ص: 2

وهو الروح الذی مع الأئمة علیهم السلام یسددهم ، قلت : والنجم الثاقب ؟ قال : ذاک رسول الله صلی الله علیه و آله ((1)) .

{وَمَا أَدْرَاکَ مَا الطَّارِقُ 2 النَّجْمُ الثَّاقِبُ}3, سورة الطارق .

قال الصادق علیه السلام : السماء أمیر المؤمنین والطارق الذی یطرق الأئمة من عند ربهم مما یحدث باللیل والنهار وهو الروح الذی مع الأئمة یسددهم . و(النَّجْمُ الثَّاقِبُ): رسول الله صلی الله علیه و آله ((2)) .

وروی أن منجما سأل الإمام الصادق ( علیه السلام ), بقوله: فما یعنی بالثاقب ؟ قال: لأن مطلعه فی السماء السابعة, وأنه ثقب بضوءه حتی أضاء السماء الدنیا, فمن ثم سماه الله :{النجم الثاقب}. وهو نجم العذاب ، ونجم القیامة وهو زحل فی أعلی المنازل ((3)) .

ابن بابویه ، قال : حدثنا محمد بن موسی بن المتوکل ، قال : حدثنا علی بن الحسین ، السعدآبادی ، عن أحمد بن أبی عبد الله ، عن أبیه ، وعن محمد بن سلیمان الصنعانی ، عن إبراهیم بن الفضل ، عن أبان بن تغلب ، قال : کنت عند أبی عبد الله جعفر الصادق

( علیه السلام ) إذ دخل علیه رجل من أهل الیمن فسلم علیه فرد علیه السلام ، وقال له : « مرحبا بک یا سعد » فقال له الرجل : بهذا الاسم سمتنی أمی ، وما أقل من یعرفنی به ! فقال له أبو عبد الله جعفر

ص: 4

الصادق ( علیه السلام ) : « صدقت ، یا سعد المولی » فقال له الرجل : جعلت فداک ، بهذا کنت ألقب . فقال له أبو عبد الله جعفر الصادق ( علیه السلام ) : « لا خیر فی اللقب ، إن الله تبارک وتعالی یقول فی کتابه : ولا تَنابَزُوا بِالأَلْقابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإِیمانِ) ، ما صنعک یا سعد ؟ » . فقال : جعلت فداک ، أنا من [ أهل ] بیت ننظر فی النجوم ، لا نقول إن بالیمن أحدا أعلم بالنجوم منا .

فقال له أبو عبد الله جعفر الصادق ( علیه السلام ) : فما زحل عندکم فی النجوم ؟ . فقال الیمانی : نجم نحس . فقال أبو عبد الله جعفر الصادق ( علیه السلام ) : « مه ، لا تقولن هذا ، فإنه نجم أمیر المؤمنین ( علیه السلام ) وهو نجم الأوصیاء (علیهم السلام) وهو النجم الثاقب الذی قال الله عز وجل فی کتابه » .

فقال [ له ] الیمانی : فما یعنی بالثاقب ؟ قال : « إن مطلعه فی السماء السابعة ، وإنه ثقب بضوئه حتی أضاء فی السماء الدنیا ، فمن ثم سماه الله عز وجل النجم الثاقب » .وعنه ، قال : حدثنی أبی ، قال : حدثنا سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن أبی عبد الله ، عن أبیه ، عن أحمد بن النضر ، عن محمد بن مروان ، عن الضحاک بن مزاحم ، قال : وسئل علی ( علیه السلام ) عن الطارق ؟

قال : « هو أحسن نجم فی السماء ، ولیس تعرفه الناس ، وإنما سمی الطارق لأنه یطرق نوره سماءا سماءا إلی سبع سماوات ، ثم یطرق راجعا حتی یرجع إلی مکانه » ((1)) .

علی بن إبراهیم ، قال : حدثنا جعفر بن أحمد ، عن عبد الله بن موسی ، عن الحسن بن علی بن أبی حمزة ، عن أبیه ، عن أبی بصیر ، عن أبی عبد الله

ص: 5

جعفر الصادق ( علیه السلام ) ، فی قوله : (والسَّماءِ والطَّارِقِ) ، قال : « السماء فی هذا الموضع : أمیر المؤمنین ( علیه السلام ) ، والطارق : الذی یطرق الأئمة (علیهم السلام) من عند ربهم مما یحدث باللیل والنهار ، وهو الروح الذی مع الأئمة(علیهم السلام) یسددهم».قال: و(النَّجْمُ الثَّاقِبُ)قال : « ذاک رسول الله ( صلی الله علیه و آله ) »((1)) .

کل ما هو فوقنا فهو سماء ، وکل ما أتاک لیلا فهو طارق ، ولا یکون الطروق إلا فی اللیل ، والمراد بالطارق هنا النجم الثاقب لأن النجم لا یظهر إلا لیلا ، والثاقب هو المضیء ، تقول العرب : أثقب نارک أی أضئها ، وقد وصف به النجم لأن ضوأه یثقب الظلام ، کأنّ الظلام جلد أسود ، والنجم یثقبه بضوئه

وهذا الطارق هو النجم (زحل) وهو أبعد النجوم أو الکواکب فی مجموعتنا الشمسیة التی یمکن رؤیتها بالعین المجردة, ویقع فی المدار السابع للشمس, قال عنه الإمام علیه السلام بأنه فی السماء السابعة .العرب یشبهون کل عال به, ویطلقون علیه أحیانا (شیخ النجوم ), وله حلقات جمیلة تحیط به, وله عشرة أقمار . وهذا الکوکب من الایات الالهیة المشهودة لحلقاته الرائعة التی تحیط به والاقمار العشرة التی تدور حوله .

{إِنْ کُلُّ نَفْس لَمَّا عَلَیْهَا حَافِظٌ4}, سورة الطارق .

جواب للقسم ولما بمعنی إلا والمعنی ما من نفس إلا علیها حافظ, والمراد من قیام الحافظ علی حفظها کتابة أعمالها الحسنة والسیئة علی ما صدرت منها لیحاسب علیها یوم القیامة ویجزی بها فالحافظ هو الملک والمحفوظ

ص: 6

العمل کما قال تعالی: {وإن علیکم لحافظین کراما کاتبین یعلمون ما تفعلون}الانفطار:

12

ولا یبعد أن یکون المراد من حفظ النفس حفظ ذاتها وأعمالها, والمراد بالحافظ جنسه فتفید أن النفوس محفوظة لا تبطل بالموت ولا تفسد حتی إذا أحیا الله الأبدان أرجع النفوس إلیها فکان الانسان هو الانسان الدنیوی بعینه وشخصه ثم یجزیه بما یقتضیه أعماله المحفوظة علیه من خیر أو شر .ویؤید ذلک کثیر من الآیات الدالة علی حفظ الأشیاء کقوله تعالی: {قل یتوفاکم ملک الموت الذی وکل بکم}ألم السجدة: 11, وقوله تعالی : {الله یتوفی الأنفس حین موتها والتی لم تمت فی منامها فیمسک التی قضی علیها الموت}الزمر: 42 ((1)) .

یحفظها من المعاطب والمهالک فلا یصیبها إلا ما قدر الله علیها .

: قال الفراء: إن کل نفس لما علیها حافظ یحفظها حتی یسلمها إلی المقابر, وهذا قول الکلبی ((2)) .

وقال نجاح الطائی: النفوس محفوظة مع أعمالها بالحفظ الالهی وتبقی النفوس وتتلف الاجساد وتندرس الی أن یصدر الباری تعالی أمره الی الابدان بالحیاة مرة أخری عند قیام الساعة .

{فَلْیَنظُرْ الاِْنسَانُ مِمَّ خُلِقَ5 خُلِقَ مِنْ مَاء دَافِق}6, سورة الطارق: النطفة التی تخرج بقوة .

ص: 7

ماء دافق: أی متدفق . فتخرج نطفة الرجل متدفقة الی رحم المرأة باحثة عن البیضة الانثویة لتلقیحها وتکوین الانسان الجدید بصورة علقة .

{یَخْرُجُ مِنْ بَیْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ}7, سورة

الطارق:

قال: الصلب الرجل والترائب المرأة وهی صدرها .

قوله تعالی : " یخرج من بین الصلب والترائب " الصلب الظهر ، والترائب جمع تریبة وهی عظم الصدر .

الصلب معناه الشدید وبهذا الاعتبار سمّی الظهر صلبا أی من بین ظهر الرجل وترائب المرأة وهی عظام نحرها وضلوع صدرها وکلّ عظم من ذلک ترئبة ، وعن أمیر المؤمنین علیه السلام « بین الثدیین » ((1)) وأصل المنیّ هو الدم یتصاعد فی خرزات الصلب وهناک مسکنه ومنتضجه الحرارة فیستحیل أبیض فإذا امتلأت خرزات الظهر وهو الفقار طلب الخروج من مسلکه وهما عرقان متّصلان إلی الفرج ومنهما ینزل وبین طریق المنیّ وطریق البول جلد رقیق یکاد لا یتشخّص من رقّته لئلَّا یختلط المنیّ بماء البول فیفسد حرارة جوهره .

وقال تعالی :خَلَقَ الإنسَانَ مِنْ نُطْفَة فَإذَا هُوَ خَصِیمٌ مُبِینٌ 4*_النحل.

َ:ا أیُّهَا النَّاسُ إنْ کُنْتُمْ فِی رَیْب مِنَ البَعْثِ فَإنَّا خَلَقْنَاکُمْ مِنْ تُرَاب ثُمَّ مِنْ نُطْفَة ثُمَّ مِنْ عَلَقَة ثُمَّ مِنْ مُضْغَة مُخَلَّقَة وَغَیْرِ مُخَلَّقَة_الحج 5 .

:أوَ لَمْ یَرَ الإنسَانُ أنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَة فَإذَا هُوَ خَصِیمٌ مُبِینٌ 77_سورة یس.

وهذا الماء الذی یخلق منه الانسان له أهمیة حیاتیة قصوی لذا قال لقمان لابنه یعظه : واعلم یابنی فانه ماء الحیاة یصب فی الارحام .

ص: 8

وقال ابن سینا : إحفظ منیک ما استطعت فإنه * ماء الحیاة یصب فی الأرحام ((1)) .

{إِنَّهُ عَلَی رَجْعِهِ لَقَادِرٌ8}, سورة

الطارق:

القمی : کما خلقه من نطفة یقدر أن یرده إلی الدنیا وإلی القیامة .

وعن ابن عباس فی قوله " إنه علی رجعه لقادر " قال : أن یجعل الشیخ شابا ، والشاب شیخا((2)) .

یرد الرحمن جل وعلا المیت الی الدنیا شابا فی الرجعة ویرده شابا فی الاخرة .وانا أعجب من الکفار کیف ینکرون رجوع الانسان الی الحیاة فی الاخرة وهم یجدون ولادات الانسان من نطفة مستمرة .

{یَوْمَ تُبْلَی السَّرَائِرُ9}, سورة

الطارق: القمی : قال یکشف عنها الله تعالی ((3)) . وجاء: تختبر السرائر باظهارها وامتحانها لان الابتلاء کله إنما هو باظهار موجب المعنی, ففی الطاعة لله تعالی الحمد والثواب وفی المعصیة الذم والعقاب .

یوم یختبر ما أخفاه الانسان وأسره من العقائد وآثار الأعمال خیرها وشرها فیمیز خیرها من شرها ویجزی الانسان به فالآیة فی معنی قوله تعالی : " إن تبدوا ما فی أنفسکم أو تخفوه یحاسبکم به الله " البقرة : 284 .

{فمَا لَهُ مِنْ قُوَّة وَلا نَاصِر}10, سورة الطارق: لا توجد قوة تمنع الانسان العاصی الکافر من سحبه الی الجحیم فالعذاب الالهی واقع فی حقه لا

ص: 9

محالة . ویتعجب السلاطین وعلماء السوء أن الجیوش والحواشی وفیالق المرتزقة والعبید التی أسسوها فی الدنیا والاموال التی کنزوها لم تنفعهم فی الاخرة فی رشوة الملائکة ودفعهم والانتصار علیهم .

{وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ 11 وَالاَْرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ}12: سورة الطارق: تفسیر علی بن إبراهیم : " والسماء ذات الرجع " قال : ذات المطر " والأرض ذات الصدع " أی ذات النبات ، وهو قسم وجوابه : " إنه لقول فصل " یعنی ما مضی ، أی قاطع " وما هو بالهزل " أی لیس بالسخریة " إنهم یکیدون کیدا " أی یحتالون الحیل " وأکید کیدا " فهو من الله العذاب " فمهل الکافرین أمهلهم رویدا " قال : دعهم قلیلا ((1)).

وجاء بأنه یوجد فی الارض صدع کبیر یبین عظمة الطبقات الارضیة وهی آیة من آیات الله تعالی :

: نشرت مجلة الطبیعة الأمریکیة أحد أهم التجارب العلمیة بتاریخ 24/2/2005 م وفیه تجربة بأن العلماء یحاولون تقلید الصدع الضخم الذی یمتد عمیقاً فی الأرض لأکثر من ستة کیلو مترات ونصف، ویحاول العلماء استکشاف المزید حول هذا الصدع الذی تشکل قبل عشرات الملایین من السنین. هذا الصدع موجود تحت منطقة فی الولایات المتحدة الأمریکیة. ویقولون إن ظاهرة تصدع الأرض هی من أهم الظواهر المحیرة، فکیف تشکلت هذه الصدوع ولماذا؟ ویعتقد العلماء أن هذه التجارب التی تهدف لمحاکاة الصدوع الأرضیة ستقدم بعض الإجابات عن مثل هذه الأسئلة .

وتظهر الصور المرسومة بالسوبر کمبیوتر القشرة الأرضیة وهی تنقسم إلی لوحین یتباعدان عن بعضهما مما یساهم فی تشکیل هذا الصدع الهائل.

ص: 10

ولکن ینبغی علینا أن نتذکر أن القرآن ذکر هذه الصدوع کآیة من آیات الخالق تبارک وتعالی بل وأقسم بالأرض وأنها ذات صدع، والهدف من هذا القسم هو أن ندرک أن القرآن کتاب الله وأنه القول الفصل ولیس بالهزل، یقول تعالی: {وَالْأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ (12) إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ (13) وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ}, الطارق: 12_14 .

وَقَدْ رُوِیَ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مَهْدِیٍّ لَمَّا قَدِمَ الْمَدِینَةَ بَسَطَ سَجَّادَةً فَأَمَرَ مَالِکٌ بِحَبْسِهِ ، فَقِیلَ لَهُ : إنَّهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِیٍّ فَقَالَ : أَمَا عَلِمْت أَنَّ بَسْطَ السَّجَّادَةِ فِی مَسْجِدِنَا بِدْعَةٌ .

وَفِی الصَّحِیحِ عَنْ أَبِی سَعِیدٍ الْخُدْرِیِّ فِی حَدِیثِ اعْتِکَافِ النَّبِیِّ صلی الله علیه و آله قَالَ : { اعْتَکَفْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلی الله علیه و آله فَذَکَرَ الْحَدِیثَ _ وَفِیهِ قَالَ : مَنْ اعْتَکَفَ فَلْیَرْجِعْ إلَی مُعْتَکَفِهِ فَإِنِّی رَأَیْت هَذِهِ اللَّیْلَةَ وَرَأَیْتنِی أَسْجُدُ فِی مَاءٍ وَطِینٍ } " .وَفِی آخِرِهِ : { فَلَقَدْ رَأَیْت یَعْنِی صَبِیحَةَ إحْدَی وَعِشْرِینَ عَلَی أَنْفِهِ وَأَرْنَبَتِهِ أَثَرَ الْمَاءِ وَالطِّینِ } . فَهَذَا بَیِّنٌ أَنَّ سُجُودَهُ کَانَ عَلَی الطِّینِ . وَکَانَ مَسْجِدُهُ مَسْقُوفاً بِجَرِیدِ النَّخْلِ یَنْزِلُ مِنْهُ الْمَطَرُ ، فَکَانَ مَسْجِدُهُ مِنْ جِنْسِ الْأَرْضِ .

وَرُبَّمَا وَضَعُوا فِیهِ الْحَصَی ، کَمَا فِی سُنَنِ أَبِی دَاوُد عَنْ { عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ : سَأَلْت ابْنَ عُمَرَ عَنْ الْحَصَی الَّذِی کَانَ فِی الْمَسْجِدِ ، فَقَالَ : مُطِرْنَا ذَاتَ لَیْلَةٍ ، فَأَصْبَحَتْ الْأَرْضُ مُبْتَلَّةً ، فَجَعَلَ الرَّجُلُ یَأْتِی بِالْحَصَی فِی ثَوْبِهِ فَیَبْسُطُهُ تَحْتَهُ ، فَلَمَّا قَضَی رَسُولُ اللَّهِ صلی الله علیه و آله . قَالَ : مَا أَحْسَنَ هَذَا ؟ .

وَفِی سُنَنِ أَبِی دَاوُد أَیْضاً ، عَنْ أَبِی بَدْرٍ شُجَاعِ بْنِ الْوَلِیدِ ، عَنْ شَرِیکٍ ، عَنْ أَبِی حُصَیْنٍ ، عَنْ أَبِی صَالِحٍ ، عَنْ أَبِی هُرَیْرَةَ قَالَ : أَبُو بَدْرٍ أَرَاهُ قَدْ رَفَعَهُ إلَی النَّبِیِّ صلی الله علیه و آله قَالَ : { إنَّ الْحَصَاةَ تُنَاشِدُ الَّذِی یُخْرِجُهَا مِنْ الْمَسْجِدِ } ((1)).

ص: 12

وَفِی الْمُسْنَدِ أَیْضاً عَنْ جَابِرٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی الله علیه و آله { لَأَنْ یُمْسِکَ أَحَدُکُمْ یَدَهُ عَنْ الْحَصَی خَیْرٌ لَهُ مِنْ مِائَةِ نَاقَةٍ کُلُّهَا سُودُ الْحَدَقِ ، فَإِنْ غَلَبَ أَحَدَکُمْ الشَّیْطَانُ فَلْیَمْسَحْ وَاحِدَةً } .

وَهَذَا کَمَا فِی الصَّحِیحَیْنِ ، عَنْ { مُعَیْقِیبٍ أَنَّ النَّبِیَّ صلی الله علیه و آله

قَالَ فِی الرَّجُلِ یُسَوِّی التُّرَابَ حَیْثُ یَسْجُدُ ، قَالَ : إنْ کُنْت فَاعِلاً فَوَاحِدَةً } فَهَذَا بَیِّنٌ أَنَّهُمْ کَانُوا یَسْجُدُونَ عَلَی التُّرَابِ وَالْحَصَی ، فَکَانَ أَحَدُهُمْ یُسَوِّی بِیَدِهِ مَوْضِعَ سُجُودِهِ ، فَکَرِهَ لَهُمْ النَّبِیُّ صلی الله علیه و آله ذَلِکَ الْعَبَثَ ، وَرَخَّصَ فِی الْمَرَّةِ الْوَاحِدَةِ لِلْحَاجَةِ ، وَإِنْ تَرَکَهَا کَانَ أَحْسَنَ .

وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِکٍ ، قَالَ : { کُنَّا نُصَلِّی مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلی الله علیه و آله فِی شِدَّةِ الْحَرِّ ،فَإِذَا لَمْ یَسْتَطِعْ أَحَدُنَا أَنْ یُمَکِّنَ جَبْهَتَهُ مِنْ الْأَرْضِ بَسَطَ ثَوْبَهُ ، فَسَجَدَ عَلَیْهِ } أَخْرَجَهُ أَصْحَابُ الصِّحَاحِ : کَالْبُخَارِیِّ وَمُسْلِمٍ وَأَهْلِ السُّنَنِ وَغَیْرِهِمْ .

وَفِی هَذَا الْحَدِیثِ : بَیَانُ أَنَّ أَحَدَهُمْ إنَّمَا کَانَ یَتَّقِی شِدَّةَ الْحَرِّ بِأَنْ یَبْسُطَ ثَوْبَهُ الْمُتَّصِلَ : کَإِزَارِهِ وَرِدَائِهِ وَقَمِیصِهِ ، فَیَسْجُدُ عَلَیْهِ وَهَذَا بَیِّنٌ أَنَّهُمْ لَمْ یَکُونُوا یُصَلُّونَ عَلَی سَجَّادَاتٍ ، بَلْ وَلَا عَلَی حَائِلٍ ((1)) .

وقال نجاح الطائی: لقد بین الله تعالی ان السجود یکون علی الارض فی سورة الفتح بأن السجود علی الارض بطینها وحصوها وصخرها مما یترک أثرا علی الوجه : { مُحَمَّدٌ رسول الله وَالَّذِینَ مَعَهُ أشِدَّاءُ عَلَی الکُفَّارِ رُحَمَاءُ بَیْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُکَّعاً سُجَّداً یَبْتَغُونَ فَضْلا مِنْ اللّهِ وَرِضْوَاناً سِیمَاهُمْ فِی

ص: 13

وُجُوهِهِمْ مِنْ أثَرِ السُّجُودِ ذَلِکَ مَثَلُهُمْ فِی التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِی الإنْجِیلِ کَزَرْع أخْرَجَ شَطْئَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَی عَلَی سُوقِهِ یُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِیَغِیظَ بِهِمُ الکُفَّارَ وَعَدَ اللّهُ الَّذِینَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأجْراً عَظِیماً } 29 _سورة الفتح.

وبین جابر بن عبد الله الانصاری و ابو سعید الخدری و أنس بن مالک وعبد الله بن عمر وابو هریرة والبخاری ومسلم وابو داود وابن تیمیة وابن حزم الاندلسی ان السجود علی السجاد لا یجوز ویجب السجود علی الارض .

یجوز السجود علی الأرض وعلی ما نبت منها غیر مأکول ولا ملبوس ، والسجود علی الأرض أفضل من النبات ((1)).

وقال الصادق ( علیه السلام ) : « السجود علی طین قبر الحسین ( علیه السلام ) ینوّر إلی الأرضین السبعة .و« إنّ السجود علی تربة أبی عبد الله ( علیه السلام ) یخرق الحجب السبع »((2)) .لکن النواصب حاولوا تغییر الصحیح الی الباطل لتحریف الدین مخالفة منهم للقرآن والحدیث النبوی .

{إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ}13, سورة الطارق: یعنی یوم الحساب والعقاب قول ماض, أی قاطع لا رجعة فیه . أی فاصل قاطع ، وحدیث وفد عبد القیس : فمرنا بأمر فصل ، أی لا رجعة فیه ولا مردّ کما فی النّهایة الأثیریّة .

الطبرسی :(إِنَّه) إنّ القرآن ، أو إنّ الوعد بالبعث (لَقَوْلٌ فَصْلٌ) فاصل بین الحقّ والباطل ، کما قیل له : إنّه الفرقان((3)) .

ص: 14

الرأی الاول هو الصحیح لان الکفار لا یصدقون بیوم الحساب ویکذبونه ویستهزؤون به .

{وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ}14, سورة الطارق: أی لیس بالسخریة .

{إِنَّهُمْ یَکِیدُونَ کَیْداً15}, سورة

الطارق: أی یحتالون الحیل .

{وَأَکِیدُ کَیْداً}16: فهو من الله العذاب, سورة الطارق .

(وأکید کیدا) فهو من الله العذاب (فمهل الکافرین أمهلهم رویدا) قال : دعهم قلیلا .

حدثنا جعفر بن أحمد بن عبید الله بن موسی عن الحسن بن علی عن ابن أبی حمزة عن أبی بصیر فی قوله (فماله من قوة ولا ناصر) قال ما له قوة یقوی بها علی خالقه ولا ناصر من الله ینصره ان أراد به سوءا ، قلت : انهم یکیدون کیدا ؟ قال : کادوا رسول الله صلی الله علیه و آله وکادوا علیا علیه السلام وکادوا فاطمة علیها السلام فقال الله : یا محمد انهم یکیدون کیدا وأکید کیدا فمهل الکافرین یا محمد أمهلهم رویدا لوقت بعث القائم علیه السلام فینتقم لی من الجبارین والطواغیت من قریش وبنی أمیة وسائر الناس ((1)) .

{فَمَهِّلْ الْکَافِرِینَ أَمْهِلْهُمْ رُوَیْداً}17 سورة الطارق : قال: دعهم قلیلا ولا تستعجل بعذابهم .

وکان من وصایا النبی صلی الله علیه و آله للإمام أمیر المؤمنین علیه السلام :

ص: 15

یاعلی أُوصیک بالدّعاء ; فإنّ معه الإجابة, وبالشکر ; فإنّ معه المزید, وأنهاک عن أن تخفر عهداً وتعین علیه, وأنهاک عن المکر ; فإنّه لا یحیق المکر السّی إلاّ بأهله, وأنهاک عن البغی, فإنّه من بغی علیه لینصرنّه الله ((1))

.

وتقوم بعض حواشی علماء السوء والملوک باتهام الصالحین بسب الانبیاء و السلاطین للقضاء علیهم .

واصبحت الحواشی الملکیة الامویة والعباسیة والوهابیة وغیرها مشهورة بالاحتیالات والمکر والمکیدة لقتل الرسل والائمة والابرار لیتسلطوا علی الاموال والمناصب ویستمر نهبهم لبیت المال .

وسیقول أحبار الدین وحواشیهم للامام المهدی علیهما السلام عند ظهوره فی الکوفة : ارجع یا بن فاطمة لا حاجة لنا فیک .

((1)) وعن الصادق علیه السلام من قرأها فی فریضة أو نافلة قیل له فی القیامة ادخل من أی ابواب الجنة شئت ((2)) .

بسم الله الرحمن الرحیم

{سَبِّحْ اسْمَ رَبِّکَ الاَْعْلَی}1 سورة الاعلی.

سألوا أمیر المؤمنین عن هذه الآیة فقال: مکتوب علی قائمة العرش قبل أن یخلق الله السموات والأرضین بالفی عام: لا اله الا الله وحده لا شریک له, وأنَّ محمداً عبده ورسوله فاشهدوا بهما, وأنَّ علیاً وصی محمد ((3)) .

فکان النبی محمد صلی الله علیه و آله والإمام علی علیه السلام یسبحان الله تعالی .

وعن الصَّادقِ ( علیه السلام ) : " مِن الواجبِ علی کُلِّ مؤْمن أَن یقْرَأَ فی لیلةِ الجُمُعَةِ بالجُمُعَةِ و (سَبَّحِ اسْمَ رَبِّکَ الأَعْلَی) وفی صَلاَةِ الظُّهرِ فی الجُمُعَةِ بالجُمُعَةِ والمنَافقینَ ، فإذَا فَعَلَ ذلکَ فکأَنَّما یَعْمَلُ بِعَمَلِ رسُولِ اللهِ صلی الله علیه و آله ، وکانَ ثَوابُ جَزَائِهِ علی اللهِ الجَنَّة "((4)) .

ومعنَاهُ : نَزِّهْ رَبَّکَ عن کلِّ ما لا یلیقُ بهِ من الصِّفَاتِ التی هی إِلْحادٌ فی أَسمائِهِ : کالجَبْرِ والتَشْبیهِ ونَحْوِ ذلکَ . و (الاْعْلَی) یجُوزُ أن یکُونَ صِفَةً للربِّ وللاسْمِ ، وهو بمعنَی العُلُوِّ الذی هو القَهْرُ والاقتِدَارُ .

ص: 17

وفی الحَدیثِ : لمَّا نَزَلَ : (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّکَ الاَْعْلَی) قَالَ : اجْعَلُوها فی سُجُودِکُم ، ولمَّا نَزَلَتْ : (فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّکَ الْعَظِیمِ) ((1)) قال َ : اجْعَلُوها فی رُکُوعِکُم ((2)) .

الأعلی معناه القادر الذی لا قادر أقدر منه وصفة الأعلی منقولة إلی معنی الأقدر حتی لو بطل معنی علو المکان لم یبطل أن یفهم تحقیقا إذ هی غیر متضمنة بغیرها ولم ینقل صفة الأرفع وإنما یعرف فی رفعة المکان وأما قول فرعون (أَنَا رَبُّکُمُ الأَعْلی) فإنه کذب فی دعواه ((3)) .

وفی التاریخ سمی بعض الناس الحرامیة مجالسه الحزبیة الضیقة الضعیفة بالمجلس الاکبر والاعلی والاوحد وهو لا یمثل واحد بالمئة من الناس , ومعظم المسلمین لا یسبحون الله تعالی کثیرا . ومشکلة المسلمین ان معظمهم لا ینزهون الله تعالی کما تطلب هذه الایة الکریمة .

نزهوا الله تعالی عن الصفات المذمومة والافعال القبیحة والاخلال بالواجبات .

وروی العیّاشی بإسناده عن أبی حمیصة ، عن علیّ علیه السلام ، قال : « صلَّیت خلفه عشرین لیلة ، فلیس یقرأ إلَّا « سَبِّحِ اسْمَ رَبِّکَ الأَعْلَی » . وقال : لو

ص: 18

یعلمون ما فیها لقرأها الرجل کلّ یوم عشرین مرّة ، وإنّ من قرأها فکأنّما قرأ صحف موسی وإبراهیم الَّذی وفّی » ((1)) .

{الَّذِی خَلَقَ فَسَوَّی 2 وَالَّذِی قَدَّرَ فَهَدَی}3, سورة الاعلی.

: الذی خلق الأشیاء فسوی خلقها, وعدلها والتسویة التعدیل .

وقوله: والذی قدر الخلق فهدی یقول تعالی ذکره: والذی قدر خلقه فهدی . خلق تعالی کل شئ فسوی خلقه فجعله جمیلا کاملا یمکن أن یحصل معاشه بنفسه . وفی المجمع عن ابن عباس قال کان النبی ( صلی الله علیه و آله ) إذا نزل علیه جبرئیل بالوحی یقرأه مخافة أن ینساه فکان لا یفرغ جبرئیل من آخر الوحی حتی یتکلم هو بأوله فلما نزلت هذه الآیة لم ینس بعد ذلک شیئا إنه یعلم الجهر وما یخفی ما ظهر من أحوالکم وما بطن ((2)) .

عن سعد بن طریف الخفاف ، قال : قلت لأبی جعفر الامام الباقر( علیه السلام ) : ما تقول فیمن أخذ عنکم علما فنسیه ؟ قال : « لا حجة علیه ، إنما الحجة علی من سمع منا حدیثا فأنکره ، أو بلغه فلم یؤمن به وکفر ، وأما النسیان فهو موضوع عنکم ، إن أول سورة نزلت علی رسول الله ( صلی الله علیه و آله ) (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّکَ الأَعْلَی) ، فنسیها ، فلا یلزمه حجة فی نسیانه ، ولکن الله تبارک وتعالی أمضی له ذلک ، ثم قال : (سَنُقْرِئُکَ فَلا تَنْسی )» ((3)) .

علی بن إبراهیم : (ونُیَسِّرُکَ لِلْیُسْری فَذَکِّرْ) ، یا محمد (إِنْ نَفَعَتِ الذِّکْری سَیَذَّکَّرُ مَنْ یَخْشی) ، قال : نذکرک إیاه ، قال : یَتَجَنَّبُهَا یعنی ما یتذکر به

ص: 19

الأَشْقَی الَّذِی یَصْلَی النَّارَ الْکُبْری) ، قال : نار یوم القیامة (ثُمَّ لا یَمُوتُ فِیها ولا یَحْیی) یعنی فی النار ، فیکون کما قال [ الله ] تعالی : ویَأْتِیه الْمَوْتُ مِنْ کُلِّ مَکانٍ وما هُوَ بِمَیِّتٍ .

{وَالَّذِی قَدَّرَ فَهَدَی}قال : قدر الأشیاء بالتقدیر ، فالله تعالی خلق الخلق وقدرهم علی ما اقتضته الحکمة (فهدی) أی أرشدهم إلی طریق الرشد والهدایة من الغی والضلال. وقد هدی تعالی الحیوان والعصفور والطفل الی أمه کی ترضعه وتطعمه.

وبسنده عن عبدالله بن عباس قال:

قال رسول الله صلی الله علیه و آله لعلی بن أبی طالب علیه السلام : «إنّ جبرئیل أخبرنی فیک بأمر قرّت به عینی وفرح به قلبی قال: « یا محمد إنّ الله تعالی قال لی: اقرأ محمداً منّی السلام واعلمه أنّ علیاً إمام الهدی ومصباح الدجی , والحجّة علی أهل الدنیا» ((1)).

وقال النبی صلی الله علیه و آله لعلی علیه السلام : «أنت فاروق الأُمّة , ومنار الهدی , وإمام الأولیاء »((2)) .

وعن الباقر ( علیه السلام ) فی قوله: {إنَّ الَّذِینَ یَکْتُمُونَ مَا أنزَلْنَا مِنْ البَیِّنَاتِ وَالهُدَی}فی علی بن ابی طالب علیه السلام {مِنْ بَعْدِ مَا بَیَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِی الکِتَابِ

ص: 20

اُوْلَئِکَ یَلْعَنُهُمُ اللّهُ وَیَلْعَنُهُمُ اللاعِنُونَ }.سورة البقرة 159 . قال علیه السلام : نزل جبرئیل بهذه الآیة هکذا ((1)).

ابو نعیم الشافعی : وقال النبی صلی الله علیه و آله : " إن الله عهد إلی فی علی عهدا , فقلت : یا رب بینه لی ؟ قال تعالی: « اسمع , إن علیاً رایة الهدی , وإمام أولیائی , ونور من أطاعنی , وهو الکلمة التی ألزمتها المتقین , من أحبه فقد أحبنی , و من أطاعه أطاعنی , فبشره بذلک . فقلت : بشرته یا رب فقال : أنا عبد الله وفی قبضته , فإن یعذبنی بذنوبی لم یظلم شیئا , وإن یتم لی ما وعدنی فهو أولی . وقد دعوت له فقلت : اللهم اجل قلبه واجعل ربیعه الایمان بک . قال : قد فعلت ذلک غیر أنی مختصه بشئ من البلاء لم أختص به أحدا من أولیائی . فقلت : رب أخی وصاحبی . قال : انه سبق فی علمی أنه لمبتلی ومبتلی به » ((2)) .

ثم رواه باسناد آخر عن أنس بن مالک : " إن رب العالمین عهد إلیَّ فی علی علیه السلام عهدا أنه رایة الهدی , ومنار الایمان , وإمام أولیائی , ونور جمیع من أطاعنی , إن علیاً أمینی غدا فی القیامة , رأیت بید علی مفاتیح خزائن رحمة ربی ((3)) " .

وروی الحافظ الحاکم الحسکانی الحنفی : حدثونا عن أبی عباس بن عقدة باسناده عن عبد الله بن حزن قال: «سمعت الحسین بن علی علیه السلام بمکة ذکر قول الله تعالی:

(الذین کفروا وصدّوا عن سبیل الله أضلّ

ص: 21

أعمالهم , والذین آمنوا وعملوا الصالحات وآمنوا بما نزّل علی محمد وهو الحقّ من ربّهم کفّر عنهم سیئاتهم وأصلح بالهم)((1)) . ثم قال : نزلت فینا وفی بنی أمیة((2)) .

وقال تعالی: {مِنْ بَعْدِ مَا تَبَیَّنَ لَهُمُ الهُدَی}: أمر علی بن أبی طالب علیه السلام ((3)) . وقوله تعالی: (وَأنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الهُدَی_ سورة الجنّ 72 / 13 : (الولایة آمنا بمولانا فمن آمن بولایة مولاه فلا یخاف بخساً ولا رهقاً ). آمَنَّا بِهِ فَمَنْ یُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلا یَخَافُ بَخْساً وَلا رَهَقاً13 _الجن.

وأسند أیضا فی تفسیر: إنا لما سمعنا الهدی آمنا به . قالوا : الهدی:

الولایة ((4)). وقال الإمام محمد الباقر علیه السلام : فی تفسیر قوله تعالی: (وشاقوا الرسول

ص: 22

من بعد ما تبین لهم الهدی) ((1)) . أسند إلی أبی جعفر ( علیه السلام ) فی تفسیر : وشاقوا الرسول من بعد ما تبین لهم الهدی( علیه السلام )((2)) .

وقوله تعالی: {إنَّ الَّذِینَ کَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِیلِ اللّهِ وَشَاقُّوا الرَّسُولَ}.

أی قطعوه فی أهل بیته بعد أخذ المیثاق علیهم له ((3))(مِنْ بَعْدِ مَا تَبَیَّنَ لَهُمُ الهُدَی). أمر علی بن أبی طالب علیه السلام ((4)) .

وروی الحافظ سلیمان القندوزی الحنفی عن الحافظ أبی بکر بن مردویه الشافعی فی کتاب (المناقب) فی قوله تعالی: (وشاقوا الرسول من بعد ما تبین لهم الهدی). روی عن رسول الله صلی الله علیه و آله انه قال: تبین لهم الهدی فی أمر علی علیه السلام ((5)).

وأخرج نحواً منه علامة الأحناف الکشفی الترمذی فی مناقبه عن علی ( علیه السلام ) ((6)) .

وفی قوله تعالی: " وشاقوا الرسول من بعد ما تبین لهم الهدی ((7)).

ص: 23

وقال النبی : فی أمر علی ( علیه السلام ) ((1)). وهناک تأکید من علماء السنة أن الانبیاء بعثوا علی الاقرار بنبوة محمد وولایة علی صلوات الله علیهما ((2)).

ص: 24

وقال نجاح الطائی : بین الله تعالی أهمیة الهدی للامة المتمثل فی ولایة أهل البیت بقوله : {وَمَنْ یُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَیَّنَ لَهُ الهُدَی وَیَتَّبِعْ غَیْرَ سَبِیلِ المُؤْمِنِینَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّی وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِیراً115 }_النساء.

وهذا جواب لکل شخص یتساهل فی أمر ولایة علی علیه السلام ولا یتبعها .

وقال النبی صلی الله علیه و آله فی یوم الدار : یا بنی عبد المطّلب ، إنّی قد جئتکم بخیری الدنیا والاخرة ، وقد أمرنی الله تعالی أنْ أدعوکم إلیه ، فأیّکم یؤازرُنی علی أمری هذا ویکون أخی ووصیّی وخلیفتی فیکم

؟ فأحجم القوم عنها جمیعاً . فقلت وأنا أحدثهم سنّاً : یا نبیّ الله ، أکون وزیرک علیه . قال علیه السلام : فأخذ برقبتی وقال صلی الله علیه و آله : إنّ هذا أخی ووصیّی وخلیفتی فیکم ، فاسمعوا له وأطیعوا . فقام القوم یضحکون ویقولون لابی طالب : قد أمرک أنْ تسمع لعلی وتطیع ((1)) .

ص: 25

ص: 26

وقال النبی صلی الله علیه و آله فی بیعة الرضوان فی الحدیبیة فی السنة السادسة للهجرة :" علی إمام البررة وقاتل الفجرة ، منصور من نصره ومخذول من خذله ((1))

وقال النبی صلی الله علیه و آله فی بیعة الغدیر : ألست أولی بکم من أنفسکم قالوا بلی قال صلی الله علیه و آله : فمن کنت مولاه فعلی مولاه ((2)) .

ص: 27

وقال عمر لاحد الاعراب عن علی( علیه السلام ) فی زمن حکومته : « هذا مولاک ومولی کلِّ مؤمن ، ومَنْ لم یکن مولاه ، فلیس بمؤمن ((1)) .

وقد اعترف عمر بعبودیته للامام علی علیه السلام فی زمن خلافته أیضا حیث قال : علی مولای ومولی کل مسلم ومسلمة ومن لیس بمولاه لیس بمسلم ((2)) .

ص: 28

وقول عمر خیر جواب للنواصب والخوارج تعلمه من أقوال النبی صلی الله علیه و آله فی بیعات یوم الدار والرضوان (الشجرة) والغدیر .

{وَالَّذِی أَخْرَجَ الْمَرْعَی}4, سورة الاعلی. أنبت الکلأ للنعم , فهو مرعی الانعام, من صنوف النبات وأنواع الحشیش .

ص: 29

{فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَی}5: سورة الاعلی. کان بقلا ونباتا أخضرا جمیل المنظر, ثم هاج فیبس, وتغیرت حالته فصار غثاء أحوی, تذهب به الریاح والسیول .الغثاء : ما یقذف به السیل علی جانب الوادی من الحشیش والنبات . والاحوی الأسود ، والحوة السواد .

{سَنُقْرِئُکَ فَلا تَنسَی}6: سورة الاعلی. کان الله تعالی یقریء النبی صلی الله علیه و آله فلا ینسی .أی سنأخذ علیک قراءة القرآن ، فلا تنسی ذلک . وقیل : معناه سیقرأ علیک جبرائیلُ القرآن بأمرنا ، فتحفظه ولا تنساه .

و قال ابن عباس : کان النبی صلی الله علیه و آله إذا نزل علیه جبرائیل ( علیه السلام بالوحی ، یقرأه مخافة أن ینساه ، فکان لا یفرغ جبرائیل علیه السلام من آخر الوحی حتی یتکلم هو بأوله . فلما نزلت هذه الآیة لم ینس بعد ذلک شیئا ((1)).

لقد حفظ النبی ( صلی الله علیه و آله ) وعلی ( علیه السلام ) وکثیر من الصحابة والتابعین القرآن الکریم عن ظهر قلب .وفی طول القرون الماضیة کان الملایین من المسلمین یحفظون القرآن الکریم ولا ینسونه .وکان أبو بکر وعمر وعثمان وعائشة وحفصة لا یحفظون القرآن الکریم بل یحفظون بعضا منه .

وقال الله تعالی فی هذا الشأن لرسوله : (سَنُقْرِئُکَ فَلاَ تَنسَی)((2)).

وقال تعالی : (وَلاَ تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ یُقْضَی إِلَیْکَ وَحْیُهُ)((3)).

وقال سبحانه : (لاَ تُحَرِّکْ بِهِ لِسَانَکَ لِتَعْجَلَ بِهِ * إِنَّ عَلَیْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ * فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ * ثُمَّ إِنَّ عَلَیْنَا بَیَانَهُ)((4)).

ص: 30

وتفسیر هذه الآیات إنّه بعدما نزلت ما نسی النبی محمّد القرآن أبدا ً((1)).

فیکون واضحاً قرآنیاً حفظ النبی محمّد ( صلی الله علیه و آله ) للقرآن وعدم سهوه ونسیانه .وسعت عائشة لمدح أبیها ووضع فضائل مزورة له والنیل من النبی ( صلی الله علیه و آله ) بکلّ الصور الممکنة . وحاولت عائشة التشکیک بآیات القرآن الکریم وعدم الاعتناء بها سائرة علی نهجها فی رفض النصوص الإلهیة والنبویة :فقالت عائشة : نسی النبی ( صلی الله علیه و آله ) آیات من القرآن((2)).

وقالت عائشة : کان النبی ( صلی الله علیه و آله ) یستمع قراءة رجل فی المسجد فقال (رحمه الله) : لقد أذکرنی کذا وکذا آیة کنت قد أسقطتها من سورة کذا وکذا((3)). أی نسیها وأسقطها من القرآن فأصبح القرآن ناقصا فی نظرها !!!

وهذا المنهج المخالف للقرآن خطیر جدا لانه یشکک فی کتاب الله المجید . وکانت نظریة الیهود متَّفقة مع الحزب القرشی فی منع کتابة الحدیث النبوی .

وبعدما سعوا ((4))لاثبات نقص القرآن بنصوص کاذبة فی کتاب البخاری ومسلم سعوا لتحریف الحدیث واحراقه :سار ابو بکر وعمر علی النظریة القائلة بأن النبی ( صلی الله علیه و آله )یغضب ویرضی فکیف تکتبون عنه ((5)).

ص: 31

ذکر الحافظ الذهبی فی کتابه تذکرة الحفاظ : « ان الصدِّیق (أبا بکر) جمع الناس بعد وفاة نبیهم ( صلی الله علیه و آله ) فقال : إنَّکم تحدِّثون عن رسول الله ( صلی الله علیه و آله )أحادیث تختلفون فیها والناس بعدکم اشدُّ إختلافاً ، فلا تحدِّثوا عن رسول الله شیئاً . فمن سألکم فقولوا : بیننا وبینکم کتاب الله ، فإستحلوا حلاله وحرِّموا حرامه((1)) .

النتیجة : انهم شککوا بالقرآن بأن النبی صلی الله علیه و آله نسی أغلبه وشککوا بالحدیث بأن النبی صلی الله علیه و آله یغضب فیذم شخصا وواقعة , ویرضی فیمدحه ویرضی عن حادثة بلا موازین علمیة وعقلائیة ثابتة !!!

ویعد هذا هجوما صاعقا علی القرآن والحدیث لافناء الدین وفک عراه وکانت

نتیجة هجوم ابی بکر وعمر وعائشة علی القرآن والحدیث ما ذکره البخاری فی صحیحه وقالوا إن النبی صلی الله علیه و آله مجنون, فتسبب هذا المنهج فی تأسیس مذهب الخوارج والارهابیین عند السنة فأخذوا یکفرون المسلمین ویقتلوهم ویذبحون اولادهم ویزنون بنسائهم ویحرقون مدنهم وزروعهم وینهبون أموالهم ویخونون دینهم لصالح الصلیبیین الغربیین والیهود وملوک العار الوهابیین .

{إِلا مَا شَاءَ اللّهُ إِنَّهُ یَعْلَمُ الْجَهْرَ وَمَا یَخْفَی}7 سورة الاعلی: المشیئة بید الله تعالی .

{وَنُیَسِّرُکَ لِلْیُسْرَی8 فَذَکِّرْ إِنْ نَفَعَتْ الذِّکْرَی9}سورة الاعلی:

ص: 32

قال البعض :لعل مجیء إن الشّرطیّة لحصول الیأس عن البعض من الکافرین والمنافقین ، کقوله : وما أَنْتَ عَلَیْهِمْ بِجَبَّارٍ (الآیة) . أوللقول

بأنّ التّذکیر وجب إذا ظنّ نفعه ، ولذلک أمر بالإعراض عمّن تولَّی واستبعاد تأثیر الذّکری فیهم .

والصحیح فی الامر :{فَذَکِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّکْری}:

کانت سیرة الانبیاء والاوصیاء قائمة علی تذکیر الناس ووعظهم وارشادهم الی الاسلام والاخلاق والامر بالمعروف والنهی عن المنکر فی أخوف الظروف وأسوأ الحالات .

فقد کانوا لوحدهم أو مع جماعة صغیرة جدا لکنهم ینذرون الفراعنة وباقی الظلمة ولو فی الامر ازهاق لانفسهم کی لا یقولوا یوم الحساب لم یرشدنا الانبیاء والاوصیاء ولم نتعرف علی الدین .

ومن قرأ سیرة نوح وابراهیم ولوط وصالح لعرف هذا المنهج القرآنی الحاث علی التبلیغ للامة .

ومن الامور البدیهیه الواجبة الاتباع ان التذکیر واجب حتی مع العلم بأنه لا نفع فیه . وهو ینفع لالقاء الحجة علی الناس کافة ومنع البعض من الاستفادة من الحجج والاعذار بانه لم یسمع ولم یعلم وهو جاهل بالاحکام وأصول الدین وفروعه .

قال تعالی : « رُسُلًا مُبَشِّرِینَ ومُنْذِرِینَ لِئَلَّا یَکُونَ لِلنَّاسِ عَلَی اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ » 165 النساء . وعلیه تکون « إن » هنا غیر شرطیة والمراد بها اظهار الحقیقة بأن الذکری ینتفع بها من یرید الهدایة ولا ینتفع بها من یصر علی الکفر والضلال .والایة الاخری تبین هذا بقوله تعالی بلا فاصل : (سَیَذَّکَّرُ

ص: 33

مَنْ یَخْشی ویَتَجَنَّبُهَا الأَشْقَی) . فالارشاد والهدایة تفید الراغبین فی الحق والراغبین فی الاستقامة والسائرین علی الفطرة .

ومن أصر علی اتباع هواه والذیلیة لابلیس لمحاربة الله تعالی فی ارضه فهو من العاصین المتمردین .

وقال الشیخ محمد عبده المستبصر وهو یفسر {فَذَکِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّکْری}: إیاک ان تنخدع بما یقوله أولئک الذین یلبسون لباس العلماء ، ویزعمون مزاعم السفهاء من انه لا یجب علیهم التذکیر لأنه لا ینفع ، ویحتجون بقوله تعالی : « فَذَکِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّکْری » فإن ذلک منهم ضلال وتضلیل ، ولو صدق قولهم لما وجب التذکیر فی وقت من الأوقات لأنه لا یخلو زمان من معاندین ، ولا یسلم قائل من جاحدین ، وقد یعرف بعضهم انه ینطق عن الهوی ولکنه یدافع عن جبنه ، ویحتج لکسله ، ویحب ان یزین نفسه فی أعین الناس ، وان أوقعها فی سخط اللَّه » ((1)) .

{سَیَذَّکَّرُ مَنْ یَخْشَی10 وَیَتَجَنَّبُهَا الاَْشْقَی11 الَّذِی یَصْلَی النَّارَ الْکُبْرَی}12, سورة الاعلی.

ونسهل لک یا محمد عمل الخیر, وهو الیسری. والیسری: هو الفعلی من الیسر أی من عمل الخیر للبشر .وقوله: فذکر إن نفعت الذکری یقول تعالی ذکره: فذکر عباد الله یا محمد بکل الصور الممکنة والنافعة, وعظهم, وحذرهم العقوبة الالهیة إن نفعت الذکری. أی سیتعظ بالقرآن من یخشی الله تعالی ، ویخاف عقابه .

وروی عن الإمام الصادق ( علیه السلام ) ، أنه قال : " إن نارکم هذه جزء من سبعین جزء من نار جهنم ، وقد أطفئت سبعین مرة بالماء ثم التهبت ولولا

ص: 34

ذلک ما استطاع آدمی أن یطیقها " ((1)) .وفی وصف نسبة بلاء الدنیا إلی بلاء الآخرة ، یقول أمیر المؤمنین ( علیه السلام ) ، فی دعاء کمیل : " علی أن ذلک بلاء مکروه قلیل مکثه ، یسیر بقاؤه ، قصیر مدته . . . " .

{ثُمَّ لاَ یَمُوتُ فِیهَا وَلا یَحْیَا}13, سورة الاعلی:فیکون کما قال الله ویأتیه الموت من کل مکان وما هو بمیت . فهو لا یموت فی النار فیتخلص من العذاب ، ولا یحیی حیاة له فیها لذة ثم لا یموت فی النار الکبری ولا یحیا, بل هو معاقب بأنواع العقاب .

قال سعید بن جبیر وعکرمة والقاسم بن أبی بردة

والأوزاعی وغیرهم :

لما سجد السحرة رأوا منازلهم وقصورهم فی الجنة تهیأ لهم ، وتزخرف لقدومهم ولهذا لم یلتفتوا إلی تهویل فرعون وتهدیده ووعیده . وذلک لان فرعون لما رأی هؤلاء السحرة قد أسلموا وأشهروا ذکر موسی وهرون فی الناس علی هذه الصفة الجمیلة ، أفزعه ذلک ، ورأی أمرا بهره ، وأعمی بصیرته وبصره ، وکان فیه کید ومکر وخداع ، وصنعة بلیغة فی الصد عن سبیل الله ، فقال مخاطبا للسحرة بحضرة الناس : " آمنتم له قبل أن آذن لکم " أی هلا شاورتمونی فیما صنعتم من الامر الفظیع بحضرة رعیتی ؟ ! ثم تهدد وتوعد وأبرق وأرعد ، وکذب فأبعد قائلا : " إنه لکبیرکم الذی علمکم السحر " ، وقال فی الآیة الأخری : " إن هذا لمکر مکرتموه فی المدینة لتخرجوا منها أهلها فسوف تعلمون " ((2)) .

ص: 35

وهذا الذی قاله من البهتان [ الذی ] یعلم کل فرد عاقل

ما فیه من الکفر والکذب والهذیان ، بل لا یروج مثله علی الصبیان ، فإن الناس کلهم من أهل دولته وغیرهم یعلمون أن موسی لم یره هؤلاء یوما من الدهر ، فکیف یکون کبیرهم الذی علمهم السحر ؟ ثم هو لم یجمعهم ولا علم باجتماعهم ، حتی کان فرعون هو الذی استدعاهم ، واجتباهم من کل فج عمیق ، وواد سحیق ، ومن حواضر بلاد مصر والأطراف ، ومن المدن والأریاف .

{قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَکَّی}14, سورة الاعلی.

تطهّر من الکفر والمعصیة والاهواء الدنیویة واعطاء الزکاة هذه جملة الامور المؤدیة الی الطهارة الکاملة للانسان .

ومن فعل ذلک زکی نفسه وماله طلبا للرضایة الالهیة . وقالوا :قوله تعالی : (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَکَّی) قال : زکاة الفطرة ، إذا أخرجها قبل صلاة العید ((1)) .

والرأی الاول هو الاعم من زکاة الفطر وغیره من الزکاة . وقال تعالی:

{وَسَیُجَنَّبُهَا الاَْتْقَی 17* الَّذِی یُؤْتِی مَالَهُ یَتَزَکَّی 18}_سورة اللیل .

{جَنَّاتُ عَدْن تَجْرِی مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ خَالِدِینَ فِیهَا وَذَلِکَ جَزَاءُ مَنْ تَزَکَّی } 76 سورة طه .

{وَذَکَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّی}15, سورة الاعلی.أدی الصلاة المفروضة علیه دلالة علی الطاعة الکاملة لرب العالمین .وعن عبید الله بن عبد الله الدهقان قال : دخلت علی أبی الحسن الرضا ( علیه السلام ) فقال لی : ما معنی قوله : " وذکر اسم ربه فصلی "؟ قلت : کلما ذکر اسم ربه قام فصلی ، فقال لی :

ص: 36

لقد کلف الله عز وجل هذا شططا فقلت : جعلت فداک فکیف هو ؟ فقال : کلما ذکر اسم ربه صلی علی محمد وآله ((1)).

وتفسیر علی بن إبراهیم : " وذکر اسم ربه فصلی " قال : صلاة الفطر والأضحی ((2)) .

وعن ابن عباس . وقیل : ذکر الله بقلبه عند صلاته فرجا ثوابه ، وخاف عقابه ، فإن الخشوع فی الصلاة بحسب الخوف والرجاء . وقیل : ذکر اسم ربه بلسانه عند دخوله فی الصلاة ، فصلی بذلک الاسم أی قال : الله أکبر ، لأن الصلاة لا تنعقد إلا به . وقیل : هو أن یفتتح ببسم الله الرحمن الرحیم ، ویصلی الصلوات الخمس المکتوبة ((3)).

الایة تعنی الصلاة والدعاء لرب العالمین وهو یعنی التوحید الالهی والطاعة التامة لخالقه .

{بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَیَاةَ الدُّنْیَا16 وَالاْخِرَةُ خَیْرٌ وَأَبْقَی17}سورة الاعلی: قال النبی صلی الله علیه و آله : " حب الدنیا رأس کل خطیئة " .

وعن المفضل بن عمر قال : قلت لأبی عبد الله جعفر الصادق علیه السلام : قوله عز وجل : " بل تؤثرون الحیاة الدنیا " قال : ولایتهم " والآخرة خیر وأبقی "

ص: 37

قال : ولایة أمیر المؤمنین علیه السلام " إن هذا لفی الصحف الأولی * صحف إبراهیم وموسی((1)) .

{وَالاْخِرَةُ خَیْرٌ وَأَبْقَی17}. ولایة أمیر المؤمنین ((2)) .

قوله :( بل تؤثرون الحیاة الدنیا) قال : (ولایتهم) ذم الأشقیاء وهم أئمة الجور ومن تبعهم بأنهم یؤثرون الحیاة الدنیا وزخارفها علی الآخرة وعبّر بالحیاة الدنیا عن ولا یتهم لأنها سبب لجمعها من کل وجه وصرفها فی التوسع والتعیش وبذلها فی غیر وجوه شرعیة وطرق عدلیة . وعبّر بالآخرة عن ولایة علی ( علیه السلام ) لأنَّ ولایته سبب للوصول إلی نعیمها والفوز بسعادتها والنجاة عن شقاوتها ، ثم رغب فی اختیار الآخرة بأنه خیر وأبقی من الدنیا وما فیها لأنَّ کل نعیم الآخرة خالص من الکدورات ومتصف بالبقاء بخلاف نعیم الدنیا والعاقل لا یرجح المکدر المنقطع علی الخالص الدائم ، وفی بعض النسخ بدل قوله « ولایتهم » « ولایة شبویة » شبوة العقرب أبرتها وقد تطلق علیها أیضاً والنسبة شبویة شبه الجایر بالعقرب فی الأذی ، ثم أشار إلی أن کون الآخرة_ یعنی ولایة علی ( علیه السلام )_ خیر وأبقی مذکور فی الصحف الأولی وصحف إبراهیم وموسی للتنبیه علی أن ولایته مما جاء به الرسل وأخبروا به ونطقت به کتبهم ((3)).

ص: 38

{إِنَّ هَذَا لَفِی الصُّحُفِ الاُْولَی18 صُحُفِ إِبْرَاهِیمَ وَمُوسَی}19, سورة الاعلی : حدیث مسند إلی أبی الحسن الأول علیه السلام قال: ولایة علی علیه السلام مکتوبة فی جمیع صحف الأنبیاء, ولم یبعث الله رسولا الا بنبوة محمد صلی الله علیه و آله ووصیه علی علیه السلام ((1)) .

ص: 39

وقال محمد بن الفضیل: سمعت أبا الحسن علیه السلام یقول: ولایة علی علیه السلام مکتوبة فی جمیع صحف الأنبیاء ((1)) .

ص: 40

وعن علی بن سوید السائی, عن أبی الحسن الاول علیه السلام قال: ما خلق الله خلقا أفضل من محمد صلی الله علیه و آله ولا خلق خلقا بعد محمد أفضل من علی علیه السلام . وقال : روی الکلینی فی الکافی: ((1)) ولایة علی علیه السلام مکتوبة فی جمیع صحف الانبیاء, ولن یبعث الله رسولا الا بنبوة محمد ووصیه علی علیه السلام , راجع فی ذلک تأویل الآیات ((2)).

وقال نجاح الطائی : سورة الاعلی تدعو الی التوحید و التسبیح لله تعالی والارشاد للناس وتدعو الی الزکاة والصلاة

والتزام ولایة أمیر المؤمنین علی علیه السلام .فمن کان علی هذا المنهج فهو ممن سار علی الصحف الاولی صحف ابراهیم وموسی .

ومن خالف هذا المشروع الربانی فهو من أصحاب النار الکبری الذی لا یموت فیها ولا یحیی .

لکن السنی یتخبط فی الاختیار ویغفل عن الاخذ بمنهجیة وولایة علی علیه السلام فی ناحیته العملیة وتخونه الشجاعة ویأخذه الخوف من العرف والاهل .

بینما توفق عشرات الملایین من أهل السنة الی الاعلان عن تشیعهم لولایة علی وأهل بیت محمد صلی الله علیه و آله الواجبة علی المسلمین .

والدخول فی التشیع لا یحتاج الی

الاعلان بل سار ملایین من علماء السنة الی التستر والتخفی فی الامر لانه أمر بین الانسان وربه .

وقال نجاح الطائی : إن النسائی والمؤرخ الیعقوبی والمؤرخ محمد بن اسحاق ورئیس الازهر محمد عبدة وغیرهم قد أخفوا تشیعهم .

ویعیش الیوم عشرات الملایین من المتشیعین فی البلدان السنیة ویخافون اعلان تشیعهم بانتظار الظروف المؤاتیة .

قوله تعالی: {هَلْ أَتَاکَ حَدِیثُ الْغَاشِیَةِ 1}سورةالغاشیة :

الکافی: باب نکت فی الولایة :عن مولانا الکاظم علیه السلام فی روایة مفصلة قال الراوی: یدخل من یشاء فی رحمته ؟ قال: فی ولایتنا_ الخ . فی أن القائم علیه السلام الرحمة الواسعة لکل شئ ((1)). و یغشاهم القائم بالسیف .

المفسر القمی: یعنی قد أتاک یا محمد حدیث القیامة ومعنی الغاشیة ای تغشی الناس ((2)).

وقال ابن عباس والحسن البصری وقتادة : الغاشیة یوم القیامة تغشی الناس بالأهوال . وقال سعید بن جبیر : الغاشیة النار تغشی وجوه الکفار بالعذاب والشواظ . والغاشیة المجللة لجمیع الجملة ، غشیت تغش غشیانا فهی غاشیة ، وأغشاها غیرها إغشاء إذا جعلها تغشی . وغشاها تغشیة ، وتغشی بها تغشیا ((3)).

{وُجُوهٌ یَوْمَئِذ خَاشِعَةٌ }2, سورةالغاشیة : خاضعة لا تطیق الامتناع. أی ذلیلة لما حلَّ بها فی یوم الحساب من العذاب فی جهنم .

{عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ}3 سورةالغاشیة: (عَامِلَةٌ) بغیر ما أنزل الله .

(نَاصِبَةٌ3) : ناصبة العداء لامیر المؤمنین علی علیه السلام ونصبت غیر ولاة الأمر خلفاء مغتصبین للخلافة .

ص: 43

(وجوه یومئذ خاشعة عاملة ناصبة) وهم الذین خالفوا دین الله وصلوا وصاموا ونصبوا لأمیر المؤمنین علیه السلام العداء وهو قوله " عاملة ناصبة " عملوا ونصبوا فلا یقبل منهم شئ من أفعالهم ((1)) .

لا یبالی الناصب صلی أم زنی"وهذه الآیة نزلت فیهم : {" وُجُوهٌ یَوْمَئِذ خَاشِعَةٌ2* عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ 3* تَصْلَی نَاراً

حَامِیَةً4}سورة الغاشیة .

علی بن إبراهیم عن ابن أبی عمیر عن عمرو بن أبی المقدام قال سمعت أبا عبد الله علیه السلام یقول : قال أبی قال أمیر المؤمنین علیه السلام : کل ناصب وان تعبد واجتهد منسوب إلی هذه الآیة : "{عاملة ناصبة * تصلی نارا حامیة}((2)) .

وروی النجاشی فی کتاب الرجال فی ترجمة محمد بن الحسن بن شمون بسنده إلیه قال : ورد داود الرقی البصرة عقب اجتیاز أبی الحسن موسی علیه السلام فی سنة تسع وسبعین ومائة فصار بی أبی إلیه وسأله عنهما فقال : سمعت الامام أبا عبد الله الصادق علیه السلام یقول : " لا یبالی الناصب صلی أم زنی" ((3)).

ص: 44

وقال المحقق البحرانی: المراد بالناصب هو مطلق المخالف کما حققناه فی کتابنا المذکور آنفا ((1)) .

وقد نظم ذلک شعرا جملة منهم الخلیفة الناصر العباسی :

قسما ببکة والحطیم وزمزم * والراقصات وسعیهن إلی منی

بغض الوصی علامة مکتوبة*کتبت علی جبهات أولاد الزنی ((2))

وقال نجاح الطائی:صدق الامام جعفر الصادق علیه السلام فی قوله فقد أجاز ابن عبد الوهاب أسر المسلمة المحصنة والزنا بها, فأسر السعودیون آلاف المسلمات المحصنات من مذاهب الشیعة والمالکیة والشافعیة والحنفیة والحنبلیة ونزوا علیهن فولدن أمراء السعودیین ومشایخ الوهابیین الادعیاء اللقطاء الذین یتربعون علی دفتی السیاسة والافتاء وراثة فی السعودیة .

ثم قام أولاد الزنا هؤلاء بطرح وتأیید جهاد النکاح والشذوذ والخیانة وتکفیر الشیعة وقتلهم والعداء لامیر المؤمنین علیه السلام .

{تَصْلَی نَاراً حَامِیَةً}4, سورةالغاشیة

.تصلی (وجوههم) نار الحرب فی الدنیا علی عهد المهدی علیه السلام , وفی الآخرة نار جهنم ((3)) .

{تُسْقَی مِنْ عَیْن آنِیَة5}: قال لها أنین من شدة حرها .

ص: 45

{لَیْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلا مِنْ ضَرِیع}6: قال عرق أهل النار وما یخرج من فروج الزوانی .

{لا یُسْمِنُ وَلا یُغْنِی مِنْ جُوع}7 , سورةالغاشیة .

لا ینفعهم الدخول ولا یغنیهم القعود ((1)) .

وهو نوع من الشوک یقال له الشبرق, وأهل الحجاز یسمونه الضریع إذا یبس, وهو أخبث طعام وأبشعه, لا ترعاه دابة .

وعن الضحاک, عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلی الله علیه و آله : (الضریع شئ یکون فی النار, یشبه الشوک, أمر من الصبر, وأنتن من الجیفة, وأشد حرا من النار, سماه الله الضریع) ((2)) .

وقال الإمام الصادق علیه السلام : لو أن قطرة من الضریع قطرت فی شراب أهل

الدنیا لمات أهلها من نتنها ((3)) .

وقال رسول الله صلی الله علیه و آله : الضریع شئ یکون فی النار یشبه الشوک, أمر من الصبر, وأنتن من الجیفة, وأشد حرا من النار, سماه الله الضریع ((4)) .

و إن الله یرسل علی أهل النار الجوع, حتی یعدل عندهم ما هم فیه من العذاب, فیستغیثون فیغاثون بطعام ذی غصة, فیذکرون أنهم کانوا یجیزون الغصص فی الدنیا بالماء, فیستقون, فیعطشهم الله سبحانه ألف سنة, ثم

ص: 46

یسقون من عین آنیة, شربة لا هنیئة ولا مریئة, کلما أدنوه إلی وجوههم سلخ جلود وجوههم, وشواها . فإذا وصل إلی بطونهم قطعها ((1)) .

ثم ذکر اتباع أمیر المؤمنین:

{وُجُوهٌ یَوْمَئِذ نَاعِمَةٌ8 لِسَعْیِهَا رَاضِیَةٌ9 فِی جَنَّة عَالِیَة}10, سورةالغاشیة : تتنعم بجنات الخلد فتصبح الوجوه ناعمة مستبشرة بالخیر الالهی راضیة علی أفعالها فی الدنیا وما نالته فی الجنة العالیة .

{لا تَسْمَعُ فِیهَا لاغِیَةً}11, سورةالغاشیة :

القمی : الهزل والکذب ((2)) . ولا یوجد فی الجنة لغو ولا جدال البطالین مثلما یوجد فی الدنیا والمتسبب فی أذی المؤمنین وسلب راحتهم .

{فِیهَا عَیْنٌ جَارِیَةٌ}12,سورةالغاشیة: هناک فی الجنة عیون جاریة فی کل مکان وفی کل بیت بما تشتهی الانفس وتنبهر العیون لاضفاء الراحة والسرور علی سکانها فهی راحة ما فوقها راحة وسرور لیس فوقه سرور .

{فِیهَا سُرُرٌ مَرْفُوعَةٌ}13, سورةالغاشیة .

قال ابن عباس: ألواحها من ذهب مکللة بالزبرجد والدر والیاقوت, مرتفعة ما لم یجئ أهلها, فإذا أراد أن یجلس علیها, تواضعت له حتی یجلس علیها, ثم ترتفع إلی موضعها .

والسرر: جمع سریر, وهو مجلس السرور . وقیل: إنما رفعت لیری المؤمنون بجلوسهم علیها جمیع ما حولهم من الملک .

ص: 47

{وَأَکْوَابٌ مَوْضُوعَةٌ }14سورةالغاشیة: علی حافات العیون الجاریة, وفوق المناضد المبثوثة کلما أراد المؤمن شربها وجدها مملوءة, وهی أکواب جمیلة لا نظیر لها .وهی أوانی الشراب من الذهب والفضة والجواهر .أما الاشربة فهی أنواع مختلفة الاشربة والعصائر والحلیب وغیرها.

{وَنَمَارِقُ مَصْفُوفَةٌ15}سورةالغاشیةأی وسائد راقیة من الحریر الاستبرق یتصل بعضها ببعض أجمل من مجالس الدنیا العامة ومن مجالس الملوک .

{وَزَرَابِیُّ مَبْثُوثَةٌ16}سورةالغاشیة: السجاد الراقی الجمیل المنقوش و البسط الفاخرة, والطنافس المخملة المنشورة فی کل مکان .

القمی : کل شئ خلقه الله فی الجنة له مثال فی الدنیا إلا الزرابی فإنه لا یدری ما هی .

وعن عاصم بن ضمرة, عن علی علیه السلام أنه ذکر أهل الجنة فقال: یجیئون فیدخلون, فإذا أسس بیوتهم من جندل اللؤلؤ, وسرر مرفوعة, وأکواب موضوعة, ونمارق مصفوفة, وزرابی مبثوثة . ولولا أن الله تعالی قدرها لهم, لالتمعت أبصارهم بما یرون, ویعانقون الأزواج, ویقعدون علی السرر ویقولون: الحمد لله الذی هدانا لهذا . ولما نعت الله الجنة, وما فیها, عجب من ذلک أهل الضلال, فأنزل الله سبحانه :

{أَفَلا یَنْظُرُونَ إِلَی الاِْبِلِ کَیْفَ خُلِقَتْ17}سورةالغاشیة: عظمة خلق الابل یستوجب التدبر فی خلقها لمعرفة عظمة رب العالمین .

{وَإِلَی السَّمَاءِ کَیْفَ رُفِعَتْ}18, سورةالغاشیة

.

رفعت السماء بغیر عمد ترونها الی ارتفاعات عالیة وشاهقة مما یفتح الصدور ویریح الافئدة ویؤنس الانظار .

ص: 48

وبینما کان العالم یعیش فی الجهل والامیة جاء أهل البیت فبینوا الحقیقة للامة الاسلامیة حیث روی الحسین بن خالد قال : سألت الإمام أبا الحسن الرضا ( علیه السلام ) : ما المقصود فی قوله تعالی : والسماء ذات الحبک قال : هذه السماء لها طرق إلی الأرض ، فقلت له : کیف تکون لها طرق إلی الأرض فی الوقت الذی یقول سبحانه وتعالی : رفع السماوات بغیر عمد فأجابه الإمام : " سبحان الله ، ألیس الله یقول بغیر عمد ترونها ؟ قلت بلی ، فقال : ثم عمد ولکن لا ترونها " ((1)) .

فی ذاک الوقت کانت نظریة " بطلیموس " فی الهیئة هی المعروفة عالمیا بأن السماوات عبارة عن أجرام متداخلة تشبه قشور البصل ، وإنها لم تکن معلقة وبدون عمد ، بل کل واحدة منها تستند إلی الأخری .

و بعد نزول القرآن تبین بطلان النظریة السابقة, حدث هذا بعد ألف سنة وان الأجرام السماویة لها مقر ومدار ثابت ، ولا تستند إلی شئ ، وهذا یبین العظمة السماویة ,والامر الذی یجعلها مستقرة وثابتة فی مکانها هو تعادل قوة التجاذب والتنافر ، فالأولی تربط الأجرام فیما بینها ، والأخری لها علاقة بحرکتها .

وهذا یبین العظمة الالهیة فی نوامیسها وأنظمتها التی تبهر العقول .وهذا التعادل للقوتین هو الذی یشکل أعمدة غیر مرئیة یحفظ الأجرام السماویة ویجعلها مستقرة فی مکانها .

ص: 49

وقال الإمام أمیر المؤمنین ( علیه السلام ) فی هذا الامر : " هذه النجوم التی فی السماء مدائن مثل المدائن التی فی الأرض مربوطة کل مدینة إلی عمود من نور " ((1)) .

قال الامام علی علیه السلام :أی انها أعمدة نوریة غیر مرئیة . وأثبتها العلم بعد أربعة عشر قرنا من السنین . من علَّم النبی محمدا صلی الله علیه و آله والامام علیا علیه السلام هذا العلم غیر الله تعالی .

{وَإِلَی الْجِبَالِ کَیْفَ نُصِبَتْ19}, سورةالغاشیة .

ألا ینظرون الی الجبال کیف نصبت فی باطن الارض لا تتقلب ولا تتدحرج ولا تسقط الی الاسفل . فهی أوتاد عظیمة شامخة تبین العظمة الربانیة .

{وَإِلَی الاَْرْضِ کَیْفَ سُطِحَتْ20}, سورةالغاشیة

.

ألا ینظرون الی الارض کیف تحولت الی سهول مسطحة یسهل السکن والزراعة والعمل فیها وشق الطرقات وفتح القنوات المائیة .

{فَذَکِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَکِّرٌ21}, سورةالغاشیة

: المفسر القمی : ای فعظ یا محمد إنما أنت واعظ قال علی بن إبراهیم فی قوله : " لست علیهم بمصیطر " :قال : لست بحافظ ولا کاتب علیهم ((2)).

ص: 50

ذکر یا رسول الله بنعم الله تعالی وما تستوجبه هذه النعم من العبادة والشکر لله الواحد الاحد . وقوله تعالی : (وذکر فإن الذکری تنفع المؤمنین ), وقوله تعالی (إن فی ذلک لآیة لقوم یعقلون) .

وقال فی سورة الصف : (هو الذی أرسل رسوله بالهدی ودین الحق لیظهره علی الدین کله ولو کره المشرکون) .

وفی سورة والنازعات آیة 45 إنما أنت منذر من یخشاها . وفی سورة الغاشیة فذکر إنما أنت مذکر لست علیهم بمسیطر)_ آیة 12 .

قال الامام الباقر أبو جعفر " علیه السلام : " أولوا العزم من الرسل خمسة : نوح ، وإبراهیم ، وموسی وعیسی ، ومحمد صلوات الله علیهم ، وأولوا العزم هم من أتی بشریعة مستأنفة نسخت شریعة من تقدم من الأنبیاء ((1)).

وفی روایة أبی الجارود ، عن أبی جعفر علیه السلام فی قوله : " إلا من تولی وکفر " یقول : من لم یتعظ ولم یصدقک وجحد ربوبیتی وکفر نعمتی " فیعذبه الله العذاب الأکبر " یرید العذاب الشدید الدائم " إن إلینا إیابهم " یرید مصیرهم " ثم إن علینا حسابهم " أی جزاءهم .

وقال تعالی : (وذکر فان الذکری تنفع المؤمنین) ((2)) .

وقوله (إن فی ذلک لآیة لقوم یعقلون) ((3)) .

و (آیة لقوم یتفکرون) ((4)) و (آیة لقوم یذکرون) ((5)) .

ص: 51

وقوله تعالی :(لایات لأولی الألباب) ((1)) وقوله تعالی (قل هاتوا برهانکم إن کنتم صادقین )((2)) .

وقوله (وجادلهم بالتی هی أحسن) ((3))ومحاجة إبراهیم علیه السلام للکافر بربه ((4)) . وقوله تعالی (فاعتبروا یا أولی الابصار) ((5)) .

وقوله (أفلا یتدبرون القرآن أم علی قلوب اقفالها) ((6)) .

والتذکیر یؤدی الی العبرة والهدایة والایمان .

{لَسْتَ عَلَیْهِمْ بِمُسَیْطِر}, سورةالغاشیة

. 22: أی لا یمکنک هدایتهم بالقوة فبعضهم جبلوا علی الکفر وهم من أهل الجحیم .

قال لست بحافظ ولا کاتب علیهم ، وفی روایة أبی الجارود عن أبی جعفر علیه السلام فی قوله (إلا من تولی وکفر) یرید من لم یتعظ ولم یصدقک وجحد ربوبیتی وکفر نعمتی (فیعذبه الله العذاب الأکبر) یرید الغلیظ الشدید الدائم (ان الینا إیابهم) یرید مصیرهم , (ثم إن علینا حسابهم) یرید جزاءهم وقال علی بن إبراهیم فی قوله : إن الینا إیابهم أی مرجعهم ثم إن علینا حسابهم ، حدثنا جعفر بن أحمد قال : حدثنا عبد الکریم بن عبد الرحیم قال : حدثنا

ص: 52

محمد بن علی بن محمد بن الفضیل عن أبی حمزة قال : سمعت أبا عبد الله علیه السلام یقول من خالفکم وان تعبد واجتهد منسوب إلی هذه الآیة ((1)) .

وقوله عز وجل فإن اعتزلوکم فلم یقاتلوکم وألقوا إلیکم السلم فما جعل الله لکم علیهم سبیلا فنسخ ذلک قوله تبارک وتعالی واقتلوهم حیث وجدتموهم وقاتلوا الذین لا یؤمنون بالله ولا بالیوم الآخر أذن للذین یقاتلون بأنهم ظلموا .

وقال نجاح الطائی : کانت سیرة سید البشریة محمد صلی الله علیه و آله قائمة علی هدایة الناس وجهادهم فمن لایشهد الشهادات الثلاثة فی التوحید والنبوة والامامة مصیره القتل .

قال فی الاستیعاب: وروی معمر, عن ابن طاووس, عن أبیه, عن المطلب ابن عبد الله بن خطب, قال: قال رسول الله صلی الله علیه و آله لوفد ثقیف حین جاؤوه: لتسلمن أو لابعث رجلا منی أو قال: مثل نفسی, فلیضربن أعناقکم, ولیسبین ذراریکم, ولیأخذن أموالکم . قال عمر: فوالله ما تمنیت الامارة إلا یومئذ, وجعلت أنصب له صدری رجاء أن یقول: هو هذا, قال: فالتفت إلی علی فأخذ بیده ثم قال: هو هذا ((2)).

ص: 53

ولم یجبر النبیُ صلی الله علیه و آله النصاری والیهود علی دخول الاسلام واعتبرهم من أصحاب الدیانات السماویة .

و عن جابر قال : قال رسول الله صلی الله علیه و آله : " أمرت أن أقاتل الناس حتی یقولوا : لا إله إلا الله ، فإذا قالوا : لا إله إلا الله ، عصموا منی دماءهم وأموالهم إلا بحقها ، وحسابهم علی الله ، ثم قرأ {إنما أنت مذکر لست علیهم بمسیطر}((1)) .

ولم یقتل النبی صلی الله علیه و آله أسیرا قط بل أطلق سراح أسری معرکة بدر الکفار بعد أن علمهم شریعة الاسلام ((2)) .وأطلق سراح أسری الیهود فی معارک بنی قینقاع وبنی النضیر وخیبر ولم یقتل واحدا منهم ((3)) .

وبسط الواقدی الکلام فی مغازی النبی وسرایاه فی الجزء الأوّل ثمّ استنتج ممّا ذکره ما یلی :کانت مغازی النبی « صلی الله علیه و آله » التی غزا بنفسه تسعاً وعشرین غزوة ، وکان ما قاتل فیها تسعاً : بدر القتال ، وأحد ، والمریسیع ، والخندق ، وقریظة ، وخیبر ، والفتح ، وحنین ، والطائف .

وکانت السرایا سبعاً وأربعین سریّة ، واعتمر ثلاث عُمَر ، ویقال : قد قاتل فی بنی النضیر ولکن اللّه جعلها له نفلاً خاصّة ، وقاتل فی غزوة وادی القری فی منصرفه عن خیبر وقتل بعض أصحابه ، وقاتل فی الغابة حتی قتل محرز بن نظلة ، وقتل من العدو ستة .

ص: 54

وقد سرد الواقدی أسماء غزواته « صلی الله علیه و آله » فی کتاب المغازی :1 . غزوة الأبواء 2 . غزوة بواط 3 . غزوة بدر الکبری

4 . غزوة ذات العُشیر 5 . غزوة القینقاع 6 . غزوة السویق

7 . غزوة قرارة الکُدر 8 . غزوة غطفان 9 . غزوة بنی سلیم

10 . غزوة أُحد 11 . غزوة حمراء الأسد 12 . غزوة بئر معونة

13 . غزوة الرجیع 14 . غزوة بنی النضیر 15 . غزوة بنی الموعد

16 . غزوة ذات الرقاع 17 . غزوة دومة الجندل 18 . غزوة المریسیع

19 . غزوة الخندق 20 . غزوة بنی قریظة 21 . غزوة القرطاء

22 . غزوة بنی لحیان 23 . غزوة الغابة 24 . غزوة الحدیبیة

25 . غزوة خیبر 26 . غزوة القضیة 27 . غزوة مؤتة

28 . غزوتة ذات السلاسل 29 . غزوة الفتح .

وقد ذکر ابن هشام قصیدة حسّان الذی عد فیها المغازی ، ومطلعها :

ألست خیر معد کلّها نفراً ومعشراً ان هم عموا وإن حصلوا

قوم هم شهدوا بدراً بأجمعهم مع الرسول فما آلوا وما خذلوا .

کلّ ذلک یعرب عن أنّ غزوات النبی « صلی الله علیه و آله » أکثر من تسع عشرة غزوة ویُحتمل أن یکون المراد الغزوات التی شارک فیها بریدة مع النبی « صلی الله علیه و آله » فهی عبارة عن تسع عشرة غزوة ((1)).

{إِلا مَنْ تَوَلَّی وَکَفَرَ 23 فَیُعَذِّبُهُ اللّهُ الْعَذَابَ الاَْکْبَرَ}24, سورةالغاشیة : من أعرض عن الذکر سیعذبه الله تعالی العذاب الاکبر فی اسفل طبقات الجحیم .

ص: 55

وقوله (لست علیهم بمسیطر) فالمسیطر المسلط علی غیره بالقهر له یقال تسیطر فلان علی فلان ، وسیطر إذا تسلط ، وعلی وزن مسیطر مبیطر . وقال أبو عبیدة : لا ثالث لهما من کلام العرب ، وقیل : کان هذا قبل فرض الجهاد ، ثم نسخ ، ویجوز أن یکون غیر منسوخ ، لان الجهاد لیس باکراه القلوب .

وقوله (إلا من تولی وکفر) قیل فی هذا الاستثناء قولان : أحدهما_ انه منقطع وتقدیره ، لکن من تولی وکفر فیعذبه الله العذاب الأکبر الثانی_ إلا من تولی فإنک مسلط علیه بالجهاد ، فالله یعذبه العذاب الأکبر . وقال الحسن (البصری) المعنی : إلا من تولی وکفر ، فکله إلی الله . وقیل معناه إلا من تولی وکفر فلست له بمذکر ، لأنه لا یقبل منک ، فکذلک لست تذکرة ((1)) .

{إِنَّ إِلَیْنَا إِیَابَهُمْ 25 ثُمَّ إِنَّ عَلَیْنَا حِسَابَهُمْ }26, سورةالغاشیة .

یعودون الینا بعد الموت فنحاسبهم وفقما نرید ونشاء.

قال الامام الباقر علیه السلام : یدفع حساب الناس یوم القیامة الی النبی محمد صلی الله علیه و آله وعلی فیدخلان أهل الجنة الجنة وأهل النار النار ((2)) .

وسئل الصادق علیه السلام عن قول الله عز وجل : " ونضع الموازین القسط لیوم القیمة فلا تظلم نفس شیئا " قال : الموازین الأنبیاء والأوصیاء . ومن الخلق من یدخل الجنة بغیر حساب ، فأما السؤال فهو واقع علی جمیع الخلق لقول الله تعالی : " فلنسئلن الذین ارسل إلیهم ولنسئلن المرسلین " یعنی عن الدین

ص: 56

وأما غیر الدین فلا یسأل إلا من یحاسب ، قال الله عز وجل : " فیومئذ لا یسئل عن ذنبه إنس ولا جان " یعنی من شیعة النبی والأئمة علیهم السلام دون غیرهم ((1)) .

وعن محمد بن العباس ، عن الحسین بن أحمد ، عن محمد بن عیسی ، عن یونس ، عن جمیل قال : قلت لأبی الحسن علیه السلام أحدثهم بتفسیر جابر ؟ قال : لا تحدث به السفلة فیوبخوه ، أما تقرء : إن إلینا إیابهم ثم إن علینا حسابهم " ؟ قلت : بلی ، قال : إذا کان یوم القیامة وجمع الله الأولین والآخرین, ولینا حساب شیعتنا فما کان بینهم وبین الله حکمنا علی الله فیه فأجاز حکومتنا ، وما کان بینهم وبین الناس استوهبناه منهم فوهبوه لنا ، وما کان بیننا وبینهم فنحن أحق من عفا وصفح ((2)) .

ص: 57

ویکفی أهل البیت ان منزلتهم فی القرآن العالین :{ 74*قَالَ یَا إبْلِیسُ مَا مَنَعَکَ أنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِیَدَیَّ أاسْتَکْبَرْتَ أمْ کُنتَ مِنَ العَالِینَ75}سورة ص . والعالون هم أهل البیت علیهم السلام ((1)) .

وجاء: یعنی الزوج والفرد من العدد کله ، عن الحسن (البصری) . قال أبو مسلم : هو تذکیر بالحساب لعظم ما فیه من النفع ، والنعم بما یضبط به من المقادیر . وقیل : الشفع والوتر کل ما خلقه الله تعالی ، لأن جمیع الأشیاء إما زوج وإما فرد ، عن ابن زید والجبائی . وقیل : الشفع الخلق لأنه قال (وخلقناکم أزواجا) والوتر : الله تعالی ، عن عطیة العوفی وأبی صالح وابن عباس ومجاهد ، وهی روایة أبی سعید الخدری ، عن النبی صلی الله علیه و آله . وقیل : الشفع والوتر الصلاة ، ومنها شفع ومنها وتر ، وهی روایة ابن حصین ، عن النبی صلی الله علیه و آله ، وقیل : الشفع یوم النحر ، والوتر یوم عرفة ، عن ابن عباس وعکرمة والضحاک ، وهی روایة جابر عن النبی صلی الله علیه و آله . والوجه فیه أن یوم النحر یشفع بیوم نفر بعده ، وینفرد یوم عرفة بالموقف . وقیل : الشفع یوم الترویة ، والوتر یوم عرفة ، وروی ذلک عن أبی جعفر ، و أبی عبد الله جعفر الصادق علیه السلام . وقیل : إن الشفع والوتر فی قول الله ، عز وجل : (فمن تعجل فی یومین فلا إثم علیه ومن تأخر فلا إثم علیه) فالشفع : النفر الأول ، والوتر : یوم النفر الأخیر ، وهو الثالث . وأما اللیالی العشر فالثمانی من ذی الحجة ، وعرفة ، والنحر((2)) .

ص: 59

وقال ابن عباس وکثیر من أهل العلم : الشفع الخلق بما له من الشکل والمثل ، والوتر الخالق الفرد الذی لا مثل له .

(ولیال عشر) اختلف المفسرون فی تفسیر اللیالی العشر ، والاحتمالات کثیرة : أ : اللیالی العشر من أول ذی الحجة إلی عاشرها ، والتنکیر للتفخیم ب : اللیالی العشر من أول شهر محرم الحرام .

ج : العشر الأواخر من شهر رمضان . وبین مما سبق منزلة المقسم به فی هذه الآیات وانها تتمتع بالکرامة والعظمة .

{وَاللَّیْلِ إِذَا یَسْرِ 4}سورة الفجر : قسم باللیل الذی یجری الی أن یصل بالنهار . هی دولة حبتر فهی تسری الی دولة القائم ((1)) .

تفسیر الثعلبی: عن جریر بن عبید الله البجلی, قال: قال رسول الله:

من مات علی حب آل محمد مات شهیدا, ألا ومن مات علی حب آل محمد مات مغفورا له, ألا ومن مات علی حب آل محمد مات تائبا, ألا ومن مات علی حب آل محمد مات مؤمنا مستکمل الایمان, ألا ومن مات علی حب آل محمد بشره ملک الموت بالجنة ثم منکر ونکیر, ألا ومن مات علی حب آل محمد یزف إلی الجنة کما تزف العروس إلی بیت زوجها, ألا ومن مات علی حب آل محمد جعل الله زوار قبره ملائکة الرحمة, ألا ومن مات علی حب آل محمد مات علی السنة والجماعة, ألا ومن مات علی بغض آل محمد جاء یوم القیامة مکتوب بین عینیه آیس من رحمة الله, ألا ومن مات علی بغض آل محمد لم یشم رائحة الجنة ((2)).

ص: 60

وقد اقسم الله تعالی بخمسة عشر قسما : بهدایته (والنجم إذا هوی) _النجم 1 ، برسالته (یس والقرآن الحکیم)_یس 1 ، بولی عهده (والعادیات ضبحا)_والعادیات 1 ، بمعراجه (لترکبن طبقا عن طبق)_الانشقاق 19 ، بشریعته (والعصر ان الانسان لفی خسر) _والعصر 1، وبکتابه (ق والقرآن المجید_ق 1 ، وبخلقه (لقد خلقنا الانسان فی أحسن تقویم)_التین4 ، وبخلقه (ن والقلم)_القلم 1 ،و بزیادة نوافله (طه ما أنزلنا)_طه 1,2 ، وبطهارته (فلا اقسم بما تبصرون)_الحاقة 38 ،و ببلده (لا اقسم بهذا البلد) _البلد 1 بمحبته (والضحی واللیل)_والضحی 1 ، بتهدید مؤذیه (کلا لئن لم ینته)_العلق 15 ، بعقوبة أعدائه (کلا انهم عن ربهم یومئذ)_المطففین 15 ، بعمره (لعمرک انهم لفی سکرتهم یعمهون)_الحجر 72 ، ومن شدة فرط المحبة ان یحلف بعمر حبیبه .

{هَلْ فِی ذَلِکَ قَسَمٌ لِذِی حِجْر}5, سورة الفجر.

(هل فی ذلک قسم لذی حجر) یعتبره . قال : (یقول : لذی عقل) . والمقسم علیه محذوف ، أی : لیعذبن ، یدل علیه ما بعده .

القمی عن الباقر علیه السلام ((1)) :وقوله « لِذِی حِجْرٍ » أی : لذی عقل ، فی قول ابن عباس. وأما المقسم علیه فیحتمل وجهین :

أحدهما : انه عبارة عن قوله سبحانه : (إن ربک لبالمرصاد) .

ثانیهما : ان المقسم علیه محذوف یعلم من الآیات التی أعقبت هذه الأقسام ، قال سبحانه : (ألم تر کیف فعل ربک بعاد * إرم ذات العماد * التی لم یخلق مثلها فی البلاد * وثمود الذین جابوا الصخر بالواد * وفرعون ذی

ص: 61

الأوتاد * الذین طغوا فی البلاد * فأکثروا فیها الفساد * فصب علیهم ربک سوط عذاب * إن ربک لبالمرصاد) .

{أَلَمْ تَرَ کَیْفَ فَعَلَ رَبُّکَ بِعَاد6}, سورة

الفجر: قتل الله تعالی عاد وقومه بریح صرصر عاتیة . وهو خطاب للنبی صلی الله علیه و آله وموعظة للناس وکانت عاد أطول أعمارا, وأشد قوة منهم .

{إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَاد}7, سورة الفجر:

یعنی أنهم کانوا أهل عمد سیارة فی الربیع, فإذا هاج النبت رجعوا إلی منازلهم, عن ابن عباس فی روایة عطاء والکلبی عن قتادة ((1)) .

{الَّتِی لَمْ یُخْلَقْ مِثْلُهَا فِی الْبِلادِ}8, سورة الفجر وجاء : رجل طویل العماد أی القامة .

ثم وصفهم سبحانه فقال . (التی لم یخلق مثلها فی البلاد) أی لم یخلق فی البلاد مثل تلک القبیلة فی الطول, والقوة, وعظم الأجسام, وهم الذین قالوا: (من أشد منا قوة) . وروی أن الرجل منهم کان یأتی بالصخرة, فیحملها علی الحی, فیهلکهم ((2)) .

وقال نجاح الطائی: ارم ذات العماد اتصفت بالابنیة الکبیرة العالیة تعلوها أعمدتها وتمتاز بازدهارها علی باقی المدن المجاورة لها .

والاعمدة العالیة تبین ارتفاع السقوف للبنایات وتطور فن العمارة فی البلدان ویظهر هذا فی آثار بعلبک وأثار البلاط الایرانی فی شیراز وروما .

ص: 62

و یعقل طول أفراد قبیلتها الشاهق علی باقی القبائل لان عظام الموتی فی کل مکان من الارض وجدوها متساویة الطول ووجدوا فی خلال الحفریات هیاکل عظمیة طویلة فی شبه جزیرة العرب وصوروها وعرضوها علی الناس . اذن الطول یمکن أن یعود لابنیتها وقلاعها وطول أفرادها .

النتیجة : هؤلاء کانوا أشد منکم وأقوی ، لکنهم عجزوا عن الوقوف أمام العذاب الإلهی ، فکیف تثبتون أنتم مع ضعفکم ؟

و" عاد " : هم قوم نبی الله هود ( علیه السلام ) ، قال المؤرخون أن اسم " عاد " یطلق علی قبیلتین . . قبیلة کانت فی الزمن الغابر البعید ، ویسمیها القرآن الکریم ب " عاد الأولی " ، کما فی الآیة (50) من سورة النجم.

أما القبیلة الثانیة فکانت تعیش فی تاریخ (700) سنة قبل المیلاد ، وتسکن أرض الأحقاف أو الیمن .وکان أهل عاد أقویاء البنیة ، طوال القامة ، شجعان حاضرون للحروب والمناوشات العسکریة .

وعندهم حضارة ومدنیة ، وکانت مدنهم عامرة وقصورهم عالیة وأراضیهم یعمها الخضار . وقیل : إن " عاد " هو اسم جد تلک القبیلة . وقال القرآن : ارم ذات العماد . و إرم " هی اسم مدینتهم .وینقل الزمخشری فی الکشاف عن بعضهم ، قوله : إن عاد هو ابن عوص بن إرم بن سام بن نوح ، وسمیت القبیلة باسم الجد وهو (إرم)((1)) .

ویعتقد آخرون : إن (إرم) هم " عاد الأولی " ، و " عاد " هی القبیلة الثانیة ، یقال أیضا : إن " إرم " هو اسم مدینتهم .

{وَثَمُودَ الَّذِینَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِی}9, سورة الفجر.

ص: 63

ثمود قوم صالح الذین اتخذوا من الجبال بیوتا فارهین ، یعملون لیلا ونهارا ,وکانوا أقویاء وأغنیاء ، ولما طغوا وبغوا وعصوا الرسول ، انتقم منهم وفعل بهم سبحانه ما فعل بعاد .

جلبوا الصخور الی الوادی فقطعوا الصخور وثقبوها فی أرضهم التی کانوا ینزلونها . قال ابن عباس: کانوا ینحتون الجبال فیجعلون منها بیوتا ((1)) .

{وَفِرْعَوْنَ ذِی الاَْوْتَادِ10}, سورة

الفجر:

أی المدن الکثیرة والمبانی العظیمة الشامخة الثابتة کالأهرام .

وعن ابن عباس, وسماهم أوتادا, لأنهم قواد عسکره الذین بهم قوام أمره((2)) . وقیل: کان یشد الرجل بأربعة أوتاد علی الأرض, إذا أراد تعذیبه, ویترکه حتی یموت, عن مجاهد . وعن ابن مسعود قال: وتد امرأته بأربعة أوتاد, ثم جعل علی ظهرها رحی عظیمة, حتی ماتت ((3)) .

قال علی بن إبراهیم ثم قال لنبیه صلی الله علیه و آله : (ألم تر) أی ألم تعلم (کیف فعل ربک بعاد إرم ذات العماد التی لم یخلق مثلها فی البلاد) ثم مات عاد وأهلکه الله وقومه بالریح الصرصر وقوله تعالی (وثمود الذین جابوا الصخر بالواد) حفروا الجویة فی الجبال .

(وفرعون ذی الأوتاد) عمل الأوتاد التی أراد ان یصعد بها إلی السماء قوله (إن ربک لبالمرصاد) ای قائم حافظ علی کل ظالم قوله (فأما الانسان إذا ما

ص: 64

ابتلاه ربه) أی امتحنة بالنعمة (فیقول ربی اکرمن وأما إذا ما ابتلاه) أی امتحنه (فقدر علیه رزقه) أی افقره (فیقول ربی اهانن )((1)) .

{الَّذِینَ طَغَوْا فِی الْبِلادِ}11, سورة الفجر: یعنی عادا وثمودا وفرعون, استکبروا وتجبروا فی البلاد علی العباد , وعصوا الله تعالی .

{فَأَکْثَرُوا فِیهَا الْفَسَادَ}12: نشروا الظلم فی کل مکان .

{فَصَبَّ عَلَیْهِمْ رَبُّکَ سَوْطَ عَذَاب}, سورة

الفجر.13:

أنزل الله تعالی علیهم العذاب السماوی فأصبحوا نسیا منسیاً .والسوط الجلد المفتول الَّذی یضرب به .

وتقدم فی " بأس " : أن أمیر المؤمنین ( علیه السلام ) سوط عذاب الله تعالی ((2)).

وفی روایة سلمان قال علی ( علیه السلام ) : أنا عذاب یوم الظلة .

وعن البصائر ، عن الصادق ( علیه السلام ) فی قوله : (حتی إذا فتحنا علیهم بابا ذا عذاب شدید) قال : هو علی بن أبی طالب ( علیه السلام ) إذا رجع فی

الرجعة ((3)).

{إِنَّ رَبَّکَ لَبِالْمِرْصَادِ}14: للظالمین المنحرفین عن الطریق المستقیم. وفی المجمع عن أمیر المؤمنین ( علیه السلام ) معناه ان ربک قادر علی أن یجزی

ص: 65

أهل المعاصی جزاءهم ((1)) .وعن الصادق ( علیه السلام ) قال المرصاد قنطرة علی الصراط لا یجوزها عبد بمظلمة عبد ((2)) .

وروی عن ابن عبّاس فی هذه الآیة قال : إنّ علی جسر جهنّم سبع محابس یسأل العبد عندها أوّلها عن شهادة أن لا إله إلَّا اللَّه فإنّ جاء بها تامّة جاز إلی الثانی فیسأل عن الصلاة فإن جاء بها تامّة جاز إلی الثالث فیسأل عن الزکاة فإن جاء بها تامّة جاز إلی الرابعة فیسأل عن الصوم فإن جاء به تامّا جاز إلی الخامس فیسأل عن الحجّ فإن جاء به تامّا جاز إلی السادس فیسأل عن العمرة فإن جاء بها تامّة جاز إلی السابع فیسأل عن المظالم فإن خرج منها وإلَّا یقال له : انظروا فإن کان له تطوّع أکمل به أعماله فإذا فرغ انطلق به إلی الجنّة وإلَّا تردّی ((3)) .

{فَأَمَّا الاِْنسَانُ إِذَا مَا ابْتَلاَهُ رَبُّهُ فَأَکْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَیَقُولُ رَبِّی

أَکْرَمَنِی}15 سورة الفجر :وروی السکونی عن أبی عبد الله جعفر الصادق علیه السلام عن أبیه ، عن آبائه قال : قال رسول الله صلی الله علیه و آله . (إن الله تعالی یقول : یحزن عبدی المؤمن إذا أقترت علیه شیئا من الدنیا ، وذلک أقرب له منی . ویفرح إذا بسطت له الدنیا ، وذلک أبعد له منی . ثم تلا هذه الآیة إلی قوله : (بل لا یشعرون) ثم قال : إن ذلک فتنة لهم ((4)) .

ص: 66

{وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلاهُ فَقَدَرَ عَلَیْهِ رِزْقَهُ فَیَقُولُ رَبِّی أَهَانَنِی}16, سورة الفجر: واذا قتر الله تعالی علیه رزقه فقلصه تراه منزعجا ویقول رب أهاننی .

فقال الله تعالی ردا لتوهم من ظن أن الاکرام بالغنی والإهانة بالفقر بأن قال (کلا) لیس الامر علی ما توهمه . وإنما الاکرام فی الحقیقة بالطاعة ، والإهانة بالمعصیة ، وقوله تعالی (کلا) معناه لیس الامر علی ما ظن هذا الانسان الکافر الذی لا یؤمن بالله والیوم الآخر_ ذکره قتادة_ ثم بین ما یستحق به الهوان ((1)).

قال الرضا ( علیه السلام ) : « ذلک یونس بن متی ( علیه السلام ) ، ذهب مغاضبا لقومه ( فَظَنَّ ) بمعنی استیقن ( أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَیْه ) أی لن نضیق علیه رزقه ، ومنه قول الله تعالی : وأَمَّا إِذا مَا ابْتَلاه فَقَدَرَ عَلَیْه رِزْقَه ) أی ضیق وقتر ، ( فَنادی فِی الظُّلُماتِ ) أی : ظلمة اللیل ، وظلمة البحر ، وظلمة بطن الحوت : ( أَنْ لا إِله إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَکَ إِنِّی کُنْتُ مِنَ الظَّالِمِینَ ) لترکی مثل هذه العبادة التی قد فرغتنی لها فی بطن الحوت ، فاستجاب الله له ، وقال تعالی : فَلَوْ لا أَنَّه کانَ مِنَ الْمُسَبِّحِینَ لَلَبِثَ فِی بَطْنِه إِلی یَوْمِ یُبْعَثُونَ ) ((2)) .

الکتاب العتیق الغروی : دعاء لزین العابدین علیه السلام :

یا عزیز ارحم ذلی ، یا غنی ارحم فقری ، یا قوی ارحم ضعفی ، بمن یستغیث العبد إلا بمولاه ، إلی من یطلب العبد إلا إلی سیده إلی من یتضرع العبد إلا إلی خالقه ، بمن یلوذ العبد إلا بربه ، إلی من یشکو العبد إلا إلی

ص: 67

رازقه اللهم ما عملت من خیر فهو منک لأحمد لی علیه ، وما عملت من سوء فقد حذرتنیه فلا عذر لی فیه ، اللهم . إنی أسئلک سؤال الخاضع الذلیل ، واسئلک سؤال العائذ المستقیل ، وأسئلک سؤال من یبوء بذنبه ، ویعترف بخطیئته ، وأسئلک سؤال من لا یجد لعثرته مقیلا ، ولا لضرة کاشفا ولا لکربته مفرجا ، ولا لغمه مروحا ، ولا لفاقته سادا ، ولا لضعفه مقویا إلا أنت یا أرحم الراحمین ((1)) .

{کَلاَّ بَل لا تُکْرِمُونَ الْیَتِیمَ}17, سورة

الفجر.

الایتام محرومون عندکم وحقوقهم مهضومة مسلوبة .

المفسر القمی: ای لا تدعوهم وهم الذین غصبوا آل محمد حقهم واکلوا أموال الیتامی وفقراءهم وأبناء سبیلهم ثم قال ( وتأکلون التراث أکلا لما ) ای وحدکم ( وتحبون المال حبا جما ) تکنزونه ولا تنفقونه فی سبیل الله .

الیتیم : هو الطفل الذی لا أب له أی : لا تعطونهم مما أعطاکم الله حتی تغنوهم عن ذل السؤال ، وخص الیتیم لأنهم لا کافل لهم یقوم بأمرهم ((2)) . وقد قال صلی الله علیه و آله : ( أنا وکافل الیتیم کهاتین فی الجنة ) . وأشار بالسبابة والوسط ((3)) .

{وَلا تَحَاضُّونَ عَلَی طَعَامِ الْمِسْکِین}18, سورة

الفجر.

ولا تطعمون المساکین الذین لا یمکنهم تهیأة طعامهم وشرابهم .

ص: 68

القمی: ای لا تدعوهم وهم الذین غصبوا آل محمد حقهم واکلوا أموال الیتامی وفقراءهم وأبناء سبیلهم ((1)).

{وَتَأْکُلُونَ التُّرَاثَ أَکْلا لَمّاً}19, سورة

الفجر.

تأکلون میراث النساء والاطفال وباقی الضعفاء احتیالا منکم وقوة .

( وتأکلون التراث ) : المیراث أکلا لما , أو یأکلون ما جمعه المورث من حلال وحرام ، عالمین بذلک .

{وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبّاً جَمّاً}20, سورة

الفجر.لا نظیر له حتی قالوا فیکم عبدة المال .تکنزونه ولا تنفقونه فی سبیل الله .

{کَلاَّ إِذَا دُکَّتْ الاَْرْضُ دَکّاً دَکّاً12}, سورة الفجر.حدوث الزلزلة قال ابن عباس فتت فتا .

{وَجَاءَ رَبُّکَ وَالْمَلَکُ صَفّاً صَفّاً }22

: تعنی جاء حساب ربک للناس أجمعین .

عن شریح القاضی ، قال : قال أمیر المؤمنین ( علیه السلام ) لأصحابه یوما وهو یعظهم : ترصدوا مواعید الآجال ، وباشروها بمحاسن الأعمال ، ولا ترکنوا إلی ذخائر الأموال ، فتخلیکم خدائع الآمال ، إن الدنیا خداعة صراعة ، مکارة غزارة سحارة ، أنهارها لامعة ، وثمراتها یانعة ، ظاهرها سرور ، وباطنها غرور ، تأکلکم بأضراس المنایا ، وتبیرکم بإتلاف الرزایا ، لهم بها أولاد الموت ، وآثروا زینتها ، فطلبوا رتبتها ، جهل الرجل ، ومن ذلک الرجل المولع بلذاتها ، والساکن إلی فرحتها ، والآمن لغدرتها !

ص: 69

درات علیکم بصروفها ، ورمتکم بسهام حتوفها ، فهی تنزع أرواحکم نزعا ، وأنتم تجمعون لها جمعا ، للموت تولدون ، وإلی القبور تنقلون ، وعلی التراب تنومون ، وإلی الدود تسلمون ، وإلی الحساب تبعثون .

یا ذا الحیل والآراء ، والفقه والانباء ، اذکروا مصارع الآباء ، فکأنکم بالنفوس قد سلبت ، وبالأبدان قد عریت ، وبالمواریث قد قسمت ، فتصیر_ یا ذا الدلال والهیئة والجمال_ إلی منزلة شعثاء ، ومحلة غبراء ، فتنوم علی خدک فی لحدک ، فی منزل قل زواره ، ومل عماله ، حتی تشق عن القبور وتبعث إلی النشور ، فان ختم لک بالسعادة صرت إلی الحبور ، وأنت ملک مطاع ، وآمن لا یراع ، یطوف علیکم ولدان کأنهم الجمان بکأس من معین بیضاء لذة للشاربین ، أهل الجنة فیها یتنعمون ، وأهل النار فیها یعذبون ، هؤلاء فی السندس والحریر یتبخترون ، وهؤلاء فی الجحیم والسعیر یتقلبون ، هؤلاء تحشی جماجمهم بمسک الجنان ، وهؤلاء یضربون بمقامع النیران ، هؤلاء یعانقون الحور فی الحجال ، وهؤلاء یطوقون أطواقا فی النار بالاغلال ، فی قلبه فزع قد أعیی الأطباء وبه داء لا یقبل الدواء .

یامن یسلم إلی الدود ویهدی إلیه ، اعتبر بما تسمع وتری ، وقل لعینیک تجفو لذة الکری ، وتفیض من الدموع بعد الدموع تتری ، بیتک القبر بیت الأهوال والبلی ، وغایتک الموت .

یا قلیل الحیاء ، اسمع یا ذا الغفلة والتصریف ، من ذی الوعظ والتعریف ، جعل یوم الحشر یوم العرض والسؤال ، والحباء والنکال ، یوم تقلب إلیه أعمال الأنام ، وتحصی فیه جمیع الآثام ، یوم تذوب من النفوس أحداق عیونها ، وتضع الحوامل ما فی بطونها ، ویفرق بین کل نفس وحبیبها ، ویحار فی تلک الأهوال عقل لبیبها ، إذ تنکرت الأرض بعد حسن عمارتها

ص: 70

، وتبدلت بالخلق بعد أنیق زهرتها ، أخرجت من معادن الغیب أثقالها ، ونفضت إلی الله أحمالها ، یوم لا ینفع الجد إذ عاینوا الهول الشدید فاستکانوا ، وعرف المجرمون بسیماهم فاستبانوا ، فانشقت القبور بعد طول انطباقها ، واستسلمت النفوس إلی الله بأسبابها ، کشف عن الآخرة غطاؤها ، وظهر للخلق أنباؤها ، فدکت الأرض دکا دکا ، ومدت لأمر یراد بها مدا مدا ، واشتد المثارون إلی الله شدا شدا ، وتزاحفت الخلائق إلی المحشر زحفا زحفا ، ورد المجرمون علی الأعقاب ردا ردا ، وجد الامر_ ویحک یا إنسان_ جدا جدا ، وقربوا للحساب فردا فردا ، وجاء ربک والملک صفا صفا ، یسألهم عما عملوا حرفا حرفا ، فجئ بهم عراة الأبدان ، خشعا أبصارهم ، أمامهم الحساب ، ومن ورائهم جهنم ، یسمعون زفیرها ،

ویرون سعیرها ، فلم یجدوا ناصرا ولا ولیا یجیرهم من الذل ، فهم یعدون سراعا إلی مواقف الحشر ، یساقون سوقا ، فالسماوات مطویات بیمینه کطی السجل للکتب ، والعباد علی الصراط وجلت قلوبهم ، یظنون أنهم لا یسلمون ، ولا یؤذن لهم فیتکلمون ، ولا یقبل منهم فیعتذرون ، قد ختم علی أفواههم ، واستنطقت أیدیهم وأرجلهم بما کانوا یعملون((1)) .

وَالْمَلَکُ صَفّاً صَفّاً: معناه مصطفین کصفوف الناس فی الصلاة .

{وَجِیءَ یَوْمَئِذ بِجَهَنَّم یَوْمَئِذ یَتَذَکَّرُ الاِْنْسَانُ وَأَنَّی لَهُ الذِّکْرَی}23 سورة الفجر.وَجِیءَ یَوْمَئِذ بِجَهَنَّم: أی جیء بهم الی جهنم فیکشف عنها یوم القیامة لکل ناظر .

ص: 71

قال الباقر علیه السلام : ان أهل النار یتعاوون کما یتعاوی الکلاب والذئاب مما یلقون الیم العذاب ما ظنک یا عمرو بقوم لا یقضی علیهم فیموتوا ولا یخفف عنهم من عذابها عطاشی فیها جیاع کلیلة ابصارهم صم بکم عمی مسودة وجوههم خاسئین فیها نادمین مغضوب علیهم فلا یرحمون ومن العذاب لا یخفف عنهم ، وفی النار یسجرون ومن الحمیم یشربون ، ومن الزقوم یأکلون وبکلالیب النار یحطمون وبالمقامع یضربون والملائکة الغلاظ الشداد لا یرحمون فهم فی النار یسحبون علی وجوههم ومن الشیاطین یقرنون وفی الأنکال والأغلال یصفدون ان دعوا لم یستجب هلم ، وان سألوا حاجة لم تقض لهم هذه حال من دخل النار ((1)) .

{یَوْمَئِذ یَتَذَکَّرُ الاِْنْسَانُ وَأَنَّی لَهُ الذِّکْرَی}: حینها یتذکر الانسان ما فعله فی الدنیا من خطوب .فیتوب ویندم وما فائدة ندمه وأسفه بعد نهایة الامتحان وبدایة الحساب . (یَوْمَئِذٍ یَتَذَکَّرُ الإِنْسانُ) تذهب الغفلة ، وتأتی الیقظة (وأَنَّی لَه الذِّکْری) تذکّر خطأه وتقصیره ، ولکن بعد فوات الأوان .

{یَقُولُ یَا لَیْتَنِی قَدَّمْتُ لِحَیَاتِی}24, سورة الفجر.

من الاعتقاد السلیم و أعمال الخیر البینة . وفی المعنی ما قیل :

إذا أنت لم تزرع وعاینت حاصدا * ندمت علی التفریط فی زمن البذر . قال رسول اللَّه صلی الله علیه و آله : الأحمق من اتّبع نفسه هواها وتمنّی علی اللَّه . وقال « فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْکِتابَ یَأْخُذُونَ عَرَضَ هذَا الأَدْنی ویَقُولُونَ سَیُغْفَرُ لَنا » وإنّما خصّص علیه السلام القسم الثانی بالرجاء إذ کان کما علمت عمدته لضعف عمله وقلَّة الأسباب من جهته ، وإلی هذه الأقسام

ص: 72

الثلاثة أشار القرآن الکریم بقوله « فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ ومِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ ومِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَیْراتِ بِإِذْنِ الله ذلِکَ هُوَ الْفَضْلُ الْکَبِیرُ » ((1)).

{فَیَوْمَئِذ لا یُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ25 وَلا یُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ26}, سورة الفجر: والایة لکل کافر فاجر نشر الظلم والفساد فی البلاد .

قال الامام الباقر علیه السلام : ذلک الثانی لا یعذب الله تعالی عذابه أحد ((2)) .

وقال تعالی : (إِنْ هَذَا إِلاَّ قَوْلُ الْبَشَرِ)((3)) نزلت فی عمر((4)).

{یَا أَیَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ 27 ارْجِعِی إِلَی رَبِّکِ رَاضِیَةً مَرْضِیَّةً28 فَادْخُلِی فِی عِبَادِی29 وَادْخُلِی جَنَّتِی}30, سورة الفجر.

نزلت فی الامام علی علیه السلام ((5)) .

ومن علامة بغض الناس له تفضیلهم من هو دونه علیه والذی بعثنی بالحق نبیاً ما بعث الله تعالی نبیاً أکرم علیه من وصیی ((6)) .

ص: 73

قال إذا حضر المؤمن الوفاة نادی مناد من عند الله یا أیتها النفس المطمئنة ارجعی بولایة علی علیه السلام مرضیة بالثواب: فادخلی فی عبادی وادخلی جنتی فلا یکون له همة إلا اللحوق بالنداء .

وقال الامام الصادق علیه السلام : لا یکره المؤمن علی قبض روحه .اذا أتاه ملک الموت لقبض روحه جزع لذلک, فیقول له ملک الموت: یا ولی الله لا تجزع فوالذی بعث محمداً بالحق لأنا أبر بک وأشفق علیک من الوالد البر الرحیم بولده, افتح عینیک وانظر فیمثل له رسول الله صلی الله علیه و آله وأمیر المؤمنین وفاطمة والحسن والحسین والأئمة من ذریتهم صلوات الله تعالی علیهم أجمعین فیقول: هؤلاء رفقاؤک فیفتج عینیه وینظر الیهم ثم تنادی نفسه: (یا أیتها النفس المطمئنة) . الی محمد وأهل بیته , (ارْجِعِی إِلَی رَبِّکِ رَاضِیَةً مَرْضِیَّةً) . بالولایة (مرضیة) . بالثواب .

(فَادْخُلِی فِی عِبَادِی) . یعنی محمد وأهل بیته صلی الله علیه و آله .(وَادْخُلِی جَنَّتِی) . فما من شیء أحب الیه من استلال روحه واللحوق بالمنادی ((1)) .

وقال نجاح الطائی : بعد بیان هذا الامر یستوجب علی کل مؤمن الالتزام بالتوحید والنبوة والامامة للخلفاء الراشدین العظام من أهل البیت والعمل الصالح کی یلتقی بالابرار العظام المعصومین فیکون فردا من الداخلین الی الجنة مع ولایة الامام علی علیه السلام کما جاء فی الحدیث النبوی الشریف :

ص: 74

قال النبی صلی الله علیه و آله : لعلی : « أنت أمیر المؤمنین , ویعسوب الدین , وإمام المتّقین , وقائد الغرّ المحجّلین » ((1)).

ص: 75

أولئک أصحاب المیمنة: القمی قال أصحاب أمیر المؤمنین علیه السلام والذین کفروا بآیاتنا قال الذین خالفوا أمیر المؤمنین علیه السلام هم أصحاب المشأمة قال أصحاب المشأمة هم أعداء آل محمد صلوات الله علیهم ((1)) .

فی ثواب الأعمال والمجمع عن الصادق ( علیه السلام ) من کان قراءته فی فریضة لا اقسم بهذا البلد کان فی الدنیا معروفا أنه من الصالحین وکان فی الآخرة معروفا إن له مکانا وکان یوم القیامة من رفقاء النبیین (علیهم السلام) والشهداء والصالحین إن شاء الله تعالی ((2)) .

بسم الله الرحمن الرحیم

{لا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ}1, سورة البلد.

قسم الهی ببلد الحرام مکة لشرف من حل فیها وهو النبی صلی الله علیه و آله .

{وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ}2, سورة

البلد.

فقال الله لاقسم بهذا البلد وأنت حل بهذا البلد یخاطب النبی: انهم استحلوک وکذبوک وشتموک وأنت فی البلد الحرام .

وکان لا یأخذ الرجل منهم فیه قاتل أبیه ویتقلدون لحاء شجرة الحرم فیأمنون بتقلیدهم إیاه فاستحلوا من رسول الله صلی الله علیه و آله ما لم یستحلوا من غیره فعاب الله ذلک علیهم .

وفی الکافی عنه علیه السلام ما یقرب منه والقمی البلد مکة ((3)) وأنت حل بهذا البلد قال کانت قریش لا یستحلون أن یظلموا أحدا فی هذا البلد

ص: 77

ویستحلون ظلمک فیه .لقد کان کفار الجاهلیة یحترمون قتلة أبائهم ولا یحترمون رسول الله الصادق الامین واستمر السلفیون الخوارج علی هذا المنهج الی یومنا هذا , فهم یفترون الاکاذیب علی النبی صلی الله علیه و آله واله ویمدحون ابا سفیان والمغیرة بن شعبة وابا هریرة ومروان بن الحکم ویزید

{وَوَالِد وَمَا وَلَدَ 3}, سورة

البلد.

قال الامام الباقر علیه السلام : یعنی علیاً وما ولد من الأئمة ((1)) .

و قال رسول الله صلی الله علیه و آله : «إنّ الله قد فرض علیکم طاعتی ونهاکم عن معصیتی , وأوجب علیکم اتّباع أمری , وفرض من طاعة علی بن أبی طالب بعدی کما فرض علیکم من طاعتی , ونهاکم عن معصیته کما نهاکم عن معصیتی , وجعله أخی ,

ووزیری , ووارثی , وهو منی وأنا منه , حبّه إیمان , وبغضه کفر , محبّه محبّی , ومبغضه مبغضی , وهو مولی من أنا مولاه , وأنا مولی کلّ مسلم ومسلمة وأنا وهو أبوا هذه الأمة((2)) .

وروی العالم الشافعی الحافظ أبو الحسن ابن المغازلی فی مناقبه عن

أبی الحسن علی بن الحسین بن الطیب إجازة بإسناده المذکور , عن علی قال: قال رسول الله صلی الله علیه و آله : «حقّ علی علیه السلام علی المسلمین حقّ الوالد علی ولده» ((3)) .

ص: 78

ابن حجر والذهبی: اخرج الحدیث النبوی المذکور ابن حجر فی لسانه ((1)) . وممّن أخرج هذا الحدیث الحافظ شمس الدین محمد الذهبی الکردی الشافعی فی میزانه((2)) .

الخوارزمی الحنفی: وأخرجه شیخ الحنفیة الموفّق بن أحمد الخوارزمی المکی فی مناقبه عن سید الحفّاظ أبی منصور شهردار بن شیرویه بن شهردار الدیلمی الهمدانی الحنفی بسنده المذکور , عن عمار بن یاسر وأبی أیوب , عن رسول الله صلی الله علیه و آله , قال: « حقّ علی بن أبی طالب علی هذه الأمة کحقّ الوالد علی ولده»((3)) .

وقد تواترت الأحادیث عن رسول الله صلی الله علیه و آله أنّه قال:

«أنا وعلی أبوا هذه الأمّة» و تأویل آیة : (وبالوالدین إحساناً) فی النبی وعلی علیهم الصلاة والسلام .

وروی الصدوق وابن شهر آشوب أیضا عنه صلی الله علیه و آله : « أنا وعلی أبوا هذه الامة ، فعلی عاق والدیه لعنة الله » ((4)).

وقال ابن عباس والطبری والشیخ محمد عبده : ان المراد کل والد ومولود إنسانا کان أم حیوانا أم نباتا((5)) .

ص: 79

وللمفسرین فی تفسیره أقوال منها بأن الوالد هو إبراهیم الخلیل والولد إسماعیل الذبیح .

وقال نجاح الطائی: لقد أقسم الله تعالی بمکة وبرسول الله وعلی وأولاده الأئمة علیهم السلام لمکانتهم العزیزة عند رب العالمین .

الحسین بن محمد ، عن علی بن محمد ، عن أحمد بن محمد بن عبد الله رفعه فی قوله تعالی : " لا أقسم بهذا البلد * وأنت حل بهذا البلد * ووالد وما ولد " . قال : أمیر المؤمنین وما ولد من الأئمة علیهم السلام ((1)) .

قوله ( ووالد وما ولد ) عطف علی « هذا البلد » أی أقسم بوالد وما ولد ، الوالد أمیر المؤمنین « و ما ولد » الأئمة من ولده ، وقیل : تنکیر والد للتعظیم .أحادیث النبی صلی الله علیه و آله والائمة تبین ان الایة فی حق النبی صلی الله علیه و آله والامام علی علیه السلام فهما أبوا هذه الامة .

{لَقَدْ خَلَقْنَا الاِْنسَانَ فِی کَبَد}4, سورة البلد:

قیل أی فی تعب ومشقة فإنه یکابد مصائب الدنیا وشدائد الآخرة .

قال تعالی :{لا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ 1* وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ 2* وَوَالِد وَمَا وَلَدَ 3}هذا کله حول القسم ، وأما المقسم علیه ، فقوله سبحانه : (لقد خلقنا الانسان فی کبد) . والکبد فی اللغة التعب والجهد .

ومنه الکبد للانسان ، لأنه دم یغلظ ویشتد ، وتکبد البلد : إذا صار کالکبد ، ومعنی الآیة واضح ، فان الانسان منذ خلق إلی أن أدرج فی أکفانه وانهی حیاته فی الارض لم یزل یکابد المرارة والالام .

ص: 80

لقد عاش الانسان فی الدنیا مع الاسقام والالام والمتاعب کل وفق سنه ووضعه الاجتماعی والسیاسی والدینی فالملک یخاف من الشعب وثوراته والحواشی ومؤامراتها والدول وحروبها وغزواتها وفقدانه الامن والعافیة رغم سلطانه الواسع .

بینما یخاف المواطن من الامراض وبطش الحکومات والفقر المحیط به وفقدان الامن . ولا رخاء ولا سلامة کاملة الا فی الاخرة .

{أَیَحْسَبُ أَنْ لَنْ یَقْدِرَ عَلَیْهِ أَحَدٌ5}: معناه أیظن هذا الانسان أن لن یقدر علی عقابه أحد إذا عصی الله تعالی وارتکب معاصیه فبئس الظن ذلک . وقیل : إنها نزلت فی رجل یقال له أبو الاسدین کان من القوة بحیث یقف علی أدیم عکاظی فیجری العسرة من تحته ، فتنقطع ولا یبرح من علیه .وهذا استفهام إنکار أی : لا یظنن ذلک .

وجاء: یعنی نعثل فی قتله بنت النبی بالتبنی رقیة .

{یَقُولُ أَهْلَکْتُ مَالا لُبَداً 6}, سورة البلد.

ادعاء الامویین بأن عثمان قام بتجهیز جیش العسرة, بینما کان عثمان فقیراً وبخیلا ثم أصبح غنیاً بعد تولیه الحکم اثر استیلائه علی خزائن بین مال المسلمین فثار علیه المسلمون وقتلوه . وکان عمله فی الجاهلیه ینقر بالدف فی الافراح واجتماعات شرب الخمر والغناء .

أی أنفقت مالا کثیرا فی عداوة النبی صلی الله علیه و آله یفتخر بذلک . وقیل : هو الحرث بن عامر بن نوفل بن عبد مناف ، وذلک أنه أذنب ذنبا فاستفتی

ص: 81

رسول الله صلی الله علیه و آله ، فأمره أن یکفر ، فقال : لقد ذهب مالی فی الکفارات والنفقات ، منذ دخلت فی دین محمد ، عن مقاتل((1)) .

(أیحسب أن لم یره أحد) فیطالبه من أین اکتسبه ، وفی ماذا أنفقه ، عن قتادة ، وسعید بن جبیر . وروی عن ابن عباس عن النبی صلی الله علیه و آله قال : (لا تزول قدما العبد حتی یسأل عن أربعة : عن عمره فیما أفناه ، وعن ماله من أین جمعه ، وفی ماذا أنفقه ، وعن عمله ماذا عمل به ، وعن حبنا أهل البیت)((2)) .

قال : اللبد : المجتمع .

وفی روایة أبی الجارود ، عن أبی جعفر ( علیه السلام ) ، فی قوله تعالی : (أَهْلَکْتُ مالًا لُبَداً) ، قال : « هو عمرو بن عبد ود حین عرض علیه علی بن أبی طالب ( علیه السلام ) الإسلام یوم الخندق ، وقال : فأین ما أنفقت فیکم مالا لبدا ؟ وکان أنفق مالا فی الصد عن سبیل الله ، فقتله علی ((3)) » .

لقد أنفق قادة مکة أموالا عظیمة فی محاربة النبی والمسلمین وأنفق الامویون والعباسیون أموالا کثیرة لتشویه الدین ونشر الجواسیس وبث الاحادیث الکاذبة وتحریف تراث آل محمد علیهم السلام .

والیوم ینفق الوهابیون الخوارج أموالا لا تحصی لقتل المسلمین وتسهیل تسلط الکفار علیهم وتحریف شریعة التوحید .

ص: 82

{أَیَحْسَبُ أَنْ لَمْ یَرَهُ أَحَدٌ 7}, سورة

البلد. القمی قال فی فساد کان فی نفسه . فیطالبه من أین اکتسبه ، وفی ماذا أنفقه ، عن قتادة ، وسعید بن جبیر((1)) . وروی عن ابن عباس عن النبی صلی الله علیه و آله قال : ( لا تزول قدما العبد حتی یسأل عن أربعة : عن عمره فیما أفناه ، وعن ماله من أین جمعه ، وفی ماذا أنفقه ، وعن عمله ماذا عمل به ، وعن حبنا أهل البیت ) . وقیل : إنه کان کاذبا لم ینفق ما قاله ، فقال الله سبحانه : أیظن أن الله تعالی لم یر ذلک ، فعل أو لم یفعل ، أنفق أو لم ینفق ، عن الکلبی .

{أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَیْنَیْنِ 8 } سورة البلد.

ومن حکمة الله أنه أثناء الضوء بالنهار والظلام باللیل تتبادل کل من العصی والمخاریط عملها لتمکن الإنسان من الرؤیة فی الظروف المختلفة. و لو لم یکن الأمر کذلک لهلکت. کما تتأثر بطریقة شدیدة لو تعرضت لظلام أو إضاءة لفترة طویلة، فإذا اشتد الظلام وطال أصیبت العین بغشاوة وعمیت لتوقف دورة فیتامین (أ) و الریتینول عن تکوین الرودبسین اللازم للرؤیة فی غیاب الضوء. ومثال علی ذلک ما حدث لجاجارین ورواد الفضاء الأولین عندما خرجوا من الأرض فلم یروا السماء إلی ظلاماً دامساً، مغطاة بالسدیم المعتم ، والنجوم تتلألأ وراءه وصدق الله تعالی إذ یقول فی محکم آیاته :لَوْ فَتَحْنَا عَلَیْهِم بَاباً مِّنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِیهِ یَعْرُجُونَ. لَقَالُوا إنَّمَا سُکِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَّسْحُورُونَ 11.

وقد أنبأ القرآن الکریم بأن السماوات والأرض قائمة علی نظام أسماه بالحق (خلق السماوات والأرض بالحق تعالی عما یشرکون) النحل : 3 .

ومنذ القرن السابع عشر وحتی الیوم لا یزال العلم یکتشف الکثیر عن النظام الذی قامت علیه السماوات والأرض ، وقد اختصرها العلم الیوم بالقوی الرئیسیة الأربع فی الکون: قوة الجاذبیة ، والقوة الکهرمغناطیسیة ، والقوة النوویة القویة ، والقوة النوویة الضعیفة ، وأقسم المولی بأن هناک أشیاء مرئیة وغیر مرئیة) فلا أقسم بما تبصرون وما لا تبصرون(الحاقة : 38، 39 . ومنذ القرن السابع عشر وحتی الیوم لا یزال العلم یکتشف قوی مرئیة وغیر مرئیة .فسبحان الله حین تمسون و حین تصبحون. و له الحمد فی السموات و الأرض و عشیا و حین تظهرون_ الروم 17,18.

{وَلِسَاناً وَشَفَتَیْنِ 9 وَهَدَیْنَاهُ النَّجْدَیْنِ10}سورة البلد :

عن أبی جعفر ( علیه السلام ) ، فی قوله تعالی : (أَیَحْسَبُ أَنْ لَنْ یَقْدِرَ عَلَیْه أَحَدٌ) : « یعنی نعثل فی قتله بنت( ربیبة) النبی صلی الله علیه و آله : (یَقُولُ أَهْلَکْتُ مالًا لُبَداً)

ص: 84

یعنی الذی جهز به النبی فی جیش العسرة (أَیَحْسَبُ أَنْ لَمْ یَرَه أَحَدٌ) قال : فساد کان فی نفسه ، (أَلَمْ نَجْعَلْ لَه عَیْنَیْنِ) ، یعنی رسول الله ( صلی الله علیه و آله ) (ولِساناً) یعنی أمیر المؤمنین علیه السلام (وشَفَتَیْنِ) یعنی الحسن والحسین (علیهما السلام) (وهَدَیْناه النَّجْدَیْنِ) إلی ولایتهما (فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ وما أَدْراکَ مَا الْعَقَبَةُ )یقول : ما أعلمک ؟ وکل شیء فی القرآن (ما أدراک) فهو ما أعلمک ؟ (یَتِیماً ذا مَقْرَبَةٍ )یعنی رسول الله صلی الله علیه و آله ، والمقربة قرباه (أَوْ مِسْکِیناً ذا مَتْرَبَةٍ) یعنی أمیر المؤمنین متربا بالعلم » ((1)).

ثم نبه تعالی علی البراهین علی وجود الباری تعالی من خلال الایات الالهیة ووجوه النعمة التی أنعم بها علیه لیستدل بها علی توحیده وخلع الأنداد دونه بقوله: (ألم نجعل له عینین) لیبصر بهما (ولسانا وشفتین) لینطق بهما (وهدیناه النجدین) لیستدل بهما .

وجاء: ألم نجعل له عینین : یعنی رسول الله صلی الله علیه و آله (وَلِسَاناً) :یعنی أمیر المؤمنین (وَشَفَتَیْنِ9 ): الحسن والحسین (وَهَدَیْنَاهُ النَّجْدَیْنِ10 ), الی ولایتهما . وفی الکافی عن الصادق علیه السلام قال نجد الخیر والشر ((2)) .

وفی المجمع عن أمیر المؤمنین علیه السلام سبیل الخیر وسبیل الشر .

وعنه علیه السلام انه قیل له إن أناسا یقولون فی قوله وهدیناه النجدین أنهما الثدیان فقال: لا هما الخیر والشر((3)) .

ص: 85

قال القمی: (ألم نجعل له عینین) یعنی رسول الله صلی الله علیه و آله (ولسانا) یعنی أمیر المؤمنین علیه السلام (وشفتین) یعنی الحسن والحسین علیهما السلام (وهدیناه النجدین) إلی ولایتهما ((1)) .

(فَلا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ11), سورة

البلد. ولایة أمیر المؤمنین علیه السلام .

الحسکانی الحنفی: عن الإمام ابی جعفر الباقر علیه السلام : عن قوله: (فَلا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ): قال علیه السلام : نحن العقبة ((2)).

قال ابو بکر: سمعت رسول الله یقول: علی الصراط عقبة لا یجوزها أحد الا بجواز من علی بن أبی طالب ((3)).

وقد أضاف الامویون اضافات الی هذه الروایة التی رواها ابو بکر مثلما أضافوا اضافات الی حدیث ( أنا مدینة العلم وعلی بابها ).

التحریف: أنا مدینة العلم وأساسها أبو بکر وجدرانها عمر وسقفها عثمان وبابها علی .

:أنا مدینة العلم وعلی بابها ومعاویة حلقتها .

: أنا مدینة العلم وعلی بابها وأبو بکر محرابها . والعقبات کلها علی الصراط اسم عقبة منها الولایة ((4)) : وهی ولایة مولی المؤمنین وإمامهم وسیدهم علی علیه السلام . قال النبی صلی الله علیه و آله : أنت منی وأنا منک ((5)).

ص: 86

وروی عن ابن عباس أنه قال فی قوله (فلا أقتحم العقبة) معناه أفلا أقتحم فحذف حرف الاستفهام .

الطبرسی: وقوله تعالی : (فلا اقتحم العقبة) معناه : فلم یقتحم . وإذا کانت لا بمعنی لم ، لم یلزم تکریرها ، کما لا یلزم التکریر مع لم ، فإن تکررت فی موضع نحو : (فلا صدق ولا صلی) فهو کتکریر لم فی قوله (لم یسرفوا ولم یقتروا) وقوله تعالی : (ثم کان من الذین آمنوا) أی کان مقتحم العقبة ، وفکاک الرقبة ، من الذین آمنوا . فإنه إذا لم یکن منهم ، لم ینفعه قربه ((1)) .

ص: 87

{وَمَا أَدْرَاکَ مَا الْعَقَبَةُ12 فَکُّ رَقَبَة 13 أَوْ إِطْعَامٌ فِی یَوْم ذِی مَسْغَبَة14 یَتِیماً ذَا مَقْرَبَة15}, سورة البلد. فک رقابهم من النار بولایتنا ((1)) . قال: العقبة الأئمة من صعدها فک رقبته من النار ((2)) .

وحدثنا جعفر بن أحمد قال : حدثنا عبد الله بن موسی عن الحسن بن علی بن أبی حمزة عن أبیه عن أبی بصیر عن أبی عبد الله جعفر الصادق علیه السلام فی قوله : (فک رقبة) قال : بنا تفک الرقاب وبمعرفتنا ونحن المطعمون فی یوم الجوع وهو المسبغة .

قال القمی: (ویتیما ذا مقربة) یعنی رسول الله صلی الله علیه و آله والمقربة قرباه (أو مسکینا ذا متربة) یعنی أمیر المؤمنین علیه السلام متربا بالعلم.

{یَتِیماً ذَا مَقْرَبَة15}, سورة البلد. یعنی رسول الله صلی الله علیه و آله وأقرباءه.

قوله (من أطعم مؤمناً حتی یشبعه لم یدر أحد من خلق الله ماله من الأجر) لعل المراد بهذا المؤمن من بلغ جوعه حداً یوجب هلاکه فإن اطعامه حینئذ إحیاء لنفسه وقد قال الله تعالی (ومن أحیاها فکأنما أحیی الناس جمیعاً) وحینئذ فلا بعد فی ترتب هذا الأجر العظیم علیه ، والتعمیم ممکن وعدم علم الملک والرسل بما له من الأجر إما لعظمة الأجر أو لأن تعیین قدره إنما هو فی علم الله تعالی ولم یظهره علیهم ، والأوّل أظهر لأن المقصود من الحدیث إفادة عظمته .

ص: 88

قوله (إطعام المسلم السغبان) سغب سغباً وسغباناً بالتسکین والتحریک وسغابة بالفتح وسغوباً بالضم ومسغبة من بابی فرح ونصر : جاع فهو ساغب وسغبان أی جائع ، وقیل : لا یکون السغب إلاّ أن یکون الجوع مع تعب ، وأشار بالآیة الشریفة إلی أن الإطعام من المنجیات التی رغب الله تعالی فیها ، والمسغبة والمقربة والمتربة مصادر علی وزن مفعلة من سغب إذا جاع وقرب فی النسب وترب إذا افتقر والتصق بالتراب . ووصف الیوم بذی مسغبة مجاز باعتبار صاحبه مثل نهاره صائم .

علیُّ بن إبراهیم ، عن أبیه ، عن النوفلی ، عن السکونی ، عن أبی عبد الله جعفر الصادق ( علیه السلام ) قال : قال رسول الله ( صلی الله علیه و آله ) : من سقی مؤمناً شربة من ماء حیث یقدر علی الماء أعطاه الله بکلِّ شربة سبعین ألف حسنة وإن سقاه من حیث لا یقدر علی الماء فکأنّما أعتق عشر رقاب من ولد إسماعیل ((1)).

{أَوْ مِسْکِیناً ذَا مَتْرَبَة 16}, سورة

البلد: قال الامام الباقر علیه السلام : یتیما ذا مقربة " یعنی رسول الله صلی الله علیه و آله ، والمقربة : قرباه " أو مسکینا ذا متربة " یعنی أمیر المؤمنین علیه السلام مترب بالعلم ((2)) .الطوسی: التراب والترب واحد یقال ترب الرجل إذا افتقر ، لأنه لصق بالتراب للفقر ومنه قوله : " مسکینا ذا متربة " لأنه قعد علی التراب للفقر وأترب الرجل إذا استغنی لأنه کثر ماله حتی صار کالتراب . والترب الذی ینشأ معک . وقیل فیه أقوال : منها للعبهم بالتراب إذ هم صبیان أقران . ومنها_ لأنهم خرجوا إلی عفر الترب فی

ص: 89

وقت من الزمان . ومنها_ لأنهم علی الاشتباه کالتراب . وقوله تعالی : " عربا أترابا " أی أشباه أمثال . والترائب عظام الصدر واحدها تریبة .قیل لأنها متشابهة کالاتراب أو کتشابه التراب ((1)).

وعن أبی الحسن علیه السلام قال : کان رسول الله صلی الله علیه و آله یقول : من موجبات مغفرة الرب إطعام الطعام ((2)) .

المحاسن : أبی ، عن سعدان بن مسلم ، عن بعض أصحابه ، عن أبی عبد الله جعفر الصادق علیه السلام قال : من موجبات المغفرة إطعام السغبان ((3)) .

المحاسن : عثمان بن عیسی ، عن سماعة ، عن أبی عبد الله جعفر الصادق علیه السلام قال : من أشبع کبدا جائعة ، وجبت له الجنة ((4)) .

المحاسن : بهذا الاسناد قال: من أشبع جائعا أجری له نهر فی الجنة ((5)) .

المحاسن : إسماعیل بن مهران ، عن صفوان الجمال ، عن أبی عبد الله جعفر الصادق علیه السلام مثله ((6)) .

المحاسن : ابن فضال ، عن میمون ، عن أبی عبد الله جعفر الصادق علیه السلام قال : قال رسول الله صلی الله علیه و آله : الرزق أسرع إلی من یطعم الطعام ، من السکین فی السنام ((7)) .

ص: 90

ثواب الأعمال : أبی ، عن علی ، عن أبیه ، عن ابن أبی عمیر ، عن الحسین بن نعیم عن مسمع کردین قال : سمعت أبا عبد الله علیه السلام یقول : من نفس من مؤمن کربة نفس الله عنه کرب الآخرة ، وخرج من قبره وهو ثلج الفؤاد ، ومن أطعمه من جوع أطعمه الله من ثمار الجنة ، ومن سقاه شربة سقاه الله من الرحیق المختوم ((1)) .

وقال نجاح الطائی: کان الاطعام من شیم وصفات الانبیاء والاوصیاء لتعلیم الناس علی الکرم والجود فی حق الایتام والفقراء واتقاذهم من الجوع والفاقة .والهدف السامی من وراء ذلک هو ترتیب التکافل الاجتماعی وانقاذ المجتمع من الطبقیة والفقر المؤدی الی الجریمة والمرض والفتنة الاجتماعیة .

وسار حاتم الطائی المؤمن النصرانی قبل الاسلام علی الکرم والجود والعطاء فاشتهر صیته وذاع جاهه . فذکره المؤلفون والشعراء وانتشرت قصص جوده بین الناس جیلا بعد آخر .

{ثُمَّ کَانَ مِنْ الَّذِینَ آمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ17}, سورة

البلد.عن ابن عباس فی قوله: (وتواصوا بالصبر) علی فرائض الله عز وجل (وتواصوا بالمرحمة) فیما بینهم ولا یقبل هذا إلا من مؤمن ((2)).

ص: 91

قال : یعنی بالصبر علی أمر اللَّه ، والتراحم بین الخلق .وقد سئل رسول اللَّه صلی الله علیه و آله ما الإسلام ؟ فقال : الصبر والسماح . فقیل : ما الإیمان ؟ فقال : طیب الکلام وإطعام الطعام . وأطیب الکلام ذکر اللَّه تعالی ((1)) .

{أُوْلَئِکَ أَصْحَابُ الْمَیْمَنَةِ18 وَالَّذِینَ کَفَرُوا بِآیَاتِنَا هُمْ أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ19 عَلَیْهِمْ نَارٌ مُوصَدَةٌ20}, سورة البلد.

(أصحاب المیمنة) قال: أصحاب أمیر المؤمنین علیه السلام (والذین کفروا بآیاتنا) قال: الذین خالفوا أمیر المؤمنین علیه السلام (هم أصحاب المشئمة) وقال: المشئمة أعداء آل محمد علیهم السلام (علیهم نار مؤصدة) ای مطبقة .

وآیات الله فی القرآن کثیرة جدا , منها :

ذکرت کلمة الایام 365 مرة بعدد أیام السنة .

ذکر الیوم منفردا 30 مرة .

ذکر القمر 12 مرة .

ذکر الشهر 12 مرة بعدد الاشهر السنویة .

ذکر الایمان 25 مرة والکفر 25 مرة .

ذکرت الدنیا 115 والاخرة 115 مرة .

ذکر الرجال 24 مرة والنساء 24 مرة .

ذکرت الحیاة 145 مرة والموت 145 مرة .

ذکرت الحسنات 167 مرة والسیئات 167 مرة .

ذکرت السماوات 7 مرات . وطبقات السماوات سبعة .

ذکر العقاب 117 مرة والمغفرة 234 مرة .

ص: 92

والقرآن کله آیات الهیة تهدی الی الرشد والفلاح وقد قال الامام علی علیه السلام : کل شیء موجود فی القرآن بقوله تعالی: وَنَزَّلْنَا عَلَیْکَ الکِتَابَ تِبْیَاناً لِکُلِّ شَیْء_النحل

89. .

.

{یَا أیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا اتَّقُوا اللّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ یُؤْتِکُمْ کِفْلَیْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَیَجْعَلْ لَکُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ وَیَغْفِرْ لَکُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَحِیمٌ}28_سورة الحدید.

ونظر الامام علی علیه السلام الی نهر الفرات فقال: لو شئت لاتخذت من هذا النهر نورا یُستضاء به .

یعنی به الکهرباء فهو نعمة الهیة أوجدها تعالی للبشریة لارساء قواعد العلم والعمل والعبادة والصحة والعافیة والامان والرزق .

بسم الله الرحمن الرحیم

{وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا}1:والشمس: رسول الله صلی الله علیه و آله .

{وَالْقَمَرِ إِذَا تَلاهَا }2, سورة الشمس.القَمَرِ: أمیر المؤمنین إِذَا تَلاهَا 2.

{وَالنَّهَارِ إِذَا جَلاَّهَا}3, ذاک الامام القائم من ذریة فاطمة علیها السلام .

َعنْ أَبِی مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّه علیه السلام قَالَ سَأَلْتُه عَنْ قَوْلِ اللَّه عَزَّ وجَلَّ : ( والشَّمْسِ وضُحاها ) قَالَ الشَّمْسُ رَسُولُ اللَّه صلی الله علیه و آله بِه أَوْضَحَ اللَّه عَزَّ وجَلَّ لِلنَّاسِ دِینَهُمْ قَالَ قُلْتُ ( الْقَمَرِ إِذا تَلاها ) قَالَ ذَاکَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام تَلَا رَسُولَ اللَّه ص ونَفَثَه بِالْعِلْمِ نَفْثاً قَالَ قُلْتُ * ( واللَّیْلِ إِذا یَغْشاها ) قَالَ ذَاکَ أَئِمَّةُ الْجَوْرِ الَّذِینَ اسْتَبَدُّوا بِالأَمْرِ دُونَ آلِ الرَّسُولِ ص وجَلَسُوا مَجْلِساً کَانَ آلُ الرَّسُولِ أَوْلَی بِه مِنْهُمْ فَغَشُوا دِینَ اللَّه بِالظُّلْمِ والْجَوْرِ فَحَکَی اللَّه فِعْلَهُمْ فَقَالَ ( واللَّیْلِ إِذا یَغْشاها ) قَالَ قُلْتُ ( والنَّهارِ إِذا جَلَّاها ) قَالَ ذَلِکَ الإِمَامُ مِنْ ذُرِّیَّةِ فَاطِمَةَ علیها السلام یُسْأَلُ عَنْ دِینِ رَسُولِ اللَّه ص فَیُجَلِّیه لِمَنْ سَأَلَه فَحَکَی اللَّه عَزَّ وجَلَّ قَوْلَه فَقَالَ ( والنَّهارِ إِذا جَلَّاها ) ((1)) .

{وَاللَّیْلِ إِذَا یَغْشَاهَا4}: حبتر ((2)) ودولته وأئمة الجور الذین استبدوا بالأمر دون آل رسول.

عن الامام أبی عبد الله الصادق علیه السلام قال: سألته عن قول الله عز وجل والشمس وضحاها, قال: الشمس رسول الله صلی الله علیه و آله أوضح الله به للناس دینهم قلت: (والقمر إذا تلاها) قال ذلک أمیر المؤمنین علیه السلام قلت: (واللیل إذا یغشاها) قال: ذلک أئمة الجور الذین استبدوا بالامر دون آل

ص: 94

رسول الله صلی الله علیه و آله وجلسوا مجلسا کان آل رسول الله صلی الله علیه و آله أولی به منهم, فغشوا دین رسول الله صلی الله علیه و آله بالظلم والجور .

ابن عساکر: قال النبی صلی الله علیه و آله : اسمی فی القرآن (والشمس وضحاها) واسم علی بن ابی طالب (والقمر اذا تلاها), واسم الحسن والحسین (والنهار اذا جلاها) واسم بنی أمیة (واللیل اذا یغشاها) ((1)).

وورد الحدیث عن ابن عباس وعکرمة ومجاهد .

جاء فی الاستیعاب: وروی معمر, عن ابن طاووس, عن أبیه, عن المطلب ابن عبد الله بن خطب, قال: قال رسول الله صلی الله علیه و آله لوفد ثقیف حین جاؤوه: لتسلمن أو لابعث رجلا منی أو قال: مثل نفسی, فلیضربن أعناقکم, ولیسبین ذراریکم, ولیأخذن أموالکم . قال عمر: فوالله ما تمنیت الامارة إلا یومئذ, وجعلت أنصب له صدری رجاء أن یقول: هو هذا, قال: فالتفت إلی علی فأخذ بیده ثم قال: هو هذا ((2)).

ص: 95

{وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا5}, سورة الشمس.

أی والسماء ومن بناها . کما قال * ( وما خلق الذکر والأنثی ).

عن أبی عبد الله ( علیه السلام ) ، أنه قال : ( والشَّمْسِ وضُحاها ) : « الشمس : أمیر المؤمنین ( علیه السلام ) ، وضحاها : قیام القائم ( علیه السلام ) ، لأن الله سبحانه قال : وأَنْ یُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًی ) ( والْقَمَرِ إِذا تَلاها ) الحسن والحسین ( علیهما السلام ) ( والنَّهارِ إِذا جَلَّاها ) هو قیام القائم ( علیه السلام ) ( واللَّیْلِ إِذا یَغْشاها ) حبتر ودولته ، قد غشی علیه الحق » .

وأما قوله : ( والسَّماءِ وما بَناها ) ، قال : « هو محمد صلی الله علیه و آله ، هو السماء الذی یسمو إلیه الخلق فی العلم » وقوله : ( والأَرْضِ وما طَحاها ) ، قال

« الأرض : الشیعة » ( ونَفْسٍ وما سَوَّاها ) ، قال : « هو المؤمن المستور وهو علی الحق » وقوله : ( فَأَلْهَمَها فُجُورَها وتَقْواها ) ، قال : « عرفت الحق من الباطل ، فذلک قوله : ( ونَفْسٍ وما سَوَّاها ) ( قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَکَّاها ) ، قال : « قد أفلحت نفس زکاها الله ( وقَدْ خابَ مَنْ دَسَّاها ) الله » ((1)) .

{وَالاَْرْضِ وَمَا طَحَاهَا }6, سورة الشمس: وَالاَْرْضِ: الشیعة .وَمَا طَحَاهَا: بسطها لیمکن للبشر العمل والاستثمار والسیر والسکن فیها .

وعن أبی عبد الله جعفر الصادق علیه السلام أنه قال : (والشمس وضحاها) الشمس أمیر المؤمنین علیه السلام ، وضحاها قیام القائم علیه السلام (والقمر إذا تلاها) الحسن والحسین علیهما السلام (والنهار إذا جلاها) هو قیام القائم علیه السلام (واللیل إذا یغشاها) حبتر ودلام ، غشیا علیه الحق ، وأما قوله :

(والسماء وما بناها) قال : هو محمد صلی الله علیه و آله ، هو السماء الذی یسمو إلیه الخلق فی العلم ، وقوله تعالی : (والأرض وما طحاها) قال : الأرض الشیعة

ص: 96

(ونفس وما سواها) قال : هو المؤمن المستور وهو علی الحق ، وقوله تعالی : (فألهمها فجورها وتقواها) قال : معرفة الحق من الباطل (قد أفلح من زکاها) قال : قد أفلحت نفس زکاها الله عز وجل (وقد خاب من دساها) الله ، وقوله تعالی : (کذبت ثمود بطغواها) قال : ثمود رهط من الشیعة ، فإن الله سبحانه یقول : (وأما ثمود فهدیناهم فاستحبوا العمی علی الهدی فأخذتهم صاعقة العذاب الهون) فهو السیف إذا قام القائم علیه السلام : وقوله تعالی : (فقال لهم رسول الله) هو النبی صلی الله علیه و آله : (ناقة الله وسقیاها) قال : الناقة الامام الذی فهمهم عن الله (وسقیاها) أی عنده مستقی العلم (فکذبوه فعقروها فدمدم علیهم ربهم بذنبهم فسواها) قال : فی الرجعة (ولا یخاف عقباها) قال : لا یخاف من مثلها إذا رجع .

بیان : حبتر ودلام : أبو بکر وعمر کما سیأتی فی کتاب الفتن ، ولا استبعاد فی هذه التأویلات لبطن الآیات ، فإن القصص المذکورة فی الآیات إنما هی للتحذیر عن وقوع مثلها من الشرور((1)) .

{وَنَفْس وَمَا سَوَّاهَا7}, سورة الشمس.

وَنَفْس: خلقها وصورها ورتب لها عقلها وأعضاءها .

{فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا}8, سورة

الشمس.

وقوله: فألهمها فجورها وتقواها أی عرفها وألهمها ثم خیرها بعقلها وفطرتها فاختار تبعد ما عرفت الحق من الباطل .

وعن أبی عبد الله جعفر الصادق علیه السلام فی قول الله : " وما کان الله لیضل قوما بعد إذ هداهم حتی یبین لهم ما یتقون " ؟ قال : حتی یعرفهم ما یرضیه

ص: 97

وما یسخطه ، وقال : " فألهمها فجورها وتقواها " ؟ قال : بین لها ما تأتی وما تترک ، وقال : " إنا هدیناه السبیل إما شاکرا وإما کفورا " ؟ قال : عرفناه فاما آخذ ، وإما تارک ، وسألته عن قول الله : " یحول بین المرء وقلبه " قال : یشتهی سمعه ، وبصره ، ولسانه ، ویده ، وقلبه ، أما انه هو غشی شیئا مما یشتهی فإنه لا یأتیه إلا وقلبه منکر ، لا یقبل الذی یأتی ، یعرف أن الحق غیره ، وعن قوله تعالی : " فأما ثمود فهدیناهم فاستحبوا العمی علی الهدی " ، قال : نهاهم عن قتلهم ، فاستحبوا العمی علی الهدی وهم یعرفون ((1)).

عنه ، عن الحسن بن علی بن فضال ، عن عبد الله بن بکیر ، عن زرارة بن أعین ، قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن قول الله : " إنا هدیناه السبیل إما شاکرا وإما کفورا " ؟ قال : علم السبیل ، فاما آخذ ، فهو شاکر ، وإما تارک ، فهو کافر ((2)).

عنه ، عن یعقوب بن یزید ، عن رجل ، عن الحکم بن مسکین ، عن أیوب بن الحر بیاع الهروی ، قال : قال لی أبو عبد الله جعفر الصادق علیه السلام : یا أیوب ما من أحد إلا وقد برز علیه الحق ، حتی یصدع ، قبله ، أم ترکه ، وذلک أن الله یقول فی کتابه : " بل نقذف بالحق علی الباطل فیدمغه فإذا هو زاهق ، ولکم الویل مما تصفون " ((3)).

ص: 98

وعَنْ أبی عبد الله جعفر الصادق علیه السلام فِی قَوْلِ اللَّه عَزَّ وجَلَّ : (وما کانَ الله لِیُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَداهُمْ حَتَّی یُبَیِّنَ لَهُمْ ما یَتَّقُونَ) قَالَ حَتَّی یُعَرِّفَهُمْ مَا یُرْضِیه ومَا یُسْخِطُه وقَالَ (فَأَلْهَمَها فُجُورَها وتَقْواها) قَالَ بَیَّنَ لَهَا مَا تَأْتِی ومَا تَتْرُکُ وقَالَ (إِنَّا هَدَیْناه السَّبِیلَ إِمَّا شاکِراً وإِمَّا کَفُوراً) قَالَ عَرَّفْنَاه إِمَّا آخِذٌ وإِمَّا تَارِکٌ وعَنْ قَوْلِه (وأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَیْناهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمی عَلَی الْهُدی) قَالَ عَرَّفْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَی عَلَی الْهُدَی وهُمْ یَعْرِفُونَ وفِی رِوَایَةٍ بَیَّنَّا لَهُمْ((1)).

وقوله : " وما کنا معذبین حتی نبعث رسولا " . وقوله تعالی : " رسلا مبشرین ومنذرین ". فالاختبار من الله بالاستطاعة التی ملکها عبده وهو القول بین الجبر والتفویض . وبهذا نطق القرآن وجرت الاخبار عن الأئمة من آل الرسول صلی الله علیه و آله . فإن قالوا : ما الحجة فی قول الله : " یهدی من یشاء ویضل من یشاء " وما أشبهها ؟ قیل : مجاز هذه الآیات کلها علی معنیین : أما أحدهما فإخبار عن قدرته أی إنه قادر علی هدایة من یشاء وضلال من یشاء وإذا أجبرهم بقدرته علی أحدهما لم یجب لهم ثواب ولا علیهم عقاب ، والمعنی الآخر أن الهدایة منه تعریفه کقوله : " وأما ثمود فهدیناهم " أی عرفناهم " فاستحبوا العمی علی الهدی " فلو أجبرهم علی الهدی لم یقدروا أن یضلوا ، ولیس کلما وردت آیة مشتبهة کانت الآیة حجة علی محکم الآیات اللواتی أمرنا بالأخذ بها ، من ذلک قوله : " منه آیات محکمات هن أم الکتاب واخر متشابهات فأما الذین فی قلوبهم زیغ فیتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأویله وما یعلم , الآیة

.

ص: 99

وقال : " فبشر عباد الذین یستمعون القول فیتبعون أحسنه " أی أحکمه وأشرحه " أولئک الذین هداهم الله وأولئک هم أولوا الألباب ((1)) .

وهذا النص القرآنی الالهی فی هذه الایة یکذب دعوی الاشاعرة والوهابیة بأن الخالق تعالی یجبر العبد علی الاعمال الفاسدة ولا خیار له فیما کتبه تعالی علیه فی اللوح المحفوظ فهو مجبر .

وإبلیس کان من الأشاعرة الجبریین اذ نسب الی الله تعالی إجباره علی النزول الی لعنته , فی حین خیَّره تعالی بین السجود والعصیان , فاختار العصیان بمحض ارادته , ثم عاد إبلیس ونفی الجبر عن الباری سبحانه بقوله لاقعدن لهم صراطک المستقیم لابعادهم عن طاعة الله الی عصیانه , مبیناً أنَّ العصیان لیس من الله .

{قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَکَّاهَا}9, سورة

الشمس: جواب القسم واللام مقدرة ، وتقدیره لقد أفلح من زکاها أی من زکی نفسه بالصدقة .

و قال أمیر المؤمنین علیه السلام : زکاه ربه وافلح کل من زکی نفسه ((2)).

واذا قرأ النبی هذه الایة وقف ثم قال: اللهم آت نفسی تقواها, أنت ولیها ومولاها, وزکها وأنت خیر من زکاها .

وجاءت الروایة مستفیضة بأن المعنی بهذه الآیة أمیر المؤمنین ( علیه السلام ) ولا خلاف فی أنه عتق من کد یده جماعة لا یحصون کثرة ، وأوقف أراض کثیرة استخرجها وأحیاها بعد موتها ((3)).

ص: 100

{وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا10}, سورة الشمس: قال: هو الأول والثانی فی بیعتهما ایاه ((1)) ثم نقضهما للبیعة . وقد خاب کل من دسی نفسه .

])قد أفلح من زکاها) یعنی نفسه طهرها (وقد خاب من دساها) أی أغواها ((2)) . وقال : حدثنا محمد بن القاسم بن عبید الله قال : حدثنا الحسن بن جعفر قال حدثنا عثمان بن عبد الله قال : حدثنا عبد الله بن عبید الفارسی قال : حدثنا محمد ابن علی عن أبی عبد الله جعفر الصادق علیه السلام فی قوله : (قد أفلح من زکاها) قال أمیر المؤمنین علیه السلام زکاه ربه (وقد خاب من دساها) قال هو زریق وحبتر فی بیعتهما إیاه حیث مسحا علی کفه ((3)) فی الغدیر ثم نکثا بیعتهما وطالباه بالبیعة لابی بکر بعد السقیفة .

عن سدیر قال : کنا عند أبی جعفر ( علیه السلام ) فذکرنا ما أحدث الناس بعد نبیهم ( صلی الله علیه وآله ) واستذلالهم أمیر المؤمنین ( علیه السلام ) فقال رجل من القوم : أصلحک الله فأین کان عز بنی هاشم وما کانوا فیه من العدد ؟

ص: 101

فقال أبو جعفر ( علیه السلام ) : ومن کان بقی من بنی هاشم إنما کان جعفر وحمزة فمضیا وبقی معه رجلان ضعیفان ذلیلان حدیثا عهد بالاسلام :عباس وعقیل وکانا من الطلقاء أما والله لو أن حمزة وجعفرا کانا حضرتهما ما وصلا إلی ما وصلا إلیه ولو کانا شاهدیهما لأتلفا نفسیهما ((1)) .

{کَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا11}, سورة

الشمس: الطغیان حملها علی التکذیب

وقال الامام الصادق علیه السلام : ثمود رهط من الشیعة (غیر الامامیة), قال الله تعالی: (وأما ثمود فهدیناهم فاستحبوا العمی علی الهدی فاخذتهم صاعقة العذاب الهون) ((2)) . فهو السیف اذا قام القائم علیه السلام .

وقال نجاح الطائی: الطغیان یحصل للانسان عند السلطة والمال والجاه وکثرة الاولاد والارحام فتراه قد تحول الی طاغیة یکفر ویقتل الاخرین ویمنع القوت الیومی عنهم وینفیهم عن بلدانهم ویسجن المعارضین .

ومن هؤلاء الطغاة معاویة ویزید وهارون العباسی والمتوکل والفقیه نوح الحنفی العثمانی الذی افتی بقتل الشیعة طاعة للسلطان العثمانی الطاغیة سلیم الاول .

{إِذْ انْبَعَثَ أَشْقَاهَا }12, سورة الشمس: عاقر الناقة وهو أشقی ثمود ، وهو قدار بن سالف ,الذی قتل ناقة صالح فنزلت العقوبة الالهیة علیهم .

وفی المجمع عن النبی ( صلی الله علیه و آله ) قال لعلی بن أبی طالب ( علیه السلام ) من أشقی الأولین قال علیه السلام :عاقر الناقة قال صدقت فمن أشقی الآخرین قال علیه السلام : لا اعلم یا رسول قال الذی یضربک علی هذه وأشار إلی یافوخه .

ص: 102

{فَقَالَ لَهُمْ رسول الله نَاقَةَ اللّهِ وَسُقْیَاهَا}13, سورة الشمس.

قال النبی صالح علیه السلام لهم: احذروا ناقة الله, فلا تعقروها, عن الکلبی ومقاتل ((1)). کما یقال الأسد الأسد أی احذروه . (وسقیاها) أی وشربها من الماء .

{فَکَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا فَدَمْدَمَ عَلَیْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاهَا14 وَلا یَخَافُ عُقْبَاهَا}15, سورة الشمس.قال علی بن إبراهیم فی قوله: (کذبت ثمود بطغواها إذ انبعث أشقاها) قال: الذی عقر الناقة قوله: (فدمدم علیهم ربهم بذنبهم ).قال: أخذهم بغتة وغفلة باللیل (ولا یخاف عقباها) قال: من بعد هؤلاء الذین أهلکناهم لا یخافون ((2)) .

وقال رسول الله صلی الله علیه و آله : إن أعلی منازل الایمان درجة واحدة من بلغ إلیها فقد فاز وظفر ، وهو ان ینتهی بسریرته فی الصلاح إلی أن لا یبالی بها إذا ظهرت ، ولا یخاف عقباها إذا استترت((3)) .

وقال صلی الله علیه و آله وقد سئل فیما النجاة ؟ قال : ان لا یعمل العبد بطاعة الله یرید بها الناس . وعنه علیه السلام : ان الله لا یقبل عملا فیه مثقال ذرة من ریاء((4)) .

وجاء: أی لا یخاف الله من أحد تبعة فی إهلاکهم ، عن ابن عباس والحسن (البصری) وقتادة ومجاهد والجبائی والمعنی : لا یخاف أن یتعقب علیه فی شئ من فعله ، فلا یخاف عقبی ما فعل بهم ، من الدمدمة علیهم ، لأن أحدا لا یقدر علی معارضته ، والانتقام منه . وهذا کقوله : (لا یسأل

ص: 103

عما یفعل) وقیل : معناه لا یخاف الذی عقرها عقباها ، عن الضحاک والسدی والکلبی . أی لا یخاف عقبی ما صنع بها ، لأنه کان مکذبا بصالح

وقیل : معناه ولا یخاف صالح عاقبة ما خوفهم به من العقوبات ، لأنه کان علی ثقة من نجاته ((1)) .

وقال نجاح الطائی : إن الله تعالی خالق الکون لا یخاف ما تؤول الیه الامور بعد افنائه لقوم صالح الکافرین العاصین .

مثل قوله سبحانه :{لا یُسْألُ عَمَّا یَفْعَلُ وَهُمْ یُسْألُونَ}23_الانبیاء.

بینما یخاف السلاطین من ردة فعل الامم والشعوب .

لعبدی وأجزتها له انطلقوا به إلی جنانی حتی یتخیر منها حیث ما أحب فاعطوه إیاها من غیر من ولکن رحمة منی وفضلا علیه وهنیئا لعبدی ((1)) .

بسم الله الرحمن الرحیم

{وَاللَّیْلِ إِذَا یَغْشَی}1 : قال الامام الباقر علیه السلام : اللیل فی هذا الموضع الثانی, یغشی أمیر المؤمنین فی دولته التی جرت علیه((2)) .

علی بن إبراهیم ، عن أبیه ، عن ابن أبی عمیر ، عن حماد ، عن محمد بن مسلم قال : قلت لأبی جعفر الامام الباقر علیه السلام : قول الله عز وجل " واللیل إذا یغشی " والنجم إذا هوی " وما أشبه ذلک ، فقال : إن لله عز وجل أن یقسم من خلقه بما شاء ولیس لخلقه أن یقسموا إلا به ((3)) .

للَّه أن یقسم بما شاء من خلقه ولیس لخلقه أن یقسموا إلَّا به وجواب القسم محذوف والتقدیر « لتبعثنّ » لدلالة ما بعده علیه من ذکر الاخرة

.

{وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّی}2, سورة اللیل: النهار: القائم علیه السلام من أهل البیت, اذا قام غلبت دولته الباطل . والقرآن ضرب فیه الامثال للناس ((4)) .

ص: 105

قالوا للصادق علیه السلام ، أن فلانا یوالیکم ، إلا أنه یضعف عن البراءة من عدوکم، قال هیهات، کذب من ادعی محبتنا ولم یتبرأ من عدونا((1)).

وروی عن الرضا علیه السلام أنه قال ، کمال الدین ولایتنا والبراءة من عدونا ((2)) .ثم قال الصفوانی واعلم یا بنی ، أنه لا تتم الولایة ، ولا تخلص المحبة ، وتثبت المودة ، لآل محمد صلی الله علیه و آله إلا بالبراءة من عدوهم ، قریبا کان منک أو بعیدا ، فلا تأخذک به رأفة ، فإن الله عز وجل یقول{ لا تجد قوما یؤمنون بالله والیوم الآخر یوادون من حاد الله ورسوله ولو کانوا آبائهم أو أبنائهم أو إخوانهم أو عشیرتهم } ((3)) .

{وَمَا خَلَقَ الذَّکَرَ وَالاُْنْثَی}3, سورة اللیل.

تفسیر فرات بن إبراهیم : معنعنا عن علی بن الحسین علیهما السلام قال : کان رجل مؤمن علی عهد النبی صلی الله علیه و آله ، فی داره حدیقة ، وله جار له صبیة ، فکان یتساقط الرطب من النخلة فینشدون صبیته یأکلونه ، فیأتی الموسر (الانصاری) فیخرج الرطب من جوف أفواه الصبیة ، وشکا الرجل ذلک إلی النبی صلی الله علیه و آله ، فأقبل وحده إلی الرجل فقال : بعنی حدیقتک هذه بحدیقة فی الجنة ، فقال له الموسر : لا أبیعک عاجلا بآجل ! فبکی النبی صلی الله علیه و آله و رجع نحو المسجد ، فلقیه أمیر المؤمنین علی بن أبی طالب علیه السلام فقال [ له ] : یا رسول الله ما یبکیک لا أبکی الله عینیک ؟ فأخبره خبر

ص: 106

الرجل الضعیف والحدیقة ، فأقبل أمیر المؤمنین علیه السلام حتی استخرجه من منزله وقال له : بعنی دارک ، قال الموسر : بحائطک الحسنی ، فصفق علی یده ودار إلی الضعیف فقال له : تحول إلی دارک فقد ملَّکها الله رب العالمین لک ، وأقبل أمیر المؤمنین علیه السلام ونزل جبرئیل علی النبی صلی الله علیه و آله فقال له : یا محمد اقرأ " واللیل إذا یغشی والنهار إذا تجلی وما خلق الذکر والأنثی " إلی آخر السورة ، فقام النبی صلی الله علیه و آله وقبل بین عینیه ، ثم قال : بأبی أنت قد أنزل الله فیک هذه السورة الکاملة((1)) .

{إِنَّ سَعْیَکُمْ لَشَتَّی}4, سورة اللیل: جواب القسم : وتعنی ان مساعیکم مختلفة . منکم من یسعی فی الخیر و منکم من یسعی فی الشر , الباقر علیه السلام فی قوله : (وما خلق الذکر والأنثی) فالذکر أمیر المؤمنین والأنثی فاطمة . (ان سعیکم لشتی) لمختلف ، (فاما من أعطی واتقی وصدق بالحسنی) بقوته ، (وصام حتی وفی) بنذره وتصدق بخاتمه وهو راکع ، وآثر المقداد بالدینار علی نفسه قال : (وصدق بالحسنی) وهی الجنة ، والثواب من الله ، (فسنیسره لذلک ، وجعله إماما فی الخیر ، وقدوة وأبا للأئمة ، یسره الله للیسری ((2)) .

وقد رأی المسلمون کیف ترک الصحابة مراسم دفن رسول الله وذهبوا الی سقیفة بنی ساعدة لاستغلال انشغال الامام علی علیه السلام والمؤمنین بمراسم الدفن لاغتصاب الخلافة الالهیة !!! ثم هجموا علی دار فاطمة بنت محمد صلی الله علیه و آله بالنار والحطب لاجبارها وزوجها علی بیعة ابی بکر .

ص: 107

{فَأَمَّا مَنْ أَعْطَی وَاتَّقَی}5, سورة اللیل.

{فَأَمَّا مَنْ أَعْطَی}الخمس {وَاتَّقَی}5: الطواغیت وأعمال الحرام .

{وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَی6}. الولایة, أعطی نفسه الحق واتقی الباطل .

{فَسَنُیَسِّرُهُ لِلْیُسْرَی}7 ., سورة اللیل. الجنة .

{وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَی 8}سورة اللیل. (وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ ): بالولایة (وَاسْتَغْنَی 8) بنفسه عن الحق, واستغنی بالباطل عن الحق ((1)).

{وَکَذَّبَ بِالْحُسْنَی 9}. بولایة علی بن ابی طالب والأئمة .

{فَسَنُیَسِّرُهُ لِلْعُسْرَی10}: النار .

عن أبی جعفر علیه السلام فی قول الله یا أهل الکتاب لستم علی شئ حتی تقیموا التوریة والإنجیل واما انزل إلیکم من ربکم قال هی الولایة وهو فی قول الله تعالی یا أیها الرسول بلغ ما انزل إلیک من ربک وان لم تفعل فما بلغت رسالته

قال هی الولایة ((2)).

{وَمَا یُغْنِی عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّی}سورة اللیل.11: تعنی اذا مات وقبر .

قال الصادق علیه السلام : ما یغنی عنه علمه إذا مات . وفی قوله : (وسیجنبها الأتقی الذی یؤتی ماله یتزکی) قال : المؤمن الذی یعطی العلم أهله((3)) .

ص: 108

الکافی : عن عبد الأعلی مولی آل سام قال : قلت لأبی عبد الله جعفر الصادق ( علیه السلام ) : إن الناس یرون أن لک مالا کثیرا ، فقال : ما یسوؤنی ذاک ، إن أمیر المؤمنین ( علیه السلام ) مر ذات یوم علی ناس شتی من قریش وعلیه قمیص مخرق ، فقالوا : أصبح علی علیه السلام لا مال له_ الخ . وحاصله أنه سمع أمیر المؤمنین ( علیه السلام ) کلامهم ، فأمر الذی یلی صدقته أن یجمع تمره ولا یبعث إلی إنسان شیئا ویبیعه بدراهم ویجعلها حیث یجعل التمر ، ثم بعث إلی رجل رجل منهم یدعوه ثم دعا بالتمر ، فلما صعد ینزل بالتمر ضرب برجله فانتثرت الدراهم ، فقالوا : ما هذا یا أبا الحسن . فقال : هذا مال من لا مال له ، ثم أمر بذلک المال ، فقال : انظروا أهل کل بیت کنت أبعثه إلیهم فانظروا ماله وابعثوا إلیه ((1)) .

وقال الشیخ المفید فی ذیل قوله تعالی : (الذین ینفقون أموالهم باللیل والنهار سرا وعلانیة)_ الآیة : جاءت الروایة مستفیضة بأن المعنی بهذه الآیة أمیر المؤمنین ( علیه السلام ) ولا خلاف فی أنه عتق من کد یده جماعة لا یحصون کثرة ، وأوقف أراض کثیرة استخرجها وأحیاها بعد موتها ((2)) .

والروایات فی کثرة مال موسی بن جعفر ( علیه السلام ) کان یصل بالمائتی دینار إلی الثلاثمائة ، وکانت صرار موسی مثلا . وکان إذا بلغه عن رجل ما یکره بعث إلیه بصرة دنانیر ، وکان یتفقد فقراء المدینة ویحمل إلیهم فی اللیل بالأموال ، وأولم علی بعض ولده فأطعم أهل المدینة ثلاثة أیام

ص: 109

الفالوذجات فی الجفان فی المساجد والأزقة ، ورأی علی جواریه الوشی((1)).

{إِنَّ عَلَیْنَا لَلْهُدَی}12, سورة اللیل:قال الإمام الصادق فی قراءة الآیة :

{إِنَّ عَلَیْنَا لَلْهُدَی}سورة اللیل 12 والقراءة الثانیة : {إنَّ علیاً للهدی}.

لقد أید الامام جعفر الصادق علیه السلام القراءة الثانیة وقد أمرنا الله تعالی فی کتابه الکریم أن نأخذ قراءة القرآن وتفسیره من أهل البیت ونرفض القراءة الواردة الینا من أعدائهم .

وقال الامام الصادق علیه السلام : عن قوله تعالی: {انَّ علیا للهدی}یعنی أن علیا هو الهدی ((2)) .

وتری هنا ما جاء فی حق الصراط المستقیم محمد وآل محمد صلی الله علیه و آله .

یعنی أنَّ علیاً هو الهدی .

وقال الامام الصادق علیه السلام فی قراءتها: {إنَّ علیاً للهدی}, وانَّ له الآخرة والأولی وذلک حین سئل عن القرآن قال: فیه الأعاجیب, فیه: وکفی الله

ص: 110

المؤمنین القتال بعلی علیه السلام , وفیه: إنَّ علیاً للهدی, وانَّ له للآخرة والاولی ((1)) .

وقرأ الامام الصادق علیه السلام : واللیل اذا یغشی, والنهار اذا تجلی, الله خالق الزوجین الذکر والأنثی, ولعلی الآخرة والأولی ((2)) .

وقد جوَّز علماء العامة سبعة قراءات للقرآن الکریم :

البغوی وابن عساکر والهیتمی: قال عبدالله بن مسعود الصحابی: « إنَّ القرآن نزل علی سبعة أحرف ما منها حرف إلاّ وله ظهر وبطن وإن الإمام علی بن أبی طالب ( علیه السلام )عنده علم الظاهر والباطن ((3)).

وقال رسول الله صلی الله علیه و آله : اقرأ یا هشام فقرأ فقال : هکذا أنزلت ثم قال لی اقرأ یا عمر فقرأت فقال : هکذا أنزلت إن القرآن أنزل علی سبعة أحرف فاقرؤوا ما تیسر منه ((4)) .

ص: 111

وروی علی بن إبراهیم ، عن أبیه ، عن ابن أبی عمیر ، عن عمر بن أذینة ، عن الفضیل بن یسار قال : قلت لأبی عبد الله جعفر الصادق ( علیه السلام ) : إن الناس یقولون : إن القرآن نزل علی سبعة أحرف ، فقال : کذبوا أعداء الله ولکنه نزل علی حرف واحد من عند الواحد ((1)) .

{وَإِنَّ لَنَا لَلْ آخِرَةَ وَالاُْولَی}13, سورة اللیل: (وَإِنَّ لَنَا لَلاْخِرَةَ وَالاُْولَی) أی : ثَوابَ الدَّارَیْنِ للمُهْتَدی ، کقَولِهِ : (وَءَاتَیْنَاهُ أَجْرَهُ فِی الْدُّنْیَا وإِنَّهُ فِی الاْخِرَةِ لَمِنَ الْصَّلِحِینَ )((2)) .

ویجازی الکافر فی الدنیا والاخرة بما أذنب وظلم العباد.

وعن أبی عبد الله جعفر الصادق ( علیه السلام ) ، قال : « نزلت هذه الآیة هکذا والله : [ الله ] خالق الزوجین الذکر والأنثی ، ولعلی الآخرة والأولی ((3)) .

{فَأَنْذَرْتُکُمْ نَاراً تَلَظَّی14 لا یَصْلاهَا إِلا الاَْشْقَی15}, سورة اللیل.

: أی تلتهب علیهم فتحرقهم فتصلی الاشقیاء الاشرار من الوهابیین وعموم الخوارج والکفار والمنافقین .

وعن الامام أبی عبد الله الصادق علیه السلام فی قوله (فأنذرتکم نارا تلظی لا یصلاها إلا الأشقی الذی کذب وتولی) قال: فی جهنم واد فیه نار لا

ص: 112

یصلاها إلا الأشقی (ابو بکر) الذی کذب رسول الله صلی الله علیه و آله فی علی علیه السلام وتولی عن ولایته ثم قال علیه السلام : النیران بعضها دون بعض فما کان من نار هذا الوادی فللنصاب وقال: هو القائم اذا قام بالغضب ((1)) .

تفسیر فرات: {فأنذرتکم نارا تلظی}القائم علیه السلام إذا قام بالغضب فقتل من کل ألف تسعمائة وتسعة وتسعین ((2)) .

وجاء: {لا یَصْلاهَا إِلا الاَْشْقَی15}: عدو آل محمد .هؤلاء سوف تنزل علیهم النقمة فی الدنیا والاخرة .

المفید: یرید بالصلی هاهنا الخلود فیها ، قال تعالی : إِنَّ الَّذِینَ کَفَرُوا بِآیاتِنا سَوْفَ نُصْلِیهِمْ ناراً ((3)) ، وقال تعالی : إِنَّ الَّذِینَ کَفَرُوا لَوْ أَنَّ لَهُمْ ما فِی الأَرْضِ جَمِیعاً ومِثْلَه مَعَه لِیَفْتَدُوا بِه مِنْ عَذابِ یَوْمِ الْقِیامَةِ ما تُقُبِّلَ مِنْهُمْ ((4)) ، وکلّ آیة تتضمّن ذکر الخلود فی النار ، فإنّما هی فی الکفّار دون أهل المعرفة باللَّه تعالی بدلائل العقول والکتاب المسطور ، والخبر الظاهر المشهور ، والإجماع والرأی السابق لأهل البدع من أصحاب الوعید ((5)) .

{الَّذِی کَذَّبَ وَتَوَلَّی}16, سورة اللیل.

ص: 113

الذی کذب رسول الله صلی الله علیه و آله فی علی علیه السلام وتولی عن ولایته ثم قال علیه السلام : النیران بعضها دون بعض فما کان من نار هذا الوادی فللنصاب((1)) .

رغم الانذار الالهی للنصاب بوجوب الابتعاد عن نصب العداء لاهل البیت وشیعتهم ووجوب الابتعاد عن المحرمات نراهم لا ینفکون عما نهوا عنه . وان هؤلاء النصاب من الخوارج دیدنهم خیانة الوطن والامة والعمالة للنصاری والیهود وفعل الزنا واللواط والتجسس والکذب والافتراء وقتل الابریاء وهدم دورهم واحراق مزارعهم ومؤسساتهم العلمیة والصحیة والخدمیة العامة .

{وَسَیُجَنَّبُهَا الاَْتْقَی 17}, سورة اللیل. أمیر المؤمنین وشیعته ((2)) .

معناه سیبعد من هذه النار من کان اتقی الله باجتناب معاصیه (الذی یؤتی ماله) أی یعطی ماله (یتزکی) یطلب بذلک طهارة نفسه .

وروی العیاشی ذلک بإسناده عن سعد الإسکاف ، عن أبی جعفر علیه السلام قال : فأما من أعطی مما آتاه الله ، واتقی ، وصدق بالحسنی أی بأن الله یعطی بالواحد عشرا إلی کثیر من ذلک . وفی روایة أخری إلی مائة ألف ، فما زاد . فسنیسره للیسری . قال : لا یرید شیئا من الخیر إلا یسره الله له .

والتقی : الوجل و الخائف ، قال تعالی: (أعوذ بالرحمن منک إن کنت تقیا) ((3)) وتعنی شخصا تقیا یخاف الخالق تعالی .

ص: 114

:(فکیف تتقون إن کفرتم) ((1)) أی کیف یکون بینکم وبین العقاب وقایة إذا جحدتم ، وقوله تعالی : (فإنها من تقوی القلوب) ((2)) .وقال تعالی: (لمسجد أسس علی التقوی )((3)) مسجد قبا أسسه رسول الله صلی الله علیه و آله .

قال ابن الجوزی الناصبی :أجمعوا علی أنها نزلت فی أبی بکر ففیها التصریح بأنه أتقی من سائر الأمة والأتقی هو الأکرم عند الله لقوله تعالی " إن أکرمکم عند الله أتقاکم " والأکرم عند الله هو الأفضل فنتج أنه أفضل من بقیة الأمة ولا یمکن حملها علی علی علیه السلام خلافا لما افتراه بعض الجهلة لأن قوله تعالی وما لأحد عنده من نعمة تجزی یصرفه عن حمله علی علی علیه السلام لأن النبی صلی الله علیه و آله رباه فله علیه نعمة أی نعمة تجزی فإذا خرج علی تعین أبی بکر للإجماع علی أن ذلک الأتقی هو أحدهما وأخرج ابن حاتم والطبرانی أن أبا بکر أعتق سبعة کلهم یعذب فی الله فأنزل الله قوله وسیجنبها الأتقی الذی ، إلی آخر السورة . انتهی .

أقول : فیه نظر من وجوه أما أولا فلأنا لا نسلم صحة الروایة فی شأن أبی بکر فضلا عن الإجماع علیه والسند ما ذکره بعضهم أنها نزلت فی حق أبی الدحداح وقد روی هذا أبو الحسن علی بن أحمد الواحدی فی تفسیره الموسوم بأسباب النزول بإسناده المرفوع إلی عکرمة وابن عباس أن رجلا فی عهد رسول الله صلی الله علیه و آله کانت له نخلة فرعها فی دار رجل فقیر وصاحب

ص: 115

النخلة یصعد لیأخذ منها التمر فربما سقطت تمرة فیأخذها صبیان الفقیر فینزل الرجل من نخلته حتی یأخذ التمر من أیدیهم فإن وجدها فی فی أحدهم أدخل إصبعه فی فیه فشکا الفقیر إلی النبی صلی الله علیه و آله مما یلقی من صاحب النخلة فقال النبی صلی الله علیه و آله اذهب . ولقی النبی صلی الله علیه و آله صاحب النخلة وقال اعطنی نخلتک المائلة التی فرعها فی دار فلان ولک بها نخلة فی الجنة فقال الرجل للنبی صلی الله علیه و آله أن لی نخلا کثیرا وما فیها نخلة أعجب إلی تمرة فکیف أعطیک ثم ذهب الرجل فی شغله فقال رجل کان یسمع کلام النبی صلی الله علیه و آله أتعطینی ما أعطیت أعنی النخلة التی فی الجنة إن أنا أخذتها فقال : النبی صلی الله علیه و آله نعم فذهب الرجل ولقی صاحب النخلة فساومها منه فقال تعرف أن محمدا أعطانی نخلة فی الجنة فقلت له یعجبنی تمرها وأن لی نخلا کثیرا وما فیه کله نخلة أعجب إلی تمرا منها ؟ فقال الرجل لصاحب النخلة أترید بیعها ؟

قال لا إلا أن أعطی ما لا أظنه أعطی قال فما مناک ؟ أربعون نخلة فقال الرجل لصاحب النخلة لقد جئت بعظیم ؟ تطلب بنخلتک المائلة أربعین نخلة ؟ ثم قال الرجل أنا أعطیک أربعین نخلة فقال صاحب النخلة إشهد لی إن کنت صادقا فمر الرجل علی أناس ودعاهم وأشهد لصاحب النخلة ثم ذهب إلی النبی صلی الله علیه و آله وقال یا رسول الله صلی الله علیه و آله إن النخلة صارت فی ملکی فهی لک فذهب رسول الله صلی الله علیه و آله إلی الفقیر وقال له : النخلة لک ولعیالک فأنزل الله تعالی " واللیل إذا یغشی " السورة وعن عطاء أنه قال اسم الرجل أبو الدحداح فأما من أعطی واتقی هو أبو الدحداح وأما من بخل واستغنی صاحب النخلة وهو سمرة حبیب وقوله تعالی " لا یصلیها إلا الأشقی ، الذی کذب وتولی " المراد به صاحب النخلة وقوله تعالی " سیجنبها الأتقی " هو أبو الدحداح ولا یخفی أن مع وجود هذه الروایة ادعاء نزوله

ص: 116

فی أبی بکر ثم حصر نزوله فیه یکون باطلا مع لا یخفی من شدة ارتباط هذه الروایة لمتن الآیة بخلاف ما روی أنه نزل فی شأن أبی بکر حین اشتری جماعة یؤذیهم المشرکون فأعتقهم فی الله تعالی إذ لا یقال لمن یؤذی عبده أنه بخیل ولا أنه کذب وتولی فتدبر .

وأما ثانیا فلأنه یرد علی استدلالهم بهذه الآیة ما أورده کثیر منهم کصاحب المواقف وغیره علی استدلالنا بحدیث الطیر حیث قالوا إنه لا یدل علی أن علیا علیه السلام أحب الخلق مطلقا بل یمکن أن یکون أحب الخلق بالنظر إلی شئ إذ یصح الاستفسار بأن یقال أحب خلقک فی کل شئ أو فی بعض الأشیاء علی غیره الزیادة لا فی کل شئ بل جاز أن یکون غیره أزید ثوابا منه فی شئ آخر وذلک أن للمعارض أن یقول : إن هذه الآیة لا تدل علی أن أبا بکر أتقی الخلق مطلقا لجواز التردید والاستفسار بأنه أتقی الکل أو البعض ومن کل وجه أو من بعض الوجوه کما ذکرتم فی حدیث الطیر حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة .

وأما ثالثا فلأنا لا نسلم أن معنی قوله تعالی " إن أکرمکم عند الله أتقیکم "ما فهمه بل المراد به کما صرحه به بعض المفسرین " إن أکرمکم عند الله أعملکم بالتقیة " وأما رابعا فلأنه إن أرید بالأتقی من کان أتقی من جمیع المؤمنین عند نزول الآیة فینحصر فی النبی صلی الله علیه و آله وإن ارتکب التخصیص وإن أرید به کان أتقی من بعض المؤمنین فلا یلزم منه أفضلیة أبی بکر وأکرمیته مطلقا فضلا عن علی علیه السلام لوجهین الأول إنا لا نسلم حینئذ أن علیا علیه السلام داخل فی ذلک البعض حتی یکون أبو بکر منه الثانی إن الأکرم عند الله هو الذی یکون أتقی جمیع المؤمنین کما قال الله تعالی إن

ص: 117

أکرمکم عند الله أتقیکم لا الأتقی من بعض المؤمنین وبالجملة إذا تطرق التخصیص فی الأتقی سقط الاستدلال بظاهر المقال .

وأما خامسا فلأنا لا نسلم روایة الشیعة ذلک فی شأن علی علیه السلام بل إنما ذکروا ذلک علی سبیل الاحتمال فی مقام البحث والجدال ولهذا لا یوجد فی تفاسیرهم المتداولة عن هذه الروایة عین ولا أثر وإنما احتملوا ذلک لمناسبة قوله تعالی " ویؤتون الزکاة وهم راکعون " فی حق علی علیه السلام اتفاقا لقوله تعالی ههنا " الأتقی الذی یؤتی ماله یتزکی " ومناسبة ما ورد فی حقه علیه السلام أیضا من قوله " ویطعمون الطعام علی حبه مسکینا ویتیما وأسیرا ، إنما نطعمکم لوجه الله لا نرید منکم جزاء ولا شکورا " لقوله " وما لأحد عنده من نعمة تجزی إلا ابتغاء وجه ربه الأعلی " وأما سادسا فلأنه إن کان المراد بقوله تعالی " وما لأحد عنده من نعمة تجزی " أن لا یکون عنده نعمة یکافئ علیها أعم من یکون ذلک الأحد من الذین آتاهم شیئا أم لا فلا نسلم أن أبا بکر کان بهذه المثابة إذ الظاهر أنه لا یوجد شخص لا یکون لأحد فی حقه حق نعمة من طعام أو شراب ونحوهما مع أن النبی صلی الله علیه و آله لم یسلم من ذلک لکونه فی حجر تربیة عمه أبی طالب علیه السلام ومع أن النبی صلی الله علیه و آله کان یحرض أصحابه علی التحبب والاتحاد وأکل بعضهم من بیوت بعض والقول بأن مثل ذلک لیس نعمة تجزی مکابرة ظاهرة وغایة الأمر أن یکون جزاءه أقل ویرشد إلی ما ذکرنا قول الشاعر علی طبق کلام أهل العرف فی محاوراتهم ((1)) .

وقال نجاح الطائی: لقد اختلق الامویون فضائل لابی بکر وعمر وعثمان فی زمنهم للنیل من الامام علی علیه السلام للتفوق علیه فی الفضائل .

ص: 118

وقد کذبت عائشة فضائل الامویین السیاسیة بقولها أمام جموع الصحابة فی المدینة : لم ینزل فینا قرآن((1)).

وکان ابو بکر عبدا محررا من مؤسسة عبد الله بن جدعان السیئة الصیت فکان فقیرا بالکاد یسد رمقه فلم یمکنه تحریر عبد انما هذه افتراءات أمویة سیاسیة .

وثانیا : ان هؤلاء العبید قد أسلم معظمهم قبل ابی بکر وتحرروا قبل اسلامه مما یکشف کذب الامویین والقصاصین التابعین لهم .

فقد اسلم ابو بکر قبل سنة من الهجرة النبویة الی المدینة وبالضبط بعد رحلة الإسراء والمعراج التی کانت قبل الهجرة بسنة ونصف بروایة الواقدی ((2)) . بینما أسلم بلال فی بدایة البعثة النبویة فکیف حرره ابو بکر وکان فی حینها کافرا .

{الَّذِی یُؤْتِی مَالَهُ یَتَزَکَّی 18 وَمَا لاَِحَد عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَة تُجْزَی19}

: لیس لأحد عند الله یدعی ربه بما فعله لنفسه وان جازاه فبفضله یفعل .

{إِلاَّ ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الاَْعْلَی20 وَلَسَوْفَ یَرْضَی}21,سورة اللیل.

: أی امیر المؤمنین علیه السلام .

ص: 119

قال النبی صلی الله علیه و آله : یا ابن مسعود : إذا عملت عملا فاعمله لله خالصا ، لأنه لا یقبل من عباده الأعمال إلا ما کان له خالصا ، فإنه یقول : " وما لاحد عنده من نعمة تجزی ، إلا ابتغاء وجه ربه الاعلی ، ولسوف یرضی " .

یا ابن مسعود : دع نعیم الدنیا وأکلها وحلاوتها وحارها وباردها ولینها وطیبها والزم نفسک الصبر عنها ، فإنک مسؤول عن هذا کله ، قال الله تعالی : " ثم لتسألن یومئذ عن النعیم " ((1)) .

{مَا وَدَّعَکَ رَبُّکَ وَمَا قَلَی}3: ما ترکک ربک ولا أبغضک . أی ما أبغضک منذ أحبّک وهو جواب القسم الذی نعبر عنه بالمقسم علیه .

فی روایة: (إن الوحی قد احتبس عنه أیاما, فقال المشرکون: إن محمدا ودعه ربه وقلاه, فنزلت) ((1)).

اشتکی رسول الله صلی الله علیه و آله فلم یقم لیلة أو لیلتین ، فجاءته امرأة فقالت : یا محمد ، إنی لأرجو أن یکون شیطانک قد ترکک ، فأنزل الله تعالی :

(والضحی ، واللیل إذا سجی ، ما ودعک ربک وما قلی الضحی : 1_ 3 .هذه المرأة قد قیل إنها أم جمیل بنت حرب أخت أبی سفیان ، وهی امرأة أبی لهب ، وکانت تنسب ما یذکره من الوحی إلی أن شیطانا یأتی به , و (سجی) بمعنی أظلم . و (قلی) أی أبغض((2)) .

وأقسم الله تعالی بالنبی صلی الله علیه و آله : یس والقرآن الحکیم إنک لمن المرسلین علی صراط المستقیم ، وأقسم علی هدایته فقال : والنجم إذا هوی ما ضل صاحبکم وما غوی وأقسم علی محبته فقال : والضحی واللیل إذا سجی ما ودعک ربک وما قلی وأقسم علی شرف أخلاقه فقال : ن والقلم وما یسطرون ما أنت بنعمة ربک بمجنون وان لک لاجرا غیر ممنون وانک لعلی خلق عظیم . وهذا القسم الالهی یبین منزلة النبی الکبیرة عند الله تعالی بحیث یقسم الخالق به وبصفاته الجلیلة .

{وَلَلْ آخِرَةُ خَیْرٌ لَکَ مِنْ الاُْولَی}4, سورة والضحی: کنز جامع الفوائد وتأویل الآیات الظاهرة : محمد بن العباس ، عن أحمد بن محمد النوفلی ،

ص: 121

عن أحمد بن محمد الکاتب ، عن عیسی بن مهران بإسناده إلی زید بن علی علیه السلام فی قول الله تعالی : " ولسوف یعطیک ربک فترضی " قال : إن رضا رسول الله صلی الله علیه و آله إدخال الله أهل بیته وشیعتهم الجنة ((1)) .

وعن الامام أبی جعفر ( علیه السلام ) قال : لما حضرت النبی الوفاة استأذن علیه رجل فخرج إلیه علی ( علیه السلام ) فقال : حاجتک ؟ قال : أردت الدخول إلی رسول الله ( صلی الله علیه و آله ) ، فقال علی : لست تصل إلیه ، فما حاجتک ؟ فقال الرجل : إنه لابد من الدخول علیه ، فدخل علی فاستأذن النبی (علیهما السلام) ، فأذن له ، فدخل وجلس عند رأس رسول الله ثم قال : یا نبی الله إنی رسول الله إلیک ، قال : وأی رسل الله أنت ؟ قال : أنا ملک الموت ، أرسلنی إلیک یخیرک بین لقائه والرجوع إلی الدنیا ، فقال له النبی صلی الله علیه و آله : فأمهلنی حتی ینزل جبرئیل فأستشیره ، ونزل جبرئیل فقال : یا رسول الله الآخرة خیر لک من الأولی ، ولسوف یعطیک ربک فترضی لقاء الله خیر لک ، فقال ( علیه السلام ) : لقاء ربی خیر لی ، فامض لما أمرت به ، فقال جبرئیل لملک الموت : لا تعجل حتی أعرج إلی ربی وأهبط ، قال ملک الموت ( علیه السلام ) : لقد صارت نفسه فی موضع لا أقدر علی تأخیرها ، فعند ذلک قال جبرئیل : یا محمد هذا آخر هبوطی إلی الدنیا ، إنما کنت أنت حاجتی فیها ((2)) .

هذه الدنیا الفانیة أم الفتن والکوارث الطبیعیة والسیاسیة والاجتماعیة وقال تعالی :{لَقَدْ خَلَقْنَا الاِْنسَانَ فِی کَبَد} 4_البلد . والاخرة أم النعیم الخالد :

ص: 122

{إنَّ الَّذِینَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ یَهْدِیهِمْ رَبُّهُمْ بِإیمَانِهِمْ تَجْرِی مِنْ تَحْتِهِمُ الأنْهَارُ فِی جَنَّاتِ النَّعِیمِ} 9_یونس.

فالعاقل من انتخب الاخرة وسعی الیها وآمن بربه ورسوله والائمة المیامین وعمل الاعمال الحسنی , والاحمق من حارب الرحمن وعبد الشیطان وأطاع السلطان وضیع الاحسان .

{وَلَسَوْفَ یُعْطِیکَ رَبُّکَ فَتَرْضَی5}, سورة والضحی.

قال زید بن علی: إنَّ رضا رسول الله صلی الله علیه و آله إدخال أهل بیته وشیعتهم الجنة, وکیف لا وقد خلقت الجنة لهم والنار لأعدائهم ((1)) .

وعن الإمام الصادق علیه السلام قال: دخل رسول الله علی فاطمة ( علیها السلام ) وعلیها کساء من خلة الإبل وهی تطحن بیدها وترضع ولدها فدمعت عینا رسول الله لما أبصرها فقال: ( یا بنتاه تعجلی مرارة الدنیا بحلاوة الآخرة فقد أنزل الله علیَّ {ولسوف یعطیک ربک فترضی}((2)) : (یعطیک من الجنة حتی ترضی) .

وقال: (رضی جدی أن لا یبقی فی النار موحد) ((3)) .

ص: 123

{أَلَمْ یَجِدْکَ یَتِیماً فَآوَی6 وَوَجَدَکَ ضَالاًّ فَهَدَی7}, سورة والضحی.

لقد کنت یا محمد صلی الله علیه و آله فی رحم أمک آمنه بنت وهب حین توفی والدک عبد الله بن عبد المطلب فحمیتک فی کنف جدک عبد المطلب بن هاشم (سید مکة) .

وکنت فی السادسة حین توفیت والدتک آمنة, فأصبحت فی کنف جدک عبد المطلب .

وکنت فی الثامنة حین رحل جدک عبد المطلب , فسخرت لک عمک أبا طالب , لیصبح مثل أبیک یفضلک علی أولاده ویؤمن بک نبیاً .

إنک کنت خامل الذکر غیر معروف, والله أنعم علیک من المواهب الفریدة مما جعلک معروفا فی کل مکان .

ومن هذه التفاسیر, إنک تهت وضللت الطریق مرات فی عهد الطفولة (مرة فی شعاب مکة حین کنت فی حمایة عبد المطلب, ومرة حین کانت حلیمة السعدیة تأتی بک إلی مکة لتسلمک إلی عبد المطلب فتهت فی الطریق . مرة ثالثة حین کنت برفقة عمک أبی طالب ضمن قافلة متجهة إلی الشام فضللت الطریق فی لیلة ظلماء والله سبحانه هداک فی کل هذه المرات وأعادک إلی حضن جدک أو عمک) .

ویذکر أن کلمة ضال تعنی المفقود وتعنی التائه . ففی عبارة: الحکمة ضالة المؤمن , الضالة تعنی الشئ المفقود .

وقال القمی: (ألم یجدک یتیما فآوی ), الیتیم الذی لا مثل له ولذلک سمیت الدرة الیتیمة لأنه لا مثل لها (ووجدک عائلا فأغنی) بالوحی فلا

ص: 124

تسأل عن شئ أحدا (ووجدک ضالا فهدی) قال: وجدک فی قوم لا یعرفون فضل نبوتک فهداهم الله بک ((1)).

وفی العیون عن الرضا علیه السلام فی حدیث عصمة الأنبیاء (علیهم السلام) ألم یجدک یتیما فآوی یقول: ألم یجدک وحیدا فاوی إلیک الناس ووجدک ضالا یعنی : عند قومک فهدی أی هداهم الله إلی معرفتک , ووجدک عائلا فأغنی یقول بأن جعل دعاءک مستجابا ((2)) .

{وَوَجَدَکَ عَائِلا فَأَغْنَی}8, سورة والضحی. ذکر بعض ما أنعم علیه الرحمن سبحانه فی نعم لا تعد ولا تحصی . قال: (یتیما: فردا لا مثل لک فی المخلوقین, فآوی الناس إلیک, وضالا فی قوم لا یعرفون فضلک ).

قال : وجد نفسک حیرانة والهة إلی المعرفة بنا ، فقیرة إلیها ، فقوی نفس روحک فأغناها بالقرآن والحکمة . وقد قال رسول اللَّه صلی الله علیه و آله : « لیس الغنی کثرة العرض ، إنّما الغنی غنی النفس » ((3)) .

القمی:(ووجدک عائلا فأغنی) ای وجدک تعول أقواما فأغناهم بعلمک .وقال علی بن إبراهیم :(ووجدک عائلا فأغنی) بالوحی فلا تسأل عن شئ أحدا ((4)) .

ص: 125

وفعلا أغنی الله تعالی رسول الله بالقرآن والوحی الالهی وبالاموال فکان یعطی الفقراء ویجهز السرایا للغزوات .

{فَأَمَّا الْیَتِیمَ فَلا تَقْهَرْ9}: لا تظلم, والخطاب للنبی والمعنی الناس ((1)) .

{وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ}10, سورة والضحی.

: (وأما السائل فلا تنهر ): لا تطرد . والخطاب للنبی والمعنی الناس .

وقال تعالی : (ولا تطرد الذین یدعون ربهم بالغداة والعشی یریدون وجهه) . . . إلی قوله تعالی : (فتطردهم فتکون من الظالمین) [ الأنعام : 52 ] وقال تعالی : (واصبر نفسک مع الذین یدعون ربهم بالغداة والعشی یریدون وجهه ولا تعد عیناک عنهم) [ الکهف : 28 ] .

وقال تعالی : (واخفض جناحک للمؤمنین) [ الحجر : 88 ] .

فالانتهار هو الصیاح فی وجه السائل الطالب للرفد ، یقال : نهره وانتهره بمعنی واحد .وقیلَ : هو طَالِبُ العِلْم إِذا جَاءَکَ فَلا تَنْهَرْهُ .

وقوله تعالی : (وَلا تَنْهَرْهُما) أی لا تزجرهما بصیاح وغلظة ولا تمتنع من شیء أراداه کما قال : « وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ » وخاطبهما بقول رقیق حسن بعید عن اللغو والقبیح .

وقیل :معناه : قل لهما قول العبد المذنب للسیّد والمولی (وَاخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِّ) أی بالغ لهما فی التواضع والرقة والخضوع .

{وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّکَ فَحَدِّثْ11}, سورة والضحی: بما أنزل الله علیک من الصلاة والزکاة والصوم والحج والولایة وما فضلک الله به ((2)) .

ص: 126

(وأما بنعمة ربک فحدث) قال: (بما أعطاک الله من نعم جلیلة وکثیرة وفضلک علی البشر ورزقک وأحسن إلیک وهداک) .

فی روایة: (أمره أن یحدث بما أنعم الله علیه من دینه) ((1)) .

وفی أخری: (فحدث بدینه وما أعطاه الله وما أنعم به علیه) ((2)) .

ورد: (إذا أنعم الله علی عبده بنعمة وظهرت علیه, سمی حبیب الله, محدثا بنعمة الله, وإذا أنعم الله علی عبده بنعمة فلم تظهر علیه, سمی بغیض الله, مکذبا بنعمة الله ).

عن عمر بن أبی نصر قال : حدثنی رجل من أهل البصرة قال : رأیت الحسین بن علی علیهما السلام وعبد الله بن عمر یطوفان بالبیت فسألت ابن عمر فقلت : قول الله " وأما بنعمة ربک فحدث " ؟ قال : أمره أن یحدث بما أنعم الله علیه ، ثم إنی قلت للحسین بن علی علیهما السلام : قول الله تعالی " وأما بنعمة ربک فحدث ؟قال : أمره أن یحدث بما أنعم الله علیه من دینه((3))

ص: 127

وعن أحمد بن محمد وغیرهما بأسانید مختلفة فی احتجاج أمیر المؤمنین علیه السلام علی عاصم بن زیاد حین لبس العباء وترک الملاء وشکاه أخوه الربیع بن زیاد إلی أمیر المؤمنین علیه السلام أنه قد غم أهله وأحزن ولده بذلک ، فقال أمیر المؤمنین علیه السلام : علیَّ بعاصم بن زیاد ، فجیئ به فلما رآه عبس فی وجهه ، فقال له : أما استحییت من أهلک ؟ أما رحمت ولدک ؟ أتری الله أحل لک الطیبات وهو یکره أخذک منها ، أنت أهون علی الله من ذلک ، أولیس الله یقول : " والأرض وضعها للأنام * فیها فاکهة فِیهَا فَاکِهَةٌ وَالنَّخْلُ ذَاتُ الأکْمَامِ 11_الرحمن . أولیس [ الله ] یقول : " مرج البحرین یلتقیان * بینهما برزخ لا یبغیان_ إلی قوله_ یخرج منهما اللؤلؤ و المرجان " فبالله لابتذال نعم الله بالفعال أحب إلیه من ابتذالها بالمقال ، وقد قال الله عز وجل : " وأما بنعمة ربک فحدث فقال : عاصم یا أمیر المؤمنین فعلی ما اقتصرت فی مطعمک علی الجشوبة وفی ملبسک علی الخشونة ؟ فقال : ویحک إن الله عز وجل فرض علی أئمة العدل أن یقدروا أنفسهم بضعفة الناس کیلا یتبیغ ((1)) بالفقیر فقره ، فألقی عاصم بن زیاد العباء ولبس الملاء((2)) وذهب للعمل .

وقال نجاح الطائی: لقد أوجب الله تعالی الزهد علی السلاطین والرؤساء کی یتأسی بهم الفقراء وتهدأ نفوسهم وتستقر أفئدتهم ویرحل عنهم الخفقان والاضطراب.

ص: 128

وعکس ذلک یسبب الترف والاسراف والاستکبار وسرقة الاموال العامة ویوجد الفتنة وخراب البلاد وفقدان الحکومة لاحترامها وحصول الهرج والمرج.

المقداد قال : کنا مع رسول الله صلی الله علیه و آله وهو متعلق بأستار الکعبة وهو یقول : اللهم اعضدنی واشدد أزری ، واشرح صدری ، وارفع ذکری ، قال : فنزل جبرئیل ( علیه السلام ) وقال : اقرأ یا محمد ، قال : وما أقرأ ؟ قال : إقرأ * (بسم الله الرحمن الرحیم علیه السلام ألم نشرح لک صدرک * ووضعنا عنک وزرک * الذی أنقض ظهرک * ورفعنا لک ذکرک بعلی صهرک) ((1)) .

قال : فقرأها علیهم صلی الله علیه و آله . وأثبتها ابن مسعود ، وأسقطها عثمان((2)) .

{وَوَضَعْنَا عَنکَ وِزْرَکَ}2, سورة الشرح. ثقل مقاتلة الکفار وأهل التأویل بعلی علیه السلام . القمی: قال بعلی الحرب((3)).

والمعنی ألم نفتح لک صدرک ، ونوسع قلبک بالنبوة والعلم .

الطوسی:قال الحسن البصری : یعنی بالوزر الذی کان علیه فی الجاهلیة قبل النبوة . وقال مجاهد وقتادة والضحاک وابن زید : یعنی ذنبک . قالوا : وإنما وصفت ذنوب الأنبیاء بهذا الثقل مع أنها صغائر مکفرة لشدة اغتمامهم بها وتحسرهم علی وقوعها مع ندمهم علیها .

وهذان التأویلان لا یصحان علی مذهبنا ، لان الأنبیاء علیهم السلام لا یفعلون شیئا من القبائح لا قبل النبوة ولا بعدها لا صغیرة ولا کبیرة ، فإذا ثبت هذا ، فمعنی الآیة هو أن الله تعالی لما بعث نبیه وأوحی إلیه وانتشر أمره وظهر حکمه کان ما کان من کفار قومه وتتبعهم لأصحابه باذاهم له

ص: 130

وتعرضهم إیاهم ما کان یغمه ویسؤه ویضیق صدره ویثقل علیه ، فأزال الله ذلک بأن أعلی کلمته وأظهر دعوته وقهر عدوه . وأنجز وعده ونصره علی قومه ، فکان ذلک من أعظم المنن وأجزل النعم ((1)) .

وهذا القول مجاز واستعارة بأن الله تعالی أزال عنه ثقل الحروب بعلی علیه السلام فأصبح هو المطلوب وهو المریق لدماء الاشرار المحاربین ولم یقتل الرسول أحدا .

{الَّذِی أَنقَضَ ظَهْرَکَ3 وَرَفَعْنَا لَکَ ذِکْرَکَ4}سورة الشرح.

قال تعالی: بعلی صهرک .فقرأها النبی صلی الله علیه و آله وأثبتها ابن مسعود وأسقطها عثمان ((2)) . قوله تعالی : ورَفَعْنا لَکَ ذِکْرَکَ . قال : وصلنا اسمک باسمنا فی الأذان والتوحید ، فلا یقبل إیمان العبد حتی یؤمن بک .

قال ابن عباس ، فی قوله تعالی : * (ووَضَعْنا عَنْکَ وِزْرَکَ الَّذِی أَنْقَضَ ظَهْرَکَ) أی قوی ظهرک بعلی بن أبی طالب ( علیه السلام ) ((3)) .

بالإسناد_ یرفعه_ إلی ابن عباس ، قال : لما أقبلنا مع علی علیه السلام من صفین فعطش لم یکن بتلک الأرض ماء إلی أن استجن البر ، فرأی صخرة عظیمة ، فوقف ( علیه السلام ) علیها قال : السلام علیک أیتها الصخرة ، فقالت : السلام علیک یا وارث علم النبوة . فقال لها : أین الماء ؟ فقالت تحتی یا وصی محمد ، قال : فأخبر الناس بما قالت له . قال : فانکب علیها مائة رجل فلم یقدروا علیها أن یحرکوها فعند ذلک قال إلیکم عنها ثم إنه

ص: 131

( علیه السلام ) وقف علیها ، وحرک شفتیه ، ودفعها بیده ، فانقلبت کلمح البصر واذا تحتها عین ، أحلا من العسل ، وأبرد من الثلج فشرب المسلمون وشربت خیولهم ، وأکثروا من الماء ، ثم إنه ( علیه السلام ) أقبل إلیها ، وقال : عودی إلی موضعک . قال ابن عباس : فجعلت تدور علی الأرض مثل الکرة فی المیدان حتی انطبقت علی العین ، ثم رجعوا ورحلوا عنها ((1)).

وروی عن موسی بن جعفر عن أبیه عن آبائه عن الحسین بن علی علیهم السلام قال : إن یهودیا من یهود الشام وأحبارهم قال لعلی علیه السلام : هذا إدریس علیه السلام أعطاه الله عز وجل مکانا علیا ؟ قال له علی علیه السلام : لقد کان کذلک ومحمد صلی الله علیه و آله أعطی ما هو أفضل من هذا ، ان الله جل ثناؤه قال فیه : " ورفعنا لک ذکرک " فکفی بهذا من الله رفعة قال له الیهودی : فقد القی الله علی موسی محبة منه ؟ قال له علی علیه السلام : لقد کان کذلک وقد أعطی الله محمدا صلی الله علیه و آله ما هو أفضل من هذا ، لقد ألقی الله عز وجل علیه محبة منه ، فمن هذا الذی یشرکه فی هذا الاسم إذ تم من الله عز وجل به الشهادة ، فلا تتم الشهادة الا أن یقال أشهد أن لا إله إلا الله واشهد ان محمدا رسول الله ، ینادی علی المنار ، فلا یرفع صوت بذکر الله عز وجل الا رفع بذکر محمد صلی الله علیه و آله معه ، والحدیث طویل أخذنا منه موضع الحاجة ((2)).

ص: 132

{فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ یُسْراً5 إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ یُسْراً 6 فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ 7}, سورة

الشرح. من نبوتک فی تبلیغ أصول وفروع الدین. وقالوا قوله تعالی: اذا فرغت من حجک فی حجة الوداع (فَانصَبْ 7) : علیاً وصیاً .

یقول : إذا فرغت فانصب علمک ، وأعلن وصیک فأعلمهم فضله علانیة ، فقال صلی الله علیه و آله : من کنت مولاه فعلی مولاه ، اللهم وآل من والاه ، وعاد من عاداه_ ثلاث مرات_ ثم قال : لأبعثن رجلا یحب الله ورسوله ویحبه الله ورسوله ، لیس بفرار یعرض بمن رجع ، یجبن أصحابه ویجبنونه ((1))، و قال : صلی الله علیه و آله : علی سید المؤمنین وقال : علی عمود الدین ، وقال : هذا هو الذی یضرب الناس بالسیف علی الحق بعدی وقال : الحق مع علی علیه السلام أینما مال ، وقال : إنی تارک فیکم أمرین إن أخذتم بهما لن تضلوا : کتاب الله عز وجول أهل بیتی عترتی ، أیها الناس اسمعوا وقد بلغت ، إنکم ستردون علیَّ الحوض فأسألکم عما فعلتم فی الثقلین والثقلان : کتاب الله جل ذکره وأهل بیتی ، فلا تسبقوهم فتهلکوا ، ولا تعلموهم فإنهم أعلم منکم ((2)) .

وعن أبی عبد الله جعفر الصادق علیه السلام : (فإذا فرغت فانصب) علیا للولایة ((3)).

لقد عین النبی صلی الله علیه و آله علیا علیه السلام خلیفة وولیا من بعده فی الغدیر أمام مائة وعشرین ألف مسلم ومسلمة حیث قال صلی الله علیه و آله : ألست أولی بکم من

ص: 133

أنفسکم قالوا بلی قال من کنت مولاه فهذا علی مولاه , اللهم والی من والاه , وعاد من عاداه , وانصر من نصره , واخذل من خذله , إن تمسَّکتم به لن تضلُّوا بعده أبداً ((1)) .

ص: 134

وأخرج السیوطی الشافعی عن الطبرانی عن عبد الله بن خطب قال صلی الله علیه و آله : «ألست أولی بکم من أنفسکم ؟قالوا : بلی یارسول الله . قال صلی الله علیه و آله : فانی سائلکم عن اثنین : عن القرآن وعن عترتی , ألا لا تتقدموا (علیهم) فتضلوا , ولا تتخلفوا عنهم فتهلکوا» ((1)) .

وقال الله عز وجل : " النبی أولی بالمؤمنین من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم

فترکوا أن ینزعوا بهذه الآیة فیما نزع به رسول الله من ولایة علی ( علیه السلام ) فی قوله : ألست أولی بکم منکم بأنفسکم ؟ لقول الله عز وجل : " النبی أولی بالمؤمنین من أنفسهم " . فقالوا : اللهم نعم . قال الإمام ( علیه السلام ) :

ص: 135

أنشد الله من بقی ممّن لقی رسول الله صلی الله علیه و آله وسمع مقاله فی یوم غدیر خمّ إلاّ قام فشهد بما سمع . فقام ستّة ممّن عن یمینه , من أصحاب رسول الله صلی الله علیه و آله , وستّة ممّن علی شماله من الصحابة أیضاً , فشهدوا أنّهم سمعوا رسول الله صلی الله علیه و آله یقول ذلک الیوم , وهو رافع بیدی علی صلی الله علیه و آله : « من کنت مولاه فهذا علی مولاه , اللهمّ وال من والاه وعاد من عاداه , وانصر من نصره واخذل من خذله , وأحبّ من أحبّه وأبغض من أبغضه »((1)).

ص: 136

(وَإِلَی رَبِّکَ فَارْغَبْ 8 ), سورة

الشرح : فی ذلک ((1)) .

وعن أبی عبد الله جعفر الصادق علیه السلام قال: فإذا فرغت من نبوتک فانصب علیا علیه السلام وإلی ربک فارغب ((2)).

وعن أبی عبد الله جعفر بن محمد عن أبیه علیه السلام , إنه قال: فی قول الله تعالی: {فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ 7* وَإِلَی رَبِّکَ فَارْغَبْ8*}سورة الشرح 7_8 .

قال: فانصب_ بکسر الصاد_ إذا فرغت من إقامة الفرائض فانصب علیا علیه السلام , ففعل صلی الله علیه و آله ((3)).

وکان رسول الله صلی الله علیه و آله یتألفهم ویستعین ببعضهم علی بعض, ولا یزال یخرج لهم شیئا فی فضل وصیه حتی نزلت هذه السورة, فاحتج علیهم حین اعلم بموته, ونعیت إلیه نفسه, فقال الله جل ذکره :

" فإذا فرغت فانصب * وإلی ربک فارغب " یقول: إذا فرغت فانصب علمک, وأعلن وصیک فأعلمهم فضله علانیة, فقال صلی الله علیه و آله : من کنت مولاه فعلی مولاه, اللهم وآل من والاه, وعاد من عاداه_ ثلاث مرات_ ثم قال:

ص: 137

لأبعثن رجلا یحب الله ورسوله ویحبه الله ورسوله, لیس بفرار یعرض بمن رجع, یجبن أصحابه ویجبنونه, و قال: صلی الله علیه و آله : علی سید المؤمنین وقال صلی الله علیه و آله : علی عمود الدین, وقال صلی الله علیه و آله : هذا هو الذی یضرب الناس بالسیف علی الحق بعدی وقال صلی الله علیه و آله : الحق مع علی أینما مال, وقال صلی الله علیه و آله : إنی تارک فیکم أمرین إن أخذتم بهما لن تضلوا: کتاب الله عز وجول أهل بیتی عترتی, أیها الناس اسمعوا وقد بلغت, إنکم ستردون علی الحوض فأسألکم عما فعلتم فی الثقلین والثقلان: کتاب الله جل ذکره وأهل بیتی, فلا تسبقوهم فتهلکوا, ولا تعلموهم فإنهم أعلم منکم .

فوقعت الحجة بقول النبی صلی الله علیه و آله وبالکتاب الذی یقرأه الناس فلم یزل یلقی فضل أهل بیته بالکلام ویبین لهم القرآن: " إنما یرید الله لیذهب عنکم الرجس أهل البیت ویطهرکم تطهیرا " وقال عز ذکره: " واعلموا أنما غنمتم من شئ فأن لله خمسه وللرسول ولذی القربی " ثم قال: " وآت ذا القربی حقه " فکان علی علیه السلام وکان حقه الوصیة التی جعلت له, والاسم الأکبر, میراث العلم, وآثار علم النبوة فقال: قل لا أسألکم علیه أجرا إلا المودة فی القربی " ثم قال: وإذا المؤودة سئلت بأی ذنب قتلت " یقول أسألکم عن المودة التی أنزلت علیکم فضلها, مودة القربی بأی ذنب قتلتموهم وقال جل ذکره: " فاسألوا أهل الذکر إن کنتم لا تعلمون " قال: الکتاب [ هو ] الذکر, وأهله آل محمد علیهم السلام أمر الله عز وجل بسؤالهم ولم یؤمروا بسؤال الجهال وسمی الله عز وجل القرآن ذکرا فقال تبارک وتعالی: " وأنزلنا إلیک الذکر لتبین للناس ما نزل إلیهم ولعلهم یتفکرون " وقال عز وجل: " ؟ وإنه لذکر لک ولقومک وسوف تسألون " وقال عز وجل: أطیعوا الله وأطیعوا الرسول وأولی الأمر منکم " وقال عز وجل: " ولو ردوه (إلی

ص: 138

الله و) إلی الرسول وإلی اولی الامر منهم لعلمه الذین یستنبطونه منهم " فرد الامر_ أمر الناس_ إلی أولی الامر منهم الذین أمر بطاعتهم وبالرد إلیهم .

فلما رجع رسول الله صلی الله علیه و آله من حجة الوداع نزل علیه جبرئیل علیه السلام فقال : " یا أیها الرسول بلغ ما انزل إلیک من ربک وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله یعصمک من الناس إن الله لا یهدی القوم الکافرین " فنادی الناس فاجتمعوا وأمر بسمرات فقم شوکهن, ثم قال صلی الله علیه و آله : [ یا ] أیها الناس من ولیکم وأولی بکم من أنفسکم ؟ فقالوا: الله ورسوله, فقال: من کنت مولاه فعلی مولاه, اللهم وآل من والاه, وعاد من عاداه_ ثلاث مرات_ فوقعت حسکة النفاق فی قلوب القوم وقالوا: ما أنزل الله جل ذکره هذا علی محمد قط وما یرید إلا أن یرفع بضبع ابن عمه . فلما قدم المدینة أتته الأنصار فقالوا: یا رسول الله إن الله جل ذکره قد أحسن إلینا وشرفنا بک وبنزولک بین ظهرانینا, فقد فرح الله صدیقنا وکبت عدونا وقد یأتیک وفود, فلا تجد ما تعطیهم فیشمت بک العدو, فنحب أن تأخذ ثلث أموالنا حتی إذا قدم علیک وفد مکة وجدت ما تعطیهم, فلم یرد رسول الله صلی الله علیه و آله علیهم شیئا وکان ینتظر ما یأتیه من ربه فنزل جبرئیل علیه السلام وقال: " قل لا أسألکم علیه أجرا إلا المودة فی القربی " ولم یقبل أموالهم, فقال المنافقون:

ما أنزل الله هذا علی محمد وما یرید إلا أن یرفع بضبع ابن عمه ویحمل علینا أهل بیته یقول أمس: من کنت مولاه فعلی مولاه والیوم: "{ قل لا أسألکم علیه أجرا إلا المودة فی القربی "} ثم نزل علیه آیة الخمس فقالوا: یرید أن یعطیهم أموالنا وفیئنا, ثم أتاه جبرئیل فقال: یا محمد إنک قد قضیت نبوتک واستکملت أیامک, فاجعل الاسم الأکبر, ومیراث العلم وأثار علم النبوة عند علی علیه السلام فإنی لم أترک الأرض إلا ولی فیها علم

ص: 139

تعرف به طاعتی, وتعرف به ولایتی, ویکون حجة لمن یولد بین قبض النبی إلی خروج النبی الآخر, قال: فأوصی إلیه بالاسم الأکبر ومیراث العلم وآثار علم النبوة, وأوصی إلیه بألف کلمة وألف باب, یفتح کل کلمة وکل باب ألف کلمة وألف باب ((1)) .

التین والزیتون من ثمار الجنة فیهما فوائد کثیرة لا تعد ولا تحصی من نعم الباری التی أعطاها للبشر .

إنقاص الوزن: إنَّ الألیافَ الموجودة فی التین تُساعد علی تقلیل الوزن, حیث یُوصی بتناول التین لدی الأشخاص الذین یُعانون من السِّمنة المفرطة. ومفید لخفض الکولسترول والوقایة من أمراض القلب التاجیَّة والوقایة من سرطان القولون: إنَّ وجودَ الألیاف یُساعد علی تطهیر القولون من المواد التی تُسبِّب السَّرطان.

وعلاج مرض السُّکری: تُوصی الجمعیةُ الطبیة العالمیة لمرض السُّکری بتناول التین للحصول علی مُعالجة غنیَّة بالألیاف. وتقلِّل أوراقُ التین من کمِّیة الأنسولین التی یحتاج إلیها مرضی السُّکری الذین یُعالجون بحُقَن الأنسولین، فالأَوْراقُ ذات خصائصٍ مُضادَّة للسُّکری. کما أنَّ التین غنیٌّ بالبوتاسیوم الذی یُساعد علی التحکُّم فی نسبة السُّکر فی الدم. ویمکن أن تُؤخَذَ أوراقُ التین بشکل مَنقُوع مائی أو علی شَکل شای التین.

وللوقایة من ارتفاع ضغط الدم وتقویة العظام, ویُعدُّ التینُ غنیاً بالکالسیوم, لذا فهو یُساعد علی تقویة العظام. وبذلک، فالتینُ یجعل العظامَ أکثر کثافة وأقوی, بالإضافة إلی ذلک، یحتوی التین المُجفَّف علی کمِّیاتٍ کافیة من فیتامین K ومن المغنیزیوم، وهما من العناصر المُهمَّة لصحَّة العظام.

و الوقایة من الضمور البقعی: یفقد کبارُ السنِّ القدرةَ علی الرؤیة بسبب الضمور البقعی فی الشبکیة. وتُعدُّ الفواکهُ والتین خیاراتٍ جیِّدة عموماً لتجنُّب حدوث هذه المشکلة .ولتخفیف الانزعاج أو الألم فی الحلق: إنَّ وجود کمِّیة کبیرة من الصمغ فی التین یُساعد علی شفاء التهاب الحلق أو الوقایة منه. إذا کان الشخصُ یُعانی من الزکام، فمن الأفضل له تناول التین، لأنَّه یحتوی علی هلام أو صمغ نباتی یُساعد علی تخفیف التهاب الحلق. کما یُساعد ذلک علی التخلُّص من البلغم وتوسیع القصبات الهوائیة عندما یُعانی الشخصُ من إحدی مشاکل التنفُّس. کما یُعدُّ التینُ مُفیداً جداً

ص: 142

لاضطرابات الجهاز التنفُّسی المُختلفة، بما فی ذلک السُّعالُ الدیکی والربو ویُساعد علی تنشیط وظیفة الأمعاء، ویمنع حدوث الإمساک . هذه بعض معاجز الله تعالی فی التین .

وقال تعالی : {وَجَنَّات مِنْ أعْنَاب وَالزَّیْتُونَ وَالرُّمَّانَ}الانعام99 بساتین من العنب والزیتون والرمان {مُشْتَبِهاً وَغَیْرَ مُتَشَابِه }بعضه متشابه مع بعض من حیث اللون والطعم والحجم وبعض غیر متشابه.

فوائد الزیتون : وصف الله تعالی شجرة الزیتون بانها شجرة مبارکة أی انها صالحة للشفاء والعافیة والبرکة :

{یُوقَدُ مِنْ شَجَرَة مُبَارَکَة زَیْتُونَة لا شَرْقِیَّة وَلا غَرْبِیَّة یَکَادُ زَیْتُهَا یُضِیءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَی نُور یَهْدِی اللّهُ لِنُورِهِ مَنْ یَشَاءُ وَیَضْرِبُ اللّهُ الأمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللّهُ بِکُلِّ شَیْء عَلِیمٌ }35*_النور.

ودعا النبی صلی الله علیه و آله الی الشفاء والتعافی بها ووصفها شجرة لا ولا :

{لا شَرْقِیَّة وَلا غَرْبِیَّة }: أی لا یهودیة ولا نصرانیة بل اسلامیة محمدیة علویة . وینصح خبراء التغذیة والصحة العامة بتناول ملعقة أو ملعقتین من الزیت مرة فی الصباح ومرة قبل النوم ویفید الزیتون فی حالات مرضیة کثیرة .والزیتون من الثمار المفیدة التی تقوی الجسم وتقیه من الأمراض .

أن تناول زیت الزیتون یسهم فی الوقایة من مرض شرایین القلب التاجیة وارتفاع کولسترول الدم ، وارتفاع ضغط الدم ، ومرض السکر ،والبدانة ، کما أنه یقی من بعض السرطانات .

وزیت الزیتون إذا شرب بالماء الحار سکن المغص ویعالج القولون ویطرد الدیدان, ویفتت الحصی ویصلح الکلی ویعالج أوجاع الظهر و یمنع

ص: 143

الشیب ویصلح الشعر ویمنع سقوطه ویقطع العفن ویشد الأعضاءو الاکتحال به یقلع البیاض ویحد البصر و ینفع من الجرب السلاق.

{وَطُورِ سِینِینَ 2 وَهَذَا الْبَلَدِ الاَْمِینِ 3}سورة التین , فقلت: قوله: (وطور سینین) قال: إنما هو طور سیناء, قلت: فما یعنی بقوله : طور سینا ؟ قال: ذاک أمیر المؤمنین علی بن أبی طالب .قال الحسکانی الحنفی: علی بن ابی طالب علیه السلام ((1)) .

وجاء: المراد من طور سینین, هو الجبل الذی کلم الله فیه موسی (علیه

السلام ), وقال: (إنی أنا ربک فاخلع نعلیک إنک بالواد المقدس طوی) ((2)) وقال: {إذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بِالوَادِی المُقَدَّسِ طُویً 16}_النازعات .

عن محمد بن الفضیل الصیرفی قال : سألت أبا الحسن موسی بن جعفر علیهما السلام عن قول الله تبارک وتعالی : (والتین والزیتون) قال : التین الحسن والزیتون الحسین . فقلت : قوله : (وطور سینین) قال : إنما هو طور سیناء ، قلت : فما یعنی بقوله : طور سینا ؟ قال : ذاک أمیر المؤمنین علی بن أبی طالب علیه السلام . قال : قلت : (وهذا البلد الأمین) ؟ قال : ذاک رسول الله صلی الله علیه و آله وهو آمن الله به الخلق فی سبیلهم ومن النار إذا أطاعوه ، قلت : قوله : (إلا الذین آمنوا وعملوا الصالحات) ؟ قال : ذاک أمیر المؤمنین علی بن أبی طالب علیه السلام وشیعته (فلهم أجر غیر ممنون) . قال : قلت : قوله : (فما یکذبک بعد بالدین) ؟ قال : معاذ الله لا والله ما هکذا قال تبارک وتعالی ولا

ص: 144

کذا أنزلت قال علیه السلام : إنما قال : فما یکذبک بعد بالدین [ والدین أمیر المؤمنین ] ألیس الله بأحکم الحاکمین ((1)).

{وَهَذَا الْبَلَدِ الاَْمِینِ 3}: رسول الله صلی الله علیه و آله ((2)) .

وقد ذکر لفظ البلد فی دعاء إبراهیم, حیث قال: (وإذ قال إبراهیم رب

اجعل هذا بلدا آمنا وارزق أهله من الثمرات من آمن منهم بالله والیوم الآخر) ((3)) . وقال أیضا: (رب اجعل هذا البلد آمنا واجنبنی وبنی أن نعبد الأصنام) ((4)) .

{لَقَدْ خَلَقْنَا الاِْنسَانَ فِی أَحْسَنِ تَقْوِیم4 ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِینَ5

إِلا الَّذِینَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَیْرُ مَمْنُون}6, سورة التین : جواب القسم .

وقوله تعالی : " لقد خلقنا الانسان فی أحسن تقویم ((5)) " .

قال ابن عباس : خلق الله تعالی الانسان فی أحسن تقویم منتصب القامة وسائر الحیوان منکب . والتقویم تصبیر الشئ علی ما ینبغی أن یکون علیه من التألیف والتعدیل ، قومه تقویما فاستقام ، وتقوم .

ص: 145

وقال تعالی :وَصَوَّرَکُمْ فَأحْسَنَ صُوَرَکُمْ_ المؤمن 91 .

وقوله تعالی : " یا أیها الانسان ما غرک بربک الکریم * الذی خلقک فسواک فعدلک * فی أی صورة ما شاء رکبک ((1)) " . وفی آیات کثیرة فأول نعمة الله علی الانسان صحة عقله وتفضیله علی کثیر من خلقه بکمال العقل وتمییز البیان ، وذلک أن کل ذی حرکة علی بسیط الأرض هو قائم بنفسه بحواسه ، مستکمل فی ذاته ، ففضل بنی آدم بالنطق الذی لیس فی غیره من الخلق المدرک بالحواس ، فمن أجل النطق ملک الله ابن آدم غیره من الخلق حتی صار آمرا ناهیا وغیره مسخر له کما قال الله : " کذلک سخرها لکم لتکبروا الله علی ما هداکم ((2)) " .

وقال الامام علی الرضا علیه السلام :(لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسانَ فِی أَحْسَنِ تَقْوِیمٍ) ؟ قال: ذاک أبو فصیل(مغتصب الخلافة) حین أخذ الله المیثاق له بالربوبیة, ولمحمد صلی الله علیه و آله بالنبوة, ولأوصیائه بالولایة, فأقر وقال: نعم, ألا تری أنه قال: (ثُمَّ رَدَدْناه أَسْفَلَ سافِلِینَ) یعنی الدرک الأسفل حین نکص وفعل بآل محمد صلی الله علیه و آله ما فعل »((3)) .

{ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِینَ5}: وجاء فی سورة العصر قال تعالی :(إن الإنسان لفی خسر) .

للإنسان هویة منفردة ،: قزحیة عینه خاصة بکل فرد ، فی الأرض الآن یوجد ستة آلاف ملیون شخص, لا یوجد إنسان یشبه إنساناً بقزحیة عینه إطلاقاً . رائحة الجلد لکل فرد هویة خاصة به . ونبرة الصوت هویة . و بلازما الدم هویة خاصة أیضا .

ویمکن معرفة أخر من کان فی الغرفة مثلا عن طریق هذه الهویات العلمیة . البصمة هویة لأن الله عز وجل لکرامة الإنسان عنده أعطاه بعض أسمائه، فالله عز وجل فرد، وأنت أیها الإنسان فرد، لا یوجد إنسان فی الأرض یشبهک، طبعاً هذا من تکریم الله للانسانیة .

قال: قلت: (إِلَّا الَّذِینَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) ؟ قال: هو والله أمیر المؤمنین علیه السلام وشیعته (فَلَهُمْ أَجْرٌ غَیْرُ مَمْنُونٍ) »((1)) .

وقال فی موضع آخر من الشرح: وفی هذه الواقعة کان الخبر المشهور عن رسول الله صلی الله علیه و آله أنه قال لبنی ربیعة: لتنتهین أو لابعثن إلیکم رجلا عدیل نفسی, یقتل مقاتلکم ویسبی ذراریکم , قال عمر بن الخطاب: فما تمنیت الامارة إلا یومئذ, وجعلت أنصب له صدری رجاء أن یقول: هو هذا, فأخذ بید علی علیه السلام وقال: هو هذا ((2)) .

ص: 147

{فَلَهُمْ أَجْرٌ غَیْرُ مَمْنُون}6 : أی لا یمن علیهم .

تفسیر فرات بن إبراهیم : علی بن محمد الزهری معنعنا عن أبی عبد الله جعفر الصادق ( علیه السلام ) فی قوله تعالی : " إلا الذین آمنوا وعملوا الصالحات فلهم أجر غیر ممنون " قال : هم المؤمنون سلمان الفارسی ومقداد بن الأسود وعمار وأبو ذر رضی الله عنهم ، وأمیر المؤمنین علی بن أبی طالب ( علیه السلام ) لهم أجر غیر ممنون ((1)) .

{فما یُکَذِّبُکَ . بَعْدُ بِالدِّینِ7}سورة التین

(فَمَا یُکَذِّبُکَ . بَعْدُ بِالدِّینِ7) . ولایة علی علیه السلام ((2)) .

: (فما یکذبک بعد بالدین) قال الامام موسی الکاظم علیه السلام : مهلا مهلا لا تقل هکذا ، هذا هو الکفر بالله ، لا والله ما کذب رسول الله صلی الله علیه و آله بالله طرفة عین ، قال : قلت : فکیف هی ؟ قال : (فمن یکذبک بعد بالدین) والدین أمیر المؤمنین علیه السلام (ألیس الله بأحکم الحاکمین) ((3)) .

وقوله تعالی: «وَمَنْ یَکْفُرْ بِالإیمَانِ »((4)) قال الإمام محمد الجواد ( علیه السلام ): یکفر بولایة علی , وعلی هو الایمان ((5)) .

ص: 148

اذن علی علیه السلام هو الدین وهو الایمان وهو الصراط المستقیم .

{أَلَیْسَ اللّهُ بِأَحْکَمِ الْحَاکِمِینَ 8}, سورة التین .

وقال تعالی {الذی أحسن کل شئ خلقه}_ السجدة : 7 .

: (وهو خیر الحاکمین) (الأعراف : 87) . الحاکم العادل المدبر للامور , دبر الکون فأحسنه صنعا وتدبیرا ولا یمکن لغیره ادارة هذا العالم الکبیر المتکامل .لکن المخالفین خالفوا أحکم الحاکمین حیث ترکوا أهل بیت النبوة وانضووا تحت حکم الحزب القرشی _الاموی :

قال النبی صلی الله علیه و آله : إن ولیتموها علیاً_ ولا أراکم فاعلین_ وجدتموه هادیا مهدیا یسلک بکم الطریق المستقیم ((1)) .

وقال عبد الله بن مسعود: یا رسول الله استخلف . قال صلی الله علیه و آله : من ؟ قلت علی بن ابی طالب قال صلی الله علیه و آله : أوه, ولن تفعلوا إذا أبدا, والله لئن فعلتموه لیدخلنکم الجنة ((2)) .

ص: 149

وقال تعالی :وَمَنْ لَمْ یَحْکُمْ بِمَا أنزَلَ اللّهُ فَاُوْلَئِکَ هُمُ الفَاسِقُونَ 47_المائدة.

والإمام یجب أن یکون عادلا معصوماً عالماً مثلما قال الله تعالی للنبی ابراهیم : {وَإذِ ابْتَلَی إبْرَاهِیمَ رَبُّهُ بِکَلِمَات فَأتَمَّهُنَّ قَالَ إنِّی جَاعِلُکَ لِلنَّاسِ إمَاماً قَالَ وَمِنْ ذُرِّیَّتِی قَالَ لا یَنَالُ عَهْدِی الظَّالِمِینَ }سورة البقرة 24 .

وقال النبی صلی الله علیه و آله : فانتهت الدعوة إلیّ وإلی علی لم یسجد أحد منّا لصنم قط , فاتّخذنی الله نبیاً , وعلیاً وصیاً((1)) .

الآیة , قال: « هی الکلمات التی تلقّاها آدم من ربّه فتاب علیه , وهو أنّه قال یا رب أسألک بحقّ محمد وعلی وفاطمة والحسن والحسین إلاّ تبت علی. فتاب علیه إنّه هو التواب الرحیم. فقلت له: یا ابن رسول الله فما یعنی بقوله (الآیة) ؟ قال: یعنی أتمهنّ إلی القائم المهدی اثنا عشر إماماً تسعة من الحسین ((2)) .

وأخرج نحواً منه السیوطی فی تفسیره : عن ابن عباس قال : سألت رسول الله صلی الله علیه و آله عن الکلمات التی تلقاها آدم من ربه فتاب علیه .قال :" سأل بحق

ص: 150

محمد وعلی وفاطمة والحسن والحسین علیهم السلام إلا تبت علیَّ , فتاب علیه "»((1)) .

وعن الصادق علیه السلام من قرأها ثم مات فی یومه أو لیلته مات شهیدا و بعث شهیدا وکان کمن ضرب بسیفه مع النبی صلی الله علیه و آله ((1)) .

بسم الله الرحمن الرحیم

{اقْرَأْ بِسْمِ رَبِّکَ الَّذِی خَلَقَ 1}سورة العلق:

العلق : القطعة الجامدة من الدم. خرج رسول الله صلی الله علیه و آله الی حراء, واذا هو بجبرائیل فی أحسن صورة وأطیب رائحة, فقال: یا محمد ربک یقرؤک السلام ویخصک بالتحیة والاکرام ویقول لک: أمن رسولی الی الثقلین, فادعهم الی عبادتی, وأن یقولوا: لا إله الا الله, محمد رسول الله صلی الله علیه و آله , علی ولی الله, فضرب بجناحه الأرض فنبع منها عین ماء, فشرب منها وتوضأ, وعلمه (اقْرَأْ بِسْمِ رَبِّکَ الَّذِی خَلَقَ), الی آخرها وعرج جبرائیل الی السماء, وخرج رسول الله صلی الله علیه و آله من حراء, فما مر بحجر ولا مدر ولا شجر الا وناداه: السلام علیک یا رسول الله صلی الله علیه و آله ((2)) .

وقال نجاح الطائی: وهی أول آیة نزلت من القرآن الکریم , والایة بدأت بالقراءة مما یبین أهمیتها فی الاسلام ومنزلتها الکبیرة عند الله تعالی .

الامر الثانی :تبین هذه الایة أن الخلق یعود لله تعالی ولم یکن صدفة مثلما یصوره الفاسقون الملحدون .

ص: 152

الامر الثالث: بیَّن جبرائیل الامر الالهی فی أصول الدین والمتمثل فی التوحید الالهی والنبوة لمحمد صلی الله علیه و آله والامامة لعلی علیه السلام .فمن خرج عن الدعوة الالهیة کان من العاصین المتمردین فیستحق أشد عقاب للمذنبین .

لقد جمع رب العالمین التوحید والنبوة والامامة فی أول آیة قرآنیة لیبین العقائد الحقة للمسلمین وطریقهم الواضح المستبین قبل أن یحرَّفه الخوارج والنواصب وأولادهم الوهابیون .

المعتزلی: قال ابن أبی الحدید فی الجزء الثالث عشر : روی عن جعفر بن محمد الصادق علیه السلام قال :" کان علی علیه السلام یری مع رسول الله صلی الله علیه و آله قبل الرسالة الضوء ویسمع الصوت . وقال النبی صلی الله علیه و آله لعلی علیه السلام : لولا أنی خاتم النبیین لکنت شریکا لی فی النبوة وإلا تکن نبیا فأنت وصی نبی ووارثه , بل أنت سید الأوصیاء وإمام الأتقیاء " ((1)).

أبو

نعیم : وقال النبی صلی الله علیه و آله : " إن الله عهد إلی فی علی عهدا , فقلت : یا رب بینه لی ؟ قال تعالی: « اسمع , إن علیاً رایة الهدی , وإمام أولیائی , ونور من أطاعنی , وهو الکلمة التی ألزمتها المتقین , من أحبه فقد أحبنی , و من أطاعه أطاعنی , فبشره بذلک . فقلت : بشرته یا رب فقال : أنا عبد الله وفی قبضته , فإن یعذبنی بذنوبی لم یظلم شیئا , وإن یتم لی ما وعدنی فهو أولی . وقد دعوت له فقلت : اللهم اجل قلبه واجعل ربیعه الایمان بک . قال : قد فعلت ذلک غیر أنی مختصه بشئ من البلاء لم أختص به أحدا من

ص: 153

أولیائی . فقلت : رب أخی وصاحبی . قال : انه سبق فی علمی أنه لمبتلی ومبتلی به » ((1)) .

وقال النبی صلی الله علیه و آله لانس : " یا أنس أسکب لی وضوءا " ثم قام فصلی رکعتین ثم قال لی : "أول من یدخل علیک من هذا الباب إمام المتقین , وسید الوصیین , ویعسوب المؤمنین , وخاتم الوصیین , وغایة الغر المحجلین " .

قال أنس : فقلت : اللهم اجعله رجلا من الأنصار , وکتمت دعوتی . فجاء علی فقال صلی الله علیه و آله : " من جاء یا أنس ؟ " فقلت : علی , فقام إلیه مستبشرا , فاعتنقه ثم جعل یمسح عرق وجهه . فقال علی : " یا رسول الله صلی الله علیه و آله لقد رأیت منک الیوم تصنع بی شیئا ما صنعته بی قبل " .قال صلی الله علیه و آله : " وما یمنعنی وأنت تؤدی عنی , وتسمعهم صوتی , وتبین لهم ما اختلفوا فیه بعدی " ((2)).

ص: 154

{خَلَقَ الاِْنسَانَ مِنْ عَلَق}2, سورة العلق:

تخصیص لبعض ما ذکره بقوله (الذی خلق) لأنه یشتمل علی الانسان وغیره, وإنما أفرد الانسان بالذکر احتراما و تشریفا لافضل المخلوقات وتنبیها علی ما خصه الله به من امتیازات علی سائر أنواع الحیوان, وبین أنه مع ذلک خلقه الله من علق, وهو القطعة الجامدة من الدم.

{اقْرَأْ وَرَبُّکَ الاَْکْرَمُ3 الَّذِی عَلَّمَ بِالْقَلَمِ4}, سورة العلق .

لقد علَّم الله تعالی علیاً علیه السلام القراءة والکتابة من دون معلم .

وقد علم الله تعالی الانسان الکتابة التی بها تتم أمور الدنیا فینشر الدین والحضارة وعلوم الدنیا باسرها فی مشارق الأرض ومغاربها .

وقد أمر رب العالمین رسوله محمدا صلی الله علیه و آله بالقراءة لانه یعرف القراءة .

ص: 155

وحتی لو فرضنا عدم معرفته القراءة فقد أصبح صلی الله علیه و آله عالما بها بالامر الالهی .وقد تعلم الکثیر من الناس القراءة عن طریق المساعدة الالهیة لهم.

ومن الطبیعی أن یکون النبی صلی الله علیه و آله علی رأس هؤلاء المتنورین بالنور الالهی .وهو الکریم والاکرم فی کل شیء فی عالم المادیات والمعنویات.

قال علی بن إبراهیم فی تفسیره : فی قوله تعالی : (إقرأ وربک الأکرم

الذی علم بالقلم) یعنی علم الناس الکتابة ، التی تتم بها أمور الدنیا والآخرة ، فی مشارق الأرض ومغاربها .

الشیخ أبو الفتوح الرازی فی تفسیره : عن عبد الله بن عمر ، ما معناه أنه قال : قلت لرسول الله ( صلی الله علیه و آله ) : لا یمکن إلا أن أکتب ما أسمعه منک من الأحادیث لئلا أنساه ، فقال : " لا بأس ، أکتب ، فإن الله علم بالقلم_ قال_ والقلم من الله نعمة عظیمة ، ولولا القلم لم یستقم الملک والدین ، ولم یکن عیش صالح " ((1)) .

لکن عمر أمر باحراق ما دونه المسلمون من الحدیث النبوی قائلا :« من کان عنده شئ منها (الحدیث) فلیمحه »((2)).

ص: 156

وهذا الخطیب البغدادی یذکر بسنده:« إن عمر بن الخطاب بلغه أن فی أیدی الناس کتبا فاستنکرها وکرهها وقال : أیها الناس ، إنه قد بلغنی أنه قد ظهرت فی أیدیکم کتب فأحبها إلی الله أعدلها وأقومها فلا یبقین أحد عنده کتاب إلا أتانی به فأری فیه رأیی . قال : فظنوا أنه یرید ینظر فیها ویقومها علی أمر لا یکون فیه اختلاف فأتوه بکتبهم فأحرقها بالنار »((1)).

وقال عمر:«لا کتاب مع کتاب الله»((2)). ثم کتب إلی عماله فی کل البلاد الخاضعة لحکمه أن من کان عنده شئ من سنة الرسول فلیمحه((3)).

فشرع الولاة والقضاة وقادة الجیوش بإحراق الحدیث النبوی لارضاء عمر فی عملیة بربریة تخالف الفطرة البشریة والسنة النبویة والایات القرآنیة

,وقد قال النبی( صلی الله علیه و آله ): قیِّدوا العلم بالکتابة ((4)).

ص: 157

{عَلَّمَ الاِْنسَانَ مَا لَمْ یَعْلَمْ5}: سورة العلق: یعنی علم تعالی النبی صلی الله علیه و آله وعلیا علیه السلام ما لم یعلما قبل ذلک ویعنی القراءة والکتابة .

عن الامام أبی جعفر الباقر علیه السلام قال : نزل جبرئیل علی محمد صلی الله علیه و آله فقال : یا محمد اقرأ ، قال : وما أقرأ ؟ قال " اقرأ باسم ربک الذی خلق " یعنی خلق نورک الأقدم قبل الأشیاء " خلق الانسان من علق " یعنی خلقک من نطفة وشق منک علیا " اقرأ وربک الأکرم الذی علم بالقلم " یعنی علم علی بن أبی طالب علیه السلام " علم الانسان ما لم یعلم " یعنی علم علیا علیه السلام من الکتابة لک ما لم یعلم قبل ذلک((1)) .

تفسیر علی بن إبراهیم: اقرأ وربک الأکرم الذی علم بالقلم : قال علم الانسان الکتابة التی بها تتم أمور الدنیا فی مشارق الأرض ومغاربها ((2)) .

واهتم سید الرسل محمد صلی الله علیه و آله بالقراءة والکتابة :

وکان النبی صلی الله علیه و آله لا یعرف القراءة والکتابة قبل النبوة اذ قال تعالی : (وما کنت تتلو من قبله من کتاب ولا تخطه بیمینک إذاً لارتاب المبطلون) ((3)). وکلمة تتلو فی الآیة تخص الکتب المقدسة والکتب العادیة أی أنّک لم تتلو التوراة والإنجیل من قبل ولم تکتبها بیمینک. أی أنّه( صلی الله علیه و آله ) لا یحسن

ص: 158

الکتابة قبل البعثة ثم تعلّمها من جبرئیل بعد النبوة. والمبطلون یرتابون بما کان قبل البعثة لا بعدها.

فحرّم الله تعالی علیه الکتابة وقول الشعر تأکیداً لحجته وبیاناً لمعجزته وحتی الکفار لم یتهموه بأنّه یحسن القراءة والکتابة قبل البعثة بنص القرآن:

(وقالوا أساطیر الأولین اکتتبها فهی تملی علیه بکرة وأصیلاً)((1)) أی اکتتبها آخرون ویقرأون له، ولم یتّهموه بالقراءة والکتابة وکان أهل الجاهلیة لا یحسنون القراءة والکتابة سوی أفراد قلیلین بعد أن اجتمع ثلاثة نفر من طیء فوضعوا الخط وقاسوا هجاء العربیة علی هجاء السریانیة فتعلّمه قوم من أهل الأنبار ثم تعلمه أهل الحیرة ثم تعلّمه منهم أهل مکة((2)).

وما بعد عصر الرسالة اختلفوا أیضاً فی أنّه( صلی الله علیه و آله ) هل کان یقرأ ویکتب أم یقرأ فقط. وروایة قراءة النبی( صلی الله علیه و آله ) لرسالة العباس له قبل معرکة أحد فی مصدر أنّه( صلی الله علیه و آله )قرأها((3)) وفی مصدر قرأها أبی بن کعب((4)).

وقال الکثیر إنّه( صلی الله علیه و آله ) کان یقرأ ویکتب بعد البعثة النبویة ومن هؤلاء العلماء المرتضی، والشعبی ((5)) .

ص: 159

وفی عصر الرسالة لیس عندنا دلیل علی أنّ النبی( صلی الله علیه و آله ) کتب رسالة بیده والدلائل والقرائن تؤید ذلک أمّا قراءته لرسالة ما فمختلف فیه.

وفی صلح الحدیبیة کان کاتب الوثیقة علی علیه السلام واختلف فی محو عبارة رسول الله( صلی الله علیه و آله )من الوثیقة بعد طلب الکفار ذلک هل النبی( صلی الله علیه و آله ) قرأها ومحاها أم علی( علیه السلام أشار إلیها ومحاها النبی((1)).

ولیس عندنا فرصة أکثر هنا لإشباع التوق والتطلع الموجود عند القاریء العزیز.وجاء أنّ النبی( صلی الله علیه و آله ) هو الذی کتب فی تلک الصحیفة محمد بن عبد الله((2)).

ولقد ذکر البعض دون درایة أمیَّة النبی ( صلی الله علیه و آله ) بمعنی عدم معرفته بالقراءة والکتابة بعد البعثة النبویة فی حین قال الإمام علی الرضا علیه السلام : «کذبوا علیهم لعنة الله أنَّی یکون ذلک ویقول الله عزَّ وجلَّ فی کتابه:

(هو الذی بعث فی الأمیین رسولاً منهم یتلوا علیهم آیاته ویزکیهم ویعلّمهم الکتاب والحکمة)((3)) فالأمی هو الذی لم یطلع علی المتون السامیة القدیمة ولم یتبع الدیانتین المسیحیة أو الیهودیة .فکیف کان یعلمهم ما لا یحسن، واللهِ لقد کان رسول الله ( صلی الله علیه و آله ) یقرأ ویکتب باثنتین وسبعین لساناً، وإنما سمّی الأمی لأنه من أهل مکة، ومکة من أمَّهات القری، وذلک قول الله فی کتابه (لتنذر اُمَّ القری ومن حولها)((4)).

ص: 160

وأطلق القرآن کلمة الأُمیین علی العرب قبل الإسلام لعدم اطلاعهم علی الکتب المقدسة.

وکانت أول آیة قرآنیة نزلت علی رسول الله ( صلی الله علیه و آله ) هی:

(اقرأ بإسم ربک الذی خلق) ((1)) وهی دلالة علی قدرة النبی محمد( صلی الله علیه و آله )علی القراءة بنفسه فقرأ رسول الله ( صلی الله علیه و آله )ما أنزله الله تعالی.

وقد الحَّ الحزب القرشی فی وصم رسول الله( صلی الله علیه و آله ) بالأمیة، ووصف أفراده أمثال ابن العاص ومعاویة بالقدرة علی القراءة والکتابة! للنیل من النبی( صلی الله علیه و آله )! وکیف یکون علی بن أبی طالب علیه السلام (تلمیذه) قادراً علی القراءة والکتابة وأستاذه صاحب مدینة العلم ((2)) غیر متمکن منها؟

وهل القراءة والکتابة صعبة إلی هذه الدرجة الخطیرة! وقد قال تعالی: العلم نور یقذفه الله فی قلب من یرید.

ولمّا کان کل کلام مخالف للقرآن باطلا فتثبت عندها حقیقة ما ورد فی الآیات القرآنیة أعلاه.

ص: 161

وجاء بأنّه لمّا أراد عیسی علیه السلام بعث حواریه لدول العالم آنذاک دعا الله تعالی فأصبحوا وکل رجل منهم یتکلم بلغة القوم الذین وُجِّه إلیهم((1)).

واهتمام رسول الله( صلی الله علیه و آله ) بالقراءة والکتابة کان إلی درجة إعلانه عن إطلاق سراح کل أسیر من أسری معرکة بدر مقابل تعلیمه عشرة مسلمین القراءة والکتابة((2)) .فهل یعلّم النبیُ( صلی الله علیه و آله ) الناس القراءة والکتابة ویترک نفسه أمیّاً دونهم؟

ویدعی الفریق الأوّل أنّ الحکمة فی أمّیة رسول الله( صلی الله علیه و آله ) واستمرارها إبراز معجزة القرآن الکریم ونفی الادعاء الجاهلی بکتابة القرآن من قبل النبی( صلی الله علیه و آله ). وقد استمر هذا الادّعاء إلی نهایة حیاة رسول الله( صلی الله علیه و آله ). ویدعی الفریق الثانی انتهاء أمیّة رسول الله( صلی الله علیه و آله ) بالبعثة النبویة (إقرأ باسم ربک). لتظهر معجزة إلهیة أخری تتمثل فی تعلمه القراءة دون معلم. وعلی کلا المنحیین فإنّ المعجزة القرآنیة بیّنة واضحة لا یرتقی الإنس والجن لکتابة نظیر لها. والمعجزة القرآنیة لا تعتمد علی أمیّة النبی( صلی الله علیه و آله ) بل ترتکز علی البلاغة والإحاطة الغیبیة بالأحداث والقدرة العلمیة الإلهیة. ویتوضّح عندها أحقیّة الرأی الثانی.

{کَلاَّ إِنَّ الاِْنسَانَ لَیَطْغَی6 أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَی 7}سورة العلق.

: قال: إن الانسان إذا استغنی یکفر ویطغی وینکر .

عن أبی عبد الله جعفر الصادق ( علیه السلام ) قال : قال رسول الله صلی الله علیه و آله أللّهمَّ ارزق محمّداً وآل محمّد ومن أحبّ محمّداً وآل محمّد العفاف والکفاف

ص: 162

(قال رسول الله اللهم ارزق محمداً وآل محمد . . . العفاف والکفاف) العفاف بالفتح عفة البطن والفرج عن الطغیان ، أو العفة من السؤال عن الإنسان ، أو الجمیع ((1)) .

وقال عزّ وجلّ (إنما أموالکم وأولادکم فتنة » وقال : (إن الإنسان لیطغی أن رآه استغنی » وقال أمیر المؤمنین ( علیه السلام ) « المال مادة الشهوات » وبالجملة لما کان حصول الکفاف مانعاً من دواعی طرفی التفریط والإفراط وکان العبد معه مستقیم الأحوال علی سواء الصراط طلبه لنفسه ولمحبیه ومضمون الحدیث متفق علیه بین الخاصة والعامة . ففی مسلم عن النبی صلی الله علیه و آله أنّه قال « اللهم اجعل رزق محمد قوتاً »((2)).

والمراد بالقوت الکفاف وعنه أیضاً « اللهم اجعل رزق محمد کفافاً » وعنه أیضاً « اللهم اجعل رزق آل محمد قوتاً ».

قال عیاض لا خلاف فی فضلة ذلک لقلة الحساب علیه فإنما اختلف أیهما أفضل : الفقر أو الغنی ، واحتج کل لمذهبه ، واحتج من فضل الفقر بدخول الفقراء الجنة قبل الأغنیاء ، وقال القرطبی القوت ما یقوت الأبدان ویکف عن الحاجة , هذا الحدیث متوسط بین الفقر والغنی ، وخیر الاُمور أوسطها ، أیضاً فإنه حالة یسلم معها من آفات الفقر وآفات الغنی((3)) .

قال الابی فی کتاب إکمال الإکمال : فی المسألة خلاف والمتحصل فیها أربعة أقوال قیل الغنی أفضل ، وقیل الفقر أفضل من الکفاف وأطال

ص: 163

الإحتجاج علیه فی جامع المقدمات والمراد بالرزق المذکور ما ینتفع به صلی الله علیه و آله فی نفسه وفی أهل بیته ولیس المراد به الکسب لأنه کسب من خیبر ومن غیرها فوق القوت انتهی کلامه .

وأعلم أن الأحادیث مختلفة ففی بعضها طلب الغنی والیسار ، وفی بعضها طلب الکفاف ، وفی بعضها طلب الفقر ، وفی بعضها الإستعاذة من الفقر ویمکن أن یقال المراد بطلب الغنی طلب الکفاف لأن الکفاف هو الغنی المطلوب عند أهل العصمة (علیهم السلام) ولیس المراد به ما هو المتعارف عند أبناء الدنیا من جمع المال وادخاره والاتساع فیه فوق الحاجة ، وبالاستعاذة من الفقر الإستعاذة مما دون الکفاف وهو الفقر عندهم (علیهم السلام) وأقوی أفراده عند أهل الدنیا .

ومن تبعات الطغیان قتل المؤمنین الابریاء الامنین بدواع شتی .

لفعل خالد المذکور وعلی رأسهم عمر وعبد الله بن عمر لکن ابا بکر رفض ذلک ((1)).

ومن الناحیة الفقهیة لا یمکن نکح الجاریة فی الحرب قبل استبرائها بخمس واربعین یوما وان کانت حاملا فبعد وضعها .

وکرَّر خالد فعله مرَّة أخری فاکتفی أبو بکر بالکتابة إلیه : تتوثَّب علی النساء , وعند اطناب بیتک دماء المسلمین((2)).

و اعترف ابو بکر ان خالدا ارتکب اعمال زنا وقتل للمسلمین بشهادة جیش المسلمین لکنه لم یرجمه فمرت اعماله فی الزنا والقتل دون عقاب . ویسیر الوهابیون السلفیون علی دیانة خالد الجاهلیة فیزنون بنساء المسلمین من مختلف المذاهب دون استبراء .

وقتل خالد أفراد قبیلة خولة الحنفیة وباعوا نساءهم المسلمات فی المسجد النبوی فقالت : لم سبیتمونا وقد أقررنا بشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله صلی الله علیه و آله .قالوا (ابو بکر): منعتمونا الزکاة . قالت : هب الرجال منعوکم فما بال النسوان ؟ فسکت المتکلم (ابو بکر)کأنما القم حجرا , ثم ذهب إلیها طلحة وخالد یرمیان فی التزویج إلیها . قال أبو بکر ثوبین . فقالت : لست بعریانة فتکسونی قیل(ابو بکر ) : إنهما یریدان أن یتزایدا علیک فأیهما زاد علی صاحبه أخذک من السبی ((3)) . واخذها الامام علی علیه السلام برضاها .

ص: 165

وولدت خولة محمد بن أمیر المؤمنین علیه السلام فسمی محمد بن الحنفیة .

الواضح من هذه الروایة اقدام أبی بکر علی قتل المعارضین له من الشیعة ممن یقول : لا اله الا الله محمداً رسول الله صلی الله علیه و آله بحجج لا تسوغ له قتلهم منها : عدم اعطائهم للزکاة , وهی دعوی یجب التحقیق فیها , فان کانوا یریدون اعطائه للخلیفة علی بن ابی طالب علیه السلام فهذا ما أمرهم به رسول الله صلی الله علیه و آله بتعیینه علیاً علیه السلام وصیاً له وخلیفة فی یوم الدار ویوم الغدیر , هذا أولا . وثانیاً لا یوجد نص دینی یجیز قتل المسلم الممتنع عن إعطاء الزکاة فلم یقتل النبی صلی الله علیه و آله مسلماً بهذه الحجة .

وما ذنب النساء المسلمات أخذهم أبو بکر أسری حرب وقسَّمهم غنائم بین المسلمین مخالفة منه للکتاب والسنة , ففرق بین الأم وأولادها وبین الأولاد وآباءهم الذین أزهقوا أرواحهم . وزوج المحصنات المسبیات من المسلمین متسبباً فی حصول الزنا .

وما ذنب الرجال المسلمین المصلین یصبحون عبیداً یشتریهم المسلم والکافر وهم لا یعملون ولیس عندهم أموالا للزکاة ؟

وعندما کرَّر خالد مذبحة ثانیة فی حق بنی حنیفة وزنا بنسائهم اکتفی أبو بکر بالکتابة إلیه : تتوثَّب علی النساء , وعند اطناب بیتک دماء المسلمین((1)).

و قال نجاح الطائی : الواضح من قول ابی بکر معرفته باسلام المقتولین بسیف خالد وزناه بنسائهم لکنه لم یعزله ولم یقتله لانه من حزبه الموالین له . ولم یعوض القبیلة المظلومة فی دمائها وأموالها وأطفالها ونسائها بل

ص: 166

أشرف ابو بکر علی بیع نسائهم واطفالهم فی مسجد المدینة المنورة ومن هؤلاء کانت خولة الحنفیة !!!

{أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَی} سورة العلق الغنی موجب للطغیان إلا من عصم الله : روی حسان بن یحیی عن أبی عبد الله جعفر الصادق علیه السلام قال : ان رجلا فقیرا اتی رسول الله صلی الله علیه و آله وعنده رجل غنی فکف ثیابه وتباعد عنه فقال له رسول الله صلی الله علیه و آله : ما حملک علی ما صنعت أخشیت ان یلصق فقره بک ، أو یلصق غناک به ؟ فقال: یا رسول الله اما إذ ا قلت هذا فله نصف مالی قال رسول الله صلی الله علیه و آله للفقیر : أتقبل منه ؟ قال : لا . قال صلی الله علیه و آله : ولم ؟ قال : أخاف ان یدخلنی ما دخله . وعنه علیه السلام قال فی الإنجیل : ان عیسی علیه السلام قال : اللهم ارزقنی غدوة رغیفا من شعیر وعشیة رغیفا من شعیر ولا ترزقنی فوق ذلک فأطغی ، وکما أن الخائض فی الماء یجد بللا لا محالة کذلک صاحب الدنیا یجد علی قلبه رینا وقسوة لا محالة ((1)) .

وقال نجاح الطائی: وقد وجد العلماء وباقی العوام أن الطغیان ینبع من کثرة المال والولد والسلطة والاتباع والحواشی وکلما ضمرت هذه الامور أصبح الانسان عادیا وطبیعیا فی الحیاة الدنیا .

وکان الانبیاء فی حالة متوسطة من العیش والحیاة فلم یکدسوا الاموال بل قسموها علی المحتاجین وکان الامام علی علیه السلام یقسم الاموال بین الناس ثم یکنس بیت المال ویصلی فیه لیشهد له أمام الله تعالی ویبقی بابه مفتوحا للناس کافة .وقال تعالی: اذْهَبْ إلَی فِرْعَوْنَ إنَّهُ طَغَی 24_طه.

:وَقَوْمَ نُوح مِنْ قَبْلُ إنَّهُمْ کَانُوا هُمْ أظْلَمَ وَأطْغَی 52_النجم.

ص: 167

:فَاسْتَقِمْ کَمَا اُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَکَ وَلا تَطْغَوْا إنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِیرٌ112_هود.

:وَفِرْعَوْنَ ذِی الاَْوْتَادِ 10*الَّذِینَ طَغَوْا فِی الْبِلادِ 11*فَأَکْثَرُوا فِیهَا الْفَسَادَ12 *_الفجر.

{إنَّ إِلَی رَبِّکَ الرُّجْعَی}8,سورة العلق: فی یوم القیامة فیعاقب المسیء ویحسن الی المؤمن المطیع .

{أَرَأَیْتَ الَّذِی یَنْهَی9 عَبْداً إِذَا صَلَّی}10,سورة العلق:

قوله : (أَرَأَیْتَ الَّذِی یَنْهی عَبْداً إِذا صَلَّی) ، قال : کان الولید بن المغیرة ینهی الناس عن الصلاة ، وأن یطاع الله ورسوله ، فقال الله : (أَرَأَیْتَ الَّذِی یَنْهی عَبْداً إِذا صَلَّی) ((1)) .

ابن عباس ، والأصم : کان النبی صلی الله علیه و آله یصلی عند المقام فمر به أبو جهل فقال : یا محمد ألم أنهک عن هذا ؟ ! وتوعده ، فأغلظ له رسول الله ونهره ، فقال : یا محمد بأی شئ تتهددنی ؟ أما والله انی لأکبر هذا الوادی نادیا ، فنزل (أرأیت الذی ینهی) إلی قوله (فلیدع نادیه سندع الزبانیة) فقال ابن عباس : لو نادی لاخذته الزبانیة بالعذاب مکانه((2)) .

وروی أن أبا جهل قال : هل یعفر محمد وجهه بین أظهرکم ؟ قالوا : نعم ، قال : فبالذی یحلف به لئن رأیته یفعل ذلک لأطأن علی رقبته ، فقیل له : ها هو ذلک یصلی ، فانطلق لیطأ علی رقبته فما فاجأهم إلا وهو ینکص علی عقبیه ویتقی بیدیه ، فقالوا : ما لک یا أبا الحکم ؟ قال : إن بینی وبینه خندقا من نار وهولا وأجنحة ، وقال نبی الله : والذی نفسی بیده لو دنا منی لاختطفته الملائکة عضوا عضوا ، فأنزل الله سبحانه : " أرأیت الذی ینهی "

ص: 168

إلی آخر السورة " أرأیت إن کان علی الهدی " یعنی محمدا صلی الله علیه و آله " أو أمر بالتقوی ((1)) .

کان الولید بن المغیرة وابو جهل وابو سفیان ینهون المسلمین عن الصلاة فی الکعبة الشریفة فعاقبهم الله تعالی علی فعلهم فأصبحوا من المندرسین فی مزابل التاریخ .

وأمر الله تعالی بالصلاة قائلا : وَأقِیمُوا الصَّلاةَ_سورة یونس . لکنک تجد الکافرین یمنعون الصلاة, فها هم الوهابیون یفجرون أماکن الصلاة أثناء صلاة الجمعة وباقی صلوات الجماعة فیقتلون المئات من المصلین الملبین للاوامر الالهیة , متعلمین ذلک من خالد .

وکان خالد بن الولید قد غدر بقبیلة مالک بن نویرة المسلمة فدعاهم الی صلاة الجماعة ووضع السلاح جانبا وفی أثناء الصلاة هجم علیهم مع أزلامه فکتفهم ثم قتلهم وهم أسری .

فکانت منهجیة خالد تتمثل فی عدم احترام الصلاة واستغلالها لقتل المؤمنین . بینما جاء فی الکتاب المقدس :

وَأقِمِ الصَّلاةَ إنَّ الصَّلاةَ تَنْهَی عَنِ الفَحْشَاءِ وَالمُنْکَرِ وَلَذِکْرُ اللّهِ أکْبَرُ وَاللّهُ یَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ 45_سورة العنکبوت.

{أَرَأَیْتَ إِنْ کَانَ عَلَی الْهُدَی11 أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَی}12 سورة العلق :فقال : (أرأیت إن کان علی الهدی) یعنی العبد المنهی ، وهو محمد صلی الله علیه و آله (أو أمر بالتقوی) یعنی بالإخلاص والتوحید ، ومخافة الله تعالی . وههنا حذف أیضا تقدیره کیف یکون حال من ینهاه عن الصلاة ، ویزجره عنها .

ص: 169

{أَرَأَیْتَ إِنْ کَذَّبَ وَتَوَلَّی 13 أَلَمْ یَعْلَمْ بِأَنَّ اللّهَ یَرَی}14 سورة العلق .قال للنبی صلی الله علیه و آله (أرأیت إن کذب وتولی) بما یقال له وأعرض عن قبوله . والاصغاء إلیه (ألم یعلم بأن الله یری) أی یعلم ما یفعله ویدرک ما یصنعه .

محمد بن یعقوب : عن علی بن محمد ، عن سهل بن زیاد ، عن الوشاء ، قال : سمعت الرضا ( علیه السلام ) یقول : « أقرب ما یکون العبد من الله عز وجل وهو ساجد ، وذلک قوله عز وجل : (واسْجُدْ واقْتَرِبْ )((1)) » .

{کَلاَّ لَئِنْ لَمْ یَنْتَهِ لَنَسْفَعَا بِالنَّاصِیَةِ}15, سورة العلق: نسحبه من ناصیته الی النار . قول الله عز وجل : (أَرَأَیْتَ إِنْ کَذَّبَ وتَوَلَّی أَلَمْ یَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّه یَری کَلَّا لَئِنْ لَمْ یَنْتَه لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِیَةِ) أی لنأخذنه بالناصیة ، فنلقیه فی النار ((2)) .

السفع الجذب بشدة . الناصیة شعر الجبهة ، وکانت العرب تأنف من الجر بالناصیة ، وتعده غایة التحقیر ، لأنه اعتادوا علیه للحیوان لا للإنسان ، وکاذبة خاطئة أی صاحبها کاذب خاطئ .

{نَاصِیَة کَاذِبَة خَاطِئَة}16 سورة العلق. ومعناه أن صاحبها کاذب فی أقواله .

معلومات، والغریب أن القرآن أشار إلی هذه الحقیقة الطبیة بقوله تعالی عن المنافقین: {یَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ مَا لَیْسَ فِی قُلُوبِهِمْ}, الفتح:

11.

فاللسان هنا یتحرک بأمر من مقدمة الدماغ وهی الناصیة، ولذلک وصف الله هذه الناصیة بأنها: {نَاصِیَةٍ کَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ}, العلق: 16.

والسؤال: من الذی أخبر الحبیب صلی الله علیه و آله بأن القلب لا یختزن إلا المعلومات الصادقة وأن مرکز الکذب یقع فی الناصیة؟ إنها معلومات طبیة دقیقة جداً تشهد علی صدق هذا النبی الکریم .

والعجیب أن القرآن تحدث عن وظیفة هذه الناصیة قبل قرون طویلة! یقول تبارک وتعالی عن أبی جهل: {کَلَّا لَئِنْ لَمْ یَنْتَهِ لَنَسْفَعَنْ بِالنَّاصِیَةِ * نَاصِیَةٍ کَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ}, العلق: 15_16، فوصف الناصیة بالکذب والخطأ وهذا ما یراه العلماء الیوم بأجهزة المسح بالرنین المغنطیسی، فسبحان الله الذی أودع فی کتابه هذه الآیات لتکون دلیلاً علی إعجاز کتابه فی هذا العصر .

{فَلْیَدْعُ نَادِیَه}17, سورة العلق: لینادی أتباعه الکثیرین !!!

وقوله (فلیدع نادیه) وعید للذی قال: أنا أکثر هذا الوادی نادیا بأن قیل له (فلیدع نادیه) .إذا حل عقاب الله به .

{سنَدْعُ الزَّبَانِیَةَ }18: یعنی الملائکة الموکلین بالنار_ فی قول ابن عباس وقتادة ومجاهد والضحاک_ وقال أبو عبیدة: واحد الزبانیة زبینة, وقال الکسائی واحدهم زبنی . وقال الأخفش: واحدهم زابن . وقیل: زبنیة((1)) .

ص: 171

قوله : (فَلْیَدْعُ نادِیَه) قال : لما مات أبو طالب ، نادی أبو جهل والولید علیهما لعائن الله : هلموا فاقتلوا محمدا ، فقد مات الذی کان ینصره ، فقال الله : (فَلْیَدْعُ نادِیَه سَنَدْعُ الزَّبانِیَةَ) ، قال : کما دعا إلی قتل رسول الله ( صلی الله علیه و آله ) ، نحن أیضا ندعو الزبانیة ((1)) .

{کَلاَّ لا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ19}, سورة

العلق .

ثم قال : (کَلَّا لا تُطِعْه واسْجُدْ واقْتَرِبْ )_19 أی لا یطیعون لما دعاهم إلیه ، لأن رسول الله ( صلی الله علیه و آله ) أجاره مطعم بن عدی بن نوفل بن عبد مناف ولم یجسر علیه أحد ((2)) .

ولم یجر مطعم بن عدی الکافر رسول الله صلی الله علیه و آله ولم یدافع عنه انما هذه روایة مختلقة , لذا قررت قریش قتل النبی صلی الله علیه و آله وجاءت برجل من کل قبیلة فأوحی الله تعالی الیه الامر فخرج الی الغار ونام علی علیه السلام فی فراشه .

وکان الولید بن المغیرة ینهی الناس عن الصلاة وان یطاع الله ورسوله فقال أرأیت الذی ینهی عبدا إذا صلی قال الله تعالی: (أرأیت ان کذب وتولی ألم یعلم بأن الله یری) ثم قال (کلا لئن لم ینته لنسفعا بالناصیة) أی لنأخذنه بالناصیة فنلقیه فی النار قوله (فلیدع نادیه) قال لما مات

أبو طالب علیه السلام فنادی أبو جهل والولید علیهما لعائن الله هلموا فاقتلوا محمدا فقد مات الذی کان ناصره , فقال الله (فلیدع نادیه سندع الزبانیة) قال: کما دعا إلی قتل محمد رسول الله صلی الله علیه و آله نحن أیضا ندع الزبانیة ثم قال (کلا لا تطعه واسجد واقترب) .

ص: 172

أی لا یطیعون لما دعاهم إلیه لان رسول الله صلی الله علیه و آله یحمیه الواحد الجبار. ورُوِیَ : أنَّ النَّبیَّ صلی الله علیه و آله قَرأَ ذَاتَ یَوْم : (واسْجُدْ وَاقْتَرِبْ) فَسَجَدَ ومَنْ مَعَهُ

من المؤْمنینَ ، وقُرَیْشٌ تُصَفِّقُ فَوقَ رؤُوسِهِم وتُصَفِّرُ ، فَنَزَلَتْ ((1)) .

وروی فی الحدیث أنه لما نزل قوله تعالی : وأسجد وأقترب ، سجد النبی صلی الله علیه و آله فقال فی سجوده : أعوذ برضاک من سخطک ، وبمعافاتک من عقوبتک ، وأعوذ بک منک ، لا أحصی ثناء علیک أنت کما أثنیت علی نفسک ((2)).

والسجود هنا فرض واجب وهو من العزائم . وروی عن عبد الله بن سنان عن أبی عبد الله جعفر الصادق علیه السلام قال: العزائم: 1_ ألم تنزیل 2_ وحم السجدة 3_والنجم إذا هوی 4_ واقرأ باسم ربک . وما عداها فی جمیع القرآن مسنون ولیس بمفروض ((3)).

العزائم الاربعة : ألم السجدة : « إِنَّما یُؤْمِنُ بِآیاتِنَا الَّذِینَ إِذا ذُکِّرُوا بِها خَرُّوا سُجَّداً وسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وهُمْ لا یَسْتَکْبِرُونَ » ((4)) .

ص: 173

: وحکم علماء الشیعة بوجوب السجود عند قراءة هذه الآیة واستماعها وفی سماعها خلاف أحوطه الوجوب وکذا فی حم (حم السجدة) عند قوله: « لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ ولا لِلْقَمَرِ واسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِی خَلَقَهُنَّ إِنْ کُنْتُمْ إِیَّاهُ تَعْبُدُونَ » ((1)) .

وآخر اقرأ(سورة العلق) : « واسْجُدْ واقْتَرِبْ » _ العلق : 19 .

وعند آخر النجم : « فَاسْجُدُوا لِلَّهِ واعْبُدُوا » _ النجم : 62 .

وسمّوها بسور العزائم الأربع مستدلَّین بعد إجماع الفرقة بقول علیّ علیه السلام

« عزائم السجود أربع » ((2)) .

وقول الصادق علیه السلام « إذا قرئ شیء من العزائم الأربع فسمعتها فاسجد وإن کنت علی غیر وضوء وإن کنت جنبا وإن کانت المرأة لا تصلَّی وسائر القرآن أنت فیه بالخیار » ((3)) .

ولأنّها واردة بصیغة الأمر الدالّ علی الوجوب .

وقال نجاح الطائی: فی سورة العلق أمر الله تعالی رسوله المصطفی بوجوب القراءة وانه سبحانه هو الذی علم الانسان الکتابة وعلمه ما لم یعلم .

وان الانسان یطغی عند حصوله علی المال والمنصب والجاه والشهرة , ومهما وصل الانسان من سلطنة وغنی فرجوعه الی الباری تعالی .

ص: 174

وذکر تعالی الناهین عن الصلاة والمانعین لها وکیف سیکون جزاؤهم لو کان الممنوعون علی الهدی وطریق الحق ؟

وحذرهم الله تعالی من الاستمرار فی هذا الطریق الکافر بجنوده من الانس والجن والملائکة .

وأمر تعالی بالابتعاد عن هؤلاء الطغاة المعارضین للصلاة والمحاربین لها ووجوب عبادة الرحمن والاقتراب منه .

عن الامام أبی جعفر علیه السلام قال: یا معشر الشیعة خاصموا بسورة (انا أنزلناه) تفلحوا, فوالله انها لحجة الله تبارک وتعالی علی الخلق بعد رسول الله صلی الله علیه و آله , وانها لسیدة دینکم وانها لغایة علمنا, یا معشر الشیعة خاصموا ب :(حم والکتاب المبین انا أنزلناه فی لیلة مبارکة انا کنا منذرین ), فإنها لولاة الأمر خاصة بعد رسول الله صلی الله علیه و آله _ ثم ذکر تمام الحدیث ((1)) .

وقال الصدوق: القرآن انزل إلی البیت المعمور فی لیلة القدر جملة واحدة, وعلی رسول الله صلی الله علیه و آله فی طول ثلاث وعشرین سنة.

وهذا خطأ لانه یخالف ما جاء فی :{قَدْ سَمِعَ اللَّه قَوْلَ الَّتِی تُجادِلُکَ فِی زَوْجِها}, سورة المجادلة 1 .

وجاء:{وَلَقَدْ نَصَرَکُمُ اللّهُ بِبَدْر وَأنْتُمْ أذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللّهَ لَعَلَّکُمْ تَشْکُرُونَ123}((2)) . وقوله تعالی: {لقد نصرکم الله فی مواطن کثیرة ویوم حنین إذ أعجبتکم کثرتکم فلم تغن عنکم شیئا وضاقت علیکم الأرض بما رحبت ثم ولیتم مدبرین} ((3)) .

وقال نجاح الطائی: الصحیح: بدأ نزول القرآن الکریم فی لیلة القدر واستمر فی نزوله تدریجیا علی النبی فی طول ثلاث وعشرین سنة . ولم ینزل جملة واحدة.

ص: 176

{وَمَا أَدْرَاکَ مَا لَیْلَةُ الْقَدْرِ}2, سورة القدر: ومعنی لیلة القدر ان الله یقدر فیها الآجال والأرزاق وکل أمر یحدث من موت أو حیاة أو خصب أو جدب أو خیر أو شر کما قال الله فیها . یفرق کل أمر حکیم إلی سنة.

{لَیْلَةُ الْقَدْرِ خَیْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْر}3, سورة القدر: رأی رسول الله صلی الله علیه و آله فی نومه کأن قرودا تصعد منبره فغمه ذلک فأنزل الله {إنا أنزلناه فی لیلة القدر وما أدراک ما لیلة القدر لیلة القدر خیر من الف شهر}تملکه بنو أمیة .وجاء: ان النبی رأی فی منامه ان قرودا تصعد فی منبره وتنزل ، فساءه ذلک واغتم به ولم یر بعد ذلک ضاحکا حتی مات . وهو المروی عن جعفر بن محمد علیه السلام ((1)) .

وعن أبی عبد الله جعفر الصادق علیه السلام قال : کان علی بن الحسین صلوات الله علیه یقول : " إنا أنزلناه فی لیلة القدر " صدق الله عز وجل أنزل الله القرآن فی لیلة القدر " وما أدراک ما لیلة القدر " قال رسول الله صلی الله علیه و آله : لا أدری ، قال الله عز وجل " لیلة القدر خیر من ألف شهر " لیس فیها لیلة القدر ، قال لرسول الله صلی الله علیه و آله : وهل تدری لم هی خیر من الف شهر ؟ قال لا ، قال : لأنها تنزل فیها الملائکة والروح بإذن ربهم من کل أمر ، وإذا أذن الله عز وجل بشئ فقد رضیه " سلام هی حتی مطلع الفجر " یقول : تسلم علیک یا محمد ملائکتی وروحی بسلامی من أول ما یهبطون إلی مطلع الفجر((2)) .

ص: 177

وعن أبی جعفر ( علیه السلام ) قال : خطب رسول الله ( صلی الله علیه و آله ) الناس فی آخر جمعة من شعبان فحمد الله أثنی علیه ثم قال : أیها الناس إنه قد أظلکم شهر فیه لیلة خیر من ألف شهر وهو شهر رمضان فرض الله صیامه وجعل قیام لیلة فیه بتطوع صلاة کتطوع صلاة سبعین لیلة فیما سواه من الشهور وجعل لمن تطوع فیه بخصلة من خصال الخیر والبر کأجر من أدی فریضة من فرائض الله عز وجل ومن أدی فیه فریضة من فرائض الله کان کمن أدی سبعین فریضة من فرائض الله فیما سواه من الشهور وهو شهر الصبر وإن الصبر ثوابه الجنة وشهر المواساة وهو شهر یزید الله فی رزق المؤمن فیه ومن فطر فیه مؤمنا صائما کان له بذلک عند الله عتق رقبة ومغفرة لذنوبه فیما مضی ; قیل : یا رسول الله لیس کلنا یقدر علی أن یفطر صائما ، فقال : إن الله کریم یعطی هذا الثواب لمن لم یقدر إلا علی مذقة من لبن یفطر بها صائما أو شربة من ماء عذب أو تمرات لا یقدر علی أکثر من ذلک ومن خفف فیه عن مملوکه خفف الله عنه حسابه ، وهو شهر أوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره الإجابة والعتق من النار ولا غنی بکم عن أربع خصال خصلتین ترضون الله بهما وخصلتین لا غنی بکم عنهما فأما اللتان ترضون الله عز وجل بهما فشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وأما اللتان لاغنی بکم عنهما فتسألون الله فیه حوائجکم والجنة وتسألون العافیة وتعوذون به من النار ((1)) .

{تَنَزَّلُ الْمَلائِکَةُ وَالرُّوحُ فِیهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ کُلِّ أَمْر}4سورة

القدر.

ص: 178

قال تنزل الملائکة وروح القدس علی إمام الزمان ویدفعون إلیه ما قد کتبوه من هذه الأمور .

من کل أمر سلام: قال: تحیة یحیی بها الامام إلی أن یطلع الفجر قیل لأبی جعفر علیه السلام تعرفون لیلة القدر ؟ فقال وکیف لا نعرف لیلة القدر والملائکة یطوفون بنا فیها .

تفسیر علی بن إبراهیم : " إنا أنزلناه فی لیلة القدر " فهو القرآن انزل إلی البیت المعمور جملة واحدة ، وعلی رسول الله صلی الله علیه و آله فی طول عشرین سنة " وما أدریک ما لیلة القدر " إن الله یقدر فیها الآجال والأرزاق وکل أمر یحدث من موت أو حیاة أو خصب أو جدب أو خیر أو شر ، کما قال الله : {فِیهَا یُفْرَقُ کُلُّ أمْر حَکِیم 4}_سورة الدخان. إلی سنة قوله : " تنزل الملائکة والروح فیها " قال : تنزل الملائکة وروح القدس علی إمام الزمان ویدفعون إلیه ما قد کتبوه من هذه الأمور . قوله " لیلة القدر خیر من ألف شهر " قال : رأی رسول الله صلی الله علیه و آله کأن قرودا تصعد منبره ، فغمه ذلک فأنزل الله سورة " إنا أنزلناه فی لیلة القدر " قوله : " لیلة القدر خیر من ألف شهر " تملکه بنو أمیة لیس فیها لیلة القدر ، قوله : " کل أمر سلام " قال تحیة یحیی بها الامام إلی أن یطلع الفجر ((1)) .

وقیل لأبی جعفر الامام الباقر علیه السلام : تعرفون لیلة القدر ؟ فقال : وکیف لا نعرف والملائکة تطوفون بنا بها ((2)) .

ص: 179

عیون أخبار الرضا علیه السلام : جعفر بن علی بن أحمد ، عن الحسن بن محمد بن علی بن صدقة عن محمد بن عمر بن عبد العزیز ، عن الحسن بن محمد النوفلی قال : قال سلیمان المروزی للرضا علیه السلام : ألا تخبرنی عن " إنا أنزلناه فی لیلة القدر " فی أی شئ أنزلت ؟ قال : یا سلیمان لیلة القدر یقدر الله عز وجل فیها ما یکون من السنة إلی السنة ، من حیاة أو موت أو خیر أو شر أو رزق فما قدره فی تلک اللیلة فهو من المحتوم((1)) .

قال سلیم: سألت محمد بن أبی بکر: أکان علی علیه السلام محدَّثاً ؟

فقال: نعم . قلت: أیحدث الملائکةُ الأئمةَ ؟

فقال: أوما تقرأ: وما أرسلنا من قبلک من رسول ولا نبی ولا محدث .

فقلت وأمیر المؤمنین محدث ((2)) . ؟

قال: نعم, وفاطمة کانت محدثة ولم تکن نبیة ((3)) .

{سَلامٌ هِیَ حَتَّی مَطْلَعِ الْفَجْرِ5}سورة القدر.

: هو سلام الملائکة علیهم وسلام بعضهم علی بعض إلی طلوع الفجر .

وقیل:

معناه سلام هی من الشر حتی مطلع الفجر ذکره قتادة . أی تسلم علیک یا محمد ملائکتی وروحی بسلامی من أول ما یهبطون إلی طلوع

ص: 180

الفجر . وقیل إن فضل الصلاة فیها والعبادات علی الف شهر یراد بها إلی وقت طلوع الفجر .

قال نجاح الطائی: هی سلام وخیر وأمن واستقرار وعافیة من العلی الاعلی السلام والرحمن والرؤوف حتی مطلع الفجر .

قال الامام الباقر علیه السلام : یا معاشر الشیعة خاصموا بسورة: (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِی لَیْلَةِ الْقَدْرِ) . تفلحوا .

یا معاشر الشیعة خاصموا ب: {حم1* وَالکِتَابِ المُبِینِ2* إنَّا أنزَلْنَاهُ فِی لَیْلَة مُبَارَکَة إنَّا کُنَّا مُنْذِرِینَ3* فِیهَا یُفْرَقُ کُلُّ أمْر حَکِیم 4}_الدخان فانها لولاة الأمر خاصة بعد رسول الله صلی الله علیه و آله ((1)) .

وفی تفسیر فرات الکوفی عن أبی عبد الله جعفر الصادق علیه السلام أنه قال:

(إِنّا أَنْزَلْناهُ فِی لَیْلَةِ الْقَدْرِ). اللیلة: فاطمة ( علیها السلام ), القدر: الله, فمن عرف فاطمة ( علیها السلام )حقّ معرفتها فقد أدرک لیلة القدر, وإنما سمیت فاطمة ( علیها السلام )لأن الخلق فطموا عن معرفتها ((2)).

وعن الامام أبی عبد الله الصادق علیه السلام , إنه قال فی قول الله تعالی: (تنزل الملائکة والروح فیها بإذن ربهم من کل أمر, سلام هی حتی مطلع الفجر ). قال: نزل جبرائیل فی ثلاثین الفا من الملائکة لیلة القدر بولایة علی علیه السلام وولایة الاوصیاء من ولده صلوات الله علیهم أجمعین ((3)) .

ص: 181

لقد أکرم الخالق عز وجل لیلة القدر فجعلها خیرا من ألف شهر وثلاثین ألف یوم .لیلفت نظر الناس الی أهمیة هذه اللیلة المکرمة .فتنزل الملائکة الی الارض الدنیا مترحمة علی المسلمین المصلین الصائمین .

وقیل: معناه لم یکونوا لیترکوا منفکین من حجج الله حتی تأتیهم البینة التی تقوم بها الحجة علیهم وَالْمُشْرِکِینَ مُنفَکِّینَ حَتَّی تَأْتِیَهُمْ الْبَیِّنَةُ , 1 _ ((1)) .

القمی: یعنی قریشا قال هم فی کفرهم حتی تأتیهم البینة ((2)) .

وعن الباقر علیه السلام قال: إن البینة محمد صلی الله علیه و آله .

وبعدما جاءتهم البینه الالهیة المتمثلة بالنبی محمد صلی الله علیه و آله أسلم المشرکون وبعض أهل الکتاب .

{رَسُولٌ مِنْ اللّهِ یَتْلُوا صُحُفاً مُطَهَّرَةً 2} سورة البینة. .

البینة : رسول من الله یتلوا القرآن المجید .وعندما حصل هذا فرَّ منه الکفار واخترعوا حججا کثیرة بانه رجل به جنة وکاهن وشاعر !!!

والأئمة هم الصحف المطهرة ((3)).

{فِیهَا کُتُبٌ قَیِّمَةٌ 3 }, سورة

البینة: معناه فی تلک الصحف کتب جمع کتاب .عن برید العجلی قال سألت أبا جعفر علیه السلام عن قول الله تعالی فی صحف مطهرة فیها کتب قیمة قال هو حدیثنا فی صحف مطهرة من الکذب ((4)) .

ص: 183

وعنه عن الحسن عمن رواه عن أبی عبیده قال سألت أبا جعفر علیه السلام عن قول الله ائتونی بکتاب من قبل هذا أو إثارة من علم إنما عنی بذلک علم الأوصیاء والأنبیاء ان کنتم صادقین ((1)) .

وبإسناده عن أبی بصیر ، عن أبی عبد الله جعفر الصادق

( علیه السلام ) فی حدیث بیان جهات علم الإمام قال : وإن عندنا لمصحف فاطمة وما یدریهم ما مصحف فاطمة ؟ قال : فیه مثل قرآنکم هذا ثلاث مرات ، والله ما فیه من قرآنکم حرف واحد ، إنما هو شئ أملاه الله علیها أو أوحی إلیها ((2)) . بصائر الدرجات : عن علی بن سعید ، عن الصادق ( علیه السلام ) فی حدیث : وعندنا والله مصحف فاطمة ، ما فیه آیة من کتاب الله ، وأنه لإملاء رسول الله صلی الله علیه و آله وخطه علی علیه السلام بیده ((3)) .

أقول : یمکن أن یکون المراد من لفظ رسول الله معناه اللغوی . وقال المجلسی : والمراد برسول الله جبرئیل((4)) .

بصائر الدرجات : عن الحسین بن أبی العلاء ، عن أبی عبد الله جعفر الصادق ( علیه السلام ) قال : إن عندی الجفر الأبیض ، قال : قلنا : وأی شئ فیه ؟ قال : فقال لی : زبور داود وتوراة موسی وإنجیل عیسی وصحف إبراهیم والحلال والحرام ومصحف فاطمة ، ما أزعم أن فیه قرآنا وفیه ما یحتاج

ص: 184

الناس إلینا ولا نحتاج إلی أحد حتی أن فیه الجلدة بالجلدة ، ونصف الجلدة وثلث الجلدة وربع الجلدة وأرش الخدش ((1)) .

وجاء: کتب قیمة أی أن القرآن یشتمل علی معانی الکتب المتقدمة:التوراة والانجیل والزبور .

لکن الیهود حرَّفوا هذه الکتب متأخرا فأصبحت لا یمکن الاعتمتد علیها .

{وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِینَ أُوتُوا الْکِتَابَ إِلا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمْ الْبَیِّنَةُ4}, سورة البینة: {وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِینَ أُوتُوا الْکِتَابَ) مکذبی الشیعة(إِلا مِنْ بَعْدِمَا جَاءَتْهُمْ الْبَیِّنَةُ ).الرسول والکتاب المجید .

یعنی وما اختلف هؤلاء فی أمر محمد صلی الله علیه و آله ، إلا من بعدما جاءتهم البشارة به فی کتبهم, وعلی ألسنة رسلهم, فکانت الحجة قائمة علیهم, فکذلک لا یترک المشرکون من غیر حجة تقوم علیهم .

وقیل: معناه ولم یزل أهل الکتاب مجتمعین فی تصدیق محمد صلی الله علیه و آله .، حتی بعثه الله . فلما بعث تفرقوا فی أمره, واختلفوا فآمن به بعضهم, وکفر آخرون .

وقال نجاح الطائی: کان الکافرون ینتظرون رسولا وکتابا یلبی مصالحهم الدنیویة فی سرقة الامة واغتصاب سلطتها والتلاعب بمصالح الناس وقهرهم وسلب أموالهم ومسخ شخصیاتهم وقتل المؤمنین منهم , فلما وجدوه یطلب الحق ویسعی الی تطبیقه عارضوه وحاربوه .

ص: 185

{وَمَا أُمِرُوا إِلا لِیَعْبُدُوا اللّهَ مُخْلِصِینَ لَهُ الدِّینَ حُنَفَاءَ وَیُقِیمُوا الصَّلاةَ وَیُؤْتُوا الزَّکَاةَ وَذَلِکَ دِینُ الْقَیِّمَةِ}5, سورة البینة.

وَیُقِیمُوا الصَّلاةَ : الصلاة أمیر المؤمنین (وَیُؤْتُوا الزَّکَاةَ وَذَلِکَ دِینُ الْقَیِّمَةِ 5) . دین فاطمة, ودین القائم .

: دین قیم وهو دین الحق والصراط المستقیم .

قال أبو عبد الله جعفر الصادق " علیه السلام " : السراق ثلاث : مانع الزکاة ومستحل مهر النساء ، وکذلک من استدان دینا ولم ینو قضاءه ((1)).

" وما أمروا " هؤلاء الأصناف " إلا لیعبدوا الله مخلصین له الدین " والاخلاص الایمان بالله وبرسوله صلی الله علیه و آله والأئمة علیهم السلام ، وقوله تعالی : " ویقیموا الصلاة ویؤتوا الزکاة " فالصلاة والزکاة أمیر المؤمنین علی بن أبی طالب علیه السلام " وذلک دین القیمة " قال : هی فاطمة علیها السلام ، وقوله تعالی : " إن الذین آمنوا وعملوا الصالحات " قال : الذین آمنوا بالله وبرسوله وبأولی الامر وأطاعوهم بما أمروهم به فذلک هو الایمان والعمل

الصالح ((2)) .

وقال الرسول المختار صلی الله علیه و آله : لقد جئتکم بها بیضاء نقیة . فإنه أراد الملة الحنیفیة ، فلذلک جاء التأنیث کقول الله عز وجل : (وذلک دین القیمة)

إنما هی الملة الحنیفیة ((3)) .

ص: 186

وقال تعالی " إن الدین عند الله الاسلام " ((1)) مع أن الدین لا یکون إلا مع الاخلاص لقوله تعالی " وما أمروا إلا لیعبدوا الله مخلصین له الدین " إلی قوله تعالی " وذلک دین القیمة " .

فالاسلام مشروط بالاخلاص وذکر الاسلام معرفا و ذلک یفید حصر الاسلام فی الدین المخلص ، فکأن المعنی والله أعلم : لا إسلام إلا ما هو دین عند الله تعالی .

{إِنَّ الَّذِینَ کَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْکِتَابِ وَالْمُشْرِکِینَ فِی نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِینَ فِیهَا أُوْلَئِکَ هُمْ شَرُّ الْبَرِیَّةِ}6, سورة البینة.

قال النبی صلی الله علیه و آله : هم أعداؤک وشیعتهم, یجیؤون یوم القیامة مسودة وجوههم ظماء مظمئین أشقیاء معذبین, کفارا منافقین ((2)) .

وعنه : عن جعفر بن محمد الحسنی ، ومحمد بن أحمد الکاتب ، قال : حدثنا محمد بن علی بن خلف ، عن أحمد بن عبد الله ، عن معاویة ، عن عبید الله بن أبی رافع ، عن أبیه ، عن جده أبی رافع : أن علیا ( علیه السلام ) قال لأهل الشوری : « أنشدکم بالله ، هل تعلمون یوم أتیتکم وأنتم جلوس مع رسول الله ( صلی الله علیه و آله ) فقال : هذا أخی قد أتاکم ، ثم التفت إلی الکعبة ، قال : ورب الکعبة المبنیة ، إن هذا وشیعته هم الفائزون یوم القیامة ، ثم أقبل علیکم وقال : أما إنی أولکم إیمانا ، وأقومکم بأمر الله ، وأوفاکم بعهد الله ، وأقضاکم بحکم الله ، وأعدلکم فی الرعیة ، وأقسمکم بالسویة ، وأعظمکم عند الله مزیة ، فأنزل الله سبحانه : (إِنَّ الَّذِینَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِکَ

ص: 187

هُمْ خَیْرُ الْبَرِیَّةِ) فکبر رسول الله ( صلی الله علیه و آله ) وکبرتم ، وهنأتمونی بأجمعکم ، فهل تعلمون أن ذلک کذلک ؟ » قالوا :اللهم نعم . قال :وکان أصحاب محمد رسول الله ( صلی الله علیه و آله ) إذا أقبل علی علیه السلام قالوا : قد جاء خیر البریة ((1)).

{إِنَّ الَّذِینَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِکَ هُمْ خَیْرُ الْبَرِیَّةِ}7, سورة

البینة: الثعلبی: وقد روی أبو إسحاق الثعلبی: هذا المعنی مسنداً فی تفسیره إلی البراء بن عازب قال: قال رسول الله صلی الله علیه و آله لعلی علیه السلام : قل اللهمّ اجعل لی عندک عهداً واجعل لی فی صدور المؤمنین مودّة فأنزل الله هذه الآیة قوله تعالی: (إِنَّ الَّذِینَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ أوْلَئِکَ هُمْ خَیْرُ ا لْبَرِیَّةِ) ((2)) .

ابن حجر: وقال ابن حجر فی الصواعق: عن ابن عباس: إنّ هذه الآیة لمّا نزلت قال النبی صلی الله علیه و آله لعلی: هو أنت وشیعتک تأتی أنت وشیعتک یوم القیامة راضین مرضیین, ویأتی عدوّک غضاباً مقمحین . قال علیه السلام : ومَن عدوّی ؟ قال صلی الله علیه و آله : من تبرّأ منک ولعنک » ((3)) .

ص: 188

النصوص النبویة: الذین أیدوا نزول الایة الکریمة فی حق أهل البیت بقول رسول الله صلی الله علیه و آله : هم أنت یا علی وشیعتک خیر البریة ((1)) .

وفی روایة قال النبی صلی الله علیه و آله : علی وشیعته خیر البریة ((2)).

الطبری والسیوطی:قال النبی صلی الله علیه و آله :{إِنَّ الَّذِینَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِکَ هُمْ خَیْرُ الْبَرِیَّةِ}: أنت یا علی وشیعتک ((3)) .

ص: 189

وقال نجاح الطائی: رغم هذه النصوص القرآنیة والحدیثیة المتواترة والمشهورة فی کتب العامة بقی البعض یصر علی تفضیل مذهب المخالفین والنواصب علی مذهب أهل البیت عنادا منهم لله تعالی ورسوله وولیه .

وتمرد النواصب والخوارج أکثر من هذا فکفَّروا وسبوا علیا علیه السلام وشیعته خیر البریة عصیانا للفرض السماوی الواجب للامامة العلویة کما عصت الیهود .

وقدَّم المخالفون العبیدَ الغاصبین للخلافة علی أهل البیت معارضة منهم لهذه الایة وما جاء فی حدیث الثقلین :

قال

سید الأنبیاء محمد صلی الله علیه و آله فی حدیث الثقلین :(ایّها الناس، ترکت فیکم الثقلین خلیفتین، إنْ أخذتم بهما لن تضلّوا بعدی، أحدهما أکبر من الآخر، کتاب الله حبل ممدود ما بین السماء والأرض، وعترتی أهل بیتی، الاّ وإنّهما لن یفترقا حتیّ یردا علیَّ الحوض، ثم قال ( صلی الله علیه و آله ): ألست أولی بالمؤمنین من أنفسهم ؟ قالوا: بلی, قال: إن الله مولای، وأنا مولی المؤمنین، وعلی مولی من کنت مولاه, ثم أخذ بید علی وقال: من کنت مولاه فعلی

ص: 190

مولاه،

اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، واخذل من خذله وانصر من نصره، وأدر الحق معه حیث کان, وإنَّ اللطیف الخبیر نبأنی أنهما لن یفترقا حتی یردا علیَّ الحوض، وسألت ذلک لهما ربی، فلا تتقدموهما فتهلکوا، ولا تقصِّروا عنهما فتهلکوا، ولا تعلموهم فإنهم أعلم منکم) ((1)) .

ص: 191

والایة القرآنیة التی نزلت بعد بیعة المسلمین للامام علی علیه السلام فی الغدیر بالولایة والخلافة هی: {الْیَوْمَ أَکْمَلْتُ لَکُمْ دِینَکُمْ وَأَتْمَمْتُ علیکم نِعْمَتِی وَرَضِیتُ لَکُمُ الإِسْلاَمَ دِیناً}سورة المائدة 3_ ومن العلماء والحفاظ الذین أیَّدوا نزول هذه الآیة حول نصّ الغدیر هم:((1)) .

ص: 192

ولان النواصب والخوارج یسیرون عکس المذهب الالهی فقد اختلقوا للشیعة انهم روافض یجب أن یقتلوا .

ومن الحدیث الموضوع: قال النبی صلی الله علیه و آله لعلی علیه السلام : أنت واصحابک فی الجنة الا انه ممن یزعم أنه یحبک أقوام یرفضون الاسلام ثم یلفظونه یقرؤون القرآن لا یجاوز تراقیهم لهم نبز یقال لهم الرافضة فان أدرکتهم فجاهدهم فانهم مشرکون قلت یا رسول الله ما العلامة فیهم قال: لا یشهدون جمعة ولا جماعة ویطعنون علی السلف الاول .قال ابن حجر الهیثمی فی الحدیث الفضل بن غانم وهو ضعیف ((1)).

{جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْن تَجْرِی مِنْ تَحْتِهَا الاَْنْهَارُ خَالِدِینَ فِیهَا أَبَداً رَضِیَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِکَ لِمَنْ خَشِیَ رَبَّهُ}8 , سورة البینة :أطاع ربه ((2)) .

عن جابر ، عن أبی جعفر ( علیه السلام ) ، فی قوله تعالی : (إِنَّ الَّذِینَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِکَ هُمْ خَیْرُ الْبَرِیَّةِ) ، قال :« هم شیعتنا أهل البیت » ((3)) .

ص: 193

الطبرسی ، قال : فی کتاب (شواهد التنزیل) للحاکم أبی القاسم الحسکانی ، قال : أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، بالإسناد المرفوع إلی یزید بن شراحیل الأنصاری ، کاتب علی ( علیه السلام ) ، قال سمعت علیا ( علیه السلام ) یقول : « قبض رسول الله ( صلی الله علیه و آله ) وأنا مسنده إلی صدری ، فقال : یا علی ، ألم تسمع قول الله تعالی : (إِنَّ الَّذِینَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِکَ هُمْ خَیْرُ الْبَرِیَّةِ )؟ هم شیعتک ، وموعدی وموعدکم الحوض إذا اجتمع الأمم للحساب تدعون غرا محجلین » ((1)) .

وروی الطبرسی ، رفعه : عن مقاتل بن سلیمان ، عن الضحاک ، عن ابن عباس ، فی قوله : (هُمْ خَیْرُ الْبَرِیَّةِ) ، قال : نزلت فی علی وأهل بیته((2)) .

جنات عدن تجری من تحتها الانهار تعطی لمن خشی ربه وتورع عن المعاصی ورکن الی التوحید والنبوة والامامة وسار فی ظلالها .

{ذَلِکَ لِمَنْ خَشِیَ رَبَّهُ}: عن الباقر علیه السلام اعینونا بالورع فانّ من لقی اللَّه تعالی منکم بالورع کان له عند اللَّه فرجا انّ اللَّه عزّ وجلّ یقول (ومَنْ یُطِعِ أللهَ والرَّسُولَ فَأُولئِکَ مَعَ الَّذِینَ أَنْعَمَ أللهُ عَلَیْهِمْ مِنَ النَّبِیِّینَ والصِّدِّیقِینَ والشُّهَداءِ والصَّالِحِینَ وحَسُنَ أُولئِکَ رَفِیقاً) (النّساء_ 80 ).

وقال نجاح الطائی: لم یکن النصاری والیهود والکفار منفکین عن الکفر حتی جاءهم النبی بکتابه السماوی المجید .

والرسول لیس من نفسه ولا من قبیلته بل من الله تعالی وهو یتلوا صحفا مطهرة فیها صحف الاوصیاء من أهل البیت.

ص: 194

وقد وصاهم الله تعالی باداة الحصر أن یعبدوا الله وحده:{وَمَا أُمِرُوا إِلا لِیَعْبُدُوا اللّهَ مُخْلِصِینَ لَهُ الدِّینَ حُنَفَاءَ وَیُقِیمُوا الصَّلاةَ وَیُؤْتُوا الزَّکَاةَ وَذَلِکَ دِینُ الْقَیِّمَةِ}.وهو الدین الحق القیم الواجب الحفاظ علیه .

والکفار مقرهم فی جهنم وهم شر البریة , والذین آمنوا وعملوا الصالحات المتقون الورعون أولئک هم خیر البریة جزاؤهم جنات عدن وهم من رضی الله تعالی عنهم ورضوا عنه .

الله تعالی بزلزلة ابدا ولا بصاعقة ولا بآفة من آفات الدنیا فإذا مات أمر به إلی الجنة ((1)) .

وقال الامام الصادق علیه السلام : من صلی لیلة الجمعة رکعتین یقرأ فیهما بفاتحة الکتاب وإذا زلزلت الأرض زلزالها خمس عشرة مرة آمنه الله من عذاب القبر ومن أهوال یوم القیامة ((2)) .

وعن أبی عبد الله جعفر الصادق علیه السلام أنه قال: لا تملوا من قراءة إذا زلزلت الأرض زلزالها, فإنه من کانت قراءته بها فی نوافله لم یصبه الله عز وجل بزلزلة أبدا ولم یمت بها ولا بصاعقة ولا بآفة من آفات الدنیا حتی یموت وإذا مات نزل علیه ملک کریم من عند ربه فیقعد عند رأسه فیقول: یا ملک الموت ارفق بولی الله فإنه کان کثیرا ما یذکرنی ویذکر تلاوة هذه السورة, وتقول له السورة مثل ذلک ویقول ملک الموت قد أمرنی ربی أن أسمع له وأطیع ولا اخرج روحه حتی یأمرنی بذلک فإذا أمرنی أخرجت روحه, ولا یزال ملک الموت عنده حتی تأمره بقبض روحه وإذا کشف له الغطاء فیری منازله فی الجنة فیخرج روحه من ألین ما یکون من العلاج, ثم یشیع روحه إلی الجنة سبعون ألف ملک یبتدرون بها إلی الجنة ((3)) .

ص: 196

بسم الله الرحمن الرحیم

{إِذَا زُلْزِلَتْ الاَْرْضُ زِلْزَالَهَا}1, سورة الزلزلة.

روی أبو حمزة الثمالی ، عن أبی جعفر ( علیه السلام ) قال : قرئ عند أمیر المؤمنین ( علیه السلام ) : (إذا زلزلت الأرض زلزالها) إلی أن بلغ قوله : (وقال الانسان ما لها یومئذ تحدث أخبارها) قال : أنا الانسان ، وإیای تحدث أخبارها ((1)) .

{وَأَخْرَجَتْ الاَْرْضُ أَثْقَالَهَا 2 وَقَالَ الاِْنسَانُ مَا لَهَا}3, سورة الزلزلة.

روی أبو حمزة الثمالی, عن أبی جعفر علیه السلام قال: قرئ عند أمیر المؤمنین علیه السلام : (إذا زلزلت الأرض زلزالها) إلی أن بلغ قوله: (وقال الانسان ما لها یومئذ تحدث أخبارها) قال: أنا الانسان, وإیای تحدث أخبارها ((2)) .

ابن بابویه ، قال : حدثنا أحمد بن محمد ، عن أبیه ، عن محمد بن أحمد ، قال : حدثنا أبو عبد الله الرازی ، عن أحمد بن محمد بن أبی نصر ، عن روح بن صالح ، عن هارون بن خارجة ، رفعه ، عن فاطمة ( علیها السلام ) ، قالت :

ص: 197

« أصاب الناس زلزلة علی عهد أبی بکر ، ففزعوا إلی أبی بکر وعمر ، فوجدوهما قد خرجا فزعین إلی علی ( علیه السلام ) ، فتبعهما الناس إلی أن انتهوا إلی [ باب ] علی ( علیه السلام ) ، فخرج إلیهم علی ( علیه السلام ) غیر مکترث لما هم فیه ، فمضی فاتبعه الناس حتی انتهی إلی تلعة ((1)) ، فقعد علیها وقعدوا حوله وهم ینظرون إلی حیطان المدینة ترتج جائیة وذاهبة ، فقال لهم علی ( علیه السلام ) کأنکم قد هالکم ما ترون ؟ قالوا : وکیف لا یهولنا ولم نر مثلها قط ! فحرک شفتیه ثم ضرب الأرض بیده ، ثم قال : مالک ؟ اسکنی ، فسکنت ، فعجبوا من ذلک أکثر من تعجبهم أولا حیث خرج إلیهم ، قال [ لهم ] : فإنکم قد تعجبتم من صنعی ؟ قالوا : نعم ، قال : أنا الرجل الذی قال الله تعالی : (إِذا زُلْزِلَتِ الأَرْضُ زِلْزالَها وأَخْرَجَتِ الأَرْضُ أَثْقالَها وقالَ الإِنْسانُ ما لَها )، فأنا الإنسان الذی یقول لها : ما لک (یَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبارَها) إیای تحدث أخبارها » ((2)).

وقال ابن عباس ومجاهد : معناه أخرجت موتاها ، وأثقال الأرض ما فیها مدفون من الموتی وغیرها ، فان الأرض تلفظ بکل ما فیها عند انقضاء أمر الدنیا ، وتجدید أمر الآخر((3))ة .

{یَوْمَئِذ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا 4 بِأَنَّ رَبَّکَ أَوْحَی لَهَا 5 یَوْمَئِذ یَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتاً لِیُرَوْا أَعْمَالَهُمْ}6, سورة الزلزلة: قال: یجیئون أشتاتا مؤمنین وکافرین ومنافقین , لیروا أعمالهم و یقفون علی ما فعلوه .

ص: 198

قال الامام علی علیه السلام : فأنا الإنسان الذی أقول لها :ما لها (یومئذ تحدث أخبارها) إیای تحدث ((1)) .

یومئذ یخرج الناس متفرّقین لمشاهدة أعمالهم.

(تَحْسَبُهُمْ جَمِیعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّی) سورة 59 / 14 .

أی إنّهم فی الظاهر مجتمعون علی برنامج واحد ولکنّ بواطنهم متشتّتة ، لا یجمعها رأی واحد . وشتّی : جمع شتیت ، أفرادا متفرقین عکس الجماعة .وهذا الشتّ فی أمر معنویّ فی مقابل مادّة الجمع .

وفیه فی روایة أبی الجارود عن أبی جعفر علیه السلام فی قوله: {فمن یعمل مثقال ذرة خیرا یره}یقول : إن کان من أهل النار قد عمل مثقال ذرة فی الدنیا خیرا (کان علیه) یوم القیامة حسرة إن کان عمله لغیر الله {ومن یعمل مثقال ذرة شرا یره}یقول: إن کان من أهل الجنة رآی ذلک الشر یوم القیامة ثم غفر له .

{فَمَنْ یَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّة خَیْراً یَرَه7 وَمَنْ یَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّة شَرّاً یَرَه}8, سورة الزلزلة : وفی روایة أبی الجارود عن أبی جعفر علیه السلام فی قوله فمن یعمل مثقال ذرة خیرا یره یقول إن کان من أهل النار وکان قد عمل فی الدنیا مثقال ذرة خیرا یره یوم القیامة حسرة انه کان عمله لغیر الله ، ومن یعمل مثقال ذرة شرا یره یقول إذا کان من أهل الجنة رأی ذلک الشر یوم

ص: 199

القیامة ثم غفر الله تعالی له ((1)) . (ومن یعمل مثقال ذرة شرا یره) . قیل : هی أحکم آیة فی القرآن ، وکان رسول الله صلی الله علیه و آله یسمیها الجامعة ((2)) .

وقال القمی عن الباقر ( علیه السلام ) فی هذه الآیة فمن یعمل مثقال ذرة خیرا یره قال یقول إن کان من أهل النار وقد کان عمل فی الدنیا مثقال ذرة خیرا یره یوم القیامة حسرة انه کان عمله لغیر الله ومن یعمل مثقال ذرة شرا یره قال یقول إن کان من أهل الجنة عمل شرا یری ذلک الشر یوم القیامة ثم غفر له((3)) .

وفی ثواب الأعمال والمجمع عن الصادق ( علیه السلام ) لا تملوا من قراءة إذا زلزلت الأرض فان من کانت قراءته فی نوافله لم یصبه الله بزلزلة أبدا ولم یمت بها ولا بصاعقة ولا بآفة من آفات الدنیا فإذا مات امر به إلی الجنة فیقول الله عز وجل عبدی أبحتک جنتی فأسکن منها حیث شئت وهویت لا ممنوعا ولا مدفوعا . وفی الکافی ما فی معناه مع زیادات ((4)) .

وقال تعالی : کُلُّ نَفْسٍ بِما کَسَبَتْ رَهِینَةٌ ((5)) .

وقوله تعالی : ذلِکَ بِما قَدَّمَتْ أَیْدِیکُمْ ((6)) .

ص: 200

وقوله تعالی : وأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَیْناهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمی عَلَی الْهُدی ((1)).

وقوله تعالی : إِنَّا هَدَیْناه السَّبِیلَ_ یعنی بینا له طریق الخیر وطریق الشر_ إِمَّا شاکِراً وإِمَّا کَفُوراً ((2)) .

وقوله تعالی : وعاداً وثَمُودَ وقَدْ تَبَیَّنَ لَکُمْ مِنْ مَساکِنِهِمْ وزَیَّنَ لَهُمُ الشَّیْطانُ أَعْمالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِیلِ وکانُوا مُسْتَبْصِرِینَ وقارُونَ وفِرْعَوْنَ وهامانَ ولَقَدْ جاءَهُمْ مُوسی بِالْبَیِّناتِ فَاسْتَکْبَرُوا فِی الأَرْضِ وما کانُوا سابِقِینَ فَکُلًّا أَخَذْنا بِذَنْبِه_ ولم یقل بفعلنا_ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنا عَلَیْه حاصِباً ومِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْه الصَّیْحَةُ ومِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنا بِه الأَرْضَ ومِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنا وما کانَ اللَّه لِیَظْلِمَهُمْ ولکِنْ کانُوا أَنْفُسَهُمْ یَظْلِمُونَ ((3)) .

وهذا رد علی المجبرة المانعین لاختیار العبد فی الحیاة بانه مجبر علی ارتکاب الذنوب .

الزلزال الاضطراب العظیم ومنه قوله " إذا زلزلت الأرض زلزالها " والزلزلة اضطراب الأرض .

وقیل : انه مضاعف زل ، وزلزله غیره . والشدة قوة تدرک بالحاسة ، لان القوة التی هی القدرة لا تدرک بالحاسة ، وإنما تعلم بالدلالة ، فلذلک یوصف تعالی بأنه قوی ، ولا یوصف بأنه شدید .

ص: 201

قلت : قوله : (إِنَّ الإِنْسانَ لِرَبِّه لَکَنُودٌ) ؟ قال : « لکفور » . (وإِنَّه عَلی ذلِکَ لَشَهِیدٌ) ؟ قال : « یعنیهما جمیعا ، قد شهدا جمیعا وادی الیابس ، وکانا لحب الحیاة حریصین » .[ قلت ] : قوله : (أَفَلا یَعْلَمُ إِذا بُعْثِرَ ما فِی الْقُبُورِ وحُصِّلَ ما فِی الصُّدُورِ إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ یَوْمَئِذٍ لَخَبِیرٌ) ؟

قال : « نزلت الآیتان فیهما خاصة ، کانا یضمران ضمیر السوء ویعملان به ، فأخبر الله خبرهما وفعالهما ، فهذه قصة أهل وادی الیابس وتفسیر العادیات » ((1)).

بالنسبة لابی بکر وعمر أظهرت المعرکة فرارهما منها مثلما فرا فی معارک بدر واحد والخندق وخیبر وحنین فأصبح الواحد منهما یسمی بالفرار . أما بالنسبة للامام علی علیه السلام فهذه واحدة من بطولاته التی تضاف الی سجل ملاحمه العظیمة فی الفتوحات والانتصارات التی لولاها لما قام :وقال عمر بن الخطّاب: « لولا سیفه (علی) لما قام عمود الإسلام ((2))

وروی عمرو بن عبید عن الحسن بن أبی الحسین :

ص: 203

إن علیا علیه السلام أقبل وفی یده رأس عمرو حتی وضعه بین یدی رسول الله صلی الله علیه و آله ، فدعا له المسلمون ، وقام إلیه أبو بکر وعمر فقبلا رأسه ((1)) .

وروی أبو بکر الأنباری فی أمالیه: أنَّ علیاً علیه السلام جلس إلی عمر فی المسجد ، وعنده ناس . فلمَّا قام ، عرض واحد بذکره ونسبه إلی التیه والعجب .

فقال عمر : حقَّ لمثله أن یتیه ، والله لولا سیفه لما قام عمود الإسلام ، وهو بعد أقضی الأمَّة ، وذو سابقتها ، وذو شرفها ((2)) .

{فَالْمُورِیَاتِ قَدْحاً}2 سورة

العادیات : قوله تعالی: {فالموریات قدحا} الایراء إخراج النار والقدح الضرب والصک المعروف یقال: قدح فأوری إذا أخرج النار بالقدح, والمراد بها الخیل تخرج النار بحوافرها إذا عدت علی الحجارة والأرض المحصبة .

ومن عادة اصطکاک کل شیء خشن کحجارة بحجارة یخرج النار کذلک اصطکاک حوافر الخیل بالحجارة یخرج النار.

وقیل: المراد بالایراء مکر الرجال فی الحرب, وقیل: إیقادهم النار, وقیل: الموریات ألسنة الرجال توری النار من عظیم ما تتکلم به, وهی وجوه ظاهرة الضعف .

{فَالْمُغِیرَاتِ صُبْحاً}3, سورة العادیات: قوله تعالی: {فالمغیرات صبحا الإغارة علی الاعداء مع طلوع خیوط الشمس الاولی والناس نیام . والغارة

ص: 204

الهجوم علی العدو بغتة بالخیل وهی صفة أصحاب الخیل ونسبتها إلی الخیل مجاز, لان الفرسان هم الذین یهجمون والمعنی فاقسم بالخیل الهاجمات علی العدو بغتة فی وقت الصبح .

{فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً}4, سورة العادیات : یعنی الخیل یأثرن بالوادی نقعا فوسطن به جمعا قد شهدوا جمیعا وادی الیابس .

القمی: (فأثرن به نقعا) قال ثورة الغبرة من رکض الخیل .

{فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعاً5}: قال توسط المشرکین بجمعهم .

وقوله (وانه علی ذلک لشهید) ای علی العداوة (وانه لحب الخیر لشدید) یعنی حب الحیاة حیث خافا السباع علی أنفسهما فقال الله تعالی (أفلا یعلم إذا بعثر ما فی القبور وحصل ما فی الصدور) ای یجمع ویظهر (ان ربهم بهم یومئذ لخبیر) .

وبعدما قتل الامام علی علیه السلام قائد کفار وادی الیابس نادی علیه السلام : هل من مبارز ؟ فلم یبرز إلیه أحد فشد أمیر المؤمنین علیه السلام حتی توسط جمعهم فذلک قول الله : (فوسطن به جمعا) فقتل علی علیه السلام مقاتلیهم وسبی ذراریهم وأخذ أموالهم وأقبل بسبیهم إلی رسول الله صلی الله علیه و آله ((1)) .

{إِنَّ الاِْنسَانَ لِرَبِّهِ لَکَنُودٌ}6, سورة العادیات.

وعلی التقادیر جواب القسم (إِنَّ الإِنْسانَ لِرَبِّه لَکَنُودٌ) لکفور . من : کند النعمة کنودا . ومنه سمّی کندة ، لأنّه کند أباه ففارقه .

ص: 205

ابن عباس :قال : الکنود : الکفور ، وهو الذی خالف العهد وجانب الصدق وألف الهوی ، فحینئذ یؤیسه اللَّه من کل بر وتقوی ((1)) .

القمی: (ان الانسان لربه لکنود) ای کفور وهما اللذان (الاول والثانی) امرا وأشارا علی أمیر المؤمنین علیه السلام ان یدع الطریق بما حسداه وکان علی علیه السلام اخذ بهم علی غیر الطریق الذی اخذا فیه فعلما انه یظفر بالقوم فقال عمرو بن العاص لفلان :إن علیا غلام حدث لا علم له بالطریق وهذا طریق مسبع لا یؤمن فیه السباع ، فمشیا إلیه وقالا له : یا أبا الحسن هذا الطریق الذی اخذت فیه طریق مسبع فلو رجعت إلی الطریق فقال لهما أمیر المؤمنین علیه السلام : الزمار حالکما وکفا عما لا یعنیکما واسمعا وأطیعا فانی أعلم بما أصنع فسکنا ((2)) .

فاثرن به نقعا قال: یعنی الخیل یأثرن بالوادی نقعا فوسطن به جمعا قد شهدا جمیعا وادی الیابس .

وحدثنا وکیع, عن أبی جعفر, عن الربیع, قال: الکنود: الکفور . حدثنا ابن حمید, قال: ثنا مهران, عن سفیان, قال: قال الحسن: إن الانسان لربه لکنود یقول: لوام لربه یعد المصائب .

ص: 206

وحدثنا أبو کریب, قال: ثنا عبید الله, عن إسرائیل, عن جعفر بن الزبیر, عن القاسم, عن أبی أمامة قال: قال رسول الله صلی الله علیه و آله : إن الانسان لربه لکنود قال: لکفور, الذی یأکل وحده, ویضرب عبده, ویمنع رفده ((1)) .

ویعرف الاغنیاء المستکبرون بکثرة الشکوی من المشاکل ونکران خیرهم واوضاعهم الراقیة المترفة یریدون بذلک التستر علی نعمهم , ولا یشکرون ربهم .

{وَإِنَّهُ عَلَی ذَلِکَ لَشَهِیدٌ7 وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَیْرِ لَشَدِیدٌ}8,سورة العادیات: وإِنَّه عَلی ذلِکَ لَشَهِیدٌ [ 7 ] یعنی اللَّه شهید علی أفعاله وأحواله وأسراره ((2)) .

القمی:وانه علی ذلک لشهید قال: یعنیهما (الاول والثانی) قد شهدا جمیعا ((3))وادی الیابس وکانا لحب الحیاة حریصان . وقوله (وانه علی ذلک لشهید) ای علی العداوة للنبی وأهل بیته .

تفسیر فرات :((4)) (وإنه لحب الخیر لشدید) قال : أمیر المؤمنین علی بن أبی طالب علیه السلام یعنی باتباعه محمدا صلی الله علیه و آله . قال : فبرز الحارث (قائدهم وبطلهم) وهو یحرض علی الله وعلی رسوله وهو یقول :

لأنصرن اللات نصرا حقا * بکل عضب وأزال الحلقا !

ص: 207

بکل صارم یری منعقا !.

فأجابه علی علیه السلام وهو یقول :

أذودکم بالله عن محمد * بقلب سیف قاطع مهند

أرجو بذاک الفوز یوما أرد* علی إلهی والشفیع أحمد

ثم حمل کل واحد منهما علی صاحبه فضربه علی علیه السلام ضربة فقتله وعجل الله بروحه إلی النار ، ثم نادی علی علیه السلام : هل من مبارز ؟ فبرز إلیه ابن عم له یقال له : عمرو بن الفتاک وهو یقول :

إنی عمرو ، وأبی الفتاک * ونصل سیف بیدی هتاک

یقطع رأسا لم یزل کذاک !

فأجابه علی علیه السلام وهو یقول :

فهاکها مترعة دهاقا * کأس دهاق مزجت زعاقا

إنی أنا المرء الذی إن لاقی * أقد هاما وأجذ ساقا

ثم حمل کل واحد منهما علی صاحبه فضربه علی علیه السلام ضربة فقتله وعجل الله بروحه إلی النار ، ثم نادی علی علیه السلام : هل من مبارز ؟ فلم یبرز إلیه أحد فشد أمیر المؤمنین علیه السلام حتی توسط جمعهم فذلک قول الله : (فوسطن به جمعا) فقتل علی علیه السلام مقاتلیهم وسبی ذراریهم وأخذ أموالهم وأقبل بسبیهم إلی رسول الله صلی الله علیه و آله ((1)) .

التفسیر الاصفی: قال الامام محمد الباقر علیه السلام : (یعنیهما أبا بکر وعمر ، قد شهدا جمیعا وادی الیابس ، وکانا لحب الحیاة حریصین )((2)) .

ص: 208

ابن عبد البر: (وانه لحب الخیر لشدید) [ العادیات 8 ] [ الخیر عندهم هنا المال ] [ کذلک قوله عز وجل حاکیا عن سلیمان علیه السلام (إنی أحببت حب الخیر) . وکذلک قوله حاکیا عن شعیب علیه السلام (انی أراکم بخیر) [ هود 84 ] قالوا الغنی((1)) .

المعتزلی: أی وإنه لبخیل لأجل حب الخیر ، والخیر : المال((2)) .

اذن الانسان کفور ومحب للمال ولا یفلح الا المحسنون المؤمنون بالتوحید والنبوة والامامة .

{أَفَلا یَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِی الْقُبُورِ9 وَحُصِّلَ مَا فِی الصُّدُورِ10 إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ یَوْمَئِذ لَخَبِیرٌ}11., سورة العادیات.الضمیر للإنسان أی هو شاهد علی نفسه بکنوده ((3)) .لعلمه باحتجابه وشهادة عقله ونور فطرته أنه لا یقوم بحقوق نعم الله ویقصر فی جنب الله بکفرانه .

وهما (الشیخان کانا فی حملة ذات السلاسل) .

(وانه لحب الخیر لشدید) یعنی حب الحیاة بعیدا عن الشهادة وارضاء رب العالمین حیث خافا السباع علی أنفسهما فقال الله تعالی (أفلا یعلم إذا بعثر ما فی القبور وحصل ما فی الصدور) ای یجمع ویظهر (ان ربهم بهم یومئذ لخبیر) . (أفلا یعلم) الخطاب للشخص المخالف للنبی وآله والحریص علی الدنیا والهارب من الجهاد والمتواطیء دائما مع الاعداء .

ص: 209

(إذا بعثر )أی: بعث ما فی قبور أبدانهم من النفوس والأرواح(وحصل) ما فی صدورهم أی: أظهر ما فی قلوبهم من غش واحتیال وکفر .

(إن ربهم بهم یومئذ لخبیر) عالم بأسرارهم وأعمالهم ومؤامراتهم والحادهم وظلمهم للعباد فیعاقبهم وفقا لها ((1)) .

غزوة ذات السلاسل: عن الامام أبی عبد الله علیه السلام فی قوله تعالی: (والعادیات ضبحاً فالموریات قدحاً), قال هذه السورة نزلت فی أهل وادی الیابس.قلت له وما کان حالهم وقصتهم؟ قال ان اهل وادی الیابس اجتمعوا اثنی عشر الف فارس وراجل وتعاقدوا وتعاهدوا وتواثقوا علی ان لا یتخلف رجل عن رجل ولا یخذل احد أحداً ولا یفر رجل عن صاحبه حتی یموتوا کلهم علی حلف واحد او یقتلوا محمداً( صلی الله علیه و آله ) وعلی بن ابی طالب علیه السلام ، فنزل جبرئیل علیه السلام علی محمد( صلی الله علیه و آله ) وأخبره بقصتهم وما تعاقدوا علیه وتواثقوا, وأمره ان یبعث ابا بکر الیهم فی اربعة آلاف فارس من المهاجرین والأنصار: فصعد رسول الله( صلی الله علیه و آله ) المنبر فحمد الله واثنی علیه ثم قال: {یا معشر المهاجرین والانصار إن جبرئیل أخبرنی أن أهل وادی الیابس اثنا عشر الف فارس وراجل قد استعدوا وتعاقدوا وتعاهدوا ان لا یغدر رجل بصاحبه ولا یفر عنه ولا یخذله حتی یقتلونی وأخی علی بن أبی طالب وأمرنی أنْ أسیِّر إلیهم ابابکر فی أربعة آلاف فارس فخذوا فی أمرکم واستعدوا لعدوکم وانهضوا إلیهم علی اسم الله وبرکته فی یوم الاثنین إن شاء الله تعالی».

فأخذ المسلمون عدتهم وتهیئوا وأرسل رسول الله( صلی الله علیه و آله ) أبا بکر بأمره وکان فیما أمره به أنه إذا رآهم أنْ یعرض علیهم الإسلام فإن تابعوه وإلاّ

ص: 210

واقعهم فیقتل مقاتلیهم ویسبی ذراریهم ویستبیح أموالهم ویخرب ضیاعهم ودیارهم, فمضی أبو بکر ومن معه من المهاجرین والانصار فی أحسن عدة وأحسن هیئة یسیر بهم سیراً رفیقاً حتی انتهوا إلی وادی الیابس, فلما بلغ القوم نزول أبی بکر وأصحابه قریباً منهم, خرج الیهم من أهل وادی الیابس مائتا رجل مدججین بالسلاح, فلما صادفوهم قالوا لهم:

من أنتم ومن أین أقبلتم والی أین تریدون؟ لیخرج الینا صاحبکم حتی نکلمه. فخرج الیهم ابو بکر فی نفر من أصحابه المسلمین فقال لهم: أنا

أبو بکر صاحب رسول الله. قالوا ما أقدمک علینا؟

قال أمرنی رسول الله( صلی الله علیه و آله ) أن أعرض علیکم الأسلام فإن تدخلوا فیما فیه المسلمون لکم مالهم وعلیکم ما علیهم وإلا فالحرب بیننا وبینکم.

قالوا له: واللات والعزی لولا رحم بیننا وقرابة قریبة لقتلناک وجمیع أصحابک قتلة تکون حدیثاً لمن یکون بعدکم فارجع أنت ومن معک واربحوا العافیة فإنّا إنما نرید صاحبکم بعینه وأخاه علی بن أبی طالب علیه السلام .

فقال أبو بکر لاصحابه: یا قوم القوم اکثر منکم أضعافاً وأعد منکم وقد ناءت دارکم عن اخوانکم من المسلمین فارجعوا نعلِم رسول الله( صلی الله علیه و آله ) بحال القوم. فقالوا له جمیعاً خالفت یا أبا بکر قول رسول الله ( صلی الله علیه و آله ) وما أمرک به فاتَّق الله وواقع القوم ولا تخالف رسول الله( صلی الله علیه و آله ).

فقال إنی أعلم مالا تعلمون الشاهد یری ما لا یری الغائب فانصرف وانصرفوا اجمعون, فأخبر رسول الله بمقالة القوم وما رد علیهم ابو بکر.

فقال رسول الله صلی الله علیه و آله : یا ابا بکر خالفت أمری ولم تفعل ما أمرتک به وکنت لی والله عاصیاً فیما أمرتک به فقام النبی( صلی الله علیه و آله ) وصعد المنبر فحمد الله وأثنی علیه ثم قال: یا معشر المسلمین أمرت ابا بکر أنْ یسیر الی أهل

ص: 211

وادی الیابس وأنْ یعرض علیهم الإسلام ویدعوهم الی الله فان أجابوه وإلا واقعهم, وإنه سار الیهم فخرج منهم مائتا رجل فلمّا سمع کلامهم وما استقبلوه به انتفخ صدره ودخله الرعب منهم وترک قولی ولم یطع أمری, وإن جبرئیل أمرنی عن الله أنْ ابعث الیهم عمر مکانه فی أصحابه فی أربعة آلاف فارس فسر یا عمر علی اسم الله ولا تعمل کما عمل أخوک فانه قد عصی الله وعصانی وأمره بما أمر به الاول.

فخرج وخرج معه المهاجرون والانصار الذین کانوا مع الاول یقتصد بهم فی سیرهم حتی شارف القوم وکان قریباً منهم بحیث یراهم ویرونه وخرج الیهم مائتا رجل فقالوا له ولأصحابه مثل مقالتهم للاول فانصرف الناس معه وکاد أنْ یطیر قلبه مما رأی من عدة القوم وجمعهم ورجع هاربا منهم. فنزل جبرئیل علیه السلام فأخبر محمداً( صلی الله علیه و آله ) بما صنع هذا وإنه قد انصرف وانصرف المسلمون معه. فصعد النبی( صلی الله علیه و آله ) المنبر فحمد الله وأثنی علیه وأخبر بما صنع هذا وما کان منه وإنه قد انصرف وانصرف المسلمون معه مخالفاً لأمری عاصیاً لقولی, فقدم علیه فأخبره مثل ما أخبره به صاحبه .

فقال صلی الله علیه و آله له: یا عمر عصیت الله فی عرشه وعصیتنی وخالفت قولی وعملت برأیک ألا قبح الله رأیک((1)).

وفی هذه السنة أرسل النبی صلی الله علیه و آله عمرو بن العاص قائداً ورئیساً لأبی بکر وعمر وابن عوف فی حملة ذات السلاسل!((2)) بعد فشلهما فی

ص: 212

الحملتین السابقتین. إذ أرسل النبی ( صلی الله علیه و آله ) جیشاً مدداً لجیش عمرو بن العاص بقیادة ابن الجراح فیه أبو بکر وعمر.وعندها رفض هؤلاء الثلاثة الإنضواء تحت قیادة ابن العاص الداخل فی الإسلام جدیداً, لکن ابن العاص حکمهم بأنّهم مدد له لیس إلاّ فرضخوا لقوله.

ومنزلتهم فی هذه الحملة کجنود لابن العاص تبیّن منزلتهم الإجتماعیة , والسیاسیة فی ذلک الوقت وهذه الحادثة تبین الصراع علی السلطة بین هؤلاء الأربعة وغیرهم من قریش .

وفی تلک الحملة کان عمرو بن العاص اماماً للصلاة یصلی خلفه أبو بکر وعمر وأبو عبیدة والآخرون, وکان یصلی بهم جنباً ((1)) !!!

وبعد وصول عمرو بن العاص بالمسلمین إلی ارض المعرکة انهزم من الأعداء وفرَّ فراراً منکراً ((2)).

ومن دلائل النبوة للرسول ان عمرو بن العاص افتخر بلوائه المذکور فی معرکة صفین قائلاً: هذا لواء عقده رسول الله( صلی الله علیه و آله ). فقال علی علیه السلام : عندما عقد رسول الله( صلی الله علیه و آله ) لواءه لابن العاص قال له: لا تفر من کافر , ولا تقاتل به مسلماً. فقد فرَّ به من الکافرین فی حیاة رسول الله( صلی الله علیه و آله ) (ذات السلاسل), وقد قاتل به المسلمین الیوم (صفین) ((3)).

ص: 213

فقال رسول الله( صلی الله علیه و آله ): ان جبرئیل علیه السلام قد أمرنی ان أبعث علی بن أبی طالب فی هؤلاء المسلمین واخبرنی ان الله یفتح علیه وعلی أصحابه.

فدعا النبی صلی الله علیه و آله علیاً علیه السلام وأوصاه بما أوصی به الأول والثانی وأصحابه الأربعة آلاف فارس وأخبره ان الله سیفتح علیه وعلی اصحابه((1)).

وتعصب علی علیه السلام بعصابة وکانت لعلی علیه السلام عصابة لا یتعصب بها حتی یبعثه النبی( صلی الله علیه و آله ) فی وجه شدید((2)).

فخرج علی علیه السلام ومعه المهاجرون والانصار فسار بهم سیراً غیر سیر أبی بکر وعمر وذلک انه اعنف بهم فی السیر حتی خافوا ان ینقطعوا من التعب وتحفی((3))دوابهم فقال علیه السلام لهم: لا تخافوا ان رسول الله( صلی الله علیه و آله ) قد أمرنی بأمر وأخبرنی ان الله سیفتح علیّ وعلیکم فابشروا فانکم علی خیر وإلی خیر, فطابت نفوسهم وقلوبهم وساروا علی ذلک السیر والتعب حتی إذا کانوا قریباً منهم حیث یرونهم ویراهم أمر أصحابه ان ینزلوا.

وسمع أهل وادی الیابس بقدوم علی بن أبی طالب علیه السلام وأصحابه فخرجوا الیه منهم مائتا رجل شاکین بالسلاح, فلما رآهم علی علیه السلام خرج إلیهم فی نفر من أصحابه فقالوا له من این انتم ومن این أقبلتم واین تریدون؟ قال: أنا علی بن أبی طالب ابن عم رسول الله( صلی الله علیه و آله ) وأخوه ورسوله الیکم,

ص: 214

أدعوکم إلی شهادة أن لا إله الاّ الله وان محمداً رسول الله ولکم إن آمنتم ما للمسلمین وعلیکم ما علیهم من خیر وشر.

فقالوا له :إیاک أردنا وانت طلبتنا قد سمعنا مقالتک وما عرضت علینا, هذا مالا یوافقنا فخذ حذرک واستعد للحرب العوان((1)) واعلم إنا قاتلوک وقاتلوا اصحابک والموعد فیما بیننا وبینک غداً ضحوة, وقد أعذرنا فیما بیننا وبینکم. فقال لهم علیه السلام : ویلکم! تهددونی بکثرتکم وجمعکم! فأنا أستعین بالله وملائکته والمسلمین علیکم ولا حول ولا قوة إلا بالله العلی العظیم.فانصرفوا إلی مراکزهم وانصرف علی علیه السلام إلی مرکزه فلما جنه اللیل أمر أصحابه ان یحسنوا إلی دوابهم ویقضموا ویسرجوا((2)) فلما انشق عمود الصبح جاء بالناس بغلس((3)) ثم أغار علیهم بأصحابه فلم یعلموا حتی وطأتهم الخیل فیما أدرک آخر أصحابه حتی قتل مقاتلیهم وسبی ذراریهم واستباح أموالهم وخرب دیارهم وأقبل بالاساری والأموال معه . وجاء جبرئیل فأخبر رسول الله( صلی الله علیه و آله ) بما فتح الله لعلی علیه السلام وجماعة المسلمین فصعد رسول الله( صلی الله علیه و آله ) المنبر فحمد الله وأثنی علیه وأخبر الناس بما فتح الله علیه للمسلمین وأعلمهم انه لم یصب منهم إلاّ رجلین ونزل.

ص: 215

فخرج یستقبل علیاً علیه السلام فی جمیع أهل المدینة من المسلمین حتی لقیه علی ثلاثة امیال من المدینة.فلما رآه علی علیه السلام مقبلاً نزل عن دابته ونزل النبی( صلی الله علیه و آله ) حتی التزمه وقبَّل مابین عینیه, فنزل جماعة المسلمین إلی علی علیه السلام حین نزل رسول الله( صلی الله علیه و آله ) وأقبل بالغنیمة والاساری((1)).

فأقام المسلمون له صفین وقال له الرسول( صلی الله علیه و آله ): یا علی لولا أنی اشفق أن تقول فیک طوائف ما قالت النصاری فی عیسی بن مریم لقلت فیک الیوم

مقالاً لا تمر بملأ منهم الاّ أخذوا التراب من تحت قدمیک((2)).

والظاهر ان النبی( صلی الله علیه و آله ) خرج فی الحملة وتمرکز فی منطقة ثم أرسل أبابکر وعمر وعمرو بن العاص علی التوالی ثم أرسل علیاً علیه السلام وعاد هو إلی المدینة لمعرفته بفتح المنطقة علی یدیه.

فلما نظر رسول الله( صلی الله علیه و آله ) إلی الاسری موثقین بالحبال والسلاسل التفت إلی علی علیه السلام قائلاً: یا أبا الحسن اقطع الحبال والسلاسل فانی لا استطیع ان أراهم موثقین وان کانوا مشرکین((3)).

وقتل علی علیه السلام منهم مائة وعشرین رجلاً وکان رئیس الأعداء الحارث بن بشر وسبی منهم مائة وعشرین ناهداً ((4)).

ص: 216

وقد سعی رجال الحزب القرشی إلی حذف الشطر الأول والاخیر من روایة الغزوة والابقاء علی حملة ابن العاص! بحیث اعطوا منقبة الفتح لابن العاص المهزوم فی المعرکة رغم ان الآیة القرآنیة فضحته فی قوله تعالی (ان الانسان لربه لکنود) ((1)).

فالکنود هو الحسود وهو عمرو بن العاص((2)).

وقد شارک عمرو بن العاص فی حرب صفین ضد الامام علی علیه السلام وأوجد فتنة رفع المصاحف وساهم فی قتل أمیر المؤمنین علی علیه السلام وأخذ مصر طعمة له ولعائلته من معاویة جزاءا لما فعله فی نصرته .

وانتهت مغامراته بقتل معاویة له لاصراره علی حکم مصر واضافة اقالیم لها ورغبته فی الخلافة ومخالفته لخلافة یزید .

وهذه المعرفة بینت ترجمة حال الصحابة مثل ابی بکر وعمر وعمرو بن العاص وفرارهم من الحروب ورغبتهم فی مقتل علی علیه السلام و انتصار الکفار علیه .وشاهد المسلمون والکفار افناء الامام علی علیه السلام نفسه فی الجهاد ونشر الدین , وانه القائد والمحارب فی وسط الجیوش والمبارز والزاهق لارواح أبطال المعتدین وقادتهم .

وبینت الحرب اصرار بعض القبائل علی نصرة اللات والعزی رغم انتشار الاسلام فی شبه جزیرة العرب واطلاع الناس علی عدالة الاسلام وشریعته الغراء الراقیة واخلاق النبی صلی الله علیه و آله الالهیة .

ص: 217

فکیف اصبح الخاملون الفارون والجاهلون والجبناء فی الحروب قادة وخلفاء للامة , وأصبح أمام الانس والجن العالم والشجاع والمدیر والمدبر والوصی علی علیها السلام جلیس داره یعمل فی الزراعة وحفر الابار !!!

لماذا تکررت هذه الامور دائما فی کل عصر ومصر فکان الائمة الراشدون العظام مسجونین ومقهورین واصبح العتاة الطغاة

الفساق حکاماً وسلاطین ؟

یرددها الله لهولها وفزع الناس بها ((1)) .

{یَوْمَ یَکُونُ النَّاسُ کَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ}4 سورة القارعة

(یوم یکون الناس کالفراش المبثوث) شبه الناس عند البعث بما یتهافت فی النار . وقال قتادة: هذا هو الطائر الذی یتساقط فی النار والسراج . وقال أبو عبیدة: هو طیر ینفرش لیس بذباب, ولا بعوض, لأنهم إذا بعثوا ماج بعضهم إلی بعض . فالفراش إذا ثار, لم یتجه إلی جهة واحدة, فدل ذلک علی أنهم یفزعون عند البعث, فیختلفون فی المقاصد علی جهات مختلفة . وهذا مثل قوله: (کأنهم جراد منتشر) ((2)) .

" الفراش " جمع فراشة ، وهی الحشرة الجمیلة المعروفة بالألوان الزاهیة .وقال الله تعالی فی هذا المنهج التقریبی یصف الناس یوم القیامة کأنهم جراد منتشر ((3)) ، لکن المعنی اللغوی للکلمة هو الحشرة المعروفة .

وهذه الحشرات تلقی بنفسها بشکل عجیب فی النار ، وکذلک یفعل الکفار بأنفسهم یوم القیامة بالقاء أنفسهم فی الجحیم.

{وَتَکُونُ الْجِبَالُ کَالْعِهْنِ الْمَنفُوشِ}5 سورة القارعة

(وتکون الجبال کالعهن المنفوش) وهو الصوف المصبوغ المندوف, والمعنی أن الجبال تزول عن أماکنها, وتصیر خفیفة السیر .

فسبحان الله تعالی محول الجبال الی ما یشبه الصوف انه علی کل شیء قدیر .

ص: 219

{فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِینُهُ6 فَهُوَ فِی عِیشَة رَاضِیَة}7, سورة القارعة.

ثم ذکر سبحانه أحوال الناس, فقال: (فأما من ثقلت موازینه) بالحسنات الکثیرة الثقیلة . أی رجحت حسناته, وکثرت خیراته فی المیزان (فهو فی عیشة راضیة) أی معیشة ذات رضی یرضاها صاحبها . نزلت فی علی بن أبی طالب علیه السلام ((1)) .

ونزل فی علی علیه السلام وشیعته قوله تعالی : إِنَّ الَّذِینَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِکَ هُمْ خَیْرُ الْبَرِیَّةِ ((2)) :قال النبی صلی الله علیه و آله : أنت یا علی وشیعتک ((3)) .

وقال النبی صلی الله علیه و آله : والذی نفسی بیده إنَّ هذا وشیعته هم الفائزون یوم القیامة ((4)) . وقال أحمد بن حنبل : ما جاء لأحد من الفضائل ما جاء لعلی بن أبی طالب علیه السلام ((5)) .

لقد اسلم الامام علی علیه السلام اول الناس وجاهد فی کل الحروب وحرر الکثیر من العبید وغرس آلاف آلالاف من النخیل وحفر الابار المعروفه باسمه فی الحجاز وأنفق ماله وطعامه فی سبیل الله ونشر الدین ودافع عنه وضحی بنفسه فی هذا الطریق.

ص: 220

{وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِینُهُ8}, سورة القارعة : القمی:(واما من خفت موازینه) قال : من الحسنات (فأمه هاویة) قال : أم رأسه یقلب فی النار علی رأسه ثم قال (وما أدراک_ یا محمد_ ما هیه) یعنی الهاویة ثم قال : (نار حامیة) ((1)).

: نزلت فی الملوک الثلاثة مغتصبی الخلافة.

ابن شهر آشوب ، قال : الامامان الجعفران (علیهما السلام) فی قوله تعالی : (فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوازِینُه): « فهو أمیر المؤمنین ( علیه السلام ) (فَهُوَ فِی عِیشَةٍ راضِیَةٍ وأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوازِینُه )وأنکر ولایة علی ( علیه السلام ) (فَأُمُّه هاوِیَةٌ )فهی النار ، جعلها الله أمه ومأواه » ((2)).

وقال الامام جعفر الصادق علیه السلام : فی قوله عز وجل : (فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوازِینُه فَهُوَ فِی عِیشَةٍ راضِیَةٍ )، قال : « نزلت فی علی بن أبی طالب ( علیه السلام ) (وأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوازِینُه فَأُمُّه هاوِیَةٌ) ، قال : « نزلت فی ثلاثة « یعنی الاول والثانی والثالث ((3)) .

{وَإنَّ مِنْهُمْ لَفَرِیقاً یَلْوُونَ ألْسِنَتَهُمْ بِالکِتَابِ}التوراة المحرفة {لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الکِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الکِتَابِ وَیَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللّهِ وَیَقُولُونَ عَلَی اللّهِ الکَذِبَ وَهُمْ یَعْلَمُونَ78 مَا کَانَ لِبَشَر أنْ یُؤْتِیَهُ اللّهُ الکِتَابَ وَالحُکْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ یَقُولَ لِلنَّاسِ کُونُوا عِبَاداً لِی مِنْ دُونِ اللّهِ وَلَکِنْ

ص: 221

کُونُوا رَبَّانِیِّینَ بِمَا کُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الکِتَابَ وَبِمَا کُنتُمْ تَدْرُسُونَ79 سورة آل عمران.}.

{فَأُمُّهُ هَاوِیَةٌ9}, سورة القارعة. أم رأسه یقلب فی النار علی رأسه .

نتیجته هاویة یعنی ، جهنم ، وإنما سماها (أمه) لأنه یأوی إلیها کما یأوی الولد إلی أمه ((1)) .

قال قتادة : هی کلمة عربیة ، کان الرجل إذا وقع فی أمر شدید ، قیل : هوت أمه . وقیل : إنما قال فأمه هاویة ، لأن العاصی یهوی إلی أم رأسه فی

النار ، عن أبی صالح . وقیل : إنه یهوی فیها ، وهی المهواة ، لا یدرک قعرها ((2)).

وأم کل شیء أصله یقال أم القری أم الولد فأمه هاویة .

وکانوا إذا دعوا علی الرجل بالهلکة قالوا هوت أمه إلخ وقالوا فی هذا السیاق أیضا فی الدعاء علیه : لأمه الهبل .

{وَمَا أَدْرَاکَ مَا هِیَهْ10 نَارٌ حَامِیَةٌ}11., سورة القارعة.

نار الجحیم العالیة الحارقة الملتهبة , شدیدة الحرارة لا یدرک قعرها ولا یفتر حرها ولهبها .

نار خبر لمبتدأ محذوف أی هی نار حامیة .

وفی نهج البلاغة قال أمام الانس والجن علی علیه السلام : زنوا أنفسکم من قبل أن توزنوا . . . واعلموا انه من لم یعن علی نفسه حتی یکون له منها واعظ وزاجر لم یکن له من غیرها لا زاجر ولا واعظ ((3)) .

ص: 222

وقال نجاح الطائی: انشغالکم بأمورالدنیا ولهوها وجمع حطامها الفانی: الاموال والاولاد والجواری وحرصکم علی الحیاة أنساکم الاخرة وأغرقکم فی بحر الدنیا .

{حَتَّی زُرْتُمْ الْمَقَابِرَ}2, سورة التکاثر: (حتی زرتم المقابر) ولم تذکروا الموتی.

(حَتَّی زُرْتُمُ الْمَقابِرَ ): أی: إذا استوعبتم عدد الأحیاء صرتم إلی المقابر فتکاثرتم بالأموات . عبّر عن انتقالهم إلی ذکر الموتی بزیارة المقابر تهکّما, فإنّ الزیارة الحقیقیّة لم تکن موجودة .

روی: أنّ بنی عبد مناف وبنی سهم تفاخروا بکثرة عدد الأقارب والعشائر, فکثّرهم بنو عبد مناف . فقال بنو سهم: إنّ البغی أهلکنا فی الجاهلیّة, فعادّونا بالأحیاء والأموات, فکثّرهم بنو سهم .

وقیل: کانوا یزورون المقابر فیقولون: هذا قبر فلان وهذا قبر فلان عند تفاخرهم . والمعنی: ألهاکم ذلک التکاثر_ وهو ممّا لا یعنیکم, ولا یجدی علیکم فی دنیاکم وآخرتکم_ عمّا یعنیکم من أمر الدین الَّذی هو أهمّ من کلّ مهمّ .

وإنّما حذف الملهیّ عنه_ وهو ما یعنیهم من أمر الدین_ للتعظیم والمبالغة .وقیل: معناه: ألهاکم التکاثر بالأموال والأولاد إلی أن متّم وقبرتم, مضیّعین أعمارکم فی طلب الدنیا عمّا هو أهمّ لکم, وهو السعی لأخراکم . فیکون زیارة القبر عبارة عن الموت ((1)) .

ص: 224

وقال نجاح الطائی: کل من أهمل الاخرة وانشغل بالدنیا الزائلة ولهث خلف الاهواء والمطامع وکنز الاموال وزیادة الاولاد والجواری ینکشف لنا فقدانه للیقین الاخروی .

{کَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ 3 ثُمَّ کَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ4 کَلاَّ لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْیَقِینِ5 لَتَرَوْنَ الْجَحِیمَ}6, سورة التکاثر.

نصب (علم الیقین) علی المصدر ، ومعناه ارتدعوا وانزجروا .

ولو تعلمون علم الیقین لم یلهکم التکاثر , بل لذهبتم لفعل الخیرات والحسنات وانتظار الجنة . کلا لو تعلمون علم الیقین قال وذلک حین یؤتی بالصراط فینصب بین جسری جهنم .

وفی المحاسن عن الصادق ( علیه السلام ) فی قوله تعالی وتعلمون علم الیقین قال المعاینة .

وروی العلامة البحرانی عن إبراهیم الاصفهانی - فیما نزل فی القرآن فی علی باسناده عن الحارث, قال: قال علی علیه السلام : نحن أهل البیت لا نقاس بالناس. فقام رجل فأتی ابن عباس فأخبره بذلک فقال: صدق علی علیه السلام , قال النبی صلی الله علیه و آله لا یقاس بالناس وقد نزل فی علی علیه السلام : (إن الذین آمنوا وعملوا الصالحات لَهُمْ جَنَّاتُ النَّعِیمِ)((1)).

وقوله تعالی: وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ10اُوْلَئِکَ المُقَرَّبُونَ11 فِی جَنَّاتِ النَّعِیمِ12, سورة الواقعة .

ص: 225

وقال النبی الأکرم: علی وشیعته هم السابقون الی الجنة المقربون من الله بکرامته لهم ((1)) .

{ثُمَّ لَتَرَوْنَهَا عَیْنَ الْیَقِینِ}7, سورة

التکاثر : قرأ ابن عامر والکسائی : (لتُرون) بضم التاء . وروی ذلک عن علی علیه السلام . والباقون : (لترون) بالفتح .

: تشاهدون جهنم بأعینکم تلک التی کنتم بها تکذبون وتستهزؤون .

عین الیقین لیس هو من الیقین ، لکنه عین الشیء ونفسه وکلیته.

{ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ یَوْمَئِذ عَنْ النَّعِیمِ}8, سورة التکاثر.

أبو نعیم فی تفسیر الآیة: قال الصادق علیه السلام : النعیم هو ولایة علی بن أبی طالب ((2)).

ص: 226

الحاکم الحسکانی الحنفی فی تفسیر الآیة: قال الصادق علیه السلام : نحن النعیم ((1)).

قوله تعالی: ثم لتسألن یومئذ عن النعیم ((2)).

الاحادیث الواردة فی تفسیر وتوضیح الآیة الشریفة: عن الإمام الصادق علیه السلام فی هذه الآیة قال: النعیم ولایة أمیر المؤمنین علی بن ابی طالب کرم الله وجهه ((3)) .

ص: 227

المفسر القمی:أی عن الولایة والدلیل علی ذلک قوله " وقفوهم انهم مسؤولون "قال : عن الولایة ، أخبرنا أحمد بن إدریس عن أحمد بن محمد عن سلمة بن عطا عن جمیل عن أبی عبد الله جعفر الصادق علیه السلام قال قلت قول الله : لتسئلن یومئذ عن النعیم قال : قال تسئل هذه الأمة عما أنعم الله علیهم برسول الله صلی الله علیه و آله ثم بأهل بیته المعصومین علیهم السلام .

وعن النبی صلی الله علیه و آله قال : (نعمتان مغبون فیهما کثیر من الناس . الصحة والفراغ) . وقیل : هو الأمن والصحة ، عن عبد الله بن مسعود ومجاهد . وروی ذلک عن أبی جعفر ، وأبی عبد الله جعفر الصادق علیه السلام . وقیل : یسأل عن کل نعیم إلا ما خصه الحدیث ، وهو قوله : ثلاث لا یسأل عنها العبد : خرقة یواری بها عورته ، أو کسرة یسد بها جوعته ، أو بیت یکنه من الحر والبرد ، وروی أن بعض الصحابة أضاف النبی صلی الله علیه و آله مع جماعة من أصحابه ، فوجدوا عنده تمرا ، وماءً باردا ، فأکلوا . فلما خرجوا قال : هذا من النعیم الذی تسألون عنه .

وروی العیاشی بإسناده فی حدیث طویل ، قال : سأل أبو حنیفة أبا عبد الله علیه السلام عن هذه الآیة ، فقال له : ما النعیم عندک یا نعمان ؟ قال : القوت من الطعام ، والماء البارد . فقال علیه السلام : لئن أوقفک الله یوم القیامة بین یدیه ، حتی یسألک عن کل أکلة أکلتها ، وشربة شربتها ، لیطولن وقوفک بین یدیه ! قال : فما النعیم جعلت فداک ؟ قال علیه السلام : نحن أهل البیت النعیم الذی أنعم الله بنا علی العباد ، وبنا ائتلفوا بعد أن کانوا مختلفین ، وبنا ألف الله بین قلوبهم ، وجعلهم إخوانا بعد أن کانوا أعداء ، وبنا هداهم الله

ص: 228

للإسلام ، وهی النعمة التی لا تنقطع ، والله سائلهم عن حق النعیم الذی أنعم الله به علیهم ، وهو النبی صلی الله علیه و آله وعترته ((1)).

لکن النواصب ترکوا نعیم الاخرة وتوجهوا لنعیم الدنیا فراحوا یقتلون الشیعة حقدا علیهم وحسدا لمکانتهم العظمی .

وکانت الجرأة عند النواصب من مغتصبی الخلافة کبیرة جدا فکان الواحد منهم جریء فی قتل المسلمین من النساء والمستضعفین لکنه جبان فی الحروب هارب من الزحف فار من الجهار ومتصدر للرآسة , وهذه صفة مغتصبی الخلافة ومعادی الخلفاء الاثنی عشر ومنهم معاویة ویزید والحجاج وصدام وآل سعود وآل حمد وباقی الطغاة الوهابیین .

بسم الله الرحمن الرحیم

{وَالْعَصْرِ}1 , سورة

العصر. قسم بالعصر: عصر خروج القائم علیه السلام .

{إِنَّ الاِْنسَانَ لَفِی خُسْر 2}, سورة العصر. : یعنی أعداءنا .

{وَالْعَصْرِ}: هذا قسم من الله تعالی بالعصر . قال ابن عباس : المراد بالعصر_ ههنا_ الدهر . وهو قول الکلبی . وقال الحسن (البصری)وقتادة : هو العشئ وکلاهما فیه العبرة من جهة مرور اللیل والنهار . وأصل العصر عصر الثواب ونحوه ، وهو فتله لاخراج مائه ، فمنه عصر الدهر ، لأنه الوقت الذی یمکن فتل الأمور کفتل الثوب ((1)).

وعن المفضل بن عمر ، قال : سألت الصادق جعفر بن محمد ( علیه السلام ) ، عن قول الله عز وجل : (والْعَصْرِ إِنَّ الإِنْسانَ لَفِی خُسْرٍ) ، فقال ( علیه السلام ) :« العصر : عصر خروج القائم ( علیه السلام ) (إِنَّ الإِنْسانَ لَفِی خُسْرٍ) یعنی أعداءنا ، (إِلَّا الَّذِینَ آمَنُوا) [ یعنی ] بآیاتنا (وعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) یعنی بمواساة الإخوان (وتَواصَوْا بِالْحَقِّ) یعنی بالإمامة (وتَواصَوْا بِالصَّبْرِ) ، یعنی فی العسرة ((2)) .

{إِلاَّ الَّذِینَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ3), سورة العصر: {إِلاَّ الَّذِینَ آمَنُوا }: بالتوحید والنبوة وولایة أمیر

ص: 230

المؤمنین علی علیه السلام . (وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ ): وصوا أهلهم بالولایة . (وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ3) : علی الولایة ((1)) .

آراء علماء السنة: ابو نعیم: (والعصر إنَّ الانسان لفی خسر) یعنی أبا جهل (الا الذین آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر), قال: علی علیه السلام ((2))

.

الحسکانی الحنفی: (والعصر إنَّ الانسان لفی خسر) یعنی أبا جهل (الا الذین آمنوا وعملوا الصالحات) علی علیه السلام وشیعته ((3)).

: قوله تعالی: {وتواصوا بالصبر}: علی علیه السلام ((4)).

وروی الحاکم الحسکانی عن ابن عباس فی قوله تعالی: (وَتَواصَوْا بِالصَّبْرِ): یعنی أوصی محمد صلی الله علیه و آله علیاً علیه السلام بالصبر عن الدنیا, وأوصاه بحفظ فاطمة ( علیها السلام )((5)). وجاء: نزلت سورة والعصر فی حقه (علی علیه السلام ) ((6)).

ص: 231

ابن عساکر والسیوطی: عن المنهال بن عمرو قال أنا والله رأیت رأس الحسین بن علی علیه السلام حین حمل وأنا بدمشق وبین یدی الرأس رجل یقرأ سورة الکهف حتی بلغ قوله تعالی{أم حسبت أن أصحاب الکهف والرقیم کانوا من آیاتنا عجبا}قال فأنطق اللهُ الرأسَ بلسان ذرب فقال علیه السلام : أعجب من أصحاب الکهف قتلی وحملی ((1)) .

المناوی: أخرج ابن خالویه عن الأعمش عن منهال بن عمرو الأسدی قال والله أنا رأیت رأس الحسین حین حمل وأنا بدمشق وبین یدیه رجل یقرأ سورة الکهف حتی إذا بلغ قوله سبحانه وتعالی : (أم حسبت أن أصحاب الکهف والرقیم کانوا من آیاتنا عجبا) فأنطق الله سبحانه وتعالی الرأس بلسان ذرب فقال أعجب من أصحاب الکهف قتلی وحملی ((2)) .

ص: 232

المناوی: وتفصیل قصة قتله تمزق الأکباد وتذیب الأجساد فلعنة الله علی من قتله أو رضی أو أمر وبعدا له کما بعدت عاد وقد أفرد قصة قتله

خلائق ((1)) .

الامام الصادق: وعن أبی عبد الله جعفر الصادق ( علیه السلام ) ، فی قوله عز وجل : (إِلَّا الَّذِینَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وتَواصَوْا بِالْحَقِّ وتَواصَوْا بِالصَّبْرِ) ، قال : « استثنی الله سبحانه أهل صفوته من خلقه حیث قال : (إِنَّ الإِنْسانَ لَفِی خُسْرٍ إِلَّا الَّذِینَ آمَنُوا) بولایة أمیر المؤمنین علی ( علیه السلام ) (وعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) أی أدوا الفرائض (وتَواصَوْا بِالْحَقِّ) أی بالولایة (وتَواصَوْا بِالصَّبْرِ) أی وصوا ذراریهم ومن خلفوا من بعدهم بها وبالصبر علیها » ((2)) .

وقال نجاح الطائی :لقد أقسم الله تعالی بالعصر ان الانسان لفی خسر یوم القیامة ومقره الجحیم الا الابرار الشیعة المؤمنون بولایة علی وعملوا الصالحات من الاعمال کأداء الفرائض وفعل الخیرات .

والعصر: و هو قسم وجوابه " ان الانسان " وقرأ أبو عبد الله جعفر الصادق علیه السلام والعصر ان الانسان لفی خسر وانه فیه إلی آخر الدهر (إلا الذین آمنوا وعملوا الصالحات) وأتمروا بالتقوی وأتمروا بالصبر .

وعمر الانسان ینقص کل یوم, وهو رأس ماله, فإذا نقص سنه (رأس ماله), ولم یکتسب به الطاعة, یکون علی نقصان فی راس ماله طول دهره, إذ لا خسران أعظم من استحقاق الجحیم .

ص: 233

ولم یرد بقوله الانسان جمیع الناس ، بل هو مثل قوله (إن الانسان لفی خسر ، و (إن الانسان لربه لکنود) و (فأما الانسان إذا ما ابتلاه ربه) ، والابرار غیر مشمولین بعموم هذه الآیة .والنبی آدم غیر مشمول بالایة لقوله : (إن الله اصطفی آدم) وکیف یکون من اصطفاه الله من بین خلقه موصوفا بالظلم والجهل .

{إِنَّ الإِنْسانَ لَفِی خُسْرٍ}: لفظ الواحد : العالم , الحیوان , النبات , النجم فی معنی الجمع . وتعتبر هذه السورة القرآنیة من سور الولایة العظمی للامام علی وأولاده الائمة الطاهرین علیهم السلام .

ومن علوم الغیب للامام علی ما قاله فی حق الامام المهدی والخوارج.

نصرها نصره الله ومن خذلها خذله الله حتی یأتوا رجلا اسمه اسمی فیولیه أمرهم فیؤیده الله وینصره ((1)) .

وحدثنا یحیی بن الیمان عن کیسان الرواسی القصار وکان ثقة قال حدثنی مولای قال سمعت علیا علیه السلام یقول: لا یخرج المهدی علیه السلام حتی یقتل ثلث ویموت ثلث ویبقی ثلث ((2)) .

الهمزة الکثیر الطعن علی غیره بغیر حق, العائب له بما لیس فیه عیب لجهله وسفهه وشدة إقدامه علی مکاره غیره, یقال: همز الناس یهمزهم همزا, وهو همزة . ومثله ضحکة أی کثیر الضحک وعیبة أی کثیر العیب . فکذلک همزة کثیر الهمز بالطعن . ومنه الهمزة فی الکلام لأنها تخرج کالطعنة بقوة اعتماد . وقال ابن عباس: الهمزة الطعان . واللمزة المغتاب((1))

وقال ابن عباس: الهمزة اللمزة المشاء بالنمیمة, المفرق بین الأحبة الباغی المبرئ العیب بالمکابرة . وقیل: نزلت فی مشرک بعینه کان یعیب الناس ویلمزهم ((2)) .

وعن حذیفة رضی الله عنه عن النبی ( صلی الله علیه و آله ) قال : " لا یدخل الجنة نمام " .

وقال الصادق علیه السلام : الذین همزوا آل محمد حقهم ولمزوهم وجلسوا مجلساً کان آل محمد أحق به منهم ((3)). فهی نزلت فی مغتصبی الخلافة من أهل السقیفة

قال عمر : لقد أرادک الحقُّ (الله تعالی)یا أبا الحسن ، لکنَّ قومَکَ أَبَوا ((4)) .

ص: 236

وقال عمر فی علی علیه السلام : لقد کان من رسول الله صلی الله علیه و آله فی أمره ذرؤ ((1)) من قول لا یثبت حجة ولا یقطع عذرا ، ولقد کان یزیغ فی أمره وقتا ما ،

ولقد أراد فی مرضه أن یصرح باسمه فمنعته من ذلک إشفاقا وحیطة علی الاسلام ، لا ورب هذه البنیة لا تجتمع علیه قریش أبدا ، ولو ولیها لانتقضت علیه العرب من أقطارها ، فعلم رسول الله صلی الله علیه و آله أنی علمت ما فی نفسه فأمسک ، وأبی الله إلا إمضاء ما حتم .قال ابن أبی الحدید : ذکر هذا الخبر أحمد بن أبی طاهر صاحب کتاب تاریخ بغداد فی کتابه مسندا ((2)) .

وهذا اعتراف من عمر بالوصیة الالهیة والنبویة للامام علی علیه السلام بالخلافة والولایة لکنهم (الحزب القرشی) عارضوها واغتصبوا خلافته فیما بینهم .

الخوارزمی الحنفی: عن النبی صلی الله علیه و آله : لما خلق الله الجنان الثمانیة: جنة دار السلام, وجنة دار المقام, وجنة العالیة, وجنة المأوی, وجنة النعیم, وجنة الفردوس, وجنة عدن, نظر تعالی إلیها نظرة فقال: وعزتی وجلالی لا أدخلنک یوم القیامة الا عبدا یحب علی بن ابی طالب, ثم قال صلی الله علیه و آله : أرجو لامتی من ذلک ما أرجو لهم بقول لا إله إلا الله محمد رسول الله ((3)) .

ص: 237

وجاء الجنان سبعة وان دار السلام هی الجنة ((1)) . والجنان المذکورة سبعة فقط مما یعنی حصول خطأ فی النقل .

وقال أمیر المؤمنین علی علیه السلام : لا یقاس بآل محمد من هذه الأمة أحد ولا یسوَّی بهم من جرت نعمتهم علیه أبداً, هم أساس الدین وعماد الیقین, الیهم یفیء الغالی, وبهم یلحق التالی, ولهم خصائص حق الولایة, وفیهم الوصیة والوراثة ((2)).

{الَّذِی جَمَعَ مَالا وَعَدَّدَهُ}2, سورة الهمزة: جمع ماله وکنزه ولم یعط الحقوق المالیة المترتبة علیه من زکاة وخمس وغیرها وتراه مستهزئا بالفقراء وفرحا بأمواله ((3)) .

ویکون من العدة, عن الزجاج . یقال: أعددت الشئ وعددته إذا أمسکته . وقیل: جمع مالا من غیر حله, ومنعه من حقه, وأعده ذخرا لنوائب دهره, عن الجبائی . وقیل: إن الآیات نزلت فی الولید بن المغیرة, وکان یغتاب النبی صلی الله علیه و آله من ورائه, ویطعن علیه فی وجهه ((4)) .

ص: 238

وعد الاموال من قبل الکانزین لها یشکل فرحة کبیرة له وسوف یعقبها حزن طویل فی الاخرة .

وکان أبو ذر الغفاری یقول : بشر الکانزین بکی فی الجباه وکی فی الجنوب ، وکی فی الظهور حتی یلتقی الحر فی أجوافهم . ولهذا المعنی الذی أشار إلیه أبو ذر خصت هذه المواضع بالکی ، لان داخلها جوف بخلاف الید و الرجل . وقیل : إنما خصت هذه المواضع لان الجبهة محل الوسم لظهورها ، والجنب محل الألم ، والظهر محل الحدود ، وقیل : لان الجبهة محل السجود فلم یقم فیه بحقه ، والجنب یقابل القلب الذی لم یخلص فی معتقده ، والظهر محل الأوزار قال : " یحملون أوزارهم علی ظهورهم ((1)) . وفی خصوص الخمس مرة الشخص لا یعطیها ومرة یعطیها لکن العالم یکنزها لنفسه ولاولاده وحاشیته ولیتربع هو واولاده علی سدنة الشأنیة العلمیة ویستمروا فی نهب خمس الامة واستحمارها وقهرها ویختلقوا قضیة الشأنیة العالیة التی اختلقها بعض السابقین . ومرة یأخذه السلطان ویکنزه له ولعائلته ولبناء قصوره ولحفلات مجونه وفسقه , کل هذا شاهده المؤمنون وعموم الناس ولمسوه .

{یَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ3}, سورة

الهمزة:

یرکن الی هذا المال معتقدا أنه سیخلده فی الدنیا الفانیة . ولاعتقاده بأن المال سیخلده فقد أحبه لحبه الخلود والفرار من الاخرة .

{کَلاَّ لَیُنْبَذَنَّ فِی الْحُطَمَةِ4}, سورة الهمزة: کلا لا ینفعه ادخار المال اذ سوف یقذف فی الحطمة وهی الجحیم الحارقة.

ص: 239

أمالی الصدوق : عن الصادق علیه السلام قال : إن کان الحساب حقا فالجمع لماذا ((1)). أمالی الصدوق : عن ابن مسرور ، عن ابن عامر ، عن عمه ، عن التفلیسی ، عن السمندی ، عن أبی عبد الله جعفر الصادق

علیه السلام قال : کان فی بنی إسرائیل مجاعة حتی نبشوا الموتی فأکلوهم . فنبشوا قبرا فوجدوا فیه لوحا فیه مکتوب : أنا فلان النبی ینبش قبری حبشی ، ما قدمنا وجدناه ، وما أکلنا ربحناه ، وما خلفنا خسرناه ((2)) .

أمالی الصدوق : عن ابن مسرور ، عن ابن عامر ، عن عمه ، عن ابن أبی عمیر ، عن أبان بن عثمان ، عن أبان بن تغلب ، عن عکرمة ، عن ابن عباس قال : إن أول درهم ودینار ضربا فی الأرض نظر إلیهما إبلیس فلما عاینهما أخذهما فوضعهما علی عینیه ، ثم ضمهما إلی صدره ، ثم صرخ صرخة ثم ضمهما إلی صدره ثم قال : أنتما قرة عینی ، وثمرة فؤادی ، ما أبالی من بنی آدم إذا أحبوکما أن لا یعبدوا وثنا ، حسبی من بنی آدم أن یحبوکما((3)).

{وَمَا أَدْرَاکَ مَا الْحُطَمَةُ5 نَارُ اللّهِ الْمُوقَدَةُ6}, سورة الهمزة.

تهویل لعظمتها وقدرتها وسعتها وارتفاعها ولهیبها ورغبتها فی التهام الکثیر فهی لا تشبع من الحطب, والکفار والمنافقون حطبها .

ص: 240

{الَّتِی تَطَّلِعُ عَلَی الاَْفْئِدَةِ7}, سورة الهمزة : تصل النار الجهنمیة الی صدر الکافر وتدخل الی قلبه المستور والمختفی وراء العظام فلا تتمکن السواتر الکثیرة من لحم وعظم من الوقوف فی وجهها وصدها .

{إِنَّهَا عَلَیْهِمْ مُؤصَدَةٌ 8}: (إِنَّها عَلَیْهِمْ مُؤْصَدَةٌ ): مطبقة . من: أوصدت الباب إذا أطبقته . فلا تفکیر فی الفرار مثلما یفر الوهابیون الارهابیون من سجون البلدان بمساعدة الصهاینة والامریکان .

قال: تحنّ إلی أجبال مکّة ناقتی: ومن دونها أبواب صنعاء مؤصدة {فِی عَمَد مُمَدَّدَة9} .سورة

الهمزة : (فِی عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ ): أی: موثّقین فی أعمدة ممدودة مثل المقاطر 1 الَّتی تقطر فیها اللصوص . أو المعنی: توصد علیهم الأبواب, وتمدّد علی الأبواب العمد, استیثاقا فی استیثاق . وذلک لتأکید یأسهم من الخروج, وتیقّنهم بحبس الأبد. وقرأ الکوفیّون غیر حفص بضمّتین .

وروی العیّاشی بإسناده عن محمد بن النعمان الأحول, عن حمران بن أعین, عن أبی جعفر علیه السلام قال : إنّ الکفّار والمشرکین یعیّرون أهل التوحید فی النار, ویقولون: ما نری توحیدکم أغنی عنکم شیئا, وما نحن وأنتم إلَّا سواء . قال: فیأنف لهم الربّ تعالی, فیقول للملائکة: اشفعوا, فیشفعون لمن شاء اللَّه . ثمّ یقول للنبیّین: اشفعوا, فیشفعون لمن شاء اللَّه . ثمّ یقول للمؤمنین: اشفعوا, فیشفعون لمن شاء اللَّه .ویقول اللَّه: أنا أرحم الراحمین اخرجوا برحمتی, فیخرجون کما یخرج الفراش.قال:ثمّ قال أبو جعفر

ص: 241

الامام الباقر علیه السلام : ثمّ مدّت العمد, فأوصدت علیهم, وکان واللَّه الخلود » ((1)) .

هذه السورة رسالة اخلاقیة رائعة لکل البشریة وهی تحذیر لکل الظلمة من الکفار والمنافقین فی الدنیا.

{أَلَمْ تَرَ کَیْفَ فَعَلَ رَبُّکَ بِأَصْحَابِ الْفِیلِ 1 أَلَمْ یَجْعَلْ کَیْدَهُمْ فِی تَضْلِیل2 وَأَرْسَلَ عَلَیْهِمْ طَیْراً أَبَابِیلَ3 تَرْمِیهِمْ بِحِجَارَة مِنْ سِجِّیل4 فَجَعَلَهُمْ کَعَصْف مَأْکُول}5, سورة الفیل.

لم یکن أهل الحجاز قد شاهدوا الفیل فحاول ابرهة اشاعة الفزع والخوف فی اوصالهم وصفوفهم للانتصار علیهم فسمی الجیش بأصحاب الفیل .فابطل الله تعالی کیدهم ومشروعهم الشیطانی بارساله الیهم شیئاً لم یروه طیرا ابابیل ترمیهم بحجارة قویة صلبة .

فاصبحوا بفعل تلک الحجارة السماویة الصلدة الی ما یشبه التبن المنثور المشتت فی کل مکان .

هذا خطاب من الله تعالی لنبیه محمد صلی الله علیه و آله ویتوجه إلی جمیع المکلفین من قومه, یقول لهم علی وجه التنبیه علی عظم الآیة التی أظهرها والمعجزة التی فعلها, منبها بذلک علی توحیده ووجوب إخلاص العبادة له, فقال

(ألم تر) ومعناه ألم تعلم, فالرؤیة_ ههنا_ بمعنی العلم, لان رؤیة البصر لا تتعلق بما قد تقضی وعدم, کأنه قال: ألم تعلم (کیف فعل ربک بأصحاب الفیل) الذین قصدوا هدم البیت وهلاک أهله, فأهلکهم الله تعالی, وکان الذی قصد لهدم البیت أبرهة بن الصباح .

وهو المعروف بأبرهة الأشرم, ویکنی أبا یکسوم . وقیل: إنه لم یسلم من قومه غیره, فولی إلی أهله فکل ما نزل منزلا تساقط منه عضو فلما وصل إلیهم أخبرهم الخبر ثم هلک, وکان أبرهة رجلا من الیمن ملکته الحبشة علیهم, وکان سبب قصده إیاها لتخریبها أنه بنی کنیسة عظیمة أراد ان یحج إلیها بدل الکعبة . وقال الحسن البصری: کان السبب فی ذلک أن العرب هدمت کنیسة للحبشة, وهم نصاری, فأراد تخریب الکعبة فی

ص: 243

مقابلة ذلک, فاقبل فی جمع کثیف معه فیلة, فجعل الله کیدهم فی تضلیل عما قصدوا له من تخریب الکعبة (وأرسل علیهم طیرا أبابیل) فمعنی أبابیل جماعات فی تفرقة زمرة وزمرة لا واحد لها_ فی قول أبی عبیدة والفراء_ کما لا واحد للعبادید والشماطیط . وزعم أبو جعفر الرواسی أنه یسمع فی واحدها أبالة . وقال الکسائی: سمعت النحویین یقولون واحده (أبول) مثل (عجول) وقال بعضهم: (ابیل) وقال ابن عباس معنی أبابیل یتبع بعضها بعضا ((1)) .

وقال قتادة: معنی أبابیل کثیرة متتابعة . وقیل: إنها کانت سود الجریة تحمل فی مناقیرها واکفها الحجارة_ فی قول عبید بن عمیر_ وقیل: کان مع کل طائر ثلاثة أحجار اثنان فی رجلیه وواحد فی منقاره, وقال موسی بن أبی عائشة: کانت الحجارة أکبر من العدسة وأصغر من الحمصة وقیل کان الحجر یقع علی رأس الرجل فیخرج من دبره .

وقیل کان الفیل إذا وجهوه نحو مکة وقف ولم یسر, وإذا وجهوه إلی جهة غیرها سار إنذارا من الله لهم وموعظة, وکان هذا من أعظم المعجزات فی ذلک الوقت أظهره الله تعالی لیدل به علی وجوب معرفته وإخلاص عبادته . وقیل إنه کان ذلک توطیئا لنبوة نبینا صلی الله علیه و آله , لأنه کان ولد فی عام الفیل .

وقوله (ترمیهم بحجارة) أی تقذفهم بحجارة(من سجیل)قال أبو عبیدة کل شدید سجیل . قال ابن مقبل:

ضربا تواصی به الابطال سجیلا وقیل هی حجارة من الجحیم وهی

(سجین) ثم أبدلت النون لاما, کما قالوا فی أصیلان اصیلال . وقیل: معنی من (سجیل) أی من طین مطبوخ کالاجر .

ص: 244

وقیل: هو (سنل وکل) بلغة الفرس . فأعرب, وکذلک روی عن ابن عباس وقوله تعالی (فجعلهم کعصف مأکول) العصف ورق الزرع_ فی قول أبی عبیدة_ وهو عصیفة, لان الریح تعصفه أی تذهب به یمینا وشمالا, وقیل: معنی (کعصف مأکول) أی مأکول الثمرة کما یقال: فلان حسن أی حسن الوجه, فاجری مأکول علی العصف من أجل اکل ثمرته, لان المعنی معلوم للایجاز . وقال قتادة: العصف التبن, ومعنی مأکول قد أکلت بعضه المواشی وکسرت بعضه .

وقال الزجاج: معنی مأکول وقع فیه الاکال . وقیل العصف التبن بلغة بنی حنیفة, وبلسان قریش النحالة . وقصة أصحاب الفیل من الأدلة الواضحة والحجج اللائحة علی الملحدین, ومن أنکر الصانع, لأنه لا یمکن نسب ذلک إلی طبیعة ولا موجب کما تأولوا الزلازل والریاح والخسوف وغیر ذلک مما أهلک الله به الأمم, لأنه لیس فی الطبیعة إقبال طیر بأحجار وتقصد أقواما دون غیرهم حتی تهلکهم بما ترمیهم به, ولا تتعدی إلی غیرهم, بل ذلک من أوضح الأدلة علی أنه من فعل الله تعالی, ولیس لاحد أن یضعف ذلک وینکر الخبر به, لان النبی صلی الله علیه و آله لما قرأ علی أهل مکة هذه السورة, کانوا قریبی عهد بالفیل, فلو لم یکن کذلک ولم یکن له أصل لأنکروه, فکیف وهم أرَّخوا به کما أرخوا بنیان الکعبة وموت قصی وغیره, وقد نظم الشعراء فی قصة الفیل الشعر ونقلته الرواة, فلا یمکن أن یجحدوا ذلک, لأنه مکابرة((1)) .

ص: 245

واصبحت قصة الفیل معجزة من معاجز الاسلام الشهیرة لکن کفار قریش لم ینتفعوا بها .

وقال عبد المطلب لابرهة الحبشی: أنا رب الإبل ، وللبیت رب یحمیه ؟

وعاد عبد المطلب إلی مکة ، وأخبر أهلها أن یلجأوا إلی الجبال المحیطة بها ،وذهب هو وجمع معه إلی جوار البیت لیدعو فأخذ حلقة باب الکعبة وانشد أبیاتهالمعروفة :

لا هم إن المرء یمنع رحله فامنع رحالک

لا یغلبن صلیبهم ومحالهم أبدا محالک

جروا جمیع بلادهم والفیل کی یسبوا عیالک

ولا هم إن المرء یمنع رحله فامنع عیالک

وانصر علی آل الصلیب وعابدیه الیوم آلک

ثم لاذ عبد المطلب وجمع من قریش بإحدی شعاب مکة وأمر أحد ولده أن یصعد علی جبل (أبو قبیس ) لیری ما یجری .

وعاد الابن مسرعا إلی أبیه وأخبره أن سحابة سوداء تتجه من البحر

(البحر الأحمر ) إلی أرض مکة . استبشر عبد المطلب وصاح : " یا معشر قریش ادخلوا منازلکم فقد أتاکم الله بالنصر من عنده " .

من جانب آخر ، توجه أبرهة راکبا فیله المسمی " محمودا " مع جیشه الجرار مخترقا الجبال ومنحدرا إلی مکة ، لکن الفیل أبی أن یتقدم ، أما حینما یوجهوه نحو الیمن یهرول ، تعجب أبرهة من هذا وتحیر .

ص: 246

وفی هذه الأثناء وصلت طیور قادمة من جانب البحر کأنها الخطاطیف((1)) , فأهلکت المعتدین الغاشمین وبددت رؤاهم وأهدافهم .

وقال نجاح الطائی: لم یصدق ابرهة ما قاله عبد المطلب وبعد ساعة هجمت علیهم الطیور الالهیة فقتلهم الله تعالی بها وهی طیور صغیر کالخطاطیف تضرب کل جندی بحجر صغیر فتقتله فاصبح درساً بلیغاً لکل معتد أثیم . وهو درس لکل أصحاب المکیدة والمکر والاحتیال بأن عقابکم قادم عاجلا أم آجلا .

وسمی هذا العام بعام الفیل وأصبح تاریخاً معروفاً للمسلمین یؤرخ به وولد سید الانبیاء محمد صلی الله علیه و آله فی عام الفیل فی 17/ ربیع الاول المصادف لسنة 571 میلادیة .

وعن الصادق علیه السلام من اکثر قرائتها بعثه الله تعالی یوم القیامة علی مرکب من مراکب الجنة حتی یقعد علی موائد النور فی الجنة ((1)) .

بسم الله الرحمن الرحیم

{لإِیلافِ قُرَیْش 1 إِیلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّیْفِ 2 }سورة قریش.

(إیلافهم) ترجمة عن الأول, وبدل منه (رحلة الشتاء والصیف) منصوبة بوقوع إیلافهم علیها .

لإِیلافِ قُرَیْشٍ: متعلَّق بقوله: فَلْیَعْبُدُوا رَبَّ هذَا الْبَیْتِ » . والفاء لما فی الکلام من معنی الشرط, إذ المعنی: أنّ نعم اللَّه علیهم وعلی غیرهم لا تحصی, فإن لم یعبدوه لسائر نعمه فلیعبدوه لأجل: (إِیلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتاءِ والصَّیْفِ ): أی لیعبدوه لاجل الرحلتین اللتین هیأهما لهم :

الرحلة فی الشتاء إلی الیمن_ لأنّها بلدة حارّة_ وفی الصیف إلی الشام, لأنّها بلدة باردة, فیمتارون ویتّجرون .

وکانوا فی رحلتیهم آمنین, لأنّهم أهل حرم اللَّه وولاة بیته, فلا یتعرّض لهم, وغیرهم یتخطَّفون ویغار علیهم.

من فائدة الحرم المکی أن جعل أهل قریش مقدسین لا یقتلهم ولایسرقهم اللصوص فی تجاراتهم من الشام فالهیبة الدینیة لقریش مکنتهم من الحیاة بطمأنینة فانتظم أمرهم ووضعهم , بینما کان الاخرون یتعرضون للقتل والسلب .

ص: 248

حیث کانوا یشترون الثیاب والحبوب والفاکهة المجففة والعطور والجلود والسلاح .

والإیلاف من قولهم: آلفت المکان أولفه إیلافا إذا ألفته, فأنا مؤلف .وقریش ولد النضر بن کنانة . منقول من تصغیر قرش, وهو دابّة عظیمة فی البحر تعبث بالسفن, فلا تطاق إلَّا بالنار . فشبّهوا بها, لأنّها تأکل ولا تؤکل, وتعلو ولا تعلی .

وعن معاویة: أنّه سأل ابن عبّاس لم سمّیت قریش ؟ قال: لدابّة تکون فی البحر من أعظم دوابّه, یقال لها: قریش(قرش), لا تمرّ بشیء من الغثّ والسمین إلَّا أکلته . وصغّر الاسم للتعظیم ((1)) .

وقیل: من القرش, وهو الکسب, لأنّهم کانوا کسّابین بتجاراتهم وضربهم فی البلاد, ولم یکونوا أصحاب ضرع ولا زرع .

والی یومنا هذا یحترم الکثیر من المسلمین أهل مکة ویأخذون منهم الاحکام الشرعیة متصورین صحتها بینما غیَّر الوهابیون الدین وحرفوه .

القمی: (نزلت فی قریش, لأنه کان معاشهم من الرحلتین: رحلة فی الشتاء إلی الیمن, ورحلة فی الصیف إلی الشام, وکانوا یحملون من مکة الأدم واللب, وما یقع من ناحیة البحر من الفلفل وغیره, فیشترون بالشام الثیاب والدرمک والحبوب, وکانوا یتألفون فی طریقهم, ویثبتون فی الخروج فی کل خرجة رئیسا من رؤساء قریش, وکان معاشهم من ذلک . فلما بعث الله

ص: 249

نبیه صلی الله علیه و آله استغنوا عن ذلک, لأن الناس وفدوا علی رسول الله صلی الله علیه و آله فلا یحتاجون أن یذهبوا إلی الشام) ((1)) .

لقد أصبح اقتصاد مکة متطورا بفضل الحجاج المسلمین القادمین الی مکة فاستغنت عن الامور الاخری . وتطورت تجارتهم مع الیمن .

وجاء فی الحدیث النبوی صلی الله علیه و آله فی مدح الیمن: أن الإیمان یمانی والحکمة یمانیة ولولا الهجرة لکنت امرءا من أهل الیمن ((2)) .

وقال العینی فی «عمدة القاری» (15/192): "وقیل: إنما قال هذا القول للأنصار؛ لأنهم یمانیون، وهم نصروا الإیمان والمؤمنین .

وقال الطبرانی فی «المعجم الصغیر» (ص322): "وفسر هذا الحدیث أهل العلم، فقال بعضهم: أراد به الأنصارخاصة، وقال بعضهم: أراد قبائل الیمن عامة". وقد أورد هذا الحدیث الإمام أحمد فی کتابه «فضائل الصحابة» فی "فضائل أهل الیمن".

وأورده الترمذی فی «الجامع» (5/726) فی "باب فی فضل الیمن".

وبوّب علیه ابن حبان فی «صحیحه» (16/286) قال: "ذکر إضافة المصطفی صلی الله علیه و آله الإیمان والفقه والحکمة إلی أهل الیمن".

وقال تعالی: {" ولقد آتینا لقمان الحکمة}((1)) ", قال: الفهم والعقل((2)) .

غیبة

النعمانی: عن جابر بن عبد الله الأنصاری قال: وقف علی رسول الله صلی الله علیه و آله أهل الیمن یبشون بشیشا, فلما دخلوا علی رسول الله ,قال صلی الله علیه و آله : قوم رقیقة قلوبهم, راسخ إیمانهم, منهم المنصور یخرج فی سبعین ألفا ینصر خلفی وخلف وصیی, حمائل سیوفهم المسد, فقالوا: یا رسول الله ومن وصیک ؟ فقال صلی الله علیه و آله : هو الذی أمرکم الله بالاعتصام به, فقال عز وجل:

(واعتصموا بحبل الله جمیعا ولا تفرقوا)_ إلی أن قالوا:_ یا رسول الله بالذی بعثک بالحق أرناه فقد اشتقنا إلیه, فقال صلی الله علیه و آله : هو الذی جعله الله آیة للمؤمنین, فإن نظرتم إلیه نظر من کان له قلب أو ألقی السمع وهو شهید عرفتم أنه وصیی کما عرفتم أنی نبیکم, تخللوا الصفوف وتصفحوا الوجوه

ص: 251

فمن أهوت إلیه قلوبکم فإنه هو, لأن الله یقول: (فاجعل أفئدة من الناس تهوی إلیهم) إلیه وإلی ذریته_ الحدیث .

وحاصله أنه قام جمع وتصفحوا الوجوه وأخذوا بید الأنزع الأصلع البطین ((1)) , وقالوا: إلی هذا أهوت أفئدتنا یا رسول الله, فرفعوا أصواتهم یبکون, قال: فبقی هؤلاء القوم المتوسمون حتی شهدوا مع أمیر المؤمنین علیه السلام الجمل وصفین . وکان النبی صلی الله علیه و آله بشرهم بالجنة وأخبرهم أنهم یستشهدون مع علی بن أبی طالب علیه السلام .بیان: " یبشون " من البشاشة وهی طلاقة الوجه . والمسد: حبل من لیف أو خوص . والمنصور هو الذی یخرج من الیمن قریبا من زمان القائم علیه السلام ((2)) .

{ فَلْیَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَیْتِ 3 الَّذِی أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوع وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْف}4,سورة قریش: ابن شهر آشوب : روی أن النبی ( صلی الله علیه و آله ) قال : « اللهم العن رعلا وذکوان ، أللهم اشدد وطأتک علی مضر ، اللهم اجعل سنیهم کسنی یوسف » . ففی الخبر أن الرجل منهم کان یلقی صاحبه فلا یمکنه الدنو ، فإذا دنا منه لا یبصره من شدة دخان الجوع ، وکان یجلب إلیهم من کل ناحیة ، فإذا اشتروه وقبضوه لم یصلوا به إلی بیوتهم حتی یتسوس وینتن ، فأکلوا الکلاب المیتة والجیف والجلود ، ونبشوا القبور ،

ص: 252

وأحرقوا عظام الموتی فأکلوها ، وأکلت المرأة طفلها ، وکان الدخان یتراکم بین السماء والأرض ، وذلک قوله تعالی :

( فَارْتَقِبْ یَوْمَ تَأْتِی السَّماءُ بِدُخانٍ مُبِینٍ یَغْشَی النَّاسَ هذا عَذابٌ أَلِیمٌ ) .فقال أبو سفیان ورؤساء قریش : یا محمد ، أتأمرنا بصلة الرحم ، فأدرک قومک فقد هلکوا فدعا لهم ، وذلک قوله تعالی : ( رَبَّنَا اکْشِفْ عَنَّا الْعَذابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ ) ، فقال الله تعالی : ( إِنَّا کاشِفُوا الْعَذابِ قَلِیلًا إِنَّکُمْ عائِدُونَ ) ، فعاد إلیهم الخصب والدعة ، وهو قوله تعالی : فَلْیَعْبُدُوا رَبَّ هذَا الْبَیْتِ الَّذِی أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ )((1)) .

وقال تعالی ربنا إنی أسکنت من ذریتی بواد غیر ذی زرع عند بیتک المحرم ربنا لیقیموا الصلاة فاجعل أفئدة من الناس تهوی إلیهم وارزقهم من الثمرات لعلهم یشکرون .

وقال النبی صلی الله علیه و آله : نعمتان مجهولتان العافیة والأمان .

ووالله هو الذی أطعم البشریة قال تعالی : إنَّ هَذَا لَرِزْقُنَا مَا لَهُ مِنْ نَفَاد54* _ سورة ص .

{ وَمَا مِنْ دَابَّة فِی الأرْضِ إلا عَلَی اللّهِ رِزْقُهَا وَیَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا کُلٌّ فِی کِتَاب مُبِین_ سورة هود 6 }.

وقال تعالی :{ وَاللّهُ جَعَلَ لَکُمْ مِنْ أنفُسِکُمْ أزْوَاجاً وَجَعَلَ لَکُمْ مِنْ أزْوَاجِکُمْ بَنِینَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَکُمْ مِنَ الطَّیِّبَاتِ أفَبِالبَاطِلِ یُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللّهِ هُمْ یَکْفُرُونَ 72* } سورة النحل 16.

ص: 253

وقد اهتم الاسلام بالقوت والعافیة والامن للناس کافة لکن الکافرین والمنافقین والیهود دیدنهم الحروب والفتن .

وأشد العجب أن تری الناس یأکلون من المائدة الالهیة المهیأة للجمیع ویعبدون فروجهم وقیاداتهم واحزابهم الشیطانیة , ولا یعیرون أهمیة للفقراء والمساکین .

بسم الله الرحمن الرحیم

{أَرَأَیْتَ الَّذِی یُکَذِّبُ بِالدِّینِ }1, سورة الماعون: بولایة أمیر المؤمنین علی ((1)) .فولایة علی علیه السلام هی الدین وهی الولایة الواجب الدفاع عنها وتبلیغها للمسلمین .

وقال النبی صلی الله علیه و آله : علی علیه السلام عمود الدین وهذا هو الذی یضرب الناس بالسیف علی الحق بعدی((2)) .

وعن لسان النبی صلی الله علیه و آله قال: من أراد أن ینظر إلی آدم فی علمه , وإلی نوح فی فهمه , وإلی إبراهیم فی حلمه , وإلی یحیی بن زکریا فی زهده , وإلی موسی بن عمران فی بطشه , فلینظر إلی علی بن ابی طالب((3)) .

لکن معظم المسلمین نسوا الدین وترکوا حدیث الثقلین فی القرآن وأهل البیت علیهم السلام , وساروا علی المذاهب الاربعة التی صنعتها الحکومة العباسیة , ویتبعون ابن تیمیة والاشعری وابن عبد الوهاب , وکلهم متأخرون فی الزمان علی النبی الاعظم صلی الله علیه و آله أو جاءوا من البلدان الاعجمیة المفتوحة .

ص: 255

{فَذَلِکَ الَّذِی یَدُعُّ الْیَتِیمَ 2وَلا یَحُضُّ عَلَی طَعَامِ الْمِسْکِینِ3,} سورة

الماعون: " یدع الیتیم " أی یدفعه بعنف " ولا یحض علی طعام المسکین " أی لا یطعمه ولا یحث علیه إذا عجز((1)) .

اللغة: الدع: الدفع بشدة, ومنه الدعدعة: تحریکک المکیال لیستوعب الشئ, کأنک تدفعه . والحض والحث والتحریض بمعنی واحد .

والماعون: کل ما فیه منفعة فالماعون: القلیل القیامة مما فیه منفعة . والکثیر من الناس یهضمون حق الیتیم والمسکین فیسرقوهم ویحتالون علیهم ولا یعطوهم حقوقهم فی الطعام والسکن والدراسة والصحة .

هذه الرموز والحواشی والمؤسسات الظالمة للیتیم والمسکین یوصمهم الباری بعدم الاعتقاد بالاسلام وتکذیبهم له رغم انهم یصلُّون ویحجون ویصومون . وهذه الرموز السیاسیة والدینیة والمالیة والحزبیة المستکبرة متفقة ومتآمرة مع بعضها علی سلب أموال الایتام والمساکین .

{فَوَیْلٌ لِلْمُصَلِّینَ4 الَّذِینَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ5 الَّذِینَ هُمْ یُرَاءُونَ6 وَیَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ }7, سورة الماعون.

المعنی: خاطب الله تعالی نبیه صلی الله علیه و آله فقال: (أرأیت) یا محمد (الذی یکذب بالدین) أی هذا الکافر الذی یکذب بالجزاء والحساب, وینکر البعث مع وضوح الأمر فی ذلک, وقیام الحجج علی صحته . وإنما ذکره سبحانه بلفظ الاستفهام إرادة للمبالغة فی الإفهام أن التکذیب بالجزاء, من أضر شئ علی صاحبه, لأنه یعدم بذلک أکثر الدواعی إلی الخیر, والصوارف عن الشر, فهو یتهالک فی الإسراع إلی الشر الذی یدعوه إلیه طبعه, إذ لا یخاف عواقب الضرر فیه .

ص: 256

قیل: نزلت فی أبی سفیان بن حرب, کان ینحر فی کل أسبوع جزورین, فأتاه یتیم فسأله شیئا, فقرعه بعصاه, عن ابن جریج .

وجاء: یرید الکفار والمنافقین الذین لا یعیرون الصلاة أهمیة, فإذا کانوا مع المؤمنین صلوها ریاءً, وإذا لم یکونوا معهم لم یصلوا, وهو قوله (الذین هم یراؤون) عن الامام علی علیه السلام وابن عباس .

وروی العیاشی بالإسناد عن یونس بن عمار, عن أبی عبد الله جعفر الصادق علیه السلام قال: سألته عن قوله (الذین هم عن صلاتهم ساهون) أهی وسوسة الشیطان ؟

فقال: لا کل أحد یصیبه هذا, ولکن أن یغفلها, ویدع أن یصلی فی أول وقتها .

وقال أنس: الحمد لله الذی قال: (عن صلاتهم ), ولم یقل فی صلاتهم .

یرید بذلک أن السهو الذی یقع للإنسان فی صلاته من غیر عمد, لا یعاقب علیه .

وعن أبی أسامة زید الشحام, قال: سألت أبا عبد الله علیه السلام عن قول الله (الذین هم عن صلاتهم ساهون) قال: هو الترک لها, والتوانی عنها .

(ویمنعون الماعون ): هی الزکاة المفروضة وکل خیر من عمل ومنفعة واستشارة .

وفی روایة: (هو ما یتعاوره الناس بینهم من الصغیر والکبیر لتمشیة أمورهم مثل المسحاة والدلو والفأس, وما لا یمنع کالماء والملح) .

وفی أخری: (هو القرض تقرضه والمعروف تصنعه ومتاع البیت تعیره, ومنه الزکاة) .

وروی عن الامام علی علیه السلام أنه قال: الماعون الزکاة .

ص: 257

وعن محمد بن الفضیل قال : سألت عبدا صالحا ( علیه السلام ) عن قول الله عز وجل : " الذین هم عن صلاتهم ساهون " قال : هو التضییع ((1)) .

وعن علی بن إبراهیم ، عن أبیه ، عن ابن أبی عمیر ، عن عمر بن أذینة ، عن زرارة عن أبی جعفر ( علیه السلام ) قال : بینا رسول الله ( صلی الله علیه و آله ) جالس فی المسجد إذ دخل رجل فقام یصلی فلم یتم رکوعه ولا سجوده فقال ( صلی الله علیه و آله ) : نقر کنقر الغراب لئن مات هذا وهکذا صلاته لیموتن علی غیر دینی ((2)) .

وقال نجاح الطائی: یقصد الباری سبحانه تارکی الصلاة والغافلین عنها عمدا وعن وقتها وأرکانها وشروطها والممتنعین عن أداء الزکاة والخمس واطعام الایتام والمساکین . ویقصد به المسلم الذی لا یزکی ولا یخمس ولا یصلی فلا زکی ولا صلی.

اذن المکذب بالدین هو المکذب لولایة علی علیه السلام والناهر للیتیم ولا یطعم المسکین .

والویل لتارکی الصلاة المرائین فی أعمالهم الدینیة والعبادیة والمانعین للزکاة المفروضة علیهم . وهؤلاء هم المستکبرون الذین غرَّتهم الدنیا

ص: 258

الفانیة , قال أمیر المؤمنین علیه السلام عجبت لابن آدم أوله نطفة وآخره جیفة وهو قائم بینهما وعاء للغائط کیف یتکبر ((1)) .

بسم الله الرحمن الرحیم

{إِنَّا أَعْطَیْنَاکَ الْکَوْثَرَ} 1, سورة

الکوثر.

قال النبی محمد صلی الله علیه و آله : الکوثر: نهر فی الجنة یجری تحت عرش الله تعالی . وقال النبی صلی الله علیه و آله : أعطانی الله تعالی خمساً وأعطی علیاً خمساً, أعطانی جوامع الکلم وأعطی علیاً جوامع الکلم (القرآن) وجعلنی نبیاً وجعله وصیاً وأعطانی الکوثر وأعطاه السلسبیل, وأعطانی الوحی وأعطاه الالهام, وأسری بی الیه وفتح لی ابواب السماء والحجب ((1)) .

وقال النبی صلی الله علیه و آله : لو أنَّ الملائکة المقربین والأنبیاء والمرسلین اجتمعوا علی بغضه (علی علیه السلام ) ولن یفعلوا لعذبهم الله تعالی بالنار ((2)).

وقد أعطی الله تعالی فاطمة للنبی وهی أم الائمة الاشراف الخلفاء الراشدین الصدیقین . وکانت فاطمة ( علیها السلام ) طاهرة بنصّ القرآن الکریم وکلمت امها فی بطنها ولم ترَ دماً قط فی حیض ولا نفاس ((3)).

وقال الله تعالی للنبی عنها علیها السلام : (إِنّا أَعْطَیْناکَ الْکَوْثَرَ)((4)).

الحسکانی الحنفی: قال النبی صلی الله علیه و آله : أریت الکوثر فی الجنة أریت منازلی ومنازل أهل بیتی ((5)).

ص: 260

قال الفخر الرازی: الکوثر أولاده صلی الله علیه و آله لأن هذه السورة نزلت رداً علی من عابه بعدم الأولاد, فالمعنی أنه یعطیه نسلا یبقون علی مرّ الزمان, فانظر کم قتل من أهل البیت ! ثمّ العالم ممتلئ منهم, ولم یبقَ من بنی اُمیة فی الدنیا أحدٌ یُعبأ به((1)).

الطبرسی: قال الطبرسی فی تفسیره جوامع الجامع عن الکوثر: هو کثرة النسل والذریة, وقد ظهر ذلک فی نسله من ولد فاطمة( علیها السلام ), إذ لا ینحصر عددهم, ویتصل بحمد اللّه إلی آخر الدهر مددهم, وهذا یطابق ما ورد فی سبب نزول السورة, وهو: أن العاص بن وائل السهمی سماه الأبتر لمّا توفی ابنه عبد اللّه, فیکون تنفیساً عن النبی صلی الله علیه و آله ما وجد فی نفسه الکبیرة من جهة مقالهم وهدماً لمحالهم((2)).

وجاء: إنّ کثرة ذریته صلی الله علیه و آله هی المرادة وحدها بالکوثر الذی اُعطیه النبی صلی الله علیه و آله , أو المراد بها الخیر الکثیر, وکثرة الذریة مراده فی ضمن الخیر الکثیر, ولولا ذلک لکان تحقیق الکلام بقوله: (إِنَّ شَانِئَکَ هُوَ الأَبْتَرُ) خالیاً من الفائدة.

وقد استفاضت الروایات: أنّ السورة إنما نزلت فیمن عابه صلی الله علیه و آله بالبتر بعدما مات ابناه القاسم وعبد اللّه, وبذلک یندفع ما قیل من أن مراد الشانئ بقوله

ص: 261

:أبتر , المنقطع عن قومه أو المنقطع عن الخیر, فرد اللّه علیه بأنه هو المنقطع من کل خیر.

وفی قوله: (إِنّا أَعْطَیْناکَ الْکَوْثَرَ) من الامتنان علیه صلی الله علیه و آله جیء بلفظ المتکلم مع الغیر الدال علی العظمة, ولما فیه من تطییب نفسه الشریفة أکدت الجملة ب- :إنّ وعبّر بلفظ الإعطاء الظاهر فی التملیک, والجملة لا تخلو من دلالة علی أن ولد فاطمة( علیها السلام )ذریته صلی الله علیه و آله , وهذا فی نفسه من ملاحم القرآن الکریم, فقد کثّر اللّه تعالی نسله بعده کثرةً لا یعادلهم فیها أی نسل آخر مع ما نزل علیهم من النوائب, وأفنی جموعهم من المقاتل الذریعة((1)).

وقال النبی صلی الله علیه و آله : أعطانی اللّه تعالی الکوثر وأعطی علیاً السلسبیل((2)).

وقال النبی صلی الله علیه و آله : من أحب علیاً علیه السلام لا یخرج من الدنیا حتی یشرب من حوض الکوثر ویأکل من شجرة طوبی ویری مکانه من الجنة((3)).

وقال النبی صلی الله علیه و آله لعلی علیه السلام : الکوثر نهر فی الجنة((4)).

وعن أبی جعفر محمد بن علی علیه السلام قال : لما أنزل الله تعالی علی نبیه محمد صلی الله علیه و آله : (إنا أعطیناک الکوثر) قال له أمیر المؤمنین علی بن أبی طالب علیه السلام : یا رسول الله لقد شرف الله هذا النهر وکرمه فانعته لنا ؟ قال : نعم یا علی, الکوثر نهر یجری من تحت عرش الله ، ماؤه أبیض من اللبن وأحلی من العسل وألین من الزبد ، حصاه الدر والیاقوت والمرجان ، ترابه المسک

ص: 262

الأذفر وحشیشه الزعفران ، سنخ قوائمه عرش رب العالمین ، ثمره کأمثال القلال من الزبرجد الأخضر والیاقوت الأحمر والدر الأبیض یستبین ظاهره من باطنه وباطنه من ظاهره . فبکی النبی صلی الله علیه و آله وأصحابه ثم ضرب بیده إلی علی بن أبی طالب فقال : والله یا علی ما هو لی وحدی وإنما هو لی ولک ولمحبیک من بعدی ((1)) .

وعن النَّبیِّ صلی الله علیه و آله : إنَّ ابنتی فاطمة حوراء آدمیَّة لأنَّها لم تحض ولم تطمث

وعنه صلی الله علیه و آله : سمّیت فاطمة بتولاً لأنّها تبتّلت وتقطّعت عمّا هو معتاد العورات فی کلِّ شهر, ولأنَّها ترجع کلَّ لیلة بکراً, وسمِّیت مریم بتولاً لأنَّها ولدت عیسی بکراً ((2)) .

وعن النبی صلی الله علیه و آله : إنَّما سمّیت فاطمة البتول لأنَّها تبتّلت من الحیض والنِّفاس((3)) . وعن علیٍّ علیه السلام قال: إنَّ النَّبیِّ صلی الله علیه و آله سئل عن بتول : إنّا سمعناک یا رسول الله صلی الله علیه و آله تقول: مریم بتول, وفاطمة بتول ؟ فقال: البتول لم تر حمرة قطُّ - أی لم تحض - فإنَّ الحیض مکروه فی بنات الأنبیاء((4)) المعصومات منهن .

ص: 263

وعن أبی جعفر علیه السلام , عن آبائه علیه السلام قال: إنّما سمِّیت فاطمة بنت محمّد صلی الله علیه و آله الطاهرة, لطهارتها من کلِّ دنس, وطهارتها من کلِّ رفث ; وما رأت قطُّ یوماً حمرة ولا نفاساً((1)) .

وفی الحدیث القدسی لله عزَّوجلَّ: إنّی فطمتک بالعلم, وفطمتک عن الطَّمث . ثمَّ قال أبو جعفر الامام الباقر علیه السلام : والله لقد فطمها - تبارک وتعالی - بالعلم وعن الطَّمث بالمیثاق((2)).

وقال رسول الله صلی الله علیه و آله لعائشة: یا حمیرا ((3)) , إنَّ فاطمة لیست کنساء الآدمیّین, لا تعتلُّ کما تعتلیّن((4)) .

قال نجاح الطائی: والصحیح ان الکوثر هو المجموع: فاطمة وأولادها الائمة المعصومین علیهم السلام وذریتهم والنبوة والکتاب المجید ونهر الکوثر کل هذا أعطاه الله تعالی لرسوله محمد صلی الله علیه و آله .

وقال سعید بن جبیر: نهر الکوثر جزء من ذلک الخیر الکثیر((5)).

وجاء: الکوثر فی الآیة الخیر الکثیر((6)).

ص: 264

وقیل: هو النبوة والکتاب((1)).

النتیجة: من هذه الروایات الحدیثیة واطلاق الایة القرآنیة أن الکوثر هو الخیر الکثیر المعطی لرسول الله وهو النبوة و القرآن الکریم وفاطمة وبعلها وأولادها الخلفاء الائمة وذریتهم ونهر الکوثر .

{فَصَلِّ لِرَبِّکَ وَانْحَرْ}2, سورة

الکوثر: فصل صلاة العید, لأنه أعقبها بالنحر أی: وانحر هدیک وأضحیتک, عن عطاء وعکرمة وقتادة .

وقیل: معناه فصل لربک صلاة الغداة المفروضة بجمع, وانحر البدن بمنی, عن سعید بن جبیر ومجاهد .

وقال نجاح الطائی: الخطاب للنبی والمعنی عموم المسلمین ویعنی صلی الصلاة لربک وأنحر فی سبیل الله وأجعله طعاماً للفقراء والمساکین .

{ إِنَّ شَانِئَکَ هُوَ الاَْبْتَرُ3 }, سورة الکوثر.

قال ابن عساکر فی تاریخ دمشق: روی الزبیر بن بکار عن ابن عباس فی سبب نزول انا اعطیناک الکوثر ان خدیجة ولدت عبد الله بن رسول الله صلی الله علیه و آله ثم ابطا علیها الولد من بعد فبینما رسول الله صلی الله علیه و آله یکلم رجلا والعاص بن وائل والد عمرو بن العاص ینظر الیه إذ قال له رجل :من هذ؟ا قال العاص: هذا الابتر .فانزل الله تعالی: ان شانئک هو الابتر ای مبغضک هو الابتر الذی بتر من کل خیر ((2)) أی

العاص بن وائل السهمی .

ص: 265

فی التفاسیر لما مات إبراهیم ابن رسول الله((1)) صلی الله علیه و آله هجاه بثمانین بیتا فقال رسول الله صلی الله علیه و آله : اللهم إن عمرا هجانی ولا أحسن الشعر اللهم فالعنه

بکل بیت سبعین لعنة ، فنزل فیه ( إن شانئک هو الأبتر ) ((2)).

فی التفاسیر لما مات إبراهیم ((3)) ابن رسول الله صلی الله علیه و آله هجاه بثمانین بیتا فقال رسول الله صلی الله علیه و آله : اللهم إن عمرا (بن العاص) هجانی ولا أحسن الشعر اللهم فالعنه بکل بیت سبعین لعنة ، فنزل فیه ( إن شانئک هو الأبتر ) . وقال (عمرو بن العاص) بمصر علی المنبر : محی من کتاب الله ألف حرف وزید فیه ألف حرف وبذلت مائة ألف علی أن تمحی ( إن شانئک هو الأبتر ) فما استوی ((4)) .

وفی العقد : سمعه ابن عباس یزکی نفسه ، فقال : بعت دینک من معاویة ، و مناک ما بید غیره ، فلما صارت مصر بیدک ، کدرها بالعزل علیک ، وکدرت مشاهدک بصفین ، فوالله ما ثقلت علینا وطأتک ولقد کشفت فیها عورتک ولقد کنت طویل اللسان ، قصیر السنان ، آخر الخیل إذا أقبلت ، وأولها إذا أدبرت ، لک ید لا تبسطها إلی خیر ، وأخری لا تقبضها عن شر ،

ص: 266

فأصغر عیب فیک أعظم عیب فی غیرک ، وهذا علی قول عمر : لما بعث یطلب مصر من معاویة :

معاوی لا أعطیک دینی ولم أنل * به منک دنیا فانظرن کیف تصنع

فإن تعطنی مصرا فأربح بصفقة * أخذت بها شیخا یضر وینفع

ولما عزله قال ابن عمر له :

ألا یا عمرو ما أحرزت مصرا * ولا أنت الغداة إلی رشاد

أبعت الدین بالدنیا خسارا * فأنت بذاک من شر العباد

وروی أنه بارز بصفین قائلا :

یا قادة الکوفة یا أهل الفتن * یا قاتلی عثمان ذاک المؤتمن

کفی بهذا حزنا من الحزن * أضربکم ولا رأی أبا الحسن

فتثاقل عنه علی وکان متنکرا حتی تبعه وأنشأ :

أنا الغلام القرشی المؤتمن * الماجد الأبلج لیث کالشطن

رضی به السادة من أهل الیمن * أبو الحسین فاعلمن أبا الحسن

فهرب فطعنه فوقعت فی ذیل درعه ، فاستلقی وأبدی عن عورته ، فصفح عنه حیاء وتکرما وأنشأ معاویة :

ألا لله من هفوات عمرو * یعاتبنی علی ترک البراز

فقد لاقی أبا حسن علیا * فآب الوائلین مآب خاز

ولو لم یبد عورته لأدی * إلی الشیخ یذلل کل باز ((1))

قال : قلت لأبی عبد الله جعفر الصادق ( علیه السلام ) لیس فی القرآن : بنی هاشم ؟ قال : « محیت والله فیما محی ، ولقد قال عمرو بن العاص علی منبر

ص: 267

مصر : محی من کتاب الله ألف حرف ، وحرف منه بألف حرف ، وأعطیت مائتی ألف درهم علی أن أمحی إِنَّ شانِئَکَ هُوَ الأَبْتَرُ ) ، فقالوا : لا یجوز ذلک فکیف جاز ذلک لهم ولم یجز لی ؟ فبلغ ذلک معاویة ، فکتب إلیه : قد بلغنی ما قلت علی منبر مصر ، ولست هناک » ((1)).

وقال ابن عباس: أما والله یا عمرو إنی لأبغضک فی الله ، وما أعتذر منه ، إنک قمت خطیبا فقلت : أنا شانئ محمد ، فأنزل الله عز وجل : " إن شانئک هو الأبتر " فأنت أبتر الدین والدنیا وأنت شانئ محمد فی الجاهلیة والإسلام ، وقد قال الله تبارک وتعالی : " لا تجد قوما یؤمنون بالله والیوم الآخر یوادون من حاد الله ورسوله " .

وقد حاددت الله ورسوله قدیما وحدیثا ولقد جهدت علی رسول الله جهدک وأجلبت علیه بخیلک ورجلک حتی إذا غلبک الله علی أمرک ، ورد کیدک فی نحرک ، وأوهن قوتک ، وأکذب أحدوثتک ، نزعت أنت حسیر .

ثم کدت بجهدک لعداوة أهل بیت نبیه من بعده ، لیس بک فی ذلک حب معاویة ولا آل معاویة إلا العداوة لله عز وجل ولرسوله صلی الله علیه و آله مع بغضک وحسدک القدیم لأبناء عبد مناف ، ومثلک فی ذلک کما قال الأول :

تعرض لی عمرو وعمرو خزایة * تعرض ضبع القفر للأسد الورد

فما هو لی ند فأشتم عرضه * ولا هو لی عبد فأبطش بالعبد

فتکلم عمرو بن العاص فقطع علیه معاویة وقال : أما والله یا عمرو ما أنت من رجاله ، فإن شئت فقل وإن شئت فدع ، فاغتنمها عمرو وسکت ((2)).

ص: 268

وقال نجاح الطائی: الامر مطلق فی أعداء الرسول الاکرم بأن شانیء النبی صلی الله علیه و آله أبتر من کل خیر وکیف لا یکون أبتر وسوف یلقی فی لهیب الجحیم وطعامه الضریع: {لَیْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلا مِنْ ضَرِیع }, سورة الغاشیة 6 .

طعام عبارة عن جیفة رائحته کریهة منظره بشع .

هذا حال من خالف الرسول الاعظم وشارک فی قتله ومن قال له فی یوم شهادته:یهجر, وقتل ابنته

والذین قتلوا ولدیها الحسن والحسین علیهم السلام وباقی الائمة واغتصب الخلافة العظمی للمسلمین .

وقال رسول الله صلی الله علیه و آله من قرأ سورة الکافرون یعافی من فزع الیوم فمروا صبیانکم أن یقرأوها عند المنام فلا یعرض لهم شیء((1)) .

المجلسی : فیه ( أی فی المجلّد الأوّل من کتاب المجموع الرائق للسیّد الجلیل هبة اللّه بن أبی محمّد الموسوی ) : أنّ من قرأ سورة " الکافرون " نصف اللیل من لیلة الجمعة ، رأی النبی ( صلی الله علیه و آله )((2)) .

تفسیر البیضاوی ج 5 ص 538 :عن النبی صلی الله علیه و آله من قرأ سورة الکافرون فکأنما قرأ ربع القرآن وتباعدت عنه مردة الشیاطین وبرئ من الشرک .

وکان الامام علی الرضا علیه السلام یجهر ب " بسم اللّه الرحمن الرحیم " فی جمیع صلاته باللیل والنهار ، وکان إذا قرأ " قل هو اللّه أحد " قال سرّاً : اللّه أحد ، فإذا فرغ منها قال : کذلک اللّه ربّنا ثلاثاً ، وکان إذا قرأ سورة " الجحد " قال فی نفسه سرّاً : یا أیّها الکافرون ، فإذا فرغ منها قال : ربّی اللّه ودینی الإسلام ثلاثاً ، وکان إذا قرأ و " التین والزیتون " قال عند الفراغ منها : بلی ، وإنّا علی ذلک من الشاهدین ، وکان إذا قرأ " لا أقسم بیوم القیامة " قال عند الفراغ منها : سبحانک اللّهمّ ، وکان یقرأ فی سورة " الجمعة " : قل ما عند اللّه خیر من اللهو ومن التجارة للذین اتّقوا واللّه خیر الرازقین .

وکان إذا فرغ من " الفاتحة " قال : الحمد للّه ربّ العالمین ، وإذا قرأ " سبّح اسم ربّک الأعلی " قال سرّاً : سبحان ربّی الأعلی ، وإذا قرأ " یا أیّها الذین آمنوا " قال : لبّیک اللّهمّ لبّیک سرّاً .

بسم الله الرحمن الرحیم

ص: 270

{قُلْ یَا أَیُّهَا الْکَافِرُونَ 1 لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ 2 وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ3 وَلا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدتُّمْ4 وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ5 لَکُمْ دِینُکُمْ وَلِیَ دِینِ} 6 , سورة الکافرون.

عن أبی عبد الله جعفر الصادق علیه السلام , قال: {إذا قلت: لا أَعْبُدُ ما تَعْبُدُونَ} فقل: ولکنی أعبد الله مخلصا له دینی, فإذا فرغت منها, فقل: دینی الإسلام ثلاث مرات» ((1)) .

ومن (خواص القرآن ): روی عن النبی صلی الله علیه و آله أنه قال: من قرأ هذه السورة أعطاه الله تعالی من الأجر کأنما قرأ ربع القرآن, وتباعدت عنه مؤذیة الشیطان, ونجاه الله تعالی من فزع یوم القیامة, ومن قرأها عند منامه, لم یتعرض إلیه شیء فی منامه, فعلِّموها صبیانکم عند النوم, ومن قرأها عند طلوع الشمس عشر مرات, ودعا بما أراد من الدنیا والآخرة استجاب الله له ما لم یکن معصیة یفعلها » .

الطبرسی: روی داود بن الحصین, عن أبی عبد الله جعفر الصادق علیه السلام , قال: إذا قلت: {قُلْ یا أَیُّهَا الْکافِرُونَ}فقل: یا أیها الکافرون وإذا قلت: لا أَعْبُدُ ما تَعْبُدُونَ, فقل: أعبد الله وحده, وإذا قلت: لَکُمْ دِینُکُمْ ولِیَ دِینِ فقل: ربی الله, ودینی الإسلام » ((2)).

قوله تعالی: (بِسْمِ اللَّه الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ قُلْ یا أَیُّهَا الْکافِرُونَ)_ إلی قوله تعالی _: (لَکُمْ دِینُکُمْ ولِیَ دِینِ) .

ص: 271

علی بن إبراهیم, قال: حدثنی أبی, عن محمد بن أبی عمیر, قال: سأل أبو شاکر أبا جعفر الأحول, عن قول الله عز وجل: (قُلْ یا أَیُّهَا الْکافِرُونَ لا أَعْبُدُ ما تَعْبُدُونَ ولا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ ولا أَنا عابِدٌ ما عَبَدْتُّمْ ولا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ ): فهل یتکلم الحکیم بمثل هذا القول ویکرره مرة بعد

مرة ؟ فلم یکن عند أبی جعفر الأحول فی ذلک جواب, فدخل المدینة, فسأل أبا عبد الله علیه السلام عن ذلک, فقال: کان سبب نزولها وتکرارها أن قریشا قالت لرسول الله ( صلی الله علیه و آله ): تعبد آلهتنا سنة, ونعبد إلهک سنة, وتعبد آلهتنا سنة, ونعبد إلهک سنة, فأجابهم الله بمثل ما قالوا, فقال فیما قالوا: تعبد آلهتنا سنة:

(قُلْ یا أَیُّهَا الْکافِرُونَ لا أَعْبُدُ ما تَعْبُدُونَ ): , وفیما قالوا: نعبد إلهک سنة: (ولا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ ): وفیما قالوا: تعبد آلهتنا سنة: (ولا أَنا عابِدٌ ما عَبَدْتُّمْ ): وفیما قالوا: نعبدک إلهک سنة: (ولا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ لَکُمْ دِینُکُمْ ولِیَ دِینِ ): » . قال: فرجع أبو جعفر الأحول إلی أبی شاکر فأخبره بذلک, فقال أبو شاکر: هذا حملته الإبل من الحجاز, وکان أبو عبد الله جعفرالصادق ( علیه السلام ) إذا فرغ من قراءتها یقول: دینی الإسلام » ثلاثا ((1)) .

ومن قرأ سورة التوحید ثلاث مرات کأنما قرأن القرآن کله ومن قرأ هذه السورة أربع مرات فکأنما قرأ القرآن کله .

وقیل : إنهم قالوا : نشرکک فی أمرنا ، فإن کان الذی فی أیدینا خیرا کنت قد أخذت بحظ منه ، وإن کان الذی فی یدک خیرا قد أخذنا بحظ منه . وقیل : إن الذی قال ذلک الولید ابن المغیرة والعاص ابن وائل والأسود ابن المطلب وأمیة ابن خلف . وقیل : إنهم قالوا : نتداول العبادة لیزول ما بیننا

ص: 272

من البغضاء والعداوة ، فأمر الله تعالی نبیه صلی الله علیه و آله أن یقول لهم ( لا أعبد ما تعبدون ولا أنتم عابدون ما أعبد ) ومعناه لا أعبد ما تعبدون لفساد عبادة الأوثان ، ولا أنتم عابدون ما أعبد لجهلکم بوجوب اخلاص العبادة لله ، لان العقل یقتضی أنه صلی الله علیه و آله لهذا امتنع وامتنعوا ((1)).

علی الله ما لم یقل؟ فأوحی الله الیه: (وإن کادُوا لَیفتنونَکَ عن الذی أوحَینا إلیکَ، لتفتری علینا غَیرَهُ، وإذاً لاَّتَّخَذُوکَ خلیلا...)((1)) .

ودعموا هذه القصة الکاذبة بالآیة القرآنیة: (وما أرسلنا من قبلک من رسول ولا نبی إلاّ إذا تمنی ألقی الشیطان فی أمنیته، فینسخ الله ما یلقی الشیطان، ثم یحکم الله آیاته، والله علیم حکیم، لیجعل ما یلقی الشیطان فتنة للذین فی قلوبهم مرض...)((2)).

وأفضل رد علی هذا المنهج هو سورة الکافرون فهی تردهم وتفضحهم وتکذب منهجیتهم .

وقال نجاح الطائی: والصحیح أنّ الله تعالی بیَّن رأیه فی رسوله قائلاً: (إن هو إلاّ وحی یوحی)((3)) .

:(ولو تقول علینا بعض الأقاویل لأخذنا منه بالیمین ثم لقطعنا منه الوتین)((4)). وکذب الله تعالی سلطة الشیطان علی المؤمن قائلاً:

(إنَّه لیس له سلطان علی الذین آمنوا وعلی ربهم یتوکلون)((5)) و (إن عبادی لیس لک علیهم سلطان)((6)) .

ص: 274

ولم تأت أحادیث نبویة تکذب هذه القصة مما یبین کذبها، إذ لو کانت القصة مختلقة فی زمن النبی ( صلی الله علیه و آله )لکذبها النبی صلی الله علیه و آله واستفهم الصحابة وشکک المنافقون والیهود بالاسلام فی حینه , لکنها وجدت فی العصر الاموی .

فنحن نعتقد بأنّ القصة کاذبة من أصلها اخترعها الأمویون.وسار معظم المؤرخین والحفاظ علی نظریة الحزب الأموی فذکروا قضیة الغرانیق فی کتبهم((1)).

واستفاد سلمان رشدی الملحد البریطانی من هذه القصّة فألّف کتابه الآیات الشیطانیة اعتمادا علی کتاب البخاری ومسلم .

وکذّب محمد بن اسحاق هذه القصة وألف فی ذلک کتاباً وقال بانها من وضع الزنادقة((2)).

وقال أبو حیان: إنَّه نزه کتابه عن ذکر هذه القصة أی قصّة الغرانیق ((3)).

وقد کذّب هذه القصة السید المرتضی، وابن العربی، والبیهقی، والرازی، والنووی، والنسفی، والقاضی عبدالجبار((4)).وقد کذَّبها الدمیاطی والحافظ عبد العظیم المنذری .

ص: 275

وکذب الیعقوبی قضیة الغرانیق وما اتصل بها من الهجرة الثانیة إلی الحبشة فلم یذکرها فی تاریخه.

ورغم هذا دوَّنها المخالفون المتأخرون فی کتبهم عنادا منهم للاسلام وتمجیدا لاصنام قریش .

وقال تعالی عن تکفیر الامم :یَا أیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا إذَا ضَرَبْتُمْ فِی سَبِیلِ اللّهِ فَتَبَیَّنُوا وَلا تَقُولُوا لِمَنْ ألْقَی إلَیْکُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً تَبْتَغُونَ عَرَضَ الحَیَاةِ الدُّنْیَا_النساء 94.

{إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللّهِ وَالْفَتْحُ 1 وَرَأَیْتَ النَّاسَ یَدْخُلُونَ فِی دِینِ اللّهِ أَفْوَاجاً2 فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّکَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ کَانَ تَوَّاباً3 }, سورة النصر.

(إذا جاء نصر الله) إیاک علی أعدائک والفتح: فتح مکة .

(ورأیت الناس یدخلون فی دین الله أفواجا ): جماعات, کأهل مکة والطائف وهوازن والیمن وباقی قبائل العرب .

فی سورة الفتح عن مواجهة المسلمین لقریش ، قوله تعالی : وَهُو الَّذِی کَفَّ أَیْدِیَهُمْ عَنْکُمْ وَأَیْدِیَکُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَکَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَکُمْ عَلَیْهِمْ وَکَانَ اللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِیرًا .

لذا افتی الفقهاء بأن مکة مفتوحة عنوة . قال فی الخلاف : 5 / 528 ، عن الآیة : « وهذا صریح فی الفتح » .

والامام علی علیه السلام هو الذی رد خیل عکرمة بن أبی جهل وکانوا خمس مئة فارس ، وهزمهم حتی أدخلهم حیطان مکة ؟

جاء فی تفسیر الکشاف : 3 / 547 ، لأبی القاسم جار الله محمود بن عمر الزمخشری الخوارزمی ، المتوفی سنة 538 ه :

مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَکُمْ عَلَیْهِمْ : « فبعث رسول الله (علیا علیه السلام ) من هزمه وأدخله حیطان مکة ، ثم عاد فی الثانیة حتی أدخله حیطان مکة ، ثم عاد فی الثالثة فهزمه حتی أدخله حیطان مکة فأنزل الله : وهُوَ الَّذی کفَّ أیدیهم » .

وقد روی الترمذی وصححه ( 5 / 62 ) أن قریشاً بعثت لیلاً ثمانین رجلاً من شیاطینها الفاتکین ، فهبطوا علی رسول الله ( صلی الله علیه و آله ) وأصحابه من جبل التنعیم عند صلاة الصبح ، وهم یریدون أن یقتلوه ، فأُخذوا أخذاً ( إمساکاً

ص: 277

وأسراً ) ، فأعتقهم رسول الله فأنزل الله : وَهُو الَّذِی کَفَّ أَیْدِیَهُمْ عَنْکُمْ وَأَیْدِیَکُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَکَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَکُمْ عَلَیْهِمْ . . الآیة . . ورواه عبد بن حمید / 363 ، والطبری فی تفسیره : 26 / 122 ، وتاریخه : 2 / 278 ، وغیره من المؤرخین والمحدثین والمفسرین .

(فسبح بحمد ربک ): فنزهه, وافضل الاعمال التسبیح حامدا له علی أن صدق وعده (واستغفره) استغفارا کثیرا هضما لنفسک أو لأمتک (إنه کان توابا) .

القمی: نزلت بمنی فی حجة الوداع, فلما نزلت قال رسول الله صلی الله علیه و آله :

(نعیت إلیَّ نفسی) . قیل: لعل ذلک لدلالتها علی تمام الدعوة وکمال أمر الدین . وورد: (أول ما نزل من السور: (إقرأ باسم ربک) وآخره: (إذا جاء نصر الله ) ((1)).

علی بن إبراهیم, فی معنی السورة: قوله: (إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّه والْفَتْحُ) قال: نزلت بمنی فی حجة الوداع (إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّه والْفَتْحُ ), فلما نزلت قال رسول الله ( صلی الله علیه و آله ): نعیت إلی نفسی , فجاء إلی مسجد الخیف فجمع الناس, ثم قال:( نصر الله امرءا سمع مقالتی فوعاها وبلغها من لم یسمعها, فرب حامل فقه غیر فقیه, ورب حامل فقه إلی من هو أفقه منه . ثلاث لا یغل علیهن قلب امرئ مسلم: إخلاص العمل لله, والنصیحة لأئمة المسلمین, واللزوم لجماعتهم, فإن دعوتهم محیطة من ورائهم .

یا أیها الناس, إنی تارک فیکم الثقلین ما إن تمسکتم بهما لن تضلوا ولن تزلوا: کتاب الله, وعترتی أهل بیتی, فإنه قد نبأنی اللطیف الخبیر أنهما لن

ص: 278

یفترقا حتی یردا علی الحوض کإصبعی هاتین_ وجمع بین سبابتیه_ ولا أقول کهاتین و_ جمع بین سبابته والوسطی_ فتفضل هذه علی هذه) ((1)) .

فلما نزلت (إذا جاء نصر الله والفتح) وعلمنا أن رسول الله صلی الله علیه و آله قد نعیت إلیه نفسه قلنا لسلمان: سل رسول الله صلی الله علیه و آله .من نسند إلیه أمرنا و یکون إلیه مفزعنا ومن أحب الناس إلیه فلقیه فسأله فأعرض عنه ثم سأله فأعرض عنه_ ثلاث مرات_ فخشی سلمان أن یکون النبی صلی الله علیه و آله .قد مقته ووجد فی نفسه فلما کان بعد لقیه فقال: یا سلمان یا أبا عبد الله ألا أنبئک عما کنت سألتنی ؟ قال: بلی یا رسول الله إنی خشیت أن تکون قد مقتنی ووجدت فی نفسک علیَّ . قال صلی الله علیه و آله : کلا یا سلمان إن أخی ووزیری وخلیفتی فی أهلی وخیر من أترک بعدی یقضی دینی وینجز موعدی أمیر المؤمنین علی بن أبی طالب علیه السلام ((2)) .

وعن الامام محمد بن عمر بن علی الباقر ، عن أبیه ، عن جده ( علیه السلام ) قال : ( لما نزلت علی النبی ( صلی الله علیه و آله ) ( إذا جاء نصر الله والفتح ) قال : یا علی إنه قد جاء نصر الله والفتح ، فإذا رأیت الناس یدخلون فی دین الله أفواجا فسبح بحمد ربک واستغفره إنه کان توابا ، یا علی إن الله قد کتب علی المؤمنین الجهاد فی الفتنة من بعدی ، کما کتب علیهم جهاد المشرکین معی ، فقلت : یا رسول الله ، وما الفتنة التی کتب علینا فیها الجهاد ؟ قال : فتنة قوم یشهدون أن لا إله إلا الله وأنی رسول الله ، مخالفون لسنتی

ص: 279

وطاعنون فی دینی ، فقلت : فعلی م نقاتلهم یا رسول الله وهم یشهدون أن لا إله إلا الله وأنک رسول الله ، فقال : علی إحداثهم فی دینهم ، وفراقهم لأمری ، واستحلالهم دماء عترتی ) ((1)) .

وقال نجاح الطائی: لقد وفی الله تعالی بما وعد رسوله الکریم من النصر الالهی وانتشار الاسلام فی العالم , حیث رفرفت أعلام ورایات الاسلام فی کل بلدان العالم .

وکان النصر السماوی ساحقا اذ انقشع الظلام وسطع النور فی الکون وقُتل أعمدة الکفر وسقطت رایاتهم وهوت ألویتهم .

وعن الصادق علیه السلام إذا قراتم تبت فادعوا الله علی ابی لهب فانه کان من المکذبین لمحمد صلی الله علیه و آله وما جاء به من عند الله ((1)) .

بسم الله الرحمن الرحیم

{تَبَّتْ یَدَا أَبِی لَهَب وَتَبَّ 1 مَا أَغْنَی عَنْهُ مَالُهُ وَمَا کَسَبَ 2 سَیَصْلَی نَاراً ذَاتَ لَهَب3 وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ4 فِی جِیدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَد}5, سورة المسد.

یا بنی عبد المطّلب, إنّی قد جئتکم بخیری الدنیا والاخرة, وقد أمرنی الله تعالی أنْ أدعوکم إلیه, فأیّکم یؤازرُنی علی أمری هذا ویکون أخی ووصیّی وخلیفتی فیکم ؟ فأحجم القوم عنها جمیعاً . فقلت وأنا أحدثهم سنّاً: یا نبیّ الله, أکون وزیرک علیه . قال علیه السلام : فأخذ برقبتی وقال صلی الله علیه و آله : إنّ هذا أخی ووصیّی وخلیفتی فیکم, فاسمعوا له وأطیعوا . فقام القوم یضحکون ویقولون لابی طالب: قد أمرک أنْ تسمع لعلی وتطیع ((1)) .

قال سلیم بن قیس الهلالی المتوفی سنة 76 هج عن قیس بن سعد بن عبادة : جمع رسول الله صلی الله علیه و آله جمیع بنی عبد المطلب فیهم أبو طالب وأبو لهب ، وهم یومئذ أربعون رجلا فدعاهم رسول الله صلی الله علیه و آله وخادمه یومئذ علی علیه السلام ، ورسول الله یومئذ فی حجر عمه أبی طالب ،

ص: 282

فقال : ( أیکم ینتدب أن یکون أخی ووزیری ووارثی وخلیفتی فی أمتی وولی کل مؤمن بعدی ) ((1)).

وجاء: فسکت القوم کلهم، فقال علی ( علیه السلام ) : یا رسول الله أنا أقضی دینک وأنجز وعدک، واکون خلیفتک فی امتک وأهلک، وأکون أخاک وتکون اخی واکون معک وعلی درجتک فی الدنیا والآخرة ((2)) .

مسند احمد :من یضمن عنی دَینی ومواعیدی ویکون خلیفتی ویکون معی فی الجنة ((3)) .

مسند احمد: قال النبی صلی الله علیه و آله : فأیُّکُم یُبایِعُنی علی أن یکون أخی و صاحبی ووارثی ؟ ((4)).

ص: 283

الجاحظ_255هج : قال النبی صلی الله علیه و آله عن علی علیه السلام : هذا اخی ووصیی وخلیفتی من بعدی ((1)) .

محمد الکوفی 322 هج :قال صلی الله علیه و آله : أیکم یقضی عنی دَینی ویکون خلیفتی ووصیی من بعدی ؟ ((2)) .

القمی قال النبی صلی الله علیه و آله :أیکم یکون وصیی ووزیری وخلیفتی ؟ ((3)) .

الحاکم:قال النبی صلی الله علیه و آله : ( أیکم یوالینی فی الدنیا والآخرة . فأبوا . فقال علی بن أبی طالب علیه السلام . أنا أوالیک فی الدنیا والآخرة . فقال صلی الله علیه و آله : " أنت ولیی فی الدنیا والآخرة " ((4)).

ابن مردویه والثعلبی قال صلی الله علیه و آله :إن هذا أخی ووصیی وخلیفتی فی أمتی من بعدی ((5)).

ص: 284

علی بن إبراهیم القمی, فی قوله تعالی: (تَبَّتْ یَدا أَبِی لَهَبٍ وتَبَّ ), قال: أی خسرت, لما اجتمع مع قریش فی دار الندوة وبایعهم علی قتل محمد ( صلی الله علیه و آله ), وکان کثیر المال, فقال الله: (ما أَغْنی عَنْه مالُه وما کَسَبَ سَیَصْلی ناراً ذاتَ لَهَبٍ) علیه فتحرقه. (وامْرَأَتُه ), قال: کانت أم جمیل بنت صخر, وکانت تنم علی رسول الله صلی الله علیه و آله وتنقل أحادیثه إلی الکفار (حَمَّالَةَ الْحَطَبِ) أی احتطبت علی رسول الله صلی الله علیه و آله (فِی جِیدِها) أی فی عنقها .

(حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ) أی من نار, وکان اسم أبی لهب عبد مناف, فکناه الله عز وجل, لأن منافا اسم صنم یعبدونه .

وعن ابن عبّاس قال: صعد رسول اللَّه صلی الله علیه و آله ذات یوم الصّفا فقال: یا صباحاه .فأقبلت إلیه قریش فقالوا له: مالک ؟

فقال: أرأیتم لو أخبرتکم أنّ العدوّ مصبّحکم أو ممسّیکم, أما تصدّقون ؟ قالوا: بلی . قال: فإنّی نذیر لکم بین یدی عذاب شدید .

فقال أبو لهب: تبّا لک, لهذا دعوتنا جمیعا . فأنزل اللَّه هذه السّورة ((1)) .

{تَبَّتْ }: هلکت . أو خسرت . و والتّباب » خسران یؤدّی إلی الهلاک . یَدا أَبِی لَهَبٍ »: نفسه, کقوله: ولا تُلْقُوا بِأَیْدِیکُمْ إِلَی التَّهْلُکَةِ .

وقیل: إنّما خصّتا, لأنّه لمّا نزل علیه وأَنْذِرْ عَشِیرَتَکَ الأَقْرَبِینَ جمع أقاربه فأنذرهم, فقال أبو لهب: تبّا لک, ألهذا دعوتنا ؟ وأخذ حجرا لیرمیه [ به . فنزلت ] .

ص: 285

وقیل: المراد بهما دنیا وآخرته . وإنّما کنّاه, والتّکنیة تکرمة, لاشتهاره بکنیته . ولأنّ اسمه عبد العزّی, فاستکره ذکره . ولأنّه لمّا کان من أصحاب النّار, کانت الکنیة أوفق بحاله, أو لیجانس قوله: {ذاتَ لَهَبٍ}((1)) .

وکان أبو لهب یضع الأوساخ علی باب جاره رسول الله ( صلی الله علیه و آله ) فَقَتله اللهُ تعالی بالعَدَسة ((2)) بعد معرکة بدر.

وقال ابن عباس والضحاک وابن زید : ان امرأة أبی لهب کانت تحمل الشوک فتطرحه فی طریق النبی صلی الله علیه و آله إذا خرج إلی الصلاة وقال عکرمة ومجاهد وقتادة : إنما وصفت بحمالة الحطب ، لأنها کانت تمشی بالنمیمة وقیل : حمالة الحطب فی النار . وفی ذلک دلالة أیضا قاطعة علی أنها تموت علی الکفر . وامرأة أبی لهب أم جمیل بنت حرب أخت أبی سفیان عمة معاویة ، . وقوله تعالی (فی جیدها حبل من مسد) فالمسد حبل من لیف، وهو حبل من نار وجمعه أمساد وإنما وصفت بهذه الصفة تخسیسا لها وتحقیرا والجید العنق ((3)) .

وعندما مرض معاویة جعل یبکی لما نزل به (وکان أصابته اللقوة) . . . فقال . . . أخاف أن یکون عقوبة عجلت لی لما کان منی من دفعی بحق علی بن أبی طالب علیه السلام . . . ثم رحل معاویة . . . وکان یغشی علیه الیوم والیومین

ص: 286

فإذا أفاق من غشوته ینادی بأعلی صوته: ما لی ومالک یا حجر بن عدی ما لی ومالک یا عمرو بن الحمق مالی ومالک یا ابن أبی طالب ..((1)) .

وقال نجاح الطائی: لقد سخَّر ابو لهب کل ما یملک لمحو الرسالة السماویة وقتل النبی علیه السلام فقد جنَّد نفسه لیلا ونهارا لخدمة الکفر وتکذیب رسول الله اذ اعترض علی التوحید والنبوة والامامة فی یوم الدار فطرده ابو طالب من داره معلنا تاییده للاسلام الحنیف واعتناقه له .

وکان ابو لهب یسیر خلف النبی أثناء تبلیغه لوفود الحاج القادمة الی مکة مثبطا ایاهم عن الاسلام ومکذبا النبی بانه کاهن وساحر وغیر ذلک من أکاذیب . وساهم فی مشروع قتل النبی فی لیلة الهجرة ففشل . وفی معرکة بدر أرسل ابو لهب شخصا بدلا عنه لیحارب النبی صلی الله علیه و آله والمسلمین ویقتلهم .وقد سخر ابو لهب نفسه وماله وزوجته لمنع انتشار الدیانة الاسلامیة الالهیة لکنه فشل واصبح من حطب نار الجحیم .

وبینما تتزین المؤمنات بعقود الزهور فی أعناقهن فی الجنة تتزین أم لهب بحبل من النار فی السعیر !!!

وقال معاویة لابن عباس :أین عمّک أبو لهب فی جهنم؟ فقال ابن عباس: عندما تذهب إلی جهنّم ستجده علی یدک الیمنی ملتحفاً عمّتک أمّ جمیل.

وقال معاویة للناس هذا عقیل عمّه أبو لهب.فقال عقیل: هذا معاویة عمّته حمالة الحطب ((2)).

ص: 287

وبعد بدر بتسعة أیام مات أبو لهب بالعدسة (مرض خبیث معدی) فبقی ثلاثة أیام دون دفن فازکمت الانوف جیفته فطرحوا علیه حائط((1)).

وأدرک الکثیر من الظالمین الاوغاد الانتقام الالهی الذی حلَّ به وأوصله الی هذه الحالة المزریة .

وأعزّ الله نبیّه وقتل من قریش من قتل، فأوفدت العرب وفودها إلی رسول الله، وحاربت ربیعة کسری وکانت وقعتهم بذی قار.

فقالوا: علیکم بشعار التهامی، فنادوا: یامحمّد، یامحمّد; فهزموا جیوش کسری وقتلوهم. فقال رسول الله: الیوم أوّل یوم انتصفت فیه العرب من العجم وبی نصروا. وکان یوم ذی قار بعد وقعة بدر بأشهر أربعة أو خمسة.

واشتد حقد قریش علی بنی هاشم لقتلاهم فی بدر والمعارک الاخری إذ قال العباس لرسول الله( صلی الله علیه و آله ) ما لنا ولقریش، یلقی بعضهم بعضاً بوجوه مشرقة، فإذا لقونا لقونا بغیر ذلک. فغضب رسول الله( صلی الله علیه و آله ) وقال: لا یدخل قلب امرء الایمان حتی یحبکم لله ولرسوله((2)). وشکی امیر المؤمنین علی علیه السلام من قریش أنهم قطعوا رحمه ومالأوا علیه عدوه.

وأهان عمر أهل بدر بحشر أبی سفیان ومعاویة معهم فی العطاء((3)) ولم یکن النبی صلی الله علیه و آله یفعل ذلک .

واستمر المنهج الجاهلی فی محاربة النبی ورسالته فنراهم حاصروا سبطه الحسین فی کربلاء وقتلوه أبشع قتلة وسبوا نساء النبی واطفاله :

ص: 288

وروی عن مولانا الصادق علیه السلام أنه قال : سمعت أبی علیه السلام یقول : لما التقی الحسین علیه السلام وعمر بن سعد لعنه الله وقامت الحرب ، انزل النصر حتی رفرف علی رأس الحسین علیه السلام ثم خیر بین النصر علی أعدائه وبین لقاء الله تعالی ، فاختار لقاء الله تعالی قال الراوی : ثم صاح علیه السلام : أما من مغیث یغیثنا لوجه الله ، أما من ذاب یذب عن حرم رسول الله ((1)) .

2_ نصر الکوسج : مجهول .

3_ مطرف مولی معن:مجهول .

قال آقا ضیاء العراقی:روی الصدوق بإسناده إلی نصر الکوسج عن مطرف مولی معن ( وهما مجهولان ) ((1)) .

قال النمازی الشاهرودی عن نصر الکوسج : لم یذکروه ((2)) .

اذن الروایة ضعیفة ولا اعتبار لها لکنها انتشرت فی الکتب المختلفة .

کان له ثلث ثواب العباد ومن أحبک بقلبه ولسانه کان له ثلثا ثواب العباد, ومن أحبک بقلبه ولسانه ویده کان له ثواب العباد أجمع ((1)) .

{ قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ }: ومعنی قوله أحد: أحدی النعت, کما قال رسول الله صلی الله علیه و آله : نور لا ظلام فیه, وعلم لا جهل فیه .

{ اللَّهُ الصَّمَدُ }2, سورة الاخلاص: مبتدأ وخبر, والأفصح أن تکون هذه جملاً مستقلة بالأخبار علی سبیل الاستئناف, کما تقول: زید العالم زید الشجاع . وقیل: الصمد صفة, والخبر فی الجملة بعده .

قال ابن عباس وشقیق وأبو وائل: إنه السید المعظم .

وقیل: الصمد بمعنی المصمت الذی لیس بأجوف فلا یأکل ولا یشرب ولا ینام ولا یلد ولا یولد وعلی هذا یکون قوله:{لم یلد ولم یولد}تفسیرا للصمد .

وجاء: ان معناه الذی یصمد إلیه فی الحوائج لیس فوقه أحد, یقال: صمدت إلیه أصمد إذا قصدت إلیه .

وقوله ( الله الصمد ) معناه الذی تحق له العبادة هو الموصوف بأنه ( الصمد ) وقیل : فی معناه قولان :أحدهما_ قال ابن عباس وشقیق

وأبو وائل : إنه السید المعظم .

الثانی_ ان معناه الذی یصمد إلیه فی الحوائج لیس فوقه أحد ، یقال : صمدت إلیه أصمد إذا قصدت إلیه ألا أن فی الصفة معنی التعظیم کیف تصرفت الحال . ومن قال : الصمد بمعنی المصمت ، فقد جهل الله ، لان

ص: 292

المصمت هو المتضاغط الاجزاء وهو الذی لا جوف له وهذا تشبیه وکفر بالله تعالی((1)) .

وقال الحسن البصری: الصمد: المصمت الذی لا جوف له ((2)) .

وقال الشعبی, ویمان بن ریاب: هو الذی لا یأکل ولا یشرب . وقال أبیّ بن کعب: یفسره ما بعده, وهو قوله: (لَمْ یَلِدْ وَلَمْ یُولَدْ) .

فقرر تعالی فی هذه الآیات الکریمة أنه السید العظیم الذی لا نظیر له ولا شبیه له وأن جمیع الأشیاء غیره مخلوقة له مربوبة فکیف یکون له منها ولد ؟ ولهذا قال البخاری فی تفسیر هذه الآیة من البقرة: أخبرنا أبو الیمان أخبرنا شعیب عن عبد الله بن أبی الحسین حدثنا نافع بن جبیر هو ابن مطعم عن ابن عباس عن النبی صلی الله علیه و آله قال, قال الله تعالی: کذبنی ابن آدم ولم یکن له ذلک وشتمنی ولم یکن له ذلک فأما تکذیبه إیای فیزعم أنی لا أقدر أن أعیده کما کان وأما شتمه إیای فقوله: إن لی ولدا فسبحانی أن اتخذ صاحبة أو ولدا_انفرد به البخاری((3)) .

و قال القرطبی: أی الواحد الوتر, الذی لا شبیه له ولا نظیر, ولا صاحبة, ولا ولد, ولا شریک ((4)) .

{لَمْ یَلِدْ وَلَمْ یُولَدْ} 3, سورة الاخلاص: ای لم یحدث ولم یولد .

ص: 293

قال الباقر ( علیه السلام ):الحمد لله الذی من علینا ووفقنا لعبادة الأحد الصمد الذی لم یلد ولم یولد ولم یکن له کفوا أحدا وجنبنا عبادة الأوثان حمدا سرمدا وشکرا واصبا وقوله عز وجل لم یلد ولم یولد یقول لم یلد فیکون له ولد یرثه ملکه ولم یولد فیکون له والد یشرکه فی ربوبیته وملکه ولم یکن له کفوا أحد فیعازه فی سلطانه .

وفی المجمع عن أمیر المؤمنین ( علیه السلام ) أنه سأله رجل عن تفسیر هذه السورة فقال هو الله أحد بلا تأویل عدد الصمد بلا تبعیض بدد لم یلد فیکون موروثا هالکا ولم یولد فیکون إلها مشارکا ولم یکن له من خلقه کفوا أحد وفی نهج البلاغة لم یولد فیکون فی العز مشارکا ((1)) .

وفی الکافی عن السجاد ( علیه السلام ) انه سئل عن التوحید فقال إن الله عز وجل علم أنه یکون فی آخر الزمان أقوام متعمقون فأنزل الله قل هو الله أحد والآیات من سورة الحدید إلی قوله علیم بذات الصدور فمن رام وراء ذلک فقد هلک .

وعن الرضا ( علیه السلام ) انه سئل عن التوحید فقال کل من قرأ قل هو الله أحد وآمن بها فقد عرف التوحید قیل کیف یقرؤها قال کما یقرؤها الناس وزاد فیها کذلک الله ربی مرتین((2)) .

وقوله ( لم یلد ) نفی منه تعالی لکونه والد إله ولد . وقوله ( ولم یولد ) نفی لکونه مولود إله والد ، لان ذلک من صفات الأجسام

{وَلَمْ یَکُنْ لَهُ کُفُواً أَحَدٌ }4, سورة الاخلاص :

ص: 294

لا له کفو ولا شبیه ولا شریک ولا ظهیر ولا معین .

عن ابن عباس, قال قالت قریش للنبی صلی الله علیه و آله بمکة صف لنا ربک لنعرفه فنعبده, فأنزل الله تبارک وتعالی علی النبی صلی الله علیه و آله قل هو الله أحد, یعنی غیر مبعض ولا مجزی ولا مکیف, ولا یقع علیه اسم العدد ولا الزیادة ولا النقصان, الله الصمد الذی قد انتهی إلیه السؤدد والذی یصمد أهل السماوات والأرض بحوائجهم إلیه, لم یلد منه عزیر کما قالت الیهود علیهم لعائن الله وسخطه ولا المسیح کما قالت النصاری علیهم سخط الله, ولا الشمس والقمر ولا النجوم کما قالت المجوس علیهم لعائن الله وسخطه ولا الملائکة کما قالت کفار قریش لعنهم الله, ولم یولد لم یسکن الأصلاب ولم تضمه الأرحام لا من شئ کان ولا من شئ خلق ما

کان, ولم یکن له کفوا أحد, یقول لیس له شبیه ولا مثل ولا عدل ولا یکافیه أحد من خلقه بما أنعم علیه من فضله .

قال الباقر علیه السلام : حدثنی أبی زین العابدین علیه السلام ، عن أبیه الحسین بن علی علیه السلام ، أنه قال: الصمد الذی قد انتهی سؤدده, والصمد الدائم الذی لم یزل, ولا یزال . والصمد الذی لا جوف له . والصمد الذی لا یأکل ولا یشرب . والصمد الذی لا ینام ((1)).

وأقول: إن المعنی فی هذه الثلاثة أنه سبحانه الحی الذی لا یحتاج إلی الطعام والشراب والنوم .

قال الباقر علیه السلام : والصمد السید المطاع الذی لیس فوقه آمر ولا ناه . قال: وکان محمد بن الحنفیة یقول: الصمد القائم بنفسه الغنی عن غیره . وقال

ص: 295

غیره: الصمد المتعالی عن الکون والفساد . والصمد الذی لا یوصف بالنظائر ((1)) .

قال: وسئل علی بن الحسین زین العابدین علیه السلام عن الصمد, فقال: الصمد الذی لا شریک له, ولا یؤوده حفظ شئ, ولا یعزب عنه شئ .

وقال نجاح الطائی: سورة الاخلاص أفضل سورة فی التوحید فی القرآن الکریم فهی تبین التوحید فی اسمی صوره وأعز مبانیه وأقوی أرکانه وأصفی معانیه وأدق أهدافه .

وهی تجیب علی الشبهات والاکاذیب التی وضعها الیهود والنصاری فی انتساب نبیهم الی الباری تعالی وتفضح أکاذیب النواصب .

لذا یستحب قراءة سورة التوحید فی الصلاة وخارجها وهی ثلث القرآن وکان سید البشر محمد صلی الله علیه و آله یواضب علی قراءتها .

ص: 296

ابو نصر الطبرسی : دخل النبی ( صلی الله علیه و آله ) علی بعض أصحابه وهو مشتک ، فعلّمه رقیة ، علّمها إیّاه جبریل ( علیه السلام ) : " باسم اللّه أرقیک ، باسم اللّه أشفیک من کلّ إرب یؤذیک ، و ( و مِن شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِی الْعُقَدِ * و مِن شَرِّ حَاسِد إِذَا حَسَدَ ) ((1)) .

من قرأ المعوذتین حین یخرج من داره لم یضره العین وأن من یخاف فی المنام فلیقرأ عند النوم هاتین السورتین وآیة الکرسی إن شاء الله تعالی ((2)).

بسم الله الرحمن الرحیم

{قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ 1 مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ 2 وَمِنْ شَرِّ غَاسِق إِذَا وَقَبَ 3 وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِی الْعُقَدِ4 وَمِنْ شَرِّ حَاسِد إِذَا حَسَدَ}5, سورة الفلق.

نصح النبی صلی الله علیه و آله المسلمین بقراءة هذه السور القرآنیة فی السفر: اذا جاء نصر الله والفتح وقل یا أیها الکافرون وقل هو الله أحد وقل أعوذ برب الفلق وقل أعوذ برب الناس .

وقال سید البشر محمد صلی الله علیه و آله : إنک لن تقرأ بسورة احب الی الله ولا ابلغ عنده من قل اعوذ برب الفلق ((3)) .

وقال علی بن الحسین علیه السلام : لما دنا یوم ولادة فاطمة أمر رسول الله صلی الله علیه و آله ابنة عمیس وأم أیمن أن ائتیا فاطمة علیها السلام , فاقرئا عندها آیة الکرسی,

ص: 298

و (إن ربکم الله الذی خلق السماوات والأرض فی ستة أیام ثم استوی علی العرش یغشی اللیل النهار یطلبه حثیثا والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره ألا له الخلق والأمر تبارک الله رب العلمین) وعوذاها بالمعوذتین ((1)) .

وفی حدیث أبی عن النبی المختار صلی الله علیه و آله : ومن قرأ (قل أعوذ برب الفلق) و (قل أعوذ برب الناس) فکأنما قرأ جمیع الکتب التی أنزلها الله علی الأنبیاء((2)) .

{قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ}1, سورة الفلق.

: الفلق جب فی جهنم یتعوذ أهل النار من شدة حره فسأل الله أن یأذن له أن یتنفس, فأذن له فتنفس فأحرق جهنم قال: وفی ذلک الجب صندوق من نار یتعوذ أهل الجب من حر ذلک الصندوق, وهو التابوت وفی ذلک التابوت ستة من الأولین وستة من الآخرین فاما الستة التی من الأولین, فابن آدم الذی قتل أخاه, ونمرود إبراهیم الذی ألقی إبراهیم فی النار, وفرعون موسی, والسامری الذی اتخذ العجل, والذی هود الیهود, والذی نصر النصاری, واما الستة التی من الآخرین فهو الأول والثانی والثالث والرابع وصاحب الخوارج وابن ملجم لعنهم الله ((3)) .

والمراد جمیع أمته, ومعناه قل یا محمد أعتصم وأمتنع برب الصبح وخالقه, ومدبره ومطلعه متی شاء علی ما یری من الصلاح فیه .

ص: 299

وقیل: الفلق الموالید لأنهم ینفلقون بالخروج من أصلاب الآباء, وأرحام الأمهات, کما ینفلق الحب من النبات .

وقال نجاح الطائی : من تعوَّذ برب الفلق حصَّنه الله تعالی من شر کل ما خلق وبکثرة قراءتها والاخلاص فی تلاوتها یصل المؤمن الی بغیته .

{مِنْ شَرِّ ما خَلَقَ }سورة الفلق. أی من کل شر سواء أکان طبیعیا کالزلازل والصواعق, أم من حشرة سامة کلدغ العقرب ولسع الحیة, أم من فعل الأشرار من الناس بسبب نوازع الحقد والحسد والاستبداد والعدوان والطغیان, أم من سوء اختیار المتعوذ والمستجیر کالعجب والغرور والقول بلا علم وکل الأتقیاء الأخیار یخافون من غلبة الهوی ویتعوذون باللَّه منه, ویستمدون العون من فضله علی أنفسهم .

وقوله (ما خلق) عام فی جمیع ما خلقه الله تعالی, ممن یجوز أن یحصل منه الشر, وتقدیره من شر الأشیاء التی خلقها الله تعالی, مثل السباع والهوام والشیاطین وغیرها .

وقوله تعالی:{من شر ما خلق}أی من شر من یحمل شرا من الإنس والجن والحیوانات وباقی المخلوقات البریة والبحریة .

{ومِنْ شَرِّ غاسِقٍ إِذا وَقَبَ}سورة الفلق 3. الغاسق: اللیل المظلم: الوقوب: الدخول . والمراد بشر اللیل ما یحدث فی ظلامه من أحداث مروعة وخطیرة .

{غاسق}: من الغسق, وهو_ کما یقول الراغب فی المفردات_ شدة ظلمة اللیل فی منتصفه . ولذلک یقول القرآن الکریم فی إشارته إلی نهایة وقت صلاة المغرب: . . . إلی غسق اللیل . . . وما قاله بعضهم فی الغسق أنه ظلمة

ص: 300

أول اللیل فبعید خاصة وأن أصل الکلمة یعنی الامتلاء والسیلان . وظلمة اللیل تکون ممتلئة حین ینتصف اللیل ((1)) .

هذه السورة لحفظ الانسان من کل شر یحیط به من الجن والانس وغیر ذلک .وإنما اختص اللیل بالحصر والذکر, لأن الفساق یقدمون علی الفساد باللیل, وکذلک الهوام والسباع تؤذی فیه أکثر .

قوله تعالی:{ومن شر غاسق إذا وقب}فی الصحاح: الغسق أول ظلمة اللیل وقد غسق اللیل یغسق إذا أظلم والغاسق اللیل إذا غاب الشفق .

والوقوب الدخول فالمعنی ومن شر اللیل إذا دخل بظلمته . وذکر شر اللیل إذا دخل بعد ذکر شر ما خلق من ذکر الخاص بعد العام لزیادة الاهتمام وقد اهتم فی السورة بثلاثة أنواع من الشرور: الاول: شر اللیل إذا دخل .والثانی: شر سحر السحرة وشر الحاسد إذا حسد لغلبة الغفلة فیهن .

ونسبة الشر إلی اللیل إنما هی لکونه بظلمته یعین الشریر فی شره لستره علیه فیقع فیه الشر من القتل والسرقة والمؤامرات کثر مما یقع منه فی وضح النهار . والانسان فی اللیل مهتم بحاله ناسیا لعدوه فیکون ضعیفا عن الدفاع عن نفسه وماله .

و قال نجاح الطائی: الغاسق هو کل مهاجم غادر للانسان, فنقول للدفاع عن أنفسنا ومالنا وعرضنا ما معناه: نعوذ بالله من شر غاسق اذا دخل أرضنا ودارنا وهجم علینا .

ویتعرض الناس الی هجمات الغاسقین الغادرین من الانس والجن والحیوان فی کل لحظة من اللیل والنهار .

ص: 301

ولا یمکن أن یکون الغاسق هو اللیل لان اللیل ظرف زمانی للاعمال الطالحة والصالحة . فاللیل ودیع وهادیء ووقت الهدوء والراحة .

فلا یمکن القول نعوذ من اللیل بل نعوذ من المهاجم الغاسق الداخل علینا فی غفلتنا ونومنا وهدوئنا وأثناء عملنا .

{ومِنْ شَرِّ النَّفَّاثاتِ فِی الْعُقَدِ }, سورة الفلق.

: أی النساء الساحرات اللاتی یسحرن بالعقد علی المسحور وینفثن فی العقد بقراءة بعض المقاطع . وخصت النساء بالذکر لان السحر کان فیهن ومنهم أکثر من الرجال, وفی الآیة تصدیق لتأثیر السحر فی الجملة .

ونظیرها قوله تعالی: فی قصة هاروت وماروت {فیتعلمون منهما ما یفرقون به بین المرء وزوجه وما هم بضارین به من أحد إلا بإذن الله}البقرة: 102 . ونظیره ما فی قصة سحرة فرعون .

و قاعدة القدریة إنکار حقیقة السحر لکن الکتاب والسنة قد وردا بوقوعه وضرورة التعوذ منه .

وکذّب سبحانه المشرکین الذین قالوا عن الرسول المعصوم: {إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُوراً}_ 47 الإسراء .

وقال الإمام الباقر علیه السلام : نزل جبرائیل علی رسول الله بهذه الآیة هکذا:

(وَ قَالَ الظَّالِمُونَ) لآل محمد حقهم: (إنْ تَتَّبِعُونَ إلا رَجُلا مَسْحُوراً اُنظُرْ کَیْفَ ضَرَبُوا لَکَ الأمْثَالَ فَضَلُّوا فَلا یَسْتَطِیعُونَ سَبِیلا . قال الی ولایة علی , وعلی هو السبیل ((1)) .

ص: 302

وقالت عائشة حدیثا مزیفاً : سحر رسولَ الله صلی الله علیه و آله یهودیٌ من یهود بنی زریق یقال له لبید بن الأعصم((1)) .

فاعتقد الیهود بهذه الروایة المزورة انَّ الیهودیة اقوی من الاسلام فی حین الروایة کاذبة والنبی لم یُسحر ابداً . والمسحور هو المجنون لا یسیطر علی حواسه مما یعنی اتهامها له بالجنون من السحر .

والروایة القائلة بأن النبی صلی الله علیه و آله قد سحر تناقض القرآن فی قوله:

{ولا یُفْلِحُ السَّاحِرُ حَیْثُ أَتی}_ 69 من طه .

والجنون سواء کان بالسحر أم بغیره فهو جنون سالب للعقل والمنطق .ولم تتهم عائشة ابا بکر انه مسحور ومجنون ولم تتهم عمر انه مسحور بل اتهمت رسول الله صلی الله علیه و آله انه مسحور , للحط من کرامته ومنزلته کشخص الهی عظیم لا یؤثر فیه السحر والجنون والاهواء .

قالت عائشة مرة : انه مسحور ومرة قالت انه یقول عن نفسه: انه مجنون یرید الانتحار بالقاء نفسه من قمة جبل لتأخر الوحی علیه ((2)) .

ص: 303

:جاء عن الزهری عن عروة بن الزبیر عن عائشة عن النبی علیها السلام : لقد هممت أن أطرح نفسی من حالق من جبل ((1)) . اتهمته عائشة برغبته فی الانتحار للتخلص من اعتقاداته الوهمیة بالدین والوحی والملائکة والجنون !!! لذا قال عمر عن سید البشریة محمد صلی الله علیه و آله فی یوم شهادته: انه یهجر(مجنون) ونادی معه ابو بکر وعثمان وعائشة وحفصة انه یهجر ,أورد البخاری قول عمر للنبی: حسبنا کتاب الله إنه یهجر فی ثلاثة مواضع من صحیحه((2)) .

ص: 304

وبعدما قال عمر وصحبه (ابو بکر وعثمان مابن الجراح وابن عوف وآخرون) للنبی: یهجر غضب النبی علیهم واخرجهم من داره قائلا لهم: قوموا ((1)) .

{ومِنْ شَرِّ حاسِدٍ إِذا حَسَدَ }, سورة

الفلق.

: الحاسد هو الذی یتمنی زوال النعمة عن أهلها وهذه الأمنیة من أمهات الآثام وکبائرها, وفی الحدیث: الحسد یأکل الإیمان کما تأکل النار الحطب . والمنافق یحسد, والمؤمن یغبط أی یتمنی أن یکون له من النعمة مثل ما لأخیه من دار واسعة وأموال کثیرة وأعداد من الاولاد والنساء دون أن یرغب فی زوالها عنه .

وقوله تعالی:{قل أعوذ برب الفلق}العوذ هو الاعتصام والتحرز من الشر بالالتجاء إلی من یدفعه, والفلق بالفتح فالسکون الشق والفرق, والغالب إطلاقه علی الصبح لأنه المشقوق من الظلام, وعلیه فالمعنی أعوذ برب

ص: 305

الصبح الذی یفلقه ویشقه ومناسبة هذا التعبیر للعوذ من الشر الذی یستر الخیر .

وقیل: الآیة تشمل العائن نفسه فعین العائن نوع حسد نفسانی یتاثر به إذا عاین ما یستکثره ویتعجب منه ((1)) .

وروی أن النبی صلی الله علیه و آله قال:من رأی شیئا یعجبه فقال الله الله, ما شاء الله, لا قوة إلا بالله, لم یضر شیئا. وروی أن النبی صلی الله علیه و آله کان کثیرا ما یعوذ الحسن والحسین علیه السلام بهاتین السورتین(المعوذتین) . وقال بعضهم: إن الله سبحانه جمع الشرور فی هذه السورة, وختمها بالحسد, لیکمل عملیة التعوذ بالله تعالی من جمیع الاشرار و مشاریعهم الشیطانیة .

وورد فی الحدیث عن الصادق علیه السلام : (کاد الحسد أن یغلب القدر)((2)) .

وعن أبی بکر الحضرمی قال: قلت لأبی جعفر علیه السلام : إنّ ابن مسعود کان یمحو المعوّذتین من المصحف .فقال: کان أبی یقول: إنّما فعل ذلک ابن مسعود برأیه, وهما من القرآن ((3)) .

وقال نجاح الطائی: تختص سورة الفلق بالاستعاذة بالله العظیم من شر ما خلق من الانس والجن والحیوانات والحشرات وکواسر البحر ومن شر الزلازل والفیضانات والصواعق والامراض والحوادث المؤدیة الی الموت

ص: 306

وغیرها . ومن شر کل غاسق غادر مهاجم للناس ومن شر الساحرات النافثات فی العقد ومن شر حاسد اذا حسد .

وقالت عائشة: النبی صلی الله علیه و آله سُحر حتی یری أنه یفعل الشیء ولا یفعله ((1)) عن طریق لبید بن الاعصم الیهودی الذی کان یخدمه .

ووضعوا روایة أخری عن طریق أبی صالح عن ابن عباس فی کون السورة مدنیة ((2)).

جواب الادعاء: 1 - لا یمکن أن یسحر ویتلاعب السحرة بالنبی صلی الله علیه و آله فیصبح العوبة بأیدیهم بل ینتصر علیهم دائماً کما انتصر علیهم النبی موسی علیه السلام بالقول الالهی:

(فَلَمَّا ألْقَوْا قَالَ مُوسَی مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إنَّ اللّهَ سَیُبْطِلُهُ إنَّ اللّهَ لا یُصْلِحُ عَمَلَ المُفْسِدِینَ)((3)).

2 - هذا الادعاء یُرد بآیة التطهیر المبعدة للنبی عن الذنوب الکبیرة والصغیرة کما قال المفسر الفخر الرازی فی تفسیر الآیة فی تفسیره.

قالت عائشة فی مشروعها هذا: إنَّ سورة الفلق مدنیة نزلت فی المدینة للفرار من منعة النبی بسورة الفلق المکیة عن کید الساحرین.

ص: 307

3 - روی کریب عن ابن عباس روایة صحیحة فی کون سورة الفلق مکیة((1)). فأبطل مؤامرة عائشة لوصف النبی صلی الله علیه و آله بالمسحور الفاقد للعقل والشعور فسلبته حق نشر القرأن والحدیث النبوی .

:و قال الحسن البصری وعطاء وعکرمة وجابر الانصاری أنَّ السورة مکیة ((2)) :وقال قتادة إنَّ السورة مکیة ((3)).

لقد أبطل الله تعالی مشاریع السحر المضادة للانبیاء للسماح لهم بنشر الشرائع السماویة بسلامة کی یثق الناس باستحالة التأثیر السحری علیهم .

وأبطل الله مؤامرات الجن والانس السحریة المضادة للمؤمنین بقوله تعالی :

{فَإذَا قَرَأتَ القُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ مِنَ الشَّیْطَانِ الرَّجِیمِ98* إنَّهُ لَیْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَی الَّذِینَ آمَنُوا وَعَلَی رَبِّهِمْ یَتَوَکَّلُونَ 99*إنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَی الَّذِینَ یَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِینَ هُمْ بِهِ مُشْرِکُونَ100 } _سورة النحل.

:{إنَّ عِبَادِی لَیْسَ لَکَ عَلَیْهِمْ سُلْطَانٌ إلا مَنِ اتَّبَعَکَ مِنَ الغَاوِینَ} 42_الحجر.

وقد اکثر الامویون الکذب علی عبد الله بن مسعود فی تحریفه للقرآن للنیل منه اولا, لانه فضح سرقات عثمان فقتله وثانیا تسخیره لتنفیذ مآربهم فی کذب القرآن وانه ناقص . وهذا منهج أموی مخالف لسیرة ابن مسعود المتشیع لاهل البیت والملتزم بنهجهم .

ص: 308

وقد کفَّر عمر الانباط ((1)) وان أصول العراقیین جنیة نبعت من زواج شناص بن ابلیس الجنی مع شاة النبی آدم علیه السلام !!!

ابن سعد فی الطبقات :وقد أظهر کعب شدَّة کرهه للعراقیین بقوله :

فی العراق عصاة الجن, وبها باض إبلیس, وفرَّخ, وقد أثَّر کعب علی عمر فی کرهه للعراقیین . وذکر ابن سعد فی طبقاته ذلک ((2)) .

وحدیث کعب هذا یبین أن العراقیین جن وانهم أولاد الجن وانهم من عصاة الجن الاشرار .

والتفت ابن عساکر أیضاً إلی کره کعب للعراق قائلا: والمحفوظ عن کعب سوء القول فی العراق ((3)) .

ورواه مالک فی « الموطأ » _ روایة یحیی, و روایة أبی مصعب الزهری ) بلاغا, قال: بلغه أن عمر بن الخطاب أراد الخروج إلی العراق, فقال له کعب الأحبار: لا تخرج إلیها یا أمیر المؤمنین, فإن بها تسعة أعشار السحر, وبها فسقة الجن, وبها الداء العضال .زاد أبو مصعب: « والعضال ؛ یعنی: الأهواء » ((4)) .

ص: 310

وقد اهتم عمر وکعب الاحبار بتکفیر العراقیین والخوز والاکراد والمصریین والانباط بانهم من الجن.

وقد کفَّر عمر الانباط ((1)) أی السوریین الاصلیین . وان أصول العراقیین جنیة نبعت من زواج شناص بن ابلیس الجنی مع شاة النبی آدم علیه السلام !!!

لقد جعل کعب الاحبار العراقیین من الجن انتقاما من تشیعهم وفتحهم لفلسطین والقدس وأخذهم الیهود أسری الی بابل .

ووسع عبد الله بن عمر مشروع عمر وکعب الاحبار فقال إن النبی صلی الله علیه و آله قال : دخل إبلیس العراق فقضی حاجته ودخل الشام فطردوه حتی بلغ سباق ودخل مصر فباض فیها وفرخ وبسط عبقریة ((1)) .

أی زنا ابلیس بنساء العراق فأصبح العراقیون اولادا له فهم من الجن وهو انتقام لابن عمر من شیعة العراق .

ولان الشامیات أمویات قال لم یمسهن ابلیس بل طردوه !!!

ولان المصریین ثاروا علی عثمان وقتلوه واصبحوا مع عمار بن یاسر ومحمد بن ابی بکر الشیعیین قال ابن عمر : ودخل (ابلیس) مصر فباض فیها وفرخ وبسط عبقریة ((2)) .

النتیجة اصبحت العراقیون جنا اولاد جن واصبح المصریون جنا اولاد جن وبقیت الشام الامویة انسیة لم یمسها ابلیس .

وقد کذب القرآن الکریم والنبی صلی الله علیه و آله والعلم الحدیث زواج الجن من الانس .

والجن لا یمکن رؤیته بنص الایة القرآنیة :

یَا بَنِی آدَمَ لا یَفْتِنَنَّکُمُ الشَّیْطَانُ کَمَا أخْرَجَ أبَوَیْکُمْ مِنَ الجَنَّةِ یَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِیُرِیَهُمَا سَوْآتِهِمَا إنَّهُ یَرَاکُمْ هُوَ وَقَبِیلُهُ مِنْ حَیْثُ لا تَرَوْنَهُمْ إنَّا جَعَلْنَا الشَّیَاطِینَ أوْلِیَاءَ لِلَّذِینَ لا یُؤْمِنُونَ 27_سورة الاعراف.

1_ وکل ادعاء برؤیة الجن باطلة مخالفة للقرآن اولا .

ص: 312

2_ و هی تخیلات تصیب بعض البشر وخاصة مرضی الاعصاب والمجانین ونسبة هؤلاء فی الدنیا عالیة جدا وفوق المتصور .واکثر اعمال القتل والفتن والحروب من هؤلاء .

3_ ویروج لها المحتالون والسحرة والکهنة والسراق والقصاصون والحکام للوصول الی اهدافهم , والستر علی جرائمهم .

4_ وهی مشاریع یهودیة وناصبیة اعرابیة لتسقیط أعدائهم من الشیعة .

قال ابو هریرة: العراقیون اولاد ابلیس ,و إن إبلیس باض سبع بیضات . ثنتان وقعتا بأرض بابل وثنتان وقعتا بمیسان وثنتان وقعتا ببلاد الخوز وواحدة وقعت بهمینیا ((1)).

کره نکاح الزنج وقومیات بحر قزوین العشرة والبشتو وهزارة فی افغانستان :

ومن الاحادیث المزورة التی وضعها الجواسیس العباسیین علی لسان النبی صلی الله علیه و آله لتوسیع منهج عمر وکعب الاحبار فقد قالوا کذبا :قال الصادق علیه السلام : (لا تناکحوا الزنج والخزر ، فإن لهم أرحاما تدل علی غیر الوفاء ، قال : والسند والهند والقندهار ((2)) لیس فیهم نجیب ((3))، یعنی القندهار) ((4)) .

لقد کفَّروا نصف سکان العالم باسم النبی صلی الله علیه و آله والامام الصادق !!! وهذه من الاکاذیب التی نقلها الجواسیس ودونها بعض العلماء دون تحقیق لتلک الروایة ومخالفتها للقرآن والحدیث الصحیح .

ص: 314

و هدف الروایة :النیل من الأئمة الخلفاء علیهم السلام وتشویه سمعة الاسلام وتحقیر قومیات العالم الکثیرة وتفضیل الاعراب النواصب والیهود علیهم . بینما ظهر علماء کثیرون فی قندهار منهم الاخوند الخراسانی والشیخ المحسنی وعشرات آخرون خدموا التشیع .فکیف لا یوجد فیهم نجیب واحد؟ !!!

وقال آقا ضیاء العراقی:روی الصدوق بإسناده إلی نصر الکوسج عن مطرف مولی معن ( وهما مجهولان ) ((1)) .

وقال النمازی الشاهرودی عن نصر الکوسج : لم یذکروه ((2)) .

اذن الروایة ضعیفة ولا اعتبار لها لکنها انتشرت فی الکتب المختلفة .

وذلک لأن صفة ملک تدل علی تدبیر من یشعر بالتدبیر, ولیس کذلک مالک, وذلک لأنه یجوز أن یقال مالک الثوب, ولا یجوز ملک الثوب .فجرت اللفظة فی فاتحة الکتاب علی معنی الملک فی یوم الجزاء .

{إِلَهِ النَّاسِ} 3, سورة الناس: معناه ربهم الذی یجب علی الناس أن یعبدوه, فهو الوحید الذی یحق له العبادة فهو ملک الملوک ومالک الکون وعلی الجمیع الانصیاع له, فهو المعبوم والرب والاله الذی یستحق أن یعبدوه ویطیعوه .

قال جامع العلوم النحوی: ولیس قوله الناس تکرارا, لأن المراد بالأول الأجنة, ولهذا قال برب الناس, لأنه یربیهم . والمراد بالثانی الأطفال, ولذلک قال: ملک الناس, لأنه یملکهم . والمراد بالثالث البالغون المکلفون, ولذلک قال: إله الناس, لأنهم یعبدونه . والمراد بالرابع العلماء, لأن الشیطان یوسوس إلیهم, ولا یرید الجهال, لأن الجاهل یضل بجهله, وإنما تقع الوسوسة فی قلب العالم, کما قال: (فوسوس إلیه الشیطان) .

و عن ابن عباس فی قوله تعالی (قل أعوذ برب الناس) یقول: یا محمد قل أعوذ برب الناس (یعنی بخالق) الناس (ملک الناس إله الناس) لا شریک له ومعه (من شر الوسواس) یعنی الشیطان (الخناس) یقول: یوسوس علی قلب ابن آدم فإذا ذکر ابن آدم الله خنس من قلبه فذهب ثم قال (الذی یوسوس فی صدور الناس من الجنة والناس ), 4. یدخلون فی صور الجن فیوسوسون علی قلبه کما یوسوس علی قلب ابن آدم ویدخل من الجنی کما یدخل من الانسی ((1)) .

ص: 317

{مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ }4 سورة الناس :

اسم الشیطان الذی هو فی صدور الناس یوسوس فیها ویؤیسهم من الخیر ویعدهم الفقر ویحملهم علی المعاصی والفواحش وهو قول الله عز وجل الشیطان یعدکم الفقر ویأمرکم بالفحشاء ((1)) .

ذکر الاخبار التی رویت عن النبی صلی الله علیه و آله أنه قال:إن الشیطان یجری من ابن آدم مجری الدم ((2)) .

قال ابن إسحاق: وإنما أمر ابن ادم فیما بینه وبین عدو الله, کأمره فیما بینه وبین آدم, فقال الله: (اهبط منها فما یکون لک أن تتکبر فیها فاخرج إنک من الصاغرین ), سورة الأعراف, الآیة: 13 .

ثم انتهی إلی آدم وزوجته حتی کلمهما, کما قص الله علینا من خبرهما, قال: (فوسوس إلیه الشیطان قال یا آدم هل أدلک علی شجرة الخلد وملک لا یبلی ), سورة طه, الآیة: 120 . فانتهی إلیهما بما خلص إلی ذریته من حیث لا یریانه .

وفی معنی قوله (من شر الوسواس ), 4. ثلاثة أقوال :

ص: 318

أحدها_ من شر الوسوسة التی تکون من الجنة والناس, فأمر بالتعوذ من شر الجن والإنس . الثانی : من شر ذی الوسواس وهو الشیطان, کما قال فی الأثر: انه یوسوس فإذا ذکر العبد ربه خنس, فیکون قوله (من الجنة والناس) بیان انه منهم, کما قال (إلا إبلیس کان من الجن) فأما (والناس) فعطف علیه کأنه قیل من الشیطان الذی هذه صفته والناس الذین هذه صفتهم .

الثالث_ من شر ذی الوسواس الخناس علی العموم, ثم یفسر بقوله, عز وجل_ من (الجنة والناس) کما یقال: نعوذ بالله من کل مارد: من الجن والإنس . معناه الکثیر الاختفاء بعد الظهور, خنس یخنس خنوسا, ومنه قوله (فلا اقسم بالخنس أی بالنجوم التی تخفی بعد ما تظهر .

{الَّذِی یُوَسْوِسُ فِی صُدُورِ النَّاسِ}5, سورة الناس. :

قیل: ان الشیطان یعتری الانسان بکلام خفی بفعله یصل مفهومه إلی قلبه من غیر سماع صوته, کانسان یتکلم من وراء حجاب بکلام یصل مفهومه إلی القلب من غیر سماع الصوت, وهذه حالة معقولة تقع علیها الوسوسة وأما الانسان فإنما یوسوس غیره بأن یدعوه إلی الفساد ویحسن ذلک ویغویه به ویسوفه التوبة ویمنیه العفو .

وقال الامام الحسین علیه السلام : وأراکم قد اجتمعتم علی أمر قد أسخطتم الله فیه علیکم وأعرض بوجهه الکریم عنکم ، وأحل بکم نقمته ، وجنبکم رحمته ، فنعم الرب ربنا ، وبئس العبید أنتم ! أقررتم بالطاعة ، وآمنتم بالرسول محمد صلی الله علیه و آله ثم إنکم زحفتم إلی ذریته وعترته تریدون قتلهم ، لقد استحوذ علیکم الشیطان ، فأنساکم ذکر الله العظیم ، فتبا لکم ولما تریدون ، إنا لله وإنا إلیه راجعون ، هؤلاء قوم کفروا بعد إیمانهم فبعدا

ص: 319

للقوم الظالمین فقال عمر : ویلکم کلموه فإنه ابن أبیه ، والله لو وقف فیکم هکذا یوما جدیدا لما انقطع ولما حصر ، فکلموه فتقدم شمر لعنه الله فقال : یا حسین ما هذا الذی تقول ؟ أفهمنا حتی نفهم .

فقال علیه السلام : أقول : اتقوا الله ربکم ولا تقتلونی ، فإنه لا یحل لکم قتلی ، ولا انتهاک حرمتی ، فانی ابن بنت نبیکم وجدتی خدیجة زوجة نبیکم ولعله قد بلغکم قول نبیکم : الحسن والحسین سیدا شباب أهل الجنة ((1)) .

ولم ینفع کلام الحسین علیه السلام معهم لانهم مطیة الشیطان وجنوده المجندة

{مِنْ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ} 6, سورة الناس. وقوله تعالی (من الجنة والناس) بیان لمن یکون منه الوسوسة وقد بین الله تعالی أنه یکون من قبیل الجن ومن قبیل الانس ((2)) .

أمر للنبی أن یعوذ من شر الوسواس الخناس والسورة مدنیة کسابقتها علی ما یستفاد مما ورد فی سبب نزولها بل المستفاد من الروایات أن السورتین نزلتا معا . والله سبحانه رب الناس وملک الناس وإله الناس کما جمع الصفات الثلاث لنفسه فی قوله:{ذلکم الله ربکم له الملک لا إله إلا هو فأنی تصرفون}الزمر: 6 .

وأشار تعالی إلی ربوبیته وألوهیته بقوله:{رب المشرق والمغرب لا إله إلا هو فاتخذه وکیلا}المزمل: 9 . وإلی سببیة ملکه بقوله:{له ملک السماوات والأرض وإلی الله ترجع الأمور}الحدید: 5 .

ص: 320

فإن عاذ الانسان من شر یهدده إلی رب فالله سبحانه هو الرب لا رب سواه وإن أراد بعوذه ملکا فالله سبحانه هو الملک الحق له الملک وله الحکم وإن أراد لذلک إلها فهو الاله لا إله غیره .

فقوله تعالی:{قل أعوذ برب الناس}الخ أمر لنبیه صلی الله علیه و آله أن یعوذ به لأنه من الناس وهو تعالی رب الناس ملک الناس إله الناس .

ومما تقدم ظهر أولا وجه تخصیص الصفات الثلاث: الرب والملک والاله من بین سائر صفاته الکریمة بالذکر وکذا وجه ما بینها من الترتیب فذکر الرب أولا لأنه أقرب من الانسان وأخص ولایة ثم الملک لأنه أبعد منالا وأعم ولایة یقصده من لا ولی له یخصه ویکفیه ثم الاله لأنه ولی یقصده الانسان عن إخلاصه لا عن طبعه المادی .

وثانیا وجه عدم وصل قوله:{ملک الناس إله الناس}بالعطف وذلک للإشارة إلی کون کل من الصفات سببا مستقلا فی دفع الشر فهو تعالی سبب مستقل لکونه ربا لکونه ملکا لکونه إلها فله السببیة بأی معنی أرید السبب وقد مر نظیر الوجه فی قوله:{الله أحد الله الصمد}.

قوله تعالی:{الذی یوسوس فی صدور الناس}صفة للوسواس الخناس, والمراد بالصدور هی النفوس لان متعلق الوسوسة هو مبدء الادراک من الانسان وهو نفسه وإنما أخذت الصدور مکانا للوسواس لما أن الادراک ینسب بحسب شیوع الاستعمال إلی القلب والقلب فی الصدر کما قال تعالی:{ولکن تعمی القلوب التی فی الصدور}الحج: 46 .

قوله تعالی{ من الجنة والناس}بیان للوسواس الخناس وفیه إشارة إلی أن من الناس من هو ملحق بالشیاطین وفی زمرتهم کما قال تعالی:{شیاطین الإنس والجن}الانعام: 112 .

ص: 321

وعن أبی عبد الله جعفر الصادق علیه السلام قال: جاء جبرئیل إلی النبی صلی الله علیه و آله وهو شاک فرقَّاه بالمعوذتین وقل هو الله أحد وقال: بسم الله أرقیک والله یشفیک من کل داء یؤذیک خذها فلتهنیک فقال: بسم الله الرحمن الرحیم قل أعوذ برب الناس إلی آخر السورة ((1)) .

وفیه روی عن أنس بن مالک قال: قال رسول الله صلی الله علیه و آله : إن الشیطان واضع خطمه علی قلب ابن آدم فإذا ذکر الله خنس وإذا نسی التقم فذلک الوسواس الخناس ((2)) .

وفیه روی العیاشی باسناده عن أبان بن تغلب عن جعفر بن محمد علیه السلام قال: قال رسول الله صلی الله علیه و آله : ما من مؤمن إلا ولقلبه فی صدره أذنان أذن ینفث فیها الملک وأذن ینفث فیها الوسواس الخناس فیؤید الله المؤمن بالملک, وهو قوله سبحانه:{وأیدهم بروح منه} ((3)) .

وفی أمالی الصدوق باسناده إلی الصادق علیه السلام قال: لما نزلت هذه الآیة: {والذین إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذکروا الله فاستغفروا لذنوبهم}صعد إبلیس جبلا بمکة یقال له ثویر فصرخ بأعلی صوته بعفاریته فاجتمعوا إلیه فقالوا: یا سیدنا لم دعوتنا ؟ قال: نزلت هذه الآیة فمن لها ؟ فقام عفریت من الشیاطین فقال: أنا لها بکذا وکذا . قال: لست لها فقام آخر فقال مثل ذلک فقال لست لها . فقال الوسواس الخناس: أنا لها . قال:

ص: 322

بماذا ؟ قال: أعدهم وأمنیهم حتی یواقعوا الخطیئة فإذا واقعوا الخطیئة أنسیتهم الاستغفار فقال: أنت لها فوکله بها إلی یوم القیامة ((1)) .

و یستحب قراءة المعوذات الاربعة فی کل یوم فهی نعمة الهیة انعمها الله تعالی علی المسلمین للنجاة من کل شر یحیط بهم ((2)) .

وقال نجاح الطائی: سورة الناس مخصوصة لتحصین صدور الناس من شر الجنة والناس. وخصوصیات هذا الهجوم انه ایحاء من شیاطین الجن والانس للتأثیر علی الانسان وسحبه الی طریق الباطل .

وهذه الوسوسة تأتی من شیاطین بصورة نصیحة مثلما نصح ابلیس آدم أن یأکل من ثمرة الجنة المحرمة بأنها تطیل الاعمار .

فاقتنع آدم وحواء بهذه النصیحة الکاذبة فاکلا منها متسببین فی غضب الخالق علیهما وطردهما من الجنة .

والیوم یستمر الشیاطین فی الایحاء الی الناس دون أن یرونهم فیتصورون انها اعتقاداتهم الشخصیة ورغباتهم فیسیرون علیها .

ویوحی الشیاطین من الانس هذه المشاریع الابلیسیة بالوسوسة فی صدورهم فیستلوهم من واقعهم ویسخروهم الی مآربهم التآمریة الفاسقة والمتمثلة فی الکفر والقتل والفسق والفجور والسرقة والزنا .

والوسوسة فی النفوس تتم تحت عناوین خلابة ونصائح عطوفة وأهداف عسلیة فتؤثر أکثر من الاوامر المفروضة والصرخات الحکومیة والعائلیة .

ص: 323

الکتاب) قال المرسی وقد روی حدیث لا یصح :لا یقولن أحدکم أم الکتاب ولیقل فاتحة الکتاب:

قلت هذا لا أصل له فی شیء من کتب الحدیث وإنما أخرجه أبن الضریس بهذا اللفظ عن ابن سیرین فالتبس علی المرسی وقد ثبت فی الأحادیث الصحیحة تسمیتها بذلک فأخرج الدارقطنی حدیثا وصححه إذا قرأتم الحمد فاقرؤوا بسم الله الرحمن الرحیم إنها أم القرآن وأم الکتاب والسبع المثانی . واختلف لم سمیت بذلک فقیل لأنها یبدأ بکتابتها فی المصاحف وبقراءتها فی الصلاة قبل السورة قاله أبو عبیدة فی مجازه وجزم به البخاری فی صحیحه واستشکل بأن ذلک یناسب تسمیتها فاتحة الکتاب لا أم الکتاب وأجیب بأن ذلک بالنظر إلی أن الأم مبتدأ الولد قال الماوردی سمیت بذلک لتقدمها وتأخر ما سواها تبعا لها لأنها أمته أی تقدمته ولهذا یقال لرایة الحرب أم لتقدمها واتباع الجیش لها ویقال لما مضی من سنی الإنسان أم لتقدمها ولمکة أم القری لتقدمها علی سائر القری وقیل أم الشیء أصله وهی أصل القرآن لانطوائها علی جمیع أغراض القرآن وما فیه من العلوم والحکم کما سیأتی تقریره فی النوع الثالث والسبعین وقیل سمیت بذلک لأنها أفضل السور کما یقال لرئیس القوم أم القوم وقیل لأن حرمتها کحرمة القرآن کله وقیل لأن مفزع أهل الإیمان إلیها کما یقال للرایة أم لأن مفزع العسکر إلیها وقیل لأنها محکمة والمحکمات أم الکتاب .خامسها القرآن العظیم روی أحمد أن النبی صلی الله علیه و آله قال لأم القرآن هی أم القرآن وهی السبع المثانی وهی القرآن العظیم وسمیت بذلک لاشتمالها علی المعانی التی فی القرآن.

ص: 325

سادسها السبع المثانی ورد تسمیتها بذلک فی الحدیث المذکور وأحادیث کثیرة أما تسمیتها سبعا فلأنها سبع آیات أخرج الدارقطنی ذلک عن علی علیه السلام . سابعها الوافیة. ثامنها: الکنز .

تاسعها الکافیة لأنها تکفی فی الصلاة عن غیرها ولا یکفی عنها غیرها0 عاشرها الأساس لأنها أصل القرآن وأول سورة فیه .

حادی عشرها النور . ثانی عشرها وثالث عشرها سورة الحمد وسورة الشکر . رابع عشرها وخامس عشرها سورة الحمد الأولی وسورة الحمد القصری . سادس عشرها وسابع عشرها وثامن عشرها الرقیة والشفاء والشافیة للأحادیث الآتیة فی نوع الخواص .

تاسع عشرها سورة الصلاة لتوقف الصلاة علیها .العشرون وقیل إن من أسمائها الصلاة أیضا لحدیث قسمت الصلاة بینی وبین عبدی نصفین أی السورة .قال المرسی لأنها من لوازمها فهو من باب تسمیة الشیء باسم لازمه وهذا الاسم العشرون .

الحادی والعشرون سورة الدعاء لاشتمالها علیه فی قوله : (اهدنا) .الثانی والعشرون سورة السؤال لذلک ذکره الإمام فخر الدین الثالث والعشرون سورة تعلیم المسألة قال المرسی لأن فیها آداب السؤال لأنها بدئت بالثناء قبله ((1)) .

الرابع والعشرون سورة المناجاة لأن العبد یناجی فیها ربه بقوله (إیاک نعبد وإیاک نستعین) . الخامس والعشرون سورة التفویض لاشتمالها علیه فی قوله (إیاک نعبد وإیاک نستعین) .

ص: 326

المائدة تسمی أیضا العقود والمنقذة قال ابن الغرس لأنها تنقذ صاحبها من ملائکة العذاب . والأنفال أخرج أبو الشیخ عن سعید بن جبیر قال قلت لابن عباس سورة الأنفال قال تلک سورة بدر .

وبراءة تسمی أیضا التوبة لقوله فیها (لقد تاب الله علی النبی) الآیة والفاضحة أخرج البخاری عن سعید بن جبیر قال قلت لابن عباس سورة التوبة قال التوبة بل هی الفاضحة ما زالت تنزل ومنهم ومنهم . . . حتی ظننا ألا یبقی أحد منا إلا ذکر فیها.

وکانت تسمی الفاضحة وسورة العذاب أخرج الحاکم فی المستدرک عن حذیفة قال التی تسمونها سورة التوبة وهی سورة العذاب .

والمقشقشة أخرج أبو الشیخ عن زید بن أسلم أن رجلا قال لابن عمر سورة التوبة فقال وأیتهن سورة التوبة فقال براءة فقال وهل فعل بالناس الأفاعیل إلا هی ما کنا ندعوها إلا المقشقشة أی المبرئة من النفاق .

والمنقرة أخرج أبو الشیخ عن عبید بن عمیر قال کانت تسمی براءة المنقرة نقرت عما فی قلوب المشرکین .

والبحوث بفتح الباء أخرج الحاکم عن المقداد أنه قیل له لو قعدت العام عن الغزو قال أتت علینا البحوث یعنی براءة . . . الحدیث .

والحافرة ذکره ابن الغرس لأنها حفرت عن قلوب المنافقین .

والمثیرة أخرج ابن أبی حاتم عن قتادة قال کانت هذه السورة تسمی الفاضحة فاضحة المنافقین وکان یقال لها المثیرة أنبأت بمثالبهم وعوراتهم

وحکی ابن الغرس من أسمائها المبعثرة وأظنه تصحیف المنقرة فإن صح کملت الأسماء عشرة ثم رأیته کذلک أعنی المبعثرة بخط السخاوی فی جمال القراء وقال لأنها بعثرت عن أسرار المنافقین .

ص: 327

وذکر فیه أیضا من أسمائها المخزیة والمنکلة والمشردة والمدمدمة النحل قال قتادة تسمی سورة النعم أخرجه ابن أبی حاتم قال ابن الغرس لما عدد الله فیها من النعم علی عباده . الإسراء تسمی أیضا سورة سبحان وسورة بنی إسرائیل .

الکهف ویقال لها سورة أصحاب الکهف کذا فی حدیث أخرجه ابن مردویه :وروی البیهقی من حدیث ابن عباس مرفوعا أنها تدعی فی التوراة الحائلة تحول بین قارئها وبین النار وقال إنه منکر .

طه تسمی أیضا سورة التکلیم ذکره السخاوی فی جمال القراء .

الشعراء وقع فی تفسیر الإمام مالک تسمیتها بسورة الجامعة .

النمل تسمی أیضا سورة سلیمان .السجدة تسمی أیضا المضاجع فاطر تسمی سورة الملائکة یس سماها النبی صلی الله علیه و آله قلب القرآن أخرجه الترمذی من حدیث أنس .

وأخرج البیهقی من حدیث أبی بکر مرفوعا سورة یس تدعی فی التوراة المعمة نعم بخیری الدنیا والآخرة وتدعی الدافعة والقاضیة تدفع عن صاحبها کل سوء وتقضی له کل حاجة وقال إنه حدیث منکر .

الزمر تسمی سورة الغرف .

غافر تسمی سورة الطول والمؤمن لقوله تعالی فیها (وقال رجل مؤمن)

فصلت تسمی السجدة وسورة المصابیح .

الجاثیة تسمی الشریعة وسورة الدهر حکاه الکرمانی فی العجائب .

سورة محمد تسمی القتال . ق تسمی سورة الباسقات .

اقتربت تسمی القمر . وأخرج البیهقی عن ابن عباس أنها تدعی فی التوراة المبیضة تبیض وجه صاحبها یوم تسود الوجوه وقال إنه منکر .

ص: 328

الرحمن سمیت فی حدیث عروس القرآن أخرجه البیهقی عن علی مرفوعا . المجادلة سمیت فی مصحف أبی الظهار الحشر أخرج البخاری عن سعید بن جبیر قال قلت لابن عباس سورة الحشر قال قل سورة بنی النضیر قال ابن حجر کأنه کره تسمیتها بالحشر لئلا یظن أن المراد یوم القیامة وإنما المراد به هنا إخراج بنی النضیر .

الممتحنة قال ابن حجر المشهور فی هذه التسمیة أنها بفتح الحاء وقد تکسر فعلی الأول هو صفة المرأة التی نزلت السورة بسببها وعلی الثانی هی صفة السورة کما قیل لبراءة الفاضحة وفی جمال القراء تسمی أیضا سورة الامتحان وسورة المودة . الصف تسمی أیضا سورة الحواریین .

التحریم یقال لها سورة المتحرم وسورة لم تحرم .

تبارک تسمی سورة الملک :وأخرج الحاکم وغیره عن ابن مسعود قال هی فی التوراة سورة الملک وهی المانعة تمنع من عذاب القبر .

وأخرج الترمذی من حدیث ابن عباس مرفوعا هی المانعة هی المنجیة تنجیه من عذاب القبر .وفی مسند عبید من حدیث إنها المنجیة والمجادلة تجادل یوم القیامة عند ربها لقارئها .

وفی تاریخ ابن عساکر من حدیث أنس أن رسول الله صلی الله علیه و آله سماها المنجیة :وأخرج الطبرانی عن ابن مسعود قال کنا نسمیها فی عهد رسول الله صلی الله علیه و آله المانعة .وفی جمال القراء تسمی أیضا الواقیة والمناعة .

سأل سائل تسمی المعارج والواقع .

عم یقال لها النبأ والتساؤل والمعصرات .

ص: 329

لم یکن تسمی سورة أهل الکتاب وکذلک سمیت فی مصحف أبی وسورة البینة وسورة القیامة وسورة البریة وسورة الانفکاک ذکر ذلک فی جمال القراء . أرأیت تسمی سورة الدین وسورة الماعون .

الکافرون تسمی المقشقشة أخرجه ابن أبی حاتم عن زرارة بن أوفی قال فی جمال القراء وتسمی أیضا سورة العبادة .

قال وسورة النصر تسمی سورة التودیع لما فیها من الإیماء إلی وفاته صلی الله علیه و آله . قال وسورة تبت تسمی سورة المسد .

وسورة الإخلاص تسمی الأساس لاشتمالها علی توحید الله وهو أساس الدین . قال والفلق والناس یقال لهما المعوذتان بکسر الواو والمشقشقتان من قولهم خطیب مشقشق .

وهناک أسماء أخری ذکروها للسور القرآنیة الکریمة ((1)) .

آل عمران : ان تکتب بزعفران وماء ورد وتعلق علی الشجرة تثمر والمرأة تحبل ومن قرأ منها علی ثمرة ثلثا بعد البسملة (ربنا لا تزغ قلوبنا) الایة علی المعدة الموجوعة برئت النساء من دفن شیئا وضاع عنه فلیکتب منها {ان الله یامرکم ان تودوا الامانات}الایة فی اناء جدید وتمحاها بماء المطر ویرشه فی المکان الذی فیه المدفون یظفر به انشاء الله تعالی .

المائدة : من کتبها وجعلها فی منزله أو صندوقه لم یسرق له شئ .

الانعام : من کتب منها لیلا فی قرطاس وقت السحر قوله تعالی وان یمسسک الله بضر الایة وعلقها علی وجع الجنب والیدین برئ .

الاعراف : من کتبها بماء ورد وزعفران وعلقها علیه امن من الحیة والسبع و العدو والضلال فی الطریق .

الانفال : من علقها علیه لم یقف بین یدی حاکم الا قضی له علی خصمه .

التوبة : من جعلها فی تجارته أو قلنسوته امن من اللصوص والحریق ((1)).

یونس قوله (وإذا مس الانسان الضر دعانا لجنبه) الایة لوجع الرجلین والساقین والجنب یکتب فی فخارة طریه نظیفة ثم تملاء الفخارة زیتا طیبا وتغلی علی نار لینة وتدهن هذه الاوجاع بالزیت المذکور .

هود : من نقش قوله تعالی (قال ارکبوا فیها بسم الله مجریها) الایة لحفظ السفینة فی البحر یکتب فی لوح ساج ویسمر فی مقدمها .

یوسف : من کتبها وجعلها فی منزله ثلاثة ایام واخرجها إلی جدار البیت من خارجه لم یشعر (ودفنها) الا ورسول السلطان یدعو إلی نصرته. ومن کتبها وشربها سهل الله له الرزق من کل احد .

ص: 331

الرعد : عن علی علیه السلام یقرأ من به الثالول فلیقرءا علیها هذه الایات سبعا فی الشهر ومثل کلمة خبیثة الایة وبست الجبال بسا فکانت هباء منبثا ((1)) .

ابراهیم : من کتبها فی خرقة حریر بیضاء وعلقها علی عضد الصغیر امن من الفزع والبکاء والتوابع وجمیع الاسواء .

الحجر : من کتبها بزعفران وسقاها المرأة قلیلة اللبن کثر لبنها ومن کتبها وجعلها فی جیبه أو عضده کثر بیعه وکسبه ورزقه .

الاسراء : من حررها و علقها علیه فی خرقة حریر خضراء لم یخط رمیه

الکهف : من جعلها فی اناء زجاج (ضیق) الراس وجعلها فی منزله امن من الدین والفقر .

مریم : من جعلها فی اناء زجاج نظیف فی منزله کثر خیره ومنع منه طوارق السوء ومن شربها وهو خائف امن .

طه : من جعلها معه ومضی إلی قوم یرید التزویج منهم زوجوه وان قصد الاصلاح بین المتباغضین الفوا وان مشی بها بین العسکرین افترقوا ومن کتبها وشربها و دخل علی السلطان امن مسه وادناه .

الانبیاء : یکتب للمریض ولمن طال فکره وسهره .

الحج : من کتبها فی رق غزال وجعلها فی جنب مرکب اتته الریاح ولم یسلم ومن کتبها ورشها فی موضع وال أو قاض لم یتهن بعیش فیه الا ان یخرج منه .

المؤمن : من کتبها لیلا وجعلها فی خرقة حریر خضراء وعلقها علیه لم یشرب الخمر .

ص: 332

النور : من جعلها فی فراشه الذی ینام فیه لم یحتلم ومن کتبها فی طشت نحاس ومحاها وسقاها الدابة المریضة ویرش علیها من الماء برئت .

الفرقان : من کتبها ودخل علی قوم بینهم بیع أو شراء تفرقوا ولم یقرب موضعه شئ من الهوام .

النمل : من اراد ان لا یخرج علیه الدرهم الزیف فلیقرا علیه اخر ایة من النمل .

القصص : من کتبها وعلقها علی عبد امن علیه من الزنا والهرب و الخیانة وکذا إذا علقت علی وجع الکبد والبطن والمطحول ومن شربها بماء المطر نفعته من جمیع الاسقام .

العنکبوت : من شربها زالت عنه حمی الربع والاوجاع .

لقمان : تکتب لمن فیه نزف الدم والاوجاع .

السجدة : من جعلها فی منزل وال عزل فی سنته ومن علقها علیه امن من الحمی والشقیقة .

الاحزاب : من کتبها فی رق ظبی وجعلها فی حق فی منزله تزوجت بناته سریعا .

سبأ : من کتبها فی قرطاس وجعلها فی خرقة بیضاء وحملها امن من الهوام ومن العقوبة والنبل والحجارة والحدید .

فاطر : من کتب منها ان الذین یتلون کتاب الله الایتین فی اربع خرق قطن جدیدة طاهرة وجعلها فی تجارته نمت وربحت .

یس : من سقاها المرأة کثر لبنها ومن حملها امن من العین والجن ویکون کثیر المنامات الصالحة .

ص: 333

الصافات : من اغتسل بمائها زالت اوجاعه ص قوله تعالی (ارکض برجلک هذا مغتسل بارد وشراب) . من اکثر تلاوة هذه الایة وهو یحفر بئرا حسن نبعها ((1)) .

الزمر : من جعلها علی عضده کان محبوبا فی اعین الناس واثنوا علیه خیرا .

غافر : من کتبها لیلا وجعلها فی دکان کثر ربوته أو بستان کثر ثمره وان حملها ذو قروح أو دمل برئ باذن الله تعالی .

فصلت : من کتبها بماء المطر ومحاها وسحق بمائها کحلا واکتحل به نفع من الرمد والبیاض واوجاع العین .

الشوری : من کتبها وشربها فی سفرة قل عطشه , وان رش هذا الماء علی مصروع احترق شیطانه ولم یعد إلیه .

الزخرف : من سقاها للزوجة المخالفة اطاعت وماؤها ینفع المغصوم من البطن ویسهل المخرج ومن حملها امن من کل شر وان وضعت تحت راس نائم لم یر فی نومه الا خیرا .

الدخان : من حملها کان مهابا محبوبا امنا من شر کل ملک ومن شربها امن من کل نمام وان علقت علی طفل حین ظهوره امن من الجن والهوام

الجاثیه : من حملها امن من کل محذور ومن جعلها تحت راسه کفی شر الجن .

الاحقاف : من کتبها فی صحیفة وغسلها بماء زمزم وشربها کان وجیها محبوبا حافظا .

محمد : صلی الله علیه و آله من علقها علیه فی القتال نصر ومن شرب مائها ذهب عنه الرعب والزجر ومن قراها فی البحر امن منه .

ص: 334

الفتح : من علقها علیه امن من السلطان وان علقت علی حایط أوبیت لم یقربه شیطان وان شربت المرءة ماءها در لبنها .

الحجرات : إذا علقت فی مکان لم یقربه شیطان وان علقت علی متبوع

(مصروع) لم یعد إلیه شیطان ((1)) .

ق : من کتبها فی صحیفة ومحاها بماء المطر وشربها الخائف والولهان والشاکی بطنه وفمه زال المه وإذا غسل بمائها فم الطفل الصغیر خرجت اسنانه بغیر الم .

الذاریات : إذا علقت علی مطلقة وضعت سریعا .

الطور : إذا ادمن قرائتها المسحون خرج والمسافر امن و حرس .

النجم : قوله تعالی (افمن هذا الحدیث تعجبون وتضحکون ولا تبکون وانتم سامدون) یکتب ویعلق لبکاء الاطفال .

القمر : من کتبها یوم الجمعة وقت صلوة الظهر وجعلها تحت عمامته کان محبوبا مقبولا .

الرحمن : یشرب للطاحل ووجع الفواد ویعلق علی الرمد والمصروع وتکتب علی حایط البیت فیذهب هوامه .