب بخیارٍ للبائع:أنّ المشتری ممنوعٌ من کثیرٍ من التصرّفات المنافیة لخیار البائع (2)،بل ظاهر المحکیّ عن الجامع-کعبارة الدروس (3)-عدم الخلاف فی ذلک،حیث قال فی الجامع:و ینتقل المبیع بالعقد و انقضاء الخیار، و قیل بالعقد،و لا ینفذ تصرّف المشتری فیه حتّی ینقضی خیار البائع (4).

و ستجیء عبارة الدروس.

و لکن خلاف الشیخ و ابن سعید مبنیٌّ علی عدم قولهما بتملّک المبیع قبل انقضاء الخیار،فلا یُعدّ مثلهما مخالفاً فی المسألة.

و الموجود فی ظاهر کلام المحقّق فی الشرائع:جواز الرهن فی زمن الخیار،سواء کان الخیار للبائع أو المشتری أو لهما (5)،بل ظاهره عدم الخلاف فی ذلک بین کلّ من قال بانتقال الملک بالعقد،و کذا ظاهره فی باب الزکاة حیث حکم بوجوب الزکاة فی النصاب المملوک و لو مع ثبوت الخیار (6).

نعم،استشکل فیه فی المسالک فی شرح المقامین علی وجهٍ یظهر

[شماره صفحه واقعی : 145]

ص: 704


1- مفتاح الکرامة 9:195.
2- راجع مفتاح الکرامة 3(الزکاة):19،و مستند الشیعة 9:30،و الجواهر 15:39.
3- ستجیء عبارة الدروس فی الصفحة الآتیة.
4- الجامع للشرائع:248.
5- الشرائع 2:77.
6- الشرائع 1:141.

منه:أنّ المصنّف معترفٌ بمنشإ الإشکال (1).و کذا ظاهر کلام القواعد فی باب الرهن (2)و إن اعترض علیه جامع المقاصد (3)بما مرّ من المسالک.

لکن صریح کلامه فی التذکرة فی باب الصرف جواز التصرّف (4).

و کذا صریح کلام الشهید فی الدروس[حیث (5)]قال فی باب الصرف:

لو باع[أحدهما (6)]ما قبضه علی غیر صاحبه قبل التفرّق،فالوجه الجواز وفاقاً للفاضل،و منعه الشیخ قدّس سرّه لأنّه یمنع الآخر خیارَه.و رُدّ بأنّا نقول:یبقی (7)الخیار (8)،انتهی.

و صرّح فی المختلف فی باب الصرف:بأنّ له أن یبیع ماله من غیر صاحبه،و لا یبطل حقّ خیار الآخر،کما لو باع المشتری فی زمان خیار البائع (9).و هو ظاهر اللمعة بل صریحها فی مسألة رهن ما فیه الخیار (10)،و إن شرحها فی الروضة بما لا یخلو عن تکلّف (11).

[شماره صفحه واقعی : 146]

ص: 705


1- راجع المسالک 1:360 و 4:25.
2- القواعد 2:110.
3- جامع المقاصد 5:54.
4- التذکرة 1:514.
5- من«ش».
6- من«ش»و المصدر.
7- فی«ش»و المصدر:«ببقاء».
8- الدروس 3:302،و أمّا قول الفاضل فقد تقدّم آنفاً عن التذکرة،و سیجیء عن المختلف،و أمّا قول الشیخ فراجع المبسوط 2:96.
9- المختلف 5:117.
10- اللمعة الدمشقیّة:138.
11- الروضة البهیّة 4:70.

هذا،و یمکن أن یقال:إنّ قول الشیخ و من تبعه بالمنع لیس منشؤه القول بعدم انتقال المبیع و متفرّعاً علیه؛و إلّا لم یکن وجهٌ لتعلیل المنع عن التصرّف بلزوم إبطال حقّ الخیار،بل المتعیّن (1)الاستناد إلی عدم حصول الملک مع وجود الخیار.

بل لعلّ القول بعدم الانتقال منشؤه کون المنع عن التصرّف مفروغاً عنه عندهم،کما یظهر من بیان مبنی هذا الخلاف فی الدروس، قال:فی تملّک المبیع بالعقد أو بعد الخیار بمعنی الکشف أو النقل خلافٌ، مأخذه:أنّ الناقل العقد،و الغرض بالخیار الاستدراک و هو لا ینافیه، و أنّ غایة الملک التصرّف الممتنع فی مدّة الخیار (2)،انتهی.

و ظاهر هذا الکلام-کالمتقدّم عن جامع ابن سعید (3)-کون امتناع التصرّف فی زمن الخیار مسلّماً بین القولین،إلّا أن یُراد (4)نفوذ التصرّف علی وجهٍ لا یملک بطلانه بالفسخ و لا یتعقّبه ضمان العین بقیمتها عند الفسخ،و التصرّف فی زمن الخیار علی القول بجوازه معرضٌ لبطلانه عند الفسخ أو مستعقبٌ للضمان لا محالة.و هذا الاحتمال و إن بَعُد عن ظاهر عبارة الدروس،إلّا أنّه یقرّبه أنّه قدّس سرّه قال بعد أسطر:إنّ فی جواز تصرّف کلٍّ منهما فی الخیار (5)وجهین (6).

[شماره صفحه واقعی : 147]

ص: 706


1- فی«ش»زیادة:«حینئذٍ».
2- الدروس 3:270.
3- تقدّم فی الصفحة 145.
4- فی«ش»زیادة:«به».
5- فی«ش»و المصدر بدل«فی الخیار»:«مع اشتراک الخیار».
6- الدروس 3:271.

و الحاصل:أنّ کلمات العلّامة و الشهید بل و غیرهما قدّس اللّٰه أسرارهم فی هذا المقام لا تخلو بحسب الظاهر عن اضطراب.

ثمّ إنّ الظاهر عدم الفرق بین العتق و غیره من التصرّفات،و ربما یظهر من کلمات بعضهم تجویز العتق لبنائه علی التغلیب (1).و کذا الظاهر عدم الفرق بین الإتلاف و التصرّفات الناقلة.

و اختار بعض أفاضل من عاصرناهم الفرق بالمنع عن الإتلاف و تجویز غیره،لکن مع انفساخه من أصله عند فسخ ذی الخیار (2)، و قیل بانفساخه حینئذٍ من حینه (3).

حجّة القول بالمنع:أنّ الخیار حقٌّ یتعلّق بالعقد المتعلّق بالعوضین من حیث إرجاعهما بِحَلِّ العقد إلی مالکهما السابق،فالحقّ بالأخرة متعلّقٌ بالعین التی انتقلت منه إلی صاحبه،فلا یجوز لصاحبه أن یتصرّف فیها بما یبطل ذلک الحقّ بإتلافها أو نقلها إلی شخصٍ آخر.

و منه یظهر أنّ جواز الفسخ مع التلف بالرجوع إلی البدل لا یوجب جواز الإتلاف؛لأنّ الحقّ متعلِّقٌ بخصوص العین،فإتلافها إتلافٌ لهذا الحقّ و إن انتقل إلی بدله لو تلف بنفسه،کما أنّ تعلّق حقّ الرهن ببدل العین المرهونة بعد تلفها لا یوجب جواز إتلافها علی ذی الحقّ.

[شماره صفحه واقعی : 148]

ص: 707


1- راجع مفتاح الکرامة 4:602.
2- و هو المحقّق التستری فی المقابس:200.
3- لم نعثر علیه.

و إلی ما ذکر یرجع ما فی الإیضاح:من توجیه بطلان العتق فی زمن الخیار بوجوب صیانة حقّ البائع فی العین المعیّنة عن الإبطال (1).

و یؤیّد ما ذکرنا:أنّهم حکموا-من غیر خلافٍ یظهر منهم-بأنّ التصرّف الناقل إذا وقع بإذن ذی الخیار سقط خیاره،فلو لم یکن حقّا متعلِّقاً بالعین لم یکن وقوع ذلک موجباً لسقوط الخیار،فإنّ تلف العین لا ینافی بقاء الخیار؛لعدم منافاة التصرّف لعدم الالتزام بالعقد و إرادة الفسخ بأخذ القیمة.

هذا غایة ما یمکن أن یقال فی توجیه المنع،لکنّه لا یخلو عن نظرٍ؛فإنّ الثابت من خیار الفسخ بعد ملاحظة جواز التفاسخ فی حال تلف العینین هی سلطنة ذی الخیار علی فسخ العقد المتمکّن فی حالتی وجود العین و فقدها،فلا دلالة فی مجرّد ثبوت الخیار علی حکم التلف جوازاً و منعاً،فالمرجع فیه أدلّة سلطنة الناس علی أموالهم،أ لا تری أنّ حقّ الشفیع لا یمنع المشتری من نقل العین؟و مجرّد الفرق بینهما:بأنّ (2)الشفعة سلطنةٌ علی نقلٍ جدیدٍ فالملک مستقرٌّ قبل الأخذ بها غایة الأمر تملّک الشفیع نقله إلی نفسه،بخلاف الخیار فإنّها سلطنةٌ علی رفع العقد و إرجاع الملک إلی الحالة (3)السابقة،لا یؤثّر فی الحکم المذکور

[*ابوالقاسم علیدوست]

مع أنّ الملک فی الشفعة أولی بالتزلزل،لإبطالها تصرّفات المشتری اتّفاقاً.

[شماره صفحه واقعی : 149]

ص: 708


1- إیضاح الفوائد 1:489.
2- فی«ق»:«أنّ».
3- فی«ق»:«حاله».

و أمّا حقّ الرهن،فهو من حیث کون الرهن وثیقةً یدلّ علی وجوب إبقائه و عدم السلطنة علی إتلافه،مضافاً إلی النصّ و الإجماع علی حرمة التصرّف فی الرهن مطلقاً و لو لم یکن متلفاً و لا ناقلاً.

و أمّا سقوط الخیار بالتصرّف الذی أذن فیه ذو الخیار،فلدلالة العرف،لا للمنافاة.

و الحاصل:أنّ عموم«الناس مسلّطون علی أموالهم»لم یعلم تقییده بحقٍّ یحدث لذی الخیار یزاحم به سلطنة المالک،فالجواز لا یخلو عن قوّةٍ فی الخیارات الأصلیّة.

و أمّا الخیار المجعول بشرطٍ،فالظاهر من اشتراطه (1)إرادة إبقاء الملک لیستردّه عند الفسخ،بل الحکمة فی أصل الخیار هو إبقاء السلطنة علی استرداد العین،إلّا أنّها فی الخیار المجعول علّةٌ للجعل،و لا ینافی ذلک بقاء الخیار مع التلف،کما لا یخفی.

و علیه فیتعیّن الانتقال إلی البدل عند الفسخ مع الإتلاف.و أمّا مع فعل ما لا یسوِّغ انتقاله عن المتصرّف کالاستیلاد،ففی تقدیم حقّ الخیار لسبقه،أو الاستیلاد لعدم اقتضاء الفسخ لردّ العین مع وجود المانع الشرعی کالعقلی،وجهان،أقواهما الثانی (2).

[شماره صفحه واقعی : 150]

ص: 709


1- فی«ش»:«و أمّا الخیارات المجعولة بالشرط فالظاهر من اشتراطها».
2- فی«ش»زیادة ما یلی:«و هو اللائح من کلام التذکرة فی باب الصرف، حیث ذکر:أنّ صحّة البیع الثانی لا ینافی حکمه و ثبوت الخیار للمتعاقدین»، و راجع التذکرة 1:514،و العبارة فیها هکذا:«لأنّ صحّة البیع لا تنافی ثبوت الخیار لغیر المتعاقدین».

و منه یعلم حکم نقله عن ملکه و أنّه ینتقل إلی البدل؛لأنّه إذا جاز التصرّف فلا داعی إلی إهمال ما یقتضیه التصرّف من اللزوم و تسلّط العاقد الثانی علی ماله،عدا ما یتخیّل:من أنّ تملّک العاقد الثانی مبنیٌّ علی العقد الأوّل،فإذا ارتفع بالفسخ و صار کأن لم یکن و لو بالنسبة إلی ما بعد الفسخ کان من لوازم ذلک ارتفاع ما بُنی علیه من التصرّفات و العقود.و الحاصل:أنّ العاقد الثانی یتلقّی الملک من المشتری الأوّل،فإذا فرض الاشتراء کأن لم یکن و ملک البائع الأوّل العین بالملک السابق قبل البیع ارتفع بذلک ما استند إلیه من العقد الثانی.

[*ابوالقاسم علیدوست]

و یمکن دفعه:بأنّ تملّک العاقد الثانی مستندٌ إلی تملّک المشتری له آناً ما؛لأنّ مقتضی سلطنته فی ذلک الآن صحّة جمیع ما یترتّب علیه من التصرّفات،و اقتضاء الفسخ لکون العقد کأن لم یکن بالنسبة إلی ما بعد الفسخ لأنّه رفعٌ للعقد الثابت.

و قد ذهب المشهور إلی أنّه لو تلف أحد العوضین قبل قبضه و بعد بیع العوض الآخر المقبوض انفسخ البیع الأوّل دون الثانی،و استحقّ بدل العوض المبیع ثانیاً علی من باعه.

و الفرق بین تزلزل العقد من حیث إنّه أمرٌ اختیاریٌّ کالخیار أو أمرٌ اضطراریٌّ کتلف عوضه قبل قبضه،غیر مجدٍ فیما نحن بصدده.

ثمّ إنّه لا فرق بین کون العقد الثانی لازماً أو جائزاً؛لأنّ جواز العقد یوجب سلطنة العاقد علی فسخه،لا سلطنة الثالث الأجنبیّ.

نعم،یبقی هنا إلزام العاقد بالفسخ بناءً علی أنّ البدل للحیلولة و هی مع تعذّر المبدل،و مع التمکّن یجب تحصیله،إلّا أن یقال

[شماره صفحه واقعی : 151]

ص: 710

باختصاص ذلک بما إذا کان المبدل المتعذّر (1)علی ملک مستحقّ البدل، کما فی المغصوب الآبق.أمّا فیما نحن فیه،فإنّ العین ملکٌ للعاقد الثانی، و الفسخ إنّما یقتضی خروج المعوّض عن ملک من یدخل فی ملکه العوض و هو العاقد الأوّل،فیستحیل خروج المعوَّض عن ملک العاقد الثانی،فیستقرّ بدله علی العاقد الأوّل،و لا دلیل علی إلزامه بتحصیل المبدل مع دخوله فی ملک ثالث،و قد مرّ بعض الکلام فی ذلک فی خیار الغبن (2).

[*ابوالقاسم علیدوست]

هذا،و لکن قد تقدّم:أنّ ظاهر عبارتی الدروس و الجامع الاتّفاق علی عدم نفوذ التصرّفات الواقعة فی زمان الخیار (3).و توجیهه بإرادة التصرّف علی وجهٍ لا یستعقب الضمان بأن یضمنه ببدله بعد فسخ ذی الخیار بعیدٌ جدّاً.و لم یظهر ممّن تقدّم نقل القول بالجواز عنه الرجوعُ إلی البدل إلّا فی مسألة العتق و الاستیلاد.فالمسألة فی غایة الإشکال.

ثمّ علی القول بانفساخ العقد الثانی،فهل یکون من حین فسخ الأوّل،أو من أصله؟قولان،اختار ثانیهما بعض أفاضل المعاصرین (4)، محتجّاً:بأنّ مقتضی الفسخ تلقیّ کلٍّ من العوضین من ملک کلٍّ من

[شماره صفحه واقعی : 152]

ص: 711


1- فی«ش»زیادة:باقیاً.
2- راجع الجزء الخامس،الصفحة 192 و ما بعدها.
3- تقدّم فی الصفحة 145.
4- الظاهر أنّ المراد هو المحقّق التستری،و لکن لم نعثر علی تفصیل ما نقله المصنّف قدّس سرّه،نعم ربما یتضمّن حاصل بعض کلامه،کالفسخ من الأصل،کما تقدّم فی الصفحة 148.

المتعاقدین،فلا یجوز أن یتلقّی الفاسخ الملک من العاقد الثانی،بل لا بدّ من انفساخ العقد الثانی بفسخ الأوّل و رجوع العین إلی ملک المالک الأوّل لیخرج منه إلی ملک الفاسخ،إلّا أن یلتزم:بأنّ ملک العاقد الثانی إلی وقت الفسخ،فتلقّی الفاسخ الملک بعد الفسخ من العاقد الأوّل.و ردّه القائل (1):بعدم معروفیّة التملّک المؤقّت فی الشرع،فافهم.

ثمّ إنّ المتیقّن من زمان الخیار الممنوع فیه من التصرّف علی القول به هو زمان تحقّق الخیار فعلاً،کالمجلس و الثلاثة فی الحیوان و الزمان المشروط فیه الخیار.و أمّا الزمان الذی لم یتنجّز فیه الخیار -إمّا لعدم تحقّق سببه کما فی خیار التأخیر بناءً علی أنّ السبب فی ثبوته تضرّر البائع بالصبر أزید من الثلاثة،و إمّا لعدم تحقّق شرطه کما فی بیع الخیار بشرط ردّ الثمن،بناءً علی کون الردّ شرطاً للخیار و عدم تحقّقه قبله،و کاشتراط الخیار فی زمانٍ متأخّر-ففی جواز التصرّف قبل تنجّز الخیار خصوصاً فیما لم یتحقّق سببه،وجهان:

من أنّ المانع عن التصرّف هو تزلزل العقد و کونه فی معرض الارتفاع و هو موجودٌ هنا و إن لم یقدر ذو الخیار علی الفسخ حینئذٍ.

و من أنّه لا حقّ بالفعل لذی الخیار فلا مانع من التصرّف.

و یمکن الفرق بین الخیار المتوقّف علی حضور الزمان،و المتوقّف علی شیءٍ آخر کالتأخیر و الرؤیة علی خلاف الوصف؛لأنّ ثبوت الحقّ فی الأوّل معلومٌ و إن لم یحضر زمانه،بخلاف الثانی؛و لذا لم یقل أحدٌ بالمنع من التصرّف فی أحد (2)العوضین قبل قبض الآخر من جهة کون

[شماره صفحه واقعی : 153]

ص: 712


1- یعنی بعض الأفاضل.و لم ترد کلمة«القائل»فی«ش».
2- فی«ش»زیادة:«من».

العقد فی معرض الانفساخ بتلف ما لم یقبض،و سیجیء ما یظهر منه قوّة هذا التفصیل.

و علی کلّ حالٍ،فالخیار المتوقّف تنجّزه فعلاً علی ظهور أمرٍ -کالغبن،و العیب،و الرؤیة علی خلاف الوصف-غیر مانعٍ من التصرّف بلا خلافٍ ظاهراً.

فرعان
الأوّل:لو منعا عن التصرّف المتلف فی زمان الخیار،فهل یمنع عن التصرّف المعرِّض لفوات حقّ ذی الخیار من العین

صوت

[*ابوالقاسم علیدوست]

کوطء الأمة فی زمان الخیار،بناءً علی أنّ الاستیلاد مانعٌ من ردّ العین بالخیار؟قولان للمانعین،أکثرهم علی الجواز،کالعلّامة فی القواعد (1)و الشارح[فی (2)] جامع المقاصد (3)و حکی عن المبسوط (4)و الغنیة (5)و الخلاف (6)،لکن لا یلائم ذلک القولَ بتوقّف الملک علی انقضاء الخیار،کما اعترف به فی الإیضاح (7).و لذا حمل فی الدروس تجویز الشیخ للوطء علی ما إذا

[شماره صفحه واقعی : 154]

ص: 713


1- القواعد 2:70.
2- لم یرد فی«ق».
3- جامع المقاصد 4:313 و 319.
4- المبسوط 2:83.
5- الغنیة:221.
6- الخلاف 3:23،المسألة 31 من کتاب البیوع.
7- إیضاح الفوائد 1:491.

اختصّ الخیار بالواطئ (1).لکن قیل:إنّ عبارة المبسوط لا تقبل ذلک (2).

و ظاهر المحکیّ عن التذکرة و ظاهر الدروس (3)المنع عن ذلک، لکون الوطء معرضاً لفوات حقّ ذی الخیار من العین.

الثانی:أنّه هل یجوز إجارة العین فی زمان الخیار بدون إذن ذی الخیار؟

فیه وجهان:من کونه (4)ملکاً له،و من إبطال هذا التصرّف؛ لتسلّط الفاسخ علی أخذ العین،إذ الفرض استحقاق المستأجر لتسلّمه لأجل استیفاء منفعته.

و لو آجره من ذی الخیار أو بإذنه ففسخ لم یبطل الإجارة؛لأنّ المشتری ملک العین ملکیّةً مطلقةً مستعدّةً للدوام،و من نماء هذا الملک المنفعة الدائمة،فإذا استوفاها المشتری بالإجارة،فلا وجه لرجوعها إلی الفاسخ،بل یعود الملک إلیه مسلوب المنفعة فی مدّة الإجارة،کما إذا باعه بعد الإجارة.و لیس الملک هنا نظیر ملک البطن الأوّل من الموقوف علیه؛لأنّ البطن الثانی لا یتلقّی الملک منه حتّی یتلقّاه مسلوب المنفعة،بل من الواقف کالبطن الأوّل،فالملک ینتهی بانتهاء استعداده.

[شماره صفحه واقعی : 155]

ص: 714


1- الدروس 3:271.
2- قاله السیّد العاملی فی مفتاح الکرامة 4:603.
3- نسبه فی مفتاح الکرامة 4:604 إلی صریح التذکرة و ظاهر الدروس.راجع التذکرة 1:534،و الدروس 3:271.
4- کذا،و المناسب تأنیث الضمیر؛لرجوعه إلی«العین»،و هکذا الکلام فی الضمائر الآتیة.

صوت

[*ابوالقاسم علیدوست]

فإن قلت:إنّ ملک المنفعة تابعٌ لملک العین،بمعنی أنّه إذا ثبت الملکیّة فی زمانٍ و کان زوالها بالانتقال إلی آخر،ملک المنفعة الدائمة؛ لأنّ المفروض أنّ المنتقل إلیه یتلقّی الملک من ذلک المالک،فیتلقّاه مسلوب المنفعة.و أمّا إذا ثبتت و کان زوالها بارتفاع سببها لم یکن ملک من عاد إلیه متلقّی عن المالک الأوّل و مستنداً إلیه،بل کان مستنداً إلی ما کان قبل تملّک المالک الأوّل،فیتبعه المنفعة،کما لو فرضنا زوال الملک بانتهاء سببه لا برفعه،کما فی ملک البطن الأوّل من الموقوف[علیه (1)] فإنّ المنفعة تتبع مقدار تملّکه.

قلت:

أوّلاً:أنّه منقوضٌ بما إذا وقع التفاسخ بعد الإجارة مع عدم التزام أحدٍ ببطلان الإجارة.

و ثانیاً:أنّه یکفی فی ملک المنفعة الدائمة تحقّق الملکیّة المستعدّة للدوام لولا الرافع آناً ما.

ثمّ إنّ الفاضل القمّی فی بعض أجوبة مسائله جزم ببطلان الإجارة بفسخ البیع بخیار ردّ مثل الثمن،و علَّله:بأنّه یعلم بفسخ البیع:

أنّ المشتری لم یملک منافع ما بعد الفسخ،و أنّ الإجارة کانت متزلزلةً و مراعاةً بالنسبة إلی فسخ البیع (2)،انتهی.

فإن کان مرجعه إلی ما ذکرنا:من کون المنفعة تابعةً لبقاء الملک

[شماره صفحه واقعی : 156]

ص: 715


1- لم یرد فی«ق».
2- راجع جامع الشتات(الطبعة الحدیثة)3:432،جواب السؤال:203 من کتاب الإجارة.

أو الملک المستند إلی ذلک الملک،فقد عرفت الجواب عنه نقضاً و حَلاّ، و أنّ المنفعة تابعةٌ للملک المستعدّ للدوام،و إن کان مرجعه إلی شیءٍ [آخر (1)]فلیبیّن حتّی یُنظر فیه،مع أنّ الأصل عدم الانفساخ؛لأنّ الشکّ فی أنّ حقّ خیار الفسخ فی العین یوجب تزلزل ملک المنفعة أم لا مع العلم بقابلیّة المنفعة بعد الفسخ للتملّک قبله،کما إذا تقایلا البیع بعد الإجارة.

ثمّ إنّه لا إشکال فی نفوذ التصرّف بإذن ذی الخیار و أنّه یسقط خیاره بهذا التصرّف،إمّا لدلالة الإذن علی الالتزام بالعقد عرفاً و إن لم یکن منافاةٌ بین الإذن فی التصرّف أو الإتلاف و إرادة الفسخ و أخذ القیمة،کما نبّهنا علیه فی المسألة السابقة (2)،و به یندفع الإشکال الذی أورده المحقّق الأردبیلی:من عدم دلالة ذلک علی سقوط الخیار (3).و إمّا لأنّ التصرّف الواقع تفویتٌ لمحلّ هذا الحقّ و هی العین بإذن صاحبه، فلا ینفسخ التصرّف و لا یتعلّق الحقّ بالبدل؛لأنّ أخذ البدل بالفسخ فرع تلف العین فی حال حلول الحقّ فیه،لا مع سقوطه عنه.

[*ابوالقاسم علیدوست]

و لو أذن و لم یتصرّف المأذون،ففی القواعد و التذکرة:أنّه یسقط خیار الآذن (4)،و عن المیسیّة:أنّه المشهور (5).قیل:کأنّ منشأ هذه

[شماره صفحه واقعی : 157]

ص: 716


1- لم یرد فی«ق».
2- فی الصفحة 149 150.
3- مجمع الفائدة 8:415.
4- القواعد 2:68،و التذکرة 1:528.
5- حکاه عنها السیّد العاملی فی مفتاح الکرامة 4:589.

النسبة فهم استناد المشهور فی سقوط الخیار فی الصورة السابقة إلی دلالة مجرّد الإذن،و لا یقدح فیها تجرّده عن التصرّف (1).و قد مَنَع دلالة الإذن المجرّد فی المسالک و جامع المقاصد و القواعد (2).

و الأولی أن یقال:إنّه لا ینبغی الإشکال فی کون إذن ذی الخیار فی التصرّف عنه فیما انتقل عنه فسخاً (3)؛لأنّ التوکیل فی بیع (4)مال الغیر لنفسه غیر جائزٍ شرعاً،فیحمل علی الفسخ،کسائر التصرّفات التی لا تصحّ شرعاً إلّا بجعلها فسخاً.

و أمّا کون إذن ذی الخیار للمشتری فی التصرّف إجازةً و إسقاطاً لخیاره،فیمکن الاستشکال فیه؛لأنّ الثابت بالنصّ و الإجماع:أنّ التصرّف فیما انتقل إلیه إجازةٌ،و لیس الإذن من ذلک،و إنّما حُکم بالسقوط فی التصرّف عن إذنه،لا لأجل تحقّق الإسقاط من ذی الخیار بالإذن،بل لتحقّق المسقط؛لما عرفت:من أنّ التصرّف الواقع بإذنه صحیحٌ نافذ،و التسلّط علی بدله فرع خروجه عن ملک المشتری متعلّقاً للحقّ،فالإذن فیما نحن فیه نظیر إذن المرتهن فی بیع الرهن لا یسقط به حقُّ الرهانة،و یجوز الرجوع قبل البیع.نعم،یمکن القول بإسقاطه من

[شماره صفحه واقعی : 158]

ص: 717


1- راجع مفتاح الکرامة 4:589.
2- المسالک 3:213،و جامع المقاصد 4:305 و 311،و القواعد 2:68-69.
3- فی«ق»:«فسخ»،و هو سهو علی الظاهر.
4- العبارة فی«ش»هکذا:«و الأولی أن یقال:بأنّ الظاهر کون إذن ذی الخیار فی التصرّف المخرج فیما انتقل عنه فسخاً لحکم العرف،و لأنّ إباحة بیع مال الغیر..».

جهة تضمّنه للرضا بالعقد،فإنّه لیس بأدون من رضا المشتری بتقبیل الجاریة.

و قد صرّح فی المبسوط:بأنّه إذا علم رضا البائع بوطء المشتری سقط خیاره (1)،و یؤیّده روایة السکونی (2)فی کون العرض علی البیع التزاماً.

فهذا القول لا یخلو عن قوّة.

[شماره صفحه واقعی : 159]

ص: 718


1- المبسوط 2:83.
2- الوسائل 12:359،الباب 12 من أبواب الخیار،الحدیث الأوّل.
مسألة المشهور أنّ المبیع یُملک بالعقد،و أثر الخیار تزلزل الملک بسبب القدرة علی رفع سببه،

فالخیار حقٌّ لصاحبه فی ملک الآخر.و حکی المحقّق (1)و جماعةٌ (2)عن الشیخ:توقّف الملک بعد العقد علی انقضاء الخیار.و إطلاقه یشمل الخیار المختصّ بالمشتری،و صرّح فی التحریر بشموله لذلک (3).

لکن الشهید فی الدروس قال:فی تملّک المبیع بالعقد أو بعد الخیار بمعنی الکشف أو النقل خلافٌ،

[*ابوالقاسم علیدوست]

مأخذه:أنّ الناقل العقد،و الغرض من الخیار الاستدراک و هو لا ینافی الملک،و أنّ غایة الملک التصرّف الممتنع

[شماره صفحه واقعی : 160]

ص: 719


1- حکاه فی الشرائع 2:23،و المختصر:122،بلفظ«و قیل»،نعم علّق علیه فی المسالک 3:215 بقوله:«و المشهور أنّ القول المحکی للشیخ».
2- کشف الرموز 1:461،و التنقیح الرائع 2:51،و المفاتیح 3:75 و غیرها، و نسب بعضٌ ذلک إلی ظاهر الشیخ و قال بعضٌ آخر:«یلوح من کلام الشیخ». راجع تفصیل ذلک فی مفتاح الکرامة 4:592.
3- التحریر 1:168.

فی زمان الخیار.و ربما قطع الشیخ بملک المشتری إذا اختصّ الخیار.

و ظاهر ابن الجنید توقّف الملک علی انقضاء الخیار (1)،انتهی.

فإنّ فی هذا الکلام شهادةً من وجهین علی عدم توقّف ملک المشتری علی انقضاء خیاره عند الشیخ،بل المأخذ المذکور صریحٌ فی عدم الخلاف من غیر الشیخ قدّس سرّه أیضاً،لکن ینافیه جعل قول ابن الجنید مقابلاً لقول الشیخ،و اللازم نقل کلام الشیخ قدّس سرّه فی الخلاف و المبسوط.

قال فی محکیّ الخلاف:العقد یثبت بنفس الإیجاب و القبول،فإن کان مطلقاً فإنّه یلزم بالافتراق بالأبدان،و إن کان مشروطاً یلزم بانقضاء الشرط،فإن کان الشرط لهما أو للبائع فإذا انقضی الخیار ملک المشتری بالعقد المتقدّم،و إن کان الخیار للمشتری وحده زال ملک البائع عن الملک بنفس العقد،لکنّه لم ینتقل إلی المشتری حتّی ینقضی الخیار، فإن انقضی (2)الخیار ملک المشتری بالعقد الأوّل (3)،انتهی.

و ظاهر هذا الکلام-کما قیل (4)-هو الکشف،فحینئذٍ یمکن الجمع بین زوال ملک البائع بمعنی عدم حقٍّ له بعد ذلک فی المبیع-نظیر لزوم العقد من طرف الأصیل إذا وقع مع الفضولی-و بین عدم انتقاله إلی المشتری بحسب الظاهر حتّی ینقضی خیاره،فإذا انقضی ملک بسبب

[شماره صفحه واقعی : 161]

ص: 720


1- الدروس 3:270.
2- فی«ق»بدل فإن«انقضی»:«فإذا انتقل»،و هو من سهو القلم.
3- الخلاف 3:22،المسألة 29 من کتاب البیوع.
4- قاله الشهید فی المسالک 3:215.

العقد الأوّل بمعنی کشف الانقضاء عنه،فیصیر انقضاء الخیار للمشتری نظیر إجازة عقد الفضولی.و لا یرد حینئذٍ علیه:أنّ اللازم منه بقاء الملک بلا مالک.و حاصل هذا القول:أنّ الخیار یوجب تزلزل الملک.

و یمکن حمله أیضاً علی إرادة الملک اللازم الذی لا حقّ و لا علاقة لمالکه السابق فیه،فوافق المشهور؛و لذا عبّر فی غایة المراد بقوله:

«و یلوح من کلام الشیخ توقّف الملک علی انقضاء الخیار» (1)و لم ینسب ذلک إلیه صریحاً.

و قال فی المبسوط:البیع إن کان مطلقاً غیر مشروطٍ فإنّه یثبت بنفس العقد و یلزم بالتفرّق بالأبدان،و إن کان مشروطاً لزومه بنفس العقد لزم بنفس العقد،و إن کان مقیّداً بشرطٍ لزم بانقضاء الشرط (2)، انتهی.

[*ابوالقاسم علیدوست]

و ظاهره-کظاهر الخلاف-عدم الفرق بین خیار البائع و المشتری.

لکن قال فی باب الشفعة:إذا باع شِقصاً بشرط الخیار،فإن کان الخیار للبائع أو لهما لم یکن للشفیع الشفعة؛لأنّ الشفعة إنّما تجب إذا انتقل الملک إلیه.و إن کان الخیار للمشتری وجب الشفعة[للشفیع (3)]لأنّ الملک یثبت للمشتری بنفس العقد،و له المطالبة بعد[انقضاء] (4)الخیار.

[شماره صفحه واقعی : 162]

ص: 721


1- غایة المراد 2:105،و فیه:«فیلوح من کلام الشیخ فی الخلاف و المبسوط توقّف ملک المشتری علی سقوطه».
2- المبسوط 2:83.
3- 3 و 4) أثبتناهما من«ش»و المصدر.
4-

و حکم خیار المجلس و الشرط فی ذلک سواءٌ،علی ما فصّلناه (1).و لعلّ هذا مأخذ ما تقدّم (2)من النسبة فی ذیل عبارة الدروس.

هذا،و لکن الحلّی قدّس سرّه فی السرائر ادّعی رجوع الشیخ عمّا ذکره فی الخلاف (3).

و یمکن أن یستظهر من مواضع من المبسوط ما یوافق المشهور.

مثل استدلاله فی مواضع علی المنع عن التصرّف فی مدّة الخیار:

بأنّ فیه إبطالاً لحقّ ذی الخیار،کما فی مسألة بیع أحد النقدین علی غیر صاحبه فی المجلس (4)،و فی مسألة رهن ما فیه الخیار للبائع (5)؛فإنّه لو قال بعدم الملک تعیّن تعلیل المنع به،لا بإبطال حقّ ذی الخیار من الخیار؛لأنّ التعلیل بوجود المانع فی مقام فقد المقتضی کما تری! و منها:أنّه ذکر فی باب الصرف جواز تبایع المتصارفین ثانیاً فی المجلس؛لأنّ شروعهما فی البیع قطعٌ للخیار (6)،مع أنّه لم یصحّح فی باب الهبة البیع الذی یتحقّق به الرجوع فیها،لعدم وقوعه فی الملک (7).فلولا قوله فی الخیار بمقالة المشهور لم یصحّ البیع ثانیاً؛لوقوعه فی غیر الملک

[شماره صفحه واقعی : 163]

ص: 722


1- المبسوط 3:123.
2- تقدّم فی الصفحة 161.
3- السرائر 2:386.
4- راجع المبسوط 2:96.
5- راجع المبسوط 2:211.
6- المبسوط 2:96.
7- المبسوط 3:304.

علی ما ذکره (1)فی الهبة.

و ربما ینسب (2)إلی المبسوط اختیار المشهور فیما إذا صار أحد المتبایعین الذی له الخیار مفلّساً،حیث حکم بأنّ له الخیار فی الإجازة و الفسخ،لأنّه لیس بابتداء ملک؛لأنّ الملک قد سبق بالعقد (3)،انتهی.

لکنّ النسبة لا تخلو عن تأمّلٍ لمن لاحظ باقی العبارة.

و قال ابن سعید قدّس سرّه فی الجامع-علی ما حکی عنه-:إنّ المبیع یُملک بالعقد و بانقضاء الخیار،و قیل:بالعقد و لا ینفذ تصرّف المشتری إلّا بعد انقضاء خیار البائع (4)،انتهی.

و قد تقدّم حکایة التوقّف عن ابن الجنید أیضاً (5).

و کیف کان،فالأقوی هو المشهور؛لعموم أدلّة حِلّ البیع،و أکل المال إذا کانت تجارةً عن تراضٍ،و غیرهما ممّا ظاهره کون العقد علّةً تامّةً لجواز التصرّف الذی هو من لوازم الملک.

[*ابوالقاسم علیدوست]

و یدلّ علیه لفظ«الخیار»فی قولهم علیهم السلام:«البیّعان بالخیار» (6)، و ما دلّ علی جواز النظر فی الجاریة فی زمان الخیار إلی ما لا یحلّ له

[شماره صفحه واقعی : 164]

ص: 723


1- فی«ش»:«علی ما ذکرنا».
2- نسبه العلّامة بحر العلوم،انظر المصابیح(مخطوط):116.
3- المبسوط 2:266.
4- الجامع للشرائع:248.
5- تقدّم فی الصفحة 161.
6- راجع الوسائل 12:345-346،الباب الأوّل من أبواب أحکام الخیار، الأحادیث 1 و 2 و 3.

قبل ذلک (1)،فإنّه یدلّ علی الحِلّ بعد العقد فی زمن الخیار،إلّا أن یلتزم بأنّه نظیر حِلّ وطء المطلّقة الرجعیّة الذی یحصل به الرجوع.

و یدلّ علیه:ما تقدّم فی أدلّة بیع الخیار بشرط ردّ المبیع (2):من کون نماء المبیع للمشتری و تلفه منه (3)فیکشف ذلک عن ثبوت اللزوم و هو الملک،إلّا أن یلتزم بعدم کون ذلک من اشتراط الخیار،بل من باب اشتراط انفساخ البیع بردّ الثمن-و قد تقدّم (4)فی مسألة بیع الخیار بیان هذا الاحتمال و ما یشهد له من بعض العنوانات،لکن تقدّم:أنّه بعیدٌ فی الغایة-أو یقال:إنّ النماء فی مورد الروایة نماء المبیع فی زمان لزوم البیع؛لأنّ الخیار یحدث بردّ مثل الثمن و إن ذکرنا فی تلک المسألة:

أنّ الخیار فی بیع الخیار المعنون عند الأصحاب لیس مشروطاً حدوثه بالردّ (5)،إلّا أنّ الروایة قابلةٌ للحمل علیه،إلّا أن یتمسّک بإطلاقه (6)الشامل لما إذا جعل الخیار من أوّل العقد فی فسخه مقیّداً بردّ مثل الثمن.

هذا،مع أنّ الظاهر أنّ الشیخ یقول بالتوقّف فی الخیار المنفصل أیضاً.

[شماره صفحه واقعی : 165]

ص: 724


1- راجع الوسائل 12:351،الباب 4 من أبواب الخیار،الحدیثین 1 و 3.
2- فی«ش»:«الثمن».
3- تقدّم فی الجزء الخامس:139 فی الأمر الخامس ذیل بیع الخیار.
4- تقدّم فی الجزء الخامس:129 فی الأمر الأوّل ذیل بیع الخیار.
5- فی«ش»زیادة:«فی أدلّة بیع الخیار».
6- کذا فی النسخ،و المناسب:«بإطلاقها».

صوت

[*ابوالقاسم علیدوست]

و ربما یتمسّک بالأخبار الواردة فی العینة (1)و هی:أن یشتری الإنسان شیئاً بنسیةٍ ثمّ یبیعه بأقلّ منه فی ذلک المجلس نقداً.لکنّها لا دلالة لها من هذه الحیثیّة؛لأنّ بیعها علی بائعها الأوّل و إن کان فی خیار المجلس أو الحیوان،إلّا أن بیعه علیه مسقطٌ لخیارهما اتّفاقاً.و قد صرّح الشیخ فی المبسوط بجواز ذلک،مع منعه عن بیعه علی غیر صاحبه فی المجلس (2).

نعم،بعض هذه الأخبار یشتمل علی فقراتٍ یستأنس بها لمذهب المشهور،مثل صحیح یسار بن یسار:«عن الرجل یبیع المتاع و یشتریه من صاحبه الذی یبیعه منه؟قال:نعم لا بأس به.قلت:

أشتری متاعی؟فقال:لیس هو متاعک و لا بقرک و لا غنمک» (3)فإنّ فی ذیلها دلالةً علی انتقال المبیع قبل انقضاء الخیار.

و لا استئناس بها أیضاً عند التأمّل؛لما عرفت:من أنّ هذا البیع جائزٌ عند القائل بالتوقّف،لسقوط خیارهما بالتواطؤ علی هذا البیع،کما عرفت التصریح به من المبسوط (4).

و یذبّ بذلک عن الإشکال المتقدّم نظیره سابقاً (5):من أنّ الملک

[شماره صفحه واقعی : 166]

ص: 725


1- کما تمسّک بها صاحب الجواهر،انظر الجواهر 23:80،و راجع الوسائل 12: 369 و 375،الباب 5 و 8 من أبواب أحکام العقود.
2- راجع المبسوط 2:96 و 142-144.
3- الوسائل 12:370،الباب 5 من أبواب أحکام العقود،الحدیث 3،و فیه بدل«یسار بن یسار»:«بشار بن یسار».
4- عرفته آنفاً،و راجع الصفحة 164 أیضاً.
5- راجع الصفحة 53،الشرط السابع من شروط صحّة الشرط،و راجع 137-138.

إذا حصل بنفس البیع الثانی مع أنّه موقوفٌ علی الملک لزم الدور الوارد علی من صحّح البیع الذی یتحقّق به الفسخ،و حینئذٍ فیمکن أن یکون سؤال السائل بقوله:«أشتری متاعی»من جهة رکوز مذهب الشیخ عندهم:من عدم جواز البیع قبل الافتراق،و یکون جواب الإمام علیه السلام مبنیّاً علی جواز بیعه علی البائع؛لأنّ تواطؤهما علی البیع الثانی إسقاطٌ للخیار من الطرفین،کما فی صریح المبسوط (1).

فقوله:«لیس هو متاعک»إشارةٌ إلی أنّ ما ینتقل إلیک بالشراء إنّما انتقل إلیک بعد خروجه عن ملکک بتواطُئکما علی المعاملة الثانیة المسقط لخیارکما،لا بنفس العقد.و هذا المعنی فی غایة الوضوح لمن تأمّل فی فقه المسألة.

ثمّ لو سلّم ما ذکر من الدلالة أو الاستئناس لم یدفع به إلّا القول بالوقف (2)دون الکشف،کما لا یخفی.

[*ابوالقاسم علیدوست]

و مثل هذه الروایة فی عدم الدلالة و لا الاستئناس صحیحة محمّد ابن مسلم:«عن رجلٍ أتاه رجلٌ فقال:ابتع لی متاعاً (3)لعلی أشتریه منک بنقدٍ أو بنسیةٍ،فابتاعه الرجل من أجله؟قال:لیس به بأسٌ،إنّما یشتریه منه بعد ما یملکه» (4).

فإنّ الظاهر:أنّ قوله:«إنّما یشتریه..إلخ»إشارةٌ إلی أنّ هذا

[شماره صفحه واقعی : 167]

ص: 726


1- کما تقدّم عنه فی الصفحة 163،المنقول عن باب الصرف.
2- فی«ش»:«بالنقل».
3- فی«ق»:«متاعک».
4- الوسائل 12:377،الباب 8 من أبواب أحکام العقود،الحدیث 8.

لیس من بیع ما لیس عندک (1)،و أنّ بیعه لم یکن قبل استیجاب البیع مع الأوّل،فقوله:«بعد ما یملکه»إشارةٌ إلی استیجاب العقد مع الأوّل، کما یظهر من قولهم علیهم السلام فی أخبارٍ أُخر واردةٍ فی هذه المسألة:

«و لا توجب البیع قبل أن تستوجبه» (2)مع أنّ الغالب فی مثل هذه المعاملة قیام الرجل إلی مکان غیره لیأخذ منه المتاع و رجوعه إلی منزله لبیعه من صاحبه الذی طلب منه ذلک،فیلزم العقد الأوّل بالتفرّق.و لو فرض اجتماعهما فی مجلسٍ واحدٍ کان تعریضه للبیع ثانیاً بحضور البائع دالاّ عرفاً علی سقوط خیاره،و یسقط خیار المشتری بالتعریض للبیع.

و بالجملة،لیس فی قوله:«بعد ما یملکه»دلالةٌ علی أنّ تملّکه بنفس العقد،مع أنّها علی تقدیر الدلالة تدفع النقل لا الکشف،کما لا یخفی.

و نحوه فی الضعف:الاستدلال فی التذکرة (3)بما دلّ علی أنّ مال العبد المشتری لمشتریه مطلقاً أو مع الشرط أو علم البائع من غیر تقییدٍ بانقضاء الخیار؛إذ فیه (4):أنّ الکلام مسوقٌ لبیان ثبوت المال للمشتری علی نحو ثبوت العبد له،و أنّه یدخل فی شراء العبد حتّی إذا ملک العبد ملک ماله.مع أنّ الشیخ لم یثبت منه هذا القول فی الخیار

[شماره صفحه واقعی : 168]

ص: 727


1- فی«ش»:«عنده».
2- الوسائل 12:378،الباب 8 من أبواب أحکام العقود،الحدیث 13.
3- راجع التذکرة 1:499 و 534.
4- فی الأصل:«فیها».

المختصّ بالمشتری،و التمسّک بإطلاق الروایات لما إذا شرط البائع الخیار کما تری! و أشدّ ضعفاً من الکلّ ما قیل (1):من أنّ المقصود للمتعاقدین و الذی وقع التراضی علیه انتقال کلٍّ من الثمن و المثمن حال العقد،فهذه المعاملة إمّا صحیحةٌ کذلک کما عند المشهور (2)فثبت المطلوب،أو باطلةٌ من أصلها،أو أنّها صحیحةٌ إلّا أنّها علی غیر ما قصداه و تراضیا علیه.

توضیح الضعف:أنّ مدلول العقد لیس هو الانتقال من حین العقد،لکنّ الإنشاء لمّا کان علّةً لتحقّق المُنشأ عند تحقّقه کان الداعی علی الإنشاء حصول المنشأ عنده،لکنّ العلّیة إنّما هو (3)عند العرف، فلا ینافی کونه فی الشرع سبباً محتاجاً إلی تحقّق شرائط أُخر بعده، کالقبض فی السلم و الصرف،و انقضاء الخیار فی محلّ الکلام.فالعقد مدلوله مجرّد التملیک و التملّک مجرّداً عن الزمان،لکنّه عرفاً علّةٌ تامّةٌ لمضمونه،و إمضاء الشارع له تابعٌ لمقتضی الأدلّة،فلیس فی تأخیر الإمضاء تخلّف أثر العقد عن المقصود المدلول علیه بالعقد،و إنّما فیه التخلّف عن داعی المتعاقدین،و لا ضرر فیه.

و قد تقدّم الکلام فی ذلک فی مسألة کون الإجازة کاشفةً أو ناقلة (4).

[شماره صفحه واقعی : 169]

ص: 728


1- قاله صاحب الجواهر،انظر الجواهر 23:79.
2- فی الجواهر:«أمّا صحیحة کذلک عند الشارع فیثبت المطلوب».
3- کذا،و المناسب:«هی».
4- راجع الجزء الثالث:399 و ما بعدها.

صوت

[*ابوالقاسم علیدوست]

و قد یستدلّ (1)أیضاً بالنبویّ المشهور المذکور فی کتب الفتوی للخاصّة و العامّة علی جهة الاستناد إلیه و هو:أنّ«الخراج بالضمان» (2)بناءً علی أنّ المبیع فی زمان الخیار المشترک أو المختصّ بالبائع فی ضمان المشتری،فخراجه له،و هی علامة ملکه.

و فیه:أنّه لم یُعلم من القائلین بتوقّف الملک علی انقضاء الخیار القول بکون ضمانه علی المشتری حتّی یکون نماؤه له.

و قد ظهر بما ذکرنا:أنّ العمدة فی قول المشهور عموم أدلّة«حِلّ البیع»و«التجارة عن تراضٍ»و أخبار الخیار.

و استدلّ للقول الآخر (3)بما دلّ علی کون تلف المبیع من مال البائع فی زمان الخیار (4)،فیدلّ بضمیمة قاعدة«کون التلف من المالک لأنّه مقابل الخراج»علی کونه فی ملک البائع،مثل:

صحیحة ابن سنان«عن الرجل یشتری العبد أو الدابّة بشرطٍ إلی یومٍ أو یومین،فیموت العبد أو الدابّة أو یحدث فیه حدثٌ، علی مَن ضمان ذلک؟فقال:علی البائع حتّی ینقضی الشرط ثلاثة أیّام و یصیر المبیع للمشتری،شرط له البائع أو لم یشترط.قال:

و إن کان بینهما شرطٌ أیّاماً معدودةً فهلک فی ید المشتری،فهو

[شماره صفحه واقعی : 170]

ص: 729


1- کما استدلّ به فی الجواهر 23:81.
2- عوالی اللآلی 1:219،الحدیث 89،و عنه فی المستدرک 13:302،الباب 7 من أبواب الخیار،الحدیث 3.
3- و هو القول بأنّ الملک إنّما یتحقّق بانقضاء الخیار.
4- استدلّ به فی الریاض 8:205،و الجواهر 23:81.

من مال البائع» (1).

و روایة عبد الرحمن بن أبی عبد اللّٰه،قال:«سألت أبا عبد اللّٰه علیه السلام عن الرجل اشتری أمةً من رجلٍ بشرط،یوماً أو یومین،فماتت عنده و قد قطع الثمن،علی مَن یکون ضمان ذلک؟قال:لیس علی الذی اشتری ضمانٌ حتّی یمضی شرطه» (2).

و مرسلة ابن رباط:«إن حدث بالحیوان حدثٌ قبل ثلاثة أیّام فهو من مال البائع» (3).

و النبویّ المرویّ فی قرب الإسناد فی العبد المشتری بشرطٍ فیموت،قال:«یستحلف باللّٰه ما رضیه،ثمّ هو بریءٌ من الضمان» (4).

و هذه الأخبار إنّما تجدی فی مقابل من ینکر تملّک المشتری مع اختصاص الخیار،و قد عرفت أنّ ظاهر المبسوط فی باب الشفعة ما حکاه عنه فی الدروس:من القطع بتملّک المشتری مع اختصاص الخیار (5)،و کذلک ظاهر العبارة المتقدّمة عن الجامع (6).

[شماره صفحه واقعی : 171]

ص: 730


1- وردت الصحیحة فی الکافی و الفقیه و التهذیب،و لکن المنقول فی المتن أوفق بما فی التهذیب،انظر التهذیب 7:24،الحدیث 103،و عنه فی الوسائل 12: 352،الباب 5 من أبواب الخیار،الحدیث 3،و الصفحة 355،الباب 8 من أبواب الخیار،الحدیث 2.
2- الوسائل 12:351،الباب 5 من أبواب الخیار،الحدیث الأوّل.
3- الوسائل 12:352،الباب الأوّل من أبواب الخیار،الحدیث 5.
4- لم نعثر علیه فی قرب الإسناد،و لا علی الحاکی عنه،نعم رواه فی الوسائل 12:352،الباب 5 من أبواب الخیار،الحدیث 4 من التهذیب.
5- راجع الصفحة 162 و 160 161.
6- تقدّمت فی الصفحة 164.

و علی أیّ حالٍ،فهذه الأخبار إمّا أن تجعل مخصِّصة لأدلّة المشهور بضمیمة قاعدة تلازم الملک و الضمان،أو لقاعدة التلازم بضمیمة أدلّة المسألة،فیرجع بعد التکافؤ إلی أصالة عدم حدوث الملک بالعقد قبل انقضاء الخیار.

لکن هذا فرع التکافؤ المفقود فی المقام من جهاتٍ،أعظمها الشهرة المحقَّقة المؤیَّدة بالإجماع المحکیّ عن السرائر (1).

[*ابوالقاسم علیدوست]

ثمّ إنّ مقتضی إطلاق ما تقدّم من عبارتی المبسوط و الخلاف (2)-من کون الخلاف فی العقد المقیّد بشرط الخیار-عمومُه للخیار المنفصل عن العقد،کما إذا شرط الخیار من الغد.کما أنّ مقتضی تخصیص الکلام بالعنوان المذکور عدم شموله لخیار غیر الشرط و الحیوان الذی یطلق علیه الشرط أیضاً.

فخیار العیب و الغبن و الرؤیة و التدلیس الظاهر عدم جریان الخلاف فیها.

و ممّا یدلّ علی الاختصاص:أنّ ما ذکر من الأدلّة مختصّةٌ بالخیارین،و أنّ الظاهر من لفظ«الانقضاء»فی تحریرات محلّ الخلاف انقطاع الخیار الزمانی.

و أمّا خیار المجلس،فالظاهر دخوله فی محلّ الکلام؛لنصّ الشیخ بذلک فی عبارته المتقدّمة عنه فی باب الشفعة (3)،و لقوله فی الاستبصار

[شماره صفحه واقعی : 172]

ص: 731


1- حکاه السیّد العاملی فی مفتاح الکرامة 4:592،و راجع السرائر 2:248 و 386.
2- تقدّمت عبارتهما فی الصفحة 161 و 162.
3- تقدّمت فی الصفحة 162-163.

إنّ العقد سببٌ لاستباحة الملک إلّا أنّه مشروطٌ بأن یتفرّقا بالأبدان و لا یفسخا العقد (1)،و لنصّ الشیخ فی الخلاف و المبسوط علی أنّ التفرّق کانقضاء الخیار فی لزوم العقد به (2).و مراده من اللزوم تحقّق علّة الملک، لا مقابل الجواز،کما لا یخفی.مع أنّ ظاهر عبارة الدروس المتقدّمة (3)فی مأخذ هذا الخلاف:أنّ کلّ خیارٍ یمنع من التصرّف فی المبیع فهو داخلٌ فیما یتوقّف الملک علی انقضائه.و کذلک العبارة المتقدّمة فی عنوان هذا الخلاف عن الجامع (4).و قد تقدّم عن الشیخ فی صرف المبسوط:

أنّ خیار المجلس مانعٌ عن التصرّف فی أحد العوضین (5).

و من ذلک یظهر وجهٌ آخر لخروج خیار العیب و إخوته عن محلّ الکلام،فإنّ الظاهر عدم منعها من التصرّف فی العوضین قبل ظهورها، فلا بدّ أن یقول الشیخ باللزوم و الملک قبل الظهور،و الخروج عن الملک بعد الظهور و تنجّز الخیار،و هذا غیر لائقٍ بالشیخ.

فثبت أنّ دخولها فی محلّ الکلام مستلزمٌ:إمّا لمنع التصرّف فی موارد هذا الخیار،و إمّا للقول بخروج المبیع عن الملک بعد دخوله، و کلاهما غیر لائقٍ بالالتزام.مع أنّ کلام العلّامة فی المختلف کالصریح فی کون التملّک بالعقد اتّفاقیاً فی المعیب؛لأنّه ذکر فی الاستدلال:أنّ

[شماره صفحه واقعی : 173]

ص: 732


1- الاستبصار 3:73.
2- راجع الخلاف 3:22،المسألة 29 من کتاب البیوع،و المبسوط 2:83.
3- تقدّمت فی الصفحة 160-161.
4- تقدّمت فی الصفحة 164.
5- تقدّم فی الصفحة 163.

المقتضی للملک موجودٌ و الخیار لا یصلح للمنع،کما فی بیع المعیب.و ذکر أیضاً أنّه لا منافاة بین الملک و الخیار،کما فی المعیب (1).

و قد صرّح الشیخ قدّس سرّه أیضاً فی المبسوط:بأنّه إذا اشتری شیئاً فحصل منه نماءٌ ثمّ وجد به عیباً ردّه دون نمائه،محتجّاً بالإجماع و بالنبویّ:«الخراج بالضمان» (2)و ستجیء تتمّةٌ لذلک إن شاء اللّٰه تعالی.

[شماره صفحه واقعی : 174]

ص: 733


1- المختلف 5:62.
2- المبسوط 2:126،و فیه:«بلا خلاف»،و راجع الحدیث فی عوالی اللآلی 1: 219،الحدیث 89،و عنه المستدرک 13:302،الباب 7 من أبواب الخیار، الحدیث 3.
مسألة و من أحکام الخیار،کون المبیع فی ضمان من لیس له الخیار فی الجملة

صوت

[*ابوالقاسم علیدوست]

علی المعروف بین القائلین بتملّک المشتری بالعقد.

و توضیح هذه المسألة:أنّ الخیار إذا کان للمشتری فقط من جهة الحیوان فلا إشکال و لا خلاف فی کون المبیع فی ضمان البائع.

و یدلّ علیه ما تقدّم (1)فی المسألة السابقة من الأخبار.

و کذلک الخیار الثابت له من جهة الشرط بلا خلافٍ فی ذلک؛ لقوله علیه السلام فی ذیل صحیحة ابن سنان:«و إن کان بینهما شرطٌ أیّاماً معدودةً فهلک فی ید المشتری،فهو من مال بائعه» (2).

و لو کان للمشتری فقط خیار المجلس دون البائع،فظاهر قوله علیه السلام:

«حتّی ینقضی شرطه،و یصیر المبیع للمشتری» (3)[کذلک (4)]بناءً علی

[شماره صفحه واقعی : 175]

ص: 734


1- تقدّم فی الصفحة 170-171.
2- راجع الصحیحة فی الصفحة 170.
3- ورد ذلک فی صحیحة ابن سنان المتقدّمة فی الصفحة 170 أیضاً.
4- من«ش».

أنّ المناط انقضاء الشرط الذی تقدّم أنّه یطلق علی خیار المجلس فی الأخبار (1)،بل ظاهره:أنّ المناط فی رفع ضمان البائع صیرورة المبیع للمشتری و اختصاصه به بحیث لا یقدر علی سلبه عن نفسه.

و إلی هذا المناط ینظر تعلیل هذا الحکم فی السرائر،حیث قال:

فکلّ من کان له خیارٌ فالمتاع یهلک من مال من لیس له خیارٌ؛لأنّه قد استقرّ علیه العقد،و الذی له الخیار ما استقرّ علیه العقد و لزم.فإن کان الخیار للبائع دون المشتری[و کان المتاع قد قبضه المشتری و هلک فی یده (2)]کان هلاکه من مال المشتری دون البائع (3)؛لأنّ العقد مستقرٌّ علیه و لازمٌ من جهته (4).

و من هنا یعلم أنّه یمکن بناءً علی فهم هذا المناط طرد الحکم فی کلّ خیارٍ،فتثبت القاعدة المعروفة:من«أنّ التلف فی زمان الخیار ممّن لا خیار له»من غیر فرقٍ بین أقسام الخیار و لا بین الثمن و المثمن،کما یظهر من کلمات غیر واحدٍ من الأصحاب،بل نسبه (5)جماعةٌ إلی

[شماره صفحه واقعی : 176]

ص: 735


1- لم نعثر علی تصریح له بذلک،نعم ربّما یدلّ علیه مثل قوله-فیما تقدّم فی مسألة سقوط خیار المجلس بالتصرّف ذیل قول الإمام علیه السلام:«فلا شرط»-: «فإنّ المنفی یشمل شرط المجلس و الحیوان»،و ما تقدّم أیضاً فی بیان مبدأ خیار الحیوان،راجع الجزء الخامس،الصفحة 82 و 92.
2- من«ش»و المصدر.
3- فی«ق»:«من مال البائع دون المشتری»،و هو سهو مخالف لما فی السرائر.
4- السرائر 2:277.
5- لم نعثر علی هذه النسبة،نعم یستفاد هذا الإطلاق من کلمات بعض الفقهاء، راجع المسالک 3:217،و الریاض 8:208-209،و مفتاح الکرامة 4:598 -599،و الجواهر 23:85-90.

إطلاق الأصحاب.

قال فی الدروس فی أحکام القبض:«و بالقبض ینتقل الضمان إلی القابض إذا لم یکن له خیار» (1)،انتهی.فإنّ ظاهره کفایة مطلق الخیار فی عدم ضمان المشتری للمبیع المقبوض،و نحوه کلامه قدّس سرّه فی اللمعة (2).

و فی جامع المقاصد فی شرح قول المصنّف قدّس سرّه:«و لو ماتت الشاة المُصَرّاة أو الأمة المدلّسة فلا شیء له،و کذا لو تعیّبت عنده قبل علمه»قال:و تقیید الحکم بما قبل العلم غیر ظاهرٍ؛لأنّ العیب إذا تجدّد بعد علمه یکون کذلک،إلّا أن یقال:إنّه غیر مضمونٍ علیه الآن لثبوت خیاره،و لم أظفر فی کلام المصنّف و غیره بشیءٍ فی ذلک (3)، انتهی.

و قال فی شرح قول المصنّف قدّس سرّه:«و لا یسقط الخیار بتلف العین»:مقتضی إطلاق کلامهم أنّه لو تلف المبیع مع خیار الغبن للمشتری انفسخ البیع،لاختصاص الخیار بالمشتری،ثمّ تردّد فیه و فی خیار الرؤیة (4).

و فی المسالک-فی مسألة أنّ العیب الحادث یمنع من الردّ بالعیب القدیم و أنّ الحادث فی أیّام خیار الحیوان مضمونٌ علی البائع-قال:

و کذا کلّ خیارٍ مختصٍّ بالمشتری (5).

[شماره صفحه واقعی : 177]

ص: 736


1- الدروس 3:210-211.
2- اللمعة الدمشقیّة:132.
3- جامع المقاصد 4:354.
4- جامع المقاصد 4:318.
5- المسالک 3:284.

و عن مجمع البرهان-فی مسألة أنّ تلف المبیع بعد الثلاثة مع خیار التأخیر من البائع استناداً إلی عموم قاعدة«تلف المبیع قبل الضمان»-قال (1):إنّ هذه القاعدة معارضةٌ بقاعدةٍ أُخری،و هی:أنّ تلف المبیع (2)فی الخیار المختصّ بالبائع من مال المشتری (3)،فإنّ الظاهر من جعل هذه قاعدةً کونها مسلّمةً بین الأصحاب.

و صرّح بنحو ذلک المحقّق جمال الدین فی حاشیة الروضة (4)، و استظهر بعد ذلک اختصاصه بما بعد القبض،معترفاً بعمومها من جهاتٍ اخری.

و ظاهر هذه الکلمات عدم الفرق بین أقسام الخیار،و لا بین الثمن و المثمن،و لا بین الخیار المختصّ بالبائع و المختصّ بالمشتری؛و لذا نفی فی الریاض الخلاف فی أنّ التلف فی مدّة الخیار ممّن لا خیار له (5).

و فی مفتاح الکرامة:أنّ قولهم:«التلف فی مدّة الخیار ممّن لا خیار له»قاعدةٌ لا خلاف فیها.ثمّ ذکر فیها (6)تبعاً للریاض:أنّ

[شماره صفحه واقعی : 178]

ص: 737


1- کذا فی«ق»،و فی«ش»بدل«تلف المبیع قبل الضمان قال»:«تلف المال قبل القبض».
2- فی«ش»:«المال».
3- لم ترد العبارة بلفظها فی مجمع الفائدة،نعم قال السیّد العاملی فی مفتاح الکرامة:«و فی مجمع البرهان ما حاصله:إنّ هذه القاعدة..إلخ»،انظر مفتاح الکرامة 4:581،و مجمع الفائدة 8:406-407.
4- حاشیة الروضة:364،ذیل قول الشارح:«لانتقال المبیع إلیه».
5- الریاض 8:208.
6- فی«ش»:«فیه».

الحکم فی بعض أفراد المسألة مطابقٌ للقاعدة (1).

[*ابوالقاسم علیدوست]

لکنّ الإنصاف:أنّه لم یعلم من حال أحدٍ من معتبری الأصحاب الجزم بهذا التعمیم،فضلاً عن اتّفاقهم علیه.

فإنّ ظاهر قولهم:«التلف فی زمان الخیار»هو الخیار الزمانی، و هو الخیار الذی ذهب جماعةٌ إلی توقّف الملک علی انقضائه (2)،لا مطلق الخیار لیشمل خیار الغبن و الرؤیة و العیب و نحوها،أ لا تری أنّهم اتّفقوا علی أنّه إذا مات المعیب لم یکن مضموناً علی البائع و لو کان الموت بعد العلم بالعیب؟أ لا تری أنّ المحقّق الثانی ذکر:أنّ الاقتصاص من العبد الجانی إذا کان فی خیار المشتری کان من ضمان البائع (3)؟ و أمّا ما نقلنا عنه سابقاً (4)فی شرح قوله:«و لو تعیّبت قبل علمه»فهو مجرّد احتمالٍ،حیث اعترف بأنّه لم یظفر فیه علی شیءٍ،مع أنّه ذکر-فی شرح قول المصنّف فی باب العیوب:«و کلّ عیبٍ یحدث فی الحیوان بعد القبض و قبل انقضاء الخیار،فإنّه لا یمنع الردّ فی الثلاثة»-:نفیَ ذلک الاحتمال علی وجه الجزم،حیث قال:الخیار الواقع فی العبارة یراد به خیار الحیوان،و[کذا (5)]کلُّ خیارٍ یختصّ بالمشتری کخیار الشرط له.و هل خیار الغبن و الرؤیة کذلک؟یبعد القول به

[شماره صفحه واقعی : 179]

ص: 738


1- مفتاح الکرامة 4:599 600.
2- کما تقدّم عن الشیخ و ابن الجنید و ابن سعید فی الصفحة 160-161 و 164.
3- جامع المقاصد 4:345.
4- نقله فی الصفحة 177.
5- من«ش»و المصدر.

خصوصاً علی القول بالفوریّة،لا خیار العیب؛لأنّ العیب الحادث یمنع من الردّ بالعیب القدیم قطعاً (1)،انتهی.و من ذلک یُعلم حال ما نقلناه عنه فی خیار الغبن (2).

فلم یبقَ فی المقام ما یجوز الرکون إلیه إلّا ما أشرنا إلیه (3):من أنّ مناط خروج المبیع عن ضمان البائع-علی ما یستفاد من قوله علیه السلام:

«حتّی ینقضی (4)شرطه و یصیر المبیع للمشتری»-هو انقضاء خیار المشتری الذی یطلق علیه الشرط فی الأخبار و صیرورة المبیع مختصّاً بالمشتری لازماً علیه بحیث لا یقدر علی سلبه عن نفسه،فیدلّ علی:

أنّ کلّ من له شرطٌ و لیس المعوّض الذی وصل إلیه لازماً علیه فهو غیر ضامنٍ له حتّی ینقضی (5)شرطه و یصیر مختصّاً به لازماً علیه.

و فی الاعتماد علی هذا الاستظهار تأمّلٌ فی مقابلة القواعد،مع أنّه یمکن منع دلالة هذا المناط المستنبط علیه؛لأنّ ظاهر الصحیحة الاختصاص بما کان التزلزل و عدم کون المبیع لازماً علی المشتری ثابتاً من أوّل الأمر،کما یظهر من لفظة«حتّی»الظاهرة فی الابتداء،و هذا المعنی مختصٌّ بخیار المجلس و الحیوان و الشرط و لو کان منفصلاً،بناءً علی أنّ البیع متزلزلٌ و لو قبل حضور زمان الشرط؛و لذا ذکرنا جریان

[شماره صفحه واقعی : 180]

ص: 739


1- جامع المقاصد 4:357.
2- نقله فی الصفحة 177.
3- أشار إلیه فی الصفحة 176.
4- فی ظاهر«ق»:«یمضی».
5- فی ظاهر«ق»:«یمضی».

الخلاف فی المسألتین السابقتین فیه.

و أمّا الغبن و العیب و الرؤیة و تخلّف الشرط و تفلیس المشتری و تبعّض الصفقة،فهی توجب التزلزل عند ظهورها بعد لزوم العقد.

و الحاصل:أنّ ظاهر الروایة استمرار الضمان الثابت قبل القبض إلی أن یصیر المبیع (1)لازماً علی المشتری،و هذا مختصٌّ بالبیع المتزلزل من أوّل الأمر،فلا یشمل التزلزل المسبوق باللزوم،بأن یکون المبیع فی ضمان المشتری بعد القبض ثمّ یرجع بعد عروض التزلزل إلی ضمان البائع،فاتّضح بذلک أنّ الصحیحة مختصّةٌ بالخیارات الثلاثة،علی تأمّلٍ فی خیار المجلس.

[*ابوالقاسم علیدوست]

ثمّ إنّ مورد هذه القاعدة إنّما هو ما بعد القبض،و أمّا قبل القبض فلا إشکال و لا خلاف فی کونه من البائع من غیر التفاتٍ إلی الخیار، فلا تشمل هذه القاعدة خیار التأخیر.

و أمّا عموم الحکم للثمن و المثمن،بأن یکون تلف الثمن فی مدّة خیار البائع المختصّ به من مال المشتری فهو غیر بعیدٍ؛نظراً إلی المناط الذی استفدناه،و یشمله ظاهر عبارة الدروس المتقدّمة (2)،مضافاً إلی استصحاب ضمان المشتری له الثابت قبل القبض.

و توهّم:عدم جریانه مع اقتضاء القاعدة کون الضمان من مال المالک خرج منه ما قبل القبض،مدفوعٌ:بأنّ الضمان الثابت قبل القبض و بعده فی مدّة الخیار لیس مخالفاً لتلک القاعدة؛لأنّ المراد به انفساخ

[شماره صفحه واقعی : 181]

ص: 740


1- فی ظاهر«ق»:«البیع».
2- المتقدّمة فی الصفحة 177.

العقد و دخول العوض فی ملک صاحبه الأصلی و تلفه من ماله.

نعم،هو مخالفٌ لأصالة عدم الانفساخ،و حیث ثبت المخالفة قبل القبض،فالأصل بقاؤها بعد القبض فی مدّة الخیار.

نعم،یبقی هنا:أنّ هذا مقتضٍ لکون تلف الثمن فی مدّة خیار البیع الخیاری من المشتری،فینفسخ البیع و یردّ المبیع إلی البائع.

و التزام عدم الجریان من حیث إنّ الخیار فی ذلک البیع إنّما یحدث بعد ردّ الثمن أو مثله فتلف الثمن فی مدّة الخیار إنّما یتحقّق بعد ردّه قبل الفسخ لا قبله،مدفوعٌ بما أشرنا (1)سابقاً:من منع ذلک،مع أنّ المناط فی ضمان غیر ذی الخیار لما انتقل عنه إلی ذی الخیار تزلزل البیع المتحقّق و لو بالخیار المنفصل،کما أشرنا سابقاً (2).

فالأولی الالتزام بجریان هذه القاعدة إذا کان الثمن شخصیّاً بحیث یکون تلفه قبل قبضه موجباً لانفساخ البیع،فیکون کذلک بعد القبض مع خیار البائع و لو منفصلاً عن العقد.

[*ابوالقاسم علیدوست]

و أمّا إذا کان الثمن کلّیاً،فحاله حال المبیع إذا کان کلّیاً،کما إذا اشتری طعاماً کلّیاً بشرط الخیار له إلی مدّةٍ فقبض فرداً منه فتلف فی یده،فإنّ الظاهر عدم ضمانه علی البائع؛لأنّ مقتضی ضمان المبیع فی مدّة الخیار علی من لا خیار له-علی ما فهمه غیر واحدٍ (3)-بقاؤه

[شماره صفحه واقعی : 182]

ص: 741


1- فی«ش»زیادة:«إلیه».
2- أشار إلیه فی الجزء الخامس:139،فی الأمر الخامس من الأُمور التی ذکرها ذیل بیع الخیار.
3- کالسیّد الطباطبائی فی الریاض 8:208-209،و صاحب الجواهر فی الجواهر 23:87.

علی ما کان علیه قبل القبض،و دخول الفرد فی ملک المشتری لا یستلزم انفساخ العقد،بل معنی الضمان بالنسبة إلی الفرد صیرورة الکلیّ کغیر المقبوض،و هذا ممّا لا تدلّ علیه الأخبار المتقدّمة،فتأمّل.

ثمّ إنّ ظاهر کلام الأصحاب و صریح جماعةٍ منهم-کالمحقّق و الشهید الثانیین (1)-:أنّ المراد بضمان من لا خیار له لما انتقل إلی غیره،هو بقاء الضمان الثابت قبل قبضه و انفساخ العقد آناً ما قبل التلف،و هو الظاهر أیضاً من قول الشهید قدّس سرّه فی الدروس:«و بالقبض ینتقل الضمان إلی القابض ما لم یکن له خیار» (2)حیث إنّ مفهومه أنّه مع خیار القابض لا ینتقل الضمان إلیه،بل یبقی علی ضمان ناقله الثابت قبل القبض.

و قد عرفت أنّ معنی الضمان قبل القبض هو تقدیر انفساخ العقد و تلفه فی ملک ناقله،بل هو ظاهر القاعدة،و هی:أنّ التلف فی مدّة الخیار ممّن لا خیار له،فإنّ معنی تلفه منه تلفه مملوکاً له،مع أنّ هذا ظاهر الأخبار المتقدّمة (3)الدالّة علی ضمان البائع للمبیع فی مدّة خیار المشتری بضمیمة قاعدة«عدم ضمان الشخص لما یتلف فی ید مالکه» (4)و قاعدة«التلازم بین الضمان و الخراج»،فإنّا إذا قدّرنا المبیع فی ملک البائع آناً ما لم یلزم مخالفة شیءٍ من القاعدتین.و الحاصل:أنّ إرادة ما

[شماره صفحه واقعی : 183]

ص: 742


1- جامع المقاصد 4:309،و المسالک 3:216.
2- الدروس 3:210-211.
3- تقدّمت فی الصفحة 170-171.
4- فی«ش»:«فی ملک مالکه».

ذکرنا من الضمان ممّا لا ینبغی الریب فیها.

و مع ذلک کلّه فظاهر عبارة الدروس فی الفرع السادس (1)من فروع خیار الشرط یوهم بل یدلّ علی عدم الانفساخ،قال قدّس سرّه:لو تلف المبیع قبل قبضه (2)بطل البیع و الخیار،و بعده لا یبطل الخیار و إن کان التلف من البائع،کما إذا اختصّ الخیار بالمشتری،فلو فسخ البائع رجع بالبدل فی صورة عدم ضمانه،و لو فسخ المشتری رجع بالثمن و غرم البدل فی صورة ضمانه،و لو أوجبه المشتری فی صورة التلف قبل القبض لم یؤثّر فی تضمین البائع القیمة أو المثل.و فی انسحابه فیما لو تلف بیده فی خیاره نظر (3)،انتهی.و العبارة محتاجةٌ إلی التأمّل من وجوه.

و قد یظهر ذلک من إطلاق عبارة التذکرة،قال:«لو تلف المبیع بآفةٍ سماویّةٍ فی زمن الخیار،فإن کان قبل القبض انفسخ البیع قطعاً، و إن کان بعده لم یبطل خیار المشتری و لا البائع و یجب القیمة علی ما تقدّم» (4)ثمّ حکی عن الشافعیّة وجهین فی الانفساخ بعد القبض و عدمه، بناءً علی الملک بالعقد.

و یمکن حمله علی الخیار المشترک،کما أنّ قوله فی القواعد:

«لا یسقط الخیار بتلف العین» (5)محمولٌ علی غیر صورة ضمان البائع

[شماره صفحه واقعی : 184]

ص: 743


1- شُطب علیه فی«ق»و کتب فوقه:«السابع»،و الصواب ما أثبته أوّلاً.
2- فی«ش»و المصدر:«قبل قبض المشتری».
3- الدروس 3:271.
4- التذکرة 1:535.
5- القواعد 2:70،و فیه:«لا یبطل الخیار».

للمبیع؛لما عرفت من تعیّن الانفساخ فیها.

و ربما یحتمل أنّ معنی قولهم:«إنّ التلف ممّن لا خیار له»:أنّ علیه ذلک إذا فسخ صاحبه،لا أنّه ینفسخ کما فی التلف قبل القبض.

و أمّا حیث یوجب المشتری فیحتمل أنّه یتخیّر بین الرجوع علی البائع بالمثل أو القیمة،و بین الرجوع بالثمن.و یحتمل تعیّن الرجوع بالثمن.

و یحتمل أن لا یرجع بشیءٍ،فیکون معنی له الخیار:أنّ له الفسخ.

ثمّ الظاهر أنّ حکم تلف البعض حکم تلف الکلّ.و کذا حکم تلف الوصف الراجع إلی وصف الصحّة بلا خلافٍ علی الظاهر؛ لقوله علیه السلام فی الصحیحة السابقة (1):«أو یحدث فیه حدثٌ»فإنّ المراد بالحدث أعمّ من فوات الجزء و الوصف.

هذا کلّه إذا تلف بآفةٍ سماویّةٍ،و منه حکم الشارع علیه بالإتلاف.

و أمّا إذا کان بإتلاف ذی الخیار سقط به خیاره و لزم العقد من جهته.و إن کان بإتلاف غیر ذی الخیار لم یبطل خیار صاحبه،فیتخیّر بین إمضاء العقد و الرجوع بالقیمة و الفسخ و الرجوع بالثمن.

و إن کان بإتلاف أجنبیٍّ تخیّر أیضاً بین الإمضاء و الفسخ،

[*ابوالقاسم علیدوست]

و هل یرجع حینئذٍ بالقیمة إلی المتلِف،أو إلی صاحبه،أو یتخیّر؟وجوهٌ:

من أنّ البدل القائم مقام العین فی ذمّة المتلف فیستردّه بالفسخ، و لأنّ الفسخ موجبٌ لرجوع العین قبل تلفها فی ملک الفاسخ،أو لاعتبارها عند الفسخ ملکاً تالفاً للفاسخ بناءً علی الوجهین فی اعتبار یوم التلف أو یوم الفسخ،و علی التقدیرین فهی فی ضمان المتلف،کما لو

[شماره صفحه واقعی : 185]

ص: 744


1- تقدّمت فی الصفحة 170.

کانت العین فی ید الأجنبیّ.

و من أنّه إذا دخل الثمن فی ملک من تلف المثمن فی ملکه خرج عن ملکه بدل المثمن و صار فی ذمّته؛لأنّ ضمان المتلف محلّه الذمّة لا الأموال الخارجیّة،و ما فی ذمّة المتلف إنّما تشخّص مالاً للمالک، و کونه بدلاً عن العین إنّما هو بالنسبة إلی التلف من حیث وجوب دفعه إلی المالک کالعین لو وجدت،لا أنّه بدلٌ خارجیٌّ یترتّب علیه جمیع أحکام العین حتّی بالنسبة إلی غیر المتلِف (1)،فهذا البدل نظیر بدل العین لو باعها المشتری ففسخ البائع،فإنّه لا یتعیّن للدفع إلی الفاسخ،و أمّا الفسخ فهو موجبٌ لرجوع العین قبل تلفها مضمونةً لمالکها علی متلفها بالقیمة فی ملک الفاسخ،فیکون تلفها بهذا الوصف مضموناً علی المالک، لا المتلف.

و من کون ید المفسوخ علیه ید ضمانٍ بالعوض قبل الفسخ و بالقیمة بعده،و إتلاف الأجنبیّ أیضاً سببٌ للضمان،فیتخیّر فی الرجوع.

و هذا أضعف الوجوه.

[شماره صفحه واقعی : 186]

ص: 745


1- فی«ش»:«التلف».
مسألة و من أحکام الخیار ما ذکره فی التذکرة،فقال:لا یجب علی البائع تسلیم المبیع و لا علی المشتری تسلیم الثمن فی زمان الخیار،

و لو تبرّع أحدهما بالتسلیم لم یبطل خیاره و لا یجبر الآخر علی تسلیم ما عنده،و له استرداد المدفوع قضیّةً للخیار.و قال بعض الشافعیّة:لیس له استرداده و له أخذ ما عند صاحبه دون رضاه کما لو کان التسلیم بعد لزوم البیع (1)،انتهی.

و یظهر منه أنّ الخلاف بین المسلمین إنّما هو بعد اختیار أحدهما التسلیم،و أمّا التسلیم ابتداءً فلا یجب من ذی الخیار إجماعاً.

ثمّ إنّه إن أُرید عدم وجوب التسلیم علی ذی الخیار من جهة أنّ له الفسخ فلا یتعیّن علیه التسلیم،فمرجعه إلی وجوب أحد الأمرین علیه.و الظاهر أنّه غیر مراد.

و إن أُرید عدم تسلّط المالک علی ما انتقل إلیه إذا کان للناقل خیارٌ،فلذا یجوز منعه عن ماله،ففیه نظرٌ،من جهة عدم الدلیل

[شماره صفحه واقعی : 187]

ص: 746


1- التذکرة 1:537.

المخصِّص لعموم سلطنة الناس علی أموالهم.

و بالجملة،فلم أجد لهذا الحکم وجهاً معتمداً،و لم أجد من عنونه و تعرّض لوجهه.

[شماره صفحه واقعی : 188]

ص: 747

مسألة قال فی القواعد:«لا یسقط

مسألة قال فی القواعد:«لا یسقط (1)الخیار بتلف العین»

(2)

.و هذا الکلام لیس علی إطلاقه کما اعترف به فی جامع المقاصد (3)؛فإنّ من جملة أفراد الخیار خیار التأخیر،بل مطلق الخیار قبل القبض،أو الخیار المختصّ بعده،و من المعلوم:أنّ تلف العین حینئذٍ موجبٌ لانفساخ العقد، فلا یبقی خیارٌ،فیکون المراد:التلف مع بقاء العقد علی حاله لا یوجب سقوط الخیار.و بعبارةٍ اخری:تلف العین فی ملک من فی یده لا یسقط به خیاره و لا خیار صاحبه.

و هو کذلک؛لأنّ الخیار-کما عرفت-عبارةٌ عن ملک فسخ العقد،و معلومٌ:أنّ العقد بعد التلف قابلٌ للفسخ؛و لذا تشرع الإقالة حینئذٍ اتّفاقاً،فلا مزیل لهذا الملک بعد التلف و لا مقیّد له بصورة البقاء.

اللهمّ إلّا أن یعلم من الخارج أنّ شرع الخیار لدفع ضرر الصبر

[شماره صفحه واقعی : 189]

ص: 748


1- فی«ش»و المصدر:«لا یبطل».
2- القواعد 2:70.
3- جامع المقاصد 4:318.

علی نفس العین،فینتفی هذا الضرر بتلف العین،کما فی العیب،فإنّ تخیّره بین الردّ و الأرش لأنّ الصبر علی العیب ضررٌ و لو مع أخذ الأرش،فتدارَکَهُ الشارع بملک الفسخ و الردّ،فإذا تلف انتفی حکمة الخیار.

أو یقال:إنّه إذا کان دلیل الخیار معنوناً بجواز الردّ لا بالخیار اختصّ ثبوت الخیار بصورة تحقّق الردّ المتوقّف علی بقاء العین.

هذا،مع قیام الدلیل علی سقوط الخیار بتلف المعیب و المدلّس فیه،فلا یرد عدم اطّراد تلک الحکمة.

نعم،هنا موارد تأمّلوا فی ثبوت الخیار مع التلف،أو یظهر منهم العدم:

کما تردّد العلّامة قدّس سرّه فی باب المرابحة فیما لو ظهر کذب البائع مرابحةً فی إخباره برأس المال بعد تلف المتاع (1)،بل عن المبسوط (2)و بعضٍ آخر (3)الجزم بالعدم؛نظراً إلی أنّ الردّ إنّما یتحقّق مع بقاء العین.

و فیه إشارةٌ إلی ما ذکرنا:من أنّ الثابت هو جواز الردّ،فیختصّ الفسخ بصورة تحقّقه.

لکن قوّی فی المسالک و جامع المقاصد (4)ثبوت الخیار؛لوجود

[شماره صفحه واقعی : 190]

ص: 749


1- القواعد 2:58 59.
2- المبسوط 2:143.
3- حکی السیّد العاملی فی مفتاح الکرامة 4:500،عن الشهید:أنّه حکاه عن ابن المتوّج،و لکن لم نعثر علی هذه الحکایة فیما بأیدینا من کتب الشهید.
4- المسالک 3:310،و جامع المقاصد 4:263.

المقتضی و عدم المانع.

و کما تردّد المحقّق الثانی (1)فی سقوط خیار الغبن بتلف المغبون فیه (2).و ظاهر تعلیل العلّامة فی التذکرة عدمَ الخیار مع نقل المغبون العین عن ملکه بعدم إمکان الاستدراک حینئذٍ (3)هو عدم الخیار مع التلف،و الأقوی بقاؤه؛لأنّ العمدة فیه نفی الضرر الذی لا یفرق فیه بین بقاء العین و عدمه،مضافاً إلی إطلاق قوله علیه السلام:«و هم بالخیار إذا دخلوا السوق» (4)مع أنّه لو استند إلی الإجماع أمکن التمسّک بالاستصحاب، إلّا أن یدّعی انعقاده علی التسلّط علی الردّ،فیختصّ بصورة البقاء.

و ألحَقَ فی جامع المقاصد بخیار الغبن فی التردّد خیارَ الرؤیة (5).

و من مواضع التردّد ما إذا جعل المتعاقدان الخیار علی وجه إرادتهما التسلّط علی مجرّد الردّ المتوقّف علی بقاء العین،فإنّ الفسخ و إن لم یتوقّف علی بقاء العین،إلّا أنّه إذا فرض الغرض من الخیار الردّ أو الاسترداد،فلا یبعد اختصاصه بصورة البقاء.و التمکّن من الردّ و الاسترداد و إن کان حکمةً فی خیاری المجلس و الحیوان،إلّا أنّ الحکم أعمّ مورداً من الحکمة إذا کان الدلیل یقتضی العموم،بخلاف ما إذا کان إطلاق جعل المتعاقدین مقیّداً علی وجه التصریح به فی الکلام أو

[شماره صفحه واقعی : 191]

ص: 750


1- عطف علی قوله:«کما تردّد العلّامة».
2- جامع المقاصد 4:297 و 318.
3- التذکرة 1:523.
4- المستدرک 13:281،الباب 29 من أبواب آداب التجارة،الحدیث 3 و 4.
5- جامع المقاصد 4:318.

استظهاره منه لعدم (1)تعلّق الغرض إلّا بالردّ أو الاسترداد.

و من هنا یمکن القول بعدم بقاء الخیار المشروط بردّ الثمن فی البیع الخیاری إذا تلف المبیع عند المشتری؛لأنّ الثابت من اشتراطهما هو التمکّن من استرداد المبیع بالفسخ عند ردّ الثمن،لا التسلّط علی مطلق الفسخ المشروع مطلقاً و لو عند التلف.لکن لم أجد من التزم بذلک أو تعرّض له.

و من هنا یمکن أن یقال فی هذا المقام-و إن کان مخالفاً للمشهور- بعدم ثبوت الخیار عند التلف إلّا فی موضعٍ دلّ علیه الدلیل؛إذ لم تدلّ أدلّة الخیار من الأخبار و الإجماع إلّا علی التسلّط علی الردّ أو الاسترداد،و لیس فیها التعرّض للفسخ المتحقق مع التلف أیضاً.و إرادة ملک الفسخ من الخیار غیر متعیّنة فی کلمات الشارع؛لما عرفت فی أوّل باب الخیارات:من أنّه استعمالٌ غالبٌ فی کلمات بعض المتأخّرین (2).

نعم،لو دلّ الدلیل الشرعی علی ثبوت خیار الفسخ المطلق الشامل لصورة التلف،أو جَعَلَ المتبایعان بینهما خیار الفسخ بهذا المعنی، ثبت مع التلف أیضاً.و اللّٰه العالم.

[شماره صفحه واقعی : 192]

ص: 751


1- فی«ش»:«بعدم».
2- راجع المقدّمة الاُولی من المقدّمتین المتقدّمتین فی أوّل مبحث الخیارات فی الصفحة 11.
مسألة لو فسخ ذو الخیار فالعین فی یده مضمونةٌ

بلا خلافٍ علی الظاهر؛لأنّها کانت مضمونةً قبل الفسخ؛إذ لم یسلّمها ناقلها إلّا فی مقابل العوض،و الأصل بقاؤه،إذ لم یتجدّد ما یدلّ علی رضا مالکه بکونه فی ید الفاسخ أمانةً،إذ الفسخ إنّما هو من قِبَلِه.

و الغرض من التمسّک بضمانها قبل الفسخ بیان عدم ما یقتضی کونها أمانةً مالکیّةً أو شرعیّةً،لتکون غیر مضمونةٍ برضا المالک أو بجعل الشارع،و إذن الشارع فی الفسخ لا یستلزم رفع الضمان عن الید کما فی القبض بالسوم.و مرجع ذلک إلی عموم«علی الید ما أخذت» (1)أو إلی أنّها قبضت مضمونةً،فإذا بطل ضمانه بالثمن المسمّی تعیّن ضمانه بالعوض الواقعی-أعنی المثل أو القیمة-کما فی البیع الفاسد.

هذا،و لکنّ المسألة لا تخلو عن إشکال.

و أمّا العین فی ید المفسوخ علیه،ففی ضمانها أو کونها أمانةً

[شماره صفحه واقعی : 193]

ص: 752


1- عوالی اللآلی 1:224،الحدیث 106،و المستدرک 14:8،الباب الأوّل من أبواب کتاب الودیعة،الحدیث 12.

إشکالٌ:ممّا فی التذکرة:من أنّه قبضها قبض ضمانٍ فلا یزول إلّا بالردّ إلی مالکها (1).و من أنّ الفسخ لمّا کان من قِبَل الآخر،فترکه العین فی ید صاحبه مشعرٌ بالرضا به المقتضی للاستئمان.

و ضعّفه فی جامع المقاصد:بأنّ مجرّد هذا لا یسقط الأمر الثابت (2)،و اللّٰه العالم.

هذا بعض الکلام فی الخیارات و أحکامها،و الباقی محوّلٌ إلی الناظر الخبیر بکلمات الفقهاء.

و الحمد للّٰه و صلّی اللّٰه علی محمّد و آله

[شماره صفحه واقعی : 194]

ص: 753


1- التذکرة 1:538.
2- جامع المقاصد 4:322.
القول فی النقد و النسیة
اشاره

[شماره صفحه واقعی : 195]

ص: 754

[شماره صفحه واقعی : 196]

ص: 755

[القول] [فی النقد و النسیة]

[أقسام البیع باعتبار تأخیر و تقدیم أحد العوضین]

صوت

[*ابوالقاسم علیدوست]

قال فی التذکرة:ینقسم البیع باعتبار التأخیر و التقدیم فی أحد العوضین إلی أربعة أقسام:

بیع الحاضر بالحاضر،و هو النقد.

و بیع المؤجَّل بالمؤجَّل،و هو بیع الکالی بالکالی.

و بیع الحاضر بالثمن المؤجَّل،و هی النسیة.

و بیع المؤجّل بالحاضر،و هو السَّلَم (1).

و المراد بالحاضر أعمّ من الکلیّ،و بالمؤجّل خصوص الکلیّ.

[شماره صفحه واقعی : 197]

ص: 756


1- التذکرة 1:541.
مسألة إطلاق العقد یقتضی النقد،

و علّله فی التذکرة:بأنّ قضیّة العقد انتقال کلٍّ من العوضین إلی الآخر،فیجب الخروج عن العهدة متی طولب صاحبها (1)،فیکون المراد من«النقد»عدم حقٍّ للمشتری فی تأخیر الثمن.

و المراد المطالبة مع الاستحقاق،بأن یکون قد بذل المثمن أو مکّن منه،علی الخلاف الآتی فی زمان وجوب تسلیم الثمن علی المشتری (2).

و یدلّ علی الحکم المذکور أیضاً الموثّق:«فی رجلٍ اشتری[من رجل (3)]جاریةً بثمنٍ مسمّی،ثمّ افترقا؟قال:وجب البیع،و الثمن إذا لم یکونا شرطا فهو نقد» (4).

و لو اشترطا تعجیل الثمن کان تأکیداً لمقتضی الإطلاق علی

[شماره صفحه واقعی : 198]

ص: 757


1- التذکرة 1:546.
2- انظر الصفحة 261،القول فی وجوب القبض.
3- من«ش»و المصدر.
4- الوسائل 12:366،الباب الأوّل من أبواب أحکام العقود،الحدیث 2.

المشهور،بناءً علی ما هو الظاهر عرفاً من هذا الشرط:من إرادة عدم المماطلة و التأخیر عن زمان المطالبة،لا أن یعجّل بدفعه من دون مطالبة؛إذ لا یکون تأکیداً حینئذٍ.لکنّه خلاف متفاهم ذلک الشرط الذی هو محطّ نظر المشهور،مع أنّ مرجع عدم المطالبة فی زمان استحقاقها إلی إلغاء (1)هذا الحقّ المشترط فی هذا المقدار من الزمان.

و کیف کان،فذکر الشهید رحمه اللّٰه فی الدروس:أنّ فائدة الشرط ثبوت الخیار إذا عیّن زمان النقد،فأخلّ المشتری به (2).و قوّی الشهید الثانی ثبوت الخیار مع الإطلاق أیضاً (3)،یعنی عدم تعیین (4)الزمان إذا أخلّ به فی أوّل وقته.و هو حسن.

و لا یقدح فی الإطلاق عدم تعیّن زمان التعجیل؛لأنّ التعجیل المطلق معناه:الدفع فی أوّل أوقات الإمکان عرفاً.

و لا حاجة إلی تقیید الخیار هنا بصورة عدم إمکان الإجبار علی التعجیل؛لأنّ المقصود هنا ثبوت الخیار بعد فوات التعجیل،أمکن إجباره به أم لم یمکن،وجب أو لم یجب،فإنّ مسألة أنّ ثمرة الشرط ثبوت الخیار مطلقاً أو بعد تعذّر إجباره علی الوفاء مسألةٌ أُخری.

مضافاً إلی عدم جریانها فی مثل هذا الشرط؛إذ قبل زمان انقضاء زمان نقد الثمن لا یجوز الإجبار،و بعده لا ینفع،لأنّه غیر الزمان المشروط فیه الأداء.

[شماره صفحه واقعی : 199]

ص: 758


1- فی«ش»:«إلقاء».
2- الدروس 3:202.
3- المسالک 3:223.
4- فی ظاهر«ق»:«عدم تعیّن».
مسألة یجوز اشتراط تأجیل الثمن مدّةً معیّنةً غیر محتملةٍ مفهوماً و لا مصداقاً للزیادة و النقصان الغیر المسامح فیهما،

فلو لم یعیّن کذلک بطل بلا خلافٍ ظاهراً؛للغرر،و لما دلّ فی السَّلَم-الذی هو عکس المسألة-علی وجوب تعیین الأجل و عدم جواز السلم إلی دِیاسٍ أو حصاد (1).

و لا فرق فی الأجل المعیّن بین الطویل و القصیر.و عن الإسکافی المنع عن التأخیر إلی ثلاث سنین (2).و قد یستشهد له بالنهی عنه فی بعض الأخبار،مثل روایة أحمد بن محمّد:«قلت لأبی الحسن علیه السلام:

إنّی أُرید الخروج إلی بعض الجبال-إلی أن قال:-إنّا إذا بعناهم نسیةً کان أکثر للربح،فقال:نعم (3)بتأخیر سنةٍ،قلت:بتأخیر سنتین؟قال:

نعم،قلت:بتأخیر ثلاث سنین؟قال:لا» (4).

[شماره صفحه واقعی : 200]

ص: 759


1- راجع الوسائل 13:57-59،الباب 3 من أبواب السلف.
2- حکاه عنه العلّامة فی المختلف 5:136.
3- فی الوسائل:«قال:فبعهم».
4- الوسائل 12:366،الباب الأوّل من أحکام العقود،الحدیث الأوّل.

و المحکیّ عن قرب الإسناد عن البزنطی أنّه قال لأبی الحسن الرضا علیه السلام:«إنّ هذا الجبل قد فتح منه علی الناس باب رزقٍ، فقال علیه السلام:إذا أردت الخروج فاخرج فإنّها سنةٌ مضطربة،و لیس للناس بدٌّ من معاشهم فلا تدع الطلب،فقلت:إنّهم قومٌ مُلاء،و نحن نحتمل التأخیر فنبایعهم بتأخیر سنة؟قال:بعهم،قلت:سنتین؟قال:

بعهم،قلت:ثلاث سنین؟قال:لا یکون لک شیءٌ أکثر من ثلاث سنین» (1).

و ظاهر الخبرین الإرشاد،لا التحریم،فضلاً عن الفساد.

و هل یجوز الإفراط فی التأخیر إذا لم یصل إلی حدٍّ یکون البیع معه سفهاً و الشراء أکلاً للمال بالباطل؟فیه وجهان:

قال فی الدروس:لو تمادی الأجل إلی ما لا یبقی إلیه المتبایعان غالباً کألف سنة،ففی الصحّة نظرٌ؛من حیث خروج الثمن عن الانتفاع به،و من الأجل المضبوط و حلوله بموت المشتری،و هو أقرب (2).

و ما قرّبه هو الأقرب؛لأنّ ما فی الذمّة-و لو کان مؤجَّلاً بما ذکر-مالٌ یصحّ الانتفاع به فی حیاته بالمعاوضة علیه بغیر البیع،بل و بالبیع،کما اختاره فی التذکرة (3).

نعم یبقی الکلام فی أنّه إذا فرض حلول الأجل شرعاً بموت

[شماره صفحه واقعی : 201]

ص: 760


1- قرب الإسناد:372،ذیل الحدیث 1326،و عنه فی الوسائل 12:366، الباب الأوّل من أبواب أحکام العقود،الحدیث 3.
2- الدروس 3:204.
3- التذکرة 1:546.

المشتری کان اشتراط ما زاد علی ما یحتمل بقاء المشتری إلیه لغواً (1)، فیکون فاسداً،بل ربما کان مفسداً،و إن أراد المقدار المحتمل للبقاء کان اشتراط مدّةٍ مجهولةٍ،فافهم.

ثمّ إنّ المعتبر فی تعیین المدّة[هل (2)]هو تعیّنه فی نفسه و إن لم یعرفه (3)المتعاقدان،فیجوز التأجیل إلی انتقال الشمس إلی بعض البروج -کالنیروز و المهرجان و نحوهما-أم لا بدّ من معرفة المتعاقدین بهما حین العقد؟وجهان،أقواهما الثانی (4)تبعاً للدروس و جامع المقاصد (5)؛لقاعدة نفی الغرر.و ربما احتمل الاکتفاء فی ذلک بکون هذه الآجال مضبوطةً فی نفسها کأوزان البلدان مع عدم معرفة المصداق،حیث إنّ له شراء وزنةٍ مثلاً بعیار بلدٍ مخصوص و إن لم یعرف مقدارها،و ربما استظهر ذلک من التذکرة (6).

و لا یخفی ضعف منشأ هذا الاحتمال،إذ المضبوطیّة فی نفسه غیر مجدٍ (7)فی مقامٍ یشترط[فیه (8)]المعرفة؛إذ المراد بالأجل الغیر القابل

[شماره صفحه واقعی : 202]

ص: 761


1- فی«ش»زیادة ما یلی:«بل مخالفاً للمشروع،حیث إنّ الشارع أسقط الأجل بالموت،و الاشتراط المذکور تصریح ببقائه بعده».
2- لم یرد فی«ق».
3- کذا فی«ق»،و المناسب تأنیث الضمائر کما فی«ش».
4- فی«ق»:«الأوّل»،و هو من سهو القلم.
5- الدروس 3:202،و جامع المقاصد 4:231،و لکن ذکره المحقّق فی مبحث السلف،و لم نعثر علیه فی هذا المبحث.
6- استظهره فی الجواهر 23:101.
7- کذا،و المناسب:«فی نفسها غیر مجدیةٍ».
8- لم یرد فی«ق».

للزیادة و النقیصة ما لا یکون قابلاً لهما حتّی فی نظر المتعاقدین،لا فی الواقع؛و لذا أجمعوا علی عدم جواز التأجیل إلی موت فلان،مع أنّه مضبوطٌ فی نفسه،و ضبطه عند غیر المتعاقدین لا یجدی أیضاً.و ما ذکر:من قیاسه علی جواز الشراء بعیار بلدٍ مخصوصٍ لا نقول به،بل المعیّن فیه البطلان مع الغرر عرفاً،کما تقدّم فی شروط العوضین (1).

و ظاهر التذکرة اختیار الجواز،حیث قال بجواز التوقیت بالنیروز و المهرجان؛لأنّه معلومٌ عند العامّة،و کذا جواز التوقیت ببعض أعیاد أهل الذمّة إذا عرفه المسلمون،لکن قال بعد ذلک:و هل یعتبر معرفة المتعاقدین؟قال بعض الشافعیّة:نعم.و قال بعضهم:لا[یعتبر،و یکتفی بمعرفة الناس (2)].و سواء اعتبر معرفتهما أو لا،لو عَرِفا کفی (3)،انتهی.

ثمّ الأقوی اعتبار معرفة المتعاقدین و التفاتهما إلی المعنی حین العقد،فلا یکفی معرفتهما به عند الالتفات و الحساب.

[شماره صفحه واقعی : 203]

ص: 762


1- راجع الجزء الرابع،الصفحة 210-219.
2- من«ش»و المصدر.
3- التذکرة 1:548.
مسألة لو باع بثمنٍ حالاّ و بأزید منه مؤجّلاً،

ففی المبسوط (1)و السرائر (2)و عن أکثر المتأخّرین (3):أنّه لا یصحّ.و علّله فی المبسوط و غیره بالجهالة،کما لو باع إمّا هذا العبد و إمّا ذاک.

و یدلّ علیه أیضاً ما رواه فی الکافی،أنّه قال علیه السلام:«من ساوم بثمنین:أحدهما عاجلاً و الآخر نَظِرةً فلیسمّ أحدهما قبل الصفقة» (4).

و یؤیّده ما ورد من النهی عن شرطین فی بیع (5)،و عن بیعین فی بیع (6)

[شماره صفحه واقعی : 204]

ص: 763


1- المبسوط 2:159.
2- السرائر 2:287.
3- نسبه فی الریاض 8:214 إلی عامّة من تأخّر،و نسبه فی مجمع الفائدة(8: 327)إلی ظاهر الأکثر،و راجع تفصیله فی مفتاح الکرامة 4:428-432.
4- الکافی 5:206،الحدیث الأوّل،و الوسائل 12:367،الباب 2 من أبواب أحکام العقود،الحدیث الأوّل.
5- راجع الوسائل 12:367 368،الباب 2 من أبواب أحکام العقود، الحدیث 3 و 4 و 5.
6- راجع الوسائل 12:367-368،الباب 2 من أبواب أحکام العقود، الحدیث 3 و 4 و 5.

بناءً علی تفسیرهما بذلک.و عن الإسکافی کما عن الغنیة (1):أنّه روی عن النبی صلّی اللّٰه علیه و آله أنّه قال:«لا یحلّ صفقتان فی واحدةٍ»،قال:

و ذلک بأن یقول:إن کان بالنقد فبکذا،و إن کان بالنسیة فبکذا (2).

هذا،إلّا أنّ فی روایة محمّد بن قیس-المعتبرة-أنّه قال أمیر المؤمنین علیه السلام:«من باع سلعةً و قال:ثمنها کذا و کذا یداً بید و کذا و کذا نَظِرَةً،فخذها بأیّ ثمنٍ شئت،و جعل صفقتهما واحدة،فلیس له إلّا أقلّهما و إن کانت نَظِرَةً» (3).

و فی روایة السکونی عن جعفرٍ،عن أبیه،عن آبائه[علیهم السلام]:«أنّ علیّاً علیه السلام قضی فی رجلٍ باع بیعاً و اشترط شرطین بالنقد کذا و بالنسیة کذا،فأخذ المتاع علی ذلک الشرط،فقال:هو بأقلّ الثمنین و أبعد الأجلین،فیقول:لیس له إلّا أقلّ النقدین إلی الأجل الذی أجّله نسیةً» (4).

و عن ظاهر جماعةٍ من الأصحاب العمل بهما (5)،و نسب إلی بعض هؤلاء القول بالبطلان (6).

فالأولی-تبعاً للمختلف (7)-الاقتصار علی نقل عبارة هؤلاء من

[شماره صفحه واقعی : 205]

ص: 764


1- الغنیة:213.
2- إلی هنا انتهی کلام الإسکافی،و حکاه عنه العلّامة فی المختلف 5:122.
3- الوسائل 12:367،الباب 2 من أبواب أحکام العقود،الحدیث الأوّل.
4- الوسائل 12:367،الباب 2 من أبواب أحکام العقود،الحدیث 2.
5- حکاه عنهم صاحب الجواهر،انظر الجواهر 23:103.
6- نسبه فی الجواهر(23:102)إلی الشیخ و الحلّی و غیرهما.
7- راجع المختلف 5:122-123.

دون إسناد أحد القولین إلیهم.

قال فی المقنعة:لا یجوز البیع بأجلین علی التخییر،کقوله:«هذا المتاع بدرهم نقداً و بدرهمین إلی شهرٍ أو سنة،أو بدرهمٍ إلی شهر و بدرهمین إلی شهرین»فإن ابتاع إنسانٌ شیئاً علی هذا الشرط کان علیه أقلّ الثمنین فی آخر الأجلین (1).

و هذا الکلام یحتمل التحریم مع الصحّة.و یحتمل الحمل علی ما إذا تلف المبیع،فإنّ اللازم مع فرض فساد البیع الأقلّ (2)الذی بیع به نقداً؛ لأنّها (3)قیمة ذلک الشیء.و معنی قوله:«فی آخر الأجلین»:أنّه لا یزید علی الأقلّ و إن تأخّر الدفع إلی آخر الأجلین،أو المراد جواز التأخیر لرضا البائع بذلک.و یحتمل إرادة الکراهة،کما عن ظاهر السیّد قدّس سرّه فی الناصریّات:أنّ المکروه أن یبیع بثمنین بقلیلٍ إن کان الثمن نقداً،أو بأکثر إن کان نسیةً (4).و یحتمل الحمل علی فساد اشتراط زیادة الثمن مع تأخیر الأجل،لکن لا یفسد العقد،کما سیجیء.

و عن الإسکافی:أنّه-بعد ما تقدّم عنه من النبویّ الظاهر فی التحریم-قال:و لو عقد البائع للمشتری کذلک و جعل الخیار إلیه لم أختر للمشتری أن یقدم علی ذلک،فإن فعل و هلکت السلعة لم یکن للبائع إلّا أقلّ الثمنین،لإجازته البیع به،و کان للمشتری الخیار فی

[شماره صفحه واقعی : 206]

ص: 765


1- المقنعة:595.
2- فی«ش»و محتمل«ق»:«بالأقلّ».
3- فی«ش»:«لأنّه».
4- حکاه فی الجواهر 23:106،و راجع الناصریات:365،المسألة 172.

تأخیر الثمن الأقلّ إلی المدّة التی ذکرها البائع بالثمن الأوفی من غیر زیادةٍ علی الثمن الأقلّ (1).

و فی النهایة:فإن ذکر المتاع بأجلین و نقدین علی التخییر،مثل أن یقول:«بعتک هذا بدینارٍ أو درهمٍ عاجلاً أو إلی شهرٍ أو سنةٍ، و بدینارین أو درهمین إلی شهرٍ أو شهرین أو سنتین»کان البیع باطلاً، فإن أمضی البیّعان ذلک بینهما کان للبائع أقلّ الثمنین فی آخر الأجلین (2)، انتهی.

و عن موضعٍ من الغنیة:قد قدّمنا أنّ تعلیق البیع بأجلین و ثمنین، کقوله:«بعت إلی مدّةٍ بکذا (3)و إلی اخری بکذا»یفسده،فإن تراضیا بإنفاذه کان للبائع أقلّ الثمنین فی أبعد الأجلین بدلیل إجماع الطائفة (4).

و عن سلّار:ما عُلِّق بأجلین،و هو أن یقول:«بعتک هذه السلعة إلی عشرة أیّام بدرهمٍ و إلی شهرین بدرهمین»کان باطلاً غیر منعقد (5)، و هو المحکیّ عن أبی الصلاح (6).

و عن القاضی:من باع شیئاً بأجلین علی التخییر،مثل أن یقول:

«أبیعک هذا بدینارٍ أو بدرهمٍ عاجلاً و بدرهمین أو دینارین إلی شهرٍ أو

[شماره صفحه واقعی : 207]

ص: 766


1- حکاه فی المختلف 5:122-123.
2- النهایة:387-388.
3- فی«ق»:«کذا»،و فی المصدر:«کذا بکذا».
4- الغنیة:230.
5- المراسم:176.
6- الکافی فی الفقه:357.

شهورٍ أو سنةٍ أو سنتین»کان باطلاً،فإن أمضی البیّعان ذلک بینهما کان للبائع أقلّ الثمنین فی آخر الأجلین (1).

و قال فی المختلف-بعد تقویة المنع-:و یمکن أن یقال:إنّه رضی بالثمن الأقلّ فلیس له الأکثر فی البعید،و إلّا لزم الربا؛إذ یبقی الزیادة فی مقابل تأخیر الثمن لا غیر،فإذا صبر إلی البعید لم یجب له الأکثر من الأقلّ (2)،انتهی.

و فی الدروس:أنّ الأقرب الصحّة و لزوم الأقلّ،و یکون التأخیر جائزاً من طرف المشتری لازماً من طرف البائع،لرضاه بالأقلّ، فالزیادةُ رباً؛و لذا ورد النهی عنه،و هو غیر مانعٍ من صحّة البیع (3)، انتهی.

أقول:لکنّه مانعٌ من لزوم الأجل من طرف البائع؛لأنّه فی مقابل الزیادة الساقطة شرعاً،إلّا أن یقال:إنّ الزیادة لیست فی مقابل الأجل،بل هی فی مقابل إسقاط البائع حقّه من التعجیل الذی یقتضیه العقد لو خلّی و طبعه،فالزیادة و إن کانت (4)رباً-کما سیجیء-إلّا أنّ فساد المقابلة لا یقتضی فساد الإسقاط،کما احتمل ذلک فی مصالحة حقّ القصاص بعبدٍ یعلمان استحقاق الغیر[له (5)]أو حرّیته،

[*ابوالقاسم علیدوست]

بل قال فی

[شماره صفحه واقعی : 208]

ص: 767


1- حکاه عنه فی المختلف 5:123،و لکن لم نعثر علیه فی کتبه.
2- المختلف 5:125.
3- الدروس 3:203.
4- فی«ش»زیادة:«لکنّه».
5- لم یرد فی«ق».

التحریر بالرجوع إلی الدیة (1).و حینئذٍ فلا یستحقّ البائع الزیادة و لا المطالبة قبل الأجل،لکن المشتری لو أعطاه وجب علیه القبول؛إذ لم یحدث له بسبب المقابلة الفاسدة حقٌّ فی التأجیل حتّی یکون له الامتناع من القبول قبل الأجل،و إنّما سقط حقّه من التعجیل.

و یمکن أیضاً حمل الروایة (2)علی أنّ الثمن هو الأقلّ،لکن شرط علیه أن یعطیه علی التأجیل شیئاً زائداً.و هذا الشرط فاسدٌ؛لما سیجیء:من أنّ تأجیل الحالّ بزیادةٍ رباً محرّم،لکن فساد الشرط لا یوجب فساد المشروط،کما علیه جماعة (3).و حینئذٍ فللبائع الأقلّ و إن فُرض أنّ المشتری أخّره إلی الأجل،کما یقتضیه قوله فی روایة محمّد بن قیس:«و إن کانت نَظِرَةً» (4)لفرض تراضیهما علی ذلک بزعم صحّة هذا الشرط،أو البناء علیها تشریعاً.و لعلّ هذا مبنی قول الجماعة-قدّس اللّٰه أسرارهم-:«فإن أمضیا البیع بینهما کذلک -بمعنی أنّهما تراضیا علی هذه المعاملة-لم یجب فی مقابل التأخیر الواقع برضاهما شیءٌ زائد علی الأقلّ،لفساد المقابلة»و مرادهم من بطلان البیع الذی حکموا به أوّلاً بطلانه بهذه الخصوصیّة و عدم ترتّب الأثر المقصود علیه.

و قد تلخّص من جمیع ما ذکرنا:أنّ المعاملة المذکورة فی ظاهر

[شماره صفحه واقعی : 209]

ص: 768


1- التحریر 1:230.
2- یعنی روایة السکونی المتقدّمة فی الصفحة 205.
3- تقدّم عنهم فی الصفحة 90.
4- المتقدّمة فی الصفحة 205.

متن الروایتین لا إشکال و لا خلاف فی بطلانها،بمعنی عدم مضیّها علی ما تعاقدا علیه.و أمّا الحکم بإمضائهما کما فی الروایتین،فهو حکمٌ تعبّدیٌّ مخالفٌ لأدلّة توقّف حِلّ المال علی الرضا و طیب النفس و کون الأکل لا عن تراضٍ أکلاً بالباطل،فیقع الإشکال فی نهوض الروایتین لتأسیس هذا الحکم المخالف للأصل.

ثمّ إنّ الثابت منهما علی تقدیر العمل بهما هی مخالفة القاعدة فی موردهما.

و أمّا ما عداه،کما إذا جعل له الأقلّ فی أجلٍ و الأکثر فی أجلٍ آخر،فلا ینبغی الاستشکال فی بطلانه؛لحرمة القیاس،خصوصاً علی مثل هذا الأصل.

و فی التحریر:البطلان هنا قولاً واحداً (1).و حکی من غیر واحدٍ (2)ما یلوح منه ذلک.

إلّا أنّک قد عرفت عموم کلمات غیر واحدٍ ممّن تقدّم للمسألتین (3)و إن لم ینسب ذلک فی الدروس إلّا إلی المفید قدّس سرّه (4)،لکن عن الریاض:أنّ ظاهر الأصحاب عدم الفرق فی الحکم بین المسألتین (5)،

[شماره صفحه واقعی : 210]

ص: 769


1- التحریر 1:173.
2- حکاه السیّد العاملی فی مفتاح الکرامة(4:429)عن المحقّق و الفاضل الآبی،راجع المختصر النافع:122،و الشرائع 2:26،و کشف الرموز 1:463.
3- راجع کلماتهم المتقدّمة فی الصفحة 206-208.
4- راجع الدروس 3:203.
5- الریاض 8:216.

و هو ظاهر الحدائق أیضاً (1)،و ما أبعد ما بینه و بین ما تقدّم عن التحریر.

ثمّ إنّ العلّامة فی المختلف ذکر فی تقریب صحّة المسألة:أنّه مثل ما إذا قال المستأجر لخیاطة الثوب:«إن خطته فارسیّاً فبدرهمٍ،و إن خطته رومیّاً فبدرهمین»و أجاب عنه بعد تسلیم الصحّة برجوعها إلی الجعالة (2).

[شماره صفحه واقعی : 211]

ص: 770


1- راجع الحدائق 19:122-123.
2- المختلف 5:124-125.
مسألة لا یجب علی المشتری دفع الثمن المؤجّل قبل حلول الأجل

و إن طولب إجماعاً؛لأنّ ذلک فائدة اشتراط التأجیل.و لو تبرّع بدفعه لم یجب علی البائع القبول بلا خلافٍ،بل عن الریاض:الإجماع علیه (1).

و فی جامع المقاصد فی باب السَّلَم-نسبة الخلاف إلی بعض العامّة (2)، و علّل الحکم فی التذکرة فی باب السلم-:بأنّ التعجیل کالتبرّع بالزیادة،فلا یکلّف تقلید المنّة (3)،و فیه تأمّل.

و یمکن تعلیل الحکم:بأنّ التأجیل کما هو حقٌّ للمشتری یتضمّن حقّا للبائع من حیث التزام المشتری لحفظ ماله فی ذمّته و جعله إیّاه کالودعی؛فإنّ ذلک حقٌّ عرفاً.

و بالجملة،ففی الأجل حقٌّ لصاحب الدین بلا خلافٍ ظاهر.

و ممّا ذکرنا یظهر الفرق بین الحالّ و المؤجَّل،حیث إنّه لیس

[شماره صفحه واقعی : 212]

ص: 771


1- الریاض 8:219.
2- جامع المقاصد 4:249.
3- التذکرة 1:559.

لصاحب الدین الحالّ حقٌّ علی المدیون.و اندفع أیضاً ما یتخیّل:من أنّ الأجل حقٌّ مختصٌّ بالمشتری،و لذا یزاد الثمن من أجله،و له طلب النقصان فی مقابل التعجیل،و أنّ المؤجَّل کالواجب الموسَّع فی أنّه یجوز فیه التأخیر و لا یجب.

ثمّ إنّه لو أسقط المشتری أجل الدین،ففی کتاب الدین من التذکرة و القواعد:أنّه لو أسقط المدیون أجل الدین[ممّا (1)]علیه لم یسقط،و لیس لصاحب الدین مطالبته فی الحال (2)،و علَّله فی جامع المقاصد:بأنّه قد ثبت التأجیل فی العقد اللازم،[لأنّه المفروض] (3)فلا یسقط[بمجرّد الإسقاط] (4)،و لأنّ فی الأجل حقّا لصاحب الدین، و لذا لم یجب علیه القبول قبل الأجل.أمّا لو تقایلا فی الأجل فإنّه یصحّ،أمّا لو (5)نذر التأجیل فإنّه یلزم و ینبغی أن لا یسقط بتقایلهما، لأنّ التقایل فی العقود لا فی النذور (6)،انتهی.

و فیه:أنّه الحقّ المشترط فی العقد اللازم یجوز لصاحبه إسقاطه، و حقّ صاحب الدین لا یمنع من مطالبته (7)من أسقط حقّ نفسه.

و فی باب الشروط من التذکرة:لو کان علیه دینٌ مؤجّلٌ فأسقط

[شماره صفحه واقعی : 213]

ص: 772


1- لم یرد فی«ق».
2- التذکرة 2:4،و القواعد 2:107.
3- من«ش»و المصدر.
4- من«ش»و المصدر.
5- فی«ش»و المصدر:«و لو».
6- جامع المقاصد 5:41.
7- فی محتمل الأصل:«مطالبة».

المدیون الأجل لم یسقط،و لیس للمدیون (1)مطالبته[فی الحال (2)]؛لأنّ الأجل صفةٌ تابعة،و الصفة لا تُفرَّد بالإسقاط؛و لهذا لو أسقط مستحقّ الحنطة الجیّدة أو الدنانیر الصحیحة الجودة أو الصحّة لم یسقط، و للشافعی وجهان (3)،انتهی.

و یمکن أن یقال:إنّ مرجع التأجیل فی العقد اللازم إلی إسقاط حقّ المطالبة فی الأجل،فلا یعود الحقّ بإسقاط التأجیل،و الشرط القابل للإسقاط ما تضمّن إثبات حقٍّ قابلٍ لإسقاطه بعد جعله،أ لا تری أنّه لو شرط فی العقد التبرّی من عیوب المبیع لم یسقط هذا الشرط بإسقاطه بعد العقد و لم تعد العیوب مضمونةً کما (4)کانت بدون الشرط! و أمّا ما ذکره:من أنّ لصاحب الدین حقّا فی الأجل،فدلالته علی المدّعی موقوفةٌ علی أنّ الشرط الواحد إذا انحلّ إلی حقٍّ لکلٍّ من المتبایعین لم یجز لأحدهما إسقاطه؛لأنّ الفرض اشتراکهما فیه،و لم یسقط الحقّ بالنسبة إلی نفسه،لأنّه حقٌّ واحدٌ یتعلّق بهما،فلا یسقط إلّا باتّفاقهما الذی عبَّر عنه بالتقایل،و معناه:الاتّفاق علی إسقاط الشرط الراجع إلیهما،فلا یرد علیه منع صحّة التقایل فی شروط العقود لا فی أنفسها.نعم،لو صار التأجیل حقّا للّٰه تعالی بالنذر لم ینفع اتّفاقهما علی

[شماره صفحه واقعی : 214]

ص: 773


1- فی«ش»و المصدر بدل«للمدیون»:«للمستحقّ».
2- من«ش»و المصدر.
3- التذکرة 1:491.
4- فی«ش»زیادة:«لو».

سقوطه؛لأنّ الحقّ معلّقٌ بغیرهما.

و ما ذکره حَسَنٌ لو ثبت اتّحاد الحقّ الثابت من اشتراط التأجیل أو لم یثبت التعدّد،فیرجع إلی أصالة عدم السقوط،لکنّ الظاهر تعدّد الحقّ،فتأمّل (1).

[شماره صفحه واقعی : 215]

ص: 774


1- فی«ش»زیادة ما یلی:«ثمّ إنّ المذکور فی باب الشروط عن بیع التذکرة تعلیل عدم سقوط أجل الدین بالإسقاط:بأنّ الأجل صفةٌ تابعةٌ لا یفرد بالإسقاط،و لذا لو أسقط مستحقّ الحنطة الجیّدة أو الدنانیر الصحاح الجودة أو الصحّة لم یسقط،انتهی».و هذا لا دخل له بما ذکره جامع المقاصد.
مسألة إذا کان الثمن-بل کلُّ دینٍ-حالاّ أو حَلّ،وجب علی مالکه قبوله عند دفعه إلیه

؛لأنّ فی امتناعه إضراراً و ظلماً؛إذ لا حقَّ له علی من فی ذمّته فی حفظ ماله فی ذمّته،و الناس مسلَّطون علی أنفسهم.

و توهّم:عدم الإضرار و الظلم؛لارتفاعه بقبض الحاکم مع امتناعه أو عزله و ضمانه علی مالکه،مدفوعٌ:بأنّ مشروعیّة قبض الحاکم أو العزل إنّما هی (1)لدفع هذا الظلم و الإضرار المحرَّم عن المدیون،و لیس بدلاً اختیاریّاً عن قبض الحاکم أو العزل حتّی یسقط الوجوب عن المالک لتحقّق (2)البدل (3)،أ لا تری أنّ من یجب علیه بیع ماله لنفقة عیاله لا یسقط عنه الوجوب لقیام الحاکم مقامه فی البیع.

و کیف کان،فإذا امتنع بغیر حقٍّ سقط اعتبار رضاه؛لحدیث نفی الضرار،بل مورده کان من هذا القبیل،حیث إنّ سَمُرة بن جُندب امتنع من الاستئذان للمرور إلی عِذْقه الواقع فی دار الأنصاری و عن

[شماره صفحه واقعی : 216]

ص: 775


1- فی«ش»بدل«هی»:«یثبت».
2- فی محتمل«ق»:«بتحقّق».
3- فی ظاهر«ق»:«المبدل».

بیعها (1)،فقال النبیّ صلّی اللّٰه علیه و آله للأنصاری:«اذهب فاقلعها (2)و ارمِ بها وجه صاحبها» (3)فأسقط ولایته علی ماله.و مقتضی القاعدة إجبار الحاکم له علی القبض؛لأنّ امتناعه أسقط اعتبار رضاه فی القبض الذی یتوقّف ملکه علیه،لا أصل القبض الممکن تحقّقه منه کُرهاً،مع کون الإکراه بحقٍّ بمنزلة الاختیار،فإن تعذّر مباشرته-و لو کُرهاً-تولّاه الحاکم؛لأنّ السلطان ولیّ الممتنع بناءً علی أنّ الممتنع من یمتنع و لو مع الإجبار.و لو قلنا:إنّه من یمتنع بالاختیار،جاز للحاکم تولّی القبض عنه من دون الإکراه،و هو الذی رجّحه فی جامع المقاصد (4).

و المحکیّ عن إطلاق جماعةٍ عدم اعتبار الحاکم (5).

و لیس للحاکم مطالبة المدیون بالدین إذا لم یسأله؛لعدم ولایته علیه مع رضا المالک بکونه فی ذمّته.و عن السرائر:وجوب القبض علی الحاکم عند الامتناع و عدم وجوب الإجبار (6).و استبعده[غیره (7)] (8)،

[شماره صفحه واقعی : 217]

ص: 776


1- کذا،و المناسب:«بیعه».
2- تأنیث الضمیر باعتبار«النخلة»الواقعة فی الحدیث.
3- راجع الوسائل 17:340-341،الباب 12 من أبواب إحیاء الموات، الحدیث 1 و 3.
4- جامع المقاصد 4:248.
5- نسبه فی الجواهر(23:116)بلفظ:«بل قد یظهر من إطلاق الشیخین و ابن حمزة..»،و قال نحوه فی مفتاح الکرامة 4:483.
6- السرائر 2:288.
7- لم یرد فی«ق».
8- استبعده الشهید فی الدروس 3:205،و قرّره صاحب الجواهر،انظر الجواهر 23:117.

و هو فی محلّه.

و لو تعذّر الحاکم،فمقتضی القاعدة إجبار المؤمنین له،عدولاً کانوا أم لا؛لأنّه من المعروف الذی یجب الأمر به علی کلّ أحد.

فإن لم یمکن إجباره،ففی وجوب قبض العدول عنه نظرٌ،أقواه العدم.و حینئذٍ فطریق براءة ذمّة المدیون أن یعزل حقّه و یجعله أمانةً عنده،فإن تلف فعلی ذی الحقّ؛لأنّ هذه فائدة العزل و ثمرة إلغاء قبض ذی الحقّ.و لکن لم یخرج عن ملک مالکه،لعدم الدلیل علی ذلک،فإنّ اشتراط القبض فی التملّک لا یسقط بأدلّة نفی الضرر،و إنّما یسقط بها ما یوجب التضرّر و هو الضمان،و حینئذٍ فنماء المعزول له،و قاعدة مقابلة الخراج بالضمان غیر جاریةٍ هنا.

و قد یستشکل فی الجمع بین الحکم ببقاء ملکیّة الدافع و کون التلف من ذی الحقّ،و وجهه:أنّ الحقّ المملوک لصاحب الدین إن تشخّص فی المعزول کان ملکاً له،و إن بقی فی ذمّة الدافع لم یمکن تلف المعزول منه؛ إذ لم یتلف ماله.

و یمکن أن یقال:إنّ الحقّ قد سقط من الذمّة و لم یتشخّص بالمعزول،و إنّما تعلَّق به تعلُّقَ حقّ المجنیّ علیه برقبة العبد الجانی،فبتلفه یتلف الحقّ،و مع بقائه لا یتعیّن الحقّ فیه،فضلاً عن أن یتشخّص به.

و یمکن أن یقال:بأنّه یقدّر آناً ما قبل التلف فی ملک صاحب الدین.

ثمّ إنّ الظاهر جواز تصرّفه فی المعزول،فینتقل المال إلی ذمّته لو أتلفه.و مقتضی القاعدة عدم وجوب حفظه من التلف؛لأنّ شرعیّة عزله و کون تلفه من مال صاحب الدین إنّما جاء من جهة تضرّر المدیون ببقاء ذمّته مشغولةً،و تکلیفه بحفظ المعزول أضرّ علیه من حفظ

[شماره صفحه واقعی : 218]

ص: 777

أصل المال فی الذمّة.

و عن المحقّق الثانی:أنّه یتّجه الفرق بین ما إذا عرضه علی المالک بعد تعیینه و (1)لم یأت به لکن أعلم بالحال،و بین ما إذا أتاه و طرحه عنده،فیلغی (2)وجوب الحفظ فی الثانی دون الأوّل (3).

و لعلّ وجهه:أنّ المبریء للعهدة التخلیة و الإقباض المتحقّق فی الثانی دون الأوّل،و سیجیء فی مسألة قبض المبیع ما یؤیّده (4).

و عن المسالک:أنّه مع عدم الحاکم یخلّی بینه و بین ذی الحقّ و تبرأ ذمّته و إن تلف،و کذا یفعل الحاکم لو قبضه إن لم یمکن إلزامه بالقبض (5).

ثمّ إنّ المحقّق الثانی ذکر فی جامع المقاصد-بعد الحکم بکون تلف المعزول من صاحب الدین الممتنع من أخذه-:أنّ فی انسحاب هذا الحکم فی من أجبره الظالم علی دفع نصیب شریکه الغائب فی مالٍ علی جهة الإشاعة بحیث یتعیّن المدفوع للشریک و لا یتلف منهما تردّداً.و مثله ما لو تسلّط الظالم بنفسه و أخذ قدر نصیب الشریک.

لم أجد للأصحاب تصریحاً بنفیٍ و لا إثباتٍ،مع أنّ الضرر هنا قائمٌ أیضاً،و المتّجه عدم الانسحاب (6)،انتهی.و حکی نحوه عنه فی حاشیة

[شماره صفحه واقعی : 219]

ص: 778


1- فی«ق»:«أو».
2- فی«ش»و المصدر:«فینتفی».
3- جامع المقاصد 5:41.
4- انظر الصفحة 266.
5- المسالک 3:425.
6- جامع المقاصد 5:40-41.

الإرشاد (1)من دون فتوی.

أقول:أمّا الفرع الثانی،فلا وجه لإلحاقه بما نحن فیه؛إذ دلیل الضرر بنفسه لا یقضی بتأثیر نیّة الظالم فی التعیین،فإذا أخذ جزءاً خارجیّاً من المشاع فتوجیه هذا الضرر إلی من نواه الظالم دون الشریک لا وجه له،کما لو أخذ الظالم من المدیون مقدار الدین بنیّة أنّه مال الغریم.

و أمّا الفرع الأوّل،فیمکن أن یقال:بأنّ الشریک لمّا کان فی معرض التضرّر لأجل مشارکة شریکه جعل له ولایة القسمة.لکن فیه:أنّ تضرّره إنّما یوجب ولایته علی القسمة حیث لا یوجب القسمة تضرّر شریکه،بأن لا یکون حصّة الشریک بحیث تتلف بمجرّد القسمة، کما فی الفرض،و إلّا فلا ترجیح لأحد الضررین،مع أنّ التمسّک بعموم «نفی الضرر»فی موارد الفقه من دون انجباره بعمل بعض الأصحاب یؤسّس فقهاً جدیداً.

[شماره صفحه واقعی : 220]

ص: 779


1- حکاه عنه فی الجواهر 23:119،و راجع حاشیة الإرشاد(مخطوط):244.
مسألة لا خلاف-علی الظاهر من الحدائق

مسألة لا خلاف-علی الظاهر من الحدائق (1)المصرّح به فی غیره (2)-فی عدم جواز تأجیل الثمن الحالّ،بل مطلق الدین،بأزید منه؛

لأنّه ربا، لأنّ حقیقة الربا فی القرض راجعةٌ إلی جعل الزیادة فی مقابل إمهال المقرض و تأخیره المطالبة إلی أجل،فالزیادة الواقعة بإزاء تأخیر المطالبة رباً عرفاً،فإنّ أهل العرف لا یفرّقون فی إطلاق الربا بین الزیادة التی تراضیا علیها فی أوّل المداینة-کأن یقرضه عشرةً بأحد عشر إلی شهر-و بین أن یتراضیا (3)بعد الشهر إلی تأخیره شهراً آخر بزیادة واحد،و هکذا...،بل طریقة معاملة الربا مستقرّةٌ علی ذلک،بل الظاهر من بعض التفاسیر:أنّ صدق الربا علی هذا التراضی مسلّمٌ فی العرف،و أنّ مورد نزول قوله تعالی فی مقام الردّ علی من قال: إِنَّمَا الْبَیْعُ مِثْلُ الرِّبٰا وَ أَحَلَّ اللّٰهُ الْبَیْعَ وَ حَرَّمَ الرِّبٰا (4)

[*ابوالقاسم علیدوست]

هو التراضی بعد حلول

[شماره صفحه واقعی : 221]

ص: 780


1- راجع الحدائق 19:134.
2- کما فی السرائر 2:289،و الجواهر 23:120.
3- فی«ق»:«یتراضون».
4- البقرة:275.

الدین علی تأخیره إلی أجلٍ بزیادةٍ فیه.

فعن مجمع البیان عن ابن عباس:أنّه کان الرجل من أهل الجاریة (1)إذا حلّ دینه علی غریمه فطالبه،قال المطلوب منه:زدنی فی الأجل أزیدک فی المال،فیتراضیان علیه و یعملان به،فإذا قیل لهم:

ربا،قالوا (2):هما سواءٌ،یعنون بذلک:أنّ الزیادة فی الثمن حال البیع و الزیادة فیه بسبب الأجل عند حلول الدین سواءٌ،فذمّهم اللّٰه و ألحق بهم الوعید و خطّأهم فی ذلک بقوله تعالی: وَ أَحَلَّ اللّٰهُ الْبَیْعَ وَ حَرَّمَ الرِّبٰا (3).

و یؤیّده بل یدلّ علیه حسنة ابن أبی عمیر أو صحیحته عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام قال:«سئل عن الرجل یکون له دینٌ إلی أجلٍ مسمّی، فیأتیه غریمه فیقول له:أنقدنی کذا و کذا و أضع عنک بقیّته،أو:أنقدنی بعضه و أمدّ لک فی الأجل فیما بقی علیک؟قال:لا أری به بأساً،إنّه لم یزد علی رأس ماله،قال اللّٰه تعالی: فَلَکُمْ رُؤُسُ أَمْوٰالِکُمْ لاٰ تَظْلِمُونَ وَ لاٰ تُظْلَمُونَ » (4)علّل جواز التراضی علی تأخیر أجل البعض بنقد

[شماره صفحه واقعی : 222]

ص: 781


1- کذا فی«ق»-ظاهراً-و«ف»و«ن»،و فی«ش»:«کان الرجل من أهل الجاهلیّة»،و فی المصدر:«کان الرجل منهم...»،و علی فرض عدم السهو، فالمعنی المناسب ل«الجاریة»هنا هو«النعمة»،راجع القاموس المحیط 4:312، مادّة«جری».
2- فی«ق»:«قال».
3- مجمع البیان 1:389.
4- الوسائل 13:168،الباب 7 من أبواب أحکام الصلح،الحدیث الأوّل. و الآیة من سورة البقرة:279.

البعض بعدم الازدیاد علی رأس ماله،فیدلّ علی أنّه لو ازداد علی رأس ماله لم یجز التراضی علی التأخیر،و کان رباً بمقتضی استشهاده بذیل آیة الربا،و هو قوله تعالی: فَلَکُمْ رُؤُسُ أَمْوٰالِکُمْ لاٰ تَظْلِمُونَ وَ لاٰ تُظْلَمُونَ .

و یدلّ علیه بعض الأخبار الوارد فی تعلیم طریق الحیلة فی جواز تأخیر الدین بزیادةٍ باشتراط التأخیر فی ضمن معاوضةٍ غیر مقصودةٍ للفرار عن الحرام (1)،فلو جاز التراضی علی التأجیل بزیادة لم یکن داعٍ إلی التوصّل بأمثال تلک الحیل حتّی صاروا علیهم السلام مورداً لاعتراض العامّة فی استعمال بعضها،کما فی غیر واحدٍ من الأخبار (2)الواردة فی بعضها (3).

و یدلّ علیه أیضاً أو یؤیّده بعض الأخبار الواردة فی باب الدین،فیما إذا أعطی المدیون بعد الدین شیئاً مخافة أن یطلبه الغریم بدینه (4).

و ممّا ذکرنا-من أنّ مقابلة الزیادة بالتأجیل ربا-یظهر عدم الفرق بین المصالحة عنه بها و المقاولة علیها من غیر عقد.و ظهر أیضاً أنّه یجوز المعاوضة اللازمة علی الزیادة بشیءٍ و اشتراط تأخیر الدین

[شماره صفحه واقعی : 223]

ص: 782


1- راجع الوسائل 12:380،الباب 9 من أبواب أحکام العقود،الأحادیث 4 و 5 و 6.
2- راجع الوسائل 12:466-467،الباب 6 من أبواب الصرف،الحدیثین 1 و 2.
3- فی«ش»:«فی ذلک».
4- راجع الوسائل 13:104،الباب 19 من أبواب الدین،الحدیث 3.

علیه فی ضمن تلک المعاوضة.و ظهر أیضاً من التعلیل المتقدّم (1)فی روایة ابن أبی عمیر جواز نقص المؤجّل بالتعجیل.و سیجیء تمام الکلام فی هاتین المسألتین فی باب الشروط أو کتاب القرض إن شاء اللّٰه تعالی.

[شماره صفحه واقعی : 224]

ص: 783


1- تقدّم فی الصفحة 222.
مسألة إذا ابتاع عیناً شخصیّةً بثمنٍ مؤجّلٍ جاز بیعه من بائعه و غیره قبل حلول الأجل و بعده بجنس الثمن و غیره،

مساویاً له أو زائداً علیه أو ناقصاً،حالّا أو مؤجّلاً،إلّا إذا اشترط أحد المتبایعین علی صاحبه فی البیع الأوّل قبوله منه بمعاملةٍ ثانیة.

أمّا الحکم فی المستثنی منه،فلا خلاف فیه إلّا بالنسبة إلی بعض صور المسألة-فمنع منها الشیخ فی النهایة و التهذیبین (1)،و عن الشهید:

أنّه تبع الشیخ جماعة (2)-و هی:بیعه من البائع بعد الحلول بجنس الثمن لا مساویاً.

قال فی النهایة:إذا اشتری نسیةً فحلّ الأجل و لم یکن معه

[شماره صفحه واقعی : 225]

ص: 784


1- ستجیء عبارة النهایة،و راجع التهذیب 7:33،ذیل الحدیث 137، و الاستبصار 3:77،ذیل الحدیث 256.
2- غایة المراد 2:80،و قال السیّد العاملی فی مفتاح الکرامة(4:434) بعد نقل هذا عن الشهید:«و لم نظفر بهم»،هذا و قد ورد قوله:«و عن الشهید..إلخ»فی«ش»بعد المنقول عن النهایة.

ما یدفعه إلی البائع جاز للبائع أن یأخذ منه ما کان باعه إیّاه من غیر نقصانٍ من ثمنه،فإن أخذه بنقصانٍ ممّا باع لم یکن ذلک صحیحاً و لزمه ثمنه الذی کان أعطاه به،فإن أخذ من المبتاع متاعاً آخر بقیمته فی الحال لم یکن بذلک بأس (1)،انتهی.

و ظاهر الحدائق:أنّ محلّ الخلاف أعمّ ممّا بعد الحلول و أنّه قصّر بعضهم التحریم بالطعام (2).

و کیف کان،فالأقوی هو المشهور؛للعمومات المجوِّزة کتاباً و سنّة (3)،و عموم ترک الاستفصال فی صحیحة بشّار بن یسار،قال:

«سألت أبا عبد اللّٰه علیه السلام عن الرجل یبیع المتاع بنسأٍ،فیشتریه من صاحبه الذی یبیعه منه؟فقال:نعم،لا بأس به.فقلت له:أشتری متاعی و غنمی!قال:لیس هو متاعک و لا غنمک و لا بقرک (4)».

و صحیحة ابن حازم عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام:«رجلٌ کان له علی رجلٍ دراهم من ثمن غنمٍ اشتراها منه،فأتی الطالب المطلوب یتقاضاه، فقال له المطلوب:أبیعک هذه الغنم بدراهمک التی لک عندی،فرضی؟

[شماره صفحه واقعی : 226]

ص: 785


1- النهایة:388،مع تفاوت فی بعض الألفاظ.
2- الحدائق 19:125.
3- أمّا الکتاب فمثل قوله تعالی: «وَ أَحَلَّ اللّٰهُ الْبَیْعَ وَ حَرَّمَ الرِّبٰا» البقرة:275 و «أَوْفُوا بِالْعُقُودِ» المائدة:1،و غیرهما من الآیات،و أمّا السنّة فتعرّض لذکرها المؤلّف،و راجع تفصیل ذلک فی الوسائل 12:370-373،الباب 5 و 6 من أبواب أحکام العقود.
4- الوسائل 12:370،الباب 5 من أبواب أحکام العقود،الحدیث 3.

قال:لا بأس بذلک» (1).

و روایة الحسین بن منذر،قال:«قلت لأبی عبد اللّٰه علیه السلام:

الرجل یجیئنی فیطلب العینة فأشتری له المتاع من أجله (2)ثمّ أبیعه إیّاه ثمّ أشتریه منه مکانی؟قال:فقال:إذا کان هو بالخیار إن شاء باع و إن شاء لم یبع،و کنت أنت بالخیار إن شئت اشتریت و إن شئت لم تشتر فلا بأس.قال:فقلت:إنّ أهل المسجد یزعمون أنّ هذا فاسدٌ و یقولون:إنّه إن جاء به بعد أشهرٍ صحّ،قال:إنّما هذا تقدیمٌ و تأخیرٌ و لا بأس (3)».

و فی المحکیّ عن قرب الإسناد عن علیّ بن جعفر عن أخیه علیهما السلام قال:«سألته عن رجلٍ باع ثوباً بعشرة دراهم اشتراه منه بخمسة دراهم،أ یحلّ؟قال:إذا لم یشترط و رضیا فلا بأس» (4).

و عن کتاب علیّ بن جعفر قوله:«باعه بعشرةٍ إلی أجلٍ ثمّ اشتراه بخمسةٍ بنقد» (5)،و هو أظهر فی عنوان المسألة.

[شماره صفحه واقعی : 227]

ص: 786


1- الوسائل 12:370،الباب 5 من أبواب أحکام العقود،الحدیث الأوّل.
2- کذا فی«ق»،و الظاهر زیادة إحدی الکلمتین:إمّا«له»،و إمّا«من أجله»، و قد ورد الأوّل فی الوسائل،و الثانی فی التهذیب.
3- الوسائل 12:370،الباب 5 من أبواب أحکام العقود،الحدیث 4.
4- قرب الإسناد:267،الحدیث 1062،و عنه فی الوسائل 12:371،الباب 5 من أبواب أحکام العقود،الحدیث 6.
5- مسائل علیّ بن جعفر:127،المسألة رقم 100،و عنه فی الوسائل 12: 371،الباب 5 من أبواب أحکام العقود،ذیل الحدیث 6.

و ظاهر هذه الأخبار کما تری یشمل صور الخلاف.

و قد یستدلّ أیضاً بروایة یعقوب بن شعیب و عبید بن زرارة، قالا:«سألنا أبا عبد اللّٰه علیه السلام عن رجلٍ باع طعاماً بدراهم (1)إلی أجل،فلمّا بلغ ذلک تقاضاه،فقال:لیس لی دراهم خذ منّی طعاماً، فقال:لا بأس به،فإنّما له دراهمه یأخذ بها ما شاء» (2)و فی دلالتها نظر.

و فیما سبق من العمومات کفایةٌ؛إذ لا معارض لها عدا ما ذکره الشیخ قدّس سرّه:من روایة خالد بن الحجّاج،قال:«سألت أبا عبد اللّٰه علیه السلام عن رجلٍ بعته طعاماً بتأخیر إلی أجلٍ مسمّی،فلمّا جاء الأجل أخذته بدراهمی،فقال:لیس عندی دراهم،و لکن عندی طعام، فاشتره منّی؟فقال:لا تشتره منه،فإنّه لا خیر فیه» (3).

و روایة عبد الصمد بن بشر-المحکیّة عن الفقیه-قال:«سأله محمّد ابن قاسم الحنّاط فقال:أصلحک اللّٰه!أبیع الطعام من رجلٍ إلی أجل، فأجیء و قد تغیّر الطعام من سعره فیقول لیس (4)عندی دراهم؟قال:

خذ منه بسعر یومه.فقال:أفهم-أصلحک اللّٰه-أنّه طعامی الذی

[شماره صفحه واقعی : 228]

ص: 787


1- فی«ق»:«بمائة درهم».و ما أثبتناه موافق للمصادر الحدیثیّة،و الظاهر أنّ الشیخ نقلها عن الجواهر،راجع الجواهر 23:112.
2- الوسائل 13:71،الباب 11 من أبواب السلف،الحدیث 10.
3- راجع التهذیب 7:33،الحدیث 137،و الوسائل 13:74،الباب 12 من أبواب السلف،الحدیث 3.
4- فی«ق»زیادة:«لک»،و لم ترد فی المصادر الحدیثیّة.

اشتراه منیّ،فقال:لا تأخذ منه حتّی یبیعه و یعطیک،فقال:أرغم اللّٰه أنفی!رخّص لی،فرددت علیه فشدّد علیّ» (1).

و حکی عن الشیخ قدّس سرّه:أنّه أوردها فی الاستبصار دلیلاً علی مختاره (2).و حکی عن بعضٍ (3)ردّها بعدم الدلالة بوجهٍ من الوجوه.

أقول:لا یظهر من روایة خالد دلالةٌ علی مذهب الشیخ،و علی تقدیر الدلالة فتعلیل المنع بأنّه:«لا خیر فیه»من أمارات الکراهة.

و اعلم أنّه (4)حکی فی المختلف عن الخلاف:أنّه إذا باع طعاماً قفیزاً بعشرة دراهم مؤجّلة،فلمّا حلّ الأجل أخذ بها طعاماً جاز إذا أخذ مثل ذلک (5)،فإن زاد علیه لم یجز.و احتجّ بإجماع الفرقة[و أخبارهم (6)]

[شماره صفحه واقعی : 229]

ص: 788


1- الفقیه 3:207،الحدیث 3777،و الوسائل 13:74-75،الباب 12 من أبواب السلف،الحدیث 5.
2- حکاه المحدّث البحرانی فی الحدائق 19:130،و راجع الاستبصار 3:77، الحدیث 257.
3- حکاه أیضاً المحدّث البحرانی فی الحدائق 19:130 عن بعض مشایخه، فقال رحمه اللّٰه فی تعلیقة منه:«هو شیخنا الشیخ علیّ بن سلیمان القدسی البحرانی فی حواشیه علی الکتاب».
4- فی«ش»زیادة ما یلی:«قال الشیخ قدّس سرّه فی المبسوط:إذا باع طعاماً بعشرة مؤجّلة،فلمّا حلّ الأجل أخذ بها طعاماً جاز إذا أخذ ما أعطاه،فإن أخذ أکثر لم یجز.و قد روی أنّه یجوز علی کلّ حال و».راجع المبسوط 2: 123.
5- العبارة فی«ش»و المصدر:«جاز ذلک إذا أخذ مثله».
6- لم یرد فی«ق».

و بأنّه یؤدّی إلی بیع الطعام بالطعام (1).ثمّ حکی عن بعض أصحابنا الجواز مطلقاً،و عن بعضهم المنع مطلقاً.ثمّ حکی عن الشیخ فی آخر کلامه،أنّه قال:و القول الآخر الذی لأصحابنا قویٌّ؛و ذلک أنّه بیع طعامٍ بدراهم،لا بیع طعامٍ بطعام،فلا یحتاج إلی اعتبار المثلیّة (2)،انتهی.

أقول:الظاهر أنّ الشیخ قدّس سرّه جری فی ذلک و فیما تقدّم عنه فی النهایة-من عدم جواز بیع ما اشتری بجنس الثمن متفاضلاً-علی قاعدةٍ کلّیةٍ تظهر من بعض الأخبار:من أنّ عوض الشیء الربوی لا یجوز أن یعوّض بذلک الشیء بزیادة،و أنّ عوض العوض بمنزلة العوض،فإذا اشتری طعاماً بدراهم لا یجوز أن یأخذ بدل الطعام دراهم بزیادة، و کذلک إذا باع طعاماً بدراهم لا یجوز (3)أن یأخذ عوض الدراهم طعاماً.و عوّل فی ذلک علی التعلیل المصرَّح به فی روایة علیّ بن جعفر عن أخیه علیهما السلام-المعتضد ببعض الأخبار المانعة (4)عن بعض أفراد هذه القاعدة هنا و فی باب السلم (5)-قال:«سألته عن رجلٍ له علی آخر تمرٌ أو شعیرٌ أو حنطةٌ،أ یأخذ قیمتها (6)دراهم؟[قال (7)]:إذا

[شماره صفحه واقعی : 230]

ص: 789


1- فی«ش»و المصدر:«طعام بطعام».
2- المختلف 5:289،و راجع الخلاف 3:101،المسألة:166 من کتاب البیوع.
3- فی«ش»زیادة:«له».
4- المتقدّمة فی الصفحة 228 التی ذکرها الشیخ لمذهبه.
5- مثل روایة محمّد بن قیس الواردة فی الوسائل 13:72،الباب 11 من أبواب السلف،الحدیث 15،و غیرها من الروایات الدالّة فی الباب.
6- فی«ش»و الوسائل:«بقیمته».
7- من المصدر.

قوّمها (1)دراهم فسد؛لأنّ الأصل الذی یشتری به دراهم،فلا یصلح دراهم بدراهم» (2)،قال فی محکیّ التهذیب:الذی افتی به[ما تضمّنه (3)] هذا الخبر الأخیر:من أنّه إذا کان الذی أسلف فیه دراهم لم یجز أن یبیعه بدراهم؛لأنّه یکون قد باع دراهم بدراهم،و ربما کان فیه زیادة أو نقیصة (4)[و ذلک رباً] (5)انتهی (6).

و هنا یقول أیضاً قبالاً لمسألة السَّلَم التی هی عکس مسألتنا:إنّه إذا کان الذی باعه طعاماً لم یجز أن یشتری بثمنه طعاماً؛لأنّه یکون باع طعاماً بطعام.

و بالجملة،فمدار فتوی الشیخ قدّس سرّه علی ما عرفت من ظهور بعض الأخبار بل صراحته فیه:من أنّ عوض العوض فی حکم العوض فی عدم جواز التفاضل مع اتّحاد الجنس الربوی،فلا فرق بین اشتراء نفس ما باعه منه،و بین اشتراء مجانسه منه،و لا فرق أیضاً بین اشترائه قبل حلول الأجل أو بعده،کما أطلقه فی الحدائق (7).

و تقییده بما بعد الحلول فی عبارة النهایة المتقدّمة (8)لکون الغالب وقوع المطالبة و الإیفاء بعد الحلول،و إن قصّر المشهور خلافه به.لکنّ

[شماره صفحه واقعی : 231]

ص: 790


1- فی«ش»و الوسائل:«قوّمه».
2- الوسائل 13:71،الباب 11 من أبواب السلف،الحدیث 12.
3- من المصدر.
4- فی«ش»و المصدر:«نقصان».
5- من المصدر.
6- التهذیب 7:30-31،ذیل الحدیث 129.
7- الحدائق 19:125.
8- تقدّمت فی الصفحة 225.

الأظهر هو الإطلاق.کما أنّ تقیید المنع فی کلامه بأخذ ما باعه بالناقص؛لأنّه الغالب،لأنّ الغالب فی ردّ نفس ما اشتراه ردّه بالناقص،لا لخصوصیّةٍ فی النقص لا تجری فی الزیادة؛و لذا ذکر (1)جواز أخذ المتاع الآخر بقیمته فی الحال زادت أو نقصت،فیعلم منه:

أنّ أخذ ما باعه بقیمته فی الحال غیر جائزٍ زادت أو نقصت.

و یؤیّد الحمل علی الغالب:أنّه قدّس سرّه ذکر فی مسألة السَّلَم-التی هی عکس المسألة-:أنّه لا یجوز له أخذ جنس (2)الثمن زائداً علی ما أعطاه (3)،فإنّ الغالب مع إعطاء الطعام بدل الدراهم النقص ممّا اشتری، و مع العکس العکس.

و ظهر أیضاً ممّا ذکرنا:أنّ الحکم مختصٌّ فی کلام الشیخ قدّس سرّه بالجنس الربوی،لا مطلق المتاع و لا خصوص الطعام.

و أمّا الحکم فی المستثنی-و هو ما إذا اشترط فی البیع الأوّل نقله إلی من انتقل عنه-فهو المشهور،و نصّ علیه الشیخ فی باب المرابحة (4)و استدلّوا علیه أوّلاً بالدور،کما فی التذکرة.

قال فی باب الشروط:لو باعه شیئاً بشرط أن یبیعه إیّاه لم یصحّ،سواء اتّحد الثمن قدراً و وصفاً و عیناً أم لا،و إلّا جاء الدور؛لأنّ بیعه له یتوقّف علی ملکیّته له المتوقّفة علی بیعه[فیدور (5)]،أمّا لو

[شماره صفحه واقعی : 232]

ص: 791


1- أی ذکر الشیخ فی عبارة النهایة المتقدّمة فی الصفحة 226.
2- فی«ش»بدل«جنس»:«مثل».
3- ذکره فی النهایة:397،و راجع المبسوط 2:187.
4- المبسوط 2:142.
5- لم یرد فی«ق».

شرط أن یبیعه علی غیره صحّ عندنا حیث لا منافاة فیه للکتاب و السنّة.لا یقال:ما التزمتموه من الدور آتٍ هنا؛لأنّا نقول:الفرق ظاهرٌ؛لجواز أن یکون جاریاً علی حدّ التوکیل أو عقد الفضولی، بخلاف ما لو شرط البیع علی البائع (1)،انتهی.

أقول:ظاهر ما ذکره من النقض أنّه یعتبر فی الشرط أن یکون معقولاً فی نفسه مع قطع النظر عن البیع المشروط فیه،و بیع الشیء علی غیر مالکه معقولٌ و لو من غیر المالک کالوکیل و الفضولی،بخلاف بیعه علی مالکه،فإنّه غیر معقولٍ أصلاً.فاندفع عنه نقض جماعةٍ ممّن تأخّر عنه باشتراط بیعه علی غیره أو عتقه.

نعم،ینتقض ذلک باشتراط کون المبیع رهناً علی الثمن،فإنّ ذلک لا یعقل مع قطع النظر عن البیع،بل یتوقّف علیه.و قد اعترف قدّس سرّه بذلک فی التذکرة،فاستدلّ بذلک لأکثر الشافعیّة المانعین عنه،و قال:إنّ المشتری لا یملک رهن المبیع إلّا بعد صحّة البیع،فلا یتوقّف علیه صحّة البیع و إلّا دار (2).لکنّه قدّس سرّه مع ذلک جوّز هذا الاشتراط.

إلّا أن یقال:إنّ أخذ الرهن علی الثمن و التضمین علیه و علی دَرَکه و دَرَک المبیع من توابع البیع و من مصالحه،فیجوز اشتراطها،نظیر وجوب نقد الثمن أو عدم تأخیره عن شهرٍ مثلاً و نحو ذلک،فتأمّل (3).

و قرّر الدور فی جامع المقاصد:بأنّ انتقال الملک موقوفٌ علی

[شماره صفحه واقعی : 233]

ص: 792


1- التذکرة 1:490.
2- التذکرة 1:491.
3- فی«ش»بدل«فتأمّل»:«لکن ینتقض حینئذٍ بما اعترف بجوازه فی التذکرة: من اشتراط وقف المشتری المبیع عن البائع و ولده».

حصول الشرط،و حصول الشرط موقوفٌ علی الملک (1).و هذا بعینه ما تقدّم عن التذکرة بتفاوتٍ فی ترتیب المقدّمتین.

و أُجیب (2)عنه تارةً:بالنقض باشتراط بیعه من غیره.و قد عرفت أنّ العلّامة قدّس سرّه تفطّن له فی التذکرة،و أجاب عنه بما عرفت انتقاضه بمثل اشتراط رهنه علی الثمن،و عرفت تفطّنه لذلک أیضاً فی التذکرة.

و أُخری:بالحلّ،و هو أنّ انتقال الملک لیس موقوفاً علی تحقّق الشرط،و إنّما المتوقّف علیه لزومه.

و ثالثةً:بعدم جریانه فیما لو شرط بیعه منه بعد أجل البیع الأوّل، فإنّ ملک المشتری متخلّلٌ بین البیعین.

و مبنی هذین الجوابین علی ما ذکره العلّامة فی الاعتراض علی نفسه و الجواب عنه بما حاصله:أنّ الشرط لا بدّ من صحّته مع قطع النظر عن البیع،فلا یجوز أن یتوقّف صحّته علی صحّة البیع.

و لا فرق فی ذلک بین اشتراط بیعه قبل الأجل أو بعده؛لأنّ بیع الشیء علی مالکه غیر معقولٍ مطلقاً.و لو قُیّد بما بعد خروجه عن ملک مالکه لم یفرق أیضاً بین ما قبل الأجل و ما بعده.

و استُدلّ علیه أیضاً (3)بعدم قصد البائع بهذا الشرط إلی حقیقة الإخراج عن ملکه،حیث لم یقطع علاقة الملک عنه.

و جعله فی غایة المراد أولی من الاستدلال بالدور بعد دفعه

[شماره صفحه واقعی : 234]

ص: 793


1- جامع المقاصد 4:204.
2- أجاب صاحب الجواهر فی الجواهر 23:110.
3- عطف علی قوله:«و استدلّوا علیه أوّلاً بالدور»،المتقدّم فی الصفحة 232.

بالجوابین الأوّلین،ثمّ قال:و إن کان إجماعٌ علی المسألة فلا بحث (1).

و ردّ علیه المحقّق و الشهید الثانیان:بأنّ الفرض حصول القصد إلی النقل الأوّل لتوقّفه علیه،و إلّا لم یصحّ ذلک إذا قصدا ذلک و لم یشترطاه مع الاتّفاق علی صحّته (2)،انتهی.

و استدلّ علیه فی الحدائق بقوله علیه السلام-فی روایة الحسین بن المنذر المتقدّمة[فی (3)]السؤال عن بیع الشیء و اشترائه ثانیاً من المشتری-:«إن کان هو بالخیار إن شاء باع و إن شاء لم یبع،و کنت أنت بالخیار إن شئت اشتریت و إن شئت لم تشتر،فلا بأس» (4)فإنّ المراد بالخیار هو الاختیار عرفاً فی مقابل الاشتراط علی نفسه بشرائه ثانیاً،فدلّ علی ثبوت البأس إذا کان أحد المتبایعین غیر مختارٍ فی النقل من جهة التزامه بذلک فی العقد الأوّل.

و ثبوت«البأس»فی الروایة،إمّا راجعٌ إلی البیع الأوّل فثبت المطلوب،و إن کان راجعاً إلی البیع الثانی فلا وجه له إلّا بطلان البیع الأوّل، إذ لو صحّ البیع الأوّل و المفروض اشتراطه بالبیع الثانی لم یکن بالبیع الثانی بأسٌ،بل کان لازماً بمقتضی الشرط الواقع فی متن العقد الصحیح.

هذا،و قد یُردّ (5)دلالتها بمنع دلالة«البأس»علی البطلان.و فیه

[شماره صفحه واقعی : 235]

ص: 794


1- غایة المراد 2:78.
2- جامع المقاصد 4:204،و المسالک 3:225.
3- لم یرد فی«ق».
4- الحدائق 19:128-129،و تقدّمت الروایة فی الصفحة 227.
5- هذا الردّ و الردّان الآتیان من صاحب الجواهر قدّس سرّه،راجع الجواهر 23: 111.

ما لا یخفی.

و قد تُردّ أیضاً بتضمّنها لاعتبار ما لا یقول به أحد:من عدم اشتراط المشتری ذلک علی البائع.

و فیه:أنّ هذا قد قال به کلّ أحدٍ من القائلین باعتبار عدم اشتراط البائع،فإنّ المسألتین من وادٍ واحد،بل الشهید قدّس سرّه فی غایة المراد عنون المسألة بالاشتراء بشرط الاشتراء (1).

و قد یُردّ أیضاً:بأنّ المستفاد من المفهوم لزوم الشرط و أنّه لو شرطاه یرتفع الخیار عن المشروط علیه و إن کان یحرم البیع الثانی أو هو و البیع الأوّل مع الشرط و یکون الحاصل حینئذٍ حرمة الاشتراط و إن کان لو فعل التزم به،و هو غیر التزام المحرّم الذی یَفسُد و یُفسِد العقد.

و فیه:أنّ الحرمة المستفادة من«البأس»لیس إلّا الحرمة الوضعیّة أعنی الفساد،و لا یجامع ذلک صحّة الشرط و لزومه.

نعم،یمکن أن یقال-بعد ظهور سیاق الروایة فی بیان حکم البیع الثانی مع الفراغ عن صحّة الأوّل،کما یشهد به أیضاً بیان خلاف أهل المسجد المختصّ بالبیع الثانی-:إنّ المراد أنّه إن وقع البیع الثانی علی وجه الرضا و طیب النفس و الاختیار فلا بأس به،و إن وقع لا عن ذلک بل لأجل الالتزام به سابقاً فی متن العقد أو قبله و إلزامه عرفاً بما التزم کان الشراء فاسداً،لکن فساد الشراء لا یکون إلّا لعدم طیب النفس فیه و عدم وجوب الالتزام بما التزم علی نفسه،إمّا لعدم ذکره فی

[شماره صفحه واقعی : 236]

ص: 795


1- غایة المراد 2:78.

متن العقد،و إمّا لکون الشرط لغواً لا یجب الوفاء به،و أمّا فساده لأجل فساد العقد الأوّل من جهة فساد الالتزام المذکور فی متنه حتّی لو وقع عن طیب النفس فهو مخالفٌ (1)لما عرفت من ظهور اختصاص حکم الروایة منعاً و جوازاً بالعقد الثانی.

و أمّا روایة علیّ بن جعفر (2)فهی أظهر فی اختصاص الحکم بالشراء الثانی،فیجب أیضاً حمله علی وجهٍ لا یکون منشأ فساد البیع الثانی فسادُ البیع الأوّل،بأن یکون مفهوم الشرط:أنّه إذا اشترطا ذلک فی العقد أو قبله و لم یرضیا بوقوع العقد الثانی بل وقع علی جهة (3)الإلجاء من حیث الالتزام به قبل العقد أو فیه فهو غیر صحیح،لعدم طیب النفس فیه و وقوعه عن إلجاء،و هذا لا یکون إلّا مع عدم وجوب الوفاء،إمّا لعدم ذکره فی العقد،و إمّا لکونه لغواً فاسداً مع عدم تأثیر فساده فی العقد.

و بالجملة،فالحکم بفساد العقد الثانی فی الروایتین لا یصحّ أن یستند إلی فساد الأوّل؛لما ذکرنا:من ظهور الروایتین فی ذلک،فلا بدّ

[شماره صفحه واقعی : 237]

ص: 796


1- وردت العبارة من قوله:«و إمّا لکون الشرط لغواً-إلی-فهو مخالفٌ»فی «ش»هکذا:«و إمّا لکون الشرط بالخصوص فاسدٌ لا یجب الوفاء به،و لا یوجب فساد العقد المشروط به،کما هو مذهب کثیر من القدماء لأجل فساد العقد الأوّل من جهة فساد الالتزام المذکور فی متنه حتّی لو وقع عن طیب النفس؛لأنّ هذا مخالف».
2- المتقدّمة فی الصفحة 230-231.
3- فی«ش»:«علی وجه».

من أن یکون منشؤه عدم طیب النفس بالعقد الثانی،و عدم طیب النفس لا یقدح إلّا مع عدم لزوم الوفاء شرعاً بما التزم،و عدم اللزوم لا یکون إلّا لعدم ذکر الشرط فی العقد،و إمّا لکونه لغواً (1)غیر مفسد (2).

ثمّ إنّه قال فی المسالک:إنّهما لو شرطاه قبل العقد لفظاً،فإن کانا یعلمان أنّ الشرط المتقدّم لا حکم له فلا أثر له،و إلّا اتّجه بطلان العقد به کما لو ذکراه فی متنه؛لأنّهما لم یقدما إلّا علی الشرط و لم یتمّ لهما (3).

و یمکن أن یقال:إنّ علمهما بعدم حکمٍ للشرط لا یوجب عدم إقدامهما علی الشرط.

فالأولی بناء المسألة علی تأثیر الشرط المتقدّم فی ارتباط العقد به و عدمه،و المعروف بینهم عدم التأثیر کما تقدّم (4)،إلّا أن یفرّق بین الشرط الصحیح فلا یؤثّر و بین الفاسد فیؤثّر فی البطلان.و وجهه غیر ظاهرٍ،بل ربّما حکی العکس عن بعض المعاصرین (5)،و قد تقدّم توضیح الکلام فی ذلک (6).

[شماره صفحه واقعی : 238]

ص: 797


1- فی«ش»بدل«و إمّا لکونه لغواً»:«أو لکونه فاسداً».
2- من هنا إلی قوله:«فإن استند..»الآتی فی الصفحة 245 ساقط من نسخة «ق».
3- المسالک 3:224.
4- تقدّم فی الصفحة 54.
5- لم نعثر علیه.
6- تقدّم فی الصفحة 104 فی الأمر الثالث من الأُمور المنعقدة ذیل حکم الشرط الفاسد.
القول فی القبض
اشاره

[شماره صفحه واقعی : 239]

ص: 798

[شماره صفحه واقعی : 240]

ص: 799

القول فی القبض

[القبض لغة]

صوت

[*ابوالقاسم علیدوست]

و هو لغةً:الأخذ مطلقاً،أو بالید،أو بجمیع الکفّ،علی اختلاف عبارات أهل اللغة (1).

و النظر فی ماهیّته،و وجوبه،و أحکامه یقع فی مسائل:
مسألة اختلفوا فی ماهیّة القبض فی المنقول
اشاره

-بعد اتّفاقهم علی أنّها «التخلیة»فی غیر المنقول-علی أقوال:

أحدها:أنّها التخلیة أیضاً،

صرّح به المحقّق فی الشرائع (2)،و حکی عن تلمیذه کاشف الرموز (3).و عن الإیضاح نسبته إلی بعض متقدّمی

[شماره صفحه واقعی : 241]

ص: 800


1- فقد فسّره فی الصحاح ب«الأخذ مطلقاً»و فی القاموس ب«الأخذ بالید»و فی مجمع البحرین ب«الأخذ بجمیع الکفّ»،انظر الصحاح 3:1100،و القاموس المحیط 2:341،و مجمع البحرین 4:225-226.
2- الشرائع 2:29.
3- کشف الرموز 1:471.

أصحابنا (1).و عن التنقیح نسبته إلی المبسوط (2).

الثانی:أنّه فی المنقول:النقل،

و فیما یعتبر کیله أو وزنه:الکیل أو الوزن.

الثالث:ما فی الدروس:من أنّه فی الحیوان:نقله،

و فی المعتبر (3):

کیله أو وزنه أو عدّه أو نقله،و فی الثوب:وضعه فی الید (4).

الرابع:ما فی الغنیة و عن الخلاف و السرائر و اللمعة:أنّه التحویل و النقل

(5)

.

الخامس:ما فی المبسوط:من أنّه إن کان مثل الجواهر و الدراهم و الدنانیر و ما یتناول بالید فالقبض فیه هو التناول بالید،

و إن کان مثل الحیوان-کالعبد و البهیمة-فالقبض فی البهیمة أن یمشی بها إلی مکانٍ آخر،و فی العبد أن یقیمه إلی مکانٍ آخر.و إن کان اشتراه جزافاً کان القبض فیه أن ینقله من مکانه.و إن کان اشتراه مکایلةً فالقبض فیه أن یکیله (6).و زاد فی الوسیلة:أنّه فی الموزون:وزنه،و فی المعدود:عدّه (7).

[شماره صفحه واقعی : 242]

ص: 801


1- إیضاح الفوائد 1:506.
2- التنقیح الرائع 2:65،و انظر المبسوط 2:120.
3- أی:فیما یعتبر کیله أو وزنه.
4- الدروس 3:213.
5- الغنیة:229،و حکاه عن الثلاثة فی مفتاح الکرامة 4:704،و راجع الخلاف 3:98،المسألة 159 من البیوع،و السرائر 2:369،و اللمعة:132.
6- المبسوط 2:120.
7- الوسیلة:252.

و نُسب عبارة الشرائع الراجعة إلی ما فی المبسوط إلی المشهور (1).

السادس:أنّه الاستقلال و الاستیلاء علیه بالید،

حکی عن المحقّق الأردبیلی و صاحب الکفایة (2)،و اعترف[به (3)]فی المسالک (4)-تبعاً لجامع المقاصد (5)-لشهادة العرف بذلک،إلّا أنّه أخرج عن ذلک المکیل و الموزون،مستنداً إلی النصّ الصحیح.و فیه ما سیجیء.

السابع:ما فی المختلف:من أنّه إن کان منقولاً فالقبض فیه النقل أو الأخذ بالید،

و إن کان مکیلاً أو موزوناً فقبضه ذلک أو الکیل أو الوزن (6).

الثامن:أنّه التخلیة مطلقاً بالنسبة إلی انتقال الضمان إلی المشتری، دون النهی عن بیع ما لم یقبض.

نفی عنه البأس فی الدروس (7).

[رأی المؤلف فی المسألة]

أقول:لا شکّ أنّ القبض للمبیع هو فعل القابض و هو المشتری، و لا شکّ أنّ الأحکام المترتّبة علی هذا الفعل لا تترتّب علی ما کان من فعل البائع من غیر مدخلٍ للمشتری فیه،کما أنّ الأحکام المترتّبة

[شماره صفحه واقعی : 243]

ص: 802


1- نسبه فی المهذّب البارع 2:398،و غایة المرام(مخطوط)1:301،و راجع مفتاح الکرامة 4:704-705.
2- حکاه عنهما السیّد العاملی فی مفتاح الکرامة 4:705،و راجع مجمع الفائدة 8:512،و کفایة الأحکام:96.
3- الزیادة اقتضاها السیاق.
4- المسالک 3:239.
5- راجع جامع المقاصد 4:391-392.
6- المختلف 5:279.
7- الدروس 3:213.

علی فعل البائع-کالوجوب علی البائع و الراهن فی الجملة،و اشتراط القدرة علی التسلیم-لا یحتاج فی ترتّبها إلی فعلٍ من المشتری،فحینئذٍ نقول:

[المناقشات فی الأقوال المذکورة و بیان قول الأقوی]

أمّا ما اتّفق علیه:من کفایة التخلیة فی تحقّق القبض فی غیر المنقول،إن أُرید ب«القبض»ما هو فعل البائع بالنسبة إلی المبیع،و هو جمیع ما یتوقّف علیه من طرفه وصوله إلی المشتری،و یعبّر عنه مسامحةً بالإقباض و التسلیم-و هو الذی یحکمون بوجوبه علی البائع و الغاصب و الراهن فی الجملة،و یفسّرونه ب«التخلیة»التی هی فعله (1)-فقد عرفت أنّه لیس قبضاً حقیقیّا حتّی فی غیر المنقول و إن فسّرت برفع جمیع الموانع و إذن المشتری فی التصرّف.

قال کاشف الرموز فی شرح عبارة النافع:القبض مصدرٌ یستعمل بمعنی التقبیض و هو التخلیة،و یکون من طرف البائع و الواهب بمعنی التمکین من التصرّف (2)،انتهی.

بل التحقیق (3):أنّ القبض مطلقاً هو استیلاء المشتری علیه و تسلّطه علیه الذی یتحقّق به معنی«الید»و یتصوّر فیه الغصب.

نعم،یترتّب علی ذلک المعنی الأوّل،الأحکام المترتّبة علی الإقباض و التسلیم الواجبین علی البائع،فینبغی ملاحظة کلّ حکمٍ من الأحکام المذکورة فی باب القبض و أنّه مترتّبٌ علی القبض الذی هو

[شماره صفحه واقعی : 244]

ص: 803


1- فی«ش»:«فعل البائع».
2- کشف الرموز 1:471،و فیه:«التمکین من حیث التصرّف».
3- عطف علی قوله:«إنّه لیس قبضاً حقیقیّا».

فعل المشتری بعد فعل البائع أو (1)علی الإقباض الذی هو فعل البائع، مثلاً إذا فرض أنّ أدلّة اعتبار القبض فی الهبة دلّت علی اعتبار حیازة المتّهب الهبة،لم یکتف فی ذلک بالتخلیة التی هی من فعل المواهب (2)و هکذا....

و لعلّ تفصیل الشهید فی البیع بین حکم الضمان و غیره (3)من حیث إنّ الحکم الأوّل منوطٌ بالإقباض و غیره منوطٌ بفعل المشتری.

و کیف کان،فلا بدّ من مراعاة أدلّة أحکام القبض،فنقول:

أمّا رفع الضمان،فإن استند فیه إلی النبوی:«کلّ مبیعٍ تلف قبل قبضه فهو من مال بائعه» (4)فالمناط فیه حصول الفعل من المشتری.

و إن استند إلی قوله علیه السلام فی روایة عقبة بن خالد:«حتّی یقبض المتاع و یخرجه من بیته» (5)احتمل فیه إناطة الحکم بالتخلیة،فیمکن حمل النبوی علی ذکر ما هو مقارنٌ غالبیٌّ للتخلیة.و احتمل وروده (6)مورد الغالب:من ملازمة الإخراج للوصول إلی المشتری بقرینة ظاهر النبوی؛و لذا قال فی جامع المقاصد-بعد ما نقل ما فی الدروس-:إنّ الخبر دالٌّ علی خلافه (7).و هو حسنٌ إن أراد به ظاهر النبوی،لا ظاهر

[شماره صفحه واقعی : 245]

ص: 804


1- فی«ش»:«و علی».
2- فی«ف»بدل«المواهب»:«المشتری».
3- تقدّم التفصیل عنه فی الصفحة 243.
4- المستدرک 13:303،الباب 9 من أبواب الخیار،و فیه حدیث واحد.
5- الوسائل 12:358،الباب 10 من أبواب الخیار،و فیه حدیث واحد.
6- فی«ش»:«ورود الروایة»،و کتب فی«ف»فوق«وروده»:«الروایة».
7- جامع المقاصد 4:392.

روایة عقبة أو غیرها.

و الإنصاف:أنّ ما ذکره الشهید قریبٌ بالنسبة إلی ظاهر روایة عقبة.

و ربما یُخدش (1)فیها بظهورها فی اعتبار الإخراج من البیت مع أنّه غیر معتبرٍ فی رفع الضمان اتّفاقاً.

و فیه:أنّ الإخراج عن البیت کنایةٌ عن الإخراج عن السلطنة و رفع الید،و لا ینبغی خفاء ذلک علی المتأمّل فی الاستعمال العرفی.و ما ذکره الشهید من رفع الضمان بالتخلیة یظهر من بعض فروع التذکرة حیث قال:لو أحضر البائع السلعة،فقال المشتری:ضعه،تمّ القبض؛ لأنّه کالتوکیل فی الوضع.و لو لم یقل المشتری شیئاً،أو قال:لا أُرید شیئاً (2)،حصل القبض،لوجود التسلیم،کما لو وضع الغاصب المغصوب بین یدی المالک،فإنّه یبرء من الضمان (3)،انتهی.

و ظاهره:أنّ المراد من التسلیم المبحوث عنه ما هو من فعل البائع و لو امتنع المشتری.

[لکنّه قدّس سرّه صرّح فی عنوان المسألة (4)و فی باب الهبة (5)بضعف هذا القول بعد نسبته إلی بعض الشافعیة.

[شماره صفحه واقعی : 246]

ص: 805


1- أورد الخدشة فیها السیّد العاملی فی مفتاح الکرامة 4:698.
2- لم یرد«شیئاً»فی«ش»و المصدر.
3- التذکرة 1:472.
4- التذکرة 1:472.
5- التذکرة 2:418،و سیجیء فی الصفحة 252-253.

فالظاهر أنّ مراده-بل مراد الشهید قدّس سرّه-:رفع الضمان بهذا و إن لم یکن قبضاً،بل عن الشهید فی الحواشی:أنّه نقل عن العلّامة قدّس سرّه:أنّ التخلیة فی المنقول و غیره یرفع الضمان؛لأنّه حقٌّ علی البائع و قد أدّی ما علیه (1).

أقول:و هذا کما أنّ إتلاف المشتری یرفع ضمان البائع،و سیجیء من المحقّق الثانی:أنّ النقل فی المکیل و الموزون یرفع الضمان و إن لم یکن قبضاً (2)(3)].

هذا،و لکنّ الجمود علی حقیقة اللفظ فی الروایة یقتضی اعتبار الوصول إلی ید المشتری،لأنّ الإقباض و الإخراج و إن کانا من فعل البائع،إلّا أنّ صدقهما علیه یحتاج إلی فعلٍ من غیر البائع؛لأنّ الإقباض و الإخراج بدون القبض و الخروج محال.إلّا أن یستفاد من الروایة تعلّق الضمان علی ما کان من فعل البائع،و التعبیر ب«الإقباض» و«الإخراج»مسامحةٌ مسّت الحاجة إلیها فی التعبیر (4).

و قد ظهر ممّا ذکرنا:أنّ لفظ«القبض»الظاهر بصیغته فی فعل المشتری یراد به الاستیلاء علی المبیع،سواء فی المنقول و غیره؛ لأنّ القبض-لغةً-الأخذ مطلقاً،أو بالید،أو بجمیع الکفّ،علی

[شماره صفحه واقعی : 247]

ص: 806


1- نقله السیّد العاملی فی مفتاح الکرامة 4:696.
2- جامع المقاصد 4:390،و سیجیء فی الصفحة 255-256.
3- ما بین المعقوفتین من«ف»و«ش».
4- من قوله:«هذا و لکن الجمود-إلی-فی التعبیر»ورد فی«ش»قبل قوله: «و ما ذکره الشهید...إلخ»فی الصفحة المتقدّمة.

اختلاف التعبیرات (1).

فإن أُرید الأخذ حسّا بالید،فهو لا یتأتّی فی جمیع المبیعات،مع أنّ أحکامه جاریةٌ فی الکلّ،فاللازم أن یراد به فی کلام[أهل (2)] اللغة أو فی لسان الشرع الحاکم علیه بأحکام کثیرة فی البیع و الرهن و الصدقة و تشخیص ما فی الذمّة أخذُ کلِّ شیءٍ بحسبه،و هو ما ذکرنا من الاستیلاء و السلطنة.

و أمّا ما ذکره بعضهم:من اعتبار النقل و التحویل فیه (3)-بل ادّعی فی الغنیة الإجماع علی أنّه القبض فی المنقول (4)الذی لا یکتفی فیه بالتخلیة-فهو لا یخلو عن تأمّلٍ و إن شهد من عرفت بکونه موافقاً للعرف فی مثل الحیوان؛لأنّ مجرّد إعطاء المِقوَد للمشتری أو مع رکوبه علیه قبضٌ عرفاً علی الظاهر.

ثمّ المراد من«النقل»فی کلام من اعتبره هو نقل المشتری له، لا نقل البائع،کما هو الظاهر من عبارة المبسوط المتقدّمة (5)المصرَّح به فی جامع المقاصد (6).

و أمّا روایة عقبة بن خالد المتقدّمة (7)فلا دلالة فیها علی

[شماره صفحه واقعی : 248]

ص: 807


1- کما تقدّم فی الصفحة 241.
2- من«ش».
3- تقدّم عن الغنیة و الخلاف و غیرهما فی الصفحة 242.
4- الغنیة:229.
5- تقدّمت فی الصفحة 242.
6- جامع المقاصد 4:389.
7- تقدّمت فی الصفحة 245.

اعتبار النقل فی المنقول و إن استدلّ بها علیه فی التذکرة (1)؛لما عرفت (2):

من أنّ الإخراج من البیت فی الروایة نظیر الإخراج من الید-کنایةٌ عن رفع الید و التخلیة للمشتری حتّی لا یبقی من مقدّمات الوصول إلی المشتری إلّا ما هو من فعله.

و أمّا اعتبار الکیل أو الوزن أو کفایته فی قبض المکیل و الموزون، فقد اعترف غیر واحدٍ (3)بأنّه تعبّدٌ؛لأجل النصّ الذی ادّعی دلالته علیه.

مثل صحیحة معاویة بن وهب،قال:«سألت أبا عبد اللّٰه علیه السلام:

عن الرجل یبیع البیع قبل أن یقبضه،فقال:ما لم یکن کیلٌ أو وزنٌ فلا تبعه حتّی تکیله أو تزنه إلّا أن تولّیه[الذی قام علیه]» (4).

و صحیحة منصور بن حازم:«إذا اشتریت متاعاً فیه کیلٌ أو وزنٌ،فلا تبعه حتّی تقبضه،إلّا أن تولّیه» (5).

و فی صحیحة علیّ بن جعفر عن أخیه:«عن الرجل یشتری الطعام،أ یصلح بیعه قبل أن یقبضه؟قال:إذا لم یربح علیه فلا بأس، و إن ربح فلا یبعه حتّی یقبضه» (6).

[شماره صفحه واقعی : 249]

ص: 808


1- التذکرة 1:472.
2- فی الصفحة 246.
3- راجع جامع المقاصد 4:392،و المسالک 3:239 و 241.
4- الوسائل 12:389،الباب 16 من أبواب أحکام العقود،الحدیث 11.
5- الوسائل 12:387،نفس الباب،الحدیث الأوّل.
6- الوسائل 12:389،نفس الباب،الحدیث 9.

و روایة أبی بصیر:«عن رجلٍ اشتری طعاماً ثمّ باعه قبل أن یکیله؟قال:لا یعجبنی أن یبیع کیلاً أو وزناً قبل أن یکیله أو یزنه، إلّا أن یولّیه کما اشتراه» (1).

إلی غیر ذلک ممّا دلّ علی اعتبار الکیل و الوزن لا من حیث اشتراط صحّة المعاملة بهما،و إلّا لم یفرق بین التولیة و غیرها،فتعیّن لأمرٍ آخر،و لیس إلّا لکون ذلک قبضاً؛للإجماع-کما فی المختلف (2)- علی جواز بیع الطعام بعد قبضه.

و منه یظهر ما فی المسالک،حیث إنّه-بعد ذکر صحیحة ابن وهب-قال:و التحقیق:أنّ الخبر الصحیح دلّ علی النهی عن بیع المکیل و الموزون قبل اعتباره بهما،لا علی أنّ القبض لا یتحقّق بدونهما.

و کون السؤال فیه وقع عن البیع قبل القبض لا ینافی ذلک؛لأنّ الاعتبار بهما قبضٌ و زیادة،و حینئذٍ فلو قیل بالاکتفاء فی نقل الضمان فیهما بالنقل عملاً بالعرف و الخبر الآخر،و بتوقّف البیع ثانیاً علی الکیل و الوزن،أمکن إن لم یکن إحداث قول (3)،انتهی.

و الظاهر أنّ مراده بالخبر،خبر«عقبة بن خالد»و قد عرفت

[شماره صفحه واقعی : 250]

ص: 809


1- الوسائل 12:390،نفس الباب،الحدیث 16.
2- المختلف 5:280.
3- العبارة وردت فی المبحث الثامن من المباحث المنعقدة ذیل البحث عن القبض،و لکن وقع السهو و الخطأ فی ضبط العبارة فی المسالک الجدیدة حیث وقعت العبارة من کلمة«و التحقیق إلی وقع عن البیع»فی الجزء الثالث: 243-244،و من کلمة«قبل القبض»إلی آخر العبارة فی أوّل الصفحة 243.

عدم ظهوره فی اعتبار النقل (1).

ثمّ إنّ ظاهر غیر واحدٍ کفایة الکیل و الوزن فی القبض من دون توقّفٍ علی النقل.و الظاهر أنّه لا بدّ مع الکیل و الوزن من رفع ید البائع،کما صرّح به فی جامع المقاصد (2)؛و لذا نبّه فی موضعٍ من التذکرة:بأنّ الکیل شرطٌ فی القبض (3).

و کیف کان،فالأولی فی المسألة ما عرفت:من أنّ القبض له معنیً واحدٌ یختلف باختلاف الموارد،و أنّ کون القبض هو الکیل أو الوزن -خصوصاً فی باب الصدقة و الرهن و تشخیص ما فی الذمّة-مشکلٌ جدّاً؛لأنّ التعبّد الشرعی علی تقدیر تسلیمه مختصٌّ بالبیع،إلّا أن یکون إجماعٌ علی اتّحاد معنی القبض فی البیع و غیره،کما صرّح به العلّامة (4)و الشهیدان (5)و المحقّق الثانی (6)و غیرهم (7)فی باب الرهن و الهبة،

[شماره صفحه واقعی : 251]

ص: 810


1- فی الصفحة 248-249.
2- جامع المقاصد 4:390.
3- التذکرة 1:560-561،و راجع الصفحة 472 أیضاً.
4- ظاهر العبارة یدلّ علی أنّ العلّامة و من بعده ادّعوا الإجماع علی الاتّحاد،لکن لم نعثر علیه فی کلامهم و لا علی من حکاه عنهم،نعم ادّعوا أصل الاتّحاد، راجع التذکرة 2:25 و 418.
5- الدروس 3:384،و المسالک 6:26.
6- جامع المقاصد 5:102،و 9:153.
7- مثل المحدّث البحرانی فی الحدائق 20:232،و 22:318،و صاحب الجواهر فی الجواهر 28:176-177،و السیّد المجاهد فی المناهل:401،و استظهر اتّفاق الأصحاب علیه.

و حکی فیها الاتّفاق علی الاتّحاد عن ظاهر المسالک (1)و استظهره الحاکی (2)أیضاً.و (3)ظاهر المبسوط فی باب الهبة:أنّ القبض هی التخلیة فیما لا ینتقل،و النقل و التحویل فی غیره (4).لکن صرّح فی باب الرهن:

بأنّ کلّ ما کان قبضاً فی البیوع کان قبضاً فی الرهن و الهبات و الصدقات،لا یختلف ذلک (5).

و عن القاضی:أنّه لا یکفی فی الرهن التخلیة و لو قلنا بکفایته فی البیع؛لأنّ البیع یوجب استحقاق المبیع فیکفی التمکین منه،و هنا لا استحقاق،بل القبض سببٌ فی الاستحقاق (6).و مقتضی هذا الوجه لحوق الهبة و الصدقة بالرهن.

و هذا الوجه حکاه فی هبة التذکرة عن بعض الشافعیّة،فقال قدّس سرّه:

القبض هنا کالقبض فی البیع،ففیما لا ینقل و لا یحوَّل:التخلیة،و فیما ینقل و یحوَّل:النقل و التحویل،و فیما یکال أو یوزن:الکیل و الوزن.ثمّ حکی عن بعض الشافعیّة عدم کفایة التخلیة فی المنقول لو قلنا به فی البیع،مستنداً إلی أنّ القبض فی البیع مستحقٌّ و فی الهبة غیر مستحقّ، فاعتبر تحقّقه و لم یکتف بالوضع بین یده؛و لذا لو أتلف المتّهب الموهوب

[شماره صفحه واقعی : 252]

ص: 811


1- المسالک 6:26،حیث نسب الخلاف إلی بعض الشافعیّة.
2- لم نعثر علیه.
3- فی«ش»زیادة:«عن».
4- المبسوط 3:306.
5- المبسوط 2:203.
6- حکاه الشهید الثانی فی حاشیة الإرشاد المطبوع ضمن(غایة المراد)2:182.

لم یصر قابضاً،بخلاف المشتری.ثم ضعّفه:بأنّه لیس بشیءٍ؛لاتّحاد القبض فی الموضعین و اعتبار العرف فیهما (1)،انتهی.

و ظاهر عدم اکتفائه هنا بالوضع بین یدیه مخالفٌ للفرع المتقدّم عنه،إلّا أن یلتزم بکفایة التخلیة فی رفع الضمان و إن لم یکن قبضاً،کما أشرنا إلیه سابقاً (2).

فروع
اشاره

(3)

:

الأوّل:قال فی التذکرة:لو باع داراً أو سفینةً مشحونةً بأمتعة البائع و مکّنه منها

بحیث جعل له تحویلها من مکانٍ إلی مکانٍ کان قبضاً.

و قال أیضاً:إذا کان المبیع فی موضعٍ لا یختصّ بالبائع کفی فی المنقول النقل من حیّزٍ إلی حیّز،و إن کان فی موضعٍ یختصّ به فالنقل من زاویةٍ إلی أُخری بغیر إذن البائع لا یکفی لجواز التصرّف،و یکفی لدخوله فی ضمانه.و إن نقل بإذنه حصل القبض،و کأنّه استعار البقعة المنقول إلیها (4).

الثانی:قال فی المسالک:لو کان المبیع مکیلاً أو موزوناً

صوت

[*ابوالقاسم علیدوست]

فلا یخلو

[شماره صفحه واقعی : 253]

ص: 812


1- التذکرة 2:418.
2- راجع الصفحة 246.
3- کذا بخطّه الشریف قدّس سرّه فی«ق»،و لکن لم یعنون إلّا فرعین،و لذا بدّله مصحّح«ش»ب«فرعان».
4- التذکرة 1:472.

إمّا أن یکون قد کیل قبل البیع أو وزن،أو لا،بأن أخبر البائع بکیله أو وزنه أو باعه قدراً معیّناً من صبرةٍ مشتملةٍ علیه.فإن کان الآخر (1)فلا بدّ فی تحقّق قبضه من کیله أو وزنه؛للنصّ المتقدّم.و إن کان الأوّل،ففی افتقاره إلی الاعتبار ثانیاً لأجل القبض أو الاکتفاء بالاعتبار الأوّل وجهان:من إطلاق توقّف الحکم علی الکیل و الوزن و قد حصلا، و قوله علیه السلام فی النصّ«حتّی تکیله أو تزنه» (2)لا یدلّ علی اعتبار أزید من اعتبار الکیل[و الوزن (3)]الشامل لما وقع قبل البیع.و من أنّ الظاهر أنّ ذلک لأجل القبض لا لتحقّق شرط صحّة البیع،فلا بدّ له من اعتبارٍ جدیدٍ بعد العقد،و به صرّح العلّامة (4)و الشهید (5)و جماعة.

و هو الأقوی،و یدلّ علیه قوله علیه السلام:«إلّا أن تولّیه» (6)،فإنّ الکیل السابق شرطٌ لصحّة البیع،فلا بدّ منه فی التولیة و غیرها،فدلّ علی أنّ ذلک لأجل القبض،لا لصحّة البیع (7)،انتهی المهمّ من کلامه رحمه اللّٰه.

أقول:یبعد التزام القائلین بهذا القول ببقاء المکیل و الموزون بعد الکیل و الوزن و العقد علیه و الأخذ و التصرّف فی بعضه فی ضمان البائع

[شماره صفحه واقعی : 254]

ص: 813


1- کذا،و فی المصدر:«الأخیر».
2- الوارد فی صحیحة معاویة بن وهب المتقدّمة فی الصفحة 249.
3- لم یرد فی«ق».
4- القواعد 2:85.
5- الدروس 3:213.
6- الوارد فی صحیحة معاویة المتقدّمة فی الصفحة 249.
7- المسالک 3:241.

حتّی یکیله ثانیاً أو یزنه و إن لم یرد بیعه (1)؛و کذا لو کاله و قبضه ثمّ عقد علیه.

و قد تفطّن لذلک المحقّق الأردبیلی رحمه اللّٰه فیما حکی (2)من حاصل کلامه،حیث نزّل ما دلّ علی اعتبار الکیل و الوزن فی البیع الثانی علی ما إذا لم یعلم کیله أو وزنه،بل وقع البیع الأوّل من دون کیل،کما إذا اشتری أصوعاً من صبرةٍ مشتملةٍ علیها أو اشتری بإخبار البائع.أمّا إذا کاله بحضور المشتری ثمّ باعه إیّاه فأخذه و حمله إلی بیته و تصرّف فیه بالطحن و العجن و الخبز،فلا شکّ فی کونه قبضاً مسقطاً للضمان مجوّزاً للبیع،و لا یلزم تکلّف البائع بکیله مرّةً أُخری للإقباض-إلی أن قال ما حاصله-:إنّ کون وجوب الکیل مرّةً أُخری (3)للقبض مع تحقّقه أوّلاً عند الشراء-کما نقله فی المسالک عن العلّامة و الشهید و جماعة (قدّس اللّٰه أسرارهم)و قوّاه-لیس بقویّ (4)،انتهی.

و قال فی جامع المقاصد-عند شرح قول المصنّف:إنّ التسلیم بالکیل و الوزن فیما یکال أو یوزن علی رأیٍ-:إنّ (5)المراد (6)الکیل

[شماره صفحه واقعی : 255]

ص: 814


1- فی«ش»زیادة:«ثانیاً».
2- حکاه السیّد العاملی فی مفتاح الکرامة 4:701.
3- فی«ق»بدل«...وجوب الکیل مرّةً أُخری للقبض»:«وجوب القبض مرّةً للقبض»،و الظاهر أنّه من سهو القلم.
4- مجمع الفائدة 8:508-509.
5- لم یرد فی«ش»:«إنّ».
6- فی«ش»زیادة:«به».

الذی یتحقّق به اعتبار البیع،و لا بدّ من رفع البائع یده (1)،فلو وقع الکیل و لم یرفع (2)یده،فلا تسلیم و لا قبض،و لو أخبره البائع بالکیل أو الوزن فصدّقه و أخذه علی ذلک حصل القبض،کما نصّ علیه فی التذکرة (3).ثمّ قال:و لو أخذ المبیع جزافاً أو أخذ ما اشتراه کیلاً وزناً أو بالعکس،فإن تیقّن حصول الحقّ فیه صحّ،و إلّا فلا،ذکره فی التذکرة (4).و الذی ینبغی أن یقال:إنّ هذا الأخذ بإعطاء البائع موجبٌ لانتقال ضمان المدفوع إلی المشتری و انتفاء سلطنة البائع لو أراد حبسه لدفع (5)الثمن،لا التسلّط علی بیعه؛لأنّ بیع ما یکال أو یوزن قبل کیله أو وزنه علی التحریم أو الکراهة،و لو کیل قبل ذلک فحضر کیلَه أو وزنَه،ثمّ اشتراه و أخذه بذلک فهو کما لو أخبره بالکیل أو الوزن،بل هو أولی (6)،انتهی.

ثمّ الظاهر أنّ مراد المسالک ممّا نسبه إلی العلّامة و الشهید و جماعةٍ -من وجوب تجدید الاعتبار لأجل القبض-ما ذکره فی القواعد تفریعاً علی هذا القول:«أنّه لو اشتری مکایلةً و باع مکایلةً فلا بدّ لکلّ بیعٍ من کیلٍ جدیدٍ لیتمّ القبض» (7).قال جامع المقاصد فی شرحه:إنّه لو

[شماره صفحه واقعی : 256]

ص: 815


1- فی«ش»زیادة:«عنه».
2- فی«ش»زیادة:«البائع».
3- التذکرة 1:561.
4- التذکرة 1:564.
5- فی«ش»و المصدر بدل«لدفع»:«لیقبض».
6- جامع المقاصد 4:390.
7- القواعد 2:85.

اشتری ما لا یُباع إلّا مکایلةً و باع کذلک لا بدّ لکلّ بیعٍ من هذین من کیلٍ جدید؛لأنّ کلّ بیعٍ لا بدّ له من قبض.قال بعد ذلک:و لو أنّه حضر الکیل المتعلّق بالبیع الأوّل فاکتفی به أو أخبره البائع فصدّقه کفی نقله و قام ذلک مقام کیله (1).

و فی الدروس-بعد تقویة کفایة التخلیة فی رفع الضمان لا فی زوال تحریم البیع أو کراهته قبل القبض-قال:نعم لو خلّی بینه و بین المکیل فامتنع حتّی یکتاله لم ینتقل إلیه الضمان،و لا یکفی الاعتبار الأوّل عن اعتبار القبض (2)،انتهی.

هذا ما یمکن الاستشهاد به من کلام العلّامة و الشهید و المحقّق الثانی لاختیارهم وجوب تجدید الکیل و الوزن لأجل القبض و إن کیل أو وزن قبل ذلک.

لکن الإنصاف:أنّه لیس فی کلامهم و لا غیرهم ما یدلّ علی أنّ الشیء الشخصی المعلوم کیله أو وزنه قبل العقد إذا عقد علیه وجب کیله مرّةً أُخری لتحقّق القبض،کما یظهر من المسالک (3).فلا یبعد أن یکون کلام الشیخ قدّس سرّه و من تبعه (4)فی هذا القول،و کلام العلّامة (5)

[شماره صفحه واقعی : 257]

ص: 816


1- جامع المقاصد 4:393.
2- الدروس 3:213.
3- راجع کلام المسالک فی الصفحة 254.
4- لم یتقدّم عن الشیخ و من تبعه کلامٌ فی المسألة،نعم تقدّم کلامهم فی القبض، راجع الصفحة 242 و ما بعدها.
5- المتقدّم فی الصفحة المتقدّمة.

و من ذکر فروع هذا القول (1)مختصّاً بما إذا عقد علی کیلٍ معلومٍ [من (2)]کلیٍّ أو من صُبرةٍ معیّنة أو علی جزئیٍّ محسوسٍ علی أنّه کذا و کذا،فیکون مراد الشیخ و الجماعة من قولهم:«اشتری مکایلة» (3):أنّه اشتری بعنوان الکیل و الوزن،فی مقابل ما إذا اشتری ما علم کیله سابقاً من دون تسمیة الکیل المعیّن فی العقد،لکونه لغواً.

و الظاهر أنّ هذا هو الذی یمکن أن یعتبر فی القبض فی غیر البیع أیضاً من الرهن و الهبة،فلو رهن إناءً معیّناً من صفرٍ مجهول الوزن أو معلوم الوزن أو وهبه-خصوصاً علی القول بجواز هبة المجهول-فالظاهر أنّه لا یقول أحدٌ:بأنّه یعتبر فی قبضه وزنه،مع عدم تعلّق غرضٍ فی الهبة بوزنه أصلاً.

نعم،لو رهن أو وهب مقداراً معیّناً من الکیل أو الوزن أمکن القول باشتراط اعتباره فی قبضه،و أنّ قبضه جزافاً ک:لا قبض.

فظهر أنّ قوله فی القواعد:«اشتری مکایلة»-و هو العنوان المذکور فی المبسوط لهذا القول،کما عرفت عند نقل الأقوال-یراد به ما ذکرنا،لا ما عرفت من جامع المقاصد.

و یؤیّده تکرار المکایلة فی قوله:«و باع مکایلة».[و یشهد له أیضاً (4)]قول العلّامة فی غیر موضعٍ من التذکرة:لو قبض جزافاً ما

[شماره صفحه واقعی : 258]

ص: 817


1- کالمحقّق الثانی فی جامع المقاصد 4:393.
2- شُطب علیه فی«ق».
3- راجع الصفحة 242 و ما بعدها.
4- لم یرد فی«ق».

اشتراه مکایلة (1).و یشهد له أیضاً قوله فی موضعٍ آخر:لو أخذ ما اشتری کیلاً وزناً و بالعکس،فإن تیقّن حصول الحقّ فیه..إلخ (2).

و أظهر من ذلک فیما ذکرنا ما فی المبسوط،فإنّه بعد ما صرّح باتّحاد معنی القبض فی البیع و الرهن و غیرهما ذکر:أنّه لو رهن صبرةً علی أنّه کیل کذا فقبضه بکیله (3)،و لو رهنها جزافاً فقبضه بنقله (4)من مکانه (5).مع أنّه اختار عدم جواز بیع الصبرة جزافاً (6)،فافهم.

و أمّا قوله فی الدروس:«و لا یکفی الاعتبار الأوّل عن اعتبار القبض»فلا یبعد أن یکون تتمّةً لما قبله من قوله:«نعم،لو خلّی بینه و بینه فامتنع حتّی یکتاله» (7)و مورده بیع کیلٍ معیّنٍ کلیّ،فلا یدلّ علی وجوب تجدید اعتبار ما اعتبر قبل العقد.

ثم إنّ ما ذکره فی المسالک (8)فی صحیحة ابن وهب أوّلاً:من أنّ

[شماره صفحه واقعی : 259]

ص: 818


1- التذکرة 1:472،و فیه:«فروع:الأوّل لو قبض جزافاً ما اشتراه مکایلة...»و لم نعثر علی العبارة بعینها فی غیر هذا الموضع،نعم یوجد ما یدلّ علیها،راجع التذکرة 1:469 فی أقسام بیع الصبرة،و 472-473 فی بیان ماهیّة القبض و أحکامه،و 560 و ما بعدها فی أحکام القبض فی السَّلَم.
2- التذکرة 1:564،و تقدّم فی الصفحة 256.
3- فی«ش»:«أن یکیله».
4- فی«ش»:«أن ینقله».
5- المبسوط 2:203.
6- المبسوط 2:152.
7- تقدّم القول المتمِّم و المتمَّم فی الصفحة 257.
8- راجع ما ذکره المسالک فی الصفحة 254.

قوله:«لا تبعه حتّی تکیله»یصدق مع الکیل السابق،ثمّ استظهاره ثانیاً-بقرینة استثناء بیع التولیة-:أنّ المراد غیر الکیل المشترط فی صحّة العقد،لم یعلم له وجهٌ؛إذ المراد من الکیل و الوزن فی تلک الصحیحة و غیرها هو الکیل المتوسّط بین البیع الأوّل و الثانی،و هذا غیر قابلٍ لإرادة الکیل المصحّح للبیع الأوّل،فلا وجه لما ذکره أوّلاً أصلاً، و لا وجه لإرادة المصحّح للبیع الثانی حتّی یکون استثناء التولیة قرینةً علی عدم إرادته؛لاشتراک التولیة مع غیرها فی توقّف صحّتهما علی الاعتبار،لأنّ السؤال عن بیع الشیء قبل قبضه.ثمّ الجواب بالفرق بین المکیل و الموزون لا یمکن إرجاعهما (1)إلی السؤال و الجواب عن شرائط البیع الثانی،بل الکلام سؤالاً و جواباً نصٌّ فی إرادة قابلیّة المبیع قبل القبض للبیع و عدمها.

فالأولی أنّ استثناء التولیة ناظرٌ إلی الفرق بین البیع مکایلةً-بأن یبیعه ما اشتراه علی أنّه کیلٌ معیّن،فیشترط قبضه بالکیل و الوزن ثمّ إقباضه-و بین أن یولّیه البیع الأوّل من غیر تعرّضٍ فی العقد لکیله و وزنه،فلا یعتبر توسّط قبضٍ بینهما،بل یکفی قبض المشتری الثانی عن الأوّل.

و بالجملة،فلیس فی الصحیحة تعرّضٌ لصورة کیل الشیء أوّلاً قبل البیع ثمّ العقد علیه و التصرّف فیه بالنقل و التحویل،و أنّ بیعه ثانیاً بعد التصرّف هل یحتاج إلی کیلٍ جدید لقبض البیع الأوّل،لا لاشتراط معلومیّة المبیع فی البیع الثانی،أم لا؟بل لیس فی کلام المتعرّضین لبیع ما لم یقبض تعرّضٌ لهذه الصورة.

[شماره صفحه واقعی : 260]

ص: 819


1- کذا فی ظاهر«ق»و مصحّحة«ن»،و فی«ف»و«ش»:«إرجاعها».
القول فی وجوب القبض
مسألة یجب علی کلٍّ من المتبایعین تسلیم ما استحقّه الآخر بالبیع؛

لاقتضاء العقد لذلک.

فإن قال کلٌّ منهما:لا أدفع حتّی أقبض،فالأقوی إجبارهما معاً، وفاقاً للمحکیّ عن السرائر (1)و الشرائع (2)و کتب العلّامة (3)و الإیضاح (4)و الدروس (5)و جامع المقاصد (6)و المسالک (7)و غیرها (8)،و عن ظاهر

[شماره صفحه واقعی : 261]

ص: 820


1- السرائر 2:306،و فیه بعد احتمال القرعة:«و الأوّل أقوی».
2- الشرائع 2:29.
3- القواعد 2:87،و المختلف 5:291،و التذکرة 1:473،564،و التحریر 1:175.
4- لم نعثر علی التصریح به،نعم یظهر الارتضاء به حیث لم یعلّق علی کلام القواعد،راجع الإیضاح 1:509.
5- الدروس 3:210.
6- جامع المقاصد 4:403.
7- المسالک 3:238.
8- مثل الروضة 3:522،و مجمع الفائدة 8:504،و راجع تفصیل ذلک فی مفتاح الکرامة 4:719.

التنقیح:الإجماع علیه (1)؛لما فی التذکرة:من أنّ کلاّ منهما قد وجب له حقٌّ علی صاحبه (2).

و عن الخلاف:أنّه یجبر البائع أوّلاً علی تسلیم المبیع،ثمّ یجبر المشتری علی تسلیم الثمن،سواء کان الثمن عیناً أو فی الذمّة؛ لأنّ الثمن إنّما یستحقّ علی المبیع،فیجب أوّلاً تسلیم المبیع لیستحقّ الثمن (3).

و لعلّ وجهه دعوی انصراف إطلاق العقد إلی ذلک؛و لذا استقرّ العرف علی تسمیة الثمن عوضاً و قیمةً،و لذا یقبّحون مطالبة الثمن قبل دفع المبیع،کما یقبّحون مطالبة الأُجرة قبل العمل أو دفع العین المستأجرة.و الأقوی ما علیه الأکثر.

ثمّ إنّ ظاهر جماعةٍ أنّ محلّ الخلاف فی هذه المسألة بین الخاصّة و العامّة:ما لو کان کلٌّ منهما باذلاً و تشاحّا فی البدأة بالتسلیم،لا ما إذا امتنع أحدهما عن البذل.

قال فی المبسوط-بعد اختیاره أوّلاً إجبارهما معاً علی التقابض ثمّ الحکم بأنّ تقدیم البائع فی الإجبار أولی-قال:هذا إذا کان کلٌّ منهما باذلاً.و أمّا إذا کان أحدهما غیر باذل أصلاً،و قال:لا أُسلّم ما علیَّ،أجبره الحاکم علی البذل،فإذا حصل البذل حصل الخلاف

[شماره صفحه واقعی : 262]

ص: 821


1- حکاه السیّد العاملی فی مفتاح الکرامة 4:719،و راجع التنقیح الرائع 2: 64-65.
2- التذکرة 1:473.
3- الخلاف 3:151،المسألة 239 من کتاب البیوع.

فی أیّهما یدفع.هذا إذا کان موسراً قادراً علی إحضار الثمن،فإن کان معسراً کان للبائع الفسخ و الرجوع إلی عین ماله کالمفلّس (1)، انتهی.

قال فی التذکرة:توهّم قومٌ أنّ الخلاف فی البدأة بالتسلیم خلافٌ فی أنّ البائع هل له حقّ الحبس أم لا؟إن قلنا بوجوب البدأة للبائع فلیس له حبس المبیع إلی استیفاء الثمن،و إلّا فله ذلک.و نازع أکثر الشافعیّة فیه و قالوا:هذا الخلاف مختصٌّ بما إذا کان نزاعهما فی مجرّد البدأة و کان کلٌّ منهما یبذل ما علیه و لا یخاف فوت ما عند صاحبه، فأمّا إذا لم یبذل البائع المبیع و أراد حبسه خوفاً من تعذّر تحصیل الثمن، فله ذلک بلا خلاف،و کذا للمشتری حبس الثمن خوفاً من تعذّر تحصیل المبیع (2)،انتهی.

و قد صرّح أیضاً بعدم الخلاف فی جواز الحبس لامتناع الآخر من التسلیم بعضٌ آخر (3).

و لعلّ الوجه فیه:أنّ عقد البیع مبنیٌّ علی التقابض و کون المعاملة یداً بید،فقد التزم کلٌّ منهما بتسلیم العین مقارناً لتسلیم صاحبه، لا بدونه (4)،فقد ثبت بإطلاق العقد لکلٍّ منهما حقّ الامتناع مع امتناع صاحبه.فلا یرد أنّ وجوب التسلیم علی کلٍّ منهما لیس مشروطاً

[شماره صفحه واقعی : 263]

ص: 822


1- المبسوط 2:148.
2- التذکرة 1:564.
3- صرّح به فی مفتاح الکرامة 4:720.
4- فی«ش»بدل«لا بدونه»:«و التزم علی صاحبه أن لا یسلّمه مع الامتناع».

بتحقّقه من الآخر،فلا یسقط التکلیف بأداء مال الغیر عن أحدهما بمعصیة الآخر،و أنّ ظلم أحدهما لا یسوّغ ظلمَ الآخر.

هذا کلّه مع عدم التأجیل فی أحد العوضین،فلو کان أحدهما [مؤجّلاً (1)]لم یجز حبس الآخر.

قال فی التذکرة:و لو لم یتّفق تسلیمه حتّی حلّ المؤجّل (2)لم یکن له الحبس أیضاً (3).

و لعلّ وجهه:أنّ غیر المؤجّل قد التزم بتسلیمه من دون تعلیقٍ علی تسلیم المؤجّل أصلاً.و هذا ممّا یؤیّد أنّ حقّ الحبس لیس لمجرّد ثبوت حقٍّ للحابس علی الآخر،فیکون الحبس بإزاء الحبس.

ثمّ مقتضی ما ذکرنا-من عدم وجوب التسلیم مع امتناع الآخر و عدم استحقاق الممتنع لقبض ما فی ید صاحبه-:أنّه لو قبضه الممتنع بدون رضا صاحبه لم یصحّ القبض.

فصحّة القبض بأحد أمرین:إمّا إقباض ما فی یده لصاحبه،فله حینئذٍ قبض ما فی ید صاحبه و لو بغیر إذنه.و إمّا إذن صاحبه سواء أقبض ما فی یده أم لا،کما صرّح بذلک فی المبسوط (4)و التذکرة (5)، و صرّح فیهما:بأنّ له مطالبة القابض بردّ ما قبض بغیر إذنه؛لأنّ له

[شماره صفحه واقعی : 264]

ص: 823


1- لم یرد فی«ق».
2- فی«ش»و المصدر:«حلّ الأجل».
3- التذکرة 1:473.
4- راجع المبسوط 2:120.
5- راجع التذکرة 1:472 و 562.

حقّ الحبس و التوثّق إلی أن یستوفی العوض.

و فی موضعٍ من التذکرة:أنّه لا ینفذ تصرّفه فیه (1).و مراده التصرّف المتوقّف علی القبض،کالبیع أو مطلق الاستبدال.

ثمّ إذا ابتدأ أحدهما بالتسلیم-إمّا لوجوبه علیه کالبائع علی قول الشیخ (2)،أو لتبرّعه بذلک-اُجبر الآخر علی التسلیم،و لا یحجر علیه فی ما عنده من العوض و لا فی مالٍ آخر؛لعدم الدلیل.

[شماره صفحه واقعی : 265]

ص: 824


1- التذکرة 1:472.
2- تقدّم قول الشیخ فی الصفحة 262.
مسألة یجب علی البائع تفریغ المبیع من أمواله مطلقاً و من غیرها فی الجملة.

و هذا الوجوب لیس شرطیّاً بالنسبة إلی التسلیم و إن أوهمه بعض العبارات،ففی غیر واحدٍ من الکتب:أنّه یجب تسلیم المبیع مفرّغاً (1).و المراد إرجاع الحکم إلی القید،و إلّا فالتسلیم یحصل بدونه، و قد تقدّم عن التذکرة (2).

و کیف کان،فیدلّ علی وجوب التفریغ ما دلّ علی وجوب التسلیم،فإنّ إطلاق العقد کما یقتضی أصل التسلیم کذلک یقتضی التسلیم مفرّغاً،بل التسلیم من دون التفریغ (3)کالعدم بالنسبة إلی غرض المتعاقدین و إن ترتّب علیه أحکامٌ تعبّدیةٌ،کالدخول فی ضمان المشتری و نحوه.

[شماره صفحه واقعی : 266]

ص: 825


1- کما فی الشرائع 2:30،و المختصر:124،و القواعد 2:85،و الإرشاد 1: 382،و الدروس 3:213،و راجع تفصیل ذلک فی مفتاح الکرامة 4:706.
2- تقدّم فی الصفحة 253.
3- العبارة فی«ش»:«فإنّ التسلیم بدونه».

فلو کان فی الدار متاعٌ وجب نقله فوراً،فإن تعذّر ففی أوّل أزمنة الإمکان.و لو تراخی زمان الإمکان و کان المشتری جاهلاً کان له الخیار لو تضرر بفوات بعض منافع الدار علیه.و فی ثبوت الأُجرة لو کان لبقائه أُجرةٌ إلی زمان الفراغ وجهٌ.و لو کان تأخیر التفریغ بتقصیره فینبغی الجزم بالأُجرة،کما جزموا بها مع امتناعه من أصل التسلیم.

و لو کان فی الأرض زرعٌ قد أُحصد وجب إزالته؛لما ذکرنا.و إن لم یُحصد وجب الصبر إلی بلوغ أوانه؛للزوم تضرّر البائع بالقلع،و أمّا ضرر المشتری فینجبر بالخیار مع الجهل،کما لو وجدها مستأجرة.

و من ذلک یُعلم عدم الأُجرة؛لأنّه اشتری أرضاً تبیّن أنّها مشغولةٌ،فلا یثبت أکثر من الخیار.و یحتمل ثبوت الأُجرة؛لأنّه اشتری أرضاً لا یستحقّ علیها الاشتغال بالزرع،و البائع (1)قد ملک الزرع غیر مستحقٍّ للبقاء،فیتخیّر بین إبقائه بالأُجرة و بین قلعه؛لتقدیم ضرر القلع علی ضرر فوات منفعة الأرض بالأُجرة.و یحتمل تخییر المشتری بین إبقائه بالأُجرة و قلعه بالأرش.و یحتمل ملاحظة الأکثر ضرراً.

[*ابوالقاسم علیدوست]

و لو احتاج تفریغ الأرض إلی هدم شیءٍ هدمه بإذن المشتری، و علیه طمّ ما یطمّ برضا المالک و إصلاح ما استهدم أو الأرش،علی اختلاف الموارد،فإنّ مثل قلع الباب أو قلع ساجةٍ منه إصلاحه إعادته،بخلاف هدم حائطٍ،فإنّ الظاهر لحوقه بالقیمی فی وجوب الأرش له.و المراد بالأرش نفس قیمة الهدم لا أرش العیب.

[شماره صفحه واقعی : 267]

ص: 826


1- فی«ش»بدل«البائع»:«المالک».

و بالجملة،فمقتضی العرف إلحاق بعض ما استهدم بالمثلی و بعضه بالقیمی،و لو الحق مطلقاً بالقیمی کان له وجهٌ.

و یظهر منهم فیما لو هدم أحد الشریکین الجدار المشترک بغیر إذن صاحبه أقوال ثلاثة:

الإعادة مطلقاً کما فی الشرائع (1)و عن المبسوط (2).

و الأرش کذلک کما عن العلّامة (3)و المحقّق و الشهید الثانیین (4).

و التفصیل بین ما کان مثلیّا کحائط البساتین و المزارع و إلّا فالأرش کما عن الدروس (5).

و الظاهر جریان ذلک فی کسر الباب و الشبابیک.و فتق الثوب من هذا القبیل.

[شماره صفحه واقعی : 268]

ص: 827


1- الشرائع 2:125.
2- المبسوط 2:303.
3- القواعد 2:174-175.
4- جامع المقاصد 5:424،و المسالک 4:291.
5- الدروس 3:345،و حکاه عنه الشهید الثانی فی المسالک 4:491.
مسألة لو امتنع البائع من التسلیم،

فإن کان لحقٍّ-کما لو امتنع المشتری عن تسلیم الثمن-فلا إثم.

و هل علیه اجرة مدّة الامتناع؟احتمله فی جامع المقاصد،إلّا أنّ منافع الأموال الفائتة بحقٍّ لا دلیل علی ضمانها،و علی المشتری نفقة المبیع.و فی جامع المقاصد:ما أشبه هذه بمثل منع الزوجة نفسها حتّی تقبض المهر،فإنّ فی استحقاقها النفقة تردّداً،قال:و یحتمل الفرق بین الموسر و المعسر (1)،انتهی.

و یمکن الفرق بین النفقة فی المقامین.

و لو طلب من البائع الانتفاع به فی یده،ففی وجوب إجابته وجهان.

و لو کان امتناعه لا لحقٍّ،وجب علیه الأُجرة؛لأنّه عادٍ، و مقتضی القاعدة أنّ نفقته علی المشتری.

[شماره صفحه واقعی : 269]

ص: 828


1- جامع المقاصد 4:412.
الکلام فی أحکام القبض و هی التی تلحقه بعد تحقّقه.
مسألة من أحکام القبض انتقال الضمان ممّن نقله إلی القابض،

فقبله یکون مضموناً علیه بعوضه إجماعاً مستفیضاً،بل محقّقاً،و یسمّی ضمان المعاوضة.

و یدلّ علیه-قبل الإجماع-النبویّ المشهور:«کلُّ مبیعٍ تلف قبل قبضه فهو من مال بائعه» (1)و ظاهره-بناءً علی جعل«من»للتبعیض-:

أنّه بعد التلف یصیر مالاً للبائع،لکن إطلاق المال علی التالف إنّما هو باعتبار کونه مالاً عند التلف.و بهذا الاعتبار یصحّ أن یقع هو المصالح عنه إذا أتلفه الغیر لا قیمته-کما صرّح به فی باب الصلح من الشرائع (2)

[شماره صفحه واقعی : 270]

ص: 829


1- المستدرک 13:303،الباب 9 من أبواب الخیار،و فیه حدیث واحد.
2- الشرائع 2:122.

و التحریر (1)-و حینئذٍ فلا بدّ من أن یکون المراد بالنبوی:أنّ المبیع یکون تالفاً من مال البائع،و مرجع هذا إلی انفساخ العقد قُبیل التلف آناً ما،لیکون التالف مالاً للبائع.

و الحاصل:أنّ ظاهر الروایة صیرورة المبیع مالاً للبائع بعد التلف، لکن لمّا لم یتعقّل ذلک تعیّن إرادة وقوع التلف علی مال البائع، و مرجعه إلی ما ذکره فی التذکرة (2)-و تبعه من تأخّر عنه (3)-:من أنّه یتجدّد انتقال الملک إلی البائع قبل الهلاک بجزءٍ لا یتجزّأ من الزمان.

و ربّما یقال-تبعاً للمسالک-:إنّ ظاهر«کون المبیع التالف قبل القبض من مال البائع»یوهم خلاف هذا المعنی (4).و لعلّه لدعوی:أنّ ظاهر کونه من ماله کون تلفه من ماله،بمعنی کون درکه علیه،فیوهم ضمانه بالمثل و القیمة.

و ممّا ذکرنا من أنّ معنی الضمان هنا یرجع إلی انفساخ العقد بالتلف و تلف المبیع فی ملک البائع و یسمّی«ضمان المعاوضة»لا ضمانه علیه مع تلفه من المشتری،کما فی المغصوب و المستام و غیرهما و یسمّی

[شماره صفحه واقعی : 271]

ص: 830


1- التحریر 1:230.
2- التذکرة 1:562،و فیه:«و یتجدّد انتقال الملک إلی البائع قبل الهلاک بجزءٍ لا یتجزّی من الزمان».
3- مثل المحقّق الثانی فی جامع المقاصد 4:403،و الشهید الثانی فی المسالک 3: 216،و المحدّث البحرانی فی الحدائق 19:76،و السیّد الطباطبائی فی الریاض 8:208.
4- قاله السیّد العاملی فی مفتاح الکرامة 4:596.

«ضمان الید»یعلم أنّ الضمان فیما نحن فیه حکمٌ شرعیٌّ لا حقٌّ مالی، فلا یقبل الإسقاط؛و لذا لو أبرأه المشتری من الضمان لم یسقط،کما نصّ علیه فی التذکرة (1)و الدروس (2).و لیس الوجه فی ذلک:أنّه«إسقاط ما لم یجب»،کما قد یتخیّل.

و یدلّ علی الحکم المذکور أیضاً روایة عُقبة بن خالد عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام:«فی رجلٍ اشتری متاعاً من رجلٍ و أوجبه،غیر أنّه ترک المتاع عنده و لم یقبضه،فسرق المتاع،من مال من یکون؟قال:من مال صاحب المتاع[الذی هو فی بیته حتّی یقبض المتاع (3)]و یخرجه من بیته،فإذا أخرجه من بیته فالمبتاع ضامنٌ لحقّه حتّی یردّ إلیه ماله» (4)و لعلّ الروایة أظهر دلالةً علی الانفساخ قبل التلف من النبوی.

و کیف کان،فلا خلاف فی المسألة،أعنی بطلان البیع عند التلف لا من أصله؛لأنّ تقدیر مالیّة البائع قبل التلف مخالفٌ لأصالة بقاء العقد،و إنّما احتیج إلیه لتصحیح ما فی النصّ:من الحکم بکون التالف من مال البائع،فیرتکب بقدر الضرورة.

و یترتّب علی ذلک کون النماء قبل التلف للمشتری.

و فی معناه الرکاز الذی یجده العبد،و ما وهب منه فقبل (5)،أو

[شماره صفحه واقعی : 272]

ص: 831


1- التذکرة 1:473.
2- الدروس 3:212.
3- لم یرد فی«ق».
4- الوسائل 12:358،الباب 10 من أبواب الخیار،و فیه حدیث واحد.
5- فی«ش»:«فقبله و قبضه».

اوصی له به فقبل (1)،کما صرّح به فی المبسوط و التذکرة (2).و صرّح العلّامة:بأن مئونة تجهیزه لو کان مملوکاً علی البائع (3)،و هو مبنیٌّ علی ثبوت الملک التحقیقی قبل التلف،لا مجرّد تقدیر الملک الذی لا بدّ فیه من الاقتصار علی الحکم الثابت المحوج إلی ذلک التقدیر،دون ما عداه من باقی آثار المقدّر[إلّا أن یقال:بأنّ التلف من البائع یدلّ التزاماً علی الفسخ الحقیقی (4)].

ثمّ إنّه یلحق بالتلف تعذّر الوصول إلیه عادةً،مثل سرقته علی وجهٍ لا یرجی عوده،و علیه تحمل روایة عقبة المتقدّمة (5).

قال فی التذکرة:و وقوع الدرّة فی البحر قبل القبض کالتلف،و کذا انفلات الطیر و الصید المتوحّش.و لو غرق البحر الأرض المبیعة أو وقع علیها صخورٌ عظیمةٌ من جبلٍ أو کساها رملٌ،فهی بمثابة التلف،أو یثبت به الخیار؟للشافعیة وجهان:أقواهما الثانی.و لو أبق العبد قبل القبض أو ضاع فی انتهاب العسکر لم ینفسخ البیع،لبقاء المالیّة و رجاء العود (6)،انتهی.

و فی التذکرة أیضاً:لو هرب المشتری قبل وزن الثمن و هو معسرٌ

[شماره صفحه واقعی : 273]

ص: 832


1- فی«ش»:«فقبله».
2- المبسوط 2:124،و التذکرة 1:562.
3- التذکرة 1:474.
4- لم یرد فی«ق».
5- فی الصفحة 272.
6- التذکرة 1:562،و فیه:«أقربهما الثانی».

مع عدم الإقباض احتمل أن یملک البائع الفسخ فی الحال لتعذّر استیفاء الثمن،و الصبر ثلاثة أیّام للروایة.و الأوّل أقوی؛لورودها فی الباذل.

و إن کان موسراً أثبت البائع ذلک عند الحاکم،ثمّ إن وجد له مالاً قضاه و إلّا باع المبیع و قضی منه،و الفاضل للمشتری و المعوز علیه (1)، انتهی.

و فی غیر موضعٍ ممّا ذکره تأمّل.

ثمّ إنّ ظاهر کثیرٍ من الأصحاب:أنّه لا یعتبر فی القبض المسقط لضمان البائع (2)وقوعه صحیحاً جامعاً لما یعتبر فیه،فلو وقع بغیر إذن ذی الید کفی فی رفع الضمان،کما صرّح به فی التذکرة (3)و الدروس (4)و غیرهما (5).و لو لم یتحقّق الکیل و الوزن بناءً علی اعتبارهما فی قبض المکیل،ففی سقوط الضمان بمجرّد نقل المشتری قولان.

قال فی التذکرة-فی باب بیع الثمار-:إنّه لو اشتری[طعاماً (6)مکایلةً فقبض جزافاً فهلک فی یده،فهو من ضمان المشتری[لحصول القبض] (7)و إن جعلنا الکیل شرطاً فیه فالأقرب أنّه من ضمان البائع (8)، انتهی.

[شماره صفحه واقعی : 274]

ص: 833


1- التذکرة 1:473.
2- فی«ش»بدل«لضمان البائع»:«للضمان».
3- التذکرة 1:562.
4- الدروس 3:214.
5- مثل مجمع الفائدة 8:513-514،و الجواهر 23:152.
6- من«ش»و المصدر.
7- من«ش»و المصدر.
8- التذکرة 1:508.

و قد تقدّم عن جامع المقاصد سقوط الضمان هنا بناءً علی اشتراط الکیل فی القبض (1).و لا یخلو عن قوّة.

و هل یکتفی بالتخلیة علی القول بعدم کونها قبضاً فی سقوط الضمان؟قولان:لا یخلو السقوط من قوّة[و إن لم نجعله قبضاً (2)].

و کذا الکلام فیما لو وضع المشتری یده علیه و لم ینقله بناءً علی اعتبار النقل فی القبض.

هذا کلّه حکم التلف السماوی.

و أمّا الإتلاف:فإمّا أن یکون من المشتری،و إمّا أن یکون من البائع،و إمّا أن یکون من الأجنبی.

فإن کان من المشتری،فالظاهر عدم الخلاف فی کونه بمنزلة القبض فی سقوط الضمان؛لأنّه قد ضمن ماله بإتلافه.و حجّته الإجماع لو تمّ،و إلّا فانصراف النصّ إلی غیر هذا التلف،فیبقی تحت القاعدة.

قال فی التذکرة:هذا إذا کان المشتری عالماً،و إن کان جاهلاً، بأن قدّم البائع الطعام المبیع إلی المشتری فأکله،فهل یجعل قابضاً؟ الأقرب أنّه لا یصیر قابضاً،و یکون بمنزلة إتلاف البائع (3).ثمّ مثّل له بما إذا قدّم المغصوب إلی المالک فأکله.

أقول:هذا مع غرور البائع لا بأس به،أمّا مع عدم الغرور ففی کونه کالتلف السماوی وجهان.

[شماره صفحه واقعی : 275]

ص: 834


1- تقدّم فی الصفحة 255-256.
2- شُطب علیه فی«ق».
3- التذکرة 1:562.

و لو صال العبد علی المشتری فقتله دفعاً،ففی التذکرة:أنّ الأصحّ أنّه لا یستقرّ علیه الثمن.و حکی عن بعض الشافعیّة:الاستقرار؛لأنّه قتله فی غرض نفسه (1).

و لو أتلفه البائع،ففی انفساخ البیع،کما عن المبسوط و الشرائع و التحریر (2)؛لعموم التلف-فی النصّ-لما کان بإتلاف حیوانٍ أو إنسانٍ أو کان بآفة.

أو ضمان البائع للقیمة؛لخروجه عن منصرف دلیل الانفساخ فیدخل تحت قاعدة«إتلاف مال الغیر».

أو التخییر بین مطالبته بالقیمة أو بالثمن،إمّا لتحقّق سبب الانفساخ و سبب الضمان فیتخیّر المالک فی العمل بأحدهما،و إمّا لأنّ التلف علی هذا الوجه إذا خرج عن منصرف دلیل الانفساخ لحقه حکم تعذّر تسلیم المبیع،فیثبت الخیار للمشتری،لجریان دلیل تعذّر التسلیم هنا.

و هذا هو الأقوی،و اختاره فی التذکرة (3)و الدروس (4)و جامع المقاصد (5)و المسالک (6)و غیرها (7)،و عن حواشی الشهید نسبته إلی

[شماره صفحه واقعی : 276]

ص: 835


1- التذکرة 1:562.
2- المبسوط 2:117،و الشرائع 2:53،و التحریر 1:175،و حکاه عنهم فی مفتاح الکرامة 4:597.
3- راجع التذکرة 1:508.
4- الدروس 3:212.
5- جامع المقاصد 4:404.
6- المسالک 3:217 و 361.
7- مثل مجمع الفائدة 8:419،و الحدائق 19:76.

أصحابنا العراقیّین (1).

فإن اختار المشتری القیمة،فهل للبائع حبس القیمة علی الثمن؟ وجهان (2)،أقواهما العدم.

و لو قبض المشتری بغیر إذن البائع-حیث یکون له الاسترداد- فأتلفه البائع فی ید المشتری،ففی کونه کإتلافه قبل القبض فیکون فی حکم الاسترداد،کما أنّ إتلاف المشتری فی ید البائع بمنزلة القبض،أو کونه إتلافاً له بعد القبض موجباً للقیمة؛لدخول المبیع فی ضمان المشتری بالقبض و إن کان ظالماً فیه،وجهان.اختار أوّلهما فی التذکرة (3).

و لو أتلفه أجنبیٌّ جاء الوجوه الثلاثة المتقدّمة،إلّا أنّ المتعیّن منها هو التخییر؛لما تقدّم،و لو لا شبهة الإجماع علی عدم تعیّن القیمة تعیّن الرجوع إلیها بعد فرض انصراف دلیل الانفساخ إلی غیر ذلک.

[شماره صفحه واقعی : 277]

ص: 836


1- حکاه السیّد العاملی فی مفتاح الکرامة 4:597.
2- فی«ش»زیادة ما یلی:«من أنّها بدل عن العین،و من أنّ دلیل الحبس و هو الانفهام من العقد یختصّ بالمبدل».
3- التذکرة 1:562.
مسألة تلف الثمن المعیّن قبل القبض کتلف المبیع المعیّن فی جمیع ما ذکر

کما صرّح به فی التذکرة (1)،و هو ظاهر عبارة الدروس،حیث ذکر:أنّ بالقبض ینتقل الضمان إلی القابض (2)،بل الظاهر أنّه ممّا لا خلاف فیه.

قال فی المبسوط:لو اشتری عبداً بثوبٍ و قبض العبد و لم یسلّم الثوب، فباع العبدَ صحّ بیعه،و إذا باعه و سلّمه ثمّ تلف الثوب انفسخ البیع و لزمه قیمة العبد لبائعه؛لأنّه لا یقدر علی ردّه (3)،انتهی.

و فی باب الصرف من السرائر نظیر ذلک (4).و قد ذکر هذه المسألة أیضاً فی الشرائع (5)و کتب العلّامة (6)و الدروس (7)و جامع

[شماره صفحه واقعی : 278]

ص: 837


1- التذکرة 1:474.
2- الدروس 3:210-211.
3- المبسوط 2:124.
4- راجع السرائر 2:268.
5- الشرائع 2:32.
6- مثل القواعد 2:87،و التحریر 1:176،و التذکرة 1:474 و 561، و الإرشاد 1:381.
7- الدروس 3:211.

المقاصد (1)و المسالک (2)و غیرها (3)-أعنی مسألة من باع شیئاً معیّناً بشیءٍ معیّن ثمّ بیع أحدهما ثمّ تلف الآخر-و حکموا بانفساخ البیع الأوّل، و قد صرّحوا بنظیر ذلک فی باب الشفعة أیضاً (4).

و بالجملة،فالظاهر عدم الخلاف فی المسألة.

و یمکن أن یستظهر من روایة عقبة المتقدّمة (5)حیث ذکر فی آخرها:«أنّ المبتاع ضامنٌ لحقّه حتّی یردّ إلیه ماله»بناءً علی عود ضمیر ال«حق»إلی«البائع»بل ظاهر بعضهم شمول النبویّ له بناءً علی صدق المبیع علی الثمن.

قال فی التذکرة:لو أکلت الشاة ثمنها المعیّن قبل القبض،فإن کانت فی ید المشتری فکإتلافه،و إن کانت فی ید البائع فکإتلافه،و إن کانت فی ید أجنبیٍّ فکإتلافه،و إن لم تکن فی ید أحد انفسخ البیع،لأنّ المبیع هلک قبل القبض بأمرٍ لا ینسب إلی آدمی فکان کالسماویّة (6)، انتهی.

ثمّ إنّه هل یلحق العوضان فی غیر البیع من المعاوضات به فی

[شماره صفحه واقعی : 279]

ص: 838


1- جامع المقاصد 4:402.
2- المسالک 3:257.
3- مثل الحدائق 19:189،و الجواهر 23:182،و راجع مفتاح الکرامة 4: 718.
4- انظر مفتاح الکرامة 4:719 و 6:391،و القواعد 2:256.
5- تقدّمت فی الصفحة 272.
6- التذکرة 1:474.

هذا الحکم؟لم أجد أحداً صرّح بذلک نفیاً أو إثباتاً.نعم،ذکروا فی الإجارة (1)و الصداق (2)و عوض الخلع (3)ضمانها لو تلف قبل القبض،لکن ثبوت الحکم عموماً مسکوتٌ عنه فی کلماتهم.

إلّا أنّه یظهر من بعض مواضع التذکرة عموم الحکم لجمیع المعاوضات علی وجهٍ یظهر کونه من المسلّمات.قال فی مسألة البیع قبل القبض و جواز بیع ما انتقل بغیر البیع،قال (4):و المال المضمون فی ید الغیر بالقیمة کالعاریة المضمونة أو بالتفریط-و یسمّی ضمان الید- یجوز بیعه قبل قبضه؛لتمام الملک فیه-إلی أن قال-:أمّا ما هو مضمونٌ فی ید الغیر بعوضٍ فی عقد معاوضةٍ،فالوجه جواز بیعه قبل قبضه ک:مال الصلح،و الأُجرة المعیّنة (5).و قال الشافعی:لا یصحّ، لتوهّم الانفساخ بتلفه کالبیع (6)،انتهی.

و ظاهر هذا الکلام کونه مسلّماً بین الخاصّة و العامّة.

[شماره صفحه واقعی : 280]

ص: 839


1- راجع المبسوط 3:222-223 و غیرهما من الصفحات،و الشرائع 2:183، و راجع تفصیل ذلک فی مفتاح الکرامة 7:91.
2- المبسوط 4:276،و الشرائع 2:325،و المسالک 8:187،و الجواهر 31: 39.
3- المبسوط 4:355،و الشرائع 3:51،و المسالک 9:398،و الجواهر 33: 31.
4- العبارة فی«ش»هکذا:«قال فی مسألة جواز بیع ما انتقل بغیر البیع قبل القبض:و المال...».
5- فی«ش»و المصدر زیادة:«لما تقدّم».
6- التذکرة 1:475.
مسألة لو تلف بعض المبیع قبل قبضه

صوت

[*ابوالقاسم علیدوست]

فإن کان ممّا یقسّط الثمن علیه انفسخ البیع فیه فیما یقابله من الثمن؛لأنّ التالف مبیعٌ تلف قبل قبضه، فإنّ البیع یتعلّق بکلِّ جزء،إذ البیع عرفاً لیس إلّا التملیک بعوض،و کلُّ جزءٍ کذلک.نعم،إسناد البیع إلی جزءٍ واحدٍ مقتصراً علیه یوهم انتقاله بعقدٍ (1)مستقل،[و لذا (2)]لم یطلق علی بیع الکلّ«البیوع المتعدّدة».

و کیف کان فلا إشکال و لا خلاف فی المسألة.

و إن کان الجزء ممّا لا یتقسّط علیه الثمن کید العبد،فالأقوی أنّه کالوصف الموجب للتعیّب.فإن قلنا بکونه کالحادث قبل العقد،فالمشتری مخیّرٌ بین الردّ و الأرش،و إلّا کان له الردّ فقط،بل عن الإیضاح:أنّ الأرش هنا أظهر؛لأنّ المبیع هو مجموع بدن العبد،و قد نقص بعضه، بخلاف نقصان الصفة (3).و فیه تأمّل.

[شماره صفحه واقعی : 281]

ص: 840


1- ظاهر«ق»:«لعقد».
2- لم یرد فی«ق».
3- إیضاح الفوائد 1:510.

بل ظاهر الشرائع عدم الأرش هنا (1)مع قوله به فی العیب (2)،فتأمّل.

و کیف کان،فالمهمّ نقل الکلام إلی حکم العیب الحادث قبل القبض.

و الظاهر المصرَّح به فی کلام غیر واحد:أنّه لا خلاف فی أنّ للمشتری الردّ (3).

و أمّا الخلاف فی الأرش،ففی الخلاف عدمه،مدّعیاً عدم الخلاف فیه (4)،و هو المحکی عن الحلّی (5)و ظاهر المحقّق و تلمیذه کاشف الرموز (6)؛ لأصالة لزوم العقد و إنّما ثبت الردّ لدفع تضرّر المشتری به.

و عن النهایة:ثبوته (7)،و اختاره العلّامة (8)و الشهیدان (9)و المحقّق

[شماره صفحه واقعی : 282]

ص: 841


1- الشرائع 2:30 و 35-36،و تردّد فی العیب الحادث بعد العقد و قبل القبض،راجع الشرائع 2:39.
2- الشرائع 2:30 و 35 36،و تردّد فی العیب الحادث بعد العقد و قبل القبض،راجع الشرائع 2:39.
3- منهم الأردبیلی فی مجمع الفائدة 8:435،و المحقّق السبزواری فی الکفایة: 93،و المحدّث البحرانی فی الحدائق 19:88،و السیّد الطباطبائی فی الریاض 8: 275،و راجع تفصیل ذلک فی مفتاح الکرامة 4:628.
4- الخلاف 3:109،المسألة 178 من کتاب البیوع.
5- السرائر 2:298.
6- لم نعثر علی هذه الحکایة،أمّا المحقّق فقد تردّد فی الشرائع 2:39،و قال فی المختصر:126:«و فی الأرش قولان،أشبههما الثبوت»نعم قوّی فی نکت النهایة عدم الأرش،راجع النهایة و نکتها 2:162،و أمّا تلمیذه فقد اختار فی کشف الرموز 1:484 عدم الأرش.
7- النهایة:395.
8- القواعد 2:78،و التذکرة 1:524.
9- غایة المراد 2:61،و حاشیة الشهید الثانی نفس الموضع،و المسالک 3:284 و 303.

الثانی (1)و غیرهم (2)،و عن المختلف:نقله عن القاضی و الحلبی (3)،و عن المسالک:أنّه المشهور (4).

و استدلّوا (5)علیه:بأنّ الکلّ مضمونٌ قبل القبض،فکذا أبعاضه و صفاته.

و أُورد علیه:بأنّ معنی ضمان الکلّ انفساخ العقد و رجوع الثمن إلی المشتری و المبیع إلی البائع،و هذا المعنی غیر متحققٍ فی الوصف؛ لأنّ انعدامه بعد العقد فی ملک البائع[لا (6)]یوجب رجوع ما قابلة من عین الثمن،مع أن الأرش لا یتعیّن کونه من عین الثمن.

و یدفع:بأنّ وصف الصحّة لا یقابَل بجزء عینٍ من الثمن؛ و لذا یجوز دفع بدله من غیر الثمن مع فقده،بل یقابل بالأعمّ منه و ممّا یساویه من غیر الثمن (7)،و حینئذٍ فتلفه علی المشتری لا یوجب

[شماره صفحه واقعی : 283]

ص: 842


1- جامع المقاصد 4:356.
2- مثل الفاضل المقداد فی التنقیح 2:85،و المحقّق الأردبیلی فی مجمع الفائدة 8: 435،و راجع تفصیل ذلک فی مفتاح الکرامة 4:628.
3- المختلف 5:182،و لم نعثر علیه فی المهذّب،و راجع الکافی فی الفقه:355.
4- المسالک 3:284.
5- راجع للاستدلال و ما یورد علیه الریاض 8:276-277،و مفتاح الکرامة 4:628،و راجع 329 أیضاً.
6- لم یرد فی«ق»،و الظاهر سقوطه من قلمه الشریف.
7- العبارة فی«ش»من قوله:«مع أنّ الأرش-إلی-من غیر الثمن»هکذا: «بل یقابل بالأعمّ منه و ممّا یساویه من غیر الثمن،لأنّ الأرش لا یتعیّن کونه من عین الثمن،و یدفع:بأنّ وصف الصحّة لا یقابل ابتداءً بجزءٍ من عین الثمن؛ و لذا یجوز دفع بدله من غیر الثمن مع فقده،بل لا یضمن بمالٍ أصلاً،لجواز إمضاء العقد علی المعیب بلا شیء».

رجوع (1)جزءٍ من عین الثمن،بخلاف الکلّ و الأجزاء المستقلّة فی التقویم،فحاصل معنی الضمان فی المقامین هو:تقدیر التلف المتعلّق بالعین أو الوصف فی ملک البائع (2)و أنّ العقد من هذه الجهة کأن لم یکن،و لازم هذا انفساخ العقد رأساً إذا تلف تمام المبیع،و انفساخه بالنسبة إلی بعض أجزائه إذا تلف البعض،و انفساخ العقد بالنسبة إلی الوصف بمعنی فواته فی ملکه و تقدیر العقد کأن لم یکن بالنسبة إلی حدوث هذا العیب،فکأنّ العیب حدث قبل العقد و العقد قد وقع علی عینٍ معیبة،فیجری فیه جمیع أحکام العیب:من الخیار،و جواز التبرّی منه فی العقد،و جواز إسقاط الخیار بعده ردّاً و أرشاً.

و یؤیّد ما ذکرنا:من اتّحاد معنی الضمان بالنسبة إلی ذات المبیع و وصف صحّته،الجمعُ بینهما فی تلف الحیوان فی أیّام الخیار و تعیّبه فی صحیح ابن سنان:«عن الرجل یشتری الدابّة أو العبد فیموت أو یحدث فیه حدثٌ،علی من ضمان ذلک؟قال:علی البائع حتّی یمضی الشرط» (3)(4).

[شماره صفحه واقعی : 284]

ص: 843


1- فی«ش»زیادة:«شیءٍ إلی المشتری،فضلاً عن».
2- العبارة فی«ش»من قوله:«فحاصل معنی الضمان-إلی-فی ملک البائع» هکذا:«فحاصل معنی الضمان إذا انتفی وصف الصحّة قبل العقد أو انعدم بعد العقد و قبل القبض:هو تقدیر التلف المتعلّق بالعین أو الوصف فی ملک البائع فی المقامین».
3- الوسائل 12:352،الباب 5 من أبواب الخیار،الحدیث 2.
4- فی«ش»زیادة ما یلی:«فقوله علیه السلام:"علی البائع"حکمٌ بالضمان لموت العبد و حدوث حدثٍ فیه بفوات جزءٍ أو وصف،و معناه تقدیر وقوعه فی ملک البائع».

نعم،قد یشکل الحکم المذکور؛لعدم الدلیل علی ضمان الوصف، لأنّ الضمان بهذا المعنی حکمٌ مخالفٌ للأصل یقتصر فیه علی محلِّ النصّ و الإجماع،و هو تلف الکلِّ أو البعض.و لو لا الإجماع علی جواز الردّ لأشکل الحکم به أیضاً،إلّا أنّه لمّا استندوا فی الردّ إلی نفی الضرر [قالوا (1)]إنّ الضرر المتوجّه إلی المبیع قبل القبض یجب تدارکه علی البائع.

و حینئذٍ فقد یستوجه ما ذکره العلّامة:من أنّ الحاجة قد تمسّ إلی المعاوضة،فیکون فی الردّ ضرر (2)،و کذلک فی الإمساک بغیر أرش، فیوجب التخییر بین الردّ و الأرش،لنفی الضرر.

لکن فیه:أنّ تدارک ضرر الصبر علی المعیب یتحقّق بمجرّد الخیار فی الفسخ و الإمضاء،کما فی سائر موارد الضرر الداعی إلی الحکم بالخیار.

هذا،و مع ذلک فقول المشهور لا یخلو عن قوّة.

هذا کلّه مع تعیّبه بآفةٍ سماویّة.

و أمّا لو تعیّب بفعل أحدٍ،فإن کان هو المشتری فلا ضمان بأرشه، و إلّا کان له علی الجانی أرش جنایته؛لعدم الدلیل علی الخیار فی العیب المتأخّر إلّا أن یکون بآفةٍ سماویّة.و یحتمل تخییر المشتری بین الفسخ و الإمضاء،مع تضمین الجانی لأرش جنایته بناءً علی جعل العیب قبل القبض مطلقاً موجباً للخیار،و مع الفسخ یرجع البائع علی الأجنبی بالأرش.

[شماره صفحه واقعی : 285]

ص: 844


1- لم یرد فی«ق».
2- ذکره فی المختلف 5:182.
مسألة الأقوی من حیث الجمع بین الروایات حرمة بیع المکیل و الموزون قبل قبضه إلّا تولیةً؛
اشاره

لصحیحة ابن حازم المرویّة فی الفقیه:«إذا اشتریتَ متاعاً فیه کیلٌ أو وزنٌ فلا تبعه حتّی تقبضه،إلّا أن تولّیه، فإن لم یکن فیه کیلٌ أو وزنٌ فبعه» (1).

و صحیحة الحلبی فی الکافی عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام قال:«فی الرجل یبتاع الطعام،ثمّ یبیعه قبل أن یکتاله؟ قال:لا یصلح له ذلک» (2).

و صحیحته الأُخری فی الفقیه،قال:«سألت أبا عبد اللّٰه علیه السلام:

عن قومٍ اشتروا بَزّاً،فاشترکوا فیه جمیعاً،و لم یقتسموا،أ یصلح لأحد منهم بیع بَزّه قبل أن یقبضه و یأخذ ربحه؟قال:لا بأس به،و قال:

[شماره صفحه واقعی : 286]

ص: 845


1- الفقیه 3:206،الحدیث 3772،و الوسائل 12:387،الباب 16 من أبواب العقود،الحدیث الأوّل.
2- الکافی 5:178،الحدیث 2،و الوسائل 12:388،الباب 16 من أبواب العقود،الحدیث 5.

لأنّ (1)هذا لیس بمنزلة الطعام،لأنّ الطعام یکال» (2)بناءً علی أنّ المراد ما قبل أن یقبضه من البائع،أمّا إذا أُرید من ذلک عدم قبض حصّته من ید الشرکاء فلا یدلّ علی ما نحن فیه؛لتحقّق القبض بحصوله فی ید أحد الشرکاء المأذون عن الباقی.

و روایة معاویة بن وهب،قال:«سألت أبا عبد اللّٰه علیه السلام عن الرجل یبیع البیع قبل أن یقبضه؟فقال:ما لم یکن کیلٌ أو وزنٌ فلا یبعه حتّی یکیله أو یزنه،إلّا أن یولّیه بالذی قام علیه» (3).

و صحیحة منصور فی الفقیه،قال:«سألت أبا عبد اللّٰه علیه السلام عن رجلٍ اشتری مبیعاً لیس فیه کیلٌ و لا وزنٌ،إله أن یبیعه مرابحةً قبل أن یقبضه و یأخذ ربحه؟قال:لا بأس بذلک ما لم یکن کیلٌ أو وزنٌ، فإن هو قبضه کان أبرأ لنفسه» (4).

و صحیح الحلبی:«فی الرجل (5)یبتاع الطعام أ یصلح (6)بیعه قبل أن یقبضه؟قال:إذا ربح لم یصلح حتّی یقبضه و إن کان تولیةً

[شماره صفحه واقعی : 287]

ص: 846


1- فی«ش»و المصدر:«إنّ».
2- الفقیه 3:217،الحدیث 3805،و الوسائل 12:389،الباب 16 من أبواب العقود،الحدیث 10.
3- الوسائل 12:389،الباب 16 من أبواب العقود،الحدیث 11.
4- الفقیه 3:217،الحدیث 3804،و الوسائل 12:390،الباب 16 من أبواب العقود،الحدیث 18.
5- من هنا إلی قوله:«و أمّا إذا لم یرض المسلم إلیه...»فی الصفحة 311 ساقط من«ق».
6- فی«ف»بدل«أ یصلح»:«أ یصح».

فلا بأس» (1).

و خبر حزام المروی عن مجالس الطوسی،قال:«ابتعت طعاماً من طعام الصدقة،فأُربحت فیه قبل أن أقبضه،فأردت بیعه فسألت النبی صلّی اللّٰه علیه و آله،فقال:لا تبعه حتی تقبضه» (2).

و مفهوم روایة خالد بن حجّاج الکرخی قال:«قلت لأبی عبد اللّٰه علیه السلام:أشتری الطعام إلی أجلٍ مسمّی،فیطلبه التجار منّی بعد ما اشتریت قبل أن أقبضه؟قال:لا بأس أن تبیع إلی أجلٍ،کما اشتریت (3)» (4)و المراد تأجیل الثمن،و قوله:«کما اشتریت»إشارةٌ إلی کون البیع تولیةً فیدلّ علی ثبوت البأس فی غیر التولیة.

و مصحّحة علیّ بن جعفر عن أخیه:«عن الرجل یشتری الطعام أ یصلح (5)بیعه قبل أن یقبضه؟قال:إذا ربح لم یصلح حتّی یقبض، و إن کان تولیةً فلا بأس» (6)و فی معناها روایته الأُخری (7).

[شماره صفحه واقعی : 288]

ص: 847


1- ما ذکره المصنّف بعنوان صحیح الحلبی لم نعثر علیه،بل هو ترکیب من روایتین،فقوله:«فی الرجل یبتاع الطعام»من صحیحة الحلبی المتقدّمة فی الصفحة 286،و الباقی من مصحّحة علی بن جعفر الآتیة بعد أسطر.
2- الأمالی للطوسی:399،الحدیث 891،و الوسائل 12:391،الباب 16 من أبواب أحکام العقود،الحدیث 21.
3- فی«ش»زیادة:«إلیه،الخبر».
4- الوسائل 12:391،الباب 16 من أبواب أحکام العقود،الحدیث 19.
5- فی«ف»بدل«أ یصلح»:«أ یصحّ».
6- الوسائل 12:389،الباب 16 من أبواب أحکام العقود،الحدیث 9.
7- فی«ش»:«روایةٌ أُخری»،و راجع قرب الإسناد:265،الحدیث 1052، و الوسائل 12:389،الباب 16 من أبواب أحکام العقود،ذیل الحدیث 9.

خلافاً للمحکّی عن الشیخین-فی المقنعة (1)و النهایة (2)-و القاضی (3)و المشهور بین المتأخّرین (4)،فالکراهة،لروایاتٍ صارفةٍ لظواهر الروایات المتقدّمة إلی الکراهة،مثل ما فی الفقیه فی ذیل روایة الکرخی -المتقدّمة-:«قلت لأبی عبد اللّٰه علیه السلام:أشتری الطعام من الرجل،ثمّ أبیعه من رجلٍ آخر قبل أن أکتاله،فأقول له:ابعث وکیلک حتّی یشهد کیله إذا قبضته؟قال:لا بأس» (5).

و روایة جمیل بن درّاج عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام«فی الرجل یشتری الطعام ثمّ یبیعه قبل أن یقبضه؟قال:لا بأس،و یوکّل الرجل المشتری من یکیله و یقبضه» (6).

و هذه الروایات مطلقةٌ یمکن حملها علی التولیة،و هو أولی من حمل تلک الأخبار علی الکراهة،مع أنّ استثناء التولیة حینئذٍ یوجب

[شماره صفحه واقعی : 289]

ص: 848


1- المقنعة:596.
2- النهایة:398.
3- حکاه العلّامة فی المختلف 5:281،و ولده فی الإیضاح 1:508، و الشهید فی غایة المراد 2:137 عن القاضی فی الکامل.و لا یوجد الکامل عندنا.
4- حکاه المحدّث البحرانی فی الحدائق 19:168.
5- الفقیه 3:209،ذیل الحدیث 3780،و الوسائل 12:388،الباب 16 من أبواب أحکام العقود،الحدیث 3.
6- آخر الحدیث فی«ش»و الوسائل هکذا:«و یوکّل الرجل المشتری منه بقبضه وکیله،قال:لا بأس»،راجع الوسائل 12:388،الباب 16 من أبواب أحکام العقود،الحدیث 6.

نفی الکراهة فیها،مع أنّ الظاهر عدم الخلاف فی الکراهة فیها أیضاً بین أرباب هذا القول و إن کانت أخفّ.

و من ذلک یعلم ما فی الاستیناس للجمع بالکراهة بخبر أبی بصیر:

«سألت أبا عبد اللّٰه علیه السلام عن رجلٍ اشتری طعاماً،ثم باعه قبل أن یکیله؟قال:لا یعجبنی أن یبیع کیلاً أو وزناً قبل أن یکیله أو یزنه، إلّا أن یولّیه[کما اشتراه (1)]فلا بأس أن یولّیه کما اشتراه إذا لم یربح به أو یضع،و ما کان عنده من شیءٍ لیس بکیلٍ و لا وزنٍ فلا بأس أن یبیعه قبل أن یقبضه» (2).

بناءً علی أنّ قوله:«لا یعجبنی»ظاهرٌ فی الکراهة،فإنّ ذلک یوجب رفع الکراهة رأساً فی التولیة؛لأنّه فی قوّة:«إنّ ذلک فی التولیة لیس ممّا لا یعجبنی»مع أنّ القائلین بالکراهة لا یفرّقون بین التولیة و غیرها فی أصل الکراهة و إن صرّح بعضهم بکونها فی التولیة أخفّ (3).

و ربّما یستدلّ علی الجواز بصحیحتی الحلبی و ابن مسلم فی جواز بیع الثمرة المشتراة قبل قبضها (4).لکن لا یبعد إرادة الثمرة علی الشجرة، فیخرج عن المکیل و الموزون.

[شماره صفحه واقعی : 290]

ص: 849


1- لم یرد فی«ف».
2- الوسائل 12:390،الباب 16 من أبواب أحکام العقود،الحدیث 16.
3- صرّح به صاحب الجواهر فی الجواهر 23:169.
4- استدلّ بهما فی الجواهر 23:166،و راجع الوسائل 13:13،الباب 7 من أبواب بیع الثمار،الحدیث 2 و 3.

و ربما یستأنس للجواز بالأخبار الواردة فی جواز بیع السَّلَم علی من هو علیه (1)بناءً علی عدم الفرق بین المسألتین.و فیه تأمّلٌ؛لعدم ثبوت ذلک،بل الظاهر أنّ محلّ الخلاف هنا هو بیع غیر المقبوض علی غیر البائع،کما یستفاد من ذکر القائلین بالجواز فی تلک المسألة و القائلین بالتحریم هنا.

و قد جعل العلّامة بیع غیر المقبوض علی بائعه مسألةً أُخری ذکرها بعد مسألتنا و فروعها،و ذکر:أنّ المجوّزین فی المسألة الأُولی جزموا بالجواز هنا،و اختلف المانعون[فیها هنا (2)].و من العجیب (3)!ما عن التنقیح:من الإجماع علی جواز بیع السَّلَم علی من هو علیه (4)مع إجماع المبسوط علی المنع عن بیع السَّلَم قبل القبض،مصرِّحاً بعدم الفرق بین المسلم إلیه و غیره (5).

ثمّ إنّ صریح التحریر (6)و الدروس (7):الإجماع علی الجواز فی غیر المکیل و الموزون،مع أنّ المحکی فی التذکرة عن بعض علمائنا القول

[شماره صفحه واقعی : 291]

ص: 850


1- استأنس بها فی الجواهر 23:166،و راجع الوسائل 12:374-375، الباب 7 من أبواب أحکام العقود،و 13:68-73،الباب 11 من أبواب السلف.
2- لم یرد فی«ف»،و راجع التذکرة 1:475.
3- فی«ش»:«العجب».
4- التنقیح الرائع 2:145.
5- المبسوط 2:121.
6- التحریر 1:176.
7- الدروس 3:211.

بالتحریم مطلقاً (1)،و نسبه فی موضعٍ آخر إلی جماعةٍ منّا (2).و صریح الشیخ فی المبسوط اختیار هذا القول،قال فی باب السلم:إذا أسلف فی شیءٍ فلا یجوز أن یشرک فیه غیره و لا أن یولّیه؛لأنّ النبیّ صلّی اللّٰه علیه و آله نهی عن بیع ما لم یقبض،و قال:«من أسلف فی شیءٍ فلا یصرفه إلی غیره» (3)إلی أن قال:و بیوع الأعیان مثل ذلک إن لم یکن قبض المبیع، فلا یصحّ الشرکة و لا التولیة،و إن کان قد قبضه صحّت الشرکة و التولیة فیه بلا خلاف.و قد روی أصحابنا جواز الشرکة فیه و التولیة قبل القبض (4).

ثمّ إنّ المحکیّ عن المهذّب البارع عدم وجدان العامل بالأخبار المتقدّمة المفصّلة بین التولیة و غیرها (5).و هو عجیبٌ؛فإنّ التفصیل حکاه فی التذکرة قولاً خامساً فی المسألة لأقوال علمائنا،و هی الکراهة مطلقاً [و المنع مطلقاً (6)]و التفصیل بین المکیل و الموزون و غیرهما،و التفصیل بین الطعام و غیره بالتحریم و العدم (7)-و هو قول الشیخ فی المبسوط مدّعیاً

[شماره صفحه واقعی : 292]

ص: 851


1- التذکرة 1:474.
2- التذکرة 1:560.
3- السنن الکبری 6:30،و کنز العمّال 6:241،الحدیث 15527 و الصفحة 242،الحدیث 15529.
4- المبسوط 2:187.
5- المهذّب البارع 2:400-401.
6- لم یرد فی«ف».
7- التذکرة 1:474.

علیه الإجماع (1)-و بالکراهة و العدم.

و هنا سادسٌ اختاره فی التحریر (2)و هو:التفصیل فی خصوص الطعام بین التولیة و غیرها بالتحریم و الکراهة فی غیره من المکیل و الموزون.

و المراد بالطعام یحتمل أن یکون مطلق ما أُعدّ للأکل،کما قیل:

إنّه موضوعٌ له (3)لغة (4).

و یحتمل أن یکون خصوص الحنطة و الشعیر،بل قیل:إنّه معناه شرعاً (5)،و حکی عن فخر الدین نقله عن والده (6)،و حکی اختیاره عن بعض المتأخّرین (7).

و عن الشهید:أنّه حکی عن التحریر أنّه الحنطة خاصّة (8)، و حکی عن بعض أهل اللغة (9).

[شماره صفحه واقعی : 293]

ص: 852


1- المبسوط 2:119-120.
2- التحریر 1:176.
3- فی«ف»:«موضوعه».
4- قاله الشهید الثانی فی المسالک 3:248،و المحدّث البحرانی فی الحدائق 19: 179.
5- قاله السیّد العاملی فی مفتاح الکرامة 4:476.
6- الموجود فی المصادر المتوفّرة لدینا نقله عن فخر الدین نفسه،و لم نعثر علی نقله عن والده راجع جامع المقاصد 4:398،و المسالک 3:248،و مفتاح الکرامة 4:476.
7- حکاه السیّد العاملی فی مفتاح الکرامة 4:476.
8- حکاه أیضاً السیّد العاملی فی مفتاح الکرامة 4:476.
9- حکاه أیضاً فی مفتاح الکرامة 4:476،و راجع الصحاح 5:1974 مادة «طعم»،و مجمع البحرین 6:105 نفس المادّة،و فیهما:«و ربما خصّ بالبرّ».

ثمّ إنّ الظاهر أنّ أصل عنوان المسألة مختصٌّ بالمبیع الشخصی،کما یظهر من الاستدلال فی التذکرة للمانعین بضعف الملک قبل القبض؛ لانفساخه بالتلف و کون المبیع مضموناً علی البائع،فولایة المشتری علی التصرّف ضعیفة (1).

و ذکر فی التذکرة الکلّی الغیر المقبوض فی فروع المسألة،و قال:

المبیع إن کان دیناً لم یجز بیعه قبل قبضه عند المانعین؛لأنّ المبیع مع تعیینه لا یجوز بیعه قبل قبضه،فمع عدمه أولی،فلا یجوز بیع السَّلَم قبل قبضه،و لا الاستبدال به،و به قال الشافعی (2)،انتهی.

و کیف کان،فلا فرق فی النصّ و الفتوی بناءً علی المنع بین المبیع المعیّن و الکلّی،بل و لا بناءً علی الجواز.

ثمّ إنّ ظاهر أکثر الأخبار المتقدّمة المانعة بطلان البیع قبل القبض، و هو المحکیّ عن صریح العمانی (3)،بل هو ظاهر کلّ من عبّر بعدم الجواز (4)الذی هو معقد إجماع المبسوط فی خصوص الطعام (5)؛فإنّ جواز البیع و عدمه ظاهران فی الحکم الوضعی.إلّا أنّ المحکیّ عن المختلف:أنّه لو قلنا بالتحریم لم یلزم بطلان البیع (6).لکن صریحه فی

[شماره صفحه واقعی : 294]

ص: 853


1- التذکرة 1:474.
2- التذکرة 1:474-475.
3- حکاه عنه العلّامة فی المختلف 5:281.
4- مثل الصدوق فی المقنع:367،و القاضی فی المهذّب 1:385،و الطوسی فی الوسیلة:252.
5- المبسوط 2:119.
6- المختلف 5:282.

مواضع من التذکرة (1)و فی القواعد:أنّ محلّ الخلاف الصحّة و البطلان (2).

و بالجملة،فلا ینبغی الإشکال فی أنّ محلّ الخلاف فی کلمات الأصحاب (3)هو الحکم الوضعی.

و ینبغی التنبیه علی أُمور:
الأوّل أنّ ظاهر جماعةٍ عدم لحوق الثمن بالمبیع فی هذا الحکم،فیصحّ بیعه قبل قبضه.

قال فی المبسوط:أمّا الثمن إذا کان معیّناً فإنّه یجوز بیعه قبل قبضه،و إن کان فی الذمّة فکذلک یجوز؛لأنّه لا مانع منه ما لم یکن صَرْفاً،فأمّا إذا کان صَرْفاً لا یجوز بیعه قبل القبض (4).

و فی موضعین من التذکرة قوّی الجواز إذا کان الثمن کلیّاً فی الذمّة (5).و هو ظاهر جامع المقاصد فی شرح قول المصنّف قدّس سرّه:و لو أحال من له طعامٌ من سلم...إلخ (6).

[شماره صفحه واقعی : 295]

ص: 854


1- منها ما قاله فی التذکرة 1:561:«مسألة:قد تقدّم الخلاف فی أنّ بیع المبیع قبل القبض هل یصحّ أم لا...».
2- راجع القواعد 2:87،و فیه:«و علی التحریم یبطل».
3- فی«ش»:«کلمات الأکثر».
4- المبسوط 2:120.
5- التذکرة 1:475 و 563.
6- جامع المقاصد 4:399.

و استدلّ علیه فی التذکرة بقول الصادق علیه السلام-و قد سُئل عن الرجل باع طعاماً بدراهم إلی أجل،فلمّا بلغ الأجل تقاضاه،فقال:

لیس عندی دراهم خذ منّی طعاماً-قال:«لا بأس إنّما له دراهمه یأخذ بها ما شاء» (1).

[*ابوالقاسم علیدوست]

و یمکن أن یقال:إنّ المطلوب جعل الثمن مبیعاً فی العقد الثانی، لا ثمناً أیضاً کما هو ظاهر الروایة،مع اختصاصها بالبیع ممّن هو علیه، فلا یعمّ إلّا بعدم الفصل لو ثبت.و صرّح فی أواخر باب السَّلَم بإلحاق الثمن المعیّن بالمبیع (2).و یؤیّده تعلیل المنع فی طرف المبیع بقصور ولایة المشتری لانفساخ العقد بتلفه (3)فإنّه جارٍ فی الثمن المعیّن.

الثانی هل البیع کنایةٌ عن مطلق الاستبدال فلا یجوز جعله ثمناً و لا عوضاً فی الصلح و لا اجرةً و لا وفاءً عمّا علیه،أم یختصّ بالبیع؟

ظاهر عنواناتهم الاختصاص بالبیع (4).و أظهر منها فی الاختصاص قوله فی التذکرة:الأقرب عندی أنّ النهی به متعلّقٌ بالبیع لا بغیره من المعاوضات (5).و أظهر من الکلّ قوله فی موضعٍ آخر:لو کان لزیدٍ عند

[شماره صفحه واقعی : 296]

ص: 855


1- الوسائل 13:71،الباب 11 من أبواب السلف،الحدیث 10.
2- التذکرة 1:560.
3- راجع التذکرة 1:474.
4- فی«ف»:«بالمبیع».
5- التذکرة 1:475.

عمروٍ طعامٌ من سَلَم،فقال لزید:خذ هذه الدراهم عن الطعام الذی لک عندی،لم یجز عند الشافعی؛لأنّه بیع المسلَم فیه قبل القبض، و الأولی عندی الجواز،و لیس هذا بیعاً و إنّما هو نوع معاوضة (1)،انتهی.

و أصرح من الکلّ تصریحه فی موضعٍ ثالث بجواز الصلح عن المسلَم فیه قبل القبض؛لأنّه عقدٌ مستقلٌّ لا یجب مساواته للبیع فی أحکامه (2).

و قد صرّح جامع المقاصد أیضاً فی غیر موضعٍ باختصاص الحکم بالبیع دون غیره (3).و قد تقدّم فی کلامه:أنّه لا یجوز بیع السَّلَم قبل قبضه،و لا الاستبدال به (4).

لکنّ العلّامة قد عبّر بلفظ«الاستبدال»فی کثیرٍ من فروع مسألة البیع قبل القبض (5)،مع أنّ ما استدلّ به للمانعین:من قصور ولایة المشتری فی التصرّف لانفساخ العقد بالتلف (6)،جارٍ فی مطلق التصرّف فضلاً عن المعاوضة.

و قد صرّح الشیخ فی المبسوط فی باب الحوالة:بأنّها معاوضة، و المعاوضة علی المسلَم فیه قبل القبض غیر جائزة (7)] (8).و هو و إن

[شماره صفحه واقعی : 297]

ص: 856


1- التذکرة 1:560.
2- التذکرة 1:559.
3- لم نعثر علی تصریحه بذلک،نعم یظهر منه ذلک،راجع جامع المقاصد 4:399-401.
4- لم نعثر علیه فیما تقدّم من کلامه،و لم نعثر علیه فی جامع المقاصد،نعم تقدّم فی کلام العلّامة المتقدّم فی الصفحة 294.
5- راجع التذکرة 1:475.
6- استدلّ به فی التذکرة 1:474،و تقدّم فی الصفحة السابقة أیضاً.
7- الزیادة منّا.
8- المبسوط 2:313.

رجع عن الصغری فیما بعد ذلک (1)،لکنّه لم یرجع عن الکبری.

و صرّح فی الإیضاح بابتناء الفرع الآتی-أعنی إحالة من علیه طعامٌ لغریمه علی من له علیه طعام-علی أنّ الحوالة معاوضةٌ (2)أو استیفاء،و أنّ المعاوضة قبل القبض حرامٌ أو مکروه (3).

و إرادة خصوص البیع من المعاوضة لیست بأولی من إرادة مطلق المعاوضة من البیع فی قولهم:«إنّ الحوالة بیعٌ أو لیست بیعاً»بل هذه أظهر فی کلماتهم،و قد صرّح الأکثر:بأنّ تراضی المسلِم و المسلَم إلیه علی قیمة المسلَم فیه من بیع الطعام قبل القبض (4)،فاستدلّوا بأخباره (5)علی جوازه.

و یؤیّده أیضاً قوله فی التذکرة:لو کان لزیدٍ طعامٌ علی عمروٍ سَلَماً،و لخالد مثله علی زید،فقال زید:«اذهب إلی عمرو و اقبض لنفسک مالی علیه»لم یصحّ لخالدٍ عند أکثر علمائنا،و به قال الشافعی و أحمد؛لأنّ النبیّ صلّی اللّٰه علیه و آله نهی عن بیع الطعام بالطعام حتی یجری فیه صاعان:صاع البائع و صاع المشتری (6).

[شماره صفحه واقعی : 298]

ص: 857


1- راجع المبسوط 2:317 و فیه:«و یقوی فی نفسی أنّها لیست ببیع».
2- فی«ش»زیادة:«مستقلّة».
3- إیضاح الفوائد 1:508.
4- منهم المحدّث البحرانی فی الحدائق 20:44،و الجواهر 24:321.
5- راجع الوسائل 12:387،الباب 16 من أبواب أحکام العقود،و 13:68، الباب 11 من أبواب السلف.
6- التذکرة 1:473،و راجع الحدیث فی السنن الکبری 5:316.

و سیأتی ابتناء هذا الفرع فی کلام جماعةٍ علی مسألة البیع قبل القبض (1).

نعم،ذکر الشهید:أنّه کالبیع قبل القبض،و صرّح بابتناء الحکم فیما لو قال للمسلِم:«اشتر لی بهذه الدراهم طعاماً و اقبضه لنفسک» علی حکم البیع قبل القبض (2).

و کیف کان،فالمسألة محلّ إشکالٍ من حیث اضطراب کلماتهم،إلّا أنّ الاقتصار فی مخالفة الأصل علی المتیقّن هو المتعیّن.

و منه یظهر جواز بیع ما انتقل بغیر البیع من المعاوضات کالصلح و الإجارة و الخلع-کما صرّح به فی الدروس (3)-فضلاً عن مثل الإرث و القرض و مال الکتابة و الصداق و غیرها.نعم،لو ورث ما اشتری و لم یقبض أو أصدقه أو عوّض عن الخلع جری الخلاف فی بیعه.

الثالث هل المراد من البیع المنهیّ إیقاع عقد البیع علی ما لم یقبض،أو ما یعمّ تشخیص الکلیّ المبیع به؟

فیکون المنهیّ عنه نقل ما لم یقبض بسببٍ خاصٍّ هو البیع،کما لو نهی عن بیع أُمّ الولد،أو حلف علی أن لا یبیع مملوکه،حیث لا فرق بین إیقاع البیع علیه أو دفعه عن الکلیّ المبیع.

[شماره صفحه واقعی : 299]

ص: 858


1- راجع الصفحة 301 و ما بعدها.
2- الدروس 3:211.
3- الدروس 3:211.

ظاهر النصّ و الفتوی و إن کان هو الأوّل،بل هو المتعیّن فی الأخبار المفصِّلة بین التولیة و غیرها (1).إلّا أنّ المعنی الثانی لا یبعد عن سیاق مجموع الأخبار.

و علیه،فلو کان علیه سَلَمٌ لصاحبه،فدفع إلیه دراهم و قال:

«اشتر لی بها طعاماً و اقبضه لنفسک»جری فیه الخلاف فی بیع ما لم یقبض،کما صرّح به فی الدروس (2).و لکن فی بعض الروایات دلالة علی الجواز،مثل صحیحة یعقوب بن شعیب قال:«سألت أبا عبد اللّٰه علیه السلام عن الرجل یکون له علی الآخر أحمالٌ من رُطبٍ أو تمرٍ فیبعث إلیه بدنانیر،فیقول:اشتر بهذه و استوف منه الذی لک،قال:لا بأس إذا ائتمنه» (3).

لکن فی صحیحة الحلبی قال:«سألت أبا عبد اللّٰه علیه السلام عن رجلٍ أسلفتُه دراهم فی طعامٍ فلمّا حلّ طعامی علیه بعث إلیّ بدراهم، فقال:اشتر لنفسک طعاماً و استوف حقّک،قال:أری أن یولّی ذلک غیرک و تقوم معه حتّی تقبض الذی لک،و لا تتولّی أنت شراءه» (4).

و فی موثّقة عبد الرحمن:«یکون معه غیره یوفیه ذلک» (5).

[شماره صفحه واقعی : 300]

ص: 859


1- راجع الوسائل 12:387،الباب 16 من أبواب أحکام العقود.
2- الدروس 3:211.
3- التهذیب 7:42،الحدیث 180،و الوسائل 13:73،الباب 12 من أبواب السلف ذیل الحدیث الأوّل،و السائل-کما نقله الشیخ فی التهذیب-هو یعقوب ابن شعیب،و ظاهر الوسائل یوهم أنّ السائل هو الحلبی.
4- الوسائل 13:73،الباب 12 من أبواب السلف،الحدیث الأوّل.
5- الوسائل 13:74،الباب 12 من أبواب السلف،الحدیث 2.

لکن ظاهر الخبرین کراهة مباشرة الشراء من جهة کونه فی معرض التهمة،و المطلوب صحّة الشراء و عدم جواز الاستیفاء.

ثمّ إنّ هذا کلّه إذا کان الطعام المشتری شخصیّاً.

و أمّا إذا وکّله فی شراء الکلیّ فلا یجری فیه ذلک؛لأنّ تشخیص ما باعه سَلَماً فی الطعام الکلیّ المشتری موقوفٌ علی قبضه ثم إقباضه، و بدون ذلک لا یمکن الإیفاء إلّا بالحوالة أو التوکیل،فتدخل المسألة فیما ذکره فی الشرائع (1)و غیرها (2)-تبعاً للمبسوط (3)بل نسب إلی المشهور (4)-:

من أنّه لو کان له علی غیره طعامٌ من سَلَمٍ و علیه مثل ذلک،فأمر غریمه أن یکتال لنفسه من الآخر،فإنّه یکره أو یحرم علی الخلاف.

و قد علّل ذلک فی الشرائع:بأنّه قبضه عوضاً عن ماله قبل أن یقبضه صاحبه (5).

و ذکر المسألة فی القواعد بعنوان الحوالة،قال:لو أحال من علیه طعامٌ من سَلَمٍ بقبضه علی من له علیه مثله من سَلَم،فالأقوی الکراهة،و علی التحریم یبطل،لأنّه قبضه عوضاً عن ماله قبل أن یقبضه صاحبه (6).

[شماره صفحه واقعی : 301]

ص: 860


1- الشرائع 2:31.
2- مفتاح الکرامة 4:714،و الجواهر 23:170.
3- المبسوط 2:122.
4- الحدائق 19:180.
5- الشرائع 2:31.
6- القواعد 2:86 87.

و بنی فی الإیضاح جریان الخلاف فی المسألة علی أنّ الحوالة معاوضةٌ أو استیفاء،و أنّ المعاوضة علی مال السَّلَم قبل القبض حرامٌ أو مکروه (1).

و أنکر جماعةٌ ممّن تأخّر عن العلّامة (2)کون هذه المسألة من محلّ الخلاف فی بیع ما لم یقبض؛بناءً علی أنّ الحوالة لیست معاوضةً فضلاً عن کونها بیعاً،بل هی استیفاء.

أقول:ذلک إمّا وکالةٌ و إمّا حوالةٌ،و علی کلّ تقدیرٍ یمکن تعمیم محلّ الخلاف لمطلق المعاوضة و یکون البیع کنایةً عنها؛و لذا نسب فیما عرفت من عبارة التذکرة المنع فی هذه المسألة إلی أکثر علمائنا و جماعةٍ من العامّة محتجّین بالنبویّ المانع عن بیع ما لم یقبض (3)،و استند الشیخ رحمه اللّٰه أیضاً فی المنع إلی الإجماع علی عدم جواز بیع ما لم یقبض (4).

و قد عرفت ما ذکره الشیخ فی باب الحوالة (5).و لعلّه لذا قال الشهید فی الدروس فی حکم المسألة:إنّه کالبیع قبل القبض (6).

[شماره صفحه واقعی : 302]

ص: 861


1- الإیضاح 1:508.
2- مثل المحقّق الثانی فی جامع المقاصد 4:399،و الشهید الثانی فی المسالک 3: 250،و المحقّق السبزواری فی الکفایة:96،و صاحب الجواهر فی الجواهر 23: 170.
3- راجع الصفحة 298.
4- المبسوط 2:122،و راجع الصفحة 119 أیضاً.
5- راجع الصفحة 297.
6- الدروس 3:211.

لکنّه رحمه اللّٰه تعرّض فی بعض تحقیقاته لتوجیه إدراج المسألة فی البیع:بأنّ مورد السَّلَم لمّا کان ماهیّةً کلّیةً ثابتةً فی الذمّة منطبقةً علی أفرادٍ لا نهایة لها،فأیّ فردٍ عیّنه المسلَم إلیه تشخّص بذلک الفرد و انصبّ العقد علیه،فکأنه لمّا قال الغریم:«اکتل من غریمی فلان»قد جعل عقد السلم معه وارداً علی ما فی ذمّة المستلف منه (1)و لمّا یقبضه بعدُ، و لا ریب أنّه مملوکٌ له بالبیع،فإذا جعل مورداً للسَّلَم الذی هو بیعٌ یکون بیعاً للطعام قبل قبضه،فیتحقّق الشرطان و یلحق بالباب،و هذا من لطائف الفقه (2)،انتهی.

و اعترضه فی المسالک:بأنّ مورد السَّلَم و نظائره (3)-من الحقوق الثابتة فی الذمّة-لمّا کان أمراً کلّیاً کان البیع المتحقّق به هو الأمر الکلّی،و ما یتعیّن لذلک من الأعیان الشخصیّة بالحوالة و غیرها لیس هو نفس المبیع و إن کان الأمر الکلیّ إنّما یتحقّق فی ضمن الأفراد الخاصّة، فإنّها لیست عینه؛و من ثَمّ لو ظهر المدفوع مستَحَقّاً أو معیباً یرجع الحقّ إلی الذمّة،و المبیع المعیّن لیس کذلک،و حینئذٍ فانصباب العقد علی ما قبض و کونه حینئذٍ مبیعاً غیر واضح،فالقول بالتحریم به عند القائل به فی غیره غیر متوجّه (4)،انتهی.

أقول:ما ذکره من منع تشخیص المبیع فی ضمن الفرد الخاصّ

[شماره صفحه واقعی : 303]

ص: 862


1- فی«ش»:«المسلف منه».
2- نقله عنه الشهید الثانی فی المسالک 3:250.
3- فی«ف»بدل«نظائره»:«غیره».
4- المسالک 3:251.

المدفوع و إن کان حقّا من حیث عدم انصباب العقد علیه،إلّا أنّه یصدق علیه انتقاله إلی المشتری بعقد البیع،فإذا نهی الشارع عن بیع ما لم یقبض نظیرَ نهیه عن بیع أُمّ الولد و عن بیع ما حلف علی ترک بیعه،فإنّه لا فرق بین إیقاع العقد علیه و بین دفعه عن الکلیّ المبیع.

لکن یرد علی ما ذکره الشهید عدم تشخّص الکلیّ بالکلیّ إلّا بالحوالة الراجعة إلی الاستیفاء أو المعاوضة،و هذا لا یسوِّغ إطلاقَ البیع علی الکلیّ المتشخّص به بحیث یصدق أنّه انتقل إلی المحال بناقل البیع.

نعم،هذا التوجیه إنّما یستقیم فی الفرع المتقدّم (1)عن الدروس و هو:ما إذا أمره بقبض الطعام الشخصیّ الذی اشتراه للمشتری،فإنّ مجرّد قبضه بإذن البائع مشخِّصٌ للکلیّ المبیع فی ضمنه،فیصدق أنّه انتقل بالبیع قبل أن یقبض.

و یمکن أن یقال:إنّ تشخیص الکلیّ المبیع فی الکلیّ المشتری یکفی فیه إذن البائع فی قبض بعض أفراد الکلیّ المشتری من دون حاجةٍ إلی حوالة،فإذا وقع فردٌ منه فی ید المشتری صدق أنّه انتقل بالبیع قبل القبض.

و کیف کان،فالأظهر فی وجه إدخال هذه المسألة فی محلّ الخلاف تعمیم مورد الخلاف لمطلق الاستبدال حتّی المتحقّق بالحوالة و إن لم نقل بکونها بیعاً.و المسألة تحتاج إلی فضل تتبّع،و اللّٰه الموفِّق.

[*ابوالقاسم علیدوست]

و استدلّ فی الحدائق (2)علی الجواز بما عن المشایخ الثلاثة بطریقٍ

[شماره صفحه واقعی : 304]

ص: 863


1- تقدّم فی الصفحة 299.
2- الحدائق 19:181.

صحیحٍ و موثّق عن عبد الرحمن بن أبی عبد اللّٰه قال:«سألت أبا عبد اللّٰه علیه السلام عن رجلٍ علیه کُرٌّ من طعام،فاشتری کُرّاً من رجلٍ آخر، فقال للرجل:انطلق فاستوف کُرّک،قال:لا بأس به» (1).

و فیه:أنّه لا دلالة لها علی محلّ الکلام؛لأنّ الکلام فیما إذا کان المالان سَلَمین،و مورد الروایة إعطاء ما اشتری به قبل قبضه وفاءً عن دَینٍ لم یعلم أنّه سَلَمٌ أو قرضٌ أو غیرهما.و قد استدلّ به فی التذکرة علی جواز إیفاء القرض بمال السَّلَم (2)؛و لذا قال جامع المقاصد فی شرح قوله رحمه اللّٰه:«و لو أحال من له علیه طعامٌ مِن سَلَمٍ بقبضه علی مَن علیه مثله من سَلَم...إلخ»فإن قلت:لِمَ اعتبر کون المالین معاً سَلَمین؟ قلت:لأنّ المنع إنّما هو من بیع ما لم یقبض،و إذا کان أحد المالین سَلَماً دون الآخر لم یتعیّن لکونه مبیعاً؛لإمکان اعتباره ثمناً،إذ لا معیّن (3)لأحدهما (4)،انتهی.

و یمکن أن یقال:إنّ ظاهر الحوالة بناءً علی کونها معاوضةً کون المحیل مملِّکاً مالَه فی ذمّة غریمه بإزاء ما لغریمه علیه،فمالُه معوّضٌ و مالُ غریمه عوض،فإذا کان ما لَه علی غریمه سَلَماً کفی فی المنع عن تملیکه

[شماره صفحه واقعی : 305]

ص: 864


1- الکافی 5:179،الحدیث 5،و الفقیه 3:206،الحدیث 3773،و التهذیب 7:37،الحدیث 156،و الوسائل 12:387،الباب 16 من أبواب أحکام العقود،الحدیث 2.
2- التذکرة 1:560.
3- العبارة فی«ف»هکذا:«لاحتمال کونه ثمناً،إذ لا یتعیّن».
4- جامع المقاصد 4:399.

بإزاء ما لغریمه علیه،لأنّه من بیع ما لم یقبض،و حینئذٍ فیتمّ الاستدلال بالروایة.نعم،لو کان ما علیه سَلَماً دون ما لَه أمکن خروجه عن المسألة؛لأنّ الظاهر هنا کون المسلَم ثمناً و عوضاً.و إلی هذا ینظر بقوله (1)فی القواعد و التحریر-تبعاً للشرائع (2)-:و لو کان المالان أو المحال به قرضاً صحّ (3).

و لا وجه لاعتراض جامع المقاصد علیه:بأنّه لا وجه لتخصیص المحال به بالذکر مع أنّ العکس کذلک،و استحسان تعبیر الدروس بلفظ «أحدهما» (4).ثمّ قال:و لیس له أن یقول:إنّ المحال به شبیهٌ بالمبیع من حیث تخیّل کونه (5)مقابلاً بالآخر،إذ ربما یقال:إنّ شبهه بالثمن أظهر؛ لاقترانه بالباء.و کلّ ذلک ضعیف (6)،انتهی.

و فیه ما لا یخفی،فإنّ الباء هنا لیس للعوض،و ظهور الحوالة فی کون إنشاء التملیک من المحیل لا ینکر.و احتمال کونه متملِّکاً مال غریمه بمال نفسه-کما فی المشتری المقدّم لقبوله علی الإیجاب-بعید.و یدلّ علی هذا أیضاً قولهم:إنّ الحوالة بیع (7)،فإنّ ظاهره کون المحیل بائعاً.

[شماره صفحه واقعی : 306]

ص: 865


1- فی«ف»:«قوله».
2- الشرائع 2:32.
3- القواعد 2:87،و التحریر 1:176.
4- الدروس 3:211.
5- فی«ف»بدل«من حیث تخیّل کونه»:«من حیث إنّه یجعل».
6- جامع المقاصد 4:401.
7- راجع المبسوط 2:316 و 318،و التذکرة 1:475 و 560 و 563،و جامع المقاصد 5:359 و 367.

ثمّ إنّ المفروض فی المسألة المذکورة ما لو أذن المحیل للمحال علیه (1)فی اکتیاله لنفسه،بأن یأتی بلفظ الإحالة-کما فی عبارة القواعد (2)-أو یقول له:«اکتل لنفسک»کما فی عبارتی المبسوط و الشرائع (3).أمّا لو وکّله فی القبض عن الآذن ثمّ القبض لنفسه فیکون قابضاً مقبضاً،فیبنی (4)علی جواز تولّی طرفی القبض،و الأقرب صحّته، لعدم المانع.

الرابع ذکر جماعة

الرابع ذکر جماعة (5):أنّه لو دفع إلی من له علیه طعامٌ دراهمَ و قال:

«اشتر بها لنفسک طعاماً»لم یصحّ؛

لأنّ مال الغیر یمتنع شراء شیءٍ به لنفسه.و وجهه:أنّ قضیّة المعاوضة انتقال کلّ عوضٍ إلی ملک من خرج عن ملکه العوض الآخر،فلو انتقل إلی غیره لم یکن عوضاً.

و یمکن نقض هذا بالعوض المأخوذ بالمعاطاة علی القول بإفادتها للإباحة،فإنّه یجوز أن یشتری به شیئاً لنفسه،علی ما فی المسالک:من

[شماره صفحه واقعی : 307]

ص: 866


1- فی«ش»:«أذن المحیلُ المحال».
2- القواعد 2:86.
3- المبسوط 2:121،و الشرائع 2:31.
4- فی«ش»:«مبنیّ»،و فی نسخة بدله ما أثبتناه.
5- مثل الشیخ فی المبسوط 2:121،و القاضی فی المهذّب 1:387،و المحقّق فی الشرائع 2:32،و غیرهم،راجع مفتاح الکرامة 4:715.

جواز جمیع التصرّفات بإجماع القائلین بصحّة المعاطاة (1).

و أیضاً فقد ذکر جماعة-منهم العلّامة فی المختلف (2)و قطب الدین و الشهید علی ما حکی عنهما (3)-:أنّ مال الغیر المنتقل عنه بإزاء ما اشتراه عالماً بکونه مغصوباً باقٍ علی ملکه،و یجوز لبائع ذلک المغصوب التصرّف فیه بأن یشتری به شیئاً لنفسه و یملّکه بمجرّد الشراء.

قال فی المختلف-بعد ما نقل عن الشیخ فی النهایة:أنّه لو غصب مالاً و اشتری به جاریةً کان الفرج له حلالاً،و بعد ما نقل مذهب الشیخ فی ذلک فی غیر النهایة و مذهب الحلیّ-:إنّ کلام النهایة یحتمل أمرین:

أحدهما:اشتراء الجاریة فی الذمّة،کما ذکره فی غیر النهایة.

الثانی:أن یکون البائع عالماً بغصب المال،فإنّ المشتری حینئذٍ یستبیح وطء الجاریة و علیه وزر المال (4)،انتهی.

و قد تقدّم (5)فی فروع بیع الفضولی و فی فروع المعاطاة نقل کلام القطب و الشهید و غیرهما.

و یمکن توجیه ما ذکر فی المعاطاة بدخول المال آناً ما قبل

[شماره صفحه واقعی : 308]

ص: 867


1- راجع المسالک 3:149،و لم نعثر فیه علی الإجماع،نعم فیه:«من أجاز المعاطاة سوّغ أنواع التصرّفات».
2- ستأتی عبارته.
3- حکاه عنهما السیّد العاملی فی مفتاح الکرامة 4:192.
4- المختلف 5:258-259،و راجع النهایة:404،و المسائل الحائریّات (الرسائل العشر)287-288،و السرائر 2:329.
5- فی الجزء الثالث:89،387 و 472.

التصرّف فی ملک المتصرّف،کما یلزمهم القول بذلک فی وطء الجاریة المأخوذة بالمعاطاة.و توجیه الثانی:بأنّه فی معنی تملیک ماله مجّاناً بغیر عوض.

و کیف کان،فالمعاوضة لا تعقل بدون قیام کلّ عوضٍ مقام معوَّضه،و إذا ثبت علی غیر ذلک فلا بدّ من توجیهه،إمّا بانتقال أحد العوضین إلی غیر مالکه قبل المعاوضة،و إمّا بانتقال العوض الآخر إلیه بعدها.

و من هنا یمکن أن یحمل قوله فیما نحن فیه:«اشتر بدراهمی طعاماً لنفسک»علی إرادة کون اللام لمطلق النفع لا للتملیک،بمعنی:

اشتر فی ملکی و خذه لنفسک،کما ورد فی مورد بعض الأخبار السابقة:

«اشتر لنفسک طعاماً و استوف حقَّک» (1).

و یمکن أن یقال:إنّه إذا اشتری لنفسه بمال الغیر وقع البیع فضولاً کما لو باع الغیر لنفسه فإذا قبضه فأجاز المالک الشراء و القبض تعیّن له،و حیث کان استمراره بید المشتری قبضاً فقد قبض ماله علی مالک الطعام،فافهم.

[شماره صفحه واقعی : 309]

ص: 868


1- تقدّم فی صحیحة الحلبی المتقدّمة فی الصفحة 300.
مسألة لو کان له طعامٌ علی غیره فطالبه به فی غیر مکان حدوثه فی ذمّته،
اشاره

فهنا مسائل ثلاث:

أحدها:

أن یکون المال سَلَماً

بأن أسلفه طعاماً فی العراق و طالبه بالمدینة مع عدم اشتراط تسلیمه بالمدینة،فلا إشکال فی عدم وجوب أدائه فی ذلک البلد.و أولی بعدم الوجوب ما لو طالبه بقیمة ذلک البلد.

و لو طالبه فی ذلک البلد بقیمته فی بلد وجوب التسلیم و تراضیا علی ذلک،قال الشیخ:لم یجز؛لأنّه بیع الطعام قبل قبضه (1).و هو حسنٌ بناءً علی إرادة بیع ما فی ذمّته بالقیمة،أو إرادة مطلق الاستبدال من البیع المنهیّ عنه.أمّا لو جعلنا النهی (2)عن خصوص البیع و لم یحتمل التراضی علی خصوص کون القیمة ثمناً،بل احتمل کونه مثمناً و السَّلَم ثمناً،فلا وجه للتحریم.لکنّ الإنصاف:ظهور عنوان القیمة

[شماره صفحه واقعی : 310]

ص: 869


1- المبسوط 2:121.
2- فی«ش»:«المنهیّ عنه».

-خصوصاً إذا کان من النقدین-فی الثمنیّة،فیبنی الحکم علی انصراف التراضی المذکور إلی البیع أو القول بتحریم مطلق الاستبدال.

و أمّا إذا لم یرض المسلَم إلیه،ففی جواز إجباره علی ذلک قولان، المشهور-کما قیل-العدم (1)؛لأنّ الواجب فی ذمّته هو الطعام لا القیمة.

و عن جماعةٍ-منهم العلّامة فی التذکرة-الجواز (2)؛لأنّ الطعام الذی یلزمه دفعه معدوم،فکان کما لو عدم الطعام فی بلدٍ یلزمه التسلیم فیه.

و توضیحه:أنّ الطعام قد حلّ و التقصیر من المسلَم إلیه،حیث إنّه لو کان فی ذلک البلد أمکنه أداء الواجب بتسلیم المال إلی المشتری إن حضر،و إلّا دفعه إلی ولیّه و لو الحاکم أو عزله.

و کیف کان فتعذّر البراءة مستندٌ إلی غیبته،فللغریم مطالبة قیمة بلد الاستحقاق حینئذٍ.و قد یتوهّم أنّه یلزم من ذلک جواز مطالبة الطعام و إن کان أزید قیمةً،کما سیجیء القول بذلک فی القرض.

و لو کان الطعام فی بلد المطالبة مساویاً فی القیمة لبلد الاستحقاق، فالظاهر وجوب الطعام علیه،لعدم تعذّر الحقّ،و المفروض عدم سقوط المطالبة بالغیبة عن بلد الاستحقاق،فیطالبه بنفس الحقّ.

[شماره صفحه واقعی : 311]

ص: 870


1- راجع الحدائق 19:186.
2- التذکرة 1:561،و لم نعثر علی غیره،و نسبه فی المسالک(3:254)إلی بعض الأصحاب،و مثله فی الحدائق 19:186،و العبارة فیهما هکذا:«و ذهب بعض الأصحاب و منهم العلّامة فی التذکرة إلی وجوب دفع القیمة»،نعم یظهر من المحقّق الثانی المیل إلیه فی جامع المقاصد 4:408-409.
الثانیة:

أن یکون ما علیه قرضاً،

و الظاهر عدم استحقاق المطالبة بالمثل مع اختلاف القیمة؛لأنّه (1)إنّما یستحقّها فی بلد القرض،فإلزامه بالدفع فی غیره إضرار.خلافاً للمحکّی عن المختلف (2)و قوّاه جامع المقاصد هنا،لکنّه جزم بالمختار فی باب القرض (3).و أمّا مطالبته بقیمة بلد الاستحقاق،فالظاهر جوازها وفاقاً للفاضلین (4)و حکی عن الشیخ و القاضی (5)،و عن غایة المرام:نفی الخلاف (6)؛لما تقدّم (7):من أنّ الحقّ هو الطعام علی أن یسلم فی بلد الاستحقاق،و قد تعذّر بتعذّر قیده لا بامتناع ذی الحقّ،فلا وجه لسقوطه.

غایة الأمر الرجوع إلی قیمته لأجل الإضرار؛و لذا لو لم تختلف القیمة فالظاهر جواز مطالبته بالمثل؛لعدم التضرّر.لکن مقتضی ملاحظة التضرّر إناطة الحکم بعدم الضرر علی المقترض أو بمصلحته و لو من غیر جهة اختلاف القیمة،کما فعله العلّامة فی القواعد (8)و شارحه جامع

[شماره صفحه واقعی : 312]

ص: 871


1- فی«ش»:«لأنّها».
2- حکاه عنه فی مفتاح الکرامة 4:726،و راجع المختلف 5:290.
3- جامع المقاصد 4:409،و 5:33-34.
4- الشرائع 2:32،و القواعد 2:88.
5- المبسوط 2:123،و فیه:«اجبر علی دفعها»،و المهذّب 1:390،و فیه أیضاً بعد الحکم بالجواز:«و صحّ أن یجبر علی دفعها إلیه».
6- حکاه عنه فی مفتاح الکرامة 4:725،و راجع غایة المرام(مخطوط)1:303.
7- تقدّم فی الصفحة المتقدّمة.
8- القواعد 2:105.

المقاصد (1).ثمّ إنّه اعترف فی المختلف بتعیّن قیمة بلد القرض مع تعذّر المثل فی بلد المطالبة (2).و فیه تأمّل،فتأمّل.

و ظاهر بعضٍ عدم جواز المطالبة لا بالمثل و لا بالقیمة،و کأنّه یتفرّع علی ما عن الشهید رحمه اللّٰه فی حواشیه (3):من عدم جواز مطالبة المقترض المثل فی غیر بلد القرض حتّی مع عدم تضرّره،فیلزم من ذلک عدم جواز مطالبته (4)بالقیمة بطریقٍ أولی.و لعلّه لأنّ مقتضی «اعتبار بلد القرض»:أن لیس للمقرض إلّا مطالبة تسلیم ماله فی بلد القرض،و مجرّد تعذّره فی وقتٍ من جهة توقّفه علی مضیّ زمانٍ لا یوجب اشتغاله بالقیمة،کما لو أخّر التسلیم اختیاراً فی بلد القرض، أو احتاج تسلیم المثل إلی مضیّ زمان،فتأمّل.

الثالثة:

أن یکون الاستقرار من جهة الغصب،

فالمحکی عن الشیخ و القاضی:

أنّه لا یجوز مطالبته بالمثل فی غیر بلد الغصب (5).و لعلّه لظاهر قوله تعالی: فَاعْتَدُوا عَلَیْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدیٰ عَلَیْکُمْ (6)فإنّ ما فی ذمّته هو

[شماره صفحه واقعی : 313]

ص: 872


1- جامع المقاصد 5:33.
2- المختلف 5:290.
3- لعلّه ینظر إلی ما حکاه فی جامع المقاصد 5:34،و فیه:«و ذهب شیخنا الشهید فی حواشیه إلی اعتبار موضع الشرط و الإطلاق فی وجوب الدفع و القبول،سواء کان للممتنع مصلحة أم لا».
4- فی«ش»:«المطالبة».
5- المبسوط 2:123،و المهذّب 1:390،و فیهما:«لم یجبر».
6- البقرة:194.

الطعام الموصوف بکونه فی ذلک البلد،فإنّ مقدار مالیّة الطعام یختلف باختلاف الأماکن،فإنّ المالک لمقدارٍ منه فی بلدٍ قد یعدّ غنیّاً،و المالک لأضعافه فی غیره یعدّ فقیراً،فالمماثلة فی الصفات موجودةٌ لا فی المالیّة.

لکنّه ینتقض بالمغصوب المختلف قیمته باختلاف الأزمان.فإنّ اللازم علی هذا عدم جواز مطالبته بالمثل فی زمان غلائه.

و حلّه:أنّ المماثلة فی الجنس و الصفات هی المناط فی التماثل العرفی من دون ملاحظة المالیّة،و لو لا قاعدة«نفی الضرر»و انصراف إطلاق العقد فی مسألتی«القرض»و«السَّلَم»لتعیّن ذلک فیهما أیضاً.

و لو تعذّر المثل فی بلد المطالبة لزم قیمة ذلک البلد،لأنّ اللازم علیه حینئذٍ المثل فی هذا البلد لو تمکّن،فإذا تعذّر قامت القیمة مقامه.

و فی المبسوط و عن القاضی:قیمة بلد الغصب (1).و هو حسنٌ بناءً علی حکمها فی المثل.

و المعتبر قیمة وقت الدفع؛لوجوب المثل حینئذٍ،فتعیّن بدله مع تعذّره.و یحتمل وقت التعذر،لأنّه وقت الانتقال إلی القیمة.

و فی المسألة أقوالٌ مذکورة فی باب الغصب،ذکرناها مع مبانیها فی البیع الفاسد عند ذکر شروط العقد،فلیراجع (2).

[شماره صفحه واقعی : 314]

ص: 873


1- حکاه عنهما فی المختلف 6:127،و راجع المبسوط 3:76،و المهذّب 2: 443.
2- راجع الجزء الثالث:226،السادس من أحکام المقبوض بالعقد الفاسد.

تفسیر

المیزان فی تفسیر القرآن الکریم المجلد 13 (سوره کهف)

اشارة

سرشناسه : طباطبائی، سیدمحمدحسین، 1281 1360.

عنوان و نام پدیدآور : المیزان فی تفسیر القرآن الکریم/ محمدحسین طباطبائی؛

مشخصات نشر : قم : بنیاد علمی و فکری علامه طباطبائی ؛ تهران: مرکز نشر فرهنگی رجا: امیرکبیر، 1363

مشخصات ظاهری : 20ج.

موضوع : تفاسیر شیعه قرن 14

رده بندی کنگره : BP98/ط25م 9041 1363

رده بندی دیویی : 297/1726

شماره کتابشناسی ملی : م 63 3549

توضیح : المیزان فی تفسیر القرآن اثر علامه سیدمحمدحسین طباطبائی (1321-1402 ق) فرزند سیدمحمد طباطبائی، از اعاظم حکما و مفسران امامیه می باشد.تفسیر مورد بحث در بیست مجلد به زبان عربی شامل تمامی قرآن کریم است.

تفسیر المیزان، یکی از بزرگ ترین آثار علامه طباطبایی و به حق در نوع خود کم نظیر و مایه مباهات و افتخار شیعه است و پس از تفسیر تبیان شیخ طوسی و تفسیر مجمع البیان طبرسی، بزرگ ترین و جامع ترین تفسیر شیعی و از نظر قوت مطالب علمی و مطلوبیت روش، تفسیر منحصر به فردی است.ویژگی مهم این تفسیر، روش تفسیری قرآن به قرآن است. این روش در کار ایشان، تنها به در کنار هم گذاشتن آیات، برای درک معانی واژه خلاصه نمی شود؛ بلکه موضوعات مشابه و مشترک در سوره های مختلف را کنار یکدیگر قرار می دهد و برای درک پیام آیه، از آیات دیگر کمک می گیرد. علامه در آغاز تفسیر، مقدمه ای نگاشته و در آن نگاهی اجمالی به سیر تطور تفسیر و روش های آن دارد.

ص: 1

اشارة

سورة الکهف مکیة و هی مائة و عشر آیات(110)

[سورة الکهف (18): الآیات 1 الی 8]

اشارة

بِسْمِ اَللّٰهِ اَلرَّحْمٰنِ اَلرَّحِیمِ

اَلْحَمْدُ لِلّٰهِ اَلَّذِی أَنْزَلَ عَلیٰ عَبْدِهِ اَلْکِتٰابَ وَ لَمْ یَجْعَلْ لَهُ عِوَجاً (1) قَیِّماً لِیُنْذِرَ بَأْساً شَدِیداً مِنْ لَدُنْهُ وَ یُبَشِّرَ اَلْمُؤْمِنِینَ اَلَّذِینَ یَعْمَلُونَ اَلصّٰالِحٰاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً حَسَناً (2) مٰاکِثِینَ فِیهِ أَبَداً (3) وَ یُنْذِرَ اَلَّذِینَ قٰالُوا اِتَّخَذَ اَللّٰهُ وَلَداً (4) مٰا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَ لاٰ لِآبٰائِهِمْ کَبُرَتْ کَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوٰاهِهِمْ إِنْ یَقُولُونَ إِلاّٰ کَذِباً (5) فَلَعَلَّکَ بٰاخِعٌ نَفْسَکَ عَلیٰ آثٰارِهِمْ إِنْ لَمْ یُؤْمِنُوا بِهٰذَا اَلْحَدِیثِ أَسَفاً (6) إِنّٰا جَعَلْنٰا مٰا عَلَی اَلْأَرْضِ زِینَةً لَهٰا لِنَبْلُوَهُمْ أَیُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً (7) وَ إِنّٰا لَجٰاعِلُونَ مٰا عَلَیْهٰا صَعِیداً جُرُزاً (8)

[شماره صفحه واقعی : 235]

ص: 874

بیان

السورة تتضمن الدعوة إلی الاعتقاد الحق و العمل الصالح بالإنذار و التبشیر کما یلوح إلیه ما افتتحت به من الآیتین و ما اختتمت به من قوله تعالی:« فَمَنْ کٰانَ یَرْجُوا لِقٰاءَ رَبِّهِ فَلْیَعْمَلْ عَمَلاً صٰالِحاً وَ لاٰ یُشْرِکْ بِعِبٰادَةِ رَبِّهِ أَحَداً ».

و فیها مع ذلک عنایة بالغة بنفی الولد کما یدل علی ذلک تخصیص إنذار القائلین بالولد بالذکر ثانیا بعد ذکر مطلق الإنذار أولا أعنی وقوع قوله:« وَ یُنْذِرَ الَّذِینَ قٰالُوا اتَّخَذَ اللّٰهُ وَلَداً »بعد قوله:« لِیُنْذِرَ بَأْساً شَدِیداً مِنْ لَدُنْهُ ».

فوجه الکلام فیها إلی الوثنیین القائلین ببنوة الملائکة و الجن و المصلحین من البشر و النصاری القائلین ببنوة المسیح علیه السلام و لعل الیهود یشارکونهم فیه حیث یذکر القرآن عنهم أنهم قالوا:عزیر ابن الله.

و غیر بعید أن یقال إن الغرض من نزول السورة ذکر القصص الثلاث العجیبة التی لم تذکر فی القرآن الکریم إلا فی هذه السورة و هی قصة أصحاب الکهف و قصة موسی و فتاه فی مسیرهما إلی مجمع البحرین و قصة ذی القرنین ثم استفید منها ما استفرغ فی السورة من الکلام فی نفی الشریک و الحث علی تقوی الله سبحانه.

و السورة مکیة علی ما یستفاد من سیاق آیاتها و قد استثنی منها قوله:« وَ اصْبِرْ نَفْسَکَ مَعَ الَّذِینَ یَدْعُونَ رَبَّهُمْ »الآیة و سیجیء ما فیه من الکلام.

قوله تعالی:« اَلْحَمْدُ لِلّٰهِ الَّذِی أَنْزَلَ عَلیٰ عَبْدِهِ الْکِتٰابَ وَ لَمْ یَجْعَلْ لَهُ عِوَجاً قَیِّماً » العوج بفتح العین و کسرها الانحراف،قال فی المجمع،: العوج بالفتح فیما یری کالقناة و الخشبة و بالکسر فیما لا یری شخصا قائما کالدین و الکلام.انتهی.

و لعل المراد بما یری و ما لا یری ما یسهل رؤیته و ما یشکل کما ذکره الراغب فی المفردات، بقوله:العوج بالفتح یقال فیما یدرک بالبصر سهلا کالخشب المنتصب و نحوه و العوج بالکسر یقال فیما یدرک بالفکر و البصیرة کما یکون فی أرض بسیط یعرف تفاوته بالبصیرة و کالدین و المعاش انتهی.فلا یرد علیه ما فی قوله تعالی: «لاٰ تَریٰ فِیهٰا عِوَجاً بکسر العین وَ لاٰ أَمْتاً» :طه:107 فافهم.

[شماره صفحه واقعی : 236]

ص: 875

و قد افتتح تعالی الکلام فی السورة بالثناء علی نفسه بما نزل علی عبده قرآنا لا انحراف فیه عن الحق بوجه و هو قیم علی مصالح عباده فی حیاتهم الدنیا و الآخرة فله کل الحمد فیما یترتب علی نزوله من الخیرات و البرکات من یوم نزل إلی یوم القیامة فلا ینبغی أن یرتاب الباحث الناقد أن ما فی المجتمع البشری من الصلاح و السداد من برکات ما بثه الأنبیاء الکرام من الدعوة إلی القول الحق و الخلق الحسن و العمل الصالح و أن ما یمتاز به عصر القرآن فی قرونه الأربعة عشر عما تقدمه من الأعصار من رقی المجتمع البشری و تقدمه فی علم نافع أو عمل صالح للقرآن فیه أثره الخاص و للدعوة النبویة فیه أیادیها الجمیلة فلله فی ذلک الحمد کله.

و من هنا یظهر أن قول بعضهم فی تفسیر الآیة: یعنی قولوا الحمد لله الذی نزل«إلخ» لیس علی ما ینبغی.

و قوله:« وَ لَمْ یَجْعَلْ لَهُ عِوَجاً »الضمیر للکتاب و الجملة حال عن الکتاب و قوله:

« قَیِّماً »حال بعد حال علی ما یفیده السیاق فإنه تعالی فی مقام حمد نفسه من جهة تنزیله کتابا موصوفا بأنه لا عوج له و أنه قیم علی مصالح المجتمع البشری فالعنایة متعلقة بالوصفین موزعة بینهما علی السواء و هو مفاد کونهما حالین من الکتاب.

و قیل إن جملة« وَ لَمْ یَجْعَلْ لَهُ عِوَجاً »معطوفة علی الصلة و« قَیِّماً »حال من ضمیر « لِلّٰهِ »و المعنی و الذی لم یجعل للکتاب حال کونه قیما عوجا أو أن« قَیِّماً »منصوب بمقدر،و المعنی:و الذی لم یجعل له عوجا و جعله قیما،و لازم الوجهین انقسام العنایة بین أصل النزول و بین کون الکتاب قیما لا عوج له.و قد عرفت أنه خلاف ما یستفاد من السیاق.

و قیل:إن فی الآیة تقدیما و تأخیرا،و التقدیر نزل الکتاب قیما و لم یجعل له عوجا و هو أردأ الوجوه.

و قد قدم نفی العوج علی إثبات القیمومة لأن الأول کمال الکتاب فی نفسه و الثانی تکمیله لغیره و الکمال مقدم طبعا علی التکمیل.

و وقوع« عِوَجاً »و هو نکرة فی سیاق النفی یفید العموم فالقرآن مستقیم فی جمیع جهاته فصیح فی لفظه،بلیغ فی معناه،مصیب فی هدایته،حی فی حججه و براهینه، ناصح فی أمره و نهیه،صادق فیما یقصه من قصصه و أخباره،فاصل فیما یقضی به

[شماره صفحه واقعی : 237]

ص: 876

محفوظ من مخالطة الشیاطین،لا اختلاف فیه، و لا یأتیه الباطل من بین یدیه و لا من خلفه.

و القیم هو الذی یقوم بمصلحة الشیء و تدبیر أمره کقیم الدار و هو القائم بمصالحها و یرجع إلیه فی أمورها،و الکتاب إنما یکون قیما بما یشتمل علیه من المعانی،و الذی یتضمنه القرآن هو الاعتقاد الحق و العمل الصالح کما قال تعالی: «یَهْدِی إِلَی الْحَقِّ وَ إِلیٰ طَرِیقٍ مُسْتَقِیمٍ» :الأحقاف:30،و هذا هو الدین و قد وصف تعالی دینه فی مواضع من کتابه بأنه قیم قال: «فَأَقِمْ وَجْهَکَ لِلدِّینِ الْقَیِّمِ» :الروم:43 و علی هذا فتوصیف الکتاب بالقیم لما یتضمنه من الدین القیم علی مصالح العالم الإنسانی فی دنیاهم و أخراهم.

و ربما عکس الأمر فأخذ القیمومة وصفا للکتاب ثم للدین من جهته کما فی قوله تعالی: «وَ ذٰلِکَ دِینُ الْقَیِّمَةِ» :البینة:5 فالظاهر أن معناه دین الکتب القیمة و هو نوع تجوز.

و قیل:المراد بالقیم المستقیم المعتدل الذی لا إفراط فیه و لا تفریط،و قیل:القیم المدبر لسائر الکتب السماویة یصدقها و یحفظها و ینسخ شرائعها و تعقیب الکلمة بقوله:

« لِیُنْذِرَ بَأْساً شَدِیداً مِنْ لَدُنْهُ وَ یُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِینَ »إلخ یؤید ما قدمناه.

قوله تعالی:« لِیُنْذِرَ بَأْساً شَدِیداً مِنْ لَدُنْهُ وَ یُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِینَ الَّذِینَ یَعْمَلُونَ الصّٰالِحٰاتِ » الآیة أی لینذر الکافرین عذابا شدیدا صادرا من عند الله کذا قیل و الظاهر بقرینة تقیید المؤمنین المبشرین بقوله:« اَلَّذِینَ یَعْمَلُونَ الصّٰالِحٰاتِ »إن التقدیر لینذر الذین لا یعملون الصالحات أعم ممن لا یؤمن أصلا أو یؤمن و یفسق فی عمله.

و الجملة علی أی حال بیان لتنزیله الکتاب علی عبده مستقیما قیما إذ لو لا استقامته فی نفسه و قیمومته علی غیره لم یستقم إنذار و لا تبشیر و هو ظاهر.

و المراد بالأجر الحسن الجنة بقرینة قوله فی الآیة التالیة:« مٰاکِثِینَ فِیهِ أَبَداً » و المعنی ظاهر.

قوله تعالی:« وَ یُنْذِرَ الَّذِینَ قٰالُوا اتَّخَذَ اللّٰهُ وَلَداً »و هم عامة الوثنیین القائلین بأن الملائکة أبناء أو بنات له و ربما قالوا بذلک فی الجن و المصلحین من البشر و النصاری

[شماره صفحه واقعی : 238]

ص: 877

القائلین بأن المسیح ابن الله و قد نسب القرآن إلی الیهود أنهم قالوا:عزیر ابن الله.

و ذکر إنذارهم خاصة ثانیا بعد ذکره علی وجه العموم أولا بقوله:« لِیُنْذِرَ بَأْساً شَدِیداً مِنْ لَدُنْهُ » لمزید الاهتمام بشأنهم.

قوله تعالی:« مٰا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَ لاٰ لِآبٰائِهِمْ کَبُرَتْ کَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوٰاهِهِمْ » کانت عامتهم یریدون بقولهم:اتخذ الله ولدا حقیقة التولید کما یدل علیه قوله أَنّٰی یَکُونُ لَهُ وَلَدٌ وَ لَمْ تَکُنْ لَهُ صٰاحِبَةٌ وَ خَلَقَ کُلَّ شَیْءٍ» :الأنعام:101.

و قد رد سبحانه قولهم علیهم أولا بأنه قول منهم جهلا بغیر علم و ثانیا بقوله فی آخر الآیة:« إِنْ یَقُولُونَ إِلاّٰ کَذِباً ».

و کان قوله:« مٰا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ »شاملا لهم جمیعا من آباء و أبناء لکنهم لما کانوا یحیلون العلم به إلی آبائهم قائلین إن هذه ملة آبائنا و هم أعلم منا و لیس لنا إلا أن نتبعهم و نقتدی بهم فرق تعالی بینهم و بین آبائهم فنفی العلم عنهم أولا و عن آبائهم الذین کانوا یرکنون إلیهم ثانیا لیکون إبطالا لقولهم و لحجتهم جمیعا.

و قوله:« کَبُرَتْ کَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوٰاهِهِمْ »ذم لهم و إعظام لقولهم:اتخذ الله ولدا لما فیه من عظیم الاجتراء علی الله سبحانه بنسبة الشریک و التجسم و الترکب و الحاجة إلی المعین و الخلیفة إلیه،تعالی عن ذلک علوا کبیرا.

و ربما وقع فی کلام أوائلهم إطلاق الابن علی بعض خلقه بعنایة التشریف للدلالة علی قربه منه و اختصاصه به نظیر قول الیهود فیما حکاه القرآن:عزیر ابن الله،و قولهم:

نحن أبناء الله و أحباؤه،و کذا وقع فی کلام عدة من قدمائهم إطلاق الابن علی بعض الخلق الأول بعنایة صدوره منه کما یصدر الابن عن الأب و إطلاق الزوج و الصاحبة علی وسائط الصدور و الإیجاد کما أن زوج الرجل واسطة لصدور الولد منه فأطلق علی بعض الملائکة من الخلق الأول الزوج و علی بعض آخر منهم الابن أو البنت.

و هذان الإطلاقان و إن لم یشتملا علی مثل ما اشتمل علیه الإطلاق الأول لکونهما من التجوز بعنایة التشریف و نحوه لکنهما ممنوعان شرعا و کفی ملاکا لحرمتهما سوقهما و سوق أمثالهما عامة الناس إلی الشقاء الدائم و الهلاک الخالد.

قوله تعالی:« فَلَعَلَّکَ بٰاخِعٌ نَفْسَکَ عَلیٰ آثٰارِهِمْ إِنْ لَمْ یُؤْمِنُوا بِهٰذَا الْحَدِیثِ أَسَفاً »

[شماره صفحه واقعی : 239]

ص: 878

البخوع و البخع القتل و الإهلاک و الآثار علائم أقدام المارة علی الأرض،و الأسف شدة الحزن و المراد بهذا الحدیث القرآن.

و الآیة و اللتان بعدها فی مقام تعزیة النبی صلی الله علیه و آله و تسلیته و تطییب نفسه و الفاء لتفریع الکلام علی کفرهم و جحدهم بآیات الله المفهوم من الآیات السابقة و المعنی یرجی منک أن تهلک نفسک بعد إعراضهم عن القرآن و انصرافهم عنک من شدة الحزن،و قد دل علی إعراضهم و تولیهم بقوله: عَلیٰ آثٰارِهِمْ و هو من الاستعارة.

قوله تعالی:« إِنّٰا جَعَلْنٰا مٰا عَلَی الْأَرْضِ زِینَةً لَهٰا لِنَبْلُوَهُمْ أَیُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً »إلی آخر الآیتین الزینة الأمر الجمیل الذی ینضم إلی الشیء فیفیده جمالا یرغب إلیه لأجله و الصعید ظهر الأرض و الجرز علی ما فی المجمع،الأرض التی لا تنبت کأنها تأکل النبت أکلا.

و لقد أتی فی الآیتین ببیان عجیب فی حقیقة حیاة الإنسان الأرضیة و هو أن النفوس الإنسانیة و هی فی أصل جوهرها علویة شریفة ما کانت لتمیل إلی الأرض و الحیاة علیها و قد قدر الله أن یکون کمالها و سعادتها الخالدة بالاعتقاد الحق و العمل الصالح فاحتالت العنایة الإلهیة إلی توقیفها موقف الاعتقاد و العمل و إیصالها إلی محک التصفیة و التطهیر و إسکانها الأرض إلی أجل معلوم بإلقاء التعلق و الارتباط بینها و بین ما علی الأرض من أمتعة الحیاة من مال و ولد و جاه و تحبیبه إلی قلوبهم فکان ما علی الأرض و هو جمیل عندهم محبوب فی أنفسهم زینة للأرض و حلیة تتحلی بها لکونه علیها فتعلقت نفوسهم علی الأرض بسببه و اطمأنت إلیها.

فإذا انقضی الأجل الذی أجله الله تعالی لمکثهم فی الأرض بتحقق ما أراده من البلاء و الامتحان سلب الله ما بینهم و بین ما علی الأرض من التعلق و محی ما له من الجمال و الزینة و صار کالصعید الجرز الذی لا نبت فیه و لا نضارة علیه و نودی فیهم بالرحیل و هم فرادی کما خلقهم الله تعالی أول مرة.

و هذه سنة الله تعالی فی خلق الإنسان و إسکانه الأرض و تزیینه ما علیها له لیمتحنه بذلک و یتمیز به أهل السعادة من غیرهم فیأتی سبحانه بالجیل بعد الجیل و الفرد بعد الفرد فیزین له ما علی وجه الأرض من أمتعة الحیاة ثم یخلیه و اختیاره لیختبرهم بذلک

[شماره صفحه واقعی : 240]

ص: 879

ثم إذا تم الاختبار قطع ما بینه و بین زخارف الدنیا المزینة و نقله من دار العمل إلی دار الجزاء قال تعالی: «وَ لَوْ تَریٰ إِذِ الظّٰالِمُونَ فِی غَمَرٰاتِ الْمَوْتِ وَ الْمَلاٰئِکَةُ بٰاسِطُوا أَیْدِیهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَکُمُ إلی أن قال وَ لَقَدْ جِئْتُمُونٰا فُرٰادیٰ کَمٰا خَلَقْنٰاکُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَ تَرَکْتُمْ مٰا خَوَّلْنٰاکُمْ وَرٰاءَ ظُهُورِکُمْ وَ مٰا نَریٰ مَعَکُمْ شُفَعٰاءَکُمُ الَّذِینَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِیکُمْ شُرَکٰاءُ لَقَدْ تَقَطَّعَ بَیْنَکُمْ وَ ضَلَّ عَنْکُمْ مٰا کُنْتُمْ تَزْعُمُونَ» :الأنعام:94.

فمحصل معنی الآیة لا تتحرج و لا تأسف علیهم إذ أعرضوا عن دعوتک بالإنذار و التبشیر و اشتغلوا بالتمتع من أمتعة الحیاة فما هم بسابقین و لا معجزین و إنما حقیقة حیاتهم هذه نوع تسخیر إلهی أسکناهم الأرض ثم جعلنا ما علی الأرض زینة یفتتن الناظر إلیها لتتعلق به نفوسهم فنبلوهم أیهم أحسن عملا و إنا لجاعلون هذا الذی زین لهم بعینه کالصعید الجرز الذی لیس فیه نبت و لا شیء مما یرغب فیه النفس فالله سبحانه لم یشأ منهم الإیمان جمیعا حتی یکون مغلوبا بکفرهم بالکتاب و تمادیهم فی الضلال و تبخع أنت نفسک علی آثارهم أسفا و إنما أراد بهم الابتلاء و الامتحان و هو سبحانه الغالب فیما شاء و أراد.

و قد ظهر بما تقدم أن قوله:« وَ إِنّٰا لَجٰاعِلُونَ مٰا عَلَیْهٰا صَعِیداً جُرُزاً »من الاستعارة بالکنایة،و المراد به قطع رابطة التعلق بین الإنسان و بین أمتعة الحیاة الدنیا مما علی الأرض.

و ربما قیل:إن المراد به حقیقة معنی الصعید الجرز،و المعنی أنا سنعید ما علی الأرض من زینة ترابا مستویا بالأرض،و نجعله صعیدا أملس لا نبات فیه و لا شیء علیه.

و قوله:« مٰا عَلَیْهٰا »من قبیل وضع الظاهر موضع المضمر و کان من طبع الکلام أن یقال:و إنا لجاعلوه،و لعل النکتة مزید العنایة بوصف کونه علی الأرض.

بحث روائی

فی تفسیر العیاشی،عن البرقی رفعه عن أبی بصیر عن أبی جعفر علیه السلام :

لِیُنْذِرَ بَأْساً شَدِیداً مِنْ لَدُنْهُ

»قال:البأس الشدید علی علیه السلام و هو من لدن رسول الله ص قاتل معه عدوه فذلک قوله:« لِیُنْذِرَ بَأْساً شَدِیداً مِنْ لَدُنْهُ »:

[شماره صفحه واقعی : 241]

ص: 880

أقول:و رواه ابن شهرآشوب عن الباقر و الصادق علیهما السلام

:و هو من التطبیق و لیس بتفسیر.

و فی تفسیر القمی،فی حدیث أبی الجارود عن أبی جعفر علیه السلام : فی قوله:« فَلَعَلَّکَ بٰاخِعٌ نَفْسَکَ « یقول:قاتل نفسک علی آثارهم،و أما أسفا یقول حزنا.

و فی الدر المنثور،أخرج ابن جریر و ابن أبی حاتم و ابن مردویه و الحاکم فی التاریخ، عن ابن عمر قال: تلا رسول الله صلی الله علیه و آله هذه الآیة« لِنَبْلُوَهُمْ أَیُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً »فقلت ما معنی ذلک یا رسول الله؟قال: لیبلوکم أیکم أحسن عقلا و أورع عن محارم الله و أسرعکم فی طاعة الله.

و فی تفسیر القمی،فی روایة أبی الجارود عن أبی جعفر علیه السلام : فی قوله:« صَعِیداً جُرُزاً »قال:لا نبات فیها.

[سورة الکهف (18): الآیات 9 الی 26]

اشارة

أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحٰابَ اَلْکَهْفِ وَ اَلرَّقِیمِ کٰانُوا مِنْ آیٰاتِنٰا عَجَباً (9) إِذْ أَوَی اَلْفِتْیَةُ إِلَی اَلْکَهْفِ فَقٰالُوا رَبَّنٰا آتِنٰا مِنْ لَدُنْکَ رَحْمَةً وَ هَیِّئْ لَنٰا مِنْ أَمْرِنٰا رَشَداً (10) فَضَرَبْنٰا عَلَی آذٰانِهِمْ فِی اَلْکَهْفِ سِنِینَ عَدَداً (11) ثُمَّ بَعَثْنٰاهُمْ لِنَعْلَمَ أَیُّ اَلْحِزْبَیْنِ أَحْصیٰ لِمٰا لَبِثُوا أَمَداً (12) نَحْنُ نَقُصُّ عَلَیْکَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْیَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَ زِدْنٰاهُمْ هُدیً (13) وَ رَبَطْنٰا عَلیٰ قُلُوبِهِمْ إِذْ قٰامُوا فَقٰالُوا رَبُّنٰا رَبُّ اَلسَّمٰاوٰاتِ وَ اَلْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَا مِنْ دُونِهِ إِلٰهاً لَقَدْ قُلْنٰا إِذاً شَطَطاً (14) هٰؤُلاٰءِ قَوْمُنَا اِتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لَوْ لاٰ یَأْتُونَ عَلَیْهِمْ بِسُلْطٰانٍ بَیِّنٍ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ اِفْتَریٰ عَلَی اَللّٰهِ کَذِباً (15) وَ إِذِ اِعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَ مٰا یَعْبُدُونَ إِلاَّ اَللّٰهَ فَأْوُوا إِلَی اَلْکَهْفِ یَنْشُرْ لَکُمْ رَبُّکُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَ یُهَیِّئْ لَکُمْ مِنْ أَمْرِکُمْ مِرْفَقاً (16) وَ تَرَی اَلشَّمْسَ إِذٰا طَلَعَتْ تَّزٰوَرُ عَنْ کَهْفِهِمْ ذٰاتَ اَلْیَمِینِ وَ إِذٰا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذٰاتَ اَلشِّمٰالِ وَ هُمْ فِی فَجْوَةٍ مِنْهُ ذٰلِکَ مِنْ آیٰاتِ اَللّٰهِ مَنْ یَهْدِ اَللّٰهُ فَهُوَ اَلْمُهْتَدِ وَ مَنْ یُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِیًّا مُرْشِداً (17) وَ تَحْسَبُهُمْ أَیْقٰاظاً وَ هُمْ رُقُودٌ وَ نُقَلِّبُهُمْ ذٰاتَ اَلْیَمِینِ وَ ذٰاتَ اَلشِّمٰالِ وَ کَلْبُهُمْ بٰاسِطٌ ذِرٰاعَیْهِ بِالْوَصِیدِ لَوِ اِطَّلَعْتَ عَلَیْهِمْ لَوَلَّیْتَ مِنْهُمْ فِرٰاراً وَ لَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْباً (18) وَ کَذٰلِکَ بَعَثْنٰاهُمْ لِیَتَسٰاءَلُوا بَیْنَهُمْ قٰالَ قٰائِلٌ مِنْهُمْ کَمْ لَبِثْتُمْ قٰالُوا لَبِثْنٰا یَوْماً أَوْ بَعْضَ یَوْمٍ قٰالُوا رَبُّکُمْ أَعْلَمُ بِمٰا لَبِثْتُمْ فَابْعَثُوا أَحَدَکُمْ بِوَرِقِکُمْ هٰذِهِ إِلَی اَلْمَدِینَةِ فَلْیَنْظُرْ أَیُّهٰا أَزْکیٰ طَعٰاماً فَلْیَأْتِکُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ وَ لْیَتَلَطَّفْ وَ لاٰ یُشْعِرَنَّ بِکُمْ أَحَداً (19) إِنَّهُمْ إِنْ یَظْهَرُوا عَلَیْکُمْ یَرْجُمُوکُمْ أَوْ یُعِیدُوکُمْ فِی مِلَّتِهِمْ وَ لَنْ تُفْلِحُوا إِذاً أَبَداً (20) وَ کَذٰلِکَ أَعْثَرْنٰا عَلَیْهِمْ لِیَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اَللّٰهِ حَقٌّ وَ أَنَّ اَلسّٰاعَةَ لاٰ رَیْبَ فِیهٰا إِذْ یَتَنٰازَعُونَ بَیْنَهُمْ أَمْرَهُمْ فَقٰالُوا اِبْنُوا عَلَیْهِمْ بُنْیٰاناً رَبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ قٰالَ اَلَّذِینَ غَلَبُوا عَلیٰ أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَیْهِمْ مَسْجِداً (21) سَیَقُولُونَ ثَلاٰثَةٌ رٰابِعُهُمْ کَلْبُهُمْ وَ یَقُولُونَ خَمْسَةٌ سٰادِسُهُمْ کَلْبُهُمْ رَجْماً بِالْغَیْبِ وَ یَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَ ثٰامِنُهُمْ کَلْبُهُمْ قُلْ رَبِّی أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ مٰا یَعْلَمُهُمْ إِلاّٰ قَلِیلٌ فَلاٰ تُمٰارِ فِیهِمْ إِلاّٰ مِرٰاءً ظٰاهِراً وَ لاٰ تَسْتَفْتِ فِیهِمْ مِنْهُمْ أَحَداً (22) وَ لاٰ تَقُولَنَّ لِشَیْءٍ إِنِّی فٰاعِلٌ ذٰلِکَ غَداً (23) إِلاّٰ أَنْ یَشٰاءَ اَللّٰهُ وَ اُذْکُرْ رَبَّکَ إِذٰا نَسِیتَ وَ قُلْ عَسیٰ أَنْ یَهْدِیَنِ رَبِّی لِأَقْرَبَ مِنْ هٰذٰا رَشَداً (24) وَ لَبِثُوا فِی کَهْفِهِمْ ثَلاٰثَ مِائَةٍ سِنِینَ وَ اِزْدَادُوا تِسْعاً (25) قُلِ اَللّٰهُ أَعْلَمُ بِمٰا لَبِثُوا لَهُ غَیْبُ اَلسَّمٰاوٰاتِ وَ اَلْأَرْضِ أَبْصِرْ بِهِ وَ أَسْمِعْ مٰا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِیٍّ وَ لاٰ یُشْرِکُ فِی حُکْمِهِ أَحَداً (26)

[شماره صفحه واقعی : 242]

ص: 881

[شماره صفحه واقعی : 243]

ص: 882

بیان

الآیات تذکر قصة أصحاب الکهف و هی أحد الأمور الثلاثة التی أشارت الیهود علی قریش أن تسأل النبی صلی الله علیه و آله عنها و تختبر بها صدقه فی دعوی النبوة:قصة أصحاب الکهف و قصة موسی و فتاه و قصة ذی القرنین علی ما وردت به الروایة غیر أن هذه القصة لم تصدر بما یدل علی تعلق السؤال بها کما صدرت به قصة ذی القرنین:« یَسْئَلُونَکَ عَنْ ذِی الْقَرْنَیْنِ »الآیة و إن کان فی آخرها بعض ما یشعر بذلک کقوله:« وَ لاٰ تَقُولَنَّ لِشَیْءٍ إِنِّی فٰاعِلٌ ذٰلِکَ غَداً »علی ما سیجیء.

و سیاق الآیات الثلاث التی افتتحت بها القصة مشعر بأن قصة الکهف کانت معلومة إجمالا قبل نزول الوحی بذکر القصة و خاصة سیاق قوله:« أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحٰابَ الْکَهْفِ وَ الرَّقِیمِ کٰانُوا مِنْ آیٰاتِنٰا عَجَباً و أن الذی کشف عنه الوحی تفصیل قصتهم الآخذ من قوله:« نَحْنُ نَقُصُّ عَلَیْکَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ »إلی آخر الآیات.

[شماره صفحه واقعی : 244]

ص: 883

و وجه اتصال آیات القصة بما تقدم أنه یشیر بذکر قصتهم و نفی کونهم عجبا من آیات الله أن أمر جعله تعالی ما علی الأرض زینة لها یتعلق بها الإنسان و یطمئن إلیها مکبا علیها منصرفا غافلا عن غیرها لغرض البلاء و الامتحان ثم جعل ما علیها بعد أیام قلائل صعیدا جرزا لا یظهر للإنسان إلا سدی و سرابا لیس ذلک کله إلا آیة إلهیة هی نظیرة ما جری علی أصحاب الکهف حین سلط الله علیهم النوم فی فجوة من الکهف ثلاث مائة سنین شمسیة ثم لما بعثهم لم یحسبوا مکثهم ذلک إلا مکث یوم أو بعض یوم.

فمکث کل إنسان فی الدنیا و اشتغاله بزخارفها و زیناتها و تولهه إلیها ذاهلا عما سواها آیة تضاهی فی معناها آیة أصحاب الکهف و سیبعث الله الناس من هذه الرقدة فیسألهم «کَمْ لَبِثْتُمْ فِی الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِینَ قٰالُوا لَبِثْنٰا یَوْماً أَوْ بَعْضَ یَوْمٍ» :المؤمنون:113« کَأَنَّهُمْ یَوْمَ یَرَوْنَ مٰا یُوعَدُونَ لَمْ یَلْبَثُوا إِلاّٰ سٰاعَةً مِنْ نَهٰارٍ» :الأحقاف:35 فما آیة أصحاب الکهف ببدع عجیب من بین الآیات بل هی متکررة جاریة ما جرت الأیام و اللیالی علی الإنسان.

فکأنه تعالی لما قال:« فَلَعَلَّکَ بٰاخِعٌ نَفْسَکَ عَلیٰ آثٰارِهِمْ إِنْ لَمْ یُؤْمِنُوا بِهٰذَا الْحَدِیثِ أَسَفاً »إلی تمام ثلاث آیات قال مخاطبا لنبیه:فکأنک ما تنبهت أن اشتغالهم بالدنیا و عدم إیمانهم بهذا الحدیث عن تعلقهم بزینة الأرض آیة إلهیة تشابه آیة مکث أصحاب الکهف فی کهفهم ثم انبعاثهم و لذلک حزنت و کدت تقتل نفسک أسفا بل حسبت أن أصحاب الکهف کانوا من آیاتنا بدعا عجبا من النوادر فی هذا الباب.

و إنما لم یصرح بهذا المعنی صونا لمقام النبی صلی الله علیه و آله عن نسبة الغفلة و الذهول إلیه و لأن الکنایة أبلغ من التصریح.

هذا ما یعطیه التدبر فی وجه اتصال القصة و علی هذا النمط یجری السیاق فی اتصال ما یتلو هذه القصة من مثل رجلین لأحدهما جنتان و قصة موسی و فتاه و سیجیء بیانه و قد ذکر فی اتصال القصة وجوه أخر غیر وجیهة لا جدوی فی نقلها.

قوله تعالی:« أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحٰابَ الْکَهْفِ وَ الرَّقِیمِ کٰانُوا مِنْ آیٰاتِنٰا عَجَباً » الحسبان هو الظن،و الکهف هو المغارة فی الجبل إلا أنه أوسع منها فإذا صغر سمی غارا و الرقیم من الرقم و هو الکتابة و الخط فهو فی الأصل فعیل بمعنی المفعول کالجریح

[شماره صفحه واقعی : 245]

ص: 884

و القتیل بمعنی المجروح و المقتول،و العجب مصدر بمعنی التعجب أرید به معنی الوصف مبالغة.

و ظاهر سیاق القصة أن أصحاب الکهف و الرقیم جماعة بأعیانهم و القصة قصتهم جمیعا فهم المسمون أصحاب الکهف و أصحاب الرقیم أما تسمیتهم أصحاب الکهف فلدخولهم الکهف و وقوع ما جری علیهم فیه.

و أما تسمیتهم أصحاب الرقیم فقد قیل:إن قصتهم کانت منقوشة فی لوح منصوب هناک أو محفوظ فی خزانة الملوک فبذلک سموا أصحاب الرقیم:و قیل:إن الرقیم اسم الجبل الذی فیه الکهف،أو الوادی الذی فیه الجبل أو البلد الذی خرجوا منه إلی الکهف أو الکلب الذی کان معهم أقوال خمسة،و سیأتی فی الکلام علی قصتهم ما یؤید القول الأول.

و قیل:إن أصحاب الرقیم غیر أصحاب الکهف و قصتهم غیر قصتهم ذکرهم الله مع أصحاب الکهف و لم یذکر قصتهم و قد رووا لهم قصة سنشیر إلیها فی البحث الروائی الآتی.

و هو بعید جدا فما کان الله لیشیر فی بلیغ کلامه إلی قصة طائفتین ثم یفصل القول فی إحدی القصتین و لا یتعرض للأخری لا إجمالا و لا تفصیلا علی أن ما أوردوه من قصة أصحاب الرقیم لا یلائم السیاق السابق المستدعی لذکر قصة أصحاب الکهف.

و قد تبین مما تقدم فی وجه اتصال القصة أن معنی الآیة:بل ظننت أن أصحاب الکهف و الرقیم و قد أنامهم الله مئات من السنین ثم أیقظهم فحسبوا أنهم لبثوا یوما أو بعض یوم کانوا من آیاتنا آیة عجیبة کل العجب؟لا و لیسوا بعجب و ما یجری علی عامة الإنسان من افتتانه بزینة الأرض و غفلته عن أمر المعاد ثم بعثه و هو یستقل اللبث فی الدنیا آیة جاریة تضاهی آیة الکهف.

و ظاهر السیاق کما تقدمت الإشارة إلیه أن القصة کانت معلومة للنبی صلی الله علیه و آله إجمالا عند نزول القصة و إنما العنایة متعلقة بالإخبار عن تفصیلها،و یؤید ذلک تعقیب الآیة بالآیات الثلاث المتضمنة لإجمال القصة حیث إنها تذکر إجمال القصة المؤدی إلی عدهم آیة عجیبة نادرة فی بابها.

[شماره صفحه واقعی : 246]

ص: 885

قوله تعالی:« إِذْ أَوَی الْفِتْیَةُ إِلَی الْکَهْفِ »إلی آخر الآیة الأوی الرجوع و لا کل رجوع بل رجوع الإنسان أو الحیوان إلی محل یستقر فیه أو لیستقر فیه و الفتیة جمع سماعی لفتی و الفتی الشاب و لا تخلو الکلمة من شائبة مدح.

و التهیئة الإعداد قال البیضاوی:و أصل التهیئة إحداث هیأة الشیء انتهی و الرشد بفتحتین أو الضم فالسکون الاهتداء إلی المطلوب،قال الراغب:الرشد و الرشد خلاف الغی یستعمل استعمال الهدایة.انتهی.

و قوله:« فَقٰالُوا رَبَّنٰا آتِنٰا مِنْ لَدُنْکَ رَحْمَةً »تفریع لدعائهم علی أویهم کأنهم اضطروا لفقد القوة و انقطاع الحیلة إلی المبادرة إلی المسألة،و یؤیده قولهم:« مِنْ لَدُنْکَ »فلو لا أن المذاهب أعیتهم و الأسباب تقطعت بهم و الیأس أحاط بهم ما قیدوا الرحمة المسئولة أن تکون من لدنه تعالی بل قالوا:آتنا رحمة کقول غیرهم «رَبَّنٰا آتِنٰا فِی الدُّنْیٰا حَسَنَةً» :البقرة:201« رَبَّنٰا وَ آتِنٰا مٰا وَعَدْتَنٰا عَلیٰ رُسُلِکَ» :آل عمران:194 فالمراد بالرحمة المسئولة التأیید الإلهی إذ لا مؤید غیره.

و یمکن أن یکون المراد بالرحمة المسئولة من لدنه بعض المواهب و النعم المختصة به تعالی کالهدایة التی یصرح فی مواضع من کلامه بأنها منه خاصة،و یشعر به التقیید بقوله « مِنْ لَدُنْکَ »،و یؤیده ورود نظیره فی دعاء الراسخین فی العلم المنقول فی قوله:

«رَبَّنٰا لاٰ تُزِغْ قُلُوبَنٰا بَعْدَ إِذْ هَدَیْتَنٰا وَ هَبْ لَنٰا مِنْ لَدُنْکَ رَحْمَةً» :آل عمران:8 فما سألوا إلا الهدایة.

و قوله:« وَ هَیِّئْ لَنٰا مِنْ أَمْرِنٰا رَشَداً »المراد من أمرهم الشأن الذی یخصهم و هم علیه و قد هربوا من قوم یتبعون المؤمنین و یسفکون دماءهم و یکرهونهم علی عبادة غیر الله،و التجئوا إلی کهف و هم لا یدرون ما ذا سیجری علیهم؟و لا یهتدون أی سبیل للنجاة یسلکون؟و من هنا یظهر أن المراد بالرشد الاهتداء إلی ما فیه نجاتهم.

فالجملة أعنی قوله:« وَ هَیِّئْ لَنٰا مِنْ أَمْرِنٰا رَشَداً »علی أول الاحتمالین السابقین فی معنی الرحمة عطف تفسیر علی قوله:« آتِنٰا مِنْ لَدُنْکَ رَحْمَةً »و علی ثانیهما مسألة بعد مسألة.

قوله تعالی:« فَضَرَبْنٰا عَلَی آذٰانِهِمْ فِی الْکَهْفِ سِنِینَ عَدَداً »قال فی الکشاف،أی

[شماره صفحه واقعی : 247]

ص: 886

ضربنا علیها حجابا من أن تسمع یعنی أنمناهم إنامة ثقیلة لا تنبههم فیها الأصوات کما تری المستثقل فی نومه یصاح به فلا یسمع و لا یستنبه فحذف المفعول الذی هو الحجاب کما یقال:بنی علی امرأته یریدون بنی علیها القبة.انتهی.

و قال فی المجمع،:و معنی ضربنا علی آذانهم سلطنا علیهم النوم،و هو من الکلام البالغ فی الفصاحة یقال:ضربه الله بالفالج إذا ابتلاه الله به،قال قطرب:هو کقول العرب:ضرب الأمیر علی ید فلان إذا منعه من التصرف،قال الأسود بن یعفر و قد کان ضریرا:

و من الحوادث لا أبالک أننی

ضربت علی الأرض بالأسداد

و قال:هذا من فصیح لغات القرآن التی لا یمکن أن یترجم بمعنی یوافق اللفظ انتهی،و ما ذکره من المعنی أبلغ مما ذکره الزمخشری.

و هنا معنی ثالث و إن لم یذکروه:و هو أن یکون إشارة إلی ما تصنعه النساء عند إنامة الصبی غالبا من الضرب علی أذنه بدق الأکف أو الأنامل علیها دقا نعیما لتتجمع حاسته علیه فیأخذه النوم بذلک فالجملة کنایة عن إنامتهم سنین معدودة بشفقة و حنان کما تفعل الأم المرضع بطفلها الرضیع.

و قوله:« سِنِینَ عَدَداً »ظرف للضرب،و العدد مصدر کالعد بمعنی المعدود فالمعنی سنین معدودة،و قیل بحذف المضاف و التقدیر ذوات عدد.

و قد قال فی الکشاف،إن توصیف السنین بالعدد یحتمل أن یراد به التکثیر أو التقلیل لأن الکثیر قلیل عنده کقوله:لم یلبثوا إلا ساعة من نهار،و قال الزجاج إن الشیء إذا قل فهم مقدار عدده فلم یحتج أن یعد و إذا کثر احتاج إلی أن یعد.انتهی ملخصا.

و ربما کانت العنایة فی التوصیف بالعدد هی أن الشیء إذا بلغ فی الکثرة عسر عده فلم یعد عادة و کان التوصیف بالعدد أمارة کونه قلیلا یقبل العد بسهولة،قال تعالی:

«وَ شَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرٰاهِمَ مَعْدُودَةٍ» :یوسف:20 أی قلیلة.

و کون الغرض من التوصیف بالعدد هو التقلیل هو الملائم للسیاق علی ما مر فإن الکلام مسرود لنفی کون قصتهم عجبا و إنما یناسبه تقلیل سنی لبثهم لا تکثیرها

[شماره صفحه واقعی : 248]

ص: 887

و معنی الآیة ظاهر و قد دل فیها علی کونهم نائمین فی الکهف طول المدة لا میتین.

قوله تعالی:« ثُمَّ بَعَثْنٰاهُمْ لِنَعْلَمَ أَیُّ الْحِزْبَیْنِ أَحْصیٰ لِمٰا لَبِثُوا أَمَداً »المراد بالبعث هو الإیقاظ دون الإحیاء بقرینة الآیة السابقة،و قال الراغب: الحزب جماعة فیها غلظ انتهی.

و قال:الأمد و الأبد یتقاربان لکن الأبد عبارة عن مدة الزمان التی لیس لها حد محدود و لا یتقید لا یقال:أبد کذا،و الأمد مدة لها حد مجهول إذا أطلق،و قد ینحصر نحو أن یقال:أمد کذا کما یقال:زمان کذا.و الفرق بین الأمد و الزمان أن الأمد یقال باعتبار الغایة و الزمان عام فی المبدإ و الغایة،و لذلک قال بعضهم:

المدی و الأمد یتقاربان.انتهی.

و المراد بالعلم العلم الفعلی و هو ظهور الشیء و حضوره بوجوده الخاص عند الله، و قد کثر ورود العلم بهذا المعنی فی القرآن کقوله: «لِیَعْلَمَ اللّٰهُ مَنْ یَنْصُرُهُ وَ رُسُلَهُ بِالْغَیْبِ» :الحدید:25،و قوله: «لِیَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسٰالاٰتِ رَبِّهِمْ» :الجن:28 و إلیه یرجع قول بعضهم فی تفسیره:أن المعنی لیظهر معلومنا علی ما علمناه.

و قوله:« لِنَعْلَمَ أَیُّ الْحِزْبَیْنِ أَحْصیٰ »إلخ تعلیل للبعث و اللام للغایة و المراد بالحزبین الطائفتان من أصحاب الکهف حین سأل بعضهم بعضا بعد البعث:قائلا کم لبثتم قالوا لبثنا یوما أو بعض یوم قالوا ربکم أعلم بما لبثتم علی ما یفیده قوله تعالی فی الآیات التالیة:« وَ کَذٰلِکَ بَعَثْنٰاهُمْ لِیَتَسٰاءَلُوا بَیْنَهُمْ »إلخ.

و أما قول القائل:إن المراد بالحزبین الطائفتان من قومهم المؤمنون و الکافرون کأنهم اختلفوا فی أمد لبثهم فی الکهف بین مصیب فی إحصائه و مخطئ فبعثهم الله تعالی لیبین ذلک و یظهر،و المعنی أیقظناهم لیظهر أی الطائفتین المختلفتین من المؤمنین و الکافرین فی أمد لبثهم مصیبة فی قولها،فبعید.

و قوله:« أَحْصیٰ لِمٰا لَبِثُوا أَمَداً فعل ماض من الإحصاء،و«أمدا»مفعوله و الظاهر أن« لِمٰا لَبِثُوا »قید لقوله« أَمَداً »و ما مصدریة أی أی الحزبین عد أمد لبثهم و قیل:أحصی اسم تفضیل من الإحصاء بحذف الزوائد کقولهم:هو أحصی للمال و أفلس من ابن المذلق (1)،و أمدا منصوب بفعل یدل علیه« أَحْصیٰ »و لا یخلو من

[شماره صفحه واقعی : 249]

ص: 888


1- مثل.

تکلف،و قیل غیر ذلک.

و معنی الآیات الثلاث أعنی قوله:« إِذْ أَوَی الْفِتْیَةُ إلی قوله:« أَمَداً »إذ رجع الشبان إلی الکهف فسألوا عند ذلک ربهم قائلین:ربنا هب لنا من لدنک ما ننجو به مما یهددنا بالتخییر بین عبادة غیرک و بین القتل و أعد لنا من أمرنا هدی نهتدی به إلی النجاة فأنمناهم فی الکهف سنین معدودة ثم أیقظناهم لیتبین أی الحزبین عد أمدا للبثهم.

و الآیات الثلاث کما تری تذکر إجمال قصتهم تشیر بذلک إلی جهة کونهم من آیات الله و غرابة أمرهم،تشیر الآیة الأولی إلی دخولهم الکهف و مسألتهم للنجاة،و الثانیة إلی نومهم فیه سنین عددا،و الثالثة إلی تیقظهم و انتباههم و اختلافهم فی تقدیر زمان لبثهم.

فلإجمال القصة أرکان ثلاثة تتضمن کل واحدة من الآیات الثلاث واحدا منها و علی هذا النمط تجری الآیات التالیة المتضمنة لتفصیل القصة غیر أنها تضیف إلی ذلک بعض ما جری بعد ظهور أمرهم و تبین حالهم للناس،و هو الذی یشیر إلیه قوله:« وَ کَذٰلِکَ أَعْثَرْنٰا عَلَیْهِمْ »إلی آخر آیات القصة.

قوله تعالی:« نَحْنُ نَقُصُّ عَلَیْکَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ »إلی آخر الآیة.شروع فی ذکر ما یهم من خصوصیات قصتهم تفصیلا،و قوله:« إِنَّهُمْ فِتْیَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ أی آمنوا إیمانا مرضیا لربهم و لو لا ذلک لم ینسبه إلیهم قطعا.

و قوله:« وَ زِدْنٰاهُمْ هُدیً »الهدی بعد أصل الإیمان ملازم لارتقاء درجة الإیمان الذی فیه اهتداء الإنسان إلی کل ما ینتهی إلی رضوان الله قال تعالی: «یٰا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا اتَّقُوا اللّٰهَ وَ آمِنُوا بِرَسُولِهِ یُؤْتِکُمْ کِفْلَیْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَ یَجْعَلْ لَکُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ» :الحدید:28.

قوله تعالی:« وَ رَبَطْنٰا عَلیٰ قُلُوبِهِمْ إِذْ قٰامُوا فَقٰالُوا »إلی آخر الآیات الثلاث الربط هو الشد،و الربط علی القلوب کنایة عن سلب القلق و الاضطراب عنها،و الشطط الخروج عن الحد و التجاوز عن الحق،و السلطان الحجة و البرهان.

[شماره صفحه واقعی : 250]

ص: 889

و الآیات الثلاث تحکی الشطر الأول من محاورتهم حین انتهضوا لمخالفة الوثنیة و مخاصمتهم« إِذْ قٰامُوا فَقٰالُوا رَبُّنٰا رَبُّ السَّمٰاوٰاتِ وَ الْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَا مِنْ دُونِهِ إِلٰهاً لَقَدْ قُلْنٰا إِذاً شَطَطاً هٰؤُلاٰءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لَوْ لاٰ یَأْتُونَ عَلَیْهِمْ بِسُلْطٰانٍ بَیِّنٍ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَریٰ عَلَی اللّٰهِ کَذِباً ».

و قد أتوا بکلام مملوء حکمة و فهما راموا به إبطال ربوبیة أرباب الأصنام من الملائکة و الجن و المصلحین من البشر الذین رامت الفلسفة الوثنیة إثبات ألوهیتهم و ربوبیتهم دون نفس الأصنام التی هی تماثیل و صور لأولئک الأرباب تدعوها عامتهم آلهة و أربابا،و من الشاهد علی ذلک قوله:« عَلَیْهِمْ »حیث أرجع إلیهم ضمیر« عَلَیْهِمْ » المختص بأولی العقل.

فبدءوا بإثبات توحیده بقولهم:« رَبُّنٰا رَبُّ السَّمٰاوٰاتِ وَ الْأَرْضِ »فأسندوا ربوبیة الکل إلی واحد لا شریک له،و الوثنیة تثبت لکل نوع من أنواع الخلقیة إلها و ربا کرب السماء و رب الأرض و رب الإنسان.

ثم أکدوا ذلک بقولهم:« لَنْ نَدْعُوَا مِنْ دُونِهِ إِلٰهاً و من فائدته نفی الآلهة الذین تثبتهم الوثنیة فوق أرباب الأنواع کالعقول الکلیة التی تعبده الصابئة و برهما و سیوا و وشنو الذین تعبدهم البراهمة و البوذیة و أکدوه ثانیا بقولهم:« لَقَدْ قُلْنٰا إِذاً شَطَطاً »فدلوا علی أن دعوة غیره من التجاوز عن الحد بالغلو فی حق المخلوق برفعه إلی درجة الخالق.

ثم کروا علی القوم فی عبادتهم غیر الله سبحانه باتخاذهم آلهة فقالوا:« هٰؤُلاٰءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لَوْ لاٰ یَأْتُونَ عَلَیْهِمْ بِسُلْطٰانٍ بَیِّنٍ »فردوا قولهم بأنهم لا برهان لهم علی ما یدعونه یدل علیه دلالة بینة.

و ما استدلوا به من قولهم:إن الله سبحانه أجل من أن یحیط به إدراک خلقه فلا یمکن التوجه إلیه بالعبادة و لا التقرب إلیه بالعبودیة فلا یبقی لنا إلا أن نعبد بعض الموجودات الشریفة من عباده المقربین لیقربونا إلیه زلفی مردود إلیهم أما عدم إحاطة الإدراک به تعالی فهو مشترک بیننا معاشر البشر و بین من یعبدونه من

[شماره صفحه واقعی : 251]

ص: 890

العباد المقربین،و الجمیع منا و منهم یعرفونه بأسمائه و صفاته و آثاره کل علی قدر طاقته فله أن یتوجه إلیه بالعبادة علی قدر معرفته.

علی أن جمیع الصفات الموجبة لاستحقاق العبادة من الخلق و الرزق و الملک و التدبیر له وحده و لا یملک غیره شیئا من ذلک فله أن یعبد و لیس لغیره ذلک.

ثم أردفوا قولهم:« لَوْ لاٰ یَأْتُونَ عَلَیْهِمْ بِسُلْطٰانٍ بَیِّنٍ »بقولهم« فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَریٰ عَلَی اللّٰهِ کَذِباً »و هو من تمام الحجة الرادة لقولهم،و معناه أن علیهم أن یقیموا برهانا قاطعا علی قولهم فلو لم یقیموه کان قولهم من القول بغیر علم فی الله و هو افتراء الکذب علیه تعالی،و الافتراء ظلم و الظلم علی الله أعظم الظلم.هذا فقد دلوا بکلامهم هذا أنهم کانوا علماء بالله أولی بصیرة فی دینهم،و صدقوا قوله تعالی« وَ زِدْنٰاهُمْ هُدیً » و فی الکلام علی ما به من الإیجاز قیود تکشف عن تفصیل نهضتهم فی بادئها فقوله تعالی:« وَ رَبَطْنٰا عَلیٰ قُلُوبِهِمْ »یدل علی أن قولهم:« رَبُّنٰا رَبُّ السَّمٰاوٰاتِ وَ الْأَرْضِ »إلخ لم یکن بإسرار النجوی و فی خلإ من عبدة الأوثان بل کان بإعلان القول و الإجهار به فی ظرف تذوب منه القلوب و ترتاع النفوس و تقشعر الجلود فی ملإ معاند یسفک الدماء و یعذب و یفتن.

و قوله:« لَنْ نَدْعُوَا مِنْ دُونِهِ إِلٰهاً »بعد قوله« رَبُّنٰا رَبُّ السَّمٰاوٰاتِ وَ الْأَرْضِ » و هو جحد و إنکار فیه إشعار و تلویح إلی أنه کان هناک تکلیف إجباری بعبادة الأوثان و دعاء غیر الله.

و قوله:« إِذْ قٰامُوا فَقٰالُوا »إلخ یشیر إلی أنهم فی بادئ قولهم کانوا فی مجلس یصدر عنه الأمر بعبادة الأوثان و الإجبار علیها و النهی عن عبادة الله و السیاسة المنتحلیة بالقتل و العذاب کمجلس الملک أو ملئه أو ملإ عام کذلک فقاموا و أعلنوا مخالفتهم و خرجوا و اعتزلوا القوم و هم فی خطر عظیم یهددهم و یهجم علیهم من کل جانب کما یدل علیه قولهم:« وَ إِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَ مٰا یَعْبُدُونَ إِلاَّ اللّٰهَ فَأْوُوا إِلَی الْکَهْفِ .

و هذا یؤید ما وردت به الروایة و سیجیء الخبر أن ستة منهم کانوا من خواص الملک یستشیرهم فی أموره فقاموا من مجلس و أعلنوا التوحید و نفی الشریک عنه تعالی.

[شماره صفحه واقعی : 252]

ص: 891

و لا ینافی ذلک ما سیأتی من الروایات أنهم کانوا یسرون إیمانهم و یعملون بالتقیة لجواز أن یکونوا سائرین علیها ثم یفاجئوا القوم بإعلان الإیمان ثم یعتزلوهم من غیر مهل فلم تکن تسعهم إدامة التظاهر بالإیمان و إلا قتلوا بلا شک.

و ربما احتمل أن یکون المراد بقیامهم قیامهم لله نصرة منهم للحق و قولهم:« رَبُّنٰا رَبُّ السَّمٰاوٰاتِ وَ الْأَرْضِ »إلخ قولا منهم فی أنفسهم و قولهم:« وَ إِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ »إلخ قولا منهم بعد ما خرجوا من المدینة،أو یکون المراد قیامهم لله،و جمیع ما نقل من أقوالهم إنما قالوها فیما بین أنفسهم بعد ما خرجوا من المدینة و تنحوا عن القوم و علی الوجهین یکون المراد بالربط علی قلوبهم أنهم لم یخافوا عاقبة الخروج و الهرب من المدینة و هجرة القوم لکن الأظهر هو الوجه الأول.

قوله تعالی:« وَ إِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَ مٰا یَعْبُدُونَ إِلاَّ اللّٰهَ فَأْوُوا إِلَی الْکَهْفِ »إلی آخر الآیة الاعتزال و التعزل التنحی عن أمر،و النشر البسط،و المرفق بکسر المیم و فتح الفاء و بالعکس و بفتحهما المعاملة بلطف.

هذا هو الشطر الثانی من محاورتهم جرت بینهم بعد خروجهم من بین الناس و اعتزالهم إیاهم و ما یعبدون من دون الله و تنحیهم عن الجمیع یشیر به بعضهم علیهم أن یدخلوا الکهف و یتستروا فیه من أعداء الدین.

و قد تفرسوا بهدی إلهی أنهم لو فعلوا ذلک عاملهم الله من لطفه و رحمته بما فیه نجاتهم من تحکم القوم و ظلمهم و الدلیل علی ذلک قولهم بالجزم:« فَأْوُوا إِلَی الْکَهْفِ یَنْشُرْ لَکُمْ رَبُّکُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ »إلخ و لم یقولوا:عسی أن ینشر أو لعل.

و هذان اللذان تفرسوا بهما من نشر الرحمة و تهیئة المرفق هما اللذان سألوهما بعد دخول الکهف إذ قالوا کما حکی الله « رَبَّنٰا آتِنٰا مِنْ لَدُنْکَ رَحْمَةً وَ هَیِّئْ لَنٰا مِنْ أَمْرِنٰا رَشَداً ».

و الاستثناء فی قوله:« وَ مٰا یَعْبُدُونَ إِلاَّ اللّٰهَ »استثناء منقطع فإن الوثنیین لم یکونوا یعبدون الله مع سائر آلهتهم حتی یفید الاستثناء إخراج بعض ما دخل أولا فی المستثنی منه فیکون متصلا فقول بعضهم:إنهم کانوا یعبدون الله و یعبدون

[شماره صفحه واقعی : 253]

ص: 892

الأصنام کسائر المشرکین.و کذا قول بعض آخر:یجوز أنه کان فیهم من یعبد الله مع عبادة الأصنام فیکون الاستثناء متصلا فی غیر محله،إذ لم یعهد من الوثنیین عبادة الله سبحانه مع عبادة الأصنام،و فلسفتهم لا تجیز ذلک،و قد أشرنا إلی حجتهم فی ذلک آنفا.

قوله تعالی:« وَ تَرَی الشَّمْسَ إِذٰا طَلَعَتْ تَزٰاوَرُ عَنْ کَهْفِهِمْ ذٰاتَ الْیَمِینِ وَ إِذٰا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذٰاتَ الشِّمٰالِ »إلی آخر الآیتین التزاور هو التمایل مأخوذ من الزور بمعنی المیل و القرض القطع،و الفجوة المتسع من الأرض و ساحة الدار و المراد بذات الیمین و ذات الشمال الجهة التی تلی الیمین أو الشمال أو الجهة ذات اسم الیمین أو الشمال و هما جهتا الیمین و الشمال.

و هاتان الآیتان تمثلان الکهف و مستقرهم منه و منظرهم و ما یتقلب علیهم من الحال أیام لبثهم فیه و هم رقود و الخطاب للنبی صلی الله علیه و آله بما أنه سامع لا بما أنه هو،و هذا شائع فی الکلام،و الخطاب علی هذا النمط یعم کل سامع من غیر أن یختص بمخاطب خاص.

فقوله:« وَ تَرَی الشَّمْسَ إِذٰا طَلَعَتْ تَزٰاوَرُ عَنْ کَهْفِهِمْ ذٰاتَ الْیَمِینِ وَ إِذٰا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذٰاتَ الشِّمٰالِ وَ هُمْ فِی فَجْوَةٍ مِنْهُ »یصف موقع الکهف و موقعهم فیه و هم نائمون و أما إنامتهم فیه بعد الأوی إلیه و مدة لبثهم فیه فقد اکتفی فی ذلک بما أشیر إلیه فی الآیات السابقة من إنامتهم و لبثهم و ما سیأتی من قوله:« وَ لَبِثُوا فِی کَهْفِهِمْ » «إلخ»إیثارا للإیجاز.

و المعنی:و تری أنت و کل راء یفرض اطلاعه علیهم و هم فی الکهف یری الشمس إذا طلعت تتزاور و تتمایل عن کهفهم جانب الیمین فیقع نورها علیه،و إذا غربت تقطع جانب الشمال فیقع شعاعها علیه و هم فی متسع من الکهف لا تناله الشمس.

و قد أشار سبحانه بذلک إلی أن الکهف لم یکن شرقیا و لا غربیا لا یقع علیه شعاع الشمس إلا فی أحد الوقتین بل کان قطبیا یحاذی ببابه القطب فیقع شعاع الشمس علی أحد جانبیه من داخل طلوعا و غروبا،و لا یقع علیهم لأنهم کانوا فی متسع منه فوقاهم الله بذلک من أن یؤذیهم حر الشمس أو یغیر ألوانهم أو یبلی ثیابهم بل کانوا

[شماره صفحه واقعی : 254]

ص: 893

مرتاحین فی نومتهم مستفیدین من روح الهواء المتحول علیهم بالشروق و الغروب و هم فی فجوة منه،و لعل تنکیر فجوة للدلالة علی وصف محذوف و التقدیر و هم فی فجوة منه لا یصیبهم فیه شعاعها.

و قد ذکر المفسرون أن الکهف کان بابه مقابلا للقطب الشمالی یسامت بنات النعش، و الجانب الأیمن منه ما یلی المغرب و یقع علیه شعاع الشمس عند طلوعها و الجانب الأیسر منه ما یلی المشرق و تناله الشمس عند غروبها،و هذا مبنی علی أخذ جهتی الیمین و الشمال للکهف باعتبار الداخل فیه،و کأن ذلک منهم تعویلا علی ما هو المشهور أن هذا الکهف واقع فی بلدة أفسوس من بلاد الروم الشرقی فإن الکهف الذی هناک قطبی یقابل بابه القطب الشمالی متمایلا قلیلا إلی المشرق علی ما یقال.

و المعمول فی اعتبار الیمین و الیسار لمثل الکهف و البیت و الفسطاط و کل ما له باب أن یؤخذا باعتبار الخارج منه دون الداخل فیه فإن الإنسان أول ما أحس الحاجة إلی اعتبار الجهات أخذها لنفسه فسمی ما یلی رأسه و قدمه علوا و سفلا و فوق و تحت،و سمی ما یلی وجهه قدام و ما یقابله خلف،و سمی الجانب القوی منه و هو الذی فیه یده القویة یمینا،و الذی یخالفه شمالا و یسارا ثم إذا مست الحاجة إلی اعتبار الجهات فی شیء فرض الإنسان نفسه مکانه فما کان من أطراف ذلک الشیء ینطبق علیه الوجه و هو الطرف الذی یستقبل به الشیء غیره تعین به قدامه و بما یقاطره خلفه،و بما ینطبق علیه یمین الإنسان من أطرافه یمینه و کذا بیسار الإنسان یساره.

و إذ کان الوجه فی مثل البیت و الدار و الفسطاط و کل ما له باب طرفه الذی فیه الباب کان تعین یمینه و یساره باعتبار الخارج من الباب دون الداخل منه،و علی هذا یکون الکهف الذی وصفته الآیة بما وصفت جنوبیا یقابل بابه القطب الجنوبی لا کما ذکروه،و للکلام تتمة ستوافیک إن شاء الله.

و علی أی حال کان وضعهم هذا من عنایة الله و لطفه بهم لیستبقیهم بذلک حتی یبلغ الکتاب أجله،و إلیه الإشارة بقوله عقیبه: «ذٰلِکَ مِنْ آیٰاتِ اللّٰهِ مَنْ یَهْدِ اللّٰهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَ مَنْ یُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِیًّا مُرْشِداً ».

و قوله:« وَ تَحْسَبُهُمْ أَیْقٰاظاً وَ هُمْ رُقُودٌ » الأیقاظ جمع یقظ و یقظان و الرقود جمع

[شماره صفحه واقعی : 255]

ص: 894

راقد و هو النائم،و فی الکلام تلویح إلی أنهم کانوا مفتوحی الأعین حال نومهم کالأیقاظ.

و قوله:« وَ نُقَلِّبُهُمْ ذٰاتَ الْیَمِینِ وَ ذٰاتَ الشِّمٰالِ »أی و نقلبهم جهة الیمین و جهة الشمال، و المراد نقلبهم تارة من الیمین إلی الشمال و تارة من الشمال إلی الیمین لئلا تأکلهم الأرض، و لا تبلی ثیابهم،و لا تبطل قواهم البدنیة بالرکود و الخمود طول المکث.

و قوله:« وَ کَلْبُهُمْ بٰاسِطٌ ذِرٰاعَیْهِ بِالْوَصِیدِ » الوصید فناء البیت و قیل:عتبة الدار و المعنی کانوا علی ما وصف من الحال و الحال أن کلبهم مفترش بذراعیه باسط لهما بفناء الکهف و فیه إخبار بأنهم کان لهم کلب یلازمهم و کان ماکثا معهم طول مکثهم فی الکهف.

و قوله:« لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَیْهِمْ لَوَلَّیْتَ مِنْهُمْ فِرٰاراً وَ لَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْباً »بیان أنهم و حالهم هذا الحال کان لهم منظر موحش هائل لو أشرف علیهم الإنسان فر منهم خوفا من خطرهم تبعدا من المکروه المتوقع من ناحیتهم و ملأ قلبه الروع و الفزع رعبا و سری إلی جمیع الجوارح فملأ الجمیع رعبا،و الکلام فی الخطاب الذی فی قوله:

« لَوَلَّیْتَ »و قوله:« وَ لَمُلِئْتَ »کالکلام فی الخطاب الذی فی قوله:« وَ تَرَی الشَّمْسَ ».

و قد بان بما تقدم من التوضیح أولا:الوجه فی قوله:« وَ لَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْباً »و لم یقل:و لملیء قلبک رعبا.

و ثانیا:الوجه فی ترتیب الجملتین:« لَوَلَّیْتَ مِنْهُمْ فِرٰاراً وَ لَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْباً »و ذلک أن الفرار و هو التبعد من المکروه معلول لتوقع وصول المکروه تحذرا منه،و لیس بمعلول للرعب الذی هو الخشیة و تأثر القلب ،و المکروه المترقب یجب أن یتحذر منه سواء کان هناک رعب أو لم یکن.

فتقدیم الفرار علی الرعب لیس من قبیل تقدیم المسبب علی سببه بل من تقدیم حکم الخوف علی الرعب و هما حالان متغایران قلبیان،و لو کان بدل الخوف من الرعب لکان من حق الکلام تقدیم الجملة الثانیة و تأخیر الأولی و أما بناء علی ما ذکرناه فتقدیم حکم الخوف علی حصول الرعب و هما جمیعا أثران للاطلاع علی منظرهم الهائل الموحش أحسن و أبلغ لأن الفرار أظهر دلالة علی ذلک من الامتلاء بالرعب.

[شماره صفحه واقعی : 256]

ص: 895

قوله تعالی:« وَ کَذٰلِکَ بَعَثْنٰاهُمْ لِیَتَسٰاءَلُوا بَیْنَهُمْ »إلی آخر الآیتین التساؤل سؤال بعض القوم بعضا،و الورق بالفتح فالکسر:الدراهم،و قیل هو الفضة مضروبة کانت أو غیرها،و قوله:إن یظهروا علیکم أی إن یطلعوا علیکم أو إن یظفروا بکم.

و الإشارة بقوله:« وَ کَذٰلِکَ بَعَثْنٰاهُمْ »إلی إنامتهم بالصورة التی مثلتها الآیات السابقة أی کما أنمناهم فی الکهف دهرا طویلا علی هذا الوضع العجیب المدهش الذی کان آیة من آیاتنا کذلک بعثناهم و أیقظناهم لیتساءلوا بینهم.

و هذا التشبیه و جعل التساؤل غایة للبعث مع ما تقدم من دعائهم لدی ورود الکهف و إنامتهم إثر ذلک یدل علی أنهم إنما بعثوا من نومتهم لیتساءلوا فیظهر لهم حقیقة الأمر،و إنما أنیموا و لبثوا فی نومتهم دهرا لیبعثوا،و قد نومهم الله إثر دعائهم و مسألتهم رحمة من عند الله و اهتداء مهیأ من أمرهم فقد کان أزعجهم استیلاء الکفر علی مجتمعهم و ظهور الباطل و إحاطة القهر و الجبر و هجم علیهم الیأس و القنوط من ظهور کلمة الحق و حریة أهل الدین فی دینهم فاستطالوا لبث الباطل فی الأرض و ظهوره علی الحق کالذی مر علی قریة و هی خاویة علی عروشها قال أنی یحیی هذه الله بعد موتها فأماته الله مائة عام ثم بعثه.

و بالجملة لما غلبت علیهم هذه المزعمة و استیأسوا من زوال غلبة الباطل أنامهم الله سنین عددا ثم بعثهم لیتساءلوا فیجیبوا بیوم أو بعض یوم ثم ینکشف لهم تحول الأحوال و مرور مآت من السنین عند غیرهم و هی بنظرة أخری کیوم أو بعض یوم فیعلموا أن طول الزمان و قصره لیس بذاک الذی یمیت حقا أو یحیی باطلا و إنما هو الله سبحانه جعل ما علی الأرض زینة لها و جذب إلیها الإنسان و أجری فیها الدهور و الأیام لیبلوهم أیهم أحسن عملا،و لیس للدنیا إلا أن تغر بزینتها طالبیها ممن أخلد إلی الأرض و اتبع هواه.

و هذه حقیقة لا تزال لائحة للإنسان کلما انعطف علی ما مرت علیه من أیامه السالفة و ما جرت علیه من الحوادث حلوها و مرها و جدها کطائف فی نومة أو سنة فی مثل یوم غیر أن سکر الهوی و التلهی بلهو الدنیا لا یدعه أن ینتبه للحق فیتبعه لکن لله سبحانه علی الإنسان یوم لا یشغله عن مشاهدة هذه الحقیقة شاغل من زینة الدنیا

[شماره صفحه واقعی : 257]

ص: 896

و زخرفها و هو یوم الموت کما

عن علی علیه السلام : «الناس نیام فإذا ماتوا انتبهوا و یوم آخر و هو یوم یطوی فیه بساط الدنیا و زینتها و یقضی علی العالم الإنسانی بالبید و الانقراض.

و قد ظهر بما تقدم أن قوله تعالی:« لِیَتَسٰاءَلُوا بَیْنَهُمْ »غایة لبعثهم و اللام لتعلیل الغایة،و تنطبق علی ما مر من الغایة فی قوله:« ثُمَّ بَعَثْنٰاهُمْ لِنَعْلَمَ أَیُّ الْحِزْبَیْنِ أَحْصیٰ لِمٰا لَبِثُوا أَمَداً ».

و ذکر بعضهم:أنه بعض الغایة وضع موضعها لاستتباعه لسائر آثار البعث کأنه قیل لیتساءلوا بینهم و ینجر ذلک إلی ظهور أمرهم و انکشاف الآیة و ظهور القدرة و هذا مع عدم شاهد علیه من جهة اللفظ تکلف ظاهر.

و ذکر آخرون:أن اللام فی قوله:« لِیَتَسٰاءَلُوا »للعاقبة دون الغایة استبعادا لأن یکون التساؤل و هو أمر هین غایة للبعث و هو آیة عظیمة،و فیه أن جعل اللام للعاقبة لا یجدی نفعا فی دفع ما استبعده إذ کما لا ینبغی أن یجعل أمر هین للغایة مطلوبة لأمر خطیر و آیة عظیمة کذلک لا یحسن ذکر شیء یسیر عاقبة لأمر ذی بال و آیة عجیبة مدهشة علی أنک عرفت صحة کون التساؤل علة غائیة للبعث آنفا.

و قوله:« قٰالَ قٰائِلٌ مِنْهُمْ کَمْ لَبِثْتُمْ »دلیل علی أن السائل عن لبثهم کان واحدا منهم خاطب الباقین و سألهم عن مدة لبثهم فی الکهف نائمین و کأن السائل استشعر طولا فی لبثهم مما وجده من لوثة النوم الثقیل بعد التیقظ فقال:کم لبثتم؟.

و قوله:« قٰالُوا لَبِثْنٰا یَوْماً أَوْ بَعْضَ یَوْمٍ »ترددوا فی جوابهم بین الیوم و بعض الیوم و کأنهم بنوا الجواب علی ما شاهدوا من تغیر محل وقوع الشمس کأن أخذوا فی النوم أوائل النهار و انتبهوا فی أواسطه أو أواخره ثم شکوا فی مرور اللیل علیهم فیکون مکثهم یوما و عدم مروره فیکون بعض یوم فأجابوا بالتردید بین یوم و بعض یوم و هو علی أی حال جواب واحد.

و قول بعضهم:إن التردید علی هذا یجب أن یکون بین بعض یوم و یوم و بعض لا بین یوم و بعض یوم فالوجه أن یکون« أَوْ »للتفصیل لا للتردید و المعنی قال بعضهم:

[شماره صفحه واقعی : 258]

ص: 897

لبثنا یوم و قال بعض آخر:لبثنا بعض یوم.

لا یلتفت إلیه أما أولا فلأن هذا المعنی لا یتلقی من سیاق مثل قوله:« لَبِثْنٰا یَوْماً أَوْ بَعْضَ یَوْمٍ »البتة و قد أجاب بمثله شخص واحد بعینه قال تعالی: «قٰالَ کَمْ لَبِثْتَ قٰالَ:لَبِثْتُ یَوْماً أَوْ بَعْضَ یَوْمٍ» :البقرة:259.

و أما ثانیا فلأن قولهم:« لَبِثْنٰا یَوْماً »إنما أخذوه عما استدلوا به من الأمور المشهودة لهم لجلالة قدرهم عن التحکم و التهوس و المجازفة و الأمور الخارجیة التی یستدل بها الإنسان و خاصة من نام ثم انتبه من شمس و ظل و نور و ظلمة و نحو ذلک لا تشخص مقدار الیوم التام من غیر زیادة و نقیصة سواء فی ذلک التردید و التفصیل فالمراد بالیوم علی أی حال ما یزید علی لیلة بنهارها بعض الزیادة و هو استعمال شائع.

و قوله تعالی:« قٰالُوا رَبُّکُمْ أَعْلَمُ بِمٰا لَبِثْتُمْ »أی قال بعض آخر منهم ردا علی القائلین:

لَبِثْنٰا یَوْماً أَوْ بَعْضَ یَوْمٍ

»:« رَبُّکُمْ أَعْلَمُ بِمٰا لَبِثْتُمْ »و لو لم یکن ردا لقالوا ربنا أعلم بما لبثنا.

و بذلک یظهر أن إحالة العلم إلی الله تعالی فی قولهم:« رَبُّکُمْ أَعْلَمُ »لیس لمجرد مراعاة حسن الأدب کما قیل بل لبیان حقیقة من حقائق معارف التوحید و هی أن العلم بحقیقة معنی الکلمة لیس إلا لله سبحانه فإن الإنسان محجوب عما وراء نفسه لا یملک بإذن الله إلا نفسه و لا یحیط إلا بها و إنما یحصل له من العلم بما هو خارج عن نفسه ما دلت علیه الأمارات الخارجیة و بمقدار ما ینکشف بها و أما الإحاطة بعین الأشیاء و نفس الحوادث و هو العلم حقیقة فإنما هو لله سبحانه المحیط بکل شیء الشهید علی کل شیء و الآیات الدالة علی هذه الحقیقة لا تحصی.

فلیس للموحد العارف بمقام ربه إلا أن یسلم الأمر له و ینسب العلم إلیه و لا یسند إلی نفسه شیئا من الکمال کالعلم و القدرة إلا ما اضطر إلیه فیبدأ بربه فینسب إلیه حقیقة الکمال ثم لنفسه ما ملکه الله إیاه و أذن له فیه کما قال: «عَلَّمَ الْإِنْسٰانَ مٰا لَمْ یَعْلَمْ» :العلق:

5 و قال: «قٰالُوا سُبْحٰانَکَ لاٰ عِلْمَ لَنٰا إِلاّٰ مٰا عَلَّمْتَنٰا» :البقرة:32 إلی آیات أخری کثیرة.

[شماره صفحه واقعی : 259]

ص: 898

و یظهر بذلک أن القائلین منهم:« رَبُّکُمْ أَعْلَمُ بِمٰا لَبِثْتُمْ »کانوا أعلی کعبا فی مقام المعرفة من القائلین:« لَبِثْنٰا یَوْماً أَوْ بَعْضَ یَوْمٍ »و لم یریدوا بقولهم هذا مجرد إظهار الأدب و إلا لقالوا:ربنا أعلم بما لبثنا و لم یکونوا أحد الحزبین اللذین أشار سبحانه إلیهما بقوله فیما سبق:« ثُمَّ بَعَثْنٰاهُمْ لِنَعْلَمَ أَیُّ الْحِزْبَیْنِ أَحْصیٰ لِمٰا لَبِثُوا أَمَداً »فإن إظهار الأدب لا یسمی قولا و إحصاء و لا الآتی به ذا قول و إحصاء.

و الظاهر أن القائلین منهم:« رَبُّکُمْ أَعْلَمُ بِمٰا لَبِثْتُمْ »غیر القائلین:« لَبِثْنٰا یَوْماً أَوْ بَعْضَ یَوْمٍ »فإن السیاق سیاق المحاورة و المجاوبة کما قیل و لازمه کون المتکلمین ثانیا غیر المتکلمین أولا و لو کانوا هم الأولین بأعیانهم لکان من حق الکلام أن یقال:ثم قالوا ربنا أعلم بما لبثنا بدل قوله:« رَبُّکُمْ أَعْلَمُ »إلخ.

و من هنا یستفاد أن القوم کانوا سبعة أو أزید إذ قد وقع فی حکایة محاورتهم« قٰالَ »مرة و« قٰالُوا »مرتین و أقل الجمع ثلاثة فقد کانوا لا یقل عددهم من سبعة.

و قوله تعالی:« فَابْعَثُوا أَحَدَکُمْ بِوَرِقِکُمْ هٰذِهِ إِلَی الْمَدِینَةِ فَلْیَنْظُرْ أَیُّهٰا أَزْکیٰ طَعٰاماً فَلْیَأْتِکُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ »من تتمة المحاورة و فیه أمر أو عرض لهم أن یرسلوا رسولا منهم إلی المدینة لیشتری لهم طعاما یتغذون به و الضمیر فی« أَیُّهٰا »راجع إلی المدینة و المراد بها أهلها من الکسبة استخداما.

و زکاء الطعام کونه طیبا و قیل:کونه حلالا و قیل:کونه طاهرا و وروده بصیغة أفعل التفضیل« أَزْکیٰ طَعٰاماً »لا یخلو من إشعار بالمعنی الأول.

و الضمیر فی« مِنْهُ »للطعام المفهوم من الکلام و قیل:للأزکی طعاما و«من» للابتداء أو التبعیض أی لیأتکم من ذلک الطعام الأزکی برزق ترتزقون به،و قیل:

الضمیر للورق و«من»للبدایة و هو بعید لإحواجه إلی تقدیر ضمیر آخر یرجع إلی الجملة السابقة و کونه ضمیر التذکیر و قد أشیر إلی الورق بلفظ التأنیث من قبل.

و قوله تعالی:« وَ لْیَتَلَطَّفْ وَ لاٰ یُشْعِرَنَّ بِکُمْ أَحَداً » التلطف إعمال اللطف و الرفق و إظهاره فقوله:« وَ لاٰ یُشْعِرَنَّ بِکُمْ أَحَداً »عطف تفسیری له و المراد علی ما یعطیه السیاق:لیتکلف اللطف مع أهل المدینة فی ذهابه و مجیئه و معاملته لهم کی لا یقع خصومة أو منازعة لتؤدی إلی معرفتهم بحالکم و إشعارهم بکم،و قیل

[شماره صفحه واقعی : 260]

ص: 899

المعنی لیتکلف اللطف فی المعاملة و إطلاق الکلام یدفعه.

و قوله تعالی:« إِنَّهُمْ إِنْ یَظْهَرُوا عَلَیْکُمْ یَرْجُمُوکُمْ أَوْ یُعِیدُوکُمْ فِی مِلَّتِهِمْ وَ لَنْ تُفْلِحُوا إِذاً أَبَداً »تعلیل للأمر بالتلطف و بیان لمصلحته.

ظهر علی الشیء بمعنی اطلع علیه و علم به و بمعنی ظفر به و قد فسرت الآیة بکل من المعنیین و الکلمة علی ما ذکره الراغب مأخوذة من الظهر بمعنی الجارحة مقابل البطن فکان هو الأصل ثم أستعیر للأرض فقیل:ظهر الأرض مقابل بطنها ثم أخذ منه الظهور بمعنی الانکشاف مقابل البطون للملازمة بین الکون علی وجه الأرض و بین الرؤیة و الاطلاع و کذا بینه و بین الظفر و کذا بینه و بین الغلبة عادة فقیل:ظهر علیه أی اطلع علیه و علم بمکانه أو ظفر به أو غلبه ثم اتسعوا فی الاشتقاق فقالوا:أظهر و ظاهر و تظاهر و استظهر إلی غیر ذلک.

و ظاهر السیاق أن یکون« یَظْهَرُوا عَلَیْکُمْ »بمعنی یطلعوا علیکم و یعلموا بمکانکم فإنه أجمع المعانی لأن القوم کانوا ذوی أید و قوة و قد هربوا و استخفوا منهم فلو اطلعوا علیهم ظفروا بهم و غلبوهم علی ما أرادوا.

و قوله:« یَرْجُمُوکُمْ »أی یقتلوکم بالحجارة و هو شر القتل و یتضمن معنی النفرة و الطرد، و فی اختیار الرجم علی غیره من أصناف القتل إشعار بأن أهل المدینة عامة کانوا یعادونهم لدینهم فلو ظهروا علیهم بادروا إلیهم و تشارکوا فی قتلهم و القتل الذی هذا شأنه یکون بالرجم عادة.

و قوله:« أَوْ یُعِیدُوکُمْ فِی مِلَّتِهِمْ »الظاهر أن الإعادة مضمن معنی الإدخال و لذا عدی بفی دون إلی.

و کان لازم دخولهم فی ملتهم عادة و قد تجاهروا برفضها و سموها شططا من القول و افتراء علی الله بالکذب أن لا یقنع القوم بمجرد اعترافهم بحقیة الملة صورة دون أن یثقوا بصدقهم فی الاعتراف و یراقبوهم فی أعمالهم فیشارکوا الناس فی عبادة الأوثان و الإتیان بجمیع الوظائف الدینیة التی لهم و الحرمان عن العمل بشیء من شرائع الدین الإلهی و التفوه بکلمة الحق.

[شماره صفحه واقعی : 261]

ص: 900

و هذا کله لا بأس به علی من اضطر علی الإقامة فی بلاد الکفر و الانحصار بین أهله کالأسیر المستضعف بحکم العقل و النقل و قد قال تعالی: «إِلاّٰ مَنْ أُکْرِهَ وَ قَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِیمٰانِ» :النحل:106 و قال تعالی: «إِلاّٰ أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقٰاةً» :آل عمران:

28 فله أن یؤمن بقلبه و ینکره بلسانه و أما من کان بنجوة منهم و هو حر فی اعتقاده و عمله ثم ألقی بنفسه فی مهلکة الضلال و تسبب إلی الانحصار فی مجتمع الکفر فلم یستطع التفوه بکلمة الحق و حرم التلبس بالوظائف الدینیة الإنسانیة فقد حرم علی نفسه السعادة و لن یفلح أبدا قال تعالی: «إِنَّ الَّذِینَ تَوَفّٰاهُمُ الْمَلاٰئِکَةُ ظٰالِمِی أَنْفُسِهِمْ قٰالُوا فِیمَ کُنْتُمْ قٰالُوا کُنّٰا مُسْتَضْعَفِینَ فِی الْأَرْضِ قٰالُوا أَ لَمْ تَکُنْ أَرْضُ اللّٰهِ وٰاسِعَةً فَتُهٰاجِرُوا فِیهٰا فَأُولٰئِکَ مَأْوٰاهُمْ جَهَنَّمُ وَ سٰاءَتْ مَصِیراً» :النساء:97.

و بهذا یظهر وجه ترتب قوله:« وَ لَنْ تُفْلِحُوا إِذاً أَبَداً »علی قوله:« أَوْ یُعِیدُوکُمْ فِی مِلَّتِهِمْ »و یندفع ما قیل:إن إظهار الکفر بالإکراه مع إبطان الإیمان معفو عنه فی جمیع الأزمان فکیف رتب علی العود فی ملتهم عدم الفلاح أبدا مع أن الظاهر من حالهم الکره هذا فإنهم لو عرضوا بأنفسهم علیهم أو دلوهم بوجه علی مکانهم فأعادوهم فی ملتهم و لو علی کره کان ذلک منهم تسببا اختیاریا إلی ذلک و لم یعذروا البتة.

و قد أجابوا عن الإشکال بوجوه أخر غیر مقنعة:

منها:أن الإکراه علی الکفر قد یکون سببا لاستدراج الشیطان إلی استحسانه و الاستمرار علیه و فیه أن لازم هذا الوجه أن یقال:و یخاف علیکم أن لا تفلحوا أبدا إلا أن یقضی بعدم الفلاح قطعا.

و منها:أنه یجوز أن یکون أراد یعیدوکم إلی دینهم بالاستدعاء دون الإکراه و أنت خبیر بأن سیاق القصة لا یساعد علیه.

و منها:أنه یجوز أن یکون فی ذلک الوقت کان لا یجوز التقیة بإظهار الکفر مطلقا و فیه عدم الدلیل علی ذلک.

و سیاق ما حکی من محاورتهم أعنی قوله:« لَبِثْتُمْ »إلی تمام الآیتین سیاق عجیب دال علی کمال تحابهم فی الله و مواخاتهم فی الدین و أخذهم بالمساواة بین أنفسهم و نصح

[شماره صفحه واقعی : 262]

ص: 901

بعضهم لبعض و إشفاق بعضهم علی بعض فقد تقدم أن قول القائلین:« رَبُّکُمْ أَعْلَمُ بِمٰا لَبِثْتُمْ »تنبیه و دلالة علی موقع من التوحید أعلی و أرفع درجة مما یدل علیه قول الآخرین« لَبِثْنٰا یَوْماً أَوْ بَعْضَ یَوْمٍ »».

ثم قول القائل:« فَابْعَثُوا »حیث عرض بعث الرسول علی الجمیع و لم یستبد بقول:

لیذهب أحدکم و قوله:« أَحَدَکُمْ »و لم یقل اذهب یا فلان أو ابعثوا فلانا و قوله:« بِوَرِقِکُمْ هٰذِهِ »فأضاف الورق إلی الجمیع کل ذلک دلیل المواخاة و المساواة.

ثم قوله:« فَلْیَنْظُرْ أَیُّهٰا أَزْکیٰ طَعٰاماً »إلخ و قوله:« وَ لْیَتَلَطَّفْ » إلخ نصح و قوله:

« إِنَّهُمْ إِنْ یَظْهَرُوا عَلَیْکُمْ »إلخ نصح لهم و إشفاق علی نفوسهم بما هم مؤمنون علی دینهم.

و قوله تعالی:« بِوَرِقِکُمْ هٰذِهِ »علی ما فیه من الإضافة و الإشارة المعینة لشخص الورق مشعر بعنایة خاصة بذکرها فإن سیاق استدعاء أن یبعثوا أحدا لاشتراء طعام لهم لا یستوجب بالطبع ذکر الورق التی یشتری بها الطعام و الإشارة إلیها بشخصها و لعلها إنما ذکرت فی الآیة مع خصوصیة الإشارة لأنها کانت هی السبب لظهور أمرهم و انکشاف حالهم لأنها حین أخرجها رسومها لیدفعها ثمنا للطعام کانت من مسکوکات عهد مرت علیها ثلاثة قرون و لیس فی آیات القصة ما یشعر بسبب ظهور أمرهم و انکشاف حالهم إلا هذه اللفظة.

قوله تعالی:« وَ کَذٰلِکَ أَعْثَرْنٰا عَلَیْهِمْ لِیَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللّٰهِ حَقٌّ وَ أَنَّ السّٰاعَةَ لاٰ رَیْبَ فِیهٰا إِذْ یَتَنٰازَعُونَ بَیْنَهُمْ أَمْرَهُمْ »قال فی المفردات:،عثر الرجل یعثر عثرا و عثورا إذا سقط و یتجوز به فیمن یطلع علی أمر من غیر طلبه قال تعالی: فَإِنْ عُثِرَ عَلیٰ أَنَّهُمَا اسْتَحَقّٰا إِثْماً یقال عثرت علی کذا قال:« وَ کَذٰلِکَ أَعْثَرْنٰا عَلَیْهِمْ »أی وقفناهم علیهم من غیر أن طلبوا.انتهی.

و التشبیه فی قوله:« وَ کَذٰلِکَ أَعْثَرْنٰا عَلَیْهِمْ »کنظیره فی قوله:« وَ کَذٰلِکَ بَعَثْنٰاهُمْ » أی و کما أنساهم دهرا ثم بعثناهم لکذا و کذا کذلک أعثرنا علیهم و مفعول أعثرنا هو الناس المدلول علیه بالسیاق کما یشهد به ذیل الآیة و قوله:« لِیَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللّٰهِ حَقٌّ »

[شماره صفحه واقعی : 263]

ص: 902

ضمیر الجمع للناس و المراد بوعد الله علی ما یعطیه السیاق البعث و یکون قوله:« وَ أَنَّ السّٰاعَةَ لاٰ رَیْبَ فِیهٰا »عطفا تفسیریا لسابقه.

و قوله:« إِذْ یَتَنٰازَعُونَ بَیْنَهُمْ أَمْرَهُمْ »ظرف لقوله:« أَعْثَرْنٰا »أو لقوله« لِیَعْلَمُوا » و التنازع التخاصم قیل:أصل التنازع التجاذب و یعبر به عن التخاصم و هو باعتبار أصل معناه یتعدی بنفسه،و باعتبار التخاصم یتعدی بفی کقوله تعالی:« فَإِنْ تَنٰازَعْتُمْ فِی شَیْءٍ »انتهی.

و المراد بتنازع الناس بینهم أمرهم تنازعهم فی أمر البعث و إنما أضیف إلیهم إشعارا باهتمامهم و اعتنائهم بشأنه فهذه حال الآیة من جهة مفرداتها بشهادة بعضها علی بعض.

و المعنی علی ما مر:و کما أنمناهم ثم بعثناهم لکذا و کذا أطلعنا الناس علیهم فی زمان یتنازعون أی الناس بینهم فی أمر البعث لیعلموا أن وعد الله بالبعث حق و أن الساعة لا ریب فیها.

أو المعنی أعثرنا علیهم لیعلم الناس مقارنا لزمان یتنازعون فیه بینهم فی أمر البعث أن وعد الله بالبعث حق.

و أما دلالة بعثهم عن النوم علی أن البعث یوم القیامة حق فإنما هو من جهة أن انتزاع أرواحهم عن أجسادهم ذاک الدهر الطویل و تعطیل شعورهم و رکود حواسهم عن أعمالها و سقوط آثار القوی البدنیة کالنشو و النماء و نبات الشعر و الظفر و تغیر الشکل و ظهور الشیب و غیر ذلک و سلامة ظاهر أبدانهم و ثیابهم عن الدثور و البلی ثم رجوعهم إلی حالهم یوم دخلوا الکهف بعینها یماثل انتزاع الأرواح عن الأجساد بالموت ثم رجوعها إلی ما کانت علیها،و هما معا من خوارق العادة لا یدفعهما إلا الاستبعاد من غیر دلیل.

و قد حدث هذا الأمر فی زمان ظهر التنازع بین طائفتین من الناس موحد یری مفارقة الأرواح الأجساد عند الموت ثم رجوعها إلیها فی البعث و مشرک (1)یری

[شماره صفحه واقعی : 264]

ص: 903


1- و هذا مذهب عامة الوثنیین فهم لا یرون بطلان الإنسان بالموت و إنما یرون نفی البعث و إثبات التناسخ.

مغایرة الروح البدن و مفارقتها له عند الموت لکنه لا یری البعث و ربما رأی التناسخ.

فحدوث مثل هذه الحادثة فی مثل تلک الحال لا یدع ریبا لأولئک الناس أنها آیة إلهیة قصد بها إزالة الشک عن قلوبهم فی أمر البعث بالدلالة بالمماثل علی المماثل و رفع الاستبعاد بالوقوع.

و یقوی هذا الحدس منهم و یشتد بموتهم بعید الانبعاث فلم یعیشوا بعده إلا سویعات لم تسع أزید من اطلاع الناس علی حالهم و اجتماعهم علیهم و استخبارهم عن قصتهم و إخبارهم بها.

و من هنا یظهر وجه آخر لقوله تعالی:« إِذْ یَتَنٰازَعُونَ بَیْنَهُمْ أَمْرَهُمْ »و هو رجوع الضمیرین الأولین إلی الناس و الثالث إلی أصحاب الکهف و کون« إِذْ »ظرفا لقوله « لِیَعْلَمُوا »و یؤیده قوله بعده:« رَبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ »علی ما سیجیء.

و الاعتراض علی هذا الوجه أولا:بأنه یستدعی کون التنازع بعد الإعثار و لیس کذلک و ثانیا بأن التنازع کان قبل العلم و ارتفع به فکیف یکون وقته وقته،مدفوع بأن التنازع علی هذا الوجه فی الآیة هو تنازع الناس فی أمر أصحاب الکهف و قد کان بعد الإعثار و مقارنا للعلم زمانا،و الذی کان قبل الإعثار و قبل العلم هو تنازعهم فی أمر البعث و لیس بمراد علی هذا الوجه.

و قوله تعالی:« فَقٰالُوا ابْنُوا عَلَیْهِمْ بُنْیٰاناً رَبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ »القائلون هم المشرکون من القوم بدلیل قوله بعده:« قٰالَ الَّذِینَ غَلَبُوا عَلیٰ أَمْرِهِمْ »و المراد ببناء البنیان علیهم علی ما قیل أن یضرب علیهم ما یجعلون به وراءه و یسترون عن الناس فلا یطلع علیهم مطلع منهم کما یقال:بنی علیه جدارا إذا حوطه و جعله وراءه.

و هذا الشطر من الکلام بانضمامه إلی ما قبله من قوله:« وَ کَذٰلِکَ بَعَثْنٰاهُمْ » « وَ کَذٰلِکَ أَعْثَرْنٰا عَلَیْهِمْ »یلوح إلی تمام القصة کأنه قیل:و لما أن جاء رسولهم إلی المدینة و قد تغیرت الأحوال و تبدلت الأوضاع بمرور ثلاثة قرون علی دخولهم فی الکهف و انقضت سلطة الشرک و ألقی زمام المجتمع إلی التوحید و هو لا یدری لم یلبث دون أن ظهر أمره و شاع خبره فاجتمع علیه الناس ثم هجموا و ازدحموا علی باب الکهف فاستنبئوهم قصتهم

[شماره صفحه واقعی : 265]

ص: 904

و حصلت الدلالة الإلهیة ثم إن الله قبضهم إلیه فلم یلبثوا أحیاء بعد انبعاثهم إلا سویعات ارتفعت بها عن الناس شبهتهم فی أمر البعث و عندئذ قال المشرکون ابنوا علیهم بنیانا ربهم أعلم بهم.

و فی قوله:« رَبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ »إشارة إلی وقوع خلاف بین الناس المجتمعین علیهم أمرهم،فإنه کلام آیس من العلم بهم و استکشاف حقیقة أمرهم یلوح منه أن القوم تنازعوا فی شیء مما یرجع إلیهم فتبصر فیه بعضهم و لم یسکن الآخرون إلی شیء و لم یرتضوا رأی مخالفیهم فقالوا:ابنوا لهم بنیانا ربهم أعلم بهم.

فمعنی الجملة أعنی قوله:« رَبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ »یتفاوت بالنظر إلی الوجهین المتقدمین فی قوله:« إِذْ یَتَنٰازَعُونَ بَیْنَهُمْ أَمْرَهُمْ »إذ للجملة علی أی حال نوع تفرع علی تنازع بینهم کما عرفت آنفا فإن کان التنازع المدلول علیه بقوله:« إِذْ یَتَنٰازَعُونَ بَیْنَهُمْ أَمْرَهُمْ »هو التنازع فی أمر البعث بالإقرار و الإنکار لکون ضمیر« أَمْرَهُمْ »للناس کان المعنی أنهم تنازعوا فی أمر البعث فأعثرناهم علیهم لیعلموا أن وعد الله حق و أن الساعة لا ریب فیها لکن المشرکین لم ینتهوا بما ظهرت لهم من الآیة فقالوا ابنوا علی أصحاب الکهف بنیانا و اترکوهم علی حالهم ینقطع عنهم الناس فلم یظهر لنا من أمرهم شیء و لم نظفر فیهم علی یقین ربهم أعلم بهم،و قال الموحدون أمرهم ظاهر و آیتهم بینة و لنتخذن علیهم مسجدا یعبد فیه الله و یبقی ببقائه ذکرهم.

و إن کان التنازع هو التنازع فی أصحاب الکهف و ضمیر« أَمْرَهُمْ »راجعا إلیهم کان المعنی أنا أعثرنا الناس علیهم بعد بعثهم عن نومتهم لیعلم الناس أن وعد الله حق و أن الساعة لا ریب فیها عند ما توفاهم الله بعد إعثار الناس علیهم و حصول الغرض و هم أی الناس یتنازعون بینهم فی أمرهم أی أمر أصحاب الکهف کأنهم اختلفوا:أ نیام القوم أم أموات؟و هل من الواجب أن یدفنوا و یقبروا أو یترکوا علی هیئتهم فی فجوة الکهف فقال المشرکون:ابنوا علیهم بنیانا و اترکوهم علی حالهم ربهم أعلم بهم أ نیام أم أموات؟قال الموحدون:« لَنَتَّخِذَنَّ عَلَیْهِمْ مَسْجِداً ».

لکن السیاق یؤید المعنی الأول لأن ظاهره کون قول الموحدین:« لَنَتَّخِذَنَّ عَلَیْهِمْ مَسْجِداً »ردا منهم لقول المشرکین:« اِبْنُوا عَلَیْهِمْ بُنْیٰاناً »إلخ»و القولان من الطائفتین

[شماره صفحه واقعی : 266]

ص: 905

إنما یتنافیان علی المعنی الأول،و کذا قولهم:« رَبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ »و خاصة حیث قالوا:

« رَبُّهُمْ »و لم یقولوا:ربنا أنسب بالمعنی الأول.

و قوله:« قٰالَ الَّذِینَ غَلَبُوا عَلیٰ أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَیْهِمْ مَسْجِداً »هؤلاء القائلون هم الموحدون و من الشاهد علیه التعبیر عما اتخذوه بالمسجد دون المعبد فإن المسجد فی عرف القرآن هو المحل المتخذ لذکر الله و السجود له قال تعالی: «وَ مَسٰاجِدُ یُذْکَرُ فِیهَا اسْمُ اللّٰهِ» :الحج:40.

و قد جاء الکلام بالفصل من غیر عطف لکونه بمنزلة جواب عن سؤال مقدر کأن قائلا یقول فما ذا قال غیر المشرکین؟فقیل:قال الذین غلبوا إلخ،و أما المراد بغلبتهم علی أمرهم فإن کان المراد بأمرهم هو الأمر المذکور فی قوله:« إِذْ یَتَنٰازَعُونَ بَیْنَهُمْ أَمْرَهُمْ »و الضمیر للناس فالمراد بالغلبة غلبة الموحدین بنجاحهم بالآیة التی قامت علی حقیة البعث،و إن کان الضمیر للفتیة فالغلبة من حیث التصدی لأمرهم و الغالبون هم الموحدون و قیل:الملک و أعوانه،و قیل:أولیاؤهم من أقاربهم و هو أسخف الأقوال.

و إن کان المراد بأمرهم غیر الأمر السابق و الضمیر للناس فالغلبة أخذ زمام أمور المجتمع بالملک و ولایة الأمور،و الغالبون هم الموحدون أو الملک و أعوانه و إن کان الضمیر عائدا إلی الموصول فالغالبون هم الولاة و المراد بغلبتهم علی أمورهم أنهم غالبون علی ما أرادوه من الأمور قادرون هذا،و أحسن الوجوه أولها.

و الآیة من معارک آراء المفسرین و لهم فی مفرداتها و فی ضمائر الجمع التی فیها و فی جملها اختلاف عجیب و الاحتمالات التی أبدوها فی معانی مفرداتها و مراجع ضمائرها و أحوال جملها إذا ضربت بعضها فی بعض بلغت الألوف،و قد أشرنا منها إلی ما یلائم السیاق و علی الطالب لأزید من ذلک أن یراجع المطولات.

قوله تعالی:« سَیَقُولُونَ ثَلاٰثَةٌ رٰابِعُهُمْ کَلْبُهُمْ إلی قوله وَ ثٰامِنُهُمْ کَلْبُهُمْ »یذکر تعالی اختلاف الناس فی عدد أصحاب الکهف و أقوالهم فیه،و هی علی ما ذکره تعالی و قوله الحق ثلاثة مترتبة متصاعدة أحدها أنهم ثلاثة رابعهم کلبهم و الثانی أنهم خمسة و سادسهم کلبهم و قد عقبه بقوله:« رَجْماً بِالْغَیْبِ »أی قولا بغیر علم.

و هذا التوصیف راجع إلی القولین جمیعا:و لو اختص بالثانی فقط کان من حق

[شماره صفحه واقعی : 267]

ص: 906

الکلام أن یقدم القول الثانی و یؤخر الأول و یذکر مع الثالث الذی لم یذکر معه ما یدل علی عدم ارتضائه.

و القول الثالث أنهم سبعة و ثامنهم کلبهم،و قد ذکره الله سبحانه و لم یعقبه بشیء یدل علی تزییفه،و لا یخلو ذلک من إشعار بأنه القول الحق،و قد تقدم فی الکلام علی محاورتهم المحکیة بقوله تعالی:« قٰالَ قٰائِلٌ مِنْهُمْ کَمْ لَبِثْتُمْ قٰالُوا لَبِثْنٰا یَوْماً أَوْ بَعْضَ یَوْمٍ قٰالُوا رَبُّکُمْ أَعْلَمُ بِمٰا لَبِثْتُمْ »أنه مشعر بل دال علی أن عددهم لم یکن بأقل من سبعة.

و من لطیف صنع الآیة فی عد الأقوال نظمها العدد من ثلاثة إلی ثمانیة نظما متوالیا ففیها ثلاثة رابعها خمسة سادسها سبعة و ثامنها.

و أما قوله:« رَجْماً بِالْغَیْبِ »تمییز یصف القولین بأنهما من القول بغیر علم و الرجم هو الرمی بالحجارة و کأن المراد بالغیب الغائب و هو القول الذی معناه غائب عن العلم لا یدری قائله أ هو صدق أم کذب؟ فشبه الذی یلقی کلاما ما هذا شأنه بمن یرید الرجم بالحجارة فیرمی ما لا یدری أ حجر هو یصیب غرضه أم لا؟و لعله المراد بقول بعضهم:رجما بالغیب أی قذفا بالظن لأن المظنون غائب عن الظان لا علم له به.

و قیل:معنی« رَجْماً بِالْغَیْبِ »ظنا بالغیب و هو بعید.

و قد قال تعالی:« ثَلاٰثَةٌ رٰابِعُهُمْ کَلْبُهُمْ »و قال:« خَمْسَةٌ سٰادِسُهُمْ کَلْبُهُمْ »فلم یأت بواو ثم قال:« سَبْعَةٌ وَ ثٰامِنُهُمْ کَلْبُهُمْ »فأتی بواو قال فی الکشاف،:و ثلاثة خبر مبتدإ محذوف أی هم ثلاثة،و کذلک خمسة و سبعة،رابعهم کلبهم جملة من مبتدإ و خبر واقعة صفة لثلاثة،و کذلک سادسهم کلبهم و ثامنهم کلبهم.

فإن قلت:فما هذه الواو الداخلة علی الجملة الثالثة؟و لم دخلت علیها دون الأولیین؟ قلت:هی الواو التی تدخل علی الجملة الواقعة صفة للنکرة کما تدخل علی الواقعة حالا عن المعرفة فی نحو قولک:جاءنی رجل و معه آخر و مررت بزید و بیده سیف، و منه قوله تعالی:« وَ مٰا أَهْلَکْنٰا مِنْ قَرْیَةٍ إِلاّٰ وَ لَهٰا کِتٰابٌ مَعْلُومٌ »و فائدتها تأکید لصوق الصفة بالموصوف و الدلالة علی أن اتصافه بها أمر ثابت مستقر.

و هذه الواو هی التی آذنت بأن الذین قالوا:سبعة و ثامنهم کلبهم قالوه عن ثبات

[شماره صفحه واقعی : 268]

ص: 907

علم و طمأنینة نفس و لم یرجموا بالظن کما غیرهم،و الدلیل علیه أن الله سبحانه اتبع القولین الأولین قوله:« رَجْماً بِالْغَیْبِ ،و اتبع القول الثالث قوله: مٰا یَعْلَمُهُمْ إِلاّٰ قَلِیلٌ ، و قال ابن عباس:حین وقعت الواو انقطعت العدة أی لم یبق بعدها عدة عاد یلتفت إلیها و ثبت أنهم سبعة و ثامنهم کلبهم علی القطع و الثبات انتهی.

و قال فی المجمع،فی ذیل ما لخص به کلام أبی علی الفارسی:و أما من قال:هذه الواو واو الثمانیة و استدل بقوله:« حَتّٰی إِذٰا جٰاؤُهٰا وَ فُتِحَتْ أَبْوٰابُهٰا »لأن للجنة ثمانیة أبواب فشیء لا یعرفه النحویون انتهی.

قوله تعالی:« قُلْ رَبِّی أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ مٰا یَعْلَمُهُمْ إِلاّٰ قَلِیلٌ »إلی آخر الآیة أمر للنبی صلی الله علیه و آله أن یقضی فی عدتهم حق القضاء و هو أن الله أعلم بها و قد لوح فی کلامه السابق إلی القول و هذا نظیر ما حکی عن الفتیة فی محاورتهم و ارتضاء إذ قال قائل منهم کم لبثتم؟قالوا:لبثنا یوما أو بعض یوم.قالوا:ربکم أعلم بما لبثتم.

و مع ذلک ففی الکلام دلالة علی أن بعض المخاطبین بخطاب النبی ص« رَبِّی أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ »إلخ کان علی علم من ذلک فإن قوله:« مٰا یَعْلَمُهُمْ »و لم یقل:لا یعلمهم یفید نفی الحال فالاستثناء منه بقوله:« إِلاّٰ قَلِیلٌ »یفید الإثبات فی الحال و اللائح منه علی الذهن أنهم من أهل الکتاب.

و بالجملة مفاد الکلام أن الأقوال الثلاثة کانت محققة فی عهد النبی صلی الله علیه و آله و علی هذا فقوله:« سَیَقُولُونَ ثَلاٰثَةٌ »إلخ المفید للاستقبال،و کذا قوله:« وَ یَقُولُونَ خَمْسَةٌ » إلخ،و قوله:« وَ یَقُولُونَ سَبْعَةٌ »إلخ إن کانا معطوفین علی مدخول السین فی« سَیَقُولُونَ » تفید الاستقبال القریب بالنسبة إلی زمن نزول الآیات أو زمن وقوع الحادثة فافهم ذلک.

و قوله تعالی:« فَلاٰ تُمٰارِ فِیهِمْ إِلاّٰ مِرٰاءً ظٰاهِراً »قال الراغب: المریة التردد فی الأمر و هو أخص من الشک،قال:و الامتراء و المماراة المحاجة فیما فیه مریة قال:و أصله من مریت الناقة إذا مسحت ضرعها للحلب.انتهی.فتسمیة الجدال مماراة لما فیه من إصرار المماری بالبحث لیفرغ خصمه کل ما عنده من الکلام فینتهی عنه.

و المراد بکون المراء ظاهرا أن لا یتعمق فیه بالاقتصار علی ما قصه القرآن من غیر تجهیل لهم و لا رد کما قیل،و قیل:المراء الظاهر ما یذهب بحجة الخصم یقال:ظهر

[شماره صفحه واقعی : 269]

ص: 908

إذا ذهب،قال الشاعر:

و تلک شکاة ظاهر عنک عارها

و المعنی:و إذا کان ربک أعلم و قد أنبأک نبأهم فلا تحاجهم فی الفتیة إلا محاجة ظاهرة غیر متعمق فیها أو محاجة ذاهبة لحجتهم و لا تطلب الفتیا فی الفتیة من أحد منهم فربک حسبک.

قوله تعالی:« وَ لاٰ تَقُولَنَّ لِشَیْءٍ إِنِّی فٰاعِلٌ ذٰلِکَ غَداً إِلاّٰ أَنْ یَشٰاءَ اللّٰهُ »الآیة الکریمة سواء کان الخطاب فیها للنبی صلی الله علیه و آله خاصة أو له و لغیره متعرضة للأمر الذی یراه الإنسان فعلا لنفسه و یخبر بوقوعه منه فی مستقبل الزمان.

و الذی یراه القرآن فی تعلیمه الإلهی أن ما فی الوجود من شیء ذاتا کان أو فعلا و أثرا فإنما هو مملوک لله وحده له أن یفعل فیه ما یشاء و یحکم فیه ما یرید لا معقب لحکمه،و لیس لغیره أن یملک شیئا إلا ما ملکه الله تعالی منه و أقدره علیه و هو المالک لما ملکه و القادر علی ما علیه أقدره و الآیات القرآنیة الدالة علی هذه الحقیقة کثیرة جدا لا حاجة إلی إیرادها.

فما فی الکون من شیء له فعل أو أثر و هذه هی التی نسمیها فواعل و أسبابا و عللا فعالة غیر مستقل فی سببیته و لا مستغن عنه تعالی فی فعله و تأثیره لا یفعل و لا یؤثر إلا ما شاء الله أن یفعله و یؤثره أی أقدره علیه و لم یسلب عنه القدرة علیه بإرادة خلافه.

و بتعبیر آخر کل سبب من الأسباب الکونیة لیس سببا من تلقاء نفسه و باقتضاء من ذاته بل بإقداره تعالی علی الفعل و التأثیر و عدم إرادته خلافه،و إن شئت فقل:

بتسهیله تعالی له سبیل الوصول إلیه،و إن شئت فقل بإذنه تعالی فالإذن هو الإقدار و رفع المانع و قد تکاثرت الآیات الدالة علی أن کل عمل من کل عامل موقوف علی إذنه تعالی قال تعالی: «مٰا قَطَعْتُمْ مِنْ لِینَةٍ أَوْ تَرَکْتُمُوهٰا قٰائِمَةً عَلیٰ أُصُولِهٰا فَبِإِذْنِ اللّٰهِ» :الحشر 5 و قال: «مٰا أَصٰابَ مِنْ مُصِیبَةٍ إِلاّٰ بِإِذْنِ اللّٰهِ» :التغابن:11 و قال: «وَ الْبَلَدُ الطَّیِّبُ یَخْرُجُ نَبٰاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ» :الأعراف:58 و قال: «وَ مٰا کٰانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلاّٰ بِإِذْنِ

[شماره صفحه واقعی : 270]

ص: 909

اللّٰهِ» :آل عمران:145 و قال: «وَ مٰا کٰانَ لِنَفْسٍ أَنْ تُؤْمِنَ إِلاّٰ بِإِذْنِ اللّٰهِ» :یونس:

100 و قال: «وَ مٰا أَرْسَلْنٰا مِنْ رَسُولٍ إِلاّٰ لِیُطٰاعَ بِإِذْنِ اللّٰهِ» :النساء:64 إلی غیر ذلک من الآیات الکثیرة.

فعلی الإنسان العارف بمقام ربه المسلم له أن لا یری نفسه سببا مستقلا لفعله مستغنیا فیه عن غیره بل مالکا له بتملیک الله قادرا علیه بإقداره و أن القوة لله جمیعا و إذا عزم علی فعل أن یعزم متوکلا علی الله قال تعالی:« فَإِذٰا عَزَمْتَ فَتَوَکَّلْ عَلَی اللّٰهِ » و إذا وعد بشیء أو أخبر عما سیفعله أن یقیده بإذن الله أو بعدم مشیته خلافه.

و هذا المعنی هو الذی یسبق إلی الذهن المسبوق بهذه الحقیقة القرآنیة إذا قرع بابه قوله تعالی:« وَ لاٰ تَقُولَنَّ لِشَیْءٍ إِنِّی فٰاعِلٌ ذٰلِکَ غَداً إِلاّٰ أَنْ یَشٰاءَ اللّٰهُ »و خاصة بعد ما تقدم فی آیات القصة من بیان توحده تعالی فی ألوهیته و ربوبیته و ما تقدم قبل آیات القصة من کون ما علی الأرض زینة لها سیجعله الله صعیدا جرزا.و من جملة ما علی الأرض أفعال الإنسان التی هی زینة جالبة للإنسان یمتحن بها و هو یراها مملوکة لنفسه.

و ذلک أن قوله:« وَ لاٰ تَقُولَنَّ لِشَیْءٍ إِنِّی فٰاعِلٌ ذٰلِکَ غَداً »نهی عن نسبته فعله إلی نفسه،و لا بأس بهذه النسبة قطعا فإنه سبحانه کثیرا ما ینسب فی کلامه الأفعال إلی نبیه و إلی غیره من الناس و ربما یأمره أن ینسب أفعالا إلی نفسه قال تعالی: «فَقُلْ لِی عَمَلِی وَ لَکُمْ عَمَلُکُمْ» :یونس:41،و قال: «لَنٰا أَعْمٰالُنٰا وَ لَکُمْ أَعْمٰالُکُمْ» :الشوری:15.

فأصل نسبة الفعل إلی فاعله مما لا ینکره القرآن الکریم و إنما ینکر دعوی الاستقلال فی الفعل و الاستغناء عن مشیته و إذنه تعالی فهو الذی یصلحه الاستثناء أعنی قوله:

« إِلاّٰ أَنْ یَشٰاءَ اللّٰهُ ».

و من هنا یظهر أن الکلام علی تقدیر باء الملابسة و هو استثناء مفرغ عن جمیع الأحوال أو جمیع الأزمان، و تقدیره: وَ لاٰ تَقُولَنَّ لِشَیْءٍ أی لأجل شیء تعزم علیه إنی فاعل ذلک غدا فی حال من الأحوال أو زمان من الأزمنة إلا فی حال أو فی زمان یلابس قولک المشیة بأن تقول:إنی فاعل ذلک غدا إن شاء الله أن أفعله أو إلا أن یشاء الله أن لا أفعله و المعنی علی أی حال:إن أذن الله فی فعله.

هذا ما یعطیه التدبر فی معنی الآیة و یؤیده ذیلها و للمفسرین فیها توجیهات أخری.

[شماره صفحه واقعی : 271]

ص: 910

منها أن المعنی هو المعنی السابق إلا أن الکلام بتقدیر القول فی الاستثناء و تقدیر الکلام:إلا أن تقول إن شاء الله،و لما حذف«تقول»نقل«إن شاء الله»إلی لفظ الاستقبال،فیکون هذا تأدیبا من الله للعباد و تعلیما لهم أن یعلقوا ما یخبرون به بهذه اللفظة حتی یخرج عن حد القطع فلا یلزمهم کذب أو حنث إذا لم یفعلوه لمانع و الوجه منسوب إلی الأخفش.

و فیه أنه تکلف من غیر موجب.علی أن التبدیل المذکور یغیر المعنی و هو ظاهر و منها أن الکلام علی ظاهره غیر أن المصدر المؤول إلیه« أَنْ یَشٰاءَ اللّٰهُ »بمعنی المفعول،و المعنی لا تقولن لشیء إنی فاعل ذلک غدا إلا ما یشاؤه الله و یریده،و إذ کان الله لا یشاء إلا الطاعات فکأنه قیل:و لا تقولن فی شیء إنی سأفعله إلا الطاعات،و النهی للتنزیه لا للتحریم حتی یعترض علیه بجواز العزم علی المباحات و الإخبار عنه.

و فیه أنه مبنی علی حمل المشیة علی الإرادة التشریعیة و لا دلیل علیه و لم یستعمل المشیة فی کلامه تعالی بهذا المعنی قط و قد استعمل استثناء المشیة التکوینیة فی مواضع من کلامه کما حکی من قول موسی لخضر: «سَتَجِدُنِی إِنْ شٰاءَ اللّٰهُ صٰابِراً» :الکهف:

69،و قول شعیب لموسی: «سَتَجِدُنِی إِنْ شٰاءَ اللّٰهُ مِنَ الصّٰالِحِینَ» :القصص،27 و قول إسماعیل لأبیه: «سَتَجِدُنِی إِنْ شٰاءَ اللّٰهُ مِنَ الصّٰابِرِینَ» :الصافات:102 و قوله تعالی:

« لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرٰامَ إِنْ شٰاءَ اللّٰهُ آمِنِینَ» :الفتح:27 إلی غیر ذلک من الآیات.

و الوجه مبنی علی أصول الاعتزال و عند المعتزلة أن لا مشیة لله سبحانه فی أعمال العباد إلا الإرادة التشریعیة المتعلقة بالطاعات،و هو مدفوع بالعقل و النقل.

و منها أن الاستثناء من الفعل دون القول من غیر حاجة إلی تقدیر،و المعنی و لا تقولن لشیء هکذا و هو أن تقول:إنی فاعل ذلک غدا باستقلالی إلا أن یشاء الله خلافه بإبداء مانع علی ما تقوله المعتزلة أن العبد فاعل مستقل للفعل إلا أن یبدئ الله مانعا دونه أقوی منه،و مآل المعنی أن لا تقل فی الفعل بقول المعتزلة.

و فیه أن تعلق الاستثناء بالفعل دون القول بما مر من البیان أتم فلا وجه للنهی عن تعلیق الاستثناء علی الفعل،و قد وقع تعلیقه علی الفعل فی مواضع من کلامه من غیر أن

[شماره صفحه واقعی : 272]

ص: 911

یرده کقوله حکایة عن إبراهیم: «وَ لاٰ أَخٰافُ مٰا تُشْرِکُونَ بِهِ إِلاّٰ أَنْ یَشٰاءَ رَبِّی شَیْئاً» :الأنعام:80 و قوله حکایة عن شعیب: «وَ مٰا یَکُونُ لَنٰا أَنْ نَعُودَ فِیهٰا إِلاّٰ أَنْ یَشٰاءَ اللّٰهُ» :الأعراف:89،و قوله: «مٰا کٰانُوا لِیُؤْمِنُوا إِلاّٰ أَنْ یَشٰاءَ اللّٰهُ» :الأنعام:111 إلی غیر ذلک من الآیات.فلتحمل الآیة التی نحن فیها علی ما یوافقها.

و منها:أن الاستثناء من أعم الأوقات إلا أن مفعول« یَشٰاءَ »هو القول و المعنی و لا تقولن ذلک إلا أن یشاء الله أن تقوله،و المراد بالمشیة الإذن أی لا تقل ذلک إلا أن یؤذن لک فیه بالإعلام.

و فیه أنه مبنی علی تقدیر شیء لا دلیل علیه من جهة اللفظ و هو الاعلام و لو لم یقدر لکان تکلیفا بالمجهول.

و منها:أن الاستثناء للتأبید نظیر قوله: «خٰالِدِینَ فِیهٰا مٰا دٰامَتِ السَّمٰاوٰاتُ وَ الْأَرْضُ إِلاّٰ مٰا شٰاءَ رَبُّکَ عَطٰاءً غَیْرَ مَجْذُوذٍ» :هود:108 و المعنی:لا تقولن ذلک أبدا.

و فیه أنه مناف للآیات الکثیرة المنقولة آنفا التی تنسب إلی النبی صلی الله علیه و آله و إلی سائر الناس أعمالهم ماضیة و مستقبلة بل تأمر النبی صلی الله علیه و آله أن ینسب أعماله إلی نفسه کقوله:

« فَقُلْ لِی عَمَلِی وَ لَکُمْ عَمَلُکُمْ» :یونس:41،و قوله: «قُلْ سَأَتْلُوا عَلَیْکُمْ مِنْهُ ذِکْراً» :الکهف:83.

قوله تعالی:« وَ اذْکُرْ رَبَّکَ إِذٰا نَسِیتَ وَ قُلْ عَسیٰ أَنْ یَهْدِیَنِ رَبِّی لِأَقْرَبَ مِنْ هٰذٰا رَشَداً »اتصال الآیة و اشتراکها مع ما قبلها فی سیاق التکلیف یقضی أن یکون المراد من النسیان نسیان الاستثناء،و علیه یکون المراد من ذکر ربه ذکره بمقامه الذی کان الالتفات إلیه هو الموجب للاستثناء و هو أنه القائم علی کل نفس بما کسبت الذی ملکه الفعل و أقدره علیه و هو المالک لما ملکه و القادر علی ما علیه أقدره.

و المعنی:إذا نسیت الاستثناء ثم ذکرت أنک نسیته فاذکر ربک متی کان ذلک بما لو کنت ذاکرا لذکرته به و هو تسلیم الملک و القدرة إلیه و تقیید الأفعال بإذنه و مشیته.

و إذ کان الأمر بالذکر مطلقا لم یتعین فی لفظ خاص فالمندوب إلیه هو ذکره

[شماره صفحه واقعی : 273]

ص: 912

تعالی بشأنه الخاص سواء کان بلفظ الاستثناء بأن یلحقه بالکلام،إن ذکره و لما یتم الکلام أو یعید الکلام و یستثنی أو یضمر الکلام ثم یستثنی إن کان فصل قصیر أو طویل کما ورد فی بعض (1)الروایات أنه لما نزلت الآیات قال النبی صلی الله علیه و آله إن شاء الله أو کان الذکر باستغفار و نحوه.

و یظهر مما مر أن ما ذکره بعضهم أن الآیة مستقلة عما قبلها و أن المراد بالنسیان نسیانه تعالی أو مطلق النسیان،و المعنی:و اذکر ربک إذا نسیته ثم ذکرته أو و اذکر ربک إذا نسیت شیئا من الأشیاء،و کذا ما ذکره بعضهم بناء علی الوجه السابق أن المراد بذکره تعالی خصوص الاستثناء و إن طال الفصل أو خصوص الاستغفار أو الندم علی التفریط، کل ذلک وجوه غیر سدیدة.

و قوله:« وَ قُلْ عَسیٰ أَنْ یَهْدِیَنِ رَبِّی لِأَقْرَبَ مِنْ هٰذٰا رَشَداً »حدیث الاتصال و الاشتراک فی سیاق التکلیف بین جمل الآیة یقضی هنا أیضا أن تکون الإشارة بقوله:

« هٰذٰا »إلی الذکر بعد النسیان،و المعنی و ارج أن یهدیک ربک إلی أمر هو أقرب رشدا من النسیان ثم الذکر و هو الذکر الدائم من غیر نسیان فیکون من قبیل الآیات الداعیة له صلی الله علیه و آله إلی دوام الذکر کقوله تعالی: «وَ اذْکُرْ رَبَّکَ فِی نَفْسِکَ تَضَرُّعاً وَ خِیفَةً وَ دُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَ الْآصٰالِ وَ لاٰ تَکُنْ مِنَ الْغٰافِلِینَ» :الأعراف:205 و ذکر الشیء کلما نسی ثم ذکر و التحفظ علیه کرة بعد کرة من أسباب دوام ذکره.

و من العجیب أن المفسرین أخذوا قوله:« هٰذٰا »فی الآیة إشارة إلی نبإ أصحاب الکهف و ذکروا أن معنی الآیة:قل عسی أن یعطینی ربی من الآیات الدالة علی نبوتی ما هو أقرب إرشادا للناس من نبإ أصحاب الکهف،و هو کما تری.

و أعجب منه ما عن بعض أن هذا إشارة إلی المنسی و أن معنی الآیة:ادع الله إذا نسیت شیئا أن یذکرک إیاه و قل إن لم یذکرک ما نسیته عسی أن یهدینی ربی لشیء هو

[شماره صفحه واقعی : 274]

ص: 913


1- رواه السیوطی فی الدر المنثور عن ابن المنذر عن مجاهد.

أقرب خیرا و منفعة من المنسی.

و أعجب منه ما عن بعض آخر أن قوله:« وَ قُلْ عَسیٰ أَنْ یَهْدِیَنِ »إلخ عطف تفسیری لقوله:« وَ اذْکُرْ رَبَّکَ إِذٰا نَسِیتَ »و المعنی إذا وقع منک النسیان فتب إلی ربک و توبتک أن تقول:عسی أن یهدین ربی لأقرب من هذا رشدا،و یمکن أن یجعل الوجهان الثانی و الثالث وجها واحدا و بناؤهما علی أی حال علی کون المراد بقوله:« إِذٰا نَسِیتَ »مطلق النسیان،و قد عرفت ما فیه.

قوله تعالی:« وَ لَبِثُوا فِی کَهْفِهِمْ ثَلاٰثَ مِائَةٍ سِنِینَ وَ ازْدَادُوا تِسْعاً »بیان لمدة لبثهم فی الکهف علی حال النوم فإن هذا اللبث هو متعلق العنایة فی آیات القصة و قد أشیر إلی إجمال مدة اللبث بقوله فی أول الآیات:« فَضَرَبْنٰا عَلَی آذٰانِهِمْ فِی الْکَهْفِ سِنِینَ عَدَداً ».

و یؤیده تعقیبه بقوله فی الآیة التالیة:« قُلِ اللّٰهُ أَعْلَمُ بِمٰا لَبِثُوا »ثم قوله:« وَ اتْلُ مٰا أُوحِیَ إِلَیْکَ »إلخ ثم قوله:« وَ قُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّکُمْ »و لم یذکر عددا غیر هذا فقوله:

« قُلِ اللّٰهُ أَعْلَمُ بِمٰا لَبِثُوا »بعد ذکر مدة اللبث کقوله:« قُلْ رَبِّی أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ »یلوح إلی صحة العدد المذکور.

فلا یصغی إلی قول القائل إن قوله:« وَ لَبِثُوا فِی کَهْفِهِمْ »إلخ محکی قول أهل الکتاب و قوله:« قُلِ اللّٰهُ أَعْلَمُ بِمٰا لَبِثُوا »رد له،و کذا قول القائل إن قوله:« وَ لَبِثُوا » إلخ قول الله تعالی و قوله:« وَ ازْدَادُوا تِسْعاً »إشارة إلی قول أهل الکتاب و الضمیر لهم و المعنی أن أهل الکتاب زادوا علی العدد الواقعی تسع سنین ثم قوله:« قُلِ اللّٰهُ أَعْلَمُ بِمٰا لَبِثُوا »رد له.علی أن المنقول عنهم أنهم قالوا بلبثهم مائتی سنة أو أقل لا ثلاثمائة و تسعة و لا ثلاثمائة.

و قوله:« سِنِینَ »لیس بممیز للعدد و إلا لقیل: ثلاثمائة سنة بل هو بدل من ثلاثمائة کما قالوا،و فی الکلام مضاهاة لقوله فیما أجمل فی صدر الآیات:« سِنِینَ عَدَداً ».

و لعل النکتة فی تبدیل«سنة»من« سِنِینَ »استکثار مدة اللبث،و علی هذا فقوله:« وَ ازْدَادُوا تِسْعاً »لا یخلو من معنی الإضراب کأنه قیل:و لبثوا فی کهفهم ثلاثمائة سنة هذه السنین المتمادیة و الدهر الطویل بل ازدادوا تسعا، و لا ینافی هذا ما تقدم فی قوله:« سِنِینَ عَدَداً »إن هذا لاستقلال عدد السنین و استحقاره لأن المقامین

[شماره صفحه واقعی : 275]

ص: 914

مختلفان بحسب الغرض فإن الغرض هناک کان متعلقا بنفی العجب من آیة الکهف بقیاسها إلی آیة جعل ما علی الأرض زینة لها فالأنسب به استحقار المدة،و الغرض هاهنا بیان کون اللبث آیة من آیاته و حجة علی منکری البعث و الأنسب به استکثار المدة،و المدة بالنسبتین تحتمل الوصفین فهی بالنسبة إلیه تعالی شیء هین و بالنسبة إلینا دهر طویل.

و إضافة تسع سنین إلی ثلاثمائة سنة مدة اللبث تعطی أنهم لبثوا فی کهفهم ثلاثمائة سنة شمسیة فإن التفاوت فی ثلاثمائة سنة إذا أخذت تارة شمسیة و أخری قمریة بالغ هذا المقدار تقریبا و لا ینبغی الارتیاب فی أن المراد بالسنین فی الآیة السنون القمریة لأن السنة فی عرف القرآن هی القمریة المؤلفة من الشهور الهلالیة و هی المعتبرة فی الشریعة الإسلامیة.

و فی التفسیر الکبیر،شدد النکیر علی ذلک لعدم تطابق العددین تحقیقا و ناقش فی ما روی عن علی علیه السلام فی هذا المعنی مع أن الفرق بین العددین الثلاثمائة شمسیة و الثلاثمائة و تسع سنین قمریة أقل من ثلاثة أشهر و التقریب فی أمثال هذه النسب ذائع فی الکلام بلا کلام.

قوله تعالی:« قُلِ اللّٰهُ أَعْلَمُ بِمٰا لَبِثُوا لَهُ غَیْبُ السَّمٰاوٰاتِ وَ الْأَرْضِ »إلی آخر الآیة مضی فی حدیث أصحاب الکهف بالإشارة إلی خلاف الناس فی ذلک و أن ما قصه الله تعالی من قصتهم هو الحق الذی لا ریب فیه.

فقوله:« قُلِ اللّٰهُ أَعْلَمُ بِمٰا لَبِثُوا »مشعر بأن مدة لبثهم المذکورة فی الآیة السابقة لم تکن مسلمة عند الناس فأمر النبی صلی الله علیه و آله أن یحتج فی ذلک بعلم الله و أنه أعلم بهم من غیره.

و قوله:« لَهُ غَیْبُ السَّمٰاوٰاتِ وَ الْأَرْضِ »تعلیل لکونه تعالی أعلم بما لبثوا،و اللام للاختصاص الملکی و المراد أنه تعالی وحده یملک ما فی السماوات و الأرض من غیب غیر مشهود فلا یفوته شیء و إن فات السماوات و الأرض،و إذ کان مالکا للغیب بحقیقة معنی الملک و له کمال البصر و السمع فهو أعلم بلبثهم الذی هو من الغیب.

و علی هذا فقوله:« أَبْصِرْ بِهِ وَ أَسْمِعْ » و هما من صیغ التعجب معناهما کمال

[شماره صفحه واقعی : 276]

ص: 915

بصره و سمعه لتتمیم التعلیل کأنه قیل:و کیف لا یکون أعلم بلبثهم و هو یملکهم علی کونهم من الغیب و قد رأی حالهم و سمع مقالهم.

و من هنا یظهر أن قول بعضهم:إن اللام فی« لَهُ غَیْبُ »إلخ للاختصاص العلمی أی له تعالی ذلک علما،و یلزم منه ثبوت علمه لسائر المخلوقات لأن من علم الخفی علم غیره بطریق أولی.انتهی،غیر سدید لأن ظاهر قوله:« أَبْصِرْ بِهِ وَ أَسْمِعْ »أنه للتأسیس دون التأکید،و کذا ظاهر اللام مطلق الملک دون الملک العلمی.

و قوله:« مٰا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِیٍّ »إلخ المراد بالجملة الأولی منه نفی ولایة غیر الله لهم مستقلا بالولایة دون الله،و بالثانیة نفی ولایة غیره بمشارکته إیاه فیها أی لیس لهم ولی غیر الله لا مستقلا بالولایة و لا غیر مستقل.

و لا یبعد أن یستفاد من النظم بالنظر إلی التعبیر فی الجملة الثانیة« وَ لاٰ یُشْرِکُ فِی حُکْمِهِ أَحَداً »بالفعل دون الوصف و تعلیق نفی الإشراک بالحکم دون الولایة أن الجملة الأولی تنفی ولایة غیره تعالی لهم سواء کانت بالاستقلال فیستقل بتدبیر أمرهم دون الله أو بالشرکة بأن یلی بعض أمورهم دون الله،و الجملة الثانیة تنفی شرکة غیره تعالی فی الحکم و القضاء فی الحکم بأن تکون ولایتهم لله تعالی لکنه وکل علیهم غیره و فوض إلیه أمرهم و الحکم فیهم کما یفعله الولاة فی نصب الحکام و العمال فی الشعب المختلفة من أمورهم فیباشر الحکام و العمال من الأحکام ما لا علم به من الولاة.

و یؤول المعنی إلی أنه کیف لا یکون تعالی أعلم بلبثهم و هو تعالی وحده ولیهم المباشر للحکم الجاری فیهم و علیهم.

و الضمیر فی قوله:« لَهُمْ »لأصحاب الکهف أو لجمیع ما فی السماوات و الأرض المفهوم من الجملة السابقة بتغلیب جانب أولی العقل أو لمن فی السماوات و الأرض و الوجوه الثلاثة مترتبة جودة و أجودها أولها.

و علیه فالآیة تتضمن حجتین علی أن الله أعلم بما لبثوا إحداهما حجة عامة لهم و لغیرهم و هی قوله:« لَهُ غَیْبُ السَّمٰاوٰاتِ وَ الْأَرْضِ أَبْصِرْ بِهِ وَ أَسْمِعْ »فهو أعلم بجمیع الأشیاء و منها لبث أصحاب الکهف،و ثانیتهما حجة خاصة بهم و هی قوله:« مٰا لَهُمْ »

[شماره صفحه واقعی : 277]

ص: 916

إلی آخر الآیة فهو تعالی ولیهم المباشر للقضاء الجاری علیهم فکیف لا یکون أعلم بهم من غیره؟و لمکان العلیة فی الجملتین جیء بهما مفصولتین من غیر عطف.

بحث روائی

فی تفسیر القمی،":فی قوله تعالی:« أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحٰابَ الْکَهْفِ »الآیة قال:یقول:

قد آتیناک من الآیات ما هو أعجب منه،و هم فتیة کانوا فی الفترة بین عیسی بن مریم و محمد ص،و أما الرقیم فهما لوحان من نحاس مرقوم أی مکتوب فیهما أمر الفتیة و أمر إسلامهم و ما أراد منهم دقیانوس الملک و کیف کان أمرهم و حالهم.

و فیه،حدثنا أبی عن ابن أبی عمیر عن أبی بصیر عن أبی عبد الله علیه السلام قال: کان سبب نزول سورة الکهف أن قریشا بعثوا ثلاثة نفر إلی نجران:النضر بن الحارث بن کلدة و عقبة بن أبی معیط و العاص بن وائل السهمی لیتعلموا من الیهود مسائل یسألونها رسول الله صلی الله علیه و آله.

فخرجوا إلی نجران إلی علماء الیهود فسألوهم فقالوا:اسألوه عن ثلاث مسائل فإن أجابکم فیها علی ما عندنا فهو صادق ثم اسألوه عن مسألة واحدة فإن ادعی علمها فهو کاذب.

قالوا:و ما هذه المسائل؟قالوا:!سلوه عن فتیة کانوا فی الزمن الأول فخرجوا و غابوا و ناموا،کم بقوا فی نومهم حتی انتبهوا؟و کم کان عددهم؟و أی شیء کان معهم من غیرهم؟و ما کان قصتهم؟و سلوه عن موسی حین أمره الله أن یتبع العالم و یتعلم منه من هو؟و کیف تبعه؟و ما کان قصته معه؟و سلوه عن طائف طاف مغرب الشمس و مطلعها حتی بلغ سد یأجوج و مأجوج من هو؟و کیف کان قصته؟ثم أملئوا علیهم أخبار هذه المسائل الثلاث و قالوا لهم:إن أجابکم بما قد أملینا علیکم فهو صادق، و إن أخبرکم بخلاف ذلک فلا تصدقوه.

قالوا:فما المسألة الرابعة؟قالوا:سلوه متی تقوم الساعة!فإن ادعی علمها فهو کاذب فإن قیام الساعة لا یعلمه إلا الله تبارک و تعالی.

[شماره صفحه واقعی : 278]

ص: 917

فرجعوا إلی مکة و اجتمعوا إلی أبی طالب فقالوا:یا أبا طالب إن ابن أخیک یزعم أن خبر السماء یأتیه و نحن نسأله عن مسائل فإن أجابنا عنها علمنا أنه صادق و إن لم یخبرنا علمنا أنه کاذب فقال أبو طالب:سلوه عما بدا لکم فسألوه عن الثلاث المسائل فقال رسول الله صلی الله علیه و آله غدا أخبرکم و لم یستثن،فاحتبس الوحی عنه أربعین یوما حتی اغتم النبی ص و شک أصحابه الذین کانوا آمنوا به،و فرحت قریش و استهزءوا و آذوا،و حزن أبو طالب.

فلما کان بعد أربعین یوما نزل علیه سورة الکهف فقال رسول الله ص:یا جبرئیل لقد أبطأت فقال:إنا لا نقدر أن ننزل إلا بإذن الله فأنزل الله تعالی:أم حسبت یا محمد أن أصحاب الکهف و الرقیم کانوا من آیاتنا عجبا ثم قص قصتهم فقال:

إذ أوی الفتیة إلی الکهف فقالوا ربنا آتنا من لدنک رحمة و هیئ لنا من أمرنا رشدا.

قال:فقال الصادق علیه السلام .إن أصحاب الکهف و الرقیم کانوا فی زمن ملک جبار عات،و کان یدعو أهل مملکته إلی عبادة الأصنام فمن لم یجبه قتله،و کان هؤلاء قوما مؤمنین یعبدون الله عز و جل،و وکل الملک بباب المدینة و لم یدع أحدا یخرج حتی یسجد للأصنام فخرجوا هؤلاء بعلة الصید و ذلک أنهم مروا براع فی طریقهم فدعوه إلی أمرهم فلم یجبهم و کان مع الراعی کلب فأجابهم الکلب و خرج معهم.

قال علیه السلام :فخرج أصحاب الکهف من المدینة بعلة الصید هربا من دین ذلک الملک فلما أمسوا دخلوا إلی ذلک الکهف و الکلب معهم فألقی الله علیهم النعاس کما قال الله:« فَضَرَبْنٰا عَلَی آذٰانِهِمْ فِی الْکَهْفِ سِنِینَ عَدَداً »فناموا حتی أهلک الله ذلک الملک و أهل المدینة و ذهب ذلک الزمان و جاء زمان آخر و قوم آخرون.

ثم انتبهوا فقال بعضهم لبعض:کم نمنا هاهنا؟فنظروا إلی الشمس قد ارتفعت فقالوا:نمنا یوما أو بعض یوم ثم قالوا لواحد منهم:خذ هذه الورق و أدخل المدینة متنکرا لا یعرفونک فاشتر لنا طعاما فإنهم إن علموا بنا و عرفونا قتلونا أو ردونا فی دینهم.

فجاء ذلک الرجل فرأی مدینة بخلاف التی عهدها و رأی قوما بخلاف أولئک لم

[شماره صفحه واقعی : 279]

ص: 918

یعرفهم و لم یعرفوا لغته و لم یعرف لغتهم فقالوا له:من أنت،و من أین جئت؟ فأخبرهم فخرج ملک تلک المدینة مع أصحابه و الرجل معهم حتی وقفوا علی باب الکهف و أقبلوا یتطلعون فیه فقال بعضهم:هؤلاء ثلاثة رابعهم کلبهم،و قال بعضهم:

خمسة سادسهم کلبهم،و قال بعضهم:سبعة و ثامنهم کلبهم.

و حجبهم الله بحجاب من الرعب فلم یکن یقدم بالدخول علیهم غیر صاحبهم فإنه لما دخل علیهم وجدهم خائفین أن یکونوا أصحاب دقیانوس شعروا بهم فأخبرهم صاحبهم أنهم کانوا نائمین هذا الزمن الطویل،و أنهم آیة للناس فبکوا و سألوا الله أن یعیدهم إلی مضاجعهم نائمین کما کانوا.

ثم قال الملک:ینبغی أن نبنی هاهنا مسجدا نزوره فإن هؤلاء قوم مؤمنون.

فلهم فی کل سنة تقلبان ینامون ستة أشهر علی جنوبهم (1)الیمنی و ستة أشهر علی جنوبهم (2)الیسری و الکلب معهم باسط ذراعیه بفناء الکهف و ذلک قوله تعالی:

« نَحْنُ نَقُصُّ عَلَیْکَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ »إلی آخر الآیات.

أقول:و الروایة من أوضح روایات القصة متنا و أسلمها من التشوش و هی مع ذلک تتضمن أن الذین اختلفوا فی عددهم فقالوا:ثلاثة أو خمسة أو سبعة هم أهل المدینة الذین اجتمعوا علی باب الکهف بعد انتباه الفتیة و هو خلاف ظاهر الآیة،و تتضمن أن أصحاب الکهف لم یموتوا ثانیا بل عادوا إلی نومتهم و کذلک کلبهم باسطا ذراعیه بالوصید و أن لهم فی کل سنة تقلبین من الیمین إلی الیسار و بالعکس و أنهم بعد علی هیئتهم.و لا کهف معهودا علی وجه الأرض و فیه قوم نیام علی هذه الصفة.

علی أن فی ذیل هذه الروایة.و قد ترکنا نقله هاهنا لاحتمال أن یکون من کلام القمی أو روایة أخری أن قوله تعالی:« وَ لَبِثُوا فِی کَهْفِهِمْ ثَلاٰثَ مِائَةٍ سِنِینَ وَ ازْدَادُوا تِسْعاً »من کلام أهل الکتاب،و أن قوله بعده:« قُلِ اللّٰهُ أَعْلَمُ بِمٰا لَبِثُوا »رد له،و قد عرفت فی البیان المتقدم أن السیاق یدفعه و النظم البلیغ لا یقبله.

[شماره صفحه واقعی : 280]

ص: 919


1- جنبهم الأیمن خ
2- جنبهم الأیسر خ.

و قد تکاثرت الروایات فی بیان القصة من طرق الفریقین لکنها متهافتة مختلفة لا یکاد یوجد منها خبران متوافقا المضمون من جمیع الجهات.

فمن الاختلاف ما فی بعض الروایات کالروایة المتقدمة أن سؤالهم کان عن أربعة نبإ أصحاب الکهف و نبإ موسی و العالم و نبإ ذی القرنین و عن الساعة متی تقوم؟ و فی بعضها أن السؤال کان عن خبر أصحاب الکهف و ذی القرنین و عن الروح و قد ذکروا أن آیة صدق النبی صلی الله علیه و آله أن لا یجیب آخر الأسؤلة فأجاب عن نبإ أصحاب الکهف و نبإ ذی القرنین،و نزل« قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّی »الآیة فلم یجب عنها،و قد عرفت فی بیان آیة الروح أن الکلام مسوق سوق الجواب و لیس بتجاف.

و من ذلک ما فی أکثر الروایات أنهم جماعة واحدة سمعوا أصحاب الکهف و الرقیم، و فی بعضها أن أصحاب الرقیم غیر أصحاب الکهف،و أن الله سبحانه أشار فی کلامه إلیهما معا لکنه قص قصة أصحاب الکهف و أعرض عن قصة أصحاب الرقیم،و ذکروا لهم قصة و هی أن قوما و هم ثلاثة خرجوا یرتادون لأهلهم فأخذتهم السماء فأووا إلی کهف و انحطت صخرة من أعلی الجبل و سدت بابه.

فقال بعضهم لبعض:لیذکر کل منا شیئا من عمله الصالح و لیدع الله به لعله یفرج عنا فذکر واحد منهم منه عمله لوجه الله و دعا الله به فتنحت الصخرة قدر ما دخل علیهم الضوء ثم الثانی فتنحت حتی تعارفوا ثم الثالث ففرج الله عنهم فخرجوا رواه (1)النعمان بن بشیر مرفوعا عن النبی صلی الله علیه و آله.

و المستأنس بأسلوب الذکر الحکیم یأبی أن یظن به أن یشیر فی دعوته إلی قصتین ثم یفصل القول فی إحداهما و ینسی الأخری من أصلها.

و من ذلک ما تذکره الروایات أن الملک الذی هرب منه الفتیة هو دقیانوس (دیوکلیس 285 م 305 م)ملک الروم و فی بعضها کان یدعی الألوهیة،و فی بعض أنه کان دقیوس(دسیوس 249 254 م)ملک الروم و بینهما عشرات من السنین و کان الملک یدعو إلی عبادة الأصنام و یقتل أهل التوحید،و فی بعض الروایات

[شماره صفحه واقعی : 281]

ص: 920


1- الدر المنثور

کان مجوسیا یدعو إلی دین المجوس،و لم یذکر التاریخ شیوع المجوسیة هذا الشیوع فی بلاد الروم،و فی بعض الروایات أنهم کانوا قبل عیسی علیه السلام .

و من ذلک أن بعض الروایات تذکر أن الرقیم اسم البلد الذی خرجوا منه و فی بعضها اسم الوادی،و فی بعضها اسم الجبل الذی فیه الکهف،و فی بعضها اسم کلبهم، و فی بعضها هو لوح من حجر،و فی بعضها من رصاص،و فی بعضها من نحاس و فی بعضها من ذهب رقم فیه أسماؤهم و أسماء آبائهم و قصتهم و وضع علی باب الکهف و فی بعضها داخله،و فی بعضها کان معلقا علی باب المدینة،و فی بعضها فی بعض خزائن الملوک و فی بعضها هما لوحان.

و من ذلک ما فی بعض الروایات أن الفتیة کانوا من أولاد الملوک،و فی بعضها من أولاد الأشراف،و فی بعضها من أولاد العلماء،و فی بعضها أنهم سبعة سابعهم کان راعی غنم لحق بهم هو و کلبه فی الطریق،و فی حدیث (1)وهب بن منبه أنهم کانوا حمامیین یعملون فی بعض حمامات المدینة و ساق لهم قصة دعوة الملک إلی عبادة الأصنام و فی بعضها أنهم کانوا من وزراء الملک یستشیرهم فی أموره.

و من ذلک ما فی بعض الروایات أنهم أظهروا المخالفة و علم بها الملک قبل الخروج و فی بعضها أنه لم یعلم إلا بعد خروجهم و فی بعضها أنهم تواطئوا علی الخروج فخرجوا و فی بعضها أنهم خرجوا علی غیر معرفة من بعضهم لحال بعض و علی غیر میعاد ثم تعارفوا و اتفقوا فی الصحراء و فی بعضها أن راعی غنم لحق بهم و هو سابعهم و فی بعضها أنه لم یتبعهم و تبعهم کلبه و سار معهم.

و من ذلک ما فی بعض الروایات أنهم لما هربوا و اطلع الملک علی أمرهم افتقدهم و لم یحصل منهم علی أثر،و فی بعضها أنه فحص عنهم فوجدهم نیاما فی کهفهم فأمر أن یبنی علی باب الکهف بنیان لیحتبسوا فیموتوا جوعا و عطشا جزاء لعصیانهم فبقوا علی هذه الحال حتی إذا أراد الله أن ینبههم بعث راعی غنم فخرب البنیان لیتخذ حظیرة لغنمه و عند ذلک بعثهم الله أیقاظا و کان من أمرهم ما قصه الله.

و من ذلک ما فی بعض الروایات أنه لما ظهر أمرهم أتاهم الملک و معه الناس فدخل

[شماره صفحه واقعی : 282]

ص: 921


1- الدر المنثور و قد أورده ابن الأثیر فی الکامل.

علیهم الکهف فکلمهم فبینا هو یکلمهم و یکلمونه إذ ودعوه و سلموا علیه و قضوا نحبهم،و فی بعضها أنهم ماتوا أو ناموا قبل أن یدخل الملک علیهم و سد باب الکهف و غاب عن أبصارهم فلم یهتدوا للدخول فبنوا هناک مسجدا یصلون فیه.

و من ذلک ما فی بعض الروایات أنهم قبضت أرواحهم،و فی بعضها أن الله أرقدهم ثانیا فهم نیام إلی یوم القیامة،و یقلبهم کل عام مرتین من الیمین إلی الشمال و بالعکس.

و من ذلک اختلاف الروایات فی مدة لبثهم ففی أکثرها أن الثلاثمائة و تسع سنین المذکور فی الآیة قول الله تعالی،و فی بعضها أنه محکی قول أهل الکتاب، و قوله تعالی:« قُلِ اللّٰهُ أَعْلَمُ بِمٰا لَبِثُوا »رد له،و فی بعضها أن الثلاثمائة قوله سبحانه و زیادة التسع قول أهل الکتاب.

إلی غیر ذلک من وجوه الاختلاف بین الروایات،و قد جمعت أکثرها من طرق أهل السنة فی الدر المنثور،و من طرق الشیعة فی البحار،و تفسیری البرهان،و نور الثقلین،من أراد الاطلاع علیها فلیراجعها،و الذی یمکن أن تعد الروایات متفقة أو کالمتفقة علیه أنهم کانوا قوما موحدین هربوا من ملک جبار کان یجبر الناس علی الشرک فأووا إلی الکهف فناموا إلی آخر ما قصه الله تعالی.

و

فی تفسیر العیاشی،عن سلیمان بن جعفر الهمدانی قال:قال لی جعفر بن محمد علیهما السلام یا سلیمان من الفتی؟فقلت له؟جعلت فداک الفتی عندنا الشاب.قال لی:أ ما علمت أن أصحاب الکهف کانوا کلهم کهولا فسماهم الله فتیة بإیمانهم یا سلیمان من آمن بالله و اتقی فهو الفتی.

أقول:و روی ما فی معناه فی الکافی،عن القمی مرفوعا عن الصادق علیه السلام ، و قد روی عن (1)ابن عباس أنهم کانوا شبانا.

و فی الدر المنثور،أخرج ابن أبی حاتم عن أبی جعفر قال: کان أصحاب الکهف صیارفة.

[شماره صفحه واقعی : 283]

ص: 922


1- الدر المنثور فی قوله تعالی،«نحن نقص علیک نبأهم»الآیة.

أقول:

و روی القمی أیضا بإسناده عن سدیر الصیرفی عن أبی جعفر علیه السلام قال:

کان أصحاب الکهف صیارفة:لکن فی تفسیر العیاشی،عن درست عن أبی عبد الله علیه السلام :

أنه ذکر أصحاب الکهف فقال:کانوا صیارفة کلام و لم یکونوا صیارفة دراهم.

و فی تفسیر العیاشی،عن أبی بصیر عن أبی عبد الله علیه السلام قال: إن أصحاب الکهف أسروا الإیمان و أظهروا الکفر فآجرهم الله مرتین.

أقول:و روی فی الکافی،ما فی معناه عن هشام بن سالم عنه علیه السلام و روی ما فی معناه العیاشی عن الکاهلی عنه علیه السلام و عن درست فی خبرین عنه علیه السلام و فی أحد الخبرین: أنهم کانوا لیشدون الزنانیر و یشهدون الأعیاد.

و لا یرد علیه أن ظاهر قوله تعالی حکایة عنهم:« إِذْ قٰامُوا فَقٰالُوا رَبُّنٰا رَبُّ السَّمٰاوٰاتِ وَ الْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَا مِنْ دُونِهِ إِلٰهاً »الآیة أنهم کانوا لا یرون التقیة کما احتمله المفسرون فی تفسیر قوله تعالی حکایة عنهم:« أَوْ یُعِیدُوکُمْ فِی مِلَّتِهِمْ وَ لَنْ تُفْلِحُوا إِذاً أَبَداً »الآیة و قد تقدم.

و ذلک لأنک عرفت أن خروجهم من المدینة کان هجرة من دار الشرک التی کانت تحرمهم إظهار کلمة الحق و التدین بدین التوحید غیر أن تواطیهم علی الخروج و هم ستة من المعاریف و أهل الشرف و إعراضهم عن الأهل و المال و الوطن لم یکن لذلک عنوان إلا المخالفة لدین الوثنیة فقد کانوا علی خطر عظیم لو ظهر علیهم القوم و لم ینته أمرهم إلا إلی أحد أمرین الرجم أو الدخول فی ملة القوم.

و بذلک یظهر أن قیامهم أول مرة و قولهم:« رَبُّنٰا رَبُّ السَّمٰاوٰاتِ وَ الْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَا مِنْ دُونِهِ إِلٰهاً لم یکن بتظاهر منهم علی المخالفة و تجاهر علی ذم ملة القوم و رمی طریقتهم فما کانت الأوضاع العامة تجیز لهم ذلک،و إنما کان ذلک منهم قیاما لله و تصمیما علی الثبات علی کلمة التوحید و لو سلم دلالة قوله:« إِذْ قٰامُوا فَقٰالُوا رَبُّنٰا رَبُّ السَّمٰاوٰاتِ وَ الْأَرْضِ »علی التظاهر و رفض التقیة فقد کان فی آخر أیام مکثهم بین القوم و کانوا قبل ذلک سائرین علی التقیة لا محالة،فقد بان أن سیاق شیء من الآیتین لا ینافی کون الفتیة سائرین علی التقیة ما داموا بین القوم و فی المدینة.

[شماره صفحه واقعی : 284]

ص: 923

و فی تفسیر العیاشی،أیضا عن أبی بکر الحضرمی عن أبی عبد الله علیه السلام قال:

خرج أصحاب الکهف علی غیر معرفة و لا میعاد فلما صاروا فی الصحراء أخذ بعضهم علی بعض العهود و المواثیق فأخذ هذا علی هذا و هذا علی هذا ثم قالوا:أظهروا أمرکم فأظهروه فإذا هم علی أمر واحد.

أقول:و فی معناه ما عن ابن عباس فی الخبر الآتی.

فی الدر المنثور،أخرج ابن أبی شیبة و ابن المنذر و ابن أبی حاتم عن ابن عباس قال":

غزونا مع معاویة غزوة المضیق نحو الروم فمررنا بالکهف الذی فیه أصحاب الکهف الذی ذکر الله فی القرآن فقال معاویة:لو کشف لنا عن هؤلاء فنظرنا إلیهم فقال له ابن عباس:لیس ذلک لک قد منع الله ذلک عمن هو خیر منک فقال:« لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَیْهِمْ لَوَلَّیْتَ مِنْهُمْ فِرٰاراً وَ لَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْباً »فقال معاویة:لا أنتهی حتی أعلم علمهم فبعث رجالا فقال:اذهبوا فادخلوا الکهف فانظروا فذهبوا فلما دخلوا الکهف بعث الله علیهم ریحا فأخرجتهم فبلغ ذلک ابن عباس فأنشأ یحدث عنهم.

فقال:إنهم کانوا فی مملکة ملک من الجبابرة فجعلوا یعبدون حتی عبدوا الأوثان و هؤلاء الفتیة فی المدینة فلما رأوا ذلک خرجوا من تلک المدینة فجمعهم الله علی غیر میعاد فجعل بعضهم یقول لبعض:أین تریدون؟أین تذهبون؟فجعل بعضهم یخفی علی بعض لأنه لا یدری هذا علی ما خرج هذا و لا یدری هذا فأخذوا العهود و المواثیق أن یخبر بعضهم بعضا فإن اجتمعوا علی شیء و إلا کتم بعضهم بعضا فاجتمعوا علی کلمة واحدة فقالوا:« رَبُّنٰا رَبُّ السَّمٰاوٰاتِ وَ الْأَرْضِ إلی قوله مِرْفَقاً ».

قال:فقعدوا فجاء أهلهم یطلبونهم لا یدرون أین ذهبوا؟فرفع أمرهم إلی الملک فقال:لیکونن لهؤلاء القوم بعد الیوم شأن،ناس خرجوا لا یدری أین ذهبوا فی غیر خیانة و لا شیء یعرف؟فدعا بلوح من رصاص فکتب فیه أسماءهم ثم طرح فی خزانته فذلک قول الله:« أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحٰابَ الْکَهْفِ وَ الرَّقِیمِ »و الرقیم هو اللوح الذی کتبوا،فانطلقوا حتی دخلوا الکهف فضرب الله علی آذانهم فناموا فلو أن الشمس تطلع علیهم لأحرقتهم،و لو لا أنهم یقلبون لأکلتهم الأرض،و ذلک قول الله: وَ تَرَی الشَّمْسَ »الآیة.

[شماره صفحه واقعی : 285]

ص: 924

قال:ثم إن ذلک الملک ذهب و جاء ملک آخر فعبد الله و ترک تلک الأوثان و عدل فی الناس فبعثهم الله لما یرید فقال قائل منهم:کم لبثتم؟فقال بعضهم:یوما و قال بعضهم:یومین و قال بعضهم:أکثر من ذلک فقال کبیرهم:لا تختلفوا فإنه لم یختلف قوم قط إلا هلکوا فابعثوا أحدکم بورقکم هذه إلی المدینة.

فرأی شارة (1)أنکرها و رأی بنیانا أنکره ثم دنا إلی خباز فرمی إلیه بدرهم و کانت دراهمهم کخفاف الربع یعنی ولد الناقة فأنکر الخباز الدرهم فقال:من أین لک هذا الدرهم؟لقد وجدت کنزا لتدلنی علیه أو لأرفعنک إلی الأمیر فقال:أ و تخوفنی بالأمیر؟و أتی الدهقان الأمیر قال:من أبوک؟قال:فلان فلم یعرفه قال:

فمن الملک؟قال:فلان فلم یعرفه فاجتمع علیهم الناس فرفع إلی عالمهم فسأله فأخبره فقال:علی باللوح فجیء به فسمی أصحابه فلانا و فلانا و هم مکتوبون فی اللوح فقال للناس:إن الله قد دلکم علی إخوانکم.

و انطلقوا و رکبوا حتی أتوا إلی الکهف فلما دنوا من الکهف قال الفتی.مکانکم أنتم حتی أدخل أنا علی أصحابی،و لا تهجموا فیفزعون منکم و هم لا یعلمون أن الله قد أقبل بکم و تاب علیکم فقالوا:لتخرجن علینا؟قال:نعم إن شاء الله فدخل فلم یدروا أین ذهب؟و عمی علیهم فطلبوا و حرضوا فلم یقدروا علی الدخول علیهم فقالوا:لنتخذن علیهم مسجدا فاتخذوا علیهم مسجدا یصلون علیهم و یستغفرون لهم.

أقول:و الروایة مشهورة أوردها المفسرون فی تفاسیرهم و تلقوها بالقبول و هی بعد غیر خالیة عن أشیاء منها أن ظاهرها أنهم بعد علی هیئة النیام لا یمکن الاطلاع علیهم بصرف إلهی،و الکهف الذی فی المضیق و هو کهف أفسوس المعروف الیوم لیس علی هذا النعت.

و الآیة التی تمسک بها ابن عباس إنما تمثل حالهم و هم رقود قبل البعث لا بعده و قد وردت عن ابن عباس روایة أخری تخالف هذه الروایة و هی ما فی الدر المنثور،عن عبد الرزاق و ابن أبی حاتم عن عکرمة و قد ذکرت فیها القصة و فی آخرها:فرکب

[شماره صفحه واقعی : 286]

ص: 925


1- الشارة الهیئة و الزینة و المنظر و اللباس.

الملک و رکب معه الناس حتی انتهی إلی الکهف فقال الفتی:دعونی أدخل إلی أصحابی فلما أبصروه و أبصرهم ضرب علی آذانهم فلما استبطئوه دخل الملک و دخل الناس معه فإذا أجساد لا یبلی منها شیء غیر أنها لا أرواح فیها فقال الملک:هذه آیة بعثها الله لکم.

فغزا ابن عباس مع حبیب بن مسلمة فمروا بالکهف فإذا فیه عظام فقال رجل:

هذه عظام أهل الکهف فقال ابن عباس ذهبت عظامهم أکثر من ثلاثمائة سنة الحدیث.

و تزید هذه الروایة إشکالا أن قوله:ذهبت عظامهم«إلخ»یؤدی إلی وقوع القصة فی أوائل التاریخ المیلاد أو قبله فتخالف حینئذ عامة الروایات إلا ما تقول إنهم کانوا قبل المسیح.

و منها ما فی قوله:«فقال بعضهم:یوما و قال بعضهم:یومین»إلخ و الذی وقع فی القرآن:« قٰالُوا لَبِثْنٰا یَوْماً أَوْ بَعْضَ یَوْمٍ قٰالُوا رَبُّکُمْ أَعْلَمُ بِمٰا لَبِثْتُمْ »و هو المعقول الموافق للاعتبار من قوم ناموا ثم انتبهوا و تکلموا فی مدة لبثهم أخذا بشواهد الحال و أما احتمال الیومین و أزید فمما لا سبیل إلیه و لا شاهد یشهد علیه عادة علی أن اختلافهم فی تشخیص مدة اللبث لم یکن من الاختلاف المذموم الذی هو اختلاف فی العمل فی شیء حتی یؤدی إلی الهلاک فینهی عنه و إنما هو اختلاف فی النظر و لا مناص.

و منها ما فی آخرها أنه دخل فلم یدروا أین ذهب؟و عمی علیهم«إلخ»کان المراد به ما فی بعض الروایات أن باب الکهف غاب عن أنظارهم بأن مسحه الله و عفاه،و لا یلائم ذلک ما فی صدر الروایة أنه کان ظاهرا معروفا فی تلک الدیار فهل مسحه الله لذلک الملک و أصحابه ثم أظهره للناس؟.

و ما فی صدر الروایة من قول ابن عباس إن الرقیم لوح من رصاص مکتوب فیه أسماؤهم»روی ما فی معناه العیاشی فی تفسیره،عن أحمد بن علی عن أبی عبد الله علیه السلام و قد روی فی روایات أخری عن ابن عباس إنکاره کما فی الدر المنثور،عن سعید بن منصور و عبد الرزاق و الفریابی و ابن المنذر و ابن أبی حاتم و الزجاجی فی أمالیه و ابن مردویه عن ابن عباس قال":لا أدری ما الرقیم و سألت کعبا فقال اسم القریة التی خرجوا منها.

[شماره صفحه واقعی : 287]

ص: 926

و فیه،أیضا عن عبد الرزاق عن ابن عباس قال":کل القرآن أعلمه إلا أربعا:

غسلین (1)و حنانا و أواه و رقیم.

و فی تفسیر القمی،:فی روایة أبی الجارود عن أبی جعفر علیه السلام : فی قوله تعالی:

« لَنْ نَدْعُوَا مِنْ دُونِهِ إِلٰهاً لَقَدْ قُلْنٰا إِذاً شَطَطاً »یعنی جورا علی الله إن قلنا له شریک.

و فی تفسیر العیاشی،عن محمد بن سنان عن البطیخی عن أبی جعفر علیه السلام : فی قول الله:« لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَیْهِمْ لَوَلَّیْتَ مِنْهُمْ فِرٰاراً وَ لَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْباً »قال:إن ذلک لم یعن به النبی صلی الله علیه و آله إنما عنی به المؤمنون بعضهم لبعض لکنه حالهم التی هم علیها.

و فی تفسیر روح المعانی،أسماؤهم علی ما صح عن ابن عباس":مکسلمینا و یملیخا و مرطولس و ثبیونس و دردونس و کفاشیطیطوس و منطنواسیس و هو الراعی و الکلب اسمه قطمیر:

قال:و روی عن علی کرم الله وجهه: إن أسماءهم:یملیخا و مکسلینیا و مسلینیا و هؤلاء أصحاب یمین الملک،و مرنوش و دبرنوش و شاذنوش،و هؤلاء أصحاب یساره، و کان یستشیر الستة و السابع الراعی و لم یذکر فی هذه الروایة اسمه و ذکر فیها أن اسم کلبهم قطمیر.

قال:و فی صحة نسبة هذه الروایة لعلی کرم الله وجه مقال و ذکر العلامة السیوطی فی حواشی البیضاوی،أن الطبرانی روی ذلک عن ابن عباس فی معجمه الأوسط، بإسناد صحیح،و الذی فی الدر المنثور، روایة الطبرانی فی الأوسط بإسناد صحیح ما قدمناه عن ابن عباس.

قال:و قد سموا فی بعض الروایات بغیر هذه الأسماء،و ذکر الحافظ ابن حجر فی شرح البخاری،أن فی النطق بأسمائهم اختلافا کثیرا و لا یقع الوثوق من ضبطها،و فی البحر،أن أسماء أصحاب الکهف أعجمیة لا تنضبط بشکل و لا نقط و السند فی معرفتها ضعیف انتهی کلامه (2).

[شماره صفحه واقعی : 288]

ص: 927


1- اختلاف إعراب الکلمات من جهة حکایة لفظ القرآن.
2- الروایات فی قصة أصحاب الکهف علی ما لخصه بعض علماء الغرب أربع و هی

الروایة التی نسبها إلی علی علیه السلام هی التی رواها الثعلبی فی العرائس،و الدیلمی فی کتابه مرفوعة و فیها أعاجیب.

2)

مشترکة فی أصل القصة مختلفة فی خصوصیاتها: 1 الروایة السریانیة و أقدم ما یوجد منها ما ذکره Jrmesof Sarug المتوفی سنة 521 م). 2 الروایة الیونانیة و تنتهی إلی القرن العاشر المیلادی عن Syrncon Metaphrastos 3 الروایة اللاتینیة و هی مأخوذة من السریانیة عن Gregoryoftours 4 الروایة الإسلامیة و تنتهی إلی السریانیة. و هناک روایات واردة فی المتون القبطیة و الحبشیة و الأرمنیة و تنتهی جمیعا إلی السریانیة، و أسماء أصحاب الکهف فی الروایات الإسلامیة مأخوذة من روایات غیرهم.و قد ذکر Gregory أن بعض هذه الأسماء کانت أسماءهم قبل التنصر و التعمید. و هذه أسامیهم بالیونانیة و السریانیة: مکس منیانوس Maimihanos 1 امیلخوس ملیخا Iamblichos 2 مرتیانوس مرطلوس مرطولس Martinos (Martelos) 3 ذوانیوس دوانیوس دنیاسیوس Dionysios 4 ینیوس یوانیس نواسیس Joannes 5 اکساکدثودنیانوس کسقسططیونس اکسقوسطط کشنوطط Eakoustodianos 6 انطوس(افطونس) اندونیوس انطینوس Antonios 7 قطمیر و أسماؤهم باللاتینیة: Koimeterion مکس میانوس Maimianus 1 املیخوس Malchus 2 مرتیانوس Dicnysius 4 ذیووانیوس Johannes 5 ینیوس Constantinus 6 قسطنطیوس Martinianus 3 ساریبوس ساریبون Serapion 7 و ذکر Gregory أن أسماءهم قبل التنصر هی: ارشلیدس ارخلیدس Achilles 1 دیومادیوس Diomedes 2 اوخانیوس Eugenius 3 استفانوس اساطونس Stephanus 4 ابروفادیوس probatius 5 صامندیوس Sabbatius 6 کیویاکوس Dyriakos 7 و یری بعضهم أن الأسماء العربیة مأخوذة عن القبطیة المأخوذة عن السریانیة.

[شماره صفحه واقعی : 289]

ص: 928

و فی الدر المنثور،أخرج ابن مردویه عن ابن عباس قال:قال رسول الله ص:

أصحاب الکهف أعوان المهدی.

و فی البرهان،عن ابن الفارسی قال الصادق علیه السلام : یخرج للقائم علیه السلام من ظهر الکعبة سبعة و عشرون رجلا من قوم موسی الذین کانوا یهدون بالحق و به یعدلون و سبعة من أهل الکهف و یوشع بن نون،و أبو دجانة الأنصاری،و مقداد بن الأسود و مالک الأشتر فیکونون بین یدیه أنصارا و حکاما.

و فی تفسیر العیاشی،عن عبد الله بن میمون عن أبی عبد الله علیه السلام عن أبیه علی بن أبی طالب علیه السلام قال: إذا حلف رجل بالله فله ثنیاها إلی أربعین یوما و ذلک أن قوما من الیهود سألوا النبی صلی الله علیه و آله عن شیء فقال:ائتونی غدا و لم یستثن حتی أخبرکم فاحتبس عنه جبرئیل أربعین یوما ثم أتاه و قال:« وَ لاٰ تَقُولَنَّ لِشَیْءٍ إِنِّی فٰاعِلٌ ذٰلِکَ غَداً إِلاّٰ أَنْ یَشٰاءَ اللّٰهُ وَ اذْکُرْ رَبَّکَ إِذٰا نَسِیتَ ».

أقول:الثنیا بالضم فالسکون مقصورا اسم الاستثناء و فی هذا المعنی روایات أخر عن الصادقین علیهما السلام و الظاهر من بعضها أن المراد بالحلف بت الکلام و تأکیده کما یلوح إلیه استشهاده علیه السلام فی هذه الروایة بقول النبی ص،و أما البحث فی تقیید الیمین به بعد انعقاده و وقوع الحنث معه و عدمه فموکول إلی الفقه.

«کلام حول قصة أصحاب الکهف فی فصول»
[1 الروایات]

1 وردت قصة الکهف مفصلة کاملة فی عدة روایات عن الصحابة و التابعین و أئمة أهل البیت علیهم السلام کروایة القمی و روایة ابن عباس و روایة عکرمة و روایة مجاهد و قد أوردها فی الدر المنثور،و روایة ابن إسحاق فی العرائس،و قد أوردها فی البرهان،و روایة وهب بن منبه و قد أوردها فی الدر المنثور،و فی الکامل،من غیر نسبة و روایة النعمان بن بشیر فی أصحاب الرقیم و قد أوردها فی الدر المنثور،.

و هذه الروایات و قد أوردنا فی البحث الروائی السابق بعضها و أشرنا إلی بعضها

[شماره صفحه واقعی : 290]

ص: 929

الآخر من الاختلاف فی متونها بحیث لا تکاد تتفق فی جهة بارزة من جهات القصة، و أما الروایات الواردة فی بعض جهات القصة کالمتعرضة لزمان قیامهم و الملک الذی قاموا فی عهده و نسبهم و سمتهم و أسمائهم و وجه تسمیتهم بأصحاب الرقیم إلی غیر ذلک من جزئیات القصة فالاختلاف فیها أشد و الحصول فیها علی ما تطمئن إلیه النفس أصعب.

و السبب العمدة فی اختلاف هذه الأحادیث مضافا إلی ما تطرق إلی أمثال هذه الروایات من الوضع و الدس أمران.

أحدهما:أن القصة مما اعتنت به أهل الکتاب کما یستفاد من روایاتها أن قریشا تلقتها عنهم و سألوا النبی صلی الله علیه و آله عنها بل یستفاد من التماثیل و قد ذکرها أهل التاریخ عن النصاری و من الصور الموجودة فی کهوف شتی فی بقاع الأرض المختلفة من آسیا و أوربا و إفریقیا أن القصة اکتسبت بعد شهرة عالمیة،و من شأن القصص التی کذلک أن تتجلی لکل قوم فی صورة تلائم ما عندهم من الآراء و العقائد و تختلف روایاتها.

ثم إن المسلمین بالغوا فی أخذ الروایة و ضبطها و توسعوا فیه و أخذوا ما عند غیرهم کما أخذوا ما عند أنفسهم و خاصة و قد اختلط بهم قوم من علماء أهل الکتاب دخلوا فی الإسلام کوهب بن منبه و کعب الأحبار و أخذ عنهم الصحابة و التابعون کثیرا من أخبار السابقین ثم أخذ الخلف عن السلف و عاملوا مع روایاتهم معاملة الأخبار الموقوفة عن النبی صلی الله علیه و آله فکانت بلوی.

و ثانیهما:أن دأب کلامه تعالی فیما یورده من القصص أن یقتصر علی مختارات من نکاتها المهمة المؤثرة فی إیفاء الغرض من غیر أن یبسط القول بذکر متنها بالاستیفاء و التعرض لجمیع جهاتها و الأوضاع و الأحوال المقارنة لها فما کتاب الله بکتاب تاریخ و إنما هو کتاب هدی.

و هذا من أوضح ما یعثر علیه المتدبر فی القصص المذکورة فی کلامه تعالی کالذی ورد فیه من قصة أصحاب الکهف و الرقیم فقد أورد أولا شطرا من محاورتهم یشیر إلی معنی قیامهم لله و ثباتهم علی کلمة الحق و اعتزالهم الناس إثر ذلک و دخولهم الکهف و رقودهم فیه و کلبهم معهم دهرا طویلا ثم یذکر بعثهم من الرقدة و محاورة ثانیة لهم هی المؤدیة

[شماره صفحه واقعی : 291]

ص: 930

إلی انکشاف حالهم و ظهور أمرهم للناس.ثم یذکر إعثار الناس علیهم بما یشیر إلی توفیهم ثانیا بعد حصول الغرض الإلهی و ما صنع بعد ذلک من اتخاذ مسجد علیهم هذا هو الذی جری علیه کلامه تعالی.

و قد أضرب عن ذکر أسمائهم و أنسابهم و موالدهم و کیفیة نشأتهم و ما اتخذوه لأنفسهم من المشاغل و موقعهم من مجتمعهم و زمان قیامهم و اعتزالهم و اسم الملک الذی هربوا منه و المدینة التی خرجوا منها و القوم الذین کانوا فیهم و اسم الکلب الذی لازمهم و هل کان کلب صید لهم أو کلب غنم للراعی؟و ما لونه؟ و قد أمعن فیه الروایات إلی غیر ذلک من الأمور التی لا یتوقف غرض الهدایة علی العلم بشیء منها کما یتوقف علیه غرض البحث التاریخی.

ثم إن المفسرین من السلف لما أخذوا فی البحث عن آیات القصص راموا بیان اتصال الآیات بضم المتروک من أطراف القصص إلی المختار المأخوذ منها لتصاغ بذلک قصة کاملة الأجزاء مستوفاة الأطراف فأدی اختلاف أنظارهم إلی اختلاف یشابه اختلاف النقل فآل الأمر إلی ما نشاهده.

2 قصة أصحاب الکهف فی القرآن:

و قد قال تعالی مخاطبا لنبیه صلی الله علیه و آله « فَلاٰ تُمٰارِ فِیهِمْ إِلاّٰ مِرٰاءً ظٰاهِراً وَ لاٰ تَسْتَفْتِ فِیهِمْ مِنْهُمْ أَحَداً »کانت أصحاب الکهف و الرقیم فتیة نشئوا فی مجتمع مشرک لا یری إلا عبادة الأوثان فتسرب فی المجتمع دین التوحید فآمن بالله قوم منهم فأنکروا علیهم ذلک و قابلوهم بالتشدید و التضییق و الفتنة و العذاب، و أجبروهم علی عبادة الأوثان و رفض دین التوحید فمن عاد إلی ملتهم ترکوه و من أصر علی المخالفة قتلوه شر قتلة.

و کانت الفتیة ممن آمن بالله إیمانا علی بصیرة فزادهم الله هدی علی هداهم و أفاض علیهم المعرفة و الحکمة و کشف بما آتاهم من النور عما یهمهم من الأمر و ربط علی قلوبهم فلم یخشوا إلا الله و لا أوحشهم ما یستقبلهم من الحوادث و المکاره فعلموا أنهم لو أداموا المکث فی مجتمعهم الجاهل المتحکم لم یسعهم دون أن یسیروا بسیرتهم فلا یتفوهوا بکلمة الحق و لا یتشرعوا بشریعة الحق و علموا أن سبیلهم أن یقوموا علی التوحید و رفض الشرک ثم اعتزال القوم،و علموا أن لو اعتزلوهم و دخلوا الکهف أنجاهم الله مما هم فیه من البلاء.

[شماره صفحه واقعی : 292]

ص: 931

فقاموا و قالوا ردا علی القوم فی اقتراحهم و تحکمهم: رَبُّنٰا رَبُّ السَّمٰاوٰاتِ وَ الْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَا مِنْ دُونِهِ إِلٰهاً لَقَدْ قُلْنٰا إِذاً شَطَطاً هٰؤُلاٰءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لَوْ لاٰ یَأْتُونَ عَلَیْهِمْ بِسُلْطٰانٍ بَیِّنٍ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَریٰ عَلَی اللّٰهِ کَذِباً .

ثم قالوا: وَ إِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَ مٰا یَعْبُدُونَ إِلاَّ اللّٰهَ فَأْوُوا إِلَی الْکَهْفِ یَنْشُرْ لَکُمْ رَبُّکُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَ یُهَیِّئْ لَکُمْ مِنْ أَمْرِکُمْ مِرْفَقاً .

ثم دخلوا الکهف و استقروا علی فجوة منه و کلبهم باسط ذراعیه بالوصید فدعوا ربهم بما تفرسوا من قبل أنه سیفعل بهم ذلک فقالوا:ربنا آتنا من لدنک رحمة و هیئ لنا من أمرنا رشدا فضرب الله علی آذانهم فی الکهف سنین و لبثوا فی کهفهم و کلبهم معهم ثلاثمائة سنین و ازدادوا تسعا و تری الشمس إذا طلعت تزاور عن کهفهم ذات الیمین و إذا غربت تقرضهم ذات الشمال و هم فی فجوة منه و تحسبهم أیقاظا و هم رقود و یقلبهم الله ذات الیمین و ذات الشمال و کلبهم باسط ذراعیه بالوصید لو اطلعت علیهم لولیت منهم فرارا و لملئت منهم رعبا.

ثم إن الله بعثهم بعد هذا الدهر الطویل و هو ثلاثمائة و تسع سنین من یوم دخلوا الکهف لیریهم کیف نجاهم من قومهم فاستیقظوا جمیعا و وجدوا أن الشمس تغیر موقعها و فیهم شیء من لوثة نومهم الثقیل قال قائل منهم:کم لبثتم؟قال قوم منهم:لبثنا یوما أو بعض یوم لما وجدوا من تغیر موقع الشعاع و ترددوا هل مرت علیهم لیلة أو لا؟ و قال آخرون منهم:بل ربکم أعلم بما لبثتم ثم قال:فابعثوا بورقکم هذه إلی المدینة فلینظر أیها أزکی طعاما فلیأتکم برزق منه فإنکم جیاع و لیتلطف الذاهب منکم إلی المدینة فی مسیره إلیها و شرائه الطعام و لا یشعرن بکم أحدا إنهم إن علموا بمکانکم یرجموکم أو یعیدوکم فی ملتهم و لن تفلحوا إذا أبدا.

و هذا أوان أن یعثر الله سبحانه الناس علیهم فإن القوم الذین اعتزلوهم و فارقوهم یوم دخلوا الکهف قد انقرضوا و ذهب الله بهم و بملکهم و ملتهم و جاء بقوم آخرین الغلبة فیهم لأهل التوحید و السلطان و قد اختلفوا أعنی أهل التوحید و غیرهم فی أمر المعاد فأراد الله سبحانه أن یظهر لهم آیة فی ذلک فأعثرهم علی أصحاب الکهف.

[شماره صفحه واقعی : 293]

ص: 932

فخرج المبعوث من الفتیة و أتی المدینة و هو یظن أنها التی فارقها البارحة لکنه وجد المدینة قد تغیرت بما لا یعهد مثله فی یوم و لا فی عمر و الناس غیر الناس و الأوضاع و الأحوال غیر ما کان یشاهده بالأمس فلم یزل علی حیرة من الأمر حتی أراد أن یشتری طعاما بما عنده من الورق و هی یومئذ من الورق الرائجة قبل ثلاثة قرون فأخذت المشاجرة فیها و لم تلبث دون أن کشفت عن أمر عجیب و هو أن الفتی ممن کانوا یعیشون هناک قبل ذلک بثلاثة قرون،و هو أحد الفتیة کانوا فی مجتمع مشرک ظالم فهجروا الوطن و اعتزلوا الناس صونا لإیمانهم و دخلوا الکهف فأنامهم الله هذا الدهر الطویل ثم بعثهم،و ها هم الآن فی الکهف فی انتظار هذا الذی بعثوه إلی المدینة لیشتری لهم طعاما یتغذون به.

فشاع الخبر فی المدینة لساعته و اجتمع جم غفیر من أهلها فساروا إلی الکهف و معهم الفتی المبعوث من أصحاب الکهف فشاهدوا ما فیه تصدیق الفتی فیما أخبرهم من نبإ رفقته و ظهرت لهم الآیة الإلهیة فی أمر المعاد.

و لم یلبث أصحاب الکهف بعد بعثهم کثیرا دون أن توفاهم الله سبحانه و عند ذلک اختلف المجتمعون علی باب الکهف من أهل المدینة ثانیا فقال المشرکون منهم:ابنوا علیهم بنیانا ربهم أعلم بهم قال الذین غلبوا علی أمرهم و هم الموحدون لنتخذن علیهم مسجدا.

3 القصة عند غیر المسلمین:

معظم أهل الروایة و التاریخ علی أن القصة وقعت فی الفترة بین النبی صلی الله علیه و آله و بین المسیح علیه السلام و لذلک لم یرد ذکرها فی کتب العهدین و لم یعتوره الیهود و إن اشتملت عدة من الروایات علی أن قریشا تلقت القصة من الیهود، و إنما اهتم بها النصاری و اعتوروها قدیما و حدیثا،و ما نقل عنهم فی القصة قریب مما أورده ابن إسحاق فی العرائس،عن ابن عباس غیر أنهم یختلف روایاتهم عن روایات المسلمین فی أمور:.

أحدها:أن المصادر السریانیة تذکر عدد أصحاب الکهف ثمانیة فی حین یذکره المسلمون و کذا المصادر الیونانیة و الغربیة سبعة.

ثانیها:أن قصتهم خالیة من ذکر کلب أصحاب الکهف.

[شماره صفحه واقعی : 294]

ص: 933

ثالثها:أنهم ذکروا أن مدة لبث أصحاب الکهف فیه مائتا سنة أو أقل و المسلمون یذکر معظمهم أنه ثلاثمائة و تسع سنین علی ما هو ظاهر القرآن الکریم و السبب فی تحدیدهم ذلک أنهم ذکروا أن الطاغیة الذی کان یجبر الناس علی عبادة الأصنام و قد هرب منه الفتیة هو دقیوس الملک 449 451 و قد استیقظ أهل الکهف علی ما ذکروا سنة 435 م أو سنة 437 أو سنة 439 م فلا یبقی للبثهم فی الکهف إلا مائتا سنة أو أقل و أول من ذکره من مؤرخهم علی ما یذکر هو«جیمس»الساروغی السریانی الذی ولد سنة 451 م و مات سنة 521 م ثم أخذ عنه الآخرون و للکلام تتمة ستوافیک.

4 أین کهف أصحاب الکهف؟

عثر فی مختلف بقاع الأرض علی عدة من الکهوف و الغیران و علی جدرانها تماثیل رجال ثلاثة أو خمسة أو سبعة و معهم کلب و فی بعضها بین أیدیهم قربان یقربونه،و یتمثل عند الإنسان المطلع علیها قصص أصحاب الکهف و یقرب من الظن أن هذه النقوش و التماثیل إشارة إلی قصة الفتیة و أنها انتشرت و ذاعت بعد وقوعها فی الأقطار فأخذت ذکری یتذکر بها الرهبان و المتجردون للعبادة فی هذه الکهوف.

و أما الکهف الذی التجأ إلیه و استخفی فیه أهل الکهف فجری علیهم ما جری فالناس فیه فی اختلاف و قد ادعی ذلک فی عدة مواضع.

أحدها:کهف أفسوس و أفسوس (1)هذا مدینة خربة أثریة واقعة فی ترکیا علی مسافة 73 کیلو مترا من بلدة إزمیر،و الکهف علی مساحة کیلو متر واحد أو أقل من أفسوس بقرب قریة«ایاصولوک»بسفح جبل«ینایرداغ».

و هو کهف وسیع فیه علی ما یقال مات من القبور مبنیة من الطوب و هو فی سفح الجبل و بابه متجه نحو الجهة الشمالیة الشرقیة و لیس عنده أثر من مسجد أو صومعة أو کنیسة،و هذا الکهف هو الأعرف عند النصاری،و قد ورد ذکره فی عدة من روایات المسلمین.

و هذا الکهف علی الرغم من شهرته البالغة لا ینطبق علیه ما ورد فی الکتاب

[شماره صفحه واقعی : 295]

ص: 934


1- بکسر الهمزة و الفاء و قد ضبطه فی مراصد الاطلاع بالضم فالسکون و لعله سهو.

العزیز من المشخصات.

أما أولا:فقد قال تعالی:« وَ تَرَی الشَّمْسَ إِذٰا طَلَعَتْ تَزٰاوَرُ عَنْ کَهْفِهِمْ ذٰاتَ الْیَمِینِ وَ إِذٰا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذٰاتَ الشِّمٰالِ »و هو صریح فی أن الشمس یقع شعاعها عند الطلوع علی جهة الیمین من الکهف و عند الغروب علی الجانب الشمالی منه،و یلزمه أن یواجه باب الکهف جهة الجنوب،و باب الکهف الذی فی أفسوس متجه نحو الشمال الشرقی.

و هذا الأمر أعنی کون باب کهف أفسوس متجها نحو الشمال و ما ورد من مشخص إصابة الشمس منه طلوعا و غروبا هو الذی دعا المفسرین إلی أن یعتبروا یمین الکهف و یساره بالنسبة إلی الداخل فیه لا الخارج منه مع أنه المعروف المعمول کما تقدم فی تفسیر الآیة قال البیضاوی فی تفسیره،:إن باب الکهف فی مقابلة بنات النعش، و أقرب المشارق و المغارب إلی محاذاته مشرق رأس السرطان و مغربه و الشمس إذا کان مدارها مداره تطلع مائلة عنه مقابلة لجانبه الأیمن و هو الذی یلی المغرب،و تغرب محاذیة لجانبه الأیسر فیقع شعاعها علی جانبه و یحلل عفونته و یعدل هواءه و لا یقع علیهم فیؤذی أجسادهم و یبلی ثیابهم.انتهی و نحو منه ما ذکره غیره.

علی أن مقابلة الباب للشمال الشرقی لا للقطب الشمالی و بنات النعش کما ذکروه تستلزم عدم انطباق الوصف حتی علی الاعتبار الذی اعتبروه فإن شعاع الشمس حینئذ یقع علی الجانب الغربی الذی یلی الباب عند طلوعها و أما عند الغروب فالباب و ما حوله مغمور تحت الظل و قد زال الشعاع بعید زوال الشمس و انبسط الظل.

اللهم إلا أن یدعی أن المراد بقوله:« وَ إِذٰا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذٰاتَ الشِّمٰالِ »عدم وقوع الشعاع أو وقوعه خلفهم لا علی یسارهم هذا.

و أما ثانیا:فلأن قوله تعالی:« وَ هُمْ فِی فَجْوَةٍ مِنْهُ »أی فی مرتفع منه و لا فجوة فی کهف أفسوس علی ما یقال و هذا مبنی علی کون الفجوة بمعنی المرتفع و هو غیر مسلم و قد تقدم أنها بمعنی الساحة.

و أما ثالثا:فلأن قوله تعالی:« قٰالَ الَّذِینَ غَلَبُوا عَلیٰ أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَیْهِمْ مَسْجِداً » ظاهر فی أنهم بنوا علی الکهف مسجدا،و لا أثر عند کهف أفسوس من مسجد أو

[شماره صفحه واقعی : 296]

ص: 935

صومعة أو نحوهما و أقرب ما هناک کنیسة علی مسافة ثلاث کیلومترات تقریبا و لا جهة تربطها بالکهف أصلا.

علی أنه لیس هناک شیء من رقیم أو کتابة أو أمر آخر یشهد و لو بعض الشهادة علی کون بعض هاتیک القبور و هی مآت هی قبور أصحاب الکهف أو أنهم لبثوا هناک صفة من الدهر راقدین ثم بعثهم الله ثم توفاهم.

الکهف الثانی:کهف رجیب و هذا الکهف واقع علی مسافة ثمانیة کیلومترات من مدینة عمان عاصمة الأردن بالقرب من قریة تسمی رجیب و الکهف فی جبل محفورا علی الصخرة فی السفح الجنوبی منه،و أطرافه من الجانبین الشرقی و الغربی مفتوحة یقع علیه شعاع الشمس منها،و باب الکهف یقابل جهة الجنوب و فی داخل الکهف صفة صغیرة تقرب من ثلاثة أمتار فی مترین و نصف علی جانب من سطح الکهف المعادل لثلاثة فی ثلاثة تقریبا و فی الغار عدة قبور علی هیئة النواویس البیزنطیة کأنها ثمانیة أو سبعة.

و علی الجدران نقوش و خطوط بالیونانی القدیم و الثمودی منمحیة لا تقرأ و أیضا صورة کلب مصبوغة بالحمرة و زخارف و تزویقات أخری.

و فوق الغار آثار صومعة بیزنطیة تدل النقود و الآثار الأخری المکتشفة فیها علی کونها مبنیة فی زمان الملک جوستینوس الأول 418 427 و آثار أخری علی أن الصومعة بدلت ثانیا بعد استیلاء المسلمین علی الأرض مسجدا إسلامیا مشتملا علی المحراب و المأذنة و المیضاة،و فی الساحة المقابلة لباب الکهف آثار مسجد آخر بناه المسلمون فی صدر الإسلام ثم عمروها و شیدوها مرة بعد مرة،و هو مبنی علی إنقاض کنیسة بیزنطیة کما أن المسجد الذی فوق الکهف کذلک.

و کان هذا الکهف علی الرغم من اهتمام الناس بشأنه و عنایتهم بأمره کما یکشف عنه الآثار متروکا منسیا و بمرور الزمان خربة و ردما متهدما حتی اهتمت دائرة الآثار الأردنیة أخیرا (1)بالحفر و التنقیب فیه فاکتشفته فظهر ثانیا بعد خفائه قرونا،

[شماره صفحه واقعی : 297]

ص: 936


1- و قد وقع هذا الحفر و الاکتشاف سنة 1963 م المطابقة 1342 ه ش و ألف فی ذلک متصدیه

و قامت عدة من الأمارات و الشواهد الأثریة علی کونه هو کهف أصحاب الکهف المذکورین فی القرآن.

1)

الأثری الفاضل«رفیق وفا الدجانی»کتابا سماه«اکتشاف کهف أهل الکهف»نشره سنة 1964 م یفصل القول فیه فی مساعی الدائرة و ما عاناه فی البحث و التنقیب،و یصف فیه خصوصیات حصل علیها فی هذا الکهف،و الآثار التی اکتشفت مما یؤید کون هذا الکهف هو کهف أصحاب الکهف الذی ورد ذکره فی الکتاب العزیز،و یذکر انطباق الأمارات المذکورة فیه و سائر العلائم التی وجدت هناک علی هذا الکهف دون کهف أفسوس و الذی فی دمشق أو البتراء أو إسکاندنافیة. و قد استقرب فیه أن الطاغیة الذی هرب منه أصحاب الکهف فدخلوا الکهف هو«طراجان الملک 98 117 م»لادقیوس الملک 249 251 م الذی ذکره المسیحیون و بعض المسلمین و لا دقیانوس الملک 285 305 الذی ذکره بعض أخر من المسلمین فی روایاتهم. و استدل علیه بأن الملک الصالح الذی بعث الله أصحاب الکهف فی زمانه هو«ثئودوسیوس» الملک 408 450 بإجماع مؤرخی المسیحیین و المسلمین و إذا طرحنا زمان الفترة الذی ذکره القرآن لنوم أهل الکهف و هی 309 سنین من متوسط حکم هذا الملک الصالح و هو 421 بقی 112 سنة و صادف زمان حکم طراجان الملک و قد أصدر طراجان فی هذه السنة مرسوما یقضی أن کل عیسوی یرفض عبادة الآلهة یحاکم کخائن للدولة و یعرض للموت. و بهذا الوجه یندفع اعتراض بعض مؤرخی المسیحیین کجیبون فی کتاب«انحطاط و سقوط الإمبراطوریة الرومیة»علی زمان لبث الفتیة 309 سنین المذکورة فی القرآن بأنه لا یوافق ما ضبطه و أثبته التاریخ أنهم بعثوا فی زمن حکم الملک الصالح ثئودوسیوس 408 451 م و قد دخلوا الکهف فی زمن حکم دقیوس 249 251 م و الفصل بین الحکمین مائتا سنة أو أقل و هذا منه شکر الله سعیه استدلال وجیه بید أنه یتوجه علیه أمور: منها:طرحه 309 سنین المذکورة فی القرآن و هی سنون قمریة علی الظاهر و کان ینبغی أن یعتبرها 300 سنة لتکون شمسیة فیطرحها من 430 متوسط سنی حکم الملک الصالح. و منها:أنه ذکر إجماع المؤرخین من المسلمین و المسیحیین علی ظهور أمر الفتیة فی زمن حکم ثئودوسیوس و لا إجماع هناک مع سکوت أکثر روایاتهم عن تسمیة هذا الملک الصالح و لم یذکره باسمه إلا قلیل منهم و لعلهم أخذوا ذلک من مؤرخی المسیحیین و لعل ذلک حدس منهم عما ینسب إلی جیمس الساروغی 452 521 م أنه ذکر القصة فی کتاب له ألفه سنة 474 فطبقوا الملک علی ثئودوسیوس علی أن مثل هذا الإجماع إجماعهم المرکب علی أن طاغیتهم إما دقیوس أو دقیانوس فإنه ینفی علی أی حال کونه هو«طراجان». و منها:أنه ذکر أن الصومعة التی علی الکهف تدل البینات الأثریة علی کونها مبنیة فی زمن جستینوس الأول 518 527 م و لازم ذلک أن یکون بناؤها بعد مائة سنة تقریبا من ظهور أمر الفتیة،و ظاهر الکتاب العزیز أن بناءها مقارن لزمان إعثار الناس علیهم،و علی هذا ینبغی أن یعتقد أن بناءها بناء مجدد ما هو بالبناء الأولی عند ظهور أمرهم. و بعد هذا کله فالمشخصات التی وردت فی القرآن الکریم للکهف أوضح انطباقا علی کهف الرجیب من غیره.

[شماره صفحه واقعی : 298]

ص: 937

و قد ورد کون کهف أصحاب الکهف بعمان فی بعض روایات المسلمین کما أشرنا إلیه فیما تقدم و ذکره الیاقوت فی معجم البلدان و أن الرقیم اسم قریة بالقرب من عمان کان فیها قصر لیزید بن عبد الملک و قصر آخر فی قریة أخری قریبة منها تسمی الموقر و إلیهما یشیر الشاعر بقوله:

یزرن علی تنانیه یزیدا

بأکناف الموقر و الرقیم

و بلدة عمان أیضا مبنیة فی موضع مدینة«فیلادلفیا»التی کانت من أشهر مدن عصرها و أجملها قبل ظهور الدعوة الإسلامیة و کانت هی و ما والاها تحت استیلاء الروم منذ أوائل القرن الثانی المیلاد حتی فتح المسلمون الأرض المقدسة.

و الحق أن مشخصات کهف أهل الکهف أوضح انطباقا علی هذا الکهف من غیره.

و الکهف الثالث:کهف بجبل قاسیون بالقرب من الصالحیة بدمشق الشام ینسب إلی أصحاب الکهف.

و الکهف الرابع:کهف بالبتراء من بلاد فلسطین ینسبونه إلی أصحاب الکهف.

و الکهف الخامس:کهف اکتشف علی ما قیل فی شبه جزیرة إسکاندنافیة من الأوربة الشمالیة عثروا فیه علی سبع جثث غیر بالیة علی هیئة الرومانیین یظن أنهم الفتیة أصحاب الکهف.

و ربما یذکر بعض کهوف أخر منسوب إلی أصحاب الکهف کما یذکر أن بالقرب من بلدة نخجوان من بلاد قفقاز کهفا یعتقد أهل تلک النواحی أنه کهف أصحاب الکهف و کان الناس یقصدونه و یزورونه.

و لا شاهد یشهد علی کون شیء من هذه الکهوف هو الکهف المذکور فی القرآن الکریم.علی أن المصادر التاریخیة تکذب الأخیرین إذ القصة علی أی حال قصة رومانیة،و سلطتهم حتی فی أیام مجدهم و سؤددهم لم تبلغ هذه النواحی نواحی أوربة الشمالیة و قفقاز.

[شماره صفحه واقعی : 299]

ص: 938

[سورة الکهف (18): الآیات 27 الی 31]

اشارة

وَ اُتْلُ مٰا أُوحِیَ إِلَیْکَ مِنْ کِتٰابِ رَبِّکَ لاٰ مُبَدِّلَ لِکَلِمٰاتِهِ وَ لَنْ تَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً (27) وَ اِصْبِرْ نَفْسَکَ مَعَ اَلَّذِینَ یَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدٰاةِ وَ اَلْعَشِیِّ یُرِیدُونَ وَجْهَهُ وَ لاٰ تَعْدُ عَیْنٰاکَ عَنْهُمْ تُرِیدُ زِینَةَ اَلْحَیٰاةِ اَلدُّنْیٰا وَ لاٰ تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنٰا قَلْبَهُ عَنْ ذِکْرِنٰا وَ اِتَّبَعَ هَوٰاهُ وَ کٰانَ أَمْرُهُ فُرُطاً (28) وَ قُلِ اَلْحَقُّ مِنْ رَبِّکُمْ فَمَنْ شٰاءَ فَلْیُؤْمِنْ وَ مَنْ شٰاءَ فَلْیَکْفُرْ إِنّٰا أَعْتَدْنٰا لِلظّٰالِمِینَ نٰاراً أَحٰاطَ بِهِمْ سُرٰادِقُهٰا وَ إِنْ یَسْتَغِیثُوا یُغٰاثُوا بِمٰاءٍ کَالْمُهْلِ یَشْوِی اَلْوُجُوهَ بِئْسَ اَلشَّرٰابُ وَ سٰاءَتْ مُرْتَفَقاً (29) إِنَّ اَلَّذِینَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا اَلصّٰالِحٰاتِ إِنّٰا لاٰ نُضِیعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً (30) أُولٰئِکَ لَهُمْ جَنّٰاتُ عَدْنٍ تَجْرِی مِنْ تَحْتِهِمُ اَلْأَنْهٰارُ یُحَلَّوْنَ فِیهٰا مِنْ أَسٰاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَ یَلْبَسُونَ ثِیٰاباً خُضْراً مِنْ سُنْدُسٍ وَ إِسْتَبْرَقٍ مُتَّکِئِینَ فِیهٰا عَلَی اَلْأَرٰائِکِ نِعْمَ اَلثَّوٰابُ وَ حَسُنَتْ مُرْتَفَقاً (31)

بیان

رجوع و انعطاف علی ما انتهی إلیه الکلام قبل القصة من بلوغ النبی صلی الله علیه و آله حزنا و أسفا علی عدم إیمانهم بالکتاب النازل علیه و ردهم دعوته الحقة ثم تسلیته بأن الدار دار البلاء و الامتحان و ما علیها زینة لها سیجعله الله صعیدا جرزا فلیس ینبغی له صلی الله علیه و آله أن یتحرج لأجلهم إن لم یستجیبوا دعوته و لم یؤمنوا بکتابه.

بل الذی علیه أن یصبر نفسه مع أولئک الفقراء من المؤمنین الذین لا یزالون یدعون ربهم و لا یلتفت إلی هؤلاء الکفار المترفین الذین یباهون بما عندهم من زینة الحیاة الدنیا

[شماره صفحه واقعی : 300]

ص: 939

التی ستعود صعیدا جرزا بل یدعوهم إلی ربهم و لا یزید علی ذلک فمن شاء منهم آمن به و من شاء کفر و لا علیه شیء،و أما الذی یجب أن یواجهوا به إن کفروا أو آمنوا فلیس هو أن یتأسف أو یسر،بل ما أعده الله للفریقین من عقاب أو ثواب.

قوله تعالی:« وَ اتْلُ مٰا أُوحِیَ إِلَیْکَ »إلی آخر الآیة فی المجمع،:لحد إلیه و التحد أی مال انتهی فالملتحد اسم مکان من الالتحاد بمعنی المیل و المراد بکتاب ربک القرآن أو اللوح المحفوظ،و کان الثانی أنسب بقوله:« لاٰ مُبَدِّلَ لِکَلِمٰاتِهِ ».

و فی الکلام علی ما عرفت آنفا رجوع إلی ما قبل القصة و علیه فالأنسب أن یکون قوله:« وَ اتْلُ »إلخ عطفا علی قوله:« إِنّٰا جَعَلْنٰا مٰا عَلَی الْأَرْضِ »إلخ و المعنی لا تهلک نفسک علی آثارهم أسفا و اتل ما أوحی إلیک من کتاب ربک لأنه لا مغیر لکلماته فهی حقة ثابتة و لأنک لا تجد من دونه ملتحدا تمیل إلیه.

و بذلک ظهر أن کلا من قوله:« لاٰ مُبَدِّلَ لِکَلِمٰاتِهِ »و قوله« لَنْ تَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً »فی مقام التعلیل فهما حجتان علی الأمر فی قوله:« وَ اتْلُ »و لعله لذلک خص الخطاب فی قوله:« وَ لَنْ تَجِدَ »إلخ بالنبی صلی الله علیه و آله مع أن الحکم عام و لن یوجد من دونه ملتحد لأحد.

و یمکن أن یکون المراد:و لن تجد أنت ملتحدا من دونه لأنک رسول و لا ملجأ للرسول من حیث إنه رسول إلا مرسلة،و الأنسب علی هذا أن یکون قوله:« لاٰ مُبَدِّلَ لِکَلِمٰاتِهِ »حجة واحدة مفادها:و اتل علیهم هذه الآیات المشتملة علی الأمر الإلهی بالتبلیغ لأنه کلمة إلهیة و لا تتغیر کلماته و أنت رسول لیس لک إلا أن تمیل إلی مرسلک و تؤدی رسالته،و یؤید هذا المعنی قوله فی موضع آخر: «قُلْ إِنِّی لَنْ یُجِیرَنِی مِنَ اللّٰهِ أَحَدٌ وَ لَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً إِلاّٰ بَلاٰغاً مِنَ اللّٰهِ وَ رِسٰالاٰتِهِ» :الجن:23.

قوله تعالی:« وَ اصْبِرْ نَفْسَکَ مَعَ الَّذِینَ یَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدٰاةِ وَ الْعَشِیِّ یُرِیدُونَ وَجْهَهُ » إلی آخر الآیة قال الراغب: الصبر الإمساک فی ضیق یقال:صبرت الدابة حبستها بلا علف،و صبرت فلانا خلفته خلفة لا خروج له منها،و الصبر حبس النفس علی ما یقتضیه العقل و الشرع أو عما یقتضیان حبسها عنه.انتهی مورد الحاجة.

[شماره صفحه واقعی : 301]

ص: 940

و وجه الشیء ما یواجهک و یستقبلک به،و الأصل فی معناه الوجه بمعنی الجارحة، و وجهه تعالی أسماؤه الحسنی و صفاته العلیا التی بها یتوجه إلیه المتوجهون و یدعوه الداعون و یعبده العابدون قال تعالی: «وَ لِلّٰهِ الْأَسْمٰاءُ الْحُسْنیٰ فَادْعُوهُ بِهٰا» :الأعراف:

180،و أما الذات المتعالیة فلا سبیل إلیها،و إنما یقصده القاصدون و یریده المریدون لأنه إله رب علی عظیم ذو رحمة و رضوان إلی غیر ذلک من أسمائه و صفاته.

و الداعی لله المرید وجهه إن أراد صفاته تعالی الفعلیة کرحمته و رضاه و إنعامه و فضله فإنما یرید أن تشمله و تغمره فیتلبس بها نوع تلبس فیکون مرحوما و مرضیا عنه و منعما بنعمته،و إن أراد صفاته غیر الفعلیة کعلمه و قدرته و کبریائه و عظمته فإنما یرید أن یتقرب إلیه تعالی بهذه الصفات العلیا،و إن شئت فقل:یرید أن یضع نفسه موضعا تقتضیه الصفة الإلهیة کأن یقف موقف الذلة و الحقارة قبال عزته و کبریائه و عظمته تعالی،و یقف موقف الجاهل العاجز الضعیف تجاه علمه و قدرته و قوته تعالی و هکذا فافهم ذلک.

و بذلک یظهر ما فی قول بعضهم:إن المراد بالوجه هو الرضی و الطاعة المرضیة مجازا لأن من رضی عن شخص أقبل علیه و من غضب یعرض عنه،و کذا قول بعضهم:

المراد بالوجه الذات و الکلام علی حذف مضاف،و کذا قول بعضهم:المراد بالوجه التوجه و المعنی یریدون التوجه إلیه و الزلفی لدیه هذا.

و المراد بدعائهم ربهم بالغداة و العشی الاستمرار علی الدعاء و الجری علیه دائما لأن الدوام یتحقق بتکرر غداة بعد عشی و عشی بعد غداة علی الحس فالکلام جار علی الکنایة.و قیل:المراد بدعاء الغداة و العشی صلاة طرفی النهار و قیل:الفرائض الیومیة و هو کما تری.

و قوله تعالی:« وَ لاٰ تَعْدُ عَیْنٰاکَ عَنْهُمْ تُرِیدُ زِینَةَ الْحَیٰاةِ الدُّنْیٰا »أصل معنی العدو کما صرح به الراغب التجاوز و هو المعنی الساری فی جمیع مشتقاته و موارد استعمالاته قال فی القاموس،:یقال:عدا الأمر و عنه جاوزه و ترکه انتهی فمعنی« لاٰ تَعْدُ عَیْنٰاکَ عَنْهُمْ »لا تجاوزهم و لا تترکهم عیناک و الحال أنک ترید زینة الحیاة الدنیا.

لکن ذکر بعضهم أن المجاوزة لا تتعدی بعن إلا إذا کان بمعنی العفو،و لذا قال

[شماره صفحه واقعی : 302]

ص: 941

الزمخشری فی الکشاف،:إن قوله:« لاٰ تَعْدُ عَیْنٰاکَ عَنْهُمْ » بتضمین عدا معنی نبا و علا فی قولک:نبت عنه عینه و علت عنه عینه إذا اقتحمته و لم تعلق به،و لو لا ذلک لکان من الواجب أن یقال:و لا تعدهم عیناک.

و قوله تعالی:« وَ لاٰ تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنٰا قَلْبَهُ عَنْ ذِکْرِنٰا »المراد بإغفال قلبه تسلیط الغفلة علیه و إنساؤه ذکر الله سبحانه علی سبیل المجازاة حیث إنهم عاندوا الحق فأضلهم الله بإغفالهم عن ذکره فإن کلامه تعالی فی قوم هذه حالهم نظیر ما سیأتی فی ذیل الآیات من قوله:« إِنّٰا جَعَلْنٰا عَلیٰ قُلُوبِهِمْ أَکِنَّةً أَنْ یَفْقَهُوهُ وَ فِی آذٰانِهِمْ وَقْراً وَ إِنْ تَدْعُهُمْ إِلَی الْهُدیٰ فَلَنْ یَهْتَدُوا إِذاً أَبَداً ».

فلا مساغ لقول من قال:إن الآیة من أدلة جبره تعالی علی الکفر و المعصیة و ذلک لأن الإلجاء مجازاة لا ینافی الاختیار و الذی ینافیه هو الإلجاء ابتداء و مورد الآیة من القبیل الأول.

و لا حاجة إلی تکلف التأویل کقول من قال إن المراد بقوله:« أَغْفَلْنٰا قَلْبَهُ » عرضناه للغفلة أو أن المعنی صادفناه غافلا أو أرید به نسبناه إلی الغفلة أو أن الإغفال بمعنی جعله غفلا لا سمة له و لا علامة و المراد جعلنا قلبه غفلا لم نسمه بسمة قلوب المؤمنین و لم نعلم فیه علامة المؤمنین لتعرفه الملائکة بتلک السمة.فالجمیع کما تری.

و قوله تعالی:« وَ اتَّبَعَ هَوٰاهُ وَ کٰانَ أَمْرُهُ فُرُطاً »قال فی المجمع،: الفرط التجاوز للحق و الخروج عنه من قولهم:أفرط إفراطا إذا أسرف انتهی،و اتباع الهوی و الإفراط من آثار غفلة القلب،و لذلک کان عطف الجملتین علی قوله:« أَغْفَلْنٰا »بمنزلة عطف التفسیر.

قوله تعالی:« وَ قُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّکُمْ فَمَنْ شٰاءَ فَلْیُؤْمِنْ وَ مَنْ شٰاءَ فَلْیَکْفُرْ عطف علی ما عطف علیه قوله:« وَ اتْلُ مٰا أُوحِیَ إِلَیْکَ »و قوله:« وَ اصْبِرْ نَفْسَکَ »فالسیاق سیاق تعداد وظائف النبی صلی الله علیه و آله قبال کفرهم بما أنزل إلیه و إصرارهم علیه و المعنی لا تأسف علیهم و اتل ما أوحی إلیک و اصبر نفسک مع هؤلاء المؤمنین من الفقراء،و قل للکفار:الحق من ربکم و لا تزد علی ذلک فمن شاء منهم أن یؤمن فلیؤمن و من شاء

[شماره صفحه واقعی : 303]

ص: 942

منهم أن یکفر فلیکفر فلیس بنفعنا إیمانهم و لا یضرنا کفرهم بل ما فی ذلک من نفع أو ضرر و ثواب أو تبعة عذاب عائد إلیهم أنفسهم فلیختاروا ما شاءوا فقد أعتدنا للظالمین کذا و کذا و للصالحین من المؤمنین کذا.

و من هنا یظهر أن قوله:« فَمَنْ شٰاءَ فَلْیُؤْمِنْ وَ مَنْ شٰاءَ فَلْیَکْفُرْ »من کلامه تعالی یخاطب به نبیه صلی الله علیه و آله و لیس داخلا فی مقول القول فلا یعبأ بما ذکر بعضهم أن الجملة من تمام القول المأمور به.

و یظهر أیضا أن قول:« إِنّٰا أَعْتَدْنٰا لِلظّٰالِمِینَ نٰاراً »إلخ فی مقام التعلیل لتخییرهم بین الإیمان و الکفر الذی هو تخییر صورة و تهدید معنی،و المعنی أنا إنما نهیناک عن الأسف و أمرناک أن تکتفی بالتبلیغ فقط و تقنع بقولک:« اَلْحَقُّ مِنْ رَبِّکُمْ »فحسب و لم نتوسل إلی إصرار و إلحاح لأنا هیأنا لهم تبعات هذه الدعوة ردا و قبولا و کفی بما هیأناه محرضا و رادعا و لا حاجة إلی أزید من ذلک و علیهم أن یختاروا لأنفسهم أی المنزلتین شاءوا.

قوله تعالی:« إِنّٰا أَعْتَدْنٰا لِلظّٰالِمِینَ نٰاراً »إلی آخر الآیة قال فی المجمع،: السرادق الفسطاط المحیط بما فیه،و یقال:السرادق ثوب یدار حول الفسطاط،و قال:المهل خثارة الزیت،و قیل:هو النحاس الذائب،و قال: المرتفق المتکأ من المرفق یقال:

ارتفق إذا اتکأ علی مرفقه انتهی و الشیء النضج یقال:شوی یشوی وشیا إذا نضج.

و فی تبدیل الکفر من الظلم فی قوله:« إِنّٰا أَعْتَدْنٰا لِلظّٰالِمِینَ »دون أن یقول:للکافرین دلالة علی أن التبعة المذکورة إنما هی للظالمین بما هم ظالمون:و قد عرفهم فی قوله:

« اَلَّذِینَ یَصُدُّونَ عَنْ سَبِیلِ اللّٰهِ وَ یَبْغُونَهٰا عِوَجاً وَ هُمْ بِالْآخِرَةِ کٰافِرُونَ» :الأعراف:45 و الباقی ظاهر.

قوله تعالی:« إِنَّ الَّذِینَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصّٰالِحٰاتِ إِنّٰا لاٰ نُضِیعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً » بیان لجزاء المؤمنین علی إیمانهم و عملهم الصالح و إنما قال:« إِنّٰا لاٰ نُضِیعُ »إلخ و لم یقل:

و أعتدنا لهؤلاء کذا و کذا لیکون دالا علی العنایة بهم و الشکر لهم.

و قوله:« إِنّٰا لاٰ نُضِیعُ »إلخ فی موضع خبر إن،و هو فی الحقیقة من وضع السبب

[شماره صفحه واقعی : 304]

ص: 943

موضع المسبب و التقدیر إن الذین آمنوا و عملوا الصالحات سنوفیهم أجرهم فإنهم محسنون و إنا لا نضیع أجر من أحسن عملا.

و إذ عد فی الآیة العقاب أثرا للظلم ثم عد الثواب فی مقابله أجرا للإیمان و العمل الصالح استفدنا منه أن لا ثواب للإیمان المجرد من صالح العمل بل ربما أشعرت الآیة بأنه من الظلم.

قوله تعالی:« أُولٰئِکَ لَهُمْ جَنّٰاتُ عَدْنٍ تَجْرِی مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهٰارُ »إلی آخر الآیة.

العدن هو الإقامة و جنات عدن جنات إقامة و الأساور قیل:جمع أسورة و هی جمع سوار بکسر السین و هی حلیة المعصم،و ذکر الراغب أنه فارسی معرب و أصله دستواره و السندس ما رق من الدیباج،و الإستبرق ما غلظ منه،و الأرائک جمع أریکة و هی السریر،و معنی الآیة ظاهر.

«بحث روائی»

فی الدر المنثور،أخرج ابن مردویه من طریق جویبر عن الضحاک عن ابن عباس":فی قوله:« وَ لاٰ تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنٰا قَلْبَهُ عَنْ ذِکْرِنٰا »قال:نزلت فی أمیة بن خلف و ذلک أنه دعا النبی صلی الله علیه و آله إلی أمر کرهه الله من طرد الفقراء عنه و تقریب صنادید أهل مکة فأنزل الله:« وَ لاٰ تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنٰا قَلْبَهُ »یعنی من ختمنا علی قلبه« عَنْ ذِکْرِنٰا » یعنی التوحید« وَ اتَّبَعَ هَوٰاهُ »یعنی الشرک« وَ کٰانَ أَمْرُهُ فُرُطاً » یعنی فرطا فی أمر الله و جهالة بالله.

و فیه،أخرج ابن مردویه و أبو نعیم فی الحلیة،و البیهقی فی شعب الإیمان عن سلمان قال": جاءت المؤلفة قلوبهم إلی رسول الله صلی الله علیه و آله عیینة بن بدر و الأقرع بن حابس فقالوا:یا رسول الله لو جلست فی صدر المجلس و تغیبت عن هؤلاء و أرواح جبابهم یعنون سلمان و أبا ذر و فقراء المسلمین و کانت علیهم جباب الصوف جالسناک أو حادثناک و أخذنا عنک فأنزل الله: وَ اتْلُ مٰا أُوحِیَ إِلَیْکَ مِنْ کِتٰابِ رَبِّکَ إلی قوله أَعْتَدْنٰا لِلظّٰالِمِینَ نٰاراً »یهددهم بالنار).

[شماره صفحه واقعی : 305]

ص: 944

أقول:و روی مثله القمی فی تفسیره

لکنه ذکر عیینة بن الحصین بن الحذیفة بن بدر الفزاری فقط،و لازم الروایة کون الآیتین مدنیتین و علیه روایات أخر تتضمن نظیرة القصة لکن سیاق الآیات لا یساعد علیه.

و فی تفسیر العیاشی،عن أبی جعفر و أبی عبد الله علیهما السلام : فی قوله:« وَ اصْبِرْ نَفْسَکَ مَعَ الَّذِینَ یَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدٰاةِ وَ الْعَشِیِّ »قالا:إنما عنی بها الصلاة.

و فیه،عن عاصم الکوزی عن أبی عبد الله علیه السلام قال:سمعته یقول فی قول الله:

« فَمَنْ شٰاءَ فَلْیُؤْمِنْ وَ مَنْ شٰاءَ فَلْیَکْفُرْ »قال:وعید.

و فی الکافی،و تفسیر العیاشی،و غیره عن أبی حمزة عن أبی جعفر علیه السلام : فی قوله:« وَ قُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّکُمْ فَمَنْ شٰاءَ فَلْیُؤْمِنْ وَ مَنْ شٰاءَ فَلْیَکْفُرْ »فی ولایة علی علیه السلام .

أقول:و هو من الجری:

و فی الدر المنثور،أخرج أحمد و عبد بن حمید و الترمذی و أبو یعلی و ابن جریر و ابن أبی حاتم و ابن حبان و الحاکم و صححه و ابن مردویه و البیهقی فی الشعب،عن أبی سعید الخدری عن النبی ص: فی قوله:« بِمٰاءٍ کَالْمُهْلِ »قال:کعکر الزیت فإذا قرب إلیه سقطت فروة وجهه فیه.

و فی تفسیر القمی،: فی قوله:« بِمٰاءٍ کَالْمُهْلِ »قال:قال علیه السلام :المهل الذی یبقی فی أصل الزیت.

و فی تفسیر العیاشی،عن عبد الله بن سنان عن أبی عبد الله علیه السلام قال: ابن آدم خلق أجوف لا بد له من الطعام و الشراب قال تعالی:« وَ إِنْ یَسْتَغِیثُوا یُغٰاثُوا بِمٰاءٍ کَالْمُهْلِ یَشْوِی الْوُجُوهَ ».

[سورة الکهف (18): الآیات 32 الی 46]

اشارة

وَ اِضْرِبْ لَهُمْ مَثَلاً رَجُلَیْنِ جَعَلْنٰا لِأَحَدِهِمٰا جَنَّتَیْنِ مِنْ أَعْنٰابٍ وَ حَفَفْنٰاهُمٰا بِنَخْلٍ وَ جَعَلْنٰا بَیْنَهُمٰا زَرْعاً (32) کِلْتَا اَلْجَنَّتَیْنِ آتَتْ أُکُلَهٰا وَ لَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَیْئاً وَ فَجَّرْنٰا خِلاٰلَهُمٰا نَهَراً (33) وَ کٰانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقٰالَ لِصٰاحِبِهِ وَ هُوَ یُحٰاوِرُهُ أَنَا أَکْثَرُ مِنْکَ مٰالاً وَ أَعَزُّ نَفَراً (34) وَ دَخَلَ جَنَّتَهُ وَ هُوَ ظٰالِمٌ لِنَفْسِهِ قٰالَ مٰا أَظُنُّ أَنْ تَبِیدَ هٰذِهِ أَبَداً (35) وَ مٰا أَظُنُّ اَلسّٰاعَةَ قٰائِمَةً وَ لَئِنْ رُدِدْتُ إِلیٰ رَبِّی لَأَجِدَنَّ خَیْراً مِنْهٰا مُنْقَلَباً (36) قٰالَ لَهُ صٰاحِبُهُ وَ هُوَ یُحٰاوِرُهُ أَ کَفَرْتَ بِالَّذِی خَلَقَکَ مِنْ تُرٰابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوّٰاکَ رَجُلاً (37) لٰکِنَّا هُوَ اَللّٰهُ رَبِّی وَ لاٰ أُشْرِکُ بِرَبِّی أَحَداً (38) وَ لَوْ لاٰ إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَکَ قُلْتَ مٰا شٰاءَ اَللّٰهُ لاٰ قُوَّةَ إِلاّٰ بِاللّٰهِ إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْکَ مٰالاً وَ وَلَداً (39) فَعَسیٰ رَبِّی أَنْ یُؤْتِیَنِ خَیْراً مِنْ جَنَّتِکَ وَ یُرْسِلَ عَلَیْهٰا حُسْبٰاناً مِنَ اَلسَّمٰاءِ فَتُصْبِحَ صَعِیداً زَلَقاً (40) أَوْ یُصْبِحَ مٰاؤُهٰا غَوْراً فَلَنْ تَسْتَطِیعَ لَهُ طَلَباً (41) وَ أُحِیطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ یُقَلِّبُ کَفَّیْهِ عَلیٰ مٰا أَنْفَقَ فِیهٰا وَ هِیَ خٰاوِیَةٌ عَلیٰ عُرُوشِهٰا وَ یَقُولُ یٰا لَیْتَنِی لَمْ أُشْرِکْ بِرَبِّی أَحَداً (42) وَ لَمْ تَکُنْ لَهُ فِئَةٌ یَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اَللّٰهِ وَ مٰا کٰانَ مُنْتَصِراً (43) هُنٰالِکَ اَلْوَلاٰیَةُ لِلّٰهِ اَلْحَقِّ هُوَ خَیْرٌ ثَوٰاباً وَ خَیْرٌ عُقْباً (44) وَ اِضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ اَلْحَیٰاةِ اَلدُّنْیٰا کَمٰاءٍ أَنْزَلْنٰاهُ مِنَ اَلسَّمٰاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبٰاتُ اَلْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِیماً تَذْرُوهُ اَلرِّیٰاحُ وَ کٰانَ اَللّٰهُ عَلیٰ کُلِّ شَیْءٍ مُقْتَدِراً (45) اَلْمٰالُ وَ اَلْبَنُونَ زِینَةُ اَلْحَیٰاةِ اَلدُّنْیٰا وَ اَلْبٰاقِیٰاتُ اَلصّٰالِحٰاتُ خَیْرٌ عِنْدَ رَبِّکَ ثَوٰاباً وَ خَیْرٌ أَمَلاً (46)

[شماره صفحه واقعی : 306]

ص: 945

[شماره صفحه واقعی : 307]

ص: 946

بیان

الآیات تتضمن مثلین یبینان حقیقة ما یملکه الإنسان فی حیاته الدنیا من الأموال و الأولاد و هی زخارف الحیاة و زیناتها الغارة السریعة الزوال و الفناء التی تتزین بها للإنسان فتلهیه عن ذکر ربه و تجذب وهمه إلی أن یخلد إلیها و یعتمد علیها فیخیل إلیه أنه یملکها و یقدر علیها حتی إذا طاف علیها طائف من الله سبحانه فنت و بادت و لم یبق للإنسان منها إلا کحلمة نائم و أمنیة کاذبة.

فالآیات ترجع الکلام إلی توضیح ما أشار سبحانه إلیه فی قوله:« إِنّٰا جَعَلْنٰا مٰا عَلَی الْأَرْضِ زِینَةً لَهٰا إلی قوله صَعِیداً جُرُزاً »من الحقیقة.

قوله تعالی:« وَ اضْرِبْ لَهُمْ مَثَلاً رَجُلَیْنِ جَعَلْنٰا لِأَحَدِهِمٰا جَنَّتَیْنِ مِنْ أَعْنٰابٍ »إلخ أی و اضرب لهؤلاء المتولهین بزینة الحیاة الدنیا المعرضین عن ذکر الله مثلا لیتبین لهم أنهم لم یتعلقوا فی ذلک إلا بسراب وهمی لا واقع له.

و قد ذکر بعض المفسرین أن الذی یتضمنه المثل قصة مقدرة مفروضة فلیس من الواجب أن یتحقق مضمون المثل خارجا،و ذکر آخرون أنه قصة واقعة،و قد رووا فی ذلک قصصا کثیرة مختلفة لا معول علیها غیر أن التدبر فی سیاق القصة بما فیها من کونهما جنتین اثنتین و انحصار أشجارهما فی الکرم و النخل و وقوع الزرع بینهما و غیر ذلک یؤید کونها قصة واقعة.

و قوله:« جَنَّتَیْنِ مِنْ أَعْنٰابٍ »أی من کروم فالثمرة کثیرا ما یطلق علی شجرتها و قوله:« وَ حَفَفْنٰاهُمٰا بِنَخْلٍ »أی جعلنا النخل محیطة بهما حافة من حولهما و قوله:

« وَ جَعَلْنٰا بَیْنَهُمٰا زَرْعاً »أی بین الجنتین و وسطهما،و بذلک تواصلت العمارة و تمت و اجتمعت له الأقوات و الفواکه.

قوله تعالی:« کِلْتَا الْجَنَّتَیْنِ آتَتْ أُکُلَهٰا »الآیة الأکل بضمتین المأکول و المراد بإیتائهما الأکل إثمار أشجارهما من الأعناب و النخیل.

و قوله:« وَ لَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَیْئاً » الظلم النقص،و الضمیر للأکل أی و لم تنقص من أکله

[شماره صفحه واقعی : 308]

ص: 947

شیئا بل أثمرت ما فی وسعها من ذلک،و قوله:« وَ فَجَّرْنٰا خِلاٰلَهُمٰا نَهَراً »أی شققنا وسطهما نهرا من الماء یسقیهما و یرفع حاجتهما إلی الشرب بأقرب وسیلة من غیر کلفة.

قوله تعالی:« وَ کٰانَ لَهُ ثَمَرٌ »الضمیر للرجل و الثمر أنواع المال کما فی الصحاح،و عن القاموس،و قیل:الضمیر للنخل و الثمر ثمره،و قیل:المراد کان للرجل ثمر ملکه من غیر جنته.و أول الوجوه أوجهها ثم الثانی و یمکن أن یکون المراد من إیتاء الجنتین أکلها من غیر ظلم بلوغ أشجارهما فی الرشد مبلغ الاثمار و أوانه،و من قوله:

« وَ کٰانَ لَهُ ثَمَرٌ »وجود الثمر علی أشجارهما بالفعل کما فی الصیف و هو وجه خال عن التکلف.

قوله تعالی:« فَقٰالَ لِصٰاحِبِهِ وَ هُوَ یُحٰاوِرُهُ أَنَا أَکْثَرُ مِنْکَ مٰالاً وَ أَعَزُّ نَفَراً » المحاورة المخاطبة و المراجعة فی الکلام،و النفر الأشخاص یلازمون الإنسان نوع ملازمة سموا نفرا لأنهم ینفرون معه و لذلک فسره بعضهم بالخدم و الولد،و آخرون بالرهط و العشیرة و الأول أوفق بما سیحکیه الله تعالی من قول صاحبه له:« إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْکَ مٰالاً وَ وَلَداً »حیث بدل النفر من الولد،و المعنی فقال الذی جعلنا له الجنتین لصاحبه و الحال أنه یحاوره:« أَنَا أَکْثَرُ مِنْکَ مٰالاً وَ أَعَزُّ نَفَراً »أی ولدا و خدما.

و هذا الذی قاله لصاحبه یحکی عن مزعمة خاصة عنده منحرفة عن الحق فإنه نظر إلی نفسه و هو مطلق التصرف فیما خوله الله من مال و ولد لا یزاحم فیما یریده فی ذلک فاعتقد أنه مالکه و هذا حق لکنه نسی أن الله سبحانه هو الذی ملکه و هو المالک لما ملکه و الذی سخره الله له و سلطه علیه من زینة الحیاة الدنیا التی هی فتنة و بلاء یمتحن بها الإنسان لیمیز الله الخبیث من الطیب بل اجتذبت الزینة نفسه إلیها فحسب أنه منقطع عن ربه مستقل بنفسه فیما یملکه،و أن التأثیر کله عند الأسباب الظاهریة التی سخرت له.

فنسی الله سبحانه و رکن إلی الأسباب و هذا هو الشرک ثم التفت إلی نفسه فرأی أنه یتصرف فی الأسباب مهیمنا علیها فظن ذلک کرامة لنفسه و أخذه الکبر فاستکبر علی صاحبه،و إلی ذلک یرجع اختلاف الوصفین أعنی وصفه تعالی لملکه إذ قال:

« جَعَلْنٰا لِأَحَدِهِمٰا جَنَّتَیْنِ »إلخ و لم یقل:کان لأحدهما جنتان،و وصف الرجل نفسه

[شماره صفحه واقعی : 309]

ص: 948

إذ قال لصاحبه:« أَنَا أَکْثَرُ مِنْکَ مٰالاً وَ أَعَزُّ نَفَراً »فلم یر إلا نفسه و نسی أن ربه هو الذی سلطه علی ما عنده من المال و أعزه بمن عنده من النفر فجری قوله لصاحبه« أَنَا أَکْثَرُ مِنْکَ مٰالاً وَ أَعَزُّ نَفَراً مجری قول قارون لمن نصحه أن لا یفرح و یحسن بما آتاه الله من المال: «إِنَّمٰا أُوتِیتُهُ عَلیٰ عِلْمٍ» :القصص:78.

و هذا الذی یکشف عنه قوله:« أَنَا أَکْثَرُ مِنْکَ مٰالاً »إلخ أعنی دعوی الکرامة النفسیة و الاستحقاق الذاتی ثم الشرک بالله بالغفلة عنه و الرکون إلی الأسباب الظاهریة هو الذی أظهره حین دخل جنته فقال کما حکاه الله:« مٰا أَظُنُّ أَنْ تَبِیدَ هٰذِهِ أَبَداً وَ مٰا أَظُنُّ السّٰاعَةَ قٰائِمَةً »إلخ.

قوله تعالی:« وَ دَخَلَ جَنَّتَهُ وَ هُوَ ظٰالِمٌ لِنَفْسِهِ قٰالَ »إلی آخر الآیتین.الضمائر الأربع راجعة إلی الرجل،و المراد بالجنة جنسها و لذا لم تثن،و قیل:لأن الدخول لا یتحقق فی الجنتین معا فی وقت واحد،و إنما یکون فی الواحدة بعد الواحدة.

و قال فی الکشاف،:فإن قلت:فلم أفرد الجنة بعد التثنیة؟قلت:معناه و دخل ما هو جنته ما له جنة غیرها یعنی أنه لا نصیب له فی الجنة التی وعد المؤمنون فما ملکه فی الدنیا هو جنته لا غیر،و لم یقصد الجنتین و لا واحدة منهما.انتهی و هو وجه لطیف.

و قوله:« وَ هُوَ ظٰالِمٌ لِنَفْسِهِ »و إنما کان ظالما لأنه تکبر علی صاحبه إذ قال:« أَنَا أَکْثَرُ مِنْکَ مٰالاً »إلخ و هو یکشف عن إعجابه بنفسه و شرکه بالله بنسیانه و الرکون إلی الأسباب الظاهریة،و کل ذلک من الرذائل المهلکة.

و قوله:« قٰالَ مٰا أَظُنُّ أَنْ تَبِیدَ هٰذِهِ أَبَداً » البید و البیدودة الهلاک و الفناء و الإشارة بهذه إلی الجنة،و فصل الجملة لکونها فی معنی جواب سؤال مقدر کأنه لما قیل:و دخل جنته قیل:فما فعل؟فقیل:قال:ما أظن أن تبید إلخ.

و قد عبر عن بقاء جنته بقوله:« مٰا أَظُنُّ أَنْ تَبِیدَ »إلخ و نفی الظن بأمر کنایة عن کونه فرضا و تقدیرا لا یلتفت إلیه حتی یظن به و یمال إلیه فمعنی ما أظن أن تبید هذه أن بقاءه و دوامه مما تطمئن إلیه النفس و لا تتردد فیه حتی تتفکر فی بیده و تظن أنه سیفنی.

[شماره صفحه واقعی : 310]

ص: 949

و هذا حال الإنسان فإن نفسه لا تتعلق بالشیء الفانی من جهة أنه متغیر یسرع إلیه الزوال،و إنما یتعلق القلب علیه بما یشاهد فیه من سمة البقاء کیفما کان فینجذب إلیه و لا یلوی عنه إلی شیء من تقادیر فنائه،فتراه إذا أقبلت علیه الدنیا اطمأن إلیها و أخذ فی التمتع بزینتها و الانقطاع إلیها،و اعتورته أهواؤه و طالت آماله کأنه لا یری لنفسه فناء،و لا لما بیده من النعمة زوالا و لا لما ساعدته علیه من الأسباب انقطاعا، و تراه إذا أدبرت عنه الدنیا أخذه الیأس و القنوط فأنساه کل رجاء للفرج و سجل علیه أنه سیدوم و یدوم علیه الشقاء و سوء الحال.

و السبب فی ذلک کله ما أودعه الله فی فطرته من التعلق بهذه الزینة الفانیة فتنة و امتحانا فإذا أعرض عن ذکر ربه انقطع إلی نفسه و الزینة الدنیویة التی بین یدیه و الأسباب الظاهریة التی أحاطت به و تعلق علی حاضر الوضع الذی یشاهده،و دعته جاذبة الزینات و الزخارف أن یجمد علیها و لا یلتفت إلی فنائها و هو القول بالبقاء، و کلما قرعته قارعة العقل الفطری أن الدهر سیغدر به،و الأسباب ستخذله،و أمتعة الحیاة ستودعه،و حیاته المؤجلة ستبلغ أجلها،منعه اتباع الأهواء و طول الآمال الإصغاء لها و الالتفات إلیها.

و هذا شأن أهل الدنیا لا یزالون علی تناقض من الرأی یعملون ما یصدقونه بأهوائهم و یکذبونه بعقولهم لکنهم یطمئنون إلی رأی الهوی فیمنعهم عن الالتفات إلی قضاء العقل.

و هذا معنی قولهم بدوام الأسباب الظاهریة و بقاء زینة الحیاة الدنیا و لهذا قال فیما حکاه الله:« مٰا أَظُنُّ أَنْ تَبِیدَ هٰذِهِ أَبَداً »و لم یقل:هذه لا تبید أبدا.

و قوله:« وَ مٰا أَظُنُّ السّٰاعَةَ قٰائِمَةً »هو مبنی علی ما مر من التأبید فی قوله:« مٰا أَظُنُّ أَنْ تَبِیدَ هٰذِهِ أَبَداً »فإنه یورث استبعاد تغیر الوضع الحاضر بقیام الساعة،و کل ما حکاه الله سبحانه من حجج المشرکین علی نفی المعاد مبنی علی الاستبعاد کقولهم:

«مَنْ یُحْیِ الْعِظٰامَ وَ هِیَ رَمِیمٌ» :یس:78 و قولهم: «أَ إِذٰا ضَلَلْنٰا فِی الْأَرْضِ أَ إِنّٰا لَفِی خَلْقٍ جَدِیدٍ» :الم السجدة:10.

و قوله:« وَ لَئِنْ رُدِدْتُ إِلیٰ رَبِّی لَأَجِدَنَّ خَیْراً مِنْهٰا مُنْقَلَباً »مبنی علی ما تقدم من دعوی کرامة النفس و استحقاق الخیر،و یورث ذلک فی الإنسان رجاء کاذبا بکل

[شماره صفحه واقعی : 311]

ص: 950

خیر و سعادة من غیر عمل یستدعیه یقول:من المستبعد أن تقوم الساعة و لئن قامت و رددت إلی ربی لأجدن بکرامة نفسی و لا یقول:یؤتینی ربی خیرا من هذه الجنة منقلبا أنقلب إلیه.

و قد خدعت هذا القائل نفسه فیما ادعت من الکرامة حتی أقسم علی ما قال کما یدل علیه لام القسم فی قوله:« وَ لَئِنْ رُدِدْتُ »و لام التأکید و نونها فی قوله:

« لَأَجِدَنَّ »و قال:« رُدِدْتُ »و لم یقل:ردنی ربی إلیه،و قال:« لَأَجِدَنَّ »و لم یقل:آتانی الله.

و الآیتان کقوله تعالی: «وَ لَئِنْ أَذَقْنٰاهُ رَحْمَةً مِنّٰا مِنْ بَعْدِ ضَرّٰاءَ مَسَّتْهُ لَیَقُولَنَّ هٰذٰا لِی وَ مٰا أَظُنُّ السّٰاعَةَ قٰائِمَةً وَ لَئِنْ رُجِعْتُ إِلیٰ رَبِّی إِنَّ لِی عِنْدَهُ لَلْحُسْنیٰ» :حم السجدة:50.

قوله تعالی:« قٰالَ لَهُ صٰاحِبُهُ وَ هُوَ یُحٰاوِرُهُ أَ کَفَرْتَ بِالَّذِی خَلَقَکَ مِنْ تُرٰابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوّٰاکَ رَجُلاً »الآیة و ما بعدها إلی تمام أربع آیات رد من صاحب الرجل یرد به قوله:« أَنَا أَکْثَرُ مِنْکَ مٰالاً وَ أَعَزُّ نَفَراً »ثم قوله إذ دخل جنته« مٰا أَظُنُّ أَنْ تَبِیدَ هٰذِهِ أَبَداً »و قد حلل الکلام من حیث غرض المتکلم إلی جهتین:إحداهما استعلاؤه علی الله سبحانه بدعوی استقلاله فی نفسه و فیما یملکه من مال و نفر و استثناؤه بما عنده من القدرة و القوة و الثانیة استعلاؤه علی صاحبه و استهانته به بالقلة و الذلة ثم رد کلا من الدعویین بما یحسم مادتها و یقطعها من أصلها فقوله:« أَ کَفَرْتَ بِالَّذِی خَلَقَکَ إلی قوله إِلاّٰ بِاللّٰهِ »رد لأولی الدعویین،و قوله« إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ إلی قوله طَلَباً »رد للثانیة.

فقوله:« قٰالَ لَهُ صٰاحِبُهُ وَ هُوَ یُحٰاوِرُهُ »فی إعادة جملة« وَ هُوَ یُحٰاوِرُهُ »إشارة إلی أنه لم ینقلب عما کان علیه من سکینة الإیمان و وقاره باستماع ما استمعه من الرجل بل جری علی محاورته حافظا آدابه و من أدبه إرفاقه به فی الکلام و عدم خشونته بذکر ما یعد دعاء علیه یسوؤه عادة فلم یذکر ولده بسوء کما ذکر جنته بل اکتفی فیه بما یرمز إلیه ما ذکره فی جنته من إمکان صیرورتها صعیدا زلقا و غور مائها.

و قوله:« أَ کَفَرْتَ بِالَّذِی خَلَقَکَ »إلخ الاستفهام للإنکار ینکر علیه ما اشتمل علیه کلامه من الشرک بالله سبحانه بدعوی الاستقلال لنفسه و للأسباب و المسببات کما

[شماره صفحه واقعی : 312]

ص: 951

تقدمت الإشارة إلیه و من فروع شرکه استبعاده قیام الساعة و تردده فیه.

و أما ما ذکره فی الکشاف،أنه جعله کافرا بالله جاحدا لأنعمه لشکه فی البعث کما یکون المکذب بالرسول کافرا فغیر سدید کیف؟و هو یذکر فی استدراکه نفی الشرک عن نفسه،و لو کان کما قال لذکر فیه الإیمان بالمعاد.

فإن قلت:الآیات صریحة فی شرک الرجل،و المشرکون ینکرون المعاد.قلت لم یکن الرجل من المشرکین بمعنی عبدة الأصنام و قد اعترف فی خلال کلامه بما لا تجیزه أصول الوثنیة فقد عبر عنه سبحانه بقوله:« رَبِّی »و لا یراه الوثنیون ربا للإنسان و لا إلها معبودا و إنما هو عندهم رب الأرباب و إله الآلهة،و لم ینف المعاد من أصله کما تقدمت الإشارة إلیه بل تردد فیه و استبعده بالإعراض عن التفکر فیه و لو نفاه لقال:

و لو رددت و لم یقل:و لئن رددت إلی ربی.

فما یذکر لأمره من الأثر السیئ فی الآیة إنما هو لشرکه بمعنی نسیانه ربه و دعواه الاستقلال لنفسه و للأسباب الظاهریة ففیه عزله تعالی عن الربوبیة و إلقاء زمام الملک و التدبیر إلی غیره فهذا هو أصل الفساد الذی علیه ینشأ کل فرع فاسد سواء اعترف معه بلسانه بالتوحید أو أنکره و أثبت الآلهة،قال الزمخشری فی قوله تعالی:« قٰالَ مٰا أَظُنُّ أَنْ تَبِیدَ هٰذِهِ أَبَداً »و نعم ما قال:و تری أکثر الأغنیاء من المسلمین و إن لم یطلقوا بنحو هذا ألسنتهم فإن ألسنة أحوالهم ناطقة به منادیة علیه.انتهی.

و قد أبطل هذا المؤمن دعوی صاحبه الکافر بقوله:« أَ کَفَرْتَ بِالَّذِی خَلَقَکَ مِنْ تُرٰابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوّٰاکَ رَجُلاً »بإلفات نظره إلی أصله و هو التراب ثم النطفة فإن ذلک هو أصل الإنسان فما زاد علی ذلک حتی یصیر الإنسان إنسانا سویا ذا صفات و آثار من موهبة الله محضا لا یملک أصله شیئا من ذلک،و لا غیره من الأسباب الظاهریة الکونیة فإنها أمثال الإنسان لا تملک شیئا من نفسها و آثار نفسها إلا بموهبة من الله سبحانه.

فما عند الإنسان و هو رجل سوی من الإنسانیة و آثارها من علم و حیاة و قدرة و تدبیر یسخر بها الأسباب الکونیة فی سبیل الوصول إلی مقاصده و مآربه کل ذلک مملوکة لله محضا،آتاها الإنسان و ملکه إیاها و لم یخرج بذلک عن ملک الله و لا انقطع

[شماره صفحه واقعی : 313]

ص: 952

عنه بل تلبس الإنسان منها بما تلبس فانتسب إلیه بمشیته و لو لم یشأ لم یملک الإنسان شیئا من ذلک فلیس للإنسان أن یستقل عنه تعالی فی شیء من نفسه و آثار نفسه و لا لشیء من الأسباب الکونیة ذلک.

یقول:إنک ذاک التراب ثم المنی الذی ما کان یملک من الإنسانیة و الرجولیة و آثار ذلک شیئا و الله سبحانه هو الذی آتاکها بمشیته و ملکها إیاک و هو المالک لما ملکک فما لک تکفر به و تستر ربوبیته؟و أین أنت و الاستقلال؟.

قوله تعالی:« لٰکِنَّا هُوَ اللّٰهُ رَبِّی وَ لاٰ أُشْرِکُ بِرَبِّی أَحَداً »القراءة المشهورة«لکن» بفتح النون المشددة من غیر ألف فی الوصل و إثباتها وقفا.و أصله علی ما ذکروه«لکن أنا»حذفت الهمزة بعد نقل فتحتها إلی النون و أدغمت النون فی النون فالوصل بنون مشددة مفتوحة من غیر ألف و الوقف بالألف کما فی«أنا»ضمیر التکلم.

و قد کرر فی الآیة لفظ« رَبِّی »و الثانی من وضع الظاهر موضع المضمر و حق السیاق «و لا أشرک به أحدا»و ذلک للإشارة إلی علة الحکم بتعلیقه بالوصف کأنه قال:

و لا أشرک به أحدا لأنه ربی و لا یجوز الإشراک به لربوبیته.و هذا بیان حال من المؤمن قبال ما ادعاه الکافر لنفسه و المعنی ظاهر.

قوله تعالی:« وَ لَوْ لاٰ إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَکَ قُلْتَ مٰا شٰاءَ اللّٰهُ لاٰ قُوَّةَ إِلاّٰ بِاللّٰهِ »من تتمة قول المؤمن لصاحبه الکافر،و هو تحضیض و توبیخ لصاحبه إذ قال لما دخل جنته:

« مٰا أَظُنُّ أَنْ تَبِیدَ هٰذِهِ أَبَداً »و کان علیه أن یبدله من قوله:« مٰا شٰاءَ اللّٰهُ لاٰ قُوَّةَ إِلاّٰ بِاللّٰهِ » فینسب الأمر کله إلی مشیة الله و یقصر القوة فیه تعالی مبنیا علی ما بینه له أن کل نعمة بمشیة الله و لا قوة إلا به.

و قوله:« مٰا شٰاءَ اللّٰهُ »إما علی تقدیر:الأمر ما شاءه الله،أو علی تقدیر:ما شاءه الله کائن،و ما علی التقدیرین موصولة و یمکن أن تکون شرطیة و التقدیر ما شاءه الله کان،و الأوفق بسیاق الکلام هو أول التقادیر لأن الغرض بیان رجوع الأمور إلی مشیة الله تعالی قبال من یدعی الاستقلال و الاستغناء.

و قوله:« لاٰ قُوَّةَ إِلاّٰ بِاللّٰهِ »یفید قیام القوة بالله و حصر کل قوة فیه بمعنی أن ما

[شماره صفحه واقعی : 314]

ص: 953

ظهر فی مخلوقاته تعالی من القوة القائمة بها فهو بعینه قائم به من غیر أن ینقطع ما أعطاه منه فیستقل به الخلق قال تعالی: «أَنَّ الْقُوَّةَ لِلّٰهِ جَمِیعاً» :البقرة:165.

و قد تم بذلک الجواب عما قاله الکافر لصاحبه و ما قاله عند ما دخل جنته.

قوله تعالی:« إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْکَ مٰالاً وَ وَلَداً فَعَسیٰ »إلی آخر الآیتین قال فی المجمع،:أصل الحسبان السهام التی ترمی لتجری فی طلق واحد و کان ذلک من رمی الأساورة،و أصل الباب الحساب،و إنما یقال لما یرمی به:حسبان لأنه یکثر کثرة الحساب.قال:و الزلق الأرض الملساء المستویة لا نبات فیها و لا شیء و أصل الزلق ما تزلق عنه الأقدام فلا تثبت علیه.انتهی.

و قد تقدم أن الصعید هو سطح الأرض مستویا لا نبات علیه،و المراد بصیرورة الماء غورا صیرورته غائرا ذاهبا فی باطن الأرض.

و الآیتان کما تقدمت الإشارة إلیه رد من المؤمن لصاحبه الکافر من جهة ما استعلی علیه بأنه أکثر منه مالا و أعز نفرا،و ما أورده من الرد مستخرج من بیانه السابق و محصله أنه لما کانت الأمور بمشیة الله و قوته و قد جعلک أکثر منی مالا و أعز نفرا فالأمر فی ذلک إلیه لا إلیک حتی تتبجح و تستعلی علی فمن الممکن المرجو أن یعطینی خیرا من جنتک و یخرب جنتک فیدیرنی إلی حال أحسن من حالک الیوم و یدیرک إلی حال أسوأ من حالی الیوم فیجعلنی أغنی منک بالنسبة إلی و یجعلک أفقر منی بالنسبة إلیک.

و الظاهر أن تکون«ترن»فی قوله:« إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ »إلخ من الرأی بمعنی الاعتقاد فیکون من أفعال القلوب،و« أَنَا »ضمیر فصل متخلل بین مفعولیه اللذین هما فی الأصل مبتدأ و خبر،و یمکن أن یکون من الرؤیة بمعنی الإبصار فأنا ضمیر رفع أکد به مفعول ترن المحذوف من اللفظ.

و معنی الآیة إن ترنی أنا أقل منک مالا و ولدا فلا بأس و الأمر فی ذلک إلی ربی فعسی ربی أن یؤتینی خیرا من جنتک و یرسل علیها أی علی جنتک مرامی من عذابه السماوی کبرد أو ریح سموم أو صاعقة أو نحو ذلک فتصبح أرضا خالیة ملساء لا شجر علیها و لا زرع،أو یصبح ماؤها غائرا فلن تستطیع أن تطلبه لإمعانه فی الغور.

[شماره صفحه واقعی : 315]

ص: 954

قوله تعالی:« وَ أُحِیطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ یُقَلِّبُ کَفَّیْهِ »إلی آخر الآیة الإحاطة بالشیء کنایة عن هلاکه،و هی مأخوذة من إحاطة العدو و استدارته به من جمیع جوانبه بحیث ینقطع عن کل معین و ناصر و هو الهلاک،قال تعالی: «وَ ظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِیطَ بِهِمْ» :یونس:22.

و قوله:« فَأَصْبَحَ یُقَلِّبُ کَفَّیْهِ »کنایة عن الندامة فإن النادم کثیرا ما یقلب کفیه ظهرا لبطن،و قوله:« وَ هِیَ خٰاوِیَةٌ عَلیٰ عُرُوشِهٰا »کنایة عن کمال الخراب کما قیل فإن البیوت الخربة المنهدمة تسقط أولا عروشها و هی سقوفها علی الأرض ثم تسقط جدرانها علی عروشها الساقطة و الخوی السقوط و قیل:الأصل فی معنی الخلو.

و قوله:« وَ یَقُولُ یٰا لَیْتَنِی لَمْ أُشْرِکْ بِرَبِّی أَحَداً »أی یا لیتنی لم أتعلق بما تعلقت به و لم أرکن و لم أطمأن إلی هذه الأسباب التی کنت أحسب أن لها استقلالا فی التأثیر و کنت أرجع الأمر کله إلی ربی فقد ضل سعیی و هلکت نفسی.

و المعنی:و أهلکت أنواع ماله أو فسد ثمر جنته فأصبح نادما علی المال الذی أنفق و الجنة خربة و یقول یا لیتنی لم أشرک بربی أحدا و لم أسکن إلی ما سکنت إلیه و اغتررت به من نفسی و سائر الأسباب التی لم تنفعنی شیئا.

قوله تعالی:« وَ لَمْ تَکُنْ لَهُ فِئَةٌ یَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللّٰهِ وَ مٰا کٰانَ مُنْتَصِراً » الفئة الجماعة،و المنتصر الممتنع.

و کما کانت الآیات الخمس الأولی أعنی قوله:« قٰالَ لَهُ صٰاحِبُهُ إلی قوله طَلَباً » بیانا قولیا لخطإ الرجل فی کفره و شرکه کذلک هاتان الآیتان أعنی قوله:« وَ أُحِیطَ بِثَمَرِهِ إلی قوله وَ مٰا کٰانَ مُنْتَصِراً »بیان فعلی له أما تعلقه بدوام الدنیا و استمرار زینتها فی قوله:« مٰا أَظُنُّ أَنْ تَبِیدَ هٰذِهِ أَبَداً »فقد جلی له الخطأ فیه حین أحیط بثمره فأصبحت جنته خاویة علی عروشها،و أما سکونه إلی الأسباب و رکونه إلیها و قد قال لصاحبه أَنَا أَکْثَرُ مِنْکَ مٰالاً وَ أَعَزُّ نَفَراً »فبین خطاؤه فیه بقوله تعالی:« وَ لَمْ تَکُنْ لَهُ فِئَةٌ یَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللّٰهِ »و أما دعوی استقلاله بنفسه و تبجحه بها فقد أشیر إلی جهة بطلانها بقوله تعالی:« وَ مٰا کٰانَ مُنْتَصِراً ».

[شماره صفحه واقعی : 316]

ص: 955

قوله تعالی:« هُنٰالِکَ الْوَلاٰیَةُ لِلّٰهِ الْحَقِّ هُوَ خَیْرٌ ثَوٰاباً وَ خَیْرٌ عُقْباً »القراءة المشهورة «الولایة»بفتح الواو و قرئ بکسرها و المعنی واحد،و ذکر بعضهم أنها بفتح الواو بمعنی النصرة و بکسرها بمعنی السلطان،و لم یثبت و کذا« اَلْحَقِّ »بالجر،و الثواب مطلق التبعة و الأجر و غلب فی الأجر الحسن الجمیل،و العقب بالضم فالسکون و بضمتین:العاقبة.

ذکر المفسرون أن الإشارة بقوله:« هُنٰالِکَ »إلی معنی قوله:« أُحِیطَ بِثَمَرِهِ » أی فی ذلک الموضع أو فی ذلک الوقت و هو موضع الإهلاک و وقته الولایة لله،و أن الولایة بمعنی النصرة أی إن الله سبحانه هو الناصر للإنسان حین یحیط به البلاء و ینقطع عن کافة الأسباب لا ناصر غیره.

و هذا معنی حق فی نفسه لکنه لا یناسب الغرض المسوق له الآیات و هو بیان أن الأمر کله لله سبحانه و هو الخالق لکل شیء المدبر لکل أمر،و لیس لغیره إلا سراب الوهم و تزیین الحیاة لغرض الابتلاء و الامتحان،و لو کان کما ذکروه لکان الأنسب توصیفه تعالی فی قوله:« لِلّٰهِ الْحَقِّ »بالقوة و العزة و القدرة و الغلبة و نحوها لا بمثل الحق الذی یقابل الباطل،و أیضا لم یکن لقوله:« هُوَ خَیْرٌ ثَوٰاباً وَ خَیْرٌ عُقْباً »وجه ظاهر و موقع جمیل.

و الحق و الله أعلم أن الولایة بمعنی مالکیة التدبیر و هو المعنی الساری فی جمیع اشتقاقاتها کما مر فی الکلام علی قوله تعالی: «إِنَّمٰا وَلِیُّکُمُ اللّٰهُ وَ رَسُولُهُ» :المائدة:55 أی عند إحاطة الهلاک و سقوط الأسباب عن التأثیر و تبین عجز الإنسان الذی کان یری لنفسه الاستقلال و الاستغناء ولایة أمر الإنسان و کل شیء و ملک تدبیره لله لأنه إله حق له التدبیر و التأثیر بحسب واقع الأمر و غیره من الأسباب الظاهریة المدعوة شرکاء له فی التدبیر و التأثیر باطل فی نفسه لا یملک شیئا من الأثر إلا ما أذن الله له و ملکه إیاه و لیس له من الاستقلال إلا اسمه بحسب ما توهمه الإنسان فهو باطل فی نفسه حق بالله سبحانه و الله هو الحق بذاته المستقل الغنی فی نفسه.

و إذا أخذ بالقیاس بینه تعالی عن القیاس و بین غیره من الأسباب المدعوة شرکاء فی التأثیر کان الله سبحانه خیرا منها ثوابا فإنه یثیب من دان له ثوابا حقا و هی

[شماره صفحه واقعی : 317]

ص: 956

تثیب من دان لها و تعلق بها ثوابا باطلا زائلا لا یدوم و هو مع ذلک من الله و بإذنه،و کان الله سبحانه خیرا منها عاقبة لأنه سبحانه هو الحق الثابت الذی لا یفنی و لا یزول و لا یتغیر عما هو علیه من الجلال و الإکرام،و هی أمور فانیة متغیرة جعلها الله زینة للحیاة الدنیا یتوله إلیها الإنسان و تتعلق بها قلبه حتی یبلغ الکتاب أجله و إن الله لجاعلها صعیدا جرزا.

و إذا کان الإنسان لا غنی له عن التعلق بشیء ینسب إلیه التدبیر و یتوقع منه إصلاح شأنه فربه خیر له من غیره لأنه خیر ثوابا و خیر عقبا.

و ذکر بعضهم أن الإشارة بقوله:« هُنٰالِکَ »إلی یوم القیامة فیکون المراد بالثواب و العقب ما فی ذلک الیوم. و السیاق کما تعلم لا یساعد علی شیء من ذلک.

قوله تعالی:« وَ اضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَیٰاةِ الدُّنْیٰا کَمٰاءٍ أَنْزَلْنٰاهُ مِنَ السَّمٰاءِ »إلخ هذا هو المثل الثانی ضرب لتمثیل الحیاة الدنیا بما یقارنها من الزینة السریعة الزوال.

و الهشیم فعیل بمعنی مفعول من الهشم،و هو علی ما قال الراغب کسر الشیء الرخو کالنبات،و ذرا یذرو ذروا أی فرق،و قیل:أی جاء به و ذهب،و قوله:

« فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبٰاتُ الْأَرْضِ »و لم یقل:اختلط بنبات الأرض إشارة إلی غلبته فی تکوین النبات علی سائر أجزائه،و لم یذکر مع ماء السماء غیره من میاه العیون و الأنهار لأن مبدأ الجمیع ماء المطر،و قوله:« فَأَصْبَحَ هَشِیماً »أصبح فیه کما قیل بمعنی صار فلا یفید تقیید الخبر بالصباح.

و المعنی:و اضرب لهؤلاء المتولهین بزینة الدنیا المعرضین عن ذکر ربهم مثل الحیاة الدنیا کماء أنزلناه من السماء و هو المطر فاختلط به نبات الأرض فرف نضارة و بهجة و ظهر بأجمل حلیة فصار بعد ذلک هشیما مکسرا متقطعا تعبث به الریاح تفرقة و تجیء به و تذهب و کان الله علی کل شیء مقتدرا.

قوله تعالی:« اَلْمٰالُ وَ الْبَنُونَ زِینَةُ الْحَیٰاةِ الدُّنْیٰا »إلی آخر الآیة الآیة بمنزلة النتیجة للمثل السابق و هی أن المال و البنین و إن تعلقت بها القلوب و تاقت إلیها النفوس تتوقع منها الانتفاع و تحف بها الآمال لکنها زینة سریعة الزوال غارة لا یسعها أن تثیبه

[شماره صفحه واقعی : 318]

ص: 957

و تنفعه فی کل ما أراده منها و لا أن تصدقه فی جمیع ما یأمله و یتمناه بل و لا فی أکثره ففی الآیة کما تری انعطاف إلی بدء الکلام أعنی قوله:« إِنّٰا جَعَلْنٰا مٰا عَلَی الْأَرْضِ زِینَةً لَهٰا »الآیتین.

و قوله:« وَ الْبٰاقِیٰاتُ الصّٰالِحٰاتُ خَیْرٌ عِنْدَ رَبِّکَ ثَوٰاباً وَ خَیْرٌ أَمَلاً »المراد بالباقیات الصالحات الأعمال الصالحة فإن أعمال الإنسان محفوظة له عند الله بنص القرآن فهی باقیة و إذا کانت صالحة فهی باقیات صالحات،و هی عند الله خیر ثوابا لأن الله یجازی الإنسان الجائی بها خیر الجزاء،و خیر أملا لأن ما یؤمل بها من رحمة الله و کرامته میسور للإنسان فهی أصدق أملا من زینات الدنیا و زخارفها التی لا تفی للإنسان فی أکثر ما تعد،و الآمال المتعلقة بها کاذبة علی الأغلب و ما صدق منها غار خدوع.

و قد ورد من طرق الشیعة و أهل السنة عن النبی صلی الله علیه و آله و من طرق الشیعة عن أئمة أهل البیت علیهم السلام عدة من الروایات:أن الباقیات الصالحات التسبیحات الأربع:

سبحان الله و الحمد لله و لا إله إلا الله و الله أکبر،و فی أخری أنها الصلاة و فی أخری مودة أهل البیت و هی جمیعا من قبیل الجری و الانطباق علی المصداق.

[سورة الکهف (18): الآیات 47 الی 59]

اشارة

وَ یَوْمَ نُسَیِّرُ اَلْجِبٰالَ وَ تَرَی اَلْأَرْضَ بٰارِزَةً وَ حَشَرْنٰاهُمْ فَلَمْ نُغٰادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً (47) وَ عُرِضُوا عَلیٰ رَبِّکَ صَفًّا لَقَدْ جِئْتُمُونٰا کَمٰا خَلَقْنٰاکُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّنْ نَجْعَلَ لَکُمْ مَوْعِداً (48) وَ وُضِعَ اَلْکِتٰابُ فَتَرَی اَلْمُجْرِمِینَ مُشْفِقِینَ مِمّٰا فِیهِ وَ یَقُولُونَ یٰا وَیْلَتَنٰا مٰا لِهٰذَا اَلْکِتٰابِ لاٰ یُغٰادِرُ صَغِیرَةً وَ لاٰ کَبِیرَةً إِلاّٰ أَحْصٰاهٰا وَ وَجَدُوا مٰا عَمِلُوا حٰاضِراً وَ لاٰ یَظْلِمُ رَبُّکَ أَحَداً (49) وَ إِذْ قُلْنٰا لِلْمَلاٰئِکَةِ اُسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاّٰ إِبْلِیسَ کٰانَ مِنَ اَلْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَ فَتَتَّخِذُونَهُ وَ ذُرِّیَّتَهُ أَوْلِیٰاءَ مِنْ دُونِی وَ هُمْ لَکُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظّٰالِمِینَ بَدَلاً (50) مٰا أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ اَلسَّمٰاوٰاتِ وَ اَلْأَرْضِ وَ لاٰ خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ وَ مٰا کُنْتُ مُتَّخِذَ اَلْمُضِلِّینَ عَضُداً (51) وَ یَوْمَ یَقُولُ نٰادُوا شُرَکٰائِیَ اَلَّذِینَ زَعَمْتُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ یَسْتَجِیبُوا لَهُمْ وَ جَعَلْنٰا بَیْنَهُمْ مَوْبِقاً (52) وَ رَأَی اَلْمُجْرِمُونَ اَلنّٰارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُوٰاقِعُوهٰا وَ لَمْ یَجِدُوا عَنْهٰا مَصْرِفاً (53) وَ لَقَدْ صَرَّفْنٰا فِی هٰذَا اَلْقُرْآنِ لِلنّٰاسِ مِنْ کُلِّ مَثَلٍ وَ کٰانَ اَلْإِنْسٰانُ أَکْثَرَ شَیْءٍ جَدَلاً (54) وَ مٰا مَنَعَ اَلنّٰاسَ أَنْ یُؤْمِنُوا إِذْ جٰاءَهُمُ اَلْهُدیٰ وَ یَسْتَغْفِرُوا رَبَّهُمْ إِلاّٰ أَنْ تَأْتِیَهُمْ سُنَّةُ اَلْأَوَّلِینَ أَوْ یَأْتِیَهُمُ اَلْعَذٰابُ قُبُلاً (55) وَ مٰا نُرْسِلُ اَلْمُرْسَلِینَ إِلاّٰ مُبَشِّرِینَ وَ مُنْذِرِینَ وَ یُجٰادِلُ اَلَّذِینَ کَفَرُوا بِالْبٰاطِلِ لِیُدْحِضُوا بِهِ اَلْحَقَّ وَ اِتَّخَذُوا آیٰاتِی وَ مٰا أُنْذِرُوا هُزُواً (56) وَ مَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُکِّرَ بِآیٰاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهٰا وَ نَسِیَ مٰا قَدَّمَتْ یَدٰاهُ إِنّٰا جَعَلْنٰا عَلیٰ قُلُوبِهِمْ أَکِنَّةً أَنْ یَفْقَهُوهُ وَ فِی آذٰانِهِمْ وَقْراً وَ إِنْ تَدْعُهُمْ إِلَی اَلْهُدیٰ فَلَنْ یَهْتَدُوا إِذاً أَبَداً (57) وَ رَبُّکَ اَلْغَفُورُ ذُو اَلرَّحْمَةِ لَوْ یُؤٰاخِذُهُمْ بِمٰا کَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ اَلْعَذٰابَ بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ لَنْ یَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلاً (58) وَ تِلْکَ اَلْقُریٰ أَهْلَکْنٰاهُمْ لَمّٰا ظَلَمُوا وَ جَعَلْنٰا لِمَهْلِکِهِمْ مَوْعِداً (59)

[شماره صفحه واقعی : 319]

ص: 958

[شماره صفحه واقعی : 320]

ص: 959

«بیان»

الآیات متصلة بما قبلها تسیر مسیرها فی تعقیب بیان أن هذه الأسباب الظاهریة و زخارف الدنیا الغارة زینة الحیاة سیسرع إلیها الزوال و یتبین للإنسان أنها لا تملک له نفعا و لا ضرا و إنما یبقی للإنسان أو علیه عمله فیجازی به.

و قد ذکرت الآیات أولا قیام الساعة و مجیء الإنسان فردا لیس معه إلا عمله ثم تذکر إبلیس و إباءه عن السجدة لآدم و فسقه عن أمر ربه و هم یتخذونه و ذریته أولیاء من دون الله و هم لهم عدو ثم تذکر یوم القیامة و إحضارهم و شرکاءهم و ظهور انقطاع الرابطة بینهم و تعقب ذلک آیات أخر فی الوعد و الوعید،و الجمیع بحسب الغرض متصل بما تقدم.

قوله تعالی:« یَوْمَ نُسَیِّرُ الْجِبٰالَ وَ تَرَی الْأَرْضَ بٰارِزَةً وَ حَشَرْنٰاهُمْ فَلَمْ نُغٰادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً »الظرف متعلق بمقدر و التقدیر«و اذکر یوم نسیر»و تسییر الجبال بزوالها عن مستقرها و قد عبر سبحانه عنه بتعبیرات مختلفة کقوله: «وَ کٰانَتِ الْجِبٰالُ کَثِیباً مَهِیلاً» :المزمل:14،و قوله: «وَ تَکُونُ الْجِبٰالُ کَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ» :القارعة:5 و قوله:

«فَکٰانَتْ هَبٰاءً مُنْبَثًّا» :الواقعة:6،و قوله: «وَ سُیِّرَتِ الْجِبٰالُ فَکٰانَتْ سَرٰاباً» :النبأ:20.

و المستفاد من السیاق أن بروز الأرض مترتب علی تسییر الجبال فإذا زالت الجبال و التلال تری الأرض بارزة لا تغیب ناحیة منها عن أخری بحائل حاجز و لا یستتر صقع منها عن صقع بساتر،و ربما احتمل أن تشیر إلی ما فی قوله: «وَ أَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهٰا» :الزمر:69.

و قوله:« وَ حَشَرْنٰاهُمْ فَلَمْ نُغٰادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً »أی لم نترک منهم أحدا فالحشر عام للجمیع.

قوله تعالی:« وَ عُرِضُوا عَلیٰ رَبِّکَ صَفًّا لَقَدْ جِئْتُمُونٰا کَمٰا خَلَقْنٰاکُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ »إلخ السیاق یشهد علی أن ضمیر الجمع فی قوله:« عُرِضُوا »و کذا ضمیرا الجمع فی الآیة السابقة

[شماره صفحه واقعی : 321]

ص: 960

للمشرکین و هم الذین اطمأنوا إلی أنفسهم و الأسباب الظاهریة التی ترتبط بها حیاتهم، و تعلقوا بزینة الحیاة کالمتعلق بأمر دائم باق فکان ذلک انقطاعا منهم عن ربهم،و إنکارا للرجوع إلیه،و عدم مبالاة بما یأتون به من الأعمال أرضی الله أم أسخطه.

و هذه حالهم ما دام أساس الامتحان الإلهی و الزینة المعجلة بین أیدیهم و الأسباب الظاهریة حولهم و لما یقض الأمر أجله ثم إذا حان الحین و تقطعت الأسباب و طاحت الآمال و جعل الله ما علیها من زینة صعیدا جرزا لم یبق إذ ذاک لهم إلا ربهم و أنفسهم و صحیفة أعمالهم المحفوظة علیهم،و عرضوا علی ربهم و لیسوا یرونه ربا لهم و إلا لعبدوه صفا واحدا لا تفاضل بینهم بنسب أو مال أو جاه دنیوی لفصل القضاء تبین لهم عند ذلک أن الله هو الحق المبین و أن ما یدعونه من دونه و تعلقت به قلوبهم من زینة الحیاة و استقلال أنفسهم و الأسباب المسخرة لهم ما کانت إلا أوهاما لا تغنی عنهم من الله شیئا و قد أخطئوا إذ تعلقوا بها و أعرضوا عن سبیل ربهم و لم یجروا علی ما أراده منهم بل کان ذلک منهم لأنهم توهموا أن لا موقف هناک یوقفون فیه فیحاسبون علیه.

و بهذا البیان یظهر أن هذا الجمل الأربع:« وَ عُرِضُوا »إلخ« لَقَدْ جِئْتُمُونٰا »إلخ « بَلْ زَعَمْتُمْ »إلخ« وَ وُضِعَ الْکِتٰابُ »إلخ نکت أساسیة مختارة من تفصیل ما یجری یومئذ بینهم و بین ربهم من حین یحشرون إلی أن یحاسبوا،و اکتفی بها إیجازا فی الکلام لحصول الغرض بها.

فقوله:« وَ عُرِضُوا عَلیٰ رَبِّکَ صَفًّا »إشارة أولا إلی أنهم ملجئون إلی الرجوع إلی ربهم و لقائه فیعرضون علیه عرضا من غیر أن یختاروه لأنفسهم،و ثانیا أن لا کرامة لهم فی هذا اللقاء،و یشعر به قوله« عَلیٰ رَبِّکَ »و لو أکرموا لقیل:ربهم کما قال: «جَزٰاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنّٰاتُ عَدْنٍ» :البینة:8«و قال إِنَّهُمْ مُلاٰقُوا رَبِّهِمْ» :هود:29،أو قیل:عرضوا علینا جریا علی سیاق التکلم السابق ،و ثالثا أن أنواع التفاضل و الکرامات الدنیویة التی اختلقتها لهم الأوهام الدنیویة من نسب و مال و جاه قد طاحت عنهم فصفوا صفا واحدا لا تمیز فیه لعال من دان و لا لغنی من فقیر و لا لمولی من عبد،و إنما المیز الیوم بالعمل و عند ذلک یتبین لهم أنهم أخطئوا الصواب فی حیاتهم

[شماره صفحه واقعی : 322]

ص: 961

الدنیا و ضلوا السبیل فیخاطبون بمثل قوله:« لَقَدْ جِئْتُمُونٰا »إلخ.

و قوله« لَقَدْ جِئْتُمُونٰا کَمٰا خَلَقْنٰاکُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ »مقول القول و التقدیر و قال لهم أو قلنا لهم:لقد جئتمونا إلخ،و فی هذا بیان خطإهم و ضلالهم فی الدنیا إذ تعلقوا بزینتها و زخرفها فشغلهم ذلک عن سلوک سبیل الله و الأخذ بدینه.

و قوله« بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّنْ نَجْعَلَ لَکُمْ مَوْعِداً »فی معنی قوله: «أَ فَحَسِبْتُمْ أَنَّمٰا خَلَقْنٰاکُمْ عَبَثاً وَ أَنَّکُمْ إِلَیْنٰا لاٰ تُرْجَعُونَ» :المؤمنون:115 و الجملة إن کانت إضرابا عن الجملة السابقة علی ظاهر السیاق فالتقدیر ما فی معنی قولنا:شغلتکم زینة الدنیا و تعلقکم بأنفسکم و بظاهر الأسباب عن عبادتنا و سلوک سبیلنا بل ظننتم أن لن نجعل لکم موعدا تلقوننا فیه فتحاسبوا و بتعبیر آخر:إن اشتغالکم بالدنیا و تعلقکم بزینتها و إن کان سببا فی الإعراض عن ذکرنا و اقتراف الخطیئات لکن کان هناک سبب هو أقدم منه و هو الأصل و هو أنکم ظننتم أن لن نجعل لکم موعدا فنسیان المعاد هو الأصل فی ترک الطریق و فساد العمل قال تعالی: «إِنَّ الَّذِینَ یَضِلُّونَ عَنْ سَبِیلِ اللّٰهِ لَهُمْ عَذٰابٌ شَدِیدٌ بِمٰا نَسُوا یَوْمَ الْحِسٰابِ» : ص:26.

و الوجه فی نسبة الظن بنفی المعاد إلیهم أن انقطاعهم إلی الدنیا و تعلقهم بزینتها و من یدعونه من دون الله فعل من ظن أنها دائمة باقیة لهم و أنهم لا یرجعون إلی الله فهو ظن حالی عملی منهم و یمکن أن یکون کنایة عن عدم اعتنائهم بأمر الله و استهانتهم بما أنذروا به نظیر قوله تعالی: «وَ لٰکِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللّٰهَ لاٰ یَعْلَمُ کَثِیراً مِمّٰا تَعْمَلُونَ» :حم السجدة:22.

و من الجائز أن یکون قوله:« بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّنْ نَجْعَلَ لَکُمْ مَوْعِداً »إضرابا عن اعتذار لهم مقدر بالجهل و نحوه و الله أعلم.

قوله تعالی:« وَ وُضِعَ الْکِتٰابُ فَتَرَی الْمُجْرِمِینَ مُشْفِقِینَ مِمّٰا فِیهِ وَ یَقُولُونَ یٰا وَیْلَتَنٰا » إلی آخر الآیة وضع الکتاب نصبه لیحکم علیه،و مشفقین من الشفقة و أصلها الرقة،قال الراغب فی المفردات،: الإشفاق عنایة مختلطة بخوف لأن المشفق یحب المشفق علیه و یخاف ما یلحقه قال تعالی:« وَ هُمْ مِنَ السّٰاعَةِ مُشْفِقُونَ »فإذا عدی بمن فمعنی

[شماره صفحه واقعی : 323]

ص: 962

الخوف فیه أظهر،و إذا عدی بفی فمعنی العنایة فیه أظهر،قال تعالی:« إِنّٰا کُنّٰا قَبْلُ فِی أَهْلِنٰا مُشْفِقِینَ »« مُشْفِقُونَ مِنْهٰا »انتهی.

و الویل الهلاک،و نداؤه عند المصیبة کما قیل کنایة عن کون المصیبة أشد من الهلاک فیستغاث بالهلاک لینجی من المصیبة کما ربما یتمنی الموت عند المصیبة قال تعالی: «یٰا لَیْتَنِی مِتُّ قَبْلَ هٰذٰا» :مریم:23.

و قوله:« وَ وُضِعَ الْکِتٰابُ »ظاهر السیاق أنه کتاب واحد یوضع لحساب أعمال الجمیع و لا ینافی ذلک وضع کتاب خاص بکل إنسان و الآیات القرآنیة دالة علی أن لکل إنسان کتابا و لکل أمة کتابا و للکل کتابا قال تعالی: «وَ کُلَّ إِنسٰانٍ أَلْزَمْنٰاهُ طٰائِرَهُ فِی عُنُقِهِ وَ نُخْرِجُ لَهُ یَوْمَ الْقِیٰامَةِ کِتٰاباً» الآیة:إسراء:13 و قد تقدم الکلام فیها،و قال:

«کُلُّ أُمَّةٍ تُدْعیٰ إِلیٰ کِتٰابِهَا» :الجاثیة:28 و قال: «هٰذٰا کِتٰابُنٰا یَنْطِقُ عَلَیْکُمْ بِالْحَقِّ» :الجاثیة:29 و سیجیء الکلام فی الآیتین إن شاء الله تعالی.

و قیل:المراد بالکتاب کتب الأعمال و اللام للاستغراق،و السیاق لا یساعد علیه.

و قوله:« فَتَرَی الْمُجْرِمِینَ مُشْفِقِینَ مِمّٰا فِیهِ »تفریع الجملة علی وضع الکتاب و ذکر إشفاقهم مما فیه دلیل علی کونه کتاب الأعمال أو کتابا فیه الأعمال،و ذکرهم بوصف الاجرام للإشارة إلی علة الحکم و أن إشفاقهم مما فیه لکونهم مجرمین فالحکم یعم کل مجرم و إن لم یکن مشرکا.

و قوله:« وَ یَقُولُونَ یٰا وَیْلَتَنٰا مٰا لِهٰذَا الْکِتٰابِ لاٰ یُغٰادِرُ صَغِیرَةً وَ لاٰ کَبِیرَةً إِلاّٰ أَحْصٰاهٰا »الصغیرة و الکبیرة وصفان قامتا مقام موصوفهما و هو الخطیئة أو المعصیة أو الهنة و نحوها.

و قولهم هذا إظهار للدهشة و الفزع من سلطة الکتاب فی إحصائه للذنوب أو لمطلق الحوادث و منها الذنوب فی صورة الاستفهام التعجیبی،و منه یعلم وجه تقدیم الصغیرة علی الکبیرة فی قوله:« صَغِیرَةً وَ لاٰ کَبِیرَةً »مع أن الظاهر أن یقال:لا یغادر کبیرة و لا صغیرة إلا أحصاها بناء علی أن الکلام فی معنی الإثبات و حق الترقی فیه أن یتدرج من الکبیر إلی الصغیر هذا،و ذلک لأن المراد و الله أعلم لا یغادر صغیرة لصغرها

[شماره صفحه واقعی : 324]

ص: 963

و دقتها و لا کبیرة لکبرها و وضوحها،و المقام مقام الاستفزاع فی صورة التعجیب و إحصاء الصغیرة علی صغرها و دقتها أقرب إلیه من غیرها.

و قوله:« وَ وَجَدُوا مٰا عَمِلُوا حٰاضِراً »ظاهر السیاق کون الجملة تأسیسا لا عطف تفسیر لقوله:« لاٰ یُغٰادِرُ صَغِیرَةً وَ لاٰ کَبِیرَةً »إلخ و علیه فالحاضر عندهم نفس الأعمال بصورها المناسبة لها لا کتابتها کما هو ظاهر أمثال قوله: «یٰا أَیُّهَا الَّذِینَ کَفَرُوا لاٰ تَعْتَذِرُوا الْیَوْمَ إِنَّمٰا تُجْزَوْنَ مٰا کُنْتُمْ تَعْمَلُونَ» :التحریم:7،و یؤیده قوله بعده:« وَ لاٰ یَظْلِمُ رَبُّکَ أَحَداً »فإن انتفاء الظلم بناء علی تجسم الأعمال أوضح لأن ما یجزون به إنما هو عملهم یرد إلیهم و یلحق بهم لا صنع فی ذلک لأحد فافهم ذلک.

قوله تعالی:« وَ إِذْ قُلْنٰا لِلْمَلاٰئِکَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاّٰ إِبْلِیسَ کٰانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ »تذکیر ثان لهم بما جری بینه تعالی و بین إبلیس حین أمر الملائکة بالسجود لأبیهم آدم فسجدوا إلا إبلیس کان من الجن فتمرد عن أمر ربه.

أی و اذکر هذه الواقعة حتی یظهر لهم أن إبلیس و هو من الجن و ذریته عدو لهم لا یریدون لهم الخیر فلا ینبغی لهم أن یفتتنوا بما یزینه لهم هو و ذریته من ملاذ الدنیا و شهواتها و الإعراض عن ذکر الله و لا أن یطیعوهم فیما یدعونهم إلیه من الباطل.

و قوله:« أَ فَتَتَّخِذُونَهُ وَ ذُرِّیَّتَهُ أَوْلِیٰاءَ مِنْ دُونِی وَ هُمْ لَکُمْ عَدُوٌّ »تفریع علی محصل الواقعة و الاستفهام للإنکار أی و یتفرع علی الواقعة أن لا تتخذوه و ذریته أولیاء و الحال أنهم أعداء لکم معشر البشر،و علی هذا فالمراد بالولایة ولایة الطاعة حیث یطیعونه و ذریته فیما یدعونهم فقد اتخذوهم مطاعین من دون الله،و هکذا فسرها المفسرون.

و لیس من البعید أن یکون المراد بالولایة ولایة الملک و التدبیر و هو الربوبیة فإن الوثنیة کما یعبدون الملائکة طمعا فی خیرهم کذلک یعبدون الجن اتقاء من شرهم،و هو سبحانه یصرح بأن إبلیس من الجن و له ذریة و أن ضلال الإنسان فی صراط سعادته و ما یلجمه من أنواع الشقاء إنما هو بإغواء الشیطان فالمعنی أ فتتخذونه و ذریته آلهة و أربابا من دونی تعبدونهم و تتقربون إلیهم و هم لکم عدو؟.

و یؤیده الآیة التالیة فإن عدم إشهادهم الخلقة إنما یناسب انتفاء ولایة التدبیر عنهم لا انتفاء ولایة الطاعة و هو ظاهر.

[شماره صفحه واقعی : 325]

ص: 964

و قد ختم الآیة بتقبیح اتخاذهم إیاهم أولیاء من دون الله الذی معناه اتخاذهم إبلیس بدلا منه سبحانه فقال:« بِئْسَ لِلظّٰالِمِینَ بَدَلاً »و ما أقبح ذلک فلا یقدم علیه ذو مسکة،و هو السر فی الالتفات الذی فی قوله:« مِنْ دُونِی »فلم یقل:من دوننا علی سیاق قوله:« وَ إِذْ قُلْنٰا »لیزید فی وضوح القبح کما أنه السر أیضا فی الالتفات السابق فی قوله:« عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ »و لم یقل:عن أمرنا.

و للمفسرین هاهنا أبحاث فی معنی شمول أمر الملائکة لإبلیس،و فی معنی کونه من الجن و فی معنی،و قد قدمنا بعض القول فی ذلک فی تفسیر سورة الأعراف.

قوله تعالی:« مٰا أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّمٰاوٰاتِ وَ الْأَرْضِ وَ لاٰ خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ وَ مٰا کُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّینَ عَضُداً »ظاهر السیاق کون ضمیری الجمع لإبلیس و ذریته و المراد بالإشهاد الإحضار و الاعلام عیانا کما أن الشهود هو المعاینة حضورا،و العضد ما بین المرفق و الکتف من الإنسان و یستعار للمعین کالید و هو المراد هاهنا.

و قد اشتملت الآیة فی نفی ولایة التدبیر عن إبلیس و ذریته علی حجتین إحداهما:

أن ولایة تدبیر أمور شیء من الأشیاء تتوقف علی الإحاطة العلمیة بتمام معنی الکلمة بتلک الأمور من الجهة التی تدبر فیها و بما لذلک الشیء و تلک الأمور من الروابط الداخلیة و الخارجیة بما یبتدئ منه و ما یقارنه و ما ینتهی إلیه و الارتباط الوجودی سار بین أجزاء الکون؛و هؤلاء و هم إبلیس و ذریته لم یشهدهم الله سبحانه خلق السماوات و الأرض و لا خلق أنفسهم فلا کانوا شاهدین إذ قال للسماوات و الأرض:

کن فکانت و لا إذ قال لهم:کونوا فکانوا فهم جاهلون بحقیقة السماوات و الأرض و ما فی أوعیة وجوداتها من أسرار الخلقة حتی بحقیقة صنع أنفسهم فکیف یسعهم أن یلوا تدبیر أمرها أو تدبیر أمر شطر منها فیکونوا آلهة و أربابا من دون الله و هم جاهلون بحقیقة خلقتها و خلقة أنفسهم.

و أما أنهم لم یشهدوا خلقها فلأن کلا منهم شیء محدود لا سبیل له إلی ما وراء نفسه فغیره فی غیب منه مضروب علیه الحجاب،و هذا بین و قد أنبأ الله سبحانه عنه فی مواضع من کلامه؛و کذا کل منهم مستور عنه شأن الأسباب التی تسبق وجوده و اللواحق التی ستلحق وجوده.

[شماره صفحه واقعی : 326]

ص: 965

و هذه حجة برهانیة غیر جدلیة عند من أجاد النظر و أمعن فی التدبر حتی لا یختلط عنده هذه الألعوبة الکاذبة التی نسمیها تدبیرا بالتدبیر الکونی الذی لا یلحقه خطأ و لا ضلال،و کذا الظنون و المزاعم الواهیة التی نتداولها و نرکن إلیها بالعلم العیانی الذی هو حقیقة العلم و کذا العلم بالأمور الغائبة بالظفر علی أماراتها الأغلبیة بالعلم بالغیب الذی یتبدل به الغیب شهادة.

و الثانیة أن کل نوع من أنواع المخلوقات متوجه بفطرته نحو کماله المختص بنوعه و هذا ضروری عند من تتبعها و أمعن النظر فی حالها فالهدایة الإلهیة عامة للجمیع کما قال: «الَّذِی أَعْطیٰ کُلَّ شَیْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدیٰ» :طه:50 و الشیاطین أشرار مفسدون مضلون فتصدیهم تدبیر شیء من السماوات و الأرض أو الإنسان و لن یکون إلا بإذن من الله سبحانه مؤد إلی نقضه السنة الإلهیة من الهدایة العامة أی توسله تعالی إلی الإصلاح بما لیس شأنه إلا الإفساد و إلی الهدایة بما خاصته الإضلال و هو محال.

و هذا معنی قوله سبحانه:« وَ مٰا کُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّینَ عَضُداً »الظاهر فی أن سنته تعالی أن لا یتخذ المضلین عضدا فافهم.

و فی قوله:« مٰا أَشْهَدْتُهُمْ »و قوله:« وَ مٰا کُنْتُ »و لم یقل:ما شهدوا و ما کانوا دلالة علی أنه سبحانه هو القاهر المهیمن علیهم علی کل حال،و القائلون بإشراک الشیاطین أو الملائکة أو غیرهم بالله فی أمر التدبیر لم یقولوا باستقلالهم فی ذلک بل بأن أمر التدبیر مملوک لهم بتملیک من الله تعالی مفوض إلیهم بتفویض منه و أنهم أرباب و آلهة و الله رب الأرباب و إله الآلهة.

و ما تقدم من معنی الآیة مبنی علی حمل الإشهاد علی معناه الحقیقی و إرجاع الضمیرین فی« مٰا أَشْهَدْتُهُمْ »و« أَنْفُسِهِمْ »إلی إبلیس و ذریته کما هو الظاهر المتبادر من السیاق،و للمفسرین أقوال أخر:.

منها قول بعضهم:إن المراد من الإشهاد فی خلقها المشاورة مجازا فإن أدنی مراتب الولایة علی شیء أن یشاوره فی أمره،و المراد بنفی الاعتضاد نفی سائر مراتب الاستعانة المؤدیة إلی الولایة و السلطة علی المولی علیه بوجه ما فکأنه قیل ما شاورتهم

[شماره صفحه واقعی : 327]

ص: 966

فی أمر خلقها و لا استعنت بهم بشیء من أنواع الاستعانة فمن أین یکونون أولیاء لهم؟.

و فیه أنه لا قرینة علی هذا المجاز و لا مانع من الحمل علی المعنی الحقیقی علی أنه لا رابطة بین الإشارة بالشیء و الولایة علیه حتی تعد المشاورة من مراتب التولیة أو الإشارة من درجات الولایة،و قد وجه بعضهم هذا المعنی بأن المراد بالإشهاد المشاورة کنایة و لازم المشاورة أن یخلق کما شاءوا أی أن یخلقهم کما أحبوا أی أن یخلقهم کاملین فالمراد بنفی إشهاد الشیاطین خلق أنفسهم نفی أن یکونوا کاملین فی الخلقة حتی یسع لهم ولایة تدبیر الأمور.

و فیه مضافا إلی أنه یرد علیه ما أورد علی سابقه أولا أن ذلک یرجع إلی إطلاق الشیء و إرادة لازمه بخمس مراتب من اللزوم فالمشاورة لازم الإشهاد علی ما یدعیه و خلق ما یشاؤه المشیر لازم المشاورة و خلق ما یحبه لازم خلق ما یشاؤه،و کمال الخلقة لازم خلق ما یحبه،و صحة الولایة لازم کمال الخلقة فإطلاق الإشهاد و إرادة کمال الخلقة أو صحة الولایة من قبیل التکنیة عن لازم المعنی من وراء لزومات أربع أو خمس،و الکتاب المبین یجل عن أمثال هذه الألغازات.

و ثانیا:أنه لو صح فإنما یصح فی إشهادهم خلق أنفسهم دون إشهادهم خلق السماوات و الأرض فلازمه التفکیک بین الإشهادین.

و ثالثا:أن لازمه صحة ولایة من کان کاملا فی خلقه کالملائکة المقربین ففیه اعتراف بإمکان ولایتهم و جواز ربوبیتهم و القرآن یدفع ذلک بأصرح البیان فأین الممکن المفتقر لذاته إلی الله سبحانه من الاستقلال فی تدبیر نفسه أو تدبیر غیره؟و أما نحو قوله تعالی: «فَالْمُدَبِّرٰاتِ أَمْراً» :النازعات:5 فسیجیء توضیح معناه إن شاء الله.

و منها قول بعضهم:إن المراد بالإشهاد حقیقة معناه و الضمیران للشیاطین لکن المراد من إشهادهم خلق أنفسهم إشهاد بعضهم خلق بعض لا إشهاد کل خلق نفسه.

و فیه أن المراد بنفی الإشهاد استنتاج انتفاء الولایة،و لم یقل أحد من المشرکین بولایة بعض الشیاطین لبعض و لا تعلق الغرض بنفیها حتی یحمل لفظ الآیة علی إشهاد بعضهم خلق بعض.

[شماره صفحه واقعی : 328]

ص: 967

و منها قول بعضهم:إن أول الضمیرین للشیاطین و الثانی للکفار أو لهم و لغیرهم من الناس.و المعنی ما أشهدت الشیاطین خلق السماوات و الأرض و لا خلق الکفار أو الناس حتی یکونوا أولیاء لهم.

و فیه أن فیه تفکیک الضمیرین.

و منها قول بعضهم:برجوع الضمیرین إلی الکفار قال الإمام الرازی فی تفسیره، و الأقرب عندی عودهما یعنی الضمیرین علی الکفار الذین قالوا للرسول صلی الله علیه و آله :إن لم تطرد عن مجلسک هؤلاء الفقراء لم نؤمن بک فکأنه تعالی قال:إن هؤلاء الذین أتوا بهذا الاقتراح الفاسد و التعنت الباطل ما کانوا شرکائی فی تدبیر العالم بدلیل أنی ما أشهدتهم خلق السماوات و الأرض و لا خلق أنفسهم و لا اعتضدت بهم فی تدبیر الدنیا و الآخرة بل هم کسائر الخلق فلم أقدموا علی هذا الاقتراح الفاسد؟و نظیره أن من اقترح علیک اقتراحات عظیمة فإنک تقول له:لست بسلطان البلد حتی نقبل منک هذه الاقتراحات الهائلة فلم تقدم علیها؟.

و یؤکده أن الضمیر یجب عوده علی أقرب المذکورات و هو فی الآیة أولئک الکفار لأنهم المراد بالظالمین فی قوله تعالی:« بِئْسَ لِلظّٰالِمِینَ بَدَلاً »انتهی.

و فیه أن فیه خرق السیاق بتعلیق مضمون الآیة بما تعرض به فی قوله:« وَ لاٰ تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنٰا قَلْبَهُ عَنْ ذِکْرِنٰا »بنحو الإشارة قبل ثلاث و عشرین آیة و قد تحول وجه الکلام بالانعطاف علی أول السورة مرة بعد مرة بالتمثیل بعد التمثیل و التذکیر بعد التذکیر فما احتمله من المعنی فی غایة البعد.

علی أن ما ذکره من اقتراحهم علی النبی ص:«إن لم تطرد هؤلاء الفقراء من مجلسک لم نؤمن بک»لیس باقتراح فیه مداخلة فی تدبیر أمر العالم حتی یرد علیهم بمثل قوله« مٰا أَشْهَدْتُهُمْ »إلخ بل اشتراط لإیمانهم بطرد أولئک من غیر أن یبتنی علی دعوی ترد بمثل ذلک،نعم لو قیل:اطرد عن مجلسک هؤلاء الفقراء و اکتفی به لکان لما قاله بعض الوجه.

و کأن التنبه لهذه النکتة دعا بعضهم إلی توجیه معنی الآیة علی تقدیر رجوع

[شماره صفحه واقعی : 329]

ص: 968

الضمیرین إلی الکفار بأن المراد أنهم جاهلون بما جری علیه القلم فی الأزل من أمر السعادة و الشقاء إذ لم یشهدوا الخلقة فکیف یقترحون علیک أن تقربهم إلیک و تطرد الفقراء.

و مثله قول آخرین:إن المراد أنی ما أطلعتهم علی أسرار الخلقة و لم یختصوا منی بما یمتازون به من غیرهم حتی یکونوا قدوة یقتدی بهم الناس فی الإیمان بک فلا تطمع فی نصرتهم فلا ینبغی لی أن أعتضد لدینی بالمضلین.

و کلا الوجهین أبعد مما ذکره الإمام من الوجه فأین الآیة من الدلالة علی ما اختلقاه من المعنی؟.

و منها أن الضمیرین للملائکة و المعنی ما أشهدت الملائکة خلق العالم و لا خلق أنفسهم حتی یعبدوا من دونی،و ینبغی أن یضاف إلیه أن قوله:« وَ مٰا کُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّینَ عَضُداً »أیضا متعرض لنفی ولایة الشیاطین فتدل الآیة حینئذ بصدرها و ذیلها علی نفی ولایة الفریقین جمیعا و إلا دفعه ذیل الآیة.

و فیه أن الآیة السابقة إنما خاطبت الکفار فی قولهم بولایة الشیاطین ثم ذکرتهم بضمیر الجمع فی قولها:« وَ هُمْ لَکُمْ عَدُوٌّ »و لم یتعرض لشیء من أمر الملائکة فإرجاع الضمیرین إلی الملائکة دون الشیاطین تفکیک،و الاشتغال بنفی ولایة الملائکة تعرض لما لم یحوج إلیه السیاق و لا اقتضاه المقام.

قوله تعالی:« وَ یَوْمَ یَقُولُ نٰادُوا شُرَکٰائِیَ الَّذِینَ زَعَمْتُمْ »إلی آخر الآیة هذا تذکیر ثالث یذکر فیه ظهور بطلان الرابطة بین المشرکین و بین شرکائهم یوم القیامة و یتأکد بذلک أنهم لیسوا علی شیء مما یدعیه لهم المشرکون.

فقوله:« وَ یَوْمَ یَقُولُ »إلخ الضمیر له تعالی بشهادة السیاق،و المعنی و اذکر لهم یوم یقول الله لهم نادوا شرکائی الذین زعمتم أنهم لی شرکاء فدعوهم فلم یستجیبوا لهم و بان أنهم لیسوا لی شرکاء و لو کانوا لاستجابوا.

و قوله:« وَ جَعَلْنٰا بَیْنَهُمْ مَوْبِقاً » الموبق بکسر الباء اسم مکان من وبق وبوقا بمعنی هلک،و المعنی جعلنا بین المشرکین و شرکائهم محل هلاک و قد فسر القوم هذا

[شماره صفحه واقعی : 330]

ص: 969

الموبق و المهلک بالنار أو بمحل من النار یهلک فیه الفریقان المشرکون و شرکاءهم لکن التدبر فی کلامه تعالی لا یساعد علیه فإن الآیة قد أطلقت الشرکاء و فیهم و لعلهم الأکثر الملائکة و بعض الأنبیاء و الأولیاء،و أرجع إلیهم ضمیر أولی العقل مرة بعد مرة،و لا دلیل علی اختصاصهم بمردة الجن و الإنس و کون جعل الموبق بینهم دلیلا علی الاختصاص أول الکلام.

فلعل المراد من جعل موبق بینهم إبطال الرابطة و رفعها من بینهم و قد کانوا یرون فی الدنیا أن بینهم و بین شرکائهم رابطة الربوبیة و المربوبیة أو السببیة و المسببیة فکنی عن ذلک بجعل موبق بینهم یهلک فیه الرابطة و العلقة من غیر أن یهلک الطرفان، و یومئ إلی ذلک بلطیف الإشارة تعبیره عن دعوتهم أولا بالنداء حیث قال:« نٰادُوا شُرَکٰائِیَ »و النداء إنما یکون فی البعید فهو دلیل علی بعد ما بینهما.

و إلی مثل هذا المعنی یشیر قوله تعالی فی موضع آخر من کلامه: «وَ مٰا نَریٰ مَعَکُمْ شُفَعٰاءَکُمُ الَّذِینَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِیکُمْ شُرَکٰاءُ لَقَدْ تَقَطَّعَ بَیْنَکُمْ وَ ضَلَّ عَنْکُمْ مٰا کُنْتُمْ تَزْعُمُونَ» :الأنعام:94،و قوله تعالی: «ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِینَ أَشْرَکُوا مَکٰانَکُمْ أَنْتُمْ وَ شُرَکٰاؤُکُمْ فَزَیَّلْنٰا بَیْنَهُمْ وَ قٰالَ شُرَکٰاؤُهُمْ مٰا کُنْتُمْ إِیّٰانٰا تَعْبُدُونَ» :یونس:28.

قوله تعالی:« وَ رَأَی الْمُجْرِمُونَ النّٰارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُوٰاقِعُوهٰا وَ لَمْ یَجِدُوا عَنْهٰا مَصْرِفاً » فی أخذ المجرمین مکان المشرکین دلالة علی أن الحکم عام لجمیع أهل الاجرام،و المراد بالظن هو العلم علی ما قیل و یشهد به قوله:« وَ لَمْ یَجِدُوا عَنْهٰا مَصْرِفاً ».

و المراد بمواقعة النار الوقوع فیها علی ما قیل و لا یبعد أن یکون المراد حصول الوقوع من الجانبین فهم واقعون فی النار بدخولهم فیها و النار واقعة فیهم باشتعالهم بها.

و قوله:« وَ لَمْ یَجِدُوا عَنْهٰا مَصْرِفاً »المصرف بکسر الراء اسم مکان من الصرف أی لم یجدوا محلا ینصرفون إلیه و یعدلون عن النار و لا مناص.

قوله تعالی:« وَ لَقَدْ صَرَّفْنٰا فِی هٰذَا الْقُرْآنِ لِلنّٰاسِ مِنْ کُلِّ مَثَلٍ وَ کٰانَ الْإِنْسٰانُ أَکْثَرَ شَیْءٍ جَدَلاً »قد مر الکلام فی نظیر صدر الآیة فی سورة أسری آیة 89 و الجدل الکلام

[شماره صفحه واقعی : 331]

ص: 970

علی سبیل المنازعة و المشاجرة و الآیة إلی تمام ست آیات مسوقة للتهدید بالعذاب بعد التذکیرات السابقة.

قوله تعالی:« وَ مٰا مَنَعَ النّٰاسَ أَنْ یُؤْمِنُوا إِذْ جٰاءَهُمُ الْهُدیٰ وَ یَسْتَغْفِرُوا رَبَّهُمْ » و« یَسْتَغْفِرُوا »عطف علی قوله:« یُؤْمِنُوا »أی و ما منعهم من الإیمان و الاستغفار حین مجیء الهدی.

و قوله:« إِلاّٰ أَنْ تَأْتِیَهُمْ سُنَّةُ الْأَوَّلِینَ »أی إلا طلب أن تأتیهم السنة الجاریة فی الأمم الأولین و هی عذاب الاستئصال،و قوله:« أَوْ یَأْتِیَهُمُ الْعَذٰابُ قُبُلاً »عطف علی سابقه أی أو طلب أن یأتیهم العذاب مقابلة و عیانا و لا ینفعهم الإیمان حینئذ لأنه إیمان بعد مشاهدة البأس الإلهی قال تعالی: «فَلَمْ یَکُ یَنْفَعُهُمْ إِیمٰانُهُمْ لَمّٰا رَأَوْا بَأْسَنٰا سُنَّتَ اللّٰهِ الَّتِی قَدْ خَلَتْ فِی عِبٰادِهِ» :المؤمن:85.

فمحصل المعنی أن الناس لا یطلبون إیمانا ینفعهم و الذی یریدونه أن یأخذهم عذاب الاستئصال علی سنة الأولین فیهلکوا و لا یؤمنوا أو یقابلهم العذاب عیانا فیؤمنوا اضطرارا فلا ینفعهم الإیمان.

و هذا المنع و الاقتضاء فی الآیة أمر ادعائی یراد به أنهم معرضون عن الحق لسوء سریرتهم فلا جدوی للإطناب الذی وقع فی التفاسیر فی صحة ما مر من التوجیه و التقدیر إشکالا و دفعا.

قوله تعالی:« وَ مٰا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِینَ إِلاّٰ مُبَشِّرِینَ وَ مُنْذِرِینَ »إلخ تعزیة للنبی صلی الله علیه و آله أن لا یضیق صدره من إنکار المنکرین و إعراضهم عن ذکر الله فما کانت وظیفة المرسلین إلا التبشیر و الإنذار و لیس علیهم وراء ذلک من بأس ففیه انعطاف إلی مثل ما مر فی قوله فی أول السورة:« فَلَعَلَّکَ بٰاخِعٌ نَفْسَکَ عَلیٰ آثٰارِهِمْ إِنْ لَمْ یُؤْمِنُوا بِهٰذَا الْحَدِیثِ أَسَفاً »و فی الآیة أیضا نوع تهدید للکفار المستهزءین.

و الدحض الهلاک و الإدحاض الإهلاک و الإبطال،و الهزوء :الاستهزاء و المصدر بمعنی اسم المفعول و معنی الآیة ظاهر.

[شماره صفحه واقعی : 332]

ص: 971

قوله تعالی:« وَ مَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُکِّرَ بِآیٰاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهٰا وَ نَسِیَ مٰا قَدَّمَتْ یَدٰاهُ »إعظام و تکبیر لظلمهم و الظلم یعظم و یکبر بحسب متعلقه و إذا کان هو الله سبحانه بآیاته فهو أکبر من کل ظلم.

و المراد بنسیان ما قدمت یداه عدم مبالاته بما یأتیه من الإعراض عن الحق و الاستهزاء به و هو یعلم أنه حق،و قوله:« إِنّٰا جَعَلْنٰا عَلیٰ قُلُوبِهِمْ أَکِنَّةً أَنْ یَفْقَهُوهُ وَ فِی آذٰانِهِمْ وَقْراً » کأنه تعلیل لإعراضهم عن آیات الله أو له و لنسیانهم ما قدمت أیدیهم،و قد تقدم الکلام فی معنی جعل الأکنة علی قلوبهم و الوقر فی آذانهم فی الکتاب مرارا.

و قوله:« وَ إِنْ تَدْعُهُمْ إِلَی الْهُدیٰ فَلَنْ یَهْتَدُوا إِذاً أَبَداً »إیاس من إیمانهم بعد ما ضرب الله الحجاب علی قلوبهم و آذانهم فلا یسعهم بعد ذلک أن یهتدوا بأنفسهم بتعقل الحق و لا أن یسترشدوا بهدایة غیرهم بالسمع و الاتباع،و الدلیل علی هذا المعنی قوله:

« وَ إِنْ تَدْعُهُمْ إِلَی الْهُدیٰ فَلَنْ یَهْتَدُوا إِذاً أَبَداً »حیث دل علی تأیید النفی و قیده بقوله:« إِذاً »و هو جزاء و جواب.

قال فی روح المعانی،:و استدلت الجبریة بهذه الآیة علی مذهبهم و القدریة بالآیة التی قبلها.قال الإمام:و قل ما تجد فی القرآن آیة لأحد هذین الفریقین إلا و معها آیة للفریق الآخر،و ما ذاک إلا امتحان شدید من الله تعالی ألقاه الله علی عباده لیتمیز العلماء الراسخون من المقلدین.انتهی.

أقول:و کلتا الآیتین حق و لازم ذلک ثبوت الاختیار للعباد فی أعمالهم و انبساط سلطنته تعالی فی ملکه حتی علی أعمال العباد و هو مذهب أئمة أهل لبیت علیهم السلام .

قوله تعالی:« وَ رَبُّکَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ »إلی آخر الآیة،الآیات کما سمعت مسرودة لتهدیدهم بالعذاب و هم فاسدون فی أعمالهم فسادا لا یرجی منهم صلاح و هذا مقتض لنزول العذاب و أن یکون معجلا لا یمهلهم إذ لا أثر لبقائهم إلا الفساد لکن الله سبحانه لم یعجل لهم العذاب و إن قضی به قضاء حتم بل أخره إلی أجل مسمی عینه بعلمه.

[شماره صفحه واقعی : 333]

ص: 972

فقوله:« وَ رَبُّکَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ »صدرت به الآیة المتضمنة لصریح القضاء فی تهدیدهم لیعدل به بواسطة اشتماله علی الوصفین:الغفور ذی الرحمة ما یقتضی العذاب المعجل فیقضی و یمضی أصل العذاب أداء لحق مقتضیه و هو عملهم،و یؤخر وقوعه لأن الله غفور ذو رحمة.

فالجملة أعنی قوله:« اَلْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ »مع قوله:« لَوْ یُؤٰاخِذُهُمْ بِمٰا کَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذٰابَ »بمنزلة متخاصمین متنازعین یحضران عند القاضی،و قوله:« بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ لَنْ یَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلاً »أی ملجأ یلجئون منه إلیه بمنزلة الحکم الصادر عنه بما فیه إرضاء الجانبین و مراعاة الحقین فأعطی وصف الانتقام الإلهی باستدعاء مما کسبوا أصل العذاب،و أعطیت صفة المغفرة و الرحمة أن یؤجل العذاب و لا یعجل؛ و عند ذلک أخذت المغفرة الإلهیة تمحو أثر العمل الذی هو استعجال العذاب،و الرحمة تفیض علیهم حیاة معجلة.

و محصل المعنی:لو یؤاخذهم ربک لعجل لهم العذاب لکن لم یعجل لأنه الغفور ذو الرحمة بل حتم علیهم العذاب بجعله لهم موعدا لا ملجأ لهم یلجئون منه إلیه.فقوله:

« بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ »إلخ کلمة قضاء و لیس بحکایة محضة و إلا قیل:بل جعل لهم موعدا إلخ فافهم ذلک.

و الغفور صیغة مبالغة تدل علی کثرة المغفرة،و ذو الرحمة و لامه للجنس صفة تدل علی شمول الرحمة لکل شیء فهی أشمل معنی من الرحمن و الرحیم الدالین علی الکثرة أو الثبوت و الاستمرار فالغفور بمنزلة الخادم لذی الرحمة فإنه یصلح المورد لذی الرحمة بإمحاء ما علیه من وصمة الموانع فإذا صلح شمله ذو الرحمة،فللغفور السعی و کثرة العمل و لذی الرحمة الانبساط و الشمول علی ما لا مانع عنده،و لهذه النکتة جیء فی المغفرة بالغفور و هو صیغة مبالغة و فی الرحمة بذی الرحمة الحاوی لجنس الرحمة فافهم ذلک و دع عنک ما أطنبوا فیه من الکلام فی الاسمین.

قوله تعالی:« وَ تِلْکَ الْقُریٰ أَهْلَکْنٰاهُمْ لَمّٰا ظَلَمُوا وَ جَعَلْنٰا لِمَهْلِکِهِمْ مَوْعِداً »المراد بالقری أهلها مجازا بدلیل الضمائر الراجعة إلیها،و المهلک بکسر اللام اسم زمان.

و معنی الآیة ظاهر و هی مسوقة لبیان أن تأخیر مهلکهم و تأجیله لیس ببدع منا

[شماره صفحه واقعی : 334]

ص: 973

بل السنة الإلهیة فی الأمم الماضین الذین أهلکهم الله لما ظلموا کانت جاریة علی ذلک فکان الله یهلکهم و یجعل لمهلکهم موعدا.

و من هنا یظهر أن العذاب و الهلاک الذی تتضمنه الآیات لیس بعذاب یوم القیامة بل عذاب دنیوی و هو عذاب یوم بدر إن کان المراد تهدید صنادید قریش أو عذاب آخر الزمان إن کان المراد تهدید الأمة کما مر فی تفسیر سورة یونس.

«بحث روائی»

فی تفسیر العیاشی،:فی قوله تعالی:« یٰا وَیْلَتَنٰا مٰا لِهٰذَا الْکِتٰابِ »الآیة:عن خالد بن نجیح عن أبی عبد الله علیه السلام قال: إذا کان یوم القیامة دفع للإنسان کتابه ثم قیل له:اقرأ.قلت:فیعرف ما فیه؟فقال:إنه یذکره فما من لحظة و لا کلمة و لا نقل قدم و لا شیء فعله إلا ذکره کأنه فعله تلک الساعة.و لذلک قالوا:« یٰا وَیْلَتَنٰا مٰا لِهٰذَا الْکِتٰابِ لاٰ یُغٰادِرُ صَغِیرَةً وَ لاٰ کَبِیرَةً إِلاّٰ أَحْصٰاهٰا ».

أقول:و الروایة کما تری تجعل ما یذکره الإنسان هو ما عرفه من ذلک الکتاب فمذکوره هو المکتوب فیه،و لو لا حضور ما عمله لم تتم علیه الحجة و لأمکنه أن ینکره.

و فی تفسیر القمی،":فی قوله تعالی:« وَ لاٰ یَظْلِمُ رَبُّکَ أَحَداً »قال:یجدون کل ما عملوا مکتوبا.

و فی تفسیر البرهان،عن ابن بابویه بإسناده عن أبی معمر السعدان عن علی علیه السلام قال: قوله:« وَ رَأَی الْمُجْرِمُونَ النّٰارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُوٰاقِعُوهٰا »أی أیقنوا أنهم داخلوها.

و فی الدر المنثور،أخرج أحمد و أبو یعلی و ابن جریر و ابن حبان و الحاکم و صححه و ابن مردویه عن أبی سعید الخدری عن رسول الله صلی الله علیه و آله قال: ینصب الکافر یوم

[شماره صفحه واقعی : 335]

ص: 974

القیامة مقدار خمسین ألف سنة کما لم یعمل فی الدنیا،و إن الکافر یری جهنم و یظن أنها مواقعته من مسیرة أربعین سنة.

أقول:و هو یؤید ما تقدم أن المواقعة فی الآیة مأخوذة بین الاثنین.

[سورة الکهف (18): الآیات 60 الی 82]

اشارة

وَ إِذْ قٰالَ مُوسیٰ لِفَتٰاهُ لاٰ أَبْرَحُ حَتّٰی أَبْلُغَ مَجْمَعَ اَلْبَحْرَیْنِ أَوْ أَمْضِیَ حُقُباً (60) فَلَمّٰا بَلَغٰا مَجْمَعَ بَیْنِهِمٰا نَسِیٰا حُوتَهُمٰا فَاتَّخَذَ سَبِیلَهُ فِی اَلْبَحْرِ سَرَباً (61) فَلَمّٰا جٰاوَزٰا قٰالَ لِفَتٰاهُ آتِنٰا غَدٰاءَنٰا لَقَدْ لَقِینٰا مِنْ سَفَرِنٰا هٰذٰا نَصَباً (62) قٰالَ أَ رَأَیْتَ إِذْ أَوَیْنٰا إِلَی اَلصَّخْرَةِ فَإِنِّی نَسِیتُ اَلْحُوتَ وَ مٰا أَنْسٰانِیهُ إِلاَّ اَلشَّیْطٰانُ أَنْ أَذْکُرَهُ وَ اِتَّخَذَ سَبِیلَهُ فِی اَلْبَحْرِ عَجَباً (63) قٰالَ ذٰلِکَ مٰا کُنّٰا نَبْغِ فَارْتَدّٰا عَلیٰ آثٰارِهِمٰا قَصَصاً (64) فَوَجَدٰا عَبْداً مِنْ عِبٰادِنٰا آتَیْنٰاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنٰا وَ عَلَّمْنٰاهُ مِنْ لَدُنّٰا عِلْماً (65) قٰالَ لَهُ مُوسیٰ هَلْ أَتَّبِعُکَ عَلیٰ أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمّٰا عُلِّمْتَ رُشْداً (66) قٰالَ إِنَّکَ لَنْ تَسْتَطِیعَ مَعِیَ صَبْراً (67) وَ کَیْفَ تَصْبِرُ عَلیٰ مٰا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً (68) قٰالَ سَتَجِدُنِی إِنْ شٰاءَ اَللّٰهُ صٰابِراً وَ لاٰ أَعْصِی لَکَ أَمْراً (69) قٰالَ فَإِنِ اِتَّبَعْتَنِی فَلاٰ تَسْئَلْنِی عَنْ شَیْءٍ حَتّٰی أُحْدِثَ لَکَ مِنْهُ ذِکْراً (70) فَانْطَلَقٰا حَتّٰی إِذٰا رَکِبٰا فِی اَلسَّفِینَةِ خَرَقَهٰا قٰالَ أَ خَرَقْتَهٰا لِتُغْرِقَ أَهْلَهٰا لَقَدْ جِئْتَ شَیْئاً إِمْراً (71) قٰالَ أَ لَمْ أَقُلْ إِنَّکَ لَنْ تَسْتَطِیعَ مَعِیَ صَبْراً (72) قٰالَ لاٰ تُؤٰاخِذْنِی بِمٰا نَسِیتُ وَ لاٰ تُرْهِقْنِی مِنْ أَمْرِی عُسْراً (73) فَانْطَلَقٰا حَتّٰی إِذٰا لَقِیٰا غُلاٰماً فَقَتَلَهُ قٰالَ أَ قَتَلْتَ نَفْساً زَکِیَّةً بِغَیْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَیْئاً نُکْراً (74) قٰالَ أَ لَمْ أَقُلْ لَکَ إِنَّکَ لَنْ تَسْتَطِیعَ مَعِیَ صَبْراً (75) قٰالَ إِنْ سَأَلْتُکَ عَنْ شَیْءٍ بَعْدَهٰا فَلاٰ تُصٰاحِبْنِی قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّی عُذْراً (76) فَانْطَلَقٰا حَتّٰی إِذٰا أَتَیٰا أَهْلَ قَرْیَةٍ اِسْتَطْعَمٰا أَهْلَهٰا فَأَبَوْا أَنْ یُضَیِّفُوهُمٰا فَوَجَدٰا فِیهٰا جِدٰاراً یُرِیدُ أَنْ یَنْقَضَّ فَأَقٰامَهُ قٰالَ لَوْ شِئْتَ لاَتَّخَذْتَ عَلَیْهِ أَجْراً (77) قٰالَ هٰذٰا فِرٰاقُ بَیْنِی وَ بَیْنِکَ سَأُنَبِّئُکَ بِتَأْوِیلِ مٰا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَیْهِ صَبْراً (78) أَمَّا اَلسَّفِینَةُ فَکٰانَتْ لِمَسٰاکِینَ یَعْمَلُونَ فِی اَلْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِیبَهٰا وَ کٰانَ وَرٰاءَهُمْ مَلِکٌ یَأْخُذُ کُلَّ سَفِینَةٍ غَصْباً (79) وَ أَمَّا اَلْغُلاٰمُ فَکٰانَ أَبَوٰاهُ مُؤْمِنَیْنِ فَخَشِینٰا أَنْ یُرْهِقَهُمٰا طُغْیٰاناً وَ کُفْراً (80) فَأَرَدْنٰا أَنْ یُبْدِلَهُمٰا رَبُّهُمٰا خَیْراً مِنْهُ زَکٰاةً وَ أَقْرَبَ رُحْماً (81) وَ أَمَّا اَلْجِدٰارُ فَکٰانَ لِغُلاٰمَیْنِ یَتِیمَیْنِ فِی اَلْمَدِینَةِ وَ کٰانَ تَحْتَهُ کَنْزٌ لَهُمٰا وَ کٰانَ أَبُوهُمٰا صٰالِحاً فَأَرٰادَ رَبُّکَ أَنْ یَبْلُغٰا أَشُدَّهُمٰا وَ یَسْتَخْرِجٰا کَنزَهُمٰا رَحْمَةً مِنْ رَبِّکَ وَ مٰا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِی ذٰلِکَ تَأْوِیلُ مٰا لَمْ تَسْطِعْ عَلَیْهِ صَبْراً (82)

[شماره صفحه واقعی : 336]

ص: 975

بیان

قصة موسی و العالم الذی لقیه بمجمع البحرین و کان یعلم تأویل الحوادث ذکر الله سبحانه

[شماره صفحه واقعی : 337]

ص: 976

بها نبیه صلی الله علیه و آله و هو التذکیر الرابع من التذکیرات الواقعة إثر ما أمره فی صدر السورة بالصبر و المضی علی تبلیغ رسالته و السلوة فیما یشاهده من إعراض الناس عن ذکر الله و إقبالهم علی الدنیا و بین أن الذی هم مشتغلون به زینة معجلة و متاع إلی حین فلا یشقن علیه ما یجده عندهم من ظاهر تمتعهم بالحیاة و فوزهم بما یشتهون فیها فإن وراء هذا الظاهر باطنا و فوق سلطتهم علی المشتهیات سلطنة إلهیة.

فالتذکیر بقصة موسی و العالم کأنه للإشارة إلی أن لهذه الوقائع و الحوادث التی تجری علی مشتهی أهل الدنیا تأویلا سیظهر لهم إذا بلغ الکتاب أجله فأذن الله لهم أن ینتبهوا من نومة الغفلة و بعثوا لنشأة غیر النشأة یوم یأتی تأویله یقول الذین نسوه من قبل لقد جاءت رسل ربنا بالحق.

و موسی الذی ذکر فی القصة هو ابن عمران الرسول النبی أحد أولی العزم علیهم السلام علی ما وردت به الروایة من طرق الشیعة و أهل السنة.

و قیل:هو أحد أسباط یوسف بن یعقوب علیهما السلام و هو موسی بن میشا بن یوسف و کان من أنبیاء بنی إسرائیل و یبعده أن القرآن قد أکثر ذکر اسم موسی حتی بلغ مائة و نیفا و ثلاثین و هو یرید ابن عمران علیه السلام فلو أرید بما فی هذه القصة غیره لضم إلیه قرینة صارفة.

و قیل إن القصة أسطورة تخییلیة صورت لغایة أن کمال المعرفة یورد الإنسان مشرعة عین الحیاة و یسقیه ماءها و هو الحیاة الخالدة التی لا موت بعدها أبدا و السعادة السرمدیة التی لا سعادة فوقها قط.و فیه أنه تقدیر من غیر دلیل و ظاهر الکتاب العزیز یدفعه و لا خبر فی القصة التی یقصها القرآن عن عین الحیاة هذه إلا ما ورد فی أقاویل بعض المفسرین و القصاصین من أهل التاریخ من غیر أصل قرآنی یستند إلیه أو وجدان حسی لعین هذه صفتها فی صقع من أصقاع الأرض.

و الفتی الذی ذکره الله و أضافه إلی موسی قیل هو یوشع بن نون وصیه،و به وردت الروایة قیل:سمی فتی لأنه کان یلازمه سفرا و حضرا أو لأنه کان یخدمه.

و العالم الذی لقیه موسی و وصفه الله وصفا جمیلا بقوله:« عَبْداً مِنْ عِبٰادِنٰا آتَیْنٰاهُ

[شماره صفحه واقعی : 338]

ص: 977

رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنٰا وَ عَلَّمْنٰاهُ مِنْ لَدُنّٰا عِلْماً

»و لم یسمه ورد فی الروایات أن اسمه الخضر و کان نبیا من الأنبیاء معاصر لموسی علیه السلام و فی بعضها أن الله رزقه طول الحیاة فهو حی لم یمت بعد،و هذا المقدار لا بأس به إذ لم یرد عقل أو نقل قطعی بخلافه و قد طال البحث عن شخصیة الخضر بین القوم کما فی مطولات التفاسیر و تکاثرت القصص و الحکایات فی رؤیته و مع ذلک لا تخلو الأخبار و القصص عن أساطیر موضوعة أو مدسوسة.

قوله تعالی:« وَ إِذْ قٰالَ مُوسیٰ لِفَتٰاهُ لاٰ أَبْرَحُ حَتّٰی أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَیْنِ أَوْ أَمْضِیَ حُقُباً »الظرف متعلق بمقدر،و الجملة معطوفة علی ما عطف علیه التذکیرات الثلاثة المذکورة سابقا،و قوله:« لاٰ أَبْرَحُ »بمعنی لا أزال و هو من الأفعال الناقصة حذف خبره إیجازا لدلالة قوله:« حَتّٰی أَبْلُغَ »علیه و التقدیر لا أبرح أمشی أو أسیر،و مجمع البحرین قیل:هو الذی ینتهی إلیه بحر الروم من الجانب الشرقی و بحر الفرس من الجانب (1)الغربی،و الحقب الدهر و الزمان و تنکیره یدل علی وصف محذوف و التقدیر حقبا طویلا.

و المعنی و الله أعلم و اذکر إذ قال موسی لفتاه لا أزال أسیر حتی أبلغ مجمع البحرین أو أمضی دهرا طویلا.

قوله تعالی:« فَلَمّٰا بَلَغٰا مَجْمَعَ بَیْنِهِمٰا نَسِیٰا حُوتَهُمٰا فَاتَّخَذَ سَبِیلَهُ فِی الْبَحْرِ سَرَباً » الظاهر أن قوله:« مَجْمَعَ بَیْنِهِمٰا »من إضافة الصفة إلی الموصوف و أصله بین البحرین الموصوف بأنه مجمعهما.

و قوله:« نَسِیٰا حُوتَهُمٰا »الآیتان التالیتان تدلان علی أنه کان حوتا مملوحا أو مشویا حملاه لیرتزقا به فی المسیر و لم یکن حیا و إنما حی هناک و اتخذ سبیله فی البحر و رآه الفتی و هو حی یغوص فی البحر و نسی أن یذکر ذلک لموسی و نسی موسی أن یسأله عنه أین هو ؟و علی هذا فمعنی« نَسِیٰا حُوتَهُمٰا »بنسبة النسیان إلیهما معا:نسیا حال حوتهما فموسی نسی

[شماره صفحه واقعی : 339]

ص: 978


1- فمجمع البحرین علی هذا ما بینهما سمی مجمعا بنوع من التوسع.

کونه فی المکتل فلم یتفقده و الفتی نسیه إذ لم یخبر موسی بعجیب ما رأی من أمره.

هذا ما ذکروه.

و اعلم أن الآیات غیر صریحة فی حیاة الحوت بعد ما کان میتا بل ظاهر قوله:

« نَسِیٰا حُوتَهُمٰا »و کذا قوله:« نَسِیتُ الْحُوتَ »أن یکونا وضعاه فی مکان من الصخرة مشرف علی البحر فیسقط فی البحر أو یأخذه البحر بمد و نحوه فیغیب فیه و یغور فی أعماقه بنحو عجیب کالدخول فی السرب و یؤیده ما فی بعض الروایات أن العلامة کانت هی افتقاد الحوت لا حیاته و الله أعلم.

و قوله:« فَاتَّخَذَ سَبِیلَهُ فِی الْبَحْرِ سَرَباً » السرب المسلک و المذهب و السرب و النفق الطریق المحفور فی الأرض لا نفاذ فیه کأنه شبه السبیل الذی اتخذه الحوت داخل الماء بالسرب الذی یسلکه السالک فیغیب فیه.

قوله تعالی:« فَلَمّٰا جٰاوَزٰا قٰالَ لِفَتٰاهُ آتِنٰا غَدٰاءَنٰا لَقَدْ لَقِینٰا مِنْ سَفَرِنٰا هٰذٰا نَصَباً » قال فی المجمع،: النصب و الوصب و التعب نظائر،و هو الوهن الذی یکون عن کد انتهی،و المراد بالغداء ما یتغدی به و فیه دلالة علی أن ذلک کان فی النهار.

و المعنی:و لما جاوزا مجمع البحرین أمر موسی فتاه أن یأتی بالغداء و هو الحوت الذی حملاه لیتغدیا به و لقد لقیا من سفرهما تعبا.

قوله تعالی:« قٰالَ أَ رَأَیْتَ إِذْ أَوَیْنٰا إِلَی الصَّخْرَةِ »إلی آخر الآیة یرید حال بلوغهم مجمع البحرین و مکثهم هناک فقد کانت الصخرة هناک و الدلیل علیه قوله:« وَ اتَّخَذَ سَبِیلَهُ »إلخ و قد ذکر فی ما مر أنه کان بمجمع البحرین،یقول لموسی:لا غداء عندنا نتغدی به فإن غداءنا و هو الحوت حی و دخل البحر و ذهب حینما بلغنا مجمع البحرین و أوینا إلی الصخرة التی کانت هناک و إنی نسیت أن أخبرک بذلک.

فقوله:« أَ رَأَیْتَ إِذْ أَوَیْنٰا إِلَی الصَّخْرَةِ »یذکره حال أویهما إلی الصخرة و نزولهما عندها لیستریحا قلیلا،و قوله:« فَإِنِّی نَسِیتُ الْحُوتَ »أی نسیت حال الحوت التی شاهدتها منه فلم أذکرها لک،و الدلیل علی هذا المعنی کما قیل قوله:« وَ مٰا أَنْسٰانِیهُ إِلاَّ الشَّیْطٰانُ أَنْ أَذْکُرَهُ »فإن« أَنْ أَذْکُرَهُ »بدل من ضمیر« أَنْسٰانِیهُ »

[شماره صفحه واقعی : 340]

ص: 979

و التقدیر«و ما أنسانی ذکر الحوت لک إلا الشیطان فهو لم ینس نفس الحوت و إنما نسی أن یذکر حاله التی شاهد منه لموسی.

و لا ضیر فی نسبة الفتی نسیانه إلی تصرف من الشیطان بناء علی أنه کان یوشع بن نون النبی و الأنبیاء فی عصمة إلهیة من الشیطان لأنهم معصومون مما یرجع إلی المعصیة و أما مطلق إیذاء الشیطان فیما لا یرجع إلی معصیة فلا دلیل یمنعه قال تعالی: «وَ اذْکُرْ عَبْدَنٰا أَیُّوبَ إِذْ نٰادیٰ رَبَّهُ أَنِّی مَسَّنِیَ الشَّیْطٰانُ بِنُصْبٍ وَ عَذٰابٍ» : ص:41.

و قوله:« وَ اتَّخَذَ سَبِیلَهُ فِی الْبَحْرِ عَجَباً »أی اتخاذا عجبا فعجبا وصف قام مقام موصوفه علی المفعولیة المطلقة،و قیل:إن قوله:« وَ اتَّخَذَ سَبِیلَهُ فِی الْبَحْرِ » قول الفتی و قوله:« عَجَباً »من قول موسی،و السیاق یدفعه.

و اعلم أن ما تقدم من الاحتمال فی قوله:« نَسِیٰا حُوتَهُمٰا »إلخ جار هاهنا و الله أعلم.

قوله تعالی:« قٰالَ ذٰلِکَ مٰا کُنّٰا نَبْغِ فَارْتَدّٰا عَلیٰ آثٰارِهِمٰا قَصَصاً » البغی الطلب، و الارتداد العود علی بدء،و المراد بالآثار آثار أقدامهما،و القصص اتباع الأثر و المعنی قال موسی:ذلک الذی وقع من أمر الحوت هو الذی کنا نطلبه فرجعا علی آثارهما یقصانها قصصا و یتبعانها اتباعا.

و قوله:« ذٰلِکَ مٰا کُنّٰا نَبْغِ فَارْتَدّٰا »یکشف عن أن موسی کان مأمورا من طریق الوحی أن یلقی العالم فی مجمع البحرین و کان علامة المحل الذی یجده و یلقاه فیه ما وقع من أمر الحوت إما خصوص قضیة حیاته و ذهابه فی البحر أو بنحو الإبهام و العموم کفقد الحوت أو حیاته أو عود المیت حیا و نحو ذلک،و لذلک لما سمع موسی من فتاه ما سمع من أمر الحوت قال ما قال،و رجعا إلی المکان الذی فارقاه فوجدا عبدا«إلخ».

قوله تعالی:« فَوَجَدٰا عَبْداً مِنْ عِبٰادِنٰا آتَیْنٰاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنٰا »إلخ .کل نعمة فإنها رحمة منه تعالی لخلقه لکن منها ما تتوسط فیه الأسباب الکونیة و تعمل فیه کالنعم الظاهریة بأنواعها،و منها ما لا یتوسط فیه شیء منها کالنعم الباطنیة من النبوة و الولایة بشعبها و مقاماتها،و تقیید الرحمة بقوله:« مِنْ عِنْدِنٰا »الظاهر فی أنها من موهبته لا صنع لغیره فیها یعطی أنها من القسم الثانی أعنی النعم الباطنیة ثم اختصاص الولایة بحقیقتها به تعالی کما قال: «فَاللّٰهُ هُوَ الْوَلِیُّ» :الشوری:9،و کون النبوة مما للملائکة

[شماره صفحه واقعی : 341]

ص: 980

الکرام فیه عمل کالوحی و نحوه یؤید أن یکون المراد بقوله:« رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنٰا » حیث جیء بنون العظمة و لم یقل:من عندی هو النبوة دون الولایة،و بهذا یتأید تفسیر من فسر الکلمة بالنبوة و الله أعلم.

و أما قوله:« وَ عَلَّمْنٰاهُ مِنْ لَدُنّٰا عِلْماً »فهو أیضا کالرحمة التی من عنده علم لا صنع فیه للأسباب العادیة کالحس و الفکر حتی یحصل من طریق الاکتساب و الدلیل علی ذلک قوله:«من لدنا»فهو علم وهبی غیر اکتسابی یختص به أولیاءه و آخر الآیات یدل علی أنه کان علما بتأویل الحوادث.

قوله تعالی:« قٰالَ لَهُ مُوسیٰ هَلْ أَتَّبِعُکَ عَلیٰ أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمّٰا عُلِّمْتَ رُشْداً » الرشد خلاف الغی و هو إصابة الصواب،و هو فی الآیة مفعول له أو مفعول به،و المعنی قال له موسی هل أتبعک اتباعا مبنیا علی هذا الأساس و هو أن تعلمنی مما علمت لأرشد به أو تعلمنی مما علمت أمرا ذا رشد.

قوله تعالی:« قٰالَ إِنَّکَ لَنْ تَسْتَطِیعَ مَعِیَ صَبْراً »نفی مؤکد لصبره علیه السلام علی شیء مما یشاهده منه فی طریق التعلیم و الدلیل علیه تأکید الکلام بأن،و إیراد الصبر نکرة فی سیاق النفی الدال علی إرادة العموم،و نفی الصبر بنفی الاستطاعة التی هی القدرة فهو آکد من أن یقال:لن تصبر،و إیراد النفی بلن و لم یقل:لا تصبر و للفعل توقف علی القدرة فهو نفی الفعل بنفی أحد أسبابه ثم نفی الصبر بنفی سبب القدرة علیه و هو إحاطة الخبر و العلم بحقیقة الواقعة و تأویلها حتی یعلم أنها یجب أن تجری علی ما جرت علیه.

و قد نفی صبره علی مظاهر علمه من الحوادث حیث قال:« لَنْ تَسْتَطِیعَ مَعِیَ » و لم ینف صبره علی نفس علمه فلم یقل:لن تصبر علی ما أعلمه و لن تتحمله و لم یتغیر علیه موسی علیه السلام حینما أخبره بتأویل ما رأی منه و إنما تغیر علیه عند مشاهدة نفس أفعاله التی أراه إیاها فی طریق التعلیم،فللعلم حکم و لمظاهره حکم و نظیر ذلک أن موسی علیه السلام لما رجع من المیقات إلی قومه و شاهد أنهم عبدوا العجل من بعده امتلأ غیظا و ألقی الألواح و أخذ برأس أخیه یجره إلیه و قد کان الله أخبره بذلک و هو فی المیقات فلم یأت بشیء من ذلک و قول الله أصدق من الحس و القصة فی سورة الأعراف.

[شماره صفحه واقعی : 342]

ص: 981

فقوله:« إِنَّکَ لَنْ تَسْتَطِیعَ مَعِیَ »إلخ إخبار بأنه لا یطیق الطریق الذی یتخذه فی تعلیمه أن اتبعه لا أنه لا یتحمل العلم.

قوله تعالی:« وَ کَیْفَ تَصْبِرُ عَلیٰ مٰا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً » الخبر العلم و هو تمییز و المعنی لا یحیط به خبرک.

قوله تعالی:« قٰالَ سَتَجِدُنِی إِنْ شٰاءَ اللّٰهُ صٰابِراً وَ لاٰ أَعْصِی لَکَ أَمْراً »وعده الصبر لکن قیده بالمشیة فلم یکذب إذ لم یصبر،و قوله:« وَ لاٰ أَعْصِی »إلخ عطف علی« صٰابِراً »لما فیه من معنی الفعل فعدم المعصیة الذی وعده أیضا مقید بالمشیة و لم یخلف الوعد إذ لم ینتهی بنهیه عن السؤال.

قوله تعالی:« قٰالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِی فَلاٰ تَسْئَلْنِی عَنْ شَیْءٍ حَتّٰی أُحْدِثَ لَکَ مِنْهُ ذِکْراً » الظاهر أن« مِنْهُ »متعلق بقوله:« ذِکْراً »و إحداث الذکر من الشیء الابتداء به من غیر سابقة و المعنی فإن اتبعتنی فلا تسألنی عن شیء تشاهده من أمری تشق علیک مشاهدته حتی أبتدئ أنا بذکر منه،و فیه إشارة إلی أنه سیشاهد منه أمورا تشق علیه مشاهدتها و هو سیبینها له لکن لا ینبغی لموسی أن یبتدئه بالسؤال و الاستخبار بل ینبغی أن یصبر حتی یبتدئه هو بالإخبار.

و قد أتی موسی علیه السلام من الخلق و الأدب البارع الحری بالمتعلم المستفید قبال الخضر علی ما تحکیه هذه الآیات بأمر عجیب و هو کلیم الله موسی بن عمران الرسول النبی أحد أولی العزم صاحب التوراة.

فکلامه موضوع علی التواضع من أوله إلی آخره،و قد تأدب معه أولا فلم یورد طلبه منه التعلیم فی صورة الأمر بل فی صورة الاستفهام هضما لنفسه،و سمی مصاحبته اتباعا منه له،ثم لم یورد التعلیم فی صورة الاشتراط بل قال:علی أن تعلمن إلخ،ثم عد نفسه متعلما، ثم أعظم قدر علمه إذ جعله منتسبا إلی مبدإ غیر معلوم لم یعینه باسم أو نعت فقال:

« عُلِّمْتَ »و لم یقل:تعلم،ثم مدحه بقوله:« رُشْداً »ثم جعل ما یتعلمه بعض علمه فقال:« مِمّٰا عُلِّمْتَ »و لم یقل:ما علمت ثم رفع قدره إذ جعل ما یشیر علیه به أمرا یأمره و عد نفسه لو خالفه فیما یأمر عاصیا ثم لم یسترسل معه بالتصریح بالوعد بل کنی عنه بمثل قوله:« سَتَجِدُنِی إِنْ شٰاءَ اللّٰهُ صٰابِراً وَ لاٰ أَعْصِی لَکَ أَمْراً ».

[شماره صفحه واقعی : 343]

ص: 982

و قد تأدب الخضر معه إذ لم یصرح بالرد أولا بل أشار إلیه بنفی استطاعته علی الصبر ثم لما وعده موسی بالصبر إن شاء الله لم یأمره بالاتباع بل خلی بینه و بین ما یرید فقال:« فَإِنِ اتَّبَعْتَنِی »:ثم لم ینهه عن السؤال نهیا مطلقا فی صورة المولویة المحضة بل علقه علی اتباعه فقال:« فَإِنِ اتَّبَعْتَنِی فَلاٰ تَسْئَلْنِی »حتی یفید أنه لا یقترح علیه بالنهی بل هو أمر یقتضیه الاتباع.

قوله تعالی:« فَانْطَلَقٰا حَتّٰی إِذٰا رَکِبٰا فِی السَّفِینَةِ خَرَقَهٰا قٰالَ أَ خَرَقْتَهٰا لِتُغْرِقَ أَهْلَهٰا لَقَدْ جِئْتَ شَیْئاً إِمْراً » الإمر بکسر الهمزة الداهیة العظیمة،و قوله:« فَانْطَلَقٰا » تفریع علی ما تقدمه،و المنطلقان هما موسی و الخضر و هو ظاهر فی أن موسی لم یصحب فتاه فی سیره مع الخضر،و اللام فی قوله:« لِتُغْرِقَ أَهْلَهٰا »للغایة فإن الغرق و إن کان عاقبة للخرق و لم یقصده الخضر البتة لکن العاقبة الضروریة ربما تؤخذ غایة مقصودة ادعاه لوضوحها کما یقال:أ تفعل کذا لتهلک نفسک؟و المعنی ظاهر.

قوله تعالی:« قٰالَ أَ لَمْ أَقُلْ إِنَّکَ لَنْ تَسْتَطِیعَ مَعِیَ صَبْراً »إنکار لسؤال موسی و تذکیر لما قاله من قبل:« إِنَّکَ لَنْ تَسْتَطِیعَ »إلخ.

قوله تعالی:« قٰالَ لاٰ تُؤٰاخِذْنِی بِمٰا نَسِیتُ وَ لاٰ تُرْهِقْنِی مِنْ أَمْرِی عُسْراً » الرهق الغثیان بالقهر و الإرهاق التکلیف،و المعنی لا تؤاخذنی بنسیانی الوعد و غفلتی عنه و لا تکلفنی عسرا من أمری،و ربما یفسر النسیان بمعنی الترک،و الأول أظهر و الکلام اعتذار علی أی حال.

قوله تعالی:« فَانْطَلَقٰا حَتّٰی إِذٰا لَقِیٰا غُلاٰماً فَقَتَلَهُ قٰالَ أَ قَتَلْتَ نَفْساً زَکِیَّةً بِغَیْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَیْئاً نُکْراً »فی الکلام بعض الحذف للإیجاز و التقدیر:فخرجا من السفینة و انطلقا.

و فی قوله:« حَتّٰی إِذٰا لَقِیٰا غُلاٰماً فَقَتَلَهُ قٰالَ »إلخ« فَقَتَلَهُ »معطوف علی الشرط بفاء التفریع و« قٰالَ »جزاء« إِذٰا »علی ما هو ظاهر الکلام:و بذلک یظهر أن العمدة فی الکلام ذکر اعتراض موسی لا ذکر القتل،و نظیرته الآیة اللاحقة« فَانْطَلَقٰا حَتّٰی إِذٰا أَتَیٰا أَهْلَ قَرْیَةٍ إلی قوله قٰالَ لَوْ شِئْتَ »إلخ بخلاف الآیة السابقة:

[شماره صفحه واقعی : 344]

ص: 983

« فَانْطَلَقٰا حَتّٰی إِذٰا رَکِبٰا فِی السَّفِینَةِ خَرَقَهٰا قٰالَ »فإن جزاء« إِذٰا »فیها« خَرَقَهٰا » و قوله:« قٰالَ »کلام مفصول مستأنف.

و علی هذا فالآیات مسرودة فی صورة قصة واحدة اعترض فیها موسی علی الخضر علیهما السلام ثلاث مرات واحدة بعد أخری لا فی صورة ثلاث قصص اعترض فیها ثلاث اعتراضات کأنه قیل:وقع کذا و کذا فاعترض علیه ثم اعترض ثم اعترض فالقصة قصة اعتراضاته فهی واحدة لا قصة أعمال هذا و اعتراضات ذاک حتی تکون ثلاثا.

و من هنا یتبین وجه الفرق بین الآیات الثلاث حیث جعل« خَرَقَهٰا »جواب إذا فی الآیة الأولی،و لم یجعل« فَقَتَلَهُ »و« فَوَجَدٰا »أو« فَأَقٰامَهُ »جوابا فی الثانیة و الثالثة بل جزءا من الشرط معطوفا علیه فافهم ذلک.

و قوله:« أَ قَتَلْتَ نَفْساً زَکِیَّةً » الزکیة الطاهرة،و المراد طهارتها من الذنوب لعدم البلوغ کما یشعر به قوله:« غُلاٰماً »و الاستفهام للإنکار،و القائل موسی.

و قوله:« بِغَیْرِ نَفْسٍ »أی بغیر قتل منها لنفس قتلا مجوزا لقتلها قصاصا و قودا فإن غیر البالغ لا یتحقق منه القتل الموجب للقصاص،و ربما استفید من قوله:« بِغَیْرِ نَفْسٍ »أنه کان شابا بالغا،و لا دلالة فی إطلاق الغلام علیه علی عدم بلوغه لأن الغلام یطلق علی البالغ و غیره فالمعنی أ قتلت بغیر قصاص نفسا بریئة من الذنوب المستوجبة للقتل؟إذ لم یظهر لهما من الغلام شیء یستوجبه.

و قوله:« لَقَدْ جِئْتَ شَیْئاً نُکْراً »أی منکرا یستنکره الطبع و لا یعرفه المجتمع و قد عد خرق السفینة إمرا أی داهیة یستعقب مصائب لم یقع شیء منها بعد و قتل النفس نکرا أو منکرا و هو أفظع و أفجع عند الناس من الخرق الذی یستوجب عادة هلاک النفوس لکن لا بالمباشرة فعلا.

قوله تعالی:« قٰالَ أَ لَمْ أَقُلْ لَکَ إِنَّکَ لَنْ تَسْتَطِیعَ مَعِیَ صَبْراً »معناه ظاهر و زیادة « لَکَ »نوع تقریع له أنه لم یصغ إلی وصیته و إیماء إلی کونه کأنه لم یسمع قوله له أول مرة:« إِنَّکَ لَنْ تَسْتَطِیعَ مَعِیَ صَبْراً »أو سمعه و حسب أنه لا یعنیه بل یقصد به غیره کأنه یقول:إنما عنیت بقولی:إنک لن تستطیع«إلخ»إیاک دون غیرک.

[شماره صفحه واقعی : 345]

ص: 984

قوله تعالی:« قٰالَ إِنْ سَأَلْتُکَ عَنْ شَیْءٍ بَعْدَهٰا فَلاٰ تُصٰاحِبْنِی قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّی عُذْراً »الضمیر فی« بَعْدَهٰا »راجع إلی هذه المرة أو المسألة أی إن سألتک بعد هذه المرة أو هذه المسألة فلا تصاحبنی أی یجوز لک أن لا تصاحبنی.

و قوله:« قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّی عُذْراً »أی بلغت عذرا و وجدته کائنا ذلک من لدنی إذ بلغ عذرک النهایة من عندی.

قوله تعالی:« فَانْطَلَقٰا حَتّٰی إِذٰا أَتَیٰا أَهْلَ قَرْیَةٍ اسْتَطْعَمٰا أَهْلَهٰا »إلی آخر الآیة الکلام فی قوله:« فَانْطَلَقٰا »« فَأَبَوْا »« فَوَجَدٰا »« فَأَقٰامَهُ »کالکلام فی قوله فی الآیة السابقة:« فَانْطَلَقٰا »« فَقَتَلَهُ ».

و قوله:« اِسْتَطْعَمٰا أَهْلَهٰا »صفة لقریة و لم یقل:«استطعماهم»لرداءة قولنا:قریة استطعماهم بخلاف مثل قولنا:أتی قریة علی إرادة أتی أهل قریة لأن للقریة نصیبا من الإتیان فیجوز وضعها موضع أهلها مجازا بخلاف الاستطعام لأنه لأهلها خاصة،و علی هذا فلیس قوله:« أَهْلَهٰا »من وضع الظاهر موضع المضمر.

و لم یقل:حتی إذا أتیا قریة استطعما أهلها لأن القریة کانت تتمحض حینئذ فی معناها الحقیقی و الغرض العمدة کما عرفت متعلق بالجزاء أعنی قوله:« قٰالَ لَوْ شِئْتَ لاَتَّخَذْتَ عَلَیْهِ أَجْراً »و فیه ذکر أخذ الأجر و هو إنما یکون من أهلها لا منها فقوله:

« أَتَیٰا أَهْلَ قَرْیَةٍ »دلیل علی أن إقامة الجدار کانت بحضور من أهل القریة و هو الذی أغنی أن یقال:لو شئت لاتخذت علیه منهم أو من أهلها أجرا فافهم ذلک.

و المراد بالاستطعام طلب الطعام بالإضافة و لذا قال:« فَأَبَوْا أَنْ یُضَیِّفُوهُمٰا »و قوله « فَوَجَدٰا فِیهٰا جِدٰاراً یُرِیدُ أَنْ یَنْقَضَّ » الانقضاض السقوط،و إرادة الانقضاض مجاز عن الإشراف علی السقوط و الانهدام،و قوله:« فَأَقٰامَهُ »أی أثبته الخضر بإصلاح شأنه و لم یذکر سبحانه کیف أقامه؟بنحو خرق العادة أم ببناء أو ضرب دعامة؟ غیر أن قول موسی:« لَوْ شِئْتَ لاَتَّخَذْتَ عَلَیْهِ أَجْراً »مشعر بأنه کان بعمل غیر خارق فإن المعهود من أخذ الأجر،ما کان علی العادیات.

و قوله:« قٰالَ لَوْ شِئْتَ لاَتَّخَذْتَ (1)عَلَیْهِ أَجْراً »تخذ و أخذ بمعنی واحد،و ضمیر

[شماره صفحه واقعی : 346]

ص: 985


1- قرئ،بالتشدید من«اتخذ»و بالتخفیف من«تخذ»

« عَلَیْهِ »للإقامة المفهومة من« فَأَقٰامَهُ »و هو مصدر جائز الوجهین،و السیاق یشهد أنهما کانا جائعین فذکره موسی أخذ الأجرة علی عمله إذ لو کان أخذ أجرا أمکنهما أن یشتریا به شیئا من الطعام یسدان به جوعهما.

قوله تعالی:« قٰالَ هٰذٰا فِرٰاقُ بَیْنِی وَ بَیْنِکَ سَأُنَبِّئُکَ بِتَأْوِیلِ مٰا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَیْهِ صَبْراً »الإشارة بهذا إلی قول موسی أی هذا القول سبب فراق بینی و بینک أو إلی الوقت أی هذا الوقت وقت فراق بینی و بینک کما قیل،و یمکن أن تکون الإشارة إلی نفس الفراق، و المعنی هذا الفراق قد حضر کأنه کان أمرا غائبا فحضر عند قول موسی:« لَوْ شِئْتَ لاَتَّخَذْتَ »إلخ و قوله:« بَیْنِی وَ بَیْنِکَ »و لم یقل بیننا للتأکید،و إنما قال الخضر هذا القول بعد الاعتراض الثالث لأن موسی کان قبل ذلک یعتذر إلیه کما فی الأول أو یستمهله کما فی الثانی،و أما الفراق بعد الاعتراض الثالث فقد أعذره موسی فیه إذ قال بعد الاعتراض الثانی:« إِنْ سَأَلْتُکَ عَنْ شَیْءٍ بَعْدَهٰا فَلاٰ تُصٰاحِبْنِی »إلخ و الباقی ظاهر.

قوله تعالی:« أَمَّا السَّفِینَةُ فَکٰانَتْ لِمَسٰاکِینَ »إلخ شروع فی تفصیل ما وعد إجمالا بقوله:« سَأُنَبِّئُکَ »إلخ و قوله:« أَنْ أَعِیبَهٰا »أی أجعلها معیبة و هذه قرینة علی أن المراد بکل سفینة کل سفینة غیر معیبة.

و قوله:« وَ کٰانَ وَرٰاءَهُمْ مَلِکٌ » وراء بمعنی الخلف و هو الظرف المقابل للظرف الآخر الذی یواجهه الإنسان و یسمی قدام و أمام لکن ربما یطلق علی الظرف الذی یغفل عنه الإنسان و فیه من یریده بسوء أو مکروه و إن کان قدامه أو فیه ما یعرض عنه الإنسان أو فیه ما یشغل الإنسان بنفسه عن غیره کأن الإنسان ولی وجهه إلی جهة تخالف جهته قال تعالی: «فَمَنِ ابْتَغیٰ وَرٰاءَ ذٰلِکَ فَأُولٰئِکَ هُمُ العٰادُونَ» :المؤمنون:7، و قال: «وَ مٰا کٰانَ لِبَشَرٍ أَنْ یُکَلِّمَهُ اللّٰهُ إِلاّٰ وَحْیاً أَوْ مِنْ وَرٰاءِ حِجٰابٍ» :الشوری:51، و قال: «وَ اللّٰهُ مِنْ وَرٰائِهِمْ» :البروج:20.

و محصل المعنی:أن السفینة کانت لعدة من المساکین یعملون بها فی البحر و یتعیشون به و کان هناک ملک جبار أمر بغصب السفن فأردت بخرقها أن أحدث فیها عیبا فلا یطمع فیها الجبار و یدعها لهم.

قوله تعالی:« وَ أَمَّا الْغُلاٰمُ فَکٰانَ أَبَوٰاهُ مُؤْمِنَیْنِ فَخَشِینٰا أَنْ یُرْهِقَهُمٰا طُغْیٰاناً وَ کُفْراً »

[شماره صفحه واقعی : 347]

ص: 986

الأظهر من سیاق الآیة و ما سیأتی من قوله:« وَ مٰا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِی »أن یکون المراد بالخشیة التحذر عن رأفة و رحمة مجازا لا معناه الحقیقی الذی هو التأثر القلبی الخاص المنفی عنه تعالی و عن أنبیائه کما قال: «وَ لاٰ یَخْشَوْنَ أَحَداً إِلاَّ اللّٰهَ» :الأحزاب:39، و أن یکون المراد بقوله:« أَنْ یُرْهِقَهُمٰا طُغْیٰاناً وَ کُفْراً »أن یغشیهما ذلک أی یحمل والدیه علی الطغیان و الکفر بالإغواء و التأثیر الروحی لمکان حبهما الشدید له لکن قوله فی الآیة التالیة:« وَ أَقْرَبَ رُحْماً »لا تخلو من تأیید لکون« طُغْیٰاناً وَ کُفْراً » تمیزین عن الإرهاق أی وصفین للغلام دون أبویه.

قوله تعالی:« فَأَرَدْنٰا أَنْ یُبْدِلَهُمٰا رَبُّهُمٰا خَیْراً مِنْهُ زَکٰاةً وَ أَقْرَبَ رُحْماً »المراد بکونه خیرا منه زکاة کونه خیرا منه صلاحا و إیمانا بقرینة مقابلته الطغیان و الکفر فی الآیة السابقة،و أصل الزکاة فیما قیل الطهارة،و المراد بکونه أقرب منه رحما کونه أوصل للرحم و القرابة فلا یرهقهما،و أما تفسیره بکونه أکثر رحمة بهما فلا یناسبه قوله « أَقْرَبَ »منه تلک المناسبة ،و هذا کما عرفت یؤید کون المراد من قوله:

« یُرْهِقَهُمٰا طُغْیٰاناً وَ کُفْراً »فی الآیة السابقة إرهاقه إیاهما بطغیانه و کفره لا تکلیفه إیاهما الطغیان و الکفر و إغشاؤهما ذلک.

و الآیة علی أی حال تلوح إلی أن إیمان أبویه کان ذا قدر عند الله و یستدعی ولدا مؤمنا صالحا یصل رحمهما و قد کان المقضی فی الغلام خلاف ذلک فأمر الله الخضر بقتله لیبدلهما خیرا منه زکاة و أقرب رحما.

قوله تعالی:« وَ أَمَّا الْجِدٰارُ فَکٰانَ لِغُلاٰمَیْنِ یَتِیمَیْنِ فِی الْمَدِینَةِ وَ کٰانَ تَحْتَهُ کَنْزٌ لَهُمٰا وَ کٰانَ أَبُوهُمٰا صٰالِحاً »لا یبعد أن یستظهر من السیاق أن المدینة المذکورة فی هذه الآیة غیر القریة التی وجدا فیها الجدار فأقامه،إذ لو کانت هی هی لم یکن کثیر حاجة إلی ذکر کون الغلامین الیتیمین فیها فکان العنایة متعلقة بالإشارة إلی أنهما و من یتولی أمرهما غیر حاضرین فی القریة.

و ذکر یتم الغلامین و وجود کنز لهما تحت الجدار و لو انقض لظهر و ضاع و کون أبیهما صالحا کل ذلک توطئة و تمهید لقوله:« فَأَرٰادَ رَبُّکَ أَنْ یَبْلُغٰا أَشُدَّهُمٰا وَ یَسْتَخْرِجٰا کَنزَهُمٰا »و قوله:« رَحْمَةً مِنْ رَبِّکَ »تعلیل للإرادة.

[شماره صفحه واقعی : 348]

ص: 987

فرحمته تعالی سبب لإرادة بلوغهما و استخراجهما کنزهما،و کان یتوقف علی قیام الجدار فأقامه الخضر،و کان سبب انبعاث الرحمة صلاح أبیهما و قد عرض أن مات و أیتم الغلامین و ترک کنزا لهما.

و قد طال البحث فی التوفیق بین صلاح أبیهما و وجود کنز لهما تحت الجدار الظاهر فی کون أبیهما هو الکانز له بناء علی ذم الکنز کما یدل علیه قوله تعالی: «وَ الَّذِینَ یَکْنِزُونَ الذَّهَبَ وَ الْفِضَّةَ وَ لاٰ یُنْفِقُونَهٰا فِی سَبِیلِ اللّٰهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذٰابٍ أَلِیمٍ» :التوبة:34.

لکن الآیة لا تتعرض بأکثر من أن تحته کنز لهما من غیر دلالة علی أن أباهما هو الذی دفنه و کنزه،علی أن وصف أبیهما بالصلاح دلیل علی کون هذا الکنز أیا ما کان أمرا غیر مذموم علی تقدیر تسلیم کون الکانز هو الأب،علی أن من الجائز أن یکون أبوهما الصالح کنزه لهما لتأویل یسوغه فما هو بأعظم من خرق السفینة و قتل النفس المحترمة الواردین فی القصة و قد جوزهما التأویل بأمر إلهی و هنا بعض روایات ستوافیک فی البحث الروائی الآتی إن شاء الله.

و فی الآیة دلالة علی أن صلاح الإنسان ربما ورث أولاده أثرا جمیلا و أعقب فیهم السعادة و الخیر فهذه الآیة فی جانب الخیر نظیرة قوله تعالی: «وَ لْیَخْشَ الَّذِینَ لَوْ تَرَکُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّیَّةً ضِعٰافاً خٰافُوا عَلَیْهِمْ» :النساء:9.

و قوله:« وَ مٰا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِی »کنایة عن أنه إنما فعل ما فعل عن أمر غیره و هو الله سبحانه لا عن أمر أمرته به نفسه.

و قوله:« ذٰلِکَ تَأْوِیلُ مٰا لَمْ تَسْطِعْ عَلَیْهِ صَبْراً »أی ما لم تستطع علیه صبرا من اسطاع یسطیع بمعنی استطاع یستطیع و قد تقدم فی أول تفسیر سورة آل عمران أن التأویل فی عرف القرآن هی الحقیقة التی یتضمنها الشیء و یؤول إلیها و یبتنی علیها کتأویل الرؤیا و هو تعبیرها،و تأویل الحکم و هو ملاکه و تأویل الفعل و هو مصلحته و غایته الحقیقیة،و تأویل الواقعة و هو علتها الواقعیة و هکذا.

فقوله:« ذٰلِکَ تَأْوِیلُ مٰا لَمْ تَسْطِعْ »إلخ إشارة منه إلی أن الذی ذکره للوقائع الثلاث و أعماله فیها هو السبب الحقیقی لها لا ما حسبه موسی من العناوین المترائیة من

[شماره صفحه واقعی : 349]

ص: 988

أعماله کالتسبب إلی هلاک الناس فی خرق السفینة و القتل من غیر سبب موجب فی قتل الغلام و سوء تدبیر المعاش فی إقامة الجدار.

و ذکر بعضهم:أن من الأدب الجمیل الذی استعمله الخضر مع ربه فی کلامه أن ما کان من الأعمال التی لا تخلو عن نقص ما نسبه إلی نفسه کقوله:فأردت أن أعیبها و ما جاز انتسابه إلی ربه و إلی نفسه أتی فیه بصیغة المتکلم مع الغیر کقوله:« فَأَرَدْنٰا أَنْ یُبْدِلَهُمٰا رَبُّهُمٰا »،« فَخَشِینٰا »و ما یختص به تعالی لتعلقه بربوبیته و تدبیره ملکه نسبه إلیه کقوله:« فَأَرٰادَ رَبُّکَ أَنْ یَبْلُغٰا أَشُدَّهُمٰا ».

بحث تاریخی فی فصلین
1 قصة موسی و الخضر فی القرآن:

أوحی الله سبحانه إلی موسی أن هناک عبدا من عباده عنده من العلم ما لیس عند موسی و أخبره أنه إن انطلق إلی مجمع البحرین وجده هناک،و هو بالمکان الذی یحیی فیه الحوت المیت.(أو یفتقد فیه الحوت).

فعزم موسی أن یلقی العالم و یتعلم منه بعض ما عنده إن أمکن و أخبر فتاه عما عزم علیه فخرجا قاصدین مجمع البحرین و قد حملا معهما حوتا میتا و ذهبا حتی بلغا مجمع البحرین و قد تعبا و کانت هناک صخرة علی شاطئ البحر فأویا إلیها لیستریحا هنیئة و قد نسیا حوتهما و هما فی شغل منه.

و إذا بالحوت اضطرب و وقع فی البحر حیا،أو وقع فیه و هو میت،و غار فیه و الفتی یشاهده و یتعجب من أمره غیر أنه نسی أن یذکره لموسی حتی ترکا الموضع و انطلقا حتی جاوزا مجمع البحرین و قد نصبا فقال له موسی:آتنا غداءنا لقد لقینا من سفرنا هذا نصبا.فذکر الفتی ما شاهده من أمر الحوت و قال لموسی:إنا إذ أوینا إلی الصخرة حی الحوت و وقع فی البحر یسبح فیه حتی غار و کنت أرید أن أذکر لک أمره لکن الشیطان أنسانیه(أو إنی نسیت الحوت عند الصخرة فوقع فی البحر و غار فیه).

قال موسی:ذلک ما کنا نبغی و نطلب فلنرجع إلی هناک فارتدا علی آثارهما قصصا فوجدا عبدا من عباد الله آتاه الله رحمة من عنده و علمه علما من لدنه فعرض علیه

[شماره صفحه واقعی : 350]

ص: 989

موسی و سأله أن یتبعه فیعلمه شیئا ذا رشد مما علمه الله.قال العالم:إنک لن تستطیع معی صبرا علی ما تشاهده من أعمالی التی لا علم لک بتأویلها،و کیف تصبر علی ما لم تحط به خبرا؟فوعده موسی أن یصبر و لا یعصیه فی أمر إن شاء الله فقال له العالم بانیا علی ما طلبه منه و وعده به:فإن اتبعتنی فلا تسألنی عن شیء حتی أحدث لک منه ذکرا.

فانطلق موسی و العالم حتی رکبا سفینة و فیها ناس من الرکاب و موسی خالی الذهن عما فی قصد العالم فخرق العالم السفینة خرقا لا یؤمن معه الغرق فأدهش ذلک موسی و أنساه ما وعده فقال للعالم:أ خرقتها لتغرق أهلها لقد جئت شیئا إمرا قال له العالم:

أ لم أقل إنک لن تستطیع معی صبرا؟فاعتذر إلیه موسی بأنه نسی ما وعده من الصبر قائلا:لا تؤاخذنی بما نسیت و لا ترهقنی من أمری عسرا.

فانطلقا فلقیا غلاما فقتله العالم فلم یملک موسی نفسه دون أن تغیر و أنکر علیه ذلک قائلا:أ قتلت نفسا زکیة بغیر نفس؟لقد جئت شیئا نکرا.قال له العالم ثانیا:أ لم أقل لک إنک لن تستطیع معی صبرا؟فلم یکن عند موسی ما یعتذر به و یمتنع به عن مفارقته و نفسه غیر راضیة بها فاستدعی منه مصاحبة مؤجلة بسؤال آخر إن أتی به کان له فراقه و استمهله قائلا:إن سألتک عن شیء بعدها فلا تصاحبنی قد بلغت من لدنی عذرا و قبله العالم.

فانطلقا حتی أتیا قریة و قد بلغ بهما الجوع فاستطعما أهلها فلم یضیفهما أحد منهم و إذا بجدار فیها یرید أن ینقض و یتحذر منه الناس فأقامه العالم.قال له موسی:لو شئت لاتخذت علی عملک منهم أجرا فتوسلنا به إلی سد الجوع فنحن فی حاجة إلیه و القوم لا یضیفوننا.

فقال له العالم:هذا فراق بینی و بینک سأنبئک بتأویل ما لم تستطع علیه صبرا ثم قال:أما السفینة فکانت لمساکین یعملون فی البحر و یتعیشون بها و کان وراءهم ملک یأخذ کل سفینة غصبا فخرقتها لتکون معیبة لا یرغب فیها.

و أما الغلام فکان کافرا و کان أبواه مؤمنین،و لو أنه عاش لأرهقهما بکفره

[شماره صفحه واقعی : 351]

ص: 990

و طغیانه فشملتهما الرحمة الإلهیة فأمرنی أن أقتله لیبدلهما ولدا خیرا منه زکاة و أقرب رحما فقتلته.

و أما الجدار فکان لغلامین یتیمین فی المدینة و کان تحته کنز لهما و کان أبوهما صالحا فشملتهما الرحمة الإلهیة لصلاح أبیهما فأمرنی أن أقیمه فیستقیم حتی یبلغا أشدهما و یستخرجا کنزهما و لو انقض لظهر أمر الکنز و انتهبه الناس.

قال:و ما فعلت الذی فعلت عن أمری بل عن أمر من الله،و تأویلها ما أنبأتک به ثم فارق موسی.

2 قصة الخضر علیه السلام

لم یرد ذکره فی القرآن إلا ما فی قصة رحلة موسی إلی مجمع البحرین،و لا ذکر شیء من جوامع أوصافه إلا ما فی قوله تعالی. «فَوَجَدٰا عَبْداً مِنْ عِبٰادِنٰا آتَیْنٰاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنٰا وَ عَلَّمْنٰاهُ مِنْ لَدُنّٰا عِلْماً» :الآیة 65 من السورة و الذی یتحصل من الروایات النبویة أو الواردة من طرق أئمة أهل البیت فی قصته

ففی روایة (1)محمد بن عمارة عن الصادق علیه السلام : أن الخضر کان نبیا مرسلا بعثه الله تبارک و تعالی إلی قومه فدعاهم إلی توحیده و الإقرار بأنبیائه و رسله و کتبه،و کان آیته أنه لا یجلس علی خشبة یابسة و لا أرض بیضاء إلا أزهرت خضراء و إنما سمی خضرا لذلک،و کان اسمه تالیا بن مالک بن عابر بن أرفخشد بن سام بن نوح الحدیث و یؤید ما ذکر من وجه تسمیته ما

فی الدر المنثور،عن عدة من أرباب الجوامع عن ابن عباس و أبی هریرة عن النبی صلی الله علیه و آله قال: إنما سمی الخضر خضرا لأنه صلی علی فروة بیضاء فاهتزت خضراء.

و فی بعض الأخبار کما فیما رواه العیاشی عن برید عن أحدهما علیهما السلام : الخضر و ذو القرنین کانا عالمین و لم یکونا نبیین الحدیث لکن الآیات النازلة فی قصته مع موسی لا تخلو عن ظهور فی کونه نبیا کیف؟و فیها نزول الحکم علیه.

و یظهر من أخبار متفرقة عن أئمة أهل البیت علیهم السلام أنه حی لم یمت بعد و لیس بعزیز علی الله سبحانه أن یعمر بعض عباده عمرا طویلا إلی أمد بعید و لا أن هناک برهانا عقلیا یدل علی استحالة ذلک.

[شماره صفحه واقعی : 352]

ص: 991


1- الآتیة فی البحث الروائی الآتی.

و قد ورد فی سبب ذلک فی بعض الروایات (1)من طرق العامة أنه ابن آدم لصلبه و نسیء له فی أجله حتی یکذب الدجال،و فی بعضها (2)أن آدم علیه السلام دعا له بالبقاء إلی یوم القیامة، و فی عدة روایات من طرق الفریقین أنه شرب من عین الحیاة التی هی فی الظلمات حین دخلها ذو القرنین فی طلبها و کان الخضر فی مقدمته فرزقه الخضر و لم یرزقه ذو القرنین،و هذه و أمثالها آحاد غیر قطعیة من الأخبار لا سبیل إلی تصحیحها بکتاب أو سنة قطعیة أو عقل.

و قد کثرت القصص و الحکایات و کذا الروایات فی الخضر بما لا یعول علیها ذو لب

کروایة خصیف": (3)أربعة من الأنبیاء أحیاء اثنان فی السماء:عیسی و إدریس، و اثنان فی الأرض الخضر و إلیاس فأما الخضر فإنه فی البحر و أما صاحبه فإنه فی البر.

و روایة (4)العقیلی عن کعب قال": الخضر علی منبر بین البحر الأعلی و البحر الأسفل، و قد أمرت دواب البحر أن تسمع له و تطیع،و تعرض علیه الأرواح غدوة و عشیة.

و روایة (5)کعب الأحبار": أن الخضر بن عامیل رکب فی نفر من أصحابه حتی بلغ بحر الهند و هو بحر الصین فقال لأصحابه:یا أصحابی ادلونی فدلوه فی البحر أیاما و لیالی ثم صعد فقالوا:یا خضر ما رأیت؟فلقد أکرمک الله و حفظ لک نفسک فی لجة هذا البحر فقال استقبلنی ملک من الملائکة فقال لی:أیها الآدمی الخطاء إلی أین؟و من أین؟ فقلت:إنی أردت أن أنظر عمق هذا البحر.فقال لی:کیف؟و قد أهوی رجل من زمان داود علیه السلام لم یبلغ ثلث قعره حتی الساعة؛و ذلک منذ ثلاث مائة سنة،إلی غیر ذلک من الروایات المشتملة علی نوادر القصص.

[شماره صفحه واقعی : 353]

ص: 992


1- الدر المنثور عن الدار قطنی و ابن عساکر عن ابن عباس.
2- الدر المنثور عن ابن عساکر عن ابن إسحاق.
3- الدر المنثور عن ابن شاهین عنه.
4- الدر المنثور عنه.
5- الدر المنثور عن أبی الشیخ فی العظمة و أبی نعیم فی الحلیة عنه.
«بحث روائی»

فی تفسیر البرهان،عن ابن بابویه بإسناده عن جعفر بن محمد بن عمارة عن أبیه عن جعفر بن محمد علیهما السلام فی حدیث: أن موسی لما کلمه الله تکلیما،و أنزل علیه التوراة، و کتب له فی الألواح من کل شیء موعظة و تفصیلا لکل شیء،و جعل آیة فی یده و عصاه،و فی الطوفان و الجراد و القمل و الضفادع و الدم و فلق البحر و غرق الله فرعون و جنوده عملت البشریة فیه حتی قال فی نفسه:ما أری الله عز و جل خلق خلقا أعلم منی فأوحی الله إلی جبرئیل:أدرک عبدی قبل أن یهلک،و قل له:أن عند ملتقی البحرین رجلا عابدا فاتبعه و تعلم منه.

فهبط جبرئیل علی موسی بما أمره به ربه عز و جل فعلم موسی أن ذلک لما حدثته به نفسه فمضی هو و فتاه یوشع بن نون حتی انتهیا إلی ملتقی البحرین فوجدا هناک الخضر یعبد الله عز و جل کما قال الله فی کتابه:« فَوَجَدٰا عَبْداً مِنْ عِبٰادِنٰا آتَیْنٰاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنٰا وَ عَلَّمْنٰاهُ مِنْ لَدُنّٰا عِلْماً » الحدیث.

أقول:و الحدیث طویل یذکر فیه صحبته للخضر و ما جری بینهما مما ذکره الله فی کتابه فی القصة.

و روی القصة العیاشی فی تفسیره،بطریقین و القمی فی تفسیره،بطریقین مسندا و مرسلا،و رواه فی الدر المنثور،بطرق کثیرة من أرباب الجوامع کالبخاری و مسلم و النسائی و الترمذی و غیرهم عن ابن عباس عن أبی بن کعب عن النبی ص:

و الأحادیث متفقة فی معنی ما نقلناه من صدر حدیث محمد بن عمارة،و فی أن الحوت الذی حملاه حی عند الصخرة و اتخذ سبیله فی البحر سربا لکنها تختلف فی أمور کثیرة إضافتها إلی ما فی القرآن من أصل القصة.

منها ما یتحصل من

روایة ابن بابویه و القمی": أن مجمع البحرین من أرض الشامات و فلسطین بقرینة ذکرهما أن القریة التی ورداها هی الناصرة التی تنسب إلیها النصاری، و فی بعضها أن الأرض کانت آذربیجان":و هو یوافق ما فی الدر المنثور عن السدی":أن

[شماره صفحه واقعی : 354]

ص: 993

البحرین هما الکر و الرس حیث یصبان فی البحر و أن القریة کانت تسمی باجروان و کان أهلها لئاما

و روی عن أبی": أنه إفریقیة،و عن القرظی أنه طنجة،و عن قتادة أنه ملتقی بحر الروم و فارس.

و منها ما فی بعض الروایات أن الحوت کان مشویا و فی أکثرها أنه کان مملوحا.

و منها ما

فی مرسلة القمی و روایات الشیخین و النسائی و الترمذی و غیرهم": أنه کانت عند الصخرة عین الحیاة حتی فی روایة مسلم و غیره أن الماء کان ماء الحیاة من شرب منه خلد و لا یقاربه شیء میت إلا حی فلما نزلا و مس الحوت الماء حی. الحدیث و فی غیرها أن فتی موسی توضأ من الماء فقطرت منه قطرة علی الحوت فحی،و فی غیرها أنه شرب منه و لم یکن له ذلک فأخذه الخضر و طابقه فی سفینة و ترکها فی البحر فهو بین أمواجها حتی تقوم الساعة و فی بعضها أنه کانت عند الصخرة عین الحیاة التی کان یشرب منها الخضر و بقیة الروایات خالیة عن ذکرها.

و منها ما

فی روایة الصحاح الأربع و غیرها": أن الحوت سقط فی البحر فاتخذ سبیله فی البحر سربا فأمسک الله عن الحوت جریة الماء فصار علیه مثل الطاق الحدیث،و فی بعض هذه الروایات أن موسی بعد ما رجع أبصر أثر الحوت فأخذ أثر الحوت یمشیان علی الماء حتی انتهیا إلی جزیرة من جزائر العرب،و فی حدیث الطبری عن ابن عباس فی القصة:فرجع یعنی موسی حتی أتی الصخرة فوجد الحوت فجعل الحوت یضرب فی البحر و یتبعه موسی یقدم عصاه یفرج بها عنه الماء و یتبع الحوت و جعل الحوت لا یمس شیئا من البحر إلا یبس حتی یکون صخرة،الحدیث و بعضها خال عن ذلک.

و منها ما فی أکثرها أن موسی لقی الخضر عند الصخرة،و فی بعضها أنه ذهب من سرب الحوت أو علی الماء حتی وجده فی جزیرة من جزائر البحر،و فی بعضها وجده علی سطح الماء جالسا أو متکئا.

و منها اختلافها فی أن الفتی هل صحبهما أو ترکاه و ذهبا.

و منها اختلافها فی کیفیة خرق السفینة و فی کیفیة قتل الغلام و فی کیفیة إقامة الجدار و فی الکنز الذی تحته لکن أکثر الروایات أنه کان لوحا من ذهب مکتوبا

[شماره صفحه واقعی : 355]

ص: 994

فیه مواعظ،و فی الأب الصالح فظاهر أکثرها أنه أبوهما الأقرب،و فی بعضها أنه أبوهما العاشر و فی بعضها السابع،و فی بعضها بینهما و بینه سبعون أبا و فی بعضها کان بینهما و بینه سبعمائة سنة،إلی غیر ذلک من جهات الاختلاف.

و فی تفسیر القمی،عن محمد بن علی بن بلال عن یونس فی کتاب کتبوه إلی الرضا علیه السلام : یسألونه عن العالم الذی أتاه موسی أیهما کان أعلم؟و هل یجوز أن یکون علی موسی حجة فی وقته؟فکتب فی الجواب:أتی موسی العالم فأصابه فی جزیرة من جزائر البحر إما جالسا و إما متکئا فسلم علیه موسی فأنکر السلام إذ کان الأرض لیس بها سلام.

قال:من أنت؟قال:أنا موسی بن عمران.قال:أنت موسی بن عمران الذی کلمه الله تکلیما؟قال:نعم.قال:فما حاجتک؟قال:جئت لتعلمنی مما علمت رشدا.قال:إنی وکلت بأمر لا تطیقه،و وکلت بأمر لا أطیقه الحدیث.

أقول:و هذا المعنی مروی فی أخبار أخر من طرق الفریقین.

و فی الدر المنثور،أخرج الحاکم و صححه عن أبی أن النبی صلی الله علیه و آله قال: لما لقی موسی الخضر جاء طیر فألقی منقاره فی الماء فقال الخضر لموسی:تدری ما یقول هذا الطائر؟ قال:و ما یقول؟قال:یقول:ما علمک و علم موسی فی علم الله إلا کما أخذ منقاری من الماء.

أقول:و قصة هذا الطائر وارد فی أغلب روایات القصة.

و فی تفسیر العیاشی،عن هشام بن سالم عن أبی عبد الله علیه السلام قال: کان موسی أعلم من الخضر.

و فیه،عن أبی حمزة عن أبی جعفر علیه السلام قال: کان وصی موسی یوشع بن نون، و هو فتاه الذی ذکره فی کتابه.

و فیه،عن عبد الله بن میمون القداح عن أبی عبد الله عن أبیه علیه السلام قال:

بینما موسی قاعد فی ملإ من بنی إسرائیل إذ قال له رجل:ما أری أحدا أعلم بالله منک قال موسی:ما أری فأوحی الله إلیه بلی عبدی الخضر فسأل السبیل إلیه و کان

[شماره صفحه واقعی : 356]

ص: 995

له الحوت آیة إن افتقده،و کان من شأنه ما قص الله.

أقول:و ینبغی أن یحمل اختلاف الروایات فی علمهما علی اختلاف نوع العلم.

و فیه،عن أبی بصیر عن أبی عبد الله علیه السلام : فی قوله:« فَخَشِینٰا »خشی إن أدرک الغلام أن یدعو أبویه إلی الکفر فیجیبانه من فرط حبهما له.

و فیه،عن عثمان عن رجل عن أبی عبد الله علیه السلام : فی قول الله:« فَأَرَدْنٰا أَنْ یُبْدِلَهُمٰا رَبُّهُمٰا خَیْراً مِنْهُ زَکٰاةً وَ أَقْرَبَ رُحْماً »قال:إنه ولدت لهما جاریة فولدت غلاما فکان نبیا.

أقول:و فی أکثر الروایات أنها ولد منها سبعون نبیا و المراد ثبوت الواسطة.

و فیه،عن إسحاق بن عمار قال:سمعت أبا عبد الله علیه السلام یقول: إن الله لیصلح بصلاح الرجل المؤمن ولده و ولد ولده و یحفظه فی دویرته و دویرات حوله فلا یزالون فی حفظ الله لکرامته علی الله.ثم ذکر الغلامین فقال:« وَ کٰانَ أَبُوهُمٰا صٰالِحاً »أ لم تر أن الله شکر صلاح أبویهما لهما؟.

و فیه،عن مسعدة بن صدقة عن جعفر بن محمد عن آبائه علیهم السلام أن النبی صلی الله علیه و آله قال: إن الله لیخلف العبد الصالح بعد موته فی أهله و ماله و إن کان أهله أهل سوء ثم قرأ هذه الآیة إلی آخرها« وَ کٰانَ أَبُوهُمٰا صٰالِحاً ».

و فی الدر المنثور،أخرج ابن مردویه عن جابر قال:قال رسول الله ص: إن الله یصلح بصلاح الرجل الصالح ولده و ولد ولده و أهل دویرات حوله فما یزالون فی حفظ الله ما دام فیهم.

أقول:و الروایات فی هذا المعنی کثیرة مستفیضة.

و فی الکافی،بإسناده عن صفوان الجمال قال: سألت أبا عبد الله علیه السلام عن قول الله عز و جل« وَ أَمَّا الْجِدٰارُ فَکٰانَ لِغُلاٰمَیْنِ یَتِیمَیْنِ فِی الْمَدِینَةِ وَ کٰانَ تَحْتَهُ کَنْزٌ لَهُمٰا »فقال:

أما إنه ما کان ذهبا و لا فضة،و إنما کان أربع کلمات:لا إله إلا الله،من أیقن بالموت لم یضحک،و من أیقن بالحساب لم یفرح قلبه،و من أیقن بالقدر لم یخش إلا الله.

أقول:و قد تکاثرت الروایات من طرق الشیعة و أهل السنة أن الکنز الذی کان

[شماره صفحه واقعی : 357]

ص: 996

تحت الجدار کان لوحا مکتوبا فیه الکلمات،و فی أکثرها أنه کان لوحا من ذهب، و لا ینافیه قوله فی هذه الروایة:«ما کان ذهبا و لا فضة»لأن المراد به نفی الدینار و الدرهم کما هو المتبادر.و الروایات مختلفة فی تعیین الکلمات التی کانت مکتوبة علی اللوح لکن أکثرها متفقة فی کلمة التوحید و مسألتی الموت و القدر.

و قد جمع فی بعضها بین الشهادتین کما رواه فی الدر المنثور،عن البیهقی فی شعب الإیمان عن علی بن أبی طالب: فی قول الله عز و جل:« وَ کٰانَ تَحْتَهُ کَنْزٌ لَهُمٰا »قال:کان لوحا من ذهب مکتوب فیه:لا إله إلا الله محمد رسول الله عجبا لمن یذکر أن الموت حق کیف یفرح؟و عجبا لمن یذکر أن النار حق کیف یضحک؟و عجبا لمن یذکر أن القدر حق کیف یحزن؟و عجبا لمن یری الدنیا و تصرفها بأهلها حالا بعد حال کیف یطمئن إلیها؟.

[سورة الکهف (18): الآیات 83 الی 102]

اشارة

وَ یَسْئَلُونَکَ عَنْ ذِی اَلْقَرْنَیْنِ قُلْ سَأَتْلُوا عَلَیْکُمْ مِنْهُ ذِکْراً (83) إِنّٰا مَکَّنّٰا لَهُ فِی اَلْأَرْضِ وَ آتَیْنٰاهُ مِنْ کُلِّ شَیْءٍ سَبَباً (84) فَأَتْبَعَ سَبَباً (85) حَتّٰی إِذٰا بَلَغَ مَغْرِبَ اَلشَّمْسِ وَجَدَهٰا تَغْرُبُ فِی عَیْنٍ حَمِئَةٍ وَ وَجَدَ عِنْدَهٰا قَوْماً قُلْنٰا یٰا ذَا اَلْقَرْنَیْنِ إِمّٰا أَنْ تُعَذِّبَ وَ إِمّٰا أَنْ تَتَّخِذَ فِیهِمْ حُسْناً (86) قٰالَ أَمّٰا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ یُرَدُّ إِلیٰ رَبِّهِ فَیُعَذِّبُهُ عَذٰاباً نُکْراً (87) وَ أَمّٰا مَنْ آمَنَ وَ عَمِلَ صٰالِحاً فَلَهُ جَزٰاءً اَلْحُسْنیٰ وَ سَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنٰا یُسْراً (88) ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَباً (89) حَتّٰی إِذٰا بَلَغَ مَطْلِعَ اَلشَّمْسِ وَجَدَهٰا تَطْلُعُ عَلیٰ قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِهٰا سِتْراً (90) کَذٰلِکَ وَ قَدْ أَحَطْنٰا بِمٰا لَدَیْهِ خُبْراً (91) ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَباً (92) حَتّٰی إِذٰا بَلَغَ بَیْنَ اَلسَّدَّیْنِ وَجَدَ مِنْ دُونِهِمٰا قَوْماً لاٰ یَکٰادُونَ یَفْقَهُونَ قَوْلاً (93) قٰالُوا یٰا ذَا اَلْقَرْنَیْنِ إِنَّ یَأْجُوجَ وَ مَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِی اَلْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَکَ خَرْجاً عَلیٰ أَنْ تَجْعَلَ بَیْنَنٰا وَ بَیْنَهُمْ سَدًّا (94) قٰالَ مٰا مَکَّنِّی فِیهِ رَبِّی خَیْرٌ فَأَعِینُونِی بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَیْنَکُمْ وَ بَیْنَهُمْ رَدْماً (95) آتُونِی زُبَرَ اَلْحَدِیدِ حَتّٰی إِذٰا سٰاویٰ بَیْنَ اَلصَّدَفَیْنِ قٰالَ اُنْفُخُوا حَتّٰی إِذٰا جَعَلَهُ نٰاراً قٰالَ آتُونِی أُفْرِغْ عَلَیْهِ قِطْراً (96) فَمَا اِسْطٰاعُوا أَنْ یَظْهَرُوهُ وَ مَا اِسْتَطٰاعُوا لَهُ نَقْباً (97) قٰالَ هٰذٰا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّی فَإِذٰا جٰاءَ وَعْدُ رَبِّی جَعَلَهُ دَکّٰاءَ وَ کٰانَ وَعْدُ رَبِّی حَقًّا (98) وَ تَرَکْنٰا بَعْضَهُمْ یَوْمَئِذٍ یَمُوجُ فِی بَعْضٍ وَ نُفِخَ فِی اَلصُّورِ فَجَمَعْنٰاهُمْ جَمْعاً (99) وَ عَرَضْنٰا جَهَنَّمَ یَوْمَئِذٍ لِلْکٰافِرِینَ عَرْضاً (100) اَلَّذِینَ کٰانَتْ أَعْیُنُهُمْ فِی غِطٰاءٍ عَنْ ذِکْرِی وَ کٰانُوا لاٰ یَسْتَطِیعُونَ سَمْعاً (101) أَ فَحَسِبَ اَلَّذِینَ کَفَرُوا أَنْ یَتَّخِذُوا عِبٰادِی مِنْ دُونِی أَوْلِیٰاءَ إِنّٰا أَعْتَدْنٰا جَهَنَّمَ لِلْکٰافِرِینَ نُزُلاً (102)

[شماره صفحه واقعی : 358]

ص: 997

بیان

الآیات تشتمل علی قصة ذی القرنین،و فیها شیء من ملاحم القرآن:

قوله تعالی:« وَ یَسْئَلُونَکَ عَنْ ذِی الْقَرْنَیْنِ قُلْ سَأَتْلُوا عَلَیْکُمْ مِنْهُ ذِکْراً »أی یسألونک عن شأن ذی القرنین.و الدلیل علی ذلک جوابه عن السؤال بذکر شأنه لا تعریف شخصه حتی اکتفی بلقبه فلم یتعد منه إلی ذکر اسمه.

[شماره صفحه واقعی : 359]

ص: 998

و الذکر إما مصدر بمعنی المفعول و المعنی قل سأتلو علیکم منه أی من ذی القرنین شیئا مذکورا،و إما المراد بالذکر القرآن و قد سماه الله فی مواضع من کلامه بالذکر و المعنی قل سأتلو علیکم منه أی من ذی القرنین أو من الله قرآنا و هو ما یتلو هذه الآیة من قوله:« إِنّٰا مَکَّنّٰا لَهُ »إلی آخر القصة،و المعنی الثانی أظهر.

قوله تعالی:« إِنّٰا مَکَّنّٰا لَهُ فِی الْأَرْضِ وَ آتَیْنٰاهُ مِنْ کُلِّ شَیْءٍ سَبَباً » التمکین الإقدار یقال:مکنته و مکنت له أی أقدرته فالتمکن فی الأرض القدرة علی التصرف فیه بالملک کیفما شاء و أراد.و ربما یقال:إنه مصدر مصوغ من المکان بتوهم أصالة المیم فالتمکین إعطاء الاستقرار و الثبات بحیث لا یزیله عن مکانه أی مانع مزاحم.

و السبب الوصلة و الوسیلة فمعنی إیتائه سببا من کل شیء أن یؤتی من کل شیء یتوصل به إلی المقاصد الهامة الحیویة ما یستعمله و یستفید منه کالعقل و العلم و الدین و قوة الجسم و کثرة المال و الجند و سعة الملک و حسن التدبیر و غیر ذلک و هذا امتنان منه تعالی علی ذی القرنین و إعظام لأمره بأبلغ بیان،و ما حکاه تعالی من سیرته و فعله و قوله المملوءة حکمة و قدرة یشهد بذلک.

قوله تعالی:« فَأَتْبَعَ سَبَباً » الإتباع اللحوق أی لحق سببا و اتخذ وصلة وسیلة یسیر بها نحو مغرب الشمس.

قوله تعالی:« حَتّٰی إِذٰا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهٰا تَغْرُبُ فِی عَیْنٍ حَمِئَةٍ وَ وَجَدَ عِنْدَهٰا قَوْماً »تدل« حَتّٰی »علی فعل مقدر و تقدیره«فسار حتی إذا بلغ»و المراد بمغرب الشمس آخر المعمورة یومئذ من جانب الغرب بدلیل قوله:« وَ وَجَدَ عِنْدَهٰا قَوْماً ».

و ذکروا أن المراد بالعین الحمئة العین ذات الحمأة و هی الطین الأسود و أن المراد بالعین البحر فربما تطلق علیه،و أن المراد بوجدان الشمس تغرب فی عین حمئة موقف علی ساحل بحر لا مطمع فی وجود بر وراءه فرأی الشمس کأنها تغرب فی البحر لمکان انطباق الأفق علیه قیل:و ینطبق هذه العین الحمئة علی المحیط الغربی

[شماره صفحه واقعی : 360]

ص: 999

و فیه الجزائر الخالدات التی کانت مبدأ الطول سابقا ثم غرقت.

و قرئ«فی عین حامیة»أی حارة،و ینطبق علی النقاط القریبة من خط الاستواء من المحیط الغربی المجاورة لإفریقیة و لعل ذا القرنین فی رحلته الغربیة بلغ سواحل إفریقیة.

قوله تعالی:« قُلْنٰا یٰا ذَا الْقَرْنَیْنِ إِمّٰا أَنْ تُعَذِّبَ وَ إِمّٰا أَنْ تَتَّخِذَ فِیهِمْ حُسْناً »القول المنسوب إلیه تعالی فی القرآن یستعمل فی الوحی النبوی و فی الإبلاغ بواسطة الوحی کقوله تعالی: «وَ قُلْنٰا یٰا آدَمُ اسْکُنْ» :البقرة:35 و قوله: «وَ إِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هٰذِهِ الْقَرْیَةَ» :البقرة:58،و یستعمل فی الإلهام الذی لیس من النبوة کقوله «وَ أَوْحَیْنٰا إِلیٰ أُمِّ مُوسیٰ أَنْ أَرْضِعِیهِ» :القصص:7.

و به یظهر أن قوله:« قُلْنٰا یٰا ذَا الْقَرْنَیْنِ »إلخ لا یدل علی کونه نبیا یوحی إلیه لکون قوله تعالی أعم من الوحی المختص بالنبوة و لا یخلو قوله:« ثُمَّ یُرَدُّ إِلیٰ رَبِّهِ فَیُعَذِّبُهُ »إلخ حیث أورد فی سیاق الغیبة بالنسبة إلیه تعالی من إشعار بأن مکالمته کانت بتوسط نبی کان معه فملکه نظیر ملک طالوت فی بنی إسرائیل بإشارة من نبیهم و هدایته.

و قوله:« إِمّٰا أَنْ تُعَذِّبَ وَ إِمّٰا أَنْ تَتَّخِذَ فِیهِمْ حُسْناً »أی إما أن تعذب هؤلاء القوم و إما أن تتخذ فیهم أمرا ذا حسن،فحسنا مصدر بمعنی الفاعل قائم مقام موصوفه أو هو وصف للمبالغة،و قد قیل:إن فی مقابلة العذاب باتخاذ الحسن إیماء إلی ترجیحه و الکلام تردید خبری بداعی الإباحة فهو إنشاء فی صورة الإخبار،و المعنی لک أن تعذبهم و لک أن تعفو عنهم کما قیل،لکن الظاهر أنه استخبار عما سیفعله بهم من سیاسة أو عفو،و هو الأوفق بسیاق الجواب المشتمل علی التفصیل بالتعذیب و الإحسان « أَمّٰا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ »إلخ إذ لو کان قوله:« إِمّٰا أَنْ تُعَذِّبَ »إلخ حکما تخییریا لکان قوله:« أَمّٰا مَنْ ظَلَمَ »إلخ تقریرا له و إیذانا بالقبول و لا کثیر فائدة فیه.

و محصل المعنی:استخبرناه ما ذا ترید أن تفعل بهم من العذاب و الإحسان و قد غلبتهم و استولیت علیهم؟فقال:نعذب الظالم منهم ثم یرد إلی ربه فیعذبه العذاب النکر،و نحسن إلی المؤمن الصالح و نکلفه بما فیه یسر.

و لم یذکر المفعول فی قوله:« إِمّٰا أَنْ تُعَذِّبَ »بخلاف قوله:« إِمّٰا أَنْ تَتَّخِذَ فِیهِمْ حُسْناً »لأن جمیعهم لم یکونوا ظالمین،و لیس من الجائز تعمیم العذاب لقوم هذا شأنهم

[شماره صفحه واقعی : 361]

ص: 1000

بخلاف تعمیم الإحسان لقوم فیهم الصالح و الطالح.

قوله تعالی:« أَمّٰا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ یُرَدُّ إِلیٰ رَبِّهِ فَیُعَذِّبُهُ عَذٰاباً نُکْراً » النکر و المنکر غیر المعهود أی یعذبه عذابا لا عهد له به،و لا یحتسبه و یترقبه.

و قد فسر الظلم بالإشراک.و التعذیب بالقتل فمعنی «أَمّٰا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ » أما من أشرک و لم یرجع عن شرکه فسوف نقتله،و کأنه مأخوذ من مقابلة« مَنْ ظَلَمَ » بقوله:« مَنْ آمَنَ وَ عَمِلَ صٰالِحاً »لکن الظاهر من المقابلة أن یکون المراد بالظالم أعم ممن أشرک و لم یؤمن بالله أو آمن و لم یشرک لکنه لم یعمل صالحا بل أفسد فی الأرض، و لو لا تقیید مقابله بالإیمان لکان ظاهر الظلم هو الإفساد من غیر نظر إلی الشرک لأن المعهود من سیرة الملوک إذا عدلوا أن یطهروا أرضهم من فساد المفسدین،و کذا لا دلیل علی تخصیص التعذیب بالقتل.

قوله تعالی:« وَ أَمّٰا مَنْ آمَنَ وَ عَمِلَ صٰالِحاً فَلَهُ جَزٰاءً الْحُسْنیٰ »إلخ« صٰالِحاً »وصف أقیم مقام موصوفه و کذا الحسنی،و« جَزٰاءً »حال أو تمییز أو مفعول مطلق و التقدیر:

و أما من آمن و عمل عملا صالحا فله المثوبة الحسنی حال کونه مجزیا أو من حیث الجزاء أو نجزیه جزاء.

و قوله:« وَ سَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنٰا یُسْراً » الیسر بمعنی المیسور وصف أقیم مقام موصوفه و الظاهر أن المراد بالأمر الأمر التکلیفی و تقدیر الکلام و سنقول له قولا میسورا من أمرنا أی نکلفه بما یتیسر له و لا یشق علیه.

قوله تعالی:« ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَباً حَتّٰی إِذٰا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ »إلخ أی ثم هیأ سببا للسیر فسار نحو المشرق حتی إذا بلغ الصحراء من الجانب الشرقی فوجد الشمس تطلع علی قوم بدویین لم نجعل لهم من دونها سترا.

و المراد بالستر ما یستتر به من الشمس،و هو البناء و اللباس أو خصوص البناء أی کانوا یعیشون علی الصعید من غیر أن یکون لهم بیوت یأوون إلیها و یستترون بها من الشمس و عراة لا لباس علیهم،و إسناد ذلک إلی الله سبحانه فی قوله:« لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ » إلخ إشارة إلی أنهم لم یتنبهوا بعد لذلک و لم یتعلموا بناء البیوت و اتخاذ الخیام و نسج الأثواب و خیاطتها.

[شماره صفحه واقعی : 362]

ص: 1001

قوله تعالی:« کَذٰلِکَ وَ قَدْ أَحَطْنٰا بِمٰا لَدَیْهِ خُبْراً »الظاهر أن قوله:« کَذٰلِکَ » إشارة إلی وصفهم المذکور فی الکلام،و تشبیه الشیء بنفسه مبنیا علی دعوی المغایرة یفید نوعا من التأکید،و قد قیل فی المشار إلیه بذلک وجوه أخر بعیدة عن الفهم.

و قوله:« وَ قَدْ أَحَطْنٰا بِمٰا لَدَیْهِ خُبْراً »الضمیر لذی القرنین،و الجملة حالیة و المعنی أنه اتخذ وسیلة السیر و بلغ مطلع الشمس و وجد قوما کذا و کذا فی حال أحاط فیها علمنا و خبرنا بما عنده من عدة و عدة و ما یجریه أو یجری علیه،و الظاهر أن إحاطة علمه تعالی بما عنده کنایة عن کون ما اختاره و أتی به بهدایة من الله و أمر،فما کان یرد و لا یصدر إلا عن هدایة یهتدی بها و أمر یأتمره کما أشار إلی مثل هذا المعنی عند ذکر مسیره إلی المغرب بقوله:« قُلْنٰا یٰا ذَا الْقَرْنَیْنِ »إلخ.

فالآیة أعنی قوله:« وَ قَدْ أَحَطْنٰا »إلخ فی معناها الکنائی نظیرة قوله: «وَ اصْنَعِ الْفُلْکَ بِأَعْیُنِنٰا وَ وَحْیِنٰا» :هود:37،و قوله: «أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ» :النساء:166،و قوله:

« وَ أَحٰاطَ بِمٰا لَدَیْهِمْ» :الجن:28.

و قیل:إن الآیة لإفادة تعظیم أمره و أنه لا یحیط بدقائقه و جزئیاته إلا الله أو لتهویل ما قاساه ذو القرنین فی هذا المسیر و أن ما تحمله من المصائب و الشدائد فی علم الله لم یکن لیخفی علیه،أو لتعظیم السبب الذی أتبعه،و ما قدمناه أوجه.

قوله تعالی:« ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَباً حَتّٰی إِذٰا بَلَغَ بَیْنَ السَّدَّیْنِ »إلی آخر الآیة. السد الجبل و کل حاجز یسد طریق العبور و کأن المراد بهما الجبلان،و قوله:« وَجَدَ مِنْ دُونِهِمٰا قَوْماً »أی قریبا منهما،و قوله:« لاٰ یَکٰادُونَ یَفْقَهُونَ قَوْلاً »کنایة عن بساطتهم و سذاجة فهمهم،و ربما قیل:کنایة عن غرابة لغتهم و بعدها عن اللغات المعروفة عندهم،و لا یخلو عن بعد.

قوله تعالی:« قٰالُوا یٰا ذَا الْقَرْنَیْنِ إِنَّ یَأْجُوجَ وَ مَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ »إلخ الظاهر أن القائلین هم القوم الذین وجدهم من دون الجبلین،و یأجوج و مأجوج جیلان من الناس کانوا یأتونهم من وراء الجبلین فیغیرون علیهم و یعمونهم قتلا و سببا و نهبا و الدلیل علیه السیاق بما فیه من ضمائر أولی العقل و عمل السد بین الجبلین و غیر ذلک.

[شماره صفحه واقعی : 363]

ص: 1002

و قوله:« فَهَلْ نَجْعَلُ لَکَ خَرْجاً » الخرج ما یخرج من المال لیصرف فی شیء من الحوائج عرضوا علیه أن یعطوه مالا علی أن یجعل بینهم و بین یأجوج و مأجوج سدا یمنع من تجاوزهم و تعدیهم علیهم.

قوله تعالی:« قٰالَ مٰا مَکَّنِّی فِیهِ رَبِّی خَیْرٌ فَأَعِینُونِی بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَیْنَکُمْ وَ بَیْنَهُمْ رَدْماً »أصل« مَکَّنِّی »مکننی ثم أدغمت إحدی النونین فی الأخری، و الردم السد و قیل السد القوی،و علی هذا فالتعبیر بالردم فی الجواب و قد سألوه سدا إجابة و وعد بما هو فوق ما استدعوه و أملوه.

و قوله:« قٰالَ مٰا مَکَّنِّی فِیهِ رَبِّی خَیْرٌ »استغناء من ذی القرنین عن خرجهم الذی عرضوه علیه علی أن یجعل لهم سدا یقول:ما مکننی فیه و أقرنی علیه ربی من السعة و القدرة خیر من المال الذی تعدوننی به فلا حاجة لی إلیه.

و قوله:« فَأَعِینُونِی بِقُوَّةٍ »إلخ القوة ما یتقوی به علی الشیء و الجملة تفریع علی ما یتحصل من عرضهم و هو طلبهم منه أن یجعل لهم سدا،و محصل المعنی أما الخرج فلا حاجة لی إلیه،و أما السد فإن أردتموه فأعینونی بما أتقوی به علی بنائه کالرجال و ما یستعمل فی بنائه و قد ذکر منها زبر الحدید و القطر و النفخ بالمنافخ أجعل لکم سدا قویا.

و بهذا المعنی یظهر أن مرادهم بما عرضوا علیه من الخرج الأجر علی عمل السد.

قوله تعالی:« آتُونِی زُبَرَ الْحَدِیدِ »إلی آخر الآیة، الزبر بالضم فالفتح جمع زبرة کغرف و غرفة و هی القطعة،و سٰاویٰ بمعنی سوی علی ما قیل و قرئ«سوی» و اَلصَّدَفَیْنِ تثنیة الصدف و هو أحد جانبی الجبل ذکر بعضهم أنه لا یقال إلا إذا کان هناک جبل آخر یوازیه بجانبه فهو من الأسماء المتضائفة کالزوج و الضعف و غیرهما و القطر النحاس أو الصفر المذاب و إفراغه صبه علی الثقب و الخلل و الفرج.

و قوله:« آتُونِی زُبَرَ الْحَدِیدِ »أی أعطونی إیاها لأستعملها فی السد و هی من القوة التی استعانهم فیها،و لعله خصها بالذکر و لم یذکر الحجارة و غیرها من لوازم البناء لأنها الرکن فی استحکام بناء السد فجملة« آتُونِی زُبَرَ الْحَدِیدِ »بدل البعض من الکل من جملة

[شماره صفحه واقعی : 364]

ص: 1003

« فَأَعِینُونِی بِقُوَّةٍ »أو الکلام بتقدیر قال،و هو کثیر فی القرآن.

و قوله:« حَتّٰی إِذٰا سٰاویٰ بَیْنَ الصَّدَفَیْنِ قٰالَ انْفُخُوا »فی الکلام إیجاز بالحذف و التقدیر فأعانوه بقوة و آتوه ما طلبه منهم فبنی لهم السد و رفعه حتی إذا سوی بین الصدفین قال:انفخوا.

و قوله:« قٰالَ انْفُخُوا »الظاهر أنه من الإعراض عن متعلق الفعل للدلالة علی نفس الفعل و المراد نصب المنافخ علی السد لإحماء ما وضع فیه من الحدید و إفراغ القطر علی خلله و فرجه.

و قوله:« حَتّٰی إِذٰا جَعَلَهُ نٰاراً قٰالَ »إلخ فی الکلام حذف و إیجاز،و التقدیر فنفخ حتی إذا جعله أی المنفوخ فیه أو الحدید نارا أی کالنار فی هیئته و حرارته فهو من الاستعارة.

و قوله:« قٰالَ آتُونِی أُفْرِغْ عَلَیْهِ قِطْراً »أی آتونی قطرا أفرغه و أصبه علیه لیسد بذلک خلله و یصیر السد به مصمتا لا ینفذ فیه نافذ.

قوله تعالی:« فَمَا اسْطٰاعُوا أَنْ یَظْهَرُوهُ وَ مَا اسْتَطٰاعُوا لَهُ نَقْباً »اسطاع و استطاع واحد،و الظهور العلو و الاستعلاء،و النقب الثقب،قال الراغب فی المفردات،:النقب فی الحائط و الجلد کالثقب فی الخشب انتهی و ضمائر الجمع لیأجوج و مأجوج.و فی الکلام حذف و إیجاز،و التقدیر فبنی السد فما استطاع یأجوج و مأجوج أن یعلوه لارتفاعه و ما استطاعوا أن ینقبوه لاستحکامه.

قوله تعالی:« قٰالَ هٰذٰا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّی فَإِذٰا جٰاءَ وَعْدُ رَبِّی جَعَلَهُ دَکّٰاءَ وَ کٰانَ وَعْدُ رَبِّی حَقًّا »الدکاء الدک و هو أشد الدق مصدر بمعنی اسم المفعول،و قیل:المراد الناقة الدکاء و هی التی لا سنام لها و هو علی هذا من الاستعارة و المراد به خراب السد کما قالوا.

و قوله:« قٰالَ هٰذٰا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّی »أی قال ذو القرنین بعد ما بنی السد هذا أی السد رحمة من ربی أی نعمة و وقایة یدفع به شر یأجوج و مأجوج عن أمم من الناس.

و قوله:« فَإِذٰا جٰاءَ وَعْدُ رَبِّی جَعَلَهُ دَکّٰاءَ »فی الکلام حذف و إیجاز و التقدیر

[شماره صفحه واقعی : 365]

ص: 1004

و تبقی هذه الرحمة إلی مجیء وعد ربی فإذا جاء وعد ربی جعله مدکوکا و سوی به الأرض.

و المراد بالوعد إما وعد منه تعالی خاص بالسد أنه سیندک عند اقتراب الساعة فیکون هذا ملحمة أخبر بها ذو القرنین،و إما وعده تعالی العام بقیام الساعة الذی یدک الجبال و یخرب الدنیا،و قد أکد القول بجملة« وَ کٰانَ وَعْدُ رَبِّی حَقًّا ».

قوله تعالی:« وَ تَرَکْنٰا بَعْضَهُمْ یَوْمَئِذٍ یَمُوجُ فِی بَعْضٍ »إلخ ظاهر السیاق أن ضمیر الجمع للناس و یؤیده رجوع ضمیر« فَجَمَعْنٰاهُمْ »إلی الناس قطعا لأن حکم الجمع عام.

و فی قوله:« بَعْضَهُمْ یَوْمَئِذٍ یَمُوجُ فِی بَعْضٍ »استعارة،و المراد أنهم یضطربون یومئذ من شدة الهول اضطراب البحر باندفاع بعضه إلی بعض فیرتفع من بینهم النظم و یحکم فیهم الهرج و المرج و یعرض عنهم ربهم فلا یشملهم برحمته،و لا یصلح شأنهم بعنایته.

فالآیة بمنزلة التفصیل للإجمال الذی فی قول ذی القرنین:« فَإِذٰا جٰاءَ وَعْدُ رَبِّی جَعَلَهُ دَکّٰاءَ »و نظیره قوله تعالی فی موضع آخر: «حَتّٰی إِذٰا فُتِحَتْ یَأْجُوجُ وَ مَأْجُوجُ وَ هُمْ مِنْ کُلِّ حَدَبٍ یَنْسِلُونَ وَ اقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ فَإِذٰا هِیَ شٰاخِصَةٌ أَبْصٰارُ الَّذِینَ کَفَرُوا یٰا وَیْلَنٰا قَدْ کُنّٰا فِی غَفْلَةٍ مِنْ هٰذٰا بَلْ کُنّٰا ظٰالِمِینَ» :الأنبیاء:97. و هی علی أی حال من الملاحم.

و قد بان مما مر أن الترک فی الآیة بمعناه المتبادر منه و هو خلاف الأخذ و لا موجب لما ذکره بعضهم:أن الترک بمعنی الجعل و هو من الأضداد انتهی.

و الآیة من کلام الله سبحانه و لیست من تمام کلام ذی القرنین و الدلیل علیه تغییر السیاق من الغیبة إلی التکلم مع الغیر الذی هو سیاق کلامه السابق« إِنّٰا مَکَّنّٰا لَهُ » « قُلْنٰا یٰا ذَا الْقَرْنَیْنِ »،و لو کان من تمام کلام ذی القرنین لقیل:و ترک بعضهم علی حذاء قوله:« جَعَلَهُ دَکّٰاءَ ».

و قوله:« وَ نُفِخَ فِی الصُّورِ »إلخ هی النفخة الثانیة التی فیها الإحیاء بدلیل قوله « فَجَمَعْنٰاهُمْ جَمْعاً وَ عَرَضْنٰا جَهَنَّمَ یَوْمَئِذٍ لِلْکٰافِرِینَ عَرْضاً ».

قوله تعالی:« اَلَّذِینَ کٰانَتْ أَعْیُنُهُمْ فِی غِطٰاءٍ عَنْ ذِکْرِی وَ کٰانُوا لاٰ یَسْتَطِیعُونَ سَمْعاً »

[شماره صفحه واقعی : 366]

ص: 1005

تفسیر للکافرین و هؤلاء هم الذین ضرب الله بینهم و بین ذکره سدا حاجزا و بهذه المناسبة تعرض لحالهم بعد ذکر سد یأجوج و مأجوج فجعل أعینهم فی غطاء عن ذکره و أخذ استطاعة السمع عن آذانهم فانقطع الطریق بینهم و بین الحق و هو ذکر الله.

فإن الحق إنما ینال إما من طریق البصر بالنظر إلی آیات الله سبحانه و الاهتداء إلی ما تدل علیه و تهدی إلیه،و إما من طریق السمع باستماع الحکمة و الموعظة و القصص و العبر،و لا بصر لهؤلاء و لا سمع.

قوله تعالی:« أَ فَحَسِبَ الَّذِینَ کَفَرُوا أَنْ یَتَّخِذُوا عِبٰادِی مِنْ دُونِی أَوْلِیٰاءَ »إلخ الاستفهام للإنکار قال فی المجمع،:معناه أ فحسب الذین جحدوا توحید الله أن یتخذوا من دونی أربابا ینصرونهم و یدفعون عقابی عنهم قال:و یدل علی هذا المحذوف قوله:

« إِنّٰا أَعْتَدْنٰا جَهَنَّمَ لِلْکٰافِرِینَ نُزُلاً »انتهی.

و هناک وجه ثان منقول عن ابن عباس و هو أن المعنی أ فحسب الذین کفروا أن یتخذوا من دونی آلهة و أنا لا أغضب لنفسی علیهم و لا أعاقبهم.

و وجه ثالث:و هو أن« أَنْ یَتَّخِذُوا »إلخ مفعول أول لحسب بمعنی ظن و مفعوله الثانی محذوف،و التقدیر أ فحسب الذین کفروا اتخاذهم عبادی من دونی أولیاء نافعا لهم أو دافعا للعقاب عنهم،و الفرق بین هذا الوجه و الوجهین السابقین أن« أَنْ » و صلته قائمة مقام المفعولین فیهما و المحذوف بعض الصلة فیهما بخلاف الوجه الثالث فأن و صلته فیه مفعول أول لحسب،و المفعول الثانی محذوف.

و وجه رابع:و هو أن یکون أن و صلته سادة مسد المفعولین و عنایة الکلام متوجهة إلی إنکار کون الاتخاذ اتخاذا حقیقة علی معنی أن ذلک لیس من الاتخاذ فی شیء إذ الاتخاذ إنما یکون من الجانبین و المتخذون متبرئون منهم لقولهم:« سُبْحٰانَکَ أَنْتَ وَلِیُّنٰا مِنْ دُونِهِمْ ».

و الوجوه الأربعة مترتبة فی الوجاهة و أوجهها أولها و سیاق هذه الآیات یساعد علیه فإن هذه الآیات بل عامة آیات السورة مسوقة لبیان أنهم فتنوا بزینة الحیاة الدنیا و اشتبه علیهم الأمر فاطمأنوا إلی ظاهر الأسباب فاتخذوا غیره تعالی أولیاء من دونه

[شماره صفحه واقعی : 367]

ص: 1006

فهم یظنون أن ولایتهم تکفیهم و تنفعهم و تدفع عنهم الضر و الحال أن ما سیلقونه بعد النفخ و الجمع یناقض ذلک فالآیة تنکر علیهم هذا الظن و الحسبان بعد ما کان مآل أمرهم ذلک.ثم إن إمکان قیام أن و صلته مقام مفعولی حسب و قد ورد فی کلامه تعالی کثیرا کقوله: «أَمْ حَسِبَ الَّذِینَ اجْتَرَحُوا السَّیِّئٰاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ کَالَّذِینَ آمَنُوا» :الجاثیة 21 و غیره یغنی عن تقدیر مفعول ثان محذوف و قد منع عنه بعض النحاة.

و تؤیده الآیات التالیة:« قُلْ هَلْ نُنَبِّئُکُمْ بِالْأَخْسَرِینَ أَعْمٰالاً »إلخ و کذا القراءة المنسوبة إلی علی علیه السلام و عدة منهم،أ فحسب»بسکون السین و ضم الباء و المعنی أ فاتخاذ عبادی من دونی أولیاء کاف لهم.

و المراد بالعباد فی قوله:« أَنْ یَتَّخِذُوا عِبٰادِی مِنْ دُونِی أَوْلِیٰاءَ »کل من یعبده الوثنیون من الملائکة و الجن و الکملین من البشر.

و أما ما ذکره المفسرون أن المراد بهم المسیح علیه السلام و الملائکة و نحوهم من المقربین دون الشیاطین لأن الأکثر فی مثل هذا اللفظ« عِبٰادِی »أن تکون الإضافة لتشریف المضاف.

ففیه أولا أن المقام لا یناسب التشریف.و هو ظاهر.و ثانیا أن قید« مِنْ دُونِی » فی الکلام صریح فی أن المراد بالذین کفروا هم الوثنیون الذین لا یعبدون الله مع الاعتراف بألوهیته و إنما یعبدون الشرکاء الشفعاء؟و أما أهل الکتاب مثلا النصاری فی اتخاذهم المسیح ولیا فإنهم لا ینفون ولایة الله بل یثبتون الولایتین معا ثم یعدونهما واحدا فافهم ذلک فالحق أن قوله:« عِبٰادِی »لا یعم المسیح و من کان مثله من البشر بل یختص بآلهة الوثنیین و المراد بقوله« اَلَّذِینَ کَفَرُوا »الوثنیون فحسب.

و قوله:« إِنّٰا أَعْتَدْنٰا جَهَنَّمَ لِلْکٰافِرِینَ نُزُلاً »أی شیئا یتمتعون به عند أول نزولهم الدار الآخرة شبه الدار الآخرة بالدار ینزلها الضیف و جهنم بالنزل الذی یکرم به الضیف النزیل لدی أول وروده،و یزید هذا التشبیه لطفا و جمالا ما سیأتی بعد آیتین أنهم لا یقام لهم وزن یوم القیامة فکأنهم لا یلبثون دون أن یدخلوا النار،و فی الآیة من التهکم ما لا یخفی،و کأنما قوبل به ما سیحکی من تهکمهم فی الدنیا بقوله:

« وَ اتَّخَذُوا آیٰاتِی وَ رُسُلِی هُزُواً ».

[شماره صفحه واقعی : 368]

ص: 1007

بحث روائی

فی تفسیر القمی،": فلما أخبر رسول الله صلی الله علیه و آله بخبر موسی و فتاه و الخضر قالوا له فأخبرنا عن طائف طاف الأرض:المشرق و المغرب من هو؟و ما قصته؟فأنزل الله:

« وَ یَسْئَلُونَکَ عَنْ ذِی الْقَرْنَیْنِ »الآیات.

أقول:و قد تقدم فی الکلام علی قصة أصحاب الکهف تفصیل هذه الروایة و روی أیضا ما فی معناه فی الدر المنثور،عن ابن أبی حاتم عن السدی و عن عمر مولی غفرة.

و اعلم أن الروایات المرویة من طرق الشیعة و أهل السنة عن النبی صلی الله علیه و آله و من طرق الشیعة عن أئمة أهل البیت علیهم السلام و کذا الأقوال المنقولة عن الصحابة و التابعین و یعامل معها أهل السنة معاملة الأحادیث الموقوفة فی قصة ذی القرنین مختلفة اختلافا عجیبا متعارضة متهافتة فی جمیع خصوصیات القصة و کافة أطرافها و هی مع ذلک مشتملة علی غرائب یستوحش منها الذوق السلیم أو یحیلها العقل و ینکرها الوجود لا یرتاب الباحث الناقد إذا قاس بعضها إلی بعض و تدبر فیها أنها غیر سلیمة عن الدس و الوضع و مبالغات عجیبة فی وصف القصة و أغربها ما روی عن علماء الیهود الذین أسلموا کوهب بن منبه و کعب الأحبار أو ما یشعر القرائن أنه مأخوذ منهم فلا یجدینا و الحال هذه نقلها بالاستقصاء علی کثرتها و طولها،و إنما نشیر بعض الإشارة إلی وجوه اختلافها،و نقتصر علی نقل ما یسلم عن الاختلاف فی الجملة.

فمن الاختلاف اختلافها فی نفسه فمعظم الروایات علی أنه کان بشرا،و قد ورد (1)فی بعضها أنه کان ملکا سماویا أنزله الله إلی الأرض و آتاه من کل شیء سببا.و فی خطط المقریزی عن الجاحظ فی کتاب الحیوان،أن ذا القرنین کانت أمه آدمیة و أبوه من الملائکة.

و من ذلک الاختلاف فی سمته ففی أکثر الروایات أنه کان عبدا صالحا أحب الله

[شماره صفحه واقعی : 369]

ص: 1008


1- رواه فی الدر المنثور عن الأحوص بن حکیم عن أبیه عن النبی صلی الله علیه و آله و عن الشیرازی عن جبیر بن نفیر عن النبی صلی الله علیه و آله و عن عدة عن خالد بن معدان عن النبی صلی الله علیه و آله و عن عدة عن عمر بن الخطاب.

فأحبه و ناصح الله فناصحه،و فی بعضها (1)أنه کان محدثا یأتیه الملک فیحدثه و فی بعضها (2)أنه کان نبیا.

و من ذلک الاختلاف فی اسمه ففی بعضها أن اسمه (3)عیاش،و فی بعضها (4)إسکندر،و فی بعضها (5)مرزیا بن مرزبة الیونانی من ولد یونن بن یافث بن نوح،و فی بعضها (6)مصعب بن عبد الله من قحطان و فی بعضها (7)صعب بن ذی المراثد أول التبابعة و کأنه التبع أبو کرب،و فی بعضها (8)عبد الله بن ضحاک بن معد إلی غیر ذلک و هی کثیرة.

و من ذلک الاختلاف فی وجه تسمیته بذی القرنین ففی بعضها (9)أنه دعا قومه إلی الله فضربوه علی قرنه الأیمن فغاب عنهم زمانا ثم جاءهم و دعاهم إلی الله ثانیا فضربوه علی قرنه الأیسر فغاب عنهم زمانا ثم آتاه الله الأسباب فطاف شرق الأرض و غربها فسمی بذلک ذا القرنین،و فی بعضها (10)أنهم قتلوه بالضربة الأولی ثم أحیاه الله

[شماره صفحه واقعی : 370]

ص: 1009


1- رواه فی الدر المنثور عن ابن أبی حاتم و أبی الشیخ عن الباقر علیه السلام و فی البرهان عن جبرئیل بن أحمد عن الأصبغ بن نباتة عن علی علیه السلام و فی نور الثقلین عن أصول الکافی عن الحارث ابن المغیرة عن أبی جعفر علیه السلام.
2- رواه العیاشی عن أبی حمزة الثمالی عن أبی جعفر علیه السلام و رواه فی الدر المنثور عن أبی الشیخ عن أبی الورقاء عن علی علیه السلام و فی هذا المعنی روایات أخری.
3- کما فی تفسیر العیاشی عن الأصبغ بن نباتة عن علی ع،و فی البرهان عن الثمالی عن الباقر علیه السلام.
4- کما یظهر من روایة قرب الإسناد للحمیری عن الکاظم علیه السلام و روایة الدر المنثور عن عدة عن عقبة بن عامر عن النبی ص،و روایته أیضا عن عدة عن وهب.
5- فی الدر المنثور عن ابن المنذر و ابن أبی حاتم و أبی الشیخ من طریق ابن إسحاق عن بعض من أسلم من أهل الکتاب.
6- البدایة و النهایة.
7- البدایة و النهایة عن ابن هشام فی التیجان.
8- فی الخصال عن محمد بن خالد مرفوعا،و فی البدایة و النهایة عن زبیر بن بکار عن ابن عباس.
9- فی البرهان عن الصدوق عن الأصبغ عن علی ع،و فی تفسیر القمی عن أبی بصیر عن الصادق علیه السلام و فی الخصال عن أبی بصیر عن الصادق علیه السلام.
10- فی تفسیر العیاشی عن الأصبغ عن علی علیه السلام و فی الدر المنثور عن ابن مردویه من طریق أبی الطفیل عن علی علیه السلام و رواه العیاشی أیضا و روی أیضا فی روایات أخر.

فجاءهم و دعاهم فضربوه و قتلوه ثانیا ثم أحیاه الله و رفعه إلی السماء الدنیا ثم أنزله إلی الأرض و آتاه من کل شیء سببا.

و فی بعضها (1)أنه نبت له بعد الإحیاء الثانی قرنان فی موضعی الشجتین و سخر الله له النور و الظلمة ثم لما نزل إلی الأرض سار فیها و دعا إلی الله و کان یزأر کالأسد و یبرق و یرعد قرناه و إذا استکبر عن دعوته قوم سلط علیهم الظلمة فأعیتهم حتی اضطروا إلی إجابتها.

و فی بعضها (2)أنه کان له قرنان فی رأسه و کان یتعمم علیهما یواریهما بذلک و هو أول من تعمم و قد کان یخفیهما عن الناس و لم یکن یطلع علی ذلک أحد إلا کاتبه و قد نهاه أن یخبر به أحدا فضاق صدر الکاتب بذلک فأتی الصحراء فوضع فمه بالأرض ثم نادی ألا إن للملک قرنین فأنبت الله من کلمته قصبتین فمر بهما راع فأعجبهما فقطعهما و اتخذهما مزمارا فکان إذا زمر خرج من القصبتین:ألا إن للملک قرنین فانتشر ذلک فی المدینة فأرسل إلی الکاتب و استنطقه و هدده بالقتل إن لم یصدق فقص علیه القصة فقال ذو القرنین هذا أمر أراد الله أن یبدیه فوضع العمامة عن رأسه.

و قیل: (3)سمی ذا القرنین لأنه ملک قرنی الأرض و هما المشرق و المغرب و قیل: (4)

لأنه رأی فی المنام أنه أخذ بقرنی الشمس فعبر له بملک الشرق و الغرب و سمی بذی القرنین،و قیل: (5)لأنه کان له عقیصتان فی رأسه،و قیل (6)لأنه ملک الروم و فارس،و قیل (7):لأنه کان له فی رأسه شبه قرنین،و قیل (8)لأنه کان علی تاجه

[شماره صفحه واقعی : 371]

ص: 1010


1- تفسیر العیاشی عن الأصبغ عن علی علیه السلام و فی الدر المنثور عن عدة عن وهب بن منبه ما فی معناه.
2- فی الدر المنثور عن أبی الشیخ عن وهب بن منبه.
3- فی الدر المنثور عن عدة عن أبی العالیة و ابن شهاب.
4- فی نور الثقلین عن الخرائج و الحرائج عن العسکری علیه السلام عن علی علیه السلام.
5- فی الدر المنثور عن الشیرازی عن قتادة.
6- فی الدر المنثور عن عدة عن وهب.
7- المصدر السابق.
8- نقله فی روح المعانی،

قرنان من الذهب إلی غیر ذلک مما قیل.

و من ذلک اختلافها فی سیره إلی المغرب و المشرق و فیه أشد الاختلاف فقد روی (1)أنه سخر له السحاب فکان یرکب السحاب و یسیر فی الأرض غربا و شرقا.و روی (2)أنه بلغ جبل قاف و هو جبل أخضر محیط بالدنیا منه خضرة السماء.و روی (3)أنه طلب عین الحیاة فأشیر علیه أنها فی الظلمات فدخلها و فی مقدمته الخضر فلم یرزق ذو القرنین أن یشرب منها و شرب الخضر و اغتسل منها فکان له البقاء المؤبد و فی هذه الروایات أن الظلمات فی جانب المشرق.

و من ذلک اختلافها فی موضع السد الذی بناها ففی بعضها أنه فی (4)المشرق و فی بعضها (5)أنه فی الشمال،و قد بلغ من مبالغة بعض الروایات أن ذکرت (6)أن طول السد و هو مسافة ما بین الجبلین مائة فرسخ و عرضه خمسون فرسخا و ارتفاعه ارتفاع الجبلین و قد حفر له أساسا حتی بلغ الماء و قد جعل حشوه الصخور و طینه النحاس ثم علاه بزبر الحدید و النحاس المذاب و جعل خلاله عرقا من نحاس أصفر فصار کأنه برد محبر.

و من ذلک اختلافها فی وصف یأجوج و مأجوج فروی (7)أنهم من الترک و من ولد یافث بن نوح کانوا یفسدون فی الأرض فضرب السد دونهم.و روی (8)أنهم من غیر ولد آدم و فی (9)عدة من الروایات أنهم قوم ولود لا یموت الواحد منهم من ذکر أو أنثی

[شماره صفحه واقعی : 372]

ص: 1011


1- فی عدة من روایات العامة و الخاصة الموردة فی الدر المنثور و البرهان و نور الثقلین و البحار.
2- فی البرهان عن جمیل عن الصادق علیه السلام و فی الدر المنثور عن عبد بن حمید و غیره عن عکرمة.
3- فی تفسیر القمی عن علی علیه السلام و فی تفسیر العیاشی عن هشام عن بعض آل محمد علیهم السلام و فی الدر المنثور عن ابن أبی حاتم و غیره عن الباقر علیه السلام.
4- الدر المنثور عن ابن إسحاق و غیره عن وهب.
5- الدر المنثور عن ابن المنذر عن ابن عباس.
6- الدر المنثور عن ابن إسحاق و غیره عن وهب.
7- الدر المنثور عن ابن المنذر عن علی علیه السلام و عن ابن أبی حاتم عن قتادة.و فی نور الثقلین عن علل الشرائع عن العسکری.
8- نور الثقلین عن روضة الکافی عن ابن عباس.
9- الطبری عن عبد الله بن عمیر،و عن عبد الله بن سلام،و فی الدر المنثور عن النسائی و ابن مردویه عن أوس عن النبی صلی الله علیه و آله و فیه عن ابن أبی حاتم عن السدی عن علی علیه السلام.

حتی یولد له ألف من الأولاد و أنهم أکثر عددا من سائر البشر حتی عدوا فی (1)بعض الروایات تسعة أضعاف البشر،و روی (2)أنهم من الشدة و البأس بحیث لا یمرون ببهیمة أو سبع أو إنسان إلا افترسوه و أکلوه و لا علی زرع أو شجر إلا رعوه و لا علی ماء نهر إلا شربوه و نشفوه،و روی (3)أنهم أمتان کل منهما أربع مائة ألف أمة کل أمة لا یحصی عددهم إلا الله سبحانه.

و روی (4)أنهم طوائف ثلاث فطائفة کالأرز و هو شجر طوال،و طائفة یستوی طولهم و عرضهم:أربعة أذرع فی أربعة أذرع و طائفة و هم أشدهم للواحد منهم أذنان یفترش بإحداهما و یلتحف بالأخری یشتو فی إحداهما لابسا له و هی وبرة ظهرها و بطنها و یصیف فی الأخری و هی زغبة ظهرها و بطنها،و هم صلب علی أجسادهم من الشعر ما یواریها،و روی أن الواحد (5)منهم شبر أو شبران أو ثلاثة،و روی (6)أن الذین کانوا یقاتلونهم کان وجوههم وجوه الکلاب.

و من ذلک اختلافها فی زمان ملکه ففی بعضها (7)أنه کان بعد نوح،و روی (8)أنه کان فی زمن إبراهیم و معاصره و قد حج البیت و لقیه و صافحه و هی أول مصافحة علی وجه الأرض،و روی (9)أنه کان فی زمن داود.

[شماره صفحه واقعی : 373]

ص: 1012


1- فی الدر المنثور عن عبد الرزاق و غیره عن عبد الله بن عمر.
2- الدر المنثور عن ابن إسحاق و غیره عن وهب.
3- فی الدر المنثور عن ابن المنذر و أبی الشیخ عن حسان بن عطیة.و عن ابن أبی حاتم و غیره عن حذیفة عن النبی صلی الله علیه و آله و قد بلغ من مبالغة الروایات فی عددهم أنه روی عن النبی صلی الله علیه و آله أن یأجوج و مأجوج یعدل ألف ضعف للمسلمین(البدایة و النهایة عن الصحیحین عن أبی سعید عن النبی ص)و هو ذا یقال:إن المسلمین خمس أهل الأرض و لازمه أن یکون یأجوج و مأجوج مائتا ضعف أهل الأرض.
4- فی الدر المنثور عن ابن المنذر و ابن أبی حاتم عن کعب الأحبار.
5- فی الدر المنثور عن ابن المنذر و الحاکم و غیرهما عن ابن عباس.
6- فی الدر المنثور عن عدة عن عقبة بن عامر عن النبی صلی الله علیه و آله.
7- فی تفسیر العیاشی عن الأصبغ عن علی علیه السلام.
8- الدر المنثور عن ابن مردویه و غیره عن عبید بن عمیر،و فی نور الثقلین عن أمالی الشیخ عن الباقر علیه السلام و فی العرائس لابن إسحاق.
9- الدر المنثور عن ابن أبی حاتم و ابن عساکر عن مجاهد.

و من ذلک اختلافها فی مدة ملکه فروی (1)ثلاثون سنة و روی (2)اثنتا عشرة سنة إلی غیر ذلک من جهات الاختلاف التی یعثر علیها من راجع أخبار القصة من جوامع الحدیث و خاصة الدر المنثور،و البحار،و البرهان،و نور الثقلین،.

و فی کتاب کمال الدین،بإسناده عن الأصبغ بن نباتة قال": قام ابن الکواء إلی علی علیه السلام و هو علی المنبر فقال:یا أمیر المؤمنین أخبرنی عن ذی القرنین أ نبیا کان أم ملکا؟ و أخبرنی عن قرنیه أ من ذهب أم من فضة؟فقال له:لم یکن نبیا و لا ملکا،و لم یکن قرناه من ذهب و لا فضة و لکن کان عبدا أحب الله فأحبه الله و نصح الله فنصحه الله، و إنما سمی ذا القرنین لأنه دعا قومه إلی الله عز و جل فضربوه علی قرنه فغاب عنهم حینا ثم عاد إلیهم فضرب علی قرنه الآخر،و فیکم مثله.

أقول:الظاهر أن«الملک»فی الروایة بفتح اللام لا بکسرها لاستفاضة الروایات عنه و عن غیره علیه السلام بملک ذی القرنین فنفیه علیه السلام أن یکون ذو القرنین نبیا أو ملکا بفتح اللام إنکار منه لصحة ما ورد عن النبی صلی الله علیه و آله فی بعض الروایات أنه کان نبیا و فی بعضها الآخر أنه کان ملکا من الملائکة و به کان یقول عمر بن الخطاب کما تقدمت الإشارة إلیه.

و قوله:«و فیکم مثله»أی مثل ذی القرنین فی شجتیه یشیر علیه السلام إلی نفسه فإنه أصیب بضربة من عمرو بن عبد ود و بضربة من عبد الرحمن بن ملجم لعنه الله فاستشهد بها،و لروایة مستفیضة عنه علیه السلام روته عنه الشیعة و أهل السنة بألفاظ مختلفة،و أبسط ألفاظها ما أوردناه،و قد لعبت به ید النقل بالمعنی فأظهرته فی صور عجیبة و بلغ بها التحریف غایته.

و فی الدر المنثور،أخرج ابن مردویه عن سالم بن أبی الجعد قال: سئل علی عن ذی القرنین أ نبی هو؟فقال سمعت نبیکم صلی الله علیه و آله یقول:هو عبد ناصح الله فنصحه.

و فی احتجاج الطبرسی،عن الصادق علیه السلام فی حدیث طویل: و فیه قال السائل

[شماره صفحه واقعی : 374]

ص: 1013


1- البرهان عن البرقی عن موسی بن جعفر علیهما السلام.
2- الدر المنثور عن ابن أبی حاتم عن وهب.

أخبرنی عن الشمس أین تغیب؟قال:إن بعض العلماء قال:إذا انحدرت أسفل القبة دار بها الفلک إلی بطن السماء صاعدة أبدا إلی أن تنحط إلی موضع مطلعها.

یعنی أنها تغیب فی عین حمئة ثم تخرق الأرض راجعة إلی موضع مطلعها فتحیر تحت العرش حتی یؤذن لها بطلوع و یسلب نورها کل یوم و تتجلل نورا أحمر.

أقول:قوله:«إذا انحدرت أسفل القبة إلی قوله:مطلعها»بیان لسیر الشمس من حین غروبها إلی إبان طلوعها فی مدارها السماوی علی ما تفرضه هیئة بطلیموس الدائرة فی تلک الأعصار المبنیة علی سکون الکرة الأرضیة و حرکة الأجرام السماویة حولها،و لذا نسبه علیه السلام إلی بعض العلماء.

و قوله:«یعنی أنها تغیب فی عین حمئة ثم تخرق الأرض راجعة إلی موضع مطلعها» من کلام بعض رواة الخبر لا من کلامه علیه السلام فالراوی لقصور منه فی الفهم فسر قوله تعالی:« تَغْرُبُ فِی عَیْنٍ حَمِئَةٍ »بسقوط القرص فی العین و غیبوبته فیها ثم سبحه فیها کالسمکة فی الماء و خرقه الأرض حتی یبلغ المطلع ثم ذهابه إلی تحت العرش و هو علی زعمه سماء فوق السماوات السبع أو جسم نورانی کأعظم ما یکون موضوع فوق السماء السابعة و مکثه هناک حتی یؤذن له فی الطلوع فیکسی نورا أحمر و یطلع.

و الراوی یشیر بقوله:«فتحیر تحت العرش حتی یؤذن لها إلخ إلی روایة أخری مأثورة عن النبی صلی الله علیه و آله أن الملائکة تذهب بالشمس بعد غروبها فتوقفها تحت العرش و هی مسلوبة النور فتمکث هناک و هی لا تدری ما تؤمر به غدا حتی تکسی نورا و تؤمر بالطلوع،الروایة.و قد ارتکب فهمه فی تفسیر العرش هناک نظیر ما ارتکبه فی تفسیر الغروب هاهنا فزاد عن الحق بعدا علی بعد.

و لم یرد تفسیر العرش فی کتاب و لا سنة قابلة للاعتماد بالفلک التاسع أو بجسم نورانی علوی کهیئة السریر التی اختلقها فهمه و قد قدمنا معظم روایات العرش فی أوائل الجزء الثامن من هذا الکتاب.

و فی التسمیة أعنی قوله:«قال بعض العلماء بعض الإشارة إلی أن هذا القول لم یکن مرضیا عنده علیه السلام و مع ذلک لم یسعه أن یسمح بحق القول فی المسألة کیف؟

[شماره صفحه واقعی : 375]

ص: 1014

و إذا ساقتهم سذاجة الفهم فی فرضیة سهلة التصور عند أهله فی تلک الأعصار هذا المساق فما ظنک بهم لو ألقی إلیهم ما لا یصدقه ظاهر حسهم و لا یسعه ظرف فکرهم.

و فی الدر المنثور،أخرج عبد الرزاق و سعید بن منصور و ابن جریر و ابن المنذر و ابن أبی حاتم من طریق عثمان بن أبی حاضر": أن ابن عباس ذکر له أن معاویة بن أبی سفیان قرأ الآیة التی فی سورة الکهف«تغرب فی عین حامیة»قال ابن عباس:

فقلت لمعاویة:ما نقرؤها إلا حمئة فسأل معاویة عبد الله بن عمر و کیف تقرؤه؟ فقال عبد الله:کما قرأتها.

قال ابن عباس:فقلت لمعاویة:فی بیتی نزل القرآن فأرسل إلی کعب فقال له:

أین تجد الشمس تغرب فی التوراة؟فقال له کعب:سل أهل العربیة فإنهم أعلم بها، و أما أنا فإنی أجد الشمس تغرب فی التوراة فی ماء و طین،و أشار بیده إلی المغرب.قال ابن أبی حاضر:لو أنی عندکما أیدتک بکلام تزداد به بصیرة فی حمئة.قال ابن عباس:

و ما هو؟قلت:فیما نأثر قول تبع فیما ذکر به ذا القرنین فی کلفه بالعلم و اتباعه إیاه:

قد کان ذو القرنین عمر مسلما

ملکا تدین له الملوک و تحشد

فأتی المشارق و المغارب یبتغی

أسباب ملک من حکیم مرشد

فرأی مغیب الشمس عند غروبها

فی عین ذی خلب و ثأط حرمد

فقال ابن عباس:ما الخلب؟قلت:الطین بکلامهم.قال:فما الثأط؟قلت:

الحمأة.قال:فما الحرمد؟قلت:الأسود فدعا ابن عباس غلاما فقال له:اکتب ما یقول هذا الرجل.

أقول:و الحدیث لا یلائم ما ذهبوا إلیه من تواتر القراءات تلک الملائمة و عن التیجان لابن هشام الحدیث و فیه أن ابن عباس أنشد هذه الأشعار لمعاویة و أن معاویة سأله عن معنی الخلب و الثأط و الحرمد قال:الخلب الحمأة و الثأط ما تحتها من الطین و الحرمد ما تحته من الحصی و الحجر،و قد أورد القصیدة،و هذا الاختلاف یؤذن بشیء فی الروایة.

فی تفسیر العیاشی،عن أبی بصیر عن أبی جعفر علیه السلام : فی قول الله عز و جل:« لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِهٰا سِتْراً »قال:لم یعلموا صنعة البیوت.

[شماره صفحه واقعی : 376]

ص: 1015

و فی تفسیر القمی،":فی الآیة قال:لم یعلموا صنعة الثیاب.

و فی الدر المنثور،أخرج ابن المنذر عن ابن عباس":فی قوله:« حَتّٰی إِذٰا بَلَغَ بَیْنَ السَّدَّیْنِ »قال:الجبلین أرمینیة و آذربیجان.

و فی تفسیر العیاشی،عن المفضل قال: سألت الصادق علیه السلام عن قوله.« أَجْعَلْ بَیْنَکُمْ وَ بَیْنَهُمْ رَدْماً »قال:التقیة«فما استطاعوا أن یظهروه و ما استطاعوا له نقبا»إذا عملت بالتقیة لم یقدروا لک علی حیلة،و هو الحصن الحصین،و صار بینک و بین أعداء الله سدا لا یستطیعون له نقبا.

و فیه،أیضا عن جابر عنه علیه السلام فی الآیة قال:التقیة.

أقول:الروایتان من الجری و لیستا بتفسیر.

و فی تفسیر العیاشی،عن الأصبغ بن نباتة عن علی علیه السلام : « وَ تَرَکْنٰا بَعْضَهُمْ یَوْمَئِذٍ یَمُوجُ فِی بَعْضٍ »یعنی یوم القیامة.

أقول:ظاهر الآیة بحسب السیاق أنه من أشراط الساعة،و لعله المراد بیوم القیامة فربما تطلق علی ظهور مقدماتها.

و فیه،عن محمد بن حکیم قال: کتبت رقعة إلی أبی عبد الله علیه السلام فیها:أ تستطیع النفس المعرفة؟قال:فقال لا فقلت:یقول الله:« اَلَّذِینَ کٰانَتْ أَعْیُنُهُمْ فِی غِطٰاءٍ عَنْ ذِکْرِی وَ کٰانُوا لاٰ یَسْتَطِیعُونَ سَمْعاً »قال:هو کقوله:« مٰا کٰانُوا یَسْتَطِیعُونَ السَّمْعَ وَ مٰا کٰانُوا یُبْصِرُونَ »قلت:فعابهم؟قال:لم یعبهم بما صنع هو بهم و لکن عابهم بما صنعوا،و لو لم یتکلفوا لم یکن علیهم شیء.

أقول:یعنی أنهم تسببوا لهذا الحجاب فرجع إلیهم تبعته.

و فی تفسیر القمی،":فی الآیة قال:کانوا لا ینظرون إلی ما خلق الله من الآیات و السماوات و الأرض.

أقول:و فی العیون،عن الرضا علیه السلام :تطبیق الآیة علی منکری الولایة و هو من الجری

[شماره صفحه واقعی : 377]

ص: 1016

(کلام حول قصة ذی القرنین)
اشارة

و هو بحث قرآنی و تاریخی فی فصول:

1 قصة ذی القرنین فی القرآن:

لم یعترض لاسمه و لا لتأریخ زمان ولادته و حیاته و لا لنسبه و سائر مشخصاته علی ما هو دأبه فی ذکر قصص الماضین بل اکتفی علی ذکر ثلاث رحلات منه فرحلة أولی إلی المغرب حتی إذا بلغ مغرب الشمس وجدها تغرب فی عین حمئة(أو حامیة)و وجد عندها قوما،و رحلة ثانیة إلی المشرق حتی إذا بلغ مطلع الشمس وجدها تطلع علی قوم لم یجعل الله لهم من دونها سترا،و رحلة ثالثة حتی إذا بلغ بین السدین وجد من دونهما قوما لا یکادون یفقهون قولا فشکوا إلیه إفساد یأجوج و مأجوج فی الأرض و عرضوا علیه أن یجعلوا له خرجا علی أن یجعل بین القوم و بین یأجوج و مأجوج سدا فأجابهم إلی بناء السد و وعدهم أن یبنی لهم فوق ما یأملون و أبی أن یقبل خرجهم و إنما طلب منهم أن یعینوه بقوة و قد أشیر منها فی القصة إلی الرجال و زبر الحدید و المنافخ و القطر.

و الخصوصیات و الجهات الجوهریة التی تستفاد من القصة هی أولا أن صاحب القصة کان یسمی قبل نزول قصته فی القرآن بل حتی فی زمان حیاته بذی القرنین کما یظهر فی سیاق القصة من قوله:« یَسْئَلُونَکَ عَنْ ذِی الْقَرْنَیْنِ »« قُلْنٰا یٰا ذَا الْقَرْنَیْنِ »و« قٰالُوا یٰا ذَا الْقَرْنَیْنِ ».

و ثانیا:أنه کان مؤمنا بالله و الیوم الآخر و متدینا بدین الحق کما یظهر من قوله:

« هٰذٰا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّی فَإِذٰا جٰاءَ وَعْدُ رَبِّی جَعَلَهُ دَکّٰاءَ وَ کٰانَ وَعْدُ رَبِّی حَقًّا »و قوله:« أَمّٰا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ یُرَدُّ إِلیٰ رَبِّهِ فَیُعَذِّبُهُ عَذٰاباً نُکْراً وَ أَمّٰا مَنْ آمَنَ وَ عَمِلَ صٰالِحاً »إلخ و یزید فی کرامته الدینیة أن قوله تعالی:« قُلْنٰا یٰا ذَا الْقَرْنَیْنِ إِمّٰا أَنْ تُعَذِّبَ وَ إِمّٰا أَنْ تَتَّخِذَ فِیهِمْ حُسْناً »یدل علی تأییده بوحی أو إلهام أو نبی من أنبیاء الله کان عنده یسدده بتبلیغ الوحی.

و ثالثا:أنه کان ممن جمع الله له خیر الدنیا و الآخرة،أما خیر الدنیا فالملک العظیم الذی بلغ به مغرب الشمس و مطلعها فلم یقم له شیء و قد ذلت له الأسباب،و أما خیر الآخرة فبسط العدل و إقامة الحق و الصفح و العفو و الرفق و کرامة النفس و بث الخیر و دفع الشر،و هذا کله مما یدل

[شماره صفحه واقعی : 378]

ص: 1017

علیه قوله تعالی:« إِنّٰا مَکَّنّٰا لَهُ فِی الْأَرْضِ وَ آتَیْنٰاهُ مِنْ کُلِّ شَیْءٍ سَبَباً »مضافا إلی ما یستفاد من سیاق القصة من سیطرته الجسمانیة و الروحانیة.

و رابعا:أنه صادف قوما ظالمین بالمغرب فعذبهم.

و خامسا:أن الردم الذی بناه هو فی غیر مغرب الشمس و مطلعها فإنه بعد ما بلغ مطلع الشمس أتبع سببا حتی إذا بلغ بین السدین.و من مشخصات ردمه مضافا إلی کونه واقعا فی غیر المغرب و المشرق أنه واقع بین جبلین کالحائطین،و أنه ساوی بین صدفیهما و أنه استعمل فی بنائه زبر الحدید و القطر،و لا محالة هو فی مضیق هو الرابط بین ناحیتین من نواحی الأرض المسکونة.

2 ذکری ذی القرنین و السد و یأجوج و مأجوج:

فی أخبار الماضین،لم یذکر القدماء من المؤرخین فی أخبارهم ملکا یسمی فی عهده بذی القرنین أو ما یؤدی معناه من غیر اللفظ العربی و لا یأجوج و مأجوج بهذین اللفظین و لا سدا ینسب إلیه باسمه نعم ینسب إلی بعض ملوک حمیر من الیمنیین أشعار فی المباهاة یذکر فیها ذا القرنین و أنه من أسلافه التبابعة و فیها ذکر سیره إلی المغرب و المشرق و سد یأجوج و مأجوج و سیوافیک نبذة منها فی بعض الفصول الآتیة.

و ورد ذکر«مأجوج»و«جوج و مأجوج»فی مواضع من کتب العهد العتیق ففی الإصلاح (1)العاشر من سفر التکوین من التوراة،":«و هذه موالید بنی نوح:سام و حام و یافث و ولد لهم بنون بعد الطوفان.بنو یافث جومر و مأجوج و مادای و بأوان و نوبال و ماشک و نبراس.

و فی کتاب حزقیال، (2)الإصحاح الثامن و الثلاثون":و کان إلی کلام الرب قائلا:

یا بن آدم اجعل وجهک علی جوج أرض مأجوج رئیس روش ماشک و نوبال،و تنبأ علیه و قل:هکذا قال السید الرب:ها أنا ذا علیک یأجوج رئیس روش و ماشک و نوبال و أرجعک و أضع شکائم فی فکیک و أخرجک أنت و کل جیشک خیلا و فرسانا

[شماره صفحه واقعی : 379]

ص: 1018


1- کتب العهدین مطبوعة بیروت سنة 1870 و منها نقل سائر ما نقل فی هذه الفصول.
2- و کان بین الیهود أیام إسارتهم بابل.

کلهم لابسین أفخر لباس جماعة عظیمة مع أتراس و مجان کلهم ممسکین السیوف.

فارس و کوش و فوط معهم کلهم بمجن و خوذة،و جومر و کل جیوشه و بیت نوجرمه من أقاصی الشمال مع کل جیشه شعوبا کثیرین معک».

قال:لذلک تنبأ یا بن آدم و قل لجوج:هکذا قال السید الرب فی ذلک الیوم عند سکنی شعب إسرائیل آمنین أ فلا تعلم و تأتی من موضعک من أقاصی الشمال»إلخ.

و قال فی الإصحاح التاسع و الثلاثین ماضیا فی الحدیث السابق": و أنت یا بن آدم تنبأ علی جوج و قل هکذا قال السید الرب ها أنا ذا علیک یأجوج رئیس روش ماشک و نوبال و أردک و أقودک و أصعدک من أقاصی الشمال.و آتی بک علی جبال إسرائیل و أضرب قوسک من یدک الیسری و أسقط سهامک من یدک الیمنی فتسقط علی جبال إسرائیل أنت و کل جیشک و الشعوب الذین معک أ بذلک مأکلا للطیور الکاسرة من کل نوع و لوحوش الحفل،علی وجه الحفل تسقط لأنی تکلمت بقول السید الرب،و أرسل نارا علی مأجوج و علی الساکنین فی الجزائر آمنین فیعلمون أنی أنا الرب» إلخ.

و فی رؤیا یوحنا فی الإصحاح العشرین": «و رأیت ملاکا نازلا من السماء معه مفتاح الهاویة و سلسلة عظیمة علی یده فقبض علی التنین الحیة القدیمة الذی هو إبلیس و الشیطان، و قیده ألف سنة،و طرحه فی الهاویة و أغلق علیه و ختم علیه لکیلا یضل الأمم فیما بعد حتی تتم الألف سنة،و بعد ذلک لا بد أن یحل زمانا یسیرا.

قال:«ثم متی تمت الألف سنة لن یحل الشیطان من سجنه و یخرج لیضل الأمم الذین فی أربع زوایا الأرض جوج و مأجوج لیجمعهم للحرب الذین عددهم مثل رمل البحر فصعدوا علی عرض الأرض،و أحاطوا بمعسکر القدیسین و بالمدینة المحبوبة فنزلت نار من عند الله من السماء و أکلتهم،و إبلیس الذی کان یضلهم طرح فی بحیرة النار و الکبریت حیث الوحش و النبی الکذاب و سیعذبون نهارا و لیلا إلی أبد الآبدین».

و یستفاد منها أن«مأجوج»أو«جوج و مأجوج»أمة أو أمم عظیمة کانت قاطنة فی أقاصی شمال آسیا من معمورة الأرض یومئذ و أنهم کانوا أمما حربیة معروفة بالمغازی و الغارات.

[شماره صفحه واقعی : 380]

ص: 1019

و یقرب حینئذ أن یحدس أن ذا القرنین هذا هو أحد الملوک العظام الذین سدوا الطریق علی هذه الأمم المفسدة فی الأرض،و أن السد المنسوب إلیه یجب أن یکون فاصلا بین منطقة شمالیة من قارة آسیا و جنوبها کحائط الصین أو سد باب الأبواب أو سد«داریال»أو غیر هذه.

و قد تسلمت تواریخ الأمم الیوم من أن ناحیة الشمال الشرقی من آسیا و هی الأحداب و المرتفعات فی شمال الصین کانت موطنا لأمة کبیرة بدویة همجیة لم تزل تزداد عددا و تکثر سوادا فتکر علی الأمم المجاورة لها کالصین و ربما نسلت من أحدابها و هبطت إلی بلاد آسیا الوسطی و الدنیا و بلغت إلی شمال أوربة فمنهم من قطن فی أراض أغار علیها کأغلب سکنة أوربة الشمالیة فتمدین بها و اشتغل بالزراعة و الصناعة،و منهم من رجع ثم عاد و عاد (1).

و هذا أیضا مما یؤید ما استقربناه آنفا أن السد الذی نبحث عنه هو أحد الأسداد الموجودة فی شمال آسیا الفاصلة بین الشمال و جنوبه.

3 من هو ذو القرنین؟و أین سدة؟

للمؤرخین و أرباب التفسیر فی ذلک أقوال بحسب اختلاف أنظارهم فی تطبیق القصة:.

أ ینسب إلی بعضهم أن السد المذکور فی القرآن هو حائط الصین،و هو حائط طویل یحول بین الصین و بین منغولیا بناه«شین هوانک تی»أحد ملوک الصین لصد هجمات المغول عن الصین،طوله ثلاثة آلاف کیلو متر فی عرض تسعة أمتار و ارتفاع خمسة عشر مترا و قد بنی بالأحجار شرع فی بنائه سنة 264 ق م و قد تم بناؤه فی عشر أو عشرین و علی هذا فذو القرنین هو الملک المذکور.

و یدفعه أن الأوصاف و المشخصات المذکورة فی القرآن لذی القرنین و سدة لا تنطبق علی هذا الملک و حائط الصین الکبیر فلم یذکر من هذا الملک أنه سار من أرضه إلی المغرب

[شماره صفحه واقعی : 381]

ص: 1020


1- و ذکر بعضهم أن یأجوج و مأجوج هم الأمم الذین کانوا یشغلون الجزء الشمالی من آسیا تمتد بلادهم من التبت و الصین إلی المحیط المنجمد الشمالی و تنتهی غربا بما یلی بلاد ترکستان و نقل ذلک عن فاکهة الخلفاء و تهذیب الأخلاق لابن مسکویه و رسائل إخوان الصفا.

الأقصی،و السد الذی یذکره القرآن یصفه بأنه ردم بین جبلین و قد استعمل فیه زبر الحدید و القطر و هو النحاس المذاب و الحائط الکبیر یمتد ثلاثة آلاف کیلو متر یمر فی طریقه علی السهول و الجبال،و لیس بین جبلین و هو مبنی بالحجارة لم یستعمل فیه حدید و لا قطر.

ب نسب إلی بعضهم أن الذی بنی السد هو أحد ملوک آشور (1)و قد کان یهجم فی حوالی القرن السابع قبل المیلاد أقوام (2)سیت من مضیق جبال قفقاز إلی أرمینستان ثم غربی إیران و ربما بلغوا بلاد آشور و عاصمتها نینوا فأحاطوا بهم قتلا و سبیا و نهبا فبنی ملک آشور السد لصدهم،و کأن المراد به سد باب الأبواب المنسوب تعمیره أو ترمیمه إلی کسری أنوشیروان من ملوک الفرس هذا.و لکن الشأن فی انطباق خصوصیات القصة علیه.

ج قال فی روح المعانی:،و قیل:هو یعنی ذا القرنین فریدون بن أثفیان بن جمشید خامس ملوک الفرس الفیشدادیة،و کان ملکا عادلا مطیعا لله تعالی،و فی کتاب صور الأقالیم،لأبی زید البلخی:أنه کان مؤیدا بالوحی و فی عامة التواریخ أنه ملک الأرض و قسمها بین بنیه الثلاثة:إیرج و سلم و تور فأعطی إیرج العراق و الهند و الحجاز و جعله صاحب التاج،و أعطی سلم الروم و دیار مصر و المغرب،و أعطی تور الصین و الترک و المشرق،و وضع لکل قانونا یحکم به،و سمیت القوانین الثلاثة«سیاسة»و هی معربة«سی أیسا»أی ثلاثة قوانین.

و وجه تسمیته ذا القرنین أنه ملک طرفی الدنیا أو طول أیام سلطنته فإنها کانت علی ما فی روضة الصفا،خمسمائة سنة،أو عظم شجاعته و قهره الملوک انتهی.

و فیه أن التاریخ لا یعترف بذلک.

د و قیل:إن ذا القرنین هو الإسکندر المقدونی و هو المشهور فی الألسن و سد

[شماره صفحه واقعی : 382]

ص: 1021


1- منقول عن،کتاب«کیهان شناخت»للحسن بن قطان المروزی بن قطان المروزی الطبیب المنجم المتوفی سنة 548 ه و ذکر فیه أن اسمه«بلینس»و سماه أیضا إسکندر.
2- کانت هذه الأقوام یسمون علی ما ذکروا عند الغربیین«سیت»و لهم ذکر فی بعض النقوش الباقیة من زمن«داریوش»و یسمون عند الیونانیین«میکاک».

الإسکندر کالمثل السائر بینهم و قد ورد ذلک فی بعض الروایات کما فی روایة قرب الإسناد، عن موسی بن جعفر علیهما السلام و روایة عقبة بن عامر عن النبی صلی الله علیه و آله و روایة وهب بن منبه المرویتین فی الدر المنثور،.

و به قال بعض قدماء المفسرین من الصحابة و التابعین کمعاذ بن جبل علی ما فی مجمع البیان،و قتادة علی ما رواه فی الدر المنثور،و وصفه الشیخ أبو علی بن سینا عند ما ذکره فی کتاب الشفاء،بذی القرنین،و أصر علی ذلک الإمام الرازی فی تفسیره الکبیر،.

قال فیه ما ملخصه:إن القرآن دل علی أن ملک الرجل بلغ إلی أقصی المغرب و أقصی المشرق و جهة الشمال،و ذلک تمام المعمورة من الأرض و مثل هذا الملک یجب أن یبقی اسمه مخلدا،و الملک الذی اشتهر فی کتب التواریخ أن ملکه بلغ هذا المبلغ لیس إلا الإسکندر.

و ذلک أنه بعد موت أبیه جمع ملوک الروم و المغرب و قهرهم و انتهی إلی البحر الأخضر ثم إلی مصر،و بنی الإسکندریة ثم دخل الشام و قصد بنی إسرائیل و ورد بیت المقدس،و ذبح فی مذبحه.ثم انعطف إلی أرمینیة و باب الأبواب،و دان له العراقیون و القبط و البربر،و استولی علی إیران،و قصد الهند و الصین و غزا الأمم البعیدة و رجع إلی خراسان و بنی المدن الکثیرة ثم رجع إلی العراق و مات فی شهرزور أو رومیة المدائن و حمل إلی إسکندریة و دفن بها،و عاش ثلاثا و ثلاثین سنة،و مدة ملکه اثنتا عشرة سنة.

فلما ثبت بالقرآن أن ذا القرنین ملک أکثر المعمورة،و ثبت بالتواریخ أن الذی هذا شأنه هو الإسکندر وجب القطع بأن المراد بذی القرنین هو الإسکندر.انتهی.

و فیه أولا:أن الذی ذکره من انحصار ملک معظم المعمورة فی الإسکندر المقدونی غیر مسلم فی التاریخ ففی الملوک من یماثله أو یزید علیه ملکا.

و ثانیا:أن الذی یذکره القرآن من أوصاف ذی القرنین لا یتسلمه التاریخ للإسکندر أو ینفیه عنه فقد ذکر القرآن أن ذا القرنین کان مؤمنا بالله و الیوم الآخر و هو دین التوحید و کان الإسکندر وثنیا من الصابئین کما یحکی أنه ذبح ذبیحته للمشتری،و ذکر

[شماره صفحه واقعی : 383]

ص: 1022

القرآن أن ذا القرنین کان من صالحی عباد الله ذا عدل و رفق و التاریخ یقص للإسکندر خلاف ذلک.

و ثالثا:أنه لم یرد فی شیء من تواریخهم أن الإسکندر المقدونی بنی سد یأجوج و مأجوج علی ما یذکره القرآن.

و قال فی البدایة،و النهایة،فی خبر ذی القرنین:و قال إسحاق بن بشر عن سعید بن بشیر عن قتادة قال:إسکندر هو ذو القرنین و أبوه أول القیاصرة،و کان من ولد سام بن نوح.فأما ذو القرنین الثانی فهو إسکندر بن فیلبس(و ساق نسبه إلی عیص بن إسحاق بن إبراهیم)المقدونی الیونانی المصری بانی إسکندریة الذی یؤرخ بأیامه الروم، و کان متأخرا عن الأول بدهر طویل.

و کان هذا قبل المسیح بنحو من ثلاثمائة سنة،و کان أرسطاطالیس الفیلسوف وزیره،و هو الذی قتل دارا بن دارا،و أذل ملوک الفرس و أوطأ أرضهم.

قال:و إنما نبهنا علیه لأن کثیرا من الناس یعتقد أنهما واحد و أن المذکور فی القرآن هو الذی کان أرسطاطالیس وزیره فیقع بسبب ذلک خطأ کبیر،و فساد عریض طویل کثیر فإن الأول کان عبدا مؤمنا صالحا،و ملکا عادلا،و کان وزیره الخضر و قد کان نبیا علی ما قررناه قبل هذا،و أما الثانی فکان مشرکا،و قد کان وزیره فیلسوفا،و قد کان بین زمانیهما،أزید من ألفی سنة فأین هذا من هذا لا یستویان و لا یشتبهان إلا علی غبی لا یعرف حقائق الأمور انتهی.

و فیه تعریض بالإمام الرازی فی مقاله السابق لکنک لو أمعنت فیما نقلنا من کلامه ثم راجعت کتابه فیما ذکره من قصة ذی القرنین وجدته لا یرتکب من الخطإ أقل مما ارتکبه الإمام الرازی فلا أثر فی التاریخ عن ملک کان قبل المسیح بأکثر من ألفین و ثلاثمائة سنة ملک الأرض من أقصی المغرب إلی أقصی المشرق و جهة الشمال و بنی السد و کان مؤمنا صالحا بل نبیا و وزیره الخضر و دخل الظلمات فی طلب ماء الحیاة سواء کان اسمه الإسکندر أو غیر ذلک.

[شماره صفحه واقعی : 384]

ص: 1023

ه ذکر جمع من المؤرخین أن ذا القرنین أحد التبابعة (1)الأذواء الیمنیین من ملوک حمیر بالیمن کالأصمعی فی تاریخ العرب قبل الإسلام،و ابن هشام فی السیرة،و التیجان و أبی ریحان البیرونی فی الآثار الباقیة،و نشوان بن سعید الحمیری فی شمس العلوم، علی ما نقل عنهم و غیرهم.

و قد اختلفوا فی اسمه فقیل اسمه مصعب بن عبد الله،و قیل:صعب بن ذی المرائد و هو أول التبابعة،و هو الذی حکم لإبراهیم فی بئر السبع،و قیل:تبع الأقرن و اسمه حسان،و ذکر الأصمعی أنه أسعد الکامل الرابع من التبابعة بن حسان الأقرن ملکی کرب تبع الثانی ابن الملک تبع الأول،و قیل:اسمه«شمر یرعش.

و قد ورد ذکر ذی القرنین و الافتخار به فی عدة من أشعار الحمیریین و بعض شعراء الجاهلیة ففی البدایة،و النهایة،:أنشد ابن هشام للأعشی:

و الصعب ذو القرنین أصبح ثاویا

بالجنو فی جدث أشم مقیما

و قد مر فی البحث الروائی السابق أن عثمان بن أبی الحاضر أنشد لابن عباس قول بعض الحمیریین:

قد کان ذو القرنین جدی مسلما

ملکا تدین له الملوک و تحشد

بلغ المشارق و المغارب یبتغی

أسباب أمر من حکیم مرشد

[شماره صفحه واقعی : 385]

ص: 1024


1- کانت مملکة الیمن ینقسم إلی أربعة و ثمانین مخلافا،و المخلاف بمنزلة القضاء و المدیریة فی العرف الحاضر،و کل مخلاف یشتمل علی عدة قلاع یسمی کل قلعة قصرا أو محفدا یسکنه جماعة من الأمة یحکم فیهم کبیر لهم،و کان صاحب القصر الذی یتولی أمره یسمی بذی کذی غمدان و ذی معین أی صاحب غمدان و صاحب معین و الجمع أذواء و ذوین،و الذی یتولی أمر المخلاف یسمی القیل و الجمع أقیال،و الذی یتولی أمر مجموع المخالیف یسمی الملک:و الملک الذی یضم حضرموت و الشحر إلی الیمین و یحکم فی الثلاث یسمی تبع أما إذا ملک الیمن فقط فملک و لیس بتبع. و قد عثر علی أسماء خمس و خمسین من الأذواء لکن الملوک منهم ثمانیة أذواء هم من ملوک حمیر و هم من ملوک الدولة الأخیرة من الدول الحاکمة فی الیمن قبل،و قد عد منهم أربعة عشر ملکا،و الذی یتحصل من تاریخ ملوک الیمن من طریق النقل و الروایة مبهم جدا لا اعتماد علی تفاصیله.

فرأی مغیب الشمس عند غروبها

فی عین ذی خلب و ثأط حرمد

قال المقریزی فی الخطط،:اعلم أن التحقیق عند علماء الأخبار أن ذا القرنین الذی ذکره الله فی کتابه العزیز فقال:« وَ یَسْئَلُونَکَ عَنْ ذِی الْقَرْنَیْنِ قُلْ سَأَتْلُوا عَلَیْکُمْ مِنْهُ ذِکْراً إِنّٰا مَکَّنّٰا لَهُ فِی الْأَرْضِ وَ آتَیْنٰاهُ مِنْ کُلِّ شَیْءٍ سَبَباً »الآیات عربی قد کثر ذکره فی أشعار العرب.

و أن اسمه الصعب بن ذی مرائد بن الحارث الرائش بن الهمال ذی سدد بن عاد ذی منح بن عار الملطاط بن سکسک بن وائل بن حمیر بن سبإ بن یشجب بن یعرب بن قحطان بن هود بن عابر بن شالح بن أرفخشد بن سام بن نوح علیهما السلام .

و أنه ملک من ملوک حمیر و هم العرب (1)العاربة،و یقال لهم أیضا العرب العرباء، و کان ذو القرنین تبعا متوجا،و لما ولی الملک تجبر ثم تواضع لله،و اجتمع بالخضر، و قد غلط من ظن أن الإسکندر بن فیلبس هو ذو القرنین الذی بنی السد فإن لفظة ذو عربیة،و ذو القرنین من ألقاب العرب ملوک الیمن،و ذاک رومی یونانی.

قال أبو جعفر الطبری:و کان الخضر فی أیام أفریدون الملک بن الضحاک فی قول عامة علماء أهل الکتاب الأول،و قیل:موسی بن عمران علیهما السلام ،و قیل:إنه کان علی مقدمة ذی القرنین الأکبر الذی کان علی أیام إبراهیم الخلیل علیه السلام و إن الخضر بلغ مع ذی القرنین أیام مسیره فی البلاد نهر الحیاة فشرب من مائه و هو لا یعلم به ذو القرنین و لا من معه فخلد و هو حی عندهم إلی الآن،و قال آخرون إن ذا القرنین الذی کان علی عهد إبراهیم الخلیل علیه السلام هو أفریدون بن الضحاک و علی مقدمته کان الخضر.

و قال أبو محمد عبد الملک بن هشام فی کتاب التیجان،فی معرفة ملوک الزمان بعد ما ذکر نسب ذی القرنین الذی ذکرناه:و کان تبعا متوجا لما ولی الملک تجبر ثم تواضع و اجتمع بالخضر ببیت المقدس،و سار معه مشارق الأرض و مغاربها و أوتی من کل شیء سببا کما أخبر الله تعالی،و بنی السد علی یأجوج و مأجوج و مات بالعراق.

و أما الإسکندر فإنه یونانی،و یعرف بالإسکندر المجدونی(و یقال المقدونی)

[شماره صفحه واقعی : 386]

ص: 1025


1- العرب العاربة هم العرب قبل إسماعیل و أما إسماعیل و بنوه فهم العرب المستعربة.

":سئل ابن عباس عن ذی القرنین:ممن کان؟فقال:من حمیر و هو الصعب بن ذی مرائد الذی مکنه الله فی الأرض و آتاه من کل شیء سببا فبلغ قرنی الشمس و رأس الأرض و بنی السد علی یأجوج و مأجوج.قیل له:فالإسکندر؟قال:کان رجلا صالحا رومیا حکیما بنی علی البحر فی إفریقیة منارا،و أخذ أرض رومة،و أتی بحر العرب،و أکثر عمل الآثار فی العرب من المصانع و المدن.

":و سئل کعب الأحبار عن ذی القرنین فقال:الصحیح عندنا من أحبارنا و أسلافنا أنه من حمیر و أنه الصعب بن ذی مرائد،و الإسکندر کان رجلا من یونان من ولد عیصو بن إسحاق بن إبراهیم الخلیل علیه السلام ،و رجال الإسکندر (1)أدرکوا المسیح بن مریم منهم جالینوس و أرسطاطالیس.

و قال الهمدانی فی کتاب الأنساب،:و ولد کهلان بن سبإ زیدا،فولد زید عریبا و مالکا و غالبا و عمیکرب،و قال الهیثم:عمیکرب بن سبإ أخو حمیر و کهلان فولد عمیکرب أبا مالک فدرحا و مهیلیل ابنی عمیکرب،و ولد غالب جنادة بن غالب و قد ملک بعد مهیلیل بن عمیکرب بن سبإ،و ولد عریب عمرا،فولد عمرو زیدا و الهمیسع و یکنی أبا الصعب و هو ذو القرنین الأول،و هو المساح و البناء،و فیه یقول النعمان بن بشیر.

فمن ذا یعادونا من الناس معشرا

کراما فذو القرنین منا و حاتم

و فیه یقول الحارثی:

سموا لنا واحدا منکم فنعرفه

فی الجاهلیة لاسم الملک محتملا

کالتبعین و ذی القرنین یقبله

أهل الحجی فأحق القول ما قبلا

و فیه یقول ابن أبی ذئب الخزائی:

و منا الذی بالخافقین تغربا

و أصعد فی کل البلاد و صوبا

فقد نال قرن الشمس شرقا و مغربا

و فی ردم یأجوج بنی ثم نصبا

[شماره صفحه واقعی : 387]

ص: 1026


1- و هذا لا یوافق ما قطع به التاریخ أنه ملک 356 324 ق م.

و ذلک ذو القرنین تفخر حمیر

بعسکر فیل لیس یحصی فیحسبا

قال الهمدانی:و علماء همدان تقول:ذو القرنین الصعب بن مالک بن الحارث الأعلی بن ربیعة بن الحیار بن مالک،و فی ذی القرنین أقاویل کثیرة.انتهی کلام المقریزی.

و هو کلام جامع،و یستفاد منه أولا أن لقب ذی القرنین تسمی به أکثر من واحد من ملوک حمیر و أن هناک ذا القرنین الأول(الکبیر)و غیره.

و ثانیا:أن ذا القرنین الأول و هو الذی بنی سد یأجوج و مأجوج قبل الإسکندر المقدونی بقرون کثیرة سواء کان معاصرا للخلیل علیه السلام أو بعده کما هو مقتضی ما نقله ابن هشام من ملاقاته الخضر ببیت المقدس المبنی بعد إبراهیم بعدة قرون فی زمن داود و سلیمان علیهما السلام فهو علی أی حال قبله مع ما فی تاریخ ملوک حمیر من الإبهام.

و یبقی الکلام علی ما ذکره و اختاره من جهتین:

أحدهما:أنه أین موضع هذا السد الذی بناه تبع الحمیری؟.

و ثانیهما:أنه من هم هذه الأمة المفسدة فی الأرض التی بنی السد لصدهم فهل هذا السد أحد الأسداد المبنیة فی الیمن أو ما والاها کسد مأرب و غیره فهی أسداد مبنیة لادخار المیاه للشرب و السقی لا للصد علی أنها لم یعمل فیها زبر الحدید و القطر کما ذکره الله فی کتابه،أو غیرها؟ و هل کان هناک أمة مفسدة مهاجمة،و لیس فیما یجاورهم إلا أمثال القبط و الآشور و کلدان و غیرهم و هم أهل حضارة و مدنیة؟.

و ذکر بعض أجلة المحققین (1)من معاصرینا فی تأیید هذا القول ما محصله:أن ذا القرنین المذکور فی القرآن قبل الإسکندر المقدونی بمئات من السنین فلیس هو هو بل هو أحد الملوک الصالحین من التبابعة الأذواء من ملوک الیمن،و کان من شیمة طائفة منهم التسمی بذی کذی همدان و ذی غمدان و ذی المنار و ذی الإذعار و ذی یزن و غیرهم.

و کان مسلما موحدا و عادلا حسن السیرة و قویا ذا هیبة و شوکة سار فی جیش کثیف نحو المغرب فاستولی علی مصر و ما وراءها ثم لم یزل یسیر علی سواحل البحر

[شماره صفحه واقعی : 388]

ص: 1027


1- و هو العلامة السید هبة الدین الشهرستانی.

الأبیض حتی بلغ ساحل المحیط الغربی فوجد الشمس تغیب فی عین حمئة أو حامیة.

ثم رجع سائرا نحو المشرق و بنی فی مسیره«إفریقیة (1)»و کان شدید الولع و ذا خبرة فی البناء و العمارة،و لم یزل یسیر حتی مر بشبه جزیرة و براری آسیا الوسطی و بلغ ترکستان و حائط الصین و وجد هناک قوما لم یجعل الله لهم من دون الشمس سترا.

ثم مال إلی الجانب الشمالی حتی بلغ مدار السرطان،و لعله الذی شاع فی الألسن أنه دخل الظلمات،فسأله أهل تلک البلاد أن یبنی لهم سدا یصد عنهم یأجوج و مأجوج لما أن الیمنیین و ذو القرنین منهم کانوا معروفین بعمل السد و الخبرة فیه فبنی لهم السد.

فإن کان هذا السد هو الحائط الکبیر الحائل بین الصین و منغولیا فقد کان ذلک ترمیما منه لمواضع تهدمت من الحائط بمرور الأیام و إلا فأصل الحائط إنما بناه بعض ملوک الصین قبل ذلک،و إن کان سدا آخر غیر الحائط فلا إشکال.و مما بناه ذو القرنین و اسمه الأصلی«شمر یرعش»فی تلک النواحی مدینة سمرقند (2)علی ما قیل.

و أید ذلک بأن کون ذی القرنین ملکا عربیا صالحا یسأل عنه الأعراب رسول الله ص،و یذکره القرآن الکریم للتذکر و الاعتبار أقرب للقبول من أن یذکر قصة بعض ملوک الروم أو العجم أو الصین،و هم من الأمم البعیدة التی لم یکن للأعراب هوی فی أن یسمعوا أخبارهم أو یعتبروا بآثارهم،و لذا لم یتعرض القرآن لشیء من أخبارهم.انتهی ملخصا.

و الذی یبقی علیه أن کون حائط الصین هو سد ذی القرنین لا سبیل إلیه فإن ذا القرنین قبل الإسکندر بعدة قرون علی ما ذکره و قد بنی حائط الصین بعد الإسکندر بما یقرب من نصف قرن و أما غیر الحائط الکبیر ففی ناحیة الشمال الغربی من الصین بعض أسداد أخر لکنها مبنیة من الحجارة علی ما یذکر لا أثر فیها من زبر الحدید و القطر.

[شماره صفحه واقعی : 389]

ص: 1028


1- بناها التبع أقریقس الملک و یقال إنه ذو القرنین،و قیل إنه أبو ذی القرنین أو أخوه و به سمیت القارة إفریقیا.
2- یقال إنه مر بناحیة ترکستان فخرب«سند»و بنی«سمرقند»فقیل«شمرکند»أی شمر قلع و خرب سند فبقی شمر اسما له کند ثم عربت الکلمة فصارت سمرقند.

و قال فی تفسیر الجواهر بعد ذکر مقدمة ملخصها أن المعروف من دول الیمن بمعونة من النقوش المکشوفة فی خرائب الیمن ثلاث دول:.

دولة معین و عاصمتها قرناء و قد قدر العلماء أن آثار دولة معین تبتدئ من القرن الرابع عشر قبل المیلاد إلی القرن السابع أو الثامن قبله،و قد عثروا علی بعض ملوک هذه الدولة و هم ستة و عشرون ملکا مثل«أب یدع»و«أب یدع ینیع»أی المنقد.

و دولة سبإ و هم من القحطانیین کانوا أولا أذواء فأقیالا،و الذی نبغ منهم«سبأ» صاحب قصر صرواح شرقی صنعاء فاستولی علی الجمیع،و یبتدئ ملکهم من 850 ق م إلی 115 ق م و المعروف من ملوکهم سبعة و عشرون ملکا خمسة عشر منهم یسمی مکربا کالمکرب«یثعمر»و المکرب«ذمر علی»،و اثنا عشرة منهم یسمی ملکا فقط کالملک«ذرح»و الملک«یریم أیمن».

و دولة الحمیریین و هم طبقتان الأولی ملوک سبإ و ریدان من سنة 115 ق م إلی سنة 275 ق م و هؤلاء ملوک فقط،و الطبقة الثانیة ملوک سبإ و ریدان و حضرموت و غیرها، و هؤلاء أربعة عشر ملکا أکثرهم تبابعة أولهم«شمر یرعش»و ثانیهم«ذو القرنین» و ثالثهم«عمرو»زوج بلقیس (1)و ینتهی إلی ذی جدن و یبتدئ ملکهم من سنة 275 م إلی سنة 525.

ثم قال:فقد ظهرت صلة الاتصاف بلقب«ذی»بملوک الیمن و لا نجد فی غیرهم کملوک الروم مثلا من یلقب بذی،فذو القرنین من ملوک الیمن،و قد تقدم من ملوکهم من یسمی بذی القرنین،و لکن هل هذا هو ذو القرنین المذکور فی القرآن؟.

نحن نقول:کلا لأن هذا مذکور فی ملوک قریبی العهد منا جدا،و لم ینقل ذلک عنهم اللهم إلا فی روایات ذکرها القصاصون فی التاریخ مثل أن«شمر یرعش»وصل إلی بلاد العراق و فارس و خراسان و الصغد،و بنی مدینة سمرقند و أصله شمرکند،و أن

[شماره صفحه واقعی : 390]

ص: 1029


1- بلقیس هذه غیر ملکة سبإ التی یقال إن سلیمان بن داود علیه السلام تزوج بها بعد ما أحضرها من سبإ و هو سابق علی المیلاد بما یقرب من ألف سنة.

أسعد أبو کرب غزا أذربیجان،و بعث حسانا ابنه إلی الصغد،و ابنه یعفر إلی الروم،و ابن أخیه إلی الفرس،و أن من الحمیریین من بقوا فی الصین لهذا العهد بعد غزو ذلک الملک لها.

و کذب ابن خالدون و غیره هذه الأخبار،و وسموها بأنها مبالغ فیها،و نقضوها بأدلة جغرافیة و أخری تاریخیة.

إذن یکون ذو القرنین من أمة العرب و لکنه فی تاریخ قدیم قبل التاریخ المعروف.انتهی ملخصا.

و و قیل:إن ذا القرنین هو کورش أحد ملوک الفرس الهخامنشیین(539 560 ق م)و هو الذی أسس الإمبراطوریة الإیرانیة،و جمع بین مملکتی الفارس و ماد، و سخر بابل و أذن فی رجوع الیهود من بابل إلی أورشلیم و ساعد فی بناء الهیکل و سخر مصر ثم اجتاز إلی یونان فغلبهم و بلغ المغرب ثم سار إلی أقاصی المعمورة فی المشرق.

ذکره بعض من قارب (1)عصرنا ثم بذل الجهد فی إیضاحه و تقریبه بعض محققی (2)الهند فی هذه الأواخر بیان ذلک إجمالا أن الذی ذکره القرآن من وصف ذی القرنین منطبق علی هذا الملک العظیم فقد کان مؤمنا بالله بدین التوحید عادلا فی رعیته سائرا بالرأفة و الرفق و الإحسان سائسا لأهل الظلم و العدوان،و قد آتاه الله من کل شیء سببا فجمع بین الدین و العقل و فضائل الأخلاق و العدة و القوة و الثروة و الشوکة و مطاوعة الأسباب.

و قد سار کما ذکره الله فی کتابه مرة نحو المغرب حتی استولی علی لیدیا و حوالیها ثم سار ثانیا نحو المشرق حتی بلغ مطلع الشمس و وجد عنده قوما بدویین همجیین یسکنون فی البراری ثم بنی السد و هو علی ما یدل علیه الشواهد السد المعمول فی مضیق داریال بین جبال قفقاز بقرب«مدینة تفلیس»هذا إجمال الکلام و دونک التفصیل.

إیمانه بالله و الیوم الآخر:یدل علی ذلک ما فی کتب العهد العتیق ککتاب عزرا،

[شماره صفحه واقعی : 391]

ص: 1030


1- سر أحمد خان الهندی.
2- الباحث المحقق مولانا أبو الکلام آزاد.

(الإصحاح 1)و کتاب دانیال،(الإصحاح 6)و کتاب أشعیا،(الإصحاح 44 و 45) من تجلیله و تقدیسه حتی سماه فی کتاب الأشعیاء«راعی الرب»و قال فی الإصحاح الخامس و الأربعین:«هکذا یقول الرب لمسیحه لکورش الذی أمسکت بیمینه لأدوس أمامه أمما و أحقاء ملوک أحل لأفتح أمامه المصراعین و الأبواب لا تغلق.أنا أسیر قدامک و الهضاب أمهد أکسر مصراعی النحاس و مغالیق الحدید أقصف.و أعطیک ذخائر الظلمة و کنوز المخابی.لکی تعرف أنی أنا الرب الذی یدعوک باسمک.لقبتک و أنت لست تعرفنی».

و لو قطع النظر عن کونه وحیا فالیهود علی ما بهم من العصبیة المذهبیة لا یعدون رجلا مشرکا مجوسیا أو وثنیا لو کان کورش کذلک مسیحا إلهیا مهدیا مؤیدا و راعیا للرب.

علی أن النقوش و الکتابات المخطوطة بالخط المسماری المأثور عن داریوش الکبیر و بینهما من الفصل الزمانی ثمانی سنین ناطقة بکونه موحدا غیر مشرک،و لیس من المعقول أن یتغیر ما کان علیه کورش فی هذا الزمن القصیر.

و أما فضائله النفسانیة فیکفی فی ذلک الرجوع إلی المحفوظ من أخباره و سیرته و ما قابل به الطغاة و الجبابرة الذین خرجوا علیه أو حاربهم کملوک«ماد»و«لیدیا» و«بابل»و«مصر»و طغاة البدو فی أطراف«بکتریا»و هو البلخ و غیرهم،و کان کلما ظهر علی قوم عفا عن مجرمیهم،و أکرم کریمهم و رحم ضعیفهم و ساس مفسدهم و خائنهم.

و قد أثنی علیه کتب العهد القدیم،و الیهود یحترمه أعظم الاحترام لما نجاهم من إسارة بابل و أرجعهم إلی بلادهم و بذل لهم الأموال لتجدید بناء الهیکل و رد إلیهم نفائس الهیکل المنهوبة المخزونة فی خزائن ملوک بابل،و هذا فی نفسه مؤید آخر لکون ذی القرنین هو کورش فإن السؤال عن ذی القرنین إنما کان بتلقین من الیهود علی ما فی الروایات.

و قد ذکره مؤرخو یونان القدماء کهرودت و غیره فلم یسعهم إلا أن یصفوه

[شماره صفحه واقعی : 392]

ص: 1031

بالمروة و الفتوة و السماحة و الکرم و الصفح و قلة الحرص و الرحمة و الرأفة و یثنوا علیه بأحسن الثناء.

و أما تسمیته بذی القرنین

فالتواریخ و إن کانت خالیة عما یدل علی شیء فی ذلک لکن اکتشاف تمثاله الحجری أخیرا فی مشهد مرغاب فی جنوب إیران یزیل الریب فی اتصافه بذی القرنین فإنه مثل فیه ذا قرنین نابتین من أم رأسه من منبت واحد أحد القرنین مائل إلی قدام و الآخر آخذ جهة الخلف.و هذا قریب من قول من قال من القدماء فی وجه تسمیة ذی القرنین أنه کان له تاج أو خوذة فیه قرنان.

و قد ورد فی کتاب دانیال،ذکر رؤیا رأی کورش فیه فی صورة کبش ذی قرنین قال فیه (1):

«فی السنة الثالثة من ملک«بیلشاصر»الملک ظهرت لی أنا دانیال رؤیا بعد التی ظهرت لی فی الابتداء.فرأیت فی الرؤیا و کأن فی رؤیای و أنا فی«شوشن»القصر الذی فی ولایة عیلام.و رأیت فی الرؤیا و أنا عند نهر«أولای»فرفعت عینی و إذا بکبش واقف عند النهر و له قرنان و القرنان عالیان و الواحد أعلی من الآخر و الأعلی طالع أخیرا.رأیت الکبش ینطح غربا و شمالا و جنوبا فلم یقف حیوان قدامه و لا منفذ من یده و فعل کمرضاته و عظم.

و بینما کنت متأملا إذا بتیس من المعز جاء من المغرب علی وجه کل الأرض و لم یمس الأرض و للتیس قرن معتبر بین عینیه.و جاء إلی الکبش صاحب القرنین الذی رأیته واقفا عند النهر و رکض إلیه بشدة قوته و رأیته قد وصل جانب الکبش فاستشاط علیه و ضرب الکبش و کسر قرنیه فلم تکن للکبش قوة علی الوقوف أمامه و طرحه علی الأرض و داسه و لم یکن للکبش منفذ من یده.فتعظم تیس المعز جدا».

ثم ذکر بعد تمام الرؤیا أن جبرئیل تراءی له و عبر رؤیاه بما ینطبق فیه الکبش ذو القرنین علی کورش،و قرناه مملکتا الفارس و ماد،و التیس ذو القرن الواحد علی

[شماره صفحه واقعی : 393]

ص: 1032


1- کتاب دانیال الإصحاح الثامن 1 9.

الإسکندر المقدونی.

و أما سیره نحو المغرب و المشرق فسیره نحو المغرب کان لدفع طاغیة«لیدیا»و قد سار بجیوشه نحو کورش ظلما و طغیانا من غیر أی عذر یجوز له ذلک فسار إلیه و حاربه و هزمه ثم عقبه حتی حاصره فی عاصمة ملکه ثم فتحها و أسره ثم عفا عنه و عن سائر أعضاده و أکرمه و إیاهم و أحسن إلیهم و کان له أن یسوسهم و یبیدهم و انطباق القصة علی قوله تعالی:« حَتّٰی إِذٰا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهٰا تَغْرُبُ فِی عَیْنٍ حَمِئَةٍ و لعلها الساحل الغربی من آسیا الصغری وَ وَجَدَ عِنْدَهٰا قَوْماً قُلْنٰا یٰا ذَا الْقَرْنَیْنِ إِمّٰا أَنْ تُعَذِّبَ وَ إِمّٰا أَنْ تَتَّخِذَ فِیهِمْ حُسْناً »و ذلک لاستحقاقهم العذاب بطغیانهم و ظلمهم و فسادهم.

ثم إنه سار نحو الصحراء الکبیر بالمشرق حوالی بکتریا لإخماد غائلة قبائل بدویة همجیة انتهضوا هناک للمهاجمة و الفساد و انطباق قوله تعالی:« حَتّٰی إِذٰا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَهٰا تَطْلُعُ عَلیٰ قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِهٰا سِتْراً »علیه ظاهر.

و أما بناؤه السد:

فالسد الموجود فی مضیق جبال قفقاز الممتدة من بحر الخزر إلی البحر الأسود،و یسمی المضیق«داریال» (1)و هو واقع بلدة«تفلیس»و بین «ولادی کیوکز».

و هذا السد واقع فی مضیق بین جبلین شاهقین یمتدان من جانبیه و هو وحدة الفتحة الرابطة بین جانبی الجبال الجنوبی و الشمالی و الجبال مع ما ینضم إلیها من بحر الخزر و البحر الأسود حاجز طبیعی فی طول ألوف من الکیلومترات یحجز جنوب آسیا من شمالها.

و کان یهجم فی تلک الأعصار أقوام شریرة من قاطنی الشمال الشرقی من آسیا من مضیق جبال قفقاز إلی ما یوالیها من الجنوب فیغیرون علی ما دونها من أرمینستان ثم إیران حتی الآشور و کلدة،و هجموا فی حوالی المائة السابعة قبل المیلاد فعمموا البلاد قتلا و سبیا و نهبا حتی بلغوا نینوی عاصمة الآشور و کان ذلک فی القرن السابق علی عهد

[شماره صفحه واقعی : 394]

ص: 1033


1- و لعله محرف«داریول»بمعنی المضیق بالترکیة،و یسمی السد باللغة المحلیة«دمیر قابو» و معناه باب الحدید.

کورش تقریبا.

و قد ذکر المؤرخون من القدماء کهرودوت الیونانی سیر کورش إلی شمال إیران لإخماد نوائر فتن اشتعلت هناک،و الظاهر أنه بنی السد فی مضیق داریال فی مسیره هذا لاستدعاء من أهل الشمال و تظلم منهم،و قد بناه بالحجارة و الحدید و هو الردم الوحید الذی استعمل فیه الحدید،و هو بین سدین جبلین،و انطباق قوله تعالی:

« فَأَعِینُونِی بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَیْنَکُمْ وَ بَیْنَهُمْ رَدْماً آتُونِی زُبَرَ الْحَدِیدِ »الآیات علیه ظاهر.

و مما أید به هذا المدعی وجود نهر بالقرب منه یسمی«سایروس»و هو اسم کورش عند الغربیین ،و نهر آخر یمر بتفلیس یسمی«کر»و قد ذکر هذا السد«یوسف» الیهودی المؤرخ عند ذکر رحلته إلی شمال قفقاز و لیس هو الحائط الموجود فی باب الأبواب علی ساحل بحر الخزر فإن التاریخ ینسب بناءه إلی کسری أنوشیروان و کان یوسف قبله (1).

علی أن سد باب الأبواب غیر سد ذی القرنین المذکور فی القرآن قطعا إذ لم یستعمل فیه حدید قط.

و أما یأجوج و مأجوج

فالبحث عن التطورات الحاکمة علی اللغات یهدینا إلی أنهم المغول فإن الکلمة بالتکلم الصینی«منکوک»أو«منجوک»و لفظتا یأجوج و مأجوج کأنهما نقل عبرانی و هما فی التراجم الیونانیة و غیرها للعهد العتیق«کوک»و«مأکوک» و الشبه الکامل بین«مأکوک»و«منکوک»یقضی بأن الکلمة متطورة من التلفظ الصینی«منکوک»کما اشتق منه«منغول»و«مغول»و لذلک فی باب تطورات الألفاظ نظائر لا تحصی.

فیأجوج و مأجوج هما المغول و کانت هذه الأمة القاطنة بالشمال الشرقی من آسیا من أقدم الأعصار أمة کبیرة مهاجمة تهجم برهة إلی الصین و برهة من طریق داریال قفقاز إلی أرمینستان و شمال إیران و غیرها و برهة و هی بعد بناء السد إلی شمال أوربة و تسمی

[شماره صفحه واقعی : 395]

ص: 1034


1- فهو علی ما یقال کان یعیش فی القرن الأول المیلادی.

عندهم بسیت و منهم الأمة الهاجمة علی الروم و قد سقطت فی هذه الکرة دولة رومان، و قد تقدم أیضا أن المستفاد من کتب العهد العتیق أن هذه الأمة المفسدة من سکنة أقاصی الشمال.

هذه جملة ما لخصناه من کلامه،و هو و إن لم یخل عن اعتراض ما فی بعض أطرافه لکنه أوضح انطباقا علی الآیات و أقرب إلی القبول من غیره.

ز و مما قیل فی ذی القرنین ما سمعته عن بعض مشایخی أنه من أهل بعض الأدوار السابقة علی هذه الدورة الإنسانیة و هو غریب و لعله لتصحیح ما ورد فی الأخبار من عجائب حالات ذی القرنین و غرائب ما وقع منه من الوقائع کموته و حیاته مرة بعد مرة و رفعه إلی السماء و نزوله إلی الأرض و قد سخر له السحاب یسیر به إلی المغرب و المشرق،و تسخیر النور و الظلمة و الرعد و البرق له،و من المعلوم أن تاریخ هذه الدورة لا یحفظ شیئا من ذلک فلا بد أن یکون ذلک فی بعض الأدوار السابقة هذا، و قد بالغ فی حسن الظن بتلک الأخبار.

[4 معنی صیرورة السد دکاء کما أخبر به القرآن]

4 أمعن أهل التفسیر و المؤرخون فی البحث حول القصة،و أشبعوا الکلام فی أطرافها،و أکثرهم علی أن یأجوج و مأجوج أمة کبیرة فی شمال آسیا،و قد طبق جمع منهم ما أخبر به القرآن من خروجهم فی آخر الزمان و إفسادهم فی الأرض علی هجوم التتر فی النصف الأول من القرن السابع الهجری علی غربی آسیا،و إفراطهم فی إهلاک الحرث و النسل بهدم البلاد و إبادة النفوس و نهب الأموال و فجائع لم یسبقهم إلیها سابق.

و قد أخضعوا أولا الصین ثم زحفوا إلی ترکستان و إیران و العراق و الشام و قفقاز إلی آسیا الصغری،و أفنوا کل ما قاومهم من المدن و البلاد و الحصون کسمرقند و بخارا و خوارزم و مرو و نیسابور و الری و غیرها؛فکانت المدینة من المدن تصبح و فیها مات الألوف من النفوس،و تمسی و لم یبق من عامة أهلها نافخ نار،و لا من هامة أبنیتها حجر علی حجر.

ثم رجعوا إلی بلادهم ثم عادوا و حملوا علی الروس و دمروا أهل بولونیا و بلاد المجر

[شماره صفحه واقعی : 396]

ص: 1035

و حملوا علی الروم و ألجئوهم علی الجزیة کل ذلک فی فجائع یطول شرحها.

لکنهم أهملوا البحث عن أمر السد من جهة خروجهم منه و حل مشکلته فإن قوله تعالی:« فَمَا اسْطٰاعُوا أَنْ یَظْهَرُوهُ وَ مَا اسْتَطٰاعُوا لَهُ نَقْباً قٰالَ هٰذٰا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّی فَإِذٰا جٰاءَ وَعْدُ رَبِّی جَعَلَهُ دَکّٰاءَ وَ کٰانَ وَعْدُ رَبِّی حَقًّا وَ تَرَکْنٰا بَعْضَهُمْ یَوْمَئِذٍ یَمُوجُ فِی بَعْضٍ »الآیات ظاهره علی ما فسروه أن هذه الأمة المفسدة محبوسون فیما وراءه لا مخرج لهم إلی سائر الأرض ما دام معمورا قائما علی ساقه حتی إذا جاء وعد الله سبحانه جعله دکاء مثلما أو منهدما فخرجوا منه إلی الناس و ساروا بالفساد و الشر.

فکان علیهم علی هذا أن یقرروا للسد وصفه هذا فإن کانت هذه الأمة المذکورة هی التتر و قد ساروا من شمال الصین إلی إیران و العراق و الشام و قفقاز إلی آسیا الصغری فأین کان هذا السد الموصوف فی القرآن الذی وطئوه ثم طلعوا منه إلی هذه البلاد و جعلوا عالیها سافلها؟.

و إن لم تکن هی التتر أو غیرها من الأمم المهاجمة فی طول التاریخ فأین هذا السد المشید بالحدید و من صفته أنه یحبس أمة کبیرة منذ ألوف من السنین من أن تهجم علی سائر أقطار الأرض و لا مخرج لهم إلی سائر الدنیا دون السد المضروب دونهم و قد ارتبطت الیوم بقاع الأرض بعضها ببعض بالخطوط البریة و البحریة و الهوائیة و لیس یحجز حاجز طبیعی کجبل أو بحر أو صناعی کسد أو سور أو خندق أمة من أمة فأی معنی لانصداد قوم عن الدنیا بسد بین جبلین بأی وصف وصف و علی أی نحو فرض؟.

و الذی أری فی دفع هذا الإشکال و الله أعلم أن قوله:« دَکّٰاءَ »من الدک بمعنی الذلة،قال فی لسان العرب:و جبل دک:ذلیل.انتهی.و المراد بجعل السد دکاء جعله ذلیلا لا یعبأ بأمره و لا ینتفع به من جهة اتساع طرق الارتباط و تنوع وسائل الحرکة و الانتقال برا و بحرا و جوا.

فحقیقة هذا الوعد هو الوعد برقی المجتمع البشری فی مدنیته،و اقتراب شتی أممه إلی حیث لا یسده سد و لا یحوطه حائط عن الانتقال من أی صقع من أصقاع الأرض إلی غیره و لا یمنعه من الهجوم و الزحف إلی أی قوم شاءوا.

و یؤید هذا المعنی سیاق قوله تعالی فی موضع آخر یذکر فیه هجوم یأجوج و مأجوج

[شماره صفحه واقعی : 397]

ص: 1036

« حَتّٰی إِذٰا فُتِحَتْ یَأْجُوجُ وَ مَأْجُوجُ وَ هُمْ مِنْ کُلِّ حَدَبٍ یَنْسِلُونَ »حیث عبر بفتح یأجوج و مأجوج و لم یذکر السد.

و للدک معنی آخر و هو الدفن بالتراب ففی الصحاح:،دککت الرکی و هو البئر دفنته بالتراب انتهی،و معنی آخر و هو صیرورة الجبل رابیة من طین،قال فی الصحاح، و تدکدکت الجبال أی صارت روابی من طین واحدتها دکاء انتهی.فمن الممکن أن یحتمل أن السد من جملة أبنیة العهود القدیمة التی ذهبت مدفونة تحت التراب عن ریاح عاصفة أو غریقة بانتقال البحار أو اتساع بعضها علی ما تثبتها الأبحاث الجیولوجیة، و بذلک یندفع الإشکال لکن الوجه السابق أوجه و الله أعلم.

[سورة الکهف (18): الآیات 103 الی 108]

اشارة

قُلْ هَلْ نُنَبِّئُکُمْ بِالْأَخْسَرِینَ أَعْمٰالاً (103) اَلَّذِینَ ضَلَّ سَعْیُهُمْ فِی اَلْحَیٰاةِ اَلدُّنْیٰا وَ هُمْ یَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ یُحْسِنُونَ صُنْعاً (104) أُولٰئِکَ اَلَّذِینَ کَفَرُوا بِآیٰاتِ رَبِّهِمْ وَ لِقٰائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمٰالُهُمْ فَلاٰ نُقِیمُ لَهُمْ یَوْمَ اَلْقِیٰامَةِ وَزْناً (105) ذٰلِکَ جَزٰاؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِمٰا کَفَرُوا وَ اِتَّخَذُوا آیٰاتِی وَ رُسُلِی هُزُواً (106) إِنَّ اَلَّذِینَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا اَلصّٰالِحٰاتِ کٰانَتْ لَهُمْ جَنّٰاتُ اَلْفِرْدَوْسِ نُزُلاً (107) خٰالِدِینَ فِیهٰا لاٰ یَبْغُونَ عَنْهٰا حِوَلاً (108)

بیان

الآیات الست فی منزلة الاستنتاج مما تقدم من آیات السورة الشارحة لافتنان المشرکین بزینة الحیاة الدنیا و اطمئنانهم بأولیاء من دون الله و ابتلائهم بما ابتلوا به من غشاوة الأبصار و وقر الأذان و ما یتعقب ذلک من سوء العاقبة،و تمهید لما سیأتی من قوله

[شماره صفحه واقعی : 398]

ص: 1037

فی آخر السورة:« قُلْ إِنَّمٰا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُکُمْ »الآیة.

قوله تعالی:« قُلْ هَلْ نُنَبِّئُکُمْ بِالْأَخْسَرِینَ أَعْمٰالاً »ظاهر السیاق أن الخطاب للمشرکین و هو مسوق سوق الکنایة و هم المعنیون بالتوصیف و سیقترب من التصریح فی قوله:« أُولٰئِکَ الَّذِینَ کَفَرُوا بِآیٰاتِ رَبِّهِمْ وَ لِقٰائِهِ »فالمنکرون للنبوة و المعاد هم المشرکون.

قیل:و لم یقل:بالأخسرین عملا،مع أن الأصل فی التمییز أن یأتی مفردا و المصدر شامل للقلیل و الکثیر للإیذان بتنوع أعمالهم و قصد شمول الخسران لجمیعها.

قوله تعالی:« اَلَّذِینَ ضَلَّ سَعْیُهُمْ فِی الْحَیٰاةِ الدُّنْیٰا وَ هُمْ یَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ یُحْسِنُونَ صُنْعاً » إنباء بالأخسرین أعمالا و هم الذین عرض فی الآیة السابقة علی المشرکین أن ینبئهم بهم و یعرفهم إیاهم فعرفهم بأنهم الذین ضل سعیهم فی الحیاة الدنیا،و ضلال السعی خسران ثم عقبه بقوله:« وَ هُمْ یَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ یُحْسِنُونَ صُنْعاً »و بذلک تم کونهم أخسرین.

بیان ذلک:أن الخسران و الخسار فی المکاسب و المساعی المأخوذة لغایة الاسترباح إنما یتحقق إذا لم یصب الکسب و السعی غرضه و انتهی إلی نقص فی رأس المال أو ضیعة السعی و هو المعبر عنه فی الآیة بضلال السعی کأنه ضل الطریق فانتهی به السیر إلی خلاف غرضه.و الإنسان ربما یخسر فی کسبه و سعیه لعدم تدرب فی العمل أو جهل بالطریق أو لعوامل أخر اتفاقیة و هی خسران یرجی زواله فإن من المرجو أن یتنبه به صاحبه ثم یستأنف العمل فیتدارک ما ضاع منه و یقضی ما فات،و ربما یخسر و هو یذعن بأنه یربح،و یتضرر و هو یعتقد أن ینتفع لا یری غیر ذلک و هو أشد الخسران لا رجاء لزواله.

ثم الإنسان فی حیاته الدنیا لا شأن له إلا السعی لسعادته و لا هم له فیما وراء ذلک فإن رکب طریق الحق و أصاب الغرض و هو حق السعادة فهو،و إن أخطأ الطریق و هو لا یعلم بخطإه فهو خاسر سعیا لکنه مرجو النجاة،و إن أخطأ الطریق و أصاب غیر الحق و سکن إلیه فصار کلما لاح له لائح من الحق ضربت علیه نفسه بحجاب الإعراض و زینت له ما هو فیه من الاستکبار و عصبیة الجاهلیة فهو أخسر عملا و أخیب سعیا لأنه خسران لا یرجی زواله و لا مطمع فی أن یتبدل یوما سعادة،و هو قوله تعالی فی تفسیر الأخسرین أعمالا:« اَلَّذِینَ ضَلَّ سَعْیُهُمْ فِی الْحَیٰاةِ الدُّنْیٰا وَ هُمْ یَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ یُحْسِنُونَ صُنْعاً ».

[شماره صفحه واقعی : 399]

ص: 1038

و حسبانهم عملهم حسنا مع ظهور الحق و تبین بطلان أعمالهم لهم إنما هو من جهة انجذاب نفوسهم إلی زینات الدنیا و زخارفها و انغمارهم فی الشهوات فیحبسهم ذلک عن المیل إلی اتباع الحق و الإصغاء إلی داعی الحق و منادی الفطرة قال تعالی: «وَ جَحَدُوا بِهٰا وَ اسْتَیْقَنَتْهٰا أَنْفُسُهُمْ» :النمل:14 و قال: «وَ إِذٰا قِیلَ لَهُ اتَّقِ اللّٰهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ» :البقرة:206 فاتباعهم هوی أنفسهم و مضیهم علی ما هم علیه من الإعراض عن الحق عنادا و استکبارا و الانغمار فی شهوات النفس لیس إلا رضی منهم بما هم علیه و استحسانا منهم لصنعهم.

قوله تعالی:« أُولٰئِکَ الَّذِینَ کَفَرُوا بِآیٰاتِ رَبِّهِمْ وَ لِقٰائِهِ »تعریف ثان و تفسیر بعد تفسیر للأخسرین أعمالا،و المراد بالآیات علی ما یقتضیه إطلاق الکلمة آیاته تعالی فی الآفاق و الأنفس و ما یأتی به الأنبیاء و الرسل من المعجزات لتأیید رسالتهم فالکفر بالآیات کفر بالنبوة،علی أن النبی نفسه من الآیات،و المراد بلقاء الله الرجوع إلیه و هو المعاد.

فآل تعریف الأخسرین أعمالا إلی أنهم المنکرون للنبوة و المعاد و هذا من خواص الوثنیین.

قوله تعالی:« فَحَبِطَتْ أَعْمٰالُهُمْ فَلاٰ نُقِیمُ لَهُمْ یَوْمَ الْقِیٰامَةِ وَزْناً »وجه حبط أعمالهم أنهم لا یعملون عملا لوجه الله و لا یریدون ثواب الدار الآخرة و سعادة حیاتها و لا أن الباعث لهم علی العمل ذکر یوم الحساب و قد مر کلام فی الحبط فی مباحث الأعمال فی الجزء الثانی من هذا الکتاب.

و قوله:« فَلاٰ نُقِیمُ لَهُمْ یَوْمَ الْقِیٰامَةِ وَزْناً »تفریع علی حبط أعمالهم و الوزن یوم القیامة بثقل الحسنات علی ما یدل علیه قوله تعالی: «وَ الْوَزْنُ یَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوٰازِینُهُ فَأُولٰئِکَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وَ مَنْ خَفَّتْ مَوٰازِینُهُ فَأُولٰئِکَ الَّذِینَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ» :الأعراف:

9،و إذ لا حسنة للحبط فلا ثقل فلا وزن.

قوله تعالی:« ذٰلِکَ جَزٰاؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِمٰا کَفَرُوا وَ اتَّخَذُوا آیٰاتِی وَ رُسُلِی هُزُواً »الإشارة إلی ما أورده من وصفهم و اسم الإشارة خبر لمبتدإ محذوف و التقدیر:الأمر ذلک أی حالهم ما وصفناه و هو تأکید و قوله:« جَزٰاؤُهُمْ جَهَنَّمُ »کلام مستأنف ینبئ عن

[شماره صفحه واقعی : 400]

ص: 1039

عاقبة أمرهم.و قوله:« بِمٰا کَفَرُوا وَ اتَّخَذُوا آیٰاتِی وَ رُسُلِی هُزُواً »فی معنی بما کفروا و ازدادوا کفرا باستهزاء آیاتی و رسلی.

قوله تعالی:« إِنَّ الَّذِینَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصّٰالِحٰاتِ کٰانَتْ لَهُمْ جَنّٰاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلاً » الفردوس یذکر و یؤنث قیل:هی البستان بالرومیة،و قیل:الکرم بالنبطیة و أصله فرداسا،و قیل:جنة الأعناب بالسریانیة،و قیل الجنة بالحبشیة،و قیل:عربیة و هی الجنة الملتفة بالأشجار و الغالب علیه الکرم.

و قد استفاد بعضهم من عده جنات الفردوس نزلا و قد عد سابقا جهنم للکافرین نزلا أن وراء الجنة و النار من الثواب و العقاب ما لم یوصف بوصف و ربما أیده أمثال قوله تعالی: «لَهُمْ مٰا یَشٰاؤُنَ فِیهٰا وَ لَدَیْنٰا مَزِیدٌ» :ق:35 و قوله: «فَلاٰ تَعْلَمُ نَفْسٌ مٰا أُخْفِیَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْیُنٍ» :الم السجدة:17،و قوله:« وَ بَدٰا لَهُمْ مِنَ اللّٰهِ مٰا لَمْ یَکُونُوا یَحْتَسِبُونَ ».

قوله تعالی:« خٰالِدِینَ فِیهٰا لاٰ یَبْغُونَ عَنْهٰا حِوَلاً » البغی الطلب،و الحول التحول، و الباقی ظاهر.

(بحث روائی)

فی الدر المنثور،أخرج ابن مردویه عن أبی الطفیل قال:سمعت علی بن أبی طالب و سأله ابن الکوا فقال:من« هَلْ نُنَبِّئُکُمْ بِالْأَخْسَرِینَ أَعْمٰالاً »قال:فجرة قریش.

و فی تفسیر العیاشی،عن إمام بن ربعی قال:قال ابن الکوا إلی أمیر المؤمنین علیه السلام فقال: أخبرنی عن قول الله:« قُلْ هَلْ نُنَبِّئُکُمْ إلی قوله صُنْعاً »قال:

أولئک أهل الکتاب کفروا بربهم،و ابتدعوا فی دینهم فحبطت أعمالهم و ما أهل النهر منهم ببعید.

أقول:و روی أنهم النصاری،

القمی عن أبی جعفر علیه السلام و الطبرسی فی الاحتجاج، عن علی علیه السلام : أنهم أهل الکتاب

و فی الدر المنثور،عن ابن المنذر و ابن أبی حاتم عن

[شماره صفحه واقعی : 401]

ص: 1040

أبی خمیصة عبد الله بن قیس عن علی علیه السلام : أنهم الرهبان الذین حبسوا أنفسهم فی السواری.

و الروایات جمیعا من قبیل الجری،و الآیتان واقعتان فی سیاق متصل وجه الکلام فیه مع المشرکین،و الآیة الثالثة« أُولٰئِکَ الَّذِینَ کَفَرُوا بِآیٰاتِ رَبِّهِمْ وَ لِقٰائِهِ »الآیة و هی تفسیر الثانیة أوضح انطباقا علی الوثنیین منها علی غیرهم کما مر فما عن القمی فی تفسیره فی ذیل الآیة أنها نزلت فی الیهود و جرت فی الخوارج لیس بصواب.

فی تفسیر البرهان،عن محمد بن العباس بإسناده عن الحارث عن علی علیه السلام قال:

لکل شیء ذروة و ذروة الجنة الفردوس،و هی لمحمد و آل محمد صلی الله علیه و آله.

و فی الدر المنثور،أخرج البخاری و مسلم و ابن أبی حاتم عن أبی هریرة قال قال رسول الله ص: إذا سألتم الله فاسألوه الفردوس فإنه وسط الجنة و أعلی الجنة، و فوقه عرش الرحمن،و منه تفجر أنهار الجنة.

و فی المجمع،روی عبادة بن الصامت عن النبی صلی الله علیه و آله قال: الجنة مائة درجة ما بین کل درجتین کما بین السماء و الأرض،الفردوس أعلاها درجة،منها تفجر أنهار الجنة الأربعة فإذا سألتم الله تعالی فاسألوه الفردوس.

أقول:و فی هذا المعنی روایات أخر.

فی تفسیر القمی،عن جعفر بن أحمد عن عبید الله بن موسی عن الحسن بن علی بن أبی حمزة عن أبیه عن أبی بصیر عن أبی عبد الله علیه السلام فی حدیث قال: قلت قوله:

« إِنَّ الَّذِینَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصّٰالِحٰاتِ کٰانَتْ لَهُمْ جَنّٰاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلاً »قال:نزلت فی أبی ذر و سلمان و المقداد و عمار بن یاسر جعل الله لهم جنات الفردوس نزلا أی مأوی و منزلا.

أقول:و ینبغی أن یحمل علی الجری أو المراد نزولها فی المؤمنین حقا و إنما ذکر الأربعة لکونهم من أوضح المصادیق و إلا فالسورة مکیة و سلمان رضی الله عنه ممن آمن بالمدینة.علی أن سند الحدیث لا یخلو عن وهن

[شماره صفحه واقعی : 402]

ص: 1041

[سورة الکهف (18): آیة 109]

اشارة

قُلْ لَوْ کٰانَ اَلْبَحْرُ مِدٰاداً لِکَلِمٰاتِ رَبِّی لَنَفِدَ اَلْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ کَلِمٰاتُ رَبِّی وَ لَوْ جِئْنٰا بِمِثْلِهِ مَدَداً (109)

بیان

الآیة بیان مستقل لسعة کلمات الله تعالی و عدم قبولها النفاد،و لیس من البعید أن تکون نازلة وحدها لا فی ضمن آیات السورة لکنها لو کانت نازلة فی ضمن آیاتها کانت مرتبطة بجمیع ما بحثت عنه السورة.

و ذلک أن السورة أشارت فی أولها إلی أن هناک حقائق إلهیة و ذکرت أولا فی تسلیة النبی صلی الله علیه و آله عن حزنه من إعراضهم عن الذکر أن عامتهم فی رقدة عن التنبه لها و سیستیقظون عن نومتهم،و أورد فی ذلک قصة أصحاب الکهف ثم ذکر بأمور أورد فی ذیلها قصة موسی و الخضر حیث شاهد موسی عنه أعمالا ذات تأویل لم یتنبه لتأویلها و أغفله ظاهرها عن باطنها حتی بینها له الخضر فسکن عند ذلک قلقه ثم أورد قصة ذی القرنین و السد الذی ضربه بأمر من الله فی وجه المفسدین من یأجوج و مأجوج فحجزهم عن ورود ما وراءه و الإفساد فیه.

فهذه کما تری أمور تحتها حقائق و أسرار و بالحقیقة کلمات تکشف عن مقاصد إلهیة و بیانات تنبئ عن خبایا یدعو الذکر الحکیم الناس إلیها،و الآیة و الله أعلم تنبئ أن هذه الأمور و هی کلماته تعالی المنبئة عن مقاصده لا تنفد و الآیة فی وقوعها بعد استیفاء السورة ما استوفتها من البیان بوجه مثل قول القائل و قد طال حدیثه:

لیس لهذا الحدیث منتهی فلنکتف بما أوردناه.

قوله تعالی:« قُلْ لَوْ کٰانَ الْبَحْرُ مِدٰاداً لِکَلِمٰاتِ رَبِّی »إلی آخر الآیة،الکلمة تطلق علی الجملة کما تطلق علی المفرد و منه قوله تعالی: «قُلْ یٰا أَهْلَ الْکِتٰابِ تَعٰالَوْا إِلیٰ کَلِمَةٍ سَوٰاءٍ بَیْنَنٰا وَ بَیْنَکُمْ أَلاّٰ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّٰهَ»: الآیةآل عمران:64 و قد استعملت کثیرا فی القرآن الکریم فیما قاله الله و حکم به کقوله: «وَ تَمَّتْ کَلِمَتُ رَبِّکَ الْحُسْنیٰ عَلیٰ

[شماره صفحه واقعی : 403]

ص: 1042

بَنِی إِسْرٰائِیلَ بِمٰا صَبَرُوا» :الأعراف:137،و قوله: «کَذٰلِکَ حَقَّتْ کَلِمَةُ رَبِّکَ عَلَی الَّذِینَ فَسَقُوا أَنَّهُمْ لاٰ یُؤْمِنُونَ» :یونس:33،و قوله: «وَ لَوْ لاٰ کَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّکَ لَقُضِیَ بَیْنَهُمْ» :یونس:19 إلی غیر ذلک من الآیات الکثیرة جدا.

و من المعلوم أنه تعالی لا یتکلم بشق الفم و إنما قوله فعله و ما یفیضه من وجود کما قال: «إِنَّمٰا قَوْلُنٰا لِشَیْءٍ إِذٰا أَرَدْنٰاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ کُنْ فَیَکُونُ» :النحل:40 و إنما تسمی کلمة لکونها آیة دالة علیه تعالی و من هنا سمی المسیح کلمة فی قوله: «إِنَّمَا الْمَسِیحُ عِیسَی ابْنُ مَرْیَمَ رَسُولُ اللّٰهِ وَ کَلِمَتُهُ» :النساء:171.

و من هنا یظهر أنه ما من عین یوجد أو واقعة تقع إلا و هی من حیث کونها آیة دالة علیه کلمة منه إلا أنها خصت فی عرف القرآن بما دلالته ظاهرة لا خفاء فیها و لا بطلان و لا تغیر کما قال: «وَ الْحَقَّ أَقُولُ» : ص:84 و قال: «مٰا یُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَیَّ» :ق:29 و ذلک کالمسیح علیه السلام و موارد القضاء المحتوم.

و من هنا یظهر أن حمل الکلمات فی الآیة علی معلوماته أو مقدوراته تعالی أو مواعده لأهل الثواب و العقاب إلی غیر ذلک مما ذکره المفسرون غیر سدید.

فقوله:« قُلْ لَوْ کٰانَ الْبَحْرُ مِدٰاداً لِکَلِمٰاتِ رَبِّی »أی فرقمت الکلمات و أثبتت من حیث دلالتها بذاک البحر المأخوذ مدادا لنفد البحر قبل أن تنفد کلمات ربی.

و قوله:« وَ لَوْ جِئْنٰا بِمِثْلِهِ مَدَداً »أی و لو أمددناه ببحر آخر لنفد أیضا قبل أن تنفد کلمات ربی.

و ذکر بعضهم:أن المراد بمثله جنس المثل لا مثل واحد،و ذلک لأن المثل کلما أضیف إلی الأصل لم یخرج عن التناهی،و کلماته یعنی معلوماته غیر متناهیة و المتناهی لا یضبط غیر المتناهی انتهی ملخصا.

و ما ذکره حق لکن لا لحدیث التناهی و اللاتناهی و إن کانت الکلمات غیر متناهیة بل لأن الحقائق المدلول علیها و الکلمات من حیث دلالتها غالبة علی المقادیر کیف؟و کل ذرة من ذرأت البحر و إن فرض ما فرض لا تفی بثبت دلالة نفسها فی مدی وجودها علی ما تدل علیه من جماله و جلاله تعالی فکیف إذا أضیف إلیها غیرها؟.

[شماره صفحه واقعی : 404]

ص: 1043

و فی تکرار« اَلْبَحْرُ »فی الآیة بلفظه و کذا« رَبِّی »وضع الظاهر موضع المضمر و النکتة فیه التثبیت و التأکید و کذا فی تخصیص الرب بالذکر و إضافته إلی ضمیر المتکلم مع ما فیه من تشریف المضاف إلیه.

(بحث روائی)

فی تفسیر القمی،بإسناده عن أبی بصیر عن أبی عبد الله علیه السلام : فی الآیة قال:

أخبرک أن کلام الله لیس له آخر و لا غایة و لا ینقطع أبدا.

أقول:فی تفسیره الکلمات بالکلام تأیید لما قدمناه.

[سورة الکهف (18): آیة 110]

اشارة

قُلْ إِنَّمٰا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُکُمْ یُوحیٰ إِلَیَّ أَنَّمٰا إِلٰهُکُمْ إِلٰهٌ وٰاحِدٌ فَمَنْ کٰانَ یَرْجُوا لِقٰاءَ رَبِّهِ فَلْیَعْمَلْ عَمَلاً صٰالِحاً وَ لاٰ یُشْرِکْ بِعِبٰادَةِ رَبِّهِ أَحَداً (110)

بیان

الآیة خاتمة السورة و تلخص غرض البیان فیها و قد جمعت أصول الدین الثلاثة و هی التوحید و النبوة و المعاد فالتوحید ما فی قوله:« أَنَّمٰا إِلٰهُکُمْ إِلٰهٌ وٰاحِدٌ »و النبوة ما فی قوله « إِنَّمٰا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُکُمْ یُوحیٰ إِلَیَّ »و قوله:« فَلْیَعْمَلْ عَمَلاً صٰالِحاً »إلخ و المعاد ما فی قوله « فَمَنْ کٰانَ یَرْجُوا لِقٰاءَ رَبِّهِ ».

قوله تعالی:« قُلْ إِنَّمٰا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُکُمْ یُوحیٰ إِلَیَّ أَنَّمٰا إِلٰهُکُمْ إِلٰهٌ وٰاحِدٌ »القصر الأول قصره صلی الله علیه و آله فی البشریة المماثلة لبشریة الناس لا یزید علیهم بشیء و لا یدعیه لنفسه قبال ما کانوا یزعمون أنه إذا ادعی النبوة فقد ادعی کینونة إلهیة و قدرة غیبیة و لذا کانوا یقترحون علیه بما لا یعلمه إلا الله و لا یقدر علیه إلا الله لکنه صلی الله علیه و آله نفی ذلک کله بأمر الله عن نفسه و لم یثبت لنفسه إلا أنه یوحی إلیه.

و القصر الثانی قصر الإله الذی هو إلههم فی إله واحد و هو التوحید الناطق بأن إله الکل إله واحد.

و قوله:« فَمَنْ کٰانَ یَرْجُوا لِقٰاءَ رَبِّهِ فَلْیَعْمَلْ »إلخ مشتمل علی إجمال الدعوة الدینیة

[شماره صفحه واقعی : 405]

ص: 1044

و هو العمل الصالح لوجه الله وحده لا شریک له و قد فرعه علی رجاء لقاء الرب تعالی و هو الرجوع إلیه إذ لو لا الحساب و الجزاء لم یکن للأخذ بالدین و التلبس بالاعتقاد و العمل موجب یدعو إلیه کما قال تعالی: «إِنَّ الَّذِینَ یَضِلُّونَ عَنْ سَبِیلِ اللّٰهِ لَهُمْ عَذٰابٌ شَدِیدٌ بِمٰا نَسُوا یَوْمَ الْحِسٰابِ» : ص:26.

و قد رتب علی الاعتقاد بالمعاد العمل الصالح و عدم الإشراک بعبادة الرب لأن الاعتقاد بالوحدانیة مع الإشراک فی العمل متناقضان لا یجتمعان فالإله تعالی لو کان واحدا فهو واحد فی جمیع صفاته و منها المعبودیة لا شریک له فیها.

و قد رتب الأخذ بالدین علی رجاء المعاد دون القطع به لأن احتماله کاف فی وجوب التحذر منه لوجوب دفع الضرر المحتمل،و ربما قیل:إن المراد باللقاء لقاء الکرامة و هو مرجو لا مقطوع به.

و قد فرع رجاء لقاء الله علی قوله:« أَنَّمٰا إِلٰهُکُمْ إِلٰهٌ وٰاحِدٌ »لأن رجوع العباد إلی الله سبحانه من تمام معنی الألوهیة فله تعالی کل کمال مطلوب و کل وصف جمیل و منها فعل الحق و الحکم بالعدل و هما یقتضیان رجوع عباده إلیه و القضاء بینهم قال تعالی: «وَ مٰا خَلَقْنَا السَّمٰاءَ وَ الْأَرْضَ وَ مٰا بَیْنَهُمٰا بٰاطِلاً ذٰلِکَ ظَنُّ الَّذِینَ کَفَرُوا فَوَیْلٌ لِلَّذِینَ کَفَرُوا مِنَ النّٰارِ أَمْ نَجْعَلُ الَّذِینَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصّٰالِحٰاتِ کَالْمُفْسِدِینَ فِی الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِینَ کَالْفُجّٰارِ» : ص:28.

(بحث روائی)

فی الدر المنثور،أخرج ابن مندة و أبو نعیم فی الصحابة،و ابن عساکر من طریق السدی الصغیر عن الکلبی عن أبی صالح عن ابن عباس قال": کان جندب بن زهیر إذا صلی أو صام أو تصدق فذکر بخیر ارتاح له فزاد فی ذلک لمقالة الناس فلامه الله فنزل فی ذلک« فَمَنْ کٰانَ یَرْجُوا لِقٰاءَ رَبِّهِ فَلْیَعْمَلْ عَمَلاً صٰالِحاً وَ لاٰ یُشْرِکْ بِعِبٰادَةِ رَبِّهِ أَحَداً ».

أقول:و ورد نحو منه فی عدة روایات أخر من غیر ذکر الاسم و ینبغی أن یحمل علی انطباق الآیة علی المورد فمن المستبعد أن ینزل خاتمة سورة من السور لسبب خاص بنفسها.

و فیه،عن أبی حاتم عن سعید بن جبیر فی الآیة قال النبی ص: إن ربکم یقول:أنا

[شماره صفحه واقعی : 406]

ص: 1045

خیر شریک فمن أشرک معی فی عمله أحدا من خلقی ترکت العمل کله له،و لم أقبل إلا ما کان لی خالصا ثم قرأ النبی ص:« فَمَنْ کٰانَ یَرْجُوا لِقٰاءَ رَبِّهِ فَلْیَعْمَلْ عَمَلاً صٰالِحاً وَ لاٰ یُشْرِکْ بِعِبٰادَةِ رَبِّهِ أَحَداً ».

و فی تفسیر العیاشی،عن علی بن سالم عن أبی عبد الله علیه السلام قال: قال الله تبارک و تعالی:أنا خیر شریک من أشرک بی فی عمله لم أقبله إلا ما کان لی خالصا.

قال العیاشی:و فی روایة أخری عنه علیه السلام قال: إن الله یقول:أنا خیر شریک من عمل لی و لغیری فهو لمن عمل له دونی.

و فی الدر المنثور،أخرج أحمد و ابن أبی الدنیا و ابن مردویه و الحاکم و صححه و البیهقی عن شداد بن أوس قال:سمعت رسول الله صلی الله علیه و آله یقول: من صلی یرائی فقد أشرک،و من صام یرائی فقد أشرک و من تصدق یرائی فقد أشرک ثم قرأ« فَمَنْ کٰانَ یَرْجُوا لِقٰاءَ رَبِّهِ »الآیة.

و فی تفسیر العیاشی،عن زرارة و حمران عن أبی جعفر و أبی عبد الله علیهما السلام قالا: لو أن عبدا عمل عملا یطلب به رحمة الله و الدار الآخرة ثم أدخل فیه رضا أحد من الناس کان مشرکا.

أقول:و الروایات فی هذا الباب من طرق الشیعة و أهل السنة فوق حد الإحصاء و المراد بالشرک فیها الشرک الخفی غیر المنافی لأصل الإیمان بل لکماله قال تعالی: «وَ مٰا یُؤْمِنُ أَکْثَرُهُمْ بِاللّٰهِ إِلاّٰ وَ هُمْ مُشْرِکُونَ» :یوسف:106 فالآیة تشمله بباطنها لا بتنزیلها.

و فی الدر المنثور،أخرج الطبرانی و ابن مردویه عن أبی حکیم قال:قال رسول الله ص: لو لم ینزل علی أمتی إلا خاتمة سورة الکهف لکفتهم.

أقول:تقدم وجهه فی البیان السابق.

تم و الحمد لله.

[شماره صفحه واقعی : 407]

ص: 1046

[شماره صفحه واقعی : 408]

ص: 1047

ترجمه تفسیرالمیزان (مکارم شیرازی) جلد 13 (سوره کهف)

مشخصات کتاب

سرشناسه : طباطبائی، سیدمحمدحسین، 1281 - 1360.

عنوان و نام پدیدآور : ترجمه تفسیر المیزان/ محمدحسین طباطبائی؛ ترجمه ناصر مکارم شیرازی ... [و دیگران].

مشخصات نشر : قم : بنیاد علمی و فرهنگی علامه طباطبایی؛تهران:رجاء،1367.

مشخصات ظاهری : 20 ج.

موضوع : تفاسیر شیعه -- قرن 14

رده بندی کنگره : BP98/ط25م 9041 1367

رده بندی دیویی : 297/1726

شماره کتابشناسی ملی : م 68-531

توضیح : توضیح : المیزان فی تفسیر القرآن اثر علامه سیدمحمدحسین طباطبائی (1321-1402 ق) فرزند سیدمحمد طباطبائی، از اعاظم حکما و مفسران امامیه می باشد.تفسیر مورد بحث در بیست مجلد به زبان عربی شامل تمامی قرآن کریم است.

تفسیر المیزان، یکی از بزرگ ترین آثار علامه طباطبایی و به حق در نوع خود کم نظیر و مایه مباهات و افتخار شیعه است و پس از تفسیر تبیان شیخ طوسی و تفسیر مجمع البیان طبرسی، بزرگ ترین و جامع ترین تفسیر شیعی و از نظر قوت مطالب علمی و مطلوبیت روش، تفسیر منحصر به فردی است.ویژگی مهم این تفسیر، روش تفسیری قرآن به قرآن است. این روش در کار ایشان، تنها به در کنار هم گذاشتن آیات، برای درک معانی واژه خلاصه نمی شود؛ بلکه موضوعات مشابه و مشترک در سوره های مختلف را کنار یکدیگر قرار می دهد و برای درک پیام آیه، از آیات دیگر کمک می گیرد. علامه در آغاز تفسیر، مقدمه ای نگاشته و در آن نگاهی اجمالی به سیر تطور تفسیر و روش های آن دارد.

ص: 1

اشاره

سوره کهف مکی است و 110 آیه دارد

سوره الکهف (18): آیات 1 تا 8

اشاره

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی أَنْزَلَ عَلی عَبْدِهِ الْکِتابَ وَ لَمْ یَجْعَلْ لَهُ عِوَجاً (1) قَیِّماً لِیُنْذِرَ بَأْساً شَدِیداً مِنْ لَدُنْهُ وَ یُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِینَ الَّذِینَ یَعْمَلُونَ الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً حَسَناً (2) ماکِثِینَ فِیهِ أَبَداً (3) وَ یُنْذِرَ الَّذِینَ قالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً (4)

ما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَ لا لِآبائِهِمْ کَبُرَتْ کَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْواهِهِمْ إِنْ یَقُولُونَ إِلاَّ کَذِباً (5) فَلَعَلَّکَ باخِعٌ نَفْسَکَ عَلی آثارِهِمْ إِنْ لَمْ یُؤْمِنُوا بِهذَا الْحَدِیثِ أَسَفاً (6) إِنَّا جَعَلْنا ما عَلَی الْأَرْضِ زِینَةً لَها لِنَبْلُوَهُمْ أَیُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً (7) وَ إِنَّا لَجاعِلُونَ ما عَلَیْها صَعِیداً جُرُزاً (8)

ترجمه آیات

به نام خدای بخشاینده مهربان،

ستایش خاص خدایی است که این کتاب استوار را به بنده خویش فرو فرستاد و در آن انحراف ننهاد (1).

تا از جانب خویش از عذابی سخت بترساند و مؤمنان را که کارهای شایسته کنند نوید دهد که پاداشی نیک دارند (2).

و همیشه در آن بسر می برند (3).

و نیز کسانی را که گویند خدا فرزندی گرفته بیم دهد (4).

در این باب چیزی ندانند پدرانشان نیز نمی دانستند، کلمه ای که از دهانشان بیرون می شود بزرگ است، و جز دروغ نمی گویند (5).

[شماره صفحه واقعی : 323]

ص: 1048

شاید تو از پی ایشان از غم اینکه چرا قرآن را باور ندارند خویشتن را هلاک کنی (6).

ما این چیزها را که روی زمین هست آرایش آن کرده ایم تا ایشان را بیازماییم که کدامشان از جهت عمل بهترند (7).

و ما آنچه را روی زمین هست خاک بایر می کنیم (8).

بیان آیات آهنگ و مفاد کلی این سوره مبارکه
اشاره

این سوره با انذار و تبشیر دعوت می کند به اعتقاد حق و عمل صالح هم چنان که از دو آیه اولش هم بوی این معنا استشمام می شود. و نیز از آیه آخر سوره که می فرماید" فَمَنْ کانَ یَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْیَعْمَلْ عَمَلًا صالِحاً وَ لا یُشْرِکْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً".

و در این سوره مساله نفی فرزند داشتن خدا مورد عنایت و توجه زیادی واقع شده است نظیر اینکه می بینیم تهدید و انذار را به کسانی اختصاص می دهد که برای خدا فرزند قائل شده اند، یعنی بعد از آنکه می فرماید:" لِیُنْذِرَ بَأْساً شَدِیداً مِنْ لَدُنْهُ" مجددا می فرماید:" وَ یُنْذِرَ الَّذِینَ قالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً".

پس در این آیه روی سخن با دوگانه پرستان است، که قائل به فرزندی ملائکه و جن و مصلحین بشر برای خدا هستند، و همچنین خطاب به نصاری است که قائل به فرزندی مسیح برای اویند. و بعید نیست که روی سخن به یهود هم باشد، چون خود قرآن از یهود نقل کرده که گفته اند" عزیر پسر خدا است".

و بعید نیست کسی بگوید که غرض از نزول این سوره بیان سه داستان عجیب است که در قرآن کریم جز در این سوره ذکر نشده، یکی قصه اصحاب کهف و دیگری داستان موسی و آن جوانی که در راه به سوی مجمع البحرین دیدار نمود، و سوم حکایت ذی القرنین، و آن گاه از این سه داستان در غرض سوره که اثبات نفی شریک و تشویق بر تقوی و ترس از خدا است استفاده کند.

و این سوره به طوری که از سیاق آیاتش استفاده می شود در مکه نازل شده است. اما بعضی از مفسرین آیه" وَ اصْبِرْ نَفْسَکَ مَعَ الَّذِینَ یَدْعُونَ رَبَّهُمْ ..." را از مکی بودن استثناء کرده اند و به زودی در باره آن بحث می کنیم.

توضیح مقصود از اینکه قرآن عوج (کجی) نداشته، قیم است و اشاره به اقوال مختلف مفسرین در ذیل جمله:" لَمْ یَجْعَلْ لَهُ عِوَجاً ..."

" الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی أَنْزَلَ عَلی عَبْدِهِ الْکِتابَ وَ لَمْ یَجْعَلْ لَهُ عِوَجاً قَیِّماً".

کلمه" عوج"- به فتح عین و به کسر آن- به معنای انحراف است. در مجمع البیان

[شماره صفحه واقعی : 324]

ص: 1049

می گوید:" عوج- به فتحه عین- در کجی چیزهایی که محسوس و قابل دیدن هستند- چون نیزه و چوب- استعمال می شود، و با کسره عین در امور نادیدنی چون اعتقادات و سخن گفتن (1).

و شاید منظور از چیزهای مرئی آنهایی باشند که به سهولت دیده می شوند و مقصود از چیزهای نامرئی آنهایی باشند که به آسانی مشهود نیستند کما اینکه راغب در مفردات چنین گفته است:" عوج" به فتحه عین کجی هایی را گویند که با چشم به آسانی دیده می شوند، مانند کجی چوبی که در زمین نصب شده باشد، ولی" عوج" به کسره عین در کجی هایی است که با فکر و بصیرت تشخیص داده می شوند، مانند انحراف و انحنایی که در زمین مسطح است که تنها متخصصین می توانند آن را تشخیص دهند، و نیز مانند انحراف در دین و زندگی (2).

پس بنا به گفته وی دیگر اشکالی به آیه شریفه" لا تَری فِیها عِوَجاً وَ لا أَمْتاً" (3) وارد نمی شود- دقت بفرمائید.

خدای تعالی در این سوره کلامش را با ذکر ثنای خود افتتاح فرموده، و به این نحو خود را ستوده که: قرآنی بر بنده اش نازل کرده که هیچ انحرافی از حق در آن نیست، و آن کتاب قیم مصالح بندگانش در زندگی دنیا و آخرت است، و از عهده این کار به خوبی برمی آید، پس همه حمدها که در ترتب خیرات و برکات آن از روز نزولش تا روز قیامت هست، همه برای خدا است.

پس سزاوار نیست که هیچ دانشمند اهل بحثی تردید کند در اینکه: آنچه از صلاح و سداد در جوامع بشری به چشم می خورد همه از برکات انبیای کرام است که در بشر منتشر کرده اند، و تخمی است که آنان با دعوت خود به سوی حق و حسن خلق و عمل صالح افشانده اند، و اینکه قرآن کریم در چهارده قرنی که از نزولش می گذرد تمدنی به بشر داده و ارتقایی بخشیده و علم نافع و عمل صالحی در بشر به وجود آورده که مخصوص خود آن است و به همین جهت دعوت نبوی منتهایی بزرگ بر بشر دارد، پس همه حمدها برای خدا است.

و با این بیان روشن می شود اینکه بعضی از مفسرین در تفسیر این آیه، یعنی جمله

[شماره صفحه واقعی : 325]

ص: 1050


1- مجمع البیان، ج 6، ص 448.
2- مفردات راغب، ماده" عوج".
3- روز قیامت در زمین کجی و جای خالی نمی بینی. سوره طه، آیه 107.

" الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی أَنْزَلَ ..." گفته اند: یعنی" بگویید الحمد للَّه الذی نزل" صحیح نیست.

" وَ لَمْ یَجْعَلْ لَهُ عِوَجاً"- ضمیر در" له" به کتاب برمی گردد، و جمله مورد بحث جمله حالیه است از کتاب. و کلمه" قیما" آن گونه که از کتاب فهمیده می شود حال بعد از حال است، زیرا خدای تعالی در مقام ستایش خویش است از این جهت که کتابی نازل کرده و به صفت نداشتن اعوجاج متصف است، و از این جهت که آن کتاب بر تامین مصالح جامعه بشری قیم است. پس به هر دو صفت بذل عنایت شده، آن هم بطوری مساوی، و همین اقتضاء می کند که جمله مزبور حالیه باشد، و" قیم" نیز حال دوم باشد.

بعضی (1) از مفسرین گفته اند: جمله" وَ لَمْ یَجْعَلْ لَهُ عِوَجاً" عطف است بر صله، و کلمه" قیما" حال از ضمیر در" له" است، و معنایش این است که" و حمد آن خدای را که برای کتاب در حالی که قیم است اعوجاج قرار نداده" (2) و یا" قیما" منصوب به مقدری است و معنایش این است که" و حمد آن خدایی را که برای کتاب اعوجاج قرار نداده و آن را قیم قرار داده" و لازمه این دو وجه این است که عنایت میان اصل نزول و قیم بودن و بی اعوجاج بودن کتاب تقسیم شود، و بر شما خواننده عزیز روشن شد که این خلاف عنایتی است که مستفاد از سیاق است.

بعضی (3) دیگر از مفسرین گفته اند: در آیه شریفه تقدیم و تاخیر به کار رفته و تقدیر آن" نزل الکتاب قیما و لم یجعل له عوجا" است و این بدترین نظریه ای است که در باره آیه ابراز شده، وجه رد نظریه فوق این است که نفی اعوجاج در قرآن، مقدم بر اثبات قیمومیت است.

زیرا عدم اعوجاج کمالی است که قرآن فی نفسه دارد، و قیمومیت کمالی است که قرآن به دیگران می دهد و معلوم است کمال بر تکمیل تقدم دارد.

و اینکه کلمه" عوج" که نکرده است و در سیاق نفی قرار گرفته خود افاده عمومیت می کند، پس قرآن کریم در تمامی احوال و از همه جهات مستقیم و بدون اعوجاج است. و در لفظش فصیح و در معنایش بلیغ و در هدایت نمودنش موفق و حتی در حجت ها و براهینش قاطع و در امر و نهیش خیرخواه، و در قصص و اخبارش صادق و بدون اغراق و در قضاوتش فاصل میان حق و باطل است. و همچنین از دستبرد شیطانها محفوظ و از اختلاف در

[شماره صفحه واقعی : 326]

ص: 1051


1- روح المعانی، ج 15، ص 200.
2- کشاف، ج 2، ص 702.
3- روح المعانی، ج 15، ص 201.

مضامینش به دور است. نه در عصر نزولش دستخوش باطل شده و نه بعد از آن.

کلمه" قیم" به معنای کسی است که مصلحت چیزی را تامین نموده، امور آن را تدبیر نماید، مانند قیم خانه که قائم به مصالح خانه است، و اهل خانه در امور خانه به او مراجعه می کنند. و کتاب قیم، آن کتابی است که مشتمل بر معانی قیمی باشد، و آنچه که قرآن کریم متضمن آن است اعتقاد حق و عمل صالح است، هم چنان که خدای تعالی در باره قرآن می فرماید:" یَهْدِی إِلَی الْحَقِّ وَ إِلی طَرِیقٍ مُسْتَقِیمٍ" (1) و دین صحیح اسلام هم همین است، چنانچه خدای سبحان در مواضعی از کتابش دین خود را به قیم بودن توصیف کرده، از آن جمله فرموده:" فَأَقِمْ وَجْهَکَ لِلدِّینِ الْقَیِّمِ" (2).

بنا بر این، پس توصیف کتاب به وصف قیمومت به خاطر این است که متضمن دین قیم می باشد دینی که قائم به مصالح عالم بشری است، چه مصالح دنیایی، و چه آخرتی.

و چه بسا از مفسرین که قضیه را بر عکس معنا کرده و گفته اند: قیمومت، اول وصف کتاب است و سپس وصف دین. (به عبارت دیگر ما گفتیم کتاب به خاطر اینکه متضمن دین قیم است خودش هم قیم شده، ولی بعضی گفته اند کتاب قیم است و دین به خاطر قیم بودن کتاب، قیم شده است) و در باره اش گفته شده:" وَ ذلِکَ دِینُ الْقَیِّمَةِ" (3) که ظاهر معنایش: دین کتاب های قیم است. ولی این قسم تفسیر نوعی مجاز گویی است.

بعضی (4) گفته اند: مقصود از قیم، مستقیم است یعنی معتدل که نه افراط در آن باشد و نه تفریط. بعضی (5) دیگر گفته اند: قیم، به معنای مدبر سایر کتابهای آسمانی است، یعنی سایر کتابها را تصدیق و حفظ نموده، شرایعش را نسخ می کند. و اینکه به دنبال کلمه قیم فرموده:

" لِیُنْذِرَ بَأْساً شَدِیداً مِنْ لَدُنْهُ وَ یُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِینَ ..." مؤید معنایی است که ما ذکر کردیم.

" لِیُنْذِرَ بَأْساً شَدِیداً مِنْ لَدُنْهُ وَ یُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِینَ الَّذِینَ یَعْمَلُونَ الصَّالِحاتِ".

بعضی (6) آیه را اینطور معنا کرده اند: این کتاب را فرستاد تا کافران را از عذابی شدید که از ناحیه خدا صادر می شود، انذار نماید، ولی ظاهر آیه به قرینه اینکه مؤمنین را مقید.]

[شماره صفحه واقعی : 327]

ص: 1052


1- به سوی حق و به سوی راه مستقیم راهنمایی می کند. سوره احقاف، آیه 30.
2- روی خود متوجه دین قیم بساز. سوره روم، آیه 43.
3- سوره بینه، آیه 5.
4- روح المعانی، ج 15، ص 201.
5- مجمع البیان، ج 6، ص 449.
6- تفسیر فخر رازی، ج 21، ص 76. [.....]

می کند به آن مؤمنینی که عمل صالح می کنند، این است که تقدیر آیه:" لینذر الذین لا یعملون الصالحات- تا بترساند کسانی را که عمل صالح نمی کنند" بوده باشد، حال چه آنهایی که اصلا ایمان نمی آورند، و یا اگر ایمان می آورند در عمل خود مرتکب فسق و تباهی می شوند.

در هر حال، این جمله بیان می کند که چرا کتاب را قیم و مستقیم بر بنده اش نازل کرده، زیرا پر واضح است که اگر کتاب خودش مستقیم و برای غیر خودش قیم نمی بود نمی توانست انذار و بشارت باشد.

و مراد از" اجر حسن" بهشت است، به قرینه اینکه در آیه بعدی فرموده:" ماکِثِینَ فِیهِ أَبَداً" و معنای آیه روشن است." وَ یُنْذِرَ الَّذِینَ قالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً".

مقصود از اینان عموم کسانی هستند که بت پرستیده معتقد بودند که ملائکه پسران یا دختران خدایند، و چه بسا از اینان که در باره جن و مصلحین از بشر، چنین اعتقادی داشته اند.

و نیز مقصود نصاری هستند که مسیح را پسر خدا می دانستند. هر چند که از نظر اینکه قرآن کریم به یهود نسبت داده که عزیز را پسر خدا می دانسته اند یهود نیز مشمول آیه هست.

انذار را در خصوص کسانی که گفتند خدا برای خود فرزند گرفته، تکرار کرد تا مزید اهتمام را در خصوص ایشان افاده نماید.

" ما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَ لا لِآبائِهِمْ کَبُرَتْ کَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْواهِهِمْ ...".

از آیه شریفه" أَنَّی یَکُونُ لَهُ وَلَدٌ وَ لَمْ تَکُنْ لَهُ صاحِبَةٌ وَ خَلَقَ کُلَّ شَیْ ءٍ" (1) استفاده می شود که مورد بحث آیه معتقد بوده اند خدا حقیقتا فرزند گرفته و فرزنددار شده است.

لذا در آیه مورد بحث آن را با دو جواب رد می کند: یکی اینکه این سخن را از روی نادانی زده اند، و علمی بدان ندارند، دوم اینکه دروغ می گویند.

جمله:" ما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ" رد بر همگی ایشان از خلف و سلفشان است، و لیکن چون ایشان علم به این نظریه را به پدران خود احاله داده می گفتند" این دین، دین پدران ما است، و آنها بهتر از ما می اندیشیده اند، و ما جز اینکه پیروی ایشان کنیم حق اظهار نظری نداریم" لذا خدا میان آنان و پدرانشان فرق گذاشته، ابتدا از ایشان نفی علم نموده و سپس از

[شماره صفحه واقعی : 328]

ص: 1053


1- از کجا برای او فرزند می شود و حال آنکه زن ندارد چون هر چه از زن و مرد و هر مخلوق دیگر که هست او خلق کرده. سوره انعام، آیه 101.

پدرانشان که به آنان اعتماد کرده بودند، تا بدین وسیله هم نظریه ایشان را رد کرده باشد و هم دلیلشان را.

قول و اعتقاد به فرزند داشتن خدا چه به نحو حقیقی و چه به نحو مجاز باطل و ممنوع است

و اینکه فرمود:" کَبُرَتْ کَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْواهِهِمْ" برای مذمت آنان و بزرگ شمردن سخن باطل ایشان است که گفته بودند:" اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً" برای اینکه جرأت بزرگی بر خدای سبحان کرده شریک و تجسم و ترکیب و احتیاج به کمک و جانشین را به او نسبت داده اند- تعالی اللَّه عن ذلک علوا کبیرا.

البته این را هم نباید از نظر دور داشت که بعضی از کسانی که قائل به فرزنددار بودن خدا بودند، منظورشان فرزند حقیقی نبوده، بلکه به عنوان احترام و تشریف و برای اینکه قرب به خدا و خصوصیت آن شخص مورد علاقه شان را برسانند اطلاق پسر خدا بر او می کرده اند، مانند یهود که- به طوری که قرآن از ایشان حکایت کرده- عزیز را پسر خدا می دانسته اند، و یا می گفته اند:" نَحْنُ أَبْناءُ اللَّهِ وَ أَحِبَّاؤُهُ- ما پسران و دوستان خداییم" و همچنین در کلمات بعضی از قدمای ایشان آمده که بر بعضی از مخلوقات اولیه اطلاق" پسر خدا" می کرده اند، به این عنوان که اینها اولین خلق خدا هستند که خدایشان آفریده و صادر کرده، همانطور که پسر از پدر صدور می یابد و بر آن موجوداتی که واسطه این صدور بودند اطلاق همسر و زوج می کرده اند.

و این دو اطلاق هر چند که شامل آنچه که اطلاق اول می شده نمی شود چون این اطلاق از باب مجاز و به عنوان احترام بوده، و لیکن هر دو از نظر شرع ممنوع است. نه صحیح است گفته شود فلان موجود فرزند واقعی خدا است آن طور که ما فرزندان پدران خود هستیم، و نه صحیح است بگوئیم فلان موجود آن قدر دارای شرافت است که اگر ممکن بود خدا فرزند دار شود جز این موجود کسی فرزند او نمی بود، و ملاک ممنوعیت این دو اطلاق همین بس که هر دو باعث می شود عامه مردم گمراه گشته رفته رفته از مجاز، حقیقت را بفهمند و به شقاوت دائمی و هلاکت جاودانه گرفتار گردند.

" فَلَعَلَّکَ باخِعٌ نَفْسَکَ عَلی آثارِهِمْ إِنْ لَمْ یُؤْمِنُوا بِهذَا الْحَدِیثِ أَسَفاً".

کلمه" بخوع" و" بخع" به معنای کشتن و هلاک کردن است. و" آثار" به معنای علامت های پا و اثر قدمهای کسی است که از زمین نرم عبور کرده باشد، و کلمه" اسف" به معنای شدت اندوه است، و مراد از" بِهذَا الْحَدِیثِ" همین قرآن کریم است.

این آیه و دو آیه بعدش در مقام خرسندی و تسلی خاطر رسول خدا صلی الله علیه و آله است، و حرف" فاء" که بر سر آیه آمده برای تفریع کلام بر کفر و انکار ایشان به آیات

[شماره صفحه واقعی : 329]

ص: 1054

خدا است که از آیات قبلی استفاده می شد. و معنای آیه چنین است: مثل اینکه بوی این می آید که از شدت اندوه بر اعراض کفار از قرآن و انصرافشان از شنیدن دعوتت، خودت را از بین ببری.

البته ما مساله اعراض و انصراف را از کلمه" آثار" در آوردیم که خود استعاره است.

هدف از خلق زینت بر روی زمین آزمایش انسان ها و تمیز نیک و بد بر اساس اعتقاد و عمل است

" إِنَّا جَعَلْنا ما عَلَی الْأَرْضِ زِینَةً لَها لِنَبْلُوَهُمْ أَیُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ... صَعِیداً جُرُزاً".

کلمه" زینت" به معنای هر امر زیبایی است که وقتی منضم به چیزی شود، جمالی به او می بخشد به طوری که رغبت هر کسی را به سوی آن جلب می کند. و کلمه" صعید" به معنای قشر زمین است و کلمه" جرز" به طوری که مجمع البیان گفته، زمینی است که گیاه نرویاند، گویی تخم گیاهان را می خورد (1).

در این دو آیه، بیان عجیبی در حقیقت زندگی بشر در زمین ایراد شده، و آن این است که نفوس انسانی- که در اصل جوهری است علوی و شریف- هرگز مایل نبوده که به زمین دل ببندد و در آنجا زندگی کند، ولی عنایت خداوند تبارک و تعالی چنین تقدیر کرده که کمال و سعادت جاودانه او از راه اعتقاد و عمل حق تامین گردد، به همین جهت تقدیر خود را از این راه به کار بسته که او را در موقف اعتقاد و عمل نهاده، به محک تصفیه و تطهیرش برساند و تا مدتی مقدر در زمینش اسکان داده میان او و آنچه که در زمین هست علقه و جذبه ای برقرار کند و دلش به سوی مال و اولاد و جاه و مقام شیفته گردد. این معنا را از این جای آیه استفاده کردیم که می فرماید: آنچه در زمین هست ما زینت زمین قرارش دادیم. و زینت بودن مادیات فرع بر این است که در دل بشر و در نظر او محبوب باشد، و دل او به آنها بستگی و تعلق یافته در نتیجه سکونت و آرامش یابد.

آن گاه وقتی آن مدت معین که خدا برای سکونتشان در زمین مقرر کرده به سر آمد، و یا به عبارتی آن آزمایشی که خدا می خواست از فرد فرد آنان به عمل آورد و تحقق یافت، خداوند آن علاقه را از بین آنها و مادیات محو نموده آن جمال و زینت و زیبایی که زمین را از آن می گیرد، و زمین به صورت خاکی خشک و بی گیاه می شود، آن سرسبزی و طراوت را از آن سلب می کند، و ندای رحیل و کوس کوچ را برای اهلش می کوبد، از این آشیانه بیرون می روند، در حالی که چون روز تولدشان منفرد و تنها هستند.

این سنت خدای تعالی در خلقت بشر و اسکانش در زمین و زینت دادن زمین و لذائذ

[شماره صفحه واقعی : 330]

ص: 1055


1- مجمع البیان، ج 6، ص 450.

مادی آن است تا بدین وسیله فرد فرد بشر را امتحان کند و سعادتمندان از دیگران متمایز شوند.

و به همین منظور نسلها را یکی پس از دیگری به وجود می آورد و متاعهای زندگی را که در زمین است، در نظرشان جلوه می دهد، آن گاه آنان را به اختیار خود وا می گذارد تا آزمایش تکمیل گردد. بعد از اتمام آن، ارتباط مزبور را که میان آنان و آن موجودات بود بریده، از این عالم که جای عمل است به آن نشاه که سرای حساب است، منتقلشان می کند، هم چنان که فرموده:

" وَ لَوْ تَری إِذِ الظَّالِمُونَ فِی غَمَراتِ الْمَوْتِ وَ الْمَلائِکَةُ باسِطُوا أَیْدِیهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَکُمُ ... وَ لَقَدْ جِئْتُمُونا فُرادی کَما خَلَقْناکُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَ تَرَکْتُمْ ما خَوَّلْناکُمْ وَراءَ ظُهُورِکُمْ وَ ما نَری مَعَکُمْ شُفَعاءَکُمُ الَّذِینَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِیکُمْ شُرَکاءُ لَقَدْ تَقَطَّعَ بَیْنَکُمْ وَ ضَلَّ عَنْکُمْ ما کُنْتُمْ تَزْعُمُونَ" (1).

پس حاصل معنای آیه این شد که: اعراض ایشان از دعوت و انذار و تبشیرت باعث تاسف بیش از حد تو نشود، و اگر می بینی که سرگرم تمتع از امتعه حیات مادی اند، ناراحت مباش، زیرا اینها اولین مردمی نیستند که چنین هستند و کاری هم نمی توانند بکنند، بلکه نه تنها نمی توانند کاری صورت دهند بلکه همین اعراض و سرگرمی به متاع دنیا خود آزمایش الهی است که ایشان را مسخر کرده است. آری این ماییم که بشر را در روی زمین منزل و متاعهای آن را در نظرش جلوه دادیم، که بینندگان را مفتون خود کند تا نفوسشان مجذوب گشته امتحان ما صورت گیرد و معلوم شود که کدامشان بهتر عمل می کنند، و آن گاه پس از اتمام امتحان، به تحقیق که همین ما زمین و آنچه را که در آن است به صورت سرزمین خشک و فاقد چیزی که مایه رغبت باشد، در می آوریم.

پس ناگفته پیداست که خدای سبحان از همه بشر ایمان نخواسته تا ایمان نیاوردن عده ای به معنای شکست خوردنش باشد، و استمرارشان در کفر و ضلالت به معنای مغلوب شدن خدا باشد، و از این جهت تو ناراحت شوی، بلکه همین سرنوشت را، خود او برایشان تنظیم نموده تا امتحانشان کند پس در هر حال خدا در آنچه خواسته غالب است.

از آنچه گذشت این معنا روشن گردید که جمله" وَ إِنَّا لَجاعِلُونَ ما عَلَیْها صَعِیداً جُرُزاً" از باب استعاره به کنایه است، و مراد از آن، قطع رابطه تعلق بین انسان و متاعهای زندگی زمینی است.

[شماره صفحه واقعی : 331]

ص: 1056


1- یعنی اگر ببینی که ستمکاران در گردابهای مرگند و فرشتگان دستهای خویش را گشوده که جانهای خویش بر آرید ... شما تک تک همانطور که نخستین بار خلقتان کردیم پیش ما آمده اید و آنچه را به شما عطا کرده بودیم پشت سر گذاشته اید واسطه هایتان را که می پنداشتید در عبادت شما شریکند با شما نمی بینم، روابط شما گسیخته و آنچه می پنداشتید نابود شده است. سوره انعام، آیه 93 و 94.

و چه بسا از مفسرین (1) که گفته اند: منظور از این تعبیر حقیقت معنای صعید جرز است، نه معنای کنایه ای، و معنایش این است که و هر آن زینتی که بر زمین است را مجددا با خاک یکسان خواهیم کرد و زمین را به نحوی قرار خواهیم داد که نه چیزی روئیدنی در آن باشد، و نه چیزی بر زمین موجود باشد.

و جمله" ما عَلَیْها- آنچه بر روی آن است" از قبیل به کار بردن اسم ظاهر در جای ضمیر است و گرنه جا داشت بفرماید" و انا لجاعلوه" شاید خواسته است عنایت بیشتر به وصف بودنش بر زمین را افاده کند.

بحث روایتی

(روایاتی در تفسیر جملات" لِیُنْذِرَ بَأْساً شَدِیداً"،" فَلَعَلَّکَ باخِعٌ نَفْسَکَ ..." و" لِنَبْلُوَهُمْ أَیُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا")

در تفسیر عیاشی از برقی روایت کرده که او بدون ذکر سند از ابی بصیر از امام باقر علیه السلام روایت کرده که در ذیل جمله" لِیُنْذِرَ بَأْساً شَدِیداً مِنْ لَدُنْهُ" فرموده: مقصود از" باس شدید" علی علیه السلام است که از طرف رسول خدا صلی الله علیه و آله مامور به کشتن دشمنانش گردید (2).

مؤلف: این روایت را ابن شهر آشوب (3) هم از امام باقر و امام صادق علیه السلام نقل کرده است، لیکن معنایش این نیست که آیه شریفه در این خصوص نازل شده، بلکه منظور این است که یکی از عذابهای شدید داستان علی علیه السلام است.

و در تفسیر قمی در حدیث ابی الجارود از امام باقر علیه السلام آورده که در تفسیر آیه" فَلَعَلَّکَ باخِعٌ نَفْسَکَ" فرموده: یعنی بکشی خود را در اثر مخالفت ایشان، و در باره کلمه" اسفا" فرموده: یعنی از حزن و اندوه (4) و در الدر المنثور است که ابن جریر، ابن ابی حاتم، ابن مرودیه و حاکم در تاریخ از ابن عمر روایت کرده اند که رسول خدا صلی الله علیه و آله آیه" لِنَبْلُوَهُمْ أَیُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا" را تلاوت فرمود، من پرسیدم: یا رسول اللَّه معنای آن چیست؟ فرمود: یعنی تا آنکه شما

[شماره صفحه واقعی : 332]

ص: 1057


1- روح المعانی، ج 15، ص 207 و مجمع البیان، ج 6، ص 450.
2- تفسیر عیاشی، ج 2، ص 321.
3- مناقب ابن شهر آشوب.
4- تفسیر قمی، ج 2، ص 31.

را بیازماییم که کدامیک عقل بهتر و ورع بیشتر از محارم خدا دارید و کدامیک سریع تر در اطاعت خدائید (1).

و در تفسیر قمی در روایت ابی الجارود از ابی جعفر علیه السلام نقل کرده که در معنای" صَعِیداً جُرُزاً" فرمود: زمینی که گیاه ندارد (2).

[شماره صفحه واقعی : 333]

ص: 1058


1- الدر المنثور، ج 4، ص 211.
2- تفسیر قمی، ج 2، ص 31.

سوره الکهف (18): آیات 9 تا 26

اشاره

أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحابَ الْکَهْفِ وَ الرَّقِیمِ کانُوا مِنْ آیاتِنا عَجَباً (9) إِذْ أَوَی الْفِتْیَةُ إِلَی الْکَهْفِ فَقالُوا رَبَّنا آتِنا مِنْ لَدُنْکَ رَحْمَةً وَ هَیِّئْ لَنا مِنْ أَمْرِنا رَشَداً (10) فَضَرَبْنا عَلَی آذانِهِمْ فِی الْکَهْفِ سِنِینَ عَدَداً (11) ثُمَّ بَعَثْناهُمْ لِنَعْلَمَ أَیُّ الْحِزْبَیْنِ أَحْصی لِما لَبِثُوا أَمَداً (12) نَحْنُ نَقُصُّ عَلَیْکَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْیَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَ زِدْناهُمْ هُدیً (13)

وَ رَبَطْنا عَلی قُلُوبِهِمْ إِذْ قامُوا فَقالُوا رَبُّنا رَبُّ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَا مِنْ دُونِهِ إِلهاً لَقَدْ قُلْنا إِذاً شَطَطاً (14) هؤُلاءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لَوْ لا یَأْتُونَ عَلَیْهِمْ بِسُلْطانٍ بَیِّنٍ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَری عَلَی اللَّهِ کَذِباً (15) وَ إِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَ ما یَعْبُدُونَ إِلاَّ اللَّهَ فَأْوُوا إِلَی الْکَهْفِ یَنْشُرْ لَکُمْ رَبُّکُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَ یُهَیِّئْ لَکُمْ مِنْ أَمْرِکُمْ مِرفَقاً (16) وَ تَرَی الشَّمْسَ إِذا طَلَعَتْ تَتَزاوَرُ عَنْ کَهْفِهِمْ ذاتَ الْیَمِینِ وَ إِذا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذاتَ الشِّمالِ وَ هُمْ فِی فَجْوَةٍ مِنْهُ ذلِکَ مِنْ آیاتِ اللَّهِ مَنْ یَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَ مَنْ یُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِیًّا مُرْشِداً (17) وَ تَحْسَبُهُمْ أَیْقاظاً وَ هُمْ رُقُودٌ وَ نُقَلِّبُهُمْ ذاتَ الْیَمِینِ وَ ذاتَ الشِّمالِ وَ کَلْبُهُمْ باسِطٌ ذِراعَیْهِ بِالْوَصِیدِ لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَیْهِمْ لَوَلَّیْتَ مِنْهُمْ فِراراً وَ لَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْباً (18)

وَ کَذلِکَ بَعَثْناهُمْ لِیَتَسائَلُوا بَیْنَهُمْ قالَ قائِلٌ مِنْهُمْ کَمْ لَبِثْتُمْ قالُوا لَبِثْنا یَوْماً أَوْ بَعْضَ یَوْمٍ قالُوا رَبُّکُمْ أَعْلَمُ بِما لَبِثْتُمْ فَابْعَثُوا أَحَدَکُمْ بِوَرِقِکُمْ هذِهِ إِلَی الْمَدِینَةِ فَلْیَنْظُرْ أَیُّها أَزْکی طَعاماً فَلْیَأْتِکُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ وَ لْیَتَلَطَّفْ وَ لا یُشْعِرَنَّ بِکُمْ أَحَداً (19) إِنَّهُمْ إِنْ یَظْهَرُوا عَلَیْکُمْ یَرْجُمُوکُمْ أَوْ یُعِیدُوکُمْ فِی مِلَّتِهِمْ وَ لَنْ تُفْلِحُوا إِذاً أَبَداً (20) وَ کَذلِکَ أَعْثَرْنا عَلَیْهِمْ لِیَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَ أَنَّ السَّاعَةَ لا رَیْبَ فِیها إِذْ یَتَنازَعُونَ بَیْنَهُمْ أَمْرَهُمْ فَقالُوا ابْنُوا عَلَیْهِمْ بُنْیاناً رَبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ قالَ الَّذِینَ غَلَبُوا عَلی أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَیْهِمْ مَسْجِداً (21) سَیَقُولُونَ ثَلاثَةٌ رابِعُهُمْ کَلْبُهُمْ وَ یَقُولُونَ خَمْسَةٌ سادِسُهُمْ کَلْبُهُمْ رَجْماً بِالْغَیْبِ وَ یَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَ ثامِنُهُمْ کَلْبُهُمْ قُلْ رَبِّی أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ ما یَعْلَمُهُمْ إِلاَّ قَلِیلٌ فَلا تُمارِ فِیهِمْ إِلاَّ مِراءً ظاهِراً وَ لا تَسْتَفْتِ فِیهِمْ مِنْهُمْ أَحَداً (22) وَ لا تَقُولَنَّ لِشَیْ ءٍ إِنِّی فاعِلٌ ذلِکَ غَداً (23)

إِلاَّ أَنْ یَشاءَ اللَّهُ وَ اذْکُرْ رَبَّکَ إِذا نَسِیتَ وَ قُلْ عَسی أَنْ یَهْدِیَنِ رَبِّی لِأَقْرَبَ مِنْ هذا رَشَداً (24) وَ لَبِثُوا فِی کَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِینَ وَ ازْدَادُوا تِسْعاً (25) قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِما لَبِثُوا لَهُ غَیْبُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ أَبْصِرْ بِهِ وَ أَسْمِعْ ما لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِیٍّ وَ لا یُشْرِکُ فِی حُکْمِهِ أَحَداً (26)

[شماره صفحه واقعی : 334]

ص: 1059

ترجمه آیات

مگر پنداشته ای از میان آیه های ما اهل کهف و رقیم شگفت انگیز بوده اند (9).

وقتی آن جوانان به غار رفتند و گفتند: پروردگارا ما را از نزد خویش رحمتی عطا کن و برای ما در کارمان صوابی مهیا فرما (10).

پس در آن غار سالهای معدود به خوابشان بردیم (11).

آن گاه بیدارشان کردیم تا بدانیم کدامیک از دو دسته مدتی را که درنگ کرده اند بهتر می شمارند (12).

ما داستانشان را برای تو به حق می خوانیم. ایشان جوانانی بودند که به پروردگارشان ایمان داشتند و ما بر هدایتشان افزودیم (13).

و دلهایشان را قوی کرده بودیم که بپا خاستند و گفتند: پروردگار ما، پروردگار آسمانها و زمین است و ما هرگز جز او پروردگاری نمی خوانیم، و گرنه باطلی گفته باشیم (14).

اینان، قوم ما که غیر خدا خدایان گرفته اند چرا در مورد آنها دلیل روشنی نمی آورند، راستی ستمگرتر از آن کس که دروغی در باره خدا ساخته باشد کیست؟ (15).

اگر از آنها و از آن خدایان غیر خدا را که می پرستند گوشه گیری و دوری می کنید پس سوی غار

[شماره صفحه واقعی : 335]

ص: 1060

بروید تا پروردگارتان رحمت خویش را بر شما بگسترد و برای شما در کارتان گشایشی فراهم کند (16).

و خورشید را بینی که چون بر آید از غارشان به طرف راست مایل شود و چون فرو رود به جانب چپ بگردد، و ایشان در فراخنا و قسمت بلندی غارند، این از آیه های خداست هر که را خدا هدایت کند او هدایت یافته است و هر که را خدا گمراه کند دیگر دوستدار و دلسوزی و رهبری برایش نخواهی یافت (17).

چنان بودند که بیدارشان پنداشتی ولی خفتگان بودند. به پهلوی چپ و راستشان همی گرداندیم و سگشان بر آستانه دستهای خویش را گشوده بود، اگر ایشان را می دیدی به فرار از آنها روی می گرداندی و از ترسشان آکنده می شدی (18).

چنین بود که بیدارشان کردیم تا از همدیگر پرسش کنند، یکی از آنها گفت: چقدر خوابیدید؟

گفتند روزی یا قسمتی از روز خوابیده ایم. گفتند پروردگارتان بهتر داند که چه مدت خواب بوده اید، یکیتان را با این پولتان به شهر بفرستید تا بنگرد طعام کدام یکیشان پاکیزه تر است و خوردنیی از آنجا برای شما بیاورد، و باید سخت دقت کند که کسی از کار شما آگاه نشود (19).

زیرا محققا اگر بر شما آگهی و ظفر یابند شما را یا سنگسار خواهند کرد و یا به آیین خودشان بر می گردانند و هرگز روی رستگاری نخواهند دید (20).

بدینسان کسانی را از آنها مطلع کردیم تا بدانند که وعده خدا حق است، و در رستاخیز تردیدی نیست، وقتی که میان خویش در کار آنها مناقشه می کردند، گفتند بر غار آنها بنائی بسازید پروردگار به کارشان داناتر است، و کسانی که در مورد ایشان غلبه یافته بودند گفتند بر غار آنها عبادت گاهی خواهیم ساخت (21).

خواهند گفت: سه تن بودند چهارمیشان سگشان بود. و گویند پنج تن بودند ششم آنها سگشان بوده اما بدون دلیل و در مثل رجم به غیب می کنند. و گویند هفت تن بودند هشتمی آنها سگشان بوده. بگو پروردگارم شمارشان را بهتر می داند و جز اندکی شماره ایشان را ندانند، در مورد آنها مجادله مکن مگر مجادله ای به ظاهر، و در باره ایشان از هیچ یک از اهل کتاب نظر مخواه (22).

در باره هیچ چیز مگو که فردا چنین کنم (23).

مگر آنکه خدا بخواهد، و چون دچار فراموشی شدی پروردگارت را یاد کن، و بگو شاید پروردگارم مرا به چیزی که به صواب نزدیکتر از این باشد هدایت کند (24).

و در غارشان سیصد سال بسر بردند و نه سال بر آن افزودند (25).

بگو خدا بهتر داند چه مدت بسر بردند دانستن غیب آسمانها و زمین خاص او است چه او بینا و شنوا است، جز او دوستی ندارند و هیچکس را در فرمان دادن خود شریک نمی کند (26).

[شماره صفحه واقعی : 336]

ص: 1061

بیان آیات وجه اتصال و رابطه آیاتی که داستان اصحاب کهف را حکایت می کنند با آیات قبل
اشاره

این آیات داستان اصحاب کهف را ذکر می کند که یکی از سه سؤالی است که یهود به مشرکین یاد دادند تا از رسول خدا صلی الله علیه و آله بپرسند و بدین وسیله او را در دعوی نبوتش بیازمایند. و دو سؤال دیگر- به طوری که در روایات آمده- یکی داستان موسی و آن جوان همسفر او است، و دیگری داستان ذی القرنین است. چیزی که هست در این آیات داستان کهف را مانند آن دو داستان دیگر طوری نقل نفرموده که صریح باشد در این که آن را از رسول خدا صلی الله علیه و آله پرسیده اند، همانطور که در آن دو دارد:" یَسْئَلُونَکَ". گو این که در آخر آیات مربوط به داستان کهف نیز چیزی که اشاره به این معنا داشته باشد هست، و آن این است که می فرماید:" در باره هیچ چیز مگو این کار را فردا می کنم مگر آنکه دنبالش بگویی ان شاء اللَّه".

سیاق آیات سه گانه ای که داستان مزبور با آنها شروع شده اشعار به این دارد که قصه کهف قبلا به طور اجمال در بین مردم معروف بوده، مخصوصا این اشعار در سیاق آیه" أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحابَ الْکَهْفِ وَ الرَّقِیمِ کانُوا مِنْ آیاتِنا عَجَباً" بیشتر به چشم می خورد، و می فهماند که نزول این آیات برای تفصیل قضیه است که از جمله" نَحْنُ نَقُصُّ عَلَیْکَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ ..." شروع می شود.

و وجه اتصالش به آیات قبل این است که با اشاره به این داستان و اینکه جای تعجب در آن نیست همان مطالب گذشته را تایید می کند، که اگر خدای تعالی موجودات روی زمین را در نظر بشر جلوه داده، و دلهای آدمیان را مجذوب آنها نموده تا بدانها رکون و اطمینان کنند، و توجه خود را بدانها معطوف دارند، همه به منظور امتحان است. و همچنین اگر پس از گذشتن اندک زمانی همه آنها را با خاک یکسان نموده، از نظر انسان می اندازد و به صورت سرابی جلوه می دهد، همه و همه آیاتی است الهی نظیر آیتی که در داستان اصحاب کهف هست، که خدا خواب را بر آنان مسلط نمود و در کنج غاری سیصد سال شمسی به خوابشان برد و وقتی بیدار شدند جز این به نظرشان نرسید که یا یک روز در خواب بوده اند و یا پاره ای از روز پس مکث هر انسان در دنیا و اشتغالش به زخارف و زینت های آن و دلباختگی اش نسبت به آنها و غفلتش از ماسوای آن، خود آیتی است نظیر آیتی که در داستان اصحاب کهف است. همانطور که آنها وقتی بیدار شدند خیال کردند روزی و یا پاره ای از روز خوابیده اند،

[شماره صفحه واقعی : 337]

ص: 1062

انسانها هم وقتی روز موعود را می بینند خیال می کنند یک روز و یا پاره ای از یک روز در دنیا مکث کرده اند، و چنانچه از اصحاب کهف سؤال شد" کَمْ لَبِثْتُمْ" و آنها گفتند:" لَبِثْنا یَوْماً أَوْ بَعْضَ یَوْمٍ" از همه انسانها نیز در روز موعود سؤال می شود:" کَمْ لَبِثْتُمْ فِی الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِینَ قالُوا لَبِثْنا یَوْماً أَوْ بَعْضَ یَوْمٍ" (1) و نیز می فرماید:" کَأَنَّهُمْ یَوْمَ یَرَوْنَ ما یُوعَدُونَ لَمْ یَلْبَثُوا إِلَّا ساعَةً مِنْ نَهارٍ" (2).

پس آیت اصحاب کهف در بین سایر آیات الهی پیشامدی نوظهور و عجیب نیست، بلکه داستانی است که همه روزه، و تا شب و روزی هست، تکرار می گردد.

پس گویا خدای تعالی بعد از آنکه فرمود:" فَلَعَلَّکَ باخِعٌ نَفْسَکَ عَلی آثارِهِمْ إِنْ لَمْ یُؤْمِنُوا بِهذَا الْحَدِیثِ أَسَفاً ... صَعِیداً جُرُزاً" رسول گرامی خود را خطاب می کند که: گویا تو متوجه نشدی که اشتغال مردم به دنیا و ایمان نیاوردنشان به این داستان به خاطر تعلقی که به زینت های زمین دارند، خود آیتی است نظیر آیت خوابیدن اصحاب کهف در غار، و به همین جهت اندوهناک شدی تا حدی که خواستی از غصه خودت را بکشی، و خیال کردی که داستان اصحاب کهف یک داستان استثنایی و نوظهور و عجیب است، و حال آنکه این داستان عین داستان زندگی مردم دنیاپرست است.

و اگر صریحا رسول گرامش را خطاب نکرد خواست تا نسبت غفلت به ساحت مقدس او نداده باشد، علاوه بر اینکه کنایه از تصریح رساتر است.

این آن معنایی است که با تدبر در وجه و چگونگی اتصال این داستان با آیات قبلش به دست می آید. و به همین منوال آیات بعدی هم- که مربوط به آن دو مرد است که یکی از آنها صاحب دو باغ بود و آیات بعد از آن، که مربوط است به قصه موسی و همسفرش- معنا می شود که به زودی بیانش خواهد آمد. البته مفسرین دیگر در وجه اتصال آیات این قصه به ما قبل خود وجوه دیگری ذکر کرده اند که موجه نیستند، و فائده ای در نقل آنها نیست.

" أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحابَ الْکَهْفِ وَ الرَّقِیمِ کانُوا مِنْ آیاتِنا عَجَباً".

" حسبان" به معنای پندار و مظنه است، و" کهف" به معنای مغاره ای است که در کوه باشد، و فرق آن را با" مغاره" از نظر لغت این است که کهف از مغاره وسیع تر و بزرگتر

[شماره صفحه واقعی : 338]

ص: 1063


1- پرسیده می شود چند سال در زمین درنگ کردید؟ (در پاسخ) گویند درنگ کردیم یک روز یا قسمتی از یک روز. سوره مؤمنون، آیات 112 و 113.
2- روزی که می بینند وعده الهی را، چنین به نظرشان می رسد که در زمین مکث نکردند مگر ساعتی از یک روزی را. سوره احقاف، آیه 35.

است. و غار همان کهف است، لیکن در صورتی که کوچک باشد و کلمه" رقیم" از" رقم" است که هم به معنای نوشتن است و هم به معنای خط. پس" رقیم" در واقع به معنای" مرقوم" است، چون در موارد بسیاری وزن فعیل به معنای مفعول می آید، مانند" جریح" که به معنای" مجروح" و" قتیل" که به معنای" مقتول" است. و کلمه" عجب" مصدر و به معنای" تعجب" است که اگر به صورت وصف (عجب) تعبیر شده نه به صورت فعل (تعجب) به منظور مبالغه است.

بیان اینکه اصحاب رقیم نام دیگر اصحاب کهف است .

و از ظاهر سیاق این داستان بر می آید که اصحاب کهف و رقیم جماعت واحدی بوده اند که هم اصحاب کهف نامیده شدند، و هم اصحاب رقیم. اصحاب کهف نامیده شدند به خاطر اینکه در کهف (غار) منزل کردند، و اصحاب رقیمشان نامیدند زیرا- بطوری که گفته (1) شده داستان و سرگذشتشان در سنگنبشته ای در آن ناحیه پیدا شده است، و یا در موزه سلاطین دیده شده (2)، به همین جهت اصحاب رقیم نامیده شدند. بعضی (3) دیگر گفته اند" رقیم" نام کوهی در آن ناحیه بوده که غار مزبور در آن قرار داشته است. و یا نام وادیی بوده که کوه مزبور در آنجا واقع بوده»(4)

. و یا نام آن شهری بوده که کوه نامبرده در آنجا بوده است، و اصحاب کهف اهل آن شهر بوده اند (5). و یا نام سگی بوده که همراه آنان به غار در آمده است (6).

این پنج قول است که در باره معنای اصحاب رقیم گفته شده و به زودی در بحثی که پیرامون داستان کهف می آید، خواهید دید که قول اول مؤید دارد.

بعضی (7) دیگر گفته اند: اصحاب رقیم مردمی غیر از اصحاب کهف بوده اند، و داستانشان غیر از داستان ایشان است، و خدای تعالی نام آنان را با اصحاب کهف ذکر کرده است، ولی فقط تفصیل داستان اصحاب کهف را فرموده است. این عده از مفسرین برای داستان اصحاب رقیم روایتی هم نقل کرده اند که به زودی در بحث روایتی خواهد آمد.

لیکن این قول بسیار بعید است، زیرا خدای تعالی در کلام فصیح و بلیغش هرگز به

[شماره صفحه واقعی : 339]

ص: 1064


1- مجمع البیان، ج 6، ص 452، نقل از سعید بن جبیر.
2- مجمع البیان، ج 6، ص 452.
3- مجمع البیان، ج 6، ص 452 به نقل از حسن. [.....]
4- مجمع البیان، ج 6، ص 452، به نقل از ابن عباس.
5- کشاف، ج 2، ص 705.
6- کشاف، ج 2، ص 704.
7- روح المعانی، ج 15، ص 210.

داستان دو طایفه از مردم اشاره نمی فرماید مگر آنکه تفصیل هر دو را بیان کند، نه اینکه اسم هر دو را ببرد و آن وقت تنها به داستان یکی پرداخته، دیگری را مسکوت بگذارد، و مورد توجه اجمالی یا تفصیلی قرار ندهد.

علاوه بر اینکه آن داستانی که گفتیم در روایت راجع به اصحاب رقیم آمده با سیاق آیات سابق سازگار نیست و آن مناسبتی را که داستان اصحاب کهف با آن سیاق دارد، ندارد.

پس از آنچه که در وجه اتصال آیات قصه کهف با آیات قبل گفتیم چنین بر می آید که معنای آیه این است که" تو گمان کرده ای داستان اصحاب کهف و رقیم- که خدا صدها سال به خوابشان برد و سپس بیدارشان نموده و گمان کردند یک روز و یا پاره ای از یک روز خوابیدند- آیت عجیبی از آیات ما است؟ نه هیچ عجیب و غریب نیست، زیرا آنچه که بر عامه خلق می گذرد، که سالها فریفته زندگی مادی و زرق و برق آن شده غافل و بی خبر از معاد به سرمی برند و ناگهان به عرصه قیامت در آمده زندگی چند ساله دنیای خود را یک روز و یا ساعتی از یک روز می پندارند، دست کمی از سرگذشت اصحاب کهف ندارند.

و ظاهر سیاق- همانطور که قبلا هم اشاره کردیم- این است که قصه اصحاب کهف قبل از نزول این آیات بطور اجمال برای رسول خدا صلی الله علیه و آله معلوم بوده، و در این آیات عنایت در بیان تفصیل آن است، مؤید این استظهار این است که بعد از این آیه و سه آیه دیگر آمده که اجمال قصه را در بردارد و مجددا می فرماید:" نَحْنُ نَقُصُّ ..." یعنی ما تفصیل داستان ایشان را برایت ذکر می کنیم.

" إِذْ أَوَی الْفِتْیَةُ إِلَی الْکَهْفِ ... مِنْ أَمْرِنا رَشَداً".

کلمه" اوی" از" اوی" است که به معنای برگشتن است، البته نه هر برگشتنی، بلکه برگشتن انسان و یا حیوان به محل اقامت و زندگی اش تا در آنجا دوباره استقرار یابد. و کلمه" فتیة" جمع سماعی" فتی" است، و" فتی" به معنای جوان است، و این کلمه خالی از شائبه مدح نیست و تقریبا منظور از آن، جوان خوب می باشد.

کلمه" هیئ" از ماده تهیه و آماده کردن است. بیضاوی گفته است که اصل تهیه هر چیزی پدید آوردن هیات آن است (1). و کلمه" رشد"- به فتحه را و شین- و همچنین کلمه" رشد"- به ضمه را و سکون شین- راه یافتن به سوی مطلوب است. راغب گفته:" رشد" و

[شماره صفحه واقعی : 340]

ص: 1065


1- تفسیر بیضاوی، ج 2، ص 5.

" رشد" در مقابل" غی" است که در جای کلمه هدایت استعمال می شود (1).

مقصود از" رحمت" و" رشد" در دعای اصحاب کهف:" رَبَّنا آتِنا مِنْ لَدُنْکَ رَحْمَةً وَ هَیِّئْ لَنا مِنْ أَمْرِنا رَشَداً"

و جمله" فَقالُوا رَبَّنا آتِنا مِنْ لَدُنْکَ رَحْمَةً" تفریع دعای ایشان است بر بازگشتن ایشان، گویا وقتی ناتوانی و بیچارگی خود را دیدند مضطر به این شدند که از درگاه خدا مسئلت نمایند، و این تفریع را کلمه" من لدنک" تایید می کند، زیرا اگر دستشان از هر چاره ای قطع نشده باشد، و یاس و نومیدی از هر طرف احاطه شان نکرده باشد رحمتی را که درخواست کردند مقید به قید" لدنک" نمی کردند، بلکه می گفتند" آتنا رحمة- خدایا به ما رحمتی فرست" هم چنان که دیگران می گویند:" رَبَّنا آتِنا فِی الدُّنْیا حَسَنَةً" (2) و یا می گویند:

" رَبَّنا وَ آتِنا ما وَعَدْتَنا عَلی رُسُلِکَ" (3) پس مراد از رحمت سؤال شده تایید الهی بوده در جایی که مؤیدی غیر او نیست.

ممکن هم هست مراد از رحمت سؤال شده از ناحیه پروردگار پاره ای مواهب و نعمتهای مختص به خدا باشد از قبیل هدایت که در مواضعی از کلام مجیدش آن را از ناحیه خودش به تنهایی دانسته است، تقیید به جمله" من لدنک" هم خالی از اشعار به این معنا نیست. و ورود نظیر این قید در دعای راسخین در علم که در قرآن آمده باز این احتمال را تایید می کند، چنانچه فرموده:" رَبَّنا لا تُزِغْ قُلُوبَنا بَعْدَ إِذْ هَدَیْتَنا وَ هَبْ لَنا مِنْ لَدُنْکَ رَحْمَةً" (4) که می دانیم در این درخواست جز هدایت چیزی را نخواسته اند.

و در جمله" وَ هَیِّئْ لَنا مِنْ أَمْرِنا رَشَداً" مراد از" أمرنا" آن وصفی است که مخصوص به خود آنان بوده. و به خاطر همان وضع از میان قوم خود بیرون آمده و فرار کرده اند و حتما آن قوم در پی مردم با ایمان بوده اند تا هر جا یافتند آنها را به قتل برسانند، و یا بر پرستش غیر خدا مجبورشان کنند. و این عده پناهنده به غار شدند در حالی که نمی دانستند سرانجام کارشان به کجا می رسد، و چه بر سرشان می آید، و غیر از پناهندگی به غار هیچ راه نجات دیگری نداشتند، و از همین جا معلوم می شود که مراد از رشد همان راه یافتن و اهتداء به روزنه نجات است.

پس این جمله، یعنی جمله" وَ هَیِّئْ لَنا مِنْ أَمْرِنا رَشَداً" بنا بر احتمال اول- از دو

[شماره صفحه واقعی : 341]

ص: 1066


1- مفردات راغب، ماده" رشد".
2- سوره بقره، آیه 201.
3- سوره آل عمران، آیه 194.
4- پروردگارا دلهای ما را از حق منحرف مکن بعد از آنکه هدایتمان کردی و از ناحیه خودت رحمتی بر ما ارزانی دار. سوره آل عمران، آیه 8.

احتمالی که در سابق در معنای رحمت گذشت- عطف تفسیر بر جمله" آتِنا مِنْ لَدُنْکَ رَحْمَةً" خواهد بود، و بنا بر احتمال دوم درخواست دیگری غیر درخواست رحمت خواهد شد.

معنای جمله:" فَضَرَبْنا عَلَی آذانِهِمْ فِی الْکَهْفِ سِنِینَ عَدَداً"

" فَضَرَبْنا عَلَی آذانِهِمْ فِی الْکَهْفِ سِنِینَ عَدَداً".

زمخشری در تفسیر کشاف خود گفته: یعنی پرده ای بر آن غار زدیم تا دیگر گوشهایشان صداهای خارج را نشنود و از خواب بیدار نگردند. و به عبارت دیگر: خواب سنگینی بر آنان مسلط کردیم که هیچ صدایی بیدارشان نکند هم چنان که اشخاصی که سنگین خواب هستند همینطورند، هر چه بیخ گوششان فریاد بزنی بیدار نمی گردند، بنا بر این، مفعول" ضربنا" که همان حجاب باشد در کلام حذف شده هم چنان که در عبارت معروف:" فلان بنی علی امرأته" مفعول" بنی" حذف شده، و نمی گویند چه بنا کرد، چون مقصود معلوم است، همه می دانند که اطاقی بنا کرد (1).

و در مجمع البیان گفته: معنای" فَضَرَبْنا عَلَی آذانِهِمْ" این است که ما خواب را بر گوشهای آنان مسلط کردیم، و این تعبیر نهایت درجه فصاحت را دارد، هم چنان که می گویند:

" ضربه اللَّه بالفالج" یعنی خدا او را مبتلای به فلج کرد. قطرب گفته: این تعبیر نظیر تعبیر عرب است که می گوید:" ضرب الامیر علی ید فلان" و منظور از این تعبیر این است که امیر دست فلانی را از فلان کار کوتاه نمود. اسود بن یعفر که مردی نابینا بود گفته است:

و من الحوادث لا ابا لک اننی ضربت علی الارض بالاسداد

یعنی: از حوادث بی پدر! از حوادث روزگار اینکه من بر زمین زدم (یعنی جایی نمی روم).

آن گاه قطرب اضافه کرده که این از تعابیر فصیح قرآنی است که به طور زیرنویسی نمی شود ترجمه اش کرد. این بود کلام صاحب مجمع البیان (2).

این معنایی که وی برای جمله مورد بحث کرده از معنای زمخشری بلیغ تر است.

البته معنای سومی هم می توان کرد، هر چند مفسرین آن را نگفته اند و آن این است که مقصود از زدن بر گوش اشاره به آن رفتاری باشد که زنان هنگام خواباندن بچه های خود انجام می دهند، و آن این است که یا با کف دست و یا با سر انگشت به گوش بچه آرام می زنند تا حواسش از همه جا جمع شده در یک جا متمرکز شود، و به این وسیله خوابش ببرد، پس جمله مذکور کنایه از این است که خدای تعالی با شفقت و مدارا آنان را به خواب برد

[شماره صفحه واقعی : 342]

ص: 1067


1- تفسیر کشاف، ج 2، ص 705.
2- مجمع البیان، ج 6، ص 451.

همانطور که مادر مهربان با بچه شیرخوار خود عمل می کند.

" سِنِینَ عَدَداً"- این جمله ظرف است برای" ضرب" و" عدد" مانند عد مصدر به معنای معدود است، و بنا بر این معنای جمله مزبور سنین معدودا است، و بعضی گفته اند: مضافی در این میان حذف شده، و تقدیر کلام" سنین ذوات عدد، یعنی سالهایی دارای عدد" بوده است.

ولی زمخشری در کشاف گفته توصیف سنین به عدد احتمال دارد به منظور تکثیر و یا تقلیل بوده باشد، و در هر حال معنا:" سالهای بسیار" باشد چون به منظور تقلیل هم که باشد کثیر نزد ما نزد خدا قلیل است هم چنان که عمر دنیای ما را یک ساعت از روز خوانده و فرموده:

" لَمْ یَلْبَثُوا إِلَّا ساعَةً مِنْ نَهارٍ- در دنیا مکث نکردند مگر ساعتی از روزی" زجاج گفته: این توصیف به منظور تکثیر است، چون هر چیزی وقتی زیاد باشد محتاج به شمردن و عدد است و اما اندکش احتیاج به عدد ندارد، این هم خلاصه کلام زمخشری بود (1).

و چه بسا عنایت در این توصیف به این بوده که کمی مقدار سالها را برساند، چون هر چیزی وقتی زیاد شد دیگر قابل شمردن نیست و عادتا آن را نمی شمارند، پس اینکه فرموده سالهایی معدود، یعنی اندک و قابل شمار، هم چنان که همین قرآن کریم این عنایت را در داستان بفروش رفتن یوسف علیه السلام به بهای اندک به کار برده و فرموده:" وَ شَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَراهِمَ مَعْدُودَةٍ" (2) یعنی درهم هایی اندک.

بعلاوه اگر منظور از این توصیف تقلیل باشد با سیاق مناسب تر است، زیرا در سابق هم گفتیم که زمینه کلام افاده این معنا است که سرگذشت اصحاب کهف امر عجیبی نیست، و با این زمینه تقلیل سازگارتر است نه تکثیر. و معنای آیه روشن است، و از آن استفاده می شود که اصحاب کهف در این مدت طولانی در خواب بوده اند نه اینکه مرده باشند.

" ثُمَّ بَعَثْناهُمْ لِنَعْلَمَ أَیُّ الْحِزْبَیْنِ أَحْصی لِما لَبِثُوا أَمَداً".

مراد از" بعث" در اینجا همان بیدار کردن است، نه زنده کردن. به قرینه آیه قبلی که دلالت داشت بر اینکه در این مدت در خواب بودند نه اینکه مرده باشند. راغب گفته:

کلمه" حزب" به معنای جماعت است اما جماعتی که یک نوع فشردگی داشته باشند (3).

و نیز در باره کلمه" امد" گفته: این کلمه با کلمه" ابد" در معنا نزدیک به همند، با این تفاوت که ابد مدت زمانی را گویند که حد محدودی نداشته باشد و مقید به حدی نشده.]

[شماره صفحه واقعی : 343]

ص: 1068


1- تفسیر کشاف، ج 2، ص 705.
2- او را بفروختند به بهایی ناچیز و درهم هایی معدود. سوره یوسف، آیه 20.
3- مفردات راغب، ماده" حزب". [.....]

باشد، و لذا هیچ وقت نمی گویند:" ابد، چند سال" به خلاف" امد" که به معنای مدت زمانی است که محدود باشد، اگر حدش در کلام آمده باشد که معین خواهد بود، ولی اگر به طور مطلق ذکر شده باشد زمان محدودی است که حدش مجهول است. و فرق میان امد و زمان این است که امد به اعتبار آخر زمان و نهایت آن به کار می رود ولی زمان عام است، هم در ابتدای مدت استعمال می شود و هم در آخر آن، و به همین جهت است که بعضی از علمای لغت گفته اند" مدی" و" امد" قریب المعنایند (1).

مراد از اینکه فرمود" لنعلم- تا بدانیم" آن معنای معروف این کلمه نیست تا کسی بگوید مگر خدا هم جاهل است، بلکه به معنای علم فعلی است. و علم فعلی عبارت است از حضور معلوم و ظهورش با وجود مخصوص به خودش در نزد خدای سبحان و در قرآن کریم علم به این معنا زیاد آمده، مانند آیه" لِیَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ یَنْصُرُهُ وَ رُسُلَهُ بِالْغَیْبِ" (2) و آیه" لِیَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسالاتِ رَبِّهِمْ" (3).

برگشت توجیه بعضی (4) از مفسرین هم که گفته اند معنای" لنعلم" عبارت است از:

" تا معلوم خود را اظهار کنیم" به همین معنایی است که ما کردیم.

معنای اینکه فرمود: سپس اصحاب کهف را بیدار کردیم" لِنَعْلَمَ أَیُّ الْحِزْبَیْنِ أَحْصی"

و جمله" لِنَعْلَمَ أَیُّ الْحِزْبَیْنِ أَحْصی ..." تعلیل برای بعث است، و لام آن لام غایت و مراد از" دو حزب" دو طائفه از اصحاب کهف است که با هم اختلاف کردند یکی پرسید" کَمْ لَبِثْتُمْ" دیگری پاسخ داد:" لَبِثْنا یَوْماً أَوْ بَعْضَ یَوْمٍ" گفتند پروردگارتان بهتر می داند که چقدر خوابیدید.

جمله" وَ کَذلِکَ بَعَثْناهُمْ لِیَتَسائَلُوا بَیْنَهُمْ" که در آیات بعدی است همین معنا را تایید می کند که غرض از به خواب کردن اصحاب کهف همین بوده که وقتی بیدار می شوند اختلاف کنند و معلوم شود آیا به ذهن فردی از آنان می رسد که چقدر خوابیده اند، یا نه؟.

و اما این احتمال که بعضی (5) داده اند که منظور از" دو حزب"" دو طائفه از مردم بوده اند که در باره خواب اصحاب کهف اختلاف کرده اند، کفار به خطا نظر می دادند، و مؤمنین به صواب، خدا خود اصحاب کهف را بیدار کرد تا حق مطلب را بگویند، و معلوم شود که کدام طائفه خطا کرده اند" معنای بعیدی است.

[شماره صفحه واقعی : 344]

ص: 1069


1- مفردات راغب، ماده" امد".
2- سوره حدید، آیه 25.
3- سوره جن، آیه 28. (4 و 5)مجمع البیان، ج 6، ص 452.

کلمه" احصی" در جمله" أَحْصی لِما لَبِثُوا أَمَداً" فعل ماضی است که از باب افعال گرفته شده. و کلمه" امدا" مفعول آن است و ظاهرا جمله" لِما لَبِثُوا" قید است برای" امدا" و" ما" در آن مصدریه است، و به آیه چنین معنا می دهد: کدامیک از دو طائفه مدت مکثشان را شمرده اند.

بعضی (1) دیگر از مفسرین کلمه" احصی" را اسم تفضیل از احصاء دانسته و گفته اند که کلمه مذکور اسم تفضیل است که زوائدش حذف شده، هم چنان که می گویند:" فلان احصی للمال و افلس من ابن المذلق" (2) و کلمه" امدا" منصوب به فعلی است که کلمه" احصی" بر آن دلالت دارد. لیکن این طرز معنا کردن تکلف و بیهوده به خود زحمت دادن است. البته بعضی دیگر از مفسرین معنای دیگری کرده اند.

و معنای آیات سه گانه یعنی آیه" إِذْ أَوَی الْفِتْیَةُ ... أَمَداً" این است: وقتی جوانان در غار جا گرفتند از پروردگار خود در همان موقع درخواست کردند که پروردگارا به ما از ناحیه خودت رحمتی عطا کن که ما را به سوی راه نجاتمان هدایت کند. پس سالهای معدودی ایشان را در غار بخواباندیم و آن گاه بیدارشان کردیم تا معلوم شود کدامیک از دو طائفه مدت خواب خود را می داند، و آن را شمرده است.

و این آیات سه گانه به طوری که ملاحظه می فرمایید اجمال داستان اصحاب کهف را یادآوری نموده و تنها جهت آیت بودن آن را و غرابت امر ایشان را بیان می کند. آیه اولی اشاره می کند که چگونه به غار درآمدند، و درخواست راه نجات کردند، و در دومی به خواب رفتن آنان را در سالهایی معدود بیان نموده در آیه سوم به بیدار شدن و اختلافشان در مقدار زمانی که خوابیدند اشاره شده است.

پس اجمال قصه سه رکن دارد که هر یک از این آیات سه گانه یکی را بیان نموده است. و بر همین منوال است آیات بعدی که تفصیل داستان را بیان می کند، جز اینکه آن آیات مطلب دیگری را هم اضافه می کند، و آن پاره ای از جزئیات است که پس از علنی شدن داستان ایشان رخ داده، و آیه" کَذلِکَ أَعْثَرْنا عَلَیْهِمْ ..."- تا آخر آیات قصه- متضمن آن جزئیات است.ت.

[شماره صفحه واقعی : 345]

ص: 1070


1- کشاف، ج 2، ص 705.
2- فلانی از همه بهتر مال می شمارد، و فلانی از ابن مذلق مفلس تر است- این جمله یک مثل مشهور است.

" نَحْنُ نَقُصُّ عَلَیْکَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ ...".

از اینجا تفصیل نکات مهم داستان شروع می شود، و معنای اینکه فرمود:" إِنَّهُمْ فِتْیَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ" این است که اصحاب کهف جوانانی بودند که به پروردگار خود ایمانی آوردند که مورد رضایت او بود. و اگر منظور افاده چنین ایمانی نبود مسلما ایمان را به آنان نسبت نمی داد و نمی فرمود: ایمان آوردند به پروردگارشان.

" وَ زِدْناهُمْ هُدیً"- هدایت بعد از اصل ایمان ملازم با ارتقای درجه ایمانی است که باعث می شود انسان به سوی هر چیزی که منتهی به خشنودی خدا است هدایت گردد، هم چنان که فرموده:" یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَ آمِنُوا بِرَسُولِهِ یُؤْتِکُمْ کِفْلَیْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَ یَجْعَلْ لَکُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ" (1).

" وَ رَبَطْنا عَلی قُلُوبِهِمْ إِذْ قامُوا فَقالُوا ... عَلَی اللَّهِ کَذِباً".

کلمه" ربط" به معنای محکم بستن است. و" ربط بر دلها" کنایه از سلب اضطراب و قلق از آنها است. و کلمه" شطط" به معنای خروج از حد و تجاوز از حق است. و کلمه" سلطان" به معنای حجت و برهان است.

اقرار به توحید پروردگار و نفی ربوبیت ارباب و آلهه در گفتگوی اصحاب کهف با خود

این آیات سه گانه قسمت اول از گفتگوی اصحاب کهف را حکایت می کند، که وقتی علیه بت پرستی قیام نمودند و با آن به مبارزه برخاستند با یکدیگر گفتند." إِذْ قامُوا فَقالُوا رَبُّنا رَبُّ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَا مِنْ دُونِهِ إِلهاً لَقَدْ قُلْنا إِذاً شَطَطاً هؤُلاءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لَوْ لا یَأْتُونَ عَلَیْهِمْ بِسُلْطانٍ بَیِّنٍ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَری عَلَی اللَّهِ کَذِباً- هنگامی که قیام کردند گفتند پروردگار ما پروردگار آسمانها و زمین است، ما به غیر او اله دیگری را نمی خوانیم، چرا که اگر بخوانیم در این هنگام از راه حق تجاوز کرده ایم ببین که مردم ما چگونه غیر خدا خدایانی گرفته اند، اینها اگر دلیل قاطعی بر ربوبیت ایشان نیاورند ستمکارترین مردمند، زیرا ستمکارتر از کسی که بر خدا افتراء و دروغ ببندد کیست؟".

این قسمت از گفتگوی اصحاب کهف مملو از حکمت و فهم است، و در این فراز از گفتگوی خود خواسته اند ربوبیت ارباب بتها از ملائکه و جن و مصلحین بشر را که فلسفه وثنیت الوهیت آنها را اثبات کرده باطل کنند، نه ربوبیت خود بتها را که مشتی مجسمه و تصویری از آن ارباب و خدایان است. شاهد بر این معنا کلمه" علیهم" است که می رساند

[شماره صفحه واقعی : 346]

ص: 1071


1- ای کسانی که ایمان آورده اید از خدا بترسید و به رسول او ایمان بیاورید تا از رحمت خود دو چندان به شما بدهد و به شما نوری ارزانی دارد که با آن نور آمد و شد کنید. سوره حدید، آیه 28.

منظورشان ابطال ربوبیت ملائکه و جن و کملین از بشر بوده، و گرنه اگر منظورشان ابطال ربوبیت مجسمه ها بود می فرمود:" علیها- اگر دلیل قاطعی بر ربوبیت آنها نیاورند".

آری، اصحاب کهف در این قسمت از محاوره خود ابتداء با جمله" رَبُّنا رَبُّ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ" توحید را اثبات نموده و ربوبیت تمامی عالم را منحصر به رب واحدی کرده اند که شریک ندارد، و این غیر آن چیزی است که وثنیت می گوید. وثنیت برای هر نوع از انواع مخلوقات، اله و ربی قائل هستند. الهی برای آسمانها و الهی برای زمین و ربی برای انسانها و همچنین برای هر قسم از موجودات ربی جداگانه قائلند.

آن گاه برای تاکید توحید اضافه کرده اند که:" لَنْ نَدْعُوَا مِنْ دُونِهِ إِلهاً- ما به غیر او اله دیگری نمی خوانیم" و فائده این تاکید نفی آلهه ایست که وثنیت آنها را اثبات می کرد، و آن آلهه را ما فوق رب النوع ها می دانست مانند عقول کلیه ای که صابئین عبادت می کردند، و مانند برهما و سیوا و شنوکه براهمه و بودائیان آنها را می پرستیدند. اصحاب کهف برای نفی الوهیت آنها آن تاکید را آورده مجددا تاکید دیگری آوردند که:" لَقَدْ قُلْنا إِذاً شَطَطاً- اگر چنین کنیم از راه حق تجاوز کرده ایم" و با این جمله فهماندند که خواندن غیر خدا تجاوز از حد و غلو در حق مخلوق و بالا بردن آن تا حد خالق است.

آن گاه به مردم عصر خود در پرستش غیر خدای سبحان و اتخاذ آلهه حمله کرده گفته اند:" هؤُلاءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لَوْ لا یَأْتُونَ عَلَیْهِمْ بِسُلْطانٍ بَیِّنٍ" و عقیده آنان را چنین رد کرده اند که اینان دلیل روشنی بر آنچه ادعاء می کنند ندارند.

و این دلیلی که بت پرستان آورده اند که" خدای سبحان بزرگتر از آن است که ادراک خلق بر او احاطه یافته توجهش به سوی او متوجه گردد، و یا عبادت خود به سویش تقرب جوید و لا جرم راه دیگری جز این نیست که مخلوق او بعضی از موجودات شریف و محترم را عبادت کند تا آن موجود عبادت وی را به خدا برساند و او را به خدا نزدیک کند" دلیلی است که به ضرر خود آنان است، زیرا اولا احاطه نیافتن ادراک بشر به خدای تعالی اشکالی است که میان همه ما افراد بشر و آنچه عبادتش می کنند مشترک است.

به علاوه ما هم که یکتاپرستیم تنها او را به اسماء و صفاتش می شناسیم آن هم هر کس به قدر طاقتش به اسماء و صفات او آشنایی دارد. پس هر کس به قدر معرفتش باید او را بپرستد.

علاوه بر اینکه تمامی صفاتی که معبود را مستحق عبادت می کند از قبیل خلقت کردن، رزق دادن و مالکیت و تدبیر عالم و امثال آن همه منحصرا صفات خدای تعالی است،

[شماره صفحه واقعی : 347]

ص: 1072

و غیر خدا چیزی از آن صفات را از خود ندارد، پس مشرکین هم تنها او را باید بپرستند.

جزئیاتی از داستان اصحاب کهف که از آیات استفاده می شود

آن گاه گفتار گذشته، یعنی جمله" لَوْ لا یَأْتُونَ عَلَیْهِمْ بِسُلْطانٍ بَیِّنٍ" را با این کلام دیگر خود" فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَری عَلَی اللَّهِ کَذِباً": ردیف کردند تا حجت و برهانی که در رد کلام کفار اقامه کرده بودند تمام گردد. و معنایش این است که: بر مشرکین است که برهانی قاطع بر صحت گفتارشان اقامه کنند که اگر اقامه نکنند سخنشان سخنی بدون دلیل و علم بوده، دروغ و افترایی خواهد بود که به خدا بسته اند، و افتراء ظلم است، و ظلم بر خدا بزرگترین ظلمها است.

پس با این کلام خود به ما فهمانده اند که مردمی عالم و خداشناس و دارای بصیرت بوده اند و وعده خدای تعالی را که در باره شان فرموده:" وَ زِدْناهُمْ هُدیً" در حقشان عملی شده است.

در این کلام با همه اختصارش قیودی است که از تفصیل نهضت آنان و جزئیات آن در ابتدای امر خبر می دهد، مثلا از قید" وَ رَبَطْنا عَلی قُلُوبِهِمْ" فهمیده می شود که گفتار بعدیشان را که گفتند:" رَبُّنا رَبُّ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ ..." از مشرکین پنهان نمی داشته اند، بلکه علنی در میان آنان می گفتند، در موقعیتی می گفتند که دل شیر در آن آب می شد، و از وحشت دلها به لرزه درمی آمده، پوست بدنها جمع می شده، در میان جمعی از دشمنان اظهار می داشتند که می دانستند دنبال اظهاراتشان خونریزی و عذاب و شکنجه و تطمیع در کار است.

و از قید،" إِذْ قامُوا فَقالُوا" استفاده می شود که این عده از جوانان ابتدای مخالفتشان در مجلسی بوده که دستور به عبادت و پرستش بتها از آنجا صادر می شده و اعضای آن محفل مردم را مجبور به بت پرستی نموده از عبادت خدا باز می داشتند و حتی استفاده می شود که خداپرستان را شکنجه و آزار هم می کردند، می کشتند، عذاب می دادند، حال این مجلس یا مجلس سلطان بوده یا مجلسی که از وزراء سلطان تشکیل می شده، و یا مجلس عمومی بوده است، علی ای حال این چند جوان برمی خیزند، و علنا مخالفت خود را اعلام داشته از آن مجلس بیرون می آیند، و از مردم شهر کناره گیری می کنند، و در حالی این قیام را کردند که در خطر عظیمی بودند، از هر سو مردم به ایشان حمله ور شدند، چون در آیه شریفه دارد که به غار پناهنده شدند، و فرموده:" وَ إِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَ ما یَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ فَأْوُوا إِلَی الْکَهْفِ- و چون از ایشان و آنچه که به غیر خدا می پرستیدند کناره گیری نمودید، به غار پناهنده شوید".

و این خود مؤید روایاتی است که در داستان اصحاب کهف آمده و به زودی خواهد آمد که اصلا شش نفر از آنان جزء خواص سلطان بوده اند و شاه در امور خود با آنان مشورت می کرده، همانها بودند که از مجلسش برخاسته اعلان اعتقاد به توحید نموده هر شریکی را از خدا نفی کردند.

[شماره صفحه واقعی : 348]

ص: 1073

و این با مضمون روایاتی که می گوید اصحاب کهف ایمان خود را پنهان می داشتند و با تقیه رفتار می کردند منافاتی ندارد، زیرا ممکن است عمری این چنین بسر برده و سپس به طور ناگهانی تقیه را شکسته ایمان به توحید را اعلام نموده از مردم خود کناره گیری نمودند، و دیگر مجالی برایشان نمانده که تظاهر به ایمان بکنند، زیرا اگر چنین مجالی بود قطعا کشته می شدند.

و چه بسا احتمال داده اند، که مراد از قیام اصحاب کهف قیامشان برای یاری حق بوده، و اینکه گفته اند" رَبُّنا رَبُّ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ" گفتاری بوده که در دل زمزمه می کرده اند. و جمله" وَ إِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ" گفتار ایشان در هنگام خروجشان از شهر بوده. و یا ممکن است مقصود از قیامشان قیام برای خدا باشد، و همه اقوالی که از ایشان نقل شده گفتگوهایی بوده میان خودشان که بعد از بیرون شدن از شهر و دور شدن از مردم به میان آورده اند. و بنا بر دو وجهی که ذکر شد منظور از ربط بر قلوب ایشان، این است که ایشان از عاقبت بیرون شدن از میان مردم و فرار از شهر و دوری از مردم نهراسیده اند.

و لیکن از دو وجه مذکور وجه اولی روشن تر است.

" وَ إِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَ ما یَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ فَأْوُوا إِلَی الْکَهْفِ ...".

کلمه" اعتزال" و همچنین" تعزل" به معنای دوری از چیزی است، و کلمه" نشر" به معنای گستردن است و" مرفق"- به کسره میم و فتحه فاء، و همچنین بالعکس، و نیز به فتحه هر دو حرف- به معنای رفتار به نرمی و معامله به لطف است.

این آیه فراز دوم از محاوره آنان را بعد از بیرون شدن از میان مردم و اعتزالشان از آنان و از خدایان آنان حکایت می کند، که بعضی از ایشان پیشنهاد کرده که داخل غار شوند و خود را از دشمنان دین پنهان کنند. و اینکه این پیشنهاد خود الهامی الهی بوده که به دل ایشان انداخته که اگر چنین کنند خدا به لطف و رحمت خود با آنان معامله می کند، و راهی که منتهی به نجاتشان از زورگوئیهای قوم و ستمهای ایشان باشد پیش پایشان می گذارد. و ما این معنا را از جمله" فَأْوُوا إِلَی الْکَهْفِ یَنْشُرْ لَکُمْ رَبُّکُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ ..." استفاده کردیم، چون اصحاب کهف در این جمله به طور جزم گفتند:" پروردگارتان از رحمتش برای شما می گستراند"، و نگفتند" امید است پروردگارتان چنین کند" و نیز نگفتند" شاید پروردگارتان چنین کند" و این دو مژده، یعنی نشر رحمت و تهیه مرفق، که بدان ملهم شدند همان دو خواهشی بود که بعد از دخول در کهف از درگاه خدای خود نموده- و به حکایت قرآن

[شماره صفحه واقعی : 349]

ص: 1074

کریم- گفتند:" رَبَّنا آتِنا مِنْ لَدُنْکَ رَحْمَةً وَ هَیِّئْ لَنا مِنْ أَمْرِنا رَشَداً".

استثناء در جمله" وَ ما یَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ" استثناء منقطع است، زیرا وثنی ها، خدا را با سایر خدایان خود نمی پرستیدند تا در نتیجه استثناء متصل باشد، و بعضی افرادی که داخل در مستثنی منه بوده بیرون کند. پس اینکه بعضی (1) از مفسرین گفته اند که مردم آن روز مثل سایر مشرکین هم خدا را می پرستیده اند و هم آلهه را. و همچنین اینکه بعضی (2) دیگر گفته اند ممکن است که در میان آن مردم بعضی بوده اند که خدا را با آلهه می پرستیدند، و بدین جهت استثناء در آیه متصل است، سخنی بیجا است، زیرا هیچ وقت سابقه نداشته و معهود نبوده که وثنی ها خدای سبحان را با بتهای خود پرستیده باشند. و اصولا فلسفه وثنیت چنین اجازه ای نمی دهد، و ما در صفحات گذشته به فلسفه و حجت آنها اشاره کردیم.

" وَ تَرَی الشَّمْسَ إِذا طَلَعَتْ تَتَزاوَرُ عَنْ کَهْفِهِمْ ذاتَ الْیَمِینِ وَ إِذا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذاتَ الشِّمالِ ...".

کلمه" تزاور" به معنای تمایل است که از ماده" زور" به معنای میل گرفته شده. و کلمه" قرض" به معنای قطع و بریدن است. و کلمه" فجوه" به معنای زمین پهناور و وسیع و فضای خانه است، و مراد از" ذاتَ الْیَمِینِ وَ ذاتَ الشِّمالِ" طرف دست راست و طرف دست چپ است، و یا طرفی است که به خود آن راست و چپ گفته می شود، و به هر حال همین طرف راست و چپ معروف است.

وضعیت جغرافیایی غار اصحاب کهف و کیفیت قرار گرفتن اصحاب کهف در آن

این دو آیه، غار اصحاب کهف و اوضاع جغرافیایی آن را و منزل کردن ایشان را در آن مجسم می سازد، و می فهماند که اصحاب کهف در غار در آن روزگاری که آنجا بودند چه حال و وضعی داشتند و وقتی به خواب رفتند چگونه بودند.

خطاب در آیه به رسول خدا صلی الله علیه و آله است، البته آن جناب شنونده خطاب شده نه اینکه مخصوص به خطاب باشد، بلکه روی سخن با همه مردم است، و از اینگونه خطابها شایع است که یک نفر را مخاطب قرار داده ولی همه را اراده می کنند.

پس، اینکه آیه شریفه فرموده" وَ تَرَی الشَّمْسَ إِذا طَلَعَتْ تَتَزاوَرُ عَنْ کَهْفِهِمْ ذاتَ الْیَمِینِ وَ إِذا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذاتَ الشِّمالِ وَ هُمْ فِی فَجْوَةٍ مِنْهُ" محل غار را وصف و تعریف می کند، و می فهماند که اصحاب کهف بعد از به خواب رفتن چه وضعی داشتند و اما اینکه چطور شد که

[شماره صفحه واقعی : 350]

ص: 1075


1- کشاف، ج 2، ص 707.
2- مجمع البیان، ج 6، ص 454.

به خواب رفتند، و چقدر خوابشان طول کشید بیان نکرده، و به همان اشاراتی که در آیات قبل بود، و به اشاراتی که به زودی در ذیل جمله" وَ لَبِثُوا فِی کَهْفِهِمْ" خواهد آمد، اکتفاء نموده است. و اگر به این خصوصیات نپرداخته به منظور اختصار بوده است.

و معنای آیه این است که: تو می بینی، و هر بیننده ای هم که فرض شود از کار آنان خبر داشته می بیند، آفتاب را که وقتی طلوع می کند از طرف غار آنان به سمت راست متمایل می شود، و در نتیجه نورش به داخل غار می افتد و وقتی غروب می کند به طرف چپ غار را قطع می کند و در نتیجه شعاعش به داخل غار می افتد، و اصحاب غار در فضای وسیع غار قرار دارند که آفتاب به آنان نمی رسد.

خدای سبحان با همین بیان کوتاه این معانی را فهمانده که اولا غار اصحاب کهف شرقی و غربی قرار نگرفته بوده که از شعاع آفتاب فقط یک وعده، یا صبح و یا بعد از ظهر، استفاده کند، بلکه ساختمانش قطبی بوده، یعنی درب غار به طرف قطب جنوبی بوده که هم در هنگام طلوع و هم در هنگام غروب شعاع آفتاب به داخل آن می تابیده.

و ثانیا آفتاب به خود آنان نمی تابیده، چون از در غار دور بودند، و در فضای وسیع غار قرار داشتند. خداوند به این وسیله ایشان را از حرارت آفتاب و دگرگون شدن رنگ و رویشان و پوسیدن لباسهایشان حفظ فرموده.

و ثالثا در خواب خود راحت بوده اند، زیرا هوای خوابگاهشان حبس نبوده، بلکه همواره در فضای غار از طرف شرق و غرب در جریان بوده، و اصحاب غار هم در گذرگاه این گردش هوا قرار داشته اند.

و بعید نیست که از نکره آمدن" فجوة" نیز این یعنی دور بودن از شعاع آفتاب استفاده و گفته شود که نکره بودن" فجوة" دلیل بر این است که چیزی در کلام حذف شده و تقدیرش این بوده:" و هم فی فجوة منه لا یصیبهم فیه شعاعها" که معنایش گذشت.

مفسرین (1) گفته اند که در غار روبروی قطب شمال بوده که هم جهت با ستاره های بنات النعش است، و قهرا دست راست آن به طرف مغرب نگاه می کند، و شعاع آفتاب در هنگام طلوعش بدانجا می افتد، و طرف چپش به مشرق نگاه می کند، و آفتاب در هنگام غروبش بدانجا می تابد.

البته این در صورتی صحیح است که مقصود از طرف راست و چپ غار راست و چپش

[شماره صفحه واقعی : 351]

ص: 1076


1- تفسیر فخر رازی، ج 21، ص 99 و روح المعانی، ج 15، ص 223 و مجمع البیان، ج 6، ص 456.

برای کسی باشد که می خواهد وارد آن شود، نه کسی که در داخل آن نشسته است، و به نظر می رسد این تحدیدی که مفسرین کرده اند، روی اعتمادی بوده که به شهرتی در این باب داشته اند، زیرا معروف بوده که غار اصحاب کهف همان غاری است که در شهر افسوس از شهرهای روم شرقی قرار دارد، و آن غار همین طور است که مفسرین گفته اند، یعنی دهانه اش قطبی است و در آن مقابل قطب شمال است- و به طوری که گفته اند- کمی به طرف مشرق متمایل است.

لیکن معمول در اعتبار چپ و راست در خصوص غار و خانه و خیمه و هر چیز دیگری که دارای در است این است که چپ و راست شخصی را که از آن بیرون می شود در نظر بگیرند نه شخصی که وارد آن می شود، و صحیح هم همین است، برای اینکه اولین احساسی که انسان نسبت به احتیاج اعتبار جهات (بالا و پائین، چپ و راست، و عقب و جلو) دارد، احتیاج خودش به این جهات است، آنچه که بالای سرش قرار دارد بالا، و آنچه پائین پایش است پائین، و آنچه پیش رویش قرار دارد جلو و آنچه پشت سرش است عقب و آنچه در سمت قوی تر بدنش یعنی سمت راست او قرار دارد، یمین (راست) و آنچه در طرف مخالف آن قرار گرفته یسار (چپ) نامیده شده است، این اولین باری است که احتیاج به این اعتبارات را احساس می کند.

بعد از این احساس اگر احتیاج پیدا کرد به اینکه جهات مذکور را در چیز دیگری اعتبار نموده تعیین کند، خودش را جای آن چیز قرار داده آنچه از اطراف آن چیز با اطراف خود منطبق می شود همان را جهت آن می نامد مثلا جلو و نمای آن چیز را با روی خود منطبق کرده پشت خود را پشت آن و راستش را راست آن و چپش را چپ آن اعتبار می کند.

و چون روی خانه و نمای خیمه و هر چیزی که در دارد همان طرفی است که در، در آن طرف قرار گرفته، قهرا دست چپ و راست خانه هم چپ و راست کسی خواهد بود که از خانه بیرون می آید، نه کسی که داخل می شود. و بنا بر این، غار اصحاب کهف با آن توصیفی که قرآن کریم از وضع جغرافیایی آن کرده، جنوبی خواهد بود، یعنی در غار به طرف قطب جنوب بوده است، نه آن طور که مفسرین گفته اند. البته این بحث تتمه ای دارد که به زودی خواهد آمد- ان شاء اللَّه.

و به هر حال، این وضعی که اصحاب کهف به خود گرفتند از عنایت الهی و لطف او نسبت به ایشان بوده تا به همین حالت ایشان را زنده نگهدارد تا وقتی که منظور بوده به سر رسد، و لذا دنبال آیه فرموده:" ذلِکَ مِنْ آیاتِ اللَّهِ مَنْ یَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَ مَنْ یُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِیًّا مُرْشِداً"

[شماره صفحه واقعی : 352]

ص: 1077

" وَ تَحْسَبُهُمْ أَیْقاظاً وَ هُمْ رُقُودٌ"- کلمه" ایقاظ" جمع" یقظ" و" یقظان" (بیدار)، و کلمه" رقود" جمع" راقد" (خواب رفته) است. و در کلام اشاره است به اینکه در حال خواب چشمهایشان باز بوده است، زیرا می فرماید: تو آنان را بیدار خیال می کنی ولی خوابند.

" وَ نُقَلِّبُهُمْ ذاتَ الْیَمِینِ وَ ذاتَ الشِّمالِ" مقصود این است که آنان را یک بار از طرف شانه چپ به راست و باری دیگر از راست به چپ می گردانیم تا بدنهایشان که به زمین چسبیده نپوسد، و زمین لباسها و بدنهایشان را نخورد، و قوای بدنیشان در اثر رکود، و خمود و بی حرکتی در مدتی طولانی از کار نیفتد.

" وَ کَلْبُهُمْ باسِطٌ ذِراعَیْهِ بِالْوَصِیدِ"- کلمه" وصید" به معنای درگاه خانه است و بعضی (1) گفته اند به معنای آستانه خانه است، و معنای آیه این است که: اصحاب کهف که وضعشان را گفتیم، در حالی آن وضع را داشتند که سگشان ذراع دست خود را روی زمین پهن کرده بود، این جمله در ضمن از این معنا هم خبر می دهد که سگ اصحاب کهف همراه ایشان بوده، و ما دام که آنان در کهف بوده اند آن حیوان نیز با ایشان بوده است.

" لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَیْهِمْ لَوَلَّیْتَ مِنْهُمْ فِراراً وَ لَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْباً"- این جمله از این معنا خبر می دهد که وضع اصحاب کهف در همین حالی که به خواب رفته اند آن قدر هائل و وحشتناک بوده که اگر کسی از نزدیک ایشان را می دید از ترس و از خطری که از ایشان احساس می کرد پا به فرار می گذاشت، تا خود را از مکروهی که گفتیم از ناحیه آنان احساس می کند دور بدارد. و خلاصه قلب آدمی از دیدن آنان سرشار از وحشت و ترس می گردد، و از قلب به سراسر وجود انسان دویده، سراپای او را پر از رعب و وحشت می کند.

سخنی که ما در خطاب" لولیت" و" لملئت" داریم همان حرفی است که در خطاب" وَ تَرَی الشَّمْسَ" گفتیم، و دیگر تکرار نمی کنیم.

از توضیحی که گذشت دو نکته روشن گردید، یکی اینکه چرا فرمود" از ترس از ایشان پر می شوی" و نفرمود" دلت پر از ترس می شود". دوم اینکه چرا اول فرمود" لَوَلَّیْتَ مِنْهُمْ فِراراً" و سپس فرمود:" وَ لَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْباً" نکته اولی احتیاج به تکرار ندارد، ولی در باره دومی می گوییم" فرار" به معنای دور کردن خویش است، از مکروه. و فرار معلول توقع رسیدن مکروه است، نه معلول ترس که حالتی است درونی و تاثری است که در قلب پیدا

[شماره صفحه واقعی : 353]

ص: 1078


1- روح المعانی، ج 15، ص 226.

می شود، (چه بسیار مواقع که قلب دچار ترس می شود، ولی انسان فرار نمی کند و چه بسیار می شود که بدون ترس باید فرار کرد). آری، مکروهی که بنا است برسد باید از آن بر حذر بود یعنی باید فرار کرد، چه اینکه ترسی در دل ایجاد شده باشد و یا نشده باشد.

پس اینکه فرار را از ترس و رعب جلوتر آورده از باب تقدیم مسبب بر سبب نیست، بلکه از باب تقدیم حکم خوف است، بر حکم رعب، چون خوف و رعب دو حالت متغایر قلبی هستند، و اگر به جای کلمه" رعب" کلمه" خوف" را به کار می برد حق کلام این می شد که جمله دومی را اول و اولی را دوم بیاورد یعنی بفرماید:" لملئت منهم خوفا و لولیت منهم فرارا". و اما بنا بر آنچه ما گفتیم هر چند خوف و رعب- هر دو اثر اطلاع یافتن بر منظره ای وحشتناک است لیکن بلیغ تر و بهتر است، زیرا کلمه فرار دلالتش بر این معنا روشن تر از کلمه مملو شدن از رعب است.

بیان غایت و هدف از بعث (بیدار کردن) اصحاب کهف و اشاره به همانند بودن خواب آنان و مرگ اهل دنیا

" وَ کَذلِکَ بَعَثْناهُمْ لِیَتَسائَلُوا بَیْنَهُمْ ...".

کلمه" یتساءلوا" از مصدر تسائل است که به معنی پرسش عده ای از یکدیگر است، و کلمه" و رق"- به فتحه حرف اول و کسره حرف دوم- به معنای پول است، بعضی (1) گفته اند به معنای پول نقره است، چه سکه دار باشد و چه بی سکه. و معنای جمله" إِنْ یَظْهَرُوا عَلَیْکُمْ"،" اگر اطلاع یافتند بر شما" و یا:" اگر ظفر یافتند بر شما" می باشد.

و اشاره به" کذلک" اشاره به خواباندن اصحاب کهف به صورتی است که آیات سابق بیان نمود، یعنی همانطور که نام بردگان را روزگاری طولانی به آن صورت عجیب و مدهش که خود یکی از آیات ما به شمار می رود خواباندیم همانطور ایشان را مبعوث می کنیم، و بیدار می سازیم تا از یکدیگر پرسش کنند.

این تشبیه و همچنین اینکه پرسش از یکدیگر را هدف بیدار کردن قرار داده با در نظر گرفتن دعائی که در هنگام ورودشان به غار کردند، و بلافاصله به خواب رفتند، خود دلیل بر این است که اصحاب کهف برای این از خواب بیدار شدند، تا پس از پرسش از یکدیگر حقیقت امر بر ایشان مکشوف گردد، و اصلا به خواب رفتنشان در این مدت طولانی برای همین بوده. آری، اصحاب کهف مردمی بودند که کفر بر جامعه شان استیلاء یافته بود، و باطل در میان آنان غلبه کرده بود، و زورگویی اقویاء از هر سو مردم را احاطه کرده، سپاه یاس و نومیدی از ظهور کلمه حق و آزاد شدن اهل دین بر دلهای آنان یورش برده بود. حوصله ها از طول

[شماره صفحه واقعی : 354]

ص: 1079


1- روح المعانی، ج 15، ص 229.

کشیدن عمر باطل و نیامدن دوران ظهور حق سر آمده بود، و می خواستند دچار شک و تردید شوند که خدا نجاتشان داد. و بعد از آنکه وارد غار شدند از خدای تعالی درخواست رحمتی از ناحیه خودش و اهتدایی آماده نسبت به امر خود نمودند که در هر چه زودتر از این دو دلی و سرگردانی نجات یابند. خداوند نیز دعایشان را مستجاب نموده اینطور هدایتشان کرد.

هم چنان که آن شخصی را که از خرابه دهی می گذشت و ناگهان این سؤال به نظرش رسید که آیا خدا بار دیگر اینان را زنده می کند و آیا چنین چیزی ممکن است؟ خدای تعالی برای اینکه از آن سرگردانی نجاتش دهد او را برای صد سال میراند، و مجددا زنده اش کرد.

سخن کوتاه اینکه، از آنجایی که این پندار (که دیگر حق ظاهر شدنی نیست) در نظرشان قوت گرفت و از زوال غلبه باطل مایوس شدند، خداوند سالهای متمادی به خوابشان برده آن گاه بیدارشان کرد تا از یکدیگر بپرسند چقدر خوابیده ایم، یکی بگوید یک روز، دیگری بگوید پاره ای از یک روز، آن گاه پیرامون خود نگریسته ببینند اوضاع و احوال دنیا طور دیگری شده و کم کم بفهمند که صدها سال است که به خواب رفته اند و این چند صد سال که به نظر دیگران چند صد سال بوده به نظر ایشان یک روز و یا بعضی از یک روز می آید. از همین جا که طول عمر دنیا و با کمی آن چنان نیست که بتواند حقی را بمیراند یا باطلی را زنده کند و این خدای سبحان است که زمینی ها را زینت زمین کرده، و دلهای آدمیان را مجذوب آنها ساخته قرنها و روزگارها جریان داده تا آنان را بیازماید که کدام نیکوکارترند، و دنیا جز این سمتی ندارد که طالبان خود را با زر و زیور خود بفریبد، و آنهایی را که پیرو هوی و هوس اند و دل به زندگی زمینی داده اند گول بزند.

و این خود حقیقتی است که همواره برای انسانها هر وقت که به عمر رفته خود نظر بیفکنند روشن و مبرهن می شود و می فهمند آن هفتاد سالی که پشت سر گذاشته و آن حوادث شیرین و تلخی که دیده اند تو گویی یک رؤیا بوده که در خواب و چرت خود دیده و می بینند.

چیزی که هست مستی هوی و هوس و گرمی و بازی با امور مادی دنیوی نمی گذارد آنان متوجه حق بگردند، و پس از تشخیص حق آن را پیروی کنند.

لیکن برای خدا روزی است که در آن روز این شواغل، دیگر آدمی را به خود سرگرم نمی کند و این دنیا و زرق و برقش آدمی را از دیدن حق بازنمی دارد، و آن روز مرگ است.

هم چنان که از علی علیه السلام نقل شده که فرمود" مردم در خوابند تا بمیرند، وقتی مردند بیدار می شوند" روز دیگری نیز هست که خداوند در آن روز بساط دنیا و زندگی هایش را بر می چیند، و با فرمان قضایش بشر را به سوی انقراض سوق می دهد.

[شماره صفحه واقعی : 355]

ص: 1080

چند وجه دیگر در باره غایت بعث اصحاب کهف (لِیَتَسائَلُوا بَیْنَهُمْ ...)

از آنچه گذشت معلوم شد که چرا جمله" لِیَتَسائَلُوا بَیْنَهُمْ" غایت و هدف از بیدار شدن آنان قرار گرفته، و لام غایت بر سر آن آمده آری، لام غایت در آمده تا غایت را تعلیل کند، و این غایت را با غایتی که در جمله" ثُمَّ بَعَثْناهُمْ لِنَعْلَمَ أَیُّ الْحِزْبَیْنِ أَحْصی لِما لَبِثُوا أَمَداً" بود منطبق سازد.

بعضی (1) از مفسرین گفته اند: در جمله مورد بحث بعضی از غایت در جای همه غایت قرار گرفته، یعنی مساله پرسش از یکدیگر غایت منحصر نیست، بلکه غایتهای بسیار دیگری نیز هست که خود به خود دنبال آن غایتی که ذکر شده بروز می کند، مثلا تنها پرسش از یکدیگر را اسم برده ولی به دنبال آن پی بردن به حقیقت مطلب نیز هست، علم به قدرت کامله خدا نیز هست. لیکن علاوه بر اینکه از ظاهر لفظ آیه دلیلی بر این تفسیر نیست مستلزم تکلف نیز هست هم چنان که بر کسی پوشیده نیست (2).

بعضی (3) دیگر گفته اند: لام در جمله" لیتسائلوا" لام عاقبت است، نه لام غایت، چون استبعاد کرده اند از اینکه تسائل که یک مساله پیش پا افتاده است هدف از جریان اصحاب کهف بوده باشد. لیکن به فرض هم که لام، لام عاقبت باشد باز استبعاد او به حال خود باقی است، برای اینکه همانطور که یک امر پیش پا افتاده بعید است غایت و هدف از صحنه اصحاب کهف باشد عاقبت بودن آن هم بعید است، معقول نیست که چنین امر بی ارزشی منظور از یک صحنه ای بس خطیر و معجزه ای بس عظیم بوده باشد. علاوه بر اینکه شما خواننده محترم ملتفت شدید که غایت قرار گرفتن تسائل برای داستان اصحاب کهف هیچ بعدی نداشته بلکه امری طبیعی است.

" قالَ قائِلٌ مِنْهُمْ کَمْ لَبِثْتُمْ"- این جمله دلیل بر این است که یک نفر از ایشان بوده که از دیگران از مدت مکث در غار پرسیده که چقدر خوابیده ایم. و از آن برمی آید که گویا سائل خودش احساس طولانی بودن مدت مکث را کرده، چون آن کسالتی را که معمولا بعد از خوابهای طولانی به آدمی دست می دهد در خود دیده، لذا حد اقل به شک افتاده و پرسیده:

" کَمْ لَبِثْتُمْ".

معنای جمله:" لَبِثْنا یَوْماً أَوْ بَعْضَ یَوْمٍ"

" قالُوا لَبِثْنا یَوْماً أَوْ بَعْضَ یَوْمٍ"- در جواب وی مردد شده گفتند: یا یک روز یا بعضی از یک روز، و گویا این تردیدی که در جواب از خود نشان دادند بدین جهت بوده که دیده اند

[شماره صفحه واقعی : 356]

ص: 1081


1- روح المعانی، ج 15، ص 229 و تفسیر فخر رازی، ج 21، ص 102.
2- به نظر می رسد که هیچ اشکالی در آن نباشد و وجه تکلف در آن کاملا پوشیده است. مترجم. [.....]
3- روح المعانی، ج 15، ص 229.

جای آفتاب تغییر کرده، مثلا اگر صبح به خواب رفته بودند، وقتی بیدار شدند دیده اند آفتاب در اواسط آسمان و یا اواخر آن است آن گاه شک کردند در اینکه در این بین شبی را هم در خواب گذرانده اند، تا در نتیجه خوابشان یک روز طول کشیده باشد، و یا چنین نبوده، و در نتیجه پاره ای از روز را در خواب بوده اند، بدین جهت جواب خود را با تردید دادند که یا یک روز در خواب بوده ایم و یا پاره ای از یک روز، و به هر حال جوابی که دادند یک جواب است.

ولی بعضی (1) از مفسرین گفته اند دو جواب است. برخی از آنها نظرشان این بوده که یک روز در خواب بوده اند و برخی دیگر آن شق دیگر را تشخیص داده اند، دلیل این مفسرین این است که اگر جواب یکی بوده به آن بیانی که گذشت باید گفته باشند که ما پاره ای از روز خواب بوده ایم و یا یک روز و اندی، نه یک روز، به همین دلیل کلمه" او" باید برای تفصیل باشد نه تردید، یعنی از آن فهمیده می شود که یکی از آنان گفته یک روز در خواب بوده ایم، و دیگران گفته اند بعضی از یک روز را.

لیکن این سخن، سخن قابل توجهی نیست: اولا برای اینکه از سیاقی چون" لَبِثْنا یَوْماً أَوْ بَعْضَ یَوْمٍ" به هیچ وجه چنین معنایی استفاده نمی شود. صرفنظر از سیاق، اصلا در قرآن کریم عین این عبارت از شخص واحد نقل شده که گفته است:" لَبِثْتُ یَوْماً أَوْ بَعْضَ یَوْمٍ" (2) که پر واضح است در آن عبارت معنا ندارد کلمه" او" برای تفصیل باشد.

و ثانیا، برای اینکه تردید اصحاب کهف ناشی از استدلالی بوده که از شواهد و قرائن مشهود گرفتند، و چنین مردانی بزرگ شانشان اجل از این است که از روی تحکم و هوی و هوس و گزافه گویی حرفی بزنند. و شواهد و قرائن خارجی که انسان به وسیله آن استدلال می کند از قبیل آفتاب و سایه و نور و ظلمت و امثال آن آنهم از کسانی که تازه از خواب برخاسته اند اموری نیست که مقدار دقیق زمانی که به خواب رفته اند را مشخص سازد، حال چه اینکه ما کلمه" او" را برای تردید بدانیم یا برای تفصیل. پس مقصود از کلمه" یوم" در هر دو حال زیادتر از یک شبانه روز است، و استعمال کلمه" یک روز" در یک روز و اندی شایع است، و تازگی ندارد.

" قالُوا رَبُّکُمْ أَعْلَمُ بِما لَبِثْتُمْ"- یعنی بعضی دیگر ایشان در رد آنهایی که گفتند" یک روز و یا پاره ای از یک روز خوابیدیم" گفتند:" پروردگار شما بهتر می داند که چقدر

[شماره صفحه واقعی : 357]

ص: 1082


1- روح المعانی، ج 15، ص 229، به نقل از ابو حیان.
2- سوره بقره، آیه 259.

خوابیده اید" چون اگر منظورشان رد آن کلام نبوده باشد جا داشت بگویند:" پروردگار ما بهتر می داند".

این را بدان جهت گفتیم تا روشن گردد که عبارت مذکور صرفا برای رعایت ادب نسبت به خدای تعالی نبوده- آن طور که بعضی (1) از مفسرین پنداشته اند- بلکه برای بیان حقیقتی از حقایق معارف توحید بوده است، و آن این است که اصولا علم- به معنای حقیقی کلمه- جز علم خدا نیست، زیرا انسان، گذشته از خودش، محجوب از هر چیز دیگری است حتی نه تنها مالک نفس خود نیست، بلکه احاطه به خویش هم ندارد، مگر آنکه خدایش اجازه داده باشد، و اگر به غیر خود احاطه ای پیدا کند و علمی به هم رساند به آن مقدار می تواند که امارت و نشانه های خارجی برایش کشف نموده پرده برداری کند، و اما احاطه به عین موجودات و عین حوادث که علم حقیقی هم همان است علمی است مخصوص خدای تعالی که محیط به هر چیز و شاهد و ناظر بر هر چیز است، و آیات قرآنی هم که بر این معنا دلالت کند بسیار زیاد است.

پس شخص موحد اگر عارف به مقام پروردگار خود باشد باید در هر امری تسلیم او گردد، و علم را از آن او بداند، و به خودش نسبت علم ندهد، نه تنها علم بلکه هیچ کمالی چون علم و قدرت را به خود نسبت ندهد مگر در جایی که ناچار شود که در آن صورت حقیقت علم و قدرت را به خدا نسبت می دهد و آن گاه آن مقداری را برای خود اثبات می کند که خدای تعالی تملیکش کرده، و اجازه اش داده، هم چنان که خودش فرموده:" عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ یَعْلَمْ"»(2)

و نیز فرموده:" قالُوا سُبْحانَکَ لا عِلْمَ لَنا إِلَّا ما عَلَّمْتَنا" (3) و نیز آیاتی دیگر.

جمله:" رَبُّکُمْ أَعْلَمُ بِما لَبِثْتُمْ" انحصار علم حقیقی به معنای احاطه بر عین موجودات و حوادث، به خدای تعالی را افاده می کند

از همین جا می توان فهمید که گویندگان جمله" رَبُّکُمْ أَعْلَمُ بِما لَبِثْتُمْ" در مقام معرفت و خداشناسی از گویندگان جمله" لَبِثْنا یَوْماً أَوْ بَعْضَ یَوْمٍ" برتر بوده اند، و مقصودشان از گفته خود تنها اظهار ادب نبوده، بلکه همانطور که گفتیم به یکی از معارف توحید آشنایی داشته اند، و گرنه ممکن بود بگویند:" ربنا اعلم بما لبثنا- پروردگار ما بهتر می داند که چقدر خوابیده ایم"، آن وقت این دسته آن عده ای نمی بودند که خدای تعالی در باره شان فرمود:" ثُمَّ بَعَثْناهُمْ لِنَعْلَمَ أَیُّ الْحِزْبَیْنِ أَحْصی لِما لَبِثُوا أَمَداً- آنان را مبعوث کردیم تا بدانیم کدام طائفه بهتر تشخیص می دهند که چقدر خوابیده اند"، برای اینکه صرف اظهار ادب ملازم با بهتر

[شماره صفحه واقعی : 358]

ص: 1083


1- روح المعانی، ج 15، ص 229.
2- و به آدم آنچه را که نمی دانست با الهام خود تعلیم داد. سوره علق، آیه 5.
3- گفتند منزهی تو، ما علمی نداریم مگر همان مقدار که تو به ما دادی. سوره بقره آیه 32.

تشخیص دادن نیست، و اظهار کردن ادب غیر از تشخیص دادن و گفتن است.

و ظاهر امر این است که گویندگان" رَبُّکُمْ أَعْلَمُ بِما لَبِثْتُمْ" غیر گویندگان" لَبِثْنا یَوْماً أَوْ بَعْضَ یَوْمٍ" است، زیرا سیاق- همانطور که دیگران (1) هم گفته اند- سیاق محاوره و پاسخ و پرسش است که لازمه اش این است که یک عده بپرسند و عده ای دیگر پاسخ گویند. پس گویندگان جمله دومی غیر از گویندگان جمله اولی هستند، و اگر هر دو کلام از یک عده می بود جای آن داشت که بفرماید:" ثم قالوا ربنا اعلم بما لبثنا- پس خودشان در جواب خود گفتند پروردگار ما داناتر است به اینکه چقدر خوابیده ایم" نه اینکه بفرماید:" پروردگار شما بهتر می داند ...".

از اینجا استفاده می شود که اصحاب کهف هفت نفر یا بیشتر بوده اند، نه کمتر، زیرا در حکایت گفتگوی ایشان یک جا تعبیر به" قال" آمده، و دو جا:" قالوا" و چون کمترین عدد جمع سه است نتیجتا عددشان از هفت نفر کمتر نبوده و حد اقل سه نفر سؤال کرده اند و حد اقل سه نفر جواب داده اند، و یک نفر هم صاحب کلامی است که کلمه" قال" در آغازش آمده.

گفتگوی اصحاب کهف بعد از بیدار شدن در باره رفتن به شهر

" فَابْعَثُوا أَحَدَکُمْ بِوَرِقِکُمْ هذِهِ إِلَی الْمَدِینَةِ فَلْیَنْظُرْ أَیُّها أَزْکی طَعاماً فَلْیَأْتِکُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ"- این جمله نیز تتمه محاوره و گفتگوی ایشان است، که پیشنهاد می کند یک نفر را به شهر بفرستند تا طعامی برایشان بخرد، و غذایی تهیه کند. ضمیر در کلمه" ایها" به مدینه بر می گردد، و مقصود اهل مدینه است، یعنی کدام یک از اهل شهر طعام بهتری دارد از او بخرد و بیاورد، و این قسم اضمار را استخدام گویند.

کلمه" ازکی: پاکیزه تر" از ماده زکات است، و زکات طعام پاکیزه آن است. بعضی (2) گفته اند: یعنی حلال تر آن. بعضی (3) دیگر گفته اند یعنی پاک تر آن، و لیکن اینکه کلمه را به صیغه افعل تفصیل (ازکی) آورده خالی از این اشعار و اشاره نیست که مقصود از کلمه مذکور همان معنای اول باشد.

ضمیر در" منه" به طعامی برمی گردد، که از جمله" أَزْکی طَعاماً" استفاده می شود بعضی (4) گفته اند به کلمه" أَزْکی طَعاماً" برمی گردد و کلمه" من" در" منه" برای ابتداء و یا تبعیض است که اگر تبعیض باشد معنای جمله این می شود که" یکی را بفرستید در شهر بگردد و ببیند کدامیک از فروشگاهها جنس پاکیزه تر می فروشد و مقداری از آن برایتان

[شماره صفحه واقعی : 359]

ص: 1084


1- روح المعانی، ج 15، ص 229.
2- روح المعانی، ج 15، ص 230 و تفسیر فخر رازی، ج 21، ص 103.
3- روح المعانی، ج 15، ص 230 و تفسیر فخر رازی، ج 21، ص 103.
4- روح المعانی، ج 15، ص 231.

خریداری کند تا با آن ارتزاق کنید" بعضی (1) دیگر گفته اند ضمیر به کلمه" و رق" بر می گردد، آن گاه حرف" من" را بدلی گرفته و گفته اند: معنای آیه این است که" بیاورد رزقی بدل از پول"، ولی این احتمال بعید است، چون مستلزم تقدیر گرفتن ضمیر دیگری است که به جمله قبلی برگردد، علاوه بر اینکه ضمیر مورد گفتگو ضمیر مذکر است، و اگر به و رق بر می گشت باید مؤنث آورده می شد، به شهادت اینکه خود آیه قبلا و رق را مؤنث دانسته در باره اش اشاره مؤنث به کار برده و فرموده" بِوَرِقِکُمْ هذِهِ".

نگرانی اصحاب کهف از فاش شدن رازشان و دست یافتن کفار به آنان

" وَ لْیَتَلَطَّفْ وَ لا یُشْعِرَنَّ بِکُمْ أَحَداً"-" تلطف" به معنای اعمال لطف و رفق و اظهار مدارات است، پس اینکه فرمود:" وَ لا یُشْعِرَنَّ بِکُمْ أَحَداً" عطفی است تفسیری، که می خواهد همان جمله قبلی را معنا کند، و مقصود از این کلام به طوری که از سیاق برمی آید این است که باید این شخص که می فرستید در اعمال نازک کاری و لطف با اهل شهر در رفتن و برگشتن و معامله کردن خیلی سعی کند، تا مبادا خصومتی یا نزاعی واقع شود که نتیجه اش این شود که مردم از راز و حال ما سردرآورند.

بعضی (2) دیگر اینطور معنا کرده اند که در معامله بسیار نازک کاری به خرج دهد. ولی کلام مطلق است و قیدی برای خصوص معامله در آن نیست.

" إِنَّهُمْ إِنْ یَظْهَرُوا عَلَیْکُمْ یَرْجُمُوکُمْ أَوْ یُعِیدُوکُمْ فِی مِلَّتِهِمْ وَ لَنْ تُفْلِحُوا إِذاً أَبَداً".

این آیه امر به تلطف را تعلیل نموده و مصلحتش را بیان می کند.

جمله" یَظْهَرُوا عَلَیْکُمْ" به معنای" یطلعوا علیکم- بر شما اطلاع یابند" است، چون ظهور بر هر چیز اطلاع از آن و علم یافتن بدان و همچنین ظفر یافتن بر آن است، و آیه شریفه به هر دو معنا هم تفسیر شده، و کلمه مذکور به طوری که راغب (3) گفته از کلمه" ظهر" گرفته شده که به معنای پشت و گرده آدمی است، در مقابل شکم آدمی، پس از آن بطور استعاره در خصوص گرده زمین استعمال نموده گفتند:" ظهر الارض- پشت زمین" در مقابل" بطن الارض- دل زمین"، آن گاه" ظهور" از آن گرفته شده که به معنای پیدایی و هویدایی است، در مقابل" بطون" که به معنای ناپیدایی است.

چون بودن شخص در روی زمین ملازم است با دیدن و اطلاع یافتن و همچنین میان بودن در روی زمین و ظفر یافتن و نیز میان آن و غلبه یافتن ملازمه عادی هست، و لذاست که".

[شماره صفحه واقعی : 360]

ص: 1085


1- روح المعانی، ج 15، ص 231.
2- روح المعانی، ج 15، ص 231.
3- مفردات راغب، ماده" ظهر".

گفته (1) شده" ظهر علیه" در معنای" اطلاع یافتن بر آن" و" مکان او را شناخت" و" بر او ظفر یافت" و" بر او غلبه کرد" استعمال می شود، و از این گذشته در اشتقاقش هم توسعه ای قائل شده اند، به طوری که هم باب افعال از آن گرفته اند و هم باب مفاعله و باب تفاعل و باب استفعال و ابوابی دیگر.

و از سیاق برمی آید که جمله" یَظْهَرُوا عَلَیْکُمْ" در خصوص این داستان به معنای همان اطلاع یافتن از مخفی گاه کسی سر درآوردن است، زیرا از سایر معانی جامع تر است، چون اصحاب کهف قبلا مردمانی نیرومند و متنفذ بوده اند، و حال فرار نموده و خود را پنهان کرده اند، لذا سفارش می کنند که چون ما مردمی سرشناسیم سعی کن کسی از مخفی گاه ما خبردار نشود و اگر مطلع شوند بر آنچه که می خواهند ظفر می یابند.

و اینکه فرمود:" یرجموکم" معنایش کشتن با سنگ است که بدترین کشتن ها است، زیرا علاوه بر کشتن منفوریت و مطرودیت کشته را هم همراه دارد و در این که خصوص رجم را از میان همه اقسام قتل اختیار نمود خود مشعر بر این است که اهل شهر عموما با اصحاب کهف دشمنی داشته اند، زیرا اینان از دین آنان بیرون آمده بودند، با حرصی عجیب می خواستند با ریختن خون ایشان دین خود را یاری کنند، بنا بر این اگر دستشان به ایشان برسد بی درنگ خونشان را می ریزند، و چون همه افراد می خواهند در اینکار شرکت جویند لا جرم جز با سنگسار میسر نمی شود.

و اینکه فرمود" أَوْ یُعِیدُوکُمْ فِی مِلَّتِهِمْ" ظاهرش این است که کلمه" اعاده" متضمن معنای داخل کردن باشد، چون می بینیم کلمه مذکور با لفظ" فی" متعدی شده است. با اینکه این کلمه همواره باید با" الی" متعدی شود.

آری، برداشتی که اصحاب کهف کردند طوری نبوده که مردم دست از سر آنان بردارند، یا به صرف ادعای اینکه بگویند ما از دین توحید دست برداشته ایم از ایشان بپذیرند و جرمشان را ببخشند بلکه به خاطر اینکه جرمشان تظاهر به دین توحید و خروج از دین بت پرستی بوده و علنا بت پرستی را خرافی و موهوم و افتراء بر خدا معرفی می کردند عادتا نباید به صرف اعتراف به حقانیت بت پرستی قناعت کنند، بلکه باید آن قدر تعقیبشان کنند و رفتارشان را زیر نظر بگیرند تا نسبت به صدق ادعایشان اطمینان پیدا کنند، و قهرا در بت پرستی یکی از بت پرستان شده و تمامی وظائف دینی ایشان را انجام داده از انجام مراسم و شرایع دین الهی

[شماره صفحه واقعی : 361]

ص: 1086


1- روح المعانی، ج 15، ص 231.

محروم شوند، حتی به یک کلمه از دین توحید لب نگشایند.

البته هیچ یک از اینها نسبت به کسی که در زیر فشار کفار قرار گرفته و از هر سو او را محصور خود نموده مانند یک اسیر زیر دست و مستضعف در میان آنان زندگی می کند مانعی ندارد، هم عقل آن را تجویز می کند، و هم نقل، حتی قرآن کریم صریحا تجویز نموده و فرموده:" إِلَّا مَنْ أُکْرِهَ وَ قَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِیمانِ" (1) و نیز فرموده:" إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقاةً" (2) که چنین کسانی می توانند به زبان انکار حق نموده و در دل ایمان داشته باشند، لیکن همه اینها برای کسی است که گفتیم در زیر فشار کفار و زیر نظر آنان و در چنگالشان قرار گرفته باشد، نه مانند اصحاب کهف که از میان کفار نجات یافتند، و آزادی در عمل و اعتقاد به دست آوردند، برای آنان دیگر جائز نیست خود را در مهلکه ضلالت افکنده و دست بسته تحویل اجتماع کفر شوند آن وقت نتوانند به کلمه حق لب بگشایند، و خود را از انجام وظائف دینی و انسانی محروم کنند، که اگر چنین کنند سعادت را بر خود حرام نموده دیگر هرگز روی رستگاری را نمی بینند، هم چنان که خدای تعالی فرموده:" إِنَّ الَّذِینَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِکَةُ ظالِمِی أَنْفُسِهِمْ قالُوا فِیمَ کُنْتُمْ قالُوا کُنَّا مُسْتَضْعَفِینَ فِی الْأَرْضِ قالُوا أَ لَمْ تَکُنْ أَرْضُ اللَّهِ واسِعَةً فَتُهاجِرُوا فِیها فَأُولئِکَ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَ ساءَتْ مَصِیراً" (3).

با اینکه تقیه و تظاهر به کفر از روی اضطرار جایز است سبب نگرانی و بیم اصحاب کهف چه بوده است؟

و با همین بیان وجه ترتب جمله" وَ لَنْ تُفْلِحُوا إِذاً أَبَداً" بر جمله" أَوْ یُعِیدُوکُمْ فِی مِلَّتِهِمْ" کاملا روشن می گردد، و نیز اشکالی که در اینجا به نظر می رسد رفع می شود، و آن اشکال این است که اظهار کفر از روی اکراه و پنهان داشتن ایمان در قلب و بین خود و خدا همیشه بخشوده است، و منحصر به زمانی معین نیست، پس چرا فرموده:" و هرگز تا ابد رستگار نمی شوند" و با اینکه مجبور بودن اصحاب کهف از حالشان هویدا بوده چرا برگشتن به کفر ملتشان را هلاکت ابدی خوانده؟ جوابی که گفتیم از کلام ما به دست می آید این است که اگر خود را بر مردم عرضه می کردند و یا ایشان را به نحوی به مخفی گاه خود راهنمایی

[شماره صفحه واقعی : 362]

ص: 1087


1- مگر کسی که مجبورش کنند به زبان کفر بگوید، در حالی که قلبش مطمئن به ایمان باشد. سوره نحل، آیه 106.
2- مگر آنکه از شر آنان تقیه کنید. سوره آل عمران، آیه 28. [.....]
3- کسانی که ملائکه جانشان را در حال کفر و ظلم به نفس گرفتند می پرسند در دنیا چه وضعی داشتید (چرا کافر بودید؟) می گویند ما در دنیا جزو طبقه ضعیف بودیم (اقویا به کفر مجبورمان کردند) ملائکه می گویند: مگر زمین خدا فراخ نبود چرا مهاجرت نکردید؟ این دسته از مردم جایشان جهنم است که بد سرانجامی است. سوره نساء، آیه 97.

می نمودند خود را به اختیار گرفتار کفر و شرک نموده و عذرشان موجه نمی شد (آری ناچاری و اضطرار به اختیار منافاتی با اختیار ندارد مثلا کسی که خود را به اختیار از هواپیما پرتاب می کند دیگر در بین زمین و آسمان اختیاری ندارد، نه می تواند برگردد و نه می تواند از سقوط و متلاشی شدن خود جلوگیری کند ولی این نتوانستن رفع ملامت از او نمی کند).

البته دیگران هم جوابهای دیگری از این اشکال داده اند که قانع کننده نیست، مثلا یکی (1) گفته: اکراه بر کفر گاهی سبب می شود شیطان آدمی را به تدریج استدراج نموده و نظر او را برگرداند و راستی به کفر معتقدش کند، و در این اعتقاد باطل پا بر جایش سازد.

و لیکن این جواب صحیح نیست، برای اینکه اگر چنین خوفی بود می بایست بفرماید:

" و یخاف علیکم ان لا تفلحوا ابدا" یعنی در این صورت ترس آن هست که هرگز رستگار نشوید، نه اینکه بطور قطع بفرماید هرگز رستگار نمی شوید.

بعضی (2) دیگر از اشکال اینطور جواب داده اند که ممکن است منظور این باشد که کفار از راه دوستی و خواهش شما را به دین خود برگردانند. ولی سیاق با این توجیه سازگاری ندارد.

بعضی (3) دیگر جواب داده اند که ممکن است در آن روز تقیه جائز نبوده، و به هیچ وجه کسی نمی توانسته اظهار کفر کند، قهرا در چنین فرضی عود به ملت کفر هر چند تقیتا باشد عدم فلاح ابدی را مستلزم است، این جواب نیز ناتمام است، برای اینکه دلیلی بر آن نیست و صرف احتمال، کافی در رفع اشکال نمی باشد.

و سیاق محاوره ای که از ایشان حکایت شده یعنی از جمله" قالَ قائِلٌ مِنْهُمْ کَمْ لَبِثْتُمْ"- تا آخر دو آیه- سیاق عجیبی است که از کمال محبتشان به یکدیگر در راه خدای تعالی و برادریشان در دین و مساواتشان در بین یکدیگر و خیرخواهی و اشفاق نسبت به هم خبر می دهد.

همانطور که قبلا هم گفتگویش گذشت در جمله" رَبُّکُمْ أَعْلَمُ بِما لَبِثْتُمْ" بر موقفی از توحید اشاره کرده اند که نسبت به صاحبان و گویندگان جمله" لَبِثْنا یَوْماً أَوْ بَعْضَ یَوْمٍ" رفیع تر و کامل تر است.

و اما برادری و مواساتشان از اینجا فهمیده می شود که یکی از ایشان وقتی می خواهد پیشنهاد کند که کسی را بفرستیم شهر به یکی از رفقایش نمی گوید تو برخیز برو، می گوید

[شماره صفحه واقعی : 363]

ص: 1088


1- روح المعانی، ج 15، ص 232. (2 و 3)مجمع البیان، ج 6، ص 457.

یکی را بفرستید، و نیز نگفت فلانی را بفرستید. و وقتی هم خواست اسم پول را ببرد نگفت پولمان را و یا از پولمان به او بدهید برود، بلکه گفت:" پولتان را بدهید به یک نفرتان" و و رق را به همه نسبت داد، همه اینها مراتب برادری و مواسات و ادب آنان را می رساند.

بعلاوه، جمله" فَلْیَنْظُرْ أَیُّها أَزْکی طَعاماً ..." و جمله" وَ لْیَتَلَطَّفْ ..." مراتب خیرخواهی آنان نسبت به هم را می رساند. و جمله" إِنَّهُمْ إِنْ یَظْهَرُوا عَلَیْکُمْ ..." اشفاق و مهربانی آنان را نسبت به یکدیگر می رساند که چقدر نسبت به نفوسی که دارای ایمان بودند مشفق بودند، و برای آن نفوس ارزش قائل بودند.

و در جمله" بِوَرِقِکُمْ هذِهِ" با در نظر گرفتن اضافه پول به آنان و به کار رفتن اشاره" هذه" که و رق مشخصی را تعیین می کند اشعار دارد بر اینکه عنایت خاصی داشته اند بر اینکه بدان اشاره کنند و بگویند" پولتان که اینست" و گرنه سیاق بیش از این استدعا نداشت که چون گرسنه اند شخصی را بفرستند قدری غذا تهیه کند. و اما اسم پول بردن و بدان اشاره کردن بعید نیست برای این بوده که ما بدانیم جهت بیرون افتادن راز آنان همان پول بوده، چون وقتی فرستاده آنان پول را در آورد تا به فروشنده جنس بدهد فروشنده دید سکه ای است قدیمی و مربوط به سیصد سال قبل. و در آیات این داستان غیر از این پول چیز دیگری باعث کشف این راز معرفی نشده است.

" وَ کَذلِکَ أَعْثَرْنا عَلَیْهِمْ لِیَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَ أَنَّ السَّاعَةَ لا رَیْبَ فِیها إِذْ یَتَنازَعُونَ بَیْنَهُمْ أَمْرَهُمْ".

در مفردات (1) گفته: ماده" عثر" به معنای سقوط است. وقتی می گویند" فلان عثر" معنایش این است که فلانی افتاد، ولی مجازا در مورد کسی هم که به مطلبی اطلاع پیدا می کند بدون اینکه در پی آن باشد استعمال می کنند، و می گویند:" عثرت علی کذا" یعنی به فلان مطلب اطلاع یافتم. در قرآن کریم یک جا فرموده:" فَإِنْ عُثِرَ عَلی أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْماً" و یک جا فرموده:" وَ کَذلِکَ أَعْثَرْنا عَلَیْهِمْ" یعنی این چنین ایشان را بر جای آنان واقف نمودیم بدون اینکه خودشان در جستجوی آنان باشند.

و تشبیهی که در جمله" وَ کَذلِکَ أَعْثَرْنا عَلَیْهِمْ" است مانند تشبیهی است که در جمله" کَذلِکَ بَعَثْناهُمْ" قرار دارد، و معنایش این است: همانطور که قرنها به خوابشان کردیم و سپس بیدارشان نمودیم همین طور چنین و چنان کردیم. و به همین منوال جمله اولی معنا".

[شماره صفحه واقعی : 364]

ص: 1089


1- مفردات راغب، ماده" عثر".

می شود. و مفعول" أَعْثَرْنا" در آن جمله کلمه" اناس" است که سیاق بر آن دلالت دارد، و ذیل آیه هم که می فرماید:" لِیَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ" شاهد بر این دلالت است.

و جمله" رَبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ" به بیانی که خواهد آمد این وجه را تایید می کند.

بعضی (1) از مفسرین بر این وجه اعتراض کرده اند، اولا به اینکه مستلزم این است که تنازع و سر و صدای مردم بعد از واقف شدن بر حال اصحاب باشد، و حال آنکه چنین نیست، و ثانیا به اینکه تنازع و سر و صدا قبل از وقوف بر حال آنان بوده، و بعد از وقوف دیگر سر و صدا برطرف شده است، و بنا بر وجه بالا تنازع و وقوف در یک وقت بوده و صحیح نیست.

از این اعتراض پاسخ می دهیم به اینکه بنا بر این وجه، تنازع مردم تنازع در خصوص اصحاب کهف است که زمانا بعد از اعثار و وقوف بوده، و آن تنازعی که قبل از وقوف بوده تنازع در مساله قیامت بوده است که بنا بر این وجه مقصود از تنازع آن نیست.

توضیح آیه:" فَقالُوا ابْنُوا عَلَیْهِمْ بُنْیاناً ..." که گفتگوی و مجادله مردم را در باره اصحاب کهف حکایت می کند

گویندگان این حرف مشرکین هستند به دلیل اینکه دنبال آن چنین نقل فرموده:" قالَ الَّذِینَ غَلَبُوا عَلی أَمْرِهِمْ- گفتند آنهایی که بر امر ایشان اطلاع یافتند". و مراد از" بناء" بنیان بر ایشان است- و به طوری که بعضی (2) گفته اند منظور این است که دیواری کشیده شود تا اصحاب کهف پشت آن قرار گرفته از نظر مردم پنهان شوند، و کسی بر حال آنان واقف نگردد، هم چنان که گفته می شود:" بنی علیه جدارا" یعنی آن را پشت دیوار قرار داد.

این قسمت از آیات داستان اصحاب کهف به انضمام قسمت های قبل، از آنجا که فرمود:" وَ کَذلِکَ بَعَثْناهُمْ" و" کَذلِکَ أَعْثَرْنا عَلَیْهِمْ" اشاره به تمامیت داستان می کند، گویا فرموده است: بعد از آنکه فرستاده اصحاب کهف به شهر آمد و اوضاع و احوال شهر را دگرگونه یافت و فهمید که سه قرن از به خواب رفتن آنان گذشته (البته این را نفهمید که دیگر شرک و بت پرستی بر مردم مسلط نیست و زمان به دست دین توحید افتاده) لذا چیزی نگذشت که آوازه این مرد در شهر پیچیده خبرش در همه جا منتشر شد، مردم همه جمع شدند و به طرف غار هجوم و ازدحام آوردند و دور اصحاب کهف را گرفته حال و خبر پرسیدند، و بعد از آنکه دلالت الهیه و حجت او به دست آمد خداوند همه شان را قبض روح کرد، پس بعد از بیدار شدن بیش از چند ساعت زنده نماندند، فقط به قدری زنده بودند تا شبهه های مردم در امر قیامت برطرف

[شماره صفحه واقعی : 365]

ص: 1090


1- روح المعانی، ج 15، ص 233.
2- مجمع البیان، ج 6، ص 460.

گردد، بعد از آن همه مردند، و مردم گفتند بنائی بر غار آنان بسازید، که پروردگارشان اعلم است.

و در اینکه گفتند:" پروردگارشان اعلم است" اشاره است به اینکه آن جمعیت وقتی آنان را در غار دیدند باز بین خود اختلاف کردند و اختلافشان هر چه بوده بر سر امری مربوط به اصحاب کهف بوده است، زیرا کلام، کلام کسی است که از علم یافتن به حال آنان و استکشاف حقیقت حال مایوس باشد. و گویا بعضی از دیدن آن صحنه شبهه شان نسبت به قیامت زایل گشته آرامش خاطر یافتند، و بعضی دیگر آن طور که باید قانع نشدند، لذا طرفین گفته اند: بالأخره یا حرف ما است یا حرف شما، هر کدام باشد سزاوار است دیواری بر آنان بکشیم که مستور باشند خدا به حال آنان آگاهتر است.

پس جمله" رَبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ" از نظر هر یک از این دو وجه معنای جداگانه ای به خود می گیرد، برای اینکه به هر حال این جمله نسبت به جمله" إِذْ یَتَنازَعُونَ بَیْنَهُمْ أَمْرَهُمْ" که دو وجه در معنایش آوردیم تفرع دارد، به طوری که هر معنایی که آن جمله به خود بگیرد در این هم اثر می گذارد، اگر تنازع مستفاد از جمله" إِذْ یَتَنازَعُونَ ..." تنازع و اختلاف در باره قیامت باشد یکی اقرار و یکی انکار کرده باشد، قهرا معنای جمله مورد بحث ما نیز این می شود که مردم در باره قیامت اختلاف نموده سر و صدا را انداخته بودند که ناگهان ایشان را از داستان اصحاب کهف مطلع کردیم تا بدانند که وعده خدا حق است و قیامت آمدنی است، و شکی در آن نیست، و لیکن مشرکین با اینکه آیت الهی را دیدند دست از انکار برنداشتند و گفتند دیواری بر آنان بسازید تا مردم با آنان ارتباط پیدا نکنند چه از امر آنان چیزی برای ما کشف نشد و یقین پیدا نکردیم پروردگار آنان به حال آنان داناتر است.

موحدین گفتند امر ایشان ظاهر شد، و آیت آنان روشن گردید، و ما به همین آیت اکتفاء نموده ایمان می آوریم، و بر بالای غار آنان مسجدی می سازیم که هم خدا در آن عبادت شود و هم تا آن مسجد هست اسم اصحاب کهف هم زنده بماند، تا بدانند وعده خدا حق است، و مراد از وعده خدا به طوری که از سیاق استفاده می شود مساله معاد و قیامت است، پس در حقیقت جمله" وَ أَنَّ السَّاعَةَ لا رَیْبَ فِیها" عطف تفسیری آن است.

و ظرف" اذ" در جمله" إِذْ یَتَنازَعُونَ بَیْنَهُمْ أَمْرَهُمْ" ظرف برای" اعثرنا" و یا برای" لیعلموا" است. و کلمه" تنازع" به معنای تخاصم و دشمنی است. بعضی (1) گفته اند: اصل

[شماره صفحه واقعی : 366]

ص: 1091


1- روح المعانی، ج 15، ص 233.

این کلمه به معنای تجاذب است که در تخاصم استعمال می شود. و به همین جهت به اعتبار معنای اصلی اش متعدی به نفس به کار می رود، هم چنان که به اعتبار معنای تخاصم به وسیله" فی" نیز متعدی می شود، مانند تنازع در جمله" فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِی شَیْ ءٍ".

و مراد از" تنازع مردم در بین خود و در باره امر خود" تنازعشان در مساله قیامت است.

و اگر قیامت را به ایشان نسبت داده به خاطر اعتناء زیادی است که در باره آن داشتند. این بود حال آیه مورد بحث از نظر مفردات آن، و دلالت و شهادتی که بعضی کلمات آن بر معنای بعضی دیگر دارد.

و معنایش بنا بر آنچه گذشت این می شود: همانطور که ما آنان را به خواب کردیم و سپس برای منظوری چنین و چنان بیدارشان نمودیم همچنین مردم را از حال آنان با خبر کردیم تا در باره قیامت که در باره آن با هم نزاع داشتند روشن گشته بدانند که وعده خدا به آمدن قیامت حق است. و در فرا رسیدن آن شک و ریبی نیست.

و یا معنایش این می شود که: ما مردم را بر جای آنان واقف ساختیم تا مردم مقارن نزاعی که بین خود در باره قیامت داشتند بدانند که وعده خدا حق است.

وجه دلالت بیدار شدن اصحاب کهف بعد از خواب چند صد ساله، بر حق بودن معاد و قیامت

خواهی پرسید که از خواب بیدار شدن اصحاب کهف چه دلالتی دارد بر اینکه قیامت حق است؟ در جواب می گوئیم: از این جهت که اصحاب کهف در عالم خواب جانشان از بدنهایشان کنده شد، و در این مدت طولانی مشاعرشان به کلی تعطیل گشته بود و حواس از کار باز ایستاده و آثار زندگی و قوای بدنی همه از کار افتاد، یعنی بدنها دیگر نشو و نما نکرد، موی سر و رویشان و ناخن هایشان دیگر بلند نشد شکل و قیافه شان عوض نگردید اگر جوان بودند پیر نشدند و اگر سالم بودند مریض نگشتند، ظاهر بدنها و لباسهایشان پوسیده نشد، آن وقت پس از روزگاری بس طولانی یک بار دیگر که داخل غار شده بودند برگشتند، و این خود بعینه نظیر قیامت است، و نظیر مردن و دوباره زنده شدن است، و هر دو در اینکه خارق العاده اند شریکند، کسی که آن را قبول داشته باشد نمی تواند این را قبول نکند، و هیچ دلیلی بر نفی آن جز استبعاد ندارد.

و این قضیه در زمانی رخ داده که دو طائفه از انسانها با هم اختلاف داشته اند یک طائفه موحد بوده اند که می گفتند روح بعد از مفارقتش از بدن دوباره در روز قیامت به بدنها بر می گردد طائفه دیگر مشرک بودند و می گفتند روح اصلا مغایر بدن است، و در هنگام مرگ از بدن جدا می شود، و لیکن به بدن دیگری می پیوندد، آری عموم بت پرستان اعتقادشان این است که آدمی با مرگ دستخوش بطلان و نابودی نمی گردد، و لیکن به بدن دیگری ملحق می شود و این همان تناسخ است.

[شماره صفحه واقعی : 367]

ص: 1092

پس در چنین عصری حدوث چنین حادثه ای جای هیچ شک و ریبی باقی نمی گذارد که این داستان آیتی است الهی که منظور از آن از بین بردن شک و تردید دلها است، در خصوص امر قیامت، و منظور آوردن آیتی است تا بفهمند که آن آیت دیگر (قیامت) نیز ممکن است و هیچ استبعادی ندارد.

از همین جا است که در نظر، قوی می آید که اصحاب کهف بعد از چند ساعتی که مردم از حال آنان واقف شدند از دنیا رفته باشند، و منظور خدای تعالی همین بوده باشد که آیتی از خود نشان داده دهان به دهان در بشر منتشر شود تا در باره قیامت تعجب و استبعاد نکنند.

از اینجا وجه دیگری برای جمله:" إِذْ یَتَنازَعُونَ بَیْنَهُمْ أَمْرَهُمْ" پیدا می شود، و آن این است که بگوئیم در ضمیر جمع اول، یعنی آنکه در یتنازعون است و آنکه کلمه" بین" بر آن اضافه شده به ناس برمی گردد، و سومی یعنی آنکه" امر" بر آن اضافه شده به اصحاب کهف برمی گردد و کلمه:" اذ" در این صورت ظرف برای:" لیعلموا" خواهد بود، و معنایش این می شود که مردم را به داستان اصحاب کهف آگاه کردیم تا بدانند وعده ما حق است، و در آن تردیدی نیست، و این دانستنشان وقتی باشد که در میان خود در خصوص اصحاب کهف سر و صدا می کردند.

و اگر تنازع مزبور تنازع در باره اصحاب کهف بوده باشد، و ضمیر در" امرهم" به اصحاب کهف برگردد معنای آیه چنین می شود: ما بعد از آنکه اصحاب کهف را بیدار کردیم مردم را بر حال آنان مطلع ساختیم تا بدانند که وعده خدا حق است و قیامت تردیدی ندارد، و مردم در باره آنان بین خود نزاع کردند که آیا اینها خوابند یا مرده اند و آیا لازم است دفن شوند و برایشان قبر درست کنیم و یا به حال خودشان واگذاریم تا در فضای غار هم چنان بمانند، مشرکین گفتند: بنائی بر آنان بنیان کنیم و به حال خودشان واگذاریم، پروردگارشان داناتر به حالشان است که آیا زنده اند و خواب و یا آنکه مرده اند، ولی موحدین گفتند: مسجدی را بالای آنان بنا می کنیم.

این دو معنا بود که احتمال می رفت و لیکن سیاق مؤید معنای اول است، زیرا ظاهر سیاق این است که اینکه موحدین گفتند" لَنَتَّخِذَنَّ عَلَیْهِمْ مَسْجِداً" در حقیقت رد کلام مشرکین است که گفته اند:" ابْنُوا عَلَیْهِمْ بُنْیاناً ..." و این دو قول به طور یقین از دو طایفه است، و باید با هم مختلف باشد، و این اختلاف تنها بنا بر معنای اول تصور دارد، و همچنین جمله" رَبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ" آن هم با این تعبیر که بگویند:" ربهم" و نگویند:" پروردگار ما" با

[شماره صفحه واقعی : 368]

ص: 1093

معنای اول مناسب تر است.

مقصود از:" الَّذِینَ غَلَبُوا عَلی أَمْرِهِمْ" در آیه:" قالَ الَّذِینَ غَلَبُوا عَلی أَمْرِهِمْ ..."

" قالَ الَّذِینَ غَلَبُوا عَلی أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَیْهِمْ مَسْجِداً".

این جمله نقل کلام موحدین است، شاهدش این است که گفتند مسجدی بنا کنیم، و نگفتند معبدی. چون مسجد در عرف قرآن محلی را گویند که برای ذکر خدا و سجده برای او مهیا شده است، و قرآن بتکده و یا سایر معابد را مسجد نخوانده هم چنان که خداوند در سوره حج، مسجد را در مقابل صومعه و بیع و صلوات قرار داده و فرموده:" وَ مَساجِدُ یُذْکَرُ فِیهَا اسْمُ اللَّهِ" (1).

و اگر می بینید جمله مورد بحث با فصل و بدون عطف آمده بدین جهت است که کلام به منزله جواب از سؤالی مقدر است، گویا سائلی پرسیده: غیر مشرکین چه گفتند؟ در جوابشان گفته شد آنها که بر امر اصحاب کهف غلبه کردند چنین گفتند. و منظور از" غلبه بر امر ایشان" اگر مقصود از" امر ایشان" همان مساله مورد مشاجره در جمله" یَتَنازَعُونَ ..." باشد و ضمیر" هم" به ناس برگردد مراد غلبه موحدین خواهد بود به وسیله پیروزی خود با معجزه کهف. و اگر ضمیر به" فتیه" برگردد مقصود از غلبه بر امر ایشان (فتیه)، غلبه از نظر به دست گرفتن کار ایشان خواهد بود که باز در این صورت همان موحدین بودند که متصدی امر کهف و ساختن مسجد بر بالای آن بودند.

بعضی (2) گفته اند: غالبین بر امر ایشان پادشاه زمان و دستیارانش بودند، نه موحدین، بعضی (3) دیگر گفته اند: اولیاء و فامیلهای خود اصحاب کهف بودند. و این قول از هر قولی دیگر سخیف تر است.

و اگر منظور از امر ایشان امر مذکور در" یَتَنازَعُونَ ..." نبوده باشد در این صورت اگر ضمیر به" ناس" برگردد معنای غلبه عبارت از زمامداری خواهد بود، و معنای" قالَ الَّذِینَ غَلَبُوا عَلی أَمْرِهِمْ"،" آنهایی که زمام امر مردم را در دست داشتند چنین و چنان گفتند" خواهد بود.

و این زمامداری هم با حاکم زمان قابل انطباق است و هم با موحدین، هم ممکن است حاکم این حرف را زده باشد، و هم موحدین و اگر ضمیر به موصول (الذین ...- آنهایی که غلبه کردند) برگردد دیگر منظور از غالبون خیلی روشن است، و مقصود از غلبه زمامداران بر امر خویش این است که ایشان هر کاری را بخواهند می کنند. این بود وجوه محتمل در این آیه ولی از همه

[شماره صفحه واقعی : 369]

ص: 1094


1- مساجدی که در آن نام خدا برده می شود. سوره حج، آیه 40. (2 و 3)مجمع البیان، ج 6، ص 460.

وجوه بهتر همان وجه اول است.

این آیه از آیاتی است که معرکه آراء مختلف مفسرین شده، اختلافات زیادی در مفردات آیه دارند، اختلاف هایی در مرجع ضمیر جمع در آن و در ضمن اختلافات عجیبی در باره جملات آیه از ایشان دیده می شود که اگر این اختلافات را با آن اختلافات در هم ضرب کنیم آن وقت می توان گفت در این آیات هزاران قول پیدا شده و از این اقوال آنچه که با سیاق آیه مناسب بود آوردیم چنانچه خواننده عزیز بخواهد به همه آن اقوال پی ببرد باید به کتب تفسیری مطول مراجعه نماید.

حکایت اختلاف مردم در عدد اصحاب کهف و بیان اینکه ایشان هفت نفر بوده اند

" سَیَقُولُونَ ثَلاثَةٌ رابِعُهُمْ کَلْبُهُمْ ... وَ ثامِنُهُمْ کَلْبُهُمْ".

خدای تعالی در این آیه اختلاف مردم را در عدد اصحاب کهف و اقوال ایشان را ذکر فرموده، و بنا به آنچه که خداوند در قرآن نقل کرده- و قوله الحق- مردم سه قول داشته اند که هر یک مترتب بر دیگری است، یکی اینکه اصحاب کهف سه نفر بوده اند که چهارمی سگ ایشان بوده. دوم اینکه پنج نفر بوده اند و ششمی سگشان بوده که قرآن کریم بعد از نقل این قول فرموده:" رجم به غیب می کردند" یعنی بدون علم و اطلاع سخن می گفتند.

و این توصیفی است بر هر دو قول، زیرا اگر مختص به قول دوم به تنهایی بود حق کلام این می بود که قول دومی را اول نقل کند و آن گاه این رد خود را هم دنبالش بیاورد بعدا قول اول و بعد سوم را نقل کند.

قول سوم اینکه هفت نفر بوده اند که هشتمی سگ ایشان بوده، خدای تعالی بعد از نقل این قول چیزی که اشاره به ناپسندی آن کند نیاورده، و این خود خالی از اشعار بر صحت آن نیست. قبلا هم که در پیرامون محاوره اصحاب کهف در ذیل آیه" قالَ قائِلٌ مِنْهُمْ کَمْ لَبِثْتُمْ قالُوا لَبِثْنا یَوْماً أَوْ بَعْضَ یَوْمٍ قالُوا رَبُّکُمْ أَعْلَمُ بِما لَبِثْتُمْ" بحث می کردیم گفتیم که این صیغه های جمع و آن یک صیغه مفرد نه تنها اشعار بلکه دلالت دارد بر اینکه حد اقل عدد ایشان هفت نفر بوده و کمتر از آن نبوده است.

و از جمله لطائفی که در ترتیب شمردن اقوال مذکور به کار رفته این است که از عدد سه تا هشت را پشت سر هم آورده با اینکه سه عدد را شمرده شش رقم را نام برده، فرموده" سه نفر، چهارمی سگشان، پنج نفر، ششمی سگشان، هفت نفر هشتمی سگشان".

و اما کلمه" رجما" تمیزی است که به وصف دو قول اول به عبارت" قول بدون علم" می پردازد و" رجم" همان سنگسار کردن است و گویا مراد از" غیب" غایب باشد، یعنی قولی که معنایش از علم بشر غایب است و قائلش نمی داند راست است یا دروغ، آن گاه

[شماره صفحه واقعی : 370]

ص: 1095

گوینده کلامی را که چنین شانی و چنین وضعی دارد به کسی تشبیه فرموده که می خواهد با سنگ کسی را بزند، خم می شود چیزی را برمی دارد که نمی داند سنگ است یا چیز دیگر و نمی داند که به هدف می خورد یا خیر؟ و شاید در مثل معروف هم که می گویند:" فلانی رجم به غیب کرد" همین باشد، یعنی به جای علم با مظنه رجم کرد، چون مظنون هم هر چه باشد تا حدی از نظر صاحبش غائب است.

بعضی (1) در معنای" رجم به غیب" گفته اند" ظن به غیب" ولی قول بعیدی است.

خدای تعالی در این سه جمله مورد بحث، در وسط دو جمله اول آن واو نیاورد، ولی در سومی آورده فرموده:" ثَلاثَةٌ رابِعُهُمْ کَلْبُهُمْ"،" خَمْسَةٌ سادِسُهُمْ کَلْبُهُمْ"،" سَبْعَةٌ وَ ثامِنُهُمْ کَلْبُهُمْ".

در کشاف (2) گفته در این سه جمله" ثلاثة" و" خمسة" و" سبعة" هر سه خبرهایی هستند برای مبتدای حذف شده، و تقدیر کلام چنین است:" هم ثلاثة"" هم خمسة"" هم سبعة" هم چنان که هر سه جمله" رابِعُهُمْ کَلْبُهُمْ" و" سادِسُهُمْ کَلْبُهُمْ" و" ثامِنُهُمْ کَلْبُهُمْ" مبتداء و خبرهایی هستند که صفت خبر قبلی قرار گرفته اند.

خواهی پرسید این که دلیل بی واو آمدن آن دو جمله و با واو آمدن این جمله نشد؟ در جواب می گوییم واو مزبور واوی است که همیشه بر سر جمله ای در می آید که آن جمله صفت نکره ای باشد، هم چنان که بر سر جملاتی هم در می آید که حال از معرفه باشد مانند صفت نکره در جمله" جاءنی رجل و معه آخر- نزد من مردی آمد که با او دیگری هم بود" و صفت معرفه مانند" مررت بزید و بیده سیف- زید را در راه دیدم در حالی که در دستش شمشیری بود" و او در جمله" وَ ما أَهْلَکْنا مِنْ قَرْیَةٍ إِلَّا وَ لَها کِتابٌ مَعْلُومٌ" نیز از همین باب است.

فائده این واو هم در نکره و هم در معرفه تاکید و یا به عبارتی بهتر چسبیدن صفت به موصوف و دلالت بر این است که اتصاف موصوف به این صفت امری است ثابت و مستقر.

همین واو است که در جمله سوم به ما می فهماند که این حرف صحیح است، زیرا می رساند گویندگان این سخن از روی علم و ثبات و اطمینان نفس سخن گفته اند، نه چون آن دو طائفه که رجم به غیب کرده بودند. دلیل بر این استفاده این است که خدای تعالی بعد از دو جمله اول فرمود:" رَجْماً بِالْغَیْبِ" و بعد از جمله سوم فرمود:" ما یَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِیلٌ" ابن عباس هم گفته در دو جمله اول واو نیامد چون هنوز جای شمردن بود، زیرا یک قول دیگر باقی مانده بود، ولی در جمله سوم واو آورد تا بفهماند قول دیگری در دنبال نیست، همین

[شماره صفحه واقعی : 371]

ص: 1096


1- کشاف، ج 2، ص 713.
2- کشاف، ج 2، ص 713.

روایت هم خود دلیل قاطع و ثابت است بر اینکه عدد اصحاب کهف هفت نفر بوده، و هشتمی آنان سگشان بوده است (1).

و در مجمع البیان در ذیل خلاصه ای از کلام ابی علی فارسی گفته: و اما کسی که گفته این واو، واو ثمانیه است، و استدلال کرده به آیه:" حَتَّی إِذا جاؤُها وَ فُتِحَتْ أَبْوابُها" که چون درهای بهشت هشت عدد است لذا واو آورده سخنی است که علمای نحو معنایش را نمی فهمند، و از نظر علمی اعتباری ندارد (2).

" قُلْ رَبِّی أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ ما یَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِیلٌ ...".

در این جمله به رسول خدا صلی الله علیه و آله فرمان می دهد که در باره عدد اصحاب کهف صحیح ترین نظریه را اعلام بدارد و آن این است که خدا به عدد آنان داناتر است. در کلام سابقش نیز به این نظریه اشاره کرده، نظیر اینکه در جمله ای که از محاوره آنان حکایت کرده بود، و آن را کلامی صحیح هم دانسته بود یکی گفته بود: چه قدر خوابیدند؟ گفتند:" لَبِثْنا یَوْماً أَوْ بَعْضَ یَوْمٍ" و در آخر حکایت کرده که گفتند، پروردگارتان بهتر می داند که چقدر خوابیدید؟ با این حال در کلام دلالتی است بر اینکه بعضی از کسانی که با رسول خدا صلی الله علیه و آله مخاطب به این خطاب یعنی خطاب" رَبِّی أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ" بودند اطلاعی از عدد آنان داشته اند، چون در این کلام فرموده:" ما یَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِیلٌ- نمی داند آن را مگر عده ای اندک" و نفرموده:" لا یعلمهم الا قلیل" چون میان" ما" و" لا" فرق است اولی نفی حال را افاده می کند و در نتیجه استثناء" الا قلیل" بعد از آن اثبات در حال را می رساند.

و از این کلام چنین به نظر می آید که آن عده کمی که قضیه را می دانستند از اهل کتاب بوده اند.

کوتاه سخن، مفاد کلام این است: سه قولی که در باره عدد اصحاب کهف ارائه شد در عهد رسول خدا صلی الله علیه و آله معروف بوده، و بنا بر این، اینکه در جمله" سَیَقُولُونَ ثَلاثَةٌ ...- به زودی می گویند سه نفر بوده اند" که می فهماند در آینده این نظریه ارائه می شود، همچنین دو نظریه دیگر در صورتی که عطف به مدخول" سین"" در:" سیقولون" باشند آینده نزدیک به زمان نزول این آیات و یا نزدیک به زمان وقوع حادثه را می رساند- دقت

[شماره صفحه واقعی : 372]

ص: 1097


1- تفسیر کشاف، ج 2، ص 713.
2- مجمع البیان، ج 6، ص 459.

فرمایید.

" فَلا تُمارِ فِیهِمْ إِلَّا مِراءً ظاهِراً"- راغب گفته: کلمه" مریة" به معنای تردد در چیزی است، و معنای آن از معنای کلمه" شک" اخص است، و شک از مریه عمومی تر است. آن گاه گفته:" امتراء" و" ممارات" به معنای محاجه در آن امری است که مورد تردد باشد. سپس گفته: اصل کلمه" مریة" از اصطلاح" مریت الناقة" گرفته شده که معنایش" به پستان ماده شتر جهت دوشیدن شیر دست کشیدم" است (1).

پس اگر" جدال" را" ممارات" خوانده اند برای این است که شخص مجادله کننده با کلام خود می خواهد همه حرفهای طرف خود را از او بدوشد و رد کند.

و مقصود از" ظاهر بودن مراء" این است که در آن تعمق و دقت ننموده به همان مقداری که قرآن از قصه اصحاب کهف آورده اکتفاء کند. ولی بعضی (2) آن را طوری دیگر معنا کرده اند که از آن توهین و رد شنونده فهمیده می شود. و بعضی (3) دیگر گفته اند مقصود از ظاهر بودن مراء این است که مراء حجت طرف مقابل را از بین ببرد، و ظهور در اینجا به معنای رفتن است، هم چنان که در شعر شاعر که گفته:" و تلک شکاة ظاهر عنک عارها- و این شکوه ای است که عارش از تو خواهد رفت" به این معنا است.

و معنای آیه این است: وقتی پروردگار تو داناتر به عدد ایشان است، و او است که داستان ایشان را برای تو بیان کرده، پس دیگر با اهل کتاب در باره این جوانان محاجه مکن مگر محاجه ای که در آن اصرار نباشد، و یا محاجه ای که حجت آنان را از بین ببرد، و از هیچ یک از آنان در باره عدد این جوانان نظریه مخواه، پروردگارت تو را کفایت کند.

توضیح در مورد اینکه باید کار فردا را به مشیت خدا (ان شاء اللَّه) مشروط کرد و بیان اینکه هر عملی از هر عاملی موقوف به اذن و مشیت خدای تعالی است

" وَ لا تَقُولَنَّ لِشَیْ ءٍ إِنِّی فاعِلٌ ذلِکَ غَداً إِلَّا أَنْ یَشاءَ اللَّهُ".

این آیه شریفه چه خطابش را منحصر به رسول خدا صلی الله علیه و آله بدانیم و چه اینکه بگوییم خطاب به آن حضرت و به دیگران است متعرض امری است که آدمی آن را کار خود می داند، و به طرف مقابل خود وعده می دهد که در آینده این کار را می کنم.

قرآن کریم در تعلیم الهی خود تمامی آنچه که در عالم هستی است چه ذوات و چه آثار و افعال ذوات را مملوک خدا به تنهایی می داند، که می تواند در مملوک خود هر قسم تصرفی نموده و هر حکمی را انفاذ بدارد، و کسی نیست که حکم او را تعقیب کند، و غیر.]

[شماره صفحه واقعی : 373]

ص: 1098


1- مفردات راغب، ماده" مری". (2 و 3)روح المعانی، ج 15، ص 247. [.....]

خدا هیچ کس هیچ چیز را مالک نیست، مگر آنچه را که خدا تملیکش کرده، و او را بر آن توانا نموده، تازه بعد از تملیک هم باز خود او مالک و قادر بر آن است (و مانند تملیک ما به یکدیگر نیست که وقتی چیزی به کسی تملیک کنیم دیگر خودمان مالک نیستیم). آیات قرآنی که بر این حقیقت دلالت کند بسیار زیاد است، که حاجتی به ایراد آنها نیست.

پس تمامی ذواتی که در عالم است که دارای افعال و آثاری هستند و ما آنها را سبب و فاعل و علت آن افعال و آثار می نامیم هیچ یک مستقل در سببیت خود نیستند، و هیچکدام در فعل و اثر خود بی نیاز از خدا نیست، هیچ عملی و اثری از آنها سر نمی زند مگر آنکه خدا بخواهد، زیرا او است که آن را قادر بر آن فعل کرده و در عین حال سلب قدرت از خود ننموده، تا آن فاعل بر خلاف اراده خدا اراده ای کند.

و به عبارت دیگر هر سببی از اسباب عالم هستی سبب از پیش خود نیست و سببیتش به اقتضاء ذاتش نمی باشد، بلکه خدای تعالی او را قادر بر فعل و اثرش کرده و هر جا که فعل و اثری از خود نشان دهد می فهمیم که خدا خلاف آن را اراده نکرده است.

و اگر بخواهی می توانی بگویی خدای تعالی راه رسیدن به اثر را برایش آسان و هموار کرده. و باز اگر خواستی بگو اثر خود را به اذن خدا بروز می دهد، زیرا برگشت همه این تعبیرات به یکی است. اذن خدا همان اقدار خدا است، اذن خدا همان رفع موانع نمودن خدا است، و آیات داله بر این که هر عملی از هر عاملی موقوف بر اذن خدای تعالی است بسیار زیاد است از آن جمله می فرماید:" ما قَطَعْتُمْ مِنْ لِینَةٍ أَوْ تَرَکْتُمُوها قائِمَةً عَلی أُصُولِها فَبِإِذْنِ اللَّهِ" (1) و نیز می فرماید:" ما أَصابَ مِنْ مُصِیبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ" (2) و نیز می فرماید:" وَ الْبَلَدُ الطَّیِّبُ یَخْرُجُ نَباتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ" (3) و نیز می فرماید:" وَ ما کانَ لِنَفْسٍ أَنْ تُؤْمِنَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ" (4) و نیز فرموده:" وَ ما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِیُطاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ" (5) و همچنین آیات زیاد دیگری از این قبیل.

پس انسان عارف به مقام پروردگار خود و کسی که خود را تسلیم پروردگار خویش ساخته می بایستی هیچ وقت خود را سبب مستقل در امری و در کاری نداند، و خود را در آن

[شماره صفحه واقعی : 374]

ص: 1099


1- هیچ درخت خرمایی را قطع نمی کنید و یا به حال خود نمی گذارید مگر به اذن خدا. سوره حشر، آیه 5.
2- هیچ مصیبتی نمی رسد مگر به اذن خدا. سوره تغابن، آیه 11.
3- سرزمین پاک روئیدنیش نمی روید مگر به اذن خدا. سوره اعراف آیه 58.
4- هیچ کسی نمی تواند ایمان بیاورد مگر به اذن خدا. سوره یونس، آیه 100.
5- هیچ رسولی نفرستادیم مگر برای اینکه به اذن خدا اطاعت شود. سوره نساء، آیه 64.

کار مستغنی از خدا نپندارد، و بداند که اگر مالک آن عمل و قادر بر آن است خدای تعالی تملیکش فرموده. و او بر آن کار قادرش ساخته. و ایمان داشته باشد به اینکه:" أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِیعاً- نیروها همه از خدا است" لا جرم هر وقت تصمیم می گیرد که عملی را انجام دهد باید عزمش توأم با توکل بر خدا باشد هم چنان که خودش فرموده:" فَإِذا عَزَمْتَ فَتَوَکَّلْ عَلَی اللَّهِ" (1) و هر وقت به کسی وعده ای می دهد و یا از عملی که در آینده انجام دهد خبر می دهد، باید مقیدش کند به اذن خدا، و یا به عدم مشیت خدا خلاف آن را، و بگوید این کار را می کنم اگر خدا غیر آن را نخواسته باشد. و همین معنا یعنی نهی از مستقل پنداشتن، خود معنایی است که از آیه شریفه به ذهن می رسد، مخصوصا با سابقه ذهنی که از قرآن کریم در باره این حقیقت داریم وقتی می شنویم:" وَ لا تَقُولَنَّ لِشَیْ ءٍ إِنِّی فاعِلٌ ذلِکَ غَداً إِلَّا أَنْ یَشاءَ اللَّهُ"، آن هم با در نظر گرفتن آیات قبل که وحدانیت خدا را در الوهیت و ربوبیت بیان می کرد و همچنین آیات ما قبل این قصه را که آنچه در روی زمین است زینت داده خدا معرفی می نمود، و می فرمود:

" خدا به زودی آنها را به صورت خاکی خشک و بی علف در می آورد". و نیز با در نظر گرفتن اینکه یکی از چیزهایی که در روی زمین است افعال آدمی است که خدا برای انسان زینتش داده و با آن آدمیان را امتحان می کند، که آیا خود را مالک آن افعال می دانند یا خیر.

از همه اینها استفاده می شود که منظور از جمله" وَ لا تَقُولَنَّ لِشَیْ ءٍ إِنِّی فاعِلٌ ذلِکَ غَداً" این نیست که شما کارهای خودتان را به خود نسبت ندهید، و این کارها مال شما نیست، قطعا منظور این نیست، برای اینکه ما می بینیم بسیاری از موارد خدا کارهای پیغمبرش و غیر پیغمبرش را به خود آنان نسبت داده، و اصلا امر می کند که کارهایی را به خودش نسبت دهد:" فَقُلْ لِی عَمَلِی وَ لَکُمْ عَمَلُکُمْ" (2) و یا" لَنا أَعْمالُنا وَ لَکُمْ أَعْمالُکُمْ" (3).

پس قرآن کریم اصل نسبت دادن افعال به فاعل را انکار نمی کند آن چیزی را که انکار کرده این است که کسی برای خود و یا برای کسی و یا چیزی ادعای استقلال در عمل و بی نیازی از مشیت خدا و اذن او کند، این است آن نکته ای که جمله استثنایی:" إِلَّا أَنْ یَشاءَ اللَّهُ" در مقام افاده آن است.

از همین جا روشن می شود که در جمله مذکور بایی به معنای ملابسه در تقدیر است، و استثناء هم استثناء مفرغ است که مستثنی را از همه احوال و از همه زمانها بیرون می کند و

[شماره صفحه واقعی : 375]

ص: 1100


1- پس هر گاه تصمیمی گرفتی با توکل بر خدا انجام ده. سوره آل عمران، آیه 159.
2- پس بگو عمل من برای من و عمل شما برای شما است. سوره یونس، آیه 41.
3- کارهای ما برای خودمان و کارهای شما برای خودتان. سوره شوری، آیه 15.

تقدیرش این است که" به هیچ چیز مگو- یعنی در باره هیچ چیز تصمیم مگیر- که من آن را فردا انجام می دهم، این حرف را در هیچ حالی از احوال و در هیچ زمانی از ازمنه مزن، مگر در یک حال و یک زمان، و آن حال و زمانی است که کلام خود را معلق بر مشیت خدا کرده باشی به اینکه گفته باشی: من این کار را فردا انجام می دهم اگر خدا بخواهد که انجام دهم و یا اگر خدا نخواهد که انجام ندهم" و بالأخره معنای" ان شاء اللَّه" مقید ساختن عمل خویش است به مشیت خدا.

وجوه دیگری که در باره استثناء در آیه:" وَ لا تَقُولَنَّ لِشَیْ ءٍ إِنِّی فاعِلٌ ذلِکَ غَداً إِلَّا أَنْ یَشاءَ اللَّهُ" گفته شده است

این است آن معنایی که دقت در آیه افاده اش می کند، و ذیل آیه نیز مؤید آن است، البته مفسرین در آن توجیهات دیگری دارند که ذیلا از نظر خوانندگان می گذرد:

یکی (1) اینکه معنای آیه همان معنایی است که شد الا اینکه در کلام، کلمه" قول" در تقدیر است، و تقدیر کلام این است که:" الا ان تقول ان شاء اللَّه- مگر اینکه بگویی ان شاء اللَّه" و چون کلمه" تقول" حذف شده، تعبیر" ان شاء اللَّه" هم به عبارت مستقبل یعنی" أَنْ یَشاءَ اللَّهُ" تغییر یافته است، و این خود تادیبی است از خدا برای بندگانش، و تعلیم ایشان است تا آنچه خبر می دهند اینطور خبر دهند تا از حد قطع و یقین بیرون آید، و در نتیجه دروغ نگفته باشند. و اگر قسم خورده اند در صورت برخورد با موانع قسمشان نشکند. مثلا در خبر بگویند فردا ان شاء اللَّه فلانی می آید، اگر فرضا نیامد دروغ نگفته، چون گفته اگر خدا بخواهد، و همچنین در قسم بگوید و اللَّه فلان کار را می کنم ان شاء اللَّه، تا اگر به موانعی برخورد نمود سوگندش نشکند، و کفاره به گردنش نیاید- این وجه را به اخفش نسبت داده اند.

لیکن وجهی است با تکلف آن هم تکلفی بی جهت، علاوه بر اینکه تقدیر قول آن طور که گفته شده معنای آیه را به کلی به هم می زند، و این مساله بر خواننده پوشیده نیست.

وجه دیگری که آورده اند (2) این است که در کلام چیزی در تقدیر نیست الا اینکه مصدری که پس از تاویل جمله" ان شاء اللَّه" استفاده می شود، مصدری است به معنای مفعول و معنای جمله این است که: به چیزی مگو که من فردا انجامش می دهم، مگر آن چیزی که خدا خواسته باشد و اراده کرده باشد، مثلا اطاعت خدا باشد. پس گویا گفته شده در باره هیچ عملی مگو که به زودی انجامش می دهم مگر آن عملی که از طاعات باشد. و نهی" مگو" هم نهی کراهتی است نه حرمتی تا بر آن اعتراض شود که پس انجام کارهای مباح و یا خبر دادن از آن که بعدها می کنم جائز نیست، و حال آنکه جائز است.ء.

[شماره صفحه واقعی : 376]

ص: 1101


1- مجمع البیان، ج 6، ص 461، به نقل از فراء.
2- مجمع البیان، ج 6، ص 461، به نقل از فراء.

این وجه نیز صحیح نیست، زیرا وقتی صحیح است که مقصود از مشیت خدا اراده تشریعی" طاعت" بوده باشد، و کسی چنین سندی نداده، و هیچ دلیلی بر آن دلالت ندارد، حتی در یک مورد از قرآن هم سراغ نداریم که مشیت به معنای اراده تشریعی خدا باشد در حالی که مواردی سراغ داریم که مشیت در آن در مشیت تکوینی استعمال شده، هم چنان که از قول حضرت موسی علیه السلام نقل فرموده که به خضر گفت:" سَتَجِدُنِی إِنْ شاءَ اللَّهُ صابِراً" (1) و از شعیب نقل فرموده که به موسی گفت:" سَتَجِدُنِی إِنْ شاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِینَ" (2) و از اسماعیل علیه السلام حکایت کرده که به پدرش گفت:" سَتَجِدُنِی إِنْ شاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِینَ" (3) و در وعده ای که به رسول خدا صلی الله علیه و آله داده می فرماید:" لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ إِنْ شاءَ اللَّهُ آمِنِینَ" (4) و همچنین آیاتی دیگر.

وجه مزبور بیشتر با اصول عقاید معتزله وفق می دهد، چون معتزله می گویند: خدای تعالی پس از خلقت بندگان، دیگر مشیتی در کارهای آنان ندارد تنها دخل و تصرفی که در بندگان دارد از راه تشریع و اراده تشریعی و خلاصه جعل قانون است، که این کار را بکنید و این کار مکنید. و لیکن این نظریه از نظر عقل و نقل باطل است.

یکی (5) از وجوه دیگری که در توجیه آیه شریفه آورده اند این است که استثناء مزبور از" فعل" است نه از" قول" که اگر اینطور توجیه کنیم دیگر احتیاجی به تقدیر پیدا نمی کنیم، و معنا این می شود: و به هر چیز مگو که" من فردا انجامش می دهم، مگر آنکه خدا خلافش را اراده کرده باشد، و مانعی جلو من بگذارد" و این حرف، نظیر حرف معتزله است که می گویند بنده در افعالش فاعل مستقل است مگر اینکه خداوند مانعی بزرگتر در جلو او قرار دهد، و خلاصه برگشت کلام به این می شود که در باره افعال بندگان راه معتزله را مرو، نظریه آنان باطل است.

اشکالی که ما در این توجیه داریم این است که استثناء را به فعل زدن نه به قول، به آن بیانی که ما گذراندیم بی اشکالتر و تمامتر است، و دیگر نهی از تعلیق استثناء بر فعل وجهی ندارد، چون تعلیق استثناء بر فعل در موارد متعددی در کلام خدای تعالی واقع شده، و.]

[شماره صفحه واقعی : 377]

ص: 1102


1- به زودی ان شاء اللَّه مرا مردی شکیبا خواهی یافت. سوره کهف، آیه 69.
2- به زودی ان شاء اللَّه مرا از صالحین خواهی یافت. سوره قصص، آیه 27.
3- به زودی مرا ان شاء اللَّه از صابرین خواهی یافت. سوره صافات، آیه 102.
4- به زودی ان شاء اللَّه با امنیت تمام وارد مسجد الحرام خواهید شد. سوره فتح، آیه 27.
5- روح المعانی، ج 15، ص 248. [.....]

آن را رد نکرده مانند کلامی که از ابراهیم حکایت کرده که گفت:" وَ لا أَخافُ ما تُشْرِکُونَ بِهِ إِلَّا أَنْ یَشاءَ رَبِّی شَیْئاً" (1) و کلامی که از شعیب نقل کرده که گفت:" وَ ما یَکُونُ لَنا أَنْ نَعُودَ فِیها إِلَّا أَنْ یَشاءَ اللَّهُ" (2) و نیز مانند آیه" ما کانُوا لِیُؤْمِنُوا إِلَّا أَنْ یَشاءَ اللَّهُ" (3) که کلام خود خدای تعالی است، و همچنین آیات دیگر. پس آیه مورد گفتگوی ما نیز باید بر معنایی حمل شود که با این مطلب موافق در آید.

یکی (4) دیگر از وجوهی که در معنای استثناء مورد بحث گفته اند این است که استثنای مزبور از اعم اوقات است، چیزی که هست مفعول کلمه" یشاء" عبارت از قول است، و معنای آیه این است که: هیچ وقت این حرف را نزنید مگر آنکه خدا بخواهد که شما بزنید. و مراد از خواستن خدا اذن او است، یعنی حرفی نزنید که خدا اذن خود را در آن اعلام نکرده باشد.

اشکال این وجه این است که وقتی درست است که چیزی در آن تقدیر بگیریم، و تقدیر گرفتن دلیل می خواهد و در الفاظ آیه چیزی که دلالت کند بر تقدیر اعلام وجود ندارد، و اگر هم تقدیر نگیریم تکلیف در آیه تکلیف به مجهول خواهد بود.

وجه دیگر (5) این است که استثناء مزبور برای ابدی کردن مطلب است، نظیر استثنایی که در آیه" خالِدِینَ فِیها ما دامَتِ السَّماواتُ وَ الْأَرْضُ إِلَّا ما شاءَ رَبُّکَ عَطاءً غَیْرَ مَجْذُوذٍ" (4) و بنا بر این معنای آیه مورد بحث این می شود که: ابدا چنین حرفی مزن.

لیکن این وجه با آیات بسیاری که قبلا نقل کردیم که افعال گذشته و آینده انبیاء و سایر مردم را به خود ایشان نسبت داده منافات دارد، بلکه در آن آیات پیغمبر خود را دستور می دهد که اعمال خود را به خودش نسبت دهد مثل اینکه فرموده:" فَقُلْ لِی عَمَلِی وَ لَکُمْ عَمَلُکُمْ" (5) و مانند آیه" قُلْ سَأَتْلُوا عَلَیْکُمْ مِنْهُ ذِکْراً" (6).

[شماره صفحه واقعی : 378]

ص: 1103


1- من از آنچه به خدا شرک می ورزید نمی ترسم مگر آنکه خدای من چیزی بخواهد. سوره انعام آیه 80.
2- ما را نمی رسد که دو باره بدان برگردیم مگر آنکه خدا بخواهد. سوره اعراف، آیه 89.
3- هرگز نمی توانند ایمان بیاورند مگر آنکه خدا بخواهد. سوره انعام، آیه 111. (4 و 5)روح المعانی، ج 15، ص 248.
4- جاودانه در آن هستند ما دام که آسمانها و زمین برقرارند مگر آنکه پروردگار تو عطائی غیر مقطوع بخواهد. سوره هود، آیه 108.
5- سوره یونس، آیه 41.
6- بگو بزودی ذکری از آن را برایتان می خوانم. سوره کهف، آیه 83.
معنای آیه:" وَ اذْکُرْ رَبَّکَ إِذا نَسِیتَ ..." و وجوهی که در معنای آن گفته شده است

" وَ اذْکُرْ رَبَّکَ إِذا نَسِیتَ وَ قُلْ عَسی أَنْ یَهْدِیَنِ رَبِّی لِأَقْرَبَ مِنْ هذا رَشَداً".

اتصال این آیه به ما قبل و اشتراکش با آنها در سیاق تکلیف" بیاد آر" چنین اقتضاء می کند که مراد از نسیان فراموش کردن استثناء باشد. و بنا بر این مراد از" ذکر پروردگار" فراموش نکردن مقام پروردگار است. همان مقامی که به یاد آن بودن موجب استثناء می شود، و آن این است که خدای تعالی قائم بر هر نفسی، و هر کاری است که آن نفس می کند، و خدا است که کارهای نفوس را به آنها تملیک کرده و نفوس را بر آن قدرت داده.

و معنای آیه این است که: هر وقت در اثر غفلت از مقام پروردگارت فراموش کردی که در کلام خود استثناء مذکور را به کار بری به محضی که یادت آمد مجددا به یاد پروردگارت باش، آن گاه ملک و قدرت خود را تسلیم او بدار و از او بدان و افعال خویش را مقید به اذن و مشیت او کن.

و از آنجایی که امر به یادآوری مطلق آمده، و معلوم نکرده که چه نحو و با چه عبارتی به یاد خدا بیفتید، لذا استفاده می شود که منظور ذکر خدای تعالی است به شان مخصوص به او، حال چه اینکه به لفظ باشد و چه به یاد قلبی، و لفظ هم چه ان شاء اللَّه باشد و یا استغفار و چه اینکه ابتداء آن را بگوید، و یا اگر یادش رفت هنوز کلامش تمام نشده آن را بگوید، و یا به منظور گفتن آن کلام را دو باره تکرار کند، و یا آنکه اگر اصلا یادش نیامد تا کلام تمام شد همان کلام را در دل بگذراند، و ان شاء اللَّه را بگوید، چه اینکه فاصله زیاد شده باشد، یا کم، هم چنان که در بعضی از روایات (1) آمده که وقتی آیه شریفه نازل شد رسول خدا صلی الله علیه و آله فرمود:" ان شاء اللَّه". و چه اینکه به لفظ استغفار و امثال آن باشد.

از آنچه گذشت این معنا روشن گردید که گفتار بعضی (2) از مفسرین که گفته اند آیه مستقل از آیات قبل است، و مراد از فراموشی، فراموشی خدا و یا مطلق فراموشی است، و معنایش این است که" هر وقت خدا را فراموش کردی و یا هر چیز دیگری را فراموش کردی سپس یادت آمد به یاد خدا، بیفت" گفتار صحیحی نیست.

و همچنین کلام بعضی (3) دیگر که بنا بر وجه سابق اضافه کرده که مراد از ذکر خدای تعالی، هر ذکری نیست، بلکه همان کلمه" ان شاء اللَّه" است هر چند که فاصله میان گفتن آن و فراموشی زیاد باشد، و یا خصوص استغفار و یا پشیمانی بر تفریط و کوتاهی کردن

[شماره صفحه واقعی : 379]

ص: 1104


1- الدر المنثور، ج 4، ص 217.
2- تفسیر فخر رازی، ج 21، ص 111.
3- روح المعانی، ج 15، ص 249 و مجمع البیان، ج 6، ص 461.

است، و همچنین وجوه دیگری که در این باره ارائه شده وجوه سدیدی نیست.

مساله اتصال به سیاق آیات قبل و اشتراکش با آنها در سیاق تکلیف اقتضاء می کند که اشاره به کلمه" هذا" اشاره به ذکر خدا بعد از فراموشی باشد، و معنایش این باشد: امیدوار باش که پروردگارت تو را به امری هدایت کند که رشدش از ذکر خدا بعد از نسیان بیشتر باشد، و آن عبارت است از ذکر دائمی و بدون نسیان. در نتیجه آیه شریفه از قبیل آیاتی خواهد بود که رسول خدا صلی الله علیه و آله را به دوام ذکر دعوت می کند، مانند آیه" وَ اذْکُرْ رَبَّکَ فِی نَفْسِکَ تَضَرُّعاً وَ خِیفَةً وَ دُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَ الْآصالِ وَ لا تَکُنْ مِنَ الْغافِلِینَ" (1) چون به یاد چیزی افتادن بعد از فراموش کردن و بیاد آوردن و به خاطر سپردن که دیگر فراموش نشود خود از اسباب دوام ذکر است.

و عجب از مفسرینی (2) است که کلمه" هذا" را در آیه شریفه اشاره به داستان اصحاب کهف گرفته و گفته اند: معنای آیه این است که" بگو امید است خداوند از آیات داله بر نبوتم معجزاتی به من بدهد که از نظر ارشاد مردم به دین توحید مؤثرتر از داستان اصحاب کهف باشد" ولی خواننده ضعف این توجیه را خود می فهمد.

و از این عجیب تر کلامی است که از بعضی (3) از مفسرین نقل شده که گفته اند اشاره" هذا" به فراموش شده است، و معنای آیه این است که" از خدا بخواه که وقتی چیزی را فراموش کردی به یادت بیاورد، و اگر به یادت نیاورد بگو امید است پروردگارم مرا به چیزی هدایت کند، که از آن فراموش شده ام بهتر و نفعش از آن بیشتر باشد".

باز از این هم عجیب تر کلام بعضی (4) دیگر از آنان است که گفته اند جمله" وَ قُلْ عَسی أَنْ یَهْدِیَنِ ..." عطف تفسیری بر جمله" وَ اذْکُرْ رَبَّکَ إِذا نَسِیتَ" می باشد و معنایش این است که اگر نسیانی از تو سر زد به سوی پروردگارت توبه ببر، و توبه ات این است که بگویی" امید است پروردگارم مرا به نزدیک تر از این به رشد هدایت فرماید".

ممکن هم هست بگوییم وجه دوم و سوم یک وجه است و به هر حال چه یکی باشد و چه دو تا بناء هر دو بر این است که مراد از جمله" نسیت" مطلق نسیان باشد، و حال آنکه خواننده عزیز اشکالش را فهمید.

[شماره صفحه واقعی : 380]

ص: 1105


1- خدای خود را با تضرع و پنهانی و بی آنکه آواز برکشی در دل خود در صبح و شام یاد کن و از غافلان مباش. سوره اعراف، آیه 205.
2- کشاف، ج 2، ص 715. و روح المعانی، ج 15، ص 251. (3 و 4)روح المعانی، ج 15، ص 251.
توضیح آیه:" وَ لَبِثُوا فِی کَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِینَ وَ ازْدَادُوا تِسْعاً" که عدد سالهای اقامت اصحاب کهف را در غار حکایت می کند

" وَ لَبِثُوا فِی کَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِینَ وَ ازْدَادُوا تِسْعاً".

این جمله مدت اقامت اصحاب کهف در غار را بیان می کند که در این مدت همه در خواب بودند، و چون طولانی بودن این خواب مورد عنایت بوده، در اول آیات داستان نیز اشاره ای اجمالی به این مدت کرده و فرموده:" فَضَرَبْنا عَلَی آذانِهِمْ فِی الْکَهْفِ سِنِینَ عَدَداً".

مؤید این حرف این است که دنبال جمله مورد بحث در آیه بعدی فرموده:" قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِما لَبِثُوا"، آن گاه اضافه کرده است:" وَ اتْلُ ما أُوحِیَ إِلَیْکَ ..." و سپس فرموده:" وَ قُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّکُمْ". و جز در جمله مورد بحث عدد سالهای مکث ایشان را بیان نکرده، پس با اینکه در جمله مورد بحث عدد مذکور را معلوم کرده و سپس فرموده:" قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِما لَبِثُوا" و در جای دیگر فرموده:" قُلْ رَبِّی أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ- بگو پروردگار من داناتر به عده آنان است" این خود اشاره به این است که عدد مذکور صحیح است.

پس دیگر نباید توجهی به این حرف (1) نمود که جمله" وَ لَبِثُوا فِی کَهْفِهِمْ" حکایت کلام اهل کتاب و جمله" قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِما لَبِثُوا" جواب و رد آن است. و همچنین به این گفته (2) نیز نباید اعتناء کرد که جمله" لبثوا ..." کلام خدا و جمله" وَ ازْدَادُوا تِسْعاً" اشاره به قول اهل کتاب و ضمیر" هم" راجع به ایشان است، و معنای آیه این است که، اهل کتاب نه سال بر عدد واقعی افزوده اند، و آن گاه جمله" قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِما لَبِثُوا" رد آن است.

زیرا علاوه بر ناسازگاری آن با مطالب گذشته آنچه از اهل کتاب در باره سالهای مکث اصحاب کهف نقل شده دویست سال و یا کمتر از آن است و هیچ یک از اهل کتاب سیصد و نه سال و حتی سیصد سال را نگفته است.

کلمه" سنین" تمیز عدد نیست و گرنه باید می فرمود:" ثلاث مائة سنة" چون تمیز از صد به بالا مفرد و منصوب است، بلکه به طوری که گفته اند بدل از" ثلاثمائة" است، و در این کلام شباهتی با جمله:" سِنِینَ عَدَداً" که اجمال قصه را در صدر آیات بیان می کرد رعایت شده است.

و بعید نیست نکته تبدیل کلمه" سنة" به" سنین" زیاد جلوه دادن مدت لبث باشد و بنا بر این آن وقت جمله" وَ ازْدَادُوا تِسْعاً" خالی از یک معنا و بویی از اضراب نخواهد بود، گویا کسی گفته:" در غارشان سیصد سال، آری این همه سالهای متمادی خوابیدند، بلکه نه سال

[شماره صفحه واقعی : 381]

ص: 1106


1- کشاف، ج 2، ص 716. [.....]
2- روح المعانی، ج 15، ص 253.

هم اضافه کردند" و اضراب بودن جمله مزبور منافاتی با گفته سابق ما در" سِنِینَ عَدَداً" ندارد، که گفتیم این تعبیر برای این است که عدد را اندک نشان دهد، زیرا در آنجا مقام مقام دیگری بود، و اینجا مقام دیگری است. و در هر یک از دو مقام غرض خاصی در بین است که در آن دیگری نیست. غرض در آن مقام این بود که بفهماند خواباندن اصحاب کهف در مدتی به این طولانی و سپس بیدار کردن آنان در مقام قدرت خدای تعالی چیزی نیست و در قبال زینت دادن موجودات زمین در نظر بشر امری عجیب نیست، به خلاف این مقام که می خواهد حجتی را علیه منکرین بعث اقامه کند که در چنین مقامی هر چه عدد سالهای خواب آنان را بیشتر جلوه دهد حجت، دل نشین تر خواهد شد. پس همین یک مدت دو نسبت به خود می گیرد، یکی نسبتی به خدا دارد که امری آسان است و یکی نسبت به ما که مدتی بسیار طولانی است.

و اضافه کردن نه سال به سیصد سال چنین اشاره می کند که اصحاب کهف سیصد سال شمسی در غار بوده اند چون تفاوت سیصد سال شمسی با قمری تقریبا همین مقدارها می شود، و دیگر جا ندارد که کسی شک کند در اینکه مراد از" سنین" در آیه شریفه سالهای قمری است. برای اینکه سال در عرف قرآن به قمری حساب می شود که از ماههای هلالی ترکیب می یابد و در شریعت اسلامی هم همین معتبر است.

و در تفسیر کبیر (1) به خاطر اینکه این دو عدد به طور تحقیق با هم منطبق نمی شود با شدت هر چه تمامتر به این حرف حمله کرده، و در باره روایتی هم که از علی علیه السلام در این موضوع نقل شده مناقشه کرده است، با اینکه فرق میان دو عدد یعنی سیصد سال شمسی و سیصد و نه سال قمری از سه ماه کمتر است، و در مواردی که عددی را به طور تقریب می آورند این مقدار از تقریب را جائز می شمارند. و بدون هیچ حرفی در کلام خود ما هم معمول است.

" قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِما لَبِثُوا لَهُ غَیْبُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ ...".

در داستان اصحاب کهف به طور اشاره گذشت که مردم در باره اصحاب کهف اختلاف داشتند و قرآن کریم حق داستان را اداء نموده آنچه حقیقت داشته بیان فرموده است.

پس جمله" قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِما لَبِثُوا" مشعر به این است که مدتی را که در آیه قبلی برای لبث اصحاب کهف بیان نموده نزد مردم مسلم نبوده، لذا رسول خدا صلی الله علیه و آله

[شماره صفحه واقعی : 382]

ص: 1107


1- تفسیر فخر رازی، ج 21، ص 112.

مامور شده است، با ایشان احتجاج کند، و در احتجاج خود به علم خدا تمسک جسته بفهماند که خدا از ما مردم بهتر می داند.

جمله" لَهُ غَیْبُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ" تعلیل و بیان این جهت است که چطور خدا داناتر به مدت لبث ایشان است. و لام در آن مفید اختصاص ملکی است، و مراد این است که خدای تعالی تنها مالک آنچه در آسمانها و زمین است می باشد، و تنها او است که مالک غیب است و چیزی از او فوت نمی شود، هر چند که آسمان و زمین از بین بروند. و وقتی که مالک غیب عالم باشد و ملکیتش هم به حقیقت معنای ملکیت باشد و وقتی دارای کمال بصر و سمع است، پس او از هر کس دیگر داناتر به مدت لبث اصحاب کهف است که خود یکی از مصادیق غیب است.

و بنا بر این، اینکه فرمود:" أَبْصِرْ بِهِ وَ أَسْمِعْ" با در نظر گرفتن اینکه صیغه" افعل به" صیغه تعجب است، معنایش این است که: چقدر بینا و شنوا است. و این خود کمال سمع و بصر خدای را می رساند، و جمله ای است که تعلیل را تتمیم می کند. گویا گفته است چطور داناتر به لبث آنان نباشد در حالی که مالک ایشان که یکی از مصادیق غیبند می باشد، و حال ایشان را دیده و مقالشان را شنیده است.

از اینجا معلوم می شود اینکه بعضی (1) گفته اند" لام" در جمله" لَهُ غَیْبُ" لام اختصاص علمی است، یعنی برای خدای تعالی است علم به این مطلب، و علم به تمام مخلوقات را هم می رساند، چون وقتی کسی عالم به غیب و امور خفی عالم است امور دیگر را به طریق اولی می داند"، نظریه درستی نیست، برای اینکه ظاهر جمله" أَبْصِرْ بِهِ وَ أَسْمِعْ" این است که منظور از آن تاسیس مطلب باشد، نه تاکید آن و همچنین ظاهر لام" له" مطلق ملک است، نه تنها ملک علمی.

و اینکه فرمود:" ما لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِیٍّ ..." مراد از آن این است که ولایت مستقل غیر خدای را انکار نماید. و مراد از جمله بعدیش یعنی جمله" وَ لا یُشْرِکُ فِی حُکْمِهِ أَحَداً" ولایت دیگری را به نحو اشتراک با خدا نفی می کند. و خلاصه معنای آن دو این است که غیر خدا نه ولایت مستقل دارند و نه با خدا در ولایت شریکند.

و بعید نیست از نظم آیه که در جمله دوم یعنی جمله" وَ لا یُشْرِکُ فِی حُکْمِهِ أَحَداً" تعبیر به فعل آورده نه به وصف، و در نفی ولایت مستقله کلمه" فی حکمه" را نیاورده و در

[شماره صفحه واقعی : 383]

ص: 1108


1- روح المعانی، ج 15، ص 254.

مساله شرک در ولایت آن را آورد. استفاده شود که جمله اولی ولایت غیر خدا را انکار می کند، چه ولایت مستقل آنها را و چه شرکت در ولایت خدای را، و جمله دومی شرکت غیر خدا را در حکم، و همچنین قضاء در حکم را نفی می کند، یعنی ولایت همه انسانها را منحصر در خدا می داند، ولی این ولایت را به دیگران هم تفویض می کند، یعنی سرپرستی مردم را به دیگران نیز واگذار می کند تا در میان آنان طبق دستور حکم نمایند، آن چنان که والیان امر حکام و عمالی در نواحی مملکت نصب می کنند تا کار خود والی را در آنجا انجام دهند، و حتی اموری را که خود والی از آن اطلاع ندارد فیصله دهند.

و برگشت معنا به این می شود که: چگونه خدا داناتر به لبث آنان نباشد، با اینکه او به تنهایی ولی ایشان است، و مباشر حکم جاری در ایشان و احکام جاریه بر ایشان است.

ضمیر در" لهم" به اصحاب کهف و یا به جمیع آنچه در آسمانها و زمین است (که از جمله قبلی به خاطر تغلیب جانب عقلداران بر دیگران استفاده می شد) برمی گردد و یا به عقلداران در آسمانها و زمین برمی گردد، و این وجه از نظر اعتبار مترتب با وجوه قبلی است، یعنی از همه بهتر و معتبرتر وجه اولی سپس دومی و در آخر سومی است.

و بنا بر این آیه شریفه متضمن حجت است بر اینکه خدا داناتر به مدت لبث ایشان است، یکی حجت عمومی است نسبت به علم خدا به اصحاب کهف و غیر ایشان که جمله" لَهُ غَیْبُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ أَبْصِرْ بِهِ وَ أَسْمِعْ" متعرض آن می باشد، و یکی دیگر حجتی است خاص که علم خدای را به خصوص سرگذشت اصحاب کهف اثبات می نماید، که آیه" ما لَهُمْ ..." متضمن آن است و می فهماند وقتی خدای تعالی ولی ایشان و مباشر در قضای جاری بر ایشان است آن وقت چگونه ممکن است از دیگران عالم تر به حال ایشان نباشد؟ و چون هر دو جمله جنبه علیت را می رساند لذا هر دو را مفعول و بدون حرف عطف آورد.

بحث روایتی : روایتی در شرح داستان اصحاب کهف
اشاره

در تفسیر قمی در ذیل آیه" أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحابَ الْکَهْفِ" از امام علیه السلام روایت آورده که فرمود: ما به تو آیت ها و معجزه هایی دادیم که از داستان اصحاب کهف مهم تر بود، آیا از این داستان تعجب می کنی که جوانانی بودند در قرون فترت که فاصله نبوت عیسی بن مریم و محمد صلی الله علیه و آله بود، زندگی می کرده اند. و اما" رقیم" عبارت از دو لوح مسی بوده که داستان اصحاب کهف را روی آن حک نموده اند که دقیانوس، پادشاه

[شماره صفحه واقعی : 384]

ص: 1109

آنها چه دستوری به ایشان داده بود، و آنان چگونه از دستور او سر پیچیده اسلام را پذیرفته بودند، و سرانجام کارشان چه شد (1).

و باز در همان کتاب از ابن ابی عمیر از ابی بصیر از امام صادق علیه السلام روایت کرده که فرمود: سبب نزول سوره کهف این بود که قریش سه نفر را به قبیله نجران فرستادند تا از یهودیان آن دیار مسائلی را بیاموزند و با آن رسول خدا صلی الله علیه و آله را بیازمایند، و آن سه نفر نضر بن حارث بن کلده و عقبة بن ابی معیط و عاص بن وائل سهمی بودند.

این سه نفر به سوی نجران بیرون شده جریان را با علمای یهود در میان گذاشتند.

یهودیان گفتند سه مساله از او بپرسید اگر آن طور که ما می دانیم پاسخ داد در ادعایش راستگو است، و سپس از او یک مساله دیگر بپرسید اگر گفت می دانم بدانید که دروغگو است.

گفتند: آن مسائل چیست؟ جواب دادند که از احوال جوانانی بپرسید که در قدیم الایام بودند و از میان مردم خود بیرون شده غایب گشتند. و در مخفیگاه خود خوابیدند، چقدر خوابیدند؟ و تعدادشان چند نفر بود؟ و چه چیز از غیر جنس خود همراهشان بود؟ و داستانشان چه بود؟.

مطلب دوم اینکه از او بپرسید داستان موسی که خدایش دستور داد از عالم پیروی کن و از او تعلیم گیر چه بوده؟ و آن عالم که بوده؟ و چگونه پیرویش کرد؟ و سرگذشت موسی با او چه بود؟.

سوم اینکه از او سرگذشت شخصی را بپرسید که میان مشرق و مغرب عالم را بگردید تا به سد یاجوج و ماجوج برسید، او که بود؟ و داستانش چگونه بوده است. یهودیان پس از عرض این مسائل جواب آنها را نیز به فرستادگان قریش داده گفتند: اگر اینطور که ما شرح دادیم جواب داد صادق است و گرنه دروغ می گوید.

پرسیدند آن یک سؤال که گفتید چیست؟ گفتند از او بپرسید قیامت چه وقت به پا می شود، اگر ادعا کرد که من می دانم چه موقع به پا می شود دروغگو است، و اگر گفت جز خدا کسی تاریخ آن را نمی داند راستگو است.

فرستادگان قریش به مکه برگشتند و نزد ابو طالب جمع شدند و گفتند: پسر برادرت ادعا می کند که اخبار آسمانها برایش می آید، ما از او چند مساله پرسش می کنیم اگر جواب داد می دانیم که راستگو است و گرنه می فهمیم که دروغ می گوید. ابو طالب گفت: بپرسید

[شماره صفحه واقعی : 385]

ص: 1110


1- تفسیر قمی، ج 2، ص 31.

آنچه دلتان می خواهد. آنها، آن مسائل را مطرح کردند.

رسول خدا صلی الله علیه و آله فرمود: فردا جوابهایش را می دهم و در این وعده ای که داد" ان شاء اللَّه" نگفت. به همین جهت چهل روز وحی از او قطع شد تا آنجا که رسول خدا صلی الله علیه و آله غمگین گردید و یارانش که به وی ایمان آورده بودند به شک افتادند، و قریش شادمان شده و شروع کردند به استهزاء و آزار، و ابو طالب سخت در اندوه شد.

پس از چهل شبانه روز سوره کهف بر وی نازل شد، رسول خدا صلی الله علیه و آله از جبرئیل سبب تاخیر را پرسید؟ گفت ما قادر نیستیم از پیش خود نازل شویم جز به اذن خدا.

سپس در این سوره فرمود: ای محمد تو گمان کرده ای داستان اصحاب کهف و رقیم از آیات ما امری عجیب است آن گاه از آیه" إِذْ أَوَی الْفِتْیَةُ" به بعد داستان ایشان را شروع نموده و بیان فرمود.

آن گاه امام صادق علیه السلام اضافه کرد که اصحاب کهف و رقیم در زمان پادشاهی جبار و ستمگر زندگی می کردند که اهل مملکت خود را به پرستش بتها دعوت می کرد و هر که سر باز می زد او را می کشت، و اصحاب کهف در آن کشور مردمی با ایمان و خداپرست بودند. پادشاه مامورینی در دروازه شهر گمارده بود تا هر کس خواست بیرون شود، اول به بتها سجده بکند، این چند نفر به عنوان شکار بیرون شدند، و در بین راه به شبانی برخوردند او را به دین خود دعوت کردند نپذیرفت ولی سگ او دعوت ایشان را پذیرفته به دنبال ایشان به راه افتاد.

سپس امام فرمود: اصحاب کهف به عنوان شکار بیرون آمدند، اما در واقع از کیش بت پرستی فرار کردند. چون شب فرا رسید با سگ خود داخل غاری شدند خدای تعالی خواب را بر ایشان مسلط کرد، هم چنان که فرموده:" فَضَرَبْنا عَلَی آذانِهِمْ فِی الْکَهْفِ سِنِینَ عَدَداً" پس در غار خوابیدند تا روزگاری که خدا آن پادشاه و اهل آن شهر را هلاک نمود و آن روزگار را سپری کرد و روزگاری دیگر و مردم دیگری پیش آورد.

در این عصر بود که اصحاب کهف از خواب بیدار شده یکی از ایشان به دیگران گفت: به نظر شما چقدر خوابیدیم؟ نگاه به آفتاب کردند دیدند بالا آمده گفتند: به نظر ما یک روز و یا پاره ای از یک روز خواب بوده ایم. آن گاه به یکی از نفرات خود گفتند این پول را بگیر و به درون شهر برو اما به طوری که تو را نشناسند پس در بازار مقداری خوراک برایمان خریداری کن زنهار که اگر تو را بشناسند، و به نهانگاه ما پی ببرند همه ما را می کشند و یا به دین خود برمی گردانند. آن مرد پول را برداشته وارد شهر شد لیکن شهری دید بر خلاف آن

[شماره صفحه واقعی : 386]

ص: 1111

شهری که از آن بیرون آمده بودند و مردمی دید بر خلاف آن مردم هیچ یک از افراد آنان را نشناخت و حتی زبان ایشان را هم نفهمید، مردم به وی گفتند: تو کیستی و از کجا آمده ای؟

او جریان را گفت اهل شهر با پادشاهشان به راهنمایی آن مرد بیرون آمده تا به در غار رسیدند، و به جستجوی آن پرداختند بعضی گفتند سه نفرند که چهارمی آنان سگ ایشان است. بعضی گفتند پنج نفرند که ششمی آنان سگشان است. بعضی دیگر گفتند: هفت نفرند که هشتمی آنان سگشان می باشد.

آن گاه خدای سبحان با حجابی از رعب و وحشت میان اصحاب کهف و مردم شهر حائلی ایجاد کرد که احدی قدرت بر داخل شدن بدانجا را ننمود غیر از همان یک نفری که خود از اصحاب کهف بود. او وقتی وارد شد دید رفقایش در هراس از اصحاب دقیانوس اند و خیال می کردند این جمعیت همانهایند که از مخفیگاه آنان با خبر شده اند، مردی که از بیرون آمده بود جریان را به ایشان گفت که در حدود چند صد سال است که ما در خواب بوده ایم و سرگذشت ما معجزه ای برای مردم گشته، آن گاه گریسته از خدا خواستند دوباره به همان خواب اولیشان برگرداند.

سپس پادشاه شهر گفت جا دارد ما بر بالای این غار مسجدی بسازیم که زیارتگاهی برایمان باشد، چون این جمعیت مردمی با ایمان هستند، پس آنان در سال دو نوبت این پهلو و آن پهلو می شوند شش ماه بر پهلوی راست هستند و شش ماه دیگر بر پهلوی چپ و سگ ایشان دستهای خود را گسترده و دم در غار خوابیده است، که خدای تعالی در باره داستان ایشان در قرآن کریم فرموده:" نَحْنُ نَقُصُّ عَلَیْکَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ ..." (1).

مؤلف: این روایت از روشن ترین روایات این داستان است که علاوه بر روشنی متن آن تشویش و اضطرابی هم در آن نیست. با این وصف، این نکته را هم متضمن است که مردمی که در عدد آنها اختلاف کردند و یکی گفت سه نفر و یکی گفت پنج نفر و دیگری گفت هفت نفر، همان اهل شهر بوده اند که در غار اجتماع کرده بودند، و این خلاف ظاهر آیه است. و نیز متضمن این نکته است که اصحاب کهف برای بار دوم نیز به خواب رفتند و نمردند و نیز سگشان هنوز هم در غار دستهایش را گسترده و اصحاب کهف در هر سال دو نوبت این پهلو، آن پهلو می شوند، و هنوز هم به همان هیات سابق خود هستند، و حال آنکه بشر تا کنون در روی زمین به غاری که در آن عده ای به خواب رفته باشند برنخورده است.

[شماره صفحه واقعی : 387]

ص: 1112


1- تفسیر قمی، ج 2، ص 31.

بعلاوه در ذیل این روایت عبارتی است که ما آن را نقل نکردیم، چون احتمال دادیم جزو روایت نباشد بلکه کلام خود قمی و یا روایت دیگری باشد، و آن این است که جمله" وَ لَبِثُوا فِی کَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِینَ وَ ازْدَادُوا تِسْعاً" جزو کلام اهل کتاب است، و جمله" قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِما لَبِثُوا" رد آن است، و حال آنکه در بیان سابق ما این معنا از نظر خواننده گذشت که سیاق آیات با این حرف مخالف است و نظم بلیغ قرآنی آن را نمی پذیرد.

موارد و جهات اختلاف در روایات راجع به داستان اصحاب کهف

در بیان داستان اصحاب کهف از طریق شیعه و سنی روایات (1) بسیاری وجود دارد و لیکن خیلی با هم اختلاف دارند، به طوری که در میان همه آنها حتی دو روایت دیده نمی شود که از هر جهت مثل هم باشند.

مثلا یک اختلافی که در آنها هست این است که در بعضی از آنها مانند روایت بالا آمده که پرسش های قریش از آن جناب چهار تا بوده: یکی اصحاب کهف دوم داستان موسی و عالم و سوم قصه ذو القرنین چهارم قیام قیامت. و در بعضی دیگر آمده که پرسش از سه چیز بوده: اصحاب کهف و ذو القرنین و روح. در این روایات آمده که علامت صدق دعوی رسول خدا صلی الله علیه و آله این است که از اصحاب کهف و ذو القرنین جواب بگوید، و از آخری یعنی روح جواب ندهد، و آن جناب از آن دو جواب داد و در پاسخ از روح آیه آمد:" قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّی ..." و از آن جواب نداد. و شما خواننده محترم در بیان آیه مذکور متوجه شدید که آیه در مقام جواب ندادن نبود و نخواسته از جواب دادن طفره برود بلکه حقیقت و واقع روح را بیان می کند پس نباید گفت که آن جناب از سؤال در باره روح جواب نداد.

و از جمله اختلافاتی که در بیشتر روایات هست این است که اصحاب کهف و اصحاب رقیم یک جماعت بوده اند. و در بعضی دیگر آمده که اصحاب رقیم طایفه دیگری بوده اند که خدای تعالی نامشان را با اصحاب کهف آورده. ولی از توضیح داستان اصحاب رقیم اعراض نموده. آن گاه روایت مزبور قصه اصحاب رقیم را چنین آورده که سه نفر بودند از خانه بیرون شدند تا برای خانواده های خود رزقی تهیه کنند، در بیابان به رگبار باران برخوردند، ناچار به غاری پناهنده شدند، و اتفاقا در اثر ریزش باران سنگ بسیار بزرگی از کوه حرکت کرده درست جلو غار آمد و آن را بست و این چند نفر را در غار حبس کرد.

یکی از ایشان گفت: بیایید هر کس کار نیکی دارد خدای را به آن سوگند دهد تا این

[شماره صفحه واقعی : 388]

ص: 1113


1- تفسیر قمی، ج 2، ص 31 و الدر المنثور، ج 4، ص 210، مجمع البیان، ج 6، ص 415 روح المعانی، ج 15، ص 210.

بلا را از ما دفع کند. یکی کار نیکی که داشت بیان کرد و خدای را به آن قسم داد سنگ قدری کنار رفت به طوری که روشنایی داخل غار شد. دومی کار نیک خود را گفت و خدای را به آن سوگند داد سنگ کنار رفت، به قدری که یک دیگر را می دیدند. سومی که این کار را کرد سنگ به کلی کنار رفت و بیرون آمدند. این روایت را الدر المنثور از نعمان بن بشیر نقل کرده که او بدون سند از رسول خدا صلی الله علیه و آله روایت کرده است.

لیکن آنچه از قرآن کریم مانوس و معهود است این است که هیچ وقت اشاره به داستانی نمی کند مگر آنکه آن را توضیح می دهد و معهود نیست که اسم داستانی را ببرد و اصلا در باره آن سخنی نگوید، و یا اسم دو داستان را ببرد و آن وقت یکی را بیان نموده دومی را به کلی فراموش کند.

و از جمله اختلافات این است که در پاره ای روایات دارد: پادشاه مزبور که اصحاب کهف از شر او فرار کردند اسمش دقیانوس (دیوکلیس 285 م- 305 م) پادشاه روم بوده. و در بعضی دیگر آمده که او ادعای الوهیت می کرده. و در بعضی آمده که وی دقیوس (دسیوس 249 م- 251 م) پادشاه روم بوده، و بین این دو پادشاه ده سال فاصله است، و آن پادشاه اهل توحید را می کشته و مردم را به پرستش بتها دعوت می کرده. و در بعضی از روایات آمده که مردی مجوسی بوده که مردم را به دین مجوس می خوانده در حالی که تاریخ نشان نمی دهد که مجوسیت در بلاد روم شیوع یافته باشد. و در بعضی روایات آمده که اصحاب کهف قبل از مسیح علیه السلام بوده اند.

و از جمله اختلافات این است که در بعضی از روایات دارد: رقیم اسم شهری بوده که اصحاب کهف از آنجا بیرون شدند. و در بعضی دیگر آمده اسم بیابانی است. و در بعضی دیگر آمده اسم کوهی است که غار مزبور در آن قرار گرفته. و در بعضی دیگر آمده که اسم سگ ایشان است. و در بعضی آمده که اسم لوحی است از سنگ. و در بعضی دیگر گفته شده از قلع و در بعضی دیگر از مس و در بعضی دیگر آمده که از طلا بوده و اسامی اصحاب کهف در آن حک شده و همچنین اسم پدرانشان و داستانشان، و این نوشته را دم در کهف نصب کرده اند. بعضی دیگر از روایات می گوید در داخل کهف بوده و در بعضی دیگر آمده که بر سر در شهر آویزان بوده، و در بعضی دیگر آمده که در خزانه بعضی از ملوک یافت شده، و در بعضی آن را دو لوح دانسته است.

اختلاف دیگری که در روایات آمده در باره وضع جوانان است، در بعضی از روایات آمده که ایشان شاهزاده بوده اند در بعضی دیگر آمده که از اولاد اشراف بوده اند. و در بعضی

[شماره صفحه واقعی : 389]

ص: 1114

دیگر آمده که از فرزندان علماء بوده اند. و در بعضی دیگر آمده که خودشان شش نفر بوده و هفتمی ایشان چوپانی بوده که گوسفند می چرانده که سگش هم با او آمده. و در حدیث وهب بن منبه که هم الدر المنثور (1) آن را آورده و هم ابن اثیر در کامل (2) نقل کرده می گوید که:

اصحاب کهف حمامی بوده اند که در بعضی از حمامهای شهر کار می کرده اند، وقتی شنیدند که سلطان مردم را به بت پرستی وادار می کند از شهر بیرون شدند. و در بعضی دیگر از روایات آمده که ایشان از وزراء پادشاه آن عصر بوده اند که همواره در امور و مهمات مورد شور او قرار می گرفته اند.

یکی دیگر از اختلافات این است که: در بعضی از روایات آمده که اصحاب کهف قبل از بیرون آمدن از شهر مخالفت خود را علنی کرده بودند، و شاه هم فهمیده بود. و در بعضی دیگر دارد که شاه ملتفت نشد تا بعد از آنکه از شهر بیرون رفتند. و در بعضی دیگر آمده که این عده با هم توطئه کردند برای بیرون آمدن. و در بعضی دیگر آمده که نفر هفتمی آنان چوپانی بوده که به ایشان پیوسته است، و در بعضی دیگر آمده که تنها سگ آن چوپان ایشان را همراهی کرد.

باز از موارد اختلاف یکی این است که بعد از آنکه فرار کردند، و پادشاه فهمید در جستجوی ایشان برآمد ولی اثری از ایشان نیافت. و در بعضی روایات دیگر آمده که پس از جستجو ایشان را در غار پیدا کرد که خوابیده بودند، دستور داد در غار را تیغه کنند تا در آنجا از گرسنگی و تشنگی بمیرند، و زنده به گور شوند تا کیفر نافرمانی خود را دریابند. این بود تا روزگاری که خدا می خواست بیدارشان کند، چوپانی را فرستاد تا آن بنیان را خراب کرده تا زاغه ای برای گوسفندان خود درست کند، در این موقع خدای تعالی ایشان را بیدار کرد، و سرگذشتشان از اینجا شروع می شود.

مورد اختلاف دیگر این است که: در بعضی از روایات آمده که دوباره به خوابشان کرد و تا روز قیامت بیدار نمی شوند، و در هر سال دو نوبت از این پهلو به آن پهلویشان می کند.

یکی دیگر اختلافی است که در مدت خوابشان شده. در بیشتر روایات آمده همان سیصد و نه سال که قرآن کریم فرموده، است. و در بعضی دیگر آمده که سیصد و نه سال حکایت قول اهل کتاب است و جمله" قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِما لَبِثُوا" رد آن است. و در بعضی دیگرت.

[شماره صفحه واقعی : 390]

ص: 1115


1- الدر المنثور، ج 4، ص 315، ط بیروت.
2- کامل ابن اثیر، ج 2، ص 255، ط بیروت.

آمده که سیصد سال بوده و نه سال را اهل کتاب اضافه کرده اند.

و از این قبیل اختلافات که در روایات آمده بسیار است، و بیشتر آنچه که از طرق عامه روایت شده در کتاب الدر المنثور (1) و بیشتر آنچه از طرق شیعه نقل شده در کتاب بحار (2) و تفسیر برهان (3) و نور الثقلین (4) جمع آوری شده، اگر کسی بخواهد به همه آنها دست یابد باید به این کتابها مراجعه کند. تنها مطلبی که می توان گفت این روایات در آن اتفاق دارند این است که اصحاب کهف مردمی موحد بودند، و از ترس پادشاهی جبار که مردم را مجبور به شرک می کرده گریخته اند و به غاری پناه برده در آنجا به خواب رفته اند- تا آخر آنچه که قرآن از داستان ایشان آورده.

روایات دیگری پیرامون داستان اصحاب کهف

و در تفسیر عیاشی از سلیمان بن جعفر همدانی روایت کرده که گفت: امام صادق علیه السلام به من فرمود: ای سلیمان مقصود از" فتی" کیست؟ عرض کردم فدایت شوم نزد ما جوان را" فتی" گویند، فرمود: مگر نمی دانی که اصحاب کهف همگیشان کامل مردانی بودند و مع ذلک خدای تعالی ایشان را فتی نامیده. ای سلیمان فتی کسی است که به خدا ایمان بیاورد و پرهیزکاری کند (5).

مؤلف: در معنای این روایت مرحوم کلینی در کافی (6) از قمی روایت مرفوعه ای از امام صادق علیه السلام آورده، لیکن از ابن عباس (7) روایت شده که او گفته اصحاب کهف جوانانی بودند.

و در الدر المنثور است که ابن ابی حاتم از ابی جعفر روایت کرده که گفت:

اصحاب کهف همه" صراف" بودند (8).

مؤلف: قمی نیز به سند خود از سدیر صیرفی از امام باقر علیه السلام روایت کرده که گفت: اصحاب کهف شغلشان صرافی بوده (7). و لیکن در تفسیر عیاشی از درست از امامی.

[شماره صفحه واقعی : 391]

ص: 1116


1- الدر المنثور، ج 4، ص 111- 218.
2- بحار الانوار، ج 14، ص 407- 437.
3- تفسیر برهان، ج 2، ص 456- 465.
4- نور الثقلین، ج 3، ص 243- 256.
5- تفسیر عیاشی، ج 2 ص 323.
6- نور الثقلین، ج 3، ص 245، به نقل از روضه کافی. [.....] (7 و 8)الدر المنثور، ج 4، ص 212- 216.
7- بحار الانوار، ج 14، ص 429، به نقل از کافی.

صادق علیه السلام روایت کرده که در حضورشان گفتگو از اصحاب کهف شد فرمود:

صراف پول نبودند، بلکه صراف کلام و افرادی سخن سنج بودند (1).

چند روایت حاکی از اینکه اصحاب کهف مدتی تقیه می کرده اند

و در تفسیر عیاشی از ابی بصیر از امام صادق علیه السلام روایت کرده که گفت:

اصحاب کهف ایمان به خدا را پنهان و کفر را اظهار داشتند و به همین جهت خداوند اجرشان را دو برابر داد (2).

مؤلف: در کافی (3) نیز در معنای این حدیث روایتی از هشام بن سالم از آن جناب نقل شده. و نیز در معنای آن عیاشی (4) از کاهلی از آن جناب و از درست در دو خبر از آن جناب آورده که در یکی از آنها آمده که: اصحاب کهف در ظاهر زنار می بستند و در اعیاد مردم شرکت می کردند.

و نباید به این روایات اشکال کرد که از ظاهر آیه" إِذْ قامُوا فَقالُوا رَبُّنا رَبُّ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَا مِنْ دُونِهِ إِلهاً" برمی آید که اصحاب کهف تقیه نمی کرده اند. و اینکه مفسرین (5) در تفسیر حکایت کلام ایشان که گفته اند" أَوْ یُعِیدُوکُمْ ..." احتمال تقیه داده اند صحیح نیست، برای اینکه اگر به یاد خواننده باشد گفتیم که بیرون شدن آنان از شهر، هجرت از شهر شرک بوده که در آن از اظهار کلمه حق و تدین به دین توحید ممنوع بوده اند. چیزی که هست تواطی آنان که شش نفر از معروفها و اهل شرف بوده اند، و اعراضشان از اهل و مال و وطن جز مخالفت با دین وثنیت عنوان دیگری نداشته. پس اصحاب کهف در خطر عظیمی بوده اند، به طوری که اگر بر آنان دست می یافتند یا سنگسار می شدند و یا آنکه مجبور به قبول دین قوم خود می گشتند.

و با این زمینه کاملا روشن می شود که قیام ایشان در اول امر و گفتن:" رَبُّنا رَبُّ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَا مِنْ دُونِهِ إِلهاً" اعلام علنی مخالفت با مردم و تجاهر بر مذمت بت پرستی و توهین به طریقه مردم نبوده، زیرا اوضاع عمومی محیط، چنین اجازه ای به آنان نمی داد، بلکه این حرف را در بین خود گفته اند.

و به فرضی هم که تسلیم شویم که جمله" إِذْ قامُوا فَقالُوا رَبُّنا رَبُّ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ" دلالت دارد بر اینکه ایشان تظاهر به ایمان و مخالفت با بت پرستی می کرده اند و تقیه

[شماره صفحه واقعی : 392]

ص: 1117


1- تفسیر عیاشی، ج 2، ص 321 و 322.
2- تفسیر عیاشی، ج 2، ص 321 و 322.
3- اصول کافی، ج 1، ص 448، ح 28.
4- تفسیر عیاشی، ج 2، ص 322 و 323.
5- مجمع البیان، ج 6، ص 457.

را کنار گذاشته بودند، تازه می گوییم این در آخرین روزهایی بوده که در میان مردم بوده اند، و قبل از اینکه چنین تصمیمی بگیرند در میان مردم با تقیه زندگی می کرده اند. پس معلوم شد که سیاق هیچ یک از دو آیه منافاتی با تقیه کردن اصحاب کهف در روزگاری که در شهر و در میان مردم بودند ندارد.

و در تفسیر عیاشی نیز از ابی بکر حضرمی از امام صادق علیه السلام روایت کرده که فرمود: اصحاب کهف نه یکدیگر را می شناختند و نه با هم عهد و میعادی داشتند بلکه در صحرا یکدیگر را دیده با هم عهد و پیمان بستند، و از یکدیگر، یعنی دو به دو عهد گرفتند، آن گاه قرار گذاشتند که یک باره مخالفت خود را علنی ساخته به اتفاق در پی سرنوشت خود بروند (1).

روایت مشهوری از ابن عباس در نقل داستان

مؤلف:در معنای این روایت خبری است از ابن عباس که ذیلا نقل می شود:

در الدر المنثور است که ابن ابی شیبه و ابن منذر و ابن ابی حاتم از ابن عباس روایت کرده اند که گفت: ما با معاویه در جنگ مضیق که در اطراف روم بود شرکت کردیم و به غار معروف کهف که اصحاب کهف در آنجا بودند و داستانشان را خدا در قرآن آورده برخوردیم.

معاویه گفت: چه می شد در این غار را می گشودیم و اصحاب کهف را می دیدیم. ابن عباس به او گفت: تو نمی توانی این کار را بکنی خداوند این اشخاص را از نظر کسانی که بهتر از تو بودند مخفی داشت و فرمود:" لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَیْهِمْ لَوَلَّیْتَ مِنْهُمْ فِراراً وَ لَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْباً- اگر آنان را ببینی پا به فرار می گذاری و پر از ترس می شوی" معاویه گفت: من از این کار دست بر نمی دارم تا قصه آنان را به چشم خود ببینیم، عده ای را فرستاد تا داخل غار شده جستجو کنند، و خبر بیاورند. آن عده وقتی داخل غار شدند خداوند باد تندی بر آنان مسلط نمود تا به طرف بیرون پرتابشان کرد. قضیه به ابن عباس رسید پس او شروع کرد به نقل داستان اصحاب کهف و گفت که اصحاب کهف در مملکتی زندگی می کردند که پادشاهی جبار داشت و مردمش را به تدریج به پرستش بتها کشانید، و این چند نفر در آن شهر بودند، وقتی این را دیدند بیرون آمده خداوند همه شان را یک جا جمع کرد بدون اینکه قبلا یکدیگر را بشناسند. وقتی به هم برخوردند از یکدیگر پرسیدند قصد کجا دارید، در جواب نیت خود را پنهان می داشتند چون هر یک دیگری را نمی شناخت تا آنکه از یکدیگر عهد و میثاق محکم گرفتند که نیت خود را بگویند. بعدا معلوم شد که همه یک هدف دارند و منظورشان پرستش پروردگار و فرار از شرک

[شماره صفحه واقعی : 393]

ص: 1118


1- تفسیر عیاشی، ج 2، ص 322.

است، همه با هم گفتند:" رَبُّنا رَبُّ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ ... مِرفَقاً".

آن گاه ابن عباس اضافه می کند که دور هم نشستند، از سوی دیگر زن و بچه ها و قوم و خویش ها به جستجویشان برخاستند ولی هر چه بیشتر گشتند کمتر خبردار شدند تا خبر به گوش پادشاه وقت رسید. او گفت این عده در آینده شان مهمی خواهند داشت، معلوم نیست به منظور خیانت بیرون شده اند یا منظور دیگری داشته اند. و به همین جهت دستور داد تا لوحی از قلع تهیه کرده اسامی آنان را در آن بنویسند آن گاه آن را در خزینه سلطنتی خود جای داد و در این باره خدای تعالی می فرماید:" أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحابَ الْکَهْفِ وَ الرَّقِیمِ کانُوا مِنْ آیاتِنا عَجَباً" چون مقصود از رقیم همان لوحی است که اسامی اصحاب کهف در آن مرقوم شده. و اما اصحاب کهف، از آنجا که بودند به راه افتاده داخل غار شدند، و خدا به گوششان زد و خواب را برایشان مسلط کرد، و اگر در غار نبودند آفتاب بدنهایشان را می سوزانید، و اگر هر چند یک بار از این پهلو به آن پهلو نمی شدند زمین بدنهایشان را می خورد، و اینجا است که خدای تعالی فرموده" وَ تَرَی الشَّمْسَ ...".

آن گاه می گوید: پادشاه مزبور دورانش منقضی گشت و پادشاهی دیگر به جایش نشست. او مردی خداپرست بود، و بر خلاف آن دیگری عدالت گسترد، در عهد او خداوند اصحاب کهف را برای آن منظوری که داشت بیدار کرد، یکی از ایشان گفت: به نظر شما چقدر خوابیده ایم؟ آن دیگری گفت: یک روز، یکی دیگر گفت دو روز، سومی گفت بیشتر خوابیده ایم تا آنکه بزرگشان گفت: بی جهت اختلاف مکنید که هیچ قومی اختلاف نکردند مگر آنکه هلاک شدند، شما یک نفر را با این پول روانه کنید تا از شهر طعامی خریداری کند.

وقتی وارد شهر شد لباسها و هیات ها و منظره هایی دید که تا کنون ندیده بود. مردم شهر را دید که طور دیگری شده اند آن مردم عهد خود نیستند. نزدیک نانوایی رفت پول خود را که سکه اش به اندازه کف پای بچه شتر بود نزد او انداخت نانوا پول را بیگانه یافت، و پرسید این را از کجا آورده ای؟ اگر گنجی پیدا کرده ای مرا هم راهنمایی کن و گرنه تو را نزد امیر خواهم برد. گفت: آیا مرا به امیر می ترسانی، هر دو به نزد امیر شدند، امیر پرسید پدرت کیست؟ گفت: فلانی، امیر چنین کسی را نشناخت، پرسید پادشاهت نامش چیست؟

گفت: فلانی او را هم نشناخت، رفته رفته مردم دورش جمع شدند، خبر به گوش عالم ایشان رسید. عالم شهر به یاد آن لوح افتاده دستور داد آن را آوردند آن گاه اسم آن شخص را پرسید، و دید که یکی از همان چند نفری است که نامشان در لوح ضبط شده، اسامی رفقایش را پرسید،

[شماره صفحه واقعی : 394]

ص: 1119

همه را با اسامی مرقوم در لوح مطابق یافت. به مردم بشارت داد که خداوند شما را به برادرانتان که چند صد سال قبل ناپدید شدند راهنمایی کرده برخیزید. مردم همه حرکت کردند تا آمدند نزدیک غار چون نزدیک شدند جوان گفت شما باشید تا من بروم و رفقایم را خبر کنم و آن گاه آرام وارد شوید، و هجوم نیاورید، و گرنه ممکن است از ترس قالب تهی کنند، و خیال کنند شما لشگریان همان پادشاهید، و برای دستگیریشان آمده اید. گفتند: حرفی نداریم لیکن به شرطی که قول بدهی باز هم بیرون بیایی، او هم قول داد که ان شاء اللَّه بیرون می آیم. پس داخل غار شد و دیگر نفهمیدند به کجا رفت، و از نظر مردم ناپدید گردید، مردم هر چه خواستند وارد شوند نتوانستند، لا جرم گفتند بر بالای غارشان مسجدی بنا کنیم، و چنین کردند، و همیشه در آن مسجد به عبادت و استغفار می پرداختند (1).

مؤلف: این روایت مشهور است، و مفسرین در تفاسیر خود آن را نقل کرده و خلاصه تلقی به قبولش کرده اند، در حالی که خالی از چند اشکال نیست: یکی اینکه از ظاهرش بر می آید که اصحاب کهف هنوز در حال خواب هستند و خداوند بشر را از اینکه بخواهند کسب اطلاعی و جستجویی از ایشان بکنند منصرف نموده، و حال آنکه کهفی که در ناحیه مضیق و معروف به غار افسوس است امروز هم معروف است، و در آن چنین چیزی نیست.

و آیه ای هم که ابن عباس بدان تمسک جسته حالت خواب ایشان را قبل از بیدار شدن مجسم می سازد، نه بعد از بیداریشان را. علاوه بر اینکه از خود ابن عباس روایت دیگری رسیده که مخالف با این روایت است. و آن روایتی است که الدر المنثور (2) از عبد الرزاق و ابن ابی حاتم از عکرمه نقل کرده و در آخر آن آمده که" پادشاه با مردم سوار شده تا به در غار آمدند، جوان گفت مرا رها کنید تا رفقایم را ببینم و جریان را برایشان بگویم، چند قدمی جلوتر وارد غار شد، او رفقایش را دید و رفقایش هم او را دیدند، خداوند به گوششان زد خوابیدند، مردم شهر چون دیدند دیر کرد وارد غار شدند و جسدهایی بی روح دیدند که هیچ جای آنها پوسیده نشده بود، شاه گفت: این جریان آیتی است که خدای تعالی برای شما فرستاده.

ابن عباس با حبیب بن مسلمه به جنگ رفته بود، در راه به همین غار برخوردند، و در آن استخوانهایی دیدند مردی گفت: این استخوانهای اصحاب کهف است، ابن عباس گفت

[شماره صفحه واقعی : 395]

ص: 1120


1- الدر المنثور، ج 4، ص 213.
2- الدر المنثور، ج 4، ص 214.

استخوانهای ایشان در مدتی بیش از سیصد سال قبل از بین رفته است".

اشکال مهم تر این روایت این است که از عبارت" استخوانهای ایشان در مدتی بیش از سیصد سال قبل از بین رفته" برمی آید که از نظر این روایت داستان اصحاب کهف در اوائل تاریخ میلادی و یا قبل از آن رخ داده، و این حرف با تمامی روایات این داستان مخالف است، جز آن روایتی که تاریخ آن را قبل از مسیح دانسته.

اشکال دیگری که به روایت ابن عباس وارد است این است که در آن آمده: یکی گفت یک روز خوابیدیم یکی گفت دو روز، و این حرف با قرآن کریم هم مخالف است، برای اینکه قرآن نقل می کند که گفتند:" لَبِثْنا یَوْماً أَوْ بَعْضَ یَوْمٍ" و اتفاقا کلام قرآن کریم با اعتبار عقلی هم سازگار است، زیرا کسی که نفهمیده چقدر خوابیده نهایت درجه ای که احتمال دهد بسیار خوابیده باشد یک روز یا کمی کمتر از یک روز است، و اما دو شبانه روز آن قدر بعید است که هیچ از خواب برخاسته ای احتمالش را نمی دهد.

از این هم که بگذریم در روایت داشت: بزرگترشان گفت اختلاف مکنید، که اختلاف مایه هلاکت هر قومی است. و این یکی از سخنان باطل است، زیرا آن اختلافی مایه هلاکت است که در عمل به چیزی باشد، و اما اختلاف نظری امری نیست که اجتناب پذیر باشد، و هرگز مایه هلاکت نمی شود.

اشکال دیگری که به آن وارد است این است که: در آخرش داشت: وقتی جوان وارد غار شد مردم نفهمیدند کجا رفت، و از نظرشان ناپدید گشت. گویا مقصود ابن عباس این بوده که وقتی جوان وارد غار شد دهنه غار از نظرها ناپدید شد نه خود آن جوان، خلاصه خدا غار مزبور را ناپدید کرد، ولی این حرف با آنچه در صدر خود آیه هست نمی سازد که از ظاهرش بر می آید که غار مزبور در آن دیار معروف بوده. مگر اینکه بگویی آن روز غار را از چشم و نظر پادشاه و همراهانش ناپدید کرده و بعدها برای مردم آشکارش ساخته است.

و اما اینکه در صدر روایت از قول ابن عباس نقل شده که گفت:" رقیم لوحی از قلع بوده که اسامی اصحاب کهف در آن نوشته شده بود" مطلبی است که در معنایش روایات دیگری نیز آمده، از آن جمله روایتی است که عیاشی در تفسیر (1) خود از احمد بن علی از امام صادق علیه السلام آورده، و در روایت دیگری انکار آن از خود ابن عباس نقل شده، چنانچه در الدر المنثور از سعید بن منصور و عبد الرزاق و فارابی و ابن منذر و ابن ابی حاتم و زجاجی

[شماره صفحه واقعی : 396]

ص: 1121


1- تفسیر عیاشی، ج 2، ص 321.

(در کتاب امالی) و ابن مردویه از ابن عباس روایت کرده اند که گفت: من نمی دانم معنای رقیم چیست، از کعب پرسیدم او گفت نام قریه ای است که از آنجا بیرون شدند (1).

و نیز در همان کتاب آمده که عبد الرزاق از ابن عباس روایت کرده که گفت: تمامی قرآن را می دانم مگر معنای چهار کلمه را اول کلمه" غسلین" که اختلاف اعراب در آن به خاطر اختلافی است که در حکایت لفظ قرآن هست. دوم کلمه" حنانا" سوم" اواه" چهارم" رقیم" (1).

و در تفسیر قمی می گوید: در روایت ابی الجارود از ابی جعفر علیه السلام آمده که در ذیل آیه" لَنْ نَدْعُوَا مِنْ دُونِهِ إِلهاً لَقَدْ قُلْنا إِذاً شَطَطاً" فرمود: یعنی اگر بگوییم خدا شریک دارد بر او جور کرده ایم (2).

روایاتی متضمن ذکر اسماء اصحاب کهف

و در تفسیر عیاشی از محمد بن سنان از بطیخی از ابی جعفر علیه السلام آورده که در ذیل آیه" لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَیْهِمْ لَوَلَّیْتَ مِنْهُمْ فِراراً وَ لَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْباً" فرموده: مقصود خدای تعالی شخص رسول خدا صلی الله علیه و آله نیست، بلکه منظور مؤمنین هستند. گویا مؤمنین دارند این حرف را به یکدیگر می زنند، و حال مؤمنین چنین است که اگر اصحاب کهف را ببینند سرشار از ترس و رعب شده پا به فرار می گذارند (3).

و در تفسیر روح المعانی اسماء اصحاب کهف بر طبق روایت صحیحی از ابن عباس چنین آمده: 1- مکسلینیا 2- یملیخا 3- مرطولس 4- ثبیونس 5- دردونس 6- کفاشیطیطوس 7- منطونواسیس- که همان چوپان بوده و اسم سگشان قطمیر بوده است.

راوی می گوید از علی (کرم اللَّه وجهه) روایت شده که اسمای ایشان را چنین برشمرده:

(4) یملیخا 2- مکسلینیا 3- مسلینیا، که اصحاب دست راستی پادشاه بوده اند 4- مرنوش 5- دبرنوش 6- شاذنوش که اصحاب دست چپش بوده اند و همواره با این شش نفر مشورت می کرده و هفتمی اصحاب کهف همان چوپانی بوده که در این روایت اسمش نیامده ولی در اینجا نیز اسم سگ را قطمیر معرفی نموده.

و اما اینکه آیا این روایت به علی نسبت داده اند صحیح است، یا صحیح نیست گفتار دیگری است که علامه سیوطی در حواشی بیضاوی نوشته که طبرانی این روایت را در معجم" اوسط" خود به سند صحیح از ابن عباس آورده. و آنچه که در الدر المنثور است

[شماره صفحه واقعی : 397]

ص: 1122


1- الدر المنثور، ج 4، ص 212.
2- تفسیر قمی، ج 2، ص 34.
3- تفسیر عیاشی، ج 2، ص 324.
4- الدر المنثور، ج 4، ص 212.

نیز همین روایت طبرانی در" اوسط" است که گفتیم به سند صحیح از ابن عباس روایت کرده. البته در بعضی روایات دیگری اسامی دیگری برای آنان نقل کرده اند که حافظ ابن حجر در شرح بخاری (1) نوشته. گفتگو در باره اسامی اصحاب کهف بسیار است که هیچ یک.]

[شماره صفحه واقعی : 398]

ص: 1123


1- این را هم باید خاطر نشان سازیم که روایات در داستان اصحاب کهف به طوری که علمای غرب آن را خلاصه نموده اند چهار دسته اند که در اصل قصه متفق و در جزئیات آن مختلفند. 1- روایات سریانی که به زبان سریانی ضبط شده، و از همه قدیم تر آنها روایتی است که (متوفی سال 125 میلادی) آورده. 2- روایت یونانی که سندش به قرن دهم میلادی و به شخصی به نام منتهی می شود. 3- روایت لاتینی داستان است که از همان روایت سریانی از گرفته شده است. 4- روایت اسلامی داستان است که آن نیز به سریانی منتهی می گردد. البته روایات دیگری در متون تاریخی قبطی ها و حبشی ها و ارمنی ها نیز هست که همه آنها به همان اصل سریانی برمی گردد. اسماء اصحاب کهف در روایات اسلامی از روایات دیگران گرفته شده، و همانطور که گفته بعضی از این اسماء، اسمایی قبل از این که به دین خدا (که آن روز دین نصاری بوده) درآیند و غسل تعمید کنند بوده. و اسامی ایشان به زبانی یونانی و سریانی چنین است: مکس منیانوس املیخوس- ملیخا مرتیانوس- مرطلوس- مرطولس ()- ذوانیوس- دوانیوانس- دنیاسیوس ینیوس- یوانیس- نواسیس اکساکدثودنیانوس- کسقسططیونس- اکسقوسطط- کشفوطط انطونس (افطونس) اندونیوس- انطینوس قطمیر و اما اسامی آنان به زبان لاتین مکسمیانوس املیخوس مرتیانوس ذیووانیوس ینیوس قسطنطیوس ساریبوس- ساریبون و اسامی ایشان قبل از اینکه به دین مسیح در آیند عبارت بود از: ارشلیدس- ارخلیدس دیومادیوس اوخانیوس استفانوس- اساطونس ابروفادیوس صامندیوس کیویاکوس البته بعضی نظرشان این است که اسماء عربی از قبطی گرفته شده و قبطی هم از سریانی. [.....]

هم مضبوط و مستند و قابل اعتماد نیست و در کتاب بحر آمده که اسامی اصحاب کهف عجمی (غیر عربی) بوده که نه شکل معینی و نه نقطه داشته، و خلاصه سند در شناختن اسامی آنان ضعیف است (1).

و روایتی که به علی علیه السلام نسبت داده اند همان است که ثعلبی هم در کتاب عرائس و دیلمی در کتاب خود به طور مرفوع آورده و در آن عجائبی ذکر شده.

و در الدر المنثور است که ابن مردویه از ابن عباس روایت کرده که گفت: رسول خدا صلی الله علیه و آله فرمود: اصحاب کهف، یاران مهدی اند (2).

و در برهان از ابن الفارسی آورده که گفت امام صادق علیه السلام فرموده: قائم علیه السلام از پشت کوفه خروج می کند، با هفده نفر از قوم موسی که به حق راه یافته و با حق عدالت می کردند، و هفت نفر از اهل کهف و یوشع بن نون و ابو دجانه انصاری و مقداد بن اسود و مالک اشتر که اینان نزد آن جناب از انصار و حکام او هستند (3).

و در تفسیر عیاشی از عبد اللَّه بن میمون از ابی عبد اللَّه علیه السلام از پدرش از علی بن ابی طالب روایت کرده که فرمود: وقتی کسی به خدا سوگند می خورد تا چهل روز مهلت

[شماره صفحه واقعی : 399]

ص: 1124


1- روح المعانی ج 15، ص 246، ط بیروت.
2- الدر المنثور، ج 4، ص 215، ط بیروت.
3- تفسیر برهان، ج 2، ص 460.

ثنیا دارد، برای اینکه قومی از یهود از رسول خدا صلی الله علیه و آله از چیزی پرسش کردند حضرت بدون اینکه بگوید" ان شاء اللَّه" و استثناء مزبور را به کلام خود ملحق سازد گفت فردا بیائید تا جواب بگویم، به همین جهت چهل روز خداوند وحی را از آن حضرت قطع کرد، بعد از آن جبرئیل آمد و گفت:" وَ لا تَقُولَنَّ لِشَیْ ءٍ إِنِّی فاعِلٌ ذلِکَ غَداً إِلَّا أَنْ یَشاءَ اللَّهُ وَ اذْکُرْ رَبَّکَ إِذا نَسِیتَ" (1).

مؤلف:کلمه:" ثنیا"- به ضمه ثاء و سکون نون و در آخرش الف مقصوره- اسم است برای استثناء. و در معنای این روایت روایات دیگری نیز از امام صادق و امام باقر علیه السلام رسیده که از بعضی آنها برمی آید که مراد از سوگند وعده قطعی دادن و کلام مؤکد آوردن است، هم چنان که استشهاد امام علیه السلام در این روایت به کلام رسول خدا صلی الله علیه و آله با اینکه آن جناب سوگندی یاد نکرده بود کاملا دلالت بر این معنا دارد. و اما این سؤال که اگر کسی سوگندی یاد کند و ان شاء اللَّه هم بگوید، ولی پس از انعقاد سوگند آن را بشکند آیا حنث شمرده می شود و کفاره به عهده اش می آید یا نه، بحثی است فقهی.

گفتاری در چند فصل پیرامون اصحاب کهف و سر گذشت ایشان
1- داستان اصحاب کهف در تعدادی از روایات دو سبب عمده وجود اختلاف شدید در مضامین روایات راجع به اصحاب کهف:

از صحابه و تابعین و از ائمه اهل بیت علیه السلام به طور مفصل حکایت شده مانند روایت قمی و ابن عباس و عکرمه و مجاهد که تفسیر الدر المنثور همه آنها را آورده و روایت اسحاق در کتاب عرائس که آن را تفسیر برهان نقل کرده و روایت وهب بن منبه که الدر المنثور و کامل آن را بدون نسبت نقل کرده اند، و روایت نعمان بن بشیر که در خصوص اصحاب رقیم وارد شده و الدر المنثور آن را آورده.

و این روایات که ما در بحث روایتی گذشته مقداری از آنها را نقل کردیم و به بعضی دیگرش اشاره ای نمودیم آن قدر از نظر مطلب و متن با هم اختلاف دارند که حتی در یک جهت هم اتفاق ندارند. و اما اختلاف در روایات وارده در بعضی گوشه های داستان مانند روایاتی که متعرض تاریخ قیام آنان است، و یا متعرض اسم آن پادشاه است که معاصر با ایشان

[شماره صفحه واقعی : 400]

ص: 1125


1- تفسیر عیاشی، ج 2، ص 324.

بوده یا متعرض نسب و سمت و شغل و اسامی و وجه نامیده شدنشان به اصحاب رقیم و سایر خصوصیات دیگر شده بسیار شدیدتر از روایات اصل داستان است و دست یافتن به یک جهت جامعی که نفس بدان اطمینان داشته باشد دشوارتر است.

و سبب عمده در این اختلاف علاوه بر دست بردها و خیانتها که اجانب در این گونه روایات دارند دو چیز است:

یکی اینکه این قصه از اموری بوده که اهل کتاب نسبت به آن تعصب و عنایت داشته اند، و از روایات داستان هم برمی آید که قریش این قصه را از اهل کتاب شنیده اند و با آن رسول خدا صلی الله علیه و آله را امتحان کردند، بلکه از مجسمه ها نیز می توان عنایت اهل کتاب را فهمید به طوری که اهل تاریخ آن مطالب را از نصاری و از مجسمه های موجود در غارهای مختلف که در عالم هست غارهای آسیا و اروپا و آفریقا گرفته شده و آن مجسمه ها را بر طبق شهرتی که از اصحاب کهف به پا خاسته گرفته اند، و پر واضح است که چنین داستانی که از قدیم الایام زبان زد بشر و مورد علاقه نصاری بوده هر قوم و مردمی آن را طوری که نمایاننده افکار و عقاید خود باشد بیان می کنند، و در نتیجه روایات آن مختلف می شود.

و از آنجایی که مسلمانان اهتمام بسیار زیادی به جمع آوری و نوشتن روایات داشتند، و آنچه که نزد دیگران هم بود جمع می کردند و مخصوصا بعد از آنکه عده ای از علمای اهل کتاب مسلمان شدند، مانند وهب بن منبه و کعب الاحبار، و آن گاه اصحاب رسول خدا صلی الله علیه و آله و تابعین یعنی طبقه دوم مسلمانان همه از اینان اخذ کرده و ضبط نموده اند، و هر خلفی از سلف خود می گرفته و با آن همان معامله اخبار موقوفه (1) را می کرده که با روایات اسلامی می نمودند و این سبب بلوا و تشتت شده است.

دوم اینکه دأب و روش کلام خدای تعالی در آنجا که قصه ها را بیان می کند بر این است که به مختاراتی و نکات برجسته و مهمی که در ایفای غرض مؤثر است، اکتفاء می کند، و به جزئیات داستان نمی پردازد. از اول تا به آخر داستان را حکایت نمی کند، و نیز اوضاع و احوالی را که مقارن با حدوث حادثه بوده ذکر نمی نماید جهتش هم خیلی روشن است، چون قرآن کریم کتاب تاریخ و داستان سرایی نیست بلکه کتاب هدایت است.

این نکته از واضح ترین نکاتی است که شخص متدبر در داستانهای مذکور در کلام خدا درک می نماید، مانند آیاتی که داستان اصحاب کهف و رقیم را بیان می کند، ابتداءد.

[شماره صفحه واقعی : 401]

ص: 1126


1- روایاتی که سندهای آنها تا به آخر می رسد ولی به رسول خدا نسبت داده نشده، روایات موقوفه گویند.

محاوره و گفتگوی ایشان را نقل می کند، و در آن به معنا و علت قیام آنان اشاره می نماید و آن را توحید و ثبات بر کلمه حق معرفی می کند، سپس اعتزال از مردم و دنبال آن وارد شدن به غار را می آورد که چگونه در آنجا به خواب رفتند در حالی که سگشان هم همراهشان بود، و روزگاری بس طولانی در خواب بودند.

آن گاه بیدار شدن و گفتگوی بار دوم آنان را در خصوص اینکه چقدر خوابیده اند بیان نموده، و در آخر نتیجه ای را که خدا از این پیش آورد خواسته است بیان می کند. و سپس این جهت را خاطر نشان می سازد که از چه راهی مردم به وضع آنان خبردار شدند، و چه شد که دو باره بعد از حصول غرض الهی به خواب رفتند. و اما ساختن مسجد بر بالای غار ایشان جمله ای است، که کلام بدانجا کشیده شده، و گرنه غرض الهی در آن منظور نبوده.

و اما اینکه اسامی آنان چه بوده و پسران چه کسی و از چه فامیلی بوده اند. و چگونه تربیت و نشو و نما یافته بودند، چه مشاغلی برای خود اختیار کرده بودند، در جامعه چه موقعیتی داشتند، در چه روزی قیام نموده و از مردم اعتزال جستند. و اسم آن پادشاهی که ایشان از ترس او فرار کردند چه بوده، و نیز اسم آن شهر چه بوده، و مردم آن شهر از چه قومی بوده اند؟ و اسم آن سگ که همراهی ایشان را اختیار کرد چه بوده، و اینکه آیا سگ شکاری بوده یا سگ گله، و چه رنگی؟ متعرض نشده است، در حالی که روایات با کمال خرده بینی متعرض آنها و نیز سایر اموری که در غرض خدای تعالی که همان هدایت است هیچ مدخلیتی ندارد شده، چرا که اینگونه خرده ریزها در غرض تاریخ دخالت دارد و به درد دقت های تاریخی می خورد.

مطلب دیگر اینکه مفسرین گذشته وقتی شروع در بحث از آیات قصص می کرده اند، در صدد برمی آمده اند که وجه اتصال آیات داستان را بیان نموده و برای اینکه داستانی تمام عیار و مطابق سلیقه خود از آب در آورند از دو رو بر آیات نکات متروکی را استفاده نمایند، و همین جهت باعث اختلاف تفسیرها شده، چون نظریه و طرز استفاده آنان از دور و بر آیات مختلف بوده است، و در نتیجه این اختلاف کار به اینجا که می بینیم کشیده شده است.

2- داستان اصحاب کهف از نظر قرآن:

آنچه از قرآن کریم در خصوص این داستان استفاده می شود این است که پیامبر گرامی خود را مخاطب می سازد که" با مردم در باره این داستان مجادله مکن مگر مجادله ای ظاهری و یا روشن" و از احدی از ایشان حقیقت مطلب را مپرس. اصحاب کهف و رقیم

[شماره صفحه واقعی : 402]

ص: 1127

جوانمردانی بودند که در جامعه ای مشرک که جز بتها را نمی پرستیدند، نشو و نما نمودند.

چیزی نمی گذرد که دین توحید محرمانه در آن جامعه راه پیدا می کند، و این جوانمردان بدان ایمان می آورند. مردم آنها را به باد انکار و اعتراض می گیرند، و در مقام تشدید و تضییق بر ایشان و فتنه و عذاب آنان برمی آیند، و بر عبادت بتها و ترک دین توحید مجبورشان می کنند. و هر که به ملت آنان می گروید از او دست برمی داشتند و هر که بر دین توحید و مخالفت کیش ایشان اصرار می ورزید او را به بدترین وجهی به قتل می رساندند.

قهرمانان این داستان افرادی بودند که با بصیرت به خدا ایمان آوردند، خدا هم هدایتشان را زیادتر کرد، و معرفت و حکمت بر آنان افاضه فرمود، و با آن نوری که به ایشان داده بود پیش پایشان را روشن نمود، و ایمان را با دلهای آنان گره زد، در نتیجه جز از خدا از هیچ چیز دیگری باک نداشتند. و از آینده حساب شده ای که هر کس دیگری را به وحشت می انداخت نهراسیدند، لذا آنچه صلاح خود دیدند بدون هیچ واهمه ای انجام دادند. آنان فکر کردند اگر در میان اجتماع بمانند جز این چاره ای نخواهند داشت که با سیره اهل شهر سلوک نموده حتی یک کلمه از حق به زبان نیاورند. و از اینکه مذهب شرک باطل است چیزی نگویند، و به شریعت حق نگروند. و تشخیص دادند که باید بر دین توحید بمانند و علیه شرک قیام نموده از مردم کناره گیری کنند، زیرا اگر چنین کنند و به غاری پناهنده شوند بالأخره خدا راه نجاتی پیش پایشان می گذارد. با چنین یقینی قیام نموده در رد گفته های قوم و اقتراح و تحکمشان گفتند:" رَبُّنا رَبُّ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَا مِنْ دُونِهِ إِلهاً لَقَدْ قُلْنا إِذاً شَطَطاً هؤُلاءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لَوْ لا یَأْتُونَ عَلَیْهِمْ بِسُلْطانٍ بَیِّنٍ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَری عَلَی اللَّهِ کَذِباً" آن گاه پیشنهاد پناه بردن به غار را پیش کشیده گفتند:" وَ إِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَ ما یَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ فَأْوُوا إِلَی الْکَهْفِ یَنْشُرْ لَکُمْ رَبُّکُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَ یُهَیِّئْ لَکُمْ مِنْ أَمْرِکُمْ مِرفَقاً".

آن گاه داخل شده، در گوشه ای از آن قرار گرفتند، در حالی که سگشان دو دست خود را دم در غار گسترده بود. و چون به فراست فهمیده بودند که خدا نجاتشان خواهد داد این چنین عرض کردند:" بار الها تو در حق ما به لطف خاص خود رحمتی عطا فرما و برای ما وسیله رشد و هدایت کامل مهیا ساز". پس خداوند دعایشان را مستجاب نمود و سالهایی چند خواب را بر آنها مسلط کرد، در حالی که سگشان نیز همراهشان بود." آنها در غار سیصد سال و نه سال زیادتر درنگ کردند. و گردش آفتاب را چنان مشاهده کنی که هنگام طلوع از سمت راست غار آنها برکنار و هنگام غروب نیز از جانب چپ ایشان به دور می گردید و آنها کاملا از حرارت خورشید در آسایش بودند و آنها را بیدار پنداشتی و حال آنکه در خواب بودند و ما آنها

[شماره صفحه واقعی : 403]

ص: 1128

را به پهلوی راست و چپ می گردانیدیم و سگ آنها دو دست بر در آن غار گسترده داشت و اگر کسی بر حال ایشان مطلع می شد از آنها می گریخت و از هیبت و عظمت آنان بسیار هراسان می گردید".

پس از آن روزگاری طولانی که سیصد و نه سال باشد دو باره ایشان را سر جای خودشان در غار زنده کرد تا بفهماند چگونه می تواند از دشمنان محفوظشان بدارد، لا جرم همگی از خواب برخاسته به محضی که چشمشان را باز کردند آفتاب را دیدند که جایش تغییر کرده بود، مثلا اگر در هنگام خواب از فلان طرف غار می تابید حالا از طرف دیگرش می تابد، البته این در نظر ابتدایی بود که هنوز از خستگی خواب اثری در بدنها و دیدگان باقی بود. یکی از ایشان پرسید: رفقا چقدر خوابیدید؟ گفتند: یک روز یا بعضی از یک روز. و این را از همان عوض شدن جای خورشید حدس زدند. تردیدشان هم از این جهت بود که از عوض شدن تابش خورشید نتوانستند یک طرف تعیین کنند. عده ای دیگر گفتند:" رَبُّکُمْ أَعْلَمُ بِما لَبِثْتُمْ" و سپس اضافه کرد" فَابْعَثُوا أَحَدَکُمْ بِوَرِقِکُمْ هذِهِ إِلَی الْمَدِینَةِ فَلْیَنْظُرْ أَیُّها أَزْکی طَعاماً فَلْیَأْتِکُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ" که بسیار گرسنه اید،" و لیتلطف" رعایت کنید شخصی که می فرستید در رفتن و برگشتن و خریدن طعام کمال لطف و احتیاط را به خرج دهد که احدی از سرنوشت شما خبردار نگردد، زیرا" إِنَّهُمْ إِنْ یَظْهَرُوا عَلَیْکُمْ یَرْجُمُوکُمْ" اگر بفهمند کجائید سنگسارتان می کنند" أَوْ یُعِیدُوکُمْ فِی مِلَّتِهِمْ وَ لَنْ تُفْلِحُوا إِذاً أَبَداً". این جریان آغاز صحنه ای است که باید به فهمیدن مردم از سرنوشت آنان منتهی گردد، زیرا آن مردمی که این اصحاب کهف از میان آنان گریخته به غار پناهنده شدند به کلی منقرض گشته اند و دیگر اثری از آنان نیست. خودشان و ملک و ملتشان نابود شده، و الآن مردم دیگری در این شهر زندگی می کنند که دین توحید دارند و سلطنت و قدرت توحید بر قدرت سایر ادیان برتری دارد. اهل توحید و غیر اهل توحید با هم اختلافی به راه انداختند که چگونه آن را توجیه کنند. اهل توحید که معتقد به معاد بودند ایمانشان به معاد محکم تر شد، و مشرکین که منکر معاد بودند با دیدن این صحنه مشکل معاد برایشان حل شد، غرض خدای تعالی از برون انداختن راز اصحاب کهف هم همین بود.

آری، وقتی فرستاده اصحاب کهف از میان رفقایش بیرون آمد و داخل شهر شد تا به خیال خود از همشهری های خود که دیروز از میان آنان بیرون شده بود غذایی بخرد شهر دیگری دید که به کلی وضعش با شهر خودش متفاوت بود، و در همه عمرش چنین وضعی ندیده بود، علاوه مردمی را هم که دید غیر همشهری هایش بودند. اوضاع و احوال نیز غیر آن اوضاعی بود

[شماره صفحه واقعی : 404]

ص: 1129

که دیروز دیده بود. هر لحظه به حیرتش افزوده می شود، تا آنکه جلو دکانی رفت تا طعامی بخرد پول خود را به او داد که این را به من طعام بده- و این پول در این شهر پول رایج سیصد سال قبل بود- گفتگو و مشاجره بین دکاندار و خریدار درگرفت و مردم جمع شدند، و هر لحظه قضیه، روشن تر از پرده بیرون می افتاد، و می فهمیدند که این جوان از مردم سیصد سال قبل بوده و یکی از همان گمشده های آن عصر است که مردمی موحد بودند، و در جامعه مشرک زندگی می کردند، و به خاطر حفظ ایمان خود از وطن خود هجرت و از مردم خود گوشه گیری کردند، و در غاری رفته آنجا به خواب فرو رفتند، و گویا در این روزها خدا بیدارشان کرده و الآن منتظر آن شخصند که برایشان طعام ببرد.

قضیه در شهر منتشر شد جمعیت انبوهی جمع شده به طرف غار هجوم بردند. جوان را هم همراه خود برده در آنجا بقیه نفرات را به چشم خود دیدند، و فهمیدند که این شخص راست می گفته، و این قضیه معجزه ای بوده که از ناحیه خدا صورت گرفته است.

اصحاب کهف پس از بیدار شدنشان زیاد زندگی نکردند، بلکه پس از کشف معجزه از دنیا رفتند و اینجا بود که اختلاف بین مردم در گرفت، موحدین با مشرکین شهر به جدال برخاستند. مشرکین گفتند: باید بالای غار ایشان بنیانی بسازیم و به این مساله که چقدر خواب بوده اند کاری نداشته باشیم. و موحدین گفتند بالای غارشان مسجدی می سازیم.

3- داستان از نظر غیر مسلمانان

بیشتر روایات و سندهای تاریخی بر آنند که قصه اصحاب کهف در دوران فترت ما بین عیسی و رسول خدا صلی الله علیه و آله اتفاق افتاده است، به دلیل اینکه اگر قبل از عهد مسیح بود قطعا در انجیل می آمد و اگر قبل از دوران موسی علیه السلام بود در تورات می آمد، و حال آنکه می بینیم یهود آن را معتبر نمی دانند. هر چند در تعدادی از روایات دارد که قریش آن را از یهود تلقی کرده و گرفته اند. و لیکن می دانیم یهود آن را از نصاری گرفته چون نصاری به آن اهتمام زیادی داشته آنچه که از نصاری حکایت شده قریب المضمون با روایتی است که ثعلبی در عرائس از ابن عباس نقل کرده. چیزی که هست روایات نصاری در اموری با روایات مسلمین اختلاف دارد:

اول اینکه مصادر سریانی داستان می گوید: عدد اصحاب کهف هشت نفر بوده اند، و حال آنکه روایات مسلمین و مصادر یونانی و غربی داستان آنان را هفت نفر دانسته اند.

دوم اینکه داستان اصحاب کهف در روایات ایشان از سگ ایشان هیچ اسمی نبرده است.

[شماره صفحه واقعی : 405]

ص: 1130

سوم اینکه مدت مکث اصحاب کهف را در غار دویست سال و یا کمتر دانسته و حال آنکه معظم علمای اسلام آن را سیصد و نه سال یعنی همان رقمی که از ظاهر قرآن برمی آید دانسته اند.

و علت این اختلاف و تحدید مدت مکث آنان به دویست سال این است که گفته اند آن پادشاه جبار که این عده را مجبور به بت پرستی می کرده و اینان از شر او فرار کرده اند اسمش دقیوس بوده که در حدود سالهای 249- 251 م زندگی می کرده، و این را هم می دانیم که اصحاب کهف به طوری که گفته اند در سال 425 و یا سال 437 و یا 439 از خواب بیدار شده اند پس برای مدت لبث در کهف بیش از دویست سال یا کمتر باقی نمی ماند، و اولین کسی که از مورخین ایشان این مطالب را ذکر کرده به طوری که گفته است" جیمز" ساروغی سریانی بوده که متولد 451 م و متوفای 521 م بوده و دیگران همه تاریخ خود را از او گرفته اند، و به زودی تتمه ای برای این کلام از نظر خواننده خواهد گذشت.

4- غار اصحاب کهف کجا است؟

در نواحی مختلف زمین به تعدادی از غارها برخورد شده که در دیوارهای آن تمثالهایی چهار نفری و پنج نفری و هفت نفری که تمثال سگی هم با ایشان است کشیده اند. و در بعضی از آن غارها تمثال قربانیی هم جلو آن تمثال ها هست که می خواهند قربانیش کنند.

انسان مطلع وقتی این تصویرها را آن هم در غاری مشاهده می کند فورا به یاد اصحاب کهف می افتد، و چنین به نظر می رسد که این نقشه ها و تمثالها اشاره به قصه آنان دارد و آن را کشیده اند تا رهبانان و آنها که خود را جهت عبادت متجرد کرده اند و در این غار برای عبادت منزل می کنند با دیدن آن به یاد اصحاب کهف بیفتند، پس صرف یادگاری است که در این غارها کشیده شده نه اینکه علامت باشد برای اینکه اینجا غار اصحاب کهف است.

غار اصحاب کهف که در آنجا پناهنده شدند و اصحاب در آنجا از نظرها غایب گشتند، مورد اختلاف شدید است که چند جا را ادعا کرده اند:

غار اول: کهف افسوس- افسوس- به کسر همزه و نیز کسر فاء و بنا به ضبط کتاب" مراصد الاطلاع" که مرتکب اشتباه شده به ضمه همزه و سکون فاء- شهر مخروبه ای است در ترکیه که در هفتاد و سه کیلومتری شهر بزرگ ازمیر قرار دارد، و این غار در یک کیلومتری- و یا کمتر- شهر افسوس نزدیک قریه ای به نام" ایاصولوک" و در دامنه کوهی به نام" ینایرداغ" قرار گرفته است.

[شماره صفحه واقعی : 406]

ص: 1131

و این غار، غار وسیعی است که در آن به طوری که می گویند صدها قبر که با آجر ساخته شده هست. خود این غار هم در سینه کوه و رو به جهت شمال شرقی است، و هیچ اثری از مسجد و یا صومعه و یا کلیسا و خلاصه هیچ معبد دیگری بر بالای آن دیده نمی شود.

این غار در نزد مسیحیان نصاری از هر جای دیگری معروف تر است، و نامش در بسیاری از روایات مسلمین نیز آمده.

و این غار علی رغم شهرت مهمی که دارد به هیچ وجه با آن مشخصاتی که در قرآن کریم راجع به آن غار آمده تطبیق نمی کند.

اولا برای اینکه خدای تعالی در باره اینکه در چه جهت از شمال و جنوب مشرق و مغرب قرار گرفته می فرماید آفتاب وقتی طلوع می کند از طرف راست غار به درون آن می تابد و وقتی غروب می کند از طرف چپ غار، و لازمه این حرف این است که درب غار به طرف جنوب باشد، و غار افسوس به طرف شمال شرقی است (که اصلا آفتاب گیر نیست مگر مختصری).

و همین ناجوری مطلب باعث شده که مراد از راست و چپ را راست و چپ کسی بگیرند که می خواهد وارد غار شود نه از طرف دست راست کسی که می خواهد از غار بیرون شود، و حال آنکه قبلا هم گفتیم معروف از راست و چپ هر چیزی راست و چپ خود آن چیز است نه کسی که به طرف آن می رود.

بیضاوی در تفسیر خود گفته: در غار در مقابل ستارگان بنات النعش قرار دارد، و نزدیک ترین مشرق و مغربی که محاذی آن است مشرق و مغرب رأس السرطان است و وقتی که مدار آفتاب با مدار آن یکی باشد آفتاب به طور مائل و مقابل در طرف چپ غار می تابد و شعاعش به طرف مغرب کشیده می شود، و در هنگام غروب از طرف محاذی صبح می تابد و شعاع طرف عصرش به جای تابش طرف صبح کشیده می شود، و عفونت غار را از بین برده هوای آن را تعدیل می کند، و در عین حال بر بدن آنان نمی تابد و با تابش خود اذیتشان نمی کند و لباسهایشان را نمی پوساند (1). این بود کلام بیضاوی. غیر او نیز نظیر این حرف را زده اند.

علاوه بر اشکال گذشته مقابله در غار با شمال شرقی با مقابل بودن آن با بنات النعش که در جهت قطب شمالی قرار دارد سازگار نیست، از این هم که بگذریم گردش آفتاب آن طور

[شماره صفحه واقعی : 407]

ص: 1132


1- تفسیر بیضاوی، ج 2، ص 6.

که ایشان گفته اند با شمال شرقی بودن در غار نمی سازد، زیرا بنائی که در جهت شمال شرقی قرار دارد و در طرف صبح، آفتاب به جانب غربی اش می تابد ولی در موقع غروب در ساختمان و حتی پیش خان آن در زیر سایه فرو می رود، نه تنها در هنگام غروب، بلکه بعد از زوال ظهر آفتاب رفته و سایه گسترده می شود.

مگر آنکه کسی ادعا کند که مقصود از جمله" وَ إِذا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذاتَ الشِّمالِ" این است که آفتاب به ایشان نمی تابد، و یا آفتاب در پشت ایشان قرار می گیرد- دقت فرمائید.

و اما ثانیا برای اینکه جمله" وَ هُمْ فِی فَجْوَةٍ مِنْهُ" می گوید اصحاب کهف در بلندی غار قرار دارند، و غار افسوس به طوری که گفته اند بلندی ندارد، البته این در صورتی است که" فجوة" به معنای مکان مرتفع باشد، ولی مسلم نیست، و قبلا گذشت که" فجوة" به معنای ساحت و درگاه است. پس این اشکال وارد نیست.

و اما ثالثا برای اینکه جمله" قالَ الَّذِینَ غَلَبُوا عَلی أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَیْهِمْ مَسْجِداً" ظاهر در این است که مردم شهر مسجدی بر بالای آن غار بنا کردند، و در غار افسوس اثری حتی خرابه ای از آن به چشم نمی خورد، نه اثر مسجد نه اثر صومعه و نه مانند آن. و نزدیک ترین بنای دینی که در آن دیار به چشم می خورد کلیسایی است که تقریبا در سه کیلومتری غار قرار دارد، و هیچ جهتی به ذهن نمی رسد که آن را به غار مرتبط سازد.

از این هم که بگذریم در غار افسوس اثری از رقیم و نوشته دیده نشده که دلالت کند یک یا چند تا از آن قبور، قبور اصحاب کهف است، و یا شهادت دهد و لو تا حدی که چند نفر از این مدفونین مدتی به خواب رفته بودند، پس از سالها خدا بیدارشان کرده و دو باره قبض روحشان نموده است.

غار دوم: دومین غاری که احتمال داده اند کهف اصحاب کهف باشد غار" رجیب" است که در هشت کیلومتری شهر عمان پایتخت اردن هاشمی نزدیک دهی به نام رجیب قرار دارد. غاری است در سینه جنوبی کوهی پوشیده از صخره، اطراف آن از دو طرف یعنی از طرف مشرق و مغرب باز است که آفتاب به داخل آن می تابد، در غار در طرف جنوب قرار دارد، و در داخل غار طاقنمایی کوچک است به مساحت 5: 2 3 متر در یک سکویی به مساحت تقریبا 3 3 و در این غار نیز چند قبر هست به شکل قبور باستانی روم و گویا عدد آنها هشت و یا هفت است.

بر دیوار این غار نقشه ها و خطوطی به خط یونانی قدیم و به خط ثمودیان دیده می شود که چون محو شده خوب خوانده نمی شود، البته بر دیوار عکس سگی هم که با رنگ قرمز و زینت های دیگری آراسته شده دیده می شود.

[شماره صفحه واقعی : 408]

ص: 1133

و بر بالای غار آثار صومعه" بیزانس" هست که از گنجینه ها و آثار دیگری است که در آنجا کشف گردیده است و معلوم می شود بنای این صومعه در عهد سلطنت" جوستینوس" اول یعنی در حدود 418- 427 ساخته شده و آثار دیگری که دلالت می کند که این صومعه یک بار دیگر تجدید بنا یافته است و مسلمانان آن را پس از استیلا بر آن دیار مسجدی قرار داده اند. چون می بینیم که این صومعه محراب و ماذنه و وضوخانه دارد، و در ساحت و فضای جلو در این غار آثار مسجد دیگری است که پیداست مسلمین آن را در صدر اسلام بنا نهاده و هر چندی یک بار مرمت کرده اند و پیداست که این مسجد بر روی خرابه های کلیسایی قدیمی از رومیان ساخته شده، و این غار علی رغم اهتمامی که مردم بدان داشته و عنایتی که به حفظش نشان می دادند و آثار موجود در آن از این اهتمام و عنایت حکایت می کند غاری متروک و فراموش شده بوده، و به مرور زمان خراب و ویران گشته تا آنکه اداره باستان شناسی اردن هاشمی اخیرا در صدد برآمده که در آن حفاری کند و نقب بزند و آن را پس از قرنها خفاء از زیر خاک دو باره ظاهر سازد (1).ت.

[شماره صفحه واقعی : 409]

ص: 1134


1- این حفاری و اکتشاف در سال 1963 میلادی مطابق با 1342 هجری شمسی اتفاق افتاد، و در باره آن کتابی به قلم بانی آن کار، فاضل ارجمند آقای" رفیق وفا دجانی" به نام کتاب" اکتشاف کهف اهل کهف" در سال 1964 منتشر شد که در آن مساعی اداره باستان شناسی اردن و مشقاتی که در نقب و جستجو تحمل نمودند به تفصیل بیان نموده. خصوصیاتی که در اثر این حفاری به دست آورده و آثاری را که کشف کرده همه تایید می کند که این غار غار اصحاب کهف می باشد که داستانشان در قرآن کریم آمده است. و نیز امارات و قرائنی را که ذکر کرده با کهف اصحاب کهف تطبیق نموده و با ادله ای اثبات کرده که غار اصحاب کهف همین غار رجیب است، نه غار افسوس و نه آن غاری که در دمشق است، و نه آنکه در بتراء قرار دارد، و نه آنکه در اسکاندیناوی است. مؤلف: در این کتاب این احتمال را که طاغی آن روز که اصحاب از گزند او فرار کرده اند، و به داخل غار پناهنده شده اند" طراجان" پادشاه (98- 117 م) بوده نه دقیوس (249- 251 م) که مسیحیان و بعضی از مسلمین احتمال داده اند، و نه دقیانوس (285- 305) که بعضی دیگر از مسلمین در روایاتشان آورده اند تقویت کرده و چنین استدلال کرده که پادشاه صالحی که خدای تعالی در عهد او اصحاب کهف را آفتابی کرده سرگذشتشان را برملا ساخت به اجماع تمامی مورخین مسیحی و مسلمان اسمش" تئودوسیوس" (408- 450) بوده است. و اگر ما دوران فترت اصحاب صالح کهف را که در آن دوران در خواب بوده اند از دوره سلطنت وی کم کنیم و به عبارت روشن تر: اگر از اواسط سلطنت این پادشاه صالح یعنی حدود 421 که وسط دو رقم 408 و 450 است سیصد و نه سال کم کنیم به سال 112 می رسیم که مصادف با زمان حکومت او است. این را هم می دانیم که وی فرمان صادر کرده بود که هر مسیحی که عبادت بت ها را قبول نداشته باشد، و از پرستش آنها سر باز زند خائن به دولت شناخته می شود، و محکوم به اعدام است. همین حرف اعتراض بعضی از مورخین مسیحی از قبیل چیبون در کتاب" انحطاط و سقوط امپراطوری روم" را بر مدت مکث اصحاب کهف که آن طور که قرآن گفته نیست و کمتر از آن است دفع می کند. او گفته اصحاب کهف در زمان پادشاه صالح یعنی تئودوسیوس (408- 451 م) از خواب بیدار شدند، و در زمان حکومت دقیوس (249- 251 م) از شهر گریخته و داخل غار شده اند و فاصله این دو تاریخ دویست سال و یا چیزی کمتر است نه 309 سال که قرآن گفته. جوابش هم روشن شد که پنهان شدن ایشان در غار در زمان دقیوس نبوده بلکه زمان طراجان بوده است، و این استدلال از این بزرگوار که خدا زحماتش را پاداش خیر دهد استدلالی است تمام الا اینکه چند اشکال بدان متوجه است: اول اینکه قرآن کریم سیصد و نه سال را سال قمری گرفته و ایشان آن را شمسی حساب کرده اند قهرا این نه سال باید از میان برداشته شود. دوم اینکه ایشان از مورخین اسلام و مسیحیت ادعای اجماع کرده بر اینکه برملا شدن جریان اصحاب کهف در زمان حکومت تئودوسیوس بوده و حال آنکه چنین اجماعی نداریم، زیرا بسیاری از مورخین روایاتشان از اسم این سلطان ساکت است، و جز عده قلیلی به اسم او تصریح نکرده اند، و بعید نیست که همانهایی هم که تصریح کرده اند از روایات مسیحیت گرفته باشند، و مسیحیان هم آن را به حدس قوی از کتابی که به جیمس ساروغی (452- 521 م) نسبت می دهند و در تاریخ 474 تالیف شده گرفته باشند، و پیش خود فکر کرده باشند پادشاهی که در این حدود از تاریخ باشد باید همان تئودوسیوس باشد. به علاوه، از آن اجماع مرکبی که ادعا کرده اند که پادشاه طاغی معاصر اصحاب کهف دقیوس یا دقیانوس بوده برمی آید که علی ای حال" طراجان" نبوده. اشکال دیگرش این است که ایشان گفته اند صومعه ای که بر بالای کهف ساخته شده شواهد باستانی اش شهادت می دهد بر اینکه در زمان حستینوس اول (518- 527 م) ساخته شده و لازمه این حرف این است که ساختمان آن تقریبا بعد از صد سال از ظهور و کشف داستان اصحاب کهف ساخته شده باشد، و حال آنکه ظاهر قرآن عزیز این است که ساختمان آن مقارن همان روزهایی بوده که داستان ایشان برملا شده است. و بنا بر این باید معتقد شد که بنائی که ایشان در نظر دارند بناء مجددی بوده که بعد از آن ساخته شده و آن بنای اولی نیست. و بعد از همه این حرفها و احتمالات، مشخصاتی که قرآن کریم برای کهف ذکر کرده انطباقش با همین غار رجیب روشن تر از سایر غارها است.

در آثاری که از آنجا استخراج کردند شواهدی یافت شده که دلالت می کند که این غار همان غار اصحاب کهف است که داستانش در قرآن کریم آمده.

[شماره صفحه واقعی : 410]

ص: 1135

در تعدادی از روایات مسلمین هم چنان که بدان اشاره شد نیز همین معنا آمده است که غار اصحاب کهف در اردن واقع شده. و یاقوت آنها را در معجم البلدان خود آورده است. و رقیم هم اسم دهی است نزدیک به شهر عمان که قصر یزید بن عبد الملک در آنجا بوده است.

البته قصر دیگری هم در قریه ای دیگر نزدیک به آن دارد که نامش موقر است و شاعر که گفته:

یزرن علی تنانیه یزیدا با کناف الموقر و الرقیم

یعنی آن زمان بر بالای آن کاخ یزید را دیدار می کنند در حالی که موقر و رقیم در چشم انداز ایشان است. و شهر عمان امروزی هم در جای شهر فیلادلفیا که از معروفترین و زیباترین شهرهای آن عصر بوده ساخته شده است، و این شهر تا قبل از ظهور دعوت اسلامی بوده، و خود آن شهر و پیرامونش از اوائل قرن دوم میلادی در تحت استیلای حکومت روم بود تا آنکه سپاه اسلام سر زمین مقدس را فتح کرد.

و حق مطلب این است که مشخصات غار اصحاب کهف با این غار بهتر انطباق دارد تا غارهای دیگر.

غار سوم: غاری است که در کوه قاسیون قرار دارد و این کوه در نزدیکی های شهر صالحیه دمشق است که اصحاب کهف را به آنجا نیز نسبت می دهند.

غار چهارم: غاری است که در بتراء یکی از شهرهای فلسطین است که اصحاب کهف را به آنجا نیز نسبت می دهند.

غار پنجم: غاری است که به طوری که گفته اند در شبه جزیره اسکاندیناوی در شمال اروپا کشف شده و در آنجا به هفت جسد سالم برخوردند که در هیات رومیان بوده احتمال داده اند که همان اصحاب کهف باشند.

و چه بسا غارهای دیگری که اصحاب کهف را به آنها نیز نسبت می دهند، هم چنان که می گویند نزدیکیهای شهر نخجوان یکی از شهرهای قفقاز غاری است که اهالی آن نواحی احتمال داده اند که غار اصحاب کهف باشد، و مردم به زیارت آنجا می روند.

و لیکن هیچ شاهدی که دلالت کند بر این که یکی از این غارها همان غاری باشد که در قرآن یاد شده در دست نیست، علاوه بر اینکه مصادر تاریخی این دو غار آخری را تکذیب می کند، چون قصه اصحاب کهف علی ای حال قصه ای است رومی و در تحت سلطه و سیطره رومیان اتفاق افتاده، و رومیان حتی در بحبوحه قدرت و مجد و عظمتشان تا حدود قفقاز و اسکاندیناوی تسلط نیافتند.

[شماره صفحه واقعی : 411]

ص: 1136

سوره الکهف (18): آیات 27 تا 31

اشاره

وَ اتْلُ ما أُوحِیَ إِلَیْکَ مِنْ کِتابِ رَبِّکَ لا مُبَدِّلَ لِکَلِماتِهِ وَ لَنْ تَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً (27) وَ اصْبِرْ نَفْسَکَ مَعَ الَّذِینَ یَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَ الْعَشِیِّ یُرِیدُونَ وَجْهَهُ وَ لا تَعْدُ عَیْناکَ عَنْهُمْ تُرِیدُ زِینَةَ الْحَیاةِ الدُّنْیا وَ لا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنا قَلْبَهُ عَنْ ذِکْرِنا وَ اتَّبَعَ هَواهُ وَ کانَ أَمْرُهُ فُرُطاً (28) وَ قُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّکُمْ فَمَنْ شاءَ فَلْیُؤْمِنْ وَ مَنْ شاءَ فَلْیَکْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنا لِلظَّالِمِینَ ناراً أَحاطَ بِهِمْ سُرادِقُها وَ إِنْ یَسْتَغِیثُوا یُغاثُوا بِماءٍ کَالْمُهْلِ یَشْوِی الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرابُ وَ ساءَتْ مُرْتَفَقاً (29) إِنَّ الَّذِینَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ إِنَّا لا نُضِیعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً (30) أُولئِکَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِی مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهارُ یُحَلَّوْنَ فِیها مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَ یَلْبَسُونَ ثِیاباً خُضْراً مِنْ سُنْدُسٍ وَ إِسْتَبْرَقٍ مُتَّکِئِینَ فِیها عَلَی الْأَرائِکِ نِعْمَ الثَّوابُ وَ حَسُنَتْ مُرْتَفَقاً (31)

ترجمه آیات

از کتاب پروردگارت آنچه به تو وحی آمده بخوان، کلمات وی تغییرپذیر نیست، و هرگز جز او پناهی نخواهی یافت (27).

با کسانی که بامداد و شبانگاه پروردگار خویش را می خوانند و رضای او را می جویند با شکیبایی قرین باشد و دیدگانت به جستجوی زیور زندگی دنیا از آنها منصرف نشود. اطاعت مکن کسی را که دلش را از یاد خویش غافل کرده ایم و هوس خود را پیروی کرده و کارش زیاده روی است (28).

[شماره صفحه واقعی : 412]

ص: 1137

بگو این حق از پروردگار شما است هر که خواهد ایمان بیاورد و هر که خواهد منکر شود که ما برای ستمکاران آتشی مهیا کرده ایم که سراپرده های آن در میانشان گیرد، و اگر فریادرسی خواهند به آبی چون مس گداخته کمکشان دهند، که چهره ها را بریان می کند. چه بد شربتی و چه بد جای آسایشی است (29).

آنان که (به خدا) ایمان آوردند و نیکوکار شدند ما هم اجر نیکوکاران را ضایع نخواهیم گذاشت (30).

بلکه (أجر عظیم) بهشت های عدن که نهرها از زیر درختانش جاری است خاص آنها است در حالی که در آن بهشت برین زیورهای زرین بیارایند و لباسهای سبز حریر و دیبا پوشند و بر تخت ها تکیه زنند (که آن بهشت) نیکو اجری و خوش آرامگاهی است (31).

بیان آیات مفاد کلی این آیات و ربط آنها با آیات قبل
اشاره

در این آیات رجوع و انعطافی به ما قبل هست به آن جایی که گفتار قبل از داستان اصحاب کهف بدانجا منتهی گردید، یعنی به تاسف خوردن و ناشکیبایی رسول خدا صلی الله علیه و آله از اینکه چرا مردم ایمان نمی آورند و به کتابی که برایشان نازل شده نمی گروند. و چرا دعوت حقه او را قبول نمی کنند. آیات مورد بحث عطف بدانجا است که رسول خدا صلی الله علیه و آله را تسلیت می داد به اینکه سرای دنیا بلاء و امتحان است، و آنچه زینت دارد به زودی به صورت خاک خشک در می آید، پس دیگر سزاوار نیست به خاطر این مردم خود را ناراحت کنی و دلتنگ شوی که چرا دعوتت را نمی پذیرند و به کتاب خدا ایمان نمی آورند.

آنچه بر تو واجب است صبر و حوصله کردن با این مشت فقرایی است که ایمان آورده اند و مدام پروردگار خود را می خوانند، و هیچ توجهی به این توانگران کافر کیش که همواره به ثروت خود و زینت حیات دنیایشان می بالند ندارند، چون می دانند این زینتها به زودی به صورت خاکی خشک مبدل می شود، لذا همواره دنیاداران را به سوی پروردگارشان می خوانند، و دیگر کاری به کارشان ندارند. هر که می خواهد ایمان بیاورد و هر که می خواهد کفر بورزد، چیزی به عهده رسول خدا صلی الله علیه و آله نیست، آنچه وظیفه او است که باید در مواجهه با آنان رعایت کند این است که در صورت ایمان آوردن، با شادمانی، و در صورتی که ایمان نیاورند، با تاسف با آنان مواجه نشود، بلکه همان ثواب و عقاب خدای را تذکر دهد.

[شماره صفحه واقعی : 413]

ص: 1138

وظیفه پیامبر (صلی اللَّه علیه و آله) تلاوت آیات و تبلیغ وحی است و جز خدا مرجعی ندارد

" وَ اتْلُ ما أُوحِیَ إِلَیْکَ ..."

در مجمع البیان گفته است: جمله" لحد الیه" و همچنین" التحد" از ماده" لحد" به معنای میل کردن است، یعنی میل کرد به سوی او (1).

و بنا به گفته وی کلمه" ملتحد" اسم مکان از" التحاد" (میل کردن) است، یعنی محل میل کردن. و مراد از" کِتابِ رَبِّکَ" قرآن و یا لوح محفوظ است. و گویا دومی با جمله" لا مُبَدِّلَ لِکَلِماتِهِ" مناسب تر است. همانطور که قبلا هم گفتیم گفتار در این آیات معطوف به ما قبل داستان اصحاب کهف است، به همین جهت مناسب تر این است که بگوییم جمله" و اتل ..." عطف است بر جمله" إِنَّا جَعَلْنا ما عَلَی الْأَرْضِ ..." و معنایش این می شود که: تو ای رسول گرامی ام خودت را بر اثر کفر ورزیدن مردم و از تاسف خوردن بر آنان به هلاکت مینداز، آنچه از کتاب پروردگارت به تو وحی می شود تلاوت کن، زیرا هیچ چیز کلمات او را تغییر نمی دهد، چون کلمات او حق و ثابت است. و نیز برای اینکه تو غیر از خدا و کلمات او دیگر جایی نداری که دل به سوی آن متمایل سازی.

از اینجا روشن می شود که هر یک از دو جمله" لا مُبَدِّلَ لِکَلِماتِهِ" و جمله" وَ لَنْ تَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً" برای تعلیلی جداگانه است و در حقیقت دو حجت جدای از همند برای تعلیل آن امری که در جمله" و اتل" بود و شاید به همین جهت است که خطاب در جمله" وَ لَنْ تَجِدَ ..." مخصوص رسول خدا صلی الله علیه و آله شده است. با اینکه حکم در آن عمومی است و مخصوص به آن جناب نیست، چون به غیر از خدا هیچ ملتحدی برای احدی نیست نه تنها برای پیغمبر.

ممکن هم هست که منظور از جمله" وَ لَنْ تَجِدَ ..." این باشد که: تو، آری، شخص تو، به خاطر اینکه رسول هستی، مانند دیگران مراجع متعدد نداری. تو جز یک نفر که آن هم فرستنده تو است ملتحد دیگری نداری. و بنا بر این، مناسبتر این است که بگوییم جمله" لا مُبَدِّلَ لِکَلِماتِهِ" یک حجت است و سفارش این است که: این آیات را که مشتمل بر دستور خدا به تبلیغ است برای ایشان بخوان چون کلمه ای است الهی که تغییر و دگرگونی نمی پذیرد، و تو فرستاده اویی، و جز اینکه به سوی فرستنده ات تمایل نموده رسالت او را اداء کنی وظیفه دیگری نداری.

مؤید این معنا کلام دیگر خدای تعالی است که در جای دیگر می فرماید:

[شماره صفحه واقعی : 414]

ص: 1139


1- مجمع البیان، ج 6، ص 464.

" قُلْ إِنِّی لَنْ یُجِیرَنِی مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَ لَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً إِلَّا بَلاغاً مِنَ اللَّهِ وَ رِسالاتِهِ" (1).

معنای" صبر" و" وجه" و مراد از" اراده و طلب وجه خدا" و" دعای صبح و شام" در آیه:" وَ اصْبِرْ نَفْسَکَ مَعَ الَّذِینَ ..."

وَ اصْبِرْ نَفْسَکَ مَعَ الَّذِینَ یَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَ الْعَشِیِّ یُرِیدُونَ وَجْهَهُ ..."

.راغب در مفردات گفته: کلمه" صبر" به معنای امساک و خودداری در تنگنا است.

وقتی کسی می گوید:" صبرت الدابة" معنایش این است که من فلان حیوان را در جایی بدون علف حبس کردم. و نیز وقتی کسی می گوید:" صبرت فلانا" معنایش این است که بلائی بر سرش آوردم که بعدا می فهمد، بلائی که از آن خلاصی نخواهد یافت. کلمه" صبر" به طور کلی به معنای حبس و نگهداری نفس است در برابر عمل به مقرراتی که عقل و شرع معتبر می شمارند و یا ترک چیزهایی که عقل و شرع اقتضاء می کنند که نفوس را از ارتکاب آن حبس کرد (2).

کلمه" وجه" از هر چیز به معنای آن رویی است که به طرف ماست، و ما به سویش می رویم. و اصل در معنای وجه همان وجه آدمی و صورت او است که یکی از اعضای وی است، و وجه خدای تعالی همان اسماء حسنی و صفات علیایی است که متوجهین به درگاهش با آنها متوجه می شوند، و به وسیله آنها خدا را می خوانند و عبادت می کنند، هم چنان که خودش فرمود:" وَ لِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنی فَادْعُوهُ بِها" (3) و اما ذات متعالی خدا به هیچ وجه راهی بدان نیست، و قاصدین آن درگاه و مریدین اگر قصد او را می کنند بدین جهت است که او اله و رب و علی و عظیم و رحیم و صاحب رضوان است و صاحب صدها اسماء و صفات دیگر.

کسی که خدا را می خواند و وجه او را می خواهد اگر صفات فعلی او نظیر رحمت و رضا و انعام و فضل را منظور دارد آن وقت اراده وجه خدا به معنای این می شود که خدا او را به لباس مرحومیت و مرضی بودن در آورد. و اگر منظور او صفات غیر فعلی خدا مانند علم و قدرت و کبریاء و عظمت او است، پس منظورش این است که با این صفات علیا به درگاه او تقرب جوید. و اگر خواستی می توانی به عبارت دیگری بگویی: می خواهد خود را در جایی قرار دهد که صفت الهی اقتضای آن را دارد، مثلا آن قدر خود را ذلیل جلوه دهد که عزت و عظمت و کبریایی او اقتضاء آن را دارد، و آن چنان خود را در موقف، جاهل عاجز ضعیف قرار دهد که

[شماره صفحه واقعی : 415]

ص: 1140


1- بگو غیر از خدا کسی مرا از عذاب خدا پناه نمی دهد و من ابدا به غیر او متمایل نمی شوم و تنها مأمن و پناه من ابلاغ احکام خدا و رسانیدن پیغام الهی است. سوره جن آیه 22 و 23.
2- مفردات راغب، ماده" صبر".
3- برای خدا اسماء حسنایی است پس او را با آن اسماء بخوانید. سوره اعراف، آیه 18.

علم و قدرت و قوت خدا آن را اقتضاء می کند، و همچنین سایر صفات- دقت فرمائید.

از اینجا معلوم می شود عدم صحت قول بعضی (1) که گفته اند: منظور معنای مجازی وجه خدا یعنی رضایت خدا و اطاعت مرضی، رضای او است، چون وقتی کسی از کسی راضی شد بدو روی می آورد، خدا هم وقتی از ما راضی شد به ما روی می آورد، هم چنان که وقتی خشم کرد روی می گرداند. و نیز اینکه بعضی (2) دیگر گفته اند: منظور از وجه ذات است و در حقیقت مضاف آن حذف شده و تقدیر" ذات وجه" بوده، و معنای آیه این است که می خواهند به ذاتی دارای وجه تقرب جویند. و همچنین اینکه بعضی (3) گفته اند: مراد از آن توجه است.

و اینکه فرمود:" پروردگارشان را صبح و شام می خوانند" مقصود از خواندن به صبح و شام استمرار بر دعا و عادت کردن به آن است به طوری که دائما به یاد خدایند و او را می خوانند، چون دوام هر چیزی، به تکرر صبح بعد از شام و شام بعد از صبح آن چیز است، پس در حقیقت جمله مورد بحث بر طریق کنایه آمده است.

بعضی (4) گفته اند: مراد از دعای صبح و شام، نماز صبح و شام است. و بعضی (5) دیگر گفته اند: فرائض یومیه است، و لیکن هیچ یک به نظر درست نمی آید.

و در جمله" وَ لا تَعْدُ عَیْناکَ عَنْهُمْ تُرِیدُ زِینَةَ الْحَیاةِ الدُّنْیا" اصل معنای" عدو" به طوری که راغب (6) تصریح کرده تجاوز است. و این تجاوز معنایی است که در تمامی مشتقات و موارد استعمال این ماده وجود دارد.

در قاموس گفته:" عدا الامر" به معنای" از این امر تجاوز کرد" می باشد و" عدا عن الامر به معنای" ترک این امر کرد" است (7). و بنا بر این، معنای جمله مورد بحث این می شود که: دیدگانت را از آنان مبر (یعنی رهایشان مکن) و دیدگانت ترکشان نکند، و خلاصه برای خاطر زینت حیات دنیا اینان را رها مکن.

و لیکن بعضی (8) گفته اند: اگر کلمه مزبور یعنی" تعد" به معنای تجاوز بود هرگز با حرف" عن" متعدی نمی شد، زیرا تجاوز هیچ وقت با این حرف متعدی نمی شود، مگر آنکه به معنای عفو باشد، و لذا زمخشری در کشاف گفته: در جمله" وَ لا تَعْدُ عَیْناکَ عَنْهُمْ" چون

[شماره صفحه واقعی : 416]

ص: 1141


1- روح المعانی، ج 15، ص 262.
2- روح المعانی، ج 15، ص 262.
3- روح المعانی، ج 15، ص 262.
4- روح المعانی، ج 15، ص 262.
5- روح المعانی، ج 15، ص 262.
6- مفردات راغب، ماده" عدا". [.....]
7- قاموس، ماده" عدا".
8- روح المعانی، ج 15، ص 263.

متضمن معنای نبا و علاء است که وقتی گفته می شود" نبت عنه عینه و علت عنه عینه" معنایش این است که" چشمش خواست آن را ببیند نتوانست" لذا به این مناسبت و برای افاده این معنای ضمنی با لفظ" عن" متعدی گردید، و اگر این نبود جا داشت بفرماید:" و لا تعدهم عیناک" (1).

بیان عدم دلالت جمله:" لا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنا قَلْبَهُ" بر جبر و اشاره به اینکه جبر مجازاتی ناشی از اختیار، با اختیار منافات ندارد

و در جمله:" وَ لا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنا قَلْبَهُ عَنْ ذِکْرِنا" مراد از اغفال قلب، مسلط کردن غفلت بر قلب است، به اینکه یاد خدای سبحان را فراموش کند، که البته این اغفال بر سبیل مجازات است، چون ایشان با حق در افتادند و عناد ورزیدند، و لذا خدای تعالی چنین کیفرشان داد که یاد خود را از دلشان ببرد. آری، زمینه کلام در آیات مورد بحث چنین کسانی هستند، نظیر بیانی که به زودی در ذیل آیات می آید و می فرماید:" إِنَّا جَعَلْنا عَلی قُلُوبِهِمْ أَکِنَّةً أَنْ یَفْقَهُوهُ وَ فِی آذانِهِمْ وَقْراً وَ إِنْ تَدْعُهُمْ إِلَی الْهُدی فَلَنْ یَهْتَدُوا إِذاً أَبَداً".

بنا بر این، دیگر جایی برای این حرف نمی ماند که بعضی گفته اند: آیه شریفه از ادله مساله جبر است، و می فهماند این خدا است که بندگان را مجبور به کفر و معصیت می کند، برای اینکه مجبور کردن به عنوان مجازات اجبار به اختیار است که با اختیار منافات ندارد، و نظیر اجباری است که شخص سقوط کننده از هواپیما نسبت به افتادن دارد در آغاز به اختیار خود را انداخت ولی در وسط راه دیگر مجبور به افتادن است، و این جبر منافات با این که ما معتقد به اختیار باشیم ندارد، آن جبری منافی با اختیار است که ابتدایی باشد.

و دیگر هیچ حاجتی نیست به اینکه آیه را به خاطر اینکه سر از جبر در نیاورد تاویل کنیم، و مانند بعضی بگوییم منظور از جمله" أَغْفَلْنا قَلْبَهُ"" عرضنا قلبه للغفلة" است، یعنی قلبش را در معرض غفلت قرار دادیم. و یا بگوییم: معنای آن" صادفناه غافلا- به او در حالی که غافل بود برخوردیم" و یا" نسبناه الی الغفلة- او را به غفلت نسبت دادیم" و یا بگوییم غفلت دادن به معنای این است که او را غفل یعنی بی علامت کند. و مراد از اینکه قلب او را بی علامت کردیم این است که مانند علامت قلوب مؤمنین آن را علامت نزدیم و یا علامت قلوب مؤمنین را در آن نگذاشتیم و به همین جهت ملائکه که همه مؤمنین را با آن علامت می شناسند او را نمی شناسند، هیچ یک از این حرفها نه حرف خوبی است و نه لزوم دارد، بلکه اغفال همان معنای خودش را دارد، و با اختیار هم منافات ندارد.

" وَ اتَّبَعَ هَواهُ وَ کانَ أَمْرُهُ فُرُطاً"- در مجمع البیان گفته: کلمه" فرط" به معنای تجاوز

[شماره صفحه واقعی : 417]

ص: 1142


1- تفسیر کشاف، ج 2، ص 717.

از حق و خروج از آن است و از کلام عرب گفته شده که:" افرط، افراطا" را در مورد اسراف و زیاده روی به کار می برند (1). و پیروی هوی و افراط، از آثار غفلت قلب است، و به همین جهت عطف دو جمله بر جمله" اغفلنا" به منزله عطف تفسیر است.

ای پیامبر! حق را بگو و از ایمان نیاوردن مردم تاسف مخور که ظالمان را آتش و مؤمنان صالح العمل را پاداش است

" وَ قُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّکُمْ فَمَنْ شاءَ فَلْیُؤْمِنْ وَ مَنْ شاءَ فَلْیَکْفُرْ".

این جمله عطف بر مطلبی است که جمله" وَ اتْلُ ما أُوحِیَ إِلَیْکَ" و جمله" وَ اصْبِرْ نَفْسَکَ" عطف به آن شده است. پس سیاق سیاق شمردن وظائف رسول خدا صلی الله علیه و آله در قبال کفر کفار نسبت به قرآن و اصرارشان بر کفر است، و معنایش چنین است: بر وضع کفار تاسف مخور و آنچه که بر تو وحی شده تلاوت کن و نفس خویش را بردبار ساز تا با این مؤمنین فقیر بسازد و به کفار بگو حق از ناحیه پروردگارتان است و بیش از این کاری صورت مده، هر که خواست ایمان آورد بیاورد، و هر کس خواست کافر شود بشود. آری، ایمان ایشان سودی به ما نمی رساند، و کفرشان ضرر نمی زند، بلکه آنچه سود و زیان و ثواب و عذاب دنبال کفر و ایمانشان هست، به خودشان عاید می گردد. بنا بر این باید هر یک را می خواهند خودشان انتخاب کنند، برای ظالمین عذابی چنین و چنان، و برای صالحین و مؤمنین پاداشی چنین و چنان آماده کرده ایم.

از همین جا روشن می شود که جمله" فَمَنْ شاءَ فَلْیُؤْمِنْ وَ مَنْ شاءَ فَلْیَکْفُرْ" تتمه کلام خدای تعالی در خطاب به رسول خدا صلی الله علیه و آله است، نه اینکه داخل در مقول قول باشد، و رسول خدا صلی الله علیه و آله مامور باشد این را هم بگوید، پس دیگر اعتنایی نمی شود نمود به گفته کسی که گفته است: جمله مذکور تتمه سخنی است که رسول خدا صلی الله علیه و آله مامور به گفتن آن شده.

و نیز روشن می شود که جمله" إِنَّا أَعْتَدْنا لِلظَّالِمِینَ ناراً" در مقام تعلیل مختار بودن ایشان در ایمان و کفر است که قبلا آن را به صورت تهدید بیان نمود. و معنایش این است که:

اگر ما تو را نهی کردیم از اینکه به حال کفار تاسف بخوری و به تو دستور دادیم که به تبلیغ اکتفاء کن و به همین که بگویی" الْحَقُّ مِنْ رَبِّکُمْ" قناعت کن، و اصرار و التماس مکن، برای این بود که ما برای دعوت تو پیامد و آثاری تهیه دیده ایم، آثاری برای کسانی که دعوتت را قبول کنند، و آثاری برای کسانی که آن را رد نمایند. و همان آثار کافی است که آنان را از کفر باز بدارد، و محرک اینان به سوی ایمانشان باشد، و دیگر بیش از این هم لازم نیست

[شماره صفحه واقعی : 418]

ص: 1143


1- مجمع البیان، ج 6، ص 465.

زیرا که بیش از این آنها را از حد اختیار به اضطرار و اجبار می کشاند.

" إِنَّا أَعْتَدْنا لِلظَّالِمِینَ ناراً ..."

در مجمع البیان (1) گفته است: کلمه" سرادق" به معنای فسطاط و خیمه ای است که نسبت به آنچه که در آن است محیط باشد. بعضی دیگر گفته اند: سرادق، آن پارچه ای است که دور خیمه از طرف پائین می کشند که فاصله خیمه و زمین را بپوشاند. و در باره کلمه" مهل" گفته است: به معنای خلط و درد زیتون است. بعضی هم گفته اند: به معنای مس مذاب است. و در معنای کلمه" مرتفق" گفته است، به معنای متکا است که از ماده" مرفق" گرفته شده و در اصل معنای" ارتفق" این بوده که فلانی به مرفق خود تکیه زده (2) و کلمه" شی ء" به معنای پخته شدن است، می گویند:" شوی، یشوی شیئا".

و اگر به جای" اعتدنا للکافرین" فرموده:" أَعْتَدْنا لِلظَّالِمِینَ" برای این بوده که بفهماند عذاب مذکور از تبعات ظلم ظالمین است که در آیه" الَّذِینَ یَصُدُّونَ عَنْ سَبِیلِ اللَّهِ وَ یَبْغُونَها عِوَجاً وَ هُمْ بِالْآخِرَةِ کافِرُونَ" (3) آن را بیان نموده و می فرماید:" ظالمین کسانی اند که از راه خدا جلوگیری می کنند، و راه خدا را معوج می خواهند و نسبت به زندگی آخرت کافرند".

بقیه الفاظ آیه مورد بحث ظاهر است و احتیاج به بیان ندارد.

" إِنَّ الَّذِینَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ إِنَّا لا نُضِیعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا".

این جمله بیان جزای مؤمنین و مزد ایشان در ازای ایمان و عمل صالحشان است. و اگر در آخر فرمود:" ما ضایع نمی کنیم ..." و نفرمود:" ما برای این دسته چنین و چنان تهیه کرده ایم" برای این است که عنایت خدای تعالی و شکر او را نسبت به این طائفه برساند و گرنه ممکن بود بفرماید ما چنین و چنان مزد می دهیم ولی فرمود ما مزد چنین کسانی را ضایع نمی کنیم.

و جمله" إِنَّا لا نُضِیعُ" در جای خبر" ان" قرار گرفته و در حقیقت سبب در جای مسبب نشسته و تقدیر آن چنین است:" ان الذین امنوا و عملوا الصالحات سنوفیهم اجرهم فانهم محسنون و انا لا نضیع ..." یعنی کسانی که ایمان آورده عمل صالح کردند، ما اجرشان را می دهیم برای اینکه اینان نیکوکارند، و ما هم کسی نیستیم که اجر نیکوکار را ضایع بگذاریم.

[شماره صفحه واقعی : 419]

ص: 1144


1- مجمع البیان، ج 6، ص 465.
2- مجمع البیان، ج 6، ص 465.
3- سوره اعراف، آیه 45.

و چون در آیه، عقاب، اثر ظلم و در مقابلش ثواب، اثر ایمان و عمل صالح نامیده شده ما از آن چنین استفاده می کنیم که ایمان به تنهایی و بدون عمل صالح ثواب ندارد، بلکه چه بسا آیه اشعار داشته باشد بر اینکه ایمان بدون عمل ظلم هم هست.

" أُولئِکَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِی مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهارُ ...".

کلمه" عدن" به معنای اقامت است، و جنات عدن یعنی بهشت های اقامت و زندگی. بعضی (1) گفته اند: کلمه" اساور" جمع" اسورة" است و" اسورة" هم جمع" سوار"- به کسر سین- است که دستبند زنان را گویند. ولی راغب گفته این کلمه فارسی است، و اصل آن دستواره است،" سندس" به معنای پارچه ابریشمی نازک است، و" استبرق" پارچه ابریشمی ضخیم را گویند، و" ارائک" جمع" اریکه" به معنای تخت است و معنای آیه روشن است.

بحث روایتی

روایاتی در باره تقاضای مشرکین از پیامبر مبنی بر دور ساختن افراد فقیر از خود، و روایاتی دیگر در ذیل آیات گذشته

در الدر المنثور است که ابن مردویه از طریق جویبر از ضحاک از ابن عباس روایت کرده که در ذیل آیه" وَ لا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنا قَلْبَهُ عَنْ ذِکْرِنا" گفته است: این آیه در باره امیة بن خلف نازل شده که به رسول خدا صلی الله علیه و آله می گفت: باید فقراء را از دور خودت برانی تا ما اشراف و صنادید قریش با تو رابطه و آمد و شد برقرار کنیم. خدای تعالی این آیه را فرستاد که" گوش به حرف کسی که قلبش را غفلت زده کرده ایم مده" یعنی کسی که مهر بر دلش زده ایم و معنای" ذکرنا" همان توحید است، و مقصود از هوی در جمله" وَ اتَّبَعَ هَواهُ" شرک است" وَ کانَ أَمْرُهُ فُرُطاً" یعنی دستوری که این مرد می دهد نادانی نسبت به خدا است (2).

و در همان کتاب است که ابن مردویه و ابو نعیم- در کتاب حلیه- و بیهقی- در کتاب شعب الایمان- از سلمان فارسی روایت آورده اند که گفت: آن عده ای که رسول خدا صلی الله علیه و آله می خواست با به دست آوردن دلهایشان آنها را به سوی اسلام بکشاند آمدند نزد آن جناب که دو نفر از ایشان عیینة بن بدر و اقرع بن حابس نام داشتند، و گفتند: یا

[شماره صفحه واقعی : 420]

ص: 1145


1- روح المعانی، ج 15، ص 270
2- الدر المنثور، ج 4، ص 220.

رسول اللَّه صلی الله علیه و آله اگر برای خود مجلسی ترتیب دهی بالا و پائین داشته باشد و خودت بالای مجلس بنشینی و اینقدر در دسترسی این فقراء و قاطی با این ژنده پوشها نباشی بسیار خوبست و منظورشان از ژنده پوش سلمان و ابو ذر و فقرای مسلمین بود که غالبا جبه پشمی می پوشیدند. و آن گاه گفتند: اگر چنین کنی ما با تو نشست و برخاست می کنیم و با تو به گفتگو می پردازیم و از تو استفاده می نماییم. خدای تعالی در جوابشان این آیه را فرستاد:" وَ اتْلُ ما أُوحِیَ إِلَیْکَ مِنْ کِتابِ رَبِّکَ" تا آنجا که می فرماید:" أَعْتَدْنا لِلظَّالِمِینَ ناراً" و ایشان را به آتش تهدید نمود (1).

مؤلف: نظیر این روایت را قمی در تفسیر (2) خود آورده لیکن او تنها عیینة بن حصین بن حذیفة بن بدر فزاری را آورده و لازمه این روایت این است که آیه شریفه مورد بحث و این آیه دیگر هر دو در مدینه نازل شده باشد. و بر طبق روایت مزبور روایات دیگری نیز هست که این داستان را آورده اند. و لیکن سیاق آیات با مدنی بودن آن نمی سازد.

و در تفسیر عیاشی از حضرت ابی جعفر و ابی عبد اللَّه علیه السلام روایت کرده که در ذیل آیه" وَ اصْبِرْ نَفْسَکَ مَعَ الَّذِینَ یَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَ الْعَشِیِّ" فرموده است: مقصود از دعا همان نماز است (3).

و در همان کتاب از عاصم کوزی از امام صادق علیه السلام روایت کرده که گفت: من از آن حضرت شنیدم که در تفسیر آیه" فَمَنْ شاءَ فَلْیُؤْمِنْ وَ مَنْ شاءَ فَلْیَکْفُرْ" فرمود:

منظور تهدید و وعید است. (4)

و در کافی (3) و تفسیر عیاشی (4) و غیر آن از ابی حمزه از امام باقر علیه السلام روایت شده که فرمود: آیه" وَ قُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّکُمْ فَمَنْ شاءَ فَلْیُؤْمِنْ وَ مَنْ شاءَ فَلْیَکْفُرْ" در باره ولایت علی علیه السلام است.

مؤلف: این از باب تطبیق عام بر مصداق است.

و در الدر المنثور است که احمد و عبد بن حمید و ترمذی و ابی یعلی و ابن جریر و ابن ابی حاتم و ابن حیان و حاکم (وی سند حدیث را صحیح دانسته) و ابن مردویه و بیهقی- در کتاب شعب- از ابی سعید خدری از رسول خدا صلی الله علیه و آله روایت کرده اند که در

[شماره صفحه واقعی : 421]

ص: 1146


1- الدر المنثور، ج 4، ص 219.
2- تفسیر قمی، ج 2، ص 34. (3 و 4)تفسیر عیاشی ج 2 ص 326 ح 25 و 26.
3- تفسیر عیاشی، ج 2، ص 326.
4- تفسیر عیاشی ج 2 ص 326.

ذیل جمله" بِماءٍ کَالْمُهْلِ" فرمود: مانند درد زیت آن قدر سوزاننده است که وقتی نزدیکش می شود که بخورد پوست صورتش می افتد (1).

و در تفسیر قمی در ذیل جمله" بِماءٍ کَالْمُهْلِ" گفته است: امام علیه السلام فرمود:

" مهل" آن چیزی را گویند که در ته زیت می ماند (2).

و در تفسیر عیاشی از عبد اللَّه بن سنان از امام صادق علیه السلام روایت کرده که فرمود: فرزند آدم، تو خالی خلق شده، و چاره ای از خوردن طعام و نوشیدنی ندارد، و خدای تعالی در این باب فرموده:" وَ إِنْ یَسْتَغِیثُوا یُغاثُوا بِماءٍ کَالْمُهْلِ یَشْوِی الْوُجُوهَ" (3).

[شماره صفحه واقعی : 422]

ص: 1147


1- الدر المنثور ج 4 ص 220. [.....]
2- تفسیر قمی، ج 2، ص 35.
3- تفسیر عیاشی ج 2 ص 327.

سوره الکهف (18): آیات 32 تا 46

اشاره

وَ اضْرِبْ لَهُمْ مَثَلاً رَجُلَیْنِ جَعَلْنا لِأَحَدِهِما جَنَّتَیْنِ مِنْ أَعْنابٍ وَ حَفَفْناهُما بِنَخْلٍ وَ جَعَلْنا بَیْنَهُما زَرْعاً (32) کِلْتَا الْجَنَّتَیْنِ آتَتْ أُکُلَها وَ لَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَیْئاً وَ فَجَّرْنا خِلالَهُما نَهَراً (33) وَ کانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقالَ لِصاحِبِهِ وَ هُوَ یُحاوِرُهُ أَنَا أَکْثَرُ مِنْکَ مالاً وَ أَعَزُّ نَفَراً (34) وَ دَخَلَ جَنَّتَهُ وَ هُوَ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ قالَ ما أَظُنُّ أَنْ تَبِیدَ هذِهِ أَبَداً (35) وَ ما أَظُنُّ السَّاعَةَ قائِمَةً وَ لَئِنْ رُدِدْتُ إِلی رَبِّی لَأَجِدَنَّ خَیْراً مِنْها مُنْقَلَباً (36)

قالَ لَهُ صاحِبُهُ وَ هُوَ یُحاوِرُهُ أَ کَفَرْتَ بِالَّذِی خَلَقَکَ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاکَ رَجُلاً (37) لکِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّی وَ لا أُشْرِکُ بِرَبِّی أَحَداً (38) وَ لَوْ لا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَکَ قُلْتَ ما شاءَ اللَّهُ لا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْکَ مالاً وَ وَلَداً (39) فَعَسی رَبِّی أَنْ یُؤْتِیَنِ خَیْراً مِنْ جَنَّتِکَ وَ یُرْسِلَ عَلَیْها حُسْباناً مِنَ السَّماءِ فَتُصْبِحَ صَعِیداً زَلَقاً (40) أَوْ یُصْبِحَ ماؤُها غَوْراً فَلَنْ تَسْتَطِیعَ لَهُ طَلَباً (41)

وَ أُحِیطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ یُقَلِّبُ کَفَّیْهِ عَلی ما أَنْفَقَ فِیها وَ هِیَ خاوِیَةٌ عَلی عُرُوشِها وَ یَقُولُ یا لَیْتَنِی لَمْ أُشْرِکْ بِرَبِّی أَحَداً (42) وَ لَمْ تَکُنْ لَهُ فِئَةٌ یَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَ ما کانَ مُنْتَصِراً (43) هُنالِکَ الْوَلایَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ هُوَ خَیْرٌ ثَواباً وَ خَیْرٌ عُقْباً (44) وَ اضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَیاةِ الدُّنْیا کَماءٍ أَنْزَلْناهُ مِنَ السَّماءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَباتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِیماً تَذْرُوهُ الرِّیاحُ وَ کانَ اللَّهُ عَلی کُلِّ شَیْ ءٍ مُقْتَدِراً (45) الْمالُ وَ الْبَنُونَ زِینَةُ الْحَیاةِ الدُّنْیا وَ الْباقِیاتُ الصَّالِحاتُ خَیْرٌ عِنْدَ رَبِّکَ ثَواباً وَ خَیْرٌ أَمَلاً (46)

[شماره صفحه واقعی : 423]

ص: 1148

ترجمه آیات

برای ایشان مثلی بزن: دو مرد که یکی را دو باغ داده بودیم از تاکها و آن را به نخل ها احاطه کرده بودیم و میان آن زرع کرده بودیم (32).

هر دو باغ میوه خویش را می داد و به هیچ وجه نقصان نمی یافت، و میان باغها نهری بشکافتیم (33).

و میوه ها داشت پس به رفیق خود که با وی گفتگو می کرد گفت: من از جهت مال از تو بیشتر و به عده از تو نیرومندترم (34).

و به باغ خود شد در حالی که ستمگر به نفس خویش بود گفت گمان ندارم که هیچ وقت این باغ نابود شود (35).

گمان ندارم رستاخیز به پا شود، و اگر به سوی پروردگارم برند سوگند که در آنجا نیز بهتر از این خواهم یافت (36).

رفیقش که با او گفتگو می کرد گفت: مگر به آنکه تو را از خاک آفرید و آن گاه از نطفه و سپس به صورت مردی بپرداخت کافر شده ای (37).

ولی او خدای یکتا و پروردگار من است و هیچ کس را با پروردگار خود شریک نمی کنم (38).

چرا وقتی به باغ خویش در آمدی نگفتی هر چه خدا خواهد همان شود که نیرویی جز به تایید خدا نیست، اگر مرا بینی که به مال و فرزند از تو کمترم (39).

باشد که پروردگارم بهتر از باغ تو به من دهد، و به باغ تو از آسمان صاعقه ها فرستد که زمین بایر شود (40).

یا آب آن به اعماق فرو رود که جستن آن دیگر نتوانی (41).

و میوه های آن نابود گشت و بنا کرد دو دست خویش به حسرت آن مالی که در آن خرج کرده بود زیر و رو می کرد که تاکها بر جفته ها سقوط کرده بود، و می گفت ای کاش هیچ کس را با پروردگار خویش شریک نپنداشته بودم (42).

و او را غیر خدا گروهی نباشد که یاری اش کنند، و یاری خویش کردن نتواند (43).

در آنجا یاری کردن خاص خدای حق است که پاداش او بهتر و سرانجام دادن او نیکتر است (44).

برای آنها زندگی این دنیا را مثل بزن، چون آبی است که از آسمان نازل کرده ایم و به وسیله آن گیاهان زمین پیوسته شود، آن گاه خشک گردد و بادها آن را پراکنده کند، و خدا به همه چیز توانا است (45).

[شماره صفحه واقعی : 424]

ص: 1149

مال و فرزندان زیور زندگی این دنیا است و کارهای شایسته نزد پروردگارت ماندنی و دارای پاداشی بهتر و امید آن بیشتر است (46).

بیان آیات مثلی بیانگر حال دنیا طلبان که به مالکیت کاذب خود دل بسته اند
اشاره

این آیات متضمن دو مثل است که حقیقت ملکیت آدمی را نسبت به آنچه در زندگی دنیا از اموال و اولاد- که زخارف زندگی اند و زینت های فریب دهنده و سریع الزوال اند و آدمی را از یاد پروردگارش غافل و مشغول می سازند، و واهمه او را تا حدی مجذوب خود می سازد که به جای خدا به آنها رکون و اعتماد می کند و به خیالش می قبولاند که راستی مالک آنها است- بیان می کند، و می فهماند که این فکر جز وهم و خیال چیز دیگری نیست، به شهادت اینکه وقتی بلایی از ناحیه خدای سبحان آمد همه را به باد فنا گرفته برای انسان چیزی جز خاطره ای که بعد از بیداری از عالم رؤیا به یاد می ماند، و جز آرزوهای کاذب باقی نمی گذارد.

پس برگشت این آیات به توضیح همان حقیقتی است که خدای سبحان در آیه" إِنَّا جَعَلْنا ما عَلَی الْأَرْضِ زِینَةً لَها ... صَعِیداً جُرُزاً" بدان اشاره می کند.

" وَ اضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا رَجُلَیْنِ جَعَلْنا لِأَحَدِهِما جَنَّتَیْنِ مِنْ أَعْنابٍ ...".

یعنی برای این مردمی که فرو رفته در زینت حیات دنیا شده اند، و از ذکر خدا روی گردان گشته اند مثلی بزن تا برایشان روشن گردد که دل جز به سرای خالی از حقیقت نداده اند، و آنچه که بدان فریفته شده اند خیالی بیش نیست و واقعیتی ندارد.

بعضی (1) از مفسرین گفته اند: مطلبی که این مثل متضمن است تنها یک مثل است که ممکن است صرف فرض باشد، و دلالت ندارد بر اینکه مثل مزبور یک واقعیت خارجی بوده است. ولی دیگران (2) گفته اند که مثل مذکور یک قضیه واقعی است که در خارج اتفاق افتاده، چون اصولا هر مثلی باید واقعیتی خارجی داشته باشد. و در خصوص این مثل قصه های مختلفی روایت شده که متاسفانه به هیچ یک نمی توان اعتماد نمود، آنچه که تدبر در سیاق قصه دست می دهد این است که دو باغ بوده و منحصرا درختان آن دو انگور و خرما بوده

[شماره صفحه واقعی : 425]

ص: 1150


1- روح المعانی، ج 15، ص 273.
2- روح المعانی، ج 15، ص 273.

و در بین آن دو، زراعت بوده و شواهد دیگر تایید می کند که قضیه یک قضیه خارجی بوده نه صرف فرض.

و اینکه فرمود:" جَنَّتَیْنِ مِنْ أَعْنابٍ" یعنی از درخت مو، چون بسیار می شود که میوه را بر درختش اطلاق می کنند (مثلا می گویند من یک باغ زردآلو دارم و مقصود درخت زردآلو است).

و اینکه فرمود:" وَ حَفَفْناهُما بِنَخْلٍ" یعنی ما درختهای خرما را دور آن باغ قرار دادیم. و اینکه فرمود:" وَ جَعَلْنا بَیْنَهُما زَرْعاً" یعنی ما میان و فاصله دو باغ را زراعت قرار دادیم، و به وسیله این زمینهای زراعتی دو باغ مذکور به هم وصل می شوند، و با یک نظام اداره می شدند، و مجموع این دو باغ و زمینهایش هم میوه صاحبش را تامین می کرده و هم آذوقه اش را.

" کِلْتَا الْجَنَّتَیْنِ آتَتْ أُکُلَها ..."

کلمه" اکل"- به ضم دو حرف اول- به معنای ماکول است، و مراد از آوردن ماکول آن، به ثمر نشاندن درختان آن دو، یعنی انگور و خرما، است.

" وَ لَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَیْئاً"-" ظلم" در اینجا به معنای نقص است. و ضمیر" منه" به" اکل" برمی گردد، یعنی از خوردنی آن چیزی کم ننهاد" وَ فَجَّرْنا خِلالَهُما نَهَراً" یعنی وسط آن دو باغ نهری از آب کندیم که به وسیله آن نهر باغها آبیاری می شدند، و از نزدیک ترین راه احتیاجشان به آب برآورده می شد و حاجت نبود که از راه دور آب بیاورند.

" وَ کانَ لَهُ ثَمَرٌ" ضمیر در این جمله به کلمه" رجل" برمی گردد. و مقصود از" ثمر" انواع مال است، هم چنان که در صحاح (1) آمده و از قاموس (2) نقل شده است. و بعضی (3) گفته اند ضمیر به نخل بر می گردد، و ثمر هم ثمر نخل است. و بعضی (4) گفته اند: منظور این است که آن مرد علاوه بر داشتن این دو باغ، ثمر زیادی نیز داشت. و لیکن از همه این چند معنا، معنای اول موجه تر است، و از آن گذشته معنای دوم. ممکن هم هست که مراد از" آوردن دو بهشت میوه خود را بدون اینکه ظلم کند" این باشد که درختان به حدی از رشد و نمو رسیده بودند که دیگر اوان میوه آوردنشان شده بود (و به اصطلاح به بار نشسته بود). و نیز ممکن است مقصود از جمله

[شماره صفحه واقعی : 426]

ص: 1151


1- صحاح، ج 2، ماده" ثمر".
2- قاموس، ج 1، ماده" ثمر". (3 و 4)مجمع البیان، ج 7، ص 468.

" وَ کانَ لَهُ ثَمَرٌ" این باشد که نه تنها درختان به حد میوه دار شدن رسیده بودند، بلکه نظیر تابستان بالفعل هم میوه بر درختان وجود داشت. این وجه وجه روبراه و بی دردسری است.

فخر فروشی و تکبر مرد توانگر و ثروتمند غافل از مالکیت مطلقه خداوند، در برابر رفیق مؤمن خود

فَقالَ لِصاحِبِهِ وَ هُوَ یُحاوِرُهُ أَنَا أَکْثَرُ مِنْکَ مالًا وَ أَعَزُّ نَفَراً"

." محاورة" به معنای مخاطبه و رو در روی یکدیگر گفت و شنود کردن است. و کلمه" نفر" به معنای اشخاصی است که به نوعی ملازم با کسی باشند، و اگر نفرشان نامیده اند، چون اگر آن شخص کوچ کند اینها نیز می کنند (چون کلمه" نفر" به معنای کوچ کردن است) و به همین جهت بعضی (1) از مفسرین کلمه مذکور را در آیه به معنای خدم و اولاد گرفته اند بعضی (2) دیگر به قوم و عشیره معنا کرده اند. ولی معنای اولی با مطلبی که خدای تعالی از رفیق صاحب باغ حکایت می کند که گفت:" إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْکَ مالًا وَ وَلَداً" سازگارتر است، چون در اینجا در قبال مال به جای نفر، اولاد را ذکر کرده، و معنایش این می شود که: آن شخص که برایش باغها قرار دادیم به رفیقش در حالی که با او گفتگو و بحث می کرد گفت:" من از تو مال بیشتری دارم، و عزتم از نظر نفرات یعنی اولاد و خدم از عزت تو بیشتر است".

و این سخن خود حکایت از پنداری می کند که او داشته و با داشتن آن از حق منحرف گشته، چون گویا خود را در آنچه خدا روزیش کرده- از مال و اولاد- مطلق التصرف دیده که احدی در آنچه از او اراده کند نمی تواند مزاحمش شود، در نتیجه معتقد شده که به راستی مالک آنها است، و این پندار تا اینجایش عیبی ندارد، و لیکن او در اثر قوت این پندار فراموش کرده که خدا این املاک را به وی تملیک کرده است، و الآن باز هم مالک حقیقی همو است، و اگر خدای تعالی از زینت زندگی دنیا که فتنه و آزمایشی مهم است به کسی می دهد، برای همین است که افراد خبیث از افراد طیب جدا شوند. آری این خدای سبحان است که میان آدمی و زینت زندگی دنیا این جذبه و کشش را قرار داده تا او را امتحان کند، و آن بی چاره خیال می کند که با داشتن این زینت ها حاجتی به خدا نداشته منقطع از خدا و مستقل به نفس است، و هر چه اثر و خاصیت هست، در همین زینتهای دنیوی و اسباب ظاهری است که برایش مسخر شده.

در نتیجه خدای سبحان را از یاد برده به اسباب ظاهری رکون و اعتماد می کند، و این خود همان شرکی است که از آن نهی شده. از سوی دیگر وقتی متوجه خودش می شود که

[شماره صفحه واقعی : 427]

ص: 1152


1- مجمع البیان، ج 6، ص 468.
2- مجمع البیان، ج 6، ص 468.

چگونه و با چه زرنگی و فعالیتی در این مادیات دخل و تصرف می کند به این پندارها دچار می شود که زرنگی و فعالیت از کرامت و فضیلت خود او است، از این ناحیه هم دچار مرضی کشنده می گردد، و آن تکبر بر دیگران است.

و این اختلاف دو وصفی که در آیه است، یعنی وصف ملک را به این تعبیر که:

" جَعَلْنا لِأَحَدِهِما جَنَّتَیْنِ ..." و وصف آن شخص خویشتن را به اینکه:" أَنَا أَکْثَرُ مِنْکَ مالًا وَ أَعَزُّ نَفَراً" با اینکه ممکن بود در اولی بفرماید:" کان لاحدهما جنتان- یکی از آن دو نفر دو قطعه باغ داشت" به همین حقیقت که گفتیم برمی گردد، یعنی شخص مذکور جز خودش کسی را نمی دیده و پروردگارش را که او را بر حظوظ مادی اش مسلط کرده و به نفراتی که ارزانیش داشته عزتش بخشیده به کلی فراموش کرده، و با چنین درکی بوده که به رفیقش گفته:" أَنَا أَکْثَرُ مِنْکَ مالًا وَ أَعَزُّ نَفَراً" و این همانند درک و فهمی است که قارون را واداشت تا به کسی که نصیحتش می کرد (که از داشتن مال زیاد خرسندی مکن و با آن به دیگران احسان کن) بگوید:" إِنَّما أُوتِیتُهُ عَلی عِلْمٍ" (1).

آری گفتن اینکه" أَنَا أَکْثَرُ مِنْکَ مالًا ..." کشف از این می کند که گوینده اش برای خود کرامتی نفسی و استحقاقی ذاتی معتقد بوده و به خاطر غفلت از خدا دچار شرک گشته و به اسباب ظاهری رکون نموده و وقتی داخل باغ خود می شود، هم چنان که خدای تعالی حکایت نموده می گوید:" ما أَظُنُّ أَنْ تَبِیدَ هذِهِ أَبَداً وَ ما أَظُنُّ السَّاعَةَ قائِمَةً".

" وَ دَخَلَ جَنَّتَهُ وَ هُوَ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ قالَ ... مِنْها مُنْقَلَباً".

چهار ضمیری که در این آیه است به کلمه" رجل" برمی گردد. و مقصود از اینکه فرمود:" داخل باغش شد" با اینکه دو تا باغ داشت، جنس باغ است، و بدین جهت کلمه" جنت" را به صیغه تثنیه نیاورده. بعضی گفته اند: از این جهت تثنیه نیاورده که انسان هر چند باغ متعدد داشته باشد در هنگام وارد شدن به یک یک آنها وارد می شود و در آن واحد نمی تواند داخل دو تا باغ شود.

و در کشاف گفته: اگر کسی اشکال کند که چرا کلمه" جنت" را بعد از آنکه تثنیه آورده بود مفرد آورد، در جوابش می گویم معنای این مفرد آوردن این است که این شخص چون در آخرت بهره ای از بهشت ندارد بهشت او تنها همین است که در دنیا دارد، و دیگر از بهشتی که مؤمنین را بدان وعده داده اند نصیب ندارد، و در افاده این معنا یک جنت و دو جنت

[شماره صفحه واقعی : 428]

ص: 1153


1- خودم با زرنگی و علم خود این مال را به دست آورده ام. سوره قصص، آیه 78.

مورد نظر نیست (1) و حقا نکته ای است لطیف.

و اینکه فرمود:" وَ هُوَ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ" از این جهت ظالم بوده که نسبت به رفیقش تکبر ورزیده که گفته است:" أَنَا أَکْثَرُ مِنْکَ مالًا" چون این کلام کشف می کند از اینکه وی دچار عجب به خویشتن و شرک به خدا و تکبر به رفیقش و نسیان خدا و رکون به اسباب ظاهری بوده که هر یک از اینها به تنهایی یکی از رذائل کشنده اخلاقی است.

و در جمله" قالَ ما أَظُنُّ أَنْ تَبِیدَ هذِهِ أَبَداً" کلمه" بید" و" بیدودة" به معنای هلاکت و نابودی است، و کلمه" هذه" اشاره به جنت است. و اگر جمله را به طور فصل آورد برای این است که در واقع جواب از سؤالی تقدیری است، گویا بعد از آنکه فرمود:" وَ دَخَلَ جَنَّتَهُ- داخل باغش شد" شخصی پرسیده: آن گاه چه کرد؟ در جوابش فرموده: گفت گمان نمی کنم تا ابد این باغ از بین برود.

و اینکه از بقای باغ خود و فناناپذیری آن اینطور تعبیر کرده (که گمان نمی کنم این باغ از بین برود) از باب کنایه است، و خواسته است بگوید: فرض نابودی آن فرضی غیر قابل اعتناء است که حتی گمان آن هم نمی رود. پس معنای جمله مزبور این می شود که بقای این باغ و دوام آن از چیزهایی است که نفس بدان اطمینان دارد، و در آن هیچ تردیدی نمی کند تا به فکر نابودی آن بیفتد و احتمالش را بدهد.

آدمی بالفطرة به چیزی که آن را باقی و ماندگار بداند دل می بندد و چشم خود را بر فرض فنای محبوب خود می بندد.

و این جریان نمودار حال آدمی است و می فهماند که به طور کلی دل آدمی به چیزی که فانی می شود تعلق نمی گیرد، و اگر تعلق نگیرد نه از آن جهت است که تغییر و زوال می پذیرد، بلکه از این جهت است که در آن بویی از بقاء استشمام می کند، حال هر کسی به قدر فهمش نسبت به بقاء و زوال اشیاء فکر می کند، در هر چیزی هر قدر بقاء ببیند به همان مقدار مجذوب آن می شود و دیگر به فروض فنا و زوال آن توجه نمی کند، و لذا می بینی که وقتی دنیا به او روی می آورد دلش بدان آرامش و اطمینان یافته سرگرم بهره گیری از آن و از زینت های آن می شود و از غیر آن یعنی امور معنوی منقطع می گردد، هواها یکی پس از دیگری برایش پدید می آید آرزوهایش دور و دراز می گردد، تو گویی نه برای خود فنایی می بیند، و نه برای نعمتهایی که در دست دارد زوالی احساس می کند و نه برای آن اسبابی که به کام او در جریان است انقطاعی سراغ دارد. و نیز او را می بینی که وقتی دنیا پشت به او می کند دچار یاس و نومیدی گشته هر روزنه امیدی که هست از یاد می برد، و چنین می پندارد که این

[شماره صفحه واقعی : 429]

ص: 1154


1- تفسیر کشاف، ج 2، ص 721.

بدبختی و نکبتش زوال نمی پذیرد، این نیز همیشه و تا ابد هست.

و سبب همه اینها آن فطرتی است که خدا در نهاد او به ودیعه گذاشته که نسبت به زینت دنیا علاقه مند باشد تا او را از این راه آزمایش کند. اگر آدمی به یاد خدا باشد البته دنیا و آنچه را که در آن است آن طور که هست می بیند، ولی اگر از یاد پروردگارش اعراض کند به خودش و به زینت دنیوی که در دست دارد و به اسباب ظاهری که در پیرامون او است دل بسته و به وضع حاضری که مشاهده می کند دل می بندد، و جاذبه ای که در این امور مادی هست کار او را بدینجا منتهی می کند که نسبت به آنها جمود به خرج داده دیگر توجهی به فنا و زوال آنها نمی نماید. تنها بقای آنها را می بیند، و هر قدر هم فطرتش به گوش دلش نهیب بزند که روزگار به زودی با تو نیرنگ می کند، و اسباب ظاهری به زودی تو را تنها می گذارند، و لذات مادی به زودی با تو خدا حافظی خواهند کرد، و زندگی محدود تو به زودی به پایان می رسد گوش نمی دهد، و پیروی هوی و هوسها و طول آمال نمی گذارد که گوش دهد، و به این نهیب فطرتش از خواب خرگوشی بیدار گردد.

این وضع مردم دنیا زده است که همواره آرای متناقض از خود نشان داده. به این معنا که کارهایی می کنند که هوی و هوسشان آن را تصدیق می کند، و عقل و فطرتشان آن را تکذیب می کند، و آنان هم چنان به رأی هوا و هوس خود رکون و اعتماد دارند، و همین اعتماد ایشان را از التفات به آنچه عقل اقتضاء می کند باز می دارد.

این است معنا و جهت اینکه اسباب ظاهری را باقی و زینت حیات دنیا را دائمی می پندارند، و لذا خدای تعالی کلام ایشان را اینطور حکایت کرده که او گفت:" ما أَظُنُّ أَنْ تَبِیدَ هذِهِ أَبَداً" و چنین حکایت نکرده که او گفت:" هذه لا تبید ابدا- این باغ ابدا فانی نمی شود" هم چنان که از او حکایت کرده که در باره قیامت گفته:" ما أَظُنُّ السَّاعَةَ قائِمَةً- گمان نمی کنم قیامت آمدنی باشد" و این طرز حرف زدن مبنی بر همان اساسی است که در نفی ابدی در جمله" ما أَظُنُّ أَنْ تَبِیدَ هذِهِ أَبَداً" بیان نمودیم و گفتیم که تعلق به امور مادی باعث می شود که آدمی تغییر وضع موجود و قیام قیامت را استبعاد کند. خدای سبحان هر جا که استدلال مشرکین بر نفی معاد را حکایت می کند همه را مبنی بر اساس استبعاد می داند، مثل اینکه گفته:" مَنْ یُحْیِ الْعِظامَ وَ هِیَ رَمِیمٌ" (1) و یا گفته اند:

[شماره صفحه واقعی : 430]

ص: 1155


1- چه کسی این استخوانها رای که پوسیده است زنده می کند. سوره یس، آیه 78.

" أَ إِذا ضَلَلْنا فِی الْأَرْضِ أَ إِنَّا لَفِی خَلْقٍ جَدِیدٍ" (1).

توانگر غافل از خدا، خود را محق و شایسته بر خورداری و تنعم می داند حتی در قیامت!

وَ لَئِنْ رُدِدْتُ إِلی رَبِّی لَأَجِدَنَّ خَیْراً مِنْها مُنْقَلَباً"- این کلام مبنی بر همان اساس گذشته است که گفتیم چنین افرادی برای خود کرامت و استحقاقی برای خیرات معتقد می شوند، که خود باعث امید و رجائی کاذب نسبت به هر خیری و سعادتی می گردد، یعنی چنین کسانی آرزومند می شوند که بدون سعی و عمل به سعادتهایی که منوط به عمل است نائل آیند. آن وقت از در استبعاد می گویند چطور ممکن است قیامت قیام کند؟ و به فرضی هم که قیام کند و من به سوی پروردگارم برگردانده شوم در آنجا نیز به خاطر کرامت نفسانی و حرمت ذاتی که دارم به باغ و بهشتی بهتر از این بهشت و به زندگیی بهتر از این زندگی خواهم رسید.

این گوینده بی نوا در این ادعایی که برای خود می کند آن قدر خود را فریب داده که در سخن خود سوگند هم می خورد. چون حرف" لام" که بر سر جمله" و لئن رددت" در آمده لام قسم است. و به علاوه، گفتار خود را با لام تاکید در اول کلمه" لاجدن" و نون تاکید در آخرش مؤکد می کند.

و اگر به جای اینکه بگوید:" خدا مرا به زندگی بهتری می رساند" گفت" به زندگی بهتر می رسم" و به جای اینکه بگوید" خدا مرا باغ بهتری می دهد" گفت" باغ بهتری خواهم داشت" همه به علت آن کرامتی است که برای خود قائل شده.

این دو آیه مورد بحث همان مضمونی را افاده می کند که آیه شریفه" وَ لَئِنْ أَذَقْناهُ رَحْمَةً مِنَّا مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَیَقُولَنَّ هذا لِی وَ ما أَظُنُّ السَّاعَةَ قائِمَةً وَ لَئِنْ رُجِعْتُ إِلی رَبِّی إِنَّ لِی عِنْدَهُ لَلْحُسْنی" (2) آن را می رساند.

" قالَ لَهُ صاحِبُهُ وَ هُوَ یُحاوِرُهُ أَ کَفَرْتَ بِالَّذِی خَلَقَکَ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاکَ رَجُلًا".

این آیه شریفه و ما بعدش تا آخر آیه چهارم پاسخ رفیق آن شخص را در رد گفتار وی حکایت می کند، که یک جا گفته بود:" أَنَا أَکْثَرُ مِنْکَ مالًا وَ أَعَزُّ نَفَراً" و جای دیگر هنگامی

[شماره صفحه واقعی : 431]

ص: 1156


1- آیا بعد از آنکه در زمین گم شدیم دو باره خلقت تازه ای به خود می گیریم؟ سوره الم سجده، آیه 10.
2- و اگر از جانب خویش از پس محنتی که بدو می رسد رحمتی به او دهیم، گوید این از خود من است و گمان ندارم رستاخیز به پا شود، و اگر به سوی پروردگارم برند مرا نزد وی نکویی هست. سوره فصلت، آیه 50.

که وارد باغش شده بود گفته بود" ما أَظُنُّ أَنْ تَبِیدَ هذِهِ أَبَداً".

توضیح جواب رفیق مؤمن آن مرد توانگر مغرور، به او که از دو جهت سخنان غرور آمیز او را رد و ابطال می کند

رفیق او سخن وی را تجزیه و تحلیل نموده و از دو جهت مورد اشکال قرار داده است، جهت اول اینکه بر خدای سبحان استعلاء ورزیده و برای خود و آنچه که از اموال و نفرات دارد دعوی استقلال نموده و خود را با داشتن قدرت و قوت از قدرت و نیروی خدا بی نیاز دانسته است.

جهت دوم استعلاء و تکبری که نسبت به خود او ورزیده و او را به خاطر کم پولی اش خوار شمرده است. بعد از رد این دو جهت با یک جمله زیر آب هر دو جهت را یکباره زده است، و ماده پندارهای وی را از ریشه قطع کرده است.

در جمله" أَ کَفَرْتَ بِالَّذِی خَلَقَکَ" تا آنجا که فرمود:" إِلَّا بِاللَّهِ" دعوی اول او را رد کرده، و در جمله" إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ" تا کلمه" طلبا" دعوی دوم را.

و اگر جمله" وَ هُوَ یُحاوِرُهُ" را اعاده کرده و دو بار ذکر نموده برای اشاره به این جهت است که آن شخص از شنیدن سخنان غرورآمیز آن شخص دیگر تغییر حالتی نداده و سکینت و وقار ایمان خود را از دست ننهاده همانطور که در بار اول رعایت ادب و رفق و مدارای با وی را داشته بعد از شنیدن سخنان یاوه او باز هم به نرمی و ملاطفت جواب داده است، نه به خشونت، و نه به طرزی که نفرین به او تلقی شود و ناراحتش کند، بلکه به همین مقدار قناعت کرده که به طور رمز به او برساند که ممکن است روزی این باغهای تو به صورت بیابانی لخت و عور درآمده چشمه آن نیز خشک گردد.

و اینکه گفت:" أَ کَفَرْتَ بِالَّذِی خَلَقَکَ" استفهامی است انکاری که مضامین کلام او را انکار نموده است، چون کلام او همان طور که گفتیم متضمن شرک به خدای سبحان و دعوی استقلال برای خود و برای اسباب و مسببات بود که از فروع شرک او همان استبعاد او نسبت به قیام قیامت و تردید در آن بود.

و اما اینکه زمخشری در کشاف گفته که" آن شخص رفیقش را به خاطر اینکه در مساله معاد شک ورزیده کافر دانسته همانطور که منکر نبوت و تکذیب کننده یک پیامبر کافر است" (1) حرف صحیحی نیست. چگونه می شود اینطور باشد و حال آنکه اگر تکفیر به خاطر شک در معاد بود آن شخص در مقام دفاع از خود نمی گفت:" من برای خدا هیچ شریکی قائل نیستم" بلکه می گفت:" من ایمان به معاد دارم" و اگر بگویی آیات مورد بحث صراحت دارد

[شماره صفحه واقعی : 432]

ص: 1157


1- تفسیر کشاف، ج 2، ص 721.

در اینکه شخص مزبور مشرک بوده است، و مشرکینند که منکر معادند، در جوابت می گوییم فرد مورد نظر مشرک به معنای بت پرست نبوده، چون خودش در خلال گفتارش حرفهایی زده که با اصول بت پرستی هیچ سازش ندارد مثلا از خدای تعالی به کلمه" ربی- پروردگارم" تعبیر کرده و بت پرستان خدا را پروردگار انسان و اله و معبود او نمی دانند بلکه او را پروردگار پروردگاران (رب الارباب) و معبود خدایان خویش می دانند.

از سوی دیگر همانطور که قبلا هم اشاره کردیم وی به طور صراحت اصل معاد را انکار نکرده بلکه در آن تردید نموده است، و چون در باره آن فکر نکرده بود و از تفکر در باره معاد اعراض داشته لذا در وجود آن تردید نموده است، چون اگر انکار می داشت می گفت:" و لو رددت" و اینطور نگفت بلکه گفت:" وَ لَئِنْ رُدِدْتُ إِلی رَبِّی".

و توبیخی که در آیه به وی شده، این است که وی دچار مبادی شرک شده بود، یعنی در نتیجه نسیان پروردگار معتقد به استقلال خود و استقلال اسباب ظاهری شده بود که همین خود مستلزم عزل خدای تعالی از ربوبیت و زمام ملک و تدبیر را به دست غیر او دانستن است، و این خود ریشه و اصلی است که هر فساد دیگری از آن سر می زند، حال چه اینکه چنین شخصی به زبان موحد باشد و یا منکر آن، و معتقد به الوهیت آلهه هم باشد.

زمخشری در ذیل جمله" قالَ ما أَظُنُّ أَنْ تَبِیدَ هذِهِ أَبَداً" گفته- و چه خوب هم گفته:

بیشتر اغنیاء و توانگران از مسلمین را می بینی که اگر به زبان اقرار به شرک نمی کنند باری زبان حالشان گویای این حقیقت است که در دل ایمانی به خدای یگانه ندارند (1).

وجه اینکه مرد فقیر در جمله:" أَ کَفَرْتَ بِالَّذِی خَلَقَکَ" رفیق توانگر خود را کافر خواند

این مرد با ایمان ادعای رفیقش را با جمله" أَ کَفَرْتَ بِالَّذِی خَلَقَکَ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاکَ رَجُلًا" از این راه باطل کرده که وی را متوجه به اصل او که همان خاک است نماید، و اینکه پس از خاک بودن به صورت نطفه، و پس از آن به صورت انسانی تمام عیار و دارای صفات و آثاری گشته است. و همه این اطوار به موهبت خدای تعالی بوده، چون اصل او، یعنی خاک، هیچ یک از این اطوار را نداشته و غیر اصلش هیچ چیز دیگری از اسباب ظاهری مادی نیز چنین آثاری ندارد، زیرا اسباب ظاهری هم مانند خود انسان نه مالک خویشتن است، و نه مالک آثار خویشتن، هر چه دارد به موهبت خدای سبحان است.

پس آنچه که آدمی یعنی یک انسان تمام عیار و تام الخلقه از علم و قدرت و حیات و تدبیر دارد، و با تدبیر خود اسباب هستی و طبیعی عالم را در راه رسیدن به مقاصدش تسخیر.]

[شماره صفحه واقعی : 433]

ص: 1158


1- تفسیر کشاف، ج 2، ص 722. [.....]

می کند همه و همه تنها مملوک خدای سبحان است، و خدا آنها را به انسان داده و از ملک خودش بیرون نیاورده، و هر چه را که به انسان داده و آدمی را متلبس بدان نموده با مشیت خود نموده، که اگر نمی خواست انسان خودش مالک هیچ چیز نبود، پس انسان نمی تواند مستقل از خدای سبحان باشد، نه در ذاتش، و نه در آثار ذاتش، و نه در چیزی از اسباب هستی که در اختیار دارد.

مرد مؤمن در پاسخ رفیقش می گوید: تو مشتی خاک و سپس قطره ای نطفه بودی که بویی از انسانیت و مردانگی و آثار مردانگی را مالک نبودی و خدای سبحان هر چه را که داری به تو داد، و به مشیتش تملیک کرد، و هم اکنون نیز مالک حقیقی آنچه داری همو است، و با این حال چگونه به او کفر می ورزی و ربوبیت او را می پوشانی؟ تو کجا و استقلال کجا؟.

" لکِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّی وَ لا أُشْرِکُ بِرَبِّی أَحَداً" در قرائت مشهور کلمه" لکن" با تشدید و بدون الف وصل قرائت شده که در هنگام وقف بی حرکت خوانده می شود، و به طوری که گفته اند: اصل آن" لکن انا" بوده که همزه" انا" بعد از نقل فتحه اش به نون حذف شده، و دو نون در یکدیگر ادغام گردیده که در حالت وصل با نون مشدده و با صدای بالا و بدون الف قرائت می شود، و در حالت وقف با الف، مانند کلمه" انا" که ضمیر تکلم است و در حالت وصلی به صورت" ان"، یعنی الف و نون بدون همزه، و در حالت وقفی با همزه قرائت می شود.

در آیه مورد بحث لفظ" ربی" مکرر شده که در نوبت دوم از باب بکار بردن ظاهر در جای ضمیر آمده، و گرنه حق سیاق این بود که به صورت ضمیر و به عبارت:" لا اشرک به احدا" آمده باشد، و از این جهت اسم ظاهر آمده که به علت حکم اشاره کرده باشد، چون تعلیق حکم بر وصف علیت را می رساند، گویی که گفته است:" لا اشرک به احدا لانه ربی- من احدی را شریک او قرار نمی دهم چون او پروردگار من است" و جائز نیست کسی را شریک او بدانم، و این بیان حال هر مرد مؤمنی است که در قبال کفار و ادعاهایی که ایشان بر خود می کنند باید خاطر نشان سازد.

" وَ لَوْ لا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَکَ قُلْتَ ما شاءَ اللَّهُ لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ".

این جمله تتمه کلام مرد مؤمن در خطاب به رفیق کافرش می باشد که او را توبیخ و ملامت می کند که در هنگام ورود به باغش دچار غرور گشته و گفت: گمان نمی کنم ابدا این باغ نابود شود، و به وی می گوید: چرا در آن هنگام نگفتی" ما شاءَ اللَّهُ لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ" و

[شماره صفحه واقعی : 434]

ص: 1159

چرا با گفتن این دو کلمه همه امور را به خدا نسبت ندادی، و حول و قوه را منحصر به او نکردی، با اینکه برایت گفتم که همه نعمت ها به مشیت او وابسته است، و هیچ حول و قوه ای جز به عنایت او نیست.

کلمه معروف" ما شاءَ اللَّهُ" به ظاهرش کلمه ناتمامی است که ناگزیر باید چیزی را تقدیر گرفت یا باید گفت تقدیرش" الامر ما شاء اللَّه" است. و یا تقدیرش" ما شاء اللَّه کان" است. و در اینجا موافق تر به سیاق کلام همان وجه اول است، چون زمینه کلام بیان بازگشت همه امور به مشیت خدای عز و جل است تا دعوی مدعی استقلال و استغناء از خدا باطل گردد.

جمله" لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ" انحصار هر نیرویی در خدای تعالی را افاده می کند، یعنی می فهماند آنچه نیرو که می بینیم قائم به مخلوقات خدا است بعینه همان نیرو قائم به خود خدای تعالی است، بدون اینکه از خدا منقطع شده باشد و مخلوق خود، مستقل در آن نیرو باشد، هم چنان که در جای دیگر فرموده:" أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِیعاً" (1).

در اینجا جواب از گفتار آن شخص کافر به رفیقش و همچنین گفتار او به خودش در هنگام ورودش به باغ جواب داده شد.

" إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْکَ مالًا وَ وَلَداً فَعَسی ... لَهُ طَلَباً".

در مجمع البیان گفته: کلمه" حسبان" در اصل نام تیرهای کوچکی بوده که چند عدد آن را با یک زه می انداختند، و این در سواران فارس مرسوم بوده، و ماده اصلی آن" حساب" است و اگر آنها را" حسبان" می نامیدند بدین مناسبت بوده که حساب را زیادتر می کرده. و در باره کلمه" زلق" گفته: به معنای زمین صاف و همواری است که نه گیاه در آن باشد نه چیز دیگر، و اصل آن از" زلق" به معنای زمین لیز گرفته شده که پای آدمی بر آن استوار نمی ماند (2).

ما در سابق در باره کلمه" صعید" گفتیم که آن نیز به معنای زمین هموار بی علف است، و مقصود از اینکه گفت" آب آن غور شود" این است که آبش در زمین فرو رود و از جریان بیفتد.

این دو آیه همانطور که قبلا بدان اشاره شد سخن مرد مؤمن در رد کلام رفیق کافرش

[شماره صفحه واقعی : 435]

ص: 1160


1- بدرستی تمامی نیروها از خدای تعالی است، سوره بقره، آیه 165.
2- مجمع البیان، ج 6، ص 471.

است که بر او استعلاء و تکبر ورزید، و این ردش از بیان سابقش استخراج شده که حاصلش این است که: وقتی جریان همه امور به مشیت خدای تعالی و حول و قوه او باشد، پس او تو را دارای مال و فرزند و نفرات بیشتری کرده، و این کار مربوط به او است نه به تو، تا باعث به خود بالیدنت شود و مجوزی باشد که بر من تکبر ورزی. وقتی مربوط به او شد ممکن است او باغی بهتر از باغ تو به من بدهد و باغ تو را ویران کند و مرا به حالتی بهتر از حالت امروز تو، و تو را به حالتی بدتر از حالت امروز من در آورد، و مرا غنی تر از تو گردانیده تو را فقیرتر از من کند. و ظاهر کلام چنین می نماید که کلمه" ترن" در جمله" إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْکَ ..." از ماده" رأی" به معنای اعتقاد باشد. و بنا بر این، فعل مذکور از افعال قلوب خواهد بود. و ضمیر" انا" ضمیر فصلی است که میان دو مفعول فعل مزبور که در اصل مبتداء و خبر بوده اند فاصله شده است. ممکن هم هست از ماده رؤیت به معنای دیدن باشد، و آن وقت ضمیر نامبرده ضمیر فاعلی است که مفعول را که در ظاهر لفظ حذف شده تاکید می کند.

و معنای آیه شریفه این است که اگر اعتقاد داری (و یا اگر می بینی) که من از جهت مال و فرزند دست کمی از تو دارم، و تو در این جهت از من جلوتری، باری زمام امر به دست پروردگار من است، و چون چنین است هیچ بعدی ندارد، و بلکه امید آن هست که پروردگار من جنتی بهتر از جنت تو به من بدهد، و جنت تو را هدف تیرهای بلای خود قرار داده بلائی آسمانی چون سرما و یا باد داغ هلاک کننده و یا صاعقه و امثال آن بر آن بفرستد، و به صورت زمینی خشک و خالی از درخت و زراعت در آورد، و یا بلائی زمینی بر آن مسلط ساخته آب چشمه اش را قبل از آنکه به زمین تو برسد در زمین فرو برد و چشمه را خشک کند.

" وَ أُحِیطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ یُقَلِّبُ کَفَّیْهِ ..."

احاطه به ثمر و یا به هر چیز دیگر کنایه از نابود کردن آن است، و این از احاطه دشمن و محاصره کردن او از همه اطراف گرفته شده که در چنین مواقعی دیگر امید آدمی از هر یار و یاوری قطع گشته هلاک حتمی می شود، هم چنان که فرموده:" وَ ظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِیطَ بِهِمْ" (1) و اینکه فرمود:" فَأَصْبَحَ یُقَلِّبُ کَفَّیْهِ ..." کنایه از ندامت است، چون شخص نادم بیشتر اوقات حالت درونی خود را با پشت و رو کردن دستها مجسم می سازد. و اینکه فرمود:" وَ هِیَ خاوِیَةٌ عَلی عُرُوشِها" به طوری که گفته اند (2) کنایه است از کمال خرابی، زیرا خانه وقتی

[شماره صفحه واقعی : 436]

ص: 1161


1- و پنداشتند که بلاء بر آنان احاطه کرده است. سوره یونس، آیه 22.
2- مجمع البیان، ج 6، ص 472.

خراب می شود اول سقف آن فرو می ریزد، و سپس دیوارها به روی سقف می افتد. و کلمه" خوی" به معنای سقوط است. بعضی (1) هم گفته اند: اصل در معنای آن" خلو" یعنی خالی بودن است.

و معنای اینکه فرمود:" وَ یَقُولُ یا لَیْتَنِی لَمْ أُشْرِکْ بِرَبِّی أَحَداً" این است که: ای کاش به آنچه دل بسته بودم، دل نمی بستم و رکون و اعتماد نمی کردم و این اسباب ظاهری را که مستقل در تاثیر پنداشته بودم، مستقل نمی پنداشتم و همه امور را از خدا می دانستم. هزار حیف و تاسف که یک عمر سعی و کوششم را بی نتیجه کردم و خود را هلاک نمودم.

و معنای آیه این می شود: انواع مالهایی که در آن باغ داشت همه نابود گردید، و یا همه میوه های باغش از بین رفت، پس بر آن مالی که خرج کرده و آن باغی که احداث نموده بود پشیمانی می خورد، و می گفت: ای کاش به پروردگارم شرک نمی ورزیدم، و احدی را شریک او نمی پنداشتم، و به آنچه که اعتماد کرده بودم اعتماد نمی کردم، و مغرور آنچه شدم نمی شدم، و فریب اسباب ظاهری را نمی خوردم.

" وَ لَمْ تَکُنْ لَهُ فِئَةٌ یَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَ ما کانَ مُنْتَصِراً".

کلمه" فئة" به معنای جماعت و کلمه" منتصر" به معنای ممتنع است.

همانطور که آیات پنجگانه اول یعنی از جمله" قالَ لَهُ صاحِبُهُ" تا کلمه" طلبا" بیان زبانی بود برای خطای مرد کافر در کفر و شرکش، همچنین این دو آیه یعنی از جمله" وَ أُحِیطَ بِثَمَرِهِ" تا جمله" وَ ما کانَ مُنْتَصِراً" حکایت بیان عملی آن است. آری خطای آن شخص تا بود یکی اظهار غرورش در هنگام ورود به باغ بود که گفتارش یعنی جمله" ما أَظُنُّ أَنْ تَبِیدَ هذِهِ أَبَداً" حکایت گر آن بود که بعد از بیان زبانی خطا. بودن آن عملا نیز متوجهش کردند که آن طور که تو خیال می کردی نبود بلکه از بین بردن باغ تو برای خدا کاری ندارد، اینک ببین که چگونه زیر و رو شد.

خطای دومش این بود که از در سکون به اسباب ظاهری و رکون و اعتماد بر آنها به رفیقش تفاخر کرده گفت:" أَنَا أَکْثَرُ مِنْکَ مالًا وَ أَعَزُّ نَفَراً" که بعد از بیان زبانی، خطا بودن آن را عملا هم با این قولش:" وَ لَمْ تَکُنْ لَهُ فِئَةٌ یَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ" به او فهماند که اشتباه کرده است و اما این ادعایش که خود را مستقل می دانست با بیان" ما کانَ مُنْتَصِراً" جهت بطلان آن را بیان کرد.

[شماره صفحه واقعی : 437]

ص: 1162


1- مجمع البیان، ج 6، ص 472.
بیان اینکه در فرض مقایسه، نسبت به اسباب ظاهری، ولایت از آن خدای حق است و خدا از نظر ثواب و فرجام بهتر است

" هُنالِکَ الْوَلایَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ هُوَ خَیْرٌ ثَواباً وَ خَیْرٌ عُقْباً".

قرائت مشهور کلمه" الولایة" را با فتح واو قرائت کرده، و بعضی (1) آن را به کسره خوانده اند. از حیث معنا تفاوتی ندارد. بعضی (2) گفته اند: تفاوت دارد زیرا ولایت به فتحه واو به معنای نصرت و به کسره آن به معنای سلطنت و قدرت است، ولی سخن وی ثابت نشده.

کلمه" حق" را باید به کسره خواند تا صفت" اللَّه" باشد. و کلمه" ثواب" به معنای مطلق اثر و نتیجه است، چه نیک و چه بد چه کیفر و چه پاداش، و لیکن استعمالش در اجر نیک غلبه دارد. و کلمه" عقب" به ضمه عین و سکون قاف و همچنین" عقب" به دو ضمه به معنای سرانجام و عاقبت است.

مفسرین گفته اند: اشاره به" هنالک" اشاره به معنایی است که از جمله" وَ أُحِیطَ بِثَمَرِهِ" استفاده می شود، یعنی در اینجا که بلاها از هر سو احاطه می کند، و یا در این هنگام که بلاها از هر سو احاطه می کند ولایت تنها از آن خدا است. و ولایت در اینجا به معنای نصرت است. پس معنا چنین می شود: در اینجا و یا در این هنگام که همه اسباب از کار می افتد تنها یاور انسان خدا است.

و این معنا هر چند در جای خودش معنایی صحیح و حق است، و لیکن با غرضی که سیاق آیات در مقام ایفای آن است مناسب نیست، زیرا سیاق آیات مورد بحث بیان این حقیقت است که زمام تمامی امور به دست خدا است، و او است که خالق و مدبر هر امری است، و غیر از او هر چه هست جز سراب و وهم چیزی دیگری نیست. و اگر خدای سبحان این سراب موهوم را در نظر آدمیان زینت جلوه داده به منظور آزمایش ایشان است. افاده این معنا غرض آیات مورد بحث است. و اگر آن معنا که مفسرین گفته اند مورد نظر بود، باید به جای توصیف خدا به حق در جمله" لِلَّهِ الْحَقِّ" خدا را به قدرت و قوت و عزت و غلبه و امثال آن وصف می کرد، نه به حق که در مقابل باطل است، و نیز اگر آن معنا مورد نظر بود دیگر محل مناسبی برای جمله" هُوَ خَیْرٌ ثَواباً وَ خَیْرٌ عُقْباً" نبود.

حق مطلب- و خدا داناتر است- این است که: ولایت به معنای نصرت نیست، بلکه به معنای مالکیت تدبیر است که معنایی عمومی است، و در تمامی مشتقات این کلمه جریان دارد که بیانش در تفسیر آیه" إِنَّما وَلِیُّکُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ" (3) گذشت.

[شماره صفحه واقعی : 438]

ص: 1163


1- روح المعانی، ج 15، ص 284.
2- روح المعانی، ج 15، ص 284.
3- سوره مائده، آیه 55.

و بنا بر این، معنای آیه این می شود که: در هنگام احاطه هلاکت و از کار افتادن اسباب نجات از سببیت و تاثیر و روشن گشتن عجز و زبونی انسانی که خود را مستقل و مستغنی از خدا می پنداشت کاملا روشن می شود که ولایت همه امور انسانها و هر موجود دیگری و ملک تدبیر آن تنها از آن خدا است، چون او یگانه معبود حق است، و معبود حق است که تمامی تدابیر و تاثیراتش همه بر اساس حق و واقع است، و سایر اسباب ظاهری که بشر گمراه آنها را شرکای خدا در مساله تدبیر و تاثیر می پندارند، در ناحیه ذات خودشان باطلند و مالک هیچ اثری از آثار خود نیستند. تنها آن اثری را دارا هستند و از خود بروز می دهند که خدای سبحان اذن داده باشد، و تملیکشان کرده باشد. و از استقلال جز اسمی که بشر از آن برایش توهم کرده ندارد، پس هر سببی از ناحیه خودش باطل و به وسیله خدا حق است، و خدا در ناحیه ذاتش حق و مستقل و غنی بالذات است.

و اگر خدای تعالی را- هر چند که او منزه از قیاس به غیر است- نسبت به اسباب ظاهری قیاس کنیم خدای تعالی از همه سبب هایی که تاثیر دارند خوش ثواب تر است، و ثواب خدا از همه بهتر است، زیرا خدا نسبت به کسی که برای او کار می کند ثواب حق می دهد، و اسباب دیگر ثواب باطل و زائل می دهند. و تازه همان را هم که می دهند از خدا و به اذن خدا است، و نیز با در نظر گرفتن آن مقایسه فرضی خدا عاقبت ساز بهتری است، یعنی عاقبت بهتری به انسان می دهد چون او خودش حق و ثابت است و فناء و زوال و تغییر نمی پذیرد و جلال و اکرامش دستخوش تغییر نمی گردد. ولی اسباب ظاهری، همه اموری فانی و متغیر هستند که خدا رنگ و آبی به آنها داده و اینطور دل آدمی را می برند، و قلب آدمی را مسخر خود می کنند، ولی وقتی مدت آدمی سر آید می فهمد که گول خورده و آنها جز خاک خشکی بیش نبوده اند.

و وقتی انسان چاره ای جز این نداشت که دل به مقامی ببندد که تدبیر همه امور عالم از آنجا است، و از آنجا توقع و انتظار اصلاح امورش را دارد، پس پروردگارش از هر چیز دیگری سزاوارتر برای این تعلق است، چون ثواب و عاقبتی که او می دهد ربطی به ثواب و عاقبت غیر او ندارد.

بعضی (1) از مفسرین گفته اند: اشاره" هنالک" به روز قیامت است، و مراد از ثواب و عاقبت هم ثوابهای آن روز است. ولی همانطور که خود شما خواننده ملاحظه می فرمایید این

[شماره صفحه واقعی : 439]

ص: 1164


1- مجمع البیان، ج 6، ص 472 به نقل از قتیبی، کشاف، ج 2، ص 724.

تفسیر با سیاق آیه سازگار نیست.

مثلی دیگر برای بیان حقیقت زندگی دنیا و زینت های سریع الزوال آن و اینکه" باقیات صالحات" بهتر است

" وَ اضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَیاةِ الدُّنْیا کَماءٍ أَنْزَلْناهُ مِنَ السَّماءِ ..."

این دومین مثلی است که در سابق بدان اشاره کردیم و گفتیم که برای بیان حقیقت زندگی دنیا و زینتهای سریع الزوال، آن دو مثل را آورده.

کلمه:" هشیم" که بر وزن فعیل است، به معنای" مهشوم" بر وزن مفعول است، و به طوری که راغب (1) گفته به معنای شکسته شدن چیزهای سست و بی دوام از قبیل گیاهان است. و کلمه" تذروه" از" ذرأ" به معنای تفریق و جدا کردن است. بعضی گفته اند: به معنای آوردن و بردن است (مانند گیاه شکسته و خشکی که بادها از این طرف به آن طرفش می برند).

و اگر فرمود:" فَاخْتَلَطَ بِهِ نَباتُ الْأَرْضِ- پس گیاه زمین با آن مختلط شد" و نفرمود:

" فاختلط بنبات الارض- با گیاه زمین مختلط شد" برای اشاره به این نکته است که در تکوین گیاهان آب از سایر عناصر بیشتر است، و اگر با آب آسمان سایر آبها یعنی آب چشمه- سارها و نهرها را ذکر نکرد بدین جهت است که مبدأ هر آب دیگری همان آب آسمان است.

و کلمه" اصبح" در آیه شریفه به طوری که گفته اند به معنای" صار- شد" می باشد، نه اینکه بخواهد خبری را که داده مقید به هنگام صبح کند.

و معنای آیه این است که: برای این فرو رفتگان در زینت حیات دنیا و روی گردانان از یاد پروردگار خود زندگی دنیا را به آبی مثل بزن که ما از آسمان نازلش کردیم و گیاهان زمین با این باران مختلط گشته سبز و خرم گردید و طراوت و بهجت یافت و به زیباترین شکلی نمودار گشت، سپس هشیمی (گیاه خشکی) شکسته شد که بادها شاخه های آن را از هم جدا نموده به این سو و آن سو می برد، و خدا بر هر چیزی مقتدر است.

" الْمالُ وَ الْبَنُونَ زِینَةُ الْحَیاةِ الدُّنْیا ...".

این آیه به منزله نتیجه گیری از مثلی است که در آیه قبل آورد، و حاصلش این است که: هر چند که دلهای بشر علاقه به مال و فرزند دارد و همه، مشتاق و متمایل به سوی آنند و انتظار انتفاع از آن را دارند و آرزوهایشان بر اساس آن دور می زند و لیکن زینتی زودگذر و فریبنده هستند که آن منافع و خیراتی که از آنها انتظار می رود ندارند، و همه آرزوهایی را که آدمی از آنها دارد برآورده نمی سازند بلکه صد یک آن را واجد نیستند. پس در این آیه شریفه به".

[شماره صفحه واقعی : 440]

ص: 1165


1- مفردات راغب- ماده" هشم".

طوری که ملاحظه می فرمایید انعطافی به آغاز کلام یعنی آیه شریفه" إِنَّا جَعَلْنا ما عَلَی الْأَرْضِ زِینَةً لَها" و آیه بعدی اش وجود دارد.

و مراد از" باقیات الصالحات" در جمله" وَ الْباقِیاتُ الصَّالِحاتُ خَیْرٌ عِنْدَ رَبِّکَ ثَواباً وَ خَیْرٌ أَمَلًا" اعمال صالح است، زیرا اعمال انسان، برای انسان نزد خدا محفوظ است و این را نص صریح قرآن فرموده. پس اعمال آدمی برای آدمی باقی می ماند. اگر آن صالح باشد" باقیات الصالحات" خواهد بود، و اینگونه اعمال نزد خدا ثواب بهتری دارد، چون خدای تعالی در قبال آن به هر کس که آن را انجام دهد جزای خیر می دهد. و نیز نزد خدا بهترین آرزو را متضمن است، چون آنچه از رحمت و کرامت خدا در برابر آن عمل انتظار می رود و آن ثواب و اجری که از آن توقع دارند بودن کم و کاست و بلکه صد در صد به آدمی می رسد.

پس این گونه کارها، از زینت های دنیوی و زخارف زودگذر آن که برآورنده یک درصد آرزوها نیست، آرزوهای انسان را به نحو احسن برآورده می سازند، و آرزوهایی که آدمی از زخارف دنیوی دارد اغلب آرزوهای کاذب است، و آن مقدارش هم که کاذب نیست فریبنده است.

از طرق شیعه (1) و سنی (2) از رسول خدا صلی الله علیه و آله و از طرق شیعه (3) از ائمه اهل بیت علیه السلام روایت شده که منظور از" باقیات الصالحات" تسبیحات چهارگانه یعنی" سبحان اللَّه و الحمد للَّه و لا اله الا اللَّه و اللَّه اکبر" است. و در بعضی (4) دیگر آمده که مراد از آن نماز است. و در بعضی (5) دیگر آمده که مقصود از آن مودت اهل بیت است، و همه اینها از باب ذکر مصادیق آیه است که جامعش این می شود که منظور از" باقیات الصالحات" اعمال صالح است..]

[شماره صفحه واقعی : 441]

ص: 1166


1- نور الثقلین، ج 3، ص 264 ح، 98.
2- الدر المنثور، ج 4، ص 225 و تفسیر طبری، ج 15، ص 166.
3- تفسیر برهان، ج 2، ص 270، ح 5.
4- تفسیر برهان، ج 2، ص 470، ح 4 و منهج الصادقین، ج 5، ص 357.
5- منهج الصادقین، ج 5، ص 358. [.....]

سوره الکهف (18): آیات 47 تا 59

اشاره

وَ یَوْمَ نُسَیِّرُ الْجِبالَ وَ تَرَی الْأَرْضَ بارِزَةً وَ حَشَرْناهُمْ فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً (47) وَ عُرِضُوا عَلی رَبِّکَ صَفًّا لَقَدْ جِئْتُمُونا کَما خَلَقْناکُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّنْ نَجْعَلَ لَکُمْ مَوْعِداً (48) وَ وُضِعَ الْکِتابُ فَتَرَی الْمُجْرِمِینَ مُشْفِقِینَ مِمَّا فِیهِ وَ یَقُولُونَ یا وَیْلَتَنا ما لِهذَا الْکِتابِ لا یُغادِرُ صَغِیرَةً وَ لا کَبِیرَةً إِلاَّ أَحْصاها وَ وَجَدُوا ما عَمِلُوا حاضِراً وَ لا یَظْلِمُ رَبُّکَ أَحَداً (49) وَ إِذْ قُلْنا لِلْمَلائِکَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِیسَ کانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَ فَتَتَّخِذُونَهُ وَ ذُرِّیَّتَهُ أَوْلِیاءَ مِنْ دُونِی وَ هُمْ لَکُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِینَ بَدَلاً (50) ما أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ لا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ وَ ما کُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّینَ عَضُداً (51)

وَ یَوْمَ یَقُولُ نادُوا شُرَکائِیَ الَّذِینَ زَعَمْتُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ یَسْتَجِیبُوا لَهُمْ وَ جَعَلْنا بَیْنَهُمْ مَوْبِقاً (52) وَ رَأَی الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُواقِعُوها وَ لَمْ یَجِدُوا عَنْها مَصْرِفاً (53) وَ لَقَدْ صَرَّفْنا فِی هذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِنْ کُلِّ مَثَلٍ وَ کانَ الْإِنْسانُ أَکْثَرَ شَیْ ءٍ جَدَلاً (54) وَ ما مَنَعَ النَّاسَ أَنْ یُؤْمِنُوا إِذْ جاءَهُمُ الْهُدی وَ یَسْتَغْفِرُوا رَبَّهُمْ إِلاَّ أَنْ تَأْتِیَهُمْ سُنَّةُ الْأَوَّلِینَ أَوْ یَأْتِیَهُمُ الْعَذابُ قُبُلاً (55) وَ ما نُرْسِلُ الْمُرْسَلِینَ إِلاَّ مُبَشِّرِینَ وَ مُنْذِرِینَ وَ یُجادِلُ الَّذِینَ کَفَرُوا بِالْباطِلِ لِیُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ وَ اتَّخَذُوا آیاتِی وَ ما أُنْذِرُوا هُزُواً (56)

وَ مَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُکِّرَ بِآیاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْها وَ نَسِیَ ما قَدَّمَتْ یَداهُ إِنَّا جَعَلْنا عَلی قُلُوبِهِمْ أَکِنَّةً أَنْ یَفْقَهُوهُ وَ فِی آذانِهِمْ وَقْراً وَ إِنْ تَدْعُهُمْ إِلَی الْهُدی فَلَنْ یَهْتَدُوا إِذاً أَبَداً (57) وَ رَبُّکَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ لَوْ یُؤاخِذُهُمْ بِما کَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذابَ بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ لَنْ یَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلاً (58) وَ تِلْکَ الْقُری أَهْلَکْناهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَ جَعَلْنا لِمَهْلِکِهِمْ مَوْعِداً (59)

[شماره صفحه واقعی : 442]

ص: 1167

ترجمه آیات

روزی که کوه ها را به راه اندازیم و زمین را (از زیر آن) نمودار بینی و محشورشان کنیم، و یکی از آنها را وا نگذاریم (47).

به صف، به پروردگارت عرضه شوند (گوید) چنان که اول بارشان خلق کرده بودیم باز پیش ما آمده اید ولی پنداشتید که هرگز برای شما موعدی ننهاده ایم (48).

و نامه ها پیش آرند و گنه کاران را از مندرجات آن هراسان بینی و گویند: ای وای بر ما این نامه چیست که گناه کوچک و بزرگی نگذاشته مگر آن را به شمار آورده و هر چه کرده اند حاضر یابند که پروردگارت به هیچ کس ستم نمی کند (49).

و چون به فرشتگان گفتیم: آدم را سجده کنید همه سجده کردند مگر ابلیس که از جنیان بود و از فرمان پروردگارش بیرون شد، چرا او و فرزندانش را که دشمن شمایند سوای من اولیای خود می گیرند؟ برای ستمگران چه عوض بدی است (50).

آفرینش آسمانها و زمین را با حضور آنها نکردم و نه آفرینش خودشان را، که من گمراه کنندگان را به کمک نمی گیرم (51).

به خاطر بیاورید روزی را که خدا می گوید شریکهایی را که برای من می پنداشتید صدا بزنید (تا به کمک شما بشتابند) ولی هر چه آنها را می خوانند جوابشان نمی دهند و ما در میان این دو گروه کانون هلاکتی قرار داده ایم (52).

و گنهکاران جهنم را ببینند و یقین کنند که در آن افتادنی هستند و گریزگاهی نیابند (53).

در این قرآن همه قسم مثل برای مردم بیان کرده ایم و انسان از همه چیز بیشتر مجادله می کنند (54).

مانع این مردم هنگامی که هدایت بر ایشان آمد از اینکه مؤمن شوند و از پروردگارشان آمرزش بخواهند جز این نبود که (انتظار داشتند) طریقه گذشتگان تکرار شود یا عذاب از پیش به آنها در آید (55).

ما پیغمبران را جز نوید بخش و بیم رسان نمی فرستیم کسانی که کافرند به باطل مجادله کنند که حق را بدان باطل سازند و آیه های مرا و آن بیم که به آنها داده اند را مسخره گرفته اند (56).

کیست ستمگرتر از آنکه به آیه های پروردگارش اندرزش داده اند و از آن روی بگردانیده و اعمالی

[شماره صفحه واقعی : 443]

ص: 1168

را که به دستش از پیش کرده از یاد برده و ما بر دلهایشان پوشش ها نهاده ایم که آیه های ما را نمی فهمند و گوشهایشان را گران کردیم، بنا بر این اگر به سوی هدایتشان بخوانیم هرگز و هیچ وقت هدایت نیابند (57).

پروردگارت آمرزگار رحیم است، اگر آنان را به اعمالی که کرده اند مؤاخذه می کرد در عذابشان تعجیل می کرد (چنین نیست) بلکه موعدی دارند که هرگز در قبال آن گریزگاهی نیابند (58).

این دهکده ها هنگامی که ستم کردند هلاکشان کردیم و برای هلاک کردنشان موعدی نهادیم (59).

بیان آیات
اشاره

این آیات متصل به آیات قبل است و در پی همان آیات سیر می کند و به بیان اینکه" این اسباب ظاهری و زخارف فریبنده دنیوی که زینت حیات هستند به زودی زوال و نابودی بر آنها عارض می شود" می پردازد، و برای انسان روشن می کند که مالک نفع و ضرر خویش نیست، و آنچه برای انسان می ماند همان عمل او است که بر طبقش کیفر و یا پاداش می بیند.

در این آیات ابتدا، مساله قیام قیامت مطرح شده، و بیان می فرماید که هر انسانی تک و تنها بدون اینکه کسی به غیر از عملش همراه او باشد محشور می گردد، و سپس مساله امتناع ابلیس از سجده بر آدم و فسقش نسبت به امر پروردگار را ذکر می کند که پیروانش او و ذریه او را اولیای خود می گیرند، و به جای خدا او را که دشمن ایشان است سرپرست خود اتخاذ می کنند. آن گاه دو باره مساله قیامت را عنوان می کند که در آن روز خداوند خود پیروان شیطان و نیز شیطانها را که شریک خدایش گرفته بودند احضار می کند، در حالی که رابطه میان آنان قطع شده باشد. و در آخر آیاتی چند در خصوص وعده و وعید آمده و مجموع آیات از نظر هدف با آیات قبل متصل است.

" وَ یَوْمَ نُسَیِّرُ الْجِبالَ وَ تَرَی الْأَرْضَ بارِزَةً وَ حَشَرْناهُمْ فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً".

ظرف" یوم" متعلق به مقدری است، و تقدیر کلام" و اذکر یوم نسیر- بیاد آر روزی را که به راه می اندازیم" می باشد، و به راه انداختن کوه ها به این است که آنها را از جای خود برکند.

و خدای تعالی این معنا را در چند جا با تعبیراتی مختلف بیان فرموده، یک جا فرموده:

[شماره صفحه واقعی : 444]

ص: 1169

" وَ کانَتِ الْجِبالُ کَثِیباً مَهِیلًا" (1) جایی دیگر فرموده:" وَ تَکُونُ الْجِبالُ کَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ" (2) و در جایی دیگر فرموده:" فَکانَتْ هَباءً مُنْبَثًّا" (3) و جایی دیگر چنین تعبیر کرده که" وَ سُیِّرَتِ الْجِبالُ فَکانَتْ سَراباً" (4).

و آنچه از سیاق برمی آید این است که مساله بروز زمین، مترتب بر به راه انداختن کوه ها است، یعنی وقتی کوه ها و تلها تکان می خورند و فرو می ریزند زمین همه جایش بروز و ظهور می کند، و دیگر چیزی حائل از دیدن کرانه افق نیست، و یک ناحیه زمین حائل از ناحیه دیگرش نمی شود. و چه بسا احتمال داده اند که آیه شریفه می خواهد به مضمون آیه" وَ أَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّها" (5) اشاره کند.

و معنای" وَ حَشَرْناهُمْ فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً" این است که ما احدی از بشر را ترک نمی کنیم و همه را زنده می کنیم.

یاد آوری قیام قیامت و عرضه گشتن مشرکین و همه مردم بر پروردگار، همراه با اعمالشان و دیگر هیچ

وَ عُرِضُوا عَلی رَبِّکَ صَفًّا لَقَدْ جِئْتُمُونا کَما خَلَقْناکُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ ..."

.سیاق، شهادت می دهد بر اینکه ضمیر جمع در" عرضوا" و همچنین ضمیر جمع در آیه قبل به مشرکین برمی گردد که به نفس خود و به اسباب ظاهری که مربوط به زندگی ایشان است رکون و اعتماد کردند، و دل را یک جا به زینت زندگی دنیا دادند، آن چنان که دل به امری دائم و باقی می بندند، و همین خود قطع رابطه با پروردگارشان بود، و همین خود انکار بازگشت به سوی او و بی مبالاتی نسبت به کارهایشان بود، چه آن کار مایه رضای خدا باشد یا مایه خشم او.

این وضع و حال ایشان است ما دام که اساس این امتحان الهی بر جا است، و زینت زودگذر دنیای مادی در اختیار آنان است، و اسباب ظاهری دور و بر ایشان قرار دارد، تا آنکه این دور سپری شود و اسباب ظاهری از کار بیفتد و آرزوها بر باد رود، و خداوند آنچه که زینت در روی زمین بود و دلهای مردم روی زمین را می ربود به صورت خاکی خشک در آورد، آن وقت است که جز پروردگارشان و خودشان و نامه اعمالشان چیزی برایشان نمی ماند، آن وقت است که بر پروردگار خود- که او را پروردگار خود نمی دانستند و بندگیش

[شماره صفحه واقعی : 445]

ص: 1170


1- کوه ها به صورت تلهایی ریگ در می آید. سوره مزمل، آیه 14.
2- کوه ها مانند پشم حلاجی شده می باشد. سوره قارعه، آیه 5.
3- زمین غباری افشان می شود. سوره واقعه، آیه 6.
4- کوه ها را به حرکت درآورده به صورت سرابی شکل می گیرد. سوره نبا، آیه 20.
5- و روشن گشت زمین به نور پروردگارش. سوره زمر، آیه 69.

نمی کردند- به صف واحد عرضه می شوند، به طوری که هیچ یک بر دیگری برتری نداشته باشد. آری آن روز نه حسب و نسب مایه برتری است، و نه مال و نه جاه دنیوی، در آن روز عرضه می شوند تا میان همه داوری شود، در این حال همه به رأی العین می بینند و می فهمند که خدا یگانه حق مبین بوده بتها و هر چیزی دیگر که می پرستیدند تنها اوهام و خرافاتی بوده که حتی به قدر سر سوزنی خدایی نداشته و از خدا بی نیازشان نمی کرده اند. نه نفسشان آن استقلالی را که برایش می پنداشته اند، داشته و نه اسباب ظاهری که در دستشان بوده و دلهایشان را مسخر خود کرده بود.

آری، آن روز می فهمند که در این پندارها به خطا رفته اند و راهی که رفتند- یعنی دل بستگیشان به دنیا و اعراضشان از راه پروردگار و عمل نکردن بر طبق دستورات وی- راهی خطا بوده، بلکه همین وضع آن روزشان که عرضه بر پروردگار می شوند نیز از خود ایشان بوده است، چون ایشان بودند که توهم کرده بودند که چنین موقفی ندارند، و روزی به حسابشان رسیدگی نمی شود.

اشاره به چند نکته و خصوصیت در باره قیامت

از این بیان روشن می گردد که جملات چهارگانه آیه، یعنی جمله:َ عُرِضُوا ..."

و جملهَ قَدْ جِئْتُمُونا ..."

و جملهَ لْ زَعَمْتُمْ"

و جمله" وَ وُضِعَ الْکِتابُ ..." چهار نکته اساسی را افاده می کنند که از تفصیل جریانات روز قیامت خلاصه گیری شده، و اجمال آنچه را که بین آنان و پروردگارشان از هنگام خروج از قبر تا فیصله یافتن حساب رخ می دهد ذکر می فرماید: و اگر به ذکر اجمال آن اکتفاء نموده برای این است که همین اجمال کفایت می کرد، و غرض حاصل می شد.

پس جملهَ عُرِضُوا عَلی رَبِّکَ صَفًّا"

اشاره به سه نکته است، اول اینکه خلائق ناگزیر از حشر به سوی پروردگار خویشند، و به حکم اجبار، بدون اینکه خود اختیاری داشته باشند عرضه بر پروردگار خود می شوند. و ثانیا اینکه کفار در آن روز و در آن لقاء کرامت و حرمتی نخواهند داشت که تعبیر جملهَ لی رَبِّکَ"

نیز اشعار به این معنا دارد، و گرنه می فرمود:" علی ربهم" هم چنان که در باره مؤمنین فرموده:" جَزاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ" (1) و نیز فرموده:" إِنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ" (2) و یا سیاق سابق را که سیاق تکلم بود رعایت می کرد و می فرمود" عرضوا علینا".

[شماره صفحه واقعی : 446]

ص: 1171


1- پاداش ایشان نزد پروردگار جنت های عدن است. سوره بینه، آیه 8.
2- ایشان دیدار خواهند کرد پروردگار خویش را. سوره هود، آیه 29.

سوم اینکه انواع تفاضل و برتری ها و احترامات دنیوی که خود مردم به اوهام و افکار کوتاه مادی خود تراشیده اند و مثلا یکی را به خاطر دودمانش و یکی را به خاطر ثروتش و یکی را به خاطر مقامش از دیگران برتر می شمرند، همه از بین می رود و آن روز همه در یک صف و یک ردیف و بدون اینکه والایی نسبت به زیر دستی و غنیی نسبت به فقیری و مولایی از غلامی امتیازی داشته باشد، محشور می گردند. امتیاز تنها بر ملاک عمل است، و در این هنگام است که می فهمند در زندگی دنیا خطا کردند و به بیراهه رفتند لا جرم به امثال" لَقَدْ جِئْتُمُونا فُرادی ..." خطاب می شوند جملهَ قَدْ جِئْتُمُونا کَما خَلَقْناکُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ"

مقول قول تقدیری است، و تقدیر آن" و قال لهم" و یا" و قلنا لهم لقد ..." است، و در این جمله خطا و ضلالت آنان در دنیا و اینکه اشتغال به زخارف دنیا از سلوک راه خدا و پیروی دینش بازشان داشته بیان می شود.

از یاد بردن قیامت سبب اصلی اعراض از هدایت و فساد اعمال است

و جملهَ لْ زَعَمْتُمْ

(1)لَّنْ نَجْعَلَ لَکُمْ مَوْعِداً" از نظر معنا نظیر آیه" أَ فَحَسِبْتُمْ أَنَّما خَلَقْناکُمْ عَبَثاً وَ أَنَّکُمْ إِلَیْنا لا تُرْجَعُونَ" (2) می باشد و این جمله اگر به خاطر کلمه" بل" و به ظاهر سیاق اعراض از جمله قبل باشد تقدیر آن از نظر معنا چنین می شود: زینت دنیا و تعلق دلهایتان به اسباب ظاهری، شما را از عبادت ما و سلوک راه هدایت ما باز داشته، بلکه از این هم بالاتر، پنداشته اید که ما برای شما موعدی که در آن ما را دیدار کنید، و ما به حسابتان برسیم مقرر نکرده ایم. و به عبارت دیگر: اشتغالتان به دنیا و علاقه دلهایتان به زینت آن هر چند که سبب شده از یاد ما اعراض کنید و خطایا و گناهانی را مرتکب گردید لیکن در این میان یک سبب دیگری برای اعراض شما هست که از سبب مذکور قدیمی تر و اصلی است و آن این است که شما پنداشته اید که ما برایتان موعدی مقرر نکرده ایم. آری، از یاد بردن قیامت سبب اصلی اعراض از طریقه هدایت و فساد اعمال شما است.

هم چنان که در آیه دیگر به این معنا تصریح شده، می فرماید:" إِنَّ الَّذِینَ یَضِلُّونَ عَنْ سَبِیلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذابٌ شَدِیدٌ بِما نَسُوا یَوْمَ الْحِسابِ" (3).

[شماره صفحه واقعی : 447]

ص: 1172


1- آیا پنداشته اید که ما شما را بیهوده آفریده ایم و شما به سوی ما برنمی گردید. سوره مؤمنون، آیه 115.
2- مرحوم علامه طباطبائی این آیه را به اشتباه" بل ظننتم ..." ضبط نموده و به شرح و توضیح آن پرداخته است که صحیح آنَ لْ زَعَمْتُمْ ..." است.
3- کسانی که از راه خدا گمراه شدند عذاب دردناکی دارند به خاطر اینکه روز حساب را از یاد بردند. سوره ص، آیه 26.

و وجه اینکه پندار و ظن به نبودن قیامت را به ایشان نسبت داده این است که کارهایی که می کنند شبیه کار چنین کسانی است، یعنی اینکه با خاطر جمع و آسوده به کلی دل به دنیا و زینت آن داده اند، و به جای خدا غیر خدا را معبود خود کرده اند، این عمل عمل کسی است که می پندارد الی الابد باقی است، و هرگز به سوی خدا بازگشتی ندارد.

پس این ظن، ظن درونی نیست، بلکه ظن حالی و عملی است، به این معنا که وضع اینان و حال و عملشان وضع و حال و عمل کسی است که در دل چنین پنداری دارد. ممکن هم هست کنایه از بی اعتنایی شان به خدا و به تهدیدهای او باشد، نظیر آیه" وَ لکِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لا یَعْلَمُ کَثِیراً مِمَّا تَعْمَلُونَ" (1) که ظن در آن کنایه از بی اعتنایی است.

احتمال هم دارد که جملهَ لْ زَعَمْتُمْ أَلَّنْ نَجْعَلَ لَکُمْ مَوْعِداً"

اعراضی باشد از اعتذار تقدیری آنان از جهل و امثال آن، گویا در تقدیر عذرخواهی کرده اند به اینکه ما نمی دانستیم، در جوابشان می فرماید: چنین نیست، بلکه آنچه کردید از این جهت بود که پنداشتید که ...-

و خدا داناتر است.

" وَ وُضِعَ الْکِتابُ فَتَرَی الْمُجْرِمِینَ مُشْفِقِینَ مِمَّا فِیهِ وَ یَقُولُونَ یا وَیْلَتَنا ...".

" وُضِعَ الْکِتابُ" به معنای نصب آن است تا بر طبقش حکم کنند. و کلمه" مشفقین" مشتق از" شفقت" است، و اصل شفقت رقت است. راغب در مفردات می گوید: اشفاق عنایت آمیخته با ترس را گویند، چون مشفق کسی را گویند که نسبت به مشفق علیه محبت و علاقه دارد، و از آثار سوء عملش نسبت به جانش می ترسد، و این محبت آمیخته با ترس اشفاق است، و در آیه" وَ هُمْ مِنَ السَّاعَةِ مُشْفِقُونَ" به همین معنا است، و چون با کلمه" من" متعدی شود معنای ترس در آن روشن تر می شود، مانند آیه مورد بحث و آیه" مُشْفِقُونَ مِنْها" و چون با کلمه" فی" متعدی گردد معنای عنایت در آن روشن تر می گردد، مانند آیه" إِنَّا کُنَّا قَبْلُ فِی أَهْلِنا مُشْفِقِینَ" (2).

کلمه" ویل" به معنای هلاکت است، و- به طوری که گفته شده- اینکه در هنگام مصیبت" ویل" را" یا ویلاه" ندا می کنند و یا می گویند" یا ویلتاه" از این باب است که به طور کنایه برسانند که مصیبت وارده آن قدر سخت است که از هلاکت دشوارتر است، لذا در برابر آن" ویل" را می خواهد و صدا می زند، و از آن استغاثه می کند که او وی را از مصیبت".

[شماره صفحه واقعی : 448]

ص: 1173


1- و لیکن پنداشتید که خدا بسیاری از کارهایی را که می کنید نمی داند. سوره حم سجده، آیه 22.
2- مفردات راغب، ماده" شفق".

وارده نجات دهد. هم چنان که گاهی در هنگام مصیبت، آدمی آرزوی مرگ می کند، چون آن را از مصیبت وارده آسان تر می بیند، مانند گفتار مریم که گفت:" یا لَیْتَنِی مِتُّ قَبْلَ هذا" (1).

" وضع کتاب" در قیامت، کتابی که هیچ صغیره و کبیره ای را فرو گذار نکرده و مجرمان (چه مشرک و چه غیر مشرک) از آن بیمناکند

از ظاهر سیاق استفاده می شود که" کتاب" در جمله" وَ وُضِعَ الْکِتابُ" کتاب واحدی است که اعمال تمامی خلایق در آن ضبط شده، و آن را برای حساب نصب می کنند، نه اینکه هر یک نفر یک کتاب جداگانه ای داشته باشد، و این با آیاتی که برای هر انسانی و هر امتی کتابی جداگانه ای سراغ می دهد منافات ندارد، مانند آیه" کُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِی عُنُقِهِ وَ نُخْرِجُ لَهُ یَوْمَ الْقِیامَةِ کِتاباً ..." (2) که در محل خودش تفسیرش گذشت. و نیز مانند آیه" کُلُّ أُمَّةٍ تُدْعی إِلی کِتابِهَا" (3) و آیه" هذا کِتابُنا یَنْطِقُ عَلَیْکُمْ بِالْحَقِّ" (4) به زودی تفسیر این دو آیه خواهد آمد- ان شاء اللَّه تعالی.

بعضی (5) گفته اند: مراد از" کتاب" نامه های اعمال است، و الف و لام در" الکتاب" برای استغراق است (یعنی تمامی کتابها) و لیکن سیاق آیه مساعد آن نیست.

" فَتَرَی الْمُجْرِمِینَ مُشْفِقِینَ مِمَّا فِیهِ"- این جمله تفریع بر وضع کتاب و نصب آن است، و این تفریع و همچنین ذکر اشفاق آنان خود دلیل بر این است که مقصود از کتاب، کتاب اعمال است، و یا کتابی است که اعمال در آن است. و اگر از آنان به" مجرم" تعبیر کرده برای اشاره به علت حکم است، و اینکه اشفاقشان از آن حالی که به خود گرفته اند به خاطر این است که مجرم بودند. پس این حال و روزگار مخصوص به آنان نیست، هر کس در هر زمانی مجرم باشد هر چند که مشرک نباشد چنین روزگاری خواهد داشت.

" وَ یَقُولُونَ یا وَیْلَتَنا ما لِهذَا الْکِتابِ لا یُغادِرُ صَغِیرَةً وَ لا کَبِیرَةً إِلَّا أَحْصاها"- دو کلمه" صغیرة" و" کبیرة" وصف اند که در جای موصوف خود که همان خطیئه و یا معصیت و یا زشتکاری و امثال آن است نشسته اند.

و اینکه گفتند:" وای بر ما این چه کتابی است که هیچ کوچک و بزرگی را فروگذار نکرده و همه را شمرده است" خود اظهار وحشت و فزع از تسلط کتاب در احصاء و شمردن گناهان و یا تسلطش بر مطلق حوادث و از آن جمله گناهان است، که این اظهار وحشت را به

[شماره صفحه واقعی : 449]

ص: 1174


1- ای کاش قبل از این مرده بودم. سوره مریم، آیه 23.
2- سوره اسری، آیه 13. [.....]
3- هر امتی به سوی کتاب خودش خوانده می شود. سوره جاثیه، آیه 28.
4- این کتاب ما است که علیه شما به حق گویایی دارد. سوره جاثیه، آیه 29.
5- مجمع البیان، ج 6، ص 474.

صورت استفهام تعجبی اداء کرده اند، و از آن به دست می آید که چرا اول صغیره را گفتند بعد کبیره را با اینکه جا داشت بگویند:" هیچ گناه بزرگ و هیچ گناه کوچکی را هم فروگذار نکرده" چون در کلام مثبت وقتی مطلب را ترقی می دهند از بزرگ گرفته به کوچک ختم می کنند. و وجه آن این می باشد- و خدا داناتر است- که هیچ گناه کوچکی را به خاطر اینکه کوچک است، و مهم نیست، از قلم نینداخته، و هیچ گناه بزرگی را به خاطر اینکه واضح است، و همه می دانند فروگذار نکرده. و چون مقام، مقام تعجب است مناسب این است که از کوچکتر شروع شود.

" وَ وَجَدُوا ما عَمِلُوا حاضِراً"- از ظاهر سیاق برمی آید که جمله مورد بحث مطلب تازه ای باشد نه عطف تفسیر برای جمله" لا یُغادِرُ صَغِیرَةً وَ لا کَبِیرَةً".

و بنا بر این، از آن برمی آید که آنچه را حاضر نزد خود می یابند خود اعمال است، که هر یک به صورت مناسب خود مجسم می شود نه کتاب اعمال و نوشته شده آنها، هم چنان که از امثال آیه" یا أَیُّهَا الَّذِینَ کَفَرُوا لا تَعْتَذِرُوا الْیَوْمَ إِنَّما تُجْزَوْنَ ما کُنْتُمْ تَعْمَلُونَ" (1) نیز همین معنا استفاده می شود، و جمله" وَ لا یَظْلِمُ رَبُّکَ أَحَداً" نیز که در ذیل آیه مورد بحث است همین معنا را تایید می کند چون ظلم نکردن بنا بر تجسم اعمال روشنتر است، زیرا وقتی پاداش انسان خود کرده های او باشد و احدی در آن دخالت نداشته باشد دیگر ظلم معنا ندارد- دقت فرمائید.

" وَ إِذْ قُلْنا لِلْمَلائِکَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِیسَ کانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ ..."

در این جمله برای بار دوم ماجرای میان خدا و ابلیس را یاد آوری می کند. آن زمان که به ملائکه دستور داد تا بر آدم پدر آنان، سجده کنند، همه سجده کردند مگر ابلیس که از جن بود پس از امر پروردگارش تمرد کرد.

و معنای آن این است که: به یاد آر این واقعه را تا برای مردم روشن شود که ابلیس- که از جن بود- و همچنین ذریه او دشمنان ایشانند و خیر ایشان را نمی خواهند، پس سزاوار نیست که فریب او را که لذات مادی دنیا و شهوات، و نیز اعراض از یاد خدا را برای ایشان زینت می دهد بخورند. و نیز سزاوار نیست که او را اطاعت کنند، و به سوی باطلی که او دعوتشان می کند قدم نهند.

[شماره صفحه واقعی : 450]

ص: 1175


1- ای کسانی که کفر ورزیدید امروز عذرخواهی مکنید که کیفر آنچه کردید خود آن کرده های شماست. سوره تحریم، آیه 7.
مراد از ولایت شیطان در جمله:" أَ فَتَتَّخِذُونَهُ وَ ذُرِّیَّتَهُ أَوْلِیاءَ مِنْ دُونِی وَ هُمْ لَکُمْ عَدُوٌّ"

" أَ فَتَتَّخِذُونَهُ وَ ذُرِّیَّتَهُ أَوْلِیاءَ مِنْ دُونِی وَ هُمْ لَکُمْ عَدُوٌّ"- این جمله تقریر بر ما حصل واقعه ابلیس و آدم است که به استفهام انکاری تعبیر شده است، و معنایش این است:

نتیجه ای که می توانید از داستان آدم و ابلیس بگیرید این است که نباید ابلیس و ذریه او را اولیای خود بگیرید، چون آنها دشمنان شما بنی نوع بشرند. و بنا بر این، پس مراد از ولایت، ولایت اطاعت خواهد بود، چون کفار شیطانها را در آنچه که به سویش دعوت می کنند اطاعت می کنند، و خدا را در آنچه به سویش می خواند اطاعت نمی کنند. همه مفسرین نیز آیه را اینطور تفسیر کرده اند.

و بعید هم نیست که مراد از ولایت، ولایت ملک و تدبیر باشد که عبارت دیگر ربوبیت است، زیرا بت پرستان همانطور که ملائکه را به طمع خیرشان می پرستیدند، جن را نیز به خاطر ترس از شرشان می پرستیدند، و خدا هم که تصریح کرده که ابلیس از جن است، و دارای ذریه ای است، و ضلالت آدمی در راه سعادتش و همچنین همه بدبختی های دیگرش همه به اغوای شیطان است. پس با در نظر گرفتن این جهات، معنای آیه چنین می شود: آیا باز هم او و ذریه او را اولیاء و آلهه و ارباب خود می گیرید و به جای من آنها را می پرستید و به سویشان تقرب می جویید، با اینکه دشمنان شمایند؟. مؤید این معنا آیه بعدی است، زیرا شاهد اینکه خدا در خلقت، شیطانها را شاهد نگرفت مناسب با نداشتن ولایت تدبیرست، نه، نداشتن ولایت اطاعت، و این پر واضح است.

خداوند آیه مورد بحث را با تقبیح مشرکین در قائل شدن به ولایت شیطانها ختم نموده و فرموده" بِئْسَ لِلظَّالِمِینَ بَدَلًا"، چون عمل مشرکین در حقیقت همان بدل گرفتن شیاطین است به جای خدا، و چقدر این کار زشت است و هیچ صاحب خردی مرتکب آن نمی شود. و به منظور روشنتر کردن این زشتی التفاتی به کار برده، یعنی فرموده:" مِنْ دُونِی" با اینکه جا داشت که بر اساس سیاق صدر آیه که فرموده بود" وَ إِذْ قُلْنا" بفرماید:" من دوننا"، هم چنان که همین التفات را قبل از این در جمله" عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ" به کار برده و نفرموده" عن امرنا".

در اینکه چرا امر به ملائکه شامل ابلیس هم شده با اینکه او از جن بوده، و نیز در اینکه چطور ابلیس ذریه پیدا کرده، مفسرین بحثهایی عنوان کرده اند که پاره ای از اقوال آنها را در تفسیر سوره اعراف نقل کردیم.

" ما أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ لا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ وَ ما کُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّینَ عَضُداً".

از ظاهر سیاق برمی آید که دو ضمیر جمع" اشهدتهم" و" انفسهم" به ابلیس و

[شماره صفحه واقعی : 451]

ص: 1176

ذریه اش برمی گردد، و منظور از" اشهاد" احضار و اعلام بالعیان است، هم چنان که مشهور به معنای معاینه حضوری به چشم خود دیدن است. و" عضد" به معنای ما بین مرفق و شانه آدمی است که به طور استعاره در یاور نیز به کار می رود هم چنان که در کلمه" ید" نیز این استعاره معمول است، و در اینجا همین معنای استعاره ای مقصود است.

دو برهان که در آیه" ما أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ ..." برای نفی ولایت ابلیس و ذریه اش اقامه شده است

این آیه در نفی ولایت ابلیس و ذریه اش مشتمل بر دو برهان است: اول اینکه ولایت تدبیر امور هر چیزی موقوف است بر اینکه دارنده ولایت احاطه علمی به آن امور داشته باشد، آنهم به تمام معنای احاطه، آن جهتی که از آن جهت تدبیر امور آن را می کند و روابط داخلی و خارجی که میان آن چیز و آن امور است، و مبدأ آن چیز و مقارناتش و به آنچه منتهی می شود همه را بداند که معلوم است که چنین احاطه ای مستلزم احاطه داشتن به تمامی اجزای عالم است، چون اجزای عالم همه به هم مربوطند.

و اینان یعنی ابلیس و ذریه اش از مبدأ خلقت آسمانها و زمین و بلکه از مبدأ پیدایش خودشان خبری نداشتند، چون خدا ایشان را در هنگام خلقت آسمانها و زمین و خود آنان شاهد بر کار خود نگرفت، و کار خود را در پیش چشم ایشان انجام نداد، پس ابلیس و ذریه اش شاهد جریان خلقت عالم نبودند، چون خلقت آن، عملی آنی بود که به آسمان ها و زمین فرمود" کن" و آنها موجود گشتند، و آن روز شیطانها کجا بودند که این جریان را مشاهده کرده باشند؟ کجا بودند وقتی که به آنها فرمود" کن" و آنها موجود گشتند؟ پس ابلیس و ذریه اش جاهل به حقیقت آسمانها و زمین اند، و از آنچه که هر یک از موجودات در ظرف وجودی خود از اسرار خلقت دارا هستند بی خبرند، حتی حقیقت صنع خویشتن را هم نمی دانند، با این حال چگونه اهلیت این را دارند که متصدی تدبیر امور عالم و یا تدبیر امور قسمتی از آن باشند، و در نتیجه در مقابل خدا آلهه و اربابی باشند، با اینکه نسبت به حقیقت خلقت آنها و حتی خلقت خود جاهلند.

و اما اینکه فرمود" خداوند این بتها را شاهد در امر خلقت نگرفت" برای این است که هر یک از بتها و آلهه موجوداتی محدود هستند که نسبت به ما ورای حد خود احاطه و راه ندارند و ما ورای آنها برای آنها غیب است و این خود حقیقت روشنی است که خدای سبحان در مواضعی از کلام خود بدان اشاره فرموده است. و همچنین هر یک از آن آلهه نسبت به اسبابی که قبل از هستی آنها در کار بود و آن اسبابی که بعد از هستی آنان در جریان خواهند افتاد محجوب هستند.

و این خود حجتی است برهانی و خالی از جدل که برهانی بودن آن محتاج به دقت

[شماره صفحه واقعی : 452]

ص: 1177

نظر و امعان در تدبر است، و گرنه بازیچه های دروغین که ما آن را تدبیر می نامیم با تدبیر حقیقی هستی که خالی از خطا و ضلال است در نظرش خلط و مشتبه گشته نمی تواند پندارها و گمان های واهی که همیشه گرفتار آنیم و به آنها دلبستگی و رکون داریم از علم عیانی که همان حقیقت علم است جدا سازد، و نیز علم به امور غیبی از راه امارات اغلبی (که اغلب با واقع مطابقت می نماید) را با علم به غیب که غایب را برای دارنده اش مبدل به مشهود می سازد اشتباه می کند.

حجت دوم که آیه مورد بحث مشتمل بر آن است این است که هر نوع از انواع مخلوقات به فطرت خود متوجه به سوی کمال خویش است کمالی که مختص به او است. و این برای کسی که در وجود انواع موجودات تتبع و در احوال آنها امعان نظر کرده باشد ضروری و واضح است. پس هدایت الهی هدایتی است عمومی که تمام موجودات را در برگرفته است، هم چنان که در کلام خود فرموده:" الَّذِی أَعْطی کُلَّ شَیْ ءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدی" (1) و شیطانها اشراری هستند مفسد و گمراه کننده که فرض مدبر بودن آنها در آسمانها و زمین و یا انسانها- که اگر چنین تدبیری داشته باشند لا جرم به اذن خدا خواهند داشت- فرضی است که با فرض نقض غرض کردن خدا مساوی است، به این معنی که اگر خدا چنین اجازه ای به شیطانها بدهد سنت خود را در خصوص عمومیت هدایت نقض کرده و برای اصلاح امر انسانها و هدایت آنان به کسی متوسل شده که کارش درست ضد اصلاح و هدایت است یعنی افساد و اضلال است و چنین فرضی محال است.

و همین است معنای جمله" وَ ما کُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّینَ عَضُداً" که ظاهر در این می باشد که سنت خدای عز و جل این است که" گمراه کنندگان را کارگردان و یاور خود نگیرد" دقت فرمایید.

و اینکه فرمود" ما أَشْهَدْتُهُمْ" و نفرمود" ما شهدوا" و نیز فرمود" وَ ما کُنْتُ" و نفرمود" و ما کانوا" خود دلیل بر این است که خدای سبحان در هر حال قاهر و مهیمن بر آنان است.

و حتی قائلین به اینکه شیاطین یا ملائکه یا غیر آنها شرکاء خدا هستند نیز اقرار دارند بر اینکه خدا بر همه آنها قاهر است و آنها مستقل در کار خود و تدبیر خود نیستند و هر چه دارند از خدا دارند و اگر آنها ارباب و آلهه هستند خدا رب الارباب و اله الالهه است.

و معنایی که برای آیه کردیم مبنی بر این است که اشهاد را حمل بر معنای

[شماره صفحه واقعی : 453]

ص: 1178


1- آن کسی که هر موجودی را خلق کرده و سپس هدایت فرموده. سوره طه، آیه 5.

حقیقی اش کنیم، و ضمیر در" ما أَشْهَدْتُهُمْ" و در" انفسهم" را به ابلیس و ذریه اش برگردانیم هم چنان که ظاهر و متبادر از سیاق هم همین است ولی مفسرین اقوال دیگری دارند.

وجوه مختلف دیگری که مفسرین در باره معنی و مفاد آیه فوق گفته اند

یکی قول بعضی (1) از ایشان است که گفته: مراد از" اشهاد" در خلقت ایشان مشورت کردن است که به طور مجاز از آن تعبیر به اشهاد فرموده. چون کمترین مراتب ولایت بر چیزی همین است که در خصوص آن چیز با وی مشورت کنند و منظور از نفی اعتضاد نفی سایر مراتب استعانت است که به وجهی مستلزم داشتن ولایت و سلطنت بر مولی علیه باشد. پس گویا فرموده: من در امر خلقت عالم با ایشان مشورت نکردم و از ایشان کمک نطلبیدم و هیچ نوع استعانت نکردم، پس با این حال دیگر از کجا اولیای مردم شدند؟.

و این تفسیر اشکال دارد، زیرا دلیلی بر مجاز بودن اشهاد نیست و هیچ مانعی از حمل بر معنای حقیقی وجود ندارد تا بگوییم چون نمی شود بر معنای حقیقی حمل نمود لذا بر معنای مجازی حمل می کنیم، علاوه بر اینکه رابطه ای میان مشاور بودن و ولایت، به نظر نمی رسد تا مشاوره یکی از مراتب تولیت و یا اظهار نظر یکی از درجات ولایت باشد.

بعضی (2) از مفسرین این معنا را چنین توجیه کرده اند که مراد از اشهاد به طور کنایه، مشاورت است و لازمه مشاورت آن است که بر طبق خواست ایشان خلق کند و ایشان را آن طور که دوست می دارند یعنی کامل بیافریند. پس مراد از اینکه فرمود شیطانها شاهد و ناظر خلقت خود نبوده اند این است که خلقتشان آن طور که دوست می داشته اند کامل نبوده تا بتوانند دارای ولایت تدبیر امور باشند.

اشکال این توجیه علاوه بر اشکال بر وجه سابق این است که اولا برگشت آن به اطلاق لفظ و اراده لازمه آن است آن هم لازمه ای که واسطه برمی دارد، زیرا اشهاد به ادعاء مفسر مذکور مستلزم مشاوره است، و مشاوره مستلزم خلقت بر طبق خواست مشیر است، و خلقت بر طبق خواست مشیر مستلزم آن است که آنچه مشیر دوست می دارد خلق کند، و خلقت آنچه مشیر دوست دارد مستلزم آن است که او را کامل خلق کند و کمال خلقت مستلزم صحت ولایت است، پس اطلاق لفظ اشهاد و اراده کمال خلقت و یا صحت ولایت از قبیل کنایه از لازم معنا است آن هم لازمه ای که در ما ورای چهار یا پنج لازمه دیگر قرار دارد، و کتاب مبین اجل از اینگونه لغو گویی ها است.

و ثانیا این توجیه اگر صحیح باشد تنها در اشهاد آنان نسبت به خلقت خودشان درست

[شماره صفحه واقعی : 454]

ص: 1179


1- روح المعانی، ج 15، ص 296.
2- روح المعانی، ج 15، ص 296.

است نه نسبت به خلقت آسمانها و زمین (برای اینکه خلقت کامل آسمان و زمین هیچ ربطی به ربوبیت آنها ندارد) پس لازمه این توجیه تفکیک بین دو اشهاد است.

و ثالثا این توجیه اگر صحیح باشد لازمه آن صحت ولایت کسی است که در خلقت کامل باشد مثل ملائکه مقربین و این خود اعتراف به امکان ولایت ملائکه و جواز ربوبیت ایشان است، و حال آنکه قرآن کریم با صریح ترین بیان خود آن را دفع می کند. آری، ممکن الوجودی که در ذاتش محتاج به خدای سبحان است، کجا و استقلال در تدبیر خود و یا تدبیر غیر خود کجا؟ و اما امثال آیه" فَالْمُدَبِّراتِ أَمْراً" (1) که ظاهرش اثبات تدبیر برای غیر خدا است توضیح معنایش به زودی خواهد آمد.

بعضی دیگر چنین گفته اند که مقصود از اشهاد همان معنای حقیقی آن است، و دو ضمیر به شیاطین برمی گردد، لیکن مراد از اشهاد آنان بر خلقت این است که بعضی شاهد و ناظر خلقت بعضی دیگر باشند، نه شاهد خلقت خودشان.

جواب این توجیه این است که باید دید منظور و نتیجه ای که از نفی اشهاد در نظر است چیست؟ منظور این است که از نفی مزبور انتفاء ولایت را نتیجه بگیرد، خدای تعالی می خواهد بفرماید به دلیل اینکه اینان خلقت خود را ناظر و شاهد نبوده اند پس ولایت ندارند، نه اینکه چون یکی از آنها ناظر خلقت دیگری نبوده پس به آن دیگری ولایت ندارد، مگر مشرکین می گفتند: شیاطین بعضی بر بعضی ولایت دارند تا خدا با استدلال مذکور بخواهد آن را نفی کند تازه غرضی هم از آن به دست نمی آید تا آیه شریفه را حمل بر اشهاد بعضی بر خلقت بعضی دیگر کنیم.

یکی دیگر از توجیهاتی که در این آیه کرده اند این است که: ضمیر اول در آیه به شیاطین برمی گردد، و دومی آن به کفار و یا به کفار و به غیر آنان از سایر مردم، و معنایش این است که من شیاطین را در خلقت آسمانها و زمین و خلقت کفار و یا مردم گواه نگرفتم تا در نتیجه شیاطین اولیای آنها باشند.

اشکال این وجه این است که مستلزم تفکیک دو ضمیر از جهت مرجع می شود، و این صحیح نیست.

وجه دیگری که بعضی گفته اند این است که هر دو ضمیر به کفار برگردد، از آن جمله فخر رازی در تفسیرش گفته: اقرب در نظر من این است که هر دو ضمیر به کفار برگردد، البته

[شماره صفحه واقعی : 455]

ص: 1180


1- سوره نازعات، آیه 5.

به کفاری که به رسول خدا صلی الله علیه و آله گفته بودند" اگر این فقراء را از پیرامون خود طرد نکنی ما به تو ایمان نمی آوریم" پس گویا فرموده است: اینهایی که این پیشنهاد را می کنند و چنین هوس باطلی در سر می پرورانند شرکای من در تدبیر عالم نیستند، به دلیل اینکه من آنها را ناظر بر خلقت آسمانها و زمین و نیز ناظر بر خلقت خودشان نگرفته ام و در امر تدبیر دنیا و آخرت از ایشان کمک نگرفتم که چنین توقعاتی دارند، و با اینکه آنان با سایر مخلوقات یکسانند، این چه توقعی است که می کنند؟ نظیر این که شما به کسی که توقعات بزرگی از شما می کند بگویی مگر تو اختیاردار مملکتی؟ که هر چه توقع می کنی قبول کنیم.

آن گاه گفته: مؤید این وجه این است که ضمیر باید به نزدیک ترین مرجع ممکن برگردد، و آن در آیه شریفه، کفارند، زیرا مقصود از ظالمین در جمله" بِئْسَ لِلظَّالِمِینَ بَدَلًا" کفارند (1).

این قول نیز بی اشکال نیست، زیرا با این توجیه به کلی سیاق آیه به هم می خورد، زیرا گفتیم که مضمون آیه مربوط به همان مطلبی است که جمله" وَ لا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنا قَلْبَهُ عَنْ ذِکْرِنا"، یعنی 23 آیه قبل به طور اشاره متعرض آن بود، و گفتیم که آیات سوره هر چند یک بار معطوف به اول سوره گشته همان مطلب با ایراد مثالی بعد از مثال و تذکیری بعد از تذکیر خاطرنشان می شود، و معنایی که فخر رازی کرده از نظر این سیاق در نهایت بعد است.

علاوه بر اینکه اقتراحی که کفار کردند که اگر این فقراء را از پیرامون خود نرانی ما به تو ایمان نمی آوریم، اقتراحی نبوده که ربطی به تدبیر عالم داشته باشد، تا در پاسخش گفته شود: مگر ما آنان را ناظر بر خلقت قرار دادیم، بلکه تنها ایمان خود را مشروط به شرط مزبور نموده اند. آری اگر تنها گفته بودند: این فقراء را از مجلست دور کن، برای توجیه مزبور وجهی بود ولی چنین نگفتند.

و شاید بعضی (2) دیگر از مفسرین که مرجع دو ضمیر را کفار گرفته و گفته اند" مراد این است که اینان به آنچه قلم در خصوص امر سعادت و شقاوت جاری شده جاهلند، چون ناظر بر خلقت نبوده اند، پس چطور پیشنهاد می کنند که تو آنان را به خود نزدیک و فقراء را از خود دور کنی؟" به همین جهت است که به اشکال بالا توجه داشته اند.

و نظیر این توجیه قول دیگر مفسرانی (3) است که گفته اند: منظور این است که ما ایشانی.

[شماره صفحه واقعی : 456]

ص: 1181


1- تفسیر فخر رازی، ج 21، ص 138.
2- تفسیر فخر رازی، ج 21، ص 138.
3- تفسیر ابو الفتوح رازی، ج 7، ص 347 به نقل از کلبی.

را بر اسرار خلقت مطلع نکردیم، و از دیگران نزد ما امتیازی نگرفته اند تا در ایمان آوردن به تو مقتدای مردم باشند، پس تو خیلی به یاری آنان طمع مبند. سزاوار به ساحت من هم نیست که دین خود را به وسیله گمراهان تایید کنم.

و این دو وجه اخیر از آن وجهی که فخر رازی ذکر کرده به وجهی بعیدتر است، آیه کجا بر این معنا که ایشان ساخته و پرداخته اند دلالت می کند؟.

یکی از وجوه (1) دیگر این است که: هر دو ضمیر به ملائکه برگردد، و معنای آیه این باشد که من خلقت عالم را و خلقت خود ایشان را زیر نظر ملائکه انجام نداده ام تا به جای من ملائکه را بپرستند. و جا دارد این نکته نیز خاطرنشان شود که جمله" وَ ما کُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّینَ عَضُداً" هم متعرض نفی ولایت شیطانها است، پس آیه شریفه هم صدرش و هم ذیلش دلالت بر نفی ولایت هر دو طائفه می کند، چه اگر این را اضافه نکنیم ذیل آیه دلالت صدر را از بین می برد.

این وجه نیز اشکال دارد و آن اشکال این است که آیه قبلی رد بر اعتقاد کفار به ولایت شیاطین بود که در آخر اضافه کرد:" وَ هُمْ لَکُمْ عَدُوٌّ- شیطانها دشمنان شمایند" و هیچ تعرضی نسبت به اعتقاد ولایت ملائکه نداشت، پس برگرداندن هر دو ضمیر به ملائکه مستلزم تفکیک سیاق است، و پرداختن به امری است که سیاق احتیاج به آن ندارد، و مقام هم اقتضای آن را نمی کند.

" وَ یَوْمَ یَقُولُ نادُوا شُرَکائِیَ الَّذِینَ زَعَمْتُمْ ..."

این تذکر سومی است که ظهور بطلان رابطه میان مشرکین و شرکاء را در روز قیامت خاطر نشان می سازد، و به این وسیله تاکید می کند که شرکاء چیزی نیستند، و هیچ یک از ادعاهای مشرکین در آنها نیست.

پس ضمیر در" یقول ..." به شهادت سیاق به خدای تعالی برمی گردد، و معنایش این است که: به یادشان بیاور روزی را که خدای تعالی خطابشان می کند، که آن شرکاء را که شما شریک من می پنداشتید صدا بزنید تا بیایند، اینان صدا می زنند ولی اجابتی نمی شنوند، آن وقت برایشان روشن می گردد که آنها بدانگونه که مشرکین می پنداشته اند، نبوده اند.

معنای اینکه فرمود:" در قیامت ما بین مشرکین و شرکاء محل هلاکت قرار داده ایم"

" وَ جَعَلْنا بَیْنَهُمْ مَوْبِقاً"- کلمه" موبق"- به کسر باء- اسم مکان از ماده" وبق" است که مصدرش" وبوق" به معنای هلاکت است، و معنای جمله این است که بین مشرکینی.

[شماره صفحه واقعی : 457]

ص: 1182


1- تفسیر ابو الفتوح رازی، ج 7، ص 347 به نقل از کلبی.

و شرکای ایشان محل هلاکتی قرار دادیم. و مفسرین آن را به آتش یا محلی از آتش که مشرکین و شرکاء در آن هلاک می شوند تفسیر کرده اند. و لیکن دقت در کلام خدای تعالی با این تفسیر نمی سازد، زیرا آیه شریفه شرکاء را مطلق آورده که خواه ناخواه شامل ملائکه و بعضی از انبیاء و اولیاء نیز می شود، و مخصوصا با در نظر گرفتن اینکه ضمیر" هم: ایشان" را که ضمیر ذوی العقول است در چند جا به شرکاء برگردانیده، دیگر چطور ممکن است بگوییم خداوند انبیاء و اولیاء و ملائکه را در آتش می برد، و هیچ دلیلی نداریم که دلالت کند بر اینکه مقصود از ضمیرهای مذکور طاغیان از جن و انس است، و اگر بگویی همین که فرموده" میان مشرکین و شرکاء موبق قرار دادیم" دلیل بر این اختصاص است، می گوییم این دلیل همان مدعا است.

لا جرم باید گفت: شاید مراد از قرار دادن موبق میان آنها این باشد که ما رابطه میان آنان را باطل کردیم، و آن را برداشتیم، چون مشرکین در دنیا می پنداشتند که میان آنان و شرکاء رابطه ربوبیت و مربوبیت و یا رابطه سببیت و مسببیت برقرار است، لذا بطلان این پندار را به طور کنایه تعبیر به جعل موبق کرده و فرموده میان آن دو هلاکت قرار دادیم، نه اینکه خود آن دو طرف را هلاک کرده باشد.

همین معنا را با اشاره لطیفی بیان نموده از دعوت نخستین ایشان به نداء تعبیر کرده و فرموده:" نادُوا شُرَکائِیَ" زیرا از آنجایی که کلمه نداء صدا زدن از دور است معلوم می شود فاصله دوری میان این دو طرف می افتد.

و به مثل همین معنا اشاره می کند خداوند در کلام خود در آیه" وَ ما نَری مَعَکُمْ شُفَعاءَکُمُ الَّذِینَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِیکُمْ شُرَکاءُ لَقَدْ تَقَطَّعَ بَیْنَکُمْ وَ ضَلَّ عَنْکُمْ ما کُنْتُمْ تَزْعُمُونَ" (1) و آیه" ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِینَ أَشْرَکُوا مَکانَکُمْ أَنْتُمْ وَ شُرَکاؤُکُمْ فَزَیَّلْنا بَیْنَهُمْ وَ قالَ شُرَکاؤُهُمْ ما کُنْتُمْ إِیَّانا تَعْبُدُونَ" (2).

" وَ رَأَی الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُواقِعُوها وَ لَمْ یَجِدُوا عَنْها مَصْرِفاً".

در اینکه از مشرکین به مجرمین تعبیر فرموده فهمیده می شود که حکم عام است و همه صاحبان گناهان و جرائم را شامل می شود و مراد از" ظن" به طوری که گفته اند علم

[شماره صفحه واقعی : 458]

ص: 1183


1- شفیعان شما را که آنها را با خدا شریک در ملک خود می پنداشتید نمی بینم. آری، امروز رابطه میان شما قطع شد و آنچه می پنداشتید سراب گردید. سوره انعام آیه 94.
2- سپس به آنان که شرک ورزیدند می گوییم به جای باشید شما و شرکایتان، پس ما بینشان جدایی می افکنیم شرکاءشان هم گفتند: شما ما را نمی پرستیدید. سوره یونس آیه 28.

است. جمله" وَ لَمْ یَجِدُوا عَنْها مَصْرِفاً- و از آن مفری نمی یابند" به این گفته شهادت می دهد.

و مقصود از" مواقعه نار"- به طوری که گفته شده- واقع شدن در آتش است. و بعید نیست که مراد وقوع از دو طرف باشد یعنی وقوع مجرمین در آتش و وقوع آتش در مجرمین و آتش زدن آنان.

کلمه" مصرف"- به کسر راء- اسم مکان از" صرف" است، یعنی نمی یابند محلی که به سویش منصرف شوند، و از آتش به سوی آن فرار کنند.

" وَ لَقَدْ صَرَّفْنا فِی هذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِنْ کُلِّ مَثَلٍ وَ کانَ الْإِنْسانُ أَکْثَرَ شَیْ ءٍ جَدَلًا".

گفتار در نظیر صدر این آیه، در سوره اسری آیه 89 گذشت کلمه" جدل" به معنای گفتار بر طریق منازعت و مشاجره است، و آیه شریفه پس از تذکرات سابق، تا شش آیه بعد در سیاق تهدید به عذاب است.

" وَ ما مَنَعَ النَّاسَ أَنْ یُؤْمِنُوا إِذْ جاءَهُمُ الْهُدی وَ یَسْتَغْفِرُوا رَبَّهُمْ" کلمه" یستغفروا" عطف است بر جمله" یؤمنوا". یعنی چه چیز مردم را از ایمان و استغفار باز داشته بعد از آنکه هدایت خدا به سویشان آمده است.

" إِلَّا أَنْ تَأْتِیَهُمْ سُنَّةُ الْأَوَّلِینَ"- یعنی مگر طلب اینکه سنت جاری در امتهای نخستین برایشان جاری شود، یعنی همان عذابها که ایشان را منقرض کرد.

" أَوْ یَأْتِیَهُمُ الْعَذابُ قُبُلًا"- این جمله عطف بر سابق است، و معنایش این می شود که منتظر چه هستند؟ منتظر اینکه سنت اولین آنان را بگیرد؟ یا آنکه عذابی در مقابل چشم خود و به عیان مشاهده کنند، که در چنین صورتی دیگر ایمانشان سودی نمی بخشد، چون ایمان بعد از مشاهده عذاب الهی است. و خدای تعالی در جای دیگری هم فرموده:" فَلَمْ یَکُ یَنْفَعُهُمْ إِیمانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا سُنَّتَ اللَّهِ الَّتِی قَدْ خَلَتْ فِی عِبادِهِ" (1) پس خلاصه معنای آیه چنین می شود که مردم در پی به دست آوردن ایمانی که به دردشان بخورد نیستند، چیزی را که می خواهند این است که عذاب استیصال بر طبق سنت خدا در امتهای نخستین بر ایشان نازل گشته هلاکشان سازد، و ایمان نمی آورند مگر به شرطی که عذاب را به چشم خود ببینند، که آن ایمان هم به درد خور نیست، چون اضطراری است.

[شماره صفحه واقعی : 459]

ص: 1184


1- وقتی عذاب ما را دیدند دیگر ایمان آوردنشان سودی به حالشان نداشت و این عذاب همان سنتی است که در بندگان او گذشته است. سوره مؤمن، آیه 85.

و این منع و اقتضاء در آیه شریفه امری است ادعایی که مقصود از آن این است که ایشان که از حق اعراض می کنند به خاطر سوء سریره ایشان است، و چون مقصود روشن است دیگر لزومی ندیدیم که مانند دیگر مفسرین در باره درستی توجیه و تقدیر قبلی اشکال و رفعی ایراد نموده سخن را به درازا بکشیم.

" وَ ما نُرْسِلُ الْمُرْسَلِینَ إِلَّا مُبَشِّرِینَ وَ مُنْذِرِینَ ..."

این آیه رسول خدا صلی الله علیه و آله را تسلیت می دهد که از انکار منکرین ناراحت نشود، و از اعراض آنان از ذکر خدا تنگ حوصله نگردد، زیرا وظیفه رسولان به جز بشارت و انذار نیست، و غیر از این مسئولیتی ندارند، بنا بر این در این آیه انعطافی به مطلب ابتدای سوره است که می فرمود:" فَلَعَلَّکَ باخِعٌ نَفْسَکَ عَلی آثارِهِمْ إِنْ لَمْ یُؤْمِنُوا بِهذَا الْحَدِیثِ أَسَفاً" و نیز نوعی تهدید کفار است در برابر استهزایشان.

کلمه:" دحض" به معنای هلاکت و کلمه:" ادحاض" به معنای هلاک کردن و ابطال است، و کلمه:" هزؤ" به معنای استهزاء، و مصدر به معنای اسم مفعول است، و معنای آیه روشن است.

" وَ مَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُکِّرَ بِآیاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْها وَ نَسِیَ ما قَدَّمَتْ یَداهُ ...".

در این آیه ظلم کفار را بزرگ جلوه می دهد، چون ظلم بر حسب متعلقش بزرگ و کوچک می شود، و چون متعلق ظلم مشرکین خدای سبحان و آیات او است پس از هر ظلم دیگر بزرگتر خواهد بود.

و مقصود از" نسیان پیش فرستاده ها" بی مبالاتی در اعمالی- از قبیل اعراض از حق و استهزاء به آن- است که می دانند حق است. و جمله" إِنَّا جَعَلْنا عَلی قُلُوبِهِمْ أَکِنَّةً أَنْ یَفْقَهُوهُ وَ فِی آذانِهِمْ وَقْراً" به منزله تعلیل برای اعراض آنان از آیات خدا و یا هم برای آن و هم برای نسیانشان از پیش فرستاده های خویش را است.

و در سابق در چند جا، معنای قرار دادن" اکنه" را در دلهای کفار و" وقر" را در گوش های آنان توضیح دادیم.

" وَ إِنْ تَدْعُهُمْ إِلَی الْهُدی فَلَنْ یَهْتَدُوا إِذاً أَبَداً"- در این جمله رسول خدا صلی الله علیه و آله را از ایمان آوردن آنان مایوس می کند، چون پرده در گوشها و دلهایشان افکنده، و دیگر بعد از این نمی توانند خود را به سوی هدایت بکشانند، و دیگر نمی توانند در باره حق تعقل نموده با هدایت غیر خود و پیروی و شنوایی از غیر خود رشد یابند. دلیل بر این معنا جمله" وَ إِنْ تَدْعُهُمْ إِلَی الْهُدی فَلَنْ یَهْتَدُوا إِذاً أَبَداً" است که دلالت بر نفی ابدی اهتدای ایشان

[شماره صفحه واقعی : 460]

ص: 1185

می کند، و این معنا را مقید به قید" اذا" نموده که جزاء و جواب باشد.

در تفسیر روح المعانی گفته: جبری مذهبان با این آیه بر مذهب خود استدلال کرده اند، و قدریه آیه قبل را دلیل مذهب خود گرفته اند (1).

امام فخر رازی گفته: به طور کلی کمتر آیه ای از قرآن کریم دیده می شود که دلالت بر یکی از این دو مذهب کند و دنبالش آیه دیگری به آن مذهب دیگر دلالت نکند، و این جز امتحانی از ناحیه خدا نیست، تا علمای راسخون در علم از مقلدین متمایز گردند (2).

مؤلف: این دو آیه هر دو حق است و لازمه حق بودن آن دو ثبوت اختیار برای بندگان در اعمال و نیز اثبات سلطنت گسترده ای برای خدای تعالی است در ملکش که یکی از ملک های او اعمال بندگانش است و همین است مذهب امامان اهل بیت علیه السلام.

معنای جمله:" وَ رَبُّکَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ" و معنایی که در سیاق آیات تهدید افاده می کند

" وَ رَبُّکَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ ..."

این آیات همانطور که بیان شد در مقام تهدید کفار است، کفاری که فساد اعمالشان به حدی رسیده که دیگر امید صلاح از ایشان منتفی شده است. و این قسم فساد مقتضی نزول عذاب فوری و بدون مهلت است، چون دیگر فائده ای غیر از فساد در باقی ماندنشان نیست، لیکن خدای تعالی در عذابشان تعجیل نکرده هر چند که قضای حتمی به عذابشان رانده.

چیزی که هست آن عذاب را برای مدتی معین که به علم خود تعیین نموده تاخیر انداخته است.

و به همین مناسبت بود که آیه تهدید را که متضمن صریح قضای در عذاب است با جمله" وَ رَبُّکَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ" افتتاح نموده تا به وسیله آن دو وصفی که در آن است عذاب معجل را تعدیل نماید و اصل عذاب را مسلم کند تا حق گناهان مقتضی عذاب رعایت شده باشد و حق رحمت و مغفرت خدا را هم رعایت کرده باشد و به آن خاطر عذاب را تاخیر اندازد.

پس این جمله، یعنی جمله" الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ" با جمله" لَوْ یُؤاخِذُهُمْ بِما کَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذابَ" به منزله دو نفر متخاصم اند که نزد قاضی حاضر شده داوری می خواهند. و جمله" بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ لَنْ یَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلًا" به منزله حکم صادر از قاضی است که هر دو طرف را راضی نموده حق هر دو طرف را رعایت کرده است. اصل عذاب را به اعمال ناروای مردم و به انتقام الهی داده و مساله مهلت در عذاب را به صفت مغفرت و رحمت خدا داده است، اینجا است که مغفرت الهی اثر آن اعمال را که عبارت است از فوریت عذاب برمی دارد- و محو می کند و صفت رحمت حیاتی و دنیایی را به آنها افاضه می فرماید.

[شماره صفحه واقعی : 461]

ص: 1186


1- روح المعانی، ج 15، ص 304. [.....]
2- تفسیر کبیر، فخر رازی، ج 21، ص 142.

و خلاصه معنا این است که: اگر پروردگار تو می خواست ایشان را مؤاخذه کند، عذاب را بر آنان فوری می ساخت، و لیکن عجله نکرد، چون غفور و دارای رحمت است، بلکه عذاب را برای موعدی که قرار داده و از آن به هیچ وجه گریزی ندارند حتمی نمود، و به خاطر اینکه غفور و دارای رحمت است، از فوریت آن صرفنظر فرمود، پس جمله" بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ ..." کلمه ای است که به عنوان حکم صادر گفته شده نه اینکه خیال شود صرف حکایت است، زیرا اگر حکایت بود جا داشت بفرماید:" بل جعل لهم موعدا ..."- دقت فرمائید.

کلمه" غفور" صیغه مبالغه است که بر کثرت مغفرت دلالت می کند و الف و لام در" الرحمة" الف و لام جنس است، یعنی همه قسم رحمت را دارد، و" غفور ذو الرحمة" معنایش این است که رحمت خدا شامل هر چیز هست. بنا بر این، کلمه" ذو الرحمة" عمومیتش از دو کلمه" رحمان" و" رحیم" بیشتر است با اینکه این دو نیز دلالت بر کثرت و یا ثبوت و استمرار دارد. پس" غفور" به منزله خادم برای" ذی الرحمة" است، یعنی غفور مشمولین ذو الرحمة را بیشتر می کند، و موانعی را که نمی گذارد رحمت خدا شامل مشمول شود برطرف می سازد و وقتی برطرف ساخت صفت ذو الرحمة کار خود را می کند و آن را نیز شامل می گردد.

پس غفور کوشش و کثرت عمل دارد، و ذی الرحمة انبساط و شمول بر هر چیز که مانعی در آن نیست، و به خاطر همین نکته است که مغفرت را به صیغه مبالغه و رحمت را به ذی الرحمة که شامل جنس رحمت است تعبیر آورده- دقت بفرمائید- و به کلامهای طولانیی که در این زمینه گفته شده وقعی نگذارید.

" وَ تِلْکَ الْقُری أَهْلَکْناهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَ جَعَلْنا لِمَهْلِکِهِمْ مَوْعِداً".

مقصود از" قری" اهل قریه ها است که مجازا به خود قریه ها نسبت داده شده، به دلیل اینکه سه بار ضمیر اهل یعنی ضمیر" هم" را به آن برگردانیده. و کلمه مهلک- به کسر لام- اسم زمان است. معنای آیه روشن است، و در این مقام است که بفهماند تاخیر هلاکت کفار و مهلت دادن از خدای تعالی کار نوظهوری نیست، بلکه سنت الهی ما در امم گذشته نیز همین بوده که وقتی ظلم را از حد می گذراندند هلاکشان می کردیم، و برای هلاکتشان موعدی قرار می دادیم. از همین جا روشن می شود که عذاب و هلاکی که این آیات متضمن آن است عذاب روز قیامت نیست بلکه مقصود عذاب دنیایی است، و آن عبارت است از عذاب روز بدر- اگر مقصود تهدید بزرگان قریش باشد- و یا عذاب آخر الزمان- اگر مقصود تهدید همه امت اسلام بوده باشد- که تفصیلش در سوره یونس گذشت.

[شماره صفحه واقعی : 462]

ص: 1187

بحث روایتی (چند روایت در ذیل آیات گذشته)

در تفسیر عیاشی در ذیل آیه" یا وَیْلَتَنا ما لِهذَا الْکِتابِ ..." از خالد بن نجیح از امام صادق علیه السلام روایت کرده که فرمود: وقتی روز قیامت می شود کتاب آدمی را به او می دهند و می گویند" بخوان" خالد می گوید: عرض کردم آیا آنچه بخواند می شناسد؟

فرمود: همه را به یاد می آورد، هیچ لحظه و نگاه زیر چشمی هیچ کلمه ای و هیچ گامی و هیچ عمل دیگری انجام نداده مگر آنکه با خواندن آن کتاب همه را به یاد می آورد، به طوری که گویا همان لحظه آن را انجام داده است، و به همین جهت می گویند" وای بر ما این چه کتابی است که هیچ کوچک و بزرگی را نگذاشته مگر آنکه آن را برشمرده است" (1).

مؤلف: این روایت به طوری که ملاحظه می کنید آنچه را از کتاب شناخته می شود عین آن چیزی دانسته که در کتاب نوشته شده است، و باید هم همین طور باشد، زیرا اگر عمل آدمی در آنجا حاضر نباشد حجت تمام نگشته امکان انکار هست.

و در تفسیر قمی در ذیل جمله" وَ لا یَظْلِمُ رَبُّکَ أَحَداً" روایت آورده که هر کس هر چه کرده در آن کتاب نوشته می بیند (2).

و در تفسیر برهان از ابن بابویه به سند خود از ابی معمر سعدان از علی علیه السلام روایت می کند که در ذیل جمله" وَ رَأَی الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُواقِعُوها" فرموده: مظنه در این جمله به معنای یقین است، یعنی وقتی یقین کردند که به عذاب در آمدنی هستند (3).

و در الدر المنثور است که احمد و ابو یعلی و ابن جریر و ابن حبان و حاکم- وی حدیث را صحیح دانسته- و ابن مردویه از ابی سعید خدری از رسول خدا صلی الله علیه و آله روایت کرده که فرمود: روز قیامت کافر را پنجاه هزار سال سر پا نگه می دارند، به خاطر اینکه او در دنیا عمل نکرد. و کافر جهنم را از فاصله چهل سال راه می بیند، و یقین می کند در وی قرار خواهد گرفت (4).

مؤلف: این حدیث مؤید گفتار قبلی ما است که گفتیم مواقعه در آیه بین طرفین است، چون در این روایت دارد که آتش در وی واقع می شود.

[شماره صفحه واقعی : 463]

ص: 1188


1- تفسیر عیاشی، ج 2، ص 328.
2- تفسیر قمی، ج 2، ص 37.
3- تفسیر برهان، ج 2، ص 472.
4- الدر المنثور، ج 4، ص 228.

سوره الکهف (18): آیات 60 تا 82

اشاره

وَ إِذْ قالَ مُوسی لِفَتاهُ لا أَبْرَحُ حَتَّی أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَیْنِ أَوْ أَمْضِیَ حُقُباً (60) فَلَمَّا بَلَغا مَجْمَعَ بَیْنِهِما نَسِیا حُوتَهُما فَاتَّخَذَ سَبِیلَهُ فِی الْبَحْرِ سَرَباً (61) فَلَمَّا جاوَزا قالَ لِفَتاهُ آتِنا غَداءَنا لَقَدْ لَقِینا مِنْ سَفَرِنا هذا نَصَباً (62) قالَ أَ رَأَیْتَ إِذْ أَوَیْنا إِلَی الصَّخْرَةِ فَإِنِّی نَسِیتُ الْحُوتَ وَ ما أَنْسانِیهُ إِلاَّ الشَّیْطانُ أَنْ أَذْکُرَهُ وَ اتَّخَذَ سَبِیلَهُ فِی الْبَحْرِ عَجَباً (63) قالَ ذلِکَ ما کُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلی آثارِهِما قَصَصاً (64)

فَوَجَدا عَبْداً مِنْ عِبادِنا آتَیْناهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا وَ عَلَّمْناهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً (65) قالَ لَهُ مُوسی هَلْ أَتَّبِعُکَ عَلی أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً (66) قالَ إِنَّکَ لَنْ تَسْتَطِیعَ مَعِیَ صَبْراً (67) وَ کَیْفَ تَصْبِرُ عَلی ما لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً (68) قالَ سَتَجِدُنِی إِنْ شاءَ اللَّهُ صابِراً وَ لا أَعْصِی لَکَ أَمْراً (69)

قالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِی فَلا تَسْئَلْنِی عَنْ شَیْ ءٍ حَتَّی أُحْدِثَ لَکَ مِنْهُ ذِکْراً (70) فَانْطَلَقا حَتَّی إِذا رَکِبا فِی السَّفِینَةِ خَرَقَها قالَ أَ خَرَقْتَها لِتُغْرِقَ أَهْلَها لَقَدْ جِئْتَ شَیْئاً إِمْراً (71) قالَ أَ لَمْ أَقُلْ إِنَّکَ لَنْ تَسْتَطِیعَ مَعِیَ صَبْراً (72) قالَ لا تُؤاخِذْنِی بِما نَسِیتُ وَ لا تُرْهِقْنِی مِنْ أَمْرِی عُسْراً (73) فَانْطَلَقا حَتَّی إِذا لَقِیا غُلاماً فَقَتَلَهُ قالَ أَ قَتَلْتَ نَفْساً زَکِیَّةً بِغَیْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَیْئاً نُکْراً (74)

قالَ أَ لَمْ أَقُلْ لَکَ إِنَّکَ لَنْ تَسْتَطِیعَ مَعِیَ صَبْراً (75) قالَ إِنْ سَأَلْتُکَ عَنْ شَیْ ءٍ بَعْدَها فَلا تُصاحِبْنِی قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّی عُذْراً (76) فَانْطَلَقا حَتَّی إِذا أَتَیا أَهْلَ قَرْیَةٍ اسْتَطْعَما أَهْلَها فَأَبَوْا أَنْ یُضَیِّفُوهُما فَوَجَدا فِیها جِداراً یُرِیدُ أَنْ یَنْقَضَّ فَأَقامَهُ قالَ لَوْ شِئْتَ لاتَّخَذْتَ عَلَیْهِ أَجْراً (77) قالَ هذا فِراقُ بَیْنِی وَ بَیْنِکَ سَأُنَبِّئُکَ بِتَأْوِیلِ ما لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَیْهِ صَبْراً (78) أَمَّا السَّفِینَةُ فَکانَتْ لِمَساکِینَ یَعْمَلُونَ فِی الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِیبَها وَ کانَ وَراءَهُمْ مَلِکٌ یَأْخُذُ کُلَّ سَفِینَةٍ غَصْباً (79)

وَ أَمَّا الْغُلامُ فَکانَ أَبَواهُ مُؤْمِنَیْنِ فَخَشِینا أَنْ یُرْهِقَهُما طُغْیاناً وَ کُفْراً (80) فَأَرَدْنا أَنْ یُبْدِلَهُما رَبُّهُما خَیْراً مِنْهُ زَکاةً وَ أَقْرَبَ رُحْماً (81) وَ أَمَّا الْجِدارُ فَکانَ لِغُلامَیْنِ یَتِیمَیْنِ فِی الْمَدِینَةِ وَ کانَ تَحْتَهُ کَنْزٌ لَهُما وَ کانَ أَبُوهُما صالِحاً فَأَرادَ رَبُّکَ أَنْ یَبْلُغا أَشُدَّهُما وَ یَسْتَخْرِجا کَنزَهُما رَحْمَةً مِنْ رَبِّکَ وَ ما فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِی ذلِکَ تَأْوِیلُ ما لَمْ تَسْطِعْ عَلَیْهِ صَبْراً (82)

[شماره صفحه واقعی : 464]

ص: 1189

ترجمه آیات

و (یاد کن) چون موسی به شاگرد خویش گفت: آرام نگیرم تا به مجمع دو دریا برسم، یا مدتی دراز بسربرم (60).

و همین که به جمع میان دو دریا رسیدند ماهیشان را از یاد بردند، و آن ماهی راه خود را به طرف دریا پیش گرفت (61).

و چون بگذشتند به شاگردش گفت: غذایمان را پیشمان بیار که از این سفرمان خستگی بسیار دیدیم (62).

گفت خبر داری که وقتی به آن سنگ پناه بردیم من ماهی را از یاد بردم و جز شیطان مرا به فراموش کردن آن وا نداشت، که یادش نکردم و راه عجیب خود را پیش گرفت (63).

گفت این همان است که می جستیم، و با پی جویی نشانه قدمهای خویش بازگشتند (64).

پس بنده ای از بندگان ما را یافتند که از جانب خویش رحمتی بدو داده بودیم و از نزد خویش دانشی به او آموخته بودیم (65).

موسی بدو گفت: آیا تو را پیروی کنم که به من از آنچه آموخته ای کمالی بیاموزی (66).

گفت تو به همراهی من هرگز شکیبایی نتوانی کرد (67).

چگونه در مورد چیزهایی که از راز آن واقف نیستی شکیبایی می کنی (68).

گفت: اگر خدا خواهد مرا شکیبا خواهی یافت و در هیچ باب نافرمانی تو نمی کنم (69).

گفت: اگر به دنبال من آمدی چیزی از من مپرس تا در باره آن مطلبی با تو بگویم (70).

پس برفتند و چون به کشتی سوار شدند آن را سوراخ کرد، گفت: آن را سوراخ کردی تا مردمش را غرق کنی حقا که کاری ناشایسته کردی (71).

[شماره صفحه واقعی : 465]

ص: 1190

گفت: مگر نگفتم که تو تاب همراهی مرا نداری (72).

گفت: مرا به آنچه فراموش کرده ام بازخواست مکن و کارم را بر من سخت مگیر (73).

پس برفتند تا پسری را بدیدند و او را بکشت. گفت: آیا نفس محترمی که کسی را نکشته بود بیگناه کشتی حقا کاری قبیح کردی (74).

گفت: مگر به تو نگفتم که تو به همراهی من هرگز شکیبایی نتوانی کرد (75).

گفت اگر بعد از این چیزی از تو پرسیدم مصاحبت من مکن که از جانب من معذور خواهی بود (76).

پس برفتند تا به دهکده ای رسیدند و از اهل آن خوردنی خواستند و آنها از مهمان کردنشان دریغ ورزیدند، در آنجا دیواری یافتند که می خواست بیفتد، پس آن را به پا داشت و گفت: کاش برای این کار مزدی می گرفتی (77).

گفت اینک (موقع) جدایی میان من و تو است و تو را از توضیح آنچه که توانایی شکیبایی اش را نداشتی خبردار می کنم (78).

اما کشتی برای مستمندانی بود که در دریا کار می کردند خواستم معیوبش کنم، چون که در راهشان شاهی بود که همه کشتی ها را به غصب می گرفت (79).

اما آن پسر، پدر و مادرش مؤمن بودند ترسیدم به طغیان و انکار دچارشان کند (80).

و خواستم پروردگارشان پاکیزه تر و مهربانتر از آن عوضشان دهد (81).

اما دیوار از دو پسر یتیم این شهر بود و گنجی از مال ایشان زیر آن بود، و پدرشان مردی شایسته بود، پروردگارت خواست که به رشد خویش رسند و گنج خویش بیرون آرند، رحمتی بود از پروردگارت، و من این کار را از پیش خود نکردم، چنین است توضیح آن چیزها که بر آن توانایی شکیبایی آن را نداشتی (82).

بیان آیات
آنچه از داستان موسی علیه السلام و همراه او و ملاقات با عالم به تاویل احادیث (خضر علیه السلام) استفاده می شود و آنچه در باره این داستان گفته شده است

در این آیات داستان موسی و برخوردش در مجمع البحرین با آن عالمی که تاویل حوادث را می دانست برای رسول خدا صلی الله علیه و آله تذکر می دهد، و این چهارمین تذکری است که در این سوره دنبال امر آن جناب به صبر در تبلیغ رسالت تذکار داده می شود تا هم سرمشقی باشد برای استقامت در تبلیغ و هم تسلیتی باشد در مقابل اعراض مردم از ذکر خدا و اقبالشان بر دنیا، و هم بیانی باشد در اینکه این زینت زودگذر دنیا که اینان بدان

[شماره صفحه واقعی : 466]

ص: 1191

مشغول شده اند متاعی است که رونقش تا روزی معین است، بنا بر این، از دیدن تمتعات آنان به زندگی و بهره مندی شان به آنچه که اشتهاء کنند دچار ناراحتی نشود، چون در ما ورای این ظاهر یک باطنی است و در ما فوق تسلط آنان بر مشتهیات، سلطنتی الهی قرار دارد.

پس، گویا یادآوری داستان موسی و عالم برای اشاره به این است که این حوادث و وقایعی هم که بر وفق مراد اهل دنیا جریان می یابد، تاویلی دارد که به زودی بر ایشان روشن خواهد شد، و آن وقتی است که مقدر الهی به نهایت اجل خود برسد و خدای اذن دهد تا از خواب غفلت چندین ساله بیدار شوند، و برای یک نشاة دیگری غیر نشاة دنیا مبعوث گردند. در آن روز تاویل حوادث امروز روشن می شود، آن وقت همانهایی که گفتار انبیاء را هیچ می انگاشتند می گویند: عجب! رسولان پروردگار، سخن حق می گفتند و ما قبول نمی کردیم.

و این موسی که در این داستان اسم برده شده همان موسی بن عمران، رسول معظم خدای تعالی است که بنا به روایات وارده از طرق شیعه و سنی یکی از انبیاء اولوا العزم و صاحب شریعت است.

بعضی (1) هم گفته اند: این موسی غیر موسی بن عمران بلکه یکی از نواده های یوسف بن یعقوب علیه السلام بوده است، و اسمش موسی فرزند میشا فرزند یوسف بوده، و خود از انبیای بنی اسرائیل بوده است. و لیکن این احتمال را یک نکته تضعیف می کند، آن چنان که دیگر نباید بدان وقعی نهاد، و آن نکته این است که قرآن کریم نام موسی را در حدود صد و سی و چند مورد برده، و در همه آنها مقصودش موسی بن عمران بوده است، اگر در خصوص این یک مورد غیر موسی بن عمران منظور بود، باید قرینه می آورد تا ذهن به جای دیگری منتقل نگردد.

بعضی دیگر گفته اند: داستانی است فرضی و تخیلی که برای افاده این غرض تصویر شده که کمال معرفت، آدمی را به سرچشمه حیات رسانیده از آب زندگی سیرابش می کند، و در نتیجه حیاتی ابدی می یابد که دنبالش مرگ نیست، و سعادتی سرمدی به دست می آورد که ما فوقش هیچ سعادتی نیست.

لیکن این وجه جز با تقدیر گرفتن درست نمی شود، و تقدیر هم دلیل می خواهد، و ظاهر کتاب عزیز مخالف آن است، و در آن هیچ خبری از قضیه چشمه حیات نیست، و جز

[شماره صفحه واقعی : 467]

ص: 1192


1- مجمع البیان، ج 6، ص 480.

گفته بعضی از مفسرین و قصه سرایان از اهل تاریخ ماخذی اصیل و قرآنی که بتوان به آن استناد جست ندارد. و جدان حسی هم آن را تایید نکرده و در هیچ ناحیه از نواحی کره زمین چنین چشمه ای یافت نشده است.

و در باره آن جوانی که همراه موسی علیه السلام بوده بعضی (1) گفته اند وصی او یوشع بن نون بوده، و این معنا را روایات هم تایید می کند. و بعضی (2) گفته اند: از این جهت" فتی" نامیده شده که همواره در سفر و حضر همراه او بوده است، و یا از این جهت بوده که همواره او را خدمت می کرده است.

و اما آن عالمی که موسی دیدارش کرد و خدای تعالی بدون ذکر نامش به وصف جمیلش او را ستوده و فرموده:" عَبْداً مِنْ عِبادِنا آتَیْناهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا وَ عَلَّمْناهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً" اسمش- به طوری که در روایات آمد- خضر یکی از انبیاء معاصر موسی بوده است. و در بعضی (3) دیگر آمده که خدا خضر را طول عمر داده و تا امروز هم زنده است. و این مقدار از مطالب در باره خضر عیبی ندارد، و قابل قبول هم هست، زیرا عقل و یا دلیل نقل قطعی بر خلافش نیست، و لیکن به این مقال اکتفاء نکرده اند، و در باره شخصیت او در میان مردم حرفهایی طولانی در تفاسیر مطول آمده و قصه ها و حکایاتی در باره اشخاصی که او را دیده اند نقل شده که روایات راجع به آن خالی از اساطیر قبل از اسلام و مطالب جعلی و دروغی نیست.

" وَ إِذْ قالَ مُوسی لِفَتاهُ لا أَبْرَحُ حَتَّی أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَیْنِ أَوْ أَمْضِیَ حُقُباً".

ظرف" اذ" متعلق به مقدر است، و جمله، عطف است بر همان نقطه عطفی که تذکیرهای سه گانه سابق بدانجا عطف می شد. و کلمه" لا ابرح" به معنای" لا ازال" است، و این کلمه از افعال ناقصه است که خبرش به منظور اختصار حذف شده، چون جمله" حَتَّی أَبْلُغَ" بر آن دلالت می کند، و تقدیر آن چنین است:" لا ابرح امشی- مدام خواهم رفت، و یا سیر خواهم کرد".

و در باره اینکه مجمع البحرین کجاست؟ بعضی (4) گفته اند: منتهی الیه دریای روم (مدیترانه) از ناحیه شرقی، و منتهی الیه خلیج فارس از ناحیه غربی است، که بنا بر این مقصود از مجمع البحرین آن قسمت از زمین است که به یک اعتبار در آخر شرقی مدیترانه و به اعتبار

[شماره صفحه واقعی : 468]

ص: 1193


1- تفسیر ابو الفتوح رازی، ج 7، ص 355.
2- تفسیر ابو الفتوح رازی، ج 7، ص 355.
3- روح المعانی، ج 15، ص 320.
4- منهج الصادقین، ج 5، ص 365.

دیگر در آخر غربی خلیج فارس قرار دارد، و به نوعی مجاز آن را محل اجتماع دو دریا خوانده اند.

کلمه" حقب" به معنای دهر و روزگار است، و اگر نکرده آمده بدین جهت است که بر وصفی محذوف دلالت کند چه تقدیر کلام:" حقبا طویلا- روزگاری دراز" است.

و معنای آیه- و خدا داناتر است- این است: به یاد آر آن زمانی را که موسی به جوان ملازم خود گفت مدام راه می پیمایم تا به مجمع البحرین برسم و یا روزگاری طولانی به سیر خود ادامه دهم.

" فَلَمَّا بَلَغا مَجْمَعَ بَیْنِهِما نَسِیا حُوتَهُما فَاتَّخَذَ سَبِیلَهُ فِی الْبَحْرِ سَرَباً".

ظاهرا اضافه" مجمع" بر کلمه" بینهما" اضافه صفت به موصوف است و اصل آن چنین است: بین دو دریا که اینچنین صفت دارد که مجمع آن دو است.

" نَسِیا حُوتَهُما"- از دو آیه بعد استفاده می شود که ماهی مذکور ماهی نمک خورده و یا بریان شده بوده و آن را با خود برداشته اند که در بین راه غذایشان باشد، نه اینکه ماهی زنده ای بوده. و لیکن همین ماهی بریان شده در آن منزل که فرود آمدند زنده شده و خود را به دریا انداخته است و جوان همراه موسی نیز زنده شدن آن را و شنایش را در آب دریا دیده.

چیزی که هست یادش رفته بود که به موسی بگوید و موسی هم فراموش کرده بود که از او بپرسد ماهی کجاست، و بنا بر این اینکه فرموده" نَسِیا حُوتَهُما- هر دو، ماهی خود را فراموش کردند" معنایش این می شود که موسی فراموش کرد که ماهی در خورجین است و رفیقش هم فراموش کرد که به وی بگوید ماهی زنده شد و به دریا افتاد.

این آن معنایی است که مفسرین هم استفاده کرده اند ولی باید دانست که آیات مورد بحث صریح نیست در اینکه ماهی مزبور بعد از مردن زنده شده باشد، بلکه تنها از ظاهر" فراموش کردند ماهیشان را" و از ظاهر کلام رفیق موسی که گفت:" من ماهی را فراموش کردم" این معنا استفاده می شود که ماهی را روی سنگی لب دریا گذاشته بوده اند و به دریا افتاده و یا موج دریا آن را به طرف خود کشیده است و در اعماق دریا فرو رفته و ناپدید شده است. این معنا را روایات تایید می کند، زیرا در آنها آمده که قضیه گم شدن ماهی علامت دیدار با خضر بوده نه زنده شدن آن- و خدا داناتر است.

" فَاتَّخَذَ سَبِیلَهُ فِی الْبَحْرِ سَرَباً"- کلمه" سرب" به معنای مسلک و مذهب است.

" سرب" و" نفق" عبارت است از راهی که در زیر زمین کنده شده و از نظر عموم پنهان است. گویا راهی را که ماهی موسی پیش گرفته و به دریا رفت تشبیه به نقبی کرده که کسی پیش بگیرد و ناپدید شود.

[شماره صفحه واقعی : 469]

ص: 1194

" فَلَمَّا جاوَزا قالَ لِفَتاهُ آتِنا غَداءَنا لَقَدْ لَقِینا مِنْ سَفَرِنا هذا نَصَباً".

در مجمع البیان گفته:" نصب"، و" صب" و" تعب" هر سه نظیر همند و عبارتند از آن سستی که از ناحیه خستگی دست می دهد (1).

و مراد از" غداء" عبارت است از هر چه که با آن چاشت کنند. و از همین کلمه فهمیده می شود که موسی این سخن را در روز گفته.

و معنایش این است: بعد از آنکه از مجمع البحرین گذشتند موسی به جوان ملازم خود فرمود تا چاشتشان که عبارت از همان ماهیی بوده که با خود برداشته بودند بیاورد زیرا از مسافرت خود خسته شده به تجدید نیرو نیازمند شده اند.

" قالَ أَ رَأَیْتَ إِذْ أَوَیْنا إِلَی الصَّخْرَةِ ..."

این جمله حکایت پاسخ آن جوان به موسی علیه السلام است که به یاد آن جناب می اندازد آن ساعتی را که در کنار صخره، منزل کردند. و دلالت می کند بر اینکه صخره در همان منزل و در کنار آب قرار داشته چون جلوتر فرمود:" ماهی راه خود را به سوی دریا پیش گرفت" و در اینجا می فرماید" آنجا که کنار صخره نشسته بودیم" و با در نظر گرفتن جمله ای که گذشت که این جریان در مجمع البحرین بوده حاصل پاسخی که به موسی داده این می شود که غذایی نداریم تا با آن سد جوع کنیم، چون غذای ما همان ماهیی بود که زنده شد و در دریا شناور گشت. آری، وقتی به مجمع البحرین رسیدیم و در کنار آن صخره منزل کردیم (ماهی به دریا رفت) و من فراموش کردم به شما خبر دهم.

بنا بر این، جمله" أَ رَأَیْتَ إِذْ أَوَیْنا إِلَی الصَّخْرَةِ" به یاد آن جناب می آورد آن حالی را که نزد صخره منزل کردند تا اندکی استراحت کنند. و در جمله" فَإِنِّی نَسِیتُ الْحُوتَ" حال در تقدیر است، و تقدیر کلام" من حال ماهی را فراموش کردم" است. دلیل این تقدیر به طوری که دیگران هم گفته اند جمله" وَ ما أَنْسانِیهُ" است، و تقدیرش" و ما انسانی ذکر الحوت لک الا الشیطان- یادآوری ماهی را برای تو از یادم نبرد مگر شیطان" می باشد. پس معلوم می شود وی خود ماهی را فراموش نکرده بوده، بلکه ذکر آن را فراموش کرده، یعنی یادش رفته که برای موسی تعریف کند.

اشاره به اینکه انبیاء علیهم السلام از مطلق آزار و ایذاء شیطان مصون نیستند

و اگر مساله فراموشی را به شیطان و تصرفات او نسبت داده عیبی و اشکالی ندارد، و

[شماره صفحه واقعی : 470]

ص: 1195


1- مجمع البیان، ج 6، ص 479.

با عصمت انبیاء از تصرف شیطان منافات ندارد، زیرا انبیاء علیه السلام از آنچه برگشتش به نافرمانی خدا باشد (از آن جمله سهل انگاری در اطاعت خدا) معصومند، نه مطلق ایذاء و آزار شیطان حتی آنهایی که مربوط به معصیت نیست، زیرا در نفی اینگونه تصرفات دلیلی در دست نیست، بلکه قرآن کریم اینگونه تصرفات را برای شیطان در انبیاء اثبات نموده است.

آنجا که می فرماید:" وَ اذْکُرْ عَبْدَنا أَیُّوبَ إِذْ نادی رَبَّهُ أَنِّی مَسَّنِیَ الشَّیْطانُ بِنُصْبٍ وَ عَذابٍ" (1).

" وَ اتَّخَذَ سَبِیلَهُ فِی الْبَحْرِ عَجَباً"- یعنی راه خود را در دریا گرفت و رفت اما گرفتنی عجیب. بنا بر این، کلمه" عجبا" وصفی است که در جای موصوف خود که مطلق" اتخاذ" باشد نشسته است. بعضی (2) گفته اند: جمله" وَ اتَّخَذَ سَبِیلَهُ فِی الْبَحْرِ" کلام رفیق موسی علیه السلام بوده، و کلمه" عجبا" کلام خود آن جناب است، ولی سیاق این قول را نمی پذیرد.

باقی می ماند این نکته که باید دانست آن احتمالی که در جمله" نَسِیا حُوتَهُما ..."

دادیم در این جمله نیز می آید- و خدا داناتر است.

" قالَ ذلِکَ ما کُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلی آثارِهِما قَصَصاً".

کلمه" بغی" به معنای طلب کردن است. و جمله" فارتدا" از مصدر ارتداد به معنای برگشتن به نقطه نخستین است. و مقصود از آثار جای پاها است. و کلمه" قصص" به معنای دنبال جای پا را گرفتن و رفتن است. معنای آیه این است که موسی گفت: این جریان که در باره ماهی اتفاق افتاد همان علامتی بود که ما در جستجویش بودیم، لا جرم از همانجا برگشتند، و درست از آنجا که آمده بودند (با چه دقتی) جای پای خود را گرفته پیش رفتند.

از جمله" ذلِکَ ما کُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا" کشف می شود، که موسی علیه السلام قبلا از طریق وحی مامور بوده که خود را در مجمع البحرین به عالم برساند، و علامتی به او داده بودند، و آن داستان گم شدن ماهی بوده، حال یا خصوص قضیه زنده شدن و به دریا افتادن و یا یک نشانی مبهم و عمومی تری از قبیل گم شدن ماهی و یا زنده شدن آن- و یا مرده زنده شدن، و یا امثال آن بوده است، و لذا می بینیم حضرت موسی به محضی که قضیه ماهی را می شنود می گوید:" ما هم در پی این قصه بودیم" و بی درنگ از همانجا برگشته خود را به آن مکان که آمده بود می رسانند، و در آنجا به آن عالم برخورد می نمایند.

[شماره صفحه واقعی : 471]

ص: 1196


1- به یاد آر بنده ما ایوب را که پروردگار خود را ندا کرد که شیطان مرا به شکنجه و عذاب مبتلا کرد. سوره ص، آیه 41.
2- روح المعانی، ج 15، ص 318.
ملاقات موسی علیه السلام با بنده ای از بندگان خدا خضر علیه السلام که به او رحمت و علم داده شده و تقاضای تعلیم از او و گفتگوی بین آن دو

" فَوَجَدا عَبْداً مِنْ عِبادِنا آتَیْناهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا ..."

هر نعمتی، رحمتی است از ناحیه خدا به خلقش، لیکن بعضی از آنها در رحمت بودنش اسباب عالم هستی واسطه است، مانند نعمتهای مادی ظاهری، و بعضی از آنها بدون واسطه رحمت است، مانند نعمت های باطنی از قبیل نبوت و ولایت و شعبه ها و مقامات آن.

و از اینکه رحمت را مقید به قید" من عندنا" نموده که می فهماند کسی دیگر غیر خدا در آن رحمت دخالتی ندارد، فهمیده می شود که منظور از رحمت مذکور همان رحمت قسم دوم یعنی نعمت های باطنی است.

و از آنجایی که ولایت مختص به ذات باری تعالی است هم چنان که خودش فرموده" فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِیُّ" (1) ولی نبوت چنین نیست، زیرا غیر خدا از قبیل ملائکه کرام نیز در آن دخالت داشته، وحی و امثال آن را انجام می دهند، لذا می توان گفت منظور از جمله" رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا"- که با نون عظمت (من عندنا) آورده شده و نفرموده" من عندی- از ناحیه من"- همان نبوت است، نه ولایت. و به همین بیان تفسیر آن کسی (2) که کلمه مذکور را به نبوت معنا کرده تایید می شود.

" وَ عَلَّمْناهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً"- این علم نیز مانند رحمت علمی است که غیر خدا کسی در آن صنعی و دخالتی ندارد، و چیزی از قبیل حس و فکر در آن واسطه نیست. و خلاصه، از راه اکتساب و استدلال به دست نمی آید. دلیل بر این معنا جمله" من لدنا" است که می رساند منظور از آن علم، علم لدنی و غیر اکتسابی و مختص به اولیاء است. و از آخر آیات استفاده می شود که مقصود از آن، علم به تاویل حوادث است.

" قالَ لَهُ مُوسی هَلْ أَتَّبِعُکَ عَلی أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً" کلمه" رشد" در معنا مخالف" غی" است، آن به معنای اصابت به واقع و صواب و این به معنای خطا رفتن است. کلمه" رشد" در آیه شریفه، مفعول له و یا مفعول به است. و معنای آیه این است که: موسی گفت آیا اجازه می دهی که با تو بیایم، و تو را بر این اساس پیروی کنم که آنچه خدا به تو داده برای اینکه من هم به وسیله آن رشد یابم به من تعلیم کنی؟ و (یا) آنچه را که خدا از رشد به تو داده به من هم تعلیم کنی؟.

" قالَ إِنَّکَ لَنْ تَسْتَطِیعَ مَعِیَ صَبْراً".

در این جمله خویشتن داری و صبر موسی را در برابر آنچه از او می بیند با تاکید نفی.]

[شماره صفحه واقعی : 472]

ص: 1197


1- سوره شوری، آیه 9.
2- مجمع البیان، ج 6، ص 483. [.....]

می کند، و خلاصه می گوید: تو نمی توانی آنچه را که در طریق تعلیم از من می بینی تحمل کنی و دلیل بر این تاکید چند چیز است، اول کلمه" ان". دوم آوردن کلمه صبر است به صورت نکره در سیاق نفی، چون نکره در سیاق نفی، افاده عمومیت می کند. سوم اینکه گفت: تو استطاعت و توانایی صبر را نداری و نفرمود" نسبت به آنچه که تو را تعلیم دهم صبر نداری".

چهارم اینکه قدرت بر صبر را با نفی سبب قدرت که عبارت است از احاطه و علم به حقیقت و تاویل واقع نفی می کند پس در حقیقت فعل را با نفی یکی از اسبابش نفی کرده، و لذا می بینیم موسی در هنگامی که آن عالم معنا و تاویل کرده های خود را بیان کرد تغیری نکرد، بلکه در هنگام دیدن آن کرده ها در مسیر تعلیم بر او تغیر کرد، و وقتی برایش معنا کرد قانع شد. آری، علم حکمی دارد و مظاهر علم حکمی دیگر.

نظیر این تفاوتی که در علم و در مظاهر علم رخ داده داستان موسی علیه السلام است در قضیه گوساله که در سوره اعراف آمده، با اینکه خدای تعالی در میقات به او خبر داد که قوم تو بعد از آمدنت به وسیله سامری گمراه شدند، و خبر دادن خدا از هر خبر دیگری صادق تر است، با این وصف آنجا هیچ عصبانی نشد ولی وقتی به میان قوم آمد و مظاهر آن علمی را که در میقات به دست آورده بود با چشم خود دید پر از خشم و غیظ شده الواح را انداخت، و موی سر برادر را گرفت و کشید.

پس جمله" إِنَّکَ لَنْ تَسْتَطِیعَ مَعِیَ صَبْراً ..." اخبار به این است که تو طاقت روش تعلیمی مرا نداری، نه اینکه تو طاقت علم را نداری.

" وَ کَیْفَ تَصْبِرُ عَلی ما لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً".

کلمه" خبر" به معنای علم است، و علم هم به معنای تشخیص و تمیز است، و معنا این است که: خبر و اطلاع تو به این روش و طریقه احاطه پیدا نمی کند.

" قالَ سَتَجِدُنِی إِنْ شاءَ اللَّهُ صابِراً وَ لا أَعْصِی لَکَ أَمْراً".

موسی علیه السلام در این جمله وعده می دهد که به زودی خواهی دید که صبر می کنم و تو را مخالفت و عصیان نمی کنم، ولی وعده خود را مقید به مشیت خدا کرد تا اگر تخلف نمود دروغ نگفته باشد. و جمله" وَ لا أَعْصِی ..." عطف است بر کلمه" صابرا" چون کلمه مزبور هر چند وصف است، ولی معنای فعل را می دهد، و بنا بر این وعده" لا اعصی" هم مقید به مشیت هست. پس اگر نهی او را از سؤال مخالفت کرد باری وعده" لا اعصی" را خلف نکرد، چون این وعده نیز مقید بوده.

[شماره صفحه واقعی : 473]

ص: 1198

" قالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِی فَلا تَسْئَلْنِی عَنْ شَیْ ءٍ حَتَّی أُحْدِثَ لَکَ مِنْهُ ذِکْراً".

ظاهر این است که کلمه" منه" متعلق به کلمه" ذکرا" باشد، و احداث ذکر از هر چیز به معنای ابتداء و آغاز به ذکر آن است بدون اینکه از طرف مقابل تقاضایی شده باشد. و معنای جمله این است که: اگر پیروی مرا کردی باید از هر چیزی که دیدی و برایت گران آمد سؤال نکنی تا خودم در بیان معنا و وجه آن ابتداء کنم. و در این جمله اشاره است به اینکه به زودی از من حرکاتی خواهی دید که تحملش بر تو گران می آید، ولی به زودی من خودم برایت بیان می کنم. اما برای موسی مصلحت نیست که ابتداء به سؤال و استخبار کند، بلکه سزاوار او این است که صبر کند تا خضر خودش بیان کند.

ادب و تواضع فراوان موسی علیه السلام در برابر استاد (خضر- علیه السلام)

مطلب عجیبی که از این داستان استفاده می شود رعایت ادبی است که موسی علیه السلام در مقابل استادش حضرت خضر نموده، و این آیات آن را حکایت کرده است، با اینکه موسی علیه السلام کلیم اللَّه، و یکی از انبیای اولوا العزم و آورنده تورات بوده، مع ذلک در برابر یک نفر که می خواهد به او چیز بیاموزد چقدر رعایت ادب کرده است!.

از همان آغاز برنامه تا به آخر سخنش سرشار از ادب و تواضع است، مثلا از همان اول تقاضای همراهی با او را به صورت امر بیان نکرد، بلکه به صورت استفهام آورده و گفت: آیا می توانم تو را پیروی کنم؟ دوم اینکه همراهی با او را به مصاحبت و همراهی نخواند، بلکه آن را به صورت متابعت و پیروی تعبیر کرد. سوم اینکه پیروی خود را مشروط به تعلیم نکرد، و نگفت من تو را پیروی می کنم به شرطی که مرا تعلیم کنی، بلکه گفت: تو را پیروی می کنم باشد که تو مرا تعلیم کنی. چهارم اینکه رسما خود را شاگرد او خواند. پنجم اینکه علم او را تعظیم کرده به مبدئی نامعلوم نسبت داد، و به اسم و صفت معینش نکرد، بلکه گفت" از آنچه تعلیم داده شده ای" و نگفت" از آنچه می دانی". ششم اینکه علم او را به کلمه" رشد" مدح گفت و فهماند که علم تو رشد است (نه جهل مرکب و ضلالت). هفتم آنچه را که خضر به او تعلیم می دهد پاره ای از علم خضر خواند نه همه آن را و گفت:" پاره ای از آنچه تعلیم داده شدی مرا تعلیم دهی" و نگفت" آنچه تعلیم داده شدی به من تعلیم دهی". هشتم اینکه دستورات خضر را امر او نامید، و خود را در صورت مخالفت عاصی و نافرمان او خواند و به این وسیله شان استاد خود را بالا برد. نهم اینکه وعده ای که داد وعده صریح نبود، و نگفت من چنین و چنان می کنم، بلکه گفت: ان شاء اللَّه به زودی خواهی یافت که چنین و چنان کنم.

و نیز نسبت به خدا رعایت ادب نموده ان شاء اللَّه آورد.

خضر علیه السلام هم متقابلا رعایت ادب را نموده اولا با صراحت او را رد نکرد،

[شماره صفحه واقعی : 474]

ص: 1199

بلکه به طور اشاره به او گفت که: تو استطاعت بر تحمل دیدن کارهای مرا نداری. و ثانیا وقتی موسی علیه السلام وعده داد که مخالفت نکند امر به پیروی نکرد، و نگفت:" خیلی خوب بیا" بلکه او را آزاد گذاشت تا اگر خواست بیاید، و فرمود:" فَإِنِ اتَّبَعْتَنِی- پس اگر مرا پیروی کردی". و ثالثا به طور مطلق از سؤال نهیش نکرد، و به عنوان صرف مولویت او را نهی ننمود بلکه نهی خود را منوط به پیروی کرد و گفت:" اگر بنا گذاشتی پیرویم کنی نباید از من چیزی بپرسی" تا بفهماند نهیش صرف اقتراح نیست بلکه پیروی او آن را اقتضاء می کند.

صبر نیاوردن موسی علیه السلام به سکوت در برابر اعمال خضر علیه السلام

" فَانْطَلَقا حَتَّی إِذا رَکِبا فِی السَّفِینَةِ خَرَقَها قالَ أَ خَرَقْتَها لِتُغْرِقَ أَهْلَها لَقَدْ جِئْتَ شَیْئاً إِمْراً".

کلمه" امر"- به کسر همزه- به معنای داهیه عظیم و مصیبت بزرگ است. و جمله" فانطلقا" تفریع بر مطلب قبلی است، و مقصود از آن- روانه شدن- موسی و خضر است. از این جمله برمی آید که از اینجا به بعد دیگر جوان همراه موسی با آن دو روانه نشده است. لام در جمله" لِتُغْرِقَ أَهْلَها" لام غایت است، زیرا هر چند که عاقبت سوراخ کردن کشتی غرق شدن است و قطعا خضر منظورش به دست آمدن این غایت و نتیجه نبوده، و لیکن بسیار می شود که عاقبت قهری و ضروری از باب ادعا و مجازا غایت منظور نظر گرفته می شود، چون شنونده و یا خواننده خود می داند که این عاقبت منظور نظر نیست هم چنان که بسیار می شود که می گویی: فلانی، آیا می خواهی با انجام این کار خودت را هلاک کنی؟.

" قالَ أَ لَمْ أَقُلْ إِنَّکَ لَنْ تَسْتَطِیعَ مَعِیَ صَبْراً".

در این جمله سؤال موسی علیه السلام را بیجا قلمداد نموده می گوید: آیا نگفتم که تو توانایی تحمل با من بودن را نداری؟ و با این جمله همین گفته خود را که در سابق نیز خاطر نشان ساخته بود مستدل و تایید می نماید.

" قالَ لا تُؤاخِذْنِی بِما نَسِیتُ وَ لا تُرْهِقْنِی مِنْ أَمْرِی عُسْراً".

کلمه" رهق" به معنای احاطه و تسلط یافتن به زور است، و" ارهاق" به معنای تکلیف کردن است. و معنای جمله این است که مرا به خاطر نسیانی که کردم و از وعده ای که دادم غفلت نمودم مؤاخذه مکن و در کار من تکلیف را سخت مگیر. و چه بسا (1) نسیان را به ترک تفسیر کنند، لیکن تفسیر اول روشن تر است، و به هر حال جمله مورد بحث عذرخواهی موسی علیه السلام است.

[شماره صفحه واقعی : 475]

ص: 1200


1- مجمع البیان ج 6 ص 484 و روح المعانی ج 15 ص 337.

" فَانْطَلَقا حَتَّی إِذا لَقِیا غُلاماً فَقَتَلَهُ قالَ أَ قَتَلْتَ نَفْساً زَکِیَّةً بِغَیْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَیْئاً نُکْراً".

قبل از این جمله مطلبی به منظور اختصار حذف شده، و تقدیر کلام این است که:

موسی و خضر از کشتی بیرون شده به راه افتادند.

کلمه" فقتله" در جمله" حَتَّی إِذا لَقِیا غُلاماً فَقَتَلَهُ" با حرف فاء عطف شده بر شرط" اذا" و کلمه" قال" جزاء شرط است. این آن نکته ای است که از ظاهر کلام استفاده می شود، و از همین جا معلوم می شود که عمده مطلب و نقطه اتکاء کلام بیان اعتراض موسی است، نه بیان قضیه قتل، و نظیر این نکته در آیه بعد که می فرماید:" فَانْطَلَقا حَتَّی إِذا أَتَیا أَهْلَ قَرْیَةٍ ... لَوْ شِئْتَ" نیز به چشم می خورد، بر خلاف آیه قبلی که می فرمود:" فَانْطَلَقا حَتَّی إِذا رَکِبا فِی السَّفِینَةِ خَرَقَها قالَ" که جزاء" اذا" در آن، جمله" خرقها" است. و جمله" قال ..." کلامی جداگانه و جدید است.

و بنا بر این، پس این آیات می خواهد یک داستان را بیان کند که موسی سه مرتبه یکی پس از دیگری به خضر اعتراض کرده است نه اینکه خواسته باشد سه داستان را بیان کرده باشد که موسی در هر یک اعتراضی نموده، پس کانه گفته شده: داستان چنین و چنان شد و موسی بر او اعتراض کرد، دوباره اعتراض کرد، بار سوم هم اعتراض کرد. پس غرض و نقطه اتکاء کلام، بیان سه اعتراض موسی است، نه عمل خضر و اعتراض موسی تا سه داستان بشود.

این را بدان جهت گفتیم که وجه فرق میان این سه آیه روشن شود که چرا در اولی" خرقها" جواب" اذا" قرار گرفته ولی جمله" قتله" و" وجدا" و جمله" اقامه" در آیه دوم و سوم جواب قرار نگرفته بلکه جزء شرط و معطوف بر آن شده است؟- دقت فرمائید.

کلمه" زکیة" در جمله" أَ قَتَلْتَ نَفْساً زَکِیَّةً" به معنای طاهره است، و مراد، طهارت و پاکی او از گناه است، چون آن کسی که به دست خضر کشته شد کودکی بوده که به طوری که از کلمه" غلاما" استفاده می شود به سن بلوغ نرسیده بوده، و این پرسش موسی پرسش انکاری بوده است.

و جمله" بغیر نفس" معنایش این است که" بدون اینکه او کسی را کشته باشد تا مجوز کشته شدنش به قصاص باشد" چون این بچه غیر بالغ کسی را نکشته بود. و چه بسا از جمله" بغیر نفس" استفاده شود که مقصود از نفس اولی هم جوانی بالغ است یعنی آنکه به دست خضر کشته شده نیز بالغ بوده، و کلمه" غلام" هم مطلق است، یعنی هم جوان نابالغ را شامل می شود و هم بالغ را، و بنا بر این احتمال، معنا چنین می شود" آیا بدون قصاص نفس بری از گناه مستوجب قتل را کشتی؟".

[شماره صفحه واقعی : 476]

ص: 1201

" لَقَدْ جِئْتَ شَیْئاً نُکْراً"- یعنی کاری بس منکر و زشت کردی، که طبع آن را ناشناس می داند، و جامعه بشری آن را نمی شناسد. و اگر سوراخ کردن کشتی را" امر" یعنی کاری خطرناک خواند که مستعقب مصائبی است و کشتن جوانی بی گناه را کاری منکر خواند بدین جهت است که آدم کشی در نظر مردم کاری زشت تر و خطرناکتر از سوراخ کردن کشتی است. گو اینکه سوراخ کردن کشتی مستلزم غرق شدن عده زیادی است، و لیکن در عین حال چون به مباشرت نیست، و آدم کشی به مباشرت است، لذا آدم کشی را" نکر" خواند.

" قالَ أَ لَمْ أَقُلْ لَکَ إِنَّکَ لَنْ تَسْتَطِیعَ مَعِیَ صَبْراً".

معنای این جمله روشن است، و زیادی کلمه" لک" یک نوع اعتراضی است به موسی که چرا به سفارشش اعتناء نکرد. و نیز اشاره به این است که گویا نشنیده که در اول امر به او گفته بود:" إِنَّکَ لَنْ تَسْتَطِیعَ مَعِیَ صَبْراً". و یا اگر شنیده خیال کرده که شوخی کرده است، و یا با او نبوده، و لذا گویا می گوید: اینکه گفتم" إِنَّکَ لَنْ تَسْتَطِیعَ مَعِیَ صَبْراً" با تو بودم، و غیر از تو منظوری نداشتم.

" قالَ إِنْ سَأَلْتُکَ عَنْ شَیْ ءٍ بَعْدَها فَلا تُصاحِبْنِی قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّی عُذْراً".

ضمیر در" بعدها" به" هذه المرة" و یا" هذه المسالة" که در تقدیر است برمی گردد، و معنایش این می شود که: اگر بعد از این دفعه و یا بعد از این سؤال بار دیگر سؤالی کردم دیگر با من مصاحبت مکن، یعنی دیگر می توانی با من مصاحبت نکنی.

" قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّی عُذْراً" یعنی به عذری که از ناحیه من باشد رسیدی، و به نهایتش هم رسیدی.

" فَانْطَلَقا حَتَّی إِذا أَتَیا أَهْلَ قَرْیَةٍ اسْتَطْعَما أَهْلَها ...".

آن کلامی که در آیه قبل در باره" فَانْطَلَقا" و" فَقَتَلَهُ" گذشت عینا در این آیه نیز در جملات" فانطلقا"" فابوا"" فوجدا"" فاقامه" می آید.

جمله" اسْتَطْعَما أَهْلَها" صفت آن قریه است، و اگر فرمود:" تا آمدند به آن دهی که (این صفت داشت که) از اهلش غذا خواستند" و نفرمود" بدهی که از ایشان غذا خواستند" برای این است که تعبیر" دهی که از ایشان غذا خواستند" تعبیر بدی است، به خلاف اینکه اول گفته شود آمدند نزد دهی و اهل در تقدیر گرفته شود، چون قریه هم نصیبی از آمدن به سویش

[شماره صفحه واقعی : 477]

ص: 1202

دارد، لذا جائز است مجازا همان قریه را در جای اهل بگذاریم، به خلاف غذا خواستن از قریه که مخصوص اهل قریه است، و بنا بر این کلمه" اهلها" از باب به کار بردن اسم ظاهر در جای ضمیر نیست.

و اگر نفرمود:" حتی اذا اتیا قریة استطعما اهلها" بدین جهت بود، هر چند که اگر اینطور فرموده بود کلمه" قریة" در معنای حقیقیش استعمال شده بود، و لیکن از آنجایی که غرض عمده از این کلام مربوط به جزاء یعنی جمله" قالَ لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَیْهِ أَجْراً" بوده، و گرفتن مزد از قریه معنا نداشته، لذا فرموده:" حَتَّی إِذا أَتَیا أَهْلَ قَرْیَةٍ".

و همین خود دلیل بر این است که اقامه جدار در حضور اهل ده بوده، و به همین جهت احتیاجی نبوده که بفرماید" لو شئت لتخذت علیه منهم اجرا" و یا" من اهلها اجرا" یعنی چه می شد که از ایشان (و یا از اهل این ده) در برابر این عمل مزدی می گرفتی، و کلمه:" از ایشان" و یا" از اهل ده" را انداخته است- دقت فرمائید.

و مراد از" استطعام" طلب طعام است به عنوان میهمانی و لذا دنبالش فرمود:" فابوا- پس از اینکه میهمانشان کنند مضایقه نمودند". معنای" انقضاض" در جمله" فَوَجَدا فِیها جِداراً یُرِیدُ أَنْ یَنْقَضَّ" سقوط و فرو ریختن است، و اینکه فرموده: می خواست سقوط کند معنایش این است که در شرف سقوط بود.

و اینکه فرموده:" فاقامه" معنایش این است که خضر آن را درست کرد ولی دیگر نفرمود: چگونه درستش کرد، آیا به طور معجزه و خرق عادت بوده یا از طریق معمولی خرابش کرده و از نو بنیانش نهاده، و یا با بکار بردن ستون از سقوطش جلوگیری نموده است. چیزی که هست از اینکه موسی به وی گفت: چرا مزد از ایشان نگرفتی شاید استفاده شود که از راه ساختمان آن را اصلاح کرده اند، نه از راه معجزه، چون معهود از مزد گرفتن در صورت عمل کردن معمولی است.

در جمله" لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ (1) عَلَیْهِ أَجْراً" کلمه" تخذ" به معنای اخذ است، و ضمیر در" علیه" به اقامه ای برمی گردد که از مفهوم" فاقامه" استفاده می شود، چون اقامه مصدر است، هم ضمیر مذکر به آن برمی گردد، و هم مؤنث، و سیاق گواهی می دهد بر اینکه موسی و خضر گرسنه بوده اند. و مقصود موسی از اینکه گفت" خوب است در برابر عملت اجرتی بگیری" این بوده که با آن اجرت غذایی بخرند تا سد جوع کنند.".

[شماره صفحه واقعی : 478]

ص: 1203


1- این کلمه هم با تشدید خوانده شده و از" اتخذ" گرفته شده و هم با تخفیف و از" تخذ".

" قالَ هذا فِراقُ بَیْنِی وَ بَیْنِکَ سَأُنَبِّئُکَ بِتَأْوِیلِ ما لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَیْهِ صَبْراً".

کلمه" هذا" اشاره است به گفته موسی، یعنی این حرف تو سبب فراق میان من و تو شد. و یا به قول بعضی (1) اشاره به وقت است، یعنی حالا دیگر وقت فراق میان من و تو رسید. و ممکن است اشاره به خود فراق باشد، یعنی این فراق میان من و تو است که فرا رسید. کانه فراق، امری غایب بوده حالا یعنی به محض گفتن موسی" که خوب است مزدی بگیری" فرا رسیده است.

و اگر گفت:" فراق بین من و بین تو" و نفرمود:" فراق بین ما" به خاطر تاکید بوده.

و اگر خضر این حرف را بعد از سؤال سوم موسی گفت و جلوتر نگفت برای این بوده که در آن دو نوبت موسی علیه السلام یا عذرخواهی می کرده هم چنان که در نوبت اول چنین کرده و یا از او مهلت می خواسته هم چنان که در نوبت دوم چنین کرد. خود موسی خضر را برای نوبت سوم معذور داشت و گفت بعد از سؤال دوم اگر بار سوم از چیزی پرسیدم دیگر با من مصاحبت مکن. بقیه جملات آیه روشن است.

جدا شدن موسی و خضر علیهما السلام و اخبار خضر علیه السلام موسی علیه السلام را به تاویل اعمال خود (سوراخ کردن کشتی، قتل نوجوان و بنای دیوار)

" أَمَّا السَّفِینَةُ فَکانَتْ لِمَساکِینَ ...".

از این جمله شروع کرده به تفصیل آن وعده ای که اجمالا داده و گفته بود به زودی تو را خبر می دهم.

جمله" ان اعیبها" یعنی آن را معیوب کنم. و همین خود قرینه است بر اینکه مقصود از" کُلَّ سَفِینَةٍ" هر سفینه سالم و غیر معیوب بوده است.

" وَ کانَ وَراءَهُمْ مَلِکٌ"- کلمه" وراء" به معنای پشت سر است، و ظرفی است در مقابل ظرفی دیگر که همان روبروی آدمی است که به آن" قدام" و" امام" می گویند، و لیکن گاهی کلمه" وراء" بر جوی که در آن جو دشمنی خود را پنهان کرده و آدمی از آن غافل باشد اطلاق می شود، هر چند که پشت سر نباشد، بلکه روبرو باشد. و نیز بر جهتی که در آن چیزی باشد که آدمی از آن روگردان است و یا در آن چیزی باشد که آدمی را از غیر خودش به خودش مشغول می کند، هر چند که پشت سر نباشد. کانه آدمی روی خود را از آن چیز به طرف خلاف آن برمی گرداند، هم چنان که خدای تعالی هر سه معنا را استعمال کرده و فرموده:" فَمَنِ ابْتَغی وَراءَ ذلِکَ فَأُولئِکَ هُمُ العادُونَ" (2) و نیز فرموده:

[شماره صفحه واقعی : 479]

ص: 1204


1- مجمع البیان، ج 6، ص 487.
2- هر کس ما وراء این رای بخواهد چنین کسانی تجاوزکارانند. سوره مؤمنون. آیه 7.

" وَ ما کانَ لِبَشَرٍ أَنْ یُکَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْیاً أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ" (1) و نیز فرموده:" وَ اللَّهُ مِنْ وَرائِهِمْ" (2).

و خلاصه معنای آیه این است که: کشتی مزبور مال عده ای از مستمندان بوده که با آن در دریا کار می کردند، و لقمه نانی به دست می آوردند، و در آنجا پادشاهی بود که کشتی های دریا را غصب می کرد، من خواستم آن را معیوب کنم تا آن پادشاه جبار بدان طمع نبندد، و از آن صرفنظر کند.

" وَ أَمَّا الْغُلامُ فَکانَ أَبَواهُ مُؤْمِنَیْنِ فَخَشِینا أَنْ یُرْهِقَهُما طُغْیاناً وَ کُفْراً".

از نظر سیاق و از نظر جمله" وَ ما فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِی" که خواهد آمد بطور روشن چنین به نظر می رسد که مراد از" خشیت" به طور مجاز پرهیز از روی رأفت و رحمت باشد، نه معنای حقیقیش که همان تاثر قلبی خاص است.

چون خدای تعالی در آیه" وَ لا یَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللَّهَ" (3) معنای حقیقی خشیت را از انبیای عظامش نفی کرده است.

و نیز بطور روشن چنین به نظر می رسد که منظور از جمله" أَنْ یُرْهِقَهُما طُغْیاناً وَ کُفْراً" این باشد که پدر و مادر خود را اغواء نموده و از راه تاثیر روحی وادار بر طغیان و کفر کند، چون پدر و مادر محبت شدید نسبت به فرزند خود دارند. لیکن جمله" وَ أَقْرَبَ رُحْماً" که در آیه بعدی است تا حدی تایید می کند که دو کلمه" طغیانا" و" کفرا" دو تمیز باشند برای" ارهاق" یعنی در حقیقت دو وصف باشند برای غلام نه برای پدر و مادرش.

" فَأَرَدْنا أَنْ یُبْدِلَهُما رَبُّهُما خَیْراً مِنْهُ زَکاةً وَ أَقْرَبَ رُحْماً".

مقصود از اینکه فرمود" ما خواستیم خدا به جای این فرزند فرزندی دیگر به آن دو بدهد که از جهت زکات (طهارت) بهتر از او باشد" این است که از جهت صلاح و ایمان بهتر از او باشد، چون در مقابل طغیان و کفر که در آیه قبلی بود همان صلاح و ایمان است، اصل کلمه" زکات" به طوری که گفته شده طهارت و پاکی است.

و مراد از اینکه فرمود" نزدیک تر از او از نظر رحم باشد" این است که از او بیشتر صله رحم کند، و بیشتر فامیل دوست باشد، و به همین جهت پدر و مادر را وادار به طغیان و کفر نکند. و اما اگر بگوییم" یعنی مهربان تر به پدر و مادر باشد" با جمله" اقرب منه" مناسب

[شماره صفحه واقعی : 480]

ص: 1205


1- هیچ بشری را نمی رسد که خدا با او تکلم کند، مگر از راه وحی، یا از ورای حجاب. سوره شوری، آیه 51.
2- و خدا از ورای ایشان است. سوره بروج، آیه 20.
3- از احدی جز خدا نمی ترسند. سوره احزاب، آیه 39.

نیست، چون معمولا نمی گویند در مهر و محبت نزدیکتر باشد، و معنای قبلی مناسب تر است.

و این معنا همانطور که از نظر خواننده گذشت تایید می کند که منظور از جمله" أَنْ یُرْهِقَهُما طُغْیاناً وَ کُفْراً" که در آیه قبلی بود این باشد که فرزند نامبرده پدر و مادر را با طغیان و کفر خود ارهاق کند، یعنی طاغی و کافر کند، نه اینکه به آنها تکلیف کند که طاغی و کافر شوند.

و این آیه به هر حال اشاره به این دارد که ایمان پدر و مادرش نزد خدا ارزش داشته، آن قدر که اقتضای داشتن فرزندی مؤمن و صالح را داشته اند که با آن دو صله رحم کند، و آنچه در فرزند اقتضاء داشته خلاف این بوده، و خدا امر فرموده تا او را بکشد، تا فرزندی دیگر بهتر از او و صالح تر و رحم دوست تر از او به آن دو بدهد." وَ أَمَّا الْجِدارُ فَکانَ لِغُلامَیْنِ یَتِیمَیْنِ فِی الْمَدِینَةِ وَ کانَ تَحْتَهُ کَنْزٌ لَهُما وَ کانَ أَبُوهُما صالِحاً".

بعید نیست که از سیاق استظهار شود که مدینه (شهر) مذکور در این آیه غیر از آن قریه ای بوده که در آن دیواری مشرف به خرابی دیده و بنایش کردند، زیرا اگر مدینه همان قریه بوده دیگر زیاد احتیاج نبوده که بفرماید: دو غلام یتیم در آن بودند، پس گویا عنایت بر این بوده که اشاره کند بر اینکه دو یتیم و سرپرست آن دو در قریه حاضر نبوده اند.

ذکر یتیمی دو پسر، و وجود گنجی متعلق به آن دو در زیر دیوار، و این معنا که اگر دیوار بریزد گنج فاش گشته از بین می رود، و اینکه پدر آن دو یتیم مردی صالح بوده، همه زمینه چینی برای این بوده که بفرماید:" فَأَرادَ رَبُّکَ أَنْ یَبْلُغا أَشُدَّهُما وَ یَسْتَخْرِجا کَنزَهُما"، و جمله" رَحْمَةً مِنْ رَبِّکَ" تعلیل این اراده است.

پس رحمت خدای تعالی سبب اراده او است به اینکه یتیم ها به گنج خود برسند، و چون محفوظ ماندن گنج منوط به اقامه دیوار روی آن بوده، لا جرم خضر آن را به پا داشت، و سبب برانگیخته شدن رحمت خدا همان صلاح پدر آن دو بوده که مرگش رسیده و دو یتیم و یک گنج از خود به جای گذاشته است.

در موافقت دادن میان صلاح پدر ایتام و دفینه کردنش گنج را برای فرزندان بحثهایی طولانی کرده اند با اینکه خدای تعالی دفینه کردن پول را مذمت نموده و فرموده:" وَ الَّذِینَ یَکْنِزُونَ الذَّهَبَ وَ الْفِضَّةَ وَ لا یُنْفِقُونَها فِی سَبِیلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِیمٍ" (1).

[شماره صفحه واقعی : 481]

ص: 1206


1- کسانی که طلا و نقره را دفینه می کنند و در راه خدا انفاقش نمی کنند به عذاب دردناکی نویدشان ده. سوره توبه، آیه 34.

لکن آیه مورد بحث متعرض بیش از این نیست که در زیر دیوار گنجی از برای آن دو یتیم بوده، و دیگر دلالت ندارد بر اینکه پدرشان آن را دفن کرده باشد. علاوه بر اینکه به فرضی هم که پدر آنان دفن کرده باشد توصیف پدر آنان به اینکه مردی صالح بوده خود دلیل بر این است که گنج مزبور هر چه بوده مذموم نبوده. از این هم که بگذریم ممکن است پدر صالح آن دو گنجی را به ملاک جایزی برای فرزندانش دفن کرده باشد. این کار بالاتر از سوراخ کردن کشتی نیست، چطور آن دو کار با تاویل امر الهی جائز باشد اینهم لا بد تاویلی داشته است، البته در این میان روایتی هست که در بحث روایتی آینده خواهد آمد- ان شاء اللَّه تعالی.

این آیه دلالت دارد بر اینکه صلاح انسان گاهی در وارث انسان اثر نیک می گذارد، و سعادت و خیر را در ایشان سبب می گردد، هم چنان که آیه شریفه" وَ لْیَخْشَ الَّذِینَ لَوْ تَرَکُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّیَّةً ضِعافاً خافُوا عَلَیْهِمْ ..." (1) نیز دلالت دارد بر اینکه صلاح پدر و مادر در سرنوشت فرزند مؤثر است. و اینکه فرمود" وَ ما فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِی" کنایه است از اینکه حضرت خضر هر کاری که کرده به امر دیگری یعنی به امر خدای سبحان بوده نه به امری که نفسش کرده باشد.

" ذلِکَ تَأْوِیلُ ما لَمْ تَسْطِعْ عَلَیْهِ صَبْراً".

کلمه" تستطع" از" استطاع، یسطیع" به معنای" استطاع، یستطیع" است. در اول سوره آل عمران هم گذشت که تاویل در عرف قرآن عبارت است از حقیقتی که هر چیزی متضمن آن است و وجودش مبتنی بر آن و برگشتش به آن است، مانند تاویل خواب که به معنای تعبیر آن است، و تاویل حکم که همان ملاک آن است، و تاویل فعل که عبارت از مصلحت و غایت حقیقی آن، و تاویل واقعه علت واقعی آن است، و همچنین است در هر جای دیگری که استعمال شود.

پس اینکه فرمود:" ذلِکَ تَأْوِیلُ ما لَمْ تَسْطِعْ ..." اشاره ای است از خضر به اینکه آنچه برای وقایع سه گانه تاویل آورد و عمل خود را در آن وقایع توجیه نمود سبب حقیقی آن وقایع بوده نه آنچه که موسی از ظاهر آن قضایا فهمیده بود، چه آن جناب از قضیه کشتی تسبیب هلاکت مردم، و از قضیه کشتن آن پسر، قتل بدون جهت، و از قضیه دیوار سازی سوء تدبیر در

[شماره صفحه واقعی : 482]

ص: 1207


1- باید بترسند کسانی که اگر بعد از خود وارثی و ذریه صغیری باقی می گذارد، و از ناملایمات به جان آنان می ترسند ... سوره نساء، آیه 9.

زندگی را فهمیده بود.

بعضی (1) از مفسرین گفته اند: خضر علیه السلام در کلام خود ادبی زیبا نسبت به پروردگار خود رعایت کرده و آن قسمت از کارها را که خالی از نقص نبوده به خود نسبت داده مثلا گفته است:" فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِیبَها" و آنچه انتسابش هم به خود و هم به خدا جائز بوده با صیغه متکلم مع الغیر تعبیر کرده، و مثلا گفته است:" فَأَرَدْنا أَنْ یُبْدِلَهُما رَبُّهُما" و یا فرموده:

" فخشینا" و آنچه که مربوط به ربوبیت و تدبیر خدای تعالی بوده به ساحت مقدس او اختصاص داده، و فرموده:" فَأَرادَ رَبُّکَ أَنْ یَبْلُغا أَشُدَّهُما".

بحثی تاریخی در دو فصل
1- داستان موسی و خضر در قرآن

خدای سبحان به موسی وحی کرد که در سرزمینی بنده ای دارد که دارای علمی است که وی آن را ندارد، و اگر به طرف مجمع البحرین برود او را در آنجا خواهد دید به این نشانه که هر جا ماهی زنده- و یا گم- شد همانجا او را خواهد یافت.

موسی علیه السلام تصمیم گرفت که آن عالم را ببیند، و چیزی از علوم او را فرا گیرد، لا جرم به رفیقش اطلاع داده به اتفاق به طرف مجمع البحرین حرکت کردند و با خود یک عدد ماهی مرده برداشته به راه افتادند تا بدانجا رسیدند و چون خسته شده بودند بر روی تخته سنگی که بر لب آب قرار داشت نشستند تا لحظه ای بیاسایند و چون فکرشان مشغول بود از ماهی غفلت نموده فراموشش کردند.

از سوی دیگر ماهی زنده شد و خود را به آب انداخت- و یا مرده اش به آب افتاد- رفیق موسی با اینکه آن را دید فراموش کرد که به موسی خبر دهد، از آنجا برخاسته به راه خود ادامه دادند تا آنکه از مجمع البحرین گذشتند و چون بار دیگر خسته شدند موسی به او گفت غذایمان را بیاور که در این سفر سخت کوفته شدیم. در آنجا رفیق موسی به یاد ماهی و آنچه که از داستان آن دیده بود افتاد، و در پاسخش گفت: آنجا که روی تخته سنگ نشسته بودیم ماهی را دیدم که زنده شد و به دریا افتاد و شنا کرد تا ناپدید گشت، من خواستم به تو بگویم ولی شیطان از یادم برد- و یا ماهی را فراموش کردم در نزد صخره پس به دریا افتاد و رفت.

[شماره صفحه واقعی : 483]

ص: 1208


1- تفسیر فخر رازی، ج 21، ص 162.

موسی گفت: این همان است که ما، در طلبش بودیم و آن تخته سنگ همان نشانی ما است پس باید بدانجا برگردیم. بی درنگ از همان راه که رفته بودند برگشتند، و بنده ای از بندگان خدا را که خدا رحمتی از ناحیه خودش و علمی لدنی به او داده بود بیافتند. موسی خود را بر او عرضه کرد و درخواست نمود تا او را متابعت کند و او چیزی از علم و رشدی که خدایش ارزانی داشته به وی تعلیم دهد. آن مرد عالم گفت: تو نمی توانی با من باشی و آنچه از من و کارهایم مشاهده کنی تحمل نمایی، چون تاویل و حقیقت معنای کارهایم را نمی دانی، و چگونه تحمل توانی کرد بر چیزی که احاطه علمی بدان نداری؟ موسی قول داد که هر چه دید صبر کند و ان شاء اللَّه در هیچ امری نافرمانیش نکند. عالم بنا گذاشت که خواهش او را بپذیرد، و آن گاه گفت پس اگر مرا پیروی کردی باید که از من از هیچ چیزی سؤال نکنی، تا خودم در باره آنچه می کنم آغاز به توضیح و تشریح کنم.

موسی و آن عالم حرکت کردند تا بر یک کشتی سوار شدند، که در آن جمعی دیگر نیز سوار بودند موسی نسبت به کارهای آن عالم خالی الذهن بود، در چنین حالی عالم کشتی را سوراخ کرد، سوراخی که با وجود آن کشتی ایمن از غرق نبود، موسی آن چنان تعجب کرد که عهدی را که با او بسته بود فراموش نموده زبان به اعتراض گشود و پرسید چه می کنی؟

می خواهی اهل کشتی را غرق کنی؟ عجب کار بزرگ و خطرناکی کردی؟ عالم با خونسردی جواب داد: نگفتم تو صبر با من بودن را نداری؟ موسی به خود آمده از در عذرخواهی گفت من آن وعده ای را که به تو داده بودم فراموش کردم، اینک مرا بدانچه از در فراموشی مرتکب شدم مؤاخذه مفرما، و در باره ام سخت گیری مکن.

سپس از کشتی پیاده شده به راه افتادند در بین راه به پسری برخورد نمودند عالم آن کودک را بکشت. باز هم اختیار از کف موسی برفت و بر او تغیر کرد، و از در انکار گفت این چه کار بود که کردی؟ کودک بی گناهی را که جنایتی مرتکب نشده و خونی نریخته بود بی جهت کشتی؟ راستی چه کار بدی کردی! عالم برای بار دوم گفت: نگفتم تو نمی توانی در مصاحبت من خود را کنترل کنی؟ این بار دیگر موسی عذری نداشت که بیاورد، تا با آن عذر از مفارقت عالم جلوگیری کند و از سوی دیگر هیچ دلش رضا نمی داد که از وی جدا شود، بناچار اجازه خواست تا به طور موقت با او باشد، به این معنا که مادامی که از او سؤالی نکرده با او باشد، همین که سؤال سوم را کرد مدت مصاحبتش پایان یافته باشد و درخواست خود را به این بیان اداء نمود: اگر از این به بعد از تو سؤالی کنم دیگر عذری نداشته باشم.

عالم قبول کرد، و باز به راه خود ادامه دادند تا به قریه ای رسیدند، و چون گرسنگیشان

[شماره صفحه واقعی : 484]

ص: 1209

به منتها درجه رسیده بود از اهل قریه طعامی خواستند و آنها از پذیرفتن این دو میهمان سر باز زدند. در همین اوان دیوار خرابی را دیدند که در شرف فرو ریختن بود، به طوری که مردم از نزدیک شدن به آن پرهیز می کردند، پس آن دیوار را به پا کرد. موسی گفت: اینها که از ما پذیرایی نکردند، و ما الآن محتاج به آن دستمزد بودیم.

مرد عالم گفت: اینک فراق من و تو فرا رسیده. تاویل آنچه کردم برایت می گویم و از تو جدا می شوم، اما آن کشتی که دیدی سوراخش کردم مال عده ای مسکین بود که با آن در دریا کار می کردند و هزینه زندگی خود را به دست می آوردند و چون پادشاهی از آن سوی دریا کشتی ها را غصب می کرد و برای خود می گرفت، من آن را سوراخ کردم تا وقتی او پس از چند لحظه می رسد کشتی را معیوب ببیند و از گرفتنش صرفنظر کند.

و اما آن پسر که کشتم خودش کافر و پدر و مادرش مؤمن بودند، اگر او زنده می ماند با کفر و طغیان خود پدر و مادر را هم منحرف می کرد، رحمت خدا شامل حال آن دو بود، و به همین جهت مرا دستور داد تا او را بکشم، تا خدا به جای او به آن دو فرزند بهتری دهد، فرزندی صالح تر و به خویشان خود مهربانتر و بدین جهت او را کشتم.

و اما دیواری که ساختم، آن دیوار مال دو فرزند یتیم از اهل این شهر بود و در زیر آن گنجی نهفته بود، متعلق به آن دو بود، و چون پدر آن دو، مردی صالح بود به خاطر صلاح پدر رحمت خدا شامل حال آن دو شد، مرا امر فرمود تا دیوار را بسازم به طوری که تا دوران بلوغ آن دو استوار بماند، و گنج محفوظ باشد تا آن را استخراج کنند، و اگر این کار را نمی کردم گنج بیرون می افتاد و مردم آن را می بردند.

آن گاه گفت: من آنچه کردم از ناحیه خود نکردم، بلکه به امر خدا بود و تاویلش هم همان بود که برایت گفتم: این بگفت و از موسی جدا شد.

2- شخصیت خضر علیه السلام در روایات

در قرآن کریم در باره حضرت خضر غیر از همین داستان رفتن موسی به مجمع البحرین چیزی نیامده و از جوامع اوصافش چیزی ذکر نکرده مگر همین که فرموده:" فَوَجَدا عَبْداً مِنْ عِبادِنا آتَیْناهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا وَ عَلَّمْناهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً" (1).

از آنچه از روایات نبوی و یا روایات وارده از طرق ائمه اهل بیت علیه السلام در داستان خضر رسیده چه می توان فهمید؟ از روایت محمد بن عماره که از امام صادق

[شماره صفحه واقعی : 485]

ص: 1210


1- پس برخوردند به بنده ای از بندگان ما که ما به وی رحمتی از خود داده و از ناحیه خود به وی علمی آموختیم. سوره کهف، آیه 65.

علیه السلامنقل شده و در بحث روایتی آینده خواهد آمد، چنین برمی آید که آن جناب پیغمبری مرسل بوده که خدا به سوی قومش مبعوثش فرموده بود، و او مردم خود را به سوی توحید و اقرار به انبیاء و فرستادگان خدا و کتابهای او دعوت می کرده و معجزه اش این بوده که روی هیچ چوب خشکی نمی نشست مگر آنکه سبز می شد و بر هیچ زمین بی علفی نمی نشست مگر آنکه سبز و خرم می گشت، و اگر او را خضر نامیدند به همین جهت بوده است و این کلمه با اختلاف مختصری در حرکاتش در عربی به معنای سبزی است، و گرنه اسم اصلی اش تالی بن ملکان بن عابر بن ارفخشد بن سام بن نوح است ...

مؤید این حدیث در وجه نامیدن او به خضر مطلبی است که در الدر المنثور از عده ای از ارباب جوامع حدیث از ابن عباس و ابی هریره از رسول خدا صلی الله علیه و آله نقل شده که فرمود: خضر را بدین جهت خضر نامیدند که وقتی روی پوستی سفید رنگ نماز گزارد، همان پوست هم سبز شد (1).

و در بعضی از اخبار مانند روایت عیاشی (2) از برید از یکی از دو امام باقر یا صادق علیه السلام آمده که: خضر و ذو القرنین دو مرد عالم بودند نه پیغمبر. و لیکن آیات نازله در داستان خضر و موسی خالی از این ظهور نیست که وی نبی بوده، و چطور ممکن است بگوییم نبوده در حالی که در آن آیات آمده که حکم بر او نازل شده است.

و از اخبار متفرقه ای که از امامان اهل بیت علیه السلام نقل شده برمی آید که او تا کنون زنده است و هنوز از دنیا نرفته. و از قدرت خدای سبحان هیچ دور نیست که بعضی از بندگان خود را عمری طولانی دهد و تا زمانی طولانی زنده نگهدارد. برهانی عقلی هم بر محال بودن آن نداریم و به همین جهت نمی توانیم انکارش کنیم.

علاوه بر اینکه در بعضی روایات از طرق عامه سبب این طول عمر هم ذکر شده. در روایتی که الدر المنثور از دارقطنی و ابن عساکر از ابن عباس نقل کرده اند چنین آمده که: او فرزند بلا فصل آدم است و خدا بدین جهت زنده اش نگه داشته تا دجال را تکذیب کند (3). و در بعضی دیگر که در الدر المنثور از ابن عساکر از ابن اسحاق روایت شده نقل گردیده که آدم برای بقای او تا روز قیامت دعا کرده است (4)..]

[شماره صفحه واقعی : 486]

ص: 1211


1- الدر المنثور، ج 4، ص 234.
2- تفسیر عیاشی، ج 2، ص 303. (3 و 4)الدر المنثور، ج 4، ص 234. [.....]

و در تعدادی از روایات که از طرق شیعه (1) و سنی (2) رسیده آمده که خضر از آب حیات که واقع در ظلمات است نوشیده، چون وی در پیشاپیش لشکر ذو القرنین که در طلب آب حیات بود قرار داشت، خضر به آن رسید و ذو القرنین نرسید. و این روایات و امثال آن روایات آحادی است که قطع به صدورش نداریم، و از قرآن کریم و سنت قطعی و عقل هم دلیلی بر توجیه و تصحیح آنها نداریم.

قصه ها و حکایات و همچنین روایات در باره حضرت خضر بسیار است و لیکن چیزهایی است که هیچ خردمندی به آن اعتماد نمی کند. مانند اینکه در روایت الدر المنثور از ابن شاهین از خصیف آمده که: چهار نفر از انبیاء تا کنون زنده اند، دو نفر آنها یعنی عیسی و ادریس در آسمانند و دو نفر دیگر یعنی خضر و الیاس در زمینند، خضر در دریا و الیاس در خشکی است (3).

و نیز مانند روایت الدر المنثور از عقیلی از کعب که گفته: خضر در میان دریای بالا و دریای پائین بر روی منبری قرار دارد، و جنبندگان دریا مامورند که از او شنوایی داشته باشند و اطاعتش کنند، و همه روزه صبح و شام ارواح بر وی عرضه می شوند (4).

و مانند روایت الدر المنثور از ابی الشیخ در کتاب" العظمة" و ابی نعیم در حلیه از کعب الاحبار که گفته: خضر پسر عامیل با چند نفر از رفقای خود سوار شده به دریای هند رسید- و دریای هند همان دریای چین است- در آنجا به رفقایش گفت: مرا به دریا آویزان کنید، چند روز و شب آویزان بوده آن گاه صعود نمود گفتند: ای خضر چه دیدی؟ خدا عجب اکرامی از تو کرد که در این مدت در لجه دریا محفوظ ماندی! گفت: یکی از ملائکه به استقبالم آمده گفت: ای آدمی زاده خطاکار از کجا می آیی و به کجا می روی؟ گفتم:

می خواهم ته این دریا را ببینم. گفت: چگونه می توانی به ته آن برسی در حالی که از زمان داود علیه السلام مردی به طرف قعر آن می رود و تا به امروز نرسیده. با اینکه از آن روز تا امروز سیصد سال می گذرد (2). و روایاتی دیگر از این قبیل روایات که مشتمل بر نوادر داستانها است.

[شماره صفحه واقعی : 487]

ص: 1212


1- تفسیر برهان، ج 2، ص 480، ح 6. (2، 3، 4)الدر المنثور، ج 4- ص 239.
2- الدر المنثور، ج 4، ص 239.
بحث روایتی
اشاره

روایاتی در باره داستان مصاحبت و مفارقت موسی و خضر علیهما السلام و اختلاف فراوان روایات در جهات و جزئیات این داستان

در تفسیر برهان از ابن بابویه و او به سند خود از جعفر بن محمد بن عماره از پدرش از جعفر بن محمد علیه السلام روایت کرده که در ضمن حدیثی فرمود: خدا وقتی با موسی تکلم کرد، تکلم کردنی، و تورات را بر او نازل کرد و در الواح برایش از همه چیز موعظه و تفصیل بنوشت و معجزه ای در دست او و معجزه ای در عصای او قرار داد، و معجزه هایی در جریان طوفان و ملخ و قورباغه و سوسمار و خون و شکافته شدن دریا و غرق فرعون و لشگرش به دست او جاری ساخت طبع بشری او بر آنش داشت که در دل بگوید: گمان نمی کنم خدا خلقی آفریده باشد که داناتر از من باشد، به محضی که این خیال در دلش خطور نمود خدای عز و جل به جبرئیلش وحی کرد، بنده ام را قبل از آنکه (در اثر عجب) هلاک گردد دریاب و به او بگو که در محل تلاقی دو دریا مرد عابدی است، باید او را پیروی کنی و از او تعلیم بگیری.

جبرئیل بر موسی نازل شد و پیام خدای را به او رسانید. موسی علیه السلام فهمید که این دستور به خاطر آن خیالی است که در دل کرده، لا جرم با همراه خود یوشع بن نون به راه افتاد تا به مجمع البحرین رسیدند. در آنجا به خضر برخوردند که مشغول عبادت خدای عز و جل بود و قرآن کریم در این باره فرموده" فَوَجَدا عَبْداً مِنْ عِبادِنا آتَیْناهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا وَ عَلَّمْناهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً ..." (1).

مؤلف: این حدیث داستان را مفصل آورده و جزئیات مصاحبت موسی و خضر را که قرآن کریم هم بازگو کرده شرح داده است.

و عیاشی داستان را در تفسیرش (2) به دو طریق و قمی (3) نیز به دو طریق یکی با سند و یکی بی سند روایت کرده اند. و الدر المنثور (4) آن را به طرق زیادی از ارباب جوامع از قبیل بخاری، مسلم، نسایی، ترمذی و غیر ایشان از ابن عباس و از ابی بن کعب از رسول خدا صلی الله علیه و آله روایت کرده است.

همه احادیث در آن مضمونی که ما از حدیث محمد بن عماره آوردیم متفقند. و نیز در

[شماره صفحه واقعی : 488]

ص: 1213


1- تفسیر برهان، ج 2، ص 472.
2- تفسیر عیاشی، ج 2، ص 330 و 332.
3- تفسیر قمی، ج 2، ص 37 و 38.
4- الدر المنثور، ج 4، ص 229.

اینکه آن ماهی که با خود داشته اند در روی تخت سنگ زنده شده و راه خود را در دریا گرفته و ناپدید شده، اتفاق دارند. لیکن در بسیاری از جزئیات که زائد بر آنچه از قصه در قرآن آمده است اختلاف دارند.

یکی آن مطلبی است که از روایت ابن بابویه و قمی به دست می آید که مجمع البحرین در سرزمین شامات و فلسطین واقع بوده، به قرینه اینکه در روایت، این دو بزرگوار آن قریه ای که در کنار آن دیوار ساختند ناصره نامیده شده که نصاری منسوب به آنند و ناصره در این سرزمین است. ولی در بعضی از روایات، مجمع البحرین را اراضی آذربایجان دانسته. این معنا را الدر المنثور هم از سدی نقل کرده که گفته است: آن دو بحر عبارت بوده از" کر" و" رس" که در دریا می ریختند و قریه نامبرده در داستان" باجروان" نامیده می شده که مردمش بسیار لئیم و پست بوده اند. و از ابی روایت شده که آن قریه" افریقیه" بوده و از قرظی نقل شده که گفته است" طنجه" بوده. و از قتاده نقل شده که مجمع البحرین محل تلاقی دریای روم و دریای فارس است (1).

اختلاف دیگری که وجود دارد در باره آن ماهی است. در بعضی (2) آمده که ماهی بریان بوده. و در بیشتر روایات (3) آمده که ماهی شور بوده، و در مرسله قمی (4) و در روایات (5) مسلم و بخاری و نسایی و ترمذی و دیگران آمده که نزد تخته سنگ چشمه حیات بوده. حتی در روایت مسلم و غیر او آمده که آن آب، آب حیات بوده که هر کس از آن بخورد همیشه زنده می ماند و هیچ مرده بی جانی به آن نزدیک نمی شود مگر آنکه زنده می گردد، به همین جهت بوده که وقتی موسی و رفیقش نزدیک آن آب نشستند ماهی زنده شد ... و در غیر این روایت آمده: رفیق موسی از آن آب وضو گرفت، از آب وضویش یک قطره به آن ماهی چکید و زنده اش کرد. و در دیگری آمده که یوشع از آن آب خورد در حالی که حق خوردن نداشت پس خضر چون او را با موسی بدید به جرم اینکه از آن آب نوشیده او را در یک کشتی بست و رهایش کرد او در نتیجه در میان امواج دریا سرگردان هست تا قیامت قیام کند.

و در بعضی دیگر آمده: نزدیک صخره، چشمه حیات بوده، همان چشمه ای که خود

[شماره صفحه واقعی : 489]

ص: 1214


1- الدر المنثور، ج 4، ص 235.
2- منهج الصادقین، ج 5، ص 366.
3- نور الثقلین، ج 3، ص 270، ح 128.
4- تفسیر قمی، ج 2، ص 37.
5- الدر المنثور، ج 4، ص 231.

خضر از آن نوشید- این قسمت را سایر روایات ندارند.

و از جمله اختلافاتی که در این داستان هست این است که در چهار روایت صحیح مسلم، بخاری، نسایی، و ترمذی، و غیر آنها آمده که: ماهی به دریا افتاد و راه خود را پیش گرفت که برود، پس خداوند متعال آب را بر آن ماهی از جریان انداخت، در نتیجه ماهی در قطعه ای از آب که به صورت اطاقی درآمده بود محبوس شد ... و در بعضی دیگر آمده که موسی بعد از آنکه از سفر با خضر برگشت اثر حرکت ماهی را دید، و آن را دنبال کرد، هر جا که می رفت موسی هم روی آب می رفت تا به جزیره ای از جزائر عرب رسیدند.

و در حدیث طبری از ابن عباس آمده که: او، یعنی موسی، برگشت تا نزد تخته سنگ رسید، در آنجا ماهی را دید، ماهی فرار کرد و در آب به این سو و آن سو می رفت و خود را به دریا می زد. موسی هم او را دنبال نمود، با عصای خود به آب می زد و آب کنار می رفت تا او را بگیرد، از این به بعد ماهی هر جا که از دریا می گذشت خشک می شد و مانند تخته سنگ می گردید (1) ... بعضی از روایات هم این قسمت را ندارد.

اختلاف دیگر، در محل ملاقات با خضر است، در بیشتر روایات آمده که موسی خضر را نزد تخته سنگ دید. و در بعضی آمده که ماهی را دنبال کرد تا بگیرد، به جزیره ای از جزائر دریا رسید، آنجا خضر را دیدار کرد. و در بعضی آمده که او را دید که روی آب نشسته، و یا تکیه داده است.

اختلاف دیگر در این است که آیا رفیق موسی هم با موسی و خضر بود یا آن دو وی را رها نموده پی کار خود رفتند؟.

اختلاف دیگر در کیفیت سوراخ کردن کشتی و کیفیت کشتن آن کودک و در کیفیت بر پا داشتن دیوار و در گنج نهفته در زیر آن است، لیکن اکثر روایات دارد که گنج مذکور لوحی از طلا بوده که در آن مواعظی چند نوشته شده بوده. و در خصوص پدر صالح ظاهر بیشتر روایات این است که پدر بلافصل آن دو کودک بوده ولی در بعضی دیگر آمده که جد دهمی و در بعضی هفتمی بوده. و در بعضی آمده که میان آن کودک و آن پدر صالح هفتاد پدر فاصله بوده. و در بعضی از روایات آمده که هفتصد سال فاصله بوده. و اختلافات دیگری از این قبیل که در جهات مختلف این داستان وجود دارد.

و در تفسیر قمی از محمد بن بلال از یونس در نامه ای که به حضرت رضا علیه السلام

[شماره صفحه واقعی : 490]

ص: 1215


1- تاریخ طبری، ج 1، ص 370.

نوشته اند از آن جناب پرسیده اند از موسی و آن عالمی که نزدش رفت کدام عالم تر بودند؟

دیگر اینکه آیا جائز است که پیغمبری چون موسی که خودش حجت خدا بوده حجتی دیگر در زمان خود او بوده باشد؟ حضرت فرموده است: موسی نزد آن عالم رفت و او را در جزیره ای از جزایر دریا دیدار نمود که یا نشسته بود و یا تکیه داده بود، موسی سلام داد، و او معنای سلام را نفهمید، چون در همه روی زمین سلام دادن معمول نبود.

پرسید تو کیستی؟ گفت: من موسی بن عمرانم، پرسید تو آن موسی بن عمرانی که خدا با او تکلم کرده؟ گفت آری. پرسید چه حاجت داری؟ گفت: آمده ام تا مرا از آن رشدی که تعلیم داده شده ای تعلیمم دهی. گفت: من موکل بر امری شده ام که تو طاقت آن را نداری، هم چنان که تو موظف به امری شده ای که من طاقتش را ندارم،- تا آخر حدیث (1).

مؤلف: این معنا در اخبار دیگری، هم از طرق شیعه و هم سنی روایت شده.

و در الدر المنثور است که حاکم- وی حدیث را صحیح دانسته- از ابی روایت کرده که رسول خدا صلی الله علیه و آله فرمود: وقتی موسی خضر را دید مرغی آمد و منقار خود را در آب فرو برد، خضر به موسی گفت: می بینی که این مرغ با این عمل خود چه می گوید؟

گفت: چه می گوید. گفت می گوید: علم تو و علم موسی در برابر علم خدا در مثل مانند آبی می ماند که من با منقارم از دریا برمی دارم (2).

مؤلف: داستان این مرغ در اغلب روایات این داستان آمده.

و در تفسیر عیاشی از هشام بن سالم از ابو عبد اللَّه علیه السلام روایت کرده که فرمود: موسی عالمتر از خضر بود (3).

و در همان کتاب از ابو حمزه از امام باقر علیه السلام روایت شده که فرموده:

جانشین موسی یوشع بن نون بوده و مقصود از" فتی" که در قرآن کریم آمده همو است (4).

باز در آن کتاب از عبد اللَّه بن میمون قداح از امام صادق از پدرش علیه السلام روایت آورده که فرمود: روزی موسی در میان جمعی از بزرگان بنی اسرائیل نشسته بود، مردی به او گفت: من احدی را سراغ ندارم که به خدا عالم تر از تو باشد. موسی هم گفت: من نیز سراغ ندارم. خدا بدو وحی فرستاد که چرا، بنده ام خضر از تو به من داناتر است. موسی تقاضا کرد تا

[شماره صفحه واقعی : 491]

ص: 1216


1- تفسیر قمی، ج 2، ص 38. [.....]
2- الدر المنثور، ج 4، ص 234. (3 و 4)تفسیر عیاشی، ج 2، ص 330، ح 42 و 43.

بدو راهش بنماید. قضیه ماهی، نشانی میان موسی و خدا بود برای یافتن خضر که داستانش را قرآن کریم آورده (1).

مؤلف: این روایت با روایتی که آن دو را برابر می دانست مخالف است، و لذا باید حمل شود بر اینکه نوع علم آن دو مختلف بوده.

چند روایت در مورد اینکه خداوند بعد از مرگ بنده صالح، جانشین او در مال و اولاد او می شود

و در همان کتاب از ابی بصیر از امام صادق علیه السلام آمده که در ذیل جمله" فخشینا" فرموده: ترسید از اینکه آن پسرک بزرگ شود، و پدر و مادر خود را به کفر دعوت کند و آن دو به خاطر شدت محبتی که به وی داشتند دعوتش را بپذیرند (2).

باز در آن کتاب از عثمان از مردی از امام صادق علیه السلام روایت کرده که در ذیل جمله" فَأَرَدْنا أَنْ یُبْدِلَهُما رَبُّهُما خَیْراً مِنْهُ زَکاةً وَ أَقْرَبَ رُحْماً" فرموده: همین طور هم شد، زیرا صاحب دختری شدند که آن دختر پیغمبری زائید (3).

مؤلف: در اکثر روایات آمده که از آن دختر هفتاد پیغمبر- البته با واسطه- به دنیا آمد.

و نیز در آن کتاب از اسحاق بن عمار روایت کرده که گفت: من از امام صادق علیه السلام شنیدم که می فرمود: خداوند به خاطر صلاح مردی مؤمن فرزند او را هم اصلاح می کند، و خاندان خودش و بلکه اطرافیانش را حفظ می فرماید. و در سایه کرامت خدا مدام در حفظ خدا هستند. آن گاه به عنوان شاهد مثال داستان" لِغُلامَیْنِ یَتِیمَیْنِ" را ذکر کرد و فرمود:

نمی بینی چگونه خدا صلاح پدر و مادر آن دو را با لطف و رحمت نسبت به آن دو شکر گذاشت؟ (2).

و در همان کتاب از مسعدة بن صدقه از جعفر بن محمد از پدرانش علیه السلام روایت کرده که رسول خدا صلی الله علیه و آله فرمود: خداوند، بعد از مرگ بنده صالح جانشین او در مال و اولاد او می شود، هر چند که اهل و اولاد او اهل و اولاد بدی باشند، آن گاه این آیه را:" وَ کانَ أَبُوهُما صالِحاً" تا به آخرش تلاوت فرمود (3).

و در الدر المنثور است که ابن مردویه از جابر روایت کرده که گفت: رسول خدا صلی الله علیه و آله فرمود: خدا به خاطر صلاح آدمی، امر اولاد و اولاد اولاد و امر اهل خانه های پیرامون او را اصلاح می کند، و ما دام که در میان آنان است ایشان را حفظ

[شماره صفحه واقعی : 492]

ص: 1217


1- تفسیر عیاشی، ج 2، ص 334، ح 48. (2 و 3)تفسیر عیاشی، ج 2، ص 336، ح 56 و 59.
2- تفسیر عیاشی، ج 2، ص 337، ح 63.
3- تفسیر عیاشی، ج 2، ص 339، ح 68.

می فرماید (1).

مؤلف: روایات در این معنا بسیار زیاد است.

و در کافی به سند خود از صفوان جمال روایت می کند که گفت: از امام صادق علیه السلام از قول خدای عز و جل پرسیدم که می فرماید:" وَ أَمَّا الْجِدارُ فَکانَ لِغُلامَیْنِ یَتِیمَیْنِ فِی الْمَدِینَةِ وَ کانَ تَحْتَهُ کَنْزٌ لَهُما" فرمود: اما آن گنج طلا و نقره نبود، بلکه چهار کلمه بود: 1- لا اله الا اللَّه 2- کسی که به مرگ یقین دارد چطور به خود اجازه خنده می دهد؟ 3- کسی که یقین به حساب دارد هرگز قلبش خوشحال نمی گردد. 4- کسی که به قدر، یقین دارد جز از خدا نمی هراسد (2).

مؤلف: روایات از طرق شیعه و اهل سنت زیاد رسیده که گنجی که در زیر دیوار بود لوحی بوده که در آن چهار کلمه نقش شده بود. و در بیشتر آن روایات آمده که لوحی از طلا بوده، و این منافات با روایت صفوان که داشت:" آن گنج از طلا و نقره نبود" ندارد، چون مقصود امام در روایت مزبور این است که آن گنج از سنخ پول و درهم و دینار نبوده، متبادر از عبارت هم همین است.

روایات مختلفی در تعیین کلماتی که گفتیم بر آن لوح مکتوب بوده وجود دارد، و لیکن بیشتر آنها در کلمه توحید و دو مساله قدر و مرگ اتفاق دارند. و در بعضی از آنها شهادت به رسالت خاتم الانبیاء صلی الله علیه و آله هم ذکر شده، مانند روایتی که الدر المنثور از بیهقی در- کتاب شعب الایمان- از علی بن ابی طالب نقل کرده که در تفسیر جمله" وَ کانَ تَحْتَهُ کَنْزٌ لَهُما" فرمود: لوحی از طلا بوده که در آن نوشته بوده" لا اله الا اللَّه محمد رسول اللَّه، عجب است کار کسی که می گوید مرگ حق است و خوشحالی هم به خود راه می دهد، عجب است از کسی که می گوید آتش حق است و با اینحال می خندد، و عجب است از کار کسی که می گوید قدر حق است و غمگین می شود؟ و عجب است از کار کسی که می بیند وضع دنیا و دست به دست شدن و دگرگونی هایش را که در اهل خود دارد و به آن دل می بندد و اعتماد می کند؟.ی.

[شماره صفحه واقعی : 493]

ص: 1218


1- الدر المنثور، ج 4، ص 235.
2- اصول کافی.

سوره الکهف (18): آیات 83 تا 102

اشاره

وَ یَسْئَلُونَکَ عَنْ ذِی الْقَرْنَیْنِ قُلْ سَأَتْلُوا عَلَیْکُمْ مِنْهُ ذِکْراً (83) إِنَّا مَکَّنَّا لَهُ فِی الْأَرْضِ وَ آتَیْناهُ مِنْ کُلِّ شَیْ ءٍ سَبَباً (84) فَأَتْبَعَ سَبَباً (85) حَتَّی إِذا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَها تَغْرُبُ فِی عَیْنٍ حَمِئَةٍ وَ وَجَدَ عِنْدَها قَوْماً قُلْنا یا ذَا الْقَرْنَیْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَ إِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِیهِمْ حُسْناً (86) قالَ أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ یُرَدُّ إِلی رَبِّهِ فَیُعَذِّبُهُ عَذاباً نُکْراً (87)

وَ أَمَّا مَنْ آمَنَ وَ عَمِلَ صالِحاً فَلَهُ جَزاءً الْحُسْنی وَ سَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنا یُسْراً (88) ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَباً (89) حَتَّی إِذا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَها تَطْلُعُ عَلی قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِها سِتْراً (90) کَذلِکَ وَ قَدْ أَحَطْنا بِما لَدَیْهِ خُبْراً (91) ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَباً (92)

حَتَّی إِذا بَلَغَ بَیْنَ السَّدَّیْنِ وَجَدَ مِنْ دُونِهِما قَوْماً لا یَکادُونَ یَفْقَهُونَ قَوْلاً (93) قالُوا یا ذَا الْقَرْنَیْنِ إِنَّ یَأْجُوجَ وَ مَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِی الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَکَ خَرْجاً عَلی أَنْ تَجْعَلَ بَیْنَنا وَ بَیْنَهُمْ سَدًّا (94) قالَ ما مَکَّنِّی فِیهِ رَبِّی خَیْرٌ فَأَعِینُونِی بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَیْنَکُمْ وَ بَیْنَهُمْ رَدْماً (95) آتُونِی زُبَرَ الْحَدِیدِ حَتَّی إِذا ساوی بَیْنَ الصَّدَفَیْنِ قالَ انْفُخُوا حَتَّی إِذا جَعَلَهُ ناراً قالَ آتُونِی أُفْرِغْ عَلَیْهِ قِطْراً (96) فَمَا اسْطاعُوا أَنْ یَظْهَرُوهُ وَ مَا اسْتَطاعُوا لَهُ نَقْباً (97)

قالَ هذا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّی فَإِذا جاءَ وَعْدُ رَبِّی جَعَلَهُ دَکَّاءَ وَ کانَ وَعْدُ رَبِّی حَقًّا (98) وَ تَرَکْنا بَعْضَهُمْ یَوْمَئِذٍ یَمُوجُ فِی بَعْضٍ وَ نُفِخَ فِی الصُّورِ فَجَمَعْناهُمْ جَمْعاً (99) وَ عَرَضْنا جَهَنَّمَ یَوْمَئِذٍ لِلْکافِرِینَ عَرْضاً (100) الَّذِینَ کانَتْ أَعْیُنُهُمْ فِی غِطاءٍ عَنْ ذِکْرِی وَ کانُوا لا یَسْتَطِیعُونَ سَمْعاً (101) أَ فَحَسِبَ الَّذِینَ کَفَرُوا أَنْ یَتَّخِذُوا عِبادِی مِنْ دُونِی أَوْلِیاءَ إِنَّا أَعْتَدْنا جَهَنَّمَ لِلْکافِرِینَ نُزُلاً (102)

[شماره صفحه واقعی : 494]

ص: 1219

ترجمه آیات

از تو از ذو القرنین پرسند. بگو: برای شما از او خبری خواهم خواند (83).

ما به او در زمین تمکین دادیم و از هر چیز وسیله ای عطا کردیم (84).

پس راهی را تعقیب کرد (85).

چون به غروبگاه آفتاب رسید آن را دید که در چشمه ای گل آلود فرو می رود و نزدیک چشمه گروهی را یافت. گفتیم ای ذو القرنین یا عذاب می کنی یا میان آن طریقه ای نیکو پیش می گیری (86).

گفت: هر که ستم کند زود باشد که عذابش کنیم و پس از آن سوی پروردگارش برند و سخت عذابش کند (87).

و هر که ایمان آورد و کار شایسته کند پاداش نیک دارد و او را فرمان خویش کاری آسان گوییم (88).

و آن گاه راهی را دنبال کرد (89).

تا به طلوع گاه خورشید رسید و آن را دید که بر قومی طلوع می کند که ایشان را در مقابل آفتاب پوششی نداده ایم (90).

چنین بود و ما از آن چیزها که نزد وی بود به طور کامل خبر داشتیم (91).

آن گاه راهی را دنبال کرد (92).

تا وقتی میان دو کوه رسید مقابل آن قومی را یافت که سخن نمی فهمیدند (93).

گفتند: ای ذو القرنین یاجوج و ماجوج در این سرزمین تباهکارند آیا برای تو خراجی مقرر داریم که میان ما و آنها سدی بنا کنی (94).

گفت: آن چیزها که پروردگارم مرا تمکن آن را داده بهتر است مرا به نیرو کمک دهید تا میان شما و آنها حائلی کنم (95).

قطعات آهن پیش من آرید تا چون میان دو دیواره پر شد گفت: بدمید تا آن را بگداخت گفت:

روی گداخته نزد من آرید تا بر آن بریزم (96).

پس نتوانستند بر آن بالا روند، و نتوانستند آن را نقب زنند (97).

گفت: این رحمتی از جانب پروردگار من است و چون وعده پروردگارم بیاید آن را هموار سازد و وعده پروردگارم درست است (98).

[شماره صفحه واقعی : 495]

ص: 1220

در آن روز بگذاریمشان که چون موج در هم شوند و در صور دمیده شود و جمعشان کنیم جمع کامل (99).

آن روز جهنم را کاملا به کافران نشان دهیم (100).

همان کسان که دیدگانشان از یاد من در پرده بوده و شنیدن نمی توانسته اند (101).

مگر کسانی که کافرند پندارند که سوای من بندگان مرا خدایان توانند گرفت که ما جهنم را برای کافران محل فرود آمدنی آماده کرده ایم (102).

بیان آیات بیان آیات مربوط به شرح حال و بیان داستان ذو القرنین
اشاره

این آیات راجع به داستان ذو القرنین است و در خلال آن پیشگویی هایی از قرآن نیز به چشم می خورد.

" وَ یَسْئَلُونَکَ عَنْ ذِی الْقَرْنَیْنِ قُلْ سَأَتْلُوا عَلَیْکُمْ مِنْهُ ذِکْراً".

یعنی از تو از وضع ذو القرنین می پرسند. چون اگر مقصود معرفی شخص او بود جا داشت در جواب اسمش را معرفی کند و به ذکر لقبش که همان ذو القرنین است اکتفاء ننماید.

پس معلوم می شود سائل از سرگذشت او پرسش نموده. و کلمه" ذکر" در پاسخ" بزودی ذکری از او را برای شما می خوانم" یا مصدر به معنای مفعول است و معنایش این است که" بگو به زودی از سرگذشت ذو القرنین مقداری مذکور را می خوانم"، و یا مراد از ذکر قرآن است که در خود قرآن موارد زیادی به همین معنا آمده است، و در نتیجه معنایش چنین می شود" بگو به زودی از او، یعنی از ذو القرنین، و یا از خدای تعالی قرآنی که همان آیات بعدی است می خوانم". و معنای دومی روشن تر است.

" إِنَّا مَکَّنَّا لَهُ فِی الْأَرْضِ وَ آتَیْناهُ مِنْ کُلِّ شَیْ ءٍ سَبَباً".

" تمکین" به معنای قدرت دادن است. وقتی گفته می شود" مکنته" و یا" مکنت له" معنایش این است که من او را توانا کردم. پس" تمکن در زمین" به معنای قدرت تصرف در زمین است، تصرفی مالکانه و دلخواه، و چه بسا گفته شود که مصدری است ریخته و قالب گرفته شده از ماده" کون" نه از" مکن" به توهم اصالت میم. پس تمکین به معنای استقرار و ثبات دادن است ثباتی که باعث شود دیگر از مکانش کنده نشود و هیچ مانعی مزاحمتش نتواند کند.

[شماره صفحه واقعی : 496]

ص: 1221

کلمه" سبب" به معنای وصله و وسیله است. پس معنای ایتاء سبب از هر چیز این می شود که از هر چیزی که معمولا مردم به وسیله آن متوسل به مقاصد مهم زندگی خود می شوند، از قبیل عقل و علم و دین و نیروی جسم و کثرت مال و لشگر و وسعت ملک و حسن تدبیر و غیر آن. جمله مورد بحث منتی است از خدای تعالی که بر ذو القرنین می گذارد و با بلیغ ترین بیان امر او را بزرگ می شمارد. نمونه هایی که خداوند تعالی از سیره و عمل و گفتار او نقل می کند که مملو از حکمت و قدرت است شاهد بر همین است که غرض بزرگ شمردن امر او است.

" فَأَتْبَعَ سَبَباً".

" اتباع" به معنای لاحق شدن است، یعنی ملحق به سببی شد. و به عبارتی دیگر وصله و وسیله ای تهیه کرد که با آن به طرف مغرب آفتاب سیر کند و کرد.

" حَتَّی إِذا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَها تَغْرُبُ فِی عَیْنٍ حَمِئَةٍ وَ وَجَدَ عِنْدَها قَوْماً".

کلمه" حتی" دلالت می کند بر اینکه فعلی در تقدیر است و تقدیر کلام" فسار حتی اذا بلغ- و سیر کرد تا به مغرب آفتاب رسید" می باشد. و مراد از مغرب آفتاب، آخر معموره آن روز از ناحیه غرب است، به دلیل اینکه می فرماید:" نزد آن مردمی را یافت".

مفسرین گفته اند: منظور از" عین حمئة" چشمه ای دارای گل سیاه یعنی لجن است، چون حماة به معنای آن است و مقصود از عین دریا است، چون بسیار می شود که این کلمه به دریا هم اطلاق می گردد. و مقصود از اینکه فرمود" آفتاب را یافت که در دریایی لجن دار غروب می کرد" این است که به ساحل دریایی رسید که دیگر ما ورای آن خشکی امید نمی رفت، و چنین به نظر می رسید که آفتاب در دریا غروب می کند چون انتهای افق بر دریا منطبق است. بعضی هم گفته اند: چنین چشمه لجن داری با دریای محیط، یعنی اقیانوس غربی، که جزائر خالدات در آن است منطبق است و جزائر مذکور همان جزائری است که در هیات و جغرافیای قدیم مبدأ طول به شمار می رفت، و بعدها غرق شده و فعلا اثری از آنها نمانده است.

جمله" فِی عَیْنٍ حَمِئَةٍ" به صورت" عین حامیة" یعنی حاره (گرم) نیز قرائت شده و اگر این قرائت صحیح باشد دریای حار با قسمت استوایی اقیانوس کبیر که مجاور آفریقا است منطبق می گردد، و بعید نیست که ذو القرنین در رحلت غربیش به سواحل آفریقا رسیده باشد.

" قُلْنا یا ذَا الْقَرْنَیْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَ إِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِیهِمْ حُسْناً".

قول منسوب به خدای عز و جل در قرآن کریم، در وحی نبوی و در ابلاغ به وسیله وحی

[شماره صفحه واقعی : 497]

ص: 1222

استعمال می شود، مانند آیه" وَ قُلْنا یا آدَمُ اسْکُنْ" (1) و آیه" وَ إِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هذِهِ الْقَرْیَةَ" (2) و گاهی در الهام هم که از نبوت نیست به کار می رود، مانند آیه" وَ أَوْحَیْنا إِلی أُمِّ مُوسی أَنْ أَرْضِعِیهِ" (3).

و با این بیان روشن می شود که جمله" قُلْنا یا ذَا الْقَرْنَیْنِ ..." دلالت ندارد بر اینکه ذی القرنین پیغمبری بوده که به وی وحی می شده، چون همانطوری که گفتیم قول خدا اعم از وحی مختص به نبوت است. جمله" ثُمَّ یُرَدُّ إِلی رَبِّهِ فَیُعَذِّبُهُ ..." از آنجا که نسبت به خدای تعالی در سیاق غیبت آمده خالی از اشعار به این معنا نیست که مکالمه خدا با ذو القرنین به توسط پیغمبری که همراه وی بوده صورت گرفته، و در حقیقت سلطنت از او نظیر سلطنت طالوت در بنی اسرائیل بوده که با اشاره پیغمبر معاصرش و هدایت او کار می کرده.

" إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَ إِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِیهِمْ حُسْناً"- یعنی یا این قوم را شکنجه کن و یا در آنان به رفتار نیکویی سلوک نما. پس کلمه" حسنا" مصدر به معنای فاعل و قائم مقام موصوف خود خواهد بود. ممکن هم هست وصفی باشد که تنها به منظور مبالغه آورده شده. بعضی (4) گفته اند: مقابله میان عذاب و اتخاذ حسن (خوشرفتاری) اشاره دارد بر اینکه اتخاذ حسن بهتر است، هر چند که تردید خبری اباحه را می رساند. پس جمله مزبور انشایی است، در صورت اخبار، و معنایش این است که: تو مخیری که یا عذابشان کنی و یا مشمول عفو خود قرارشان دهی و لیکن ظاهرا حکم تخییری نباشد بلکه استخباری باشد از اینکه بعدها با ایشان چه معامله ای کند عذاب یا احسان و این با سیاق جواب یعنی جمله" أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ..."

که مشتمل بر تفصیل به تعذیب و احسان است موافق تر و مناسب تر است، زیرا اگر جمله" إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ ..." حکم تخییری بود جمله" أَمَّا مَنْ ظَلَمَ ..." تقریری برای آن می بود و معنایش اعلام به قبول بود که در این صورت فائده زیادی افاده نمی کند.

و خلاصه معنای آیه این است که: ما از او پرسش کردیم که با اینان چه معامله ای می خواهی بکنی، و حال که برایشان مسلط شده ای از عذاب و احسان کدامیک را در باره آنان اختیار می کنی؟ و او در جواب گفته است ستمکاران ایشان را عذاب می کنیم، سپس

[شماره صفحه واقعی : 498]

ص: 1223


1- و گفتیم ای آدم سکونت کن. سوره بقره، آیه 35.
2- و چون گفتیم در این قریه داخل شوید. سوره بقره، آیه 58.
3- و به مادر موسی وحی کردیم که او را شیر بده. سوره قصص، آیه 7.
4- روح المعانی، ج 16، ص 34.

وقتی که به سوی پروردگار خویش بازگردند او عذاب نکر به ایشان می دهد، و ما به مؤمن صالح احسان نموده و به آنچه مایه رفاه او است تکلیفش می کنیم.

در جمله" إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ" مفعول را نیاورده و در جمله" وَ إِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِیهِمْ حُسْناً" آورده و این بدان جهت است که همه آنان ظالم نبودند و معلوم است که مردمی که وضعشان چنین باشد تعمیم عذاب در باره شان صحیح نیست، بخلاف تعمیم احسان که می شود هم صالح قومی را احسان کرد و هم طالحشان را.

ظالمان را عذاب می کنیم و مؤمنان صالح العمل را جزای حسنی است

" أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ یُرَدُّ إِلی رَبِّهِ فَیُعَذِّبُهُ عَذاباً نُکْراً".

کلمه:" نکر" به معنای منکر و غیر آشنا و غیر معهود است، یعنی خدا ایشان را عذابی بی سابقه کند که هیچ گمانش را نمی کردند و انتظارش را نداشتند.

مفسرین، ظلم در این آیه را به ارتکاب شرک تفسیر نموده، و تعذیب را عبارت از کشتن دانسته اند. بنا بر این، معنای جمله چنین می شود: اما کسی که ظلم کند، یعنی به خدا شرک بورزد، و از شرکش توبه نکند به زودی او را می کشیم. و گویا این معنا را از مقابل قرار گرفتن ظلم با ایمان و عمل صالح در جمله" مَنْ آمَنَ وَ عَمِلَ صالِحاً" استفاده کرده اند، و لیکن ظاهر از این مقابله این است که مراد از ظلم اعم از این است که ایمان به خدا نیاورد و شرک بورزد، و یا ایمان بیاورد و شرک هم نورزد و لیکن عمل صالح نکند و به جای آن، عمل فاسد کند یعنی فساد در زمین کند. و اگر مقابل، ظلم را مقید به ایمان نکرده بود آن وقت ظهور در این داشت که اصلا مقصود از ظلم فساد انگیزی در زمین باشد بدون اینکه هیچ نظری به شرک داشته باشد، چون معهود از سیره پادشاهان این است که وقتی دادگستری کنند سرزمین خود را از فساد مفسدین پاک می کنند، (نه از شرک) این نظریه ما بود در تفسیر ظلم به شرک و عین همین نظریه را در تفسیر تعذیب، به قتل داریم.

" وَ أَمَّا مَنْ آمَنَ وَ عَمِلَ صالِحاً فَلَهُ جَزاءً الْحُسْنی ..."

کلمه" صالحا" وصفی است که قائم مقام موصوف خود شده، و همچنین کلمه" حسنی". و کلمه" جزاء" حال و یا تمیز و یا مفعول مطلق است، و تقدیر چنین است: اما کسی که ایمان آورد و عمل کند عملی صالح، برای اوست مثوبت حسنی در حالی که جزاء داده می شود، و یا از حیث جزاء، و یا جزایش می دهیم جزای حسنی.

" وَ سَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنا یُسْراً"- کلمه" یسر" به معنای میسور یعنی آسان است، و وصفی است، که در جای موصوف نشسته، و ظاهرا منظور از امر در" امرنا" امر تکلیفی است، و تقدیر کلام چنین است: به زودی به او از امر خود سخنی می گوییم آسان، یعنی به او تکلیفی می کنیم آسان که بر او گران نیاید.

[شماره صفحه واقعی : 499]

ص: 1224

" ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَباً حَتَّی إِذا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ ...".

یعنی در آنجا وسائلی برای سفر تهیه دید، و به سوی مشرق حرکت کرد تا به صحرایی از طرف مشرق رسید، و دید که آفتاب بر قومی طلوع می کند که برای آنان وسیله پوششی از آن قرار ندادیم.

و منظور از" ستر" آن چیزی است که آدمی با آن خود را از آفتاب می پوشاند و پنهان می کند، مانند ساختمان و لباس و یا خصوص ساختمان، یعنی مردمی بودند که روی خاک زندگی می کردند، و خانه ای که در آن پناهنده شوند، و خود را از حرارت آفتاب پنهان کنند نداشتند. و نیز عریان بودند و لباسی هم بر تن نداشتند. و اگر لباس و بنا را به خدا نسبت داد و فرموده:

" ما برای آنان وسیله پوششی از آن قرار ندادیم" اشاره است به اینکه مردم مذکور هنوز به این حد از تمدن نرسیده بودند که بفهمند خانه و لباسی هم لازم است و هنوز علم ساختمان کردن و خیمه زدن و لباس بافتن و دوختن را نداشتند.

" کَذلِکَ وَ قَدْ أَحَطْنا بِما لَدَیْهِ خُبْراً".

ظاهرا کلمه" کذلک" اشاره به وضعی باشد که در کلام ذکر کرد. و اگر چیزی را به خودش تشبیه کرده به اعتبار مغایرت ادعایی است، که وقتی می خواهند مطلبی را در حق چیزی تاکید کنند این تشبیه را به کار می برند. دیگر مفسرین، مشار الیه به" کذلک" را چیزهای دیگری دانسته اند که از فهم بعید است.

ضمیر در کلمه" لدیه" به ذو القرنین برمی گردد، و جمله" وَ قَدْ أَحَطْنا بِما لَدَیْهِ خُبْراً" جمله حالیه است، و معنایش این است که: او وسیله ای برای سیر و سفر تهیه دیده به راه افتاد، تا به محل طلوع آفتاب رسید، و در آنجا مردمی چنین و چنان یافت در حالی که ما احاطه علمی و آگاهی از آنچه نزد او می شد داشتیم. از عده و عده اش از آنچه جریان می یافت خبردار بودیم. و ظاهرا احاطه علمی خدا به آنچه نزد وی صورت می گرفت کنایه باشد از اینکه آنچه که تصمیم می گرفت و هر راهی را که می رفت به هدایت خدا و امر او بود، و در هیچ امری اقدام نمی نمود مگر به هدایتی که با آن مهتدی شده، و به امری که به آن مامور گشته بود. هم چنان که جمله" قُلْنا یا ذَا الْقَرْنَیْنِ ..." که مربوط به موقع حرکتش به طرف مغرب است اشاره به این معنا دارد.

آیه شریفه" وَ قَدْ أَحَطْنا ..." در معنای کناییش نظیر آیه" وَ اصْنَعِ الْفُلْکَ بِأَعْیُنِنا وَ وَحْیِنا"

[شماره صفحه واقعی : 500]

ص: 1225

(1) و آیه" أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ" (2) و آیه" وَ أَحاطَ بِما لَدَیْهِمْ" (3) می باشد، یعنی هر چه می کرد بدون اطلاع ما نبود.

بعضی (4) از مفسرین گفته اند: آیه مورد بحث در مقام تعظیم امر ذو القرنین است، می خواهد بفرماید جز خدا کسی به دقائق و جزئیات کار او پی نمی برد، و یا در مقام به شگفتی واداشتن شنونده است از زحماتی که وی در این سفر تحمل کرده، و اینکه مصائب و شدائدی که دیده همه در علم خدا هست و چیزی بر او پوشیده نیست. و یا در مقام تعظیم آن سببی است که دنبال کرده. ولی آنچه ما در معنایش گفتیم وجیه تر است.

ساختن سد به وسیله ذو القرنین

" ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَباً حَتَّی إِذا بَلَغَ بَیْنَ السَّدَّیْنِ ..."

کلمه" سد" به معنای کوه و هر چیزی است که راه را بند آورد، و از عبور جلوگیری کند. و گویا مراد از" دو سد" در این آیه دو کوه باشد. و در جمله" وَجَدَ مِنْ دُونِهِما قَوْماً" مراد از" من دونهما" نقطه ای نزدیک به آن دو کوه است. و جمله" لا یَکادُونَ یَفْقَهُونَ قَوْلًا" کنایه از سادگی و بساطت فهم آنان است. و چه بسا گفته اند: کنایه از عجیب و غریب بودن لغت و زبان آنان باشد، که گویا از لغت ذو القرنین و مردمش بیگانه بوده اند ولی این قول بعید است.

" قالُوا یا ذَا الْقَرْنَیْنِ إِنَّ یَأْجُوجَ وَ مَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ ...".

ظاهر این است که گویندگان این حرف همان قومی باشند که ذو القرنین آنان را در نزدیکی دو کوه بیافت. و یاجوج و ماجوج دو طائفه از مردم بودند که از پشت آن کوه به این مردم حمله می کردند، و قتل عام و غارت راه انداخته اسیر می نمودند. دلیل بر همه اینها سیاق آیه است که تماما ضمیر عاقل به آنان برگردانده شده و (نیز) عمل سد کشیدن بین دو کوه، و غیر از اینها.

" فَهَلْ نَجْعَلُ لَکَ خَرْجاً"- کلمه" خرج" به معنای آن چیزی است که برای مصرف شدن در حاجتی از حوائج، از مال انسان خارج می گردد. قوم مذکور پیشنهاد کردند که مالی را از ایشان بگیرد و میان آنان و یاجوج و ماجوج سدی ببندد که مانع از تجاوز آنان بشود.

" قالَ ما مَکَّنِّی فِیهِ رَبِّی خَیْرٌ فَأَعِینُونِی بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَیْنَکُمْ وَ بَیْنَهُمْ رَدْماً".

اصل کلمه" مکنی"،" مکننی" بوده و دو نون در هم ادغام شده به این صورت در

[شماره صفحه واقعی : 501]

ص: 1226


1- کشتی را زیر نظر ما و به وحی ما بساز. سوره هود، آیه 37.
2- به علم خود نازلش کرد، سوره نساء آیه 166. [.....]
3- به آنچه نزد ایشان است احاطه دارد. سوره جن، آیه 28.
4- روح المعانی، ج 16، ص 36.

آمده است. و کلمه:" ردم" به معنای سد است. و بعضی گفته اند به معنای سد قوی است.

بنا بر این، تعبیر به" ردم" در جواب آنان که درخواست سدی کرده بودند برای این بوده که هم خواهش آنان را اجابت کرده، و هم وعده ما فوق آن را داده باشد.

و اینکه فرمود:" آن مکنتی که خدا به من داده بهتر است" برای افاده استغناء ذو القرنین از کمک مادی ایشان است که خود پیشنهادش را کردند. می خواهد بفرماید:

ذو القرنین گفت آن مکنتی که خدا به من داده، و آن وسعت و قدرت که خدا به من ارزانی داشته، از مالی که شما وعده می دهید بهتر است، و من به آن احتیاج ندارم.

" فَأَعِینُونِی بِقُوَّةٍ ..." کلمه" قوه" به معنای هر چیزی است که به وسیله آن آدمی بر چیزی نیرومند می شود. جمله مزبور تفریع بر مطلبی است که از پیشنهاد آنان به دست می آید، و آن ساختن سد بوده، و حاصل معنا این است که: من از شما خرج نمی خواهم و اما سدی که خواستید اگر بخواهید بسازم باید کمک انسانیم کنید، یعنی کارگر و مصالح ساختمانی بیاورید، تا آن را بسازم- و از مصالح آن آهن و قطر و نفخ با دمیدن را نام برده است- و به این معنایی که کردیم این مطلب روشن می گردد که مراد ایشان از پیشنهاد خرج دادن اجرت بر سد سازی بوده در حقیقت خواسته اند به ذو القرنین مزد بدهند که او هم قبول نکرده است." آتُونِی زُبَرَ الْحَدِیدِ ..."

کلمه" زبر"- به ضمه زاء و فتحه باء- جمع" زبرة" است، هم چنان که" غرف" جمع" غرفة" است. و" زبره" به معنای قطعه است. و کلمه" ساوی" به طوری که گفته اند به معنای تسویه است، و همین عبارت" سوی" نیز قرائت شده. و" صدفین" تثنیه" صدف" است که به معنای یک طرف کوه است. و بعضی گفته اند این کلمه جز در کوهی که در برابرش کوه دیگری باشد استعمال نمی گردد. و بنا بر این کلمه مذکور از کلمات دو طرفی مانند زوج و ضعف و غیر آن دو است. و کلمه" قطر" به معنای مس و یا روی مذاب است، و" افراغ قطر" به معنای ریختن آن به سوراخ و فاصله ها و شکاف ها است.

" آتُونِی زُبَرَ الْحَدِیدِ"- یعنی بیاورید برایم قطعه های آهن را تا در سد به کار ببرم. این آوردن آهن همان قوتی بود که از ایشان خواست. و اگر تنها آهن را از میان مصالح سد سازی ذکر کرده و مثلا اسمی از سنگ نیاورده بدین جهت بوده که رکن سد سازی و استحکام بنای آن موقوف بر آهن است. پس جمله" آتُونِی زُبَرَ الْحَدِیدِ" بدل بعض از کل جمله" فَأَعِینُونِی بِقُوَّةٍ" است. ممکن هم هست در کلام تقدیری گرفت و گفت تقدیر آن:" قالَ آتُونِی ..."

می باشد، و تقدیر در قرآن بسیار است.

[شماره صفحه واقعی : 502]

ص: 1227

و در جمله" حَتَّی إِذا ساوی بَیْنَ الصَّدَفَیْنِ قالَ انْفُخُوا" اختصار به حذف به کار رفته، و تقدیر آن:" فاعانوه بقوة و آتوه ما طلبه منهم فبنی لهم السد و رفعه حتی اذا سوی بین الصدفین قال انفخوا- او را به قوه و نیرو مدد کرده، و آنچه خواسته بود برایش آوردند، پس سد را برایشان بنا کرده بالا برد، تا میان دو کوه را پر کرد و گفت حالا در آن بدمید".

و ظاهرا جمله" قالَ انْفُخُوا" از باب اعراض از متعلق فعل به خاطر دلالت بر خود فعل است. و مقصود این است که دم های آهنگری را بالای سد نصب کنند، تا آهن های داخل سد را گرم نمایند، و سرب ذوب شده را در لابلای آن بریزند.

و در جمله" حَتَّی إِذا جَعَلَهُ ناراً قالَ ..." حذف و ایجازی به کار رفته، و تقدیر آن این است که:" فنفخ حتی اذا جعله نارا- دمید تا آنکه دمیده شده را و یا آهن را آتش کرد" بدین معنی که: آن را مانند آتش سرخ و داغ کرد. و بنا بر این، عبارت" آن را آتش کرد" از باب استعاره است.

" قالَ آتُونِی أُفْرِغْ عَلَیْهِ قِطْراً"- یعنی برای من" قطر" بیاورید تا ذوب نموده روی آن بریزم و لابلای آن را پر کنم، تا سدی تو پر شود، و چیزی در آن نفوذ نکند.

" فَمَا اسْطاعُوا أَنْ یَظْهَرُوهُ وَ مَا اسْتَطاعُوا لَهُ نَقْباً".

کلمه" اسطاع" و" استطاع" به یک معنا است. و" ظهور" به معنای علو و استیلاء است. و" نقب" به معنای سوراخ کردن است. راغب در مفردات گفته: نقب در دیوار و پوست به منزله نقب در چوب است (1)، (یعنی نقب در سوراخ کردن دیوار و پوست، و نقب در سوراخ کردن چوب به کار می رود). ضمیرهای جمع به یاجوج و ماجوج برمی گردد. در این جمله نیز حذف و ایجاز به کار رفته و تقدیر آن:" فبنی السد فما استطاع یاجوج و ماجوج ان یعلوه لارتفاعه و ما استطاعوا ان ینقبوه لاستحکامه" می باشد، یعنی بعد از آنکه سد را ساخت یاجوج و ماجوج نتوانستند به بالای آن بروند، چون بلند بود، و نیز به سبب محکمی نتوانستند آن را سوراخ کنند.

" قالَ هذا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّی فَإِذا جاءَ وَعْدُ رَبِّی جَعَلَهُ دَکَّاءَ وَ کانَ وَعْدُ رَبِّی حَقًّا" کلمه" دکاء" از" دک" به معنای شدت کوبیدن است. و در اینجا مصدر و به معنای اسم مفعول است. بعضی گفته اند: مراد" شتر دکاء" یعنی بی کوهان است، و اگر این باشد آن وقت به طوری که گفته شده استعاره ای از خرابی سد خواهد بود.".

[شماره صفحه واقعی : 503]

ص: 1228


1- مفردات راغب، ماده" نقب".

" قالَ هذا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّی"- یعنی ذو القرنین- بعد از بنای سد- گفت: این سد خود رحمتی از پروردگار من بود، یعنی نعمت و سپری بود که خداوند با آن اقوامی از مردم را از شر یاجوج و ماجوج حفظ فرمود.

" فَإِذا جاءَ وَعْدُ رَبِّی جَعَلَهُ دَکَّاءَ"- در این جمله نیز حذف و ایجاز به کار رفته، و تقدیر آن چنین است: و این سد و این رحمت تا آمدن وعده پروردگار من باقی خواهد ماند، وقتی وعده پروردگار من آمد آن را در هم می کوبد و با زمین یکسان می کند.

و مقصود از وعده یا وعده ای است که خدای تعالی در خصوص آن سد داده بوده که به زودی یعنی در نزدیکی های قیامت آن را خرد می کند، در این صورت وعده مزبور پیشگویی خدا بوده که ذو القرنین آن را خبر داده. و یا همان وعده ای است که خدای تعالی در باره قیام قیامت داده، و فرموده: کوه ها همه در هم کوبیده گشته دنیا خراب می شود. هر چه باشد قضیه را با جمله" وَ کانَ وَعْدُ رَبِّی حَقًّا" تاکید فرموده است.

" وَ تَرَکْنا بَعْضَهُمْ یَوْمَئِذٍ یَمُوجُ فِی بَعْضٍ ..."

از ظاهر سیاق برمی آید که ضمیر جمع" هم" به" ناس" برگردد، و مؤید این احتمال این است که ضمیر در" جمعناهم" نیز به طور قطع به" ناس" برمی گردد، و چون همه ضمیرها یکی است پس آن نیز باید به" ناس" برگردد.

در جمله" بَعْضَهُمْ یَوْمَئِذٍ یَمُوجُ فِی بَعْضٍ" استعاره ای به کار رفته، و مراد این است که: در آن روز از شدت ترس و اضطراب آن چنان آشفته می شوند که دریا در هنگام طوفان آشفته می شود، و مانند آب دریا به روی هم می ریزند و یکدیگر را از خود می رانند، در نتیجه نظم و آرامش جای خود را به هرج و مرج می دهد، و پروردگارشان از ایشان اعراض نموده رحمتش شامل حالشان نمی شود و دیگر به اصلاح وضعشان عنایتی نمی کند.

پس این آیه به منزله تفصیل همان اجمالی است که ذو القرنین در کلام خود اشاره کرده و گفته بود:" فَإِذا جاءَ وَعْدُ رَبِّی جَعَلَهُ دَکَّاءَ" و نظیر تفصیلی است که در جای دیگر آمده که:" حَتَّی إِذا فُتِحَتْ یَأْجُوجُ وَ مَأْجُوجُ وَ هُمْ مِنْ کُلِّ حَدَبٍ یَنْسِلُونَ وَ اقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ فَإِذا هِیَ شاخِصَةٌ أَبْصارُ الَّذِینَ کَفَرُوا یا وَیْلَنا قَدْ کُنَّا فِی غَفْلَةٍ مِنْ هذا بَلْ کُنَّا ظالِمِینَ" (1) و بهر تقدیر

[شماره صفحه واقعی : 504]

ص: 1229


1- تا روزی که راه یاجوج و ماجوج باز شود و آنان از هر جانب پست و بلندی زمین شتابان در آیند، آن گاه وعده حق بسیار نزدیک شود و ناگهان چشم کافران از حیرت فرو ماند و فریاد کنند ای وای بر ما که از این روز غافل بودیم و سخت به راه ستمکاری شتافتیم. سوره انبیاء، آیات 96 و 97.

این جمله از ملاحم یعنی پیشگوییهای قرآن است.

از آنچه گفتیم به خوبی روشن گردید که" ترک" در جمله" و ترکنا" به همان معنای متبادر از کلمه است، که مقابل گرفتن و اخذ است، و هیچ جهتی ندارد که مانند بعضی بگوییم: ترک به معنای جعل و از لغات اضداد است.

و این آیه از کلام خدای عز و جل است، نه تتمه کلام ذو القرنین، به دلیل اینکه در آن، سیاق از غیبت به تکلم با غیر که سیاق کلام سابق بر این خدای تعالی بود و در آن می فرمود:

" إِنَّا مَکَّنَّا لَهُ"" قُلْنا یا ذَا الْقَرْنَیْنِ"، تغییر یافته، و اگر تتمه کلام ذو القرنین بود جا داشت چنین بیاید:" ترک بعضهم ..." در مقابل جمله دیگر که فرمود" جَعَلَهُ دَکَّاءَ".

و مقصود از" وَ نُفِخَ فِی الصُّورِ" نفخه دومی قبل از قیامت است که با آن همه مردگان زنده می شوند، به دلیل اینکه دنبالش می فرماید:" فَجَمَعْناهُمْ جَمْعاً وَ عَرَضْنا جَهَنَّمَ یَوْمَئِذٍ لِلْکافِرِینَ عَرْضاً".

" الَّذِینَ کانَتْ أَعْیُنُهُمْ فِی غِطاءٍ عَنْ ذِکْرِی وَ کانُوا لا یَسْتَطِیعُونَ سَمْعاً".

این آیه تفسیر کافرین است، و آنان همانهایی هستند که خداوند میان آنان و ذکرش سدی قرار داده و پرده ای کشیده- و به همین مناسبت بعد از ذکر سد متعرض حال آنان شده- دیدگان ایشان را در پرده ای از یاد خدا کرده و استطاعت شنیدن را از گوششان گرفته در نتیجه راهی که میان آنان و حق فاصله بود آن راه که همان یاد خدا است، بریده شده است.

آری، انسان یا از راه چشم به حق می رسد، و از دیدن و تفکر در آیات خدای عز و جل به سوی مدلول آنها راه می یابد، و یا از طریق گوش و شنیدن کلمات حکمت و موعظه و قصص و عبرتها، و اینان نه چشم دارند و نه گوش.

وجوهی که در بیان مراد آیه شریفه:" أَ فَحَسِبَ الَّذِینَ کَفَرُوا أَنْ یَتَّخِذُوا عِبادِی مِنْ دُونِی أَوْلِیاءَ ..." گفته شده است

استفهامی است انکاری. در مجمع البیان گفته: معنایش این است که آیا کسانی که توحید خدای را انکار می کنند خیال می کنند اگر غیر از خدا اولیای دیگری اتخاذ کنند ایشان را یاری خواهند نمود، و عقاب مرا از ایشان دفع توانند کرد؟ آن گاه بر گفته خود استدلال نموده می گوید: جمله" إِنَّا أَعْتَدْنا جَهَنَّمَ لِلْکافِرِینَ نُزُلًا"، بر این حذف دلالت می کند (1).

البته وجه دیگری از ابن عباس نقل شده که وی گفته معنای آیه چنین است: آیا اینان که کافر شدند می پندارند که اگر بغیر من آلهه ای بگیرند من برای خود و علیه ایشان غضب نخواهم کرد و عقابشان نمی کنم؟.

[شماره صفحه واقعی : 505]

ص: 1230


1- مجمع البیان، ج 4، ص 213.

وجه سومی نیز هست، و آن این است که جمله" أَنْ یَتَّخِذُوا ..." مفعول اول برای" حسب" است که به معنای" ظن" می باشد، و مفعول دومش محذوف و تقدیرش چنین است:" ا فحسب الذین کفروا اتخاذهم عبادی من دونی اولیاء نافعا لهم او دافعا للعقاب عنهم- آیا کسانی که کافر شده اند پنداشته اند که اگر غیر از من اولیائی بگیرند برای ایشان نافع و یا دافع عقاب از ایشان است؟".

و فرق میان این وجه و دو وجه قبلی این است که در آن دو وجه، کلمه" أن" وصله اش قائم مقام دو مفعول است، و آنچه حذف شده بعضی از صله است، به خلاف وجه سومی که آن" أن" وصله اش مفعول اول برای حسب است و مفعول دوم آن حذف شده.

وجه چهارمی که هست این است که بگوییم" أن" وصله اش به جای دو مفعول آمده، و عنایت کلام و نقطه اتکاء در آن متوجه این است که بفهماند اتخاذ آلهه، اتخاذ حقیقی نیست، و اصلا اتخاذ نیست، چون اتخاذ همیشه از دو طرف است و آلهه اتخاذ شده اینان خودشان تبری می جویند و می گویند:" سُبْحانَکَ أَنْتَ وَلِیُّنا مِنْ دُونِهِمْ"، یعنی منزهی تو ای خدا جز به تو دل ندادیم.

و این وجوه چهارگانه از نظر ترتیب در وجاهت هر یک در رتبه خود قرار دارد، و از همه وجیه تر وجه اول است که سیاق آیات هم با آن مساعد است، برای اینکه آیات مورد بحث بلکه تمامی آیات سوره در این سیاق است که بفهماند کفار به زینت زندگی دنیا مفتون گشته، امر بر ایشان مشتبه شده است و به ظاهر اسباب اطمینان و رکون کردند، و در نتیجه غیر خدای را اولیای خود گرفتند و پنداشتند که ولایت این آلهه کافی و نافع برای آنان است و دافع ضرر از آنها است. و حال آنکه آنچه بعد از نفخ صور و جمع شدن خلایق خواهند دید مناقض پندار ایشان است، پس آیه شریفه مورد بحث نیز همین پندار را تخطئه می کند.

این را هم باید بگوییم که قائم مقام شدن" أن" وصله اش به جای هر دو مفعول" حسب" با اینکه در کلام خدا زیاد آمده، و از آن جمله فرموده:" أَمْ حَسِبَ الَّذِینَ اجْتَرَحُوا السَّیِّئاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ کَالَّذِینَ آمَنُوا"

(1) و امثال آن حاجتی باقی نمی گذارد که مفعول دوم آن را محذوف بدانیم. علاوه بر اینکه بعضی از نحویین هم آن را جائز ندانسته اند.

آیات بعدی هم این وجه اول را تایید می کنند، که می فرمایند:" قُلْ هَلْ نُنَبِّئُکُمْ بِالْأَخْسَرِینَ أَعْمالًا ..."، و همچنین قرائتی که منسوب به علی علیه السلام و عده ای دیگر از

[شماره صفحه واقعی : 506]

ص: 1231


1- آیا پنداشتند آنان که کسب کردند بدیها را اینکه قرار می دهیم آنان را مثل کسانی که ایمان آوردند؟. سوره جاثیه، آیه 21.

قراء است که خوانده اند:" ا فحسب"- سین را ساکن و باء را مضموم خوانده اند. یعنی آیا اولیاء گرفتن بندگان مرا برای خود بس است ایشان را.

پس مراد از" عباد" در جمله" أَنْ یَتَّخِذُوا عِبادِی مِنْ دُونِی أَوْلِیاءَ" هر چیزی و هر کسی است که مورد پرستش بت پرستان قرار بگیرد، چه ملائکه باشد و چه جن، و چه کملین از بشر.

و اما اینکه مفسرین گفته اند که مراد از عباد مسیح و ملائکه و امثال ایشان از مقربین درگاه خدا است، نه شیطان ها، چون کلمه" عباد" در اکثر موارد وقتی اضافه به یای متکلم می شود تشریف و احترام منظور است، صحیح نیست زیرا اولا مقام مناسب تشریف نیست و این ظاهر است، و ثانیا قید" من دونی" در کلام، صریح در این است که مراد از" الَّذِینَ کَفَرُوا" بت پرستان هستند که اصلا خدا را عبادت نمی کنند، با اینکه اعتراف به الوهیت او دارند، بلکه شرکاء را که شفعاء می دانند عبادت می کردند. و اما اهل کتاب مثلا نصاری در عین اینکه مسیح را ولی خود گرفتند ولایت خدای را انکار نکردند، بلکه دو قسم ولایت اثبات می کردند و آن گاه هر دو را یکی می شمردند- دقت بفرمائید.

پس حق این است که جمله" عبادی" شامل مسیح و مانند او نمی شود، بلکه تنها شامل آلهه بت پرستان می شود و مراد از جمله" الَّذِینَ کَفَرُوا" تنها وثنی ها هستند.

" إِنَّا أَعْتَدْنا جَهَنَّمَ لِلْکافِرِینَ نُزُلًا"- یعنی جهنم را آماده کرده ایم تا برای کفار در همان ابتدای ورودشان به قیامت وسیله پذیرائیشان باشد. تشبیه کرده خداوند خانه آخرت را به خانه ای که میهمان وارد آن می شود و تشبیه کرده جهنم را به" نزل" یعنی چیزی که میهمان در اول ورودش با آن پذیرایی می شود.

و با در نظر گرفتن اینکه بعد از دو آیه می فرماید" اینان در قیامت توقف و مکثی ندارند" فهمیده می شود که این تشبیه چقدر تشبیه لطیفی است. گویا کفار غیر از ورود به جهنم، دیگر کاری ندارند، و معلوم است که در این آیه چه تحکم و توبیخی از ایشان شده و کانه این تحکم را در مقابل تحکمی که از آنان در دنیا نقل کرده و فرموده:" وَ اتَّخَذُوا آیاتِی وَ رُسُلِی هُزُواً" قرار داده.

بحث روایتی : اختلافاتی که از جهات متعدد در روایات مربوط به ذو القرنین وجود دارد
اشاره

در تفسیر قمی می گوید: بعد از آنکه رسول خدا صلی الله علیه و آله مردم را از

[شماره صفحه واقعی : 507]

ص: 1232

داستان موسی و همراهش و خضر خبر داد، عرض کردند داستان آن شخصی که دنیا را گردید و مشرق و مغرب آن را زیر پا گذاشت بگو ببینم چه کسی بوده. خدای تعالی آیات" وَ یَسْئَلُونَکَ عَنْ ذِی الْقَرْنَیْنِ ..." را نازل فرمود (1).

مؤلف: تفصیل این روایت را در آنجا که داستان اصحاب کهف را آوردیم نقل نمودیم، و در این معنا در الدر المنثور (2) از ابن ابی حاتم از سدی از عمر مولی غفره نیز روایتی آمده.

خواننده عزیز باید بداند که روایات مروی از طرق شیعه و اهل سنت از رسول خدا صلی الله علیه و آله و از طرق خصوص شیعه از ائمه هدی علیه السلام و همچنین اقوال نقل شده از صحابه و تابعین که اهل سنت با آنها معامله حدیث نموده (احادیث موقوفه اش می خوانند) در باره داستان ذی القرنین بسیار اختلاف دارد، آن هم اختلافهایی عجیب، و آن هم نه در یک بخش داستان، بلکه در تمامی خصوصیات آن. و این اخبار در عین حال مشتمل بر مطالب شگفت آوری است که هر ذوق سلیمی از آن وحشت نموده، و بلکه عقل سالم آن را محال می داند، و عالم وجود هم منکر آن است. و اگر خردمند اهل بحث آنها را با هم مقایسه نموده مورد دقت قرار دهد، هیچ شکی نمی کند در اینکه مجموع آنها خالی از دسیسه و دستبرد و جعل و مبالغه نیست. و از همه مطالب غریب تر روایاتی است که علمای یهود که به اسلام گرویدند- از قبیل وهب ابن منبه و کعب الاحبار- نقل کرده و یا اشخاص دیگری که از قرائن به دست می آید از همان یهودیان گرفته اند، نقل نموده اند. بنا بر این دیگر چه فائده ای دارد که ما به نقل آنها و استقصاء و احصاء آنها با آن کثرت و طول و تفصیلی که دارند بپردازیم؟.

لا جرم به پاره ای از جهات اختلاف آنها اشاره نموده می گذریم، و به نقل آنچه که تا حدی از اختلاف سالم است می پردازیم.

از جمله اختلافات، اختلاف در خود ذو القرنین است که چه کسی بوده. بیشتر روایات بر آنند که از جنس بشر بوده، و در بعضی (3) از آنها آمده که فرشته ای آسمانی بوده و خداوند او را به زمین نازل کرده، و هر گونه سبب و وسیله ای در اختیارش گذاشته بود. و در کتاب خطط مقریزی از جاحظ نقل کرده که در کتاب الحیوان خود گفته ذو القرنین مادرش ازه.

[شماره صفحه واقعی : 508]

ص: 1233


1- تفسیر قمی، ج 2، ص 40.
2- الدر المنثور، ج 4، ص 240.
3- این قول را الدر المنثور (ج 4، ص 241) از احوص بن حکیم از پدرش از رسول خدا صلی الله علیه و آله و از شیرازی از جبیر بن نفیر از رسول خدا صلی الله علیه و آله و از عده ای از خالد بن معدان از رسول خدا صلی الله علیه و آله و نیز از عده ای از عمر بن خطاب روایت کرده.

جنس بشر و پدرش از ملائکه بوده. و از آن جمله اختلاف در این است که وی چه سمتی داشته. در بیشتر روایات آمده که ذو القرنین بنده ای از بندگان صالح خدا بوده، خدا را دوست می داشت، و خدا هم او را دوست می داشت، او خیرخواه خدا بود، خدا هم در حقش خیرخواهی نمود. و در بعضی (1) دیگر آمده که محدث بوده یعنی ملائکه نزدش آمد و شد داشته و با آنها گفتگو می کرده. و در بعضی (2) دیگر آمده که پیغمبر بوده.

و از آن جمله، اختلاف در اسم او است. در بعضی (3) از روایات آمده که اسمش عیاش بوده، و در بعضی (4) دیگر اسکندر و در بعضی (5) مرزیا فرزند مرزبه یونانی از دودمان یونن فرزند یافث بن نوح. و در بعضی (6) دیگر مصعب بن عبد اللَّه از قحطان. و در بعضی (7) دیگر صعب بن ذی مرائد اولین پادشاه قوم تبع ها (یمنی ها) که آنان را تبع می گفتند، و گویا همان تبع، معروف به ابو کرب باشد. و در بعضی (8) عبد اللَّه بن ضحاک بن معد. و همچنین از این قبیله.

[شماره صفحه واقعی : 509]

ص: 1234


1- این روایت الدر المنثور (ج 4، ص 241) از ابن ابی حاتم و ابی الشیخ از امام باقر علیه السلام و در تفسیر برهان (ج 2، ص 483) از جبرئیل بن احمد از اصبغ بن نباته از علی علیه السلام و در نور الثقلین (ج 3، ص 294، ح 201) از اصول کافی از حارث بن مغیرة از ابی جعفر علیه السلام روایت کرده.
2- تفسیر عیاشی (ج 2، ص 340 ح 75) از ابی حمزه ثمالی از ابی جعفر علیه السلام، و الدر المنثور (ج 4، ص 241) از ابی الشیخ از ابی الورقاء از علی علیه السلام روایت کرده و در آن معنا روایات دیگری نیز هست.
3- تفسیر عیاشی (ج 2، ص 341 ح 79) از اصبغ بن نباته از علی علیه السلام و در برهان (ج 2، ص 486 ح 27) از ثمالی از امام باقر علیه السلام نقل شده.
4- این معنا از روایت قرب الاسناد حمیری از امام کاظم علیه السلام و از روایت الدر المنثور (ج 4، ص 241) از عده ای از عقبة بن عامر از رسول خدا صلی الله علیه و آله و نیز روایت دیگرش از عده ای از وهب استفاده می شود.
5- در الدر المنثور (ج 4، ص 242) است که ابن منذر و ابن ابی حاتم و ابو الشیخ از طریق ابن اسحاق از بعضی از اهل کتاب که مسلمان شده اند روایت کرده. [.....]
6- البدایة و النهایة، ج 2، ص 104 ط بیروت.
7- البدایة و النهایة، ج 2، ص 105 نقل از ابن هشام از کتاب تیجان.
8- خصال (ص 255، ط جامعه مدرسین)، از محمد بن خالد بطور رفع او در البدایة و النهایة ص، از زبیر بن بکار از ابن عباس نقل شده.

اسامی دیگر که آنها نیز بسیار است.

و از آن جمله اختلاف در این است که چرا او را ذو القرنین خوانده اند؟ در بعضی (1) از روایات آمده که قوم خود را به سوی خدا دعوت کرد، او را زدند و پیشانی راستش را شکافتند پس زمانی از ایشان غایب شد، بار دیگر آمد و مردم را به سوی خدا خواند، این بار طرف چپ سرش را شکافتند، بار دیگر غایب شد پس از مدتی خدای تعالی اسبابی به او داد که شرق و غرب زمین را بگردید و به این مناسبت او را ذو القرنین نامیدند. و در بعضی (2) دیگر آمده که مردم او را در همان نوبت اول کشتند، آن گاه خداوند او را زنده کرد، این بار به سوی قومش آمد و ایشان را دعوت نمود، این بار هم کتکش زدند و به قتلش رساندند، بار دیگر خدا او را زنده کرد و به آسمان دنیای بالا برد، و این بار با تمامی اسباب و وسائل نازلش کرد.

و در بعضی (3) دیگر آمده که: بعد از زنده شدن بار دوم در جای ضربت هایی که به او زده بودند دو شاخ بر سرش روئیده بود، و خداوند نور و ظلمت را برایش مسخر کرد، و چون بر زمین نازل شد شروع کرد به سیر و سفر در زمین و مردم را به سوی خدا دعوت کردن. مانند شیر نعره می زد و دو شاخش رعد و برق می زد، و اگر قومی از پذیرفتن دعوتش استکبار می کرد ظلمت را بر آنان مسلط می کرد، و ظلمت آن قدر خسته شان می کرد تا مجبور می شدند دعوتش را اجابت کنند.

و در بعضی (4) دیگر آمده که: وی اصلا دو شاخ بر سر داشت، و برای پوشاندنش همواره عمامه بر سر می گذاشت، و عمامه از همان روز باب شد، و از بس که در پنهان کردن آن مراقبت داشت هیچ کس غیر از کاتبش از جریان خبر نداشت، او را هم اکیدا سفارش کرده بود که به کسی نگوید، لیکن حوصله کاتبش سر آمده به ناچار به صحرا آمد، و دهان خود را بهه.

[شماره صفحه واقعی : 510]

ص: 1235


1- در کتاب برهان (ج 2، ص 487، ح 33) از صدوق از اصبغ از علی علیه السلام و در تفسیر قمی (ج 2، ص 41) از ابی بصیر از امام صادق علیه السلام و در خصال از ابی بصیر از امام صادق علیه السلام آمده.
2- در تفسیر عیاشی (ج 2، ص 341 ح 79) از اصبغ از علی علیه السلام و در الدر المنثور (ج 4، ص 241) از ابن مردویه از طریق ابی الطفیل از علی علیه السلام نقل شده و عیاشی (ج 2، ص 340 ح 73) نیز آن را نقل کرده و در معنای آن روایت دیگری نیز هست.
3- تفسیر عیاشی (ج 2، ص 341 ح 79) از اصبغ از علی علیه السلام و در الدر المنثور از عده ای از وهب ابن منبه چیزی نظیر آن نقل شده.
4- در الدر المنثور (ج 4، ص 242) از ابی الشیخ از وهب ابن منبه.

زمین گذاشته، فریاد زد که پادشاه دو شاخ دارد، خدای تعالی از صدای او دو بوته نی رویانید.

چوپانی از آن نی ها گذر کرد خوشش آمد، و آنها را قطع نموده مزماری ساخت که وقتی در آن می دمید از دهانه آنها این صدا درمی آمد،" آگاه که برای پادشاه دو شاخ است"، قضیه در شهر منتشر شد ذو القرنین فرستاد کاتبش را آوردند، و او را استنطاق کرد و چون دید انکار می کند تهدید به قتلش نمود. او واقع قضیه را گفت. ذو القرنین گفت پس معلوم می شود این امری بوده که خدا می خواسته افشاء شود، از آن به بعد عمامه را هم کنار گذاشت.

بعضی (1) گفته اند: از این جهت ذو القرنینش خوانده اند که او در دو قرن از زمین، یعنی در شرق و غرب آن، سلطنت کرده است و بعضی (2) دیگر گفته اند: بدین جهت است که وقتی در خواب دید که از دو لبه آفتاب گرفته است، خوابش را اینطور تعبیر کردند که مالک و پادشاه شرق و غرب عالم می شود، و به همین جهت ذو القرنینش خواندند.

بعضی (3) دیگر گفته اند: بدین جهت که وی دو دسته مو در سر داشت. و بعضی (4) گفته اند: چون که هم پادشاه روم و هم فارس شد. و بعضی (5) گفته اند: چون در سرش دو برآمدگی چون شاخ بود. و بعضی (6) گفته اند: چون در تاجش دو چیز به شکل شاخ از طلا تعبیه کرده بودند. و از این قبیل اقوالی دیگر.

و از جمله، اختلافی که وجود دارد در سفر او به مغرب و مشرق است که این اختلاف از سایر اختلافهای دیگر شدیدتر است. در بعضی (7) روایات آمده که ابر در فرمانش بوده، سوار بر ابر می شده و مغرب و مشرق عالم را سیر می کرده. و در روایاتی (8) دیگر آمده که او به کوه قافه.

[شماره صفحه واقعی : 511]

ص: 1236


1- در الدر المنثور از عده ای از ابی العالیه و ابن شهاب.
2- نور الثقلین (ج 3، ص 296 ح 211) از ضرائح و جرائح از امام عسکری علیه السلام از علی علیه السلام.
3- الدر المنثور از شیرازی از قتاده (ج 4، ص 242).
4- الدر المنثور از عده ای، از وهب (ج 4، ص 242).
5- در الدر المنثور (ج 4، ص 241) است که ابن منذر و ابن ابی حاتم و ابو الشیخ از طریق ابن اسحاق از بعضی از اهل کتاب که مسلمان شده اند روایت کرده.
6- این روایت را روح المعانی نقل کرده. (ج 16، ص 25).
7- در تعدادی از روایات عامه و خاصه و در الدر المنثور (ج 4، ص 246) و تفسیر برهان (ج 2، ص 483، ح 24) و نور الثقلین و بحار آمده. [.....]
8- در برهان (ج 2، ص 486، ح 28) از جمیل از امام صادق علیه السلام و در الدر المنثور (ج 4، ص 246) از عبد بن حمید و غیر او از عکرمه.

رسید، آن گاه در باره آن کوه دارد که کوهی است سبز و محیط بر همه دنیا، و سبزی آسمان هم از رنگ آن است. و در بعضی (1) دیگر آمده که: ذو القرنین به طلب آب حیات برخاست به او گفتند که آب حیات در ظلمات است، ذو القرنین وارد ظلمات شد در حالی که خضر در مقدمه لشگرش قرار داشت، خود او موفق به خوردن از آن نشد و خضر موفق شد حتی خضر از آن آب غسل هم کرد، و به همین جهت همیشه باقی و تا قیامت زنده است. و در همین روایات آمده که ظلمات مزبور در مشرق زمین است.

و از آن جمله اختلافی است که در باره محل سد ذو القرنین هست. در بعضی (2) از روایات آمده که در مشرق است. و در بعضی (3) دیگر آمده که در شمال است. مبالغه روایات (4) در این مورد به حدی رسیده که بعضی گفته اند: طول سد که در بین دو کوه ساخته شده صد فرسخ، و عرض آن پنجاه فرسخ، و ارتفاع آن به بلندی دو کوه است. و در پی ریزی اش آن قدر زمین را کندند که به آب رسیدند، و در درون سد صخره های عظیم، و به جای گل مس ذوب شده ریختند تا به کف زمین رسیدند از آنجا به بالا را با قطعه های آهن و مس ذوب شده پر کردند، و در لابلای آن رگه ای از مس زرد به کار بردند که چون جامه راه راه رنگارنگ گردید.

و از آن جمله اختلاف روایات است در وصف یاجوج و ماجوج. در بعضی (5) روایات آمده که از نژاد ترک از اولاد یافث بن نوح بودند، و در زمین فساد می کردند. ذو القرنین سدی را که ساخت برای همین بود که راه رخنه آنان را ببندد. و در بعضی (6) از آنها آمده که اصلا از جنس بشر نبودند. و در بعضی (7) دیگر آمده که قوم" ولود" بوده اند، یعنی هیچ کس از زن و مرد).

[شماره صفحه واقعی : 512]

ص: 1237


1- در تفسیر قمی (ج 2، ص 42) از علی علیه السلام و در تفسیر عیاشی (ج 2، ص 340، ح 77) از هشام از بعضی از آل محمد علیه السلام و در الدر المنثور از ابن ابی حاتم و غیر او از امام باقر علیه السلام.
2- الدر المنثور (ج 4، ص 444) از ابن اسحاق و غیر او از وهب.
3- الدر المنثور از ابن اسحاق از ابن عباس.
4- الدر المنثور (ج 4، ص 444) از ابن اسحاق و غیر او از وهب.
5- الدر المنثور از ابن اسحاق از ابن منذر از علی علیه السلام و از ابن ابی حاتم از قتاده و در (ج 3، ص 307، ح 227) نور الثقلین از علل الشرائع از عسکری.
6- نور الثقلین (ج 3، ص 307، ح 228) از روضه کافی از ابن عباس.
7- طبری (ج 16، ص 19، با اختلاف سند) از عبد اللَّه بن عمیر و از عبد اللَّه بن سلام و در الدر المنثور (ج 4، ص 250) از نسایی و ابن مردویه از اوس از رسول خدا صلی الله علیه و آله و در الدر المنثور (ج 4، ص 251) از ابن ابی حاتم از سدی از علی علیه السلام.

آنها نمی مرده مگر آنکه دارای هزار فرزند شده باشد، و به همین جهت آمار آنها از عدد سایر بشر بیشتر بوده. حتی در بعضی (1) روایات آمار آنها را نه برابر همه بشر دانسته. و نیز روایت (2) شده که این قوم از نظر نیروی جسمی و شجاعت به حدی بوده اند که به هیچ حیوان و یا درنده و یا انسانی نمی گذشتند مگر آنکه آن را پاره پاره کرده می خوردند. و نیز به هیچ کشت و زرع و یا درختی نمی گذشتند مگر آنکه همه را می چریدند، و به هیچ نهری برنمی خورند مگر آنکه آب آن را می خوردند و آن را خشک می کردند. و نیز روایت (3) شده که یاجوج یک قوم و ماجوج قومی دیگر و امتی دیگر بوده اند، و هر یک از آنها چهار صد هزار امت و فامیل بوده اند، و به همین جهت جز خدا کسی از عدد آنها خبر نداشته.

و نیز روایت (4) شده که سه طائفه بوده اند، یک طائفه مانند ارز بوده اند که درختی است بلند. طائفه دیگر طول و عرضشان یکسان بوده و از هر طرف چهار زرع بوده اند، و طائفه سوم که از آن دو طائفه شدیدتر و قوی تر بودند هر یک دو لاله گوش داشته اند که یکی از آنها را تشک و دیگری را لحاف خود می کرده، یکی لباس تابستانی و دیگری لباس زمستانی آنها بوده اولی پشت و رویش دارای پرهایی ریز بوده و آن دیگری پشت و رویش کرک بوده است. بدنی سفت و سخت داشته اند. کرک و پشم بدنشان بدنهایشان را می پوشانده. و نیز روایت (5) شده که قامت هر یک از آنها یک وجب و یا دو وجب و یا سه وجب بوده. و در بعضی (6) دیگر آمده که آنهایی که لشکر ذو القرنین با ایشان می جنگیدند صورتهایشان مانند سگ بوده..]

[شماره صفحه واقعی : 513]

ص: 1238


1- در الدر المنثور (ج 3، ص 249) از عبد الرزاق و غیر او از عبد اللَّه بن عمر.
2- الدر المنثور (ج 4، ص 242) از ابن اسحاق و غیر او از وهب.
3- در الدر المنثور (ج 4، ص 250) از ابن منذر و ابی الشیخ از حسان بن عطیه و از ابن ابی حاتم و غیر او از حذیفه از رسول خدا صلی الله علیه و آله و نیز در مبالغه از جهت آمار این امت آمده که از رسول خدا صلی الله علیه و آله روایت شده که فرمود یاجوج و ماجوج معادل هزار برابر مسلمانان هستند [البدایة و النهایة از صحیح بخاری و مسلم از ابی سعید از رسول خدا صلی الله علیه و آله] در حالی که می گویند مسلمانان پنج یک اهل زمینند و لازمه این حرف این می شود که یاجوج و ماجوج دویست برابر جمعیت روی زمین باشند.
4- در الدر المنثور (ج 4، ص 244) از ابن منذر و ابن ابی حاتم از کعب الاحبار.
5- در الدر المنثور (ج 4، ص 250) از ابن منذر و حاکم و غیر آن دو از ابن عباس.
6- در الدر المنثور (ج 4، ص 242) از ابن منذر و از عده ای از عقبة بن عامر از رسول خدا صلی الله علیه و آله. [.....]

و از جمله آن اختلافات اختلافی است که در تاریخ زندگی سلطنت ذو القرنین است، در بعضی از روایات (1) آمده که بعد از نوح، و در بعضی (2) دیگر در زمان ابراهیم و هم عصر وی می زیسته، زیرا ذو القرنین حج خانه خدا کرده و با ابراهیم مصافحه نموده است، و این اولین مصافحه در دنیا بوده. و در بعضی (3) دیگر آمده که وی در زمان داوود می زیسته است.

باز از جمله اختلافاتی که در روایات این داستان هست اختلاف در مدت سلطنت ذو القرنین است. در بعضی (4) از روایات آمده که سی سال، و در بعضی (5) دیگر دوازده سال، و در روایات دیگر مقدارهایی دیگر گفته شده.

این بود جهات اختلافی که هر که به تاریخ مراجعه نماید و اخبار این داستان را در جوامع حدیث از قبیل الدر المنثور، بحار، برهان و نور الثقلین از نظر بگذراند به آنها واقف می گردد.

و در کتاب کمال الدین به سند خود از اصبغ بن نباته روایت کرده که گفت: ابن الکواء در محضر علی علیه السلام هنگامی که آن جناب بر فراز منبر بود برخاست و گفت:

یا امیر المؤمنین ما را از داستان ذو القرنین خبر بده، آیا پیغمبر بوده و یا ملک؟ و مرا از دو قرن او خبر بده آیا از طلا بوده یا از نقره؟ حضرت فرمود: نه پیغمبر بود، و نه ملک. و دو قرنش نه از طلا بود و نه از نقره. او مردی بود که خدای را دوست می داشت و خدا هم او را دوست داشت، او خیرخواه خدا بود، خدا هم برایش خیر می خواست، و بدین جهت او را ذو القرنین خواندند که قومش را به سوی خدا دعوت می کرد و آنها او را زدند و یک طرف سرش را شکستند، پس مدتی از مردم غایب شد، و بار دیگر به سوی آنان برگشت، این بار هم زدند و طرف دیگر سرش را شکستند، و اینک در میان شما نیز کسی مانند او هست (6).

مؤلف: ظاهرا کلمه" ملک" در این روایت به فتح لام (فرشته) باشد نه به کسر آن (پادشاه)، برای اینکه در روایاتی که به حد استفاضه از آن جناب و از دیگران نقل شده همه او

[شماره صفحه واقعی : 514]

ص: 1239


1- در تفسیر عیاشی (ج 2، ص 351، ح 87) از اصبغ از علی علیه السلام.
2- الدر المنثور (ج 4، ص 242) از ابن مردویه و غیر او از عبید بن عمیر، و در نور الثقلین (ج 3، ص 288، ح 181) از امالی شیخ از امام باقر علیه السلام و در عرائس ابن اسحاق.
3- الدر المنثور از ابن ابی حاتم و ابن عساکر از مجاهد.
4- برهان (ج 2، ص 479، ح 2) از برقی از موسی بن جعفر علیه السلام.
5- الدر المنثور (ج 4، ص 247) از ابن ابی حاتم از وهب.
6- اکمال الدین، ط انتشارات اسلامی، ص 393.

را سلطانی جهان گیر معرفی کرده اند. پس اینکه در این روایت آن را نفی کرده و همچنین پیغمبر بودن او را نیز نفی کرده به خاطر این بوده که روایات وارده از رسول خدا را که در بعضی آمده که پیغمبر بوده، و در بعضی دیگر فرشته ای از فرشتگان که همین قول عمر بن خطاب است هم چنان که اشاره به آن گذشت، تکذیب نماید.

و اینک فرمود" اینک در میان شما مانند او هست" یعنی مانند ذو القرنین در دو بار شکافته شدن فرقش، و مقصودش خودش بوده، چون یک طرف فرق سر ایشان از ضربت ابن عبد ود شکافته شد و طرف دیگر به ضربت عبد الرحمن ابن ملجم (لعنة اللَّه علیه) که با همین ضربت دومی شهید گردید. و نیز به دلیل روایت کمال الدین که از روایات مستفیضه از امیر المؤمنین علیه السلام است و شیعه و اهل سنت به الفاظ مختلفی از آن جناب نقل کرده اند و مبسوطتر از همه از نظر لفظ همین نقلی است که ما آوردیم. چیزی که هست دست نقل به معنا با آن بازیها کرده و آن را به صورت عجیب و غریب و نهایت تحریف در آورده است.

و در الدر المنثور است که ابن مردویه از سالم بن ابی الجعد روایت کرده که گفت:

شخصی از علی علیه السلام از ذو القرنین پرسش نمود که آیا پیغمبر بوده یا نه؟ فرمود: از پیغمبرتان شنیدم که می فرمود: او بنده ای بود معتقد به وحدانیت خدا و مخلص در عبادتش، خدا هم خیرخواه او بود (1).

و در احتجاج از امام صادق علیه السلام در ضمن حدیث مفصلی روایت کرده که گفت: سائل از آن جناب پرسید مرا از آفتاب خبر ده که در کجا پنهان می شود؟ فرمود: بعضی از علما گفته اند وقتی آفتاب به پائین ترین نقطه سرازیر می شود، فلک آن را می چرخاند و دوباره به شکم آسمان بالا می برد، و این کار همیشه جریان دارد تا آنکه به طرف محل طلوع خود پائین آید، یعنی آفتاب در چشمه لایه داری فرو رفته سپس زمین را پاره نموده، دوباره به محل طلوع خود برمی گردد، به همین جهت زیر عرش متحیر شده تا آنکه اجازه اش دهند بار دیگر طلوع کند، و همه روزه نورش سلب شده، هر روز نور دیگری سرخ فام به خود می گیرد (2).

مؤلف: اینکه فرمود:" به پائین ترین نقطه سرازیر می شود" تا آنجا که فرمود" به محل طلوع خود برمی گردد" بیان سیر آفتاب است از حین غروب تا هنگام طلوعش در مدار آسمان بنا بر فرضیه معروف بطلمیوسی، چون آن روز این فرضیه بر سر کار بود که اساسش مبنی بر سکونف.

[شماره صفحه واقعی : 515]

ص: 1240


1- الدر المنثور، ج 4، ص 240.
2- احتجاج طبرسی، ج 2، ص 99، ط نجف.

زمین و حرکت اجرام سماوی در پیرامون آن بود، و به همین جهت امام علیه السلام این قضیه را نسبت به بعضی علماء داده است. و اینکه داشت" یعنی آفتاب در چشمه لای داری فرو رفته سپس زمین را پاره می کند و دوباره به محل طلوع خود برمی گردد" جزء کلام امام نیست، بلکه کلام بعضی از راویان خبر است، که به خاطر قصور فهم، آیه" تَغْرُبُ فِی عَیْنٍ حَمِئَةٍ" را به فرو رفتن آفتاب در چشمه لای دار، و غایب شدنش در آن، و چون ماهی شنا کردن در آب، و پاره کردن زمین، و دو باره به محل طلوع برگشتن، و سپس رفتن به زیر عرش، تفسیر کرده اند. به نظر آنها عرش، آسمانی است فوق آسمانهای هفتگانه، و یا جسمی است نورانی که ما فوق آن نیست، و آن را بالای آسمان هفتم گذاشته اند، و آفتاب شبها در آنجا هست تا اجازه اش دهند طلوع کند، آن وقت است که نوری قرمز به خود می گیرد و طلوع می کند.

روایاتی در ذیل برخی جملات آیات راجع به ذو القرنین

و همین راوی در جمله" پس در زیر عرش متحیر شده، تا آنکه اجازه اش دهند طلوع کند" به روایت دیگری اشاره کرده که از رسول خدا صلی الله علیه و آله روایت شده که ملائکه آفتاب را بعد از غروبش به زیر عرش می برند، و نگاه می دارند در حالی که اصلا نور ندارد، و در همانجا هست در حالی که هیچ نمی داند فردا چه ماموریتی به او می دهند، تا آنکه جامه نور را بر تنش کرده، دستورش می دهند طلوع کند. فهم قاصر او در عرش همان اشتباهی را مرتکب شده که در تفسیر غروب در اینجا مرتکب شده بود، در نتیجه قدم به قدم از حق دورتر شده است.

و در تفسیر" عرش" به فلک نهم و یا جسم نورانی نظیر تخت، در کتاب و سنت چیزی که قابل اعتماد باشد وجود ندارد. همه اینها مطالبی است که فهم این راوی آن را تراشیده. و ما بیشتر روایات عرش را در اوائل جزء هشتم این کتاب نقل نمودیم.

و همین که امام علیه السلام مطلب را به بعضی از علماء نسبت داده خود اشاره به این است که آن جناب مطلب را صحیح ندانسته، و این امکان را هم نداشته که حق مطلب را بیان فرماید، و چگونه می توانسته اند بیان کنند در حالی که فهم شنوندگان آن قدر ساده و نارسا بوده که یک فرضیه آسان و سهل التصور در نزد اهل فنش را اینطور که دیدید گیج و گم می کردند. در چنین زمانی اگر امام حق مطلب را که امری خارج از احساس به خواص ظاهری و بیرون از گنجایش فکر آن روز شنونده بود بیان می کردند شنوندگان چگونه تلقی اش نموده، و چه معانی برایش می تراشیدند؟.

و در الدر المنثور است که عبد الرزاق، سعید بن منصور، ابن جریر، ابن منذر و ابن ابی

[شماره صفحه واقعی : 516]

ص: 1241

حاتم از طریق عثمان بن ابی حاضر، از ابن عباس روایت کرده اند که به وی گفته شد:

معاویة بن ابی سفیان آیه سوره کهف را" تغرب فی عین حامیة" قرائت کرده. ابن عباس می گوید: من به معاویه گفتم: ما این آیه را جز به لفظ" حمئة" قرائت نکرده ایم، (تو این قرائت را از که شنیدی؟). معاویه به عبد اللَّه عمر گفت: تو چه جور می خوانی؟ گفت:

همانطور که تو خواندی.

ابن عباس می گوید: به معاویه گفتم قرآن در خانه من نازل شده، (تو از این و آن می پرسی؟) معاویه فرستاد نزد کعب الاحبار و احضارش نموده، پرسید در تورات محل غروب آفتاب را کجا دانسته؟ کعب گفت: از اهل عربیت بپرس، که آنان بهتر می دانند، و اما من در تورات می یابم که آفتاب در آب و گل غروب می کند،- و در اینجا با دست اشاره به سمت مغرب کرد- ابن ابی حاضر به ابن عباس گفت: اگر من با شما دو نفر بودم چیزی می گفتم که سخن تو را تایید کند، و معاویه را نسبت به کلمه" حمئة" بصیرت بخشد. ابن عباس پرسید: چه می گفتی؟ گفت این مدرک را ارائه می دادم که تبع در ضمن خاطراتی که از ذو القرنین و از علاقه مندی او به علم و پیروی از آن نقل کرده گفته است.

قد کان ذو القرنین عمر مسلما ملکا تدین له الملوک و تحشد

فاتی المشارق و المغارب یبتغی اسباب ملک من حکیم مرشد

فرأی مغیب الشمس عند غروبها فی عین ذی خلب و ثاط حرمد (1)

ابن عباس پرسید" خلب" چیست؟ اسود گفت: در زبان قوم تبع به معنای گل است، پرسید" ثاط" به چه معنا است؟ گفت: به معنای لای است، پرسید" حرمد" چیست؟ گفت:

سیاه. ابن عباس غلامی را صدا زد که آنچه این مرد می گوید بنویس (2).

مؤلف: این حدیث با مذاق جماعت که قائل به تواتر قراءتها هستند آن طور که باید سازگاری ندارد.

[شماره صفحه واقعی : 517]

ص: 1242


1- ذو القرنین مردی مسلمان بود که عمری را به اسلام گذارنده و پادشاهی بود که پادشاهان خدمتش کردند و نزدش جمع شدند. پس به مشارق و مغارب عالم سفر کرد و در جستجوی اسباب ملک بود که حکیمی مرشد بیابد و از او بپرسد. پس محل غروب آفتاب را در هنگام غروب دید که در چشمه ای گل آلود و سیاه رنگ فرو می رفت.
2- الدر المنثور، ج 4، ص 248.

و از تیجان ابن هشام همین حدیث را نقل کرده، و در آن چنین آمده که: ابن عباس این اشعار را برای معاویه خواند، معاویه از معنای" خلب" و" ثاط" و" حرمد" پرسید، و در جوابش گفت: خلب به معنای لایه زیرین است، و حرمد شن و سنگ زیر آن است، آن گاه قصیده را هم ذکر کرده. و همین اختلاف خود شاهد بر این است که در این روایت نارسایی وجود دارد.

و در تفسیر عیاشی از ابی بصیر از ابی جعفر علیه السلام روایت کرده که در ذیل این کلام خدای عز و جل:" لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِها سِتْراً" فرمود: چون هنوز خانه ساختن را یاد نگرفته بودند (1).

و در تفسیر قمی در ذیل همین آیه نقل کرده که امام فرمود: چون هنوز لباس دوختن را نیاموخته بودند (2).

و در الدر المنثور است که ابن منذر از ابن عباس روایت کرده که در ذیل جمله" حَتَّی إِذا بَلَغَ بَیْنَ السَّدَّیْنِ" گفته: یعنی دو کوه که یکی کوه ارمینیه و یکی کوه آذربیجان است (3).

و در تفسیر عیاشی از مفضل روایت کرده که گفت از امام صادق علیه السلام از معنای آیه" أَجْعَلْ بَیْنَکُمْ وَ بَیْنَهُمْ رَدْماً" پرسش نمودم، فرمود: منظور تقیه است که" فَمَا اسْطاعُوا أَنْ یَظْهَرُوهُ وَ مَا اسْتَطاعُوا لَهُ نَقْباً" اگر به تقیه عمل کنی در حق تو هیچ حیله ای نمی توانند بکنند، و خود حصنی حصین است، و میان تو و اعداء خدا سدی محکم است که نمی توانند آن را سوراخ کنند (4).

و نیز در همان کتاب از جابر از آن جناب روایت کرده که آیه را به تقیه تفسیر فرموده است (5).

مؤلف: این دو روایت از باب جری است نه تفسیر.

و در تفسیر عیاشی از اصبغ بن نباته از علی علیه السلام روایت کرده که روز را در جمله" وَ تَرَکْنا بَعْضَهُمْ یَوْمَئِذٍ یَمُوجُ فِی بَعْضٍ" به روز قیامت تفسیر فرموده (6).

مؤلف: ظاهر آیه به حسب سیاق این است که این آیه مربوط به علائم ظهور قیامت باشد، و شاید مراد امام هم از روز قیامت همان مقدمات آن روز باشد، چون بسیار می شود که.]

[شماره صفحه واقعی : 518]

ص: 1243


1- تفسیر عیاشی، ج 2، ص 350، ح 84.
2- تفسیر قمی، ج 2، ص 41.
3- الدر المنثور، ج 4، ص 249. (4 و 5 و 6)تفسیر عیاشی، ج 2، ص 351. [.....]

قیامت به روز ظهور مقدماتش هم اطلاق می شود.

و در همان کتاب از محمد بن حکیم روایت شده که گفت: من نامه ای به امام صادق علیه السلام نوشتم، و در آن پرسیدم: آیا نفس قادر بر معرفت هست یا نه؟ می گوید:

امام فرمود نه. پرسیدم خدای تعالی می فرماید:" الَّذِینَ کانَتْ أَعْیُنُهُمْ فِی غِطاءٍ عَنْ ذِکْرِی وَ کانُوا لا یَسْتَطِیعُونَ سَمْعاً" و از آن برمی آید که دیدگان کفار بینایی داشته و بعدا دچار غطاء شده. امام فرمود: این آیه" ما کانُوا یَسْتَطِیعُونَ السَّمْعَ وَ ما کانُوا یُبْصِرُونَ" کنایه است از ندیدن و نشنیدن، نه اینکه می بینند ولی غطاء جلو دید آنان را گرفته است. می گوید عرض کردم: پس چرا از آنان عیب می گیرد؟ فرمود: از آن جهت که خدا با آنان معامله کرده عیب نمی گیرد، بلکه از آن جهت که خود چنین کردند از آنها عیب می گیرد و اگر منحرف نمی شدند و تکلف نمی کردند عیبی بر آنان نبود (1).

مؤلف: یعنی کفار، خود مسبب این حجاب اند و به همین جهت به آثار و تبعات آن گرفتار می شوند.

و در تفسیر قمی در ذیل آیه مذکور از امام روایت کرده که فرمود: کسانی هستند که به خلقت خدا و آیات ارضی و سماوی او نظر نمی افکنند (2).

مؤلف: و در عیون (3) از حضرت رضا علیه السلام روایت کرده که آیه را بر منکرین ولایت تطبیق فرموده، و این همان تطبیق کلی بر مصداق است.

[شماره صفحه واقعی : 519]

ص: 1244


1- تفسیر عیاشی، ج 2، ص 351.
2- تفسیر قمی، ج 2، ص 46.
3- عیون اخبار الرضا علیه السلام، ج 1، ص 136، ح 33.
گفتاری پیرامون داستان ذو القرنین بحثی قرآنی و تاریخی در چند فصل
1- داستان ذو القرنین در قرآن

قرآن کریم متعرض اسم او و تاریخ زندگی و ولادت و نسب و سایر مشخصاتش نشده.

البته این رسم قرآن کریم در همه موارد است که در هیچ یک از قصص گذشتگان به جزئیات نمی پردازد. در خصوص ذو القرنین هم اکتفاء به ذکر سفرهای سه گانه او کرده، اول رحلتش به مغرب تا آنجا که به محل فرو رفتن خورشید رسیده و دیده است که آفتاب در" عَیْنٍ حَمِئَةٍ" و یا" حامیه" فرو می رود، و در آن محل به قومی برخورده است. و رحلت دومش از مغرب به طرف مشرق بوده، تا آنجا که به محل طلوع خورشید رسیده، و در آنجا به قومی برخورده که خداوند میان آنان و آفتاب ساتر و حاجبی قرار نداده.

و رحلت سومش تا به موضع بین السدین بوده، و در آنجا به مردمی برخورده که به هیچ وجه حرف و کلام نمی فهمیدند و چون از شر یاجوج و ماجوج شکایت کردند، و پیشنهاد کردند که هزینه ای در اختیارش بگذارند و او بر ایشان دیواری بکشد، تا مانع نفوذ یاجوج و ماجوج در بلاد آنان باشد. او نیز پذیرفته و وعده داده سدی بسازد که ما فوق آنچه آنها آرزویش را می کنند بوده باشد، ولی از قبول هزینه خودداری کرده است و تنها از ایشان نیروی انسانی خواسته است. آن گاه از همه خصوصیات بنای سد تنها اشاره ای به رجال و قطعه های آهن و دمهای کوره و قطر نموده است.

این آن چیزی است که قرآن کریم از این داستان آورده، و از آنچه آورده چند خصوصیت و جهت جوهری داستان استفاده می شود:

اول اینکه صاحب این داستان قبل از اینکه داستانش در قرآن نازل شود بلکه حتی در زمان زندگی اش ذو القرنین نامیده می شده، و این نکته از سیاق داستان یعنی جمله" یَسْئَلُونَکَ

[شماره صفحه واقعی : 520]

ص: 1245

عَنْ ذِی الْقَرْنَیْنِ"

و" قُلْنا یا ذَا الْقَرْنَیْنِ" و" قالُوا یا ذَا الْقَرْنَیْنِ" به خوبی استفاده می شود، (از جمله اول برمی آید که در عصر رسول خدا صلی الله علیه و آله قبل از نزول این قصه چنین اسمی بر سر زبانها بوده، که از آن جناب داستانش را پرسیده اند. و از دو جمله بعدی به خوبی معلوم می شود که اسمش همین بوده که با آن خطابش کرده اند).

خصوصیت دوم اینکه او مردی مؤمن به خدا و روز جزاء و متدین به دین حق بوده که بنا بر نقل قرآن کریم گفته است:" هذا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّی فَإِذا جاءَ وَعْدُ رَبِّی جَعَلَهُ دَکَّاءَ وَ کانَ وَعْدُ رَبِّی حَقًّا" و نیز گفته:" أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ یُرَدُّ إِلی رَبِّهِ فَیُعَذِّبُهُ عَذاباً نُکْراً وَ أَمَّا مَنْ آمَنَ وَ عَمِلَ صالِحاً ..." گذشته از اینکه آیه" قُلْنا یا ذَا الْقَرْنَیْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَ إِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِیهِمْ حُسْناً" که خداوند اختیار تام به او می دهد، خود شاهد بر مزید کرامت و مقام دینی او می باشد، و می فهماند که او به وحی و یا الهام و یا به وسیله پیغمبری از پیغمبران تایید می شده، و او را کمک می کرده.

خصوصیت سوم اینکه او از کسانی بوده که خداوند خیر دنیا و آخرت را برایش جمع کرده بود. اما خیر دنیا، برای اینکه سلطنتی به او داده بود که توانست با آن به مغرب و مشرق آفتاب برود، و هیچ چیز جلوگیرش نشود بلکه تمامی اسباب مسخر و زبون او باشند. و اما آخرت، برای اینکه او بسط عدالت و اقامه حق در بشر نموده به صلح و عفو و رفق و کرامت نفس و گستردن خیر و دفع شر در میان بشر سلوک کرد، که همه اینها از آیه" إِنَّا مَکَّنَّا لَهُ فِی الْأَرْضِ وَ آتَیْناهُ مِنْ کُلِّ شَیْ ءٍ سَبَباً" استفاده می شود. علاوه بر آنچه که از سیاق داستان بر می آید که چگونه خداوند نیروی جسمانی و روحانی به او ارزانی داشته است.

جهت چهارم اینکه به جماعتی ستمکار در مغرب برخورد و آنان را عذاب نمود.

جهت پنجم اینکه سدی که بنا کرده در غیر مغرب و مشرق آفتاب بوده، چون بعد از آنکه به مشرق آفتاب رسیده پیروی سببی کرده تا به میان دو کوه رسیده است، و از مشخصات سد او علاوه بر اینکه گفتیم در مشرق و مغرب عالم نبوده این است که میان دو کوه ساخته شده، و این دو کوه را که چون دو دیوار بوده اند به صورت یک دیوار ممتد در آورده است. و در سدی که ساخته پاره های آهن و قطر به کار رفته، و قطعا در تنگنایی بوده که آن تنگنا رابط میان دو قسمت مسکونی زمین بوده است.

2- داستان ذو القرنین و سد و یاجوج و ماجوج از نظر تاریخ

قدمای از مورخین هیچ یک در اخبار خود پادشاهی را که نامش ذو القرنین و یا شبیه به

[شماره صفحه واقعی : 521]

ص: 1246

آن باشد اسم نبرده اند. و نیز اقوامی به نام یاجوج و ماجوج و سدی که منسوب به ذو القرنین باشد نام نبرده اند. بله به بعضی از پادشاهان حمیر از اهل یمن اشعاری نسبت داده اند که به عنوان مباهات نسبت خود را ذکر کرده و یکی از پدران خود را که سمت پادشاهی" تبع" داشته را به نام ذو القرنین اسم برده و در سروده هایش این را نیز سروده که او به مغرب و مشرق عالم سفر کرد و سد یاجوج و ماجوج را بنا نمود، که به زودی در فصول آینده مقداری از آن اشعار به نظر خواننده خواهد رسید- ان شاء اللَّه.

و نیز ذکر یاجوج و ماجوج در مواضعی از کتب عهد عتیق آمده. از آن جمله در اصحاح دهم از سفر تکوین تورات:" اینان فرزندان دودمان نوح اند: سام و حام و یافث که بعد از طوفان برای هر یک فرزندانی شد، فرزندان یافث عبارت بودند از جومر و ماجوج و مادای و باوان و نوبال و ماشک و نبراس".

و در کتاب حزقیال اصحاح سی و هشتم آمده:" خطاب کلام رب به من شد که می گفت: ای فرزند آدم روی خود متوجه جوج سرزمین ماجوج رئیس روش ماشک و نوبال، کن، و نبوت خود را اعلام بدار و بگو آقا و سید و رب این چنین گفته: ای جوج رئیس روش ماشک و نوبال، علیه تو برخاستم، تو را برمی گردانم و دهنه هایی در دو فک تو می کنم، و تو و همه لشگرت را چه پیاده و چه سواره بیرون می سازم، در حالی که همه آنان فاخرترین لباس بر تن داشته باشند، و جماعتی عظیم و با سپر باشند همه شان شمشیرها به دست داشته باشند، فارس و کوش و فوط با ایشان باشد که همه با سپر و کلاهخود باشند، و جومر و همه لشگرش و خانواده نوجرمه از اواخر شمال با همه لشگرش شعبه های کثیری با تو باشند".

می گوید:" به همین جهت ای پسر آدم باید ادعای پیغمبری کنی و به جوج بگویی سید رب امروز در نزدیکی سکنای شعب اسرائیل در حالی که در امن هستند چنین گفته: آیا نمی دانی و از محلت از بالای شمال می آیی".

و در اصحاح سی و نهم داستان سابق را دنبال نموده می گوید:" و تو ای پسر آدم برای جوج ادعای پیغمبری کن و بگو سید رب اینچنین گفته: اینک من علیه توام ای جوج ای رئیس روش ماشک و نوبال و اردک و اقودک، و تو را از بالاهای شمال بالا می برم، و به کوه های اسرائیل می آورم، و کمانت را از دست چپت و تیرهایت را از دست راستت می زنم، که بر کوه های اسرائیل بیفتی، و همه لشگریان و شعوبی که با تو هستند بیفتند، آیا می خواهی خوراک مرغان کاشر از هر نوع و وحشی های بیابان شوی؟ بر روی زمین بیفتی؟ چون من به کلام سید رب سخن گفتم، و آتشی بر ماجوج و بر ساکنین در جزائر ایمن می فرستم، آن وقت است که می دانند منم رب ...".

[شماره صفحه واقعی : 522]

ص: 1247

و در خواب یوحنا در اصحاح بیستم می گوید:" فرشته ای دیدم که از آسمان نازل می شد و با او است کلید جهنم و سلسله و زنجیر بزرگی بر دست دارد، پس می گیرد اژدهای زنده قدیمی را که همان ابلیس و شیطان باشد، و او را هزار سال زنجیر می کند، و به جهنمش می اندازد و درب جهنم را به رویش بسته قفل می کند، تا دیگر امتهای بعدی را گمراه نکند، و بعد از تمام شدن هزار سال البته باید آزاد شود، و مدت اندکی رها گردد".

آن گاه می گوید:" پس وقتی هزار سال تمام شد شیطان از زندانش آزاد گشته بیرون می شود، تا امتها را که در چهار گوشه زمینند جوج و ماجوج همه را برای جنگ جمع کند در حالی که عددشان مانند ریگ دریا باشد، پس بر پهنای گیتی سوار شوند و لشگرگاه قدیسین را احاطه کنند و نیز مدینه محبوبه را محاصره نمایند، آن وقت آتشی از ناحیه خدا از آسمان نازل شود و همه شان را بخورد، و ابلیس هم که گمراهشان می کرد در دریاچه آتش و کبریت بیفتد، و با وحشی و پیغمبر دروغگو بباشد، و به زودی شب و روز عذاب شود تا ابد الآبدین".

از این قسمت که نقل شده استفاده می شود که" ماجوج" و یا" جوج و ماجوج" امتی و یا امتهایی عظیم بوده اند، و در قسمت های بالای شمال آسیا از آبادی های آن روز زمین می زیسته اند، و مردمانی جنگجو و معروف به جنگ و غارت بوده اند.

اینجاست که ذهن آدمی حدس قریبی می زند، و آن این است که ذو القرنین یکی از ملوک بزرگ باشد که راه را بر این امتهای مفسد در زمین سد کرده است، و حتما باید سدی که او زده فاصل میان دو منطقه شمالی و جنوبی آسیا باشد، مانند دیوار چین و یا سد باب الأبواب و یا سد داریال و یا غیر آنها.

تاریخ امم آن روز جهان هم اتفاق دارد بر اینکه ناحیه شمال شرقی از آسیا که ناحیه احداب و بلندیهای شمال چین باشد موطن و محل زندگی امتی بسیار بزرگ و وحشی بوده امتی که مدام رو به زیادی نهاده جمعیتشان فشرده تر می شد، و این امت همواره بر امتهای مجاور خود مانند چین حمله می بردند، و چه بسا در همانجا زاد و ولد کرده به سوی بلاد آسیای وسطی و خاورمیانه سرازیر می شدند، و چه بسا که در این کوه ها به شمال اروپا نیز رخنه می کردند. بعضی از ایشان طوائفی بودند که در همان سرزمین هایی که غارت کردند سکونت نموده متوطن می شدند، که اغلب سکنه اروپای شمالی از آنهایند، و در آنجا تمدنی به وجود آورده، و به زراعت و صنعت می پرداختند. و بعضی دیگر برگشته به همان غارتگری خود ادامه می دادند.

[شماره صفحه واقعی : 523]

ص: 1248

بعضی از مورخین گفته اند که یاجوج و ماجوج امتهایی بوده اند که در قسمت شمالی آسیا از تبت و چین گرفته تا اقیانوس منجمد شمالی و از ناحیه غرب تا بلاد ترکستان زندگی می کردند این قول را از کتاب" فاکهة الخلفاء و تهذیب الاخلاق" ابن مسکویه، و رسائل اخوان الصفاء، نقل کرده اند.

و همین خود مؤید آن احتمالی است که قبلا تقویتش کردیم، که سد مورد بحث یکی از سدهای موجود در شمال آسیا فاصل میان شمال و جنوب است.

3- ذو القرنین کیست و سدش کجا است؟ اقوال مختلف در این باره

مورخین و ارباب تفسیر در این باره اقوالی بر حسب اختلاف نظریه شان در تطبیق داستان دارند:

الف- به بعضی از مورخین نسبت می دهند که گفته اند: سد مذکور در قرآن همان دیوار چین است. آن دیوار طولانی میان چین و مغولستان حائل شده، و یکی از پادشاهان چین به نام" شین هوانک تی" آن را بنا نهاده، تا جلو هجومهای مغول را به چین بگیرد. طول این دیوار سه هزار کیلومتر و عرض آن 9 متر و ارتفاعش پانزده متر است، که همه با سنگ چیده شده، و در سال 264 قبل از میلاد شروع و پس از ده و یا بیست سال خاتمه یافته است، پس ذو القرنین همین پادشاه بوده.

و لیکن این مورخین توجه نکرده اند که اوصاف و مشخصاتی که قرآن برای ذو القرنین ذکر کرده و سدی که قرآن بنایش را به او نسبت داده با این پادشاه و این دیوار چین تطبیق نمی کند، چون در باره این پادشاه نیامده که به مغرب اقصی سفر کرده باشد، و سدی که قرآن ذکر کرده میان دو کوه واقع شده و در آن قطعه های آهن و قطر، یعنی مس مذاب به کار رفته، و دیوار بزرگ چین که سه هزار کیلومتر است از کوه و زمین همین طور، هر دو می گذرد و میان دو کوه واقع نشده است، و دیوار چین با سنگ ساخته شده و در آن آهن و قطری به کاری نرفته.

ب- به بعضی دیگری از مورخین نسبت داده اند که گفته اند: آنکه سد مذکور را ساخته یکی از ملوک آشور (1) بوده که در حوالی قرن هفتم قبل از میلاد مورد هجوم اقوام" سیت" (2) قرار می گرفته، و این اقوام از تنگنای کوه های قفقاز تا ارمنستان آن گاه ناحیه غربید.

[شماره صفحه واقعی : 524]

ص: 1249


1- این نظریه از کتاب" کیهان شناخت" تالیف حسن بن قطان مروزی طبیب و منجم متوفی سنه 548 ه- نقل شده، و در آن اسم آن پادشاه را" بلینس" و نیز اسکندر دانسته.
2- این اقوام به طوری که گفته اند: در اصطلاح غربی ها" سیت" نامیده می شدند، که نامی از ایشان در بعضی از سنگنبشته های زمان داریوش نیز آمده، ولی در نزد یونانی ها" میگاک" نامیده شده اند.

ایران هجوم می آوردند، و چه بسا به خود آشور و پایتختش" نینوا" هم می رسیدند، و آن را محاصره نموده دست به قتل و غارت و برده گیری می زدند، بناچار پادشاه آن دیار برای جلوگیری از آنها سدی ساخت که گویا مراد از آن سد" باب الأبواب" باشد که تعمیر و یا ترمیم آن را به کسری انوشیروان یکی از ملوک فارس نسبت می دهند. این گفته آن مورخین است و لیکن همه گفتگو در این است که آیا با قرآن مطابق است یا خیر؟.

ج- صاحب روح المعانی نوشته: بعضی ها گفته اند او، یعنی ذو القرنین، اسمش فریدون بن اثفیان بن جمشید پنجمین پادشاه پیشدادی ایران زمین بوده، و پادشاهی عادل و مطیع خدا بوده. و در کتاب صور الاقالیم ابی زید بلخی آمده که او مؤید به وحی بوده و در عموم تواریخ آمده که او همه زمین را به تصرف در آورده میان فرزندانش تقسیم کرد، قسمتی را به ایرج داد و آن عراق و هند و حجاز بود، و همو او را صاحب تاج سلطنت کرد، قسمت دیگر زمین یعنی روم و دیار مصر و مغرب را به پسر دیگرش سلم داد، و چین و ترک و شرق را به پسر سومش تور بخشید، و برای هر یک قانونی وضع کرد که با آن حکم براند، و این قوانین سه گانه را به زبان عربی سیاست نامیدند، چون اصلش" سی ایسا" یعنی سه قانون بوده.

و وجه تسمیه اش به ذو القرنین" صاحب دو قرن" این بوده که او دو طرف دنیا را مالک شد، و یا در طول ایام سلطنت خود مالک آن گردید، چون سلطنت او به طوری که در روضة الصفا آمده پانصد سال طول کشید، و یا از این جهت بوده که شجاعت و قهر او همه ملوک دنیا را تحت الشعاع قرار داد (1).

اشکال این گفتار این است که تاریخ بدان اعتراف ندارد.

د- بعضی دیگر گفته اند: ذو القرنین همان اسکندر مقدونی است که در زبانها مشهور است، و سد اسکندر هم نظیر یک مثلی شده، که همیشه بر سر زبانها هست. و بر این معنا روایاتی هم آمده، مانند روایتی که در قرب الاسناد (2) از موسی بن جعفر علیه السلام نقل شده، و روایت عقبة بن عامر (3) از رسول خدا صلی الله علیه و آله، و روایت وهب بن منبه (4) که هر دو در الدر المنثور نقل شده.

و بعضی از قدمای مفسرین از صحابه و تابعین، مانند معاذ بن جبل- به نقل

[شماره صفحه واقعی : 525]

ص: 1250


1- روح المعانی، ج 16، ص 25.
2- قرب الاسناد. (3 و 4)الدر المنثور، ج 4، ص 293.

مجمع البیان (1)- و قتاده- به نقل الدر المنثور (2) نیز همین قول را اختیار کرده اند. و بو علی سینا هم وقتی اسکندر مقدونی را وصف می کند او را به نام اسکندر ذو القرنین می نامد، فخر رازی هم در تفسیر کبیر خود (3) بر این نظریه اصرار و پافشاری دارد.

و خلاصه آنچه گفته این است که: قرآن دلالت می کند بر اینکه سلطنت این مرد تا اقصی نقاط مغرب، و اقصای مشرق و جهت شمال گسترش یافته، و این در حقیقت همان معموره آن روز زمین است، و مثل چنین پادشاهی باید نامش جاودانه در زمین بماند، و پادشاهی که چنین سهمی از شهرت دارا باشد همان اسکندر است و بس.

چون او بعد از مرگ پدرش همه ملوک روم و مغرب را برچیده و بر همه آن سرزمینها مسلط شد، و تا آنجا پیشروی کرد که دریای سبز و سپس مصر را هم بگرفت. آن گاه در مصر به بنای شهر اسکندریه پرداخت، پس وارد شام شد، و از آنجا به قصد سرکوبی بنی اسرائیل به طرف بیت المقدس رفت، و در قربانگاه (مذبح) آنجا قربانی کرد، پس متوجه جانب ارمینیه و باب الأبواب گردید، عراقیها و قبطی ها و بربر خاضعش شدند، و بر ایران مستولی گردید، و قصد هند و چین نموده با امتهای خیلی دور جنگ کرد، سپس به سوی خراسان بازگشت و شهرهای بسیاری ساخت، سپس به عراق بازگشته در شهر" زور" و یا رومیه مدائن از دنیا برفت، و مدت سلطنتش دوازده سال بود.

خوب، وقتی در قرآن ثابت شده که ذو القرنین بیشتر آبادی های زمین را مالک شد، و در تاریخ هم به ثبوت رسید که کسی که چنین نشانه ای داشته باشد اسکندر بوده، دیگر جای شک باقی نمی ماند که ذو القرنین همان اسکندر مقدونی است (4).

اشکالی که در این قول است این است که:" اولا اینکه گفت" پادشاهی که بیشتر آبادی های زمین را مالک شده باشد تنها اسکندر مقدونی است" قبول نداریم، زیرا چنین ادعایی در تاریخ مسلم نیست، زیرا تاریخ، سلاطین دیگری را سراغ می دهد که ملکش اگر بیشتر از ملک مقدونی نبوده کمتر هم نبوده است.

و ثانیا اوصافی که قرآن برای ذو القرنین برشمرده تاریخ برای اسکندر مسلم نمی داند، و بلکه آنها را انکار می کند. مثلا قرآن کریم چنین می فرماید که" ذو القرنین مردی

[شماره صفحه واقعی : 526]

ص: 1251


1- مجمع البیان، ج 4، ص 199.
2- الدر المنثور، ج 4، ص 242.
3- تفسیر کبیر، ج 21، ص 165.
4- تفسیر فخر رازی، ج 21، ص 165.

مؤمن به خدا و روز جزا بوده و خلاصه دین توحید داشته" در حالی که اسکندر مردی وثنی و از صابئی ها بوده، هم چنان که قربانی کردنش برای مشتری، خود شاهد آن است.

و نیز قرآن کریم فرموده" ذو القرنین یکی از بندگان صالح خدا بوده و به عدل و رفق مدارا می کرده" و تاریخ برای اسکندر خلاف این را نوشته است.

و ثالثا در هیچ یک از تواریخ آنان نیامده که اسکندر مقدونی سدی به نام سد یاجوج و ماجوج به آن اوصافی که قرآن ذکر فرموده ساخته باشد.

و در کتاب" البدایة و النهایه" در باره ذو القرنین گفته: اسحاق بن بشر از سعید بن بشیر از قتاده نقل کرده که اسکندر همان ذو القرنین است، و پدرش اولین قیصر روم بوده، و از دودمان سام بن نوح بوده است. و اما ذو القرنین دوم اسکندر پسر فیلبس بوده است. (آن گاه نسب او را به عیص بن اسحاق بن ابراهیم می رساند و می گوید:) او مقدونی یونانی مصری بوده، و آن کسی بوده که شهر اسکندریه را ساخته، و تاریخ بنایش تاریخ رایج روم گشته، و از اسکندر ذو القرنین به مدت بس طولانی متاخر بوده.

و دومی نزدیک سیصد سال قبل از مسیح بوده، و ارسطاطالیس حکیم وزیرش بوده، و همان کسی بوده که دارا پسر دارا را کشته، و ملوک فارس را ذلیل، و سرزمینشان را لگدکوب نموده است.

در دنباله کلامش می گوید: این مطالب را بدان جهت خاطرنشان کردیم که بیشتر مردم گمان کرده اند که این دو اسم یک مسمی داشته، و ذو القرنین و مقدونی یکی بوده، و همان که قرآن اسم می برد همان کسی بوده که ارسطاطالیس وزارتش را داشته است، و از همین راه به خطاهای بسیاری دچار شده اند. آری اسکندر اول، مردی مؤمن و صالح و پادشاهی عادل بوده و وزیرش حضرت خضر بوده است، که به طوری که قبلا بیان کردیم خود یکی از انبیاء بوده. و اما دومی مردی مشرک و وزیرش مردی فیلسوف بوده، و میان دو عصر آنها نزدیک دو هزار سال فاصله بوده است، پس این کجا و آن کجا؟ نه بهم شبیهند، و نه با هم برابر، مگر کسی بسیار کودن باشد که میان این دو اشتباه کند (1).

در این کلام به کلامی که سابقا از فخر رازی نقل کردیم کنایه می زند و لیکن خواننده عزیز اگر در آن کلام دقت نماید سپس به کتاب او آنجا که سرگذشت ذو القرنین را بیان می کند مراجعه نماید، خواهد دید که این آقا هم خطایی که مرتکب شده کمتر از خطای فخر رازی نیست، برای اینکه در تاریخ اثری از پادشاهی دیده نمی شود که دو هزار سال قبل از

[شماره صفحه واقعی : 527]

ص: 1252


1- البدایه و النهایه، ط بیروت، ج 2، ص 105.

مسیح بوده، و سیصد سال در زمین و در اقصی نقاط مغرب تا اقصای مشرق و جهت شمال سلطنت کرده باشد، و سدی ساخته باشد و مردی مؤمن صالح و بلکه پیغمبر بوده و وزیرش خضر بوده باشد و در طلب آب حیات به ظلمات رفته باشد، حال چه اینکه اسمش اسکندر باشد و یا غیر آن.

ه- جمعی از مورخین از قبیل اصمعی در" تاریخ عرب قبل از اسلام" و ابن هشام در کتاب" سیره" و" تیجان" و ابو ریحان بیرونی در" آثار الباقیه" و نشوان بن سعید در کتاب" شمس العلوم" و ...- به طوری که از آنها نقل شده- گفته اند که ذو القرنین یکی از تبابعه اذوای یمن (1) و یکی از ملوک حمیر بوده که در یمن سلطنت می کرده.

آن گاه در اسم او اختلاف کرده اند، یکی گفته: مصعب بن عبد اللَّه بوده، و یکی گفته صعب بن ذی المرائد اول تبابعه اش دانسته، و این همان کسی بوده که در محلی به نام" بئر سبع" به نفع ابراهیم علیه السلام حکم کرد. یکی دیگر گفته: تبع الاقرن و اسمش حسان بوده. اصمعی گفته وی اسعد الکامل چهارمین تبایعه و فرزند حسان الاقرن، ملقب به ملکی کرب دوم بوده، و او فرزند ملک تبع اول بوده است. بعضی هم گفته اند نامش" شمر یرعش" بوده است.

البته در برخی از اشعار حمیری ها و بعضی از شعرای جاهلیت نامی از ذو القرنین به عنوان یکی از مفاخر برده شده. از آن جمله در کتاب" البدایة و النهایة" نقل شده که ابن هشام این شعر اعشی را خوانده و انشاد کرده است:.]

[شماره صفحه واقعی : 528]

ص: 1253


1- مملکت یمن در قدیم به هشتاد و چهار مخلاف تقسیم می شده- مخلاف به منزله قضاء و مدیریت عرف امروز بوده- و هر مخلافی مشتمل بر تعدادی قلعه بوده که هر قلعه اش را قصر و یا" محفد" می نامیدند و در آن جماعتی از امت زندگی نموده بزرگشان بر آنها حکم می رانده، و صاحب قصر را" ذی" می نامیدند مانند ذی غمدان و ذی معین یعنی صاحب غمدان و صاحب معین، آن گاه جمعی" ذی" را" اذواء" و" ذوین" استعمال نموده اند، و آن کسی که متصدی امر مخلاف بوده" قیل" و جمع آن را" اقیال" می آوردند و آن کسی که متولی امر همه مخلاف ها بوده" ملک" می خواندند و اگر این ملک حضرموت و شحر را هم با یمن ضمیمه می کرده در همه آنها حکم می رانده چنین کسی را" تبع" می خواندند. و اگر تنها بر یمن حکم می راند او را" ملک" می گفتند. تاریخ تا کنون به اسم پنجاه و پنج نفر از اذواء دست یافته است و لیکن از پادشاهان تنها به هشت نفر که از اذواء و ملوک حمیر بودند. و ملوک حمیر از همان ملوک دولت اخبره حاکمه در یمن بودند که چهارده نفر آنها را از ملوک شمرده اند، و آنچه از تاریخ ملوک یمن از طریق نقل و روایت به دست می آید آن قدر مبهم و پیچیده است که هیچ اعتمادی به تفاصیل آن نمی توان کرد. [.....]

و الصعب ذو القرنین اصبح ثاویا بالجنوفی جدث اشم مقیما (1)

و در بحث روایتی سابق گذشت که عثمان بن ابی الحاضر برای ابن عباس این اشعار را انشاد کرد:

قد کان ذو القرنین جدی مسلما ملکا تدین له الملوک و تحشد

و دو بیت دیگر که ترجمه اش نیز گذشت.

مقریزی در کتاب" الخطط" خود می گوید: بدان که تحقیق علمای اخبار به اینجا منتهی شده که ذو القرنین که قرآن کریم نامش را برده و فرموده:" وَ یَسْئَلُونَکَ عَنْ ذِی الْقَرْنَیْنِ ..."

مردی عرب بوده که در اشعار عرب نامش بسیار آمده است، و اسم اصلی اش صعب بن ذی مرائد فرزند حارث رائش، فرزند همال ذی سدد، فرزند عاد ذی منح، فرزند عار ملطاط، فرزند سکسک، فرزند وائل، فرزند حمیر، فرزند سبا، فرزند یشجب، فرزند یعرب، فرزند قحطان، فرزند هود، فرزند عابر، فرزند شالح، فرزند ارفخشد، فرزند سام، فرزند نوح بوده است.

و او پادشاهی از ملوک حمیر است که همه از عرب عاربه (2) بودند و عرب عرباء هم نامیده شده اند. و ذو القرنین تبعی بوده صاحب تاج، و چون به سلطنت رسید نخست تجبر پیشه کرده و سرانجام برای خدا تواضع کرده با خضر رفیق شد. و کسی که خیال کرده ذو القرنین همان اسکندر پسر فیلبس است اشتباه کرده، برای اینکه کلمه" ذو" عربی است و ذو القرنین از لقب های عرب برای پادشاهان یمن است، و اسکندر لفظی است رومی و یونانی.

ابو جعفر طبری گفته: خضر در ایام فریدون پسر ضحاک بوده البته این نظریه عموم علمای اهل کتاب است، ولی بعضی گفته اند در ایام موسی بن عمران، و بعضی دیگر گفته اند در مقدمه لشگر ذو القرنین بزرگ که در زمان ابراهیم خلیل علیه السلام بوده قرار داشته است. و این خضر در سفرهایش با ذو القرنین به چشمه حیات برخورده و از آن نوشیده است، و به ذو القرنین اطلاع نداده. از همراهان ذو القرنین نیز کسی خبردار نشد، در نتیجه تنها خضر جاودان شد، و او به عقیده علمای اهل کتاب همین الآن نیز زنده است.

ولی دیگران گفته اند: ذو القرنینی که در عهد ابراهیم علیه السلام بوده همان فریدون پسر ضحاک بوده، و خضر در مقدمه لشگر او بوده است.

ابو محمد عبد الملک بن هشام در کتاب تیجان که در معرفت ملوک زمان نوشته بعد ازد.

[شماره صفحه واقعی : 529]

ص: 1254


1- صعب ذو القرنین سرانجام در محل جنو در قبر خوابید در حالی که قبرش ظاهر است.
2- عرب قبل از حضرت اسماعیل را، عرب عاربه گویند، و به اسماعیل و فرزندانش عرب مستعربه اطلاق می شود.

ذکر حسب و نسب ذو القرنین گفته است: وی تبعی بوده دارای تاج. در آغاز سلطنت ستمگری کرد و در آخر تواضع پیشه گرفت، و در بیت المقدس به خضر برخورده با او به مشارق زمین و مغارب آن سفر کرد و همانطور که خدای تعالی فرموده همه رقم اسباب سلطنت برایش فراهم شد و سد یاجوج و ماجوج را بنا نهاد و در آخر در عراق از دنیا رفت.

و اما اسکندر، یونانی بوده و او را اسکندر مقدونی می گفتند، و" مجدونی" اش نیز خوانده اند، از ابن عباس پرسیدند ذو القرنین از چه نژاد و آب خاکی بوده؟ گفت: از حمیر بود و نامش صعب بن ذی مرائد بوده، و او همان است که خدایش در زمین مکنت داده و از هر سببی به وی ارزانی داشت، و او به دو قرن آفتاب و به رأس زمین رسید و سدی بر یاجوج و ماجوج ساخت.

بعضی به او گفتند: پس اسکندر چه کسی بوده؟ گفت: او مردی حکیم و صالح از اهل روم بود که بر ساحل دریا در آفریقا مناری ساخت و سرزمین روم را گرفته به دریای عرب آمد و در آن دیار آثار بسیاری از کارگاه ها و شهرها بنا نهاد.

از کعب الاحبار پرسیدند که ذو القرنین که بوده؟ گفت: قول صحیح نزد ما که از احبار و اسلاف خود شنیده ایم این است که وی از قبیله و نژاد حمیر بوده و نامش صعب بن ذی مرائد بوده، و اما اسکندر از یونان و از دودمان عیصو فرزند اسحاق بن ابراهیم خلیل علیه السلام بوده. و رجال اسکندر، زمان مسیح را درک کردند که از جمله ایشان جالینوس و ارسطاطالیس بوده اند. و همدانی در کتاب انساب گفته: کهلان بن سبا صاحب فرزندی شد به نام زید، و زید پدر عریب و مالک و غالب و عمیکرب بوده است. هیثم گفته: عمیکرب فرزند سبا برادر حمیر و کهلان بود. عمیکرب صاحب دو فرزند به نام ابو مالک فدرحا و مهیلیل گردید و غالب دارای فرزندی به نام جنادة بن غالب شد که بعد از مهیلیل بن عمیکرب بن سبا سلطنت یافت. و عریب صاحب فرزندی به نام عمرو شد و عمرو هم دارای زید و هم یسع گشت که ابا الصعب کنیه داشت. و این ابا الصعب همان ذو القرنین اول است، و همو است مساح و بناء که در فن مساحت و بنائی استاد بود و نعمان بن بشیر در باره او می گوید:

فمن ذا یعادونا من الناس معشرا کراما فذو القرنین منا و حاتم (1)ت.

[شماره صفحه واقعی : 530]

ص: 1255


1- این کیانند که از میان مردم با ما دشمنی می کنند با اینکه ما گروهی بزرگواریم و ذو القرنین و حاتم از ماست.

و نیز در این باره است که حارثی می گوید:

سموا لنا واحدا منکم فنعرفه فی الجاهلیة لاسم الملک محتملا

کالتابعین و ذی القرنین یقبله اهل الحجی فاحق القول ما قبلا

و در این باره ابن ابی ذئب خزاعی می گوید:

و منا الذی بالخافقین تغربا و اصعد فی کل البلاد و صوبا

فقد نال قرن الشمس شرقا و مغربا و فی ردم یاجوج بنی ثم نصبا

و ذلک ذو القرنین تفخر حمیر بعسکر قیل لیس یحصی فیحسبا

همدانی سپس می گوید: (علمای همدان می گویند: ذو القرنین اسمش صعب بن مالک بن حارث الاعلی فرزند ربیعة بن الحیار بن مالک، و در باره ذو القرنین گفته های زیادی هست (1).

و این کلامی است جامع، و از آن استفاده می شود که اولا لقب ذو القرنین مختص به شخص مورد بحث نبوده بلکه پادشاهانی چند از ملوک حمیر به این نام ملقب بوده اند، ذو القرنین اول، و ذو القرنین های دیگر.

و ثانیا ذو القرنین اول آن کسی بوده که سد یاجوج و ماجوج را قبل از اسکندر مقدونی به چند قرن بنا نهاده و معاصر با ابراهیم خلیل علیه السلام و یا بعد از او بوده- و مقتضای آنچه ابن هشام آورده که وی خضر را در بیت المقدس زیارت کرده همین است که وی بعد از او بود، چون بیت المقدس چند قرن بعد از حضرت ابراهیم علیه السلام و در زمان داوود و سلیمان ساخته شد- پس به هر حال ذو القرنین هم قبل از اسکندر بوده. علاوه بر اینکه تاریخ حمیر تاریخی مبهم است.

بنا بر آنچه مقریزی آورده گفتار در دو جهت باقی می ماند.

یکی اینکه این ذو القرنین که تبع حمیری است سدی که ساخته در کجا است؟.

دوم اینکه آن امت مفسد در زمین که سد برای جلوگیری از فساد آنها ساخته شده چه امتی بوده اند؟ و آیا این سد یکی از همان سدهای ساخته شده در یمن، و یا پیرامون یمن، از قبیل سد مارب است یا نه؟ چون سدهایی که در آن نواحی ساخته شده به منظور ذخیره ساختن آب برای آشامیدن، و یا زراعت بوده است، نه برای جلوگیری از کسی. علاوه بر اینکه در هیچ یک آنها قطعه های آهن و مس گداخته به کار نرفته، در حالی که قرآن سد ذو القرنین راط.

[شماره صفحه واقعی : 531]

ص: 1256


1- الخطط.

اینچنین معرفی نموده.

و آیا در یمن و حوالی آن امتی بوده که بر مردم هجوم برده باشند، با اینکه همسایگان یمن غیر از امثال قبط و آشور و کلدان و ... کسی نبوده، و آنها نیز همه ملتهایی متمدن بوده اند؟.

یکی از بزرگان و محققین معاصر (1) ما این قول را تایید کرده، و آن را چنین توجیه می کند: ذو القرنین مذکور در قرآن صدها سال قبل از اسکندر مقدونی بوده، پس او این نیست، بلکه این یکی از ملوک صالح، از پیروان اذواء از ملوک یمن بوده، و از عادت این قوم این بوده که خود را با کلمه" ذی" لقب می دادند، مثلا می گفتند: ذی همدان، و یا ذی غمدان، و یا ذی المنار، و ذی الاذغار و ذی یزن و امثال آن.

و این ذو القرنین مردی مسلمان، موحد، عادل، نیکو سیرت، قوی، و دارای هیبت و شوکت بوده، و با لشگری بسیار انبوه به طرف مغرب رفته، نخست بر مصر و سپس بر ما بعد آن مستولی شده، و آن گاه هم چنان در کناره دریای سفید به سیر خود ادامه داده تا به ساحل اقیانوس غربی رسیده، و در آنجا آفتاب را دیده که در عینی حمئة و یا حامیه فرو می رود.

سپس از آنجا رو به مشرق نهاده، و در مسیر خود آفریقا را بنا نهاده. مردی بوده بسیار حریص و خبره در بنائی و عمارت. و هم چنان سیر خود را ادامه داده تا به شبه جزیره و صحراهای آسیای وسطی رسیده، و از آنجا به ترکستان، و دیوار چین برخورده، و در آنجا قومی را یافته که خدا میان آنان و آفتاب ساتری قرار نداده بود.

سپس به طرف شمال متمایل و منحرف گشته، تا به مدار السرطان رسیده، و شاید همانجا باشد که بر سر زبانها افتاده که وی به ظلمات راه یافته است. اهل این دیار از وی درخواست کرده اند که برایشان سدی بسازد تا از رخنه یاجوج و ماجوج در بلادشان ایمن شوند، چون یمنی ها- و مخصوصا ذو القرنین- معروف به تخصص در ساختن سد بوده اند، لذا ذو القرنین برای آنان سدی بنا نهاده است.

حال اگر محل این سد همان محل دیوار چین باشد، که فاصله میان چین و مغول است، ناگزیر باید بگوئیم قسمتی از آن دیوار بوده که خراب شده، و وی آن را ساخته است، و اگر اصل دیوار چنین نباشد، چون اصل آن را بعضی از ملوک چین قبل این تاریخ ساخته بوده اند که دیگر اشکالی باقی نمی ماند. و به طوری که می گویند از جمله بناهایی کهی.

[شماره صفحه واقعی : 532]

ص: 1257


1- علامه سید هبة الدین شهرستانی.

ذو القرنین که اسم اصلیش" شمر یرعش" بود ساخته شهر سمرقند بوده است.

این احتمال که وی پادشاهی عربی زبان بوده تایید شده به اینکه می بینیم اعراب از رسول خدا صلی الله علیه و آله از وی پرسش نموده و قرآن کریم، داستانش را برای تذکر و عبرت گیری آورده است، زیرا اگر از نژاد عرب نبود جهت نداشت از میان همه ملوک عالم تنها او را ذکر کند. پس چون اعراب نسبت به نژاد خود تعصب می ورزیدند سرگذشت او در آنان مؤثرتر بوده، چون ملوک روم و عجم و چین از امتهای دوری بوده اند که اعراب خیلی به شنیدن تاریخشان و عبرت گیری از سرگذشتشان علاقمند نبودند، به همین جهت می بینیم که در سراسر قرآن اسمی از آن ملوک به میان نیامده است. این بود خلاصه کلام شهرستانی (1).

اشکالی که به گفته وی باقی می ماند این است که دیوار چین نمی تواند سد ذو القرنین باشد، برای اینکه ذو القرنین به اعتراف خود او قرنها قبل از اسکندر بوده، و دیوار چین در حدود نیم قرن بعد از اسکندر ساخته شده، و اما سدهای دیگری که غیر از دیوار بزرگ چین در آن نواحی هست هیچ یک از آهن و مس ساخته نشده و همه با سنگ است.

صاحب تفسیر جواهر بعد از ذکر مقدمه ای بیانی آورده که خلاصه اش این است که:

با کمک سنگنبشته ها و آثار باستانی از خرابه های یمن به دست آمده که در این سرزمین سه دولت حکومت کرده است: یکی دولت معین بود که پایتختش قرناء بوده، و علماء تخمین زده اند که آثار این دولت از قرن چهاردهم قبل از میلاد آغاز و در قرن هفتم و یا هشتم قبل از میلاد خاتمه یافته است، و از ملوک این دولت به شانزده پادشاه مثل" اب یدع" و" أب یدع ینیع" دست یافته اند.

دولت سبا که از قحطانیان بوده اول اذواء بوده و سپس اقیال. و از همه برجسته تر سبا بوده که صاحب قصر صرواح در قسمت شرقی صنعا است، که بر همه ملوک این دولت غلبه یافته است. این سلسله از سال 850 ق م تا سال 115 ق م در آن نواحی سلطنت داشته اند، و معروف از ملوک آنان بیست و هفت پادشاه بوده که پانزده نفر آنان لقب" مکرب" داشته اند مانند مکرب" یثعمر" و مکرب" ذمرعلی" و دوازده نفر ایشان تنها لقب ملک داشته اند مانند ملک" ذرح" و ملک" یریم ایمن".

و سوم سلسله حمیریها که دو طبقه بوده اند اول ملوک سبا و ریدان که از سال 115 ق م تا سال 275 ب م سلطنت کرده اند. اینها تنها ملوک بوده اند. طبقه دوم ملوک سبا و ریدان).

[شماره صفحه واقعی : 533]

ص: 1258


1- .

و حضرموت و غیر آن که چهارده نفر از این سلسله سلطنت کرده اند، و بیشترشان تبع بوده اند اول آنان" شمر یرعش" و دوم" ذو القرنین" و سوم" عمرو" شوهر بلقیس (1) بود که آخرشان منتهی به ذی جدن می شود و آغاز سلطنت این سلسله از سال 275 م شروع شده در سال 525 خاتمه یافته است.

سخن صاحب تفسیر" جواهر" در اثبات اینکه ذو القرنین، کورش، پادشاه هخامنشی ایران، و یاجوج و ماجوج، اقوام مغول بوده اند

آن گاه صاحب جواهر می گوید: پیشوند" ذی" در لقب ملوک یمن اضافه شده، و هیچ ملوک دیگری از قبیل ملوک روم سراغ نداریم که این کلمه در لقبشان اضافه شده باشد، به همین دلیل است که می گوئیم ذو القرنین از ملوک یمن بوده، و قبل از شخص مورد بحث اشخاص دیگری نیز در یمن ملقب به ذو القرنین بوده اند، و لیکن آیا این همان ذو القرنین مذکور در قرآن باشد یا نه قابل بحث است.

اعتقاد ما این است که: نه، برای اینکه ملوک یمن قریب العهد با ما بوده اند و از آنها چنین خاطراتی نقل نشده مگر در روایاتی که نقالهای قهوه خانه با آنها سر و کار دارند، مثل اینکه" شمر یرعش" به بلاد عراق و فارس و خراسان و صغد سفر کرده و شهری به نام سمرقند بنا نهاده که اصلش" شمرکند" بوده و اسعد ابو کرب در آذربایجان جنگ کرده، و حسان پسرش را به صغد فرستاده و یعفر پسر دیگرش را به روم و برادر زاده اش را به فارس روانه ساخته، و اینکه بعد از جنگ او با چین از حمیریها عده ای در چین باقی ماندند که هم اکنون در آنجا هستند.

ابن خلدون و دیگران این اخبار را تکذیب کرده اند، و آن را مبالغه دانسته و با ادله جغرافیایی و تاریخی رد نموده اند.

پس می توان گفت که ذو القرنین از امت عرب بوده و لیکن در تاریخی قبل از تاریخ معروف می زیسته است. این بود خلاصه کلام صاحب جواهر (2).

و- و بعضی دیگر گفته اند: ذو القرنین همان کورش یکی از ملوک هخامنشی در فارس است که در سالهای" 539- 560 ق م" می زیسته و همو بوده که امپراطوری ایرانی را تاسیس و میان دو مملکت فارس و ماد را جمع نمود. بابل را مسخر کرد و به یهود اجازه مراجعت از بابل به اورشلیم را صادر کرد، و در بنای هیکل کمک ها کرد و مصر را به تسخیر خود درآورد، آن گاه به سوی یونان حرکت نموده بر مردم آنجا نیز مسلط شد و به طرف مغرب رهسپار گردیدهر.

[شماره صفحه واقعی : 534]

ص: 1259


1- این بلقیس غیر از ملکه سبا می باشد که گفته می شود با سلیمان بن داوود بعد از آنکه او را از سبا فرا خواند ازدواج کرد، و این داستان قریب هزار سال قبل از میلاد می باشد.
2- الجواهر.

آن گاه رو به سوی مشرق نهاد و تا اقصی نقطه مشرق پیش رفت.

این قول را یکی از علمای نزدیک به عصر (1) ما ذکر کرده و یکی از محققین هند (2) در ایضاح و تقریب آن سخت کوشیده است. اجمال مطلب اینکه: آنچه قرآن از وصف ذو القرنین آورده با این پادشاه عظیم تطبیق می شود، زیرا اگر ذو القرنین مذکور در قرآن مردی مؤمن به خدا و به دین توحید بوده کورش نیز بوده، و اگر او پادشاهی عادل و رعیت پرور و دارای سیره رفق و رأفت و احسان بوده این نیز بوده و اگر او نسبت به ستمگران و دشمنان مردی سیاستمدار بوده این نیز بوده و اگر خدا به او از هر چیزی سببی داده به این نیز داده، و اگر میان دین و عقل و فضائل اخلاقی وعده و عده و ثروت و شوکت و انقیاد اسباب برای او جمع کرده برای این نیز جمع کرده بود.

و همانطور که قرآن کریم فرموده کورش نیز سفری به سوی مغرب کرده حتی بر لیدیا و پیرامون آن نیز مستولی شده و بار دیگر به سوی مشرق سفر کرده تا به مطلع آفتاب برسید، و در آنجا مردمی دید صحرانشین و وحشی که در بیابانها زندگی می کردند. و نیز همین کورش سدی بنا کرده که به طوری که شواهد نشان می دهد سد بنا شده در تنگه داریال میان کوه های قفقاز و نزدیکیهای شهر تفلیس است. این اجمال آن چیزی است که مولانا ابو الکلام آزاد گفته است که اینک تفصیل آن از نظر شما خواننده می گذرد.

اما مساله ایمانش به خدا و روز جزا: دلیل بر این معنا کتاب عزرا (اصحاح 1) و کتاب دانیال (اصحاح 6) و کتاب اشعیاء (اصحاح 44 و 45) از کتب عهد عتیق است که در آنها از کورش تجلیل و تقدیس کرده و حتی در کتاب اشعیاء او را" راعی رب" (رعیت دار خدا) نامیده و در اصحاح چهل و پنج چنین گفته است:" (پروردگار به مسیح خود در باره کورش چنین می گوید) آن کسی است که من دستش را گرفتم تا کمرگاه دشمن را خرد کند تا برابر او درب های دو لنگه ای را باز خواهم کرد که دروازه ها بسته نگردد، من پیشاپیشت رفته پشته ها را هموار می سازم، و دربهای برنجی را شکسته، و بندهای آهنین را پاره پاره می نمایم، خزینه های ظلمت و دفینه های مستور را به تو می دهم تا بدانی من که تو را به اسمت می خوانم خداوند اسرائیلم به تو لقب دادم و تو مرا نمی شناسی".

و اگر هم از وحی بودن این نوشته ها صرفنظر کنیم باری یهود با آن تعصبی که به مذهب خود دارد هرگز یک مرد مشرک مجوسی و یا وثنی را (اگر کورش یکی از دو مذهب را داشته) مسیح پروردگار و هدایت شده او و مؤید به تایید او و راعی ربد.

[شماره صفحه واقعی : 535]

ص: 1260


1- سر احمد خان هندی.
2- مولانا ابو الکلام آزاد.

نمی خواند.

علاوه بر اینکه نقوش و نوشته های با خط میخی که از عهد داریوش کبیر به دست آمده که هشت سال بعد از او نوشته شده- گویای این حقیقت است که او مردی موحد بوده و نه مشرک، و معقول نیست در این مدت کوتاه وضع کورش دگرگونه ضبط شود.

و اما فضائل نفسانی او: گذشته از ایمانش به خدا، کافی است باز هم به آنچه از اخبار و سیره او و به اخبار و سیره طاغیان جبار که با او به جنگ برخاسته اند مراجعه کنیم و ببینیم وقتی بر ملوک" ماد" و" لیدیا" و" بابل" و" مصر" و یاغیان بدوی در اطراف" بکتریا" که همان بلخ باشد و غیر ایشان ظفر می یافته با آنان چه معامله می کرده، در این صورت خواهیم دید که بر هر قومی ظفر پیدا می کرده از مجرمین ایشان گذشت و عفو می نموده و بزرگان و کریمان هر قومی را اکرام و ضعفای ایشان را ترحم می نموده و مفسدین و خائنین آنان را سیاست می نموده.

کتب عهد قدیم و یهود هم که او را به نهایت درجه تعظیم نموده بدین جهت بوده که ایشان را از اسارت حکومت بابل نجات داده و به بلادشان برگردانیده و برای تجدید بنای هیکل هزینه کافی در اختیارشان گذاشته، و نفائس گرانبهایی که از هیکل به غارت برده بودند و در خزینه های ملوک بابل نگهداری می شده به ایشان برگردانیده، و همین خود مؤید دیگری است برای این احتمال که کورش همان ذو القرنین باشد، برای اینکه به طوری که اخبار شهادت می دهد پرسش کنندگان از رسول خدا صلی الله علیه و آله از داستان ذو القرنین یهود بوده اند.

علاوه بر این مورخین قدیم یونان مانند" هردوت" و دیگران نیز جز به مروت و فتوت و سخاوت و کرم و گذشت و قلت حرص و داشتن رحمت و رأفت، او را نستوده اند، و او را به بهترین وجهی ثنا و ستایش کرده اند.

و اما اینکه چرا کورش را ذو القرنین گفته اند: هر چند تواریخ از دلیلی که جوابگوی این سؤال باشد خالی است لیکن مجسمه سنگی که اخیرا در مشهد مرغاب در جنوب ایران از او کشف شده جای هیچ تردیدی نمی گذارد که همو ذو القرنین بوده، و وجه تسمیه اش این است که در این مجسمه ها دو شاخ دیده می شود که هر دو در وسط سر او در آمده یکی از آن دو به طرف جلو و یکی دیگر به طرف عقب خم شده، و این با گفتار قدمای مورخین که در وجه تسمیه او به این اسم گفته اند تاج و یا کلاه خودی داشته که دارای دو شاخ بوده درست تطبیق می کند.

[شماره صفحه واقعی : 536]

ص: 1261

در کتاب دانیال (1) هم خوابی که وی برای کورش نقل کرده را به صورت قوچی که دو شاخ داشته دیده است.

در آن کتاب چنین آمده: در سال سوم از سلطنت" بیلشاصر" پادشاه، برای من که دانیال هستم بعد از آن رؤیا که بار اول دیدم رؤیایی دست داد که گویا من در" شوشن" هستم یعنی در آن قصری که در ولایت عیلام است می باشم و در خواب می بینم که من در کنار نهر" اولای" هستم چشم خود را به طرف بالا گشودم ناگهان قوچی دیدم که دو شاخ دارد و در کنار نهر ایستاده و دو شاخش بلند است اما یکی از دیگری بلندتر است که در عقب قرار دارد. قوچ را دیدم به طرف مغرب و شمال و جنوب حمله می کند، و هیچ حیوانی در برابرش مقاومت نمی آورد و راه فراری از دست او نداشت و او هر چه دلش می خواهد می کند و بزرگ می شود. در این بین که من مشغول فکر بودم دیدم نر بزی از طرف مغرب نمایان شد همه ناحیه مغرب را پشت سر گذاشت و پاهایش از زمین بریده است، و این حیوان تنها یک شاخ دارد که میان دو چشمش قرار دارد. آمد تا رسید به قوچی که گفتم دو شاخ داشت و در کنار نهر بود سپس با شدت و نیروی هر چه بیشتر دویده، خود را به قوچ رسانید با او در آویخت و او را زد و هر دو شاخش را شکست، و دیگر تاب و توانی برای قوچ نماند، بی اختیار در برابر نر بز ایستاد. نر بز قوچ را به زمین زد و او را لگدمال کرد، و آن حیوان نمی توانست از دست او بگریزد، و نر بز بسیار بزرگ شد.

آن گاه می گوید: جبرئیل را دیدم و او رؤیای مرا تعبیر کرده به طوری که قوچ دارای دو شاخ با کورش و دو شاخش با دو مملکت فارس و ماد منطبق شد و نر بز که دارای یک شاخ بود با اسکندر مقدونی منطبق شد.

و اما سیر کورش به طرف مغرب و مشرق: اما سیرش به طرف مغرب همان سفری بود که برای سرکوبی و دفع" لیدیا" کرد که با لشگرش به طرف کورش می آمد، و آمدنش به ظلم و طغیان و بدون هیچ عذر و مجوزی بود. کورش به طرف او لشگر کشید و او را فراری داد، و تا پایتخت کشورش تعقیبش کرد، و پایتختش را فتح نموده او را اسیر نمود، و در آخر او و سایر یاورانش را عفو نموده اکرام و احسانشان کرد با اینکه حق داشت که سیاستشان کند و به کلی نابودشان سازد.

و انطباق این داستان با آیه شریفه" حَتَّی إِذا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَها تَغْرُبُ فِی عَیْنٍ حَمِئَةٍ

[شماره صفحه واقعی : 537]

ص: 1262


1- کتاب دانیال، اصحاح هشتم، 1- 9.

- که شاید ساحل غربی آسیای صغیر باشد- وَ وَجَدَ عِنْدَها قَوْماً قُلْنا یا ذَا الْقَرْنَیْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَ إِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِیهِمْ حُسْناً" از این رواست که گفتیم حمله لیدیا تنها از باب فساد و ظلم بوده.

آن گاه به طرف صحرای کبیر مشرق، یعنی اطراف بکتریا عزیمت نمود، تا غائله قبائل وحشی و صحرانشین آنجا را خاموش کند، چون آنها همیشه در کمین می نشستند تا به اطراف خود هجوم آورده فساد راه بیندازند، و انطباق آیه" حَتَّی إِذا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَها تَطْلُعُ عَلی قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِها سِتْراً" روشن است.

و اما سد سازی کورش: باید دانست سد موجود در تنگه کوه های قفقاز، یعنی سلسله کوه هایی که از دریای خزر شروع شده و تا دریای سیاه امتداد دارد، و آن تنگه را تنگه" داریال" می نامند که بعید نیست تحریف شده از" داریول" باشد، که در زبان ترکی به معنای تنگه است، و به لغت محلی آن سد را سد" دمیر قاپو" یعنی دروازه آهنی می نامند، و میان دو شهر تفلیس و" ولادی کیوکز" واقع شده سدی است که در تنگه ای واقع در میان دو کوه خیلی بلند ساخته شده و جهت شمالی آن کوه را به جهت جنوبی اش متصل کرده است، به طوری که اگر این سد ساخته نمی شد تنها دهانه ای که راه میان جنوب و شمال آسیا بود همین تنگه بود. با ساختن آن این سلسله جبال به ضمیمه دریای خزر و دریای سیاه یک حاجز و مانع طبیعی به طول هزارها کیلومتر میان شمال و جنوب آسیا شده.

و در آن اعصار اقوامی شریر از سکنه شمال شرقی آسیا از این تنگه به طرف بلاد جنوبی قفقاز، یعنی ارمنستان و ایران و آشور و کلده، حمله می آوردند و مردم این سرزمینها را غارت می کردند. و در حدود سده هفتم قبل از میلاد حمله عظیمی کردند، به طوری که دست چپاول و قتل و برده گیریشان عموم بلاد را گرفت تا آنجا که به پایتخت آشور یعنی شهر نینوا هم رسیدند، و این زمان تقریبا همان زمان کورش است.

مورخان قدیم- نظیر هردوت یونانی- سیر کورش را به طرف شمال ایران برای خاموش کردن آتش فتنه ای که در آن نواحی شعله ور شده بود آورده اند. و علی الظاهر چنین به نظر می رسد که در همین سفر سد مزبور را در تنگه داریال و با استدعای اهالی آن مرز و بوم و تظلمشان از فتنه اقوام شرور بنا نهاده و آن را با سنگ و آهن ساخته است و تنها سدی که در دنیا در ساختمانش آهن به کار رفته همین سد است، و انطباق آیه" فَأَعِینُونِی بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَیْنَکُمْ وَ بَیْنَهُمْ رَدْماً آتُونِی زُبَرَ الْحَدِیدِ ..." بر این سد روشن است.

و از جمله شواهدی که این مدعا را تایید می کند وجود نهری است در نزدیکی این سد که آن را نهر" سایروس" می گویند، و کلمه" سایروس" در اصطلاح غربیها نام کورش

[شماره صفحه واقعی : 538]

ص: 1263

است، و نهر دیگری است که از تفلیس عبور می کند به نام" کر".

و داستان این سد را" یوسف"، مورخ یهودی در آنجا که سرگذشت سیاحت خود را در شمال قفقاز می آورد ذکر کرده است. و اگر سد مورد بحث که کورش ساخته عبارت از دیوار باب الأبواب باشد که در کنار بحر خزر واقع است نباید یوسف مورخ آن را در تاریخ خود بیاورد، زیرا در روزگار او هنوز دیوار باب الأبواب ساخته نشده بود، چون این دیوار را به کسری انوشیروان نسبت می دهند و یوسف قبل از کسری می زیسته و به طوری که گفته اند در قرن اول میلادی بوده است.

علاوه بر این که سد باب الأبواب قطعا غیر سد ذو القرنینی است که در قرآن آمده، برای اینکه در دیوار باب الأبواب آهن به کار نرفته.

و اما یاجوج و ماجوج: بحث از تطورات حاکم بر لغات و سیری که زبانها در طول تاریخ کرده ما را بدین معنا رهنمون می شود که یاجوج و ماجوج همان مغولیان بوده اند، چون این دو کلمه به زبان چینی" منگوک" و یا" منچوک" است، و معلوم می شود که دو کلمه مذکور به زبان عبرانی نقل شده و یاجوج و ماجوج خوانده شده است، و در ترجمه هایی که به زبان یونانی برای این دو کلمه کرده اند" گوک" و" ماگوک" می شود، و شباهت تامی که ما بین" ماگوک" و" منگوک" هست حکم می کند بر اینکه کلمه مزبور همان منگوک چینی است هم چنان که" منغول" و" مغول" نیز از آن مشتق و نظائر این تطورات در الفاظ آن قدر هست که نمی توان شمرد.

پس یاجوج و ماجوج مغول هستند و مغول امتی است که در شمال شرقی آسیا زندگی می کنند، و در اعصار قدیم امت بزرگی بودند که مدتی به طرف چین حمله ور می شدند و مدتی از طریق داریال قفقاز به سرزمین ارمنستان و شمال ایران و دیگر نواحی سرازیر می شدند، و مدتی دیگر یعنی بعد از آنکه سد ساخته شد به سمت شمال اروپا حمله می بردند، و اروپائیان آنها را" سیت" می گفتند. و از این نژاد گروهی به روم حمله ور شدند که در این حمله دولت روم سقوط کرد. در سابق گفتیم که از کتب عهد عتیق هم استفاده می شود که این امت مفسد از سکنه اقصای شمال بودند.

این بود خلاصه ای از کلام ابو الکلام، که هر چند بعضی از جوانبش خالی از اعتراضاتی نیست، لیکن از هر گفتار دیگری انطباقش با آیات قرآنی روشن تر و قابل قبول تر است.

ز- از جمله حرفهایی که در باره ذو القرنین زده شده مطلبی است که من از یکی از

[شماره صفحه واقعی : 539]

ص: 1264

مشایخم شنیده ام که می گفت:" ذو القرنین از انسانهای ادوار قبلی انسان بوده" و این حرف خیلی غریب است، و شاید خواسته است پاره ای حرفها و اخباری را که در عجائب حالات ذو القرنین هست تصحیح کند، مانند چند بار مردن و زنده شدن و به آسمان رفتن و به زمین برگشتن و مسخر شدن ابرها و نور و ظلمت و رعد و برق برای او و با ابر به مشرق و مغرب عالم سیر کردن.

و معلوم است که تاریخ این دوره از بشریت که دوره ما است هیچ یک از مطالب مزبور را تصدیق نمی کند، و چون در حسن ظن به اخبار مذکور مبالغه دارد، لذا ناگزیر شده آن را به ادوار قبلی بشریت حمل کند.

(4) مفسرین و مورخین در بحث پیرامون این داستان دقت و کنکاش زیادی کرده و سخن در اطراف آن به تمام گفته اند، و بیشترشان بر آنند که یاجوج و ماجوج امتی بسیار بزرگ بوده اند که در شمال آسیا زندگی می کرده اند، و جمعی از ایشان اخبار وارد در قرآن کریم را که در آخر الزمان خروج می کنند و در زمین افساد می کنند، بر هجوم تاتار در نصف اول از قرن هفتم هجری بر مغرب آسیا تطبیق کرده اند، زیرا همین امت در آن زمان خروج نموده در خون ریزی و ویرانگری زرع و نسل و شهرها و نابود کردن نفوس و غارت اموال و فجایع افراطی نمودند که تاریخ بشریت نظیر آن را سراغ ندارد.

مغولها اول سرزمین چین را در نور دیده آن گاه به ترکستان و ایران و عراق و شام و قفقاز تا آسیای صغیر روی آورده آنچه آثار تمدن سر راه خود دیدند ویران کردند و آنچه شهر و قلعه در مقابلشان قرار می گرفت نابود می ساختند، از آن جمله سمرقند و بخارا و خوارزم و مرو و نیشابور و ری و غیره بود، در شهرهایی که صدها هزار نفوس داشت در عرض یک روز یک نفر نفس کش را باقی نگذاشتند و از ساختمانهایش اثری نماند حتی سنگی روی سنگ باقی نماند.

بعد از ویرانگری این شهرها به بلاد خود برگشتند، و پس از چندی دوباره به راه افتاده اهل" بولونیا" و بلاد" مجر" را نابود کردند و به روم حمله ور شده و آنها را ناگزیر به دادن جزیه کردند فجایعی که این قوم مرتکب شدند از حوصله شرح و تفصیل بیرون است.

مفسرین و مورخین که گفتیم این حوادث را تحریر نموده اند از قضیه سد به کلی سکوت کرده اند. در حقیقت به خاطر اینکه مساله سد یک مساله پیچیده ای بوده لذا از زیر بار تحقیق آن شانه خالی کرده اند، زیرا ظاهر آیه" فَمَا اسْطاعُوا أَنْ یَظْهَرُوهُ وَ مَا اسْتَطاعُوا لَهُ نَقْباً قالَ هذا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّی فَإِذا جاءَ وَعْدُ رَبِّی جَعَلَهُ دَکَّاءَ وَ کانَ وَعْدُ رَبِّی حَقًّا وَ تَرَکْنا بَعْضَهُمْ یَوْمَئِذٍ یَمُوجُ فِی بَعْضٍ ..." به طوری که خود ایشان تفسیر کرده اند این است که این امت مفسد و

[شماره صفحه واقعی : 540]

ص: 1265

خونخوار پس از بنای سد در پشت آن محبوس شده اند و دیگر نمی توانند تا این سد پای بر جاست از سرزمین خود بیرون شوند تا وعده خدای سبحان بیاید که وقتی آمد آن را منهدم و متلاشی می کند و باز اقوام نامبرده خونریزیهای خود را از سر می گیرند، و مردم آسیا را هلاک و این قسمت از آبادی را زیر و رو می کنند، و این تفسیر با ظهور مغول در قرن هفتم درست در نمی آید.

لذا ناگزیر باید اوصاف سد مزبور را بر طبق آنچه قرآن فرموده حفظ کنند و در باره آن اقوام بحث کنند که چه قومی بوده اند، اگر همان تاتار و مغول بوده باشند که از شمال چین به طرف ایران و عراق و شام و قفقاز گرفته تا آسیای صغیر را لگدمال کرده باشند، پس این سد کجا بوده و چگونه توانسته اند از آن عبور نموده و به سایر بلاد بریزند و آنها را زیر و رو کنند؟.

و این قوم مزبور اگر تاتار و یا غیر آن از امت های مهاجم در طول تاریخ بشریت نبوده اند پس این سد در کجا بوده، و سدی آهنی و چنان محکم که از خواصش این بوده که امتی بزرگ را هزاران سال از هجوم به اقطار زمین حبس کرده باشد به طوری که نتوانند از آن عبور کنند کجا است؟ و چرا در این عصر که تمامی دنیا به وسیله خطوط هوایی و دریایی و زمینی به هم مربوط شده، و به هیچ مانعی چه طبیعی از قبیل کوه و دریا، و یا مصنوعی مانند سد و یا دیوار و یا خندق برنمی خوریم که از ربط امتی با امت دیگر جلوگیری کند؟ و با این حال چه معنا دارد که با کشیدن سدی دارای این صفات و یا هر صفتی که فرض شود رابطه اش با امت های دیگر قطع شود؟

لیکن در دفع این اشکال آنچه به نظر من می رسد این است که کلمه" دکاء" از" دک" به معنای ذلت باشد، هم چنان که در لسان العرب گفته:" جبل دک" یعنی کوهی که ذلیل شود (1). و آن وقت مراد از" دک کردن سد" این باشد که آن را از اهمیت و از خاصیت بیندازد به خاطر اتساع طرق ارتباطی و تنوع وسائل حرکت و انتقال زمینی و دریایی و هوایی دیگر اعتنایی به شان آن نشود.

پس در حقیقت معنای این وعده الهی وعده به ترقی مجتمع بشری در تمدن و نزدیک شدن امتهای مختلف است به یکدیگر، به طوری که دیگر هیچ سدی و مانعی و دیواری جلو انتقال آنان را از هر طرف دنیا به هر طرف دیگر نگیرد، و به هر قومی بخواهند بتوانند هجوم آورند.

[شماره صفحه واقعی : 541]

ص: 1266


1- لسان العرب، ج 10، ص 424.

مؤید این معنا سیاق آیه:" حَتَّی إِذا فُتِحَتْ یَأْجُوجُ وَ مَأْجُوجُ وَ هُمْ مِنْ کُلِّ حَدَبٍ یَنْسِلُونَ" است که خبر از هجوم یاجوج و ماجوج می دهد و اسمی از سد نمی برد.

البته کلمه" دک" یک معنای دیگر نیز دارد، و آن عبارت از دفن است که در صحاح گفته:" دککت الرکی" این است که من چاه را با خاک دفن کردم (1). و باز معنای دیگری دارد، و آن این است که کوه به صورت تلهای خاک در آید، که باز در صحاح گفته:

" تدکدکت الجبال" یعنی کوه ها تلهایی از خاک شدند، و مفرد آن" دکاء" می آید (2). بنا بر این ممکن است احتمال دهیم که سد ذو القرنین که از بناهای عهد قدیم است به وسیله بادهای شدید در زمین دفن شده باشد، و یا سیلهای مهیب آب رفتهایی جدید پدید آورده و باعث وسعت دریاها شده در نتیجه سد مزبور غرق شده باشد که برای بدست آوردن اینگونه حوادث جوی باید به علم ژئولوژی مراجعه کرد. پس دیگر جای اشکالی باقی نمی ماند، و لیکن با همه این احوال وجه قبلی موجه تر است- و خدا بهتر می داند.

[شماره صفحه واقعی : 542]

ص: 1267


1- صحاح، ج 4، ص 1584.
2- صحاح، ج 4، ص 1584.

سوره الکهف (18): آیات 103 تا 108

اشاره

قُلْ هَلْ نُنَبِّئُکُمْ بِالْأَخْسَرِینَ أَعْمالاً (103) الَّذِینَ ضَلَّ سَعْیُهُمْ فِی الْحَیاةِ الدُّنْیا وَ هُمْ یَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ یُحْسِنُونَ صُنْعاً (104) أُولئِکَ الَّذِینَ کَفَرُوا بِآیاتِ رَبِّهِمْ وَ لِقائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فَلا نُقِیمُ لَهُمْ یَوْمَ الْقِیامَةِ وَزْناً (105) ذلِکَ جَزاؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِما کَفَرُوا وَ اتَّخَذُوا آیاتِی وَ رُسُلِی هُزُواً (106) إِنَّ الَّذِینَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ کانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلاً (107)

خالِدِینَ فِیها لا یَبْغُونَ عَنْها حِوَلاً (108)

ترجمه آیات

بگو آیا شما را از آنهایی که از جهت عمل زیانکارترند خبر دهیم (103).

همان کسان که کوشش ایشان در زندگی این دنیا تلف شده و پندارند که رفتار نیکو دارند (104).

آنها همان کسانند که آیت های پروردگارشان را با معاد انکار کرده اند، پس اعمالشان هدر شده و روز قیامت برای آنها میزانی بپا نمی کنیم (105).

چنین است، و سزای ایشان جهنم است برای آنکه انکار ورزیده و آیت های من و پیغمبرانم را به مسخره گرفته اند (106).

کسانی که ایمان آورده و کارهای شایسته کرده اند منزلشان باغهای بهشت است (107).

جاودانه در آنند و تغییر یافتن از آن را نخواهند (108).

[شماره صفحه واقعی : 543]

ص: 1268

بیان آیات معرفی زیانکارترین زیانکاران (اخسرین اعمالا) که کارهای بی نتیجه خود را نیکو می پندارند و اعمالشان حبط شده، در قیامت وزنی ندارد

این آیات شش گانه به منزله استنتاج از آیات گذشته در این سوره است که دلباختگی مشرکین را نسبت به زینت حیات دنیا و رکون و اطمینان به اولیائی غیر از خدا و ابتلاءشان به تاریک بینی و ناشنوایی و آثار اینها در سوء عاقبت را شرح می داد. و علاوه بر اینکه از آن آیات نتیجه گیری می کند، تمهید و مقدمه ای است نسبت به آیه آخر سوره که می فرماید:" قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُکُمْ ...".

" قُلْ هَلْ نُنَبِّئُکُمْ بِالْأَخْسَرِینَ أَعْمالًا".

ظاهر سیاق می رساند که خطاب در این آیه به مشرکین باشد، و با لحن کنایه می فرماید:" بگو می خواهید بگوییم چه کسی در عمل خاسرتر از هر کس است ..." با اینکه منظور خود مخاطبین است، ولی بعد از یک آیه لحن سخن را عوض کرده نزدیک به صراحت می فرماید:" أُولئِکَ الَّذِینَ کَفَرُوا بِآیاتِ رَبِّهِمْ وَ لِقائِهِ". پس معلوم می شود که منکرین نبوت و معاد که کفر به آیات خدا و لقاء او معرف ایشان است همان مشرکین هستند.

بعضی (1) از مفسرین گفته اند: اگر نفرمود:" بالاخسرین عملا" با اینکه اصل در تمیز این است که مفرد آورده شود، و با اینکه مصدر هم شامل قلیل و هم کثیر می شود، برای این است که اعلام کند، خسران اختصاص به یک نوع اعمال ایشان ندارد، بلکه تمامی انواع کارهای ایشان را شامل است.

" الَّذِینَ ضَلَّ سَعْیُهُمْ فِی الْحَیاةِ الدُّنْیا وَ هُمْ یَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ یُحْسِنُونَ صُنْعاً".

این آیه خبر می دهد از آنهایی که در عمل از هر زیانکاری زیانکارترند. و آنها کسانی هستند که در آیه قبلی پیشنهاد کرد که به مشرکین معرفی شان کند و حال معرفی می کند و می فرماید کسانی هستند که در زندگی دنیا نیز از عمل خود بهره نگرفتند، چون" ضلال سعی" همان خسران و بی نتیجگی عمل است، آن گاه دنبالش اضافه فرموده که" وَ هُمْ یَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ یُحْسِنُونَ صُنْعاً- در عین حال گمان می کنند که کار خوبی انجام می دهند"، و همین پندار است که مایه تمامیت خسران ایشان شده است.

توضیح اینکه: خسران و خسارت در کسب و کارهایی صورت می گیرد که به منظور.]

[شماره صفحه واقعی : 544]

ص: 1269


1- تفسیر روح المعانی، ج 16، ص 47. [.....]

استفاده و سود انجام می شود و وقتی خسران تحقق می یابد که کاسب از سعی و کوشش خود به غرضی که داشته، نرسد، بلکه نتیجه عمل این شود که مثلا چیزی از سرمایه هم از بین برود، و یا حد اقل منفعتی عاید نگردد در نتیجه سعیش بی نتیجه شود. و این همان است که آیه شریفه آن را" ضلال سعی" خوانده، کانه راه استفاده گم شده، و راهی که پیموده به خلاف آن هدفی که داشته است منتهی گردیده. حال که این مطلب روشن گردید می گوییم: چه بسیار می شود که انسان در کسب و کارش خاسر می شود و به خاطر استاد نبودن در کسب و یا در راه آن و یا به خاطر عواملی دیگر که احیانا اتفاق می افتد از نتیجه بی بهره می شود. و این خسرانی است که امید زوالش هست، چون معمولا پس از یکی دو بار اشتباه، تجربه می آموزد و ما فات را جبران می کند. و چه بسا می شود که آدمی خاسر می گردد ولی به خیال خود نتیجه گرفته است. ضرر می کند و به خیال خود سود برده است. اینچنین خسران و ضرری امیدی به زوال و جبرانش نیست.

آدمی در زندگی دنیا جز سعی برای سعادت خود کاری نمی کند، و جز کوشش برای رسیدن به چنین هدفی همی ندارد، و این انسان اگر طریق حق را بپیماید و به غرض خود نائل شود و سعادتمند بشود که هیچ، و اگر راه خطا را برود و نفهمد که دارد خطا می رود خاسر است لیکن همین خاسر خسرانش قابل زوال است و امید نجات دارد. اما اگر راه خطا رفت و به غیر حق اصابت کرد و همان باطل را پذیرفت تا آنجا که وقتی هم که حق برایش جلوه کرد از آن اعراض نمود، و دلباخته استکبار و تعصب جاهلانه خود بود، چنین کسی از هر خاسری خاسرتر است و عملش از عمل هر کس دیگری بی نتیجه تر، زیرا این خسرانی است که زایل نمی شود، و امید نمی رود که روزی مبدل به سعادت شود و به همین جهت است که خدای تعالی می فرماید:" الَّذِینَ ضَلَّ سَعْیُهُمْ فِی الْحَیاةِ الدُّنْیا وَ هُمْ یَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ یُحْسِنُونَ صُنْعاً".

و اینکه کسی با روشن شدن بطلان اعمالش، باز هم آن را حق بپندارد از این جهت است که دلش مجذوب زینت های دنیا و زخارف آن شده، و در شهوات غوطه ور گشته لذا همین انجذاب به مادیت او را از میل به پیروی حق و شنیدن داعی آن و پذیرفتن ندای منادی فطرت باز می دارد، هم چنان که در جای دیگر قرآن آمده:" وَ جَحَدُوا بِها وَ اسْتَیْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ" (1) و نیز آمده:" وَ إِذا قِیلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ" (2) پس پیروی هوای نفس و از در عناد و

[شماره صفحه واقعی : 545]

ص: 1270


1- حق را انکار کردند در حالی که دلهایشان بدان یقین داشت. سوره نمل آیه 14.
2- و چون به او گفته شود از خدا بترس غرورش او را به گناه و لجبازی وا می دارد. سوره بقره آیه 206.

استکبار و عشق به شهوات نفس به اعراض از حق ادامه دادن همان خشنودی از باطل خویش بودن و آن را نیکو پنداشتن است.

" أُولئِکَ الَّذِینَ کَفَرُوا بِآیاتِ رَبِّهِمْ وَ لِقائِهِ".

این جمله تعریف دومی برای" بِالْأَخْسَرِینَ أَعْمالًا" و تفسیری بعد از تفسیر آن است. و منظور از" آیات"- به طوری که اطلاق کلمه اقتضاء می کند- آیات آفاقی و انفسی خدای تعالی و معجزاتی است که انبیاء برای تایید رسالت خود می آورند. پس کفر به آیات، انکار نبوت است. علاوه بر اینکه خود پیغمبر از آیات است. و مراد از کفر به لقاء خدا، کفر به معاد و بازگشت به سوی او است.

پس برگشت تعریف" بِالْأَخْسَرِینَ أَعْمالًا" به این است که آنان منکر نبوت و معادند، و این از خواص بت پرستان است.

" فَحَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فَلا نُقِیمُ لَهُمْ یَوْمَ الْقِیامَةِ وَزْناً".

وجه اینکه چرا اعمالشان حبط (بی اجر) می گردد این است که آنها هیچ عملی را برای رضای خدا انجام نمی دهند، و ثواب دار آخرت را نمی جویند و سعادت حیات آخرت را نمی طلبند و محرکشان در هیچ عملی یاد روز قیامت و حساب نیست. ما، در مباحث اعمال در جلد دوم این کتاب راجع به حبط بحثی ایراد کردیم.

و اینکه فرمود:" فَلا نُقِیمُ لَهُمْ یَوْمَ الْقِیامَةِ وَزْناً" تفریعی است بر حبط اعمال، زیرا سنجش و وزن در روز قیامت به سنگینی حسنات است، به دلیل اینکه می فرماید:" وَ الْوَزْنُ یَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوازِینُهُ فَأُولئِکَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وَ مَنْ خَفَّتْ مَوازِینُهُ فَأُولئِکَ الَّذِینَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ" (1).

و نیز به دلیل اینکه با حبط عمل دیگر سنگینی باقی نمی ماند و در نتیجه دیگر وزنی معنا ندارد.

" ذلِکَ جَزاؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِما کَفَرُوا وَ اتَّخَذُوا آیاتِی وَ رُسُلِی هُزُواً".

کلمه" ذلک" اشاره به همان وصفی است که از اوصاف آنان ذکر کرد، و این اشاره خبر است برای مبتدایی که حذف شده و تقدیر کلام این است:" الامر ذلک" یعنی حال و وضع ایشان بدین سان است که ما گفتیم. و این خود تاکیدی است برای مطلب و جمله" جَزاؤُهُمْ جَهَنَّمُ" کلامی است نو و تازه که از عاقبت امر ایشان خبر می دهد. و جمله

[شماره صفحه واقعی : 546]

ص: 1271


1- سنگ سنجش امروز حق است پس هر کس میزان اعمالش سنگین شد آنان رستگارند و کسانی که میزان اعمالشان سبک گشت آنها کسانی خواهند بود که زیان کردند. سوره اعراف، آیه 8 و 9.

" بِما کَفَرُوا وَ اتَّخَذُوا آیاتِی وَ رُسُلِی هُزُواً" در معنای این است که فرموده باشد:" بما کفروا و ازدادوا کفرا باستهزاء آیاتی و رسلی" یعنی به خاطر کفری که ورزیدند، و آن را با مسخره کردن آیات و رسولان من دو چندان نمودند.

" إِنَّ الَّذِینَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ کانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا".

به کلمه" فردوس" هم ضمیر مذکر برمی گردد و هم مؤنث و به طوری که گفته شده کلمه ای است رومی به معنای" بستان" و بعضی هم گفته اند کلمه ای است سریانی به معنای تاکستان و اصل آن" فرداس" بوده، و بعضی دیگر گفته اند کلمه ای است سریانی و به معنای باغ انگور. و بعضی گفته اند کلمه ای است حبشی و بعضی گفته اند عربی است و به معنای باغ پر درختی است که بیشتر درختانش انگور باشد.

بعضی خواسته اند از اینکه" جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ" را" نزل" خوانده، آن چنان که قبلا جهنم را برای کافران نزل خوانده بود استفاده کنند که در ما ورای بهشت و دوزخ، ثواب و عقاب دیگری است که به وصف در نمی آید. و چه بسا این مفسرین استفاده مذکور خود را با امثال:

" لَهُمْ ما یَشاؤُنَ فِیها وَ لَدَیْنا مَزِیدٌ" (1) و آیه" فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِیَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْیُنٍ" (2) و آیه" وَ بَدا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ ما لَمْ یَکُونُوا یَحْتَسِبُونَ" (3) تایید می کنند.

" خالِدِینَ فِیها لا یَبْغُونَ عَنْها حِوَلًا".

کلمه" بغی" به معنای طلبیدن است. و کلمه" حول" به معنای تحول است. و باقی آیه روشن است.

بحث روایتی

(روایاتی در باره" بِالْأَخْسَرِینَ أَعْمالًا" و" جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ")

در الدر المنثور است که ابن مردویه از ابی الطفیل روایت کرده که گفت: من از علی بن ابی طالب شنیدم که در پاسخ ابن الکواء که از آیه" هَلْ نُنَبِّئُکُمْ بِالْأَخْسَرِینَ أَعْمالًا" پرسیده بود فرمود: مقصود فاجران قریش است (4).

[شماره صفحه واقعی : 547]

ص: 1272


1- در بهشت برای ایشان است هر چه را که بخواهند، و نزد ما بیش از آن است. سوره ق، آیه 35.
2- هیچ کس نمی داند که چه چیزهایی که مایه روشنی چشمها است برایش پنهان کرده ایم. سوره الم سجده، آیه 17.
3- و از ناحیه خدا چیزهایی دیدند که هیچ احتمالش را نمی دادند. سوره زمر، آیه 47.
4- الدر المنثور، ج 4، ص 253.

و در تفسیر عیاشی از امام بن ربعی روایت کرده که گفت: ابن الکواء در مجلس امیر المؤمنین علیه السلام برخاست و عرض کرد مرا خبر ده از معنای قول خدا که می فرماید:" قُلْ هَلْ نُنَبِّئُکُمْ ... صُنْعاً" حضرت فرمود: مقصود اهل کتابند که به پروردگار خود کفر ورزیدند و در دین خود بدعت نهادند، خداوند هم اعمالشان را حبط کرد و اهل نهروان از ایشان دور نیستند (1).

مؤلف: و نیز روایت شده که مقصود از آنها نصاری هستند، و راوی آن قمی از ابی جعفر علیه السلام است (2) و طبرسی هم در احتجاج از علی علیه السلام روایت کرده که منظور اهل کتابند (3). و در الدر المنثور آمده که ابن منذر و ابن ابی حاتم از ابی خمیصه، عبد اللَّه بن قیس از علی علیه السلام روایت کرده که مقصود راهب ها هستند که خود را در دیرها حبس کردند (4).

و همه این روایات از باب جری است، و دو آیه مذکور در روایات در سیاق مفصلی قرار دارند که روی سخن در آن سیاق با مشرکین است، و آیه سوم یعنی" أُولئِکَ الَّذِینَ کَفَرُوا بِآیاتِ رَبِّهِمْ وَ لِقائِهِ ..." که تفسیر آیه دومی است انطباقش بر وثنی ها همانطور که گذشت روشن تر است تا بر غیر ایشان.

پس روایتی که از قمی در تفسیرش در ذیل آیه مورد بحث آمده که در باره یهود نازل شد و در باره خوارج جریان یافته صحیح نیست.

در تفسیر برهان از محمد بن عباس به سند خود از حارث از علی علیه السلام روایت آورده که فرمود: برای هر چیزی نقطه برجسته ای است و نقطه برجسته بهشت فردوس است که اختصاص به محمد و آل محمد علیه السلام دارد (5).

و در الدر المنثور است که بخاری، مسلم و ابن ابی حاتم از ابی هریره روایت کرده اند که گفت رسول خدا صلی الله علیه و آله فرمود:" وقتی از خدا درخواست می کنید فردوس را بخواهید که در وسط بهشت و بر نقطه بلند آن قرار دارد که فوق آن عرش رحمان است، و نهرهای بهشت از آنجا می جوشد (6).

[شماره صفحه واقعی : 548]

ص: 1273


1- تفسیر عیاشی، ج 2، ص 352، ح 89.
2- تفسیر قمی، ج 2، ص 46.
3- احتجاج طبرسی، ج 1 ص 227 چاپ بیروت.
4- الدر المنثور، ج 4، ص 253.
5- تفسیر برهان، ج 4، ص 253.
6- الدر المنثور، ج 4، ص 254.

و در مجمع البیان است که عبادة بن صامت از رسول خدا صلی الله علیه و آله روایت کرده که فرمود: بهشت صد درجه است که ما بین هر دو درجه آن به قدر ما بین آسمان و زمین است، و فردوس بالاترین درجه آن است که نهرهای چهارگانه بهشت از آنجا می جوشد، پس هر وقت خواستید از خدا درخواستی کنید فردوس را بخواهید (1).

مؤلف: و در این معنا روایات دیگری است.

و در تفسیر قمی از جعفر بن احمد از عبید اللَّه بن موسی از حسن بن علی بن ابی حمزه از پدرش از ابی بصیر از ابی عبد اللَّه علیه السلام روایت کرده که در ضمن حدیثی گفت از آن جناب از آیه" إِنَّ الَّذِینَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ کانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا" پرسیدم، فرمود: در باره ابو ذر و سلمان و مقداد و عمار بن یاسر نازل شده که خدای تعالی جنات فردوس را منزل و ماوای ایشان کرده است (2).

مؤلف: جا دارد که این روایت را حمل بر جری کنیم و بگوئیم مراد این است که آیه شریفه در باره مؤمنین حقیقی نازل شده که چهار نفر مذکور از روشن ترین مصادیق آنند، و گرنه اگر بگوییم در خصوص ایشان نازل شده باشد، این اشکال متوجه می شود که سلمان از کسانی بود که در مدینه ایمان آورد، و آیه شریفه در مکه و قبل از هجرت به مدینه نازل شده، علاوه بر اینکه سند حدیث هم خالی از سستی نیست.

[شماره صفحه واقعی : 549]

ص: 1274


1- مجمع البیان، ج 4، ص 216. [.....]
2- تفسیر قمی، ج 2، ص 46.

سوره الکهف (18): آیه 109

اشاره

قُلْ لَوْ کانَ الْبَحْرُ مِداداً لِکَلِماتِ رَبِّی لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ کَلِماتُ رَبِّی وَ لَوْ جِئْنا بِمِثْلِهِ مَدَداً (109)

ترجمه آیه

بگو اگر دریا مرکب کلمات پروردگار من باشد پیش از آنکه کلمات پروردگارم تمامی گیرد دریا تمامی پذیرد و گر چه نظیر آن را نیز به کمک آوریم (109).

بیان آیه
اشاره

این آیه بیان مستقلی است برای وسعت کلمات خدای تعالی، و اینکه کلمات او نابودی پذیر نیست، و به همین جهت بعید نیست که تنها نازل شده باشد نه در ضمن آیات قبل و بعدش، لیکن اگر در ضمن آیات دیگری نازل شده باشد، آن وقت مربوط به تمامی مطالبی است که در این سوره مورد بحث قرار گرفته است.

بدین خاطر که در اول این سوره اشاره شده که حقایقی الهی را خاطرنشان می سازد، و نخست پیغمبر خود را که از اعراض مردم از ذکر ناراحت شده بود تسلیت داد که همگی نسبت به تنبه به این حقایق در خواب و غفلتند و به زودی از خواب خود بیدار می شوند، و برای ایضاح این معنا مثالی از داستان اصحاب کهف آورد.

آن گاه امور دیگری را خاطرنشان ساخته و برای مزید ایضاح در ذیل آن، داستان موسی

[شماره صفحه واقعی : 550]

ص: 1275

و خضر را آورد که چگونه موسی از او اعمال عجیبی مشاهده کرد و نتوانست تاویل کند، و ظاهر آن اعمال وی را از باطن آنها غافل ساخت تا آنکه خود خضر تاویل کارهای خود را شرح داده اضطراب موسی را از بین برد. و سپس داستان ذو القرنین و سدی که به امر خدا و برای جلوگیری از مفسدین- از قبیل یاجوج و ماجوج- ساخته بیان کرد.

و به طوری که ملاحظه می کنید اینها اموری است که در ذیلش حقایق و اسراری قرار دارد، و در حقیقت کلماتی است کاشف از مقاصدی، و بیاناتی است که از حقایقی نهفته که ذکر حکیم به سوی آنها دعوت می کند پرده برمی دارد. و این آیه، از این امور که کلمات خدا است خبر می دهد و کلمات خدا از مقاصدی که زوال ناپذیر است خبر می دهد، و آیه شریفه در اینکه در جایی قرار گرفته که غرض سوره استیفاء شده و بیانش تمام گشته و مثالهایش زده شده نظیر گفتار کسی می ماند که خیلی حرف زده و در آخر گفته باشد حرفهای ما تمامی ندارد لذا به همین مقدار که گفتیم اکتفاء می کنیم- و خدا داناتر است.

اشاره به معنای" کلمه خدا" و بیان مقصود از اینکه اگر دریاها مرکب باشد کلمات خدا را با آن نتوان نوشت

" قُلْ لَوْ کانَ الْبَحْرُ مِداداً لِکَلِماتِ رَبِّی ...".

لفظ" کلمة" هم بر جمله اطلاق می شود و هم بر مفرد نظیر آیه شریفه" قُلْ یا أَهْلَ الْکِتابِ تَعالَوْا إِلی کَلِمَةٍ سَواءٍ بَیْنَنا وَ بَیْنَکُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ" (1) و در قرآن کریم بیشتر در گفتار خدا و حکم او استعمال شده مانند آیه" وَ تَمَّتْ کَلِمَتُ رَبِّکَ الْحُسْنی عَلی بَنِی إِسْرائِیلَ بِما صَبَرُوا" (2) و آیه" کَذلِکَ حَقَّتْ کَلِمَةُ رَبِّکَ عَلَی الَّذِینَ فَسَقُوا أَنَّهُمْ لا یُؤْمِنُونَ" (3) و آیه" وَ لَوْ لا کَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّکَ لَقُضِیَ بَیْنَهُمْ" (4) و آیات بسیار زیاد دیگری از این قبیل.

و معلوم است که خدای تعالی تکلمش به دهان باز کردن نیست، بلکه تکلم او همان فعل او است و افاضه وجودی است که می کند، هم چنان که فرموده:" إِنَّما قَوْلُنا لِشَیْ ءٍ إِذا أَرَدْناهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ کُنْ فَیَکُونُ" (5).

[شماره صفحه واقعی : 551]

ص: 1276


1- بگو ای اهل کتاب همه بیائید بر یک کلمه اتفاق کنیم و آن کلمه عبارت است از اینکه جز خدا را نپرستیم. سوره آل عمران، آیه 64.
2- کلمه حسنای پروردگارت بر بنی اسرائیل تمام شد چون صبر کردند. سوره اعراف آیه 137.
3- این چنین کلمه پروردگارت علیه کسانی که فسق کردند مسلم شد که ایمان نمی آورند. سوره یونس آیه 32.
4- اگر کلمه از پروردگارت نگذشته بود کار ایشان یکسره می شد. سوره یونس، آیه 19.
5- قول ما به هر چیزی که بخواهیمش این است که بگوییم بباش و او بدون درنگ موجود می شود. سوره نحل آیه 40.

و اگر قرآن فعل خدا را" کلمه" نامیده برای این است که فعل او بر وجود او دلالت می کند. از همین جا است که مسیح، کلمه خدا نامیده می شود، و قرآن کریم می فرماید:" إِنَّمَا الْمَسِیحُ عِیسَی ابْنُ مَرْیَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَ کَلِمَتُهُ" (1) و نیز از اینجا روشن می شود که هیچ عینی از اعیان خارجی و هیچ واقعه ای از وقایع به وجود نمی آید مگر آنکه از این جهت که بر ذات خدای تعالی دلالت دارد، کلمه او است. چیزی که هست در عرف و اصطلاح قرآن کریم مخصوص اموری شده که دلالتش بر ذات باری عز اسمه ظاهر باشد، و در دلالتش خفاء و بطلان و تغییری نباشد، هم چنان که فرموده:" وَ الْحَقَّ أَقُولُ" (2) و نیز فرموده:" ما یُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَیَّ" (3) و چنین موجودی مثال روشنش عیسی بن مریم علیه السلام و موارد قضای حتمی خدا است. و نیز از همین جا روشن می شود اینکه مفسرین (4)" کلمات" در آیه را حمل بر معلومات و یا مقدورات و یا میعادهایی که به اهل ثواب و اهل عقاب داده شده نموده اند، صحیح نیست.

پس معنای اینکه فرمود:" قُلْ لَوْ کانَ الْبَحْرُ مِداداً لِکَلِماتِ رَبِّی" این است که اگر دریاها مرکب باشد و با آن، کلمات خدا را که دلالت به خدا می کنند بنویسم هر آینه آب دریا تمام می شود و کلمات پروردگار تمام نمی شود.

و معنای" وَ لَوْ جِئْنا بِمِثْلِهِ مَدَداً" این است که حتی اگر غیر دریاهای دنیا دریای دیگری هم تهیه کنیم آن نیز خشک خواهد شد، قبل از اینکه کلمات پروردگار من تمام شود.

بعضی (5) از مفسرین گفته اند: مراد از" بمثله" جنس مثل است، نه یک مثل، چون کلمه" مثل" هر وقت اضافه به اصل شود از تناهی بیرون نمی رود، و چون کلمات خدای تعالی- یعنی معلوماتش- غیر متناهی است، لذا متناهی نمی تواند غیر متناهی را ضبط کند- این خلاصه گفتار مفسر مذکور است.

این گفته در جای خود صحیح است لیکن نه به خاطر تناهی و عدم تناهی، و اینکه کلمات خدا غیر متناهی است. بلکه به این جهت است که حقایقی که کلمات بر آن دلالت می کند از حیث دلالتش غلبه بر مقادیر دارد، و چگونه چنین نباشد با اینکه هر ذره از ذرات دریا هر قدر هم بسیار فرض شود وافی نیست که دلالتهایش را بر جمال و جلال خدا در طول

[شماره صفحه واقعی : 552]

ص: 1277


1- جز این نیست که مسیح، عیسی بن مریم رسول اللَّه و کلمه او است. سوره نساء، آیه 171.
2- سوره ص، آیه 84.
3- گفتار نزد من دگرگونه نمی شود. سوره ق، آیه 29.
4- مجمع البیان، ج 6، ص 498.
5- روح المعانی، ج 16، ص 51.

وجود خودش ثبت کند تا چه رسد به اینکه غیر دریاها از موجودات دیگر هم به دریاها اضافه شود.

و اینکه کلمه" بحر" در آیه شریفه تکرار شده، و همچنین کلمه" ربی" که اسم ظاهر است در جای ضمیر به کار رفته تثبیت و تاکید را می رساند. و همچنین اینکه از اسامی خدای تعالی فقط" رب" ذکر شده و به ضمیر متکلم اضافه گردیده نیز تاکید را می رساند به اضافه اینکه به مضاف الیه شرافت هم می دهد.

بحث روایتی : (روایتی در ذیل آیه گذشته)

در تفسیر قمی به سند خود از ابی بصیر از امام صادق علیه السلام روایت آورده که در ذیل این آیه فرموده: به تو خبر می دهم که کلام خدا نه آخر دارد و نه غایت، و تا ابد انقطاع نمی پذیرد (1).

مؤلف: اینکه کلمات خدای را به کلام تفسیر فرموده گفتار گذشته ما را تایید می کند.

[شماره صفحه واقعی : 553]

ص: 1278


1- تفسیر قمی، ج 2، ص 46.

سوره الکهف (18): آیه 110

اشاره

قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُکُمْ یُوحی إِلَیَّ أَنَّما إِلهُکُمْ إِلهٌ واحِدٌ فَمَنْ کانَ یَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْیَعْمَلْ عَمَلاً صالِحاً وَ لا یُشْرِکْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً (110)

ترجمه آیه

بگو من فقط بشری هستم همانند شما، که به من وحی می شود، حق این است که خدای شما یگانه است پس هر که امید دارد که به پیشگاه پروردگار خویش رود باید عمل شایسته کند و هیچکس را در عبادت پروردگارش شریک نکند (110).

بیان آیه بیان آخرین آیه سوره، که به سه اصل: توحید، نبوت و معاد اشاره دارد

این آیه آخرین آیه سوره است که غرض از بیان سوره را خلاصه می کند، و در آن اصول سه گانه دین را که توحید و نبوت و معاد است جمع کرده. جمله" أَنَّما إِلهُکُمْ إِلهٌ واحِدٌ" مساله توحید را، و جمله" إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُکُمْ یُوحی إِلَیَّ" و جمله" فَلْیَعْمَلْ عَمَلًا صالِحاً ..."

مساله نبوت را، و جمله" فَمَنْ کانَ یَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ" مساله معاد را متعرض است.

" قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُکُمْ یُوحی إِلَیَّ أَنَّما إِلهُکُمْ إِلهٌ واحِدٌ".

کلمه" انما" ی اولی رسول خدا صلی الله علیه و آله را منحصر در بشریت و در مانندی سایر بشرها می سازد، به طوری که هیچ چیزی زائد بر آنچه آنان دارند ندارد و هیچ زیادتی برای خود ادعا نمی کند. و این در حقیقت رد پندار مردم است که خیال می کنند هر

[شماره صفحه واقعی : 554]

ص: 1279

که ادعای نبوت کرد ادعای الوهیت و قدرت غیبی کرده است، و بر اساس همین پندار است که از انبیاء توقع هایی دارند که جز خدا کسی علم و قدرت بر آنها را ندارد. در انحصار اول به امر خدا همه اینها را از خود نفی می کند، و برای خود اثبات نمی کند مگر تنها و تنها مساله وحی را.

و انحصار دوم معبود را که معبود ایشان هم هست منحصر در یکی می کند، و این همان توحید است که می گوید اله تمامی عالم یک اله است.

جمله" فَمَنْ کانَ یَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْیَعْمَلْ ..." مشتمل بر اجمال دعوت دینی است که همان عمل صالح برای رضای خدای واحد بی شریک است، و آن گاه این معنا را متفرع کرده بر رجاء لقاء پروردگار متعال و بازگشت به سوی او چون اگر حساب و جزائی در کار نباشد هیچ داعی و ملزمی نیست که افراد را به پیروی از دین و به دست آوردن اعتقاد و عمل صحیح وادار سازد هم چنان که خود خدای تعالی فرموده:" إِنَّ الَّذِینَ یَضِلُّونَ عَنْ سَبِیلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذابٌ شَدِیدٌ بِما نَسُوا یَوْمَ الْحِسابِ" (1).

و اگر عمل صالح و شرک نورزیدن در عبادت رب را متفرع بر اعتقاد به معاد نموده بدین جهت است که اعتقاد به وحدانیت خدا با شرک در عمل جمع نمی شوند، و با هم متناقضند. پس اگر اله واحد باشد در همه صفاتش که یکی هم معبودیت است واحد است، و در آن نیز شریک ندارد.

و اگر پیروی از دین را متفرع بر رجاء معاد کرد نه بر یقین به معاد بدین جهت بوده که تنها احتمال بودن معاد کافی است که آدمی را به پیروی از دین وادار سازد چون دفع ضرر محتمل واجب است، هر چند بعضی ها گفته اند: که مراد از لقاء، لقاء کرامت و ثواب است و این تنها مورد رجاء است نه مورد قطع.

و اگر رجاء لقای خدای را متفرع بر جمله" أَنَّما إِلهُکُمْ إِلهٌ واحِدٌ" کرد بدین جهت بود که بازگشت بندگان به سوی خدای سبحان از تمامیت معنای الوهیت است، زیرا خدای تعالی هر کمال مطلوب و هر وصف جمیلی را دارد که یکی از آنها فعل حق و حکم به عدل است و این دو اقتضاء می کند که دوباره بندگان را به سوی خود بازگرداند و میان آنان حکم کند هم چنان که خودش فرموده:

[شماره صفحه واقعی : 555]

ص: 1280


1- کسانی که از راه خدا گمراه می شوند عذابی شدید دارند به خاطر اینکه روز حساب رای از یاد بردند. سوره ص، آیه 26.

" وَ ما خَلَقْنَا السَّماءَ وَ الْأَرْضَ وَ ما بَیْنَهُما باطِلًا ذلِکَ ظَنُّ الَّذِینَ کَفَرُوا فَوَیْلٌ لِلَّذِینَ کَفَرُوا مِنَ النَّارِ أَمْ نَجْعَلُ الَّذِینَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ کَالْمُفْسِدِینَ فِی الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِینَ کَالْفُجَّارِ" (1).

بحث روایتی : (روایاتی در باره اخلاص در عمل و پرهیز از ریا کاری)

در الدر المنثور است که ابن منذر و ابو نعیم- در کتاب صحابه- و ابن عساکر از طریق سدی صغیر از کلبی از ابو صالح از ابن عباس روایت کرده اند که گفت: جندب بن زهیر را عادت چنین بود که وقتی نماز می خواند یا روزه می گرفت یا تصدق می داد، و مردم تعریفش می کردند خیلی خوشحال می شد و به همین جهت این کارها را بیشتر می کرد تا مردم بیشتر تعریفش کنند. خدای تعالی در مذمتش این آیه را فرستاد:" فَمَنْ کانَ یَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْیَعْمَلْ عَمَلًا صالِحاً وَ لا یُشْرِکْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً" (2).

مؤلف: نظیر این روایت روایات دیگری بدون ذکر اسم شخص معینی وارد شده، و جا دارد که همه آنها حمل بر انطباق آیه بر مورد شود نه اینکه نزول آیه را در خصوص مورد بدانیم، زیرا بعید به نظر می رسد که خاتمه یک سوره از سوره های قرآنی به خاطر سبب خاصی نازل شده باشد.

و در همان کتاب از ابن ابی حاتم از سعید بن جبیر روایت شده که در تفسیر آیه مورد بحث گفته است: رسول خدا صلی الله علیه و آله فرمود پروردگار شما می فرماید: من بهترین شریکم، پس هر کس در عمل خودش احدی از خلق مرا شریک من قرار دهد من همه عمل او را به شریکم واگذار می کنم تا همه اش مال او باشد و هیچ عملی را از بنده ام قبول نمی کنم مگر آنچه را که خالص برای من بیاورد، آن گاه این آیه را خواندند:" فَمَنْ کانَ یَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْیَعْمَلْ عَمَلًا صالِحاً وَ لا یُشْرِکْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً" (3).

و در تفسیر عیاشی از علی بن سالم از امام صادق علیه السلام روایت کرده که فرمود:

[شماره صفحه واقعی : 556]

ص: 1281


1- ما آسمان و زمین و آنچه بین آن دو است باطل نیافریدیم، این پندار کسانی است که کافر شدند پس وای بر آنان که کافر شدند از آتش. آیا ما کسانی که ایمان آورده و عملهای صالح می کنند، مثل مفسدین در ارض قرار می دهیم. و یا مردم با تقوی را مانند فجار قرار می دهیم. سوره ص، آیات 27 و 28. [.....]
2- الدر المنثور، ج 4، ص 255.
3- الدر المنثور، ج 4، ص 255.

خدای تبارک و تعالی فرموده: من بهترین شریکم، هر کس در عمل خویش کسی را شریک من کند من آن را قبول نمی کنم، مگر آنچه را که خالص برای من آورده باشد (1).

عیاشی می گوید: در روایت دیگری از آن جناب آمده، که خدای تعالی فرموده: من بهترین شریکم، هر کس عملی را هم برای من و هم برای غیر من بجا آورد آن عمل مال آن کسی است که وی با من شریکش کرده (2).

و در الدر المنثور است که احمد و ابن ابی الدنیا و ابن مردویه و حاکم (وی حدیث را صحیح دانسته) و بیهقی از شداد بن اوس روایت کرده اند که گفت: من از رسول خدا صلی الله علیه و آله شنیدم که فرمود: هر کس نماز بخواند و ریاء کند شرک کرده و هر که روزه بگیرد و ریاء کند شرک ورزیده و هر که صدقه دهد و ریاء کند شرک ورزیده آن گاه این آیه را خواند:

" فَمَنْ کانَ یَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ ..." (3).

و در تفسیر عیاشی (4) از زراره و حمران از امام باقر و امام صادق علیه السلام روایت کرده که فرمودند: اگر بنده ای عملی کند که با آن رحمت خدا و خانه آخرت را طلب کند آن گاه رضای احدی از مردم را هم در آن دخالت دهد مشرک است.

مؤلف: روایات در این باب از طرق شیعه و اهل سنت آن قدر زیاد است که نمی توان شمرد. و البته مراد از شرک در آنها شرک خفی است که با اصل ایمان منافات ندارد بلکه با کمال آن منافی است هم چنان که خدای تعالی فرموده:" وَ ما یُؤْمِنُ أَکْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَ هُمْ مُشْرِکُونَ" (5) پس آیه شریفه با باطن خود شامل شرک خفی می شود نه به ظاهرش.

و در الدر المنثور است که طبرانی و ابن مردویه از ابی حکیم روایت کرده اند که گفت: رسول خدا صلی الله علیه و آله فرمود: اگر از قرآن غیر از آیه آخر سوره کهف بر من نازل نشده بود همان یک آیه برای امت من کافی بود (6).

مؤلف: وجه این روایت در سابق گذشت.

[شماره صفحه واقعی : 557]

ص: 1282


1- تفسیر عیاشی، ج 2، ص 353.
2- تفسیر عیاشی، ج 2، ص 353.
3- الدر المنثور، ج 4، ص 256.
4- تفسیر عیاشی، ج 2، ص 353.
5- ایمان به خدا نمی آورند مگر آنکه بیشترشان مشرکند. سوره یوسف، آیه 106.
6- الدر المنثور، ج 4، ص 257.

فلسفه

نهایة الحکمة (از المرحلة الثامنة تا پایان کتاب)

المرحلة الثامنة : فی العلة و المعلول

اشارة

صوت

[*زنجیرزن]

و فیها خمسة عشر فصلا

[شماره صفحه واقعی : 155]

ص: 1283

الفصل الأول فی إثبات العلیة و المعلولیة و أنهما فی الوجود

قد تقدم أن الماهیة فی حد ذاتها لا موجودة و لا معدومة فهی متساویة النسبة إلی الوجود و العدم فهی فی رجحان أحد الجانبین لها محتاجة إلی غیرها الخارج من ذاتها و أما ترجح أحد الجانبین لا لمرجح من ذاتها و لا من غیرها فالعقل الصریح یحیله.

و عرفت سابقا أن القول بحاجتها فی عدمها إلی غیرها نوع من التجوز حقیقته أن ارتفاع الغیر الذی تحتاج إلیه فی وجودها لا ینفک عن ارتفاع وجودها لمکان توقف وجودها علی وجوده و من المعلوم أن هذا التوقف علی وجود الغیر لأن المعدوم لا شیئیة له.

فهذا الوجود المتوقف علیه نسمیه علة و الشی ء الذی یتوقف علی العلة معلولا له.

ثم إن مجعول العلة و الأثر الذی تضعه فی المعلول هو إما وجود المعلول أو ماهیته أو صیرورة ماهیته موجودة لکن یستحیل أن یکون المجعول هو الماهیة لما تقدم أنها اعتباریة و الذی یستفیده المعلول من علته أمر أصیل علی أن العلیة و المعلولیة رابطة عینیة خاصة بین المعلول و علته و إلا لکان کل شی ء علة لکل شی ء و کل شی ء معلولا لکل شی ء و الماهیة لا رابطة بینها فی ذاتها و بین غیرها.

[شماره صفحه واقعی : 156]

ص: 1284

و یستحیل أن یکون المجعول هو الصیرورة لأن الأثر العینی الأصیل حینئذ هو الصیرورة التی هو أمر نسبی قائم بطرفین و الماهیة و وجودها اعتباریان علی الفرض و من المحال أن یقوم أمر عینی أصیل بطرفین اعتباریین و إذا استحال کون المجعول هو الماهیة أو الصیرورة تعین أن المجعول هو الوجود و هو المطلوب.

فقد تبین مما تقدم أولا أن هناک علة و معلولا و ثانیا أن کل ممکن فهو معلول و ثالثا أن العلیة و المعلولیة رابطة وجودیة بین المعلول و علته و أن هذه الرابطة دائرة بین وجود المعلول و وجود العلة و إن کان التوقف و الحاجة و الفقر ربما تنسب إلی الماهیة.

فمستقر الحاجة و الفقر بالأصالة هو وجود المعلول و ماهیته محتاجة بتبعه.

و رابعا أنه إذ کانت الحاجة و الفقر بالأصالة للوجود المعلول و هو محتاج فی ذاته و إلا لکانت الحاجة عارضة و کان مستغنیا فی ذاته و لا معلولیة مع الاستغناء فذات الوجود المعلول عین الحاجة أی أنه غیر مستقل فی ذاته قائم بعلته التی هی المفیضة له.

و یتحصل من ذلک أن وجود المعلول بقیاسه إلی علته وجود رابط موجود فی غیره و بالنظر إلی ماهیته التی یطرد عنها العدم وجود فی نفسه جوهری أو عرضی علی ما تقتضیه حال ماهیته.

الفصل الثانی فی انقسامات العلة

صوت

[*زنجیرزن]

تنقسم العلة إلی تامة و ناقصة فالعلة التامة هی التی تشتمل علی جمیع ما یتوقف علیه المعلول بحیث لا یبقی للمعلول معها إلا أن یتحقق و العلة الناقصة

[شماره صفحه واقعی : 157]

ص: 1285

هی التی تشتمل علی بعض ما یتوقف علیه المعلول فی تحققه لا علی جمیعه.

و تفترقان بأن العلة التامة یلزم من وجودها وجود المعلول کما سیأتی و من عدمها عدمه و العلة الناقصة لا یلزم من وجودها وجود المعلول لکن یلزم من عدمها عدمه لمکان توقف المعلول علیها و علی غیرها و لیعلم أن عدم العلة سواء کانت علة تامة أو ناقصة علة تامة لعدم المعلول.

و تنقسم أیضا إلی الواحدة و الکثیرة لأن المعلول من لوازم وجود العلة و اللازم قد یکون أعم.

و تنقسم أیضا إلی بسیطة و مرکبة و البسیطة ما لا جزء لها و المرکبة خلافها و البسیطة قد تکون بسیطة بحسب الخارج کالعقل و الأعراض و قد تکون بسیطة بحسب العقل و هی ما لا ترکب فیه خارجا من مادة و صورة و لا عقلا من جنس و فصل و أبسط البسائط ما لا ترکب فیه من وجود و ماهیة و هو الواجب تعالی.

و تنقسم أیضا إلی قریبة و بعیدة فالقریبة ما لا واسطة بینها و بین معلولها و البعیدة ما کانت بینها و بین معلولها واسطة کعلة العلة.

و تنقسم أیضا إلی داخلیة و خارجیة فالداخلیة هی المادة بالنسبة إلی المرکب منها و من الصورة و هی التی بها الشی ء بالقوة و الصورة بالنسبة إلی المرکب و هی التی بها الشی ء بالفعل و تسمیان علتی القوام.

و الخارجیة هی الفاعل و هو الذی یصدر عنه المعلول و الغایة و هی التی یصدر لأجلها المعلول و تسمیان علتی الوجود و سیأتی بیانها.

و تنقسم أیضا إلی علل حقیقیة و علل معدة و شأن المعدات تقریب المادة إلی إفاضة الفاعل بإعدادها لقبولها کانصرام القطعات الزمانیة المقربة للمادة إلی حدوث ما یحدث فیها من الحوادث.

[شماره صفحه واقعی : 158]

ص: 1286

الفصل الثالث فی وجوب وجود المعلول عند وجود علته التامة و وجوب وجود العلة عند وجود معلولها

صوت

[*زنجیرزن]

و هذا وجوب بالقیاس غیر الوجوب الغیری الذی تقدم فی مسألة الشی ء ما لم یجب لم یوجد.

أما وجوب وجود المعلول عند وجود علته التامة فلأنه لو لم یجب وجوده عند وجود علته التامة لجاز عدمه و لو فرض عدمه مع وجود العلة التامة فإما أن تکون علة عدمه و هی عدم العلة متحققة و علة وجوده موجودة کان فیه اجتماع النقیضین و هما علة الوجود و عدمها و إن لم تکن علة عدمه متحققة کان فی ذلک تحقق عدمه من غیر علة و هو محال.

و کذا لو لم یجب عدمه عند عدم علته لجاز وجوده و لو فرض وجوده مع تحقق علة عدمه و هی عدم علة الوجود فإن کانت علة الوجود موجودة اجتمع النقیضان و هما علة الوجود و عدمها الذی هو علة العدم و إن لم تکن علة الوجود موجودة لزم وجود المعلول مع عدم وجود علته.

برهان آخر لازم توقف وجود المعلول علی وجود العلة امتناع وجود المعلول مع عدم العلة و بتعبیر آخر کون عدم العلة علة موجبة لعدم المعلول و توقف هذا المعلول الذی هو عدم المعلول علی علته التی هی عدم العلة لازمه امتناعه بانعدامها أی وجوب وجود المعلول عند وجود علته فافهم ذلک.

فإن قلت الذی تستدعیه حاجة الممکن إلی المرجح و توقف وجوده علی وجود علة تامة استلزام وجود العلة التامة فی أی وعاء کانت هو وجود المعلول

[شماره صفحه واقعی : 159]

ص: 1287

فی أی وعاء کان و أما کون المعلول و العلة معین فی الوجود من غیر انفکاک فی الوعاء فلا فلم لا یجوز أن توجد العلة مستلزمة لوجود المعلول و لا معلول بعد ثم تنعدم العلة ثم یوجد المعلول بعد برهة و لا علة فی الوجود أو تکون العلة التامة موجودة و لا وجود للمعلول بعد ثم یسنح لها أن توجد المعلول فتوجده و هذا فیما کانت العلة التامة فاعلة بالاختیار بمکان من الوضوح.

قلت لا معنی لتخلل العدم بین وجود العلة التامة و وجود معلولها بأی نحو فرض فقد تقدم أن توقف وجود المعلول علی وجود العلة إنما یتم برابطة وجودیة عینیة یکون وجود المعلول معها وجودا رابطا قائم الذات بوجود العلة التامة المستقل ففرض وجود المعلول فی وعاء و علته التامة معدومة فیه فرض تحقق الوجود الرابط و لا مستقل معه یقومه و ذلک خلف ظاهر و فرض وجود العلة التامة و لا وجود لمعلولها بعد فرض وجود مستقل مقوم بالفعل و لا رابط له یقومه بعد و ذلک خلف ظاهر.

[*زنجیرزن]

و أما حدیث الاختیار فقد زعم قوم أن الفاعل المختار کالإنسان مثلا بالنسبة إلی أفعاله الاختیاریة علة تستوی نسبتها إلی الفعل و الترک فله أن یرجح ما شاء منهما من غیر إیجاب لتساوی النسبة.

و هو خطأ فلیس الإنسان الفاعل باختیاره علة تامة للفعل بل هو علة ناقصة و له علل ناقصة أخری کالمادة و حضورها و اتحاد زمان حضورها مع زمان الفعل و استقامة الجوارح الفعالة و مطاوعتها و الداعی إلی الفعل و الإرادة و أمور أخری کثیرة إذا اجتمعت صارت علة تامة یجب معها الفعل و أما الإنسان نفسه فجزء من أجزاء العلة التامة نسبة الفعل إلیه بالإمکان دون الوجوب و الکلام فی إیجاب العلة التامة لا مطلق العلة.

علی أن تجویز استواء نسبة الفاعل المختار إلی الفعل و عدمه إنکار لرابطة العلیة و لازمه تجویز علیة کل شی ء لکل شی ء و معلولیة کل شی ء لکل شی ء.

[شماره صفحه واقعی : 160]

ص: 1288

فإن قلت هب أن الإنسان الفاعل المختار لیس بعلة تامة لکن الواجب عز اسمه فاعل مختار و هو علة تامة لما سواه و کون العالم واجبا بالنسبة إلیه ینافی حدوثه الزمانی.

و لذلک اختار قوم أن فعل المختار لا یحتاج إلی مرجح و اختار بعضهم أن الإرادة مرجحة بذاتها لا حاجة معها إلی مرجح آخر و اختار جمع أن الواجب تعالی عالم بجمیع المعلومات فما علم منه أنه ممکن سیقع یفعله و ما علم منه أنه محال لا یقع لا یفعله و اختار آخرون أن أفعاله تعالی تابعة للمصالح و إن کنا غیر عالمین بها فما کان منها ذا مصلحة فی وقت تفوت لو لم یفعله فی ذلک الوقت فعله فی ذلک الوقت دون غیره.

قلت معنی کونه تعالی فاعلا مختارا أنه لیس وراءه تعالی شی ء یجبره علی فعل أو ترک فیوجبه علیه فإن الشی ء المفروض إما معلول له و إما غیر معلول و الثانی محال لأنه واجب آخر أو فعل لواجب آخر و أدلة التوحید تبطله و الأول أیضا محال لاستلزامه تأثیر المعلول بوجوده القائم بالعلة المتأخر عنها فی وجود علته التی یستفیض عنها الوجود فکون الواجب تعالی مختارا فی فعله لا ینافی إیجابه الفعل الصادر عن نفسه و لا إیجابه الفعل ینافی کونه مختارا فیه.

[*زنجیرزن]

و أما حدوث العالم بمعنی ما سوی الواجب حدوثا زمانیا فمعنی حدوث العالم حدوثا زمانیا کونه مسبوقا بقطعة من الزمان خالیة من العالم لیس معه إلا الواجب تعالی و لا خبر عن العالم بعد و الحال أن طبیعة الزمان طبیعة کمیة ممکنة موجودة معلولة للواجب تعالی و من فعله فهو من العالم و لا معنی لکون العالم و فیه الزمان حادثا زمانیا مسبوقا بعدم زمانی و لا قبل زمانیا خارجا من الزمان.

و قد استشعر بعضهم بالإشکال فدفعه بدعوی أن الزمان أمر اعتباری وهمی غیر موجود و هو مردود بأن دعوی کونه اعتباریا وهمیا اعتراف بعدم الحدوث الزمانی حقیقة

[شماره صفحه واقعی : 161]

ص: 1289

و دفع الإشکال بعضهم بأن الزمان حقیقة منتزعة من ذات الواجب تعالی من حیث بقائه و رد بأن لازمه التغیر فی ذات الواجب تعالی و تقدس فإن المنتزع عین المنتزع منه و کون الزمان متغیرا بالذات ضروری و أجیب عنه بأن من الجائز أن یخالف المنتزع منه بعدم المطابقة و هو مردود بأن تجویز المغایرة بین المنتزع و المنتزع منه من السفسطة و یبطل معه العلم من رأس علی أن فیه اعترافا ببطلان أصل الدعوی.

و أما قول القائل بجواز أن یختار الفاعل المختار أحد الأمرین المتساویین دون الآخر لا لمرجح یرجحه و قد مثلوا له بالهارب من السبع إذا عن له طریقان متساویان فإنه یختار أحدهما لا لمرجح.

ففیه أنه دعوی من غیر دلیل و قد تقدمت الحجة أن الممکن المتساوی الجانبین یحتاج فی ترجح أحد الجانبین إلی مرجح فإن قیل إن المرجح هو الفاعل مثلا بإرادته کما مر فی مثال الهارب من السبع أجیب بأن مرجعه إلی القول الآتی و سیأتی بطلانه و أما مثال الهارب من السبع فممنوع بل الهارب المذکور علی فرض التساوی من جمیع الجهات یقف فی موضعه و لا یتحرک أصلا.

علی أن جواز ترجح الممکن من غیر مرجح ینسد به طریق إثبات الصانع تعالی.

و أما قول القائل إن الإرادة مرجحة بذاتها یتعین بها أحد الأفعال المتساویة من غیر حاجة إلی مرجح آخر ففیه أن الإرادة لو رجحت الفعل فإنما ترجحه بتعلقها به لکن أصل تعلقها بأحد الأمور المتساویة الجهات محال و دعوی أن من خاصة الإرادة ترجیح أحد الأفعال المتساویة لا محصل لها لأنها صفة نفسانیة علمیة لا تتحقق إلا مضافة إلی متعلقها الذی رجحه العلم السابق لها فما لم یرجح العلم السابق متعلق الإرادة لم تتحقق الإرادة حتی یترجح بها فعل.

[شماره صفحه واقعی : 162]

ص: 1290

صوت

[*زنجیرزن]

و أما قول من قال إنه تعالی عالم بجمیع المعلومات فما علم منها أنه سیقع یفعله و ما علم منها أنه لا یقع لا یفعله و بعبارة أخری ما علم أنه ممکن فعله دون المحال ففیه أن الإمکان لازم الماهیة و الماهیة متوقفة فی انتزاعها علی تحقق الوجود و وجود الشی ء متوقف علی ترجیح المرجح فالعلم بالإمکان متأخر عن المرجح بمراتب فلا یکون مرجحا.

و أما قول من قال إن أفعاله تعالی غیر خالیة عن المصالح و إن کنا لا نعلم بها فما کان منها ذا مصلحة فی وقت یفوت لو لم یفعله فی ذلک الوقت أخره إلی ذلک الوقت ففیه مضافا إلی ورود ما أورد علی القول السابق علیه أن المصلحة المفروضة المرتبطة بالوقت الخاص لأی فعل من أفعاله کیفما فرضت ذات ماهیة ممکنة لا واجبة و لا ممتنعة فهی نظیره الأفعال ذوات المصلحة من فعله تعالی فمجموع ما سواه تعالی من المصالح و ذوات المصالح فعل له تعالی لا یتعدی طور الإمکان و لا یستغنی عن علة مرجحة هی علة تامة و لیس هناک وراء الممکن إلا الواجب تعالی فهو العلة التامة الموجبة لمجموع فعله لا مرجح له سواه.

نعم لما کان العالم مرکبا ذا أجزاء لبعضها نسب وجودیة إلی بعض جاز أن یقف وجود بعض أجزائه فی موقف الترجیح لوجود بعض لکن الجمیع ینتهی إلی السبب الواحد الذی لا سبب سواه و لا مرجح غیره و هو الواجب عز اسمه.

فقد تحصل من جمیع ما تقدم أن المعلول یجب وجوده عند وجود العلة التامة و بعض من لم یجد بدا من إیجاب العلة التامة لمعلولها قال بأن علة العالم هی إرادة الواجب دون ذاته تعالی و هو أسخف ما قیل فی هذا المقام فإن المراد بإرادته إن کانت هی الإرادة الذاتیة کانت عین الذات و کان القول بعلیة الإرادة عین القول بعلیة الذات و هو یفرق بینهما بقبول أحدهما و رد الآخر و إن کانت هی الإرادة الفعلیة و هی من صفات الفعل الخارجة

[شماره صفحه واقعی : 163]

ص: 1291

من الذات کانت أحد الممکنات وراء العالم و نستنتج منها وجود أحد الممکنات هذا.

و أما مسألة وجوب وجود العلة عند وجود المعلول فلأنه لو لم تکن العلة واجبة الوجود عند وجود المعلول لکانت ممکنة إذ تقدیر امتناعها یرتفع بأدنی توجه و إذ کانت ممکنة کانت جائزة العدم و المعلول موجود قائم الوجود بها و لازمه وجود المعلول بلا علة.

[*زنجیرزن]

فإن قلت المعلول محتاج إلی العلة حدوثا لا بقاء فمن الجائز أن تنعدم العلة بعد حدوث المعلول و یبقی المعلول علی حاله.

قلت هو مبنی علی ما ذهب إلیه قوم من أن حاجة المعلول إلی العلة فی الحدوث دون البقاء فإذا حدث المعلول بإیجاد العلة انقطعت الحاجة إلیها و مثلوا له بالبناء و البناء فإن البناء علة للبناء فإذا بنی و قام البناء علی ساق ارتفعت حاجته إلی البناء و لم یضره عدمه.

و هو مردود بأن الحاجة إلی العلة خاصة لازمة للماهیة لإمکانها فی تلبسها بالوجود أو العدم و الماهیة بإمکانها محفوظة فی حالة البقاء کما أنها محفوظة فی حالة الحدوث فیجب وجود العلة فی حالة البقاء کما یجب وجودها فی حالة الحدوث.

علی أنه قد تقدم أن وجود المعلول بالنسبة إلی العلة وجود رابط قائم بها غیر مستقل عنها فلو استغنی عن العلة بقاء کان مستقلا عنها غیر قائم بها هذا خلف.

برهان آخر قال فی الأسفار و هذا یعنی کون علة الحاجة إلی العلة هی الحدوث أیضا باطل لأنا إذا حللنا الحدوث بالعدم السابق و الوجود اللاحق و کون ذلک الوجود بعد العدم و تفحصنا عن علة الافتقار إلی الفاعل أ هی أحد الأمور الثلاثة أم أمر رابع مغایر لها لم یبق من الأقسام شی ء إلا القسم الرابع أما العدم السابق فلأنه نفی محض لا یصلح للعلیة و أما الوجود فلأنه مفتقر إلی الإیجاد المسبوق بالاحتیاج إلی الوجود المتوقف علی علة الحاجة

[شماره صفحه واقعی : 164]

ص: 1292

إلیه فلو جعلنا العلة هی الوجود لزم توقف الشی ء علی نفسه بمراتب و أما الحدوث فلافتقاره إلی الوجود لأنه کیفیة و صفة له و قد علمت افتقار الوجود إلی علة الافتقار بمراتب فلو کان الحدوث علة الحاجة لتقدم علی نفسه بمراتب فعلة الافتقار زائدة علی ما ذکرت ج 2 ص 203.

و قد اندفعت بما تقدم مزعمة أخری لبعضهم و هی قولهم إن من شرط صحة الفعل سبق العدم و المراد بالسبق السبق الزمانی و محصله أن المعلول بما أنه فعل لعلته یجب أن یکون حادثا زمانیا و عللوه بأن دوام وجود الشی ء لا یجامع حاجته و لازم هذا القول أیضا عدم وجود المعلول عند وجود العلة.

وجه الاندفاع أن علة الحاجة إلی العلة هی الإمکان و هو لازم الماهیة و الماهیة مع المعلول کیفما فرض وجودها من غیر فرق بین الوجود الدائم و غیره.

علی أن وجود المعلول رابط بالنسبة إلی العلة قائم بها غیر مستقل عنها و من الممتنع أن ینقلب مستغنیا عن المستقل الذی یقوم به سواء کان دائما أو منقطعا علی أن لازم هذا القول خروج الزمان من أفق الممکنات و قد تقدمت جهات فساده.

الفصل الرابع فی أن الواحد لا یصدر عنه إلا الواحد

صوت

[*زنجیرزن]

و المراد بالواحد الأمر البسیط الذی لیس فی ذاته جهة ترکیبیة مکثرة فالعلة الواحدة هی العلة البسیطة التی هی بذاتها البسیطة علة و المعلول الواحد هو المعلول البسیط الذی هو بذاته البسیطة معلول فالمراد بالواحد ما

[شماره صفحه واقعی : 165]

ص: 1293

یقابل الکثیر الذی له أجزاء أو آحاد متباینة لا ترجع إلی جهة واحدة.

بیانه أن المبدأ الذی یصدر عنه وجود المعلول هو وجود العلة الذی هو نفس ذات العلة فالعلة هی نفس الوجود الذی یصدر عنه وجود المعلول و إن قطع النظر عن کل شی ء و من الواجب أن یکون بین المعلول و علته سنخیة ذاتیة هی المخصصة لصدوره عنها و إلا کان کل شی ء علة لکل شی ء و کل شی ء معلولا لکل شی ء فلو صدر عن العلة الواحدة التی لیس لها فی ذاتها إلا جهة واحدة معالیل کثیرة بما هی کثیرة متباینة لا ترجع إلی جهة واحدة تقررت فی ذات العلة جهات کثیرة متباینة متدافعة و قد فرضت بسیطة ذات جهة واحدة هذا خلف فالواحد لا یصدر عنه إلا الواحد و هو المطلوب.

و قد اعترض علیه بالمعارضة أن لازمه عدم قدرة الواجب تعالی علی إیجاد أکثر من واحد و فیه تقیید قدرته و قد برهن علی إطلاق قدرته و أنها عین ذاته المتعالیة.

و یرده أنه مستحیل بالبرهان و القدرة لا تتعلق بالمحال لأنه بطلان محض لا شیئیة له فالقدرة المطلقة علی إطلاقها و کل موجود معلول له تعالی بلا واسطة أو معلول معلوله و معلول المعلول معلول حقیقة.

و یتفرع علیه أولا أن الکثیر لا یصدر عنه الواحد فلو صدر واحد عن الکثیر فإما أن یکون الواحد واحد نوعیا ذا أفراد کثیرة یستند کل فرد منها إلی علة خاصة کالحرارة الصادرة عن النار و النور و الحرکة و غیرها أو تکون وحدته عددیة ضعیفة کالوحدة النوعیة فیستند وجوده إلی کثیر کالهیولی الواحدة بالعدد المستند وجودها إلی مفارق یقیم وجودها بالصور المتواردة علیها واحدة بعد واحدة علی ما قالته الحکماء و قد تقدم الکلام فیه و إما أن یکون للکثیر جهة وحدة یستند إلیها المعلول و إما أن یکون الکثیر مرکبا ذا أجزاء یفعل الواحد بواحد منها فینسب إلی نفس المرکب.

و ثانیا أن المعلول الواحد لا یفعل فیه علل کثیرة سواء کان علی سبیل

[شماره صفحه واقعی : 166]

ص: 1294

الاجتماع فی عرض واحد لأنه یؤدی إلی التناقض فی ذات الواحد المؤدی إلی الکثرة أو کان علی سبیل التوارد بقیام علة علیه بعد علة للزوم ما تقدم من المحذور.

و ثالثا أنه لو صدر عن الواحد کثیر وجب أن یکون فیه جهة کثرة و ترکیب یستند إلیها الکثیر غیر جهة الوحدة المفروضة کالإنسان الواحد الذی یفعل أفعالا کثیرة من مقولات کثیرة متباینة بتمام الذات.

الفصل الخامس فی استحالة الدور و التسلسل فی العلل

صوت

[*زنجیرزن]

أما الدور فهو توقف وجود الشی ء علی ما یتوقف وجوده علیه إما بلا واسطة کتوقف ا علی ب و توقف ب علی ا و یسمی دورا مصرحا و إما مع الواسطة کتوقف ا علی ب و ب علی ج و ج علی ا و یسمی دورا مضمرا.

و استحالته قریبة من البداهة فإنه یستلزم تقدم الشی ء علی نفسه بالوجود و هو ضروری الاستحالة.

و أما التسلسل فهو ترتب شی ء موجود علی شی ء آخر موجود معه بالفعل و ترتب الثانی علی ثالث کذلک و الثالث علی رابع و هکذا إلی غیر النهایة سواء کان ذهاب السلسلة کذلک من الجانبین بأن یکون قبل کل قبل و بعد کل بعد بعد أو من جانب واحد لکن الشرط علی أی حال أن یکون لأجزاء السلسلة وجود بالفعل و أن تکون مجتمعة فی الوجود و أن یکون بینها ترتب و التسلسل فی العلل ترتب معلول علی علة و ترتب علته علی علة و علة علته علی علة و هکذا إلی غیر النهایة.

[شماره صفحه واقعی : 167]

ص: 1295

و التسلسل فی العلل محال و البرهان علیه أن وجود المعلول رابط بالنسبة إلی علته لا یقوم إلا بعلته و العلة هو المستقل الذی یقومه کما تقدم و إذا کانت علته معلولة لثالث و هکذا کانت غیر مستقلة بالنسبة إلی ما فوقها فلو ذهبت السلسلة إلی غیر النهایة و لم تنته إلی علة غیر معلولة تکون مستقلة غیر رابطة لم یتحقق شی ء من أجزاء السلسلة لاستحالة وجود الرابط إلا مع مستقل.

[*زنجیرزن]

برهان آخر و هو المعروف ببرهان الوسط و الطرف إقامة الشیخ فی الشفاء حیث قال : «إذا فرضنا معلولا و فرضنا له علة و لعلته علة فلیس یمکن أن یکون لکل علة علة بغیر نهایة لأن المعلول و علته و علة علته إذا اعتبرت جملتها فی القیاس الذی لبعضها إلی بعض کانت علة العلة علة أولی مطلقة للآخرین و کان للآخرین نسبة المعلولیة إلیها و إن اختلفا فی أن أحدهما معلول بالواسطة و الآخر معلول بلا واسطة و لم یکونا کذلک لا الأخیر و لا المتوسط لأن المتوسط الذی هو العلة المماسة للمعلول علة لشی ء واحد فقط و المعلول لیس علة لشی ء.

و لکل واحد من الثلاثة خاصیة فکانت خاصیة الطرف المعلول أنه لیس علة لشی ء و خاصیة الطرف الآخر أنه علة للکل غیره و خاصیة الوسط أنه علة لطرف و معلول لطرف سواء کان الوسط واحدا أو فوق واحد و إن کان فوق واحد فسواء ترتب ترتیبا متناهیا أو غیر متناه فإنه إن ترتب کثرة متناهیة کانت جملة عدد ما بین الطرفین کواسطة واحدة تشترک فی خاصیة الواحدة بالقیاس إلی الطرفین فیکون لکل من الطرفین خاصیة.

و کذلک إن ترتب فی کثرة غیر متناهیة فلم یحصل الطرف کان جمیع الغیر المتناهی فی خاصیة الواسطة لأنک أی جملة أخذت کانت علة لوجود المعلول الأخیر و کانت معلولة إذ کل واحد منها معلول و الجملة متعلقة الوجود بها و متعلقة الوجود بالمعلول معلول إلا أن تلک الجملة شرط فی وجود المعلول الأخیر

[شماره صفحه واقعی : 168]

ص: 1296

و علة له و کلما زدت فی الحصر و الأخذ کان الحکم إلی غیر النهایة باقیا.

فلیس یجوز أن تکون جملة علل موجودة و لیس فیها علة غیر معلومة و علة أولی فإن جمیع غیر المتناهی کواسطة بلا طرف و هذا محال» الشفاء ص 327.

برهان آخر و هو المعروف ب_«الأسد الأخصر» للفارابی أنه إذ کان ما من واحد من آحاد السلسلة الذاهبة بالترتیب بالفعل لا إلی النهایة إلا و هو کالواحد فی أنه لیس یوجد إلا و یوجد آخر وراءه من قبل کانت الآحاد اللامتناهیة بأسرها یصدق علیها أنها لا تدخل فی الوجود ما لم یکن شی ء من ورائها موجودا من قبل فإذن بداهة العقل قاضیة بأنه من أین یوجد فی تلک السلسلة شی ء حتی یوجد شی ء ما بعده الأسفار ج 2 ص 166 و هناک حجج أخری أقیمت علی استحالة التسلسل لا یخلو أکثرها من مناقشة.

تنبیه :

قال بعضهم إن معیار الحکم بالاستحالة فی کل من البراهین التی أقیمت علی استحالة التسلسل هو استجماع شرطی الترتب و الاجتماع فی الوجود بالفعل فی جهة اللانهایة و مقتضاها استحالة التسلسل فی العلل فی جهة التصاعد بأن تترتب العلل إلی ما لا نهایة له لا فی جهة التنازل بأن یترتب معلول علی علته ثم معلول المعلول علی المعلول و هکذا إلی غیر النهایة و الفرق بین الأمرین أن العلل مجتمعة فی مرتبة وجود المعلول و محیطة به و تقدمها علیه إنما هو بضرب من التحلیل بخلاف المعلومات فإنها لیست فی مرتبة عللها فذهاب السلسلة متصاعدة یستلزم اجتماع العلل المترتبة بوجوداتها بالفعل فی مرتبة المعلول الذی تبتدی ء منه السلسلة مثلا بخلاف ذهاب السلسلة متنازلة فإن المعلولات المترتبة المتنازلة لا تجتمع علی العلة الأولی التی تبدأ منها السلسلة مثلا انتهی کلامه ملخصا.

و أنت خبیر بأن البرهانین المتقدمین المنقولین عن «الشیخ» و «الفارابی» جاریان فی صورتی التصاعد و التنازل جمیعا فیما کانت السلسلة مؤلفة من علل

[شماره صفحه واقعی : 169]

ص: 1297

تامة و أما العلل الناقصة فیجری البرهانان فیها إذا کانت السلسلة متصاعدة لوجوب وجود العلة الناقصة عند وجود المعلول و معه بخلاف ما إذا کانت السلسلة متنازلة لعدم وجوب وجود المعلول عند وجود العلة الناقصة.

ف ما ذکره من أن معیار الاستحالة هو اجتماع اللامتناهی فی جزء من أجزاء السلسلة و هو متأت فی صورة التصاعد دون التنازل ممنوع.

[*زنجیرزن]

تنبیه آخر :

تقدم أن التسلسل إنما یستحیل فیما إذا کانت أجزاء السلسلة موجودة بالفعل و أن تکون مجتمعة فی الوجود و أن یترتب بعضها علی بعض فلو کان بعض الأجزاء موجودة بالقوة کبعض مراتب العدد فلیس بمستحیل.

لأن الموجود منه متناه دائما و کذا لو کانت موجودة بالفعل لکنها غیر مجتمعة فی الوجود کالحوادث الزمانیة بعضها معدومة عند وجود بعض لتناهی ما هو الموجود منها دائما و کذا لو کانت موجودة بالفعل مجتمعة فی الوجود لکن لا ترتب بینها و هو توقف البعض علی البعض وجودا کعدد غیر متناه من موجودات لا علیة و لا معلولیة بینها.

و الوجه فی ذلک أنه لیس هناک مع فقد شی ء من الشرائط الثلاث سلسلة واحدة موجودة غیر متناهیة حتی یجری فیها براهین الاستحالة.

تنبیه آخر مقتضی ما تقدم من البرهان استحالة التسلسل فی أقسام العلل کلها من العلل الفاعلیة و الغائیة و المادیة و الصوریة کما أن مقتضاها استحالته فی العلل التامة لأن الملاک فی الاستحالة ذهاب التوقف الوجودی إلی غیر النهایة و هو موجود فی جمیع أقسام العلل.

و یتبین بذلک أیضا استحالة التسلسل فی أجزاء الماهیة کأن یکون مثلا للجنس جنس إلی غیر النهایة أو للفصل فصل إلی غیر النهایة لأن الجنس و الفصل هما المادة و الصورة مأخوذتین لا بشرط.

علی أن الماهیة الواحدة لو ترکبت من أجزاء غیر متناهیة استحال تعقلها و هو باطل.

[شماره صفحه واقعی : 170]

ص: 1298

الفصل السادس فی العلة الفاعلیة

قد تقدم أن الماهیة الممکنة فی تلبسها بالوجود تحتاج إلی مرجح لوجودها و لا یرتاب العقل أن لمرجح الوجود شأنا بالنسبة إلی الوجود غیر ما للماهیة من الشأن بالنسبة إلیه فللمرجح أو بعض أجزائه بالنسبة إلیه شأن شبیه بالإعطاء نسمیه فعلا أو ما یفید معناه و للماهیة شأن شبیه بالأخذ نسمیه قبولا أو ما یفید معناه و من المحال أن تتصف الماهیة بشأن المرجح و إلا لم تحتج إلی مرجح أو یتصف المرجح بشأن الماهیة و إلا لزم الخلف و من المحال أیضا أن یتحد الشأنان فالشأن الذی هو القبول یلازم الفقدان و الشأن الذی هو الفعل یلازم الوجدان.

و هذا المعنی واضح فی الحوادث الواقعة التی نشاهدها فی نشأة المادة فإن فیها عللا تحرک المادة نحو صور هی فاقدة لها فتقبلها و تتصور بها و لو کانت واجدة لها لم تکن لتقبلها و هی واجدة فالقبول یلازم الفقدان و الذی للعلل هو الفعل المناسب لذاتها الملازم للوجدان.

فالحادث المادی یتوقف فی وجوده إلی علة تفعله نسمیها علة فاعلیة و إلی علة تقبله و نسمیها العلة المادیة و سیأتی إثبات أن فی الوجود ماهیات ممکنة مجردة عن المادة و هی لإمکانها تحتاج إلی علة مرجحة و لتجردها مستغنیة عن العلة المادیة فلها أیضا علة فاعلیة.

فلا غنی لوجود ممکن سواء کان مادیا أو مجردا عن العلة الفاعلیة فمن رام قصر العلل فی العلة المادیة و نفی العلة الفاعلیة فقد رام إثبات فعل لا فاعل له فاستسمن ذا ورم.

[شماره صفحه واقعی : 171]

ص: 1299

الفصل السابع فی أقسام العلة الفاعلیة

صوت

[*زنجیرزن]

ذکروا للفاعل أقساما أنهاها بعضهم إلی ثمانیة و وجه ضبطها علی ما ذکروا أن الفاعل إما أن یکون له علم بفعله ذو دخل فی الفعل أو لا و الثانی إما أن یلائم فعله طبعه و هو الفاعل بالطبع أو لا یلائم فعله طبعه و هو الفاعل بالقسر و الأول أعنی الذی له علم بفعله ذو دخل فیه إما أن لا یکون فعله بإرادته و هو الفاعل بالجبر أو یکون فعله بإرادته و حینئذ إما أن یکون علمه بفعله فی مرتبة فعله بل عین فعله و هو الفاعل بالرضا و إما أن یکون علمه بفعله قبل فعله و حینئذ إما أن یکون علمه بفعله مقرونا بداع زائد علی ذاته و هو الفاعل بالقصد و إما أن لا یکون مقرونا بداع زائد بل یکون نفس العلم منشأ لصدور المعلول و حینئذ فإما أن یکون علمه زائدا علی ذاته و هو الفاعل بالعنایة أو غیر زائد و هو الفاعل بالتجلی و الفاعل کیف فرض إن کان هو و فعله المنسوب إلیه فعلا لفاعل آخر کان فاعلا بالتسخیر.

فللعلة الفاعلیة ثمانیة أقسام الأول الفاعل بالطبع و هو الذی لا علم له بفعله مع کون الفعل ملائما لطبعه کالنفس فی مرتبة القوی الطبیعیة البدنیة فهی تفعل أفعالها بالطبع.

الثانی الفاعل بالقسر و هو الذی لا علم له بفعله و لا فعله ملائم لطبعه کالنفس فی مرتبة القوی الطبیعیة البدنیة عند انحرافها لمرض فإن الأفعال عندئذ تنحرف عن مجری الصحة لعوامل قاسرة.

الثالث الفاعل بالجبر و هو الذی له علم بفعله و لیس بإرادته کالإنسان یکره علی فعل ما لا یریده.

الرابع الفاعل بالرضا و هو الذی له إرادة لفعله عن علم و علمه

[شماره صفحه واقعی : 172]

ص: 1300

التفصیلی بفعله عین فعله و لیس له قبل الفعل إلا علم إجمالی به بعلمه بذاته المستتبع لعلمه الإجمالی بمعلوله کالإنسان یفعل الصور الخیالیة و علمه التفصیلی بها عین تلک الصور و له قبلها علم إجمالی بها لعلمه بذاته الفعالة لها و کفاعلیة الواجب تعالی للأشیاء عند «الإشراقیین».

الخامس الفاعل بالقصد و هو الذی له علم و إرادة و علمه بفعله تفصیلی قبل الفعل بداع زائد کالإنسان فی أفعاله الاختیاریة و کالواجب عند جمهور المتکلمین.

السادس الفاعل بالعنایة و هو الذی له علم سابق علی الفعل زائد علی ذاته نفس الصورة العلمیة منشأ لصدور الفعل من غیر داع زائد کالإنسان الواقع علی جذع عال فإنه بمجرد توهم السقوط یسقط علی الأرض و کالواجب تعالی فی إیجاده الأشیاء عند «المشائین».

[*زنجیرزن]

السابع الفاعل بالتجلی و هو الذی یفعل الفعل و له علم تفصیلی به هو عین علمه الإجمالی بذاته کالنفس الإنسانیة المجردة فإنها لما کانت صورة أخیرة لنوعها کانت علی بساطتها مبدأ لجمیع کمالاتها الثانیة التی هی لعلیتها واجدة لها فی ذاتها و علمها الحضوری بذاتها علم بتفاصیل کمالاتها و إن لم یتمیز بعضها من بعض و کالواجب تعالی بناء علی ما سیأتی إن شاء الله أن له تعالی علما إجمالیا بالأشیاء فی عین الکشف التفصیلی.

الثامن الفاعل بالتسخیر و هو الفاعل الذی هو و فعله لفاعل فهو فاعل مسخر فی فعله کالقوی الطبیعیة و النباتیة و الحیوانیة المسخرة فی أفعالها للنفس الإنسانیة و کالعلل الکونیة المسخرة للواجب تعالی.

و فی عد الفاعل بالجبر و الفاعل بالعنایة نوعین بحیالهما مباینین للفاعل بالقصد نظر توضیحه أنا ننسب الأعمال المکتنفة بکل نوع من الأنواع المشهودة أعنی کمالاتها الثانیة إلی نفس ذلک النوع فکل نوع علة فاعلیة لکمالاته الثانیة و الأنواع فی ذلک علی قسمین منها ما یصدر عنه أفعاله لطبعه

[شماره صفحه واقعی : 173]

ص: 1301

من غیر أن یتوسط فیه العلم کالعناصر و منها ما للعلم دخل فی صدور أفعاله عنه کالإنسان.

و القسم الثانی مجهز بالعلم و لا ریب أنه إنما جهز به لتمییز ما هو کماله من الأفعال مما لیس بکمال له لیفعل ما فیه کماله و یترک ما لیس فیه ذلک کالصبی یلتقم ما أخذه فإن وجده صالحة للتغذی کالفاکهة أکله و إن لم یجده کذلک ترکه و رمی به فتوسیطه العلم لتشخیص الفعل الذی فیه کمال و تمییزه من غیره و الذی یوسطه من العلم و التصدیق إن کان حاضرا عنده غیر مفتقر فی التصدیق به إلی تروی فکر کالعلوم الناشئة بالملکات و نحوها لم یلبث دون أن یرید الفعل فیفعله و إن کان مشکوکا فیه مفتقرا إلی التصدیق به أخذ فی تطبیق العناوین و الأوصاف الکمالیة علی الفعل فإن انتهی إلی التصدیق بکونه کمالا فعله و إن انتهی إلی خلاف ذلک ترکه و هذا المیل و الانعطاف إلی أحد الطرفین هو الذی نسمیه اختیارا و نعد الفعل الصادر عنه فعلا اختیاریا.

[*زنجیرزن]

فتبین أن فعل هذا النوع من الفاعل العلمی یتوقف علی حضور التصدیق بوجوب الفعل أی کونه کمالا و کون ما یقابله أی الترک خلاف ذلک فإن کان التصدیق به حاضرا فی النفس من دون حاجة إلی تعمل فکری لم یلبث دون أن یأتی بالفعل و إن لم یکن حاضرا احتاج إلی ترو و فکر حتی یطبق علی الفعل المأتی به صفة الوجوب و الرجحان و علی ترکه صفة الاستحالة و المرجوحیة من غیر فرق بین أن یکون رجحان الفعل و مرجوحیة الترک مستندین إلی طبع الأمر کمن کان قاعدا تحت جدار یرید أن ینقض علیه فإنه یقوم خوفا من انهدامه علیه أو کانا مستندین إلی إجبار مجبر کمن کان قاعدا مستظلا بجدار فهدده جبار أنه إن لم یقم هدم الجدار علیه فإنه یقوم خوفا من انهدامه علیه و الفعل فی الصورتین إرادی و التصدیق علی نحو واحد.

[شماره صفحه واقعی : 174]

ص: 1302

و من هنا یظهر أن الفعل الإجباری لا یباین الفعل الاختیاری و لا یتمیز منه بحسب الوجود الخارجی بحیث یصیر الفاعل بالجبر قسیما للفاعل بالقصد فقصاری ما یصنعه المجبر أنه یجعل الفعل ذا طرف واحد فیواجه الفاعل المکره فعلا ذا طرف واحد لیس له إلا أن یفعله کما لو کان الفعل بحسب طبعه کذلک.

نعم العقلاء فی سننهم الاجتماعیة فرقوا بین الفعلین حفظا لمصلحة الاجتماع و رعایة لقوانینهم الجاریة المستتبعة للمدح و الذم و الثواب و العقاب فانقسام الفعل إلی الاختیاری و الجبری انقسام اعتباری لا حقیقی.

و یظهر أیضا أن الفاعل بالعنایة من نوع الفاعل بالقصد فإن تصور السقوط ممن قام علی جذع عال مثلا علم واحد موجود فی الخائف الذی أدهشه تصور السقوط فیسقط و فیمن اعتاد القیام علیه بتکرار العمل فلا یخاف و لا یسقط کالبناء مثلا فوق الأبنیة و الجدران العالیة جدا.

فالصاعد فوق جدار عال القائم علیه یعلم أن من الممکن أن یثبت فی مکانه فیسلم أو یسقط منه فیهلک غیر أنه إن استغرقه الخوف و الدهشة الشدیدة و جذبت نفسه إلی الاقتصار علی تصور السقوط سقط بخلاف المعتاد بذلک فإن الصورتین موجودتان عنده من دون خوف و دهشة فیختار الثبات فی مکانه فلا یسقط.

و فقدان هذا الفعل العنائی للغایة الصالحة العقلائیة لا یوجب خلوه من مطلق الداعی فالداعی أعم من ذلک کما سیأتی فی الکلام علی اللعب و العبث.

[شماره صفحه واقعی : 175]

ص: 1303

الفصل الثامن فی أنه لا مؤثر فی الوجود بحقیقة معنی الکلمة إلا الله سبحانه

صوت

[*زنجیرزن]

قد تقدم أن العلیة و المعلولیة ساریة فی الموجودات فما من موجود إلا و هو علة لیست بمعلولة أو معلول لیس بعلة أو علة لشی ء و معلول لشی ء و تقدم أن سلسلة العلل تنتهی إلی علة لیست بمعلولة و هو الواجب تعالی و تقدم أنه تعالی واحد وحدة حقة لا یتثنی و لا یتکرر و غیره من کل موجود مفروض واجب به ممکن فی نفسه و تقدم أن لا غنی للمعلول عن العلة الفاعلیة کما أنه لا غنی له عن العلة التامة فهو تعالی علة تامة للکل فی عین أنه علة فاعلیة و تقدم أن العلیة فی الوجود و هو أثر الجاعل و أن وجود المعلول رابط بالنسبة إلی علته قائم بها کما أن وجود العلة مستقل بالنسبة إلیه مقوم له لا حکم للمعلول إلا و هو لوجود العلة و به.

فهو تعالی الفاعل المستقل فی مبدئیته علی الإطلاق و القائم بذاته فی إیجاده و علیته و هو المؤثر بحقیقة معنی الکلمة لا مؤثر فی الوجود إلا هو لیس لغیره من الاستقلال الذی هو ملاک العلیة و الإیجاد إلا الاستقلال النسبی فالعلل الفاعلیة فی الوجود معدات مقربة للمعالیل إلی فیض المبدإ الأول و فاعل الکل تعالی.

هذا بالنظر إلی حقیقة الوجود الأصیلة المتحققة بمراتبها فی الأعیان و أما بالنظر إلی ما یعتبره العقل من الماهیات الجوهریة و العرضیة المتلبسة بالوجود المستقلة فی ذلک فهو تعالی علة تنتهی إلیها العلل کلها فما کان من الأشیاء ینتهی إلیه بلا واسطة فهو علته و ما کان منها ینتهی إلیه بواسطة فهو علة

[شماره صفحه واقعی : 176]

ص: 1304

علته و علة علة الشی ء علة لذلک الشی ء فهو تعالی فاعل کل شی ء و العلل کلها مسخرة له.

الفصل التاسع فی أن الفاعل التام الفاعلیة أقوی من فعله و أقدم

أما أنه أقوی وجودا و أشد فلأن الفعل و هو معلوله رابطه بالنسبة إلیه قائم الهویة به و هو المستقل الذی یقومه و یحیط به و لا نعنی بأشدیة الوجود إلا ذلک و هذا یجری فی العلة التامة أیضا کما یجری فی الفاعل المؤثر.

و قد عد «صدر المتألهین» ره المسألة بدیهیة إذ قال « البداهة حاکمة بأن العلة المؤثرة هی أقوی لذاتها من معلولها فیما یقع به العلیة و فی غیرها لا یمکن الجزم بذلک ابتداء انتهی» الأسفار ج 2 ص 187.

و أما أنه أقدم وجودا من فعله فهو من الفطریات لمکان توقف وجود الفعل علی وجود فاعله و هذا أیضا کما یجری فی الفاعل یجری فی العلة التامة و سائر العلل.

و القول بأن العلة التامة مع المعلول لأن من أجزائها المادة و الصورة اللتین هما مع المعلول بل عین المعلول فلا یتقدم علیه لاستلزامه تقدم الشی ء علی نفسه.

مدفوع بأن المادة کما تقدم علة مادیة لمجموع المادة و الصورة الذی هو الشی ء المرکب و کذا الصورة علة صوریة للمجموع منهما و أما المجموع الحاصل منهما فلیس بعلة لشی ء فکل واحد منهما علة متقدمة و المجموع معلول

[شماره صفحه واقعی : 177]

ص: 1305

متأخر فلا إشکال.

و هذا معنی ما قیل إن المتقدم هو الآحاد بالأسر و المتأخر هو المجموع بشرط الاجتماع.

الفصل العاشر فی أن البسیط یمتنع أن یکون فاعلا و قابلا

صوت

[*زنجیرزن]

المشهور من الحکماء عدم جواز کون الشی ء الواحد من حیث هو واحد فاعلا و قابلا مطلقا و احترز بقید وحدة الحیثیة عن الأنواع المادیة التی تفعل بصورها و تقبل بموادها کالنار تفعل الحرارة بصورتها و تقبلها بمادتها و ذهب المتأخرون إلی جوازه مطلقا و الحق هو التفصیل بین ما کان القبول فیه بمعنی الانفعال و الاستکمال الخارجی فلا یجامع القبول الفعل فی شی ء واحد بما هو واحد و ما کان القبول فیه بمعنی الاتصاف و الانتزاع من ذات الشی ء من غیر انفعال و تأثر خارجی کلوازم الماهیات فیجوز اجتماعهما.

و الحجة علی ذلک أن القبول بمعنی الانفعال و التأثر یلازم الفقدان و الفعل یلازم الوجدان و هما جهتان متباینتان متدافعتان لا تجتمعان فی الواحد من حیث هو واحد و أما لوازم الماهیات مثلا کزوجیة الأربعة فإن تمام الذات فیها لا یعقل خالیة من لازمها حتی یتصور فیها معنی الفقدان فالقبول فیها بمعنی مطلق الاتصاف و لا ضیر فی ذلک.

و احتج المشهور علی الامتناع مطلقا بوجهین أحدهما أن الفعل و القبول أثران متغایران فلا یصدران عن الواحد من حیث هو واحد.

الثانی أن نسبة القابل إلی مقبوله بالإمکان و نسبة الفاعل التام الفاعلیة

[شماره صفحه واقعی : 178]

ص: 1306

إلی فعله بالوجوب فلو کان شی ء واحد فاعلا و قابلا لشی ء کانت نسبته إلی ذلک بالإمکان و الوجوب معا و هما متنافیان و تنافی اللوازم مستلزم لتنافی الملزومات.

و الحجتان لو تمتا لم تدلا علی أکثر من امتناع اجتماع الفعل و القبول بمعنی الانفعال و التأثر فی شی ء واحد بما هو واحد و أما القبول بمعنی الاتصاف کاتصاف الماهیات بلوازمها فلیس أثرا صادرا عن الذات یسبقه إمکان.

و الحجتان مع ذلک لا تخلوان من مناقشة أما الأولی فلأن جعل القبول أثرا صادرا عن القابل یوجب کون القابل علة فاعلیة للقبول فیرد الإشکال فی قبول القابل البسیط للصورة حیث إنه یفعل القبول و یصیر جزءا من المرکب و هما أثران لا یصدران عن الواحد.

و أما الثانیة فلأن نسبة العلة الفاعلیة بما أنها إحدی العلل الأربع إلی الفعل لیست نسبة الوجوب إذ مجرد وجود العلة الفاعلیة لا یستوجب وجود المعلول ما لم ینضم إلیها سائر العلل اللهم إلا أن یکون الفاعل علة تامة وحدها و مجرد فرض الفاعل تام الفاعلیة و المراد به کونه فاعلا بالفعل بانضمام بقیة العلل إلیه لا یوجب تغیر نسبته فی نفسه إلی الفعل من الإمکان إلی الوجوب.

و احتج المتأخرون علی جواز کون الشی ء الواحد من حیث هو واحد فاعلا و قابلا بلوازم الماهیات سیما البسائط منها فما منها إلا و له لازم أو لوازم کالإمکان و کونه ماهیة و مفهوما و کذا المفاهیم المنتزعة من ذات الواجب تعالی کوجوب الوجود و الوحدانیة فإن الذات فاعل لها و قابل لها.

و الحجة کما عرفت لا تتم إلا فیما کان القبول فیه بمعنی الاتصاف فالقبول و الفعل فیه واحد و أما ما کان القبول فیه انفعالا و تأثرا و استکمالا فالقبول فیه یلازم الفقدان و الفعل یلازم الوجدان و هما متنافیان لا یجتمعان فی واحد.

[شماره صفحه واقعی : 179]

ص: 1307

الفصل الحادی عشر فی العلة الغائیة و إثباتها
اشارة

صوت

[*زنجیرزن]

سیأتی إن شاء الله بیان أن الحرکة کمال أول لما بالقوة من حیث إنه بالقوة فهناک کمال ثان یتوجه إلیه المتحرک بحرکته المنتهیة إلیه فهو الکمال الأخیر الذی یتوصل إلیه المتحرک بحرکته و هو المطلوب لنفسه و الحرکة مطلوبة لأجله و لذا قیل إن الحرکة لا تکون مطلوبة لنفسها و أنها لا تکون مما یقتضیه ذات الشی ء.

و هذا الکمال الثانی هو المسمی غایة الحرکة یستکمل بها المتحرک نسبتها إلی الحرکة نسبة التمام إلی النقص و لا یخلو عنها حرکة و إلا انقلبت سکونا.

و لما بین الغایة و الحرکة من الارتباط و النسبة الثابتة کان بینهما نوع من الاتحاد ترتبط به الغایة بالمحرک کمثل الحرکة کما ترتبط بالمتحرک کمثل الحرکة.

ثم إن المحرک إذا کان هو الطبیعة و حرکت الجسم بشی ء من الحرکات العرضیة الوضعیة و الکیفیة و الکمیة و الأینیة مستکملا بها الجسم کانت الغایة هو التمام الذی یتوجه إلیه المتحرک بحرکته و تطلبه الطبیعة المحرکة بتحریکها و لو لا الغایة لم یکن من المحرک تحریک و لا من المتحرک حرکة.

فالجسم المتحرک مثلا من وضع إلی وضع إنما یرید الوضع الثانی فیتوجه إلیه بالخروج من الوضع الأول إلی وضع سیال یستبدل به فردا آنیا إلی فرد مثله حتی یستقر علی وضع ثابت غیر متغیر فیثبت علیه و هو التمام المطلوب لنفسه و المحرک أیضا یطلب ذلک.

و إذا کان المحرک فاعلا علمیا لعلمه دخل فی فعله کالنفوس الحیوانیة و

[شماره صفحه واقعی : 180]

ص: 1308

الإنسانیة کانت الحرکة بما لها من الغایة التی هو التمام مرادة له لکن الغایة هی المرادة لنفسها و الحرکة تتبعها لأنها لأجل الغایة کما تقدم غیر أن الفاعل العلمی ربما یتخیل ما یلزم الغایة أو یقارنها غایة للحرکة فیأخذه منتهی إلیه للحرکة و یوجد بینهما تخیلا فیحرک نحوه کمن یتحرک إلی مکان لیلقی صدیقه أو یمشی إلی مشرعة لشرب الماء و کمن یحضر السوق لیبیع و یشتری.

هذا کله فیما کان الفعل حرکة عرضیة طبیعیة أو إرادیة و أما إذا کان فعلا جوهریا کالأنواع الجوهریة فإن کان من الجواهر التی لها تعلق ما بالمادة فسیأتی إن شاء الله أنها جمیعا متحرکة بحرکة جوهریة لها وجودات سیالة تنتهی إلی وجودات ثابتة غیر سیالة تستقر علیها فلها تمام هو وجهتها التی تولیها و هو مراد عللها الفاعلة المحرکة لنفسه و حرکاتها الجوهریة مراده لأجله.

و إن کان الفعل من الجواهر المجردة ذاتا و فعلا عن المادة فهو لمکان فعلیة وجوده و تنزهه عن القوة لا ینقسم إلی تمام و نقص کغیره بل هو تمام فی نفسه مراد لنفسه مقصود لأجله و الفعل و الغایة هناک واحد بمعنی أن الفعل بحقیقته التی فی مرتبة وجود الفاعل غایة لنفسه التی هی الرقیقة لا أن الفعل علة غائیة لنفسه متقدمة علی نفسه لاستحالة علیة الشی ء لنفسه.

فقد تبین أن لکل فاعل غایة فی فعله و هی العلة الغائیة للفعل و هو المطلوب.

[*زنجیرزن]

و ظهر مما تقدم أمور أحدها أن غایة الفعل و هی التی یتعلق بها اقتضاء الفاعل بالأصالة و لنفسه قد تتحد مع فعله بمعنی کون الغایة هی حقیقة الفعل المتقررة فی مرتبة وجود الفاعل و مرجعه إلی اتحاد الفاعل و الغایة کما إذا کان فعل الفاعل موجودا مجردا فی ذاته و فعله تام الفعلیة فی نفسه مرادا لنفسه و قد لا تتحد مع الفعل بل یختلفان کما فیما إذا کان الفعل من قبیل الحرکات العرضیة أو من الجواهر التی لها نوع تعلق بالمادة

[شماره صفحه واقعی : 181]

ص: 1309

کالنفوس و الصور المنطبعة فی المواد فإن الفاعل یتوصل إلی هذا القبیل من الغایات بالتحریک و الحرکة غیر مطلوبة لنفسها فتتحقق الحرکة و تترتب علیها الغایة سواء کانت الغایة راجعة إلی الفاعل کمن یحزنه ضر ضریر فیرفعه ابتغاء للفرح أو راجعة إلی المادة کمن یتحرک إلی وضع یصلح حاله أو راجعة إلی غیرهما کمن یکرم یتیما لیفرح.

و ثانیها أن الغایة معلومة للفواعل العلمیة قبل الفعل و إن کانت متحققة بعدة مترتبة علیه و ذلک أن هذا القبیل من الفواعل مریدة لفعلها و الإرادة کیفما کانت مسبوقة بالعلم فإن کان هناک تحریک کانت الحرکة مرادة لأجل الغایة فالغایة مرادة للفاعل قبل الفعل و إن لم یکن هناک تحریک و کان الفعل هو الغایة فإرادته و العلم به إرادة للغایة و علم بها و أما قولهم إن الغایة قبل الفعل تصورا و بعده وجودا فإنما یتم فی غیر غایة الطبائع لفقدانها العلم.

و أما قولهم إن العلة الغائیة علة فاعلیة لفاعلیة الفاعل فکلام لا یخلو عن مسامحة لأن الفواعل الطبیعیة لا علم لها حتی یحضرها غایاتها حضورا علمیا یعطی الفاعلیة للفاعل و أما بحسب الوجود الخارجی فالغایة مترتبة الوجود علی وجود الفعل و الفعل متأخر وجودا عن الفاعل بما هو فاعل فمن المستحیل أن تکون الغایة علة لفاعلیة الفاعل.

و الفواعل العلمیة غیر الطبیعیة أما غایتها عین فعلها و الفعل معلول لفاعله و من المستحیل أن یکون المعلول علة لعلته و أما غایتها مترتبة الوجود علی فعلها متأخرة عنه و من المستحیل أن تکون علة لفاعل الفعل المتقدم علیه و حضور الغایة حضورا علمیا للفاعل قبل الفعل وجود ذهنی هو أضعف من أن یکون علة لأمر خارجی و هو الفاعل بما هو فاعل.

و الحق کما سیأتی تفصیله أن الفواعل العلمیة بوجوداتها النوعیة علل فاعلیة للأفعال المرتبطة بها الموجوده لها فی ذیل نوعیتها کما أن کل نوع من

[شماره صفحه واقعی : 182]

ص: 1310

الأنواع الطبیعیة مبدأ فاعلی لما یوجد حولها و یصدر عنها من الأفعال و إذ کانت فواعل علمیة فحصول صورة الفعل العلمیة عندها شرط متمم لفاعلیتها یتوقف علیه فعلیة التأثیر و هذا هو المراد بکون العلة الغائیة علة لفاعلیة العلة الفاعلیة و إلا فالفاعل بنوعیته علة فاعلیة للأفعال الصادرة عنه القائمة به التی هی کمالات ثانیة له یستکمل بها.

[*زنجیرزن]

و ثالثها أن الغایة و إن کانت بحسب النظر البدوی تارة راجعة إلی الفاعل و تارة إلی المادة و تارة إلی غیرهما لکنها بحسب النظر الدقیق راجعة إلی الفاعل دائما فإن من یحسن إلی مسکین لیسر المسکین بذلک یتألم من مشاهدة ما یراه علیه من رثاثة الحال فهو یرید بإحسانه إزاحة الألم عن نفسه و کذلک من یسیر إلی مکان لیستریح فیه یرید بالحقیقة إراحة نفسه من إدراک ما یجده ببدنه من التعب.

و بالجملة الفعل دائما مسانخ لفاعله ملائم له مرضی عنده و کذا ما یترتب علیه من الغایة فهو خیر للفاعل کمال له و أما ما قیل إن العالی لا یستکمل بالسافل و لا یریده لکونه علة و العلة أقوی وجودا و أعلی منزلة من معلولها.

فمندفع کما قیل بأن الفاعل إنما یریده بما أنه أثر من آثاره فالإرادة بالحقیقة متعلقة بنفس الفاعل بالذات و بغایة الفعل المترتبة علیه بتبعه.

فالفاعل حینما یتصور الغایة الکمالیة یشاهد نفسه بما لها من الاقتضاء و السببیة للغایة فالجائع الذی یرید الأکل لیشبع به مثلا یشاهد نفسه بما لها من الاقتضاء لهذا الفعل المترتب علیه الغایة أی یشاهد نفسه ذات شبع بحسب الاقتضاء فیرید أن یصیر کذلک بحسب الوجود الفعلی الخارجی.

فإن کان للفاعل نوع تعلق بالمادة کان مستکملا بفعلیة الغایة التی هی ذاته بما أنه فاعل و أما الغایة الخارجه من ذاته المترتبة وجودا علی الفعل فهو مستکمل بها بالتبع و إن کان مجردا عن المادة ذاتا و فعلا فهو کامل فی نفسه

[شماره صفحه واقعی : 183]

ص: 1311

غیر مستکمل بغایته التی هی ذاته التامة الفعلیة التی هی فی الحقیقة ذاته التامة.

فظهر مما تقدم أولا أن غایة الفاعل فی فعله إنما هی ذاته الفاعلة بما أنها فاعلة و أما غایة الفعل المترتبة علیه فإنما هی غایة مرادة بالتبع.

و ثانیا أن الغایة کمال للفاعل دائما فإن کان الفاعل متعلقا بالمادة نوعا من التعلق کان مستکملا بالغایة التی هی ذاته الفاعلة بما أنها فاعلة و إن کان مجردا عن المادة مطلقا کانت الغایة عین ذاته التی هی کمال ذاته من غیر أن یکون کمالا بعد النقص و فعلیة بعد القوة.

و من هنا یتبین أن قولهم إن کل فاعل له فی فعله غایة فإنه یستکمل بغایته و ینتفع به لا یخلو من مسامحة فإنه غیر مطرد إلا فی الفواعل المتعلقة بالمادة نوع تعلق.

تنبیه

صوت

[*زنجیرزن]

ذهب قوم من المتکلمین إلی أن الواجب تعالی لا غایة له فی أفعاله لغناه بالذات عن غیره و هو قولهم إن أفعال الله لا تعلل بالأغراض و ذهب آخرون منهم إلی أن له تعالی فی أفعاله غایات و مصالح عائدة إلی غیره و ینتفع بها خلقه.

و یرد الأول ما تقدم أن فعل الفاعل لا یخلو من أن یکون خیرا مطلوبا له بالذات أو منتهیا إلی خیر مطلوب بالذات و لیس من لوازم وجود الغایة حاجة الفاعل إلیها لجواز کونها عین الفاعل کما تقدم.

و یرد الثانی أنه و إن لم یستلزم حاجته تعالی إلی غیره و استکماله بالغایات المترتبة علی أفعاله و انتفاعه بها لکن یبقی علیه لزوم إرادة العالی للسافل و طلب الأشرف للأخس فلو کانت غایته التی دعته إلی الفعل و توقف علیها

[شماره صفحه واقعی : 184]

ص: 1312

فعله بل فاعلیته هی التی تترتب علی الفعل من الخیر و المصلحة لکان لغیره شی ء من التأثیر فیه و هو فاعل أول تام الفاعلیة لا یتوقف فی فاعلیته علی شی ء.

بل الحق کما تقدم أن الفاعل بما هو فاعل لا غایة لفعله بالحقیقة إلا ذاته الفاعلة بما هی فاعلة لا یبعثه نحو الفعل إلا نفسه و ما یترتب علی الفعل من الغایة غایة بالتبع و هو تعالی فاعل تام الفاعلیة و علة أولی إلیها تنتهی کل علة فذاته تعالی بما أنه عین العلم بنظام الخیر غایة لذاته الفاعلة لکل خیر سواه و المبدأ لکل کمال غیره.

و لا یناقض قولنا إن فاعلیة الفاعل تتوقف علی العلة الغائیة الظاهر فی المغایرة بین المتوقف و المتوقف علیه قولنا إن غایة الذات الواجبة هی عین الذات المتعالیة.

فالمراد بالتوقف و الاقتضاء فی هذا المقام المعنی الأعم الذی هو عدم الانفکاک فهو کما أشار إلیه «صدر المتألهین» من المسامحات الکلامیة التی یعتمد فیها علی فهم المتدرب فی العلوم کقولهم فی تفسیر الواجب بالذات أنه الأمر الذی یقتضی لذاته الوجود و أنه موجود واجب لذاته الظاهر فی کون الذات علة لوجوده و وجوده عینه.

و بالجملة فعلمه تعالی فی ذاته بنظام الخیر غایة لفاعلیته التی هی عین الذات بل الإمعان فی البحث یعطی أنه تعالی غایة الغایات فقد عرفت أن وجود کل معلول بما أنه معلول رابط بالنسبة إلی علته لا یستقل دونها و من المعلوم أن التوقف لا یتم معناه دون أن یتعلق بمتوقف علیه لنفسه و إلا لتسلسل و کذا الطلب و القصد و الإرادة و التوجه و أمثالها لا تتحقق بمعناها إلا بالانتهاء إلی مطلوب لنفسه و مقصود لنفسه و مراد لنفسه و متوجه إلیه لنفسه و إذ کان تعالی هو العلة الأولی التی إلیها ینتهی وجود ما سواه فهو استقلال کل مستقل و عماد کل معتمد فلا یطلب طالب و لا یرید مرید إلا

[شماره صفحه واقعی : 185]

ص: 1313

إیاه و لا یتوجه متوجه إلا إلیه بلا واسطة أو معها فهو تعالی غایة کل ذی غایة.

الفصل الثانی عشر فی أن الجزاف و القصد الضروری و العادة و ما یناظرها من الأفعال لا تخلو عن غایة

صوت

[*زنجیرزن]

قد یتوهم أن من الأفعال الإرادیة ما لا غایة له کملاعب الأطفال و التنفس و انتقال المریض النائم من جانب إلی جانب و اللعب باللحیة و أمثال ذلک فینتقض بذلک کلیة قولهم إن لکل فعل غایة و یندفع ذلک بالتأمّل فی مبادی أفعالنا الإرادیة و کیفیة ترتب غایاتها علیها فنقول قالوا إن لأفعالنا الإرادیة و حرکاتنا الاختیاریة مبدأ قریبا مباشرا للحرکات المسماة أفعالا و هو القوة العاملة المنبثة فی العضلات المحرکة إیاها و قبل القوة العاملة مبدأ آخر هو الشوقیة المنتهیة إلی الإرادة و الإجماع و قبل الشوقیة مبدأ آخر هو الصورة العلمیة من تفکر أو تخیل یدعو إلی الفعل لغایته فهذه مباد ثلاثة غیر الإرادیة.

أما القوة العاملة فهی مبدأ طبیعی لا شعور له بالفعل فغایتها ما تنتهی إلیه الحرکة کما هو شأن الفواعل الطبیعیة.

و أما المبدءان الآخران أعنی الشوقیة و الصورة العلمیة فربما کانت غایتهما غایة القوة العاملة و هی ما ینتهی إلیه الحرکة و عندئذ تتحد المبادی الثلاثة فی الغایة کمن تخیل الاستقرار فی مکان غیر مکانه فاشتاق إلیه فتحرک نحوه و استقر علیه و ربما کانت غایتهما غیر غایة القوة العاملة کمن

[شماره صفحه واقعی : 186]

ص: 1314

تصور مکانا غیر مکانه فانتقل إلیه للقاء صدیقه.

و المبدأ البعید أعنی الصورة العلمیة ربما کانت تخیلیة فقط بحضور صورة الفعل تخیلا من غیر فکر و ربما کانت فکریة و لا محالة معها تخیل جزئی للفعل و أیضا ربما کانت وحدها مبدأ للشوقیة و ربما کانت مبدأ لها بإعانة من الطبیعة کما فی التنفس أو من المزاج کانتقال المریض النائم من جانب إلی جانب أو من الخلق و العادة کاللعب باللحیة.

فإذا تطابقت المبادی الثلاثة فی الغایة کالإنسان یتخیل صورة مکان فیشتاق إلیه فیتحرک نحوه و یسمی جزافا کان لفعله بما له من المبادی غایته.

و إذا عقب المبدأ العلمی الشوقیة بإعانة من الطبیعة کالتنفس أو من المزاج کانتقال المریض من جانب أمله الاستقرار علیه إلی جانب و یسمی قصدا ضروریا أو بإعانة من الخلق کاللعب باللحیة و یسمی الفعل حینئذ عادة کان لکل من مبادی الفعل غایته.

و لا ضیر فی غفلة الفاعل و عدم التفاته إلی ما عنده من الصورة الخیالیة للغایة فی بعض هذا الصور أو جمیعها فإن تخیل الغایة غیر العلم بتخیل الغایة و العلم غیر العلم بالعلم.

[*زنجیرزن]

و الغایة فی جمیع هذه الصور المسماة عبثا لیست غایة فکریة و لا ضیر فیه لأن المبدأ العلمی فیها صورة تخیلیة غیر فکریة فلا مبدأ فکری فیها حتی تکون لها غایة فکریة و إن شئت فقل إن فیها مبدأ فکریا ظنیا ملحوظا علی سبیل الإجمال یلمح إلیه الشوق المنبعث من تخیل صورة الفعل فالطفل مثلا یتصور الاستقرار علی مکان غیر مکانه فینبعث منه شوق ما یلمح إلی أنه راجح ینبغی أن یفعل فیقضی إجمالا برجحانه فیشتد شوقه فیرید فیفعل من دون أن یکون الفعل مسبوقا بعلم تفصیلی یتم بالحکم بالرجحان نظیر المتکلم عن ملکة فیلفظ بالحرف بعد الحرف من غیر تصور و تصدیق تفصیلا و الفعل علمی اختیاری.

[شماره صفحه واقعی : 187]

ص: 1315

و کذا لا ضیر فی انتفاء الغایة فی بعض الحرکات الطبیعیة أو الإرادیة المنقطعة دون الوصول إلی الغایة و یسمی الفعل حین ذاک باطلا و ذلک أن انتفاء الغایة فی فعل أمر و انتفاء الغایة بانقطاع الحرکة و بطلانها أمر آخر و المدعی امتناع الأول دون الثانی و هو ظاهر.

و لیعلم أن مبادی الفعل الإرادی منا مترتبة علی ما تقدم فهناک قوة عاملة یترتب علیها الفعل و هی مترتبة علی الإرادة و هی مترتبة علی الشوقیة من غیر إرادة متخللة بینهما و الشوقیة مترتبة علی الصورة العلمیة الفکریة أو التخیلیة من غیر إرادة متعلقة بها بل نفس العلم یفعل الشوق کذا قالوا و لا ینافیه إسنادهم الشوق إلی بعض من الصفات النفسانیة لأن الصفات النفسانیة تلازم العلم.

«قال الشیخ فی الشفاء : لانبعاث هذا الشوق علة ما لا محالة إما عادة أو ضجر عن هیئة و إرادة انتقال إلی هیئة أخری و إما حرص من القوی المحرکة و المحسة علی أن یتجدد لها فعل تحریک أو إحساس و العادة لذیذة و الانتقال عن المملول لذیذ و الحرص علی الفعل الجدید لذیذ أعنی بحسب القوة الحیوانیة و التخیلیة و اللذة هی الخیر الحسی و الحیوانی و التخیلی بالحقیقة و هی المظنونة خیرا بحسب الخیر الإنسانی فإذا کان المبدأ تخیلیا حیوانیا فیکون خیره لا محالة تخیلیا حیوانیا فلیس إذن هذا الفعل خالیا عن خیر بحسبه و إن لم یکن خیرا حقیقیا أی بحسب العقل» انتهی.

ثم إن الشوق لما کان لا یتعلق إلا بکمال مفقود غیر موجود کان مختصا بالفاعل العلمی المتعلق بالمادة نوعا من التعلق فالفاعل المجرد لیس فیه من مبادی الفعل الإرادی إلا العلم و الإرادة بخلاف الفاعل العلمی الذی له نوع تعلق بالمادة فإن له العلم و الشوق و الإرادة و القوة المادیة المباشرة للفعل علی ما تقدم کذا قالوا.

[شماره صفحه واقعی : 188]

ص: 1316

الفصل الثالث عشر فی نفی الاتفاق و هو انتفاء الرابطة بین الفاعل و الغایة

صوت

[*زنجیرزن]

[*زنجیرزن]

ربما یتوهم أن من الغایات المترتبة علی الأفعال ما هو غیر مقصود لفاعلها فلیس کل فاعل له فی فعله غایة و مثلوا له بمن یحفر بئرا لیصل إلی الماء فیعثر علی کنز فالعثور علی الکنز غایة مترتبة علی الفعل غیر مرتبطة بالحافر و لا مقصودة له و بمن یدخل بیتا لیستظل فیه فینهدم علیه فیموت و لیس الموت غایة مقصودة للداخل و یسمی النوع الأول من الاتفاق بختا سعیدا و النوع الثانی بختا شقیا.

و الحق أن لا اتفاق فی الوجود و البرهان علیه أن الأمور الممکنة فی وقوعها علی أربعة أقسام دائمی الوقوع و الأکثری الوقوع و المتساوی الوقوع و اللاوقوع و الأقلی الوقوع أما الدائمی الوقوع و الأکثری الوقوع فلکل منها علة عند العقل بالضرورة و الفرق بینهما أن الأکثری الوقوع یعارضه فی بعض الأحیان معارض یمنعه من الوقوع بخلاف الدائمی الوقوع حیث لا معارض له و إذ کان تخلف الأکثری فی بعض الأحیان عن الوقوع مستندا إلی معارض مفروض فهو دائمی الوقوع بشرط عدم المعارض بالضرورة مثاله الولید الإنسانی یولد فی الأغلب ذا أصابع خمس و یتخلف فی بعض الأحیان فیولد و له إصبع زائدة لوجود معارض یعارض القوة المصورة فیما تقتضیه من الفعل فالقوة المصورة بشرط عدم المعارض تأتی بخمس أصابع دائما.

و نظیر الکلام یجری فی الأقلی الوقوع فإنه مع اشتراط المعارض الخاص الذی یعارض السبب الأکثری دائمی الوقوع بالضرورة کما فی مثال الإصبع الزائدة فالقوة المصورة کلما صادفت فی المحل مادة زائدة تصلح لصورة

[شماره صفحه واقعی : 189]

ص: 1317

إصبع علی شرائطها الخاصة فإنها تصور إصبعا دائما.

و نظیر الکلام الجاری فی الأکثری الوقوع و الأقلی الوقوع یجری فی المتساوی الوقوع و اللاوقوع کقیام زید و قعوده.

فالأسباب الحقیقیة دائمة التأثیر من غیر تخلف فی فعلها و لا فی غایتها و القول بالاتفاق من الجهل بالأسباب الحقیقیة و نسبة الغایة إلی غیر ذی الغایة فعثور الحافر للبئر علی الکنز إذا نسب إلی سببها الذاتی و هو حفر البئر بشرط محاذاته للکنز الدفین تحته غایة ذاتیة دائمیة و لیس من الاتفاق فی شی ء و إذا نسب إلی مطلق حفر البئر من غیر شرط آخر کان اتفاقا و غایة عرضیة منسوبة إلی غیر سببه الذاتی الدائمی و کذا موت من انهدم علیه البیت و قد دخله للاستظلال إذا نسب إلی سببه الذاتی و هو الدخول فی بیت مشرف علی الانهدام و المکث فیه حتی ینهدم غایة ذاتیة دائمیة و إذا نسب إلی مطلق دخول البیت للاستظلال کان اتفاقا و غایة عرضیة منسوبة إلی غیر سببه الذاتی و الکلام فی سائر الأمثلة الجزئیة للاتفاق علی قیاس هذین المثالین و قد تمسک القائلون بالاتفاق بأمثال هذه الأمثلة الجزئیة التی عرفت حالها.

[*زنجیرزن]

و قد نسب إلی «ذیمقراطیس» أن کینونة العالم بالاتفاق و ذلک أن الأجسام مؤلفة من أجرام صغار صلبة منبثة فی خلاء غیر متناه و هی متشاکلة الطبائع مختلفة الأشکال دائمة الحرکة فاتفق أن تصادفت منها جملة اجتمعت علی هیئة خاصة فکان هذا العالم و لکنه زعم أن کینونة الحیوان و النبات لیس باتفاق.

و نسب إلی «أنباذقلس» أن تکون الأجرام الأسطقسیة بالاتفاق فما اتفق منها أن اجتمعت علی نحو صالح للبقاء و النسل بقی و ما اتفق إن لم یکن کذلک لم یبق و تلاشی و قد احتج علی ذلک بعده حجج الحجة الأولی أن الطبیعة لا رویة لها فکیف تفعل فعلها لأجل غایة و أجیب عنها بأن الرویة لا تجعل الفعل ذا غایة و إنما تمیز الفعل من غیره و

[شماره صفحه واقعی : 190]

ص: 1318

تعینه ثم الغایة تترتب علی الفعل لذاتها لا بجعل جاعل فاختلاف الدواعی و الصوارف هو المحوج لإعمال الرویة المعینة و لو لا ذلک لم یحتج إلیها کما أن الأفعال الصادرة عن الملکات کذلک فالمتکلم بکلام یأتی بالحرف بعد الحرف علی هیئتها المختلفة من غیر رویة یتروی بها و لو تروی لتبلد و انقطع عن الکلام و کذا أرباب الصناعات فی صناعاتهم لو تروی فی ضمن العمل واحد منهم لتبلد و انقطع.

الحجة الثانیة أن فی نظام الطبیعة أنواعا من الفساد و الموت و أقساما من الشر و المساءة فی نظام لا یتغیر عن أسباب لا تتخلف و هی غیر مقصودة للطبیعة بل لضرورة المادة فلنحکم أن أنواع الخیر و المنافع المترتبة علی فعل الطبیعة أیضا علی هذا النمط من غیر قصد من الطبیعة و لا داع یدعوها إلی ذلک و أجیب عنها بأن ما کان من هذه الشرور من قبیل عدم بلوغ الفواعل الطبیعیة غایاتها لانقطاع حرکاتها فلیس من شرط کون الطبیعة متوجهة إلی غایة أن تبلغها و قد تقدم الکلام فی الباطل.

و ما کان منها من قبیل الغایات التی هی شرور و هی علی نظام دائمی فهی أمور خیرها غالب علی شرها فهی غایات بالقصد الثانی و الغایات بالقصد الأول هی الخیرات الغالبة اللازمة لهذه الشرور و تفصیل الکلام فی هذا المعنی فی بحث القضاء.

فمثل الطبیعة فی أفعالها التی تنتهی إلی هذه الشرور مثل النجار یرید أن یصنع بابا من خشبة فیأخذ بالنحت و النشر فیرکب و یصنع و لازمه الضروری إضاعة مقدار من الخشبة بالنشر و النحت و هی مرادة له بالقصد الثانی بتبع إرادته لصنع الباب.

الحجة الثالثة أن الطبیعة الواحدة تفعل أفعالا مختلفة مثل الحرارة فإنها تحل الشمع و تعقد الملح و تسود وجه القصار و تبیض وجه الثوب.

و أجیب عنها بأن الطبیعة الواحدة لا تفعل إلا فعلا واحدا له غایة واحدة

[شماره صفحه واقعی : 191]

ص: 1319

و أما ترتب آثار مختلفة علی فعلها فمن التوابع الضروریة لمقارنة عوامل و موانع متنوعة و متباینة.

فقد تحصل من جمیع ما تقدم أن الغایات المترتبة علی أفعال الفواعل غایات ذاتیة دائمیة لعللها و أسبابها الحقیقیة و أن الآثار النادرة التی تسمی اتفاقیات غایات بالعرض منسوبة إلی غیر أسبابها الحقیقیة و هی بعینها دائمیة بنسبتها إلی أسبابها الحقیقیة فلا مناص عن إثبات الرابطة الوجودیة بینها و بین السبب الفاعلی الحقیقی.

و لو جاز لنا أن نشک فی ارتباط هذه الغایات بفواعلها مع ما ذکر من دوام الترتب لجاز لنا أن نشک فی ارتباط الفعل بالفاعل و لهذا أنکر کثیر من القائلین بالاتفاق العلة الفاعلیة کالغائیة و حصروا العلة فی العلة المادیة و قد تقدم الکلام فی العلة الفاعلیة.

الفصل الرابع عشر فی العلة المادیة و الصوریة

صوت

[*زنجیرزن]

قد عرفت أن الأنواع التی لها کمال بالقوة لا تخلو فی جوهر ذاتها من جوهر یقبل فعلیة کمالاتها الأولی و الثانیة من الصور و الأعراض فإن کانت حیثیتة حیثیة القوة من جهة و حیثیة الفعلیة من جهة کالجسم الذی هو بالفعل من جهة جسمیته و بالقوة من جهة الصور و الأعراض اللاحقة لجسمیته سمی مادة ثانیة و إن کانت حیثیته حیثیة القوة محضا و هو الذی ینتهی إلیه المادة الثانیة بالتحلیل و هو الذی بالقوة من کل جهة إلا جهة کونه بالقوة من کل جهة سمی هیولی و مادة أولی.

و للمادة علیه بالنسبة إلی النوع المادی المرکب منها و من الصورة لتوقف

[شماره صفحه واقعی : 192]

ص: 1320

وجوده علیها توقفا ضروریا فهی بما أنها جزء للمرکب علة له و بالنسبة إلی الجزء الآخر الذی یقبله أعنی الصورة مادة لها و معلولة لها لما تقدم أن الصورة شریکة العلة للمادة.

و قد حصر جمع من الطبیعیین العلیة فی المادة فقط منکرین للعلل الثلاث الآخر و یدفعه أولا أن المادة حیثیة ذاتها القوة و القبول و لازمها الفقدان و من الضرورة أنه لا یکفی لإعطاء الفعلیة و إیجادها الملازم للوجدان فلا یبقی للفعلیة إلا أن توجد من غیر علة و هو محال.

و ثانیا أنه قد تقدم أن الشی ء ما لم یجب لم یوجد و إذ کانت المادة شأنها الإمکان و القبول فهی لا تصلح لأن یستند إلیها هذا الوجوب المنتزع من وجود المعلول و حقیقته الضرورة و اللزوم و عدم الانفکاک فوراء المادة أمر لا محالة یستند إلیه وجوب المعلول و وجوده و هو العلة الفاعلیة المفیضة لوجود المعلول.

و ثالثا أن المادة ذات طبیعة واحدة لا تؤثر إن أثرت إلا أثرا واحدا متشابها و قد سلموا ذلک و لازمه رجوع ما للأشیاء من الاختلاف إلی ما للمادة من صفة الوحدة ذاتا و صفة و هو کون کل شی ء عین کل شی ء و ضرورة العقل تبطله.

و أما العلة الصوریة فهی الصورة بمعنی ما به الشی ء هو ما هو بالفعل بالنسبة إلی الشی ء المرکب منها و من المادة لضرورة أن للمرکب توقفا علیها و أما الصورة بالنسبة إلی المادة فلیست علة صوریة لها لعدم کون المادة مرکبة منها و من غیرها مفتقرة إلیها فی ذاتها بل هی محتاجة إلیها فی تحصلها الخارج من ذاتها و لذا کانت الصورة شریکة العلة بالنسبة إلیها و محصله لها کما تقدم بیانه.

[*زنجیرزن]

و اعلم أن الصورة المحصلة للمادة ربما کانت جزءا من المادة بالنسبة إلی صورة لاحقة و لذا ینتسب ما کان لها من الأفعال و الآثار نظرا إلی کونها صورة محصلة للمادة إلی الصورة التی صارت جزءا من المادة بالنسبة إلیها

[شماره صفحه واقعی : 193]

ص: 1321

کالنبات مثلا فإن الصورة النباتیة صورة محصلة للمادة الثانیة التی هی الجسم لها آثار فعلیة هی آثار الجسمیة و النباتیة ثم إذا لحقت به صورة الحیوان کانت الصورة النباتیة جزءا من مادتها و ملکت الصورة الحیوانیة ما کان له من الأفعال و الآثار الخاصة و هکذا کلما لحقت بالمرکب صورة جدیدة عادت الصور السابقة علیها أجزاء من المادة الثانیة و ملکت الصورة الجدیدة ما کان للصور السابقة من الأفعال و الآثار و قد تقدم أن الصورة الأخیرة تمام حقیقة النوع.

و اعلم أیضا أن الترکیب بین المادة و الصورة لیس بانضمامی کما ینسب إلی الجمهور بل ترکیب اتحادی کما یقضی به اجتماع المبهم و المحصل و القوة و الفعل و لو لا ذلک لم یکن الترکیب حقیقیا و لا حصل نوع جدید له آثار خاصة.

الفصل الخامس عشر فی العلة الجسمانیة

العلل الجسمانیة متناهیة أثرا عدة و مدة و شدة لأن الأنواع الجسمانیة متحرکة بجواهرها و أعراضها فما لها من الطبائع و القوی الفعالة منحلة منقسمة إلی أبعاض کل منها محفوف بالعدمین السابق و اللاحق محدود ذاتا و أثرا و أیضا العلل الجسمانیة لا تفعل إلا مع وضع خاص بینها و بین المادة المنفعلة قالوا لأنها لما احتاجت إلی المادة فی وجودها احتاجت إلیها فی إیجادها الذی هو فرع وجودها و حاجتها إلی المادة فی إیجادها هو أن یحصل لها بسبب المادة وضع خاص مع معلولها و لذا کان للقرب و البعد و الأوضاع الخاصة دخل فی کیفیة تأثیر العلل الجسمانیة.

[شماره صفحه واقعی : 194]

ص: 1322

المرحلة التاسعة : فی القوة و الفعل

اشارة

صوت

[*زنجیرزن]

و فیها أربعة عشر فصلا

[شماره صفحه واقعی : 195]

ص: 1323

مقدمة

وجود الشی ء فی الأعیان بحیث یترتب علیه آثاره المطلوبة منه یسمی فعلا و یقال إن وجوده بالفعل و إمکانه الذی قبل تحققه یسمی قوة و یقال إن وجوده بالقوة مثال ذلک النطفة فإنها ما دامت نطفة هی إنسان مثلا بالقوة فإذا تبدلت إنسانا صارت إنسانا بالفعل له آثار الإنسانیة المطلوبة من الإنسان.

و الأشبه أن تکون القوة فی أصل الوضع بمعنی مبدإ الأفعال الشاقة الشدیدة أعنی کون الشی ء بحیث یصدر عنه أفعال شدیدة ثم توسع فی معناها فأطلقت علی مبدإ الانفعالات الصعبة أعنی کون الشی ء بحیث یصعب انفعاله بتوهم أن الانفعال أثر موجود فی مبدأه کما أن الفعل و التأثیر أثر موجود فی الفاعل ثم توسعوا فأطلقوا القوة علی مبدإ الانفعال و لو لم یکن صعبا لما زعموا أن صعوبة الانفعال و سهولته سنخ واحد تشکیکی فقالوا إن فی قوة الشی ء الفلانی أن یصیر کذا و أن الأمر الفلانی فیه بالقوة هذا ما عند العامة.

و لما رأی الحکماء أن للحوادث الزمانیة من الصور و الأعراض إمکانا قبل وجودها منطبقا علی حیثیة القبول التی تسمیة العامة قوة سموا الوجود الذی للشی ء فی الإمکان قوة کما سموا مبدأ الفعل قوة فأطلقوا القوة علی

[شماره صفحه واقعی : 196]

ص: 1324

العلل الفاعلیة و قالوا القوی الطبیعیة و القوی النفسانیة و سموا الوجود الذی یقابله و هو الوجود المترتب علیه الآثار المطلوبة منه وجودا بالفعل فقسموا الموجود المطلق إلی ما وجوده بالفعل و ما وجوده بالقوة و القسمان هما المبحوث عنهما فی هذه المرحلة و فیها أربعة عشر فصلا

الفصل الأول کل حادث زمانی فإنه مسبوق بقوة الوجود

صوت

[*زنجیرزن]

و ذلک لأنه قبل تحقق وجوده یجب أن یکون ممکن الوجود جائزا أن یتصف بالوجود و أن لا یتصف إذ لو لم یکن ممکنا قبل حدوثه لکان إما ممتنعا فاستحال تحققه و قد فرض حادثا زمانیا هذا خلف و إما واجبا فکان موجودا و استحال عدمه لکنه ربما تخلف و لم یوجد.

و هذا الإمکان أمر موجود فی الخارج و لیس اعتبارا عقلیا لاحقا بماهیة الشی ء الممکن لأنه یتصف بالشدة و الضعف و القرب و البعد فالنطفة التی فیها إمکان أن یصیر إنسانا مثلا أقرب إلی الإنسان الممکن من الغذاء الذی یمکن أن یتبدل نطفة ثم یصیر إنسانا و الإمکان فی النطفة أیضا أشد منه فی الغذاء مثلا.

ثم إن هذا الإمکان الموجود فی الخارج لیس جوهرا قائما بذاته و هو ظاهر بل هو عرض قائم بموضوع یحمله فلنسمه قوة و لنسم الموضوع الذی یحمله مادة فإذن لکل حادث زمانی مادة سابقة علیه تحمل قوة وجوده و یجب أن تکون المادة غیر ممتنعة عن الاتحاد بالفعلیة التی تحمل إمکانها و إلا لم تحمل إمکانها فهی فی ذاتها قوة الفعلیة التی تحمل إمکانها إذ لو کانت ذات فعلیة فی نفسها لامتنعت عن قبول فعلیة أخری بل هی جوهر فعلیة وجوده أنه قوة الأشیاء

[شماره صفحه واقعی : 197]

ص: 1325

لکنها لکونها جوهرا بالقوة قائمة بفعلیة أخری إذا حدث الممکن و هو الفعلیة التی حملت المادة إمکانها بطلت الفعلیة السابقة و قامت الفعلیة اللاحقة مقامها کمادة الماء مثلا تحمل قوة الهواء و هی قائمة بعد بالصورة المائیة حتی إذا تبدل هواء بطلت الصورة المائیة و قامت الصورة الهوائیة مقامها و تقومت المادة بها.

و مادة الفعلیة الجدیدة الحادثة و الفعلیة السابقة الزائلة واحدة و إلا کانت المادة حادثة بحدوث الفعلیة الحادثة فاستلزمت إمکانا آخر و مادة أخری و ننقل الکلام إلیهما فکانت لحادث واحد إمکانات و مواد غیر متناهیة و هو محال و نظیر الإشکال لازم لو فرض للمادة حدوث زمانی.

و قد تبین بما تقدم أولا أن النسبة بین المادة و القوة التی تحملها نسبة الجسم الطبیعی و الجسم التعلیمی فقوة الشی ء الخاص تعین قوة المادة المبهمة.

و ثانیا أن حدوث الحوادث الزمانیة لا ینفک عن تغیر فی الصور إن کانت جواهر و فی الأحوال إن کانت أعراضا.

و ثالثا أن القوة تقوم دائما بفعلیة و المادة تقوم دائما بصورة تحفظها فإذا حدثت صورة بعد صورة قامت الصورة الحدیثة مقام القدیمة و قومت المادة.

الفصل الثانی فی استیناف القول فی معنی وجود الشی ء بالقوة و وجوده بالفعل و انقسام الوجود إلیهما

صوت

[*زنجیرزن]

إن ما بین أیدینا من الأنواع الجوهریة یقبل أن یتغیر فیصیر غیر ما کان أولا

[شماره صفحه واقعی : 198]

ص: 1326

کالجوهر غیر النامی یمکن أن یتبدل إلی الجوهر النامی و الجوهر النامی یمکن أن یتبدل فیصیر حیوانا و ذلک مع تعین القابل و المقبول و لازم ذلک أن یکون بینهما نسبة موجودة ثابتة.

علی أنا نجد هذه النسبة مختلفة بالقرب و البعد و الشدة و الضعف فالنطفة أقرب إلی الحیوان من الغذاء و إن کانا مشترکین فی إمکان أن یصیرا حیوانا و القرب و البعد و الشدة و الضعف أوصاف وجودیة لا یتصف بها إلا موجود فالنسبة المذکورة موجودة لا محالة.

و کل نسبة موجودة فإنها تستدعی وجود طرفیها فی ظرف وجودها لضرورة قیامها بهما و عدم خروج وجودها من وجودهما و کون أحد طرفی النسبة للآخر و قد تقدم بیان ذلک کله فی مرحلة انقسام الوجود إلی ما فی نفسه و ما فی غیره.

و إذ کان المقبول بوجوده الخارجی الذی هو منشأ لترتب آثاره علیه غیر موجود عند القابل فهو موجود عنده بوجود ضعیف لا یترتب علیه جمیع آثاره و إذ کان کل من وجودیه الضعیف و الشدید هو هو بعینه فهما واحد فللمقبول وجود واحد ذو مرتبتین مرتبة ضعیفة لا یترتب علیه جمیع آثاره و مرتبة شدیدة بخلافها و لنسم المرتبة الضعیفة وجودا بالقوة و المرتبة القویة وجودا بالفعل.

ثم إن المقبول بوجوده بالقوة معه بوجوده بالفعل موجود متصل واحد و إلا بطلت النسبة و قد فرضت ثابتة موجدة هذا خلف و کذا المقبول بوجوده بالقوة مع القابل موجودان بوجود واحد و إلا لم یکن أحد الطرفین موجودا للآخر فبطلت النسبة هذا خلف فوجود القابل و وجد المقبول بالقوة و وجوده بالفعل جمیعا وجود واحد ذو مراتب مختلفة یرجع فیه ما به الاختلاف إلی ما به الاتفاق و ذاک من التشکیک.

[*زنجیرزن]

هذا فیما إذا فرضنا قابلا واحدا مع مقبول واحد و أما لو فرضنا سلسلة من

[شماره صفحه واقعی : 199]

ص: 1327

القوابل و المقبولات ذاهبة من الطرفین متناهیة أو غیر متناهیة فی کل حلقة من حلقاتها إمکان الفعلیة التالیة لها و فعلیة الإمکان السابق علیها علی ما علیه سلسلة الحوادث فی الخارج کان لجمیع الحدود وجود واحد مستمر باستمرار السلسلة ذو مراتب مختلفة و کان إذا قسم هذا الوجود الواحد علی قسمین کان فی القسم السابق قوة القسم اللاحق و فی القسم اللاحق فعلیة القسم السابق ثم إذا قسم القسم السابق مثلا علی قسمین کان فی سابقهما قوة اللاحق و فی لاحقهما فعلیة السابق و کلما أمعن فی التقسیم و جزئ ذلک الوجود الواحد المستمر کان الأمر علی هذه الوتیرة فالقوة و الفعل فیه ممزوجان مختلطان.

فکل حد من حدود هذا الوجود الواحد المستمر کمال بالنسبة إلی الحد السابق و نقص و قوة بالنسبة إلی الحد اللاحق حتی ینتهی إلی کمال لا نقص معه أی فعلیة لا قوة معها کما ابتدئ من قوة لا فعلیة معها فینطبق علیه حد الحرکة و هو أنها کمال أول لما بالقوة من حیث إنه بالقوة.

فهذا الوجود الواحد المستمر وجود تدریجی سیال یجری علی المادة الحاملة للقوة و المختلفات هی حدود الحرکة و صور المادة.

هذا کله فی الجواهر النوعیة و الکلام فی الأعراض نظیر ما تقدم فی الجواهر و سیجی ء تفصیل الکلام فیها.

فقد تبین مما تقدم أن قوة الشی ء هی ثبوت ما له لا یترتب علیه بحسبه جمیع آثار وجوده الفعلی و أن الوجود ینقسم إلی ما بالفعل و ما بالقوة و أنه ینقسم إلی ثابت و سیال.

و تبین أن ما لوجوده قوة فوجوده سیال تدریجی و هناک حرکة و أن ما لیس وجوده سیالا تدریجیا أی کان ثابتا فلیس لوجوده قوة أی لا مادة له و أن ماله حرکة فله مادة و أن ما لا مادة له فلا حرکة له و أن للأعراض بما أن وجوداتها لموضوعاتها حرکة بتبع حرکة موضوعاتها علی ما

[شماره صفحه واقعی : 200]

ص: 1328

سیأتی من التفصیل.

الفصل الثالث فی زیادة توضیح لحد الحرکة و ما تتوقف علیه

قد تقدم أن الحرکة نحو وجود یخرج به الشی ء من القوة إلی الفعل تدریجا أی بحیث لا تجتمع الأجزاء المفروضة لوجوده و بعبارة أخری یکون کل حد من حدود وجوده فعلیة للجزء السابق المفروض و قوة للجزء اللاحق المفروض فالحرکة خروج الشی ء من القوة إلی الفعل تدریجا.

و حدها «المعلم الأول» بأنها کمال أول لما بالقوة من حیث إنه بالقوة و توضیحه أن الجسم المتمکن فی مکان مثلا إذا قصد التمکن فی مکان آخر ترک المکان الأول بالشروع فی السلوک إلی المکان الثانی حتی یتمکن فیه فللجسم و ه و فی المکان الأول کمالان هو بالنسبة إلیهما بالقوة و هما السلوک الذی هو کمال أول و التمکن فی المکان الثانی الذی هو کمال ثان.

فالحرکة و هی السلوک کمال أول للجسم الذی هو بالقوة بالنسبة إلی الکمالین لکن لا مطلقا بل من حیث إنه بالقوة بالنسبة إلی الکمال الثانی لأن السلوک متعلق الوجود به.

[*زنجیرزن]

و قد تبین بذلک أن الحرکة متعلقة الوجود بأمور ستة الأول المبدأ و هو الذی منه الحرکة و الثانی المنتهی و هو الذی إلیه الحرکة فالحرکة تنتهی من جانب إلی قوة لا فعل معها تحقیقا أو اعتبارا و من جانب إلی فعل لا قوة

[شماره صفحه واقعی : 201]

ص: 1329

معها تحقیقا أو اعتبارا علی ما سیتبین إن شاء الله و الثالث المسافة التی فیها الحرکة و هی المقولة و الرابع الموضوع الذی له الحرکة و هو المتحرک و الخامس الفاعل الذی به الحرکة و هو المحرک و السادس المقدار الذی تتقدر به الحرکة و هو الزمان.

الفصل الرابع فی انقسام التغیر

قد عرفت أن خروج الشی ء من القوة إلی الفعل لا یخلو من تغیر إما فی ذاته أو فی أحوال ذاته و إن شئت فقل إما فی ذاتیه کما فی تحول نوع جوهری إلی نوع آخر جوهری أو فی عرضیه کتغیر الشی ء فی أحواله العرضیة.

ثم التغیر إما تدریجی و إما دفعی بخلافه و التغیر التدریجی و لازمه إمکان الانقسام إلی أجزاء لا قرار لها و لا اجتماع فی الوجود هی الحرکة و التغیر الدفعی بما أنه یحتاج إلی موضوع یقبل التغیر و قوة سابقه علی حدوث التغیر لا یتحقق إلا بحرکة لما عرفت أن الخروج من القوة إلی الفعل کیفما فرض لا یتم إلا بحرکة غیر أنه لما کان تغیرا دفعیا کان من المعانی المنطبقة علی أجزاء الحرکة الآنیة کالوصول و الترک و الاتصال و الانفصال فالتغیر کیفما فرض لا یتم إلا بحرکة.

[*زنجیرزن]

ثم الحرکة تعتبر تارة بمعنی کون الشی ء المتحرک بین المبدإ و المنتهی بحیث کل حد من حدود المسافة فرض فهو لیس قبله و بعده فیه و هی حالة بسیطة ثابتة غیر منقسمة و تسمی الحرکة التوسطیة.

و تعتبر تارة بمعنی کون الشی ء بین المبدإ و المنتهی بحیث له نسبة إلی حدود

[شماره صفحه واقعی : 202]

ص: 1330

المسافة المفروضة التی کل واحد منها فعلیة للقوة السابقة و قوة للفعلیة اللاحقة من حد یترکه و من حد یستقبله و لازم ذلک الانقسام إلی الأجزاء و الانصرام و التفضی تدریجا و عدم اجتماع الأجزاء فی الوجود و تسمی الحرکة القطعیة.

و الاعتباران جمیعا موجودان فی الخارج لانطباقهما علیه بمعنی أن للحرکة نسبة إلی المبدإ و المنتهی لا یقتضی ذلک انقساما و لا سیلانا و نسبة إلی المبدإ و المنتهی و حدود المسافة تقتضی سیلان الوجود و الانقسام.

و أما ما یأخذه الخیال من صورة الحرکة بأخذ الحد بعد الحد منها و جمعها صورة متصلة مجتمعة الأجزاء فهو أمر ذهنی غیر موجود فی الخارج لعدم جواز اجتماع أجزاء الحرکة لو فرضت لها أجزاء و إلا کانت ثابتة لا سیالة هذا خلف.

الفصل الخامس فی مبدإ الحرکة و منتهاها

قد تقدم أن للحرکة انقساما بذاتها فلیعلم أن انقسامها انقسام بالقوة لا بالفعل کما فی الکم المتصل القار من الخط و السطح و الجسم التعلیمی إذ لو کانت منقسمة بالفعل فانفصلت الأجزاء بعضها من بعض انتهت القسمة إلی أجزاء دفعیة الوقوع و بطلت الحرکة.

و أیضا لا یقف ما فیها من الانقسام علی حد لا یتجاوزه و لو وقف علی حد لا تتعداه القسمة کانت مؤلفة من أجزاء لا تتجزی و قد تقدم بطلانها.

و من هنا یظهر أن لا مبدأ و لا منتهی للحرکة بمعنی الجزء الأول الذی لا ینقسم من جهة الحرکة و الجزء الآخر الذی لا ینقسم کذلک لما تبین

[شماره صفحه واقعی : 203]

ص: 1331

أن الجزء بهذا المعنی دفعی الوقوع فلا ینطبق علیه حد الحرکة التی هی سیلان الوجود و تدرجه.

و أما ما تقدم أن الحرکة تنتهی من الجانبین إلی مبدإ و منتهی فهو تحدید لها بالخارج من نفسها فتنتهی حرکة الجوهر من جانب البدء إلی قوة لا فعل معها إلا فعلیة أنها قوة لا فعل معها و هو المادة الأولی و من جانب الختم إلی فعل لا قوة معها و هو التجرد و سنزید هذا توضیحا إن شاء الله.

و تنتهی الحرکات العرضیة من جانب البدء إلی مادة الموضوع و هی التی تقبل الحرکة و من جانب الختم فی الحرکة الطبیعیة إلی ما تقتضیه الطبیعة من السکون و فی الحرکة القسریة إلی هیئة ینفذ عندها أثر القسر و الحرکة الإرادیة إلی ما یراه المتحرک کمالا لنفسه یجب أن یستقر فیه.

الفصل السادس فی المسافة

صوت

[*زنجیرزن]

و هی المقولة التی تقع فیها الحرکة کحرکة الجسم فی کمه بالنمو و فی کیفه بالاستحالة من الضرورة أن الذاتی لا یتغیر و المقولات التی هی أجناس عالیة لما دونها من الماهیات ذاتیات لها و الحرکة تغیر المتحرک فی المعنی الذی یتحرک فیه فلو کانت الحرکة الواقعة فی الکیف مثلا تغیرا من المتحرک فی ماهیة الکیف کان ذلک تغیرا فی الذاتی و هو محال.

فلا حرکة فی مقولة بمعنی التغیر فی وجودها الذی فی نفسها الذی یطرد العدم عنها لأن وجود الماهیة فی نفسها هی نفسها.

فإن کانت فی مقولة من المقولات حرکة و تغیر فهو فی وجودها الناعت من حیث إنه ناعت فإن الشی ء له ماهیة باعتبار وجوده فی نفسه و إما

[شماره صفحه واقعی : 204]

ص: 1332

باعتبار وجوده الناعت لغیره کما فی الأعراض أو لنفسه کما فی الجوهر فلا ماهیة له فلا محذور فی وقوع الحرکة فی مقولة.

فالجسم الذی یتحرک فی کمه أو کیفه مثلا لا تغیر فی ماهیته و لا تغیر فی ماهیة الکم أو الکیف اللذین یتحرک فیهما و إنما التغیر فی المتکمم أو المتکیف اللذین یجریان علیه.

و هذا معنی قولهم التشکیک فی العرضیات دون الأعراض.

ثم إن الوجود الناعت و إن کان لا ماهیة له لکنه لاتحاده مع الوجود فی نفسه ینسب إلیه ما للوجود فی نفسه من الماهیة و لازم ذلک أن یکون معنی الحرکة فی مقولة أن یرد علی المتحرک فی کل آن من آنات حرکته نوع من أنواع تلک المقولة من دون أن یلبث نوع من أنواعها علیه أکثر من آن واحد و إلا کان تغیرا فی الماهیة و هو محال.

الفصل السابع فی المقولات التی تقع فیها الحرکة

صوت

[*زنجیرزن]

المشهور بین قدماء الحکماء أن المقولات التی تقع فیها الحرکة أربع الکیف و الکم و الأین و الوضع.

أما الکیف فوقوع الحرکة فیه فی الجملة و خاصة فی الکیفیات المختصة بالکمیات نظیر الاستقامة و الاستواء و الاعوجاج ظاهر فإن الجسم المتحرک فی کمه یتحرک فی الکیفیات القائمة بکمه البتة.

و أما الکم فالحرکة فیه تغیر الجسم فی کمه تغیرا متصلا منتظما متدرجا کالنمو الذی هو زیادة الجسم فی حجمه زیادة متصلة بنسبة منتظمة تدریجا و قد اعترض علیه أن النمو إنما یتحقق بانضمام أجزاء من خارج إلی

[شماره صفحه واقعی : 205]

ص: 1333

أجزاء الجسم فالحجم الکبیر اللاحق کم عارض لمجموع الأجزاء الأصلیة و المنضمة و الحجم الصغیر السابق هو الکم العارض لنفس الأجزاء الأصلیة و الکمان متباینان غیر متصلین لتباین موضوعیهما فالنمو زوال لکم و حدوث لکم آخر لا حرکة.

و أجیب عنه بأن انضمام الضمائم لا شک فیه لکن الطبیعة تبدل الأجزاء المنضمة إلی صورة الأجزاء الأصلیة و تزید به کمیة الأجزاء الأصلیة زیادة متصلة منتظمة متدرجة و هی الحرکة کما هو ظاهر.

و أما الأین فوقوع الحرکة فیه ظاهر کما فی انتقالات الأجسام من مکان إلی مکان لکن کون الأین مقولة مستقلة فی نفسها لا یخلو من شک.

و أما الوضع فوقوع الحرکة فیه أیضا ظاهر کحرکة الکرة علی محورها فإن وضعها یتبدل بتبدل نسب النقاط المفروضة علی سطحها إلی الخارج عنها تبدلا متصلا تدریجیا.

قالوا و لا تقع فی سائر المقولات و هی الفعل و الانفعال و المتی و الإضافة و الجدة و الجوهر حرکة.

أما الفعل و الانفعال فقد أخذ فی مفهومیهما التدریج فلا فرد آنی الوجود لهما و وقوع الحرکة فیهما یستدعی الانقسام إلی أجزاء آنیة الوجود و لیس لهما ذلک علی أنه یستلزم الحرکة فی الحرکة.

و کذا الکلام فی المتی فإنه لما کان هیئة حاصلة من نسبة الشی ء إلی الزمان و هی تدریجیة بتدرج الزمان فلا فرد آنی الوجود له حتی تقع فیه الحرکة المنقسمة إلی الآنیات.

و أما الإضافة فإنها انتزاعیة تابعة لطرفیها لا تستقل بشی ء کالحرکة.

و کذا الجدة فإن التغیر فیها تابع لتغیر موضوعها کتغیر النعل أو القدم فی التنعل مثلا عما کانتا علیه.

و أما الجوهر فوقوع الحرکة فیه یستلزم تحقق الحرکة من غیر موضوع ثابت

[شماره صفحه واقعی : 206]

ص: 1334

باق ما دامت الحرکة و لازم ذلک تحقق حرکة من غیر متحرک و یمکن المناقشة فیما أوردوه من الوجوه.

أما فیما ذکروه فی الفعل و الانفعال و المتی فبجواز وقوع الحرکة فی الحرکة علی ما سنبینه إن شاء الله.

و أما الإضافة و الجدة فإنهما مقولتان نسبیتان کالوضع و کونهما تابعین لأطرافهما فی الحرکة لا ینافی وقوعها فیهما حقیقة و الاتصاف بالتبع غیر الاتصاف بالعرض.

و أما ما ذکروه فی الجوهر فانتفاء الموضوع فی الحرکة الجوهریة ممنوع بل الموضوع هو المادة علی ما تقدم بیانه و سیجی ء توضیحه إن شاء الله.

الفصل الثامن فی تنقیح القول بوقوع الحرکة فی مقولة الجوهر و الإشارة إلی ما یتفرع علیه من أصول المسائل

صوت

[*زنجیرزن]

القول بانحصار الحرکة فی المقولات الأربع العرضیة و إن کان هو المعروف المنقول عن القدماء لکن المحکی من کلماتهم لا یخلو عن الإشارة إلی وقوع الحرکة فی مقولة الجوهر غیر أنهم لم ینصوا علیه.

و أول من ذهب إلیه و أشبع الکلام فی إثباته «صدر المتألهین» ره و هو الحق کما أقمنا علیه البرهان فی الفصل الثانی و قد احتج ره علی ما اختاره بوجوه مختلفة من أوضحها أن الحرکات العرضیة بوجودها سیالة متغیرة و هی معلولة للطبائع و الصور النوعیة التی لموضوعاتها و علة المتغیر یجب أن تکون متغیرة و إلا لزم تخلف المعلول بتغیره عن علته و هو محال فالطبائع و

[شماره صفحه واقعی : 207]

ص: 1335

الصور الجوهریة التی هی الأسباب القریبة للأعراض اللاحقة التی فیها الحرکة متغیرة فی وجودها متجددة فی جوهرها و إن کانت ثابتة بماهیتها قارة فی ذاتها لأن الذاتی لا یتغیر.

و أما ما وجهوا به ما یعتری هذه الأعراض من التغیر و التجدد مع ثبات العلة التی هی الطبیعة أو غیرها بأن تغیرها و تجددها لسوانح تنضم إلیها من خارج کحصول مراتب البعد و القرب من الغایة فی الحرکات الطبیعیة و مصادفة موانع و معدات قویة و ضعیفة فی الحرکات القسریة و تجدد إرادات جزئیة سانحة عند کل حد من حدود المسافة فی الحرکات الإرادیة.

ففیه أنا ننقل الکلام إلی تجدد هذه الأمور الموجبة لتغیر الحرکة من أین حصل فلا بد أن ینتهی إلی ما هو متجدد بالذات.

[*زنجیرزن]

فإن قیل إنا نوجه صدور الحرکة المتجددة عن العلة الثابتة بعین ما وجهتم به ذلک من غیر حاجة إلی جعل الطبیعة متجددة بالذات فالحرکة متجددة بالذات و لا ضیر فی صدور المتجدد عن الثابت إذا کان التجدد ذاتیا له فإیجاد ذاته عین إیجاد تجدده کما اعترفتم به.

قیل التجدد الذی فی الحرکة العرضیة لیس تجدد نفس الحرکة فإن المقولة العرضیة لیس وجودها فی نفسها لنفسها حتی یکون منعوتا بنفسها فتکون متجددة کما کانت تجددا و إنما وجودها لغیرها الذی هو الموضوع الجوهرة فحرکة الجسم مثلا فی لونه تغیره و تجدده فی لونه الذی هو له لا تجدد لونه و هذا بخلاف الجوهر فإن وجوده فی نفسه هو لنفسه فهو تجدد و متجدد بذاته فإیجاد هذا الجوهر إیجاد بعینه للمتجدد و إیجاد المتجدد إیجاد لهذا الجوهر لا إیجاد جوهر لیصیر متجددا فافهم.

حجة أخری الأعراض من مراتب وجود الجواهر لما تقدم أن وجودها فی نفسها عین وجودها لموضوعاتها فتغیرها و تجددها لا یتم إلا مع تغیر موضوعاتها الجوهریة و تجددها فالحرکات العرضیة دلیل حرکة الجوهر.

[شماره صفحه واقعی : 208]

ص: 1336

و یتبین بما تقدم عدة أمور الأول أن الصورة الجوهریة المتبدلة المتواردة علی المادة واحدة بعد واحدة فی الحقیقة صورة جوهریة واحدة سیالة تجری علی المادة و موضوعها المادة المحفوظة بصورة ما کما تقدم فی مرحلة الجواهر و الأعراض ننتزع من کل حد من حدودها مفهوما مغایرا لما ینتزع من حد آخر نسمیها ماهیة نوعیة تغایر سائر الماهیات فی آثارها.

و الحرکة علی الإطلاق و إن کانت لا تخلو من شائبة التشکیک لما أنها خروج من القوة إلی الفعل و سلوک من النقص إلی الکمال لکن فی الجوهر مع ذلک حرکة اشتدادیة أخری هی حرکة المادة الأولی إلی الطبیعة ثم النبات ثم الحیوان ثم الإنسان و لکل من هذه الحرکات آثار خاصة تترتب علیها حتی تنتهی الحرکة إلی فعلیة لا قوة معها.

[*زنجیرزن]

الثانی أن للأعراض اللاحقة بالجواهر أیا ما کانت حرکة بتبع الجواهر المعروضة لها إذ لا معنی لثبات الصفات مع تغیر الموضوعات و تجددها علی أن الأعراض اللازمة للوجود کلوازم الماهیة مجعولة بجعل موضوعاتها جعلا بسیطا من غیر أن یتخلل جعل بینها و بین موضوعاتها هذا فی الأعراض اللازمة التی نحسبها ثابتة غیر متغیرة.

و أما الأعراض المفارقة التی تعرض موضوعاتها بالحرکة کما فی الحرکات الواقعة فی المقولات الأربع الأین و الکم و الکیف و الوضع فالوجه أن تعد حرکتها من الحرکة فی الحرکة و أن تسمی حرکات ثانیة و یسمی القسم الأول حرکات أولی.

و الإشکال فی إمکان تحقق الحرکة فی الحرکة بأن من الواجب فی الحرکة أن تنقسم بالقوة إلی أجزاء آنیة الوجود و المفروض فی الحرکة فی الحرکة أن تتألف من أجزاء تدریجیة منقسمة فیمتنع أن تتألف منها حرکة.

علی أن لازم الحرکة أن یکون ورود المتحرک فی کل حد من حدودها

[شماره صفحه واقعی : 209]

ص: 1337

إمعانا فیه لا ترکا له فلا تتم حرکأ.

یدفعه أن الذی نسلمه أن تنقسم الحرکة إلی أجزاء ینقطع به اتصالها و امتدادها و أن ینتهی ذلک إلی أجزاء آنیة و أما الانتهاء إلیها بلا واسطة فلا فمن الجائز أن تنقسم الحرکة إلی أجزاء آنیة غیر تدریجیة من سنخها ثم تنقسم الأجزاء إلی أجزاء آنیة أخیرة فانقسام الحرکة و انتهاء انقسامها إلی أجزاء آنیة کقیام العرض بالجوهر فربما کان قیامه بلا واسطة و ربما کان مع الواسطة و منتهیا إلی الجوهر بواسطة أو أکثر کقیام الخط بالسطح و السطح بالجسم التعلیمی و الجسم التعلیمی بالجسم الطبیعی.

و أما حدیث الإمعان فی الحدود فإنما یستدعی حدوث البطء فی الحرکة و من الجائز أن یکون سبب البطء هو ترکب الحرکة و سنشیر إلی ذلک فیما سیأتی إن شاء الله.

الثالث أن المادة الأولی بما أنها قوة محضة لا فعلیة لها أصلا إلا فعلیة أنها قوة محضة فهی فی أی فعلیة تعتریها تابعة للصورة التی تقیمها فهی متمیزة بتمیز الصورة التی تتحد بها متشخصة بتشخصها تابعة لها فی وحدتها و کثرتها نعم لها وحدة مبهمة شبیهة بوحدة الماهیة الجنسیة.

فإذ کانت هی موضوع الحرکة العامة الجوهریة فعالم المادة برمتها حقیقة واحدة سیالة متوجهة من مرحلة القوة المحضة إلی فعلیة لا قوة معها.

الفصل التاسع فی موضوع الحرکة

صوت

[*زنجیرزن]

قد تبین أن الموضوع لهذه الحرکات هو المادة هذا إجمالا أما تفصیله فهو أنک قد عرفت أن فی مورد الحرکة مادة و صورة و قوة و فعلا و قد عرفت فی

[شماره صفحه واقعی : 210]

ص: 1338

مباحث الماهیة أن الجنس و الفصل هما المادة و الصورة لا بشرط و أن الماهیات النوعیة قد تترتب متنازلة إلی السافل من نوع عال و متوسط و أخیر و قد تندرج تحت جنس واحد قریب أنواع کثیرة اندراجا عرضیا لا طولیا.

و لازم ذلک أن یکون فی القسم الأول من الأنواع الجوهریة مادة أولی متحصلة بصورة أولی ثم هما معا مادة ثانیة لصورة ثانیة ثم هما معا مادة و تسمی أیضا ثانیة لصورة لاحقة و فی القسم الثانی مادة لها صور متعددة متعاقبة علیها کلما حلت بها واحدة منها امتنعت من قبول صورة أخری.

فإذا رجعت هذه التنوعات الجوهریة الطولیة و العرضیة إلی الحرکة ففی القسم الثانی کانت المادة التی هی موضوع الحرکة فی بدئها هی الموضوع بعینه ما تعاقبت الصور إلی آخر الحرکة سواء کانت هی المادة الأولی أو المادة الثانیة و کذلک الحکم فی الحرکات العرضیة بفتح الراء.

و فی القسم الأول و هو الحرکة الطولیة المادة الأولی موضوع للصورة الأولی ثم هما معا موضوع الصورة الثانیة لا بطریق الخلع و اللبس کما فی القسم الأول بل بطریق اللبس بعد اللبس و لازم ذلک أن تکون الحرکة اشتدادیة لا متشابهة و کون مادة الصورة الأولی معزولة عن موضوعیة الصورة الثانیة بل الموضوع لها هو المادة الأولی و الصورة الأولی معا و المادة الأولی من المقارنات.

و الصورة الثانیة فی هذه المرتبة هی فعلیة النوع و لها الآثار المترتبة إذ لا حکم إلا للفعلیة و لا فعلیة إلا واحدة و هی فعلیة الصورة الثانیة.

و هذا معنی قولهم أن الفصل الأخیر جامع لجمیع کمالات الفصول السابقة و منشأ لانتزاعها و أنه لو تجرد عن المادة و تقرر وحده لم تبطل بذلک حقیقة النوع و الأمر علی هذا القیاس فی کل صورة لاحقة بعد صورة.

[*زنجیرزن]

و من هنا یظهر

[شماره صفحه واقعی : 211]

ص: 1339

أولا أن الحرکة فی القسم الثانی بسیطة و أما فی القسم الأول فإنها مرکبة لتغیر الموضوع فی کل حد من الحدود غیر أن تغیره لیس ببطلان الموضوع السابق و حدوث موضوع لاحق بل بطریق الاستکمال ففی کل حد من الحدود تصیر فعلیة الحد و قوة الحد اللاحق معا قوة لفعلیة الحق اللاحق.

و ثانیا أن لا معنی للحرکة النزولیة بسلوک الموضوع من الشدة إلی الضعف و من الکمال إلی النقص لاستلزامها کون فعلیة ما قوة لقوته کأن یتحرک الإنسان من الإنسانیة إلی الحیوانیة و من الحیوانیة إلی النباتیة و هکذا فما یتراءی منه الحرکة التضعفیة حرکة بالعرض یتبع حرکة أخری اشتدادیة تزاحم الحرکة النزولیة المفروضة کالذبول.

و ثالثا أن الحرکة أیا ما کانت محدودة بالبدایة و النهایة فکل حد من حدودها ینتهی من الجانبین إلی قوة لا فعلیة معها و إلی فعل لا قوة معه و حکم المجموع أیضا حکم الأبعاض و هذا لا ینافی ما تقدم أن الحرکة لا أول لها و لا آخر فإن المراد به أن تبتدئ بجزء لا ینقسم بالفعل و أن تختم بذلک فالجزء بهذا المعنی لا یخرج من القوة إلی الفعل أبدا و لا الماهیة النوعیة المنتزعة من هذا الحد تخرج من القوة إلی الفعل أبدا.

الفصل العاشر فی فاعل الحرکة و هو المحرک

لیعلم أن الحرکة کیفما فرضت فالمحرک فیها غیر المتحرک فإن کانت الحرکة جوهریة و الحرکة فی ذات الشی ء و هو المتحرک بالحقیقة کما تقدم کان فرض کون المتحرک هو المحرک فرض کون الشی ء فاعلا موجدا لنفسه و استحالته ضروریة فالفاعل الموجد للحرکة هو الفاعل الموجد للمتحرک و هو

[شماره صفحه واقعی : 212]

ص: 1340

جوهر مفارق للمادة یوجد الصورة الجوهریة و یقیم بها المادة و الصورة شریکة الفاعل علی ما تقدم.

[*زنجیرزن]

و إن کانت الحرکة عرضیة و کان العرض لازما للوجود فالفاعل الموجد للحرکة فاعل الموضوع المتحرک بعین جعل الموضوع من غیر تخلل جعل آخر بین الموضوع و بین الحرکة إذ لو تخلل الجعل و کان المتحرک و هو مادة فاعلا فی نفسه للحرکة کان فاعلا من غیر توسط المادة و قد تقدم فی مباحث العلة و المعلول أن العلل المادیة لا تفعل إلا بتوسط المادة و تخلل الوضع بینها و بین معلولاتها فهی إنما تفعل فی الخارج من نفسها ففاعل لازم الوجود فاعل ملزومه و هو جوهر مفارق للمادة جعل الصورة و لازم وجودها جعلا واحدا و أقام بها المادة.

و إن کانت الحرکة عرضیة و العرض مفارقا کان الفاعل القریب للحرکة هو الطبیعة بناء علی انتساب الأفعال الحادثة عند کل نوع جوهری إلی طبیعة ذلک النوع.

و تفصیل القول أن الموضوع إما أن یفعل أفعاله علی وتیرة واحدة أو لا علی وتیرة واحدة و الأول هو الطبیعة المعرفة بأنها مبدأ حرکة ما هی فیه و سکونه و الثانی هو النفس المسخرة لعدة طبائع و قوی تستعملها فی تحصیل ما تریده من الفعل و کل منهما إما أن یکون فعلها ملائما لنفسها بحیث لو خلیت و نفسها لفعلته و هو الحرکة الطبیعیة أو لا یکون کذلک کما یقتضیه قیام مانع مزاحم و هو الحرکة القسریة.

و علی جمیع هذه التقادیر فاعل الحرکة هی الطبیعة أما فی الحرکة الطبیعیة فلأن الطبیعة إنما تنشئ الحرکة عند زوال صور ملائمة أو عروض هیئة منافرة تفقد بذلک کمالا تقتضیه فتطلب الکمال فتسلک إلیه بالحرکة ففاعلها الصورة و قابلها المادة و أما فی الحرکة القسریة فلأن القاسر ربما یزول و الحرکة القسریة علی حالها و قد بطلت فاعلیة الطبیعة بالفعل فلیس

[شماره صفحه واقعی : 213]

ص: 1341

الفاعل إلا الطبیعة المقسورة.

و أما فی الحرکة النفسانیة فلأن کون النفس مسخرة للطبائع و القوی المختلفة لتستکمل بأفعالها نعم الدلیل علی أن الفاعل القریب فی الحرکات النفسانیة هی الطبائع و القوی المغروزة فی الأعضاء.

الفصل الحادی عشر فی الزمان

صوت

[*زنجیرزن]

إنا نجد فیما عندنا حوادث متحققة بعد حوادث أخری هی قبلها لما أن للتی بعد نحو توقف علی التی قبل توقفا لا یجامع معه القبل و البعد علی خلاف سائر أنحاء التقدم و التأخر کتقدم العلة أو جزئها علی المعلول و هذه مقدمة ضروریة لا نرتاب فیها.

ثم إن ما فرضناه قبل ینقسم بعینه إلی قبل و بعد بهذا المعنی أی بحیث لا یجتمعان و کذا کل ما حصل من التقسیم و له صفة قبل ینقسم إلی قبل و بعد من غیر وقوف للقسمة.

فهاهنا کم متصل غیر قار إذ لو لم یکن کم لم یکن انقسام و لو لم یکن اتصال لم یتحقق البعد فیما هو قبل و بالعکس بل انفصلا و بالجملة لم یکن بین الجزءین من هذا الکم حد مشترک و لو لم یکن غیر قار لاجتمع ما هو قبل و ما هو بعد بالفعل.

و إذا کان الکم عرضا فله موضوع هو معروضة لکنا کلما رفعنا الحرکة من المورد ارتفع هذا المقدار و إذا وضعناها ثبت و هذا هو الذی نسمیه زمانا فالزمان موجود و ماهیته أنه مقدار متصل غیر قار عارض للحرکة.

و قد تبین بما مر أمور

[شماره صفحه واقعی : 214]

ص: 1342

الأول أنه لما کان کلما وضعنا حرکة أو بدلنا حرکة من حرکة ثبت هذا الکم المسمی بالزمان ثبت أن لکل حرکة أی حرکة کانت زمانا خاصا بها متشخصا بتشخصها مقدرا لها و إن کنا نأخذ زمان بعض الحرکات مقیاسا نقدر به حرکات أخری کما نأخذ زمان الحرکة الیومیة مقیاسا نقدر به الحرکات الأخری التی تتضمنها الحوادث الکونیة الکلیة و الجزئیة بتطبیقها علی ما نأخذ لهذا الزمان من الأجزاء کالقرون و السنین و الشهور و الأسابیع و الأیام و الساعات و الدقائق و الثوانی و غیر ذلک.

الثانی أن نسبة الزمان إلی الحرکة نسبة الجسم التعلیمی إلی الجسم الطبیعی و هی نسبة المعین إلی المبهم.

الثالث أنه کما تنقسم الحرکة إلی أقسام لها حدود مشترکة و بینها فواصل غیر موجودة إلا بالقوة و هی الآنیات کذلک الزمان ینقسم إلی أقسام لها حدود مشترکة و بینها فواصل غیر موجودة إلا بالقوة و هی الآنات فالآن طرف الزمان کالنقطة التی هی طرف الخط و هو أمر عدمی حظه من الوجود انتسابه إلی ما هو طرف له.

و من هنا یظهر أن تتالی الآنات ممتنع فإن الآن لیس إلا فاصلة عدمیة بین قطعتین من الزمان و ما هذا حاله لا یتحقق منه اثنان إلا و بینهما قطعة من الزمان.

[*زنجیرزن]

الرابع أن الأشیاء فی انطباقها علی الزمان مختلفة فالحرکة القطعیة منطبقة علی الزمان بلا واسطة و اتصاف أجزاء هذه الحرکة بالتقدم و التأخر و نحوهما بتبع اتصاف أجزاء الزمان بذلک و کل آنی الوجود من الحوادث کالوصول و الترک و الاتصال و الانفصال منطبق علی الآن و الحرکة التوسطیة منطبقة علیه بواسطة القطعیة و تبین أیضا أن تصویر التوسطی من الزمان و هو المسمی بالآن السیال الذی یرسم الامتداد الزمانی تصویر وهمی مجازی کیف و الزمان کم منقسم بالذات و قیاسه إلی الوحدة

[شماره صفحه واقعی : 215]

ص: 1343

الساریة التی ترسم بتکررها العدد و النقطة الساریة التی ترسم الخط فی غیر محله لأن الوحدة لیست بالعدد و إنما ترسمه بتکررها لا بذاتها و النقطة نهایة عدمیة و تألف الخط منها وهمی.

الخامس أن الزمان لیس له طرف موجود بالفعل بمعنی جزء هو بدایته أو نهایته لا ینقسم فی امتداد الزمان و إلا تألف المقدار من أجزاء لا قدر لها و هو الجزء الذی لا یتجزی و هو محال و إنما ینفد الزمان بنفاد الحرکة المعروضة من الجانبین.

السادس أن الزمان لا یتقدم علیه شی ء إلا بتقدم غیر زمانی کتقدم علة الوجود و علة الحرکة و موضوعها علیه.

السابع أن القبلیة و البعدیة الزمانیتین لا تتحققان بین شی ء و شی ء إلا و بینهما زمان مشترک ینطبقان علیه.

و یظهر بذلک أنه إذا تحقق قبل زمانی بالنبسة إلی حرکة أو متحرک استدعی ذلک تحقق زمان مشترک بینهما و لازم ذلک تحقق حرکة مشترکة و لازمة تحقق مادة مشترکة بینهما.

تنبیه اعتبار الزمان مع الحرکات و الزمان مقدار متغیر یفید تقدرها و ما یترتب علیه من التقدم و التأخر و قد تعتبر الموجودات الثابتة مع المتغیرات فیفید معیة الثابت مع المتغیر و یسمی الدهر و قد یعتبر الموجود الثابت مع الأمور الثابتة و یفید معیة الثابت مع الأمور الثابتة و یفید معیة الثابت الکلی مع ما دونه من الثوابت و یسمی السرمد و لیس فی الدهر و السرمد تقدم و لا تأخر لعدم التغیر و الانقسام فیهما.

قال فی الأسفار: «و أما الموجودات التی لیست بحرکة و لا فی حرکة فهی

[شماره صفحه واقعی : 216]

ص: 1344

لا تکون فی الزمان بل اعتبر ثباته مع المتغیرات فتلک المعیة تسمی بالدهر و کذا معیة المتغیرات مع المتغیرات لا من حیث تغیرها بل من حیث ثباتها إذ ما من شی ء إلا و له نحو من الثبات و إن کان ثباته ثبات التغیر فتلک المعیة أیضا دهریة و إن اعتبرت الأمور الثابتة مع الأمور الثابتة فتلک المعیة هی السرمد و لیس بإزاء هذه المعیة و لا التی قبلها تقدم و تأخر و لا استحالة فی ذلک فإن شیئا منهما لیس مضایقا للمعیة حتی تستلزمها»انتهی. ج 3 ص 182.

الفصل الثانی عشر فی معنی السرعة و البطء

صوت

[*زنجیرزن]

السرعة و البطء نعرفهما بمقایسة بعض الحرکات إلی بعض فإذا فرضنا حرکتین سریعة و بطیئة فی مسافة فإن فرضنا اتحاد المسافة اختلفتا فی الزمان و کان زمان السریعة أقل و زمان البطیئة أکثر و إن فرضنا اتحاد الزمان کانت المسافة المقطوعة للسریعة أکثر و مسافة البطیئة أقل.

و هما من المعانی الإضافیة التی تتحقق بالإضافة فإن البطیئة تعود سریعة إذا قیست إلی ما هو أبطأ منه و السریعة تصیر بطیئة إذا قیست إلی ما هو أسرع منها فإذا فرضنا سلسلة من الحرکات المتوالیة المتزایدة فی السرعة کان کل واحد من الأوساط سوی الطرفین متصفا بالسرعة و البطء معا سریعا بالقیاس إلی أحد الجانبین بطیئا بالقیاس إلی الآخر فهما وصفان إضافیان غیر متقابلین کالطول و القصر و الکبر و الصغر.

و أما ما قیل إن البطء فی الحرکة بتخلل السکون فیدفعه ما تبین فیما تقدم أن الحرکة متصلة لا تقبل الانقسام إلا بالقوة و ربما قیل إنهما

[شماره صفحه واقعی : 217]

ص: 1345

متضادان.

قال فی الأسفار: «إن التقابل بین السرعة و البطء لیس بالتضایف لأن المضافین متلازمان فی الوجودین و هما غیر متلازمین فی واحد من الوجودین و لیس تقابلهما أیضا بالثبوت و العدم لأنهما إن تساویا فی الزمان کانت السریعة قاطعة من المسافة ما لم یقطعها البطیئة و إن تساویا فی المسافة کان زمان البطیئة أکثر فلأحدهما نقصان المسافة و للآخر نقصان الزمان فلیس جعل أحدهما عدمیا أولی من جعل الآخر عدمیا فلم یبق من التقابل بینهما إلا التضاد لا غیر»انتهی. ج 3 ص 198.

و فیه أنهم شرطوا فی التضاد أن یکون بین طرفیه غایة الخلاف و لیس ذلک بمحقق بین السرعة و البطء إذ ما من سریع إلا و یمکن أن یفرض ما هو أسرع منه و ما من بطی ء إلا و یمکن أن یفرض ما هو أبطأ منه.

هذا فی السرعة و البطء الإضافیین و أما السرعة بمعنی الجریان و السیلان فهی خاصة لمطلق الحرکة لا یقابلها بطء.

الفصل الثالث عشر فی السکون

الحرکة و السکون لا یجتمعان فی جسم من جهة واحدة فی زمان واحد فبینهما تقابل و الحرکة وجودیة لما تقدم أنها نحو الوجود السیال لکن السکون لیس بأمر وجودی و لو کان وجودیا لکان هو الوجود الثابت و هو الذی بالفعل من کل جهة و لیس الوجودات الثابتة و هی المجردة بسکون و لا ذوات سکون فالحرکة وجودیة و السکون عدمی فلیس تقابلهما تقابل التضایف و التضاد.

[شماره صفحه واقعی : 218]

ص: 1346

و لیسا بمتناقضین و إلا صدق السکون علی کل ما لیس بحرکة کالعقول المفارقة التی هی بالفعل من کل جهة و أفعالها فالسکون عدم الحرکة مما من شأنه الحرکة فالتقابل بینها تقابل العدم و الملکة.

لیعلم أن لیس للسکون مصداق فی شی ء من الجواهر المادیة لما تقدم أنها سیالة الوجود و لا فی شی ء من أعراضها التابعة لموضوعاتها الجوهریة فی الحرکة لقیامها بها.

نعم هناک سکون نسبی للموضوعات المادیة ربما تلبست بالقیاس إلی الحرکات الثانیة التی فی المقولات الأربع العرضیة الکم و الکیف و الأین و الوضع.

الفصل الرابع عشر فی انقسامات الحرکة
اشارة

صوت

[*زنجیرزن]

تنقسم الحرکة بانقسام الأمور الستة التی تتعلق بها ذاتها.

فانقسامها بانقسام المبدإ و المنتهی کالحرکة من أین کذا إلی أین کذا و الحرکة من القعود إلی القیام و الحرکة من لون کذا إلی لون کذا و حرکة الجسم من قدر کذا إلی قدر کذا و انقسامها بانقسام المقولة کالحرکة فی الکیف و فی الکم و فی الأین و فی الوضع و انقسامها بانقسام الموضوع کحرکة النبات و حرکة الحیوان و حرکة الإنسان و انقسامها بانقسام الزمان کالحرکة اللیلیة و الحرکة النهاریة و الحرکة الصیفیة و الحرکة الشتویة و انقسامها بانقسام الفاعل کالحرکة الطبیعیة و الحرکة القسریة و الحرکة النفسانیة قالوا إن الفاعل القریب فی جمیع هذه الصور هو الطبیعة و التحریک النفسانی علی نحو التسخیر للقوی الطبیعیة کما تقدمت الإشارة إلیه

[شماره صفحه واقعی : 219]

ص: 1347

و قالوا إن المتوسط بین الطبیعة و بین الحرکة هو مبدأ المیل الذی توجده الطبیعة فی المتحرک و تفصیل القول فی الطبیعیات.

خاتمة

کما تطلق القوة علی مبدإ القبول کذلک تطلق علی مبدإ الفعل و خاصة إذ کانت قویة شدیدة کما تطلق القوی الطبیعیة علی مبادی الآثار الطبیعیة و تطلق القوی النفسانیة علی مبادی الآثار النفسانیة من إبصار و سمع و تخیل و غیر ذلک.

و هذه القوة الفاعلة إذا قارنت العلم و المشیة سمیت قدرة الحیوان و هی علة فاعلة یتوقف تمام علیتها بحیث یجب معها الفعل إلی أمور خارجة کحضور المادة القابلة و استقرار وضع مناسب للفعل و صلاحیة أدوات الفعل و غیر ذلک فإذا اجتمعت تمت العلیة و وجب الفعل.

فبذلک یظهر فساد تحدید بعضهم مطلق القدرة بأنها ما یصح معه الفعل و الترک فإن نسبة الفعل و الترک إلی الفاعل إنما تکون بالصحة و الإمکان إذا کان جزء من العلة التامة فإذا أخذ وحده و بما هو علة ناقصة و نسب إلیه الفعل لم یجب به و أما الفاعل التام الفاعلیة الذی هو وحده علة تامة کالواجب تعالی فلا معنی لکون نسبة الفعل و الترک إلیه بالإمکان أعنی کون النسبتین متساویتین.

و أما الاعتراض علیه بأن لازم کون فعله واجبا کونه تعالی موجبا بالفتح مجبرا علی الفعل و هو ینافی القدرة.

فمندفع بأن هذا الوجوب ملحق بالفعل من قبله تعالی و هو أثره و لا معنی لکون أثر الشی ء التابع له فی وجوده مؤثرا فی ذات الشی ء الفاعل و لیس هناک فاعل آخر یؤثر فیه تعالی بجعله مضطرا إلی الفعل.

[شماره صفحه واقعی : 220]

ص: 1348

و کذلک فساد قول بعضهم إن صحة الفعل تتوقف علی کونه مسبوقا بالعدم الزمانی فالفعل غیر المسبوق بعدم زمانی ممتنع.

وجه الفساد أنه مبنی علی القول بأن علة الحاجة إلی العلة هی الحدوث دون الإمکان و قد تقدم إبطاله فی مباحث العلة و المعلول علی أنه منقوض بنفس الزمان فکون إیجاد الزمان مسبوقا بعدمه الزمانی إثبات للزمان قبل نفسه و استحالته ضروریة.

و کذلک فساد قول من قال بأن القدرة إنما تحدث مع الفعل و لا قدرة علی فعل قبله.

و وجه الفساد أنهم یرون أن القدرة هی صحة الفعل و الترک فلو ترک الفعل زمانا ثم فعل صدق علیه قبل الفعل أنه یصح منه الفعل و الترک و هی القدرة علی أنه یناقض ما تسلموه أن الفعل متوقف علی القدرة فإن معیة القدرة و الفعل تنافی توقف أحدهما علی الآخر.

[شماره صفحه واقعی : 221]

ص: 1349

[شماره صفحه واقعی : 222]

ص: 1350

المرحلة العاشرة : فی السبق و اللحوق و القدم و الحدوث

اشارة

صوت

[*زنجیرزن]

و فیها ثمانیة فصول

[شماره صفحه واقعی : 223]

ص: 1351

الفصل الأول فی السبق و اللحوق و هما التقدم و التأخر

یشبه أن یکون أول ما عرف من معنی التقدم و التأخر ما کان منهما بحسب الحس کان یفرض مبدأ یشترک فی النسبة إلیه أمران ما کان لأحدهما من النسبة إلیه فللآخر و لیس کل کان للأول فهو للثانی فیسمی ما للأول من الوصف تقدما و ما للثانی تأخرا کمحراب المسجد یفرض مبدأ فیشترک فی النسبة إلیه الإمام و المأموم فما للإمام من نسبة القرب إلی المحراب فهو للإمام و لا عکس فالإمام متقدم و المأموم متأخر و معلوم أن وصفی التقدم و التأخر یختلفان باختلاف المبدإ المفروض کما أن الإمام متقدم و المأموم متأخر فی المثال المذکور علی تقدیر فرض المحراب مبدأ و لو فرض المبدأ هو الباب کان الأمر بالعکس و کان المأموم متقدما و الإمام متأخرا.

و لا یتفاوت الأمر فی ذلک أیضا بین أن یکون الترتیب وضعیا اعتباریا کما فی المثال السابق أو طبعیا کما إذا فرضنا مثلا الجسم ثم النبات ثم الحیوان ثم الإنسان فإن فرضنا المبدأ هو الجسم کان النبات متقدما و الحیوان متأخرا و إن فرضنا المبدأ هو الإنسان کان الحیوان متقدما و النبات متأخرا و یسمی هذا التقدم و التأخر تقدما و تأخرا بحسب الرتبة ثم عمموا ذلک فاعتبروه فی مورد الشرف و الفضل و الخسة و ما یشبه ذلک

[شماره صفحه واقعی : 224]

ص: 1352

مما یکون فیه زیادة من المعنویات کتقدم العالم علی الجاهل و الشجاع علی الجبان فباعتبار النوع بآثار کماله مبدأ مثلا یختلف فی النسبة إلیه العالم و الجاهل و الشجاع و الجبان و یسمیان تقدما و تأخرا بالشرف.

و انتقلوا أیضا إلی التقدم و التأخر الزمانیین بما أن الجزءین من الزمان کالیوم و الأمس یشترکان فی حمل قوة الأجزاء اللاحقة لکن ما لأحدهما و هو الیوم من القوة المحمولة محمولة للآخر و هو الأمس و لا عکس لأن الأمس یحمل قوة الیوم بخلاف الیوم فإنه یحمل فعلیة نفسه و الفعلیة لا تجامع القوة و لذا کان الجزآن من الزمان لا یجتمعان فی فعلیة الوجود فبین أجزاء الزمان تقدم و تأخر لا یجامع المتقدم منها المتأخر بخلاف سائر أقسام التقدم و التأخر و کذا بین الحوادث التی هی حرکات منطبقة علی الزمان تقدم و تأخر زمانی بتوسط الزمان الذی هو تعینها کما أن للجسم الطبیعی الامتدادات الثلاثة بتوسط الجسم التعلیمی الذی هو تعینه.

و قد تنبهوا بذلک إلی أن فی الوجود أقساما أخر من التقدم و التأخر الحقیقیین فاستقرءوها فأنهوها أعم من الاعتباریة و الحقیقیة إلی تسعة أقسام

[*زنجیرزن]

الأول و الثانی و الثالث ما بالرتبة من التقدم و التأخر و ما بالشرف و ما بالزمان و قد تقدمت.

الرابع التقدم و التأخر بالطبع و هما تقدم العلة الناقصة علی المعلول حیث یرتفع بارتفاعها المعلول و لا یجب بوجودها و تأخر معلولها عنها.

الخامس التقدم و التأخر بالعلیة و هما تقدم العلة التامة التی یجب بوجودها المعلول علی معلولها و تأخر معلولها عنها.

السادس التقدم و التأخر بالجوهر و هما تقدم أجزاء الماهیة من الجنس و الفصل علیها و تأخرها عنها بناء علی أصالة الماهیة و تسمی هذه الثلاثة الأخیرة أعنی ما بالطبع و ما بالعلیة و ما بالتجوهر تقدما و تأخرا بالذات.

السابع التقدم و التأخر بالدهر و هما تقدم العلة التامة علی معلولها و تأخر

[شماره صفحه واقعی : 225]

ص: 1353

معلولها عنها لکن لا من حیث إیجابها وجود المعلول و إفاضته کما فی التقدم و التأخر بالعلیة بل من حیث انفکاک وجودها و انفصاله عن وجوده و تقرر عدم المعلول فی مرتبة وجودها کتقدم نشأة التجرد العقلی علی نشأة المادة زاد هذا القسم «السید المحقق الداماد» ره.

الثامن التقدم و التأخر بالحقیقة و المجاز و هو أن یشترک أمران فی الاتصاف بوصف غیر أن أحدهما بالذات و الآخر بالعرض فالمتصف به بالذات متقدم بهذا التقدم علی المتصف به بالعرض و هو متأخر کتقدم الوجود علی الماهیة الموجودة به بناء علی أن الوجود هو الأصل فی الموجودیة و التحقق و الماهیة موجودة به بالعرض و هذا القسم زاده «صدر المتألهین» قده.

التاسع التقدم و التأخر بالحق و هو تقدم وجود العلة التامة علی وجود معلولها عنه و هذا غیر التقدم و التأخر بالعلیة زاده «صدر المتألهین» قده قال فی الأسفار: «و بالجملة وجود کل علة موجبة یتقدم علی وجود معلولها الذاتی هذا النحو من التقدم إذ الحکماء عرفوا العلة الفاعلة بما یؤثر فی شی ء مغایر للفاعل فتقدم ذات الفاعل علی ذات المعلول تقدم بالعلیة و أما تقدم الوجود علی الوجود فهو تقدم آخر غیر ما بالعلیة إذ لیس بینهما تأثیر و تأثر و لا فاعلیة و لا مفعولیة بل حکمهما حکم شی ء واحد له شئون و أطوار و له تطور من طور إلی طور»انتهی. ج 3 ص 257.

الفصل الثانی فی ملاک السبق و اللحوق فی کل واحد من الأقسام

صوت

[*زنجیرزن]

و المراد به کما أشیر إلیه فی الفصل السابق هو الأمر المشترک فیه بین المتقدم و المتأخر الذی یوجد منه للمتقدم ما لا یوجد للمتأخر و لا یوجد منه

[شماره صفحه واقعی : 226]

ص: 1354

شی ء للمتأخر إلا و هو موجود للمتقدم.

فملاک التقدم و التأخر بالرتبة هو النسبة إلی المبدإ المحدود کاشتراک الإمام و المأموم فی النسبة إلی المبدإ المفروض من المحراب أو الباب مع تقدم الإمام لو کان المبدأ المفروض هو المحراب و تقدم المأموم لو کان هو الباب فی الرتبة الحسیة و کتقدم کل جنس علی نوعه فی ترتب الأجناس و الأنواع إن کان المبدأ المفروض هو الجنس العالی و تقدم کل نوع علی جنسه إن کان الأمر بالعکس و ملاک التقدم و التأخر بالشرف اشتراک أمرین فی معنی من شأنه أن یتصف بالفضل و المزیة أو بالرذیلة کاشتراک الشجاع و الجبان فی الإنسانیة التی من شأنها أن تتصف بفضیلة الشجاعة فللشجاع ما للجبان و لا عکس و مثله تقدم الأرذل علی غیره فی الرذالة و ملاک التقدم و التأخر بالزمان هو اشتراک جزءین مفروضین منه فی وجود متقض متصرم مختلط فیه القوة و الفعل بحیث یتوقف فیه فعلیة أحدهما علی قوته مع الآخر فالجزء الذی معه قوة الجزء الآخر هو المتقدم و الجزء الذی بخلافه هو المتأخر کالیوم و الغد فإنهما مشترکان فی وجود کمی غیر قار یتوقف فعلیة الغد علی تحقق قوته مع الیوم بحیث إذا وجد الغد بالفعل فقد بطلت قوته و انصرم الیوم فالیوم متقدم و الغد متأخر بالزمان.

و بملاک التقدم و التأخر الزمانیین یتحقق التقدم و التأخر بین الحوادث الزمانیة بتوسط الزمان لما أنها حرکات ذوات أزمان.

و ملاک التقدم و التأخر بالطبع هو الوجود و یختص المتقدم بأن لوجود المتأخر توقفا علیه بحیث لو لم یتحقق المتقدم لم یتحقق المتأخر من غیر عکس و هذا کما فی التقدم فی العلة الناقصة التی یرتفع بارتفاعها المعلول و لا یلزم من وجودها وجوده.

و عن «شیخ الإشراق» أن التقدم و التأخر بالزمان من التقدم و التأخر بالطبع لأن مرجعه بالحقیقة إلی توقف وجود الجزء المتأخر علی وجود المتقدم

[شماره صفحه واقعی : 227]

ص: 1355

بحیث یرتفع بارتفاعه.

و رد بأنهما نوعان متغایران فمن الجائز فیما بالطبع اجتماع المتقدم و المتأخر فی الوجود بخلاف ما بالزمان حیث یمتنع اجتماع المتقدم و المتأخر منه بل التقدم و التأخر بین أجزاء الزمان بالذات.

و الحق أن ابتناء التقدم و التأخر بالزمان علی التوقف الوجودی بین الجزءین لا سبیل إلی نفیه غیر أن الوجود لما کان غیر قار یصاحب کل جزء منه قوة الجزء التالی امتنع اجتماع الجزءین لامتناع اجتماع قوة الشی ء مع فعلیته و المسلم من کون التقدم و التأخر ذاتیا فی الزمان کونهما لازمین لوجوده المقتضی غیر القار باختلاط القوة و الفعل فیه.

فمن أراد إرجاع ما بالزمان إلی ما بالطبع علیه أن یفسر ما بالطبع بما فیه التوقف الوجودی ثم یقسمه إلی ما یجوز فیه الاجتماع بین المتقدم و المتأخر کما فی تقدم العلة الناقصة علی معلولها و ما لا یجوز فیه الاجتماع کما فی تقدم بعض أجزاء الزمان علی بعض.

و الملاک فی التقدم و التأخر بالعلیة اشتراک العلة التامة و معلولها فی وجوب الوجود مع کون وجوب العلة و هی المتقدمة بالذات و وجوب المعلول و هو المتأخر بالغیر.

و ملاک التقدم و التأخر بالتجوهر اشتراکهما فی تقرر الماهیة و للمتأخر توقف تقرری علی المتقدم کتوقف الماهیة التامة علی أجزائها.

[*زنجیرزن]

و ملاک التقدم و التأخر بالدهر اشتراک مرتبة من مراتب الوجود الکلیة مع ما فوقها أو ما دونها فی الوقوع فی متن الأعیان مع توقفها العینی علی ما فوقها أو توقف ما دونها علیها بحیث لا یجامع أحدهما الآخر لکون عدم التوقف مأخوذا فی مرتبة المتوقف علیه کتقدم عالم المفارقات العقلیة علی عالم المثال و تقدم عالم المثال علی عالم المادة.

و ملاک التقدم و التأخر بالحقیقة اشتراکهما فی الثبوت الأعم من الحقیقی

[شماره صفحه واقعی : 228]

ص: 1356

و المجازی و للمتقدم الحقیقة و للمتأخر المجاز کتقدم الوجود علی الماهیة بأصالته.

و ملاک التقدم و التأخر بالحق اشتراکهما فی الوجود الأعم من المستقل و الرابط و تقدم وجود العلة بالاستقلال و تأخر وجود المعلول بکونه رابطا.

الفصل الثالث فی المعیة

و هی اشتراک أمرین فی معنی من غیر اختلاف بالکمال و النقص اللذین هما التقدم و التأخر لکن لیس کل أمرین ارتفع عنهما نوع من التقدم و التأخر معین فی ذلک النوع فالجواهر المفارقة لیس بینهما تقدم و تأخر بالزمان و لا معیة فی الزمان فالمعان زمانا یجب أن یکونا زمانین من شأنهما التقدم و التأخر الزمانیان فإذا اشترکا فی معنی زمانی من غیر تقدم و تأخر فیه فهما المعان فیه.

و بذلک یظهر أن تقابل المعیة مع التقدم و التأخر تقابل العدم و الملکة فالمعیة اشتراک أمرین فی معنی من غیر اختلاف بالتقدم و التأخر و الحال أن من شأنهما التقدم و التأخر فی ذلک المعنی و التقدم و التأخر من الملکات و المعیة عدمیة.

فالمعیة فی الرتبة کمعیة المأمومین الواقفین خلف الإمام بالنسبة إلی المبدإ المفروض فی المسجد فی الرتبة الحسیة و کمعیة نوعین أو جنسین تحت جنس فی الأنواع و الأجناس المترتبة بالنسبة إلی النوع أو الجنس و المعیة فی الشرف کشجاعین متساویین فی الملکة.

و المعیة فی الزمان کحرکتین واقعتین فی زمان واحد بعینه و لا یتحقق

[شماره صفحه واقعی : 229]

ص: 1357

معیة بین أجزاء الزمان نفسه حیث لا یخلو جزءان منه من التقدم و التأخر و المعیة بالطبع کالجزءین المتساویین بالنسبة إلی الکل و المعیة بالعلیة کمعلولی علة واحدة تامة و لا تتحقق معیة بین علتین تامتین حیث لا تجتمعان علی معلول واحد و الحال فی المعیة بالحقیقة و المجاز و فی المعیة بالحق کالحال فی المعیة بالعلیة.

و المعیة بالدهر کما فی جزءین من أجزاء مرتبة من مراتب العین لو فرض فیها کثرة.

الفصل الرابع فی معنی القدم و الحدوث و أقسامهما

إذا کان الماضی من زمان وجود شی ء أکثر مما مضی من وجود شی ء آخر کزید مثلا یمضی من عمره خمسون و قد مضی من عمر عمرو أربعون سمی الأکثر زمانا عند العامة قدیما و الأقل زمانا حادثا و المتحصل منه أن القدیم هو الذی کان له وجود فی زمان لم یکن الحادث موجودا فیه بعد أی إن الحادث مسبوق الوجود بالعدم فی زمان کان القدیم فیه موجودا بخلاف القدیم.

و هذان المعنیان المتحصلان إذا عمما و أخذا حقیقیین کانا من الأعراض الذاتیة للموجود من حیث هو موجود فانقسم الموجود المطلق إلیهما و صار البحث عنهما بحثا فلسفیا.

فالموجود ینقسم إلی قدیم و حادث و القدیم ما لیس بمسبوق الوجود بالعدم و الحادث ما کان مسبوق الوجود بالعدم.

و الذی یصح أن یؤخذ فی تعریف الحدوث و القدم من معانی السبق و

[شماره صفحه واقعی : 230]

ص: 1358

أنواعه المذکورة أربعة هی السبق الزمانی و السبق العلی و السبق الدهری و السبق بالحق فأقسام القدم و الحدوث أربعة القدم و الحدوث الزمانیان و القدم و الحدوث العلیان و هو المعروف بالذاتیین و القدم و الحدوث بالحق و القدم و الحدوث الدهریان و نبحث عن کل منها تفصیلا.

الفصل الخامس فی القدم و الحدوث الزمانیین

صوت

[*زنجیرزن]

الحدوث الزمانی کون الشی ء مسبوق الوجود بعدم زمانی و هو حصول الشی ء بعد أن لم یکن بعدیة لا تجامع القبلیة و لا یکون العدم زمانیا إلا إذا کان ما یقابله من الوجود زمانیا و هو أن یکون وجود الشی ء تدریجیا منطبقا علی قطعة من الزمان مسبوقة بقطعة ینطبق علیها عدمه و یقابل الحدوث بهذا المعنی القدم الزمانی الذی هو عدم کون الشی ء مسبوق الوجود بعدم زمانی و لازمه أن یکون الشی ء موجودا فی کل قطعة مفروضة قبل قطعة من الزمان منطبقا علیها.

و هذان المعنیان إنما یصدقان فی الأمور الزمانیة التی هی مظروفة للزمان منطبقة علیه و هی الحرکات و المتحرکات و أما نفس الزمان فلا یتصف بالحدوث و القدم الزمانیین إذ لیس للزمان زمان آخر حتی ینطبق وجوده علیه فیکون مسبوقا بعدم فیه أو غیر مسبوق.

نعم لما کان الزمان متصفا بالذات بالقبلیة و البعدیة بالذات غیر المجامعتین کأن کل جزء منه مسبوق الوجود بعدمه الذی مصداقه کل جزء سابق علیه فکل جزء من الزمان حادث زمانی بهذا المعنی و کذلک الکل إذ لما کان الزمان مقدارا غیر قار للحرکة التی هی خروج الشی ء من القوة إلی

[شماره صفحه واقعی : 231]

ص: 1359

الفعل تدریجا کأن فعلیة وجوده مسبوقة بقوة وجوده و هو الحدوث الزمانی.

و أما الحدوث بمعنی کون وجود الزمان مسبوقا بعدم خارج من وجوده سابق علیه سبقا لا یجامع فیه القبل البعد ففیه فرض تحقق القبلیة الزمانیة من غیر تحقق الزمان و إلی ذلک یشیر ما نقل عن «المعلم الأول» أن من قال بحدوث الزمان فقد قال بقدمه من حیث لا یشعر.

تنبیه:

قد تقدم فی مباحث القوة و الفعل أن لکل حرکة شخصیة زمانا شخصیا یخصها و یقدرها فمنه الزمان العمومی الذی یعرض الحرکة العمومیة الجوهریة التی تتحرک بها مادة العالم المادی فی صورها و منه الأزمنة المتفرقة التی تعرض الحرکات المتفرقة العرضیة و تقدرها و أن الزمان الذی یقدر بها العامة حوادث العالم هو زمان الحرکة الیومیة الذی یراد بتطبیق الحوادث علیه الحصول علی نسب بعضها إلی بعض بالتقدم و التأخر و الطول و القصر و نحو ذلک.

إذا تذکرت هذا فاعلم أن ما ذکرناه من معنی الحدوث و القدم الزمانیین یجری فی کل زمان کیفما کان فلا تغفل.

الفصل السادس فی الحدوث و القدم الذاتیین

صوت

[*زنجیرزن]

الحدوث الذاتی کون وجود الشی ء مسبوقا بالعدم المتقرر فی مرتبة ذاته و القدم الذاتی خلافه قالوا إن کل ذی ماهیة فإنه حادث ذاتا و احتجوا

[شماره صفحه واقعی : 232]

ص: 1360

علیه بأن کل ممکن فإنه یستحق العدم لذاته و یستحق الوجود من غیره و ما بالذات أقدم مما بالغیر فهو مسبوق الوجود بالعدم لذاته.

و اعترض علیه بأن الممکن لو اقتضی لذاته العدم کان ممتنعا بل هو لإمکانه لا یصدق علیه فی ذاته أنه موجود و لا أنه معدوم فکما یستحق الوجود عن علة خارجة کذلک یستحق العدم عن علة خارجة فلیس شی ء من الوجود و العدم أقدم بالنسبة إلیه من غیره فلیس وجوده عن غیره مسبوقا بعدمه لذاته.

و أجیب عنه بأن المراد به عدم استحقاق الوجود بذاته سلبا تحصیلیا لا بنحو العدول و هذا المعنی له فی ذاته قبل الوجود الآتی من قبل الغیر.

حجة أخری أن کل ممکن له ماهیة مغایرة لوجوده و إلا کان واجبا لا ممکنا و کل ما کانت ماهیته مغایرة لوجوده امتنع أن یکون وجوده من ماهیته و إلا کانت الماهیة موجوده قبل حصول وجودها و هو محال فوجوده مستفاد من غیره فکان وجوده مسبوقا بغیره بالذات و کل ما کان کذلک کان محدثا بالذات.

و یتفرع علی ما تقدم أن القدیم بالذات واجب الوجود بالذات و أیضا أن القدیم بالذات لا ماهیة له.

الفصل السابع فی الحدوث و القدم بالحق

صوت

[*زنجیرزن]

الحدوث بالحق مسبوقیة وجود المعلول بوجود علته التامة باعتبار نسبة السبق و اللحوق بین الوجودین لا بین الماهیة الموجودة للمعلول و بین العلة کما فی الحدوث الذاتی.

[شماره صفحه واقعی : 233]

ص: 1361

و ذلک أن حقیقة الثبوت و التحقق فی متن الواقع إنما هو للوجود دون الماهیة و لیس للعلة و خاصة للعلة المطلقة الواجبة التی ینتهی إلیه الأمر إلا الاستقلال و الغنی و لیس لوجود المعلول إلا التعلق الذاتی بوجود العلة و الفقر الذاتی إلیه و التقوم به و من الضروری أن المستقل الغنی المتقوم بذاته قبل المتعلق الفقیر المتقوم بغیره فوجود المعلول حادث بهذا المعنی مسبوق بوجود علته و وجود علته قدیم بالنسبة إلیه متقدم علیه.

الفصل الثامن فی الحدوث و القدم الدهریین

الحدوث الدهری کون الماهیة الموجودة المعلولة مسبوقة بعدمها المتقرر فی مرتبة علتها بما أنها ینتزع عدمها بحدها عن علتها و إن کانت علتها واجدة لکمال وجودها بنحو أعلی و أشرف فعلیتها قبلها قبلیة لا تجامع بعدیة المعلول بما أن عدم الشی ء لا یجامع وجوده و القدم الدهری کون العلة غیر مسبوقة بالمعلول هذا النحو من السبق.

و قد اتضح بما بیناه أن تقرر عدم المعلول فی مرتبة العلة لا ینافی ما تقرر فی محله أن العلة تمام وجود معلولها و کماله لأن المنفی من مرتبة وجود العلة هو المعلول بحده لا وجوده من حیث إنه وجود مأخوذ عنها و لا مناص عن المغایرة بین المعلول بحده و بین العلة و لازمها صدق سلب المعلول بحده علی العلة و إلا اتحدا.

نعم یبقی الکلام فی ما ادعی من کون القبلیة و البعدیة فی هذین الحدوث و القدم غیر مجامعتین.

[شماره صفحه واقعی : 234]

ص: 1362

المرحلة الحادیة عشر : فی العقل و العاقل و المعقول

اشارة

صوت

[*زنجیرزن]

و المأخوذ فی العنوان و إن کان هو العقل الذی یطلق اصطلاحا علی الإدراک الکلی دون الجزئی لکن البحث یعم الجمیع و فیها خمسة عشر فصلا

[شماره صفحه واقعی : 235]

ص: 1363

الفصل الأول فی تعریف العلم و انقسامه الأولی و بعض خواصه

وجود العلم ضروری عندنا بالوجدان و کذلک مفهومه بدیهی لنا و إنما نرید بالبحث فی هذا الفصل الحصول علی أخص خواصه.

فنقول قد تقدم فی بحث الوجود الذهنی أن لنا علما بالأشیاء الخارجة عنا فی الجملة بمعنی أنها تحضر عندنا بماهیاتها بعینها لا بوجوداتها الخارجیة التی تترتب علیها آثارها الخارجیة فهذا قسم من العلم و یسمی علما حصولیا.

و من العلم أیضا علم الواحد منا بذاته التی یشیر إلیها و یعبر عنها بأنا فإنه لا یلهو عن نفسه و لا یغفل عن مشاهدة ذاته و إن فرضت غفلته عن بدنه و أجزائه و أعضائه.

و لیس علمه هذا بذاته بحضور ماهیة ذاته عند ذاته حضورا مفهومیا و علما حصولیا لأن المفهوم الحاضر فی الذهن کیفما فرض لا یأبی بالنظر إلی نفسه الصدق علی کثیرین و إنما یتشخص بالوجود الخارجی و هذا الذی یشاهده من نفسه و یعبر عنه بأنا أمر شخصی بذاته غیر قابل للشرکة بین کثیرین و قد تحقق أن التشخص بالوجود فعلمنا بذاتنا أنما هو بحضورها لنا بوجودها الخارجی الذی هو عین وجودنا الشخصی المترتب علیه الآثار.

و أیضا لو کان الحاضر لذواتنا عند علمنا بها هو ماهیة ذواتنا دون وجودها و الحال أن لوجودنا ماهیة قائمة به کان لوجود واحد ماهیتان موجودتان به و

[شماره صفحه واقعی : 236]

ص: 1364

هو اجتماع المثلین و هو محال فإذن علمنا بذواتنا بحضورها لنا و عدم غیبتها عنا بوجودها الخارجی لا بماهیتها فقط و هذا قسم آخر من العلم و یسمی العلم الحضوری.

و انقسام العلم إلی القسمین قسمة حاصرة فحضور المعلوم للعالم إما بماهیته و هو العلم الحصولی أو بوجوده و هو العلم الحضوری.

هذا ما یؤدی إلیه النظر البدوی من انقسام العلم إلی الحصولی و الحضوری و الذی یهدی إلیه النظر العمیق أن الحصولی منه أیضا ینتهی إلی علم حضوری.

بیان ذلک أن الصورة العلمیة کیفما فرضت مجردة من المادة عاریة من القوة و ذلک لوضوح أنها بما أنها معلومة فعلیة لا قوة فیها لشی ء البتة فلو فرض أی تغیر فیها کانت الصورة الجدیدة مباینة للصورة المعلومة سابقا و لو کانت الصورة العلمیة مادیة لم تأب التغیر.

و أیضا لو کانت مادیة لم تفقد خواص المادة اللازمة و هی الانقسام و الزمان و المکان فالعلم بما أنه علم لا یقبل النصف و الثلث مثلا و لو کان منطبعا فی مادة جسمانیة لانقسم بانقسامها و لا یتقید بزمان و لو کان مادیا و کل مادی متحرک لتغیر بتغیر الزمان و لا یشار إلیه فی مکان و لو کان مادیا حل فی مکان.

[*زنجیرزن]

فإن قلت عدم انقسام الصورة العلمیة بما أنها علم لا ینافی انطباعها فی جسم کجزء من الدماغ مثلا و انقسامها بعرض المحل کما أن الکیفیة کاللون العارض لسطح جسم تأبی الانقسام بما أنها کیفیة و تنقسم بعرض المحل فلم لا یجوز أن تکون الصورة العلمیة مادیة منطبعة فی محل منقسمة بعرض محلها و خاصة بناء علی ما هو المعروف من کون العلم کیفیة نفسانیة و أیضا انطباق العلم علی الزمان و خاصة فی العلوم الحسیة و الخیالیة مما لا ینبغی أن یرتاب فیه کإحساس الأعمال المادیة فی زمان وجودها.

[شماره صفحه واقعی : 237]

ص: 1365

و أیضا اختصاص أجزاء من الدماغ بخاصة العلم بحیث یستقیم باستقامتها و یختل باختلالها علی ما هو المسلم فی الطب لا شک فیه فللصورة العلمیة مکان کما أن لها زمانا.

قلنا إن إباء الصورة العلمیة و امتناعها عن الانقسام بما أنها علم لا شک فیه کما ذکر و أما انقسامها بعرض انقسام المحل کالجزء العصبی مثلا مما لا شک فی بطلانه أیضا فإنا نحس و نتخیل صورا هی أعظم کثیرا مما فرض محلا لها من الجزء العصبی کالسماء بأرجائها و الأرض بأقطارها و الجبال الشاهقة و البراری الواسعة و البحور الزاخرة و من الممتنع انطباع الکبیر فی الصغیر.

و ما قیل إن إدراک الکبر و الصغر فی الصورة العلمیة إنما هو بقیاس أجزاء الصورة العلمیة بعضها إلی بعض لا یفید شیئا فإن المشهود هو الکبیر بکبره دون النسبة الکلیة المقداریة التی بین الکبیرة و الصغیرة و أن النسبة بینهما مثلا نسبة الماءة إلی الواحد.

فالصورة العلمیة المحسوسة أو المتخیلة بما لها من المقدار قائمة بنفسها فی عالم النفس من غیر انطباع فی جزء عصبی أو أمر مادی غیرها و لا انقسام لها بعرض انقسامه و الإشارة الذهنیة إلی بعض أجزاء المعلوم و فصله عن الأجزاء الأخر کالإشارة إلی بعض أجزاء زید المحسوس أو المتخیل ثم إلی بعضها الآخر و لیس من التقسیم فی شی ء و إنما هو إعراض عن الصورة العلمیة الأولیة و إیجاد لصورتین أخریین.

[*زنجیرزن]

و إذ لا انطباع للصورة العلمیة فی جزء عصبی و لا انقسام لها بعرض انقسامه فارتباط الصورة العلمیة بالجزء العصبی و ما یعمله من عمل عند الإدراک ارتباط إعدادی بمعنی أن ما یأتیه الجزء العصبی من عمل تستعد به النفس لأن یحضر عندها و یظهر فی عالمها.

فالصورة العلمیة الخاصة بما للمعلوم من الخصوصیات و کذلک المقارنة

[شماره صفحه واقعی : 238]

ص: 1366

التی تتراءی بین إدراکاتنا و بین الزمان إنما هی بین العمل المادی الإعدادی التی تعمله النفس فی آلة الإدراک و بین الزمان لا بین الصورة العلمیة بما أنه علم و بین الزمان.

و من الدلیل علی ذلک أنا کثیرا ما ندرک شیئا من المعلومات و نخزنه عندنا ثم نذکره بعینه بعد انقضاء سنین متمادیة من غیر أی تغییر و لو کان مقیدا بالزمان لتغیر بتغیره.

فقد تحصل بما تقدم أن الصورة العلمیة کیفما کانت مجردة من المادة خالیة عن القوة و إذ کانت کذلک فهی أقوی وجودا من المعلوم المادی الذی یقع علیه الحس و ینتهی إلیه التخیل و التعقل و لها آثار وجودها المجرد و أما آثار وجودها الخارجی المادی التی نحسبها متعلقة للإدراک فلیست آثارا للمعلوم بالحقیقة الذی یحضر عند المدرک حتی تترتب علیه أو لا تترتب و إنما هو الوهم یوهم للمدرک أن الحاضر عنده حال الإدراک هو الصورة المتعلقة بالمادة خارجا فیطلب آثارها الخارجیة فلا یجدها معها فیحکم بأن المعلوم هو الماهیة بدون ترتب الآثار الخارجیة.

فالمعلوم عند العلم الحصولی بأمر له نوع تعلق بالمادة هو موجود مجرد هو مبدأ فاعلی لذلک الأمر واجد لما هو کماله یحضر بوجودها الخارجی للمدرک و هو علم حضوری و یتعقبه انتقال المدرک إلی ما لذلک الأمر من الماهیة و الآثار المترتبة علیه فی الخارج و بتعبیر آخر العلم الحصولی اعتبار عقلی یضطر إلیه العقل مأخوذ من معلوم حضوری هو موجود مجرد مثالی أو عقلی حاضر بوجوده الخارجی للمدرک و إن کان مدرکا من بعید.

و لنرجع إلی ما کنا بصدده من الکلام فی تعریف العلم فنقول حصول العلم و وجوده للعالم مما لا ریب فیه و لیس کل حصول کیف کان بل حصول أمر هو بالفعل فعلیة محضة لا قوة فیه لشی ء أصلا فإنا نجد بالوجدان أن الصورة العلمیة من حیث هی لا تقوی علی صورة أخری و لا تقبل التغیر

[شماره صفحه واقعی : 239]

ص: 1367

عما هو علیه من الفعلیة فهو حصول المجرد من المادة عار من نواقص القوة و نسمی ذلک حضورا.

[*زنجیرزن]

فحضور شی ء لشی ء حصوله له بحیث یکون تام الفعلیة غیر متعلق بالمادة بحیث یکون ناقصا من جهة بعض کمالاته التی فی القوة.

و مقتضی حضور العلم للعالم أن یکون العالم أیضا تاما ذا فعلیة فی نفسه غیر ناقص من حیث بعض کمالاته الممکنة له و هو کونه مجردا من المادة خالیا عن القوة فالعلم حصول أمر مجرد من المادة لأمر مجرد و إن شئت قلت حضور شی ء لشی ء.

الفصل الثانی فی اتحاد العالم بالمعلوم و هو المعنون عنه باتحاد العاقل بالمعقول

صوت

[*زنجیرزن]

علم الشی ء بالشی ء هو حصول المعلوم أی الصورة العلمیة للعالم کما تقدم و حصول الشی ء وجوده و وجوده نفسه فالعلم هو عین المعلوم بالذات و لازم حصول المعلوم للعالم و حضوره عنده اتحاد العالم به سواء کان معلوما حضوریا أو حصولیا فإن المعلوم الحصولی إن کان أمرا قائما بنفسه کان وجوده لنفسه و هو مع ذلک للعالم فقد اتحد العالم مع المعلوم ضرورة امتناع کون الشی ء موجودا لنفسه و لغیره معا و إن کان أمرا وجوده لغیره و هو الموضوع و هو مع ذلک للعالم فقد اتحد العالم بموضوعه و الأمر الموجود لغیره متحد بذلک الغیر فهو متحد بما یتحد به ذلک الغیر و نظیر الکلام یجری فی المعلوم الحضوری مع العالم به.

[شماره صفحه واقعی : 240]

ص: 1368

فإن قلت قد تقدم فی مباحث الوجود الذهنی أن معنی کون العلم من مقولة المعلوم کون مفهوم المقولة مأخوذا فی العلم أی صدق المقولة علیه بالحمل الأولی دون الحمل الشائع الذی هو الملاک فی اندارج الماهیة تحت المقولة و ترتب الآثار التی منها کون الوجود لنفسه أو لغیره فلا الجوهر الذهنی من حیث هو ذهنی جوهر بالحمل الشائع موجود لنفسه و لا العرض الذهنی من حیث هو ذهنی عرض بالحمل الشائع موجود لغیره و بالجملة لا معنی لاتحاد العاقل و هو موجود خارجی مترتب علیه الآثار بالمعقول الذهنی الذی هو مفهوم ذهنی لا یترتب علیه الآثار.

و أما العلم الحضوری فلا یخلو إما أن یکون المعلوم فیه نفس العالم کعلمنا بنفسنا أم لا و علی الثانی إما أن یکون المعلوم علة للعالم أو معلولا للعالم أو هما معلولان لأمر ثالث أما علم الشی ء بنفسه فالمعلوم فیه عین العالم و لا کثرة هناک حتی یصدق الاتحاد و هو ظاهر و أما علم العلة بمعلولها أو علم المعلول بعلته فلا ریب فی وجوب المغایرة بین العلة و المعلول و إلا لزم تقدم الشی ء علی نفسه بالوجود و تأخره عن نفسه بالوجود و هو ضروری الاستحالة و أما علم أحد معلولی علة ثالثة بالآخر فوجوب المغایرة بینهما فی الشخصیة یأبی الاتحاد.

علی أن لازم الاتحاد کون جمیع المجردات و کل واحد منها عاقلا للجمیع و معقولا للجمیع شخصا واحدا.

[*زنجیرزن]

قلنا أما ما استشکل به فی العلم الحصولی فیدفعه ما تقدم أن کل علم حصولی ینتهی إلی علم حضوری إذ المعلوم الذی یحضر للعالم حینئذ موجود مجرد بوجوده الخارجی الذی هو لنفسه أو لغیره.

و أما ما استشکل به فی العلم الحضوری فلیتذکر أن للموجود المعلول اعتبارین اعتباره فی نفسه أی مع الغض عن علته فیکون ذا ماهیة ممکنة موجودا نفسه طاردا للعدم عن ماهیته یحمل علیه و به و اعتباره بقیاس وجوده إلی وجود علته و قد تقدم فی مباحث العلة و المعلول أن وجود المعلول بما أنه مفتقر فی حد ذاته وجود رابط بالنسبة إلی علته لا نفسیة فیه و لیس له إلا

[شماره صفحه واقعی : 241]

ص: 1369

التقوم بوجود علته من غیر أن یحمل علیه بشی ء أو یحمل به علی شی ء.

إذا تمهد هذا ففیما کان العالم هو العلة و المعلوم هو المعلول کانت النسبة بینهما نسبة الرابط و المستقل النفسی و ظاهر أن الموجود الرابط یأبی الموجودیة لشی ء لأنها فرع الوجود فی نفسه و هو موجود فی غیره و من شرط کون الشی ء معلوما أن یکون موجودا للعالم لکن المعلول رابط متقوم بوجود العلة بمعنی ما لیس بخارج و لیس بغائب عنها فکون وجوده للعلة إنما یتم بمقومه الذی هو وجود العلة فمعلوم العلة هو نفسها بما تقوم وجود المعلول فالعلة تعقل ذاتها و المعلول غیر خارج منها لا بمعنی الجزئیة و الترکب و الحمل بینهما حمل المعلول متقوما بالعلة علی العلة و هو نوع من حمل الحقیقة و الرقیقة و نظیر الکلام یجری فی العلم بالرابط فکل معلوم رابط معلوم بالعلم بالمستقل الذی یتقوم به ذلک الرابط.

و فیما کان العالم هو المعلول و المعلوم هو العلة لما کان من الواجب وجود المعلوم للعالم و یستحیل فی الوجود الرابط أن یوجد له شی ء إنما یتم وجود العلة للمعلول بتقومه بالعلة فالعلة بنفسها موجودة لنفسها و الحال أن المعلول غیر خارج منها عالمة بالعلة نفسها و ینسب إلی المعلول بما أنه غیر خارج منها و لا ینال من العلم بها إلا ما یسعه من وجوده و الحمل بینهما حمل العلة علی المعلول متقوما بالعلة و الحمل أیضا نوع من حمل الحقیقة و الرقیقة فمال علم المعلول بعلته إلی علم العلة و هی مأخوذة مع معلولها بنفسها و هی مأخوذة وحدها و مال علم العلة بمعلولها إلی علم العلة و هی مأخوذة فی نفسها بنفسها و هی مأخوذ مع معلولها.

و فیما کان العالم و المعلوم معلولین لعلة ثالثة فلیس المراد من اتحاد العالم و المعلوم انقلاب الشخصین شخصا واحدا بل انتزاع ماهیتی العالم و المعلوم من العالم.

و أما عد علم الشی ء بنفسه من اتحاد العالم و المعلوم فهو باعتبار انتزاع

[شماره صفحه واقعی : 242]

ص: 1370

مفهومی العالم و المعلوم منه و هما مفهومان متغایران فسمی ذلک اتحادا و إن کان فی نفسه واحدا.

و بما تقدم یظهر فساد الاعتراض بلزوم کون جمیع المجردات شخصا واحدا لما ظهر أن شخصیة العالم أو المعلوم لا تبطل بسبب الاتحاد المذکور.

الفصل الثالث فی انقسام العلم الحصولی إلی کلی و جزئی و ما یتصل به
اشارة

صوت

[*زنجیرزن]

ینقسم العلم الحصولی إلی کلی و جزئی و الکلی ما لا یمتنع العقل من فرض صدقه علی کثیرین کالإنسان المعقول حیث یجوز العقل صدقه علی کثیرین فی الخارج و الجزئی ما یمتنع العقل من تجویز صدقه علی کثیرین کالعلم بهذا الإنسان الحاصل بنوع من الاتصال بمادته الحاضرة و یسمی علما حسیا و إحساسیا و کالعلم بالإنسان المفرد من غیر حضور مادته و یسمی علما خیالیا.

و عد هذین القسمین من العلم جزئیا ممتنع الصدق علی کثیرین إنما هو من جهة اتصال أدوات الحس بمادة المعلوم الخارجی فی العلم الحسی و توقف العلم الخیالی علی سبق العلم الحسی و إلا فالصورة العلمیة سواء کانت حسیة أو خیالیة أو غیرهما لا تأبی بالنظر إلی نفسها أن تصدق علی کثیرین.

فروع

الأول ظهر مما تقدم أن اتصال أدوات الحس بالمادة الخارجیة و ما فی

[شماره صفحه واقعی : 243]

ص: 1371

ذلک من الفعل و الانفعال المادیین لحصول الاستعداد للنفس لإدراک صورة المعلوم جزئیة أو کلیة.

و یظهر منه أن قولهم إن التعقل إنما هو بتقشیر المعلوم عن المادة و سائر الأعراض المشخصة المکتنفة بالمعلوم حتی لا یبقی إلا الماهیة المعراة من القشور بخلاف الإحساس المشروط بحضور المادة و اکتناف الأعراض المشخصة و بخلاف التخیل المشروط ببقاء الأعراض و الهیئات المشخصة دون حضور المادة قول علی سبیل التمثیل للتقریب و حقیقة الأمر أن الصورة المحسوسة بالذات صورة مجردة علمیة و اشتراط حضور المادة و اکتناف الأعراض المشخصة لحصول الاستعداد فی النفس للإدراک الحسی و کذا اشتراط الاکتناف بالمشخصات للتخیل و کذا اشتراط التقشیر فی التعقل للدلالة علی اشتراط إدراک أکثر من فرد واحد لحصول استعداد النفس لتعقل الماهیة الکلیة المعبر عنه بانتزاع الکلی من الأفراد.

الثانی أن أخذ المفهوم و انتزاعه من مصداقه یتوقف علی نوع من الاتصال بالمصداق و الارتباط بالخارج سواء کان بلا واسطة کاتصال أدوات الحس فی العلم الحسی بالخارج أو مع الواسطة کاتصال الخیال فی العلم الخیالی بواسطة الحس بالخارج و کاتصال العقل فی العلم العقلی من طریق إدراک الجزئیات بالحس و الخیال بالخارج.

فلو لم تستمد القوة المدرکة فی إدراک مفهوم من المفاهیم من الخارج و کان الإدراک بإنشاء منها من غیر ارتباط بالخارج استوت نسبة الصورة المدرکة إلی مصداقها و غیره فکان من الواجب أن تصدق علی کل شی ء أو لا تصدق علی شی ء أصلا و الحال أنها تصدق علی مصداقها دون غیره هذا خلف.

[*زنجیرزن]

فإن قلت انتهاء أکثر العلوم الحصولیة إلی الحس لا ریب فیه لکن ما کل علم حصولی حاصلا بواسطة الحس الظاهر کالحب و البغض و الإرادة و الکراهة و غیرها المدرکة بالحواس الباطنة فصورها الذهنیة مدرکة لا

[شماره صفحه واقعی : 244]

ص: 1372

بالاتصال بالخارج و أیضا لا تدرک الحواس إلا الماهیات العرضیة و لا حس ینال الجوهر بما هو جوهر فصورته الذهنیة مأخوذة لا من طریق الحس و اتصاله بالخارج.

قلت أما الصور الذهنیة المأخوذة بالإحساسات الباطنة کالحب و البغض و غیرهما فالنفس تأخذها مما تدرکه من الصفات المذکورة بوجودها الخارجی فی النفس فالاتصال بالخارج محفوظ فیها.

و أما الجوهر فما ذکر أن لا حس ظاهرا و لا باطنا یعرف الجوهر و یناله حق لا ریب فیه لکن للنفس فی بادی أمرها علم حضوری بنفسها تنال به نفس وجودها الخارجی و تشاهده فتأخذ من معلومها الحضوری صورة ذهنیة کما تأخذ سائر الصور الذهنیة من معلومات حضوریة علی ما تقدم ثم تحس بالصفات و الأعراض القائمة بالنفس و تشاهد حاجتها بالذات إلی النفس الموضوعة لها و قیام النفس بذاتها من غیر حاجة إلی شی ء تقوم به ثم تجد صفات عرضیة تهجم علیها و تطرؤها من خارج فتنفعل عنها و هی تری أنه أمثال الأعراض المعلولة للنفس القائمة بها و حکم الأمثال واحد فتحکم بأن لها موضوعا هی قائمة به کما أن النفس موضوعة لصفاتها العرضیة فیتحصل بذلک مفهوم الجوهر و هو أنه ماهیة إذا وجدت وجدت لا فی موضوع الثالث أنه تبین بما تقدم أن الوجود ینقسم من حیث التجرد عن المادة و عدمه إلی ثلاثة عوالم کلیة أحدها عالم المادة و القوة.

و ثانیها عالم التجرد عن المادة دون آثارها من الشکل و المقدار و الوضع و غیرها ففیه الصور الجسمانیة و أعراضها و هیئاتها الکمالیة من غیر مادة تحمل القوة و یسمی عالم المثال و عالم البرزخ لتوسطه بین عالمی المادة و التجرد العقلی و قد قسموا عالم المثال إلی المثال الأعظم القائم بنفسه و المثال الأصغر القائم بالنفس الذی تتصرف فیه النفس کیف تشاء بحسب الدواعی المختلفة

[شماره صفحه واقعی : 245]

ص: 1373

فتنشئ أحیانا صورا حقة صالحة و أحیانا صورا جزافیة تعبث بها.

و ثالثها عالم التجرد عن المادة و آثارها و یسمی عالم العقل.

و العوالم الثلاثة مترتبة طولا فأعلاها مرتبة و أقواها و أقدمها وجودا و أقربها من المبدإ الأول تعالی و تقدس عالم العقول المجردة لتمام فعلیتها و تنزه وجودها عن شوب المادة و القوة و یلیه عالم المثال المتنزه عن المادة دون آثارها و یلیه عالم المادة موطن النقص و الشر و الإمکان و لا یتعلق بما فیه العلم إلا من جهة ما یحاذیه من المثال و العقل علی ما تقدمت الإشارة إلیه.

الفصل الرابع ینقسم العلم الحصولی إلی کلی و جزئی بمعنی آخر
اشارة

صوت

[*زنجیرزن]

فالکلی هو العلم الذی لا یتغیر بتغیر المعلوم الخارجی کصورة البناء التی یتصورها البناء فیبنی علیها فإنها علی حالها قبل البناء و مع البناء و بعد البناء و إن انعدم و یسمی علم ما قبل الکثرة و العلم من طریق العلل کلی من هذا القبیل کعلم المنجم بأن القمر منخسف یوم کذا ساعة کذا إلی ساعة کذا یرجع فیه الوضع السماوی بحیث یوجب حیلولة الأرض بین القمر و الشمس فعلمه بذلک علی حاله قبل الخسوف و معه و بعده و الوجه فیه أن العلة التامة فی علیتها لا تتغیر عما هی علیه و لما کان العلم بها مطابقا للمعلوم فصورتها العلمیة غیر متغیرة و کذلک العلم بمعلولها لا یتغیر فهو کلی ثابت و من هنا یظهر أن العلم الحسی لا یکون کلیا لکون المحسوسات متغیرة و الجزئی هو العلم الذی یتغیر بتغیر المعلوم الخارجی کعلمنا من طریق الرؤیة بحرکة زید ما دام یتحرک فإذا وقف عن الحرکة تغیر العلم و یسمی علم ما بعد الکثرة.

[شماره صفحه واقعی : 246]

ص: 1374

فإن قیل تغیر العلم کما اعترفتم به فی القسم الثانی دلیل کونه مادیا.

فإن التغیر و هو الانتقال من حال إلی حال لازمه القوة و لازمها المادة و قد قلتم إن العلم بجمیع أقسامه مجرد.

قلنا العلم بالتغیر غیر تغیر العلم و التغیر ثابت فی تغیره لا متغیر و تعلق العلم بالمتغیر أی حضوره عند العالم إنما هو من حیث ثباته لا تغیره و إلا لم یکن حاضرا فلم یکن حضور شی ء لشی ء هذا خلف.

تنبیه

یمکن أن یعمم التقسیم بحیث یشمل العلم الحضوری فالعلم الکلی کعلم العلة بمعلولها من ذاتها الواجدة فی ذاتها کمال المعلول بنحو أعلی و أشرف فإنه لا یتغیر بزوال المعلول لو جاز علیه الزوال و العلم الجزئی کعلم العلة بمعلولها الداثر الذی هو عین المعلول فإنه یزول بزوال المعلول.

الفصل الخامس فی أنواع العقل

ذکروا أن العقل علی ثلاثة أنواع أحدها أن یکون عقلا بالقوة أی لا یکون شیئا من المعقولات بالفعل و لا له شی ء من المعقولات بالفعل لخلوه عن عامة المعقولات.

الثانی أن یعقل مقعولا واحدا أو معقولات کثیرة بالفعل ممیزا بعضها من بعض مرتبا لها و هو العقل التفصیلی.

الثالث أن یعقل معقولات کثیرة عقلا بالفعل من غیر أن یتمیز بعضها

[شماره صفحه واقعی : 247]

ص: 1375

من بعض و إنما هو عقل بسیط إجمالی فیه کل التفاصیل و مثلوا له بما إذا سألک سائل عن عدة من المسائل التی لک بها علم فحضرک الجواب فی الوقت و أنت فی أول لحظة تأخذ فی الجواب تعلم بها جمیعا علما یقینیا بالفعل لکن لا تمیز لبعضها من بعض و لا تفصیل و إنما یحصل التمیز و التفصیل بالجواب کأن ما عندک من بسیط العلم منبع تنبع و تجری منه التفاصیل و یسمی عقلا إجمالیا.

و الذی ذکروه من التقسیم إنما أوردوه تقسیما للعلم الحصولی و إذ قد عرفت فیما تقدم أن کل علم حصولی ینتهی إلی علم حضورة کان من الواجب أن تتلقی البحث بحیث ینطبق علی العلم الحضوری فلا تغفل و کذا فیما یتلو هذا البحث من مباحث العلم الحصولی.

الفصل السادس فی مراتب العقل

صوت

[*زنجیرزن]

ذکروا أن مراتب العقل أربع إحداها العقل الهیولانی و هی مرتبة کون النفس خالیة عن جمیع المعقولات و تسمی العقل الهیولانی لشباهته الهیولی الأولی فی خلوها عن جمیع الفعلیات.

و ثانیتها العقل بالملکة و هی مرتبة تعقلها للبدیهیات من تصور أو تصدیق فإن العلوم البدیهیة أقدم العلوم لتوقف العلوم النظریة علیها.

و ثالثتها العقل بالفعل و هی مرتبة تعقلها للنظریات باستنتاجها من البدیهیات.

و رابعتها تعقلها لجمیع ما حصلته من المعقولات البدیهیة أو النظریة المطابقة لحقائق العالم العلوی و السفلی باستحضارها الجمیع و توجهها

[شماره صفحه واقعی : 248]

ص: 1376

إلیها من غیر شاغل مادی فتکون عالما علمیا مضاهیا للعالم العینی و تسمی العقل المستفاد.

الفصل السابع فی مفیض هذه الصور العلمیة

صوت

[*زنجیرزن]

مفیض الصور العقلیة الکلیة جوهر عقلی مفارق للمادة عنده جمیع الصور العقلیة الکلیة و ذلک لما تقدم أن هذه الصور العلمیة مجردة من المادة مفاضة للنفس فلها مفیض و مفیضها أما هو النفس تفعلها و تقبلها معا و إما أمر خارج مادی أو مجرد.

أما کون النفس هی المفیضة لها الفاعلة لها فمحال لاستلزامه کون الشی ء الواحد فاعلا و قابلا معا و قد تقدم بطلانه و أما کون المفیض أمرا مادیا فیبطله أن المادی أضعف وجودا من المجرد فیمتنع أن یکون فاعلا لها و الفاعل أقوی وجودا من الفعل علی أن فعل العلل المادیة مشروط بالوضع و لا وضع لمجر د.

فتعین أن المفیض لهذه الصور العقلیة جوهر مجرد عقلی هو أقرب العقول المجردة من الجوهر المستفیض فیه جمیع الصور العقلیة المعقولة عقلا إجمالیا تتحد معه النفس المستعدة للتعقل علی قدر استعدادها فتستفیض منه ما تستعد له من الصور العقلیة.

فإن قلت هب أن الصور العلمیة الکلیة بإفاضة الجوهر المفارق لما تقدم من البرهان لکن ما هو السبب لنسبة الجمیع إلی عقل واحد شخصی هلا أسندوها إلی عقول کثیرة مختلفة الماهیات بنسبة کل واحد من الصور إلی جوهر مفارق غیر ما ینسب إلیه أو بنسبة کل فریق من الصور إلی عقل غیر

[شماره صفحه واقعی : 249]

ص: 1377

ما ینسب إلیه فریق آخر.

قلت الوجه فی ذلک ما تقدم فی الأبحاث السابقة أن کل نوع مجرد منحصر فی فرد و لازم ذلک أن سلسلة العقول التی یثبتها البرهان و یثبت استناد وجود المادیات و الآثار المادیة إلیها کل واحد من حلقاتها نوع منحصر فی فرد و أن کثرتها کثرة طولیة مترتبة منتظمة من علل فاعلة آخذة من أول ما صدر منها من المبدإ الأول إلی أن ینتهی إلی أقرب العقول من المادیات و الآثار المادیة فتعین استناد المادیات و الآثار المادیة إلی ما هو أقرب العقول إلیها و هو الذی یسمیه «المشاءون» بالعقل الفعال.

نعم «الإشراقیون» منهم أثبتوا وراء العقول الطولیة و دونها عقولا عرضیة هی أرباب الأنواع المادیة لکنهم یرون وجود کل نوع بأفرادها المادیة و کمالاتها مستندا إلی رب ذلک النوع و مثاله.

و نظیر البیان السابق الجاری فی الصور العلمیة الکلیة یجری فی الصور العلمیة الجزئیة و یتبین به أن مفیض الصور العلمیة الجزئیة جوهر مفارق مثالی فیه جمیع الصور الجزئیة علی نحو العلم الإجمالی تتحد به النفس علی قدر ما لها من الاستعداد فیفیض علیها الصور المناسبة.

الفصل الثامن ینقسم العلم الحصولی إلی تصور و تصدیق

صوت

[*زنجیرزن]

فإنه إما صورة ذهنیة حاصلة من معلوم واحد من غیر إیجاب أو سلب کالعلم بالإنسان و مقدم الشرطیة و یسمی تصورا و إما صورة ذهنیة من علوم معها إیجاب أو سلب کالقضایا الحملیة و الشرطیة و یسمی تصدیقا.

ثم إن القضیة بما أنها تشتمل علی إیجاب أو سلب مرکبة من أجزاء فوق

[شماره صفحه واقعی : 250]

ص: 1378

الواحد و المشهور أن القضیة الحملیة الموجبة مؤلفة من الموضوع و المحمول و النسبة الحکمیة التی هی نسبة المحمول إلی الموضوع و الحکم باتحاد الموضوع مع المحمول هذا فی الهلیات المرکبة التی محمولاتها غیر وجود الموضوع کقولنا الإنسان ضاحک و أما الهلیات البسیطة إلی المحمول فیها هو وجود الموضوع کقولنا الإنسان موجود فهی مرکبة من أجزاء ثلاثة الموضوع و المحمول و الحکم إذ لا معنی لتخلل النسبة و هی وجود رابط بین الشی ء و وجوده الذی هو نفسه.

و أن القضیة الحملیة السالبة مؤلفة من الموضوع و المحمول و النسبة الحکمیة السلبیة و لا حکم فیها لا أن فیها حکما عدمیا لأن الحکم جعل شی ء شیئا و سلب الحکم عدم جعله لا جعل عدمه.

و الحق أن الحاجة فی القضیة إلی تصور النسبة الحکمیة إنما هی من جهة الحکم بما هو فعل النفس لا بما هو جزء للقضیة فالنسبة الحکمیة علی تقدیر تحققها خارجة عن القضیة و بتعبیر آخر أن القضیة هی الموضوع و المحمول و الحکم لکن النفس تتوصل إلی الحکم الذی هو جعل الموضوع هو المحمول أولا بتصور المحمول منتسبا إلی الموضوع لیتأتی منها الحکم و یدل علی ذلک خلو الهلیات البسیطة عن النسبة الحکمیة و هی قضایا کما تقدم فالقضیة بما هی قضیة لا تحتاج فی تحققها إلی النسبة الحکمیة هذا.

و أما کون الحکم فعلا نفسانیا فی ظرف الإدراک الذهنی فحقیقته فی قولنا زید قائم مثلا أن النفس تنال من طریق الحس أمرا واحدا هو زید القائم ثم تنال عمرا قائما و تنال زیدا غیر قائم فتستعد بذلک لتجزئة زید القائم إلی مفهومی زید و القائم فتجزئ و تخزنهما عندها ثم إذا أرادت حکایة ما وجدته فی الخارج أخذت زیدا و القائم المخزونین عندها و هما اثنان ثم جعلتهما واحدا و هذا هو الحکم الذی ذکرنا أنه فعل أی جعل و إیجاد منها تحکی به الخارج.

[شماره صفحه واقعی : 251]

ص: 1379

فالحکم فعل من النفس و هو مع ذلک من الصور الذهنیة الحاکیة لما وراءها و لو کان تصورا مأخوذا من الخارج لم تکن القضیة مفیدة لصحة السکوت کما فی أحد جزئی الشرطیة و لو کان تصورا أنشأته النفس من عندها من غیر استعانة و استمداد من الخارج لم یحک الخارج و سیوافیک بعض ما یتعلق بالمقام.

و قد تبین بما مر أن کل تصدیق یتوقف علی تصورات أکثر من واحد فلا تصدیق إلا عن تصور.

الفصل التاسع ینقسم العلم الحصولی إلی بدیهی و نظری
اشارة

صوت

[*زنجیرزن]

البدیهی و یسمی ضروریا أیضا ما لا یحتاج فی حصوله إلی اکتساب و نظر کتصور مفهوم الوجود و الشی ء و الوحدة و التصدیق بأن الکل أعظم من جزئه و أن الأربعة زوج و النظری ما یحتاج فی تصوره إن کان علما تصوریا أو فی التصدیق به إن کان علما تصدیقیا إلی اکتساب و نظر کتصور ماهیة الإنسان و الفرس و التصدیق بأن الزوایا الثلاث من المثلث مساویة لقائمتین و أن الإنسان ذو نفس مجردة.

و قد أنهوا البدیهیات إلی ستة أقسام هی المحسوسات و المتواترات و التجربیات و الفطریات و الوجدانیات و الأولیات علی ما بینوه فی المنطق.

و أولی البدیهیات بالقبول الأولیات و هی القضایا التی یکفی فی التصدیق بها مجرد تصور الموضوع و المحمول کقولنا الکل أعظم من جزئه و الشی ء ثابت لنفسه أو المقدم و التالی کقولنا العدد إما زوج و إما فرد.

و أولی الأولیات بالقبول قضیة امتناع اجتماع النقیضین و ارتفاعهما التی

[شماره صفحه واقعی : 252]

ص: 1380

یفصح عنه قولنا إما أن یصدق الإیجاب و یکذب السلب أو یصدق السلب و یکذب الإیجاب و هی منفصلة حقیقیة لا تستغنی عنها فی إفادة العلم قضیة نظریة و لا بدیهیة حتی الأولیات فإن قولنا الکل أعظم من جزئه مثلا إنما یفید العلم إذا منع النقیض و کان نقیضه کاذبا.

فهی أول قضیة یتعلق بها التصدیق و إلیها تنتهی جمیع العلوم النظریة و البدیهیة فی قیاس استثنائی یتم به العلم فلو فرض فیها شک سری ذلک فی جمیع القضایا و بطل العلم من أصله.

و یتفرع علی ذلک أولا أن لنا فی کل قضیة مفروضة قضیة حقة إما هی نفسها أو نقیضها و ثانیا أن نقیض الواحد واحد و أن لا واسطة بین النقیضین.

و ثالثا أن التناقض بین التصورین مرجعه إلی التناقض بین التصدیقین کالتناقض بین الإنسان و اللاإنسان الراجعین إلی وجود الإنسان و عدمه الراجعین إلی قولنا الإنسان موجود و لیس الإنسان بموجود.

تنبیه

صوت

*تاریخ فلسفه غرب(14 جلسه)*

[*زنجیرزن]

[*زنجیرزن]

[*زنجیرزن]

[*زنجیرزن]

[*زنجیرزن]

[*زنجیرزن]

[*زنجیرزن]

[*زنجیرزن]

[*زنجیرزن]

[*زنجیرزن]

[*زنجیرزن]

[*زنجیرزن]

[*زنجیرزن]

[*زنجیرزن]

[*زنجیرزن]

السوفسطی و هو المنکر لوجود العلم مطلقا لا یسلم قضیة أولی الأوائل إذ لو سلمها کان ذلک اعترافا منه بأن کل قضیتین متناقضتین فإن إحداهما حقة صادقة و فیه اعتراف بوجود علم ما.

ثم إن السوفسطی بما یظهر من الشک فی کل عقد إما أن یعترف بأنه یعلم أنه شاک و إما أن لا یعترف فإن اعترف بعلمه بشکه فقد اعترف بعلم ما فیضاف إلیه تسلیمه لقضیة أولی الأوائل و یتبعه العلم بأن کل قضیتین متناقضتین فإن إحداهما حقة صادقة و تعقب ذلک علوم أخری.

و إن لم یعترف بعلمه بشکه بل أظهر أنه شاک فی کل شی ء و شاک فی

[شماره صفحه واقعی : 253]

ص: 1381

شکه لیس یجزم بشی ء لغت محاجته و لم ینجح فیه برهان.

و هذا الإنسان إما مصاب بآفة اختل بها إدراکه فلیراجع الطبیب و إما معاند للحق یظهر ما یظهر لیدحض به الحق فیتخلص من لوازمه فلیضرب و لیعذب و لیمنع مما یحبه و لیجبر علی ما یبغضه إذ کل شی ء و نقیضه عنده سواء نعم بعض هؤلاء المظهرین للشک ممن راجع العلوم العقلیة و هو غیر مسلح بالأصول المنطقیة و لا متدرب فی صناعة البرهان فشاهد اختلاف الباحثین فی المسائل بالإثبات و النفی و رأی الحجج التی أقاموها علی طرفی النقیض و لم یقدر لقلة بضاعته علی تمییز الحق من الباطل فتسلم طریق النقیض فی المسألة ببعد المسألة فأساء الظن بالمنطق و زعم أن لا طریق إلی إصابة الواقع یؤمن معه الخطأ فی الفکر و لا سبیل إلی العلم بشی ء علی ما هو علیه.

و هذا کما تری قضاء بتی منه بأمور کثیرة کتباین أفکار الباحثین و حججهم من غیر أن یترجح بعضها علی بعض و استلزام ذلک قصور الحجة مطلقا عن إصابة الواقع فعسی أن یرجع بالتنبیه عن مزعمته فلیعالج بإیضاح القوانین المنطقیة و إرائة قضایا بدیهیة لا تقبل الشک فی حال من الأحوال کضرورة ثبوت الشی ء لنفسه و امتناع سلبه عن نفسه و لیبالغ فی تفهیم معانی أجزاء القضایا و لیؤمر أن یتعلم العلوم الریاضیة.

و هناک طائفتان من الشکاکین دون من تقدم ذکرهم فطائفة یسلمون الإنسان و إدراکاته و یظهرون الشک فی ما وراء ذلک و طائفة أخری تفطنوا بما فی قولهم نحن و إدراکاتنا من الاعتراف بأن للواحد منهم علما بوجود غیره من الأناسی و إدراکاتهم و لا فرق بین هذا العلم و بین غیره من الإدراکات فی خاصة الکشف عما فی الخارج فبدلوا الکلام من قولهم أنا و إدراکاتی.

و یدفعه أن الإنسان ربما یخطئ فی إدراکاته کأخطاء الباصرة و اللامسة و غیرها من أغلاط الفکر و لو لا أن هناک حقائق خارجیة یطابقها الإدراک

[شماره صفحه واقعی : 254]

ص: 1382

أو لا یطابقها لم یستقم ذلک.

علی أن کون إدراک النفس و إدراک إدراکاتها إدراکا علمیا و کون ما وراء ذلک من الإدراکات شکوکا مجازفة بینة.

[*زنجیرزن]

و من السفسطة قول القائل إن الذی یفیده البحث التجربی أن المحسوسات بما لها من الوجود الخارجی لیست تطابق صورها التی فی الحس و إذ کانت العلوم تنتهی إلی الحس فلا شی ء من المعلوم یطابق الخارج بحیث یکشف عن حقیقة و یدفعه أنه إذا کان الحس لا یکشف عن حقیقة المحسوس علی ما هو علیه فی الخارج و سائر العلوم منتهیة إلی الحس حکمها حکمه فمن أین ظهر أن الحقائق الخارجیة علی خلاف ما یناله الحس و المفروض أن کل إدراک حسی أو منته إلی الحس و لا سبیل للحس إلی الخارج فمآل القول إلی السفسطة کما أن مآل القول بأن الصور الذهنیة أشباح للأمور الخارجیة إلی السفسطة.

و من السفسطة أیضا قول القائل إن ما نعده علوما ظنون لیست من العلم المانع من النقیض فی شی ء و یدفعه أن هذا القول إن ما نعده علوما ظنون بعینه قضیة علمیة و لو کان ظنیا لم یفد أن العلوم ظنون بل أفاد الظن بأنها ظنون فتأمله و اعتبر.

و کذا قول القائل أن علومنا نسبیة مختلفة باختلاف شرائط الوجود فهناک بالنسبة إلی کل شرط علم و لیس هناک علم مطلق و لا هناک علم دائم و لا کلی و لا ضروری.

و هذه أقوال ناقضة لنفسها فقولهم العلوم نسبیة إن کان نفسه قولا نسبیا أثبت أن هناک قولا مطلقا فنقض نفسه و لو کان قولا مطلقا ثبت به قول مطلق فنقض نفسه و کذا قولهم لا علم مطلقا و قولهم لا علم کلیا إن کان نفسه کلیا نقض نفسه و إن لم یکن کلیا ثبت به قول کلی فنقض نفسه و کذا قولهم لا علم دائما و قولهم لا علم ضروریا ینقضان أنفسهما کیفما فرضا.

[شماره صفحه واقعی : 255]

ص: 1383

نعم فی العلوم العملیة شوب من النسبیة ستأتی الإشارة إلیه إن شاء الله تعالی.

الفصل العاشر ینقسم العلم الحصولی إلی حقیقی و اعتباری
اشارة

و الحقیقی هو المفهوم الذی یوجد تارة فی الخارج فیترتب علیه آثاره و تارة فی الذهن فلا یترتب علیه آثاره الخارجیة کمفهوم الإنسان و لازم ذلک أن تتساوی نسبته إلی الوجود و العدم و هذا هو الماهیة المقولة علی الشی ء فی جواب ما هو.

و الاعتباری خلاف الحقیقی و هو إما من المفاهیم التی حیثیة مصداقها حیثیة أنه فی الخارج مترتبا علیه آثاره فلا یدخل الذهن الذی حیثیته حیثیة عدم ترتب الآثار الخارجیة لاستلزام ذلک انقلابه عما هو علیه کالوجود و صفاته الحقیقیة کالوحدة و الوجوب و نحوها أو حیثیة أنه لیس فی الخارج کالعدم فلا یدخل الذهن و إلا لانقلب إلی ما یقبل الوجود الخارجی فلا وجود ذهنیا لما لا وجود خارجیا له.

و أما من المفاهیم التی حیثیة مصداقها حیثیة أنه فی الذهن کمفهوم الکلی و الجنس و الفصل فلا یوجد فی الخارج و إلا لانقلب فهذه مفاهیم ذهنیة معلومة لکنها مصداقا إما خارجیة محضة لا تدخل الذهن کالوجود و ما یلحق به أو بطلان محض کالعدم و إما ذهنیة محضة لا سبیل لها إلی الخارج فلیست بمنتزعة من الخارج فلیست بماهیات موجودة تارة بوجود خارجی و أخری ذهنی لکنها منتزعة من مصادیق بشهادة کونها علوما حصولیة لا یترتب علیها الآثار فتنتزع من مصادیق فی الذهن.

[*زنجیرزن]

أما المعانی التی

[شماره صفحه واقعی : 256]

ص: 1384

حیثیة مصادیقها حیثیة أنها فی الذهن فإنه کان لأذهاننا أن تأخذ بعض ما تنتزعه من الخارج و هو مفهوم مصداقا تنظر إلیه فیضطر العقل إلی أن یعتبر له خواص تناسبه.کما أن تنتزع مفهوم الإنسان من عده من أفراد کزید و عمرو و بکر و غیرهم فتأخذه و تنصبه مصداقا و هو مفهوم تنظر فیما تحفه من الخواص فتجده تمام ماهیة المصادیق و هو النوع أو جزء ماهیتها و هو الجنس أو الفصل أو خارجا مساویا أو أعم و هو الخاصة أو العرض العام و تجده تقبل الصدق علی کثیرین و هو الکلیة و علی هذا المنهج.

و أما المفاهیم التی حیثیة مصادیقها حیثیة أنها فی الخارج أو لیست فیه فیشبه أن تکون منتزعة من الحکم الذی فی القضایا الموجبة و عدمه فی السالبة.

بیان ذلک أن النفس عند أول ما تنال من طریق الحس بعض الماهیات المحسوسة أخذت ما نالته فاختزنته فی الخیال و إذا نالته ثانیا أو فی الآن الثانی و أخذته للاختزان وجدته عین ما نالته أولا و منطبقا علیه و هذا هو الحمل الذی هو اتحاد المفهومین وجودا ثم إذا أعادت النفس المفهوم مکررا بالإعادة بعد الإعادة ثم جعلها واحدا کان ذلک حکما منها و فعلا لها و هو مع ذلک محاک للخارج و فعله هذا نسبة وجودیة و وجود رابط قائم بالطرفین اعتبارا.

ثم للنفس أن تتصور الحکم الذی هو فعلها و تنظر إلیه نظرا استقلالیا مضافا إلی موصوفه بعد ما کان رابطا فتتصور وجود المفهوم ثم تجرده فتتصور الوجود مفردا من غیر إضافة فبهذا یتحصل انتزاع مفهوم الوجود من الحکم و یقع علی مصداقه الخارجی و إن کانت حیثیته حیثیة أنه فی الخارج فهی مصادیق له و لیست بأفراد مأخوذة فیها مفهومه أخذ الماهیة فی أفرادها ثم تنتزع من مصادیقه صفاته الخاصة به کالوجوب و الوحدة و الکثرة و القوة و الفعل و غیرها.

[شماره صفحه واقعی : 257]

ص: 1385

ثم إذا نالت النفس شیئا من الماهیات المحسوسة فاختزنته ثم نالت ماهیة أخری مباینة لها لم تجد الثانیة عین الأولی منطبقة علیها کما کانت تجد ذلک فی الصورة السابقة فإذا أحضرتهما بعد الاختزان لم تفعل فیهما ما کانت تفعله فی الصوره السابقة فی الماهیة المکررة من الحکم لکنها اعتبرت ذلک فعلا لها و هو سلب الحمل المقابل للحمل ثم نظرت إلیه مستقلا مضافا فتصورته سلب المحمول عن الموضوع ثم مطلقا فتصورته سلبا و عدما ثم اعتبرت له خواص اضطرارا کعدم المیز بین الأعدام و تمیزها بالإضافة إلی الموجودات.

[*زنجیرزن]

و قد تبین مما تقدم أولا أن ما کان من المفاهیم محمولا علی الواجب و الممکن معا کالعلم و الحیاة فهو اعتباری و إلا کان الواجب ذا ماهیة تعالی عن ذلک.

و ثانیا أن ما کان منها محمولا علی أزید من مقولة واحدة کالحرکة فهو اعتباری و إلا کان مجنسا بأزید من جنس واحد و هو محال.

و ثالثا أن المفاهیم الاعتباریة لا حد لها و لا تؤخذ فی حد ماهیة جنسا لها و کذلک سائر الصفات الخاصة بالماهیات کالکلیة إلا بنوع من التوسع.

تنبیه

و للاعتباری فیما اصطلحوا علیه معان أخر غیر ما تقدم خارجة من بحثنا أحدها ما یقابل الأصالة بمعنی منشئیة الآثار بالذات المبحوث عنه فی مبحث أصالة الوجود و الماهیة.

الثانی الاعتباری بمعنی ما لیس له وجود منحاز عن غیره قبال الحقیقی الذی له وجود منحاز کاعتباریة مقولة الإضافة الموجودة بوجود طرفیها علی خلاف الجوهر الموجود فی نفسه.

الثالث المعنی التصوری أو التصدیقی الذی لا تحقق له فیما وراء ظرف

[شماره صفحه واقعی : 258]

ص: 1386

العمل و مال الاعتبار بهذا المعنی إلی استعارة المفاهیم النفس الأمریة الحقیقیة بحدودها لأنواع الأعمال التی هی حرکات مختلفة و متعلقاتها للحصول علی غایات حیویة مطلوبة کاعتبار الرئاسة لرئیس القوم لیکون من الجماعة بمنزلة الرأس من البدن فی تدبیر أموره و هدایة أعضائه إلی واجب العمل و اعتبار المالکیة لزید مثلا بالنسبة إلی ما حازه من المال لیکون له الاختصاص بالتصرف فیه کیف شاء کما هو شأن المالک الحقیقی فی ملکه کالنفس الإنسانیة المالکة لقواها و اعتبار الزوجیة بین الرجل و المرأة لیشترک الزوجان فی ما یترتب علی المجموع کما هو الشأن فی الزوج العددی و علی هذا القیاس.

و من هنا یظهر أن هذه المعانی الاعتباریة لا حد لها و لا برهان علیها.

أما أنها لا حد لها فلأنها لا ماهیة لها داخلة فی شی ء من المقولات فلا جنس لها فلا فصل لها فلا حد لها نعم لها حدود مستعارة من الحقائق التی یستعار لها مفاهیمها.

و أما أنها لا برهان علیها فلأن من الواجب فی البرهان أن تکون مقدماتها ضروریة دائمة کلیة و هذه المعانی لا تتحقق إلا فی قضایا حقة تطابق نفس الأمر و أنی للمقدمات الاعتباریة ذلک و هی لا تتعدی حد الدعوی.

و یظهر أیضا أن القیاس الجاری فیها جدل مؤلف من المشهورات و المسلمات و المقبول منها ما له أثر صالح بحسب الغایات و المردود منها اللغو الذی لا أثر له.

الفصل الحادی عشر فی العلم الحضوری و أنه لا یختص بعلم الشی ء بنفسه

قد تقدم أن کل جوهر مجرد فهو لتمام ذاته حاضر لنفسه بنفسه و هویته

[شماره صفحه واقعی : 259]

ص: 1387

الخارجیة فهو عالم بنفسه علما حضوریا.

و هل یختص العلم الحضوری بعلم الشی ء بنفسه أو یعمه و علم العلة بمعلولها و علم المعلول بعلته ذهب «المشاءون» إلی الأول و «الإشراقیون» إلی الثانی و هو الحق و ذلک لأن وجود المعلول وجود رابط بالنسبة إلی وجود علته قائم به غیر مستقل عنه بوجه فهو أعنی المعلول حاضر بتمام وجوده لعلته غیر محجوب عنها فهو بنفس وجوده معلوم لها علما حضوریا إن کانا مجردین.

و کذلک العلة حاضرة بوجودها لمعلولها الرابط لها القائم بها المستقل باستقلالها فهی معلومة لمعلولها علما حضوریا إذا کانا مجردین و هو المطلوب.

و قد تقدم أن کل علم حصولی ینتهی إلی علم حضورة و من العلم الحصولی ما لیس بین العالم و المعلوم علیه و لا معلولیة بل هما معلولا علة ثالثة.

الفصل الثانی عشر کل مجرد فإنه عقل و عاقل و معقول

صوت

[*زنجیرزن]

أما أنه عقل فلأنه لتمام ذاته و کونه فعلیة محضة لا قوة معها یمکن أن یوجد و یحضر لشی ء بالإمکان و کل ما کان للمجرد بالإمکان فهو له بالفعل فهو معقول بالفعل و إذ کان العقل متحدا مع المعقول فهو عقل و إذ کانت ذاته موجودة لذاته فهو عاقل لذاته فکل مجرد عقل و عاقل و معقول و إن شئت فقل إن العقل و العاقل و المعقول مفاهیم ثلاثة منتزعة من وجود واحد.

و البرهان المذکور آنفا کما یجری فی کون کل مجرد عقلا و عاقلا و معقولا لنفسه یجری فی کونه عقلا و معقولا لغیره.

[شماره صفحه واقعی : 260]

ص: 1388

فإن قیل لازم ذلک أن تکون النفس الإنسانیة لتجردها عاقلة لنفسها و لکل مجرد مفروض و هو خلاف الضرورة.

قلنا هو کذلک لو کانت النفس المجردة مجردة تجردا تاما ذاتا و فعلا لکنها مجردة ذاتا و مادیة فعلا فهی لتجردها ذاتا تعقل ذاتها بالفعل و أما تعقلها لغیرها فیتوقف علی خروجها من القوة إلی الفعل تدریجا بحسب الاستعدادات المختلفة التی تکتسبها فلو تجردت تجردا تاما و لم یشغلها تدبیر البدن حصلت له جمیع التعقلات حصولا بالفعل بالعقل الإجمالی و صارت عقلا مستفادا.

و لیتنبه أن هذا البیان إنما یجری فی الذوات المجردة التی وجودها فی نفسها لنفسها و أما الأعراض التی وجودها فی نفسها لغیرها فالعاقل لها الذی یحصل له المعقول موضوعها لا أنفسها و کذلک الحکم فی النسب و الروابط التی وجوداتها فی غیرها.

الفصل الثالث عشر فی أن العلم بذی السبب لا یحصل إلا من طریق العلم بسببه و ما یتصل بذلک السبب

و نعنی به العلة الموجبة للمعلول بخصوصیة علیته سواء کانت علة بماهیتها کالأربعة التی هی علة للزوجیة أو کانت علة بوجودها الخارجی و هی الأمر الذی یستند إلیه وجود المعلول ممتنعا استناده إلی غیره و إلا لکان لمعلول واحد علتان مستقلتان و لما کان العلم مطابقا للمعلوم بعینه کانت النسبة بین العلم بالمعلول و العلم بالعلة هی النسبة بین نفس المعلول و نفس العلة و لازم ذلک توقف العلم بالمعلول و ترتبه علی العلم بعلته و لو ترتب علی شی ء

[شماره صفحه واقعی : 261]

ص: 1389

آخر غیر علته کان لشی ء واحد أکثر من علة واحدة و هو محال.

و ظاهر من هذا البیان أن هذا حکم العلم بذات المسبب مع العلم بذات السبب دون العلم بوصفی العلیة و المعلولیة المتضایفین فإن ذلک مضافا إلی أنه لا جدوی فیه لجریانه فی کل متضایفین مفروضین من غیر اختصاص بالعلم إنما یفید المعیة دون توقف العلم بالمعلول علی العلم بالعلة لأن المتضایفین معان قوة و فعلا و ذهنا و خارجا.

[*زنجیرزن]

فإن قلت نحن کثیرا ما ندرک أمورا من طریق الحس نقضی بتحققها الخارجی و نصدق بوجودها مع الجهل بعلتها فهناک علم حاصل بالمعلول مع الجهل بالعلة نعم یکشف ذلک إجمالا أن علتها موجودة.

قلنا الذی یناله الحس هو صور الأعراض الخارجیة من غیر تصدیق بثبوتها أو ثبوت آثارها و إنما التصدیق للعقل فالعقل یری أن الذی یناله الإنسان بالحس و له آثار خارجة منه لا صنع له فیه و کل ما کان کذلک کان موجودا فی خارج النفس الإنسانیة و هذا سلوک علمی من أحد المتلازمین إلی آخر و الذی تقدم هو توقف العلم بذی السبب علی سببه و أما ما لا سبب له فإنما یعلم ثبوته من طریق الملازمات العامة کما حقق فی صناعة البرهان.

فکون الشی ء مستقلا عن شی ء آخر و لا صنع له فیه و کونه مغایرا لذلک و خارجا عنه صفتان عامتان متلازمتان لا سبب لهما بل الملازمة ذاتیة کسائر موضوعات الحکمة الإلهیة و وجود المحسوس فی الخارج من النفس من مصادیق هاتین المتلازمتین ینتقل العقل من أحدهما إلی الآخر و هذا کما أن الملازمة بین الشی ء و بین ثبوته لنفسه ذاتیة و ثبوت هذا الشی ء لنفسه من مصادیقه و العلم به لا یتوقف علی سبب.

فقد ظهر مما تقدم أن البحث عن المطلوب إنما یفید العلم به بالسلوک إلیه عن طریق سببه إن کان ذا سبب أو من طریق الملازمات العامة إن کان

[شماره صفحه واقعی : 262]

ص: 1390

مما لا سبب له و أما السلوک إلی العلة من طریق المعلول فلا یفید علما البتة.

الفصل الرابع عشر فی أن العلوم لیست بذاتیة للنفس

قیل إن ما تناله النفس من العلوم ذاتیة لها موجودة فیها بالفعل فی بدء کینونتها و لما أورد علیهم أن ذلک ینافی الجهل المشهود من الإنسان ببعض العلوم و الحاجة فی فعلیتها إلی الاکتساب أجابوا بأنها ذاتیة فطریة لها لکن اشتغال النفس بتدبیر البدن أغفلها علومها و شغلها عن التوجه إلیها.

و فیه أن نحو وجود النفس بما أنها نفس أنها صورة مدبرة للبدن فتدبیر البدن ذاتی لها حیثما فرضت نفسا فلا یئول الجمع بین ذاتیة العلوم لها و بین شاغلیة تدبیر البدن لها عن علومها إلا إلی المناقضة.

نعم یتجه هذا القول بناء علی ما نسب إلی «أفلاطون» أن النفوس قدیمة زمانا و العلوم ذاتیة لها و قد سنح لها التعلق التدبیری بالأبدان فأنساها التدبیر علومها المرتکزة فی ذواتها.

لکنه فاسد بما تحقق فی علم النفس من حدث النفوس بحدوث الأبدان علی ما هو المشهور أو بحرکة جواهر الأبدان بعد حدوثها و ربما وجه القول بقدمها بأن المراد به قدم نشأتها العقلیة المتقدمة علی نشأتها النفسانیة لکن لا یثبت بذلک أیضا أن حصول العلم بالذکر لا بالانتقال الفکری من الأسباب إلی المسببات أو من بعض اللوازم العامة إلی بعض آخر کما تقدم.

[شماره صفحه واقعی : 263]

ص: 1391

الفصل الخامس عشر فی انقسامات أخر للعلم

صوت

[*زنجیرزن]

قال فی الأسفار ما ملخصه: «أن العلم عندنا نفس الوجود غیر المادی و الوجود لیس فی نفسه طبیعة کلیة جنسیة أو نوعیة حتی ینقسم بالفصول إلی الأنواع أو بالمشخصات إلی الأشخاص أو بالقیود العرضیة إلی الأصناف بل کل علم هویة شخصیة بسیطة غیر مندرجة تحت معنی کلی ذاتی.

فتقسیم العلم باعتبار عین تقسیم المعلوم لاتحاده مع المعلوم اتحاد الوجود مع الماهیة فعلی هذا نقول إن من العلم ما هو واجب الوجود بذاته و هو علم الأول تعالی بذاته الذی هو عین ذاته بلا ماهیة و منه ما هو ممکن الوجود بذاته و هو علم جمیع ما عداه و ینقسم إلی ما هو جوهر کعلوم الجواهر العقلیة بذواتها و إلی ما هو عرض و هو فی المشهور جمیع العلوم الحصولیة المکتسبة لقیامها بالذهن عندهم و عندنا العلم العرضی هو صفات المعلومات التی تحضر صورها عند النفس و قد بینا أن العلم عقلیا کان أو خیالیا لیس بحلول المعلومات فی العقل أو النفس بل علی نحو المثول بین یدی العالم و اتحاد النفس بها.

قسمة أخری قالوا من العلم ما هو فعلی و منه ما هو انفعالی و منه ما لیس بفعلی و لا انفعالی أما العلم الفعلی فکعلم الباری تعالی بما عدا ذاته و علم سائر العلل بمعلولاتها و أما العلم الانفعالی فکعلم ما عدا الباری تعالی بما لیس بمعلول له مما لا یحصل إلا بانفعال ما و تغیر ما للعالم و بالجملة بارتسام صور تحدث فی ذات النفس أو آلاتها و العلم الذی لیس بفعلی و لا انفعالی فکعلم الذوات العاقلة بأنفسها و بالأمور التی لا تغیب

[شماره صفحه واقعی : 264]

ص: 1392

عنها و قد یکون علم واحد فعلیا من وجه و انفعالیا من وجه کالعلوم الحادثة التی لها آثار خارجیة کتأثیر الأوهام فی المواد الخارجیة.

و قال أیضا إن العلم یقع علی مصادیقه بالتشکیک کالوجود فیختلف بالشدة و الضعف و الأولیة و خلافهما و الأقدمیة و غیرها فإن العلم بذات الأول تعالی و هو علمه تعالی بذاته الذی هو عین ذاته أولی فی کونه علما من العلم بغیره و هو أقدم العلوم لکونه سبب سائر العلوم و هو أشدها جلاء و أقوی ظهورا فی ذاته.

و أما خفاؤه علینا فلما علمت من أنه لغایة ظهوره و ضعف بصائرنا عن إدراکه فجهة خفائه هی بعینها جهة وضوحه و جلائه.

و هکذا کل علم بحقیقة علة بالقیاس إلی العلم بحقیقة معلولها و کذا العلم بحقیقة کل جوهر هو أشد من العلم بحقیقة کل عرض و هو أولی و أقدم من العلم بحقیقة العرض القائم بذلک الجوهر لکونه علة لها لا بحقیقة سائر الأعراض غیر القائمة به.

و أما إطلاق العلم علی الفعل و الانفعال و الإضافة کالتعلیم و التعلم و العالمیة فعلی سبیل الاشتراک أو التجوز»انتهی. ج 3 ص 382.

[شماره صفحه واقعی : 265]

ص: 1393

[شماره صفحه واقعی : 266]

ص: 1394

المرحلة الثانیة عشر : فی ما یتعلق بالواجب الوجود عز اسمه من المباحث

اشارة

و هی فی الحقیقة مسائل متعلقة بمرحلة الوجوب و الإمکان أفردوا للکلام فیها مرحلة مستقلة اهتماما بها و اعتناء بشرافة موضوعها و فیها أربعة و عشرون فصلا

[شماره صفحه واقعی : 267]

ص: 1395

الفصل الأول فی إثبات الوجود الواجبی

البراهین الدالة علی وجوده تعالی کثیرة متکاثرة و أوثقها و أمتنها هو البرهان المتضمن للسلوک إلیه من ناحیة الوجود و قد سموه برهان الصدیقین لما أنهم یعرفونه تعالی به لا بغیره و هو کما ستقف علیه برهان إنی یسلک فیه من لازم من لوازم الوجود إلی لازم آخر.

[*زنجیرزن]

و قد قرر بغیر واحد من التقریر و أوجز ما قیل إن حقیقة الوجود إما واجبة و إما تستلزمها فإذن الواجب بالذات موجود و هو المطلوب.

و فی معناه ما قرر بالبناء علی أصالة الوجود أن حقیقة الوجود التی هی عین الأعیان و حاق الواقع حقیقة مرسلة یمتنع علیها العدم إذ کل مقابل غیر قابل لمقابله و الحقیقة المرسلة التی یمتنع علیها العدم واجبة الوجود بالذات فحقیقة الوجود الکذائیة واجبة بالذات و هو المطلوب.

فإن قلت امتناع العدم علی الوجود لا یوجب کونه واجبا بالذات و إلا کان وجود کل ممکن واجبا بالذات لمناقضته عدمه فکان الممکن واجبا و هو ممکن هذا خلف.

[شماره صفحه واقعی : 268]

ص: 1396

قلت هذا فی الوجودات الممکنة و هی محدودة بحدود ماهویة لا تتعداها فینتزع عدمها مما وراء حدودها و هو المراد بقولهم کل ممکن فهو زوج ترکیبی و أما حقیقة الوجود المرسلة التی هی الأصیلة لا أصیل غیرها فلا حد یحدها و لا قید یقیدها فهی بسیطة صرفة تمانع العدم و تناقضه بالذات و هو الوجوب بالذات.

و قرر صدر المتألهین قده البرهان علی وجه آخر حیث قال: «و تقریره أن الوجود کما مر حقیقة عینیة واحدة بسیطة لا اختلاف بین أفرادها لذاتها إلا بالکمال و النقص و الشدة و الضعف أو بأمور زائدة کما فی أفراد ماهیة نوعیة و غایة کمالها ما لا أتم منه و هو الذی لا یکون متعلقا بغیره و لا یتصور ما هو أتم منه إذ کل ناقص متعلق بغیره مفتقر إلی تمامه و قد تبین فیما سبق أن التمام قبل النقص و الفعل قبل القوة و الوجود قبل العدم و بین أیضا أن تمام الشی ء هو الشی ء و ما یفضل علیه.

فإذن الوجود إما مستغن عن غیره و إما مفتقر بالذات إلی غیره و الأول هو واجب الوجود و هو صرف الوجود الذی لا أتم منه و لا یشوبه عدم و لا نقص و الثانی هو ما سواه من أفعاله و آثاره و لا قوام لما سواه إلا به لما مر أن حقیقة الوجود لا نقص لها و إنما یلحقه النقص لأجل المعلولیة و ذلک لأن المعلول لا یمکن أن یکون فی فضیلة الوجود مساویا لعلته فلو لم یکن الوجود مجعولا ذا قاهر یوجده و یحصله کما یقتضیه لا یتصور أن یکون له نحو من القصور لأن حقیقة الوجود کما علمت بسیطة لا حد لها و لا تعین إلا محض الفعلیة و الحصول و إلا لکان فیه ترکیب أو له ماهیة غیر الوجودیة و قد مر أیضا أن الوجود إذا کان معلولا کان مجعولا بنفسه جعلا بسیطا و کان ذاته بذاته مفتقرا إلی جاعل و هو متعلق الجوهر و الذات بجاعله.

فإذن قد ثبت و اتضح أن الوجود إما تام الحقیقة واجب الهویة و إما مفتقر الذات إلیه متعلق الجوهر به و علی أی القسمین یثبت و یتبین أن

[شماره صفحه واقعی : 269]

ص: 1397

وجود واجب الوجود غنی الهویة عما سواه و هذا هو ما أردناه»انتهی. الأسفار ج 6 ص 16.

الفصل الثانی فی بعض آخر مما أقیم علی وجود الواجب تعالی من البراهین
اشارة

من البراهین علیه أنه لا ریب أن هناک موجودا ما فإن کان هو أو شی ء منه واجبا بالذات فهو المطلوب و إن لم یکن واجبا بالذات و هو موجود فهو ممکن بالذات بالضرورة فرجح وجوده علی عدمه بأمر خارج من ذاته و هو العلة و إلا کان مرجحا بنفسه فکان واجبا بالذات و قد فرض ممکنا هذا خلف و علته إما ممکنة مثله أو واجبة بالذات و علی الثانی یثبت المطلوب و علی الأول ینقل الکلام إلی علته و هلم جرا فإما أن یدور أو یتسلسل و هما محالان أو ینتهی إلی علة غیر معلولة هی الواجب بالذات و هو المطلوب.

و اعترض علیه بأنه لیس بیانا برهانیا مفیدا للیقین فإن البرهان إنما یفید الیقین إذا کان السلوک فیه من العلة إلی المعلول و هو البرهان اللمی و أما البرهان الإنی المسلوک فیه من المعلول إلی العلة فلا یفید یقینا کما بین فی المنطق و لما کان الواجب تعالی علة لکل ما سواه غیر معلول لشی ء بوجه کان السلوک إلی إثبات وجوده من أی شی ء کان سلوکا من المعلول إلی العلة غیر مفید للیقین و قد سلک فی هذا البیان من الموجود الممکن الذی هو معلوله إلی إثبات وجوده.

و الجواب عنه أن برهان الإن لا ینحصر فیما یسلک فیه من المعلول إلی العلة

[شماره صفحه واقعی : 270]

ص: 1398

و هو لا یفید الیقین بل ربما یسلک فیه من بعض اللوازم العامة التی للموجودات المطلقة إلی بعض آخر و هو یفید الیقین کما بینه «الشیخ» فی کتاب «البرهان من منطق الشفاء».

و قد سلک فی البرهان السابق من حال لازمة لمفهوم موجود ما و هو مساوق للموجود من حیث هو موجود إلی حال لازمة أخری له و هو أن من مصادیقه وجود علة غیر معلولة یجب وجودها لذاتها.

فقد تبین بذلک أن البیان المذکور برهان إنی مفید للیقین کسائر البراهین الموضوعة فی الفلسفة لبیان خواص الموجود من حیث هو موجود المساویة للموجود العام.

تنبیه

محصل البیان السابق أن تحقق موجود ما ملازم لترجح وجوده إما لذاته فیکون واجبا بالذات أو لغیره و ینتهی إلی ما ترجح بذاته و إلا دار أو تسلسل و هما مستحیلان و یمکن تبدیل ترجح الوجود من وجوب الوجود فیکون سلوکا إنیا من مسلک آخر.

تقریره أنه لا ریب أن هناک موجودا ما و کل موجود فإنه واجب لأن الشی ء ما لم یجب لم یوجد فإن کان هو أو شی ء منه واجبا لذاته فهو المطلوب و إن کان واجبا لغیره و هو علته الموجودة الواجبة فعلیته إما واجبة لذاتها فهو و إما واجبة لغیرها فننقل الکلام إلی علة علته و هلم جرا فإما أن یدور أو یتسلسل أو ینتهی إلی واجب لذاته و الشقان الأولان مستحیلان و الثالث هو المطلوب.

[*زنجیرزن]

برهان آخر أقامه الطبیعیون من طریق الحرکة و التغیر تقریره أنه قد ثبت فیما تقدم فی مباحث القوة و الفعل أن المحرک غیر المتحرک فلکل

[شماره صفحه واقعی : 271]

ص: 1399

متحرک محرک غیره و لو کان المحرک متحرکا فله محرک أیضا غیره و لا محالة ینتهی إلی سلسلة المحرکات إلی محرک غیر متحرک دفعا للدور و التسلسل و هو لبراءته من المادة و القوة و تنزهه عن التغیر و التبدل و ثباته فی وجوده واجب الوجود بالذات أو ینتهی إلیه فی سلسلة علله.

برهان آخر أقامه الطبیعیون أیضا من طریق النفس الإنسانیة تقریره أن النفس الإنسانیة مجردة عن المادة ذاتا حادثة بما هی نفس بحدوث البدن لامتناع التمایز بدون الأبدان و استحالة التناسخ کما بین فی محله فهی ممکنة مفتقرة إلی علة غیر جسم و لا جسمانیة أما عدم کونها جسما فلأنها لو کانت جسما کان کل جسم ذا نفس و لیس کذلک و أما عدم کونها جسمانیة فلأنها لو کانت جسمانیة سواء کانت نفسا أخری أو صورة جسمیة أو عرضا جسمانیا کان تأثیرها بتوسط الوضع و لا وضع للنفس مع کونها مجردة علی أن النفس لتجردها أقوی تجوهرا و أشرف وجودا من کل جسم و جسمانی و لا معنی لعلیة الأضعف الأخس للأقوی الأشرف.

فالسبب الموجد للنفس أمر وراء عالم الطبیعة و هو الواجب تعالی بلا واسطة أو بواسطة علل مترتبة تنتهی إلیه.

برهان آخر للمتکلمین من طریق الحدوث تقریره أن الأجسام لا تخلو عن الحرکة و السکون و هما حادثان و ما لا یخلو عن الحوادث فهو حادث فالأجسام کلها حادثة و کل حادث مفتقر إلی محدث فمحدثها أمر غیر جسم و لا جسمانی و هو الواجب تعالی دفعا للدور و التسلسل.

و الحجة غیر تامة فإن المقدمة القائلة إن ما لا یخلو عن الحوادث فهو حادث لا بینة و لا مبینة و تغیر أعراض الجوهر عندهم غیر ملازم لتغیر الجوهر الذی هو موضوعها نعم لو بنی علی الحرکة الجوهریة تمت المقدمة و نجحت الحجة و هذه الحجة کما تری کالحجج الثلاث السابقة مبنیة علی تناهی العلل و انتهائها إلی علة غیر معلولة هو الواجب تعالی.

[شماره صفحه واقعی : 272]

ص: 1400

الفصل الثالث فی أن الواجب لذاته لا ماهیة له

و قد تقدمت المسالة فی مرحلة الوجوب و الإمکان و تبین هناک أن کل ما له ماهیة فهو ممکن و ینعکس إلی أن ما لیس بممکن فلا ماهیة له فالواجب بالذات لا ماهیة له و کذا الممتنع بالذات.

و أوردنا هناک أیضا الحجة المشهورة التی أقاموها لنفی الماهیة عن الواجب تعالی و تقدس و هی أنه لو کانت للواجب تعالی ماهیة وراء وجوده کانت فی ذاتها لا موجودة و لا معدومة فتحتاج فی تلبسها بالوجود إلی سبب و السبب إما ذاتها أو أمر خارج منها و کلا الشقین محال أما کون ذاتها سببا لوجودها فلأن السبب متقدم علی مسببه وجودا بالضرورة فیلزم تقدمها بوجودها علی وجودها و هو محال و أما کون غیرها سببا لوجودها فلأنه یستلزم معلولیة الواجب بالذات لذلک الغیر فیکون ممکنا و قد فرض واجبا بالذات هذا خلف فکون الواجب بالذات ذا ماهیة وراء وجوده محال و هو المطلوب.

[*زنجیرزن]

و هذه حجة برهانیة تامة لا غبار علیها و نقضها بالماهیة الموجودة التی للممکنات بتقریب أن فرض کون الماهیة المفروضة للواجب علة فاعلیة لوجودها لو اقتضی تقدم الماهیة علی وجودها المعلول لها لزم نظیره فی الماهیات الموجودة للممکنات فإن ماهیة الممکن قابلة لوجوده و القابل کالفاعل فی وجوب تقدمه علی ما یستند إلیه غیر مستقیم لأن وجوب تقدم القابل علی مقبوله بالوجود إنما هو فی القابل الذی هو علة مادیة فهی المتقدمة علی معلولها الذی هو المجموع من الصورة و المادة و ماهیة الممکن لیست علة مادیة بالنسبة إلی وجوده و لا بالنسبة إلی الماهیة الموجودة و إنما قابلیتها اعتبار

[شماره صفحه واقعی : 273]

ص: 1401

عقلی منشؤه تحلیل العقل الممکن إلی الماهیة و وجود و اتخاذه الماهیة موضوعه و الوجود محمولا لها و بالجملة لیست الماهیة علة قابلیة للوجود لکن لو فرضت علة فاعلیة لوجودها کانت علة حقیقیة واجبة التقدم حقیقة فإن الحاجة إلی علة الوجود حاجة حقیقیة تستتبع علة حقیقیة بخلاف الحاجة إلی قابل ماهوی یقبل الوجود فإنها اعتبار عقلی و الماهیة فی الحقیقة عارضة للوجود لا معروضة لها.

حجة أخری و هی أن الوجود إذا کان زائدا علی الماهیة تقع الماهیة لا محالة تحت إحدی المقولات و هی لا محالة مقولة الجوهر دون مقولات الأعراض سواء انحصرت المقولات فی عدد معین مشهور أو غیر مشهور أو زادت علیه لأن الأعراض أیا ما کانت قائمة بغیرها.

فإذا کانت الماهیة المفروضة تحت مقولة الجوهر فلا بد أن یتخصص بفصل بعد اشتراکها مع غیرها من الأنواع الجوهریة فتحتاج إلی المخصص و أیضا لا شبهة فی حاجة بعض الأنواع الجوهریة إلی المخصص و المرجح و إذا صح الإمکان علی بعض ما تحت الجنس من الأنواع صح علی الجنس فالجائز علی بعض الأنواع التی تحت الجنس جائز علی الجنس و الممتنع أو الواجب علی الجنس ممتنع أو واجب علی کل نوع تحته فلو دخل واجب الوجود تعالی تحت المقولة لزم فیه جهة إمکانیة باعتبار الجنس فلم یکن واجبا بل ممکنا هذا خلف و إذا استحال دخول الماهیة المفروضة تحت مقولة الجوهر استحال کون الواجب ذا ماهیة و هو المطلوب.

و قد تبین مما تقدم أن ضرورة الوجود و وجوبه فی الواجب تعالی أزلیة هی منتزعة من حاق الذات التی هی وجود لا ماهیة له.

[شماره صفحه واقعی : 274]

ص: 1402

الفصل الرابع فی أن الواجب تعالی بسیط غیر مرکب من أجزاء خارجیة و لا ذهنیة

و قد تقدم أن الواجب تعالی لا ماهیة له فلیس له حد و إذ لا حد له فلا أجزاء حدیة له من الجنس و الفصل و إذ لا جنس و لا فصل له فلا أجزاء خارجیة له من المادة و الصورة الخارجیتین لأن المادة هی الجنس بشرط لا و الصورة هی الفصل بشرط لا و کذا لا أجزاء ذهنیة له من المادة و الصورة العقلیتین و هما الجنس و الفصل المأخوذان بشرط لا فی البسائط الخارجیة کالأعراض و بالجملة لا أجزاء حدیة له من الجنس و الفصل و لا خارجیة من المادة و الصورة الخارجیتین و لا ذهنیة عقلیة من المادة و الصورة العقلیتین.

[*زنجیرزن]

برهان آخر لو کان له جزء لکان متقدما علیه فی الوجود و توقف الواجب علیه فی الوجود ضرورة تقدم الجزء علی الکل فی الوجود و توقف الکل فیه علیه و مسبوقیة الواجب و توقفه علی غیره و هو واجب الوجود محال برهان آخر لو ترکبت ذات الواجب تعالی من أجزاء لم یخل إما أن یکون جمیع الأجزاء واجبات بذواتها و إما أن یکون بعضها واجبا بالذات و بعضها ممکنا و إما أن یکون جمیعها ممکنات.

و الأول محال إذ لو کانت الأجزاء واجبات بذواتها کان بینها إمکان بالقیاس کما تقدم و هو ینافی کونها أجزاء حقیقیة لمرکب حقیقی ذی وحدة حقیقیة إذ من الواجب فی الترکیب أن یحصل بین الأجزاء تعلق

[شماره صفحه واقعی : 275]

ص: 1403

ذاتی یحصل به أمر جدید وراء المجموع له أثر وراء آثار کل واحد من الأجزاء و الثانی محال للزوم افتقار الواجب بالذات إلی الممکن علی أن لازمه دخول الماهیة فی حقیقة الواجب لما تقدم فی مرحلة الوجوب و الإمکان أن کل ممکن فله ماهیة و الثالث أیضا محال بمثل ما تقدم.

و هذه البراهین غیر کافیة فی نفی الأجزاء المقداریة کما قالوا لأنها أجزاء بالقوة لا بالفعل کما تقدم فی بحث الکم من مرحلة الجواهر و الأعراض و قد قیل فی نفیها أنه لو کان للواجب جزء مقداری فهو إما ممکن فیلزم أن یخالف الجزء المقداری کله فی الحقیقة و هو محال و إما واجب فیلزم أن یکون الواجب بالذات غیر موجود بالفعل بل بالقوة و هو محال.

ثم إن من الترکب ما یتصف به الشی ء بهویته الوجودیة من السلوب و هو منفی عن الواجب بالذات تعالی و تقدس.

بیان ذلک أن کل هویة صح أن یسلب عنها شی ء بالنظر إلی حد وجودها فهی متحصلة من إیجاب و سلب کالإنسان مثلا هو إنسان و لیس بفرس فی حاق وجوده و کل ما کان کذلک فهو مرکب من إیجاب هو ثبوت نفسه له و سلب هو نفی غیره عنه ضرورة مغایرة الحیثیتین فکل هویة یسلب عنها شی ء فهی مرکبة و معنی دخول النفی فی هویة وجودیة و الوجود مناقض للعدم نقض وجودی فی وجود مقیس إلی وجود آخر و یتحقق بذلک مراتب التشکیک فی حقیقة الوجود و خصوصیاتها و تنعکس النتیجة بعکس النقیض إلی أن کل ذات بسیطة الحقیقة فإنها لا یسلب عنها کمال وجودی.

و الواجب بالذات وجود بحت لا سبیل للعدم إلی ذاته و لا یسلب عنه کمال وجودی لأن کل کمال وجودی ممکن فإنه معلول مفاض من علة و العلل منتهیة إلی الواجب بالذات و معطی الشی ء لا یکون فاقدا له فله تعالی کل کمال وجودی من غیر أن یداخله عدم فالحقیقة الواجبیة بسیط بحت فلا یسلب عنها شی ء و هو المطلوب.

[شماره صفحه واقعی : 276]

ص: 1404

فإن قیل إن له تعالی صفات سلبیة بالبرهان ککونه لیس بجسم و لا جسمانی و لا بجوهر و لا بعرض.

قلنا الصفات السلبیة راجعة إلی سلب النقائص و الأعدام و سلب السلب وجود و سلب النقص کمال وجود کما قیل.

فإن قیل لازم ما تقدم من البیان صحة الحمل بینه تعالی و بین کل موجود و کمال وجودی و لازمه عینیة الواجب و الممکن تعالی الله عن ذلک و هو خلاف الضرورة.

قلنا کلا و لو حمل الوجودات الممکنة علیه تعالی حملا شائعا صدقت علیه بکلتا جهتی إیجابها و سلبها و حیثیتی کمالها و نقصها اللتین ترکبت ذواتها منها فکانت ذات الواجب مرکبة و قد فرضت بسیطة الحقیقة هذا خلف بل وجدانه تعالی بحقیقته البسیطة کمال کل موجود وجدانه له بنحو أعلی و أشرف من قبیل وجدان العلة کمال المعلول مع ما بینهما من المباینة الموجبة لامتناع الحمل.

و هذا هو المراد بقولهم بسیط الحقیقة کل الأشیاء و الحمل حمل الحقیقة و الرقیقة دون الحمل الشائع.

و قد تبین بما تقدم أن الواجب لذاته تمام کل شی ء.

الفصل الخامس فی توحید الواجب لذاته و أنه لا شریک له فی وجوب الوجود

صوت

[*زنجیرزن]

قد تبین فی الفصول السابقة أن ذات الواجب لذاته عین الوجود الذی

[شماره صفحه واقعی : 277]

ص: 1405

لا ماهیة له و لا جزء عدمی فیه فهو صرف الوجود و صرف الشی ء واحد بالوحدة الحقة التی لا تتثنی و لا تتکرر إذ لا تتحقق کثرة إلا بتمیز آحادها باختصاص کل منها بمعنی لا یوجد فی غیره و هو ینافی الصرافة فکل ما فرضت له ثانیا عاد أولا فالواجب لذاته واحد لذاته کما أنه موجود بذاته واجب لذاته و هو المطلوب و لعل هذا هو مراد «الشیخ» بقوله فی «التعلیقات»: «وجود الواجب عین هویته فکونه موجودا عین کونه هو فلا یوجد وجود الواجب لذاته لغیره»انتهی.

برهان آخر لو تعدد الواجب بالذات کأن یفرض واجبان بالذات و کان وجوب الوجود مشترکا بینهما و کان تمیزهما بأمر وراء المعنی المشترک بینهما فإن کان داخلا فی الذات لزم الترکب و هو ینافی وجوب الوجود و إن کان خارجا منها کان عرضیا معللا فإن کان معلولا للذات کانت الذات متقدمة علی تمیزها بالوجود و لا ذات قبل التمیز فهو محال و إن کان معلولا لغیره کانت الذات مفتقرة فی تمیزها إلی غیرها و هو محال فتعدد واجب الوجود علی جمیع تقادیره محال.

و أورد علیه الشبهة المنسوبة إلی «ابن کمونة» و فی «الأسفار» إن أول من ذکرها «شیخ الإشراق» فی «المطارحات» ثم ذکرها «ابن کمونة» و هو من شراح کلامه فی بعض مصنفاته و اشتهرت باسمه بأنه لم لا یجوز أن یکون هناک ماهیتان بسیطتان مجهولتا الکنه متباینتان بتمام الذات و یکون قول الوجود علیهما قولا عرضیا.

و هذه الشبهة کما تجری علی القول بأصالة الماهیة المنسوبة إلی «الإشراقیین» تجری علی القول بأصالة الوجود و کون الوجودات حقائق بسیطة متباینة بتمام الذات المنسوب إلی «المشائین» و الحجة مبنیة علی أصالة الوجود و کونه حقیقة واحدة مشککة ذات مراتب مختلفة.

و أجیب عن الشبهة بأنها مبنیة علی انتزاع مفهوم واحد من مصادیق

[شماره صفحه واقعی : 278]

ص: 1406

کثیرة متباینة بما هی کثیرة متباینة و هو محال.

برهان آخر لو تعدد الواجب بالذات و کان هناک واجبان بالذات مثلا کان بینهما الإمکان بالقیاس من غیر أن یکون بینهما علاقة ذاتیة لزومیة لأنها لا تتحقق بین الشیئین ألا مع کون أحدهما علة و الآخر معلولا أو کونهما معلولین لعلة ثالثة و المعلولیة تنافی وجوب الوجود بالذات.

فإذن لکل واحد منهما حظ من الوجود و مرتبة من الکمال لیس للآخر فذات کل منهما بذاته واجد لشی ء من الوجود و فاقد لشی ء منه و قد تقدم أنه ترکب مستحیل علی الواجب بالذات.

برهان آخر ذکره الفارابی فی الفصوص وجوب الوجود لا ینقسم بالحمل علی کثیرین مختلفین بالعدد و إلا لکان معلولا.

و لعل المراد أنه لو تعدد الواجب بالذات لم یکن الکثرة مقتضی ذاته لاستلزامه أن لا یوجد له مصداق إذ کل ما فرض مصداقا له کان کثیرا و الکثیر لا یتحقق إلا بآحاد و إذ لا واحد مصداقا له فلا کثیر و إذ لا کثیر فلا مصداق له و المفروض أنه واجب بالذات.

فبقی أن تکون الکثرة مقتضی غیره و هو محال لاستلزامه الافتقار إلی الغیر الذی لا یجامع الوجوب الذاتی.

الفصل السادس فی توحید الواجب لذاته فی ربوبیته و أنه لا رب سواه

صوت

[*زنجیرزن]

الفحص البالغ و التدبر الدقیق العلمی یعطی أن أجزاء عالمنا المشهود و هو عالم الطبیعة مرتبطة بعضها ببعض من أجزائها العلویة و السفلیة و أفعالها و انفعالاتها و الحوادث المترتبة علی ذلک فلا تجد خلالها موجودا لا یرتبط بغیره

[شماره صفحه واقعی : 279]

ص: 1407

فی کینونته و تأثیره و تأثره و قد تقدم فی مباحث الحرکة الجوهریة ما یتأید به ذلک.

فلکل حادث من کینونة أو فعل أو انفعال استناد إلی مجموع العالم و یستنتج من ذلک أن بین أجزاء العالم نوعا من الوحدة و النظام الوسیع الجاری فیه واحد فهذا أصل.

ثم إن المتحصل مما تقدم من المباحث و ما سیأتی أن هذا العالم المادی معلول لعالم نوری مجرد عن المادة متقدس عن القوة و أن بین العلة و المعلول سنخیة وجودیة بها یحکی المعلول بما له من الکمال الوجودی بحسب مرتبته الکمال الوجودی المتحقق فی العلة بنحو أعلی و أشرف و الحکم جار إن کان هناک علل عقلیة مجردة بعضها فوق بعض حتی ینتهی إلی الواجب لذاته جل ذکره.

و یستنتج من ذلک أن فوق هذا النظام الجاری فی العالم المشهود نظاما عقلیا نوریا مسانخا له هو مبدأ هذا النظام و ینتهی إلی نظام ربانی فی علمه تعالی هو مبدأ الکل و هذا أیضا أصل.

و من الضروری أیضا أن علة علة الشی ء علة لذلک الشی ء و أن معلول معلول الشی ء معلول لذلک الشی ء و إذ کانت العلل تنتهی إلی الواجب تعالی فکل موجود کیفما فرض فهو أثره و لیس فی العین إلا وجود جواهر و آثارها و النسب و الروابط التی بینها و لا مستقل فی وجوده إلا الواجب بالذات و لا مفیض للوجود إلا هو.

فقد تبین بما تقدم أن الواجب تعالی هو المجری لهذا النظام الجاری فی نشأتنا المشهودة و المدبر بهذا التدبیر العام المظل علی أجزاء العالم و کذا النظامات العقلیة النوریة التی فوق هذا النظام و بحذائه علی ما یلیق بحال کل منها حسب ما له من مرتبة الوجود فالواجب لذاته رب للعالم مدبر لأمره بالإیجاد بعد الإیجاد و لیس للعلل المتوسطة إلا أنها مسخرة للتوسط من غیر

[شماره صفحه واقعی : 280]

ص: 1408

استقلال و هو المطلوب فمن المحال أن یکون فی العالم رب غیره لا واحد و لا کثیر.

علی أنه لو فرض کثرة الأرباب المدبرین لأمر العالم کما یقول به الوثنیة أدی ذلک إلی المحال من جهة أخری و هی فساد النظام بیان ذلک أن الکثرة لا تتحقق إلا بالآحاد و لا آحاد إلا مع تمیز البعض من البعض و لا یتم تمیز إلا باشتمال کل واحد من آحاد الکثرة علی جهة ذاتیة یفقدها الواحد الآخر فیغایر بذلک الآخر و یتمایزان کل ذلک بالضرورة و السنخیة بین الفاعل و فعله تقضی بظهور المغایرة بین الفعلین حسب ما بین الفاعلین فلو کان هناک أرباب متفرقون سواء اجتمعوا علی فعل واحد أو کان لکل جهة من جهات النظام العالمی العام رب مستقل فی ربوبیته کرب السماء و الأرض و رب الإنسان و غیر ذلک أدی ذلک إلی فساد النظام و التدافع بین أجزائه و وحدة النظام و التلازم المستمر بین أجزائه تدفعه.

[*زنجیرزن]

فإن قیل إحکام النظام و إتقانه العجیب الحاکم بین أجزائه یشهد أن التدبیر الجاری تدبیر عن علم و الأصول الحکمیة القاضیة باستناد العالم المشهود إلی علل مجردة عالمة یؤید ذلک فهب أن الأرباب المفروضین متکثرة الذوات و متغایرتها و یؤدی ذلک بالطبع إلی اختلاف الأفعال و تدافعها لکن من الجائز أن یتواطئوا علی التسالم و هم عقلاء و یتوافقوا علی التلاؤم رعایة لمصلحة النظام الواحد و تحفظا علی بقائه.

قلت لا ریب أن العلوم التی یبنی علیها العقلاء أعمالهم صور علمیة و قوانین کلیة مأخوذة من النظام الخارجی الجاری فی العالم فللنظام الخارجی نوع تقدم علی تلک الصور العلمیة و القوانین الکلیة و هی تابعة له ثم هذا النظام الخارجی بوجوده الخارجی فعل أولئک الأرباب المفروضین و من المستحیل أن یتأثر الفاعل فی فعله عن الصور العلمیة المنتزعة عن فعله المتأخرة عن الفعل.

[شماره صفحه واقعی : 281]

ص: 1409

فإن قیل هب أن الأرباب المفروضین الفاعلین للنظام الخارجی لا یتبعون فی فعلهم الصور العلمیة المنتزعة عن الفعل و هی علوم ذهنیة حصولیة تابعة للمعلوم لکن الأرباب المفروضین فواعل علمیة لهم علم بفعلهم فی مرتبة ذواتهم قبل الفعل فلم لا یجوز تواطؤهم علی التسالم و توافقهم علی التلاؤم فی العلم قبل الفعل.

قلت علم الفاعل العلمی بفعله قبل الإیجاد کما سیجی ء و قد تقدمت الإشارة إلیه علم حضوری ملاکه وجدان العلة کمال المعلول بنحو أعلی و أشرف و السنخیة بین العلة و معلولها و فرض تواطؤ الأرباب و توافقهم فی مرتبة هذا المعنی من العلم إلغاء منهم لما فی وجوداتهم من التکثر و التغایر و قد فرض أن وجوداتهم متکثرة متغایرة هذا خلف.

الفصل السابع فی أن الواجب بالذات لا مشارک له فی شی ء من المفاهیم من حیث المصداق

المشارکة بین شیئین و أزید إنما تتم فیما إذا کانا متغایرین متمایزین و کان هناک مفهوم واحد یتصفان به کزید و عمرو المتحدین فی الإنسانیة و الإنسان و الفرس المتحدین فی الحیوانیة فهی وحدة فی کثرة و لا تتحقق الکثرة إلا بآحاد متغایرة متمایزة کل منها مشتمل علی ما یسلب به عنه غیره من الآحاد فکل من المتشارکین مرکب من النفی و الإثبات بحسب الوجود و إذ کان وجود الواجب بالذات حقیقة الوجود الصرف البسیط لا سبیل للترکیب إلیه و لا مجال للنفی فیه فلا یشارکه شی ء فی معنی من المعانی.

[شماره صفحه واقعی : 282]

ص: 1410

و أیضا المفهوم المشترک فیه إما شی ء من الماهیات أو ما یرجع إلیها فلا سبیل للماهیات الباطلة الذوات إلی حقیقة الواجب بالذات التی هی حقة محضة فلا مجانس للواجب بالذات إذ لا جنس له و لا مماثل له إذ لا نوع له و لا مشابه له إذ لا کیف له و لا مساوی له إذ لا کم له و لا مطابق له إذ لا وضع له و لا محاذی له إذ لا أین له و لا مناسب له إذ لا إضافة لذاته و الصفات الإضافیة الزائدة علی الذات کالخلق و الرزق و الإحیاء و الإماتة و غیرها منتزعة من مقام الفعل کما سیأتی إن شاء الله تعالی.

علی أن الصفات الإضافیة ترجع جمیعا إلی القیومیة و إذ لا موجد و لا مؤثر سواه فلا مشارک له فی القیومیة و أما شی ء من المفاهیم المنتزعة من الوجود فالذی للواجب بالذات منها أعلی المراتب غیر المتناهی شدة الذی لا یخالطه نقص و لا عدم و الذی لغیره بعض مراتب الحقیقة المشککة غیر الخالی من نقص و ترکیب فلا مشارکة.

و أما حمل بعض المفاهیم علی الواجب بالذات و غیره کالوجود المحمول باشتراکه المعنوی علیه و علی غیره مع الغض عن خصوصیة المصداق و کذا سائر صفات الواجب بمفاهیمها فحسب کالعلم و الحیاة و الرحمة مع الغض عن الخصوصیات الإمکانیة فلیس من الاشتراک المبحوث عنه فی شی ء.

الفصل الثامن فی صفات الواجب بالذات علی وجه کلی و انقسامها

صوت

[*زنجیرزن]

قد تقدم أن الوجود الواجبی لا یسلب عنه کمال وجودی قط فما فی الوجود من کمال کالعلم و القدرة فالوجود الواجبی واجد له بنحو أعلی و أشرف و هو محمول علیه علی ما یلیق بساحة عزته و کبریائه و هذا هو المراد

[شماره صفحه واقعی : 283]

ص: 1411

بالاتصاف.

ثم إن الصفة تنقسم انقساما أولیا إلی ثبوتیة تفید معنی إیجابیا کالعلم و القدرة و سلبیة تفید معنی سلبیا و لا یکون إلا سلب سلب الکمال فیرجع إلی إیجاب الکمال لأن نفی النفی إثبات کقولنا من لیس بجاهل و من لیس بعاجز الراجعین إلی العالم و القادر و أما سلب الکمال فقد اتضح فی المباحث السابقة أن لا سبیل لسلب شی ء من الکمال إلیه تعالی فالصفات السلبیة راجعة بالحقیقة إلی الصفات الثبوتیة.

و الصفات الثبوتیة تنقسم إلی حقیقیة کالحی و إضافیة کالعالمیة و القادریة و الحقیقیة تنقسم إلی حقیقیة محضة کالحی و حقیقیة ذات إضافة کالخالق و الرازق.

و من وجه آخر تنقسم الصفات إلی صفات الذات و هی التی یکفی فی انتزاعها فرض الذات فحسب و صفات الفعل و هی التی یتوقف انتزاعها علی فرض الغیر و إذ لا موجود غیره تعالی إلا فعله فالصفات الفعلیة هی المنتزعة من مقام الفعل.

الفصل التاسع فی الصفات الذاتیة و أنها عین الذات المتعالیة

اختلف کلمات الباحثین فی الصفات الذاتیة المنتزعة عن الذات الواجبة المقطوعة النظر عما عداها علی أقوال.

الأول أنها عین الذات المتعالیة و کل واحدة منها عین الأخری و هو منسوب إلی الحکماء.

الثانی أنها معان زائدة علی الذات لازمة لها فهی قدیمة بقدمها و هو

[شماره صفحه واقعی : 284]

ص: 1412

منسوب إلی «الأشاعرة».

الثالث أنها زائدة علی الذات حادثة علی ما نسب إلی «الکرامیة».

الرابع أن معنی اتصاف الذات بها کون الفعل الصادر منها فعل من تلبس بالصفة فمعنی کون الذات المتعالیة عالمة أن الفعل الصادر منها متقن محکم ذو غایة عقلائیة کما یفعل العالم و معنی کونها قادرة أن الفعل الصادر منها کفعل القادر فالذات نائبة مناب الصفات.

و ربما یظهر من بعضهم المیل إلی قول آخر و هو أن معنی إثبات الصفات نفی ما یقابلها فمعنی إثبات الحیاة و العلم و القدرة مثلا نفی الموت و الجهل و العجز.

و یظهر من بعضهم أن الصفات الذاتیة عین الذات لکنها جمیعا بمعنی واحد و الألفاظ مترادفة.

و الحق هو القول الأول و ذلک لما تحقق أن الواجب بالذات علة تامة ینتهی إلیه کل موجود ممکن بلا واسطة أو بواسطة أو وسائط بمعنی أن الحقیقیة الواجبیة هی العلة بعینها و تحقق أیضا أن کل کمال وجودی فی المعلول فعلته فی مقام علیته واجدة له بنحو أعلی و أشرف فللواجب بالذات کل کمال وجودی مفروض علی أنه وجود صرف لا یخالطه عدم و تحقق أن وجوده صرف بسیط واحد بالوحدة الحقة فلیس فی ذاته تعدد جهة و لا تغایر حیثیة فکل کمال وجوده مفروض فیه عین ذاته و عین الکمال الآخر المفروض له فالصفات الذاتیة التی للواجب بالذات کثیرة مختلفة مفهوما واحدة عینا و مصداقا و هو المطلوب.

[*زنجیرزن]

و قول بعضهم أن علة الإیجاد هی إرادة الواجب بالذات دون ذاته المتعالیة کلام لا محصل له فإن الإرادة المذکورة عند هذا القائل إن کانت صفة ذاتیة هی عین الذات کان إسناد الإیجاد إلیها عین إسناده إلی الذات المتعالیة فإسناده إلیها و نفیه عن الذات تناقض ظاهر و إن کانت صفة

[شماره صفحه واقعی : 285]

ص: 1413

فعلیة منتزعة من مقام الفعل کان الفعل متقدما علیها فکان إسناد إیجاد الفعل إلیها قولا بتقدم المعلول علی العلة و هو محال.

علی أن نسبة العلیة إلی إرادة الواجب بالذات و نفیها عن الذات تقضی بالمغایرة بین الواجب و إرادته فهذه الإرادة إما مستغنیة عن العلة فلازمه أن تکون واجبة الوجود و لازمه تعدد الواجب و هو محال و إما مفتقرة إلی العلة فإن کانت علتها الواجب کانت الإرادة علة للعالم و الواجب علة لها و علة العلة علة فالواجب علة العالم و إن کانت علتها غیر الواجب و لم ینته إلیه استلزم واجبا آخر تنتهی إلیه و هو محال.

و أما القول الثانی المنسوب إلی «الأشاعرة» و هو أن هذه الصفات و هی علی ما عدوها سبع الحیاة و العلم و القدرة و السمع و البصر و الإرادة و الکلام زائدة علی الذات لازمة لها قدیمة بقدمها.

ففیه أن هذه الصفات إن کانت فی وجودها مستغنیة عن العلة قائمة بنفسها کان هناک واجبات ثمان هی الذات و الصفات السبع و براهین وحدانیة الواجب تبطله و تحیله و إن کانت فی وجودها مفتقرة إلی علة فإن کانت علتها هی الذات کانت الذات علة متقدمة علیها فیاضة لها و هی فاقدة لها و هو محال و إن کانت علتها غیر الذات کانت واجبة بالغیر و ینتهی وجوبها بالغیر إلی واجب آخر غیر الواجب المتصف بها و براهین وحدانیة الواجب بالذات تبطله أیضا و أیضا کان لازم ذلک حاجة الواجب بالذات فی اتصافه بصفات الکمال إلی غیره و الحاجة کیفما کانت تنافی وجوب الوجود بالذات.

و أیضا لازمه فقدان الواجب فی ذاته صفات الکمال و قد تقدم أنه صرف الوجود الذی لا یفقد شیئا من الکمال الوجودی.

و أما القول الثالث المنسوب إلی «الکرامیة» و هو کون هذه الصفات زائدة حادثة ففیه أن لازمه إمکانها و احتیاجها إلی العلة و علتها إما هی الذات و

[شماره صفحه واقعی : 286]

ص: 1414

لازمه أن تفیض الذات لنفسها ما هی فاقدة له و قد تحقق استحالته و أما غیر الذات و لازمه تحقق جهة إمکانیة فیها و انسلاب کمالات وجودیة عنها و قد تحقق استحالته.

و أما القول الرابع المنسوب إلی «المعتزلة» و هو نیابة الذات عن الصفات ففیه أن لازمه فقدان الذات للکمال و هی فیاضة لکل کمال و هو محال.

و بهذا یبطل أیضا ما قیل إن معنی الصفات الذاتیة الثبوتیة سلب مقابلاتها فمعنی الحیاة و العلم و القدرة نفی الموت و نفی الجهل و نفی العجز.

و أما ما قیل من کون هذه الصفات عین الذات و هی مترادفة بمعنی واحد فکأنه من اشتباه المفهوم بالمصداق فالذی یثبته البرهان أن مصداقها واحد و أما المفاهیم فمتغایرة لا تتحد أصلا علی أن اللغة و العرف یکذبان الترادف.

الفصل العاشر فی الصفات الفعلیة و أنها زائدة علی الذات

صوت

[*زنجیرزن]

لا ریب أن للواجب بالذات صفات فعلیة مضافة إلی غیره کالخالق و الرازق و المعطی و الجواد و الغفور و الرحیم إلی غیر ذلک و هی کثیرة جدا یجمعها صفة القیوم.

و لما کانت مضافة إلی غیره تعالی کانت متوقفة فی تحققها إلی تحقق الغیر المضاف إلیه و حیث کان کل غیر مفروض معلولا للذات المتعالیة متأخرا عنها کانت الصفة المتوقفة علیه متأخرة عن الذات زائدة علیها فهی منتزعة من مقام الفعل منسوبة إلی الذات المتعالیة.

فالموجود الإمکانی مثلا له وجود لا بنفسه بل بغیره فإذا اعتبر بالنظر إلی

[شماره صفحه واقعی : 287]

ص: 1415

نفسه کان وجودا و إذا اعتبر بالنظر إلی غیره کان إیجادا منه و صدق علیه أنه موجد له ثم إن وجوده باعتبارات مختلفة إبداع و خلق و صنع و نعمة و رحمة فیصدق علی موجده أنه مبدع خالق صانع منعم رحیم.

ثم إن الشی ء الذی هو موجده إذا کان مما لوجوده بقاء ما فإن بین یدیه ما یدیم به بقاءه و یرفع به جهات نقصه و حاجته إذا اعتبر فی نفسه انتزع منه أنه رزق یرتزق به و إذا اعتبر من حیث إنه لا بنفسه بل بغیره الذی هو علته الفیاضة له صدق علی ذلک الغیر أنه رازق له ثم صدق علی الرزق أنه عطیة و نعمة و موهبة و جود و کرم بعنایات أخر مختلفة و صدق علی الرازق أنه معط منعم وهاب جواد کریم إلی غیر ذلک و علی هذا القیاس سائر الصفات الفعلیة المتکثرة بتکثر جهات الکمال فی الوجود.

و هذه الصفات الفعلیة صادقة علیه تعالی صدقا حقیقیا لکن لا من حیث خصوصیات حدوثها و تأخرها عن الذات المتعالیة حتی یلزم التغیر فیه تعالی و تقدس و ترکب ذاته من حیثیات متغایرة کثیرة بل من حیث إن لها أصلا فی الذات ینبعث عنه کل کمال و خیر فهو تعالی بحیث یقوم به کل کمال ممکن فی موطنه الخاص به.

فهو تعالی بحیث إذا أمکن شی ء کان مرادا له و إذا أراد شیئا أوجده و إذا أوجده رباه و إذا رباه أکمله و هکذا فللواجب تعالی وجوبه و قدمه و للأشیاء إمکانها و حدوثها.

الفصل الحادی عشر فی علمه تعالی

قد تحقق فیما تقدم أن لکل مجرد علما بذاته لحضور ذاته المجردة عن المادة

[شماره صفحه واقعی : 288]

ص: 1416

لذاته و لیس العلم إلا حضور شی ء لشی ء و الواجب تعالی منزه عن المادة و القوة فذاته معلومة لذاته.

و قد تقدم أیضا أن ذاته المتعالیة حقیقة الوجود الصرف البسیط الواحد بالوحدة الحقة الذی لا یداخله نقص و لا عدم فلا کمال وجودیا فی تفاصیل الخلقة بنظامها الوجودی إلا و هی واجدة له بنحو أعلی و أشرف غیر متمیز بعضها من بعض لمکان الصرافة و البساطة فما سواه من شی ء فهو معلوم له تعالی فی مرتبة ذاته المتعالیة علما تفصیلیا فی عین الإجمال و إجمالیا فی عین التفصیل.

و قد تقدم أیضا أن ما سواه من الموجودات معالیل له منتهیة إلیه بلا واسطة أو بواسطة أو وسائط قائمة الذوات به قیام الرابط بالمستقل حاضرة عنده بوجوداتها غیر محجوبة عنه فهی معلومة له فی مرتبة وجوداتها علما حضوریا أما المجردة منها فبأنفسها و أما المادیة فبصورها المجردة.

[*زنجیرزن]

فتبین بما مر أن للواجب تعالی علما بذاته فی مرتبة ذاته و هو عین ذاته و أن له تعالی علما بما سوی ذاته من الموجودات فی مرتبة ذاته و هو المسمی بالعلم قبل الإیجاد و أنه علم إجمالی فی عین الکشف التفصیلی و أن له تعالی علما تفصیلیا بما سوی ذاته من الموجودات فی مرتبة ذواتها خارجا من الذات المتعالیة و هو العلم بعد الإیجاد و أن علمه حضوره کیفما صور فهذه خمس مسائل.

و یتفرع علی ذلک أن کل علم متقرر فی مراتب الممکنات من العلل المجردة العقلیة و المثالیة فإنه علم له تعالی.

و یتفرع أیضا أنه سمیع بصیر کما أنه علیم خبیر لما أن حقیقة السمع و البصر هی العلم بالمسموعات و العلم بالمبصرات من مطلق العلم و له تعالی کل علم.

و للباحثین فی علمه تعالی اختلاف کثیر حتی أنکره بعضهم من أصله و

[شماره صفحه واقعی : 289]

ص: 1417

هو محجوج بما قام علی ذلک من البرهان.

و للمثبتین مذاهب شتی أحدها أن له تعالی علما بذاته دون معلولاتها لأن الذات المتعالیة أزلیة و کل معلول حادث.

و فیه أن العلم بالمعلول فی الأزل لا یستوجب کونه موجودا فی الأزل بوجوده الخاص به علی أن مبنی علی انحصار العلم الحضوری فی علم الشی ء بنفسه و أن ما دون ذلک حصولی تابع للمعلوم و هو ممنوع بما تقدم إثباته من أن للعلة المجردة علما حضوریا بمعلولها المجرد و قد قام البرهان علی أن له تعالی علما حضوریا بمعلولاته قبل الإیجاد فی مرتبة الذات و علما حضوریا بها بعد الإیجاد فی مرتبة المعلولات.

الثانی ما ینسب إلی «أفلاطون» أن علمه تعالی التفصیلی هو العقول المجردة و المثل الإلهیة التی تجتمع فیها کمالات الأنواع تفصیلا.

و فیه أن ذلک من العلم بعد الإیجاد و هو فی مرتبة وجوداتها الممکنة و انحصار علمه تعالی التفصیلی بالأشیاء فیها یستلزم خلو الذات المتعالیة فی ذاتها عن الکمال العلمی و هو وجود صرف لا یشذ عنه کمال من الکمالات الوجودیة.

الثالث ما ینسب إلی «فرفوریوس» أن علمه تعالی بالاتحاد مع المعلوم.

و فیه أن ذلک إنما یکفی لبیان تحقق العلم و أن ذلک باتحاد العاقل مع المعقول لا بالعروض و نحوه و لا یکفی لبیان ثبوت العلم بالأشیاء قبل الإیجاد أو بعده.

الرابع ما ینسب إلی «شیخ الإشراق» و تبعه جمع ممن بعده من المحققین أن الأشیاء أعم من المجردات و المادیات حاضرة بوجودها العینی له تعالی غیر غائبة و لا محجوبة عنه و هو علمه التفصیلی بالأشیاء بعد الإیجاد فله تعالی علم إجمالی بها بتبع علمه بذاته.

[شماره صفحه واقعی : 290]

ص: 1418

و فیه أولا أن قوله بحضور المادیات له تعالی ممنوع فالمادیة لا تجامع الحضور علی ما بین فی مباحث العاقل و المعقول و ثانیا أن قصر العلم التفصیلی بالأشیاء فی مرتبة وجوداتها یوجب خلو الذات المتعالیة الفیاضة لکل کمال تفصیلی فی الأشیاء عن تفصیلها و هی وجود صرف جامع لکل کمال وجودی بنحو أعلی و أشرف.

[*زنجیرزن]

الخامس ما ینسب إلی «الملطی» أنه تعالی یعلم العقل الأول و هو الصادر الأول بحضوره عنده و یعلم سائر الأشیاء مما دون العقل الأول بارتسام صورها فی العقل الأول.

و فیه أنه یرد علیه ما یرد علی القول السابق من لزوم خلو الذات المتعالیة عن الکمال و هی واجدة لکل کمال علی أنه قد تقدم فی مباحث العاقل و المعقول أن العقول المجردة لا علم ارتسامیا حصولیا لها.

السادس قول بعضهم إن ذاته المتعالیة علم تفصیلی بالمعلول الأول و إجمالی بما دونه و ذات المعلول الأول علم تفصیلی بالمعلول الثانی و إجمالی بما دونه و علی هذا القیاس.

و فیه محذور خلو الذات المتعالیة عن کمال العلم بما دون المعلول الأول و هی وجود صرف لا یسلب عنه کمال.

السابع ما ینسب إلی أکثر المتأخرین أن له تعالی علما تفصیلیا بذاته و هو علم إجمالی بالأشیاء قبل الإیجاد و أما علمه التفصیلی بالأشیاء فهو بعد وجودها لأن العلم تابع للمعلوم و لا معلوم قبل الوجود العینی.

و فیه خلو الذات المتعالیة عن الکمال العلمی کما فی الوجوه السابقة علی أن فیه إثبات العلم الارتسامی الحصولی فی الوجود المجرد المحض.

الثامن ما ینسب إلی «المشائین» أن له تعالی علما حضوریا بذاته المتعالیة و علما تفصیلیا حصولیا بالأشیاء قبل إیجادها بحضور ماهیاتها علی النظام الموجود فی الخارج لذاته تعالی لا علی وجه الدخول بعینیة أو جزئیة بل علی

[شماره صفحه واقعی : 291]

ص: 1419

نحو قیامها بها بالثبوت الذهنی علی وجه الکلیة بمعنی عدم تغیر العلم بتغیر المعلوم علی ما اصطلح علیه فی مباحث العلم فهو علم عنائی یستتبع فیه حصول المعلوم علما حصوله عینا.

و فیه أولا ما فی سابقه من محذور خلو الذات عن الکمال و ثانیا ما فی سابقه أیضا من محذور ثبوت العلم الحصولی فیما هو مجرد ذاتا و فعلا و ثالثا أن لازمه ثبوت وجود ذهنی من غیر عینی یقاس إلیه و لازمه أن یعود وجودا آخر عینیا للماهیة قبل وجودها الخاص بها و هو منفصل الوجود عنه تعالی و یرجع بالدقة إلی القول الثانی المنسوب إلی «أفلاطون».

و اعلم أن أکثر المتکلمین علی هذا القول و إن طعنوا فیه من حیث عده العلم قبل الإیجاد کلیا زعما منهم أن المراد بالکلی ما اصطلح علیه فی مبحث الکلی و الجزئی من المنطق و ذلک أنهم اختاروا أن العلم التفصیلی قبل الإیجاد حصولی و أنه علی حاله قبل وجود الأشیاء و بعد وجودها من غیر تغییر.

التاسع قول «المعتزلة» إن للماهیات ثبوتا عینیا فی العدم و هو الذی تعلق به علمه تعالی قبل الإیجاد.

و فیه أنه قد تقدم بطلان القول بثبوت المعدومات.

العاشر ما نسب إلی «الصوفیة» أن للماهیات ثبوتا علمیا بتبع الأسماء و الصفات هو الذی تعلق به علمه تعالی قبل الإیجاد.

و فیه أن أصالة الوجود و اعتباریة الماهیة تنفی أی ثبوت مفروض للماهیات قبل ثبوتها العینی الخاص بها.

الفصل الثانی عشر فی العنایة و القضاء و القدر

صوت

[*زنجیرزن]

ذکروا أن من مراتب علمه تعالی العنایة و القضاء و القدر لصدق کل

[شماره صفحه واقعی : 292]

ص: 1420

منها بمفهومه الخاص علی خصوصیة من خصوصیات علمه تعالی.

أما العنایة و هی کون الصورة العلمیة علة موجبة للمعلوم الذی هو الفعل فإن علمه التفصیلی بالأشیاء و هو عین ذاته علة لوجودها بما له من الخصوصیات المعلومة فله تعالی عنایة بخلقه.

و أما القضاء فهو بمفهومه المعروف جعل النسبة التی بین موضوع و محموله ضروریة موجبة فقول القاضی مثلا فی قضائه فیما إذا تخاصم زید و عمرو فی مال أو حق و رفعا إلیه الخصومة و النزاع و ألقیا إلیه حجتهما المال لزید و الحق لعمرو إثبات المالکیة لزید و إثبات الحق لعمرو إثباتا ضروریا یرتفع به التزلزل و التردد الذی أوجده التخاصم و النزاع قبل القضاء و فصل الخصومة و بالجملة قضاء القاضی إیجابه الأمر إیجابا علمیا یتبعه إیجابه الخارجی اعتبارا.

و إذا أخذ هذا المعنی حقیقیا بالتحلیل غیر اعتباری انطبق عن الوجوب الذی یتلبس به الموجودات الممکنة من حیث نسبتها إلی عللها التامة فإن الشی ء ما لم یجب لم یوجد و هذا الوجوب الغیری من حیث نسبته إلی العلة التامة إیجاب و لا شی ء فی سلسلة الوجود الإمکانی إلا و هو واجب موجب بالغیر و العلل تنتهی إلی الواجب بالذات فهو العلة الموجبة لها و لمعلولاتها.

و إذ کانت الموجودات الممکنة بما لها من النظام الأحسن فی مرتبة وجوداتها العینیة علما فعلیا للواجب تعالی فما فیها من الإیجاب قضاء منه تعالی و فوقه العلم الذاتی منه المنکشف له به کل شی ء علی ما هو علیه فی الأعیان علی التفصیل بنحو أعلی و أشرف.

فالقضاء قضاءان قضاء ذاتی خارج من العالم و قضاء فعلی داخلی فیه و من هنا یظهر ضعف ما نسب إلی المشهور أن القضاء هو ما عند المفارقات العقلیة من العلم بالموجودات الممکنة بما لها من النظام.

و کذا ما ذهب إلیه «صدر المتألهین» ره أن القضاء هو العلم الذاتی المتعلق

[شماره صفحه واقعی : 293]

ص: 1421

بتفاصیل الخلقة قال فی الأسفار: «و أما القضاء فهو عندهم عبارة عن وجود الصور العقلیة لجمیع الموجودات فائضة عنه تعالی علی سبیل الإبداع دفعة بلا زمان لکونها عندهم من جملة العالم و من أفعال الله المباینة ذواتها لذاته و عندنا صور علمیة لازمة لذاته بلا جعل و لا تأثیر و تأثر و لیست من أجزاء العالم إذ لیست لها حیثیة عدمیة و لا إمکانات واقعیة فالقضاء الربانی و هو صورة علم الله قدیم بالذات باق ببقاء الله»انتهی. ج 6 ص 292.

و ینبغی أن یحمل قوله صور علمیة لازمة لذاته علی العلم الذاتی الذی لا ینفک عن الذات و إلا فلو کانت لازمة خارجة کانت من العالم و لم تکن قدیمة بالذات کما صرح بذلک علی أنها لو کانت حضوریة انطبقت علی قول «أفلاطون» فی العلم و هو ره لا یرتضیه و لو کانت حصولیة انطبقت علی قول «المشائین» و هو ره لا یرتضیه أیضا.

و وجه الضعف فی القولین أن صدق القضاء بمفهومه علی إحدی المرتبتین من العلم أعنی العلم الذاتی و العلم الفعلی لا ینفی صدقه علی الأخری فالحق أن القضاء قضاءان ذاتی و فعلی کما تقدم بیانه.

[*زنجیرزن]

و أما القدر فهو ما یلحق الشی ء من کمیة أو حد فی صفاته و آثاره و التقدیر تعیین ما یلحقه من الصفات و الآثار تعیینا علمیا یتبعه العمل علی حسب ما تسعه الأسباب و الأدوات الموجودة کما أن الخیاط یقدر ما یخیطه من اللباس علی الثوب الذی بین یدیه ثم یخیط علی ما قدر و البناء یقدر ما یریده من البناء علی القاعة من الأرض علی حسب ما تسعه و تعین علیه الأسباب و الأدوات الموجودة عنده ثم یبنی البناء علی طبق ما قدر لأسباب متجددة توجب علیه ذلک فالتقدیر بالنسبة إلی الشی ء المقدر کالقالب الذی یقلب به الشی ء یحد به الشی ء بحد أو حدود لا یتعداها.

و إذا أخذ هذا المعنی بالتحلیل حقیقیا انطبق علی الحدود التی تلحق

[شماره صفحه واقعی : 294]

ص: 1422

الموجودات المادیة من ناحیة عللها الناقصة بما لها من الصور العلمیة فی النشأة التی فوقها فإن لکل واحدة من العلل الناقصة بما فیها من الحیثیات المختلفة أثرا فی المعلول یخصص إطلاقه فی صفته و أثره فإذا تم التخصیص بتمام العلة التامة حصل له التعین و التشخص بالوجود الذی تقتضیه العلة التامة فللإنسان مثلا خاصة الرؤیة لکن لا بکل وجوده بل من طریق بدنه و لا ببدنه کله بل بعضو منه مستقر فی وجهه فلا یری إلا ما یواجهه و لا کل ما یواجهه بل الجسم و لا کل جسم بل الکثیف من لأجسام ذا اللون و لا نفس الجسم بل سطحه و لا کل سطوحه بل السطح المحاذی و لا فی کل وضع و لا فی کل حال و لا فی کل مکان و لا فی کل زمان فلئن أحصیت الشرائط الحافة حول رؤیة واحدة شخصیة ألفیت جما غفیرا لا یحیط به الإحصاء و ما هی إلا حدود ألحقها بها العلل الناقصة التی تحد الرؤیة المذکورة بما تضع فیها من أثر و منها ما یمنعه الموانع من التأثیر.

و هذه الحدود جهات وجودیة تلازمها سلوب کما تبین آنفا و لها صور علمیة فی نشأة المثال التی فوق نشأة المادة تتقدر بها صفات الأشیاء و آثارها فلا سبیل لشی ء منها إلا إلی صفة أو أثر هداه إلیه التقدیر.

فإن قلت لازم هذا البیان کون الإنسان مجبرا غیر مختار فی أفعاله قلت کلا فإن الاختیار أحد الشرائط التی یحد بها فعل الإنسان و قد فصلنا القول فی دفع هذه الشبهة فی مباحث الوجود و فی مباحث العلة و المعلول.

فإن قلت هلا عممتم القول فی القدر و هو ضرب الحدود للشی ء من حیث صفاته و آثاره فی علم سابق یتبعه العین حتی یعمم الماهیات الإمکانیة فإن الماهیات أیضا حدود لموضوعاتها تتمیز من غیرها و تلازمها سلوب لا تتعداها و قد تقدم أن کل ذی ماهیة فهو ممکن و أن الممکن مرکب الذات من الإیجاب و السلب فیعم القدر کل ممکن سواء کان عقلا

[شماره صفحه واقعی : 295]

ص: 1423

مجردا أو مثالا معلقا أو طبیعة مادیة و یکون العلم السابق الذی یتقدر به الشی ء علما ذاتیا.

و بالجملة یکون القدر بحسب العین هو التعین المنتزع من الوجود العینی و التقدیر هو التعیین العلمی الذی یتبعه العین کما أن المقضی هو الوجوب المنتزع من الوجود العینی و القضاء هو الإیجاب العلمی الذی یستتبعه سواء کان من حیث الماهیة و الذات أو من حیث الصفات و الآثار.

قلت کون الماهیة حدا ذاتیا للممکن لا ریب فیه لکنهم راعوا فی بحث القدر ظاهر مفهومه و هو الحد الذی یلحق الشی ء فیما هو موضوع له من الصفات و الآثار دون أصل الذات فلا یعم ما وراء الطبائع التی لها تعلق ما بالمادة.

و غرضهم من عقد هذا البحث بیان أن الممکن لیس مرخی العنان فیما یلحق به من الصفات و الآثار مستقلا عن الواجب تعالی فیما یتصف به أو یفعل بل الأمر فی ذلک إلیه تعالی فلا یقع إلا ما قدره و هذا قریب المعنی من قولهم علة علة الشی ء علة لذلک الشی ء.

کما أن غرضهم من بحث القضاء بیان أن الممکن لا یقع إلا بوجوب غیری ینتهی إلیه فی علم سابق و هو قریب المعنی من قولهم الشی ء ما لم یجب لم یوجد.

الفصل الثالث عشر فی قدرته تعالی

صوت

[*زنجیرزن]

إن من المعانی التی نعدها من الکمالات الوجودیة القدرة و لا تکون إلا فی الفعل دون الانفعال فلا نعد انفعال الشی ء عن غیره شدیدا کان أو

[شماره صفحه واقعی : 296]

ص: 1424

ضعیفا قدرة و لا فی کل فعل بل فی الفعل الذی لفاعله علم به فلا نسمی مبدئیة الفواعل الطبیعیة العادمة للشعور قدرة لها و لا فی کل فعل لفاعله علم به بل فی الفعل العلمی الذی یبعث العلم به فاعله علی الفعل فلیست مبدئیة الإنسان مثلا لأفعاله الطبیعیة البدنیة قدرة و إن کان له علم بها بل الفعل الذی یعلم الفاعل أنه خیر له من حیث إنه هذا الفاعل بأن یتصوره و یصدق أنه خیر له من حیث إنه هذا الفاعل.

و لازم العلم بکون الفعل خیرا للفاعل أن یکون کمالا له یقتضیه بنفسه فإن خیر کل نوع هو الکمال المترتب علیه و الطبیعة النوعیة هی المبدأ المتقضی له و إذا فرض أنه عالم بکونه خیرا له و کمالا یقتضیه انبعث الفاعل إلیه بذاته لا بإیجاب مقتض غیره و تحمیله علیه فلا قدرة مع الإجبار و القادر مختار بمعنی أن الفعل إنما یتعین له بتعیین منه لا بتعیین من غیره.

ثم إذا تم العلم بکون الفعل خیرا أعقب ذلک شوقا من الفاعل إلی الفعل فالخیر محبوب مطلقا مشتاق إلیه إذا فقد و هذا الشوق کیفیة نفسانیة غیر العلم السابق قطعا و أعقب ذلک الإرادة و هی کیفیة نفسانیة غیر العلم السابق و غیر الشوق قطعا و بتحققها یتحقق الفعل الذی هو تحریک العضلات بواسطة القوة العاملة المنبثة فیها.

هذا ما یکشف البحث عن القدرة التی عندنا من القیود التی فیها و هی المبدئیة للفعل و العلم بأنه خیر للفاعل علما یلازم کونه مختارا فی فعله و الشوق إلی الفعل و الإرادة له و قد تحقق أن کل کمال وجودی فی الوجود فإنه موجود للواجب تعالی فی حد ذاته فهو تعالی عین القدرة الواجبیة لکن لا سبیل لتطرق الشوق علیه لکونه کیفیة نفسانیة تلازم الفقد و الفقد یلازم النقص و هو تعالی منزه عن کل نقص و عدم.

و کذلک الإرادة التی هی کیفیة نفسانیة غیر العلم و الشوق فإنها ماهیة ممکنة و الواجب تعالی منزه عن الماهیة و الإمکان.

[شماره صفحه واقعی : 297]

ص: 1425

علی أن الإرادة بهذا المعنی هی مع المراد إذا کان من الأمور الکائنة الفاسدة لا توجد قبله و لا تبقی بعده فاتصاف الواجب تعالی بها مستلزم لتغیر الموصوف و هو محال.

فتحصل أن القدرة المجردة عن النواقص و الأعدام هی کون الشی ء مبدأ فاعلیا للفعل عن علم بکونه خیرا و اختیارا فی ترجیحه و الواجب تعالی مبدأ فاعلی لکل موجود بذاته له علم بالنظام الأصلح فی الأشیاء بذاته و هو مختار فی فعله بذاته إذ لا مؤثر غیره یؤثر فیه فهو تعالی قادر بذاته و ما أوردناه من البیان یجری فی العقول المجردة أیضا.

[*زنجیرزن]

فإن قلت ما سلکتموه من الطریق لإثبات القدرة للواجب تعالی خلو عن إثبات الإرادة بما هی إرادة له و الذی ذکروه فی تعریف القدرة بأنها کون الشی ء بحیث إن شاء فعل و إن لم یشأ لم یفعل یتضمن إثبات الإرادة صفة ذاتیة للواجب مقومة للقدرة غیر أنهم فسروا الإرادة الواجبیة بأنها علم بالنظام الأصلح.

قلت ما ذکروه فی معنی القدرة یرجع إلی ما أوردناه فی معناها المتضمن للقیود الثلاثة المبدئیة و العلم و الاختیار فما ذکروه فی معنی قدرته تعالی حق و إنما الشأن کل الشأن فی أخذهم علمه تعالی مصداقا للإرادة و لا سبیل إلی إثبات ذلک فهو أشبه بالتسمیة.

فإن قلت من الجائز أن یکون لوجود واحد ما بحسب نشأته المختلفة ماهیات مختلفة و مراتب متفاوتة کالعلم الذی إذا تعلق بالخارج منا هو کیف نفسانی و إذا تعلق بنفوسنا جوهر نفسانی و علم العقل بذاته جوهر عقلی و علم الواجب بذاته واجب بالذات و علم الممکن بذاته ممکن بالذات فکون الإرادة التی فینا کیفا نفسانیا لا یدفع کون إرادة الواجب لفعله هو علمه الذاتی.

ثم إن من المسلم أن الفاعل المختار لا یفعل ما یفعل إلا بإرادة و مشیة

[شماره صفحه واقعی : 298]

ص: 1426

و الواجب تعالی فاعل مختار فله إرادة لفعله لکن الإرادة التی فینا و هی الکیف النفسانی غیر متحققة هناک و لیس هناک إلا العلم و ما یلزمه من الاختیار فعلمه تعالی هو إرادته فهو تعالی مرید بما أنه عالم بعلمه الذی هو عین ذاته.

قلت الذی نتسلمه أن الفاعل المختار من الحیوان لا یفعل ما یفعل إلا عن علم بمصلحة الفعل و إرادة بمعنی الکیف النفسانی و أن الواجب تعالی لا یفعل ما یفعل إلا عن علم بمصلحة الفعل و أما أن هذا العلم الذی هناک وجوده وجود الإرادة و المشیة و إن لم یکن ماهیته هی الکیف النفسانی فغیر مسلم نعم لنا أن ننتزع الإرادة من مقام الفعل کسائر الصفات الفعلیة کما تقدمت الإشارة إلیه فی البحث عن صفات الفعل و سیجی ء.

و بالجملة لا دلیل علی صدق مفهوم الإرادة علی علم الواجب تعالی بالنظام الأصلح فإن المراد بمفهومها إما هو الذی عندنا فهو کیفیة نفسانیة مغایرة للعلم و إما مفهوم آخر یقبل الصدق علی العلم بأن الفعل خیر فلا نعرف للإرادة مفهوما کذلک و لذا قدمنا أن القول بأن علم الواجب تعالی بالنظام الأحسن إرادة منه أشبه بالتسمیة.

و لا ینبغی أن یقاس الإرادة بالعلم الذی یقال إنه کیفیة نفسانیة ثم یجرد عن الماهیة و یجعل حیثیة وجودیة عامة موجودة للواجب تعالی وصفا ذاتیا هو عین الذات و ذلک لأنا و لو سلمنا أن بعض مصادیق العلم و هو العلم الحصولی کیف نفسانی فبعض آخر من مصادیقه و هو العلم الحضوری جوهر أو غیر ذلک و قد تحقق أن المفهوم الصادق علی أکثر من مقولة واحدة وصف وجودی غیر مندرج تحت مقولة منتزع عن الوجود بما هو وجود فللعلم معنی جامع یهدی إلیه التحلیل و هو حضور شی ء لشی ء.

[*زنجیرزن]

فإن قلت لو کانت الإرادة لا یعرف لها معنی إلا الکیفیة النفسانیة التی فی الحیوان فما بالها تنتزع من مقام الفعل و لا کیفیة نفسانیة هناک فهو

[شماره صفحه واقعی : 299]

ص: 1427

الشاهد علی أن لها معنی أوسع من الکیفیة النفسانیة و أنها صفة وجودیة کالعلم.

قلت اللفظ کما یطلق و یراد به معناه الحقیقی کذلک یطلق و یراد به لوازم المعنی الحقیقی و آثاره المتفرعة علیه توسعا و الصفات المنتزعة من مقام الفعل لما کانت قائمة بالفعل حادثة بحدوث الفعل متأخرة بالذات عن الذات القدیمة بالذات استحال أن یتصف به الذات الواجبة بالذات سواء کان الاتصاف بنحو العینیة أو بنحو العروض کما تبین فی ما تقدم إلا أن یراد بها لوازم المعنی الحقیقی و آثاره المتفرعة علیه توسعا فالرحمة مثلا فیما عندنا تأثر و انفعال نفسانی من مشاهد مسکین محتاج إلی کمال کالعافیة و الصحة و البقاء و یترتب علیه أن یرفع الراحم حاجته و فاقته فهی صفة محمودة کمالیة و یستحیل علیه تعالی التأثر و الانفعال فلا یتصف بحقیقة معناها لکن تنتزع من ارتفاع الحاجة و التلبس بالغنی مثلا أنها رحمة لأنه من لوازمها و إذ کان رحمة لها نسبة إلیه تعالی اشتق منه صفة الرحیم صفة فعل له تعالی و الأمر علی هذا القیاس.

و الإرادة المنسوبة إلیه تعالی منها منتزعة من مقام الفعل إما من نفس الفعل الذی یوجد فی الخارج فهو إرادة ثم إیجاب ثم وجوب ثم إیجاد ثم وجود و إما من حضور العلة التامة للفعل کما یقال عند مشاهدة جمع الفاعل أسباب الفعل لیفعل أنه یرید کذا فعلا.

الفصل الرابع عشر فی أن الواجب تعالی مبدأ لکل ممکن موجود و هو المبحث المعنون عنه بشمول إرادته للأفعال
اشارة

الذی حققته الأصول الماضیة هو أن الأصیل من کل شی ء وجوده و

[شماره صفحه واقعی : 300]

ص: 1428

أن الموجود ینقسم إلی واجب بالذات و غیره و أن ما سوی الواجب بالذات سواء کان جوهرا أو عرضا و بعبارة أخری سواء کان ذاتا أو صفة أو فعلا له ماهیة ممکنة بالذات متساویة النسبة إلی الوجود و العدم و أن ما شأنه ذلک یحتاج فی تلبسه بأحد الطرفین من الوجود و العدم إلی مرجح یعین ذلک و یوجبه و هو العلة الموجبة فما من موجود مکن إلا و هو محتاج فی وجوده حدوثا و بقاء إلی علة توجب وجوده و توجده واجبة بالذات أو منتهیة إلی الواجب بالذات و علة علة الشی ء علة لذلک الشی ء.

فما من شی ء ممکن موجود سوی الواجب بالذات حتی الأفعال الاختیاریة إلا و هو فعل الواجب بالذات معلول له بلا واسطة أو بواسطة أو وسائط.

و من طریق آخر قد تبین فی مباحث العلة و المعلول أن وجود المعلول بالنسبة إلی العلة وجود رابط غیر مستقل متقوم بوجود العلة فالوجودات الإمکانیة کائنة ما کانت روابط بالنسبة إلی وجود الواجب بالذات غیر مستقلة منه محاطة له بمعنی ما لیس بخارج فما فی الوجود إلا ذات واحدة مستقلة به تتقوم هذه الروابط و تستقل فالذوات و ما لها من الصفات و الأفعال أفعال له.

فهو تعالی فاعل قریب لکل فعل و لفاعله و أما الاستقلال المتراءی من کل علة إمکانیة بالنسبة إلی معلولها فهو الاستقلال الواجبی الذی لا استقلال دونه بالحقیقة.

[*زنجیرزن]

و لا منافاة بین کونه تعالی فاعلا قریبا کما یفیده هذا البرهان و بین کونه فاعلا بعیدا کما یفیده البرهان السابق المبنی علی ترتب العلل و کون علة علة الشی ء علة لذلک الشی ء فإن لزوم البعد مقتضی اعتبار النفسیة لوجود ماهیات العلل و المعلولات علی ما یفیده النظر البدوی و القرب هو الذی یفیده النظر الدقیق.

[شماره صفحه واقعی : 301]

ص: 1429

و من الواضح أن لا تدافع بین استناد الفعل إلی الفاعل الواجب بالذات و الفاعل الذی هو موضوعه کالإنسان مثلا فإن الفاعلیة طولیة لا عرضیة.

و ذهب جمع من المتکلمین و هم «المعتزلة» و من تبعهم إلی أن الأفعال الاختیاریة مخلوقة للإنسان لیس للواجب تعالی فیها شأن بل الذی له أن یقدر الإنسان علی الفعل بأن یخلق له الأسباب التی یقدر بها علی الفعل کالقوی و الجوارح التی یتوصل بها إلی الفعل باختیاره الذی یصحح له الفعل و الترک فله أن یترک الفعل و لو أراده الواجب و أن یأتی بالفعل و لو کرهه الواجب و لا صنع للواجب فی فعله.

علی أن الفعل لو کان مخلوقا للواجب تعالی کان هو الفاعل له دون الإنسان فلم یکن معنی لتکلیفه بالأمر و النهی و لا للوعد و الوعید و لا لاستحقاق الثواب و العقاب علی الطاعة و المعصیة و لا فعل و لا ترک للإنسان علی أن کونه تعالی فاعلا للأفعال الاختیاریة و فیها أنواع القبائح و الشرور کالکفر و الجحود و أقسام المعاصی و الذنوب ینافی تنزه ساحة العظمة و الکبریاء عما لا یلیق بها.

و یدفعه أن الأفعال الاختیاریة أمور ممکنة و ضرورة العقل قاضیة أن الماهیة الممکنة متساویة النسبة إلی الوجود و العدم لا تخرج من حاق الوسط إلی أحد الطرفین إلا بمرجح یوجب لها ذلک و هو العلة الموجبة و الفاعل من العلل و لا معنی لتساوی نسبة الفاعل التام الفاعلیة التی معه بقیة أجزاء العلة التامة إلی الفعل و الترک بل هو موجب للفعل و هذا الوجوب الغیری منته إلی الواجب بالذات فهو العلة الأولی للفعل و العلة الأولی علة للمعلول الأخیر لأن علة علة الشی ء علة لذلک الشی ء فهذه أصول ثابتة مبینة فی الأبحاث السابقة و المستفاد منها أن للفعل نسبة إلی الواجب تعالی بالإیجاد و إلی الإنسان مثلا بأنه فاعل مسخر هو فی عین علیته معلول و فاعلیة الواجب تعالی فی طول

[شماره صفحه واقعی : 302]

ص: 1430

فاعلیة الإنسان لا فی عرضه حتی تتدافعا و لا تجتمعا.

و أما تعلق الإرادة الواجبیة بالفعل مع کون الإنسان مختارا فیه فإنما تعلقت الإرادة الواجبیة بأن یفعل الإنسان باختیاره فعلا کذا و کذا لا بالفعل من غیر تقید بالاختیار فلا یلغو الاختیار و لا یبطل أثر الإرادة الإنسانیة.

علی أن خروج الأفعال الاختیاریة عن سعة القدرة الواجبیة حتی یرید فلا یکون و یکره فیکون تقیید فی القدرة المطلقة التی هی عین ذات الواجب و البرهان یدفعه.

علی أن البرهان قائم علی أن الإیجاد و جعل الوجود خاصة للواجب تعالی لا شریک له فیه و نعم ما قال صدر المتألهین قدس سره فی مثل المقام: «و لا شبهة فی أن مذهب من جعل أفراد الناس کلهم خالقین لأفعالهم مستقلین فی إیجادها أشنع من مذهب من جعل الأصنام و الکواکب شفعاء عند الله»انتهی. ج 6 ص 370.

[*زنجیرزن]

و أما قولهم أن کون الفعل الاختیاری مخلوقا للواجب تعالی لا یجامع توجیه التکلیف إلی الإنسان بالأمر و النهی و لا الوعد و الوعید علی الفعل و الترک و لا استحقاق الثواب و العقاب و لیس له فعل و لا هو فاعل.

فیدفعه أنه إنما یتم لو کان انتساب الفعل إلی الواجب تعالی لا یجامع انتسابه إلی الإنسان و قد عرفت أن الفاعلیة طولیة و للفعل انتساب إلی الواجب بالفعل بمعنی الإیجاد و إلی الإنسان المختار بمعنی قیام العرض بموضوعه.

و أما قولهم إن کون أفعال الإنسان الاختیاریة مخلوقة للواجب تعالی و فیها أنواع الشرور و المعاصی و القبائح ینافی طهارة ساحته تعالی عن کل نقص و شین.

فیدفعه أن الشرور الموجودة فی العالم علی ما سیتضح لیست إلا أمورا فیها خیر کثیر و شر قلیل و دخول شرها القلیل فی الوجود بتبع خیرها الکثیر فالشر

[شماره صفحه واقعی : 303]

ص: 1431

مقصود بالقصد الثانی و لم یتعلق القصد الأول إلا بالخیر.

علی أنه سیتضح أیضا أن الوجود من حیث إنه وجود خیر لا غیر و إنما الشرور ملحقة ببعض الوجودات فالذی یفیضه الواجب من الفعل وجوده الخیر بذاته الطاهرة فی نفسه و ما یلازمه من النقص و العدم لوازم تمیزه فی وجوده و التمیزات الوجودیة لولاها لفسد نظام الوجود فکان فی ترک الشر القلیل بطلان الخیر الکثیر الذی فی أجزاء النظام.

و ذهب جمع آخر من المتکلمین و هم «الأشاعرة» و من تبعهم إلی أن کل ما هو موجود غیر الواجب بالذات من ذات أو صفة أو فعل فهو بإرادة الواجب بالذات من غیر واسطة فالکل أفعاله و هو الفاعل لا غیر.

و لازم ذلک أولا ارتفاع العلیة و المعلولیة من بین الأشیاء و کون استتباع الأسباب للمسببات لمجرد العادة أی إن عادة الله جرت علی الإتیان بالمسببات عقیب الأسباب من غیر تأثیر من الأسباب فی المسببات و لا توقف من المسببات علی الأسباب.

و ثانیا کون الأفعال التی تعد أفعالا اختیاریة أفعالا جبریة لا تأثیر لإرادة فواعلها و لا لاختیارهم فیها.

و یدفعه أن انتساب الفعل إلی الواجب تعالی بالإیجاد لا ینافی انتسابه إلی غیره من الوسائط و الانتساب طولی لا عرضی کما تقدم توضیحه و حقیقة وساطة الوسائط ترجع إلی تقید وجود المسبب بقیود مخصصة لوجوده فإن ارتباط الموجودات بعضها ببعض عرضا و طولا یجعل الجمیع واحدا یتقید بعض أجزائه ببعض فی وجوده فإفاضة واحد منها إنما یتم بإفاضة الکل فلیست الإفاضة إلا واحدة ینال کل منها ما فی وسعه أن یناله.

و أما إنکار العلیة و المعلولیة بین الأشیاء فیکفی فی دفعه ما تقدم فی مرحلة العلة و المعلول من البرهان علی ذلک علی أنه لو لم یکن بین الأشیاء شی ء من رابطة التأثیر و التأثر و کان ما نجده منها بین الأشیاء باطلا لا حقیقة

[شماره صفحه واقعی : 304]

ص: 1432

له لم یکن لنا سبیل إلی إثبات فاعل لها وراءها و هو الواجب الفاعل للکل.

[*زنجیرزن]

و أما القول بالجبر و إنکار الاختیار فی الأفعال بتقریب أن فاعلیة الواجب بالذات و تعلق إرادته بالفعل المسمی اختیاریا یجعل الفعل واجب التحقق ضروری الوقوع و لا معنی لکون الفعل الضروری الوجود اختیاریا للإنسان له أن یفعل و یترک و لا لکون إرادته مؤثرة فی الفعل.

یدفعه أن فاعلیته تعالی طولیة لا تنافی فاعلیة غیره أیضا إذا کانت طولیة و إرادته إنما تعلقت بالفعل بوصف أنه اختیاری فأراد أن یفعل الإنسان باختیاره و إرادته فعلا کذا و کذا فالفعل الاختیاری واجب التحقق بوصف أنه اختیاری.

و استدل بعضهم علی الجبر فی الأفعال بأنه فعل المعصیة معلوم للواجب تعالی فهو واجب التحقق ضروری الوقوع إذ لو لم یقع کان علمه جهلا و هو محال فالفعل ضروری و لا یجامع ضرورة الوقوع اختیاریة الفعل.

و یعارضه أن فعل المعصیة معلوم للواجب تعالی بخصوصیة وقوعه و هو أنه صادر عن الإنسان باختیاره فهو بخصوصیة کونه اختیاریا واجب التحقق ضروری الوقوع إذ لو لم یقع کان علمه تعالی جهلا و هو محال فالفعل بما أنه اختیاری ضروری التحقق.

تنبیه

استدلالهم علی الجبر فی الأفعال بتعلق علم الواجب تعالی بها و تعین وقوعها بذلک استناد منهم فی الحقیقة إلی القضاء العلمی الذی یحتم ما یتعلق به من الأمور و أما الإرادة التی هی صفة ثبوتیة زائدة علی الذات عندهم فإنهم لا یرونها مبدأ للفعل موجبا له زعما منهم أن وجوب الفعل یجعل

[شماره صفحه واقعی : 305]

ص: 1433

الفاعل موجبا بفتح الجیم و الواجب تعالی فاعل مختار بل شأن الإرادة أن یرجح الفعل بالأولویة من غیر وجوب فللإرادة أن یخصص أی طرف من طرفی الفعل تعلقت به.

و هذه آراء سخیفة تبین بطلانها بما تقدم بیانه من الأصول الماضیة فالوجوب الذی یلحق المعلول وجوب غیری منتزع من وجوده الذی أفاضته علته و هو أثرها فلو عاد هذا الوجوب و أثر فی العلة بجعلها موجبة فی فاعلیته لزم کون المتأخر وجودا من حیث هو متأخر متقدما علی المتقدم وجودا من حیث هو متقدم و هو محال.

علی أن الفاعل المختار لو عاد موجبا بالفتح بسبب وجوب الفعل لم یکن فی ذلک فرق بین أن یستند وجوب المعلول إلی علم سابق و قضاء متقدم أو إلی إیجاب الفاعل للفعل الذی هو مفاد قولنا الشی ء ما لم یجب لم یوجد.

و أیضا قد ظهر مما تقدم أن الترجیح بالأولویة مرجعه إلی عدم حاجة الممکن فی تعین أحد طرفی الوجود و العدم إلی المرجح لبقاء الطرف المرجوح علی حد الجواز مع وجود الأولویة فی الطرف الراجح و عدم انقطاع السؤال بلم بعد.

و أیضا الترجیح بالإرادة مع فرض استواء نسبتها إلی طرفی الفعل و الترک مرجعه إلی عدم الحاجة إلی المرجح.

الفصل الخامس عشر فی حیاته تعالی

صوت

[*زنجیرزن]

الحیاة فیما عندنا من أقسام الحیوان کون الشی ء بحیث یدرک و یفعل و الإدراک العام فی الحیوان کله هو الإدراک الحسی الزائد عن الذات و الفعل

[شماره صفحه واقعی : 306]

ص: 1434

فعل محدود عن علم به و إدراک فالعلم و القدرة من لوازم الحیاة و لیسا بها لأنا نجوز مفارقة العلم الحیاة و کذا مفارقة القدرة الحیاة فی بعض الأحیان فالحیاة التی فی الحیوان مبدأ وجودی یترتب علیه العلم و القدرة.

و إذ کان الشی ء الذی له علم و قدرة زائدان علی ذاته حیا و حیاته کمالا وجودیا له فمن کان علمه و قدرته عین ذاته و له کل کمال و کل الکمال فهو أحق بأن یسمی حیا و هو الواجب بالذات تعالی فهو تعالی حی بذاته و حیاته کونه بحیث یعلم و یقدر و علمه بکل شی ء من ذاته و قدرته مبدئیته لکل شی ء سواه بذاته.

الفصل السادس عشر فی الإرادة و الکلام

عدوهما فی المشهور من الصفات الذاتیة للواجب تعالی أما الإرادة فقد تقدم القول فیها فی البحث عن القدرة و أما الکلام فقد قیل إن الکلام فی عرفنا لفظ دال بالدلالة الوضعیة علی ما فی الضمیر فهو موجود اعتباری یدل عند العارف بالوضع بدلالة وضعیة اعتباریة علی ما فی ذهن المتکلم و لذلک یعد وجودا لفظیا للمعنی الذهنی اعتبارا کما یعد المعنی الذهنی وجودا ذهنیا و مصداقه الخارجی وجودا خارجیا للشی ء.

فلو کان هناک موجود حقیقی دال علی شی ء دلالة حقیقة غیر اعتباریة کالأثر الدال علی المؤثر و المعلول الدال بما فیه من الکمال الوجودی علی ما فی علته من الکمال بنحو أعلی و أشرف کان أحق بأن یسمی کلاما لأصالة وجودها و قوة دلالتها.

و لو کان هناک موجود بسیط الذات من کل وجه له کل کمال

[شماره صفحه واقعی : 307]

ص: 1435

فی الوجود بنحو أعلی و أشرف یکشف بتفاصیل صفاته التی هی عین ذاته المقدسة عن إجمال ذاته کالواجب تعالی فهو کلام یدل بذاته علی ذاته و الإجمال فیه عین التفصیل.

أقول فیه تحلیل الکلام و إرجاع حقیقة معناه إلی نحو من معنی القدرة فلا ضرورة تدعو إلی أفراده من القدرة علی أن جمیع المعانی الوجودیة و إن کانت متوغلة فی المادیة محفوفة بالأعدام و النقائص یمکن أن تعود بالتحلیل و حذف النقائص و الأعدام إلی صفة من صفاته الذاتیة.

فإن قلت هذا جار فی السمع و البصر فهما وجهان من وجوه العلم مع أنهما أفردا من القدرة و عدا صفتین من الصفات الذاتیة.

ت ذلک لورودهما فی الکتاب و السنة و أما الکلام فلم یرد منه فی الکتاب الکریم إلا ما کان صفة للفعل.

الفصل السابع عشر فی العنایة الإلهیة بخلقه و أن النظام الکونی فی غایة ما یمکن من الحسن و الإتقان

صوت

[*زنجیرزن]

الفاعل العلمی الذی لعلمه دخل فی تمام علیته الموجبة إذا کان ناقصا فی نفسه مستکملا بفعله فهو بحیث کلما قویت الحاجة إلی الکمال الذی یتوخاه بفعله زاد اهتمامه بالفعل و أمعن فی إتیان الفعل بحیث یتضمن جمیع الخصوصیات الممکنة اللحاظ فی إتقان صنعه و استقصاء منافعه بخلاف ما لو کان الکمال المطلوب بالفعل حقیرا غیر ضروری عند الفاعل جائز الإهمال فی منافعه و هذا المعنی هو المسمی بالعنایة.

[شماره صفحه واقعی : 308]

ص: 1436

و الواجب تعالی غنی الذات له کل کمال فی الوجود فلا یستکمل بشی ء من فعله و کل موجود فعله و لا غایة له فی أفعاله خارجة من ذاته لکن لما کان له علم ذاتی بکل شی ء ممکن یستقر فیه و علمه الذی هو عین ذاته علة لما سواه فیقع فعله علی ما علم من غیر إهمال فی شی ء مما علم من خصوصیاته و الکل معلوم فله تعالی عنایة بخلقه.

و المشهود من النظام العام الجاری فی الخلق و النظام الخاص الجاری فی کل نوع و النظم و الترتیب الذی هو مستقر فی أشخاص الأنواع یصدق ذلک فإذا تأملنا فی شی ء من ذلک وجدنا مصالح و منافع فی خلقه نقضی منها عجبا و کلما أمعنا و تعمقنا فیه بدت لنا منافع جدیدة و روابط عجیبة تدهش اللب و تکشف عن دقة الأمر و إتقان الصنع.

و ما تقدم من البیان جار فی العلل العالیة و العقول المجردة التی ذواتها تامة و وجوداتها کاملة منزهة عن القوة و الاستعداد فلیس صدور أفعالها منها لغرض و غایة تعود إلیها من أفعالها و لم تکن حاصلة لها قبل الفعل لفرض تمام ذواتها فغایتها فی فعلها ذواتها التی هی أظلال لذات الواجب تعالی و بالحقیقة غایتها فی فعلها الواجب عز اسمه.

و یظهر مما تقدم أن النظام الجاری فی الخلقة أتقن نظام و أحکمه لأنه رقیقة العلم الذی لا سبیل للضعف و الفتور إلیه بوجه من الوجوه.

توضیحه أن عوالم الوجود الکلیة علی ما سبقت إلیها الإشارة ثلاثة عوالم لا رابع لها عقلا فإنها إما وجود فیه وصمة القوة و الاستعداد لا اجتماع لکمالاته الأولیة و الثانویة الممکنة فی أول کینونته و إما وجود تجتمع کمالاته الأولیة و الثانویة الممکنة فی أول کینونته فلا یتصور فیه طرو شی ء من الکمال بعد ما لم یکن و الأول عالم المادة و القوة و الثانی إما أن یکون مجردا من المادة دون آثارها من کیف و کم و سائر الأعراض الطاریة للأجسام المادیة و إما أن یکون عاریا من المادة و آثار المادة جمیعا و الأول

[شماره صفحه واقعی : 309]

ص: 1437

عالم المثال و الثانی عالم العقل.

فالعوالم الکلیة ثلاثة و هی مترتبة من حیث شدة الوجود و ضعفه و هو ترتب طولی بالعلیة و المعلولیة فمرتبة الوجود العقلی معلولة للواجب تعالی بلا واسطة و علة متوسطة لما دونها من المثال و مرتبة المثال معلولة للعقل و علة لمرتبة المادة و المادیات و قد تقدمت إلی ذلک إشارة و سیجی ء توضیحه.

فمرتبة الوجود العقلی أعلی مراتب الوجود الإمکانی و أقربها من الواجب تعالی و النوع العقلی منحصر فی فرد فالوجود العقلی بما له من النظام ظل للنظام الربانی الذی فی العالم الربوبی الذی فیه کل جمال و کمال.

فالنظام العقلی أحسن نظام ممکن و أتقنه ثم النظام المثالی الذی هو ظل للنظام العقلی ثم النظام المادی الذی هو ظل للمثال فالنظام العالمی العام أحسن نظام ممکن و أتقنه

الفصل الثامن عشر فی الخیر و الشر و دخول الشر فی القضاء الإلهی

صوت

[*زنجیرزن]

الخیر ما یطلبه و یقصده و یحبه کل شی ء و یتوجه إلیه کل شی ء بطبعه و إذا تردد الأمر بین أشیاء فالمختار خیرها فلا یکون إلا کمالا وجودیا یتوقف علیه وجود الشی ء کالعلة بالنسبة إلی معلولها أو کمالا أولا هو وجود الشی ء بنفسه أو کمالا ثانیا یستکمل الشی ء به و یزول به عنه نقص و الشر یقابله فهو عدم ذات أو عدم کمال ذات.

و الدلیل علی أن الشر عدم ذات أو عدم کمال ذات أن الشر لو کان أمرا وجودیا لکان إما شرا لنفسه أو شرا لغیره و الأول محال إذ لو اقتضی الشی ء عدم نفسه لم یوجد من رأس و الشی ء لا یقتضی عدم نفسه و لا عدم شی ء

[شماره صفحه واقعی : 310]

ص: 1438

من کمالاته الثانیة لما بینه و بینها من الرابطة الوجودیة و العنایة الإلهیة أیضا توجب إیصال کل شی ء إلی کماله.

و الثانی أیضا محال لأن کون الشر و المفروض أنه وجودی شرا لغیره إما بکونه معدما لذات ذلک الغیر أو معدما لشی ء من کمالاته أو بعدم أعدامه لا لذاته و لا لشی ء من کمالاته و الأول و الثانی غیر جائزین فإن الشر حینئذ یکون هو عدم ذلک الشی ء أو عدم شی ء من کمالاته دون الشی ء المعدم المفروض و هذا خلف.

و الثالث أیضا غیر جائز فإنه إذا لم یعدم شیئا لا ذاتا و لا کمال ذات فلیس یجوز عده شرا فالعلم الضروری حاصل بأن ما لا یوجب عدم شی ء و لا عدم کماله فإنه لا یکون شرا له لعدم استضراره به فالشر کیفما فرض لیس بوجودی و هو المطلوب.

و یصدق ذلک التأمّل الوافی فی موارد الشر من الحوادث فإن الإمعان فی أطرافها یهدی إلی أن الشر الواقع عدم ذات أو عدم کمال ذات کما إذا قتل رجل رجلا بالسیف صبرا فالضرب المؤثر الذی تصداه القاتل کمال له و لیس بشر و حدة السیف و کونه قطاعا کمال له و لیس بشر و انفعال عنق المقتول و لینته کمال لبدنه و لیس بشر و هکذا فلیس الشر إلا زهاق الروح و بطلان الحیاة و هو عدمی.

و تبین بما مر أن ما یعد من الوجودات شرا بسبب الاستضرار به هو شر بالعرض کالقاتل و السیف فی المثال المذکور.

فإن قلت إن الألم من الإدراک غیر تفرق الاتصال الحاصل بالقطع مثلا و هو أمر وجودی بالوجدان و ینتقض به قولهم إن الشر بالذات عدمی اللهم إلا أن یراد به أن منشأ الشریة عدمی و إن کان بعض الشر وجودیا.

قلت أجاب عنه «صدر المتألهین» قدس سره بأن الألم إدراک المنافی العدمی کتفرق الاتصال و نحوه بالعلم الحضوری الذی یحضر فیه المعلوم

[شماره صفحه واقعی : 311]

ص: 1439

بوجوده الخارجی عند العالم لا بالعلم الحصولی الذی یحضر فیه المعلوم عند العالم بصوره مأخوذة منه لا بوجوده الخارجی فلیس عند الألم أمران تفرق الاتصال مثلا و الصورة الحاصلة منه بل حضور ذلک الأمر المنافی هو الألم بعینه فهو و إن کان نحوا من الإدراک لکنه من أفراد العدم و هو و إن کان نحوا من العدم لکن له ثبوت علی حد ثبوت أعدام الملکات کالعمی و النقص و غیر ذلک.

[*زنجیرزن]

و الحاصل أن النفس لکونها صورة الإنسان الأخیرة التی بحذاء الفصل الأخیر جامعة لجمیع کمالات النوع واجدة لعامة القوی البدنیة و غیرها فتفرق الاتصال الذی هو آفة واردة علی الحاسة تدرک النفس عنده فقدها کمال تلک القوة التی وردت علیها الآفة فی مرتبة النفس الجامعة لا فی مرتبة البدن المادیة.

ثم إن الشر لما کان هو عدم ذات أو عدم کمال ذات کان من الواجب أن تکون الذات التی یصیبه العدم قابلة له کالجواهر المادیة التی تقبل العدم بزوال صورتها التی هی تمام فعلیتها النوعیة و أن تکون الذات التی ینعدم کمالها بإصابة الشر قابلة لفقد الکمال أی أن یکون العدم عدما طاریا لها لا لازما لذاتها کالأعدام و النقائص اللازمة للماهیات الإمکانیة فإن هذا النوع من الأعدام منتزع من مرتبة الوجود وحده.

و بهذا تبین أن عالم التجرد التام لا شر فیه إذ لا سبیل للعدم إلی ذواتها الثابتة بإثبات مبدئها و لا سبیل لعروض الأعدام المنافیة لکمالاتها التی تقتضیها و هی موجودة لها فی بدء وجودها.

فمجال الشر و مداره هو عالم المادة التی تتنازع فیه الأضداد و تتمانع فیه مختلف الأسباب و تجری فیه الحرکات الجوهریة و العرضیة التی یلازمها التغیر من ذات إلی ذات و من کمال إلی کمال.

و الشرور من لوازم وجود المادة القابلة للصور المختلفة و الکمالات المتنوعة المتخالفة غیر أنها کیفما کانت مغلوبة للخیرات حقیرة فی جنبها إذا قیست إلیها

[شماره صفحه واقعی : 312]

ص: 1440

و ذلک أن الأشیاء کما نقل عن «المعلم الأول» من حیث الخیرات و الشرور المنتسبة إلیها علی خمسة أقسام إما خیر محض و إما شر محض و إما خیرها غالب و إما شرها غالب و إما متساویة الخیر و الشر و الموجود من الأقسام الخمسة قسمان هما الأول الذی هو خیر محض و هو الواجب تعالی الذی یجب وجوده و له کل کمال وجودی و هو کل الکمال و یلحق به المجردات التامة و الثالث الذی خیره غالب فإن العنایة الإلهیة توجب وجوده لأن فی ترک الخیر الکثیر شرا کثیرا.

و أما الأقسام الثلاثة الباقیة فالشر المحض هو العدم المحض الذی هو بطلان صرف لا سبیل إلی وجوده و ما شره غالب و ما خیره و شره متساویان تأباهما العنایة الإلهیة التی نظمت نظام الوجود علی أحسن ما یمکن و أتقنه.

و أنت إذا تأملت أی جزء من أجزاء الکون وجدته أنه لو لم یقع علی ما وقع علیه بطل بذلک النظام الکونی المرتبط بعض أطرافه ببعض من أصله و کفی بذلک شرا غالبا فی ترکه خیر غالب.

و إذ تبین أن الشرور القلیلة التی تلحق الأشیاء من لوازم الخیرات الکثیرة التی لها فالقصد و الإرادة تتعلق بالخیرات بالأصالة و بالشرور اللازمة لها بالتبع و بالقصد الثانی.

و من هنا یظهر أن الشرور داخلة فی القضاء الإلهی بالقصد الثانی و إن شئت قلت بالعرض نظرا إلی أن الشرور أعدام لا یتعلق بها قصد بالذات.

الفصل التاسع عشر فی ترتیب أفعاله و هو نظام الخلقة

صوت

[*زنجیرزن]

قد اتضح بالأبحاث السابقة أن للوجود الإمکانی و هو فعله تعالی

[شماره صفحه واقعی : 313]

ص: 1441

انقسامات منها انقسامه إلی مادی و مجرد و انقسام المجرد إلی مجرد عقلی و مجرد مثالی و أشرنا هناک إلی أن عوالم الوجود الکلیة ثلاثة عالم التجرد التام العقلی و عالم المثال و عالم المادة و المادیات فالعالم العقلی مجرد تام ذاتا و فعلا عن المادة و آثارها و عالم المثال مجرد عن المادة دون آثارها من الأشکال و الأبعاد و الأوضاع و غیرها ففی هذا العالم أشباح متمثلة فی صفة الأجسام التی فی عالم المادة و الطبیعة فی نظام شبیه بنظامها الذی فی عالم المادة و إنما الفرق بینه و بین النظام المادی أن تعقب بعض المثالیات لبعض بالترتب الوجودی لا بتغیر صورة أو حال إلی صورة أو حال أخری بالخروج من القوة إلی الفعل بالحرکة کما هو الحال فی عالم المادة فحال الصور المثالیة فیما ذکرناه من ترتب بعضها علی بعض حال صورة الحرکة و التغیر فی الخیال و العلم مجرد مطلقا فالمتخیل من الحرکة علم بالحرکة لا حرکة فی العلم و علم بالتغیر لا تغیر فی العلم.

و عالم المادة لا یخلو ما فیها من الموجودات من تعلق ما بالمادة و تستوعبه الحرکة و التغیر جوهریة کانت أو عرضیة.

و إذ کان الوجود بحقیقته الأصیلة حقیقة مشککة ذات مراتب مختلفة فی الشدة و الضعف و الشرف و الخسة تتقوم کل مرتبة منها بما فوقها و یتوقف علیها بهویتها یستنتج من ذلک أولا أن العوالم الثلاثة مترتبة وجودا بالسبق و اللحوق فعالم العقل قبل عالم المثال و عالم المثال قبل عالم المادة وجودا و ذلک لأن الفعلیة المحضة التی لا یشوبها قوة و لا یخالطها استعداد أقوی و أشد وجودا مما هو بالقوة محضا کالهیولی الأولی أو یشوبه القوة و یخالطه الاستعداد کالطبائع المادیة فعالما العقل و المثال یسبقان عالم المادة.

ثم العقل المفارق أقل حدودا و أوسع وجودا و أبسط ذاتا من المثال الذی تصاحبه آثار المادة و إن خلا عن المادة و من المعلوم أن الوجود کلما کان

[شماره صفحه واقعی : 314]

ص: 1442

أقل حدودا و أوسع و أبسط کانت مرتبته من حقیقة الوجود المشککة أقدم و أسبق و أعلی و من أعلی المراتب التی هی مبدأ الکل أقرب فعالم العقل أقدم و أسبق وجودا من عالم المثال.

و ثانیا أن الترتیب المذکور بین العوالم الثلاثة ترتیب علی لمکان السبق و التوقف الذی بینها فعالم العقل علة لعالم المثال و عالم المثال علة مفیضة لعالم المادة.

و ثالثا أن العوالم الثلاثة متطابقة متوافقة نظاما بما یلیق بکل منها وجودا و ذلک لما تقدم أن کل علة مشتملة علی کمال معلولها بنحو أعلی و أشرف ففی عالم المثال نظام مثالی یضاهی نظام عالم المادة و هو أشرف منه و فی عالم العقل ما یطابق نظام المثال لکنه موجود بنحو أبسط و أشرف و أجمل منه و یطابقه النظام الربانی الذی فی العلم الربوبی.

و رابعا أنه ما من موجود ممکن مادی أو مجرد علوی أو سفلی إلا هو آیة للواجب تعالی من جمیع الوجوه یحکی بما عنده من الکمال الوجودی کمال الواجب تعالی.

الفصل العشرون فی العالم العقلی و نظامه و کیفیة حصول الکثرة فیه

صوت

[*زنجیرزن]

قد تحقق فی مباحث العلة و المعلول أن الواحد لا یصدر عنه إلا الواحد و لما کان الواجب تعالی واحدا بسیطا من کل وجه لا یتسرب إلیه جهة کثرة لا عقلیة و لا خارجیة واجدا لکل کمال وجودی وجدانا تفصیلیا فی

[شماره صفحه واقعی : 315]

ص: 1443

عین الإجمال لا یفیض إلا وجودا واحدا بسیطا له کل کمال وجودی لمکان المسانخة بین العلة و المعلول له الفعلیة التامة من کل جهة و التنزه عن القوة و الاستعداد.

غیر أنه وجود ظلی للوجود الواجبی فقیر إلیه متقوم به غیر مستقل دونه فیلزمه النقص الذاتی و المحدودیة الإمکانیة التی تتعین بها مرتبتها فی الوجود و یلزمها الماهیة الإمکانیة و الموجود الذی هذه صفتها عقل مجرد ذاتا و فعلا متأخر الوجود عن الواجب تعالی من غیر واسطة متقدم فی مرتبة الوجود علی سائر المراتب الوجودیة.

ثم إن الماهیة لا تتکثر أفرادها إلا بمقارنة المادة و الوجه فیه أن الکثرة إما أن تکون عین الماهیة أو جزأها أو خارجة منها لازمة لها أو خارجة منها مفارقة لها و علی التقادیر الثلاثة الأول لا یوجد للماهیة فرد إذ کلما وجد فرد لها کان من الواجب أن یکون کثیرا و و کل کثیر مؤلف من آحاد و الواحد منها وجب أن یکون کثیرا لکونه مصداقا للماهیة و هذا الکثیر أیضا مؤلف من آحاد و هلم جرا فیتسلسل و لا ینتهی إلی واحد فلا یتحقق کثیر فلا یوجد للماهیة فرد.

فمن الواجب أن تکون الکثرة الأفرادیة أمرا خارجا من الماهیة مفارقا لها و لحوق المفارق یحتاج إلی مادة فکل ماهیة کثیر الأفراد فهی مادیة و ینعکس عکس النقیض إلی أن کل ماهیة غیر مادیة و هی المجردة وجودا لا تتکثر تکثرا أفرادیا أی أن کل مجرد فنوعه منحصر فی فرد و هو المطلوب نعم یمکن الکثرة الأفرادیة فی العقل المجرد فیما لو استکملت أفراد من نوع مادی کالإنسان بالسلوک الذاتی و الحرکة الجوهریة من نشأة المادة و الإمکان إلی نشأة التجرد و الفعلیة الصرفة فیستصحب التمیز الفردی الذی کان لها عند کونها فی أول وجودها فی نشأة المادة و القوة.

فتبین أن الصادر الأول الذی یصدر من الواجب تعالی عقل واحد هو

[شماره صفحه واقعی : 316]

ص: 1444

أشرف موجود ممکن و أنه نوع منحصر فی فرد و إذ کان أشرف و أقدم فی الوجود فهو علة لما دونه و واسطة فی الإیجاد و أن فیه أکثر من جهة واحدة تصح صدور الکثیر منه لکن الجهات الکثیرة التی فیه لا تبلغ حدا یصح به صدور ما دون النشأة العقلیة بما فیه من الکثرة البالغة فمن الواجب أن یترتب صدور العقول نزولا إلی حد یحصل فیه من الجهات عدد یکافئ الکثرة التی فی النشأة التی بعد العقل.

[*زنجیرزن]

و تتصور هذه الکثرة علی أحد وجهین إما طولا و إما عرضا فالأول و هو حصول الکثرة طولا أن یوجد عقل ثم عقل و هکذا و کلما وجد عقل زادت جهة أو جهات حتی ینتهی إلی عقل تتحقق به جهات من الکثرة یفی بصدور النشأة التی بعد نشأة العقل فهناک أنواع متباینة من العقول کل منها منحصر فی فرد و هی مترتبة نزولا کل عال أشد و أشرف مما هو بعده و علة فاعلة تام الفاعلیة له لما أن إمکانه الذاتی کاف فی صدوره و آخر هذه العقول علة فاعلة للنشأة التی بعد نشأة العقل و هذا الوجه هو الذی یمیل إلیه «المشاءون» فیما صوروه من العقول العشرة و نسبوا إلی آخرها المسمی عندهم بالعقل الفعال إیجاد عالم الطبیعة.

و الثانی و هو حصول الکثرة عرضا بأن ینتهی العقول الطولیة إلی عقول عرضیة لا علیه و لا معلولیة بینها هی بحذاء الأنواع المادیة یدبر کل منها ما بحذائه من النوع المادی و بها توجد الأنواع التی فی عالم الطبیعة و ینتظم نظامه و تسمی هذه العقول أرباب الأنواع و المثل الأفلاطونیة.

و هذا الوجه هو الذی یمیل إلیه «الإشراقیون» و ذهب إلیه «شیخ الإشراق» و اختاره «صدر المتألهین» قدس سره و استدل علیه بوجوه أحدها أن القوی النباتیة من الغاذیة و النامیة و المولدة أعراض حالة فی جسم موضوعها متغیرة بتغیره متحللة بتحلله فاقدة للعلم و الإدراک فمن المحال أن تکون هی المبادی الموجدة لهذه التراکیب العجیبة التی لموضوعاتها

[شماره صفحه واقعی : 317]

ص: 1445

و الأفعال المختلفة و الأشکال و التخاطیط الحسنة الجمیلة التی فیها مع ما فیها من النظام الدقیق المتقن المحیر للعقول فلیس إلا أن هناک جوهرا عقلیا مجردا یعتنی بها و یدبر أمرها و یهدیها إلی غایاتها فی الوجود.

و فیه أن هذا الدلیل لو تم دل علی أن هذه الأعمال العجیبة و النظام الجاری فیها تنتهی إلی جوهر عقلی ذی علم و أما قیامه بجوهر عقلی مباشر لا واسطة بینه و بین الجسم النباتی فلا فمن الجائز أن ینسب ما نسبوه إلی هذا الجوهر العقلی إلی الصورة الجوهریة التی بها یتحقق نوعیة النوع و فوقها العقل الفعال الذی هو آخر سلسلة العقول الطولیة.

الثانی أن الأنواع الطبیعیة المادیة بما لها من النظام الجاری فیها دائما لیست موجودة عن اتفاق فالأمر الاتفاقی لا یکون دائمیا و لا أکثریا فلهذه الأنواع علل حقیقیة و لیست هی التی یزعمونها من الأمزجة و نحوها إذ لا دلیل یدل علی ذلک بل العلة الحقیقیة التی یستند إلیها کل منها جوهر عقلی مجرد و مثال کلی یعتنی به و یوجده و یدبر أمره و المراد بکلیته استواء نسبته إلی جمیع الأفراد المادیة التی تسوقها من القوة إلی الفعل لا جواز صدقه علی کثیرین.

و فیه أن أفعال کل نوع و آثاره مستندة إلی صورته النوعیة و لو لا ذلک لم یتمیز نوع جوهرة من نوع آخر مثله و الدلیل علی الصورة النوعیة الآثار المختصة بکل نوع التی تحتاج إلی ما تقوم به و تستند إلیه فیکون مبدأ قریبا لها.

[*زنجیرزن]

الثالث أن ذلک مما تقتضیه قاعدة إمکان الأشرف و هی قاعدة مبرهن علیها فإذا وجد ممکن هو أخس وجودا من ممکن آخر وجب أن یکون الممکن الذی هو أشرف منه موجودا قبله و لا ریب أن الإنسان الذی هو بالفعل فی جمیع الکمالات الإنسانیة مثلا أشرف وجودا من الإنسان المادی الذی هو بالقوة بالنسبه إلی أکثر الکمالات الإنسانیة فوجود الإنسان المادی دلیل علی وجود مثاله العقلی قبله و کذلک الأفراد المادیة لکل نوع مادی وجودها دلیل

[شماره صفحه واقعی : 318]

ص: 1446

علی وجود رب نوعها قبلها و هو فرد من النوع مجرد فی أول وجوده له فعلیة فی جمیع کمالات النوع مخرج لسائر الأفراد من القوة إلی الفعل مدبر لها.

و فیه أن جریان قاعدة إمکان الأشرف مشروط بکون الأخس و الأشرف داخلین تحت ماهیة نوعیة واحدة حتی یدل جود الأخس فی الخارج علی إمکان الأشرف بحسب ماهیته و مجرد صدق مفهوم علی شی ء لا یدل علی کون ذلک الشی ء فردا لذلک المفهوم حقیقة کما أن کل علة موجدة واجدة لجمیع کمالات المعلول التی بها ذلک المعلول هو هو و لا یجب مع ذلک أن یکون علة کل شی ء متحدة الماهیة مع معلولها.

فکون الکمال الذی به الإنسان إنسان مثلا موجودا لشی ء و انطباقه علیه لا یکشف عن کونه فردا لماهیة الإنسان لمجرد کونه واجدا لذلک.

و بعبارة أخری صدق مفهوم الإنسان علی الإنسان الکلی الذی نعقله لا یدل علی کون معقولنا فردا للماهیة النوعیة الإنسانیة لم لا یجوز أن یکون واحدا من العقول الطولیة التی هی فی سلسلة علل الإنسان القریبة أو البعیدة لوجدانه کمال الإنسان و غیره من الأنواع و الحمل علی هذا حمل الحقیقة و الرقیقة دون الشائع.

و أما لو لم یشترط فی جریان القاعدة کون الأخس و الأشرف داخلین تحت ماهیة واحدة نوعیة فالإشکال أوقع.

تنبیه قاعدة إمکان الأشرف و مفادها أن الممکن الأشرف یجب أن یکون أقدم فی مراتب الوجود من الممکن الأخس فلا بد أن یکون الممکن الذی هو أشرف منه قد وجد قبله قد اعتنی بأمرها جمع من الحکماء و بنوا علیها عدة من المسائل.

[شماره صفحه واقعی : 319]

ص: 1447

و قد قرر الاستدلال علیها «صدر المتألهین» قدس سره بأن الممکن الأخس إذا وجد عن الباری جل ذکره وجب أن یکون الممکن الأشرف قد وجد قبله و إلا فإن جاز أن یوجد معه وجب أن یوجد عن الواجب لذاته فی مرتبة واحدة لذات واحدة من جهة واحدة شیئان و هو محال و إن جاز أن یوجد بعد الأخس و بواسطة لزم کون المعلول أشرف من علته و أقدم و هو محال و إن لم یجز أن یوجد لا قبل الأخس و لا معه و لا بعده مع أنه ممکن بالإمکان الوقوعی الذی هو کون الشی ء بحیث لا یلزم من فرض وقوعه محال فلو فرض وجوده و لیس بصادر عن الواجب لذاته و لا عن شی ء من معلولاته و هو علی إمکانه فبالضرورة وجوده یستدعی جهة مقتضیة له أشرف مما علیه الواجب لذاته فیلزم أن یکون الممکن المفروض یستدعی بإمکانه علة موجدة أعلی و أشرف من الواجب لذاته و هو محال لأن الواجب لذاته فوق ما لا یتناهی بما لا یتناهی شدة فالمطلوب ثابت.

[*زنجیرزن]

و یمکن الاستدلال بما هو أوضح من ذلک فإن الشرافة و الخسة المذکورتین وصفان للوجود مرجعهما إلی الشدة و الضعف بحسب مرتبة الوجود فیرجعان إلی العلیة و المعلولیة مآلهما إلی کون الشی ء مستقلا موجودا فی نفسه و کونه رابطا قائما بغیره موجدا فی غیره فکل مرتبة من مراتب الوجود متقومة بما فوقها قائمة به و أخس منه و مقومة لما دونها مستقلة بالنسبة إلیه و أشرف منه.

فلو فرض ممکنان أشرف و أخس وجودا کان من الواجب أن یوجد الأشرف قبل الأخس قبلیة وجودیة و إلا کان الأخس مستقلا غیر رابط و لا متقوم بالأشرف و قد فرض رابطا متقوما به هذا خلف.

و المستفاد من الحجتین أولا أن کل کمال وجودی هو أخس من کمال آخر وجودی فالأشرف منهما موجود قبل الأخس و الأشد منهما قبل الأضعف کالمرتبتین من الوجود المختلفتین شدة و ضعفا و إن اختلفتا ماهیة نظیر العقلین الأول و الثانی.

[شماره صفحه واقعی : 320]

ص: 1448

و أما إذ کان الأخس فردا مادیا لماهیة فإنما تفید القاعدة أن الکمال الذی هو مسانخ له و أشد منه موجود قبله من غیر أن تفید أن ذلک الکمال الأشد فرد لماهیة الأخس لجواز أن یکون جهة من جهات الکمال الکثیرة فی علة کثیرة الجهات کالإنسان مثلا له فرد مادی ذو کمال أخس و فوقه کمال إنسانی مجرد من جمیع الجهات أشرف منه لکن لا یلزم منه أن یکون إنسانا بالحمل الشائع لجواز أن یکون جهة من جهات الکمال الذی فی علته الفاعلة فینتج عمل الحقیقة و الرقیقة.

نعم تجری القاعدة فی الغایات العالیة المجردة التی لبعض الأنواع المتعلقة بالمادة کالإنسان لقیام البرهان علی ثبوتها لذویها بالحمل الشائع إذا لم تصادف شیئا من الموانع الطبیعیة.

و ثانیا أن القاعدة إنما تجری فیما وراء المادیات و عالم الحرکات من المجردات التی لا یزاحم مقتضیاتها مزاحم و لا یمانعها ممانع و أما المادیات فمجرد اقتضاء المقتضی فیها و إمکان الماهیة لا یکفی فی إمکان وقوعها بل ربما یعوقها عائق.

فلا یرد أن القاعدة لو کانت حقة استلزمت بلوغ کل فرد مادی کالفرد من الإنسان غایة کمالها العقلی و الخیالی لکونها أشرف من الوجود الذی هو بالقوة مع أن أکثر الأفراد محرومون عن الکمال الغائی ممنوعون عن الوجود النهائی.

الفصل الحادی و العشرون فی عالم المثال

و یسمی أیضا البرزخ لتوسطه بین العالم العقلی و عالم المادة و الطبیعة

[شماره صفحه واقعی : 321]

ص: 1449

و هو کما ظهر مما تقدم مرتبة من الوجود مجردة عن المادة دون آثارها من الکم و الکیف و الوضع و نحوها من الأعراض و العلة الموجدة له هو آخر العقول الطولیة المسمی عقلا فعالا عند «المشائین» و بعض العقول العرضیة عند «الإشراقیین».

و فیه أمثلة الصور الجوهریة التی هی جهات الکثرة فی العقل المفیض لهذا العالم المتمثل بعضها لبعض بهیئات مختلفة من غیر أن یفسد اختلاف الهیئات الوحدة الشخصیة التی لجوهره مثال ذلک أن جمعا کثیرا من أفراد الإنسان مثلا یتصورون بعض من لم یروه من الماضین و إنما سمعوا اسمه و شیئا من سیرته کل منهم یمثله فی نفسه بهیئة مناسبة لما یقدره علیه بما عنده من صفته و إن غایرت الهیئة التی له عند غیره.

و لهذه النکتة قسموا المثال إلی خیال منفصل قائم بنفسه مستقل عن النفوس الجزئیة المتخیلة و خیال متصل قائم بالنفوس الجزئیة المتخیلة.

علی أن فی متخیلات النفوس صورا جزافیة لا تناسب فعل الحکیم و فیها نسبة إلی دعابات المتخیلة.

الفصل الثانی و العشرون فی العالم المادی

صوت

[*زنجیرزن]

و هو العالم المحسوس أخس مراتب الوجود و یتمیز عن العالمین عالم العقل و عالم المثال یتعلق الصور فیه ذاتا و فعلا أو فعلا بالمادة و توقفها علی الاستعداد.

فما للأنواع التی فیها من الکمالات هی فی أول الوجود بالقوة ثم یخرج إلی الفعلیة بالتدریج و ربما عاقها من کمالها عائق فالعلل فیها متزاحمة

[شماره صفحه واقعی : 322]

ص: 1450

متمانعة.

و قد عثرت الأبحاث العلمیة الطبیعیة و الریاضیة إلی هذه الأیام علی شی ء کثیر من أجزاء هذا العالم و النسب التی بینها و النظام الجاری فیها و لعل ما هو مجهول منها أکثر مما هو معلوم.

و قد تبین فی الأبحاث السابقة أن عالم المادة بما بین أجزائه من الارتباط و الاتصال واحد سیال فی ذاته متحرک فی جوهره و یشایعه فی ذلک الأعراض و الغایة التی تنتهی إلیها هذه الحرکة العامة هی التجرد علی ما تقدمت الإشارة إلیه فی مرحلة القوة و الفعل.

و إذ کان هذا العالم حرکة و متحرکا فی جوهره سیلانا و سیالا فی وجوده و کانت هویته عین التجدد و التغیر لا شیئا یطرأ علیه التجدد و التغیر صح ارتباطه بالعلة الثابتة التی تنزه عن التجدد و التغیر.

فالجاعل الثابت الوجود جعل ما هو فی ذاته متجدد متغیر لا أنه جعل الشی ء متجددا متغیرا و بذلک یرتفع إشکال استناد المتغیر إلی الثابت و ارتباط الحادث بالقدیم.

الفصل الثالث و العشرون فی حدوث العالم

قد تحقق فیما تقدم من مباحث القدم و الحدوث أن کل ماهیة ممکنة موجودة مسبوقة الوجود بعدم ذاتی فهی حادثة حدوثا ذاتیا و العدم السابق علی وجودها بحده منتزع عن علتها الموجدة لها فهی مسبوقة الوجود بوجود علتها متأخرة عنها.

و إذ کان المبدأ الأول لکل وجود إمکانی سواء کان مادیا أو مجردا

[شماره صفحه واقعی : 323]

ص: 1451

عقلیا أو غیر عقلی هو الواجب لذاته تعالی فکل ممکن موجود حادث ذاتا بالنسبة إلیه و مجموع الممکنات المسمی بعالم الإمکان و بما سوی الباری تعالی لیس شیئا وراء أجزائه فحکمه حکم أجزائه فالعالم بجمیع أجزائه حادث ذاتا مسبوق الوجود بوجود الواجب لذاته.

ثم أنا لو أغمضنا عن الماهیات و قصرنا النظر فی الوجود بما أنه الحقیقة الأصیلة وجدنا الوجود منقسما إلی واجب لذاته قائم بذاته مستقل فی تحققه و ثبوته و ممکن موجود فی غیره رابط قائم بغیره الذی هو الواجب کان کل وجود إمکانی مسبوقا بالوجود الواجبی حادثا هذا النحو من الحدوث و حکم مجموع الوجودات الإمکانیة حکم أجزائه فالمجموع حادث بحدوثه.

ثم إن لعالم المادة و الطبیعة حدوثا آخر یخصه و هو الحدوث الزمانی تقریره أنه قد تقدم فی مباحث القوة و الفعل أن عالم المادة متحرک بجوهره و ما یلحق به من الأعراض سیال وجودا متجدد بالهویة سالک بذاته من النقص إلی الکمال متحول من القوة منقسم إلی حدود کل حد منها فعلیة لسابقه قوة للاحقه ثم لو قسم هذا الحد بعینه کان کلما حدث بالانقسام حد کان فعلیة لسابقه قوة للاحقه.

و إن هذه الحرکة العامة ترسم امتدادا کمیا کلما فرض منه قطعة انقسمت إلی قبل و بعد و کذا کل قبل منه و بعد ینقسمان إلی قبل و بعد من غیر وقوف علی حد ما ذکر فی الحرکة التی ترسمه و إنما الفرق بین الامتدادین أن الذی للحرکة مبهم و الذی لهذا الامتداد العارض لها متعین نظیر الفرق بین الجسم الطبیعی و الجسم التعلیمی.

و هذا الامتداد الذی یرسمه جوهر العالم بحرکته هو الزمان العام الذی به تتقدر الحرکات و تتعین النسب بین الحوادث الطبیعیة بالطول و القصر و القبلیة و البعدیة و قبلیته هی کونه قوة للفعلیة التی تلیه و بعدیته هی کونه فعلیة للقوة التی تلیه.

[شماره صفحه واقعی : 324]

ص: 1452

فکل قطعة من قطعات هذه الحرکة العامة الممتدة أخذناها وجدناها مسبوقة بعدم زمانی لکونها فعلیة مسبوقة بقوة فهی حادثة بحدوث زمانی و مجموع هذه القطعات و الأجزاء لیس إلا نفس القطعات و الأجزاء فحکمه حکمها و هو حادث زمانی بحدوثها الزمانی فعالم المادة و الطبیعة حادث حدوثا زمانیا هذا.

[*زنجیرزن]

و أما ما صوره المتکلمون فی حدوث العالم یعنی ما سوی الباری سبحانه زمانا بالبناء علی استحالة القدم الزمانی فی الممکن و محصله أن الوجودات الإمکانیة منقطعة من طرف البدایة فلا موجود قبلها إلا الواجب تعالی و الزمان ذاهب من الجانبین إلی غیر النهایة و صدره خال عن العالم و ذیله مشغول به ظرف له.

ففیه أن الزمان نفسه موجود ممکن مخلوق للواجب تعالی فلیجعل من العالم الذی هو فعله تعالی و عند ذاک لیس وراء الواجب و فعله أمر آخر فلا قبل حتی یستقر فیه عدم العالم استقرار المظروف فی ظرفه.

علی أن القول بلا تناهی الزمان أولا و آخرا یناقض قولهم باستحالة القدیم الزمانی مضافا إلی أن الزمان کم عارض للحرکة القائمة بالجسم و عدم تناهیه یلازم عدم تناهی الأجسام و حرکاتها و هو قدم العالم المناقض لقولهم بحدوثه.

و قد تفصی بعضهم عن إشکال لزوم کون الزمان لا واجبا و لا معلولا للواجب بأن الزمان أمر اعتباری لا بأس بالقول بکونه لا واجبا و لا معلولا للواجب.

و فیه أنه یستوی حینئذ القول بحدوث العالم و قدمه زمانا إذ لا حقیقة للزمان.

و تفصی عنه آخرون بأن الزمان انتزاعی منتزع من الوجود الواجبی تعالی عن ذلک.

[شماره صفحه واقعی : 325]

ص: 1453

و اعترض علیه بأن لازمه عروض التغیر للذات الواجبیة.

و أجیب عنه بأنا لا نسلم وجوب المطابقة بین المنتزع و المنتزع عنه و أنت خبیر بأنه التزام بالسفسطة.

الفصل الرابع و العشرون فی دوام الفیض

قد تبین فی الأبحاث السابقة أن قدرته تعالی هی مبدئیته للإیجاد و علیته لما سواه و هی عین الذات المتعالیة و لازم ذلک دوام الفیض و استمرار الرحمة و عدم انقطاع العطیة.

و لا یلزم من ذلک دوام عالم الطبیعة لأن المجموع لیس شیئا وراء الأجزاء و کل جزء حادث مسبوق بالعدم و لا تکرر فی وجود العالم علی ما یراه القائلون بالأدوار و الأکوار لعدم الدلیل علیه.

و ما قیل إن الأفلاک و الأجرام العلویة دائمة الوجود بأشخاصها و کذلک کلیات العناصر و الأنواع الأصلیة المادیة دائمة الوجود نظرا إلی أن عللها مفارقة آبیة عن التغیر.

یدفعه عدم دلیل یدل علی کون هذه العلل تامة منحصرة غیر متوقفة فی تأثیرها علی شرائط و معدات مجهولة لنا تختلف معلولاتها باختلافها فلا تتشابه الخلقة فی أدوارها.

علی أن القول بالأفلاک و الأجرام غیر القابلة للتغیر و غیر ذلک کانت أصولا موضوعة من الهیئة و الطبیعیات القدیمتین و قد انفسخ الیوم هذه الآراء.

تم الکتاب و الحمد لله فی سادس محرم الحرام من سنة ألف و ثلاثماءة و خمس و تسعین من الهجرة النبویة و الصلاة علی محمد و آله.

[شماره صفحه واقعی : 326]

ص: 1454

درایه

اصول الحدیث و احکامه فی علم الدرایه

اشارة

سرشناسه : سبحانی تبریزی، جعفر، 1308 -

عنوان و نام پدیدآور : اصول الحدیث و احکامه فی علم الدرایه/ تالیف جعفر السبحانی.

مشخصات نشر : قم : جماعه المدرسین فی الحوزه العلمیه بقم، موسسه النشر الاسلامی، 1426ق.= 1384.

مشخصات ظاهری : 272 ص.

موضوع : حدیث -- علم الدرایه

رده بندی کنگره : BP109/س 2الف 6 1384

رده بندی دیویی : 297/264

شماره کتابشناسی ملی : 1144103

ص: 1

اشارة

[شماره صفحه واقعی : 1]

ص: 1455

[شماره صفحه واقعی : 2]

ص: 1456

[شماره صفحه واقعی : 3]

ص: 1457

[شماره صفحه واقعی : 4]

ص: 1458

تمهید

بسم الله الرحمن الرحیم

الحمد للّه الذی تواترت نعماؤه وتسلسلت واستفاضت آلاؤه، والصلاة والسلام علی سیّد المرسلین،وخاتم النبیین محمد وآله الطیبین الطاهرین صلاة موصولة لامقطوعة إلی یوم الدین.

أمّا بعد: فلمّا کان علم الحدیث من أشرف العلوم وأوثقها وأکثرها نفعاً، لاتّصاله باللّه ورسله وخلفائه، عکف المسلمون _ و فی طلیعتهم الشیعة الإمامیة _ علی تدوینه وترصیفه و من ثمّ نقله إلی الأجیال، وبذلک أرسوا قواعد الشریعة، و أضفوا علیها سمة الخلودِ والدوام.

فقاموا بتدوین علوم الحدیث خدمة للسنّة، فألَّفوا _ أوّلاً _ کتباً حول غریبه ومعضلاته، وبیّنوا مشاکله وغرائبه.

کما ألَّفوا _ ثانیاً _ کتباً ورسائل فی علم رجال الحدیث، الکافل لتمییز الثقة من غیره، ومقبول الروایة من مردودها.

ثم عزّزوه بعلم ثالث، باسم: علم الدرایة ،الذی یبحث عن العوارض الطارئة علی الحدیث من ناحیة السند والمتن وکیفیّة تحمّله وآداب نقله.

إلی غیر ذلک من العلوم التی قاموا بتدوینها خدمةً للسنّة النبویّة

[شماره صفحه واقعی : 5]

ص: 1459

وأحادیث العترة الطاهرة.

وقد قمنا بتألیف کتاب حول الرجال باسم «کلّیات فی علم الرجال» حافلاً ببیان قواعده الکلّیة التی لاغنی للمستنبط عن التعرّف علیها، وقد تجاوب _ بحمد اللّه_ وذوق أهل العصر ومشاعرهم، فصار محور الدراسة فی الحوزة العلمیّة.

وقد طلب منّی غیر واحد من الفضلاء أن أردفه بکتاب ثان فی علم الدرایة، فنزلت عند رغبتهم، فوضعت هذا الکتاب علی ضوء کتاب «البدایة» للشهید الثانی _بعد ما ألقیت محاضرات علی أساسه _ واقتفیت أثره فی أکثر المباحث، مکتفیاً بالمهمّات من المسائل، ضارباً الصفح عن غیرها، محرّراً بعبارات واضحة، بعیداً عن الإیجاز والإطناب، وعن التعقید والإغلاق، وسمّیته «أُصول الحدیث وأحکامه» عسی أن یجعله سبحانه ذخراً لیوم المعاد، یوم تلتفّ الساق بالساق.

قم _ مؤسسة الإمام الصادق (علیه السلام)

جعفر السبحانی

[شماره صفحه واقعی : 6]

ص: 1460

مقدمة : فی بیان أُمور

اشارة

1. أوّل من ألّف فی علم الدرایة

2. تعریف علم الدرایة

3. ماهو موضوعه ومسائله وغایته؟

4. فی تبیین بعض المصطلحات الرائجة:

السند، المتن، السنّة، الحدیث، الخبر، الأثر، والحدیث القدسی.

[شماره صفحه واقعی : 7]

ص: 1461

[شماره صفحه واقعی : 8]

ص: 1462

إنّ کتابنا هذا یشتمل علی مقدمة وفصول.

أمّا المقدمة ففی بیان اُمور:

الأوّل: أوّل من ألَّف فی علم الدرایة

1_ إنّ أوّل من ألَّف من أصحابنا فی علم الدرای_ة _ کما هو المشهور _ هو جمال الدین أحمد بن موسی بن جعفر بن طاووس المتوفّی عام 673ه_، وهو والد عبد الکر یم بن أحمد بن موسی ابن طاووس، المتوفّی عام 693ه_، واُستاذ العلاّمة الحلّی (ت726ه_ )، وابن داود الحلّی (ت707ه_ ) وهو واضع للاصطلاح الجدید للإمامیّة فی تقسم الأحادیث _ کما سیوافیک بیانه ، فالرجل من محقّقی علم الرجال والدرایة، حتّی أنّ کتابه «حل الإشکال» مصدر لما جاء به العلاّمة الحلّی فی خلاصته، وابن داود فی رجاله، وصاحب المعالم فی التحریر الطاووسی، وله کتب اُخری تناهز الاثنین والثمانین مجلّ_داً.(1)

[شماره صفحه واقعی : 9]

ص: 1463


1- راجع فی ترجمته: الطهرانی: الأنوار الساطعة فی المائة السابعة، ص 13 و14.

نعم السید ابن طاووس هو أوّل من ألَّف حسب ما عثرنا علیه ویمکن أن قد سبقه أعلام آخرون لم نقف علیهم.

نعم ذکر السید الصدر: إنّ أوّل من ألَّف فی درایة الحدیث من الشیعة هو أبو عبد اللّه الحاکم النیسابوری الإمامی الشیعی، قال فی کشف الظنون فی باب حرف المیم ما نصّه:

«معرفة علوم الحدیث أوّل من تصدی له الحاکم أبو عبد اللّه محمد بن عبد اللّه الحافظ النیسابوری المتوفّی سنة 405ه_، وهو فی خمسة أجزاء ومشتمل علی خمسین نوعاً، وتبعه فی ذلک ابن الصلاح، فذکر من أنواع الحدیث خمسة وستّین نوعاً».(1)

أقول: لو کان الملاک فی القضاء علی کون الحاکم النیسابوری شیعیّاً،إمامیّاً، هو کتابه المستدرک _ الذی استدرک فیه أحادیث کثیرة فات ذکرها البخاری ومسلم مع وجود شروطهما فیها _ فالحاکم شیعیّ بالمعنی الأعم، أی بمعنی أنّه مبغض لخصوم علیّ، ومحبّ لأهل بیته، حتی أنّه ألَّف کتاب «فضائل فاطمة الزهراء»(علیها السلام)و استدرک علی الشیخین أحادیث کثیرة تعد من اُصول فضائل الإمام کحدیث الغدیر وحدیث الطیر المشویّ، ولا یظهر من ثنایا الکتاب تقدیم علیّ (علیه السلام)علی الخلفاء فی الخلافة والولایة، وأنّه کان منصوصاً علیه من قبل النبی لقیادة الاُمّة بعده، وعلی ذلک فهو شیعیّ بمعنی أنّه محبّ لعلی ومبغض لأعدائه، لا أنّه شیعی بمعنی

[شماره صفحه واقعی : 10]

ص: 1464


1- السیّد حسن الصدر:تأسیس الشیعة، ص294. و توجد منه نسخة فی مکتبة ایاصوفیا فی استنبول برقم 4044 (لاحظ ریحانة الأدب لشیخنا المدرّس:5/ 278)، قد طبع أیضاً عام 1937م فی القاهرة بتقدیم الدکتور السیّد معظم حسین (راجع علم الحدیث، ص100، کما فی درایة الحدیث للأُستاذ کاظممدیرشانهچی، ص18).

تقدیمه علی غیره فی الخلافة والولایة، والاقتفاء فی الاُُصول والفروع بأئمّة أهل البیت (علیهم السلام).

ولو کان الملاک فی القضاء علی الحاکم فی ذلک المجال ما ذکره أصحاب المعاجم فی حقّه،فلا شکّ أنّه مرمی بالتشیّع، ومتّهم به عند بعضهم، فقد نقل الذهبی فی «تذکرة الحفاظ» عن ابن طاهر أنّه قال: کان الحاکم یظهر التسنّن فی التقدیم والخلافة.(1)

وقد عدّ الشیخ الحرّ العاملی، کتاب تاریخ نیسابور من کتب الشیعة فی آخر الوسائل وقال: إنَّه من تألیف الحاکم(2)، کما عدّه ابن شهر آشوب فی معالم العلماء من مؤلّفی الشیعة وذکر له کتاب الأمالی وکتاب مناقب الرضا (علیه السلام)(3)، وعقد صاحب الریاض له ترجمة فی القسم المختص بعلماء الشیعة(4).

ولأجل عدم وضوح الحال لایصحّ لنا عدّه ممّن ألَّف من الشیعة فی هذا المضمار فضلاً عن کونه أوّل المؤلِّفین فیه، فالقدر المتیقّن أنّ أوَّل من ألَّف هو أحمد بن طاووس الحلّی، وإلیک ما أُلّف بعده إلی القرن الحادی عشر.

2_ علی بن عبد الحمید الحسینی الذی یروی عنه الشهید الأوّل(ت 786ه_) وأبو العباس أحمد بن فهد (757 _ 841ه_)، صاحب عدّة الداعی، فله کتاب شرح اُصول درایة الحدیث نسبه إلیه السید الصدر فی

[شماره صفحه واقعی : 11]

ص: 1465


1- الذهبی: تذکرة الحفاظ:2/1045 برقم 961.
2- الحر العاملی: وسائل الشیعة:20/48، ولم ینسبه إلی الحاکم بل ذکر اسم الکتاب مصدراً لکتابه، وانّه من الکتب الّتی روی عنها مع الواسطة.
3- ابن شهر آشوب: معالم العلماء: ص133 برقم 903.
4- عبد اللّه الأفندی: ریاض العلماء: 5/477 ویصرّح بأنّ ما عنونه ابن شهر آشوب، هو هذا.

تأسیس الشیعة(1).

3_ الشیخ الشهید زین الدین العاملی (911 _ 966ه_) وهو _ قدس اللّه سره _ قد بذل جهده فی ذلک العلم وألّف کتباً ثلاثة:

أ _ البدایة فی علم الدرایة.

ب _ شرح البدایة، وقد فرغ منه عام 959ه_ وقد طبع هذا الکتاب تکراراً، وطبع أخیراً باسم «الرعایة فی علم الدرایة» محققة(2)، وأضفی محقّق الکتاب علیه ثوباً جدیداً وعلّق علیه تعلیقات نافعة رفعته وجعلته فی مستوی ع_ال _ شکر اللّه مساعیه _.

ج _ غنیة القاصدین فی معرفة اصطلاحات المحدّثین، ألمح إلیه فی خاتمة شرح البدایة، وقال: ومن أراد الاستقصاء فیها مع ذکر الأمثلة الموضحة لمطالبه فعلیه بکتابنا «غنیة القاصدین فی معرفة اصطلاحات المحدّثین» فإنّه قد بلغ فی ذلک الغایة.(3)

4_ الشیخ حسین بن عبد الصمد العاملی (918 - 984ه_)، فله «وصول الأخیار إلی اُصول الأخبار» الذی طبع مرّتین و المرّة الثانیة طبع محقّقاً.

5_ الشیخ حسن بن زین الدین (ت1010ه_) المعروف بصاحب المعالم، فله أشواط فی علمی الرجال والدرایة، فألَّف «التحریر الطاووسی»

[شماره صفحه واقعی : 12]

ص: 1466


1- تأسیس الشیعة،ص295.
2- أثبت محقّق الکتاب ومصحّحه انّه الاسم الواقعی للکتاب، لاحظ ص168 _ لذلک آثرناه عند التسمیة.
3- الشهید الثانی: الرعایة فی علم الدرایة: ص404.

و«منتقی الجمان» وفی کلا الکتابین من أُصول علم الدرایة شیء کثیر.

6_ بهاء الدین العاملی (953 _ 1030ه_) فله «الوجیزة» فی علم الدرایة، وهوالمتن الذی کان محور الدراسة طیلة أعوام، وقد شرحه السید حسن الصدر وأسماه بنهایة الدرایة، وهو مطبوع،و له أکثر من خمسة شروح کمانعرف، ولشیخنا بهاء الدین العاملی کتابا «الحبل المتین ومشرق الشمسین» وقد أدرج فیهما بعض ما یمت إلی علم الدرایة بصلة.

7_ السید المحقق المعروف ب_«میرداماد» (ت1041ه_) فقد أودع فی کتابه «الرواشح السماویة» کثیراً من مسائل علم الدرایة وأورد فی مقدمته مصطلحات ذلک العلم.

هذه هی الکتب المؤلّفة إلی نهایة القرن العاشر أو بقلیل بعده، ثم توالی التألیف بعد هؤلاء بین أصحابنا الإمامیّة، فألّفوا کتباً ورسائل بین مختصر، ومتوسط، ومبسوط، ذکر أسماءها شیخنا المجیز الطهرانی فی ذریعته، وقد طبع قلیل منها(1).

هذا وقد قام لفیف من المحقّقین بتألیف کتب قیّمة فی العصر الحاضر، فیها بُغیة الطالب وضالّة المحدّث، ونشیر إلی کتابین قیّمین منها:

1_ نهایة الدرایة فی شرح الوجیزة، لبهاء الدین العاملی، تألیف السید حسن الصدر، (272 1_ 1354ه_) فرغ منه عام 1314ه_، وطبع فی الهند أوّلاً عام1324ه_ هذا ما ذکره شیخنا فی الذریعة وطبع أخیراً فی إیران طبعة محققة.

[شماره صفحه واقعی : 13]

ص: 1467


1- الطهرانی: الذریعة:8/54 و 55.

2_ مقباس الهدایة فی علم الدرایة، للعلاّمة الشیخ عبد اللّه المامقانی (1290_1351ه_) مؤلّف تنقیح المقال فی علم الرجال. طبع فی النجف عام1345ه_.

ثم طبع فی آخر المجلدالثالث من کتاب الرجال مع إضافات وزیادات منالمصنّف طاب ثراه.

الثانی: تعریف علم الدرایة:

الدرایة فی اللغة بمعنی العلم والاطّلاع، ولعلَّها أخصّ من مطلق العلم، وهی عبارة عن العلم بدقّة وإمعان، قال سبحانه:( وَمَاتَدْرِی نَفْسٌ ماذَا تَکْسِبُ غداً وما تَدْری نَفْسٌ بِأَیِّ أرض تَمُوتُ إنَّ اللّهَ عَلِیمٌ خَبِیرٌ) (لقمان/34)، وقال سبحانه: (مَا کُنْتَ تَدْرِی مَا الکِتَابُ وَلاَ الإیمَان..)(الشوری/52).

وفی الإصطلاح عبارة عن العلم الذی یبحث فیه عن متن الحدیث وسنده وطرقه، من صحیحها وسقیمها وعلیلها، وما یحتاج إلیه لیعرف المقبول منه من المردود.(1)

وعرّفه شیخنا بهاء الدین العاملی فی وجیزته «بأنّه: علم یبحث فیه عن سند الحدیث ومتنه وکیفیّة تحمّله وآداب نقله» (2).

وثانی التعریفین أولی من أوّلهما، لاشتماله علی کیفیّة التحمّل وآداب نقل الحدیث، وهما من مسائل هذا العلم أو من توابعه.

ولک أن تعرّفه بالنحو الثانی: «هو العلم الباحث عن الحالات العارضة

[شماره صفحه واقعی : 14]

ص: 1468


1- الشهید الثانی: شرح البدایة، ص45، وقد سبق منّا أنّها طبعت باسم الرعایة فی علم الدرایة.
2- بهاء الدین العاملی: الوجیزة: ص1.

علی الحدیث من جانب السند أو المتن».

والمراد من السند، طریق الحدیث جملة واحدة لا آحاد رواة الحدیث علی وجه التفصیل، وإنّما یبحث عن الأحوال العارضة علی الآحاد فی علم الرجال، وأمّا فی علم الدرایة فإنّما یبحث عن الأحوال العارضة علی الحدیث أو علی السند بما أنّه طریق للحدیث، والطریق هو المجموع لا کل واحد من الإفراد، ولأجل التوضیح نقول:

الأحوال العارضة علی الحدیث باعتبار طریقه، مثل ما یقال: إن کان رجال السند ثقات إِمامیّین فالحدیث صحیح، وإن کانوا ثقات غیر إمامیّین جمیعهم أو واحداً منهم فالحدیث موثّق، وإن کانوا إمامیّین ممدوحین فالحدیث حسن، وإلاّ فالحدیث ضعیف، فهذه هی الأحوال العارضة علی الحدیث من جانب السندکلها یبحث عنها فی علم الدرایة.

ونظیر ذلک الأحوال العارضة علی الحدیث من جانب المتن، مثل تقسیمه إلی النصّ والظاهر، أو المجمل والمبین، أو المحکم والمتشابه، أو المضطرب وغیره، فهذه المحمولات هی الأحوال العارضة للحدیث من جانب المتن، وکل هذه العوارض هی من مسائل هذا العلم.

و ممّا ذکر یظهر النظر فیما ذکره شیخنا الطهرانی فی تعریف علم الدرایة فقال:«هو العلم الباحث عن الأحوال والعوارض اللاحقة لسند الحدیث أی الطریق إلی متنه، المتألّف ذلک الطریق من عدّة أشخاص مرتّبین فی التناقل، یتلقّی الأوّل منهم متن الحدیث عمّن یرویه له، ثمّ ینقله عنه لمن بعده حتی یصل المتن إلینا بذلک الطریق، فإنّ نفس السند المتألّف من هؤلاء المتناقلین، تعرضه حالات مختلفة مؤثّرة فی اعتبار السند وعدمه، مثل کونه

[شماره صفحه واقعی : 15]

ص: 1469

متّصلاً ومنقطعاً، مسنداً ومرسلاً، معنعناً، مسلسلاً، عالیاً، قریباً، صحیحاً، حسناً، موثّقاً، ضعیفاً، إلی غیر ذلک من العوارض التی لها مدخلیّة فی اعتبار السند وعدمه، فعلم درایة الحدیث کافل للبحث عن تلک العوارض»(1).

ولقد أجاد فیما أفاد، لکنّه خصّ العوارض اللاحقة للحدیث بجانب السند، وقد عرفت أنّها تعرض تارة من ناحیه السند، واُخری من ناحیة المتن وإن کان الغالب هو الأوّل.

وبذلک یظهر الفرق بین علمی الرجال والدرایة، فإنّ علم الرجال یبحث عن آحاد رواة السند علی وجه التفصیل جرحاً وتعدیلاً، ووثاقةً وضعفاً، کما یبحث عن طبقة الراوی، وتمییزه عن مشترکاته فی الاسم، وهذا بخلاف علم الدرایة، فإنّه یبحث عن الأحوال الطارئة علی الحدیث باعتبار مجموع السند أو المتن.

وبعبارة اُخری: البحث عن الأحوال الشخصیّة التی تعرض لأجزاء السند وأعضائه أی الأشخاص المرتّبین فی التناقل، المعبّر عنه_م ب_ : الرواة، والمزایا التی توجد فی کلّ واحدمنهم من المدح والذم، وغیر ذلک ممّا لها الدخل فی جواز القبول عنهم وعدمه، فهو موکول إلی علم الرجال وهو فنّ آخر .

وبذلک یظهر ضعف ما ربّما یقال: من أنّ علم الرجال یبحث عن السند، والدرایة عن المتن، أو غیر ذلک من الممیّزات، أو أنّ کلیهما یبحثان عن سند الحدیث لکنّ جهة البحث تختلف، فالدرایة تبحث عن أحوال نفس السند، وعلم الرجال یبحث عن أحوال أجزائه، وأعضائه التی یتألّف

[شماره صفحه واقعی : 16]

ص: 1470


1- الطهرانی: الذریعة: 8/54.

منها السند(1)،لاحظ وتأمّل فإنّ کلامه صحیح فی غالب مسائل علم الدرایة لا فی جمیعها کما عرفت .

الثالث: فی موضوعه ومسائله وغایته:

قد ظهر من التعریف السابق أنّ موضوع هذا العلم هو سند الحدیث ومتنه، وإن شئت قلت: هو الحدیث باعتبار اشتماله علی السند والمتن، فإنّ موضوع کل علم ما یبحث فیه عن عوارضه وحالاته، والحالات الطارئة علی الموضوع فی هذا العلم کونه صحیحاً أو ضعیفاً، أو کونه محکماً أو متشابهاً، إلی غیر ذلک من الطواریء. نعم اتّصاف الحدیث بهذه الحالات أمّا باعتبار سنده وطریقه، أو متنه ومضمونه، وقد عرفت التوضیح.

وبذلک عُلمتْ مسائله، فنفس تلک الأحوال ونظائرها من مسائله، فالکل یعرض الحدیث أمّا من ناحیة السند أو من ناحیه المتن.

وأمّا غایته فربّما یقال: إنّ غایة هذا العلم هی معرفة الاصطلاحات المتوقّفة علیها معرفة کلمات الأصحاب، واستنباط الأحکام، وتمییز المقبول من الأخبار لیعمل به، عن المردود لیجتنب عنه.(2)

والظاهر أنّ معرفة الإصطلاحات وکلمات الأصحاب غایة ثانویّة تترتّب علی ذلک العلم، والغایة الاُولی الحقیقیة هی ما جاء فی آخر کلامه، وهی تمییز الروایات المعتبرة عن غیرها کما هی الغایة فی علم الرجال أیضاً، غیر أنّ الوصول إلیها فی علم الرجال یتحقّق بمعرفة آحاد رجال الحدیث،

[شماره صفحه واقعی : 17]

ص: 1471


1- الطهرانی الذریعة: 8/54.
2- عبد اللّه المامقانی: مقباس الهدایة فی علم الدرایة: ص4.

ولکنّه فی علم الدرایة یتحقّق بالتعرّف علی ما یطرأ علی الحدیث من الطوارئ من جانب السند أو المتن، فکلا العلمین یخدمان علم الحدیث لیعرف الإنسان الحجة ویمیّزها عن غیرها، والمقبول عن المردود.

الرابع: فی معرفة بعض الاصطلاحات الرائجة:

إنّ من الاصطلاحات الرائجة فی هذا الفن هو: السند،والمتن، والسنّة، والحدیث، والخبر، والأثر، وما شابه ذلک فلا بأس بتوضیحها وإن کانت واضحةً إجمالاً:

1_ السند: هو طریق المتن، والمراد هنا مجموع من رووه واحداً عن واحد حتی یصل إلی صاحبه، و هو مأخوذ من قولهم فلان سند أی یستند إلیه فی الاُمور، ویعتمد علیه، فَسُمّی الطریق سنداً لاعتماد المحدّثین والفقهاء فی صحّة الحدیث وضعفه علی ذلک.

وأمّا الإسناد، فهو ذکر طریقه حتی یرتفع إلی صاحبه.

وقد یطلق «الإسناد» علی «السند» ویقال إسناد هذا الحدیث صحیح أو ضعیف.(1)

2_ المتن: هو فی الأصل مااکتنف الصلب ،ومتن کل شی مایتقوّم به ذلک الشیء ویتقوّی به، کما أنّ الإنسان یتقوّم بالظهر ،ویتقوّی به ، وفی الاصطلاح «لفظ الحدیث الذی یتقوّم به معناه ،وهومقول النبیّ،أو الأئمّة المعصومین» (2).

[شماره صفحه واقعی : 18]

ص: 1472


1- حسین بن عبد الصمد العاملی: وصول الأخیار إلی أُصول الأخبار: ص90.
2- الشهید الثانی: الرعایة فی علم الدرایة: ص52.

3 _ السنّة: فی اللغة هی الطریقة المحمودة أوالإسم منها، وفی الاصطلاح نفس قول المعصوم أو فعله أو تقریره، و بهذا المعنی لیس له إلاّ قسم واحد وهو الصحیح المصون عن الکذب والخطأ.

4 _ الحدیث: هو کلام یحکی قول المعصوم أو فعله أو تقریره، وبهذا الاعتبار ینقسم إلی الصحیح ومقابله، وبهذا علم أنّ ما لا ینتهی إلی المعصوم لیس حدیثاً، وأمّا العامّة فاکتفوا فیه بالانتهاء إلی النبیّ (صلی الله علیه وآله وسلم)أو أحد الصحابة و التابعین. ولأجل التمییز بین القسمین ربّما یسمّون ما ینتهی إلی الصحابة والتابعین بالأثر.

5 _ الخبر: وهو فی اصطلاح المحدّثین یرادف الحدیث، وربّما یطلق فی کثیر من العلوم ویراد ما یقابل الإنشاء. ثم توصیف المحدّث بالأخباری إنّما هو بالمعنی الأوّل _ أی من یمارس الخبر والحدیث ویتّخذه مهنة _.

وربّما یستعمل الأخباری فی مقابل الاُصولی، وذلک لأنّه لا یعتمد علی بعض الاُصول التی یعتمد علیها الاُصولی، وعلی ضوء ذلک فتقسیم الفقهاء إلی الأخباری والاُصولی بهذا الملاک لا بالملاک الأوّل _ أی من یمارس الخبر والحدیث ویشتغلبه_.

ویظهر من العلاّمة(1) وجود هذا الاصطلاح (الأخباری فی مقابل الاُصولی) فی عصره .

[شماره صفحه واقعی : 19]

ص: 1473


1- العلاّمة الحلّی، النهایة فی الأُصول (مخطوط) نقله عنه فی المعالم عند البحث عن حجّیة الخبر الواحد فی ضمن الدلیل الثالث، و إلیک نصّ عبارته: أمّا الإمامیّة فالأخباریون منهم لم یعوّلوا فی اُصول الدین وفروعه، إلاّ علی أخبار الآحاد المرویّة عن الأئمّة (علیهم السلام)، والأُصولیون منهم کأبی جعفر الطوسی وغیره وافقوا علی قبول خبر الواحد.

وأمّا الأثر:فربّما یخصّص بما ورد عن غیر المعصوم من الصحابی أو التابعی، وربّما یستعمل مرادفاً للحدیث وهو الأکثر.

6 _ الحدیث القدسی: هو کلام اللّه المنزل _ لا علی وجه الإعجاز _ ، الذی حکاه أحد الأنبیاء أو أحد الأوصیاء، مثل ما روی أنّ اللّه تعالی قال: «الصوم لی وأنا اُجزی به»، ومن الفوارق بینه وبین القرآن: أنّ القرآن هو المنزّّل للتحدّی والإعجاز بخلاف الحدیث القدسی.

إذ کان رسول اللّه (صلی الله علیه وآله وسلم)یلقی أحیاناً علی أصحابه مواعظ یحکیها عن ربّه عزّ وجلّ ولم یکن وحیاً منزلاً حتی یسمّوها بالقرآن، ولا قولاً صریحاً یسنده(صلی الله علیه وآله وسلم)إسناداً مباشراً حتی یسمّوها حدیثاً، وإنّما کانت أحادیث یحرص النبیّ علی تصدیرها بعبارة تدلّ علی نسبتها إلی اللّه لکی یشیر إلی أنّ عمله الأوحد فیها، حکایتها عن اللّه باُسلوب یختلف اختلافاً ظاهراً عن اُسلوب القرآن، ولکنّ فیه _ مع ذلک _ نفحة من عالم القدس ونوراً من عالم الغیب، وهیبة من ذی الجلال والاکرام، تلک هی الأحادیث القدسیّة التی تسمّی أیضا:ً إلهیّة، وربّانیة.

مثلاً أخرج مسلم فی صحیحه عن أبی ذر (رضی اللّه عنه)عن النبیّ(صلی الله علیه وآله وسلم)_ فیما یرویه عن اللّه عزّ وجلّ _: «یا عبادی إنّی حرّمت الظلم علی نفسی وجعلته بینکم محرّماً فلا تظالموا....»(1).

إذا عرفت هذه الاُمور فلندخل فی صلب الموضوع ونبحث عن اُمّهات المسائل و ذلک فی فصول:

[شماره صفحه واقعی : 20]

ص: 1474


1- مسلم: الصحیح ج8 کتاب البرّ، الباب 15، الحدیث 1. و قد ألّف الشیخ الحرّ العاملی کتاباً باسم «الجواهر السنیة فی الأحادیث القدسیّة»

الفصل الأوّل : تقسیم الأخبار

اشارة

1. تقسیم الخبر إلی المتواتر والآحاد.

2. تعریف الخبر المتواتر.

3. إمکان وقوعه وحصول العلم به.

4. کیفیة العلم الحاصل بالتّواتر وأنّه ضروری أو نظریّ.

5. شروط الخبر المتواتر.

6. أقلّ عدد یتحقق به التواتر.

7. تقسیم المتواتر إلی اللفظی والمعنوی.

8. تقسیم آخر للتواتر.

9. التواتر التفصیلی والإجمالی.

10. تقسیم خبر الواحد إلی المستفیض والعزیز والغریب.

11. تقسیم خر الواحد إلی المحفوف بالقرائن وعدمه.

[شماره صفحه واقعی : 21]

ص: 1475

[شماره صفحه واقعی : 22]

ص: 1476

تقسیم الخبر إلی المتواتر والآحاد
اشارة

الخبر ینقسم إلی:

الخبر معلوم الصدق ضرورة أو نظراً.

أو معلوم الکذب کذلک.

أو ما لا یُعلَمُ صدقه ولا کذبه.

والقسم الأخیر إمّا یظنّ صدقه، أو کذبه، أو یتساویان.

فهذه أقسام خمسة.

والملاک فی هذا التقسیم هو مفاد الخبر ومضمونه، وبهذا الاعتبار ینقسم إلی متواتر وآحاد، والخبر المتواتر من أقسام معلوم الصدق دون الآحاد کما سیتّضح، وإلیک البحث فی کل واحد منهما.

الخبر المتواتر

وفیه مباحث:

المبحث الأوّل: فی حدّ التواتر

«التواتر» فی اللغة: هو مجیء الواحد بعد الآخر علی وجه الترتیب، ومنه

[شماره صفحه واقعی : 23]

ص: 1477

قوله سبحانه: (ثُمَّ أرْسَلْنا رُسُلَنا تَتْرا کُلَّما جاءَ اُمَّةً رَسولُها کَذَّبُوهُ فَأَتْبَعْنا بَعْضَهُم بَعْضاً وجَعَلناهُمْ أحادیثَ فَبُعداً لِقَوم لا یؤْمِنون )(المؤمنون/44).

إنّ قوله «تترا» مصدر کدعوی و ذکری و شوری، وهو من المواترة، وهی أن یتبع الخبر الخبر، والکتاب الکتاب، فلا یکون بینهما فصل کثیر(1).

و أمّا فی الإصطلاح فقد عرّف بوجوه:

أ _ خبر جماعة یفید بنفسه القطع بصدقه(2).

وإنّ قوله «بنفسه» یخرج ما أفاده الیقین بمعونة القرائن.

توضیحه:أنّ القرائن علی قسمین:

الأوّل: القرائن الداخلیة، وهی ما لا ینفک الخبر عن جمیعها أو بعضها عادة، وهی:

إمّا تتعلّق بحال المخِبر ، ککونه موسوماً بالصدق و عدمه.

أو بالسامع ، ککونه خالی الذهن و عدمه.

أو بالمخبر به ، ککونه قریب الوقوع و عدمه.

أو نفس الخبر کالهیئات الواردة فی الخبر کاشتماله علی نون التأکید والقسم ونحو ذلک.

الثانی: القرائن الخارجیة الحافّة بالخبر، وهذا هو المسمّی بالخبر المحفوف بالقرینة، کما إذا جاء المخبر بموت أحد، وقورن بسماع النوح من بیته فذلک ممّا یفید علمنا بصحّته.

قالوا: إنّ التقیید بقوله ب_ «نفسه» لإخراج القسم الثانی من الخبر، فإنّه

[شماره صفحه واقعی : 24]

ص: 1478


1- الطبرسی: مجمع البیان: 4/107.
2- القمّی: قوانین الأُصول:1/420.

لیس مفیداً للعلم بنفسه بل بمعونة القرائن.

یلاحظ علی هذه التعریف: أنّه غیر مطّرد، لصدقه علی ما لیس بمتواتر، کما إذا أخبر ثلاثة بواقعة، وحصل العلم بها من جهة خصوص الواقعة لانصراف الدواعی عن تعمّد الکذب فیه وملاحظة مکانة المخبرین، وخلو ذهن السامع من الشبهة، فیلزم أن یکون مثل هذا الخبر متواتراً ولیس منه بالضرورة.

ب _ خبر جماعة یؤمن تواطؤهم علی الکذب عادة وإن کان للوازم الخبر دخل فی إفادة تلک الکثرة العلم(1).

ج _ جمع بهاء الدین العاملی بین التعریفین وقال: فإن بلغت سلاسله فی کل طبقة حدّاً یؤمن معه تواطؤهم علی الکذب فتواتر. ویرسم بأنّه خبر جماعة یفید بنفسه القطع بصدقه، وإلاّ فخبر آحاد(2).

ففی هذا التعریف رُکِّز علی الکثرة وأنّه یجب أن یبلغ عدد المخبرین إلی حدّ من الکثرة یمنع عن تواطئهم علی الکذب.

یلاحظ علیه: أنّ العلم بامتناع تواطئهم علی الکذب أو العلم بعدم تواطئهم علیه لا یکون دلیلاً علی صدق الخبر وعدم تعمّد المخبرین الکذب، لأنّ للکذب أسباباً ودواعی اُخر غیر التواطؤ علیه، فإنّ الحبّ والبغض فی الأفراد ربّما یجرّان إلی التقوّل علی الأفراد بکثرة من دون تواطؤ هناک، خصوصاً إذا کانوا أصحاب هوی ودعایة.

وهذه هی القوی الکبری العالمیة التی تلعب أیدیها تحت الستار فی

[شماره صفحه واقعی : 25]

ص: 1479


1- المحقّق القمّی: قوانین الاُصول:1 /421.
2- بهاء الدین العاملی: الوجیزة: ص2.

مجال الإعلام العالمی، فربّما تنطق جماعة کثیرة فی أرجاء مختلفة بکلام واحد بإشارة من السلطات، من دون أن یطّلع واحد منهم علی الآخر. فمجرد علمه بعدم التواطؤ لا یکفی فی رفع الشکّ فی تعمّد الکذب، إلاّ أنّه یکفی التواطؤ بین أصحاب السیاسة فی البلدان و إن لم یکن التواطؤ موجوداً فی دونها.

فالأولی أن یضاف إلی التعریف قولنا: یُؤمن معه من تعمّدهم الکذب، ویحرز ذلک بکثرة المخبرین ووثاقتهم، أو کون الموضوع(1)مصروفاً عنه دواعی الکذب أو غیر ذلک.

و لنقتصر علی ماذکرناه فی تعریفه، و فیه مباحث شریفة و مفصّلة، وهی بعلم الأصول أحری و أولی.

المبحث الثانی: فی إمکان وقوعه وحصول العلم به:

لا یشکّ ذو مسکة فی إمکانه و وقوعه. قال الغزالی :لا یستریب عاقل فی أنّ فی الدنیا بلدة تسمّی بغداد وإن لم یدخلها، ولایشکّ فی وجود الأنبیاء، والمخالف إنّما هو بعض الهنود المعروفین ب_ «سمینة» الذین حصروا العلوم فی الحواس وأنکروا هذا.

[شماره صفحه واقعی : 26]

ص: 1480


1- ولقد وقف بعضهم علی هذه النکتة وإن کانت عبارته ناقصة. قال الغزالی: «شرط قوم: أن لا یکونوا محمولین بالسیف علی الإخبار»، ثمّ ردّ علیه بقوله: وهو فاسد، لأنّهم إن حملوا علی الکذب لم یحصل العلم لفقد الشرط وهو الإخبار عن علم ضروریّ. والظاهر أنّ الغزالی لم یقف علی مغزی الکلام، لأنّ البحث فیما إذا احتمل حملهم علی السیف بالکذب لا ما إذا علم حملهم علیه،فلا یرد قوله علیهم، لأنّهم إن حملوا علی الکذب لمیحصل العلم.

هذا ما یذکره القدماء فی إثبات إمکانه ووقوعه، وأمّا الیوم فنحن نسمع من أجهزة الإعلام العالمیّة، أخباراً کثیرة علمیّة واجتماعیّة وسیاسیّة، نجزم بصحّة قسم خاصّ منها وهی ما إذا کانت بعیدة عن إطار دواعی الکذب فیها.

وکلّ إنسان منّا ربّما یواجه الخبر المتواتر طیلة عمره، خصوصاً فی أوّل الشهور وآخرها، فربّما تتقاطر الأخبار من بلدان نائیة من مختلف الطبقات، تحکی عن رؤیة الهلال فی اللّیلة المعیّنة، فیحصل العلم للقلوب السلیمة، البعیدة عن الزیغ والانحراف.

ثمّ إنّ المحقّق القمّی اعترض علی الإستدلال المعروف _أعنی الجزم بوجود البلدان النائیة کالهند والصین والأُمم الخالیة کقوم فرعون وقوم موسی_ بأنّ العلم هنا لیس من جهة التواتر لأنّا لانسمع إلاّ من أهل عصرنا، وهم لم یرووا لنا ذلک عن سلفهم أصلاً، فضلاً عن عدد یحصل به التواتر، وهکذا، بل حصول العلم من جهة أنّ أهل العصر مجمعون علی ذلک قاطبة، أمّا بالتصریح أو بظهور أنّ سکوتهم مبنیّ علی عدم بطلان هذا النقل(1).

ویلاحظ علیه: أنّا إذا وجدنا أهل زماننا متّفقین علی الإخبار صریحاً أو التزاماً بوقوع واقعة مثلاً فی سالف الزمان، فربّما نقطع بملاحظة العادة فی تلک الواقعة أنّ اتّفاقهم علی ذلک لا یکون إلاّ عن اتّفاق مثله علی الأخبار بذلک، إلی أن تنتهی السلسلة إلی المشاهدین الّذین نقطع بمقتضی العادة فی تلک الواقعة بلوغهم درجة التواتر، فیکون علمنا بالواقعة مستنداً إلی التواتر المتأخّر، الکاشف عن التواتر المتقدّم المعلوم لنا بطریق الحس(2).

[شماره صفحه واقعی : 27]

ص: 1481


1- المحقّق القمّی: قوانین الأُصول: 1/421.
2- محمّد حسین الاصفهانی: الفصول فی الأُصول: ص270 _ 271.

وعلی کل تقدیر ، فسواء صحّ ذلک الکلام أم لم یصحّ، فالمثال غیر عزیز.

ثمّ إنّ للمنکرین شبهات واهیة ربّما تبلغ ستّاً لا حاجة لنقلها، ذکر بعضها الغزالی کما ذکر أکثرها صاحب المعالم فی مقدّمته والمحقّق القمّی فی القوانین(1).

المبحث الثالث: فی کیفیّة العلم الحاصل بالتواتر:

هل العلم الحاصل من التواتر علم ضروریّّ _ کما هو المشهور _، أو نظریّ کما نقل عن الکعبی وأبی الحسین البصری، والجوینی،وإمام الحرمین؟ أو لا ضروری ولا نظری بل هناک واسطة بینهما؟ کما نقل عن الغزالی (وإن کان کلامه لایؤیّد تلک النسبة)؟ أو التوقّف فیه _ کما نسب إلی السید المرتضی _؟ أو التفصیل بین الاخبار عن البلدان وأمثالها فضروری وإلاّ فنظری _ کما نسب إلی الشیخ فی العدّة، واختاره المحقق القمّی _ ؟ أقوال:

احتجّ المشهور بوجوه:

1 _ لو کان نظریاً لتوقّف علی توسط المقدّمتین واللازم منتف لأنّا نعلم علماً قطعیاً بالمتواترات، مثل و جود مکّة والهند وغیرهما مع انتفاء ذلک.

2 _ لو کان نظریّاً لما حصل لمن لا قدرة له علی النظر، کالعوام

[شماره صفحه واقعی : 28]

ص: 1482


1- الشیخ حسن: معالم الأُصول: ص177، المحقّق القمّی: قوانین الأُصول:ج1،ص421، وشبهاتهم لا تهدف إلی أمر واحد بل بعضها یهدف إلی إنکار حصول العلم من التواتر، وبعضها یهدف إلی إنکار کون العلم الحاصل من التواتر ضروریاً.

والصبیان.

3 _ لو کان نظریّاً للزم أن لا یعلمه من ترک النظر عمداً، إذ کل علم نظری فإنّ العالم به یجد نفسه أوّلاً شاکّاً ثمّ طالباً، ونحن لا نجد أنفسنا طالبین لوجود مکّة(1).

احتجّ القائل بکونه نظریاً بأنّه لو کان ضروریاً لما احتاج إلی توسط المقدّمتین، والتالی باطل لأنّه یتوقف علی العلم بأنّ المخبر به محسوس، وأنّ هذه الجماعة لا یتواطؤون علی الکذب.

وقد ناقش کلّ من الطرفین أدلّة الآخر، والکلام الحاسم للخلاف هو أن یقال:

إنّه إن اُرید من الضروری ما لا یحتاج إلی مقدّمة من المقدّمات علی وجه الإجمال والتفصیل، فالعلم الحاصل من الخبر المتواتر لیس بضروریّ، لعدم استغنائه عن بعض المقدّمات الإجمالیّة المخزونة فی الذهن، ولکنّه لو کان هذا هو ملاک العلم الضروری، فقلّما یتّفق أن یتّصف خبر بالضروریّ حتّی قولنا الکلّ أعظم من الجزء، فإنّ التصدیق بذلک متوقّف علی القول بأنّ الکل یشتمل علی الجزء وغیره، وما هو کذلک فهو أعظم.

وإن اُرید من الضروری ما هو أعمّ من ذلک وما یتوقّف حصول العلم فیه علی بعض المقدّمات المخزونة فی الذهن أو المترتبة فیه بالسرعة والإجمال، فالعلم الحاصل من التواتر ضروری، ولعلّه إلی ذلک یشیر کلام الغزالی لا إلی القول بالواسطة. قال:

[شماره صفحه واقعی : 29]

ص: 1483


1- المحقّق القمّی: قوانین الأُصول :1 /422، الغزالی: المستصفی1/132.

فإن عنیتم بکونه نظریاً، أنّ مجرد قول المخبر لا یفید العلم، ما لم تنتظم فی النفس مقدّمتان:

إحداهما: أنّ هؤلاء مع اختلاف أحوالهم و تباین أغراضهم، ومع کثرتهم علی حال لا یجمعهم علی الکذب جامع، ولا یتّفقون إلاّ علی الصدق.

وثانیهما: أنّهم اتّفقوا علی الإخبار عن الواقعة فیبتنی العلم بالصدق علی مجموع المقدّمتین، فهذا مسلّم، ولا بدّ أن تشعر النفس بهاتین المقدّمتین حتّی یحصل لها العلم والتصدیق، وإن لم تشکّل فی النفس هذه المقدّمات بلفظ منظوم، فقد شعرت به حتّی حصل التصدیق، وإن لم یشعر بشعورها...(1).

والحاصل أنّ المیزان فی کون العلم نظریاً هو حاجة القضیة إلی الإمعان، والدقّة والفکر والنظر، والاستدلال والبرهنة، وأمّا ما یحصل بعد الاخبار بسرعة»_ وإن کان معتمداً علی قضایا مسلّمة فی الذهن من دون استشعار بها وبالإعتماد علیها_ فهو ضروری.

المبحث الرابع: فی شروط التواتر:

إنّ القوم ذکروا شروطاً للتواتر، ولکنّها لیست علی نسق واحد، بل هی

[شماره صفحه واقعی : 30]

ص: 1484


1- ذکر صاحب الفصول: إنّ ما یتوقّف علیه العلم هو المقدّمة الثانیة وهی اتفاقهم علی الإخبار عن هذه الواقعة، وأمّا المقدّمة الأُولی أعنی لا یجمعهم علی الکذب جامع فهو عین النتیجة أو فی مرتبتها، فلا یتوقف العلم بها علیه، ولیس مجرد إمکان تألیف قیاس ینتج المطلوب ملاکاً لکون النتیجة نظریّة بل لا بدّ معه من کونه مستفاداً منها، وإلاّ لأمکن تألیفه فی کل ضروری، کقولنا الکل مشتمل علی الجزء وزیادة.

[شماره صفحه واقعی : 31]

ص: 1485

واکتفی المحقّق القمّی بکون الباقین عالمین وإن کان بعضهم ظانّین.

یلاحظ علی القولین: أنّه إذا صار کلّ واحد مبدءاً لحصول درجة من الظنّ، فربّما یحصل العلم، لأنّ العلم لا یحصل فی التواتر دفعة واحدة، بل الخبر الأوّل یوجد ظنّاً ما، ثمّ یدعمه الثانی، والثالث إلی أن یتحوّل إلی العلم.

وأمّا القسم الثانی، أعنی: ما هو شرط لحصول العلم منها:

فقالوا: یشترط کون السامع غیرعالم بما اُخبربه، لاستحالة تحصیل الحاصل، کما یشترط أن لا یکون قد سبق بشبهة أو تقلید إلی إعتقاد نفی موجب الخبر، ذکره السید المرتضی، وبذلک یجاب عن کلّ من خالف الإسلام ومذهب الإمامیّة فی إنکارهم حصول العلم بما تواتر من معجزات النبیّ (صلی الله علیه وآله وسلم)والنص علی الوصیّ، وکذلک کلّ من اُشرب قلبه حبّ خلاف ما اقتضاه المتواتر، فلا یحصل له العلم إلاّ مع تخلّیه عمّا شغله عن ذلک إلاّ نادراً(1).

وقد ذکر الغزالی فی خاتمة بحثه بأنّه قد ذکر القوم للتواتر شروطاً أُخر وهی فاسدة و هی عبارة عن:

1 _ أن لا یحصرهم عدد ولا یحویهم بلد.

2 _ أن تختلف أنسابهم فلا یکونون بنی أب واحد، وتختلف أوطانهم.

3 _ أن یکونوا أولیاء مؤمنین.

4 _ أن لا یکونوا محمولین بالسیف علی الإخبار.

[شماره صفحه واقعی : 32]

ص: 1486


1- المحقّق القمّی: قوانین الأُصول: 1/425 _ 426، السیّد المرتضی: الذریعة:2/491.

5 _ أن یکون الإمام المعصوم فی جملة المخبرین، قال: شرطه الروافض، ثم أورد علی الأخیر أنّ هذا یوجب العلم باخبار الرسول عن جبرئیل لأنّه معصوم، فأی حاجة إلی إخبار غیره؟ ویجب أن لا یحصل العلم بنقلهم علی التواتر النصّ علی علیّ(رض) إذ لیس فیهم معصوم(1).

و ممّا یؤخذ علیه هنا: أنّه تقوّل علی الشیعة ولیس فی کتبهم أثر من هذا الشرط، ولو شرطوه، فإنّما شرطه بعضهم فی حجیّة الإجماع علی فتوی نظریّة مستنبطة من الکتاب والسنّة، وأین هذا من الخبر المتواتر عن أمر محسوس؟ وکم للقوم فی کتبهم من تقوّلات علی الشیعة، وهم یکتبون کل شیء عنهم ولا یعرفون عنهم إلاّ الشیء الضئیل.

المبحث الخامس: فی أقل عدد التواتر:

اختلفوا فی أقل عدد یتحقّق معه التواتر، والحق أنّه لا یشترط فیه عدد، فالمقیاس هو إخبار جماعة یؤمن من تعمّدهم الکذب وهو یختلف و یتخلّف باختلاف الموارد، فربّ مورد یکفی فیه عدد إذا کان الموضوع بعیداً عن الهوی والکذب، وربّ موضوع لا یکفی فیه ذلک العدد، وبذلک یظهر أنّ تقدیره بالخمسة أو العشرة أو العشرین أو الأربعین أو السبعین لاأساس له.(2)

[شماره صفحه واقعی : 33]

ص: 1487


1- الغزالی: المستصفی: 1/139_140.
2- و إلیک الأقوال: 1 _ فعن القاضی أبی بکر الباقلاّنی: «یشترط أن یکونوا أزید من أربعة، لعدم إفادة خبر الأربعة العدول الصادقین العلم، کما هو الحال فی البیّنة علی الزنا و غیرها، و توقف فی الخمسة لعدم اطّراد الدلیل المذکور فیها».

وختاماً: ذکر النووی(1) فی مبحث المتواتر: «ولا یذکره المحدّثون ،وهو قلیل لا یکاد یوجد فی روایاتهم ، وهو مانقله من یحصل العلم بصدقهم ضرورة عن مثلهم من أوّله إلی آخره، وحدیث «من کذب علیّ متعمّداً فلیََتَبوّأ مقعده من النار» متواتر لاحدیث «إنّما الأعمال بالنیّات»(2).

[شماره صفحه واقعی : 34]

ص: 1488


1- و فی غلاف المطبوع «النواوی» و لعل لرعایة السمع فی الاسم و إلاّ هو یحیی بن شرف بن حری الخراهی الشافعی النووی شیخ الإسلام محی الدین أبو زکریا ولد فی «نوی» فنسب إلیها: النووی و هی بلدة بحوران 631ه_ _ 676 ه_. لاحظ طبقات الشافعیة للسبکی 5/165، النجوم الزاهرة 7/278، الأعلام 9/185، أسماء الرجال الناقلین عن الشافعی: 68، طبقات النحاة و اللغویین: 529، معجم المؤلفین 13/202.
2- النووی: التقریب والتیسیر: 2/159 _ 160 مع شرحه: تدریب الراوی.
تقسیم المتواتر إلی اللفظی والمعنوی:

المتواتر علی قسمین: لفظی ومعنوی.

فالأوّل: ما إذا اتّحدت ألفاظ المخبرین فی أخبارهم، کقوله (صلی الله علیه وآله وسلم): «إنّما الأعمال بالنیّات» علی القول بتواتره، وقوله: «من کنت مولاه فعلیّ مولاه»، وقوله: «إنّی تارک فیکم الثقلین» والفرق بین الأوّل وبین الثانی والثالث أنّ تمام الحدیث فی الأوّل متواتر، وفی الثانی و الثالث بعضه، لوجود اختلاف فی النقل فی سائر ألفاظهما الذی لم نذکره.

والثانی:ما إذا تعدّدت ألفاظ المخبرین ولکن اشتمل کلّ منها علی معنی مشترک بینها بالتضمّن أو الالتزام وحصل العلم بذلک القدر المشترک بسبب کثرة الأخبار.

ثمّ إنّ اختلافهم فی ألفاظ الحدیث ربّما یکون فی واقعة واحدة، کما إذا قال رجل: «ضرب زید عمراً بالید»، وقال آخر: «ضربه بالدرّة»، وقال الثالث: «ضربه بالعصا»، وقال رابع: «ضربه بالرجل» إلی غیر ذلک،فالکلّ یتضمّن صدور الضرب، واُخری فی وقائع متعدّدة کما فی الأخبار الواردة فی بطولة علیّ (علیه السلام)فی غزواته التی تدلّ بالدلالة الالتزامیة علی شجاعته وبطولته.

تقسیم آخر للتواتر:

ثمّ إنّ المحقّق القمّی قسّم التواتر إلی أقسام لابأس بنقلها إجمالاً:

1 _ أن تتواتر الأخبار باللفظ الواحد سواء کان المتواتر تمام الحدیث أو

[شماره صفحه واقعی : 35]

ص: 1489

بعضه.

2 _ أن تتواتر بلفظین مترادفین أو ألفاظ مترادفة، مثل ما إذا ورد: «الهرّ طاهر» و «السنور طاهر» و«الهرّ نظیف».

3 _ أن تتواتر الأخبار بدلالتها علی معنی مستقلّ وإن کانت دلالة بعضها بالمفهوم والاُخری بالمنطوق وإن اختلفت ألفاظها، کما إذا ورد: «الماء القلیل ینجس بالملاقاة»، و ورد: «الأنقص من الکر ینجس بالملاقاة»، وفی ثالث: «إذا کان الماء قدر کرّ لم ینجّسه شیء» فیدلّ الکلّ علی نجاسة الماء القلیل بملاقاة النجاسة.

ومثله ما إذا ورد: «لاتشرب سؤر الکلب إلاّ أن یکون حوضاً کبیراً یستسقی منه الماء»، وورد أیضاً قوله حین سئل عن التوضّؤ فی ماء دخلته الدجاجة التی وطأت العذرة: «إلاّ أن یکون الماء کثیراً» فینتزع من الکلّ انفعال الماء القلیل.

4 _ أن تتواتر بدلالة تضمّنیة علی شیء،ویکون المدلول التضمّنی قدراً مشترکاً بین تلک الآحاد، کما فی المثال الذی عرفته من صدور الضرب من زید.

5 _ أن تتواتر الأخبار بدلالة التزامیّة، ویکون ذلک قدراً مشترکاً بینها ، مثل ما إذا نهانا الشارع عن التوضّؤ من مطلق الماء القلیل إذا لاقته العذرة، وعن الشرب منه إذا ولغ فیه الکلب، وعن الإغتسال منه إذا لاقته المیتة، فالکلّ یدلّ علی نجاسة الماء القلیل بذلک.

6 _ أن تتکاثر الأخبار بذکر أشیاء تکون لوازم لملزوم واحد(1)، مثل

[شماره صفحه واقعی : 36]

ص: 1490


1- و فی المصدر تکون ملزومات للازم، والصحیح ما ذکرناه، نبّه علیه المحقّق السیّد علی القزوینی.

الأخبار الواردة فی غزوات علی (علیه السلام).

ثمّ إنّه _ قدّس سرّه _ فصّل فی ذلک بما لا حاجة لذکره(1).

ولا یخفی أنّ ما ذکره من تقسیم التواتر، إنّما یرجع إلی مطلق التواتر لاخصوص التواتر المعنوی کما صرّح به المحقّق المامقانی(2)، لوضوح أنّ القسم الأوّل والثانی من أقسام التواتر اللفظی.

التواتر التفصیلی والاجمالی:

ثمّ إنّ هناک تقسیماً آخر ربّما یعبّر عنه بالتواتر الإجمالی والتفصیلی، أمّا الثانی فقد عرفته، وأمّا الأوّل فهو إذا ما وردت أخبار متضافرة تبلغ حدّ التواتر فی موضوع واحد تختلف دلالتها سعة وضیقاً، ولکن یوجد بینها قدر مشترک یتّفق الجمیع علیه، فیؤخذ به، ومثِّل لذلک بالأخبار الواردة حول حجّیة خبر الواحد،فقد اختلفت مضامینها من حیث کثرة الشرائط وقلّتها، فیؤخذ بالأخصّ دلالة لکونه المتّفق علیه وهو خبر العدل الإمامی الضابط الذی عدّله اثنان، ولیس مخالفاً للکتاب والسنّة، وذلک لأنّا نعلم بصدور واحد من هذه الأخبار حول حجّیة خبر الواحد، غیر أنّا لا نعرفه، فالصادر إمّا الأعمّ مضموناً أو الأخصّ أو المتوسّط بینهما، وعلی کل تقدیر فقد صدر منهم الأخص مضموناً باستقلاله أو فی ضمن واحد منهما.

ثم إذا وجدنا بین هذه الأخبار روایة تجمع هذه الشروط، أی کان رواتها

[شماره صفحه واقعی : 37]

ص: 1491


1- المحقّق القمّی: قوانین الأُصول:1/426 _427.
2- عبد اللّه المامقانی: مقباس الهدایة: ص16، قال: وربّما صوّر بعض المحقّقین التواتر المعنوی علی وجوه.

عدولاً إمامیین صدّقهم العدلان، فیعمل بمضمون خبرهم، وربّما یکون مضمون خبرهم حجّیة مطلق قول الثقة و إن لم یکن عدلاً إمامیّاً مصدّقاً بعدلین، وربّما یکون مضمونه غیره.

وقد عالجنا الموضوع بهذا الترتیب فی أبحاثنا الاُصولیّة حیث وقفنا علی خبر اتّفق الکلّ علی حجّیة مثله بأن یکون جامعاً لکلّ الشرائط من حیث السند، ثمّ أخذنا بمضمونه کائناً ما کان.

هذا کلّه حول التواتر بأقسامه. بقی الکلام فی المستفیض و خبر الواحد.

المستفیض والعزیز والغریب

المستفیض والعزیز والغریب(1)

إذا کان المتواتر هو الخبر المفید بنفسه العلم، فکلّ خبر لم یبلغ إلی هذا الحدّ فهو خبر واحد، غیر أنّه إذا تجاوز عدد رواته عن ثلاثة فهو مستفیض، وما لا یرویه أقلّ من اثنین عن اثنین فهو عزیز _ سمّی عزیزاً لقلّة و جوده، وأصبح عزیزاً لکونه قویّاً_.

وأمّا الخبر الذی انفرد واحد بروایته (أیّ موضع وقع التفرّد فی السند) فهو غریب وإن تعدّدت الطرق إلیه، أو تعدّدت الطرق منه، وفسّره المحقّق

[شماره صفحه واقعی : 38]

ص: 1492


1- ذکره الشهید فی المقام، کما ذکره فی الفصل المختصّ ببیان ما تشترک فیه الأقسام الأربعة. ولعلّ وجه التکرار أنّ الغرض تعلّق فی المقام ببیان درجات خبر الواحد، فلامحیص من بیانه لأنّ من درجاته: المستفیض، والعزیز، والغریب، ولکن الغرض فی البحث الآتی تعلّق بتبیین ما هو المقبول و المرفوض ببیان ما تشترک فیه الأقسام الأربعة أو بعضها فی الصفات والأحکام، ومن صفات خبر الواحد بأقسامه الأربعة کونه غریباً، کسائر صفاته من کونه مسنداً ، متّصلاً، مرفوعاً و...... فاقتضت تلک المناسبة تکراره.

الداماد (ت1040ه_) بالروایة التی یرویها راو واحد فی الطبقة الاُولی، واثنان فی الطبقات اللاحقة(1).

ثمّ إن کان الإنفراد فی أصل سنده فهو الفرد المطلق وإلاّ فالفرد النسبیّ لأنّ التفرّد حصل بالنسبة إلی شخص معیّن، مثال الأخیر:

إذا روی الکلینی تارة عن طریق أحمد بن محمد بن عیسی، عن الحسن ابن محبوب، واُخری عن طریق علی بن مهزیار، عن الحسن بن محبوب، وثالثة عن طریق إبراهیم بن هاشم عنه، فهذا الخبر غریب لأنّ الحسن بن محبوب الذی انتهت إلیه المسانید راو واحد، سواء نقل هو عن واحد أیضاً أو نقل عن الکثیر، وبذلک ظهر معنی قولنا «وإن تعدّ د الطریق إلیه ومنه».

تقسیم خبر الواحد إلی المحفوف بالقرینة وعدمه:

الخبر الذی لم یبلغ حدّ التواتر تارة یکون مجرّداً عن القرائن فلا یفید العلم غالباً، واُخری یکون محفوفاً بها کما إذا أخبر شخص بموت زید، ثمّ ارتفع النیاح من بیته وتقاطر الناس إلی منزله، فهو یفید القطع و الیقین، وقد کثر النقاش فی إفادته الیقین بما لا یرجع إلی محصّل، و کأنّ المناقشین بُعداء عن الأحوال الاجتماعیّة التی تطرأ علینا کلّ یوم، فکم من خبر تؤیّده القرائن فیصبح خبراً ملموساً لا یشکّ فیه أحد.

إلی هنا خرجنا ببیان أقسام الخبر من حیث هو خبر، فحان حین بیان اُصوله التی یدور علیها قبوله ورفضه، وهی الأربعة المعروفة.

[شماره صفحه واقعی : 39]

ص: 1493


1- المحقّق الداماد: الرواشح السماویّة ص130.

وذلک ببیان مقدّمة وهی: أنّ الخبر المنقول لا یخرج عن کونه مقبولاً أو مردوداً أو مشتبهاً، فما اجتمعت فیه شرائط الحجّیة فهو المقبول، وأمّا ما لمتجتمع فیه شرائطها فإمّا أن یعلم فقدانه لها فهو مردود، وما لم یحرز حاله فهو المشتبه، وفی الحقیقة هذا القسم الأخیر ملحق بالمردود.

ثم إنّهم اختلفوا فی سعة الحجّیة وضیقها، فمنهم من یعمل بالصحیح الأعلائیّ، و آخر یعمل بالصحیح فقط ، أو هو مع الحسن فقط، ومنهم من یعمل بهما وبالموثّق، ولذلک یجب علینا تبیین مفاهیمها وحقائقها حتی یتمیّز کلّ قسم عن مقابله، والمعروف أنّ أحمد ابن طاووس (ت 673ه_ ) هو واضع ذلک الإصطلاح، قال صاحب المعالم: «ولا یکاد یعلم وجود هذا الإصطلاح قبل زمن العلاّمة إلاّ من السید جمال الدین ابن طاووس _ رحمه اللّه_»(1) ومنهم من ینسب التقسیم إلی العلاّمة، والحق إنّ هذا التقسیم علی وجه الإجمال کان موجوداً بین محدّثی العامّة، فالحدیث عندهم إمّا صحیح أو غیر صحیح، غیر أنّ التقسیم علی وجه التربیع وتبیین خصوصیّة کلّ قسم منها حدث من زمان السید ابن طاووس ودعمه تلمیذاه: العلاّمة الحلّی وابن داود، وهذا یدفعنا إلی إفراد فصل لهذا.

نعم توجد بعض المصطلحات فی کلمات الشیخ الصدوق و السیّد المرتضی فی الذریعة، والطوسی فی العدّة، و لعلّها صارت ذریعة للسیّد ابن طاووس للقیام بهذا التقسیم.

[شماره صفحه واقعی : 40]

ص: 1494


1- حسن بن زین الدین: منتقی الجمان: 1/13.

الفصل الثانی : فی بیان أُصول الحدیث الأربعة

اشارة

1. فی بیان أُصول الحدیث الأربعة: الصحیح، الحسن، الموثّق، الضعیف.

2. ما هو السبب لهذا التقسیمل؟

3. فی تعریف الصحیح.

4. التوسّع فی اطلاق الصحیح.

5. اعتبار عدم الشذوذ والعلّة فی الصحیح. وعدمه.

6. تقسیم الصحیح والحسن إلی أقسام ثلاثة: الأعلی والأوسط والأدنی.

7. ما هو الحجّة من الأقسام الأربعة.

[شماره صفحه واقعی : 41]

ص: 1495

[شماره صفحه واقعی : 42]

ص: 1496

فی بیان اُصول الحدیث
اشارة

اصطلح المتأخّرون من أصحابنا علی تقسیم خبر الواحد باعتبار اختلاف أحوال رواته إلی الأقسام الأربعة المشهورة وهی: الصحیح، والحسن، والموثّق، والضعیف. فیقع الکلام فی عدّة جهات:

الجهة الاُولی: لماذا أحدثوا هذه المصطلحات؟

المعروف أنّه لم یکن من تلک المصطلحات أثر بین أصحابنا، وإنّما حدثت فی أثناء القرن السابع، وقد عرفت حقیقة الحال، واللازم بیان ما هو الدافع إلی اصطناعها، فقد أشبع بهاء الدین العاملی الکلام فی ذلک فنحن نأتی به برمّته، یقول:

«هذا الاصطلاح لم یکن معروفاً بین قدمائنا _ قدس اللّه أرواحهم _ کما هو ظاهر لمن مارس کلامهم. بل کان المتعارف بینهم اطلاق الصحیح علی کل حدیث اعتضد بما یقتضی اعتمادهم علیه، أو اقترن بما یوجب الوثوق به، والرکون إلیه، وذلک لاُمور:

منها: وجود الخبر فی کثیر من الاُصول الأربعمائة التی نقلوها عن

[شماره صفحه واقعی : 43]

ص: 1497

مشایخهم بطرقهم المتّصلة بأصحاب العصمة _ صلوات اللّه علیهم _ وکانت متداولة لدیهم فی تلک الأعصار ،مشتهرة فیما بینهم اشتهار الشمس فی رابعة النهار.

ومنها: تکرره فی أصل أو أصلین منها فصاعداً بطرق مختلفة وأسانید عدیدة معتبرة.

ومنها:وجوده فی أصل معروف الانتساب إلی أحد الجماعة الّذین أجمعوا علی تصدیقهم کزرارة، ومحمد بن مسلم، والفضیل بن یسار، أو علی تصحیح ما یصحّ عنهم کصفوان بن یحیی، ویونس بن عبد الرحمان، وأحمد بن محمد ابن أبی نصر، أو علی العمل بروایتهم کعمّار الساباطی ونظرائه ممّن عدّهم شیخ الطائفة فی کتاب العدّة کما نقله عنه المحقّق فی بحث التراوح من المعتبر(1).

ومنها: اندراجه فی الکتب التی عرضت علی أحد الأئمّة _ علیهم صلوات اللّه_ فأثنوا علی مؤلّفیها ککتاب عبید اللّه الحلبی الذی عرض علی الصادق _ علیه السَّلام _ ، وکتاب یونس بن عبد الرحمان، والفضل بن شاذان المعروضین علی العسکری _ علیه السَّلام _.

ومنها: أخذه من أحد الکتب التی شاع بین سلفهم الوثوق بها والاعتماد علیها سواء کان مؤلّفوها من الفرقة الناجیة الإمامیّة ککتاب الصلاة لحریز بن عبد اللّه السجستانی وکتب بنی سعید وعلی بن مهزیار، ومن غیر الإمامیّة ککتاب حفص بن غیاث القاضی، وحسین بن عبید اللّه السعدی، وکتاب القبلة لعلی بن الحسن الطاطری.

وقد جری رئیس المحدّثین محمد بن بابویه _ قدّس سره _ علی متعارف

[شماره صفحه واقعی : 44]

ص: 1498


1- المحقّق الحلّی _ أبو القاسم_: المعتبر:1/60.

المتقدّمین فی إطلاق الصحیح علی ما یرکن إلیه ویعتمد علیه، فحکم بصحّة جمیع ما أورده من الأحادیث فی کتاب من لا یحضره الفقیه، وذکر أنّه استخرجها من کتب مشهورة علیها المعوّل وإلیها المرجع.

وکثیر من تلک الأحادیث بمعزل عن الاندراج فی الصحیح علی مصطلح المتأخّرین، ومنخرط فی سلک الحسان والموثّقات بل الضعاف، وقد سلک علی هذا المنوال جماعة من أعلام علماء الرجال، فحکموا بصحّة حدیث بعض الرواة _ غیر الإمامیّین_ کعلی بن محمّد بن رباح وغیره لمّا لاح لهم من القرائن المقتضیة الوثوق بهم، والاعتماد علیهم، وإن لم یکونوا فی عداد الجماعة الذین انعقد الإجماع علی تصحیح ما یصحّ عنهم.

والذی بعث المتأخّرین _ نوّر اللّه مراقدهم _ علی العدول عن متعارف القدماء ووضع ذلک الاصطلاح الجدید، هو أنّه لمّا طالت المدّة بینهم وبین الصدر السالف، وآل الحال إلی اندارس بعض کتب الاُصول المعتمدة لتسلّط حکّام الجور والضلال والخوف من اظهارها واستنساخها، وانضمّ إلی ذلک اجتماع ما وصل إلیهم من کتب الاُصول، فی الاُصول المشهورة فی هذا الزمان (الکتب الأربعة) فالتبست الأحادیث المأخوذة من الاُصول المعتمدة، بالمأخوذة من غیر المعتمدة، واشتبهت المتکرّرة فی کتب الاُصول بغیر المتکرّرة، وخفی علیهم _ قدّس اللّه أسرارهم _ کثیر من تلک الاُمور التی کانت سبب وثوق القدماء بکثیر من الأحادیث، ولم یمکنهم الجری علی أثرهم فی تمییز ما یعتمد علیه ممّا لا یرکن إلیه، فاحتاجوا إلی قانون تتمیّز به الأحادیث المعتبرة عن غیرها والموثوق بها عمّا سواها.

فقرّروا لنا _ شکر اللّه سعیهم _ ذلک الاصطلاح الجدید، وقرّبوا إلینا البعید،

[شماره صفحه واقعی : 45]

ص: 1499

ووصفوا الأحادیث الواردة فی کتبهم الاستدلالیة بما اقتضاه ذلک الاصطلاح من الصحّة والحسن والتوثیق.

و أوّل من سلک هذا الطریق من علمائنا المتأخّرین شیخنا العلاّمة جمال الحق والدین الحسن بن المطهّر الحلّی(1).

ثمّ إنّهم _ أعلی اللّه مقامهم _ ربّما یسلکون طریقة القدماء فی بعض الأحیان، فیصفون مراسیل بعض المشاهیر کابن أبی عمیر وصفوان بن یحیی بالصحّة لما شاع من أنّهم لا یرسلون إلاّ عمّن یثقون بصدقه، بل یصفون بعض الأحادیث _ التی فی سندها من یعتقدون أنّه فطحی أو ناووسی _ بالصحّة، نظراً إلی اندراجه فیمن أجمعوا علی تصحیح ما یصحّ عنهم.

و علی هذا جری العلاّمة _ قدّس اللّه روحه _ فی المختلف حیث قال فی مسألة ظهور فسق إمام الجماعة: إنّ حدیث عبداللّه بن بکیر صحیح، وفی الخلاصة حیث قال: إنّ طریق الصدوق إلی أبی الأنصاری صحیح و إن کان فی طریقه أبان بن عثمان مستنداً فی الکتابین إلی إجماع العصابة علی تصحیح ما یصحّ عنه.

وقد جری شیخنا الشهید الثانی _ طاب ثراه _ علی هذا المنوال أیضاً ، کما وصف فی بحث الردّة من شرح الشرائع حدیث الحسن بن محبوب عن غیر واحد بالصحّة.

و أمثال ذلک فی کلامهم کثیر ، فلاتغفل» (2).

[شماره صفحه واقعی : 46]

ص: 1500


1- الصحیح إنّ واضع ذلک الاصطلاح هو السیّد جمال الدین بن طاووس المتوفّی عام873ه_ ، وقد عرفت تنصیص صاحب المنتقی لذلک.
2- بهاء الدین العاملی: مشرق الشمسین: ص3 و 4.

وقال صاحب المعالم: إنّ القدماء لا علم لهم بهذا الاصطلاح قطعاً لاستغنائهم عنه فی الغالب بکثرة القرائن الدالّة علی صدق الخبر وإن اشتمل طریقه علی ضعف، فلم یکن للصحیح کثیر مزیّة توجب له التمیّز باصطلاح أو غیره، فلمّا اندرست تلک الآثار، واستقلَّت الأسانید بالأخبار، اضطر المتأخّرون إلی تمییز الخالی من الریب فاصطلحوا علی ما قدّمنا بیانه، ولا یکاد یعلم وجود هذا الاصطلاح قبل زمان العلاّمة إلاّ من جهة السید جمال الدین ابن طاووس _ رحمه اللّه _(1).

أقول: إنّ التقسیم الصحیح بین القدماء کان هو تقسیمه إلی الصحیح والضعیف والمقبول وغیر المقبول(2).

وأمّا هذا التقسیم الرباعیّ فیمکن أن یکون مأخوذاً ممّا ورد فی کتب قدمائنا کالشیخ الصدوق، و السیّد المرتضی فی ذریعته، و الشیخ الطوسی فی عدّته، کما یمکن أن یکون مأخوذاً من التقسیم الثلاثی الرائج بین أهل الحدیث من أهل السنّة، فإنّ الحدیث عندهم إمّا صحیح وإمّا حسن وإمّا ضعیف(3)، ولکل تعریف نذکره فی محلّه، وقد اتفقوا علی أنّ مبدأ توصیف الحدیث بالحسن هو الترمذی صاحب السنن(4)المتوفّی عام 280ه_.

[شماره صفحه واقعی : 47]

ص: 1501


1- الحسن بن زین الدین العاملی: منتقی الجمان 1/13.
2- نعم نقل النووی أنّ البغوی قسّم الأحادیث إلی حسان وصحاح، مریداً بالصحاح ما فی الصحیحین، وبالحسان ما فی السنن، ولکنّه تقسیم نسبی، لا یراد منه تقسیم جمیع الأخبار إلیهما، بل تقسیم کتابه الخاص باسم المصابیح إلیهما، الذی جمع فیه ما فی الصحاح والسنن. لاحظ: التقریب والتیسیر:1/132. ولایخفی ما للترمذی فی سننه من اصطلاحات خاصّة فیها الحسن و غیره.
3- النووی: التقریب والتیسیر:1/42، المطبوع مع شرحه باسم تدریب الراوی للسیوطی.
4- المصدر نفسه: ص133.

نعم التقسیم الرباعی باسم الموثّق مع الثلاثة من مبتکرات علمائنا فی القرن السابع کما علمت.

الجهة الثانیة: فی تعریف الأقسام الأربعة حتی یتمیّز کل قسم عن الآخر.
تعریف الشهید الأوّل:

1 _ الصحیح: ما اتّصلت روایته إلی المعصوم بعدل إمامیّ.

2 _ الحسن: ما رواه الممدوح من غیر نصّ علی عدالته.

3 _ الموثّق: ما رواه من نصّ علی توثیقه مع فساد عقیدته، ویسمّی القوی.

4 _ والضعیف: ما یقابل الثلاثة(1).

وأمّا أهل الحدیث من السنّة فعرّفوا «الصحیح» بأنّه:

«ما اتّصل سنده بالعدول الضابطین من غیر شذوذ ولا علّة».

وقالوا: إنّ أوّل مصنّف فی الصحیح المجرّد صحیح البخاری ثمّ مسلم، وإذا قیل: صحیح، فهذا معناه لا أنّه مقطوع به(2)، فإذا قیل: غیر صحیح، فمعناه لم یصحّ إسناده. ثمّ عرّفوا الحسن بأنّه: «هو ما عرف مخرجه

[شماره صفحه واقعی : 48]

ص: 1502


1- محمّد بن مکی _الشهید الأوّل_: الذکری: ص4، وقد ذکرنا ملخّص کلامه وحذفنا ما لا صلة له بنفس المصطلحات، وسیوافیک ما حذفنا منه فی بحث مفرد، وتقسیم الخبر إلی الموثّق من خواصّ علمائنا والعامّة یدخلونه فی قسم الصحیح کما نبّه علیه والد شیخنا البهائی فی «وصول الاخیار إلی اُصول الأخبار» ص97.
2- و إن کانوا عملاً یعاملوه معاملة المقطوع به لوکان فی الصحیحین.

واشتهر رجاله، ویقبله أکثر العلماء، واستعمله عامّة الفقهاء»(1).

وعرّفه بعض آخر بأنّه: «هو ما اتّصل سنده بنقل عدل خفیف الضبط وسلم من الشذوذ والعلّة»، والفرق بین الحسن والصحیح علی هذا التعریف هو: أنّ العدل فی الأوّل خفیف الضبط وفی الثانی تامّه(2).

وعرّفوا الضعیف بأنّه ما لم یجمع فیه صفة الصحیح أو الحسن، ویتفاوت ضعفه کصحّة الصحیح(3).

إذا وقفت علی تعریفات الفریقین فلنرجع إلی تحلیل تعریف الصحیح عن طریق أصحابنا، فنقول:

أورد الشهید الثانی علی تعریف الصحیح بأنّ إطلاق الاتّصال بالعدل الإمامی یتناول الحاصل فی بعض الطبقات ولیس بصحیح قطعاً، حیث قال: فإنّ اتّصاله بالعدل المذکور لا یلزم أن یکون فی جمیع الطبقات بحسب إطلاق اللفظ، وإن کان ذلک مراداً (4).

توضیحه: أنّه لو اتّصلت الروایة فی آخرها بعدل إمامی بالإمام لصدق أنّه اتصلت روایته إلی المعصوم بعدل إمامی مع أنّه لا یطلق علیه الصحیح،بل یجب أن یکون جمیع رواته متّصفین بهذا الوصف.

وأورد علی تعریف الحسن والموثّق، بأنّه یشمل ما کان فی طریقه واحد کذلک، وإن کان الباقی ضعیفاً، فضلاً عن غیره.

[شماره صفحه واقعی : 49]

ص: 1503


1- النووی: التقریب والتیسیر :1/43 و122 و 144.
2- القاسمی _ جمال الدین _: قواعد التحدیث: ص59.
3- النووی: التقریب والتیسیر:1/144.
4- زین الدین العاملی: الرعایة فی علم الدرایة: ص77 _ 78.

أضف إلیه: أنَّه لم یقیّد الحسن بکون الممدوح إمامیّاً مع أنّه مراد.

تعریف الشهید الثانی:

الصحیح: ما اتّصل سنده إلی المعصوم بنقل العدل الإمامیّ عن مثله فی جمیع الطبقات وإن اعتراه شذوذ.

الحسن: ما اتّصل سنده کذلک بإمامی ممدوح بلا معارضة ذمّ مقبول، من غیر نصّ علی عدالته فی جمیع مراتبه أو بعضها مع کون الباقی بصفة رجال الصحیح.

الموثّق: ما دخل فی طریقه مَن نصّ الأصحاب علی توثیقه، مع فساد عقیدته، و لم یشتمل باقیه علی ضعف.

الضعیف: ما لاتجتمع فیه شروط أحد الثلاثة(1).

مناقشة صاحب المعالم کلام الشهیدین:

إنّ صاحب المعالم ناقش کلامهما بالبیان التالی:

1 _ یرد علی الوالد (الشهید الثانی): أنّ قید العدالة مغن عن التقیید بالإمامی، لأنّ فاسد المذهب لا یتّصف بالعدالة حقیقة، کیف والعدالة حقیقة عرفیّة فی معنی معروف لا یجامع فساد العقیدة قطعاً، وادّعاء والدی_رحمه اللّه _ فی بعض کتبه توقّف صدق وصف الفسق بفعل المعاصی المخصوصة علی اعتقاد الفاعل کونها معصیة، عجیب، ولم أقف للشهید

[شماره صفحه واقعی : 50]

ص: 1504


1- زین الدین العاملی: الرعایة فی علم الدرایة: ص77 _ 86.

(الأوّل) علی ما یقتضی موافقة الوالد علیه لیکون التفاته أیضاً إلیها، فلا ندری إلی أیّ اعتبار نظر.

2 _ ویرد علیهما (الشهیدین): أنّ الضبط شرط فی قبول خبر الواحد، فلا وجه لعدم التعرّض له فی التعریف، وقد ذکره العامّة فی تعریفهم وسیأتی حکایته، ولوالدی_رحمه اللّه _ کلام فی بیان أوصاف الراوی ینبّه علی المقتضی لترکه، فإنّه لمّاذکروصف الضبط قال: وفی الحقیقة اعتبار العدالة یغنی عن هذا، لأنّ العدل لایجازف ما لیس بمضبوط علی الوجه المعتبر، فذکره تأکید أو جری علی العادة _ إلی أنقال _:

وفی هذا الکلام نظر ظاهر، فإنّ منع العدالة من المجازفة التی ذکرها لا ریب فیه، ولیس المطلوب بشرط الضبط الأمن منها، بل المقصود منه السلامة من غلبة السهو والغفلة الموجبة لوقوع الخلل علی سبیل الخطأ، کما حقّق فی الاُصول، وحینئذ فلابدّ من ذکره. غایة الأمر أنّ القدر المعتبر منه یتفاوت بالنظر إلی أنواع الروایة، فما یعتبر فی الروایة من الکتاب قلیل، بالنسبة إلی ما یعتبر فی الروایة من الحفظ(1).

ما هو المراد من الإمامی؟

المراد من الإمامی هو: المعتقد بإمامة إمام عصره، وإن لم یعتقد بإمامة من یأتی بعده لجهله بشخصه واسمه، فتخرج الفطحیّة والواقفیّة واضرابهما، فإنّهم لم یعتقدوا بإمامة إمام عصرهم، فالفطحیّة جنحوا إلی إمامة عبد اللّه الأفطح، والواقفیّة توقّفوا علی الإمام الکاظم وهکذا ، ولو فسّرنا الإمامی

[شماره صفحه واقعی : 51]

ص: 1505


1- الحسن بن زین الدین : منتقی الجمان: 1/5 _ 6.

بإمامة الأئمّة الاثنی عشر، تخرج کثیر من الأخبار الصحیحة عن تلک الضابطة، لأنّ الشیعة فی تلک الظروف لم تکن واقفة علی أسماء الأئمّة وخصوصیاتهم وإن کان الخواص منهم عارفین بها.

التوسّع فی اطلاق الصحیح:

قال الشهید الأوّل: وقد یطلق الصحیح علی سلیم الطریق من الطعن وإن اعتراه إرسال أو قطع(1).

وقال الشهید الثانی: وقد یطلق الصحیح عندنا علی سلیم الطریق من الطعن بما ینافی الأمرین، وهما: کون الراوی _ باتّصال _ عدلاً إمامیّاً، وإن اعتراه مع ذلک الطریق السالم إرسال أو قطع.

وبهذا الاعتبار یقولون کثیراً: روی ابن أبی عمیر فی الصحیح کذا أو فی صحیحه کذا،مع کون روایته المنقولة کذلک مرسلة.

ومثله وقع لهم فی المقطوع کثیراً .

وبالجملة، یطلقون الصحیح علی ما کان رجال طریقه المذکورون فیه عدولاً إمامیّین ، وإن اشتمل علی أمر آخر بعد ذلک حتّی أطلقوا الصحیح علی بعض الأحادیث المرویّة عن غیر إمامیّ بسبب صحّة السند إلیه، وقالوا فی صحیحة فلان: وجدناها صحیحة بمن عداه.

وفی الخلاصة: إنّ طریق الفقیه إلی معاویة بن میسرة(2)، وإلی عائذ

[شماره صفحه واقعی : 52]

ص: 1506


1- محمّد بن مکّی _الشهید الأوّل_: الذکری: ص4.
2- ابن شریح بن الحارث الکندی القاضی. روی عن أبی عبد اللّه _ علیه السلام _ .

الأحمسی(1)، وإلی خالد بن نجیح(2)، وإلی عبد الأعلی مولی آل سام(3) صحیح مع أنّ الثلاثة الاُول لم ینصّ علیهم بتوثیق ولا غیره والرابع لم یوثّق، وکذلک نقلوا الإجماع علی تصحیح ما یصحّ عن أبان بن عثمان (4) مع کونه فطحیاً (5).

یلاحظ علیه باُمور:

1 _ لو صحّ ما ذکر من الاصطلاح الأخیر، لزم نقض الغرض من التقسیم، فإنّ الغایة منه هو تمییز الصحیح عن غیره، فلو أطلق علی ما لیس بصحیح حقیقة کما إذا اشتمل آخر السند علی الإرسال أو علی راو مجهول، لغی التقسیم وانتفت الغایة وحصلتالتعمیة لکثیر من المحدّثین، ولا أظنّ أحداً یرضی بذلک، ولأجل الصیانة للغرض المطلوب، یجب أن لا یوصف السند أو المتن بالصحّة إلاّ إذا کان جمیع السند صحیحاً.

2 _ إنّ ما استشهد به علی وجود الاصطلاح الثانی «من أنّهم یقولون روی ابن أبی عمیر فی الصحیح کذا أو فی صحیحته کذا مع کون روایته المنقولة کذلک مرسلة أو مقطوعة» ممّا لم یُعثر علیه کما اعترف به ولده فی منتقی الجمان(6)، وإنّما یقال: روی الشیخ أو غیره فی الصحیح عن ابن أبی عمیر، وبین الصورتین فرق واضح، فإنّ الموصوف بالصحّة طریق الشیخ إلی

[شماره صفحه واقعی : 53]

ص: 1507


1- من أصحاب الصادق _ علیه السلام _ .
2- من أصحاب الصادق _ علیه السلام _ .
3- من أصحاب الصادق _ علیه السلام _ .
4- من أصحاب الصادق _ علیه السلام _ .
5- الشهید الثانی: الرعایة فی علم الدرایة: ص 79 _ 80.
6- الحسن بن زین الدین: منتقی الجمان: 1/14.

ابن أبی عمیر دون ابن أبی عمیر ولا من بعده، ولو دخل ابن أبی عمیر فإنّما هو لقرینة خارجیّة، ولکنّ العبارة غیر دالّة علیه، و أمّا حال من بعد ابن أبی عمیر فالعبارة ساکتة عنه، و هذا بخلاف ما إذا قیل: روی ابن أبی عمیر فی الصحیح، فالصحّة تقع فیها و صفاً لمجموع الطریق من ابن أبی عمیر ومن بعده مع اشتماله علی موجب الضعف، وما هذا إلاّ تلبیس وتعمیة.

3 _ إنّ ما استشهد به بما جاء فی الخلاصة من أنّ طریق الفقیه إلی معاویة بن میسرة، وعائذ الأحمسی، وخالد بن نجیح، وعبد الأعلی، صحیح، مع أنّ الثلاثة الاُول لم ینصّ علیهم بتوثیق والرابع ضعیف، غیر تام، لأنّ الصحّة وصف للطریق إلی هؤلاء، فالمفروض أنّه صحیح، وأمّا نفس هؤلاء فخارج عن مدلول الکلام.

4 _ کما أنّ ما استشهد به علی وجود الاصطلاح الثانی: «من أنّهم نقلوا الإجماع علی تصحیح ما یصحّ عن أبان بن عثمان مع کونه فطحیّاً» غیر تام، لأنّ هذه العبارة للکشّی، وهو الناقل لهذا الإجماع ومعقده وهو تلمیذ العیّاشی، ومعاصر للکلینی، فلا یدل إطلاقه الصحیح علی روایة الفطحی، نقضاً للضابطة لأنّه من القدماء، والاصطلاح للمتأخّرین ولم یکن للقدماء علم به لاستنادهم فیه غالباً علی القرائن الدالّة علی صدق الخبر وإن اشتمل طریقه علی ضعف.

5 _ ثمّ إنّ صاحب المعالم اعتذر عن إطلاق الصحیح علی ما لیس بصحیح واقعاً، بوجهین:

الأوّل: «إنّ بعض المتقدّمین من المتأخّرین أطلق الصحیح علی ما فیه

[شماره صفحه واقعی : 54]

ص: 1508

إرسال أو قطع،نظراً منه إلی ما اشتهر بینهم فی قبول المراسیل التی لا یروی مرسلها إلاّ عن ثقة، لم یرَ إرسالها منافیاً لوصف الصحّة».(1)

وعلی ضوء ذلک کانت الروایة صحیحة واقعاً غیر صحیحة ظاهراً، فلا یکون الاصطلاح الثانی مناقضاً للأوّل، حیث إنّه کان مختصّاً بروایات المشایخ الذین التزموا علی أن لایرووا إلاّ عن ثقة، فإذا أرسلوا، کشف _ ببرکة هذه الضابطة _ أنّ المحذوف کان ثقة.

الثانی: إنّ جمعاً من الأصحاب توهّموا القطع فی أخبار کثیرة ولیست بمقطوعة، فربّما اتّفق وصف بعضها بالصحّة فی کلام من لم یشارکهم فی توهّم القطع، ورأی ذلک من لم یتفطّن للوجه فیه فحسبه اصطلاحاً واستعمله علی غیروجهه، ثم زید علیه استعماله فیما إذا اشتمل علی ضعف ظاهر من حیث مشارکته للإرسال والقطع فی منافاة الصحّة بمعناها الأصلی، فإذا لم یمنع وجود ذینک المنافیین ]الإرسال والقطع [من إطلاق الصحیح فی الاستعمال الطارئ، فکذا ما جاء فی معناهما، وجری هذا الاستعمال بین المتأخّرین وضیّعوا به الاصطلاح(2).

والعجب من السید الصدر فی شرح الوجیزة حیث ادّعی أنّ توصیف روایة ابن أبی عمیر بالصحة حسب مصطلح القدماء لا المتأخّرین، مع أنّ کلام ال(3)شهید صریح فی خلافه وأنّ توصیفها بالصحّة حسب اصطلاح المتأخّرین.

[شماره صفحه واقعی : 55]

ص: 1509


1- الحسن بن زین الدین: منتقی الجمان: 1/12.
2- الحسن بن زین الدین: منتقی الجمان: 1/12.
3- السید حسن الصدر، نهایة الدرایة.
اعتبار عدم الشذوذ والعلّة فی الصحیح و عدمه

ثمّ إنّ الشهید الثانی بعد ما فسّ_ر الصحیح بما عرفت، قال: وإن اعتراه شذوذ. علی خلاف ما اصطلح علیه العامّة من تعریفه حیث اعتبروا سلامته من الشذوذ، وقالوا فی تعریفه: ما اتّصل سنده بنقل العدل الضابط عن مثله وسلم عن شذوذ و علّة (1).

أقول: المراد من الشاذ _ کما عرّفه هو فی ثنایا الکتاب _ مارواه الراوی الثقة مخالفاً لمارواه الجمهورأی الأکثر، سمّی شاذاً باعتبار ما قابله فإنّه مشهور(2).

وعرف المعلّل بقوله: ما فیه من أسباب خفیّة غامضة قادحة فی نفس الأمر، وظاهره السلامة منها، بل الصحّة، وإنّما یتمکن من معرفة ذلک أهل الخبرة بطریق الحدیث، و متونه، ومراتب الرواة الضابطة لذلک، وأهل الفهم الثاقب فی ذلک(3).

هذا، مع أنّ الظاهر لزوم التفریق بین الشذوذ والعلّة، فالشذوذ غیرمانع عن اتّصاف الخبر بالصحّة،وإن کان غیر حجّة، و ذلک لأنّ الشذوذ بالتفسیر الذی عرفته (ما روی الناس خلافه) لاینافی الصحّة.

نعم وجود الروایة المخالفة یوجب الدخول فی باب التعارض و طلب المرجّح، و الظاهر أنّ روایة الأکثر من جملة المرجّحات،فیطرح الشاذ بهذا الإعتبار، وهوأمر خارج عن الجهة التی قلنا إنّها مناط وصف الصحة .

[شماره صفحه واقعی : 56]

ص: 1510


1- الشهید الثانی: الرعایة فی علم الدرایة: ص115.
2- الشهید الثانی: الرعایة فی علم الدرایة: ص78.
3- المصدر نفسه: ص141.

وأمّا العلّة، فالظاهر أنّها تنافی توصیف الخبر بالصحة، وذلک لأنّ فرض غلبة الظن بوجود الخلل أو تساوی احتمالی وجوده وعدمه ینافی الجزم بذلک، فحینئذ یقوی اعتبار انتفاء العلّة فی مفهوم الصحة.

والذی یدعم ذلک ما ذکره نفس الشهید فی باب الحدیث المعَلِّلْ حیث قال:

و یستعان علی إدراکها _ أی العلل المذکورة _ بتفرّد الراوی بذلک الطریق، أو المتن الذی تظهر علیه قرائن العلّة _ أی المرض و النقص _ وبمخالفة غیره له فی ذلک، مع انضمام قرائن تنبّه العارف علی تلک العلّة من إرسال فی الموصول، أو وقف فی المرفوع، أو دخول حدیث فی حدیث، أو وهم واهم، أو غیر ذلک من أسباب العلّة للحدیث بحیث یغلب علی الظن ذلک و لا یبلغ الیقین، وإلاّ لحقه بحکم مایتیقّن من إرسال أو غیره، فیحکم به أو یتردد فی ثبوت تلک العلّة، من غیر ترجیح یوجب الظن فیتوقّف(1).

قدعرفت فیما مضی أنّه ربّما یعبّر عن الموثق بالقویّ، قال والد بهاء الدین العاملی: وقد یراد بالقوی مروی الإمامی غیرالممدوح ولا المذموم، أو مروی المشهور فی التقدّم غیرالموثّق، والأوّل (کونه مرادفاً للموثّق) هو المتعارف بین الفقهاء(2).

أمّا إطلاق القوی علی الموثّق فلأجل قوة الظن بجانبه بسبب توثیق

[شماره صفحه واقعی : 57]

ص: 1511


1- الشهید الثانی: الرعایة فی علم الدرایة:ص141.
2- حسین بن عبد الصمد العاملی: وصول الأخیار إلی أُصول الأخبار: ص98.

رواته، ولکن الألیق حصر إطلاقه علی المعنی الثانی، وعندئذ یکون قسماً خامساً خارجاً عن الأقسام الأربعة، و یمکن أن یکون من أقسام الضعیف إذا قلنا بعمومیة الضعیف لمن لم یرد فیه مدح و لا ذم، وأمّا إذا خصّصناه بمن ورد فیه الذم فیکون قسماً خامساً.

النتیجة تابعة لأخس المقدّمات:

إذا کان الرواة حسب الصفات علی نسق واحد، فالتوصیف حسب صفات الکل، وأمّا إذا کانوا مختلفین فی الصفات کما إذا کان واحد منهم إمامیّاً ممدوحاً لاموصوفاً بالوثاقة والعدالةوإن کانت البقیة کذلک، فالنتیجة تابعة لأخسّها، فیوصف بالحسن دون الصحیح وهکذا فی غیره.

الخبر الصحیح واضطراب الحدیث:

قال الشهید الثانی: إنّ اضطراب الحدیث یلحق الخبر الصحیح بالضعیف.

أقول : إنّ الاضطراب تارة یقع فی السند و اُخری فی المتن.

أمّا الاوّل: بأن یرویه الراوی تارة عن أبیه عن جده، وتارة عن جده بلا واسطة، وثالثة عن ثالث غیرهما، کما اتفق ذلک فی روایة أمرالنبی بالخط للمصلی سترة حیث لا یجد العصا(1).

[شماره صفحه واقعی : 58]

ص: 1512


1- روی أبو داود، عن أبی هریرة: إنّ رسول اللّهصلَّی اللّه علیه و آله و سلَّم قال: إذا صلّی أحدکم فلیجعل تلقاء وجهه شیئاً، فإن لم یجد فلینصب عصا، فإن لم یکن معه عصا فلیخطط خطّاً ثمّ لا یضرّه مامرّ أمامه (أبو داود: السنن ج1 کتاب الصلاة، باب الخط إذا لم یجد عصا، ص183 _ 184)، وقد ذکر صاحب المعالم اضطراب السند فی منتقی الجمان، لاحظ: ج1/9 ، وللوقوف علی کیفیّة الإضطراب راجع سند الروایة فی کتاب: الرعایة فی علم الدرایة ، قسم التعلیق.

وأمّا الثانی: کاعتبار الدم عند اشتباهه بالقرحه بخروجه من الجانب الأیمن فیکون حیضاً، أو بالعکس، فرواه فی الکافی(ج3، ص 94) بالأوّل وکذا فی التهذیب فی کثیر من النسخ،وفی بعضها بالثانی واختلفت الفتوی بسبب ذلک حتی من الفقیه الواحد(1).

هذا هو حقیقة الاضطراب، ولکنّه هل یمنع عن التوصیف بالصحّة، أو یسقطه عن الحجّیة وإن کان صحیحاً؟ فله وجهان، الأقرب هو الأوّل، لأنّ الإضطراب فی السند أو المتن یدلّ علی عدم کون الراوی ضابطاً، وقد عرفت اشتراط الضبط فی توصیف الخبر بالصحّة.

تقسیم الصحیح إلی ثلاثة أقسام:

إنّ جمعاً قد قسّموا الصحیح إلی ثلاثة أقسام : أعلی وأوسط و أدنی.

فالأعلی : ماکان اتّصاف الجمیع بالصحة بالعلم أو بشهادة عدلین أو فی البعض بالأوّل وفی البعض الآخر بالثانی.

والأوسط : ماکان اتّصاف الجمیع بما ذکر بقول عدل یفید الظنّ المعتمد، أو کان اتّصاف البعض به بأحد الطرق المزبورة فی الأعلی، والبعض الآخر بقول البعض المفید للظنّ المعتمد.

والأدنی: ماکان اتّصاف الجمیع بالصحّة بالظن الإجتهادی، وکذا إذا کان صحّة بعضه بذلک والبعض الآخر بالظنّ المعتمد أو العلم أو شهادة عدلین.

[شماره صفحه واقعی : 59]

ص: 1513


1- الشهید الثانی: الرعایة فی علم الدرایة: ص147 و 148 وسیوافیک تفصیله فی محلّه.

وربّما یقال: إنّ کلاّ ً من الحسن والموثّق یقسّم إلی أعلی وأوسط وأدنی، علی نحو ما مرّ فی الصحیح.

ماهو الحجّة من الأقسام الأربعة؟

اختلفت کلمات فقهائنا فی حجّیة خبر الواحد، فذهب السید المرتضی إلی عدم جواز العمل به، و علی ذلک تنتفی فائدة التقسیم، لأنّه مقدّمة للعمل، وهو یرفض خبر الواحد علی الاطلاق.

وأمّا علی القول بجواز العمل به _ کما هو الحق، فمنهم من خصّه بالصحیح، ومنهم من أضاف الحسن، ومنهم من أضاف الموثّق، ومنهم من أضاف الضعیف علی بعض الوجوه. والسعة والضیق فی هذا المجال تابعان لدلالة ما استدل به علی حجّیة خبر الواحد، فمن خصّ نتیجة الأدلّة بحجّیة قول العدل فخصّ العمل بالصحیح، وأمّا من قال بعمومیة النتیجة فأضاف إلیها الموثّق، إلی غیر ذلک ممّا یمکن أن یکون وجهاً لهذا الاختلاف.

وقد اخترنا فی أبحاثنا الاُصولیة انّه لا دلیل علی حجیة خبر الواحد إلاّ سیرة العقلاء التی أمضاها الشارع، و هی کانت بمرآه ومسمعه، والسیرة کما تدلّ علی حجّیة قول الثقة کذلک تدلّ علی حجّیة کلّ خبر حصل الوثوق بصدوره عن المعصوم، سواءاُحرزت وثاقته أم لم تحرز، بل إحراز وثاقة الراوی مقدّمة لحصول الوثوق بصدور الخبر، هذا هو المختار، ولیس المراد من الوثوق هو الوثوق الشخصی بل النوعی _ کما سیظهر _ ، و علی ذلک فیعمل بالصحیح والموثّق، وأمّا العمل بالحسن والضعیف فهو رهن حصول الوثوق بصدوره، ولأجل ذلک ربّما یکون تضافر الحدیث، وإن کان حسناً أو ضعیفاً

[شماره صفحه واقعی : 60]

ص: 1514

سبباً لحصول الوثوق .

وهذا هو الداعی لضبط الأخبار جمیعاً، صحیحها وموثّقها و حسنها وضعیفها، ولایجوز لنا حذف الضعیف فی جمع الأحادیث، إذ ربّما تحصل هناک قرائن علی صدقه، و ربما یؤیّد بعضه بعضاً، و یشد بعضه بعضاً، وربّما یتراءی من قیام بعض الجدد بتألیف کتب حول الصحاح کالصحیح من الکافی، فهو خطأ محض، خصوصاً إذا کان تمییز الصحیح عن غیره مبت_نیاً علی الإجتهاد الشخصی والذوق الخاص، غیر مبتن علی منهج معروف بین العلماء، وأیّ تفریق بنی علی هذا المنهج یؤدی إلی ضیاع کثیر من الأخبار التی یشدّ بعضها بعضاً و یحصل للفقیه الوثوق الکامل بصدق الحدیث.

وسیوافیک توضیح أکثر عند البحث عن شرائط قبول الروایة.

[شماره صفحه واقعی : 61]

ص: 1515

[شماره صفحه واقعی : 62]

ص: 1516

الفصل الثالث : فیما تشترک فیه الأقسام الأربعة

اشارة

1. المسند

2. المتّصل

3. المرفوع

4. المعنعن

5. المعلّق

6. المفرد

7. المدرج

8. المشهور

9. الغریب

10. الغریب لفظاً

11. المتّفق علیه

12. المصحّف

13. العالی سنداً

14. الشاذّ

15. المسلسل

16. المزید

17. المختلف

18. الناسخ والمنسوخ

19. المقبول

20. المعتبر

21. المکاتب

22. المحکم

23. المتشابه

24. المشتبه والمقلوب

25. المشترک

[شماره صفحه واقعی : 63]

ص: 1517

26. المؤتلف والمختلف

27. المدبّج وروایة الاقران

28. روایة الأکابر عن الأصاغر

29. السابق واللاّحق

30. المطروح

31. المتروک

32. المشکل

33. النّص

34. الظاهر

35. المؤوّل

36. المجمل

37. المبیّن

[شماره صفحه واقعی : 64]

ص: 1518

فیما تشترک فیه الأقسام الأربعة
اشارة

قد عرفت المعانی الأربعة التی هی اُصول علم الحدیث و بقیت هنا أقسام.

منها: ما تشترک فیها الأقسام الأربعة جمیعاً.

ومنها: مایختصّ ببعضها _ وقد ذکر الشهید من جملة المشترک ثمانیة عشر نوعاً ومن المختصّ ثمانیة _ ونحن نذکر من المشترک سبعة وثلاثین نوعاً ومن المختصّ بالضعیف أربعة عشر نوعاً.

و إنّ هذا التقسیم منها ما یرجع إلی السند خاصّة کالمسند و المتّصل و المرفوع وغیرها.

و منها: مایرجع إلی المتن خاصّة، کالنصّ والظاهر و المؤوّل و... ماشاکلها.

و منها: مایرجع لهما معاً، کالمتروک والمطروح... فتدبّر.

وإلیک الکلام فی المشترک أوّلاً ثم المختص.

1 _ المسند:

الخبر المسند اصطلاحاً : ما اتّصل سنده من أوّله إلی آخره ولم یسقط منه أحد، سواء أکان المروی عنه معصوماً أم غیره، و یطلق علیه المتّصل

[شماره صفحه واقعی : 65]

ص: 1519

والموصول، ویقابله المنقطع.

وفی مصطلح علم الدرایة ما اتّصل سنده مرفوعاً من راویهإلی منتهاه إلی المعصوم، والعامّة لا تستعمله إلاّ فیما اتّصل بالنبی(1) لانحصار المعصوم _ حسب زعمهم _ فیه، و عندنا: ما اتّصل بالمعصوم نبیّاً کان أو إماماً من الأئمّة المعصومین (علیهم السلام).

2 _ المتّصل:

المتّصل : ما اتّصل إسناده إلی المعصوم أو غیره، وکان کلّ واحد من رواته قد سمعه ممّن فوقه أوما هو فی معنی السماع کالإجازة و المناولة، فالمتّصل فی الحقیقة هو المسند لکن لمّا خصّ المسند بما اتّصل بالمعصوم اصطلحوا فی الأعمّ بلفظ المتّصل أو الموصول.

قال النووی: المتّصل ویسمّی الموصول، و هو: ما اتّصل اسناده مرفوعاً کان (إلی المعصوم) أو موقوفاً علی من کان (2).

وبذلک یعلم أنّ النسبة بین المتّصل و المسند بالمعنی المصطلح عموم وخصوص مطلق، وقد قیل غیر ذلک.

3 _ المرفوع :
اشارة

وفیه اصطلاحان:

أ _ یطلق علی ما أُضیف إلی المعصوم من قول بأن یقول فی الروایة انّه (علیه السلام)

[شماره صفحه واقعی : 66]

ص: 1520


1- النووی: التقریب والتیسیر :1/147، نقلاً عن الخطیب البغدادی.
2- النووی: التقریب والتیسیر: 1/149.

قال کذا، أو فعل بأن یقول فعل کذا،أو تقریربأن یقول فعل فلان بحضرته کذاولم ینکره علیه، فإنّه یکون قد أقرّه علیه، و أولی منه ما لو صرّح بالتقریر.

قال والد بهاء الدین العاملی: وهو مااُضیف إلی النبی(صلی الله علیه وآله وسلم)أو أحد الأئمّة (علیهم السلام)من أیّ الأقسام کان متّصلاً کان أو منقطعاً، قولاً کان أو فعلاً أو تقریراً (1)، فمقوّم المرفوع إضافته إلی المعصوم سواء کان له اسناد أو لا، وعلی فرض وجوده کان کاملاً أو ناقصاً، ولأجل ذلک ینقسم المرفوع إلی المتّصل وإلی غیره. قال الشهید: سواء کان إسناده متصلاً بالمعصوم أممنقطعاً بترک بعض الرواة أوإیهامه، أو روایة بعض رجال سنده عمّن لمیلقه.

وعلی هذا فالمرفوع فی مقابل الموقوف، فإن اُضیف إلی المعصوم بإسناد أولا فهو مرفوع، وإذا اُضیف إلی مصاحب المعصوم بإسناد أو لا فهو موقوف، فالملاک فی التسمیة هو الإضافة إلی المعصوم أو مصاحبه سواء أکان مسنداً أم لا.

وقال النووی: المرفوع هو ما اُضیف إلی النبی (صلی الله علیه وآله وسلم)خاصة، لایقع مطلقه علی غیره، متّصلاً کان أم منقطعاً (2).

ب _ وقد یطلق علی ما اُضیف إلی المعصوم بإسناد منقطع، قال والد الشیخ بهاء الدین العاملی:

واعلم أنّ من المرفوع قول الراوی یرفعه أو ینمیه]ینسبه[ أو یبلغ به إلی قول النبی (صلی الله علیه وآله وسلم)أو أحد الأئمّة علیهم السَّلام ، فمثل هذا

[شماره صفحه واقعی : 67]

ص: 1521


1- حسین بن عبد الصمد: وصول الأخیار:ص103.
2- التقریب والتیسیر:1/149.

یقال له الآن: مرفوع، و إن کان منقطعاً أو مرسلاً أو معلّقاً (1) بالنسبة إلینا الآن(2).

وکان سید الطائفة المحقّق البروجردی، یقول: المرفوع ما اشتمل علی لفظ الرفع، مثلاً إذا روی الکلینی وقال: علی بن إبراهیم، عن أبیه، عن ابن أبی عمیریرفعه إلی الصادق (علیه السلام)فهو مرفوع.

ولکن الحدیث فی الواقع یمکن أن یکون متّصلاً بالنسبة إلی محمد بن یعقوب، أو علی بن إبراهیم إلاّ أنّ أحد الشخصین حذف السند فقطعه وعبّر مکانه لفظة « رفعه».

4 _ المعنعن:

هو الخبر الذی جاء فی سنده کلمة «ع_ن».

توضیح ذلک: أنّ الکلینی تارة یقول: علی بن إبراهیم عن أبیه، عن ابن أبی عمیر، عن ابن أُذینة، واخُری یقول: حدثنی علی بن إبراهیم، قال: حدثنی إبراهیم بن هاشم، قال: حدثنی ابن أبی عمیر ،قال: حدثنی ابن اُذینة عن الصادق _ علیهالسلام _ .

والمعنعن هو القسم الأوّل لاستفادة الراوی فی إبداء اتصال السند بهذا الحرف دون غیره.

وهل هو من قبیل المرسل حتی یتبیّن اتصاله بغیره؟ لأنَّ العنعنة أعمّ من الاتصال لغة، أو من قبیل المتّصل؟ قال الشهید: الصحیح إنّه من قبیل

[شماره صفحه واقعی : 68]

ص: 1522


1- سیوافیک تفسیر هذه المصطلحات الثلاثة.
2- حسین بن عبد الصمد: وصول الأخیار ص104.

المتّصل (بشرطین):

أ _ إذا أمکن اللقاء، أی ملاقاة الراوی بالعنعنة لمن روی عنه.

ب _ مع براءته من التدلیس أی بأن لایکون معروفاًبه، وإلاّ لم یکف اللقاء، لأنّ من عرف بالتدلیس قد یتجوّز فی العنعنة مع عدم الإتصال.

لاشک أن(1)لاحظ: مقباس الهدایة فی علم الدرایة: ص38.

5 _ المعلّق:

المعلّق: مأخوذ من تعلیق الجدار أو الطلاق، وهو ما حذف من مبدأ إسناده واحد أو أکثر کما إذا روی الشیخ عن الکلینی وقال: محمد بن یعقوب، عن علی بن إبراهیم، عن أبیه... ومن المعلوم أنّ الشیخ لا ینقل عن الکلینی بلا واسطة، إنّما ینقل عنه بالسند التالی مثلاً یقول: الشیخ المفید، عن جعفر بن قولویه، عن الکلینی.

إنّ جُلّ روایات الشیخ فی کتابی التهذیب والاستبصار روایات معلّقة، ومثله الصدوق فی الفقیه لأنّهما أخذا الروایات من الاُصول والکتب، و ذکرا طریقیهما إلی أصحابهما فی المشیخة، فربّما یحذفان من مبدأ سند الحدیث أکثر

[شماره صفحه واقعی : 69]

ص: 1523


1- الشهید الثانی (زین الدین العاملی): الرعایة فی علم الدرایة: ص99.§ّ العبارة ظاهرة فی الاتصال وإن لم یکن نصّاً فیه، فهویفیدأنّهلقی المروی عنه وأخذه منه فلا یحتاج إلی إحراز اللقاء،بلالمانعهو إحراز عدم اللقاء، وأمّا الأمن من التدلیس فتکفی وثاقة الراوی، وبذلک یظهر أنّه من قبیل المتصل لامن قبیل المرسل والمنقطع

من اثنین.

ولکن المعلّق لایخرج عن الصحیح إذا عرف المحذوف ، وعلم أنّه عادل، وأمّا إذا لم یعرف القائل، أو عرف ولم تعلم عدالته فیلحق بالضعیف(1).

وأمّا التعلیق فی الکافی فقلیل جداً، لأنّه التزم بذکر جمیع السند، نعم قد یحذف صدر السند فی خبر بقرینة الخبر الذی قبله، مثلاً یقول: « علی بن إبراهیم، عن أبیه، عن ابن أبی عمیر، عن منصور بن یونس».

ویقول فی الخبر الثانی: «ابن أبی عمیر، عن الحسن بن عطیّه، عن عمر بن زید»(2).

فقد حذف صدر السند اعتماداً علی السند المتقدّم، ولأجل ذلک لونقل المحدّث الحدیث الثانی من الکافی یجب أن یخرجه عن التعلیق ویذکر تمام السند، لأنّ الکلینی إنّما حذفه اعتماداً علی الخبر السابق.

وإلی ذلک یشیر صاحب المعالم ویقول: إعلم أنّه اتفق لبعض الأصحاب توهّم الانقطاع فی جملة من أسانید الکافی، لغفلتهم عن ملاحظة بنائه فی کثیر منها علی طرق سابقة، وهی طریقة معروفة بین القدماء.

والعجب أنّ الشیخ _ رحمه اللّه _ ربّما غفل عن مراعاتها فأورد الأسناد من

[شماره صفحه واقعی : 70]

ص: 1524


1- إنّ عدم التعلّق من الصفات المشترکة بین الأقسام الأربعة، لأجل انّه ربّما یعرف المحذوف من أوّل السند، کتعالیق الشیخ والصدوق فی التهذیب والفقیة. لأنّهما ذکرا طریقهما إلی أصحاب الکتب، الّتی أخذا الحدیث منها، والحقّ انّ مثل هذا ، متصلاً ، لا معلّق، فالازم تخصیص المعلّق، بالمحذوف غیر المعلوم من أوّل السند، وعلی ذلک یختصّ بالخبر الضعیف. ولأجل ذلک نأتی به فی الفصل الآتی المنعقد لبیان صفات الخبر الضعیف.
2- الکلینی: الکافی:2/96 _ حدیث 16 و 17.

الکافی بصورته و وصله بطرقه عن الکلینی من غیر ذکر للواسطة المتروکة، فیصیر الاسناد فی روایة الشیخ له منقطعاً ولکن مراجعة الکافی تفید وصله، ومنشأ التوهّم الذی أشرنا إلیه فقد الممارسة المطلقة علی التزام تلک الطریقة(1).

6 _ المف__رد:

وهو الخبر الذی ینفرد بنقله إمّا راو واحد أو نحلة واحدة، أو أهل بلد خاص(2).

فالأوّل : مثل ما رواه أبو بکر عن النبی (صلی الله علیه وآله وسلم):«نحن معاشر الأنبیاء لانورّث دیناراً و لا درهماً، ما ترکناه صدقة» فقد تفرّد بروایته أبوبکر ولم یروه عن النبی غیره.

و نظیره فی روایاتنا ما تفرّد بنقله أحمد بن هلال أبو جعفر العبرتائی(3) ومثله ما تفرّد بنقله الحسن بن الحسین اللؤلؤی(4).

والثانی: ما تفرّد به الفطحیة، فهناک روایات کثیرة بهذا السند: «أحمد بن الحسن بن علی بن فضال عن عمرو بن سعید، عن مصدق بن صدقة، عن

[شماره صفحه واقعی : 71]

ص: 1525


1- الحسن بن زین الدین: منتقی الجمان:1/24 _ 25.
2- والفرق بین الغریب والمفرد هو أنّ الأوّل جزء من الثانی لاختصاص الغریب بما إذا رواه راو واحد فقط، بخلاف المفرد فإنّه یعمّ القسمین الآخرین المذکورین فی المتن.
3- ولد عام 180 وتوفی 267، قال الشیخ: کان مغالیاً متّهماً فی دینه، و قد روی أکثر اُصول أصحابنا، لاحظ رجال النجاشی:1/218 برقم 197، و ج2 /243 برقم 940.
4- وهو غیر ما عنونه النجاشی :1 برقم 82،بل هو ما استثناه ابن الولید من رجال کتاب نوادر الحکمة، لاحظ رجال النجاشی:2/243 برقم940.

عمّار الساباطی»، وهؤلاء کلّهم فطحیّة.

والثالث: کما إذا تفرّد بنقله أهل بلد معیّن کمکّة والبصرة والکوفة.

ثم إنّ الحدیث المفرد لیس مرادفاً للشاذّ وإنّما یوصف بالشاذّ إذا أعرض عنه الأصحاب، أو کان مخالفاً للکتاب والسنّة القطعیة.

7 _ المُدرَج :

وهو ما أدرج فیه کلام بعض الرواة فیظنّ أنّه من الحدیث، وهو علی أقسام یجمعها، ادراج الراوی أمراً فی الحدیث، والإدراج إمّا أن یکون فی السند أو فی المتن، وإلیک بیانهما.

أ _ أن یکون عنده متنان بإسنادین فینقلهما بسند واحد.

ب _ أن یسمع حدیثاً واحداً من جماعة مختلفین فی سنده بأن رواه بعضهم بسند و رواه غیره بغیره .

ج _ أو یسمع حدیثاً واحداً من جماعة مختلفین فی متنه مع اتفاقهم علی سنده. فیدرج روایتهم جمیعاً علی الاتفاق فی المتن أو السند و لایذکر الاختلاف.

وقال الشهید: وتعمّد کل واحد من الأقسام الثلاثة حرام(1) .

8 _ المشه_ور :

وهو ما شاع عند أهل الحدیث خاصّة دون غیرهم، بأن نقله منهم رواة کثیرون، ولایعرف هذا القسم إلاّ أهل الصناعة.

[شماره صفحه واقعی : 72]

ص: 1526


1- زین الدین العاملی: الرعایة فی علم الدرایة: ص104، والنووی: التقریب والتیسیر: 1/231.

أو ماکان مشهوراً عند المحدّثین و غیرهم، کحدیث «إنّما الأعمال بالنیّات» الذی هو من الروایات المشهورة بین المحدّثین و المفسّرین والفقهاء والعرفاء.

وأمّا إذا کان مشهوراً عند غیرالمحدّثین ولاأصل له، فهو داخل فی الضعیف، وهذا کالنبویّات المعروفة فی کتب العبادات و المعاملات من الفقه، أعنی قوله:

أ _ إقرار العقلاء علی أنفسهم جائز.

ب _ لا یحل مال امرئ مسلم إلاّ بطیب نفسه.

ج _ الصلاة لاتترک بحال.

إلی غیر ذلک من الأحادیث المشهورة التی هی مراسیل معروفة، ولا سند لها، نعم ورد فی ذیل صحیحة زرارة فی حقّ المستحاضة أنّ أبا جعفر قال :... وإلاّ فهی مستحاضة تصنع مثل النفساء سواء، ثم تصلّی ولا تدع الصلاة علی حال، فإنّ النبی (صلی الله علیه وآله وسلم)قال: « الصلاة عماد دینکم»(1)، فجرّد الحدیث من الروایة وحرّف وصار کما سمعت(2).

وهل لمجرد شهرة الروایة _ مع کونها مسندة _ قیمة فی مقام الإفتاء،أو أنّه یشترط أن یضمّ إلیها عمل المحدّثین والمفتین؟ وإلاّ فلو نقلوا بلا إفتاء علی مضمونها فهو یورث شکّاً فی صحتها، بل یوجب _ علی التحقیق _ خروجها عن الحجّیة، وفیه بحث طویل و قد استوفیناه فی البحوث الاُصولیّة من قسم حجّیّة الشهرة.

[شماره صفحه واقعی : 73]

ص: 1527


1- الحر العاملی: وسائل الشیعة:2، الباب 1 من أبواب الاستحاضة الحدیث 5.
2- لاحظ: الرعایة فی علم الدرایة _ قسم التعلیق_: ص105.
9 _ الغریب:

9 _ الغریب(1):

قد عرفت معنی الغریب وهو المتفرّد فی الروایة، وله أقسام نذکرها:

أ _ الغریب اسناداً و متناً، وهو ما تفرّد بروایة متنه واحد من الرواة، ویلیق أن یوصف بالغریب المطلق أی الفرید من الجهتین: السند والمتن.

ب _ الغریب اسناداً خاصّة لا متناً : و عرّفه الشهید بقوله: کحدیث یعرف متنه عن جماعة من الصحابة مثلاً... إذا انفرد واحد بروایته عن آخر غیرهم(2).

وإن شئت قلت: إذا اشتهرت الروایة عن جماعة معیّنة من الصحابة، ولکن نقله الراوی بسند آخر لا ینتهی إلی تلک الجماعة، بل عن صحابی غیر معروف بنقلها.

وهذا ما یسمّی بأنه غریب من هذا الوجه أی من هذا الطریق، وقد أکثر الترمذی فی سننه، وابن الجوزی فی کتاب الموضوعات من هذا التعبیر.

ج _ ما تفرّد واحد بروایة متنه، ثم یرویه عنه جماعة کثیرة، فیشتهر نقله عن المتفرّد، فیعبّر عنه للتمییز عن سائر الأقسام بالغریب المشهور، لاتصافه بالغرابة فی طرفه الأوّل ، وبالشهرة فی طرفه الآخر ، والیه یشیر الشهید بقوله: «أو غریب متناً لا اسناداً بالنسبة إلی أحد طرفی الاسناد» فإنّ اسناده متّصف بالغرابة فی طرفه الأوّل وبالشهرة فی طرفه الآخر، وحدیث: «إنّما الأعمال بالنیّات» من هذا الباب، غریب فی طرفه الأوّل لأنّه ممّا تفرّد به من الصحابة

[شماره صفحه واقعی : 74]

ص: 1528


1- مرّ وجه التکرار وقد ذکره الشهید فی هذا المقام مستوفیاً ، کما و أجمله فی المقام السالف.
2- زین الدین العاملی: الرعایة فی علم الدرایة: ص 107.

عمر، مشهور فی طرفه الآخر .

و الحدیث قد ورد فی طرقنا عن أئمتنا (علیهم السلام)عن النبی(صلی الله علیه وآله وسلم)(1).

وقد یطلق الغریب علی غیر المتداول فی الألسنة والکتب المعروفة ویخص ذلک باسم الشاذّ، ولکن الاصطلاح جری علی تسمیة الشاذّ فی مقابل الغریب، فإنّ الشاذ ما یکون فی مقابله روایة مشهورة بخلاف الغریب(2).

10 _ الغریب لفظ_اً:

وهو فی عرف الرواة والمحدّثین عبارة عن الحدیث المشتمل متنه علی لفظ غامض بعید عن الفهم، لقلّة استعماله فی الشائع من اللغة.

هذا، وإنّ فهم الحدیث الغریب لفظاً جزءٌ من علوم الحدیث، لانتشار اللغة وقلّة تمییز معانی الألفاظ الغریبة، فربّما ظهر معنی مناسب للمراد، والمقصود فی الواقع غیره ممّا لم یصل إلیه.

وقد صنّف فیه جماعة من العلماء، وأوّل من صنّف فیه هو: النَضْ_ر بن شُمَیْل، أو أبو عُبیدة مَعْمَر بن المُثَنّی، و بعدهما أبو عُبَیْد القاسم بن سلام، ثم ابن قتیبة، ثم الخَطّابی، فهذه اُمّهاته.

ثُمّ تبعهم غیرهم بزوائد وفوائد کابن الأثیر، فانّه قد بلغ «بنهایته» النهایة، ثم الزمخشری، ففاق فی «الفائق» کلّ غایة، ثم الهروی، فزاد فی «غریبه» غریب

[شماره صفحه واقعی : 75]

ص: 1529


1- الحر العاملی: الوسائل: 1/35، الباب5 من أبواب مقدّمة العبادات، الحدیث 10.
2- الأنسب ذکر قسم «الغریب لفظاً» فی المقام ذیلاً لمطلق الغریب کما فعلناه، ولکن الشهید عنونه مستقلاّ ً وفصل بینهما بذکر بعض الأقسام.

القرآن مع الحدیث. هذا ما لدی السنّة الذی ذکره الشهید، و أمّا عند الشیعة فمن ألّف فیه:

1. هو الشیخ الصدوق محمد بن علی بن بابویه(المتوفّی سنة 381)، ألّف ما أسماه ب_ «معانی الأخبار».

2. الشیخ الجلیل فخر الدین محمد النجفی الطریحی(المتوفّی عام 1085) فألّف ما أسماه ب_«غریب الحدیث» وهو مطبوع منتشر.

3. ثمّ أردفه بکتاب آخر اسماه مجمع البحرین لغریب القرآن والحدیث.

4. العلاّمة الحجّة نادرة عصره السید محمود الطباطبائی(المتوفّی عام 1310).(1)

11 _ المتّفق علیه :

إذا اتّفق المحدّثان أو أزید علی نقل خبر یطلق علیه «المتّفق علیه» کما إذا اتّفق البخاری ومسلم علی نقل روایة أو اتّفق الثلاثة کماإذا اتّفق معهما النسائی أو الترمذی علی نقله، فیطلق علیه «المتّفق علیه».

قال النووی: وإذا قالوا صحیح متّفق علیه، أو علی صحّته فمرادهم اتفاق الشیخین(2).

ومثله ما إذا نقل فضلاء أصحاب الإمام روایة واحدة عن الإمام الصادق أو أبی جعفر الباقر _(علیهما السلام)، کزرارة بن أعین، ومحمّد بن مسلم، وبرید بن معاویة وأمثالهم، فیطلق علیها روایة الفضلاء أو المتّفق علیها بین أصحاب الإمام الصادق (علیه السلام).

[شماره صفحه واقعی : 76]

ص: 1530


1- وقد رأیت جزئین کبیرین من هذا الکتاب عند بعض أحفاده عندما جاء بهما إلی قم المشرّفة لیقوم المحقّق البروجردی بطبعهما،وکانت الظروف قاسیة فلم یتحقق أمله. عسی أن یبعث اللّه أهل الخیر إلی نشرهما. وکانت النسخة بید حجّة الإسلام السیّد علی أصغر المعروف بشیخ الإسلامرحمه اللّه .
2- التقریب والتیسیر:1/104.

ومثله ما إذا اتّفق الکلینی والصدوق علی نقل روایة بسند و احد أو بسندین ، وأعلی منها ما إذا اتّفق المشایخ الثلاثة علی نقلها کالکلینی والصدوق والشیخ الطوسی، فإنّ للاتّفاق مزیّة واضحة لا تنکر.

12 _ المُصحَّف:

التصحیف: هو التغییر، یقال: تصحّفت علیه الصحیفة أی غیّرت علیه فیها الکلمة، ومنه: تصحّف القارئ أی أخطأ فی القراءة، فإنّ الخطأ رهن التغییر.

ثم التصحیف یقع تارة فی السند، واُخری فی المتن، و ثالثة فیهما، فمن الأوّل تصحیف برید ب_«یزید» وتصحیف «حریز» ب_ «جریر» وتصحیف «مراجم» ب_ «مزاحم»، والتصحیف فی الإسناد غیر قلیل. قال الشهید: قد صحّف العلاّمة فی کتب الرجال کثیراً من الأسماء، ومن أراد الوقوف علیها فلیطالع «الخلاصة» له،و«إیضاح الاشتباه فی أسماء الرواة» له أیضاً، وینظر ما بینهما من الاختلاف، وقد نبّه الشیخ تقی الدین بن داود علی کثیر من ذلک(1).

ومن التغییر فی المتن قوله(صلی الله علیه وآله وسلم): «من صام رمضان وأتبعه ستّاً من شوال» فقد صحّف فقرئ «وأتبعه شیئاً».

ثمّ إنّ منشأ التصحیف إمّا البصر، أو السمع.

أمّا الأوّل: فیحصل فیما إذا تقاربت الحروف، کما عرفت من الأمثلة.

[شماره صفحه واقعی : 77]

ص: 1531


1- زین الدین (الشهید الثانی): الرعایة فی علم الدرایة: ص109_110.

وأمّا الثانی: فإنّما یحصل إذا کانت الکلمتان متشابهتین عند السمع کما فی تصحیف عاصم الأحول، بواصل الأحدب فإنّ ذلک لا یشتبه فی الکتابة علی البصر.

ثم إنّ بعضهم خصَّ اسم المصحّف بما غُیّرت فیه النقط مع الحفاظ علی الشکل، کما تقدم.

وأمّا ما لوغیِّر فیه الشکل _ هیئة الکلمة _ مع بقاء الحروف، فسمّاه بالمُحرَّف، کما فی قولهم جبّة البُرد، جُنّة البَرْد، فلو قرئت کلتا الکلمتین (البُرْد _ البَرْد) علی نسق واحد إمّا بضم الباء أو بفتحها فهو محرّف، ومثله«الجاهل إمّا مفرِط أو مفرّط» فلو قرئ «المفرط» علی نسق واحد إمّا بالتخفیف أو بالتشدید فهو محرّف(1).

13 _ العالی سنداً:

وعرّف بقلیل الواسطة مع اتّصاله إلی المعصوم، قال النووی: الإسناد خصیصة لهذه الاُمّة وسنَّة بالغة مؤکّدة، وطلب العلو فیها سنّة، ولهذا استحبّت الرحلة، ثم ذکر أقسامه حسب منهجه(2) .

لا شکّ أنّه کلّما قلّت الوسائط فی نقل الخبر، قلّ الخطأ والاشتباه، وعلی العکس کلّما کثرت الوسائط زاد احتمال الخطأ، ولأجل ذلک یعدّ علوّ الاسناد وقلّة الوسائط من مرجّحات الخبر ومزایاه، وقد کان طلب علوّ

[شماره صفحه واقعی : 78]

ص: 1532


1- الخطیب القزوینی: تلخیص المفتاح:2/194،مع شرح سعد الدین _طبع المکتبة المحمودیة الأزهر_، وعبد اللّه المامقانی: مقباس الهدایة: ص43.
2- النووی: التقریب والتیسیر: 2/145 _ 147.

الاسناد سنّة عند أکثر السلف، وکانوا یرحلون إلی المشایخ فی أقصی البلاد لأجل ذلک، حتی أنّ جماعة من أصحابنا الإمامیّة دوّنوا الأحادیث العالیة باسم «قرب الإسناد» ، منهم الثقة الجلیل عبد اللّه بن جعفر الحمیری(1).

وفی الوقت نفسه ربّما ینعکس الحال فیما إذا کان قلّة الوسائط علی خلاف المتعارف کما إذا روی المتأخّر عن شیخ متقدّم یبعد أنّه أدرکه ولاقاه وأخذ منه الحدیث، وفیما إذا وجدت مزیّة فی الجانب المقابل کأن یکون الرواة أوثق وأحفظ وأضبط من عالی الإسناد.

وبما أنّ الخبر العالی الإسناد اکتسب فی أوساط المحدّثین مکانة،صار مطمحاً للمدلّسین، فربّما یروون الحدیث بوسائط قلیلة حتی یکتسب قیمة بین المحدّثین مع أنّ الراوی لم یدرک المرویّ عنه.

[شماره صفحه واقعی : 79]

ص: 1533


1- وقد ذکر شیخنا الجلیل فی موسوعته الذریعة إلی تصانیف الشیعة: ما سمّی باسم «قرب الإسناد» وإلیک نصّه بتلخیص منّا: 1 _ قرب الإسناد لأبی الحسین الکرخی ابن معمّر، حکاه الشیخ فی الفهرست عن ابن الندیم.

فهذه الوجوه تدفعنا إلی التثبّت والتبیّن، حتی لا نغترّ بقلّة الوسائط.

وأمّا أقسامه:

1 _ أعلاها وأشرفها هو قرب الإسناد من المعصوم بالنسبة إلی سند آخر یُروی به ذلک الحدیث بعینه بوسائط کثیرة وهو العلوّ المطلق، فإن اتّفق مع ذلک أن یکون سنده صحیحاً ولم یرجّح غیره علیه بما تقدّم، فهو الغایة القصوی.

2 _ ثمّ بعد هذه المرتبة فی العلوّ، قرب الإسناد لا بالنسبة إلی المعصوم بل إلی أحد أئمّة الحدیث، ک_«حسین بن سعید الأهوازی»(1)، مؤلّف کتاب الثلاثین، ومحمد بن أحمد بن یحیی الأشعری(2)، مؤلّف نوادر الحکمة، والکلینی والصدوق والشیخ وأضرابهم.

3 _ ما یتقدّم زمان سماع أحد الراویین فی الإسنادین علی زمان سماع الآخر، وإن اتّفقا فی العدد الواقع فی الإسناد، أو فی عدم الواسطة بأن کانا قد رویا عن واحد فی زمانین مختلفین. فأوّلهما سماعاً أعلی من الآخر لقرب زمانه من المعصوم بالنسبة إلی الآخر، والعلوّ بهذین المعنیین، یعبّر عنه ب_: العلوّ النسبی.

4 _ وزاد بعضهم للعلوّ معنی رابعاً وهو تقدّم وفاة راوی أحد السندین

[شماره صفحه واقعی : 80]

ص: 1534


1- من أصحاب الإمام الرضا والجواد والهادی _ علیهم السلام _ ، کوفی انتقل إلی الأهواز ثم إلی قم فتوفّی فیها یروی عن عدّة مثل صفوان بن یحیی (ت 210ه_) وحمّاد بن عیسی (ت 209ه_).
2- وهو ممّن لم یرو عنهم _ علیهم السلام _ توفّی حوالی 293ه_، فلو روی أحد الراویین عن الحسین بن سعید، والآخر عن الأشعری، فللأوّل مزیّة علوّ السند.

المتساویین فی العدد علی من فی طبقته من راوی السند الآخر، فإنّ المتقدّم عال بالنسبة إلی المتأخّر(1).

هذه هی الصور الأربعة التی وردت فی کتب الدرایة، ولکن الاهتمام بعلوّ الاسناد لأجل کونها أقرب إلی الواقع، ولیس هذا الملاک موجوداً فی جمیع الصور، وإنّما الموجود فی بعضها یظهر بالتأمّل(2)، و هذا ما یعبّر عنه ب_: العلو المعنوی، و لیس هو مراداً فی هذا المقام.

و یقابل هذا العالی سنداً _ تعریفاً وتحدیداً ، و شروطاً و أقساماً_ النازل سنداً، و قدعدّوه قسماً برأسه.

وکان الأنسب فی المقام ذکر بعض الأقسام مثل روایة الأقران أو المُدَبَّج أو روایة الأکابر عن الأصاغر، وسیجیئ فی محلّها تبعاً للشهید.

14_ الشاذّ:

وهو ما رواه الثقة مخالفاً لما رواه المشهور، ویقال للطرف الراجح: المحفوظ أیضاً، هذا فیما إذا کان الراوی ثقة، ولو کان غیر ثقة فهو منکر.

واختلفت الأقوال فی قبول الشاذّ، فمنهم من قبله نظراً إلی کون راویه ثقة، فیرجع فی مقام العلاج إلی قواعد التعارض.

[شماره صفحه واقعی : 81]

ص: 1535


1- زین الدین العاملی: الرعایة فی علم الدرایة: ص115، عبد اللّه المامقانی: مقباس الهدایة: ص44.
2- ثم إنّهم ذکروا لعلوّ الإسناد صوراً مختلفة من «الموافقة» و «الإبدال» و «المساواة» و «المصافحة» لا طائل تحتها، ولعلّها غیر موجودة فی روایاتنا، توجد أمثلتها ذکرناها فی محلّها، ومن أراد التفصیل فلیرجع إلی «مقباس الهدایة 44، من مؤلّفات أصحابنا، وشرح النخبة لابن حجر العسقلانی (ت852): ص51، وتدریب الراوی لجلال الدین السیوطی (ت 911):2/150».

ومنهم من ردّه نظراً إلی شذوذه، وقوة الظنّ بصحة جانب المشهور.

والمختار ، أنّ الشاذّ المخالف للمشهور المفتی به عند القدماء لیس بحجّة، وإن کان صحیحاً، وقد أقمنا برهانه عند البحث عن حجیّة خبر الواحد، واستظهرناها من مقبولة عمر بن حنظلة وغیرها، فلاحظ. فالشذوذ لا ینافی الصحة و إن کان ینافی الحجّیة.

15_ المسلسل:

وهو عبارة عمّا تتابع رجال أسناده علی صفة أو حالة، فتارة یتّصف بهما الرواة واُخری الروایة ،وإلیک بیان کلا القسمین:

أمّا فی الراوی، فکقیام کل منهم حین الروایة، أو الاتّکاء أو المشی أو الجلوس أو نحو ذلک ممّا یُعدّ من اتّحاد الرواة فی فعل حال نقل الروایة. وربّما یجتمع القول والفعل فیهم، کما إذا قال: صافحنی فلان وروی لی، قال: صافحنی فلان وروی لی، فاجتمع فیه قولٌ، أعنی: «صافحنی» مع فعل، أعنی: نفس المصافحة، ونظیر ذلک ما إذا قال کلّ واحد: لقّمنی فلان بیده لقمة وروی لی، قال: لقّمنی فلان بیده وروی لی... إلی آخر الأسناد.

ومن التسلسل بصفات الراوی، اتّفاق أسماء الرواة کالمسلسل بالمحمدین أو الأحمدین أو أسماء آبائهم أو کناهم أو أنسابهم أو ألقابهم أو صناعاتهم أو حرفهم.

وأمّا التسلسل فی الروایة کما إذا اتّحدت صیغ الأداء فی جمیع السند، کما إذا قال الجمیع: سمعت فلاناً أو أخبر فلان، أوأخبر فلان واللّه، أو أشهد باللّه لسمعت فلاناً.

[شماره صفحه واقعی : 82]

ص: 1536

ومن التسلسل ما یتعلّق بالزمان، کسماع جمیع آحاد السند فی یوم الخمیس أو یوم العید.

و منه ما یتعلّق بالمکان کسماع کلّ عن صاحبه فی المسجد أو المدرسة أو البلد الفلانی.

وقد یقع التسلسل فی معظم السند دون جمیعه، ویقال للأوّل: المسلسل التّام، مقابل الثّانی الذی هو ناقص أو فی بعض السند.

ومن نماذج المسلسل فی روایات أصحابنا الإمامیّة: ما نقله الصدوق فی الخصال عن الإمام الرضا (علیه السلام)بالنحو التالی: حدّثنی أبی: موسی بن جعفر، قال: حدّثنی أبی: جعفر بن محمّد، قال: حدّثنی أبی: محمّد بن علی، قال: حدّثنی أبی: علی بن الحسین، قال: حدّثنی أبی: الحسین، قال : حدّثنی أخی: الحسن بن علیّ، قال: حدثنی أبی: علیّ بن أبی طالب، قال: قال رسول اللّه(صلی الله علیه وآله وسلم): «خلقت أنا وعلیّ من نور واحد»(1).

وقد یکون التسلسل فی الحدیث من جهات شتّی لا تخفی علی القارئ الکریم.

قال الشهید:

والتسلسل لیس له مدخل فی قبول الحدیث وعدمه وإنّما هو فنّ من فنون الروایة ، وضروب المحافظة علیها والاهتمام بها. وفضیلته اشتماله علی مزید الضبط، والحرص علی أداء الحدیث بالحالة التی اتّفقت بها من النبی(صلی الله علیه وآله وسلم)وأفضله ما دلّ علی اتّصال السماع لأنّه أعلی مراتب الروایة. وقلّما

[شماره صفحه واقعی : 83]

ص: 1537


1- الصدوق: الخصال:ص31.

تسلم المسلسلات عن ضعف فی الوصف بالتسلسل، فقد طعن فی وصف کثیر منها فی أص_لالمتن(1).

وقال والد بهاء الدین العاملی: وقد اعتنی العامّة بهذا القسم وقلّ أن یسلم لهم منه شیء إلاّ بتدلیس أو تجوّز أو کذب یزیّنون به مجالسهم وأحوالهم، وهو مع ندرة اتّفاقه عدیم الجدوی(2).

16 _ المزید:

وهو المشتمل علی زیادة فی المتن أو السند، لیست فی غیره، أمّا المتن، فبأن یروی فیه کلمة زائدة تتضمّن معنی لا یستفاد من غیره، وأمّا السند; فبأن یرویه بعضهم بإسناد مشتمل علی ثلاثة رجال معیّنین مثلاً، فیرویهم المزید بأربعة یتخلّل الرابع بین الثلاثة، فالأوّل هو المزید فی المتن، والثانی هو المزید فی الإسناد.

أمّا الزیادة فی المتن فهی مقبولة إذا وقعت الزیادة من الثقة، لأنّ ذلک لا یزید علی نقل حدیث مستقلّ حیث لا یقع المزید منافیاً لما رواه غیره من الثقات(3).

نعم لو أوجبت الزیادة صیرورة الروایتین متضادّتین تعاملان معاملة المتعارضتین أوالمختلفتین.

وأمّا الزیادة فی السند، فهی کما إذا أسنده المزید وأرسله الآخرون، أو

[شماره صفحه واقعی : 84]

ص: 1538


1- زین الدین العاملی: الرعایة فی علم الدرایة: ص120.
2- الشیخ حسین العاملی: وصول الأخیار إلی اُصول الأخبار: ص101، ولاحظ مقباس الهدایة:ص47.
3- زین الدین العاملی: الرعایة فی علم الدرایة: ص121.

وصله وقطعه الآخرون، أو رفعه إلی المعصوم ولکن الآخرین وقفوه علی من دونه، و هی مقبولة إذا کان الراوی ثقة لعدم المنافاة إ ذ یجوز اطّلاع المسنِد والموصِل والرافع علی ما لم یطّلع علیه غیره أو تحریره لما لم یحرّره الآخرون، فهو کالزیادة غیر المنافیة فتقبل، ولو احتمل کون النقص من باب السهو، فیقدّم المزید أیضاً وذلک لأنّه إذا دار الأمر بین الزیادة والنقیصة، فالنقیصة أولی، لأنّ النقیصة السهویّة لیست ببعیدة عن الإنسان الذی خلق ضعیفاً، بخلاف الزیادة السهویّة التی هی أقلّ بالنسبة إلیها.

قال والد شیخنا بهاء الدین العاملی: «وأمّا النقص فبأن یروی الرجل عن آخر وعلم أنّه لم یلحقه أو لحقه ولم یرو عنه، فیکون الحدیث مرسلاً أو منقطعاً، وإنّما یتفطّن له المتضلّع بمعرفة الرجال ومراتبهم و نسبة بعضهم إلی بعض، وممّا یعین علی ذلک معرفة أصحاب الأئمّة واحداً واحداً ومن لحق من رواة الأئمّة ومن لم یلحقهم(1).

17_ المختلف:

إنمّا یوصف الحدیث بالمختلف إذا قیس إلی غیره فعندئذ، تتجلّی إحدی النسب الأربعة، فتارة تکون النسبة بینهما التساوی، واُخری التباین، وثالثة العموم و الخصوص مطلقاً ، ورابعة العموم والخصوص من وجه(2).

[شماره صفحه واقعی : 85]

ص: 1539


1- الشیخ حسین العاملی: وصول الأخیار: ص117.
2- ومن أمثلته ما روی: إذا بلغ الماء قُلّتین لم یحمل خَبَثاً. و ما روی: خلق اللّه الماء طهوراً لاینجّسه شیء إلاّ ما غیّر لونه أو طعمه أو ریحه، فإنّ الأوّل ظاهر فی طهارة القلّتین تغیّرا أم لا، والثانی ظاهر فی طهارة غیر المتغیّر سواء کان قلّتین أو أقل.

والمراد من المختلف هو غیر القسم الأوّل. وعرّفه الشهید بقوله: أنیوجد حدیثان متضادّان فی المعنی ظاهراً سواء تضادّا واقعاً، کأن لایمکنالتوفیق بینهما بوجه، أو ظاهراً فقط کأن یمکن الجمع بینهما، فالمختلفان فی اصطلاح الدرایة هما المتعارضان فی اصطلاح الأُصولیّین، والمتوافقانخلافه. وقد ورد التعبیر بالاختلاف عن التعارض فی أکثر روایاتالباب(1).

وأمّا ما هی الوظیفة تجاه الخبرین المختلفین، فقد قرّر فی علم الأُصول فی مبحث التعادل والترجیح فلا نطیل الکلام فیه. وأوّل من جمع من أصحابنا الأخبار المختلفة هو الشیخ الطوسی ( 385 _ 460ه_) فقد ألّف کتاب الإستبصار فی ذلک المضمار، وقد ذکر النجاشی والشیخ الطوسی رسائل للأصحاب فی اختلاف الحدیث(2).

قال النووی: «معرفة مختلف الحدیث وحکمه، فن من أهم الأنواع، ویضطر إلی معرفته جمیع العلماء من الطوائف، وهو أن یأتی حدیثان متضادّان فی المعنی، فیوفّق بینهما أو یرجّح أحدهما، وصنّف فیه الإمام الشافعیّ ولم یقصد استیفاءه، بل ذکر جملة ینبّه بها علی طریقه.

ثم صنّف فیه ابن قتیبة، فأتی بأشیاء حسنة وأشیاء غیر حسنة وترک

[شماره صفحه واقعی : 86]

ص: 1540


1- الحر العاملی: الوسائل :18، الباب 9 من أبواب صفات القاضی، الحدیث 1، 5، 11، 21، 29، 30، 34، 36، 40، 48، ولم یرد لفظ التعارض إلاّ فی مرفوعة زرارة الّتی رواها ابن أبی جمهور مرسلاً عن العلاّمة، وهو رفعها إلی زرارة، ونقلها الأنصاری بطولها فی رسالة التعادل والترجیح.
2- النجاشی: الرجال: ص207 برقم 888 فی ترجمة ابن أبی عمیر، الطوسی: الفهرست:211 برقم 810 فی ترجمة یونس بن عبد الرحمن، وکتاب اختلاف الحدیث ومسائله عن أبی الحسن موسی بن جعفر (علیه السلام) .

معظم الاختلاف»(1).

18 _ الناسخ والمنسوخ:

ورد النسخ فی اللغة لمعان منها: الإزالة والنقل، وفی الإصطلاح: رفع الحکم السابق بدلیل مثله علی وجه لولاه لکان ثابتاً.

والنسخ وإن کان رافعاً للحکم السابق ظاهراً إلاّ أنّه فی الشرع بیان لانتهاء أمده، و إلاّ استلزم البداء وهو ممتنع فی حقّه سبحانه.

ثمّ إنّ الیهود منعوا إمکانه والبعض الآخر منع وقوعه، والنظر الموضوعی إلی تاریخ الشرائع السالفة والشریعة المقدّسة الإسلامیة یدلّ بوضوح علی وقوعه فضلاً عن إمکانه.

اتّفقوا علی نسخ القرآن بالقرآن وبالسنّة القطعیّة، وإنّما اختلفوا فی جوازه بخبر الواحد إلاّ أنّهم لم یختلفوا فی نسخ السنّة بمثلها. إنّما الکلام فی طریق معرفة الناسخ والمنسوخ، فذکر الشهید الطرق التالیة:

1 _ النصّ من النبی(صلی الله علیه وآله وسلم)کقوله: «کنت نهیتکم عن زیارة القبور، فزوروها».

2 _ نقل الصحابی مثل: «کان آخر الأمرین من رسول اللّه ترک الوضوء ممّا مسّت النار».

3 _ التاریخ، فإنّ المتأخّر منهما یکون ناسخاً للمتقدّم.

4 _ الإجماع، کحدیث قتل شارب الخمر فی المرّة الرابعة، نسخه الإجماع

[شماره صفحه واقعی : 87]

ص: 1541


1- النووی: التقریب والتیسیر: 2/175 _ 176.

علی خلافه، حیث لا یتخلّل الحدّ(1).

نعم لا یثبت النسخ بقول مطلق الصحابی و إنّما یشترط فیه کل ما یشترط فی حجیّة خبرالواحد، وأمّا ثبوته بالتأریخ فیشترط ثبوت تأخّر الثانی عن الأوّل بالدلیل، وقد ورد فی أحادیث أهل البیت _ علیهم السلام _ ما یؤیّد ذلک:

روی محمد بن مسلم، عن أبی عبداللّه (علیه السلام)قال: قلت له ما بال أقوام یروون عن فلان، عن فلان، عن رسول اللّه(صلی الله علیه وآله وسلم)لایتّهمون بالکذب،فیجیء منکم خلافه؟ قال (علیه السلام): «إنّ الحدیث ینسخ کما ینسخ القرآن»(2).

و روی منصور بن حازم، قال: قلت لأبی عبداللّه (علیه السلام)اخبرنی عن أصحاب محمد (صلی الله علیه وآله وسلم)صدقوا علی محمد أم کذبوا؟ قال (علیه السلام): بل صدقوا، قلت: فما بالهم اختلفوا؟ قال (علیه السلام): «أما تعلم أنّ الرجل کان یأتی رسول اللّه (صلی الله علیه وآله وسلم)فیسأله عن المسألة فیجیبه فیها بالجواب، ثم یجیبه بعد ذلک ماینسخ ذلک الجواب، فنسخت الأحادیث بعضها بعضاً»(3).

وعلی کل تقدیر ، فالحدیث المتأخّر الصادر عن الأئمّة لیس ناسخاً، بل کاشف عن الناسخ الوارد علی لسان النبی، لانقطاع الوحی بعد رحلة الرسول(صلی الله علیه وآله وسلم)(4).

[شماره صفحه واقعی : 88]

ص: 1542


1- النووی: التقریب و التیسیر: 2/170و172، الشهید الثانی: الرعایة فی علم الدرایة: ص128، والقسم الرابع من أقسام تقیید إطلاق الخبر بالإجماع ولیس نسخاً.
2- الکلینی: الکافی:1/65.
3- الکلینی: الکافی:1/65.
4- قال أمیر المؤمنین (علیه السلام) عند تغسیل رسول اللّه وتجهیزه: بأبی أنت واُمّی یا رسول اللّه، لقد انقطع بموتک ما لم ینقطع بموت غیرک من النبوّة والأنباء وأخبار السماء. نهج البلاغة: الخطبة235.
19_ المقبول :

هو الحدیث الذی تلقّاه الأصحاب بالقبول والعمل بمضمونه، وهل هو من الأقسام المشترکة بین الصحیح و غیره، أو لا ؟ الظاهر هو الثانی، لأنّ الصحیح لاینقسم إلی المقبول و غیر المقبول، بل هو مقبول مطلقاً عند الأکثر، أو إذا لم یکن شاذّاً علی ما هو التحقیق، أو لم تکن فیه علّة _ کما علیه جمهور أهل السنّة _ وأمّا الضعیف فینقسم إلی المقبول ومقابله.

نعم یمکن جعله من الأقسام المشترکة بین الصحیح و غیره، و من الطوارئ علیهما جمیعاً إذا خصّصنا جواز العمل بالصحیح ولم یعمّ الموثّق والحسن، فعندئذ تنقسم الأقسام الثلاثة إلی المقبول و عدمه.

والمثال الواضح للمقبول هو حدیث عمر بن حنظلة الوارد فی حال المتخاصمین من أصحابنا الذی رواه المشایخ الثلاثة فی جوامعهم(1) وإلیک سنده:

«محمد بن یعقوب ، عن محمد بن یحیی، عن محمد بن الحسین، عن محمد بن عیسی، عن صفوان بن یحیی، عن داود بن الحصین، عن عمر بن حنظلة، قال: سألتُ أبا عبداللّه (علیه السلام)عن رجلین من أصحابنا بینهما منازعة فی دین أو میراث فتحا کما إلی السلطان وإلی القضاة، أیحلّ ذلک؟..»(2).

قد تلقّاه الأصحاب بالقبول فی باب القضاء وعلیه المدار فی ذلک

[شماره صفحه واقعی : 89]

ص: 1543


1- الکلینی: الکافی:1/67 الحدیث10، الصدوق: الفقیه:2/5، الشیخ الطوسی: التهذیب :6/301 الحدیث 52.
2- الحرّ العاملی: و سائل الشیعة:18/98 _ الباب 9 من أبواب صفات القاضی، الحدیث1.

الباب، وقد ورد فی طریقه ثلاثة أشخاص:

1 _ محمد بن عیسی الیقطینی، ضعّفه ابن الولید عند استثنائه 27 شخصاً من رجال نوادر الحکمة، و قد ثبت وثاقته و إنّ تضعیفه موهون.

2 _ د(1)اود بن الحصین، و هو کوفی ثقة، و إن ضعّفه الشهید الثانی فی درایته.

3 _ عمر بن حنظلة، لم ینصّ الأصحاب فیه بجرح و لا تعدیل، قال الشهید: لکن أمره عندی سهل لأنّی حقّقت توثیقه من محلّ آخر و إن کانوا قد أهملوه(2).

قال صاحب المعالم: ومن عجیب ما اتفق لوالدی _ رحمه اللّه _ فی هذا الباب أنّه قال فی شرح بدایة الدرایة: إنّ عمر بن حنظلة لم ینصّ الأصحاب علیه بتعدیل و لاجرح، ولکنّه حقّق توثیقه من محل آخر، وجدت بخطه _ رحمه اللّه_ فی بعض مفردات فوائده ماصورته:

عمر بن حنظلة غیر مذک_ور بجرح و لا تع_دیل، ولکنّ الأقوی عندی أنّه ثقة لقول الصادق (علیه السلام)فی حدیث الوقت :«إذا ً لایکذب علینا».

والحال أنّ الحدیث الذی أشار إلیه ضعیف الطریق، فتعلّقه به فی هذا

[شماره صفحه واقعی : 90]

ص: 1544


1- النجاشی:الرجال:2 برقم 939 ونقل عن أبی العبّاس بن نوح أنّه صدّق ابن الولید فی جمیع من استثناه إلاّ فی محمد بن عیسی فقال: فلا أدری ما رابه فیه لأنّه کان علی ظاهر العدالة و الثقة.
2- الشهید الثانی: الرعایة فی علم الدرایة: ص131.

[شماره صفحه واقعی : 91]

ص: 1545

21 _ المکاتب:

وهو الحدیث الحاکی عن کتابة المعصوم (علیه السلام)سواء کتبه ابتداء لبیان حکم أو غیره أو فی مقام الجواب، وعمّمه بعضهم إلی ما إذا کان بغیر خطّه مع کون الإملاء منه.

22 و23 _ المحکم و المتشابه:

فالمحکم ما علم المراد به من ظاهره من غیر قرینة تقترن به ولا دلالة تدل علی المراد به لوضوحه، وأمّا المتشابه فقد یکون فی المتن، وقد یکون فی السند، فالمتشابه متناً هو ماکان للفظه معنی غیر راجح، وإن شئت قلت: ما علم المراد به لقرینة ودلالة، والمتشابه سنداً ما اتفقت أسماء سنده خطّاً ونطقاً، و اختلفت أسماء آبائهم نطقاً مع الإئتلاف خطّاً کمحمد بن عقیل، فإنّ عقیلاً یقرأ بفتح العین تارة و بضمّها أُخری، فبفتح العین اسم للنیسابوری و بضمّها اسم للفریابی، وقد یتّفقان فی الاسم واسم الأب ویختلفان فی اسم الجد أو فی اللقب، فالأوّل کأحمد بن محمّد بن خالد وأحمد ابن محمد بن عیسی، فالأوّل هو البرقی المتوفّی عام 274ه_، و الثانی أحمد بن محمد بن عیسی الأشعری رئیس القمّیّین، وأمّا الإختلاف فی اللقب مثل أحمد ابن محمد بن عیسی الأسدی وأحمد بن محمد بن عیسی القسری، وربّما یطلق علی هذا القسم المتّفق و المفترق أو المؤتلف والمختلف(1).

[شماره صفحه واقعی : 92]

ص: 1546


1- والذی یوافیک برقم 26 غیر ذلک، فلاحظ.
24 _ المشتبه المقلوب:

وهو اسم للسند الذی یقع الإشتباه فیه فی الذهن لا فی الخطّ، ویتّفق ذلک فی الرواة المتشابهین فی الاسم بأن یکون اسم أحد الراویین کاسم أب الآخر خطّاً و لفظاً، و اسم الآخر کاسم أب الأوّل کذلک، و ذلک مثل أحمد ابن محمد بن یحیی، المشتبه ب_ محمد بن أحمد بن یحیی، فإنّ الأوّل هو أحمد بن محمد بن یحیی العطّار القمّی والثانی هو محمد بن أحمد بن یحیی صاحب نوادر الحکمة، وأمثلته کثیرة.

25 _ المش_ترک:

وهو ماکان أحد رجاله أو أکثرها مشترکاً بین الثقة وغیره، و لابد من الرجوع الی تمییز المشترکات، والتمییز یحصل بقرائن الزمان، وأُخری بالراوی، وثالثة بالمروی عنه، وأحسن ما اُلِّف فی هذا الباب هو کتاب تمییز المشترکات للکاظمی، و هناک طریق آخر لتمییز المشترکات و هوممارسة الأسانید حتی یتعرّف المحدّث علی الطبقات و عندئذ یتعرف علی الراوی المشترک وتحصل عنده ملکة التمییز بسهولة.

والطریق الأوّل تقلیدی، والثانی اجتهادی وهو الذی سلکه سید المحققین البروجردی _قدس سره _ .

26 _ المؤتلف والمختلف:

ومجموعهما اسم لسند اتفق فیه اسمان فما زاد خطّاً واختلفا نطقاً سواء

[شماره صفحه واقعی : 93]

ص: 1547

أکان مرجع الاختلاف إلی النقط أم الشکل، وذکروا لذلک أمثلة فمنها جریر وحریز، فالأوّل اسم لجریر بن عبداللّه البجلی الصحابی والثانی اسم لحریز بن عبداللّه السجستانی _الذی یروی عن الصادق (علیه السلام)_ ومنها الهَمْدانی والهَمَذانی، الأوّل بسکون المیم والدال المهملة، والثانی بفتح المیم والذال المعجمة، فالأوّل نسبة إلی هَمْدان قبیلة فی الیمن والثانی اسم لمدینة فی إیران، فمن الأوّل محمّد بن الحسین بن أبی الخطّاب، ومحمّد بن الأصبغ، وسندی بن عیسی ، ومحفوظ بن نصر و خلق کثیر. بل کثیر من الرواة منسوبون إلی هذا الاسم، لإنّها قبیلة صالحة موالیة لأمیرالمؤمنین (علیه السلام)، ومن الثانی محمد بن یحیی، ومحمد بن الولید، وعلی بن الفضیل، و إبراهیم بن سلیمان، وأحمد بن النضر، وعمرو بن عثمان، و عبدالکریم بن هلال الجعفی.

27 _ المدبّج وروایة الأقران:

إنّ الراوی والمروی عنه إن تقارنا فی السن أو فی الإسناد و اللقاء _ وهو الأخذ من المشایخ _ فهو النوع الذی یقال: له روایة الأقران، لأنّه حینئذ یکون راویاً عن قرینه و ذلک کالشیخ أبی جعفر الطوسی(385ه_ _ 460ه_) والسید المرتضی (355 ه_ _ 436ه_)، فإنهما أقران فی طلب العلم والقراءة علی الشیخ المفید، وإن کان السید متقدّماً علیه میلاداً.

28 _ روایة الأکابر عن الأصاغر:

هذا إذا کان المروی عنه دون الراوی فی السن أو فی اللقاء، فروی عمّن دونه فهو النوع المسمّی بروایة الأکابر عن الأصاغر، کروایة الصحابی عن

[شماره صفحه واقعی : 94]

ص: 1548

التابعی، والتابعی عن تابعی التابعی.

29 _ السابق واللاحق:

وهو ما اشترک اثنان فی الأخذ عن شیخ و تقدّم موت أحدهما علی الآخر . قال الشهید: وأکثر ما وقفنا علیه فی عصرنا من ذلک ستّ وثمانون سنة، فإنّ شیخنا المبرور نور الدین علی بن عبدالعالی المیسی والشیخ الفاضل ناصر بن إبراهیم البویهی الإحسائی، کلاهما یرویان عن الشیخ ظهیر الدین ابن محمد بن الحسام، وبین وفاتیهما ماذکرناه، لأنّ الشیخ ناصر البویهی توفّی سنة اثنتین و خمسین وثمانمائة وشیخنا المیسی توفّی سنة ثمان و ثلاثین وتسعمائة(1).

30 _ المط_روح:

وهو ما کان مخالفاً للدلیل القطعی ولم یقبل التأویل، وربّما یتّحد مع الشاذّ فی النتیجة و إن لم یتّحدا فی الإسم.

31 _ المت_روک:

مایرویه من یتّهم بالکذب ولا یعرف ذلک الحدیث إلاّ من جهته، ویکون مخالفاً للقواعد المعلومة .

[شماره صفحه واقعی : 95]

ص: 1549


1- الشهید الثانی _ زین الدین_: الرعایة فی علم الدرایة: ص366.
32 _ المشکل:

وهو المشتمل علی مطالب غامضة لا یفهمها إلاّ العارفون(1)، وأمّا إذا اشتمل علی ألفاظ غریبة لا یعرف معناها إلاّ الماهر فهو داخل فی الغریب لفظاً.

33 _ النَ_صّ:

وهو ماکان صریحاً فی الدلالة لایحتمل إلاّ معنیً واحداً.

34 _ الظاه_ر:

وعرّف بما دلّ علی معنی دلالة ظنیّة راجحة مع احتمال غیره کالألفاظ التی لها معان حقیقیة إذا استعملت بلا قرینة تجوّزاً سواء کانت لغویة أو شرعیة أو غیرها(2) والظاهر أنّ التعریف ینطبق علی المجمل، فإنّ المشترک إذا استعمل بلا قرینة یکون مجملاً، بل الأولی أن یقال : إنّ الظاهر هو ما دون الصریح فی الدلالة علی المراد، وقد أثبتنا فی الأبحاث الاُصولیة أنّ الظواهر کالنصوص من أقسام الدلالات القطعیة الکاشفة عن المقاصد الاستعمالیة، وأمّا الکشف عن المقاصد الجدّیة فلیس هو علی عاتق اللفظ حتی یتّصف الظاهر بالنسبة إلیه بالظنّ، فلاحظ.

[شماره صفحه واقعی : 96]

ص: 1550


1- وقد ألّف السیّد المحقّق عبد اللّه شبّر (ت 1241)، کتاباً اسماه «مصابیح الأنوار فی حلّ مشکلات الاخبار» طبع فی جزئین.
2- عبد اللّه المامقانی: مقباس الهدایة: ص57.
35 _ الم_ؤوّل:

و هو اللفظ المحمول علی معناه المرجوح بقرینة حالیة أو مقالیة.

36 _ المُجْمَ_ل:

وهو ماکان غیر ظاهر الدلالة علی المقصود، وإن شئت قلت: اللفظ الموضوع الذی لم یتّضح معناه.هذا إذا جعلنا الإجمال صفة للمفرد، فربّما یقع وصفاً للجملة، فیکون المراد مالم یتّضح المقصود من الکلام فیه.

37 _ المُبیّن:

وهو خلاف المجمل، وقد أشبع الاُصولیون الکلام فی المجمل والمبیّن بل النصّ والظاهر وهی من صفات مطلق اللفظ سواء أکان فی الحدیث أم فی غیره، واتّصاف الحدیث بهما لأجل اشتماله علیه.

هذه هی أسماء الحدیث المشترکة بین الصحیح و غیره، فلابدّ من الکلام فی الأقسام المختصّة بالضعیف ممّا یدور فی ألسنة المحدّثین .

(1)

[شماره صفحه واقعی : 97]

ص: 1551


1- أخذنا هذه التعاریف الأخیرة غیر المذکورة فی الرعایة للشهید من کتاب مقباس الهدایة فی علم الدرایة: ص51 _ 58.

[شماره صفحه واقعی : 98]

ص: 1552

الفصل الرابع : فیما یختصّ من الأوصاف بالضعیف

اشارة

1. الموقوف

2. المقطوع

3. المنقطع

4. المعضل

5. المعلّق

6. المضمر

7. المرسل، حجّیة المرسل، مراسیل الفقیه،

8. المعلّل

9. المدلّس

10. المضطرب

11. المقلوب

12. المهمل

13. المجهول

14. الموضوع، ما هو السبب لشیوع الأحادیث الموضوعة، فی تعریف الصحابی، عدد الصحابة، المولی.

[شماره صفحه واقعی : 99]

ص: 1553

[شماره صفحه واقعی : 100]

ص: 1554

فی ما یختصُّ من الأوصاف بالقسم الضعیف
1 _ الموقوف :

وهو علی قسمین: مطلق ومقیّد، فإن جاء مطلقاً فالمراد ما روی عن مصاحب المعصوم من نبی أو إمام، من قول أو فعل، أو غیرهما، سواء أکان السند متصلاً إلی المصاحب أم منقطعاً، وأما إذا أُخِذَ من غیر المصاحب للمعصوم فلا یستعمل إلاّ مقیّداً، فیقال وقفه فلان علی فلان إذا کان الموقوف علیه غیرمصاحب، وقد تقدّم أنّه ربّما یطلق الأثر علی المروی عن الصحابی کما یطلق الخبر علی المرفوع إلی المعصوم، ولکنّه اصطلاح لیس بشائع.

قال النووی: الموقوف هو المروی عن الصحابة قولاً لهم أو فعلاً أو نحوه، متصلاً کان أو منقطعاً، ویستعمل فی غیرهم مقیّداً، فیقال: وقفه فلان علی الزهری ونحوه، وعند فقهاء خراسان تسمیة الموقوف بالأثر والمرفوع بالخبر(1).

وأکثر ما رواه المحدّثون فی تفسیر الآیات عن الصحابة موقوف

[شماره صفحه واقعی : 101]

ص: 1555


1- التقریب والتیسیر:2/149.

غیرمرفوع إلی النبی(صلی الله علیه وآله وسلم)اللّهُمّ إلاّ إذا کان مبیّناً لشأن نزول الآیة، فربّما یکون مرفوعاً لبّاً وإن لم یکن مرفوعاً لفظاً، کقول جابر: کانت الیهود تقول : من أتی امرأته من دبرها فی قبلها، جاء الولد أحول، فأنزل اللّه تعالی:(نِساؤُکُمْ حَرْثٌ لَکُمْ فَأْتُوا حَرْثَکُمْ أنّی شِئْتُمْ)(البقرة/223) .

فإنّ مثل هذا یعدّ مرفوعاً، ومثله ما إذا حکی عن اُمور غیبیّة ترجع إلی الحیاة الأخرویّة التی لیس للعقل إلیها طریق، فطبع الحال یقتضی أخذه لها عن المعصوم فهو مرفوع لاموقوف، ونظیره ما إذا حکی المصاحب للمعصوم فعله بمرأی ومنظر منه، و یعد مرفوعاً، بخلاف ما إذا لم یکن بمرأی و منظر منه، و علی کل تقدیر فالموقوف لیس بحجّة وإن صحّ سند الحدیث إلی الموقوف، لأنّ الحجّة هو قول المعصوم، والمصاحب لیس بمعصوم، وبذلک تعلم قیمة ما روی عن الصحابة حول تفسیر الآیات، وقد حشّد الطبری تفسیره بالموقوفات، ومثله السیوطی فقد جمع فی تفسیره أقوال الصحابة حول الآیات .

2 _ المقط_وع:

المقطوع یستعمل علی ثلاثة أوجه:

أ _ إذا روی عن التابعی، أی مصاحب مصاحب النبی.

قال النووی: هو الموقوف علی التابعی قولاً له أو فعلاً(1).

وبما أنّ المعصوم غیر منحصر عندنا فی النبی(صلی الله علیه وآله وسلم)فیعمّ ما إذا روی عن مصاحب مصاحب الإمام (علیه السلام).

[شماره صفحه واقعی : 102]

ص: 1556


1- التقریب والتیسیر:1/159.

والنسبة بین المقطوع بهذا المعنی والموقوف هو التباین، لاختصاص الثانی بما إذا روی عن مصاحب المعصوم بلا رفع إلی النبی، والأوّل بما إذا روی عن التابع لمصاحب النبی.

هذا إذا قیس المقطوع إلی الموقوف بالمعنی الأخصّ ، وأمّا إذا قیس إلی الموقوف بالمعنی الأعم أی الموقوف علی غیر الصحابی تابعیّاً کان أو غیره، فالنسبة أخصّ مطلقاً لاختصاصه بالتابعی و شمول الموقوف له و لغیره.

ب _ وقد یطلق ویراد منه الموقوف بالمعنی الأعمّ

، أی الموقوف علی غیر الصحابی، سواء أکان تابعیّاً أم لا(1).

ج _ وقد یطلق علی ما سقط واحد من أسناده(2).

3 _ المنقط_ع:

وقد اضطرب کلامهم فی تفسیره.

فعرّفه النووی بقوله:الصحیح الذی ذهب إلیه الفقهاء والخطیب وابن عبدالبرّ و غیرهم من المحدّثین هو: أنّ المنقطع ما لم یتصل إسناده علی أیّ وجه کان.

وأکثر ما یستعمل فی روایة مَنْ دون التابعی عن الصحابی کمالک بن أنس الفقیه، عن عبداللّه بن عمر.

وقیل : هو ما اختلّ منه راو قبل التابعی محذوفاً کان أو مبهماً کرجل .

[شماره صفحه واقعی : 103]

ص: 1557


1- الشهید الثانی: الرعایة فی علم الدرایة: ص135 و137.
2- نفس المصدر، وهذا یعرب عن وجود الفوضی فی اصطلاح الموقوف ونظیر ذلک لفظ «المنقطع».

وقیل: هو ماروی عن تابعی أو من دونه قولاً له أو فعلاً (1).

عرّفه الشهید الثانی بإسقاط شخص واحد من أسناده، وفی موضع آخر: بأنّه یطلق علی ماجاء عن التابعین _ وعلی حسب تعبیرنا _ تابع مصاحب المعصوم، وعند ذلک یتّحد مع المقطوع بالمعنی الأوّل(2) .

وقسّمه والد شیخنا بهاء الدین العاملی إلی المنقطع بالمعنی الأعمّ (یدخل فیه المعلّق والمرسل أیضاً) وإلی المنقطع بالمعنی الأخصّ . ق_ال :

«وهو ما لم یتّصل إسناده إلی معصوم علی أیّ وجه کان، و هو ستّة أقسام، لأنّ الحذف إمّا من الأوّل أو من الوسط أو من الآخر ،( والمحذوف) إمّا واحد أو أکثر».

1 _ 2 : ما حذف من أوّل إسناده واحد أو أکثر، وهو المعلّق، کما تقدّم عند البحث عن الصفات المشترکة.

3 _ 4 : المنقطع بالمعنی الأخصّ: وهو ما حذف من وسط إسناده واحد أو أکثر.

5 _ 6 : المرسل(3)( وسنبحث عنه مستقلاّ ً).

وعلی ذلک فالمنقطع ما حذف من وسط إسناده واحد أو أکثر، و قال بهاء الدین العاملی: أو سقط من وسطه واحد فمنقطع(4).

فالمنقطع بالمعنی الأخصّ أعمّ من أن یکون المحذوف واحداً أو أکثر

[شماره صفحه واقعی : 104]

ص: 1558


1- النووی: التقریب و التیسیر: 1/171.
2- الشهید الثانی: الرعایة فی علم الدرایة:ص135.
3- حسین بن عبد الصمد: وصول الأخیار إلی اُصول الأخبار: ص105 و 106.
4- بهاء الدین العاملی: الوجیزة: ص3.

عند والد بهاء الدین العاملی، ولکنه عند ولده یختصّ بما إذا کان المحذوف واحداً، ولعلّه الأولی حتی یتمیّز عن المعضل الذی یلیه.

4 _ المعضل:

عرّفه الشهید بأنّه : ماسقط من سنده أکثر من واحد، قیل: إنّه مأخوذ من قولهم أمر معضل، أی مستغلق شدید(1) ، وقال والد بهاء الدین العاملی: ما سقط من إسناده اثنان أو أکثر من الوسط أو الأوّل أو الآخر فهو عبارة عن الأقسام الثلاثة من الستّة المذکورة فی المنقطع(2).

والأولی ما ذکره بهاء الدین العاملی حیث خصّه بسقوط أکثر من واحد من وسط السند فقال:أو فی وسطها واحد فمنقطع أو أکثر فمعضل.

هذا ا(3)لاختلاف فی تفسیر هذه المصطلحات تعرب عن وجود الفوضی فی وضعها، و إنّ الاختلاف فی الاصطلاح یشوّش ذهن القارئ، ولو اکتفی فی کل واحد بالقدر المتیقّن کان أولی.

5 _ المُعَلّق:

وهو ما حذف من أوّل إسناده واحد فأکثر(4) علی التوالی، ونسب الحدیث إلی من فوق المحذوف من رواته، فإن علم المحذوف کما هو الحال

[شماره صفحه واقعی : 105]

ص: 1559


1- الشهید الثانی: الرعایة فی علم الدرایة: ص 137.
2- حسین بن عبد الصمد: وصول الأخیار إلی اُصول الأخبار: ص108.
3- بهاء الدین العاملی: الوجیزة: ص3.
4- النووی: التقریب والتیسیر: 1/181.

فی أغلب روایات الفقیه و التهذیبین فهو من الصفات المشترکة بین الأقسام الأربعة للخبر، والمعلّق بهذا المعنی هو الذی ذکرناه فی الفصل الماضی، وأمّا إذا لم یعلم المحذوف فهو من صفات الخبر الضعیف وهو المقصود فی المقام.

فعلی ذلک فالمصطلح_ات التالیة:1 _ الموق__وف، 2 _ المقط_وع، 3_المنقطع، 4 _ المعضل، 5 _ المعلّق اصطلاحات متقاربة المعنی، متمیّزات باُمور جزئیة، فیجب علی القارئ ممارسة المتمیّزات حتی لا یشتبه أحدهما علی الآخر، ونکمل تلک الاصطلاحات بسادسها وسابعها، و هما المضمر والمرسل، وإلیک بیانهما:

6 _ المُضْمَر:

وهو ما یقول فیه الصحابی أو أحد أصحاب الأئمة (علیهم السلام): سألته عن کذا، فقال: کذا، أو أمرنی بکذا، أو ما أشبه ذلک، ولم یسمّ المعصوم، ولا ذکر ما یدل علی أنّه المراد ، وهذا القسم غیر معروف بین العامّة، وکثیراً ما کان یفعله أصحابنا للتقیة، لعلم المخاطب بالإمام فی ذلک الخطاب(1).

وقال المامقانی: وهو ما یطوی فیه ذکر المعصوم فی ذلک المقام بالضمیر الغائب إمّا لتقیّة أو سبق ذکره فی اللفظة أو الکتابة، ثم عرض القطع لداع، کما لو قال: سألته، أوسمعته یقول، أو عنه، أو نحو ذلک(2).

والمعروف من المضمرات هی مضمرة سماعة، وربّما یری الإضمار فی أخبار زرارة ومحمّد بن مسلم، وسبب الإضمار هو التقیّة، ولذلک یعبّرون عن

[شماره صفحه واقعی : 106]

ص: 1560


1- الشیخ حسین بن عبد الصمد العاملی، وصول الاخیار، ص 101.
2- عبد اللّه المامقانی: مقباس الهدایة: ص47.

الإمام: بالعبد الصالح، والفقیه، والشیخ، وأمّا عروض الإضمار لأجل تقطیع الأخبار بمعنی أنّ سماعة کتب فی صدر سؤالاته اسم الإمام المسؤول، ثمّ عطف علیه بقیّة الأسئلة ، قوله: سألته عن کذا، ولمّا قام المحمّدون الثلاثة بجمع الروایات، نقلوها بنفس النصّ الموجود فی أصل سماعة من دون أن یصرّحوا بالحقیقة، فهذا أمر بعید عن المشایخ العارفین بوظیفة التحدیث، وأنّ هذا الإضمار بدون التعریف به یوجب سقوط الروایة عن الحجّیة، ولو کان الأمر کذلک کان علیهم التصریح بذلک فی دیباجة کتبهم، أو قلب الإضمار إلی التصریح کما هو الحال فی نظائرها کمضمرات عبداللّه بن جعفر الحمیری فی قرب الإسناد، فقد روها المشایخ فی کتبهم مصرّحة.

7 _ المُرْسَل:
اشارة

وهو مأخوذ من إرسال الدابّة، بمعنی رفع القید والربط عنها، فکأنّ المحدّث بإسقاط الراوی رفع الربط الذی بین رجال السند بعضهم ببعض، وفسّره الشهید بقوله: مارواه عن المعصوم من لم یدرکه سواء أکان الراوی تابعیّاً أم غیره، صغیراً أم کبیراً، وسواء أکان الساقط واحداً أم أکثر، وسواء رواه بغیر واسطة بأن قال التابعی: قال رسولاللّهصلَّی اللّه علیه و آله و سلَّم مثلاً، أو بواسطة نسیها بأن صرّح بذلک أو ترکها مع علمه بها، أو أبهمها کقوله عن رجل أو بعض أصحابنا أو نحو ذلک، و هذا هو المعنی العامّ للمرسل المتعارف بین أصحابنا (1).

و لایخفی أنّ المرسل بهذا الاعتبار یشمل المرفوع بالمعنی الأوّل من

[شماره صفحه واقعی : 107]

ص: 1561


1- الشهید الثانی: الرعایة فی علم الدرایة: ص136.

إطلاقیه المتقدمین(1) والموقوف والمعلّق والمقطوع والمنقطع والمعضل.

ولأجل ذلک خصّه بعضهم بمعنی آخر حتی یتمیّز عن غیره، و هو کلّ حدیث أسنده التابعی إلی النبی من غیر ذکر الواسطة، کما إذا قال سعید ابن جبیر: قال رسولاللّهصلَّی اللّه علیه و آله و سلَّم، وقدأکثر سعید بن المسیّب من قوله قال رسول اللّهصلَّی اللّه علیه و آله و سلَّم وقد عامل محدّثوا العامّة مراسیله معاملة المسند، فقال إمام الحرمین: والمرسل ما لم یتّصل إسناده، فإن کان من مراسیل غیر الصحابة فلیس بحجّة، إلاّ مراسیل ابن المسیّب، فإنّها فتّشت فوجدت مسانید(2).

الآراء فی حجیّة المرسل:

1 _ القبول مطلقاً; نسب إلی محمّد بن خالد البرقی والد أحمد مؤلّف المحاسن وربّما ینسب إلی الثانی، والأوّل أدرک الرضا والجواد _ علیهما السّلام_ وتوفّی الثانی عام 274 ه_ أو 280ه_ .

2 _ عدم القبول، وهو خیرة العلاّمة فی تهذیب الأُصول(3).

3 _ القبول إن کان الراوی ممّن عرف أنّه لا یرسل إلاّ مع عدالة الواسطة کمراسیل ابن أبی عمیر، وهو قول ثان للعلاّمة، وخیرة القمی فی قوانینه.

4 _ إن کان الراوی ممّن عرف أنّه لا یروی إلاّ عن ثقة فهو مقبول

[شماره صفحه واقعی : 108]

ص: 1562


1- المراد بالإطلاق الأوّل من إطلاقیه هو ما سقط من وسط سنده أو آخره واحد أو أکثر مع التصریح بلفظ الرفع کأن یقال:روی الکلینی عن علی بن إبراهیم،عن أبیه،رفعه إلی أبی عبد اللّه (علیه السلام).
2- عبد اللّه المامقانی: مقباس الهدایة: ص60، وتعلیق الرعایة: ص137.
3- العلاّمة: التهذیب: ص82 طبعة طهران عام 1308 ه_ ق.

مطلقاً، وإلاّ فیشترط أن لایکون له معارض من المسانید الصحیحة، وهو خیرة الشیخ الطوسی.

5 _ التوقف; وهو الظاهر من المحقّق(1).

6 _ التفریق بین حذف الواسطة وإسقاطه مع العلم به، وبین ذکره مبهماً،فیقبل فی الاُولی دون الثانیة.

7 _ تلک الصورة ولکن مع اسنادها إلی المعصوم جزماً; کما علیه الصدوق فی الفقیه حیث یقول : قال الصادق (علیه السلام)(2).

استدلّ القائل بالقبول مطلقاً بأنّ روایة العدل عن الأصل المسکوت عنه تعدیل له، لأنّه لو روی عن غیر العدل ولم یبیّن حاله لکان ذلک غشّاً وهو مناف للعدالة، ولکن ضعفه ظاهر، لأنّه إنّما یتمّ لو انحصر أمر العدل فی روایته عن العدل أو عن الموثوق بصدقه و هو ممنوع، وبذلک ظهر دلیل المانع مطلقاً. وأمّا دلیل الثالث فهو ما ذکر القمّی وقال: «إنّ الإرسال ممّن عرف بأنّه لا یرسل إلاّ عن ثقة»، کاشف عن اعتماده علی صدق الواسطة والوثوق بخبره، ولاریب أنّ ذلک یفید ظنّاً بصدق خبره وهو لا یقصر عن الظنّ الحاصل بصدق خبر الفاسق بعد التثبّت.

یلاحظ علیه : أنّه مبنی علی مبناه من حجّیة مطلق الظنّ، وهو خلاف التحقیق . ثم الظنّ فی المقیس علیه، أی الظنّ بصدق الفاسق بعد التثبّت لیس بحجّة ما لم یبلغ درجة التبیّن والإطمئنان العرفی.

وأمّا الرابع; فضعفه ظاهر بالإمعان فی الرد علی دلیل الثانی.

[شماره صفحه واقعی : 109]

ص: 1563


1- المحقّق: المعارج : ص92 طبعة طهران عام 1310 ه_ ق.
2- القمّی: القوانین: 1/478، والنوری: المستدرک: 3/718.

وأمّا الخامس; فهو کاشف عن تکافؤ الأدلّة فی نظر القائل وعدم ترجیح أحد الطرفین علی الآخر، والمهم هو السادس والسابع و موردهما مراسیل الفقیه، فقد ذهب غیر واحد من المحققین إلی حجّیتها فلا بأس بإفاضة الکلام فیه فنقول:

مراسیل الفقیه:

إنّ کتاب «من لا یحضره الفقیه» : یشتمل علی ثلاثة آلاف وتسعمائة وثلاثة عشر حدیثاً مسنداً، وعلی اَلْفَین وخمسین حدیثاً مرسلاً، والمراد من المرسل أعمّ ممّا لم یذکر فیه اسم الراوی بأن قال: روی، أو قال: قال علیه السلام، أو ذکر الراوی، أو صاحب الکتاب، و نسی أن یذکر طریقه إلیه فی المشیخة، وقد أحصی المجلسی الأوّل _ قدس سره _ هذا القسم الأخیر فی شرحه علی الفقیه فبلغ أزید من مائة وعشرین رجلاً، وأنّ أخبارهم تزید علی ثلاثمائة حدیث، فربّما یقال : بحجّیة القسم الثانی أعنی مانسبه إلی المعصوم بصورة الجزم وقال: قال الصادق _ علیهالسلام _ .

قال الفاضل التفریشی: إنّ قول العدل: قال رسول اللّهصلَّی اللّه علیه و آله و سلَّم یشعر باذعانه بمضمون الخبر بخلاف ما لو قال حدّثنی فلان.

وقال السید بحرالعلوم، قیل: إنّ مراسیل الصدوق فی الفقیه کمراسیل ابن أبی عمیر فی الحجّیة و الإعتبار، وإنّ هذه المزیّة من خواصّ هذا الکتاب لاتوجد فی غیره من کتب الأصحاب.

وقال بهاء الدین العاملی فی شرح الفقیه _ عند قول المصنّف: وقال الصادق جعفر بن محمّد (علیهما السلام): کل ماء طاهر حتی تعلم أنّه قذر : هذا

[شماره صفحه واقعی : 110]

ص: 1564

الحدیث کتالیه من مراسیل المؤلّف _ رحمه اللّه _ وهی کثیرة فی هذا الکتاب، زید علی ثلث الأحادیث الموردة فیه، وینبغی أن لا یقصر الإعتماد علیها من الإعتماد علی مسانیده من حیث تشریکه علی النوعین فی کونه ممّا یفتی به ویحکم بصحّته، ویعتقد أنّه حجة بینه وبین ربّه سبحانه، بل ذهب جماعة من الاُصولیّین إلی ترجیح مرسل العدل علی مسانیده محتجّین بأنّ قول العدل: قال رسول اللّهصلَّی اللّه علیه و آله و سلَّم کذا، یشعر بإذعانه بمضمون الخبر، بخلاف ما لو قال حدّثنی فلان عن فلان، أنّه قالصلَّی اللّه علیه و آله و سلَّم کذا .

وقال المحقّق الداماد فی الرواشح _ فی ردّ من استدل علی حجّیة المرسل مطلقاً_: بأنّه لو لم یکن الوسط الساقط عدلاً عند المرسل لما ساغ له إسناد الحدیث إلی المعصوم ... قال : إنّما یتمّ ذلک إذا کان الإرسال بالإسقاط رأساً والإسناد جزماً، کما لو قال المرسل: قال النبی (صلی الله علیه وآله وسلم)أو قال الإمام (علیه السلام)ذلک، وذلک مثل قول الصدوق فی الفقیه، قال (علیه السلام): الماء یطهّر ولایطهر، إذ مفاده الجزم أو الظنّ بصدور الحدیث عن المعصوم فیجب أن تکون الوسائط عدولاً فی ظنّه، وإلاّ کان الحکم الجازم بالإسناد هادماً لجلالته وعدالته.

وقال المحقّق سلیمان البحرانی فی البلغة _ فی جملة کلام له فی اعتبار روایات الفقیه_: بل رأیت جمعاً من الأصحاب یصفون مراسیله بالصحة، ویقولون: إنّها لا تقصر عن مراسیل ابن أبی عمیر، منهم العلاّمة فی المختلف والشهید فی شرح الإرشاد والسیّد المحقّق الداماد .

ولعلّ ا(1)لتفصیل الأخیر أق_رب .

[شماره صفحه واقعی : 111]

ص: 1565


1- المحدّث النوری: مستدرک الوسائل: 3/718.

هذا هو المرسل لدی الشیعة وعلیه أهل السنّة أیضاً، فعرّفوه بأنّه ما سقط منه الصحابی، کقول نافع: قال رسول اللّهصلَّی اللّه علیه و آله و سلَّم کذا، أو «فعل کذا»، أو«فعل بحضرته کذا»، ونحو ذلک(1) وفی الحقیقة إنّ مرفوع التابعی هو المرسل عندهم، وقد عدّوه من أقسام الضعیف، واتّفقوا علی أنّه لیس حجّة فی الدین، قالوا:

« هذا هو الرأی الذی استقرّ علیه حفّاظ الحدیث، ونُقّاد الأثر، وتداولوه فی تصانیفهم».

ومع ذلک نری أنّهم یحتجّون بمراسیل الصحابة، فلا یرونها ضعیفة بحجّة أنّ الصحابی الذی یروی حدیثاً لم یتیسّر له سماعه بنفسه من رسول اللّهصلَّی اللّه علیه و آله و سلَّم غالباً ما تکون روایته له عن صحابی آخر قد تحقّق أخذه عن الرسول، فسقوط الصحابی الآخر من السند لا یضرّ، کما أنّ جهل حاله لا یضعّف الحدیث، فثبوت شرف الصحبة له کاف فی تعدیله.

وفی الصحیحین من مراسیل الصحابة ما لا یحصی، لأنّ أکثر روایاتهم عن الصحابة، وکلّهم عدول(2).

یلاحظ علیه: أنّ القول بأنّ الصحابة کلّهم عدول مخالف للذکر الحکیم، والسنّة المتواترة عن النبی الأکرم (صلی الله علیه وآله وسلم)حول أصحابه، فقد کان فی الصحابة منافقون، ومرضی القلوب ، والسمّاعون لکلّ ناعق و إلی غیر ذلک ممّا یجده الإنسان فی الذکر الحکیم. وقد أخبر النبی الأکرم (صلی الله علیه وآله وسلم)بذلک حسب ما رواه البخاری فی صحیحه: انّ رسول اللّه (صلی الله علیه وآله وسلم)قال : « بینما أنا قائم علی

[شماره صفحه واقعی : 112]

ص: 1566


1- القاسمی جمال الدین الشامی: قواعد الحدیث:ص 114.
2- السیوطی:تدریب الراوی: 1/171، صبحی الصالح: علوم الحدیث ومصطلحه: ص168.

الحوض إذا زمرة، حتی إذا عرفتهم، خرج رجل من بینی و بینهم، فقال: هَلُمّ! فقلت: أینَ؟ فقال : إلی النار واللّه، فقلت: ما شأنهم؟ قال: إنّهم قد ارتدّوا علی أدبارهم القهقری، ثم إذا زمرة اُخْری، حتی إذا عرفتهم، خرج رجل من بینی و بینهم، فقال: هَلُمّ ! فقلت: إلی أین؟ قال:إلی النار واللّه، قلت: ما شأنهم؟ قال: إنّهم قد ارتدّوا علی أدبارهم، فلا أراه یخلص منهم إلاّ همل النعم»(1).

إنّ أهل السنّة بنوا مذهبهم فی الاُصول والفروع علی أقوال الصحابة والتابعین، فأدّاهم القول بذلک الی تنزیه الصحابة کلّهم، وسیوافیک أنّ عددهم یزید علی مائة ألف، فمعنی ذلک أنّ رؤیة النبی کانت إکسیراً محوّلاً لکل إنسان وإن کان فی الدرجة السافلة من الدین والخلق و سائر المثل، إلی إنسان عادل مثالی، وهو شیء عجیب، ولیس لهم مناص عن ذلک، لأنّ القول بخلافه یستلزم انهیار المذهب السنّی، فأسّسوا ذلک الأصل ، لصیانة مذهبهم !(2).

8 _ المُعَلّل :
اشارة

وله إطلاقان :

أحدهما :

ما یختصّ بالفقهاء وهو ما ذکر فیه علّة الحکم، کتعلیل حرمة الخمر بالإسکار، و غسل الجمعة برفع روائح الاباط، وهو خارج عن المقصود

[شماره صفحه واقعی : 113]

ص: 1567


1- الجزری _ ابن الأثیر _: جامع الأُصول:11 ص121، و «همل النعم» کنایة عن أنّ الناجی عدد قلیل، وقد اکتفینا من الکثیر بالقلیل، ومن أراد الوقوف علی ما لم نذکره فلیرجع إلی «جامع الاُصول».
2- والحقّ تصنیف الصحابة إلی أصناف مختلفة بین صالح وطالح، و عادل وغیره.

فی المقام.

وثانیهما:

ما علیه اصطلاح المحدّثین، فإنّهم یطلقونه علی حدیث اشتمل علی أمر خفی غامض فی متنه أو سنده، و هو فی نفس الأمر قادح فی اعتباره، مع کون ظاهره السلامة(1) فعندئذ فهو مأخوذ من العلّة بمعنی المرض، کما أنّ الإطلاق الأوّل مأخوذ من العلّة بمعنی السبب.

و معرفة المعلّل وتمییزه من أجلّ أنواع علوم الحدیث وأشرفها و أوثقها. قال الشهید : وإنّما یتمکّن من معرفة ذلک أهل الخبرة بطریق الحدیث ومتونه، ومراتب الرواة الضابطة لذلک، و أهل الفهم الثاقب فی ذلک، ویستعان علی إدراکها بتفرّد الراوی بذلک الطریق، أو المتن الذی تظهر علیه قرائن العلّة، وبمخالفة غیره له فی ذلک مع انضمام قرائن تنبّه العارف علی تلک العلّة من إرسال فی الموصول، أو وقف فی المرفوع، أو دخول حدیث فی حدیث، أو وهم واهم أو غیر ذلک من الأسباب المعلّة للحدیث، بحیث یغلب علی الظنّ ذلک و لا یبلغ الیقین، و إلاّ لحقه حکم ما تیقّن من إرسال أو غیره.. إلی أن قال: إنّ هذه العلّة توجد فی کتاب التهذیب متناً و إسناداً بکثرة(2).

9 _ المُدَلّس:

المدلّس _ بفتح اللام _ إذا وقع صفة للحدیث ، وبکسره إذا وقع وصفاً للمحدّث، وحاصله إخفاء العیب الموجود فی السند، و هو قسمان:

[شماره صفحه واقعی : 114]

ص: 1568


1- النووی: التقریب والتیسیر: 1/211.
2- الشهید الثانی: الرعایة فی علم الدرایة: ص141 _ 142، ولو صحّ ما ذکره فی التهذیب لزم عدم جواز العمل بروایاته إلاّ بعد الفحص عن سنده ومتنه.

أ _ أن یروی عمّن لقیه أو عاصره ما لم یسمع منه، علی وجه یوهم أنّه سمعه منه، کأن یقول: قال فلان أو عن فلان، و التقیید باللقاء والمعاصرة لإخراج مالو لم یلقه ولم یعاصره، فإنّ الروایة عنه لیس تدلیساً لوجود القرینة وهو عدم التعاصر إذا کان واضحاً.

ب _ أن لایسقط شیخه الذی أخبره و لا یوقع التدلیس فی أوّل السند، ولکن یسقط من بعده رجلاً ضعیفاً أو صغیر السن لیحسن الحدیث باسقاطه(1) ، هذا إذا لم یذکر ما هو صریح فی السماع بلا واسطة، کما إذا قال حدّثنا أو أخبرنا . فإنّه یکون کذباً والمحدّث کذّاباً.

ثم إنّ للتدلیس قسماً آخر یسمّی التدلیس فی الشیوخ، لا فی نفس الإسناد، بأن یروی عن شیخ حدیثاً سمعه منه، ولکن لایحبّ معرفة ذلک الشیخ لغرض من الأغراض، فیسمّیه أو یکنّیه باسم أو کنیة غیرمعروف بهما، و هذا أخفُّ ضرراً من الأوّل و ربّما یکون معذوراً فی ترک التسمیة.

وقد عرف سفیان بن عیینة بالتدلیس، قال علی بن حشرم: کنّا عند سفیان بن عیینة فقال: قال الزهری کذا، فقیل له: أسمعت منه هذا؟ قال: حدّثنی به عبدالرزاق عن معمّر عنه، فسفیان قد عاصر الزهری و لقیه، ولکنه لم یأخذ عنه فیصحّ سماعه منه، وإنّما أخذ عن عبد الرزاق وعبدالرزاق أخذ عن معمّر ومعمّر أخذ عن الزهری، فالتدلیس هنا إسقاط سفیان شیخیه بإیراده الحدیث بصیغة تُوهم سماعه من الزهری مباشرة(2).

[شماره صفحه واقعی : 115]

ص: 1569


1- النووی: التقریب و التیسیر: 1/186 مع شرحه: تدریب الراوی، وفی الأوّل «وفی الصحیحین وغیرهما من هذا الضرب کثیر کقتادة و السفیانین وغیرهم».
2- صبحی الصالح: علوم الحدیث ومصطلحه:ص174.

وعلی کل تقدیر; فهل یقبل حدیث المدلّس أم لا ؟ فیه تفصیل(1).

إذ لاشکّ أنّ القسم الأوّل من التدلیس مذموم جداً لما فیه من إیهام اتصال السند مع کونه مقطوعاً حتی قال بعضهم: التدلیس أخو الکذب، إنّما الکلام فی جرح فاعله بذلک، بمعنی أنّه إذا عرف بالتدلیس ثم روی: حدّثنا (فی غیر مادلس به) ففی قبوله قولان:

1 _ لایقبل مطلقاً، وقیل لایجرح بذلک بل ما علم فیه التدلیس یردّ وما لم یعلم فلا، لأنّ المفروض کونه ثقة بدونه، والتدلیس لیس کذباً بل تمویهاً.

2 _ التفصیل، وهو قبول حدیثه إن صرّح بما یقتضی الإتصال کحدّثنا أو أخبرنا، دون المحتمل للأمرین ، کما إذا قال: عن فلان، أو قال فلان، بل حکمه حکم المرسل.

ومرجع هذا التفصیل إلی أنّ التدلیس غیر قادح فی العدالة ولکن تحصل الریبة فی إسناده لأجل الوصف، فلا یحکم باتصال سنده إلاّ مع إتیانه بلفظ لایحتمل التدلیس بخلاف غیره، فإنّه یحکم علی سنده بالاتصال عملاً بالظاهر حیث لامعارض له.

یلاحظ علیه: أنّه إذا کثر التدلیس من راو واحد فی مظانّ مختلفة،فهذا ربّما یسلب ثقة الإنسان بالراوی، فلأجل ذلک ربّما تکون أدلّة حجّیة الخبر منصرفة عن ذلک، وهذا بخلاف ما إذا قلّ التدلیس، فالتفصیل هو المتّبع، لکن بهذا المعنی.

وأمّا القسم الثانی، فقال الشهید: إنّ فیه تضییعاً لحقّ المروی عنه

[شماره صفحه واقعی : 116]

ص: 1570


1- لاحظ الشهید الثانی: الرعایة فی علم الدرایة: ص145، والمامقانی: مقباس الهدایة:ص66.

وتوعیراً لطریق معرفة حاله فلا ینبغی للمحدّث فعل ذلک، ونقل: إنّ الحامل لبعضهم علی ذلک کان منافرة بینهما اقتضته ولم یسع له ترک حدیثه صوناً للدین _ وقال الشهید _: وهو عذر غیر واضح.

ولعلّ الوجه فی عدم وضوحه أنّ الخبر لوکان متضمّناً لحکم اللّه، وکانت التعمیة بالمروی عنه سبباً لردّ الخبر، فإنّ ذلک ینجرّ إلی إخفاء حکم اللّه، خصوصاً فیما إذا کان الشیخ ثقة عند الناس(1) ومن حسن الحظّ ندرته وندرة القسم الأوّل فی أخبارنا معاشر الإمامیة.

10 _ المُضطرب:

وهو کلّ حدیث اختلف فی متنه أو سنده فروی مرة علی وجه، واُخری علی وجه آخر مخالف له، سواء أ وقع الاختلاف من راو واحد أم من رواة متعددین أم من المؤلّفین أم من ناسخی الکتب بحیث یشتبه الواقع.

قال النووی : هو الذی یروی علی أوجه مختلفه متقاربة، ویقع فی الإسناد تارة و فی المتن اُخری، وفیهما من راو واحد أو جماعة(2).

ثم إنّ الإضطراب یقع تارة فی السند و اُخْری فی المتن، أمّا الأوّل: فبأن یرویه الراوی تارة عن أبیه عن جده، و اُخری عن جدّه بلا واسطة ،وثالثة عن ثالث غیرهما.

وأمّا الثانی: فبأن یروی حدیث بمتنین مختلفین، و مثاله فی روایاتنا خبر اختبار الدم عند اشتباهه بالقرحة، بخروجه من الجانب الأیمن فیکون

[شماره صفحه واقعی : 117]

ص: 1571


1- عبد اللّه المامقانی: مقباس الهدایة: ص66.
2- النووی: التقریب والتیسیر: 1/220.

حیضاً، أو بالعکس، فرواه فی الکافی بالأوّل(1) ورواه الشیخ _ علی ما فی بعض نسخ التهذیب _ بالثانی(2).

والعجب أنّ السید أحمد ابن طاووس مؤلّف « البشری» سمّاه تدلیساً، وهو لیس منه قطعاً. ومن المضطرب قسم لم یذکره علماء الدرایة، وهو أن تکون الروایة غیر منسجمة من حیث التعبیر عن المرام، بمعنی أنّه قدّم ما حقّه التأخیر وأخّر ما حقّه التقدیم، ولعلّ هذا یرجع إلی عدم ضابطیة الراوی. نجد نظیر ذلک الاضطراب فی الرواة البعداء عن العربیة وعن الثقافة المعروفة فی ذلک الزمان.

11 _ المقلوب:

وهو یتحقّق فیما ورد حدیث بطریق معلوم، ولکن ربّما یرویه راو بغیر ذلک الطریق، إمّا بمجموع الطریق أو ببعض رجاله بأن یقلب بعض رجاله خاصّة حتّی یکون أجود منه لیرغب فیه(3).

12 _ المهمل:

وهو الحدیث المروی بسند فیه راو معنْوَن فی کتب الرجال ولکن لم یحکم علیه بشیء من المدح والذم.

[شماره صفحه واقعی : 118]

ص: 1572


1- الکلینی: الکافی: 3/94. قال: فإن خرج الدم من الجانب الأیمن فهو من الحیض، وإن خرج من الجانب الأیسر فهو من القرحة.
2- الطوسی: التهذیب: 1/385. قال: فإن خرج الدم من الجانب الأیسر فهو من الحیض، وإن خرج من الجانب الأیمن فهو من القرحة.
3- الشهید الثانی: الرعایة فی علم الدرایة: ص150.

وفسّره المامقانی بقوله: «وهو ما لم یذکر بعض رواته فی کتب الرجال ذاتاً أو وصفاً»، والظاهر أنّ القسم الأوّل داخل فی المجهول الذی نشیر إلیه.

13 _ المجهول:

وهو ما لم یعنْون فی کتب الرجال، أو عنْون ولکن لم یعرف ذاته وحکم علیه بالجهالة، وعرّفه المامقانی بقوله: «وهو ما ذکر رجاله فی کتاب الرجال، ولکن لم یعلم حال البعض أو الکلّ من حیث العقیدة».

ولأجل کون المقصود ما ذکرناه لا ما ذکره انتقد علی الشیخ المامقانی اکثاره فی کتابه تنقیح المقال فی علم الرجال من قوله: «مجهول» لا سیّما فی فهرس تنقیح المقال، فإنّ الناظر فیه لا یری إلاّ المجاهیل، مع أنّ المحقّق الداماد عقد الراشحة الثالثة عشرة من رواشحه فی معنی المجهول وأثبت أنّه لا یجوز إطلاق المجهول الاصطلاحی إلاّ من حکم بجهالته أئمّة علم الرجال، فمع عدم الظفر بشیء من ترجمة أحواله، لا یجوز التسارع علی الراوی بالحکم بالجهالة(1) وعلیه فالمجهول مختصّ بمن حکم علیه بالجهالة بالحمل الشائع بأنه لم یعرف رأساً.

إلاّ أن یکون للمحقق المامقانی اصطلاح خاصّ فی المجهول کما ربّما یدّعی.

14 _ الموضوع:
اشارة

وهو المکذوب المختلق المصنوع وهو شرّ الضیعف(2)، بمعنی أنّ

[شماره صفحه واقعی : 119]

ص: 1573


1- الطهرانی، الذریعة:4/466 برقم 2070.
2- النووی: التقریب والتیسیر: 1/231.

الراوی اختلقه، لا مطلق حدیث الکذوب، فإنّ الکذوب قد یصدق، ولا تحلّ روایته للعالم بوضعه، من غیر فرق بین الأحکام والمواعظ، إلاّ بالتصریح بکونه مختلقاً بخلاف غیره من الضعیف، فإنّه تجوز روایته مع التصریح بالمصدر إجمالاً أو تفصیلاً.

ثمّ إنّ السبب لوضع الحدیث لا ینحصر فی أمر أو أمرین، فربّما یکون السبب کسب الشهرة والمکانة بین الناس، واُخری نصرة المذهب، وثالثة التقرّب إلی الملوک وأبناء الدنیا، فقد روی أنّ غیاث بن إبراهیم دخل علی المهدیّ بن المنصور، وکان یعجبه الحمام، فروی حدیثاً عن النبی أنّه قال: «لا سبق إلاّ فی خفّ أو حافر أو نصل أو جناح»(1) إلی غیر ذلک من الدوافع إلی الکذب والجعل. بقیت هنا کلمة هی:

ما هو السبب فی شیوع الأحادیث الموضوعة؟

إنّ أصحاب الصحاح والسنن صرّحوا بأنّهم أخرجوا أحادیثهم من بین أحادیث کثیرة هائلة، فقد أتی أبو داود فی سننه بأربعة آلاف وثمانمائة حدیث، وقال: انتخبتها من خمسمائة ألف حدیث، ویحتوی صحیح البخاری من الخالص بلا تکرار ألف حدیث وسبعمائة وواحد وستین حدیثاً، اختاره من زهاء ستمائة ألف حدیث، وفی صحیح مسلم أربعة آلاف حدیث اُصول دون المکرّرات، صنّفها من ثلاثمائة ألف حدیث، وذکر أحمد بن حنبل فی مسنده ثلاثین ألف حدیث، وقد انتخبها من أکثر من

[شماره صفحه واقعی : 120]

ص: 1574


1- عبد اللّه المامقانی: تنقیح المقال فی علم الرجال، حاکیاً عن «ربیع الابرار» للزمخشری، و «جامع الأُصول» لابن الأثیر.

سبعمائة وخمسین ألف حدیث، وکان یحفظ ألف ألف حدیث! وکتب أحمد ابن الفرات المتوفّی عام 258ه_، ألف ألف وخمسمائة ألف حدیث، فأخذ من ذلک ثلاثمائة ألف فی التفسیر والأحکام والفوائد وغیرها(1).

هذه الکمیّات الهائلة تعرب عن کثرة الدسّ والوضع والکذب والتقوّل علی رسول اللّه بعد رحلته، وأنّ أعداء الدین _ خصوصاً الیهود والنصاری والمستسلمة منهم _ أدخلوا فی الشریعة الإسلامیة ما لیس منها، وکان للیهود المتظاهرین بالإسلام دور کبیر فی بثّ هذه الروایات، کما کان للمتزلّفین إلی أصحاب السلطة دور عظیم.

إنّ المنع عن کتابة الحدیث قرابة قرن و نصف، ثمّ اندفاع العالم الإسلامی فجأة إلی کتابتها أوجد أرضیّة صالحة للکذب والوضع، وفسح للأحبار والرهبان التحدّث ببدع یهودیّة وسخافات مسیحیّة وأساطیر مجوسیّة إلی أن اغترّ السُذَّج من المسلمین، فزعم أحمد بن حنبل أنّ الکرامة هو حفظ ألف ألف حدیث، و تخیّل البخاری أنّ الفضیلة فی حفظ خمسمائة ألف حدیث. ومن أمعن فی حیاة الرسول (صلی الله علیه وآله وسلم)فی مکّة المعظّمة والمدینة المنوّرة وما کان یقوم به من أعباء الرسالة ، والجهاد ضد المشرکین والمنافقین، وعقد المواثیق مع القبائل ورؤساء البلدان، یقف علی أنّ الزمان الذی کان للنبی التحدّث فیه، أقلّ بکثیر من أن یسعه التحدث بهذه الأباطیل، بل لا یبلغ لبیان معشارها.

«وقد کانت الکتب قبل تدوین الصحاح مجموعة ممزوجاً فیها الصحیح بغیره، وکانت الآثار فی عصر الصحابة وکبار التابعین غیر مدوّنة

[شماره صفحه واقعی : 121]

ص: 1575


1- عبد الحسین الأمینی: الغدیر: 5/292 _ 293 ، وقد ذکر مصادر هذه النقول فی کتابه.

ولا مرتّبة، ولأنّهم کانوا نهوا أوّلاً عن کتابتها _ کما ثبت فی صحیح مسلم _ خشیة اختلاطها بالقرآن، ولأنّ أکثرهم کان لا یحسن الکتابة، فلمّا انتشر العلماء فی الأمصار وکثر الابتداع دوّنت ممزوجة بأقوال الصحابة وفتاوی التابعین وغیرهم، فأوّل من جمع ذلک ابن جریج بمکّة، و ابن اسحاق أو مالک بالمدینة...»(1).

وقد أشار فی کلامه إلی بعض أسباب الجعل، ولم یشر إلی وجود الأحبار والرهبان بین المسلمین الذین أشاعوا الأکاذیب والأباطیل، وصرّح بأنّ التدوین کان فی عصر ابن جریج ومن بعده، وهو من محدّثی القرن الثانی فی العصر العباسی توفّی عام 150ه_.

ولیس الموضوع مختصّاً بأحادیث أهل السنّة وإن کان الوضع فیها أکثر، فقد وضع الغلاة من فرق الشیعة أحادیث باطلة ذکرها أصحاب الرجال فی معاجمهم کمحمد بن أبی زینب المعروف بأبی الخطاب، حتّی قال أبو عمرو الکشّی: قال الفضل بن شاذان فی بعض کتبه: الکذّابون المشهورون: أبو الخطاب ویونس بن ظبیان، ویزید الصائغ وأبو سمیّة(2).

ولأجل تمحیص السنّة النبویّة عن الموضوعات، قام غیر واحد من المحقّقین بتألیف کتب حول الموضوعات، فقام الحسن بن محمد المعروف بالصاغانی (577 _ 650ه_) بتألیف کتاب أسماه «الدرّ الملتقط فی تبیین الغلط» کما قام أبو الفرج ابن الجوزی (508 _ 597ه_) بذکر أحادیث موضوعة أثبت وضعها، أسماه ب_ «کتاب الموضوعات» ، کما قام بعدهما

[شماره صفحه واقعی : 122]

ص: 1576


1- السیوطی: تدریب الراوی:1 /66.
2- الشهید الثانی: الرعایة فی علم الدرایة: ص160 مع التعلیق.

جلال الدین السیوطی (849 _ 911ه_) فألّف کتابه المعروف ب_ «اللئالی المصنوعة فی الأحادیث الموضوعة» وقد طبع فی جزئین.

والعجب أنّ السیوطی یصف الموضوع المختلق علی لسان رسول اللّه باللؤلؤ، و هذا یدل علی حرص الرجل علی جمع الخبر والأثر، و إن ثبت کذبه ووضعه.

وقام شیخنا المجیز الشیخ محمد تقی التستری _ دام ظله _ بتألیف کتاب حول الروایات الدخیلة فی کتب أصحاب الإمامیّة أسماه ب_ «الأحادیث الدخیلة».

قال النووی: و الواضعون أقسام أعظمهم ضرراً قوم ینسبون إلی الزهد وضعوه حسبة _ فی زعمهم _ فقبلت موضوعاتهم ثقة بهم، وجوّزت الکرامیة الوضع فی الترغیب والترهیب، ووضعت الزنادقة جملاً، ومن الموضوع الحدیث المروی عن أبی بن کعب فی فضل القرآن سورة سورة، وقد أخطأ من ذکره من المفسّرین وقال السیوطی: قیل لأبی عصمة نوح بن أبی مریم: من أین ذلک؟ عن عکرمة؟ عن ابن عباس فی فضائل القرآن سورة سورة؟ ولیس عندأصحاب عکرمة هذا، فقال: إنّی رأیت الناس قد أعرضوا عن القرآن واشتغلوا بفقه أبی حنیفة و مغازی ابن إسحاق، فوضعت هذا الحدیث حسبة(1).

«ومن أصحاب الأهواء، الفقهاء الذین یتصدّون للدفاع عن مذاهبهم

[شماره صفحه واقعی : 123]

ص: 1577


1- السیوطی _ جلال الدین _: تدریب الراوی وهو شرح للتقریب والتیسیر للنواوی: 1/ 238_241.

زوراً وبهتانًا فیشحنون کتبهم بالموضوعات سواء اختلقوها بأنفسهم أم اختلقها الوضّاعون خدمة لهم وتأییداً لهواهم، وقد تبلغ بهم الجرأة حد الخلط بین أقیستهم وأحادیث الرسول، فیضعون فیها عبارات أقیستهم التی وصلوا إلیها باجتهادهم، فغالباً ما یکون هؤلاء الفقهاء من مدرسة الرأی التی تعتنی بالقیاس عنایة خاصة. قال القرطبی: استجاز بعض فقهاء أهل الرأی نسبة الحکم الذی دلّ علیه القیاس الجلیّ إلی رسول اللّهصلَّی اللّه علیه و آله و سلَّم، ولهذا تری کتبهم مشحونة بأحادیث تشهد متونها بأنّها موضوعة، لأنّها تشبه فتاوی الفقهاء، ولأنّهم لا یقیمون لها سنداً»(1).

اکمال :

إذا وجدت حدیثاً بإسناد ضعیف فلک أن تقول : هذا الحدیث ضعیف سنداً أو متناً، ولیس لک أن تصفه بأنّه موضوع، أو مختلق، للفرق الواضح بین المکذوب ومطلق الضعیف،فالمختلق لا یجوز نقله بخلاف الضعیف، وإنّ الأخبار الضعیفة ربّما تکون قرینة لفهم الصحاح کما ربّما یحصل من تراکمهااطمئنان بالمضمون... إلی غیر ذلک من الفوائد المحرّرة فی محلها.

خاتمة المطاف فی تفسیر الصحابة و الموالی:
اشارة

تکرّر لفظ «الصحابة» فی التقسیمات الرائجة، فالأولی تعریفه وتحدیده.

[شماره صفحه واقعی : 124]

ص: 1578


1- صبحی الصالح: علوم الحدیث ومصطلحه: ص287.
1 _ من هو «الصحابی»؟

اختلف فی حد الصحابی فالمعروف عند المحدّثین: إنّه کل مسلم رأی رسول اللّهصلَّی اللّه علیه و آله و سلَّم، وقال بعضهم: إنّه من طالت مجالسته علی طریق التبع.

وعن سعید بن المسیب: إنّه لا یعدّ صحابیاً إلاّ من أقام مع رسول اللّهصلَّی اللّه علیه و آله و سلَّم سنة أو سنتین أو غزا معه غزوة أو غزوتین، فان صحّ عنه فضعیف، ومقتضی ذلک أن لا یعد جریر البجلی وشبهه صحابیاً و لا خلاف أنّهم أصحابه.

ثم تعرف صحبته بالتواتر و الاستفاضة، أو قول صحابی أو قوله إذا کان عدلاً.

وأکثر الصحابة حدیثاً: أبو هریرة ثم ابن عمر، وابن عبّاس، وجابر بن عبداللّه، وأنس بن مالک، وعائشة(1).

قال السیوطی: روی أبو هریرة 5374 حدیثاً و هو أحفظ الصحابة، وروی عبداللّه بن عمر2630 حدیثاً، و روی ابن عباس 2660 حدیثاً، وروی جابر بن عبداللّه 2540 حدیثاً، وروی مالک 2286 حدیثاً، وروت عائشة 2210 حدیثاً.

وقال : ولیس فی الصحابة من یزید حدیثه علی ألف غیر هؤلاء إلاّ أبا سعید الخدری فإنّه روی 2170 حدیثاً.

ثم قال النووی: و أکثرهم فتیا تروی: ابن عباس.

[شماره صفحه واقعی : 125]

ص: 1579


1- النووی: التقریب والتیسیر:2/186 _ 192.

وعن مسروق قال: انتهی علم الصحابة إلی ستة: عمر، و علی، وأُبیّ، وزید، وأبی الدرداء، و ابن مسعود، ثم انتهی علم الستة إلی علی و عبداللّه .

ومن الصحابه العبادلة وهم: ابن عمر، و ابن عباس، و ابن الزبیر، وابن عمرو بن العاص، و لیس ابن مسعود منهم، و کذا سائر من یسمّی عبداللّه، و هم نحو مائتین و عشرین(1).

2 _ عدد الصحابة:

قال أبو زرعة الرازی: قبض رسول اللّهصلَّی اللّه علیه و آله و سلَّم عن (114000) ممّن روی عنه و سمع منه، واختلف فی عدد طبقاتهم باعتبار السبق إلی الإسلام أوالهجرة، فجعلهم ابن سعد خمس طبقات، و جعلهم الحاکم اثنتی عشرة طبقة(2).

ولاشک أنّ علیّاً صحب النبی (صلی الله علیه وآله وسلم)منذ نعومة أظفاره إلی أن فارق الحیاة وهو فی حجر علی (علیه السلام)وهو أحفظ الصحابة وأعلمهم باتفاق من الصحابة و غیرهم، و مع ذلک لا یتجاوز عدد روایاته فی کتب أهل السنّة عن 500 حدیث تقریباً(3). فما هو السبب فی قلّة روایاته و کثرة روایات أبی هریرة الدوسی الذی لم یصاحب النبی إلاّ ثلاث سنوات و بضعة أشهر؟ نحن لا ندری ولکن القارئ أدری!!

[شماره صفحه واقعی : 126]

ص: 1580


1- السیوطی: تدریب الراوی:2/192.
2- النووی: التقریب والتیسیر مع شرحه:2/194 _ 195. ومن أراد الوقوف علی تلک الطبقات فلیرجع إلی شرحه تدریب الراوی.
3- شرف الدین: أبو هریرة.
3 _ المول_ی:

قد استعملت کلمة «المولی» فی الکتب الرجالیة فنقول:

إنّ کلمة المولی تستعمل ویراد منها من له ولاء مع غیره لواحد من أقسام الولاء:

1 _ ولاء العتق، یقال مولی فلان ویراد مولی عتاقه و هو الغالب.

2 _ ولاء الاسلام، کالبخاری مولی الجعفیّین لأنّ جدّه کان مجوسیّاً فأسلم علی ید الیمان الجعفی، وکذلک الحسن الماسرجسی مولی عبداللّه بن المبارک، کان نصرانیّاً فأسلم علی یدیه.

3 _ ولاء الحلف، کمالک بن أنس وهو وعدّة معه( الاصبحیون) موالی لتیم قریش بالحلف.

4 _ ولاء القبیلة، کأبی البختری الطائی التابعی مولی طی، وأبو العالیة الریاحی التابعی مولی امرأة من بنی ریاح(1).

5 _ وقد یطلق ویراد منه غیر العرب، و هو أیضاً کثیر الاستعمال فی لسان الرجالیّین فیقولون :« العرب والموالی».

[شماره صفحه واقعی : 127]

ص: 1581


1- النووی: التقریب والتیسیر:2 /333 _ 334.

[شماره صفحه واقعی : 128]

ص: 1582

الفصل الخامس : من تقبل روایته و من تردّ

اشارة

شرائد قبول الروایة

1. الإسلام

2. العقل

3. البلوغ

4. الإیمان

5. العدالة

6. الضبط

الدلائل الثلاثة علی حجیّة خبر الواحد:

بناء العقلاء، آیة النبأ، الأخبار الّتی تدلّ علی حجّیة قول الثقة، إرجاع الناس إلی أشخاص ثقات، ما دلّ علی وجوب الرجوع إلی الثقات والصادقین، ما یتضمّن عرض کتب الأصحاب علی الإمام وهو یترحّم علی الکاتب ویمضی العمل به .

[شماره صفحه واقعی : 129]

ص: 1583

[شماره صفحه واقعی : 130]

ص: 1584

من تُقْبَل روایته و من تُرَدّ
اشارة

إنّ معرفة من تقبل روایته و من تردّ من أهمّ مباحث علم الحدیث و أتمّها نفعاً، لأنّ بها یحصل التمییز بین الحجّة واللاحجّة، والکافل لها أمران:

1 _ تبیین الضابطة الکلیّة فی المقام.

2 _ تطبیق تلک الضابطة علی مواردها.

والمتکفّل لبیان الأمر الأوّل هو علم الدرایة، و للثانی علم الرجال، ولأجل ذلک نبحث هنا عن الضابطة الکلّیة للحجّیة.

أقول: إنّهم شرطوا لقبول خبر الواحد فی الراوی شروطاً نأتی بها إجمالاً:

1 _ الإسلام:

المشهور اعتباره، وقال الشهید: اتّفق أئمّة الحدیث والاُصول الفقهیة علیه، فلا تقبل روایة الکافر مطلقاً سواء أکان من غیر أهل القبلة کالیهود والنصاری، أم من أهل القبلة کالمجسّمة والخوارج والغلاة، وقبول شهادة

[شماره صفحه واقعی : 131]

ص: 1585

الذمّی(1) فی باب الوصیّة فی حقّ المسلم خرج بالدلیل(2).

واستدلّوا علی ذلک بأنّه یجب التثبّت عند خبر الفاسق، وهو من خرج عن طاعة اللّه فیعمّ الکافر.

2 _ العقل:

فلا یقبل خبر المجنون، خصوصاً المطبق دون الإدواری حال إفاقته التامّة، وهو ممّا اتّفق علیه عقلاء العالم إذ لا عبرة بقوله.

3 _ البلوغ:

فلا یعتبر خبر الصبی غیر الممیّز، و أمّا الممیّز ففی قبول خبره قولان، والمشهور عدم القبول.

4 _ الإیمان:

والمراد به کونه إمامیّاً اثنی عشریّاً، واشتراطه هو المشهور(3)وقد اعتبر هذا الشرط جمع منهم الفاضلان والشهیدان، وصاحبی المعالم(4) والمدارک، وغیرهم، ومقتضاه عدم جواز العمل بخبر المخالفین ولا سائر فرق الشیعة،

[شماره صفحه واقعی : 132]

ص: 1586


1- لقوله سبحانه: (یا أیُّها الّذِینَ آمَنُوا شَهادَةُ بَیْنَکُم إذَا حَضَرَ أَحَدَکُمُ المَوْتُ حِینَ الوَصِیّةِ اثْنانِ ذَوَا عَدْل مِنْکُمْ أَو آخَرَانِ مِنْ غَیْرِکُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُم فی الأَرْضِ)(المائدة/106)، فقد فسّرت الروایات قوله (أوْ آخَرَانِ مِنْ غَیْرِکُمْ) بالذمّی.
2- زین الدین العاملی: الرعایة فی علم الدرایة: ص181 _ 182.
3- حسن بن زین الدین: المعالم: ص200.
4- ) المصدر نفسه.

خلافاً للشیخ الطوسی (قدس سره) حیث جوّز العمل بخبر المخالفین إذا رووا عن أئمّتنا (علیهم السلام)إذا لم یکن فی روایات الأصحاب ما یخالفه، ولا یعرف لهم قول فیه، لما روی عن الصادق (علیه السلام)أنّه قال: إذا نزلت بکم حادثة لا تجدون حکمها فیما روی عنّا، فانظروا إلی ما رووه عن علیّ (علیه السلام)، أنّه قال: ولأجل ما قلناه عملت الطائفة بما رواه حفص بن غیاث، وغیاث بن کلوب، ونوح بن دراج، والسکونی، وغیرهم من العامّة عن أئمّتنا (علیهم السلام)فیما لم ینکروه، ولم یکن عندهم خلافه.

وأمّا إذا کان الراوی من فرق الشیعة مثل الفطحیّة، والواقفیّة، والناووسیة وغیرهم، نظر فیما یرویه، فإن کان هناک قرینة تعضده أو خبر آخر من جهة الموثوقین بهم، وجب العمل به، وإن کان هناک خبر آخر یخالفه من طریق الموثوقین، وجب طرح ما اختصّوا بروایته، والعمل بما رواه الثقة. وإن کان ما رووه لیس هناک ما یخالفه ولا یعرف من الطائفة العمل بخلافه، وجب أیضاً العمل به، إذا کان متحرّجاً فی روایته، موثوقاً فی أمانته، وإن کان مخطئاً فی أصل الاعتقاد، فلأجل ما قلناه عملت الطائفة بأخبار الفطحیّة، مثل عبد اللّه بن بکیر وغیره، وأخبار الواقفة مثل سماعة بن مهران، وعلی بن أبی حمزة، وعثمان بن عیسی، ومن بعد هؤلاء، وبما رواه بنو فضال وبنو سماعة والطاطریّون وغیرهم فیما لم یکن عندهم فیه خلافه(1).

أمّا عند أهل السنّة فقال النووی: أجمعت الجماهیر من أئمّة الحدیث والفقه أنّه یشترط فیه أن یکون عدلاً ضابطاً، بأن یکون مسلماً بالغاً عاقلاً، سلیماً من أسباب الفسق وخوارم المروءة، یقظاً حافظاً إن حدّث من حفظه،

[شماره صفحه واقعی : 133]

ص: 1587


1- الطوسی _ محمّد بن الحسن _: عدّة الاُصول:1/379 _ 381، طبع مؤسسة آلالبیت1403ه_.

ضابطاً لکتابه إن حدّث منه، عالماً بما یحیل المعنی إن روی به(1).

5 _ العدالة:

اختلفت الأقوال فی مفهومها واشتراطها، فالمشهور أنّها عبارة عن ملکة نفسانیّة راسخة باعثة علی ملازمة التقوی، وترک ارتکاب الکبائر وعدم الإصرار علی الصغائر، وترک ارتکاب منافیات المروءة(2)التی یکشف ارتکابها عن قلّة المبالاة بالدین، بحیث لا یوثق منه التحرّز عن الذنوب.

ویستظهر هذا المعنی من روایة عبد اللّه بن یعفور.

وأمّا اشتراطها بمعنی عدم قبول روایة غیر العدل، فهو المشهور(3) وخیرة المعارج والنهایة والتهذیب وغیرها، وقال الشهیدان: «علیه جمهور أئمّة الحدیث، واُصول الفقه»، وخالفهم الشیخ فی عدّته، و إنّ قول من یوصف بتحرّزه عن الکذب هو الحجّة. قال: فأمّا من کان مخطئاً فی بعض الأفعال أو فاسقاً بأفعال الجوارح وکان ثقة فی روایته، متحرّزاً فیها، فإنّ ذلک لا یوجب ردّ خبره، ویجوز العمل به، لأنّ العدالة المطلوبة فی الروایة حاصلة فیه، وإنّما الفسق بأفعال الجوارح یمنع من قبول شهادته، ولیس بمانع من قبول خبره، ولأجل ذلک قبلت الطائفة أخبار جماعة هذه صفتهم(4).

[شماره صفحه واقعی : 134]

ص: 1588


1- التقریب والتیسیر:1/253_ 254.
2- حسن بن زین الدین: المعالم: ص 201.
3- الطوسی: العدة: ص382.
4- نفس المصدر: ص382، وقد ناقشه المحقّق فی المعارج ص91، بأنّا لم نعلم إلی الآن أنّ الطائفة عملت بأخبار هؤلاء، وتبعه صاحب المعالم فی معالمه فلاحظ، والمناقشة فی غیر محلّها، فإنّ إنکار عمل الطائفة بأخبار غیر العدول لا ینطبق علی الواقع، و یتّضح ذلک لمن مارس الفقه، وإنکاره من المحقّق عجیب جداً.
6 _ الضبط:

والمراد منه أن یکون حافظاً للحدیث إن حدَّث من حفظه، ضابطاً لکتابه، حافظاً له من الغلط والتصحیف والتحریف إن حدَّث منه، عارفاً بما یختل به المعنی حیث یجوز له ذلک، وقد صرّح باشتراطه جمع لأنّه لا اعتماد ولا وثوق إلاّ مع الضبط.

هذه الشروط التی اعتبرها القائلون بحجیّة خبر الواحد، وأمّا المنکرون لها، فهم فی فسحة من البحث عنها.

نعم لا تشترط أُمور مثل الذکورة فتقبل روایة الأُنثی، ولا الحریّة فتقبل روایة العبد، ولا البصر فتقبل روایة الأعمی، ولا عدم القرابة فتقبل روایة الولد عن والده و بالعکس، ولا القدرة علی الکتابة فتقبل روایة الاُمّیّ إذا کان ضابطاً، ولا العلم بالفقه والعربیة إذا کان ضابطاً (1).

أدلّة حجّیة خبر الواحد
اشارة

ما تعرّفت علیه هو خلاصة آراء القوم فی من تقبل روایته ومن لا تقبل، ولکنّی أری أنّ البحث عن کلّ واحد من هذه الشروط لیس بحثاً موضوعیّاً ولا الأدلّة القائمة علی اشتراطها أو علی نفی اشتراطها مقنعة، وإنّما یتعرّف حالها إذا درسنا أدلّة حجّیة خبر الواحد، و درسنا سعة نطاقها أو ضیقها من حیث النتیجة، فبذلک یعلم مدی صحّة اشتراط هذه الشروط، وأنّه هل یشترط الجمیع أو لا یشترط واحد منها أو یفصّل؟

فنقول: إنّ أوثق ما استدلّ به علی حجّیّة خبر الواحد اُمور ثلاثة:

أ _ بناء العقلاء.

ب _ آیة النبأ من حیث المنطوق والمفهوم والتعلیل الوارد فیها.

[شماره صفحه واقعی : 135]

ص: 1589


1- للاطّلاع فی هذا المجال لاحظ الرعایة: ص2186_ 187، و مقباس الهدایة: ص74 _ 78.

ج _ الأخبار التی یستفاد منها حجّیة أخبار الثقات.

فبدراسة هذه الأدلّة والوقوف علی نتائجها سعةً وضیقاً نتعرف حال هذه الشروط إثباتاً ونفیاً.

أ _ بناء العقلاء:

لا یشکّ أنّ من له إلمام بالأُمور الاجتماعیة یری فی أنّ العقلاء قدیماً وحدیثاً قبل الإسلام وبعده یعملون بخبر الواحد، وإنّ علیه تدور رحی الحیاة إذا کان الراوی ثقة _بل بکلّ خبر یحصل الوثوق بصدقه وإن لم یکن الراوی ثقة _ من دون التزام علی أن یکون الراوی صاحب نحلة وعقیدة أو من طائفة دون طائفة، وإنّما الملاک الوثوق بقوله والوقوف علی تحرّزه عن الکذب، والتقوّل بلا دلیل، وبما أنّ إحراز الوثوق طریق إلی الوثوق بصدور الخبر یعملون بکل خبر حصل الوثوق بصدقه، وانطباقه علی الواقع. هذه هی سیرة العقلاء لا یشکّ فیها من خالطهم، وعلی ذلک بنوا الحضارات والعلاقات الاجتماعیة، ولم یلتزموا بحصول العلم بصدق الراوی کما لم یلتزموا بقیام الخبر المتواتر أو المحفوف بالقرینة، نعم ربّما یحتاطون فی عظائم الأُمور فیتوقّفون عند خبر الثقة إلی أن یحصلوا العلم بالحقیقة، فإنّ لکلّ أمر شأناً، و لیست جمیع الاُمور علی نسق واحد، فلا تسکن النفس فی کبار الاُمور علی قول أحد الناس وإن کان ثقة ولا علی مطلق حصول الوثوق، بل تتطلّب فی بعض الموضوعات شیئاً أزید من الوثوق بالراوی أو الروایة.

وهذه السیرة قد کانت بمرأی ومسمع من النبی الأکرم والأئمّة _ سلام اللّه علیهم_ فلم یردعوا عنها، وهذا أقوی حجّة علی حجّیة قول الثقة أو الخبر

[شماره صفحه واقعی : 136]

ص: 1590

الموثوق بصدوره.

وقد کانت حیاة النبی و الوصی، وحیاة سائر الأئمّة مشحونة بالعمل بقول الثقة، وبعث الثقات إلی الأکناف، وکان رسول اللّه قد بعث سفراء إلی الملوک والسلاطین، وقد حمّل کل واحد رسالة من ساحته، وبعث دعاة إلی الأطراف لتعلیم القرآن، کما بعث عیوناً وجواسیس للتطلّع علی حرکات العدو العسکریة... إلی غیر ذلک من الموارد التی کان النبی فیها یعمل بأقوالهم إذا کانوا ثقات، ولم یکن عمله بذلک إلاّ لأجل سیرة جاریة بین العقلاء وهو منهم، وقد جری علی تلک السیرة وأمضاها، وإن قیّد بعض الموضوعات بقیام عدلین، أو قیّدها بکون الراوی رجلاً لا امرأة... إلی غیر ذلک من ألوان التقیید للسیرة.

نعم هناک روایات وآیات ربّما یتوهّم أنّها رادعة عن السیرة ، والتوهّم فی غیر محلّه، وکفانا فی إفاضة القول فیها ما حققّه الأصحاب فی کتبهم الأُصولیة حول حجّیّة خبر الواحد، فلا نطیل.

ب _ آیة النبأ وسعة دلالتها:

إنّ أهم ما استدلّ به علی حجّیة خبر الواحد هو قوله سبحانه:( اِنْ جاءکُمْ فاسِقٌ بِنَبَإ فَتَبَیّنُوا أنْ تُصِیبُوا قَوْمَاً بِجَهالَة فَتُصْبِحُوا عَلَی ما فَعَلْتُمْ نادِمِینَ) (الحجرات/6) . سواء أقلنا إنّ لصدر الآیة مفهوم الوصف أم الشرط ، أم قلنا بعدمه لعدم حجّیة مفهوم الوصف، خصوصاً إذا کان غیر معتمد علی موصوف، وسواء قلنا بأنّ القضیة الشرطیة سیقت لتحقّق الموضوع، أو قلنا إنّ القضیة الشرطیة إنّما تتضمّن مفهوماً إذا تقدّم الجزاء

[شماره صفحه واقعی : 137]

ص: 1591

وتأخّر الشرط لا فی غیره کما فی المقام.

أقول : سواء أقلنا بهذا أم ذاک فإنّ ذیل الآیة یحدّد الموضوع ویشخّص التکلیف فی مجال العمل بأخبار الآحاد ویبیّن أنّ الممنوع هو العمل بالخبر الذی یصدق علیه أنّه عمل جاهلی لا عقلائی، ویترتب علیه قوله: (أن تُصِیبُوا قَوْمَاً بِجَهالَة فَتُصْبِحُوا عَلی ما فَعَلْتُمْ نادِمِینَ) .

فیجب علینا الترکیز علی تحدید الجهالة فی الآیة:

إنّ الجهل قد یطلق ویراد منه ضد العلم کما هو الشائع، وقد یطلق ویراد منه ضد العقل، قال سبحانه: ( اِنَّما التّوْبَةُ عَلی اللّهِ لِلّذِینَ یَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهالَة ثُمّ یَتُوبُونَ مِنْ قَریب فَأُولئِکَ یَتُوبُ اللّهُ عَلَیْهِمْ وَکانَ اللّهُ عَلِیمَاً حَکِیماً) (النساء /17).

وقال سبحانه: ( کَتَبَ رَبُّکُمْ عَلی نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْکُمْ سُوءاً بِجَهالَة ثُمَّ تابَ مِنْ بَعْدهِ وَأَصْلَحَ فإنّهُ غَفُورٌ رَحِیمٌ) (الانعام/ 54).

وقال سبحانه: ( ثُمَّ إنّ رَبَّکَ لِلّذِینَ عَمِلُوا الْسُوءَ بِجَهالَة ثُمَّ تابُوا مِنْ بَعْدِ ذلِکَ وَاَصْلَحُوا إنَّ رَبَّکَ مِنْ بَعْدِها لغَفُورٌ رَحِیمٌ) (النحل / 119). فإنّ الجهالة فی هذه الآیات لیست بمعنی ضدّ العلم، بل المراد هو العمل الجاری علی غیرالنظام الصحیح وکلّ ما کان کذلک فهو عمل جاهلی. قال سبحانه:( قالُوا أتَتَّخِذُنا هُزُوَاً قالَ أعُوذُ بِاللّه أنْ أکُونَ مِنَ الجاهِلِینَ) (البقرة/ 67). فجعل فعل الهزو جهلاً، وعلی ذلک جاء حدیث جنود العقل و جنود الجهل فی الکافی(1)، فما فی اللسان(2) من تفسیر الجهالة بقوله «أن

[شماره صفحه واقعی : 138]

ص: 1592


1- الکلینی: الکافی: 1/20 برقم 14.
2- ابن منظور: لسان العرب: 11/129، مادة «جهل» .

تفعل فعلاً بغیر العلم» لیس تفسیراً کاملاً، والصحیح أن یقال: کلّ عمل صدر عن خفّة و طیش، کما هو المراد فی الآیات المتقدمة، ومنه الحدیث: «من استجهل مؤمناً فعلیه إثمه» أی من حمله علی شیء لیس من خلقه فیغضبه فإنّما إثمه علی من أحوجه إلی ذلک(1)، ومنه تسمیة الفترة بین المسیح و النبی الأکرم بالجاهلیّة لبعد أهلها عن الأخلاق المحمودة والسیرة الحسنة، و لأجل المبالغة فی ذلک یقولون: الجاهلیّة الجهلاء مثل قولهم: لیلة لیلاء، وورد فی الحدیث: «إنَّک امرؤ فیک جاهلیّة» أی فیک طیش و خفة.

کلّ ذلک یصدّنا عن تفسیر الآیة بمطلق عدم العلم، وإنّما المراد هو العمل الجاری علی غیر النظام الذی یستحسنه الطبع، وتدعو إلیه الفطرة، ویشجّع علیه العقلاء.

وعلی ضوء ذلک فالعمل بالخبر الذی یتّسم بأنّه عمل عقلائی وأنّه جار علی النظام المطلوب، فالآیة غیر ناهیة عنه بل داعیة إلی العمل به.

ومن المعلوم أنّ العمل بالخبر الذی یورث الإطمئنان و سکون النفس یعدّ عملاً عقلائیّاً، خصوصاً إذا لم یکن الموضوع من جلائل الاُمور التی تحتاج إلی تثبّت و تفحّص أکثر، کالنفوس و الأعراض العامّة، فالعمل بخبر الثقة، أی المتحرّز عن الکذب، أو العمل بخبر تسکن النفس إلیه، و یحصل الوثوق بصدقه، عمل عقلائی لا عمل جاهلی .

ولو سلّمنا _ تبعاً للسان العرب _: أنّ الجهالة هی مطلق غیر العلم، والتعلیل بصدد النهی عن کل عمل بغیره، فنقول: إنّ الإطمئنان العرفی وإن کان ظنّاً حسب التحدید المنطقی، ولکنّه علم فی نظر العرف، فهو علی طرف

[شماره صفحه واقعی : 139]

ص: 1593


1- ابن الاثیر: النهایة:1/322 مادة «جهل».

النقیض ممّا جاء فی الآیة:(ولا تَقْفُ ما لَیْسَ لَکَ بِهِ عِلْمٌ) (الاسراء/36).

وقد أوضحنا فی مبحث الاستصحاب: أنّ الیقین الوارد فی روایاته، لیس هو الیقین المنطقی أی الاعتقاد الجازم المطابق للواقع _ بل المراد هو الحجّة الشرعیّة وإن لم تصل إلی هذا الحدّ، فعلی ذلک فکلّما یورث الاطمئنان عند العقلاء بصدق الخبر بحیث تسکن النفس إلیه فهو عمل بالعلم فلایشمله التعلیل سواء أکان مسلماً أم کافراً، مؤمناً أم فاسقاً، إمامیاً أم غیرإمامی، اللّهمّ إلاّ أن یدلّ دلیل قطعی علی عدم حجّیة قول الکافر سواءأکان من غیر أهل القبلة کالیهود والنصاری أم منهم ولکن کان محکوماًبالکفر کالمجسّمة والغلاة، نعم خروج الکافر عن السیرة الموجودة بین العقلاء بدلیل شرعی لیس بأمر بعید، إذ لم یعهد من الفقهاء والمحدّثین العمل بقول الکافر إلاّ فی باب الإیصاء وشهادة الذمّی علی الذمّی ونظائره.

ج _ الأخبار الّتی یستفاد منها حجّیة أخبار الثقات:
اشارة

لقد تضافرت الروایات من أئمّة أهل البیت (علیهم السلام)بل تواترت علی جواز العمل بقول الثقة أو الصادق، وهی علی حدّ لا یمکن إنکار استفاضتها بل تواترها، وهذا واضح لمن رجع إلی مظانّها، و قد جمعها سید الطائفة المحقّق البروجردی فی «جامع أحادیث الشیعة» و لایسعنا نقل أکثرها فکیف جمیعها، فقد أورد فی ذلک المقام 116 حدیثاً، ولکنا نقتطف بعضها ومن أراد التوسّع فلیرجع إلیه، وهی علی أقسام:

[شماره صفحه واقعی : 140]

ص: 1594

أ _ إرجاع الناس إلی أشخاص ثقات:

1 _ روی عبداللّه بن أبی یعفور قال: قلت لأبی عبداللّه _ علیه السلام _: إنّه لیس کلّ ساعة ألقاک ویمکن القدوم، یجیء الرجل من أصحابنا فیسألنی ولیس عندی کلّ ما یسألنی عنه. قال _ علیه السلام _ : فما یمنعک من محمد بن مسلم الثقفی؟ فانّه قد سمع من أبی وکان عنده مرضیّاً وجیهاً (1).

2 _ روی المفضل بن عمر قال: سمعت أبا عبداللّه _ علیه السلام _ یوماً وقد دخل علیه الفیض بن المختار فذکر له آیة من کتاب اللّه عزوجل _ إلی أن قال له _: فإذا أردت حدیثاً فعلیک بهذا الجالس _ وأومأ إلی رجل من أصحابه _ فسألت أصحابنا عنه، فقالوا : زرارة بن أعین(2).

3 _ و روی یونس بن یعقوب، قال: کنّا عند أبی عبداللّه، فقال: أما لکم من مفزع؟ أمالکم من مستراح تستریحون إلیه؟ ما یمنعکم من الحارث ابن مغیرة البصری؟(3).

4 _ و روی علی بن المسیب قال: قلت للرضا (علیه السلام): شقتی بعیدة ولست أصل إلیک فی کل وقت، فعمّن آخذ معالم دینی؟ فقال: من زکریا بن آدم القمی المأمون علی الدین والدنیا(4).

5 _ روی عبدالعزیز بن المهتدی: قال: سألت الرضا (علیه السلام)فقلت: إنّی لا ألقاک فی کل وقت فممّن آخذ معالم دینی؟ قال: خذ عن یونس بن

[شماره صفحه واقعی : 141]

ص: 1595


1- الکشّی: الرجال /145 برقم 67، طبع الأعلمی.
2- الکشّی: الرجال /123 برقم 62.
3- المصدر نفسه : ص287 برقم 168.
4- المصدر نفسه : ص496 برقم487.

عبدالرحمن(1).

6 _ روی محمّد بن عیسی قال: وجدت الحسن بن علی بن یقطین (یحدّث) بذلک أیضاً، قال: قلت لأبی الحسن الرضا (علیه السلام): جعلت فداک إنّی لا أکاد أصل إلیک أسألُک عن کل ما أحتاج إلیه من معالم دینی، أفیونس بن عبدالرحمن ثقة آخذ عنه ما أحتاج إلیه من معالم دینی؟ فقال : نعم(2).

7 _ روی الکلینی، عن عبداللّه بن جعفر الحمیری، قال: اجتمعت أنا والشیخ أبو عمرو _ رحمه اللّه _ عند أحمد بن إسحاق، فغمزنی أحمد بن إسحاق أن أسأله عن الخلف _ إلی أن قال _: وقد أخبرنی أبو علی أحمد بن إسحاق عن أبی الحسن _ علیه السلام _ ، قال: سألته وقلت: من أعامل أو عمّن آخذ، و قول من أقبل؟ فقال له: العمری ثقتی فما أدّی إلیک عنّی فعنّی یؤدّی، وما قال لک عنّی فعنّی یقول، فاسمع له وأطع، فإنّه الثقة المأمون.

وأخبرنی أبو علی أنّه سأل أبا محمد (علیه السلام)عن مثل ذلک، فقال له: العمری وابنه ثقتان، فما أدّیا إلیک عنّی و فعنّی یؤدّیان، وما قالا لک فعنّی یقولان، فاسمع لهما وأطعهما فانّهما الثقتان المأمونان، فهذا قول إمامین قد مضیا فیک(3).

8 _ روی الکلینی، عن إسحاق بن یعقوب، قال سألت محمد بن عثمان العمری أن یوصل لی کتاباً قد سألت فیه عن مسائل أشکلت علیّ، فورد التوقیع بخط مولانا صاحب الزمان _ عجّل اللّه تعالی فرجه الشریف _ :

[شماره صفحه واقعی : 142]

ص: 1596


1- الکشّی: الرجال، ص409 برقم 351.
2- المصدر نفسه : ص414 برقم 351.
3- الکلینی: الکافی: 1/330.

وأمّا محمّد بن عثمان العمری فرضی اللّه عنه و عن أبیه من قبل، فإنّه ثقتی و کتابه کتابی(1).

9_ روی أبو حمّاد الرازی، یقول : دخلت علی علی بن محمّد (علیه السلام)ب_«سرّ من رأی » فسألته عن أشیاء من الحلال و الحرام، فأجابنی فیها، فلمّا ودّعته قال لی: یا حماد! إذا أشکل علیک شیء من أمر دینک بناحیتک فسل عنه عبد العظیم بن عبداللّه الحسنی واقرأه منّی السلام(2). والاستدلال به لأجل اشتهاره بالوثاقة، وما أمر الإمام بالرجوع إلیه إلاّ لأجلها.

ب _ ما دلّ علی وجوب الرجوع إلی الثقات والصادقین:

10 _ روی الکشی، عن القاسم بن علاء، عن صاحب الزمان _ عجّل اللّه فرجه _ أنّه قال: لا عذر لأحد من موالینا فی التشکیک فیما روی عنّا ثقاتنا، قد عرفوا بأنّنا نفاوضهم بسرّنا ونحمله إیاه إلیهم، وعرّفنا ما یکون من ذلک إن شاء اللّه تعالی (3).

11 _ و روی البرقی، عن أبی عبداللّه (علیه السلام)قال: حدیث فی حلال و حرام تأخذه من صادق خیر من الدنیا، من ذهب أو فضة(4).

12 _ و روی المفید، عن میسر بن عبدالعزیز قال: قال أبو عبداللّه _ علیه السلام _: حدیث یأخذه صادق عن صادق خیر من الدنیا وما فیها.(5)

[شماره صفحه واقعی : 143]

ص: 1597


1- الصدوق: کمال الدین: ص485 باب ذکر التوقیعات.
2- السیّد البروجردی: جامع أحادیث الشیعة: 1/224 برقم 322.
3- الکشی: الرجال : ص450 برقم 413 طبع الأعلمی.
4- البرقی: المحاسن: 1/229 برقم 166.
5- المفید: الاختصاص: ص61.

13 _ و روی البرقی، عن جابر، عن أبی جعفر (علیه السلام)قال: قال لی: یا جابر! واللّه لحدیث تصیبه من صادق فی حلال أو حرام خیر لک ممّا طلعت علیه الشمس حتی تغرب(1).

ج _ ما یتضمّن عرض کتب الأصحاب علی الإمام وهو یسترحم علی الکاتب ویمضی العمل به:

14 _ روی أحمد بن أبی خلف، عن أبی جعفر (علیه السلام)قال : کنت مریضاً ، فدخل علیّ أبو جعفر (علیه السلام)یعودنی عند مرضی، فإذا عند رأسی کتاب «یوم ولیلة» فجعل یتصفّح ورقه حتی أتی علیه من أوّله إلی آخره وجعل یقول : رحم اللّه یونس، رحم اللّه یونس، رحم اللّه یونس(2).

15 _ روی أبو هاشم الجعفری، قال: عرضت علی أبی محمد صاحب العسکر (علیه السلام)، کتاب «یوم ولیلة» لیونس، فقال لی : تصنیف من هذا؟ فقلت: تصنیف یونس آل یقطین، فقال:أعطاه اللّه بکل حرف نوراً یوم القیامة(3).

16 _ روی محمد بن إبراهیم الوراق السمرقندی فی حدیث:.. خرجت إلی سرّ من رأی ومعی کتاب «یوم ولیلة»(4) فدخلت علی أبی محمد(علیه السلام)وأریته ذلک الکتاب، فقلت له: جعلت فداک إنّی رأیت أن تنظر فیه، فلمّا نظر فیه و تصفّحه ورقة بعد ورقة، فقال: هذا صحیح ینبغی أن

[شماره صفحه واقعی : 144]

ص: 1598


1- البرقی: المحاسن: 1/227.
2- الکشّی: الرجال : ص409 برقم 351.
3- النجاشی: الرجال : ص422 برقم 309.
4- لیونس بن عبد الرحمن.

یعملبه(1).

17 _ روی حامد بن محمّد الأزدی عن الملقّب ب_ «فوراء»: إنّه دخل علی أبی محمّد، فلمّا أراد أن یخرج سقط منه کتاب فی حضنه، ملفوف فی ردائه، فتناوله أبو محمد و نظر فیه، وکان الکتاب من تصنیف الفضل بن شاذان، فترحّم علیه وذکر أنّه (علیه السلام)قال: اُغْبِط أهْلَ خراسان بمکان الفضل بن شاذان وکونه بین أظهرهم(2).

18 _ روی سعد بن عبداللّه الأشعری، قال: عرض أحمد بن عبداللّه کتابه علی مولانا أبی محمد الحسن بن علی بن محمد صاحب العسکر (علیهم السلام)، فقرأهُ وقال: صحیح فاعملوا به(3).

19 _ روی عبداللّه الکوفی خادم الشیخ الحسین بن روح _ رضی اللّه عنه_ قال: سئل الشیخ یعنی أبا القاسم _رضی اللّه عنه _ عن کتب ابن أبی العزاقر(4) بعد ما ذُمّ وخرجت فیه اللّعنة، فقال له: فکیف نعمل بکتبه و بیوتنا منها ملاء؟ فقال : أقول فیها ما قال أبو محمد الحسن بن علی _ صلوات اللّه علیه _ وقد سئل عن کتب بنی فضّال فقالوا: کیف نعمل بکتبهم وبیوتنا منها ملاء؟ فقال صلوات اللّه علیه : خذوا ما رووا و ذروا ما رأوا(5).

20 _ روی ابن اُذینة ، عن أبان بن أبی عیاش، قال: هذه نسخة

[شماره صفحه واقعی : 145]

ص: 1599


1- الکشی: الرجال : ص451 فی ترجمة الفضل بن شاذان برقم 416.
2- المصدر نفسه : ص454.
3- البروجردی: جامع أحادیث الشیعة: 1/229 برقم 343.
4- المراد: محمّد بن علی الشلمغانی، وکان یدّعی أنّ اللاهوت حلّ فیه، صلب ببغداد عام322ه_، لاحظ تنقیح المقال: 3/156 برقم 11114.
5- الطوسی: الغیبة /239 طبعة النجف.

سلیم بن قیس العامری ثم الهلالی وأنّه قرأ علی علی بن الحسین (علیهما السلام)قال: صدق سلیم _رحمة اللّه علیه_ هذا حدیث نعرفه.(1)

هذه عشرون حدیثاً اقتطفتها من المأثورات الکثیرة فی هذا المجال، وجمیعها أو أکثرها تدور حول أحد الاُمور الثلاثة المذکورة وتعرب عن:

أوّلاً: أنّ العمل بخبر الثقة کان أمراً مفروغاً منه، وکانت الغایة من السؤال الاهتداء إلی الصغری للکبری المسلّمة سواء أکان الثقة محدّثاً بلفظه ولسانه، أم بکتابه و تحریره.

و ثانیاً: أنّ تمام الموضوع لجواز الأخذ والعمل کون الراوی ثقة لا کونه عدلاً إمامیّاً، أو عدلاً شیعیّاً، وذلک لأنّ مورد الروایات وإن کان هو العدل الإمامی أو الشیعی کما هو الحال فی کتب بنی فضال إلاّ أنّ ذلک لأجل أنّ روایات أهل البیت کانت مخزونة عندهم، و هؤلاء کانوا هم البطانة لعلومهم ومعارفهم، ولأجل ذلک أُمروا بالرجوع إلیهم، ولو فرض فی نفس الحال أنّ غیرهم کالنوفلی والسکونی وأضرابهما، وعوا علومهم و معارفهم وکانوا أمثالهم، لعمّهم الإرجاع بحجّة وثاقتهم وضبطهم إذ لیست الغایة من الإرجاع إلی الراوی إلاّ الوصول إلی أحادیثهم ومعارفهم، وهی موجودة فی کلا الصنفین.

وتحقیق الحال یقتضی الإسهاب فی الکلام ودفع ما ربّما یکون ذریعة لاختصاص الحجیة بخبر العدل الإمامی فإلیک المحتملات:

1 _ إنّ الثقة فی مصطلح الأئمّة وأصحابهم حقیقة فی الإمامی العادل، وعلی ذلک فیختصّ الاحتجاج بهذه الروایات بقسم خاصّ وهو الإمامی

[شماره صفحه واقعی : 146]

ص: 1600


1- الکشی: الرجال : ص90 برقم 44.

العادل، لا کلّ شیعی فکیف بغیرهم.

ولکنّه مندفع بأنّ الثقة فی اللغة مصدر، وربّما یستعمل وصفاً. قال ابن منظور فی لسان العرب: «الثقة مصدر قولک، وثِق به یثِق، بالکسر فیهما، وثاقة وثقة : ائتمنه، وأنا واثق به، وهو موثوق به، وهی موثوق بها، وهم موثوق بهم»(1).

وقال الزبیدی: وثق به یثق: ائتمنه، یقال : به ثقتی، والوثیق: المحکم(2).

نعم کون الثقة فی لسان أهل الرجال حقیقة فی الإمامی العادل ممّا ذهب إلیه الشهید الثانی(وسیوافیک الکلام فیه فانتظر) لا فی لسان أصحاب الصادق والکاظم _ علیهما السّلام_ ، فإن الظاهر أنّ الثقة بمعنی المؤتمن .

2 _ إنّ هذه الروایات، وإن کانت تعرب عن کون الکبری عند السائل أمراً مسلّماً وإنّما تصدّی لإحراز الصغری، ولکن من أین نعلم أنّ الکبری _المفروضة الحجّیة _ عندهم هی حجّیة قول

[شماره صفحه واقعی : 147]

ص: 1601


1- ابن منظور الافریقی المصری: لسان العرب مادة «وثق».
2- الزبیدی، تاج العروس: 7/73.

الثقة، بل من المحتمل أن تکون الکبری عندهم هی حجّیة الإمامی العادل الضابط، والسؤال عن وثاقة الراوی لا یدل علی عدم مدخلیة سائر القیود، کما لا یدل علی عدم مدخلیة الذکورة .

یلاحظ علیه: بأنّ موقف السائل من هذه الروایات موقف أحد العقلاء إذا سأل عن موضوع لا بما أنّه أهل ملّة أو نحلة، ومن المعلوم أنّ الکبری المسلّمة عند العقلاء فی باب العمل بخبر الواحد هی حجّیة قول الثقة من دون خصوصیة لکون الراوی أهل ملّة أو نحلة، فاحتمال أنّ الکبری المسلّمة عند الراوی شیء وراء هذا یتوقّف علی دعوی فرض الراوی صاحب منهج ومسلک فی العمل بخبر الواحد.

3 _ إنّ آیة النبأ التی تحکم بردّ خبر الفاسق إلی أن یتبیّن، مقیّدة لهذه الروایات الإرجاعیّة وذلک بأمرین:

أ _ المراد من الفاسق من خرج عن طاعة اللّه و حدوده فیعمّ المخالف مطلقاً شیعیاً کان أو غیره، فیختصّ مفاد الروایات بالإمامی العادل.

ب _ إنّ المراد من التبیّن هو التبیّن القطعی، (خرج العدل الإمامی بالدلیل) وهو غیر موجود فی مطلق خبر الواحدإذا کان الراوی خارجاً عن طاعة اللّه کجمیع الفرق المخالفة للإمامیة.

والجواب : إنّ التبیّن الوارد فی الآیة لا یراد منه العلم القطعی الذی یبحث عنه فی علم المنطق، بل المراد من التبیّن هو الظهور والوضوح عند العقلاء، ویکفی فی ذلک کون الدلیل مفیداً للإطمئنان عندهم، و یدل علی ذلک قوله سبحانه:

( وَکُلُوا وَاشرَبُوا حَتّی یَتَبَیَّنَ لَکُمْ الخَیْطُ الأبْیَضُ مِنَ الْخَیْطِ الاَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ)(البقرة/ 187) .

وقال سبحانه:

( وَمَنْ یُشَاقِق الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ ما تَبَیّنَ لَهُ الْهُدی وَیَتَّبِعْ غَیْرَ سَبِیلِ الْمؤمِنِینَ نُوَلَّهِ ما تَوَلّی وَنُصْلِهِ جَهَنّم وساءَتْ مَصِیراً) (النساء / 115).

والمراد بعد ما تمّت الحجّة علیه، کما هو المراد فی قوله سبحانه: ( اَمْ

[شماره صفحه واقعی : 148]

ص: 1602

آتَیْناهُمْ کِتابَاً فَهُمْ علَی بَیِّنت مِنهُ) (فاطر / 40).أی علی حجّة منه.

فالحجّة عبارة عمّا یحتجّ به العقلاء بعضهم علی بعض، و هی الأدوات التی تفید الاطمئنان لنوع العقلاء، ویسکن إلیه کل إنسان فی حیاته، ومن المعلوم أنّ هذه الغایة موجودة فی خبر الثقة والخبر الموثوق بصدوره .

نعم العمل بخبر الفاسق المتّهم بالکذب والوضع والدسّ یتوقّف علی التبیّن والغایة فیه غیر حاصلة عند الإخبار، ویحتاج فی حصولهاإلی الفحص بعد الاخبار.

أضف إلی ذلک : أنّ صدق الفاسق علی أصحاب الآراء الباطلة إذا ورثوا العقائد والنحل من آبائهم من غیر تقصیر بل عن قصور _ کما هو الحال فی أکثر الفرق المخالفة للإمامیة _ موضع تأمّل.

4 _ إنّ هناک روایات ربّما یمکن أن تقع ذریعة لردّ الإطلاق المستفاد من هذه الروایات أو للسیرة العقلائیة، وهو مارواه الکشی عن علی بن سوید السائی، قال کتب إلیّ أبو الحسن الأوّل _ وهو فی السجن _: وأمّا ما ذکرت _ یا علی _ ممّن تأخذ معالم دینک، لا تأخذنّ معالم دینک من غیر شیعتنا، فإنّک إن تعدّیتهم أخذت دینک عن الخائنین الذی خانوا اللّه ورسوله وخانوا أمانتهم. إنّهم ائتمنوا علی کتاب اللّه فحرّفوه وبدّلوه ،فعلیهم لعنة اللّه ولعنة ملائکته و لعنة آبائی الکرام البررة ولعنتی ولعنة شیعتی إلی یوم القیامة(1).

وروی أیضاً عن أحمد بن حاتم بن ماهویه، قال: کتبت إلی أبی الحسن الثالث أسأله عمّن آخذ معالم دینی؟ وکتب أخوه أیضاً بذلک، فکتب إلیهما : فهمت ما ذکرتما، فاعتمدا فی دینکما علی من کبر فی حبّنا وکان کثیر التقدّم

[شماره صفحه واقعی : 149]

ص: 1603


1- الکشی: الرجال :باب فضل الروایة: ص10، طبع الأعلمی.

فی أمرنا، فانّهم کافوکما إن شاء اللّه تعالی (1).

ولا یتوهّم أنّ الروایة الاُولی تنهی عن العمل بقول المخالف علی وجه الإطلاق، وذلک لأنّها ناظرة إلی المخالف الذی یروی غیر ما علیه أئمّة أهل البیت من المعارف والأحکام بقرینة قوله : ائتمنوا علی کتاب اللّه فحرّفوه وبدّلوه، وإلاّ فلوکان أخذ من مستقی الوحی وبیت العصمة والطهارة کانت الروایة منصرفة عنه.

وأما الروایة الثانیة فهی قضیّة فی واقعة ولم یذکر أحد ماجاء منها فی الشرط فی حجّیة خبر الثقة، ولعلّ فی زمن الراوی وبیئته کان الثقات منحصرین فی واجدی هذا الوصف إلی غیر ذلک ممّا یمکن أن یکون وجهاً للاشتراط.

إلی هنا خرجنا بهذه النتیجة: إنّ تمام الموضوع للحجّیة حصول الوثوق من قول الراوی بصدور الخبر عن الإمام، و لو شرط الأصحاب أو بعضهم کونه إمامیّاً أو شیعیّاً أو ضابطاً فلأجل أنّ توفّر هذه الشرائط یستلزم توفّر الوثوق .

نعم لا یشترط الوثوق الشخصی بل یکفی الوثوق النوعی کما علیه عمل العقلاء فی حیاتهم ومعاشهم .

أضف إلی ذلک: أنّ من البعید أن یحصل لکلّ أحد الوثوق الشخصی من خبر الثقة، خصوصاً فی الخبرین المتعارضین، وبالأخصّ فیما إذا وقف الإنسان علی مافی الأحادیث من التشویش والاختلال فی السند والمتن، فلو علّق جواز العمل علی الوثوق الشخصی لزم الفوضی فی العمل بالروایات کما هو واضح لمن تتبّع، ولما استقر حجر علی حجر.

[شماره صفحه واقعی : 150]

ص: 1604


1- الکشی : الرجال: باب فضل الروایة: ص11.

الفصل السادس : الألفاظ المستعملة فی التعدیل و الجرح

اشارة

المقام الأوّل: فی ألفاظ التزکیة والمدح:

1. هو عدل أو ثقة،

2. قوله حجّة،

3. هو صحیح الحدیث، فی تحدید دلالة لفظ «ثقة» وفی دلالتها علی کون الراوی إمامیّاً عادلاً ضابطاً،

4. وجه، عین، وکیل الإمام...، سائر ألفاظ المدح.

المقام الثانی: فی ألفاظ الجرح والذم:

[شماره صفحه واقعی : 151]

ص: 1605

[شماره صفحه واقعی : 152]

ص: 1606

الألفاظ المستعملة فی التعدیل و الجرح
اشارة

قد استعمل المحدّثون وعلماء الرجال ألفاظاً فی التزکیة والمدح وألفاظاً فی الجرح والذّمّ لا بدّ من البحث عنها لتبیین مفادها، ویقع الکلام فی مقامین:

المقام الأوّل فی ألفاظ التزکیة والمدح:
اشارة

قسّم الشهید الثانی ما یدلّ علی کون الراوی عادلاً إلی: صریح وغیر صریح، فمن الصریح الألفاظ التالیة:

1 _ قول المعدل: «هو عدل أو ثقة»

قال: هذه اللفظة ]ثقة[ وإن کانت مستعملة فی أبواب الفقه أعمّ من العدالة لکنّها هنا لم تستعمل إلاّ فی معنی العدل، بل الأغلب استعمالها خاصّة، وقد یتّفق فی بعض الرواة أن یکرّر فی تزکیتهم لفظة «الثقة» وهی تدل علی زیادة المدح.

[شماره صفحه واقعی : 153]

ص: 1607

2 _ قوله «حجّة»:

أی من یحتجّ بحدیثه، وفی إطلاق اسم المصدر مبالغة ظاهرة فی الثناء علیه بالثقة، والاحتجاج بالحدیث و إن کان أعمّ من الصحیح کما یتّفق بالحسن والموثّق، بل بالضعیف...، لکن الاستعمال العرفی لأهل هذا الشأن لهذه اللفظة یدلّ علی ما هو أخصّ من ذلک وهو التعدیل وزیادة، نعم لو قیل یحتجّ بحدیثه ونحوه لم یدلّ علی التعدیل، لما ذکرناه بخلاف إطلاق هذه اللفظة علی نفس الراوی بدلالة العرف الخاصّ.

3 _ قوله «هو صحیح الحدیث»:
اشارة

فإنّه یقتضی کونه ثقة ضابطاً، ففیه زیادة تزکیة.

وأمّا غیر الصریح، فهو عبارة عن قوله: متقن، ثبت، حافظ، ضابط، یحتجّ بحدیثه، صدوق یکتب حدیثه، ینظر فی حدیثه _ بمعنی انّه لا یطرح، بل ینظر فیه ویختبر حتّی یعرف فلعلّه یقبل _ لا بأس به بمعنی أنّه لیس بظاهر الضعف.

ومنه: شیخ جلیل، صالح الحدیث، مشکور، خیر، فاضل، صالح، مسکون إلی روایته(1).

وقال بهاء الدین العاملی: ألفاظ التعدیل... ثقة، حجّة، عین وما أدّی مؤدّاها، أمّا متقن، حافظ، ضابط، صدوق، مشکور، مستقیم، زاهد، قریب

[شماره صفحه واقعی : 154]

ص: 1608


1- زین الدین العاملی: الرعایة فی علم الدرایة: ص203 _ 204.

الأمر ونحو ذلک، فیفید المدح المطلق(1).

أقول: إنّ اتّخاذ الموقف فی مقدار ما تدلّ علیه هذه الألفاظ یحتاج إلی دراسة معمّقة، فلنبحث عن مفاد بعض هذه الألفاظ، ونحیل البعض الآخر إلی جهد القارئ.

1 _ «عدل إمامی ضابط»، أو«عدل من أصحابنا الإمامیّة ضابط»:

وهذه أحسن العبارات و أصرحها فی جعل روایة الرجل من الصحاح، وهی تفید التزکیة التی یترتّب علیها کون الروایة صحیحة باصطلاح المتأخّرین، فلا یراد من العدل إلاّ ما وقع علیه الاتّفاق فی معناه، لا الإسلام ولا الإیمان فقط، کما أنّه لا یراد من الإمامی إلاّ من یعتقد بإمامة إمام عصره وهو یلازم کونه اثنی عشریاً إذا کان الراوی فی عصر الغیبة(2) وأمّا ال_ضابط فقد مرّ تفسیره فلا نعید.

2 _ ثقة:
اشارة

وهذه اللفظة کثیرة الدوران فی الکتب الرجالیّة لا سیّما فی رجالی النجاشی و فهرس الشیخ ومن بعدهما، فقد عرفت تنصیص الشهید علی کونها صریحة فی العدل، وقال المامقانی: إنّ هذه اللفظة حینما تستعمل فی کتب الرجال مطلقاً من غیر تعقیبها بما یکشف عن فساد المذهب، یکفی فی

[شماره صفحه واقعی : 155]

ص: 1609


1- بهاء الدین العاملی: الوجیزة: ص4.
2- ولاعبرة بتقسیم أبی منصور البغدادی: الإمامیّة خمس عشرة فرقة وعدّ منهم: الناووسیة والفطحیة والواقفیة، لاحظ: الفَرق بین الفِرق: ص53، لأنّ الرجل فی بیان فرق الشیعة خلط بین الغث والسمین، و أهل البیت أدری بما فیه.

إفادتها التزکیة المترتّب علیها التصحیح باصطلاح المتأخّرین، لشهادة جمع باستقرار اصطلاحهم علی إرادة العدل الإمامی الضابط من قولهم «ثقة».

وأمّا السرّ فی عدولهم عن قولهم عدل إلی قولهم ثقة، فقد أشار إلیه بهاء الدین العاملی فی مشرق الشمسین، وقال: فإن قلت: کیف یتمّ لنا الحکم بصحّة الحدیث بمجرّد توثیق علماء الرجال رجال سنده، من غیر نصّ علیضبطهم؟ فأجاب بقوله: إنّهم یریدون بقولهم: فلان ثقة، أنّه عدلضابط، لأنّ لفظة الثقة من الوثوق ولا وثوق بما یتساوی سهوه مع ذکره،أو یغلب سهوه علی ذکره، وهذا هو السرّ فی عدولهم عن قولهم «عدل»إلی قولهم «ثقة».

وقال الشیخ محمد ابن صاحب المعالم: إذا قال النجاشی ثقة، ولم یتعرّض لفساد المذهب، فظاهره أنّه عدل إمامی لأنّ دیدنه التعرّض للفساد فعدمه ظاهر فی عدم ظفره، لشدّة بذل جهده وزیادة معرفته.

و قال المحقّق البهبهانی: إنّ الروایة المتعارفة المسلّمة المقبولة أنّه إذا قال الرجالی: «عدل إمامی» أو فلان «ثقة»، یحکمون بمجرّد هذا القول أنّه عدل إمامی، لأنّ الظاهر من الرواة التشیّع والظاهر من الشیعة حسن العقیدة، أو لأنّهم وجدوا منهم أنّهم اصطلحوا ذلک فی الإمامیّة، و إن کانوا یطلقون علی غیرهم مع القرینة(1).

یقع الکلام فی دلالة لفظ «ثقة» علی اُمور ثلاثة:
اشارة

1 _ کونه ضابطاً.

2 _ کونه إمامیّاً.

[شماره صفحه واقعی : 156]

ص: 1610


1- عبد اللّه المامقانی: مقباس الهدایة: ص108.

3 _ کونه عادلاً بالمعنی المتّفق علیه:

أمّا الأوّل:

فلا شکّ فی دلالتها علیه، لأنّ الوثوق لا یجتمع مع کثرة النسیان وغلبته علی الذکر، ولیس الغرض من توصیف الرجل بکونه ثقة مجرّد مدحه، بل الهدف إیقاف القارئ علی أنّه ممّا یمکن أن یسکن إلیه فی الحدیث، ومعلوم أنّ السکون إنّما یحصل إذا انضمّ إلی صدق اللهجة الضبط، وغلبة الذکر علی النسیان.

أمّا الثانی:
اشارة

کونه دالاّ ً علی أنّ الرجل إمامیّ فمشکل من جهات:

أ _ إنّ هذه اللفظة من الألفاظ المتداولة بین الرجالیّین من الخاصّة والعامّة، فالظاهر کون اللفظ مشترکاً بینهم فی المعنی من دون أن یکون للخاصّة اصطلاح خاصّ فیه، وهذا الاصطلاح کسائر الاصطلاحات الدارجة بینهم فی علمی الرجال والدرایة، والموثّق فی مصطلحنا هو الصحیح فی مصطلحهم، ولو کان المذهب داخلاً فی مفهوم الثقة عندنا یلزم أن یکون مشترکاً لفظیّاً بین الفریقین، و هو کما تری.

ب _ إنّ الشیخ المفید اُستاذ النجاشی، و الشیخ یصف أصحاب الصادق (علیه السلام)بقوله: فإنّ أصحاب الحدیث قد جمعوا أسماء الرواة عنه(علیه السلام)من الثقات علی اختلافهم فی الآراء والمقالات فکانوا أربعة آلاف رجل(1).

تری أنّه جمع بین قوله من«الثقات» وقوله «علی اختلافهم فی الآراء والمقالات» ونقله بهذا النصّ ابن شهر آشوب فی مناقبه(2) وشیخنا الفتّال فی

[شماره صفحه واقعی : 157]

ص: 1611


1- المفید: الإرشاد: ص282.
2- ابن شهر آشوب:ا لمناقب:4/274.

روضة الواعظین(1) .

ج _ إنّ النجاشی وصف عدّة من فاسدی المذهب بالوثاقة وإلیک مواردها:

1 _ یقول فی حق أحمد بن الحسن بن إسماعیل بن میثم التمار: قال أبو عمرو الکشی: کان واقفاً وذکر هذا عن حمدویه، عن الحسن بن موسی الخشاب، قال: أحمد بن الحسن واقف، وقد روی عن الرضا _ علیه السلام _ وهو علی کلّ حال ثقة صحیح الحدیث معتمد علیه له کتاب النوادر(2) .

2 _ یقول فی حقّ علی بن أسباط بن سالم: أبو الحسن المقرئ کوفی ثقة، وکان فطحیاً جری بینه وبین علی بن مهزیار رسائل فی ذاک، رجعوا فیها إلی أبی جعفر الثانی (علیه السلام)فرجع علی بن أسباط عن ذلک القول وترکه، وقد روی عن الرضا _ علیه السلام _ من قبل ذلک، وکان أوثق الناس وأصدقهم لهجة(3).

فالظاهر أنّ النجاشی یصفه بالوثاقة فی کلتا الحالتین _ قبل رجوعه وبعده _ ولا یری فساد المذهب منافیاً للصحّة.

3 _ ویقول فی حقّ الحسین بن أحمد بن المغیرة: کان عراقیّاً مضطرب المذهب، وکان ثقة فی ما یرویه(4).

4 _ ویقول فی حقّ علی بن محمد بن عمر بن ریاح: کان ثقة فی

[شماره صفحه واقعی : 158]

ص: 1612


1- محمّد بن علی الفتّال: روضة الواعظین: ص177.
2- النجاشی: الرجال:1/201 برقم 177.
3- النجاشی: الرجال:2/73 برقم 661.
4- النجاشی: الرجال:1/190 برقم 3 16.

الحدیث، واقفاً فی المذهب، صحیح الروایة، ثبتاً، معتمداً علی ما یروی(1).

5 _ وهذا سماعة بن مهران المعروف بالوقف یعرّفه النجاشی بقوله: روی عن أبی عبد اللّه وأبی الحسن (علیهما السلام)، مات بالمدینة، ثقة ثقة(2).

6 _ وهذا الحسن بن محمّد بن سماعة یقول فی حقّه النجاشی: أبو محمّد الکندی الصیرفی من شیوخ الواقفة، کثیر الحدیث، فقیه ثقة، وکان یعاند فی الوقف ویتعصّب(3).

7 _ ویقول فی حقّ علیّ بن الحسن بن محمّد المعروف بالطاطری، کان فقیهاً ثقة فی حدیثه، وکان من وجوه الواقفة وشیوخهم، وهو اُستاذ الحسن بن محمّد بن سماعة الصیرفی الحضرمی، ومنه تعلّم(4).

8 _ وأمّا الشیخ فقد وثّق عبداللّه بن بکیر بن أعین فی فهرسته فقال: فطحی المذهب إلاّ أنّه ثقة(5).

ومن سبر الأُصول الرجالیّة الخمسة وما أُلّف بعدها ککتاب معالم العلماء لابن شهر آشوب ورجال ابن داود و غیرها یقف علی أنّ صحة المذهب غیر مأخوذ فی مفهوم الثقة، وإلاّ لزم الالتزام بالمجاز فی الموارد التی ذکرنا وغیرها و هو کما تری، إذ لا یشکّ الإنسان أنّه استعمل فیها و فی غیرها بمناط واحد.

[شماره صفحه واقعی : 159]

ص: 1613


1- النجاشی: الرجال:2/86 برقم 677.
2- النجاشی: الرجال:1/431 برقم 515.
3- النجاشی: الرجال: 1/140 برقم 83.
4- النجاشی: الرجال: 2/77 برقم 665.
5- الطوسی: الفهرست: ص132 برقم464.
الطریق إلی التعرّف علی کون الراوی إمامیاً :

ثم إنّ هناک سؤالاً یطرح نفسه، وهو أنّه إذا کان لفظ الثقة غیر حاک عن کون الراوی إمامیّاً فمن أین یحرز کون الراوی کذلک، حتی یدخل الحدیث فی قسم الصحیح أو الحسن؟

الجواب : إنّ الظاهر من النجاشی، هو أنّه ألّف رجاله لتبیین سلف الشیعة ومصنّفیهم حتی یردّ بذلک سهام الأعداء الموجّهة إلیهم، حیث قالوا بأنّه لا سلف لکم ولامصنّف، فالظاهر من مقدّمة کتابه أنّه کتبه لهذه الغایة، ویلمس السابر فی هذا الکتاب انّه کلّما کان الرجل غیر إمامی یصرّح بأنّه فطحی أو واقفی أو زیدی أو ناووسی أو غیر ذلک إلاّ ما شذ، فکلّ من ورد فیه علی وجه الإطلاق یستدلّ علی أنّه إمامی.

ویمکن ا(1)ستظهار مثل ذلک عن فهرست الشیخ کما هو ظاهر لمن راجع دیباجته.

نعم هذا الإطلاق حجّة إذا لم یدلّ دلیل علی خلافه، ولیس الطریق منحصراً فیه، بل یمکن للمستنبط أن یستکشف مذهب الراوی من أساتذته و تلامذته وخواصّه وبطانته، ومن نفس الروایات التی قام بنقلها،

[شماره صفحه واقعی : 160]

ص: 1614


1- لاحظ الفوائد الرجالیّة للمحقّق البهبهانی المطبوعة مع رجال الخاقانی، ونقل فیها عن الشیخ محمّد صاحب الرجال الکبیر: إنّ النجاشی إذا قال ثقة، ولم یتعرض لمذهبه فظاهره أنّه عدل إمامیّ لأنّ دیدنه التعرض لفساد العقیدة.. ولا یخفی وجود الفرق بینه وبین ما ذکرناه فی المتن فلاحظ. ثمّ إنّ المحقّق التستری قال: إنّ النجاشی سکت فی موارد عن بیان فساد المذهب فلم ینصّ علی فطحیّة عمّار الساباطی،وعبد اللّه بن بکیر، ولم یذمّ فارس بن حاتم القزوینی مع أنّ الإمام الهادی أهدر دمه. لاحظ مقدّمة قاموس الرجال:ص28 الطبعة الحدیثة. ولعلّ السکوت فی الأوّلین لاشتهارهما. وعلی أیّ تقدیر فموارد الاستثناء قلیل ولا ینافی کون السکوت أمارة.

و هذا طریق اجتهادی لا تفی به الکتب الرجالیّة الرائجة، بل یحتاج إلی ممارسة الاسناد والروایات، کما کان علیه سیّد المحقّقین البروجردی _ قدس اللّه س__ره _ .

وأمّا الثالث:

أی أخذ العدالة بالمعنی الأخصّ فی مفهوم الثقة فقد تبیّن حاله، لأنّه بالمعنی الأخصّ فرع أخذ صحّة المذهب فی مفهومها، وقد عرفت عدم دخوله فیها.

وأمّا العدالة بالمعنی الأعمّ، فیمکن استظهارها بأنّ الرجالیّین تارة یصفون الراوی بأنّه ثقة، واُخری بأنّه ثقة فی الحدیث، فیمکن أن نقول : إنّه إذا وصف بالوثاقة علی وجه الإطلاق ، یقصد منه التحرّز عن الکبائر و عدم الإصرار علی الصغائر، علی ما یوحی إلیه مذهبه، بخلاف ما إذا وصف بأنّه ثقة فی الحدیث، فهو یعرب عن أنّه متحرّز عن الکذب دون سائر المعاصی.

ولقائل أن یقول: إنّ الظاهر من الشیخ فی العدة أنّ العدالة المعتبرة فی باب العمل بخبر الواحد عند الأصحاب غیر ما هو المعتبر فی باب الشهادة، فإنّ المعتبر فی الثانی هو کون الإنسان ذاملکة تصدّه عن عدم المبالاة بالدین، وهذا بخلاف ما هو المعتبر فی باب العمل بخبر الواحد، إذ یکفی فیه کون الراوی متحرّزاً عن الکذب، وإلیک نصّ عبارة الشیخ فی العدة المبیّنة لنظر الأصحاب فی باب حجّیة خبر الواحد:

«فأمّا من کان مخطئاً فی بعض الأفعال أو فاسقاً بأفعال الجوارح، وکان ثقة فی روایته متحرّزاً فیها فإنّ ذلک لایجوّز ردّ خبره و یجوز العمل به،لأنّ العدالة المطلوبة فی الروایة حاصلة فیه، وإنّما الفسق بأفعال الجوارح یمنع من قبول شهادته، و لیس بمانع من قبول خبره، ولأجل ذلک قبلت الطائفة

[شماره صفحه واقعی : 161]

ص: 1615

أخبار عدّة هذه صفتهم»(1).

فإذا کان ما نسبه الشیخ إلی الأصحاب صحیحاً، کان ذلک قرینة علی أنّ المراد من الثقة فی توصیف الراوی هو وجود ما هو اللازم فی حجّیة خبر الواحد، أعنی: التحرّز عن الکذب.

ومع ذلک کلّه یمکن أن یقال: إنّ التفریق الواضح فی توصیف الراوی بین کونه ثقة، وکونه ثقة فی الحدیث أو فی الروایة، یعرب عن أنّ الأوّل یعطی ویفید أزید ممّا یفیده الثانی، خصوصاً إنّ أحد التعبیرات الواضحة لتبیین مکانة المشایخ إنّما هو کلمة ثقة،أعنی الذین لا یشکّ الإنسان فی عدالتهم.

غایة الأمر، إنّه إذا وصف بها الإمامی تکون العدالة الواصفة عدالة مطلقة، وإذا کان غیره تکون العدالة عدالة نسبیة، أعنی ما یقتضیه مذهب الرجل من التجنّب عن المعاصی.

3 و4 _ وجه ، عی_ن:

قال المحقّق القمّی، قیل : إنّهما یفیدان التوثیق، وأقوی منهما : «وجه من وجوه أصحابنا» وأوجه منه : « أوجه من فلان» إذا کان المفضّل علیه ثقة(2).

والسابر فی الکتب الرجالیة یقف علی أنّ اللفظین یدلان علی جلالة الرجل أزید من کونه إمامیّاً عادلاً، و أنّهم یستعملون هذین الوصفین فی موارد یعدّ الرجل من الطبقة المثلی فی الفضل والفضیلة معربین عن أنّ مکانة

[شماره صفحه واقعی : 162]

ص: 1616


1- الطوسی _ محمّد بن الحسن _: عدّة الأُصول:1/382، طبع مؤسسة آل البیت.
2- القمی _ أبو القاسم_: قوانین ا لأُصول:1/485.

الرجل بین الطائفة مکانه الوجه والعین فی کونهما محور الجمال والبهاء.

5 _ وکی_ل:

قال المحقّق القمی: کون الراوی وکیلاً لأحد من الأئمّة (علیهم السلام)أمارة الوثاقة لما قیل: إنّهم لا یجعلون الفاسق وکیلاً (1).

وقال المامقانی: کونه وکیلاً لأحد الأئمّة (علیهم السلام)من أقوی أمارات المدح بل الوثاقة والعدالة، لأنّ من الممتنع عادة جعلهم (علیهم السلام)غیر العدل وکیلاً، سیّما إذا کان وکیلاً علی الزکوات و غیرها من حقوق اللّه تعالی. وقال المحقّق البهبهانی فی ترجمة إبراهیم بن سلام: بأنّ قولهم وکیل من دون اضافة إلی أحد الأئمة أیضاً، یفید ذلک،لأنّ من الاصطلاح المقرّر بین علماء الرجال أنّهم إذا قالوا: فلان وکیل، یریدون أنّه وکیل أحدهم (علیهم السلام)فلا یحتمل کونه وکیل بنی اُمیّة(2).

نعم ذهب شیخنا المحقّق التستری إلی أنّ الوکالة عن الإمام لا تفید شیئاً، واستدلّ علی ذلک بوجهین:

1_ إنّ صالح بن محمد بن سهل الهمدانی کان یتولّی للجواد (علیه السلام)وإنّه دخل علیه وقال له : اجعلنی من عشرة آلاف درهم فی حِلّ، فقال (علیه السلام) له : أنت فی حلّ، فلمّا خرج، قال (علیه السلام): یثب أحدهم علی مال آل محمد و فقرائهم و مساکینهم وأبناء سبیلهم، فیأخذه ثم یقول: اجعلنی فی حلّ، أتری أنّه ظن بی أنّی أقول له: لا أفعل؟ واللّه یسألنّهم عن ذلک یوم

[شماره صفحه واقعی : 163]

ص: 1617


1- القمی _ أبو القاسم_: قوانین ا لأُصول:1/485.
2- عبد اللّه المامقانی: مقباس الهدایة: ص130.

القیامة سؤالاً حثیثاً (1).

2 _ إنّ الشیخ الطوسی فی الغیبة عدّ علی بن أبی حمزة البطائنی، وزیاد ابن مروان القندی، وعثمان بن عیسی الرواسی من وکلاء الإمام الکاظم (علیه السلام)وکانت عندهم أموال جزیلة، فلمّا مضی (علیه السلام)وقفوا طمعاً فی الأموال ودفعوا إمامة الرضا (علیه السلام)وجهلوه(2).

یلاحظ علی الدلیلین:

أمّا الأوّل: فإنّ إجازة الإمام صریحاً دلّت علی أنّ العمل الصادر من وکیله کان عملاً مکروهاً لاحراماً، وإلاّ فلا یتصوّر أن یجیز الإمام مالاً حراماً للسائل، وعلی ضوء ذلک فالسؤال یوم القیامة لا یتجاوز عن هذا الحدّ.

و یؤ یّد ذلک: أنّ الإمام لم یعزله بعد هذا بل أبقاه علی ولایته.

وأما الثانی: فلأنّ وقفهم وأکلهم مال الإمام بعد رحلته لا یدلّ علی کونهم کذلک حین الوکالة، فربّ صالح یغترّ بالدنیا فیعود طالحاً، وعلی ذلک فالوکالة فی عظائم الاُمور کتبلیغ الأحکام وأخذ الأموال و ما یشابهها دلیل الوثاقة، نعم الوکالة فی أمر جزئی کبیع الضیعة أو دفع الثمن أو ما أشبههما لایکون دلیلاً علی شیء.

6 _ حجّ_ة:

والمراد منه من یحتجّ بحدیثه، فلا یدلّ علی کونه إمامیّاً عدلاً بل ظاهراً

[شماره صفحه واقعی : 164]

ص: 1618


1- الطوسی: الغیبة: ص213. و الحثیث بمعنی السریع. قال سبحانه: (یُغْشِی اللَّیْلَ النَّهارَ یَطْلُبُهُ حَثِیثاً) ( الأعراف/54).
2- المصدر نفسه.

فی الثناء علیه بالثقة، وقد عرفت معناه، ولعلّ الثانی هو المتبادر.

نعم هذه الألفاظ قد انسلخت عن معانیها الحقیقیة فی أعصارنا هذه، ولکن مشایخ علم الرجال الورّعین لا یستعملونها إلاّ فی مواضعها.

وهذه هی الألفاظ التی یستدلّ بها علی کون الرجل عدلاً إمامیّاً أو عدلاً فقط، ولیس للفقیه أن یقتصر علی هذه الألفاظ بل علیه السعی الحثیث و التدبّر فی القرائن الواردة فی کلام الرجالیّین، فربّما یستفاد منه کون الرجل عدلاً إمامیاً ضابطاً.

7 _ شیخ الإجازة:
اشارة

وممّا یستدلّ به علی وثاقة الرجل کونه شیخ الإجازة، فلا بأس بإفاضة البحث فیه و نظائره، فیکون البحث مشتملاً علی هذه الاُمور الثلاثة :

1 _ شیخ الإجازة.

2 _ روایة الثقة عن شخص.

3 _ کثرة تخریج الثقة عنه.

أمّا الأوّل:

فقد قال الشهید فیه : إنّ مشایخ الإجازة لا یحتاجون إلی التنصیص علی تزکیتهم _ إلی أن قال _: إنّ مشایخنا من الکلینی إلی زماننا لا یحتاجون إلی التنصیص لما اشتهر فی کلّ عصر من ثقتهم و ورعهم.

وقال الاسترابادی فی رجاله الکبیر: فی ترجمة الحسن بن علی بن زیاد: ربّما یستفاد توثیقه من استجازة أحمد بن محمّد بن عیسی.

وقال البهبهانی: إذا کان المستجیز ممّن یطعن علی الرجال فی روایتهم

[شماره صفحه واقعی : 165]

ص: 1619

عن المجاهیل والضعفاء و غیرالموثّقین (کأحمد بن محمّد بن عیسی) فدلالة استجازته علی الوثاقة فی غایة الظهور، لا سیّما إذا کان المجیز من المشاهیر(1).

أقول : أمّا مشایخ الإجازة من زمان الکلینی أو بعده بزمن إلی عصرنا هذا، فکلّهم علماء معروفون بالجلالة والعظمة، ولیس للبحث ثمرة فی حقّ هؤلاء، وإنّما تظهر الثمرة فی مشایخ الإجازة بالنسبة إلی مؤلّفی الکتب الأربعة.

توضیحه: إنّ لأصحاب الأئمّة وأصحاب أصحابهم اُصولاً ومصنّفات اُلّفت فی أعصارهم و یعبّر عنها تارة بالاُصول واُخری بالمصنّفات وثالثة بالکتب(2)، فإذا أراد المحدّث مثل الکلینی نقل حدیث من هذه الاُصول یحتاج إلی تحقیق ثبوت الکتاب للمؤلّف، وصحّته عنده، و لأجل ذلک احتاج فی النقل عنها إلی سند یوصله إلی هذه الکتب حتی یکون النقل جامعاً للشرائط، و هذا السند هو المعروف بشیخ الإجازة ومشایخها، مثلاً یروی الکلینی کتب ابن أبی عمیر بواسطة علی بن إبراهیم، و هو عن أبیه إبراهیم بن هاشم، و هو عن ابن أبی عمیر، وهو عن ابن أُذینة، عن الإمام الصادق (علیه السلام)وعندئذ یقع الکلام فی أنّ الاستجازة فی النقل عن المشایخ هل تعدّ دلیلاً علی وثاقتهم أو لا؟ الحق هو التفصیل الآتی :

1_ إنّ شیخ الإجازة تارة یجیز کتاب نفسه، فهذا لا یدلّ علی وثاقته،

[شماره صفحه واقعی : 166]

ص: 1620


1- عبداللّه المامقانی: مقباس الهدایة: 124.
2- قد أوضحنا الفرق بین هذه المصطلحات فی خاتمة کتاب «کلّیات فی علم الرجال» فلاحظ ص474 _486.

بل لایتجاوز مثل ذلک عن روایة الثقة عن شخص آخر، فکما أنّه لا یدلّ الثانی علی الوثاقة فکذا الأوّل. وهذا النوع من شیخوخة الإجازة خارج عن موضوع البحث.

2 _ أن یجیز روایة کتاب غیره فهذا علی قسمین:

أ _ أن یجیز ما ثبتت نسبته إلی مصنّفه کالکتب الأربعة بالنسبة إلی مؤلّفیها، وهذه هی «الإجازة» المعروفة فی أعصارنا وما قبلها، فالمحصّلون یستجیزون المشایخ، وهم یستجیزون مشایخهم لأجل أن یتّصل إسنادهم إلی مؤلّفی الکتب الأربعة، والهدف من ذلک خروج الروایة عن الإرسال إلی الإسناد أوّلاً، والتبرّک بالاُستاذ المجیز ثانیاً، وعلی کلا التقدیرین فإحراز الاتصال والتبرّک فرعا الوثوق بقول المجیز، فکیف یمکن إحراز الاتّصال مع عدم إحراز الوثوق؟ فهذا لو لم یدلّ علی کونه عادلاً فعلی الأقل یدلّ علی أنّه ثقة فی الحدیث، وقد عرفت أنّ البحث فیه عدیم الثمرة .

ب _ أن یجیز ما لا تکون نسبته متیقّنة إلی مؤلّفها فیحتاج فی جواز العمل بالکتاب إلی الإجازة، فلا شکّ أنّ مثل هذه تدلّ علی أنّ المستجیز أحرز وثاقة المجیز، ولولا الإحراز لماحصلت الغایة المنشودة من الإستجازة .

وأمّا الثانی:

و هی روایة الثقة عن شخص فلا تدلّ علی وثاقة المروی عنه، لانّ الثقات کما یروون عن أمثالهم کذلک یروون عن الضعاف، غیر أنّ الإکثار فی النقل عن الضعاف کان یعدّ قدحاً فی الشیخ بین القدماء، نعم لو ثبت أنّ ذلک الثقة ( الشیخ ) لا یروی إلاّ عن ثقة نظیر أحمد بن محمّد بن عیسی ، وجعفر بن بشیر البجلی، ومحمّد بن إسماعیل المیمون الزعفرانی، وعلی بن حسن الطاطری و غیرهم دلّت روایة کل واحد عن شخص علی

[شماره صفحه واقعی : 167]

ص: 1621

کونه موصوفاً بالوثاقة، کما نبّه علی ذلک المحقّق البهبهانی وغیره .

وأمّا الثالث:

و هو کثرة تخریج الثقة عن شخص; ظاهر فی وثاقة المروی عنه، لأنّ الغایة المطلوبة من الروایة هی الأخذ والعمل علی أساسها و دعوة الناس الیها، فلو لم یکن المروی عنه ثقة لعدّ هذا التخریج الهائل شیئاً قلیل الفائدة، الّلهمّ إلاّ إذا ثبت من الخارج أنّ المُخَرّج یروی عن الضعفاء، فلا تکون کثرة تخریجه عن شخص دلیلاً علی وثاقة ذلک الشخص،لأنّ اشتهاره بالروایة عن الضعفاء حاکم علی هذا الظهور.

هذا، وإنّ صاحب المستدرک _ أعنی المحدّث النوری _ قد أفرط فی تکثیر أسباب التوثیق حتی جعل نقل الثقة عن شخص مطلقاً آیة کون المروی عنه ثقة، وتمسّک بوجوه غیر نافعة .

ثم إنّ لإثبات الوثاقة طرق اُخری:

منها: الاستفاضة والشهرة فی حقّ الراوی کعلمنا بعدالة المحمّدین الثلاثة والسیّدین والشهیدین و الشیخ الأنصاری.

ومنها: شهادة القرائن الکثیرة و المتعاضدة الموجبة للإطمئنان بعدالته.

ومنها: تنصیص عدلین أو تزکیة العدل الواحد علی ما هو الحقّ فی کفایته.

هذا کلّه حول ما یدلّ علی وثاقة الراوی وعدالته، و هناک ألفاظ یستفاد منها المدح نشیر إلی بعضها:

[شماره صفحه واقعی : 168]

ص: 1622

ألفاظ المدح:

1 _ «من أصحابنا»ولعلّه صریح فی کون الراوی إمامیّاً مقبولاً عند الأصحاب.

2 _ «ممدوح» ولاریب فی إفادته المدح دون الوثاقة فضلاً عن کونه إمامیّاً.

3 _ « صالح خیّرّ» وهو کالسابق.

4 _ «مضطلع بالروایة» ومعناه: أنّه قوی فیها، فهو یفید المدح والتوثیق لا کونه إمامیّاً.

إلی غیر ذلک من الألفاظ الواردة فی حقّ الرواة نظیر«مسکون إلی روایته» و«بصیر بالحدیث»، «دیّن»(1)، «جلیل»(2)، «یکتب حدیثه»، «ینظر فی حدیثه» إلی غیر ذلک .

المقام الثانی: فی ألفاظ الجرح والذم:

قال الشهید: وألفاظ الجرح مثل «ضعیف»،«کذّاب»، «وضّاع للحدیث من قِبَلِ نفسه» ، «غال»، «مضطرب الحدیث»، «منکر»، «لیّن الحدیث» _ أی یتساهل فی روایته عن غیر الثقة _ «متروک فی نفسه»، أو «متروک الحدیث»، «مرتفع القول»_ أی لایعتبر قوله ولا یعتمد علی_ه_ ، «متّهم بالکذب أو الغلوّ»... أو نحوهما من الأوصاف القادحة، «ساقط فی

[شماره صفحه واقعی : 169]

ص: 1623


1- ولعلّه أظهر فی الوثاقة لا فی خصوص المدح.
2- ولعلّه أیضاً کسابقه فلاحظ.

نفسه أو حدیثه»، «واه»، «لاشیء» أو «لا شیء معتدّ به»(1).

هذا ما ذکره الشهید، ثمّ إنّه _ قدّس سرّه _ عقد بحثاً فیمن اختلط وخلط، ففسّره بمن عرضه الحمق و ضعف العقل تارة، و من عرض له الفسق بعد الاستقامة تارةً أُخری، کالواقفة بعد استقامتهم فی زمن الکاظم (علیه السلام)، والفطحیّة کذلک فی زمن الصادق (علیه السلام).

ولکن الظاهر أنّ هذا المصطلح _ أعنی مخلط أو فیه تخلیط _ لیس ظاهراً فی فساد العقیدة، بل المراد من لایبالی عمّن یروی وعمّن یأخذ، فیجمع بین الغثّ والسمین، و هذا ما استظهره المحقّق المامقانی واستشهد علیه بوجوه:

1 _ إنّ الشیخ سدید الدین محمود الحمصی یعدّ ابن إدریس مخلطاً.

2 _ إنّ الشیخ الطوسی یعدّ علی بن أحمد العقیقی مخلطا مع کونه إمامیّاً.

3 _ إنّ النجاشی یعرّف محمّد بن وهبان بقوله : ثقة من أصحابنا واضح الروایة، قلیل التخلیط(2).

ونکمل المقال بذکر أمرین:

1 _ إنّ کثرة الروایة عن الضعفاء والمجاهیل کان ذمّاً عند القمّیین وابن الغضائری، ولم یکن کذلک عند غیرهم، ولأجل ذلک أخرج أحمد بن محمّد ابن عیسی زمیله، أعنی أحمد بن محمّد بن خالد عن قم، بکثرة روایته عن

[شماره صفحه واقعی : 170]

ص: 1624


1- زین الدین العاملی: الرعایة فی علم الدرایة: ص209.
2- عبد اللّه المامقانی: مقباس الهدایة: ج2، ص302 ، ولاحظ النجاشی:2/323 برقم 1060.

الضعفاء(1). ولم یروِ عن سهل بن زیاد کذلک(2)، ولکن الحقّ أن کثّرة الروایة عن الضعفاء مع التصریح بالأسماء لیس بقادح.

2 _ إنّ ابن أبی حاتم رتّب ألفاظ التعدیل و الجرح وإلیک مراتب التعدیل حسب ما رتب :

أوّلها: ثقة، أو متقن، أو ثبت، أو حجّة، أو عدل حافظ، أو ضابط .

ثانیها: صدوق، أو محلّه الصدق، أو لا بأس به، هو ممّن یکتب حدیثه وینظر فیه، لابأس به فهو ثقة.

ثالثها: شیخ، فیکتب، وینظر.

رابعها: صالح الحدیث، یکتب للاعتبار.

وأما ألفاظ الجرح فإلیک :

1 _ لیّن الحدیث یکتب حدیثه و ینظر اعتباراً.

2 _ لیس بقوی یکتب حدیثه، وهو دون لیّن.

3 _ ضعیف الحدیث، و هو دون « لیس بقوی» وعندئذ لا یطرح بل یعتبر به.

4 _ متروک الحدیث، أو واهیه، أو کذّاب، وعندئذ فهو ساقط لا یکتب حدیثه.

ومن ألفاظهم: فلان روی عنه الناس، وسط، مقارب الحدیث، مضطرب، لایحتجّ به، مجهول، لا شیء، لیس بذلک، لیس بذاک القوی، فیه

[شماره صفحه واقعی : 171]

ص: 1625


1- العلاّمة الحلّی، خلاصة الأقوال فی علم الرجال: القسم الأوّل/14 برقم7.
2- المصدر نفسه: القسم الثانی /228 برقم2.

أو فی حدیثه ضعف، ما أعلم به بأساً (1).

هذا إجمال البحث فی المقامین و تبیین لمدی دلالة ألفاظ التعدیل والجرح علی مکانة الرجل من الوثاقة والضعف.

خاتمة المطاف:
اشارة

إنّ للمحدّث النوری فی الفائدة التاسعة من خاتمة مستدرکه تحقیقاً ربّما یخرج به کثیر من الأخبار الحسان إلی عداد الأخبار الصحاح، فاستظهر من أکثر المدائح التی وردت فی حقّ الرواة، دلالتها علی العدالة، فبما أنّ فیما ذکره فائدة للقارئ نأتی بها برمتها، وإن کانت الموافقة معه فی جمیع ما ذکره یحتاج إلی الإمعان والتدبّر.

المدائح التی یستدلّ بها علی العدالة:

العدالة : ملکة الاجتناب عن الکبائر، و عدم الإصرار علی الصغائر، غیر أنّه جُعِلَ حسنُ الظاهر من طرق معرفتها تعبّداً أو عقلاً کسائر الملکات النفسانیّة التی لها آثار خارجیّة، و علائم ظاهریّة تعرف بها غالباً، کالشجاعة والسخاء والجبن والبخل و غیرها، فمن ثبت عنده حسن الظاهر وجداناً أو بالشهادة علیه، تثبت عنده العدالة، وأمّا إذا ثبت حسن الظاهر بالوجدان فظاهر، وأمّا إذا ثبت حسن الظاهر من طریق الشهادة فیکون من قبیل الشهادة علی الطریق (حسن الظاهر)، فیثبت ذو الطریق لما قرّر من حجّیة

[شماره صفحه واقعی : 172]

ص: 1626


1- النووی: التقریب والتیسیر: 1/291 _ 295.

الشهادة مطلقاً سواء قامت علی الشیء نفسه، أو علی طریقه.

فعلی ذلک لو نقل العدول من الرجالیّین جملاً وکلمات تدلّ بوضوح علی کون الرجل ذا حسن ظاهر بین المجتمع، بحیث یکشف ذلک الحسن نوعاً عن عدالة الشخص،نأخذ بهذه الکلمات ونحکم بعدالة الرجل.

وعلی ذلک لافرق بین أن یقول النجاشی أو الشیخ بأنّ فلاناً ثقة، أو عدل ضابط، أو ینقل فی حقّ الرجل ألفاظاً تکشف عن حسن ظاهره فی المجتمع، الذی یلازم العدالة.

وبذلک یظهر : أنّ استکشاف عدالة الراوی لا یختصّ بقولهم: ثقة، أو عدل مطلقاً، أو مع انضمام: ضابط، بل کثیر من الألفاظ التی عدّوها ممّا تدلّ علی المدح یمکن أن تستکشف بها العدالة، وبذلک یدخل کثیر من الحسان فی عداد الصحاح.

لأجل الإقتصار فی استکشاف العدالة علی لفظی «ثقة» أو « عدل»، آل أمر الرجالیّین إلی عدّ أحادیث إبراهیم بن هاشم، و نظرائه من الأعاظم فی عداد الحسان، معتذرین بعدم التنصیص علیهم بالوثاقة من أئمّة التعدیل والجرح، مع أنّ کثیراً من ألفاظ المدح تدلّ علی حسن الظاهر، أو تلازمه بدلالة واضحة، فلا مجال لإنکار عدالة کثیر ممّن مدحوه بما یلازمها.

ونحن نذکر کثیراً من هذه الألفاظ التی جعلوها ممّا یمدح به الراوی، مع أنّه مما تثبت به عدالته علی الطریق الذی أوضحناه:

1 _ هذا إبراهیم بن هاشم، قالوا فی حقّه :«إنّه أوّل من نشر حدیث الکوفیّین بقم» وهذه الجملة یستکشف منها حسن ظاهره فی مجتمع القمیین، إذ النشر متوقّف علی علمه أوّلاً، وتلقّی القمّیین عنه ثانیاً، وروایة عدّة من

[شماره صفحه واقعی : 173]

ص: 1627

أجلاّء القمّیین عنه ثالثاً، فقد روی عنه محمّد بن الحسن الصفّار المتوفّی عام 290ه_ و سعد بن عبداللّه بن أبی الخلف الأشعری المتوفّی عام 301 أو 299ه_ و عبداللّه بن جعفر الحمیری الذی قدم الکوفة سنة تسع و تسعین ومائتین، و(محمد بن الحسن بن أحمد بن الولید المتوفّی عام 345ه_) ومحمّد بن علی ابن محبوب ومحمد بن یحیی العطار وأحمد بن إسحاق القمی وعلی بن بابویه وغیرهم من الذین رووا عنه و قبلوا منه و حفظوا وکتبوا وحدّثوا بکلّ ما أخذوا عنه.

أو لیس کلّ هذا یلازم کون ظاهر إبراهیم ظاهراً مأموناً، وکونه معروفاً عندهم باجتناب الکبائر وأداء الفرائض، إ ذ لو کان فیه خلاف بعض ذللک لاستبان، لأنّ نشر الحدیث لاینفکّ عن المخالطة المظهرة لکلّ خیر و سوء، ولو کان فیه بعضّ ذلک لم یجتمع هؤلاء الأعاظم علی التلقّی منه، والتحدّث عنه، فهذه العبارة مع هذه القرائن تفید العدالة علی الطریق الذی أوضحناه.

أضف إلی ذلک : أنّه کان یعیش فی عهد أحمد بن محمّد بن عیسی رئیس القمّیین فی وقته، وهو الذی أخرج أحمد بن محمّد بن خالد من قم لروایته عن الضعفاء، أولیست هذه القرائن بمنزلة قول النجاشی « ثقة» أو «عدل» أو « ضابط»، وبذلک یظهر أنّ قولهم حسنة إبراهیم بن هاشم أو صحیحته، لا وجه له بل المتعیّن هو الثانی.

2 _ نری أنّ الرجالیّین یعدّون الألفاظ التالیة من المدائح مع أنّها تدلّ بوضوح علی حسن الظاهر الکاشف عن الملکة فلاحظ قولهم: صالح، زاهد، خیّر، دیّن، فقیه أصحابنا، شیخ جلیل، أو مقدّم أصحابنا ، أو مایقرب من ذلک، فهل تجد من نفسک إطلاق هذه الألفاظ علی غیر من

[شماره صفحه واقعی : 174]

ص: 1628

اتّصف بحسن الظاهر؟ کلاّ، وکیف یکون الرجل صالحاً و یعدّ من الصلحاء إذا تجاهر ببعض المعاصی مع أنّه سبحانه یستعمل الصالح فی الطبقة العلیا من الناس، قال سبحانه:

(فَأُولئِکَ مَعَ الَّذِینَ أَنْعَمَ الّلهُ عَلَیْهِمْ مِنَ النَبِیّینَ وَالصِّدِّیْقِینَ وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحِینَ وَ حَسُنَ اُولئِکَ رَفِیقاً ) ( النساء / 69).

وقال سبحانه:

(وَسَیِّداً وَحَصُوراً ونبیّاً مِنَ الصَّالِحِینَ) (آل عمران/ 39). ولأجل ذلک قال الشهید فی شرح الدرایة بعد عدّ الوصف بالزهد و العلم والصلاح من أسباب المدح مالفظه: «مع احتمال دلالة الصلاح علی العدالة وزیادة».

وکیف یجتمع الزهد الحقیقی مع الفسق فی الظاهر، هل یصحّ لعالم رجالی توصیف الرجل بأنّه شیخ جلیل أو فقیه أصحابنا، أو وجههم، أو عینهم، مع أنّه لم یکن عند الواصف متّصفاً بحسن الظاهر؟وإذا ضمّ إلی حسن الظاهر الذی تکشف عنه هذه العبارات عدم طعن أحد فیه بشیء أو وصف بأنّه صاحب «أصل» أو «کتاب» ثمّ ذکروا طرقهم إلیه، یکون الرجل حسب هذه القرائن آخذاً بمجامیع الحسن فی الظاهر، الکاشف عن حسن السرائر.

3 _ إنّا لا نجد القدماء فرّقوا فی مقام العمل وفی موارد الترجیح عند التعارض بین من قیل فی حقّه بعض تلک المدائح وبین من وثّقوه صریحاً، ولم نر مورداً قدّموا الصحیح باصطلاح المتأخّرین علی حسَنهم عند التعارض، مع تقدیمهم إیّاه علی الموثّق والضعیف، فهذا الشیخ یطعن فی التهذیب والإستبصار عند التعارض بأنّ فیه فلاناً وهو عامّی أو فطحی أو واقفی أو

[شماره صفحه واقعی : 175]

ص: 1629

ضعیف، ولم نجده طعن فیه بأنّ فیه فلاناً الممدوح، وهذا یثبت أنّ الممدوح عند القدماء یقرب من العادل، وأنّهما من صنف واحد، وأنّ توصیف بعضهم بالوثاقة وآخر بالصلاح والزهد أو الدیانة أو غیرها تفنّن فی العبارة.

4 _ إنّا نری کثیراً من الأصحاب مشهورین بالعدالة والوثاقة مع أنّه لم یرد فی حقّهم إلاّ المدائح الواضحة الملازمة لحسن الظاهر، الکاشف عن ملکة الاجتناب، وإلیک نزراً یسیراً منهم:

أ _ هذا هو النجاشی یعرّف زرارة بن أعین بقوله : شیخ أصحابنا فی زمانه ومتقدّمهم وکان قارئاً، فقیهاً، متکلّماً، شاعراً، أدیباً، قداجتمعت فیه خصال الفضل والدین، صادقاً فی ما یرویه.(1)

ب _ وقال فی ترجمة أبان بن تغلب : عظیم المنزلة فی أصحابنا، لقی علی ابن الحسین وأبا جعفر وأبا عبداللّه (علیهم السلام)روی عنهم وکانت له عندهم منزلة وقدم(2).

ج _ وقال فی ترجمة برید بن معاویة ما هذا لفظه : وجه من وجوه أصحابنا وفقیه أیضاً، له محلّ عند الأئمّة(3).

د _ وقال فی ترجمة البزنطی: لقی الرضا وأبا جعفر _ علیهما السّلام_ ، وکان عظیم المنزلة عندهما(4).

ه_ _ وعرّف ثعلبة أبا إسحاق النحوی بقوله : کان وجهاً فی أصحابنا،

[شماره صفحه واقعی : 176]

ص: 1630


1- النجاشی: الرجال: 1/397 برقم 461.
2- النجاشی: الرجال: 1/73 برقم6.
3- النجاشی: الرجال: 1/281 برقم285.
4- النجاشی: الرجال: 1/202 برقم178.

قارئاً، فقیهاً، نحویّاً، لغویّاً، راویةً، وکان حسن العمل، کثیر العبادة والزهد(1).

و _ عرّف أحمد بن محمّد بن عیسی بقوله: شیخ القمّیین ووجههم وفقیههم(2).

ز _ وعرّف شیخه الحسین بن عبیداللّه بن الغضائری بقوله : شیخنا رحمه اللّه(3).

ح _ کما عرّف أبو یعلی الجعفری خلیفة الشیخ المفید بقوله : متکلّم فقیه(4).

ط _ کما اکتفی فی ترجمة الحسین بن سعید بذکر کتبه(5).

ی _ کما عرّف الرجالیّون موسی بن الحسن بن محمّد المعروف بابن کبریاء،بقولهم: کان مفوّهاً، عالماً، متدیّناً، حسن الإعتقاد و مع حسن معرفته بعلم النجوم، حسن العبادة والدین(6) فهذه الألفاظ الدالّة علی المدائح إن لم تدلّ علی حسن ظاهر الشخص، فهو کإنکار البدیهی ومع الدلالة تثبت العدالة.

ثمّ إنّ بعض المحققین من الرجالیین قد نبّه علی هذه النکتة قبل صاحب المستدرک فمنهم: السیّد الأجلّ بحر العلوم، قال فی ترجمة إبراهیم

[شماره صفحه واقعی : 177]

ص: 1631


1- النجاشی: الرجال: 1/294 برقم300.
2- النجاشی: الرجال: 1/216 برقم196.
3- النجاشی: الرجال: 1/190 برقم164.
4- النجاشی: الرجال: 2/333 برقم1071.
5- النجاشی: الرجال: 1/171 برقم135.
6- النجاشی: الرجال: 2/338 برقم1081.

ابن هاشم: «فلأنّ التحقیق أنّ (الحسن) یشارک (الصحیح) فی أصل العدالة، و إنّمایخالفه فی الکاشف عنها، فإنّه فی الصحیح هو التوثیق أو ما یستلزمه بخلاف الحسن فإنّ الکاشف فیه هو حسن الظاهر المکتفی به فی ثبوت العدالة علی أصحّ الأقوال، وبهذا یزول الإشکال فی القول بحجّیة الحسن مع القول باشتراط عدالة الراوی کما هو المعروف بین الأصحاب»(1).

وممّن نبّه علی هذه النکتة السیّد المحقّق الکاظمی فی شرح العدّة فقال _ بعد ذکر تلک الألفاظ _: وکذلک قولهم من «خواصّ الشیعة» کما قال أبو جعفر (علیه السلام)لحمدان الحضینی _ أخی محمّد بن إبراهیم الحضینی _: رحم اللّه أخاک _ یعنی محم_ّ_د _ فإنّه من خصّیصی شیعتی. ومن اکتفی فی العدالة بحسن الظاهر _ ولو فی تعریفها_ هان علیه الخطب(2).

وقال أیضاً:

« وعلی ما ذکر ( دلالة کثیر من المدائح علی حسن الظاهر الکاشف عن العدالة) یمکن دعوی اتّحاد اصطلاح القدماء مع المتأخّرین فی الصحیح، أو أعمّیّة الأوّل من جهة دخول الموثّق فیه».

ومن جمیع ذلک ظهر أنّه لا یجوز للمستنبط الإتّکال علی تصحیح الغیر وتحسینه و تضعیفه، بل الواجب علیه النظر والتأمّل فی ألفاظ المدح المذکورة فی التراجم، والنظر فی مدالیلها، وما تکتنفها من القرائن حتی

[شماره صفحه واقعی : 178]

ص: 1632


1- بحر العلوم: الرجال:1/460.
2- النوری: المستدرک: 3/775، روی الکشی عن حمدان الحضینی قال: قلت لأبی جعفر _ علیه السلام_: إنّ أخی مات. فقال: رحم اللّه أخاک فإنّه کان من خصّیصی شیعتی. الکشی: الرجال/471 برقم446.

یُستکشف منها حسن الظاهر الکاشف عن الملکة فیصیر الممدوح المصطلح ثقة، والخبر الحسن صحیحاً، وکیف یجوز الإعتماد علی الغیر فی هذا المقام مع هذا الإختلاف العظیم الذی فیهم من جهة فهم المدالیل حتی آل أمرهم فی بعضها إلی الحکم بطرفی الضدّ، کقول بعضهم فی قولهم «لابأس به»: إنّه توثیق، وآخر: إنّه لا یفید المدح أیضاً، وقال بعضهم : إنّ فی نفی البأس بأساً... وغیر ذلک.

روایة الأجلاّء عن الراوی المجهول:

هذا کلّه فی الشهادة القولیّة والألفاظ المعهودة المذکورة فی التراجم، وأمّا الشهادة الفعلیّة واستظهار حسن الظاهر، بل الوثاقة ابتداء منها نظیر الوثوق بعدالة الراوی الإمام من جهة صلاة العدول معه، فأحسنها وأتقنها وأجلّها فائدة فی المقام روایة الأجلاّء عن أحد، فإنّ التتبّع والاستقراء فی حال المشایخ یشهد بأنّ روایتهم عن أحد، واجتماعهم فی الأخذ عنه، قرینة علی وثاقته، وما کانوا یجتمعون علی الروایة إلاّ عمّن کان مثلهم، وإن روی أحدهم عن ضعیف فی مقام شهّروا به وصرّحوا باسمه، ورموه بنبال الضعف، وربّما وثّقوه، ثم یقولون: إنّه یروی عن الضعفاء، بحیث یستفاد منه أنّ الطریقة علی خلافه، فیحتاج النادر إلی التنبیه، فإذا کثرت الروایة من الأجلّة الثقات عن أحد، فدلالتها علی الوثاقة واضحة، ولنذکر بعض الشواهد من کلماتهم:

هذا هو النجاشی یذکر فی ترجمة عبد اللّه بن سنان بعد ذکر کتبه: إنّه روی هذه الکتب عنه جماعات من أصحابنا لعظمه فی الطائفة وثقته

[شماره صفحه واقعی : 179]

ص: 1633

وجلالته(1).

وهذه العبارة تشیر إلی إکثار الروایة، وکثرة النقل عن شخص ممّا یدلّ علی الوثاقة.

وقال الکشّی فی ترجمة محمد بن سنان: قد روی عنه الفضل بن شاذان، وأبوه، ویونس، ومحمد بن عیسی العبیدی، ومحمد بن الحسین بن أبی الخطاب، والحسن والحسین ابنا سعید الأهوازیّان، وأیّوب بن نوح وغیرهم من العدول والثقات من أهل العلم(2).

وهذا نصّ فی أن ّ روایة الأجلاّء عن أحد تنافی القدح فیه. إذ الکشّی إنّما ذکر هذه العبارة فی مقام الدفاع عن محمد بن سنان حیث طعنوا فیه وقدحوه،فدافع عنه بروایة العدول من أهل العلم عنه، وهذا یعرب عن أنّ روایة العدول لاتجتمع إلاّ مع کون الرجل ثقة.

ولأجل أنّ روایة الثقاة لا تجتمع مع القدح فی الراوی، ذکر النجاشی فی ترجمة جعفر بن محمد بن مالک بن عیسی، قال: أحمد بن الحسین ]ابن الغضائری[، کان یضع الحدیث وضعاً، ویروی عن المجاهیل، وسمعت من قال: کان أیضاً فاسد المذهب والروایة، ولا أدری کیف روی عنه شیخنا النبیل الثقة: أبو علی بن همام، وشیخنا الجلیل الثقة: أبو غالب الزراری، ولیس هذا موضع ذکره(3).

قال صاحب المعالم فی منتقی الجمان: ولولا وقوع الروایة من بعض

[شماره صفحه واقعی : 180]

ص: 1634


1- النجاشی: الرجال: 2/8 برقم 556.
2- الکشّی: الرجال: ص428.
3- النجاشی: الرجال: 1/302 برقم 311.

الأجلاّء عمّن هو مشهور بالضعف، لکان الاعتبار یقضی عدّ روایة من هو مشهور ومعروف بالثقة والفضل وجلالة القدر عمّن هو مجهول الحال ظاهراً، من جملة القرائن القویّة علی انتفاء الفسق عنه(1).

وقد اعتذر المحدّث النوری عمّا ذکره صاحب المنتقی بقوله: «إنّ روایة الجلیل عن المشهور بالضعف المقدوح بالکذب والوضع والتدلیس ممّا ینافی الوثاقة، نادرة جداً، وهی لا توجب الوهن فی الأمارة المستخرجة من سیرتهم وعملهم»(2).

ولعلّه لأجل ذلک یکثر البرقی فی رجاله فی حقّ المجاهیل بقوله: روی عنه فلان _ یعنی أحد الأجلاّء _ ولا داعی له إلاّ بیان اعتباره والإعتماد علیه بروایة الجلیل عنه.

ثمّ إنّه من المعلوم أنّ أحمد بن محمّد بن عیسی رئیس القمّیین أخرج الشیخ الجلیل أحمد بن محمد بن خالد البرقی من قم لروایته عن الضعفاء(3).

وترک الروایة عن سهل بن زیاد لاتّهامه بالغلو(4) ولم یرو عن الحسن بن محبوب لأجل اتّهامه بالروایة عن أبی حمزة الثمالی أو ابن أبی حمزة(5).

أتری أنّ مثل هذا الشیخ وأضرابه یروون عن غیر الثقة؟ وهذه سیرتهم مع الأجلاّء الذین رموا بالنقل عن الضعیف فکیف غیرهم.

[شماره صفحه واقعی : 181]

ص: 1635


1- الحسن بن زین الدین: منتقی الجمان: 1/36 فی الفائدة التاسعة.
2- النوری المستدرک : 3 الفائدة التاسعة: ص776.
3- الخلاصة: ص14، وفی النجاشی: 1/417 برقم488 إنّه أخرج سهل بن زیاد من قم.
4- النجاشی: الرجال: 1/417 برقم 488.
5- النجاشی: الرجال: 1/217 برقم 196، و فی الأخیر «ابن أبی حمزة» ولذلک أثبتنا فی المتن کلا الاحتمالین. نقله عن الکشی.

وقال النجاشی _ فی ترجمة جعفر بن بشیر البجلی الوشّاء _:إنّه من زهّاد أصحابنا وعبّادهم ونسّاکهم، وکان ثقة وله مسجد بالکوفة_ إلی أن قال _: کان أبو العباس بن نوح یقول: کان یلقّب ب_ «فقحة العلم»(1) روی عن الثقات ورووا عنه، فإنّ هذه العبارة مشعرة بما نتبنّاه(2).

ولأجل أنّ الروایة عن الضعفاء من أعظم المطاعن عندهم نری أنّ النجاشی یذکر فی حقّ عبد اللّه بن سنان قوله: ثقة من أصحابنا جلیل لا یطعن علیه فی شیء(3).

ویقول فی حقّ أحمد بن محمد (أبی علی الجرجانی): کان ثقة فی حدیثه ورعاً لا یطعن علیه(4).

ویقول فی حقّ علی بن سلیمان بن الحسن بن الجهم بن بکیر بن أعین: کان ورعاً ثقة فقیهاً لا یطعن علیه فی شیء(5).

وهذه العبارات تفید أنّ أصحاب هذه التراجم کانوا بُراء من الروایة عن الضعفاء لأنّ الروایة عنهم من أعظم المطاعن، ودلیل قولهم فی حقّ المترجم: صحیح الحدیث، إشارة إلی أنّهُ لا یروی عن الضعفاء.

وقد استظهر المحدّث النوری أنّ سیرة الرجالیّین التعرّض إلی المذهب: کالعامّیّة والفطحیّة والواقفیّة... کما أنّ سیرتهم التعرّض للروایة عن

[شماره صفحه واقعی : 182]

ص: 1636


1- فقحة العلم: أی زهرة العلم.
2- النجاشی: الرجال: 1/297 برقم 302.
3- النجاشی: الرجال: 2/80 برقم556، وفی الخلاصة:ص32 بعد هذه الکلمة لأنّه کان کثیر العلم.
4- النجاشی: الرجال: 1/226 برقم206.
5- النجاشی: الرجال: 2/86 برقم678.

الضعفاء، فعدم التعرّض لحال الراوی بشیء من الأمرین یفید براءة الرجل من هذا الطعن.

ثمّ استشهد بما ذکره الشهید فی الذکری فی بیان تصحیح الخبر من جهة وجود الحکم بن مسکین فی طریقه وقال: إنّ «الحکم» ذکره الکشّی ولم یتعرّض له بذمّ، وظاهره أنّ بنائهم علی ذکر الطعن لو کان فیه، فعدمه یدلّ علی عدمه(1).

وقال العلاّمة فی الخلاصة فی ترجمة أحمد بن إسماعیل بن سمکة بن عبد اللّه (أبو علی البجلی): عربی من أهل قم، کان من أهل الفضل والأدب والعلم _ إلی أن قال: _ ولم ینصّ علماؤنا علیه بتعدیل ولم یرو فیه جرح، فالأقوی قبول روایته مع سلامتها عن المعارض.

وهذه العبارة ترشد إلی أنّ الأصل _ إذا لم نجد فی ترجمة الرجل ما یدلّ علی الذمّ _ کونه ثقة.

وهذه إحدی الطرق لتشخیص وثاقة الراوی.

بعض المدائح الاُخر التی یستفاد منها الوثاقة:

ثمّ إنّ هناک مدائح فی حقّ کثیر من الرواة لم یعتن بها الرجالیون ولم یتلقّوها إلاّ کونها مدائح للراوی، مع أنّ دقّة النظر یرشدنا إلی أنّ کثیراً من هذه العبارات یستفاد منها العدالة والوثاقة، فإلیک نماذج منها:

[شماره صفحه واقعی : 183]

ص: 1637


1- النوری: المستدرک:3، الفائدة التاسعة ص776.

1 _ إسماعیل بن عبد الرحمان الجعفی:

إنّ الأصحاب لم یذکروه من الثقات مع أنّ المدائح الواردة فی حقّه تفید کونه منهم، وإلیک ما ذکروه فیه:

قال العلاّمة فی الخلاصة: وکان فقیهاً، وروی عن أبی جعفر الباقر (علیه السلام)، ونقل ابن عقدة أنّ الصادق (علیه السلام)ترحّم علیه، وحکی عن أبی نمیر أنّه قال: إنّه ثقة، وبالجملة فإنّ حدیثه أُعتمد علیه (1).

وقال النجاشی فی حقّ بسطام بن الحصین بن عبد الرحمان الجعفی: کان وجهاً فی أصحابنا وأبوه وعمومته، وکان أوجههم إسماعیل، وهم بیت بالکوفة من جعفی یقال لهم: بنو أبی سبرة(2).

فإنّ هذه العبارات تفید الطمأنینة بوثاقة الرجل، فلو لم یحصل من فقاهته و وجاهته وترحّمه _ علیه السلام _ علیه وتوثیق ابن نمیر إیّاه وإن کان عامّیاً: الوثوق بحسن ظاهره، فما الطریق إلی تحصیله؟ولأجل ذلک عدّ فی الوجیزة(3) حدیثه کالصحیح.

2 _ إسحاق بن إبراهیم الحضینی:

قال الکشی فی ترجمة الحسن بن سعید: هو الذی أدخل إسحاق بن إبراهیم الحضینی وعلی بن ریّان بعد إسحاق إلی الرضا (علیه السلام)وکان سبب

[شماره صفحه واقعی : 184]

ص: 1638


1- العلاّمة الحلّی: الخلاصة: ص8.
2- النجاشی: الرجال: 1/276 برقم 279.
3- المجلسی: الوجیزة کما فی المستدرک: 3/777.

معرفتهم لهذا الأمر، ومنه سمعوا الحدیث و به عرفوا، وکذلک فعل بعبد اللّه بن محمد الحضینی وغیرهم حتّی جرت الخدمة علی أیدیهم وصنّفوا الکتب الکثیرة(1).

روی الشیخ فی التهذیب بإسناده عن أحمد بن محمد، عن علی بن مهزیار، قال: کتبت إلی أبی جعفر (علیه السلام)اُعلمه أنّإسحاق بن إبراهیم وقف ضیعة علی الحجّ وأمر ولده وما فضل منها للفقراء...، فکتب _ علیه السلام_ : فهمت یرحمک اللّه ما ذکرت من وصیّة إسحاق بن إبراهیم _ رضی اللّه عنه_(2)، فإنّ ترضیة الإمام عنه وحسن عمله _ کوقف الضیعة _ کاشف عن حسن ظاهره المفید لوثاقته.

3 _ أحمد بن علی البلخی:

قال العلاّمة: «الرجل الصالح أجاز التلعکبری»(3) فلو لم یدلّ الصلاح علی حسن ظاهره ولم تُکشف سجیّته بالإجازة لمثل الشیخ الجلیل (التلعکبری) فبماذا یستدل علیه؟!

4 _ أحمد بن علی بن حسن بن شاذان القمّی:

قال النجاشی: شیخنا الفقیه حسن المعرفة، صنّف کتابین لم یصنّف غیرهما: کتاب «زاد المسافر» وکتاب «الأمالی»، أخبرنا بهما ابنه أبو الحسن _ رحمهما اللّه تعالی _ (4).

[شماره صفحه واقعی : 185]

ص: 1639


1- الکشّی: الرجال:ص461 برقم 423.
2- الطوسی: التهذیب: 9/238 برقم925 باب فی الزیارات.
3- العلاّمة الحلّی: الخلاصة:ص 19 برقم 35.
4- النجاشی: الرجال: 1/222 برقم 202.

5 _ أحمد بن موسی المعروف ب_ «شاه جراغ» المدفون فی شیراز یعرّفه الشیخ المفید فی إرشاده بقوله:

کان کریماً جلیلاً ورعاً، وکان أبو الحسن موسی (علیه السلام)یحبّه ویقدّمه، ووهب له ضیعته المعروفة بالیسیرة، یقال أنّه _ رضی اللّه عنه _ أعتق ألف مملوک(1).

وهذه الأوصاف والمناقب لاتنفکّ عن الوثاقة فکیف تنفک عن حسن الظاهر!

وأنت إذا سبرت الکتب الرجالیّة تجد عشرات من هذه الأوصاف والمناقب فی حقّ الرواة الذین لم یعدّوهم من الثقات العدول، بل حملوا علی المدح وجعلوا روایاتهم من القسم الحسن، مع أنّ الدقّة بل الإنصاف یحکم بکونهم من العدول والثقات، وبذلک تدخل کثیر من الروایات الحسان فی عداد الصحاح(2).

اکمال للمحقّق التستری: ولإکمال البحث نأتی بما ذکره المحقّق التستری فی المقام، قال: إنّ قولهم فلان صاحب الإمام الفلانی مدح ظاهراً، بل هو فوق الوثاقة، فإنّ المرء علی دین خلیله وصاحبه، فمن الضروری أنّ الأئمّة (علیهم السلام)لا یتّخذون صاحباً لهم إلاّ من کان ذا نفس قدسیّة، ویشهد بذلک أنّ غالب من وصف بذلک من الأجلّة کمحمد بن مسلم

[شماره صفحه واقعی : 186]

ص: 1640


1- المفید: الارشاد:ص 303 باب ذکر عدد أولاده.
2- قد اقتطفنا هذه النکات من الفائدة التاسعة للمحقّق النوری، وطلباً للإطمئنان راجعنا المصادر التی أشار إلیها مع ضبط رقم صفحاتها وأرقام أحادیثها.

وأبان بن تغلب صاحبی الباقر و الصادق _ علیهما السّلام_ ، وزکریا بن إدریس صاحب الکاظم (علیه السلام)، والبزنطی وزکریا بن آدم صاحبی الرضا (علیه السلام)،و أحمد بن محمد بن مطهر صاحب أبی محمد العسکری (علیه السلام).

وکذلک قولهم فلان خاصّی، فإنّ الظاهر أنّ المراد من خواصّ الشیعة لا أنّه إمامی فی قبال قولهم عامّی، فالشیخ وصف به محمد بن أحمد الصفوانی الثقة الفقیه الجلیل الذی باهل قاضی الموصل بین یدی ابن حمدان، فانتفخت ید القاضی لمّا قام ومات من غده.

وکذلک قول الشیخ فی رجاله فی کثیر من عناوین (من لم یرو) : فلان من أصحاب العیاشی، أو من غلمان العیاشی، ومنها فی ترجمة الکشی، وأحمد ابن یحیی بن أبی نصر الذی وثّقه فی الکنی، دالّ علی أنّه من العلماء الذین تخرّجوا علی یدیه، فکان أبو عمرو الزاهد معروفاً بغلام ثعلب لأنّه کان ملازمه ومرباه، وکان عضد الدولة یقول أنا غلام أبی علی الفارسی فی النحو، و غلام أبی الحسین الرازی فی النجوم، و قال النجاشی فی أحمد بن إسماعیل ابن عبداللّه: «وکان إسماعیل بن عبداللّه من غلمان أحمد بن أبی عبداللّه وممّن تأدّب علیه» (1).

[شماره صفحه واقعی : 187]

ص: 1641


1- محمد تقی التستری: قاموس الرجال :ص68 _ 69، الطبعة الحدیثة.

[شماره صفحه واقعی : 188]

ص: 1642

الفصل السابع : فی فرق المسلمین

اشارة

رؤوس فرق أهل السنّة:

1. أهل الحدیث

2. الخوارج

3. المرجئة

4. المعتزلة، الأُصول الخمسة للمعتزلة

5. الأشعریّة

فرق الشیعة:

1. الکیسانیّة

2. الزیدیّة (طوائف الزیدیّة)

3. المغیریّة

4. المحمّدیة

5. الناووسیّة

6. الإسماعیلیّة

7. السمیطیّة

8. الفطحیّة

9. الواقفیّة

10. الخطّابیّة

11. النصیریّة

12. الغلاة

13. الفرقة الحقّة الإثنا عشریّة

[شماره صفحه واقعی : 189]

ص: 1643

[شماره صفحه واقعی : 190]

ص: 1644

فی فرق المسلمین
اشارة

لقد تعرّفت علی أنّ الفرق بین الموثّق و الصحیح _ بعد اشتراکهما فی الوثاقة _ إنّما هو بالمذهب، فإذا کان الراوی معتقداً بالمذهب الصحیح، فالروایة صحیحة، وإلاّ فلو کان ثقة معتنقاً لمذهب غیر صحیح فالروایة موثقة، وهذا یلزمنا علی أن نورد الفرق الإسلامیة فی إطار ما جاء عنهم فی الکتب الرجالیة(1) حتی یقف المحدّث علی أصحاب هذه المذاهب وعقائدها علی وجه الإجمال، وإلاّ فالتفصیل فی أصل الفرق وعقائدها و کتبها وأصحابها موکول إلیکتب الملل والنحل(2).

[شماره صفحه واقعی : 191]

ص: 1645


1- البحث عن الفرق والمذاهب علم مستقلّ یتکفّله علم الملل والنحل، ومن أراد التوسّع فی معرفتها فعلیه الرجوع إلی مصادرها، غیر أنّه لمّا وصف الرواة فی غیر واحد من الکتب الرجالیة بما ینبئ عن نحلته ومذهبه، فلم نجد محیصاً عن الإشارة إلی تلک المذاهب التی ورد ذکرها فی ترجمة الرواة، ولأجل ذلک طوینا الصفح عن المذاهب التی لا صلة لها برواة الأحادیث.
2- وکفی القارئ فی هذا المجال موسوعتنا المنتشرة باسم «بحوث فی الملل والنحل».
رُؤوس فرق أهل السنة:
اشارة

رُؤوس فرق أهل السنة(1):

إنّ النوبختی _ و هو من أعلام القرن الثالث _ ذکر أنّ جمیع اُصول الفرق الإسلامیة أربع:

1 _ الشیعة.

2 _ المعتزلة.

3 _ المرجئة.

4 _ الخوارج(2).

وعلی ضوء هذا التقسیم : فأهل السنّة عبارة عن الفرق الثلاث الأخیرة، مع أنّ أهل السنّة فی الأجیال المتأخّرة عن عصر النوبختی لا یعترفون بذلک، بل یعدّون أنفسهم وراء الفرق الثلاث، وعلی کل تقدیر فنحن نأتی بفرقهم علی وجه یلائم کلمات المتأخّرین المؤلّفین فی الفرق الإسلامیة کأبی الحسن الأشعری(260_324ه_) مؤلّف «مقالات الإسلامیین واختلاف المصلّین»، أبی منصور البغدادی(ت 429ه_) مؤلّف «الفَرْق بین الفِرَق»، وابن حزم الظاهری الأندلسی(ت456ه_) مؤلّف «الفصل»، والشهرستانی(ت 548ه_) مؤلّف «الملل والنحل» وإلیک کلماتهم إجمالاً.

[شماره صفحه واقعی : 192]

ص: 1646


1- إنّ أهل الحدیث والسلفیین یتضایقون عن تسمیة المعتزلة والخوراج والمرجئة بل و الأشاعرة بأهل السنّة ویخصّونها بأهل الحدیث فقط، ولسنا فی هذا التقسیم ملتزمین باصطلاحاتهم، بل نطلقها فی مقابل الشیعة الذین یرون الإمامة بعد رسول اللّه مقاماً تنصیبیّاً، مقابل من یراها مقاماً انتخابیّاً، فأصحاب هذا القول کلّهم أهل السنّة ولا مشاحّة فی الاصطلاح.
2- النوبختی _ أبو محمّد الحسن_: فرق الشیعة: ص36، وظاهره:«إنّ اُصول الفرق الإسلامیة _ناجیة کانت أم لا _ هی الأربعة» ولکن البغدادی خصَّها ب_«فرق أهل الأهواء» لاحظ الفَرق بین الفِرَق: ص28.
1 _ أهل الحدیث:

أهل الحدیث هم الذین یعملون فی الاُصول و الفروع بظواهرها، ویرفضون العقل ویعدمونه فی مجال العقائد والمعارف، فالأصل عندهم هو السنّة، وافق العقل أم خالف، ولأجل ذلک اغترّوا ببعض الظواهر حتی أثبتوا للّه وجهاً، وعیناً، و کفّاً، وأصابع، وقدماً، ونفساً، وساقاً ...! لورودها فی السنّة من دون أن یمحّصوا سند الحدیث ودلالته.

وقد کان أهل الحدیث علی فرق مختلفة _ ذکرها السیوطی فی «تدریب الراوی»(1) فکانوا: بین مرجئ یری أنّ العمل لیس جزء من الإیمان، وإنّه لا تضرّ معه معصیة کما لاتنفع مع الکفر طاعة.

وإلی ناصبی یتجاهر بعداء علی (علیه السلام)وأهل بیته.

و إلی متشیّع یحب علیاً وأولاده، و یری الولاء فریضة نزل بها الکتاب، أو یری الفضیلة لعلی فی الإمامة والخلافة.

و إلی قدری ینسب محاسن العباد و مساوئهم و معاصیهم إلی أنفسهم ولا یسند أفعالهم إلی اللّه سبحانه.

و إلی جهمی ینفی کل صفة عن اللّه سبحانه، ویعتقد بخلق القرآن وحدوثه.

و إلی خارجی ینکر علی علی أمیرالمؤمنین (علیه السلام)مسألة التحکیم ویتبرّأ منه ومن عثمان و طلحة و الزبیر و عائشة و معاویة .

و إلی واقفی لایقول فی التحکیم أو فی حدوث القرآن وقدمه بشیء.

[شماره صفحه واقعی : 193]

ص: 1647


1- السیوطی: تدریب الراوی:1 /278 بتلخیص، وقد ذکرنا تفصیل أسمائهم فی الجزء الأوّل من کتابنا (بحوث فی الملل و النحل).

وإلی متقاعد یری لزوم الخروج علی أئمّة الجور و لا یباشره بنفسه.

إلی غیر ذلک من ذوی الأهواء والآراء الذین قضی علیهم الدهر وقضی علی آرائهم ومذاهبهم، وعندما وصل أحمد بن حنبل إلی قمّة الإمامة فی العقائد صار أهل الحدیث فرقة واحدة مجتمعین تحت لوائه، وتحت الاُصول التی طرحها، واستخرجها من الکتاب والسنّة.

لقد نجم بین أهل الحدیث القول بالتجسیم والتشبیه، کما نجم بینهم القول بالجبر وسلب الاختیار عن الإنسان، ومن أراد أن یقف علی آراء أهل الحدیث فعلیه الرجوع إلی المصادر التالیة:

1 _ رسالة أحمد بن حنبل فی عقائد أهل الحدیث، طبع باسم« السنّة».

2 _ رسالة الأشعری فی عقیدة أهل الحدیث، وقد جاءت الرسالة فی الباب الثانی من کتاب الإبانة، وهی تشتمل علی 51 أصلاً، وقد أدرجها فی کتابه الآخر أعنی «مقالات الإسلامیین» ص 320 _ 325 أیضاً .

3 _ ما ذکره أبو الحسین الملطی (ت 377ه_) م_ن الاُصول فی کتابه المعروف «التنبیه والردّ».

4 _ «العقیدة الطحاویّة» التی ألّفها أبو جعفر المعروف بالطحاوی المصری، وهی تشتمل علی 105 أصلاً.

2 _ الخ_وارج:

کل من خرج علی الإمام الحقّ یسمّی خارجیّاً، سواء أکان الخروج فی أیّام الصحابة أم کان بعدهم، وقد غلبت هذه التسمیة علی الذین خرجوا علی أمیرالمؤمنین (علیه السلام)أثناء حرب صفّین بعد مسألة التحکیم، و أشدّهم

[شماره صفحه واقعی : 194]

ص: 1648

خروجاً علیه و مروقاً من الدین: الأشعث بن قیس الکندی، ومسعر بن فدکی التمیمی، وزید بن حصین الطائی، حینما رأوا أنّ جیش معاویة رفعوا المصاحف علی رؤوس الرماح، ودعوا علیّاً (علیه السلام)وأنصاره إلی حکومة القرآن، وقالوا لعلی (علیه السلام): «القوم یدعوننا إلی کتاب اللّه، وأنت تدعونا إلی السیف!، لترجعنّ الأشتر عن قتالهم وإلاّ فعلنا بک مثل ما فعلنا بعثمان!» فاضطرّ إلی ردّ الأشتر عن ساحة القتال بعد أن شارف جیش معاویة علی الهزیمة ولم یبق منهم إلاّ شرذمة قلیلة فیهم حشاشة، فامتثل الأشتر أمره.

إنّ الخوارج حملوا الإمام علی قبول التحکیم بأن یبعث رجلاً من أصحابه ویبعث معاویة مثله من أصحابه حتی یتحاکما إلی القرآن ویعملا بحکمه وأمره، وعندما أراد الإمام أن یبعث عبداللّه بن عباس منعوه عن اختیاره، وقالوا: هو منک، وحملوه علی بعث أبی موسی الأشعری ، فجری الأمر علی خلاف ما رضی به.

ثمّ إنّ هؤلاء الذین أصرّوا علی التحکیم، خرجوا علیه ثانیاً بحجّة أنّ الإمام حکّم الرج_ال ولا حک_م إلاّ للّه، وهم المارقة الذین اجتمعوا بالنهروان ویقال لهم «الحروریّة».

وکبار الفرق من الخوارج عبارة عن: المحکّمة، الأزارقة، النجدات، البیهسیة، العجاردة، الثعالبة، الصفریّة، الإباضیّة، وقد أکل علیهم الدهر وشرب وأفناهم، ولم یبق منهم إلاّ الفرقة الأخیرة، وهم المعتدلة من بین فرق الخوارج، وهم _ فی هذه الأعوام الأخیرة _ یتبرأون من تسمیتهم بالخوارج، ویدّعون أنّهم لیسوا منهم وأنّهم من أتباع عبداللّه بن اباض.

ویجمع الفرق القول بالتبرّی من عثمان وعلی و یقدّمون ذلک علی کل

[شماره صفحه واقعی : 195]

ص: 1649

طاعة، ولا یصحّحون المناکحات إلاّ علی ذلک، ویکفّرون أصحاب الکبائر، ویرون الخروج علی الإمام إذا خالف السنّة حقّاً واجباً (1).

3 _ المرجئة:

الإرجاء بمعنی التأخیر والإمهال، قال سبحانه: (اَرْجِهْ وَاَخاهُ وَاَرْسِلْ فِی المَدَائِنِ حاشِرِینَ)(الأعراف / 111). ثم غلبت هذه اللفظة علی الّذین یهتمّون بالنیّة والإیمان القلبی ولا یهتمّون بالعمل، ویفسّرون الإیمان بأنّه قول بلا عمل، فکأنّهم یقدّمون القول ویؤخّرون العمل، فالإنسان یکون ناجیاً بإیمانه ولو لم یصلّ ولمیصم، وقد اشتهرت منهم هذه الکلمة:

«لا تضرّ مع الإیمان معصیة کما لا تنفع مع الکفر طاعة».

فقد کانت المرجئة من أخطر الطوائف علی الاُمّة الإسلامیّة، و قد نشأت بین السنّة والشیعة فکانوا یستهدفون الإباحیّة المطلقة فی الأخلاق والأعمال.

هذا مجمل القول فی المرجئة، والتفصیل موکول إلی محلّه.

4 _ المعتزلة :
اشارة

اتّفقت أصحاب الملل والنحل علی أنّ أساس الاعتزال یرجع إلی واصل بن عطاء، وکان یحضر مجلس الحسن البصری، وإلیک التعرّف علی الاُستاذ والتلمیذ.

[شماره صفحه واقعی : 196]

ص: 1650


1- الشهرستانی _ محمد بن عبد الکریم _: الملل والنحل: ص114 _ 115.

أمّا الاُستاذ فهو الحسن بن یسار المکنّی أبوه بأبی الحسن من سبی میسان(1) وانتقل هو وزوجته إلی المدینة وولد الحسن لهما بسنتین بقیتا من خلافة عمر بن الخطاب، وقد طعن عمر بن الخطاب یوم الأربعاء لأربع لیال بقین من ذی الحجة سنة «23ه_» و دفن یوم الأحد صباح هلال محرّم سنة «24ه_» (2).

وعلی ذلک فالحسن من موالید أوائل ع_ام «22ه_ » أو م_ن موالید أواخر سنة«21ه_» و توفّی فی البصرة مستهلّ رجب سنة«110ه_»(3)وعلی ذلک فقد توفّی عن عمر یتجاوز عن ثمانیة وثمانین بعدّة أشهر.

ومن المظنون جدّاً أنّ الشبهات التی نبتت فی قلوب المسلمین من الصحابة والتابعین قد نقلها هؤلاء السبایا من موالیدهم إلی دار هجرتهم، فقد کان العراق والشام ملتقی الحضارتین : الرومانیّة والفارسیّة، و کان العراقیّون متأثّرین بالفلسفة الفارسیّة الزرادشتیّة، کما کان الشامیّون متأثّرین بأفکار الرومانیّین وأصحاب الکنائس، فصارت العشرة والإختلاط بین المسلمین سبباً لطرح کثیر من المسائل والشبهات التی لم یکن المسلمون الأوائل واقفین علیها، و لیس من البعید تأثّر الحسن البصری بأبیه أبی الحسن _ أسیر میسان _ فی بعض المجالات(4).

[شماره صفحه واقعی : 197]

ص: 1651


1- قال الیاقوت فی مراصد الاطّلاع: میسان کورة واسعة کثیرة القری والنخل بین البصرة وواسط، قصبتها میسان، ففی هذه القریة قبر عزیر مشهور معروف یقوم بخدمته الیهود.
2- ابن سعد: الطبقات الکبری:2/365.
3- محمّد باقر الخونساری: روضات الجنات: 2/36.
4- لاحظ فی ترجمة الرجل علی وجه البسط والتفصیل کتاب حلیة الأولیاء:2/131 _ 169 لأبی نعیم الاصفهانی.

وأمّا التلمیذ، فقد تضافرت النصوص علی أنّه دخل رجل علی الحسن البصری، فقال: یا إمام الدین! لقد ظهرت فی زماننا جماعة یکفّرون أصحاب الکبائر، والکبیرة عندهم کفر یخرج به عن الملّة (وهم وعیدیّة الخوارج)، وجماعة یرجئون أصحاب الکبائر، والکبیرة عندهم لا تضرّ الإیمان،بل العمل علی مذهبهم لیس رکناً من الإیمان، ویقولون: لا تضرّ مع الإیمان معصیة کما لا تنفع مع الکفر طاعة(وهم المرجئة)، فکیف تحکم لنا فی ذلک؟

فتفکّر الحسن فی ذلک، وقبل أن یجیب بجواب، قال واصل بن عطاء: أنا لاأقول إنّ صاحب الکبیرة مؤمن مطلق، و لاکافر مطلق، بل منزلة بین المنزلتین، لا مؤمن و لا کافر، ثم اعتزل إلی اسطوانة من اسطوانات المسجد یقرّر ما أجاب به علی جماعة من أصحاب الحسن، فقال الحسن: اعتزل عنّاواصل، فسمّی هو وأصحابه «معتزلة»(1).

هذا ما یقوله الشهرستانی مؤلّف (الملل والنحل)، ویمکن أن یکون صحیحاً، لکنّ آراء المعتزلة فیما یرجع إلی التوحید و العدل و نفی الصفات الزائدة مأخوذة من خطب الإمام أمیرالمؤمنین (علیه السلام)وقد أثبتنا ذلک فی کتابنا «بحوث فی الملل والنحل» وإجمال ذلک: إنّ واصل بن عطاء کان تلمیذاً لأبی هاشم بن محمد ابن الحنفیّة، وحکی عن بعض السلف أنّه قیل: کیف کان علم محمّد بن علی؟ فقال: إذا أردت أن تعلم ذلک، فانظر إلی أثره واصل(2).

[شماره صفحه واقعی : 198]

ص: 1652


1- عبد الکریم الشهرستانی: الملل والنحل:1 /48.
2- القاضی عبد الجبار: فضل الإعتزال: ص234.

وأبو هاشم أخذ من أبیه المدعو محمّد بن الحنفیّة وهو عن علی (علیه السلام)و هؤلاء ینتمون کلّهم إلی علی (علیه السلام)ویصدرون عن رأیه وخطبه وکلمه(1).

الاُصول الخمسة للمعتزلة:

1 _ التوحید: و یراد منه إمّا نفی الصفات الزائدة عن اللّه تبارک و تعالی بمعنی عینیّتها لها، أو نیابة الذات عن الصفات، علی الفرق المعهود بینهما.

2 _ العدل و نفی الجبر عنه سبحانه.

3 _ المنزلة بین المنزلتین: بمعنی أنّ مرتکب الکبیرة لیس مؤمناً ولا کافراً بل منزلة بینهما.

4 _ الوعد والوعید: بمعنی لزوم العمل بالوعد والوعید، فلا یصحّ له سبحانه وتعالی أن یعد العباد و لا یفی، ویوعد ولا یعاقب.

5 _ الأمر بالمعروف و النهی عن المنکر.

ثم إنّ المعتزلة تشعّبت إلی فرق مختلفة، منها: الواصلیّة، الهذلیّة، الخابطیّة، البشریّة، المعمّریّة، المرداریّة، الثمامیّة، الهشامیّة، الجاحظیّة، الخیاطیّة، الجبائیّة، والبهشمیّة(2).

إنّ هذه الطوائف التی جاء بها الشهرستانی و أضرابه إنّما هی مسالک منسوبة إلی مشایخ المعتزلة، ولا یصحّ أن تعدّ کل واحدة فرقة و طائفة، لأنّ الاختلاف بین المشایخ طفیف، والحقّ تقسیم المعتزلة إلی مدرستین:

[شماره صفحه واقعی : 199]

ص: 1653


1- لاحظ مفاهیم القرآن:4 / 378 _ 381.
2- محمد بن عبد الکریم الشهرستانی: الملل والنحل: 1/46 _ 85.

1 _ البغدادیّة

2 _ البصریّة

والاختلاف بین المدرستین بعد الاشتراک فی الاُصول الخمسة لیس بقلیل.

5 _ الأشعریة:

والأشاعرة أصحاب أبی الحسن علی بن إسماعیل الأشعری وهو من ذرّیة أبی موسی الأشعری ولد عام 260ه_ و توفّی عام 324ه_ وقیل ثلاث و ثلاثون.

کان معتزلیّاً تلمیذاً للجبائی، ولکنّه رجع عن الإعتزال وأعلن اقتفاءه لمذهب أهل الحدیث و فی مقدّمتهم مذهب أحمد بن حنبل.

روی أنّه رقی یوم الجمعة کرسیّاً فی جامع البصرة ونادی بأعلی صوته: من عرفنی فقد عرفنی ومن لم یعرفنی فأنا اُعرّفه بنفسی أنا فلان بن فلان کنت أقول بخلق القرآن، و أنّ اللّه لا تراه الأبصار، وأنّ أفعال الشرّ أنا أفعلها، وأنا تائب مقلع معتقد للردّ علی المعتزلة. فخرج بفضائحهم ومعایبهم(1).

وقد أعلن أبوالحسن الأشعری عقیدته فی کتاب الإبانة وقال: «قولنا الذی نقول به، و دیانتنا التی نتدیّن بها: التمسّک بکتاب اللّه وسنّة نبیّه، وما روی عن الصحابة والتابعین وأئمّة الحدیث، ونحن بذلک معتصمون، وبما کان علیه أحمد بن حنبل _ نضّر اللّه وجهه و رفع درجته وأجزل مثوبته _ قائلون، ولمن خالف قوله، قوله مجانبون، لأنّه الإمام الفاضل الرئیس الکامل

[شماره صفحه واقعی : 200]

ص: 1654


1- ابن خلّکان: وفیات الأعیان:2/447.

الذی أبان اللّه به الحق عند ظهور الضلال»(1).

والشیخ الأشعری وإن أبان الالتحاق بمذهب أهل الحدیث ولکنّه لم یقف آثارهم فی کل ما یقولون ویرون، بل أسّس منهجاً بین مذهب أهل الحدیث والمعتزلة، وتصرّف فی الآراء التی تضادّ العقل السلیم من عقائد أهل الحدیث. مثلاً کان أهل الحدیث یقولون بقدم القرآن المتلو، وهو قال بقدم الکلام النفس، فاشترک معهم فی قدم کلام اللّه ولکن فسّره بالنفس دون المقروء والمتلوّ.

وأهل الحدیث کانوا یثبتون للّه الصفات الخبریة بنفس معانیها، والمراد بذلک: ما أخبر عنه الوحی من أنّ للّه وجهاً وعیناً و یداً فصارت النتیجة حسب عقیدتهم هی التجسیم، والشیخ الأشعری أثبتها للّه سبحانه لکن متقیّداً بقوله «بلا کیف»، فاشترک معهم فی حمل الصفات الخبریّة علی اللّه سبحانه بمعانیها، ولکن افترق عنهم بأنّ وجه اللّه تعالی أو ید اللّه أو عین اللّه مجرّدة عن الکیف، فلیس له وجه کوجه الانسان، أو عین کعین الإنسان، وبذلک أضفی علی مذهب أهل الحدیث صبغة التنزیه، ولوّنه حسب الظاهر وإن کان حسب الحقیقة لیست کذلک بل مذهبه بین الإبهام والتشبیه.

ومع ذاک فقد أثبت الرؤیة للّه یوم القیامة، وأقرّ به فی «مقالات الإسلامیّین» حیث قال: « إنّ اللّه سبحانه یُری بالأبصار یوم القیامة کما یری القمر لیلة البدر، یراه المؤمنون ولا یراه الکافرون!»(2).

[شماره صفحه واقعی : 201]

ص: 1655


1- الأشعری: الإبانة:ص18_ و فی نسخة «ولما خالف قوله مخالفون».
2- الأشعری: الإبانة:ص12 (طبعة الجامعة الإسلامیة بالمدینة المنوّرة)، ومقالات الإسلامیّین: ص322.

هذه هی رؤوس فرق أهل السنّة وإن کان أهل الحدیث لا یعدّون المعتزلة ولا المرجئة بل حتی الأشاعرة من فرق أهل السنّة، وقد تقدّم منّا أنّ احتکار هذا الاسم لجماعة خاصّة بخس بحقوق جمیع المسلمین ولا أقلّ بالنسبة إلی الفرق التی تقول فی مسألة الإمامة بالانتخاب، والرجوع إلی أهل الحلّ والعقد، فی مقابل الشیعة الذین یقولون بالتنصیب من اللّه سبحانه وتعالی، فالطائفة الاُولی بجمیع مسالکهم _ حسب تعبیرنا _ یعدّون من أهل السنّة وإن کان ذلک مرّاً فی ذائقة طائفة منهم.

فرق الشیعة:
اشارة

ونذکر فی المقام الفرق التی وردت أسماؤها فی الکتب الرجالیة، وأمّا الإحاطة بجمیع الفرق وعقائدهم فهی موکولة إلی کتب الملل والنحل . فنقول:

شیعة الرجل : أتباعه وأنصاره، ویقع علی الواحد والاثنین والجمع، والمذکّر والمؤنث، وقد غلب هذا الاسم علی من یتولّی علیّاً وأهل بیته _ علیهم السلام_ حتی صار لهم اسماً خاصّاً، والجمع أشیاع وشیع(1).

ثمّ إنّ الشیعة قد تطلق ویراد منها هذا المعنی الذی ذکره ذلک اللغوی، وقد تطلق علی من یشایع علیّاً فی دینه و مذهبه، و یأخذ عنه و عن أولاده رخصهم و عزائمهم، ویری أنّه الإمام المنصوص من جانب النبی

[شماره صفحه واقعی : 202]

ص: 1656


1- الفیروز آبادی: قاموس اللّغة: مادة «شیع».

الأکرم(صلی الله علیه وآله وسلم)علی الاُمّة فی یوم غدیر خمّ و فی مواطن اُخری حفظها التاریخ وذکرها المحدّثون و غیرهم(1).

والتشیّع بالمعنی الأوّل یعمّ المسلمین قاطبة ما عدا الخوارج والنواصب فإنّ المسلمین جمیعاً _ إلاّ من اُشیر إلیه _ یحبّ علیّاً وأولاده، وکیف لایکون کذلک فإنّ مودّته ومودّة أهل بیت النبی من فروض الکتاب وواجباته.

قال سبحانه: (قُلْ لا اَسْأَلُکُمْ عَلَیْهِ اَجْرَاً إلاّ المَوَدَّةَ فِی الْقُرْبی) (الشوری/23). نعم تختلف درجات حبّهم وولائهم لأهل البیت حسب اختلاف معرفتهم بکمالاتهم و مقاماتهم . فمن بلغ إلی ما بلغ إلیه الإمام الشافعی من المعرفة بمقاماتهم. یتهالک ویتفانی فی حبّهم و یقول الشافعی:

یا أهل بیت رسول اللّه حبّکم *** کفاکم من عظیم القدر أنّکم

فرض م_ن اللّه ف_ی القرآن أنزل_ه *** من لم یصلّ علیکم لا صلاة له

المقصود من الشیعة فی المقام لیس کل من یحبّ علیاً وأهل بیته بل المراد من یبایع علیاً بالإمامة ویری أنّه الوصی المختار للنبی الأکرم (صلی الله علیه وآله وسلم)لاغیر، وأنّ من تقدّم علیه فی الحکم إنّما تقدّم بوجه غیر مشروع، فهؤلاء هم الشیعة فی اصطلاح أصحاب المقالات والفرق.

وقد افترق المسلمون بعد رسول اللّه ثلاث فرق، و ذابت إحدی الفرق وبقیت فرقتان، یقول النوبختی _ من أعلام القرن الثالث _ (ذلک البحّاثة

[شماره صفحه واقعی : 203]

ص: 1657


1- نعم شذّت الجارودیّة عن الزیدیّة حیث قالوا: إنّ النبی نصّ علی علیّ _ علیه السلام _ بالوصف لا بالاسم.

الکبیر العارف بالفرق والمقالات) قبض رسول اللّه وهو ابن ثلاث وستین سنة، وکانت نبوّته(صلی الله علیه وآله وسلم)ثلاثاً وعشرین سنة، فافترقت الاُمّة ثلاث فرق:

1 _ فرقة منها سمّیت الشیعة، وهم شیعة علی بن أبی طالب، فاتّبعوه ولم یرجعوا إلی غیره، ومنهم افترقت صنوف الشیعة کلّها.

2 _ وفرقة ادّعت الإمرة وهم الأنصار، دعوا إلی عقد الأمر لسعد بن عبادة الخزرجی.

3 _ وفرقة مالت إلی أبی بکر بن أبی قحافة وتأوّلت فیه: أنّ النبی لم ینصّ علی خلیفة بعینه وأنّه جعل الأمر إلی الاُمّة تختار لنفسها من رضیت _ إلی أن قال _ فأوّل الفرق: الشیعة، وهم فرقة علی بن أبی طالب المسمّون بشیعة علی فی زمان النبی وبعده، معرّفون بانقطاعهم إلیه و القول بإمامته، منهم المقداد بن الأسود، وسلمان الفارسی، وأبوذر الغفاری، وعمّار بن یاسر، و من وافق مودّته مودّة علی (علیه السلام)وهم أوّل من سمّی باسم التشیّع من هذه الاُُمّة، لأنّ اسم التشیّع قدیم مثل شیعة إبراهیم وموسی و عیسی والأنبیاء صلوات اللّه علیهم أجمعین(1).

و کانت الشیعة تری علیّاً إماماً مفترض الطاعة بعد رسول اللّه(صلی الله علیه وآله وسلم)وأنّه یجب علی الناس القبول منه، والأخذ عنه، ولایجوز الأخذ عن غیره، وهو الذی وضع عنده النبی(صلی الله علیه وآله وسلم)من العلم ما یحتاج إلیه الناس من الدین والحلال والحرام وجمیع منافع دینهم و دنیاهم و مضارّها، وجمیع العلوم جلیلها ودقیقها، واستودعه ذلک کله، واستحفظه إیّاها، ولذا استحق الإمامة و]الجلوس[ مقام النبی، لعصمته و طهارة مولده و سابقته و علمه و سخائه

[شماره صفحه واقعی : 204]

ص: 1658


1- نسب هذین البیتین إلی الإمام الشافعی غیر واحد من الأعلام منهم: الإمام الحافظ ابن حجر فی صواعقه، والنبهانی فی شرفه، لاحظ الفصول المهمّة لشرف الدین العاملی ص229.

و زهده و عدالته فی رعیّته، و أنّ النبی(صلی الله علیه وآله وسلم)نصّ علیه وأشار إلیه باسمه، ونسبه، و عیّنه، وقلّد الاُمّة إمامته ونصّبه لهم علماً، وعقد له علیهم إمرة المؤمنین ، وجعله أولی الناس منهم بأنفسهم فی مواطن کثیرة مثل غدیر خمّ و غیره، و أعلمهم أنّ منزلته منزلة هارون من موسی إلاّ أنّه لانبی بعده، فهذا دلیل إمامته .. .(1).

کانت الشیعة کتلة واحدة _ بعد رحلة رسول اللّه(صلی الله علیه وآله وسلم)_ یشایعون علیّاً وأهل بیته إلی أن وقعت رزیّة الطف فاستشهد الإمام الطاهر الحسین بن علی _علیهما السّلام_ بید الطغمة الغاشمة من بنی اُمیّة، فقال جمهور الشیعة: بأنّ الإمام المنصوص بعد الحسین هو ولده زین العابدین و سیّد الساجدین علی بن الحسین _ علیهما السّلام_ (36 _ 95ه_).

وقال قلیل منهم: إنّ الإمام بعده هو محمد ابن الحنفیة ابن الإمام علی بن أبی طالب (علیه السلام). وهم المعروفون بالکیسانیّة، وإلیک التعریف بهم:

1 _ الکیسانیّة:

وهم القائلون بإمامة محمّد بن الحنفیّة(2)، ولکنّ أصحاب المقالات یذکرون أنّ الکیسانیّة اختلفت فی سبب إمامة محمد ابن الحنفیّة، فزعم بعضهم: أنّه کان إماماً بعد أبیه علی بن أبی طالب (علیه السلام)واستدلّ علی ذلک بأنّ علیّاً (علیه السلام)دفع إلیه الرایة یوم الجمل، وقال له:

[شماره صفحه واقعی : 205]

ص: 1659


1- أبو محمد حسن بن موسی _ النوبختی _: فرقالشیعة:ص22.
2- النوبختی: فرق الشیعة: ص37 لاحظ ذیل کلامه.

إطعنهم طعنَ أبیک تحمد***لاخیر فی الحرب إذا لم تزبد(1).

وقال آخرون منهم: إنّ الإمامة بعد علی (علیه السلام)کانت لابنه الحسن، ثم للحسین بعدالحسن، ثم صارت إلی محمد ابن الحنفیة بعد أخیه الحسین بوصیّة أخیه الحسین إلیه، حین خرج من المدینه إلی مکة حینما طولب بالبیعة لیزید بن معاویة.

ثمّ إنّ الکیسانیّة اختلفوا فی إمامة محمّد ابن الحنفیة بوجه آخر، فقال أصحاب أبی الکرد الضریر: إنّ محمد ابن الحنفیة حی لم یمت، وإنّه فی جبل رضوی وعنده عین من الماء، و عین من العسل، یأخذ منها رزقه، وعن یمینه أسد، وعن یساره نمر یحفظانه من أعدائه إلی وقت خروجه، وهو المهدی المنتظر، ومن القائلین بهذا القول کُثیر الشاعر وفی ذلک یقول :

ألا إنّ الأئمّ__ة م__ن قری__ش *** ولاة الح__قّ أربع__ة س__واء

عل_ی و الث_لاث__ة م__ن بنی___ه*** هم الأسباط لیس بهم خفاء

ف_سب_ط سب_ط إیم__ان وب___رّ *** و سب__ط غیّبت__ه ک__رب___لاء

وسبط لای_ذوق الم_وت حت_ی *** یقود الخی_ل یقدم_هم ل__واء

تغیّب لای_ری فی__هم زم_ان__اً *** برض_وی عن_ده عس_ل وم_اء

و ذهب الباقون من الکیسانیة إلی الإقرار بموت محمّد ابن الحنفیة، واختلفوا فی الإمام بعده، فمنهم من زعم: أنّ الإمامة بعده رجعت الی ابن

[شماره صفحه واقعی : 206]

ص: 1660


1- هو أبو عبد اللّه محمّد بن علی بن أبی طالب، واُمّه خولة بنت جعفر بن قیس من بنی حنیفة،وقد کان محمّد عالماً فاضلاً شجاعاً، وتوفّی سنة 81 ه_ (تهذیب التهذیب: 9/354).

أخیه علی بن الحسین زین العابدین، ومنهم من قال: برجوعها بعده إلی أبی هاشم عبداللّه بن محمّد ابن الحنفیة.

هذه هی الکیسانیّة وعقائدها، و قد ذکر الشیخ الأشعری فرقاً کثیرة لهم أنهاهم إلی إحدی عشرة فرقة(1). ولا یهمّنا فی المقام التفصیل.

2 _ الزیدیة:
اشارة

وهم أتباع زید بن علی بن الحسین (79_ 121) الذی اتفق علماء الإسلام علی جلالته و وثاقته و ورعه و علمه و فضله، قال شیخنا المفید:«کان زید بن علی بن الحسین عین إخوته بعد أبی جعفر (علیه السلام)وأفضلهم، وکان ورعاً عابداً فقیهاً سخیّاً شجاعاً ظهر بالسیف، یأمر بالمعروف و ینهی عن المنکر ، و یطلب ثارات الحسین».

وقد عدّه الشیخ فی رجاله تارة من أصحاب أبیه السجّاد، واُخری من أصحاب الإمام الباقر، وثالثة من أصحاب الإمام الصادق، وقال: مدنی تابعی قتل سنة 121ه_ وله 42 سنة(2)، ولمّا بلغه قتل عمّه بکی، وقال: إنّا للّه وإنّا إلیه راجعون، عنداللّه أحتسب عمّی، إنّه کان نعم العمّ، إنّ عمّی کان لدنیانا و آخرتنا،مضی عمّی شهیداً کالشهداء الذین ا ستشهدوا مع النبی وعلی والحسن والحسین.

هذا موقف أئمّتنا وعلمائنا مع زید المجاهد الثائر، ولا یعتدّ بإغراء

[شماره صفحه واقعی : 207]

ص: 1661


1- لا یدلّ هذا البیت علی مبدأ اعتقادی، ومن البعید أن تتشبّث فرقة به وتعتقد بخلافته بعد علی، مع رجوع جماهیر المسلمین إلی الحسن بن علی ثمّ إلی الحسین، وقد کان محمّد ابن الحنفیّة أطوع الناس لأخیه الحسین من طاعة الظلّ لذی الظلّ، وهذه الفرقة لم تکن لها وجود إلاّ فی مخیّلة کتّاب الفرق والمقالات.
2- أبو الحسن الأشعری : مقالات الإسلامیّین: ص18 _23 (الطبعة الثالثة)، وأبو منصور عبد القاهر البغدادی (ت 429):الفَرق بین الفِرق : 38 _ 39، النوبختی: فرق الشیعة: ص41_59.

المفسدین وإرجاف المرجفین الذین یتّهمون الشیعة الإمامیّة بعدم الولاء والودّ لزید الثائر، مع أنّه لم یشکّ أحد من علمائنا فی زهده وورعه وخلوصه وجهاده ونضاله فی سبیل اللّه، وأنّه لم تکن الغایة لدیه إلاّ أخذ الحقّ من المتغلّبین علیه وتسلیمه إلی أهله، ولأجل ذلک خرج باسم الرضا من آل محمّد (صلی الله علیه وآله وسلم)، فظنّ الجهّال أنّه یرید نفسه.

وهذا ابنه یحیی بن زید یصف أباه ویقول: إنّ أبی لم یکن بإمام ولکن کان من السادة الکرام وزهّادهم، وکان من المجاهدین فی سبیل اللّه. قال الراوی: قلت لیحیی: إنّ أباک قد ا دّعی الإمامة، وخرج مجاهداً وجاء عن رسول اللّه فی من ادّعی الإمامة کاذباً، فقال: مه! إنّ أبی کان أعقل من أن یدّعی ما لیس بحقّ له، وإنّما قال: أدعوا إلی الرضا من آل محمّد (صلی الله علیه وآله وسلم)عنّی بذلک عمّی جعفراً (علیه السلام). قال الراوی: فهو الیوم صاحب الأمر(1).

وأمّا شهادته فقد خرج زید أیام هشام بن عبد الملک، وبایعه خمسة عشر ألف رجل من أهل الکوفة خرج بهم علی والی العراق، وهو یوسف بن عمر الثقفی، عامل هشام بن عبد الملک، وخذله المبایعون فی الحرب، ولم یبق معه إلاّ نفر قلیل، وقاتلوا جند یوسف بن عمر حتی قُتِلوا عن آخرهم، وقُتِل زید، ودفن لیلاً ثمّ نبش قبره وصلب ثمَّ اُحرق(2).

وقال یحیی بن زید فی رثاء أبیه زید لمّا قتل بالکوفة:

خلیلی عنّی بالمدینة بلّغا *** بنی هاشم أهل النهی والتجارب

[شماره صفحه واقعی : 208]

ص: 1662


1- لاحظ فی الوقوف علی مصادر هذه النصوص وغیرها ممّا تعرب عن موقف أئمّة ا لشیعة تجاه قیام زید الشهید، تنقیح المقال: 1/467 _ 469.
2- الأشعری: مقالات الإسلامیّین: ص65.

فحتّی متی مروان یقتل منکم *** خیارکم والدهر جمّ العجائب

وحتّی متی ترضون بالخسف منهم *** وکنتم اُباة الخسف عند التحارب

لکلّ قتیل معشر یطلبونه *** ولیس لزید بالعراقین طالب

ثمّ خرج ابنه یحیی بن زید بعده فی أیّام الولید بن یزید بن عبد الملک، فوجّه إلیه نصر بن سیّار صاحب خراسان برئیس شرطته سلَم بن اَحْوز المازنی فقتله.

وهذا دعبل الخزاعی یرثی یحیی بن زید بقوله:

قب_ور بکوف__ان و اُخ_ری بطیب_ة *** واُخ_ری بف__خّ ن_اله_ا صلوات__ی

واُخری بأرض الجوزجان محلّها *** واُخری بباخمری لدی الغربات

ویرید بالقبور التی بأرض الجوزجان یحیی بن زید ومن قتل معه.

ثمّ توالی الخروج بعدهما، ذکر أسماءهم الشیخ الأشعری فی «مقالاته» کما ذکر للزیدیّة ستّ فرق، هی:

الجارودیّة ، والسلیمانیّة، والبتریّة، والنعیمیّة، والیعقوبیّة، وفرقة سادسة ذکر عقیدتهم من دون أن یسمّیهم باسم(1).

ولمّا کان الفارق أو الفوارق بین أکثر هذه الفرق الستّ طفیفاً لا یصحّ أن یعدّ کل فارق مسلکاً، وأصحابه فرقة، ولأجل ذلک اکتفی البغدادی بذکر فرق ثلاث، ونحن نقتفی أثره:

[شماره صفحه واقعی : 209]

ص: 1663


1- الأشعری: مقالات الإسلامیّین: ص66 _ 69.
أ _ الجارودیّة:

أتباع أبی الجارود، وهو زیاد بن المنذر، وقال النجاشی: الهمدانی الخارفی الأعمی، کوفی من أصحاب أبی جعفر، وتغیّر لمّا خرج زید(1).

وقال النوبختی: زیاد بن المنذر هو الذی یسمّی أبا الجارود، ولقّبه محمّد بن علی الباقر (علیهما السلام): سرحوباً، و ذکر أنّ سرحوباً شیطان أعمی یسکن البحر، وکان أبو الجارود أعمی البصر، أعمی القلب(2).

وافترقت الجارودیّة فرقتین، فرقة قالت: إنّ علیّاً نصّ علی إمامة ابنه الحسن ثمّ نصّ الحسن علی إمامة أخیه الحسین بعده، ثمّ صارت الإمامة بعد الحسن والحسین شوری فی أولاد الحسن والحسین، فمن خرج منهم شاهراً سیفه، داعیاً إلی دینه وکان عالماً وعارفاً فهو الإمام.

وزعمت الفرقة الثانیة: أنّ النبی نصّ علی إمامة الحسن بعد علی، وإمامة الحسین بعد الحسن.

قال أبو الحسن الأشعری: إنّ الجارودیة یزعمون أنّ النبی نصّ علی علی بن أبی طالب بالوصف لا بالتسمیة، فکان هو الإمام من بعده، وإنّ الناس ضلّوا وکفروا بترکهم الإقتداء به بعد الرسول (صلی الله علیه وآله وسلم) (3).

ب _ السلیمانیّة أو الجریریّة:

هؤلاء أتباع سلیمان بن جریر الزیدیّ الذی قال: إنّ الإمامة شوری

[شماره صفحه واقعی : 210]

ص: 1664


1- النجاشی: الرجال: 1/388 برقم 446.
2- النوبختی: فرق الشیعة: ص55.
3- الأشعری: مقالات ا لإسلامیّین :ص67.

وأنّها تنعقد بعقد رجلین من خیار الاُمّة، وأجاز إمامة المفضول، وأثبت إمامة أبی بکر وعمر، وزعم أنّ الأُمّة ترکت الأصلح فی البیعة لهما، لأنّ علیّاً کان أولی بالإمامة منهما إلاّ أنّ الخطأ فی بیعتهما لم یوجب کفراً ولا فسقاً، وکان سلیمان ابن جریر یقدم علی عثمان ویکفّره عند الأحداث التی نقمت علیه.

ج _ البتریّة:

هؤلاء أتباع رجلین أحدهما الحسن بن صالح بن حیّ (100 _ 168ه_) والآخر کثیر النوّاء الملقّب بالأبتر، وقولهم کقول سلیمان بن جریر فی هذا الباب غیر أنّهم توقّفوا فی عثمان ولم یقدموا علی مدحه ولا علی ذمّه.

و بالجملة، أنّ البتریّة والسلیمانیّة من الزیدیّة علی طرفی النقیض من الجارودیّة، لأنّ الأخیرة تکفّر الخلیفتین دونهما.

وقد اجتمعت الفرق الثلاث فی أنّ أصحاب الکبائر من الأُمّة یکونون مخلّدین فی النار(1) ، وهذه رؤوس فرق الزیدیّة، وهم المنتشرون فی الحجاز والیمن وعمان الیوم.

3 _ المغیریّة:

اتّفقت جماهیر الشیعة علی أنّ الإمام بعد السجّاد هو ابنه أبو جعفر الباقر، وبعده ولده جعفر الصادق _ علیهم السلام _ ، وفی هذه المرحلة نشأت فرقة

[شماره صفحه واقعی : 211]

ص: 1665


1- عبد القاهر البغدادی: الفَرق بین الفِرق: ص30 _ 33، وما ذکره فی حقّ الفرق تلخیص لما ذکره أبو الحسن الأشعری فی مقالات الإسلامیّین :ص66 _ 69، والبغدادی وضع کتابه علی أساس مقالات الإسلامیّین لکن بتلخیص و تغییر فی ا لتعبیر.

باسم المغیریّة.

وهم أصحاب المغیرة بن سعید من أصحاب الإمام الباقر (علیه السلام)یقولون: إنّ أبا جعفر _ علیه السلام _ أوصی إلیه فهم یأتمّون به إلی أن یخرج المهدی، والمهدی عندهم هو محمّد بن عبد اللّه بن الحسن بن الحسن بن علی بن أبی طالب _ رضوان اللّه علیهم _ وزعموا أنّه حیّ مقیم بجبال ناحیة حاجر، وأنّه لا یزال مقیماً هناک إلی أوان خروجه، وقد تضافرت الروایات من طرقنا فی ذمّ المغیرة بن سعید.

روی الکشّی عن أبی یحیی الواسطی، قال: قال لی أبو الحسن الرضا _علیه السلام _: کان المغیرة بن سعید یکذب علی أبی جعفر فأذاقه اللّه حرّ الحدید، وتنصّ الروایات علی أنّه کان من الغلاة، فروی عبد اللّه بن مسکان مرسلاً عن الصادق _ علیه السلام _ أنّه قال: لعن اللّه المغیرة بن سعید إنّه کان یکذب علی أبی فأذاقه اللّه حرّ الحدید، ولعن اللّه من قال فینا ما لا نقوله فی أنفسنا، ولعن اللّه من أزالنا عن العبودیّة للّه الذی خلقنا وإلیه مآبنا ومعادنا وبیده نواصینا.

روی هشام بن الحکم أنّه سمع أبا عبد اللّه (علیه السلام)یقول: لا تقبلوا علینا حدیثاً إلاّ ما وافق القرآن والسنّة أو تجدون معه شاهداً من أحادیثنا المتقدّمة، فإنّ المغیرة بن سعید دسَّ فی کتب أصحاب أبی، فاتّقوا اللّه ولا تقبلوا علینا ما خالف قول ربّنا وسنّة نبیّنا، فإنّا إذا حدّثنا قلنا: قال اللّه _ عزّ وجلّ _ وقال رسول اللّه.

وروی هشام بن الحکم أنّه سمع أبا عبد اللّه _ علیه السلام _ یقول: کان المغیرة بن سعید یتعمّد الکذب علی أبی، ویأخذ کتب أصحابه، وکان أصحابه _ المستترون بأصحاب أبی _ یأخذون الکتب من أصحاب أبی

[شماره صفحه واقعی : 212]

ص: 1666

فیدفعونها إلی المغیرة، فکان یدسّ فیها الکفر والزندقة ویسندها إلی أبی _علیه السلام_ ثمّ یدفعها إلی أصحابه فیأمرهم أن یبثّوها فی الشیعة، فکلّما کان فی کتب أصحاب أبی من الغلوّ فذاک ممّا دسّه المغیرة بن سعید فی کتبهم(1).

وذکره الطبری فی تاریخه تحت عنوان «خروج المغیرة بن سعید فی نفر» أنّه خرج بظاهر الکوفة فی إمارة خالد بن عبد اللّه القسری، فظفر به فأحرقه وأحرق أصحابه سنة 119ه_(2).

ومن ذلک یعلم أنّ الأخبار المدسوسة فی کتب أصحاب الأئمّّة کانت راجعة إلی العقائد والمعارف لا الأحکام، وهذا یفیدنا فی حجّیة خبر الواحد فی مجال الفروع، وأنّ الطرف للعلم الإجمالی بالدسّ والکذب هو ما یرجع إلی مقامات الأنبیاء والأئمّة لا الأحکام العملیّة.

4 _ المحمّدیة:

قال أبو المنصور: هؤلاء ینتظرون محمّد بن عبد اللّه بن الحسن بن الحسن بن علیّ بن أبی طالب ولا یصدّقون بقتله ولا بموته، ویزعمون أنّه فی جبل حاجر من ناحیة نجد، وکان المغیرة مع ضلالاته فی التشبیه یقول لأصحابه: إنّ المهدی المنتظر محمّد بن عبد اللّه بن الحسن بن الحسن.

ثمّ إنّ إبراهیم بن عبد اللّه _ أخو محمّد _ استولی علی البصرة واستولی أخوهما الثالث _ وهو إدریس بن عبد اللّه _ علی بعض بلاد المغرب، وکان

[شماره صفحه واقعی : 213]

ص: 1667


1- الکشّی: الرجال: 196 برقم 103، و قد جمع المامقانی مجموع ما ورد من الذمّ فی حقّ الرجل فی رجاله، لاحظ: تنقیح المقال: 3/235 _ 237.
2- أبو جعفر الطبری: التاریخ: 5/456.

ذلک فی زمان الخلیفة أبی جعفر المنصور، فبعث المنصور إلی حرب محمّد بن عبد اللّه بعیسی بن موسی فی جیش کثیف، وقاتلوا محمّداً بالمدینة وقتلوه فی المعرکة، ثمّ أنفذ بعیسی بن موسی إلی حرب إبراهیم بن عبد اللّه فقتلوه بباخمری علی ستّة عشر فرسخاً من الکوفة، ومات إدریس بن عبد اللّه بأرض المغرب، ومات عبد اللّه بن الحسن والد أُولئک الإخوة الثلاثة فی سجن المنصور، وقبره بالقادسیّة، وهو مشهد معروف یزار.

فهذه الطائفة یقال لهم: المحمّدیة لانتظارهم محمّد بن عبد اللّه بن الحسن(1).

وفیهم یقول أبو الحسن الأشعری: إنّ من الرافضة من یقول: إنّ الإمام بعد أبی جعفر، محمّد بن عبد اللّه بن الحسن الخارج بالمدینة، وزعموا أنّه المهدی (2) ویظهر من العلاّمة فی الخلاصة: أنّ المغیرة بن سعید کان یدعو إلی محمّد بن عبد اللّه بن الحسن فی أوّل أمره(3).

أقول:عدّ الشیخ _ فی رجاله _ محمّد بن عبد اللّه من أصحاب الصادق _علیه السلام _ ، قتل سنة 145ه_ بالمدینة وهو الملقّب ب_ :النفس الزکیّة،وأمّا عبد اللّه بن الحسن فعدّه الشیخ فی رجاله من أصحاب الصادق (علیه السلام)، وعدّه ابن داود من أصحاب الباقر والصادق _علیهما السّلام_.وفی عمدة الطالب: إنّ عبد اللّه هذا هو المحض(4)، وهؤلاء من أهل بیت النبوّة ثاروا علی المتغلّبین علی الحقّ وقد کثرت القالة فی حقّهم، وأنّهم ادّعوا الإمامة والقیادة، لکنّ

[شماره صفحه واقعی : 214]

ص: 1668


1- البغدادی: الفرق بین الفرق: ص57 _ 58.
2- الأشعری: مقالات الإسلامیّین:ص30.
3- العلاّمة الحلّی: الخلاصة:ص 261 القسم الثانی الباب الثامن عشر برقم 9.
4- جمال الدین بن مهنّا: عمدة الطالب: ص101.

القضاء القطعی یحتاج إلی استقصاء واف وهو خارج عن موضوع البحث.

5 _ الناووسیّة:

وهم أتباع رجل من أهل البصرة یقال له فلان بن فلان الناووس، وهم یعتقدون بإمامة جعفر الصادق _ علیه السلام _ غیر أنّهم زعموا أنّه لم یمت وأنّه المهدی، ورووا عنه (علیه السلام)أنّه قال: إن جاءکم من یخبرکم عنّی أنّه غسّلنی وکفّننی فلا تصدّقوه فإنّی صاحبکم صاحب السیف(1).

وقال الأشعری: إنّ هؤلاء یعتقدون أنّ جعفر بن محمّد حیّ لم یمت ولا یموت حتی یظهر أمره، وهو القائم المهدی، وهذه الفرقة تسمّی الناووسیّة، لقّبوا برئیس لهم یقال له عجلان بن ناووس من أهل البصرة(2).

ویظهر من مؤلّف «الحور العین»: أنّهم نسبوا إلی قریة ناووس(3).

إنّ جماهیر الشیعة قالوا بأنّ الإمام بعد جعفر الصادق هو ابنه موسی الکاظم (علیه السلام)غیر أنّه فی تلک المرحلة تکوّنت عدّة فرق فی موضوع الإمامة بعد الإمام الصادق، و إلیک الإشارة إلیها:

6 _ الإسماعیلیّة:

قالت الإسماعیلیّة بأنّ الإمام بعد جعفر الصادق (علیه السلام)هو ابنه إسماعیل، وافترق هؤلاء فرقتین: فرقة منتظرة لإسماعیل بن جعفر مع اتّفاق

[شماره صفحه واقعی : 215]

ص: 1669


1- النوبختی: فرق الشیعة :ص67.
2- البغدادی: الفرق بین الفرق: ص61، والأشعری: مقالات الإسلامیّین: ص25.
3- سعید بن نشوان الحمیری: الحور العین ص162، ولاحظ المامقانی: مقباسالهدایة: ص141.

أصحاب التواریخ علی موت إسماعیل فی حیاة أبیه.

قال النوبختی: «الإسماعیلیّة»: فرقة زعمت أنّ الإمام بعد جعفر بن محمّد، ابنه إسماعیل بن جعفر، وأنکرت موت إسماعیل فی حیاة أبیه وقالوا: کان ذلک علی جهة التلبیس من أبیه علی الناس لأنّه خاف ]علیه[ فغیّبه عنهم، وزعموا أنّ إسماعیل لا یموت حتّی یملک الأرض ویقوم بأمر الناس، وأنّه هو القائم، لأنّ أباه أشار إلیه بالإمامة بعده وقلّد ذلک له، وأخبرهم أنّه صاحبه، والإمام لا یقول إلاّ الحقّ، فلمّا ظهر موته علمنا أنّه قد صدق، وأنّه القائم، وأنّه لم یمت، وهذه الفرقة هی: الإسماعیلیّة الخالصة(1).

وفرقة قالت: کان الإمام بعد جعفر حفیده محمّد بن إسماعیل بن جعفر، حیث إنّ جعفراً نصّب ابنه إسماعیل للإمامة بعده، فلمّا مات إسماعیل فی حیاة أبیه علمنا أنّه إنّما نصّب ابنه إسماعیل للدّلالة علی إمامة ابنه محمّد بن إسماعیل، وإلی هذا القول مالت الباطنیّة من الإسماعیلیّة(2) وهم القرامطة.

7 _ السمیطیّة:

وهم القائلون: إنّ الإمام بعد جعفر، محمّد بن جعفر ثمّ هی فی ولده من بعده، وهم السمیطیّة، نسبوا إلی رئیس لهم یقال له: یحیی بن أبی سمیط(3).

[شماره صفحه واقعی : 216]

ص: 1670


1- النوبختی: فرق الشیعة :ص68.
2- البغدادی : الفَرق بین الفِرق: ص62 _ 63، والأشعری: مقالات الإسلامیّین: ص26 _ 27 وأضاف أنّ هذا الصنف یدعون المبارکیّة.
3- الأشعری: مقالات الاسلامّیین: ص 27، والبغدادی: الفرق بین الفرق:ص61، والمامقانی: مقباس الهدایة :ص141.
8 _ الفطحیّة:

وهم القائلون بإمامة الأئمّة الإثنی عشر مع عبد اللّه بن الأفطح بن الصادق (علیه السلام)یدخلونه بین أبیه وأخیه (الإمام الکاظم)، وعن الشهید _رحمه اللّه_ : إنّهم یدخلونه بین الکاظم والرضا (علیهما السلام)، وقد کان أفطح الرأس، وقیل أفطح الرجلین، وإنّما دخلت علیهم الشبهة لما رووا عن الأئمّة: الإمامة فی الأکبر من ولد الإمام، ثمّ منهم من رجع عن القول بإمامته لمّا امتحنوه بمسائل من الحلال والحرام ولم یکن عنده جواب، ولمّا ظهرت منه الأشیاء التی لا تنبغی أن تظهر من الإمام، ثم إنّ عبد اللّه مات بعد أبیه بسبعین یوماً، فرجع الباقون _ الشذّاذ منهم _ عن القول بإمامته إلی القول بإمامة أبی الحسن موسی (علیه السلام)وبقی شذّاذ منهم علی القول بإمامته، وبعد أن مات قالوا بإمامة أبی الحسن موسی (علیه السلام)(1).

وقد أسماهم أبو الحسن الأشعری ب_:العمّاریّة وقال: وأصحاب هذه المقالة منسوبون إلی زعیم منهم یسمّی: عمّاراً (2)، ولعلّ المراد منه هو: عمّار بن موسی الساباطی من رؤساء الفطحیّة. قال الشیخ الطوسی: عمّار بن موسی الساباطی وکان فطحیّاً له کتاب کبیر جیّد معتمد(3).

9 _ الواقفیّة:

وهم الذین وقفوا علی الإمام الکاظم (علیه السلام)،وربّما یطلق علیهم

[شماره صفحه واقعی : 217]

ص: 1671


1- النوبختی: فرق الشیعة :ص88 _ 89.
2- عبد اللّه المامقانی: مقباس الهدایة: ص141.
3- الأشعری: مقالات الإسلامیّین: ص28، عبد اللّه المامقانی: تنقیح المقال: 2/319.

«الممطورة»، وإنّما وقفوا علی الکاظم بزعم أنّه القائم المنتظر.

قال النوبختی: إنّ وجوه أصحاب أبی عبد اللّه ثبتوا علی إمامة موسی ابن جعفر _ علیهما السّلام_، حتّی رجع إلی مقالتهم عامّة من کان یقول بإمامة عبد اللّهبن جعفر (الفطحیّة)، فاجتمعوا جمیعاً علی إمامة موسی بن جعفر، ثمّ إنّ جماعة من المؤمنین بموسی بن جعفر بعد ما مات فی حبس الرشید صاروا خمس فرق، فمن قال مات ورفعه اللّه إلیه وأنّه یردّه عند قیامه، فسمّوا هؤلاء: الواقفیّة(1).

وقد کان بدء الواقفة انّه اجتمع عند بعض الشیعة ثلاثون ألف دینار زکاة أموالهم وما کان یجب علیهم فیها، فحمّلوها إلی وکیلین لموسی الکاظم (علیه السلام)أحدهما: حیّان السراج و آخر کان معه، وکان موسی الکاظم (علیه السلام)فی الحبس، فاتّخذوا بذلک دوراً وعقاراً واشتروا الغلاّت، فلمّا مات موسی وانتهی الخبر إلیهما أنکرا موته، وأذاعا فی الشیعة أنّه لایموت لأنّه القائم، فاعتمدت علیهما طائفة من الشیعة، وانتشر قولهما فی الناس، حتّی کان عند موتهما أوصیا بدفع المال إلی ورثة موسی الکاظم(علیه السلام)، واستبان للشیعة أنّهما قالا ذلک حرصاً علی المال(2).

وقال الأشعری: هذا الصنف یدعون الواقفة لأنّهم وقفوا علی موسی ابن جعفر ولم یجاوزوه إلی غیره، وبعض مخالفی هذه الفرقة یدعوهم بالممطورة، وذلک أنّ رجلاً منهم ناظر یونس بن عبد الرحمان فقال له یونس: أنتم أهون علیّ من الکلاب الممطورة، فلزمهم هذا النبز. ورّبما یطلق علیهم:

[شماره صفحه واقعی : 218]

ص: 1672


1- النوبختی: فرق الشیعة :ص89 _ 91.
2- الکشّی: الرجال :390 برقم 329.

الموسویّة(1).

10 _ الخطّابیّة:

وهم أتباع محمّد بن مقلاص، أبو زینب الأسدی الکوفی یکنّی أبا إسماعیل، وأبا ظبیان، وأبا الخطّاب، کان من أصحاب الصادق (علیه السلام)مستقیماً فی أمره، ثمّ ادّعی القبائح وما یستوجب الطرد واللعن من دعوی النبوّة وغیرها، واجتمع معه بعض الأشقیاء، فاطّلع الناس علی مقالاتهم فقتلوه مع تابعیه، والخطّابیّة منسوبون إلیه، وقد ورد الذمّ فی حقّه کثیراً .

روی الکشّی عن إبراهیم بن أبی أُسامة، قال: قال رجل لأبی عبد اللّه _علیه السلام_ اُؤخّر المغرب حتّی تستبین النجوم؟ فقال: خطّابیّة؟! إنّ جبرئیل أنزلها علی رسول اللّه حین سقط القرص(2).

قال الشهرستانی: إنّ أبا الخطّاب عزی نفسه إلی أبی عبد اللّه جعفر بن محمّد الصادق _ علیه السلام _ ، ولمّا وقف الصادق علی غلوّه الباطل فی حقّه تبرّأ منه ولعنه وأمر أصحابه بالبراءة منه، وشدّد القول فی ذلک، وبالغ فی التبرّی منه واللعن علیه، فلمّا اعتزل عنه ادّعی الإمامة لنفسه.(3) ثمّ ذکر قسماً من آرائه الفاسدة والفرق المنتمیة إلیه.

[شماره صفحه واقعی : 219]

ص: 1673


1- الأشعری: مقالات الإسلامیّین:ص 28 _ 29، والبغدادی: الفَرق بین الفِرق: ص63.
2- الکشّی: الرجال:ص 246 برقم 135 ، المامقانی: تنقیح المقال:3/189، برقم 11393، وقد جمع الروایات الواردة فی ذمّه فی کتابه.
3- الشهرستانی: الملل والنحل: 1/179 _ 181.
11 _ النصیریّة:

وهم أصحاب محمّد بن نصیر الفهری _ لعنه اللّه _، کان یعتقد بربوبیّة علیّ بن محمّد العسکری (علیه السلام)وأباح المحارم.

وعن الکشی: إنّهم قالوا بنبوّة محمّد بن نصیر الفهری النمیری، لکنّ المعروف عند الشیعة إطلاق النصیری علی من قال بربوبیّة علی (علیه السلام).

12 _ الغلاة:

وهم الذین غالوا فی حقّ النبیّ وآله و أخرجوهم من حدود الخلیقة، والمغیریّة، والخطّابیّة، والنصیریّة من هذا الصنف، ثمّ إنّ لهم أصنافاً أُخری قد أکل علیهم الدهر وشرب، وقد ذکر الشهرستانی أسماءهم وعقائدهم(1) ومنهم:

المفوّضة:

وهم من أصناف الغلاة، وللتفویض معان، وعلیه فللمفوّضة أصناف ذکرنا تفصیلها فی کتاب «کلّیّات فی علم الرجال»فراجعه(2).

هذه فرق الشیعة التی ذکرها أصحاب المقالات والفرق، وقد انقرضت أکثرها وبادت وتشتّت آراؤها وطویت فی سجل الزمان، وصارت فی خبر

[شماره صفحه واقعی : 220]

ص: 1674


1- الشهرستانی: الملل والنحل: 1/174 _ 190.
2- جعفر السبحانی: کلّیات فی علم الرجال: ص419.

کان، ولم یبق منها إلاّ ثلاث: الإمامیّة ، والزیدیّة، والإسماعیلیّة.

فعلی تقدیر وجود شیء من هذه الفرق، فالشیعة الإمامیّة الإثنا عشریّة التی تُمثّل الشیعة بتمام معنی الکلمة، تکفّر کثیراً من هذه الفرق وتردّآراء الباقین، فلا یصحّ أخذ الشیعة الإمامیّة ب آراء غیرهم، فمن الجنایة علی العلم والدین شنّ الغارة علی الشیعة الإمامیّة ب آراء سائر الفرق خصوصاً الهالکة والبائدة التی لم یبق منها أثر ولا تبع، فکأنّ الشیعة تترنّم بقول الشاعر:

غیری جنی و أنا المعاقبُ فیکم***فک__أنّن__ی سبّ__اب__ةُ المتن__دّمِ

علی أنّ السابر فی تاریخ الملل والنحل ربّما یتردّد فی وجود أتباع لبعض هذه الأسماء، ولعلّ أتباع بعض هذه الفرق لم یتجاوز عدد الأصابع، ولم تکن لبعضهم دولة إلاّ بضع لیال وأیّام، فغاب نجمهم المنحوس، ولکنّ أصحاب المقالات کبّروها وأضفوا علیهما صبغة فرق مستقلّة کان لهم دعاة وأتباع فی الأجیال والأزمان.

[شماره صفحه واقعی : 221]

ص: 1675

[شماره صفحه واقعی : 222]

ص: 1676

الفصل الثامن : فی کیفیّة تحمّل الحدیث و طرق نقله

اشارة

1 _ السماع من الشیخ.

2 _ القراءة علی الشیخ.

3 _ الإجازة مشافهة وکتابة.

4 _ المناولة.

5 _ الکتابة.

6 _ الإعلام.

7 _ الإیصاء.

8 _ الوجادة.

أقسام الکتب الروائیّة:

1 _ الجامع،

2. المسند،

3. المعجم،

4. المستدرک،

5. المستخرج،

6. والجزء.

الکتب الحدیثیّة لدی أهل السنّة والشیعة،

ألقاب المحدّثین کالمسنِد، والمحدِّث، والحافظ، والحاکم.

استجازة المؤلف من مشایخه ونقل إجازة شیخه العلاّمة الطهرانی.

[شماره صفحه واقعی : 223]

ص: 1677

[شماره صفحه واقعی : 224]

ص: 1678

فی کیفیّة تحمّل الحدیث وطرق نقله
اشارة

لابدّ لراوی الحدیث من مستند یصحّ من جهته روایة الحدیث، فهو إمّا أن یروی عن المعصوم _ مباشرة _ قوله أو فعله أو تقریره، فلا کلام فیه، وإمّا أن یروی عن الراوی، فله وجوه ثمانیة ندرج أسماءها إجمالاً ثمّ نفسّرها:

1 _ السماع من الشیخ.

2 _ القراءة علی الشیخ.

3 _ الإجازة مشافهة وکتابة.

4 _ المناولة.

5 _ الکتابة.

6 _ الإعلام.

7 _ الإیصاء.

8 _ الوجادة (1).

وإلیک تبیین مفاهیمها:

الأوّل:سماع لفظ الشیخ من حفظه أو کتابه، ویطلق علیه الإملاء، وهو

[شماره صفحه واقعی : 225]

ص: 1679


1- النووی: التقریب والتیسیر :2/8. قال: ومجامعها ثمانیة أقسام...

أرفع الأقسام، لأنّ الشیخ أعرف بوجوه تأدیة الحدیث، والسامع أوعی قلباً وأربط جأشاً، وشغل القلب وتوزّع الفکر إلی القارئ أسرع. روی عن عبد اللّه ابن سنان بسند صحیح، قال: قلت لأبی عبد اللّه _ علیه السلام _: یجیئنی القوم فیسمعون عنّی حدیثکم فأضجر ولا أقوی.

قال: فاقرأ علیهم من أوّله حدیثاً ومن وسطه حدیثاً ومن آخره حدیثاً(1).

ولعلّ مراد الإمام: فاقرأ من أوّل کتاب الحدیث حدیثاً، ومن وسطه حدیثاً ومن آخره حدیثاً، حتّی یصحّ لهم النقل منک، فعدوله (علیه السلام)إلی هذا النحو من القراءة یدلّ علی أولویّته علی قراءة الراوی، وإلاّ لأمر بها(2).

ثمّ إنّ هذا القسم علی وجوه:
اشارة

1 _ أن یقرأه الشیخ من کتاب مصحّح علی خصوص الراوی عنه، بأن یکون هو المخاطب الملقی إلیه الکلام.

2 _ قراءته منه مع کون الراوی أحد المخاطبین.

3 _ قراءته منه مع کون الخطاب إلی غیر الراوی عنه، فیکون الراوی عنه مستمعاً.

4، 5، 6 _ ما ذکر آنفاً مع کون قراءته من حفظه.

الثانی: القراءة علی الشیخ، ویسمّیها أکثر المحدّثین: عرضاً، لأنّ

[شماره صفحه واقعی : 226]

ص: 1680


1- الکلینی: الکافی: 1/52: کتاب العلم، الباب 17 الحدیث 5.
2- ذکر المحقّق ا لقمّی فی قوانینه :1/488 أنّ فی دلالة الروایة علی المدّعی تأمّل ظاهر، وتبعه المامقانی فی مقباس الهدایة: ص161 فلاحظ.

القارئ یعرض الروایة علی الشیخ،ویشترط فی کفایته أن یکون السکوت سائداً علی المجلس مع توجّه الشیخ إلی القراءة، علی وجه تشهد القرائن الحالیّة برضاه بالحدیث، ویعبّر عنه فی مقام النقل: «قرأت علی فلان فأقرّ به واعترف»، وربّما یقال: «حدّثنا أو أخبرنا فلان قراءة علیه»، ولا یصحّ التعبیر ب_ «حدّثنا» بلا ضمّ قراءة علیه، وأمّا فائدة القراءة علی الشیخ فمعلومة، إذ بها یعرف الصحیح من المصحّف وهکذا....

الثالث: الإجازة: وهی مأخوذة من جواز الماء الذی تسقاه الماشیة أو الحرث، تقول استجزته فأجازنی: إذا سقاک ماء لماشیتک أو أرضک، وهکذا طالب العلم یستجیز الحدیث فیجیزه نقله، فعلی هذا یجوز أن یقول: أخبرتُ فلاناً مسموعاتی، أو أجزت له روایة مسموعاتی، أو أجزت الکتاب الفلانی.

وهی علی أقسام:

1 _ أن یجیز معیّناً لمعیّن، کما إذا قال: أجزتک کتاب الکافی.

2 _ أن یجیز معیّناً غیر معیّن، کما إذا قال: أجزتک مسموعاتی.

3 _ أن یجیز معیّناً لغیر معیّن، کما إذا قال: أجزت روایة هذا الحدیث لأهل زمانی.

4 _ إج_ازة غی_ر معیّن لغیر معیّن، کما إذا قال: أجزت کلّ أحد مسموعاتی.

وله أقسام اُخری لا یهمّنا ذکرها.

قال المحقّق القمّی: وإنّما تظهر فائدة الإجازة فی ]إثبات[ صحّة الأصل الخاصّ المعیّن، وحصول الاعتماد علیه، أو ما لم یثبت تواترها من

[شماره صفحه واقعی : 227]

ص: 1681

المروی عنه، وإلاّ فلا فائدة فیها فی المتواترات کمطلق الکتب الأربعة عن مؤلّفیها. نعم یحصل بها اتّصال سلسلة الإسناد إلی المعصوم، وذلک أمر مطلوب للتیمّن والتبرّک(1).

الرابع: المناولة، وهی ضربان: مقرونة بالإجازة، ومجرّدة عنها.

فالأوّل: کما إذا دفع الشیخ إلی الطالب أصل سماعه أو مقابلاته ویقول هذا سماعی أو روایتی عن فلان، فاروه عنّی، أو أجزت لک روایته عنّی، ثمّ یملکه أو یجیز نسخه، وهذه هی المناولة مقرونة بالإجازة.

وأمّا الثانی: فکما إذا ناوله الکتاب مقتصراً علی قوله: هذا سماعی من فلان. وهل یجوز حینئذ روایة هذا القسم عنه أو لا ؟ فیه خلاف، والظاهر جواز الروایة لحصول العلم بکونها مرویّةً عنه مع إشعارها بالإذن له فی الروایة، ویؤیّده ما رواه محمّد بن یعقوب بإسناده عن أحمد بن عمر الخلاّل، قال: قلت لأبی الحسن الرضا (علیه السلام): الرجل من أصحابنا یعطینی الکتاب ولا یقول: إروه عنّی، یجوز لی أن أرویه؟ قال: فقال _ علیه السلام_: إذا علمت أنّ الکتاب له، فاروه عنه(2).

الخامس: المکاتبة: وهی أن یکتب مسموعه لغائب أو حاضر بخطّه أو یأمر ثقة بکتابته، وهی ضربان: مجرّدة عن الإجازة، ومقرونة بها، کما إذا کتب للراوی: أجزتک ما کتبت إلیک، والظاهر جواز الروایة بشرط معرفة الخطّ والأمن من التزویر حتّی وإن خلا عن ذکر الإجازة.

السادس: الإعلام،وهو أن یعلم الشیخ الطالب أنّ هذا الحدیث أو

[شماره صفحه واقعی : 228]

ص: 1682


1- القمّی: القوانین: 1/489.
2- الکلینی: الکافی: 1/52.

الکتاب سماعه مقتصراً علیه، والظاهر جواز الروایة عنه تنزیلاً له منزلة القراءة علی الشیخ، و ما سبق من الروایة یؤیّد جواز الروایة به، وهو أشبه بالقسم الرابع غیر أنّه لا مناولة فیه.

السابع: أن یوصی عند سفره أو موته بکتاب یروی عنه فلان بعد موته، وقد جوّز بعض السلف للموصی له روایته عنه، لأنّ فیه نوعاً من الإذن وشبهاً إلی العرض والمناولة.

الثامن: الوجادة، وهی مصدر «وَجَدَ» وهو أن یقف الانسان علی أحادیث بخطّ راویها معاصراً کان له أو لا، فلا یجوز له أن یروی عنه إلاّ أن یقول: وجدت أو قرأت بخطّ فلان، أو فی کتابه، ویجوز العمل به عند حصول الوثوق بأنّ الکتاب بخطّه أو أنّ الکتاب المطبوع من تألیفه، وقد قلّت العنایة بالطرق السابقة، واکتفی القوم بالطریق الثامن، و لعلّ لهذا التساهل علّة طبیعیّة.

قال الدکتور صبحی الصالح: «أخذت الرحلة فی طلب الحدیث تضعف شیئاً فشیئاً، وبات الرحّالون أنفسهم لا یستطیعون أن یعوّلوا علی المشافهة والتلقّی المباشر، فقد یضربون أکباد المطیّ إلی إمام عظیم حتّی إذا أصبحوا تلقاء وجهه قنعوا منه بکتاب یعرضونه علیه أو بإجازة یخصّهم بها، أو بأجزاء حدیثیّة یناولهم إیّاها، مع إذنه لهم بروایتها، وقد یتطوّع هذا الإمام نفسه بإعلامهم بمرویّاته أو الوصیّة لهم ببعض مکتوباته، فیتلقّفونها تلقّفاً، ویروونها مطمئنّین، کما لو کان صاحبها قد أجازهم بها بعبارة صریحة لا لبس فیها ولا إبهام.

بل لقد أمسی المتأخّرون لا یجدون حاجة للرحلة ولا لتحمّل مشاقّها

[شماره صفحه واقعی : 229]

ص: 1683

مذ أصبح حقّاً لهم ولغیرهم أن یرووا کل ما یجدون من الکتب والمخطوطات سواء ألقوا أصحابها أم لم یلقوهم»(1).

روی محمّد بن الحسن بن أبی خالد قال: قلت لأبی جعفر الثانی (علیه السلام): جعلت فداک إنّ مشایخنا رووا عن أبی جعفر وأبی عبد اللّه _ علیهما السّلام_ وکانت التقیّة شدیدة، فکتبوا کتبهم، فلم نرو عنهم، فلمّا ماتوا صارت الکتب إلینا. فقال: حدّثوا بها فإنّها حقّ (2).

وقد استدلّ العماد بن الکثیر للعمل بالوجادة بقولهصلَّی اللّه علیه و آله و سلَّم _ فی الحدیث الصحیح _: «أیّ الخلق أعجب إلیکم إیماناً؟ قالوا: الملائکة، قال: وکیف لا یؤمنون وهم عند ربّهم؟ قالوا: فالأنبیاء، فقال: کیف لا یؤمنون والوحی ینزل علیهم؟ قالوا: فنحن، قال: وکیف لا تؤمنون وأنا بین أظهرکم؟ قالوا: فمن یا رسول اللّه؟ قال: قوم یأتون بعدکم یجدون صحفاً یؤمنون بها».

فاستدلّ بهذا الحدیث علی مدح من عمل بالکتب المتقدّمة بمجرّد الوجادة(3).

ولا یخفی ضعف الاستدلال، فإنّ الاستدلال بها یتوقّف علی صحّة العمل بالروایة بمجرّد الوجادة، مع أنّ الکبری لا تثبت بهذه الروایة إلاّ أن تصل إلینا هذه الروایة بطریق الإسناد، وهو غیر ثابت، أضف إلی ذلک أنّ المیزان فی جواز العمل هو ثقة المکلّف بالحدیث، فلو وجد ذلک الملاک فی

[شماره صفحه واقعی : 230]

ص: 1684


1- صبحی الصالح: علوم الحدیث ومصطلحه: ص84.
2- الکلینی: الکافی: 1/53.
3- ابن کثیر: التفسیر: 1/74 _ 75، السیوطی: تدریب الراوی:2/60.

الوجادة لکفی فی العمل، ولا یحتاج فی إثبات الجواز إلی تجشّم الاستدلال بهذا الحدیث.

ثم إنّ القوم ذکروا لتحمّل الحدیث آداباً وشرائط، وأطنبوا الکلام فیها، کما ذکروا آداب کتابة الحدیث، وقد استغنی المحدّث عن الثانی فی هذا الزمان بظهور صناعة الطباعة، فمن أراد التفصیل فی المجالین فلیرجع إلی الکتب المبسوطة(1).

خاتمة المطاف:
اشارة

نذکر فیها أُموراً:

1 _ الجامع، المسند، المعجم، المستدرک، المستخرج، والجزء.

ربّما یقف الإنسان فی التعریف بالکتب الروائیّة علی التوصیفات المذکورة، فنقول:

1 _ الجامع من کتب الحدیث:

هو ما یشتمل علی جمیع أبواب الحدیث التی اصطلحوا علی أنّها ثمانیة وهی: باب العقائد، باب الأحکام، باب الرقاق،باب آداب الطعام والشراب، باب التفسیر والتاریخ والسیر، باب السفر والقیام والعقود (ویسمّی باب الشمائل أیضاً)، باب الفتن، وأخیراً باب المناقب والمثالب، فالکتاب المشتمل علی هذه الأبواب الثمانیة یسمّی جامعاً، کجامع البخاری وجامع الترمذی.

[شماره صفحه واقعی : 231]

ص: 1685


1- زین الدّین العاملی: الرعایة فی علم الدرایة: ص261، العاملی _ بهاء الدّین _: الوجیزة: ص6، حسین بن عبد الصمد: وصول الأخیار إلی أُصول ا لأخبار: ص126.
2 _ المسند:

وهو ما تذکر فیه الأحادیث علی ترتیب الصحابة علی حروف التهجّی، وأحیاناً حسب السوابق الإسلامیة، أو تبعاً للأنساب، منها مسند أبی داود الطیالسی المتوفّی سنة 204ه_، وهو أوّل من ألّف فی المسانید(1)، وأوفی تلک المسانید وأوثقها مسند أحمد بن حنبل، وفیه أحادیث صحیحة کثیرة لم تخرج فی الکتب الستّة، وقد جمعه من أکثر من 000,750 حدیث.

3 _ المعجم:

وهو ما تذکر فیه الأحادیث علی ترتیب الصحابة حسب السوابق الإسلامیة أو الشیوخ أو البلدان، وأشهر المعاجم: معجم الطبرانی الکبیر والمتوسط والصغیر.

4 _ والمستدرک:

وهو ما استدرک فیه ما فات المؤلّف فی کتابه علی شرطه، وأشه_ره_ا مست_درک الح_اک_م النیساب_وری عل_ی الصحی_حی_ن، عل_ی شرط_ی البخاری(المعاصرة والسماع).

5 _ المستخرج:

وهو أن یأتی المصنّف إلی الکتاب فیخرج أحادیثه بأحادیث نفسه من غیر طریق صاحب الکتاب، فیجتمع معه فی شیخه أو من فوقه، من ذلک مستخرج أبی بکر الإسماعیلی علی البخاری، ومستخرج أبی عوانة علی مسلم، ومستخرج أبی علی الطوسی علی الترمذی، ومستخرج محمّد بن عبد الملک علی سنن أبی داود.

قال النووی: الکتب المخرّجة علی الصحیحین لم یلتزم فیها موافقتها فی الألفاظ، فحصل فیها تفاوت فی اللفظ والمعنی(2).

[شماره صفحه واقعی : 232]

ص: 1686


1- السیوطی: تدریب الراوی: 1/140 نقلاً عن العراقی.
2- التقریب والتیسیر:1/84.
6 _ الجزء:

وهو عندهم تألیف الأحادیث المرویّة عن رجل واحد من الصحابة أو من بعدهم کجزء أبی بکر، أو الأحادیث المتعلّقة بمطلب من المطالب کجزء فی قیام اللیل للمروزی، وجزء فی صلاة الضحی للسیوطی(1).

قال النووی: وللعلماء فی تصنیف الحدیث طریقان:

أجودهما تصنیفه علی الأبواب; فیذکر فی کلّ باب ما حضره فیه.

والثانیة تصنیفه علی المسانید، فیجمع فی ترجمة کلّ صحابی ما عنده من حدیثه: صحیحه وضعیفه، علی هذا له أن یرتّبه علی الحروف، أو علی القبائل، فیبدأ ببنی هاشم ثمّ بالأقرب فالأقرب نسباً إلی رسول اللّه، أو علی السوابق فبالعشرة، ثمّ أهل بدر، ثمّ الحدیبیّة،ثمّ المهاجرین، ثمّ بینها وبین الفتح، ثمّ أصاغر الصحابة، ثمّ النساء بدءاً بأُمّهات المؤمنین... ویجمعون أیضاً أحادیث الشیوخ کلّ شیخ علی انفراده کمالک وسفیان وغیرهما(2).

2 _ الکتب الحدیثیّة لدی أهل السنّة:

قد ذکرنا الکتب المعتمدة لدی الشیعة فی کتابنا «کلّیّات فی علم الرجال» ولا نعید، وأمّا ما هو المعتمد لدی السنّة ففی الدرجة الاُولی: الصحاح، وهی تشمل الکتب الستّة: البخاری، ومسلم، وأبی داود، والترمذی، والنسائی، وابن ماجه إلاّ أنّ العلماء اختلفوا فی ابن ماجة، فجعلوا الکتاب السادس موطّأ الإمام مالک، کما قال رزین وابن الأثیر، أو مسند

[شماره صفحه واقعی : 233]

ص: 1687


1- صبحی صالح : علوم الحدیث ومصطلحه: ص305 _ 308.
2- التقریب والتیسیر:2 /104 _ 142 مع شرح السیوطی له.

الدارمی کما قال ابن حجر العسقلانی، وعلی ذلک فمن الواضح أنّ عبارة «الکتب الخمسة»: تصدق علی کتب الأئمّة الذین ذکروا قبل ابن ماجة، فإذا قرأنا فی ذیل بعض الأحادیث مثل هذه العبارة: «رواه الخمسة» فمعنی ذلک أنّ البخاری ومسلماً وأبا داود والترمذی والنسائی قد اتّفقوا جمیعاً علی روایة هذا الحدیث.

وعبارة الصحیح تطلق علی کتابی البخاری ومسلم، ویقال فی الحدیث الذی رویاه: «رواه الشیخان» وإنّما سمّیت الکتب الستّة بالصحاح علی سبیل التغلیب، فإنّ کتب «السنن» الأربعة للترمذی وأبی داود والنسائی وابن ماجة هی دون الصحیحین منزلة، وأقل منهما دقّة وضبطاً.

ثمّ إنّ الصحیح لدی البخاری ومسلم بمعنی واحد، وهو الحدیث المسند الذی یتّصل إسناده بنقل العدل الضابط عن العدل الضابط حتّی ینتهی إلی رسول اللّه (صلی الله علیه وآله وسلم)،غیر أنّ البخاری اشترط فی اخراجه الحدیث شرطین:

أحدهما: معاصرة الراوی لشیخه.

والثانی: ثبوت سماعه، بینما اکتفی مسلم بمجرّد شرط المعاصرة(1).

3 _ ألقاب المحدّثین:

أطلق العلماء علی الرحّالین فی طلب الحدیث ألقاباً مختلفة تبعاً لنشاطهم فی الرّحلة والتجوال، وأشهر الألقاب التی نبّهوا علی التمییز بینها ثلاثة: المسنِد والمحدِّث والحافظ. وربّما یطلق علی من لم تکن له رحلة فی الحدیث و إنّما أخذ الحدیث فی موطنه عن المشایخ.

[شماره صفحه واقعی : 234]

ص: 1688


1- صبحی الصالح: علوم الحدیث ومصطلحه: ص299 _ 301.

فالمسنِد: هو من یروی الحدیث بإسناده، سواء أکان عنده علم به أم لیس له إلاّ مجرّد روایته.

والمحدِّث: أرفع منه، بحیث عرف الأسانید والعلل وأسماء الرجال، والعالی والنازل، و حفظ مع ذلک جملة وافرة من المتون، وسمع الکتب الستّة، ومسند أحمد وسنن البیهقی و معجم الطبرانی.

والحافظ: أعلی درجة وأرفعهم مقاماً، فمن صفاته أن یکون عارفاً بسنن رسول اللّهصلَّی اللّه علیه و آله و سلَّم، بصیراً بطرقها، ممیّزاً لأسانیدها، یحفظ منها ما أجمع أهل المعرفة علی صحّته، وما اختلفوا فیه للاجتهاد فی حال نقله، یعرف فرق ما بین قولهم: فلان حجّة وفلان ثقة، ومقبول، ووسط، ولا بأس به، وصدوق، وصالح، وشیخ، ولیّن، وضعیف، ومتروک، وذاهب الحدیث، إلی غیر ذلک من الأُمور التی توجب بصیرة فی معرفة الحدیث، ومن العلماء من یقول: العدد المحفوظ من الحدیث الذی یستحق جامعه أن یسمّی حافظاً هو أن یحفظ 000,500 حدیث، ورأی بعضهم أنّ الحدّ الأدنی ینبغی أن لا یقلّ عن 000,20، إلی غیر ذلک من الأقوال، هنا و فی تعریف الثلاثة.

وقال فتح الدین بن سیّد ا لناس: یلاحظ أنّ هذه القضیّة نسبیّة، وأنّ لکلّ زمن اصطلاحاً وتحدیداً، فیقول: أمّا ما یحکی عن بعض المتقدّمین من قولهم: کنّا لا نعدّ صاحب حدیث من لم یکتب 000,20 حدیث فی الإملاء، فذلک بحسب أزمنته(1).

4 _ إنّ طروء التصحیف علی کتب الأخبار، وحصول الاضطراب فی

[شماره صفحه واقعی : 235]

ص: 1689


1- صبحی الصالح: علوم الحدیث ومصطلحه:ص70 _ 75 بتلخیص، السیوطی: تدریب الراوی:1/26.

الأسناد والمتون _ بلا فرق بین الکتب الأربعة وغیرها _ إنّما هو لأجل اندراس علم الحدیث فی العصور الأخیرة علی الوجه المألوف بین القدماء، فإنّهم کانوا یصرفون أعمارهم فی قراءة الحدیث اُستاذاً وتلمیذاً، وفی ظلّ ذلک کانوا یتقنون سند الکتاب ومتنه، ویجیدون نقل صحیحه و علیله، ولکن یاللأسف، إنّ هذه الطریقة فقدت مکانتها بعد عصر الشهید الأوّل، واکتفی العلماء فی نقل الحدیث فی عصرنا بالإجازة والوجادة من دون قراءة الکتاب علی الشیخ أو قراءته علیهم، فخسر العلم وأهله من هذه الناحیة خسارة کبیرة، فلا محیص عن جبر هذه الخسارة إلاّ بإحیاء علم الحدیث بالطریقة المألوفة، وذلک بتعیین لجان خاصّة بالحدیث ودراسته و تربیة جیل لمعرفة الحدیث وکتبه ورجاله ودرایته معرفة تامّة بحیث لا یکون لهم شأن إلاّ دراسة الحدیث سنداً ومتناً، ومقابلة وقراءة، و إعداد النسخ الصحیحة العتیقة التی قوبلت بید العلماء المحقّقین، وهذه أُمنیة کبری لاتتحقّق إلاّ بإحیاء التخصّصات فی الجامعات العلمیّة الشیعیّة، ومن حسن الحظ أنّ «لجنة إدارة الحوزة العلمیّة» شعرت بمسؤولیّتها تجاه هذا الأمر.

5 _ إنّ لکاتب هذه السطور إجازات من مشایخه، فقد استجزت سیّدی الأُستاذ العلاّمة آیة اللّه العظمی السیّد محمّد الحجّة _ قدّس سرّه _ (1310 _ 1372ه_) فأجازنی بطرقه المألوفة فی إجازاته، منها: روایته بالإجازة عن شیخه السیّد أبی تراب الخوانساری (ت 1346ه_) عن عمّه السیّد حسین الکوه کمری (ت 1299ه_) عن شیخه شریف العلماء (ت 1245 ه_) عن السیّد صاحب الریاض (ت 1231ه_) بطرقه المعروفة .

واستجزت الإمام الراحل السیّد روح اللّه الخمینی _ قدّس سرّه _ (1320 _

[شماره صفحه واقعی : 236]

ص: 1690

1409ه_) فأجازنی قائلاً بأنّه یروی _ کتاب المستدرک _ عن شیخه المحدّث الخبیر الشیخ عبّاس القمّی (1294 _ 1359ه_) وهو یروی عن المحدّث النوری (1254 _ 1320ه_) مؤلّفه بطرقه المعروفة.

کما استجزت شیخی العلاّمة محمّد محسن المدعو ب آقا بزرگ الطهرانی _قدّس سرّه _ (1293 _ 1389ه_) فأجازنی، وإلیک نصّ کتابه الذی بعثه إلیّ من النجف الأشرف عام 1368 ه_ ق:

«الحمد للّه الذی وفّقنا لأخذ معالم دیننا عن العترة الطاهرة، بطرق صحیحة متّصلة، وأسانید قویّة مسلسلة، والصلاة والسلام علی سیّدنا ونبیّنا محمّد المصطفی وعلی آله الأئمّة المعصومین أهل الصدق والوفاء، صلاة متواصلة من الآن إلی یوم اللقاء.

أمّا بعد; فإنّ الشیخ الفاضل، البارع ، الکامل، المشار إلیه بالأنامل من بین الأقران والأماثل، مولانا «المیرزا جعفر بن العالم الجلیل الورع التقی الشیخ محمّد حسین التبریزی الخیابانی» دامت برکاتهما.

ممّن وفقه اللّه تعالی للأخذ عن العترة الطاهرة، إطاعة لما أمر به أمیر المؤمنین (علیه السلام)لصاحب سرّه کمیل بن زیاد، فقال: «یا کمیل! إنّ اللّه تعالی أدّب رسولهصلَّی اللّه علیه و آله و سلَّم، وهو أدّبنی و أنا اُؤدّب الناس، یا کمیل! ما من حرکة إلاّ وأنت محتاج فیها إلی معرفة، یا کمیل! لا تأخذ إلاّ عنّا، تکن منّا»، وطریق الأخذ عنهم بعد ارتحالهم هو الأخذ من القری الظاهرة الذین جعلهم اللّه تعالی واسطة بیننا وبینهم، وهم القری المبارکة المذکورة فی سورة الإسراء من کتابه الکریم کما نطقت بها الأحادیث المستفیضة المرویّة فی تفسیر البرهان وغیره، وتلک القری الظاهرة تتّصل بعضها ببعض، إلی أن یظهر الحجّة _ علیه السلام _

[شماره صفحه واقعی : 237]

ص: 1691

فوفّقه اللّه تعالی للدخول فی هذه السلسلة.

فاستجاز من هذا المسیء بحسن ظنّه، ولا أری نفسی کما ظ_نّه، لکن إجابة مسؤولة دعتنی إلی أن استخرت اللّه تعالی، وأجزته أن یروی عنّی جمیع ما صحّت لی روایته عن جمیع مشایخی من الخاصّة والعامّة بجمیع طرقهم وأسانیدهم، ولکثرتها وتشتّتها نقتصر بذکر طریق واحد هو من أعالی الأسانید، وأقواها، وأقومها، و أمتنها ، وهو ما أرویه بحقّ الإجازة العامّة عن شیخی وملاذی وأوّل من ألحقنی بالمشایخ ثالث المجلسیّین الشیخ العلاّمة الحاج میرزا حسین النوری المتوفّی والمدفون فی الغری السری فی (1320 ه_) فأنا أروی عنه وعن جمیع مشایخه المذکورین فی خاتمة المستدرک، أوّلهم: الشیخ العلاّمة ا لمرتضی الأنصاری التستری المدفون بباب القبلة من الصحن الغروی فی (1281ه_) وهو یروی عن العلاّمة الأوحد المولی أحمد النراقی المدفون فی النجف فی (1245ه_)، وهو یروی عن أجلّ مشایخه آیة اللّه السیّد محمّد مهدی بحر العلوم الطباطبائی البروجردی النجفی المسکن والمدفن، فی مقبرته الخاصّة الشهیرة فی (1212ه_)، وهو یروی عن الشیخ الفقیه المحدّث الشیخ یوسف صاحب الحدائق المتوفّی والمدفون بالحائر الشریف الحسینی فی (1186ه_)، وهو یروی عن العلاّمة المدرّس المعمّر البالغ إلی ما ئة سنة المجاور للمشهد الرضوی حیّاً ومیّتاً توفّی بها (بعد سنة 1150ه_) أعنی المولی محمّد رفیع بن فرج الجیلانی، وهو یروی عن شیخه العلاّمة المجلسی مؤلّف بحار الأنوار مولانا محمّد باقر المتوفّی فی (1111ه_)،وهو یروی عن والده العلاّمة المولی محمّد تقی المجلسی المتوفّی فی (1070ه_)، وهو

[شماره صفحه واقعی : 238]

ص: 1692

یروی عن شیخه وشیخ الإسلام الشیخ بهاء الدین محمّد العاملی الاصفهانی المدفون بالمشهد الرضوی فی (1030ه_)، وهو یروی عن والده الشیخ عزّ الدین الحسین بن عبد الصمد الحارثی الجبعی المتوفّی فی البحرین فی (984ه_)، وهو یروی عن الشیخ السعید زین الدین العاملی الشهید فی (966ه_)، وهو یروی عن الشیخ الفقیه علی بن عبد العالی المیسی المجاز من سمیّه: الکرکی، وهو یروی عن الشیخ محمّد بن محمّد بن محمّد بن داود المؤذّن الجزینی _ ابن عمّ الشهید _ وهویروی عن الشیخ ضیاء الدین علی بن الشیخ الشهید _ قدّس سرّه _، وهو یروی عن والده الشیخ شمس الدین محمّد بن مکی العاملی الجزینی الشهید ظلماً فی (786ه_)، وهو یروی عن فخر المحقّقین الشیخ أبی طالب محمد بن الحسن الحلّی المتوفّی (771ه_)، وهو یروی عن والده آیة اللّه العلاّمة الحلّی الشیخ جمال الدین الحسن بن یوسف بن المطهر الحلّی المتوفّی (727ه_)، وهو یروی عن خاله واُستاذه الشیخ أبی القاسم نجم الدین جعفر بن الحسن بن یحیی بن سعید الحلّی المتوفّی (676ه_)، وهو یروی عن الشیخ تاج الدین الحسن بن علی الدربی، وهو یروی عن الشیخ رشید الدین محمّد بن علی بن شهر آشوب السروی المتوفّی عن ما یقرب مائة سنة (588ه_)، وهو یروی عن السیّد عماد الدین أبی الصمصام ذی الفقار بن محمّد بن معبد الحسینی، وهو یروی عن السیّد الشریف المرتضی علم الهدی المتوفّی (436ه_) وعن شیخ الطائفة أبی جعفر محمد بن الحسن بن علی الطوسی المتوفّی (460ه_) وعن الشیخ أبی العباس المتوفّی (450ه_)، وکلّهم یروون عن الشیخ السعید أبی عبد اللّه محمّد بن محمّد بن النعمان المفید المتوفّی (413ه_)، وهو یروی عن الشیخ أبی القاسم جعفر بن محمد بن قولویه القمّی المتوفّی (368ه_)، وهو یروی عن الشیخ ثقة الإسلام الکلینی محمّد بن یعقوب المتوفّی (328ه_) أو (329ه_)،وهو یروی کثیراً فی کتابه الکافی عن الشیخ الجلیل علی بن إبراهیم

[شماره صفحه واقعی : 239]

ص: 1693

ابن هاشم القمّی المتوفّی بعد سنة (307ه_) کما یظهر من إجازته لجمع ممّن یروون عنه غیر الکلینی فی هذا التاریخ، وأکثر روایات علی بن إبراهیم عن والده إبراهیم بن هاشم القمّی، وبقیة الإسناد إلی الأئمّة المعصومین (علیهم السلام)مذکورة فی الکتب الأربعة.

فلیرو دامت برکاته عنّی بهذا الإسناد لمن شاء وأحبَّ، والرجاء من مکارمه أن یذکرنی بالدعاء فی خلواته وأعقاب صلواته، و أن یلازم الإحتیاط فی سائر الحالات فإنّه طریق النجاة.

وفی الختام نحمد اللّه تعالی علی مننه، ونشکره علی نعمائه، ونصلّی ونسلّم علی خاتم أنبیائه وآله المعصومین الطیّبین الطّاهرین، حرّره فقیر عفو ربّه المسیء المسمّی بمحسن، والمدعو ب آقابزرگ الطهرانی غفر له ولوالدیه، وذلک فی العشرین من جمادی الآخرة 1368 ه_. ق.

فعلی روّاد العلم وبغاة الفضیلة أن یرووا عنّی ما صحّت لی روایته بهذه الطرق، وعلی المولی سبحانه أجرهم.

بلغ الکلام إلی هنا عشیة یوم الأحد، الواحد والعشرین من شهر رمضان المبارک من عام 1411ه_، کتبه مؤلّفه جعفر السبحانی ابن الفقیه الشیخ محمد حسین السبحانی المعروف بالخیابانی التبریزی _ غفر اللّه لهما یوم الحساب _.

قم المشرّفة

مؤسّسة الإمام الصادق (علیه السلام)

[شماره صفحه واقعی : 240]

ص: 1694

الفهارس

اشارة

فهرس الآیات القرآنیة

فهرس الرواة والأعلام

فهرس المصادر

فهرس المواضیع

[شماره صفحه واقعی : 241]

ص: 1695

[شماره صفحه واقعی : 242]

ص: 1696

[شماره صفحه واقعی : 243]

ص: 1697

[شماره صفحه واقعی : 244]

ص: 1698

[شماره صفحه واقعی : 245]

ص: 1699

[شماره صفحه واقعی : 246]

ص: 1700

[شماره صفحه واقعی : 247]

ص: 1701

[شماره صفحه واقعی : 248]

ص: 1702

فهرس الآیات القرآنیة

السورة الآیة الصفحة

البقرة

قالوا أتتّخذنا هزواً قال أعوذ باللّه أن أکون من الجاهلین. 67 138

و کلوا واشربوا حتّی یتبیّن لکم الخی-ط الأبیض من الخیط الأسود من الفجر187 148

نساؤکم حرث لکم فأتواحرثکم أنّی شئتم223 102

آل عمران

وسیّداً وحصوراً ونبیّاً من الصالحین39 175

النساء

انّما التوبة علی اللّه للذین یعملون السوء بجهالة ثم یتوبون ...17 138

فأولئک مع الذین أنعم اللّهعلیهم من النبیّین ..69 175

ومن یشاقق الرسول من بعد ماتب-یّن له الهدی115 148

الأنعام

کتب ربّکم علی نفسه الرحمة أنّه من عمل منکم سوءً بجهالة54 138

[شماره صفحه واقعی : 249]

ص: 1703

الأعراف

أرجه و أخاه وأرسل فی المدائن حاشرین111 196

النحل

ثمّ إنّ ربّک للّذین عملوا السوءبجهالة ثمّ تابوامن بعد ذلک..119 138

الإسراء

ولاتقف ما لیس لک به علمٌ36 140

المؤمنون

ثمّ أرسلنا رسلنا تترا کلّ ما جاء امّة رسولها کذّبوه...44 24

لقمان

وماتدری نفس ماذا تکسب غداً وما تدری...34 14

فاطر

أم آتیناهم کتاباً فهم علی بیّنت منه 40 148

الشوری

قل لا أسألکم علیه أجراً إلاّالمودّة فی القربی23 203

ما کنت تدری ما الکتابُ ولا الإیمانُ 52 14

الحجرات

إن جاءکم فاسق بنبإ فتبیّنوا أن تصیبواقوماً بجهالة...6 137

[شماره صفحه واقعی : 250]

ص: 1704

فهرس الرواة و الأعلام
«حرف الألف»

آقابزرگ الطهرانی: 13، 15، 237، 240.

أبان بن أبی عیّاش :145.

أبان بن تغلب:176، 187.

أبان بن عثمان: 46، 53، 54.

إبراهیم بن أبی أسامة: 219.

إبراهیم بن سلام: 163.

إبراهیم بن سلیمان: 94.

إبراهیم بن عبداللّه بن الحسن: 213، 214.

إبراهیم بن هاشم: 39، 68، 166، 173، 174، 177، 240.

أُبیّ بن کعب: 123، 126.

أحمد بن أبی خلف: 144.

أحمد بن إسحاق: 142، 174.

أحمد بن إسماعیل بن سمکة(أبوعلی البجلی):183.

أحمد بن إسماعیل بن عبداللّه: 187.

أحمد بن حاتم بن ماهویه: 149.

أحمد بن الحسن بن إسماعیل بن میثم التمّار: 158.

أحمد بن الحسن بن علی بن فضال: 71.

أحمد بن الحسین بن الغضائری: 170، 180.

أحمد بن حنبل: 120، 121، 194، 200، 232.

أحمد بن عبداللّه: 145.

أحمد بن علی البلخی: 185.

أحمد بن علی بن شاذان القمی: 185.

أحمد بن عمر الخلاّل: 228.

أحمد بن الفرات: 121.

[شماره صفحه واقعی : 251]

ص: 1705

أحمد بن فهد(أبو العباس): 11.

أحمد بن محمد: 185.

أحمد بن محمد(أبو علی الجرجانی): 182.

أحمد بن محمد بن أبی نصر: 44 .

أحمد بن محمد بن خالد البرقی: 92، 108 ،143 ،144 ،170، 174، 181.

أحمد بن محمد بن عیسی الأسدی: 92.

أحمد بن محمد بن عیسی الأشعری: 39، 92، 165، 166، 167، 170، 174، 177، 181.

أحمد بن محمد بن عیسی القسری: 92.

أحمد بن محمد بن مطهر: 187.

أحمد بن محمد بن موسی(شاه چراغ): 186.

أحمد بن محمد بن یحیی العطار القمی: 93.

أحمد بن موسی بن جعفر بن طاووس: 9، 11، 40،47،118.

أحمد بن النضر: 94.

أحمد بن یحیی بن أبی نصر: 187.

أحمد بن هلال(أبو جعفر العبرتائی): 71.

أحمد النراقی: 238.

إدریس بن عبداللّه بن الحسن:213، 214.

الأستر آبادی:165.

إسحاق بن إبراهیم الحضینی: 184، 185.

إسحاق بن یعقوب:142.

إسماعیل بن الأمام جعفر الصادق: 215، 216.

إسماعیل بن عبدالرحمان الجعفی: 184.

أشعث بن قیس الکندی: 195.

إمام الحرمین: 28، 108.

أنس بن مالک: 125.

الشیخ الأنصاری: 168.

أیوب بن نوح: 180.

«حرف الباء»

البخاری: 10، 76، 112، 120، 121، 232، 233، 234.

(المحقق السید) البروجردی: 68، 93، 140، 161.

برید بن معاویة:76، 176.

البزنطی: 91، 176، 187.

[شماره صفحه واقعی : 252]

ص: 1706

بسطام بن الحصین بن عبد الرحمن الجعفی: 184.

بهاء الدین العاملی: 13، 14، 25، 43، 104، 105، 110، 154، 156، 238.

المحقق البهبهانی: 156، 163، 165، 168.

«حرف التاء»

الترمذی: 47، 74، 76، 232، 233، 234.

التلعکبری: 185.

«حرف الثاء»

ثعلبة أبو إسحاق النحوی: 176.

«حرف الجیم»

جابر: 102.

جابر بن عبد اللّه: 125.

جبرئیل: 33، 219.

جریر بن عبد اللّه البجلی:94، 125.

جعفر بن بشیر البجلی:167، 182.

جعفر بن الحسین بن یحیی بن سعید الحلّی: 239.

جعفر بن قولویه: 69، 239.

الأمام(أبو عبداللّه) جعفر بن محمد الصادق (علیه السلام): 44، 68، 76، 83، 88، 89، 90، 91، 94، 109، 110، 133، 141، 143، 147، 157، 159، 166، 170، 176، 184، 187، 207، 208، 211، 212، 214، 215، 216، 217، 218، 219، 226، 230.

جعفر بن محمد بن مالک بن عیسی: 180.

جعفر السبحانی:237، 240.

جلال الدین السیوطی: 102، 123، 193، 233.

الجوینی: 28.

«حرف الحاء»

الحارث بن المغیرة البصری: 141.

حامد بن محمد الأزدی:145.

الحجة بن الحسن (صاحب الزمان) -عج-: 142، 143، 206، 212، 213، 214، 215، 218، 237.

حریز بن عبد اللّه السجستانی: 44، 94.

[شماره صفحه واقعی : 253]

ص: 1707

الحسن بن الحسین اللؤلؤی: 71.

الحسن بن زین الدین: 12، 180.

الحسن بن سعید الأهوازی: 180، 184.

الحسن بن صالح بن حی: 211.

الحسن بن عطیة:70.

الإمام الحسن بن علی بن أبی طالب (علیه السلام): 83، 206، 210.

الحسن بن علی بن زیاد:165.

الحسن بن علی الدربی: 239.

الإمام الحسن بن علی العسکری (علیه السلام): 44، 145، 187.

الحسن بن علی بن یقطین: 142.

الحسن بن محبوب:39، 46، 181.

الحسن بن محمد بن سماعة: 159.

الحسن بن محمد الصاغانی: 122.

الحسن بن موسی الخشاب: 158.

الحسن بن یسار البصری: 196، 197، 198.

السید حسن الصدر: 10، 11، 13، 55.

السید حسن صدر الدین: 13.

الحسن الماسرجسی: 127.

الحسین بن أحمد بن المغیرة:158.

الحسین بن روح:145.

الحسین بن سعید الأهوازی: 80، 177، 180.

الشیخ حسین بن عبد الصمد العاملی(والد بهاء الدین العاملی):12، 57، 67، 84، 85، 104، 105، 239.

حسین بن عبید اللّه السعدی: 44.

الحسین بن عبید اللّه الغضائری: 177.

الأمام الحسین بن علی (علیه السلام): 83، 205، 206، 207، 210.

السید حسین الکوه کمری: 236.

حفص بن غیاث القاضی: 44، 133.

الحکم بن مسکین: 183.

العلامة الحلی: 9، 19، 40، 46، 183، 184، 185، 239.

حمدان الحضینی:178.

حمدویة: 158.

حیّان السراج: 218.

«حرف الخاء»

خالد بن عبد اللّه القسری: 213.

خالد بن نجیح:53، 54.

الخطابی: 75.

[شماره صفحه واقعی : 254]

ص: 1708

الخطیب: 103.

«حرف الدال»

المحقق الداماد: 39، 111، 119.

داود بن الحصین:89، 90.

دعبل الخزاعی: 209.

«حرف الذال»

الذهبی: 11.

ذو الفقار بن محمد بن معبد الحسینی: 239.

«حرف الراء»

رزین: 233.

الامام روح اللّه الخمینی: 236.

«حرف الزای»

الزبیر: 193.

زرارة: 44، 73، 76، 106، 141، 176.

زکریا بن إدریس: 187.

زکریا بن آدم: 141، 187.

الزمخشری: 75.

الزهری: 101، 115.

زیاد بن مروان القندی: 164.

زیاد بن المنذر(أبو الجارود): 210.

زید: 126.

زید بن حصین الطائی: 195.

زید بن علی بن الحسین: 207، 208، 209.

زین الدین العاملی(الشهید الثانی):12، 46، 49، 50، 51، 52، 57، 59، 68، 72، 74، 77، 90، 104، 105، 107، 131، 147، 153، 165، 169، 170، 175، 239.

«حرف السین»

سعد بن عبادة الخزرجی: 204.

سعد بن عبداللّه الأشعری:145، 174.

سعید بن المسیّب:108، 125.

سعید بن جبیر: 108.

سفیان بن عیینة: 115.

السکونی:133، 146.

سلمان الفارسی: 204.

سلم بن أحوز المازنی: 209.

المحقق سلیمان البحرانی: 111.

سلیمان بن جریر الزیدی: 210، 211.

[شماره صفحه واقعی : 255]

ص: 1709

سلیم بن قیس العامری: 146.

سماعة بن مهران: 107، 133، 159.

سندی بن عیسی: 94.

سهل بن زیاد: 171، 181.

«حرف الشین»

الإمام الشافعی:86، 203.

شریف العلماء: 236.

الشریف المرتضی: 239.

«حرف الصاد»

صالح بن محمد بن سهل الهمدانی: 163.

الدکتور صبحی الصالح:229.

صفوان بن یحیی: 44، 46 ، 89، 91.

«حرف الطاء»

الطبری: 102، 213.

طلحة: 193.

الطوسی: 40، 44، 47، 77، 86، 94، 108، 109، 111، 118، 133، 134، 155، 159، 160، 161، 162، 164، 170، 173، 185، 214، 217، 239.

«حرف الظاء»

ظهیر الدین بن محمد بن الحسام: 95.

«حرف العین»

عائذ الأحسی:52، 54.

عائشة: 125، 193.

الشیخ عباس القمی: 237.

عبدالأعلی مولی آل سام:53، 54.

عبد الرزاق: 115.

عبد العزیز بن المهتدی: 141.

عبد العظیم بن عبد اللّه الحسنی: 143.

عبد القاهر البغدادی(أبو منصور): 192، 209، 213.

عبد الکریم بن أحمد بن موسی بن طاووس:9.

عبد الکریم بن هلال الجعفی: 94.

عبد اللّه بن أباض: 195.

عبد اللّه بن الأفطح ابن الأمام الصادق: 51، 217، 218.

عبد اللّه بن بکیر:46، 133، 159.

عبد اللّه بن جعفر الحمیری: 79، 107، 142، 174.

[شماره صفحه واقعی : 256]

ص: 1710

عبد اللّه بن الحسن بن الحسن:214.

عبد اللّه بن الزبیر: 126.

عبد اللّه بن سنان:179، 182، 226.

عبداللّهبن عباس:123، 125، 126، 195.

عبد اللّه بن عمر: 103، 125، 126.

عبد اللّه بن عمرو بن العاص: 126.

عبد اللّه بن المبارک: 127.

عبد اللّه بن محمد بن الحنفیة(أبوهاشم): 198، 199، 207.

عبد اللّه بن محمد الحضینی:185.

عبد اللّه بن مسعود: 126.

عبد اللّه بن مسکان:212.

عبد اللّه بن یعفور: 134، 141.

عبد اللّه الکوفی(خادم الحسین بن روح): 145.

عبد اللّه المامقانی: 14، 37، 106، 118، 155، 163، 170.

عبید اللّه الحلبی: 44.

عثمان بن عفان: 193، 195، 211.

عثمان بن عیسی:133، 164.

عجلان بن ناووس: 215.

عکرمة: 123.

علی بن إبراهیم: 68، 69، 70، 91، 166، 239، 240.

علی بن أبی حمزة: 133، 164.

الإمام علی بن أبی طالب (علیه السلام): 10، 33، 34، 35، 37، 83، 94، 126، 133، 193، 194، 195، 198، 199، 202، 203، 204، 205، 206، 207، 210، 220، 237.

علی بن أحمد الحقیقی: 170.

علی بن اسباط بن سالم:158.

علی بن بابویه:174.

علی بن الحسن الطاطری: 44، 159، 167.

الإمام علی بن الحسین (علیه السلام): 83، 146، 176، 205، 207، 211.

علی بن حشرم: 115.

علی بن ریّان: 184.

علی بن سلیمان بن الجهم:182.

علی بن سوید السائی: 149.

علی بن عبد الحمید الحسینی: 11.

علی بن عبد العالی المیسی: 95، 239

علی بن الفضیل: 94.

[شماره صفحه واقعی : 257]

ص: 1711

الإمام علی بن محمد الهادی (علیه السلام): 143،149، 220.

علی بن محمدبن عمر بن ریاح: 45، 158.

علی بن محمد بن مکی العاملی: 239

علی بن المسیّب: 141.

علی بن مهزیار: 39، 44، 158، 185.

الإمام علی بن موسی الرضا (علیه السلام): 82، 108، 141، 142، 158، 164، 176، 184، 187، 212، 217، 228.

العماد بن کثیر: 230.

عمار بن یاسر: 204.

عمار الساباطی: 44، 71، 217.

عمر: 75، 126.

عمر بن حنظلة: 82، 89، 90، 91.

عمر بن الخطاب:197، 211.

عمر بن زید: 70.

عمر و بن سعید:71.

عمر و بن عثمان: 94.

العیاشی:54، 187.

عیسی بن موسی:214.

«حرف الغین»

الغزالی:26، 28، 29، 32.

غیاث بن إبراهیم:120.

غیاث بن کلوب:133.

«حرف الفاء»

الفاضل التفریشی: 110.

فتح الدین بن سید الناس: 235.

فخر الدین بن محمد النجفی الطریحی: 76.

الفضل بن شاذان: 44، 122، 145، 180.

الفضیل بن یسار: 44.

الفیض بن المختار: 141.

«حرف القاف»

(أبو عبید) القاسم بن سلام:75.

القاسم بن علاء:143.

القرطبی:124.

المحقق القمی: 27، 28، 32، 35، 108، 109، 162، 163، 227.

[شماره صفحه واقعی : 258]

ص: 1712

«حرف الکاف»

المحقق الکاظمی: 93، 178.

کثیر الشاعر: 206.

کثیرالنواء:211.

الکشی(أبو عمرو): 54، 91، 122، 143، 149، 158، 180، 184، 187، 212، 219، 220.

الکعبی: 28.

کمیل بن زیاد:237.

«حرف المیم»

مالک الأشتر: 195.

مالک بن أنس: 103، 122، 127، 233.

محفوظ بن نصر: 94.

محمد باقر المجلسی:238.

محمد بن إبراهیم الحضینی: 178.

محمد بن أبی زینب(أبوالخطاب):122.

محمد بن أحمد بن یحیی الأشعری: 80، 93.

محمد بن أحمد الصفوانی:187.

محمد بن إسماعیل بن جعفر:216.

محمد بن إسماعیل المیمون الزعفرانی: 167.

محمد بن الأصبغ: 94.

محمد بن بابویه(الصدوق): 40، 44، 46، 47، 69، 76، 77، 80، 83، 109، 110، 111.

محمد بن جعفر:216.

محمد بن الحسن بن أبی خالد المروزی: 230.

محمد بن الحسن بن أحمد بن الولید: 174.

محمد بن الحسن الحر العاملی: 11.

محمد بن الحسن الحلّی: 239.

محمد بن الحسن الصفار: 174.

محمد بن الحسین:89.

محمد بن الحسین بن أبی الخطاب:94، 180.

محمد بن خالد البرقی: 108.

محمد بن سنان: 180.

محمد بن عبد الکریم الشهرستانی:192، 198، 199، 209، 219، 220.

محمد بن عبداللّه بن الحسن بن الحسن بن علی: 212، 213، 214.

محمد بن عبداللّه(رسول اللّه،النبی)(صلی الله علیه وآله وسلم):

[شماره صفحه واقعی : 259]

ص: 1713

10، 20، 32، 35، 59، 66، 67، 71، 73، 75، 77، 83، 87، 88، 102، 103، 107، 108، 110، 111، 112، 113، 120، 121، 123، 124، 125، 126، 136، 137، 139، 202، 203، 204، 205، 207، 208، 210، 212، 219، 220، 230، 233، 234، 235، 237، 240.

محمد بن عبداللّه الحافط النیسابوری(أبو عبداللّه): 10، 11، 126.

محمد بن عثمان العمری: 142، 143.

محمد بن عقیل الفریابی: 92.

محمد بن عقیل النیسابوری: 92.

الإمام محمد بن علی الباقر(أبو جعفر) علیه السلام: 73،76، 83، 144، 176، 184، 185، 187، 207، 210، 211، 212، 214، 230.

الإمام محمد بن علی الجواد(أبو جعفر الثانی) علیه السلام: 108، 158، 163، 176، 230.

محمد بن علی بن الحنیفة: 198، 199، 205، 206.

محمد بن علی الشلمغانی(ابن أبی العزاقر): 145.

محمد بن علی الفتّال النیسابوری: 157.

محمد بن علی بن محبوب: 174.

محمد بن عیسی:89، 90، 91، 142،180.

محمد بن محمد بن عبد الکریم الزبیدی: 147.

محمد بن محمد بن محمد بن داود الموذن الجزینی: 239.

محمد بن مسلم: 44، 76، 88، 106، 141، 187.

محمد بن مقلاص(أبو الخطاب):219.

محمد بن مکی العاملی(الشهید الأول): 11، 48، 50، 51، 52، 56، 236، 239.

محمد بن نصیر الفهری: 220.

محمد بن الولید: 94.

محمد بن وهبان: 170.

محمد بن یحیی: 89، 94.

محمد بن یحیی العطّار: 174.

محمد بن یعقوب الکلینی:39، 54، 68، 69، 70، 77، 80، 89، 91، 142،

[شماره صفحه واقعی : 260]

ص: 1714

165، 166، 228، 239، 240.

محمد تقی التستری: 123، 163، 186.

محمد تقی المجلسی: 238.

محمد الحجّة: 236.

محمد حسین التبریزی الخیابانی (والد المؤلف): 237

محمد رفیع بن فرج الجیلانی: 238.

محمد مهدی بحر العلوم:110، 177، 238.

محمود الحمصی: 170.

محمود الطباطبائی التبریزی:76.

السید المرتضی: 28، 40، 47، 61، 94.

العلامة المرتضی الأنصاری التستری: 238.

مسروق: 126.

مسعر بن فدکی التمیمی: 195.

مسلم: 10، 20، 76، 120، 232، 233، 234.

مصدق بن صدقة: 71.

معاویة بن أبی سفیان: 193، 195.

معاویة بن میسرة: 52، 54.

معمّر: 115.

معمرة بن المثنی(أبو عبیدة): 75.

المغیرة بن سعید: 212، 213، 214.

المفضل بن عمر: 141.

الشیخ المفید: 69، 94، 143، 157، 177، 186، 207، 239 .

المقداد بن الأسود: 204.

منصور بن حازم:88.

منصور بن یونس: 71.

المهدی بن المنصور: 120.

موسی(النبی) علیه السلام: 205.

الإمام موسی بن جعفر(أبو الحسن) - علیه السلام - 51، 91، 147، 149، 159، 164، 170، 186، 215، 217، 218.

موسی بن الحسن بن محمد المعروف ب- (ابن الکبریاء): 177.

میرداماد، السید المحقق: 13.

میسر بن عبد العزیز:143.

«حرف النون»

ناصر بن إبراهیم البویهی الاحسانی: 95.

النجاشی: 86، 91، 155، 156، 157، 158، 159، 160، 170، 173، 174،

[شماره صفحه واقعی : 261]

ص: 1715

176، 179، 180، 182، 184، 185، 187، 210.

النسائی: 76، 233، 234.

نصر بن سیّار: 209.

النضر بن شمیل: 75.

النوبختی:192، 203، 210، 216، 218.

نوح بن أبی إبراهیم: 123.

نوح بن دراج: 133.

المحدّث النوری: 168، 172، 177، 181، 182، 237، 238.

النوفلی:146.

النووی: 34، 67، 76، 78، 86، 101، 102، 103، 117، 123، 125، 133، 232.

«حرف الهاء»

هارون (علیه السلام): 205.

هارون الرشید: 218.

الهروی: 75.

هشام بن الحکم:212.

هشام بن عبد الملک: 208.

«حرف الواو»

واصل بن عطاء: 196، 198.

الولید بن یزید بن عبد الملک: 209.

«حرف الیاء»

یحیی بن أبی سمیط: 216.

یحیی بن زید: 208، 209.

یزید بن خلیفة: 91.

یزید الصائغ: 122.

الیمان الجعفی: 127.

یوسف بن عمر الثقفی: 208.

الشیخ یوسف صاحب الحدائق:238.

یونس: 91، 144، 180.

یونس آل یقطین: 144.

یونس بن ظبیان: 122.

یونس بن عبد الرحمن: 44، 141، 142، 218.

یونس بن یعقوب:141

«الکنی»

ابن أبی حاتم: 171.

ابن أبی عمیر: 46، 52، 53، 54، 55، 68، 70، 91، 108، 110، 111،

[شماره صفحه واقعی : 262]

ص: 1716

166.

ابن الأثیر:75، 233.

ابن جریج: 112.

ابن الجوزی:74، 122.

ابن إدریس: 170.

ابن أُذینة: 68، 145، 166.

ابن إسحاق: 122، 123.

ابن حجر العسقلانی: 234.

ابن حزم الأندلسی:192.

ابن حمدان: 187.

ابن داود الحلی:9، 40، 77، 159، 214،

ابن سعد: 126.

ابن شهر آشوب: 157، 159، 239.

ابن الصلاح:10.

ابن طاهر: 11.

ابن عبد البر:103.

ابن عقدة: 184.

ابن قتیبة:75، 86.

ابن ماجه: 233، 234.

ابن منظور: 147.

ابن الولید:90.

أبو البختری الطائی: 127.

أبو بکر: 70، 204، 211.

أبو تراب الخوانساری:236.

أبوجعفر المعروف بالطحاوی المصری:194.

أبو جعفر المنصور:214.

أبو الحسن الأشعری: 192، 194، 200، 201، 207، 209، 210، 214، 215، 217، 218.

أبو الحسن المقرئ:158.

أبو الحسین البصری: 28.

أبو الحسین الرازی: 187.

أبو الحسین الملطی: 174.

أبو حمّاد الرازی:143.

أبو حمزة الثمالی: 181.

أبو حنیفة: 123.

أبو داود:232، 233، 234.

أبو الدرداء: 126.

أبوذر:20، 204.

أبو زرعة الرازی: 126.

أبو سعید الخدری: 125.

أبو سمیّة: 122.

أبو العالیة الریاحی: 127.

الشیخ أبو العباس:239.

[شماره صفحه واقعی : 263]

ص: 1717

أبو العباس بن نوح: 182.

أبو علی بن همّام: 180.

أبو علی الفارسی: 187.

أبو غالب الزراری: 180.

أبو الکرد الضریر: 206.

أبو موسی الأشعری: 195، 200.

أبو نمیر: 184.

أبو هاشم الجعفری: 144.

أبو هریرة: 125، 126.

أبو یحیی الواسطی: 212.

أبو یعلی الجعفری: 177.

[شماره صفحه واقعی : 264]

ص: 1718

فهرس المصادر
اشارة

ونشیر فی المقام إلی المصادر التی رجعنا إلیها مباشرة بعد القرآن الکریم ونهج البلاغة علی ترتیب الحروف الهجائیة وأشرنا إلی مؤلّفیها حسب أشهر أسمائهم:

«حرف الألف»

ابن الأثیر الجزری (554 - 606ه-).

1 - جامع الاُصول، بیروت ، 1403 ه-.

2 - النهایة فی غریب الحدیث، القاهرة 1383ه- - 1963م.

ابن تیمیّة: أحمد بن عبد الحلیم (661 - 728ه-).

3 - علم الحدیث، بیروت، 1405 ه- - 1985م.

ابن خلّکان: شمس الدین أحمد بن أبی بکر بن خلّکان (608 - 681ه-).

4 - وفیات ا لأعیان، دار صادر ، بیروت، 1968م.

ابن سعد: محمّد( م 230ه-).

5 - الطبقات الکبری، بیروت، دار صادر، 1380 ه-.

ابن حجر: شهاب الدین أحمد العسقلانی (م852 ه-).

6 - تهذیب التهذیب، بیروت، 1404ه-.

ابن شهرآشوب (488 - 588 ه-).

7 - معالم العلماء، النجف الأشرف 1380ه- -1961م.

8 - مناقب آل أبی طالب، بیروت.

ابن کثیر: إسماعیل الدمشقی (م774ه-).

[شماره صفحه واقعی : 265]

ص: 1719

9 - التفسیر، دار الفکر ، بیروت، 1403 ه-.

ابن مهنا: جمال الدین أحمد بن علی( م 828 ه-).

10 - عمدة الطالب، النجف الأشرف، 1380ه-.

ابن منظور: محمّد بن مکرم (630 - 711ه-).

11 - لسان العرب، بیروت، 1408ه-.

أبو داود: سلیمان بن الأشعث السجستانی (202 - 275ه-).

12 - السنن (أحد الصحاح الستّة)، دار احیاء السنّة النبویّة ، بیروت.

أبو نعیم: أحمد بن عبد اللّه الاصفهانی (م 430ه-).

13 - حلیة الأولیاء، دار الفکر ، بیروت.

الأشعری: أبو الحسن (260 - 324 ه-).

14 - الابانة عن اُصول الدیانة، الجامعة الإسلامیة، المدینة المنوّرة، 1970م.

15 - مقالات الإسلامیّین واختلاف المصلّین، المانیا، 1400 ه-.

الأصفهانی: محمّد حسین صاحب الفصول (م1261 أو 1254ه-).

16 - الفصول الغرویة فی الفصول الفقهیة، الطبعة الحجریة، تبریز ، 1305ه-.

آقا بزرگ - الطهرانی (1293 - 1389 ه-).

17 - الأنوار الساطعة فی المائة السابعة، .......،....

18 - الذریعة إلی تصانیف الشیعة،دار الأضواء، بیروت.

الافندی: عبد اللّه..

19 - ریاض العلماء وحیاض الفضلاء، قم، 1401 ه-.

الأمینی: عبد الحسین (1320 - 1390 ه-).

20 - الغدیر ، بیروت، 1387ه-.

«حرف الباء»

بحر العلوم: ا لسیّد محمّد مهدی النجفی (1157 - 1212 ه-).

21 - الرجال، النجف الأشرف، 1385ه-.

[شماره صفحه واقعی : 266]

ص: 1720

البروجردی: السیّد حسین ]المرجع الاکبر[ (1292 - 1380ه-).

22 - جامع أحادیث الشیعة، قم، 1399 ه-.

البرقی: أحمدبن محمد بن خالد (م 274 ه-).

23 - المحاسن، طهران.

البغدادی: أبو منصور، عبد القاهر ( م 429ه-).

24 - الفرق بین الفرق، دار المعرفة، بیروت، تحقیق محمّد محیی الدین.

بهاء الدین العاملی (953 - 1030 ه-).

25 - مشرق الشمسین، طهران، 1321ه-.

26 - الوجیزة فی الدرایة، طهران، 1321ه-.

«حرف التاء»

التستری: محمّد تقی (1320ه- - المعاصر).

27 - قاموس الرجال،طهران ،1397ه-.

«حرف الحاء»

الحرّ العاملی: محمّد بن الحسن (1033 - 1104ه-).

28 - وسائل الشیعة، دار احیاء التراث العربی، بیروت ، 1403 ه-.

الحسن بن زین الدین (صاحب المعالم) (959 - 1011ه-).

29 - معالم الدین (مقدّمة الکتاب فی الاُصول)، طهران، 1273ه-.

30 - منتقی الجمان فی الأحادیث الصحاح والحسان، طهران .

الحسین بن عبدالصمد العاملی،والد الشیخ بهاء الدین العاملی(918-984ه-)

31 - وصول الاخیار إلی اُصول الأخبار،قم، 1401ه-.

«حرف الخاء»

الخطیب القزوینی: محمّد بن عبد الرحمن (666 - 729ه-).

[شماره صفحه واقعی : 267]

ص: 1721

32 - تلخیص المفتاح، متن کتاب المختصر لسعد الدین التفتازانی، طبعة حجر.

الخوانساری: محمّد باقر (م 1313 ه-).

33 - روضات الجنّات، طهران، 1390 ه-.

الخوئی: السیّد أبو القاسم الموسوی، الزعیم الدینی الکبیر(1317- 1413ه-).

34 - معجم رجال الحدیث، 23 جزء،بیروت، 1403ه-.

«حرف الذال»

الذهبی: أبو عبد اللّه شمس الدین ( م 748 ه-).

35 - تذکرة الحفاظ. بیروت، دار احیاء التراث العربی، 1374 ه-.

«حرف الزای»

الزبیدی: محمّد بن محمد عبد الرزّاق (1145 - 1205ه-).

36 - تاج العروس فی شرح القاموس، مصر، 1306 ه-.

«حرف السین»

السبحانی: جعفر بن محمّد حسین (تولد 1347ه- - مؤلّف هذا الکتاب).

37 - تهذیب الاُصول، قم، 1363ه-.

38 - کلّیات فی علم الرجال،قم، 1410ه-.

39 - مفاهیم القرآن،قم، 1404 ه-.

سعید بن نشوان الحمیری (م 573ه-).

40 - الحور العین، طهران، 1394 ه- ]بالأُفسیت[.

السیوطی: جلال الدین (849 - 911 ه-).

41 - تدریب الراوی، بیروت، 1409ه-.

[شماره صفحه واقعی : 268]

ص: 1722

«حرف الشین»

شرف الدین العاملی: عبد الحسین (1290 - 1377 ه-).

42 - أبو هریرة، بیروت، 1397 ه- -1977م.

43 - الفصول المهمّة فی تألیف الأمّة، دار النعمان ، النجف الأشرف.

الشهرستانی: محمّد بن عبد الکریم (479 - 548ه-).

44 - الملل والنحل، دار المعرفة، بیروت.

الشهید الأوّل: محمّد بن مکی العاملی (733 - 786 ه-).

45 - الذکری، الطبعة الحجریة، إیران، 1272 ه-.

الشهید الثانی: زین الدین العاملی (911 - 966ه-).

46 - الرعایة فی علم الدرایة ، قم، 1408 ه-.

47 - شرح البدایة (وهو شرح الرعایة)، قم، 1408 ه-.

«حرف الصاد»

صبحی الصالح.

48 - علوم الحدیث ومصطلحه، جامعة دمشق، 1379 ه-.

الصدر: السیّد حسن (1272 - 1354 ه-).

49 - تأسیس الشیعة الکرام لعلوم الإسلام، بغداد.

50 - نهایة الداریة، الهند، (لکهنو)، 1324 ه-.

الصدوق: محمّد بن علی بن بابویه (306 - 381 ه-).

51 - الخصال، قم، 1403ه-.

52 - کمال الدین وتمام النعمة ،طهران، 1405 ه-.

53 - من لا یحضره الفقیه، دار الکتب الإسلامیة، طهران 1390ه-.

«حرف الطاء»

الطبرسی: الفضل بن الحسن (471 - 548ه-).

[شماره صفحه واقعی : 269]

ص: 1723

54 - مجمع البیان فی علوم القرآن، صیدا - لبنان، 1354 ه-.

الطبری: محمّد بن جریر (م 310 ه-).

55 - تاریخ الأمم والملوک، الأعلمی ، بیروت.

الطوسی: محمّد بن الحسن (385 - 460 ه-).

56 - التهذیب، 10 أجزاء، النجف الأشرف، 1378 ه-.

57 - عدّة الاُصول ،قم، 1403ه-.

58 - الفهرست، جامعة مشهد، إیران، 1351 ه-.

«حرف العین»

عبد الجبار: القاضی المعتزلی (م 415 ه-).

59 - فضل الاعتزال،المغرب.

العلاّمة الحلّی: الحسن بن یوسف بن مطهّر(648-726ه-).

60 - خلاصة الأقوال فی علم الرجال، النجف الأشرف.

61 - النهایة فی الاُصول(مخطوط)

«حرف الغین»

الغزالی: محمد بن محمود(450 - 505ه-)

62 - المستصفی فی علم الاُصول، المطبعة الأمیریة، القاهرة، 1324ه-.

«حرف الفاء»

الفتّال النیسابوری: محمد بن علی(من علماء القرن السادس الهجری).

63 - روضة الواعظین، تبریز، 1333ه-

[شماره صفحه واقعی : 270]

ص: 1724

الفیروز آبادی: محمد بن یعقوب(729-816 ه-).

64 - قاموس اللغة، القاهرة، 1333ه-.

«حرف القاف»

القاسمی: جمال الدین(1283-1332ه-).

65 - قواعد التحدیث فی فنون مصطلح الحدیث،...،...

القمی: أبو القاسم( م1332ه-)

66 - قوانین الاُصول، الطبعة الحجریة، تبریز، 1316ه-.

«حرف الکاف»

الکشی: أبو عمرو(من علماء القرن الرابع الهجری).

67 - الرجال، کربلاء، العراق، مؤسسة الأعلمی.

الکلینی: محمد بن یعقوب الرازی(م 329ه-)

68 - الکافی، طهران، 8أجزاء، 1388ه-.

«حرف المیم»

المامقانی: عبد اللّه(1290 - 1351ه-).

69 - تنقیح المقال فی علم الرجال، 3 أجزاء، النجف الأشرف، 1350ه-

70 - مقیاس الهدایة فی علم الدرایة،النجف الأشرف،1345ه-(الطبعة الحجریة).

المحقّق الحلّی: أبو القاسم نجم الدین جعفر(602 - 672ه-).

71 - معارج الاُصول، الطبعة الحجریة، 1310.

المدرس: محمد علی التبریزی(1296 - 1373ه-)

[شماره صفحه واقعی : 271]

ص: 1725

72 - ریحانة الأدب فی تراجم من اشتهر بالکنیة أو اللقب، تبریز،1387 ه- .

مدیر شانه چی : کاظم(المعاصر).

73 - درایة الحدیث، جامعة مشهد - إیران، 1397ه-

المرتضی: محمد بن علی علم الهدی(355 - 456ه-)

74 - الذریعة فی علم الاُصول، طهران، 1386ه-.

مسلم بن حجّاج النیسابوری(م272 ه-)

75 - الصحیح، مصر، 1334ه-.

المفید: محمد بن محمد بن النعمان(336 - 413ه-)

76 - الاختصاص،مؤسسة النشر الإسلامی، قم المقدّسة.

77 - الإرشاد، قم، 1402ه-.

المیرداماد:(1041ه-).

78 - الرواشح الإلهیة، 1311ه-(الطبعة الحجریة).

«حرف النون»

النجاشی: أبو العباس أحمد بن علی(372 - 450ه-)

79 - الرجال، بیروت، 1409ه-.

النووی -...

80 - التقریب و التیسیر،...،...

النوبختی: الحسن بن موسی(م310ه-).

81 - فرق الشیعة، بیروت، 1404ه-.

النوری - میرزاحسین(1254-1320ه-).

82 - المستدرک علی وسائل الشیعة، طهران، 1319ه-.

[شماره صفحه واقعی : 272]

ص: 1726

درباره مركز

بسمه تعالی
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
با اموال و جان های خود، در راه خدا جهاد نمایید، این برای شما بهتر است اگر بدانید.
(توبه : 41)
چند سالی است كه مركز تحقيقات رايانه‌ای قائمیه موفق به توليد نرم‌افزارهای تلفن همراه، كتاب‌خانه‌های ديجيتالی و عرضه آن به صورت رایگان شده است. اين مركز كاملا مردمی بوده و با هدايا و نذورات و موقوفات و تخصيص سهم مبارك امام عليه السلام پشتيباني مي‌شود. براي خدمت رسانی بيشتر شما هم می توانيد در هر كجا كه هستيد به جمع افراد خیرانديش مركز بپيونديد.
آیا می‌دانید هر پولی لایق خرج شدن در راه اهلبیت علیهم السلام نیست؟
و هر شخصی این توفیق را نخواهد داشت؟
به شما تبریک میگوییم.
شماره کارت :
6104-3388-0008-7732
شماره حساب بانک ملت :
9586839652
شماره حساب شبا :
IR390120020000009586839652
به نام : ( موسسه تحقیقات رایانه ای قائمیه)
مبالغ هدیه خود را واریز نمایید.
آدرس دفتر مرکزی:
اصفهان -خیابان عبدالرزاق - بازارچه حاج محمد جعفر آباده ای - کوچه شهید محمد حسن توکلی -پلاک 129/34- طبقه اول
وب سایت: www.ghbook.ir
ایمیل: Info@ghbook.ir
تلفن دفتر مرکزی: 03134490125
دفتر تهران: 88318722 ـ 021
بازرگانی و فروش: 09132000109
امور کاربران: 09132000109