ص: 2

فقال رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم کلا إنهم أبر العرب بالوالدین , وأوصلهم للرحم , وأوفاهم بالعهد .

وکان أشجع بلادهم قریبا من بلاد بنی ضمرة وهم بطن من کنانة وکانت أشجع بینهم وبین بنی ضمرة حلف فی المراعاة والأمان , فأجدبت بلاد أشجع وأخصبت بلاد بنی ضمرة فصارت أشجع إلی بلاد بنی ضمرة فلما بلغ رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم مسیرهم إلی بنی ضمرة تهیأ للمصیر إلی أشجع فیغزوهم للموادعة التی کانت بینه وبین بنی ضمرة فأنزل الله :

{ودوا لو تکفرون کما کفروا . . الخ } .

ثم استثنی بأشجع فقال { إلا الذین یصلون إلی قوم بینکم وبینهم میثاق أو جاءکم حصرت صدورهم ان یقاتلونکم أو یقاتلوا قومهم ولو شاء الله لسلطهم علیکم فلقاتلوکم فان اعتزلوکم ولم یقاتلوکم وألقوا إلیکم السلم فما جعل الله لکم علیهم سبیلا } النساء 91 .

وکانت أشجع محالها البیضاء والجبل والمستباح , وقد کانوا قربوا من رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم فهابوا لقربهم من رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم ان یبعث إلیهم من یغزوهم وکان رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم قد خافهم ان یصیبوا من أطرافه شیئا فهم بالمسیر إلیهم فبینما هو علی ذلک إذ جاءت أشجع ورئیسها مسعود بن رجیلة وهم سبعمائة , فنزلوا شعب سلع وذلک فی شهر ربیع الأول _ سنة ست فدعا رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم أسید ابن حصین , فقال له اذهب فی نفر من

ص: 4

أصحابک حتی تنظر ما أقدم أشجع , فخرج أسید ومعه ثلاثة نفر من أصحابه فوقف علیهم , فقال ما أقدمکم ؟

فقام إلیه مسعود بن رجیلة وهو رئیس أشجع فسلم علی أسید وعلی أصحابه وقالوا جئنا لنوادع محمدا صلی الله علیه و آله و سلم فرجع أسید إلی رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم فأخبره , فقال رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم خاف القوم ان اغزوهم فأرادوا الصلح بینی وبینهم , ثم بعث إلیهم بعشرة اجمال تمر فقدمها امامه , ثم قال صلی الله علیه و آله و سلم :

نعم الشئ الهدیة امام الحاجة , ثم اتاهم , فقال یا معشر أشجع ما أقدمکم ؟ قالوا قربت دارنا منک ولیس فی قومنا أقل عددا منا فضقنا بحربک لقرب دارنا منک , وضقنا بحرب قومک لقلتنا فیهم , فجئنا لنوادعک فقبل النبی صلی الله علیه و آله و سلم ذلک منهم ووادعهم , فأقاموا یومهم ثم رجعوا إلی بلادهم وفیهم نزلت هذه الآیة ( الا الذین یصلون إلی قوم بینکم وبینهم میثاق _ إلی قوله _ فما جعل الله لکم علیهم سبیلا ) .

وقوله ( ستجدون آخرین یریدون ان یأمنوکم ویأمنوا قومهم کلما ردوا إلی الفتنة أرکسوا فیها ) نزلت فی عیینة بن حصین الفزاری أجدبت بلادهم , فجاء إلی رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم ووادعه علی أن یقیم ببطن نخل , ولا یتعرض له وکان منافقا ملعونا , وهو الذی سماه رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم الأحمق المطاع فی قومه , ثم قال تعالی :

{ فَإنْ لَمْ یَعْتَزِلُوکُمْ وَیُلْقُوا إلَیْکُمُ السَّلَمَ وَیَکُفُّوا أیْدِیَهُمْ فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَیْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَاُوْلَئِکُمْ جَعَلْنَا لَکُمْ عَلَیْهِمْ سُلْطَاناً مُبِیناً 91 سورة النساء.}.

ص: 5

{وَمَا کَانَ لِمُؤْمِن أنْ یَقْتُلَ مُؤْمِناً إلا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِیرُ رَقَبَة مُؤْمِنَة وَدِیَةٌ مُسَلَّمَةٌ إلَی أهْلِهِ إلا أنْ یَصَّدَّقُوا فَإنْ کَانَ مِنْ قَوْم عَدُوٍّ لَکُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِیرُ رَقَبَة مُؤْمِنَة وَإنْ کَانَ مِنْ قَوْم بَیْنَکُمْ وَبَیْنَهُمْ مِیثَاقٌ فَدِیَةٌ مُسَلَّمَةٌ إلَی أهْلِهِ وَتَحْرِیرُ رَقَبَة مُؤْمِنَة فَمَنْ لَمْ یَجِدْ فَصِیَامُ شَهْرَیْنِ مُتَتَابِعَیْنِ تَوْبَةً مِنَ اللّهِ وَکَانَ اللّهُ عَلِیماً حَکِیماً92 }_سورة النساء.

وقوله { وما کان لمؤمن ان یقتل مؤمنا الا خطأ } غیر عامد .

{وَمَا کَانَ لِمُؤْمِن أنْ یَقْتُلَ مُؤْمِناً } بحال من الاحوال.

{إلا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِیرُ رَقَبَة مُؤْمِنَة وَدِیَةٌ مُسَلَّمَةٌ إلَی أهْلِهِ } مؤداة من العاقلة . {إلا أنْ یَصَّدَّقُوا } یعفوا .

{فَإنْ کَانَ } القتل {مِنْ قَوْم عَدُوٍّ لَکُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ } ولم یعرف قاتله بایمانه .والقتل علی ثلاثة أضرب : فضرب منه العمد المحض ، وهو الذی فیه القود . والضرب الثانی الخطأ المحض ، وفیه الدیة ، ولیس فیه قود ، قال الله عز وجل : " وما کان لمؤمن أن یقتل مؤمنا إلا خطأ ومن قتل مؤمنا خطأ فتحریر رقبة مؤمنة ودیة مسلمة إلی أهله إلا أن یصدقوا " . والضرب الثالث خطأ شبیه العمد ، وفیه الدیة مغلظة ، ولیس فیه قود أیضا .

فأما العمد المحض فهو القتل بالحدید فی المقتل الذی قد جرت العادة بتلف النفس به والضرب أیضا بما یتلف النفس معه علی العادة والأغلب علیها ، کضرب الإنسان بالسیاط علی المقاتل منه ، أو إدامة ضربه حتی

ص: 6

یموت ، أو شدخ رأسه بحجر کبیر ، أو وکزه بالید فی قلبه ، أو خنقه ، وما أشبه ذلک .

والخطأ المحض أن یرمی الإنسان صیدا فیصیب إنسانا لم یرده ، أو یرمی عدوا له فیصیب غیره ، أو یرمی غرضا فیصیب إنسانا وهو لم یرد ذلک .

والخطأ شبیه العمد ضرب الرجل عبده للتأدیب فی غیر مقتل ضربا یسیرا فیموت لذلک ، ولن یموت أحد بمثله فی أغلب العادات ، أو یتعدی إنسان علی غیره بضرب یسیر فی غیر مقتل فیموت ، وکعلاج الطبیب للإنسان .

بما جرت العادة بالنفع به فیموت لذلک ، أو یفصده فیوافق ذلک نزف دمه ، وهو لم یقصد إلی إتلافه ، بل قصد علی حکم العادة إلی نفعه ، وما أشبه ذلک .فأما قتل العمد ففیه القود علی ما قدمناه إن اختار ذلک أولیاء المقتول .

وإن اختاروا العفو فذلک لهم . وإن اختاروا الدیة فهی مائة من مسان الإبل إن کان القاتل من أصحاب الإبل ، أو ألف من الغنم إن کان من أصحاب الغنم ، أو مأتا بقرة إن کان من أصحاب البقر ، أو مأتا حلة إن کان من أصحاب الحلل ، أو ألف دینار إن کان من أصحاب العین ، أو عشرة آلاف درهم فضة إن کان من أصحاب الورق .

وتستأدی منه فی سنة لا أکثر من ذلک .

ولیس لهم الدیة ما بذل لهم القاتل من نفسه القود . وإنما لهم ذلک إن

اختاره القاتل ، وافتدی به نفسه .

وفی الخطأ المحض الدیة ، وهی مائة من الإبل : منها ثلاثون حقة ، وثلاثون

ص: 7

بنت لبون ، وعشرون بنت مخاض ، وعشرون ابن لبون ذکر .

وتؤخذ من عاقلة القاتل ، وهم عصبته الرجال دون النساء . ولا یؤخذ من إخوته لأمه منها شئ ، ولا من أخواله ، لأنه لو قتل ، وأخذت دیته ، ما استحق إخوته وأخواله منها شیئا ، فلذلک لم یکن علیهم منها شئ .

وتستأدی دیة قتل الخطأ فی ثلاث سنین .ولیس فی قتل الخطأ قود .

وفی الخطأ شبیه العمد مائة من الإبل : منها ثلاث وثلاثون حقة ، وثلاث

وثلاثون جذعة ، وأربع وثلاثون ثنیة ، کلها طروقة الفحل .

ویؤخذ من أصحاب الغنم ألف کأسنان ما ذکرناه من الإبل .

وإن أخذ فی دیة الخطأ البقر من أصحابها کانت من الأسنان علی صفة

ما قدمنا ذکره من الإبل . وکذلک فی دیة الخطأ شبیه العمد . ویکون البقر

کأسنان الإبل فیه .

ویؤخذ من أصحاب الذهب ألف دینار لا یختلف . ومن أصحاب الفضة عشرة آلاف درهم جیادا لا یختلف الحکم فی ذلک ، سواء کان القتل خطأ ، أو عمدا ، أو خطأ شبیه عمد ، وبذلک ثبتت السنة عن نبی الهدی علیه السلام . وتستأدی دیة الخطأ المشبه للعمد فی سنتین .

ولا قود أیضا فی هذا الضرب من القتل وإنما هو فی العمد المحض علی ((1)).

ص: 8

{فَتَحْرِیرُ رَقَبَة مُؤْمِنَة وَإنْ کَانَ مِنْ قَوْم بَیْنَکُمْ وَبَیْنَهُمْ مِیثَاقٌ } عهد {فَدِیَةٌ مُسَلَّمَةٌ إلَی أهْلِهِ وَتَحْرِیرُ رَقَبَة مُؤْمِنَة فَمَنْ لَمْ یَجِدْ } رقبة{فَصِیَامُ شَهْرَیْنِ مُتَتَابِعَیْنِ تَوْبَةً مِنَ اللّهِ وَکَانَ اللّهُ عَلِیماً حَکِیماً92 سورة النساء.

{وَمَنْ یَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِیهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَیْهِ وَلَعَنَهُ وَأعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِیماً93 } سورة النساء.

اذا عرف بایمانه وقتله مثلما فعل الخوارج سابقا ویفعل الوهابیون الارهابیون حالیا فجزتؤه جهنم . وقد کثرت الفتاوی التکفیریة من قبل الوهابیین السلفیین فی تکفیر کل من لا ینتمی الیهم .

فابن تیمیة یؤکد أن لله جوارح کالید والعین والوجه والأصابع والرجل ولکن لیس کجوارح المخلوقات ((1)).

وذهب الحشویة وبعض الظاهریة الی أن العرش سریر کبیر یجلس الله علیه

جلوس الملک اغترارا ((2)) .

قال النبی الاکرم صلی الله علیه و آله و سلم : من کفَّر مسلماً فهو کافر ((3)) .

لذا حکم علماء المذاهب الاسلامیة المختلفة بکفر ابن تیمیة فبقی فی السجن حتی الموت .

وکقوله تعالی: (ولا تدع من دون الله ما لا ینفعک ولا یضرک)((1)) .

وأمثال هذه الآیات فی القرآن کثیرة:

فقال محمد بن عبد الوهاب من استغاث بالنبی صلی الله علیه و آله و سلم أو بغیره من الأنبیاء والأولیاء والصالحین أو ناداه أو سأله الشفاعة فإنه مثل هؤلاء المشرکین ویدخل فی عموم هذه الآیات , وجعل زیارة قبر النبی صلی الله علیه و آله و سلم وغیره من الأنبیاء والأولیاء والصالحین مثل ذلک , وقال فی قوله تعالی حکایة عن المشرکین فی عبادة الأصنام: (ما نعبدهم إلا لیقربونا إلی الله زلفی)((2)) .

{یَا أیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا إذَا ضَرَبْتُمْ فِی سَبِیلِ اللّهِ فَتَبَیَّنُوا وَلا تَقُولُوا لِمَنْ ألْقَی إلَیْکُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً تَبْتَغُونَ عَرَضَ الحَیَاةِ الدُّنْیَا فَعِنْدَ اللّهِ مَغَانِمُ کَثِیرَةٌ کَذَلِکَ کُنتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللّهُ عَلَیْکُمْ فَتَبَیَّنُوا إنَّ اللّهَ کَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِیراً94 } سورة النساء. .

یَا أیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا إذَا ضَرَبْتُمْ فِی سَبِیلِ اللّهِ } للجهاد .

{فَتَبَیَّنُوا } لا تسرعوا فی القتل فتزهقوا ارواح المسلمین :

مثل خالد بن الولید الذی قتل الصحابی مالک بن نویرة وأفراد قبیلته رغبة فی زوجته الجمیلة رغم اعلانهم الاسلام وسلامهم علی خالد وجیشه وصلاتهم جماعة معهم .

ص: 11

ومن الشاهدین علی اسلامهم فی مسجد النبی عبد الله بن عمر الذی کان جندیا فی جیش خالد . والدلیل علی اسلامهم مشارکتهم فی صلاة الجماعة ثم غدر بهم خالد وقتلهم وجعل رؤوسهم تحت قدور الطعام کما یفعل أهل الجاهلیة بقتلاهم ثم زنی بزوجة مالک فی قریتهم قبل جفاف دماء الشهداء . فتنکر الصحابة لفعل خالد المذکور وعلی رأسهم عمر وعبد الله بن عمر لکن ابا بکر رفض ذلک((1)).

وکرَّر خالد فعله مرَّة أخری فاکتفی أبو بکر بالکتابة إلیه : تتوثَّب علی النساء , وعند اطناب بیتک دماء المسلمین((2)).

قال الیعقوبی عن خالد : فهو الذی قطع رأس مالک بن نویرة المسلم وباقی رؤوس أفراد قبیلته ووضعها حطباً تحت قدور طعامه((3)) .

عمر وخالد یقتلون المسلمین خلافا للایة : لقی عمر خالدا فعاتبه فی قتل مالک (بن نویرة) فقال خالد : إن کنتُ قتلته لهنات بینی وبینه , فقد قتلتُ سعدا لهنات بینکم و بینه فأعجب عمر قوله وضمه وقبله((4)) .

ص: 12

وکان خالد قد قتل سعد بن عبادة بامر ابی بکر وعمر لمعارضته الحکومة الغاصبة للخلافة . وکان الصحابی العظیم سعد بن عبادة یأنف من بیعة أبی بکر ویقول : أیم الله لو أن الجن اجتمعت لکم مع الإنس ما بایعتکم حتی أعرض علی ربی وأعلم ما حسابی ؟ وکان لا یصلی بصلاتهم ولا یجمع معهم ویحج ولا یفیض معهم بإفاضتهم((1))

.

الولید الدعی : أبو خالد هو الولید بن المغیرة معروف عند قریش بالدعی الحاصل أن الزنیم هو ولد الزنا الملحق بالقوم فی النسب ولیس منهم ، وکان الولید دعیًا فی قریشولیسمن سنخهم ادعاه بعد ثمان عشرة)لیلة (من مولد (2)

أراد خالد أن ینتقم من کل الشرفاء فی الحجاز وغیرها بقتلهم والزنا بنسائهم لیکون الرجال مثل أبیه لقطاء أدعیاء فکان مهووسا بقتل الصالحین والزنا بنسائهم قبل أن یجفدماءهم مثلما وصفه ابو بکر قائلا :

إلیه : تتوثَّبعلی النساء ، وعند اطناب بیتک دماء المسلمین (3)

ومع اتِّصاف الإمام علی علیه السلام بالشجاعة والإقدام فإنّه کان یتّصف بالأخلاق فی الحرب فقد کتب السرِّی :

ص: 13

(کان من سیرة الإمام علی علیه السلام أن لا یقتل مدبراً ولا یذفّف علی جریح ولا یکشف ستراً , ولا یأخذ مالا)((1)).

ولا یقتل أسیراً . ولا ینظر إلی عورة کما فعل مع ابن أبی طلحة فی معرکة بدر وعمرو بن عبد ودّ العامری فی معرکة الخندق وعمرو بن العاص فی معرکة صفّین وغیرهم((2)).

وکان یقتل بصوته وقد بال معاویة علی نفسه فی معرکة صفّین حین دعاه الإمام علی علیه السلام للمبارزة ((3)).

فقال معاویة : إنَّ الجبن والفرار من الإمام علی علیه السلام لا عار علی أحد فیهما ((4)). ومن سیرته أنه علیه السلام لا ینظر إلی عورة کما فعل مع ابن أبی طلحة فی معرکة بدر وعمرو بن عبد ود العامری فی معرکة الخندق وعمرو بن العاص فی معرکة صفین وغیرهم((5)).

عن الشیخ فی محکی کتاب زکاة الفطرة من کتاب الخلاف أنه حکم بأن من قتل مسلما فی دار الحرب بظن أنه کافر لم یکن علیه أکثر من الکفارة ،

ص: 14

ویؤیده أیضا أن جمعا من الصحابة منها أسامة بن زید وجدوا أعرابیا فی غنیمات ، فلما أرادوا قتله تشهد ، فقالوا : ما تشهد إلا خوفا من أسیافنا ، فقتلوه واستاقوا غنیماته فنزل " ولا تقولوا لمن ألقی إلیکم السلام لست مؤمنا " الآیة ، فغضب النبی صلی الله علیه و آله و سلم وقال لأسامة : هلا شققت قلبه ، وربما أید ذلک بأن النبی صلی الله علیه و آله و سلم

لم یقتص منهم ویؤیده أیضا , کما قیل , بأن القصاص حد ، والحد یبدء بالشبهة ، لکن لا یخفی ما فیه فإنه قد قتل المسلم متعمدا بتخیل أنه مرتد لا أنه مشتبه القتل ، فلا یبعد أن یکون الأقوی هو ما ذکرنا من أن علیه الدیة لا القصاص ((1)) .

{یَا أیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا إذَا ضَرَبْتُمْ فِی سَبِیلِ اللّهِ فَتَبَیَّنُوا وَلا تَقُولُوا لِمَنْ ألْقَی إلَیْکُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً تَبْتَغُونَ عَرَضَ الحَیَاةِ الدُّنْیَا فَعِنْدَ اللّهِ مَغَانِمُ کَثِیرَةٌ کَذَلِکَ کُنتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللّهُ عَلَیْکُمْ فَتَبَیَّنُوا إنَّ اللّهَ کَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِیراً94 }_سورة النساء.

{وَلا تَقُولُوا لِمَنْ ألْقَی إلَیْکُمُ السَّلامَ } حیاکم بتحیة الاسلام: السلام علیکم {لَسْتَ مُؤْمِناً تَبْتَغُونَ عَرَضَ الحَیَاةِ الدُّنْیَا } أموالها وسلطتها وجاهها وارضاء الاهواء القلبیة {فَعِنْدَ اللّهِ مَغَانِمُ کَثِیرَةٌ } فی الدنیا والاخرة {کَذَلِکَ کُنتُمْ مِنْ قَبْلُ }کفاراً .

ص: 15

{فَمَنَّ اللّهُ عَلَیْکُمْ } بالاسلام {فَتَبَیَّنُوا إنَّ اللّهَ کَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِیراً

94 } .

غزت سریة للنبی أهل فدک فهربوا وبقی مرداس لاسلامه وانحاز بغنمه الی جبل فلحقه المسلمون فنزل وقال : السلام علیکم لا اله الا الله محمد رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم , فقتله أسامة بن زید واستاق غنمه فنزلت الایة .

أی أن اسامة فعل مثل افعال خالد بن الولید فی قتل المسلمین من أجل الغنائم فلم یفلح فی حیاته اذ لم یبایع امیر المؤمنین فی خلافته فکان من المنعزلین عن بیعته , فأُسامة بن زید طالب أمیر المؤمنین علیّاً علیه السلام بمزید من المال فواعده بإعطائه من حصته السنویة المساویة لحصص أهالی بدر، ولم یعطه من بیت المال.

وطالبه أخوه عقیل بن أبی طالب بحصة أکثر مما حصل علیها المسلمون فوضع علی علیه السلام جمرة نار فی یدیه.

وأعلن علی علیه السلام قائلاً: کل قطیعة أقطعها عثمان وکل مال أعطاه من مال الله فهو مردود فی بیت المال((1)).

لم یبایعوا الامام علیا علیه السلام بسبب المال والسلطة : قال الزهری : ولم یبایعه قدامة بن مظعون وعبدالله بن سلام والمغیرة بن شعبة((2)).

ص: 16

وجاء أیضاً فی روایة بأنّ سعد بن أبی وقّاص وعبد الله بن عمر وصُهیب الرومی ، وسلمة بن وقش ، وأُسامة بن زید لم یبایعوا علیاً((1)).

ولم یبایعه سعید بن زید العدوی وعبد الله بن عمر .قال أمیر المؤمنین علی بن أبی طالب علیه السلام لعبدالله بن عمر : إنّک ما علمتُ لسیئ الخلق صغیراً وکبیراً((2)).

وقال ابن حزم : وتأخّر عن بیعته قوم من الصحابة بغیر عذر شرعی إذ لا شکّ فی إمامته((3)).

وأفتی الوهابیون الخوارج بکفر وقتل کل مسلم لا ینتمی الیهم ولو القی الیهم السلام .

{لا یَسْتَوِی القَاعِدُونَ مِنَ المُؤْمِنِینَ غَیْرُ اُوْلِی الضَّرَرِ وَالمُجَاهِدُونَ فِی سَبِیلِ اللّهِ بِأمْوَالِهِمْ وَأنفُسِهِمْ فَضَّلَ اللّهُ المُجَاهِدِینَ بِأمْوَالِهِمْ وَأنفُسِهِمْ عَلَی القَاعِدِینَ دَرَجَةً وَکُلا وَعَدَ اللّهُ الحُسْنَی وَفَضَّلَ اللّهُ المُجَاهِدِینَ عَلَی القَاعِدِینَ أجْراً عَظِیماً95* دَرَجَات مِنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً وَکَانَ اللّهُ غَفُوراً رَحِیماً96 }_سورة النساء.

{لا یَسْتَوِی القَاعِدُونَ مِنَ المُؤْمِنِینَ } عن الجهاد .

ص: 17

{غَیْرُ اُوْلِی الضَّرَرِ } کالمرضی {وَالمُجَاهِدُونَ فِی سَبِیلِ اللّهِ بِأمْوَالِهِمْ وَأنفُسِهِمْ } للفارق الکبیر بینهم {فَضَّلَ اللّهُ المُجَاهِدِینَ بِأمْوَالِهِمْ وَأنفُسِهِمْ عَلَی القَاعِدِینَ } کالمرضی واهل الاعذار الاخری {دَرَجَةً

} واحدة {وَکُلا وَعَدَ اللّهُ الحُسْنَی وَفَضَّلَ اللّهُ المُجَاهِدِینَ عَلَی القَاعِدِینَ أجْراً عَظِیماً95 } نصب علی المصدر {دَرَجَات مِنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً وَکَانَ اللّهُ غَفُوراً رَحِیماً 96 .

{إنَّ الَّذِینَ تَوَفَّاهُمُ المَلائِکَةُ ظَالِمِی أنفُسِهِمْ قَالُوا فِیمَ کُنتُمْ قَالُوا کُنَّا مُسْتَضْعَفِینَ فِی الأرْضِ قَالُوا ألَمْ تَکُنْ أرْضُ اللّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِیهَا فَاُوْلَئِکَ مَأوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِیراً 97 } _سورة النساء.

{إنَّ الَّذِینَ تَوَفَّاهُمُ المَلائِکَةُ ظَالِمِی أنفُسِهِمْ } ناس أسلموا فی مکة ولم یهاجروا , والهجرة فریضة {قَالُوا } أی الملائکة{فِیمَ کُنتُمْ قَالُوا } معتذرین .

{کُنَّا مُسْتَضْعَفِینَ فِی الأرْضِ} أذلاء عن مراسم الدین والعبادة

{قَالُوا } الملائکة {ألَمْ تَکُنْ أرْضُ اللّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِیهَا فَاُوْلَئِکَ مَأوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِیراً97 } .

{ إلا المُسْتَضْعَفِینَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالوِلْدَانِ لا یَسْتَطِیعُونَ حِیلَةً وَلا یَهْتَدُونَ سَبِیلا 98_سورة النساء }.{إلا المُسْتَضْعَفِینَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالوِلْدَانِ } لا یدخلون فی أولئک {لا یَسْتَطِیعُونَ حِیلَةً وَلا یَهْتَدُونَ سَبِیلا98 } لا یعرفون طریقاً للهجرة وفشلوا فی هذا الطریق .

ص: 18

عن حمزة بن الطیار قال : قال لی أبو عبد الله علیه السلام :الناس علی ستة أصناف قال : قلت أتأذن لی أن أکتبها ؟ قال : نعم قلت :ما أکتب ؟ قال : اکتب أهل الوعید من أهل الجنة وأهل النار واکتب " و آخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملا صالحا وآخر سیئا " قال : قلت : من هؤلاء قال : وحشی منهم قال : واکتب " وآخرون مرجون لأمر الله إما یعذبهم و إما یتوب علیهم " قال : واکتب " إلا المستضعفین من الرجال والنساء والولدان لا یستطیعون حیلة ولا یهتدون سبیلا " لا یستطیعون حیلة إلی الکفر ، ولا یهتدون سبیلا إلی الایمان " فأولئک عسی الله أن یعفو عنهم _ النساء : 98 . "

قال : واکتب أصحاب الأعراف قال قلت ; وما أصحاب الأعراف ؟ قال : قوم استوت حسناتهم وسیئاتهم ، فإن أدخلهم النار فبذنوبهم وإن أدخلهم الجنة فبرحمته((1)) .

وعن زرارة عن أبی جعفر علیه السلام قال : سألته عن قول الله " الا المستضعفین من الرجال والنساء " فقال هو الذی لا یستطیع الکفر فیکفر ، ولا یهتدی

ص: 19

سبیل الایمان ، ولا یستطیع ان یؤمن ، ولا یستطیع ان یکفر الصبیان ومن کان من الرجال و النساء علی مثل عقول الصبیان مرفوع عنهم القلم((1)) .

عن حمران قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن قول الله " الا المستضعفین " قال : هم أهل الولایة ، فقلت : أی ولایة ؟ فقال : اما انها لیست بولایة فی الدین ، ولکنها الولایة فی المناکحة والموارثة والمخالطة ، وهم لیسوا بالمؤمنین ولا بالکفار وهم المرجون لامر الله((2)) .

عن سلیمان بن خالد قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن قول الله " الا المستضعفین من الرجال والنساء والولدان ولا یهتدون سبیلا " قال : یا سلیمان من هؤلاء المستضعفین من هو أثخن رقبة منک ، المستضعفون قوم یصومون ویصلون یعف بطونهم وفروجهم لا یرون ان الحق فی غیرنا ، آخذین بأغصان الشجرة ، فقال : " فأولئک عسی الله أن یعفو عنهم " کانوا

ص: 20

آخذین بالأغصان ولم یعرفوا أولئک فان عفا عنهم فیرحمهم الله وان عذبهم فبضلالتهم عما عرفهم((1)) .

{فَاُوْلَئِکَ عَسَی اللّهُ أنْ یَعْفُوَ عَنْهُمْ وَکَانَ اللّهُ عَفُوّاً غَفُوراً99 }_سورة النساء. عن سلیمان بن خالد قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن قول الله " الا المستضعفین من الرجال والنساء والولدان ولا یهتدون سبیلا " قال : یا سلیمان من هؤلاء المستضعفین من هو أثخن ((2)) رقبة منک ، المستضعفون قوم یصومون ویصلون یعف بطونهم وفروجهم لا یرون ان الحق فی غیرنا ، آخذین بأغصان الشجرة ، فقال : " فأولئک عسی الله أن یعفو عنهم " کانوا آخذین بالأغصان ولم یعرفوا أولئک فان عفا عنهم فیرحمهم الله وان عذبهم فبضلالتهم عما عرفهم ((3)) .

ص: 21

وعن سلیمان بن خالد عن أبی جعفر علیه السلام قال : سألته عن المستضعفین فقال : البلهاء فی خدرها والخادم تقول لها صلی فتصلی لا تدری الا ما قلت لها ، و الجلیب الذی لا یدری الا ما قلت له ، والکبیر الفانی والصبی والصغیر هؤلاء المستضعفون ، فاما رجل شدید العنق جدل خصم یتولی الشراء والبیع لا تستطیع أن تعینه فی شئ تقول هذا المستضعف ؟ لا ولا کرامة ((1)) .

الله سبحانه عبر عن نفسه بالغفور الرحیم .

{وَمَنْ یُهَاجِرْ فِی سَبِیلِ اللّهِ یَجِدْ فِی الأرْضِ مُرَاغَماً کَثِیراً وَسَعَةً وَمَنْ یَخْرُجْ مِنْ بَیْتِهِ مُهَاجِراً إلَی اللّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ یُدْرِکْهُ المَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أجْرُهُ عَلَی اللّهِ وَکَانَ اللّهُ غَفُوراً رَحِیماً }_سورة النساء. 100.

}َمَنْ یُهَاجِرْ فِی سَبِیلِ اللّهِ یَجِدْ فِی الأرْضِ مُرَاغَماً } طریقاً {کَثِیراً وَسَعَةً } رزق الله الکریم {وَمَنْ یَخْرُجْ مِنْ بَیْتِهِ مُهَاجِراً إلَی اللّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ یُدْرِکْهُ المَوْتُ } فی الهجرة {فَقَدْ وَقَعَ أجْرُهُ عَلَی اللّهِ وَکَانَ اللّهُ غَفُوراً رَحِیماً100 }.

المهاجر حبیب الله تعالی فقد هاجر فی سبیله علیه یرحمه الله سبحانه ویؤجره ویغفر ذنب المؤمنین الملتزمین بالتوحید والنبوة والامامة .

ص: 22

{ وَإذَا ضَرَبْتُمْ فِی الأرْضِ فَلَیْسَ عَلَیْکُمْ جُنَاحٌ أنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ إنْ خِفْتُمْ أنْ یَفْتِنَکُمُ الَّذِینَ کَفَرُوا إنَّ الکَافِرِینَ کَانُوا لَکُمْ عَدُوّاً مُبِیناً 101 } _سورة النساء.{وَإذَا ضَرَبْتُمْ فِی الأرْضِ } سافرتم {فَلَیْسَ عَلَیْکُمْ جُنَاحٌ أنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ } من الرباعیات فتکون صلاة الظهر والعصر والعشاء رکعتین رکعتین .

عن أبی عبد الله علیه السلام قال قال أمیر المؤمنین علیه السلام : ستة لا یقصرون الصلاة , الجباة الذین یدورون فی جبایتهم , والتاجر الذی یدور فی تجارته من سوق إلی سوق والأمیر الذی یدور فی امارته والراعی الذی یطلب مواقع القطر ومنبت الشجر والرجل یخرج فی طلب الصید یرید لهوا للدنیا والمحارب الذی یقطع الطریق . .

وکذلک {إنْ خِفْتُمْ أنْ یَفْتِنَکُمُ الَّذِینَ کَفَرُوا } بالقتل أو السجن {إنَّ الکَافِرِینَ کَانُوا لَکُمْ عَدُوّاً مُبِیناً101 }.

{وَإذَا کُنتَ فِیهِمْ فَأقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَکَ وَلْیَأخُذُوا أسْلِحَتَهُمْ فَإذَا سَجَدُوا فَلْیَکُونُوا مِنْ وَرَائِکُمْ وَلْتَأتِ طَائِفَةٌ اُخْرَی لَمْ یُصَلُّوا فَلْیُصَلُّوا مَعَکَ وَلْیَأخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِینَ کَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أسْلِحَتِکُمْ وَأمْتِعَتِکُمْ فَیَمِیلُونَ عَلَیْکُمْ مَیْلَةً وَاحِدَةً وَلا جُنَاحَ عَلَیْکُمْ إنْ کَانَ بِکُمْ أذیً مِنْ مَطَر أوْ کُنتُمْ مَرْضَی أنْ تَضَعُوا أسْلِحَتَکُمْ وَخُذُوا حِذْرَکُمْ إنَّ اللّهَ أعَدَّ لِلْکَافِرِینَ عَذَاباً مُهِیناً 102 }_سورة النساء.

ص: 23

{وَإذَا کُنتَ فِیهِمْ } یامحمد صلی الله علیه و آله و سلم {فَأقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَکَ وَلْیَأخُذُوا أسْلِحَتَهُمْ } طائفة تصلی مع أسلحتهم .

{فَإذَا سَجَدُوا } المصلون {فَلْیَکُونُوا

} الذین یحرسون المصلین {مِنْ وَرَائِکُمْ } المصلین .

{وَلْتَأتِ طَائِفَةٌ اُخْرَی لَمْ یُصَلُّوا فَلْیُصَلُّوا مَعَکَ وَلْیَأخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأسْلِحَتَهُمْ } بعد صلاة المجموعة الاولی تبدل الادوار مع الثانیة لتسهیل اقامتها الصلاة {وَدَّ الَّذِینَ کَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أسْلِحَتِکُمْ وَأمْتِعَتِکُمْ فَیَمِیلُونَ عَلَیْکُمْ مَیْلَةً وَاحِدَةً } یقتلوکم {وَلا جُنَاحَ عَلَیْکُمْ إنْ کَانَ بِکُمْ أذیً مِنْ مَطَر أوْ کُنتُمْ مَرْضَی } .

ویمکنکم وضع السلاح فی الصلاة عند المطر والمرض.

{أنْ تَضَعُوا أسْلِحَتَکُمْ وَخُذُوا حِذْرَکُمْ إنَّ اللّهَ أعَدَّ لِلْکَافِرِینَ عَذَاباً مُهِیناً 102} .

عن أبی عبد الله علیه السلام قال : صلی رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم بأصحابه فی غزوة ذات الرقاع ((1)) صلاة الخوف ففرق أصحابه فرقتین أقام فرقة بإزاء العدو ، و فرقة خلفه فکبر وکبروا فقرء وأنصتوا ورکع فرکعوا وسجد فسجدوا ثم استتم رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم قائما وصلوا لأنفسهم رکعة ثم سلم بعضهم علی بعض ثم خرجوا إلی أصحابهم فقاموا بإزاء العدو وجاء أصحابهم فقاموا خلف

ص: 24

رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم فصلی بهم رکعة ثم تشهدعلیهم فقاموا فصلوا لأنفسهم رکعة ثم سلم بعضهم علی بعض((1)) .

الحسین بن محمد ، عن معلی بن محمد ، عن الحسن بن علی الوشاء ، عن حماد بن عثمان ، عن أبی بصیر قال : سمعت أبا عبد الله علیه السلام یقول : إن کنت فی أرض مخافة فخشیت لصا أو سبعا فصل علی دابتک((2)) .

عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن أبیه ، عن زرعة ، عن سماعة قال : سألته عن الأسیر یأسره المشرکون فتحضره الصلاة فیمنعه

الذی أسره منها ، قال : یؤمی إیماء ((3)) .

محمد بن یحیی ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن إسماعیل قال : سألته قلت :أکون فی طریق مکة فننزل للصلاة فی مواضع فیها الاعراب

ص: 25

أنصلی المکتوبة علی الأرض فنقرء أم الکتاب وحدها أم نصلی علی الراحلة فنقرء فاتحة الکتاب والسورة ؟

فقال : إذا خفت فصل علی الراحلة المکتوبة وغیرها وإذا قرأت الحمد وسورة أحب إلی ولا أری بالذی فعلت بأسا ((1)) .

{فَإذَا قَضَیْتُمُ الصَّلاةَ فَاذْکُرُوا اللّهَ قِیَاماً وَقُعُوداً وَعَلَی جُنُوبِکُمْ فَإذَا اطْمَأنَنتُمْ فَأقِیمُوا الصَّلاةَ إنَّ الصَّلاةَ کَانَتْ عَلَی المُؤْمِنِینَ کِتَاباً مَوْقُوتاً 103 }_سورة النساء.{فَإذَا قَضَیْتُمُ الصَّلاةَ فَاذْکُرُوا اللّهَ } تکبیراً وتسبیحاً وتهلیلا {قِیَاماً وَقُعُوداً وَعَلَی جُنُوبِکُمْ}. وعند الاستراحة والاسترخاء.

{فَإذَا اطْمَأنَنتُمْ } من وقف الحرب {فَأقِیمُوا الصَّلاةَ } الامنة {إنَّ الصَّلاةَ کَانَتْ عَلَی المُؤْمِنِینَ کِتَاباً مَوْقُوتاً103 } فرضاً محدداً وسنة معروفة بالوقت

{وَلا تَهِنُوا فِی ابْتِغَاءِ القَوْمِ إنْ تَکُونُوا تَألَمُونَ فَإنَّهُمْ یَألَمُونَ کَمَا تَألَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللّهِ مَا لا یَرْجُونَ وَکَانَ اللّهُ عَلِیماً حَکِیماً104 سورة النساء. ولا تهنوا : ولا تضعفوا وتنحل عزیمتکم وتخور قواکم .

القمی : إن النبی صلی الله علیه و آله و سلم لما رجع من وقعة أحد ودخل المدینة ، نزل علیه جبرئیل ، فقال : یا محمد إن الله یأمرک أن تخرج فی أثر القوم ، ولا یخرج

ص: 26

معک إلا من به جراحة ، فأقبلوا یضمدون

جراحاتهم ویداونها ، فنزلت " ولا تهنوا " الآیة ، وقوله " إن یمسسکم قرح فقد مس القوم قرح مثله " إلی قوله " شهداء " ، فخرجوا علی ما بهم من الألم والجراح((1)) .

من المفروض أن تکون عزیمة المسلم أقوی من الکافر اذ یعتمد المسلم علی عقیدة راسخة ویرجو الاخرة فالموت فی سبیل الله تعالی عنده هین .

{إنَّا أنزَلْنَا إلَیْکَ الکِتَابَ بِالحَقِّ لِتَحْکُمَ بَیْنَ النَّاسِ بِمَا أرَاکَ اللّهُ وَلا تَکُنْ لِلْخَائِنِینَ خَصِیماً 105 } سورة النساء.إنَّا أنزَلْنَا إلَیْکَ الکِتَابَ بِالحَقّ : فیه کل شیء ولکن لا یعلم تفسیره الا محمد والائمة الخلفاء من أهل بیته صلی الله علیه و آله و سلم .{لِتَحْکُمَ بَیْنَ النَّاسِ بِمَا أرَاکَ اللّهُ } من شریعة.

قال الامام الصادق علیه السلام : والله ما فوض الله الی أحد من خلقه الا الی رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم والی الأئمة((2)) .

تمثلت القصة فی سرقة أبی طعمة درعاً وایداعه ایاها أمانة عند یهودی , ولما عثروا علیها قال الیهودی للنبی صلی الله علیه و آله و سلم أودعها عندی أبو طعمة وشهد قوم أبی طعمة ببراءته , فماذا یفعل النبی المعصوم عن الخطأ أمام هذا

ص: 27

المشهد ؟عندها أطلعه الله تعالی علی الحقیقة بنزول تلک الایة , فعاقب أبا طعمة وبرَّأ الیهودی .

وعن موسی بن أشیم ، قال : قلت لأبی عبد الله علیه السلام : أنی أرید أن تجعل لی مجلسا ، فواعدنی یوما فأتیته للمیعاد ، فدخلت علیه فسألته عما أردت أن أسأله عنه ، فبینا نحن کذلک إذ قرع علینا رجل الباب ، فقال : « ما تری هذا رجل بالباب » ؟ فقلت : جعلت فداک ، أما أنا فقد فرغت من حاجتی فرأیک ، فأذن له فدخل الرجل فتحدث ساعة ، ثم سأله عن مسائلی بعینها لم یخرم منها شیئا ، فأجابه بغیر ما أجابنی ، فدخلنی من ذلک ما لا یعلمه إلا الله . ثم خرج فلم یلبث إلا یسیرا حتی استأذن علیه آخر فأذن له فتحدث ساعة ، ثم سأله عن تلک المسائل بعینها فأجابه بغیر ما أجابنی وأجاب الأول قبله ، فازددت غما حتی کدت أن أکفر . ثم خرج فلم یلبث إلا یسیرا حتی جاء ثالث فسأله عن تلک المسائل بعینها ، فأجابه بخلاف ما أجابنا أجمعین ، فأظلم علی البیت ودخلنی غم شدید .

فلما نظر إلی ورأی ما قد دخلنی ضرب بیده علی منکبی ثم قال : « یا بن أشیم ، إن الله عز وجل فوض إلی سلیمان بن داود علیه السلام ملکه فقال : هذا عَطاؤُنا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِکْ بِغَیْرِ حِسابٍ ) وإن الله عز وجل فوض إلی محمد

ص: 28

صلی الله علیه و آله و سلم أمر دینه فقال : ( لِتَحْکُمَ بَیْنَ النَّاسِ بِما أَراکَ اللَّه ) وإن الله فوض إلینا من ذلک ما فوض إلی محمد صلی الله علیه و آله و سلم »((1)).

أوجب الله تعالی أن یحکموا بین الناس بالعدل بما أراهم تعالی من معرفة الحقیقة ومعرفة موضوع کل واحد علی حدة .

{وَلا تَکُنْ لِلْخَائِنِینَ خَصِیماً105 } _سورة النساء.

نهاه أن یکون لمن خان مسلما أو معاهدا فی نفسه أو ما له خصیما یخاصم عنه , ویدفع من طالبه عنه بحقه الذی خانه فیه . ثم أمره بأن یستغفر الله فی مخاصمته عن الخائن مال غیره " .

فإنه کان سبب نزولها ان قوما من الأنصار من بنی ابیزق اخوة ثلاثة کانوا منافقین بشیر وبشر ومبشر ، فنقبوا علی عم قتادة بن النعمان وکان قتادة بدریا واخرجوا طعاما کان أعده لعیاله وسیفا ودرعا فشکی قتادة ذلک إلی رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم فقال یا رسول الله ان قوما نقبوا علی عمی واخذوا طعاما کان أعده لعیاله ودرعا وسیفا وهم أهل بیت سوء ، وکان معهم فی الرأی رجل مؤمن یقال له لبید بن سهل فقال بنو ابیزق لقتادة هذا عمل لبید بن سهل ، فبلغ ذلک لبیدا فاخذ سیفه وخرج علیهم فقال یا بنی ابیزق أترموننی بالسرقة وأنتم أولی به منی وأنتم المنافقون تهجون رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم وتنسبون إلی قریش لتبینن ذلک أو لأملأن سیفی منکم ، فداروه فقالوا له

ص: 29

ارجع یرحمک الله فإنک برئ من ذلک ، فمشوا بنو ابیزق إلی رجل من رهطهم یقال له أسید بن عروة وکان منطیقا بلیغا فمشی إلی رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم فقال یا رسول الله ان قتادة بن النعمان عمد إلی أهل بیت منا أهل شرف ونسب وحسب فرماهم بالسرقة ، واتهمهم بما لیس فیهم ، فاغتم رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم لذلک وجاء إلیه قتادة فاقبل علیه رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم فقال له عمدت أهل بیت شرف وحسب نسب فرمیتهم بالسرقة فعاتبه عتابا شدیدا فاغتم قتادة من ذلک ورجع إلی عمه وقال یا لیتنی مت ولم أکلم رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم فقد کلمنی بما کرهته ، فقال عمه الله المستعان فأنزل الله فی ذلک علی نبیه صلی الله علیه و آله و سلم :

( انا أنزلنا إلیک الکتاب بالحق لتحکم بین الناس بما أراک الله ولا تکن للخائنین خصیما واستغفر الله ان الله کان غفورا رحیما ولا تجادل عن الذین یختانون أنفسهم ان الله لا یحب من کان خوانا أثیما یستخفون من الناس ولا یستخفون من الله وهو معهم إذ یبیتون ما لا یرضی من القول ) یعنی الفعل فوقع القول مقام الفعل((1)) .

هذه نظریة اسلامیة فی عزل المحتالین والمتأمرین ومن یحمیهم فی المجتمع الاسلامی کی یتم العدل والامن فی ربوع العالم الاسلامی .

ص: 30

لکن بعد شهادة النبی محمد صلی الله علیه و آله و سلم حمت الحکومة السارقین والغاصبین والخائنین فاشتدت شوکة المنحرفین عن الاسلام وضعفت قوة المتقین الصالحین .فکنز بعض الصحابة أموالا مثل أموال الملوک :

وقال نجاح الطائی : هذه هی الفتن القادمة للمسلمین التی ذکرها الله تعالی ورسوله سید الانبیاء محمد صلی الله علیه و آله و سلم : وقد قرن الله سبحانه بین موت النبی ( صلی الله علیه و آله و سلم ) وانقلاب وارتداد الناس ) أَفإِن مَّاتَ أَو قُتِلَ انقَلَبتُم عَلَی أَعقَابِکُم ( وقال النبی ( صلی الله علیه و آله و سلم ) : أقبلت الفتن کقطع اللیل المظلم((1)) .

ولا ینجو من هؤلاء الصحابة إلاّ القلیل , إذ قال رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم : «فلم یفلت منهم إلاّ کمثل همل النعم»((2)) .

ص: 31

قال الجوهری: والهمل , الإبل التی ترعی بلا راع مثل النفش إلاّ أنّ النفش لا یکون إلاّ لیلاً والهمل یکون لیلاً ونهاراً((1)) .

کانت عائشة تلبس الأحمرین: الذهب والمعصفر وهی محرمة!! وتلبس خواتم الذهب((2)).وتختلف عن أم سلمة وزینب بنت جحش .وأعطاها عمر جواهر ملکة الفرس((3)) المتضمّنة تاجها وخواتمها واسوارها وقلائدها فأصبحت ملکة العرب غیر المتوّجة.

وقال أبو الأسود : لمّا خرج عثمان بن حنیف من البصرة ، وعاد طلحة والزبیر إلی بیت المال تأمّلا ما فیه ، فلمّا رأوا ما حواه من الذهب والفضّة قالوا : هذه الغنائم التی وعدنا الله بها ، وأخبرنا أنّه یعجّلها لنا .

ص: 32

قال أبو الأسود : فقد سمعت هذا منهما ، ورأیت علیاً علیه السلام بعد ذلک ، وقد دخل بیت مال البصرة ، فلمّا رأی ما فیه قال : یاصفراء ویابیضاء غرّی غیری! المال یعسوب((1)) الظلمة ، وأنا یعسوب المؤمنین .

فلا والله ما التفت إلی ما فیه ، ولا فکّر فیما رآه منه ، وما وجدته عنده إلاّ کالتراب هواناً ! فعجبت من القوم ومنه علیه السلام ! فقلت : أُولئک ممّن یرید الدنیا ، وهذا ممّن یرید الآخرة ، وقویت بصیرتی فیه((2)).

وحصل طلحة علی کمیّات کبیرة من الذهب رشوة من عثمان ،فذکر عثمان ذلک أثناء ثورة طلحة علیه ومنعه الماء عنه ، إذ أعطاه خمسین ألفاً ، ثمّ وصله بمائتی ألف درهم((3))... ففضح عثمان نفسه وطلحة !!

وحصل أبو سفیان وأولاده علی دولة الشام والطائف طعمة لهم من أبی بکر((4)). وحصل ابن عوف علی أموال عظیمة وتل من ذهب کسِّر بالفؤوس من أبی بکر وعمر وعثمان((5)).

ص: 33

ثمّ حصل الأشعث بن قیس علی دولة أذربیجان طعمة له ولذریته من عثمان((1)).

{وَاسْتَغْفِرِ اللّهَ إنَّ اللّهَ کَانَ غَفُوراً رَحِیماً _سورة النساء. 106

رحیم فی الدنیا ورحمن فی الاخرة یغفر لمن یشاء .

{وَلا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِینَ یَخْتَانُونَ أنفُسَهُمْ إنَّ اللّهَ لا یُحِبُّ مَنْ کَانَ خَوَّاناً أثِیماً107 } _سورة النساء. یخونون أنفسهم بالمعصیة .

نهی الله تعالی نبیه صلی الله علیه و آله و سلم أن یجادل عن الذین یختانون أنفسهم بمعنی یخونون أنفسهم فیجعلونها خونة بخیانتهم ما خانوا من الأموال .

وهم الذین تقدم ذکرهم من بنی بیرق فقال : لا تخاصم عنهم فیما خانوا فیه ثم أخبر ( إن الله لا یحب من کان خوانا أثیما ) یعنی من کان صنعته خیانة الناس فی أموالهم ( أثیما ) یعنی مأثوما وبمثله قال من تقدم من المفسرین قال قتادة : وفیهم نزلت الآیات إلی قوله :

( ومن یشاقق الرسول ) _سورة النساء 115 .

{یَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلا یَسْتَخْفُونَ مِنَ اللّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إذْ یُبَیِّتُونَ مَا لا یَرْضَی مِنَ القَوْلِ وَکَانَ اللّهُ بِمَا یَعْمَلُونَ مُحِیطاً108 }_سورة النساء.

ص: 34

یستترون من الناس ولا یستترون من الله تعالی وهو شاهد علیهم ومعهم .

{إذْ یُبَیِّتُونَ مَا لا یَرْضَی مِنَ القَوْلِ } .

عن سلیمان الجعفری ، قال : سمعت أبا الحسن علیه السلام یقول فی قول الله تبارک وتعالی : { إِذْ یُبَیِّتُونَ ما لا یَرْضی مِنَ لْقَوْلِ}

، قال : « یعنی فلانا وفلانا (ابا بکر وعمر ) وأبا عبیدة بن الجراح ( فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وتَوَکَّلْ عَلَی اللَّه وکَفی بِاللَّه وَکِیلًا )((1)) .

هؤلاء اتفقوا علی اغتصاب الخلافة فیما بینهم فیتولونها بشکل دوری وعزل الامام علی علیه السلام عنها . وقد بینت الایات القرآنیة عصیان ابی بکر وعمر وعثمان وابن الجراح وابن عوف وابن ابی وقاص وعمرو با العاص ومعاویة وابی سفیان للنبی صلی الله علیه و آله و سلم وخیانتهم له فی مواطن عدیدة .

فهم رجال القتل فی سورة المنافقون کما بینت النصوص السنیة والشیعیة لکن الله تعالی أنقذ النبی صلی الله علیه و آله و سلم من محاولتهم قتله .

وبینت النصوص السنیة والشیعیة سعیهم الحثیث لمخالفة الشریعة فی کل المواطن والاحداث فی مکة والمدینة .

{وَکَانَ اللّهُ بِمَا یَعْمَلُونَ مُحِیطاً108 } وما تسقط من ورقة الا یعلمها .

ص: 35

{ هَا أنْتُمْ هَؤُلاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِی الحَیَاةِ الدُّنْیَا فَمَنْ یُجَادِلُ اللّهَ عَنْهُمْ یَوْمَ القِیَامَةِ أمْ مَنْ یَکُونُ عَلَیْهِمْ وَکِیلا109 } _سورة النساء.

{هَا أنْتُمْ هَؤُلاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِی الحَیَاةِ الدُّنْیَا } : انتم دافعتم عن السراق فی الحیاة الدنیا بشهادة الزور .

{فَمَنْ یُجَادِلُ اللّهَ عَنْهُمْ یَوْمَ القِیَامَةِ أمْ مَنْ یَکُونُ عَلَیْهِمْ وَکِیلا109 } لکن من یدافع عنهم یوم القیامة وهل یشهد البعض زورا یوم القیامة أم ان الشهادة لا یحتاج الیها حینما تشهد علیهم أعضاؤهم . والخونة لا یجرؤون علی شهادة الزور یوم القیامة بعدما شاهدوا جهنم بأعینهم .

{أمْ مَنْ یَکُونُ عَلَیْهِمْ وَکِیلا }: حافظاً من جهنم ووکیلا للمجرمین فی حینها تسقط المکائد ویهتم کل انسان بمصیره فیترک قیاداته الظالمة واحزابه الخائنة .

{وَمَنْ یَعْمَلْ سُوءاً أوْ یَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ یَسْتَغْفِرِ اللّهَ یَجِدِ اللّهَ غَفُوراً رَحِیماً110 } _سورة النساء. فهو الرحمن الرحیم .نعم ان الله تعالی یقبل الاستغفار ویرضی بطلب العفو بشرط ان لا یعود الی عمل الحرام ثانیة .

{وَمَنْ یَکْسِبْ إثْماً فَإنَّمَا یَکْسِبُهُ عَلَی نَفْسِهِ وَکَانَ اللّهُ عَلِیماً حَکِیماً111 }_سورة النساء.

قال شخص لابی ذر عظنی یا صاحب رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم , قال له : لا تسیء الی نفسک؟ قال الرجل : وأی عاقل یسیء الی نفسه؟ قال أبو ذر کل من یعصی الله فقد أساء الی نفسه {وَکَانَ اللّهُ عَلِیماً حَکِیماً111 }.

ص: 36

ولو علم الناس وتدبروا فی الامر بانهم یسیؤون الی أنفسهم لتوقفوا عنها وعقلوا .

قال محمدَ بنَ عبد الوهاب: "من دخلَ فی دعوتِنا فلهُ ما لنا وعلیهِ ما علینا ومن لم یدخُل فهو کافرٌ مباحُ الدم".

هذه الفتوی تبین روحاً دمویة لسفاح متعطش لدماء المسلمین وقد اجراها عملیا من خلال جیش آل سعود . فقد أعاثوا فی الارض الفساد وخربوا دیار الموحدین وفرقوا الزوج عن زوجته واطفاله .

{وَمَنْ یَکْسِبْ خَطِیئَةً أوْ إثْماً ثُمَّ یَرْمِ بِهِ بَرِیئاً فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَاناً وَإثْماً مُبِیناً 112} _سورة النساء.{وَمَنْ یَکْسِبْ خَطِیئَةً } صغیرة {أوْ إثْماً } کبیرا{ثُمَّ یَرْمِ بِهِ بَرِیئاً } ویتَّهم بریئاً بذنبه المذکور {فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَاناً وَإثْماً مُبِیناً112 } .جاء : إن بشیرا کفر ولحق بمکة ، وأنزل الله فی النفر الذین أعذروا بشیرا وأتوا النبی صلی الله علیه و آله و سلم لیعذروه قوله :

ولَوْ لا فَضْلُ اللَّه عَلَیْکَ ورَحْمَتُه لَهَمَّتْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنْ یُضِلُّوکَ وما یُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وما یَضُرُّونَکَ مِنْ شَیْءٍ وأَنْزَلَ اللَّه عَلَیْکَ الْکِتابَ والْحِکْمَةَ وعَلَّمَکَ ما لَمْ تَکُنْ تَعْلَمُ وکانَ فَضْلُ اللَّه عَلَیْکَ عَظِیماً )((1)) .

فی المرحلة الاولی کان المجرم قد تحمل اثما وعندما اتهم شخصا بریئا باثمه فقد تحمل بهتانا واثما مبینا .

ص: 37

والکثیر من المسلمین یعملون هذه الاثام

والافتراءات والعیاذ بالله سبحانه .

{ وَلَوْلا فَضْلُ اللّهِ عَلَیْکَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ أنْ یُضِلُّوکَ وَمَا یُضِلُّونَ إلا أنفُسَهُمْ وَمَا یَضُرُّونَکَ مِنْ شَیْء وَأنزَلَ اللّهُ عَلَیْکَ الکِتَابَ وَالحِکْمَةَ وَعَلَّمَکَ مَا لَمْ تَکُنْ تَعْلَمُ وَکَانَ فَضْلُ اللّهِ عَلَیْکَ عَظِیماً113 } سورة النساء.

{وَلَوْلا فَضْلُ اللّهِ عَلَیْکَ وَرَحْمَتُهُ } بالخبر الالهی عن سارق الدرع {لَهَمَّتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ } عشیرة أبی طعمة {أنْ یُضِلُّوکَ وَمَا یُضِلُّونَ إلا أنفُسَهُمْ وَمَا یَضُرُّونَکَ مِنْ شَیْء وَأنزَلَ اللّهُ عَلَیْکَ الکِتَابَ وَالحِکْمَةَ } القرآن والعلم .{وَعَلَّمَکَ مَا لَمْ تَکُنْ تَعْلَمُ } من علوم الغیب {وَکَانَ فَضْلُ اللّهِ عَلَیْکَ عَظِیماً113 } .

{لا خَیْرَ فِی کَثِیر مِنْ نَجْوَاهُمْ إلا مَنْ أمَرَ بِصَدَقَة أوْ مَعْرُوف أوْ إصْلاح بَیْنَ النَّاسِ وَمَنْ یَفْعَلْ ذَلِکَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِیهِ أجْراً عَظِیماً 114 } _سورة النساء.

{ لا خَیْرَ فِی کَثِیر مِنْ نَجْوَاهُمْ إلا مَنْ أمَرَ بِصَدَقَة } للمحتاجین من الایتام والفقراء {أوْ مَعْرُوف } للمستحقین .

ویقال: النجوی السر ، وقال النحاس: کل کلام ینفرد به جماعة سراً کان أو جهراً ، فهو نجوی .

قوله تعالی: ( ألم تر إلی الذین نهوا عن النجوی ثم یعودون لما نهوا عنه ویتناجون بالإثم والعدوان . . . ) ( المجادلة: 8 ) . الآیة ، نزلت فی الیهود ،

ص: 38

وکانت بینهم وبین النبی صلی الله علیه و آله و سلم موادعة ، فإذا مرَّ بهم رجل من أصحاب النبی صلی الله علیه و آله و سلم جلسوا یتناجون فیما بینهم حتی یظن المؤمن أنهم یتناجون بقتله أو بما یکره ، فیترک الطریق علیهم من المخافة فبلغ ذلک النبی صلی الله علیه و آله و سلم ، فنهاهم عن النجوی فلم ینتهوا فعادوا إلی النجوی ، فأنزل الله هذه الآیة .

وقوله سبحانه: ( نَحْنُ أَعْلَمُ بِما یَسْتَمِعُونَ بِه ، إِذْ یَسْتَمِعُونَ إِلَیْکَ وإِذْ هُمْ نَجْوی ) [ 47 ] وهذه استعارة لأن النّجوی مصدر کالتقوی . وإنما وصفوا بالمصدر ، لما فی هذه الصفة من المبالغة فی ذکر ما هم علیه ، من کثرة تناجیهم ، وأسرار المکاید بینهم . والصفة بالمصادر تدلّ علی قوة الشیء الموصوف بذلک . مثل قولهم: رجل رضا ، وقوم عدل . وما یجری هذا المجری ((1)) .

{أوْ إصْلاح بَیْنَ النَّاسِ وَمَنْ یَفْعَلْ ذَلِکَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِیهِ أجْراً عَظِیماً114 }.

الله سبحانه وتعالی یحب الاصلاح بین الناس وهذا من شیم الصالحین فی الدنیا أما الشیاطین والخوارج فیحبون الفتنة والاقتتال والتناحر بین الناس للسیطرة علی الملک والمال وارضاء الاهواء الدنیویة .

ص: 39

قال أبو عبد الله علیه السلام : ما من أمر یختلف فیه اثنان إلا وله أصل فی کتاب الله عز وجل ولکن لا تبلغه عقول الرجال((1)) .

عن عقبة بن خالد قال: دخلت أنا والمعلی وعثمان بن عمران علی أبی عبد الله علیه السلام فلما رآنا قال: مرحبا مرحبا بکم وجوه تحبنا ونحبها جعلکم الله معنا فی الدنیا والآخرة فقال له عثمان: جعلت فداک ! فقال له أبو عبد الله علیه السلام : نعم مه قال: إنی رجل موسر ، فقال له: بارک الله لک فی یسارک ، قال: ویجیئ الرجل فیسألنی الشئ ولیس هو إبان زکاتی فقال له أبو عبد الله علیه السلام :

القرض عندنا بثمانیة عشر والصدقة بعشرة وماذا علیک إذا کنت کما تقول موسرا أعطیته فإذا کان إبان زکاتک احتسبت بها من الزکاة یا عثمان لا ترده فإن رده عند الله عظیم ، یا عثمان إنک لو علمت ما منزلة المؤمن من ربه ما توانیت فی حاجته ومن أدخل علی مؤمن سرورا فقد أدخل علی رسول الله ( صلی الله علیه و آله و سلم ) وقضاء حاجة المؤمن یدفع الجنون والجذام والبرص((2)) .

وقال نجاح الطائی: البعض یدعو الله تعالی ولکنه کالصخرة الصماء لا فائدة فیه .

ص: 40

هنا دعا الباری تعالی الی الانفاق فی سبیل الله وعمل المعروف والاصلاح بین الناس . لکنک قلیلا ما تجد من یفعل ذلک .

وکلما ازداد مال الناس وجاههم وارتفع شأنهم وارتفع مقامهم السیاسی والدینی والاجتماعی یبتعدون عن هذه الجوانب ویخجلون منها !!!

بینما کان أهل البیت یفعلون هذه الاعمال ویتصفون بها لیلا ونهارا ولا یخجلون من المجیء بها ولا یخافون لسان المعارضین والمستهزئین وتبعات تلک الافعال .

والایة تقول لا خیر فی کثیر من اجتماعاتهم السریة والعلنیة الا من أمر بصدقة تفید المحتاج أو معروف ینفع أصحاب المعضلات أو اصلاح بین الناس یمنع القتل ویعید العلاقات الی ودها ومتانتها وانسجامها .

وهذا هو فعل الانبیاء والاوصیاء ومتقی العلماء الذین یفعلوها قربة الی الله تعالی .

لکن أغلب الناس أصبحوا یرون هذه الامور من صفات عوام الناس فیخجلون فی العمل بها ویستوحشون منها ویستنکفون عنها .

{وَمَنْ یُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَیَّنَ لَهُ الهُدَی وَیَتَّبِعْ غَیْرَ سَبِیلِ المُؤْمِنِینَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّی وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِیراً115}_سورة النساء.

{وَمَنْ یُشَاقِقِ الرَّسُولَ } یخالفه و اختلفوا فیمن نزلت هذه الآیة علی أربعة أقوال: فقال الحسن وقتادة والضحاک وابن جریج إنها نزلت فی أبی بکر.

ص: 41

الثانی: قال السدی: نزلت فی الانصار .

الثالث: قال مجاهد: نزلت فی أهل الیمن , واختاره الطبری. وروی أنهم قوم ابی موسی الاشعری .

وقال الامامان الباقر والصادق‘: نزلت فی أهل البصرة ومن قاتل علیاً((1)) .

{مِنْ بَعْدِ مَا تَبَیَّنَ لَهُ الهُدَی وَیَتَّبِعْ غَیْرَ سَبِیلِ المُؤْمِنِینَ } منهج الکافرین {نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّی وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِیراً115 } .

روی العلاّمة البحرانی: عن ابن مردویه فی معنی هذه الآیة , قال: {من بعد ما تبیّن له الهدی فی أمر علی علیه السلام }((2)) .

وقال نجاح الطائی: ا نزلت فیمن اغتصب الخلافة من الامام علی علیه السلام . وأثار التناحر بین الامة وجعلها مذاهب متصارعة کل یقول: أنا علی الحق .

قال عطیة العوفی قال عبد الله بن عمر: دعانی معاویة فقال: بایع لابن أخیک .فقلت: یا معاویة (وَمَنْ یُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَیَّنَ لَهُ الهُدَی وَیَتَّبِعْ غَیْرَ

ص: 42

سَبِیلِ المُؤْمِنِینَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّی وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ َصِیراً115_النساء.فأسکَتُّهُ عنَنِّی((1)) .

سبیل المؤمنین: قال تعالی: (وَإنَّهُمْ لَیَصُدُّونَهُمْ عَنْ السَّبِیلِ وَیَحْسَبُونَ أنَّهُمْ مُهْتَدُونَ , حَتَّی إذَا جَاءَنَا )فلان وفلان (أبو بکر وعمر ) یقول أحدهما لصاحبه: (قَالَ یَا لَیْتَ بَیْنِی وَبَیْنَکَ بُعْدَ لمَشْرِقَیْنِ فَبِئْسَ القَرِینُ((2)).

روی الحافظ الحسکانی الحنفی , عن فرات , بإسناده المذکور عن نجم , عن أبی جعفر علیه السلام , قال نجم: سألته عن قول الله تعالی:

(قُلْ هَذِهِ سَبِیلِی )طریقتی وسبیلی ذاک رسول الله وأمیر المؤمنین والأوصیاء من بعدهم }أدْعُو إلَی اللّهِ علی بَصِیرَة).

قال أبو جعفر الباقر علیه السلام : (ومن اتبعنی) ((3)): علی بن أبی طالب((4)).

ص: 43

وعن قوله تعالی: (وَمَنْ یُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَیَّنَ لَهُ الهُدَی وَیَتَّبِعْ غَیْرَ سَبِیلِ المُؤْمِنِینَ نُوَلِّهِ مَا تَولی وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِیراً) ((1))

.

ابن مردویه الشافعی: روی العلامة البحرانی عن ابن مردویه الشافعی فی معنی هذه الآیة: (مِنْ بَعْدِ مَا تَبَیَّنَ لَهُ الهُدَی) نزلت فی أمر علی علیه السلام ((2)) .

بعدما ظهر للصحابة الأمر بخلافة علی بن أبی طالب علیه السلام فی وقائع عدیدة: یوم الدار , ویوم نزول الطیر المشوی من السماء فأکل النبی صلی الله علیه و آله و سلم وعلی علیه السلام منه فقط , ویوم الغدیر , وغیرها.

وقد أنکر عدد من الأصحاب علی رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم إصراره علی استخلاف علی علیه السلام , حتی لجأ النبی صلی الله علیه و آله و سلم - وهو الصادق المصدّق , وهو الذی لا ینطق عن الهوی إن هو إلاّ وحی یوحی - إلی الیمین علی تصدیق نفسه وصدّق کلامه حیث قال صلی الله علیه و آله و سلم : والله الذی لا إله إلاّ هو إنّه من عند الله ((3)), وهذا مشهور فی کتب الشیعة والسنة .

ص: 44

{إنَّ اللّهَ لا یَغْفِرُ أنْ یُشْرَکَ بِهِ وَیَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِکَ لِمَنْ یَشَاءُ وَمَنْ یُشْرِکْ بِاللّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالا بَعِیداً116 } _سورة النساء.

أکبر الکبائر الشرک بالله تعالی وهو أمر لا یغفره الله تعالی .

وروی الصدوق عن عبد العظیم بن عبد الله الحسنی ، عن أبی جعفر محمّد بن علی الرضا ( علیهم السّلام ) ، عن أبیه ( علیه السلام ) قال: « سمعت أبی موسی ( علیه السلام ) ابن جعفر ( علیه السلام ) یقول: دخل عمرو بن عبید البصری علی أبی عبد الله ( علیه السلام ) فلمّا سلَّم وجلس تلا هذه الآیة

( الَّذِینَ یَجْتَنِبُونَ کَبائِرَ الإِثْمِ ) ثم أمسک ، فقال أبو عبد الله ( علیه السلام ): ما أسکتک ؟ قال: أُحبّ أنْ أعرف الکبائر من کتاب الله عزّ وجلّ ، قال: نعم یا عمرو أکبر الکبائر الشرک با لله ، یقول الله تبارک وتعالی ( إِنَّ اللهَ لا یَغْفِرُ أَنْ یُشْرَکَ بِه ِ ) ویقول الله عزّ وجلّ ( إِنَّه ُ مَنْ یُشْرِکْ بِالله فَقَدْ حَرَّمَ ا للهُ عَلَیْه ِ الْجَنَّةَ وَمَأْواه ُ النَّارُ وَما لِلظَّالِمِینَ مِنْ أَنْصارٍ ) ((1)) .

وفی الموثق کالصحیح عن سلیمان بن خالد عن أبی عبد الله علیه السلام قال: « إِنَّ الله لا یَغْفِرُ أَنْ یُشْرَکَ بِهِ ویَغْفِرُ ما دُونَ ذلِکَ لِمَنْ یَشاءُ » ، الکبائر فما سواها ، قال: قلت: دخلت الکبائر فی الاستثناء ؟ قال نعم ((2))

ص: 45

{إنْ یَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إلا إنَاثاً وَإنْ یَدْعُونَ إلا شَیْطَاناً مَرِیداً 117 } _سورة النساء.

قالت قریش: ان الملائکة هم بنات الله ( وإن یدعون . . . إلا شیطانا مریدا ) قال: کانوا یعبدون الجن((1)).

{إنْ یَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ } الله تعالی{إلا إنَاثاً } فی الجاهلیة کان کل حی من العرب عنده صنم أنثی یعبدونه ویسمونه أنثی بنی فلان {وَإنْ یَدْعُونَ إلا شَیْطَاناً مَرِیداً117 }: متمرداً عاتیاً لا یضر ولا ینفع .

وجاء: دخل رجل علی الامام أبی عبد الله علیه السلام فقال: السلام علیک یا أمیر المؤمنین فقام علی قدمیه فقال: مه هذا أسم لا یصلح الا لامیر المؤمنین علیه السلام الله تعالی سماه به ولم یسم به أحد غیره .....

وهو قول الله فی کتابه: (إن یدعون من دونه الا إناثا وإن یدعون الا شیطاناً مریداً) _ النساء 117 .

قلت فماذا یدعی قائمکم ؟ قال یقال له: السلام علیک یا بقیة الله السلام علیک یا بن رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم ((2)).

ص: 46

{لَعَنَهُ اللّهُ وَقَالَ لأتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِکَ نَصِیباً مَفْرُوضاً 118 }_سورة النساء.

ما یخص ابلیس جاء: {لَعَنَهُ اللّهُ وَقَالَ } الشیطان {لأتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِکَ نَصِیباً مَفْرُوضاً118 } رغب الشیطان أن یکون له حظاً معیناً من المجرمین ولله الهادین المهدیین .

{وَلاُضِلَّنَّهُمْ وَلاُمَنِّیَنَّهُمْ وَلاَمُرَنَّهُمْ فَلَیُبَتِّکُنَّ آذَانَ الأنْعَامِ وَلاَمُرَنَّهُمْ فَلَیُغَیِّرُنَّ خَلْقَ اللّهِ وَمَنْ یَتَّخِذِ الشَّیْطَانَ وَلِیّاً مِنْ دُونِ اللّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَاناً مُبِیناً 119}_سورة النساء.

قال الشیطان {وَلاُضِلَّنَّهُمْ }عن الحق {وَلاُمَنِّیَنَّهُمْ } بالباطل فتری الفاسقین یعیشون بالامانی الفارغة الخاویة {وَلاَمُرَنَّهُمْ فَلَیُبَتِّکُنَّ آذَانَ الأنْعَامِ } .

البتک: القطع اذ کان الجاهلیون یقطعون آذان الانعام من الابل والبقر والغنم ویوقفونها للاصنام ویتعجب الانسان العاقل من قرابین الناس للاوثان التی لا تضر ولا تنفع .{وَلاَمُرَنَّهُمْ } أتباعه{فَلَیُغَیِّرُنَّ خَلْقَ اللّهِ } الشذوذ الجنسی مثلما تفعل النواصب والنصاری والیهود .

قال القمی: {فَلَیُغَیِّرُنَّ خَلْقَ اللّهِ }: فلیغیرن أمر الله تعالی .

{وَمَنْ یَتَّخِذِ الشَّیْطَانَ وَلِیّاً مِنْ دُونِ اللّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَاناً مُبِیناً }119

فی الدنیا والاخرة حیث یستقر فی الجحیم .

( وَمَنْ یَتَّخِذِ الشَّیْطانَ وَلِیًّا مِنْ دُونِ ا للهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْراناً مُبِیناً ) _ 4 / 119 _ ( قَدْ خَسِرَ الَّذِینَ قَتَلُوا أَوْلادَهُمْ سَفَهاً ) _ 6 / 140 _ .

ص: 47

( وَیَقْطَعُونَ ما أَمَرَ ا للهُ بِه ِ أَنْ یُوصَلَ وَیُفْسِدُونَ فِی الأَرْضِ أُولئِکَ هُمُ الْخاسِرُونَ ) _ 2 / 27 _ .

( وَأَرادُوا بِه ِ کَیْداً فَجَعَلْناهُمُ الأَخْسَرِینَ ) 21 / 70 .

( وَاتَّبَعُوا مَنْ لَمْ یَزِدْه ُ مالُه ُ وَوَلَدُه ُ إِلَّا خَساراً ) _ 71 / 21 .

( وَلا یَزِیدُ الْکافِرِینَ کُفْرُهُمْ إِلَّا خَساراً ) _ 35 / 39 .

( وَلا یَزِیدُ الظَّالِمِینَ إِلَّا خَساراً ) _ 17 / 82 .

المعصیة هنا تنبع من اتخاذ الشیطان ولیا وفساد الشخص فی الارض والشرک بالله وارتکاب الکبائر .

{یَعِدُهُمْ وَیُمَنِّیهِمْ وَمَا یَعِدُهُمُ الشَّیْطَانُ إلا غُرُوراً120 } _سورة النساء. خداعاً لانه لا یملک شیئا فی الدنیا کی یعطیه لاتباعه .

عن جابر عن النبی صلی الله علیه و آله و سلم قال:

کان إبلیس أول من ناح وأول من تغنی وأول من حدی قال: لما اکل آدم من الشجرة تغنی فلما أهبط حدی به ، فلما استقر علی الأرض ناح فاذکره ما فی الجنة فقال آدم: رب هذا الذی جعلت بینی وبینه العداوة لم أقو علیه وانا فی الجنة ، وان لم تعیننی علیه لم أقو علیه ، فقال الله: السیئة بالسیئة ، والحسنة بعشر أمثالها إلی سبع مائة قال: رب زدنی قال: لا یولد لک ولد الا جعلت معه ملکین یحفظانه قال: رب زدنی قال: التوبة معروضة فی الجسد ما دام فیها الروح قال: رب زدنی قال: اغفر الذنوب ولا أبالی قال: حسبی ، قال فقال إبلیس رب هذا الذی کرمت علی وفضلته وان لم تفضل علی لم

ص: 48

أقو علیه ، قال: لا یولد له ولد الا ولد لک ولدان قال: رب زدنی قال: تجری منه مجری الدم فی العروق ، قال رب زدنی قال تتخذ أنت وذریتک فی صدورهم مساکن قال: رب زدنی قال: تعدهم وتمنیهم " و ما یعدهم الشیطان الا غرورا "((1)) .

وعن أبی عبد الله علیه السلم قوله تعالی: ( وإذ أخذ ربک من بنی آدم [ من ظهورهم ذریتهم وأشهدهم علی أنفسهم ألست بربکم . . قالوا: بلی . ] إلی آخر الآیة قال: أخرج الله من ظهر آدم ذریته إلی یوم القیامة فخرجوا کالذر فعرفهم نفسه وأراهم نفسه ، ولولا ذلک لم یعرف أحد ربه قال: ألست بربکم ؟

قالوا: بلی . قال: فان محمدا صلی الله علیه و آله و سلم عبدی ورسولی وان علیا أمیر المؤمنین خلیفتی وأمینی . وقال رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم : کل مولود یولد علی المعرفة ان الله تعالی خالقه وذلک قوله تعالی: ( ولئن سألتهم من خلقهم لیقولن الله )

[ 87 / الزخرف ]((2)) .

ص: 49

{اُوْلَئِکَ مَأوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَلا یَجِدُونَ عَنْهَا مَحِیصاً121 } مهرباً ومخرجاً . هؤلاء الکافرون والمنافقون عاشوا عمرهم مع الهروب من الله تعالی ومن الحق ومن المؤمنین لکنهم لا یمکنهم الهروب من الجحیم .

طالما أعاث الکفار والمنافقون فی الارض الفساد ونشروا الظلم فیعاقبهم الباری تعالی بما فعلوه فی حق البشریة .

{وَالَّذِینَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّات تَجْرِی مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ خَالِدِینَ فِیهَا أبَداً وَعْدَ اللّهِ حَقّاً وَمَنْ أصْدَقُ مِنَ اللّهِ قِیلا }122 _سورة النساء.

: شرط قبول الاعمال الایمان والعمل الصالح ومن یأتی بهما یدخله الله سبحانه فی جنانه الخالدة وهو قول الباری الصادق خالق الکون وهو علی کل شیء قدیر.

روی العلاّمة البحرانی: عن إبراهیم الاصفهانی فی ما نزل فی القرآن فی علی علیه السلام بالإسناد , عن شریک بن عبدالله , عنأبی إسحاق , عن الحارث , قال علی علیه السلام : نحن أهل بیت لا نقاس بالناس . فقام رجل فأتی ابن عباس فأخبره بذلک.

فقال: صدق النبی صلی الله علیه و آله و سلم لا نقاس بالناس , وقد نزل فی علی علیه السلام (وَالَّذِینَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ)((1)) .

ص: 50

الخوارزمی الحنفی: روی علاّمة الحنفیة أخطب الخطباء موفّق بن أحمد فی کتابه المناقب , بإسناده المذکور , عن یزید بن شراحیل الأنصاری کاتب علی , قال: سمعت علیاً کرّم الله وجهه , یقول:

«حدّثنی رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم وأنا مسنده إلی صدری فقال صلی الله علیه و آله و سلم : أی علی ألم تسمع قول الله تعالی:

(الَّذِینَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ) هم أنت وشیعتک , وموعدی وموعدکم الحوض , إذا جثت الأمم للحساب تدعون غرّاء محجّلین»((1)) .

ص: 51

وقال نجاح الطائی:

هذا الحدیث النبوی یشیر إلی الأحادیث الکثیرة الواردة فی أنّ (وَالَّذِینَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ) هم علی وشیعته.

یعتمد الدین الاسلامی علی رکنین: الایمان بالله ورسوله وأهل بیته الخلفاء والبعث والعمل الصالح لخدمة الانسانیة بکل صوره وأشکاله .

ومن العمل الصالح: الانفاق للفقراء واجراء المعروف واصلاح بین الناس .

{ لَیْسَ بِأمَانِیِّکُمْ وَلا أمَانِیِّ أهْلِ الکِتَابِ مَنْ یَعْمَلْ سُوءاً یُجْزَ بِهِ وَلا یَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللّهِ وَلِیّاً وَلا نَصِیرا 123 } _سورة النساء.

{لَیْسَ } اسمها محذوف أی لیس الأمر {بِأمَانِیِّکُمْ وَلا أمَانِیِّ أهْلِ الکِتَابِ } الکاذبة {مَنْ یَعْمَلْ سُوءاً یُجْزَ بِهِ وَلا یَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللّهِ وَلِیّاً وَلا نَصِیراً123 } .

ص: 52

المنافقون وأهل الکتاب یرضون أنفسهم بالامانی المزیفة فی دخولهم الجنة , ولا یدخل المسیء الجنة أبداً .

{وَمَنْ یَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَکَر أوْ اُنثَی وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَاُوْلَئِکَ یَدْخُلُونَ الجَنَّةَ وَلا یُظْلَمُونَ نَقِیراً124 } _سورة النساء.

شرط دخول الجنة الایمان بالتوحید والنبوة وامامة الاثنی عشر من أئمة أهل البیت والعمل الصالح .

وَلا یُظْلَمُونَ نَقِیراً: قلیلا. النقیر: النقطة الصغیرة فی النواة .

ومن لا یعمل الصالحات وهو مؤمن فسیکون موقفه صعبا فی القبر وفی یوم الحساب .

ومن لا یعمل الصالحات وهو غیر مؤمن فمصیره جهنم وبئس المصیر .

وقد عوَّد بعض المؤمنین أنفسهم علی العمل الصالح وأصبح جزءا من حیاتهم وتنکر له آخرون وتکبروا علیه وأهملوا أوامر القرآن والحدیث .

{وَمَنْ أحْسَنُ دِیناً مِمَّنْ أسْلَمَ وَجْهَهُ لِلّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إبْرَاهِیمَ حَنِیفاً وَاتَّخَذَ اللّهُ إبْرَاهِیمَ خَلِیلا 125} _سورة النساء.

{وَمَنْ أحْسَنُ دِیناً مِمَّنْ أسْلَمَ وَجْهَهُ لِلّهِ }.

فیکون مخلصا متقیا موحداً{ وَهُوَ مُحْسِنٌ } ویفعل العمل الصالح .

{وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إبْرَاهِیمَ حَنِیفاً } مائلا عن الادیان , الی دین الاسلام { وَاتَّخَذَ اللّهُ إبْرَاهِیمَ خَلِیلا125 } .

جعله خلیله حیث اصطفاه .

ص: 53

قال: " لأنه لم یرد أحدا ولم یسأل أحدا قط غیر الله " ((1)) .

وفی روایة: " لکثرة سجوده علی الأرض " ((2)) . وفی أخری: " لکثرة صلاته علی محمد وأهل بیته " ((3)) .

وفی أخری: " لاطعامه الطعام وصلاته باللیل والناس نیام " ((4)) .

{وَللّهِ مَا فِی السَّمَاوَاتِ وَمَا فِی الأرْضِ وَکَانَ اللّهُ بِکُلِّ شَیْء مُحِیطاً126 } _سورة النساء. عارفاً وقادراً

.

عمر بن یزید: سمعت أبا عبد الله ( علیه السلام ) یقول: إذا أحسن المؤمن عمله ضاعف الله عمله بکل حسنة سبعمائة . . . فقلت له: وما الإحسان ؟ قال:

ص: 54

فقال: إذا صلیت فأحسن رکوعک وسجودک ، وإذا صمت فتوق کل ما فیه فساد صومک . . . وکل عمل تعمله لله فلیکن نقیا من الدنس ((1)) .

_ فی قوله تعالی: ( . . . ممن أسلم وجهه لله وهو محسن ) : روی أن النبی ( صلی الله علیه و آله و سلم ) سئل عن الإحسان ؟ فقال: أن تعبد الله کأنک تراه ، فإن لم تکن تراه فإنه یراک ((2)) .

فی تفسیر علی بن إبراهیم قوله واتبع ملة إبراهیم حنیفا قال: هی الحنیفیة العشرة التی جاء بها إبراهیم التی لم تنسخ إلی یوم القیامة .

المراد بأسلم استسلم وأطاع وانقاد لله تعالی ، وبالوجه الذات والنفس ، وبالمحسن فاعل الحسنات وتارک السیئات .

{ وَیَسْتَفْتُونَکَ فِی النِّسَاءِ قُلِ اللّهُ یُفْتِیکُمْ فِیهِنَّ وَمَا یُتْلَی عَلَیْکُمْ فِی الکِتَابِ فِی یَتَامَی النِّسَاءِ اللاتِی لا تُؤْتُونَهُنَّ مَا کُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أنْ تَنکِحُوهُنَّ وَالمُسْتَضْعَفِینَ مِنَ الوِلْدَانِ وَأنْ تَقُومُوا لِلْیَتَامَی بِالقِسْطِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَیْر فَإنَّ اللّهَ کَانَ بِهِ عَلِیماً127 سورة النساء.

{وَیَسْتَفْتُونَکَ فِی النِّسَاءِ } یسألون محمداً صلی الله علیه و آله و سلم عن واجباتهم تجاه النساء

وقل للنساء الربع والثمن من الارث .

ص: 55

{قُلِ اللّهُ یُفْتِیکُمْ فِیهِنَّ } قل الله تعالی یفتیکم فی أمرهن {وَمَا یُتْلَی عَلَیْکُمْ فِی الکِتَابِ } فیه أحکام النساء .

{فِی یَتَامَی النِّسَاءِ } المحجر علیهن {اللاتِی لا تُؤْتُونَهُنَّ مَا کُتِبَ لَهُنَّ } فی المهر والارث {وَتَرْغَبُونَ أنْ تَنکِحُوهُنَّ }.

کان الجاهلی الکافر یستولی علی الیتیمة بصور مختلفة . فان کانت جمیلة المنظر نکحها وان کانت قبیحة المظهر استخدمها فی الخدمة له وللاخرین کی تأتیه بالمال ومنعها من الزواج الی حین موتها فیرثها .

{وَالمُسْتَضْعَفِینَ مِنَ الوِلْدَانِ } ویکفیکم الله تعالی فی الصبیان بأن تعطوهم حقوقهم من المیراث.

أی وفی المستضعفین وهم الیتامی الصغار من الذکور والإناث لأنهم کانوا لا یورثون الصغار من الذکور حتی یبلغوا فأمرهم أن یؤتوا المستضعفین من الولدان حقوقهم من المیراث .

{وَأنْ تَقُومُوا لِلْیَتَامَی بِالقِسْطِ } بالعدل والانصاف فی تدبیر أمورهم وادارة أموالهم وتربیتهم جیداً .

{وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَیْر} مع النساء والایتام {فَإنَّ اللّهَ کَانَ بِهِ عَلِیماً127 } .

وقال نجاح الطائی: جاء الاسلام بلوحة حضاریة رائعة فی رعایة الایتام والمساکین وأبناء السبیل لسد الثغرات فی المجتمع الاسلامی وتحصیل التکافل الاجتماعی لکننا نری الساسة الفاسدین قد أفرغوا الامور من محتواها بسرقتهم لخزائن البلاد وجعلهم الناس یعیشون فی حالة طبقیة سیئة

ص: 56

البعض یستلمون أضعاف أضعاف ما یستلمه الاخرون , وقسم عاطل عن العمل لا یستلم شیئا مما یرتب ویولد طبقة السراق وقطاع الطرق ومدمنی المخدرات .

{وَإنِ امْرَأةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزاً أوْ إعْرَاضاً فَلا جُنَاحَ عَلَیْهِمَا أنْ یُصْلِحَا بَیْنَهُمَا صُلْحاً وَالصُّلْحُ خَیْرٌ وَاُحْضِرَتِ الأنفُسُ الشُّحَّ وَإنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإنَّ اللّهَ کَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِیراً 128} سورة النساء.

قال القمی: ( وما یتلی علیکم فی الکتاب فی یتامی النساء ) فان الرجل کان یکون فی حجره یتیمة فتکون ذمیمة أو ساقطة یعنی حمقاء فیرغب الرجل عن أن یزوجها ولا یعطیها مالها فینکحها غیره من اخذ مالها ویمنعها النکاح ویتربص بها الموت لیرثها فنهی الله عن ذلک وقوله تعالی:

( والمستضعفین من الولدان ) فان أهل الجاهلیة کانوا لا یورثون الصبی الصغیر ولا الجاریة من میراث آبائهم شیئا وکانوا لا یعطون المیراث إلا لمن یقاتل وکانوا یرون ذلک فی دینهم حسنا ، فلما انزل الله فرائض المواریث وجدوا من ذلک وجدا شدیدا ، فقالوا انطلقوا إلی رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم فنذکره ذلک لعله یدعه أو یغیره فاتوه ، فقالوا یا رسول الله للجاریة نصف ما ترک أبوها واخوها ویعطی الصبی الصغیر المیراث ولیس أحد

ص: 57

منهما یرکب الفرس ولا یحوز الغنیمة ولا یقاتل العدو ، فقال رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم بذلک أمرت ((1)) .

{وَإنِ امْرَأةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزاً } انقطاع العلاقة وبدایة فصل الکراهیة {أوْ إعْرَاضاً } ترکه لها { فَلا جُنَاحَ عَلَیْهِمَا أنْ یُصْلِحَا بَیْنَهُمَا صُلْحاً وَالصُّلْحُ خَیْرٌ } من الفراق .

عن زرارة قال: سئل أبو جعفر ( علیه السلام ) عن المهاریة یشترط علیها عند عقدة النکاح أن یأتیها متی شاء کل شهر وکل جمعة یوما ومن النفقة کذا وکذا قال: لیس ذلک الشرط بشئ ومن تزوج امرأة فلها ما للمرأة من النفقة والقسمة ولکنه إذا تزوج امرأة فخافت منه نشوزا أو خافت أن یتزوج علیها أو یطلقها فصالحته من حقها علی شئ من نفقتها أو قسمتها فإن ذلک جائز لا بأس به ((2)) .

عن الحلبی عن أبی عبد الله علیه السلام فی قوله: " وان امرأة خافت من بعلها نشوزا أو اعراضا " قال: هی المرأة تکون عند الرجل فیکرهها فیقول: انی

ص: 58

أرید ان أطلقک ، تقول: لا تفعل فانی أکره ان یشمت بی ولکن انظر لیلتی فاصنع ما شئت ، وما کان من سوی ذلک فهو لک فدعنی علی حالی ، فهو قوله " فلا جناح علیهما ان یصلحا بینهما صلحا والصلح خیر " فهو هذا الصلح ((1)) .

وغالبا ما ینتهی الصلح بعودة الامور الی نصابها واستقرار الحیاة الزوجیة .

{وَاُحْضِرَتِ الأنفُسُ الشُّحَّ } مطبوعة علی ذلک وترید أکثر من حقها , وهو لا یتنازل .

علی بن إبراهیم: نزلت فی بنت محمد بن مسلمة ، کانت امرأة رافع بن جریح ، وکانت امرأة قد دخلت فی السن وتزوج علیها امرأة شابة ، کانت أعجب إلیه من بنت محمد بن مسلمة ، فقالت له بنت محمد بن مسلمة: ألا أراک معرضا عنی مؤثرا علیَّ ؟

فقال رافع: هی امرأة شابة ، وهی أعجب إلی ، فإن شئت أقررت علی أن لها یومین أو ثلاثة منی ولک یوم واحد ، فأبت بنت محمد بن مسلمة أن ترضی ، فطلقها تطلیقة واحدة ثم طلقها أخری ، فقالت: لا والله لا أرضی أن تسوی بینی وبینها ، یقول الله:

ص: 59

( وأُحْضِرَتِ الأَنْفُسُ الشُّحَّ ) وابنة محمد لم تطب نفسها بنصیبها وشحت علیه ، فعرض علیها رافع إما أن ترضی ، وإما أن یطلقها الثالثة ، فشحت علی زوجها ورضیت ، فصالحته علی ما ذکر ، فقال الله: ( فَلا جُناحَ عَلَیْهِما أَنْ یُصْلِحا بَیْنَهُما صُلْحاً والصُّلْحُ خَیْرٌ ) فلما رضیت واستقرت لم یستطع أن یعدل بینهما فنزلت: ( ولَنْ تَسْتَطِیعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَیْنَ النِّساءِ ولَوْ حَرَصْتُمْ فَلا تَمِیلُوا کُلَّ الْمَیْلِ فَتَذَرُوها کَالْمُعَلَّقَةِ ) أن یأتی واحدة ویذر الاخری لا أیم ولا ذات بعل ، وهذه السنة فیما کان کذلک إذا أقرت المرأة ورضیت علی ما صالحها علیه زوجها فلا جناح علی الزوج ولا علی المرأة ، وإن هی أبت طلقها أو یساوی بینهما ، لا یسعه إلا ذلک ((1)) .

{وَإنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإنَّ اللّهَ کَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِیراً128 } . تحسنوا للاخرین بدءا من الزوجة والوالدین والاولاد والارحام والجیران والاصدقاء فهو خیر

وزیادة فی الحسنات .

{وَلَنْ تَسْتَطِیعُوا أنْ تَعْدِلُوا بَیْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلا تَمِیلُوا کُلَّ المَیْلِ فَتَذَرُوهَا کَالمُعَلَّقَةِ وَإنْ تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإنَّ اللّهَ کَانَ غَفُوراً رَحِیماً 129} _سورة النساء.

{وَلَنْ تَسْتَطِیعُوا أنْ تَعْدِلُوا بَیْنَ النِّسَاءِ } فی المحبة المتساویة {وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلا تَمِیلُوا کُلَّ المَیْلِ } الی واحدة وتترکوا الاخری {فَتَذَرُوهَا

ص: 60

کَالمُعَلَّقَةِ } لیس لها حقوق الزوجة ولا حقوق المطلقة {وَإنْ تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإنَّ اللّهَ کَانَ غَفُوراً رَحِیماً129 }.

{وَإنْ یَتَفَرَّقَا یُغْنِ اللّهُ کُلا مِنْ سَعَتِهِ وَکَانَ اللّهُ وَاسِعاً حَکِیماً 130}_سورة النساء. {وَإنْ یَتَفَرَّقَا } الزوجان .

{یُغْنِ اللّهُ کُلا مِنْ سَعَتِهِ } یوفقهما ویرزقهما لمسیرة جدیدة.

{وَکَانَ اللّهُ وَاسِعاً حَکِیماً130 }: واسعا فی العطاء وحکیما فی الافعال .

عن ابن أبی لیلی قال: حدثنی عاصم بن حمید قال: کنت عند أبی عبد الله ( علیه السلام ) فأتاه رجل فشکا إلیه الحاجة فأمره بالتزویج قال: فاشتدت به الحاجة فأتی أبا عبد الله ( علیه السلام ) فسأله عن حاله فقال له: اشتدت بی الحاجة فقال: ففارق ((1))، ثم أتاه فسأله عن حاله فقال أثریت وحسن حالی فقال أبو عبد الله ( علیه السلام ): إنی أمرتک بأمرین أمر الله بهما قال الله عز وجل

( وأنکحوا الأیامی منکم _ إلی قوله _ والله واسع علیم) وقال:

( إن یتفرقا یغن الله کلا من سعته ) ((2)) .

ص: 61

{وَللّهِ مَا فِی السَّمَاوَاتِ وَمَا فِی الأرْضِ وَلَقَدْ وَصَّیْنَا الَّذِینَ اُوتُوا الکِتَابَ مِنْ قَبْلِکُمْ وَإیَّاکُمْ أنْ اتَّقُوا اللّهَ وَإنْ تَکْفُرُوا فَإنَّ لِلّهِ مَا فِی السَّمَاوَاتِ وَمَا فِی الأرْضِ وَکَانَ اللّهُ غَنِیّاً حَمِیداً 131}_سورة النساء.

{وَللّهِ مَا فِی السَّمَاوَاتِ وَمَا فِی الأرْضِ وَلَقَدْ وَصَّیْنَا الَّذِینَ اُوتُوا الکِتَابَ مِنْ قَبْلِکُمْ وَإیَّاکُمْ أنْ اتَّقُوا اللّهَ وَإنْ تَکْفُرُوا } راعوا التقوی وان تکفروا وتعصوا فلن تضروا الله تعالی بل تضروا أنفسکم .

{فَإنَّ لِلّهِ مَا فِی السَّمَاوَاتِ وَمَا فِی الأرْضِ وَکَانَ اللّهُ غَنِیّاً حَمِیداً131 } .

فی ( مصباح الشریعة ومفتاح الحقیقة ) من کلام الصادق علیه السلام ، قال علیه السلام : « أفضل الوصایا وألزمها أن لا تنسی ربک ، وأن تذکره دائما ولا تعصیه ، وتعبده قاعدا وقائما ، ولا تغتر بنعمته ، واشکره أبدا ، ولا تخرج من تحت أستار رحمته وعظمته وجلاله فتضل وتقع فی میدان الهلاک ، وإن مسک البلاء والضراء وأحرقتک نیران المحن .

واعلم أن بلایاه محشوة بکراماته الأبدیة ، ومحنة مورثة رضاه وقربته ، ولو بعد حین ، فیا لها من نعم لمن علم ووفق لذلک ! » ((1)) .

وروی أن رجلا استوصی رسول الله فقال ( صلی الله علیه و آله و سلم ): « لا تغضب قط ، فإن فیه منازعة ربک » . فقال: زدنی . فقال ( صلی الله علیه و آله و سلم ): « إیاک وما یعتذر منه ، فإن فیه الشرک الخفی » . فقال: زدنی .

ص: 62

فقال ( صلی الله علیه و آله و سلم ): « صل صلاة مودع ، فإن فیه الوصلة والقربی » . فقال: زدنی . فقال ( صلی الله علیه و آله و سلم ): « استحی من الله تعالی استحیاءک من صالحی جیرانک ، فإن فیه زیادة الیقین ، وقد أجمع الله ما یتواصی به المتواصون من الأولین والآخرین فی خصلة واحدة وهی التقوی ، قال الله عز وجل:

( ولَقَدْ وَصَّیْنَا الَّذِینَ أُوتُوا الْکِتابَ مِنْ قَبْلِکُمْ وإِیَّاکُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّه ) وفیه جماع کل عبادة صالحة ، وبه وصل من وصل إلی الدرجات العلی والرتبة القصوی ، وبه عاش من عاش بالحیاة الطیبة والانس الدائم ، قال الله عز وجل: إِنَّ الْمُتَّقِینَ فِی جَنَّاتٍ ونَهَرٍ فِی مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِیکٍ مُقْتَدِرٍ ) » .قوله تعالی:

( یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا کُونُوا قَوَّامِینَ بِالْقِسْطِ شُهَداءَ لِلَّه ولَوْ عَلی أَنْفُسِکُمْ أَوِ الْوالِدَیْنِ والأَقْرَبِینَ ) إلی قوله تعالی ( خَبِیراً 135 ) ((1)).

{وَللّهِ مَا فِی السَّمَاوَاتِ وَمَا فِی الأرْضِ وَکَفَی بِاللّهِ وَکِیلا } 132_سورة النساء.: فهو قادر علی کل شیء .

" ولا تطع الکافرین والمنافقین ، ودع أذاهم وتوکل علی اللّه ، وکفی باللّه وکیلا "_الاحزاب 48 .

فی آیتین ورد ثلاث مرات: للّهِ مَا فِی السَّمَاوَاتِ وَمَا فِی الأرْضِ تأکیدا من الخالق العظیم , لکن معظم الناس یعتقدون بأنهم وأسیادهم وأربابهم

ص: 63

یملکون الارض !! فتراهم یبخلون ویؤذون الابریاء ویؤتون المنکر ویفعلون الموبقات .

زوج أمیر المؤمنین علیه السلام امرأة من بنی عبد المطلب وکان یلی أمرها فقال: الحمد لله العزیز الجبار الحلیم الغفار الواحد القهار الکبیر المتعال ، سواء منکم من أسر القول ومن جهر به ومن هو مستخف باللیل وسارب بالنهار ، أحمده وأستعینه وأومن به وأتوکل علیه وکفی بالله وکیلا ، من یهدی الله فهو المهتد ولا مضل له ومن یضلل فلا هادی له ولن تجد له ولیا مرشدا ((1))

وقال سبحانه: ( ویقولون طاعة فإذا برزوا من عندک بیت طائفة منهم غیر الذی تقول والله یکتب ما یبیتون فأعرض عنهم وتوکل علی الله وکفی بالله وکیلا ) [ 81 / النساء: 4 ] وقد استدل الفخر الرازی فی التفسیر بهذه الآیة علی عصمته صلی الله علیه و آله و سلم فی جمیع أقواله وأفعاله ثم قال :

[ و ] قال الشافعی: فی باب فرض طاعة الرسول صلی الله علیه و آله و سلم :

إن قوله تعالی: ( من یطع الرسول فقد أطاع الله ) [ 80 / النساء: 4 ] یدل علی أن کل تکلیف کلف الله عباده فی باب الوضوء والصلاة والزکاة والصوم والحج وسائر الأبواب فی القرآن ، ولم یکن ذلک التکلیف مبینا فی القرآن ، فحینئذ لا سبیل إلی القیام بتلک التکالیف إلا ببیان الرسول صلی الله علیه و آله و سلم ، وإذا

ص: 64

کان الأمر کذلک لزم القول بأن طاعة الرسول عین طاعة الله ، هذا کلام الشافعی((1)) .

الله تعالی مالک کل شیء فی هذا الکون ولا یتمکن عبیده من البشر ملوکا واغنیاءا أن یغیروا فیه شیئا , فهو الاول والاخر والخالد وما عداه فهو فان .

قال أمیر البررة علی علیه السلام : إنما الدنیا فناء وعناء وغیر وعبر . فمن فنائها أنک تری الدهر موترا قوسه مفوقا نبله لا تخطئ سهامه ولا تشفی جراحه ، یرمی الصحیح بالسقم والحی بالموت . ومن عنائها أن المرء یجمع مالا یأکل ویبنی ما لا یسکن ، ثم یخرج إلی الله لا مالا حمل ولا بناء نقل . ومن غیرها أنک تری المغبوط مرحوما والمرحوم مغبوطا لیس بینهم إلا نعیم زال وبؤس نزل ومن عبرها أن المرء یشرف علی أمله فیتخطفه أجله فلا أمل مدروک ولا مؤمل متروک . فسبحان [ الله ] ما أعز سرورها وأظمأ ریها وأضحی فیئها فکأن ما کان من الدنیا لم یکن ، وکأن ما هو کائن قد کان . [ و ] أن الدار الآخرة هی دار المقام ودار القرار وجنة ونار . صار أولیاء الله إلی الاجر بالصبر وإلی الامل بالعمل ((2)) .

{ إنْ یَشَأ یُذْهِبْکُمْ أیُّهَا النَّاسُ وَیَأتِ بِآخَرِینَ وَکَانَ اللّهُ عَلَی ذَلِکَ قَدِیراً133 }_سورة النساء.

ص: 65

{إنْ یَشَأ } الله تعالی { یُذْهِبْکُمْ أیُّهَا النَّاسُ وَیَأتِ بِآخَرِینَ } یرحلکم خارج الارض ویأتی بمؤمنین مطیعین.

{وَکَانَ اللّهُ عَلَی ذَلِکَ قَدِیراً }. فلماذا هذا التکبر والطغیان والعصیان للشریعة السماویة .

{ مَنْ کَانَ یُرِیدُ ثَوَابَ الدُّنْیَا فَعِنْدَ اللّهِ ثَوَابُ الدُّنْیَا وَالآخِرَةِ وَ کَانَ اللّهُ سَمِیعاً بَصِیراً134 } سورة النساء.

فی روایة أبی الجارود عن أبی جعفر علیه السلام فی قوله للذین أحسنوا الحسنی وزیادة فاما الحسنی الجنة واما الزیادة فالدنیا ما أعطاهم الله فی الدنیا لم یحاسبهم به فی الآخرة ویجمع ثواب الدنیا والآخرة ویثیبهم بأحسن اعمالهم فی الدنیا والآخرة((1)) .هذه دعوة من الله الکریم لعدم الاکتفاء بالدنیا والتوجه لثواب الدنیا والاخرة.

{یَا أیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا کُونُوا قَوَّامِینَ بِالقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلّهِ وَلَوْ عَلَی أنفُسِکُمْ أوِ الوَالِدَیْنِ وَالأقْرَبِینَ إنْ یَکُنْ غَنِیّاً أوْ فَقِیراً فَاللّهُ أوْلَی بِهِمَا فَلا تَتَّبِعُوا الهَوَی أنْ تَعْدِلُوا وَإنْ تَلْوُوا أوْ تُعْرِضُوا فَإنَّ اللّهَ کَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِیراً 135 } _سورة النساء.

{ یَا أیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا کُونُوا قَوَّامِینَ بِالقِسْطِ } کونوا عدولا أی

أقویاء فی تطبیق العدل فی المجتمع .

ص: 66

أخرج الحافظ أبو نعیم الاصبهانی , بسنده المذکور فی حلیته , عن ابن عباس , قال: قال رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم : ما أنزل الله آیة فیها (یا أیّها الذین آمنوا) . إلاّ وعلی رأسها وأمیرها((1)) .

یا ابن مسعود یتفاضلون بأحسابهم وأموالهم یقول اللَّه تعالی « وَما لأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزی . إِلَّا ابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الأَعْلی . وَلَسَوْفَ یَرْضی »((2))

الطوسی: ومعلوم من جهة الشرع أن شهادة الولد علی أبیه غیر جائزة فکیف یأمر بإقامة شهادة لا تجوز ؟

الجواب: [ أمر ] فی هذه الآیة بإقامة الشهادة قربة إلی الله وابتغاء ما عنده وعلی کل من کانت الشهادة من النفس أو الوالد والأقربین تعظیما لأمره لأنه إذا وجد إقامتها علی هؤلاء فعلی الأجنبی أولی ، والشهادة علی النفس تکون إقرارا ، و مخالفونا یستدلون بالآیة علی جواز قبول الشهادة علی الوالدین ، فأما نحن وإن قلنا: لا تقبل شهادة الولد علی والده ، فإنه یجوز أن تکون تجب الإقامة وإن لم تجب علی الحاکم قبولها إذا عرض عارض یمنع من قبولها ، کما تجب رد شهادة کثیر من الناس وإن لم یسقط عنهم إقامتها کالزوجة والشریک وغیر ذلک ((3)) .

ص: 67

العلامة الحلی: المفسرون شهادة المرء علی نفسه اقراره والآیات فی ذلک کثیرة فی القران العزیز وأما السنة فما روی عن النبی صلی الله علیه و آله و سلم انه أقر ماعز عنده بالزنا فرجمه رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم وکذلک العامریة وقال اغد یا أنیس علی امرأة هذا فان اعترفت فارجمها والاعتراف هو الاقرار وقال قولوا الحق ولو علی أنفسکم وأما الاجماع فقد أجمعت الأمة کافة علی صحة الاقرار ولان الاقرار اخبار علی وجه ینفی عنه التهمة والریبة لان العاقل لا یکذب علی نفسه فیما یضرب بها ولهذا کان آکد من الشهادة لان المدعی علیه إذا اعترف لم تسمع علیه الشهادة وانما الشهادة یحتاج إلیها إذا أنکر ولو کذب المدعی بینة لم تسمع وان کذب المقر ثم صدقه سمع الفصل الثانی فی أرکانه وهی أربعة لان الاقرار انما یتم بالصیغة والمقر والمقر له والمقر به فهنا مباحث البحث الأول فی الصیغة مسألة الصیغة هی اللفظ الدال علی الاخبار بحق واجب کقوله له علی أو عندی أو فی ذمتی ویشترط فیها التنجیز والجزم بالحکم فإذا قال علی لفلان کذا فهو صیغة اقرار وکذا لفلان علی أو فی ذمتی اقرار بالدین ظاهرا وقوله عندی أو معی اقرار بالعین ولو قال له قبلی الف فهو دین ویحتمل ان یصلح للدین والعین معا ولو علق اقراره علی الشرط لم یصح وکان لاغیا مسألة إذا قال لغیره لی علیک الف فقال فی الجواب زن أو خذ لم یکن اقرارا لأنه لم یوجد صیغة التزام وقد یذکر مثل ذلک من یستهزئ ویبالغ فی الجحود وکذا لو قال استوف أو اتزن فکذلک وقال بعض الشافعیة ان قوله اتزن اقرار لأنه یستعمل فی العادة

ص: 68

فیما یستوفیه الانسان لنفسه بخلاف قوله زن وبه قال أبو حنیفة ولو قال زنه أو خذه فلیس باقرار أیضا للاحتمال المذکور وهو ظاهر مذهب الشافعی وقال بعض العامة یکون اقرارا لان الکنایة تعود إلی ما تقدم فی الدعوی ولو قال شده فی همیانک أو اجعله فی کیسک أو اختم علیه فهو کقوله زنه أو خذه مسألة یصح الاقرار بالعربیة والعجمیة معا من العربی والعجمی معا بالاجماع لان کل واحدة منهما لغة کالأخری یعتبر بها

عما فی الضمیر وتدل علی المعانی الذهنیة بسبب العلاقة الراسخة بینهما بحسب المواضعة فإذا کان اللفظ موضوعا لشئ دل علیه {شُهَدَاءَ لِلّهِ } تشهدون بالحق والواقع الشهادة لله عین الشهادة للعدل { وَلَوْ عَلَی أنفُسِکُمْ أوِ الوَالِدَیْنِ وَالأقْرَبِینَ } لان التعصب الظالم للاقرباء علی حساب الغرباء هو الکفر وهذا ما یتصف به معظم الناس مع الاسف((1)) .

السرائر ، قال: فإن تحملها فالواجب علیه أداؤها وإقامتها إذا دعی إلی ذلک عند من دعی إقامتها عنده ، سواء ردها أو لم یردها ، قبلها أو لم یقبلها ، بغیر خلاف ، لقوله تعالی: ( ومن یکتمها فإنه آثم قلبه ) .

وقال أیضا: یجب علی الولد أن یقیم الشهادة علی والده ، ولا یجوز للحاکم أن یعمل بها . . کما أن الفاسق إذا دعی إلی شهادة یشهد بها فإنه یجب علیه أن یقیمها ، ویجب علی الحاکم أن لا یعمل بها .

ص: 69

قوله: لزم العبث ((1)) .

وقال الصادق ( علیه السلام ) ((2)): " القضاة أربعة ، ثلاثة فی النار وواحد فی الجنة: رجل قضی بجور وهو یعلم ، فهو فی النار ورجل قضی بجور وهو لا یعلم أنه قضی بجور ، فهو فی النار ، ورجل قضی بالحق وهو لا یعلم ، فهو فی النار ، ورجل قضی بالحق وهو یعلم فهو فی الجنة .

وقال علی ( علیه السلام ): الحکم حکمان: حکم الله وحکم الجاهلیة ، فمن أخطأ حکم الله حکم بحکم الجاهلیة " .

وقال أبو جعفر علیه السلام : " الحکم حکمان: حکم الله وحکم الجاهلیة وقد قال الله عز وجل: " ومن أحسن من الله حکما لقوم یوقنون " وأشهد علی زید بن ثابت لقد حکم فی الفرائض بحکم الجاهلیة " ((3)).

{إنْ یَکُنْ } المشهود له أو علیه {غَنِیّاً أوْ فَقِیراً فَاللّهُ أوْلَی بِهِمَا } لا یکن الغنی والفقر مؤثرا فی الشهادة {فَلا تَتَّبِعُوا الهَوَی أنْ تَعْدِلُوا } لن تکونوا عادلین الا باجتناب المحسوبیة والمنسوبیة والرشوات و بالابتعاد عن المیول الدنیویة :

ص: 70

لأن تعدلوا عن الحق من العدول أو لأجل أن تعدلوا فی الشهادة من العدل نهی عن متابعة الهوی فی اقامتها کمراعاة صداقة أو عداوة أو وحشة أو عصبیة أو غیر ذلک وإن تلوا ألسنتکم عن شهادة الحق أو تعرضوا عن أدائها

فی المجمع عن الباقر ( علیه السلام ) أن تلووا أی تبدلوا الشهادة أو تعرضوا أی تکتموها .

وفی الکافی عن الصادق ( علیه السلام ) أن تلووا الأمر أو تعرضوا عما أمرتم به وقرئ ان تلوا علی معنی ان ولیتم إقامة الشهادة فإن الله کان بما تعملون خبیرا فیجازیکم علیه .

{وَإنْ تَلْوُوا } ألسنتکم عن الشهادة الصحیحة:

الطبرسی: قیل معناه: ( إِنْ تَلْوُوا ) أی تبدلوا الشهادة ، ( أَوْ تُعْرِضُوا ) أی تکتموها . قال: وهو المروی عن أبی جعفر ( علیه السلام ) .

{أوْ تُعْرِضُوا } عنها وتمنعوها عن المحتاج الیها لاثبات حقه {فَإنَّ اللّهَ کَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِیراً135 }_سورة النساء. عارفاً قادراً .

وفی أصول الکافی : الحسین بن محمّد ، عن معلَّی بن محمّد ، ع علیّ بن أسباط ، عن علیّ بن أبی حمزة ، عن أبی بصیر ، عن أبی عبد اللَّه علیه السلام فی قوله تعالی: « وإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا » فقال: إن تلووا الأمر ، أو تعرضوا عمّا أمرتم به « فَإِنَّ اللَّهً کانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِیراً » .

ص: 71

لکننا نری أغلب الحاکمین یتبعون هواهم ویسرقون أموال المسلمین ویحکمون بالباطل ویقتلون ویحرفون الشهادة ویکتموها وغیر ذلک من اباطیل ویعتبرون ذلک فن السیاسة !!!!

بعدما زنا المغیرة بأم جمیل فی البصرة وشهد علیه اربعة منهم زیاد بن ابیه فی البصرة أمام الملأ العام طلب عمر منهم المجیء الی المدینة للشهادة ثانیة , وفی المدینة عرض عمر المال علی زیاد فامتنع عن الشهادة , وعزر عمرالشهود الثلاثة وأنقذ المغیرة من الموت لانه من حزبه ((1)).

لذا فی الحج رجم أهل العراق المغیرة الزانی فغضب عمر فصلی فسهی فی صلاته ((2))!!

فعرف المغیرة بالزانی فی التاریخ ((3)).

{یَا أیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللّهِ وَرَسُولِهِ وَالکِتَابِ الَّذِی نَزَّلَ عَلَی رَسُولِهِ } وهو القرآن المجید {وَالکِتَابِ الَّذِی أنزَلَ مِنْ قَبْلُ } التوراة والانجیل.

ص: 72

وبینما سار النبی صلی الله علیه و آله و سلم علی منهجیة الشریعة أمر الثیب بیدها خالفه عمر بأن أمرها بید أبیها: عن ابن عباس أن رسول الله ( صلی الله علیه و آله و سلم ) قال: لیس للولی مع الثیب أمر ((1)) .

وأیضا ما رواه ابن عباس عنه ( علیه السلام ) أنه قال: الأیم أحق بنفسها من ولیها ((2)) .وأیضا ما روی من أن النبی ( صلی الله علیه و آله و سلم ) خطب إلی أم سلمة رحمة الله علیها فقالت لیس أحد من أولیائی حاضرا ، فقال علیه السلام :

لیس أحد من أولیائک حاضرا أو غائبا إلا ویرضی بی ، ثم قال لعمر بن أبی

سلمة وکان صغیرا قم فزوجها . فتزوج النبی بغیر ولی ((3)) .

رأی المخالفین: فإن احتج المخالف بما روی عنه ( علیه السلام ) من قوله: أیما امرأة نکحت بغیر إذن ولیها فنکاحها باطل ((4)) .

ص: 73

فالجواب عنه أن هذا الخبر مطعون علیه مقدوح فیه بما هو مذکور فی

الکتب ، ویمکن حمله إذا کان صحیحا علی الأمة إذا تزوجت بغیر إذن

مولاها ، فإن لفظة ( الولی ) و ( المولی ) بمعنی واحد فی اللغة ، وقد ورد فی بعض الروایات فی هذا الخبر أیما امرأة نکحت بغیر إذن موالیها ((1)) .

کانت عاتکة بنت زید بن عمرو ، بن نفیل تحت عبد الله بن أبی بکر ، فجعل لها طائفة من ماله ، علی أن لا تتزوَّج بعده .

فتبتَّلت وجعلت لا تزوّج . وجعل الرجال یخطبونها وجعلت تأبی .

فقال عمر لولیِّها: إذکرنی لها .

فذکره لها ، فأبت عمر أیضاً .

فقال عمر: زوِّجنیها ، فزوَّجه إیَّاها ، فأتاها عمر فدخل علیها ، فعارکها حتَّی غلبها علی نفسها ، فنکحها ؟ !

فلمَّا فرغ قال: أفّ أف أف أفّف بها .

ثم خرج من عندها ، وترکها لا یأتیها ، فأرسلت إلیه مولاة لها ، أن تعال فإنی سأتهیَّأ لک ((2)) .

ص: 74

وقال نجاح الطائی: لقد نکحها دون اذنها ثم ترکها عمر لا یمکنها الزواج من شخص آخر !!!شریعة عمر تعتمد علی امکانیة مخالفة القرآن والسنة واتباع القوة والبطش للوصول الی الاهداف والغایات .

{وَمَنْ یَکْفُرْ بِاللّهِ وَمَلائِکَتِهِ وَکُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالیَوْمِ الآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالا بَعِیداً136 } _سورة النساء. ضل عن الحق المبین وجانب الحقیقة وتنکر للاصول الحاکمة وخسر الدنیا والاخرة کل من خالف القرآن والسنة .تعنی یا ایها الذین آمنوا أقروا وصدقوا ((1)) .

{إنَّ الَّذِینَ آمَنُوا ثُمَّ کَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ کَفَرُوا ثُمَّ ازْدَادُوا کُفْراً لَمْ یکُنِ اللّهُ لِیَغْفِرَ لَهُمْ وَلا لِیَهْدِیَهُمْ سَبِیلا 137}_سورة النساء.

عن أبی عبد الله علیه السلام فی قول الله عز وجل:

" إن الذین آمنوا ثم کفروا ثم آمنوا ثم کفروا ثم ازدادوا کفرا " " لن تقبل توبتهم

" قال: نزلت فی فلان وفلان وفلان ((2)) ، آمنوا بالنبی صلی الله علیه و آله و سلم فی أول الأمر وکفروا حیث عرضت علیهم الولایة ، حین قال النبی صلی الله علیه و آله و سلم : من کنت مولاه فهذا علی مولاه ، ثم آمنوا بالبیعة لأمیر المؤمنین علیه السلام ثم کفروا

ص: 75

حیث مضی رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم ، فلم یقروا بالبیعة ، ثم ازدادوا کفرا بأخذهم من بایعه بالبیعة لهم فهؤلاء لم یبق فیهم من الایمان شئ ((1)) .

_ وبهذا الاسناد ، عن أبی عبد الله علیه السلام فی قول الله تعالی: " إن الذین ارتدوا علی أدبارهم من بعدما تبین لهم الهدی " فلان وفلان وفلان (ابو بکر وعمر وعثمان ) ، ارتدوا عن الایمان فی ترک ولایة أمیر المؤمنین علیه السلام قلت: قوله تعالی: " ذلک بأنهم قالوا للذین کرهوا ما نزل الله سنطیعکم فی بعض الامر " قال:

نزلت والله فیهما وفی أتباعهما وهو قول الله عز وجل الذی نزل به جبرئیل علیه السلام علی محمد صلی الله علیه و آله و سلم : " ذلک بأنهم قالوا للذین کرهوا ما نزل الله ( فی علی علیه السلام ) سنطیعکم فی بعض الامر " قال: دعوا بنی أمیة إلی میثاقهم ألا یصیروا الامر فینا بعد النبی صلی الله علیه و آله و سلم ولا یعطونا من الخمس شیئا وقالوا إن أعطیناهم إیاه لم یحتاجوا إلی شئ ، ولم یبالوا أن یکون الامر فیهم ، فقالوا: سنطیعکم فی بعض الامر الذی دعوتمونا إلیه وهو الخمس ألا نعطیهم منه شیئا وقوله " کرهوا ما نزل الله " والذی نزل الله ما افترض علی خلقه من ولایة أمیر المؤمنین علیه السلام وکان معهم أبو عبیدة وکان کاتبهم ، فأنزل الله " أم أبرموا أمرا فإنا مبرمون أم یحسبون أنا لا نسمع سرهم ونجواهم _ الآیة

ص: 76

_ ((1)) . {ثُمَّ ازْدَادُوا کُفْراً } بنصب العداء لمحمد وآله صلی الله علیه و آله و سلم مثل الخوارج الوهابیین وعموم النواصب المارقین .

{لَمْ یَکُنِ اللّهُ لِیَغْفِرَ لَهُمْ وَلا لِیَهْدِیَهُمْ سَبِیلا 137

}_سورة النساء.

الذین کفروا بمحمد وآل محمد من الاولین والاخرین لا یهدیهم تعالی ومصیرهم جهنم وبئس المصیر .

{بَشِّرِ المُنَافِقِینَ بِأنَّ لَهُمْ عَذَاباً ألِیماً 138}_سورة النساء.

{بَشِّرِ المُنَافِقِینَ } الحاسدین الکاذبین المعادین لامیر المؤمنین علیه السلام {بِأنَّ لَهُمْ عَذَاباً ألِیماً138 } فی وسط الجحیم .

وقال نجاح الطائی: حرکة المنافقین ضدَّ أهل البیت علیهم السلام مستمرة منذ ألف وأربعمائة عام لا تنطفیء نارها ولا یتوقف شیطانها ولا یتعب یهودها .

هؤلاء یعملون لیلا ونهارا علی نشر الاکاذیب والاشاعات المغرضة والانقلابات والاغتیالات والحروب المأساویة فی أوساط المسلمین لتهیئة الارضیة للفساد الاخلاقی والمالی والفکری وتمکین الکفار من غزوهم .

المنافقون فی المجتمع الاسلامی هم الطابور الخامس للکفار وجواسیس الیهود وحراسهم وقد أوجدوا أسماءا لهم مرة باسم الحزب القرشی ومرة

ص: 77

باسم الحزب الاموی ومرة باسم الحزب العثمانی والوهابی والاخوان المسلمین وحزب التحریر والقاعدة وداعش والحزب السفیانی .

کثرت الاسماء والجوهر واحد وهدفه محاربة محمد وآل محمد وشیعتهم فی الارض وقتلهم لمنع احقاق السلام ونشر الاسلام وفرض العدالة .

: إنَّ الدِّینَ عِنْدَ اللّهِ الإسْلامُ 19 آل عمران.

: یَهْدِی بِهِ اللّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَیُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إلَی النُّورِ بِإذْنِهِ وَیَهْدِیهِمْ إلَی صِرَاط مُسْتَقِیم 16_المائدة .

وقال تعالی فی فضحهم: إذَا جَاءَکَ المُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إنَّکَ لَرَسُولُ اللّهِ وَاللّهُ یَعْلَمُ إنَّکَ لَرَسُولُهُ وَاللّهُ یَشْهَدُ إنَّ المُنَافِقِینَ لَکَاذِبُونَ1 _المنافقون.

: المُنَافِقُونَ وَالمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْض یَأمُرُونَ بِالمُنْکَرِ وَیَنْهَوْنَ عَنِ المَعْرُوفِ وَیَقْبِضُونَ أیْدِیَهُمْ نَسُوا اللّهَ فَنَسِیَهُمْ إنَّ المُنَافِقِینَ هُمُ الفَاسِقُونَ67 _التوبة .

: لِیُعَذِّبَ اللّهُ المُنَافِقِینَ وَالمُنَافِقَاتِ وَالمُشْرِکِینَ وَالمُشْرِکَاتِ 73_ الاحزاب .

{ الَّذِینَ یَتَّخِذُونَ الکَافِرِینَ أوْلِیَاءَ مِنْ دُونِ المُؤْمِنِینَ أیَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ العِزَّةَ فَإنَّ العِزَّةَ لِلّهِ جَمِیعاً 139} سورة النساء.

{الَّذِینَ یَتَّخِذُونَ الکَافِرِینَ أوْلِیَاءَ } أربابا وأسیادا وزعماءا {مِنْ دُونِ المُؤْمِنِینَ } ویترکون الخلفاء المعصومین

.

{ أیَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ العِزَّةَ فَإنَّ العِزَّةَ لِلّهِ جَمِیعاً139 } دون الکافرین وکیف تکون أموال ومناصب الکافرین خالدة وباقیة علی مر الدهور .

ص: 78

{وَقَدْ نَزَّلَ عَلَیْکُمْ فِی الکِتَابِ أنْ إذَا سَمِعْتُمْ آیَاتِ اللّهِ یُکْفَرُ بِهَا وَیُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّی یَخُوضُوا فِی حَدِیث غَیْرِهِ إنَّکُمْ إذاً مِثْلُهُمْ إنَّ اللّهَ جَامِعُ المُنَافِقِینَ وَالکَافِرِینَ فِی جَهَنَّمَ جَمِیعاً 140}_سورة النساء.

{وَقَدْ نَزَّلَ عَلَیْکُمْ فِی الکِتَابِ } القرآن {أنْ إذَا سَمِعْتُمْ آیَاتِ اللّهِ یُکْفَرُ بِهَا وَیُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ } :

الایات تعنی الائمة من أهل البیت علیهم السلام .

لا تقعدوا مع الفاسقین اذا کانوا یجحدون ولایة أمیر المؤمنین واولاده الائمة الخلفاء من أولاده علیهم السلام .

{حَتَّی یَخُوضُوا فِی حَدِیث غَیْرِهِ إنَّکُمْ إذاً مِثْلُهُمْ } اذا استمر جلوسکم معهم وهم ینکرون منزلة أهل البیت علیهم السلام {إنَّ اللّهَ جَامِعُ المُنَافِقِینَ وَالکَافِرِینَ فِی جَهَنَّمَ جَمِیعاً140 } دون استثناء . وسوف یحشر الله تعالی المنافقین والکافرین فی جهنم مثل الخوارج الوهابیین الذین یأخذون أوامرهم من المستکبرین والیهود .

وقال تعالی: لا تَتَّخِذُوا آیَاتِ اللّهِ هُزُواً_231 البقرة.

{ إنَّ الَّذِینَ کَفَرُوا بِآیَاتِ اللّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِیدٌ وَاللّهُ عَزِیزٌ ذُو انْتِقَام4 } سورة آل عمران.

ص: 79

{إنَّ الَّذِینَ یَکْفُرُونَ بِآیَاتِ اللّهِ وَیَقْتُلُونَ النَّبِیِّینَ بِغَیْرِ حَقٍّ وَیَقْتُلُونَ الَّذِینَ یَأمُرُونَ بِالقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَاب ألِیم21 اُوْلَئِکَ الَّذِینَ حَبِطَتْ أعْمَالُهُمْ فِی الدُّنْیَا وَالآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِینَ 22} آل عمران .

{فَبَِما نَقْضِهِمْ مِیثَاقَهُمْ وَکُفْرِهِمْ بِآیَاتِ اللّهِ وَقَتْلِهِمُ الأنْبِیَاءَ بِغَیْرِ حَقٍّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللّهُ عَلَیْهَا بِکُفْرِهِمْ فَلا یُؤْمِنُونَ إلا قَلِیلا 155 }_سورة النساء.

{وَلَکِنَّ الظَّالِمِینَ بِآیَاتِ اللّهِ یَجْحَدُونَ33 } سورة الانعام .

: ثُمَّ کَانَ عَاقِبَةَ الَّذِینَ أسَاؤُوا السُّوءَی أنْ کَذَّبُوا بِآیَاتِ اللّهِ وَکَانُوا بِهَا یَسْتَهْزِؤُونَ 10 _الروم.

{الَّذِینَ یَتَرَبَّصُونَ بِکُمْ فَإنْ کَانَ لَکُمْ فَتْحٌ مِنَ اللّهِ قَالُوا ألَمْ نَکُنْ مَعَکُمْ وَإنْ کَانَ لِلْکَافِرِینَ نَصِیبٌ قَالُوا ألَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَیْکُمْ وَنَمْنَعْکُمْ مِنَ المُؤْمِنِینَ فَاللّهُ یَحْکُمُ بَیْنَکُمْ یَوْمَ القِیَامَةِ وَلَنْ یَجْعَلَ اللّهُ لِلْکَافِرِینَ عَلَی المُؤْمِنِینَ سَبِیلا141 }_سورة النساء.

{الَّذِینَ یَتَرَبَّصُونَ } للایقاع {بِکُمْ فَإنْ کَانَ لَکُمْ فَتْحٌ مِنَ اللّهِ قَالُوا ألَمْ نَکُنْ مَعَکُمْ } فاشرکونا فی الغنائم {وَإنْ کَانَ لِلْکَافِرِینَ نَصِیبٌ } فی القوة والسلطان .

{قَالُوا ألَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَیْکُمْ وَنَمْنَعْکُمْ مِنَ المُؤْمِنِینَ

} بالدسائس والاشاعات فی صفوف المسلمین.

فهم یریدون الغنائم من المسلمین ومن الکفار .

ص: 80

{فَاللّهُ یَحْکُمُ بَیْنَکُمْ یَوْمَ القِیَامَةِ وَلَنْ یَجْعَلَ اللّهُ لِلْکَافِرِینَ عَلَی المُؤْمِنِینَ سَبِیلا141 } حجة .

{إنَّ المُنَافِقِینَ یُخَادِعُونَ اللّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإذَا قَامُوا إلَی الصَّلاةِ قَامُوا کُسَالَی یُرَاؤُونَ النَّاسَ وَلا یَذْکُرُونَ اللّهَ إلا قَلِیلا 142}_سورة النساء. {إنَّ المُنَافِقِینَ یُخَادِعُونَ اللّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإذَا قَامُوا إلَی الصَّلاةِ قَامُوا کُسَالَی } لجحودهم بها وبغضهم لها .

هذه صفة أخری من صفات المنافقین اضافة الی حبهم لقیادة الکفار لهم {یُرَاؤُونَ النَّاسَ }: فی العبادة والمراسم الاسلامیة: صفة أخری من صفات المنافقین {وَلا یَذْکُرُونَ اللّهَ إلا قَلِیلا142 } أمام الناس ریاءا: صفة أخری من صفات المنافقین .

القمی: قال: الخدیعة من الله العذاب فی یوم القیامة ((1)) .

وعن الرضا ( علیه السلام ) ، فی قول الله جل جلاله: ( ولَنْ یَجْعَلَ اللَّه لِلْکافِرِینَ عَلَی الْمُؤْمِنِینَ سَبِیلًا ) .

قال: « فإنه یقول: ولن یجعل الله للکافرین علی المؤمنین حجة ، ولقد أخبر الله تعالی عن کفار قتلوا النبیین بغیر الحق ، ومع قتلهم إیاهم لن یجعل الله لهم علی أنبیائه ( علیهم السلام ) سبیلا » .

ص: 81

قوله تعالی: إِنَّ الْمُنافِقِینَ یُخادِعُونَ اللَّه وهُوَ خادِعُهُمْ _ إلی قوله تعالی _ ( فَلَنْ تَجِدَ لَه سَبِیلًا [ 142 _ 143 ] ) ((1)).

علی بن إبراهیم ، فی قوله تعالی: إِنَّ الْمُنافِقِینَ یُخادِعُونَ اللَّه وهُوَ خادِعُهُمْ قال: الخدیعة من الله العذاب وإِذا قامُوا مع رسول الله ( صلی الله علیه و آله و سلم ) إِلَی الصَّلاةِ قامُوا کُسالی یُراؤُنَ النَّاسَ أنهم مؤمنون ولا یَذْکُرُونَ اللَّه إِلَّا قَلِیلًا مُذَبْذَبِینَ بَیْنَ ذلِکَ لا إِلی هؤُلاءِ ولا إِلی هؤُلاءِ أی لم یکونوا من المؤمنین ، ولم یکونوا من الیهود ((2)).

وقد جعل الله تعالی سورة کاملة للمنافقین لاثرهم السیء فی المجتمع الاسلامی ودسائسهم العظیمة وخیاناتهم المرة .

{مُذَبْذَبِینَ بَیْنَ ذَلِکَ لا إلَی هَؤُلاءِ وَلا إلَی هَؤُلاءِ وَمَنْ یُضْلِلِ اللّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِیلا143 } _سورة النساء.

مُذَبْذَبِینَ بَیْنَ ذَلِکَ لا إلَی هَؤُلاءِ وَلا إلَی هَؤُلاءِ: قال النّبیّ علیه السلام : مثل المنافق کمثل الشّاة العائرة بین الغنمین تفرّ الی هؤلاء مرّة و الی هذه مرّة لا تدری ایّهما تتبّع .

ص: 82

وَمَنْ یُضْلِلِ اللّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِیلا: منقذاً . أی ان الانسان لا یهتدی الی حیاة اذا أضله الله تعالی ویأتی هذا یأتی بعد ارتکاب العبد لذنوب کثیرة وخطیرة .

ویکفی لبیان خطر المنافقین انهم تسببوا فی خسارة الجیش الاسلامی فی معرکة أحد حیث انسحب ابو بکر وعمر وجماعتهما من ساحة الحرب .

جاء فی کتاب الصراط المستقیم للعاملی روایة صحیحة جاء فیها :

انَّ الشیخین (أبا بکر وعمر) هربا ورجع عمر وهو ینشف دموعه ویسأل علیاً العفو فقال له :ألست المنادی :قُتِل محمد ارجعوا الی أدیانکم .

فقال عمر :انما قاله أبو بکر .قال علی علیه السلام :انتما ومن تبعکما حینئذ حصب جهنم أنتم لها واردون ((1)).

وقال أنس بن مالک: لما کان یوم أحد حاص المسلمون حیصة قالوا :قُتِل محمد ((2)).

وجاء ذکر عمر فی الروایة الصحیحة والمتواترة المنسوبة الی أنس بن مالک :( إنتهی أنس بن النضر عمّ أنس بن مالک إلی عمر بن الخطاب وطلحة بن عبید الله فی رجال من المهاجرین والأنصار، وقد ألقوا بأیدیهم فقال :ما

ص: 83

یجلسکم ؟ قالوا قُتِل محمد رسول الله.قال أنس: فما تصنعون بالحیاة بعده، قوموا فموتوا علی ما مات علیه رسول الله، ثمَّ استقبل القوم فقاتل حتَّی قتل .

فنفهم بأن عمر وأبا بکر وأصحابهما کانوا فی وسط الجیش الاسلامی المنتصر وهناک صرخوا :قُتِل محمد ثم فروا صاعدین الی جبل الرماة (أحد) لانزالهم عن الجبل بتلک المؤامرة ،محدثین ثغرة فی صفوف الجیش الاسلامی ،استغلها خالد للنفوذ وقَتل حراس الجبل النازلین للتأکد من مقتل النبی والدفاع عن الدین .

العجیب ان أنس بن النضر سمع قول عمر وأصحابه :قُتل محمد والحرب مستمرة فطلب منهم العودة الی المعرکة وانقاذ النبی الا أنهم رفضوا قوله واستمروا فی قولهم الذی قالوه فی وسط الحرب :قُتِل محمد ارجعوا الی دینکم .

أی انهم قالوا تلک الجملة :قُتِل محمد فی وسط المعرکة وأربکوا جند المسلمین ،وکرروها بعد فرارهم لالقاء الیأس فی نفوس المسلمین الا أنَّ أنس بن النضر رفض قولهم ووبَّخهم وذهب الی الحرب فقاتل وقُتل .

ص: 84

وهذه الجملة الخطیرة :قُتِل محمد ذکرها کبار علماء السنة والشیعة منهم الواقدی والطبری وابن الاثیر والمفسر القمی وابن کثیر الاموی أحد طلاب ابن تیمیة وآخرون ((1)).

وسبب قولهم المذکور تواتر الروایة وشهرتها بحیث ذکرها طلاب ابن تیمیة الناصبی .

وقد شاهد خالدٌ عمرَ فاراً فی معرکة أحد فلم یقتله ((2))، ولم یقتله سعید بن العاص فی معرکة بدر ((3)) أیضاً ،ولم یقتله ضرار بن الخطاب الفهری الکافر فی معرکة الخندق أیضاً ،وقتل باقی المسلمین ((4)) .

وکرر المنافقون هذا العمل فی معرکة حنین اذ جاء :

قال صفوان بن أمیة فی حنین :نادی أحد المنافقین: قُتِل محمد واستراح الناس منه ((5)) ،متسببین فی هزیمة جیش المسلمین وکان أول الفارین

أبو بکر وعمر واصحابهما :وبین البخاری فرار عمر بوضوح :

ص: 85

قال البخاری فی صحیحه عن أبی قتادة الأنصاری:وانهزم المسلمون یوم حنین وانهزمت معهم، فإذا عمر بن الخطاب فی الناس (المنهزمین)، فقلت له: ما شأن الناس ؟ قال عمر :أمرُ الله ((1)).

وقال الواقدی فی مغازیه شاهدت أُمُّ الحارث الأنصاریة عمرَ یفرٌّ وهی تحارب فقالت: یا عمر ما هذا الفرار؟

فقال عمر: أمْرُ الله ((2)).

أی فر عمر وأصحابه وهم ینادون قُتل محمد فی حنین وبقیت المرأة أم الحارث تحارب الکافرین !!!

واضطرار البخاری لبیان هزیمة عمر فی الحرب ناجم عن تواتر الروایة المذکورة وصحتها وشهرتها فی الافاق ،ومن أبسط واجبات المسلم حفظ الامانة .والمثیر أن نصیحة أنس بن النضر وأم الحارث لم تنفع مع عمر أثناء معرکتی أحد وحنین .

ص: 86

لقد حاول عمر قتل النبی فی مکة قبل اسلامه فلم یتمکن وکان یؤذی رسول الله فقال له النبی ( صلی الله علیه و آله و سلم ): یا عمر ما تترکنی لیلا ولا نهاراً؟((1)).

ولقد سمَّی المؤرخون المهزومین بالمنافقین :قال الیعقوبی :قال المنافقون ((2)):قُتِل محمد ،واقتحم خالد بن الولید الثغرة فقتل عبد الله بن جبیر (رئیس الرماة) وجماعة من المسلمین ناشبة ،وفیه کانت هزیمة المسلمین ((3)).

{یَا أیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الکَافِرِینَ أوْلِیَاءَ مِنْ دُونِ المُؤْمِنِینَ أتُرِیدُونَ أنْ تَجْعَلُوا لِلّهِ عَلَیْکُمْ سُلْطَاناً مُبِیناً144 } _سورة النساء.

یَا أیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الکَافِرِینَ أوْلِیَاءَ مِنْ دُونِ المُؤْمِنِینَ: الخطاب السابق للمنافقین والخطاب الحالی للمؤمنین وهو تحذیر لهم من اتخاذ الکافرین قادة وسادة ورؤساء من دون المؤمنین .

وکان المسلمون قد ترکوا أئمة الحق خیر البریة الاثنی عشر وبایعوا غاصبی الخلافة ومحرفی الشریعة ومعاقری الخمر .

ص: 87

الطوسی: هذا خطاب للمؤمنین نهاهم الله ان یتخذوا الکافرین أولیاء وأنصارا من دون المؤمنین ، فیکونون مثلهم فی رکوب ما نهاهم الله عنه من موالاة أعدائه " أتریدون ان تجعلوا الله علیکم سلطانا مبینا " یعنی حجة ظاهرة . قال عکرمة ، کل ما فی القرآن من ذکر سلطان ، فمعناه حجة . وبه قال مجاهد والزجاج .

من دون المؤمنین فإنه صنیع المنافقین وشعارهم أتریدون أن تجعلوا لله علیکم سلطانا مبینا: حجة بینة فان موالاة الکافرین دلیل النفاق .

قال اللّه تعالی : " یا أیّها الّذین آمنوا ، لا تتّخذوا بطانة من دونکم ، لا یألونکم خبالا ، ودّوا ما عنتّم ، قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفی صدورهم أکبر ، قد بیّنا لکم الآیات إِن کنتم تعقلون * ها أنتم هؤلاء تحبّونهم ولا یحبّونکم ، وتؤمنون بالکتاب کلّه ، و إِذا لقوکم قالوا آمنّا وإِذا خلوا عضّوا علیکم الأنامل من الغیظ ، قل موتوا بغیظکم إِن اللّه علیم بذات الصدور ((1)) .

وقال: " یا أیّها الّذین آمنوا ، لا تتّخذوا الّذین اتّخذوا دینکم هزواً ولعباً من الّذین أوتوا الکتاب من قبلکم والکفّار أولیاء ، واتّقوا اللّه إِن کنتم مؤمنین " ((2)) .

ص: 88

وقال: " یا أیّها الذین آمنوا ، لا تتخذوا الکافرین أولیاء من دون المؤمنین ، أتریدون أن تجعلوا للّه علیکم سلطاناً مبیناً " ((1)) .

وقال: " یا أیّها الّذین آمنوا ، لا تتّخذوا عدوّی وعدوّکم أولیاء تلقون إِلیهم بالمودّة وقد کفروا بما جاءکم من الحقّ ، یخرجون الرسول وإیّاکم أن تؤمنوا باللّه ربّکم إِن کنتم خرجتم جهاداً فی سبیلی وابتغاء مرضاتی تسرّون إِلیهم بالمودّة وأنا أعلم بما أخفیتم وما أعلنتم ، ومن یفعله منکم فقد ضلّ سواء السبیل ((2)) .

وقال نجاح الطائی: وقد عمل الکثیر من الساسة وأحبار الدین تحت سلطة الغربیین فباعوا دینهم فی هذا المجال مقابل حمایة الغربیین لهم بالمال والاعلام والدعم السیاسی والعسکری والمعنوی .

وأصبح معروفا عند الامم بأن من یملک الاموال الکثیرة والدعم السیاسی والعسکری والاعلامی بانه عمیل وجاسوس غربی تحت أی لباس وعنوان وحزب کان .

ومن عادة القوی الکبری أن تشتری دین العملاء فیبیعون دینهم لهم مثلما باع الزبیر دینه لابی بکر وعمر مقابل أرضی الجرف والعقیق . فتحقق فیه القول الالهی : فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِهَا_النحل 94 .

ص: 89

قال الحموی السنی :أقطع ابو بکر الزبیر ما بین الجرف الی قناة وقال المدائنی :وقناة واد یاتی من الطائف ویصب فی الارحضیة ((1)).

وعرف عمر میله للمال والرشوة وعدم قبوله بالقلیل فأعطاه أرض العقیق ((2)) الکبیرة رشوة فاشتری دینه منه.

فأضحی الزبیر ثریاً جدّاً ومن أصحاب الملایین ولا یقبل عطیّة أقلّ من الجرف والعقیق((3)).

ویسمی البعض هؤلاء بخلفاء رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم ویدعو لوجوب اعادة المسلمین لعصر الخلافة یعنی عصر الرشوة واغتیال المعارضین من أمثال فاطمة سیدة نساء العالمین ÷ وسعد بن عبادة رئیس الانصار ومعاونه الحباب بن المنذر وبلال الحبشی وابی ذر وعبد الله بن مسعود والمقداد .

{ إنَّ المُنَافِقِینَ فِی الدَّرْکِ الأسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِیراً145 _سورة النساء.

وقال الله عزّ وجل: (إنَّ المُنَافِقِینَ فِی الدَّرْکِ الأسْفَلِ مِنَ النَّارِ)((4)) .

ص: 90

وأخرج الحافظ الشافعی أبو الحسن بن المغازلی الشافعی الواسطی فی مناقبه عن أبی إسحاق إبراهیم بن غسّان البصری إجازة بسنده المذکور , عن علی کرّم الله وجهه , قال: قال رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم :

الویل لظالمی أهل بیتی , عذابهم مع المنافقین فی الدرک الأسفل من النار((1)) .

وقال نجاح الطائی: لقد تلبس المنافقون بثوب الاسلام لغایات کثیرة , وکانت قریش الجاهلیة مشهورة بالاحتیالات والدسائس والمؤامرات والمکائد ویسمون الماکر منهم بالداهیة: فیقولون: دواهی العرب عمرو بن العاص والمغیرة بن شعبة ومعاویة .

والمنافقون هم المبغضون لعلی علیه السلام : وجاء الحدیث الذی لیس علیه لبس قول النبی صلی الله علیه و آله و سلم :

یا علی لا یحبک الا مؤمن تقی , ولا یبغضک الا منافق شقی , واخرج الترمذی عن ابی سعید الخدری قال: کنا نعرف المنافقین ببغضهم علیاً((2)).

ص: 91

وقد ابتلی رسول الله والامام علی صلوات الله علیهم بهؤلاء المنافقین فکان همهم معادات أهل البیت والافتراء علیهم وجمع الاعداء من کل الاتجاهات لمحاربتهم وقتل شیعتهم .

ص: 92

وفعلا اجتمع الاعراب والیهود والطلقاء وباقی المنافقین من کل المشارب لعزل أمیر المؤمنین عن خلافته وتولیة ابی بکر محله . ثم جاءوا بالحطب والنار لاحراق دار علی وفاطمة والحسن والحسین وهم أصحاب الکساء الذین خلق الباری الدنیا لهم .

ثم اجتمع هؤلاء المنافقون علی الحسین علیه السلام فی کربلاء فقتلوه عطاشا مظلوما مع اولاده وانصاره وأسروا أطفاله ونساءه , وأخذوهم أسری مقیدین بالسلاسل من کربلاء الی الشام , یجوبون بهم البلدان , ابتهاجا وافتخارا

بقتلهم ریحانة النبی صلی الله علیه و آله و سلم وسید شباب أهل الجنة .

وفی الاسری علی بن الحسین زین العابدین علیه السلام وکان شابا مریضا وفیهم الامام محمد الباقر علیه السلام وکان طفلا فی سن الثلاث سنین .

وفی الاسری زینب بنت فاطمة بنت رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم واولاد الحسین ونساءه.

ان هم المنافقین الاول والاخر افناء أهل البیت وشیعتهم وطمس تراثهم وتفضیل أعدائهم علیهم , وتکذیبهم وتفنید رسالتهم .

ویهدف المنافقون الی تحریف القول النبوی القرآنی بأن العدو هم الیهود والنصاری الی أن العدو هم الشیعة نصرة منهم للمشرکین وانتقاما من المؤمنین .

{إلا الَّذِینَ تَابُوا وَأصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللّهِ وَأخْلَصُوا دِینَهُمْ لِلّهِ فَاُوْلَئِکَ مَعَ المُؤْمِنِینَ وَسَوْفَ یُؤْتِ اللّهُ المُؤْمِنِینَ أجْراً عَظِیماً } 146 _سورة النساء.الا الذین تابوا من النفاق وتولوا ولایة الامام علی علیه السلام

ص: 93

واعتصموا بالله تعالی وأخلصوا أعمالهم لله سبحانه بعیدا عن الریاء ورضا الطغاة فیکونون فی صفوف المؤمنین .

وقد فرَّ محمد بن ابی بکر ومعاویة الثانی من ساحة العاصین لاهل البیت الی ساحة المعتصمین بهم , فانتقم منهم المنافقون بقتلهم لهم .

وسطع نجم معاویة الثانی بن یزید بنزوله عن سلطنة الامبراطوریة الامویة الکبیرة لصالح الامام علی بن الحسین علیه السلام زهدا منه فی الدنیا الفانیة , واعترافا منه ببیعة الغدیر وخلافة الائمة الخلفاء المعصومین .

واعتبر الامویون عمله اعترافا منه باغتصاب ابی بکر وعمر وعثمان ومعاویة ویزید للخلافة فسموه .

معاویة الثانی هو الملقّب بالراجع إلی الله ، تخلَّف ثلاثة أشهر وقیل أربعین یوماً ، وفی کتاب حبیب السّیر أنّه تخلَّف أیّاماً قلائل ثمّ صعد المنبر وخلع نفسه ، وقال فی کلامه: أیّها الناس قد نظرت فی أمورکم وفی أمری فإذا أنا لا أُصلح لکم والخلافة لا تصلح لی إذ کان غیری أحقّ بها منّی ویجب علیَّ أن أخبرکم به ، هذا علی بن الحسین بن علی بن أبی طالب ( علیه السلام ) زین العابدین لیس یقدر طاعن أن یطعن فیه ، وإن أردتموه فأقیموه علی أنّی أعلم أنّه لا یقبلها ((1)) .

ص: 94

فقد راسله وعرض الخلافة علیه ورفضها علیه السلام , وقد رفض الخلافة الامام جعفر الصادق علیه السلام عندما عرضها علیه ابو مسلم الخراسانی بعد قضائه علی الجیش الاموی .

وفی کتاب مجالس المؤمنین: إنّه (معاویة بن یزید) مصداق: { یُخْرِجُ الْحَیَّ مِنَ الْمَیِّتِ} ((1)) .

ومعاویة الثانی هو الذی ألح علی ابیه یزید للسماح لزین العابدین علیه السلام بالقاء خطبته أمام الحشود فی دمشق .

قال المدائنی: لما انتسب السجاد إلی النبی ( صلی الله علیه و آله و سلم ) قال یزید لجلوازه: أدخله فی هذا البستان واقتله وادفنه فیه, فدخل به إلی البستان وجعل یحفر والسجاد یصلی ، فلما هم بقتله ضربته ید من الهواء ، فخرَّ لوجهه وشهق ودهش ! فرآه خالد بن یزید ولیس لوجهه بقیة ، فانقلب إلی أبیه وقص علیه ، فأمر (یزید) بدفن الجلواز فی الحفرة وإطلاقه علیه السلام . وموضع حبس زین العابدین هو الیوم مسجد ) ((2)).

وقد سمع معاویة الثانی القصة والتقی بالامام زین العابدین علیه السلام فهداه الی الصراط المستقیم فاهتدی .

ص: 95

وهو فی بنی أُمیّة کمؤمن آل فرعون ، ونقل عن کتاب کامل البهائی أنّه صعد المنبر ولعن أباه وجدّه وتبرأ منهما ومن فعلهما ، فقالت امّه: یا بنی لیتک کنت حیضة فی خرقة ، فقال: وددت ذلک یا أُمّاه ، ثمّ سقی السمّ ، وکان له معلم شیعی فدفنوه حیّاً ((1)) .

ثمّ إنّ بنی اُمیّة قالوا لمؤدّبه (معلمه) عمر المقصوص: أنت علّمته هذا ولقّنته إیّاه، وصددته عن الخلافة، وزیّنت له حبّ علیّ وأولاده، وحملته علی ما وَسَمَنا به من الظلم، وحسّنت له البدع حتی نطق بما نطق وقال ما قال، فقال: واللَّه ما فعلته, ولکنّه مجبول ومطبوع علی حبّ علیّ، فلم یقبلوا منه ذلک، وأخذوه ودفنوه حیّاً حتی مات ((2)) .

ص: 96

وکتب المسعودیّ: ولمَّا حضرته الوفاة ، اجتمعتْ إلیه بنو أُمیَّة فقالوا: اعهدْ إلی مَن رأیتَ مِن أهل بیتک ، فقال: واللهِ ، ما ذقتُ حلاوة خلافتکم ، فکیف أتقلَّد وِزْرَها ؟! وتتعجَّلون أنتم حلاوتها ، وأتعجَّل مرارتها ! اللَّهمَّ إنِّی بریء منها ، مُتخلٍّ عنها .. فقالت له أمُُّه: لیتَک کنت حیضة ولم أسمع منک هذا الکلام ! فقال لها: لیتنی - یا أُمَّاه - خرقة حیض ولم أتقلَّد هذا الأمر ، أتفوز بنو أُمیَّة بحلاوتها ، وأبوء بوزرها ومنعِها أهلَه ((1)) ؟!

ص: 97

کلاَّ ، إنِّی لبریء منها ((1)) .

فکان شیعیا مخلصا فی منهجه الدینی وزهده فی الحیاة

کما قال سیده أمیر المؤمنین علی علیه السلام : ولألفیتم دنیاکم هذه أزهد عندی من عفطة عنز ((2)) .

النسب لفلان یکون بالایمان به والسیر علی منهجه والنسب الیه مثل انتساب یزید لمعاویة .

أما معاویة الثانی بن یزید فقد تخلی عن منهج وعقیدة أبیه والتحق بمنهج وعقیدة أهل البیت وتخلی عن العرش لصالحهم واستشهد فی سبیلهم , فهو أموی من أهل البیت .

فکان معاویة الثانی ومحمد بن ابی بکر مصداقان للایة المبارکة :

{إلا الَّذِینَ تَابُوا وَأصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللّهِ وَأخْلَصُوا دِینَهُمْ لِلّهِ فَاُوْلَئِکَ مَعَ المُؤْمِنِینَ وَسَوْفَ یُؤْتِ اللّهُ المُؤْمِنِینَ أجْراً عَظِیماً } 146 _سورة النساء.

وعن أبی حمزة ، قال: دخل سعد بن عبد الملک - وکان أبو جعفر الباقر علیه السلام یُسمِّیه ( سعدَ الخیر ) ، وهو من ولْدِ عبد العزیز بن مروان ، علی أبی جعفر ( علیه السلام ) . فبینا ینشج کما تنشج النساء قال له أبو جعفر ( علیه السلام ): ما یُبکیک یا سعد ؟!

قال: وکیف لا أبکی وأنا مِن الشجرة الملعونة فی القرآن .

ص: 98

فقال علیه السلام له: ( لستَ منهم ، أنت أُمویّ منَّا أهل البیت ، أمَا سمعتَ قولَ الله عزَّ وجلَّ یحکی عن إبراهیم ( علیه السلام ): ( ... فَمَنْ تَبِعَنِی فَإِنَّهُ مِنِّی ... ) ((1)) .

{ مَا یَفْعَلُ اللّهُ بِعَذَابِکُمْ إنْ شَکَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ وَکَانَ اللّهُ شَاکِراً عَلِیماً147 }_سورة النساء.

{ مَا یَفْعَلُ اللّهُ بِعَذَابِکُمْ } الله تعالی لا یود عذابکم فی جهنم . {إنْ شَکَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ وَکَانَ اللّهُ شَاکِراً عَلِیماً147 } وشرط النجاة من العذاب الشکر لله تعالی والایمان به ورسوله وشریعته وآخرته .

عن أمیر المؤمنین ( علیه السلام ) ، عن رسول الله ( صلی الله علیه و آله و سلم ) قال: من کانت فیه أربع خصال بنی الله له بیتاً فی الجنة ، من کانت عصمة أمره شهادة أن لا إله إلاّ الله ، وإذا أصابته نعمة حمد الله ، وإذا أذنب استغفر الله ، وإذا أصابته مصیبة استرجع ((2)) .

القلوب أربعة : ( الجعفریات ) ، أخبرنا محمد حدثنی موسی ، قال: حدثنی أبی ، عن أبیه ، عن جده جعفر بن محمد ، عن أبیه ، عن جده علی بن الحسین ، عن أبیه ، عن علی بن أبی طالب ( علیه السلام ) قال: قال رسول الله

ص: 99

( صلی الله علیه و آله و سلم ): القلوب أربعة: فقلب فیه إیمان ولیس فیه قرآن ، وقلب فیه قرآن وإیمان ، وقلب فیه قرآن ولیس فیه إیمان ، وقلب لا قرآن فیه ولا إیمان ، فأما القلب الذی فیه إیمان ولیس فیه قرآن کالثمرة طیّب طعمها لیس لها ریح ، وأما القلب الذی فیه قرآن ولیس فیه إیمان کالأشنة طیب ریحها خبیث طعمها ، وأما القلب الذی فیه قرآن وإیمان کجراب المسک إن فتح فتح طیباً وإن وعی وعی طیباً ، وأما القلب الذی لا قرآن فیه ولا إیمان کالحنظلة خبیث ریحها خبیث طعمها ((1)) .

خاطب الله ( تعالی ) بهذه الآیة المنافقین الذین تابوا وآمنوا ، وأصلحوا اعمالهم ، فقال: إن أنتم تبتم إلی الله وراجعتم الحق الواجب لله علیکم ، وشکرتموه علی نعمه وأخلصتم عبادته ، واعتصمتم به وترکتم ریاء الناس ، وآمنتم برسوله محمد صلی الله علیه و آله و سلم وصدقتم به ، وأقررتم بما جاء به من عند الله ما یصنع بعذابکم ، أی لا حاجة بالله إلی عذابکم ، وجعلکم فی الدرک الأسفل من جهنم ، لأنه لا یجتلب بعذابکم نفعا ، ولا یدفع عن نفسه ضررا ، لأنهما مستحیلان علیه .

وقال علی ( علیه السلام ): « أربع للمرء ، لا علیه: الإیمان ، والشکر ، فإن الله تعالی یقول: ما یَفْعَلُ اللَّه بِعَذابِکُمْ إِنْ شَکَرْتُمْ وآمَنْتُمْ ) ، والاستغفار ، فإنه قال: وما کانَ اللَّه لِیُعَذِّبَهُمْ وأَنْتَ فِیهِمْ وما کانَ اللَّه مُعَذِّبَهُمْ وهُمْ یَسْتَغْفِرُونَ ، والدعاء

ص: 100

، فإنه قال: ( قُلْ ما یَعْبَؤُا بِکُمْ رَبِّی لَوْ لا دُعاؤُکُمْ فَقَدْ کَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ یَکُونُ لِزاماً ) ((1)) .

یطلب الله تعالی من المذنبین الاستغفار والتوبة واصلاح أمورهم لتبیض صفحتهم ویدخلون الجنة .

وأن الله غنی لا یعذب شاکراً ولا مؤمناً .

{ لا یُحِبُّ اللّهُ الجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ القَوْلِ إلا مَنْ ظُلِمَ وَکَانَ اللّهُ سَمِیعاً عَلِیماً 148 }_سورة النساء.

{لا یُحِبُّ اللّهُ الجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ القَوْلِ} ابراز ظلم وعیوب الاخرین ومفاسدهم .

{إلا مَنْ ظُلِمَ } علی أیدیهم {وَکَانَ اللّهُ سَمِیعاً عَلِیماً148یسمع ویری ولا یقبل الافتراءات علی المؤمنین .

عن أبی عبد الله علیه السلام فی قول الله " لا یحب الله الجهر بالسوء من القول الا من ظلم " قال: من أضاف قوما فأساء ضیافتهم فهو ممن ظلم فلا جناح علیهم فیما قالوا فیه ((2)) .

ص: 101

عن الباقر علیه السلام " لا یحب الله الشتم فی الانتصار ( إلا من ظلم ) فلا بأس له أن ینتصر ممن ظلمه ، بما یجوز الانتصار به فی الدین " ((1)) .

قال فی الکتاب المذکور: ونظیره: " وانتصروا من بعد ما ظلموا " ((2)) .

وفی تفسیر علی ابن إبراهیم: وقوله تعالی " لا یحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم " أی لا یحب الله أن یجهر الرجل بالظلم والسوء ولا یظلم ، إلا من ظلم ، فقد أطلق له أن یعارضه بالظلم ((3)) .

وفی المجمع _ أیضا _ عن الصادق علیه السلام : أنه الضیف ینزل بالرجل فلا یتحسن ضیافته ، فلا جناح علیه أن یذکره بسوء ما فعله ((4)) .

وفی تفسیر العیاشی _ أیضا _ عنه علیه السلام فی هذه الآیة: من أضاف قوما فأساء ضیافتهم فهو ممن ظلم ، فلا جناح علیهم فیما قالوا فیه . وعنه علیه السلام : الجهر بالسوء من القول ، أن یذکر الرجل بما فیه ((5)) .

ص: 102

وفی بعض الاحیان یکون الظلم کبیرا أکبر من التقصیر فی ضیافة مثلا قام النواصب بافتعال مجازر ابادة للشیعة فی العراق فی طول مدة حکم صدام وما بعده فی مؤامرة غربیة صهیونیة سعودیة ترکیة .

والساسة تتفرج علی مذابح قتل الشیعة الرامی لقتل عشرین ملیون شیعی عراقی لا یندی جبینها ولا یتحرک قلبها ولا ینبض ضمیرها , وهمها الاعظم کنز الاموال والترف بلهو الدنیا وحلاة السلطان .

ولا یتحرک قادة السیاسة والدین والمجتمع لعمل مجالس احترام للشهداء ولا ترتیب مرتبات مالیة لایتامهم ودورا لسکناهم , ولا تتحرک تلک القوی المسرفة لکبح جماح النواصب المتربعین علی السلطة والانتقام منهم .

ومعظم الساسة وأحبار الدین غیر متقین وغیر عراقیین فلا دافع یحرکهم للانتقام للمظلومین , والامر الاخر انهم باعوا دینهم للمستکبرین مثلما باع ابن العاص دینه لمعاویة مقابل بقائهم فی مناصبهم ومبالغ مالیة عظیمة تدخل حساباتهم فی المصارف الغربیة .

وأصبحوا مثل أمراء السعودیین ومشایخ الوهابیین ورموز الفراعنة لا یهمهم الا راحتهم وملکهم ولهوهم وکنوزهم .

ولما بکی الامام علی علیه السلام فی مسجد الکوفة قالوا له: لماذا تبکی ؟ قال علیه السلام : أبکی علی قتل شیعتی فی العراق .

{إنْ تُبْدُوا خَیْراً أوْ تُخْفُوهُ أوْ تَعْفُوا عَنْ سُوء فَإنَّ اللّهَ کَانَ عَفُوّاً قَدِیراً149 } _سورة النساء.

ص: 103

اذا فعلتم خیرا أظهرتموه أو سترتموه أو تعفوا عن سوء فعلوه ضدکم فالعفو عن المؤمنین أفضل وأحسن . وهذه أخلاق الله تعالی فی العفو عن المسیئین: فَإنَّ اللّهَ کَانَ عَفُوّاً قَدِیراً .

حثّ سبحانه علی العفو ونسیان الماضی المر ، وأن لا یجهر أحد لأحد بسوء وإن کان علی وجه الانتصار ، حثّا علی الأحبّ إلیه والأفضل عنده ، فقال: ( إِنْ تُبْدُوا خَیْراً ) طاعة ومحبة واحسانا ، قولا وفعلا ( أَوْ تُخْفُوه ) أو تفعلوه سرّا ( أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ ) أی: تصفحوا عمّن أساء إلیکم مع قدرتکم علی أخذ حقکم والانتقام ممن ظلمکم .

ومما قاله فی تحریم الظلم: « أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَی الظَّالِمِینَ _ 44 الأعراف » . وقال فی الآیة التی نفسرها: ( لا یُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ ) .

و المعنی للایتین لا یذکر بعضکم بعضا بالعیوب والسیئات إلا من کان مظلوما فله أن یعلن ظلامته ، ویجهر بسیئات من ظلمه .

للمظلوم أن یقتص ویتظلم ، ولکن العفو وستر القبیح أفضل عند اللَّه وأعظم أجرا .

{إنَّ الَّذِینَ یَکْفُرُونَ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَیُرِیدُونَ أنْ یُفَرِّقُوا بَیْنَ اللّهِ وَرُسُلِهِ وَیَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْض وَنَکْفُرُ بِبَعْض وَیُرِیدُونَ أنْ یَتَّخِذُوا بَیْنَ ذَلِکَ سَبِیلا150 } _سورة النساء.

ص: 104

الایمان بالاسلام لا یتجزأ فهو یوجب الایمان بباقی الادیان والانبیاء وکل الاحکام . لکن البعض أعلنوا ایمانهم بالله تعالی لکنهم تنکروا لرسوله محمد صلی الله علیه و آله و سلم بصور مختلفة: عندما عین علیا علیه السلام خلیفة فی الغدیر قائلا:

«من کنت مولاه فهذا علی مولاه , اللهم والی من والاه , وعاد من عاداه , وانصر من نصره , واخذل من خذله , إن تمسَّکتم به لن تضلُّوا بعده أبداً» ((1)).

ص: 105

ص: 106

غضب الحارث الفهری من تنصیب الرسول صلی الله علیه و آله و سلم لعلی علیه السلام فی منصب الولایة العظمی وسأل الرسول قائلا: (هذا منک أم من الله ؟فقال الرسول صلی الله علیه و آله و سلم : من الله تعالی .

فقال الحارث: اللهم ان کان هذا هو الحق من عندک فامطر علینا حجارة من السماء او ائتنا بعذاب ألیم فأصابته حجارة من السماء فسقطت فی رأسه وخرجت من دبره وسقط میتا ((1)).

ص: 107

ونزل قوله تعالی (سأَلَ سَائِلٌ بعذاب واقع)((1)) .

وعندما قال النبی صلی الله علیه و آله و سلم : إئتونی بورقة ودواة لاکتب لکم کتاباً لن تضلوا بعده أبداً , فقال عمر: إن الرجل لیهجر ((2)) .

ص: 108

هاتان القضیتان مصداقان للایة القرآنیة المبارکة .

{اُوْلَئِکَ هُمُ الکَافِرُونَ حَقّاً وَأعْتَدْنَا لِلْکَافِرِینَ عَذَاباً مُهِیناً151 }

أعد الله تعالی للکافرین عذابا عظیما فی الجحیم لمخالفتهم الخالق سبحانه ورسوله الکریم .

{ وَالَّذِینَ آمَنُوا بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ یُفَرِّقُوا بَیْنَ أحَد مِنْهُمْ اُوْلَئِکَ سَوْفَ یُؤْتِیهِمْ اُجُورَهُمْ وَکَانَ اللّهُ غَفُوراً رَحِیماً 152 } _سورة النساء.

الایمان بالله تعالی ورسله شرط أساسی لقبول الاسلام .

{ وَلَمْ یُفَرِّقُوا بَیْنَ أحَد منهم }: لا یکونوا مثل الیهود یحبون النبی موسی علیه السلام ویفترون علی النبی عیسی علیه السلام .

{اُوْلَئِکَ سَوْفَ یُؤْتِیهِمْ اُجُورَهُمْ وَکَانَ اللّهُ غَفُوراً رَحِیماً}: یستلمون کافة أجورهم بما فعلوه من اعتقاد صحیح وافعال صالحة .

{فَقَدْ سَألُوا مُوسَی أکْبَرَ مِنْ ذَلِکَ فَقَالُوا أرِنَا اللّهَ جَهْرَةً فَأخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ ثُمَّ اتَّخَذُوا العِجْلَ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ البَیِّنَاتُ فَعَفَوْنَا عَنْ ذَلِکَ وَآتَیْنَا مُوسَی سُلْطَاناً مُبِیناً153 } _سورة النساء.

" فاخذتهم الصاعقة بظلمهم" یعنی فصعقوا بظلمهم أنفسهم عن سؤالهم موسی ان یریهم الله , لان ذلک مما هو مستحیل علیه تعالی وفی ذلک دلالة واضحة علی استحالة الرؤیة علیه ( تعالی ) واستعظام لتجویزها , لأنهم کانوا یکفرون به ویجحدونه ولم ینزل علیهم الصاعقة , فلما سألوا الرؤیة أنزلها علیهم .

ص: 109

صبر الله تعالی علی الکافرین عظیم اذ لم ینزل علیهم الصاعقة مع کفرهم لکنهم حینما طغوا فی البلاد وزادوا فی کفرهم الصریح بطلبهم أمرا مستحیلا علیه حینها نزل علیهم العذاب الالیم .

{ثُمَّ اتَّخَذُوا العِجْلَ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ البَیِّنَاتُ فَعَفَوْنَا عَنْ ذَلِکَ}

لقد طلبوا الرؤیة بعدما شاهدوا المعجزات الالهیة العشرة لموسی علیه السلام وهذا أمر عجیب . ولما أفاقوا من الصعقة اتخذوا العجل الهاً لهم فجاءهم موسی وکلمهم فعفا الله تعالی عنهم .

{ وَآتَیْنَا مُوسَی سُلْطَاناً مُبِیناً } آتی موسی علیه السلام سلطانا مبینا حیث سلطه علیهم وعلی السامری وعجله .

{وَرَفَعْنَا فَوْقَهُمُ الطُّورَ بِمِیثَاقِهِمْ وَقُلْنَا لَهُمْ ادْخُلُوا البَابَ سُجَّداً وَقُلْنَا لَهُمْ لا تَعْدُوا فِی السَّبْتِ وَأخَذْنَا مِنْهُمْ مِیثَاقاً غَلِیظاً154 }_سورة النساء.

{وَرَفَعْنَا فَوْقَهُمُ الطُّورَ } اسم الجبل الذی ناجی علیه النبی موسی علیه السلام ربه {بِمِیثَاقِهِمْ } لمخالفتهم عهدهم فی طاعة موسی علیه السلام والتوراة { وَقُلْنَا لَهُمْ ادْخُلُوا البَابَ سُجَّداً } ناکسی رؤوسکم طائعین {وَقُلْنَا لَهُمْ لا تَعْدُوا فِی السَّبْتِ } لا تصطادوا السمک فی یوم السبت {وَأخَذْنَا مِنْهُمْ مِیثَاقاً غَلِیظاً _سورة النساء. فی الاعتقاد والعمل لعصیانهم المستمر لله ورسوله .

ومن المعاجز الالهیة الحدید : یقول العلماء.. ان الحدید لم یتکون من داخل الأرضکغیره من المعادن.. وانما نزل من السماء عند تکوین

ص: 110

الأرض.. المفاجأة ستحصل عند معرفة ان الحدید لم یتکون حتی داخل مجموعتنا الشمسیة وانما خارجها..

فتکوین الحدید یستلزم طاقة غیر موجودة علی الأرضولا حتی فی المجموعة الشمسیة..!! یکفی ان نعرفان الاندماج النووی اللازم لتکوین ذرات الحدید یستلزم درجة حرارة تقدرب ٥ بلایین درجة مؤیة..!

وهذه الحرارة غیر متوفرة حتی فی الشمس.. -یبلغ درجة سطحها ٦٠٠٠ درجة و مرکزها ملیون درجة..!

یتکون قلب الأرض"مرکز الکرة الأرضیة"* من الحدید.. وجود الحدید بنسبة کبیرة هناک هو ما یعطی للکرة الأرضیة مجالها المغناطیسی الذی یحافظ علی غلافها الجوی ویحمیها من الأشعة فوق البنفسجیة المنبعثة من الشمس..! فلولاه لانتهتالحیاة علی کوکبالأرض..!

{فَبَِما نَقْضِهِمْ مِیثَاقَهُمْ وَکُفْرِهِمْ بِآیَاتِ اللّهِ وَقَتْلِهِمُ الأنْبِیَاءَ بِغَیْرِ حَقٍّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللّهُ عَلَیْهَا بِکُفْرِهِمْ فَلا یُؤْمِنُونَ إلا قَلِیلا 155 }_سورة النساء.

{فَبَِما نَقْضِهِمْ مِیثَاقَهُمْ } میثاقهم الموقع وعهدهم بالدین {وَکُفْرِهِمْ بِآیَاتِ اللّهِ } الکثیرة التی شاهدوها عند موعن أبی عبد الله علیه السلام فی قول الله " لا یحب الله الجهر بالسوء من القول الا من ظلم " قال: من أضاف قوما فأساء ضیافتهم فهو ممن ظلم فلا جناح علیهم فیما قالوا فیه .سی علیه السلام وعلی رأسها الایات العشرة .{وَقَتْلِهِمُ الأنْبِیَاءَ بِغَیْرِ حَقٍّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ } لا

ص: 111

تستقبل الموعظة والنصیحة {بَلْ طَبَعَ اللّهُ عَلَیْهَا بِکُفْرِهِمْ } فلا یفقهون شیئاً {فَلا یُؤْمِنُونَ إلا قَلِیلا155 } .

{ وَبِکُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَی مَرْیَمَ بُهْتَاناً عَظِیماً 156 }_سورة النساء.

{وَبِکُفْرِهِمْ } بالدین {وَقَوْلِهِمْ عَلَی مَرْیَمَ بُهْتَاناً عَظِیماً } رموها بالمنکر للقضاء علی دین عیسی علیه السلام , قال الامام علی علیه السلام : العداوة تمحق الدین , فکیف بالیهود الفاقدین للدین .

اتهم الیهود مریم العذراء بالزنا مع یوسف النجار فکذبهم الله تعالی وبرأ مریم من الزنا ((1)) .

واتهمت عائشة ماریا القبطیة زوجة النبی صلی الله علیه و آله و سلم بالزنا فبرأها الله تعالی فی آیة الافک .

ثم اختلقت عائشة قضیة الافک لنفسها واتهمت آخرین بالافتراء علیها وان آیات الافک نزلت فی حقها . مما یعنی انها افترت مرتین: مرة علی ماریا وابنها ابراهیم . ومرة علی آیات الافک وعلی بعض الصحابة .

: البهتان الذی نهوا عنه فی الآیة قذف المحصنات والکذب علی الناس .

ومما روی وورد من فضائل الامام علی( علیه السلام ) فی حدیث المقدسی ما یغنی سماعه عما سواه ، وهو ما حکی لنا أنه کان رجل من أهل بیت

ص: 112

المقدس ، ورد إلی مدینة رسول الله ( صلی الله علیه و آله و سلم ) وهو حسن الثیاب ، ملیح الصورة ، فزار حجرة النبی صلی الله علیه و آله و سلم .

وقد قصد المسجد ، ولم یزل ملازما له ، مشتغلا بالعبادة صائم النهار ، وقائم اللیل ، وذلک فی زمن خلافة عمر بن الخطاب .

حتی کان أعبد الخلق ، والخلق تتمنی أن تکون مثله وکان عمر یأتی إلیه ، ویسأله أن یکلفه حاجة .

فیقول له المقدسی: الحاجة إلی الله تعالی ، ولم یزل علی ذلک حتی عزم الناس علی الحج .

فجاء المقدسی إلی عمر ، وقال: یا أبا حفص ، قد عزمت علی الحج ، وعندی أمانة أحب أن تستودعها منی إلی حین عودی من الحج .

قال عمر: هات الودیعة فأحضر الشاب حقا من عاج ، علیه قفل من حدید ، مختوم بخاتم الشاب فتسلمه منه ، وخرج الشاب مع الوفد ، وخرج عمر إلی مقدم الوفد . وقال: أوصیک بهذا الغلام ، وجعل عمر یودع الشاب . وقال للمقدم علی الوفد: استوص بهذا المقدسی ، وعلیک به خیرا .

وکان فی الوفد امرأة من الأنصار فما زالت تلاحظ المقدسی وتنزل به حیث نزل .

فلما کان فی بعض الأیام دنت منه فقالت: یا شاب ، إنی لأرق لهذا الجسم الناعم المترف کیف یلبس الصوف ؟

قال لها: یا هذه جسم یأکله الدود ، ومصیره إلی التراب ، هذا له کثیر .

ص: 113

قالت له: إنی أغار علی هذا الوجه المضئ تشعثه الشمس .

فقال لها: یا هذه اتقی الله فقد أشغلتینی عن عبادة الله .

فقالت له: لی إلیک حاجة ، فإن قضیتها فلا کلام ، وإن لم تقضها فلا أنا بتارکتک حتی تقضیها لی . فقال: وما حاجتک ؟

قالت: حاجتی أن تواقعنی ، فزجرها وخوفها الله تعالی ، فلم یردعها بذلک .

فقالت: والله لئن لم تفعل ما آمرک به ، لأرمینک فی داهیة من دواهی النساء

ومکرهن ، فلا تنجو منها .

فلم یلتفت إلیها ، ولم یعبأ بکلامها .

فلما کان فی بعض اللیالی ، وقد سهر من کثرة عبادة ربه ، ثم رقد فی آخر اللیل وغلب علیه النوم ، فأتته وتحت رأسه مزادة فیها زاده ، فانتزعتها من تحت رأسه ، وطرحت فیها کیسا فیه خمسمائة دینار ، ثم أعادت المزادة تحت رأسه .

فلما نزل الوفد ، قامت الملعونة ، وقالت: أنا بالله وبالوفد ، أنا امرأة مسکینة ، وقد سرقت نفقتی ومالی ، وأنا مستجیرة بالله وبکم .

فجلس مقدم الوفد ، وأمر رجلین من المهاجرین أن یفتشا الوفد . ففتشا الوفد فلم یجدا شیئا فی الوفد ، ولم یبق أحد إلا وفتش رحله ، فأخبروا مقدم الوفد بذلک ، فقالت: یا قوم ، ما یضرکم لو فتشتم رحل هذا الشاب فله أسوة بالمهاجرین ، وما یدریکم أن ظاهره ملیح وباطنه قبیح ، ولم تزل المرأة علی ذلک ، حتی حملتهم علی تفتیش رحله ، فقصده جماعة من بین

ص: 114

الوفد ، وهو قائم یصلی ، فلما رآهم أقبل علیهم وقال: ما بالکم وما حاجتکم ؟

فقالوا له: هذه الامرأة الأنصاریة ذکرت أنها قد سرق لها نفقة کانت معها ، وقد فتشنا رحال القوم بأسرها ، ولم یبق منهم غیرک .

نحن لا نتقدم إلی رحلک إلا بإذنک ، لما سبق إلینا من وصیة عمر فیما یعود إلیک . فقال: یا قوم ، ما یضرنی ذلک ففتشوا ما أحببتم ، وهو واثق من نفسه . فلما نفض المزاد التی فیها زاده ، فوقع منها الهمیان .

فصاحت الملعونة: الله أکبر ، هذا والله کیسی ومالی ، فیه کذا وکذا دینار ، وفیه عقد من لؤلؤ وزنه کذا وکذا .

فاختبروه فوجدوه کما قالت الملعونة .

فمالوا علیه بالضرب الوجیع والشتم ، وهو لا یرد جوابا ، فسلسلوه وقادوه

راجلا إلی مکة .

فقال لهم: یا وفد الله ، بحق هذا البیت ما تصدقتم علی وترکتمونی أقضی الحج ، وأشهد الله تعالی ورسوله بأنی إذا قضیت عدت إلیکم ، وترکت یدی فی أیدیکم ، فأوقع الله الرحمة فی قلوبهم فأحلفوه .

فلما قضی مناسک الحج ، وما وجب علیه من الفرائض عاد إلی القوم وقال لهم: ها أنا قد عدت ( إلیکم ) فترکوه ، ورجع الوفد طالبا مدینة الرسول الله ( صلی الله علیه و آله و سلم ) ، فأعوزت تلک المرأة الملعونة الزاد فی بعض الطریق ، فوجدت راعیا فسألته الزاد ، فقال لها: عندی ما تریدین ، غیر أنی لا أبیعه فإن رأیت

ص: 115

أن تمکنینی من نفسک ، ففعلت ما طلب وأخذت منه زادا .فلما انحرفت عنه اعترض لها إبلیس وقال لها: یا فلانة ، أنت حامل ؟ فقالت: ممن ؟

قال: من الراعی . فصاحت: وا فضیحتاه ، فقال لها: لا تخافی مع رجوعک إلی الوفد ، قولی لهم :

إنی سمعت قراءة المقدسی ، فقربت منه فلما غلب علی النوم ، دنا منی فواقعنی ، ولم أتمکن من الدفاع عن نفسی بعد وقد حملت وأنا امرأة من الأنصار ، وخلفی جماعة من أهل الیمن .

ففعلت الملعونة ما أشار إلیها به إبلیس لعنه الله ، فلم یشکوا فی قولها لما عاینوا من قبل أخذ المال من رحله ، فعکفوا علی الشاب المقدسی ، وقالوا: یا هذا ، ما کفاک السرقة حتی فسقت بها ، وأوجعوه ضربا وشتما وسبا ، وأعادوه إلی السلسلة وهو لا یرد جوابا ، فلما قربوا من المدینة خرج عمر ومعه جماعة من المهاجرین والأنصار للقاء الوفد .

فلما قرب الوفد منه ، لم یکن له همة إلا السؤال عن المقدسی فقال :

یا أبا حفص ، ما أغفلک عن المقدسی ! فقد سرق وفسق وقصوا علیه القصة ، فأمر باحضاره بین یدیه وهو مسلسل .

فقال: یا ویلک یا مقدسی ، تبطن فیک بخلاف ما یظهر ، فضحک الله تعالی .

والله لأنکلن بک أشد النکال ، وهو لا یرد جوابا .

واجتمع الخلق ، وازدحم الناس لینظروا ما یفعل به .

وإذا بنور قد سطع فتأملوه ، فإذا هو عیبة علم النبوة علی بن أبی طالب

ص: 116

( علیه السلام ) .

فقال: ما هذا الرهج فی مسجد رسول الله ( صلی الله علیه و آله و سلم ) ؟

فقالوا: یا أمیر المؤمنین ، إن الشاب المقدسی قد سرق وفسق .

فقال علی ( علیه السلام ): والله ما سرق ، ولا فسق ، ولا حج أحد غیره .

فلما سمع عمر کلامه قام قائما علی قدمیه وأجلسه موضعه ، فنظر إلی الشاب المقدسی وهو مسلسل مطرق إلی الأرض ، والإمرأة قاعدة .

فقال لها أمیر المؤمنین ( علیه السلام ): أنا مجلی المشکلات ، وکاشف الکربات . ویلک قصی علی قصتک ، فأنا باب عیبة العلم فقالت :

یا أمیر المؤمنین ، إن هذا الشاب قد سرق مالی ، وقد شاهده الوفد فی مزادته ، وما کفاه حتی کنت لیلة من اللیالی قریبة منه فاستغرقنی بقراءته ، فدنا منی ووثب إلی وواقعنی ، وما ملکت من المدافعة عن نفسی خوفا من الفضیحة ، وقد حملت منه .

فقال علی ( علیه السلام ): کذبت یا ملعونة فیما ادعیتیه .

یا أبا حفص ، إن هذا الشاب مجبوب ، لیس معه إحلیل ، وإحلیله فی حق من عاج . ثم قال: یا مقدسی أین الحق ؟

فعند ذلک رفع طرفه فقال: یا مولای ، من علم بذلک یعلم أین هو الحق ، فالتفت علی ( علیه السلام ) إلی عمر ، وقال: یا أبا حفص ، قم فهات ودیعة الشاب .

ص: 117

فأرسل عمر فأحضر الحق بین یدی أمیر المؤمنین ( علیه السلام ) ، ففتحوه فإذا فیه خرقة من حریرة فیها إحلیله ، فعند ذلک قال الإمام: قم یا مقدسی فقام ، فقال: جردوه من أثوابه لتحقق من اتهمته بالفسق ، فجردوه من أثوابه ، فإذا هو مجبوب ، فعند ذلک ضج العالم ، فقال لهم: اسکتوا واسمعوا منی حکومة أخیرنی بها رسول الله ( صلی الله علیه و آله و سلم ) .

ثم قال: ویلک یا ملعونة ، اجتریت علی الله تعالی ، ویلک أما أتیت إلیه ، وقلت له: کیت وکیت ، فلم یجبک فی ذلک فقلت: والله لأرمینک فی حیلة من حیل النساء ، لا تنجو منها ؟

فقالت: بلی ، یا أمیر المؤمنین ، کان کذلک ، ثم قال علیه السلام : ثم إنک استنومتیه حتی نام وترکت الکیس فی مزادته ، قالت: نعم یا أمیر المؤمنین ، فقال ( علیه السلام ): اشهدوا علیها . ثم قال: حملک هذا من الراعی الذی طلبت منه الزاد ، فقال لک: لا أبیع الزاد ، وهو کذا وکذا ، فقالت: صدقت یا أمیر المؤمنین ، فضج الناس ، فسکتهم علی علیه السلام .

وقال لها: لما فارقت الراعی وقف لک شیخ صفته کذا وکذا ، فناداک وقال لک: یا فلانة ، أنت حامل من الراعی ، فصرخت وقلت: وا سوأتاه ، فقال: لا بأس علیک قولی للوفد: إن المقدسی اشتهی منی وواقعنی وقد حملت منه ، فیصدقوک لما ظهر لهم من سرقته .

فقالت: نعم ، فقال الإمام أتعرفین ذلک الشیخ ؟ فقالت: لا .

فقال: ذلک إبلیس لعنه الله ، فتعجب الناس من ذلک ، فقال عمر :

ص: 118

یا أبا الحسن ، ما ترید أن تفعل بها ؟ فقال: اصبروا حتی تضع حملها تجدوا من ترضعه یحفر لها فی مقابر الیهود ، وتدفن إلی نصفها ، وترجم بالحجارة ففعل بها ذلک کما أمر مولانا أمیر المؤمنین ( علیه السلام ) .

وأما المقدسی فلم یزل ملازما لمسجد رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم إلی أن توفی . فعند ذلک قام عمر ، وهو یقول: لولا علی لهلک عمر ثم انصرف الناس وقد تعجبوا من حکومة علی ( علیه السلام ) ((1)).

{ وَقَوْلِهِمْ إنَّا قَتَلْنَا المَسِیحَ عِیسَی ابْنَ مَرْیَمَ رَسُولَ اللّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَکِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإنَّ الَّذِینَ اخْتَلَفُوا فِیهِ لَفِی شَکٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْم إلا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ یَقِیناً157 } _سورة

النساء.

{وَقَوْلِهِمْ إنَّا قَتَلْنَا المَسِیحَ عِیسَی ابْنَ مَرْیَمَ رسول الله }.

افتخر الیهود بقتلهم النبی عیسی علیه السلام فکذَّبهم الله تعالی , وادعی عمر وصحبه انَّ النبی یهجر ((2)) فهو مجنون فکذَّبهم سبحانه بقوله:

ص: 119

(وان یکاد الذین کفروا لیزلقونک بأبصارهم لما سمعوا الذکر ویقولون إنَّه لمجنون وما هو الا ذکر للعالمین) .

{وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَکِنْ شُبِّهَ لَهُمْ } .

وضع الله شبه عیسی علیه السلام علی المصلوب فصلبوه متصورین انه عیسی علیه السلام

{وَإنَّ الَّذِینَ اخْتَلَفُوا فِیهِ } قُتل أو لم یقتل {لَفِی شَکٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْم إلا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ یَقِیناً } 157.

ص: 120

نصب علی المصدریة , وهو اخبار الهی .

{بَلْ رَفَعَهُ اللّهُ إلَیْهِ وَکَانَ اللّهُ عَزِیزاً حَکِیماً158 } _سورة النساء.

لینزل عیسی علیه السلام الی جانب الامام المهدی علیه السلام ویقتص من الیهود القتلة الکافرین و الوهابیین الخوارج.

و" قال أمیر المؤمنین ( علیه السلام ): یا مالک بن ضمرة ، کیف أنت إذا اختلفت الشیعة هکذا _ وشبک أصابعه وأدخل بعضها فی بعض ؟

فقلت: یا أمیر المؤمنین ، ما عند ذلک من خیر ؟قال: الخیر کله عند ذلک یا مالک ، عند ذلک یقوم قائمنا فیقدم سبعین رجلا یکذبون علی الله وعلی رسوله ( صلی الله علیه و آله و سلم ) فیقتلهم ، ثم یجمعهم الله علی أمر واحد " ((1)) .

{وَإنْ مِنْ أهْلِ الکِتَابِ إلا لَیُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَیَوْمَ القِیَامَةِ یَکُونُ عَلَیْهِمْ شَهِیداً159 }_سورة النساء.

{وَإنْ مِنْ أهْلِ الکِتَابِ إلا لَیُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ } .

قال الإمام علی علیه السلام : إنه لا یموت میت حتی یشاهده علیه السلام حاضراً عنده فی قبره قائلا:

یا حار همدان من یمت یرنی _ من مؤمن أو منافق قُبلا

یعرفنی طرفه وأعرفه _ بعینه واسمه وما فعلا

أقول للنار وهی توقد للعرض _ ذریه لا تقربی الرجلا

ص: 121

ذریه لا تقربیه إنَّ له _ حبلا بحبل الوصی متَّصلا

المعتزلی: قال المعتزلی: ولیس هذا بمستنکر إن صح أنه علیه السلام قاله عن نفسه ففی الکتاب العزیز ما یدل علی أنَّ أهل الکتاب لا یموت منهم میت حتی یصدِّق بعیسی بن مریم علیه السلام بقوله تعالی:

(وَإنْ مِنْ أهْلِ الکِتَابِ إلا لَیُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَیَوْمَ القِیَامَةِ یَکُونُ عَلَیْهِمْ شَهِیداً)((1)) .

قد یقلل الشخص غیر العالم من منزلة الإمام علی علیه السلام لکن اذا قرأ الآیات القرآنیة والاحادیث النبویة وصل الی الحقیقة .

{وَیَوْمَ القِیَامَةِ یَکُونُ } الامام علی علیه السلام {عَلَیْهِمْ شَهِیداً 159 }.

ص: 122

عن المفضل بن محمد قال: سألت أبا عبد الله علیه السلام عن قول الله {وَإنْ مِنْ أهْلِ الکِتَابِ إلا لَیُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ } .

فقال: هذه نزلت فینا خاصة ، انه لیس رجل من ولد فاطمة یموت ولا یخرج من الدنیا حتی یقر للامام بإمامته کما أقر ولد یعقوب لیوسف حین قالوا "{ تالله لقد آثرک الله علینا }" ((1)) .

و عن ابن سنان عن أبی عبد الله علیه السلام فی قول الله فی عیسی علیه السلام " {وان من أهل الکتاب الا لیؤمنن به قبل موته ویوم القیمة یکون علیهم شهیدا }" فقال: ایمان أهل الکتاب إنما هو بمحمد صلی الله علیه و آله و سلم ((2)) .

وعن المشرقی عن غیر واحد فی قوله: " وان من أهل الکتاب الا لیؤمنن به قبل موته " یعنی بذلک محمد صلی الله علیه و آله و سلم انه لا یموت یهودی ولا نصرانی أحد حتی یعرف انه رسول الله وانه قد کان به کافرا ((3)).

ص: 123

وعن جابر عن أبی جعفر علیه السلام فی قوله: " وان من أهل الکتاب الا لیؤمنن به قبل موته ویوم القیمة یکون علیهم شهیدا " قال: لیس من أحد من جمیع الأدیان یموت الا رأی رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم وأمیر المؤمنین علیه السلام حقا من الأولین و الآخرین ((1)) .

وعن شهر بن حوشب قال قال لی الحجاج بان آیة فی کتاب الله قد أعیتنی ، فقلت أیها الأمیر أیة آیة هی ؟

فقال قوله: {وَإنْ مِنْ أهْلِ الکِتَابِ إلا لَیُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ } والله انی لآمر بالیهودی والنصرانی فیضرب عنقه ثم أرمقه بعینی فما أراه یحرک شفتیه حتی یخمد ، فقلت أصلح الله الأمیر لیس علی ما تأولت .

قال کیف هو ؟

ص: 124

قلت إن عیسی علیه السلام ینزل قبل یوم القیامة إلی الدنیا فلا یبقی أهل ملة یهودی ولا نصرانی إلا آمن به قبل موته ویصلی خلف المهدی علیه السلام .

قال: ویحک انی لک هذا ومن أین جئت به ، فقلت حدثنی به محمد بن علی بن الحسین بن علی بن أبی طالب علیهم السلام .

فقال الحجاج: جئت بها والله من عین صافیة ((1)) .

لقد آمن الحجاج بولایة عیسی علیه السلام وصلاته خلف المهدی ابن فاطمة علیه السلام مثلما آمن عمر بامامة علی علیه السلام بقوله: علی مولای ومولی کل مسلم ومسلمة ومن لیس بمولاه لیس بمسلم ((2)) .

ص: 125

تعلم هذا من النبی صلی الله علیه و آله و سلم القائل فی علی علیه السلام : انت وصیی فی أهلی وخلیفتی فی أمتی ((1)) .

ص: 126

{فَبِظُلْم مِنَ الَّذِینَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَیْهِمْ طَیِّبَات اُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِیلِ اللّهِ کَثِیراً160 } _سورة النساء.

{ فَبِظُلْم مِنَ الَّذِینَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَیْهِمْ طَیِّبَات اُحِلَّتْ لَهُمْ }: لظلم الیهود للبشریة ولانفسهم حُرمت علیهم بعض الاطعمة:

قوله: وعلی الذین هادوا حرمنا کل ذی ظفر ومن البقر والغنم حرمنا علیهم شحومهما .

اذ کانوا یعصون الله تعالی باستمرار .

{وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِیلِ اللّهِ کَثِیراً160 }: ردعهم الناس عن الایمان بالله تعالی ومنعهم فعل الخیر .

فلا یسمحون لعباد الله تعالی بالحیاة حیاة کریمة فیها اعتقاد بالباری تعالی مع فعل الخیرات . وکانت مؤامراتهم وحروبهم قد حولت البلدان الی جحیم لا یطاق , وجعلت المدن العامرة خرابا تسکنه الحیوانات السائبة وطیور البوم .

وقد بین القرآن نشرهم للحروب فی العالم بقوله تعالی:

ص: 127

}ُ کلَّمَا أوْقَدُوا نَاراً لِلْحَرْبِ أطْفَأهَا اللّهُ وَیَسْعَوْنَ فِی الأرْضِ فَسَاداً وَاللّهُ لا یُحِبُّ المُفْسِدِینَ 64 } ((1)) .

وأصبحوا معادین للنبی صلی الله علیه و آله و سلم والامام علی علیه السلام .

و روی الحافظ الحسکانی الحنفی , عن فرات , بإسناده المذکور , عن نجم , عن أبی جعفر , قال نجم: سألته عن قول الله تعالی:(قُلْ هَذِهِ َسبِیلِی)طریقتی وسبیلی ذاک رسول الله وأمیر المؤمنین والأوصیاء من بعدهم {أدْعُو إلَی اللّهِ علی بَصِیرَة } . قال أبو جعفر الباقر علیه السلام : (ومن اتبعنی) ((2)): علی بن أبی طالب ((3)) .

{وَأخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأکْلِهِمْ أمْوَالَ النَّاسِ بِالبَاطِلِ وَأعْتَدْنَا لِلْکَافِرِینَ مِنْهُمْ عَذَاباً ألِیماً161 } _سورة النساء.

{وَأخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ }الیهود أول من حلل الربا وعمل به فعطلوا العمل الصالح وأوقفوا العمل بسنَّة القروض .

ولو طبقت الحکومات والناس فریضة القروض الالهیة لانتعشت الصناعة والزراعة والتجارة فی البلدان ولمحیت عاهة البطالة .

ص: 128

{وَأکْلِهِمْ أمْوَالَ النَّاسِ بِالبَاطِلِ } مثل الرشوة والسرقة تحت عناوین مختلفة {وَأعْتَدْنَا لِلْکَافِرِینَ مِنْهُمْ عَذَاباً ألِیماً }161: وعد الله تعالی الکافرین المخالفین للشریعة الالهیة العذاب الشدید فی ظلمات الجحیم .

{لَکِنِ الرَّاسِخُونَ فِی العِلْمِ مِنْهُمْ وَالمُؤْمِنُونَ یُؤْمِنُونَ بِمَا اُنزِلَ إلَیْکَ وَمَا اُنزِلَ مِنْ قَبْلِکَ وَالمُقِیمِینَ الصَّلاةَ وَالمُؤْتُونَ الزَّکَاةَ وَالمُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالیَوْمِ الآخِرِ اُوْلَئِکَ سَنُؤْتِیهِمْ أجْراً عَظِیماً 162}_سورة النساء.

{لَکِنِ الرَّاسِخُونَ فِی العِلْمِ مِنْهُمْ }. ورد فی الروایة الصحیحة انهم أهل البیت فهم مدینة العلم:

قال االخلیفة علی علیه السلام : «أین الذین زعموا أنّهم الراسخون فی العلم دوننا کذباً وبغیاً علینا , أن رفعنا الله ووضعهم , وأعطانا وحرمهم , وأدخلنا وأخرجهم((1)) .

وقال النبی محمد صلی الله علیه و آله و سلم عن اهل البیت: «أولوا العلم والراسخون فی العلم , ومدینة العلم والعلماء((2)) .

ص: 129

وقال تعالی: (فَسَْألُواْ أَهْلَ الذِّکْرِ إِنْ کُنتُمْ لاَتَعْلَمُونَ)((1)).

الطبری والثعلبی وابن کثیر: قال علی علیه السلام : «نحن اهل الذکر ».وهو الماثور عن سائر أئمة الهدی من أهل البیت (علیهم السلام )((2)).

ص: 130

وقد أخطأ البعض فی التفسیر: قال الطبرسی: الراسخون فی العلم علماء الیهود مثل عبد الله بن سلام ((1)).

بینما کان أحبار الیهود فاسقین یعرفون فن الدجل والمکر والنفاق وسرقة الاموال واستعباد العباد مثل باقی حواشی علماء البلاط .

سألوا الحسین بن علی بن أبی طالب علیه السلام : زعموا أنَّ الّذی عنده علم الکتاب عبد الله بن سلام , فقال: (انّما ذلک علی بن أبی طالب علیه السلام , وکذلک قال ذلک محمّد بن الحنفیَّة((2)) .

ص: 131

وکان عبد الله بن سلام الیهودی وزیراً لعثمان ینهب مال الله وعباده مثل باقی السارقین فهاج الصحابة علیهم فی ثورة اسلامیة عارمة .

وقد أرسله عثمان مبعوثاً لارضاء الصحابة المعارضین والثائرین له فرفضوه وطردوه .

قال ابن أعثم: فنادوه من کل جانب: کذبت یا یهودی((1)).

ابن شبة: قال أهل المدینة عن عبد الله بن سلام: کَذَبَ الیهودی کَذِبَ الیهود((2)) .

اذن کان الصحابة فی عاصمة النبوة والخلافة یعتقدون بأن عبد الله بن سلام یهودیا غادرا کاذبا منافقا , فکیف لم یطالع البعض هذه النصوص الکثیرة فی کتب التفسیر والحدیث والتاریخ والانساب ؟

لقد مدح بعض المفسرین مثل عبد الله شبر عبد الله بن سلام فی تفاسیرهم بانه الراسخون فی العلم دون اطلاع منه فی معنی الایة وسیرة الصحابة المعاندین لاهل البیت علیهم السلام .

ص: 132

وکان فی زمن عمر بن الخطاب اربعة یهود یدَّعون الإسلام کذبا أولهم کعب الأحبار وثانیهم عبد الله بن سلام والولید بن عقبة بن أبی معیط((1)) وزید بن ثابت وهم یکیدون الاسلام ویحاربون أهل البیت وینصرون الامویین علی کفرهم .

وروی کعب الاحبار وعبد الله بن سلام عن التوارة: فی السطر الأول: محمد رسول الله عبده المختار , لا فظ ولا غلیظ ولا صخاب بالاسواق , ولا یجزی بالسیئة السیئة , ولکن یعفو ویغفر , مولده بمکَّة وهجرته بطیبة , وملکه بالشام((2)) .

وهکذا صوَّر کعب وابن سلام حکم معاویة خلافة للنبی ( صلی الله علیه و آله و سلم ) ؟ ! بینما کان حکمه أمویا جاهلیا معادیا لرسول الله صلی الله علیه و آله و سلم , وهذا الامر یبین تحریفه للحدیث النبوی ونصره للامویین ومعاداته لاهل البیت علیهم السلام ..

وعن أکاذیب عبد الله بن سلام وسعیه لنشر التوراة: قال الدکتور أحمد أمین: اتَّصل بعض الصحابة بوهب بن منبه وکعب الأحبار وعبد الله بن سلام , واتَّصل التابعون بابن جریج وهؤلاء کانت لهم معلومات یروونها عن

ص: 133

التوراة والإنجیل وشروحها وحواشیها , فلم یر المسلمون بأساً من أن یقصُّوها بجانب آیات القرآن فکانت منبعاً من منابع التضخم((1)) أی الکذب.

وبینما کان زید بن ثابت من أُصول یهودیة وهو علی القضاء کان الولید بن عقبة بن أبی معیط الیهودی الأصل والسیرة والیاً علی عرب الجزیرة ((2)).

وکان کعب الأحبار الیهودی مرجع الحکومة الدینی بأمر عمر بن الخطاب , وقد بقی هؤلاء مع عبد الله بن سلام الیهودی إلی أواخر أیام حیاتهم موالین لعثمان ومعاویة ومعادین لأمیر المؤمنین علی بن أبی طالب علیه السلام متآمرین علیه !

وکان کعب الاحبار وعبد الله بن سلام من الذین امتنعوا عن بیعة أمیر المؤمنین علی علیه السلام

فکانوا علنا فی صفوف المخالفین له والمبغضین له والمؤیدین لبنی أمیة .

قال ابن شهاب الزهری: ولم یبایعه علیه السلام قدامة بن مظعون وعبدالله بن سلام والمغیرة بن شعبة ((3)).

ص: 134

وجاء أیضاً فی روایة بأنّ سعد بن أبی وقّاص وعبد الله بن عمر وصُهیب الرومی ، وسلمة بن وقش ، وأُسامة بن زید لم یبایعوا علیاً ((1)). ولم یبایعه سعید بن زید العدوی .

ورافع بن خدیج الأنصاری ومحمد بن مسلمة الأنصاری وزید بن ثابت الأنصاری وأبی هریرة وأبی الدرداء ((2)) .

وکان عنوان عبد الله بن عمر علی امتداد هذه الأحداث ، من عثمان إلی عبد الملک بن مروان هو: " لا أقاتل ،

وأصلی وراء من غلب " ((3)) .

وکان علی امتداد هذا الزمان لا یأتی أمیر إلا صلی خلفه ، وأدی إلیه زکاة ماله ((4)).

وقال أمیر المؤمنین علی بن أبی طالب علیه السلام لعبدالله بن عمر: إنّک ما علمتُ لسیئ الخلق صغیراً وکبیراً((5)).

ص: 135

وکان زید بن ثابت یهودیا فسموه بالانصاری لاخفاء ماضیه , وفی زمن معاویة کان علی دیوان المدینة . . . وکان عبد الملک بن مروان من الذین یقولون بقول زید ، وکان مروان بن الحکم المنافق الوزغ بقول النبی صلی الله علیه و آله و سلم یهتم کثیرا بزید بزید فأجلس له قوما خلف ستر ، فأخذ یسأله ، وهم یکتبون فنظن لهم زید ، فقال: یا مروان اعذر ، إنما أقول برأیی .

ذکر الجزری انّ زیداً کان عثمانیاً ، ولم یشهد مع علی شیئاً من حروبه ، وکان یظهر فضل علیّ وتعظیمه .

وسرعان ما خرج زید من اعتزاله وانضم إلی حکومة معاویة ، ورویت عنه

الروایات الموضوعة فی مدح معاویة ومدح أهل الشام ! قال الذهبی فی سیر أعلام النبلاء ج 3 ص 129 :

( عن زید بن ثابت: دخل النبی علیه السلام علی أم حبیبة ، ومعاویة نائم علی فخذها ، فقال: أتحبینه ؟ قالت: نعم . قال: لله أشد حبا له منک له ، کأنی أراه علی رفارف الجنة ) .

وروی عنه أحمد فی مسنده ج 5 ص 184 :

( . . . عن ابن شماسة عن زید بن ثابت قال بینما نحن عند رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم یوما حین قال طوبی للشام طوبی للشام . قلت ما بال الشام ؟ قال الملائکة باسطوا أجنحتها علی الشام ((1)) .

ص: 136

و ( کان زید عثمانیاً ، ولم یشهد مع الامام علی علیه السلام شیئاً من حروبه ) ((1)).

وقد قطع أمیر المؤمنین علیه السلام العطاء عمن لم یشهد معه ، وأقامهم مقام أعراب المسلمین ((2)) .

و ( کان زید عثمانیاً یحرض الناس علی سب أمیر المؤمنین علیه السلام ) ((3)) .

و ( کان عثمان یحب زید بن ثابت ) ((4)) .

وکان أحد الأربعة الذین نصروا عثمان ، ولم ینصره من الصحابة غیرهم((5))

ویظهر من البلاذری: أنه کان أحد المهاجمین لبیت فاطمة÷ بعد شهادة رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم ((6)) .

وکان علی قضاء عثمان ((7)) ، وعلی بیت المال والدیوان له ((8)) .

ص: 137

وکان عثمان یستخلفه علی المدینة ((1)) .

وکان یذب عن عثمان ، حتی رجع لقوله جماعة من الأنصار . . ((2)) .

وقد قال للأنصار: إنکم نصرتم رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم ؛ فکنتم أنصار الله ، فانصروا خلیفته تکونوا أنصاراً لله مرتین ؛ فقال الحجاج بن غزیة: والله ، إن تدری هذه البقرة الصیحاء ما تقول إلخ . .

وفی نص آخر: أن سهل بن حنیف أجابه ؛ فقال: یا زید ، أشبعک عثمان من عضدان المدینة ؟ _ والعضیدة: نخلة قصیرة ، ینال حملها ((3)) .

ص: 138

وکان بنو عمرو بن عوف قد أجلبوا علی عثمان ، وکان زید یذب عنه ؛ فقال له قائل منهم: وما یمنعک ؟ ! ما أقل والله من الخزرج من له من عضدان العجوة مالک ! .

فقال زید: اشتریت بمالی ، وقطع لی إمامی عمر . وقطع لی إمامی عثمان .

فقال له ذلک الرجل: أعطاک عمر عشرین ألف دینار ؟ .

قال: لا ، ولکن کان عمر یستخلفنی علی المدینة ، فوالله ، ما رجع من مغیب قط إلا قطع لی حدیقة من نخل ((1)) .

وهذا یبین الفساد المالی لحکومتی عمر وعثمان فی اعطائها الاراضی والبساتین لزید الیهودی وتقطع العطاء عن أم سلمة وأم أیمن والمعارضین لهما وتغتصب فدک من فاطمة بنت محمد صلی الله علیه و آله و سلم .

وقال النبی: یا علی لا یحبک الا مؤمن ولا یبغضک الا منافق((2)) .

ص: 139

و قال النبی صلی الله علیه و آله و سلم : یا علی لا یحبک إلاّ مؤمن طاهر المولد ولا یبغضک إلاّ ابن زنا ((1)) .

{وَالمُؤْمِنُونَ یُؤْمِنُونَ بِمَا اُنزِلَ إلَیْکَ } یا محمد أی القرآن الکریم {وَمَا اُنزِلَ مِنْ قَبْلِکَ } التوراة والانجیل .

ص: 140

{وَالمُقِیمِینَ الصَّلاةَ وَالمُؤْتُونَ الزَّکَاةَ وَالمُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالیَوْمِ الآخِرِ } من صفات المؤمنین انهم یزکون أنفسهم ویؤمنون بیوم القیامة .

{اُوْلَئِکَ سَنُؤْتِیهِمْ أجْراً عَظِیماً162 } _سورة النساء.

فی یوم القیامة فی جنان النعیم وعلی سرر متقابلین .

{ إنَّا أوْحَیْنَا إلَیْکَ کَمَا أوْحَیْنَا إلَی نُوح وَالنَّبِیِّینَ مِنْ بَعْدِهِ وَأوْحَیْنَا إلَی إبْرَاهِیمَ وَإسْمَاعِیلَ وَإسْحَاقَ وَیَعْقُوبَ وَالأسْبَاطِ وَعِیسَی وَأیُّوبَ وَیُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَیْمَانَ وَآتَیْنَا دَاوُودَ زَبُوراً 163} _سورة النساء.

وقال تعالی: { وَکَذَلِکَ أوْحَیْنَا إلَیْکَ رُوحاً مِنْ أمْرِنَا مَا کُنْتَ تَدْرِی مَا الکِتَابُ وَلا الإیمَانُ } _سورة الشوری 52 .

الوحی یکون بارسال ملک من قبل الله سبحانه الی الموحی الیه من الانبیاء .

الطبرسی: وقیل: انه جبرائیل . والروح: ملک فی السماء من أعظم من خلق الله ، فإذا کان یوم القیامة وقف صفا ، والملائکة کلهم صفا .

والروح: روح الانسان . وقال ابن عباس: فی الانسان روح ونفس . فالنفس: هی التی یکون فیها التمییز والکلام . والروح: هو الذی یکون به الغطیط والنفس ، فإذا نام العبد خرجت نفسه ، وبقی روحه ، وإذا مات خرجت نفسه وروحه معا ((1)) .

ص: 141

( روحا من أمرنا ) یعنی الوحی بأمرنا ، ومعناه القرآن ، لأنه یهتدی به ، ففیه حیاة من موت الکفر ، عن قتادة والجبائی وغیرهما .

وقیل: هو روح القدس ، عن السدی .

وقیل: هو ملک أعظم من جبرائیل ومیکائیل ، کان مع رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم ، عن أبی جعفر ، وأبی عبد الله علیه السلام قالا: ولم یصعد إلی السماء ، وإنه لفینا ((1)) . فی الکافی عن الصادق علیه السلام قال :خلق من خلق الله عز وجل أعظم من جبرئیل ومیکائیل کان مع رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم یخبره ویسدده وهو مع الأئمة علیهم السلام من بعده وفی روایة منذ أنزل الله ذلک الروح علی محمد صلی الله علیه و آله و سلم ما صعد إلی السماء وإنه لفینا ((2)) .

رأی الامام الباقر علیه السلام فی الموضوع :

قال الإمام الباقر علیه السلام : الخیرات: الولایة ((3)).

و قال تعالی: (وَجَعَلْنَاهُمْ أئِمَّةً یَهْدُونَ بِأمْرِنَا )_سورة الانبیاء 73 . لا بأمر الناس (وَأوْحَیْنَا إلَیْهِمْ فِعْلَ الخَیْرَاتِ وَإقَامَ الصَّلاةِ وَإیتَاءَ الزَّکَاةِ وَکَانُوا لَنَا عَابِدِینَ)

.سورة الأنبیاء 21 / 73 .

ص: 142

وقال الإمام الباقر علیه السلام : یعنی الأئمة من ولد فاطمة علیهم السلام یوحی الیهم بالروح فی صدورهم ثم ذکر ما أکرمهم الله به فقال: (فِعْلَ الخَیْرَاتِ)((1)) .

وقال نجاح الطائی: هذا یعنی ان الائمة لا تحجبهم واسطة عن الله تعالی فهو سبحانه یوحی الیهم مباشرة فی صدورهم .

{کَمَا أوْحَیْنَا إلَی نُوح وَالنَّبِیِّینَ مِنْ بَعْدِهِ وَأوْحَیْنَا إلَی إبْرَاهِیمَ وَإسْمَاعِیلَ وَإسْحَاقَ وَیَعْقُوبَ وَالأسْبَاطِ } واحدها سبط وهو ولد الولد , وهم اثنا عشر{وَعِیسَی } .

ألحق النبی عیسی علیه السلام بذریة الانبیاء من قبل أمه مریم ÷ کما ألحق الحسن والحسین من قبل أمهما فاطمة بنت محمد÷ .

{وَأیُّوبَ وَیُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَیْمَانَ وَآتَیْنَا دَاوُودَ زَبُوراً163 }: الکتاب المدوَّن .

الایة: { إنَّا أوْحَیْنَا إلَیْکَ کَمَا أوْحَیْنَا إلَی نُوح وَالنَّبِیِّینَ مِنْ بَعْدِهِ وَأوْحَیْنَا إلَی إبْرَاهِیمَ وَإسْمَاعِیلَ وَإسْحَاقَ وَیَعْقُوبَ وَالأسْبَاطِ وَعِیسَی وَأیُّوبَ وَیُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَیْمَانَ وَآتَیْنَا دَاوُودَ زَبُوراً 163} _سورة النساء.

بینت الایة المبارکة أن الله تعالی أوحی الی الانبیاء والاوصیاء ومنهم هارون

وان الوحی غیر محدود بالانبیاء کما یتوهم البعض .

ص: 143

وقال النبی محمد صلی الله علیه و آله و سلم : علی منی مثل هارون من موسی ((1)) .

ص: 144

وان الوحی القرآنی لموسی وهارون یثبت الوحی الالهی لمحمد وعلی .

ص: 145

وقال تعالی: { اذْهَبْ أنْتَ وَأخُوکَ بِآیَاتِی وَلا تَنِیَا فِی ذِکْرِی 42*اذْهَبَا إلَی فِرْعَوْنَ إنَّهُ طَغَی43* فَقُولا لَهُ قَوْلا لَیِّناً لَعَلَّهُ یَتَذَکَّرُ أوْ یَخْشَی 44*قَالا رَبَّنَا إنَّنَا نَخَافُ أنْ یَفْرُطَ عَلَیْنَا أوْ أنْ یَطْغَی45* قَالَ لا تَخَافَا إنَّنِی مَعَکُمَا أسْمَعُ وَأرَی 46*فَأتِیَاهُ فَقُولا إنَّا رَسُولا رَبِّکَ } 47

سورة طه .

ولم یقل موسی لهارون انه رسول ربک بل قال: انه وهارون رسولا ربک .

فیمکن أن نقول ذلک فی محمد صلی الله علیه و آله و سلم وعلی علیه السلام وهو متن قرآنی یؤیده المتن الحدیثی .

· وَهُوَ الَّذِی جَعَلَ لَکُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِی ظُلُمَاتِ البَرِّ وَالبَحْرِ قَدْ فَصَّلْنَا الآیَاتِ لِقَوْم یَعْلَمُونَ 97_الانعام.

· وَإنَّهُ لَذُو عِلْم لِمَا عَلَّمْنَاهُ وَلَکِنَّ أکْثَرَ النَّاسِ لا یَعْلَمُونَ68_یوسف

· رَبَّنَا وَابْعَثْ فِیهِمْ رَسُولا مِنْهُمْ یَتْلُو عَلَیْهِمْ آیَاتِکَ وَیُعَلِّمُهُمُ الکِتَابَ وَالحِکْمَةَ وَیُزَکِّیهِمْ إنَّکَ أنْتَ العَزِیزُ الحَکِیمُ129_البقرة.

· إنَّا أوْحَیْنَا إلَیْکَ کَمَا أوْحَیْنَا إلَی نُوح وَالنَّبِیِّینَ مِنْ بَعْدِهِ وَأوْحَیْنَا إلَی إبْرَاهِیمَ وَإسْمَاعِیلَ وَإسْحَاقَ وَیَعْقُوبَ وَالأسْبَاطِ وَعِیسَی وَأیُّوبَ وَیُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَیْمَانَ وَآتَیْنَا دَاوُودَ زَبُوراً 163_النساء.

· وَأوْحَیْنَا إلَی مُوسَی أنْ ألْقِ عَصَاکَ فَإذَا هِیَ تَلْقَفُ مَا یَأفِکُونَ 117_الاعراف.

· فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَأجْمَعُوا أنْ یَجْعَلُوهُ فِی غَیَابَةِ الجُبِّ وَأوْحَیْنَا إلَیْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأمْرِهِمْ هَذَا وَهُمْ لا یَشْعُرُونَ15_یوسف.

· نَحْنُ نَقُصُّ عَلَیْکَ أحْسَنَ القَصَصِ بِمَا أوْحَیْنَا إلَیْکَ هَذَا القُرْآنَ وَإنْ کُنتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الغَافِلِینَ 3_یوسف.

· فَأوْحَیْنَا إلَیْهِ أنِ اصْنَعِ الفُلْکَ بِأعْیُنِنَا وَوَحْیِنَا فَإذَا جَاءَ أمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ فَاسْلُکْ فِیهَا مِنْ کُلٍّ زَوْجَیْنِ اثْنَیْنِ وَأهْلَکَ إلا مَنْ سَبَقَ عَلَیْهِ القَوْلُ مِنْهُمْ وَلا تُخَاطِبْنِی فِی الَّذِینَ ظَلَمُوا إنَّهُمْ مُغْرَقُونَ27_المؤمنون.

· 79*وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوس لَکُمْ لِتُحْصِنَکُمْ مِنْ بَأسِکُمْ فَهَلْ أنْتُمْ شَاکِرُونَ 80_الانبیاء .

ص: 147

هذا التعلیم الالهی للانسان واضح فی هذه القضیة والقضایا الاخری مما یبین مساعدته له فی صناعة الحدید والکهرباء والنسیج وکل الصناعات الاخری .

ولا یلتفت الکافرون والمنافقون الی الفضل الالهی علی الناس فی الدنیا ویرجعون کل شیء الی حرکة الانسان فیها .

وهذا من الاخطاء الکبیرة اذ لولا الفطرة الالهیة وحرکة الانبیاء لعاش الناس کالحیوانات فیها بدون سمو ورقی وحضارة .

{ وَرُسُلا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَیْکَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَیْکَ وَکَلَّمَ اللّهُ مُوسَی تَکْلِیماً 164}_سورة النساء.

الخطاب الالهی للنبی محمد صلی الله علیه و آله و سلم :

{وَرُسُلا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَیْکَ مِنْ قَبْلُ } فی مکة وأسماؤهم فی الآیات 84 , 85 , 86. .

{وَرُسُلا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَیْکَ } لکثرتهم واکتفاء الفائدة بهذا العدد المذکور منهم فی القرأن {وَکَلَّمَ اللّهُ مُوسَی تَکْلِیماً164 }.

لما کلم الله موسی تکلیما وانزل علیه الألواح وفیها کما قال الله تعالی: وکتبنا له فی الألواح من کل شئ موعظة وتفصیلا لکل شئ رجع موسی إلی بنی إسرائیل فصعد المنبر فأخبرهم ان الله قد أنزل علیه التوراة وکلمه قال فی نفسه ما خلق الله خلقا اعلم منی فأوحی الله إلی جبرئیل ان أدرک موسی فقد هلک وأعلمه ان عند ملتقی البحرین عند الصخرة رجلا أعلم

ص: 148

منک فصر إلیه وتعلم من علمه , فنزل جبرئیل علی موسی علیه السلام وأخبره فذل موسی فی نفسه وعلم أنه أخطأ ودخله الرعب وقال لوصیه یوشع بن نون: إن الله قد أمرنی ان أتبع رجلا عند ملتقی البحرین وأتعلم منه , فتزود یوشع حوتا مملوحا وخرجا فلما خرجا وبلغا ذلک المکان وجدا رجلا مستلقیا علی قفاه فلم یعرفاه .

فأخرج وصی موسی الحوت وغسله بالماء ووضعه علی الصخرة ومضیا ونسیا الحوت وکان ذلک الماء ماء الحیوان فحی الحوت ودخل فی الماء فمضی موسی ویوشع معه حتی عشیا فقال موسی لوصیه ( آتنا غداءنا لقد لقینا من سفرنا هذا نصبا ) ای عناءا فذکر وصیه السمک فقال لموسی: إنی نسیت الحوت علی الصخرة فقال موسی: ذلک الرجل الذی رأیناه عند الصخرة هو الذی نریده فرجعا علی ( آثارهما قصصا ) ای عند الرجل وهو فی صلاته فقعد موسی حتی فرغ من صلاته فسلم علیهما .

حدثنی محمد بن علی بن بلال عن یونس قال: اختلف یونس وهشام بن إبراهیم فی العالم الذی أتاه موسی علیه السلام أیهما کان اعلم وهل یجوز أن یکون علی موسی حجة فی وقته وهو حجة الله علی خلقه فقال قاسم الصیقل: فکتبوا ذلک إلی أبی الحسن الرضا علیه السلام یسألونه عن ذلک فکتب فی الجواب: اتی موسی العالم فأصابه وهو فی جزیرة من جزائر البحر إما جالسا وإما متکئا فسلم علیه موسی فأنکر السلام إذ کان بأرض لیس فیها سلام قال: من أنت ؟

ص: 149

قال: أنا موسی بن عمران , قال: أنت موسی بن عمران الذی کلمه الله تکلیما ؟ قال: نعم .

قال: فما حاجتک ؟ قال: جئت ان تعلمن مما علمت رشدا قال: إنی وکلت بأمر لا تطیقه ووکلت أنت بأمر لا أطیقه , ثم حدثه العالم بما یصیب آل محمد من البلاء وکید الأعداء حتی اشتد بکاؤهما ثم حدثه العالم عن فضل آل محمد حتی جعل موسی یقول یا لیتنی کنت من آل محمد , وحتی ذکر فلانا وفلانا وفلانا ((1))ومبعث رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم إلی قومه وما یلقی منهم ومن تکذیبهم إیاه وذکر له من تأویل هذه الآیة " ونقلب أفئدتهم وأبصارهم کما لم یؤمنوا به أول مرة " حین أخذ المیثاق علیهم فقال له موسی: ( هل أتبعک علی أن تعلمن مما علمت رشدا )((2)) .

وقد جاء عمر بکعب الاحبار الیهودی لیقصی القصص فی المسجد الأموی ثلاث مرات فی الاسبوع((3)) .

ولم یلتق کعب بالنبی صلی الله علیه و آله و سلم وامتنع من المجیء للمدینة للقاء به وبقی محاربا عنیدا له مثلما حارب احبار الیهود الانبیاء .

ص: 150

وجاء عمر بتمیم الداری النصرانی لیقص ثلاث مرات فی الاسبوع فأصبحت الحصص ست مرات فی الاسبوع الواحد لتحل قصصهما محل القصص القرآنیة النبویة .

قال ابن شبة: وأذن عمر لتمیم أن یقصَّ فی یوم السبت أیضاً , إذ قال: سنجمعهم علی قاصٍّ یقصُّ لهم فی یوم سبت مرَّة إلی مثلها من الآخر , فأُمِّر تمیم الداری ((1)) .

ومنع عمر الامام علیا علیه السلام من الموعظة فی المسجد الأموی وهو مرجع وخلیفة وامام المسلمین بالنص الالهی والنبوی .

وسار معاویة علی هذا المنهج فجعل کعب الاحبار الیهودی مرجعا وقاصا فی الشام

فی زمن عثمان یقص قصص التوراة المزورة .

وهذا البلاء الذی نعیشه فی عالم الحدیث والتراث صُنع فی تلک الایام .

{رُسُلا مُبَشِّرِینَ وَمُنذِرِینَ لِئَلا یَکُونَ لِلنَّاسِ عَلَی اللّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَکَانَ اللّهُ عَزِیزاً حَکِیماً165 } _سورة النساء.

الواجب ارسال الرسل للانسانیة بالبینات تنذرهم إن هم کفروا وارتکبوا الحرام وانذارهم بانزال العقاب بالمخالفین .

ص: 151

{ لِئَلا یَکُونَ لِلنَّاسِ عَلَی اللّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ }: کی لا یقول الناس: لم نعرف الایمان والتوحید والنبوة والامامة والمعاد لذلک کفرنا وارتکبنا الکبائر وقتلنا النفس التی حرم الله تعالی .

{ لَکِنِ اللّهُ یَشْهَدُ بِمَا أنزَلَ إلَیْکَ أنزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالمَلائِکَةُ یَشْهَدُونَ وَکَفَی بِاللّهِ شَهِیداً166_سورة النساء.

{لَکِنِ اللّهُ یَشْهَدُ بِمَا أنزَلَ إلَیْکَ } القرآن علی قلب النبی محمد صلی الله علیه و آله و سلم {أنزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالمَلائِکَةُ یَشْهَدُونَ } یشهد الله تعالی والملائکة بذلک {وَکَفَی بِاللّهِ شَهِیداً166 } هل یمکن للکفار أن یکذبوا یوم القیامة مثلما یکذبون الحقائق والوقائع فی الدنیا ؟ اذا کذَّبوا أو لم یکذبوا عندها یحدث الاتی: { یَوْمَ تَشْهَدُ عَلَیْهِمْ ألْسِنَتُهُمْ وَأیْدِیهِمْ وَأرْجُلُهُمْ بِمَا کَانُوا یَعْمَلُونَ _سورة النور 24 } .

{ إنَّ الَّذِینَ کَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِیلِ اللّهِ قَدْ ضَلُّوا ضَلالا بَعِیداً167} _سورة النساء. کفروا بالدین وانکروا التوحید الالهی وعبدوا الاصنام مثل اللات والعزی والاشخاص مثل نمرود وفرعون .

{وَصَدُّوا عَنْ سَبِیلِ اللّهِ} منعوا العمل الصالح بکل وجوهه وعلی رأسه أهل البیت منعوهم من طرح منهجهم وارساء قواعدهم .

{ قَدْ ضَلُّوا ضَلالا بَعِیدا} خسروا خسرانا مبینا .

ص: 152

قال علیه السلام فی قول الله تعالی: ( الذین کفروا وصدوا عن سبیل الله أضل اعمالهم ) ((1)) .

قال: یعنی صدوا عن ولایة علی علیه السلام ، وعلی علیه السلام هو السبیل وقال فی قول الله تعالی: ( الذین کفروا وظلموا لم یکن الله لیغفر لهم ولا لیهدیهم طریقا ، إلا طریق جهنم ) ((2)) .

قال: الذین کفروا بولایة علی علیه السلام وظلموا آل محمد ، لا یهدیهم الله إلی ولایتهم ولا ( یتولون ) إلا أعداءهم الذین هم الطریق إلی جهنم ((3)) .

{ إنَّ الَّذِینَ کَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ یَکُنِ اللّهُ لِیَغْفِرَ لَهُمْ وَلا لِیَهْدِیَهُمْ طَرِیقاً168 } _سورة النساء.

: الذین جمعوا الکفر والظلم حیث أشرکوا بالله العزیز وظلموا عباد الرحمن لن یغفر تعالی لهم ذنوبهم ولا یهدیهم الی الایمان .

عن ] أبی جعفر ( علیه السلام ) ، قال: « نزل جبرئیل ( علیه السلام ) بهذه الآیة هکذا ( إِنَّ الَّذِینَ کَفَرُوا وظَلَمُوا ) آل محمد حقهم ( لَمْ یَکُنِ اللَّه لِیَغْفِرَ لَهُمْ ولا لِیَهْدِیَهُمْ طَرِیقاً إِلَّا طَرِیقَ جَهَنَّمَ خالِدِینَ فِیها أَبَداً وکانَ ذلِکَ عَلَی اللَّه یَسِیراً ) ، ثم قال: ( یا أَیُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَکُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِنْ رَبِّکُمْ ) فی ولایة

ص: 153

علی ( فَآمِنُوا خَیْراً لَکُمْ وإِنْ تَکْفُرُوا ) بولایة علی ( فَإِنَّ لِلَّه ما فِی السَّماواتِ والأَرْضِ ) .

العیاشی: عن أبی حمزة الثمالی ، قال: سمعت أبا جعفر ( علیه السلام ) یقول: « نزل جبرئیل بهذه الآیة هکذا ( إِنَّ الَّذِینَ کَفَرُوا وظَلَمُوا ) آل محمد حقهم ( لَمْ یَکُنِ اللَّه لِیَغْفِرَ لَهُمْ ولا لِیَهْدِیَهُمْ طَرِیقاً ) إلی قوله

( یَسِیراً ) ثم قال: ( یا أَیُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَکُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِنْ رَبِّکُمْ ) فی ولایة علی ( فَآمِنُوا خَیْراً لَکُمْ وإِنْ تَکْفُرُوا ) بولایته ( فَإِنَّ لِلَّه ما فِی السَّماواتِ والأَرْضِ وکانَ اللَّه عَلِیماً حَکِیماً ) » ((1)) .

{إلا طَرِیقَ جَهَنَّمَ خَالِدِینَ فِیهَا أبَداً وَکَانَ ذَلِکَ عَلَی اللّهِ یَسِیراً169}

دربهم الوحید ومستقرهم الاکید الخالد . ولم یکن الله لیغفر لهم ولا لیهدیهم طریقا إلا طریق جهنم خالدین فیها أبدا وکان ذلک علی الله یسیرا .

قال: الذین کفروا بولایة علی علیه السلام وظلموا آل محمد ، ولا یهدیهم الله إلی ولایتهم ولا ( یتولون ) إلا أعداءهم الذین هم الطریق إلی جهنم .

سلیمان الدیلمی ، عن أبی عبد الله جعفر بن محمد علیه السلام ، قال: لما نصب رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم علیا ، وقال: من کنت مولاه فعلی مولاه ، افترق الناس فی ذلک ثلاث فرق ، فرقة قالوا: ضل محمد ، وفرقة قالوا: غوی ، وفرقة قالوا: قال محمد فی ابن عمه بهواه .

ص: 154

فأنزل الله تعالی: ( والنجم إذا هوی ما ضل صاحبکم وما غوی و ما ینطق عن الهوی إن هو إلا وحی یوحی علمه شدید القوی ) ((1)) .

الکافی: الحسین بن محمد عن المعلی عمن أخبره عن علی بن جعفر قال :

سمعت أبا الحسن علیه السلام یقول: لما رأی رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم : تیما وعدیا وبنی أمیة یرکبون منبره أفظعه فأنزل الله تبارک وتعالی قرآنا یتأسی به: ( وإذ قلنا للملائکة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبلیس أبی ) ثم أوحی إلیه: یا محمد إنی أمرت فلم اطع فلا تجزع أنت إذا أمرت فلم تطع فی وصیک ((2)) .

قیل: إنّ جماعة من الیهود دخلوا علی رسول اللَّه صلی الله علیه و آله و سلم فقال النبیّ لهم: إنّی أعلم أنّکم تعلمون أنّی رسول اللَّه . فقالوا: ما نعلم ذلک ولا نشهد به . فأنزل اللَّه بعد إنکارهم وجحودهم .

والقول النبوی والرد الیهودی لهؤلاء یبین کذبهم وانحرافهم عن الدین الالهی .

{یَا أیُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَکُمُ الرَّسُولُ بِالحَقِّ مِنْ رَبِّکُمْ فَآمِنُوا خَیْراً لَکُمْ وَإنْ تَکْفُرُوا فَإنَّ لِلّهِ مَا فِی السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَکَانَ اللّهُ عَلِیماً حَکِیماً _ سورة النساء 170 }.

ص: 155

{یَا أیُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَکُمُ الرَّسُولُ بِالحَقِّ مِنْ رَبِّکُمْ }: فی ولایة علی علیه السلام : { فَآمِنُوا خَیْراً لَکُمْ وَإنْ تَکْفُرُوا} بولایة علی (فإن لله ما فی السماوات والارض) ((1)) .

حدیث علی أمیر المؤمنین علی لسان جبرئیل وعن ابن عباس , أنه قال: کان رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم فی بیته ((2)), فغدا علی بن أبی طالب علیه السلام , وکان یحب أن لا یسبقه أحد إلی رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم فدخل وإذا النبی صلی الله علیه و آله و سلم فی صحن داره , وإذا برأسه الکریم فی حجر دحیة الکلبی . فقال علی علیه السلام :

السلام علیک , کیف أصبح رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم ؟

قال: بخیر أیا أخا رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم .

فقال علی علیه السلام : جزاک الله عنا خیرا أهل البیت فقال دحیة الکلبی: إننی أحبک ولک عندی فرحة أزفها إلیک: أنت أمیر المؤمنین , وقائد الغر المحجلین , أنت سید ولد آدم ما خلا النبی صلی الله علیه و آله و سلم , لواء الحمد بیدک یوم

ص: 156

القیامة , وأنت وشیعتک یوم القیامة فی حزب آمن . قد أفلح من والاک , وخسر من تخلی عنک محب محمد محبک , ومبغض محمد مبغضک , لا ینال شفاعة محمد من عاداک , ادن منی یا صفوة الله , فأنت أحق منی برأس أخیک رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم .

فأخذ برأس النبی صلی الله علیه و آله و سلم , ووضعه فی حجره , فاستیقظ رسول الله , وقال: ما هذه الهمهمة ؟ فأخبره الحدیث قال: یا علی , لم یکن دحیة الکلبی بل هو جبرئیل علیه السلام , سماک بما سماک به الله عز وجل

, وقد أمر بمحبتک فی صدور المؤمنین , وببغضک فی صدور الکافرین .هذا الحدیث ذکره جمع غفیر من فطاحل أهل العامة والشیعة ونحن نسرد البعض منهم((1)) .

ص: 157

و جاءت الکثیر من النصوص الشیعیة فی هذا الخصوص منها: ((1)) .

وقال نجاح الطائی: بالرغم من ان القرآن یقول :{ قَدْ جَاءَکُمُ الرَّسُولُ بِالحَقِّ مِنْ رَبِّکُمْ } تری أغلب الناس لا یأخذون ببیعته فی الغدیر لعلی علیه السلام ویصححون بیعة المغتصبین للخلافة .

ودعا النبی صلی الله علیه و آله و سلم والقرآن الی المتعتین: متعة الحج ومتعة النساء .

ص: 158

وقال الصادق ( علیه السلام ): قال تعالی: ( فما استمتعتم به منهن ) إلی أجل مسمی ( فآتوهن أجورهن ) فهذه الآیة دلیل علی المتعة ((1)) .

وحرمهما عمر قائلا: ( متعتان کانتا علی عهد رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم أنا أنهی عنهما وأضرب علیهما: متعة الحج ، ومتعة النساء ) ((2)) .

فکیف یخالف العاصون اللهَ تعالی وکتابه المجید ورسوله الکریم ویتبعون عمر ؟

{ یَا أهْلَ الکِتَابِ لا تَغْلُوا فِی دِینِکُمْ وَلا تَقُولُوا عَلَی اللّهِ إلا الحَقَّ إنَّمَا المَسِیحُ عِیسَی ابْنُ مَرْیَمَ رَسُولُ اللّهِ وَکَلِمَتُهُ ألْقَاهَا إلَی مَرْیَمَ

ص: 159

وَرُوحٌ مِنْهُ فَآمِنُوا بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَلا تَقُولُوا ثَلاثَةٌ انْتَهُوا خَیْراً لَکُمْ إنَّمَا اللّهُ إلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أنْ یَکُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ مَا فِی السَّمَاوَاتِ وَمَا فِی الأرْضِ وَکَفَی بِاللّهِ وَکِیلا 171 }_سورة النساء.

{یَا أهْلَ الکِتَابِ لا تَغْلُوا فِی دِینِکُمْ } } لا تنطقوا الکفر وتتجاوزوا

الحد , بقول عیسی ابن الله {وَلا تَقُولُوا عَلَی اللّهِ إلا الحَقَّ إنَّمَا المَسِیحُ عِیسَی ابْنُ مَرْیَمَ رسول الله وَکَلِمَتُهُ}حیث قال الله: کن فیکون .

{ألْقَاهَا إلَی مَرْیَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ } وهی الروح التی وهبها الله تعالی لعیسی {فَآمِنُوا بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَلا تَقُولُوا ثَلاثَةٌ } الخطاب للنصاری بقولهم الاب والابن وروح القدس . أو قولهم بالله وبعیسی وبمریم ((1)) .

{انْتَهُوا } قفوا وتوقفوا عن هذا {خَیْراً لَکُمْ إنَّمَا اللّهُ إلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أنْ یَکُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ مَا فِی السَّمَاوَاتِ وَمَا فِی الأرْضِ وَکَفَی بِاللّهِ وَکِیلا171 سبحانه وتعالی یتبرأ من هذه الالفاظ الانسانیة .

{ لَنْ یَسْتَنْکِفَ المَسِیحُ أنْ یَکُونَ عَبْداً لِلّهِ وَلا المَلائِکَةُ المُقَرَّبُونَ وَمَنْ یَسْتَنکِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَیَسْتَکْبِرْ فَسَیَحْشُرُهُمْ إلَیْهِ جَمِیعاً172 }_سورة النساء.

ص: 160

{ لَنْ یَسْتَنْکِفَ المَسِیحُ أنْ یَکُونَ عَبْداً لِلّهِ} مثلما لم یستنکف نوح وابراهیم وموسی ومحمد علیهم السلام من عبادة الرحمن فهم رسل الله ولیسوا أولاده ولا شرکاءه .کذلک لا تستنکف الملائکة من عبادته بل تفتخر وتسموا .

{وَمَنْ یَسْتَنکِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَیَسْتَکْبِرْ فَسَیَحْشُرُهُمْ إلَیْهِ جَمِیعاً } فیعاقب المتکبرین ویحسن الی المؤمنین

العابدین ففی یوم القیامة یحشرون الیه جمیعا فیحاسبهم علی أعمالهم .

{فَأمَّا الَّذِینَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَیُوَفِّیهِمْ اُجُورَهُمْ وَیَزِیدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَأمَّا الَّذِینَ اسْتَنکَفُوا وَاسْتَکْبَرُوا فَیُعَذِّبُهُمْ عَذَاباً ألِیماً وَلا یَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللّهِ وَلِیّاً وَلا نَصِیراً173 } _سورة النساء.

{فَأمَّا الَّذِینَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَیُوَفِّیهِمْ اُجُورَهُمْ وَیَزِیدُهُمْ مِنْ

فَضْلِهِ } :

أخرج عالم الأحناف الحافظ الحسکانی , قال: حدّثنی علی بن موسی ابن إسحاق , بسنده المذکور , عن علی بن بذیمة , عن عکرمة , عن ابن عباس , قال: ما فی القرآن آیة (الذین آمنوا وعملوا الصالحات) . إلاّ وعلی أمیرها وشریفها , وما من أصحاب محمد صلی الله علیه و آله و سلم رجل إلاّ وقد عاتبه الله وما ذکر علیّاً إلاّ بخیر }((1)) .

ص: 161

{وَأمَّا الَّذِینَ اسْتَنکَفُوا } عن عبادته {وَاسْتَکْبَرُوا فَیُعَذِّبُهُمْ عَذَاباً ألِیماً وَلا یَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللّهِ وَلِیّاً وَلا نَصِیراً173 }.

{ یَا أیُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَکُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّکُمْ وَأنزَلْنَا إلَیْکُمْ نُوراً مُبِیناً 174 }_سورة النساء.

{بُرْهَانٌ } حجة {مِنْ رَبِّکُمْ } :القرآن وأهل البیت کما قال النبی صلی الله علیه و آله و سلم : فی حدیث الثقلین.

{وَأنزَلْنَا إلَیْکُمْ نُوراً مُبِیناً174 }: و قال الامام الصادق علیه السلام : ولایة علی .

وروی: البرهان محمد صلی الله علیه و آله و سلم والنور علی علیه السلام .

تفسیر قوله تعالی: (یریدون لیطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره)

((1)). إنه قال: إن الله متم الإمامة وهی النور .

وذلک قوله تعالی: (فآمنوا بالله ورسوله والنور الذی أنزلنا) الآیة. ثم قال:

النور هو الإمام((2)).

ص: 162

الطبری: ونقل العلامة القبیسی , عن الحافظ ابن جریر الطبری عن النبی صلی الله علیه و آله و سلم أنه قال فی خطبة الغدیر فیما قال:

«معاشر الناس: آمنوا بالله ورسوله والنور الذی أنزلنا».

ثم قال صلی الله علیه و آله و سلم : النور من الله فیَّ , ثم فی علی , ثم فی النسل منه إلی القائم المهدی((1)).

یا أیها الناس وهو خطاب للمکلفین من سائر الملل الذین قص الله تعالی قصصهم فی هذه السورة قد جاءکم برهان من ربکم أی: أتاکم حجة من الله یبرهن لکم عن صحة ما أمرکم به , وهو محمد صلی الله علیه و آله و سلم , لما معه من المعجزات القاهرة , الشاهدة بصدقه . وقیل: هو القرآن وأنزلنا إلیکم معه نورا مبینا و عن أبی عبد الله علیه السلام ذلک النور: هو ولایة علی علیه السلام .

فأما الذین آمنوا بالله أی: صدقوا بوحدانیة الله , واعترفوا ببعث محمد صلی الله علیه و آله و سلم واعتصموا به أی: تمسکوا بالنور الذی أنزله علی نبیه , فسیدخلهم فی رحمة منه أی: نعمة منه هی الجنة((2)) .

الخلافة والامامة منصب الهی لا یدیره العوام:

یا کمیل لو لم یظهر نبی وکان فی الأرض مؤمن تقی لکان فی دعائه إلی الله مخطئا أو مصیبا ، بل والله مخطئا حتی ینصبه الله لذلک ویؤهله له .

ص: 163

یا کمیل الدین لله فلا یقبل الله من أحد القیام به إلا رسولا أو نبیا أو وصیا .

یا کمیل هی نبوة ورسالة وإمامة ولیس بعد ذلک إلا موالین متعبین أو عامهین مبتدعین ، إنما یتقبل الله من المتقین .

یا کمیل إن الله کریم حلیم عظیم رحیم دلنا علی أخلاقه وأمرنا بالأخذ بها و حمل الناس علیها ، فقد أدیناها غیر متخلفین وأرسلناها غیر منافقین وصدقناها غیر مکذبین وقبلناها غیر مرتابین .

یا کمیل لست والله متملقا حتی أطاع ولا ممنیا حتی لا أعصی ولا مائلا لطعام الاعراب حتی انحل

إمرة المؤمنین وادعی بها .

یا کمیل إنما حظی من حظی بدنیا زائلة مدبرة ونحظی بآخرة باقیة ثابتة .

یا کمیل إن کلا یصیر إلی الآخرة والذی نرغب فیه منها رضی الله والدرجات العلی من الجنة التی یورثها من کان تقیا .

یا کمیل من لا یسکن الجنة فبشره بعذاب ألیم وخزی مقیم .

یا کمیل أنا أحمد الله علی توفیقه وعلی کل حال ، إذا شئت فقم .

یا کمیل لو لم یظهر نبی وکان فی الأرض مؤمن تقی لکان فی دعائه إلی الله مخطئا أو مصیبا ، بل والله مخطئا حتی ینصبه الله لذلک ویؤهله له((1)) .

ص: 164

عنه عن أبی عبد الله علیه السلام رفع الحدیث إلی النبی صلی الله علیه و آله و سلم قال: قال رسول الله علیه السلام : من أمّ قوماً وفیهم من هو أعلم منه أو أفقه منه لم یزل أمرهم فی سفال إلی یوم القیامة ((1)) .

ومن دعا إلی ضلال لم یزل فی سخط الله حتی یرجع منه ، ومن مات بغیر إمام مات میتة جاهلیة ((2)) .

عنه ، عن عبد الله بن جعفر الحمیری ، عن محمد بن خالد البرقی ، عن ابن أبی عمیر ، عن هشام بن سالم ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال: قال بعض الناس للنبی علیه السلام : یا رسول الله مالنا نجد بأولادنا ما لا یجدون بنا ؟

قال: فقال لهم رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم : لأنّهم منکم ولستم منهم ((3)) .

_ عن أبی عبد الله علیه السلام قال: قال رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم : إذا رأیتم روضة من ریاض الجنة فارتعوا فیها ، قیل: یا رسول الله وما الروضة ؟ فقال: مجالس المؤمنین ((4)) .

ص: 165

_ عن أبی عبد الله علیه السلام : کل من اشتد لنا حباً اشتد للنساء حباً ، وللحلواء ((1)) .

_ عن أبی ذرّ

قال: من تعلّم علماً من علم الآخرة لیرید به غرضاً من غرض الدنیا لم یجد ریح الجنة ((2)) .

عن أبی عمرو الزبیری ، عن أبی عبد الله ( علیه السلام ) قال: قلت له أخبرنی عن الدعاء إلی الله والجهاد فی سبیله أهو لقوم لا یحل إلا لهم ولا یقوم به إلا من کان منهم أم هو مباح لکل من وحد الله عز وجل وآمن برسوله ( صلی الله علیه و آله و سلم ) ومن کان کذا فله أن یدعو إلی الله عز وجل و إلی طاعته وأن یجاهد فی سبیله ؟ فقال: ذلک لقوم لا یحل إلا لهم ولا یقوم بذلک إلا من کان منهم ، قلت: من أولئک ؟

قال: من قام بشرائط الله عز وجل فی القتال والجهاد علی المجاهدین فهو المأذون له فی الدعاء إلی الله عز وجل ومن لم یکن قائما بشرائط الله عز وجل فی الجهاد علی المجاهدین فلیس بمأذون له فی الجهاد ، ولا الدعاء إلی الله حتی یحکم فی نفسه ما أخذ الله علیه من شرائط الجهاد قلت: فبین

ص: 166

لی یرحمک الله ، قال: إن الله تبارک وتعالی أخبر [ نبیه ] فی کتابه الدعاء إلیه ووصف الدعاة إلیه فجعل ذلک لهم درجات یعرف بعضها بعضا ویستدل بعضها علی بعض فأخبر أنه تبارک وتعالی أول من دعا إلی نفسه ودعا إلی طاعته واتباع أمره فبدأ بنفسه فقال: ( والله یدعو إلی دار السلام ویهدی من یشاء إلی صراط مستقیم ) ثم ثنی برسوله فقال: ( ادع إلی سبیل ربک بالحکمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتی هی أحسن ) یعنی بالقرآن ولم یکن داعیا إلی الله عز وجل من خالف أمر الله ویدعو إلیه بغیر ما أمر [ به ] فی کتابه والذی أمر أن لا یدعی إلا به ، وقال: فی نبیه ( صلی الله علیه و آله و سلم ): ( وإنک لتهدی إلی صراط مستقیم ).

یقول: تدعو ، ثم ثلث بالدعاء إلیه بکتابه أیضا تبارک وتعالی: ( إن هذا القرآن یهدی للتی هی أقوم ( أی یدعو ) ویبشر المؤمنین ) ثم ذکر من أذن له فی الدعاء إلیه بعده وبعد رسوله فی کتابه فقال: ( ولتکن منکم أمة یدعون إلی الخیر ویأمرون بالمعروف وینهون عن المنکر وأولئک هم المفلحون ) ثم أخبر عن هذه الأمة وممن هی وأنها من ذریة إبراهیم ومن ذریة إسماعیل من سکان الحرم ممن لم یعبدوا غیر الله قط الذین وجبت لهم الدعوة ، دعوة إبراهیم وإسماعیل من أهل المسجد الذین أخبر عنهم فی کتابه أنه أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهیرا الذین وصفناهم قبل هذا فی صفة أمة إبراهیم ( علیه السلام ) الذین عناهم الله تبارک وتعالی فی قوله: { ادعوا إلی الله علی بصیرة أنا ومن اتبعنی } یعنی أول من اتبعه علی الإیمان

ص: 167

به والتصدیق له بما جاء به من عند الله عز وجل من الأمة التی بعث فیها ومنها وإلیها قبل الخلق ممن لم یشرک بالله قط ولم یلبس أیمانه بظلم وهو الشرک ، ثم ذکر أتباع نبیه وأتباع هذه الأمة التی وصفها فی کتابه بالأمر بالمعروف والنهی عن المنکر وجعلها داعیة إلیه وأذن لها فی الدعاء وإلیه فقال: ( یا أیها النبی حسبک الله ومن اتبعک من المؤمنین ) ثم وصف أتباع نبیه صلی الله علیه و آله و سلم من المؤمنین فقال عز وجل: ( محمد رسول الله والذین معه أشداء علی الکفار رحماء بینهم تراهم رکعا سجدا یبتغون فضلا من الله ورضوانا سیماهم فی وجوههم من أثر السجود ((1)) .

_ وعن جابر عن أبی عبد الله علیه السلام قال: لیس منّا من انتحل قول الشیعة وأحبنا أهل البیت علیهم السلام ، فوالله ما من شیعتنا إلاّ من اتقی الله وأطاعه ، وما کانوا یعرفون یا جابر إلاّ بالتواضع ، والتخشّع ، والإنابة ، وکثرة ذکر الله ، والصوم ، والصلاة ، والبر بالوالدین ، وتعاهد الجیران من الفقراء وذوی المسکنة ، والغارمین ، والأیتام ، وصدق الحدیث ، وتلاوة القرآن ، وکف الألسن عن الناس إلاّ من خیر ، وکانوا أمناء عشایرهم فی الأشیاء .

قال جابر: فضحکت عند آخر کلامه علیه السلام ، فقلت: یرحمک الله یا بن رسول الله ما نعرف الیوم أحداً بهذه الصفة ، قال: یا جابر لا تذهبنّ بکم

ص: 168

المذاهب أیحسب الرجل أن یقول: أحب علیاً وأتولاه ، ثم لا یکون مع ذلک فعّالاً ، فلو قال: إنّی أحب رسول الله ورسول الله خیر من علی علیه السلام ثم لا یتبع سیرته ، ولا یعمل بسنته صلی الله علیه و آله و سلم ما ینفعه حبّه إیاه شیئاً ، اتقوا الله واعملوا لما عند الله ، فلیس بین الله وبین أحد قرابة ، أحب العباد إلی الله وأکرمهم علیه أتقاهم وأعملهم بطاعته ، یا جابر ما یتقرب إلی الله إلاّ بالطاعة ، وما معنا براءة من النار ، ولا لنا علی الله حجة ، من کان لله مطیعاً فهو لنا ولی ، ومن کان لله عاصیاً فهو لنا عدو ، والله لا تنال ولایتنا إلاّ بالعمل ((1)) .

{فَأمَّا الَّذِینَ آمَنُوا بِاللّهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَیُدْخِلُهُمْ فِی رَحْمَة مِنْهُ وَفَضْل وَیَهْدِیهِمْ إلَیْهِ صِرَاطاً مُسْتَقِیماً 175 } _سورة النساء.

قال الحسکانی الحنفی قال النبی صلی الله علیه و آله و سلم لعلی علیه السلام :

«أنت الطریق الواضح وأنت الصراط المستقیم وأنت یعسوب المؤمنین»((2)).

وقال تعالی: {وَیَهْدِی مَنْ یَشَاءُ إلَی صِرَاط مُسْتَقِیم }((3)) .

الحسکانی الحنفی: یعنی به: إلی ولایة علی بن أبی طالب((4)) .

ص: 169

وجاء أیضاً قوله تعالی: {یَهْدِی مَنْ یَشَاءُ إلَی صِرَاط مُسْتَقِیم } ((1)).

وَاللّهُ یَهْدِی مَنْ یَشَاءُ إلَی صِرَاط مُسْتَقِیم((2)).

قال القمی: النور امامة علی أمیر المؤمنین علیه السلام ثم قال: {فَأمَّا الَّذِینَ آمَنُوا بِاللّهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَیُدْخِلُهُمْ فِی رَحْمَة مِنْهُ وَفَضْل وهم الذین تمسکوا بولایة أمیر المؤمنین والائمة ((3)) .

الثعلبی: روی الثعلبی فی تفسیره کشف البیان فی تفسیر القرآن , فی تفسیر قوله تعالی: (اهدنا الصراط المستقیم) قال مسلم بن حیّان:

سمعت أبا بریدة یقول: « صراط محمد وآله , والتعوذ عن صراط من غضب الله علیه((4)).

ص: 170

ابن المغازلی الشافعی: حدثنا أبو القاسم الطائی , قال: حدثنا محمد بن زکریا الغلابی , حدثنا العباس بن بکار , عن عبد الله بن المثنی , عن عمه ثمامة بن عبد الله بن أنس , عن أبیه , عن جده , قال رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم :

( إذا کان یوم القیامة ونصب الصراط علی شفیر جهنم , لم یجز إلا من معه کتاب ولایة علی بن ابی طالب )((1)) .

وعن ابن عباس وفضل یعنی ما یبسط لهم من الکرامة , وتضعیف الحسنات , وما یزاد لهم من النعم , علی ما یستحقونه . ویهدیهم إلیه صراطا مستقیما أی یوفقهم لاصابة فضله الذی یتفضل به علی أولیائه , ویسددهم لسلوک منهج من أنعم علیه من أهل طاعته , واقتفاء آثارهم , والاهتداء بهدیهم , والاستنان بسنتهم , واتباع دینهم , وهو الصراط المستقیم , الذی ارتضاه الله منهجا لعباده .

ویهدیهم الی ولایة علی کما جاء فی الحدیث القدسی الإلهی: ولایة علی بن أبی طالب علیه السلام حصنی فمن دخل حصنی أمن من عذابی ((2)) .

ص: 171

وقال نجاح الطائی: اذن الصراط المستقیم فی القرآن الکریم هو صراط محمد وآل محمد صلی الله علیه و آله و سلم کما بین ذلک الحدیث الشریف فی کتب الشیعة والسنة . لکن معظم المسلمین ترکوا النبی محمدا والائمة الخلفاء الراشدین من آله وأصبح قدوتهم رجال السقیفة فتراهم ینقلبون علی تعهداتهم وینکثون عقودهم وعهودهم ویرتشون ویخونون ویقتلون الابریاء ویفسدون فی الارض ویتولون الیهود والنصاری ویستکبرون ویکذبون ویفترون ویسرقون ویشرکون ویتحللون من ولایة محمد وآل محمد .

وفوق هذا وذاک ینتظرون الجنة والحور العین !!!

{یَسْتَفْتُونَکَ قُلِ اللّهُ یُفْتِیکُمْ فِی الکَلالَةِ إنِ امْرُؤٌ هَلَکَ لَیْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ اُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَکَ وَهُوَ یَرِثُهَا إنْ لَمْ یَکُنْ لَهَا وَلَدٌ فَإنْ کَانَتَا اثْنَتَیْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَکَ وَإنْ کَانُوا إخْوَةً رِجَالا وَنِسَاءً فَلِلذَّکَرِ

مِثْلُ حَظِّ الاُنثَیَیْنِ یُبَیِّنُ اللّهُ لَکُمْ أنْ تَضِلُّوا وَاللّهُ بِکُلِّ شَیْء عَلِیمٌ176* } _سورة النساء.

ص: 172

{یَسْتَفْتُونَکَ } یا محمد {قُلِ اللّهُ یُفْتِیکُمْ فِی الکَلالَةِ } قرابة الانسان ما عدا الوالدین والاولاد . {إنِ امْرُؤٌ هَلَکَ لَیْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ اُخْتٌ } من الاب أو الابوین تقدم حکم الاخت للام فی الایة 12 من هذه سورة النساء .

{فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَکَ } بالفرض والنصف الثانی یرد علیها عند الشیعة الاثنی عشریة {وَهُوَ یَرِثُهَا إنْ لَمْ یَکُنْ لَهَا وَلَدٌ }.

ذکر أو أنثی ولا أحد الوالدین {فَإنْ کَانَتَا اثْنَتَیْنِ } أو أکثر { فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَکَ } سواء کان الموروث ذکراً أو أنثی { وَإنْ کَانُوا إخْوَةً رِجَالا وَنِسَاءً فَلِلذَّکَرِ مِثْلُ حَظِّ الاُنثَیَیْنِ } .

وکانوا للأبوین أو للأب فقط , أما لو کانوا للأم فقط فالذکر والأم بمنزلة سواء , ولا تحصل الأخت والأخ من الأم فقط علی المیراث مع الاخوة والأخوات من الأبوین .{یُبَیِّنُ اللّهُ لَکُمْ } أحکامه کی لا تضلوا {أنْ تَضِلُّوا وَاللّهُ بِکُلِّ شَیْء عَلِیمٌ176 }: الله عالم بکل صغیرة وکبیرة فی الکون کله .

ص: 173

العقود الموقعة الممضاة بین طرفین , والعقد عند الفقهاء ایجاب وقبول , وفی اللغة ربط.

أخرج العلاّمة الشافعی محمد بن أحمد بن عثمان بن قایماز الدمشقی المعروف ب- محمد بن أحمد بن عثمان الذهبی الکردی , بسنده عن علی بن بذیمة , عن عکرمة , عن ابن عباس , قال: ما نزلت آیة فیها (یا أیّها الذین آمنوا) إلاّ وعلی رأسها وأمیرها وشریفها , ولقد عاتب الله عزّ وجل أصحاب محمد صلی الله علیه و آله و سلم فی غیر آی من القرآن وما ذکر علیاً إلاّ بخیر((1)) .

وأخرج العلاّمة الحنفی الشیخ محمد الصبّان فی إسعاف الراغبین عن الطبرانی وابن أبی حاتم عن ابن عباس, قال: ما أنزل الله (یَا أیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا) . إلاّ وعلی أمیرها وشریفها ولقد عاتب الله أصحاب محمد صلی الله علیه و آله و سلم فی غیر مکان وما ذکر عیّاً إلاّ بخیر((2)) .

ص: 175

لقد تواتر هذا التفسیر فی حق الآیة مما اضطر محمد بن أحمد بن عثمان الذهبی الکردی الناصبی أحد تلامیذ ابن تیمیة للا عتراف به .

وقال المفسر علی بن ابراهیم القمی عن الامام أبی جعفر الثانی (محمد الجواد ) علیه السلام عن الآیة: إنَّ رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم عقد لعلی علیه السلام بالخلافة فی عشرة مواطن , ثم أنزل الله: (یا أیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا أوْفُوا بِالعُقُودِ) التی عقدت علیکم لأمیر المؤمنین((1)) .

وعن عبد الله بن سنان ، قال: سألت أبا عبد الله علیه السلام عن قول الله ( یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ) . قال: « العهود » .

أوفی بالعهد ووفی به وأوفی به لغة أهل الحجاز . وهی لغة القرآن , واختلف أهل التأویل فی العقود التی امر الله " تعالی " بالوفاء بها فی هذه الآیة بعد اجماعهم علی أن المراد بالعقود العهود , فقال قوم: هی العقود التی کان أهل الجاهلیة عاقد بعضهم بعضا علی النصرة والمؤازرة . والمظاهرة علی من حاول ظلمهم أو بغاهم سوء وذلک هو معنی الحلف . ذهب إلیه ابن عباس ومجاهد , والربیع ابن أنس والضحاک وقتادة والسدی وسفیان الثوری .

ص: 176

والعقود جمع عقد . وأصله عقد الشئ بغیره . وهو وصله به , کما یعقد الحبل إذا وصل به شیئا . یقال منه: عقد فلان بینه وبین فلان عقدا فهو یعقده

{اُحِلَّتْ لَکُمْ بَهِیمَةُ } البهیمة: الدابة فی البر والبحر.

{الأنْعَامِ } الابل والبقر والغنم فهی حلال {إلا مَا یُتْلَی عَلَیْکُمْ غَیْرَ مُحِلِّی الصَّیْدِ وَأنْتُمْ حُرُمٌ } کل ما یصطاده المحرم فی مکة هو حرام { إنَّ اللّهَ یَحْکُمُ مَا یُرِیدُ } . وفق الحکمة الالهیة .

{یَا أیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا لا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللّهِ وَلا الشَّهْرَ الحَرَامَ وَلا الهَدْیَ وَلا القَلائِدَ وَلا آمِّینَ البَیْتَ الحَرَامَ یَبْتَغُونَ فَضْلا مِنْ رَبِّهِمْ وَرِضْوَاناً وَإذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا وَلا یَجْرِمَنَّکُمْ شَنَآنُ قَوْم أنْ صَدُّوکُمْ عَنِ المَسْجِدِ الحَرَامِ أنْ تَعْتَدُوا وَتَعَاوَنُوا عَلَی البِرِّ وَالتَّقْوَی وَلا تَعَاوَنُوا عَلَی الإثْمِ وَالعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللّهَ إنَّ اللّهَ شَدِیدُ العِقَابِ2 } سورة المائدة.

{یَا أیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا لا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللّهِ } من أکملها وأشهرها مناسک الحج والعمرة .روی الحافظ القندوزی الحنفی فی ینابیع المودّة بإسناده , عن علی بن أبی طالب علیه السلام , أنّه قال: - فی خطبة له - : نحن الشعائر , والأصحاب , والخزنة , والأبواب ((1)) .

ص: 177

کلمة الشعائر استعملت فی القرآن تارة مطلقة , وتارة مقیّدة بالبدن التی تنحر فی الحجّ , فاینما جاءت مطلقة فهی کما قال معناها أمیر المؤمنین علیه السلام .

اختلف فی معنی شعائر الله علی أقوال: أحدها: إن معناه لا تحلوا حرمات الله , ولا تتعدوا حدود الله , وحملوا الشعائر علی المعالم أی: معالم حدود الله , وأمره ونهیه , وفرائضه , عن عطاء , وغیره .

وقال نجاح الطائی: هذا الرأی أفضل الاراء المطروحة فهو یحدد المؤمن فی خطوط عریضة وواضحة فی طریقه الاسلامی الحضاری جاعلا منه انسانا کاملا فی العبودیة لله تعالی ولخدمة الانسانیة .

وثانیها: إن معناه لا تحلوا حرم الله , وحملوا الشعائر علی المعالم أی: معالم حرم الله من البلاد , عن السدی .

وثالثها: إن معنی شعائر الله: مناسک الحج , أی: لا تحلوا مناسک الحج فتضیعوها , عن ابن جریج , وابن عباس .

ورابعها :ما روی عن ابن عباس أن المشرکین کانوا یحجون البیت , ویهدون الهدایا , ویعظمون حرمة المشاعر , وینحرون فی حجهم . فأراد المسلمون أن یغیروا علیهم , فنهاهم الله عن ذلک . وخامسها: إن شعائر الله هی: الصفا , والمروة , والهدی من البدن , وغیرها , عن مجاهد .

وقال الفراء: کانت عامة العرب لا تری الصفا والمروة من شعائر الله , ولا یطوفون بینهما , فنهاهم الله عن ذلک , وهو المروی عن أبی جعفر علیه السلام .

ص: 178

وسادسها: إن المراد لا تحلوا ما حرم الله علیکم فی إحرامکم , عن ابن عباس , فی روایة أخری . وسابعها: إن الشعائر هی العلامات المنصوبة للفرق بین الحل والحرم , نهاهم الله سبحانه أن یتجاوزوها إلی مکة بغیر إحرام , عن أبی علی الجبائی . وثامنها: إن المعنی لا تحلوا الهدایا المشعرة أی: المعلمة , لتهدی إلی بیت الله الحرام , عن الزجاج , والحسین بن علی المغربی , واختاره البلخی .

{وَلا الشَّهْرَ الحَرَامَ } رجب وذو القعدة وذو الحجة والمحرم . ( ولا الشهر الحرام ) معناه: ولا تستحلوا الشهر الحرام بأن تقاتلوا فیه أعداءکم من المشرکین , کما قال تعالی: ( یسألونک عن الشهر الحرام قتال فیه قل قتال فیه کبیر ) عن ابن عباس , وقتادة .

{وَلا الهَدْیَ } هدایا البیت الحرام من الانعام {وَلا القَلائِدَ

} ما یقلد به الهدی من نعل وغیره {وَلا آمِّینَ } القاصدین {البَیْتَ الحَرَامَ

} لا تتعرضوا بسوء لزوار بیت الله الحرام ولو کان قصدهم التجارة وما أشبه {یَبْتَغُونَ فَضْلا مِنْ رَبِّهِمْ وَرِضْوَاناً } کل ما لم یرد فیه نهی من الباری فهو فضل منه {وَإذَا حَلَلْتُمْ } من احرامکم {فَاصْطَادُوا } خارج الارض الحرام المحددة .

{وَلا

یَجْرِمَنَّکُمْ } یحملنکم {شَنَآنُ } کراهیة {قَوْم أنْ صَدُّوکُمْ عَنِ المَسْجِدِ الحَرَامِ } یشیر الباری سبحانه الی منع المسلمین عن المسجد الحرام سنة ست للهجرة یوم الحدیبیة حین منعهم الکفار الی السنة القادمة

ص: 179

{أنْ تَعْتَدُوا } علی المشرکین {وَتَعَاوَنُوا عَلَی البِرِّ وَالتَّقْوَی وَلا تَعَاوَنُوا عَلَی الإثْمِ وَالعُدْوَانِ } لما فیه خیر الانسانیة {وَاتَّقُوا اللّهَ إنَّ اللّهَ شَدِیدُ العِقَابِ(2) . سورة المائدة .

{ حُرِّمَتْ عَلَیْکُمُ المَیْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الخِنزِیرِ وَمَا اُهِلَّ لِغَیْرِ اللّهِ بِهِ وَالمُنْخَنِقَةُ وَالمَوْقُوذَةُ وَالمُتَرَدِّیَةُ وَالنَّطِیحَةُ وَمَا أکَلَ السَّبُعُ إلا مَا ذَکَّیْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَی النُّصُبِ وَأنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالأزْلامِ ذَلِکُمْ فِسْقٌ الیَوْمَ یَئِسَ الَّذِینَ کَفَرُوا مِنْ دِینِکُمْ فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِی الیَوْمَ أکْمَلْتُ لَکُمْ دِینَکُمْ وَأتْمَمْتُ عَلَیْکُمْ نِعْمَتِی وَرَضِیتُ لَکُمُ الإسْلامَ دِیناً فَمَنِ اضْطُرَّ فِی مَخْمَصَة غَیْرَ مُتَجَانِف لإثْم فَإنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَحِیم سورة المائدة. 3

{حُرِّمَتْ عَلَیْکُمُ المَیْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الخِنزِیرِ وَمَا اُهِلَّ لِغَیْرِ اللّهِ بِهِ } المحرمات الاربعة من کل حیوان وطیر وسمک .

{وَالمُنْخَنِقَةُ } میتة خنقاً {وَالمَوْقُوذَةُ} المیتة بعصا أو حجر .

{والمُتَرَدِّیَةُ } الواقعة من فوق وماتت {وَالنَّطِیحَةُ } نطحتها دابة فقتلتها {وَمَا أکَلَ السَّبُعُ } منها وکانت میتة {إلا مَا ذَکَّیْتُمْ } المستثنی من هذه الخمسة ما تدرکونه حیاً وتذبحوه فیحل علیکم , ومن المحرمات أیضاً: {وَمَا ذُبِحَ عَلَی النُّصُبِ } أحجار حول الکعبه یعظمها الجاهلیون ویذبحون لها .{وَأنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالأزْلامِ } جمع زلم وهی أخشاب کالسهام یکتبون علی واحد أمرنی ربی وعلی الثانی نهانی ربی ویهملون الثالث ویقترعون {ذَلِکُمْ فِسْقٌ } خارج الدین وحرام .

ص: 180

{الیَوْمَ یَئِسَ الَّذِینَ کَفَرُوا مِنْ دِینِکُمْ }

قال المفسر القمی: لما نزلت ولایة أمیر المؤمنین((1)) .

{فَلا تَخْشَوْهُمْ } الکفار { وَاخْشَوْنِی الیَوْمَ أکْمَلْتُ لَکُمْ دِینَکُمْ } بفریضة ولایة علی علیه السلام الواجبة .

اتفق علماء العامة والشیعة فی نزولها بعد تنصیب الامام علی علیه السلام خلیفة فی غدیر خم بقول النبی: من کنت مولاه فهذا علی مولاه اللهم وال من والاه وعادی من عاداه وانصر من نصره وأخذل من خذله ((2)) .

ص: 181

{وَأتْمَمْتُ عَلَیْکُمْ نِعْمَتِی } بولایة علی {وَرَضِیتُ لَکُمُ الإسْلامَ دِیناً } من الادیان.

قال الامام محمد الباقر علیه السلام : آخر فریضة أنزلها الله تعالی الولایة((1)) .

وقد نزلت هذه الآیة: (الیَوْم أَکْمَلْتُ لَکُمْ دِیْنکُمْ وَأَتْمَمْتُ علیکم نِعْمَتِی , وَرَضِیْتُ لَکُمُ الإسْلامَ دِیْنا)((2)) فی یوم الغدیر فی حق الإمام علی علیه السلام کما قال العلماء .

قال المفسر القمی: لما نزلت ولایة أمیر المؤمنین((3)) .

وهی آخر حجة وآخر عمرة , وآخر اجتماع کبیر للمسلمین , وآخر بیعة لهم , وآخر لقاء للمسلمین برسولهم قبل ذهابهم الی مدنهم البعیدة والقریبة

ص: 182

{وَأتْمَمْتُ عَلَیْکُمْ نِعْمَتِی } بولایة علی {وَرَضِیتُ لَکُمُ الإسْلامَ دِیناً } من الادیان.

قال الامام محمد الباقر علیه السلام : آخر فریضة أنزلها الله تعالی الولایة((1)) .

وقد نزلت هذه الآیة: (الیَوْم أَکْمَلْتُ لَکُمْ دِیْنکُمْ وَأَتْمَمْتُ علیکم نِعْمَتِی , وَرَضِیْتُ لَکُمُ الإسْلامَ دِیْنا)((2)) فی یوم الغدیر فی حق الإمام علی علیه السلام کما قال العلماء .

قال المفسر القمی: لما نزلت ولایة أمیر المؤمنین((3)) .

وهی آخر حجة وآخر عمرة , وآخر اجتماع کبیر للمسلمین , وآخر بیعة لهم , وآخر لقاء للمسلمین برسولهم قبل ذهابهم الی مدنهم البعیدة والقریبة

ص: 183

قال أبو نعیم الاصفهانی وابن عساکر وابن بطریق: عن ابی سعید الخدری دعا النبی صلی الله علیه و آله و سلم الناس فی غدیر خم الیه فأخذ بضبع(ساعد) علی علیه السلام حتّی بان بیاض ابطی رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم ثم لم یتفرقوا حتی نزلت تلک الآیة .

فقال رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم : الله أکبر علی اکمال الدین واتمام النعمة ورضی الرب برسالتی وبالولایة لعلی علیه السلام من بعدی فقال من کنت مولاه فعلی مولاه اللّهمّ وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله ((1)) .

ص: 184

الخوارزمی الحنفی: أخرج العلاّمة الحنفی موفّق بن أحمد الخوارزمی الحنفی فی مقتله بسنده المذکور , عن أبی سعید الخدی , قال: إنّ النبی صلی الله علیه و آله و سلم یوم دعا الناس إلی علی فی غدیر خم , أمر بما کانت تحت الشجرة من شوک فقمَّ , وذلک یوم الخمیس , ثمّ دعا الناس إلی علی علیه السلام فأخذ بضبعه ثمّ رفعه حتی نظر الناس إلی بیاض إبطیهما , ثمّ لم یتفرّقا حتی نزلت هذه الآیة: (الْیَوْمَ أَکْمَلْتُ لَکُمْ دِینَکُمْ وَأَتْمَمْتُ علیکم نِعْمَتِی وَرَضِیتُ لَکُمُ الإِسْلاَمَ دِیناً)((1))

فقال رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم : الله أکبر علی إکمال الدین وإتمام النعمة ورضا الربّ برسالتی والولایة لعلی , ثمّ قال: اللهمّ وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله ((2)) .

ص: 185

وروی هذا الحدیث من الصحابة: علی علیه السلام , وعمر والبرّاء بن عازب , وسعد بن أبی وقاص , وطلحة بن عبیدالله , والحسین بن علی علیه السلام , وابن مسعود , وعمار بن یاسر , وأبو ذر , وأبو أیوب , وابن عمر , وعمران بن حصین , وبریدة بن الخصیب , وأبو هریرة , وجابر بن عبدالله , وأبو رافع مولی رسول الله , واسمه أسلم , وحبشی بن جنادة , وزید بن شراحیل ,

ص: 186

وجریر بن عبدالله , وأنس , وحذیفة بن أسید الغفاری , وزید بن أرقم , وعبدالرحمن بن یعمر الدولی , وعمرو بن الحمق , وعمر بن شرحبیل , وناجیة بن عمر , وجابر بن سمرة , ومالک بن الحویرث , وأبو ذؤیب الشاعر , وعبدالله بن ربیعة((1)) .

وأخرج نحوه أیضاً

الخوارزمی الحنفی فی کتاب مناقب علی بن أبی طالب((2)).

الرازی: ومن العلماء والحفاظ الذین أیَّدوا نزول هذه الآیة حول نصّ الغدیر الرازی فی تفسیره((3)) .

ص: 187

وممن روی نزول الآیة فی ولایة علی علیه السلام أیضا:

روی ابن مردویه الشافعی والخطیب وابن عساکر عن أبی هریرة مثله وروی ابن جریر عن ابن عباس منهم صاحب کتاب أرجح المطالب ,الامرتسری الحنفی((1)) .

ومنهم العلامة الالوسی فی تفسیره روح المعانی ((2)) عن أبی سعید الخدری ان هذه الآیة نزلت بعد ان قال النبی صلی الله علیه و آله و سلم لعلی کرم الله وجهه فی غدیر خم: من کنت مولاه فعلی مولاه , فلما نزلت قال علیه الصلاة والسلام : الله أکبر علی إکمال الدین وإتمام النعمة ورضاء الرب برسالتی وولایة علی علیه السلام بعدی .

وقد أورد صاحب الغدیر عددا من الروایات من مصادر السنیین , ذکرت أن آیة إکمال الدین نزلت فی یوم الغدیر , بعد إعلان النبی صلی الله علیه و آله و سلم ولایة علی علیه السلام :

ص: 188

الطبری: الحافظ أبو جعفر محمد بن جریر الطبری المتوفَّی سنة310 ه- روی فی کتاب الولایة بإسناده عن زید بن أرقم نزول الآیة الکریمة یوم غدیر خم فی أمیر المؤمنین علیه السلام .

والحافظ ابن مردویه الشافعی الاصفهانی المتوفَّی سنة 410 ه- روی من طریق أبی هارون العبدی , عن أبی سعید الخدری , ثم رواه عن أبی هریرة .

والحافظ أبو نعیم الاصبهانی المتوفَّی سنة 430 ه- روی فی کتابه ما نزل من القرآن فی علی عن أبی سعید الخدری رض: أن النبی صلی الله علیه و آله و سلم دعا الناس إلی علی فی غدیر خم , أمر بما تحت الشجرة من الشوک فقم , وذلک یوم الخمیس فدعا علیاً فأخذ بضبعیه فرفعهما , حتی نظر الناس إلی بیاض إبطی رسول الله , ثم لم یتفرقوا حتی نزلت هذه الآیة: الیوم أکملت لکم دینکم الآیة الخ .

ان نزول هذه الایة القرآنیة فی یوم بیعة الغدیر الکبری یبین أهمیتها وأهمیة ولایة الامام علی علیه السلام للمسلمین .

لکن ید السیاسة تلاعبت بمقدرات المسلمین فأخذت تغیر وتحرف فی یوم نزول الایات ومعنی الاحادیث لتصحح خلافة أبی بکر وعمر المغتصبة .

ص: 189

قال ابن کثیر فی تفسیره: 14/2وقال أسباط عن السدی: نزلت هذه الآیة یوم عرفة , ولم ینزل بعدها حلال ولا حرام .

وقال ابن جریر وغیر واحد: مات رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم بعد یوم عرفة بأحد وثمانین یوما , رواهما ابن جریر. ثم ذکر ابن کثیر روایة مسلم وأحمد والنسائی والترمذی المتقدمة وقال:

قال سفیان: وأشک کان یوم الجمعة أم لا: الیوم أکملت لکم دینکم الآیة . وشک سفیان , إن کان فی الروایة فهو تورع , حیث شک هل أخبره شیخه بذلک أم لا , وإن کان شکا فی کون الوقوف فی حجة الوداع کان یوم جمعة , فهذا ما إخاله یصدر عن الثوری , فإن هذا أمر معلوم مقطوع به , لم یختلف فیه أحد من أصحاب المغازی والسیر , وقد وردت فی ذلک أحادیث متواترة , لا یشک فی صحتها , والله أعلم . وقد روی هذا الحدیث من غیر وجه عن عمر وقال ابن جریر: حدثنا أبو عامر إسماعیل بن عمرو السکونی , حدثنا هشام بن عمار , حدثنا ابن عیاش , حدثنا عمرو بن قیس السکونی أنه سمع معاویة بن أبی سفیان علی المنبر ینتزع بهذه الآیة: الیوم أکملت لکم دینکم حتی ختمها , فقال: نزلت فی یوم عرفة , فی یوم جمعة .

الجواب: ولو قال عمر بنزول آیة الاکمال یوم الغدیر وهی تکملة لبیعة الخلیفة علی علیه السلام فی الغدیر لقال له المسلمون اذن کیف اغتصبت خلافته الدنیویة ؟

ص: 191

ولو قال عمر بنزول آیة الاکمال یوم الغدیر لقالوا له: اذن کیف اغتصبت فدکاً من فاطمة وقد شهد لها الخلیفة علی علیه السلام بأنها لها نحلة من النبی .لقد حاول البعض انکار معظم الآیات القرآنیة النازلة فی ولایة وخلافة الإمام علی علیه السلام .

وقد حرف بعض زمن آیة الاکمال الی عرفة بما لا یقبله عالم ولا عاقل اذ کیف ینزل هذا الامر العظیم علی حج لم یکمله بعد !!!

اذ ذهب النبی بعد یوم عرفة الی منی ثم الی الطواف فی مکة یوم العید وبعدها عاد الی منی فبقی ثلاثة أیام أخری ثم طاف طواف النساء وختم مراسم الحج .

فمن غیر المعقول حرف الایة الی قضیة الحج والنبی حج سنة ثمانیة هجریة فلماذا لم تنزل الایة فی یومها ؟

وفی السنة العاشرة للهجرة کیف ینزل اکمال الدین علی فریضة لم تکمل بعد اذ ما زال الحجاج فی عرفة .

واکمال الدین ینزل علی أصل من أصول الدین وهو الامامة لانه أهم من فروع الدین مثل الحج والزکاة .

(یَا أَیُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَیْکَ مِن رَّبِّکَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ یَعْصِمُکَ مِنَ النَّاسِ) ((1)) .

محمّد بن جریر الطبری , کتاب الولایة((2)) .

والحافظ ابوحاتم الرازی فی کتاب الولایة((3)) .

والحافظ أبوبکر الفارسی الشیرازی فی کتاب الولایة((4)) .

والحافظ ابن مردویه فی کتاب الولایة((5)) .

والسیوطی((6)) . وکشف الغمة((7)) .

وابو اسحاق الثعلبی فی تفسیره((8)) .

والخصائص 29 وأبو الحسن الواحدی النیسابوری فی کتاب أسباب النزول 150 وأبو سعید السجستانی فی کتاب الولایة 112 والحافظ الحاکم

ص: 193

الحسکانی فی شواهد التنزیل والحافظ ابن عساکر , الدر المنثور 2/298 وفتح القدیر 2/57 وأبو الفتح النطنزی فی الخصائص العلویة والفخر الرازی فی تفسیره 3/636 وجلال الدین السیوطی فی الدر المنثور 2/298 والقاضی الشوکانی فی تفسیره وشهاب الدین الآلوسی فی تفسیره روح المعانی 2/348 وسلیمان القندوزی الحنفی فی ینابیع المودة 120 والشیخ محمد عبدة فی تفسیر المنار 6/463 .

ونزلت فی یوم الغدیر ایضاً آیة:

(الْیَوْمَ أَکْمَلْتُ لَکُمْ دِینَکُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَیْکُمْ نِعْمَتِی وَرَضِیتُ لَکُمُ الإِسْلاَمَ دِیناً) ((1)) سورة المائدة .

ومن العلماء والحفاظ الذین أیَّدوا نزول هذه الآیة حول نصّ الغدیر الرازی فی تفسیره 3/529 وعیّنه أبو السعود فی تفسیره بهامش تفسیر الرازی ج 3/523 والحافظ محمد بن جریر الطبری فی کتاب الولایة 215 , وتفسیر ابن کثیر 2/14 والاتقان 1/31 والحافظ أبونعیم الاصفهانی فی کتاب ما نزل من القرآن فی علی علیه السلام والحافظ أبو بکر الخطیب البغدادی فی تاریخ بغداد 8/290 والحافظ أبوسعید السجستانی فی کتاب الولایة والحافظ الحسکانی فی کتاب الولایة ترجمة 112 والخطیب الخوارزمی الحنفی فی المناقب 80 وفراید السمطین وابو الفتح النطنزی فی الخصائص العلویة 43

ص: 194

وسبط بن الجوزی فی التذکرة 18 والحموینی الحنفی فی فرائد السمطین , الباب 12 وابن کثیر الدمشقی فی تاریخه 5/210 وجلال الدین السیوطی فی الدر المنثور 2/259 والمیرزا محمد البدخشی فی مفتاح النجا .

{ فَمَنِ اضْطُرَّ فِی مَخْمَصَة غَیْرَ مُتَجَانِف لإثْم فَإنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَحِیمٌ 3} سورة المائدة .

{فَمَنِ اضْطُرَّ فِی مَخْمَصَة } مجاعة{غَیْرَ مُتَجَانِف} غیرمتعمد للمنکر{لإثْم فَإنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَحِیمٌ(3): من اضطر لاکل المیتة فی مجاعة فلا باس علیه .

{یَسْألُونَکَ مَاذَا اُحِلَّ لَهُمْ قُلْ اُحِلَّ لَکُمُ الطَّیِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الجَوَارِحِ مُکَلِّبِینَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَکُمُ اللّهُ فَکُلُوا مِمَّا أمْسَکْنَ عَلَیْکُمْ وَاذْکُرُوا اسْمَ اللّهِ عَلَیْهِ وَاتَّقُوا اللّهَ إنَّ اللّهَ سَرِیعُ الحِسَابِ 4} سورة المائدة .

{یَسْألُونَکَ } یا محمد صلی الله علیه و آله و سلم {مَاذَا اُحِلَّ لَهُمْ } من المطاعم والمشارب {قُلْ اُحِلَّ لَکُمُ الطَّیِّبَاتُ } غیر المحرمة .

{وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الجَوَارِحِ } الکلاب {مُکَلِّبِینَ } مشتق من کلبت الکلب أی علمته الصید .

مؤدبین لها. والمکلب: مؤدب الجوارح ومغریها بالصید.

قال :( هی الکلاب ).

{تُعَلِّمُونَهُنَّ

مِمَّا عَلَّمَکُمُ اللّهُ } من فنون الصید , فیتحرک بأمر مالکه {فَکُلُوا مِمَّا أمْسَکْنَ الکلاب {عَلَیْکُمْ } فاذا مسکته ومات فهو حلال

ص: 195

{وَاذْکُرُوا اسْمَ اللّهِ عَلَیْهِ } یقول الصائد: اذهب علی اسم الله وما شابه من الکلمات .

( فما خلا الکلاب فلیس صیده بالذی یؤکل الا أن یدرک ذکاته ) . ( تعلمونهن مما علمکم الله ): مما ألهمکم من طرق التأدیب ( فکلوا مما أمسکن علیکم واذکروا اسم الله علیه ) .

قال: ( ان أرسله صاحبه وسمی ، فلیأکل کل ما أمسک علیه وان قتل ، وان أکل فکل ما بقی ) .

وقال: ( إذا أرسلت الکلب المعلم فاذکر اسم الله علیه فهو ذکاته ) .

{وَاتَّقُوا اللّهَ } فی الحرمات {إنَّ اللّهَ سَرِیعُ الحِسَابِ(4) }.

{الیَوْمَ اُحِلَّ لَکُمُ الطَّیِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِینَ اُوتُوا الکِتَابَ حِلٌّ لَکُمْ وَطَعَامُکُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالمُحْصَنَاتُ مِنَ المُؤْمِنَاتِ وَالمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِینَ اُوتُوا الکِتَابَ مِنْ قَبْلِکُمْ إذَا آتَیْتُمُوهُنَّ اُجُورَهُنَّ مُحْصِنِینَ غَیْرَ مُسَافِحِینَ وَلا مُتَّخِذِی أخْدَان وَمَنْ یَکْفُرْ بِالإیمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِی الآخِرَةِ مِنَ الخَاسِرِینَ5 } سورة المائدة .

( الیوم أحل لکم الطیبات وطعام الذین أوتوا الکتاب حل لکم ) . قال: ( ان المراد به الحبوب والبقول والفاکهة ، غیر الذبایح التی یذبحونها ، فإنهم لا یذکرون اسم الله خالصا علی ذبایحهم ) . وفی روایة: ( الذبیحة بالاسم ولا یؤمن علیها الا أهل التوحید ) . وفی أخری: ( إذا شهدتموهم وقد سموا

ص: 196

اسم الله فکلوا ذبایحهم ، وان لم تشهدوهم فلا تأکلوا ، وان أتاک رجل مسلم فأخبرک أنهم سموا فکل ) .

{الیَوْمَ اُحِلَّ لَکُمُ الطَّیِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِینَ اُوتُوا الکِتَابَ حِلٌّ لَکُمْ وَطَعَامُکُمْ حِلٌّ لَهُمْ } حلل علماء السنَّة وبعض علماء الشیعة ذبائح أهل الکتاب تبعا لهذه الآیة ومنع الاکثریة .

{وَالمُحْصَنَاتُ مِنَ المُؤْمِنَاتِ } أی حل لکم الزواج من العفیفات من المسلمات {وَالمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِینَ اُوتُوا الکِتَابَ مِنْ قَبْلِکُمْ } جوَّز بعض علماء الشیعة الزواج الدائم والمنقطع من المشرکة طبقاً لهذه الایة , وحصره البعض الآخر بالمنقطع والایة عامة فی حلیة الزواج من محصنات أهل الکتاب .

عن ابن فضال ، عن الحسن بن جهم قال: قال لی أبو الحسن الرضا علیه السلام : یا أبا محمد ما تقول فی رجل یتزوج نصرانیة علی مسلمة ؟

قلت: جعلت فداک وما قولی بین یدیک .

قال علیه السلام : لتقولن فإن ذلک یعلم به قولی .

قلت: لا یجوز تزویج النصرانیة علی مسلمة ولا غیر مسلمة .

قال علیه السلام : ولم ؟ قلت: لقول الله عز وجل ( ولا تنکحوا المشرکات حتی یؤمن ) _ البقرة: 221 .

قال: فما تقول فی هذه الآیة: ( والمحصنات من الذین اتوا الکتاب من قبلکم )؟

_ المائدة: 5 .

ص: 197

قلت: فقوله: ( ولا تنکحوا المشرکات ) نسخت هذه الآیة فتبسم ثم سکت ((1)) .

{إذَا آتَیْتُمُوهُنَّ اُجُورَهُنَّ } مهورهن .

ص: 198

{مُحْصِنِینَ غَیْرَ مُسَافِحِینَ } متزوجین غیر زانین {وَلا مُتَّخِذِی أخْدَان } جمع خدن بعیداً عن الشریعة بل کل شیء یجب أن یکون وفق الاحکام الاسلامیة فیکون زواجا دائما أو منقطعا .

{ وَمَنْ یَکْفُرْ بِالإیمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِی الآخِرَةِ مِنَ الخَاسِرِینَ5 }:

{وَمَنْ یَکْفُرْ بِالإیمَانِ } قال الامام محمد الجواد علیه السلام : یکفر بولایة علی , وعلی هو الایمان((1)) .

وقال نجاح الطائی : وقد سمی رسول الله علیاً علیه السلام إیمانا حینما برز إلی عمرو بن عبد ود العامری یوم الخندق حیث قال: برز الایمان کله إلی الکفر کله ((2)) .

{ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ } بطل {وَهُوَ فِی الآخِرَةِ مِنَ الخَاسِرِینَ 5 سورة المائدة .

ص: 199

وقال تعالی: { یَا أیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا آبَاءَکُمْ وَإخْوَانَکُمْ أوْلِیَاءَ إنِ اسْتَحَبُّوا الکُفْرَ عَلَی الإیمَانِ وَمَنْ یَتَوَلَّهُمْ مِنْکُمْ فَاُوْلَئِکَ هُمُ الظَّالِمُونَ _سورة التوبة 23 } .

قال علیه السلام : فان الکفر فی الباطن فی هذه الآیة ولایة الاول والثانی ((1)) وهو کفر , وقوله علی الایمان , فالایمان ولایة علی بن أبی طالب علیه السلام , قال: ومن یتولهم منکم فاولئک هم الظالمون ((2)) .

{یَا أیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا إذَا قُمْتُمْ إلَی الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَکُمْ وَأیْدِیَکُمْ إلَی المَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِکُمْ وَأرْجُلَکُمْ إلَی الکَعْبَیْنِ وَإنْ کُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا وَإنْ کُنْتُمْ مَرْضَی أوْ عَلَی سَفَر أوْ جَاءَ أحَدٌ مِنْکُمْ مِنَ الغَائِطِ أوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَیَمَّمُوا صَعِیداً طَیِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِکُمْ وَأیْدِیکُمْ مِنْهُ مَا یُرِیدُ اللّهُ لِیَجْعَلَ عَلَیْکُمْ مِنْ حَرَج وَلَکِنْ یُرِیدُ لِیُطَهِّرَکُمْ وَلِیُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَیْکُمْ لَعَلَّکُمْ تَشْکُرُونَ 6 } سورة المائدة .

{یَا أیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا إذَا قُمْتُمْ إلَی الصَّلاةِ }:

ص: 200

أخرج مفتی العراقین محمد بن یوسف بن محمد القرشی الشافعی , فی کتابه (کفایة الطالب) عن محمد بن عبد الواحد بن المتوکّ , بإسناده المذکور , عن ابن عباس , قال:

{ما نزلت آیة فیها (یَا أیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا) . إلاّ وعلی رأسها , وأمیرها وشریفها , ولقد عاتب الله عزّ وجل أصحاب محمد فی غیر آیّ من القرآن وما ذکر علیاً إلاّ بخیر }((1)) .

واتفق علماء المسلمین علی أعضاء الوضوء الاربعة: الوجه والیدان والرأس والرجلان , والاختلاف فی صورة الوضوء , قال الشیعة: غسلتان للوجه ومسحتان للرأس والرجلین .

وقال السنة: هی ثلاث غسلات للوجه والیدین والرجلین ومسح للرأس فالخلاف فی الرأس فقط {فَاغْسِلُوا وُجُوهَکُمْ وَأیْدِیَکُمْ إلَی المَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِکُمْ وَأرْجُلَکُمْ إلَی الکَعْبَیْنِ } .

وهنا الاختلاف اذ قرأت الأرجل بالنصب والخفض , فقال السنة: یجب غسل الأرجل علی القرائتین فی حالة النصب لعطف الأرجل علی الایدی المنصوبة لفظاً ومحلا , وفی حالة الخفض فلمجاورة الأرجل للرؤوس المجرورة .

ص: 201

وقال الشیعة: یجب مسح الأرجل علی القراءتین: أما علی الخفض فلعطف الأرجل علی الرؤوس المجرورة بالباء وأما علی النصب فللعطف أیضاً علی الرؤوس محلا لا لفظاً , لان کل مجرور لفظاً منصوب محلا .

{وَإنْ کُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا } بالغسل {وَإنْ کُنْتُمْ مَرْضَی أوْ عَلَی سَفَر أوْ جَاءَ أحَدٌ مِنْکُمْ مِنَ الغَائِطِ أوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَیَمَّمُوا صَعِیداً طَیِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِکُمْ وَأیْدِیکُمْ مِنْهُ } .

التیمم بالتراب یجزی عن الغسل والوضوء .

{مَا یُرِیدُ اللّهُ لِیَجْعَلَ عَلَیْکُمْ مِنْ حَرَج }:

استخلص علماء المسلمین قاعدة کلیة من هذه الایة وهی رکن من أرکان الشریعة سمَّاها فقهاء الشیعة قاعدة نفی الحرج وسمَّاها فقهاء السنة قاعدة التیسیر , ومعناها لم یشرع الله حکماً لعباده فیه المشقة فضلا عن الضرر والاضرار .

{وَلَکِنْ یُرِیدُ لِیُطَهِّرَکُمْ } من الافعال السیئة ویأخذ بأیدیکم الی مرتبة الافعال النبیلة {وَلِیُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَیْکُمْ لَعَلَّکُمْ تَشْکُرُونَ 6}.

{ وَاذْکُرُوا نِعْمَةَ اللّهِ عَلَیْکُمْ وَمِیثَاقَهُ الَّذِی وَاثَقَکُمْ بِهِ إذْ قُلْتُمْ سَمِعْنَا وَأطَعْنَا وَاتَّقُوا اللّهَ إنَّ اللّهَ عَلِیمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ7 } سورة المائدة .

ص: 202

{وَاذْکُرُوا نِعْمَةَ اللّهِ عَلَیْکُمْ وَمِیثَاقَهُ الَّذِی وَاثَقَکُمْ بِهِ } لما أخذ رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم علیهم المیثاق بالولایة قالوا: سمعنا وأطعنا ثم نقضوا میثاقه((1)) .

قال رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم : إن فی الفردوس لعینا أحلی من الشهد وألین من الزبد وأبرد من الثلج وأطیب من المسک فیها طینة خلقنا الله منها وخلق منها شیعتنا فمن لم یکن من تلک الطینة فلیس منا ولا من شیعتنا وهی المیثاق الذی أخذ الله عز وجل علیه ولایة علی بن ابی طالب((2)) .

قال تعالی: (وَإذْ أخَذَ اللّهُ مِیثَاقَ النَّبِیِّینَ لَمَا آتَیْتُکُمْ مِنْ کِتَاب وَحِکْمَة ثُمَّ جَاءَکُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَکُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أأقْرَرْتُمْ وَأخَذْتُمْ علی ذَلِکُمْ إصْرِی قَالُوا أقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأنَا مَعَکُمْ مِنَ الشَّاهِدِینَ)((3)) .

ص: 203

قال الإمام الصادق

علیه السلام : لم یبعث الله نبیاً ولا رسولا الا أخذ علیه المیثاق لمحمد بالنبوة ولعلی علیه السلام بالامامة((1))

وقال تعالی: {وَاذْکُرُوا نِعْمَةَ اللّهِ علیکم وَمِیثَاقَهُ الَّذِی وَاثَقَکُمْ بِهِ} .

لما أخذ رسول الله علیهم المیثاق بالولایة قالوا: سمعنا وأطعنا ثم نقضوا

میثاقه((2)) .

وقال تعالی:{صِبْغَةَ اللّهِ} صَبَغ المؤمنین بالولایة فی المیثاق((3)).

{إذْ قُلْتُمْ سَمِعْنَا وَأطَعْنَا وَاتَّقُوا اللّهَ إنَّ اللّهَ علیم بِذَاتِ الصُّدُورِ }((4)) .

{یَا أیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا کُونُوا قَوَّامِینَ لِلّهِ شُهَدَاءَ بِالقِسْطِ }

.

تقدم فی الآیة 135 من سورة النساء , والغرض من التکرار هو الحث من القول علی العدل والحق .

ص: 204

روی علاّمة الحنفیة محمد بن یوسف الزرندی فی نظم درر السمطین , عن مجاهد علیه السلام , قال: {ما کان فی القرآن: (یَا أیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا) فإنّ لعلی علیه السلام سابقة ذلک لأنّه سبقهم إلی الإسلام}((1)) .

{إذْ قُلْتُمْ سَمِعْنَا وَأطَعْنَا وَاتَّقُوا اللّهَ إنَّ اللّهَ عَلِیمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ7 }.

{یَا أیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا کُونُوا قَوَّامِینَ لِلّهِ شُهَدَاءَ بِالقِسْطِ وَلا یَجْرِمَنَّکُمْ شَنَآنُ قَوْم عَلَی ألا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أقْرَبُ لِلتَّقْوَی وَاتَّقُوا اللّهَ إنَّ اللّهَ خَبِیرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ 8 } سورة المائدة .

{ یَا أیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا کُونُوا قَوَّامِینَ لِلّهِ شُهَدَاءَ بِالقِسْطِ }

تقدم فی الایة 135 من سورة النساء , والغرض من التکرار هو الحث من النشاط فی طلب العدل والحق .

روی محمد بن یوسف الزرندی الحنفی فی نظم درر السمطین , عن مجاهد علیه السلام , قال: ما کان فی القرآن (یَا أیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا) . فإنّ لعلی علیه السلام سابقة ذلک لأنّه سبقهم إلی الإسلام ((2)) .

{وَلا یَجْرِمَنَّکُمْ شَنَآنُ قَوْم } الکراهیة {عَلَی ألا تَعْدِلُوا } فی مسائل الاعداء {اعْدِلُوا هُوَ أقْرَبُ لِلتَّقْوَی } العدل والتقوی أخوان {وَاتَّقُوا اللّهَ إنَّ اللّهَ خَبِیرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ8 }.

ص: 205

{وَعَدَ اللّهُ الَّذِینَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأجْرٌ عَظِیمٌ 9} سورة المائدة .

{ وَعَدَ اللّهُ الَّذِینَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ } الایمان باصول الدین الخمسة وعمل الاعمال الصالحة .

{لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأجْرٌ عَظِیمٌ 9 }

روی علاّمة الحنفیة أخطب الخطباء موفّق بن أحمد فی کتابه المناقب , بإسناده المذکور , عن یزید بن شراحیل الأنصاری کاتب علی , قال: سمعت علیّاً کرّم الله وجهه , یقول: حدّثنی رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم وأنا مسنده إلی صدری فقال صلی الله علیه و آله و سلم : أی علی ألم تسمع قول الله تعالی: (الَّذِینَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ) . هم أنت وشیعتک , وموعدی وموعدکم الحوض , إذا جثت الأمم للحساب تدعون غرّاء محجّلین ((1)) .

{وَالَّذِینَ کَفَرُوا وَکَذَّبُوا بِآیَاتِنَا اُوْلَئِکَ أصْحَابُ الجَحِیمِ (10) }_سورة المائدة : آیاتنا: علی بن أبی طالب علیه السلام :

أخرج الحافظ الشافعی أبو الحسن بن المغازلی الشافعی فی مناقبه , عن الحسن بن أحمد بن موسی بسنده المذکور , عن سعید بن جبیر , عن ابن

ص: 206

عباس , قال: قال رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم : - فی حدیث - : وَالَّذِینَ کَفَرُوا وَکَذَّبُوا بِآیَاتِنَا: لم یؤمنوا بولایة أمیر المؤمنین والأئمة: ((1)).

یعنی الولایة بحقّ علی وحقّ علی علیه السلام واجب علی العالمین((2)) .

واعترف أبو بکر بأفضلیة أمیر المؤمنین علی اذ قال:

ولیتکم ولست بخیرکم وعلی فیکم((3)) .

وقال أبو بکر: أقیلونی ثلاثاً فلست بخیرکم((4)) .

وعن سعید بن المسیب , قال: قال عمر بن الخطاب:

تحببوا إلی الأشراف وتوددوا واتقوا علی أعراضکم من السفلة , واعلموا أنه لا یتم شرف إلا بولایة علی بن أبی طالب ((5)) . أخرجه الدارقطنی وعنه ابن حجر .

ص: 207

وقال عمر: وإن أخلقهم أن یحملهم علی المحجة البیضاء علی علیه السلام ((1)) .

وقال ابن القاری: أهل الجماعة یحبون أهل البیت .

لکن ابن خلکان الشافعی قال: إنَّ محبة أهل البیت لا تجتمع مع التسنن((2)).

ص: 208

{ اُوْلَئِکَ أصْحَابُ الجَحِیمِ }: من لم یؤمن بولایة الامام علی والائمة علیهم السلام مصیره جهنم خالدا فیها .

{ یَا أیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا اذْکُرُوا نِعْمَةَ اللّهِ عَلَیْکُمْ إذْ هَمَّ قَوْمٌ أنْ یَبْسُطُوا إلَیْکُمْ أیْدِیَهُمْ فَکَفَّ أیْدِیَهُمْ عَنْکُمْ وَاتَّقُوا اللّهَ وَعَلَی اللّهِ فَلْیَتَوَکَّلِ المُؤْمِنُونَ11 } سورة المائدة.

{یَا أیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا اذْکُرُوا نِعْمَةَ اللّهِ عَلَیْکُمْ إذْ هَمَّ قَوْمٌ أنْ یَبْسُطُوا إلَیْکُمْ أیْدِیَهُمْ فَکَفَّ } الله تعالی {أیْدِیَهُمْ عَنْکُمْ } وأفشل تحالف قریش والیهود والاعراب .

وذلک لان قریشا قد خافت طریقها التی کانت تسلک إلی الشام حین کان من وقعة بدر ، فسلکوا طریق العراق ، واستأجروا رجلا من بکر بن وائل یقال له: فرات بن حیان یدلهم علی الطریق ، فأصاب زید بن حارثة تلک العیر وأعجزته الرجال هربا .

وفی روایة الواقدی: أن ذلک العیر مع صفوان بن أمیة ، وأنهم قدموا بالعیر إلی رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم ، وأسروا رجلا أو رجلین ، وکان فرات بن حیان أسیرا فأسلم فترک من القتل ((1)) .

ص: 209

وروی الحافظ الحاکم الحسکانی الحنفی ((1)) قال: أخبرنا أبو محمد الحسن بن علی الجوهری , بإسناده المذکور , عن أبی صالح , عن ابن عباس , قال: فی قوله تعالی: (إذْ هَمَّ قَوْمٌ أنْ یَبْسُطُوا إلَیْکُمْ أیْدِیَهُمْ) :

نزلت فی رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم , وعلی علیه السلام , وزید , حین أتاهم یستفتیهم فی القبلتین((2)) .

{وَاتَّقُوا اللّهَ وَعَلَی اللّهِ فَلْیَتَوَکَّلِ المُؤْمِنُونَ } (11) .

جاء فی المناقب المائة من طریق العامة: عن ابن عباس: نزلت فی رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم وعلی علیه السلام وزیره حین أتاهم(رجل )یستعینهم فی القتیلین((3)) .

{وَلَقَدْ أخَذَ اللّهُ مِیثَاقَ بَنِی إسْرَائِیلَ وَبَعَثْنَا مِنْهُمْ اثْنَی عَشَرَ نَقِیباً وَقَالَ اللّهُ إنِّی مَعَکُمْ لَئِنْ أقَمْتُمُ الصَّلاةَ وَآتَیْتُمُ الزَّکَاةَ وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِی وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأقْرَضْتُمُ اللّهَ قَرْضاً حَسَناً لاُکَفِّرَنَّ عَنْکُمْ سَیِّئَاتِکُمْ وَلاُدْخِلَنَّکُمْ جَنَّات تَجْرِی مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ فَمَنْ کَفَرَ بَعْدَ ذَلِکَ مِنْکُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِیلِ12 } سورة المائدة .

ص: 210

{وَلَقَدْ أخَذَ اللّهُ مِیثَاقَ بَنِی إسْرَائِیلَ } أن لا یفعلوا ظلماً .{وَبَعَثْنَا مِنْهُمْ اثْنَی عَشَرَ نَقِیباً } بعث الله تعالی للامم الانسانیة کالیهود والمسلمین أثنا عشر وصیاً لهدایتهم فعند الیهود اثنا عشر نقیباً وعند المسلمین اثنا عشر اماماً , أولهم علی وآخرهم المهدی علیهم السلام .

وعن أبی عبد الله علیه السلام قال: لقد تسموا باسم ما سمی الله به أحدا الا علی بن أبی طالب وما جاء تأویله قلت: جعلت فداک متی یجیئ تأویله ؟

قال: إذا جاء جمع الله امامه النبیین والمؤمنین حتی ینصروه وهو قول الله " وإذ اخذ الله میثاق النبیین لما آتیتکم من کتاب وحکمة " إلی قوله " وانا معکم من الشاهدین " فیومئذ یدفع رایة رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم اللواء إلی علی بن أبی طالب فیکون أمیر الخلایق کلهم أجمعین یکون الخلائق کلهم تحت لوائه ویکون هو أمیرهم فهذا تأویله روی أبو الحسن الفقیه محمد بن علی بن شاذان - من طریق العامّة - بحذف الإسناد , عن ابن عباس , قال: سمعت رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم : یقول - فی حدیث طویل - حین قام جابر بن عبدالله الأنصاری , فقال: یا رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم ما عدّة الأئمّة؟

قال صلی الله علیه و آله و سلم : یا جابر سألتنی رحمک الله عن الإسلام بأجمعه , إلی أن قال صلی الله علیه و آله و سلم : عدّتهم عدّة نقباء بنی إسرائیل , قال الله تعالی:

(وَبَعَثْنَا مِنْهُمْ اثْنَی عَشَرَ نَقِیباً ) 12 _النساء .

ص: 211

فالأئمة یا جابر إثنا عشر إماماً , أوّلهم علی بن أبی طالب علیه السلام , وآخرهم القائم } ((1)) .

الکافی: قال الإمام الصادق علیه السلام عن الآیة: (ألَمْ تَرَ إلَی الَّذِینَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللّهِ کُفْراً )_ سورة إبراهیم 14 / 28 .

قال عنی بها قریشاً الذین عادوا رسول الله ونصبوا له الحرب وجحدوا وصیة وصیه((2)) .

أی انکروا نعمة الله وهم أهل البیت واستبدلوها بکفر الجبت والطاغوت والامویین .

روایة الامام علی علیه السلام : الأئمة من قریش , غرسوا فی هذا البطن من هاشم , لا تصلح علی سواهم , ولا تصلح الولاة من غیرهم((3)) .

ص: 212

وجاء فی: فی التوراة التی بأیدی أهل الکتاب ما معناه: إنَّ الله تعالی بشَّر ابراهیم باسماعیل وانه ینمیه ویکثره ویحعل من ذریته اثنی عشر عظیماً ((1)) .

فالأئمة یا جابر إثنا عشر إماماً , أوّلهم علی بن أبی طالب, وآخرهم القائم ((2)) .

وقال رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم لعلی علیه السلام : إنِّی وإثنی عشر من ولدی وأنت یا علی زرُّ الأرض , یعنی أوتادها وجبالها , بنا أوتد الله الأرض أن تسیخ بأهلها , فإذا ذهب الإثنا عشر من ولدی ساخت الأرض بأهلها ولم ینظروا ((3)) .

وقال جعفر الصادق علیه السلام : لو بقیت الأرض بغیر إمام لساخت ((4)) .

ص: 213

أبو نعیم: وجاء فی روایة أبی نعیم قول رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم : من سرّه أن یحیی حیاتی ویموت مماتی ویسکن جنة عدن فلیوال علیاً علیه السلام بعدی ویقتدِ بالأئمة من بعدی فإنّهم عترتی خلقوا من طینتی ورزقوا فهماً وعلماً وویل للمکذبین بفضلهم من أمتی القاطعین فیهم صلتی لا أنالهم الله شفاعتی((1)) .

وعن عبدالله بن مسعود قال رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم : الخلفاء بعدی اثنا عشر کعدد نقباء بنی إسرائیل((2)) .

وهذا الحدیث یفصح عن أنّ خلافة النبی صلی الله علیه و آله و سلم دینیة وسیاسیة ولیست سیاسیة فقط مثلما یدعی البعض , فیضعون ضمن الخلفاء کل من جاءت به السیاسة ومنهم معاویة ویزید بن معاویة ومروان!((3)) .

ابن عساکر: قال رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم بروایة انس بن مالک: عنوان صحیفة المؤمن حب علی بن أبی طالب علیه السلام ((4)) .

ولقد کان أوّل الخلفاء علی بن أبی طالب علیه السلام . الذی قال فیه الرسول صلی الله علیه و آله و سلم : من کنت مولاه فهذا علی مولاه ((5)) .

ص: 214

وبالإتفاق لم یکن أبو بکر وعمر وغیرهم خلفاء دینیین بل سیاسیین وقد قال عمر عن بیعة أبی بکر: کانت فلتة ومن عاد إلیها فاقتلوه((1)) .

ص: 215

وبالإتفاق لم یکن أبو بکر وعمر وغیرهم خلفاء دینیین بل سیاسیین وقد قال عمر عن بیعة أبی بکر: کانت فلتة ومن عاد إلیها فاقتلوه((1)) .

ص: 216

وندم أبو بکر فی أواخر عمره (بعدما سُمَّ من قبل عمر وعثمان ) علی استلامه السلطة , قائلاً: وددت أنی یوم سقیفة بنی ساعدة قذفت الأمر فی عنق أحد الرجلین عمر أو أبی عبیدة ((1)) .

ولو کانت خلافته دینیة صحیحة لما ندم علی ذلک ولما قال: یالیتنی کنت بعراً ولم أکُ بشراً ((2)) .

{وَقَالَ اللّهُ } لبنی اسرائیل: {إنِّی مَعَکُمْ لَئِنْ أقَمْتُمُ الصَّلاةَ وَآتَیْتُمُ الزَّکَاةَ وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِی وَعَزَّرْتُمُوهُمْ } عظمتموهم {وَأقْرَضْتُمُ اللّهَ قَرْضاً حَسَناً لاُکَفِّرَنَّ عَنْکُمْ سَیِّئَاتِکُمْ وَلاُدْخِلَنَّکُمْ جَنَّات تَجْرِی مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ فَمَنْ کَفَرَ بَعْدَ ذَلِکَ مِنْکُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِیلِ(12) } .

انحرف عن ولایة الامام علی علیه السلام فهو السبیل .

{ فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِیثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِیَةً یُحَرِّفُونَ الکَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظَّاً مِمَّا ذُکِّرُوا بِهِ وَلا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَی خَائِنَة مِنْهُمْ إلا قَلِیلا مِنْهُمْ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إنَّ اللّهَ یُحِبُّ المُحْسِنِینَ13} سورة المائدة .

{فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِیثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ } أبعدناهم عن رحمتنا .

{وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِیَةً } أی ترکهم تعالی فأصبحت قلوبهم قاسیة من أثر جرائمهم.

ص: 217

قال من نحی أمیر المؤمنین علیه السلام عن موضعه , والدلیل علی ذلک ان الکلمة أمیر المؤمنین علیه السلام قوله " وجعلها کلمة باقیة فی عقبه " -الزخرف 28 - یعنی به الإمامة .

وقوله ( ولا تزال تطلع علی خائنة منهم إلا قلیلا منهم فاعف عنهم واصفح ) قال منسوخة بقوله: { اقتلوا المشرکین حیث وجدتموهم } , وقوله { ومن الذین قالوا انا نصاری أخذنا میثاقهم} قال علی علیه السلام : ان عیسی بن مریم عبد مخلوق فجعلوه ربا ( فنسوا حظا مما ذکروا به )((1)) .

وقد خان الیهودُ ما عاهدوا الله علیه وحرفوا ما جاءهم اعتداءا منهم علی الساحة الالهیة المقدسة .

{ َمِنَ الَّذِینَ قَالُوا إنَّا نَصَارَی أخَذْنَا مِیثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظّاً مِمَّا ذُکِّرُوا بِهِ فَأغْرَیْنَا بَیْنَهُمُ العَدَاوَةَ وَالبَغْضَاءَ إلَی یَوْمِ القِیَامَةِ وَسَوْفَ یُنَبِّئُهُمُ اللّهُ بِمَا کَانُوا یَصْنَعُونَ14} سورة المائدة .

{وَمِنَ الَّذِینَ قَالُوا إنَّا نَصَارَی أخَذْنَا مِیثَاقَهُمْ } هؤلاء الذین سمَّوا أنفسهم أنصار الله تعالی خانوا الانجیل {فَنَسُوا حَظّاً مِمَّا ذُکِّرُوا بِهِ فَأغْرَیْنَا بَیْنَهُمُ }

فاختلف الأحزاب من بینهم أی اختلف النصاری فی عیسی ، أهو ابن الله ، أم إله معه ، أم ثالث ثلاثة ؟ فالأحزاب: فرق النصاری الثلاث أو اختلف الیهود والنصاری . فویل کلمة عذاب أی فشدة عذاب ، أو واد فی جهنم

ص: 218

للذین کفروا أی ویل لهم بما ذکر وغیره من مشهد یوم عظیم من شهود أو حضور یوم عظیم هوله وحسابه وجزاؤه ، وهو یوم القیامة .

{العَدَاوَةَ وَالبَغْضَاءَ إلَی یَوْمِ القِیَامَةِ وَسَوْفَ یُنَبِّئُهُمُ اللّهُ بِمَا کَانُوا یَصْنَعُونَ(14) } من ظلم بحق البلاد والعباد .

قوله: " ومن الذین قالوا إنا نصاری " إنما لم یقل: من النصاری لما قاله الحسن: من أنه أراد تعالی بذلک أن یدل علی أنهم ابتدعوا النصرانیة التی هم علیها الیوم , وتسموا بها .

وقوله: " اخذنا میثاقهم " یعنی بتوحید الله عز وجل , والإقرار بنبوة المسیح , وجمیع أنبیاء الله وانهم کلهم عبید الله لا یذکر .

وقال أبو علی: معناه ترکوا العمل به , فکان کالذی لا یذکر . وقوله: " مما ذکروا به " یعنی فیما أنزله الله علی موسی وعیسی ‘ فی التوراة والإنجیل , والکتب المتقدمة .

أخذ الله تعالی من النصاری المیثاق بالتوحید الالهی والنبوة لعیسی علیه السلام لکنهم خانوا وجعلوها فرق ثلاثة مختلفة بینها .

وقد خان الیهودُ المیثاق أیضا وحاربوا الله تعالی والانبیاء ویحرفون ما جاء فی التوراة حول النبی وآله الاثنی عشر .

{یَا أهْلَ الکِتَابِ قَدْ جَاءَکُمْ رَسُولُنَا یُبَیِّنُ لَکُمْ کَثِیراً مِمَّا کُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الکِتَابِ وَیَعْفُو عَنْ کَثِیر قَدْ جَاءَکُمْ مِنَ اللّهِ نُورٌ وَکِتَابٌ مُبِینٌ 15} سورة المائدة .

ص: 219

{یَا أهْلَ الکِتَابِ } الیهود والنصاری {قَدْ جَاءَکُمْ رَسُولُنَا } محمد صلی الله علیه و آله و سلم {یُبَیِّنُ لَکُمْ کَثِیراً مِمَّا کُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الکِتَابِ } کالرجم وبشارة عیسی بالنبی محمد صلی الله علیه و آله و سلم {وَیَعْفُو عَنْ کَثِیر } منکم .

{قَدْ جَاءَکُمْ مِنَ اللّهِ نُورٌ } محمد وآل محمد صلی الله علیه و آله و سلم .

الکافی: قال تعالی: {وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِی اُنزِلَ مَعَهُ}

قال الإمام الصادق علیه السلام : النور علی أمیر المؤمنین و الأئمة ((1)) .

{وَکِتَابٌ مُبِینٌ(15) } القرآن .

{یَهْدِی بِهِ اللّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَیُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إلَی النُّورِ بِإذْنِهِ وَیَهْدِیهِمْ إلَی صِرَاط مُسْتَقِیم 16}سورة المائدة .

{یَهْدِی بِهِ اللّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ } من آمن بالاسلام وسبیل الله الحق {وَیُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إلَی النُّورِ } من الکفر الی ولایة علی علیه السلام {بِإذْنِهِ وَیَهْدِیهِمْ إلَی صِرَاط مُسْتَقِیم(16) } .

صراط محمد وآل محمد صلی الله علیه و آله و سلم .

روی الحافظ الحاکم الحسکانی الحنفی , قال: أخبرنا أبو جعفر , بإسناده المذکور , عن الیمان مولی مصعب بن الزبیر , قال - فی حدیث - :

علی بن أبی طالب علیه السلام یحملهم (أی الناس) علی الطریق المستقیم ((2)) .

ص: 220

القندوزی الحنفی باسناده عن علی بن الحسین فی تفسیره قوله تعالی: (یریدون لیطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره)((1)) .إنه قال: إن الله متم الإمامة وهی النور . وذلک قوله تعالی: (فآمنوا بالله ورسوله والنور الذی أنزلنا)((2))الآیة . ثم قال: النور هو الإمام) ((3)) .

وقال تعالی: {وَأنزَلْنَا إلَیْکُمْ نُوراً مُبِیناً_ النساء 4 / 173} .

وقال الإمام الصادق علیه السلام : ولایة علی علیه السلام .

الکافی: قال تعالی: {وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِی اُنزِلَ مَعَهُ} .

وقال الإمام الصادق علیه السلام : النور علی أمیر المؤمنین و الأئمة ((4))

ص: 221

وروی تفسیر البرهان: محمد والنور علی .وقال الحسکانی: محمد والنور علی والصراط المستقیم علی علیه السلام ((1)) .

وجاء:{ ُوَ الَّذِی یُنَزِّلُ عَلَی عَبْدِهِ آیَات بَیِّنَات لِیُخْرِجَکُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إلَی النُّورِ وَإنَّ اللّهَ بِکُمْ لَرَؤُوفٌ رَحِیمٌ9 } سورة الحدید 9 .

:من الکفر الی الایمان یعنی الی الولایة لعلی ((2)) .

وأسند ابن جبر فی نخبه إلی الصادق علیه السلام عن قوله تعالی:

لیخرجکم من الظلمات (یعنی الکفر )إلی النور یعنی إلی ولایة علی((3)) .

وأسند إلی الباقر

علیه السلام قوله تعالی: والذین کفروا بولایة علی علیه السلام أولیاؤهم الطاغوت أعداؤه وأتباعهم أخرجوا الناس من النور وولایة علی علیه السلام إلی الظلمات ولایة أعدائه((4)) .

أقول: النور هو النبی محمد وآله الاطهار والکتاب هو القرآن المجید وقد وردت آیات کثیرة مبینة هذا الامر فی کتابه الکریم . لکن النواصب ترکوا النور وجروا نحو الظلمات والکفر.

ص: 222

{لَقَدْ کَفَرَ الَّذِینَ قَالُوا إنَّ اللّهَ هُوَ المَسِیحُ ابْنُ مَرْیَمَ قُلْ فَمَنْ یَمْلِکُ مِنَ اللّهِ شَیْئاً إنْ أرَادَ أنْ یُهْلِکَ المَسِیحَ ابْنَ مَرْیَمَ وَاُمَّهُ وَمَنْ فِی الأرْضِ جَمِیعاً وَللّهِ مُلْکُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَمَا بَیْنَهُمَا یخْلُقُ مَا یَشَاءُ وَاللّهُ عَلَی کُلِّ شَیْء قَدِیرٌ 17} سورة المائدة .

{لَقَدْ کَفَرَ الَّذِینَ قَالُوا إنَّ اللّهَ هُوَ المَسِیحُ ابْنُ مَرْیَمَ } وهم فرقة الیعقوبیة النصرانیة القائلین بالاتحاد وبعض النصارة قالوا: المسیح ابن الله سبحانه .

{ قُل ْ فَمَنْ یَمْلِکُ مِنَ اللّهِ شَیْئاً إنْ أرَادَ أنْ یُهْلِکَ المَسِیحَ ابْنَ مَرْیَمَ وَاُمَّهُ وَمَنْ فِی الأرْضِ جَمِیعاً } لو أراد الله تعالی أن یهلک المسیح وأمه مریم فلا یستطیع المسیح الدفاع عن نفسه فکیف یکون الهاً .

{وَللّهِ مُلْکُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَمَا بَیْنَهُمَا یخْلُقُ مَا یَشَاءُ وَاللّهُ عَلَی کُلِّ شَیْء قَدِیرٌ(17) } .

الله مالک السماوات والارض ویخلق کل شیء والمسیح لا یملک شیئا ولا یخلق شیئا الا باذن الله سبحانه .

{وَقَالَتِ الیَهُودُ وَالنَّصَارَی نَحْنُ أبْنَاءُ اللّهِ وَأحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ یُعَذِّبُکُمْ بِذُنُوبِکُمْ بَلْ أنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ یَغْفِرُ لِمَنْ یَشَاءُ وَیُعَذِّبُ مَنْ یَشَاءُ وَللّهِ مُلْکُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَمَا بَیْنَهُمَا وَإلَیْهِ المَصِیرُ 18} سورة المائدة .

{وَقَالَتِ الیَهُودُ وَالنَّصَارَی نَحْنُ أبْنَاءُ اللّهِ وَأحِبَّاؤُهُ } قال معظم النصاری: المسیح ابن الله وقال البعض: المسیح هو الله تعالی لکن الیهود والنصاری لم یکتفوا بهذا بل قالوا: نحن أبناء الله وأحباؤه .

ص: 223

ولا یوجد دلیل علی هذا الادعاء الخاوی ولم یکتفوا بل وصفوا أنفسهم أحباء الله , وکیف یکون هذا وهم یقتلون النفس التی حرم الله ویرتکبون المحرمات ویعیثون فی الارض الفساد !!!

{قُلْ فَلِمَ یُعَذِّبُکُمْ بِذُنُوبِکُمْ } الکثیرة فی الزنا والربا والکفر وغیرها .

{بَلْ أنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ } مثل باقی الناس {یَغْفِرُ لِمَنْ یَشَاءُ وَیُعَذِّبُ مَنْ یَشَاءُ وَللّهِ مُلْکُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَمَا بَیْنَهُمَا وَإلَیْهِ المَصِیرُ(18): یوم القیامة فیحاسبکم مثل باقی الانسانیة .

{یَا أهْلَ الکِتَابِ قَدْ جَاءَکُمْ رَسُولُنَا یُبَیِّنُ لَکُمْ عَلَی فَتْرَة مِنَ الرُّسُلِ أنْ تَقُولُوا مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِیر وَلا نَذِیر فَقَدْ جَاءَکُمْ بَشِیرٌ وَنَذِیرٌ وَاللّهُ عَلَی کُلِّ شَیْء قَدِیرٌ 19} سورة المائدة .

{یَا أهْلَ الکِتَابِ قَدْ جَاءَکُمْ رَسُولُنَا یُبَیِّنُ لَکُمْ } ما تحتاجون الیه {عَلَی فَتْرَة مِنَ الرُّسُلِ } وقت فتور فی ارسال الرسل اذ لا یوجد بین موسی وعیسی ‘ رسول بل أنبیاء ثلاثة , والمدة فی روایة 669 سنة وفی روایة 1700سنة {أنْ تَقُولُوا مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِیر وَلا نَذِیر } کی لا تقولوا ما جاءنا من بشیر یبشر بالجنة ونذیر ینذر بالنار .

{فَقَدْ جَاءَکُمْ بَشِیرٌ وَنَذِیرٌ } فلا حجة ولا عذر لکم.

{وَاللّهُ عَلَی کُلِّ شَیْء قَدِیرٌ } (19) .

تفسیر القمی: حدثنی أبی عن الحسن بن محبوب عن أبی حمزة الثمالی عن أبی الربیع قال حججت مع أبی جعفر علیه السلام فی السنة التی حج فیها هشام بن

ص: 224

عبد الملک ، وکان معه نافع مولی عمر بن الخطاب ، فنظر نافع إلی أبی جعفر علیه السلام فی رکن البیت وقد اجتمع علیه الناس فقال یا أمیر المؤمنین من هذا الذی تکافأ علیه الناس ؟

قال هذا ابن ( بنی ) أهل الکوفة محمد بن علی بن الحسین بن علی بن أبی طالب علیهم السلام ، فقال: لآتینه فلأسألنه عن مسائل لا یجیبنی فیها إلا نبی أو وصی نبی ،قال فاذهب إلیه فاسأله لعلک تخجله ، فجاء نافع حتی اتکأ علی الناس فأشرف علی أبی جعفر علیه السلام فقال: یا محمد بن علی انی قرأت التوراة والإنجیل والزبور والفرقان وقد عرفت حلالها وحرامها وقد جئت أسألک عن مسائل لا یجیب فیها إلا نبی أو وصی نبی أو ابن نبی ، فرفع

أبو جعفر علیه السلام رأسه فقال :سل عما بدا لک .

قال: أخبرنی کم کان بین عیسی ومحمد علیهما السلام من سنة ؟

فقال أخبرک بقولک أم بقولی ؟ قال أخبرنی بالقولین جمیعا ، قال اما فی قولی فخمس مائة سنة ، واما فی قولک فستمائة سنة . قال: أخبرنی عن قول الله تعالی " واسئل من أرسلنا من قبلک من رسلنا أجعلنا من دون الرحمن آلهة یعبدون " من الذی سأله محمد صلی الله علیه و آله و سلم ؟ وکان بینه وبین عیسی خمسمائة سنة ، قال فتلا أبو جعفر علیه السلام هذه الآیة " سبحان الذی اسری بعبده لیلا من المسجد الحرام إلی المسجد الأقصی الذی بارکنا حوله لنریه من آیاتنا " کان من الآیات التی أراها محمدا صلی الله علیه و آله و سلم حیث اسری به إلی البیت المقدس انه حشر الله له الأولین والآخرین من النبیین والمرسلین ثم

ص: 225

امر جبرئیل علیه السلام فاذن شفعا واقام شفعا ((1)) وقال فی اقامته حی علی خیر العمل ، ثم تقدم محمد صلی الله علیه و آله و سلم فصلی بالقوم فلما انصرف قال الله له: سل یا محمد من أرسلنا من قبلک من رسلنا اجعلنا من دون الرحمن آلهة یعبدون ، فقال رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم علی ما تشهدون وما کنتم تعبدون ؟ قالوا نشهد ان لا إله إلا الله وحده لا شریک له وانک رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم أخذت علی ذلک عهودنا ومواثیقنا ، قال نافع صدقت یا أبا جعفر ، فأخبرنی عن قول الله تعالی: " یوم تبدل الأرض غیر الأرض والسماوات " بای ارض الذی تبدل ؟ فقال أبو جعفر علیه السلام بخبزة بیضاء یأکلون منها ((2)) حتی یفرغ الله من حساب

ص: 226

الخلائق ، فقال نافع انهم عن الاکل لمشغولون ، فقال أبو جعفر علیه السلام أهم حینئذ اشغل أو وهم فی النار ؟ فقال نافع بل وهم فی النار ، قال علیه السلام فقد قال الله " ونادی أصحاب النار أصحاب الجنة ان أفیضوا علینا من الماء أو مما رزقکم الله " ما شغلهم إذا دعوا الطعام فأطعموا الزقوم ودعوا بالشراب فسقوا الحمیم ، فقال صدقت یا بن رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم وبقیت مسألة واحدة ، قال وما هی ؟

قال أخبرنی عن الله متی کان ؟ قال ویلک أخبرنی متی لم یکن حتی أخبرک متی کان ، سبحان من لم یزل ولا یزال فردا صمدا لم یتخذ صاحبة ولا ولدا ، ثم قال علیه السلام یا نافع أخبرنی عما أسألک عنه ، فقال: هات یا أبا جعفر ، قال علیه السلام : ما تقول فی أصحاب النهروان ؟ قال فان قلت إن أمیر المؤمنین قتلهم بحق فقد ارتددت أی رجعت إلی الحق وان قلت إنه قتلهم باطلا فقد کفرت ، قال فولی عنه وهو یقول أنت والله أعلم الناس حقا حقا ، ثم اتی هشام بن عبد الملک فقال له ما صنعت ؟

قال: دعنی من کلامک هو والله أعلم الناس حقا حقا وهو ابن رسول الله حقا حقا ویحق لأصحابه ان یتخذوه نبیا ((1)) .

ص: 227

الخلائق ، فقال نافع انهم عن الاکل لمشغولون ، فقال أبو جعفر علیه السلام أهم حینئذ اشغل أو وهم فی النار ؟ فقال نافع بل وهم فی النار ، قال علیه السلام فقد قال الله " ونادی أصحاب النار أصحاب الجنة ان أفیضوا علینا من الماء أو مما رزقکم الله " ما شغلهم إذا دعوا الطعام فأطعموا الزقوم ودعوا بالشراب فسقوا الحمیم ، فقال صدقت یا بن رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم وبقیت مسألة واحدة ، قال وما هی ؟

قال أخبرنی عن الله متی کان ؟ قال ویلک أخبرنی متی لم یکن حتی أخبرک متی کان ، سبحان من لم یزل ولا یزال فردا صمدا لم یتخذ صاحبة ولا ولدا ، ثم قال علیه السلام یا نافع أخبرنی عما أسألک عنه ، فقال: هات یا أبا جعفر ، قال علیه السلام : ما تقول فی أصحاب النهروان ؟ قال فان قلت إن أمیر المؤمنین قتلهم بحق فقد ارتددت أی رجعت إلی الحق وان قلت إنه قتلهم باطلا فقد کفرت ، قال فولی عنه وهو یقول أنت والله أعلم الناس حقا حقا ، ثم اتی هشام بن عبد الملک فقال له ما صنعت ؟

قال: دعنی من کلامک هو والله أعلم الناس حقا حقا وهو ابن رسول الله حقا حقا ویحق لأصحابه ان یتخذوه نبیا ((1)) .

ص: 228

وقال نجاح الطائی: لقد تبین لرجال السقیفة وأعوانهم ان أهل البیت عظماء وعلماء وحکماء العالم وانهم آیات الله العظمی لا یقاس أحد بهم لکنهم ولاجل الدنیا تنکروا لهذا وحاربوهم وقتلوهم وطمسوا تراثهم وقتلوا شیعتهم وأذلوهم .

{وَإذْ قَالَ مُوسَی لِقَوْمِهِ یَا قَوْمِ اذْکُرُوا نِعْمَةَ اللّهِ عَلَیْکُمْ إذْ جَعَلَ فِیکُمْ أنْبِیَاءَ وَجَعَلَکُمْ مُلُوکاً وَآتَاکُمْ مَا لَمْ یُؤْتِ أحَداً مِنَ العَالَمِینَ20 } سورة المائدة .

{وَإذْ قَالَ مُوسَی لِقَوْمِهِ یَا قَوْمِ اذْکُرُوا نِعْمَةَ اللّهِ عَلَیْکُمْ إذْ جَعَلَ فِیکُمْ

أنْبِیَاءَ } لارشادکم وهدایتکم أکثر عددا من باقی الامم{ وَجَعَلَکُمْ مُلُوکاً} لامرکم بعد أن کنتم مملوکین للقبط .

{وَآتَاکُمْ مَا لَمْ یُؤْتِ أحَداً مِنَ العَالَمِینَ(20) } قبلکم کثرة الانبیاء والمن والسلوی وتظلیل الغمام وفلق البحر لکم والایات الاخری . هذا قبل الاسلام ثم فضل الله تعالی المسلمین علیهم .

{یَا قَوْمِ ادْخُلُوا الأرْضَ المُقَدَّسَةَ الَّتِی کَتَبَ اللّهُ لَکُمْ وَلا تَرْتَدُّوا عَلَی أدْبَارِکُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِینَ 21 } سورة المائدة .

{یَا قَوْمِ ادْخُلُوا الأرْضَ المُقَدَّسَةَ } بیت المقدس {الَّتِی کَتَبَ اللّهُ لَکُمْ } أن تسکنوها مع أهلها الحثیین والکنعانیین {وَلا تَرْتَدُّوا عَلَی أدْبَارِکُمْ } فی الدین بعدما رأیتم الایات الکبری ومنها المعجزة الکبری فی فلق البحر لکم للفرار من فرعون وجیشه {فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِینَ(21) . فی قلب جهنم لا شفاعة لکم .

ص: 229

{قَالُوا یَا مُوسَی إنَّ فِیهَا قَوْماً جَبَّارِینَ وَإنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا حَتَّی یَخْرُجُوا مِنْهَا فَإنْ یَخْرُجُوا مِنْهَا فَإنَّا دَاخِلُونَ 22 } سورة المائدة .

{قَالُوا یَا مُوسَی إنَّ فِیهَا قَوْماً جَبَّارِینَ } من العمالقة لا نقوی علی محاربتهم لاخراجهم .

{وَإنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا حَتَّی یَخْرُجُوا مِنْهَا فَإنْ یَخْرُجُوا مِنْهَا فَإنَّا دَاخِلُونَ(22) } الیهود معروفون بالخوف والجبن ولم یصدِّقوا نبیهم موسی علیه السلام فی دعوته لهم بالدخول والانتصار علیهم , وعند احتلالهم فلسطین لم یدخلوها أیضاً بل دخل البریطانیون واحتلوا فلسطین , ثم دخل الیهود فلسطین من أنحاء العالم!!

قال أبو جعفر علیه السلام قال: موسی لقومه " یا قوم ادخلوا الأرض المقدسة التی کتب الله لکم " فردوا علیه وکانوا ستمائة الف " فقالوا یا موسی ان فیها قوما جبارین وإنا لن ندخلها حتی یخرجوا منها فان یخرجوا منها فانا داخلون قال رجلان من الذین یخافون الله أنعم الله علیهما " أحدهما یوشع بن نون والاخر کالب بن یافنا ، قال: وهما ابنا عمه ، فقالا: " ادخلوا علیهم الباب فإذا دخلتموه " إلی قوله " انا هیهنا قاعدون " قال:

فعصی أربعون ألفا وسلم هارون وابناه ویوشع بن نون وکالب بن یافنا

( یوفتا ) فسماهم الله فاسقین فقال: لا تأس علی القوم الفاسقین فتاهوا

ص: 230

أربعین ((1)) سنة لأنهم عصوا فکان حذو النعل بالنعل ، ان رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم لما قبض لم یکن علی أمر الله الا علی والحسن والحسین وسلمان والمقداد وأبو ذر فمکثوا أربعین حتی قام علی علیه السلام فقاتل من خالفه ((2)) .

وقال نجاح الطائی: الیهود معروفون بالجبن والهزیمة ودائما ینتظرون بلدانا مفتوحة یستقرون بها فمن حاربهم انتصر علیهم وعرفت الشیعة بأنهم أهل الحرب والغزو .

لذا جعل المستکبرون اسرائیل مدججة بالمئات من القنابل النوویة لحمایتها لمعرفتهم بجبنهم وخنوعهم .

والیهود معروفون بتأجیج الحروب فی العالم وافتعال الازمات , والنواصب نسخة من نسخ الیهود جبناء یحاربون من وراء جدر کما وصفهم القرآن .

وقد وصف القرآن المنافقین النواصب والیهود وصفا جمیلا :

ألَمْ تَرَ إلَی الَّذِینَ نَافَقُوا یَقُولُونَ لإخْوَانِهِمُ الَّذِینَ کَفَرُوا مِنْ أهْلِ الکِتَابِ لَئِنْ اُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَکُمْ وَلا نُطِیعُ فِیکُمْ أحَداً أبَداً وَإنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّکُمْ وَاللّهُ یَشْهَدُ إنَّهُمْ لَکَاذِبُونَ11* لَئِنْ اُخْرِجُوا لا یَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِنْ قُوتِلُوا لا یَنْصُرُونَهُمْ وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ لَیُوَلُّنَّ الأدْبَارَ ثُمَّ لا یُنْصَرُونَ 12*لأنْتُمْ أشَدُّ رَهْبَةً فِی صُدُورِهِمْ مِنَ اللّهِ ذَلِکَ بِأنَّهُمْ قَوْمٌ لا یَفْقَهُونَ

ص: 231

13*لا یُقَاتِلُونَکُمْ جَمِیعاً إلا فِی قُریً مُحَصَّنَة أوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُر بَأسُهُمْ بَیْنَهُمْ شَدِیدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِیعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّی ذَلِکَ بِأنَّهُمْ قَوْمٌ لا یَعْقِلُونَ 14 _ الحشر .

فمن أراد الانتصار علی الیهود والمنافقین فلیواجههم فی الحروب فسوف یذوق طعم الانتصار علیهم کما وجدنا فی مصادیق کثیرة .

{قَالَ رَجُلانِ مِنَ الَّذِینَ یَخَافُونَ أنْعَمَ اللّهُ عَلَیْهِمَا ادْخُلُوا عَلَیْهِمُ البَابَ فَإذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإنَّکُمْ غَالِبُونَ وَعَلَی اللّهِ فَتَوَکَّلُوا إنْ کُنتُمْ مُؤْمِنِینَ 23} سورة المائدة .

{قَالَ رَجُلانِ } یوشع وکالب {مِنَ الَّذِینَ یَخَافُونَ } الله تعالی خالق البشر وصاحب الجنان {أنْعَمَ اللّهُ عَلَیْهِمَا } بالایمان والقوة والجرأة {ادْخُلُوا عَلَیْهِمُ البَابَ } باب مدینتهم .

{فَإذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإنَّکُمْ غَالِبُونَ } أخبرهم بذلک النبی موسی علیه السلام {وَعَلَی اللّهِ فَتَوَکَّلُوا إنْ کُنتُمْ مُؤْمِنِینَ(23) .

وهم لم یسمعوا فی سیرة النبی موسی علیه السلام الا الصدق لکنهم جبلوا علی تکذیب الانبیاء .

{ قَالُوا یَا مُوسَی إنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا أبَداً مَا دَامُوا فِیهَا فَاذْهَبْ أنْتَ وَرَبُّکَ فَقَاتِلا إنَّا هَا هُنَا قَاعِدُونَ(24) } سورة المائدة .

ص: 232

الیهود لا یحاربون ولا یتعبون أنفسهم بل ینتظرون النصر علی طبق من ذهب کما هی عادة الیهود . وسار الکثیر من المسلمین علی منهجهم کما قال النبی صلی الله علیه و آله و سلم :

لتتبعن سنن من کان قبلکم حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة , حتی لو أن أحدهم دخل جحر ضب لدخلتموه .

قالوا: فالیهود والنصاری یا رسول الله؟ قال: فمن اذن ؟ ((1)) .

وبسبب الابتعاد عن الاوامر الالهیة وضعف الدین انتصر المشرکون علی المسلمین فی أزمان واماکن عدیدة .

{قَالَ رَبِّ إنِّی لا أمْلِکُ إلا نَفْسِی وَأخِی فَافْرُقْ بَیْنَنَا وَبَیْنَ القَوْمِ الفَاسِقِینَ 25 } سورة المائدة .

قال النبی موسی: ربی ابعد بیننا وبین الیهود الفاسقین العاصین .

{ قَالَ فَإنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَیْهِمْ أرْبَعِینَ سَنَةً یَتِیهُونَ فِی الأرْضِ فَلا تَأسَ عَلَی القَوْمِ الفَاسِقِینَ26 } سورة المائدة .

{ قَالَ } الله تعالی {فَإنَّهَا } بیت المقدس {مُحَرَّمَةٌ عَلَیْهِمْ أرْبَعِینَ سَنَةً یَتِیهُونَ فِی الأرْضِ فَلا تَأسَ عَلَی القَوْمِ الفَاسِقِینَ(26) } فلم یدخل أغلب رجال ذلک الجیل الی بیت المقدس .

ص: 233

قال الزمخشری: فإن الارض المقدسة ( محرمة علیهم ) لا یدخلونها ولا یملکونها . فإن قلت: کیف یوفق بین هذا وبین قوله التی کتب الله لکم ؟ قلت: فیه وجهان أحدهما أن یراد کتبها لکم بشرط أن تجاهدوا أهلها , فلما أبوا الجهاد قیل فإنها محرمة علیهم . والثانی أن یراد فإنها محرمة علیهم أربعین سنة فإذا مضت الاربعون کان ما کتب . فقد روی أن موسی سار بمن بقی من بنی إسرائیل وکان ویوشع علی مقدمته , ففتح أریحاء وأقام فیها ما شاء الله , ثم قبض صلوات الله علیه . وقیل لما مات موسی بعث یوشع نبیا فأخبرهم بأنه نبی الله وأن الله أمره بقتال الجبابرة , فصدقوه وبایعوه وسار بهم الی أریحاء وقتل الجبارین وأخرجهم وصار الشام کله لبنی إسرائیل . وقیل لم یدخل الارض المقدسة أحد ممن قال إنا لن ندخلها وهلکوا فی التیه , ونشأت نواشئ من ذریاتهم فقاتلوا الجبارین ودخلوها والعامل فی الظرف إما محرمة وإما یتیهون , ومعنی ( یتیهون فی الارض ) یسیرون فیها متحیرین لا یهتدون طریقا , والتیه: المفازة التی یتاه فیها , روی أنهم لبثوا أربعین سنة فی ستة فراسخ یسیرون کل یوم جادین حتی إذا سئموا وأمسوا إذا هم بحیث ارتحلوا عنه ((1)) .

ص: 234

{ وَاتْلُ عَلَیْهِمْ نَبَأ ابْنَیْ آدَمَ بِالحَقِّ إذْ قَرَّبَا قُرْبَاناً فَتُقُبِّلَ مِنْ أحَدِهِمَا وَلَمْ یُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ قَالَ لأقْتُلَنَّکَ قَالَ إنَّمَا یَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ المُتَّقِینَ27 } سورة المائدة .

{وَاتْلُ عَلَیْهِمْ نَبَأ ابْنَیْ آدَمَ } قابیل وهابیل .

{بِالحَقِّ إذْ قَرَّبَا قُرْبَاناً } قدَّم هابیل کبشاً جیداً وقدَّم قابیل حنطة ردیئة {فَتُقُبِّلَ مِنْ أحَدِهِمَا } هابیل لإیمانه وأعماله الصالحة وقربانه الجید الخالص لوجه الله تعالی {وَلَمْ یُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ } قابیل وهو الابن الاکبر لضعف ایمانه وأعماله الطالحة {قَالَ } قابیل {لأقْتُلَنَّکَ قَالَ } هابیل {إنَّمَا یَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ المُتَّقِینَ } (27).

قابیل قتل هابیل حسدا منه الیه والا فهو لم یفعل عملا ظالما تجاهه.وقد اتصف الصالحون دائما باعطاء الزکاة الطیبة بینما اتصف الفاسقون باعطاء البضاعة الردیئة لضعف ایمانهم وبخلهم وعصیانهم لله تعالی .

{ لَئِنْ بَسَطتَ إلَیَّ یَدَکَ لِتَقْتُلَنِی مَا أنَا بِبَاسِط یَدِی إلَیْکَ لأقْتُلَکَ إنِّی أخَافُ اللّهَ رَبَّ العَالَمِینَ(28) } سورة المائدة .

هذه منهجیة کل الاخوة المتقین فی العالم أن لا یقدموا علی قتل اخوانهم وأرحامهم وباقی المسلمین الا وفقا للضوابط الاسلامیة ومن خالف هذا المشروع الالهی فیدخل فی ضمن الایة:

{ مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَیْرِ نَفْس أوْ فَسَاد فِی الأرْضِ فَکَأنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِیعاً وَمَنْ أحْیَاهَا فَکَأنَّمَا أحْیَا النَّاسَ جَمِیعاً } سورة المائدة 32 .

ص: 235

السؤال: لماذا لم یقدم هابیل علی قتل قابیل باعتباره مذنبا ؟

قضیته مثل قضیة عبد الرحمن بن ملجم حیث کان الامام علی علیه السلام یعلم بانه قاتله لکن المجرم بریء حتی تثبت ادانته . والادانة تثبت بعد الجریمة لا قبلها لذا لم یقتله الامام علی علیه السلام .

{إنِّی اُرِیدُ أنْ تَبُوأ بِإثْمِی وَإثْمِکَ فَتَکُونَ مِنْ أصْحَابِ النَّارِ وَذَلِکَ جَزَاءُ الظَّالِمِینَ29 }سورة المائدة .

{ إنِّی اُرِیدُ أنْ تَبُوأ بِإثْمِی } قتلی وَإثْمِکَ مجموعة أعمالک الطالحة الظالمة مجتمعة {فَتَکُونَ مِنْ أصْحَابِ النَّارِ وَذَلِکَ جَزَاءُ الظَّالِمِینَ }(29).

{ فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أخِیهِ فَقَتَلَهُ فَأصْبَحَ مِنَ الخَاسِرِینَ 30} سورة المائدة .

{ فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أخِیهِ فَقَتَلَهُ } هیأت له نفسه قتل هابیل فی البصرة , والتهیؤ للقتل لا یأتی الا من کثرة الذنوب . وکان هابیل فی سن عشرین سنة {فَأصْبَحَ} قابیل { مِنَ الخَاسِرِینَ30}.

فی عیون الأخبار فی باب ما جاء عن الرضا علیه السلام من خبر الشامی وما سأل عنه أمیر المؤمنین علیه السلام فی جامع الکوفة حدیث طویل وفیه . وسأله عن أول من قال الشعر ؟

فقال . آدم علیه السلام .

قال: وما کان شعره ؟

ص: 236

قال . لما أنزل إلی الأرض من السماء فرأی تربتها وسعتها وهواها وقتل قابیل هابیل فقال آدم علیه السلام .

تغیرت البلاد ومن علیها * فوجه الأرض مغبر قبیح

تغیر کل ذی لون وطعم * وقل بشاشة الوجه الملیح

فأجابه إبلیس لعنه الله

تنح عن البلاد وساکنیها * فبی فی الخلد ضاق بک الفسیح

وکنت بها وزوجک فی قرار * وقلبک من أذی الدنیا مریح

فلم تنفک من کیدی ومکری * إلی أن فاتک الثمن الربیح

فلولا رحمة الجبار أضحی * بکفک من جنان الخلد ریح

وفیه ثم قام إلیه رجل آخر فقال یا أمیر المؤمنین اخبرنی عن یوم الأربعاء وتطیرنا منه وثقله وأی أربعاء هو ؟ قال: آخر أربعاء فی الشهر ، وهو محاق وفیه قتل قابیل هابیل أخاه ((1)) .

وقال نجاح الطائی: نفسیة وشخصیة قابیل تمثل شخصیة المنافق الناصبی البعید عن التقوی والمغفرة والساعی لفض النزاعات بالحدید والنار , والراغب فی ازهاق الارواح واراقة الدماء وعصیان الله تعالی.

ص: 237

وشخصیة هابیل تمثل هویة الرجل الشیعی المتقی الورع فی دین الله سبحانه , مثلما عاش سلمان الفارسی وعمار وابو ذر والمقداد وابن مسعود وبلال الحبشی .

{فَبَعَثَ اللّهُ غُرَاباً یَبْحَثُ فِی الأرْضِ لِیُرِیَهُ کَیْفَ یُوَارِی سَوْأةَ أخِیهِ قَالَ یَا وَیْلَتَا أعَجَزْتُ أنْ أکُونَ مِثْلَ هَذَا الغُرَابِ فَاُوَارِیَ سَوْأةَ أخِی فَأصْبَحَ مِنَ النَّادِمِینَ31 } سورة المائدة.

فی الدارین لخوفه وهلعه فی الدنیاً وسکناه فی جهنم فی الآخرة {فَبَعَثَ اللّهُ غُرَاباً یَبْحَثُ فِی الأرْضِ لِیُرِیَهُ کَیْفَ یُوَارِی } یدفن {سَوْأةَ

} جثمان

{ أخِیهِ } المیت قَالَ قابیل {یَا وَیْلَتَا أعَجَزْتُ أنْ أکُونَ مِثْلَ هَذَا الغُرَابِ فَاُوَارِیَ سَوْأةَ أخِی فَأصْبَحَ مِنَ النَّادِمِینَ(31) }.

علی قتله , اذ اسود وجهه وغضب أبوه علیه .

لقد سهل الله سبحانه وتعالی للبشریة الحیاة فی هذه الارض فی هدایتها لشریعة دینیة تحفظ احترامها فی دفن جثث موتاهم والایحاء الیهم فی تعلم فن الصناعة والزراعة والصید واکتشاف المعادن وصناعتها والحصول علی الطعام کما قال تعالی فی آیاته .

{ وَمَا مِنْ دَابَّة فِی الأرْضِ إلا عَلَی اللّهِ رِزْقُهَا وَیَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا کُلٌّ فِی کِتَاب مُبِین_ سورة هود 6 }.

ص: 238

وقال تعالی: {وَأوْحَیْنَا إلَی مُوسَی أنْ ألْقِ عَصَاکَ فَإذَا هِیَ تَلْقَفُ مَا یَأفِکُون 117_سورة الاعراف} . ولولا الایحاء والنصر الالهی لخسر موسی الجولة وخسر حیاته .

{فَأوْحَیْنَا إلَی مُوسَی أنِ اضْرِبْ بِعَصَاکَ البَحْرَ فَانفَلَقَ فَکَانَ کُلُّ فِرْق کَالطَّوْدِ العَظِیمِ _سورة الشعراء63 } .ولولا الایحاء الالهی لقتلهم فرعون .

وَإذْ اسْتَسْقَی مُوسَی لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصَاکَ الحَجَرَ فَانفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَیْناً _سورة البقرة 60 . ولولا الایحاء الالهی لمات موسی علیه السلام وقومه من العطش . وهذا النصر الالهی للبشریة واضح وبین .

{مِنْ أجْلِ ذَلِکَ کَتَبْنَا عَلَی بَنِی إسْرَائِیلَ أنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَیْرِ نَفْس أوْ فَسَاد فِی الأرْضِ فَکَأنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِیعاً وَمَنْ أحْیَاهَا فَکَأنَّمَا أحْیَا النَّاسَ جَمِیعاً وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالبَیِّنَاتِ ثُمَّ إنَّ کَثِیراً مِنْهُمْ بَعْدَ ذَلِکَ فِی الأرْضِ لَمُسْرِفُونَ 32 } سورة المائدة .

{مِنْ أجْلِ ذَلِکَ کَتَبْنَا عَلَی بَنِی إسْرَائِیلَ أنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَیْرِ نَفْس } من غیر قصاص {أوْ فَسَاد فِی الأرْضِ } کالشرک بالله تعالی وقطع طرق المسلمین وقتلهم بصور مختلفة واستعبادهم واحراق بیوتهم وزرعهم , وطمر آبار مائهم {فَکَأنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِیعاً وَمَنْ أحْیَاهَا } بتهیأة سبل الحیاة للمجتمع من أمان وعافیة وحفر العیون وفتح القنوات المائیة واسعاف المرضی , واطعام المساکین .

ص: 239

{فَکَأنَّمَا أحْیَا النَّاسَ جَمِیعاً وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالبَیِّنَاتِ }: قال سید البشر محمد صلی الله علیه و آله و سلم : نعمتان مجهولتان الصحة والامان .

وکان الامام علی علیه السلام قد حفر الابار الکثیرة قرب الحدیبیة فی زمن اغتصابهم الخلافة منه وابعاده عن ادارة الامور وأوقفها للمسلمین . والی یومنا هذا تسمی الابار باسمه الشریف: آبار علی علیه السلام .

قال أبو جعفر " علیه السلام ": العبد بین ثلاثة: بلاء وقضاء ونعمة فعلیه فی البلاء من الله الصبر فریضة ، وعلیه فی القضاء من الله التسلیم فریضة ، وعلیه فی النعمة من الله عز وجل الشکر فریضة .

قال علی بن الحسین علیهما السلام : من قال الحمد لله الذی هدانی فقد أدی شکر کل نعمة لله عز وجل ((1)) .

قال أمیر المؤمنین " علیه السلام ": فی قول الله عز وجل: ( ولا تنس نصیبک من الدنیا ) قال لا تنس صحتک وقوتک وفراغک وشبابک ونشاطک ان تطلب بها الآخرة .

قال الصادق " علیه السلام ": العافیة نعمة خفیة إذا وجدت نسیت ، وإذا فقدت ذکرت والعافیة نعمة یعجز الشکر عنها .

ص: 240

قال الباقر " علیه السلام " لرجل: یا فلان لا تجالس الأغنیاء فان العبد یجالسهم هو ویری ان لله علیه نعمة فما یقوم حتی یری أنه لیس لله تعالی علیه نعمة ((1)) .

وقال نجاح الطائی: رغم الامر الالهی استمر الیهود والنواصب المنافقون فی قتل الابریاء وافتعال الفتن واثارة الحروب فأفسدوا الحیاة فی الارض ونشروا المآسی والامراض والهرج والمرج والفوضی .

لقد سلبوا الامن والعافیة والسلام ة من الناس فجعلوهم یعیشون کالحیوانات السائبة بالکاد تأکل قوتها وتکتسی لباسها .

{ثُمَّ إنَّ کَثِیراً مِنْهُمْ بَعْدَ ذَلِکَ} الارشاد والوعظ{فِی الأرْضِ لَمُسْرِفُونَ(32)} .

فی الاموال والطعام ینفقوها فی الاعمال المحرمة ومانعا طعامه علی الفقراء والمساکین .

الطبرسی: روی عن أبی جعفر علیه السلام : « المسرفون هم الذین یستحلون المحارم ، ویسفکون الدماء » وقال تعالی :

( إِنَّما جَزاءُ الَّذِینَ یُحارِبُونَ اللَّه ورَسُولَه ویَسْعَوْنَ فِی الأَرْضِ فَساداً أَنْ یُقَتَّلُوا أَوْ یُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَیْدِیهِمْ وأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ یُنْفَوْا مِنَ الأَرْضِ ذلِکَ

ص: 241

لَهُمْ خِزْیٌ فِی الدُّنْیا ولَهُمْ فِی الآخِرَةِ عَذابٌ عَظِیمٌ إِلَّا الَّذِینَ تابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَیْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّه غَفُورٌ رَحِیمٌ [ 33 _ 34 ] ) ((1)) .

{إنَّمَا جَزَاءُ الَّذِینَ یُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَیَسْعَوْنَ فِی الأرْضِ فَسَاداً أنْ یُقَتَّلُوا أوْ یُصَلَّبُوا أوْ تُقَطَّعَ أیْدِیهِمْ وَأرْجُلُهُمْ مِنْ خِلاف أوْ یُنفَوْا مِنَ الأرْضِ ذَلِکَ لَهُمْ خِزْیٌ فِی الدُّنیَا وَلَهُمْ فِی الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِیمٌ33 }سورة المائدة .

{إنَّمَا جَزَاءُ الَّذِینَ یُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَیَسْعَوْنَ فِی الأرْضِ

فَسَاداً } مثل الخوارج فی زمن الامام علی علیه السلام ومثل الوهابیین الیوم الذین یکفرون المسلمین ویقتلوهم ویزنون بنسائهم ویسلبون أموالهم وقطعهم الطرق وتخریبهم للبلدان واحراقهم الدور وسلبهم للامن {أنْ یُقَتَّلُوا } قصاصاً .

{أوْ یُصَلَّبُوا أوْ تُقَطَّعَ أیْدِیهِمْ وَأرْجُلُهُمْ مِنْ خِلاف } إن لم یقتل أحداً تقطع یده لنهبه المال وتقطع رجله لقطعه الطریق {أوْ یُنفَوْا مِنَ الأرْضِ } إن لم یقتل ولم یسلب مالا {ذَلِکَ لَهُمْ خِزْیٌ فِی الدُّنیَا وَلَهُمْ فِی الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِیمٌ33

ص: 242

{إلا الَّذِینَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أنْ تَقْدِرُوا عَلَیْهِمْ فَاعْلَمُوا أنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَحِیمٌ 34 } سورة المائدة .

{إلا الَّذِینَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أنْ تَقْدِرُوا عَلَیْهِمْ } من المحاربین القاطعین للطرق التائبین بمحض ارادتهم , فیسقط حق الله تعالی (الحق العام) . ویبقی حق الناس الا أن یعفون عنهم { فَاعْلَمُوا أنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَحِیمٌ34

}..

توبة الانسان قبل القبض علیه وقبل حلول الموت علیه جائزة وما یفعله بعد ذلک غیر جائزة , لانه مجبر علیها ولیست بمحض ارادته .

{ یَا أیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا اتَّقُوا اللّهَ وَابْتَغُوا إلَیْهِ الوَسِیلَةَ وَجَاهِدُوا فِی سَبِیلِهِ لَعَلَّکُمْ تُفْلِحُونَ 35 } سورة المائدة .

{یَا أیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا اتَّقُوا اللّهَ } بترک الاعمال السیئة وفعل الاعمال الحسنة {وَابْتَغُوا إلَیْهِ الوَسِیلَةَ } توسلوا بأهل بیت الرحمة الی الله تعالی وقد قال تعالی عنهم: (ولا یشفعون الا لمن ارتضی) .

واشتهر بین الناس قتل الامام علی علیه السلام للخوارج فی معرکة النهروان ولم یفلت منهم الا عشرة .

بسمل الحنفی :أخرج العلاّمة الهندی بسمل , بسنده عن عائشة قالت فی حدیث: سمعت رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم یقول عن الخوارج:

ص: 243

{هم شرّ الخلق والخلیقة , یقتلهم خیر الخلق والخلیقة , وأقربهم عند الله وسیلة یوم القیامة }((1)) .

القندوزی الحنفی: وروی الحاظ الحنفی سلیمان القندوزی , عن کتاب مودّة القربی للسید علی الهمدانی , قال: وعن علی کرّم الله وجهه , قال: قال رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم : الأئمّة من ولدی فمن أطاعهم فقد أطاع الله ومن عصاهم فقد عصی الله وهم العروة الوثقی , والوسیلة إلی الله جلّ وعلا ((2)) .

وأخرج ابن شاذان فی المناقب المائة من طرق العامّة بسنده , عن حذیفة بن الیمان , عن النبی صلی الله علیه و آله و سلم أنه قال لعلی: فی حدیث : {وإنّ لک فی الجنّة درجة الوسیلة فطوبی لک ولشیعتک من بعدک ((3)) .

ابن المغازلی الشافعی: وأخرج علاّمة الشافعیة الحافظ الواسطی أبو الحسن بن المغازلی الشافعی فی مناقبه , عن أحمد بن محمد بن عبدالوهّاب بن طاوان , بسنده المذکور , عن عائشة - فی حدیث - قالت قال رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم فی علی علیه السلام :

خیر الخلق والخلیقة , وأقربهم عند الله وسیلة ((4)) .

ص: 244

الطبرانی والهیثمی: ورواه عن الطبرانی الحافظ الشافعی ابن حجر الهیثمی فی مجمع الزوائد ((1)) .

ورواه أیضاً عبدالله بسمل فی أرجح المطالب فی مناقب علی بن أبی طالب علیه السلام ((2)) . فالوسیلة: علی((3)) .

قال علی بن إبراهیم: حدثنی أبی عن عبد الله بن المغیرة الخزاز ( الجزار ) عن ابن سنان عن أبی عبد الله علیه السلام قال کان رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم یقول: إذا سألتم الله فاسألوه الوسیلة فسألنا النبی صلی الله علیه و آله و سلم عن الوسیلة ، فقال هی درجتی فی الجنة وهی الف مرقاة جوهرة إلی مرقاة زبرجد إلی مرقاة لؤلؤ إلی مرقاة ذهب إلی مرقاة فضة ، فیؤتی بها یوم القیامة حتی تنصب مع درجة النبیین وهی فی درجة النبیین کالقمر بین الکواکب ، فلا یبقی یومئذ نبی ولا شهید ولا صدیق إلا قال طوبی لمن کانت هذه درجته ، فینادی المنادی ویسمع النداء جمیع النبیین والصدیقین والشهداء والمؤمنین " هذه

ص: 245

درجة محمد صلی الله علیه و آله و سلم " فقال لرسول الله: فأقبل یومئذ متزرا بریطة من نور علی رأسی تاج الملک ، مکتوب علیه لا إله إلا الله محمد رسول الله علی ولی الله المفلحون هم الفائزون بالله ، وإذا مررنا بالنبیین قالوا: هذان ملکان مقربان وإذا مررنا بالملائکة قالوا هذان ملکان لم نعرفهما ولم نرهما أو قال هذان نبیان مرسلان حتی أعلو الدرجة وعلی یتبعنی ، حتی إذا صرت فی أعلی الدرجة منها وعلی أسفل منی وبیده لوائی فلا یبقی یومئذ نبی ولا مؤمن إلا رفعوا رؤسهم إلی یقولون: طوبی لهذین العبدین ما أکرمهما علی الله فینادی المنادی یسمع النبیین وجمیع الخلائق: هذا حبیبی محمد وهذا ولیی علی بن أبی طالب طوبی لمن أحبه وویل لمن أبغضه وکذب علیه .

ثم قال رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم : یا علی فلا یبقی یومئذ فی مشهد القیامة أحد یحبک إلا استروح ((1)) إلی هذا الکلام وابیض وجهه وفرح قلبه ولا یبقی أحد ممن عاداک ونصب لک حربا أو جحد لک حقا إلا اسود وجهه واضطربت قدماه ، فبینا أنا کذلک إذا بملکین قد أقبلا إلی اما أحدهما فرضوان خازن الجنة ، واما الآخر فمالک خازن النار فیدنو إلی رضوان ویسلم علی ویقول: السلام علیک یا رسول الله ؟ فأرد علیه السلام فأقول: أیها الملک الطیب الریح الحسن الوجه الکریم علی ربه من أنت ؟ فیقول: أنا رضوان خازن الجنة امرنی ربی ان آتیک بمفاتیح الجنة فخذها یا محمد ! فأقول قد

ص: 246

قبلت ذلک من ربی فله الحمد علی ما أنعم به علی ، إدفعها إلی أخی علی بن أبی طالب ، فیدفعها إلی علی ویرجع رضوان .

ثم بدنو مالک خازن النار فیسلم علی ویقول: السلام علیک یا حبیب الله ! فأقول له: علیک السلام أیها الملک ما أنکر رؤیتک وأقبح وجهک من أنت ؟ فیقول: أنا مالک خازن النار أمرنی ربی أن آتیک بمفاتیح النار ، فأقول: قد قبلت ذلک من ربی فله الحمد علی ما أنعم به علی وفضلنی به إدفعها إلی أخی علی ابن أبی طالب ، فیدفعها إلیه ، ثم یرجع مالک فیقبل علی علیه السلام ومعه مفاتیح الجنة ومقالید النار حتی یقف علی شفیر جهنم ویأخذ زمامها بیده وقد علا زفیرها واشتد حرها وکثر شررها ، فتنادی جهنم یا علی ! جزنی قد أطفأ نورک لهبی .

فیقول لها علی علیه السلام قری یا جهنم ذری هذا ولیی وخذی هذا عدوی ، فلجهنم یومئذ أشد مطاوعة لعلی من غلام أحدکم لصاحبه ، فان شاء یذهب به یمنة وإن شاء یذهب به یسرة ، ولجهنم یومئذ أشد مطاوعة لعلی فیما یأمرها به من جمیع الخلائق ، وذلک أن علیا علیه السلام یومئذ قسیم الجنة والنار واما قوله ( مناع للخیر ) قال المناع الثانی والخیر ولایة أمیر المؤمنین وحقوق آل محمد ولما کتب الأول کتاب فدک یردها علی فاطمة شقه الثانی ( فهو معتد مریب الذی جعل مع الله إلها آخر ) قال هو ما قالوا نحن کافرون بمن جعل لکم الإمامة والخمس واما قوله ( قال قرینه ) أی شیطانه وهو حبتر ( ربنا ما أطغیته ) یعنی زریقا ( ولکن کان فی ضلال بعید ) فیقول

ص: 247

الله لهما ( لا تختصموا لدی وقد قدمت إلیکم بالوعید ما یبدل القول لدی ) أی ما فعلتم لا یبدل حسنات ، ما وعدته لا اخلفه وقوله ( یوم نقول لجهنم هل امتلأت وتقول هل من مزید ) قال هو استفهام لان الله وعد النار أن یملاها فتمتلی النار فیقول لها هل امتلأت ؟ وتقول هل من مزید ؟ علی حد الاستفهام أی لیس فی مزید ، قال فتقول الجنة یا رب وعدت النار ان تملأها ووعدتنی ان تملأنی فلم لم تملأنی وقد ملأت النار ، قال فیخلق الله خلقا یومئذ یملا بهم الجنة .

قال أبو عبد الله علیه السلام : طوبی لهم انهم لم یروا غموم الدنیا وهمومها قوله:

( وأزلفت الجنة للمتقین ) أی زینت ( غیر بعید ) قال بسرعة وقوله ( لهم ما یشاؤن فیها ولدینا مزید ) قال النظر إلی رحمة الله وقوله ( فنقبوا فی البلاد ) أی مروا وقوله ( إن فی ذلک لذکری لمن کان له قلب ) أی ذاکر قوله ( أو ألقی السمع وهو شهید ) أی سمع وأطاع قوله ( واستمع یوم یناد المناد من مکان قریب ) قال ینادی المنادی باسم القائم علیه السلام واسم أبیه علیه السلام قوله ( یوم یسمعون الصیحة بالحق ذلک یوم الخروج ) قال صیحة القائم من السماء ، ذلک یوم الخروج قال هی الرجعة ، حدثنا أحمد بن إدریس قال حدثنا محمد بن أحمد عن عمر بن عبد العزیز عن جمیل عن أبی عبد الله علیه السلام

ص: 248

فی قوله ( یوم یسمعون الصیحة بالحق ذلک یوم الخروج " قال هی

الرجعة ((1)) .

اذن الوسیلة الی الله تعالی وفقا للروایات السنیة والشیعیة هم النبی محمد وأهل بیته الکرام المعصومین صلی الله علیه و آله و سلم .

{وَجَاهِدُوا فِی سَبِیلِهِ } بما تملکون من دماء وأموال وأرواح و..

{لَعَلَّکُمْ تُفْلِحُونَ35 } بدخولکم الجنة وکسب رضا الباری سبحانه .

{إنَّ الَّذِینَ کَفَرُوا لَوْ أنَّ لَهُمْ مَا فِی الأرْضِ جَمِیعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِیَفْتَدُوا بِهِ مِنْ عَذَابِ یَوْمِ القِیَامَةِ مَا تُقُبِّلَ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ ألِیمٌ 36} سورة المائدة .

{إنَّ الَّذِینَ کَفَرُوا لَوْ أنَّ لَهُمْ مَا فِی الأرْضِ جَمِیعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ } من الاموال المنقولة النقدیة والذهب والفضة والمرکبات والسفن والطائرات وغیر المنقولة کالاراضی والدور والمصانع {لِیَفْتَدُوا بِهِ مِنْ عَذَابِ یَوْمِ القِیَامَةِ مَا تُقُبِّلَ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ ألِیمٌ36 }.

لان الاخرة لا یمکن شراؤها بالمال بل هی تعتمد علی الایمان والعمل الصالح .

وقال الله تعالی: " إن الذین کفروا وماتوا وهم کفار أولئک علیهم لعنة الله

ص: 249

والملائکة والناس أجمعین . "((1)) .

وقال: " إن الذین کفروا وماتوا وهم کفار فلن یقبل من أحدهم ملؤ الأرض ذهبا ولو افتدی به أولئک لهم عذاب ألیم . " ((2))

قال: " وویل للکافرین من عذاب شدید ((3)) .

وقال: " إنا اعتدنا جهنم للکافرین نزلا . " ((4)) .

وقال: " الملک یومئذ الحق للرحمن وکان یوما علی الکافرین عسیرا ((5)) .

إن الکافر إذا عاین العذاب ثم تکون له الدنیا جمیعا ومثلها معها فیقدر علی أن یفتدی بها من العذاب لافتدی بها یقول الله تعالی لو کان ذلک لهم ففعلوه ( ما تقبل منهم ) ذلک لفداء ( ولهم عذاب ألیم ) أی مؤلم ووجیع

والانسان لوشاهد جهنم لافتدی بما یملکه من الارض ومثلها للفرار منها ولکن لا یقبل منه , لان الله تعالی لا یحتاج الی الفداء لاطلاق سراح الاسری المجرمین .

ص: 250

والباری تعالی قد وعد بالانتقام من الکفار والمنافقین وعموم الظالمین الذین حولوا حیاة الناس الی جحیم , فقد نهبوا أموالهم وقوتهم ودورهم ومنعوهم من الحیاة الرغیدة .

وعاش الطغاة مستکبرین کافرین بالخالق ونعمه وأنبیائه وأوصیائه ومحاربین للانسانیة لا یسمحون لها بالحیاة الطبیعیة فی الارض .

وکانت الحکومات لا تقتل الاسری لرغبتها بالحصول علی الفدیة من دولهم وأهلهم أو للاستفادة منهم فی الحقول والاعمال الخدمیة الصعبة .

فکان الفداء رائجا فی کل مکان وکثیرا ما یحاول بعض السراق أن یعطوا بعض الاموال المسروقة لارضاء الرحمن .

وقال تعالی: ( إن الذین کفروا بآیاتنا سوف نصلیهم نارا )_النساء 56.

ولا یغفر الله تعالی لمن کفر به .

{یُرِیدُونَ أنْ یَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَمَا هُمْ بِخَارِجِینَ مِنْهَا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِیمٌ 37 } سورة المائدة .

{ یُرِیدُونَ أنْ یَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ } بأموالهم وأولادهم فراراً من الجحیم .

{وَمَا هُمْ بِخَارِجِینَ مِنْهَا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِیمٌ37 } .

{وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أیْدِیَهُمَا جَزَاءً بِمَا کَسَبَا نَکَالا مِنَ اللّهِ وَاللّهُ عَزِیزٌ حَکِیمٌ 38 } سورة المائدة .

{وَالسَّارِقُ

وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أیْدِیَهُمَا } تقطع الید الیمنی , علی أن یکون المال المسروق فی مکان مغلق , وأن یکون السارق بالغاً وعاقلا , وأن لا

ص: 251

تکون السرقة فی عام المجاعة , وأن لا یکون أباً لمالک المال المسروق , وأن یکون المال المسروق ربع دینار فصاعداً .

{جَزَاءً بِمَا کَسَبَا نَکَالا مِنَ اللّهِ } عقوبة الهیة تمنعهم من استمرار السرقة {وَاللّهُ عَزِیزٌ حَکِیمٌ38 } .

عن السکونی ، عن جعفر بن محمد ، عن أبیه ، عن علی علیه السلام ، أنه أتی بسارق فقطع یده ، ثم أتی به مرة اخری فقطع رجله الیسری ، ثم اوتی به ثالثة ، فقال: إنی لأستحیی من ربی أن لا أدع له یدا یأکل بها ، ویشرب بها ، ویستنجی بها ، ورجلا یمشی علیها . فجلده واستودعه السجن ، وأنفق علیه من بیت المال » .

عن جمیل ، عن بعض أصحابنا ، عن أحدهما ( علیهما السلام ) ، أنه قال: قال: « لا یقطع السارق حتی یقر بالسرقة مرتین ، فإن رجع ضمن السرقة ، ولم یقطع إذا لم یکن له شهود » .

عن السکونی ، عن جعفر ، عن أبیه ( علیهما السلام ) ، قال: « لا یقطع إلا من نقب بیتا ، أو کسر قفلا » ((1)) .

{فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأصْلَحَ فَإنَّ اللّهَ یَتُوبُ عَلَیْهِ إنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَحِیمٌ 39}سورة المائدة .

ص: 252

{فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ } لنفسه والاخرین برد المال المسروق الی صاحبه قبل ثبوت السرقة علیه عند الحاکم فلا تقطع یده {وَأصْلَحَ } برد المال المسروق .

{فَإنَّ اللّهَ یَتُوبُ عَلَیْهِ }یغفر عمن یشاء من تاب عن الذنب مثل من ذنب علیه {إنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَحِیمٌ39 } .

{ ألَمْ تَعْلَمْ أنَّ اللّهَ لَهُ مُلْکُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ یُعَذِّبُ مَنْ یَشَاءُ وَیَغْفِرُ لِمَنْ یَشَاءُ وَاللّهُ عَلَی کُلِّ شَیْء قَدِیرٌ40 } سورة المائدة .

قال الصادق علیه السلام : إنَّ الله تعالی جعل علیاً علیه السلام علماً للناس بین المهاجرین والأنصار وبین خلقه وبینه فمن عرفه ووالاه کان مؤمناً ومن جهله ولم یواله ولم یعاد من عاداه کان ضالا...فآمنوا بعلی علیه السلام بألسنتهم وکفروا بقلوبهم فأنزل الله:

{یَا أیُّهَا الرَّسُولُ لا یَحْزُنْکَ الَّذِینَ یُسَارِعُونَ فِی الکُفْرِ مِنَ الَّذِینَ قَالُوا آمَنَّا بِأفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الَّذِینَ هَادُوا سَمَّاعُونَ لِلْکَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْم آخَرِینَ لَمْ یَأتُوکَ یُحَرِّفُونَ الکَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ یَقُولُونَ إنْ اُوتِیتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا وَمَنْ یُرِدِ اللّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِکَ لَهُ مِنَ اللّهِ شَیْئاً اُوْلَئِکَ الَّذِینَ لَمْ یُرِدِ اللّهُ أنْ یُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِی الدُّنْیَا خِزْیٌ وَلَهُمْ فِی الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِیمٌ } سورة المائدة 41 .

فقال له رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم بمشهد من اصحابه: لم یحبک یا علی من أصحابی الا مؤمن تقی , ولا یبغضک الا منافق شقی , وانت یا علی وشیعتک الفائزون

ص: 253

یوم القیامة إنَّ شیعتک یردون علیَّ الحوض , بیض وجوههم , وشیعة عدوک من أمتی یردون علیَّ الحوض سود وجوههم , فتسقی أنت وشیعتک , وتمنع عدوک , فأنزل الله تعالی: وْمَ تَبْیَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأمَّا الَّذِینَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أکَفَرْتُمْ بَعْدَ إیمَانِکُمْ فَذُوقُوا العَذَابَ بِمَا کُنْتُمْ تَکْفُرُونَ106 _سورة آل عمران .

یوم تبیض وجوه وتسود وجوه بموالاة علی ومعاداة علی علیه السلام .

(فَأمَّا الَّذِینَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أکَفَرْتُمْ بَعْدَ إیمَانِکُمْ فَذُوقُوا العَذَابَ بِمَا کُنْتُمْ تَکْفُرُونَ 106_وَأمَّا الَّذِینَ ابْیَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِی رَحْمَةِ اللّهِ هُمْ فِیهَا خَالِدُونَ) - آل عمران 107 ((1)) .

وهم المنافقون الذین حاربوا الدین بلباس الدین وصلوا مع المسلمین وهم کفار فی قلوبهم .

{وَمِنَ الَّذِینَ هَادُوا سَمَّاعُونَ لِلْکَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْم آخَرِینَ لَمْ یَأتُوکَ یُحَرِّفُونَ الکَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ یَقُولُونَ إنْ اُوتِیتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا وَمَنْ یُرِدِ اللّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِکَ لَهُ مِنَ اللّهِ شَیْئاً اُوْلَئِکَ الَّذِینَ لَمْ یُرِدِ اللّهُ أنْ یُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِی الدُّنْیَا خِزْیٌ وَلَهُمْ فِی الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِیمٌ } سورة المائدة 41 .

{وَمِنَ الَّذِینَ هَادُوا } المنافقون والیهود وفعلا وجدت مغتصبی الخلافة والخوارج والامویین یقفون دائما فی صف واحد {سَمَّاعُونَ لِلْکَذِبِ }

ص: 254

یسمعون الکذب ویروجون له {سَمَّاعُونَ لِقَوْم آخَرِینَ لَمْ یَأتُوکَ } کان الیهود لا یأتون النبی ویأتون المنافقین ویجتمعون معهم ویعلموهم المکر والدسائس فی وسائل قتل الرسول وأهل بیته والاستیلاء علی الخلافة { یُحَرِّفُونَ الکَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ } یحرفون کلام الله تعالی:

(فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِیثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ )أبعدناهم عن رحمتنا (وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ َقاسِیَةً)أی ترکهم تعالی فأصبحت قلوبهم قاسیة من أثر جرائمهم (یُحَرِّفُونَ الکَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ)من نحَّی أمیر المؤمنین عن موضعه , والدلیل علی أنَّ الکلم أمیر المؤمنین قوله تعالی: (وجعلها کلمة باقیة فی عقبه )((1)) . یعنی الإمامة ((2)) .

قال الإمام علی علیه السلام : فینا نزلت هذه الآیة: (وجعلها کلمة باقیة فی عقبه )((3)) .

ص: 255

{ سَمَّاعُونَ لِلْکَذِبِ أکَّالُونَ لِلسُّحْتِ فَإنْ جَاؤُوکَ فَاحْکُمْ بَیْنَهُمْ أوْ أعْرِضْ عَنْهُمْ وَإنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَنْ یَضُرُّوکَ شَیْئاً وَإنْ حَکَمْتَ فَاحْکُمْ بَیْنَهُمْ بِالقِسْطِ إنَّ اللّهَ یُحِبُّ المُقْسِطِینَ 42* وَکَیْفَ یُحَکِّمُونَکَ وَعِنْدَهُمُ التَّوْرَاةُ فِیهَا حُکْمُ اللّهِ ثُمَّ یَتَوَلَّوْنَ مِنْ بَعْدِ ذَلِکَ وَمَا اُوْلَئِکَ بِالمُؤْمِنِینَ43*

الطبرسی ، قال: سبب نزول الآیة: قال الباقر علیه السلام : « إن امرأة من خیبر ذات شرف بینهم زنت مع رجل من أشرافهم ، وهما محصنان ، فکرهوا رجمهما ، فأرسلوا إلی یهود المدینة ، وکتبوا إلیهم أن یسألوا النبی صلی الله علیه و آله و سلم عن ذلک ، طمعا فی أن یأتی لهم برخصة ، فانطلق قوم منهم ، کعب بن الأشرف ، وکعب بن أسید وشعبة بن عمر ومالک بن الصیف ، وکنانة بن أبی الحقیق وغیرهم ، فقالوا: یا محمد ، أخبرنا عن الزانی والزانیة إذا احصنا ،

ما حدهما ؟

قال: وهل ترضون بقضائی فی ذلک ؟ فقالوا: نعم . فنزل جبرئیل علیه السلام بالرجم ، فأخبرهم بذلک ، فأبوا أن یأخذوا به ، فقال جبرئیل: اجعل بینک وبینهم ابن صوریا . ووصفه له ، فقال النبی ( صلی الله علیه و آله و سلم ): هل تعرفون شابا أمرد أبیض أعور ، یسکن فدکا ، یقال له: ابن صوریا ؟

قالوا: نعم . قال: فأی رجل هو فیکم ؟ قالوا: أعلم یهودی بقی علی ظهر الأرض بما أنزل الله علی موسی ( صلی الله علیه ) » .

قال: « فأرسلوا إلیه ففعلوا ، فأتاهم عبد الله بن صوریا ، فقال له النبی صلی الله علیه و آله و سلم : إنی أنشدک الله الذی لا إله إلا هو ، الذی أنزل التوراة علی موسی وفلق

ص: 256

لکم البحر ، وأنجاکم ، وأغرق آل فرعون ، وظلل علیکم الغمام ، وأنزل علیکم المن والسلوی ، هل تجدون فی کتابکم الرجم علی من أحصن ؟

قال ابن صوریا: نعم ، والذی ذکرتنی به لولا خشیة أن یحرقنی رب التوراة إن کذبت أو غیرت ما اعترفت لک ، ولکن أخبرنی کیف هی فی کتابک یا محمد ؟

قال: إذا شهد أربعة رهط عدول أنه قد أدخله فیها کما یدخل المیل فی المکحلة وجب علیه الرجم .

فقال ابن صوریا: هکذا أنزل الله فی التوراة علی موسی .

فقال له النبی ( صلی الله علیه و آله و سلم ): فما ذا کان أول ما ترخصتم به أمر الله ورسوله ؟

قال: کنا إذا زنی الشریف ترکناه ، وإذا زنی الضعیف أقمنا علیه الحد ، فکثر الزنا فی أشرافنا حتی زنی ابن عم ملک لنا فلم نرجمه ، ثم زنی رجل آخر فأراد الملک رجمه ، فقال له قومه: لا ، حتی ترجم فلانا _ یعنون ابن عمه _ فقالوا: تعالوا نجتمع فلنضع شیئا دون الرجم ، یکون علی الشریف والوضیع ، فوضعنا الجلد والتحمیم ، وهو أن یجلدا أربعین جلدة ، ثم یسود وجههما ثم یحملان علی حمارین ، فیجعل وجهاهما من قبل دبر الحمار ، ویطاف بهما ، فجعلوا هذا مکان الرجم .

فقالت الیهود لابن صوریا: ما أسرع ما أخبرته به ، وما کنت لما أثنینا به علیک بأهل ، ولکنک کنت غائبا فکرهنا أن نغتابک . فقال لهم: أنه أنشدنی بالتوراة ، ولولا ذلک لما أخبرته به .

ص: 257

فأمر بهما النبی ( صلی الله علیه و آله و سلم ) فرجما عند باب مسجده ، وقال: أنا أول من أحیا أمرک إذا أماتوه . فأنزل الله سبحانه فیه یا أَهْلَ الْکِتابِ قَدْ جاءَکُمْ رَسُولُنا یُبَیِّنُ لَکُمْ کَثِیراً مِمَّا کُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْکِتابِ ویَعْفُوا عَنْ کَثِیرٍ ) .

فقام ابن صوریا فوضع یدیه علی رکبتی رسول الله ( صلی الله علیه و آله و سلم ) ثم قال: هذا مقام العائذ بالله وبک أن تذکر لنا الکثیر الذی أمرت أن تعفو عنه . فأعرض النبی عن ذلک ، ثم سأله ابن صوریا عن نومه ، فقال: تنام عینای ، ولا ینام قلبی . فقال: صدقت ، فأخبرنی عن شبه الولد بأبیه لیس فیه من شبه امه شیء ، أو بأمه لیس فیه من شبه أبیه شیء ؟

فقال: أیهما علا وسبق ماؤه ماء صاحبه کان الشبه له . قال: قد صدقت ، فأخبرنی ما للرجل من الولد ، وما للمرأة منه ؟ _ قال _ فأغمی علی رسول الله ( صلی الله علیه و آله و سلم ) طویلا ، ثم خلی عنه محمرا وجهه یفیض عرقا ، فقال: اللحم والدم والظفر والشعر

للمرأة ، والعظم والعصب والعرق للرجل ، فقال له: صدقت ، أمرک أمر نبی .

فأسلم ابن صوریا عند ذلک ، وقال: یا محمد من یأتیک من الملائکة ؟

قال: جبرئیل . قال: صفه لی . فوصفه النبی ( صلی الله علیه و آله و سلم ) ، فقال: أشهد أن فی التوراة کما قلت ، وأشهد أنک رسول الله حقا .

فلما أسلم ابن صوریا وقعت فیه الیهود وشتموه ، فلما أرادوا أن ینهضوا تعلقت بنو قریظة ببنی النضیر ، فقالوا: یا محمد إخواننا بنو النضیر ، أبونا واحد ، ودیننا واحد ، ونبینا واحد ، إذا قتلوا منا قتیلا لم یفتدونا ، وأعطونا

ص: 258

دیته سبعین وسقا من تمر ، وإذا قتلنا منهم قتیلا قتلوا القاتل ، وأخذوا منا الضعف مائة وأربعین وسقا من تمر ، وإن کان القتیل امرأة قتلوا بها الرجل منها ، وبالرجل منهم الرجلین منا ، وبالعبید الحر منا ، وجراحاتنا علی النصف من جراحاتهم ، فاقض بیننا وبینهم . فأنزل الله فی الرجم والقصاص الآیات » ((1)) .

ولقد اسلم الکثیر من الیهود وحسن اسلامهم واستشهدوا مع الشهداء لکن الاضواء لم تسلط علیهم .

( أکالون للسحت ) أی: یکثرون الأکل للسحت ، وهو الحرام ، وروی عن النبی صلی الله علیه و آله و سلم أن السحت هو الرشوة فی الحکم وهو المروی عن ابن مسعود ، والحسن . وقیل: السحت هو الرشوة فی الحکم ، ومهر البغی ، وکسب الحجام ، وعسیب الفحل ، وثمن الکلب ، وثمن الخمر ، وثمن المیتة ، وحلوان الکاهن ، والاستجعال فی المعصیة ، عن علی علیه السلام .

وروی عن أبی عبد الله علیه السلام أن السحت أنواع کثیرة فأما الرشی فی الحکم فهو الکفر بالله . وقیل فی اشتقاق السحت أقوال .

أحدها: إن الحرام إنما سمی سحتا ، لأنه یعقب عذاب الاستئصال والبوار ، عن الزجاج . وثانیها: إنه إنما سمی سحتا لأنه لا برکة فیه لأهله ، فیهلک هلاک الاستئصال ، عن الجبائی . وثالثها: إنه إنما سمی سحتا ، لأنه القبیح

ص: 259

الذی فیه العار نحو ثمن الکلب ، والخمر ، فعلی هذا یسحت مروءة الانسان عن الخلیل ( فإن جاؤوک فاحکم بینهم أو أعرض عنهم ) أراد به الیهود الذین تحاکموا إلی النبی فی حد الزنا ((1)) .

ابن بابویه: بإسناده عن علی بن أبی طالب علیه السلام ، فی قوله تعالی: ( أَکَّالُونَ لِلسُّحْتِ ) .

قال: « هو الرجل یقضی لأخیه الحاجة ، ثم یقبل هدیته » .

وروی هذا الحدیث فی ( صحیفة الرضا علیه السلام عن علی بن أبی طالب علیه السلام ، بعینه .

محمد بن یعقوب: عن عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زیاد ، وأحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن ابن رئاب ، عن عمار بن مروان ، قال: سألت أبا جعفر علیه السلام عن الغلول .

فقال: « کل شیء غل من الإمام فهو سحت ، وأکل مال الیتیم وشبهه سحت ، والسحت أنواع کثیرة ، منها: أجور الفواجر ، وثمن الخمر ، والنبیذ

ص: 260

المسکر ، والربا بعد البینة ، فأما الرشا فی الحکم ، فإن ذلک الکفر بالله العظیم وبرسوله ( صلی الله علیه و آله و سلم ) » ((1)) .

وعنه: عن علی بن إبراهیم ، عن أبیه ، عن النوفلی ، عن السکونی ، عن أبی عبد الله علیه السلام ، قال: « السحت ثمن المیتة ، وثمن الکلب ، وثمن الخمر ، ومهر البغی ، والرشوة فی الحکم ، وأجر الکاهن » ((2)) .

وعنه: عن عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن أبی عبد الله ، عن الجامورانی ، عن الحسن بن علی بن أبی حمزة ، عن زرعة ، عن سماعة ، قال: قال أبو عبد الله علیه السلام : « السحت أنواع کثیرة ، منها: کسب الحجام إذا شارط ، وأجر الزانیة ، وثمن الخمر ، فأما الرشا فی الحکم فهو الکفر بالله العظیم » .

وعنه: عن محمد بن یحیی ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن سنان ، عن ابن مسکان ، عن یزید ابن فرقد ، عن أبی عبد الله علیه السلام ، قال: سألته عن السحت ، فقال: « الرشا فی الحکم » . وعنه: عن علی بن محمد بن بندار ، عن أحمد بن أبی عبد الله ، عن محمد بن علی ، عن عبد الرحمن بن أبی

ص: 261

هاشم ، عن القاسم بن الولید القماری ، عن عبد الرحمن الأصم ، عن مسمع بن عبد الملک ، عن أبی عبد الله العامری قال: سألت أبا عبد الله علیه السلام عن ثمن الکلب ، الذی لا یصید ، فقال :« سحت ، وأما الصیود فلا بأس » ((1)) .

وعنه: عن عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زیاد ، عن محمد بن الحسن بن شمون ، عن عبد الله بن عبد الرحمن الأصم ، عن مسمع بن عبد الملک ، عن أبی عبد الله علیه السلام ، قال: « الصناع إذا سهروا اللیل کله فهو سحت »((2)) .

وعنه: عن محمد بن یحیی ، عن محمد بن الحسین ، عن محمد بن عیسی ، عن صفوان ، عن داود ابن الحصین ، عن عمر بن حنظلة ، قال: سألت أبا عبد الله علیه السلام عن رجلین من أصحابنا یکون بینهما منازعة فی دین ، أو میراث ، فتحاکما إلی السلطان أو إلی القضاة ، أیحل ذلک ؟

فقال: « من تحاکم إلی الطاغوت فحکم له فإنما یأخذ سحتا ، وإن کان حقه ثابتا ، لأنه أخذ بحکم الطاغوت ، وقد أمر الله أن یکفر به » .

ص: 262

قال: قلت: کیف یصنعان ؟ قال: « انظروا إلی من کان منکم قد روی حدیثنا ، ونظر فی حلالنا وحرامنا ، وعرف أحکامنا ، فارضوا به حکما ، فإنی قد جعلته علیکم حاکما ، فإذا حکم بحکمنا فلم یقبل منه ، فإنما بحکم الله استخف ، وعلینا رد ، والراد علینا: الراد علی الله ، وهو علی حد الشرک بالله » ((1)) .

وعنه: عن علی بن إبراهیم ، عن أبیه ، عن ابن محبوب ، عن عبد الله بن سنان ، قال: سئل ، أبو عبد الله علیه السلام عن قاض بین قریتین یأخذ من السلطان علی القضاء الرزق ؟ فقال: « ذلک السحت » ((2)) .

وعنه: عن محمد بن یحیی ، عن بعض أصحابه ، عن محمد بن إسماعیل ، عن إبراهیم بن أبی البلاد ، قال: أوصی إسحاق بن عمر عند وفاته بجوار له مغنیات: أن نبیعهن ونحمل ثمنهن إلی أبی الحسن علیه السلام ((3)) .

ص: 263

قال إبراهیم: فبعت الجواری بثلاث مائة ألف درهم ، وحملت الثمن إلیه ، فقلت له: إن مولی لک یقال له إسحاق بن عمر قد أوصی عند وفاته ببیع جوار له مغنیات وحمل الثمن إلیک ، وقد بعتهن ، وهذا الثمن ثلاث مائة ألف درهم . فقال: « لا حاجة لی فیه ، إن هذا سحت ، وتعلیمهن کفر ، والاستماع منهن نفاق ، وثمنهن سحت » ((1)) .

بینما یلهث أحبار العلماء خلف الاموال بکل الطرق الممکنة خلافا منهم للقرآن وسیرة الائمة الخلفاء المعصومین .

{ إنَّا أنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِیهَا هُدیً وَنُورٌ یَحْکُمُ بِهَا النَّبِیُّونَ الَّذِینَ أسْلَمُوا لِلَّذِینَ هَادُوا وَالرَّبَّانِیُّونَ وَالأحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ کِتَابِ اللّهِ وَکَانُوا عَلَیْهِ شُهَدَاءَ فَلا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلا تَشْتَرُوا بِآیَاتِی ثَمَناً قَلِیلا وَمَنْ لَمْ یَحْکُمْ بِمَا أنزَلَ اللّهُ فَاُوْلَئِکَ هُمُ الکَافِرُونَ 44*وَکَتَبْنَا عَلَیْهِمْ فِیهَا أنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالعَیْنَ بِالعَیْنِ وَالأنفَ بِالأنفِ وَالاُذُنَ بِالاُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالجُرُوحَ قِصَاصٌ

ص: 264

فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ کَفَّارَةٌ لَهُ وَمَنْ لَمْ یَحْکُمْ بِمَا أنزَلَ اللّهُ فَاُوْلَئِکَ هُمُ الظَّالِمُونَ45 } _سورة المائدة.

کان سبب نزولها والایة السابقة انه کان فی المدینة بطنان من الیهود من بنی هارون وهم النضیر وقریظة وکانت قریظة سبع مائة والنضیر ألفا , وکانت النضیر أکثر مالا وأحسن حالا من قریظة . وکانوا حلفاء لعبد الله بن أبی , فکان إذا وقع بین قریظة والنضیر قتل وکان الفاتل من بنی النضیر قالوا لبنی قریظة لا نرضی أن یکون قتیل منا بقتیل منکم فجری بینهم فی ذلک مخاطبات کثیرة حتی کادوا ان یقتتلوا حتی رضیت قریظة وکتبوا بینهم کتابا علی أنه ای رجل من الیهود من النضیر قتل رجلا من بنی قریظة ان یجنیه ویحمم , والتجنیة ان یقعد علی جمل ویولی وجهه إلی ذنب الجمل ویلطخ بالحماة ویدفع نصف الدیة , وإیما رجل من بنی قریظة قتل رجلا من بنی النضیر ان یدفع إلیه دیة کاملة ویقتل به , فلما هاجر رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم إلی المدینة ودخلت الأوس والخرج فی الاسلام ضعف امر الیهود فقتل رجل من بنی قریظة رجلا من بنی النضیر فبعثوا إلیهم بنو النضیر ابعثوا الینا فدیة ؟ المقتول وبالقاتل حتی نقتله , فقالت قریظة لیس هذا حکم التوراة وإنما هو شئ غلبتمونا علیه فاما الدیة واما القتل وإلا فهذا محمد صلی الله علیه و آله و سلم بیننا وبینکم فهلموا لنتحاکم إلیه , فمشت بنو النضیر إلی عبد الله بن أبی وقالوا سل محمدا ان لا ینقض شرطنا فی هذا الحکم الذی بیننا وبین بنی قریظة فی القتل , فقال عبد الله بن أبی ابعثوا معی رجلا یسمع کلامی

ص: 265

وکلامه فان حکم لکم بما تریدون وإلا فلا ترضوا به , فبعثوا معه رجلا فجاء إلی رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم .

فقال له یا رسول الله ان هؤلاء القوم قریظة والنضیر قد کتبوا بینهم کتابا وعهدا وثیقا تراضوا به والآن فی قدومک یریدون نقضه وقد رضوا بحکمک فیهم فلا تنقض علیهم کتابهم وشرطهم , فان بنی النضیر لهم القوة والسلاح والکراع , ونحن نخاف الغوائل والدوائر , فاغتم لذلک رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم فلم یجبه بشئ , فنزل علیه جبرئیل بهذه الآیات " یا أیها الرسول لا یحزنک الذین یسارعون فی الکفر من الذین قالوا آمنا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم ومن الذین هادوا " یعنی الیهود " سماعون للکذب سماعون لقوم آخرین لم یأتوک یحرفون الکلم من بعد مواضعه " یعنی عبد الله بن أبی وبنی النضیر " یقولون إن أوتیتم هذا فخذوه وان لم تؤتوه فاحذروا " یعنی عبد الله بن أبی حیث قال لبنی النضیر إن لم یحکم لکم بما تریدون فلا تقبلوا " ومن یرد الله فتنته فلن تملک له من الله شیئا أولئک الذین لم یرد الله أن یطهر قلوبهم لهم فی الدنیا خزی ولهم فی الآخرة عذاب عظیم سماعون للکذب أکالون للسحت فان جاؤوک فاحکم بینهم أو اعرض عنهم , وان تعرض عنهم فلن یضروک شیئا وان حکمت فاحکم بینهم بالقسط ان الله یحب المقسطین _ إلی قوله _ ومن لم یحکم بما انزل الله فأولئک هم الکافرون " وقوله ( وکتبنا علیهم فیها ) یعنی فی التوراة ( ان النفس بالنفس والعین بالعین والانف بالأنف والاذن بالاذن والسن بالسن والجروح قصاص ) فهی

ص: 266

منسوخة بقوله ( کتب علیکم القصاص فی القتلی الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثی

بالأنثی ) وقوله ( والجروح قصاص ) لم تنسخ ثم قال ( فمن تصدق به ) ای عفی ( فهو کفارة له ) وقوله ( لکل جعلنا منکم شرعة ومنهاجا ) قال لکل نبی شریعة وطریق ( ولکن لیبلوکم فیما آتاکم ) أی یختبرکم .الایتان تبین التعاون الیهودی _الناصبی علی مدی التاریخ فهما علی منهج واحد ومشروع واحد فی محاربة الاسلام وخدمة الکفر .

وجاء عن الیهود: {سَمَّاعُونَ لِلْکَذِبِ أکَّالُونَ لِلسُّحْتِ } المال الحرام بکل أنواعه {فَإنْ جَاؤُوکَ فَاحْکُمْ بَیْنَهُمْ أوْ أعْرِضْ عَنْهُمْ } لخیانتهم المستمرة {وَإنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَنْ یَضُرُّوکَ شَیْئاً وَإنْ حَکَمْتَ فَاحْکُمْ بَیْنَهُمْ بِالقِسْطِ } شریعة الاسلام .

{إنَّ اللّهَ یُحِبُّ المُقْسِطِینَ(42) } أی العادلین .

القاسطین: المرتدین .

قال الامام علی علیه السلام :ان النبی صلی الله علیه و آله و سلم امرنی بقتال القاسطین والمارقین والناکثین فقد قاتلت الناکثین وقاتلت القاسطین

{وَکَیْفَ یُحَکِّمُونَکَ وَعِنْدَهُمُ التَّوْرَاةُ فِیهَا حُکْمُ اللّهِ ثُمَّ یَتَوَلَّوْنَ مِنْ بَعْدِ ذَلِکَ وَمَا اُوْلَئِکَ بِالمُؤْمِنِینَ43 } تقاضوا عند النبی فحکم بینهم بالحق مثلما جاء فی توراتهم فرفضوه .

ص: 267

( وکیف یحکمونک ) أی: کیف یحکمک یا محمد هؤلاء الیهود فیهم ، فیرضون بک حکما ( وعندهم التوراة ) کتاب الله التی أنزلناها علی موسی ، وهی التی یقرون بها أنها کتابی الذی أنزلته ، وأنه حق ، وإن ما فیه من حکمی یعلمونه ، ولا یتناکرونه ( فیها حکم الله ) الواقعی أی: أحکامه التی لم تنسخ والاحبار یعرفوها وینکروها..

القندوزی الحنفی: روی العالم الحافظ سلیمان القندوزی الحنفی فی ینابیعه عن الإمام جعفر الصادق علیه السلام : أوصی موسی الی یوشع بن نون وأوصی یوشع الی ولد هارون وبشر موسی ویوشع بالمسیح ونبینا

. . .فلم تزل الوصیة فی عالم بعد عالم حتی دفعوها الی محمد صلی الله علیه و آله و سلم وبعد بعثته سلم له العقب من المستحفظین , فلما استکملت أیام نبوته أمره الله تبارک وتعالی: اجعل الاسم الاکبر ومیراث العلم وآثار علم النبوة عند علی علیه السلام ((1)) .

وقال الله تعالی لرسوله: عهد إلیک فی علی علیه السلام عهدا فاسمعه . قال: قلت: ما هو , یا رب ؟ قال النبی صلی الله علیه و آله و سلم : علی رایة الهدی وإمام الأبرار وقاتل الفجار وإمام من أطاعنی وهو الکلمة التی ألزمتها المتقین , أورثته علمی وفهمی , فمن أحبه فقد أحبنی ومن أبغضه فقد أبغضنی . إنه مبتلی ومبتلی به , فبشره بذلک یا محمد . قال: ثم أتانی جبرئیل . قال: فقال لی: یقول

ص: 268

الله لک: یا محمد , وألزمهم کلمة التقوی وکانوا أحق بها وأهلها ولایة علی بن ابی طالب}((1)) .

{یَحْکُمُ بِهَا النَّبِیُّونَ الَّذِینَ أسْلَمُوا }_44 .

سلَّموا أمرهم الی الله تعالی {لِلَّذِینَ هَادُوا وَالرَّبَّانِیُّونَ } الکاملون فی العلم والعمل {وَالأحْبَارُ } العلماء {بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ کِتَابِ اللّهِ } اذ کلفهم الله تعالی بحفظه من التحریف {وَکَانُوا عَلَیْهِ شُهَدَاءَ }_ 44: انه حق من الباری سبحانه .

روی العالم الحافظ سلیمان القندوزی الحنفی فی ینابیعه عن الامام جعفر الصادق علیه السلام :

أوصی موسی الی یوشع بن نون وأوصی یوشع الی ولد هارون وبشر موسی ویوشع بالمسیح ونبینا...فلم تزل الوصیة فی عالم بعد عالم حتی دفعوها الی محمد وبعد بثته سلم له العقب من المستحفظین , فلما استکملت أیام نبوته أمره الله تبارک وتعالی اجعل الاسم الاکبر ومیراث العلم وآثار علم النبوة عند علی((2)) .

{فَلا تَخْشَوُا النَّاسَ } ایها العلماء بالدین {وَاخْشَوْنِ } ان کنتم مؤمنین {وَلا تَشْتَرُوا بِآیَاتِی ثَمَناً قَلِیلا } بتحریف التوراة مقابل أموال الدنیا {وَمَنْ

ص: 269

لَمْ یَحْکُمْ بِمَا أنزَلَ اللّهُ فَاُوْلَئِکَ هُمُ الکَافِرُونَ44 } بعد تحریف الاحبار للتوراة بدأوا یحکمون بما دوَّنوه من توراة منحرفة .

وعن عبد الله بن مسکان رفعه قال: قال رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم : من حکم فی درهمین بحکم جور ثم جبر علیه کان من أهل هذه الآیة " ومن لم یحکم بما أنزل الله فأولئک هم الکافرون " فقلت: وکیف یجبر علیه ؟

فقال: یکون له سوط وسجن فیحکم علیه فإذا رضی بحکومته وإلا ضربه بسوطه وحبسه فی سجنه .

عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زیاد ، عن محمد بن عیسی ، عن أبی عبد الله المؤمن عن معاویة بن وهب قال: سمعت أبا عبد الله علیه السلام یقول: أی قاض قضی بین اثنین فأخطأ سقط أبعد من السماء ((1)) .

عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن عیسی ، عن الحسین بن سعید ، عن فضالة ابن أیوب ، عن داود بن فرقد قال: حدثنی رجل ، عن سعید بن أبی الخضیب البجلی قال: کنت مع ابن أبی لیلی مزاملة حتی جئنا إلی المدینة فبینا نحن فی مسجد الرسول صلی الله علیه و آله و سلم إذ دخل جعفر بن محمد علیهما السلام فقلت لابن أبی لیلی: تقوم بنا إلیه فقال: وما نصنع عنده ؟ فقلت :

ص: 270

نسائله ونحدثه ، فقال: قم فقمنا إلیه ، فسائلنی عن نفسی وأهلی ، ثم قال: من هذا معک ؟

فقلت: ابن أبی لیلی قاضی المسلمین فقال له: أنت ابن أبی لیلی قاضی المسلمین ؟ قال: نعم ، قال: تأخذ مال هذا فتعطیه هذا ؟ وتقتل وتفرق بین المرء وزوجه ؟ لا تخاف فی ذلک أحدا قال: نعم ، قال: فبأی شئ تقضی ؟ قال: بما بلغنی عن رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم وعن علی علیه السلام وعن أبی بکر وعمر قال: فبلغک عن رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم أنه قال: إن علیا علیه السلام أقضاکم ؟

قال: نعم ، قال: فکیف تقضی بغیر قضاء علی علیه السلام وقد بلغک هذا ، فما تقول: إذا جیئ بأرض من فضة وسماء من فضة ثم أخذ رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم بیدک فأوقفک بین یدی ربک فقال: یا رب إن هذا قضی بغیر ما قضیت ؟ قال: فاصفر وجه ابن أبی لیلی حتی عاد مثل الزعفران ثم قال لی: التمس لنفسک زمیلا والله لا أکلمک من رأسی کلمة أبدا ((1)) .

ومن أحکام القضاء: قتل خالد بن الولید بنی جذیمة لقتلهم عمه الفاکه فی الجاهلیة بعدما شهدوا بالاسلام فااستغفر النبی صلی الله علیه و آله و سلم الله تعالی من فعل خالد السفاح وارسل النبی صلی الله علیه و آله و سلم لهم علیا علیه السلام فعوضهم کل ما خسروه من أنفس وأموال حتی میلغة الکلب وفزعهم .

ص: 271

ثم ارسل ابو بکر خالدا الی بنی نویرة ففعل نفس فعله السابق حیث وجدهم مسلمین فطلب منهم نزع سلاحهم لیصلُّوا جماعة معه احتیالا منه بهم فلما دخلوا فی الصلاة کتفهم وقتلهم .

فاشتکی المسلمون فی تلک الحملة من فعل خالد ومنهم عبد الله بن عمر فقال ابو بکر: ان خالدا تأول فأخطأ ولم یعوضهم عن الدماء والاموال ((1)).

مما یعنی مخالفته للنبی صلی الله علیه و آله و سلم وطمسه لحقوق المسلمین دفاعا عن مجرم طالما اشتکی المسلمون من مذابحه وزناه .

اذ جاء: غزا خالد بن الولید المسلمین وأسرهم فی أثناء صلاة الجماعة وقتل رجالهم وزنا بنسائهم المسلمات مثلما فعل مع قوم مالک بن نویرة .

فی زمن النبی

قال صلی الله علیه و آله و سلم : ( أمرت أن أقاتل الناس حتی یشهدوا ان لا إله الا الله ویؤمنوا بی وبما جئت به فإذا فعلوا ذلک عصموا منی دماءهم واموالهم الا بحقها وحسابهم علی الله ) ویکفی للدخول فی الاسلام ما دل علی معناها وسماع الاذان فی الحی أو القریة . جاء:

و قال عبد الله بن عمر بعث النبی خالد بن الولید الی بنی جذیمة فدعاهم الی الإسلام فلم یحسنوا ان یقولوا أسلمنا فجعلوا یقولون صبأنا فجعل خالد یقتل منهم ویأسر ودفع إلی کل رجل منا أسیره فقلت والله لا أقتل أسیری ولا یقتل أحد من أصحابی أسیره حتی قدمنا علی النبی فذکرناه له فرفع

ص: 272

النبی یده فقال ( اللهم إنی أبرأ الیک مما صنع خالد مرتین ) رواه البخاری ((1)) .

لقد کذب عبد الله بن عمر وحرَّف الروایة لیسهل علی خالد قتلهم والا فانهم قالوا أسلمنا ونطقوا الشهادتین ورضوا بمحمد صلی الله علیه و آله و سلم نبیا لکن خالدا اراد الانتقام منهم لقتلهم عمه فی الجاهلیة .

وقد اعترف خالد باسلامهم أمام الفریقین قائلا: فإن الناس قد أسلموا ((2)).

ولخالد

واقعة أخری أیام رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم ، وذلک أنه بعثه إلی بنی جذیمة داعیا ولم یبعثه مقاتلا ، وکانت جذیمة قتلت فی الجاهلیة عمه الفاکه بن المغیرة ، فلما ورد علیهم قال لهم: ضعوا سلاحکم فإن الناس قد أسلموا ، فوضعوا سلاحهم فأمر بهم فکتفوا ثم عرضهم علی السیف وقتل منهم مقتلة عظیمة ، فلما انتهی الخبر إلی النبی صلی الله علیه و آله و سلم رفع یده إلی السماء فقال صلی الله علیه و آله و سلم : اللهم إنی أبرأ إلیک مما صنع خالد _ مرتین . ثم أرسل صلی الله علیه و آله و سلم علیا علیه السلام " کما فی کامل ابن الأثیر وغیره " ومعه مال ، وأمره أن ینظر فی أمرهم فودی

ص: 273

لهم الدماء والأموال حتی أنه ودی میلغة الکلب ، وبقی معه من المال فضلة ، فقال لهم: هل بقی لکم مال أو دم لم یود ؟

قالوا: لا . قال علیه السلام : فإنی أعطیکم هذه البقیة احتیاطا لرسول الله صلی الله علیه و آله و سلم ففعل ثم رجع فأخبر النبی صلی الله علیه و آله و سلم فقال صلی الله علیه و آله و سلم : أصبت وأحسنت ((1)) .

هذا ما نقله جمیع المؤرخین وکل من ترجم خالدا ، حتی قال ابن عبد البر بعد أن ذکر هذا الخبر عنه فی ترجمته من الاستیعاب ، ما هذا لفظه: وخبره فی ذلک من صحیح الأثر , والکل ذکروا اعتذار أبی بکر عن خالد بأنه تأول فأخطأ .

فانا وجدنا النبی _ صلی الله علیه و آله و سلم _ استقضی علیا _ علیه السلام _ علی الیمن ، وأمره علی الجیوش ، وولاه الاموال وأمره بأداءها إلی بنی جذیمة الذین قتلهم خالد بن الولید ظلما ((2)) .

{وَکَتَبْنَا عَلَیْهِمْ } علی الیهود {فِیهَا } التوراة .

{ أنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ } العقوبات فی التوراة والقرآن واحدة والحد فی القصاص من النصوص الشرعیة الثابتة التی لا تتبدل مثل حد الزنا والسرقة والسکر , أما عقوبة التعزیر فتقدیره بید المجتهد {وَالعَیْنَ بِالعَیْنِ وَالأنفَ

ص: 274

بِالأنفِ وَالاُذُنَ بِالاُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالجُرُوحَ قِصَاصٌ } ان أمکن والا تتحول العقوبة من القصاص الی الدیة .

{فَمَنْ تَصَدَّقَ } بالقصاص {بِهِ فَهُوَ کَفَّارَةٌ لَهُ } للمتصدق :

وعن أبی عبد الله علیه السلام قال: سألته عن قول الله عز وجل: " فمن تصدق به فهو کفارة له ((1)) " فقال: یکفر عنه من ذنوبه بقدر ما عفا ، وسألته عن قول الله عز وجل: " فمن عفی له من أخیه شئ فاتباع بالمعروف وأداء إلیه

بإحسان ((2)) ".

قال: ینبغی للذی له الحق أن لا یعسر أخاه إذا کان قد صالحه علی دیة ، وینبغی للذی علیه الحق أن لا یمطل أخاه إذا قدر علی ما یعطیه ویؤدی إلیه بإحسان ، قال: وسألته عن قول الله عز وجل: " فمن اعتدی بعد ذلک فله عذاب ألیم " ((3)) فقال: هو الرجل یقبل الدیة أو یعفو أو یصالح ثم یعتدی فیقتل فله ((4)) .

ص: 275

{وَمَنْ لَمْ یَحْکُمْ بِمَا أنزَلَ اللّهُ فَاُوْلَئِکَ هُمُ الظَّالِمُونَ45 .

وعن أبی بصیر عن أبی عبد الله علیه السلام ، قال: « من حکم فی درهمین بغیر ما أنزل الله فقد کفر ، ومن حکم فی درهمین فأخطأ کفر » .

عن أبی بصیر بن علی ، عن أبی عبد الله علیه السلام ، قال: سمعته یقول: « من حکم فی درهمین بغیر ما أنزل الله فهو کافر بالله العظیم » .

و عن بعض أصحابه ، قال: سمعت عمارا یقول علی منبر الکوفة: ثلاثة یشهدون علی عثمان أنه کافر ، وأنا الرابع ، وأنا أسمی الأربعة ، ثم قرأ هؤلاء الآیات فی المائدة

( ومَنْ لَمْ یَحْکُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّه فَأُولئِکَ هُمُ الْکافِرُونَ ) و ( . . . الظَّالِمُونَ ) و ( . . . الْفاسِقُونَ ) ((1)) .

{وَقَفَّیْنَا عَلَی آثَارِهِمْ بِعِیسَی ابْنِ مَرْیَمَ مُصَدِّقاً لِمَا بَیْنَ یَدَیْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَآتَیْنَاهُ الإنجِیلَ فِیهِ هُدیً وَنُورٌ وَمُصَدِّقاً لِمَا بَیْنَ یَدَیْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدیً وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِینَ 46} سورة المائدة.

{ وَقَفَّیْنَا عَلَی آثَارِهِمْ }تابعنا المسیرة الالهیة لهدایة البشر فجئنا بعد أنبیاء بنی اسرائیل .

{بِعِیسَی ابْنِ مَرْیَمَ مُصَدِّقاً لِمَا بَیْنَ یَدَیْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَآتَیْنَاهُ } عیسی {الإنجِیلَ فِیهِ هُدیً وَنُورٌ وَمُصَدِّقاً } .

ص: 276

یصدق ویؤکد{لِمَا بَیْنَ یَدَیْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ } مثل باقی الکتب السماویة {وَهُدیً وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِینَ46 }.بینما لا یستفید منه الکافرون والمنافقون , لانهم لا یعون أهمیة الهدی والنور ویتوسلون بالمناهج الشیطانیة والشهوات الدنیویة المنحرفة .

{وَلْیَحْکُمْ أهْلُ الإنجِیلِ بِمَا أنزَلَ اللّهُ فِیهِ وَمَنْ لَمْ یَحْکُمْ بِمَا أنزَلَ اللّهُ فَاُوْلَئِکَ هُمُ الفَاسِقُونَ 47} سورة المائدة .

{وَلْیَحْکُمْ أهْلُ الإنجِیلِ بِمَا أنزَلَ اللّهُ فِیهِ } من شریعة وأحکام {وَمَنْ لَمْ یَحْکُمْ بِمَا أنزَلَ اللّهُ فَاُوْلَئِکَ هُمُ الفَاسِقُونَ47 } .

فتبریراته لا تنفع وحججهم داحضة لا تفید .

عن أبی جمیلة عن بعض أصحابه عن أحدهما قال: قد فرض الله فی الخمس نصیبا لآل محمد صلی الله علیه و آله و سلم ، فأبی أبو بکر ان یعطیهم نصیبهم حسدا وعداوة ، وقد قال الله :

" ومن لم یحکم بما أنزل الله فاؤلئک هم الفاسقون " وکان

أبو بکر أول من منع آل محمد علیهم السلام حقهم وظلمهم وحمل الناس علی رقابهم ، ولما قبض أبو بکر استخلف عمر علی غیر شوری من

ص: 277

المسلمین ولا رضا من آل محمد صلی الله علیه و آله و سلم ، فعاش عمر بذلک ولم یعط آل محمد حقهم وصنع ما صنع أبو بکر ((1)).

وقال نجاح الطائی: أبشع دور قام به بعض الصحابة اغتصاب حق آل محمد ونفی دورهم فی المجتمع الاسلامی وهم أئمة المسلمین الراشدین وخلفاء قریش الهاشمیین .

ووضعوا الیهود محلهم (کعب الاحبار وعبد الله بن سلام وزید بن ثابت ومحمد بن مسلمة ووهب بن منبه ) وغیروا الشریعة وخالفوها کثیرا .

وقد حرَّم تعالی الخمر والزنا والربا والسرقة والقتل والخیانة والفواحش ما ظهر منها وما بطن .

لکن أغلب النصاری حلل الخمر والربا انحرافا منه علی الحق المبین . وبقیت طائفة نصرانیة تابعة للانجیل تحرم الخمر وتحذر الناس من مفاسده ومخاطره .

{وَأنزَلْنَا

إلَیْکَ الکِتَابَ بِالحَقِّ مُصَدِّقاً لِمَا بَیْنَ یَدَیْهِ مِنَ الکِتَابِ وَمُهَیْمِناً عَلَیْهِ فَاحْکُمْ بَیْنَهُمْ بِمَا أنزَلَ اللّهُ وَلا تَتَّبِعْ أهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَکَ مِنَ الحَقِّ لِکُلٍّ جَعَلْنَا مِنْکُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً وَلَوْ شَاءَ اللّهُ لَجَعَلَکُمْ اُمَّةً وَاحِدَةً وَلَکِنْ لِیَبْلُوَکُمْ

ص: 278

فِی مَا آتَاکُمْ فَاسْتَبِقُوا الخَیْرَاتِ إلَی اللّهِ مَرْجِعُکُمْ جَمِیعاً فَیُنَبِّئُکُمْ بِمَا کُنتُمْ فِیهِ تَخْتَلِفُونَ 48 } سورة المائدة .

{وَأنزَلْنَا إلَیْکَ الکِتَابَ } القرآن {بِالحَقِّ مُصَدِّقاً لِمَا بَیْنَ یَدَیْهِ مِنَ الکِتَابِ } الکتب السماویة فهی والکتب السماویة علی منهج وسبیل واحد {وَمُهَیْمِناً } شاهداً ورقیباً علی باقی الکتب الالهیة فهو الکتاب الحاکم علی باقی الصحف والکتب الالهیة .

{عَلَیْهِ فَاحْکُمْ بَیْنَهُمْ بِمَا أنزَلَ اللّهُ وَلا تَتَّبِعْ أهْوَاءَهُمْ } فی مخالفتهم للشرائع الالهیة .

{عَمَّا جَاءَکَ مِنَ الحَقِّ لِکُلٍّ جَعَلْنَا مِنْکُمْ } أیها الامم {شِرْعَةً } شریعة الدین { وَمِنْهَاجاً } مشروعاً واضحا.

قال القمی: لکل نبی شریعة وطریق لیختبرکم ((1)) .

{وَلَوْ شَاءَ اللّهُ لَجَعَلَکُمْ اُمَّةً وَاحِدَةً } علی دین لا ینسخ .

{وَلَکِنْ لِیَبْلُوَکُمْ فِی مَا آتَاکُمْ } من الشرائع المتنوعة.

{فَاسْتَبِقُوا الخَیْرَاتِ } اسرعوا الی الاعتقاد بالامامة والانضواء تحت لوائها.

قال تعالی: { وَلِکُلٍّ وِجْهَةٌ } قبلة { هُوَ مُولیها فَاسْتَبِقُوا الخَیْرَاتِ } _سورة البقرة 2 / 148.

ص: 279

قال الإمام الباقر علیه السلام : الخیرات: الولایة ((1)).

وقال تعالی: (وَجَعَلْنَاهُمْ أئِمَّةً یَهْدُونَ بِأمْرِنَا )_سورة الانبیاء 73 .

لا بأمر الناس (وَأوْحَیْنَا إلَیْهِمْ فِعْلَ الخَیْرَاتِ وَإقَامَ الصَّلاةِ وَإیتَاءَ الزَّکَاةِ وَکَانُوا لَنَا عَابِدِینَ) .سورة الأنبیاء 21 / 73 .

قال الإمام الباقر علیه السلام : یعنی الأئمة من ولد فاطمة علیهم السلام یوحی الیهم بالروح فی صدورهم ثم ذکر ما أکرمهم الله به فقال: (فِعْلَ الخَیْرَاتِ) ((2)) .

{ إلَی اللّهِ مَرْجِعُکُمْ جَمِیعاً فَیُنَبِّئُکُمْ بِمَا کُنتُمْ فِیهِ تَخْتَلِفُونَ48 } فیحکم بین المطیع والمخالف بالحق بالادلة الکافیة , کیف :

{ الیَوْمَ نَخْتِمُ عَلَی أفْوَاهِهِمْ وَتُکَلِّمُنَا أیْدِیهِمْ وَتَشْهَدُ أرْجُلُهُمْ بِمَا کَانُوا یَکْسِبُونَ } 65_ یس .

عندها یجبر الظالم علی قبول الحقیقة المرة المتمثلة فی اعتداءاته علی افراد الامة وظلمه لهم .

ص: 280

{ وَأنِ احْکُمْ بَیْنَهُمْ بِمَا أنزَلَ اللّهُ وَلا تَتَّبِعْ أهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أنْ یَفْتِنُوکَ عَنْ بَعْضِ مَا أنزَلَ اللّهُ إلَیْکَ فَإنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أنَّمَا یُرِیدُ اللّهُ أنْ یُصِیبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإنَّ کَثِیراً مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ } : سورة المائدة 49 .

{وَأنِ احْکُمْ بَیْنَهُمْ بِمَا أنزَلَ اللّهُ } من الشریعة الحقَّة .

{وَلا تَتَّبِعْ أهْوَاءَهُمْ } أهواء الفاسقین الدنیویة {وَاحْذَرْهُمْ أنْ یَفْتِنُوکَ عَنْ بَعْضِ مَا أنزَلَ اللّهُ إلَیْکَ } الخطاب للمسلمین أن یحذروا الفاسقین ویتعاملوا معهم بحذر .

بینما تجد الکثیر من المسلمین یولوهم المناصب الحکومیة ویولوهم اداراتهم الشخصیة .

{فَإنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أنَّمَا یُرِیدُ اللّهُ أنْ یُصِیبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإنَّ کَثِیراً مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ49 } :

یدَّعون الدین کذباً ونفاقاً لاجل الدنیا .

{أفَحُکْمَ الجَاهِلِیَّةِ یَبْغُونَ وَمَنْ أحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُکْماً لِقَوْم

یُوقِنُونَ50 }:

البعض یرید حکماً جاهلیاً لاهوائه وتعصباته الحزبیة وغیرها وهو مسلم!!

عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن أبیه رفعه ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال: القضاة أربعة ثلاثة فی النار وواحد فی الجنة: رجل قضی بجور وهو یعلم فهو فی النار ، ورجل قضی بجور وهو لا یعلم فهو فی النار ، ورجل قضی بالحق وهو لا یعلم فهو فی النار ، ورجل قضی بالحق وهو یعلم فهو فی

ص: 281

الجنة ، وقال علیه السلام : الحکم حکمان: حکم الله وحکم الجاهلیة فمن أخطأ حکم الله حکم بحکم الجاهلیة ((1)) .

وقال مجاهد: انها کنایة عن الیهود , لأنهم کانوا إذا وجب الحکم علی ضعفائهم ألزموهم إیاه وإذا وجب علی أقویائهم لم یأخذوهم به . " ومن أحسن من الله حکما " أی فصلا بین الحق والباطل من غیر محاباة , لأنه لا یجوز للحاکم أن یحابی فی الحکم , بأن یعمل علی ما یهواه بدلا مما یوجبه العدل , وقد یکون حکم أحسن من حکم _ بأن یکون أولی منه وأفضل _ وکذا لو حکم بحق یوافق هواه أحسن مما یوافقه .

وعن الصادق علیه السلام : عن أبی علی الأشعری ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن ابن فضال

، عن ثعلبة بن میمون ، عن أبی بصیر ، عن أبی جعفر علیه السلام ، قال: « الحکم حکمان: حکم الله ، وحکم الجاهلیة ، وقد قال الله عز وجل :

( ومَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّه حُکْماً لِقَوْمٍ یُوقِنُونَ ) ، واشهدوا علی زید بن ثابت لقد حکم فی الفرائض بحکم الجاهلیة » .

العیاشی: عن أبی بصیر ، عن أبی جعفر علیه السلام ، قال: « إن الحکم حکمان: حکم الله ، وحکم الجاهلیة » . ثم قال: ( ومَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّه حُکْماً لِقَوْمٍ

ص: 282

یُوقِنُونَ ) ، قال: « فاشهد أن زیدا قد حکم بحکم الجاهلیة » یعنی فی الفرائض ((1)) .

{یَا أیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الیَهُودَ وَالنَّصَارَی أوْلِیَاءَ بَعْضُهُمْ أوْلِیَاءُ بَعْض وَمَنْ یَتَوَلَّهُمْ مِنْکُمْ فَإنَّهُ مِنْهُمْ إنَّ اللّهَ لا یَهْدِی القَوْمَ الظَّالِمِینَ51 } سورة المائدة .

{یَا أیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الیَهُودَ وَالنَّصَارَی أوْلِیَاءَ } أسیادا وأصدقاءا معتمدین , بینما یتَّخذهم الکثیر من النواصب أرباباً وأخلاءاً لمحاربة باقی المسلمین .

فالسعودیون والوهابیون وعموم النواصب یتخذون الیهود والنصاری أولیاءً من دون الله تعالی ولهم تبریرات واهیة فی ذلک .

{بَعْضُهُمْ أوْلِیَاءُ بَعْض وَمَنْ یَتَوَلَّهُمْ مِنْکُمْ فَإنَّهُ مِنْهُمْ } فی الدین , ولو کانت عمامته کبیرة ولحیته طویلة ونسبه عریق وعنوانه خطیر .{إنَّ اللّهَ لا یَهْدِی القَوْمَ الظَّالِمِینَ } (51): البائعین دینهم للیهود والنصاری والحاقدین علی المؤمنین .

ص: 283

{فَتَرَی الَّذِینَ فِی قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ یُسَارِعُونَ فِیهِم یَقُولُونَ نَخْشَی أنْ تُصِیبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَی اللّهُ أنْ یَأتِیَ بِالفَتْحِ أوْ أمْر مِنْ عِنْدِهِ فَیُصْبِحُوا عَلَی مَا أسَرُّوا فِی أنفُسِهِمْ نَادِمِینَ 52 } سورة المائدة .

{فَتَرَی الَّذِینَ فِی قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ } المنافقون المعارضون لبیعة علی علیه السلام فی الغدیر {یُسَارِعُونَ فِیهِم } فی موالاتهم .

{یَقُولُونَ نَخْشَی أنْ تُصِیبَنَا دَائِرَةٌ } مصیبة من مصیبات الدنیا {فَعَسَی اللّهُ أنْ یَأتِیَ بِالفَتْحِ أوْ أمْر مِنْ عِنْدِهِ فَیُصْبِحُوا عَلَی مَا أسَرُّوا فِی أنفُسِهِمْ نَادِمِینَ(52) } وعندما یأتی النصر للمسلمین یندمون علی توجهاتهم الشیطانیة.

هذا الفتح هو فتح خیبر الذی تمّ علی ید أمیر المؤمنین علی علیه السلام - کما جاء فی التفاسیر: قال فخر الدین الرازی فی تفسیره عند هذه الآیة الکریمة: {والمعنی: فعسی الله أن یأتی بالفتح لرسول الله صلی الله علیه و آله و سلم علی أعدائه وإظهار المسلمین علی أعدائهم.

(أو أمر من عنده): یقطع أصل الیهود , أو یخرجهم من بلادهم , فیصبح المنافقون نادمین علی ما حدّثوا به أنفسهم , وذلک لأنّهم کانوا یشکّون فی أمر الرسول , ویقولون: لا نظنّ أنّه یتمّ له أمره , والأظهر أن تعیر الدولة والغلبة لأعدائه... ((1)) .

ص: 284

ونقل المفسّر الطبرسی فی تفسیره مجمع البیان , عن السدّی قال:

لمّا کانت وقعة أحد اشتدّت علی طائفة من الناس فقال رجل (عثمان)من المسلمین: أنا ألحق بفلان الیهودی وآخذ منه أماناً , وقال آخر (طلحة): أنا ألحق بفلان النصرانی ببعض أرض الشام فآخذ منه أماناً , فنزلت الآیة ((1)) .

وفی معرکة خیبر فرَّ الشیخان (ابو بکر وعمر ) من المعرکة فی الیومین الاول والثانی وفی الیوم الثالث أرسل النبی صلی الله علیه و آله و سلم علیاً علیه السلام وقال حدیث إنی دافع الرایة غدا: فی مسند احمد , من عدة طرق , وصحیحی , مسلم , والبخاری , من طرق متعددة , وفی الجمع بین الصحاح الستة أیضا: عن عبد الله بن بریدة , قال: سمعت أبی یقول: حاصرنا خیبر , وأخذ اللواء ابو بکر , فانصرف , ولم یفتح له (أی فرّا) . ثم أخذه عمر من الغد , فرجع , ولم یفتح له . وأصاب الناس یومئذ شدة وجهد , فقال رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم : "

" لأعطین الرایة غدا رجلا یفتح الله علی یدیه , یحب الله ورسوله , ویحبه الله ورسوله " . فبات الناس لیلتهم أیهم یعطاها , فغدوا کلهم یرجوه , قال: " أین علی ؟ " فقیل: یشتکی عینیه , فبصق فی عینیه ودعا له فبرئ کأن لم یکن به وجع , فأعطاه فقال: " أقاتلهم حتی یکونوا مثلنا " , فقال: " أنفذ علی رسلک حین تنزل بساحتهم , ثم ادعهم إلی الاسلام , وأخبرهم بما یحب

ص: 285

علیهم , فوالله لئن یهدی الله بک رجلا خیر لک من أن یکون لک حمر النعم " ((1)) .

ورواه صاحب کتاب الاستیعاب

بهذه الألفاظ فی جامع الأصول عن سهل.

ابن کثیر فی البدایة والنهایة: قال ابن کثیر: أرسل النبی صلی الله علیه و آله و سلم إلی علی علیه السلام وهو أرمد فقال: " لأعطین الرایة رجلا یحب الله ورسوله , ویحبه الله ورسوله " . وجاء علی بن ابی طالب علی بعیر له حتی اناخ قریبا وهو أرمد قد عصب عینه بشقة برد قطری فقال رسول الله: مالک؟ قال: رمدت بعدک .قال: ادن منی فتفل فی عینه فما وجعها حتی مضی لسبیله .

فأعطاه الرایة , وخرج مرحب فقال: قد علمت خیبر أنی مرحب شاکی السلاح بطل مجرب إذا الحرب أقبلت تلتهب((2)) .

فقتله علی علیه السلام وفتح خیبر وأسر الیهود واستحوذ علی الغنائم .

ص: 286

وبعد فتح خیبر انتهی خوف المسلمین , فلم یعد أحد منهم یخاف یهودیاً أو نصرانیاً. ولولا انتصار الامام علی علیه السلام علی الیهود وبطلهم مرحبا لبقیت شوکة الیهود فی شبه جزیرة العرب الی الیوم .

واستمر المسلمون یتذکرون فرار ابی بکر وعمر من یهود خیبر لیومین متتالیین وأضیف هذا الی فرارهم فی بدر واحد والخندق وحنین .

واستمر هذا المنهج الی یومنا هذا فأتباع علی علیه السلام یحاربون الیهود وأتباع النواصب یهابونهم ویتحالفون معهم ویخضعون لهم .

{ وَیَقُولُ الَّذِینَ آمَنُوا أهَؤُلاءِ الَّذِینَ أقْسَمُوا بِاللّهِ جَهْدَ أیْمَانِهِمْ إنَّهُمْ لَمَعَکُمْ حَبِطَتْ أعْمَالُهُمْ فَأصْبَحُوا خَاسِرِینَ53 } سورة المائدة .

{وَیَقُولُ الَّذِینَ آمَنُوا أهَؤُلاءِ الَّذِینَ أقْسَمُوا بِاللّهِ جَهْدَ أیْمَانِهِمْ إنَّهُمْ

لَمَعَکُمْ } یقول المؤمنون لبعضهم عند فضیحة المنافقین: عجباً لهؤلاء المنافقین المدَّعین انهم منَّا ولنا کیف افتضحوا .

ما رواه السدی فی تفسیر ( لا تتخذوا الیهود والنصاری أولیاء لما أصیب النبی صلی الله علیه و آله و سلم بأحد قال عثمان : لألحقن بالشام فإن لی بها صدیقا یهودیا فآخذ منه أمانا إنی أخاف أن یدل علینا ، وقال طلحة : إن لی بها صدیقا نصرانیا فآخذ منه أمانا قال السدی : فأراد أحدهما أن یتهود ، والآخر أن یتنصر ، فاستأذن طلحة النبی فی المسیر إلی الشام معتلا أن له بها مالا فقال : تخذلنا و تخرج وتدعنا ؟ فألح علیه فغضب علی وقال : ائذن له فوالله لا عز من

ص: 287

نصر ، و لا ذل من خذل ، فنزل ( ویقول الذین آمنوا أهؤلاء الذین أقسموا بالله جهد أیمانهم إنهم لمعکم حبطت أعمالهم((1)) .

السدی فی تفسیر ( لا تتخذوا الیهود والنصاری أولیاء ) لما أصیب النبی صلی الله علیه و آله و سلم بأحد ، قال عثمان : لألحقن بالشام ، فان لی بها صدیقا یهودیا فآخذ منه أمانا ، انی أخاف أن یدال علینا ، وقال طلحة : ان لی بها صدیقا نصرانیا فآخذ منه أمانا قال السدی : فأراد أحدهما أن یتهود والاخر یتنصر ، فاستأذن طلحة النبی صلی الله علیه و آله و سلم فی المسیر إلی الشام معتلا أن له بها مالا ، فقال : تخذلنا وتخرج وتدعنا ؟ فألح علیه ، فغضب علی علیه السلام

وقال : ائذن له فوالله لا عز من نصره ، ولا ذل من خذله ، فنزل : ( ویقول الذین آمنوا هؤلاء الذین أقسموا بالله جهد أیمانهم انهم لمعکم حبطت أعمالهم )((2)) .

{حَبِطَتْ أعْمَالُهُمْ فَأصْبَحُوا خَاسِرِینَ53 } .

عن أبی بصیر قال: قلت: لأبی عبد الله ( علیه السلام ) قوله تبارک وتعالی: " وأقسموا بالله جهد أیمانهم لا یبعث الله من یموت بلی وعدا علیه حقا ولکن أکثر الناس لا یعلمون " ؟

قال: فقال لی: یا أبا بصیر ما تقول فی هذه الآیة ؟ قال :

ص: 288

قلت: إن المشرکین یزعمون ویحلفون لرسول الله ( صلی الله علیه و آله و سلم ) إن الله لا یبعث الموتی قال: فقال: تبا لمن قال هذا ، سلهم هل کان المشرکون یحلفون بالله أم باللات والعزی ؟ قال: قلت: جعلت فداک فأوجدنیه قال: فقال لی: یا أبا بصیر لو قد قام قائمنا بعث الله إلیه قوما من شیعتنا قباع ((1))سیوفهم علی عواتقهم فیبلغ ذلک قوما من شیعتنا لم یموتوا فیقولون :

بعث فلان وفلان وفلان من قبورهم وهم مع القائم فیبلغ ذلک قوما من عدونا فیقولون: یا معشر الشیعة ما أکذبکم هذه دولتکم وأنتم تقولون فیها الکذب لا والله ما عاش هؤلاء ولا یعیشون إلی یوم القیامة قال: فحکی الله قولهم فقال: " وأقسموا بالله جهد أیمانهم لا یبعث الله من یموت " ((2)) .

وعن صالح بن میثم قال: سألت أبا جعفر علیه السلام عن قول الله: " وله أسلم من فی السماوات والأرض طوعا وکرها " قال: ذلک حین یقول علی علیه السلام : انا

ص: 289

أولی الناس بهذه الآیة " وأقسموا بالله جهد ایمانهم لا یبعث من یموت بلی وعدا علیه حقا ولکن أکثر الناس لا یعلمون " إلی قوله " کاذبین " ((1)) .

{یَا أیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا مَنْ یَرْتَدَّ مِنْکُمْ عَنْ دِینِهِ فَسَوْفَ یَأتِی اللّهُ بِقَوْم یُحِبُّهُمْ وَیُحِبُّونَهُ أذِلَّة عَلَی المُؤْمِنِینَ أعِزَّة عَلَی الکَافِرِینَ یُجَاهِدُونَ فِی سَبِیلِ اللّهِ وَلا یَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِم ذَلِکَ فَضْلُ اللّهِ یُؤْتِیهِ مَنْ یَشَاءُ وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِیمٌ } 54 سورة المائدة .

روی أنه قال أمیر المؤمنین علیه السلام یوم البصرة : والله ما قوتل أهل هذه الآیة حتی الیوم ، و تلا : یا أیها الذین آمنوا من یرتد منکم عن دینه ، ومثل ذلک قال عمار وحذیفة وابن عباس ((2)).

{ یَا أیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا مَنْ یَرْتَدَّ مِنْکُمْ عَنْ دِینِهِ } جاءت هذه الآیة بعد آیة المنافقین الموالین .

{فَسَوْفَ یَأتِی اللّهُ بِقَوْم یُحِبُّهُمْ } یهدیهم لرضاه .{ وَیُحِبُّونَهُ } یطیعونه .

{ أذِلَّة عَلَی المُؤْمِنِینَ }غیر متکبرین علیهم عاملین معهم.

{أعِزَّة عَلَی الکَافِرِینَ } متعالون علیهم وعلی منهجهم .

ص: 290

{یُجَاهِدُونَ فِی سَبِیلِ اللّهِ وَلا یَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِم }: من المنافقین والکافرین . نزلت فی الامام علی علیه السلام ((1)) .

{ذَلِکَ فَضْلُ اللّهِ یُؤْتِیهِ مَنْ یَشَاءُ وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِیمٌ54 } .

وروی انها نزلت فی الامام المهدی علیه السلام وأصحابه .

وروی العلاّمة البحرانی: عن الثعلبی فی تفسیر:

ص: 291

(فَسَوْفَ یَأتِی اللّهُ بِقَوْم یُحِبُّهُمْ ) : قال: هو علی بن أبی طالب علیه السلام .

المفسر الثعلبی: قال الثعلبی: نزلت فی علی بن ابی طالب علیه السلام ((1)) .

وروی أیضاً عن الثعلبی , بإسناده المذکور , عن أبی هریرة أنّه کان یحدِّث أنّ رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم قال: یرد علیَّ یوم القیامة رهط من أصحابی , فیجلون عن الحوض فأقول: یا ربّ أصحابی؟

فیُقال: إنّک لا علم لک بما أحدثوا , إنّهم ارتدوا علی أدبارهم القهقری ((2)) .

: یستفاد من الجمع بین هذین الحدیثین , خاصّة فی تفسیر هذه الآیة التی جمعت بین من یحبّهم الله ویحبّونه وبین من یرتدّ عن دینه من أصحاب النبی صلی الله علیه و آله و سلم , یستفاد: أنّ المرتدین عن دینهم هم الذین ترکوا علی بن أبی طالب علیه السلام وارتدوا عنه.

وقال الفخر الرازی فی تفسیره عن آیة : (فَسَوْفَ یَأتِی اللّهُ بِقَوْم یُحِبُّهُمْ ): قال قوم: إنّها نزلت فی علی علیه السلام .

ثمّ قال: ویدلّ علیه وجهان:

ص: 292

الأوّل: أنّه صلی الله علیه و آله و سلم لمّا دفع الرایة إلی علی یوم خیبر , قال: لأدفعنّ الرایة غداً إلی رجل یحبّ الله ورسوله ویحبّه الله ورسوله , وهذه هی الصفة المذکورة فی الآیة.

الوجه الثانی: أنّه تعالی ذکر بعد هذه الآیة قوله: (انما ولیکم الله ورسوله والذین أمنوا الذین یقیمون الصلاة ویؤتون الزکاة وهو راکعون ) .

وهذه الآیة فی حقّ علی علیه السلام فکان الأولی جعل ما قبلها أیضاً فی حقه((1)) .

وأخرج البخاری ومحمد الجزری الشافعی فی أسنی المطالب بأسانید عدیدة وصحّحه وقال: متّفق علی صحّته: أنّ النبی صلی الله علیه و آله و سلم قال فی علیّ: یحبّ الله ورسوله ویحبّه الله ورسوله ((2)) .

إنّ المتقدّمین حکموا بکفر المخالفین ونصبهم ونجاستهم خلافاً لمشهور المتأخّرین حیث ذهبوا إلی الحکم بإسلامهم وطهارتهم .

وحکی عن النوبختی فی فصّ الیاقوت : إنّ جمهور الأصحاب علی الحکم بکفرهم إلاّ جماعة فیحکمون بفسقهم وتابعه العلاّمة فی شرحه للکتاب معلّلاً بإنکارهم الضروری .

ص: 293

وکذا فی المنتهی کما حکی عن المقنعة فی باب المیت عدم جواز تجهیز المیت منهم .

ومثله ابن البرّاج والشیخ فی التهذیب معلّلاً بأنّ المخالف للحقّ کافر تترتّب علیه أحکامه إلاّ ما أخرجه الدلیل .

وکذا ابن إدریس فی السرائر و مذهب المرتضی معروف وکذا الفاضل المازندرانی ومثله القاضی نور الله والفاضل أبی الحسن الشریف جدّ صاحب الجواهر .

لکنک عرفت أنّ القدماء فی الأبواب المختلفة رتّبوا علیهم أحکام المنتحلین للإسلام ، أی مقتضی مفاد عقد الهدنة ، و من ثمّ سمّوا دار الإسلام أی الشهادتین باللسان دار الهدنة و تقدّم عبارة المفید فی الجمل حیث نقل إجماع الشیعة علی عدم إخراجهم عن حکم ملّة الإسلام لأنّه کفر بالتأویل لا ردّة عن الشرع الظاهر وإن کانوا خارجین من الإیمان . وقد جوّز فی المقنعة نکاح المخالف غیر المعلن العداوة وذبحه ، و مثله الشیخ فی النهایة و القاضی فی نکاح المهذّب .

نعم فی السرائر ذکر " إنّ المسلم یرث المسلم " ; ثمّ قال : وقد یوجد فی بعض نسخ المقنعة فی باب أهل الملل المختلفة و الإعتقادات المتباینة : ویرث المؤمنون أهل البدع من المعتزلة والمرجئة والحشویة ولا ترث هذه الفرق أحداً من أهل الإیمان کما یرث المسلمون الکفّار ولا یرث الکفّار

ص: 294

أهل الإسلام . والأول هو المذهب والقول المأوّل علیه والمرجوع إلیه والنسخة المعروفة من المقنعة هو القول بالإرث .

و ذکر فی باب الذبح عدم جواز تولّی غیر معتقد الحقّ إلاّ المستضعف .

وکذا فی المراسم فی شرائط من یجوز العقد علیها قال :

ومنها أن تکون المرأة مؤمنة أو مستضعفة ، فإن کانت ذمّیة أو مجوسیة أو معاندة لم یصحّ نکاحها غبطة .

و فی المهذب للقاضی خصّ جواز التزکیة بالمسلم من أهل الحقّ .

وکذا الحلبی فی الکافی عند تعداد المحرم من الذبیحة قال : " أو مِن دون التسمیة تدیناً أو بفعل کافر کالیهودی أو النصرانی أو جاحد النص " .

لکن هذا التخصیص _ فی جملة من کلماتهم فی بعض الأبواب لدلالة بعض النصوص _ لا یدلّ علی عدم حکمهم بالإسلام الظاهری المنتحل ما دامت الدار دار إسلام وهی الهدنة لا دار إیمان ، أی دولة الحقّ للمعصوم ، حیث یقیم الدعوة و الحجّة علی حقیقة الدین ; فغایة الأمر ترتیب الآثار فی بعض الأبواب عند بعضهم علی الإسلام الواقعی وهو الإیمان کما هو الحال فی مصرف الزکاة ((1)) .

وفی جهاد الجواهر :إنّ هذا الزمان المسمّی فی النصوص بزمان الهدنة یجری علیهم _ أی علی العامّة _ فیه جمیع أحکام المسلمین فی الطهارة

ص: 295

وأکل الذبائح والمناکحات وحرمة الأموال حتی یظهر الحقّ فیجری علیهم حکم الکفّار الحربیین ((1)) .

وقال الشیخ المفید : إنّ الحقوق و الأحکام المدنیة والتعایشیة لیست ترتّبة لهم بنفس الدرجة التی للمؤمنین ، نظیر الفرق الذی بین المسلمین وأهل الذمة فی الحقوق المدنیة وإن کان المنتحلون للإسلام أرفع درجة منهم ، سوی المعلنین عداوتهم لهم ( علیهم السلام ) ، کما یعلم ذلک من بحث أحکام الناصب بالنصب الاصطلاحی ، بل فی جملة من روایات الباب إنّ النُصّاب غیر المعلنین للعداوة لا تترتّب علیهم أو لا تثبت لهم جملة من الأحکام أیضاً وإن ثبتت لهم جملة أخری ((2)) .

فما یقرب فی کلمات متأخّری الأعصار من " أنّه بمقتضی الحکم بإسلامهم بجهة الهدنة یترتّب علیهم جمیع أحکام الإسلام " محلّ تأمّل ومنع ، لإیهام هذا التعبیر بترتّب کلّ حکم أخذ فی موضوعه عنوان الإسلام مع أنّ فی جملة من الأحکام التی أخذ فیها ذلک العنوان لیس المراد منه إسلام الهدنة ، بل حقیقة الدین .

المجلسی : ذهب أصحابنا إلی کفر البغاة . قال فی التجرید : محاربو علیّ کَفَرَةٌ و مخالفوه فسقة . . . قال شارح المقاصد : و المخالفون لعلیّ بغاة

ص: 296

لخروجهم علی إمام الحقّ بشبهة من ترک القصاص من قتلة عثمان ولقوله ( صلی الله علیه و آله و سلم ) : " تقتلک الفئة الباغیة " ، و لقوله علیه السلام : " إخواننا بغوا علینا " . و لیسوا کفّاراً ولا فسقة وظلمة لما لهم من التأویل وإن کان باطلاً . . .

و البغی لا یجامع فی الغالب معرفة الإمام ولو فرض باغ علی الإمام لأمر دنیوی من غیر بغض له ولا إنکار لإمامته فهو کافر أیضاً لعدم القائل بالفرق . . .والذی نفهم من الأخبار أنّهم واقعاً فی حکم المشرکین وغنائمهم وسبیهم فی حکم غنائم المشرکین وسبیهم والحجّة ( علیه السلام ) یجری تلک الأحکام علیهم ولمّا علم أمیر المؤمنین استیلاء المخالفین علی شیعته لم یجرِ هذه الأحکام علیهم لئلاّ یجروها علی شیعته وکذا الحکم بطهارتهم وجواز مناکحتهم وحلّ ذبیحتهم لاضطرار معاشرة الشیعة معهم فی دولة المخالفین ((1)) .

وروی أنه قال أمیر المؤمنین علیه السلام یوم البصرة : والله ما قوتل أهل هذه الآیة حتی الیوم ، و تلا : یا أیها الذین آمنوا من یرتد منکم عن دینه ، ومثل ذلک قال عمار وحذیفة وابن عباس ((2)).

ص: 297

و ما ذکره ( قدس سره ) فی محلّه إلاّ ما ذکره مِن " کونهم فی الواقع فی حکم المشرکین إلاّ أنّهم فی الظاهر لا یحکم بإسلامهم بقول مطلق " فإنّه محلّ تأمل ونقول : بل هو بمعنی انتحال الإسلام الذی هو مورد عقد الهدنة لاستجابتهم دعوة الشهادتین بالتقیّد بهما فی الظاهر .

ابن عباس : علم الله علم الغیب انه ستجری حرب الجمل فقال لأزواج النبی " وقرن فی بیوتکن ولا تبرجن تبرج الجاهلیة الأولی " وقال تعالی: " یا نساء النبی من یأت منکن بفاحشة مبینة یضاعف لها العذاب ضعفین " فی حربها مع علی علیه السلام .

شعبة والشعبی والأعثم وابن مردویه وخطیب خوارزم فی کتبهم بالأسانید عن ابن عباس ومسعود وحذیفة وقتادة وقیس بن أبی حازم وأم سلمة ومیمونة وسالم بن أبی الجعد واللفظ له : انه ذکر النبی خروج بعض نسائه فضحکت عائشة فقال : انظری یا حمیراء لا تکونی هی . ثم التفت إلی علی فقال : یا أبا الحسن ان ولیت من أمرها شیئا فارفق بها ((1)) .

و بعبارة اُخری : محصّل معنی الإسلام الظاهری هو تسلیمهم بالتظاهر بالإسلام الذی هو غایة دعوة الرسول فی ما قبل بیعة الغدیر وهذه الدعوی بمنزلة عقد هدنة معهم بتلک الشروط ; و بالتالی فالآثار مترتّبة علی هذا التعاقد والتقیّد به بحسب شرائطه التی هی فی الأفعال الظاهرة ولا ربط

ص: 298

لذلک بحقیقة الإسلام التی هی الإیمان وآثارها التی هی بحسب الوجود القلبی .

کما إنّه یمکن فرض التفکیک بین التظاهر بالإیمان فی أفعال الجوارح _ وهی نحو من الاستجابة لدعوة النبی ( صلی الله علیه و آله و سلم ) فی غدیر خم وبقیة حیاته الشریفة _ وبین حقیقة الإیمان بحسب القلب ، فتختلف الآثار بحسب هذا التمایز أیضاً .

وظاهره ( صلی الله علیه و آله و سلم ) فی الأشهر الأخیرة من حیاته الشریفة أنّه کان یقنع بالتقیّد بالإیمان فی الظاهر _ وهی مرحلة ثالثة فی دعوته ( صلی الله علیه و آله و سلم ) و هی التظاهر بالإیمان _ و من ثمّ لم یَقْبَلْ ( صلی الله علیه و آله و سلم ) من حارث بن عمرو الفهری الإنسلال من التقیّد بالإیمان بولایة علی ( علیه السلام ) فی الظاهر ; فقال ( صلی الله علیه و آله و سلم ) له کما فی بعض الروایات : یا بن عمرو ، إمّا تبتَ و إمّا رحلتَ ، فأختار الرحیل ، فأتاه العذاب ، کما فی سورة المعارج ( سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَاب وَاقِع ) ((1)) .

وقال نجاح الطائی: الایة القرآنیة : { مَنْ یَرْتَدَّ مِنْکُمْ عَنْ دِینِهِ} نزلت فی حق أهل الجمل بنص النبی المصطفی صلی الله علیه و آله و سلم .

ص: 299

وهذا یعنی أن عائشة قد طلقت من النبی صلی الله علیه و آله و سلم فی بدایة المعرکة ولا یجوز تسمیتها بأم المؤمنین , وقد هددها النبی صلی الله علیه و آله و سلم من الحضور بین الرجال ومحاربة الامام علی علیه السلام فعصت وحضرت .

{إنَّمَا وَلِیُّکُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِینَ آمَنُوا الَّذِینَ یُقِیمُونَ الصَّلاةَ وَیُؤْتُونَ الزَّکَاةَ وَهُمْ رَاکِعُونَ55 } سورة المائدة .

نزلت فی حق الامام علی علیه السلام : جاء بنصّ النسائی صاحب السنن فی صحیحه وابن جریر الطبری فی تفسیره((1)) والحافظ أبو نعیم الأصبهانی فی ما نزل من القرآن فی علی علیه السلام وأبو الحسن الماوردی الفقیه الشافعی

والنسفی فی تفسیره ((2)) .

وجاء فی تفسیر ابن کثیر وأسباب النزول للسیوطی والبیهقی فی کتابه المصنّف والحافظ أبو بکر الخطیب البغدادی فی المتّفق والحافظ

أبو محمّد الفراء البغوی الشافعی فی تفسیره وابن الجوزی فی تفسیره ((3))

ص: 300

قال تعالی: النبی أولی بالمؤمنین من أنفسهم - الاحزاب , 6 - وولایة الله ورسوله تعنی التصرف فی الامور , قال الرازی المفسر السنی: روی عن أبی ذر رضوان الله علیه أنه قال صلیت مع رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم یوماً صلاة الظهر , فسأل سائل فی المسجد فلم یعطه أحد , وعلی علیه السلام کان راکعاً فأومأ الیه بخنصره الیمنی , وکان فیها خاتم , فأقبل السائل حتی أخذ الخاتم بمرأی من النبی , فقال النبی صلی الله علیه و آله و سلم : اللهم إنَّ أخی موسی سألک فقال:

ربِّی اشرح لی صدری ویسر لی أمری الی قوله: واشرکه فی أمری , فأنزلت قرآناً ناطقاً سنشد عضدک بأخیک ونجعل لکما سلطاناً , اللهم وأنا محمد نبیک وصفیک , فاشرح لی صدری ویسر لی أمری وأجعل لی وزیراً من أهلی علیاً أشدد به أزری , قال أبوذر: فوالله ما أتم النبی کلامه حتی نزل جبریل فقال: یا محمد إقرأ: إنما ولیکم الله ورسوله..الی آخر الآیة .

وروی ابن عبّاس أنّ رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم قال لعلیّ: أنت ولیّ کلّ مؤمن بعدی ((1)) .

وروی الخطیب البغدادی بسنده عن الإمام أمیرالمؤمنین علیه السلام أنّه قال: قال رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم : سألت الله فیک خمساً فأعطانی أربعاً ومنعنی واحدةً ; سألته فأعطانی فیک أوّل من تنشقّ الأرض عنه یوم القیامة , وأنت معی ,

ص: 301

ومعک لواء الحمد وأنت تحمله , وأعطانی أنّک ولیّ المؤمنین بعدی ... الحدیث((1)) .

وروی النسائی بسنده أنّ قوماً شکوا علیّاً إلی رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم فتألّم , والغضب یبصر فی وجهه , وقال: ما تریدون من علیّ ؟ إنّ علیّاً منّی وأنا منه , وهو ولیّ کلّ مؤمن من بعدی ((2)) .

والولی هو السیّد الزعیم القادر علی التصرّف والإدارة .

لمّا نزلت الآیة جاء النبی صلی الله علیه و آله و سلم إلی المسجد فرأی سائلاً فسأله: هل أعطاک أحد شیئاً ؟

قال: نعم . قال النبی صلی الله علیه و آله و سلم : ماذا ؟

قال: خاتم فضّة .قال النبی صلی الله علیه و آله و سلم : مَن أعطاک ؟

قال: ذلک القائم .قال النبی صلی الله علیه و آله و سلم : علی أی حال أعطاک ؟

قال: وهو راکع وإذا هو بعلی بن أبی طالب علیه السلام فکبَّر رسول

الله صلی الله علیه و آله و سلم ((3)) .

ص: 302

وأخرج

المفسّر الشیخ شهاب الدین السیویسی , ثمّ الایاتلوغی فی تفسیره المخطوط المزجی عند ذکر هذه الآیة , قال:

(ویؤتون الزکاة): المفروضة أو الصدقة.

(وهم راکعون): أی: یفعلون الخیرات فی حال رکوعهم.

لأنّ علیّاً تصدّق بخاتمه وهو فی الصلاة فنزلت الآیة فی شأنه((1)) .

وذکر المفسّر الهندی فی تفسیره المخطوط المهمل الکلمات بلا نقطة قال:

(وهم راکعون) .

موردها أسد الله الکرّار حال ما سأله صعلوک وأعطاه وطرح له ما معه وهو راکع مصلّ((2)) .

ص: 303

السیوطی الشافعی: وقال السیوطی الشافعی فی حاشیة مخطوطة له علی تفسیر البیضاوی , عند تفسیر هذه الآیة الکریمة:

قوله: نزلت فی علی علیه السلام حین سأله سائل , الحدیث.

و أخرجه ابن مردویه , عن ابن عباس وعمّار بن یاسر وابن أبی حاتم , عن سلمة بن سهل , والثعلبی , عن أبی ذر , والحاکم فی علوم الحدیث , عن علی علیه السلام ((1)) .

وفی تفسیر الصوفی المعروف محیی الدین بن عربی , قال:

(وهم راکعون) . خاضعون فی البقاء لله بنسبة کمالاتهم وصفاتهم إلی الله کأمیر المؤمنین علیه السلام النازل فی حقّه هذا القائل ((2)) .

وأخرج علاّمة الأحناف الموفّق بن أحمد أخطب الخطباء الخوارزمی الحنفی فی مناقبه بسنده المفصّل , عن محمد بن السایب , عن أبی صالح , عن ابن عباس حدیث نزول آیة :

(إنّما ولیّکم الله) فی شأن علی بن أبی طالب علیه السلام وخروج النبی صلی الله علیه و آله و سلم ال المسجد... إلی أن قال: {فکبّر النبی صلی الله علیه و آله و سلم ثمّ قرأ: (ومن یتول الله ورسوله فان حزب الله هم الغالبون) ((3)) , نزلت فی الامام علی علیه السلام ((4)) .

ص: 304

البلاذری: وروی البلاذری قال: وحدّثت , عن حمّاد بن سلمة بإسناده المذکور , عن ابن عباس , قال: نزلت فی علیّ علیه السلام :

({إنَّمَا وَلِیُّکُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِینَ آمَنُوا الَّذِینَ یُقِیمُونَ الصَّلاةَ وَیُؤْتُونَ الزَّکَاةَ وَهُمْ رَاکِعُونَ) . الآیة((1)) .

الروایات فی شأن نزول هذه الآیة فی علی بن أبی طالب علیه السلام , کثیرة وکثیرة جدّاً تعدّ بالعشرات , هذا کلّه من طرق غیر الشیعة , وأمّا من طرقهم فکثیرة جدا , ویکفیک أنّ العلاّمة البحرانی , والحاکم الحسکانی ذکرا من طُرق غیر الشیعة فی ذلک أکثر من خمسین حدیثاً , وعلی هذه فقس ما سواها , إلاّ أنّنا حیث قصدنا فی هذا الکتاب الإشارة لا التفصیل اکتفینا هنا بذکر حدیثین یثبت بهما المطلوب ومن أراد التفصیل فعلیه بالمفصّلات.

وأخرج محمد کرد علی فی خطط الشام , حدیث أبی هارون العبدی , قال:

ص: 305

البلاذری: وروی البلاذری قال: وحدّثت , عن حمّاد بن سلمة بإسناده المذکور , عن ابن عباس , قال: نزلت فی علیّ علیه السلام :

({إنَّمَا وَلِیُّکُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِینَ آمَنُوا الَّذِینَ یُقِیمُونَ الصَّلاةَ وَیُؤْتُونَ الزَّکَاةَ وَهُمْ رَاکِعُونَ) . الآیة((1)) .

الروایات فی شأن نزول هذه الآیة فی علی بن أبی طالب علیه السلام , کثیرة وکثیرة جدّاً تعدّ بالعشرات , هذا کلّه من طرق غیر الشیعة , وأمّا من طرقهم فکثیرة جدا , ویکفیک أنّ العلاّمة البحرانی , والحاکم الحسکانی ذکرا من طُرق غیر الشیعة فی ذلک أکثر من خمسین حدیثاً , وعلی هذه فقس ما سواها , إلاّ أنّنا حیث قصدنا فی هذا الکتاب الإشارة لا التفصیل اکتفینا هنا بذکر حدیثین یثبت بهما المطلوب ومن أراد التفصیل فعلیه بالمفصّلات.

وأخرج محمد کرد علی فی خطط الشام , حدیث أبی هارون العبدی , قال:

ص: 306

کنت أری رأی الخوارج لا أتولی غیرهم حتی جلستُ إلی أبی سعید الخدری فسمعته یقول: أمر الناس بخمس فعملوا بأربع وترکوا واحدة .

فقال له رجل: یا أبا سعید ما هذه الأربعة التی عملوا بها؟

قال: الصلاة , والزکاة والحجّ والصوم صوم شهر رمضان.

قال: فما الواحدة التی ترکوها؟

قال: ولایة علی بن أبی طالب علیه السلام .

قال: وإنّها مفترضة معهنّ؟

قال: نعم. قال: فقد کفر الناس.قال: فما ذنبی((1)) .

والکثیر الکثیر من الحفّاظ والأثبات رووا بأسانید عدیدة نزول هذه الآیة الکریمة فی شأن علی بن أبی طالب علیه السلام مضافاً إلی من أسلفنا ذکرهم:

فمنهم شیخ المفسّرین ابن جریر الطبری فی تفسیره الکبیر((2)) .

ص: 307

ص: 308

ومنهم: مفسّر الشوافع ابن کثیر الدمشقی فی تفسیره((1)) .

ومنهم: العلاّمة الواحدی أبو الحسن علی بن أحمد فی أسباب النزول((2)) .

ومنهم: المؤلّف المکثّر الشافعی جلال الدین بن أبی بکر السیوطی فی تفسیره((3)) .

والذی تصدَّق به أمیر المؤمنین کان خاتم سلیمان بن داود((4)) .

ومنهم: علاّمة الحنفیة المتقی الهندی الحنفی فی کنز العمال((5)) .

ومنهم: العلاّمة الشوکانی فی فتح القدیر((6)) .

ابن الأثیر الکردی فی جامع الأصول((7)) .

ومنهم: العلاّمة الکنجی الشافعی فی کفایة الطالب((8)) .

ص: 309

ومنهم: محمد بن أحمد بن أبی بکر الأنصاری القرطبی فی تفسیره((1)) .

ومنهم: الحافظ القندوزی الحنفی فی ینابیع المودّة((2)) .

وقال الطوسی: کان التصدق بالخاتم یوم الرابع والعشرین من ذی الحجة وهو یوم المباهلة((3)) .

وعن یوم المباهلة : روی الشیخ الطوسی عن موسی بن جعفر علیهما السلام قال : " یوم المباهلة الیوم الرابع والعشرون من ذی الحجة " . " فی سنة عشر من الهجرة "

وقال الطباطبائی صاحب تفسیر المیزان : إن هذه القضیة قد کانت فی سنة الهجرة ، أو قبلها _تفسیر المیزان _تفسیر الایة .

وقال نجاح الطائی : إن قضیة المباهلة سنة عشر للهجرة الشریفة بعد فتح ونجران جزء من الیمن . علیه السلام الیمن فی سنة تسع للهجرة بید الامام علی فبعد فتح الیمن جاء نصاری نجران الی المدینة لیباهلوا النبی محمدا بعد مطالبة المسلمین لهم بدفع الجزیة وهناک شاهدوا الوجوه المنیرة لاهل

ص: 310

البیت فخافوا من الهلکة فی الدنیا والاخرة واسلموا وبعدما بایع أبو بکر وعمر علیاً علیه السلام قال عمر لابی بکر: لشد ما یرفع بضبعی((1)) ابن عمه .

ثم خرج عمر هارباً من العسکر فما لبث أن رجع الی النبی فقال: یا رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم إنی خرجت من العسکر لحاجة فرأیت رجلا علیه ثیاب بیض لم أرَ أحسن منه , والرجل من أحسن الناس وجها , وأطیبهم ریحاً , فقال:

لقد عقد رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم لعلی عقداً لا یحله الا کافر .

فقال النبی صلی الله علیه و آله و سلم : لعمر: أتدری من ذلک؟

قال عمر: لا .قال النبی صلی الله علیه و آله و سلم : ذاک جبرائیل , فاحذر أن تکون أول من یحله , فتکفر...((2)) .

منزلة المولی علی علیه السلام کانت عالیة فنزلت فی حقه:

وَإنْ مِنْ أهْلِ الکِتَابِ إلا لَیُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَیَوْمَ القِیَامَةِ یَکُونُ عَلَیْهِمْ شَهِیداً159_سورة النساء .

ص: 311

وقال الامام علی علیه السلام : إنه لا یموت میت حتی یشاهده علیه السلام حاضراً عنده وقال شعراً:

یا حار همدان من یمت یرنی - من مؤمن أو منافق قُبلا

یعرفنی طرفه وأعرفه - بعینه واسمه وما فعلا

أقول للنار وهی توقد للعرض - ذریه لا تقربی الرجلا

ذریه لا تقربیه إنَّ له - حبلا بحبل الوصی متَّصلا

قال المعتزلی: ولیس هذا بمستنکر إن صح أنه علیه السلام قاله عن نفسه ففی الکتاب العزیز ما یدل علی أنَّ أهل الکتاب لا یموت منهم میت حتی یصدِّق بعیسی بن مریم بقوله تعالی: (وإن من أهل الکتاب الا لیؤمنن به قبل موته ویوم القیامة یکون علیهم شهیداً) ((1)) .

وکان بنو ولیعة فی الیمن قوماً أشرارا فبعث النبی الیهم: لتنتهن أو لابعثن علیکم رجلا عدیل نفسی یقتل مقاتلتکم ویسبی ذراریکم .قال عمر فما تمنیت الامارة الا یومئذ...فأخذ بید علی علیه السلام وقال هو هذا((2)) .

هذه الاحادیث تبین منزلة الامام علی علیه السلام فی القاموس الاسلامی والتراث الدینی .

ص: 312

{ وَمَنْ یَتَوَلَّ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِینَ آمَنُوا فَإنَّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ

الغَالِبُونَ56 } سورة المائدة . جاءت هذه الآیة بعد الآیة السابقة مباشرة لبیان أنَّ ولایة المؤمنین المتمثلة بالائمة الاثنی عشر هی عین ولایة الرسول , ومن التزم بولایة محمد وعلی صلی الله علیه و آله و سلم فهو من حزب الله.

الطبری : حدثنا ابن وکیع ، قال : ثنا المحاربی ، عن عبد الملک ، قال : سألت أبا جعفر ، عن قول الله : إنما ولیکم الله ورسوله ، وذکر نحو حدیث هناد عن عبدة .

حدثنا إسماعیل بن إسرائیل الرملی ، قال : ثنا أیوب بن سوید ، قال : ثنا عتبة بن أبی حکیم فی هذه الآیة : إنما ولیکم الله ورسوله والذین آمنوا قال : علی بن أبی طالب .

حدثنی الحرث ، قال : ثنا عبد العزیز ، قال : ثنا غالب بن عبید الله ، قال :

سمعت مجاهدا یقول فی قوله : إنما ولیکم الله ورسوله . . . الآیة ، قال : نزلت فی علی بن أبی طالب ، تصدق وهو راکع . القول فی تأویل قوله تعالی : ( ومن یتول الله ورسوله والذین آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون )((1)).

الواحدی:وفی أسباب النزول للواحدی (ومن یتول الله ورسوله ): یحب الله ورسوله (والذین آمنوا ) . یعنی علیا (فإنَّ حزب الله) . یعنی شیعة الله

ص: 314

ورسوله وولیه (هم الغالبون ) . یعنی هم الغالبون علی جمیع العباد , فبدأ بنفسه ثم بنیه ثم بولیه وکذلک الآیة الثانیة((1)) .

وقد حذف النواصب هذا الحدیث من الطبعات الجدیدة للکتاب بواسطة الناشرین لیبینوا للعالم أجمع سیرة أجدادهم السابقین فی حذف النصوص المبینة لولایة علی وأهل البیت علیهم السلام لیعیشوا عمرهم فی الکذب والتحریف والتزییف حربا علی النصوص الإلهیة والنبویة , لتنطبق علیهم الایة :

فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِیثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِیَةً یُحَرِّفُونَ الکَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ _سورة المائدة13.

الحسکانی الحنفی: وروی الحافظ الحاکم الحسکانی , قال: حدّثنی الجری , بإسناده المذکور , عن ابن عباس فی قوله تعالی:

وَمَنْ یَتَوَلَّ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِینَ آمَنُوا فَإنَّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الغَالِبُونَ56 . إنّها نزلت فی علی علیه السلام خاصّة((2)) .

وروی هو أیضاً , قال: أخبرنا أبو العباس المحمدی , بإسناده المذکور , عن ابن عباس , قال: أتی عبدالله بن سلام ورهط معه من أهل الکتاب نبی الله صلی الله علیه و آله و سلم عند صلاة الظهر , فقالوا: یا رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم إنّ بیوتنا قاصیة , ولا

ص: 315

نجد مسجداً دون هذا المسجد , وإنّ قومنا لمّا رأونا صدّقنا الله ورسوله وترکنا دینهم أظهروا لنا العداوة وأقسموا أن لا یخالطونا ولا یجالسونا , ولا یکلّمونا , فشقّ ذلک علینا , فبینما هم یشکون إلی رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم إذ نزلت هذه الآیة: (إنَّمَا وَلِیُّکُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِینَ آمَنُوا الَّذِینَ یُقِیمُونَ الصَّلاةَ وَیُؤْتُونَ الزَّکَاةَ وَهُمْ رَاکِعُونَ وَمَنْ یَتَوَلَّ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِینَ آمَنُوا فَإنَّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الغَالِبُونَ) _المائدة 55_56.

فلمّا قرأها علیهم قالوا: رضینا بالله , وبرسوله وبالمؤمنین , فأذَّن بلال بالصلاة , وخرج رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم إلی المسجد والناس یصلّون بین راکع وساجد وقائم وقاعد - وإذا مسکین یسأل فدعاه رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم فقال له: هل أعطاک أحد شیئاً؟ قال: نعم , قال صلی الله علیه و آله و سلم ماذا؟ قال: خاتم من فضّة , قال صلی الله علیه و آله و سلم : من أعطاکه؟ قال: ذلک الرجل القائم , فإذا هو علی بن أبی طالب علیه السلام , قال صلی الله علیه و آله و سلم : علی أیّ حال أعطاکه؟ قال: أعطانیه وهو راکع , فزعموا أنّ رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم کبّر عند ذلک , وقال: یقول الله تعالی: (الآیة) ((1)): وَمَنْ یَتَوَلَّ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِینَ آمَنُوا فَإنَّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الغَالِبُونَ) ((2)).

ص: 316

عن أبی سعید الخدری ، أنّ النبیّ ( صلی الله علیه و آله و سلم ) دعا الناس فی غدیر خم ، أمَرَ بما کان تحت الشجرة من شوک فقمّ ، وذلک یوم الخمیس ، ثمّ دعا الناس إلی علیّ فأخذ بضبعه فرفعها حتّی نظر الناس إلی بیاض إبطه ، ثمّ لم یفترقا حتّی نزلت هذه الآیة : ( الْیَوْمَ أَکْمَلْتُ لَکُمْ دِینَکُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَیْکُمْ نِعْمَتِی وَرَضِیتُ لَکُمُ الإِسْلاَمَ دِینًا ) . فقال رسول الله ( صلی الله علیه و آله و سلم ) : " الله أکبر علی إکمال الدین ، وإتمام النعمة ، ورضا الرب برسالاتی ، والولایة لعلیّ ، ثمّ قال : اللّهمّ والِ من والاه وعاد من عاداه ، وانصر من نصره واخذل من خذله " . فقال حسان بن ثابت : ائذن لی یا رسول الله أن أقول أبیاتاً . قال : " قل ببرکة الله تعالی " ، فقال حسان بن ثابت : یا معشر مشیخة قریش ، اسمعوا شهادة رسول الله ( صلی الله علیه و آله و سلم ) ، ثمّ قال :

ینادیهم یوم الغدیر نبیّهم * بخمّ وأسمع منادیا

بأنی مولاکم نعم ونبیّکم * فقالوا ولم یبدوا هناک التعامیا

إلهک مولانا وأنت ولیّنا * ولا تجدنّ فی الخلق للأمر عاصیا

فقال له : قم یا علیّ ، فإنّنی * رضیتک من بعدی إماماً وهادیا ( 1 )

14 / قوله تعالی : ( إِنَّمَا وَلِیُّکُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِینَ آمَنُواْ الَّذِینَ یُقِیمُونَ

الصَّلَوةَ وَیُؤْتُونَ الزَّکَوةَ وَهُمْ رَاکِعُونَ * وَمَن یَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِینَ آمَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغَالِبُونَ ) [ الآیة : 55 ] .

340 . ابن مردویه ، من طریق محمّد بن السائب الکلبی ، عن أبی صالح ، عن ابن عباس قال : خرج رسول الله ( صلی الله علیه و آله و سلم ) إلی المسجد والناس یصلّون

ص: 317

بین راکع وساجد وقائم وقاعد ، وإذا مسکین یسأل ، فدخل رسول الله ( صلی الله علیه و آله و سلم ) ، فقال : " أعطاک أحد شیئاً ؟ " قال : نعم . قال : " مَن ؟ " قال : ذلک الرجل القائم . قال : " علی أیّ حال أعطاکه ؟ " قال : وهو راکع ، قال : " وذلک علیّ بن أبی طالب " ، قال : فکبّر رسول الله ( صلی الله علیه و آله و سلم ) عند ذلک وهو یقول : ( وَمَن یَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِینَ آمَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغَالِبُونَ ) ((1)) .

ومنها أن إیتاء غیر الخاتم فی الزکاة خیر من إیتاء الخاتم فإن أکثر الفقهاء یقولون لا یجزئ إخراج الخاتم فی الزکاة ((1)) .

لقد کذب علماء السنة والشیعة ابن تیمیة بذکرهم للحدیث النبوی فی کتبهم من خمسین طریقا فکیف یکذب ابن تیمیة بقوله : بإجماع أهل العلم بالنقل .

وکان الانبیاء والاوصیاء یزکون فکیف یقول لا زکاة علی علی علیه السلام .

وکیف لم یلبس المسلمون الخواتم وقد لبسها النبی سلیمان علیه السلام قبلهم مدة طویلة وانتشرت صنعة الخواتم فی البلدان أجمع وذکرت فی القصص المختلفة . مما یبین کذب ابن تیمیة وبساطة معلوماته .

وکان الامام علی علیه السلام لا یملک مالا یعطیه للسائل ویملک خاتما فأعطاه ایاه مما یبین کرمه وطاعته للنصوص القرآنیة والحدیثیة الداعیة الی الزکاة علی الفقراء والمساکین .

{یَا أیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الَّذِینَ اتَّخَذُوا دِینَکُمْ هُزُواً وَلَعِباً مِنَ الَّذِینَ اُوتُوا الکِتَابَ مِنْ قَبْلِکُمْ وَالکُفَّارَ أوْلِیَاءَ وَاتَّقُوا اللّهَ إنْ کُنتُمْ مُؤْمِنِینَ 57 سورة المائدة .

{یَا أیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الَّذِینَ اتَّخَذُوا دِینَکُمْ هُزُواً وَلَعِباً مِنَ الَّذِینَ اُوتُوا الکِتَابَ مِنْ قَبْلِکُمْ } الیهود والنصاری .

ص: 319

{وَالکُفَّارَ أوْلِیَاءَ } مرَّة أخری یحذر الباری تعالی اتخاذ المشرکین المحاربین للاسلام أسیاداً وحلفاءاً مثلما یفعل سلاطین العرب وغیرهم حالیاً

وقال عمر: ( متعتان کانتا علی عهد رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم أنا أنهی عنهما وأضرب علیهما: متعة الحج ، ومتعة النساء ) ((1)) .

بینما لم یحرِّم النبی صلی الله علیه و آله و سلم شیئاً حلَّله الله تعالی بل قال الله عز وجل عنه:

{وَمَا یَنْطِقُ عَنِ الهَوَی , إنْ هُوَ إلا وَحْیٌ یُوحَی , عَلَّمَهُ شَدِیدُ القُوَی} . سورة النجم 3 - 5 .

فتعبد النبی صلی الله علیه و آله و سلم بمنهج الانبیاء السابقین وتعبد عمر بمنهج العاصین لرسل الله تعالی الماضین . وقسم من المسلمین ساروا علی الشریعة متولین لسید الانبیاء محمد صلی الله علیه و آله و سلم ووصیه علی علیه السلام , وقسم اتخذوا المخالفین أولیاءا .

{وَاتَّقُوا اللّهَ إنْ کُنتُمْ مُؤْمِنِینَ57 } .

ص: 320

وجاء فی تفاسیر ( مجمع البیان ) و ( أبو الفتوح الرازی ) و ( الفخر الرازی ) أن اثنین من المشرکین یدعیان ( رفاعة ) و ( سوید ) تظاهرا باعلان الإسلام ثم انضما إلی المنافقین ، وکان لبعض المسلمین علاقة وصداقة مع هذین الشخصین ویظهرون لهما التودد ، فنزلت الآیتان الأخیرتان وأمرت المسلمین بالابتعاد عن الفاسقین العاصین .

ورغم ذلک الامر الالهی تجد الکثیر من المسلمین یتوددون الی الکفار والمنافقین ویقیمون علاقات متینة معهم .

{وَإذَا نَادَیْتُمْ إلَی الصَّلاةِ اتَّخَذُوهَا هُزُواً وَلَعِباً ذَلِکَ بِأنَّهُمْ قَوْمٌ لا یَعْقِلُونَ58 } سورة المائدة .

وفی معنی ذلک قولان:

قال قوم: إنهم کانوا إذا أذن المؤمنون للصلاة تضاحکوا فیما بینهم وتغامزوا علی طریق السخف والجنون تجهیلا لأهلها ، وتنفیرا للناس عنها ، وعن الداعی إلیها .

الثانی _ أنهم کانوا یرون المنادی إلیها بمنزلة اللاعب الهازئ بفعلها جهلا منهم .

وعن الصادق علیه السلام قال : لمّا هبط جبرئیل علیه السلام بالأذان علی النبیّ صلی الله علیه و آله و سلم کان رأسه فی حجر علیّ علیه السلام فأذّن جبرئیل وأقام فلمّا انتبه رسول

ص: 321

اللَّه صلی الله علیه و آله و سلم قال یا علیّ هل سمعت ؟ قال : نعم قال : حفظت ؟ قال :نعم قال : ادع بلالا فعلَّمه فدعا علیّ بلالا فعلَّمه((1)).

{قُلْ یَا أهْلَ الکِتَابِ هَلْ تَنقِمُونَ مِنَّا إلا أنْ آمَنَّا بِاللّهِ وَمَا اُنزِلَ إلَیْنَا وَمَا اُنْزِلَ مِنْ قَبْلُ وَأنَّ أکْثَرَکُمْ فَاسِقُونَ 59 } .

{قُلْ یَا أهْلَ الکِتَابِ هَلْ تَنقِمُونَ مِنَّا } تنکرون علیناً {إلا أنْ آمَنَّا بِاللّهِ وَمَا اُنزِلَ إلَیْنَا } القرآن {وَمَا اُنْزِلَ مِنْ قَبْلُ } التوراة والانجیل .

{وَأنَّ أکْثَرَکُمْ فَاسِقُونَ59 سورة المائدة .

وفسقکم هو الذی یدفعکم للنقمة علی المؤمنین .

{قُلْ هَلْ اُنَبِّئُکُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِکَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللّهُ وَغَضِبَ عَلَیْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ القِرَدَةَ وَالخَنَازِیرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ اُوْلَئِکَ شَرٌّ مَکَاناً وَأضَلُّ عَنْ سَوَاءِ السَّبِیلِ60 سورة المائدة .

{قُلْ } یا محمد صلی الله علیه و آله و سلم { هَلْ اُنَبِّئُکُمْ } أیها الساخرون .

{بِشَرٍّ مِنْ ذَلِکَ } لبیان شر أهل الادیان {مَثُوبَةً } جزاءاً {عِنْدَ اللّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللّهُ وَغَضِبَ عَلَیْهِ لایمانه الفاسد وأعماله الظالمة {وَجَعَلَ مِنْهُمُ القِرَدَةَ}

ص: 322

مسخ أصحاب السبت فجعلهم القردة {وَالخَنَازِیرَ} ومسخ کفار مائدة عیسی خنازیر {وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ } کل ما یعبد من دون الباری عزَّ وجل.

{اُوْلَئِکَ شَرٌّ مَکَاناً } منزلة {وَأضَلُّ عَنْ سَوَاءِ السَّبِیلِ60

} الطریق المستقیم . سورة المائدة .

ثمّ قال: یا سلیمان ما اسمی؟

قلت: أمیر المؤمنین عبدالله بن محمد بن علی بن عبدالله بن العباس.

قال: صدقت.

قال: فأخبرنی کم حدیثاً تروی عن رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم فی فضائل أهل البیت؟ فقلت: یسیراً.

قال:

کم ذلک؟ قلت: عشرة آلاف حدیث , وما زاد.

قال: یا سلیمان , لأحدّثک فی فضائلهم حدیثین یأکلان الأحادیث إن حلفت أن لا ترویهما لأحد من الشیعة.

فقلت: والله لا أخبر بهما أحداً , وحلفت له بنعمته.

فقال: إسمع یا سلیمان , کنت هارباً من مروان , أدور فی البلاد , وأتقرّب إلی الناس بفضائل علی بن أبی طالب علیه السلام , وکانوا یأتوننی ویزوروننی ویطعموننی حتی وردت بلاد الشام وأنا فی خلق کساء ما علیَّ غیره , فسمعت الأذان فی مسجد فدخلت لأصلی وفی نفسی أن أکلّم الناس فی عشاء أتعشی به , فصلّیت وراء الإمام , فلمّا سلَّم إتّکأ علی الحائط وأهل المسجد حضور ما رأیت أحداً یتکلّم توقیراً لإمامهم , وأنا جالس , فإذا صبیان قد دخلا المسجد , فلمّا نظر إلیهما الإمام , قال: مرحباً بکما ومرحباً بمن سمّیتما باسمهما.

فقلت فی نفسی قد أصبت حاجتی , وکان إلی جنبی شاب فقلت له: من یکون هذان الصبیان , ومن الشیخ؟

ص: 324

فقال: هو جدّهما ولیس فی هذه المدینة من یحبّ علیّاً علیه السلام سواه , فلذلک قد سمّاهما حسناً وحسیناً , فملت بوجهی إلی الشیخ وقلت له: هل لک فی حدیث أقرُّ به عینیک؟

فقال: ما أحوجنی إلی ذلک , فإن أقررت عینی أقررتُ عینک.

فقلت: حدّثنی جدّی , عن أبیه , قال: کنّا ذات یوم عند رسول الله , إذ أقبلت فاطمة ÷وهی تبکی , فقال لها النبی صلی الله علیه و آله و سلم :

ما یبکیک یا قرّة عینی؟

قالت: یا أباه الحسن والحسین خرجا البارحة ولم أعلم أین باتا , وإنّ علیاً یمسی علی الدالیة یسقی البستان منذ خمسة أیّام.

فقال رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم : لا تبکی یا فاطمة فإنّ الذی خلقهما ألطف منّی ومنک بهما , ورفع یده إلی السماء وقال صلی الله علیه و آله و سلم :

اللهمّ إن کانا أخذا براً وبحراً فاحفظهما وسلّمهما .

فهبط جبرائیل وقال: یا محمد لا تهتمّ ولا تحزن هما فاضلان فی الدنیا والآخرة , وإنّهما فی حدیقة بنی النجار باتا , وقد وکلّ الله بهما ملکاً یحفظهما.

فقام رسول الله , وجبرائیل عن یمینه , ومعه جماعة من أصحابه حتی أتوا إلی الحدیقة وإذا الحسن معانق للحسین , والملک الموکّل بهما إحدی جناحیه تحتهما , والأخری فوقهما , فانکبّ الرسول صلی الله علیه و آله و سلم یقبّلهما , فانتبها من نومهما , فحمل النبی صلی الله علیه و آله و سلم الحسن , وحمل جبرائیل الحسین , حتی

ص: 325

خرجا من الحدیقة والنبی صلی الله علیه و آله و سلم یقول: لأشرفهما الیوم کما أکرمهما الله تعالی.

فاستقبله أبو بکر , وقال: یا رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم ناولنی أحدهما لأحمله عنک.

فقال النبی صلی الله علیه و آله و سلم : نِعْمَ الحمولة ونعم المطیة وأبوهما خیر منهما , حتی أتی المسجد فقال لبلال: هلمّ إلی الناس , فاجتمعوا , فقام النبی صلی الله علیه و آله و سلم وقال:

یا معاشر المسلمین ألا أدلّکم علی خیر الناس جدّاً وجدّة ؟

قالوا: بلی یا رسول الله , قال صلی الله علیه و آله و سلم : هذان الحسن والحسین جدّهما رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم وجدّتهما خدیجة , ثمّ قال صلی الله علیه و آله و سلم : ألا أدلّکم علی خیر الناس أباً وأمّاً؟ قالوا: بلی یا رسول الله.

قال صلی الله علیه و آله و سلم : هذان الحسن والحسین , أبوهما علیّ بن أبی طالب علیه السلام , وأمّهما فاطمة ابنة محمد , سیّدة نساء العالمین.

ثمّ قال صلی الله علیه و آله و سلم : ألا أدلّکم علی خیر الناس خالا وخالة؟

قالوا: بلی یا رسول الله.

فقال صلی الله علیه و آله و سلم : هذا الحسن والحسین خالهما القاسم ابن رسول الله , وخالتهما زینب بنت رسول األله.

ثمّ قال صلی الله علیه و آله و سلم : ألا أدلّکم علی خیر الناس عمّاً وعمّة؟

قالوا: بلی یا رسول الله.

قال: هذا الحسن والحسین عمّهما جعفر الطیّار , وعمّتهما أمّ هانئ بنت أبی طالب. ثمّ قال صلی الله علیه و آله و سلم : اللهمّ إنّک تعلم أنّ الحسن والحسین فی الجنّة

ص: 326

وجدّهما وجدّتهما فی الجنّة , وأباهما وأمّهما فی الجنّة , وخالهما وخالتهما فی الجنّة , وعمّهما وعمّتهما فی الجنّة , اللهمّ وأنت تعلم أنّ من یحبّهما فی الجنّة , ومن یبغضهما فی النار.

قال المنصور: فلما جئت الشیخ بهذا الحدیث , قال: من أین أنت؟

فقلت: من الکوفة.

قال: عربی أو موالی؟

فقلت: عربی.

قال: وأنت تحدّث بمثل هذا الحدیث وأنت علی مثل هذه الحالة؟ - ورأی کسائی خلقاً - فخلع علیَّ , وحملنی علی بغلته , وقال: قد أقررت عینی لأرشدنّک إلی فتی تقرّ به عینک.

ثمّ أرشدنی إلی باب دار بقربه , فأتیتُ الدار التی وصفها لی , فإذا بشاب صبیح الوجه. فلمّا نظر إلیَّ قال: والله إنّی لأعرف الکسوة والبلغة , أما کساک أبو فلان خلعته , وحملک علی بغلته إلاّ وأنت تحبّ الله ورسوله , فأنزلنی وحدّثته فی فضائل أمیر المؤمنین علی بن أبی طالب علیه السلام , وقلت له: أخبرنی والدی عن جدّی , عن أبیه , قال: کنّا مع رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم ذات یوم , إذ أقبلت فاطمة خوالحسن والحسین علی کتفیها وهی تبکی , فقال رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم : ما یبکیک یا فاطمة؟ قالت: یا رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم نساء قریش عیّرتنی فقلن لی إنّ أباک زوّجک برجل معدم لا مال له ولا نعم , فقال لها رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم : ما أنا بالذی زوّجتک , بل الله عزّ وجل زوّجک من فوق

ص: 327

سماواته وأشهد جبرائیل ومیکائیل واسرافیل , فأوحی الله إلیَّ أن أزوّجک فی أرضه بعلی وأنّ الله اطّلع علی الأرض اطّلاعة فاختار فیها علیاً بعلا فزوّجک إیّاه , فعلی أشجع الناس قلباً , وأعظم الناس حلماً , وأعلم الناس علماً , وأقدم الناس إیماناً , وأمنح الناس کفّاً. یا فاطمة إنّی لآخذ مفاتیح الجنّة بیدی ولواء الحمد أیضاً , فأرفعهما إلی علی , فیکون آدم ومن ولده تحت لوائه یا فاطمة إنّی غداً أقیم علی حوضی علیّاً یسقی من عرف من أمّتی یا فاطمة یکسی أبوک حلیتین من حلل الجنّة , ویکسی علی حلیتین من حلل الجنّة , ولواء الحمد فی یدی , وأمّتی لمحت لوائی فأناوله لعلی إکراماً له من الله عزّ وجل , وینادی مناد: یا محمد نعم الجدّ جدّک إبراهیم , ونعم الأخ أخوک علی , وإذا دعانی ربّ العالمین دعا علیّاً معی , وإذا جیء بی جیء به معی , وإذا شُفِّعت شُفِّع معی وإذا أجبت أجاب معنین وإنّه یوم القیامة عونی علی مفاتیح الجنّة , قومی یا فاطمة فإنّ علیّاً وشیعته الفائزون غداً فی الجنّة.

قال المنصور: فلمّا حدّثت الشاب هذا الحدیث قال لی: ومن أین أنت؟ قلت: من الکوفة.

قال: عربی أو موالی؟

قلت: عربی.

وکسانی عشرین ثوباً , وأعطانی عشرین ألف درهم , وقال: قد أقررت عینی بهذا الحدیث , ولی إلیک حاجة.

ص: 328

فقلت مقضیة إن شاء الله تعالی.

قال: إذا کان غداً فآت مسجد بنی فلان کیما تری أخی الشقی , ثمّ فارقته , وطالت علیَّ لیلتی , فلمّا أصبحت أتیت المسجد الذی وصفه لی , وقمت أصلی معه فی الصفّ الأوّل وإذا أنا برجل شاب , وهو معتم علی رأسه ووجهه , فلمّا ذهب کی یرکع سقطت العمامة عن رأسه , فرأیت رأسه رأس خنزیر , ووجهه وجه خنزیر , فما عقلت ما أقول فی صلاتی حتی سلّم الإمام , فالتفتُّ إلیه , وقلت له: ما هذا الذی أدّی بک؟

فقال لی: لعلّک صاحب أخی بالأمس.

قلت: نعم.

فأخذ بیدی , وأقامنی وهو یبکی , حتی أتینا إلی المنزل فقال: ادخل , فدخلت.

فقال لی: أنظر إلی هذا الدکّان , فنظرت إلی دکّة فقال: کنت مؤدّباً أؤَدِّب الصبیان علی هذه الدکّة , وکنت ألعن علیاً علیه السلام بین کلّ أذان وإقامة ألف مرّة , فخرجت یوماً من المسجد وأتیت الدار فانطرحت علی هذه الدکّة نائماً , فرأیت فی منامی کأنّنی فی الجنّة متّکئاً علی هذا الدکّان , وجماعة جلوس یحدّثوننی فرحین مسرورین بعضهم ببعض , وکان النبی صلی الله علیه و آله و سلم قد أقبل ومعه علی بن أبی طالب علیه السلام , وعن یمینه الحسن , ومعه إبریق , وعن یساره الحسین ومعه کأس , فقال للحسین: إسق أباک علیّاً , فسقاه فشرب , ثمّ قال صلی الله علیه و آله و سلم : اسق الجماعة فسقاهم , ثمّ قال صلی الله علیه و آله و سلم اسق هذا النائم المتکّیء

ص: 329

علی الدکان , فقال: یا جدّاه أتأمرنی أن أسقیه وهو یلعن أبی فی کلّ وقت أذان ألف مرّة , وفی یومنا هذا قد لعنه أربعة آلاف مرّة , فرأیت النبی صلی الله علیه و آله و سلم قد أقبل إلیَّ , وقال لی: ما بالک تلعن أباه , وهو منّی وأنا منه , فعلیک غضب الله , ثمّ ضربنی برجله , وقال: غیَّر الله ما بک من نعمة , فانتبهت ورأسی رأس خنزیر , ووجهی وجه خنزیر.

ثمّ قال المنصور: یا سلیمان بالله هذان الحدیثان عندک؟

فقلت: لا.

فقال: یا سلیمان حبّ علیّ علیه السلام إیمان , وبغضه نفاق.

فقال الأعمش: فقلت: یا أمیر المؤمنین ما تقول فی قاتل الحسین؟

قال المنصور: فی النار , وکذلک من قتل ولده.

فأطرق المنصور ثمّ رفع رأسه , وقال: یا سلیمان الملک عقیم , حدث فی فضائل علیّ ما شئت((1)) .

{ وَإذَا جَاؤُوکُمْ قَالُوا آمَنَّا وَقَدْ دَخَلُوا بِالکُفْرِ وَهُمْ قَدْ خَرَجُوا بِهِ وَاللّهُ أعْلَمُ بِمَا کَانُوا یَکْتُمُونَ61 } سورة المائدة .

نزلت فی عبد الله بن أُبی ((2)) .

ص: 330

{وَإذَا جَاؤُوکُمْ قَالُوا آمَنَّا } زیفاً {وَقَدْ دَخَلُوا } علیکم {بِالکُفْرِ وَهُمْ قَدْ خَرَجُوا بِهِ } بالکفر {وَاللّهُ أعْلَمُ بِمَا کَانُوا یَکْتُمُونَ(61) } من کفرهم ومعاداتهم لکم .

وقال نجاح الطائی : لقد کانت جبهة المنافقین قویة جدا فی زمن النبی صلی الله علیه و آله و سلم وما بعده خاصة بعدما التحق بها الطلقاء والاعراب المنافقون .

وسیطر هؤلاء علی جبهة عریضة فی مکة والمناطق المحیطة بالمدینة وعندهم أموال طائلة وتنظیم قرشی قدیم هدفه الوصول الی الخلافة الاسلامیة عبر الانقلاب والتآمر .

ویمتلک هذا التنظیم علاقة متینة وسریة مع احبار الیهود تجذرت بمعاداتهما للنبی ورسالته وهی قائمة الی یومنا هذا .

فالماسونیة والصهیونیة تعتمد علی الخوارج والنواصب السلفیین وتولد للعالم هذه الولادات اللقیطة : السلفیة و القاعدة وداعش والنصرة وجیش الصحابة وطالبان و ...

وسورة المنافقون والایات الکثیرة عن المنافقین تشمل قادة المنافقین من رجال السقیفة وهم قادة قریش المتآمرون علی محمد وأهل بیته ورسالته الاسلامیة .

ص: 331

لکن رجال السقیفة والامویین حرفوها کلها الی ابن أبی !!! مثلما حرفوا باقی الاحداث والوقائع .

{وَتَرَی کَثِیراً مِنْهُمْ یُسَارِعُونَ فِی الإثْمِ وَالعُدْوَانِ وَأکْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا کَانُوا یَعْمَلُونَ62 } سورة المائدة .

وصف الله تعالی المنافقین الذین تقدم وصفهم لنبیه صلی الله علیه و آله و سلم بأنه " تری کثیرا منهم یسارعون " أی یبادرون فی الاثم والعدوان .

قال السدی: الاثم الکفر ، وقال غیره وهو یقع علی کل معصیة وهو الأولی . والفرق بین الاثم والعدوان أن الاثم الجرم کائنا ما کان ، والعدوان الظلم ، فهم یسارعون فی ظلم الناس وفی الجرم الذی یعود علیهم بالوبال والخسران . وقیل _ العدوان من عدوهم علی الناس بما لا یحل .

وقیل _ لمجاوزتهم حدود الله وتعدیتهم إیاها .

}َتَرَی کَثِیراً مِنْهُمْ یُسَارِعُونَ فِی الإثْمِ وَالعُدْوَانِ وَأکْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا کَانُوا یَعْمَلُونَ62 }

{وَتَرَی کَثِیراً مِنْهُمْ }المنافقون {یُسَارِعُونَ فِی الإثْمِ } الکفر والظلم {وَالعُدْوَانِ } تعدی حدود الله بالحروب والفتن وغیرها .

{وَأکْلِهِمُ السُّحْتَ } المال الحرام {لَبِئْسَ مَا کَانُوا یَعْمَلُونَ(62) } .

{لَوْلا یَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِیُّونَ وَالأحْبَارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الإثْمَ وَأکْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا کَانُوا یَصْنَعُونَ 63 }سورة المائدة .

ص: 332

عن أبی عبد الله علیه السلام ، قال: « السحت ثمن المیتة ، وثمن الکلب ، وثمن الخمر ، ومهر البغی ، والرشوة فی الحکم ، وأجر الکاهن » ((1)) .

{ لَوْلا یَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِیُّونَ } هلا ینهاهم علماؤهم { وَالأحْبَارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الإثْمَ } کالکذب والشرک بالله العظیم.

{وَأکْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا کَانُوا یَصْنَعُونَ63 } .

{وَقَالَتِ الیَهُودُ یَدُ اللّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أیْدِیهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ یَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ یُنفِقُ کَیْفَ یَشَاءُ وَلَیَزِیدَنَّ کَثِیراً مِنْهُمْ مَا اُنزِلَ إلَیْکَ مِنْ رَبِّکَ طُغْیَاناً وَکُفْراً وَألْقَیْنَا بَیْنَهُمُ العَدَاوَةَ وَالبَغْضَاءَ إلَی یَوْمِ القِیَامَةِ کُلَّمَا أوْقَدُوا نَاراً لِلْحَرْبِ أطْفَأهَا اللّهُ وَیَسْعَوْنَ فِی الأرْضِ فَسَاداً وَاللّهُ لا یُحِبُّ المُفْسِدِینَ 64 سورة المائدة .

{وَقَالَتِ الیَهُودُ یَدُ اللّهِ مَغْلُولَةٌ } بخیلة والعیاذ بالله وهذا نابع من موقفهم المعارض للدین فقد شوهوا سمعة أنبیائهم بشتی الصور وقتلوهم ولم یبق عندهم الا الله تعالی فهجموا علیه متهمین ایاه بالبخل .

وکیف یجیبوا عن هذه النعم التی لا تعد ولا تحصی فی الارض وهی أکثر مما تحتاجه البشریة . وهو یقول : { إنَّ هَذَا لَرِزْقُنَا مَا لَهُ مِنْ نَفَاد54} _سورة ص .

ص: 333

{غُلَّتْ أیْدِیهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا } اخبار عن ذل الیهود فی آخر الزمان واضطرابهم {بَلْ یَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ } کریمتان دلالة علی الجود {یُنفِقُ کَیْفَ یَشَاءُ } بغیر حساب .

{وَلَیَزِیدَنَّ کَثِیراً مِنْهُمْ مَا اُنزِلَ إلَیْکَ مِنْ رَبِّکَ طُغْیَاناً وَکُفْراً } یزداد حقد الیهود وحسدهم للنبی صلی الله علیه و آله و سلم مع ازدیاد الآیات القرآنیة النازلة علیه : { فَأغْرَیْنَا بَیْنَهُمُ العَدَاوَةَ وَالبَغْضَاءَ إلَی یَوْمِ القِیَامَةِ وَسَوْفَ یُنَبِّئُهُمُ اللّهُ بِمَا کَانُوا یَصْنَعُونَ14 _المائدة } .

{کُلَّمَا أوْقَدُوا نَاراً لِلْحَرْبِ أطْفَأهَا اللّهُ } .

معظم حروب الدنیا هیجها الیهود فهم أهل الربا والکذب و المکر والکید والحروب. الیهود مسعِّروا الحروب والفتن فی الدنیا .

{وَیَسْعَوْنَ فِی الأرْضِ فَسَاداً } بتحریف الادیان السماویة , وظلم عباد الله تعالی {وَاللّهُ لا یُحِبُّ المُفْسِدِینَ64 }.

عن حماد عنه فی قول الله: " ید الله مغلولة " یعنون انه قد فرغ مما هو کائن لعنوا بما قالوا ، قال الله عز وجل " بل یداه مبسوطتان "((1)).

علی بن إبراهیم ، قال: کلما أراد جبار من الجبابرة هلاک آل محمد ( علیهم السلام ) قصمه الله.

ص: 334

العیاشی: عن جابر ، عن أبی جعفر علیه السلام ، فی قوله: ( کُلَّما أَوْقَدُوا ناراً لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّه ) : « کلما أراد جبار من الجبابرة هلکة آل محمد ( علیهم السلام ) قصمه الله » ((1)) .

وقال نجاح الطائی : وصف الیهود لله تعالی بالبخل یبین حالهم الدینی الفاسق وفجورهم وطغیانهم .

وألقی تعالی العداوة والبغضاء بین الیهود فتراهم متفرقین متناحرین لکن القوی الکبری جعلت لهم وطنا صهیونیا للاستفادة منهم کقاعدة متقدمة لتدمیر المسلمین .

وتراهم ینفخون فی الحروب لتخریب بلدان العالم ویدمرون حضارتها ویهشمون أسسها ولتکثر الایتام والثکالی والجرحی وتضعف الامم فیسهل سیطرة الیهود علیهم !!!

وینشر الیهود الزنا والقمار والربا والخیانة والمواد المخدرة والسرقة واللهو لاضعاف الشعوب وافنائها فیتربع أحبار الیهود علیها .

ص: 335

{وَلَوْ أنَّ أهْلَ الکِتَابِ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَکَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَیِّئَاتِهِمْ وَلأدْخَلْنَاهُمْ جَنَّاتِ النَّعِیمِ65 } سورة المائدة .

آمنوا بالله تعالی وبالنبی محمد صلی الله علیه و آله و سلم وامتنعوا عن الذنوب لغفر الله تعالی ذنوبهم وادخلهم جنات النعیم .

{وَلَوْ أنَّهُمْ أقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالإنجِیلَ وَمَا اُنزِلَ إلَیْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لأکَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أرْجُلِهِمْ مِنْهُمْ اُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ وَکَثِیرٌ مِنْهُمْ سَاءَ مَا یَعْمَلُونَ66 سورة المائدة .

{ وَلَوْ أنَّهُمْ أقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالإنجِیلَ } تطبیقاً عملیاً {وَمَا اُنزِلَ إلَیْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ } : عن الامام الباقر علیه السلام : ولایة أهل البیت ((1)) .

ص: 336

{لأکَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أرْجُلِهِمْ } کنایة عن الخیر الکثیر {مِنْهُمْ } من أهل الکتاب .

{اُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ } مؤمنة معتدلة آمنت بالرسول .

{وَکَثِیرٌ مِنْهُمْ سَاءَ مَا یَعْمَلُونَ66 } اکثر الیهود والنصاری یعملون الاعمال القبیحة السیئة التی تثیر غضب الرحمن علیهم .

{ یَا أیُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا اُنزِلَ إلَیْکَ مِنْ رَبِّکَ وَإنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ یَعْصِمُکَ مِنَ النَّاسِ إنَّ اللّهَ لا یَهْدِی القَوْمَ الکَافِرِینَ67 } سورة المائدة .

الآیة تبین أمراً خطیراً یجب تبلیغه للمسلمین یتمثل بخلافة النبی صلی الله علیه و آله و سلم .

قال الرازی: فی سبب نزول هذه الآیة وجوهاً منها: أنها نزلت فی فضل علی بن أبی طالب علیه السلام , ولما نزلت هذه الایة أخذ النبی صلی الله علیه و آله و سلم بید علی علیه السلام وقال:

من کنت مولاه فهذا علی مولاه اللهم وال من والاه وعادی من عاداه .فلقیه عمر فقال: هنیئاً لک یا ابن أبی طالب أصبحت مولای ومولی کل مؤمن ومؤمنة وهو قول عبد الله بن عباس والبراء بن عازب ومحمد بن علی بن الحسین علیهما السلام ((1)) .

ص: 337

ص: 338

وعن جابر بن عبدالله وعبدالله بن العباس الصحابیین قالا: أمر الله محمداً أن ینصب علیاً للناس ویخبرهم بولایته , فتخوف رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم أن یقولوا حابی ابن عمه , وأن یطعنوا فی ذلک علیه , فأوحی الله إلیه: {یا أیها الرسول بلغ ما أنزل إلیک من ربک} ((1)) .

فقال رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم بولایته یوم غدیر خم.

وقالت فاطمة بنت محمد صلی الله علیه و آله و سلم : وهل ترک أبی یوم غدیر خمٍّ لأحد

عذراً ((2)) .

وروی السیوطی فی الدر المنثور: لما نصب رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم علیاً یوم غدیر خم ونادی له بالولایة هبط جبرئیل علیه بهذه الآیة:

{الیَوْمَ أکْمَلْتُ لَکُمْ دِینَکُمْ وَأتْمَمْتُ عَلَیْکُمْ نِعْمَتِی وَرَضِیتُ لَکُمُ الإسْلامَ دِیناً } ((3)) .

راجع حدیث الغدیر للطبری المفسر والمؤرخ الشهیر , وحدیث الغدیر للحافظ الدارقطنی , ومحمد بن أحمد بن عثمان الذهبی الکردی , وعبیدالله

ص: 340

الحسکانی , ومسعود السجستانی وکتاب الغدیر للأمینی , وحدیث الغدیر فی کتاب عبقات الأنوار لسید میر حامد حسین النقوی الهندی .

وفی تفسیر الثعلبی قال الامام جعفر بن محمد علیه السلام فی معنی قوله:

(یا أیها الرسول بلغ ما أُنزل إلیک من ربک) .

فی فضل الامام علی علیه السلام , فلما نزلت هذه أخذ النبی صلی الله علیه و آله و سلم بید الامام علی علیه السلام فقال: من کنت مولاه فعلی مولاه.

وعن الکلبی عن أبی صالح عن ابن عباس فی هذه الآیة قال: نزلت فی الامام علی بن أبی طالب علیه السلام إذ أمر الله النبی صلی الله علیه و آله و سلم أن یبلغ فیه فأخذ بید الامام علی علیه السلام فقال: من کنت مولاه فعلی مولاه , اللهم وال من والاه وعاد من عاداه((1)) .

: نزلت هذه الآیة الشریفة یوم الثامن عشر من ذی الحجة سنة حجة الوداع (10 ه- ) . لما بلغ النبی الأعظم صلی الله علیه و آله و سلم غدیر خم , فأتاه جبرئیل بها علی خمس ساعات مضت من النهار فقال: یا محمد إن الله یقرؤک السلام ویقول لک:

{ یَا أیُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا اُنزِلَ إلَیْکَ مِنْ رَبِّکَ }فی الامام علی علیه السلام {وَإنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ یَعْصِمُکَ مِنَ النَّاسِ إنَّ اللّهَ لا یَهْدِی القَوْمَ الکَافِرِینَ67 }

ص: 341

وکان أوائل القوم وهم مائة ألف أو یزیدون قریباً من الجحفة فأمر أن یرد من تقدم منهم , ویحبس من تأخر عنهم فی ذلک المکان , وأن یقیم علیاً علیه السلام علماً للناس , ویبلغهم ما أنزل الله فیه , وأخبره بأن الله عزَّ وجلَّ قد عصمه من الناس.

وما ذکرناه من المتسالم علیه عند أصحابنا الإمامیة , غیر إنا نحتج فی المقام بأحادیث أهل السنة فی ذلک.

وقد ذکر الأمینی ثلاثین مؤلفاً من السنیین رووا أن الآیة نزلت فی ولایة الامام علی علیه السلام نذکر عدداً منهم باختصار:

1 - الحافظ أبو جعفر محمد بن جریر الطبری المتوفَّی سنة 310 هجریة , أخرج بإسناده فی کتاب (الولایة) . فی طرق حدیث الغدیر , عن زید بن أرقم قال:

لما نزل النبی صلی الله علیه و آله و سلم بغدیر خم فی رجوعه من حجة الوداع , وکان فی وقت ضحی وحر شدید , أمر بالدوحات فأُقیمت , ونادی الصلاة جامعة فاجتمعنا فخطب خطبة بالغة ثم قال: إن الله تعالی أنزل إلی:

{ یَا أیُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا اُنزِلَ إلَیْکَ مِنْ رَبِّکَ وَإنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ یَعْصِمُکَ مِنَ النَّاسِ إنَّ اللّهَ لا یَهْدِی القَوْمَ الکَافِرِینَ67 }_سورة المائدة.

2 - الحافظ ابن أبی حاتم أبو محمد الحنظلی الرازی المتوفَّی 327 ه- .

3 - الحافظ أبو عبدالله المحاملی المتوفَّی 330 ه- , أخرج فی أمالیه بإسناده عن ابن عباس...

ص: 342

4 - الحافظ أبو بکر الفارسی الشیرازی المتوفَّی 407 ه- , روی فی کتابه ما نزل من القرآن فی أمیر المؤمنین , بالإسناد عن ابن عباس...

5 - الحافظ ابن مردویه المولود 323 ه- والمتوفَّی 416 ه- , أخرج بإسناده عن أبی سعید الخدری أنها نزلت یوم غدیر خم فی الامام علی بن أبی طالب علیه السلام وبإسناد آخر عن ابن مسعود أنه قال: کنا نقرأ علی عهد رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم {یا أیها الرسول بلغ ما أنزل إلیک من ربک - أن علیاً مولی المؤمنین -... }

6 - أبو إسحاق الثعلبی النیسابوری المتوفَّی سنة 427 ه- , فی تفسیره الکشف والبیان.

7 - الحافظ أبو نعیم الاصبهانی المتوفَّی سنة 443 ه- , روی فی تألیفه: ما نزل من القرآن فی الامام علی علیه السلام ...

8 - أبو الحسن الواحدی النیسابوری المتوفَّی سنة 468 ه- , روی فی أسباب النزول/150...

9 - الحافظ أبو سعید السجستانی المتوفَّی سنة 477 ه- , فی کتاب الولایة بإسناده من عدة طرق عن ابن عباس...

10 - الحافظ الحاکم الحسکانی أبو القاسم روی فی شواهد التنزیل لقواعد التفصیل والتأویل , بإسناده عن الکلبی عن أبی صالح عن ابن عباس , وجابر...

ص: 343

11 - الحافظ أبو القاسم ابن عساکر الشافعی المتوفَّی سنة 571 ه- , أخرج بإسناده عن أبی سعید الخدری...

12 - أبو الفتح النطنزی أخرج فی الخصائص العلویة , بإسناده عن الإمامین محمد بن علی الباقر وجعفر بن محمد الصادق (علیهما السلام ) .

13 - أبو عبدالله فخر الدین الرازی الشافعی_ المتوفَّی سنة 606 ه- , قال فی تفسیره 3/363: نزلت الآیة فی فضل الامام علی علیه السلام , ولما نزلت هذه الآیة أخذ بیده وقال: من کنت مولاه فعلی مولاه...

14 - أبو سالم النصیبی الشافعی المتوفَّی سنة 652 ه- , فی مطالب السؤول /16...

15 - الحافظ عز الدین الرسعنی الموصلی الحنبلی المولود 589 ه- ...

16 - شیخ الإسلام أبو إسحاق الحموینی المتوفَّی سنة 722 ه- , أخرج فی فرائد السمطین عن مشایخه الثلاثة: السید برهان الدین إبراهیم بن عمر الحسینی المدنی , والشیخ الإمام مجد الدین عبدالله بن محمود الموصلی , وبدر الدین محمد بن محمد بن أسعد البخاری بإسنادهم عن أبی هریرة: إن الآیة نزلت فی الامام علی علیه السلام .

17 - السید علی

الهمدانی المتوفَّی سنة 786 ه- , قال فی مودة القربی: عن البراء بن عازب (رضی الله عنه) . قال: أقبلت مع رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم فی حجة الوداع , فلما کان بغدیر خم نودی الصلاة جامعة , فجلس رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم

ص: 344

تحت شجرة وأخذ بید الامام علی علیه السلام , وقال: ألست أولی بالمؤمنین من انفسهم؟

قالوا: بلی: یا رسول الله.

فقال: ألا من کنتُ مولاه فعلی مولاه. اللهم وال من والاه , وعاد من عاداه.

فلقیه عمر فقال: هنیئاً لک یا علی بن أبی طالب علیه السلام , أصبحت مولای ومولی کل مؤمن ومؤمنة. وفیه نزلت: یا أیها الرسول بلغ ما أنزل إلیک من ربک.

18 - بدر الدین بن العینی الحنفی المولود 762 ه- والمتوفَّی سنة 855 ه- ذکره فی عمدة القاری فی شرح صحیح البخاری 8/584 فی قوله تعالی: (یا أیها الرسول بلغ ما أنزل) . عن الحافظ الواحدی...((1)) .

وعن ابن عباس وجابر بن عبدالله قالا: أمر الله تعالی نبیه محمداً صلی الله علیه و آله و سلم أن ینصب علیاً علیه السلام علماً للناس , ویخبرهم بولایته , فتخوف رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم أن یقولوا حابی ابن عمه , وأن یطعنوا فی ذلک علیه , فأوحی الله الیه:

{ یَا أیُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا اُنزِلَ إلَیْکَ مِنْ رَبِّکَ وَإنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ یَعْصِمُکَ مِنَ النَّاسِ إنَّ اللّهَ لا یَهْدِی القَوْمَ الکَافِرِینَ67 }_سورة

المائدة ((2)) .

ص: 345

وعن أبی جعفر علیه السلام قال: سمعت أبا جعفر علیه السلام یقول: فرض الله عزَّوجلَّ علی العباد خمساً , أخذوا أربعاً وترکوا واحدة , قلت: أتسمیهن لی جعلت فداک؟

فقال: الصلاة وکان الناس لا یدرون کیف یصلون , فنزل جبرئیل علیه السلام فقال: یا محمد أخبرهم بمواقیت صلاتهم.

ثم نزلت الزکاة فقال: یا محمد أخبرهم من زکاتهم ما أخبرتهم من صلاتهم.

ثم نزل الصوم , فکان رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم إذا کان یوم عاشورا بعث إلی ما حوله من القری فصاموا ذلک الیوم , فنزل شهر رمضان بین شعبان وشوال.

ثم نزل الحج فنزل جبرئیل علیه السلام فقال: أخبرهم من حجهم ما أخبرتهم من صلاتهم وزکاتهم وصومهم.

ثم نزلت الولایة... وکان کمال الدین بولایة الامام علی بن أبی طالب علیه السلام فقال عند ذلک رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم :

ص: 346

أمتی حدیثو عهد بالجاهلیة , ومتی أخبرتهم بهذا یقول قائل ویقول قائل , فقلت فی نفسی من غیر أن ینطق به لسانی , فأتتنی عزیمة من الله عزَّ وجلَّ بتلة((1)) . أوعدنی إن لم أبلغ أن یعذبنی , فنزلت:

{ یَا أیُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا اُنزِلَ إلَیْکَ مِنْ رَبِّکَ وَإنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ یَعْصِمُکَ مِنَ النَّاسِ إنَّ اللّهَ لا یَهْدِی القَوْمَ

الکَافِرِینَ67 }_سورة المائدة

فأخذ رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم بید الامام علی علیه السلام فقال: أیها الناس إنه لم یکن نبی من الأنبیاء ممن کان قبلی إلاّ وقد عمَّره الله ثم دعاه فأجابه , فأوشک أن أدعی فأجیب , وأنا مسؤول وأنتم مسؤولون , فماذا أنتم قائلون ؟

فقالوا: نشهد إنّک قد بلغت ونصحت وأدیت ما علیک , فجزاک الله أفضل جزاء المرسلین .

فقال الرسول: اللهم اشهد , ثلاث مرات.

ثم قال: یا معشر المسلمین هذا ولیکم من بعدی , فلیبلغ الشاهد منکم الغائب((2)) .

ص: 347

وقال جعفر بن محمد علیه السلام . أنه قال لمن حضره من موالیه وشیعته: أتعرفون یوماً شَّید الله به الإسلام , وأظهر به منار الدین , وجعله عیداً لنا ولموالینا وشیعتنا؟

فقالوا: الله ورسوله أعلم , أیوم الفطر هو یا سیدنا؟

قال علیه السلام : لا.

قالوا: أفیوم الأضحی هو؟

قال: لا , وهذان یومان جلیلان شریفان , ویوم منار الدین أشرف منهما وهو الیوم الثامن عشر من ذی الحجة.

وإن رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم لما انصرف من حجة الوداع , وصار بغدیر خم , أمر الله عزَّ وجلَّ جبرئیل علیه السلام أن یهبط علی النبی وقت قیام الظهر من ذلک الیوم وأمره أن یقوم بولایة أمیر المؤمنین علیه السلام وأن ینصبه علماً للناس بعده , وأن یستخلفه فی أمته , فهبط إلیه وقال له: حبیبی محمد إن الله یقرؤک السلام ویقول لک: قم فی هذا الیوم بولایة الامام علی علیه السلام لیکون علماً لأُمتک بعدک یرجعون إلیه , ویکون لهم کأنت.

فقال النبی صلی الله علیه و آله و سلم : حبیبی جبرئیل إنی أخاف تغیّر أصحابی لما قد وترهم , وان یبدوا ما یضمرون فیه ,

فعرج وما لبث أن هبط بأمر الله فقال له:

(یا أیها الرسول بلغ ما أنزل إلیک من ربک وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله یعصمک من الناس) .

ص: 348

فقام رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم ذَعِراً مرعوباً خائفاً من شدة الرمضاء وقدماه تشویان وأمر بأن ینظف الموضع ویقمَّ ما تحت الدوح من الشوک وغیره ففعل ذلک , ثم نادی بالصلاة جامعة فاجتمع المسلمون , وفیمن اجتمع أبو بکر وعمر وعثمان وسائر المهاجرین والأنصار , ثم قام خطیباً , وذکر الولایة فألزمها للناس جمیعاً , فأعلمهم أمر الله بذلک((1)) .

وقال رجل للإمام محمد بن الامام علی بن الحسین علیه السلام یابن رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم إن الحسن البصری حدثنا أن رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم قال: إن الله أرسلنی برسالة فضاق بها صدری , وخشیت أن یکذبنی الناس , فتواعدنی إن لم أبلغها أن یعذبنی.

قال له الامام أبو جعفر علیه السلام : فهل حدثکم بالرسالة؟

قال: لا.

قال علیه السلام : أما والله إنه لیعلم ما هی , ولکنه کتمها متعمداً .

قال الرجل: یابن رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم جعلنی الله فداک وما هی؟

فقال علیه السلام إن الله تبارک وتعالی أمر المؤمنین بالصلاة فی کتابه , فلم یدروا ما الصلاة ولا کیف یصلون , فأمر الله عزَّ وجلَّ محمداً نبیه صلی الله علیه و آله و سلم أن یبین لهم کیف یصلون. فأخبرهم بکل ما افترض الله علیهم من الصلاة مفسراً.

ص: 349

وأمر بالزکاة , فلم یدروا ما هی , ففسرها رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم وأعلمهم بما یؤخذ من الذهب والفضة والإبل والبقر والغنم والزرع , ولم یدع شیئاً مما فرض الله من الزکاة إلاّ فسره لأمته , وبیّنه لهم.

وفرض علیهم الصوم , فلم یدروا ما الصوم ولا کیف یصومون , ففسره لهم رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم وبیّن لهم ما یتَّقون فی الصوم , وکیف یصومون.

وأمر بالحج فأمر الله نبیه صلی الله علیه و آله و سلم ان یفسر لهم کیف یحجُّون , حتی أوضح لهم ذلک فی سنته.

وروی الحافظ الحاکم الحسکانی , قال: أخبرنا أبو عبدالله الدینوری , بإسناده المذکور , عن أبی إسحاق الحمیدی , قال:

نزلت هذه الآیة فی علیّ بن أبی طالب علیه السلام ((1)) .

وأخرج ابن قتیبة فی الإمامة والسیاسة , قال: وذکروا أنّ رجلا من همدان یقال له برد , قدم علی معاویة فسمع عمرواً یقع فی علی علیه السلام , فقال له: یا عمرو إنّ أشیاخنا سمعوا رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم یقول: من کنت مولاه فعلی مولاه ((2)) , فحقّ ذلک أم باطل؟

ص: 350

فقال عمرو: حقّ , وأنا أزیدک أنّه لیس لأحد من صحابة رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم مناقب مثل مناقب علی ففزع الفتی الخ((1)) .

وروی العلاّمة النیسابوری نظام الدین أبو بکر محمد بن الحسن الشافعی فی تفسیره , قال: عن أبی سعید الخدری: إنّ هذه الآیة نزلت فی فضل علیّ بن أبی طالب علیه السلام کرّم الله وجهه یوم غدیر خم , . فأخذ رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم بیده وقال: من کنت مولاه فهذا علی مولاه , اللهمّ وال من والاه , وعاد من

ص: 351

فقال عمرو: حقّ , وأنا أزیدک أنّه لیس لأحد من صحابة رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم مناقب مثل مناقب علی ففزع الفتی الخ((1)) .

وروی العلاّمة النیسابوری نظام الدین أبو بکر محمد بن الحسن الشافعی فی تفسیره , قال: عن أبی سعید الخدری: إنّ هذه الآیة نزلت فی فضل علیّ بن أبی طالب علیه السلام کرّم الله وجهه یوم غدیر خم , . فأخذ رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم بیده وقال: من کنت مولاه فهذا علی مولاه , اللهمّ وال من والاه , وعاد من

ص: 352

عاداه , فلقیه عمر وقال: هنیئاً لک یا ابن أبی طالب أصبحت مولای , ومولی کلّ مؤمن ومؤمنة((1)) .

أقول الروایات فی نزول هذه الآیة فی قصّة الغدیر , وفی قصّة الغدیر نفسها کثیرة جدّاً , زادت علی أعالی مراتب التواتر - کما لا یخفی ذلک علی المتتبّع - وکتب التفسیر , والحدیث , والتاریخ , مشحونة وملیئة بذلک ویکفیک أنّ العلاّمة الأمینی: فی کتابه الغدیر ذکر رواة الغدیر فکانوا من الصحابة فقط مائة وعشرة , من أصحاب رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم ونادراً ما یصلنا شیء عن رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم بروایة مائة وعشرة من أصحابه.

وأخرج الخوارزمی الحنفی فی مقتل الحسین علیه السلام , عن أبی هارون العبدی , عن أبی سعید الخدری , أنّ حسّان بن ثابت أنشد عند ذلک هذه الأبیات:

ینادیهم یوم الغدیر نبیّهم***بخم وأسمع بالرسول منادیا

یقول فمن مولاکم ونبیّکم***فقالوا ولم یبدو هناک التعامیا

إلهک مولانا وأنت ولیّنا***ولم تر منَّا فی الولایة عاصیا

فقال له قم یا علی فإنّنی***رضیتک من بعدی إماماً وهادیا

ص: 353

وأخرج حدیث الغدیر ونزول هذه الآیة الکریمة فی شأن أمیر المؤمنین عزّ الدین أبو الحسن علی بن محمد بن عبدالکریم الشیبانی الجزری الشافعی المعروف بابن الأثیر((1)) .

وأخرجه أیضاً المحبّ الطبری الشافعی((2)) .

وأخرجه أیضاً إمام الحنابلة أحمد بن حنبل((3)) .

وأخرجه کذلک الحافظ البلخی محمد بن یوسف الشافعی فی مناقبه((4)) .

وأخرجه أیضاً فقیه المالکیة ابن الصبّاغ((5)) .

وأخرجه أیضاً فقیه الشافعیة جلال الدین السیوطی((6)) .

وأخرج الإمام محمد بن أحمد بن عثمان الذهبی الکردی عن

النبی صلی الله علیه و آله و سلم قوله من کنت مولاه فعلی مولاه ((7)) .

ص: 354

وأخرج تفسیر هذه الآیة الکریمة فی قصّة الغدیر محمد بن علی بن شاذان فی مناقبه المائة من طرق العامة أیضاً((1)) .

وأخرج نقل هذه الجمل عن النبی صلی الله علیه و آله و سلم فی حدیث المناشدة , عن زید بن یثیع , عن علی علیه السلام جمع آخر من المحدّثین والفطاحل:

منهم: علاّمة الشافعیة ابن حجر العسقلانی فی تهذیب تهذیب

الکمال((2)) .

ومنهم: العلاّمة محمد بن أحمد بن عثمان الذهبی الکردی فی میزان الاعتدال((3)) .

ومنهم: أحمد بن شعیب النسائی فی خصائصه((4)) .

ومنهم: ابن أبی حاتم فی الجرح والتعدیل وفیه: زید بن نفیع((5)) .

وأخرج الحافظ أبو القاسم سلیمان الطبرانی فی معجمه الصغیر بإسناده عن ابن طاووس , عن أبیه , قال - فی حدیث - : قال رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم :

من کنت مولاه فإنّ علیّاً مولاه ((6)) .

ص: 355

وهکذا نقله بنصّه وبنفس السند الحافظ أبو نعیم الأصبهانی فی أخبار أصفهان((1)) .

{قُلْ یَا أهْلَ الکِتَابِ لَسْتُمْ عَلَی شَیْء حَتَّی تُقِیمُوا التَّوْرَاةَ وَالإنجِیلَ وَمَا اُنزِلَ إلَیْکُمْ مِنْ رَبِّکُمْ وَلَیَزِیدَنَّ کَثِیراً مِنْهُمْ مَا اُنزِلَ إلَیْکَ مِنْ رَبِّکَ طُغْیَاناً وَکُفْراً فَلا تَأسَ عَلَی القَوْمِ الکَافِرِینَ 68 } سورة المائدة .

{قُلْ یَا أهْلَ الکِتَابِ لَسْتُمْ عَلَی شَیْء } من الدین {حَتَّی تُقِیمُوا التَّوْرَاةَ وَالإنجِیلَ}تتبعوهما وتطیعوهما .

{ وَمَا اُنزِلَ إلَیْکُمْ مِنْ رَبِّکُمْ } ولایة أمیر المؤمنین((2)) .

وقال الطوسی: وقوله " وما أنزل إلیکم من ربکم " یحتمل أمرین: أحدهما _ أن یرید به القرآن الذی أنزله علی جمیع الخلق .

الثانی _ أن یرید جمیع ما نصبه الله من الأدلة الدالة علی توحیده وصفاته وصدق نبیه صلی الله علیه و آله و سلم .

ص: 356

وقال نجاح الطائی : الواجب أن تحفظوا وتنقلوا ما جاء فی توراتکم فی شأن النبی محمد والامام علی علیه السلام . وفعلا نقله المؤمنون منهم سلمان الفارسی الذی کان نصرانیاً ثم اسلم .

{ وَلَیَزِیدَنَّ کَثِیراً مِنْهُمْ مَا اُنزِلَ إلَیْکَ مِنْ رَبِّکَ طُغْیَاناً وَکُفْراً فَلا تَأسَ } تحزن {عَلَی القَوْمِ الکَافِرِینَ68 } .

جاء فی الروایة: قال تعالی: أن یا یونس تول أمیر المؤمنین علیاً و الأئمة الراشدین من صلبه _ فی کلام له _ قال ( یونس ):

کیف أتولی من لم أره ولم أعرفه , وذهب مغاضبا , فأوحی الله تعالی إلی الحوت أن التقمی یونس ولا توهنی له عظما , فمکث فی بطنی أربعین صباحا یطوف معی البحار فی ظلمات ثلاث ینادی أنه لا إله إلا أنت سبحانک إنی کنت من الظالمین , قد قبلت ولایة علی بن ابی طالب و الأئمة الراشدین من ولده , فلما أن آمن بولایتکم أمرنی ربی فقذفته علی ساحل البحر

. فقال زین العابدین علیه السلام : ارجع أیها الحوت إلی وکرک واستوی الماء ((1)).

ص: 357

ابن حجر والدارقطنی: وقال ابن حجرالمکی: إنه قیل لعمر: إنک تصنع بعلی شیئا ما تفعله ببقیة الصحابة . فقال إنه مولای"

((1)) .

ولمنع التعجب من السائلین لعمر اذن لماذا أخذت الخلافة منه ؟

قال عمر :لا بل الملک عقیم والحق لابن أبی طالب ((2)) .

وقال ابو جعفر المنصور: الملک عقیم ((3)) .

ص: 358

فالملوک یعلمون أن الولایة العظمی والخلافة لامیر المؤمنین والأئمة علیهم السلام لکنهم اغتصبوا الخلافة وحرَّفوا الشریعة وطمسوا تراث آل محمد صلی الله علیه و آله و سلم .

ومنع عمر المتعة کما منع من حی علی خیر العمل حین قال: إن هذه تدعوا الناس إلی ترک الجهاد حیث یزعمون أن الصلاة أفضل من سائر الأعمال , ولکن الداعی الحقیقی غیر هذا , وهو ما روی عن الصادق علیه السلام ان عمر سمع من النبی صلی الله علیه و آله و سلم أن خیر العمل هو ولایة علی بن ابی طالب ((1)) .

فأراد عمر أن یحذفها من أذهان الناس فیعتقد المسلمون أن الخلافة کانت حقا لابی بکر وعمر وعثمان وان الشیعة یطالبون بما هو لیس حقهم .

وفی روایة أبی حمزة قال سمعت أبا جعفر علیه السلام یقول قال رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم التارکون ولایة علیالمنکرون لفضله والمظاهرون أعداءه خارجون عن الاسلام من مات منهم علی ذلک((2)) .

علی

علیه السلام نفس النبی , وإنهما من أهل بیت أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهیرا , وإن ولایة علی مقرونة بولایة الله ورسوله , وقد ثبت أنه

ص: 359

علیه السلام صنو النبی الأعظم فی الفضائل , ونظیره من أمته کما جاء عن النبی صلی الله علیه و آله و سلم ((1)) .

وهو منه صلی الله علیه و آله و سلم بمنزله رأسه من بدنه نصا منه صلی الله علیه و آله و سلم ((2)) .وهما من شجرة واحدة وسایر الناس من شجر شتی کما روی عنه صلی الله علیه و آله و سلم .

البخاری والترمذی والنسائی وابن حنبل: علی علیه السلام هو الذی ثبت فیه قول النبی صلی الله علیه و آله و سلم : أنت منی وأنا منک ((3)) .

ص: 360

{إنَّ الَّذِینَ آمَنُوا وَالَّذِینَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَی مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالیَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلا خَوْفٌ عَلَیْهِمْ وَلا هُمْ یَحْزَنُونَ69 } سورة المائدة .

الذین آمنوا بدین الیهودیة والنصرانیة والصابئة فی زمانهم وکانوا متقین یدخلون الجنة ولا تلفحهم نار جهنم .

ومن عاش بعد البعثة النبویة فلا یُقبل منه دینه بل یسأل عن الاسلام .

{لَقَدْ أخَذْنَا مِیثَاقَ بَنِی إسْرَائِیلَ وَأرْسَلْنَا إلَیْهِمْ رُسُلا کُلَّمَا جَاءَهُمْ رَسُولٌ بِمَا لا تَهْوَی أنفُسُهُمْ فَرِیقاً کَذَّبُوا وَفَرِیقاً یَقْتُلُونَ 70} سورة المائدة .

{لَقَدْ أخَذْنَا مِیثَاقَ بَنِی إسْرَائِیلَ }العهد بالایمان بالله وأنبیائه وأوصیائه {وَأرْسَلْنَا إلَیْهِمْ رُسُلا } لهدایتهم .

{کُلَّمَا جَاءَهُمْ رَسُولٌ بِمَا لا تَهْوَی أنفُسُهُمْ فَرِیقاً کَذَّبُوا وَفَرِیقاً یَقْتُلُونَ70 }: لا یحتاطون فی تکذیب وقتل الانبیاء فهم یریدون جرَّ النبی الی دینهم ولیس العکس .

ولم یطیعوا موسی ولا هارون بل أطاعوا أحبارهم .

وکانت فرقة الیهود المتخصصة فی نشر الاشاعات والاکاذیب تقوم بدورها وفقا لاوامر الاحبار , وبعدما یشوهون سمعة النبی المرسل تکون الارضیة

ص: 361

قد تهیأت لحذفه عندها تقوم فرقة القتل والاغتیال بالفتک به وازاحته عن منافسة الاحبار !!!

وسار علماء النواصب علی هذا المنهج فتری فرقة منهم تختلق القصص الکاذبة والحدیث المزیف والوقائع المختلقة ضدَّ الانبیاء والاوصیاء وخاصة المصطفی صلی الله علیه و آله و سلم .

ثم قامت الفرقة الثانیة بسقیه السم کما قال الامام الصادق علیه السلام :

جاء فی روایة فی البحار باجتماع الأربعة علی سمّه ((1)).

وجاء عن عبد الصمد بن بشیر عن أبی عبد الله (الصادق)( علیه السلام ) قال: «تدرون مات النبی صلی الله علیه و آله و سلم أو قُتِل ان الله یقول: )أفإن مات أو قُتِل انقلبتم علی أعقابکم(((2)). فسمَّ قبل الموت إنَّهما سقتاه»((3)) .

وتشیر هذه الروایة الی ان عائشة وحفصة سقتاه السم وقتلتاه.

وجاء فی روایة: عائشة وحفصة سقتاه (سماً) ((4)).

ص: 362

{وَحَسِبُوا ألا تَکُونَ فِتْنَةٌ فَعَمُوا وَصَمُّوا ثُمَّ تَابَ اللّهُ عَلَیْهِمْ ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا کَثِیرٌ مِنْهُمْ وَاللّهُ بَصِیرٌ بِمَا یَعْمَلُونَ 71 } سورة المائدة .

{وَحَسِبُوا ألا تَکُونَ فِتْنَةٌ } حیث کان النبی بین أظهرهم {فَعَمُوا } عن الحق الالهی{وَصَمُّوا } عن استماعه بقفلهم لاذانهم , حیث قُبض رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم {ثُمَّ تَابَ اللّهُ عَلَیْهِمْ } لتوبة فریق منهم .

وقال العیاشی :قال الامام الصادق علیه السلام : حیث قام أمیر المؤمنین علیه السلام ((1)).

{ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا } الی الساعة((2)) .

{کَثِیرٌ مِنْهُمْ } بعد ذلک {وَاللّهُ بَصِیرٌ بِمَا یَعْمَلُونَ(71) } .فیعاقبهم علیه .

معظم المسلمین مثل الاقوام السابقة فی زمن الانبیاء الماضین یفارقون الحق باستمرار رغم الهدایة المستمرة لهم .

{لَقَدْ کَفَرَ الَّذِینَ قَالُوا إنَّ اللّهَ هُوَ المَسِیحُ ابْنُ مَرْیَمَ وَقَالَ المَسِیحُ یَا بَنِی إسْرَائِیلَ اعْبُدُوا اللّهَ رَبِّی وَرَبَّکُمْ إنَّهُ مَنْ یُشْرِکْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَیْهِ الجَنَّةَ وَمَأوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِینَ مِنْ أنصَار(72) سورة المائدة .

وهم الیعقوبیة القائلون بالاتحاد .

ص: 363

وکیف یؤمنون بعیسی علیه السلام رباً لهم وعیسی یقول: أنا عبد الله ومن یشرک بالله مصیره جهنم .

جاء فی قاموس الکتاب المقدس:

(انَّ التثلیث أمر بیِّن واضح فی الاناجیل .والمسیح بما انه ابن الله فهو إله بکل الکمالات غیر المحدودة التی للجوهری) ((1)) .

{لَقَدْ کَفَرَ الَّذِینَ قَالُوا إنَّ اللّهَ ثَالِثُ ثَلاثَة وَمَا مِنْ إلَه إلا إلَهٌ وَاحِدٌ وَإنْ لَمْ یَنتَهُوا عَمَّا یَقُولُونَ لَیَمَسَّنَّ الَّذِینَ کَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ ألِیمٌ } 73 سورة

المائدة .

{لَقَدْ کَفَرَ الَّذِینَ قَالُوا إنَّ اللّهَ ثَالِثُ ثَلاثَة } بقولهم الله والابن وروح القدس , فهو کفر مثل قولهم بالکفر من الاساس.

{ .وَمَا مِنْ إلَه إلا إلَهٌ وَاحِدٌ وَإنْ لَمْ یَنتَهُوا عَمَّا یَقُولُونَ لَیَمَسَّنَّ الَّذِینَ کَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ ألِیمٌ73 } : لقولهم الکفر وجعلهم شریکا لله تعالی .

وَمَا مِنْ إلَه إلا إلَهٌ وَاحِدٌ : آیة من آیات التوحید وهی کثیرة فی الانجیل والتوراة والقرآن فکیف یعصوها وینادون بالتثلیث .

والله تعالی هو أول من بین التوحید الالهی بشکل واضح وشفاف لا یحتاج الی تبیین وعلی رأس هذا فی آیة الاخلاص :

ص: 364

{ قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ 1* اللّهُ الصَّمَدُ 2* لَمْ یَلِدْ وَلَمْ یُولَدْ 3* وَلَمْ یَکُنْ لَهُ کُفُواً أَحَدٌ4* }.

{أفَلا یَتُوبُونَ إلَی اللّهِ وَیَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللّهُ غَفُورٌ

رَحِیمٌ74 }.سورة المائدة

یصممون علی عدم الاشراک بالله تعالی ویطلبون الاستغفار عن الذنوب القدیمة , قبل أن یحل العذاب بهم .

{مَا المَسِیحُ ابْنُ مَرْیَمَ إلا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَاُمُّهُ صِدِّیقَةٌ کَانَا یَأکُلانِ الطَّعَامَ انظُرْ کَیْفَ نُبَیِّنُ لَهُمُ الآیَاتِ ثُمَّ انظُرْ أنَّی یُؤْفَکُونَ75

} سورة المائدة .

{مَا المَسِیحُ ابْنُ مَرْیَمَ إلا رَسُولٌ } ولیس إله ولا ابن لله تعالی .

{قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ } مثل باقی الرسل {وَاُمُّهُ صِدِّیقَةٌ } آمنت بالرسالات السماویة {کَانَا یَأکُلانِ الطَّعَامَ } ولم یکونا من الالهة .

{انظُرْ کَیْفَ نُبَیِّنُ لَهُمُ الآیَاتِ } الالهیة لمعرفة الرب والانبیاء .

{ثُمَّ انظُرْ أنَّی یُؤْفَکُونَ75 }

معناه کیف یصرفون عن الحق إلی الافک (الکذب) ، وینحرفون عن الصواب وارض مأفوکة صرف عنها المطر .

ومن بالإعجاز فی کتاب القرآن الکریم :

ذکرت کلمة الأیام ٣٦٥ مرة وهو عدد أیام السنة.

ذکر الیوم منفردا ٣٠ مرة وهو عدد أیام الشهر.

ذکر القمر ١٢ مرة وهو عدد الأشهر القمریة.

ذکر الشهر ١٢ مرة وهو عدد أشهر السنة.

ص: 365

ذکر الإیمان ٢٥ مرة والکفر ٢٥ مرة أیضا.

ذکرت الدنیا ١١٥ مرة والآخرة ١١٥ مرة أیضا.

ذکرت الملائکة ٨٨ مرة والشیطان ٨٨ مرة.

ذکر الناس ٥٠ مرة والأنبیاء ٥٠ مرة.

ذکر الرجال ٢٤ مرة والنساء ٢٤ مرة أیضا.

ذکرت الحیاة ١٤٥ مرة والموت ١٤٥ مرة.

ذکرت الحسنات ١٦٧ مرة والسیئات أیضا ١٦٧ مرة

ذکرت السموات ٧ مرات علی عددها.

ذکر العقاب ١١٧ مرة والمغفرة ٢٣٤ مرة

ومعجزات القرآن لا تعد ولا تحصی .

{ قُلْ أتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللّهِ مَا لا یَمْلِکُ لَکُمْ ضَرّاً وَلا نَفْعاً وَاللّهُ هُوَ السَّمِیعُ العَلِیمُ76 } سورة المائدة .

أتعبدون الاصنام وهی لا تملک النفع والضر لکم والله تعالی هو المعطی والمنقذ والمشافی والرزاق وبیده کل شیء .

{قُلْ یَا أهْلَ الکِتَابِ لا تَغْلُوا فِی دِینِکُمْ غَیْرَ الحَقِّ وَلا تَتَّبِعُوا أهْوَاءَ قَوْم قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأضَلُّوا کَثِیراً وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِیلِ سورة المائدة . 77:

وهم النصاری .

ص: 366

ثم قال أمیر المؤمنین علیه السلام : کل من کفر بالله فهو مغضوب علیه ، وضال عن سبیل الله عز وجل . وقال الرضا علیه السلام کذلک ، وزاد فیه ، فقال:

ومن تجاوز بأمیر المؤمنین علیه السلام العبودیة فهو من المغضوب علیهم ومن الضالین ((1)) .

وقال أمیر المؤمنین علیه السلام : " لا تتجاوزوا بنا العبودیة ، ثم قولوا ما شئتم ولن تبلغوا ((2)) .

وإیاکم والغلو کغلو النصاری ، فأنی برئ من الغالین " .

{قُلْ یَا أهْلَ الکِتَابِ لا تَغْلُوا فِی دِینِکُمْ غَیْرَ الحَقِّ } الغلو کفر بعبید الله {وَلا تَتَّبِعُوا أهْوَاءَ قَوْم } انحرافات الزائغین {قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأضَلُّوا کَثِیراً وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِیلِ77 } الصراط المستقیم .

{لُعِنَ الَّذِینَ کَفَرُوا مِنْ بَنِی إسْرَائِیلَ عَلَی لِسَانِ دَاوُدَ وَعِیسَی ابْنِ مَرْیَمَ ذَلِکَ بِمَا عَصَوْا وَکَانُوا یَعْتَدُونَ78 } سورة المائدة.

کانوا یعصون الانبیاء ویظلمون الناس .

ص: 367

عن مسعدة ابن صدقة قال سأل رجل أبا عبد الله علیه السلام عن قوم من الشیعة یدخلون فی اعمال السلطان ویعملون لهم ویحبونهم ویوالونهم ، قال لیس هم من الشیعة ولکنهم من أولئک ثم قرأ أبو عبد الله علیه السلام هذه الآیة :

{ لعن الذین کفروا من بنی إسرائیل علی لسان داود وعیسی بن مریم _ إلی قوله _ ولکن کثیرا منهم فاسقون } ((1)) .

وعن أبی عبد الله علیه السلام قال: " لعن الذین کفروا من بنی إسرائیل علی لسان داود وعیسی بن مریم " قال: الخنازیر علی لسان داود ، والقردة علی لسان عیسی بن مریم ((2)).

وقد حرم العمل من الکافرین الا فی موارد أجاها الائمة المعصومین .

{کَانُوا لا یَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنکَر فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا کَانُوا یَفْعَلُونَ 79} سورة المائدة .

ص: 368

{کَانُوا لا یَتَنَاهَوْنَ } لا ینهی بعضهم الاخر , أی لا یأمرون بالمعروف ولا یتناهون عن المنکر {عَنْ مُنکَر فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا کَانُوا یَفْعَلُونَ79 } قسم مؤکد بتقبیح عملهم .

وفی الآیة دلالة علی وجوب انکار المنکر ، لان کل شئ ذم الله علیه فواجب ترکه إلا أن یقید بوقت یخصه .

وأی منکر أفحش ، وأی معصیة أعظم من تشبیه الله تعالی بخلقه ، ومن تجویره فی حکمه ، ومن سوء الثناء علیه وإضافة الفواحش والقبائح إلیه وکیف لا یکون کذلک وفی القول بالتشبیه والاجبار الانخلاع عن معرفة الله

تعالی ومعرفة جمیع رسله ، إذ کل من شبه الله بشئ من خلقه لم یتهیأ له أن

یثبت الله قدیما وقد أثبت له مثلا محدثا ((1)) .

وقال الصادق ( علیه السلام ) : " إن رجلا من خثعم جاء إلی رسول الله ( صلی الله علیه و آله و سلم ) ، فقال : یا رسول الله أخبرنی ما أفضل الإسلام ؟

قال صلی الله علیه و آله و سلم : الإیمان بالله .

قال : ثم ماذا ؟

قال صلی الله علیه و آله و سلم : صلة الرحم .

قال : ثم ماذا ؟

قال صلی الله علیه و آله و سلم : الأمر بالمعروف والنهی عن المنکر .

قال : فقال الرجل : فأی الأعمال أبغض إلی الله عز وجل ؟

ص: 369

قال صلی الله علیه و آله و سلم : الشرک بالله ، قال : ثم ماذا ؟ قال : قطیعة الرحم ، قال : ثم ماذا ؟ قال : ترک الأمر بالمعروف والنهی عن المنکر ((1)) .

تفسیر الإمام العسکری : قال رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم : لقد أوحی الله فیما مضی قبلکم إلی جبرئیل فأمره أن یخسف ببلد یشتمل علی الکفار والفجار فقال جبرئیل یا رب أخسف بهم إلا بفلان الزاهد ؟ فیعرف ماذا یأمره الله به ؟ فقال الله تعالی : بل اخسف بهم وبفلان قبلهم فسأل ربه ، فقال رب عرفنی لم ذلک وهو زاهد عابد ؟ قال : مکنت له وأقدرته فهولا یأمر بالمعروف ولا ینهی عن المنکر ، وکان یتوفر علی حبهم وفی غضبی لهم ، فقالوا : یا رسول الله فکیف بنا ونحن لا نقدر علی إنکار ما نشاهده من منکر ؟ فقال رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم : لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنکر أو لیعمکم الله بعذاب ثم قال : من رأی منکرا فلینکره بیده إن استطاع ، فإن لم یستطع فبلسانه ، فإن لم یستطع فبقلبه ، فحسبه ان یعلم الله من قلبه إنه لذلک کاره ((2)) .

{ تَرَی کَثِیراً مِنْهُمْ یَتَوَلَّوْنَ الَّذِینَ کَفَرُوا لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أنفُسُهُمْ أنْ سَخِطَ اللّهُ عَلَیْهِمْ وَفِی العَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ80 } سورة المائدة .

ص: 370

{تَرَی کَثِیراً مِنْهُمْ } الیهود {یَتَوَلَّوْنَ الَّذِینَ کَفَرُوا } یناصرون الکافرین وقال الامام أبو جعفر علیه السلام یتولون الملوک الجبارین ، ویزینون لهم أهواءهم لیصیبوا من دنیاهم .

{لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أنفُسُهُمْ } .

تقبیح عملهم {أنْ سَخِطَ اللّهُ عَلَیْهِمْ وَفِی العَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ

80 }

{وَلَوْ کَانُوا یُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالنَّبِیِّ وَمَا اُنزِلَ إلَیْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أوْلِیَاءَ وَلَکِنَّ کَثِیراً مِنْهُمْ فَاسِقُونَ 81 }

وَلَوْ کَانُوا یُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالنَّبِیِّ وَمَا اُنزِلَ إلَیْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ } الکافرین ودیدن الیهود قدیماً وحدیثاً اتخاذهم حلفاءاً لهم لمحاربة المؤمنین {أوْلِیَاءَ وَلَکِنَّ کَثِیراً مِنْهُمْ } الیهود {فَاسِقُونَ(81) } سورة المائدة .

ولو کانوا یؤمنون بالله والنبی وما انزل إلیه ما اتخذوهم اولیاء . لا تتولوا قوما غضب الله علیهم ولو لا الإجماع علی أن البغض فی الله والحب فی الله واجب لما تعرضنا لمعاداة احد فی الدین .

{لَتَجِدَنَّ أشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِینَ آمَنُوا الیَهُودَ وَالَّذِینَ أشْرَکُوا وَلَتَجِدَنَّ أقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِینَ آمَنُوا الَّذِینَ قَالُوا إنَّا نَصَارَی ذَلِکَ بِأنَّ مِنْهُمْ قِسِّیسِینَ وَرُهْبَاناً وَأنَّهُمْ لا یَسْتَکْبِرُونَ 82 } سورة المائدة .

{ لَتَجِدَنَّ أشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِینَ آمَنُوا الیَهُودَ وَالَّذِینَ أشْرَکُوا } کان الیهود والمشرکون وما زالوا أعداءاً للمؤمنین .

ص: 371

{وَلَتَجِدَنَّ أقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِینَ آمَنُوا الَّذِینَ قَالُوا إنَّا نَصَارَی } النصاری کانوا وما زالوا قریبین من المسلمین , فلم یحاربوا النبی صلی الله علیه و آله و سلم , عکس ما فعل الیهود , وسوف یناصرون الامام المهدی مع نبیهم عیسی عند محاربته الیهود والنواصب .

{ذَلِکَ بِأنَّ مِنْهُمْ قِسِّیسِینَ } علماء النصاری .

{وَرُهْبَاناً } عباداً لله{وَأنَّهُمْ لا یَسْتَکْبِرُونَ(82) } علی المؤمنین.

{لَتَجِدَنَّ أشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِینَ آمَنُوا الیَهُودَ وَالَّذِینَ أشْرَکُوا } الیهود والکفار أشد الناس عداوة للشیعة وفعلا حدث هذا ویحدث الیوم فتری اسرائیل والصهیونیة تشارک فی قتل الشیعة فی بلدان العالم .

والمخالفون النواصب مثل الیهود لذا قال النبی محمد صلی الله علیه و آله و سلم :

الیهود ثلاثة , یهود قوم موسی ویهود قوم عیسی ویهود أمتی , ویهود أمتی أشد علی أهل بیتی وشیعتی من هؤلاء .

النواصب : وقال سید المرسلین محمد صلی الله علیه و آله و سلم : أخوف ما أخاف علیکم من یهود أمتی (النواصب ) .

: واخوف ما اخاف علی امتی من یهود امتی.

أی النواصب فهؤلاء هم الذین قتلوا النبی محمدا صلی الله علیه و آله و سلم والائمة الاحد عشر علیهم السلام وأمهم فاطمة ÷ ولم یفلت منهم الا الامام المهدی علیه السلام .

والان تتحد الیهود والنواصب لمحاربة المهدی لیقتلوه ویدیموا سیطرتهم علی العالم بالظلم والقهر والحروب والمآسی .

ص: 372

وعن شهر بن حوشب قال قال لی الحجاج بان آیة فی کتاب الله قد أعیتنی ، فقلت أیها الأمیر أیة آیة هی ؟ فقال قوله: {وَإنْ مِنْ أهْلِ الکِتَابِ إلا لَیُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ } والله انی لآمر بالیهودی والنصرانی فیضرب عنقه ثم أرمقه بعینی فما أراه یحرک شفتیه حتی یخمد ، فقلت أصلح الله الأمیر لیس علی ما تأولت . قال کیف هو ؟

قلت إن عیسی علیه السلام ینزل قبل یوم القیامة إلی الدنیا فلا یبقی أهل ملة یهودی ولا نصرانی إلا آمن به قبل موته ویصلی خلف المهدی علیه السلام .

قال: ویحک انی لک هذا ومن أین جئت به ؟

فقلت حدثنی به محمد بن علی بن الحسین بن علی بن أبی طالب علیهم السلام . فقال الحجاج: جئت بها واللهِ من عین صافیة ((1)) .

مکانة المخالفین النواصب : علی بن محمد عن البرقی عن عثمان عن میسر قال « دخلت علی أبی عبد اللَّه علیه السلام فقال علیه السلام :کیف أصحابک؟

فقلت جعلت فداک لنحن عندهم شر من الیهود والنصاری والمجوس . قال: وکان متکئا فاستوی جالسا ثم قال علیه السلام : کیف قلت ؟قلت واللَّه لنحن عندهم شر من الیهود والنصاری والمجوس والذین أشرکوا .

ص: 373

فقال علیه السلام :أما واللَّه لا یدخل النار منکم اثنان لا واللَّه ولا واحد واللَّه إنکم الذین قال اللَّه تعالی « وَقالُوا ما لَنا لا نَری رِجالًا کُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الأَشْرارِ اتَّخَذْناهُمْ سِخْرِیًّا أَمْ زاغَتْ عَنْهُمُ الأَبْصارُ إِنَّ ذلِکَ لَحَقٌّ تَخاصُمُ أَهْلِ النَّارِ » ثم قال طلبوکم واللَّه فی النار واللَّه فما وجدوا منکم أحدا » ((1)).

{وَإذَا سَمِعُوا مَا اُنزِلَ إلَی الرَّسُولِ تَرَی أعْیُنَهُمْ تَفِیضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الحَقِّ یَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاکْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِینَ83 } سورة المائدة .

{وَإذَا سَمِعُوا مَا اُنزِلَ إلَی الرَّسُولِ } من القرآن {تَرَی أعْیُنَهُمْ تَفِیضُ مِنَ الدَّمْعِ } لرقة أفئدتهم .

{مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الحَقِّ یَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاکْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِینَ83 } عندما سمع النجاشی آیات القرآن من فم جعفر بن أبی طالب فی شأن عیسی ومریم بکی مع أصحابه , قال النجاشی:

{وَمَا لَنَا لا نُؤْمِنُ بِاللّهِ وَمَا جَاءَنَا مِنَ الحَقِّ وَنَطْمَعُ أنْ یُدْخِلَنَا رَبُّنَا مَعَ القَوْمِ الصَّالِحِینَ 84 } سورة المائدة .

{وَمَا لَنَا لا نُؤْمِنُ بِاللّهِ وَمَا جَاءَنَا مِنَ الحَقِّ } القرآن الکریم ومحمد وآله الائمة الاثنی عشر المنتجبین العظام .

ص: 374

وأهل البیت هم العظام الخلفاء الصدیقون والراشدون وآیات الله العظمی والمراجع الکبار وحجج الله وثقاة الاسلام والصراط المستقیم والعروة الوثقی والحبل المتین .

والامام علی علیه السلام هو أمیر المؤمنین والفاروق والصدیق والنبأ العظیم لکن الامیین الذین لم یترکوا کتابا للامة ینتفع به وکانوا سراقها هجموا علیهم وسرقوا ألقابهم الکبری , وحلوا بها أنفسهم , فأصبح الاول الصدیق واصبح الثانی أمیر المؤمنین والفاروق و..و..و.. الی یومنا هذا .

{وَنَطْمَعُ أنْ یُدْخِلَنَا رَبُّنَا مَعَ القَوْمِ الصَّالِحِینَ84 } المسلمین .

نهی الله عز وجل ان یوالی المؤمن الکافر إلا عند التقیة واما قوله ( لتجدن أشد الناس عداوة للذین آمنوا الیهود والذین أشرکوا ولتجدن أقربهم مودة للذین آمنوا الذین قالوا انا نصاری ).

فإنه کان سبب نزولها انه لما اشتدت قریش فی اذی رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم وأصحابه الذین آمنوا به بمکة قبل الهجرة أمرهم رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم ان یخرجوا إلی الحبشة ، وامر جعفر بن أبی طالب علیه السلام ان یخرج معهم ، فخرج جعفر ومعه سبعون رجلا من المسلمین حتی رکبوا البحر ، فلما بلغ قریش خروجهم بعثوا عمرو بن العاص وعمارة بن الولید إلی النجاشی لیردوهم ، وکان عمرو وعمارة متعادیین .

فقالت قریش کیف نبعث رجلین متعادیین فبرئت بنو مخزوم من جنایة عمارة وبرئت بنو سهم من جنایة عمرو بن العاص ، فخرج عمارة وکان

ص: 375

حسن الوجه شابا مترفا فأخرج عمرو بن العاص أهله معه فلما رکبوا السفینة شربوا الخمر ، فقال عمارة لعمرو بن العاص ، قل لأهلک تقبلنی ، فقال عمرو أیجوز هذا سبحان الله ؟فسکت عمارة فلما انتشأ (مخمور) عمرو وکان علی صدر السفینة ، دفعه عمارة وألقاه فی البحر فتشبث عمرو بصدر السفینة وأدرکوه فأخرجوه " فوردوا علی النجاشی وقد کانوا حملوا إلیه هدایا فقبلها منهم ، فقال عمرو بن العاص أیها الملک ان قوما منا خالفونا فی دیننا وسبوا آلهتنا وصاروا إلیک فردهم الینا ، فبعث النجاشی إلی جعفر فجاؤوا به ، فقال یا جعفر ما یقول هؤلاء ؟ فقال جعفر أیها الملک وما یقولون ؟

قال یسألون ان أردکم إلیهم ، قال أیها الملک سلهم أعبید نحن لهم ؟

فقال عمرو: لا بل أحرار کرام ، قال فسلهم الهم علینا دیون یطالبوننا بها ؟ قال لا مالنا علیکم دیون ، قال فلکم فی أعناقنا دماء تطالبوننا بها ؟

قال عمرو: لا ، قال فما تریدون منا آذیتمونا فخرجنا من بلادکم .

فقال عمرو بن العاص أیها الملک خالفونا فی دیننا وسبوا آلهتنا وأفسدوا شبابنا وفرقوا جماعتنا فردهم الینا لنجمع أمرنا

فقال جعفر نعم أیها الملک خالفناهم بأنه بعث الله فینا نبیا امر بخلع الأنداد ، وترک الاستقسام بالأزلام ، وأمرنا بالصلاة والزکاة ، وحرم الظلم والجور ، وسفک الدماء بغیر حقها والزناء والربا والمیتة والدم ، وأمرنا بالعدل والاحسان وایتاء ذی القربی ونهی عن الفحشاء والمنکر والبغی .

ص: 376

فقال النجاشی بهذا بعث الله عیسی بن مریم علیه السلام .

ثم قال النجاشی: یا جعفر هل تحفظ مما انزل الله علی نبیک شیئا ؟

قال: نعم فقرأ علیه سورة مریم فلما بلغ إلی قوله " وهزی إلیک بجذع النخلة تساقط علیک رطبا جنیا فکلی واشربی وقری عینا " فلما سمع النجاشی بهذا بکی بکاءا شدیدا ، وقال هذا والله هو الحق .

فقال عمرو بن العاص أیها الملک ان هذا مخالفنا فرده الینا ، فرفع النجاشی یده فضرب بها وجه عمرو ثم قال اسکت ، والله یا هذا لان ذکرته بسوء لأفقدنک نفسک ، فقام عمرو بن العاص من عنده والدماء تسیل علی وجهه وهو یقول إن کان هذا کما تقول أیها الملک فانا لا نتعرض له ، وکانت علی رأس النجاشی وصیفة له تذب عنه ، فنظرت إلی عمارة بن الولید وکان فتی جمیلا فأحبته فلما رجع عمرو بن العاص إلی منزله ، قال لعمارة لو راسلت جاریة الملک ، فراسلها فأجابته ، فقال عمرو قل لها تبعث إلیک من طیب الملک شیئا ، فقال لها فبعثت إلیه فاخذ عمرو من ذلک الطیب ، وکان الذی فعل به عمارة فی قلبه حین ألقاه فی البحر فادخل الطیب علی النجاشی .

فقال أیها الملک ان حرمة الملک عندنا وطاعته علینا وما یکرمنا إذا دخلنا بلاده ونأمن فیه ان لا نغشه ولا نریبه وان صاحبی هذا الذی معی قد راسل حرمتک وخدعها وبعثت إلیه من طیبک ثم وضع الطیب بین یدیه ، فغضب النجاشی وهم بقتل عمارة ثم قال لا یجوز قتله فإنهم دخلوا بلادی فأمان لهم ، فدعا النجاشی السحرة فقال لهم اعملوا به شیئا أشد علیه من القتل ،

ص: 377

فأخذوه ونفخوا فی إحلیله الزئبق فصار مع الوحش یغدو ویروح ، وکان لا یأنس بالناس فبعثت قریش بعد ذلک فکمنوا له فی موضع حتی ورد الماء مع الوحش فأخذوه فما زال یضطرب فی أیدیهم ویصیح حتی مات .

ورجع عمرو إلی قریش فأخبرهم ان جعفر فی ارض الحبشة فی أکرم کرامة فلم یزل بها حتی هادن رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم قریشا وصالحهم وفتح خیبر فوافی بجمیع من معه وولد لجعفر بالحبشة من أسماء بنت عمیس عبد الله بن جعفر ، وولد للنجاشی ابن فسماه محمدا ، وکانت أم حبیب بنت أبی سفیان تحت عبد الله فتنصر فکتب رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم إلی النجاشی یخطب أم حبیب ((1))، فبعث إلیها النجاشی فخطبها لرسول الله صلی الله علیه و آله و سلم فأجابته ، فزوجها منه وأصدقها أربعمائة دینار وساقها عن رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم ، وبعث إلیها بثیاب وطیب کثیر وجهزها وبعثها إلی رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم ، وبعث إلیه بماریة القبطیة أم إبراهیم ، وبعث إلیه بثیاب وطیب وفرس ، وبعث ثلاثین رجلا من القسیسین ، فقال لهم انظروا إلی کلامه والی مقعده ومشربه ومصلاه فلما وافوا المدینة دعاهم رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم إلی الاسلام وقرأ علیهم القرآن " وإذ قال الله یا عیسی بن مریم اذکر نعمتی علیک وعلی والدتک – إلی قوله _ فقال الذین کفروا منهم ان هذا إلا سحر مبین " .

ص: 378

فلما سمعوا ذلک من رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم بکوا وآمنوا ورجعوا إلی النجاشی فأخبروه خبر رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم وقرأوا علیه ما قرأ علیهم ، فبکی النجاشی وبکی القسیسون واسلم النجاشی ولم یظهر للحبشة اسلامه وخافهم علی نفسه وخرج من بلاد الحبشة إلی النبی صلی الله علیه و آله و سلم فلما عبر البحر توفی فأنزل الله علی رسوله: {لَتَجِدَنَّ أشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِینَ آمَنُوا الیَهُودَ وَالَّذِینَ أشْرَکُوا وَلَتَجِدَنَّ أقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِینَ آمَنُوا الَّذِینَ قَالُوا إنَّا نَصَارَی ذَلِکَ بِأنَّ مِنْهُمْ قِسِّیسِینَ وَرُهْبَاناً وَأنَّهُمْ لا یَسْتَکْبِرُونَ 82 } سورة المائدة ((1)).

وسیرة عمرو بن العاص مع عمارة بن الولید المخزومی تبین تراجم قریش فی فسقهم وزناهم وخیاناتهم لبعضهم البعض وبغضهم للدین وشعاراته ومناهجه فی الایمان والعبادة و الحریة والعدالة والصدق والعفة والاحسان الی الناس والامر بالمعروف والنهی عن المنکر .

{فَأثَابَهُمُ اللّهُ بِمَا قَالُوا جَنَّات تَجْرِی مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ خَالِدِینَ فِیهَا وَذَلِکَ جَزَاءُ المُحْسِنِینَ85 }سورة المائدة .

{وَالَّذِینَ کَفَرُوا وَکَذَّبُوا بِآیَاتِنَا } من شتَّی الادیان والمذاهب کفروا بآیات الله الکبری وعلی رأسها أهل البیت العظام المعصومین .

وقال تعالی : لهم دار السلام عند ربهم وهو ولیهم بما کانوا یعملون . الانعام " 6 " / 127 .

ص: 379

( ولما بلغ أشده واستوی آتیناه حکما وعلما وکذلک نجزی المحسنین )((1))

( سلام علی نوح فی العالمین * إنا کذلک نجزی المحسنین ) ((2)) .

( ونادیناه أن یا إبراهیم * قد صدقت الرؤیا إنا کذلک نجزی المحسنین )((3))

( سلام علی إبراهیم * کذلک نجزی المحسنین )((4)) .

( سلام علی موسی وهارون * إنا کذلک نجزی المحسنین ) ((5)) .

( سلام علی إل یاسین * إنا کذلک نجزی المحسنین ) ((6)) .

و جزاء المحسنین فی الآخرة :

( وجزاهم بما صبروا جنة وحریرا ) ((7)) .

( کلوا واشربوا هنیئا بما کنتم تعملون إنا کذلک نجزی المحسنین ) ((8)) .

ص: 380

( جنات عدن یدخلونها تجری من تحتها الأنهار لهم فیها ما یشاءون کذلک یجزی الله المتقین ) ((1)) .

{اُوْلَئِکَ أصْحَابُ الجَحِیمِ 86 } سورة المائدة .

الخوارج بشتی صنوفهم من وهابیین وسلفیین ونواصب یعادون آیات الله الکبری المتمثلة فی الأئمة الخلفاء الاثنی عشر وهذه طامة کبری لهم توردهم الجحیم .

ولا ینفعهم التوحید الخاوی الذی یدعوه ویرفعوه ویتبجحوا به فهم مجسمون مما یعنی معاداتهم للاله الرب الذی لا یری:

{وَلَمَّا جَاءَ مُوسَی لِمِیقَاتِنَا وَکَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أرِنِی أنظُرْ إلَیْکَ قَالَ لَنْ تَرَانِی وَلَکِنِ انْظُرْ إلَی الجَبَلِ فَإنْ اسْتَقَرَّ مَکَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِی فَلَمَّا تَجَلَّی رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَکّاً وَخَرَّ مُوسَی صَعِقاً فَلَمَّا أفَاقَ قَالَ سُبْحَانَکَ تُبْتُ إلَیْکَ وَأنَا أوَّلُ المُؤْمِنِینَ 143 }_سورة الاعراف .

{یا أیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَیِّبَاتِ مَا أحَلَّ اللّهُ لَکُمْ وَلا تَعْتَدُوا إنَّ اللّهَ لا یُحِبُّ المُعْتَدِینَ } 87 سورة المائدة .

{یَا أیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَیِّبَاتِ مَا أحَلَّ اللّهُ لَکُمْ } .

عن ابن أبی عمیر عن بعض رجاله عن أبی عبد الله علیه السلام قال نزلت هذه الآیة فی أمیر المؤمنین علیه السلام وبلال وعثمان بن مظعون ، فاما أمیر المؤمنین

ص: 381

علیه السلام فحلف ان لا ینام باللیل ابدا ((1)) واما بلال فإنه حلف ان لا یفطر بالنهار ابدا ، واما عثمان بن مظعون فإنه حلف ان لا ینکح ابدا فدخلت امرأة عثمان علی عائشة وکانت امرأة جمیلة ، فقالت عائشة ما لی أراک معطلة فقالت ولمن أتزین فوالله ما قاربنی زوجی منذ کذا وکذا ، فإنه قد ترهب ولبس المسوح وزهد فی الدنیا ، فلما دخل رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم أخبرته عائشة بذلک ، فخرج فنادی الصلاة جامعة ، فاجتمع الناس فصعد المنبر فحمد الله واثنی علیه ثم قال ما بال أقوام یحرمون علی أنفسهم الطیبات الا انی أنام باللیل وانکح وافطر بالنهار فمن رغب عن سنتی فلیس منی ، فقاموا هؤلاء فقالوا یا رسول الله حلفنا علی ذلک فأنزل الله تعالی:( لا یؤاخذکم الله باللغو فی أیمانکم ولکن یؤاخذکم بما عقدتم الایمان فکفارته اطعام عشرة مساکین من أوسط ما تطعمون أهلیکم أو کسوتهم أو تحریر رقبة فمن لم یجد فصیام ثلاثة أیام ذلک کفارة ایمانکم إذا حلفتم الآیة ) ((2)) .

قالوا: یا رسول الله فکیف نصنع بأیماننا ؟ فأنزل الله هذه الآیة .

ص: 382

وقیل: نزلت فی عبد الله بن رواحة ، کان عنده ضیف ، فأخرت زوجته عشاه ، فحلف لا یأکل من الطعام ، وحلفت المرأة لا تأکل إن لم یأکل ، وحلف الضیف لا یأکل إن لم یأکلا ، فأکل عبد الله بن رواحة ، وأکلا معه فأخبر النبی صلی الله علیه و آله و سلم بذلک ، فقال له: أحسنت . عن ابن زید .

وقال نجاح الطائی : لقد حاول البعض من النواصب الاعتداء علی الساحة العلویة المقدسة بالروایات الکاذبة , وکتبوا الکثیر من الحدیث باسم الصادق والباقر ‘ وهی مخالفة للقرآن والحدیث الصحیح الوارد عنهما ‘ .

والبعض القلیل هم الحمقی من یریدون أن یضعوا فضائل فیختلقون مثل هذه الاکاذیب . وهم لا یعلمون انها مثالب لا یعملها الانبیاء والاوصیاء .

وهذا طبیعی فی عالم فیه جواسیس تعمل للحکومات الغاصبة للخلافة وحمقی أمیون لیس لهم من العلم من نصیب .

المعنی: ( لا یؤاخذکم الله باللغو فی أیمانکم ) مضی الکلام فی لغو الیمین وحکمه فی سورة البقرة ، ولا کفارة فیه عند أکثر المفسرین والفقهاء ، إلا ما روی عن إبراهیم النخعی أنه قال: فیها الکفارة ( ولکن یؤاخذکم بما عقدتم الأیمان ) إن جعلت ما موصولة فمعناه بالذی عقدتم . وإن جعلته مصدریة ، فمعناه بعقدکم ، أو بتعقیدکم الأیمان ، أو بمعاقدتکم الأیمان ، وتفسیره أن یضمر الامر ، ثم یحلف بالله ، فیعقد علیه الیمین ، عن عطاء .

ص: 383

وقیل: هو ما عقدت علیه قلبک وتعمدته ، عن مجاهد ( فکفارته ) أی کفارة ما عقدتم إذا حنثتم ((1)) .

وروی الحافظ الحاکم الحسکانی , قال: أخبرنا أبو سعد الصفار , بإسناده المذکور , عن محمد بن إبراهیم بن الحرث التیمی قال:

إنّ علیاً علیه السلام وعثمان بن مظعون , ونفراً من أصحاب رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم , تعاقدوا أن یصوموا النهار ویقوموا اللیل ولا یأکلوا اللحم , فبلغ رسول الله , فأنزل الله تعالی:

(یَا أیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَیِّبَاتِ مَا أحَلَّ اللّهُ لَکُمْ ) ((2)) .

محاولة النواصب الافتراء علی الامام علی علیه السلام معروفة والا کیف یحرم مولی المسلمین علیه النوم فهذا غیر ممکن لامور عدة:

1_ السند ضعیف لا یعتد به : (عن ابن أبی عمیر عن بعض رجاله ) من هو هذا الرجل کی نعرف وثاقته ودیانته ومذهبه .

2_لا یمکن للانسان فی الظروف الطبیعیة الابتعاد عن النوم مدی الحیاة بحجة العبادة وغیرها . ولم یفعله أحد ولا یقدر علیه شخص .

3_ لو طبق الامام علی علیه السلام هذا المنهج (وهو منهج بعید عن الواقع) لسار علیه الموالون له وشیعته وهذا عصیان للامر الالهی القائل:

{وَجَعَلَ اللَّیْلَ سَکَناً }_سورة الانعام 96.

ص: 384

{ هُوَ الَّذِی جَعَلَ لَکُمُ اللَّیْلَ لِتَسْکُنُوا فِیهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِراً } سورة یونس 67.

4_ کان الامام علی علیه السلام یعیش مع النبی صلی الله علیه و آله و سلم وهو باب مدینة العلم کما جاء فی الحدیث: قال النبی محمد صلی الله علیه و آله و سلم : أنا مدینة العلم وعلی بابها ((1)).

ص: 385

وقال النبی محمد صلی الله علیه و آله و سلم : « أنا مدینة الحکمة وعلی بابها ولا تؤتی المدینة الا من الباب » ((1)).

ص: 386

وقال النبی محمد صلی الله علیه و آله و سلم : « أنا مدینة الحکمة وعلی بابها ولا تؤتی المدینة الا من الباب » ((1)).