مسالک الأفهام إلی تنقیح شرائع الإسلام المجلد13

اشارة

سرشناسه : شهید ثانی، زین الدین علی، ق 966 - 911

عنوان و نام پدیدآور : مسالک الافهام الی تنقیح شرایع الاسلام [محقق حلی]: الفهارس العامه/ تالیف زین الدین بن علی العاملی "شهید ثانی"؛ تحقیق و نشر موسسه المعارف الاسلامیه

مشخصات نشر : قم: موسسه المعارف الاسلامیه، 1423ق. = 1381.

مشخصات ظاهری : ص 448

فروست : (بنیاد معارف اسلامی 47)

شابک : 964-7777-27-2(ج.16) ؛ (دوره) ؛ (دوره)

یادداشت : جلد شانزدهم "مسالک الافهام الی تنقیح شرایع الاسلام" الفهارس می باشد

یادداشت : عربی.

یادداشت : عنوان روی جلد: الفهارس مسالک الافهام الی تنقیح شرائع الاسلام.

یادداشت : کتابنامه

عنوان روی جلد : الفهارس مسالک الافهام الی تنقیح شرائع الاسلام.

موضوع : شهید ثانی، زین الدین علی، 966 - 911ق. مسالک الافهام الی تنقیح شرایع الاسلام -- فهرستها

موضوع : محقق حلی، جعفربن حسن، 676 - 602ق. شرایع الاسلام فی مسائل الحلال والحرام -- نقد و تفسیر

موضوع : فقه جعفری -- قرن 7

شناسه افزوده : محقق حلی، جعفربن حسن، 676 - 603ق. شرایع الاسلام فی مسائل الحلال و الحرام. شرح

شناسه افزوده : بنیاد معارف اسلامی

رده بندی کنگره : BP182/م3ش4072 1381

رده بندی دیویی : 297/342م 331ش/ش ش

شماره کتابشناسی ملی : م 82-4318

ص: 1

اشارة

ص :2

ص :3

ص :4

تتمة القسم الرابع فی الأحکام

کتاب الفرائض

اشارة

ص:5

ص:6

کتاب الفرائض و النظر فی:المقدّمات،و المقاصد،و اللواحق.

و المقدّمات:أربع

اشارة

و المقدّمات:أربع.

کتاب الفرائض الفرائض هو جمع فریضة بمعنی مفروضة،من الفرض و هو التقدیر و القطع،یقال:فرضه إذا قدّره،و فرض الثوب:قطعه.و المراد بها السهام المقدّرة فی کتاب اللّه أو مطلق السهام،لما فیها من السهام المقدّرة و المقادیر المقطعة المفصّلة،و منه قوله تعالی نَصِیباً مَفْرُوضاً (1)أی:مقتطعا محدودا،و قوله:

أَنْزَلْناها وَ فَرَضْناها (2)أی:فصّلناها.

و قال بعضهم:سمّیت السهام المذکورة فرائض من الوجوب و اللزوم، تقول:فرض اللّه،أی:أوجب و ألزم و افترض (3)مثله،و هو الفرض و الفریضة.

إلا أن الفرض بمعنی الإیجاب و الإلزام مأخوذ من المعنی الأول و هو الاقتطاع، لأن الفریضة معالم و حدود مقدّرة،و لو جاز ذلک[أیضا] (4)جاز أن یقال إنها مأخوذة من معنی العطیّة،فقد قال فی الصحاح:«و الفرض العطیّة الموسومة، یقال:ما أصبت منه فرضا و لا قرضا،و فرضت الرجل و أفرضته:إذا أعطیته، و فرضت له فی الدیوان» (5).و إنما جاز ذلک لأن الاستحقاق بالإرث عطیّة من الشرع.و قیل:إن استعمال هذا اللفظ فی الإعطاء مستعار،و حقیقته قطع شیء

ص:7


1- 1) النساء:7.
2- 2) النور:1.
3- 3) فی«ر،خ»:و أفرض.
4- 4) من«و».
5- 5) الصحاح 3:1097.

..........

من مال الدیوان و نحوه،و منه فرض الحاکم النفقة،و قوله تعالی أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِیضَةً (1).

و المواریث أعمّ من الفرائض إن أرید بها السهام المقدّرة،لأن المواریث تطلق علی مطلق المستحقّ بالإرث،سواء کان مقدّرا أم لا.و لو أرید بالفرائض ما یشمل[غیر] (2)المقدّر و لو بالتغلیب ساوت المواریث.

و الأصل فیه قبل الإجماع آیات المواریث (3)و الأخبار.و منها عن ابن مسعود-رضی اللّه عنه-أنّ النبیّ صلّی اللّه علیه و آله قال:«تعلّموا الفرائض و علّموها الناس،فإنّی امرء مقبوض،و إن العلم سیقبض و تظهر الفتن حتی یختلف الاثنان فی الفریضة فلا یجدان من یفصل بینهما» (4).و عنه صلّی اللّه علیه و آله:«تعلّموا الفرائض فإنها من دینکم،و إنه نصف العلم،و إنه أول ما ینتزع من أمّتی» (5).

و قد اختلفوا فی توجیه کونه نصف العلم،فقال بعضهم:التوقّف فیه أسلم، إذ لا یجب علینا إلا اتّباع النبیّ صلّی اللّه علیه و آله،فنعتقد أنها نصف العلم،و لا نقول لأیّ جهة کانت نصفا،سواء تعقّلناها أم لا.و قال بعضهم:التأویل أحکم.

ثمَّ ذکروا فیه وجوها أکثرها تعسّف.

ص:8


1- 1) البقرة:236.
2- 2) من«و،خ».
3- 3) النساء:11-12 و 176.
4- 4) عوالی اللئالی 3:491 ح 2،سنن الدارمی 1:72-73،سنن الدارقطنی 4:81 ح 45، مستدرک الحاکم 4:333،سنن البیهقی 6:208،تلخیص الحبیر 3:79 ح 1341.
5- 5) سنن ابن ماجه 2:908 ح 2719،سنن الدارقطنی 4:67 ح 1،مستدرک الحاکم 4:332،سنن البیهقی 6:209،تلخیص الحبیر 3:79 ح 1342.

..........

الأول:اختصاصه بإحدی حالتی الإنسان و هی حالة الممات،بخلاف سائر العلوم،و لا شکّ أن المختصّ بإحدی الحالتین نصف مجموعهما.و ما یتعلّق من الأحکام بحالة الموت من الوصایا و تجهیز المیّت یلتحق بعلم الفرائض فی تدوین العلم غالبا،و لأن الوصایا لیست لازمة.

الثانی:اختصاصه بأحد سببی الملک،و هو السبب الاضطراری من الموت و الإرث،و باقی العلوم لا یختصّ به،بل أعمّ من أن یکون سببا اختیاریّا کالشراء و قبول الهبة و الوصیّة،أو لم یکن سببا أصلا،و أحد هذین العلمین نصف مجموعهما.

الثالث:أن العلم قسمان،قسم المقصود بالذات فیه التعلّم و التعلیم و العمل تابع،و الآخر بالعکس،و الأول الفرائض،و الثانی باقی الفقه،و أحد القسمین نصفهما.و لا یخفی ما فیه.

الرابع:أنه نصف العلم،لاشتماله علی مشقّة عظیمة فی معرفته و تصحیح مسائله،بخلاف باقی العلوم،و أحد العلمین نصف مجموعهما.و فیه:أن بعض العلوم أکثر مشقّة منه.

الخامس:أنه نصف باعتبار الثواب،لما روی من أن ثواب مسألة من الفرائض ثواب (1)عشر من غیره.إلی غیر ذلک من التکلّفات فی الجواب عن توجیه الحکمة فی ذلک.

و اعلم أن القرآن الکریم اشتمل علی آیات من أحکام الإرث (2)،کقوله

ص:9


1- 1) کذا فی الحجریّتین،و فی النسخ الخطّیة:بثواب.
2- 2) کذا فی«و»و نسخة بدل«ط»،و فی سائر النسخ و الحجریّتین:الدین.
الاولی فی موجبات الإرث

الاولی فی موجبات(1)الإرث و هی:إما نسب،و إما سبب.

تعالی یُوصِیکُمُ اللّهُ فِی أَوْلادِکُمْ (1).و الآیة التی تلیها و آیة الکلالة (2)،و لم تشتمل الآیات علی جمیع الفرائض،لکن وردت السنّة بأصول أخر.و وقع الاختلاف بین الصحابة-رضی اللّه عنهم-فی حکم ما لم یجدوه منصوصا، و کثر (3)اختلافهم فی ذلک من حیث إن مسائل الفرائض غیر مبنیّة علی أصول معقولة.و لأهل البیت علیهم السلام فی الفرائض أصول خاصّة،و أکبر (4)أصولهم و أهمّها مسألتا العول و التعصیب،فبسببهما باینوا الفرق المشهورة الآن،و إن کان لهم فیهما موافق من غیرهم،و أهل البیت أدری بما فی بیت النبیّ صلّی اللّه علیه و آله.

قوله:«فی موجبات.إلخ».

المراد بالموجبات هنا الأسباب،و عبّر عنها بالموجبات لیفرّق بین النسب و غیره،حیث أطلق السبب علی سبب خاصّ و هو ما عدا النسب من أسباب الإرث،و إلا فالنسب أحد أسبابه،فیکون داخلا فی السبب بالمعنی الأعمّ دخول الخاصّ فی العامّ.

و المراد بالنسب اتّصال أحد الشخصین بالآخر بالولادة،إما بانتهاء أحدهما إلی الآخر،أو بانتهائهما إلی ثالث علی الوجه الشرعی.و بالسبب الاتّصال بالزوجیّة أو الولاء.

ص:10


1- 1) النساء:11.
2- 2) النساء:12 و 176.
3- 3) فی«د،ط،ر»:و أکثر.
4- 4) فی«د،ل،ر،خ»:و أکثر.

فالنسب مراتب ثلاث:(1) الأولی:الأبوان،و الولد و إن نزل.

الثانیة:الإخوة و أولادهم و إن نزلوا،و الأجداد و إن علوا.

الثالثة:الأخوال،و الأعمام.

و السبب اثنان:زوجیّة،و ولاء.

قوله:«فالنسب مراتب ثلاث.إلخ».

لا یخفی أن فی کلّ مرتبة من هذه یقدّم فیها الأقرب علی الأبعد،فإنه کما أن الآباء و الأولاد یقدّمون علی الإخوة و الأجداد فیکونون مرتبة،فکذلک الأولاد مع أبنائهم،فإنهم لا یرثون مع وجودهم،فیکونون مرتبة.و مثله القول فی الإخوة مع أولادهم،و الجدّ القریب مع البعید.فتتعدّد علی هذا المراتب.

و إنما اعتبروا المراتب ثلاثا مع ذلک لأن الأقرب فی المرتبة و إن منع الأبعد لکن نظیره فی المرتبة لا یمنع البعید من غیر صنفه،فکان الأبعد وارثا مع مساوی الأقرب فی تلک المرتبة،فلذلک جعلت واحدة،بخلاف حال[کلّ] (1)واحد من أهل المرتبة مع من هو فی غیرها،فإنه لا یشارکه بوجه،فلذلک تعدّدت بهذه الواسطة.

مثلا:أولاد الأولاد و إن کانوا لا یرثون مع الأولاد،فیکونون بالنسبة إلیهم مرتبة کنسبة الإخوة إلی الأولاد،إلا أن أولاد الأولاد یشارکون الآباء المساوین للأولاد فی المرتبة.فکانوا لذلک فی المرتبة الاولی و إن تأخّروا علی بعض الوجوه.

ص:11


1- 1) من الحجریّتین.

..........

و کذا القول فی أولاد الإخوة مع الإخوة،فإنهم و إن کانوا مع الإخوة مرتبة متأخّرة إلا أنهم مع الأجداد مرتبة واحدة،فیرث الأبعد من أولاد الإخوة مع الأقرب من الأجداد،و مساوی المساوی فی قوّة المساوی.

و هذه النکتة تتخلّف فی الأعمام و الأخوال،لأن أولاد کلّ طبقة منهم مقدّمون علی الطبقة التی بعدها مطلقا،کأولاد أعمام المیّت،فإنهم أولی من أعمام أبی المیّت،و هکذا.

و کان علیه أن یذکر أولاد الأعمام و الأخوال فی المرتبة،لأنهم لا یدخلون فی اسم الأعمام و الأخوال،کالإخوة مع أولادهم.نعم،أولاد الأولاد قد یدخلون فی اسم الأولاد،فکان الاستغناء عن قوله:«و إن نزلوا»أولی منه فی الأعمام و الأخوال عن أولادهم،فلو عکس کان أولی.و أکمل منه الجمع بین الأمرین.

و المراد بالإخوة و الأعمام و الأخوال ما یشمل الذکور منهم و الإناث علی وجه المجاز أو الاستتباع،و إن کان اللفظ مخصوصا بالذکور منهم.

و اعلم أن بعض الفقهاء ضبط هذه المراتب الثلاث بأن التقریب إن تقرّب إلی المیّت بغیر واسطة فهو المرتبة الأولی،أو بواسطة واحدة فهو[المرتبة] (1)الثانیة، أو بأزید من مرتبة فهو الثالثة.و هذا یتمّ فی[حقّ] (2)الأولاد و الآباء،و فی حقّ الإخوة و الأجداد الدّنیا،و فی حقّ الأعمام و الأخوال،و یتخلّف فی حقّ أولاد العمومة و الخؤولة،فیحتاج إدراجهم فی المرتبة إلی ضرب من التکلّف کما لا یخفی.

ص:12


1- 1) من الحجریّتین.
2- 2) من الحجریّتین.

و الولاء ثلاث مراتب:ولاء العتق،ثمَّ ولاء تضمّن الجریرة،ثمَّ ولاء الإمامة.(1) و ینقسم الورّاث:(2)فمنهم من لا یرث إلا بالفرض،و هم:الامّ من بین الأنساب إلا علی الردّ،و الزوج و الزوجة من بین الأسباب إلا نادرا.

و منهم من یرث تارة بالفرض،و اخری بالقرابة،و هم:الأب، و البنت أو البنات،و الأخت أو الأخوات،و کلالة الأمّ.

و من عدا هؤلاء لا یرث إلا بالقرابة.

قوله:«و الولاء ثلاث-إلی قوله-ولاء الإمامة».

هو بفتح الواو.و أصله القرب و الدنوّ.و المراد به هنا تقرّب أحد الشخصین بالآخر علی وجه یوجب الإرث بغیر نسب و لا زوجیّة.

قوله:«و ینقسم الورّاث.إلخ».

المراد بالوارث بالفرض من سمّی اللّه تعالی له سهما معیّنا فی کتابه العزیز، و بمن یرث بالقرابة من لم یسمّ له سهما مخصوصا و إنما حکم بإرثه إجمالا، کقوله تعالی یُوصِیکُمُ اللّهُ فِی أَوْلادِکُمْ لِلذَّکَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَیَیْنِ (1)فلم یجعل للأولاد عند الاجتماع سهما معیّنا و إن کان قد فاضل بینهم فی جملة الترکة کما ذکر،و کإرث الأعمام و الأخوال الداخلین فیه بعموم آیة (2)أولی الأرحام.

و القسم الأول-و هو الذی یرث بالفرض فی الجملة-خمسة أصناف:

أحدها:الأبوان.قال اللّه تعالی:

ص:13


1- 1) النساء:11.
2- 2) الأنفال:75.

..........

وَ لِأَبَوَیْهِ لِکُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمّا تَرَکَ إِنْ کانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ یَکُنْ لَهُ وَلَدٌ وَ وَرِثَهُ أَبَواهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ کانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ (1).

و الثانی:الزوجان.قال اللّه تعالی وَ لَکُمْ نِصْفُ ما تَرَکَ أَزْواجُکُمْ (2).

و قال تعالی وَ لَهُنَّ الرُّبُعُ مِمّا تَرَکْتُمْ (3)الآیة.

و الثالث:البنت و البنات.قال اللّه تعالی فَإِنْ کُنَّ نِساءً فَوْقَ اثْنَتَیْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثا ما تَرَکَ وَ إِنْ کانَتْ واحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ (4).

و الرابع:الأخت و الأخوات،للأبوین أو للأب.قال تعالی إِنِ امْرُؤٌ هَلَکَ لَیْسَ لَهُ وَلَدٌ وَ لَهُ أُخْتٌ فَلَها نِصْفُ ما تَرَکَ . فَإِنْ کانَتَا اثْنَتَیْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثانِ مِمّا تَرَکَ (5).

و الخامس:کلالة الأم،و هم الإخوة و الأخوات من قبلها.قال تعالی:

وَ إِنْ کانَ رَجُلٌ یُورَثُ کَلالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَ لَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِکُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ کانُوا أَکْثَرَ مِنْ ذلِکَ فَهُمْ شُرَکاءُ فِی الثُّلُثِ (6).

و ضابط من یرث بالقرابة کلّ من عدا من ذکر من الأنساب،و ممّن ذکر علی بعض الوجوه.

ثمَّ من یرث بالفرض إما أن یرث به دائما،أو یرث به فی حالة و بالقرابة فی أخری،أو یرث بهما معا.

ص:14


1- 1) النساء:11.
2- 2) النساء:12.
3- 3) النساء:12.
4- 4) النساء:11.
5- 5) النساء:176.
6- 6) النساء:12.

..........

فالأول الأم إن لم یکن هناک ردّ،بأن کانت مع ولد ذکر،أو مع إخوة،أو مع بنتین فصاعدا و معها الأب.و کالزوجین إلا علی وجه نادر.و أراد المصنف بالوجه النادر أن لا یخلّف أحد الزوجین من الوارث إلا الآخر،فقد قیل إن الباقی عن فرض الوارث منهما یردّ علیه.و هو إما قول نادر شاذّ من حیث الجملة،لأن القائل بالردّ علی الزوجة فی غایة الندور کما سیأتی (1)التنبیه علیه،و أما القول بالردّ علی الزوج حینئذ فهو قول مشهور لا ینسب إلی الندرة،فکان الندور راجعا إلی جملة الأمر و هو الردّ علی الزوجین،و ذلک لا ینافی شهرة الردّ علی أحدهما خاصّة.و إما ندوره بحسب الفرض،و هو کون المیّت لا یخلّف من الوارث إلا الزوج أو الزوجة،فإن هذا فرض نادر،و إن کان القول بالردّ فی الجملة لیس نادرا.

و الثانی بقیّة أصناف الوارثین بالفرض.فالأب یرث بالفرض خاصّة مع مجامعة الولد الذکر،و مع غیره أو منفردا یرث بالقرابة.أما الأول فلقوله تعالی:

وَ لِأَبَوَیْهِ لِکُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ .. إِنْ کانَ لَهُ وَلَدٌ (2).و أما الثانی فلقوله تعالی فَإِنْ لَمْ یَکُنْ لَهُ وَلَدٌ وَ وَرِثَهُ أَبَواهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ (3).ففرض للأم علی تقدیر وجود الولد و عدمه،و لم یجعل للأب علی تقدیر عدم الولد فرضا،فکان إرثه علی هذا التقدیر بالقرابة.

و البنات یرثن مع الولد بالقرابة،و مع الأبوین بالفرض.أما الأول فلقوله

ص:15


1- 1) فی ص:69.
2- 2) النساء:11.
3- 3) النساء:11.

فإذا کان الوارث(1)لا فرض له،و لم یشارکه آخر،فالمال له،مناسبا کان أو مساببا.و إن شارکه من لا فرض له فالمال لهما.فإن اختلفت الوصلة فلکلّ طائفة نصیب من یتقرّب به،کالخال أو الأخوال مع العمّ أو الأعمام،فللأخوال نصیب الأم و هو الثلث،و للأعمام نصیب الأب و هو الثلثان.

و إن کان الوارث ذا فرض أخذ نصیبه.فإن لم یکن معه مساو کان الردّ علیه.مثل بنت مع أخ،أو أخت مع عمّ،فلکلّ واحدة نصیبها، و الباقی یردّ علیها،لأنها أقرب.

تعالی یُوصِیکُمُ اللّهُ فِی أَوْلادِکُمْ لِلذَّکَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَیَیْنِ (1)فلم یجعل لهنّ فرضا فی هذه الحالة.و أما الثانی فلقوله تعالی فَإِنْ کُنَّ نِساءً فَوْقَ اثْنَتَیْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثا ما تَرَکَ وَ إِنْ کانَتْ واحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ (2)فوقعت هذه الفروض عند عدم مجامعة الابن الشامل لمجامعة الأبوین و أحدهما و عدمهما،لکن مع عدمهما أو أحدهما یحصل الردّ بالقرابة،فلا یکون الفرض متمحّضا للبنات إلا علی تقدیر مجامعتهنّ للأبوین کما ذکرناه.

و الأخوات یرثن مع الإخوة بالقرابة،و مع کلالة الأم بالفرض.و هو معلوم بالمقایسة إلی ما قرّرناه من الوجه فی نظیره.

و الإخوة للأم یرثون بالفرض مع مجامعة کلالة الأبوین،و بالقرابة مع انفرادهم.

و الثالث ذو الفرض علی تقدیر الردّ علیه.

قوله:«فإذا کان الوارث.إلخ».

هذه قاعدة إجمالیّة فی بیان مستحقّ الترکة بطریق الفرض و القرابة.

ص:16


1- 1) النساء:11.
2- 2) النساء:11.

و لا یردّ علی الزوجة مطلقا،(1)و لا علی الزوج(2)مع وجود وارث،عدا الامام[علیه السلام].

و إن کان معه مساو ذو فرض،و کانت الترکة بقدر السهام،قسّمت علی الفریضة.

و محصّلها:أن الوارث إن لم یکن ذا فرض فالمال له،اتّحد أم تعدّد.و إن کان ذا فرض أخذ فرضه.فإن تعدّد أخذ کلّ[واحد] (1)فرضه،فإن فضل شیء ردّ علی ذوی الفرض بحسبه،إن فقد غیره فی طبقته،و کانت وصلتهم متساویة.

و إن اختلفت،فإن لم تکن إحداهما أرجح من الأخری فلکلّ نصیب من یتقرّب به.و إن کانت إحداهما أقوی من الأخری-کإخوة الأبوین مع إخوة الأم-اختصّ الردّ بالأقوی.و لو نقصت الفریضة عن ذوی الفروض دخل النقص علی البنت و البنات،و الأخت للأب أو الأخوات.و کلّما اجتمع ذو فرض و غیره فالباقی بعد الفرض للآخر.و الأمثلة واضحة،و قد ذکر المصنف أکثرها.

قوله:«و لا یردّ علی الزوجة مطلقا».

أی:مع حضور الامام و غیبته،و مع وجود وارث غیرها-عدا الامام- و عدمه.

قوله:«و لا علی الزوج.إلخ».

مفهومه أنه یردّ علیه إذا لم یکن معه وارث غیر الامام.و ما اختاره فی الزوجین أحد الأقوال فی المسألة و أصحّها.و سیأتی (2)تحقیق الحال فیه إن شاء اللّه تعالی.

ص:17


1- 1) من«د».
2- 2) فی ص 69.

و إن زادت کان الزائد ردّا علیهم علی قدر السهام،ما لم یکن حاجب لأحدهم،(1)أو ینفرد بزیادة فی الوصلة.

و لو نقصت الترکة،کان النقص داخلا علی البنت أو البنات[أو الأب]،أو من یتقرّب بالأب،دون من یتقرّب بالأم.

مثال الأول:(2)أبوان و بنتان فصاعدا،أو اثنان من ولد الأم مع أختین للأب و الأم أو للأب،أو زوج و أخت لأب.

قوله:«ما لم یکن حاجب لأحدهم.إلخ».

مثال الحاجب:کأبوین مع إخوة یحجبون الأم عمّا زاد عن السدس مع بنت،فإن الردّ مختصّ بالأب و البنت،لوجود الحاجب للأم عمّا زاد عن السدس.

و مثال زیادة الوصلة:أن یجتمع کلالة الأم مع أخت للأبوین،فإن الردّ یختصّ بها،لزیادة وصلتها إلی المیّت بزیادة القرب بالأب.

و هذا مبنیّ علی ما اختاره (1)المصنف-رحمه اللّه-من أنه لا ترجیح فی الردّ للأخت من الأب خاصّة علی کلالة الأم،لتساوی الوصلة من الطرفین،حیث کانت فی إحداهما من الأب و فی الأخری من الأم.و من جعل الردّ مختصّا بالأخت لا یصحّ التقیید عنده بزیادة الوصلة،لعدم تحقّقها،و إنما مستنده النصّ و النقص کما سیأتی (2).

قوله:«مثال الأول.إلخ».

و هو کون الترکة بقدر السهام،کأبوین و بنتین فصاعدا،فإن للأبوین السدسین،و للبنتین أو البنات الثلاثین،و ذلک مجموع الترکة من غیر زیادة.و باقی الأمثلة واضح.

ص:18


1- 1) انظر ص:146.
2- 2) انظر ص:146.

و مثال الثانی:(1)أبوان و بنت و إخوة.

و مثال الثالث:أبوان و زوج و بنتان،[أو]أبوان و زوج و بنت،[أو] زوج أو زوجة و اثنان من ولد الأم مع أختین للأب و الأم أو للأب.

و إن لم یکن المساوی ذا فرض کان له ما بقی.

مثاله:أبوان أو أحدهما و ابن،أب و زوج أو زوجة،ابن و زوج أو زوجة،أخ و زوج أو زوجة.

المقدّمة الثانیة فی موانع الإرث
اشارة

المقدّمة الثانیة فی موانع الإرث(2)

و هی ثلاثة:الکفر،و القتل،و الرقّ

و هی ثلاثة:الکفر،و القتل،و الرقّ.

أمّا الکفر

[أمّا الکفر]:

قوله:«و مثال الثانی.إلخ».

و هو زیادة الترکة عن سهام ذوی الفروض مع وجود الحاجب لأحدهم، فإن للأبوین السدسین،و للبنت النصف،یبقی سدس یردّ علی البنت و الأب أرباعا علی نسبة سهامهما،و لا یردّ علی الأم،لوجود الحاجب.و لو لم یکن إخوة ردّ علی الجمیع،و کان مثالا للزیادة أیضا.و لو قال:مع الإخوة أو بدونهم،شمل الأمرین،لأن زیادة الفریضة علی السهام توجب الردّ علی ذوی الفروض،إما الجمیع مع (1)عدم الحاجب،أو البعض معه (2).

قوله:«فی موانع الإرث.إلخ».

حصر الموانع فی ثلاثة جعلیّ،

ص:19


1- 1) فی«د،ل،ر،خ»:فمع.
2- 2) فی«خ»:فمعه.

و الکفر المانع:(1)هو ما یخرج به معتقده عن سمة الإسلام.فلا یرث ذمّیّ و لا حربیّ و لا مرتدّ مسلما.

و اختار الثلاثة لکونها أظهر (1)أفرادها،و إلا فالموانع أزید من ذلک،و قد ذکر (2)بعضها فی آخر المقدّمة،و باقی الموانع مذکورة فی تضاعیف الفقه،و قد جمعها فی الدروس (3)عشرین مانعا،و فی کثیر منها تکلّف.

قوله:«و الکفر المانع.إلخ».

اتّفق المسلمون علی أن الکفر مانع للکافر من الإرث،فلا یرث کافر مسلما.و لقوله صلّی اللّه علیه و آله:«لا یرث الکافر المسلم» (4).و لأن الإسلام یعلو و لا یعلی علیه (5).قیل:المراد العلوّ من جهة الإرث،و قیل:مطلقا.و لقوله تعالی وَ لَنْ یَجْعَلَ اللّهُ لِلْکافِرِینَ عَلَی الْمُؤْمِنِینَ سَبِیلاً (6)و فی المیراث إثبات السبیل علیه.و لأن مبنی المیراث علی الولایة،و لهذا لمّا قطعت الرقّیة الولایة قطعت المیراث،و الکافر لا ولایة له علی المسلم،فلا یرث منه.و الاعتماد من ذلک علی النصّ الصریح و الإجماع.

ص:20


1- 1) فی الحجریّتین:أشهر.
2- 2) فی ص:56.
3- 3) الدروس الشرعیّة 2:342.
4- 4) مصنف عبد الرزّاق 6:14 و 15 ح 9851 و 9852،مسند أحمد 5:202،صحیح البخاری 8:194،صحیح مسلم 3:1233 ح 1،صحیح ابن خزیمة 4:322 ح 2985،المعجم الکبیر للطبرانی 1:127 ح 391،سنن الدارقطنی 4:69 ح 7،مستدرک الحاکم 4:345،سنن البیهقی 6:218.
5- 5) مضمون حدیث أخرجه فی الفقیه 4:243 ح 778،الوسائل 17:376 ب«1»من أبواب موانع الإرث ح 11.
6- 6) النساء:141.

و یرث المسلم(1)الکافر،أصلیّا و مرتدّا.

و اختلفوا فی العکس،فأصحابنا و جماعة (1)ممّن خالفنا علی إثباته،بمعنی أن المسلم یرث الکافر،و أکثر (2)المخالفین لنا علی نفیه أیضا.و فی الأدلّة السابقة ما ینبّه علی مطلوبنا.و روی الأصحاب عن النبیّ صلّی اللّه علیه و آله أنه قال:

«نرثهم و لا یرثونا،إن الإسلام لم یزده إلاّ عزّا فی حقّه» (3).و عن الباقر علیه السلام:«لا یرث الیهودیّ و النصرانیّ المسلمین،و یرث المسلم الیهودیّ و النصرانیّ» (4).و عن الصادق علیه السلام أنه سئل عن الرجل المسلم هل یرث المشرک؟قال:«نعم،و لا یرث المشرک المسلم» (5).و أخبارهم (6)فی ذلک کثیرة.

إذا تقرّر ذلک،فالمراد بالکافر المحکوم بکونه لا یرث المسلم من خرج عن الإسلام،سواء کان قد دخل فیه کالمرتدّ أم لا کالکافر الأصلیّ،و سواء کان مع کفره منتحلا للإسلام کالناصبیّ أم لا کالیهودیّ و النصرانیّ،و سواء أقرّ علی دینه کالکتابیّ أم لا کالحربیّ،عملا بعموم الأدلّة.

قوله:«و یرث المسلم.إلخ».

هذا موضع وفاق بین الأصحاب،و قد تقدّم من الأخبار ما یدلّ علیه.

ص:21


1- 1) اللباب فی شرح الکتاب 4:188،الکافی للقرطبی 2:1044،الحاوی الکبیر 8:78، المبسوط للسرخسی 30:30،المغنی لابن قدامة 7:166،روضة الطالبین 5:30.
2- 2) اللباب فی شرح الکتاب 4:188،الکافی للقرطبی 2:1044،الحاوی الکبیر 8:78، المبسوط للسرخسی 30:30،المغنی لابن قدامة 7:167،روضة الطالبین 5:30.
3- 3) الکافی 7:142 ح 1،التهذیب 9:365 ح 1302،الاستبصار 4:189 ح 706،الوسائل 17:376ب«1»من أبواب موانع الإرث ح 14.
4- 4) الکافی 7:143 ح 2،الفقیه 4:244 ح 786،التهذیب 9:366 ح 1303،الاستبصار 4:190 ح 707،الوسائل 17:375 الباب المتقدّم ح 7.
5- 5) الکافی 7:143 ح 3،الفقیه 4:244 ح 781،التهذیب 9:366 ح 1304،الاستبصار 4:190 ح 708،الوسائل 17:375 الباب المتقدّم ح 5.
6- 6) لا حظ الوسائل 17:374 ب«1»من أبواب موانع الإرث.

و لو مات کافر،(1)و له ورثة کفّار و وارث مسلم،کان میراثه للمسلم -و لو کان مولی نعمة أو ضامن جریرة-دون الکافر و إن قرب.و لو لم یخلّف الکافر مسلما،ورثه الکافر إذا کان أصلیّا.

و لو کان المیّت(2)مرتدّا،ورثه الإمام مع عدم الوارث المسلم.و فی روایة:یرثه الکافر.و هی شاذّة.

و خالف (1)فیه أکثر العامّة،و رووا أن النبیّ صلّی اللّه علیه و آله قال:«لا یتوارث أهل ملّتین» (2).و أجیب بأنه-مع تسلیمه-محمول علی نفی التوارث من الجانبین،لأن التفاعل یقتضی ذلک،و هو لا ینفی ثبوته من أحد الطرفین.و قد ورد هذا الجواب مصرّحا فی روایة أبی العبّاس قال:«سمعت أبا عبد اللّه علیه السلام یقول:لا یتوارث أهل ملّتین،یرث هذا هذا،و لا یرث هذا هذا،إن المسلم یرث الکافر،و الکافر لا یرث المسلم» (3).

قوله:«و لو مات کافر.إلخ».

هذا الحکم مشهور بین الأصحاب،بل کأنّه لا خلاف فیه،و لیس علیه من الأخبار دلیل صریح سوی روایة الحسن بن صالح عن أبی عبد اللّه علیه السلام قال:«المسلم یحجب الکافر و یرثه،و الکافر لا یحجب المؤمن و لا یرثه» (4).

و إثبات الحکم بروایة الحسن غیر حسن،إلا أن یجعل المدرک الإجماع.

قوله:«و لو کان المیّت.إلخ».

هذه الروایة رواها إبراهیم بن عبد الحمید عن أبی عبد اللّه علیه السلام فی

ص:22


1- 1) انظر الهامش(1،2)فی الصفحة السابقة.
2- 2) مسند أحمد 2:195،سنن الدارمی 2:369،سنن ابن ماجه 2:912 ح 2731،سنن أبی داود 3:125 ح 2911،سنن الترمذی 4:370 ح 2108.
3- 3) التهذیب 9:367 ح 1313،الاستبصار 4:191 ح 717،الوسائل 17:377 ب«1»من أبواب موانع الإرث ح 15.
4- 4) الکافی 7:143 ح 5،الفقیه 4:244 ح 783،التهذیب 9:366 ح 1307،الاستبصار 4:190 ح 711،الوسائل 17:374 ب«1»من أبواب موانع الإرث ح 2.

و لو کان للمسلم(1)ورّاث کفّار لم یرثوه،و ورثه الإمام[علیه السلام] مع عدم الوارث المسلم.

نصرانیّ أسلم ثمَّ رجع إلی النصرانیّة ثمَّ مات،قال:«میراثه لولده النصاری» (1).

و مقتضاها کون الارتداد عن ملّة.و بمضمونها أفتی الصدوق فی المقنع (2)،و رواه ابن الجنید (3)فی کتابه عن ابن فضّال و ابن یحیی عن أبی عبد اللّه علیه السلام، و قال:«لنا فی ذلک نظر».و الأشهر هو اختصاص إرثه بالمسلمین.

قوله:«و لو کان للمسلم.إلخ».

یدلّ علی ذلک روایات،منها صحیحة أبی بصیر قال:«سألت أبا جعفر علیه السلام عن رجل مسلم مات و له أم نصرانیّة و له زوجة و ولد مسلمون،فقال:

إن أسلمت أمه قبل أن یقسّم میراثه أعطیت السدس،قلت:فإن لم یکن له امرأة و لا ولد و لا وارث له سهم فی الکتاب من المسلمین،و أمّه نصرانیّة،و له قرابة نصاری ممّن له سهم فی الکتاب من المسلمین،و أمّه نصرانیّة،و له قرابة نصاری ممّن له سهم فی الکتاب لو کانوا مسلمین،لمن یکون میراثه؟قال:إن أسلمت أمه فإن جمیع میراثه لها،و إن لم تسلم أمه و أسلم بعض قرابته ممّن له سهم فی الکتاب فإن میراثه له،و إن لم یسلم من قرابته أحد فإن میراثه للإمام» (4).

ص:23


1- 1) الفقیه 4:245 ح 789،التهذیب 9:372 ح 1328،الاستبصار 4:193 ح 724، الوسائل 17:385 ب«6»من أبواب موانع الإرث ح 1.
2- 2) المقنع:179.
3- 3) حکاه عنه العلامة فی المختلف:751.
4- 4) الکافی 7:144 ح 2،الفقیه 4:244 ح 787،التهذیب 9:369 ح 1316،الوسائل 17:380ب«3»من أبواب موانع الإرث ح 1.

و إذا أسلم الکافر(1)علی میراث قبل قسمته،شارک أهله إن کان مساویا فی الدرجة،و انفرد به إن کان أولی.

و لو أسلم بعد القسمة،أو کان الوارث واحدا،لم یکن له نصیب.

قوله:«و إذا أسلم الکافر.إلخ».

لا فرق فی ذلک بین کون المورّث مسلما أو کافرا.و النماء المتجدّد بعد الموت و قبل القسمة تابع للأصل.

و یدلّ علی أصل الحکم-مضافا إلی ما تقدّم من صحیحة أبی بصیر- حسنة عبد اللّه بن مسکان عن أبی عبد اللّه علیه السلام قال:«من أسلم علی میراث قبل أن یقسّم فله میراثه،و إن أسلم بعد ما قسّم فلا میراث له» (1).و غیرها من الأخبار (2).

و لا فرق مع اتّحاد الوارث بین کون عین الترکة باقیة و تالفة،خلافا لابن الجنید (3)حیث حکم بالمشارکة مع بقاء عین الترکة.و هو نادر.

و لو قسّم البعض ورث ممّا لم یقسّم.و لو کان بعض الترکة لا یقبل القسمة، و لم یحصل التراضی علی قسمته،ورث نصیبه منه علی الأقوی.

ص:24


1- 1) الکافی 7:144 ح 3،التهذیب 9:369 ح 1317،الوسائل 17:382 ب«3»من أبواب موانع الإرث ح 2.
2- 2) لا حظ الوسائل 17:380 ب«3»من أبواب موانع الإرث.
3- 3) حکاه عنه العلامة فی المختلف:751.

أما لو لم یکن(1)له وارث سوی الامام[علیه السلام]فأسلم الوارث، فهو أولی من الامام،لروایة أبی بصیر.

و قیل:إن کان قبل نقل الترکة إلی بیت مال الامام،ورث،و إن کان بعده لم یرث.

و قیل:لا یرث،لأن الإمام کالوارث الواحد.

قوله:«أما لو لم یکن.إلخ».

وجه ما اختاره المصنف-رحمه اللّه-من أولویّة المسلم روایة أبی بصیر السابقة (1)،و هی دالّة علی أن من أسلم من أقاربه فهو أولی من الامام،الشامل لنقل ترکته إلی بیت مال الامام قبل الإسلام و عدمه.

و القول بالتفصیل ظاهر الشیخ فی المبسوط (2).و وجهه غیر واضح.

و وجه الأخیر ظاهر،لأن الإمام وارث واحد،فلا قسمة فی حقّه کغیره من الوارث المتّحد.و الأجود ما اختاره المصنف رحمه اللّه،عملا بإطلاق الروایة المعتبرة الاسناد.

ص:25


1- 1) راجع ص 23.
2- 2) المبسوط 4:79.

و لو کان الوارث(1)زوجا أو زوجة و آخر کافرا،فإن أسلم أخذ ما فضل عن نصیب الزوجیّة.و فیه إشکال ینشأ من عدم إمکان القسمة.

و لو قیل:یشارک مع الزوجة دون الزوج،کان وجها،لأن مع فریضة الزوجة یمکن القسمة مع الامام،و الزوج یردّ علیه ما فضل،فلا یتقدّر فی فریضته قسمة،فیکون کبنت مسلمة و أب کافر،أو أخت مسلمة و أخ کافر قوله:«و لو کان الوارث.إلخ».

الحکم هنا مبنیّ علی أن الزوجین إذا لم یکن وارث غیرهما هل یردّ علیهما ما فضل عن فرضهما،أم لا یردّ مطلقا،أم یردّ علی الزوج دون الزوجة؟ فعلی الأول هما کالوارث الواحد،فلا یشارکهما المسلم مطلقا.و علی الأخیر (1)هما کالمتعدّد،لأن الإمام شریکهما،فیعتبر إسلامه قبل مقاسمة الإمام لهما أو وکیله.و علی التفصیل یشارک الزوجة دونه.

و للشیخ فی النهایة (2)و تلمیذه القاضی (3)قول بالردّ علی الزوج و مع ذلک یشارکهما (4)المسلم.و نصره المصنف-رحمه اللّه-فی النکت (5)،محتجّا بأن الزوج لا یستحقّ سوی النصف،و الردّ إنما یستحقّه إذا لم یوجد للمیّت وارث محقّق و لا مقدّر،و هنا الوارث المقدّر موجود،فإنه إذا عرض علی الکافر الإسلام

ص:26


1- 1) فی«و»:الآخر.
2- 2) النهایة:642 و 664.
3- 3) المهذّب 2:141 و 157.
4- 4) فی«ر»:یشارکه.
5- 5) النهایة و نکتها 3:235.

..........

و أسلم صار وارثا و منع (1)الردّ،و إلا ردّ.و بأن استحقاق الزوج الفاضل لیس استحقاقا أصلیّا،بل لعدم الوارث و کونه أقوی من الامام،و الزوج یجری (2)فی الردّ مجری الإمام،فإنه إذا أسلم علی المیراث منع الامام.

و فیه نظر،لأن المعتبر فی الحکم بالردّ علی الزوج و عدمه إنما هو بعد الموت بلا فصل،لأنه وقت الحکم بالإرث و انتقال الترکة إلی الوارث،و المعتبر حینئذ بالوارث المحقّق،و الاکتفاء بالمقدّر لا دلیل علیه،و الاتّحاد علی تقدیر القول بالردّ حاصل.و الفرق بین الاستحقاق الأصلی و غیره لا دخل له فی الحکم بعد القول بثبوته فی الجملة عند عدم الوارث وقت الحکم بالإرث.

قال الشهید فی الشرح:«و التحقیق أن الوارث الواحد إن عنی به الوارث للجمیع بالفرض و الردّ فالحقّ ما قالوه،[من المشارکة] (3)،و إن عنی به الوارث مطلقا فالحقّ المنع،لانسیاق الدلیل فی البنت الواحدة» (4).

و فیه أیضا نظر،لأن الحکم کما یظهر من النصوص السابقة و غیرها منوط بالقسمة و عدمها،و الفرق بین اتّحاد الوارث و تعدّده مترتّب علی ذلک،من حیث إن الواحد لا یتحقّق فی حقّه قسمة،فلا فرق بین الوارث للجمیع بالفرض و الردّ و الوارث له بالقرابة،لانتفاء القسمة علی التقدیرین التی هی علّة المشارکة،فلا فرق بین الزوج علی القول بالردّ علیه و بین البنت الواحدة،لاشتراکهما فی استحقاق جمیع الترکة بالفرض و الردّ.

ص:27


1- 1) فی«د،و»:و یمتنع.
2- 2) کذا فی هامش:«و»بعنوان:ظاهرا،و هو الصحیح،و فی سائر النسخ:فیجری.
3- 3) من«م»و الحجریّتین،و لم ترد فی المصدر.
4- 4) غایة المراد:285.
مسائل أربع

مسائل أربع:

الأولی:إذا کان أحد أبوی الطفل مسلما حکم بإسلامه

الأولی:إذا کان أحد أبوی(1)الطفل مسلما حکم بإسلامه.و کذا لو أسلم أحد الأبوین و هو طفل.و لو بلغ فامتنع عن الإسلام قهر علیه.و لو أصرّ کان مرتدّا.

و أشار المصنف-رحمه اللّه-بقوله:«کبنت مسلمة و أب کافر،أو أخت مسلمة و أخ کافر»إلی أن الحکم بالردّ هنا لو منع لمنع فی البنت الواحدة و الأخت،فإنهما إنما یستحقّان بالفرض النصف-کالزوج-و الباقی إنما یستحقّانه بالردّ،لعدم الوارث المشارک،فلا فرق بینهما و بین الزوج.

و ما قیل من تکلّف الفرق بینهما:بأنهما من اولی الأرحام المقطوع بإرثهم، بخلاف الزوج،لعدم الأمرین (1)فیه.

ففیه:أن التقدیر القول بالردّ علیه سواء کان من اولی الأرحام أم لا،فإن کان الإرث بالردّ مؤثّرا ثبت فی الموضعین و إلا انتفی فیهما.

قوله:«إذا کان أحد أبوی.إلخ».

لمّا کان الارتداد یتحقّق بالخروج عن الإسلام،و کان الإسلام شرعا تارة یتحقّق بالاستقلال و أخری بالتبعیّة،و کان حکم الإسلام بالاستقلال واضحا،نبّه علی القسم الثانی منه.و للتبعیّة فی الإسلام ثلاث جهات:

إحداها:إسلام الأبوین أو أحدهما.و ذلک یفرض من وجهین:

أحدهما:أن یکون الأبوان أو أحدهما مسلما یوم العلوق،فیحکم بإسلام الولد،لأنه جزء من مسلم.

و الثانی:أن یکونا کافرین یوم العلوق ثمَّ یسلمان أو أحدهما،فیحکم

ص:28


1- 1) فی«د»:لعدم الدلیل.
الثانیة:لو خلّف نصرانیّ أولادا صغارا،و ابن أخ و ابن أخت مسلمین

الثانیة:لو خلّف نصرانیّ(1)أولادا صغارا،و ابن أخ و ابن أخت مسلمین،کان لابن الأخ ثلثا الترکة،و لابن الأخت ثلث،و ینفق الاثنان علی الأولاد بنسبة حقّهما،فإن بلغ الأولاد مسلمین،فهم أحقّ بالترکة علی روایة مالک بن أعین.و إن اختاروا الکفر استقرّ ملک الوارثین علی ما ورثاه،و منع الأولاد.

و فیه إشکال ینشأ من إجراء الطفل مجری أبیه فی الکفر،و سبق القسمة علی الإسلام یمنع الاستحقاق.

بإسلام الولد فی الحال أیضا.و الحکم فی ذلک موضع وفاق.و فی إلحاق إسلام أحد الأجداد و الجدّات بالأبوین وجهان أظهرهما ذلک،سواء کان الواسطة بینهما حیّا أم میّتا.فإذا حکم بتبعیّته فبلغ و أعرب عن نفسه الکفر فهو مرتدّ.

و الثانیة:من جهات التبعیّة تبعیّة الدار.و قد تقدّمت (1)فی اللقطة.

و الثالثة:تبعیّة السابی المسلم.و قد تقدّم (2)البحث فیها فی الجهاد و غیره.

و حیث یحکم بإسلامه و لو تبعا یلحقه أحکام المسلم من التوارث-و هو المقصود بالبحث هنا-و غیره.

قوله:«لو خلّف نصرانیّ.إلخ».

قد تقرّر فیما سلف أن الولد یتبع أبویه فی الکفر کما یتبعهما فی الإسلام، لاشتراکهما فی الجزئیّة (3)،و أن من أسلم من الأقارب الکفّار بعد اقتسام الورثة

ص:29


1- 1) فی ج 12:475.
2- 2) فی ج 3:43-46.
3- 3) فی«ط،ل،م»:الحریّة.

..........

المسلمین لا یرث،و من أسلم قبله یشارک أو یختصّ،و من لوازم عدم المشارکة اختصاص الوارث المسلم بنصیبه من الإرث،و لا یجب علیه بذله و لا شیء منه للقریب الکافر،صغیرا کان أم کبیرا.

لکن ذهب أکثر (1)الأصحاب-خصوصا المتقدّمین[2]منهم،کالشیخین[3] و الصدوق[4]و الأتباع[5]-إلی استثناء صورة واحدة من هذه القواعد (2)،و هی ما إذا خلّف الکافر أولادا صغارا غیر تابعین فی الإسلام لأحد،و ابن أخ و ابن أخت مسلمین،فأوجبوا علی الوارثین المذکورین-مع حکمهم بإرثهما-أن ینفقا (3)علی الأولاد بنسبة استحقاقهما من الترکة إلی أن یبلغ الأولاد،فإن أسلموا دفعت إلیهم الترکة،و إلاّ استقرّ ملک المسلمین علیها.

و استندوا فی ذلک إلی صحیحة مالک بن أعین عن أبی جعفر علیه السلام قال:«سألته عن نصرانیّ مات و له ابن أخ مسلم و ابن أخت مسلم و للنصرانی أولاد و زوجة نصاری،قال:فقال:أری أن یعطی ابن أخیه المسلم ثلثی ما ترک، و یعطی ابن أخته المسلم ثلث ما ترک،إن لم یکن له ولد صغار،فإن کان له ولد

ص:30


1- 1) الجامع للشرائع:502،الدروس الشرعیّة 2:346.
2- 6) فی«ل،ر،خ»:الصور.
3- 7) فی«د»:الإنفاق

..........

صغار فإن علی الوارثین أن ینفقا علی الصغار ممّا ورثا من أبیهم حتی یدرکوا.

قلت:کیف ینفقان؟ فقال:یخرج وارث الثلاثین ثلثی النفقة،و یخرج وارث الثلث ثلث النفقة، فإذا أدرکوا قطعا النفقة عنهم،فإن أسلموا و هم صغار دفع ما ترک أبوهم إلی الامام حتی یدرکوا،فإن بقوا علی الإسلام دفع الامام میراثهم إلیهم،و إن لم یبقوا علی الإسلام إذا أدرکوا دفع الامام المیراث إلی ابن أخیه و ابن أخته المسلمین،یدفع إلی ابن أخیه ثلثی ما ترک،و یدفع إلی ابن أخته ثلث ما ترک» (1).

و قد اختلف الأصحاب فی تنزیل هذه الروایة-لکونها معتبرة الإسناد- علی طرق أربع،ثلاث منها للمصنف-رحمه اللّه-فی النکت (2):

أولها:أن المانع من الإرث هنا الکفر،و هو مفقود فی الأولاد،إذ لا یصدق علیهم الکفر حقیقة.

و یضعّف بمنع انحصار المانع فی الکفر،بل عدم الإسلام،و هو هنا متحقّق.

سلّمنا،لکن نمنع من عدم کفر الأولاد،فإنه حاصل لهم بالتبعیّة کما یحصل الإسلام للطفل بها.

و ثانیها:تنزیلها علی أن الأولاد أظهروا الإسلام لکن لمّا لم یعتدّ به لصغرهم کان إسلاما مجازیّا،بل قال بعضهم (3)بصحّة إسلام الصغیر،فکان قائما مقام إسلام الکبیر،لا فی استحقاق الإرث بل فی المراعاة و منعهما من القسمة الحقیقیّة إلی البلوغ لینکشف الأمر.

ص:31


1- 1) الکافی 7:143 ح 1،الفقیه 4:245 ح 788،التهذیب 9:368 ح 1315،الوسائل 17: 379 ب«2»من أبواب موانع الإرث ح 1.
2- 2) النهایة و نکتها 3:236-237.
3- 3) انظر الخلاف 3:591 مسألة(20).

..........

و یضعّف بأن الإسلام المجازیّ لا یعارض الحقیقیّ،و المفروض الحکم بعدم صحّة إسلام الصغیر،فإذا سبق الإسلام الحقیقیّ و استقرّ الإرث بالقسمة لم یعتبر اللاحق.

و ثالثها:تنزیلها علی أن المال لم یقسّم حتی بلغوا و أسلموا،سواء سبق منهم الإسلام فی حال الطفولیّة أم لا.

و یضعّف بأن الروایة ظاهرة فی حصول القسمة قبل إسلامهم،لأنه قال:

«یعطی ابن أخیه ثلثی ما ترک،و ابن أخته ثلث ما ترک،و قال:یخرج وارث الثلاثین ثلثی النفقة،و وارث الثلث ثلث النفقة»و لو لم یکن هناک قسمة لکان الإخراج من جملة المال،و حمل ذلک علی الإخبار عن قدر المستحقّ خلاف الظاهر بل الصریح.

و رابعها-و هو الذی اختاره العلامة فی المختلف (1)-:تنزیلها علی الاستحباب.و هذا أولی.و أفرط آخرون (2)فطرّدوا حکمها إلی ذی القرابة المسلم مع الأولاد.و ردّها أکثر (3)المتأخّرین،لمنافاتها للأصول.

و الحقّ أنها لیست من الصحیح،و إن وصفها به جماعة من المحقّقین، کالعلامة فی المختلف (4)و الشهید فی الدروس (5)و الشرح (6)و غیرهما (7)،لأن

ص:32


1- 1) المختلف:740-741.
2- 2) انظر الهامش(2)و الموردین الأخیرین من الهامش(5)فی ص:30.
3- 3) السرائر 3:268-269،کشف الرموز 2:423،تحریر الأحکام 2:171-172،حاشیة الکرکی علی الشرائع:252(مخطوط).
4- 4) المختلف:740.
5- 5) الدروس الشرعیّة 3:345.
6- 6) غایة المراد:285.
7- 7) المهذّب البارع 4:337.
الثالثة:المسلمون یتوارثون و إن اختلفوا فی المذاهب

الثالثة:المسلمون یتوارثون(1)و إن اختلفوا فی المذاهب،و الکفّار یتوارثون و إن اختلفوا فی النحل.

مالک بن أعین لم ینصّ الأصحاب علیه بتوثیق بل و لا بمدح،بل المذمّة موجودة فی حقّه کما فی القسم الثانی من الخلاصة (1)،فصحّتها إضافیّة بالنسبة إلی من عداه،فسهل الخطب فی أمرها،و اتّجه القول باطّراحها أو حملها علی الاستحباب.

قوله:«المسلمون یتوارثون.إلخ».

الحکم فی الأمرین هو المشهور بین الأصحاب،و علیه العمل.و الوجه فیه عموم (2)الأدلّة الدالّة علی التوارث بین أهله إلا ما أخرجه الدلیل،و لم یثبت أن اختلاف مذاهب المسلمین-الذی لا یخرجون به عن سمة الإسلام-و نحل الکفر-مع اشتراکهم فیه-من الموانع.و وجّه أیضا بأن المسلمین علی اختلاف مذاهبهم یجمعهم أمر واحد و هو الإسلام الموجب للموالاة و المناصرة،و الکفّار مع تفرّقهم یجمعهم أمر واحد و هو الشرک باللّه تعالی،و هم کالنفس الواحدة فی معاداة المسلمین و التمالؤ علیهم،فجعل اختلافهم کاختلاف مذاهب المسلمین فی الإسلام،و قد قال تعالی لَکُمْ دِینُکُمْ وَ لِیَ دِینِ (3)فَما ذا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلالُ (4)فأشعر بأن الکفر کلّه ملّة واحدة.

ص:33


1- 1) الخلاصة:261 رقم(7).
2- 2) لا حظ الوسائل 17:383-385 ب«4-6»من أبواب موانع الإرث.
3- 3) الکافرون:6.
4- 4) یونس:32.
الرابعة:تقسّم ترکة المرتدّ عن فطرة حین ارتداده،و تبین زوجته

الرابعة:تقسّم ترکة المرتدّ(1)عن فطرة حین ارتداده،و تبین زوجته، و تعتدّ عدّة الوفاة،سواء قتل أو بقی،و لا یستتاب.

و المرأة لا تقتل،و تحبس و تضرب أوقات الصلوات،و لا تقسّم ترکتها حتی تموت.

و خالف فی ذلک أبو الصلاح (1)فقال:یرث کفّار ملّتنا غیرهم من الکفّار، و لا یرثهم الکفّار.و قال أیضا:المجبّر و المشبّه و جاحد الإمامة لا یرثون المسلم.

و عن المفید (2):یرث المؤمنون أهل البدع من المعتزلة و المرجئة و الخوارج من الحشویّة،و لا یرث هذه الفرقة مؤمنا.

قوله:«تقسّم ترکة المرتدّ.إلخ».

الغرض من ذکر المرتدّ هنا بیان کون ماله یقسّم بین ورثته و إن کان حیّا، و ذلک فی المرتدّ الفطریّ الرجل،فاحتاج إلی ذکر باقی أقسامه،و إلا فله بحث یخصّه فی باب (3)آخر.

و المراد بکونه لا یستتاب أن یقتل سواء تاب أم لا،لعموم قوله صلّی اللّه علیه و آله:«من بدّل دینه فاقتلوه» (4).و صحیحة محمد بن مسلم عن الباقر علیه السلام قال:«من رغب عن دین الإسلام و کفر بما أنزل اللّه علی محمد صلّی اللّه علیه و آله بعد إسلامه فلا توبة له،و وجب قتله،و بانت امرأته،و یقسّم ما ترک

ص:34


1- 1) الکافی فی الفقه:374-375.
2- 2) المقنعة:701.
3- 3) فی الباب الأول من القسم الثانی من کتاب الحدود.
4- 4) مسند أحمد 1:217،صحیح البخاری 4:75،سنن ابن ماجه 2:848 ح 2535،سنن أبی داود 4:126 ح 4351،سنن النسائی 7:104-105،مستدرک الحاکم 3:538- 539،سنن البیهقی 8:202.

و لو کان المرتدّ(1)لا عن فطرة استتیب،فإن تاب و إلا قتل.و لا یقسّم ماله حتی یقتل أو یموت.و تعتدّ زوجته من حین اختلاف دینهما،فإن عاد قبل خروجها من العدّة فهو أحقّ بها،و إن خرجت العدّة و لم یعد فلا سبیل له علیها.

علی ولده» (1).

و لا خلاف فی عدم قبول توبته بالنسبة إلی جریان هذه الأحکام علیه، بمعنی أنها تجری علیه سواء تاب أم لا.و أما عدم قبولها مطلقا فالمشهور ذلک، عملا بإطلاق الأخبار (2).و الحقّ قبولها فیما بینه و بین اللّه تعالی،حذرا من التکلیف بما لا یطاق،و للجمع بین الأدلّة (3)الدالّة علی قبولها مطلقا و عدمه (4)هنا.

و الحکم فی الفطریّ مختصّ بالرجل،أما المرأة فتستتاب و تقبل منها،حتی لو امتنعت منها لم تقتل بل تحبس و یضیّق علیها فی المطعم و الملبس،و تضرب أوقات الصلوات بحسب ما یراه الحاکم،و تستعمل فی الحبس فی أسوء الأعمال إلی أن تتوب أو تموت،روی (5)ذلک الحلبیّ فی الصحیح عن الصادق علیه السلام.

قوله:«و لو کان المرتدّ.إلخ».

ذکر المرتدّ عن ملّة

ص:35


1- 1) الکافی 7:153 ح 4،التهذیب 9:373 ح 1333،الوسائل 17:387 ب«6»من أبواب موانع الإرث ح 5.
2- 2) لا حظ الوسائل 17:387 ب«6»من أبواب موانع الإرث ح 5.
3- 3) التوبة:104،طه:82،الشوری:25.
4- 4) لا حظ الوسائل 17:387 ب«6»من أبواب موانع الإرث ح 5.
5- 5) الفقیه 3:89 ح 335،التهذیب 10:143 ح 565،الوسائل 18:549 ب«4»من أبواب حدّ المرتدّ ح 1،و فی الأخیرین:عن حمّاد.
و أما القتل

و أما القتل:(1) فیمنع القاتل من الإرث إذا کان عمدا ظلما.و لو کان بحقّ لم یمنع.

و لو کان القتل خطأ ورث علی الأشهر.

و خرّج المفید (1)-رحمه اللّه-وجها[آخر]،هو المنع من الدیة.

و هو حسن.و الأول أشبه.

هنا عرضیّ (2)،لأن قسمة ماله موقوف علی قتله و معه یساوی غیره.و أما ذکر اعتداد زوجته فلا دخل له فی هذا المقام،و سیأتی بحثه فی بابه (3).

قوله:«و أما القتل.إلخ».

من الأسباب المانعة للمیراث القتل،فالقاتل لا میراث له،لقوله صلّی اللّه علیه و آله:«لا میراث للقاتل» (4).و فی حدیث آخر عنه صلّی اللّه علیه و آله:«من قتل قتیلا فإنه لا یرثه و إن لم یکن له وارث غیره» (5).و الحکمة الکلّیة فیه أنّا لو ورّثنا القاتل لم یؤمن مستعجل الإرث أن یقتل مورّثه،فاقتضت المصلحة حرمانه مؤاخذة له بنقیض مطلوبه.

ثمَّ إن کان القتل عمدا ظلما فلا خلاف فی عدم إرثه،و هو المطابق للحکمة المذکورة.و إن کان بحقّ لم یمنع اتّفاقا،سواء جاز للقاتل ترکه کالقصاص و قتل

ص:36


1- 1) انظر الهامش(5)فی ص:38.
2- 2) فی الحجریّتین:غیر مرضیّ.
3- 3) فی الباب الأول من القسم الثانی من کتاب الحدود.
4- 4) الکافی 7:141 ح 5،التهذیب 9:378 ح 1352،الوسائل 17:388 ب«7»من أبواب موانع الإرث ح 1،سنن ابن ماجه 2:884 ح 2646.
5- 5) سنن البیهقی 6:220،تلخیص الحبیر 3:85 ح 1359.

..........

الصائل أم لا کرجم المحصن و قتل المحارب.و إن کان خطأ ففی منعه مطلقا،أو عدمه مطلقا،أو منعه من الدیة خاصّة،أقوال:

أحدها-و هو الذی اختاره المصنف رحمه اللّه،و قبله المفید (1)و سلاّر (2)-:

أنه یرث مطلقا،لصحیحة عبد اللّه بن سنان عن الصادق علیه السلام قال:«سألته عن رجل قتل أمه أ یرثها؟قال:إن کان خطأ ورثها،و إن کان عمدا لم یرثها» (3).

و روایة محمد بن قیس عن أبی جعفر علیه السلام قال:«قضی أمیر المؤمنین علیه السلام فی رجل قتل أمه قال:إن کان خطأ فإن له میراثه،و إن کان قتلها متعمّدا فلا یرثها» (4).و لانتفاء الحکمة الباعثة علی نفی الإرث حیث لم یقصد القتل.

و ثانیها:أنه لا یرث مطلقا،و هو قول (5)ابن أبی عقیل،لعموم قوله صلّی اللّه علیه و آله فی صحیحة هشام بن سالم و غیرها:«لا میراث للقاتل» (6)الشامل بعمومه لموضع النزاع،و خصوص روایة (7)الفضیل بن یسار عن الصادق علیه السلام أنه قال:«لا یرث الرجل الرجل إذا قتله و إن کان خطأ» (8).

ص:37


1- 1) راجع المقنعة:703.
2- 2) المراسم:218.
3- 3) التهذیب 9:379 ح 1358،الاستبصار 4:193 ح 726،الوسائل 17:392 ب«9»من أبواب موانع الإرث ح 2.
4- 4) التهذیب 9:379 ح 1357،الاستبصار 4:193 ح 725،الوسائل 17:391 ب«9» من أبواب موانع الإرث ح 1.
5- 5) حکاه عنه العلامة فی المختلف:7422.
6- 6) تقدّم ذکر مصادره فی الصفحة السابقة هامش(4).
7- 7) فی«ل،ر،خ»:صحیحة.
8- 8) الکافی 7:141 ح 7،التهذیب 9:379 ح 1359،الاستبصار 4:193 ح 727،الوسائل 17: 392 ب«9»من أبواب موانع الإرث ح 3.

..........

و ثالثها:أنه یرث ممّا عدا الدیة،ذهب إلیه أکثر الأصحاب کالمرتضی (1)و ابن الجنید (2)و الشیخ (3)و الأتباع (4)،و حسّنه المصنف و نقله عن تخریج المفید[1]، و اختاره العلامة (5)و أکثر (6)المتأخّرین،لأن فیه جمعا بین الدلیلین،و لأن الدیة یجب علیه دفعها إلی الوارث علی تقدیر کون الخطأ شبیه العمد،و یدفعها عاقلته إلی الوارث علی تقدیر کونه محضا،لقوله تعالی وَ دِیَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلی أَهْلِهِ (7)و لا شیء من الموروث له یجب دفعه إلی الوارث،و الدفع إلی نفسه و أخذه من عاقلته عوض ما جناه لا یعقل.و لروایة عمرو بن شعیب،عن أبیه،عن جدّه،أن النبیّ صلّی اللّه علیه و آله قال:«ترث المرأة من مال زوجها و من دیته،و یرث الرجل من مالها و دیتها،ما لم یقتل أحدهما صاحبه،فإن قتل أحدهما صاحبه عمدا فلا یرثه من ماله و لا من دیته،و إن قتله خطأ ورث من ماله و لا یرث من دیته» (8).

و هی نصّ،و ذکر الزوجین غیر مخصّص إجماعا.

و فی کلّ واحد من دلیل القولین نظر.أما الاستدلال بعموم نفی إرث القاتل ففیه[حینئذ] (9)منع العموم،لأن المفرد المعرّف لا یفیده علی ما حقّق فی

ص:38


1- 1) الانتصار:307.
2- 2) حکاه عنه العلامة فی المختلف:742.
3- 3) النهایة:672.
4- 4) المهذّب 2:162،الوسیلة:396،غنیة النزوع:330،إصباح الشیعة:371.
5- 6) تحریر الأحکام 2:172،قواعد الأحکام 2:163،إرشاد الأذهان 2:128.
6- 7) إیضاح الفوائد 4:179،اللمعة الدمشقیّة:155،المقتصر:359.
7- 8) النساء:92.
8- 9) سنن ابن ماجه 2:914 ح 2736،سنن البیهقی 6:221.
9- 10) من«د،و،م».

و یستوی فی ذلک(1)الأب و الولد و غیرهما،من ذوی الأنساب و الأسباب.

الأصول.سلّمنا أنه یفیده عند بعضهم (1)لکنّه عامّ و الأخبار الدالّة علی إرث الخاطئ خاصّة،فیجب الجمع بینهما بتخصیص العامّ بما عدا مدلول الخاصّ.

و روایة الفضیل الدالّة صریحا فیها الضعف و الإرسال،فإنها رویت بطریقین:أحدهما فیه ابن فضّال عن رجل عن محمد بن سنان عن حمّاد بن عثمان عن الفضیل،و الآخر معلّی بن محمد عن بعض أصحابه عن حمّاد، و کلاهما یشتمل علی الإرسال.و لا یخفی ضعف الأول بمحمد بن سنان فضلا عن ابن فضّال.و الثانی بالمعلّی بن محمد،فقد قال النجاشی (2):إنه مضطرب الحدیث و المذهب،و ابن الغضائری (3):إنه یعرف حدیثه و ینکر.

و جمع الثالث بین الدلیلین یتوقّف علی إثبات دلیل من الجانبین لیجمع بینهما،و هو مفقود علی ما رأیت.و حدیث دفع الدیة إلی الوارث و منع أخذ القاتل لها استبعاد محض.و روایة عمرو بن شعیب عامیة.

قوله:«و یستوی فی ذلک.إلخ».

لعموم (4)الأدلّة الشاملة لجمیع من ذکر،و لا نعلم فیه خلافا،و إن کان ظاهر الترکیب فی عادة المصنف التنبیه بذلک علی خلاف العامّة،و قد یوجد فی بعض (5)کتب الحنفیّة أن القتل المانع هو الموجب للقصاص و الکفّارة،و ظاهره أنه

ص:39


1- 1) المستصفی 3:222-223،المعارج للمحقّق الحلّی:86،البحر المحیط 3:97-98.
2- 2) رجال النجاشی:418 رقم(1117).
3- 3) حکاه عنه العلامة فی الخلاصة:259 رقم(2).
4- 4) لاحظ الوسائل 17:388 ب«7»من أبواب موانع الإرث ح 1،5.
5- 5) تبیین الحقائق للزیلعی 6:240.

و لو لم یکن وارث(1)سوی القاتل کان المیراث لبیت المال.

و لو قتل أباه،و للقاتل ولد،ورث جدّه إذا لم یکن هناک ولد للصّلب،و لم یمنع من المیراث بجنایة أبیه.(2) و لو کان للقاتل(3)وارث کافر منعا جمیعا،و کان المیراث للإمام.

یخرج به قتل الوالد ولده،فإنه لا یوجبهما،فیکون هذا تنبیها علی خلافه،إلاّ أنهم صرّحوا بحرمان الأب أیضا،و اعتذروا عن العبارة بأن قتل الأب یوجب القصاص إلاّ أنه سقط بحرمة الأبوّة.

قوله:«و لو لم یکن وارث.إلخ».

أی:بیت مال الامام علی قواعد الأصحاب من أن الامام وارث من لا وارث له،و هذا خلاف ظاهر بیت المال حیث یطلق،لکنّه متجوّز فیه.و العامّة (1)جعلوا میراث من لا وارث له[کذلک] (2)لبیت مال المسلمین کما أطلقه المصنف رحمه اللّه.

قوله:«و لو قتل أباه-إلی قوله-بجنایة أبیه».

لأن القرب الموجب للإرث متحقّق،و المانع منتف،و وجوده فی الأب لا یصلح للمانعیّة فی غیره،للأصل، وَ لا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْری (3).

قوله:«و لو کان للقاتل.إلخ».

لوجود المانع فی کلّ منهما،الأول بالقتل،و الثانی بالکفر.فلو اتّفق للکافر قریب للمقتول ورثه،و لم یمنع من إرثه وجود المانعین فی الواسطتین کما لا یمنع وجود الواحدة،للأصل.

ص:40


1- 1) انظر الکافی للقرطبی 2:1064،التنبیه للشیرازی:154،کفایة الأخیار 2:13.
2- 2) من«د».
3- 3) فاطر:18.

و لو أسلم الکافر کان المیراث له،و المطالبة إلیه.و فیه قول آخر.(1)

و هنا مسائل

و هنا مسائل:

الأولی:إذا لم یکن للمقتول وارث سوی الامام

الأولی:إذا لم یکن(2)للمقتول وارث سوی الامام،فله المطالبة بالقود أو الدیة مع التراضی،و لیس له العفو.

قوله:«و لو أسلم الکافر-إلی قوله-قول آخر».

هذا مبنیّ علی الخلاف السابق (1)حیث یکون الوارث الامام هل یکون کالوارث الواحد نظرا إلی الظاهر،أو کالمتعدّد قبل القسمة عملا بالروایة (2)،أو بالتفصیل بنقل الترکة إلی الامام و عدمه؟فعلی الأول لا شیء للمسلم بعد قتل مورّثه.و علی الثانی-و هو الذی اختاره المصنف فی الموضعین (3)-فالمیراث له.

و هو أجود.

قوله:«إذا لم یکن.إلخ».

هذا هو المشهور بین الأصحاب،و ذهب إلیه الشیخ (4)و أتباعه (5)و المصنف و أکثر (6)المتأخّرین.و المستند صحیحة أبی ولاّد عن الصادق علیه السلام فی الرجل یقتل و لیس له ولیّ إلا الامام:«أنه لیس للإمام أن یعفو،و له أن یقتل أو یأخذ الدیة» (7).و هو یتناول العمد و الخطأ.

ص:41


1- 1) راجع ص:25.
2- 2) تقدّم ذکر مصادرها فی ص:23 هامش(4).
3- 3) راجع ص:25.
4- 4) النهایة:672-673 و 739.
5- 5) المهذّب 2:162.
6- 6) قواعد الأحکام 2:163،الدروس الشرعیّة 2:348،المقتصر:361.
7- 7) التهذیب 10:178 ح 696،الوسائل 19:93 ب«60»من أبواب القصاص فی النفس ح 2.
الثانیة:الدیة فی حکم(1)مال المقتول،یقضی منها دینه،و یخرج منها وصایاه

الثانیة:الدیة فی حکم(1)مال المقتول،یقضی منها دینه،و یخرج منها وصایاه،سواء قتل عمدا فأخذت الدیة أو خطأ.

و ذهب ابن إدریس (1)إلی جواز عفوه عن القصاص و الدیة کغیره من الأولیاء،بل هو أولی بالعفو.

و له وجه وجیه،إلا أن صحّة الروایة و ذهاب معظم الأصحاب إلی العمل بمضمونها مع عدم المعارض تعیّن العمل بها.

قوله:«الدیة فی حکم.إلخ».

الدیة فی حکم مال المقتول و إن کان ثبوتها (2)متأخّرا عن الحیاة التی هی شرط الملک،للنصّ (3)،و لأنها عوض النفس فصرفها فی مصلحتها أولی ممّا هو عوض المال و الطرف،و من أهمّ مصالحها وفاء الدّین.

و ربما قیل بأنه لا یصرف منها فی الدّین شیء،لما أشرنا إلیه من تأخّر استحقاقها عن الحیاة،و الدّین کان متعلّقا بالذمّة فی حال الحیاة و بالمال بعدها، و المیّت لا یملک بعد وفاته.و هو شاذّ.

و نبّه بالتسویة بین الواجبة بقتل الخطأ و بالعمد-إذا تراضیا علی الدیة- علی خلاف بعضهم (4)حیث فرّق بین الدیتین،فإن العمد إنما یوجب القصاص و هو حقّ للوارث،فإذا رضی بالدیة کانت عوضا عنه،فکانت أبعد عن استحقاق المیّت من دیة الخطأ.

ص:42


1- 1) السرائر 3:336.
2- 2) فی«د»:نفوذها.
3- 3) التهذیب 9:377 ح 1347،الوسائل 17:397 ب«14»من أبواب موانع الإرث.
4- 4) السرائر 2:48-49.
الثالثة:یرث الدیة کلّ مناسب و مسابب

الثالثة:یرث الدیة کلّ(1)مناسب و مسابب،عدا من یتقرّب بالأم، فإن فیهم خلافا.

و علی المشهور من تعلّق الدّین بالدیة مطلقا لو کان القتل عمدا و أراد الوارث الاقتصاص،فهل للدیّان منعه منه إلی أخذ الدیة لیوفی منها دینه؟قولان أشهرهما العدم،لأن القصاص حقّه،و لقوله تعالی وَ مَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِیِّهِ سُلْطاناً (1).و قال الشیخ (2):لهم منعه حتی یضمن لهم الدّین لئلاّ یضیع حقّهم،استنادا إلی روایة (3)أبی بصیر عن أبی عبد اللّه علیه السلام.و الأظهر الأول.

قوله:«یرث الدیة کلّ.إلخ».

اختلف الأصحاب فی وارث الدیة علی أقوال:

أحدها:أن وارثها من یرث غیرها من أمواله،ذهب إلیه الشیخ فی المبسوط (4)و موضع من الخلاف (5)و ابن إدریس (6)فی أحد قولیه،لعموم آیة (7)اولی الأرحام،فإنه جمع مضاف.

و الثانی:أنه یرثها من عدا المتقرّب بالأم،ذهب إلیه الشیخ فی النهایة (8)

ص:43


1- 1) الإسراء:33.
2- 2) النهایة:309.
3- 3) التهذیب 6:312 ح 861،الوسائل 13:112 ب«24»من أبواب الدین و القرض ح 2.
4- 4) المبسوط 7:53-54.
5- 5) الخلاف 4:114 مسألة(127).
6- 6) السرائر 3:328.
7- 7) الأنفال:75.
8- 8) النهایة:673.

..........

و أتباعه (1)و ابن إدریس (2)فی القول الآخر،لصحیحة عبد اللّه بن سنان عن أبی عبد اللّه علیه السلام:«أن أمیر المؤمنین علیه السلام قضی أن الدیة یرثها الورثة [علی کتاب اللّه و سهامهم إذا لم یکن علی المقتول دین] (3)إلاّ الإخوة من الأم و الأخوات من الأم،فإنهم لا یرثون من الدیة شیئا» (4).و مثلها روایة (5)محمد بن قیس عن الباقر علیه السلام،و روایة (6)عبید بن زرارة عن الصادق علیه السلام.

و هذه الروایات دلّت علی حرمان الإخوة للأم لا مطلق المتقرّب بها،و کأنهم عمّموا الحکم فیهم لثبوته فیهم بطریق أولی،لأن الإخوة أقرب من الأخوال و أولادهم،فحرمانهم یستلزم حرمانهم.

و هذا القول أجود،لصحّة بعض روایاته،و کونها خاصّة و الآیة (7)عامّة.و لو قیل بقصر الحکم فیها علی موضع النصّ کان وجها.

و الثالث:أنه یمنع المتقرّب بالأم و المتقرّب بالأب وحده لا غیر.و هو قول الشیخ فی موضع آخر من الخلاف (8).

ص:44


1- 1) جواهر الفقه:168 مسألة(597)،غنیة النزوع:330،إصباح الشیعة:371.
2- 2) السرائر 3:274.
3- 3) العبارة فیما بین المعقوفتین لیست فی مصادر الحدیث،و وردت فی جمیع النسخ الخطّیّة.
4- 4) الکافی 7:139 ح 4،التهذیب 9:375 ح 1339،الوسائل 17:393 ب«10»من أبواب موانع الإرث ح 2.
5- 5) الکافی 7:139 ح 5،التهذیب 9:375 ح 1340،الوسائل 17:394ب«10»من أبواب موانع الإرث ح 4.
6- 6) الکافی 7:139 ح 6،التهذیب 9:376 ح 1343،الوسائل 17:394ب«10»من أبواب موانع الإرث ح 5.
7- 7) الأنفال:75.
8- 8) الخلاف 5:178 مسألة(41).

و لا یرث أحد الزوجین(1)القصاص.و لو وقع التراضی بالدیة ورثا نصیبهما منها.

و أما الرقّ

و أما الرقّ:

فیمنع(2)فی الوارث و فی الموروث.فمن مات و له وارث حرّ و آخر مملوک،فالمیراث للحرّ و لو بعد،دون الرقّ و إن قرب.

قوله:«و لا یرث أحد الزوجین.إلخ».

هذا موضع وفاق،و علّل بأن القصاص یثبت للولیّ للتشفّی،و لا نسب فی الزوجیّة من حیث هی زوجیّة یوجبه.

و أما مع التراضی بالدیة فهی مال فیلحقه حکم غیره من أموال المقتول، فیرثان نصیبهما منها.

قوله:«و أما الرقّ فیمنع.إلخ».

بمعنی أن الرقّ لا یرث ممّا ترکه مورّثه الحرّ شیئا،بل هو لغیره من الورثة الأحرار.و علّل-مع النصّ (1)-بأنه لو ورث لکان الملک للسیّد،و السیّد أجنبیّ من المیّت،فلا یمکن توریثه منه.و لا یمکن القول بأنه یرث المملوک ثمَّ یتلقّاه السیّد بحقّ الملک،لأن المملوک لا یقبل الملک،و لو قبله لما زال عنه بغیر سبب شرعیّ.

و أما منع الرقّ فی جانب الموروث فواضح علی القول بأنه لا یملک شیئا، و لکن لا یظهر للمنع علی هذا التقدیر صورة،کما أن عدم ترک المیّت مالا أصلا لا یعدّ مانعا،و إنما یظهر علی القول بأنه یملک.و الوجه حینئذ أنه ملک غیر مستقرّ یعود إلی السیّد إذا زال الملک عن رقبته،کما إذا باعه.

ص:45


1- 1) لاحظ الوسائل 17:399 ب«16»من أبواب موانع الإرث.

و لو کان الوارث رقّا،(1)و له ولد حرّ،لم یمنع الولد برقّ أبیه.

و لو کان الوارث اثنین فصاعدا،فعتق المملوک قبل القسمة،شارک إن کان مساویا،و انفرد إن کان أولی.

و لو کان عتقه(2)بعد القسمة لم یکن له نصیب.و کذا لو کان المستحقّ للترکة واحدا،لم یستحقّ العبد بعتقه نصیبا.

و یستوی فی ذلک القنّ و المکاتب المشروط و الذی لم یؤدّ شیئا و المدبّر و أم الولد،فلا یرثون و لا یورثون.

و خالف فی ذلک بعضهم (1)،فذهب إلی أن المکاتب إذا مات عن وفاء فما یفضل عن النجوم لورثته و یموت حرّا.و قد تقدّم (2)البحث فیه.

قوله:«و لو کان الوارث رقّا.إلخ».

لوجود المقتضی للإرث فی الولد و هو القرابة،و انتفاء المانع،إذ لیس إلا منع أبیه و هو غیر صالح للمانعیّة،لأن المانع هو الرقّیة فی الوارث و هو منتف،کما مرّ (3)فی الکفر و القتل.

و یدلّ علی هذا بخصوصه روایة مهزم عن أبی عبد اللّه علیه السلام فی عبد مسلم و له أم نصرانیّة و للعبد ابن حرّ،قیل:«أرأیت إن ماتت أم العبد و ترکت مالا؟قال:یرثها ابن ابنها الحرّ» (4)الحدیث.

قوله:«و لو کان عتقه.إلخ».

البحث هنا کالبحث فی إسلام القریب.و قد دلّ علی هذا الحکم بخصوصه

ص:46


1- 1) کابن الجنید،حکاه عنه العلامة فی المختلف:640،و انظر المغنی لابن قدامة 7:132-133.
2- 2) فی ج 10:458-459.
3- 3) فی ص:40.
4- 4) الکافی 7:150 ح 1،التهذیب 9:337 ح 1214،الاستبصار 4:178 ح 672،الوسائل 17:401ب«17»من أبواب موانع الإرث ح 1.

و إذا لم یکن للمیّت(1)وارث سوی المملوک،اشتری المملوک من الترکة و أعتق و اعطی بقیّة المال،و یقهر المالک علی بیعه.

صحیحة محمد بن مسلم عن أحدهما علیهما السلام،و فیها:«و من أعتق علی میراث قبل أن یقسّم المیراث فهو له،و من أعتق بعد ما قسّم فلا میراث له» (1).

و قریب منها روایة (2)ابن مسکان عن أبی عبد اللّه علیه السلام.

قوله:«و إذا لم یکن للمیّت.إلخ».

هذا مذهب الأصحاب،و روایاتهم (3)به مستفیضة عن علیّ و أهل بیته علیهم السلام،و رواه العامّة[1]عن علیّ علیه السلام أیضا و عن ابن مسعود (4)،و إن لم یعملوا به.و لا فرق فی المملوک بین القنّ و المکاتب و المدبّر و أم الولد، لاشتراک الجمیع فی أصل الرقّیة و إن تشبّث بعضهم بالحریّة.و النهی عن بیع أم الولد مخصوص بغیر ما فیه تعجیل عتقها،لأنه زیادة فی مصلحتها التی نشأ منها المنع من البیع،فیصحّ هنا بطریق أولی.

و لو کان المکاتب المطلق قد أدّی شیئا و عتق منه بحسابه فکّ الباقی،و إن کان یرث بجزئه الحرّ،لأن ما قابل جزءه الرقّ من الإرث بمنزلة ما لا وارث له.

و یتولّی الشراء و العتق الحاکم،فإن تعذّر وجب علی غیره کفایة.

ص:47


1- 1) الکافی 7:144 ح 4،التهذیب 9:369 ح 1318،الوسائل 17:382 ب«3»من أبواب موانع الإرث ح 3.
2- 2) التهذیب 9:336 ح 1210،الوسائل 17:402 ب«18»من أبواب موانع الإرث ح 2.
3- 3) لاحظ الوسائل 17:404 ب«20»من أبواب موانع الإرث.
4- 5) نقله القفّال عنه فی حلیة العلماء 6:266،و ابن قدامة فی المغنی 7:131.

و لو قصر المال(1)عن ثمنه،قیل:یفکّ بما وجد،و یسعی فی الباقی، و قیل:لا یفکّ،و یکون المیراث للإمام،و هو الأظهر.

و کذا لو ترک وارثین أو أکثر،و قصر نصیب کلّ واحد منهم أو نصیب بعضهم عن قیمته،لم یفکّ[أحدهم]و کان المیراث للإمام.

و هل یکفی شراؤه عن الإعتاق،أم یتوقّف علی العتق بعده؟وجهان، و ظاهر قوله-کغیره (1)-:«اشتری.و أعتق»هو الثانی،و لا ریب أنه أولی.

و حیث یمتنع المالک من بیعه یدفع إلیه قیمته السوقیّة لا أزید و إن رضی بالبیع بالأزید،و یقوم ذلک مقام الشراء،ثمَّ یعتق.

قوله:«و لو قصر المال.إلخ».

موضع الوفاق علی الشراء فی الجملة فیما إذا کانت الترکة تفی بقیمة الرقیق،متّحدا کان أم متعدّدا.أما لو قصرت عن قیمته أو عن نصیب کلّ واحد فی المتعدّد ففی فکّ ما أمکن منه قولان:

أحدهما-و هو المشهور-:العدم،و اختاره المصنف و الأکثر (2)،لأن الفکّ علی خلاف الأصل من وجوه کثیرة فیقتصر فیه علی موضع الیقین،و لأصالة عدم الوجوب،خرج منه ما إذا وفت الترکة بالقیمة فیبقی الباقی.

و القول الثانی:أنه یفکّ منه بحسبه،لعموم:«إذا أمرتکم بأمر فأتوا منه ما استطعتم» (3)و:«لا یسقط المیسور بالمعسور» (4).

ص:48


1- 1) تحریر الأحکام 2:172.
2- 2) المقنعة:695،المراسم:219،المهذّب 2:155،غنیة النزوع:329،السرائر 3:272،إصباح الشیعة:370،الجامع للشرائع:503،تحریر الأحکام 2:172،الدروس الشرعیّة 2:343، التنقیح الرائع 4:144،المقتصر:361.
3- 3) عوالی اللئالی 4:58 ح 206،و انظر صحیح البخاری 9:117،صحیح مسلم 4:1830 ح 130، سنن ابن ماجه 1:3 ح 2،سنن النسائی 5:110-111،سنن البیهقی 4:326.
4- 4) عوالی اللئالی 4:58 ح 205.

..........

و هذا القول نقله الشیخ (1)عن بعض أصحابنا،و کذا نقله ابن الجنید (2)و غیره (3)،و لم یعلم قائله.و هو قول متّجه.و فی المختلف (4)أنه لیس بعیدا من الصواب،لأن عتق الجزء یشارک عتق الجمیع فی الأمور المطلوبة[منه] (5)شرعا،فیساویه فی الحکم.و یقوی هذا القول فیما ورد النصّ و الاتّفاق علی فکّه کالأبوین،لما ذکرناه[1]من الوجه،و یضعف فی غیره،لما ذکروه.

و لو کان القریب الرقیق متعدّدا متساوی الدرجة،و قصرت الترکة عن شراء الجمیع و وفت ببعضهم،فعلی هذا القول یشتری من کلّ واحد جزء بحسب سهمه.

و علی المشهور یحتمل فکّ واحد بالقرعة،لإمکان عتق القریب و امتثال الأمر، و القرعة ترفع الاشتباه الحاصل بین المتعدّد،و ترجّح الخارج بمرجّح.و الأشهر- و هو الذی یقتضیه إطلاق العبارة-العدم،لأن الوارث هو المجموع و لم تف الترکة بقیمته الذی هو شرط وجوب الفکّ لا کلّ واحد.

و یقوی الاشکال لو وفی نصیب البعض بقیمته دون الآخر،لصدق عدم وفاء الترکة بقیمة الوارث،و وفاء النصیب بقیمة مستحقّة و لو بالقوّة.و فی عتقه

ص:49


1- 1) النهایة:668.
2- 2) حکاه عنه العلامة فی المختلف:742.
3- 3) المهذّب 2:155.
4- 4) المختلف:742.
5- 5) من الحجریّتین.

و لو کان العبد(1)قد انعتق بعضه ورث من نصیبه بقدر حرّیته،و منع بقدر رقّیته.و کذا یورث منه.و حکم الأمة کذلک.

قوّة،لوجود قریب یرث علی تقدیر حرّیته،و نصیبه یفی بقیمته،فانتفی المانع من جهته،و انتفی عتق غیره،لوجود المانع.

و قوله:«أو نصیب بعضهم عن قیمته لم یفکّ» یحتمل عود الضمیر المستتر فی الفعل إلی من قصر نصیبه عن قیمته،فیفهم منه فکّ الآخر کما اخترناه،و أن یعود إلی المجموع،کما یتعیّن عوده إلیه حیث یقصر النصیب عن کلّ واحد،فإنه خبر عن الأمرین.

قوله:«و لو کان العبد.إلخ».

المراد بإرثه بقدر حرّیته أن یقدّر لو أنه کلّه حرّ فما یستحقّه علی هذا التقدیر یکون له منه بنسبة ما فیه من الحرّیة إلی الجمیع.فلو کان للمیّت ابنان نصف أحدهما حرّ فله ربع الترکة،لأن له علی تقدیر حرّیته النصف فیکون له نصفه.و لو لم یکن له ولد سواه کان له علی تقدیر الحرّیة جمیع المال فله نصفه، و النصف الآخر لمن بعده من الطبقات إن اتّفق کالأخ،لأن المبعّض بالنسبة إلی ما زاد عن نصیب الحرّیة لیس بوارث،فلا یمنع الأبعد من حیث إنه وارث أقرب فی الجملة.

و لو لم یکن هناک وارث فی جمیع الطبقات حتی ضامن الجریرة کان باقی الترکة فی مقابلة الجزء الرقّ بمنزلة ما لو لم یخلّف وارثا،فیشتری الجزء الرقّ من الترکة المتخلّفة فی مقابلته و إن قلنا إنه لا یشتری بعض المملوک،لأن شراء هذا الجزء یوجب تمام الحریّة،و لا یحصل به ضرر علی المالک بالتبعیض،بخلاف شراء البعض و إبقاء الباقی رقّا.نعم،لو لم یف باقی الترکة بهذا الجزء جاء فیه

ص:50

..........

الخلاف السابق (1).

و أما کیفیّة الإرث منه بنسبة الحرّیّة ففیه وجهان:

أحدهما:أن ما جمعه ببعضه الحرّ یتقسّط علی مالک الباقی و الورثة بقدر ما فیه من الرقّ و الحرّیة،فإذا کان نصفه حرّا و نصفه رقیقا فنصف ما جمعه بنصفه الحرّ للسیّد و نصفه للورثة،لأن سبب الإرث الموت،و الموت حلّ جمیع بدنه، و بدنه ینقسم إلی الرقّ و الحرّیة،فینقسم ما خلّفه.

و أصحّهما أنه یورث جمیع ما ملکه بنصفه الحرّ،لأن مالک الباقی قد استوفی نصیبه بحقّ الملک،فلا سبیل له علی الباقی.و إنما تظهر فائدة الإرث بالنسبة ممّا ترک علی تقدیر أن یکون قد اکتسب بجمیعه مالا،و لم یحصل للمالک منه شیء،فیکون ما اکتسبه مقسوما علی نسبة الرقّیة و الحرّیة.

و خالف جماعة من العامّة (2)فی حکم المبعّض،فحکم بعضهم بأنه لا یرث و لا یورث،بل یکون ما ملکه لمالک الباقی کما لو کان کلّه رقیقا.و قال بعضهم (3):

إنه یرث و لا یورث[1].و الأصحّ الأول.و قد رووا عن ابن عبّاس أن النبیّ صلّی اللّه علیه و آله قال فی العبد یعتق بعضه:«یرث و یورث علی قدر ما عتق منه»[2].

ص:51


1- 1) انظر ص:48.
2- 2) انظر الحاوی 8:83،المقنع للخرقی 2:844،حلیة العلماء 6:266،المغنی لابن قدامة 7:134-135،الکافی فی فقه احمد 2:395،روضة الطالبین 5:32،کفایة الأخیار 2:12.
3- 3) انظر الحاوی 8:83،المقنع للخرقی 2:844،حلیة العلماء 6:266،المغنی لابن قدامة 7:134-135،الکافی فی فقه احمد 2:395،روضة الطالبین 5:32،کفایة الأخیار 2:12.
مسألتان

مسألتان:

الأولی:یفکّ الأبوان للإرث إجماعاو فی الأولاد تردّد

الأولی:یفکّ الأبوان للإرث(1)إجماعا.و فی الأولاد تردّد،أظهره أنهم یفکّون.

و هل یفکّ من عدا الآباء و الأولاد؟الأظهر:لا.و قیل:یفکّ کلّ وارث،و لو کان زوجا أو زوجة.و الأول أولی.

و عن علیّ علیه السلام أنه«یحجب بقدر ما فیه من الرقّ»[1].

قوله:«یفکّ الأبوان للإرث.إلخ».

وجوب فکّ الوارث متّفق علیه فی الجملة،و أما تعیینه بالخصوص فقد اتّفق منه علی فکّ الأبوین،و اختلف فیمن عداهما علی أقوال:

أحدها:المنع من عتق من عداهما،ذهب إلی ذلک سلاّر (1)صریحا و ابنا بابویه[2]ظاهرا،وقوفا فیما خالف الأصل علی موضع الیقین.

و ثانیها:إضافة الأولاد إلیهما خاصّة.و هو قول المفید (2)و ابن إدریس (3)و جماعة (4).

و ثالثها:إضافة باقی الإرقاب دون الأسباب کالزوجین.و هو قول ابن

ص:52


1- 2) المراسم:219.
2- 4) المقنعة:695.
3- 5) السرائر 3:272.
4- 6) الوسیلة:396،کشف الرموز 2:432.

..........

الجنید (1)و القاضی (2)و جماعة (3).

و رابعها:فکّ کلّ وارث و إن کان زوجا أو زوجة.و هو فتوی الشیخ فی النهایة (4)و ظاهر ابن زهرة (5).

و أما النصوص فمنها:حسنة عبد اللّه بن سنان عن الصادق علیه السلام:

«أن أمیر المؤمنین علیه السلام قضی فی الرجل یموت و له أم مملوکة و له مال:أن تشتری أمه من ماله و یدفع إلیها بقیّة المال،إذا لم یکن ذو قرابة له سهم فی الکتاب (6)».و هی دالّة علی حکم الأم.و فی معناها غیرها (7).

و منها:حسنة جمیل بن درّاج عن الصادق علیه السلام قال:«قلت له:

الرجل یموت و له ابن مملوک،قال:یشتری و یعتق ثمَّ یدفع إلیه ما بقی» (8).

و مثلها:روایة ابن أبی یعفور عن إسحاق قال:«مات مولی لعلیّ بن الحسین علیه السلام فقال:انظروا هل تجدون له وارثا؟فقیل:له ابنتان بالیمامة

ص:53


1- 1) حکاه عنه العلامة فی المختلف:741.
2- 2) المهذّب 2:155.
3- 3) الجامع للشرائع:503،قواعد الأحکام 2:164،إیضاح الفوائد 4:186-187، المقتصر:361.
4- 4) النهایة:668.
5- 5) غنیة النزوع:329.
6- 6) الکافی 7:147 ح 7،التهذیب 9:333 ح 1196،الاستبصار 4:175 ح 658،الوسائل 17:405ب«20»من أبواب موانع الإرث ح 6.
7- 7) لا حظ الوسائل 17:404 ب«20»من أبواب موانع الإرث ح 1،2،7،11.
8- 8) الکافی 7:147 ح 4،الفقیه 4:246 ح 792،التهذیب 9:334 ح 1221،الوسائل 17: 405 الباب المتقدّم ح 4.

..........

مملوکتان،فاشتراهما من مال المیّت ثمَّ دفع إلیهما بقیّة المیراث» (1).و هما دالّتان علی حکم الأولاد.و الأوّلتان أجود ما فی الباب سندا،و الثالثة شاهد.

و قد دلّ علی فکّ جمیع الأقارب روایة عبد اللّه بن بکیر،عن بعض أصحابنا،عن أبی عبد اللّه علیه السلام قال:«إذا مات رجل و ترک أباه و هو مملوک أو أمه و هی مملوکة أو أخاه أو أخته،و ترک مالا و المیّت حرّ،یشتری ممّا ترک أبوه أو قرابته و ورث ما بقی من المال»[2].و فی روایة (2)عبد اللّه بن طلحة عنه علیه السلام ذکر شراء الأخت،لکن فی طریق الروایتین ضعف،و فی الأولی معه إرسال.

و دلّ علی شراء الزوجة صحیحة سلیمان بن خالد قال:«قال أبو عبد اللّه علیه السلام:کان علیّ علیه السلام إذا مات الرجل و له امرأة مملوکة اشتراها من ماله فأعتقها ثمَّ ورّثها»[4].و استفید حکم الزوج بطریق أولی،لأنه أکثر نصیبا و أقوی سببا،و من ثمَّ ردّ علیه دونها.

و الشیخ-رحمه اللّه-فی الاستبصار (3)حمل روایة شراء الزوجة علی

ص:54


1- 1) الکافی 7:148 ح 8،الفقیه 4:246 ح 791،التهذیب 9:333 ح 1197،الاستبصار 4:175 ح 659،الوسائل 17:406 الباب المتقدّم ح 8.
2- 3) الکافی 7:147 ح 6،التهذیب 9:333 ح 1198،الوسائل 17:405 الباب المتقدّم ح 5.
3- 5) الاستبصار 4:179 ذیل ح 674.
الثانیة:أم الولد لا ترثو کذا المدبّر

الثانیة:أم الولد لا ترث.(1)و کذا المدبّر،و لو کان وارثا من مدبّره.

و کذا المکاتب المشروط،و المطلق الذی لم یؤدّ شیئا.

التبرّع،لأن الإمام یردّ علیه فاضل نصیب الزوجة.

و أجاب فی المختلف (1)بجواز وفاء الربع بقیمتها أو زیادته،فتشتری و تعطی بقیّة الربع.

و حیث کان بفکّ الزوجة نصّ صحیح،و کان حکم الزوج أولی بذلک،کان باقی الأقارب کذلک،و یجعل ما تقدّم من النصوص شاهدا و إن ضعف طریقه.

فالقول بفکّ الجمیع قویّ (2).

قوله:«أم الولد لا ترث.إلخ».

عدم إرث الثلاثة من قریبهم غیر المولی واضح،لبقائهم علی الرقّ و إن تشبّثوا بالحرّیة.و أما من المولی فالحکم فی أم الولد واضح أیضا،لأن المفروض بقاء الولد بعد أبیه للمولی،و هو حاجب لها عن الإرث،لأنها من مرتبة العمومة و الخؤولة،لیحلّ وطؤها لقریبها.

و أما المدبّر فلأنه یعتق بعد وفاة سیّده من ثلثه،فانتقال الترکة إلی غیره من الورّاث سابق علی حرّیته.و هذا یتمّ مع اتّحاد الوارث،أما مع تعدّده فالحکم بحرّیته سابق علی القسمة،فیختصّ إن کان أولی و یشارک إن کان مساویا.

و أما المکاتب فلأنه لم ینعتق بالموت فبقی علی الرقّیة.و کما لا یرثون علی هذه الحالة یفکّون لیرثوا لتحقّق الوصف.و قد تقدّمت الإشارة إلیه.

ص:55


1- 1) المختلف:742.
2- 2) فی الحجریّتین:أقوی.
و من لواحق أسباب المنع:أربعة

و من لواحق أسباب المنع:أربعة

الأول:اللعان سبب لسقوط نسب الولد

الأول:اللعان سبب لسقوط(1)نسب الولد.نعم،لو اعترف بعد اللعان ألحق به،و یرثه الولد،و هو لا یرثه.

قوله:«اللعان سبب لسقوط.إلخ».

قد تقدّم فی بابه (1)أن اللعان یقطع الزوجیّة و نسب الولد عن الأب،فینتفی التوارث بین الزوجین و بین الزوج و الولد.و استثنی من ذلک ما لو اعترف به بعد اللعان،فإنه حینئذ یرثه الولد دون العکس،لورود النصّ بذلک فی روایات،منها حسنة الحلبی عن أبی عبد اللّه علیه السلام أنه قال فی الملاعن إذا أکذب نفسه إلی قوله:«فإن ادّعاه أبوه ألحق به،و إن مات ورثه الابن و لم یرثه الأب» (2).

و فی تعدّی إرث الولد حینئذ إلی أقارب الأب مع اعترافهم،أو مطلقا،أو عدمه مطلقا،أوجه أشهرها الأخیر،لحکم الشرع بانقطاع النسب فلا یعود،و إنما ورثه الولد حینئذ بدلیل من خارج.و قد تقدّم (3)البحث فی ذلک.

و إنما جعل اللعان من لواحق الموانع لا منها نفسها لأن المنع من حیث انقطاع النسب،و الکلام فی الموانع علی تقدیر تحقّق النسب،فیکون الولد مع اللعان کغیره من الأجانب.

ص:56


1- 1) فی ج 10:241.
2- 2) الکافی 7:160 ح 3،التهذیب 9:339 ح 1219،الوسائل 17:558 ب«2»من أبواب میراث ولد الملاعنة ح 1.
3- 3) فی ج 10:245.
الثانی:الغائب غیبة منقطعة لا یورث حتی یتحقّق موته،أو تنقضی مدّة لا یعیش مثله إلیها غالبا

الثانی:الغائب غیبة منقطعة(1)لا یورث حتی یتحقّق موته،أو تنقضی مدّة لا یعیش مثله إلیها غالبا،فیحکم لورثته الموجودین فی وقت الحکم.

و قیل:یورّث بعد انقضاء عشر سنین من غیبته.و قیل یدفع ماله إلی وارثه الملیء.و الأول أولی.

قوله:«الغائب غیبة منقطعة.إلخ».

اختلف الأصحاب فی حکم میراث المفقود،فالمشهور (1)بینهم-خصوصا المتأخّرین (2)منهم-أنه یتربّص به مدّة لا یعیش إلیها مثله عادة،فیحکم حینئذ بموته،و یرثه الأولی به عند الحکم بموته.

و هذا القول لا دلیل علیه من جهة النصّ صریحا،و لکنّه یوافق الأصل من بقاء الحیاة إلی أن یقطع بالموت عادة.

و هذه المدّة لیست مقدّرة عند الجمهور (3)،بل ربما اختلفت باختلاف الأزمان و الأصقاع.و ربما قدّرها بعضهم (4)بمائة و عشرین سنة.و الظاهر الاکتفاء فی زماننا بما دونها،فإن بلوغ العمر مائة سنة الآن علی خلاف العادة،و هی المحکّم عندهم فی ذلک لا الإمکان،لأنه یتحقّق بما هو أضعاف ذلک.

و علی هذا القول لا یشترط حکم الحاکم بموته،بل یکفی مضیّ المدّة المذکورة من حین ولادته فی حقّ من یرث ماله و فی حقّ زوجته و نحو ذلک.و لو

ص:57


1- 1) المبسوط 4:125،الخلاف 4:119 مسألة(136)،الوسیلة:400،السرائر 3:298.
2- 2) کشف الرموز 2:473،قواعد الأحکام 2:167،تحریر الأحکام 2:173،إرشاد الأذهان 2:130،إیضاح الفوائد 4:206،الدروس الشرعیّة 2:351،اللمعة الدمشقیّة: 156،التنقیح الرائع 4:207،المقتصر:368.
3- 3) المبسوط للسرخسی 30:54،حلیة العلماء 6:278،المغنی لابن قدامة 7: 207،روضة الطالبین 4:35،کفایة الأخیار 2:13.
4- 4) المبسوط للسرخسی 30:54،حلیة العلماء 6:279،المغنی لابن قدامة 7: 208،روضة الطالبین 4:35،کفایة الأخیار 2:13.

..........

مات لهذا المفقود قریب قبل الحکم بموته عزل له نصیبه منه،و کان بحکم ماله.

و القول بالحکم بقسمة میراثه بعد عشر سنین لابن الجنید (1)،لکن قیّده بانقطاع خبره لغیبته أو کونه مأسورا،و لو کان فقده فی عسکر قد شهدت هزیمته و قتل من کان فیه أو أکثرهم کفی مضیّ أربع سنین.

و قد دلّ علی الاکتفاء بعشر سنین روایة علیّ بن مهزیار عن أبی جعفر الثانی علیه السلام و قد سأله عن دار کانت لامرأة و کان لها ابن و ابنة فغاب الابن بالبحر و ماتت المرأة و لیس یعرف للابن خبر،فقال:«ینتظر به غیبته عشر سنین ثمَّ یشتری-یعنی:نصیبه من دار أمه-فقلت:إذا انتظر به غیبته عشر سنین یحلّ شراؤها؟قال:نعم» (2).و فی طریق الروایة سهل بن زیاد.

و عمل المفید (3)-رحمه اللّه-بمضمونها فی جواز بیع عقاره بعد المدّة، و ذهب إلی جواز اقتسام ورّاثه الملاء مع ضمانهم له علی تقدیر ظهوره.

و یدلّ علی هذا القول موثّقة إسحاق بن عمّار قال:«سألته عن رجل کان له ولد فغاب بعض ولده و لم یدر أین هو؟و مات الرجل کیف یصنع بمیراث الغائب من أبیه؟قال:«یعزل حتی یجیء،.قلت:فقد الرجل فلم یجیء،فقال:إن کان ورثة الرجل ملأ بماله اقتسموه بینهم،فإن جاء هو ردّوه علیه» (4).و الروایة

ص:58


1- 1) حکاه عنه العلامة فی المختلف:749.
2- 2) الکافی 7:154 ح 6،الفقیه 3:152 ح 671،التهذیب 9:390 ح 1391،الوسائل 17: 584 ب«6»من أبواب میراث الخنثی ح 7.
3- 3) المقنعة:706.
4- 4) الکافی 7:155 ح 8،الفقیه 4:241 ح 768،التهذیب 9:388 ح 1385،الوسائل 17: 584 ب«6»من أبواب میراث الخنثی ح 8.

..........

مقطوعة.

و ذهب المرتضی (1)-رحمه اللّه-إلی أنه یحبس ماله أربع سنین و یطلب فیها فی کلّ الأرض،فإن لم یوجد قسّم ماله بین ورثته.و نحوه قال الصدوق (2)و أبو الصلاح (3)و الحلبی (4)،و قوّاه فی الدروس (5)،و مال إلیه فی المختلف (6).

و یؤیّده ما تقدّم (7)من الحکم باعتداد زوجته علی هذا الوجه عدّة الوفاة.

و روایة سماعة عن أبی عبد اللّه علیه السلام قال:«المفقود یحبس ماله علی الورثة قدر ما یطلب فی الأرض أربع سنین،فإن لم یقدر علیه قسّم ماله بین الورثة» (8).

و موثّقة إسحاق بن عمّار عن أبی الحسن علیه السلام:«المفقود یتربّص بماله أربع سنین ثمَّ یقسّم» (9).و یحمل مطلقها علی ما لو بحث عنه فیها جمعا بینها و بین السابقة.و المختار القول الأول،و إن کان الأخیر أیضا متّجها.

ص:59


1- 1) الانتصار:307.
2- 2) الفقیه 4:240 ذیل ح 766.
3- 3) الکافی فی الفقه:378.
4- 4) غنیة النزوع:332.
5- 5) الدروس الشرعیّة 2:352.
6- 6) المختلف:749.
7- 7) فی ج 9:284.
8- 8) الکافی 7:155 ح 9،التهذیب 9:388 ح 1386،الوسائل 17:585 الباب المتقدّم ح 9.
9- 9) الکافی 7:154 ح 5،الفقیه 4:240 ح 766،الوسائل 17:583 الباب المتقدّم ح 5.
الثالث:الحمل یرث بشرط انفصاله حیّا

الثالث:الحمل یرث بشرط(1)انفصاله حیّا.و لو سقط میّتا لم یکن له نصیب.و لو مات بعد وجوده حیّا کان نصیبه لوارثه.

و لو سقط بجنایة اعتبر بالحرکة التی لا تصدر إلاّ من حیّ،دون التقلّص الذی یحصل طبعا لا اختیارا.

قوله:«الحمل یرث بشرط.إلخ».

ممّا ألحق بموانع الإرث کون الولد حملا.فإن إرثه مشروط بأمرین:

أحدهما:أن یحکم بوجوده عند موت المورّث،إما قطعا بأن ولدته لدون ستّة أشهر من حین الموت حیّا کاملا،أو شرعا بأن ولدته لأقصی مدّة الحمل فما دون،و لم توطأ فی تلک المدّة وطأ یصلح استناده إلیه.

و الثانی:أن ینفصل حیّا،فلو انفصل میّتا فکأن لا حمل،سواء کان یتحرّک فی البطن أم لا،و سواء انفصل میّتا أم بجنایة جان،و إن کانت الجنایة توجب الدیة أو الغرّة[1]و تصرف إلی ورثة الجنین،لأن إیجابها لا یتعیّن له بقدر (1)الحیاة، بل لدفع الجانی الحیاة مع تهیّؤ الجنین لها.

و یشترط حیاته عند تمام الانفصال،فلو خرج بعضه حیّا و مات قبل تمام الانفصال فهو کما لو خرج میّتا.و لو مات عقیب انفصاله فنصیبه لورثته.و تعلم الحیاة بصراخه،و هو الاستهلال،و بالبکاء و العطاس و التثاؤب و امتصاص الثدی، و نحوها من الحرکة الدالّة علی أنها حرکة حیّ،دون التقلّص فی العصب و الاختلاج الذی یقع مثله للانضغاط.

ص:60


1- 2) فی«م»:بتقدیر.
الرابع:إذا مات و علیه دین یستوعب الترکة لم تنتقل إلی الوارث

الرابع:إذا مات و علیه دین(1)یستوعب الترکة لم تنتقل إلی الوارث، و کانت علی حکم مال المیّت.و إن لم یکن مستوعبا انتقل إلی الورثة ما فضل،و ما قابل الدّین باق علی حکم مال المیّت.

و لا یشترط حیاته عند موت المورّث،بل لو کان نطفة ورث بشرطه.و لا یشترط استقرار حیاته و لا استهلاله،لجواز کونه أخرس،بل مطلق الحیاة کما قرّرناه.

و کما یحجب الحمل عن الإرث إلی أن ینفصل یحجب غیره ممّن دونه لیستبین أمره،کما لو کان للمیّت امرأة أو أمة حامل و له إخوة،فیترک الإرث حتی تضع.نعم،لو طلبت الزوجة الإرث أعطیت حصّة ذات الولد،لأنه المتیقّن، بخلاف الإخوة.و لو کان هناک أبوان أعطیا السدسین.و لو کان هناک أولاد أرجئ نصیب ذکرین،لندور الزائد،فإن انکشف الأمر بخلاف ما قدّر استدرک زیادة و نقصانا.

قوله:«إذا مات و علیه دین.إلخ».

إنما لم تنتقل الترکة مع وجود الدّین إلی الوارث لأن اللّه تعالی جعل الإرث بعد الدّین،لقوله تعالی مِنْ بَعْدِ وَصِیَّةٍ یُوصِی بِها أَوْ دَیْنٍ (1)،فإذا کان الدّین مستوعبا لم یتحقّق الإرث،إذ لیس بعده شیء یورث.و إن لم یستوعب فالفاضل عنه ینتقل إلی الوارث،عملا بظاهر الآیة.و هذا اختیار الشیخ (2)و الأکثر (3).

و قیل:ینتقل إلی الوارث مطلقا،لکنّه یمنع من التصرّف فیها إلی أن یوفی

ص:61


1- 1) النساء:11.
2- 2) النهایة:619.
3- 3) السرائر 3:219.
المقدّمة الثالثة فی الحجب
اشارة

المقدّمة الثالثة فی الحجب(1) الحجب:قد یکون عن أصل الإرث،و قد یکون عن بعض الفرض.

الدّین،لاستحالة بقاء ملک بغیر مالک،و المیّت لا یقبل الملک،و الدیّان لا تنتقل إلی ملکهم إجماعا،و لا إلی غیر الوارث،فتعیّن انتقالها إلی الوارث.

و تحمل الآیة علی الملک المستقرّ بعد الدّین و الوصیّة،جمعا بین الأدلّة.و هذا أقوی (1).

و تظهر الفائدة فی النماء المتخلّل بین الوفاة و وفاء الدّین،فعلی مذهب المصنف یتبع العین فی تعلّق الدّین به و تقدیمه علی حقّ الوارث،و علی الثانی یکون للوارث مطلقا.

فعلی ما اخترناه یمنع الوارث من التصرّف فی الترکة-کمنع الراهن من التصرّف فی ماله المرهون-إلی أن یوفی الدّین منها أو من غیرها،و هو مخیّر فی جهات القضاء.و لو لم یستوعب الترکة ففی منعه من التصرّف مطلقا،أو فیما قابل الدّین خاصّة،وجهان أجودهما الثانی،لکن یکون التصرّف مراعی بوفاء الباقی بالدّین،فلو قصر لتلف أو نقص لزم الوارث الإکمال.فإن تعذّر الاستیفاء منه ففی تسلّط المدین أو الحاکم علی نقض تصرّفه اللازم فی الزائد وجهان أجودهما ذلک.

قوله:«فی الحجب.إلخ».

هو لغة المنع.و شرعا منع من قام به سبب الإرث بالکلّیّة،أو من أوفر

ص:62


1- 1) فی«د»:قویّ.
فالأول الحجب عن أصل الإرث

فالأول ضابطه:مراعاة القرب.(1)فلا میراث لولد ولد مع ولد،ذکرا کان أو أنثی،حتی إنه لا میراث لابن ابن مع بنت.و متی اجتمع أولاد الأولاد-و إن سفلوا-فالأقرب منهم یمنع الأبعد.

حظّیه.و یسمّی الأول حجب حرمان،و الثانی حجب نقصان.و سیأتی تفصیل الجمیع.

قوله:«ضابطه:مراعاة القرب.إلخ».

هذا موضع وفاق بین الإمامیّة،و أخبارهم به مستفیضة.و خالف فیه العامّة (1)،فورّثوا أولاد الابن-ذکرا أو أنثی-مع البنت مطلقا،و مع البنتین فصاعدا إذا کان ولد الابن ذکرا.و لو کان الولد للصّلب ذکرا حجب ولد الولد مطلقا بإجماع المسلمین.

ص:63


1- 1) انظر الحاوی الکبیر 8:100-101،روضة الطالبین 5:15،مختصر المزنی:138، اللباب فی شرح الکتاب 4:195،المبسوط للسرخسی 29:142،الوجیز 1:261، حلیة العلماء 6:283،تبیین الحقائق 6:234-235.

و یمنع الولد من یتقرّب(1)بالأبوین أو بأحدهما،کالإخوة و بنیهم، و الأجداد و آبائهم،و الأعمام و الأخوال و أولادهم.و لا یشارک الأولاد فی الإرث سوی الأبوین و الزوج أو الزوجة.فإذا عدم الآباء و الأولاد فالإخوة و الأجداد.و یمنع الأخ ولد الأخ.و لو اجتمعوا بطونا متنازلة فالأقرب أولی من الأبعد.

و یمنع الإخوة و أولادهم-و إن نزلوا-من یتقرّب بالأجداد من الأعمام و الأخوال و أولادهم.و لا یمنعون آباء الأجداد،فإن الجدّ و إن علا جدّ.لکن لو اجتمعوا بطونا متصاعدة فالأدنی إلی المیّت أولی من الأبعد.

و الأعمام و الأخوال و أولادهم-و إن نزلوا-یمنعون أعمام الأب و أخواله.و کذا أولاد أعمام الأب و أخواله یمنعون أعمام الجدّ و أخواله.

و یسقط من یتقرّب بالأب وحده مع من یتقرّب بالأب و الأم مع التساوی فی الدرج.

و المناسب و إن بعد یمنع مولی النعمة.و کذا ولیّ النعمة أو من قام مقامه فی میراث المعتق یمنع ضامن الجریرة.و ضامن الجریرة یمنع الامام.

قوله:«و یمنع الولد من یتقرّب.إلخ».

هذا علی تقدیر کون الولد ذکرا موضع وفاق بین المسلمین أیضا.و إن کان أنثی فأولویّته من غیره من الإخوة فمن بعدهم مذهب الأصحاب.و خالف فیه العامّة (1)،و جعلوا ما زاد عن النصف مع البنت و عن الثلاثین مع البنتین فصاعدا للأخ فمن بعده،بناء علی أصل التعصیب.و سیأتی (2)البحث فیه.

ص:64


1- 1) انظر المبسوط للسرخسی 29:156-157،تبیین الحقائق 6:236.
2- 2) فی ص:94.
و أما الحجب عن بعض الفرض

و أما الحجب عن بعض الفرض(1) فاثنان:حجب الولد،و حجب الإخوة.

أما الولد

أما الولد فإنه و إن نزل-ذکرا کان أو أنثی-یمنع الأبوین عمّا زاد عن السدسین،إلاّ مع البنت أو البنتین فصاعدا مع أحد الأبوین.و یحجب أیضا الزوج و الزوجة عن النصیب الأعلی إلی الأخفض.

قوله:«و أما الحجب عن بعض.إلخ».

لأن البنت و البنتین فصاعدا مع أحد الأبوین لا تفی سهامهم بالفریضة،فیردّ الزائد علیهم علی حسب سهامهم،فیزید نصیب أحد الأبوین عن السدس لذلک.

و کذا القول فی البنت الواحدة مع الأبوین معا.

و خالف فی ذلک ابن الجنید (1)،فحکم بحجب البنتین أحد الأبوین عمّا زاد عن السدس،و جعل ردّ السدس الزائد مختصّا بهما،استنادا إلی روایة أبی بصیر عن الصادق علیه السلام فی رجل مات و ترک ابنتیه و أباه قال:«للأب السدس، و للابنتین الباقی» (2).و لأن البنتین یدخل علیهما النقص بدخول الزوجین،فیکون الفاضل لهما کالابن.

و أجیب بضعف سند الروایة،فإن فی طریقها الحسن بن سماعة.

و معارضتها بروایة ابن بکیر عن الباقر علیه السلام فی رجل ترک ابنته و أمه:«أن الفریضة من أربعة،لأن للبنت ثلاثة أسهم،و للأم السدس سهم،و ما بقی سهمان فهما أحقّ بهما من العمّ و من الأخ و العصبة،لأن اللّه تعالی قد سمّی لهما،و من

ص:65


1- 1) حکاه عنه العلامة فی المختلف:750.
2- 2) التهذیب 9:274 ح 990،الوسائل 17:465 ب«17»من أبواب میراث الأبوین و الأولاد ح 7.
و للزوج و الزوجة ثلاث أحوال

و للزوج و الزوجة(1)ثلاث أحوال:

الأولی:أن یکون فی الفریضة ولد و إن سفل

الأولی:أن یکون فی الفریضة ولد و إن سفل،فللزوج الربع، و للزوجة الثمن.

سمّی لهم فیردّ علیهما بقدر سهامهما» (1).و هذه العلّة موجودة فی الابنتین و أحد الأبوین.و بأن الفاضل لا بدّ له من مستحقّ،و لیس غیر هؤلاء أقرب،و لا أولویّة لبعضهم دون بعض،فتعیّن الجمیع علی النسبة.

قوله:«و للزوج و الزوجة.إلخ».

استحقاقهما الربع أو الثمن مع الولد هو مدلول الآیة،قال تعالی وَ لَکُمْ نِصْفُ ما تَرَکَ أَزْواجُکُمْ إِنْ لَمْ یَکُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ کانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَکُمُ الرُّبُعُ مِمّا تَرَکْنَ (2)ثمَّ قال تعالی وَ لَهُنَّ الرُّبُعُ مِمّا تَرَکْتُمْ إِنْ لَمْ یَکُنْ لَکُمْ وَلَدٌ فَإِنْ کانَ لَکُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمّا تَرَکْتُمْ (3).

و أما قیام ولد الولد مقام الولد هنا فلدخوله فیه فی غیره من أبواب الإرث، کقوله تعالی یُوصِیکُمُ اللّهُ فِی أَوْلادِکُمْ لِلذَّکَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَیَیْنِ (4)و غیره.و قد تقدّم[1]فی الوقف و الوصیّة خلاف فی ذلک،و أن القول الراجح أنه لیس ولدا حقیقة،و کأنّ هذا خارج بالإجماع،فقد ادّعاه جماعة (5)هنا،فیکون هو المستند.

ص:66


1- 1) التهذیب 9:273 ح 988،الوسائل 17:464 الباب المتقدّم ح 6.
2- 2) النساء:12-11.
3- 3) النساء:12-11.
4- 4) النساء:12-11.
5- 6) الخلاف 4:51 ذیل مسألة(57)،غنیة النزوع:323،السرائر 3:240.
الثانیة:أن لا یکون هناک ولد،و لا ولد ولد،و إن نزل

الثانیة:أن لا یکون هناک ولد،و لا ولد ولد،و إن نزل،فللزوج النصف،(1)و للزوجة الربع.و لا یعال نصیبهما،لأن العول عندنا باطل.

قوله:«فللزوج النصف.إلخ».

الحکم بأن نصیبهما لا یعال ثابت علی تقدیر مجامعتهما للولد و عدمه،و إن کانت العبارة توهم اختصاص الحکم بالثانی حیث عقّبه به،و ذلک لأن الجمهور (1)یحکمون بالعول حیث یزید السهام عن الفریضة،و هو کما یتحقّق مع عدم الولد- کما لو کان هناک أختان للأبوین و زوج،فإن للأختین الثلاثین و للزوج النصف، فتعول الفریضة بواحد،لأن أصلها ستّة للأختین أربعة و للزوج ثلاثة-کذلک تعول علی تقدیر مجامعتهما للأولاد،کما إذا کان الوارث بنتین و أبوین مع زوج أو زوجة،فإن البنتین و الأبوین سهامهما تستغرق الفریضة،فیعول نصیب أحد الزوجین بتمامه.فعندنا لا تعول الفریضة،بل یدخل النقص علی من تقرّب بالأب کالأختین فی الأولی،و عندهم یزاد العائل علی الفریضة و یقسّم کذلک.و سیأتی (2)البحث فیه.

و قد دلّ علی عدم العول-علی تقدیر الزیادة بنصیب الزوجین مع الولد- من الأخبار صحیحة محمد بن مسلم عن أبی جعفر علیه السلام فی امرأة ماتت و ترکت زوجها و أبویها و ابنتها،قال:«للزوج الربع ثلاثة أسهم من اثنی عشر

ص:67


1- 1) المبسوط للسرخسی 29:163-164،الکافی للقرطبی 2:1065،الوجیز للغزالی 1: 269،المغنی لابن قدامة 7:33 و 35،روضة الطالبین 5:61،تبیین الحقائق 6:244.
2- 2) فی ص:107.

..........

سهما،و للأبوین لکلّ واحد منهما السدس سهمان من اثنی عشر سهما.لأن الأبوین لا ینقصان کلّ واحد منهما من السدس شیئا،و أن الزوج لا ینقص من الربع شیئا» (1).

و حسنة عمر بن أذینة قال:«قلت لزرارة:إنّی سمعت محمد بن مسلم و بکیرا یرویان عن أبی جعفر علیه السلام فی زوج و أبوین و بنت:للزوج الربع ثلاثة أسهم من اثنی عشر سهما،و للأبوین السدسان أربعة أسهم من اثنی عشر سهما،و بقی خمسة أسهم فهو للبنت،لأنها لو کانت ذکرا لم یکن له غیر خمسة من اثنی عشر،و إن کانت اثنتین فلهما خمسة من اثنی عشر سهما،لأنهما لو کانا ذکرین لم یکن لهما غیر ما بقی خمسة،فقال زرارة:هذا هو الحقّ إذا أردت أن تلقی العول فتجعل الفریضة لا تعول،فإنما یدخل النقصان علی الذین لهم الزیادة من الولد و الأخوات من الأب و الأم،فأما الزوج و الأخوة للأم فإنهم لا ینقصون ممّا سمّی اللّه شیئا» (2).و غیرهما من الأخبار (3)الکثیرة.

ص:68


1- 1) الکافی 7:96 ح 2،التهذیب 9:288 ح 1042،الوسائل 17:465 ب«18»من أبواب میراث الأبوین و الأولاد ح 2.
2- 2) الکافی 7:96 ح 1،التهذیب 9:288 ح 1041،الفقیه 4:193 ح 669،الوسائل 17:465ب«18»من أبواب میراث الأبوین و الأولاد ح 1.
3- 3) لا حظ الوسائل 17:465 ب«18»من أبواب میراث الأبوین و الأولاد.
الثالثة:أن لا یکون هناک وارث أصلا من مناسب و لا مسابب

الثالثة:أن لا یکون هناک(1)وارث أصلا من مناسب و لا مسابب، فالنصف للزوج و الباقی ردّ علیه،و للزوجة الربع.

و هل یردّ علیها؟فیه أقوال ثلاثة:

أحدها:یردّ.

و الآخر:لا یردّ.

و الثالث:یردّ مع عدم الامام،لا مع وجوده.

و الحقّ أنه لا یردّ.

قوله:«أن لا یکون هناک.إلخ».

البحث هنا یقع فی موضعین:

الأول:فی الردّ علی الزوج.و المشهور بین الأصحاب ثبوته مطلقا،بل ادّعی جماعة منهم الشیخان (1)و المرتضی (2)فیه الإجماع،و من ثمَّ لم ینقل المصنف-رحمه اللّه-فیه خلافا.

و المستند-مع الإجماع-الأخبار الکثیرة،کصحیحة أبی بصیر قال:«کنت عند أبی عبد اللّه علیه السلام فدعا بالجامعة فنظر فیها فإذا امرأة ماتت و ترکت زوجها لا وارث لها غیره:المال له کلّه» (3).

و صحیحته أیضا قال:«قرأ علیّ أبو عبد اللّه علیه السلام فرائض علیّ

ص:69


1- 1) الإعلام(ضمن مصنّفات الشیخ المفید)9:55،المبسوط 4:74،الخلاف 4:116 مسألة(130).
2- 2) الانتصار:300.
3- 3) الکافی 7:125 ح 2،التهذیب 9:294 ح 1053،الاستبصار 4:149 ح 561، الوسائل 17:512 ب«3»من أبواب میراث الأزواج ح 3.

..........

علیه السلام فإذا فیها:الزوج یحوز المال إذا لم یکن غیره» (1).

و صحیحة محمد بن قیس عن أبی جعفر علیه السلام فی امرأة توفّیت و لم یعلم لها أحد و لها زوج فقال:«المیراث لزوجها» (2).و غیرها من الأخبار (3)الکثیرة.

و یظهر من کلام سلاّر عدم الردّ علیه مطلقا،لأنه قال فی رسالته:«و فی أصحابنا من قال:إذا ماتت امرأة و لم تخلّف غیر زوجها فالمال کلّه له بالتسمیة و الردّ» (4).

و یلزم من القول بعدم الردّ علی الزوج کون الباقی للإمام،إذ لا وارث له حینئذ سواه،و هذا یدلّ علی استضعافه الردّ.

و یمکن الاحتجاج له بأن الأصل عدم استحقاق ذوی الفروض زیادة علیها إلا بحجّة تقتضیه.و الأصل فی الردّ آیة أولی (5)الأرحام،و الرحمیّة منتفیة عن الزوج من حیث هو زوج.و یؤیّده روایة جمیل بن درّاج فی الموثّق عن الصادق علیه السلام قال:«لا یکون ردّ علی زوج و لا زوجة» (6).و له أن یطعن فی صحّة

ص:70


1- 1) التهذیب 9:294 ح 1052،الاستبصار 4:149 ح 560،الوسائل 17:512 ب«3» من أبواب میراث الأزواج ح 2.
2- 2) الکافی 7:125 ح 1،التهذیب 9:294 ح 1051،الاستبصار 4:149 ح 559، الوسائل 17:511 ب«3»من أبواب میراث الأزواج ح 1.
3- 3) لا حظ الوسائل 17:511 ب«3»من أبواب میراث الأزواج.
4- 4) المراسم:222.
5- 5) الأنفال:75.
6- 6) التهذیب 9:296 ح 1061،الاستبصار 4:149 ح 563،الوسائل 17:513 ب«3» من أبواب میراث الأزواج ح 8.

..........

الأخبار السابقة و إن کثرت،لأن محمد بن قیس و أبا بصیر مشترکان بین الثقة و الضعیف کما بیّنّاه مرارا،و صحّتها بالإضافة إلی غیرهما (1).

و الشیخ (2)-رحمه اللّه-جمع بین الأخبار بالقول بموجب الخبر الأخیر، فإنّا لا نعطی الزوج المال کلّه بالردّ،بل نعطیه النصف بالتسمیة و الباقی بإجماع الطائفة،و الردّ المنفیّ هو ردّ ذوی الأرحام.و کیف کان،فالمذهب هو الأول.

الثانی:الردّ علی الزوجة حیث لا وارث غیرها.و فیه أقوال:

أحدها-و هو المشهور-:عدمه مطلقا،للأصل الدالّ علی عدم الزیادة علی المفروض.و لروایة أبی بصیر قال:«سألت أبا جعفر علیه السلام عن امرأة ماتت و ترکت زوجها لا وارث لها غیره،قال:إذا لم یکن غیره فله المال،و المرأة لها الربع،و ما بقی فللإمام» (3).و هو أعمّ من حال الغیبة و عدمها.

و روایة محمد بن مروان عن الباقر علیه السلام أیضا فی رجل مات و ترک امرأته قال:«لها الربع،و یدفع الباقی إلی الامام» (4).و المراد بالمرأة هنا الزوجة قطعا.و هی فی عموم الدلالة کالسابقة.

و روایة محمد بن نعیم الصحّاف قال:«مات محمد بن أبی عمیر و أوصی إلیّ و ترک امرأة و لم یترک وارثا غیرها،فکتبت إلی العبد الصالح علیه السلام

ص:71


1- 1) فی«د،ل،ط»:غیرها.
2- 2) الاستبصار 4:149 ذیل ح 563.
3- 3) الفقیه 4:191 ح 666،التهذیب 9:294 ح 1055،الاستبصار 4:149 ح 564، الوسائل 17:516 ب«4»من أبواب میراث الأزواج ح 8.
4- 4) التهذیب 9:296 ح 1060،الاستبصار 4:150 ح 567،الوسائل 17:516 ب«4» من أبواب میراث الأزواج ح 7.

..........

فکتب إلیّ:أعط المرأة الربع،و احمل الباقی إلینا» (1).و غیرها کموثّقة (2)جمیل السابقة.

و هذه الأخبار مع کثرتها مشترکة فی ضعف السند،إلا أنها معتضدة مع الشهرة بالأصل،و إنما یحتاج إلیها شاهدا،و یحتاج إلی الدلیل مثبت الردّ.

و استدلّ الشیخ[1]و العلامة (3)علی هذا القول-مضافا إلی ما تقدّم- بصحیحة علیّ بن مهزیار قال:«کتب محمد بن حمزة العلوی إلی أبی جعفر الثانی علیه السلام:مولی لک أوصی إلیّ بمائة درهم و کنت أسمعه یقول:کلّ شیء لی فهو لمولای،فمات و ترکها و لم یأمر فیها بشیء،و له امرأتان،أما واحدة فلا أعرف لها موضعا الساعة،و أما الأخری بقم،ما الذی تأمر فی هذه المائة درهم؟ فکتب علیه السلام:انظر أن تدفع هذه الدراهم إلی زوجتی الرجل،و حقّهما من ذلک الثمن إن کان له ولد،فإن لم یکن له ولد فالربع،و تصدّق بالباقی علی من تعرف أن له حاجة إن شاء اللّه تعالی» (4).

و اعترض الشهید فی الشرح (5)بأنها-مع کونها مکاتبة-تدلّ علی أن

ص:72


1- 1) الکافی 7:126 ح 1،التهذیب 9:295 ح 1058،الاستبصار 4:150 ح 565، الوسائل 17:515 الباب المتقدّم ح 2.
2- 2) تقدّم ذکر مصادرها فی ص:70 هامش(6).
3- 4) المختلف:737-738.
4- 5) الکافی 7:126 ح 4،التهذیب 9:296 ح 1059،الاستبصار 4:150 ح 566، الوسائل 17:514 ب«4»من أبواب میراث الأزواج ح 1.
5- 6) غایة المراد:280.

..........

المائة له علیه السلام بسبب الإقرار الصادر عن المیّت،و لعلّه علیه السلام علم بالحال،و أمره بإعطاء الزوجتین لا یدلّ علی أنه إرث لهما.

و فیه نظر،لأن کون السهم المذکور حقّا لهما علی التفصیل الذی یقتضیه الإرث یدلّ دلالة ظاهرة علی أنه بطریق الإرث.

و ثانیها:الردّ علیها مطلقا کالزوج.و هو ظاهر المفید،فإنه قال فی المقنعة:

«إذا لم یوجد مع الأزواج قریب و لا نسیب للمیّت ردّ باقی الترکة علی الأزواج» (1).و یمکن استناده إلی صحیحة أبی بصیر عن الباقر علیه السلام أنه قال له:«رجل مات و ترک امرأته،قال:المال لها،فقال:امرأته ماتت و ترکت زوجها، قال:المال له»[1].و ظاهرها کون الحکم فی حال حضور الامام،لفرضه موت الرجل و المرأة حین سأل الباقر علیه السلام،فیکون الحکم کذلک فی حال الغیبة بطریق أولی،أو (2)یستدلّ بها من حیث العموم المستفاد من ترک الاستفصال.

و هذا القول-مع صحّة روایته-شاذّ مخالف للأصول لا ینقل إلا عن المفید فی عبارة محتملة لکون ذلک حکم الزوج خاصّة.و یؤیّده أنه قال فی کتاب الإعلام:«و اتّفقت الإمامیّة علی أن المرأة إذا توفّیت و خلّفت زوجا،لم تخلّف وارثا غیره من عصبة و لا ذی رحم،أن المال کلّه للزوج،النصف بالتسمیة،

ص:73


1- 1) المقنعة:691.
2- 3) فی«ل،خ،م»:و یستدلّ.

..........

و النصف الآخر مردود علیه» (1).و قال ابن إدریس (2):إن المفید-رحمه اللّه-رجع عن قوله المذکور فی کتاب الإعلام.

و ثالثها:التفصیل،و هو أنه یردّ علیها مع غیبة الإمام علیه السلام لا مع حضوره.ذهب إلی ذلک الصدوق ابن بابویه فی الفقیه (3)،و تبعه الشیخ فی کتابی (4)الأخبار،و فی النهایة (5)أنه قریب من الصواب.و اختاره أیضا نجیب الدین بن سعید فی الجامع (6)،و العلامة فی التحریر (7)و التلخیص[1]و الإرشاد (8)،و الشهید فی اللمعة (9).و جعلوه جامعا بین الأخبار،بحمل ما دلّ (10)علی الردّ علی حال الغیبة،و السابقة (11)علی حال الحضور،حذرا من إهمال الحدیث الصحیح.

قال ابن إدریس (12):ما قرّ به الشیخ فی ذلک أبعد ممّا بین المشرق و المغرب،لأن الجمع إنما یکون مع التعارض و إمکان الجمع،و هو منفیّ هنا،لأن فتوی الأصحاب لا یعارضها خبر الواحد،و مال الغیر لا یحلّ بغیبته.

ص:74


1- 1) الإعلام(ضمن مصنّفات الشیخ المفید)9:55.
2- 2) السرائر 3:244.
3- 3) الفقیه 4:192.
4- 4) التهذیب 9:295 ذیل ح 1056،الاستبصار 4:150 ذیل ح 568.
5- 5) النهایة:642.
6- 6) الجامع للشرائع:502.
7- 7) تحریر الأحکام 2:168.
8- 9) إرشاد الأذهان 2:125.
9- 10) اللمعة الدمشقیّة:157.
10- 11) انظر ص:73.
11- 12) انظر ص:71.
12- 13) السرائر 3:243.

..........

و ممّا قرّرنا نحن سابقا لک أن تستدلّ علی صدق ما ادّعاه ابن إدریس من البعد و الزیادة عنه بأن الخبر الصحیح[1]دلّ علی السؤال للباقر علیه السلام و هو حیّ ظاهر عن رجل مات و ترک امرأته،فکیف یحمل الجواب منه علیه السلام علی حال غیبة الإمام المتأخّرة عن الجواب بأزید من مائة و خمسین سنة؟!هذا هو الذی یقتضی البعد المذکور.

و أما ما ذکره من عدم التعارض فلیس بجیّد،لأن فتوی الأصحاب مختلفة،و الأخبار متعارضة،فلا بدّ من مراعاة الجمع بینها لمن یعتبر خبر الواحد،خصوصا مع صحّته.

و الشیخ (1)حمل الخبر أیضا علی أن الزوجة قریبة للزوج،فترث الباقی بالقرابة.و استشهد علیه بروایة محمد بن القاسم بن الفضیل بن یسار قال:«سألت الرضا علیه السلام عن رجل مات و ترک امرأة قرابة لیس له قرابة غیرها،قال:

یدفع المال کلّه إلیها» (2).

ص:75


1- 2) التهذیب 9:295 ذیل ح 1056،الاستبصار 4:151 ذیل ح 568.
2- 3) التهذیب 9:295 ح 1057،الاستبصار 4:151 ح 569،الوسائل 17:517 ب«5» من أبواب میراث الأزواج.
و أما حجب الإخوة

و أما حجب الإخوة:(1)فإنهم یمنعون الأم عمّا زاد علی السدس بشروط أربعة:

الأول:أن یکونوا رجلین فصاعدا،أو رجلا و امرأتین،أو أربع نساء

[الأول]:أن یکونوا رجلین فصاعدا،أو رجلا و امرأتین،أو أربع نساء.

قوله:«و أما حجب الإخوة.إلخ».

حجب الأم عن الثلث إلی السدس بالإخوة المذکورین إذا کانوا ثلاثة فصاعدا هو المعلوم من مدلول قوله تعالی «فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ کانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ» (1).

و أما الاکتفاء باثنین ذکرین و بواحد و اثنتین و بأربع أخوات فثابت بالسنّة و الإجماع،مع أن الاثنین یمکن دخولهما فی صیغة الجمع حقیقة علی قول بعض (2)الأصولیین و أهل العربیّة،و مجازا علی قول الأکثرین.و مثله واقع فی القرآن (3).و قد روی (4)عن ابن عبّاس أنه کان یشترط کونهم ثلاثة فصاعدا،و أنه قال لعثمان حین حکم بحجبها باثنین:«کیف تردّها إلی السدس بالأخوین و لیسا بإخوة فی لغة قومک؟فقال عثمان:لا استطیع ردّ شیء کان قبلی و مضی فی البلدان و توارث الناس به».أشار بذلک إلی إجماعهم علیه قبل أن یظهر ابن عبّاس الخلاف.

ص:76


1- 1) النساء:11.
2- 2) الإحکام لابن حزم 4:421،التمهید للکلوذانی 2:58،میزان الأصول للسمرقندی 1: 428،الإحکام للآمدی 2:435.
3- 3) الأنبیاء:78،الحجّ:19،الشعراء:15،الحجرات:9-10،و غیرها.
4- 4) مستدرک الحاکم 4:335،و نقله ابن قدامة فی المغنی 7:17،تلخیص الحبیر 3:85 ذیل ح 1360،کفایة الأخیار 2:15.

..........

و قد روی الأصحاب فی الصحیح عن محمد بن مسلم عن أبی عبد اللّه علیه السلام قال:«لا یحجب الأم من الثلث إذا لم یکن ولد إلا أخوان أو أربع أخوات» (1).و فی الحسن عن أبی العبّاس البقباق عن أبی عبد اللّه علیه السلام قال:«إذا ترک المیّت أخوین فهم إخوة مع المیّت حجبا الأم،فإن کان واحدا لم یحجب الأم،و قال:إذا کنّ أربع أخوات حجبن الأم من الثلث،لأنهنّ بمنزلة أخوین،و إن کنّ ثلاثا لم یحجبن» (2).و فی حدیث آخر عنه علیه السلام قال:«لا یحجب الأم عن الثلث إلا أخوان أو أربع أخوات لأب و أم أو لأب» (3).

و أما الاکتفاء بالذکر و الأنثیین فمستفاد من الأمرین،لأن الواحد بمنزلة الاثنتین و الاثنتین (4)بمنزلة الواحد.

و اعلم أن تعبیر المصنف بالرجلین و الرجل و المرأتین و الأربع نساء وقع علی سبیل المثال.و لیس بجیّد.و لو عبّر بالأخوین أو الذکرین و الأختین أو الأنثیین کان أجود،لیشمل الصغیر منهما و الکبیر،للإجماع علی عدم اشتراط الرجولیّة و ما فی معناها.

ص:77


1- 1) الکافی 7:92 ح 4،التهذیب 9:282 ح 1019،الاستبصار 4:141 ح 527، الوسائل 17:457 ب«11»من أبواب میراث الأبوین و الأولاد ح 4.
2- 2) الکافی 7:92 ح 2،التهذیب 9:281 ح 1015،الاستبصار 4:141 ح 524، الوسائل 17:456 الباب المتقدّم ح 1.
3- 3) الکافی 7:92 ح 5،التهذیب 9:281 ح 1017،الاستبصار 4:141 ح 526، الوسائل 17:457 الباب المتقدّم ح 3.
4- 4) فی«و»:الأنثیین و الأنثیین.
الثانی:أن لا یکونوا کفرة و لا رقّا

الثانی:أن لا یکونوا کفرة(1)و لا رقّا.و هل یحجب القاتل؟فیه تردّد، و الظاهر أنه لا یحجب.

قوله:«أن لا یکونوا کفرة.إلخ».

لا خلاف بین أصحابنا فی أن الأخ الکافر و المملوک لا یحجب الأم،و هو مرویّ فی الصحیح عن محمد بن مسلم قال:«سألت أبا عبد اللّه علیه السلام عن المملوک و المشرک یحجبان إذا لم یرثا،قال:لا» (1).و کذلک روی الفضیل (2)بن یسار عنه علیه السلام.

و أما القاتل فالمشهور أنه مثلهما فی عدم الحجب،بل ادّعی الشیخ فی الخلاف (3)علیه الإجماع،لمشارکته لهما فی العلّة الموجبة للحکم.

و المصنف-رحمه اللّه-تردّد فی ذلک،ممّا ذکر،و من عموم الآیة (4)، و صدق الإخوة بالقاتل (5)،و منع التعدّی،فإن العلّة لیست منصوصة بل مستنبطة، فیکون الإلحاق بها قیاسا لا یقول الأصحاب به.و الإجماع ممنوع،فإن الصدوقین[1]و ابن أبی (6)عقیل قالوا بحجب القاتل.و علّلوا حجب الإخوة بما

ص:78


1- 1) التهذیب 9:284 ح 1027،و الوسائل 17:459 ب«14»من أبواب میراث الأبوین و الأولاد ح 1.
2- 2) الفقیه 4:247 ح 798،التهذیب 9:282 ح 1021،الوسائل 17:459 الباب المتقدّم ح 2 و 3،و فی المصادر:الفضل بن عبد الملک.
3- 3) الخلاف 4:32 مسألة(24).
4- 4) النساء:11.
5- 5) فی«خ»:علی القاتل.
6- 7) حکاه عنه العلامة فی المختلف:743.
الثالث:أن یکون الأب موجودا

الثالث:(1)أن یکون الأب موجودا.

روی (1)من أنهم عیاله و علیه نفقتهم،و نفقة القاتل لا تسقط عن الأب،بخلاف المملوک،أما الکافر فقد تقدّم (2)أن نفقته واجبة حیث یکون معصوم الدم،لکنّه خرج بنصّ (3)خاصّ فیبقی غیره علی الأصل.

قوله:«الثالث.إلخ».

اشتراط حیاة الأب فی حجب الإخوة الأم هو المشهور بین الأصحاب، ذکره الشیخ (4)و الأتباع (5)و جمیع المتأخرین (6).و هو مرویّ بطریق ضعیف عن أبی عبد اللّه علیه السلام قال:«الأم لا تنقص من الثلث أبدا إلا مع الولد و الاخوة إذا کان الأب حیّا» (7).و هو فی موقوف زرارة (8)أیضا.و یؤیّده التعلیل بأن علّة الحجب التوفیر علی الأب لأجل نفقته و عیاله.

و ذهب بعض الأصحاب إلی عدم اشتراط ذلک،و هو الظاهر من کلام

ص:79


1- 1) الکافی 7:92 ذیل ح 1،التهذیب 9:280 ح 1013،الفقیه 4:197 ب«143»، الوسائل 17:455 ب«10»من أبواب میراث الأبوین و الأولاد ح 4.
2- 2) فی ج 8:486-487.
3- 3) کصحیحة محمد بن مسلم المذکورة فی الصفحة السابقة.
4- 4) النهایة:632،المبسوط 4:76.
5- 5) المراسم:220 و طبع خطأ:و أن لا یکون الأب باقیا،المهذّب 2:128،الوسیلة:387،غنیة النزوع:313،إصباح الشیعة:365.
6- 6) قواعد الأحکام 2:168،الدروس الشرعیّة 2:356.
7- 7) التهذیب 9:282 ح 1020،الوسائل 17:458 ب«12»من أبواب میراث الأبوین و الأولاد ح 1.
8- 8) الکافی 7:92 ذیل ح 1،التهذیب 9:280 ح 1013،الوسائل 17:455 ب«10»من أبواب میراث الأبوین و الأولاد ح 4.

..........

الصدوق،لأنه قال:«لو خلّفت زوجها و أمها و إخوة فللأم السدس و الباقی یردّ علیها» (1).و هو یقتضی حجب الإخوة لها عمّا زاد عن السدس بطریق الفریضة، و إنما یثبت لها الباقی بعموم آیة (2)أولی الأرحام و هی غیر مشروطة بذلک.

و یدلّ علی هذا القول عموم قوله تعالی فَإِنْ کانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ (3)،و ضعف الروایات (4)المخرجة عن حکم الأصل بالحجب.

و یمکن الجواب عن دلالة الآیة (5)بأن سیاقها یدلّ علی أن حجب الإخوة لها مفروض فیما لو ورثه أبواه المستلزم لوجود الأب،لأنه تعالی قال فَإِنْ لَمْ یَکُنْ لَهُ وَلَدٌ وَ وَرِثَهُ أَبَواهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ کانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ (6)فجعل لها السدس مع الإخوة حیث یرثه أبواه،فلا یثبت الحجب بدون ذلک،عملا بالأصل،و یبقی الخبر (7)شاهدا و إن کان ضعیفا.و هذا حسن.

نعم،روی زرارة أیضا بسند یقرب من الصحّة عن أبی عبد اللّه علیه السلام قال:«قلت له:امرأة ترکت زوجها و أمها و إخوتها لأمها و إخوة لأبیها و أمها، فقال:لزوجها النصف،و لأمها السدس،و للإخوة من الأم الثلث،و سقط الإخوة من الأم و الأب» (8).و روی (9)عنه أیضا بهذا الطریق فی أم و أخوات لأب و أم

ص:80


1- 1) الفقیه 4:198 ب«144».
2- 2) الأنفال:75.
3- 3) النساء:11.
4- 4) انظر الهامش(7)فی الصفحة السابقة.
5- 5) النساء:11.
6- 6) النساء:11.
7- 7) انظر الهامش(8)فی الصفحة السابقة.
8- 8) التهذیب 9:321 ح 1152،الاستبصار 4:146 ح 549،الوسائل 17:478 ب«1» من أبواب میراث الإخوة و الأجداد ح 13.
9- 9) التهذیب 9:320 ح 1149،الاستبصار 4:146 ح 550،الوسائل 17:478 ب«1» من أبواب میراث الإخوة و الأجداد ح 12.
الرابع:أن یکونوا للأب و الأم أو للأب

الرابع:أن یکونوا للأب(1)و الأم أو للأب.

و أخوات لأم:أن للأم السدس،و لکلالة الأب الثلاثین،و لکلالة الأم السدس.

و هما یدلاّن علی حجب الإخوة الأم مع عدم الأب،إلا أنهما متروکتا العمل بإجماع الطائفة،لاتّفاقهم علی أن الإخوة لا یرثون مع الأم مطلقا.نعم،هو مذهب العامّة (1).

و حملهما الشیخ (2)علی أحد أمرین:التقیّة أو إلزامهم بمعتقدهم،بمعنی أن الأم لو کانت تری (3)ذلک جاز للأخوات التناول،للنصّ (4)الوارد عنهم علیهم السلام بجواز إلزامهم بمعتقدهم فی ذلک و نظائره.

قوله:«أن یکونوا للأب.إلخ».

هذا الشرط عندنا موضع وفاق.و رواه زرارة و عبید بن زرارة عن أبی عبد اللّه علیه السلام:«أن الإخوة من الأم لا یحجبون الأم» (5).و لکن فی الطریق ضعف،و الآیة (6)عامّة،و العامّة (7)أخذوا بعمومها.

ص:81


1- 1) المبسوط للسرخسی 29:154،الکافی للقرطبی 2:1058،المغنی لابن قدامة 7:22 -23،روضة الطالبین 5:16.
2- 2) التهذیب 9:321 ذیل ح 1152،الاستبصار 4:147 ذیل ح 551.
3- 3) فی الحجریّتین:ترث.
4- 4) لاحظ الوسائل 15:320 ب«30»من أبواب مقدّمات الطلاق.
5- 5) الکافی 7:93 ح 6 و 7،التهذیب 9:280 ح 1014 و 1018،الوسائل 17:454 ب «10»من أبواب میراث الأبوین و الأولاد ح 1 و 2.
6- 6) النساء:11.
7- 7) المبسوط للسرخسی 29:145،الکافی للقرطبی 2:1054،المغنی لابن قدامة 7: 17،روضة الطالبین 5:11.

و فی اشتراط وجودهم(1)منفصلین لا حملا تردّد،أظهره أنه شرط.

و لا یحجبها أولاد الإخوة،(2)و لا من الخناثی(3)أقلّ من أربعة،لاحتمال أن یکونوا إناثا.

قوله:«و فی اشتراط وجودهم.إلخ».

المشهور اشتراط انفصالهم،للشکّ فی تحقّق الإخوة قبل ذلک،و لانتفاء العلّة،و هی إنفاق الأب علیهم.و یدلّ علیه خصوص روایة العلاء بن الفضیل عن أبی عبد اللّه علیه السلام قال:«إن الطفل و الولید لا یحجب و لا یرث إلا ما آذن بالصراخ،و لا شیء أکنّه البطن و إن تحرّک إلا ما اختلف علیه اللیل و النهار» (1).

و المصنف-رحمه اللّه-تردّد فی ذلک،ممّا ذکر،و من عموم حجب الإخوة،و أصالة عدم اشتراط الانفصال.و القائل بهذا غیر معلوم.نعم،فی الدروس (2)نسب عدم حجب الحمل إلی قول مشعرا بضعفة،و کثیر منهم لم یتعرّضوا للخلاف.

قوله:«و لا یحجبها أولاد الإخوة».

لعدم صدق کونهم أخوه الذی هو شرط الحجب،و لأصالة عدمه،مع عموم (3)دلیل الإرث للثلث إلا ما أخرجه الدلیل.

قوله:«و لا من الخناثی.إلخ».

لمّا کان شرط حجب الإخوة أن یکونوا أخوین أو أربع أخوات أو ما ترکّب من الأمرین،و کان الخنثی لیس طبیعة ثالثة بل منحصرا فی الذکر و الأنثی،

ص:82


1- 1) الفقیه 4:198 ح 674،التهذیب 9:282 ح 1022،الوسائل 17:459 ب«13»من أبواب میراث الأبوین و الأولاد.
2- 2) الدروس الشرعیّة 2:357.
3- 3) النساء:11.
المقدّمة الرابعة فی مقادیر السهام و اجتماعها
اشارة

المقدّمة الرابعة فی مقادیر السهام و اجتماعها

مقادیر السهام

مقادیر السهام السهام ستّة:(1)النصف،و الربع،و الثمن،و الثلثان،و الثلث،و السدس.

و إنما حاله مشتبه،لم یتحقّق الشرط فیهم بدون الأربع،لاحتمال أن یکونوا إناثا.

و احتمل فی الدروس (1)قویّا القرعة للاشتباه،و هی لکلّ أمر مشتبه. (2)

و الأظهر ما اختاره المصنف-رحمه اللّه-،لأصالة عدم الحجب إلا مع وجود الإخوة،و هو غیر متحقّق هنا،لأن الخنثی لا یقال له أخ حقیقة،و لمّا لم یقصر عن کونه أختا فالقدر المعلوم من حکمه مساواته لها.

قوله:«السهام ستّة.إلخ».

أی:السهام المفروضة للوارث فی الکتاب العزیز ستّة.و یعبّر عنها بعبارات أطولها و أوضحها ما ذکره المصنف.و منها:النصف،و نصفه،و نصف نصفه، و الثلثان،و نصفهما،و نصف نصفهما.

و منهم من جعلها خمسة،لأن الثلاثین تضعیف الثلث و هما نصیب البنتین فصاعدا،فلا ینفردان باسم.

و فیه:أن مستحقّهما إذا کان ثلاثة فصاعدا لا یکون لکلّ واحد ثلث بل للمجموع الثلثان،فلذلک جعلا سهما برأسه.

و من أخصر العبارات عنها أن یقال:هی الربع،و الثلث،و ضعف کلّ، و نصفه.

ص:83


1- 1) الدروس الشرعیّة 2:357.
2- 2) فی«د،ط،م»:مشکل.

فالنصف:نصیب(1)الزوج مع عدم الولد و إن نزل،و سهم البنت، و الأخت للأب و الأم،أو الأخت للأب.

قوله:«فالنصف نصیب.إلخ».

بدأ بالنصف لأنه أکبر (1)کسر مفرد،و هو سهم ثلاثة.و ذکره اللّه تعالی فی کتابه فی ثلاثة مواضع:

أحدها:الزوج إذا لم یکن لزوجته فرع وارث،قال اللّه تعالی وَ لَکُمْ نِصْفُ ما تَرَکَ أَزْواجُکُمْ إِنْ لَمْ یَکُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ (2).و ولد الولد کالولد هنا إجماعا، أو (3)لفظ الولد یشمله بالحقیقة أو بإعمال اللفظ فی حقیقته و مجازه.و عدم فرعها المذکور إما بأن لا یکون لها فرع،أو[یکون] (4)لها فرع غیر وارث کرقیق.و هذا الشرط ذکره بعضهم،و أهمله الأکثر.و هو حسن،لما عهد من أن الممنوع من الإرث لا یحجب غیره فی نظائره.مع احتمال عدم اشتراطه،نظرا إلی عموم الایة (5).

و الثانی:البنت، وَ إِنْ کانَتْ واحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ (6).

و الثالث:الأخت لأبوین أو لأب،قال تعالی وَ لَهُ أُخْتٌ فَلَها نِصْفُ ما تَرَکَ (7).و احترز بالقید عن الأخت للأم،لأن لها السدس،للآیة (8)الآتیة (9).

ص:84


1- 1) فی«د،م»:أکثر.
2- 2) النساء:12.
3- 3) فی«ط»:إذ.
4- 4) من«خ».
5- 5) النساء:12.
6- 6) النساء:11.
7- 7) النساء:176.
8- 8) النساء:12.
9- 9) سقطت من«ل،خ،م».

و الربع:سهم(1)الزوج مع الولد و إن نزل،و الزوجة مع عدمه.

و الثمن:سهم الزوجة مع الولد و إن نزل.(2) و الثلثان:سهم(3)البنتین فصاعدا،و الأختین فصاعدا للأب و الأم أو للأب.

و یجب تقیید البنت و الأخت بکونهما منفردتین،إذ لو اجتمعتا مع إخوتهنّ لم یکن نصیبهنّ کذلک.

قوله:«و الربع سهم.إلخ».

الربع نصیب اثنین،و قد ذکره اللّه تعالی فی موضعین:

أحدهما:الزوج الذی لزوجته فرع وارث،سواء کان الفرع منه أم لا،قال تعالی فَإِنْ کانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَکُمُ الرُّبُعُ مِمّا تَرَکْنَ (1).و قد جعل له فی حالتیه ضعف ما للزوجة فی حالتیها،لأن فیه ذکورة تقتضی ذلک،کالابن مع البنت إلا ما یستثنی.

و الثانی:الزوجة فأزید التی لیس لزوجها فرع کذلک،قال اللّه تعالی:

وَ لَهُنَّ الرُّبُعُ مِمّا تَرَکْتُمْ إِنْ لَمْ یَکُنْ لَکُمْ وَلَدٌ (2).

قوله:«و الثمن سهم الزوجة مع الولد و إن نزل».

أی:سهم الزوجة فأکثر مع ولد زوجها الوارث کما مرّ،سواء کان منها أیضا أم لا،قال تعالی فَإِنْ کانَ لَکُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ (3).

قوله:«و الثلثان سهم.إلخ».

الثلثان جعلهما اللّه تعالی لصنفین:

أحدهما:البنتان فصاعدا إذا انفردن عن الإخوة،قال تعالی فَإِنْ کُنَّ نِساءً فَوْقَ اثْنَتَیْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثا ما تَرَکَ (4).

ص:85


1- 1) النساء:12.
2- 2) النساء:12.
3- 3) النساء:12.
4- 4) النساء:11.

..........

و قد جعل سبحانه الثلاثین نصیب ما زاد عن اثنتین،و لم یذکر حکم الاثنتین فی حالة الانفراد،و إنما ذکرهما فی حالة الاجتماع بالذکر فقال لِلذَّکَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَیَیْنِ (1)،و لکن وقع الإجماع بعد عصر الصحابة علی أن للابنتین الثلاثین کالأزید.

و قد اختلفوا فی وجهه،فقیل:دلیله الإجماع[2]المذکور.و قیل بالروایة[3].

و قیل بالقیاس،حیث إن اللّه تعالی جعل للواحدة النصف فیکون لما فوقها الثلثان.

و المحقّقون علی أن ذلک مستفاد من قوله تعالی لِلذَّکَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَیَیْنِ (2)،فإنه یدلّ علی أن حکم الأنثیین حکم الذکر،و ذلک لا یکون فی حال الاجتماع،لأن غایة ما یکون لهما معه النصف إذا لم یکن معه ذکر غیره، فیکون ذلک فی حالة الانفراد.

و تحقیقه:أن اللّه تعالی جعل له مثل حظّ الأنثیین إذا اجتمع مع الإناث،و له فروض کثیرة أولها أن یجتمع مع أنثی،فإن أول الأعداد المقتضیة للاجتماع أن یجتمع ذکر و أنثی،فله بمقتضی الآیة مثل حظّ الأنثیین،و الحال أن له الثلاثین و للواحدة الثلث،فلا بدّ أن یکون الثلثان حظّا للأنثیین فی حال من الأحوال، و ذلک فی حالة الاجتماع مع الذکر غیر واقع اتّفاقا،بل غایة ما یکون لهما النصف،فلو لم یکن لهما الثلثان فی حالة الانفراد لزم أن لا یصدق فی هذه

ص:86


1- 1) النساء:11.
2- 4) النساء:11.

..........

الصورة-و هی اجتماع الذکر مع الواحدة-أن له مثل حظّ الأنثیین،فیکون للأنثیین الثلثان[فی] (1)حالة الانفراد،و هو المطلوب.

فإن قیل:یمکن النظر إلی أن الواحدة فی الصورة المذکورة-و هی ما لو اجتمع ذکر و أنثی-إذا کان لها الثلث و البنت لا تفضّل علی البنت إجماعا فیکون الثلثان فی قوّة نصیب الأنثیین،فیصحّ إطلاق حظّهما لذلک و هو فی حالة الاجتماع،فلا یدلّ علی کون الثلاثین لهما فی حالة الانفراد الذی هو المتنازع.

قلنا:عدم تفضیل الأنثی علی مثلها لا یستلزم کون الثلاثین حظّا لهما،بل و لا یجامعه،لأنهما حالة الاجتماع لا یکون لهما أزید من النصف قطعا کما ذکرناه،و إنما یقتضی المماثلة کونهما مع الاجتماع متساویتین فی النصیب،و هو کذلک،فإن الواحدة حینئذ لا یکون لها ثلث فلا یکون لهما ثلثان،لامتناعه حالة الاجتماع،إذ لا بدّ أن یفضل للذکر بقدر النصیبین،فتعیّن أن یکون ذلک فی حالة الانفراد.

و الثانی:الأختان فصاعدا للأبوین أو للأب،قال تعالی فَإِنْ کانَتَا اثْنَتَیْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثانِ مِمّا تَرَکَ (2).و یثبت الحکم فیما زاد علیهما بالإجماع،أو لأن الآیة نزلت (3)فی سبع أخوات لجابر-رضی اللّه عنه-حیث (4)مرض و سأل عن إرثهنّ منه،فدلّ[ذلک] (5)علی أن المراد الأختان فأکثر.

ص:87


1- 1) من«خ».
2- 2) النساء:176.
3- 3) التبیان 3:408،مجمع البیان 3:254 ذیل الآیة:176 من سورة النساء،و انظر تفسیر القرطبی 6:28،سنن أبی داود 3:119 ح 2887.
4- 4) فی«خ»:حین.
5- 5) من«د،ل،ر،خ».

و الثلث:سهم(1)الأم مع عدم من یحجبها من الولد و إن نزل و الإخوة، و سهم الاثنین فصاعدا من ولد الأم.

و السدس:سهم(2)کلّ واحد من الأبوین مع الولد و إن نزل،و سهم الأم مع الإخوة للأب و الأم أو للأب مع وجود الأب،و سهم الواحد من ولد الأم،ذکرا کان أو أنثی.

قوله:«و الثلث سهم.إلخ».

الثلث ذکره اللّه تعالی فی موضعین لصنفین:

أحدهما:الأم إذا لم یکن لمیّتها فرع وارث و لا عدد من إخوة و أخوات علی ما فصّل (1)،قال اللّه تعالی فَإِنْ لَمْ یَکُنْ لَهُ وَلَدٌ وَ وَرِثَهُ أَبَواهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ کانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ (2).

و الثانی:لاثنین فأکثر من ولدها،سواء کانوا ذکورا أم إناثا أم بالتفریق، قال تعالی وَ إِنْ کانَ رَجُلٌ یُورَثُ کَلالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَ لَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِکُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ کانُوا أَکْثَرَ مِنْ ذلِکَ فَهُمْ شُرَکاءُ فِی الثُّلُثِ (3).و المراد أولاد الأم بالنقل،و بقراءة ابن مسعود:و له أخ أو أخت من أم،و القراءة الشاذّة کالخبر علی الصحیح،کما حقّقناه فی التمهید (4).

قوله:«و السدس سهم.إلخ».

السدس ذکره اللّه تعالی فی ثلاثة مواضع لثلاثة أصناف:

أحدها:کلّ واحد من الأبوین إذا کان لمیّتهما فرع وارث،قال تعالی:

وَ لِأَبَوَیْهِ لِکُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمّا تَرَکَ إِنْ کانَ لَهُ وَلَدٌ (5).و لا فرق بین

ص:88


1- 1) راجع ص:76.
2- 2) النساء:11.
3- 3) النساء:12.
4- 4) تمهید القواعد:84.
5- 5) النساء:11.

..........

وجود الأبوین مجتمعین و متفرّقین (1)،و لا فی الولد بین کونه ذکرا أو أنثی،و إن کان مع الأنثی قد یزید نصیبهما لکن لا بطریق الفرض کما سلف (2).

و الثانی:الأم إذا کان لمیّتها إخوة أو أخوات،بالشرائط السالفة (3)التی من جملتها کونهم للأب و کونه موجودا،و لا وجه لتخصیص هذین الشرطین من بین باقی الشرائط الخمسة أو الستّة،قال اللّه تعالی فَإِنْ کانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ (4).

و الثالث:الواحد من کلالة الأم،ذکرا کان أم أنثی،لما تقدّم من قوله تعالی:

وَ لَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِکُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ (5).

و اعلم أنه قد ظهر من ذلک کون أصحاب الفروض ثلاثة عشر،و إذا اعتبرنا تعدّد الأبوین فی السدس صارت أربعة عشر،منهم ذکران و هما:الزوج و الأب، و منهم أربع إناث و هنّ:الأم و الزوجة و البنات و الأخوات،و منهم من لا یفرّق فیه بین الذکر و الأنثی و هو:کلالة الأم،و کلّ واحد من هذه السبعة قسمان ما عدا الزوجة (6)،و ذلک جملة الثلاثة عشر.و ظهر أیضا أن المراد بهم من یرث بالفرض فی الجملة،سواء ورث مع ذلک بالقرابة أم لا.

و هذه السهام أصول الفرائض،و غیرها من الفروض فرع علیها،کمن یأخذ سهم أحد منهم مع عدمه،مثل الأعمام،فإنّهم یأخذون سهم الأب و هو الثلثان،

ص:89


1- 1) فی«خ»:و منفردین.
2- 2) فی ص:19.
3- 3) فی ص:76.
4- 4) النساء:11.
5- 5) النساء:12.
6- 6) فی نسخة بدل«و،م»:الأب.
اجتماع السهام

اجتماع السهام و هذه الفروض:(1)منها ما یصحّ أن یجتمع،و منها ما یمتنع.

فالنصف:یجتمع مع مثله،و مع الربع،و مع الثمن.و لا یجتمع مع الثلاثین،لبطلان العول،بل یکون النقص داخلا علی الأختین دون الزوج.

و یجتمع النصف:مع الثلث،و مع السدس.و لا یجتمع الربع و الثمن.

و یجتمع الربع:مع الثلاثین،و مع الثلث،و مع السدس.

و یجتمع الثمن:مع الثلاثین،و السدس.و لا یجتمع مع الثلث.و لا یجتمع الثلث مع السدس تسمیة.

و الأخوال سهم الأم و هو الثلث،و أولاد الإخوة یأخذون ما کان یأخذ آباؤهم، فلأولاد الإخوة للأم الثلث،و لأولاد الأخت للأب النصف،و الأجداد فی معنی الإخوة،لأنهم یتقرّبون إلی المیّت بواسطة الأبوین،فالجدّ کالأخ،و الجدّة کالأخت.

قوله:«و هذه الفروض.إلخ».

ما تقدّم حکم السهام الستّة المفروضة منفردة.و أما فرضها منضمّا بعضها إلی بعض فقد یکون الاجتماع ثنائیّا،و هو أن یجتمع اثنان منها،و قد یکون أزید.

و قد أشار هنا إلی حکم اجتماعها ثنائیّا من غیر استقصاء،لکنّه ذکر الأکثر.و نحن نشیر إلی جملتها مفصّلة،فنقول:

جملة صور اجتماع بعضها مع بعض أحد و عشرون صورة،حاصلة من ضرب ستّة-هی عدد السهام-فی مثلها،ثمَّ حذف ما تکرّر منها و هو خمسة عشر.و ذلک لأن کلّ واحد من الستّة یمکن عقلا اجتماعه مع کلّ واحد منها، فالنصف-مثلا-یمکن فرض اجتماعه مع مثله و مع الربع و الثمن و الثلاثین و الثلث و السدس،فهذه ستّ صور.

ص:90

..........

و هکذا یفرض الربع بستّ أیضا،لکن یتکرّر منها صورة واحدة،و هی:

اجتماعه مع النصف،فإنه قد فرض فی الستّ الأولی،[یبقی من صورة خمس تضمّ إلی الستّ الأولی] (1)فتبلغ (2)إحدی عشرة صورة.

ثمَّ یفرض الثمن کذلک،و یتکرّر منه اثنتان،و هما:اجتماعه مع النصف و مع الربع،لذکره فی السابقتین،یبقی من صوره أربع تضمّ إلی ما تقدّم یبلغ خمس عشرة.

ثمَّ نفرض الثلاثین کذلک ستّة،یتکرّر منها ثلاث صور،و هی:اجتماعه مع النصف و مع الربع و مع الثمن،لذکر ذلک فی الصور السابقة،فتبقی ثلاث تضمّ إلی السابق یبلغ ثمانی عشرة.

ثمَّ یفرض الثلث ستّة کذلک،یتکرّر منه أربع،و هی:اجتماعه مع النصف و الربع و الثمن و الثلاثین،تبقی اثنتان.

ثمَّ یفرض السدس کذلک،یتکرّر منه خمس،و تسلم منه صورة واحدة، و هی:اجتماعه مع مثله.و ذلک إحدی و عشرون صورة.

ثمَّ من هذه الصور ما یتّفق شرعا،و منها ما یمتنع[وقوعا،و منها ما یمتنع] (3)للعول.

و جملة الممتنع ثمان صور:

واحدة من الستّ الأولی،و هی:اجتماع النصف مع الثلاثین،لاستلزامه العول،و إلا فأصله واقع،کزوج مع أختین فصاعدا للأب.

ص:91


1- 1) من الحجریّتین.
2- 2) فی«ل،ر،خ»:فیجتمع.
3- 3) من«ل،ر،و،خ،م».

..........

و اثنتان من الفروض الثانیة،و هما:اجتماع الربع مع مثله،لأنه سهم الزوج مع الولد و[سهم] (1)الزوجة لا معه،و اجتماعه مع الثمن،لأنه نصیبها مع الولد و عدمه أو نصیب الزوج معه.

و اثنتان من الفروض الثالثة،و هما:اجتماع الثمن مع مثله،لأنه نصیب الزوجة خاصّة و إن تعدّدت،فلا یتعدّد،و هو مع الثلث،لأنه نصیب الزوجة مع الولد و الثلث نصیب الأم لا معه،أو الاثنین من أولادها لا معهما.

و واحد من الفروض الرابعة،و هو:اجتماع الثلاثین مع مثلهما،للعول، و لعدم اجتماع مستحقّهما فی مرتبة واحدة،لأنه البنتان و الأختان کما مرّ (2).

و اثنتان من الفروض الخامسة،و هما:اجتماع الثلث مع مثله،و اجتماعه مع السدس،لأنه نصیب الأم مع عدم الحاجب و السدس نصیبها معه و مع الولد.

فیبقی من الصور ثلاث عشرة،فرضها واقع صحیح.و قد أشار المصنف -رحمه اللّه-منها إلی عشرة:

فالأولی منها:اجتماع النصف مع مثله،کزوج و أخت لأب.

الثانیة:اجتماعه مع الربع،کزوج و بنت،و زوجة و أخت.

الثالثة:اجتماعه مع الثمن،و ذلک فی زوجة و بنت.

الرابعة:اجتماعه مع الثلث،کزوج و أم مع عدم الحاجب،و کلالة الأم مع أخت لأب،و کهی مع زوج.

الخامسة:اجتماعه مع السدس،کزوج و واحد من کلالة الأم،و بنت مع أحد الأبوین،و أخت لأب مع واحد من کلالة الأم.

ص:92


1- 1) من الحجریّتین.
2- 2) فی ص:85.

..........

و بقی من الصور الستّ اجتماعه مع الثلاثین،و فیه العول.

السادسة:اجتماع الربع مع الثلاثین،کزوج و ابنتین،و کزوجة و أختین لأب.

السابعة:اجتماعه مع الثلث،کزوجة و أم،و زوجة مع متعدّد من کلالة الأم.

الثامنة:اجتماعه مع السدس،کزوجة و واحد من کلالة الأم،و زوج مع أحد الأبوین إذا کان هناک ولد.

و بقی من صور الربع ثلاث،واحدة مکرّرة،و هی:الربع مع النصف، و اثنتان ممتنعتان،و هما:الربع مع مثله و مع الثمن.و قد أشرنا (1)إلی وجه امتناعه.

التاسعة:اجتماع الثمن مع الثلاثین،و ذلک فی زوجة و ابنتین لا غیر.

العاشرة:اجتماعه مع السدس،و هو فی زوجة و أحد الأبوین مع الولد.

و باقی صورة الأربع اثنتان مکرّرتان،و هما:الثمن مع النصف و مع الربع، و اثنتان ممتنعتان،و هما:الثمن مع مثله و مع الثلث.

الحادیة عشرة:اجتماع الثلاثین مع الثلث،فی أختین فصاعدا لأب مع إخوة لأم.

الثانیة عشرة:اجتماعهما مع السدس،کبنتین و أحد الأبوین،و کأختین لأب مع واحد من کلالة الأم.

و باقی صوره الستّ ثلاث منها مکرّرة،و واحدة ممتنعة،و هی:اجتماعهما مع مثلهما.

الثالثة عشرة:اجتماع السدس مع السدس،و ذلک فی الأبوین مع الولد.

و باقی صوره الحاصلة بالضرب أربع منها مکرّرة،و واحدة ممتنعة،و هی:

ص:93


1- 1) فی الصفحة السابقة.
و یلحق بذلک مسألتان

و یلحق بذلک مسألتان:

الأولی:لا یثبت المیراث عندنا بالتعصیب

الأولی:لا یثبت المیراث(1)عندنا بالتعصیب.و إذا أبقت الفریضة،فإن کان هناک مساو لا فرض له فالفاضل له بالقرابة،مثل أبوین و زوج أو زوجة،للأم ثلث الأصل،و للزوج أو الزوجة نصیبه،و للأب الباقی.

و لو کان إخوة کان للأم السدس،و للزوج النصف،و للأب الباقی.

و کذا أبوان و ابن و زوج.و کذا زوج،و أخوان من أم،و أخ أو إخوة من أب و أم أو من أب.

و إن کان بعیدا لم یرث،و ردّ الفاضل علی ذوی الفرض عدا الزوج و الزوجة،مثل أبوین أو أحدهما و بنت و أخ أو عمّ.

اجتماع السدس مع الثلث.و قد عرفت (1)وجهه.

و احترز المصنف بقوله:«و لا یجتمع الثلث مع السدس تسمیة»عن اجتماعه معه قرابة کزوج و أبوین،فإن للزوج النصف،و للأم مع عدم الحاجب الثلث،و للأب السدس،و مع الحاجب بالعکس،و علی التقدیرین فسهم الأب هنا بالقرابة لا بالفرض کما قرّرناه سابقا (2).و لو لاحظنا هذا المعنی لأمکن اجتماع کلّ ما امتنع سابقا بغیر العول،فیجتمع الربع مع مثله،کما فی بنتین و ابن،و مع الثمن فی زوجة و ثلاث بنین و بنت،و هکذا،إلا أنه خارج عن الفرض.

قوله:«لا یثبت المیراث.إلخ».

التعصیب هو توریث العصبة مع ذی الفرض القریب إذا لم یحط الفرض بمجموع الترکة،کما لو خلّف بنتا واحدة أو بنتین فصاعدا مع أخ،أو أختا أو

ص:94


1- 1) انظر ص:92.
2- 2) راجع ص:15.

..........

أختین فصاعدا مع عمّ،و نحو ذلک.

و هذه المسألة و التی بعدها-و هی مسألة العول-من أمّهات المسائل، و المعرکة العظمی بین الإمامیّة و من خالفهم،و علیهما یبنی معظم الفرائض، و اختلفت القسمة علی المذهبین اختلافا کثیرا.

و قد اختلف المسلمون هنا،فذهب الإمامیّة إلی أن الأقرب من الوارث یمنع الأبعد،سواء کان الأقرب ذا فرض أم لم یکن،و یردّ الباقی علی ذی الفرض.و قد کان فی الصحابة (1)ممّن یقول به ابن عبّاس،و مذهبه فیه مشهور.

و حکی الساجی و محمد بن جریر الطبری عن عبد اللّه بن الزبیر أنه قضی بذلک أیضا.و روی الأعمش (2)عن إبراهیم النخعی مثله.و خالف فیه الجمهور و أثبتوا التعصیب.

و قد أکثر الفریقان من الاحتجاج لمذهبهم و النصرة له و القدح فی الجانب الآخر،و تکلّفوا من الأدلّة ما لا یؤدّی إلی المطلوب.و فی الحقیقة مرجع الجمهور فی ذلک إلی حرف (3)واحد،و هو أنهم رووا عن النبیّ صلّی اللّه علیه و آله أنه قال:

«ما أبقت الفرائض فلأولی عصبة ذکر»[1].و مرجع الإمامیّة إلی حرف (4)واحد،

ص:95


1- 1) انظر أحکام القرآن للجصّاص 2:93،المحلّی 9:256،الحاوی الکبیر 8: 107-108،المغنی لابن قدامة 7:7.
2- 2) مستدرک الحاکم 4:337-338.
3- 3) فی«د،م»:خبر.و حرف کلّ شیء:طرفه و شفیره و حدّه.لسان العرب 9:42.
4- 5) فی«د،م»:خبر.و حرف کلّ شیء:طرفه و شفیره و حدّه.لسان العرب 9:42.

..........

و هو أنهم رووا (1)عن أئمّتهم عن الباقر و الصادق علیهما السلام و من بعدهما إنکار ذلک و تکذیب الخبر،و التصریح بردّ الباقی علی ذوی الفروض.

ثمَّ إن کلّ واحد من الفریقین أضاف إلی ما ذکرناه أدلّة،و نحن نشیر إلی خلاصة حجج الفریقین فنقول:

أما أصحابنا الإمامیّة فاحتجّوا علی بطلان التعصیب بوجوه:

الأول:قوله تعالی لِلرِّجالِ نَصِیبٌ مِمّا تَرَکَ الْوالِدانِ وَ الْأَقْرَبُونَ وَ لِلنِّساءِ نَصِیبٌ مِمّا تَرَکَ الْوالِدانِ وَ الْأَقْرَبُونَ مِمّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ کَثُرَ نَصِیباً مَفْرُوضاً (2).

وجه الاستدلال:أنه إن وجب توریث جمیع النساء من الأقربین بطل القول بالتعصیب،و المقدّم حقّ،فالتالی مثله.

بیان الملازمة:أن القائل بالتعصیب لا یورث الأخت مع الأخ و لا العمّة مع العمّ.

و بیان حقّیة المقدّم:أنه تعالی حکم فی الآیة بالنصیب للنساء کما حکم به للرجال،فلو جاز حرمان النساء لجاز حرمان الرجال،لأن المقتضی لتوریثهم واحد،و هو ظاهر الآیة.

إن قیل:الآیة لیست علی عمومها،لأنها تقتضی توریث کلّ واحد من الرجال و النساء مع وجود من هو أقرب منه،و هو باطل،و إذا لم یکن علی العموم جاز العمل بها فی بعض الصور،کما هو مدّعانا فی توریث بعض النساء و حرمان بعضهنّ.

ص:96


1- 1) لاحظ الوسائل 17:431 ب«8»من أبواب موجبات الإرث.
2- 2) النساء:7.

..........

قلنا:بل الآیة عامّة،و لیس مقتضاها توریث البعید و القریب،بل التوریث من الوالدین و الأقربین،و لفظ الأقرب یمنع الأبعد،بل یمنع القریب مع وجود الأقرب،و لا أحد أقرب إلی الأبوین من الأولاد.و إذا کان الأصل فیها العموم لم یکف الحکم بتوریث بعض النساء و إلا لجاز مثله فی الرجال.و یؤیّد عمومها فی توریث النساء أنها نزلت ردّا علی الجاهلیّة حیث کانوا لا یورّثونهنّ شیئا،کما رواه جابر[1]عن زید بن ثابت،و بدون عمومها لا یتمّ الردّ[علیهم] (1).

الثانی:قوله تعالی وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلی بِبَعْضٍ فِی کِتابِ اللّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِینَ وَ الْمُهاجِرِینَ (2).و الاستدلال بها من وجهین:

أحدهما:أنه تعالی حکم بأولویّة بعض الأرحام ببعض،و أراد به الأقرب فالأقرب قطعا بموافقة الخصم،لأنهم یقولون (3)إن العصبة الأقرب یمنع الأبعد، و یقولون (4)فی الوارث بآیة أولی الأرحام إن الأقرب منهم یمنع الأبعد،و لا شبهة فی أن البنت أقرب إلی المیّت من الأخ و أولاده،و الأخت أقرب من العمّ و أولاده، لأن البنت تتقرّب إلی المیّت بنفسها و الأخ إنما یتقرّب إلیه بالأب،و الأخت تتقرّب إلیه بواسطة الأب و العمّ یتقرّب إلیه بواسطة الجدّ،فهی بواسطة و هو بواسطتین و أولاده بوسائط.

ص:97


1- 2) من«و».
2- 3) الأحزاب:6.
3- 4) انظر روضة الطالبین 5:45.
4- 5) انظر روضة الطالبین 5:46.

..........

و ثانیهما:أنه تعالی حکم بأن أولی الأرحام بعضهم أولی ببعض،و المراد بالأولویّة فی المیراث و غیره.أما أولا:فللعموم الذی یدخل فیه المیراث.و أما ثانیا:فلما نقل من أن الآیة نزلت ناسخة للتوارث بمعاقدة الأیمان و التوارث بالمهاجرة اللذین کانا ثابتین فی صدر الإسلام،و الناسخ للشیء یجب أن یکون رافعا له،فلو لا أن المراد بها توریث ذوی الرحم لما کانت رافعة لما نسخته.

و من هذا یظهر فساد قول من ادّعی أن المراد بالأولویّة فی أحوال المیّت من الصلاة و نحوها،أو (1)أن المراد بالأرحام المذکورون فی سورة النساء (2)بقرینة قوله تعالی فِی کِتابِ اللّهِ (3).مع أنه لو سلّم عدم نسخها للإرثین فالإرث داخل فی عمومها،و الأصل عدم التخصیص.و أما قوله تعالی فِی کِتابِ اللّهِ فالمراد به فی حکم کتاب اللّه،و لا یخصّص بما فی سورة النساء،لعدم المقتضی.

الثالث:الأخبار التی رووها عن النبیّ صلّی اللّه علیه و آله،کقوله صلّی اللّه علیه و آله:«من ترک مالا فلأهله» (4)،و قوله صلّی اللّه علیه و آله فی شخص خلّف بنتا و أختا:«إن المال کلّه للبنت»[1].و دلالة الثانی علی انتفاء التعصیب ظاهر.

ص:98


1- 1) کذا فی«ر»،و فی سائر النسخ:و أن.
2- 2) النساء:11-12.
3- 3) الأحزاب:6.
4- 4) صحیح مسلم 2:592 ح 43،سنن ابن ماجه 1:17 ح 45،سنن الترمذی 4:360 ح 2090.

..........

و وجه الاستدلال بالأول:أن الإناث من الأهل قطعا،فاقتضی الخبر توریثهنّ جمع،و هو خلاف مذهب القائلین بالتعصیب.

الرابع:أن القول بالتعصیب یقتضی کون توریث الوارث مشروطا بوجود وارث آخر،و المقتضی باطل.و الملازمة تظهر فیما لو خلّف المیّت بنتین و ابنة ابن و عمّ،فللعمّ عندهم ما فضل عن البنتین،و لا شیء لبنت الابن،و بتقدیر أن یکون معها أخ یکون الثلث بینهما أثلاثا.

و أما بیان بطلان التالی-و هو المقتضی-فلأنه مخالف للکتاب و السنّة.أما الکتاب فظاهر.و أما السنّة فلأن أحدا لم ینقل أن توریث الوارث مشروط بوجود آخر،بل المعلوم من دین النبیّ صلّی اللّه علیه و آله أنه مع وجود الوارث الآخر إما أن یتساویا أو یمنع أحدهما الآخر.

إن قیل:إنما کان کذلک لأن العمّ أولی عصبة،و مع وجود ابن[1]البنت فهو أولی منه،فلذلک ورّثناه،و شارکته أخته للإجماع علی المشارکة.

قلنا:أما حدیث«أولی عصبة» (1)فسنبیّن (2)ضعفه.و علی تقدیر تسلیمه کان ینبغی أن یحوز الابن وحده،لأنه أولی عصبة،دون أخته،إذ هو أولی من العمّ الذی هو أولی من البنت،و الأولی من الأولی أولی.و إذا کان العمّ یحوز الجمیع و یمنع البنت،فبالأحری أن یکون الابن کذلک.و لا مخلص من هذا إلاّ بالتزام توریث الابن بغیر التعصیب حتی تشارکه أخته.

ص:99


1- 2) تقدّم ذکر مصادره فی ص:95 هامش(4).
2- 3) فی ص:105.

..........

إن قیل:توریث البنت مع أخیها جاء من قوله تعالی فی حکم الأولاد:

لِلذَّکَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَیَیْنِ (1)،و الابن جاء من خبر العصبة،فلذا جمعنا بینهما.

قلنا:الخبر خاصّ و الآیة عامّة،و العمل به یقتضی تقدیم إرث الابن،لأنه أولی عصبة،و لا تشارکه البنت،لاختصاصه بالذکر.و هذه المعارضة واردة فی کلّ موضع حکموا بمشارکة الأنثی للذکر فیه.

الخامس-و هو العمدة کما أشرنا (2)إلیه أولا-:الروایات المستفیضة ببطلان التعصیب عن أهل البیت علیهم السلام.و هی کثیرة جدّا،فلنذکر هنا بعضها.

فمنها:ما رواه عبد اللّه بن بکیر عن حسین البزّاز قال:«أمرت من یسأل أبا عبد اللّه علیه السلام:المال لمن هو للأقرب أم للعصبة؟فقال:المال للأقرب، و العصبة فی فیه التراب» (3).

و منها:عن حمّاد بن عثمان قال:«سألت أبا الحسن علیه السلام عن رجل ترک أمّه و أخاه،فقال:یا شیخ ترید علی الکتاب؟قلت:نعم،قال:کان علیّ علیه السلام یعطی المال الأقرب فالأقرب،قال:قلت:فالأخ لا یرث شیئا؟قال:قد أخبرتک أن علیّا علیه السلام کان یعطی المال الأقرب فالأقرب» (4).

ص:100


1- 1) النساء:11.
2- 2) فی ص:95.
3- 3) الکافی 7:75 ح 1،التهذیب 9:267 ح 972،الوسائل 17:431 ب«8»من أبواب موجبات الإرث ح 1.
4- 4) الکافی:7:91 ح 2،التهذیب 9:270 ح 981،الوسائل 17:445 ب«5»من أبواب میراث الأبوین و الأولاد ح 6.

..........

و منها:عن محمد بن مسلم قال:«أقرأنی أبو جعفر الباقر علیه السلام کتاب الفرائض التی هی إملاء رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله و خطّ علیّ علیه السلام بیده،فوجدت فیها:رجل مات و ترک ابنته و أمّه للبنت النصف ثلاثة أسهم، و للأم السدس سهم،و یقسّم المال علی أربعة أسهم،فما أصاب ثلاثة أسهم فللابنة،و ما أصاب سهما فهو للأم،قال:و قرأت فیها:رجل ترک ابنته و أباه، فللبنت النصف،و للأب السدس سهم،یقسّم المال علی أربعة أسهم،فما أصاب ثلاثة أسهم فللبنت،و ما أصاب سهما فللأب» (1).

و منها:عن عبد اللّه بن محرز عن أبی عبد اللّه علیه السلام فی رجل ترک ابنته و أخته لأبیه و أمّه فقال:«المال کلّه لابنته،و لیس للأخت من الأب و الأم شیء» (2).

و غیر ذلک من الأخبار (3)،و لا فائدة فی الإکثار منها،فإنه المعروف من فقه أهل البیت علیهم السلام لا یعرفون خلافه.

و أما الجمهور فاحتجّوا علی إثبات التعصیب بوجوه:

الأول:أنه تعالی لو أراد توریث البنات و نحوهنّ أکثر ممّا (4)فرض لهنّ لفعل ذلک،و التالی باطل،فإنه تعالی نصّ علی توریثهنّ مفصّلا و لم یذکر زیادة علی النصیب.

ص:101


1- 1) الکافی 7:93 ح 1،الفقیه 4:192 ح 668،التهذیب 9:270 ح 982،الوسائل 17: 463 ب«17»من أبواب میراث الأبوین و الأولاد ح 1.
2- 2) الکافی 7:100 ح 2،التهذیب 9:321 ح 1153،الاستبصار 4:147 ح 552، الوسائل 17:474 ب«1»من أبواب میراث الإخوة و الأجداد ح 1.
3- 3) لا حظ الوسائل 17:474 ب«1»من أبواب میراث الإخوة و الأجداد.
4- 4) کذا فی«خ»،و فی سائر النسخ:ما.

..........

و بیان الملازمة:أنه تعالی لمّا ورّث الابن الجمیع لم یفرض له فرضا،و کذا الأخ للأب و العمّ و أشباههم،فلو لا قصر ذوی الفروض علی فروضهم لم یکن فی التنصیص علی المقدار فائدة.

الثانی:قوله تعالی إِنِ امْرُؤٌ هَلَکَ لَیْسَ لَهُ وَلَدٌ وَ لَهُ أُخْتٌ فَلَها نِصْفُ ما تَرَکَ وَ هُوَ یَرِثُها إِنْ لَمْ یَکُنْ لَها وَلَدٌ (1).

و وجه الاستدلال:أنه تعالی حکم بتوریث الأخت نصف میراث نصف میراث أخیها مع عدم الولد،و حکم بتوریث الأخ میراثها أجمع،بدلیل قوله تعالی «وَ هُوَ یَرِثُها» ، فلو ورثت الأخت الجمیع کما هو مذهبکم لم یبق للفرق بین الأخت و الأخ ثمرة أصلا.

الثالث:قوله تعالی وَ إِنِّی خِفْتُ الْمَوالِیَ مِنْ وَرائِی وَ کانَتِ امْرَأَتِی عاقِراً فَهَبْ لِی مِنْ لَدُنْکَ وَلِیًّا یَرِثُنِی (2).

وجه الاستدلال:أن زکریّا علیه السلام لمّا خاف أن یرثه عصبته سأل اللّه تعالی أن یهبه ولدا ذکرا،بدلیل قوله تعالی وَلِیًّا ،فلو کانت الأنثی تمنع العصبة لما کان فی اختیار الذکر مزیّة.

الرابع-و هو عمدتهم کما أشرنا (3)إلیه سابقا-:ما رواه وهیب،عن ابن طاوس،عن أبیه،عن ابن عبّاس،عن النبیّ صلّی اللّه علیه و آله أنه قال:«ألحقوا الفرائض فما أبقت فلأولی عصبة ذکر» (4)و فی أخری:«فللأولی رجل ذکر

ص:102


1- 1) النساء:176.
2- 2) مریم:4-5.
3- 3) فی ص:95.
4- 4) راجع ص:95 هامش(4).

..........

عصبة» (1).و هذا نصّ.

و روی عبد اللّه بن محمد بن عقیل عن جابر:«أن سعد بن الربیع قتل یوم أحد،فجاءت امرأته بابنتیه إلی النبیّ صلّی اللّه علیه و آله و قالت:یا رسول اللّه إنّ أباهما قتل یوم أحد و أخذ عمّهما المال کلّه و لا تنکحان إلا و لهما مال،فقال النبیّ صلّی اللّه علیه و آله:سیقضی اللّه فی ذلک،فأنزل اللّه تعالی فی ذلک یُوصِیکُمُ اللّهُ فِی أَوْلادِکُمْ لِلذَّکَرِ .الآیة،فدعا صلّی اللّه علیه و آله العمّ و قال:أعط الجاریتین الثلاثین،و أعط أمّهما الثمن،فما بقی فلک» (2).و هذه نصّ أیضا.

و أجیب عن الوجه الأول:بأن حاصله یرجع إلی أن کلّ من فرض له من الورثة فرض لا یزاد عنه (3)،و کلّ من لم یفرض له یعطی الجمیع.و هذا باطل.

أما أولا:فلاعتراف الخصم بجواز نقصه عنه،و لو کان الفرض مانعا من إزالة صاحبه عنه لم یجز النقص،و إذا جاز النقص فما المانع من الزیادة؟!بل الأمر فی النقصان أولی،لأن النقصان ینافی الفرض،بخلاف الزیادة علیه بدلیل آخر،فإن فیه إعمال الدلیلین و حصول المطلوب من کلّ منهما.

و أما ثانیا:فلأن هذه الآیة (4)معارضة بآیة أولی الأرحام،فلا بدّ من التوفیق بینهما،و هو لا یحصل إلا بالردّ علی الأقرب و إن کان ذا فرض،لدلالة

ص:103


1- 1) راجع ص:95 هامش(4).
2- 2) سنن ابن ماجه 2:908 ح 2720،سنن أبی داود 3:120 ح 2891،سنن الترمذی 4: 361 ح 2092،سنن الدارقطنی 4:78 ح 34،مستدرک الحاکم 4:342،تلخیص الحبیر 3:83 ح 1352.
3- 3) فی«خ»:علیه.
4- 4) النساء:176.

..........

آیة أولی الأرحام علیه.و إنما قلنا ذلک لأن اللّه تعالی لم یمنع فی الآیة من الردّ و إلا لم یحصل النزاع،و قد دلّت آیة أولی الأرحام علی الردّ،لدلالتها (1)علی التوریث بذی (2)الرحم،و العمل بمضمون الآیتین أولی من اطّراح إحداهما لدلالة المفهوم التی هی من أضعف الأدلّة.

و أما ثالثا:فلأنه لا بدّ من ردّ الفاضل علی شخص بدلیل و إلا لأدّی إلی التشهّی،و سنبطل (3)الخبرین المقتضیین للردّ علی العصبة إن شاء اللّه تعالی،و إذا بطلا تعیّن الردّ علی أولی الأرحام و إلا لزم خرق الإجماع.

و بهذه الوجوه یظهر الجواب عن الوجه الثانی،لأنه راجع إلی أن الأخت لم یسمّ لها أکثر من النصف فلا یزاد علیه،و أما الأخ فمحکوم بتوریثه الجمیع.و قد ظهر ضعف هذا التمسّک،علی أنه یمکن الاستدلال بهذه الآیة علی بطلان التعصیب،من حیث إن اللّه تعالی شرط فی توریث الأخ من الأخت عدم ولدها، و إذا کان لها بنت لم یکن ولدها معدوما،و إذا وجد المنافی للشیء استحال حصوله،لاستحالة اجتماع المتنافیین،فیجب أن لا یرث الأخ مع البنت شیئا، و هو خلاف مدّعاکم.

و عن الوجه الثالث بالمنع من کون زکریّا علیه السلام طلب الذکر،بل الأنثی أو الأعمّ،بقرینة أنه لمّا کفل مریم علیها السلام و رأی من برکتها و کرامتها ما رأی دعا ربّه و قال رَبِّ هَبْ لِی مِنْ لَدُنْکَ ذُرِّیَّةً طَیِّبَةً (4)،و ظاهر الحال

ص:104


1- 1) فی الحجریّتین:کدلالتها.
2- 2) فی«د،و،ر،خ»:بقرب الرحم.
3- 3) انظر ص:105-107.
4- 4) آل عمران:38.

..........

و سیاق الآیة یقتضی أنه لم یطلب إلا مثل مریم علیها السلام،فأعطاه اللّه أفضل منها.و لو تنزّلنا لقلنا إنه طلب الأعمّ.

و لو سلّمنا أنه طلب الذکر لا یلزم منه أنه خاف العصبة،لأنه لو کان له بنو عمّ أو بنات عمّ لم یرثوه بالعصبة بل لکونهم من أولی الأرحام،لأن میراث العصبة المفروض هنا لیس إلا توریث العصبة مع ذوی الفروض لا مطلقا.مع أن طلب الذکر جاز أن یکون لمحبّة طبیعیّة کما لا یخفی من عادة الخلق.

سلّمنا لکن لا یلزم من ثبوت ذلک الحکم فی شرعه ثبوته فی شرعنا،لأن شریعة نبیّنا صلّی اللّه علیه و آله ناسخة للشرائع،و ما یوافق منها لما سبق علی وجه الاتّفاق لا الاستصحاب.

علی أن الآیة حجّة لنا لا لهم،لأن قوله تعالی وَ کانَتِ امْرَأَتِی عاقِراً (1)أی:لا تلد،یقتضی أنها إذا ولدت ولدا لم یخف الموالی من ورائه أعمّ من کونه ذکرا أو أنثی،لأنها لو ولدت أنثی لم تبق عاقرا،و إذا لم تبق عاقرا لم یخف الموالی،فظهر أن الأنثی تمنع الموالی،و هو المطلوب.

و عن الوجه الرابع بوجهین:

أحدهما:أن المرویّ عنه أنه أنکر الخبر الأول،و هو یقتضی ردّه عند أهل الحدیث.روی أبو طالب الأنباری قال:حدّثنا محمد بن أحمد البربری قال:

حدّثنا بشر بن هارون،قال:حدّثنا الحمیری،قال:حدّثنا سفیان،عن أبی إسحاق،عن قاریة بن مضرب،قال:«جلست إلی ابن عبّاس و هو بمکّة فقلت:

یا ابن عبّاس حدیث یرویه أهل العراق عنک-و طاوس مولاک یرویه-أن ما

ص:105


1- 1) مریم:5.

..........

أبقت الفرائض فلأولی عصبة ذکر،قال:أمن أهل العراق أنت؟قلت:نعم،قال:

أبلغ من وراک أنّی أقول:إن قول اللّه تعالی آباؤُکُمْ وَ أَبْناؤُکُمْ لا تَدْرُونَ أَیُّهُمْ أَقْرَبُ لَکُمْ نَفْعاً فَرِیضَةً مِنَ اللّهِ (1)و قوله وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلی بِبَعْضٍ فِی کِتابِ اللّهِ (2)و هل هذه إلا فریضتان؟و هل أبقتا شیئا؟ما قلت هذا و لا طاوس یرویه علیّ!قال قاریة بن مضرب:فلقیت طاووسا فقال:لا و اللّه ما رویت هذا علی ابن عبّاس!و إنما الشیطان ألقاه علی ألسنتهم!قال سفیان المرویّ عنه هذا الحدیث:أراه من قبل ابنه عبد اللّه بن طاوس،فإنه کان علی خاتم سلیمان بن عبد الملک،و کان یحمل علی هؤلاء القوم حملا شدیدا،یعنی بنی هاشم» (3).فکیف یتمسّک بهذا الحدیث بعد ما ذکرناه؟ و ثانیهما:أنه یقتضی خلاف ما هم علیه فی صور کثیرة.

منها:ما لو خلّف المیّت بنتا و أخا و أختا،فمقتضاه أن الأخ یعطی و تحرم الأخت،و هم (4)یقسّمون الزائد عن فرض البنت بینهما أثلاثا.

و منها:ما لو خلّف بنتا و أختا و عمّا،و هو یقتضی أیضا توریث العمّ دون الأخت،و هم یعکسون الحکم.

و منها:ما لو خلّف بنتا و بنت ابن و إخوة لأب،و مقتضاه توریث الزائد للإخوة للأب و حرمان بنت الابن،و هم لا یقولون به،بل یجعلون لبنت الابن السدس و الباقی للإخوة.إلی غیر ذلک من الأمثلة.و الاعتراض بها إلزام،فلا

ص:106


1- 1) النساء:11.
2- 2) الأحزاب:6.
3- 3) التهذیب 9:262،الوسائل 17:432 ب«8»من أبواب موجبات الإرث ح 4.
4- 4) انظر روضة الطالبین 5:18.
الثانیة:العول عندنا باطل

الثانیة:العول عندنا باطل،(1)لاستحالة أن یفرض اللّه سبحانه فی مال ما لا یقوم به.و لا یکون العول إلاّ بمزاحمة الزوج أو الزوجة.

یقدح عدم ذهابنا إلیها.و الاعتذار عن توریث بنت الابن السدس بأنه تکملة الثلاثین اللّذین فرضهما اللّه تعالی للبنتین،و صدق اسمهما علی بنت الصلب و بنت الابن،بأن ذلک لو تمَّ لزم تساویهما فیهما،و لا یقولون به.و کما یصدق أنه خلّف بنتا للصلب یصدق أنه خلّف بنتین إن جعلنا ولد الولد ولدا حقیقیّا،و إلا لم یدخل فی البنتین و لم یشارک فی الثلاثین.

و أما الخبر (1)الثانی فروایة مطعون فیه عند أهل الحدیث بما هو مذکور عندهم (2)،و أنه لم یرو إلا هذا الخبر،علی ما ذکره بعضهم[1].و معارض بما نقلته الإمامیّة کما ذکرناه (3)،و أنه صلّی اللّه علیه و آله ورّث (4)بنت حمزة جمیع ماله.

و عدم تسلیم النقل مشترک.و قد ألزمهم أصحابنا بإلزامات شنیعة مترتّبة علی هذا القول،مذکورة فی المطوّلات،و لا یقتضی الحال ذکرها هنا.

قوله:«العول عندنا باطل.إلخ».

المراد بالعول أن تزاد الفریضة لقصورها عن سهام الورثة علی وجه یحصل النقص علی الجمیع بالنسبة.سمّی عولا من الزیادة،یقال:عالت الفریضة إذا زادت،أو من النقصان حیث نقصت الفریضة عن السهام،أو من المیل،و منه قوله

ص:107


1- 1) راجع ص:103.
2- 2) انظر الجرح و التعدیل 5:153 رقم(706)،میزان الاعتدال 2:484 رقم(4536)، تهذیب التهذیب 6:15 رقم(3712).
3- 4) راجع ص:100-101.
4- 5) التهذیب 6:310 ح 857،الوسائل 17:431 ب«8»من أبواب موجبات الإرث ح 3.

..........

تعالی ذلِکَ أَدْنی أَلاّ تَعُولُوا (1).و سمّیت الفریضة عائلة لمیلها بالجور علی أهل السهام بنقصانها علیهم،أو من عال إذا کثر عیاله،لکثرة السهام فیها،أو من الارتفاع یقال:عالت الناقة ذنبها إذا رفعته،لارتفاع الفریضة بزیادة السهام،کما إذا کانت الفریضة ستّة-مثلا-فعالت إلی سبعة،فی مثل زوج و أختین لأب،فإن له النصف ثلاثة من ستّة و لهما الثلاثین أربعة،فزادت الفریضة واحدا،و إلی ثمانیة، کما إذا کان معهم أخت لأم،و إلی تسعة بأن کان معهم أخت أخری لأم،و إلی عشرة کما إذا کان معهم أم محجوبة.و هکذا.

و قد اختلف المسلمون فی هذه المسألة،فذهب الجمهور منهم إلی القول بالعول،بأن تجمع السهام کلّها و تقسّم الفریضة علیها،لیدخل النقص علی کلّ واحد بقدر فرضه،کأرباب الدیون إذا ضاق المال عن حقّهم.

قالوا (2):و أول مسألة وقع فیها العول فی الإسلام فی زمن عمر حین ماتت امرأة فی عهده عن زوج و أختین،فجمع الصحابة و قال لهم:فرض اللّه تعالی جدّه للزوج النصف و للأختین الثلاثین،فإن بدأت بالزوج لم یبق للأختین حقّهما،و إن بدأت بالأختین لم یبق للزوج حقّه،فأشیروا علیّ،فاتّفق رأی أکثرهم علی العول.ثمَّ أظهر ابن عبّاس-رضی اللّه عنه-الخلاف و بالغ فیه.

و اتّفقت الإمامیّة علی عدمه،و أن الزوجین یأخذان تمام حقّهما،و کذا الأبوان،و یدخل النقص علی البنات و من تقرّب بالأبوین أو بالأب من الأخوات.

و به کان یقول من الصحابة أمیر المؤمنین علیه السلام،و إن کان الجمهور ینقلون

ص:108


1- 1) النساء:3.
2- 2) انظر تلخیص الحبیر 3:89.

..........

عنه خلافه،و ابن عبّاس بالاتّفاق،و من التابعین (1)محمد بن الحنفیّة و الباقر و الصادق علیهما السلام،و من الفقهاء (2)داود بن علیّ الأصفهانی.و لکلّ من الفریقین علی مدّعاه أدلّة،نحن نذکر خلاصتها.

فأما القائلون ببطلانه فاستدلّوا علیه بالمعقول (3)و المنقول.أما الأول فمن وجوه:

الأول:أنه یستحیل أن یجعل اللّه تعالی لمال نصفین و ثلثا،أو ثلثین و نصفا، و نحو ذلک ممّا لا یفی به،و إلا لکان جاهلا أو عابثا تعالی اللّه عن ذلک،و قد تبیّن فی علم الکلام ما یدلّ علی استحالته.

الثانی:أن العول یؤدّی إلی التناقض و الإغراء بالقبیح،و هما باطلان.

أما الأول فلأنّا إذا فرضنا الوارث أبوین و بنتین و زوجا،و جعلنا فریضتهم من اثنی عشر،و أعلناها إلی خمسة عشر،فأعطینا الأبوین منها أربعة أسهم من خمسة عشر،فلیست سدسین بل خمسا و ثلث خمس،و کذا إذا دفعنا إلی الزوج ثلاثة،فلیست ربعا بل خمسا،و کذلک الثمانیة للبنتین لیست ثلثین بل ثلثا و خمسا،و ذلک تناقض،إذ یصدق بالضرورة أن کلّ واحد من السهام المذکورة لیس هو المفروض له شرعا.

و أما الثانی فلأن اللّه تعالی قد سمّی الخمس باسم الربع،و الخمس و الثلث باسم الثلاثین،و الخمس و ثلثه باسم الثلث،و لا نعنی بالإغراء إلا ذلک.

الثالث:أنه إن وجب کون الذکور أکثر سهاما من الإناث بطل العول،

ص:109


1- 1) انظر المبسوط للسرخسی 29:161،المحلّی لابن حزم 9:246،الحاوی الکبیر 7:130،المغنی لابن قدامة 7:26،تلخیص الحبیر 3:90.
2- 2) انظر المبسوط للسرخسی 29:161،المحلّی لابن حزم 9:246،الحاوی الکبیر 7:130،المغنی لابن قدامة 7:26،تلخیص الحبیر 3:90.
3- 3) فی«و،م»:من المعقول.

..........

و المقدّم حقّ باعتراف الخصم،فکذا التالی.و الملازمة تظهر فیما إذا خلّفت زوجا و أبوین و ابنا،أو زوجا و أختین لأم و أخا لأب،ففی الموضعین یعطی الابن و الأخ الباقی،و بتقدیر أن یکون بدل الابن بنتا و بدل الأخ أختا فهما تأخذان أکثر من الذکر قطعا.

و بیان حقّیة المقدّم:أن اللّه تعالی فضّل البنین علی البنات فی المیراث، و الرجال علی النساء،و قال وَ لِلرِّجالِ عَلَیْهِنَّ دَرَجَةٌ (1)،و الخصم التزم فیما لو خلّفت المرأة زوجا و أبوین أن یعطی الأب الثلث و الأم السدس مع أنه لا حاجب لها عن الثلث،و قد فرض اللّه تعالی لها مع عدم الحاجب الثلث،حذرا من أن تفضّل الأنثی علی الذکر،فإذا التزم ذلک فیما یخالف صریح القرآن فهلاّ یلتزمه فیما یوافقه! و أما المنقول-و هو العمدة-فمن طرق الجمهور ما رواه أبو القاسم الکوفی صاحب أبی یوسف عن أبی یوسف قال:حدّثنا لیث بن أبی سلیمان،عن أبی عمرو العبدی،عن علیّ علیه السلام أنه قال:«الفرائض ستّة أسهم:الثلثان أربعة أسهم،و النصف ثلاثة أسهم،و الثلث سهمان،و الربع سهم و نصف،و الثمن ثلاثة أرباع سهم،و لا یرث مع الولد إلا الأبوان و الزوج و الزوجة،و لا یحجب الأم عن الثلث إلا الولد و الاخوة،و لا یزاد الزوج علی النصف و لا ینقص من الربع،و لا تزاد المرأة علی الربع،و لا تنقص من الثمن،و إن کنّ أربعا أو دون ذلک فهنّ فیه سواء،و لا یزاد الإخوة من الأم عن الثلث و لا ینقصون من السدس،فهم فیه سواء الذکر و الأنثی،و لا یحجبهم عن الثلث إلا الولد و الوالد،و الدیة تقسّم علی من

ص:110


1- 1) البقرة:228.

..........

أحرز المیراث» (1).

و الدلالة من هذا الحدیث فی قوله:«لا ینقص من الربع،و لا ینقص من الثمن،و لا ینقص من السدس».و علی قولهم یحصل (2)النقص علیهم جمیعا عن هذه السهام.و فی حصره الثلاثین (3)و النصف و الربع و الثمن فی ستّة.و علی قولهم لا یجتمع إلا فی تسعة و ربع،و مع التصحیح فی أربعة و عشرین أو سبعة و ثلاثین، و هذا و إن کان لا یفرض فی الفرائض إلا أنه یدلّ علی بطلان العول عنده.

و منه ما روی عن عبد اللّه بن عبّاس-رضی اللّه عنه-رواه أبو طالب الأنباری قال:حدّثنی أبو بکر الحافظ،قال:حدّثنی علیّ بن محمد بن الحضینی، قال:حدّثنی یعقوب بن إبراهیم بن سعد،قال:حدّثنی أبی عن محمد بن إسحاق، قال:حدّثنی الزهری عن عبید اللّه بن عبد اللّه بن عتبة،قال:

«جلست إلی ابن عبّاس فجری ذکر الفرائض و المواریث فقال ابن عبّاس:

سبحان اللّه العظیم أ ترون الذی أحصی رمل عالج عددا جعل فی مال نصفا و ثلثا و ربعا،أو قال:نصفا و نصفا و ثلثا؟و هذان النصفان قد ذهبا بالمال فأین موضع الثلث؟! فقال له زفر بن أوس البصری:یا أبا العبّاس فمن أول من أعال الفرائض؟ فقال:عمر بن الخطّاب لمّا التفّت عنده الفرائض و دفع بعضها بعضا فقال:

و اللّه ما أدری أیّکم قدّم اللّه و أیّکم أخّر،و ما أجد شیئا هو أوسع إلا أن أقسّم

ص:111


1- 1) التهذیب 9:249 ح 964،الفقیه 4:188 ح 657،علل الشرائع:569،الوسائل 17: 429 ب«7»من أبواب موجبات الإرث ح 12.
2- 2) فی«ل،ر،خ»:یجعل.
3- 3) فی«ط،م»:الثلث.

..........

علیکم هذا المال بالحصص،و أدخل علی کلّ ذی حقّ ما دخل علیه من عول الفریضة.و ایم اللّه لو قدّم من قدّم اللّه و أخّر من أخّر اللّه ما عالت فریضة.

فقال له زفر بن أوس:فأیّها قدّم و أیّها أخّر؟ فقال:کلّ فریضة لم یهبطها اللّه تعالی عن فریضة إلا إلی فریضة فهذا ما قدّم اللّه،و أما ما أخّر فکلّ فریضة إذا زالت عن فرضها لم یکن لها إلا ما بقی،فتلک التی أخّر.

فأما التی قدّم:فالزوج له النصف،فإذا دخل علیه ما یزیل عنه رجع إلی الربع لا یزیله عنه شیء.و الزوجة لها الربع،فإذا زالت عنه صارت إلی الثمن لا یزیلها عنه شیء.و الأم لها الثلث،فإذا زالت عنه صارت إلی السدس لا یزیلها عنه شیء.فهذه الفرائض التی قدّم اللّه تعالی.

و أما التی أخّر ففریضة البنات و الأخوات لهنّ النصف و الثلثان،فإذا أزالتهنّ الفرائض عن ذلک لم یکن لهنّ إلا ما بقی،فتلک التی أخّر.

فإذا اجتمع ما قدّم اللّه تعالی و ما أخّر بدئ بما قدّم اللّه فأعطی حقّه کاملا، فإن بقی شیء کان لمن أخّر،و إن لم یبق شیء فلا شیء له.

فقال له زفر بن أوس:فما منعک أن تشیر بهذا الرأی علی عمر؟ فقال:هبته و اللّه،و کان امرءا مهیبا.

قال الزهری:و اللّه لو لا أن تقدّم ابن عبّاس إمام عدل کان أمره علی الورع- أمضی أمرا و حکم به و أمضاه-لما اختلف علی ابن عبّاس اثنان» (1).

ص:112


1- 1) الکافی 7:79 ح 3،الفقیه 4:187 ح 656،علل الشرائع:568 ح 4،التهذیب 9:248 ح 963،الوسائل 17:426 ب«7»من أبواب موجبات الإرث ح 6 و انظر أحکام القرآن للجصّاص 2:90،مستدرک الحاکم 4:340،سنن البیهقی 6:253،المحلّی لابن حزم 9:264.

..........

و قوله-رضی اللّه عنه-:«و إن لم یبق شیء فلا شیء له»مبالغة فی تقدیم من قدّمهم اللّه تعالی،و إلا فهذا الفرض لا یقع،إذ لا بدّ أن یفضل لهم شیء.

و رووا أیضا عن ابن عبّاس-رضی اللّه عنه-أنه کان یقول:«من شاء باهلته عند الحجر الأسود أن اللّه تعالی لم یذکر فی کتابه نصفین و ثلثا» (1).

و أما ما ورد من طرق الخاصّة عن علیّ و أهل بیته علیهم السلام فی إنکار العول فکثیر یکاد یبلغ حدّ التواتر.فمنها ما رواه أبو بصیر عن الباقر علیه السلام، قال:«کان أمیر المؤمنین علیه السلام یقول:إن الذی أحصی رمل عالج لیعلم أن السهام لا تعول عن ستّة،لو کانوا یبصرون وجهها لم تجز ستّة» (2).و رووا (3)عن ابن عبّاس نحو ما تقدّم.

و روی محمد بن مسلم فی الصحیح و الفضیل بن یسار و برید العجلی و زرارة بن أعین عن أبی جعفر علیه السلام قال:«السهام لا تعول» (4).

و عن علیّ بن سعید قال:«قلت لزرارة:إن بکیر بن أعین حدّثنی عن أبی جعفر علیه السلام قال:إن السهام لا تعول،و لا تکون أکثر من ستّة،فقال:هذا ما لیس فیه اختلاف بین أصحابنا عن أبی جعفر و أبی عبد اللّه علیهما السلام» (5).

ص:113


1- 1) التهذیب 9:248 ح 962،الوسائل 17:423 ب«6»من أبواب موجبات الإرث ح 12،و انظر الحاوی الکبیر 7:129،المبسوط للسرخسی 29:161،تلخیص الحبیر 3:90.
2- 2) الکافی 7:79 ح 2،الفقیه 4:187 ح 654،التهذیب 9:247 ح 960،الوسائل 17: 423 ب«6»من أبواب موجبات الإرث ح 9.
3- 3) التهذیب 9:248 ح 962،الفقیه 4:187 ح 655،و الوسائل 17:423 الباب المتقدّم ح 12.
4- 4) الکافی 7:80 ح 1،الوسائل 17:421 الباب المتقدّم ح 2.
5- 5) الکافی 7:81 ح 2،التهذیب 9:248 ح 961،الوسائل 17:421 الباب المتقدّم ح 3.

..........

و أما الجمهور فاحتجّوا علی إثباته بالمعقول و الأثر.أما الأول فمن وجوه:

الأول:أن النقص لا بدّ من دخوله علی الورثة علی تقدیر زیادة السهام، أما عند العائل فعلی الجمیع،و أما عند غیره فعلی البعض،لکن النقص علی بعضهم دون بعض ترجیح من غیر مرجّح،فکان إدخاله علی الجمیع أعدل.

الثانی:أن التقسیط مع القصور واجب فی الوصیّة للجماعة[حینئذ] (1)کما لو أوصی لزید بألف و لعمرو بخمسمائة و لبکر بمائة،و لم یخلّف سوی مائة،فإنها تقسّط علی قدر أنصبائهم،فیکون المیراث کذلک،و الجامع بینهما استحقاق الجمیع الترکة.و هذا الفرض من الوصیّة و إن أنکره منکر العول لکنّه یعترف به فیما لو أوصی بنصف ترکته لواحد و بنصف لآخر و بثلث لثالث علی طریق العول، فإنه حینئذ یلتزم بالتحاصّ بالعول.

الثالث:أن الدیّان یقتسمون المال علی تقدیر قصوره عن دینهم بالحصص، فکذلک الوارث،و الجامع الاستحقاق للمال.و الفرق بأن لکلّ واحد من الدیّان قدرا معیّنا،بخلاف الورثة،لا یفید،لأن الورثة و إن لم یکن لکلّ واحد منهم قدر معیّن من المال إلا أن لکلّ واحد جزءا یجری مجری المعیّن.

و أما الثانی فما (2)رواه عبیدة السلمانی قال:«کان علیّ علیه السلام علی المنبر فقام إلیه رجل فقال:یا أمیر المؤمنین رجل مات و ترک ابنتیه و أبویه و زوجته،فقال علیّ علیه السلام:صار ثمن المرأة تسعا» (3).و هذا صریح فی

ص:114


1- 1) من«ص،و،م».
2- 2) فی الحجریّتین:فبما.
3- 3) التهذیب 9:259 ح 971،الوسائل 17:429 ب«7»من أبواب موجبات الإرث ح 14،و انظر سنن البیهقی 6:253،المغنی لابن قدامة 7:36،تلخیص الحبیر 3:90.

..........

إثبات العول،و هو یخالف ما نقلتموه عن علیّ علیه السلام من إنکاره.

و أجیب عن الأول:بمنع عدم ترجیح جانب النقص المدّعی اختصاصه بالبعض،فإن المرجّح الإجماع علی نقصه مع قیام الدلیل،و وقوع الخلاف علی نقص من عداه،فیکون المجمع علیه أولی به.و لأن النقص علی خلاف الأصل فی حقّ الجمیع،ترک العمل به فی المجمع علیه فیبقی الباقی علی الأصل عملا بالاستصحاب،فظهر الترجیح.

و عن الثانی:بمنع الحکم فی الأصل،و وجود الفارق فیما ذکروه من الفرض الذی نوافقهم علیه فی الوصیّة،و هو تصریح الموصی بإرادة العول فیجب اتّباعه،لقوله تعالی فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ ما سَمِعَهُ فَإِنَّما إِثْمُهُ عَلَی الَّذِینَ یُبَدِّلُونَهُ (1)فقد أمرنا اللّه تعالی هنا بالعول،و لو قدّر أنه أمر به فی الفرائض لصرنا إلیه،و إنما الکلام مع عدم الأمر،فکیف یقاس غیر المأمور به علی المأمور به؟! و عن الثالث:بالفرق بین الدّین و المیراث،فإنه یصحّ اجتماع ألف و ألف و ثلاثة آلاف و عشرة فی مال واحد،و لا یعدّه العقلاء محالا،بخلاف اجتماع ثلثین و نصف فی مال واحد،فلا یقاس المستحیل علی غیره.

و وجه الإمکان فی الأول:أن الدّین کان متعلّقا بالذمّة،و هی تقبل تحمّل الجمیع،فإذا عرض (2)تعلّقها بعین المال کان تعلّق استحقاق لا تعلّق انحصار،فلا یکون محالا،و لهذا لا یعدّ أخذ أحد من الدیّان قسطه استیفاء لجمیع حقّه بل لبعضه،بخلاف الإرث.و لو فرض قدرة المدیون علی إیفاء الدّین بعد تقسیط ماله علی الدیّان یجب علیه الخروج من باقی حقّهم،و مع موته یبقی الباقی فی ذمّته،

ص:115


1- 1) البقرة:181.
2- 2) فی«ل،خ»:فرض.

..........

و یصحّ احتسابه علیه من الحقّ و إبراؤه منه،بخلاف الإرث.

و عن الروایة بالطعن فی سندها أولا.و بمعارضتها بما رواه عبیدة هذا الراوی،قال أبو طالب الأنباری:حدّثنا الحسین بن محمد بن أیّوب الجوزجانی، قال:حدّثنا عثمان بن أبی شیبة،قال:حدّثنا یحیی بن أبی بکر،عن شعبة،عن سماک،عن عبیدة السلمانی،و روی الحدیث المذکور،قال سماک:«فقلت لعبیدة:

فکیف ذلک؟قال:إن عمر بن الخطّاب وقعت فی إمارته هذه الفریضة فلم یدر ما یصنع و قال:للبنتین الثلثان و للأبوین السدسان و للزوجة الثمن،فقال:هذا الثمن باقیا بعد الأبوین و البنتین،فقال له أصحاب محمد صلّی اللّه علیه و آله:أعط هؤلاء فریضتهم للأبوین السدسان و للزوجة الثمن و للبنتین ما بقی،فقال:فأین فریضتهما الثلثان؟فقال علیه السلام:لهما ما بقی،فأبی ذلک عمر و ابن مسعود، فقال علیّ علیه السلام:علی ما رأی عمر،قال عبیدة:و أخبرنی جماعة من أصحاب علیّ علیه السلام بعد ذلک فی مثلها أنه أعطی الزوج الربع مع البنتین و الأبوین السدسین و الباقی ردّ علی البنتین،قال:و ذلک هو الحقّ و إن أباه قومنا» (1).

فإذا کان عبیدة راوی الحدیثین عن علیّ علیه السلام هکذا فأیّ حجّة فیه؟!و قوله علیه السلام:«علی ما رأی عمر»و إن کان بحسب الظاهر إقرارا له علی ما رآه لکن ظاهره عدم الرضا به،و إنما صار إلیه لأمر ما لا یخفی،و من وقف علی سیرته فی زمن خلافته و کلامه ظهر علیه (2)أن انقیاده إلی حکم من کان قبله کان علی وجه الاستصلاح لا علی وجه الرضا.

ص:116


1- 1) التهذیب 9:259 ح 971،الوسائل 17:429 ب«7»من أبواب موجبات الإرث ح 14،و فی المصادر:الحسن بن محمد بن أیّوب.
2- 2) کذا فیما لدینا من النسخ،و لعلّ الصحیح:له.

فیکون النقص داخلا(1)علی الأب،أو البنت،أو البنتین،أو من تقرّب بالأب و الأم أو بالأب،من الأخت أو الأخوات،دون من تقرّب بالأم.

مثل:زوج و أبوین و بنت،أو زوج و أحد الأبوین و بنتین فصاعدا، أو زوجة و أبوین و بنتین،أو زوج مع کلالة الأم و أخت أو أخوات لأب و أم أو لأب.

و قیل:إن الحدیث لا یدلّ علی الحکم بالعول،بل علی تهجینه،و معناه:

صار ثمنها الذی فرض لها اللّه تعالی تسعا عند القائل بالعول!و لهذا أجاب عن بعض الفروض و سکت عن الباقی،أو خرج مخرج الاستفهام الإنکاری بحذف أداة الاستفهام،و مثله فی الشواهد (1)القرآنیّة و الشعریّة کثیر.

و اعلم أن قدماء الأصحاب قد ذکروا علی هذا المذهب إلزامات کثیرة و تشنیعات،أعرضنا عن تفصیلها مخافة التطویل،و قد ذکر الشیخ-رحمه اللّه- فی التهذیب (2)منها فی المسألتین جملة.

قوله:«فیکون النقص داخلا.إلخ».

ذکر الأب فیمن یدخل علیهم (3)النقص لیس بجیّد،لأنه مع الولد لا ینقص عن السدس،و مع عدمه لیس من ذوی الفروض کما بیّنّاه سابقا (4).و قد تنبّه لهذا جماعة (5)فأهملوا ذکره،و غفل عنه آخرون (6)فذکروه.

ص:117


1- 1) انظر مغنی اللبیب 1:14-15.
2- 2) التهذیب 9:251-258.
3- 3) فی«د،م»:علیه.
4- 4) راجع ص:15.
5- 5) انظر المقنعة:717-718،المبسوط 4:73-74،غنیة النزوع:315،السرائر 3: 249-251،إصباح الشیعة:366،الجامع للشرائع:511،قواعد الأحکام 2:169.
6- 6) إرشاد الأذهان 2:131،اللمعة الدمشقیّة:157،المهذّب البارع 4:373.

و أما المقاصد فثلاثة

اشارة

و أما المقاصد فثلاثة:

الأول فی میراث الأنساب
اشارة

الأول فی میراث الأنساب و هم:ثلاث مراتب

الأولی:الأبوان و الأولاد

الأولی:الأبوان و الأولاد فإن انفرد الأب فالمال له.و إن انفردت الأم فلها الثلث،و الباقی ردّ علیها.

و لو اجتمع الأبوان فللأم الثلث،و للأب الباقی.و لو کان هناک إخوة کان لها السدس،و للأب الباقی،و لا یرث الإخوة شیئا.

و لو انفرد الابن فالمال له.و لو کانوا أکثر من واحد فهم سواء فی المال.

و لو انفردت البنت فلها النصف،و الباقی ردّ علیها.و لو کان بنتان فصاعدا فلهما أو لهنّ الثلثان،و الباقی ردّ علیهما أو علیهنّ.و إذا اجتمع الذّکران و الإناث فالمال لهم للذکر مثل حظّ الأنثیین.

و لو اجتمع الأبوان أو أحدهما مع الأولاد،فلکلّ واحد من الأبوین السدس،و الباقی للأولاد بالسویّة إن کانوا ذکورا،و إن کان معهم أنثی أو و لو إناث فللذکر مثل حظّ الأنثیین.و لو کان معهم زوج أو زوجة أخذ حصّته الدّنیا،و کذا الأبوان،و الباقی للأولاد...

ص:118

و لو کان مع الأبوین(1)بنت،فللأبوین السدسان،و للبنت النصف، و الباقی ردّ علیهم أخماسا.و لو کان إخوة للأب کان الردّ علی الأب و البنت أرباعا.و لو دخل معهم زوج کان له نصیبه الأدنی،و للأبوین کذلک،و الباقی للبنت.

قوله:«و لو کان مع الأبوین.إلخ».

أما مع عدم الحاجب فالحکم إجماعیّ،و لأن ذلک هو قضیّة الردّ علی نسبة السهام.و یدلّ علیه حسنة محمد بن مسلم قال:«أقرأنی أبو جعفر علیه السلام صحیفة کتاب الفرائض التی هی إملاء رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله و خطّ علیّ بیده،فوجدت فیها:رجل ترک أبویه و ابنته،فللابنة النصف،و للأبوین لکلّ واحد منهما السدس،یقسّم المال علی خمسة أسهم،فما أصاب ثلاثة فللابنة،و ما أصاب سهمین فللأبوین» (1).

و أما مع الحاجب فالردّ مختصّ بالبنت و الأب اتّفاقا،لکن المشهور أنه أرباعا علی حسب سهامهم.و ذهب الشیخ معین الدین المصری (2)-رحمه اللّه- إلی قسمة الردّ أخماسا،للأب منها سهمان سهم الأم و سهمه،لأن الإخوة یحجبون الأم عن الزائد لمکان الأب فیکون الزائد له.و الأظهر الأول،لقوله تعالی فَإِنْ کانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ (3).و حینئذ فیکون الزائد لباقی الورثة علی نسبة سهامهم.

ص:119


1- 1) الکافی 7:93 ح 1،الفقیه 4:192 ح 668،التهذیب 9:270 ح 982،الوسائل 17:463 ب «17»من أبواب میراث الأبوین و الأولاد ح 1.
2- 2) حکاه عنه العلامة فی المختلف:753.
3- 3) النساء:11.

و لو کان[له]زوجة(1)أخذ کلّ ذی فرض فرضه،و الباقی یردّ علی البنت و الأبوین دون الزوجة.و مع الإخوة یردّ الباقی علی البنت و الأب أرباعا.و لو انفرد أحد الأبوین معها کان المال بینهما أرباعا.

و لو دخل معهما زوج أو زوجة کان الفاضل ردّا علی البنت و أحد الأبوین دون الزوج و الزوجة.

و لو کان بنتان فصاعدا فللأبوین السدسان،و للبنتین فصاعدا الثلثان بالسویّة.

و لو کان معهم زوج أو زوجة کان لکلّ واحد منهما نصیبه الأدنی، و للأبوین السدسان،و الباقی للبنتین فصاعدا.

قوله:«و لو کان له زوجة.إلخ».

أصل الفریضة مع الزوجة أربعة و عشرون،لأنها أقلّ عدد ینقسم علی ما فیها من الفروض،و هی النصف و السدسان و الثمن،لأن النصف داخل فی الآخرین،و بین مخرجی السدس و الثمن-و هو الستّة و الثمانیة-توافق بالنصف، فمضروب نصف أحدهما فی الآخر هو مخرج الفروض و هو أربعة و عشرون.

و الفاضل عن السهام-و هو واحد-لا ینقسم علی المردود علیهم أخماسا أو أرباعا،فیضرب عدد سهامهم-و هی خمسة مع عدم الحاجب-فی أصل الفریضة تبلغ مائة و عشرین،و أربعة مع الحاجب تبلغ ستّة و تسعین،فالمردود فی الأولی خمسة و فی الثانیة أربعة.

ص:120

و لو کان أحد الأبوین(1)کان له السدس،و للبنتین فصاعدا الثلثان، و الباقی ردّ علیهم أخماسا.و لو کان زوج کان النقص داخلا علی البنتین فصاعدا.و لو کان زوجة کان لها نصیبها و هو الثمن،و الباقی بین أحد الأبوین و البنات أخماسا.

و لو کان مع الأبوین زوج فله النصف،و للأم ثلث الأصل،و الباقی للأب.و مع الإخوة للأم السدس،و الباقی للأب.

و لو کان معهما زوجة فلها الربع،و للأم ثلث الأصل إن لم یکن إخوة،و الباقی للأب.و مع الإخوة لها السدس،و الباقی للأب.

قوله:«و لو کان أحد الأبوین.إلخ».

هذا هو المشهور بین الأصحاب.و وجهه:ما أشرنا إلیه مرارا من أن الردّ علی نسبة السهام،من حیث إن الفاضل لا بدّ له من مستحقّ،و لیس غیر هؤلاء لأنهم أقرب،و لا بعضهم لعدم الأولویّة،فتعیّن الجمیع علی النسبة.و روی بکیر عن الباقر علیه السلام:«فی رجل ترک ابنته و أمه أن الفریضة من أربعة،لأن للبنت ثلاثة أسهم،و للأم السدس سهم،و بقی سهمان،فهما أحقّ بهما.بقدر سهامهما». (1)و هذه العلّة موجودة هنا.

و خالف فی ذلک ابن الجنید (2)فخصّ الفاضل بالابنتین،لدخول النقص علیهما بدخول الزوجین فیکون الفاضل لهما،و لروایة أبی بصیر عن الصادق

ص:121


1- 1) التهذیب 9:273 ح 988،الوسائل 17:464 ب«17»من أبواب میراث الأبوین و الأولاد ح 6.
2- 2) حکاه عنه العلامة فی المختلف:750.
مسائل

مسائل:

الأولی:أولاد الأولاد یقومون مقام آبائهم فی مقاسمة الأبوین

الأولی:أولاد الأولاد یقومون(1)مقام آبائهم فی مقاسمة الأبوین.

و شرط ابن بابویه فی توریثهم عدم الأبوین.و هو متروک.

و یمنع الأولاد من یتقرّب بهم و من یتقرّب بالأبوین،من الإخوة و أولادهم،و الأجداد و آبائهم،و الأعمام و الأخوال و أولادهم.و یترتّبون الأقرب فالأقرب،فلا یرث بطن مع من هو أقرب منه إلی المیّت.

علیه السلام فی رجل مات و ترک ابنتیه و أباه،فقال:«للأب السدس،و للابنتین الباقی» (1).

و أجیب بمنع صلاحیّة ما ذکره للعلّة،و عدم صحّة سند الروایة،فإن فی طریقها الحسن بن سماعة،و هو ضعیف.و حملت علی ما إذا کان مع البنتین ذکر.

و علیه حمل فی المختلف (2)کلام ابن الجنید أیضا.و فیه نظر.

قوله:«أولاد الأولاد یقومون.إلخ».

ما اختاره المصنف-رحمه اللّه-من قیام أولاد الأولاد مقام آبائهم فی مقاسمة الأبوین مذهب أکثر الأصحاب کالشیخین (3)و الأتباع (4)و جملة (5)المتأخّرین،لأنهم فی المیراث ولد حقیقة،و من ثمَّ دخلوا فی عموم قوله تعالی:

یُوصِیکُمُ اللّهُ فِی أَوْلادِکُمْ لِلذَّکَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَیَیْنِ (6).و لخصوص صحیحة

ص:122


1- 1) التهذیب 9:274 ح 990،الوسائل 17:465 الباب المتقدّم ح 7.
2- 2) المختلف:750-751.
3- 3) المقنعة:688،المبسوط 4:76،النهایة:630-631.
4- 4) الکافی فی الفقه:368،المراسم:228 المهذّب 2:129-130،الوسیلة:387،غنیة النزوع:310،إصباح الشیعة:364.
5- 5) کشف الرموز 2:450،الجامع للشرائع:511،إرشاد الأذهان 2:119،قواعد الأحکام 2:170،إیضاح الفوائد 4:212،الدروس الشرعیّة 2:366.
6- 6) النساء:11.

..........

عبد الرحمن بن الحجّاج عن الصادق علیه السلام قال:«بنات البنت یرثن،إذا لم یکن بنات کنّ مکان البنات» (1).و عن إسحاق بن عمّار عنه علیه السلام قال:«ابن الابن یقوم مقام أبیه» (2).

و احتجّ ابن بابویه[1]بروایة سعد (3)بن أبی خلف و عبد الرحمن بن الحجّاج فی قوله:إن ابن الابن یقوم مقام الابن إذا لم یکن للمیّت ولد و لا وارث غیره.

قال[2]ابن بابویه:قوله:«و لا وارث غیره»إنما هو الوالدان لا غیر.و یؤیّده أن الأبوین فی مرتبة الأولاد للصلب،و الأولاد أقرب إلی المیّت من أولادهم،فیکون المساوی للأقرب أقرب.

و أجاب الشیخ (4)-رحمه اللّه-عن الخبر بأن المراد لا وارث غیره من الأولاد للصلب غیر من تقرّب به ولد الولد.و یدلّ علی إرادته ذلک ورود التصریح به فی روایة عبد الرحمن بن الحجّاج عن الصادق علیه السلام،قال:«ابن الابن إذا لم یکن من صلب الرجل أحد قام مقام الابن،قال:و ابنة البنت إذا لم یکن من

ص:123


1- 1) الکافی 7:88 ح 3،التهذیب 9:317 ح 1138،الاستبصار 4:166 ح 630، الوسائل 17:449 ب«7»من أبواب میراث الأبوین و الأولاد ح 1.
2- 2) الکافی 7:88 ح 2،التهذیب 9:317 ح 1139،الاستبصار 4:167 ح 631، الوسائل 17:449 ب«7»من أبواب میراث الأبوین و الأولاد ح 2.
3- 4) الکافی 7:88 ح 1،الفقیه 4:196 ح 672،التهذیب 9:316 ح 1137،الاستبصار 4: 166 ح 629،الوسائل 17:449 ب«7»من أبواب میراث الأبوین و الأولاد ح 3.
4- 6) التهذیب 9:317 ذیل ح 1140،الاستبصار 4:167 ذیل ح 632.

و یرث کلّ واحد(1)منهم نصیب من یتقرّب به.فیرث ولد البنت نصیب أمه،ذکرا کان أو أنثی،و هو النصف إن انفرد أو کان مع الأبوین، و یردّ علیه کما یردّ علی أمه لو کانت موجودة.

و یرث ولد الابن نصیب أبیه،ذکرا کان أو أنثی،جمیع المال إن انفرد،و ما فضل عن حصص الفریضة إن کان معه وارث،کالأبوین أو أحدهما و الزوج أو الزوجة.

و لو انفرد أولاد الابن و أولاد البنت،کان لأولاد الابن الثلثان، و لأولاد البنت الثلث علی الأظهر.و لو کان زوج أو زوجة کان له نصیبه الأدنی،و الباقی بینهم لأولاد البنت الثلث،و لأولاد الابن الثلثان.

صلب الرجل أحد قامت مقام البنت» (1).و هو یدلّ علی قیام ولد الولد مقام أبیه و أمه مع عدم ولد آخر و إن کان هناک أبوان،لأن قیامه مقامه لو کان مشروطا بعدم الأبوین لزم قیام غیر الشرط مقامه،لأن عدم الولد للصلب حینئذ یکون جزء الشرط و هو غیره.

و الجواب عن الثانی:أنه لا یلزم من ترتّب الأولاد و أولویّة بعضهم علی بعض ترتّبهم مع فریق آخر یشارکهم (2)،کما فی نظائره من قیام أولاد الإخوة مقام آبائهم فی مشارکة الأجداد،و قیام الجدّ البعید مقام القریب فی مشارکة الأخ،و غیر ذلک.و الأصل فیه شمول اسم الولد له و إن نزل،إما بطریق الحقیقة أو بالإجماع فی هذا الباب،و إن وقع النزاع فی غیره (3).و فیه بحث.

قوله:«و یرث کلّ واحد.إلخ».

المشهور بین الأصحاب أن أولاد الأولاد یقومون مقام آبائهم فی المیراث،

ص:124


1- 1) التهذیب 9:317 ح 1141،الاستبصار 4:167 ح 633،الوسائل 17:450 الباب المتقدّم ح 5.
2- 2) کذا فی«ص»،و فی سائر النسخ:یشارکه.
3- 3) انظر ج 5:392-394.

..........

فلکلّ نصیب من یتقرّب به،ذکرا کان أم أنثی.فلولد الابن نصیب الابن و إن کان أنثی،و لولد البنت نصیب البنت و إن کان ذکرا.فلبنت الابن الثلثان،و لابن البنت الثلث،و لبنت الابن المنفردة جمیع المال،و لابن البنت و إن تعدّد النصف بالفرض و الباقی بالردّ،إلی غیر ذلک من الأحکام المترتّبة علی میراث البنت للصلب و الابن له.

و قال المرتضی (1)-و تبعه جماعة منهم معین (2)الدین المصری و ابن إدریس (3)-:إن أولاد الأولاد یقتسمون تقاسم الأولاد من غیر اعتبار من تقرّبوا به،حتی لو خلّف بنت ابن و ابن بنت فللذکر الثلثان و للأنثی الثلث،و لو کان مع ابن البنت أحد الأبوین أو هما فکما لو کانا مع الابن للصلب،و لو کانا مع بنت الابن فکما لو کانا مع البنت.

و مستندهم أنهم أولاد حقیقة،فیدخلون فی عموم یُوصِیکُمُ اللّهُ فِی أَوْلادِکُمْ لِلذَّکَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَیَیْنِ (4).و یدلّ علی کونهم أولادا و إن انتسبوا إلی أنثی تحریم حلائلهم بقوله تعالی وَ حَلائِلُ أَبْنائِکُمُ (5).و تحریم بنات الابن و البنت بقوله تعالی وَ بَناتُکُمْ (6).و حلّ رؤیة زینتهنّ لأبناء أولادهنّ مطلقا بقوله تعالی أَوْ أَبْنائِهِنَّ (7).و حلّها لأولاد أولاد بعولتهنّ مطلقا بقوله تعالی:

ص:125


1- 1) رسائل الشریف المرتضی 3:257-265.
2- 2) حکاه عنه العلامة فی المختلف:732.
3- 3) السرائر 3:239-240.
4- 4) النساء:11.
5- 5) النساء:23.
6- 6) النساء:23.
7- 7) النور:31.

..........

أَوْ أَبْناءِ بُعُولَتِهِنَّ (1).

و للإجماع علی أن أولاد الابن و أولاد البنت یحجبون الأبوین عمّا زاد عن السدسین،و الزوج إلی الربع،و الزوجة إلی الثمن،و کلّ ذلک فی الآیة (2)متعلّق بالولد،فمن سمّاه اللّه تعالی ولدا فی حجب الأبوین و الزوجین هو الذی سمّاه ولدا فی قوله تعالی یُوصِیکُمُ اللّهُ فِی أَوْلادِکُمْ (3)،فکیف یعطی فی بعض الأحوال للذکر مثل حظّ الأنثیین،و فی بعضها نصیب آبائهم الذی یختلف و یزید و ینقص، و یقتضی تفضیل الأنثی علی الذکر فی بعض الموارد؟! و لأنه تعالی لمّا قال حُرِّمَتْ عَلَیْکُمْ أُمَّهاتُکُمْ وَ بَناتُکُمْ (4)لم یذکر بناتهنّ و دخلن فیهنّ إجماعا،و لمّا قال وَ أَخَواتُکُمْ وَ عَمّاتُکُمْ وَ خالاتُکُمْ (5)، فلم تدخل فیهنّ بناتهنّ المحرّمات،عقّبه بقوله وَ بَناتُ الْأَخِ وَ بَناتُ الْأُخْتِ (6)حیث لم یدخلن فی اسم الأخوات،بخلاف البنات،فلم یحتج إلی أن یقول:و بنات بناتکم.

و هذه توجیهات حسنة،إلا أن الدلیل قد قام أیضا علی أن أولاد البنات لیسوا أولادا حقیقة،لثبوت ذلک فی اللغة و العرف،و صحّة السلب الذی هو علامة المجاز.و هذا الوجه الأخیر یدلّ علی أن إطلاق الأولاد علی أولاد الذکور أیضا مجاز،لأنه یصدق:ما هو ولدی و لکن ولد ولدی،و لأنه لا یتبادر إلی الذهن

ص:126


1- 1) النور:31.
2- 2) النساء:11-12.
3- 3) النساء:11.
4- 4) النساء:23.
5- 5) النساء:23.
6- 6) النساء:23.
الثانیة:أولاد البنت یقتسمون نصیبهم للذکر مثل حظّ الأنثیین

الثانیة:أولاد البنت(1)یقتسمون نصیبهم للذکر مثل حظّ الأنثیین،کما یقتسم أولاد الابن.و قیل:یقتسمونه بالسویّة.و هو متروک.

إطلاق الولد إلا علی ولد الصلب،و هو آیة الحقیقة و خلافه آیة المجاز.و هذه الأحکام التی ذکرت من التحریم و غیره مستفادة من الإجماع أو من دلیل خارج دلّ علی إرادة المذکورین.و لا إشکال فی صحّة الحمل علی المعنی المجازی بالقرینة.

و قد دلّت الأخبار (1)الصحیحة هنا علی أن أولاد الأولاد یأخذون نصیب من تقرّبوا به من ذکر و أنثی.و هی مؤیّدة لما (2)ذکر.

فمنها:صحیحة عبد الرحمن بن الحجّاج عن الصادق علیه السلام قال:

«بنات البنات یقمن مقام البنت إذا لم یکن للمیّت بنات و لا وارث غیرهنّ» (3).

و صحیحة سعد بن أبی خلف عن الکاظم علیه السلام قال:«بنات البنت یقمن مقام البنت إذا لم یکن للمیّت بنات و لا وارث غیرهنّ،و بنات الابن یقمن مقام الابن إذا لم یکن للمیّت ولد و لا وارث غیرهنّ» (4).

و صحیحة عبد الرحمن بن الحجّاج أیضا عن أبی عبد اللّه علیه السلام قال:

«بنات البنت یرثن،إذا لم یکن بنات کنّ مکان البنات» (5).و الظاهر من قیامهم مقامهم تنزیلهم منزلتهم لو کانوا موجودین مطلقا.

قوله:«أولاد البنت.إلخ».

القول بأنهم یقتسمون بالسویّة

ص:127


1- 1) راجع الوسائل 17:449 ب«7»من أبواب میراث الأبوین و الأولاد.
2- 2) فی«د»:بما.
3- 3) الکافی 7:88 ح 4،التهذیب 9:316 ح 1136،الاستبصار 4:166 ح 628،الوسائل 17:450ب«7»من أبواب میراث الأبوین و الأولاد ح 4.
4- 4) تقدّم ذکر مصادرها فی ص:123 هامش(4).
5- 5) تقدّم ذکر مصادرها فی ص:124 هامش(1).
الثالثة:یحبی الولد الأکبر من ترکة أبیه

الثالثة:یحبی الولد الأکبر(1)من ترکة أبیه بثیاب بدنه،و خاتمه، و سیفه،و مصحفه.و علیه قضاء ما علیه من صلاة و صیام.

حکاه الشیخ فی النهایة (1)عن بعض الأصحاب.و رجّحه ابن البرّاج (2)،نظرا إلی تقرّبهم بأنثی،و من شأن المتقرّب بها مساواة ذکره لأنثاه،کما سیأتی (3).و هو أیضا یناسب ما ذکر فی المسألة السابقة من أنهم لا یدخلون فی الأولاد حقیقة.

و أما الجمع بین اقتسامهم بالتفاوت مع عدم دخولهم فی قوله تعالی:

یُوصِیکُمُ اللّهُ فِی أَوْلادِکُمْ لِلذَّکَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَیَیْنِ (4)فلا یخلو من إشکال،إذ لا دلیل ظاهرا علی اقتسامهم بالتفاوت إلا عموم الآیة،و هو متوقّف علی دخولهم فیها بطریق الحقیقة،و قد أثبتوا خلافه.

و کیف کان،فالعمل علی المشهور.و ابن البرّاج (5)وافق علی اقتسام أولاد الأخت للأبوین و الأب بالتفاوت مع مشارکتهم لأولاد البنت فی إرث نصیب الأم.

قوله:«یحبی الولد الأکبر.إلخ».

المراد بحبوة الولد بذلک اختصاصه به من بین الوارث.و هذا الحکم مختصّ بمذهب الأصحاب.و مستندهم علیه روایات کثیرة دلّت علیه،کصحیحة ربعی بن عبد اللّه عن الصادق علیه السلام قال:«إذا مات الرجل فلأکبر ولده سیفه، و مصحفه،و خاتمه،و درعه» (6).و حسنة حریز عنه علیه السلام قال:«إذا هلک

ص:128


1- 1) النهایة:634.
2- 2) المهذّب 2:132-133 و 137.
3- 3) فی ص:142 و بعدها.
4- 4) النساء:11.
5- 5) المهذّب 2:132-133 و 137.
6- 6) الکافی 7:86 ح 3،التهذیب 9:275 ح 996،الاستبصار 4:144 ح 540، الوسائل 17:439 ب«3»من أبواب میراث الأبوین و الأولاد ح 2.

..........

الرجل و ترک بنین فللأکبر السیف و الدرع و الخاتم و المصحف،فإن حدث به حدث فللأکبر منهم» (1).و روایة شعیب العقرقوفی عنه علیه السلام قال:«إذا مات کان لابنه السیف و الرحل و ثیاب جلده». (2)و غیرها من الأخبار (3).

ثمَّ الکلام فی الحبوة یقع فی مواضع.

الأول:هل هذا التخصیص علی سبیل الوجوب أو الاستحباب؟الأکثر علی الأول،لدلالة ظاهر الأخبار علیه،فإن اللام ظاهرة فی الملک،فلو جعلت للاختصاص أفادته أیضا،إذ لا یحصل الاختصاص بدونه،لأن الاستحباب لا یتعیّن المصیر إلیه.و ظاهرها أنه مختصّ بنفس المذکورات،فلا یفیده الاختصاص باستحباب تخصیصه بها،لأن الاختصاص حینئذ بحکمها لا بها.

و ذهب المرتضی (4)و ابن الجنید (5)و أبو الصلاح (6)و العلامة (7)فی المختلف إلی الثانی،لأنه حکم مخالف للأصل.و لعموم قوله تعالی یُوصِیکُمُ اللّهُ فِی أَوْلادِکُمْ لِلذَّکَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَیَیْنِ (8).و غیرها من آیات (9)الإرث،فإنها تقتضی

ص:129


1- 1) الکافی 7:85 ح 1،التهذیب 9:275 ح 994،الاستبصار 4:144 ح 538، الوسائل 17:440 الباب المتقدّم ح 3.
2- 2) التهذیب 9:276 ح 999،الاستبصار 4:145 ح 544،الوسائل 17:440 الباب المتقدّم ح 7.
3- 3) لا حظ الوسائل 17:439 ب«3»من أبواب میراث الأبوین و الأولاد.
4- 4) الانتصار:299.
5- 5) حکاه عنه العلامة فی المختلف:732 و 733.
6- 6) الکافی:371.
7- 7) المختلف:733.
8- 8) النساء:11.
9- 9) النساء:12.

..........

اشتراک الورثة فی جمیع ما یخلّفه المیّت،فیقتصر فیما خالفه علی موضع الیقین، و هو ما إذا دفع باقی الورثة ذلک إلیه علی وجه التراضی.و لعدم صراحة الأخبار فی الوجوب،فلا یخصّص عموم آیات الإرث بالاحتمال.

و یؤیّد الاستحباب اختلاف الروایات فی مقدار ما یحبی به،و سیأتی (1)دلالة أخبار صحیحة علی إعطائه زیادة علی الأربعة،ممّا یوجب العمل بظاهره الإجحاف بالورثة و مخالفة الإجماع،و ترکه اطّراح الأخبار الصحیحة،فکان الاستحباب أنسب بهذا الاختلاف.

الثانی:هل هذا التخصیص مجّانا أم بالقیمة؟الأکثر[1]علی الأول،لإطلاق النصوص باختصاصه بالمذکورات،و الأصل براءة ذمّته من أمر آخر.

و ذهب المرتضی (2)و ابن الجنید (3)إلی الثانی،لنحو ما ذکر فی السابق،فإن قوله تعالی یُوصِیکُمُ اللّهُ فِی أَوْلادِکُمْ لِلذَّکَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَیَیْنِ (4)یقتضی مشارکة الأنثی للذکر فی جمیع ما یخلّف المیّت من سیف و مصحف و غیرهما، و کذلک ظاهر آیات (5)میراث الأبوین و الزوجین یقتضی أن لهم السهام المذکورة من جمیع ترکة المیّت،فلو خصّصنا الأکبر بهذه الأشیاء بدون القیمة کنّا قد ترکنا هذه الظواهر،فاحتسابها علیه بالقیمة أوفق لها.

ص:130


1- 1) فی الصفحة التالیة.
2- 3) انظر الهامش(4)فی الصفحة السابقة.128.
3- 4) انظر الهامش(5)فی الصفحة السابقة.128.
4- 5) النساء:11.
5- 6) النساء:12.

..........

و یؤیّده أیضا ما ذکرناه فی السابق من الروایات المتضمّنة لتخصیصه بسلاحه و رحله و راحلته،فلو لم نحتسبها علیه بالقیمة لزم الإجحاف بالورثة.

و فی المختلف (1)نفی عن هذا القول البأس.

الثالث:ما یقع فیه التخصیص،و المشهور هذه الأربعة التی ذکرها المصنف -رحمه اللّه-و هی:ثیاب بدنه و خاتمه و سیفه و مصحفه،مع أن هذه لم توجد بخصوصها فی روایة،و إنما الروایات مختلفة فی أعدادها اختلافا کثیرا،و قد سمعت منها جملة،ففی صحیحة (2)ربعی الأولی ذکر سیفه و مصحفه و خاتمه و درعه،و لم یذکر الثیاب،و هم لم یذکروا الدرع.و فی صحیحة أخری لربعی عن الصادق علیه السلام قال:«إذا مات الرجل فسیفه و مصحفه و خاتمه و کتبه و رحله و راحلته و کسوته لأکبر ولده» (3).و لم یقل بدخول جملة هذه أحد من الأصحاب، إلا ما یظهر من الصدوق حیث ذکر الروایة فی الفقیه مع التزامه أن لا یروی فیه إلا ما یعمل به.و لم یذکر فیها الدرع،و ذکره فی الروایة السابقة (4)و فی غیرها (5).

و بالجملة،فالاقتصار علی هذه الأربعة-مع کونها لیست مذکورة فی روایة بخصوصها-فی حیّز (6)الاشکال،و یؤیّد جانب الاستحباب کما أشرنا إلیه.و فی

ص:131


1- 1) المختلف:733.
2- 2) انظر ص:128.
3- 3) الکافی 7:86 ح 4،التهذیب 9:275 ح 997،الاستبصار 4:144 ح 541،الفقیه 4: 251 ح 805،الوسائل 17:439 ب«3»من أبواب میراث الأبوین و الأولاد ح 1.
4- 4) و هما روایتا ربعی و حریز،راجع ص:128.
5- 5) و هما روایتا ربعی و حریز،راجع ص:128.
6- 6) کذا فی«خ»،و فی سائر النسخ:حدّ.

..........

حسنة (1)ابن أذینة و روایة (2)الفضلاء-زرارة،و محمد بن مسلم،و بکیر،و فضیل -الاقتصار علی ذکر السلاح و السیف،و فی روایة شعیب (3)الاقتصار علی السیف و الرحل و ثیاب الجلد.و قد ظهر أن مدلول کلّ واحدة من الروایات لم یعمل به الأصحاب،و الاقتصار علی الأربعة لا یخلو من تحکّم.و ربما تخلّص بعضهم من ذلک بأن مستند التخصیص بالأربعة الإجماع لا الأخبار.و لا یخفی ما فیه،فإن الإجماع خصوصا من الأصحاب بخصوصهم لا بدّ له من مستند،و المستند هنا غیر ظاهر.

الرابع:المحبوّ هو الولد الذکر،أو أکبر الذکور إن تعدّدوا.أما اعتبار الأکبر فأکثر الروایات ناطقة به.و هو یتحقّق مع التعدّد،و یشکل مع الاتّحاد،لأن أفعل التفضیل یقتضی مشارکا فی أصل الفعل،و لکن فی روایة (4)شعیب و روایة الفضلاء أنها لابنه فیشمل المتّحد،و یحمل علی الأکبر مع التعدّد حملا للمطلق علی المقیّد.و ربما قیل:إن المراد بالأکبر من لیس هناک ذکر أکبر منه،سواء وجد غیره أم لا،فإن تمَّ شمل الواحد.

و لو تعدّد الأکبر اشترکوا فی الحبوة،فیقسّم بینهم.صرّح به الشیخ فی

ص:132


1- 1) الکافی 7:85 ح 2،التهذیب 9:275 ح 995،الاستبصار 4:144 ح 539، الوسائل 17:440 ب«3»من أبواب میراث الأبوین و الأولاد ح 4.
2- 2) التهذیب 9:276 ح 998،الاستبصار 4:144 ح 542،الوسائل 17:440 الباب المتقدّم ح 6.
3- 3) الفقیه 4:251 ح 806،الوسائل 17:440 الباب المتقدّم ح 5.
4- 4) تقدّم ذکر مصادره فی ص:129 هامش(2).

..........

المبسوط (1)و جماعة (2).و شرط ابن حمزة (3)فقد آخر فی سنّه،فأسقط الحبوة هنا.و هو ضعیف.

و فی اشتراط بلوغه قولان،من عموم الأخبار (4)،و کونها فی مقابلة القضاء و لا یکلّف به إلا البالغ.و الأصحّ عدم الاشتراط،و عدم الملازمة بینهما.و کذا القول فی اشتراط عقله.

و إذا لم یشترط بلوغه فهل یشترط انفصاله حال موت أبیه؟وجهان،من عدم صدق الولد الذکر بدونه،و من تحقّقه فی نفس الأمر،لأن الفرض ظهوره بعد ذلک،کما لو لم یکن له ولد ظاهرا ثمَّ ثبت بعد ذلک،و من ثمَّ عزل له نصیبه من المیراث.

الخامس:یجب علی هذا الولد أن یقضی عن والده ما فاته من صلاة و صیام،للنصوص (5)الدالّة علی ذلک.

و هل هو شرط فی استحقاق الحبوة بحیث تجعل عوضا عنه؟قیل:نعم.

و الأظهر العدم،لإطلاق النصوص (6)من الجانبین.و تظهر الفائدة فیما لو کان الولد غیر مکلّف بالقضاء أو کان مکلّفا و لم یترک حبوة،فعلی ما اخترناه لا تلازم

ص:133


1- 1) المبسوط 4:126.
2- 2) قواعد الأحکام 2:171،التنقیح الرائع 4:169،المهذّب البارع 4:382.
3- 3) الوسیلة:387.
4- 4) لا حظ الوسائل 17:439 ب«3»من أبواب میراث الأبوین و الأولاد.
5- 5) لاحظ الوسائل 5:365 ب«12»من أبواب قضاء الصلوات،و ج 7:240 ب«23»من أبواب أحکام شهر رمضان.
6- 6) انظر الهامش(5)هنا،و الوسائل 17:439 ب«3»من أبواب میراث الأبوین و الأولاد.

..........

بینهما،فقد یثبتان کما إذا کان الولد مکلّفا و خلّف المیّت حبوة،و قد ینفکّ کلّ منهما عن الآخر.

و إطلاق النصّ (1)و الفتوی یقتضی عدم الفرق بین أن یکون الفائت من الصلاة و الصیام بعمد (2)و غیره.و ربما قیل باختصاص الحکم بما فات منها لعذر.

و لا بأس به،و النصوص (3)لا تنافیه.

إذا تقرّر ذلک فلنعد إلی تحریر الأربعة المحبوّة،فالمراد بثیاب بدنه ما کان یلبسها أو أعدّها للّبس و إن لم یکن لبسها.و الأقوی أن العمامة منها و إن تعدّدت أو لم تلبس کذلک إذا اتّخذها له.و کذا السراویل،دون شدّ الوسط و الخفّ و ما فی معناه.و کذا لا تدخل القلنسوة.و فی الثوب من اللبد نظر أظهره دخوله،لدخوله فی اسم الکسوة المذکورة فی بعض الأخبار (4).و قد صرّحوا (5)بعدم إجزاء القلنسوة عن الکفّارة مع کون المعتبر فیها الکسوة.

و لو تعدّدت هذه الأجناس فما کان منها بلفظ الجمع-کالثیاب-یدخل أجمع،و ما کان بلفظ الوحدة-کالسیف و المصحف-یتناول واحدا.فإن تعدّد فی ملکه انصرف إلی ما کان یغلب نسبته إلیه.فإن تساوت النسبة ففی تخیّر الوارث واحدا منها أو القرعة وجهان أصحّهما الأول.

و فی دخول حلیة السیف و جفنه و بیت المصحف وجهان،من تبعیّتها لهما

ص:134


1- 1) لاحظ الوسائل 5:365 ب«12»من أبواب قضاء الصلوات،و ج 7:240 ب«23»من أبواب أحکام شهر رمضان.
2- 2) فی«خ»:بعذر.
3- 3) لاحظ الوسائل 5:365 ب«12»من أبواب قضاء الصلوات،و ج 7:240 ب«23»من أبواب أحکام شهر رمضان.
4- 4) لاحظ الوسائل 17:439 ب«3»من أبواب میراث الأبوین و الأولاد ح 1.
5- 5) الجامع للشرائع:418،قواعد الأحکام 2:148.

و من شرط اختصاصه(1)أن لا یکون سفیها،و لا فاسد الرأی،علی قول مشهور.

عرفا،و خروجها عن حقیقتهما.و فی الأول قوّة.

و لا یشترط عدم قصور نصیب کلّ وارث عن قدرها علی الأقوی،و لا زیادتها عن الثلث،للعموم (1).

و یشترط خلوّ المیّت عن دین مستغرق للترکة،لأنها اختصاص فی الإرث و لا إرث مع الاستغراق،إلا أن یبذل المحبوّ قدر قیمتها و یرید الاختصاص بعینها، بناء علی القول بانتقال الترکة إلی الوارث.

و لو کان هناک دین غیر مستغرق ففی منعه من مقابلته منها (2)بالنسبة وجهان أظهرهما ذلک،کما یمنع غیرها من المیراث.و وجه العدم إطلاق النصّ (3).

و الوجهان آتیان فی الوصیّة النافذة.و لو کانت الوصیّة بعین من أعیان الترکة خارجة عن الحبوة فلا منع،کما لو کانت العین معدومة.و لو کانت الوصیّة ببعض الحبوة نفذت من الثلث کغیرها،إلا أنها تتوقّف علی إجازة المحبوّ خاصّة علی تقدیر زیادتها عن الثلث.

و بقی من أحکامها مباحث مهمّة حقّقناها فی رسالة (4)مفردة من أرادها وقف علیها إن شاء اللّه تعالی.

قوله:«و من شرط اختصاصه.إلخ».

إنما نسب القول إلی الشهرة لخلوّ النصوص (5)عن اشتراطه،و عموم الأدلّة

ص:135


1- 1) لاحظ الوسائل 17:439 ب«3»من أبواب میراث الأبوین و الأولاد.
2- 2) فی«د،ص،م»:مثلها.
3- 3) لاحظ الوسائل 17:439 ب«3»من أبواب میراث الأبوین و الأولاد.
4- 4) طبعت ضمن مجموعة تضمّ عشرة مباحث.
5- 5) لاحظ الوسائل 17:439 ب«3»من أبواب میراث الأبوین و الأولاد.

و أن یخلّف المیّت(1)مالا غیر ذلک،فلو لم یخلّف سواه لم یخصّ بشیء منه.

و لو کان الأکبر(2)أنثی لم تحب،و أعطی الأکبر من الذکور.

ینافیه.و هو فی الأول مشکل،لأن السفه لا یمنع الاستحقاق،و لا یدفع وجوب القضاء،لبقاء التکلیف معه و إن جعلنا القضاء شرطا فی ثبوتها.و أما الثانی فیمکن اعتباره من حیث إن المخالف لا یری استحقاقها فیجوز إلزامه بمذهبه،کما جاز مثله فی منعه من الإرث أو بعضه حیث یقول به إدانة له بمعتقده.و هذا حسن.

قوله:«و أن یخلّف المیّت.إلخ».

هذا الشرط مشهور أیضا،و النصوص (1)خالیة عنه،و کأنّ وجهه لزوم الإضرار و الإجحاف بالورثة لولاه،أو أن الحباء لا یتحقّق بدونه.و فی کلّ منهما نظر.

و إطلاق اشتراط أن یخلّف غیرها یشمل ما لو کان الغیر قلیلا أو کثیرا،حتی لو کان درهما واحدا و هی تساوی دنانیر.و ما ذکروه من العلّة آت هنا.و ربما قیل بالمنع هنا أیضا،للإجحاف.بل قیل باشتراط عدم قصور نصیب کلّ واحد عنها.و لا دلیل علیه.و ینبغی علیه اعتبار نصیب الولد المساوی له فی الذکوریّة، أما غیره فلا،لعدم المناسبة خصوصا الزوجة.

قوله:«و لو کان الأکبر.إلخ».

لأن الحبوة فی النصوص (2)منوطة بالأکبر من الذکور أو بالذکر أعمّ من أن تکون هناک أنثی أکبر منه أم لا.و هذا محلّ وفاق و مصرّح به فی صحیحة ربعی، فإنه قال فی آخرها:«فإن کان الأکبر بنتا فللأکبر من الذکور» (3).

ص:136


1- 1) لا حظ الوسائل 17:439 ب«3»من أبواب میراث الأبوین و الأولاد.
2- 2) لا حظ الوسائل 17:439 ب«3»من أبواب میراث الأبوین و الأولاد.
3- 3) تقدّم ذکر مصادرها فی ص:131 هامش(3).
الرابعة:لا یرث الجدّ و لا الجدّة مع أحد الأبوین شیئا

الرابعة:لا یرث الجدّ(1)و لا الجدّة مع أحد الأبوین شیئا،لکن یستحبّ أن یطعما سدس الأصل إذا زاد نصیبه عن ذلک.مثل أن یخلّف أبویه،و جدّا و جدّة لأب،و جدّا و جدّة لأم،فللأم الثلث،و تطعم نصف نصیبها جدّه و جدّته بالسویّة،و لو کان واحدا کان السدس له.و للأب الثلثان،و یطعم جدّه و جدّته سدس أصل الترکة بالسویّة،و لو کان واحدا کان السدس له.

و لو حصل لأحدهما السدس من غیر زیادة،و حصل للآخر الزیادة، استحبّ له الطعمة دون صاحب السدس.فلو خلّف أبوین و إخوة، استحبّ للأب الطعمة دون الأم.و لو خلّف أبوین و زوجا استحبّ للأم الطعمة دون الأب.

قوله:«لا یرث الجدّ.إلخ».

عدم إرث الجدّ مع الأبوین أو أحدهما هو المشهور بین الأصحاب،لا نعلم فیه مخالفا إلا ابن الجنید،فإنه جعل الفاضل عن سهام البنت و الأبوین للجدّین أو الجدّتین.لکن علی المشهور یستحبّ للأبوین أن یطعما أبویهما شیئا من نصیبهما علی بعض الوجوه.فالبحث یقع فی موضعین:

أحدهما:أن الأبوین أولی بالمیراث من الجدّ[1]مطلقا،لأنهما أقرب إلی المیّت منهما،و قد تقرّر أن المراد من قوله تعالی وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلی بِبَعْضٍ (1)أن الأقرب منهم أولی من الأبعد.

ص:137


1- 2) الأنفال:75.

..........

و یؤیّده روایة أبی بصیر قال:«سألت أبا عبد اللّه علیه السلام عن رجل مات و ترک أباه و عمّه و جدّه،فقال:حجب الأب الجدّ عن المیراث،و لیس للعمّ و لا للجدّ شیء» (1).و روایة الحسن بن صالح قال:«سألت أبا عبد اللّه علیه السلام عن امرأة مملکة لم یدخل بها زوجها ماتت و ترکت أمها،و أخوین لها من أبیها و أمها، و جدّها أبا أمها،و زوجها،قال:یعطی الزوج النصف،و تعطی الأم الباقی،و لا یعطی الجدّ شیئا،لأن بنته حجبته عن المیراث،و لا یعطی الإخوة شیئا» (2).

و احتجّ ابن الجنید (3)بمشارکتهم للأبوین فی التسمیة التی أخذوا بها المیراث الذی عیّن لهم،و هی الأبوّة.

و یؤیّده روایة عبد الرحمن بن أبی عبد اللّه قال:«قلت لأبی عبد اللّه علیه السلام:إن ابنتی هلکت ولی أم حیّة،فقال أبان بن تغلب-و کان عنده-:لیس لأمک شیء،فقال أبو عبد اللّه علیه السلام:سبحان اللّه أعطها السدس» (4).و روایة إسحاق بن عمّار عن أبی عبد اللّه علیه السلام فی أبوین و جدّة لأم قال:«للأم السدس،و للجدّة السدس،و ما بقی-و هو الثلثان-للأب» (5).

ص:138


1- 1) الکافی 7:114 ح 9،التهذیب 9:310 ح 1112،الاستبصار 4:161 ح 609، الوسائل 17:468 ب«19»من أبواب میراث الأبوین و الأولاد ح 3.
2- 2) الکافی 7:113 ح 8،التهذیب 9:286 ح 1037،الاستبصار 4:161 ح 608، الوسائل 17:467 الباب المتقدّم ح 2.
3- 3) حکاه عنه العلامة فی المختلف:751.
4- 4) الکافی 7:114 ح 15،الفقیه 4:204 ح 681،التهذیب 9:310 ح 1114، الاستبصار 4:162 ح 163،الوسائل 17:470 ب«20»من أبواب میراث الأبوین و الأولاد ح 6.
5- 5) الفقیه 4:205 ح 684،التهذیب 9:312 ح 1119،الاستبصار 4:163 ح 617، الوسائل 17:472 الباب المتقدّم ح 10.

..........

و أجیب بأن ذلک محمول علی إعطاء الجدّ و الجدّة طعمة،کما سیأتی التصریح به فی الأخبار.و یمنع من مشارکتهم للأبوین فی التسمیة،لأن الجدّ لا یدخل فی اسم الأب حقیقة،بدلیل صحّة السلب،بل مجازا.و کذا الجدّة بالنسبة إلی الأم.

الثانی:أنه یستحبّ للأبوین أو أحدهما أن یطعم سدس الأصل للجدّ أو الجدّة من قبله إذا زاد نصیبه عن السدس.

و یدلّ علی أصل الاستحباب روایات کثیرة،منها حسنة جمیل بن درّاج عن أبی عبد اللّه علیه السلام قال:«إن رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله أطعم الجدّة السدس».و روایة (1)زرارة عن أبی جعفر علیه السلام:«إن رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله أطعم الجدّة السدس،و لم یفرض لها شیئا» (2).و روایة زرارة أیضا قال:

«سمعت أبا جعفر علیه السلام یقول:إن نبیّ اللّه صلّی اللّه علیه و آله أطعم الجدّة السدس طعمة» (3)و غیرها من الأخبار (4).

و إطلاق السدس فی هذه الأخبار و غیرها ظاهر فی کونه سدس الأصل لا سدس نصیب المطعم،خلافا لابن (5)الجنید حیث جعله من نصیب المطعم لا من أصل المال.

ص:139


1- 1) الکافی 7:114 ح 11،التهذیب 9:311 ح 1115،الاستبصار 4:162 ح 614، الوسائل 17:469 الباب المتقدّم ح 2.
2- 2) الکافی 7:114 ح 13،الفقیه 4:205 ح 683،التهذیب 9:311 ح 1116، الوسائل 17:470 ب«20»من أبواب میراث الأبوین و الأولاد ح 3.
3- 3) الکافی 7:114 ح 14،التهذیب 9:311 ح 1117،الاستبصار 4:162 ح 615، الوسائل 17:470 الباب المتقدّم ح 4:و فی الکافی و الوسائل:سمعت أبا عبد اللّه.
4- 4) لا حظ الوسائل 17:469 ب«20»من أبواب میراث الأبوین و الأولاد.
5- 5) حکاه عنه العلامة فی المختلف:751.

و لا یطعم الجدّ(1)للأب و لا الجدّة له إلا مع وجوده،و لا الجدّ للأم و لا الجدّة لها إلا مع وجودها.

و یشترط زیادة نصیب المطعم عن السدس،و کونه أحد الأبوین،و کون الطعمة لمن یتقرّب به من الأبوین دون من یتقرّب بالآخر.فلو لم یحصل لأحد الأبوین سوی السدس-کالأم مع الحاجب،و الأب مع الزوج-لم یستحبّ له الطعمة.و لو زاد نصیب أحدهما دون الآخر اختصّ بالطعمة،لوجود الشرط فیه دون الآخر.

و ظاهر الأخبار أنه متی زاد نصیب أحد الأبوین عن السدس استحبّ له طعمة السدس و إن بقی للمطعم أقلّ من السدس،کما لو کان الوارث بنتا و أبوین أو بنتین و أحدهما.و فی الدروس (1)قیّد الاستحباب بما إذا زاد نصیب المطعم بقدر السدس.و ربما قیل باستحباب طعمة أقلّ الأمرین من الزائد عن السدس و منه.و وجهه (2)من النصّ غیر واضح.

قوله:«و لا یطعم الجدّ.إلخ».

یدلّ علی ذلک حسنة جمیل بن درّاج عن أبی عبد اللّه علیه السلام:«أن رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله أطعم الجدّة أم الأب السدس و ابنها حیّ،و أطعم الجدّة أم الأم السدس و ابنتها حیّة» (3).

ص:140


1- 1) الدروس الشرعیّة 2:367.
2- 2) فی«د،ل،ط»:و و وجههما.
3- 3) الفقیه 4:204 ح 680،التهذیب 9:311 ح 1118،الاستبصار 4:162 ح 616، الوسائل 17:471 ب«20»من أبواب میراث الأبوین و الأولاد ح 9.
المرتبة الثانیة:الإخوة و الأجداد

المرتبة الثانیة:الإخوة و الأجداد و إذا انفرد الأخ للأب و الأم فالمال له.فإن کان معه أخ أو إخوة فالمال بینهم بالسویّة.و لو کان أنثی أو إناثا فللذکر سهمان،و للأنثی سهم.

و لو کان المنفرد أختا لهما کان لها النصف،و الباقی یردّ علیها.و لو کان أختان فصاعدا کان لهما أو لهنّ الثلثان،و الباقی یردّ علیهما أو علیهنّ.

و یقوم مقام کلالة(1)الأب و الأم مع عدمهم کلالة الأب.و یکون حکمهم فی الانفراد و الاجتماع حکم کلالة الأب و الأم.و لا یرث أخ و لا أخت من أب مع أحد من الإخوة للأب و الأم،لاجتماع السببین.و لو انفرد الواحد من ولد الأم کان له السدس،و الباقی ردّ علیه،ذکرا کان أو أنثی.

و للاثنین فصاعدا(2)الثلث بینهم بالسویّة،ذکرانا کانوا أو إناثا،أو ذکرانا و إناثا.

قوله:«و یقوم مقام کلالة.إلخ».

الکلالة أولاد الأم و الأب،و هم الإخوة من الطرفین أو من أحدهما.سمّیت کلالة من الکلّ و هو الثقل،لکونها ثقلا علی الرجل،لقیامه بمصالحهم مع عدم التولّد الذی یوجب مزید الإقبال و الخفّة علی النفس،أو من الإکلیل،و هو ما یزیّن بالجوهر شبه العصابة،لإحاطتهم بالرجل کإحاطته بالرأس.

قوله:«و للاثنین فصاعدا.إلخ».

لقوله تعالی فَإِنْ کانُوا أَکْثَرَ مِنْ ذلِکَ فَهُمْ شُرَکاءُ فِی الثُّلُثِ و إطلاق الشرکة یقتضی التسویة فیما اشترک فیه،و للإجماع.و ألحق بهم الأجداد للأم، لمشارکتهم لهم فی التقرّب بها.و کذا أولاد الإخوة،لأنهم یرثون نصیب الإخوة.

ص:141

و لو کان الإخوة متفرّقین کان لمن یتقرّب بالأم السدس إن کان واحدا، و الثلث إن کانوا أکثر بینهم بالسویّة،و الثلثان لمن یتقرّب بالأب و الأم، واحدا کان أو أکثر.لکن لو کان أنثی کان لها النصف بالتسمیة،و الباقی بالردّ.و إن کانتا اثنتین فلهما الثلثان،فإن أبقت الفریضة فلهما الفاضل.

و إن کانوا ذکورا فالباقی بعد کلالة الأم بینهم بالسویّة.و إن کانوا ذکورا و إناثا فالباقی بینهم،للذکر سهمان و للأنثی سهم.

و الجدّ إذا انفرد فالمال له،لأب کان أو لأم.و کذا الجدّة.و لو کان جدّ أو جدّة(1)أو هما لأم،و جدّ أو جدّة أو هما لأب،کان لمن تقرّب منهم بالأم الثلث بالسویّة،و لمن تقرّب بالأب الثلثان،للذکر مثل حظّ الأنثیین.

قوله:«و لو کان جدّ أو جدّة.إلخ».

کون الثلث للجدّ من الأم و إن اتّحد هو المشهور بین الأصحاب،و علیه اتّفاق المتأخّرین.و مستندهم:أن المتقرّب بالأم یأخذ نصیب الأم،سواء اتّحد أم تعدّد،و نصیبها الثلث،لأنه إنما یأخذ بسببها (1)عند عدمها.

و فی المسألة أقوال کثیرة نادرة:

منها:قول ابن أبی عقیل (2)و الفضل (3)بن شاذان إنه إذا اجتمع جدّة أمّ أم و جدّة أمّ أب فلأم الأم السدس،و لأم الأب النصف،و الباقی یردّ علیهما بالنسبة، کمن ترک أختا لأب و أم و أختا لأم.

ص:142


1- 1) فی الحجریّتین:نصیبها.
2- 2) حکاه عنه العلامة فی المختلف:733.
3- 3) حکاه عنه الشهید فی الدروس الشرعیّة 2:369-370.

و إذا اجتمع مع الإخوة(1)للأم جدّ و جدّة أو أحدهما من قبلها،کان الجدّ کالأخ،و الجدّة کالأخت،و کان الثلث بینهم بالسویّة.

و کذا إذا اجتمع مع الأخت أو مع الأختین فصاعدا،للأب و الأم أو للأب،جدّ و جدّة أو أحدهما،کان الجدّ کالأخ من قبله،و الجدّة کالأخت،ینقسم الباقی بعد کلالة الأم بینهم،للذکر مثل حظّ الأنثیین.

و منها:قول الصدوق (1):للجدّ من الأم مع الجدّ للأب أو الأخ للأب السدس،و الباقی للجدّ للأب أو الأخ.

و منها:قول الفضل (2)فیمن ترک جدّته أم أمه و أخته للأبوین،فللجدّة السدس.

و منها:قول التقیّ (3)و ابن زهرة (4)و القطب (5)الکیدری:أن للجدّ أو الجدّة للأم السدس،و لهما الثلث بالسویّة.

و لم نقف علی مأخذ هذه الأقوال إلا إلحاق الأجداد بکلالة الأم،و ضعفه ظاهر.

قوله:«و لو اجتمع مع الإخوة.إلخ».

هذا مذهب الأصحاب فی کیفیّة میراث الجدودة مع الإخوة.و خالفهم فیه العامّة.

و المستند الأخبار المستفیضة،منها:حسنة الفضلاء زرارة و أخوه بکیر و الفضیل و محمد بن مسلم و برید عن أحدهما علیهما السلام قال:«إن الجدّ مع الإخوة من الأب یصیر مثل واحد من الاخوة ما بلغوا،فإن کانا أخوین أو مائة ألف

ص:143


1- 1) حکاه عنه العلامة فی المختلف:733.
2- 2) حکاه عنه الشهید فی الدروس الشرعیّة 2:369-370.
3- 3) الکافی فی الفقه:371-372.
4- 4) غنیة النزوع:324-325.
5- 5) إصباح الشیعة:367.

..........

فله مثل نصیب واحد من الإخوة،قال:قلت:رجل ترک جدّه و أخته،فقال:

للذکر مثل حظّ الأنثیین،و إن کانتا أختین فالنصف للجدّ و النصف الآخر للأختین، و إن کنّ أکثر من ذلک فعلی هذا الحساب» (1).

و صحیحة عبد اللّه بن سنان قال:«قلت لأبی عبد اللّه علیه السلام:أخ لأب و جدّ، قال:المال بینهما سواء» (2).

و علی هذا فلو خلّف جدّا أو جدّة من الأم،و إخوة و أجدادا من الأب و إن کثروا،فللجدّ أو الجدّة من الأم الثلث،و للإخوة و الأجداد من الأب الثلثان.

و لو انعکس فکان المخلّف جدّا أو جدّة أو أخا أو أختا من الأب،و إخوة و جدّین من الأم،فللجدّ أو الجدّة أو الأخ أو الأخت للأب الثلثان،و للإخوة و الجدّین و إن کثروا الثلث بینهم بالسویّة.

و لو ترک أخا أو أختا من الأم،و جدّا أو أخا من الأب،فللأخ من الأم أو الأخت السدس،و الباقی للجدّ أو الجدّة أو الأخ أو الأخت من الأب.

و لو ترک جدّا أو جدّة لأم،و أخا و جدّا لأب،فالمال،بینهم (3)أثلاثا.و کذا لو کان بدل الجدّ و الأخ للأب جدّة و أختا.و هکذا.

ص:144


1- 1) الکافی 7:109 ح 2،التهذیب 9:303 ح 1081،الاستبصار 4:155 ح 583، الوسائل 17:490 ب«6»من أبواب میراث الإخوة و الأجداد ح 9.
2- 2) الکافی 7:111 ح 11،الفقیه 4:206 ح 691،التهذیب 9:307 ح 1096، الاستبصار 4:159 ح 600،الوسائل 17:491 ب«6»من أبواب میراث الإخوة و الأجداد ح 12.
3- 3) کذا فی«د»،و فی سائر النسخ:بینهما.

و الزوج و الزوجة(1)یأخذان نصیبهما الأعلی مع الإخوة،اتّفقت وصلتهم أو اختلفت.و یأخذ من تقرّب بالأم نصیبه المسمّی من أصل الترکة،و ما یفضل فلکلالة الأب و الأم،و مع عدمهم فلکلالة الأب،و یکون النقص داخلا علی من تقرّب بالأب و الأم أو بالأب،کما فی زوج مع واحد من کلالة الأم مع أخت للأب.

قوله:«و الزوج و الزوجة.إلخ».

هذه من مسائل العول،لأن الزوج له النصف،و للأخت النصف،و للواحد من کلالة الأم السدس،و هو عائل،لتمام الفریضة بالنصفین.فالجمهور یجعلونها من سبعة،و أصحابنا یجعلون النقص علی من یتقرّب بالأب کما سلف (1).و مثله ما لو اجتمع مع الزوج أختان فصاعدا للأب،سواء جامعهم کلالة الأم أم لا.

و قد روی محمد بن مسلم فی الصحیح عن الباقر علیه السلام قال:«قلت له:ما تقول فی امرأة ماتت و ترکت زوجها،و إخوتها لأمها،و إخوة و أخوات لأبیها؟قال:للزوج النصف ثلاثة أسهم،و لإخوتها لأمها الثلث سهمان،الذکر و الأنثی فیه سواء،و بقی سهم فهو للإخوة و الأخوات من الأب للذکر مثل حظّ الأنثیین،لأن السهام لا تعول،و إن الزوج لا ینقص من النصف،و للإخوة من الأم ثلثهم،فإن کانوا أکثر من ذلک فهم شرکاء فی الثلث،و إن کان واحدا فله السدس، و إنما عنی اللّه فی قوله وَ إِنْ کانَ رَجُلٌ یُورَثُ کَلالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَ لَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِکُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ (2)و إنما عنی بذلک الإخوة و الأخوات من الأم خاصّة،و قال فی آخر سورة النساء (3):

ص:145


1- 1) راجع ص:117.
2- 2) النساء:12.
3- 3) النساء:176.

و إن فرضت الزیادة،(1)کما فی واحد من کلالة الأم مع أخت لأب و أم،کان الفاضل للأخت خاصّة.

و إن کانت للأب(2)فهل تخصّ بما فضل عن السهام؟قیل:نعم،لأن النقص یدخل علیها بمزاحمة الزوج أو الزوجة،و لما روی عن أبی جعفر علیه السلام فی ابن أخت لأب و ابن أخت لأم،قال:«لابن الأخت للأم السدس،و الباقی لابن الأخت للأب».و فی طریقها علیّ بن فضّال،و فیه ضعف.

و قیل:بل یردّ علی من تقرّب بالأم و علی الأخت أو الأخوات للأب أرباعا أو أخماسا،للتساوی فی الدرجة.و هو أولی.

یَسْتَفْتُونَکَ قُلِ اللّهُ یُفْتِیکُمْ فِی الْکَلالَةِ .الآیة،فهم الذین یزادون و ینقصون» (1).

قوله:«و إن فرضت الزیادة.إلخ».

هذا هو الأظهر (2)بین الأصحاب،بل ادّعی جماعة (3)علیه الإجماع،لأن من کان النقص داخلا علیه کان الفاضل له،و لأن الأخت للأبوین تجمع السببین فتکون أولی.

و قال ابن أبی عقیل (4)و الفضل (5):إن الفاضل یردّ علیهما علی نسبة السهام أرباعا فی المسألة المفروضة،و أخماسا إذا کان المتقرّب بالأبوین أختین.و هو شاذّ.

قوله:«و إن کانت للأب.إلخ».

قد عرفت (6)أن المتقرّب بالأب یقوم مقام المتقرّب بالأبوین عند عدمه،

ص:146


1- 1) الکافی 7:103 ح 5،التهذیب 9:292 ح 1047.
2- 2) فی«ر»:المشهور.
3- 3) انظر السرائر 3:260.
4- 4) حکاه عنه العلامة فی المختلف:738.
5- 5) حکاه عنه الشهید فی الدروس الشرعیّة 2:368،و انظر الفقیه 4:214-215.
6- 6) راجع ص:141.

..........

و یدخل النقص علیه کما یدخل علیه إجماعا.

و هل یساویه فی کون الزیادة له؟یبنی علی أن الزیادة هل تثبت للأصل أم لا؟ فإن نفیناها فی الأصل-کما ذهب إلیه الحسن (1)و الفضل (2)-فهنا أولی.و من أثبتها للأصل اختلفوا هنا،فذهب الصدوق[1]و الشیخ فی النهایة (3)و الاستبصار (4)و ابن البرّاج (5)و أبو الصلاح (6)و أکثر (7)المتأخّرین إلی إثباتها هنا للفرع،لمشارکته للأصل فی دخول النقص،و لروایة محمد بن مسلم عن الباقر علیه السلام فی ابن أخت لأب و ابن أخت لأم،قال:«لابن الأخت للأم السدس،و لابن الأخت للأب الباقی» (8).و هو یستلزم کون الحکم فی الأم کذلک،لأن الولد إنما یرث بواسطتها.

ص:147


1- 1) انظر الصفحة السابقة.
2- 2) انظر الصفحة السابقة.
3- 3) النهایة:638.
4- 4) الاستبصار 4:168 ذیل ح 637،و فی الحجریّتین بدل«و الاستبصار»:و الخلاف،و لم نجده فیه.
5- 5) المهذّب 2:136.
6- 6) الکافی فی الفقه:371-372.
7- 7) المختلف:738،الدروس الشرعیّة 2:369،المقتصر:363.
8- 8) التهذیب 9:322 ح 1157،الاستبصار 4:168 ح 637 الوسائل 17:487 ب«5»من أبواب میراث الإخوة و الأجداد ح 11.
مسائل ثلاث

مسائل ثلاث:

الأولی:الجدّ و إن علا یقاسم الإخوة مع عدم الأدنی

الأولی:الجدّ و إن علا(1)یقاسم الإخوة مع عدم الأدنی.و لو اجتمع مع الإخوة شارکهم الأدنی و سقط الأبعد.

و أجیب بأن دخول النقص لا یوجب الاختصاص بالمردود کالبنت مع الأبوین.

و عن الروایة بالطعن فی سندها،فإن فی طریقها علیّ بن الحسن بن فضّال و هو فطحیّ.و لذلک ذهب الشیخ فی المبسوط (1)و ابن الجنید (2)و ابن إدریس (3)و المصنف-رحمه اللّه-إلی المشارکة،للتساوی فی الدرجة و السبب،فإنه فیهما من جهة واحدة،فلا وجه للتخصیص.

و أجاب الأولون بوجود المخصّص و هو ما ذکروه،فإن ابن فضّال و إن کان فاسد المذهب لکنّه ثقة.و عن النقص بالبنت مع الأبوین بأن التخلّف فیه لمانع، و هو وجود معارض یدخل النقص علیه،أعنی:الأبوین،لأن فرضهما مع الولد غیره مع عدمه.و المسألة موضع تردّد إن لم نعمل بالخبر الموثّق.

قوله:«الجدّ و إن علا.إلخ».

و ذلک لإطلاق النصوص (4)باشتراک الإخوة و الأجداد الشامل للجدّ الأعلی و الأدنی.و لا یقدح کون الأعلی أبعد من الأدنی المساوی للأخ،لاختلاف النسبین (5)،کما یشارک أولاد الأولاد الأبوین و إن کانوا أبعد من آبائهم المساوین للأبوین،و القدر المشترک بینهما صدق الأولاد و الأجداد.

ص:148


1- 1) المبسوط 4:73.
2- 2) حکاه عنه العلامة فی المختلف:738.
3- 3) السرائر 3:260.
4- 4) لاحظ الوسائل 17:488 ب«6»من أبواب میراث الإخوة و الأجداد.
5- 5) فی«و،م»:النسبتین.
الثانیة:إذا ترک جدّ أبیه و جدّته لأبیه،و جدّه و جدّته لأمه،و مثلهم للأم

الثانیة:إذا ترک جدّ(1)أبیه و جدّته لأبیه،و جدّه و جدّته لأمه،و مثلهم للأم،کان لأجدادها الثلث بینهم أرباعا،و لأجداد الأب الثلثان بینهم أثلاثا،ثلثا ذلک لجدّه و جدّته لأبیه بینهما للذکر مثل حظّ الأنثیین، و الثلث الآخر لجدّه و جدّته لأمه أثلاثا.علی ما ذکره الشیخ رحمه اللّه.

فیکون أصل الفریضة ثلاثة،تنکسر علی الفریقین،فتضرب أربعة فی تسعة،ثمَّ تضرب المجتمع فی ثلاثة،فیکون مائة و ثمانیة.

قوله:«إذا ترک جدّ.».

لا بدّ قبل البحث عن میراث الأجداد الثمانیة فصاعدا من تمهید مقدّمة فی تحقیق أعداد الأجداد و مراتبهم.و تلخیصه أن نقول:للإنسان أب و أم،و هما الواقعان فی الدرجة الأولی من درجات أصولهم،ثمَّ لأبیه أب و أم،و کذلک لأمه، فالأربعة هم الواقعون فی الدرجة الثانیة من درجات الأصول.و هذه الدرجة هی الأولی من درجات الأجداد و الجدّات.ثمَّ الأصول فی الدرجة الثالثة ثمانیة،لأن لکلّ واحد من الأربعة أبا و أما،فتضرب الأربعة فی اثنین.و فی الدرجة الرابعة ستّة عشر،و فی الخامسة اثنان و ثلاثون،لمثل ذلک.و النصف من الأصول فی کلّ درجة ذکور،و النصف إناث.

و قد جرت العادة بالبحث عن إرث ثمانیة أجداد،و هی المرتبة الثانیة من مرتبتهم.و لا خلاف فی أن ثلثی الترکة لجدّی الأب و جدّتیه،و ثلثها لجدّیه و جدّتیه من قبل أمه،لأن ذلک هو قاعدة میراث الأجداد المجتمعین،لا یفرّق فیها بین تعدّد الصنفین و اتّحاده (1).

و قد اختلفوا فی اقتسام کلّ فریق من الجانبین،من حیث إن أحد الجانبین

ص:149


1- 1) فی«د،خ»:و اتّحادهما.

..........

یتقرّب بأمّ،و من شأن قسمة من یتقرّب بها التسویة،و الآخر بأب،و من شأن قسمة المتقرّب به التفاوت،و من أن فی کلّ جانب منهما ما یخالف ذلک،ففی جانب أجداد الأب من یتقرّب بأم،و هما:جدّ أم الأب و جدّتها،و فی جانب أجداد الأم من یتقرّب بأب،و هما:جدّ أب الأم و جدّته.

فالذی اختاره الشیخ (1)و الأکثر (2)اعتبار النسبة إلی نفس المیّت،فمن تقرّب إلیه بأبیه-و هم أجداده الأربعة من قبل أبیه-یقتسمون الثلاثین بالتفاوت.

ثمَّ الأربعة یقتسمون الثلاثین بالتفاوت أیضا،فیأخذ جدّ أب الأب و جدّته ثلثی الثلاثین،و یقتسمانه أیضا أثلاثا.و من تقرّب إلیه بأمه-و هم أجداده الأربعة من قبلها-یقتسمون الثلث بالسویّة،لاشتراکهم فی أصل الانتساب بالأم.

و علی هذا،فأصل المسألة ثلاثة،هی مخرج ما فیها من الفروض و هو الثلث،سهم منها لأجداد الأم الأربعة ینکسر علی عددهم و هو أربعة،و اثنان لأجداد الأب الأربعة لا ینقسمان علی عدد سهامهم و هی تسعة،لأن ثلثهم له ثلث،و أقلّ ذلک تسعة،و بین عدد کلّ فریق و نصیبه مباینة،و کذا بین العددین، فیطرح النصیب و یضرب أحد العددین فی الآخر ثمَّ المرتفع-و هو ستّة و ثلاثون- فی أصل الفریضة-و هو ثلاثة-تبلغ مائة و ثمانیة،ثلثها-ستّة و ثلاثون-لأجداد الأم الأربعة الأربعة بالسویّة لکلّ واحد تسعة،و ثلثاها-اثنان و سبعون-لأجداد الأب الأربعة،ثلثا ذلک-ثمانیة و أربعون-لجدّ أب الأب و جدّته أثلاثا،للجدّ اثنان و ثلاثون و للجدّة ستّة عشر،و ثلثه-و هو أربعة و عشرون-لجدّ أم الأب

ص:150


1- 1) النهایة:649.
2- 2) المهذّب 2:143،الوسیلة:392،الجامع للشرائع:516،کشف الرموز 2:456، قواعد الأحکام 2:172،الدروس الشرعیّة 2:370-371.

..........

و جدّتها (1)أثلاثا،للجدّ ستّة عشر و للجدّة ثمانیة.

و بقی فی المسألة قولان آخران مترتّبان علی ما أشرنا إلیه من اعتبار التقرّب بالأم و الأب.

أحدهما للشیخ معین (2)الدین المصری:إن ثلث الثلث لأبوی أم الأم بالسویّة،و ثلثاه لأبوی أبیها بالسویّة أیضا،و ثلث الثلاثین لأبوی أم الأب بالسویّة، و ثلثاهما لأبوی أبیه أثلاثا،اعتبارا فی الطرفین بالتقرّب بالأم فی الجملة المقتضی للتسویة.فسهام قرابة الأم ستّة،و سهام قرابة الأب ثمانیة عشر،فیجتزی بها (3)لدخول الستّة فیها،و تضرب فی أصل الفریضة تبلغ أربعة و خمسین،ثلثها ثمانیة عشر لأجداد الأم،منها اثنا عشر لأبوی أبیها بالسویّة،و ستّة لأبوی أمها کذلک، و ستّة و ثلاثون لأجداد الأب،منها اثنا عشر لأبوی أمه بالسویّة،و أربعة و عشرون لأبوی أبیه أثلاث.و هو ظاهر.

و الثانی للشیخ زین الدین (4)محمد بن القاسم البرزهی:أن ثلث الثلث لأبوی أم الأم بالسویّة،و ثلثیه لأبوی أبیها أثلاثا،و قسمة أجداد الأب کما ذکره الشیخ رحمه اللّه.و صحّتها من أربعة و خمسین أیضا،لکن یختلف وجه الارتفاع،فإن سهام أقرباء الأم هنا ثمانیة عشر و أقرباء الأب تسعة تداخلها،فیجتزی بضرب الثمانیة عشر فی الثلاثة أصل الفریضة.

ص:151


1- 1) فیما لدینا من النسخ الخطّیة و الحجریّتین:و جدّته،و الصحیح ما أثبتناه.
2- 2) حکاه عنه الشهید فی الدروس الشرعیّة 2:370.
3- 3) فی«خ،ط،ل»:فیها.
4- 4) حکاه عنه الشهید فی الدروس الشرعیّة 2:371.
الثالثة:أخ من أم مع ابن أخ لأب و أم

الثالثة:أخ من أم مع ابن أخ(1)لأب و أم،المیراث کلّه للأخ من الأم، لأنه أقرب.

و قال ابن شاذان:له السدس،و الباقی لابن الأخ للأب و الأم،لأنه یجمع السببین.

و هو ضعیف،لأن کثرة الأسباب أثرها مع التساوی فی الدرجة لا مع التفاوت.

و لیس هنا دلیل قاطع یرجّح أحد الأقوال،و إن کان الأشهر الأول.و إلی عدم ظهور المرجّح أشار المصنف-رحمه اللّه-بقوله:«علی ما ذکره الشیخ»من غیر أن یرجّحه أو یضعّفه.

قوله:«أخ من أم مع ابن أخ.».

المعتبر فی جهات القرب و ترجیح الأقرب علی الأبعد بأصناف الوارث.فالأولاد فی المرتبة الأولی صنف،ذکورا کانوا أم إناثا،لذکور انتسبوا أم لإناث،فیمنع ابن البنت ابن ابن الابن،و هکذا.و الإخوة صنف واحد،سواء کانوا لأب و أمّ أم لأحدهما أم متفرّقین.کما أن الأجداد صنف واحد کذلک،فالأقرب منهم إلی المیّت و إن کان جدّة لأم یمنع الأبعد و إن کان جدّا لأب.

هذا هو المفهوم من تقدیم الأقرب فالأقرب لغة و عرفا،مضافا إلی النصّ (1)الصحیح.و یتفرّع علیه حکم المسألة المذکورة،فإن الأخ من الأم أقرب درجة من ابن الأخ للأبوین،فیکون المیراث کلّه له،سدس بالفرض و الباقی بالردّ.

و خالف فی ذلک المفضل بن شاذان (2)-رحمه اللّه-،فجعل الإخوة أصنافا،فاعتبر

ص:152


1- 1) لاحظ الوسائل 17:414 ب«1،2»من أبواب موجبات الإرث.
2- 2) حکاه عنه الصدوق فی الفقیه 4:200-201.

..........

الأقرب من إخوة الأم فالأقرب،و کذلک إخوة الأبوین و الأب،و لم یعتبر قرب أحد الصنفین بالنسبة إلی الآخر،کما لم یعتبر قرب الأخ بالنسبة إلی الجدّ الأعلی،لتعدّد الصنف.

و فرّع علیه أن الأخ للأم مع ابن الأخ للأبوین یأخذ فرضه و هو السدس، و الباقی لابن الأخ للأب و الأم أو للأب،محتجّا بأن قرابتهما من جهتین فیأخذ کلّ منهما من جهة قرابته،بخلاف ما لو کان الأخ لأب و ابن الأخ لأب و أم،فإن المال هنا کلّه للأخ من الأب عنده،لأنه أقرب ببطن و قرابتهما من جهة واحدة.

و قال (1):لو ترک أخا لأم و ابنة أخ لأب و أم،فللأخ من الأم السدس،و لابنة الأخ من الأب و الأم النصف،و ما بقی ردّ علیها،لأنها تورّث میراث أبیها.و هکذا القول (2)فی ابن الأخ للأم مع ابن ابن الأخ للأبوین.

و المصنف-رحمه اللّه-و الجماعة (3)نقلوا عنه التعلیل بکثرة الأسباب،و ضعّفوه بأن کثرة السبب إنما تؤثّر مع تساوی الدرجة لا مع تفاوتها،و هی هنا متفاوتة، من حیث إن الأخ للأم أقرب درجة من ابن الأخ مطلقا.

و هذا التوجیه جیّد،إلا أن ظاهر کلام الفضل التعلیل بما ذکرناه من اختلاف الجهة لا زیادة السبب،و من ثمَّ فرّق بین الأخ من الأم و من الأب وحده کما نقلناه[1] عنه،مع اشتراکهما فی التساوی فی السببیّة بالنسبة إلی الأخ من الأبوین،مع أن ابن الأخ للأبوین أزید سببا.

ص:153


1- 1) لم نعثر علیه.
2- 2) حکاه عنه الصدوق فی الفقیه 4:201-202.
3- 3) انظر الدروس الشرعیّة 2:372.
خاتمة أولاد الإخوة و الأخوات یقومون مقام آبائهم عند عدمهم

خاتمة أولاد الإخوة و الأخوات یقومون مقام آبائهم عند عدمهم،و یرث کلّ واحد منهم نصیب من یتقرّب به.فإن کان واحدا کان النصیب له.

و إن کانوا جماعة اقتسموا ذلک النصیب بینهم بالسویّة إن کانوا ذکرانا أو إناثا،و إن اجتمعوا فللذکر مثل حظّ الأنثیین.و إن کانوا أولاد إخوة(1)من أم کانت القسمة بینهم بالسویّة.

قوله:«و إن کانوا أولاد إخوة.إلخ».

لا فرق فی اقتسامهم بالسویّة بین کونهم أولاد أخ واحد أو أخت،و بین کونهم أولاد إخوة متعدّدین،لأنهم یرثون نصیب من یتقرّبون به،و قسمته مع إخوته کذلک،لإطلاق قوله تعالی فَهُمْ شُرَکاءُ فِی الثُّلُثِ (1).

نعم،لو کان أولاد الإخوة للأم ینتسبون إلی متعدّد فلکلّ نصیب من یتقرّب به،ثمَّ یقتسمونه بالسویّة أیضا.فلو کان أولاد الإخوة للأم ثلاثة،واحد منهم ولد أخ،و الآخران ولد واحد،فلولد الواحد السدس،ذکرا کان أم أنثی،و للآخرین السدس بینهما بالسویّة مطلقا.فالتسویة فی القسمة حاصلة فی الجملة، فلذلک أطلقها المصنف،و إن کانت قد تقتضی اختلافا من وجه.

و یأخذ أولاد الأخ الباقی کأبیهم.و أولاد الأخت للأب و الأم النصف نصیب أمهم،إلا علی سبیل الردّ.و أولاد الأختین فصاعدا الثلاثین،إلا أن یقصر المال بدخول الزوج أو الزوجة،فیکون لهم الباقی،کما یکون لمن یتقرّبون به.

و لو لم یکن أولاد کلالة الأب و الأم قام مقامهم أولاد کلالة الأب.

ص:154


1- 1) النساء:12.

و یأخذ أولاد الأخ الباقی کأبیهم.و أولاد الأخت(1)للأب و الأم النصف نصیب أمهم،إلا علی سبیل الردّ.و أولاد الأختین فصاعدا الثلاثین،إلا أن یقصر المال بدخول الزوج أو الزوجة،فیکون لهم الباقی، کما یکون لمن یتقرّبون به.

و لو لم یکن أولاد کلالة الأب و الأم قام مقامهم أولاد کلالة الأب.

و لأولاد الأخ أو الأخت من الأم السدس.و لو کانوا أولاد اثنین کان لهم الثلث،لکلّ فریق نصیب من یتقرّبون به بینهم بالسویّة.

و لو اجتمع أولاد الکلالات کان لأولاد کلالة الأم الثلث،و لأولاد کلالة الأب و الأم الثلثان،و سقط أولاد کلالة الأب.

و لو دخل علیهم زوج أو زوجة کان له نصیبه الأعلی،و لمن تقرّب بالأم ثلث الأصل إن کانوا لأکثر من واحد،أو السدس إن کانوا لواحد، و الباقی لأولاد کلالة الأب و الأم،زائدا کان أو ناقصا،و لو لم یکونوا فلأولاد کلالة الأب خاصّة.

و فی طرف الزیادة(2)یحصل التردّد علی ما مضی.

قوله:«و أولاد الأخت.إلخ».

بأن لا یکون سواهم،فیردّ النصف الباقی علیهم،أو یکون معهم أولاد إخوة لأم،فیردّ السدس الفاضل علی أولاد الأخت للأبوین خاصّة کالأم،إلا علی القول النادر.

قوله:«و فی طرف الزیادة.».

أی:لو زادت الفریضة عن سهام أولاد الإخوة،و کان من جملتهم أولاد أخت لأب،بأن اجتمع أولاد أخ أو إخوة لأم مع أولاد أخت لأب،فالفاضل- و هو الثلث أو السدس-یحصل التردّد فی ردّه علی الفریقین أو اختصاصه بأولاد

ص:155

و لو اجتمع معهم(1)الأجداد قاسموهم کما یقاسمهم الإخوة،و قد بیّنّاه (1).

الأخت للأب،کما مرّ (2)فی الإخوة أنفسهم،و الحکم فی المسألتین واحد.

قوله:«و لو اجتمع معهم.إلخ».

فلا یمنع الجدّ و إن قرب ولد الأخ و إن بعد،لأنه لیس من صنفه حتی یراعی فیه تقدیم الأقرب فالأقرب.و لا یقدح کونه مساویا للأخ المتقدّم فی الإرث علی ولد الأخ،لما ذکرناه،و لدلالة الأخبار الصحیحة علیه،کصحیحة محمد بن مسلم قال:«نظرت إلی صحیفة ینظر فیها أبو جعفر علیه السلام،فقرأت فیها مکتوبا:ابن أخ و جدّ،المال بینهما سواء،فقلت لأبی جعفر علیه السلام:إن من عندنا لا یقضون بهذا القضاء،لا یجعلون لابن الأخ مع الجدّ شیئا،فقال أبو جعفر علیه السلام:أما إنه إملاء رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله و خطّ علیّ علیه السلام من فیه بیده» (3).و غیرها من الأخبار (4)الکثیرة.

و کما لا یمنع الجدّ الأدنی أولاد الإخوة کذا لا یمنع الأخ الجدّ الأبعد،لدخوله فی مسمّی الجدّ المنصوص (5)بأنه یشارک الأخ و أولاده.

و لا فرق بین کون الأخ و ولده موافقا للجدّ فی انتسابه للأب أو الأم و مخالفا،فلو کان ابن أخ لأم مع جدّ لأب فلابن الأخ للأم السدس،و للجدّ الباقی.و لو انعکس فکان الجدّ للأم و ابن الأخ للأب،فللجدّ الثلث،و لابن الأخ الباقی.

و هکذا.

ص:156


1- 1) فی ص:143.
2- 2) فی ص:146-147.
3- 3) الکافی 7:113 ح 5،التهذیب 9:308 ح 1104،الوسائل 17:486 ب«5»من أبواب میراث الإخوة و الأجداد ح 5.
4- 4) لاحظ الوسائل 17:485 ب«5»من أبواب میراث الإخوة و الأجداد.
5- 5) لاحظ الوسائل 17:485 ب«5»من أبواب میراث الإخوة و الأجداد.
المرتبة الثالثة:الأعمام و الأخوال

المرتبة الثالثة:الأعمام و الأخوال العمّ یرث المال(1)إذا انفرد.و کذا العمّان و الأعمام.و یقسمون المال [بینهم]بالسویّة.و کذا العمّة و العمّتان و العمّات.و إن اجتمعوا فللذکر مثل [حظّ]الأنثیین.

و لو کانوا متفرّقین فللعمّة أو العمّ من الأم السدس،و لما زاد علی الواحد الثلث،یستوی فیه الذکر و الأنثی،و الباقی للعمّ أو العمّتین أو الأعمام من الأب و الأم،بینهم للذکر مثل حظّ الأنثیین.

و یسقط الأعمام للأب بالأعمام للأب و الأم،و یقومون مقامهم عند عدمهم.

قوله:«العمّ یرث المال.».

هذه المرتبة مأخوذة من آیة (1)أولی الأرحام،و لیست مذکورة بخصوصها فی القرآن،و لکن وردت بها أیضا نصوص (2)صحیحة،و استنبط باقی أحکامها بالنظر.و لمّا کان العمّ للأب یتقرّب بذکر-و هو أب الأب-کان بمنزلة الأب، و العمّة بمنزلة الأم،و المجتمعون بمنزلتها فی الاقتسام و حیازة الترکة لا مطلقا.

و کذا الباقی.

و روی سلیمان بن خالد عن أبی عبد اللّه علیه السلام قال:«کان علیّ علیه السلام یجعل العمّة بمنزلة الأب فی المیراث،و یجعل الخالة بمنزلة الأم، و ابن الأخ بمنزلة الأخ،قال:و کلّ ذی رحم لم یستحقّ فریضة فهو علی هذا

ص:157


1- 1) الأنفال:75.
2- 2) انظر التهذیب 9:324 ب«30»،الوسائل 17:503 أبواب میراث الأعمام و الأخوال.

و لا یرث ابن عمّ(1)مع عمّ،و لا من هو أبعد مع أقرب،إلا فی مسألة واحدة،و هی:ابن عمّ لأب و أم مع عمّ لأب،فابن العمّ أولی ما دامت الصورة علی حالها،فلو انضمّ إلیهما و لو خال تغیّرت الحال و سقط ابن العمّ.

و لو انفرد الخال کان المال له.و کذا الخالان و الأخوال.و کذا الخالة و الخالتان و الخالات.و لو اجتمعوا فالذکر و الأنثی سواء.

النحو» (1).و روی أبو أیّوب عنه علیه السلام مثله،و قال:«کلّ ذی رحم بمنزلة الرحم الذی یجرّ به،إلا أن یکون وارث أقرب إلی المیّت فیحجبه» (2).

قوله:«و لا یرث ابن عمّ.إلخ».

هذه هی المسألة المعروفة بالإجماعیّة المخالفة للأصول المقرّرة و القواعد المعتبرة من تقدیم الأقرب إلی المیّت علی الأبعد.و لیس فی أصل حکمها خلاف لأحد من الطائفة،مع أن الأخبار (3)الواردة بها لیست معتبرة الإسناد، فلا مستند لها إلا الإجماع.و حیث کانت مخالفة للأصل یجب الاقتصار فیها علی محلّ الوفاق،و هو ما إذا کان الوارث ابن عمّ لأب و أم مع عمّ لأب لا غیر.

و تغیّرها یتحقّق بکون ابن العمّ أنثی،أو العمّ کذلک،و بتعدّدهما،و تعدّد أحدهما، و انضمام وارث آخر إلیهما کالزوج و الزوجة و الخال و الخالة،و کون ابن العمّ بعیدا کابن ابن العمّ،إما مع العمّ نفسه أو مع من هو أقرب منه،کابن ابن العمّ للأبوین مع

ص:158


1- 1) التهذیب 9:326 ح 1171،الوسائل 17:506 ب«2»من أبواب میراث الأعمام و الأخوال ح 7.
2- 2) التهذیب 9:325 ح 1170،الوسائل 17:505 الباب المتقدّم ح 6.
3- 3) لاحظ الوسائل 17:508 ب«5»من أبواب میراث الأعمام و الأخوال.

..........

ابن العمّ للأب.و مقتضی کلام المصنف-رحمه اللّه-اختصاص الأقرب فی جمیع هذه التغییرات و غیرها.و هذا هو المناسب لحکم الأصل،مع مراعاة موقع الإجماع.و قد حصل الخلاف فی تأثیر بعض هذه التغییرات.

فمنها:تغیّرها بتعدّدهما أو تعدّد أحدهما،فذهب جماعة منهم الشهید (1)-رحمه اللّه-إلی عدم تغیّر الحکم بذلک،لوجود المقتضی للترجیح و هو ابن العمّ مع العمّ،و لأنه إذا منع مع اتّحاده فمع تعدّده أولی،لتعدّد السبب المرجّح،و سبب إرث العمّین و ما زاد هو العمومة،و ابن العمّ مانع لهذا السبب،و مانع أحد السببین المتساویین مانع للآخر،خصوصا إذا جعلنا ابن العمّ مفیدا للعموم بسبب الإضافة.

و منها:ما لو کان معهما زوج أو زوجة.و الشهید (2)-رحمه اللّه-هنا علی أصله فی السابق،لوجود المقتضی للترجیح.و وجه العدم فی الموضعین:الخروج عن صورة النصّ (3).

و أما تغیّرها بالذکورة و الأنوثة فیهما أو فی أحدهما فالأقوی تغیّر الحکم، لخروجه عن المنصوص (4)حقیقة،خلافا للشیخ (5)-رحمه اللّه-نظرا إلی اشتراک العمّ و العمّة فی السببیّة،و کذا ابن العمّ و بنته.

و أولی منه تغیّره بتغیّر الدرجة،کابن ابن عمّ للأبوین مع ابن عمّ للأب،لعدم صدق العمّ هنا و إن صدق ابن العمّ بالنازل.

و أما تغیّره بهبوط ابن العمّ مع وجود العمّ،فیبنی علی أن ابن الابن هل یصدق علیه الابن حقیقة أم لا؟و الأقوی تغیّر الحکم هنا أیضا.

ص:159


1- 1) الدروس الشرعیّة 2:336.
2- 2) الدروس الشرعیّة 2:336.
3- 3) لاحظ الوسائل 17:508 ب«5»من أبواب میراث الأعمام و الأخوال ح 2.
4- 4) لاحظ الوسائل 17:508 ب«5»من أبواب میراث الأعمام و الأخوال ح 2.
5- 5) الاستبصار 4:170 ذیل ح 643،و یظهر ذلک من النهایة أیضا:655.

..........

و منها:تغیّرها بانضمام الخال أو الخالة.و الاشکال فی هذه أقوی.و قد اختلف فیها أقوال العلماء،و طال التشاجر بینهم،حتی أفردوها بالتصنیف بناء و هدما.

و جملة الأوجه المعتبرة فیها أربعة:

أولها:حرمان ابن العمّ،و مقاسمة العمّ و الخال المال أثلاثا.و هذا الوجه ینسب إلی العماد ابن حمزة[1]القمی المعروف بالطبرسی،لأنه أول من شیّده و أقام علیه الأدلّة،و تابعه علیه أکثر المحقّقین منهم المصنف-رحمه اللّه- و العلامة (1)و الشهید (2)و جملة المتأخّرین،اقتصارا فیما خالف الأصل علی محلّ الوفاق أو النصّ،و لم یوجد فیهما غیرهما،فلا یتعدّی الحکم.و لأن الخال أقرب من ابن العمّ إجماعا،و لا مانع له من الإرث بنصّ و لا إجماع،فیسقط ابن العمّ به رأسا،و یبقی فی الطبقة عمّ و خال فیشترکان،لانتفاء مانع العمّ حینئذ.

و یؤیّده روایة سلمة بن محرز عن الصادق علیه السلام:«قال فی ابن عمّ و خالة:

المال للخالة،و فی ابن عمّ و خال،قال:المال للخال» (3).و إذا سقط اعتبار ابن العمّ بالخال بقی المال بین العمّ و الخال أثلاثا کما لو لم یکن هناک ابن عمّ.

و ثانیها:حرمان العمّ خاصّة،و جعل المال للخال و ابن العمّ.ذهب إلی ذلک

ص:160


1- 2) قواعد الأحکام 2:175،تحریر الأحکام 2:166.
2- 3) الدروس الشرعیّة 2:336.
3- 4) التهذیب 9:328 ح 1179،الاستبصار 4:171 ح 645،الوسائل 17:509 ب«5» من أبواب میراث الأعمام و الأخوال ح 4.

..........

القطب الراوندی (1)،و نصره الشیخ معین الدین المصری (2)رحمه اللّه.

و حجّتهم:أن الخال لا یمنع العمّ،فلأن لا یمنع ابن العمّ الذی هو أولی منه أولی.و لأن الخال إنما یحجب ابن العمّ مع عدم کلّ من هو فی درجته من ناحیة العمومة،فأما مع وجود أحدهم فلا یقال إنه محجوب به،و إنما هو محجوب بذلک الذی هو من قبل العمّ،لأنه یأخذ منه النصیب من الإرث،بخلاف الخال، فإن فرضه لا یتغیّر بوجود ابن العمّ و لا بعدمه،و الحجب إنما یتحقّق بأخذ ما کان یستحقّه المحجوب لا ما یأخذه غیره.

و ثالثها:حرمان العمّ و ابن العمّ معا،و اختصاص المال بالخال.ذهب إلی ذلک الفاضل سدید الدین محمود الحمّصی (3)،محتجّا بأن العمّ محجوب بابن العمّ، و ابن العمّ محجوب بالخال،فیختصّ الإرث به.و یؤیّده روایة سلمة بن محرز عن الصادق علیه السلام الدالّة علی تقدیم الخال علی ابن العمّ،فیکون مقدّما علی من هو أضعف منه بطریق أولی.

و رابعها:حرمان العمّ و الخال،و جعل المال کلّه لابن العمّ،لأن الخال مساو للعمّ فی المرتبة،و ابن العمّ یمنع العمّ،و مانع أحد المتساویین من جمیع المیراث مانع للآخر و إلا لم یکونا متساویین.

و لکلّ واحد من هذه الأوجه وجه وجیه،و إن کان الأخیر أضعفها،و الأول أقواها.و یؤیّده-مضافا إلی ما تقدّم-عموم النصوص (4)الدالّة علی أنه مع اجتماع العمّ و الخال یشترکان،کصحیحة أبی بصیر أن أبا عبد اللّه علیه السلام

ص:161


1- 1) حکاه عنهم العلامة فی المختلف:734.
2- 2) حکاه عنهم العلامة فی المختلف:734.
3- 3) حکاه عنهم العلامة فی المختلف:734.
4- 4) لاحظ الوسائل 17:504 ب«2»من أبواب میراث الأعمام و الأخوال.

..........

أخرج له کتاب علیّ علیه السلام فإذا فیه:«رجل مات و ترک عمّه و خاله،فقال:

للعمّ الثلثان،و للخال الثلث» (1).و هذا الفرض متحقّق هنا.

فإن قیل:العمّ محجوب بابن العمّ للأب و الأم،فخرج عنه بذلک و بالإجماع،و یضاف (2)إلیه أن ابن العمّ أیضا محجوب بالخال،فیکون المال کلّه للخال.

قلنا:العمّ إنما یکون محجوبا بابن العمّ إذا لم یکن ابن العمّ ممنوعا من المیراث، أما إذا کان ممنوعا لم یمنع غیره،ضرورة أنه لو کان قاتلا أو کافرا أو نحو ذلک لم یحجب،و منعه بالخال لکونه أقرب منه إجماعا و نصّا.و حینئذ فلا یجوز أن یکون الثلثان لابن العمّ،لأن الخال یحجبه من حیث إن الأقرب یمنع الأبعد، و هذا الحجب حاصل سواء کان هناک عمّ أم لا،لتحقّق الأقربیّة فی الموضعین.ثمَّ لا نقول:یختصّ به الخال،لأن معه عمّا (3)غیر محجوب،فیکون المال بینهما أثلاثا،و هو المطلوب.و هذا التوجیه کما یقوّی الأول یضعّف البواقی.

و أیضا:إذا فرض کون العمّ ممنوعا بابن العمّ فلا یتّجه مقاسمة ابن العمّ الخال، لکونه أبعد منه،کما لو کان العمّ محجوبا بوجه آخر غیر هذا الوجه.و بهذا یضعف القول الثانی.

و أیضا:فإذا کان ابن العمّ لا یرث مع الخال منفردین،فلا یرث معه إذا کان معهما عمّ،لأن وجود العمّ لیس سببا لاستحقاق ابن العمّ المیراث قطعا،فیبقی

ص:162


1- 1) الکافی 7:119 ح 1،التهذیب 9:324 ح 1162،الوسائل 17:504 ب«2»من أبواب میراث الأعمام و الأخوال ح 1.
2- 2) فیما لدینا من النسخ الخطّیّة و الحجریّتین:أو یضاف،و الصحیح ما أثبتناه.
3- 3) فیما لدینا من النسخ الخطّیّة و الحجریّتین:عمّ،و الصحیح ما أثبتناه.

..........

الحکم باقیا علی الأصل[قطعا] (1).

فإن قیل:نعکس المسألة و نقول:إذا کان العمّ لأب لا یرث مع ابن العمّ لأب و أم، فکذلک لا یرث معه إذا کان معهما خال،لأن وجود الخال لیس سببا لاستحقاق العمّ المیراث مع ابن العمّ لأب و أم.

قلنا:بین الفرضین فرق واضح،لأن وجود الخال مسقط لاستحقاق ابن العمّ،فإذا سقط عن استحقاق الإرث فوجوده غیر معتدّ به،فاستحقّه العمّ،لاستحالة استحقاق ابن العمّ مع الخال،و العمّ یستحقّ المیراث مع الخال لا مع ابن العمّ، فمشارکته للخال لا من حیث إن وجود الخال شرط فی استحقاقه،بل لأنه حاجب لمن یمنع العمّ عن الإرث،فیزول بسبب الخال المانع،فافترقا.

فإن قیل:قد أجمعت الطائفة علی أن ابن العمّ لأب و أم أولی من العمّ بالمیراث،فلو استحقّ العمّ مع وجود ابن العمّ لانتقض الإجماع.

قلنا:متی أجمعت الطائفة علی ذلک؟إذا صحّ أن یکون ابن العمّ وارثا أم مطلقا؟الثانی ممنوع،للاتّفاق علی أنه لو کان غیر وارث بمانع من الموانع لم یحجب العمّ.و الأول مسلّم لکن لا ینفعکم،لأنه حینئذ ممنوع بالخال،فلا یکون مانعا للعمّ.

و أیضا:لو کان العمّ علی إحدی هذه الصفات مع وجود الخال أو العمّ للأم أو العمّة لها لم یستحقّ ابن العمّ لأب و أم المیراث مع أحد هؤلاء و لا معهم جمیعا،فعلمنا بذلک أن ابن العمّ لأب و أم إنما یکون أولی من العمّ لأب إذا صحّ أن یکون وارثا، أما مع عدمه فإنه لا یکون أولی من العمّ إذا کان هناک من یمنع ابن العمّ عن أصل

ص:163


1- 1) من«ل».

و لو افترقوا کان(1)لمن تقرّب بالأم السدس إن کان واحدا،و الثلث إن کان أکثر،الذکر فیه و الأنثی سواء.و الباقی للخؤولة من الأب و الأم [بینهم]للذکر منهم مثل[حظّ]الأنثی.و تسقط الخؤولة من الأب،إلا مع عدم الخؤولة من الأب و الأم.

و لو اجتمع الأخوال(2)و الأعمام،کان للأخوال الثلث،و کذا لو کان واحدا،ذکرا کان أو أنثی.و للأعمام الثلثان،و کذا لو کان واحدا،ذکرا کان أو أنثی.

الإرث،من الخال و العمّة للأم و العمّ لها،لما تقرّر من أن الأقرب یمنع الأبعد إلا فی المسألة المذکورة،و لما ذکرناه من أن مع الخؤولة و الخالات لا یرث أحد من بنی الأعمام و العمّات.

قوله:«و لو افترقوا کان.إلخ».

اقتسام الخؤولة مطلقا بالسویّة هو المذهب،کغیرهم ممّن ینتسب إلی المیّت بأم.

و نقل الشیخ فی الخلاف (1)عن بعض الأصحاب أن الخؤولة للأبوین أو للأب یقتسمون للذکر ضعف الأنثی،نظرا إلی تقرّبهم بأب فی الجملة.

و هو ضعیف،لأن تقرّب الخؤولة بالمیّت بالأم مطلقا،و لا عبرة بجهة قربها [بالأب]. (2)

قوله:«و لو اجتمع الأخوال.إلخ».

هذا هو المشهور بین الأصحاب.و وجهه:أن الأخوال یرثون نصیب من تقرّبوا به و هو الأخت و نصیبها الثلث،و الأعمام یرثون نصیب من تقرّبوا به و هو الأخ

ص:164


1- 1) الخلاف 4:16-17 مسألة(6)،و لکن نقله فی الخؤولة للأبوین فقط.
2- 2) من«خ».

..........

و نصیبه الثلثان،أو یرث الأخوال نصیب الأم،و الأعمام نصیب الأب،کما أشرنا إلیه سابقا (1).و علی التقدیرین لا فرق بین اتّحاد الخال و تعدّده،و ذکوریّته و أنوثیّته.

و الأخبار به مع ذلک کثیرة،منها صحیحة أبی بصیر عن أبی عبد اللّه علیه السلام:«إن فی کتاب علیّ علیه السلام:رجل مات و ترک عمّه و خاله،قال:للعمّ الثلثان،و للخال الثلث» (2).و إن فیه أیضا:«أن العمّة بمنزلة الأب،و الخالة بمنزلة الأم،و بنت الأخ بمنزلة الأخ،و کلّ ذی رحم بمنزلة الرحم الذی یجرّ به،إلا أن یکون وارث أقرب إلی المیّت منه فیحجبه» (3).و حسنة محمد بن مسلم عن الصادق علیه السلام قال:«إذا اجتمعت العمّة و الخالة فللعمّة الثلثان،و للخالة الثلث» (4).و غیرهما من الأخبار (5)الکثیرة.

و ذهب جماعة-منهم ابن أبی (6)عقیل،و المفید (7)،و القطب (8)الکیدری، و معین الدین (9)المصری-إلی تنزیل العمومة و الخؤولة منزلة الکلالة،فللواحد من الخؤولة للأم السدس ذکرا کان أم أنثی،و للاثنین فصاعدا الثلث،و الباقی

ص:165


1- 1) انظر ص:157.
2- 2) الکافی 7:119 ح 1،التهذیب 9:324 ح 1162،الوسائل 17:504 ب«2»من أبواب میراث الأعمام و الأخوال ح 1.
3- 3) تقدّم ذکر مصادره فی ص:158 هامش(2).
4- 4) الکافی 7:120 ح 6،التهذیب 9:324 ح 1165،الوسائل 17:505 الباب المتقدّم ح 4.
5- 5) لاحظ الوسائل 17:504 ب«2»من أبواب میراث الأعمام و الأخوال.
6- 6) حکاه عنهما العلامة فی المختلف:734.
7- 7) المقنعة:708.
8- 8) إصباح الشیعة:368.
9- 9) حکاه عنهما العلامة فی المختلف:735.

فإن کان الأخوال(1)مجتمعین فالمال بینهم للذکر مثل حظّ الأنثی.و إن کانوا متفرّقین،فلمن تقرّب بالأم سدس الثلث إن کان واحدا،و ثلثه إن کان أکثر،بینهم بالسویّة،و الباقی لمن تقرّب منهم بالأب و الأم.و للأعمام ما بقی،فإن کانوا من جهة واحدة فالمال بینهم للذکر مثل حظّ الأنثیین، و إن کانوا متفرّقین فلمن تقرّب منهم بالأم السدس إن کان واحدا، و الثلث إن کانوا أکثر بینهم بالسویّة،و الباقی للأعمام من قبل الأب و الأم، بینهم للذکر مثل حظّ الأنثیین.و یسقط من تقرّب بالأب منفردا،إلا مع عدم من یتقرّب بالأب و الأم.

للخال أو الخالة من الأبوین أو الأب،لأنهم یتقرّبون بالإخوة فیرثون میراثهم.

و الأصحّ الأول،لدلالة الأخبار علیه،و منع مساواتهم للإخوة من کلّ وجه.

و لا فرق مع اتّحاد الخال و الخالة فی استحقاقه الثلث بین المتقرّب بالأب و الأم.

و کذا لا فرق فی استحقاق العمّ و العمّة الثلاثین بین المتقرّب بهما أو بأحدهما.و ابن أبی عقیل علی (1)أصله المتقدّم،فجعل للخال المتّحد السدس،و للعمّة النصف کالإخوة،و الباقی ردّ علیهم علی قدر سهامهم.و کذلک إن ترک عمّة و خالة.

و الأخبار حجّة علیه.

قوله:«فإن کان الأخوال.إلخ».

المراد باجتماعهم أن یکونوا من جهة واحدة لأب أو لأم أو لهما،فإنهم حینئذ یقتسمون بالسویّة،إلا علی ما سبق (2)من القول النادر فی خؤولة الأب.و مع تفرّقهم-بأن کانوا أخوالا للأبوین أو للأب و أخوالا للأم-نزّلت خؤولة الأم هنا بمنزلة الإخوة للأم،فللواحد السدس مطلقا،و لما زاد الثلث،و الباقی للمتقرّب منهم بالأب.

ص:166


1- 1) انظر الهامش(6)فی الصفحة السابقة.
2- 2) راجع ص:164.

و لو اجتمع(1)عمّ الأب و عمّته،و خاله و خالته،و عمّ الأم و عمّتها، و خالها و خالتها،قال فی النهایة (1):کان لمن تقرّب بالأم الثلث،بینهم بالسویّة،و لمن تقرّب بالأب الثلثان،ثلثه لخال الأب و خالته،بینهما بالسویّة،و ثلثاه بین العمّ و العمّة،بینهما للذکر مثل حظّ الأنثیین.فیکون أصل الفریضة ثلاثة،تنکسر علی الفریقین،فتضرب أربعة فی تسعة تصیر ستّة و ثلاثین،ثمَّ تضربها فی ثلاثة فتصیر مائة و ثمانیة.

و هذا الحکم محلّ وفاق حیث کانوا مجتمعین مع الأعمام،کما هو مفروض المسألة،فللأخوال الثلث مطلقا،ثمَّ یقسّم هذا الثلث بینهم علی ما ذکر، فللواحد من قبل الأم سدسه،و للأکثر ثلثه،و الباقی للمتقرّب بالأب.و الثلثان للعمّ اتّحد أم تعدّد.ثمَّ إن کان المتعدّد من جهة واحدة،و إلا کان حکمهم فی الثلاثین کالأخوال،فللعمّ من الأم-و هو أخو أبی المیّت من أمه-سدس الثلاثین إن کان واحدا،و ثلثه إن کان أکثر بالسویّة،و باقی الثلاثین للعمّ من قبل الأب أو الأعمام و العمّات للذکر مثل حظّ الأنثیین،کالإخوة للأب و خالا أو خالة.

قوله:«و لو اجتمع.إلخ».

إذا انتقل فرض المیراث إلی عمومة الأب و خؤولته و عمومة الأم و خؤولتها،لفقد مثلهم للمیّت و فقد فروعهم،فعلی اعتبار التقرّب بالمتوفّی-کما هو المشهور-فأقارب أمه الأربعة من العمومة و الخؤولة یرثون نصیبها-و هو الثلث-بالسویّة،و أقارب أبیه الأربعة من العمومة و الخؤولة یرثون نصیب الأب و هو الثلثان.ثمَّ یقتسمه الخؤولة و العمومة أثلاثا کما لو انفردوا،فللخال و الخالة

ص:167


1- 1) النهایة:657.

..........

ثلث الثلاثین بالسویّة علی قاعدة إرث الخؤولة،و للعمّ و العمّة ثلثا الثلاثین بالتفاوت علی قاعدة إرث العمومة.

و علی هذا فأصل الفریضة ثلاثة،و سهام أقرباء الأم أربعة،و سهام أقرباء الأب ثمانیة عشر،لأنه یحتاج فیه إلی ثلث و للثلث نصف و للثلثین ثلث، فکسورها نصف و ثلث،تضرب أحد مخرجیهما فی الآخر للتباین،ثمَّ تضرب المجتمع-و هو ستّة-فی ثلاثة تبلغ ثمانیة عشر،ثمَّ تنسب أحد العددین و هو الأربعة و الثمانیة عشر إلی الآخر تجده موافقا له بالنصف،لأن الباقی من الأکثر بعد إسقاط الأقلّ منه أربع مرّات اثنان،فتضرب نصف أحدهما فی الآخر،و هو الذی أشار إلیه المصنف-رحمه اللّه-بقوله:تضرب أربعة فی تسعة ثمَّ المجتمع- و هو ستّة و ثلاثون-فی ثلاثة-أصل الفریضة-تبلغ مائة و ثمانیة،ثلثها ستّة و ثلاثون لأقرباء الأم بالسویّة،لکلّ تسعة،و ثلثاها اثنان و سبعون لأقرباء الأب، ثلثه أربعة و عشرون لخاله و خالته بالسویّة لکلّ اثنا عشر،و ثلثاه لعمّه و عمّته بالتفاوت،للعمّة ستّة عشر،و للعمّ اثنان و ثلاثون.

و نسبة المصنف-رحمه اللّه-هذا القول إلی الشیخ یؤذن بتردّد فیه.

و وجهه:أن فی الفریقین أربعة خؤولة و أربعة عمومة،فیحتمل أن یجعل لهم الثلث بالسویّة،و للأعمام الثلاثین علی قاعدة العمومة و الخؤولة.ثمَّ فریضة الأعمام تکون بالتفاوت،بأن یجعل ثلثها لعمّ الأم و عمّتها بالسویّة أیضا،لتقرّبهما بالأم،و ثلثاها لعمّ الأب و عمّته أثلاثا.و صحّتها من مائة و ثمانیة أیضا کالأول.

و قیل (1):بل یجعل لخال الأم و خالتها ثلث الثلث بالسویّة،و ثلثاها لعمّها و عمّتها

ص:168


1- 1) القائل هو المحقّق الخواجة نصیر الدین الطوسی،حکاه عنه فخر المحقّقین فی إیضاح الفوائد 4:230.
مسائل خمس

مسائل خمس:

الأولی:عمومة المیّتو عمّاتهو أولادهم و إن نزلوا،و خؤولته و خالاته و أولادهم و إن نزلوا،أحقّ بالمیراث

الأولی:عمومة المیّت(1)[و عمّاته]و أولادهم و إن نزلوا،و خؤولته و خالاته و أولادهم و إن نزلوا،أحقّ بالمیراث من عمومة الأب و عمّاته و خؤولته و خالاته،و أحقّ من عمومة الأم و عمّاتها و خؤولتها و خالاتها، لأن عمومة المیّت[و خؤولته]أقرب و الأولاد یقومون مقام آبائهم[عند عدمهم].

فإذا عدم عمومة المیّت و عمّاته،و خؤولته و خالاته،و أولادهم و إن نزلوا،قام مقامهم عمومة الأب و عمّاته،و خؤولته و خالاته،و عمومة أمه و عمّاتها،و خؤولتها و خالاتها،و أولادهم و إن نزلوا.هکذا کلّ بطن منهم و إن نزل أولی من البطن الأعلی.

بالسویّة أیضا،و سهام الأعمام کما ذکره الشیخ.فسهام أقرباء الأم ستّة تداخل الثمانیة عشر سهام أقرباء الأب،فیجتزی بالأکثر،فتضربه فی أصل الفریضة- و هو ثلاثة-تبلغ أربعة و خمسین،ثلثه ثمانیة عشر لأقرباء الأم،منها ستّة لخال الأم و خالتها بالسویّة،و اثنا عشر لعمّ الأم و عمّتها بالسویّة،و ثلثاه ستّة و ثلاثون لأقرباء الأب،ثلثه اثنا عشر لخاله و خالته بالسویّة،و ثلثاه أربعة و عشرون لعمّه و عمّته بالتفاوت.و هو واضح.و الأشهر هو الأول.

قوله:«عمومة المیّت.إلخ».

الکلام فی ترتیب الأعمام و الأخوال کما تقدّم (1)فی الأجداد،فإن أقلّ ما یفرض للإنسان عمّ و عمّة و خال و خالة،فإذا صعدت العمومة[و الخؤولة] (2)

ص:169


1- 1) فی ص:149.
2- 2) من الحجریّتین.
الثانیة:أولاد العمومة المتفرّقین یأخذون نصیب آبائهم

الثانیة:أولاد العمومة(1)المتفرّقین یأخذون نصیب آبائهم،فبنو العمّ للأم لهم السدس.و لو کانوا بنی عمّین للأم کان لهم الثلث،و الباقی لبنی العمّ أو العمّة أو لبنی العمومة أو العمّات للأب و الأم.و کذا البحث فی بنی الخؤولة.

بدرجة صارت ثمانیة،أربعة لأبیه و أربعة لأمه،فإذا صعدت درجة ثانیة صارت ستّة عشر،لکلّ واحد من أبی أبیه و أمه و أبی أمّه و أمّها أربعة.و هکذا.و کان ینبغی تأخیر المسألة السابقة التی فرض فیها العمومة و الخؤولة الثمانیة عن هذه، لأنها فرعها.

و ما ذکره من تقدیم عمومة المیّت و خؤولته علی من فوقهم واضح،لأنهم أقرب إلی المیّت،و الأقربیّة مراعاة فی الأولویّة،خصوصا مرتبة أولی الأرحام.

و هکذا القول فی کلّ مرتبة من مراتب العمومة و الخؤولة بالنسبة إلی ما فوقها.

و هذا الحکم موضع وفاق.

قوله:«أولاد العمومة.إلخ».

إرث أولاد العمومة و الخؤولة کآبائهم فی دخولهم بآیة (1)أولی الأرحام، فلا یتوقّف ثبوت إرثهم علی إرث آبائهم،و إنما الغرض بأنهم یأخذون نصیب آبائهم بیان کیفیّة إرثهم،فإنهم لمّا کانوا یتقرّبون إلی المیّت بآبائهم و أمهاتهم کان إرثهم لنصیب (2)الآباء و الأمهات،کما أشیر (3)إلیه فی الأخبار السابقة (4)من أن کلّ ذی رحم بمنزلة الرحم الذی یجرّ به.

ص:170


1- 1) الأنفال:75.
2- 2) فی«و»:کنصیب.
3- 3) فی«د،و،خ،م»:أشرنا.
4- 4) راجع ص:157-158.
الثالثة:إذا اجتمع للوارث سببان،فإن لم یمنع أحدهما الآخر ورث بهما

الثالثة:إذا اجتمع للوارث(1)سببان،فإن لم یمنع أحدهما الآخر ورث بهما.مثل:ابن عمّ لأب هو ابن خال لأم.و مثل:ابن عمّ هو زوج،أو بنت عمّ هی زوجة.و مثل:عمّة لأب هی خالة لأم.و إن منع أحدهما الآخر ورث من جهة المانع.مثل:ابن عمّ هو أخ،فإنه یرث بالأخوّة خاصّة.

و علی هذا فلولد العمّ و إن کان أنثی الثلثان،و لولد العمّة و إن کان ذکرا الثلث.و لولد الخال و الخالة الثلث إذا جامع أحدا من ولد العمومة و لو کان أنثی.

و یتساوی ابن الخال و ابن الخالة.و یأخذ أولاد العمّ للأم سدس نصیب العمومة إن کان واحدا،و الثلث إن کانوا أکثر،و لأولاد العمّ للأبوین الباقی.و کذا القول فی أولاد الخؤولة المتفرّقین علی ما تقرّر (1)فی میراث آبائهم.

قوله:«إذا اجتمع للوارث.إلخ».

إذا اجتمع للوارث سببان فصاعدا للإرث بالمعنی الأعمّ الشامل للنسب و السبب الخاصّ ورث بالجمیع،ما لم یکن هناک من هو أقرب منه فیهما أو فی أحدهما،أو یکون أحدهما مانعا للآخر.و لا یمنع[ذو] (2)السبب المتعدّد من هو فی طبقته من ذی (3)السبب الواحد،من حیث توهّم قوّة السبب بتعدّده،کما یقدّم المتقرّب بالأبوین علی المتقرّب بالأب،لأن ذلک علی خلاف الأصل،و من ثمَّ شارکه المتقرّب بالأم،و الأصل فیه اشتراک الجمیع فی السبب المقتضی للتوارث.

و یتخرّج من ذلک أمثلة:

ص:171


1- 1) انظر ص:166.
2- 2) من الحجریّتین.
3- 3) فی«ل،خ»:ذوی.

..........

الأول:نسبان یرث بهما،کعمّ هو خال،و ذلک بأن یتزوّج أخ الشخص من أبیه بأخته من أمه،إذ لا محرمیّة بینهما بل و لا نسب،فهذا الشخص بالنسبة إلی ولد هذین الزوجین عمّ،لأنه أخو أبیه للأب،و خال لأنه أخو أمه للأم،فیرث نصیب خؤولة الأم و عمومة الأب حیث لا مانع له عنهما و لا عن أحدهما.فلو کان معه عمّ لأب کان له الثلثان،نصیب الخؤولة و نصف نصیب العمومة.و لو کان معه خال من الأب فله الثلثان نصیب العمومة،و سدس الثلث نصیب الخؤولة.و لو کان معه عمّ للأبوین منعه من نصیب العمومة دون نصیب الخؤولة،فله الثلث کما لو کان هناک عمّ و خال.و هکذا.

الثانی:أنساب متعدّدة یرث بها،مثل:ابن ابن عمّ لأب،هو ابن ابن خال لأم،و هو ابن بنت عمّة،و هو ابن بنت خالة.

و توضیحه:أن رجلا تزوّج امرأتین فولدت إحداهما بنتا اسمها صفیّة، و الأخری بنتین:مریم و سارة.ثمَّ فارقهما و تزوّجهما رجل[آخر] (1)فأولدهما ولدین،فمن أم صفیّة:حسین،و من أم سارة و مریم:حسن.و لهذا الرجل الثانی ابن و بنت من امرأة أخری:محمد و فاطمة.فتزوّج الحسن المذکور من صفیّة أخت حسین لأمه،فأولدها ولدا اسمه علیّ،و هذا هو المتوفّی.فحسین عمّه من جهة الأب خاصّة،و خاله من جهة الأم.و مریم و سارة عمّتاه من جهة الأم، و خالتاه من جهة الأب.ثمَّ ولد لحسین ولد اسمه جعفر،و ولد لسارة بنت اسمها سکینة،فتزوّج جعفر من سکینة فولد لهما ولد اسمه موسی،و هو ذو القرابات

ص:172


1- 1) من«و».

..........

الأربع بالنسبة إلی علیّ المتوفّی،لأنه ابن ابن حسین عمّ علیّ من الأب[و] (1)خاله من الأم،و ابن بنت سارة عمّته من الأم[و] (2)خالته من الأب.فلو اجتمع مع هذا أحد من بنی العمومة أو الخؤولة أو هما ورث معه بالجهات الأربع،علی حسب ما تقتضیه الفریضة.

الثالث:نسبان یحجب أحدهما الآخر،کأخ هو ابن عمّ،و ذلک بأن تزوّج الرجل امرأة أخیه بعد أن ولدت منه ولدا،ثمَّ أولدها الأخ الثانی آخر،فهو أخ الولد الأول لأمه و ابن عمّه.

الرابع:سببان فی واحد و لا یحجب أحدهما الآخر،کزوج هو معتق أو هو ضامن جریرة.

الخامس:سببان یحجب أحدهما الآخر،کالإمام إذا مات عتیقه،فإنه یرث بالعتق لا بالإمامة،و کمعتق هو ضامن جریرة.و یمکن فرضه-مع أن ضمان الجریرة مشروط بعدم الوارث-بأن یتأخّر الإعتاق عن الضمان،کما لو کان قد ضمن جریرة کافر ثمَّ استرقّ فأعتقه و قلنا ببقاء ضمان الجریرة.

السادس:سببان و هناک من یحجب أحدهما،کزوجة معتقة و لها ولد أو أخ.

السابع:نسب و سبب لا یحجب أحدهما الآخر،کابن عمّ هو زوج،أو بنت عمّ هی زوجة.

الثامن:نسب و سبب یحجب أحدهما خارج عنهما،کزوج هو ابن عمّ و للزوجة أخ أو ولد.

ص:173


1- 1) من الحجریّتین.
2- 2) من«خ،ر».
الرابعة:إذا دخل الزوجأو الزوجةعلی الخؤولة و الخالات و العمومة و العمّات

الرابعة:إذا دخل الزوج(1)[أو الزوجة]علی الخؤولة و الخالات و العمومة و العمّات،کان للزوج أو الزوجة النصیب الأعلی،و لمن تقرّب بالأم نصیبه الأصلیّ من أصل الترکة،و ما بقی فهو لقرابة الأب و الأم،و إن لم یکونوا فلقرابة الأب.

الخامسة:حکم أولاد الخؤولة مع الزوج و الزوجة حکم الخؤولة

الخامسة:حکم أولاد الخؤولة(2)مع الزوج و الزوجة حکم الخؤولة.

فلو کان زوج أو زوجة و بنو أخوال مع بنی أعمام،فللزوج أو الزوجة نصیب الزوجیّة،و لبنی الأخوال ثلث الأصل،و الباقی لبنی الأعمام.

قوله:«إذا دخل الزوج.إلخ».

المراد بنصیبه الأصلی ما کان یرثه لو لا الزوج و هو ثلث الترکة،سواء کان خالا أو خالة لأب أم لأم،إذا لم یکن فی مرتبته غیره.و یدخل النقص بنصیب الزوج أو الزوجة علی من تقرّب بالأب،و هم العمومة و العمّات.

فلو فرض کون الوارث عمّا من أیّ جهة کانت و خالا کذلک مع الزوج، فللخال الثلث،و للزوج النصف،و الباقی-و هو السدس-للعمّ و إن تعدّد،لأنه یتقرّب بالأب و النقص یدخل علی من یتقرّب بالأب دون من یتقرّب بها.

و لو فرض کون الخؤولة متفرّقین فلهم الثلث أیضا،لکن لمن تقرّب بالأم منهم سدس الثلث إن کان واحدا،و ثلثه إن کان أکثر،و الباقی من الثلث للأخوال من قبل الأبوین أو الأب،و الباقی بعد نصیب أحد الزوجین و الأخوال للأعمام، فإن تفرّقوا أیضا فسدسه للمتقرّب منهم بالأم إن کان واحدا،و ثلثه إن کان أکثر بالسویّة،و الباقی للمتقرّب منهم بالأبوین أو بالأب بالتفاوت.

قوله:«حکم أولاد الخؤولة.إلخ».

هذا الحکم واضح،لأن بنی الأعمام و الأخوال یقومون مقام آبائهم،فمهما

ص:174

..........

حصل علی الآباء من نقص أو غیره لحق الأبناء،سواء فی ذلک المتّحد و المتعدّد، و المنتسب إلی الأب و إلی الأم.

و لم یتعرّض المصنف-رحمه اللّه-لحکم ما لو اجتمع أحد الزوجین مع أحد الفریقین،و حکمه أخفی ممّا ذکره من حالة اجتماعهما.فلو ترکت زوجا و خالا من الأم و خالا من الأبوین،ففی مستحقّ الخال من الأم بعد نصف (1)الزوج خلاف،و ظاهر کلام الأصحاب أن له سدس الأصل إن کان واحدا،و ثلثه إن کان أکثر،کما لو لم یکن هناک زوج.و علی هذا ینبغی أن یکون العمل.

و قیل[1]:له سدس الباقی لا غیر،و یجعل حصّة الزوج داخلة علی الجمیع.

و هو ضعیف،لأن الزوج لا ینقص المتقرّب بالأم شیئا حیث یوجد المتقرّب بالأب و لو من الخؤولة.

و ذهب جماعة-منهم العلامة فی القواعد (2)،و ولده فخر (3)الدین،و الشهید فی الدروس (4)-إلی أن له سدس الثلث،لأن الثلث نصیب الخؤولة،و للمتقرّب بالأم منهم سدسه مع اتّحاده،و ثلثه مع تعدّده.

ص:175


1- 1) فی«خ»:نصیب.
2- 3) قواعد الأحکام 2:175.
3- 4) إیضاح الفوائد 4:229.
4- 5) الدروس الشرعیّة 2:374.

..........

و یشکل بأن ذلک إنما یکون نصیبهم حیث یکون مجموع نصیب الخؤولة الثلث،و هو منفیّ هنا،بل إما أن یکون ذلک بمنزلة ما لو لم یکن هناک زوج،لأن الزوج إنما ینقص المتقرّب بالأب،فیکون للمتقرّب بالأم سدس الأصل،أو یعتبر ما یوجد من مستحقّهم و هو الباقی عن نصیب الزوج،و یقام مقام مجموع الترکة، فیکون له سدس الباقی کما ذهب إلیه بعض الأصحاب (1).أما القول الثالث فغیر متّجه.

و لو کان مع أحد الزوجین أعمام متفرّقون فلمن تقرّب منهم بالأم سدس الأصل مع اتّحاده،و ثلثه مع تعدّده،و الباقی للمتقرّب بالأب.و ینبغی مجیء القولین الآخرین (2)هنا،لکنّهم لم یذکروا هنا خلافا.

ص:176


1- 1) انظر الهامش(2)فی الصفحة السابقة.
2- 2) فی«ر،خ»:الأخیرین.
المقصد الثانی فی مسائل من أحکام الأزواج
اشارة

المقصد الثانی(1) فی مسائل من أحکام الأزواج

الأولی:الزوجة ترث ما دامت فی حبال الزوج،و إن لم یدخل بهاو کذا یرثها الزوج

الأولی:الزوجة ترث(2)ما دامت فی حبال الزوج،و إن لم یدخل بها.

و کذا یرثها الزوج.

و لو طلّقت رجعیّة توارثا إذا مات أحدهما فی العدّة،لأنها بحکم الزوجة.

و لا ترث البائن و لا تورث،کالمطلّقة ثالثة،و التی لم یدخل بها، و الیائسة،و لیس فی سنّها من تحیض،و المختلعة،و المبارأة،و المعتدّة عن وطء الشبهة أو الفسخ.

قوله:«المقصد الثانی.إلخ».

إنما عنون البحث بمسائل من أحکامهم و لم یجعله فی میراثهم کغیره،لأنه قد ذکر جملة من أحکام میراثهم فیما سبق (1)،بل ذکر أصول مسائله،و استدرک هنا حکم الباقی،فلذا جعله بعض الأحکام.

قوله:«الزوجة ترث.إلخ».

یستثنی من غیر المدخول بها ما لو کان الزوج مریضا حال التزویج و لم یبرأ من مرضه،کما سیأتی (2)التنبیه علیه،و من عدم الإرث مع الطلاق البائن ما لو کان المطلّق مریضا أیضا،فإنها ترثه إلی سنة،و لا یرثها هو کما سلف تحقیقه فی الطلاق (3).و إنما ترک التقیید فیهما اتّکالا علی ما ذکره أو سیذکره (4)

ص:177


1- 1) انظر ص:145 و 155 و 174 و غیرها.
2- 2) فی ص:196.
3- 3) فی ج 9:153.
4- 4) فی ص:196.
الثانیة:للزوجة مع عدم الولد الربع

الثانیة:للزوجة مع عدم(1)الولد الربع.و لو کنّ أکثر من واحدة کنّ شرکاء فیه بالسویّة.و لو کان له ولد کان لهنّ الثمن بالسویّة.و کذا لو کانت واحدة لا یزدن علیه شیئا.

الثالثة:إذا طلّق واحدة من أربع و تزوّج أخری،ثمَّ اشتبهت

المطلّقة فی الأول]

الثالثة:إذا طلّق واحدة(2)من أربع و تزوّج أخری،ثمَّ اشتبهت المطلّقة فی الأول،کان للأخیرة ربع الثمن مع الولد،و الباقی من الثمن بین الأربعة بالسویّة.

عن قریب.

قوله:«للزوجة مع عدم.إلخ».

المراد بالولد هنا ما یشمل ولد الولد،و أطلقه إما اتّکالا علی ما أسلفه (1)من أن الولد و إن سفل یحجب الزوج و الزوجة من الفریضة العلیا إلی الدنیا،أو بناء علی إطلاقه علی ما یشمل ولد الولد بطریق الحقیقة أو علی وجه المجاز، و السابق هو قرینة التجوّز.

و یعتبر فی الولد أن یکون وارثا،فلو کان ممنوعا بأحد الموانع لم یحجب کغیره.و اشتراک الجمیع فی الحصّة علّل-مع النصّ (2)-بأنه لو أعطیت کلّ زوجة ذلک لاستغرق نصیبهنّ الترکة علی بعض الوجوه،فیقدّمن علی غیرهنّ من الورّاث،و هو خلاف الإجماع و الأدلّة.

قوله:«إذا طلّق واحدة.إلخ».

إذا طلّق واحدة من أربع و تزوّج بواحدة،و مات قبل تعیین المطلّقة أو بعده

ص:178


1- 1) فی ص:66.
2- 2) الفقیه 4:188 ح 657،التهذیب 9:249 ح 964،الوسائل 17:511 ب«2»من أبواب میراث الأزواج.

..........

ثمَّ اشتبهت،فلا إشکال فی أن للمعلومة بالزوجیّة-و هی التی تزوّجها أخیرا- ربع نصیب الزوجات و هو الربع أو الثمن،لأنها واحدة من الأربع معلومة.و أما الباقی-و هو ثلاثة أرباعه-فالمشهور بین الأصحاب لا نعلم فیه مخالفا إلا ابن إدریس أنه یقسّم بین الأربع الباقیات اللواتی اشتبهت المطلّقة فی جملتهنّ بالسویّة.

و قال ابن[1]إدریس:یقرع بینهنّ،فمن أخرجتها القرعة بالطلاق منعت من الإرث،و حکم بالنصیب للباقیات بالسویّة،لأن القرعة لکلّ أمر مشتبه،إما مطلقا،أو فی الظاهر مع کونه معیّنا عند اللّه تعالی،و الأمر هنا کذلک،لأن المطلّقة غیر وارثة فی نفس الأمر،و لأن (1)الحکم بتوریث الجمیع یستلزم توریث من یعلم عدم إرثه،للقطع بأن إحدی الأربع غیر وارثة.

و مستند المشهور روایة أبی بصیر قال:«سألت أبا جعفر علیه السلام عن رجل تزوّج أربع نسوة فی عقد واحد-أو قال:فی مجلس واحد-و مهورهنّ مختلفة، قال:جائز له و لهنّ،قلت:أرأیت إن خرج إلی بعض البلدان فطلّق واحدة من الأربع،و أشهد علی طلاقها قوما من أهل تلک البلاد و هم لا یعرفون المرأة،ثمَّ تزوّج امرأة من أهل تلک البلاد بعد انقضاء عدّة التی طلّق،ثمَّ مات بعد ما دخل بها،کیف یقسّم میراثه؟قال:إن کان له ولد فإن للمرأة التی تزوّجها أخیرا من أهل تلک البلاد ربع ثمن ما ترک،و إن عرفت التی طلّق من الأربع بعینها و اسمها و نسبها فلا شیء لها من المیراث و علیها العدّة،قال:و یقتسمن الثلاث نسوة ثلاثة أرباع

ص:179


1- 2) فی«د،م»:لأن.

..........

ثمن ما ترک بینهنّ جمیعا،و علیهنّ جمیعا العدّة،و إن لم تعرف التی طلّق من الأربع اقتسمن الأربع نسوة ثلاثة أرباع ثمن ما ترک بینهنّ جمیعا،و علیهنّ جمیعا العدّة» (1).

و فی طریق الروایة علیّ بن فضّال،و حاله مشهور لکنّه ثقة،و العمل بمضمونها أشهر.

و علیه،فهل یتعدّی الحکم إلی غیر المنصوص،کما لو اشتبهت المطلّقة فی اثنتین أو ثلاث خاصّة،أو فی جملة الخمس،أو کان للمطلّق دون أربع زوجات فطلّق واحدة و تزوّج بأخری و حصل الاشتباه بواحدة أو بأکثر،أو لم یتزوّج و اشتبهت المطلّقة بالباقیات أو ببعضهنّ،أو طلّق أزید من واحدة و تزوّج کذلک، حتی لو طلّق الأربع و تزوّج بأربع و اشتبه إحدی الأربع بالأخری،أو فسخ نکاح واحدة لعیب و غیره أو أزید و تزوّج غیرها أو لم یتزوّج؟وجهان:

أجودهما (2):انسحاب الحکم السابق فی جمیع هذه الفروع (3)،لمشارکتها للمنصوص فی المقتضی،و هو اشتباه المطلّقة بغیرها من الزوجات،و تساوی الکلّ فی الاستحقاق،فلا ترجیح.و لأنه لا خصوصیّة ظاهرة فی قلّة المشتبه و کثرته،فالنصّ علی عین لا یفید التخصیص بالحکم،بل التنبیه علی مأخذ الحکم و إلحاقه بکلّ ما حصل فیه الاشتباه.

ص:180


1- 1) الکافی 7:131 ح 1،التهذیب 9:296 ح 1062،الوسائل 17:525 ب«9»من أبواب میراث الأزواج ح 1.
2- 2) فی«د،و،م»:أحدهما.
3- 3) فی الحجریّتین:الفروض.
الرابعة:إذا زوّج الصبیّة أبوها،أو جدّها لأبیها،ورثها الزوج و ورثته

الرابعة:إذا زوّج الصبیّة(1)أبوها،أو جدّها لأبیها،ورثها الزوج و ورثته.و کذا لو زوّج الصغیرین أبواهما،أو جدّهما لأبویهما،توارثا.

و الثانی:القرعة هنا کما ذهب إلیه ابن إدریس (1)فی المنصوص و إن لم نقل بها ثمَّ،لأنه غیر منصوص فیرجع إلی عموم (2)الأمر بها فی کلّ أمر مشتبه.و هذا أقوی،بل فی المنصوص أیضا إن لم یکن هناک إجماع لا یجوز تخطّیه.و الصلح فی الکلّ خیر.

و لا یخفی کیفیّة القسمة علی الوجهین،فإنه علی الأول یقسّم نصیب المشتبهة-و هو ربع النصیب إن اشتبهت بواحدة،و نصفه إن اشتبهت باثنتین-بین الاثنتین أو الثلاث بالسویّة،و یکون للمعیّنتین نصف النصیب،و للثلاث ثلاثة أرباع،و هکذا.و علی الثانی إن استخرجت المطلّقة قسّم النصیب بین الأربع أو ما ألحق بها بالسویّة.

قوله:«إذا زوّج الصبیّة.إلخ».

لا إشکال فی صحّة عقد الصغیر إذا زوّجه أبوه أو جدّه له،و ترتّب أحکامه التی من جملتها الإرث،لصدور العقد من أهله فی محلّه.و یؤیّده روایة عبید بن زرارة عن أبی عبد اللّه علیه السلام فی الصبیّ تزوّج الصبیّة،قال:«یتوارثان إذا کان أبواهما زوّجاهما» (3).هذا إذا کان من کفو بمهر المثل.أما لو تخلّف أحدهما

ص:181


1- 1) انظر الهامش(1)فی ص:179.
2- 2) الفقیه 3:52 ح 174،التهذیب 6:240 ح 593،الوسائل 18:189 ب«13»من أبواب کیفیّة الحکم ح 11.
3- 3) الکافی 7:132 ح 3،الفقیه 4:227 ح 720،التهذیب 9:382 ح 1365،الوسائل 17:528 ب «11»من أبواب میراث الأزواج ح 3.

و لو زوّجهما غیر الأب أو الجدّ،(1)کان العقد موقوفا علی رضاهما عند البلوغ و الرشد.و لو مات أحدهما قبل ذلک،بطل العقد و لا میراث.

و کذا لو بلغ أحدهما فرضی،ثمَّ مات الآخر قبل البلوغ.

و لو مات الذی رضی عزل نصیب الآخر من ترکة المیّت،و تربّص بالحیّ،فإن بلغ و أنکر فقد بطل العقد و لا میراث.و إن أجاز صحّ، و أحلف أنه لم یدعه إلی الرضا الرغبة فی المیراث.

أو هما معا فقد تقدّم (1)أن له الخیار بعد البلوغ فی العقد فی الأول و فی المهر فی الثانی.

و هل یکون هذا الخیار قادحا فی الإرث لو مات قبله؟وجهان،من صحّة العقد فی نفسه و إن کان متزلزلا،کالتزویج بذات العیب للکامل إذا مات قبل أن یفسخ،و من کونه بمنزلة عقد الفضولی بالنسبة إلیه و قد مات قبل الإجازة.

و المتّجه الأول،و الفرق قائم،فإن عقد الفضولی لا یمضی إلا مع الإجازة،و هذا لا ینفسخ إلا بالفسخ،فکان فی نفسه واقعا،و تزلزله لا یمنع الإرث کما ذکرناه فی ذات العیب،بل هو من جملة أفراد المسألة فی نکاح الولیّ.

قوله:«و لو زوّجهما غیر الأب أو الجدّ.إلخ».

إذا زوّجهما غیر الولیّ فهو (2)فضولیّ یتوقّف صحّته علی إجازة الولیّ أو إجازتهما بعد الکمال.فإن أجاز الولیّ فذاک،و إلا تربّص بهما إلی حین الکمال، فإن مات أحدهما قبل ذلک بطل أیضا،کما لو مات الکبیر المعقود له فضولا قبل الإجازة.

ص:182


1- 1) فی ج 7:154.
2- 2) فی الحجریّتین:فالعقد فضولی.

..........

و إن بلغ أحدهما و رشد و الآخر حیّ عرضت علیه الإجازة،فإن أجاز لزم من جهته،و بقی موقوفا علی إجازة الآخر بعد کماله،فإن مات قبلها بطل أیضا.

و إن مات المجیز أولا ثمَّ کمل الآخر،فإن ردّ العقد بطل أیضا.و هذا کلّه لا إشکال فیه.و إن أجازه فقد روی (1)أبو عبیدة الحذّاء عن الباقر علیه السلام أنه یحلف أنه لم یدعه إلی الإجازة الرغبة فی المیراث،و یعطی نصیبه منه.و علیها عمل الأصحاب.و موردها الصغیران کما ذکر.

و لو زوّج أحدهما الولیّ،أو کان أحدهما بالغا رشیدا،و زوّج الآخر الفضولیّ،فمات الأول،عزل للثانی نصیبه أیضا،و أحلف بعد بلوغه کذلک.و هذا و إن لم یکن منصوصا إلا أنه لا حق به بطریق أولی،لأن العقد لازم من أحد الطرفین،فهو أقرب إلی الثبوت ممّا هو جائز من الطرفین.

نعم،لو کانا کبیرین و زوّجهما الفضولیّان ففی تعدّی الحکم إلیهما نظر،من مساواته للمنصوص فی کونهما فضولیّین و لا مدخل للصغر و الکبر فی ذلک،و من ثبوت الحکم فی الصغیرین علی خلاف الأصل،من حیث توقّف الإرث علی الیمین،و ظهور التهمة فی الإجازة،فیحکم فیما خرج عن المنصوص ببطلان العقد متی مات أحدهما قبل إجازة الآخر.و فی الأول قوّة.و قد تقدّم (2)البحث فی هذه المسألة مستوفی فی کتاب النکاح،فلیراجع ثمَّ.

ص:183


1- 1) الکافی 7:131 ح 1،التهذیب 7:388 ح 1555،الوسائل 17:527 ب«11»من أبواب میراث الأزواج ح 1.
2- 2) فی ج 7:177.
الخامسة:إذا کان للزوجة من المیّت ولد،ورثت من جمیع ما ترک

الخامسة:إذا کان للزوجة(1)من المیّت ولد،ورثت من جمیع ما ترک.

و لو لم یکن،لم ترث من الأرض شیئا،و أعطیت حصّتها من قیمة الآلات و الأبنیة.و قیل:لا تمنع إلا من الدور و المساکن.و خرّج المرتضی-رحمه اللّه-قولا ثالثا،و هو تقویم الأرض و تسلیم حصّتها من القیمة.و القول الأول أظهر.

قوله:«إذا کان للزوجة.».

هذه المسألة من متفرّدات مذهبنا کمسألة الحبوة،و قد وقع الاتّفاق بین علمائنا إلا ابن الجنید علی حرمان الزوجة فی الجملة من شیء من أعیان الترکة.

و تلخیص البحث فیه یقع فی مواضع:

الأول:فی بیان ما یحرم منه الزوجة.و قد اختلف فیه الأصحاب علی أقوال بسبب اختلاف الروایات ظاهرا:

أحدها-و هو المشهور بینهم-:حرمانها من نفس الأرض،سواء کانت بیاضا أم مشغولة بزرع و شجر و بناء و غیرها،عینا و قیمة،و من عین آلاتها و أبنیتها،و تعطی قیمة ذلک.ذهب إلی ذلک الشیخ فی النهایة (1)،و أتباعه کالقاضی (2)و ابن حمزة (3)،و قبلهم أبو الصلاح (4).و هو ظاهر مذهب المصنف -رحمه اللّه-فی هذا الکتاب،و العلامة فی المختلف (5)،و الشهید فی اللمعة (6).

ص:184


1- 1) النهایة:642.
2- 2) المهذّب 2:141 و 140.
3- 3) الوسیلة:391،و لم یذکر حکم البناء و الآلات.
4- 4) الکافی فی الفقه:374.
5- 5) المختلف:736.
6- 6) اللمعة الدمشقیّة:160.

..........

و ثانیها:حرمانها من جمیع ذلک مع إضافة الشجر إلی الآلات فی الحرمان من عینه دون قیمته.و بهذا صرّح من المتأخّرین العلامة فی القواعد (1)و الشهید فی الدروس (2)و أکثر المتأخّرین (3)،و ادّعوا أنه هو المشهور،بل ادّعوا أنه عین الأول.و هو ممنوع،کما یظهر ذلک من تتبّع عباراتهم.

و ثالثها:حرمانها من الرباع-و هی الدور و المساکن-دون البساتین و الضیاع،و تعطی قیمة الآلات و الأبنیة من الدور و المساکن[دون البساتین] (4).

و هو قول المفید (5)،و ابن إدریس (6)،و المصنف فی النافع (7)،و تلمیذه مصنف کشف الرموز (8)،و مال إلیه فی المختلف (9)بعض المیل.

و رابعها:حرمانها من عین الرباع خاصّة لا من قیمته.و هو قول المرتضی (10)،و استحسنه فی المختلف (11)،و إن استقرّ رأیه أخیرا علی الأول.

و ابن الجنید (12)-رحمه اللّه-منع من ذلک کلّه،و حکم بإرثها من کلّ شیء کغیرها من الورّاث.

ص:185


1- 1) قواعد الأحکام 2:178.
2- 2) الدروس الشرعیّة 2:358.
3- 3) إیضاح الفوائد 4:240،المقتصر:365.
4- 4) من الحجریّتین.
5- 5) المقنعة:687.
6- 6) السرائر 3:258-259.
7- 7) المختصر النافع:272.
8- 8) کشف الرموز 2:463.
9- 9) المختلف:736.
10- 10) الانتصار:301.
11- 11) المختلف:736.
12- 12) حکاه عنه العلامة فی المختلف:736.

..........

حجّة الأول:حسنة الفضلاء الخمسة-الأخوین:زرارة و بکیر،و فضیل، و برید،و محمد بن مسلم-عن الباقر و الصادق علیهما السلام:«أن المرأة لا ترث من ترکة زوجها من تربة دار أو أرض،إلا أن یقوّم الطوب و الخشب قیمة،فتعطی ربعها أو ثمنها إن کان من قیمة الطوب و الجذوع و الخشب» (1).

و صحیحة زرارة عن الباقر علیه السلام:«أن المرأة لا ترث ممّا ترک زوجها من القری و الدور و السلاح و الدوابّ شیئا،و ترث من المال و الفرش و الثیاب و متاع البیت ممّا ترک،و یقوّم النقض و الأبواب و الجذوع و القصب،فتعطی حقّها منه» (2).و غیرهما من الأخبار (3)الکثیرة.

و الکلام فی دلالة هذه الأخبار علی المدّعی کما تقدّم (4)فی أخبار الحبوة، من حیث اشتمال بعضها (5)علی زیادة علی المطلوب،کالسلاح و الدوابّ فی الخبر (6)الصحیح،و عدم التعرّض لإعطاء قیمة الآلات،إلا أن الأول یدلّ علی تمام المطلوب،و إن لم یکن صحیحا فهو قریب منه فی الحجیّة،و مطلق الثانی مقیّد به،و ما اشتمل علیه من الزیادة منفیّ بالإجماع.

و حمله بعضهم (7)علی ما یحبی به الولد من السلاح کالسیف،فإنها لا ترث

ص:186


1- 1) الکافی 7:128 ح 3،التهذیب 9:297 ح 1064،الاستبصار 4:151 ح 570،الوسائل 17: 519 ب«6»من أبواب میراث الأزواج ح 5.
2- 2) الکافی 7:127 ح 2،التهذیب 9:298 ح 1065،الاستبصار 4:151 ح 571،الوسائل 17: 517 ب«6»من أبواب میراث الأزواج ح 1.
3- 3) لاحظ الوسائل 17:517 ب«6»من أبواب میراث الأزواج.
4- 4) فی ص:131-132.161.
5- 5) لاحظ الوسائل 17:517 ب«6»من أبواب میراث الأزواج ح 1.
6- 6) لاحظ الوسائل 17:517 ب«6»من أبواب میراث الأزواج ح 12.
7- 7) إیضاح الفوائد 4:241.

..........

منه شیئا،و علی ما أوصی به من الدوابّ،أو وقفه،أو عمل به ما یمنع من الإرث.

و لا یخفی کونه خلاف الظاهر،إلا أن فیه جمعا بین الأخبار،و هو خیر من اطّراحه رأسا.

و هذه الأخبار حجّة القول الثانی أیضا.و یدلّ علی إضافة الشجر عموم صحیحة محمد بن مسلم عن الباقر علیه السلام قال:«النساء لا یرثن من الأرض و لا من العقار شیئا» (1).و روایة عبد الملک بن أعین عن أحدهما علیهما السلام قال:

«لیس للنساء من الدور و العقار شیء» (2)و الشجر من جملة العقار.و هو و إن تضمّن نفی الإرث منه مطلقا من غیر تعرّض للقیمة بنفی و لا إثبات،إلا أن فی إثبات القیمة مناسبة،لإثباتها فی الآلات و الأبنیة،بل ربما ادّعی دخول الشجر فی الآلات و إن کان بعیدا،مع ما فیه من تقلیل تخصیص الآیة (3)الدالّة علی إرث الزوجة من کلّ شیء.و فی بعض الروایات عن أبی عبد اللّه علیه السلام قال:«لا ترث النساء من العقار شیئا،و تعطی قیمة البناء و الشجر و النخل»[1].و هی نصّ فی الباب،لکن یتوقّف علی تحقیق السند.

ص:187


1- 1) الکافی 7:127 ح 1،التهذیب 9:298 ح 1066،الاستبصار 4:152 ح 572،الوسائل 17: 518 ب«6»من أبواب میراث الأزواج ح 4.
2- 2) الکافی 7:129 ح 9،التهذیب 9:299 ح 1070،الاستبصار 4:152 ح 576،الوسائل 17: 520 الباب المتقدّم ح 10.
3- 3) النساء:12.

..........

و حجّة الثالث:عموم الآیة (1)بإرثها من کلّ شیء،خرج منه ما اتّفقت علیه الأخبار و هو أرض الرباع و المساکن عینا و قیمة و آلاتها عینا لا قیمة،فیبقی الباقی.و قد اقتصر علی استثنائها فی روایة العلاء عن محمد بن مسلم قال:«قال أبو عبد اللّه علیه السلام:ترث المرأة الطوب،و لا ترث من الرباع شیئا» (2).و روایة یزید الصائغ قال:«سمعت أبا جعفر علیه السلام یقول:إن النساء لا یرثن من رباع الأرض شیئا،و لکن لهنّ منها قیمة الطوب و الخشب،فقلت له:إن الناس لا یأخذون هذا،قال:إذا ولینا ضربناهم بالسوط،فإن انتهوا و إلا ضربناهم بالسیف» (3).فهذا هو القدر المشترک بین الروایات،مع وجوده مخصوصا فی هذه الأخبار،فیؤخذ فیما خالف الأصل بالمتیقّن،کما ترک القول بحرمانها من السلاح و الدوابّ فی صحیحة (4)زرارة.

و فیه:أن هذین الخبرین-مع عدم صحّة سندهما،بل ضعف الأخیر فی الغایة-لا تعرّض لهما إلی الزائد من الأرض بنفی و لا إثبات،فإذا دلّت علیه تلک الأخبار (5)تعیّن القول بها،لعدم المعارض.و اشتمالها علی زیادة لا یقولون بها لا یضرّهم،لأن المنفیّ بالإجماع یسقط،و المختلف فیه یثبت،لعدم المقتضی لنفیه.

ص:188


1- 1) النساء:12.
2- 2) الکافی 7:128 ح 5،التهذیب 9:298 ح 1067،الاستبصار 4:152 ح 573،الوسائل 17: 518 ب«6»من أبواب میراث الأزواج ح 2.
3- 3) الکافی 7:129 ح 10،التهذیب 9:299 ح 1069،الاستبصار 4:152 ح 575،الوسائل 17: 520 ب«6»من أبواب میراث الأزواج ح 11.
4- 4) راجع ص:186.
5- 5) راجع ص:186-187.

..........

و حجّة المرتضی-رحمه اللّه-علی إعطائها قیمة الأرض مطلقا کما تعطی قیمة الآلات:مراعاة الجمع بین عموم آیات (1)الإرث و ما أجمع علیه الأصحاب من الحرمان،بتخصیص الحرمان بالعین و إیجاب القیمة علی نحو ما اختاره (2)فی الحبوة.و لم یلتفت إلی الأخبار (3)المصرّحة بحرمانها من الأرض مطلقا،بدلیل استثناء القیمة من آلاتها،لأنه لا یعتبر خبر الواحد،و إنما راعی الإجماع علی الحرمان،و ادّعی أنهم لم یجمعوا علی الحرمان من القیمة أیضا بل علیه فی الجملة،فیختصّ بالعین مراعاة لعموم الآیة (4).و من التفت إلی حجّیة الأخبار سقطت عنه کلفة هذا الاعتبار.

و یبقی فی مدّعاه«أن الأصحاب ما أجمعوا علی حرمانها من القیمة»منع آخر،لتصریحهم بحرمانها من الأرض عینا و قیمة،و إن اختلفوا فی مقدار ما یحرم منها،یظهر ذلک من تتبّع کلامهم و فتاواهم،فإنهم لا یختلفون فی ذلک،و لا ینقلون الخلاف فیه إلا عنه،فإذا راعی إجماعهم فی أصل الحرمان فلیراعه فیما وقع تخصیصه،مع أن ابن الجنید (5)سابق علیه و لم یقل بحرمانها من شیء، و کلامه یوافق عموم القرآن،فکان موافقة المرتضی-رحمه اللّه-له أنسب بمذهبه المطّرح لخبر الواحد.و النظر إلی أن ابن الجنید بمعلومیّة أصله لا یقدح فی الإجماع معارض بمثله فی جانب الآخر،فإنه لا یعلم موافق للمرتضی أصلا،

ص:189


1- 1) النساء:12.
2- 2) الانتصار:299-300.
3- 3) راجع ص:186-187.
4- 4) النساء:12.
5- 5) حکاه عنه العلامة فی المختلف:736.

..........

فضلا عن مماثل لابن الجنید العزیز المثل فی المتقدّمین،بالتحقیق و التنقیب یعرف ذلک من اطّلع علی کلامه.

و حجّته علی القول الخامس عموم الآیة (1)،و خصوص صحیحة ابن أبی یعفور عن الصادق علیه السلام قال:«سألته عن الرجل هل یرث من دار امرأته أو أرضها من التربة شیئا؟أو یکون فی ذلک بمنزلة المرأة؟فقال:یرثها و ترثه من کلّ شیء ترک و ترکت» (2).و ما ورد بخلاف ذلک لا یصلح عنده لتخصیص القرآن، إما لاختلافه و عدم صحّة کثیر منه،أو لکونه خبرا واحدا لا یخصّص القرآن کما هو قول جماعة (3)من الأصولیّین،أو ردّا لخبر الواحد مطلقا کما هو المشهور عن علمائنا المتقدّمین،أو مع وجود المعارض القویّ کالقرآن.و مثله اتّفق له (4)فی أخبار الحبوة،حتی ذهب إلی استحبابها دون استحقاقها.

و قد ظهر من تضاعیف الکلام أن قوّة الأقوال عند من یعتبر الأخبار منحصرة فی القولین الأولین،و لعلّ أجودهما الثانی إذا جعلنا العقار شاملا للشجر.

الثانی:فی بیان من یحرم الإرث ممّا ذکر من الزوجات.و قد اختلف الأصحاب فیه أیضا،فالمشهور-خصوصا بین المتأخّرین (5)،و به صرّح المصنف

ص:190


1- 1) النساء:12.
2- 2) الفقیه 4:252 ح 812،التهذیب 9:300 ح 1075،الاستبصار 4:154 ح 581،الوسائل 17: 522 ب«7»من أبواب میراث الأزواج ح 1.
3- 3) الذریعة للسیّد المرتضی 1:280،و انظر الإبهاج فی شرح المنهاج 2:171-172،نهایة السؤل 2:459-460،البحر المحیط 3:365.
4- 4) حکاه عن ابن الجنید العلامة فی المختلف:732.
5- 5) انظر الجامع للشرائع:508-509،المختلف:736-737،قواعد الأحکام 2:178،اللمعة الدمشقیّة:160،التنقیح الرائع 4:192.

..........

فی الکتاب-اختصاص الحرمان بغیر ذات الولد من الزوج.

و ذهب جماعة-منهم المفید (1)،و المرتضی (2)،و الشیخ فی الاستبصار[1]، و أبو الصلاح (3)،و ابن إدریس (4)،و المصنف فی النافع (5)،و تلمیذه الشارح (6)،بل ادّعی ابن إدریس (7)علیه الإجماع-إلی أن هذا المنع عامّ فی کل زوجة،سواء کان لها ولد من المیّت أم لا،عملا بإطلاق الأخبار (8)أو عمومها المتناول للجمیع.و قد تقدّم (9)منها جملة.

و جمیع ما[کان]ورد (10)فی هذا الباب علی کثرته دالّ علی ذلک،فلا وجه لتعداده،إلا روایة واحدة و هی روایة ابن أبی عمیر عن عمر بن أذینة:«فی النساء إذا کان لهنّ ولد أعطین من الرباع» (11).فالمفصّلون خصّوا جمیع تلک الأخبار بغیر

ص:191


1- 1) المقنعة:687.
2- 2) الانتصار:301.
3- 4) الکافی فی الفقه:374.
4- 5) السرائر 3:259.
5- 6) المختصر النافع:272.
6- 7) کشف الرموز 2:464.
7- 8) السرائر 3:259.
8- 9) لاحظ الوسائل 17:517 ب«6»من أبواب میراث الأزواج.
9- 10) فی ص:186-188.
10- 11) من«ل،ر،خ».
11- 12) الفقیه 4:252 ح 813،التهذیب 9:301 ح 1076،الاستبصار 4:155 ح 582،الوسائل 17: 523 ب«7»من أبواب میراث الأزواج ح 2.

..........

ذات الولد جمعا بینها و بین هذه،مع ما فیها من القطع حیث لم یسندها إلی إمام.

و لا یخفی ما فیه.

و ربما رجّح التفصیل من حیث إن فیه تقلیلا لتخصیص الآیة (1)،و ظهور الشبهة فی عموم هذه الأخبار بواسطة هذه الروایة و روایة ابن أبی یعفور الدالّة علی إرثها من کلّ شیء کالزوج،بحملها علی ذات الولد جمعا،فلا أقلّ من انقداح الشبهة فی العموم للزوجات المانع من حمل الآیة علی عمومها،مضافا إلی ذهاب جماعة من أجلاّء المتقدّمین-کالصدوق (2)و الشیخ فی التهذیب (3)و جملة المتأخّرین (4)-إلیه،و ذهاب جماعة آخرین إلی أن مثل هذه الأخبار لا تخصّص القرآن مطلقا،فلا أقلّ من وقوع الشبهة فی التخصیص.و لا بأس بهذا القول،و إن کان القول بالتسویة بین الزوجات أیضا قویّا متینا.

الثالث:فی بیان الحکمة فی هذا الحرمان،و به یظهر أیضا عدم الفرق بین الزوجات و إن کان بعضهنّ أقوی فی ذلک من بعض.

و محصّل ما دلّت علیه النصوص منها:أن الزوجة لا نسب بینها و بین الورثة،و إنما هی دخیل علیهم،فربما تزوّجت بعد المیّت بغیره ممّن کان ینافسه و یحسده فتسکنه فی مساکنه و تسلّطه علی عقاره،فیحصل علی الورثة بذلک غضاضة عظیمة،فاقتضت الحکمة الإلهیّة منعها من ذلک،و إعطاءها القیمة جبرا

ص:192


1- 1) النساء:12.
2- 2) الفقیه 4:252 ذیل ح 812.
3- 3) التهذیب 9:300 ذیل ح 1075.
4- 4) انظر الهامش(5)فی ص:190.

..........

لها،و هی فی قوّة العین،و الضرر بها منفیّ أو قلیل محتمل.و قریب منه القول فی اختصاص الولد الأکبر بثیاب بدن أبیه و سیفه و مصحفه و خاتمه.و هذا بخلاف إرثها من أعیان المنقولات من أمواله و أثاثه،فإنها إذا انتقلت من منزله لا یلتفت إلی مثل ذلک،و لا غضاضة بسببه غالبا.

و قد وردت هذه العلّة فی عدّة أخبار،منها روایة محمد بن مسلم قال:

«قال أبو عبد اللّه علیه السلام:ترث المرأة الطوب،و لا ترث من الرباع شیئا،قال:

قلت:کیف ترث من الفرع و لا ترث من الرباع شیئا؟فقال:لیس لها منهم نسب ترث به،و إنما هی دخیل علیهم،فترث من الفرع و لا ترث من الأصل،و لا یدخل علیهم داخل بسببها» (1).

و روایة حمّاد بن عثمان عن أبی عبد اللّه علیه السلام قال:«إنما جعل للمرأة قیمة الخشب و الطوب لئلاّ تتزوّج فیدخل علیهم من یفسد مواریثهم» (2).

و روایة ابن سنان عن الرضا علیه السلام فیما کتب من جواب مسائله عن المرأة:«أنها لا ترث من العقار شیئا إلا قیمة الطوب و النقض،لأن العقار لا یمکن تغییره و قلبه،و المرأة قد یجوز أن ینقطع ما بینها و بینه من العصمة،و یجوز تغییرها و تبدیلها،و لیس الولد و الوالد کذلک،لأنه لا یمکن التفصّی عنها،و المرأة یمکن الاستبدال بها،فما یجوز أن یجیء و یذهب کان میراثه فیما یجوز تغییره و تبدیله إذا أشبهها،و کان الثابت المقیم علی حاله کمن کان مثله فی الثبات

ص:193


1- 1) الکافی 7:128 ح 5،التهذیب 9:298 ح 1067،الاستبصار 4:152 ح 573،الوسائل 17: 518 ب«6»من أبواب میراث الأزواج ح 2.
2- 2) الکافی 7:129 ح 7،الفقیه 4:252 ح 810،التهذیب 9:298 ح 1068،الاستبصار 4:152 ح 574،الوسائل 17:520 ب«6»من أبواب میراث الأزواج ح 9.

..........

و القیام» (1).

و فی هذه الأخبار أیضا دلالة علی عدم الفرق بین ذات الولد و غیرها،لقیام العلّة فی الجمیع.

إذا تقرّر ذلک فاعلم أنه لا فرق فی الأبنیة و المساکن بین ما کان یسکنه الزوج و غیره،و لا بین الصالح للسکنی و غیره مع صدق اسم البناء علیه.

و المراد بآلاته المتقوّمة ما کانت مثبتة فیه،کالأحجار و الأخشاب المستدخلة فی البناء،أما الآلات المنقولة و إن کانت من هذا الصنف فإنها ترث من عینها.

و کیفیّة التقویم لما یستحقّ فیه القیمة من البناء و الشجر علی القول بدخوله:

أن یقوّم مستحقّ البقاء فی الأرض مجّانا إلی أن یفنی،فتقدّر الدار کأنّها مبنیّة فی ملک الغیر علی وجه لا یستحقّ علیها أجرة إلی أن تفنی،و تعطی قیمة ما عدا الأرض من ذلک.و قیمة الشجر کذلک،حتی لو فرض عدم القیمة للأرض فی بعض الأنواع من الشجر-کالزیتون-لم ینقص من قیمته شیء بسببها.

و ظاهر النصوص (2)أن القیمة تجب علی الوارث علی وجه قهریّ لا علی طریق المعاوضة،فلا تأخذ الزوجة العین إلا أن یتعذّر علیها أخذ القیمة، فتأخذها علی وجه المقاصّة بالقیمة کغیرها من أمواله.و لو أمکن رفع أمرها إلی الحاکم لیأمره بالدفع،أو یبیع شیئا من ماله و یدفع إلیها القیمة کغیره من الدّین، ففی تقدیمه علی المقاصّة وجهان أجودهما تخیّرها بین الأمرین.

ص:194


1- 1) الفقیه 4:251 ح 808،التهذیب 9:300 ح 1074،الوسائل 17:521 الباب المتقدّم ح 14.
2- 2) الوسائل 17:517 ب«6»من أبواب میراث الأزواج.

..........

و لو تعدّدت الزوجات و اختلفن فی الحکم،کذات الولد و غیرها علی القول بالفرق،استحقّت ذات الولد کمال الثمن من رقبة الأرض،و تأخذ الأخری حصّتها ممّا ترث من عینه،و نصف قیمة ما ترث من قیمته.و هل یکون العین للزوجة الأخری أم لسائر الورثة؟أوجه أجودها اختصاص الزوجة به،لأن ذلک نصیبها بنصّ (1)القرآن،و رجوعها إلی نصفه لمکان الزوجة الأخری،فیقتصر فیه علی ما تستحقّه عملا بالعموم (2).و لو امتنعت من أداء القیمة فکامتناع الوارث.

و إطلاق الولد محمول علی ولد الصلب.و فی تعدیته إلی ولد الولد وجهان مبنیّان علی کونه ولدا حقیقة أم لا،أو علی الإجماع علی إلحاق ولد الولد بأبیه فی المیراث و إن نوزع فی غیره،کما تقدّمت (3)الإشارة إلیه.و موضع الاحتمالین ما إذا کان ولد الولد وارثا من المیّت،أما لو کان هناک ولد للصلب فلا حکم له، مع احتمال تأثیره مطلقا،نظرا إلی صدق الاسم.

و لا فرق فیما ترث من عینه من المنقولات بین کونه قابلا للنقل بالفعل کالحیوان و الأثاث،و بالقوّة کالثمرة علی الشجرة و الزرع فی الأرض و إن لم یستحصد،أو کان بذرا،دون الشجر و إن کان غرسا لم یثبت.و یجب إبقاء الزرع إلی أوان حصاده عادة مجّانا.

و بقی فی تحقیق المسألة أمور أخری مهمّة حقّقناها فی موضع[1]آخر، و اقتصرنا علی ما ذکرناه هنا مراعاة للاختصار.

ص:195


1- 1) النساء:12.
2- 2) النساء:12.
3- 3) فی ص:178.
السادسة:نکاح المریض مشروط بالدخول

السادسة:نکاح المریض(1)مشروط بالدخول،فإن مات فی مرضه و لم یدخل بطل العقد،و لا مهر لها و لا میراث.و هو روایة (1)زرارة عن أحدهما[علیهما السلام].

قوله:«نکاح المریض.».

اشتراط الدخول فی نکاح المریض بالنسبة إلی لزومه و ترتّب أثره علیه، لا فی صحّته و إلا لم یصحّ الوطء،لأنه مشروط بصحّة العقد،فلو اشترط بالدخول دار.

و نسبة المصنف الحکم إلی الروایة مشعر بتردّده فیه.و وجهه:مخالفته للأصل،فإنه عقد صحیح فی نفسه کما فرضناه و إلا لم یصحّ الوطء،و هو صادر من أهله[فی محلّه] (2)باختیاره،فاشتراطه بأمر متأخّر عنه خلاف الأصل.و فی الدروس (3)نسبه أیضا إلی قول مشهور،و فیه إشعار بعدم وضوحه عنده.

و جزم الأکثر بالحکم من غیر أن یذکروا فیه خلافا أو إشکالا.و یتفرّع علیه ما لو ماتت هی قبل الدخول،فمقتضی الحکم أن لا یرث منها،لعدم حصول الشرط فلا یلحقه الأثر.و یحتمل هنا الإرث و إن لم نقل به فی جانبه،لأن العقد لازم بالنسبة إلیها،فیترتّب أثره علیه فی حقّها و إن لم یثبت فی حقّه،لعدم لزومه من جانبه،و لأن تخلّف إرثها منه بنصّ الشارع لا یقتضی ثبوته فی الجانب الآخر،بل یقتصر فی الحکم المخالف للأصل علی مورده.

ص:196


1- 1) الکافی 6:123 ح 12،التهذیب 8:77 ح 261،الاستبصار 3:304 ح 1080،الوسائل 17: 537 ب«18»من أبواب میراث الأزواج ح 3.
2- 2) من«ط،ل،ر،خ».
3- 3) الدروس الشرعیّة 2:358.
المقصد الثالث فی المیراث بالولاء
اشارة

المقصد الثالث(1) فی المیراث بالولاء و هو:ثلاثة أقسام

الأول:ولاء العتق

الأول:ولاء العتق إنما یرث المنعم إذا کان متبرّعا.و لم یتبرّأ من ضمان جریرته.و لم یکن للمعتق وارث مناسب.

فلو أعتق فی واجب-کالکفّارات و النذور-لم یثبت للمنعم میراث.و کذا لو تبرّع و اشترط سقوط الضمان.

و الحکم موضع إشکال فی الطرفین.و کذا الإشکال لو مات فی غیر مرضه قبل الدخول،من حیث إطلاق کونه مشروطا بالدخول و لم یحصل،و من أن برء المریض یصحّح تصرّفاته الموقوفة،و هذا من أضعفها أو من جملتها.و الأقوی هنا ثبوت التوارث.

قوله:«المقصد الثالث.».

الولاء من أسباب الإرث،لقوله صلّی اللّه علیه و آله:«الولاء لحمة کلحمة النسب» (1).و قوله صلّی اللّه علیه و آله:«الولاء لمن أعتق» (2).و حیث کان النسب مقتضیا للإرث فکذا الولاء،و لکن یفترقان بأن الإرث فی النسب ثابت من الطرفین،لتحقّق السبب (3)منهما (4)،بخلاف الولاء،فإنه ثابت للمنعم علی المعتق

ص:197


1- 1) الفقیه 3:78 ح 281،التهذیب 8:255 ح 926،الوسائل 16:47 ب«42»من کتاب العتق ح 2.
2- 2) الکافی 6:197 ح 1،التهذیب 8:249 ح 905،الوسائل 16:38 ب«35»من کتاب العتق ح 1.
3- 3) فی«و،ط»:النسب.
4- 4) فی«خ»:فیهما،و فی إحدی الحجریّتین:بینهما.

..........

دون العکس،لأن سببه هو العتق و هو مختصّ بأحد الطرفین،خلافا لابن (1)بابویه حیث قال:إذا لم یکن للمنعم وارث ورثه عتیقه.و هو شاذّ.

و یشترط فی ثبوت الإرث به أمور ثلاثة،أشار إلیها المصنف:

أحدها:کون العتق تبرّعا،فلو کان واجبا بنذر و شبهه أو بکفّارة أو لانعتاقه قهرا فلا ولاء له.

و قد دلّ علیه صحیحة ابن رئاب قال:«سألت أبا جعفر علیه السلام عن السائبة،فقال:انظروا فی القرآن فما کان فیه«فتحریر رقبة»فتلک السائبة التی لا ولاء لأحد علیها إلا اللّه،فما کان ولاؤه للّه فهو لرسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله،و ما کان ولاؤه لرسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله فإن ولاءه للإمام علیه السلام،و جنایته علی الامام،و میراثه له» (2).

و ثانیها:أن لا یتبرّأ المعتق من ضمان جریرته حال الإعتاق،فلو تبرّأ منه فلا ولاء له و لا إرث.

و یدلّ علیه حسنة أبی الربیع قال:«سئل أبو عبد اللّه علیه السلام عن السائبة،فقال:هو الرجل یعتق غلامه ثمَّ یقول له:اذهب حیث شئت لیس لی من میراثک شیء،و لا علیّ من جریرتک شیء،و یشهد علی ذلک شاهدین» (3).

و ثالثها:أن لا یکون للمعتق وارث مناسب،لأن الإرث بالولاء مشروط

ص:198


1- 1) الفقیه 4:224 ب«151».
2- 2) الکافی 7:171 ح 2،الفقیه 3:81 ح 291،التهذیب 8:256 ح 930،الاستبصار 4:26 ح 85، الوسائل 16:48 ب«43»من کتاب العتق ح 1.و فی المصادر:عن عمّار بن أبی الأحوص.
3- 3) الکافی 7:171 ح 6،الفقیه 3:80 ح 289،التهذیب 8:256 ح 929،الاستبصار 4:26 ح 84، الوسائل 16:48 الباب المتقدّم ح 2.

و هل یشترط(1)فی سقوطه الإشهاد بالبراءة؟الوجه:لا.

و لو نکّل به(2)فانعتق کان سائبة.و لو کان للمعتق وارث مناسب، قریبا کان أو بعیدا،ذا فرض أو غیره،لم یرث المنعم.

بفقد المناسب مطلقا،لصحیحة أبی الصبّاح الکنانی عن أبی عبد اللّه علیه السلام فی امرأة أعتقت رجلا لمن ولاؤه؟و لمن میراثه؟قال:«للذی أعتقه،إلا أن یکون له وارث غیره» (1).

قوله:«و هل یشترط.».

القول باشتراط الإشهاد فی صحّة التبرّی للشیخ (2)و جماعة (3)،لروایة أبی الربیع السابقة،و صحیحة عبد اللّه بن سنان عن الصادق علیه السلام:«من أعتق رجلا سائبة فلیس علیه من جریرته شیء،و لیس له من المیراث شیء،و لیشهد علی ذلک» (4).و لا دلالة للأمر علی الاشتراط،فلذا ذهب المصنف-رحمه اللّه- و المتأخّرون (5)إلی عدم الاشتراط،للأصل،و لأن المراد من الإشهاد الإثبات عند الحاکم لا الثبوت فی نفسه.و هذا هو الأقوی.

قوله:«و لو نکّل به.».

لأنه لم یعتقه و إنما أعتقه اللّه تعالی قهرا.و مثله انعتاقه بالإقعاد و العمی و الجذام و البرص عند القائل به،لاشتراک الجمیع فی العلّة و هی عدم إعتاق

ص:199


1- 1) الکافی 6:198 ح 5،التهذیب 8:250 ح 908،الوسائل 16:38 ب«35»من کتاب العتق ح 3.
2- 2) النهایة:547.
3- 3) کالصدوق حکاه عنه العلامة فی المختلف:634،المهذّب 2:364.
4- 4) التهذیب 8:256 ح 928،الاستبصار 4:26 ح 83،الوسائل 16:49 ب«43»من کتاب العتق ح 4.
5- 5) المختلف:634،قواعد الأحکام 2:105،إیضاح الفوائد 3:523-524،اللمعة الدمشقیّة:161.

أما لو کان زوج(1)أو زوجة کان سهم الزوجیّة لصاحبه،و الباقی للمنعم أو من یقوم مقامه عند عدمه.

و إذا اجتمعت(2)الشروط ورثه المنعم إن کان واحدا،و إن کانوا أکثر فهم شرکاء فی الولاء بالحصص،رجالا کان المعتقون أو نساء،أو رجالا و نساء.

المولی له،و قد قال صلّی اللّه علیه و آله:«إنما الولاء لمن أعتق» (1).و فی صحیحة أبی بصیر عن أبی جعفر علیه السلام قال:«قضی أمیر المؤمنین علیه السلام فیمن نکّل بمملوکه أنه حرّ،و لا سبیل له علیه سائبة،یذهب فیتولّی إلی من أحبّ،فإذا ضمن جریرته فهو یرثه» (2).

قوله:«أما لو کان زوج.».

قد تقدّم (3)أن الإرث بالولاء مشروط بفقد القریب.و أما الزوجان فیصاحبان جمیع الورّاث بالنسب و السبب،فلهما مع المعتق سهمهما الأعلی، و الباقی للمنعم أو من یقوم مقامه من ورثته أو عصبته،علی ما سیأتی.

قوله:«و إذا اجتمعت.».

لأن السبب فی الإرث هو الإعتاق فیتبع الحصّة،فلا ینظر فیه إلی الذکر و الأنثی کالإرث بالنسب،لأن ذلک خارج بالنصّ و إلا لکان مقتضی الشرکة خلاف ذلک.

ص:200


1- 1) یأتی ذکر مصادره فی ص:208 هامش(5).
2- 2) الکافی 7:172 ح 9،الفقیه 3:85 ح 306،التهذیب 8:223 ح 802،الوسائل 16:26 ب«22» من کتاب العتق ح 2.
3- 3) فی ص:197.

و لو عدم المنعم(1)قال ابن بابویه:یکون الولاء للأولاد الذکور و الإناث.و هو حسن.و مثله فی الخلاف لو کان رجلا.

و قال المفید-رحمه اللّه-:الولاء للأولاد الذکور دون الإناث، رجلا کان المنعم أو امرأة.

و قال الشیخ-رحمه اللّه-فی النهایة:یکون للأولاد الذکور دون الإناث إن کان المعتق رجلا.و لو کان امرأة کان الولاء لعصبتها.و بقوله- رضی اللّه عنه-تشهد الروایات.

قوله:«و لو عدم المنعم.إلخ».

إذا فقد المنعم فللأصحاب فی تعیین وارث الولاء أقوال کثیرة:

أحدها-و هو الذی استحسنه المصنف رحمه اللّه،و ذهب إلیه قبله الصدوق (1)-:أنه یرثه أولاد المنعم،ذکورا کانوا أم إناثا أم متفرّقین،ذکرا کان المنعم أم امرأة،لقوله صلّی اللّه علیه و آله:«الولاء لحمة کلحمة النسب» (2)و الذکور و الإناث یشترکون فی لحمة النسب فیکون کذلک فی الولاء.

و ثانیها:قول الحسن بن أبی (3)عقیل إنه یرثه وارث المال مطلقا.قال:

«و روی عن أمیر المؤمنین علیه السلام و الأئمّة من ولده علیهم السلام أنهم قالوا:تقسّم الدیة علی من أحرز المیراث،و من أحرز المیراث أحرز الولاء» (4).

ص:201


1- 1) الفقیه 4:224 ب«151».
2- 2) تقدّم ذکر مصادره فی ص:197 هامش(1).
3- 3) حکاه عنه العلامة فی المختلف:631-632.
4- 4) الفقیه 4:188 ح 657،علل الشرائع:569 ح 4،التهذیب 9:249 ح 964،الوسائل 17:429 ب «7»من أبواب موجبات الإرث ح 12.

..........

و ثالثها:قول الشیخ فی الخلاف (1)،و هو کقول الصدوق إن کان المعتق رجلا،و إن کان امرأة فلعصبتها دون ولدها،سواء کانوا ذکورا أم إناثا.و استدلّ علیه بإجماع الفرقة و أخبارهم.

و رابعها:قول المفید (2):إن الولاء لأولاد المعتق الذکور دون الإناث،ذکرا کان المعتق أم أنثی،فإن لم یکن هناک أولاد ذکور ورثه عصبة المعتق.

و خامسها:قول الشیخ فی النهایة (3)و الإیجاز (4)،و أتباعه کالقاضی (5)و ابن حمزة (6):إن الولاء للأولاد الذکور خاصّة إن کان رجلا،و إن کان امرأة فلعصبتها، و لو لم یکن للذکر ولد ذکور کان ولاء موالیه لعصبته دون غیرهم.و قوّاه فی المختلف (7).

و الروایات الصحیحة شاهدة به،کصحیحة برید بن معاویة العجلی عن الباقر علیه السلام قال:«سألته عن رجل کان علیه عتق رقبة فمات قبل أن یعتق، فانطلق ابنه فابتاع رجلا من کسبه فأعتقه عن أبیه،و إن المعتق أصاب بعد ذلک مالا ثمَّ مات و ترکه لمن یکون ترکته؟فقال:إن کانت الرقبة التی کانت علی أبیه فی ظهار أو واجبة علیه فإن المعتق سائبة لا سبیل لأحد علیه،و إن کانت الرقبة التی علی أبیه تطوّعا و قد کان أبوه أمره أن یعتق عنه نسمة کان ولاء المعتق میراثا

ص:202


1- 1) الخلاف 4:79 مسألة(84)،و ص:81 مسألة(86).
2- 2) المقنعة:694.
3- 3) النهایة:547-548.
4- 4) الإیجاز(ضمن الرسائل العشر):277-278.
5- 5) المهذّب 2:364.
6- 6) الوسیلة:397-398.
7- 7) المختلف:632.

..........

لجمیع ولد المیّت من الرجال.

قال:و یکون الذی اشتراه و أعتقه بأمر أبیه کواحد من الورثة،إذا لم یکن للمعتق قرابة من المسلمین أحرار یرثونه.

قال:و إن کان ابنه الذی اشتری الرقبة فأعتقها عن أبیه من ماله بعد موت أبیه تطوّعا منه من غیر أن یکون أمره أبوه بذلک،کان ولاؤه و میراثه للذی اشتراه من ماله و أعتقه عن أبیه،إذا لم یکن للمعتق وارث من قرابته» (1).و هذه صریحة فی حکم الرجل.

و یدلّ علی اختصاص عصبته بالولاء دون الإناث أیضا صحیحة محمد بن قیس عن الباقر علیه السلام قال:«قضی فی رجل حرّر رجلا فاشترط ولاءه، فتوفّی الذی أعتق و لیس له ولد إلا النساء،ثمَّ توفّی المولی و له مال و له عصبة، فاختلف فی میراثه بنات مولاه و العصبة،فقضی بمیراثه للعصبة الذین یعقلون عنه إذا أحدث حدثا یکون فیه عقل» (2).و لیس فی هذه تعرّض لإرث الأولاد الذکور.

و یدلّ علی حکم المرأة صحیحة محمد بن قیس أیضا عن الباقر علیه السلام قال:«قضی أمیر المؤمنین علیه السلام علی امرأة أعتقت رجلا و اشترطت ولاءه و لها ابن،فألحق ولاءه بعصبتها الذین یعقلون عنه دون ولدها» (3).

ص:203


1- 1) الکافی 7:171 ح 7،الفقیه 3:81 ح 293،التهذیب 8:254 ح 925،الاستبصار 4:23 ح 76، الوسائل 16:45 ب«40»من کتاب العتق ح 2.
2- 2) التهذیب 8:254 ح 923،الاستبصار 4:24 ح 77،الوسائل 16:44 الباب المتقدّم ح 1.
3- 3) التهذیب 8:253 ح 921،الاستبصار 4:25 ح 80،الوسائل 16:44 ب«39»من کتاب العتق ح 1.

..........

و صحیحة یعقوب بن شعیب عن الصادق علیه السلام قال:«سألته عن امرأة أعتقت مملوکا ثمَّ ماتت،قال:یرجع الولاء إلی بنی أبیها» (1).

و صحیحة أبی ولاّد قال:«سألت أبا عبد اللّه علیه السلام عن رجل أعتق جاریة صغیرة لم تدرک،و کانت أمه قبل أن تموت سألته أن یعتق عنها رقبة من مالها،فأعتقها بعد ما ماتت أمه،لمن یکون ولاء المعتق؟قال:یکون ولاؤها لأقرباء أمه من قبل أبیها،قال:و لا یکون للذی أعتقها عن أمه شیء من ولائها» (2).

فهذه هی الروایات التی أشار المصنف-رحمه اللّه-إلی کونها شاهدة علی مذهب الشیخ فی النهایة،و علیه ینبغی أن یکون العمل،لصحّتها و کثرتها.و لا ینافیها ما ورد عنه صلّی اللّه علیه و آله من أن«الولاء لحمة کلحمة النسب» (3)،لأنه عقّبه بقوله:«لا تباع و لا توهب»و هو قرینة کون مشابهته للنسب من هذا الوجه لا مطلقا،مع قطع النظر عن تعیّن حمله علی ذلک مراعاة للجمع،و قصوره عنها من حیث السند،أو یخصّ بإرث الأولاد الذکور و من یعقل من القرابة جمعا.

و اختلف کلام الشیخ فی الاستبصار (4)،ففی کتاب العتق اختار مذهبه فی النهایة،محتجّا بالأخبار المذکورة.و فی کتاب المیراث (5)اختار مذهبه فی الخلاف،من إرث الذکور و الإناث من الأولاد إذا کان المعتق رجلا.

ص:204


1- 1) التهذیب 8:254 ح 922،الاستبصار 4:25 ح 81،الوسائل 16:44 الباب المتقدّم ح 2.
2- 2) التهذیب 8:254 ح 924،الاستبصار 4:25 ح 82،الوسائل 16:44 الباب المتقدّم ح 3.
3- 3) تقدّم ذکر مصادره فی ص:197 هامش(1).
4- 4) الاستبصار 4:23 و 25.
5- 5) الاستبصار 4:173.

و یرث الولاء الأبوان(1)و الأولاد.و مع الانفراد لا یشرکهما أحد من الأقارب.

و یقوم أولاد الأولاد مقام آبائهم عند عدمهم.و یأخذ کلّ منهم نصیب من یتقرّب به،کالمیراث فی غیر الولاء.و مع عدم الأبوین و الولد یرثه الإخوة.

و احتجّ لدخول الإناث بروایة عبد الرحمن بن الحجّاج عمّن حدّثه عن أبی عبد اللّه علیه السلام قال:«مات مولی لحمزة بن عبد المطلب فدفع رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله میراثه إلی بنت حمزة» (1)و حمل تلک الأخبار السابقة علی التقیّة.

و هو عجیب،لأن الخبر الذی جعله معارضا لها حتی أوجب حملها علی التقیّة ضعیف السند مرسل.أما ضعفه فلأن فی طریقه الحسن بن محمد بن سماعة،و حاله فی الوقف مشهور.و أما الإرسال فقد أشرنا إلیه.

و بقی من الأخبار الدالّة علی التعمیم خبر اللحمة،و هو مع ضعف سنده بالسکونی لا نقول به مطلقا،کما لا یخفی.فلا یتحقّق المعارض لتلک الأخبار الصحیحة الکثیرة.و لا یتوجّه حینئذ حملها علی التقیّة و اطّراح مضمونها.

قوله:«و یرث الولاء الأبوان.إلخ».

هذا جار علی جمیع الأقوال المذکورة فی الکتاب،لاشتراکها فی ثبوت الولاء للأولاد فی الجملة،إما الذکور،أو هم مع الإناث و لو علی بعض الوجوه.

و المراد:أنّا حیث حکمنا بإرث الأولاد للولاء فلو کان هناک أبوان أو أحدهما شارکهم،لمساواتهم لهم فی الطبقة.و نبّه بذلک علی خلاف ابن الجنید (2)حیث حکم باختصاصه بالولد.

ص:205


1- 1) الکافی 7:170 ح 6،التهذیب 9:331 ح 1191،الاستبصار 4:172 ح 652،الوسائل 17: 540 ب«1»من أبواب میراث ولاء العتق ح 10.
2- 2) حکاه عنه العلامة فی المختلف:633.

و هل ترث الأخوات؟(1)علی تردّد أظهره نعم.لأن الولاء[لحمة]کلحمة النسب.

و یفهم من قوله:«و یرث الولاء.إلخ».کونه موروثا،و هو أحد القولین فی المسألة.و قیل (1):إنما یورث به و لا یورث.و هو الأظهر.

و تظهر الفائدة فیما لو مات المنعم قبل المعتق،و خلّف وارثا غیر الوارث بعد موت المعتق،کما لو مات المنعم عن ابن و ابن ابن،ثمَّ مات الابن قبل موت المعتق و ترک ابنا،فإن ولدی الولدین یتساویان فی إرثه علی الثانی،و یختصّ بولد من کان حیّا عند موت أبیه علی الأول،لأن مقتضی کونه موروثا انتقاله بموت المورّث کما ینتقل غیره من الأموال و الحقوق.و المراد بکونه موروثا به الإرث بسببه عند الحکم بإرثه،کما ینبّه علیه خبر اللحمة،فإن لحمة النسب إنما یعتبر عند موت المورّث،و لا ینتقل قبله.

قوله:«و هل ترث الأخوات.».

هذا الخلاف متفرّع علی الخلاف فی إرث الأولاد،فإن نفیناه رأسا و جعلناه مختصّا بالعصبة الذین یعقلون لم ترث الأخوات،لأنهنّ لا یعقلن.و إن أثبتناه للأولاد فی الجملة احتمل إرث الأخوات أیضا،لأن الولاء لحمة کلحمة النسب،و الأخوات یرثن بالنسب،و عدمه،لحدیث (2)العصبة الدالّ علی [ثبوت] (3)منعهنّ،و[ثبوت] (4)دخول الأولاد بنصّ (5)آخر.و الأظهر أن الأخوات لا یرثن منه مطلقا.

ص:206


1- 1) انظر المختلف:633.
2- 2) تقدّم ذکر مصادره فی ص:203 هامش(2).
3- 3) من الحجریّتین.
4- 4) من«د،و»و الحجریّتین.
5- 5) لاحظ الوسائل 17:538 ب«1»من أبواب میراث ولاء العتق.

و یشرک الإخوة الأجداد(1)و الجدّات،و مع عدمهم الأعمام و العمّات و بنوهم،و یترتّبون الأقرب فالأقرب.

و لا یرث الولاء(2)من یتقرّب بالأم،من الإخوة و الأخوات، و الأخوال و الخالات،و الأجداد و الجدّات.

و مع عدم قرابة(3)المنعم یرثه مولی المولی،فإن عدم فقرابة مولی المولی لأبیه دون أمّه.

قوله:«و یشترک الإخوة و الأجداد (1).».

اشتراک الإخوة و الأجداد واضح،لتساویهم فی الدرجة.و أما مشارکة الجدّات فیبنی علی أن النساء هل یرثن منه مطلقا،أم قد یرثن منه فی الجملة؟ و الأظهر عدم إرثهنّ.

و خالف ابن (2)الجنید فی التسویة بین الأخ و الجدّ،و جعل الجدّ أولی.و هو شاذّ.بل الأخ أدخل فی الحکم،لأنه من العاقلة اتّفاقا،بخلاف الجدّ،فإن فیه الخلاف.

قوله:«و لا یرث الولاء.».

بناء علی اختصاص الإرث بالعصبة إما مطلقا أو بعد فقد الأولاد،لأن من تقرّب بالأم لا یعقل مطلقا،کما لا تعقل الإناث و إن تقرّبن بالأب.و من اعتبر اللحمة و عمّم المیراث حکم بإرث الجمیع.

قوله:«و مع عدم قرابة.إلخ».

الضابط:أنه یرث الولاء معتق المورّث و لو بواسطة أو وسائط،لکن یقدّم

ص:207


1- 1) کذا فی متن نسخ المسالک،و فی الشرائع الخطّیة المعتمدة کما تراه أعلی الصفحة.
2- 2) حکاه عنه العلامة فی المختلف:633.

و المنعم لا یرثه(1)المعتق و لو لم یخلّف وارثا،و یکون میراثه للإمام دون المحرّر.

المباشر،ثمَّ أقاربه علی التفصیل السابق (1)،ثمَّ معتق المعتق،ثمَّ أقاربه علی تفصیل أقارب المعتق.و قوله:«دون أمه»مبنیّ علی ما سلف (2).و مع عدم ذلک کلّه فلمعتق معتق المعتق،ثمَّ لأقاربه،و هکذا.فإن فقد الجمیع انتقل الإرث إلی معتق أب المعتق،ثمَّ معتق هذا المعتق،و هکذا کالأول.

قوله:«و المنعم لا یرثه.إلخ».

هذا هو المشهور بین الأصحاب،بل ادّعی علیه الشیخ (3)الإجماع.و یدلّ علیه أیضا أن الإرث یحتاج إلی سبب شرعیّ یستند إلیه،و لم یثبت ذلک هنا شرعا.و قوله صلّی اللّه علیه و آله:«الولاء لمن أعتق» (4)و فی خبر آخر:«إنما الولاء لمن أعتق» (5)و الحصر أظهر دلالة.و لأصالة عدم التوارث.

و خالف فی ذلک ابن بابویه (6)و ابن الجنید (7)،فحکما بإرث المعتق المنعم إذا لم یخلّف وارثا غیره.و لعلّ استنادهما إلی خبر (8)اللحمة.و هو ضعیف.

نعم لو دار الولاء توارثا،کما لو اشتری العتیق أبا المنعم فأعتقه و انجرّ ولاؤه من مولی المنعم إلی العتیق.

ص:208


1- 1) انظر ص:201.
2- 2) فی الصفحة السابقة.
3- 3) الخلاف 4:84 مسألة(91).
4- 4) تقدّم ذکر مصادره فی ص:197 هامش(2).
5- 5) موطّإ مالک 2:780 ح 17،صحیح البخاری 3:96،صحیح مسلم 2:1141 ح 5،سنن أبی داود 4:21 ح 3929،سنن البیهقی 10:338.
6- 6) الفقیه 4:224 ب«151».
7- 7) حکاه عنه العلامة فی المختلف:633.
8- 8) تقدم ذکر مصادره فی ص:197 هامش(1).

و لا یصحّ بیع الولاء،(1)و لا هبته،و لا اشتراطه فی بیع.

مسائل ثمان

مسائل ثمان:

الأولی:میراث ولد المعتقة لمن أعتقهم

الأولی:میراث ولد المعتقة(2)لمن أعتقهم،و لو أعتقوا حملا مع أمهم، و لا ینجرّ ولاؤهم.

و لو حملت بهم بعد العتق،کان ولاؤهم لمولی أمهم إذا کان أبوهم رقّا.و لو کان حرّا فی الأصل لم یکن لمولی أمهم ولاء.و إن کان أبوهم معتقا فولاؤهم لمولی الأب.و کذا لو أعتق أبوهم بعد ولادتهم،انجرّ ولاؤهم من مولی أمهم إلی مولی الأب.

قوله:«و لا یصحّ بیع الولاء.إلخ».

لأنه لیس مالا (1)یقبل النقل،و خبر اللحمة صریح فیه،لأن النسب لا یقبل ذلک،و قد جعل لازمه کونه لا یباع و لا یوهب.و لمّا کان حکمه مختصّا بالمعتق کان اشتراطه لغیره اشتراطا غیر سائغ،فکان باطلا.و فی صحیحة العیص بن القاسم عن أبی عبد اللّه علیه السلام:«أن عائشة قالت للنبیّ صلّی اللّه علیه و آله:

إن أهل بریرة اشترطوا ولاءها،فقال صلّی اللّه علیه و آله:الولاء لمن أعتق» (2)، و أبطل شرطهم.

قوله:«میراث ولد المعتقة.إلخ».

أراد بقوله:«إن میراث ولد المعتقة لمن أعتقهم»أن المعتق مباشرة مقدّم فی حقّ الولاء علی معتق الأبوین،لأن نعمة من أعتقه علیه أعظم من نعمة من أعتق بعض أصوله،فیختصّ بالولاء.

ص:209


1- 1) فی«خ»:ممّا یقبل.
2- 2) الکافی 6:198 ح 4،التهذیب 8:250 ح 907،الوسائل 16:40 ب«37»من کتاب العتق ح 1.

..........

و لا فرق فی ذلک بین أن یعتقوا منفصلین أو حملا مع أمهم.و لا ینجرّ ولاؤهم من معتقهم علی تقدیر فقده و فقد عصبته إلی معتق أمهم،لأن ولاء المباشرة لا ینجرّ مطلقا،و إنما ینجرّ ولاء غیرها من الضعیف إلی القویّ.

نعم،لو فرض حملها بهم بعد العتق،و کان أبوهم رقّا،فولاؤهم لمعتق أمهم،لعدم إمکانه من جهة الأب،إذ لا ولاء علیه،و لمعتق الأم نعمة علیهم،فإنهم عتقوا بعتق الأم.فإن مات و الأب رقیق بعد ورث معتق الأم منه بالولاء.

و إن أعتق الأب فی حیاته انجرّ[1]الولاء من معتق الأم إلی معتق الأب،لأن ثبوت الولاء لمولی الأم کان لضرورة أنه لا ولاء علی الأب،فإذا وجد قدّم،کما یقدّم علیه لو کان معتقا قبل عتق الأم أو معه،لأن الولاء تلو النسب،و النسب إلی الآباء دون الأمهات.و لأن الولاء و الإرث مبنیّان علی الأقوی فالأقوی،و لذلک ینفرد به الذکور من أولاد المعتق علی ما مرّ (1)تفصیله،و جانب الأب أولی من جانب الأم.

و کذا لو کان الأب حرّ الأصل و الأم معتقة،لأن الانتساب إلی الأب و الأب حرّ مستقلّ لا ولاء علیه،فلیکن الولد مثله.و أیضا فإن ابتداء حرّیة الأب یبطل دوام الولاء لمولی الأم،فاستدامة الحرّیة أولی أن تمنع ثبوت الولاء له (2)،لأن الاستدامة أقوی من الابتداء،فإذا أبطل الضعیف القویّ فعکسه أولی.و کذا لو کان الأب معتقا لا ولاء علیه،فإنه لا ولاء علی أولاده تبعا له.

ص:210


1- 2) فی ص:201.
2- 3) کذا فی نسخة بدل«و»،و فی سائر النسخ:لهم.
الثانیة:لو تزوّج مملوک بمعتقة فأولدها،فولاء الولد لمولاها

الثانیة:لو تزوّج مملوک(1)بمعتقة فأولدها،فولاء الولد لمولاها.فلو مات الأب و أعتق الجدّ،قال الشیخ:ینجرّ الولاء إلی معتق الجدّ،لأنه قائم مقام الأب.و کذا لو کان الأب باقیا.و لو أعتق الأب بعد ذلک انجرّ الولاء من مولی الجدّ إلی مولی الأب،لأنه أقرب.

و لو انعکس بأن کانت الأم حرّة أصلیّة و الأب معتق (1)،ففی ثبوت الولاء علیه لمعتق الأب من حیث إن الانتساب إلی الأب و هو معتق،أو عدم الولاء علیه کما لو کان الأب حرّا بناء علی أنه یتبع أشرف الطرفین،وجهان أظهرهما عند الأصحاب[1]-بل ظاهرهم الاتّفاق علیه-هو الثانی.و علی هذا فشرط الولاء أن لا یکون فی أحد الطرفین حرّ أصلیّ.

قوله:«لو تزوّج مملوک.إلخ».

لا کلام فی أن ولاء الولد لمولی الأم،لکون الوالد مملوکا،و لا فی انجراره إلی مولی الأب علی تقدیر عتقه بعد ذلک کما مرّ (2).و إنما الکلام فیما لو أعتق الجدّ قبل عتق الأب،سواء کان الأب حیّا أم میّتا،فإن فی انجرار الولاء من مولی الأم إلی مولی الجدّ وجهین (3)،کالوجهین فیما لو أسلم الجدّ و الأب حیّ هل یحکم بإسلام الولد أم لا؟فقال الشیخ (4)-رحمه اللّه-إنه ینجرّ،لأن الجدّ أب.

و المصنف-رحمه اللّه-اقتصر علی نسبة الحکم إلی الشیخ مؤذنا بالتردّد فیه،من حیث منع کونه أبا حقیقة.

ص:211


1- 1) فی الحجریّتین:معتقا.
2- 3) فی ص:209.
3- 4) فیما لدینا من النسخ الخطّیة:وجهان،و الصحیح ما أثبتناه.
4- 5) الخلاف 4:85 مسألة(93).
الثالثة:لو أنکر المعتق ولد زوجته المعتقة فلاعنته

الثالثة:لو أنکر المعتق(1)ولد زوجته المعتقة فلاعنته،فإن مات الولد و لا مناسب له کان ولاؤه لمولی أمه.و لو اعترف به الأب بعد ذلک لم یرثه الأب و لا المنعم علی الأب،لأن النسب و إن عاد فإن الأب لا یرثه و لا من یتقرّب به.

و الأظهر الانجرار،لتحقّق الانتساب إلی الجدّ کما ینسب (1)إلی الأب، و کونه أحد الطرفین و أشرفهما کما قیل فی الأب.و علی هذا فلو أعتق الأب بعد ذلک انجرّ الولاء من مولی الجدّ إلی مولی الأب،لأن الجدّ إنما جرّه لکون الأب رقیقا،و هذا هو المسمّی بجرّ الجرّ.

و لو لم نقل بالانجرار إلی الجدّ فمات الأب رقیقا،ففی انجراره حینئذ إلی مولی الجدّ بالعتق السابق وجهان:

أحدهما:نعم،لأنه إنما لم ینجرّ لبقاء الأب رقیقا،فإذا مات زال المانع.

و الثانی:لا،لأنه لمّا امتنع الجرّ عند العتق استقرّ الولاء لمولی الأم،فلا جرّ بعد ذلک،کما أنه لو أسلم الجدّ و الأب حیّ کافر،و قلنا لا یتبعه الطفل فی الإسلام،فإذا مات الأب کافرا لا یتبعه أیضا.و کذا لو سبی الطفل مع أبویه لم یحکم بإسلامه،فإذا ماتا کافرین لا یحکم بإسلامه أیضا،لدوام السبی.

قوله:«لو أنکر المعتق.إلخ».

إنما کان ولاؤه لمولی أمه لانتفائه عن مولی أبیه بسبب انتفاء نسبه عنه بلعانه،فانحصر الولاء فی مولی الأم.و لا فرق بین کون عتق الأم متقدّما علی عتق الأب و متأخّرا،لاشتراکهما فی المقتضی.و لأنه إن کان متقدّما فقد انجرّ إلی مولی الأب ظاهرا،ثمَّ انتفی باللعان،و تبیّن فساد الانجرار،و إن کان متأخّرا کان

ص:212


1- 1) فی«و،خ»:ینتسب.

..........

ثبوته لمولی الأب ابتداء مبنیّا علی الظاهر،و لم ینتقل حینئذ إلی مولی الأم،فإذا انتفی النسب عن الأب انحصر فی معتق الأم.

و فی الحکم علی التقدیرین إشکال لم یشر إلیه المصنف رحمه اللّه.و ذلک لأن الحکم بکون الولاء لمولی الأم مشروط بکون الأب رقیقا حال عتق الأم،فلو کان معتقا أو حرّ الأصل لم یکن لمولی الأم علیه ولاء،و هذا الشرط مفقود هنا، لأن أباه غیر معلوم،و الأصل فیه الحرّیة،فکیف یثبت الولاء لمولی الأم مع الشکّ فی الشرط المقتضی للشکّ فی المشروط؟ و بنی بعضهم (1)الإشکال علی أن المعتبر فی استحقاق ولاء مولی الأم أن یکون الأب رقیقا،أو انتفاء الجزم بأن له أبا معتقا.فإن قلنا بالأول فلا ولاء لأحد علیه،لأن له أبا قطعا،لأنّا لا نحکم بأن ولد الملاعنة ولد زنا،و لا حکمه حکمه إجماعا،و الأصل عدم رقّیته.و إن قلنا بالثانی کان الولاء لمولی الأم،لأنّا لا نعلم بأن له أبا معتقا.

و فیه نظر،لأن الأمر الثانی لا یمکن اعتباره،لأن الأب لو کان حرّا فی الأصل حصل الشرط علی الثانی،لأن الأب إذا کان حرّا لم یعلم أن له أبا معتقا قطعا،لکون العلم مطابقا للمعلوم،و مع ذلک لا ولاء لمولی الأم.فتعیّن اعتبار الشرط الأول،أو تبدیل الثانی بقوله:إن المعتبر انتفاء الجزم بأن له أبا حرّا و لو بالعتق.و مع ذلک فلمانع أن یمنع ذلک و یقول:إن الولاء حکم شرعیّ یتوقّف علی ثبوت سببه،و لا یعلم ثبوت سببه لمولی الأم إلا مع رقّیة الأب،إذ لو کان حرّا فی الأصل أو معتقا لم یکن له ولاء،و الشک فی الشرط یقتضی الشک فی المشروط.

ص:213


1- 1) انظر إیضاح الفوائد 3:533.
الرابعة:ینجرّ الولاء من مولی الأم إلی مولی الأب

الرابعة:ینجرّ الولاء(1)من مولی الأم إلی مولی الأب،فإن لم یکن فلعصبة المولی،فإن لم یکن عصبة فلمولی عصبة مولی الأب.و لا یرجع إلی مولی الأم.فإن فقد الموالی و عصباتهم و کان هناک ضامن جریرة [کان له]،و إلا کان الولاء للإمام.

و حیث ینتفی عن مولی أبیه-سواء حکمنا به لمولی أمه أم لا-لا یعود إلی مولی الأب لو اعترف به بعد ذلک،لما تقدّم من أن اعتراف الأب بالولد لا یوجب عود النسب بالنسبة إلی الأب،بل عود المیراث للولد خاصّة،و ثبوت ولاء مولی الأب موقوف علی ثبوت نسب الولد،و هو منتف[هنا]. (1)

قوله:«ینجرّ الولاء.إلخ».

المراد أن الولاء متی انجرّ من محلّه إلی محلّ آخر لا یعود إلی الأول مطلقا،لأن عوده یحتاج إلی دلیل،و هو منتف.و حینئذ فیصیر المنتقل عنه کالمعدوم،فیکون المیراث للمنتقل إلیه،فإن لم یکن فلعصبته علی ما مرّ،ثمَّ لمولی عصبة المولی علی ما مرّ تفصیله[1]،فإن فقد الجمیع فلضامن الجریرة،فإن فقد فللإمام،لأنه حینئذ بمنزلة من لا وارث له،و لأن الولاء من جملة المورّثات کالأموال،فیرثه کسائر أمواله.

و لا إشکال فیه من حیث أصل الإرث،لأن الإمام وارث من لا وارث له.

و إنما یقع الإشکال فی أن إرث الإمام له هل هو لذلک،أم لکونه وارثا لنفس الولاء،بناء علی کونه یورث؟فیرثه بالولاء لا بالإمامة العامّة.و وجه الاشکال:

ص:214


1- 1) من«و».
الخامسة:امرأة أعتقت مملوکا،فأعتق المعتق آخر

الخامسة:امرأة أعتقت(1)مملوکا،فأعتق المعتق آخر،فإن مات الأول و لا مناسب له فمیراثه لمولاته،و إن مات الثانی و لا مناسب له فمیراثه لمعتقه،فإن لم یکن الأول و لا مناسبوه کان ولاء الثانی لمولاة مولاه.

ممّا ذکرناه،و من أن ولاء الإمامة قسیم لولاء العتق،فلا یجعل قسما منه.

و تظهر الفائدة فیما لو خلّف المولّی علیه زوجا أو زوجة،و قلنا بالردّ علیهما لو لم یکن للمیّت وارث سوی الامام بالولاء العامّ و هو ولاء الإمامة،فإنه هنا یردّ علیهما علی الثانی دون الأول،لأن الوارث غیر الامام موجود،و هو الامام بولاء العتق المقدّم علی ولاء الإمامة العامّ.

و فی القواعد (1)توقّف فی الأمرین.و الأقوی أن الولاء لا یورث و إنما یورث به،و إرث الإمام له بالإمامة العامّة،فیجیء فیه الخلاف السابق فی الردّ علی الزوجین معه.

و اعلم أنه حیث نحکم بانجرار الولاء من مولی الأم إلی مولی الأب فلیس معنی الانجرار أنّا نتبیّن أن الولاء لم یزل فی جانب الأب،بل ینقطع عن مولی الأم من حین عتق الأب ثمَّ لا یعود حینئذ.إلی آخر ما ذکر.

و تظهر الفائدة فیما لو مات الولد قبل أن یعتق أبوه فأخذ مولی أمه میراثه، فلیس لمولی الأب بعد الإعتاق انتزاعه منه،لسبق استحقاق مولی الأم له،فلا یزول بالإعتاق الطارئ.و علی هذا فالاعتبار بحالة الموت.

قوله:«امرأة أعتقت.إلخ».

هذا الحکم واضح بعد ما تقرّر من المقدّمات من أن المباشر للعتق مقدّم، ثمَّ عصبته،ثمَّ معتق المعتق.فالمباشر فی الموضعین مقدّم،و إذا لم یوجد الثانی

ص:215


1- 1) قواعد الأحکام 2:108.

و لو اشترت أباها(1)فانعتق،ثمَّ أعتق أبوها آخر،و مات أبوها،ثمَّ مات المعتق و لا وارث له سواها،کان میراث المعتق لها،النصف بالتسمیة و الباقی بالردّ لا بالتعصیب،إن قلنا یرث الولاء ولد المعتق و إن کنّ إناثا، و إلا کان المیراث لها بالولاء.

و لا عصبته انتقل الحقّ إلی المعتقة الأولی،لأنها معتقة المعتق.و إنما ذکرها کذلک و فرضها أنثی،مع عدم الفرق فی الحکم المذکور بین کونها ذکرا و أنثی،لیرتّب علیه ما سیأتی من الحکم،فإنه مختصّ بالمرأة.

قوله:«و لو اشترت أباها.إلخ».

الحکم فی هذه المسألة مبنیّ علی مقدّمتین:

إحداهما:أن الولاء یرثه عن (1)المنعم من الأولاد إن کانوا (2)إناثا.و قد تقدّم (3)میل المصنف-رحمه اللّه-إلیه.

و الثانیة:أن شراء القریب الذی ینعتق علی المتملّک هل یثبت به ولاء أم لا؟و هذه لم یتعرّض المصنف لها فیما سبق.و قد اختلف فیها،فذهب الشیخ (4)-رحمه اللّه-و جماعة (5)إلی ثبوته به،و هو الذی یقتضیه حکم المصنف هنا، لاختیاره السبب فکان کاختیار المسبّب،و لروایة سماعة عن الصادق علیه السلام فی رجل یملک ذا رحمه هل یصلح له أن یبیعه أو یستعبده؟قال:«لا یصلح له أن یبیعه،و لا یتّخذه عبدا،و هو مولاه و أخوه فی الدین،و أیّهما مات ورثه صاحبه،

ص:216


1- 1) فی«ل،ر،خ»:غیر.
2- 2) کذا فی«خ»،و فی سائر النسخ:کنّ.
3- 3) فی ص:201.
4- 4) المبسوط 6:71.
5- 5) الوسیلة:343.

..........

إلا أن یکون له وارث أقرب إلیه منه» (1).و السند ضعیف،و الدلالة منتفیة،لأن الحکم بالتوارث بینهما أعمّ من کونه بسبب العتق،فجاز أن یکون بسبب القرابة، بل هو أقرب.

و ذهب ابن إدریس (2)و أکثر المتأخّرین إلی العدم،لقوله صلّی اللّه علیه و آله:«إنما الولاء لمن أعتق» (3)و هذا لم یعتق،و إنما أعتقه اللّه تعالی.و یمنع کون فاعل السبب فاعل المسبّب مطلقا.

إذا تقرّر ذلک فنقول:إذا اشترت المرأة أباها فانعتق علیها،ثمَّ أعتق الأب عبدا،و مات عتیقه بعد موته،فإن قلنا إن الإناث من الأولاد یرثن المنعم إذا کان ذکرا کان میراثه للمرأة،من حیث إنها وارث المنعم،النصف بالتسمیة و الآخر بالردّ لا بالتعصیب،لأنه عندنا باطل،و عند بعض[1]العامّة أنها ترثه أیضا،لکن نصفه بالتسمیة و النصف الآخر بالتعصیب،لأنها أقرب،و هی عصبة لأبیها بولائها علیه.

و إن قلنا إن المرأة لا ترث الولاء،فإن کان للأب عصبة من النسب،من أخ أو عمّ أو ابن عمّ قریب أو بعید،فمیراث العتیق له،و لا شیء للبنت،لأنها معتقة

ص:217


1- 1) الفقیه 3:80 ح 287،الوسائل 16:16 ب«13»من کتاب العتق ح 5.
2- 2) السرائر 3:25.
3- 3) تقدّم ذکر مصادره فی ص:208 هامش(5).
السادسة:لو أولد العبد بنتین من معتقة،فاشترتا أباهما،انعتق علیهما

السادسة:لو أولد العبد(1)بنتین من معتقة،فاشترتا أباهما،انعتق علیهما.فلو مات الأب کان میراثه لهما بالتسمیة و الردّ لا بالولاء،لأنه لا یجتمع المیراث بالولاء مع النسب.

و لو ماتتا أو إحداهما و الأب موجود کان المیراث لأبیهما.و لو لم یکن موجودا کان میراث السابقة لأختها بالتسمیة و الردّ.و لا میراث للمولاة،لوجود المناسب.

و لو ماتت الأخری و لا وارث لها هل یرثها مولی أمها؟فیه تردّد، منشؤه هل انجرّ الولاء إلیهما بعتق الأب أم لا؟و لعلّ الأقرب أنه لا ینجرّ هنا،إذ لا یجتمع استحقاق الولاء بالنسب و العتق.

المعتق و هی متأخّرة عن عصبة المعتق کما مرّ (1).

و إن لم یکن للأب عصبة فمیراث العتیق للبنت،لا من حیث إنها بنت المعتق،بل لأنها معتق المعتق،و هو قریب یرث عند فقد المعتق و عصباته.

هذا إذا قلنا إن مشتری القریب الذی یعتق بالشراء یثبت له الولاء،و إلا فلا شیء لها أیضا،و کان میراثه للإمام إن لم یکن هناک وارث آخر،من ضامن جریرة أو منعم علی بعض أصوله أو عصبته له.

قوله:«لو أولد العبد.إلخ».

إذا أولد العبد بنتین من معتقة فولاؤهما لمولی أمهما،لوجود الشرط المعتبر فی ثبوت الولاء لمولی الأم،و هو رقّیة الأب.فإذا اشترت البنتان أباهما بعد ذلک و انعتق علیهما،ففی ثبوت الولاء لهما علیه وجهان مبنیّان علی أن شراء

ص:218


1- 1) فی ص:207-208.

..........

القریب هل یوجب الولاء أم لا؟و قد تقدّم (1)الکلام فیه.فإن لم نقل به فانتفاء الولاء لهما علی الأب ظاهر.و إن قلنا به ففی ثبوت الولاء لهما هنا أیضا وجهان، من أن عتق الأب یوجب انجرار الولاء من معتق الأم إلی معتقه کما قد علم،و هو هنا متحقّق،و من أنهما یستحقّان میراث الأب بالنسب عندنا،فلا وجه لثبوت الولاء لهما.

و ربما بنی الخلاف علی تفسیر معنی الانجرار،فإن فسّرناه بانتقال الولاء إلی من انجرّ إلیه لم یصحّ هنا،إذ لا یجتمع الولاء و النسب.و إن فسّرناه بزوال الولاء عن مولی الأم أمکن الحکم به هنا،إذ لا منافاة بین الأمرین.و[تظهر] (2)الفائدة فی زواله عن مولی الأم فلا یعود إلیه.

و قیل:یمکن الحکم بالانجرار إلیهما علی المعنی الأول أیضا،لأن حکم الولاء غیر مختصّ بالمیراث،بل من أحکامه ثبوت العقل علی المولی،فإذا حکمنا بانتقال الولاء إلیهما و لم یظهر أثره فی المیراث-من حیث إجماع أصحابنا علی أنه لا یجتمع الإرث بالنسب و الولاء-بقی من أحکامه ثبوت العقل،فإن المرأة لا تعقل بالنسب و لا بانتقال الولاء إلیها من غیرها،بل تعقل [به] (3)بمباشرة العتق.فلمّا لم تعقلا الأب بالنسب فهل تعقلانه بمباشرة العتق؟ قال الشیخ[1]:نعم.و منعه المصنف-رحمه اللّه-و ابن إدریس[2]و جماعة.

ص:219


1- 1) فی ص:216.
2- 2) من الحجریّتین.
3- 3) من الحجریّتین.
السابعة:لو اشتری أحد الولدین مع أبیه مملوکا فأعتقاه،فمات الأب ثمَّ مات المعتق

السابعة:لو اشتری أحد(1)الولدین مع أبیه مملوکا فأعتقاه،فمات الأب ثمَّ مات المعتق،کان لمن اشتراه مع أبیه ثلاثة أرباع ترکته،و لأخیه الربع.

إذا تقرّر ذلک فنقول:إذا مات الأب بعد عتقهما له فمیراثه لهما بالنسب، الثلثان بالتسمیة و الثلث بالردّ عند أصحابنا لا بالولاء،لأنه لا یجامع النسب عند القائل بالردّ،و عند بعض (1)العامّة لهما الثلثان بالنسب و الثلث بالولاء من حیث إنهما معتقان،و إن لم نقل بإرثهما الولاء بدون المباشرة.

و لو ماتتا أو إحداهما،فإن کان الأب موجودا فمیراثهما له بالأبوّة.و هذا لا إشکال فیه.و إن لم یکن موجودا کان میراث التی تقدّم موتها لأختها عندنا،نصفه بالتسمیة و النصف الآخر بالردّ،و عند العامّة (2)لها النصف بالتسمیة و نصف الباقی و هو الربع،لأنها معتقة أبیها بشرکتها،و الباقی لمولی الأم إن لم نقل بجرّ الولاء، و إلا فللإمام حیث لا غیره.

فإن ماتت الأخری و لا وارث لها،فإن قلنا بعدم انجرار الولاء إلیها ورثها مولی أمها.و إن قلنا بانتقاله لم یعد،و کان میراثها للإمام إن لم یکن هناک من هو أولی منه من ضامن جریرة أو غیره.

قوله:«لو اشتری أحد.إلخ».

لأنه استحقّ نصف ولائه بالإعتاق،و ورث نصف الآخر مع أخیه.و هذا الحکم واضح علی المذهبین علی تقدیر کون الولد ذکرا،أما لو کان أنثی و خلّفها الأب مع أخت أخری،فهنا یفترق الحال بیننا و بینهم علی نحو ما سلف،فإن

ص:220


1- 1) الحاوی الکبیر 18:98-99،المغنی لابن قدامة 7:261،روضة الطالبین 8:437-438.
2- 2) انظر الهامش(5)فی الصفحة السابقة.
الثامنة:إذا أولد العبد من معتقة ابنا فولاء الابن لمعتق أمه

الثامنة:إذا أولد العبد(1)من معتقة ابنا فولاء الابن لمعتق أمه.فلو اشتری الابن عبدا فأعتقه کان ولاؤه له.فلو اشتری معتقه أب المنعم فأعتقه انجرّ الولاء من مولی الأم إلی مولی الأب،و کان کلّ واحد منهما مولی الآخر.

فإن مات الأب فمیراثه لابنه.فإن مات الابن و لا مناسب له فولاؤه لمعتق أبیه.و إن مات المعتق و لا مناسب له فولاؤه للابن الذی باشر عتقه.و لو ماتا و لم یکن لهما مناسب،قال الشیخ:یرجع الولاء إلی مولی الأم.و فیه تردّد.

للبنت المعتقة عندنا ثلاثة أرباع أیضا و للأخت الربع بالتسمیة و الردّ،و عندهم[1] لهما ثلثا النصف خاصّة بالتسمیة و لا شیء لهما فی الباقی،لأنهما لا ترثان ولاء أبیهما لکونهما ابنتین،فکان فرض المسألة علی هذا التقدیر أنفع.

قوله:«إذا أولد العبد.إلخ».

إذا اشتری ابن المعتقة-و قد صار ولاؤه لمولی أمه-عبدا فأعتقه کان ولاؤه لمعتقه و هو ولد المعتقة،لأنه مباشر للعتق،فکان مقدّما علی مولی أمه.

و هذا لا إشکال فیه.فإذا فرض أن هذا المعتق اشتری أبا معتقه و أعتقه تبرّعا کان ولاء هذا الأب لمعتقه،و انجرّ ولاء ولد الأب إلی هذا المعتق،لأن معتق الأب مقدّم علی معتق الأم،و صار کلّ واحد من الولد و معتق أبیه مولی الآخر.أما مولویّة الولد فلمباشرته لعتق هذا العتیق.و أما مولویّة العتیق فلکونه أعتق أبا مولاه.فمن مات منهما و لا وارث له أولی من الآخر فمیراثه لصاحبه بالولاء.

و هذا کلّه واضح.

ص:221

..........

و لو فرض موتهما معا و لا وارث لهما مناسب،قال الشیخ فی المبسوط (1):

یعود المیراث إلی مولی الأم،لأن الولاء لحمة کلحمة النسب،و النسب لا یزول بوجود من هو أولی و إن منع من المیراث،فإذا عدم الأول عاد حقّ البعید،لتحقّق السبب المقتضی للمیراث عند فقد الأول (2).

و المصنف-رحمه اللّه-تردّد فی ذلک،من حیث إن معنی الانجرار انقطاع الولاء عمّن انجرّ عنه و هو مولی الأم من حین عتق الأب،فلا وجه لعوده إلیه.

و حدیث اللحمة (3)-مع ما فی سنده کما أشرنا (4)إلیه-لا یدلّ علی مساواة النسب من کلّ وجه.

و الفرق بینه و بین النسب هنا واضح،لأن المنتقل عن مولی الأم هو نفس الولاء فعوده یحتاج إلی دلیل،بخلاف المنتقل من البعید فی النسب إلی القریب، فإنه حقّ الإرث لا نفس النسب،و إنما النسب باق و إن لم یرث،فإذا زال العارض (5)-و هو القریب الأول-عمل النسب المستقرّ مقتضاه،و الولاء لمولی الأم،و لا یقال:إنه بقی و زال أثره خاصّة کما لا یخفی.فالقول بعدم عوده أقوی، فیکون المیراث للإمام إن لم یکن هناک أقرب.

ص:222


1- 1) المبسوط 4:107.
2- 2) فی«خ،ل»:الأولی.
3- 3) تقدّم ذکر مصادره فی ص:197 هامش(1).
4- 4) فی ص:204.
5- 5) فی«ل،ر،خ»:المعارض.
القسم الثانی:ولاء تضمّن الجریرة

القسم الثانی:ولاء تضمّن الجریرة.(1) قوله:«ولاء تضمّن الجریرة.إلخ».

هذا العقد کان فی الجاهلیّة یتوارثون به دون الأقارب،فأقرّهم اللّه تعالی فی صدر الإسلام علیه،و أنزل فیه قوله تعالی وَ الَّذِینَ عَقَدَتْ أَیْمانُکُمْ فَآتُوهُمْ نَصِیبَهُمْ (1).ثمَّ نسخ بالإسلام و الهجرة،فإذا کان للمسلم ولد لم یهاجر ورثه المهاجرون دون ولده،و إلیه الإشارة بقوله تعالی وَ الَّذِینَ آمَنُوا وَ لَمْ یُهاجِرُوا ما لَکُمْ مِنْ وَلایَتِهِمْ مِنْ شَیْءٍ (2).ثمَّ نسخ بالتوارث بالرحم و القرابة،و أنزل اللّه تعالی فیه آیات (3)الفرائض و قوله تعالی وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلی بِبَعْضٍ (4).

و بقی الإرث بضمان الجریرة منسوخا عند الشافعی (5)مطلقا.و عندنا أنه باق لکن علی بعض الوجوه لا مطلقا،فمن شرطه أن لا یکون للمضمون وارث مناسب و لا معتق،بأن یکون سائبة أو فاقدا للقریب.

و قد وردت بصحّته روایات کثیرة،منها:صحیحة عمر بن یزید عن أبی عبد اللّه علیه السلام فی حدیث طویل،و فیه:«یذهب یتوالی من أحبّ،فإذا ضمن جریرته و عقله کان مولاه و ورثه» (6).

و صحیحة هشام بن سالم عنه علیه السلام قال:«إذا والی الرجل الرجل

ص:223


1- 1) النساء:33.
2- 2) الأنفال:72.
3- 3) النساء:11-12 و 176.
4- 4) الأنفال:75.
5- 5) الحاوی الکبیر 18:82-83.
6- 6) الکافی 7:170 ح 1،الفقیه 3:74 ح 261،التهذیب 8:224 ح 807،الوسائل 17:545 ب«1» من أبواب ولاء ضمان الجریرة ح 1.

و من توالی إلی أحد،یضمن حدثه،و یکون ولاؤه له،صحّ ذلک، و یثبت به المیراث.لکن لا یتعدّی الضامن.(1) فله میراثه،و علیه معقلته» (1).

و صحیحة أبی بصیر عنه علیه السلام أنه سئل عن المملوک یعتق سائبة، فقال:«یتولّی من شاء،و علی من یتولّی جریرته،و له میراثه» (2).

إذا تقرّر ذلک،فهذا العقد یفتقر إلی إیجاب و قبول کغیره من العقود،بأن یقول المضمون:عاقدتک علی أن تنصرنی و تدفع عنّی و تعقل عنّی و ترثنی، فیقول:قبلت،و ما أشبه ذلک.و لو کان المتعاقدان لیس لهما وارث و أرادا التوارث من الجانبین قال أحدهما فی العقد:علی أن تنصرنی و أنصرک،و تعقل عنّی و أعقل عنک،و ترثنی و أرثک،و نحو ذلک.

و هل هو من العقود اللازمة أم الجائزة؟قال الشیخ فی الخلاف (3)بالثانی، و جعل لکلّ[واحد] (4)منهما فسخه و نقل الولاء إلی غیره إلا أن یعقل عنه،و تبعه ابن حمزة (5)،لأصالة عدم اللزوم.و ذهب ابن إدریس (6)و الأکثر إلی لزومه،لعموم قوله تعالی أَوْفُوا بِالْعُقُودِ (7)،و:«المسلمون عند شروطهم» (8).و هذا أقوی.

قوله:«لکن لا یتعدّی الضامن».

بمعنی أنه لا یتعدّی إلی غیره من أقاربه و ورثته،فإن فقد الوارث إنما یعتبر

ص:224


1- 1) الکافی 7:171 ح 3،التهذیب 9:396 ح 1413،الوسائل 17:546 الباب المتقدّم ح 2.
2- 2) الکافی 7:171 ح 4،الفقیه 3:80 ح 290،التهذیب 8:255 ح 927.
3- 3) الخلاف 4:120 مسألة(137).
4- 4) من الحجریّتین.
5- 5) الوسیلة:398.
6- 6) السرائر 3:265.
7- 7) المائدة:1.
8- 8) الفقیه 3:75 ح 263،الوسائل 16:86 ب«4»من کتاب المکاتبة ح 7.

و لا یضمن إلا سائبة(1)لا ولاء علیه،کالمعتق فی الکفّارات و النذور، أو من لا وارث له أصلا.

و لا یرث هذا(2)إلا مع فقد کلّ مناسب،و مع فقد المعتق.و هو أولی من الامام.و یرث معه الزوج و الزوجة نصیبهما الأعلی.

فی طرف المضمون.فلو کان للضامن أولاد-مثلا-و مات فی حیاة المضمون الذی لا وارث له بطل الضمان،و لم ینتقل الإرث إلی أولاد الضامن،قصرا للحکم علی موضع الشرط،و وقوفا فیما خالف الأصل علی موضع الیقین.

قوله:«و لا یضمن إلا سائبة.إلخ».

لأن هذا الإرث متأخّر عن الإرث بالنسب و العتق،فیکون ضمانه مشروطا بذلک.و قد تقدّم (1)فی النصوص ما یدلّ علیه.

قوله:«و لا یرث هذا إلا.إلخ».

الفرق بین هذا الحکم و السابق-مع اشتراکهما فی اشتراط فقد المناسب و المعتق-:أن ذلک شرط صحّة العقد،و هذا شرط للإرث.و المعنی:أنه مع صحّة العقد و اجتماع شرائطه،بأن لا یکون للمضمون وارث مناسب و لا معتق عند العقد،لا یثبت الإرث للضامن إلا مع فقد الوارث المذکور عند موت المضمون أیضا.فلو فرض تجدّد وارث للمضمون،بأن تزوّج بعد العقد و ولد له أولاد،کان إرثه لهم دون الضامن،و إن کان سببه صحیحا سابقا.

و هل یبطل العقد بتجدّد الوارث،أو یقع مراعی بفقده عند الموت؟وجهان، من الحکم بصحّته فیستصحب،و لا ینافیه تقدّم غیره علیه،و من أن شرط صحّته

ص:225


1- 1) فی ص:223.
القسم الثالث:ولاء الإمامة

[القسم الثالث:ولاء الإمامة] فإذا عدم الضامن(1)کان الامام وارث من لا وارث له.و هو القسم الثالث من الولاء.

فإن کان موجودا فالمال له یصنع به ما شاء.و کان علیّ علیه السلام یعطیه فقراء بلده و ضعفاء جیرانه تبرّعا.

و إن کان غائبا قسّم فی الفقراء و المساکین.و لا یدفع إلی غیر سلطان الحقّ،إلا مع الخوف أو التغلّب.

عدم الوارث و قد وجد،فیمنعه استدامة (1)کما یمنع صحّته ابتداء.

و تظهر الفائدة فیما لو مات الولد و نحوهم قبل موت المضمون.و یتصوّر تجدّد المعتق (2)بعد (3)العقد،بأن یکون إسلامه طارئا ثمَّ یکفر بعد العتق و یلتحق بدار الحرب و یسترقّ فیعتقه مولاه،فإنه یقدّم بولاء العتق علی الضامن المتقدّم.

قوله:«فإذا عدم الضامن.إلخ».

إذا عدم الوارث حتی ضامن الجریرة فعندنا أن الوارث هو الامام علیه السلام.و هو مصرّح به فی روایات،منها صحیحة برید بن معاویة العجلی عن أبی جعفر علیه السلام فی حدیث طویل تقدّم (4)أکثره،و فیه:«فإن لم یکن توالی إلی أحد من المسلمین حتی مات فإن میراثه لإمام المسلمین».و صحیحة ابن رئاب عنه علیه السلام قال:«.السائبة التی لا ولاء لأحد علیها إلا اللّه تعالی،فما کان

ص:226


1- 1) فی«ص،ط،و،م»:استدامة.
2- 2) فی«م»:العتق.
3- 3) فی«ل،ر،خ»:علی.
4- 4) فی ص:202-203.

..........

ولاؤه للّه فهو لرسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله،و ما کان ولاؤه لرسول اللّه فإن ولاؤه للإمام،و جنایته علی الامام،و میراثه له» (1).

و عند العامّة (2)أن میراثه لبیت المال.و هو فی روایة أبی بصیر (3)و سلیمان (4)بن خالد عن أبی عبد اللّه علیه السلام.و هو ظاهر خیرة الشیخ فی الاستبصار (5).و المذهب هو الأول.

ثمَّ إن کان حاضرا دفع إلیه یصنع به ما شاء.و فی روایة مرسلة عن الصادق علیه السلام قال:«مات رجل علی عهد أمیر المؤمنین علیه السلام و لم یکن له وارث،فدفع أمیر المؤمنین علیه السلام میراثه إلی همشاریجه» (6).و هی-مع ضعف (7)سندها و إرسالها-لا تدلّ علی أن ذلک علی وجه اللزوم،بل جاز أن یکون ذلک تبرّعا منه علیه السلام.

و أما مع غیبته فقد اختلف فیه کلام الأصحاب،فذهب جماعة (8)منهم إلی

ص:227


1- 1) الکافی 7:171 ح 2،التهذیب 9:395 ح 1410،الاستبصار 4:199 ح 748،الوسائل 17: 549 ب«3»من أبواب ولاء ضمان الجریرة ح 6،و فی التهذیبین:عن الحسن بن محبوب.
2- 2) مختصر المزنی:139،الوجیز 1:263،الکافی للقرطبی 2:976،المغنی لابن قدامة 7:276، کفایة الأخیار 2:13.
3- 3) تقدّم ذکر مصادرها فی ص:224 هامش(2).
4- 4) الکافی 7:172 ح 8،التهذیب 9:395 ح 1409،الاستبصار 4:199 ح 746،الوسائل 17: 546 ب«1»من أبواب ولاء ضمان الجریرة ح 3.
5- 5) الاستبصار 4:200 ذیل ح 749.
6- 6) الکافی 7:169 ح 1،التهذیب 9:387 ح 1383،الوسائل 17:552 ب«4»من أبواب ولاء ضمان الجریرة ح 3.
7- 7) فی«د،و،م»:ضعفها و إرسالها.
8- 8) الخلاف 4:23 مسألة(15).
مسائل ثلاث

مسائل ثلاث:

الأولی:ما یؤخذ من أموال المشرکین فی حال الحرب فهو للمقاتلة بعد الخمس

الأولی:ما یؤخذ من أموال(1)المشرکین فی حال الحرب فهو للمقاتلة بعد الخمس.و ما تأخذه سریّة بغیر إذن الإمام فهو للإمام[علیه السلام].

و ما یترکه المشرکون فزعا و یفارقونه من غیر حرب فهو للإمام أیضا.

و ما یؤخذ صلحا أو جزیة فهو للمجاهدین.و مع عدمهم یقسّم فی الفقراء من المسلمین.

وجوب حفظه له بالوصایة أو الدفن إلی حین ظهوره،کغیره من حقوقه.

و ذهب جماعة (1)-منهم المصنف رحمه اللّه-إلی قسمته فی الفقراء و المساکین،سواء فی ذلک أهل بلده و غیرهم.و هذا هو الأصحّ.و فی صحیحة (2)محمد بن مسلم عن أبی جعفر علیه السلام و الحلبی (3)عن أبی عبد اللّه علیه السلام أنه من الأنفال.و هو دالّ علی جواز صرفه فی الفقراء و المساکین،إن لم یدلّ علی ما هو أعمّ من ذلک.

و علی کلّ حال لا یصحّ دفعه إلی الجائر مع الإمکان،لخروجه عن الاستحقاق علی کلّ تقدیر.و مع عدم الإمکان لا ضمان علی من أخذه منه قهرا.

قوله:«ما یؤخذ من أموال.إلخ».

أما کون الغنیمة المأخوذة حال الحرب للمقاتلة بعد الخمس و ما استثنی

ص:228


1- 1) النهایة:671،المهذّب 2:154،إصباح الشیعة:369-370،اللمعة الدمشقیّة:161،المهذّب البارع 4:410.
2- 2) الکافی 7:169 ح 2،الفقیه 4:242 ح 773،التهذیب 9:387 ح 1381،الوسائل 17:547 ب «3»من أبواب ولاء ضمان الجریرة ح 1.
3- 3) الکافی 7:169 ح 4،التهذیب 9:386 ح 1379،الاستبصار 4:195 ح 732،الوسائل 17: 548 الباب المتقدّم ح 3.

..........

فی محلّه فهو موضع وفاق،و الروایات (1)ناطقة به.

و أما ما تأخذه السریّة و نحوها بغیر إذن الإمام فکونه للإمام هو المشهور بین الأصحاب،حتی لم یذکر المصنف و کثیر فیه خلافا،مع أن مستنده واه جدّا، و هو روایة مرسلة یشتمل أسنادها علی مجاهیل عن أبی عبد اللّه علیه السلام قال:

«إذا غزا قوم بغیر إذن الامام فغنموا کانت الغنیمة کلّها للإمام» (2).و المصنف فی النافع (3)جعل الروایة مقطوعة.و لیس بمصطلح،و إنما هی مرسلة،لأن العبّاس الورّاق رواها عن رجل عن أبی عبد اللّه علیه السلام.

و أما ما ترکه المشرکون من غیر حرب فقد رواه الحلبی (4)عن أبی عبد اللّه علیه السلام و محمد بن (5)مسلم عن أبی جعفر علیه السلام قال:«سمعته یقول:الفیء و الأنفال ما کان من أرض لم یکن فیها هراقة دم،إلی أن قال:فهذا للّه و لرسوله،فما کان للّه فهو لرسوله یضعه حیث یشاء،و هو للإمام بعد الرسول صلّی اللّه علیه و آله».

و أما الجزیة فهی عند الأصحاب للمجاهدین خاصّة مع وجودهم،و مع عدمهم تصرف فی الفقراء و المساکین و باقی مصالح المسلمین.و عند العامّة (6)هی لبیت المال تصرف فی مصالح المسلمین مطلقا.و فی روایة ابن أبی یعفور[1]عن

ص:229


1- 1) لاحظ الوسائل 11:84 ب«41»من أبواب جهاد العدوّ.
2- 2) التهذیب 4:135 ح 378،الوسائل 6:369 ب«1»من أبواب الأنفال ح 16.
3- 3) المختصر النافع:64.
4- 4) التهذیب 4:133 ح 371،الوسائل 6:367 الباب المتقدّم ح 11.
5- 5) التهذیب 4:134 ح 376،الوسائل 6:368 الباب المتقدّم ح 12.
6- 6) انظر اللباب فی شرح الکتاب 4:153،بدایة المجتهد 1:407.
الثانیة:ما یؤخذ غیلة من أهل الحرب

الثانیة:ما یؤخذ غیلة(1)من أهل الحرب،إن کان فی زمان الهدنة أعید علیهم،و إن لم یکن کان لآخذه،و فیه الخمس.

الثالثة:من مات من أهل الحرب و خلّف مالا

الثالثة:من مات من أهل(2)الحرب و خلّف مالا،فماله للإمام إذا لم یکن له وارث.

أبی عبد اللّه علیه السلام:«إنما الجزیة عطاء المهاجرین،و الصدقة لأهلها الذین سمّاهم اللّه تعالی فی کتابه،و لیس لهم من الجزیة شیء».

قوله:«ما یؤخذ غیلة.إلخ».

مال الحربیّ فیء للمسلمین فی الأصل،فمن أخذ منه شیئا من غیر قتال فهو له و علیه الخمس،لأنه غنیمة.و قد یعرض له التحریم بالهدنة و الأمان و لو من بعض المسلمین،علی ما سبق تفصیله فی الجهاد (1)،فمن أخذ منه حینئذ لم یملکه،بل یجب ردّه علیهم،کما تحرم أموال أهل الذمّة بالتزامهم بأحکامها، و تحلّ بدونه.

قوله:«من مات من أهل.إلخ».

لأن الإمام وارث من لا وارث له کما سبق (2)،سواء کان من أهل الحرب أم من غیرهم.

ص:230


1- 1) فی ج 3:28.
2- 2) فی ص:226.

و أما اللواحق

اشارة

و أما اللواحق:فأربعة فصول

الفصلالأول فی میراث ولد الملاعنة و ولد الزنا
اشارة

[الفصل]الأول فی میراث ولد الملاعنة و ولد الزنا

ولد الملاعنة

ولد الملاعنة یرث ولد الملاعنة(1)ولده و أمه،للأم السدس و الباقی للولد،للذکر سهمان و للأنثی سهم.

و لو لم یکن ولد کان المال لأمه،الثلث بالتسمیة و الباقی بالردّ.و فی روایة:ترث الثلث،و الباقی للإمام،لأنه الذی یعقل عنه.و الأول أشهر.

و مع عدم الأم و الولد یرثه الإخوة للأم و أولادهم،و الأجداد لها و إن علوا،و یترتّبون الأقرب فالأقرب.

و مع عدمهم یرثه الأخوال و الخالات و أولادهم علی ترتیب الإرث.

قوله:«یرث ولد الملاعنة.إلخ».

قد تقرّر (1)أن اللعان سبب فی زوال الفراش،و التحریم المؤبّد،و انتفاء الولد عن الملاعن.و من لوازمه أن لا یرثه الولد و لا یرثه،و لا أحد من أقارب الأب،لانتفاء النسب بینهم شرعا،فیبقی میراثه لأمه و من یتقرّب بها من أخواله و أجداده من قبلها و لأولاده،لأن نسبه لم ینتف عن الأم،و لم یلزم من نفی الأب له کونه ولد زنا.

فإذا کان له ولد ذکر و أمه باقیة فلها السدس و الباقی للولد.و لو تعدّد ولده اقتسموا نصیبهم علی حسب ما قرّر (2)فی میراث الأولاد.و لو لم یکن ولد و لا

ص:231


1- 1) راجع ج 10:241.
2- 2) فی ص:118.

..........

زوج فالمیراث لأمّه بالتسمیة و الردّ.هذا هو المشهور،و مقتضی الأصول، و مدلول کثیر من الروایات،کروایة زرارة عن أبی جعفر علیه السلام:«أن میراث ولد الملاعنة لأمه» (1).و روایة محمد بن مسلم عن أبی عبد اللّه علیه السلام و قد سأله:«من یرث ولد الملاعنة؟قال:أمه» (2).و روایة (3)زید الشحّام عنه علیه السلام،و غیرها (4).

و الروایة التی أشار المصنف-رحمه اللّه-إلی أن أمه إنما ترث الثلث و الباقی للإمام علیه السلام رواها زرارة (5)و أبو عبیدة (6)فی الصحیح عن أبی جعفر علیه السلام فی ابن الملاعنة:«ترثه أمه الثلث،و الباقی للإمام علیه السلام، لأن جنایته علی الامام».و عمل بمضمونها الصدوق (7)مع حضور الامام دون غیبته،جمعا بین الأخبار،مع أن هذه أصحّ سندا من تلک،إلا أن العمل بالأولی أشهر.

ص:232


1- 1) الکافی 7:160 ح 2،الفقیه 4:236 ح 750،التهذیب 9:338 ح 1218،الوسائل 17: 559 ب«3»من أبواب میراث ولد الملاعنة ح 1.
2- 2) الکافی 7:160 ح 5،التهذیب 9:339 ح 1221،الوسائل 17:557 ب«1»من أبواب میراث ولد الملاعنة ح 4.
3- 3) الفقیه 4:237 ح 756،التهذیب 9:340 ح 1225،الاستبصار 4:180 ح 678، الوسائل 17:560 ب«4»من أبواب میراث ولد الملاعنة ح 1.
4- 4) لاحظ الوسائل 17:559 ب«3»من أبواب میراث ولد الملاعنة ح 2.
5- 5) الفقیه 4:236 ح 752،التهذیب 9:343 ح 1231،الوسائل 17:560 ب«3»من أبواب میراث ولد الملاعنة ح 4.
6- 6) الکافی 7:162 ح 1،الفقیه 4:236 ح 751،التهذیب 9:342 ح 1230، الاستبصار 4:182 ح 683،الوسائل 17:560 ب«3»من أبواب میراث ولد الملاعنة ح 3.
7- 7) الفقیه 4:236 ب 164 ذیل ح 750.

و فی کلّ هذه المراتب(1)یرث الذکر و الأنثی سواء.فإن عدم قرابة الأم أصلا حتی لا یبقی لها وارث و إن بعد فمیراثه للإمام.

و الزوج و الزوجة یرثان نصیبهما مع کلّ درجة من هذه الدرجات، النصف للزوج،و الربع للزوجة مع عدم الولد،و نصف ذلک معه.

و هل یرث هو(2)قرابة أمه؟قیل:نعم،لأن نسبه من الأم ثابت.

و قیل:لا یرث إلا أن یعترف به الأب.و هو متروک.و لا یرثه أبوه،و لا من یتقرّب به.

قوله:«و فی کلّ هذه المراتب.إلخ».

لأنهم یتقرّبون إلیه بالأم،و میراث من یتقرّب بالأم علی السواء،کما مرّ (1).

قوله:«و هل یرث هو.إلخ».

القول بکونه یرث قرابة أمه کما یرثونه هو الأشهر بین الأصحاب،لثبوت نسبه بالنسبة إلیهم،و من ثمَّ ورثوه هم إجماعا.و به روایات کثیرة رواها أبو بصیر (2)و محمد بن مسلم (3)و أبو الصبّاح الکنانی (4)و زید الشحّام (5)عن أبی عبد اللّه علیه السلام،و فیها أنه یرث أخواله و یرثونه.

و القول بأنه لا یرثهم إلا أن یعترف به الأب للشیخ فی الاستبصار (6)، استنادا إلی حسنة الحلبی عن أبی عبد اللّه علیه السلام فی حدیث طویل من

ص:233


1- 1) فی ص:142.
2- 2) الکافی 7:161 ح 8،التهذیب 9:339 ح 1222،الاستبصار 4:179 ح 675، الوسائل 17:561 ب«4»من أبواب میراث ولد الملاعنة ح 2.
3- 3) الفقیه 4:237 ح 756،التهذیب 9:340 ح 1223-1225،الاستبصار 4:179 ح 676-678،الوسائل 561 ب«4»من أبواب میراث ولد الملاعنة ح 3 و 1.
4- 4) الفقیه 4:237 ح 756،التهذیب 9:340 ح 1223-1225،الاستبصار 4:179 ح 676-678،الوسائل 561 ب«4»من أبواب میراث ولد الملاعنة ح 3 و 1.
5- 5) الفقیه 4:237 ح 756،التهذیب 9:340 ح 1223-1225،الاستبصار 4:179 ح 676-678،الوسائل 561 ب«4»من أبواب میراث ولد الملاعنة ح 3 و 1.
6- 6) الاستبصار 4:181 ذیل ح 682.

فإن اعترف به بعد(1)اللعان ورث هو أباه،و لا یرثه الأب.

و هل یرث أقارب أبیه مع الاعتراف؟قیل:نعم.و الوجه أنه لا یرثهم و لا یرثونه،لانقطاع النسب باللعان،و اختصاص حکم الإقرار بالمقرّ حسب.

جملته-و قد سأله عمّا لو أکذب الملاعن نفسه-:«أما المرأة فلا ترجع إلیه أبدا، و أما الولد فإنّی أردّه إلیه إذا ادّعاه،و لا أدع ولده و لیس له میراث،و یرث الابن الأب،و لا یرث الأب الابن،یکون میراثه لأخواله،فإن لم یدّعه أبوه فإن أخواله یرثونه و لا یرثهم» (1).و مثله روی (2)أبو بصیر عن أبی عبد اللّه علیه السلام.

و یضعّف بأن ثبوت نسبه بالنسبة إلیهم یستلزم ثبوته من الجانب الآخر، فالفصل بینهما بعید.مع أن الروایات الأول أشهر و أکثر،فالعمل بها أرجح.

قوله:«فإن اعترف به بعد.إلخ».

قد عرفت أن اللعان سبب فی انتفاء الولد عن الملاعن،و لازمه انتفاؤه عن أقاربه أیضا.و هذه السببیّة باقیة بالنسبة إلی المتلاعنین و الولد و الأقارب،فإذا عاد الأب و أکذب نفسه فی اللعان لحق به الولد و ورثه،و لا یرث هو الولد،لورود النصوص (3)بذلک،و قد تقدّم (4)بعضها،و لأن إقرار العقلاء ماض علی أنفسهم لا

ص:234


1- 1) الکافی 6:163 ح 6،الفقیه 4:235 ح 749،التهذیب 9:342 ح 1229، الاستبصار 4:181 ح 682،الوسائل 17:563 ب«4»من أبواب میراث ولد الملاعنة ح 7.
2- 2) الکافی 7:161 ح 10،التهذیب 9:341 ح 1227،الاستبصار 4:180 ح 680، الوسائل 17:562 الباب المتقدّم ح 5.
3- 3) الکافی 7:160 ح 3 و 5،التهذیب 9:339 ح 1219 و 1221،الوسائل 17:558 ب «2»من أبواب میراث ولد الملاعنة.
4- 4) فی الصفحة السابقة.
مسائل

مسائل:

الأولی:لا عبرة بنسب الأب هنا

الأولی:لا عبرة بنسب الأب(1)هنا،فلو خلّف أخوین أحدهما لأبیه و أمه و الآخر لأمه،فهما سواء.و کذا لو کانا أختین،أو أخا و أختا، و أحدهما للأب و الأم.و کذا لو خلّف ابن أخیه لأبیه و أمه و ابن أخیه لأمه،أو خلّف أخا و أختا لأبویه مع جدّ أو جدّة،المال بینهم أثلاثا، و سقط اعتبار نسب الأب.

لها،و قد تضمّن إقراره شیئا علی نفسه و شیئا لها،فیصحّ الأول دون الثانی.

و هذا لا خلاف فیه.و إنما الخلاف فی إرث الولد لأقارب أبیه بإقرار الأب و إرثهم له،أم یرثهم و لا یرثونه،أم یستمرّ الأمران علی النفی السابق.فالشیخ (1)و الأکثر-و منهم المصنف-علی الأخیر،عملا بالاستصحاب،و قصرا للإقرار علی المقرّ،و علی تقدیر کونه شهادة فهی لا تسمع من الواحد.

و ذهب أبو الصلاح[2]و العلامة فی بعض[3]کتبه إلی الأول،نظرا إلی أن الإقرار کإقامة البیّنة الموجبة لثبوت النسب.

و فصّل العلامة (2)فی بعض کتبه أیضا فقال:«إنهم إن صدّقوا الأب علی اللعان لم یرثهم و لا یرثونه،و إن کذّبوه ورثهم و ورثوه».و الأشهر ما اختاره المصنف رحمه اللّه.

قوله:«لا عبرة بنسب الأب.إلخ».

فی قوله:«إن أحد الأخوین لأبیه و أمه»تجوّز،إذ لا أب له ظاهرا ینسب

ص:235


1- 1) النهایة:679.
2- 4) قواعد الأحکام 2:181.
الثانیة:إذا ماتت أمه،و لا وارثلهاسواه،فمیراثها له

الثانیة:إذا ماتت أمه،(1)و لا وارث[لها]سواه،فمیراثها له.و لو کان معه أبوان أو أحدهما،فلهما السدسان أو لأحدهما السدس و الباقی له إن کان ذکرا،و إن کان أنثی فالنصف لها و الباقی یردّ بموجب السهام.

الثالثة:لو أنکر الحمل و تلاعنا،فولدت توأمین،توارثا بالأمومة دون الأبوّة

الثالثة:لو أنکر الحمل(2)و تلاعنا،فولدت توأمین،توارثا بالأمومة دون الأبوّة.

إلیه.و وجه التجوّز:النظر إلی کونه أباه ابتداء قبل نفیه باللعان.و وجه التسویة بین الإخوة و الأخوات حینئذ ظاهر،لأنهم إخوة لأم لا غیر،و حکم إخوة الأم الاستواء فی المیراث.و کذا التجوّز فی قوله:«خلّف أخا و أختا لأبویه مع جدّ» فإن المرجع إلی کونه قد خلّف أخا و أختا و جدّا أو جدّة لأم،فیکون المال بین الثلاثة بالسویّة علی مقتضی إرث إخوة الأم مع الأجداد لها.

قوله:«إذا ماتت أمه.إلخ».

هذا الحکم واضح،لبقاء النسب بینه و بین أمه،فیکون الحکم فی موت أمه بالنسبة إلی باقی ورثتها من الأبوین و غیرهما کولد غیر الملاعنة.

قوله:«لو أنکر الحمل.إلخ».

لانتفاء نسبهما معا بالنسبة إلی الأب،کما انتفی نسب[الولد] (1)الواحد.

و مثله ما لو أنکر ولدین متعاقبین و نفاهما باللعان.

و فی الدروس (2)نسب الحکم بتوارث التوأمین بالأمومة إلی فتوی الأصحاب،مؤذنا بتردّده فیه.

ص:236


1- 1) من الحجریّتین.
2- 2) الدروس الشرعیّة 2:350.
الرابعة:لو تبرّأ عند السلطان(1)من جریرة ولده و من میراثه ثمَّ مات الولد

الرابعة:لو تبرّأ عند السلطان(1)من جریرة ولده و من میراثه ثمَّ مات الولد،قال الشیخ-رحمه اللّه-فی النهایة (1):کان میراثه لعصبة أبیه دون أبیه.و هو قول شاذّ.

و وجهه:کونهما لأب واحد فی نفس الأمر و إن کان مجهولا،مع عدم الحکم بکونهما من زنا.و انتفاء الأبوّة ظاهرا لا یقتضی انتفاءها فی نفس الأمر، بخلاف الولدین غیر التوأمین،لجواز تعدّد الأب فی نفس الأمر،لأن المفروض عدم العلم بحاله.

و یشکل بأن اعتبار مجرّد الإمکان فی تعدّد الأب آت فی التوأمین أیضا.

و لا یلزم من نفی التولّد عن الزنا اتّحاد الأب،لجواز تعدّده عن وطء محلّل کالشبهة،و الفرض اشتباه الحال أیضا.فکان العمل بالمشهور أظهر.

قوله:«لو تبرّأ عند السلطان.إلخ».

قد تقدّم (2)فی الوصایا حکم ما لو أوصی بإخراج بعض ولده من الإرث، و هذه مثلها،و فیها زیادة بإخراجه من الاستحقاق حال الحیاة و إسقاط الجریرة.

و مستند هذا الحکم روایة صفوان بن یحیی،عن ابن مسکان،عن یزید بن خلیل قال:«سألت أبا عبد اللّه علیه السلام عن رجل تبرّأ عند السلطان من جریرة ابنه و میراثه ثمَّ مات الابن و ترک مالا،من یرثه؟قال:میراثه لأقرب الناس إلی أبیه» (3).

ص:237


1- 1) النهایة:682.و فیه:لعصبة أمه.
2- 2) فی ج 6:184.
3- 3) التهذیب 9:348 ح 1252،الاستبصار 4:185 ح 696،الوسائل 17:565 ب«7» من أبواب میراث ولد الملاعنة ح 2.
و أما ولد الزنا

و أما ولد الزنا:(1) فلا نسب له،و لا یرثه الزانی،و لا التی ولدته،و لا أحد من أنسابهما.و لا یرثهم هو.و میراثه لولده،و مع عدمهم للإمام.

و روایة ابن مسکان عن أبی بصیر قال:«سألته عن المخلوع یتبرّأ منه أبوه عند السلطان و من میراثه و جریرته لمن میراثه؟فقال:قال علیّ علیه السلام:هو لأقرب الناس إلیه» (1).قال فی الصحاح:«الخلیع هو الذی خلعه أهله،فإن جنی لم یطلبوا بجنایته» (2).

و الروایتان-مع شذوذهما،و مخالفة حکمهما للأصل،بل للکتاب و السنّة- ضعیفتان،لجهالة یزید فی الأولی،و فی طریقها أیضا محمد بن عیسی،و هو ضعیف أو مشترک،و قطع الثانیة،فإنه لم یسند الحکم إلی إمام،مع اشتراک أبی بصیر أیضا کما أشرنا (3)إلیه مرارا.و فی شرح الإرشاد (4)ضعّفها بالإرسال.و لیس بجیّد،لأنها لیست مرسلة بل مقطوعة،فکأنّه أطلق الإرسال علی القطع،و هو غیر مصطلح.

و الأظهر بطلان التبرّی،لأصالة بقاء النسب و الاستحقاق.و هو مذهب الأکثر،و منهم الشیخ فی الحائریّات[1]،و نسب الروایة إلی الشذوذ.

قوله:«و أما ولد الزنا.إلخ».

ولد الزنا لا یرثه الزانی إجماعا.و أما التی ولدته فالمشهور بین الأصحاب

ص:238


1- 1) الفقیه 4:229 ح 731،التهذیب 9:349 ح 1253،الاستبصار 4:185 ح 697، الوسائل 17:566 ب«7»من أبواب میراث ولد الملاعنة ح 3.
2- 2) الصحاح 3:1205.
3- 3) فی ج 8:50.
4- 4) غایة المراد:289.

و یرث الزوج و الزوجة نصیبهما الأدنی مع الولد،و الأعلی مع عدمه.

و فی روایة:ترثه أمه و من یتقرّب بها،مثل ابن الملاعنة.و هی مطّرحة.

أنها لا ترثه أیضا،لانتفاء النسب الشرعی الذی هو سبب التوارث،فلیس بولد شرعا،فلا یدخل فی العموم (1).و لصحیحة عبد اللّه بن سنان عن الصادق علیه السلام قال:«قلت:فإنه مات-یشیر إلی ولد الزنا-و له مال،من یرثه؟قال:

الامام» (2).و قوله صلّی اللّه علیه و آله:«الولد للفراش،و للعاهر الحجر» (3).

و غیرهما من الأخبار (4).

و قال ابن الجنید (5)و أبو الصلاح (6):ترثه أمه،لروایة إسحاق بن عمّار عن الصادق علیه السلام:«أن علیّا علیه السلام کان یقول:ولد الزنا و ابن الملاعنة

ص:239


1- 1) النساء:11-12.
2- 2) الفقیه 4:231 ح 739،التهذیب 9:343 ح 1234،الاستبصار 4:183 ح 686، الوسائل 17:567 ب«8»من أبواب میراث ولد الملاعنة ح 3.
3- 3) الکافی 7:163 ح 1،التهذیب 9:346 ح 1242،الاستبصار 4:185 ح 693، الوسائل 17:566 ب«8»من أبواب میراث ولد الملاعنة ح 1.
4- 4) لاحظ الوسائل 17:566 ب«8»من أبواب میراث ولد الملاعنة.
5- 5) حکاه عنه العلامة فی المختلف:744-745.
6- 6) الکافی فی الفقه:377.
الفصلالثانی فی میراث الخنثی
اشارة

[الفصل]الثانی فی میراث الخنثی(1) من له فرج الرجال و النساء یرث علی الفرج الذی یسبق منه البول.فإن جاء منهما اعتبر الذی ینقطع منه أخیرا،فیورث علیه.فإن تساویا فی السبق و التأخّر،قال فی الخلاف (1):یعمل فیه بالقرعة،محتجّا بالإجماع و الأخبار.

و قال فی النهایة (2)و الإیجاز (3)و المبسوط (4):یعطی نصف میراث ترثه أمه و إخوته لأمه أو عصبتها» (5).و روایة یونس قال:«میراث ولد الزنا لقرابته من قبل أمه علی نحو میراث ابن الملاعنة» (6).

و الروایة الأولی مع ضعف سندها شاذّة.و تأوّلها الشیخ (7)بوهم الراوی، بأن یکون[سمع] (8)الحکم فی ابن الملاعنة فظنّ أن حکم ولد الزنا حکمه.و هو حمل بعید.و الثانیة مقطوعة،و لعلّها من کلام یونس و مذهبه.

قوله:«فی میراث الخنثی.إلخ».

الخنثی من له فرج الذکر و فرج الأنثی،و أحدهما أصلیّ و الآخر زائد.و هو

ص:240


1- 1) الخلاف 4:106 مسألة(116).
2- 2) النهایة:677.
3- 3) الإیجاز(ضمن الرسائل العشر):275.
4- 4) المبسوط 4:114.
5- 5) التهذیب 9:345 ح 1239،الاستبصار 4:184 ح 690،الوسائل 17:569 الباب المتقدّم ح 9.
6- 6) الکافی 7:164 ذیل ح 4،التهذیب 9:344 ح 1238،الاستبصار 4:183 ح 689، الوسائل 17:568 الباب المتقدّم ح 6.
7- 7) التهذیب 9:345 ذیل ح 1239.
8- 8) من«ل،ر،خ».

رجل،و نصف میراث امرأة.و علیه دلّت روایة (1)هشام بن سالم عن أبی عبد اللّه علیه السلام فی قضاء علیّ علیه السلام.

و قال المفید (2)و المرتضی (3)-رحمهما اللّه-:تعدّ أضلاعه،فإن استوی جنباه فهو امرأة،و إن اختلفا فهو ذکر.و هی روایة (4)شریح القاضی حکایة لفعل علیّ علیه السلام.و احتجّا بالإجماع.و الروایة ضعیفة، و الإجماع لم نتحقّقه.

إذا عرف ذلک،فإن انفرد أخذ المال،و إن کانوا أکثر فعلی القرعة یقرع،فإن کانوا ذکورا أو إناثا فالمال سواء،و إن کان بعضهم إناثا فلکلّ ذکر مثل[حظّ]أنثیین.و کذا یعتبر لو قیل بعدّ الأضلاع.

و علی ما اخترناه یکونون سواء فی المال و لو کانوا مائة،لتساویهم فی الاستحقاق.

إما ذکر أو أنثی،و یستحیل اجتماعهما،و لا خارج عنهما،لقوله تعالی یَهَبُ لِمَنْ یَشاءُ إِناثاً وَ یَهَبُ لِمَنْ یَشاءُ الذُّکُورَ (5)،و قوله تعالی:

ص:241


1- 1) التهذیب 9:354 ح 1269.
2- 2) الإعلام(ضمن مصنّفات الشیخ المفید)9:62.
3- 3) الانتصار:306.
4- 4) الفقیه 4:238 ح 762،التهذیب 9:354 ح 1271،الوسائل 17:575 ب«2»من أبواب میراث الخنثی ح 3 و 5.
5- 5) الشوری:49.

..........

خَلَقَ الزَّوْجَیْنِ الذَّکَرَ وَ الْأُنْثی (1)إلی غیر ذلک من الآیات الدالّة علی حصر الحیوان فی الذکر و الأنثی.

فیورّث الخنثی علی الأصلیّ منهما،و یکون حکم الزائد کغیره من الزوائد فی الخلقة کالإصبع.

فإن اشتبه الأصلیّ منهما قیل (2):إنه لا یسمّی خنثی إلا حینئذ.و علیه فإطلاق الخنثی علی المشکل و الواضح بطریق المجاز لا الحقیقة.و من علامات الأصلیّ البول،فإن بال من أحدهما دون الآخر حکم بأنه أصلیّ.و هذا موضع وفاق.

فإن توافقا-بأن بال منهما معا-اعتبر أسبقهما،و هو الذی یخرج منه البول قبل الآخر.و هذا أیضا متّفق علیه بین الأصحاب،و هو مرویّ عندهم (3).

و اختلفوا من هنا،فالأکثر علی اعتبار الانقطاع أیضا،فأیّهما انقطع منه البول أخیرا فهو الأصلیّ.و شذّ قول ابن البرّاج (4)هنا،حیث جعل الأصلیّ ما سبق منه الانقطاع کالابتداء،و نسب إلی الوهم.

و ذهب جماعة-منهم الصدوق[1]و ابن الجنید (5)و المرتضی (6)-إلی عدم

ص:242


1- 1) النجم:45.
2- 2) کذا فی«خ»،و فی سائر النسخ:و قیل.
3- 3) انظر الفقیه 4:237 ح 759،التهذیب 9:354 ح 1269-1271،الوسائل 17:575 ب«2»من أبواب میراث الخنثی ح 2 و 3 و 6.
4- 4) المهذّب:171.
5- 6) حکاه عنه العلامة فی المختلف:745.
6- 7) الانتصار 306.

..........

اعتبار الانقطاع أخیرا.

ثمَّ اختلفوا بعد ذلک،فذهب الشیخ فی الخلاف (1)-بعد أن اعتبر الانقطاع أخیرا-إلی القرعة،و احتجّ علیها بإجماع الفرقة و أخبارهم.و عنی بالأخبار ما ورد (2)عنهم علیهم السلام أنها لکلّ أمر مشتبه،و هذا منه.

و ذهب فی المبسوط (3)و النهایة (4)و الإیجاز (5)-و تبعه أکثر (6)المتأخّرین- إلی أنه یعطی نصف نصیب ذکر و نصف نصیب أنثی،لروایة هشام بن سالم فی الموثّق عن الصادق علیه السلام قال:«قضی علیّ علیه السلام فی الخنثی له ما للرجال و له ما للنساء،قال:یورث من حیث یبول،فإن خرج منهما جمیعا فمن حیث سبق،فإن خرج سواء فمن حیث ینبعث،فإن کانا سواء ورث میراث الرجال و النساء» (7).

و المراد به نصف الأمرین،لامتناع أن یرید مجموعهما،و لتساوی الأمرین، فیعمل بالمتّفق منه،و یقسّم المختلف فیه-و هو المشتبه-نصفین،کما وقع شرعا عند اختلاف الدعویین و تکافئهما،لأنه لیس أحدهما أولی من الآخر،فتعیّن الاقتسام.

ص:243


1- 1) انظر الهامش(1-4)فی ص:241.
2- 2) الفقیه 3:52 ح 174،التهذیب 6:240 ح 593،الوسائل 18:189 ب«13»من أبواب کیفیّة الحکم ح 11.
3- 3) انظر الهامش(1-4)فی ص:241.
4- 4) انظر الهامش(1-4)فی ص:241.
5- 5) انظر الهامش(1-4)فی ص:241.
6- 6) الجامع للشرائع:505،کشف الرموز 2:476،المختلف:746،تحریر الأحکام 2: 174،إیضاح الفوائد 4:249،اللمعة الدمشقیّة:161،التنقیح الرائع 4:212.
7- 7) التهذیب 9:354 ح 1269،الوسائل 17:574 ب«2»من أبواب میراث الخنثی ذیل ح 1.

..........

و ذهب المرتضی (1)و المفید (2)فی کتاب الإعلام و ابن إدریس (3)-مدّعین الإجماع-إلی الرجوع إلی عدّ الأضلاع،فإن اختلف عدد الجانبین فذکر،و إن تساویا عددا فأنثی.

و الأصل فی اعتبار الأضلاع ما رواه علیّ بن عبد اللّه بن معاویة بن میسرة بن شریح،عن أبیه،عن جدّه،عن شریح قال:«تقدّمت إلیه امرأة فقالت:إنّی جئتک مخاصمة.

فقال لها:و أین خصمک؟ فقالت:أنت خصمی.

فأخلا لها المجلس،و قال لها:تکلّمی.

فقالت:إنّی امرأة لی إحلیل و لی فرج.

فقال:قد کان لأمیر المؤمنین علیه السلام فی هذا قضیّة،و ورّث من حیث جاء البول.

فقالت:إنه یجیء منهما جمیعا.

فقال لها:من أین سبق البول؟ قالت:لیس منهما من یسبق،یجیئان فی وقت واحد و ینقطعان فی وقت واحد.

فقال لها:أما إنّک لتخبرین بعجب.

ص:244


1- 1) انظر الهامش(6)فی ص:241.
2- 2) انظر الهامش(7)فی ص:241.
3- 3) السرائر 3:280.

..........

فقالت:أخبرک بما هو أعجب من هذا،تزوّجنی ابن عمّ لی و أخدمنی خادما فوطئتها فأولدتها،و إنما جئتک لما ولد لی لتفرّق بینی و بین زوجی.

فقام من مجلس القضاء فدخل علی علیّ علیه السلام فأخبره بما قالت المرأة،فأمر بها فأدخلت و سألها عمّا قال القاضی،فقالت:هو الذی أخبرک.

قال:فأحضر زوجها ابن عمّها،فقال له أمیر المؤمنین علیه السلام:هذه امرأتک و ابنة عمّک؟ قال:نعم.

قال:قد علمت ما کان؟ قال:نعم،قد أخدمتها خادما فوطئتها فأولدتها.

قال:ثمَّ وطئتها بعد ذلک؟قال:نعم.

قال له أمیر المؤمنین علیه السلام:لأنت أجرأ من خاصی الأسد،علیّ بدینار الخصیّ-و کان معدّلا-و بمرأتین،فأتی بهم فقال لهم:خذوا هذه المرأة- إن کانت امرأة-فأدخلوها بیتا و ألبسوها نقابا و جرّدوها من ثیابها و عدّوا أضلاع جنبیها،ففعلوا ثمَّ خرجوا إلیه فقالوا له:عدد الجنب الأیمن اثنا عشر ضلعا و الجنب الأیسر أحد عشر ضلعا،فقال علیّ علیه السلام:اللّه أکبر!ایتونی بحجّام فأخذ من شعرها و أعطاها رداء و حذاء و ألحقها بالرجال.

فقال الزوج:یا أمیر المؤمنین امرأتی و ابنة عمّی ألحقتها بالرجال،ممّن أخذت هذه القضیّة؟!!

ص:245

..........

قال:إنّی ورثتها من أبی آدم علیه السلام و حوّاء،خلقت من ضلع آدم علیه السلام،و أضلاع الرجال أقلّ من أضلاع النساء بضلع،و عدد أضلاعها أضلاع رجل،و أمر بهم فأخرجوا» (1).

و المرتضی (2)-رحمه اللّه-لم یستند إلی هذه الروایة،لأنه لا یعتمد علی الخبر الصحیح من أخبار الآحاد فکیف بمثل هذا الخبر المجهول حال أکثر رواته؟!و لهذا الوجه لم یعتمده الباقون،و رجعوا إلی الخبر (3)الموثّق علی ما فیه.

و اعترض ابن إدریس (4)علی المشهور من توریثه نصف النصیبین بانحصار أمره فی الذکوریّة و الأنوثیّة،لأنه لیس له طبیعة ثالثة-کما یرشد إلیه الآیات المتقدّمة-حتی یکون الأمر فیه کذلک.

و ردّوه بالروایة (5)الدالّة علی ذلک،و بأن الآیة (6)لا تدلّ علی الحصر،لأنها خرجت مخرج الأغلب.

و فی الجمیع نظر بیّن.و أما دعوی الشیخ (7)و المرتضی (8)الإجماع من الجانبین المتعارضین فلا یخفی فسادها فیهما،و أنها واقعة فی معرکة النزاع، خصوصا دعوی الشیخ و قد خالفها فی أکثر کتبه (9).

ص:246


1- 1) التهذیب 9:354 ح 1271،الوسائل 17:575 ب«2»من أبواب میراث الخنثی ح 3.
2- 2) الانتصار:306-307.
3- 3) تقدّم ذکر مصادره فی ص:243 هامش(11).
4- 4) السرائر 3:280-281.
5- 5) انظر ص:243.
6- 6) الشوری:49،النجم:45.
7- 7) انظر الهامش(1)فی ص:241.
8- 8) انظر الهامش(7)فی ص:241.
9- 9) انظر الهامش(2-4)فی ص:241.

و لو اجتمع(1)مع الخنثی ذکر بیقین،قیل:یکون للذکر أربعة أسهم، و للخنثی ثلاثة.و لو کان معهما أنثی،کان لهما سهمان.

و قیل:بل تقسّم الفریضة مرّتین،و یفرض فی مرّة ذکرا،و فی الأخری أنثی،و یعطی نصف النصیبین.

و طریق ذلک:أن ینظر فی أقلّ عدد یمکن قسم فریضتهما منه، و یضرب مخرج أحد الفرضین فی الآخر.

مثال ذلک:خنثی و ذکر،فتفرضهما ذکرین،فتطلب مالا له نصف، و لنصفه نصف،و هو أربعة.ثمَّ تفرضهما ذکرا و أنثی،فتطلب مالا له ثلث، و لثلثه نصف،و هو ستّة.و هما متّفقان بالنصف،فتضرب نصف أحد المخرجین فی الآخر،فیکون اثنی عشر.فیحصل للخنثی تارة النصف، و هو ستّة،و تارة الثلث،و هو أربعة،فیکون عشرة،و نصفه خمسة،و هو نصیب الخنثی.و یبقی سبعة للذکر.

و کذا لو کان بدل الذکر أنثی،فإنها تصحّ من اثنی عشر أیضا، فیکون للخنثی سبعة،و للأنثی خمسة.

و لو کان مع الخنثی ابن و بنت،فإذا فرضت ذکرین و بنتا کان المال أخماسا،و إذا فرضت ذکرا و بنتین کان أرباعا.فتضرب أربعة فی خمسة یکون عشرین،لکن لا یقوم لحاصل الخنثی نصف صحیح،فتضرب مخرج النصف-و هو اثنان-فی عشرین فتکون أربعین،فتصحّ الفریضة بغیر کسر.

قوله:«و لو اجتمع.».

القول فی بیان مقدار ما ترثه الخنثی

ص:247

..........

متفرّع علی الأقوال السابقة (1).فعلی القول بالقرعة الأمر واضح،لأن الخارج بها أحد الأمرین من الذکوریّة و الأنوثیّة، فیعطی حکمه.و کذلک الأضلاع لا ینفکّ الواقع عن اختلاف الجانبین أو تساویهما.و إنما یحصل الإشکال علی القول بإعطائه نصف النصیبین.و قد نقل المصنف-رحمه اللّه-فیه طریقین:

أحدهما:أن یعطی نصف میراث ذکر و نصف میراث أنثی.فإذا اجتمع مع الخنثی ابن کان له أربعة،و للخنثی ثلاثة.و لو کان معه بنت فلها سهمان،و له ثلاثة.و لو اجتمعا معه فکذلک.

و توضیحه:بأن یجعل لحصّة الابن نصفا،و لحصّة البنت نصفا،فأقلّ عدد یفرض للبنت اثنان،و للابن ضعفهما،و للخنثی نصفهما.فالفریضة فی الأول من سبعة،و فی الثانی خمسة،و فی الثالث تسعة.

و الثانی:أن یفرض الخنثی مرّة ذکرا و أخری أنثی،و تقسّم الفریضة مرّتین، و یعطی نصف النصیبین.

و تحریره:أن یعمل المسألة علی هذا التقدیر مرّة و علی الأخری أخری، ثمَّ تضرب إحداهما فی الأخری إن تباینتا،و فی وفقهما إن اتّفقتا،و یجتزی بإحداهما إن تماثلتا،و بالأکثر إن تناسبتا،ثمَّ یضرب المجتمع فی اثنین،ثمَّ یعطی کلّ وارث نصف ما حصل له فی المسألتین.

فلو کان المخلّف ذکرا و خنثی فمسألتهما علی تقدیر الذکوریّة من اثنین،

ص:248


1- 1) انظر ص:243.

..........

و علی تقدیر الأنوثیّة[من] (1)ثلاثة،و هما متباینان،فتضرب إحداهما فی الأخری،ثمَّ المجتمع فی اثنین،تبلغ اثنی عشر.فللخنثی علی تقدیر ذکوریّته ستّة،و علی تقدیر أنوثیّته أربعة،فله نصفهما خمسة.و للذکر سبعة،لأنها نصف ماله علی تقدیر الذکوریّة و هو ستّة،و علی تقدیر الأنوثیّة و هو ثمانیة.

و لو کان بدل الذکر أنثی فالمسألة بحالها،إلا أن للخنثی سبعة،و للأنثی خمسة.

و لو اجتمعا معه کانت الفریضة من أربعین،لأنّک تفرض ذکرین و أنثی تارة فهی من خمسة،و ذکرا و أنثیین أخری و هی أربعة،و هما متباینان أیضا،فتضرب إحداهما فی الأخری تبلغ عشرین،ثمَّ المجتمع فی اثنین تبلغ أربعین.فللخنثی علی تقدیر الذکوریّة ستّة عشر،و علی تقدیر الأنوثیّة عشرة،فله نصفهما ثلاثة عشر.و للذکر ثمانیة عشر نصف ستّة و ثلاثین علی التقدیرین.و للأنثی تسعة نصف ثمانیة عشر علی التقدیرین.

و هذا الطریق یخالف الأول فی هذه الفروض،لأن الخنثی علی الأول ثلاثة أسباع الترکة،و للذکر أربعة أسباعها.و علی الثانی ینقص نصیبه عن ثلاثة أسباعها بسبع واحد من اثنی عشر.و ذلک لأنه یأخذ علی هذا التقدیر خمسة من اثنی عشر،فإذا جعلتها أسباعا کان السبع منها واحدا و خمسة أسباع،فثلاثة أسباعها خمسة و سبع،و لم یحصل له علی هذا التقدیر إلا خمسة.

و له فی الفرض الثانی علی الأول ثلاثة أخماس الترکة،و للأنثی خمسان.

و علی الثانی ینقص خمس واحد من اثنی عشر.و ذلک لأن خمس الاثنی عشر اثنان و خمسان،فیکون ثلاثة أخماسها سبعة و خمس،و إنما حصل له علی هذا

ص:249


1- 1) من«د،و،خ».

فإن اتّفق معهم زوج(1)أو زوجة،صحّحت مسألة الخناثی و مشارکیهم أولا،دون الزوج أو الزوجة،ثمَّ ضربت مخرج نصیب الزوج أو الزوجة فیما اجتمع.

مثاله:أن یجتمع ابن و بنت و خنثی و زوج،و قد عرفت أن سهام الخنثی و مشارکیه أربعون،فتضرب مخرج سهم الزوج-و هو أربعة-فی أربعین،فیکون مائة و ستّین،یعطی الزوج الربع أربعین،و یبقی مائة و عشرون،فکلّ من حصل له أولا سهم ضربته فی ثلاثة،فما اجتمع فهو نصیبه من مائة و ستّین.

التقدیر سبعة.

و له فی الفرض الثالث ثلث الترکة،و هو ثلاثة من تسعة،و للذکر ثلث و تسع،و للأنثی ثلث إلا تسعا (1).و علی الثانی له ثلاثة عشر من أربعین،و هی تنقص عن ثلثها بثلث واحد.

و الأظهر بینهم هو الطریق الثانی،و هو الذی رجّحه المصنف فی النافع (2)، و اختاره الشیخ فی المبسوط (3).و یظهر منه هنا اختیار الأول،و اختاره الشیخ فی النهایة (4).

قوله:«فإن اتّفق معهم زوج.إلخ».

فلو اجتمع فی الفرض الأول أو الثانی زوج ضربت مخرج نصیبه-و هو

ص:250


1- 1) فیما لدینا من النسخ الخطّیّة:تسع،و الصحیح ما أثبتناه.
2- 2) المختصر النافع:275.
3- 3) المبسوط 4:115.
4- 4) النهایة:677.

و إن کان أبوان(1)أو أحدهما مع خنثی،فللأبوین السدسان تارة،و لهما الخمسان أخری.فتضرب خمسة فی ستّة،فیکون للأبوین أحد عشر، و للخنثی تسعة عشر.

أربعة-فی اثنی عشر تبلغ ثمانیة و أربعین،للزوج منها الربع اثنا عشر،و من کان له شیء منها أخذه مضروبا فی ثلاثة،و هو ما یبقی (1)من مضروب الأربعة عن نصیب الزوج.فللذکر أحد و عشرون،و للخنثی خمسة عشر فی الأول،و أحد (2)و عشرون فی الثانی،و للأنثی خمسة عشر.

و فی الثالث تضرب مخرج نصیب الزوج-و هو أربعة-فی أربعین تبلغ مائة و ستّین،للزوج منها أربعون،و للولدین و الخنثی مائة و عشرون.فمن کان له فی الفریضة الأولی شیء أخذه مضروبا فی ثلاثة،فما اجتمع فهو نصیبه.فللخنثی تسعة و ثلاثون،و للذکر أربعة و خمسون،و للأنثی سبعة و عشرون.

و لو کان زوجة ضربت الاثنی عشر فی الأولین فی ثمانیة تبلغ ستّة و تسعین،للزوجة منها الثمن اثنا عشر،و الباقی بین الولد و الخنثی.و من له منهما شیء من الاثنی عشر أخذه مضروبا فی سبعة.

و فی الثالث تضرب الثمانیة فی أربعین تبلغ ثلاثمائة و عشرین،للزوجة منها أربعون،و لکلّ واحد من الأولاد الثلاثة نصیبه من الأربعین مضروبا فی سبعة.فللخنثی أحد و تسعون مضروب ثلاثة عشر فی سبعة،و للذکر مائة و ستّة و عشرون مضروب ثمانیة عشر فی سبعة،و للبنت ثلاثة و ستّون،و ذلک مجموع الفریضة.

قوله:«و إن کان أبوان.إلخ».

إذا اجتمع أبوان و خنثی،فعلی تقدیر فرضه ذکرا الفریضة من ستّة،للأبوین

ص:251


1- 1) فی«ص،ط،و،م»:نقص.
2- 2) کذا فی«خ»،و فی سائر النسخ:و للخنثی أحد و عشرون.

..........

ثلثها اثنان،و للخنثی الباقی.و علی تقدیر أنوثیّته من خمسة،لهما سهمان بالأصل و الردّ،و له ثلاثة.و الفریضتان متباینتان،فتضرب إحداهما فی الأخری،ثمَّ المجتمع-و هو ثلاثون-فی اثنین علی قاعدة فریضة الخنثی تبلغ ستّین،للأبوین علی تقدیر الذکوریّة عشرون،و علی تقدیر الأنوثیّة أربعة و عشرون،فلهما نصفهما اثنان و عشرون،لکلّ واحد أحد عشر،و الباقی-و هو ثمانیة و ثلاثون- للخنثی،و هو المجتمع من نصف نصیبه علی التقدیرین أیضا.

و إنما اقتصر المصنف-رحمه اللّه-علی جعلها من ثلاثین تخفیفا (1)للحساب،و إلا فنصیب الأبوین-و هو أحد عشر-لا ینقسم علیهما علی الصحّة، فلا بدّ من ضربه فی اثنین کغیرها من الفروض.

هذا ما ذکره المصنف-رحمه اللّه-من طریق المسألة.و لک طریق آخر أوفق بقواعد الفرائض،و ذلک لأن الفریضة علی تقدیر الذکوریّة و الأنوثیّة من ستّة،لأنها مخرج الفروض الواقعة فیها و هی السدسان أو هما مع النصف علی تقدیر أنوثیّة الخنثی،و لیست الخمسة فریضة علی تقدیر الأنوثیّة،و إنما طویت السهام إلیها حیث ردّ السهم السادس الفاضل عن السهام المقدّرة علی الجمیع بنسبة فروضهم،و هذا لا یسمّی فریضة فی الاصطلاح،و إنما أصلها ستّة کهی علی تقدیر الذکوریّة،ثمَّ تنکسر بسبب الردّ فی مخرج الخمس،فترتقی إلی ثلاثین.فهذه هی الفریضة علی تقدیر الأنوثیّة.و علی تقدیر الذکوریّة ستّة،و هی تداخل الفریضة الأخری-و هی الثلاثون-فتکتفی بالأکثر،و تضربه فی اثنین

ص:252


1- 1) فی الحجریّتین:تحقیقا.

و لو کان مع الأبوین(1)خنثیان فصاعدا،کان للأبوین السدسان و الباقی للخنثیین،لأنه لا ردّ هنا.

علی ما قرّرناه من القاعدة تبلغ ستّین،و هو المطلوب الذی بیّنّاه،أو تکتفی بالفریضة الکبری،علی ما اعتبره المصنف من جعل سهم الأبوین واحدا،و هو أحد عشر من ثلاثین.

هذا إذا کان الأبوان معا.أما لو کان أحدهما مع الخنثی-و کان حقّ المصنف أن یذکر فریضته منفردة،لا أن تطوی مع فریضة الأبوین کما فعل- فالفریضة علی تقدیر الذکوریّة ستّة،و علی تقدیر الأنوثیّة أربعة علی ما اعتبره المصنف رحمه اللّه،و بین الفریضتین توافق بالنصف،فتضرب نصف إحداهما فی الأخری،ثمَّ المجتمع فی الاثنین تبلغ أربعة و عشرین،لأحد الأبوین علی تقدیر الذکوریّة أربعة،و علی تقدیر الأنوثیّة ستّة،فله نصفهما خمسة،و للخنثی الباقی و هو تسعة عشر.

و علی ما قرّرناه الفریضتان من ستّة،ثمَّ ترتقی علی تقدیر الأنوثیّة إلی أربعة و عشرین،و لا یحتاج هنا إلی ضربها فی اثنین.و لعلّ هذا هو المرجّح للطریقة الأولی،لانتقاض هذه من هذا الوجه،من حیث إن ضرب فریضة الخناثی فی اثنین لازم.

و هذا کلّه مبنیّ علی الطریق الثانی.و فی القواعد (1)أنه یجری علی الطریقین.و فیه نظر.

قوله:«و لو کان مع الأبوین.إلخ».

لأن أدنی ما یکون الخنثیان أنثیان،فلهما الثلثان و للأبوین الثلث،و علی تقدیر الذکوریّة لهما الباقی کیف کان،فلا یفترق الحال علی التقدیرین.

ص:253


1- 1) قواعد الأحکام 2:183.

و لو کان أحد الأبوین،(1)کان الردّ علیهم أخماسا،و افتقرت إلی عدد یصحّ منه ذلک.

و العمل فی سهم(2)الخناثی من الإخوة و العمومة کما ذکرناه فی الأولاد.

قوله:«و لو کان أحد الأبوین.إلخ».

فریضتهم علی تقدیر الأنوثیّة من خمسة،و علی تقدیر الذکوریّة من ستّة، و هما متباینان فتضرب إحداهما فی الأخری،ثمَّ المجتمع-و هو ثلاثون-فی اثنین.فلأحد الأبوین علی تقدیر الذکوریّة عشرة،و علی تقدیر الأنوثیّة إثنا عشر،فله نصفهما أحد عشر،و للخنثیین علی تقدیر الذکوریّة خمسون،و علی تقدیر الأنوثیّة ثمانیة و أربعون،فلهما نصفهما تسعة و أربعون.و تصحیحها علیهما بضرب اثنین مخرج الکسر فی ستّین باعتبار تعدّد الخناثی.

و علی ما ذکرناه من الطریق ففریضتهم علی التقدیرین من ستّة،و ترتقی علی تقدیر الأنوثیّة إلی ثلاثین،بضرب عدد (1)المنکسر علیهم فی أصل الفریضة، ثمَّ ضرب المجتمع فی اثنین،ثمَّ یکمل الحساب.

قوله:«و العمل فی سهم.إلخ».

فإذا فرضنا أخا لأب خنثی و جدّا له،فعلی تقدیر ذکوریّته المال بینهما نصفان،و علی تقدیر أنوثیّته فالمال أثلاثا،تضرب اثنین فی ثلاثة،ثمَّ المرتفع فی اثنین تبلغ اثنی عشر.فللجدّ سبعة،و للخنثی خمسة.و لو کانت جدّة فبالعکس، علی نحو ما تقرّر (2)فی الابن مع الخنثی أو البنت معه.و کذا لو فرضنا عمّا لأب خنثی مع عمّة.

ص:254


1- 1) کذا فیما لدینا من النسخ الخطّیّة،و لعلّ الصحیح:العدد.
2- 2) راجع ص:247.

أما الإخوة من الأم فلا حاجة فی حسابهم إلی هذه الکلفة،لأن ذکرهم و أنثاهم سواء فی المیراث.و کذا الأخوال.(1) و فی کون الآباء(2)أو الأجداد خناثی بعد،لأن الولادة تکشف عن حال الخنثی،إلا أن یبنی علی ما روی عن شریح (1)فی المرأة التی ولدت و أولدت.

قوله:«أما الإخوة-إلی-و کذا الأخوال».

فلا یفترق الحال بین کون الأخ للأم خنثی و ذکرا و أنثی،لاستواء الجمیع فی السهم.و هو واضح.

قوله:«و فی کون الآباء.إلخ».

وجه البعد ما أشار إلیه من کون الولادة تکشف عن حاله،و ذلک لأن منیّ کلّ واحد من الرجل و المرأة لا یکفی فی تولّد الولد،بل لا بدّ من اجتماعهما و تفاعلهما فیه،فإذا کان فی منیّ الخنثی قوّة تولید من جهة الأبوّة لم یکن فیه قوّة من جهة الأمومة.

و فی هذا التعلیل نظر،لجواز أن یجمع منیّ الخنثی الخاصّتین،کما جمع هو بین الأمرین.

و قوله:«إلا أن یبنی علی ما روی عن شریح فی المرأة.إلخ». فهو إشارة إلی ما ذکرناه سابقا (2)من الروایة،و هی-مع ما فیها من ضعف السند-لیست دالّة علی کون الخنثی ولد،بل إنما دلّت علی أنه أولد.و قوله فیها:«إنما جئتک لما ولد لی»یرید به ولد لی من خادمی الدالّ علی کونه ذکرا،بدلیل تعلیله بعده بقوله:

«لتفرّق بینی و بین زوجی».

ص:255


1- 1) ذکرت الروایة فی ص:244 فلاحظ:
2- 2) ذکرت الروایة فی ص:244 فلاحظ:

و قال الشیخ-رحمه اللّه-:(1)و لو کان الخنثی زوجا أو زوجة،کان له نصف میراث الزوج،و نصف میراث الزوجة.

قوله:«و قال الشیخ رحمه اللّه.إلخ».

هذا القول للشیخ فی المبسوط،فإنه قال فیه:«لا یتقدّر فی الخنثی أن یکون أبا و أما،لأنه متی کان أبا کان ذکرا بیقین،و یتقدّر أن یکون زوجا أو زوجة علی ما روی فی بعض الأخبار،فإن کان زوجا فله نصف میراث الزوج و نصف میراث الزوجة» (1).و عنی بالخبر روایة شریح المتقدّمة (2).

و هذا الکلام حینئذ غیر موجّه أصلا،لأنه إذا کان زوجا یکون زوجته أنثی،فکیف یجعل له شیء من نصیب الزوجة؟!و إن کان ذکرا لم یتّجه أن یکون له شیء من نصیب الزوج.

و قیّده بعضهم (3)بأن یکون خنثی زوج خنثی،فإنه حینئذ یجوز أن یکون المیّت امرأة و الباقی رجلا،و بالعکس،فلذلک یعطی نصف النصیبین.أما علی تقدیر کون زوجها رجلا فإنها إن کانت امرأة فلها نصیب الزوجة،و إن کانت رجلا فلا شیء،لانتفاء سبب الإرث.و کذلک إن کان الخنثی متزوّجا بامرأة.

و علی هذا التقدیر أیضا لا یتوجّه کلام الشیخ،لأن الاشتباه إن کان قبل النکاح لم یقع النکاح صحیحا،و إن کان حال النکاح غیر مشتبه فهو صحیح زوجا کان أم زوجة.

ص:256


1- 1) المبسوط 4:117.
2- 2) فی ص:244.
3- 3) انظر قواعد الأحکام 2:187.
مسائل ثمان

مسائل ثمان:

الأولی:من لیس له فرج الرجال و لا النساء،یورّث بالقرعة

الأولی:من لیس له فرج الرجال(1)و لا النساء،یورّث بالقرعة،بأن یکتب علی سهم:عبد اللّه،و علی آخر:أمة اللّه،و یستخرج بعد الدعاء،فما خرج عمل علیه.

قوله:«من لیس له فرج الرجال.إلخ».

من لیس له الفرجان،إما بأن یفقدا (1)،أو یخرج الفضلة من دبره،أو یفقد الدبر أیضا و یخرج من ثقبة بینهما،أو یکون له هناک لحمة رابیة یخرج منها،أو بأن یتقیّأ ما یأکله،کما نقل وقوع ذلک کلّه،فالمشهور أنه یورّث بالقرعة.

و علیه دلّت أخبار کثیرة،منها صحیحة الفضیل بن یسار قال:«سألت أبا عبد اللّه علیه السلام عن مولود لیس له ما للرجال و لا له ما للنساء،قال:یقرع الإمام أو المقرع،یکتب علی سهم:عبد اللّه،و علی سهم:أمة اللّه،ثمَّ یقول الإمام أو المقرع:اللّهم أنت اللّه لا إله إلا أنت،عالم الغیب و الشهادة،أنت تحکم بین عبادک فیما کانوا فیه یختلفون،بیّن لنا أمر هذا المولود کیف یورّث ما فرضت له فی الکتاب؟ثمَّ یطرح السهمان فی سهام مبهمة،ثمَّ تجال السهام علی ما خرج و ورّث علیه» (2).

و باقی الأخبار (3)خالیة من الدعاء.و یظهر من المصنف اعتباره فی القرعة، و لعلّه لصحّة روایته.و لو حمل علی الاستحباب أمکن،کغیر هذا الفرد من محالّ القرعة.

ص:257


1- 1) کذا فی«و»،و فی سائر النسخ:یفقد.
2- 2) الکافی 7:158 ح 2،الفقیه 4:239 ح 763،التهذیب 6:239 ح 588،الاستبصار 4: 187 ح 701،الوسائل 17:580 ب«4»من أبواب میراث الخنثی ح 2.
3- 3) لاحظ الوسائل 17:579 ب«4»من أبواب میراث الخنثی.
الثانیة:من له رأسان أو بدنان علی حقو واحد

الثانیة:من له رأسان(1)أو بدنان علی حقو واحد،یوقظ أحدهما، فإن انتبها فهما واحد،و إن انتبه أحدهما فهما اثنان.

و فی مرسلة عبد اللّه بن بکیر:«إذا لم یکن له إلا ثقب یخرج منه البول فنحّی ببوله عند خروجه عن مباله فهو ذکر،و إن کان لا ینحّی ببوله بل یبول علی مباله فهو أنثی» (1).

و عمل بها ابن الجنید (2).و یظهر من الشیخ جواز العمل بها،و إن کانت القرعة أحوط،لأنه لمّا ذکرها مع تلک الأخبار قال:«إنه لا تنافی بینها،لأنها محمولة علی ما إذا لم یکن هناک طریق یعلم به أنه ذکر أم أنثی استعمل القرعة، فأما إذا أمکن-علی ما تضمّنته الروایة الأخیرة-فلا یمتنع العمل علیها،و إنما الأوّلة أحوط و أولی» (3).

و الأصحّ اعتبار القرعة،لما ذکرناه من صحّة روایته و کثرتها،و ضعف الأخری بالإرسال و القطع فضلا عن غیرهما.

قوله:«من له رأسان.إلخ».

الحقو-بفتح الحاء و سکون القاف-معقد الإزار عند الخصر.و علی هذا فیکون لهما فرج ذکر أو أنثی،و إنما یحصل الاشتباه فی اتّحادهما و تعدّدهما بالشخص،مع اتّحادهما فی الذکوریّة و الأنوثیّة،فیرثان مع التعدّد إرث ذی الفرج الموجود.و لو لم یکن لهما فرج أو کانا معا حکم لهما بما سبق (4)من حکم الخنثی و ما فی معناه.

ص:258


1- 1) الکافی 7:157 ح 4،التهذیب 9:357 ح 1277،الاستبصار 4:187 ح 207، الوسائل 17:581 ب«4»من أبواب میراث الخنثی ح 5.
2- 2) حکاه عنه العلامة فی المختلف:747.
3- 3) الاستبصار 4:187 ذیل ح 702.
4- 4) فی ص:241.

..........

و القول باعتبار تعدّدهما و وحدتهما بالإیقاظ هو المرویّ من طریق الأصحاب عن علیّ علیه السلام أنه ولد علی عهده مولود له رأسان و صدران فی حقو واحد،فسئل علیه السلام عن أمره فی المیراث فقال:«یترک حتی ینام ثمَّ یصاح به،فإن انتبها معا کان له میراث واحد،و إن انتبه واحد و بقی الآخر نائما یورّث میراث اثنین» (1).

و فی طریق الروایة ضعف أو جهالة،لکن لا رادّ لها.و حکمها ورد فی الإرث،و ینبغی مثله فی الشهادة و الحجب لو کان أخا.أما فی العبادة فاثنان مطلقا،فیجب علیه غسل أعضائه کلّها و مسحها.

و لو لم یتوضّأ أحدهما ففی صحّة صلاة الآخر نظر،من الشکّ فی ارتفاع حدثه،لاحتمال الوحدة،فیستصحب المانع إلی أن یتطهّر الآخر.و یمکن هنا اعتبار الإیقاظ أیضا،فمن لا ینتبه لتنبیه (2)الآخر لا یعتبر طهارته فی صحّة صلاة الآخر،للحکم بتعدّدهما.

و فی النکاح هما واحد من حیث الذکورة و الأنوثة.أما من حیث العقد فالظاهر توقّفه علی رضاهما معا.و کذا یقع الإشکال فی الطلاق.و فی العقود- کالبیع-هما اثنان.

و فی الجنایة[هما] (3)اثنان،فلا یقتصّ من أحدهما بجنایة الآخر.و لو اشترکا فی الجنایة اقتصّ منهما.و هل یحسبان بواحد،أو باثنین حیث تکون

ص:259


1- 1) الکافی 7:159 ح 1،التهذیب 9:358 ح 1278،الفقیه 4:240 ح 764،الوسائل 17: 581 ب«5»من أبواب میراث الخنثی ح 1.
2- 2) فی«خ،ص»:لتنبّه.
3- 3) من الحجریّتین.
الثالثة:الحمل یرث إن ولد حیّا

الثالثة:الحمل یرث(1)إن ولد حیّا،و کذا لو سقط بجنایة أو غیر جنایة فتحرّک حرکة الأحیاء.

و لو خرج نصفه حیّا و الباقی میّتا لم یرث.و کذا لو تحرّک حرکة لا تدلّ علی استقرار الحیاة،کحرکة المذبوح.

و فی روایة ربعی عن أبی جعفر علیه السلام:«إذا تحرّک تحرّکا بیّنا یرث و یورث».و کذا فی روایة أبی بصیر عن أبی عبد اللّه علیه السلام.

و لا یشترط کونه حیّا عند موت الموروث،حتی إنه لو ولد لستّة أشهر من موت الواطئ ورث،أو لتسعة و لم تتزوّج.

الجنایة فی غیر المشترک؟وجهان.و لو کانت جنایتهما فی المشترک-و هو ما تحت الحقو-اکتفی بواحدة.

قوله:«الحمل یرث.إلخ».

إرث الحمل مشروط بخروجه حیّا،سواء کان مستقرّ الحیاة أم لا.و لا یشترط فیه الاستهلال،و هو الصوت.و قد صرّح به فی صحیحة ربعی بن عبد اللّه عن أبی عبد اللّه علیه السلام قال:«سمعته یقول فی المنفوس:إذا تحرّک ورث،إنه ربما کان أخرس» (1).و فی روایة أخری له حسنة:«إذا سقط من بطن أمه فتحرّک تحرّکا بیّنا یرث و یورث،فإنه ربما کان أخرس» (2).و مؤدّی الروایتین متقارب، لأن الحرکة متی تحقّقت کانت بیّنة.و کأنّه احترز بالبیّنة عن التقلّص،فإنه یقع من المیّت طبعا.

ص:260


1- 1) الکافی 7:155 ح 1،الوسائل 17:586 ب«7»من أبواب میراث الخنثی ح 3.
2- 2) الکافی 7:155 ح 2،التهذیب 9:391 ح 1394،الاستبصار 4:198 ح 742، الوسائل 17:587 الباب المتقدّم ح 4.

..........

و مقتضی هذه الروایات و الفتاوی-و به صرّح فی الدروس (1)-أنه لا یشترط استقرار الحیاة،بل وجودها مطلقا.و ظاهر المصنف-رحمه اللّه-اعتبار استقرارها،و أن قوله:«و کذا لو تحرّک حرکة لا تدلّ علی استقرار الحیاة»معطوف علی قوله:«و لو خرج نصفه حیّا لم یرث».و کذا ذکره لروایة ربعی عقیب ذلک تنبیه علی أنها دالّة علی خلاف ما ذکره.

و أما روایة عبد اللّه بن سنان عن أبی عبد اللّه علیه السلام فی میراث المنفوس قال:«لا یرث شیئا حتی یصیح و یسمع صوته»، (2)ففیها ضعف السند بجماعة.و حملها الشیخ (3)و جماعة (4)علی التقیّة.

و لا یشترط حیاته عند موت المورّث،لإطلاق النصوص بإرثه مع ولادته (5)حیّا،الشامل لما لو کان عند الموت نطفة.

نعم،یشترط العلم بوجوده عند الموت لیحکم بانتسابه إلیه.و یعلم ذلک بأن تلده لما دون ستّة أشهر من حین موته.و ینبغی اعتبار المدّة قبل الموت بحیث یمکن تولّده منه.و إطلاق المصنف کون المدّة ستّة أشهر من حین الموت لا یخلو من تجوّز،فإن تحقّق الستّة یقتضی الزیادة علیها،بل المعتبر-کما ذکر غیره (6)- ولادته لدونها و لو بیسیر.

ص:261


1- 1) الدروس الشرعیّة 2:355.
2- 2) الکافی 7:156 ح 5،التهذیب 9:391 ح 1397،الاستبصار 4:198 ح 745، الوسائل 17:586 ب«7»من أبواب میراث الخنثی ح 1.
3- 3) الاستبصار 4:199 ذیل ح 745.
4- 4) الدروس الشرعیّة 2:355.
5- 5) کذا فی هامش«و»بعنوان:ظاهرا،و فی سائر النسخ:ولادتها.
6- 6) الدروس الشرعیّة 2:355.
الرابعة:إذا ترک أبوین أو أحدهما أو زوجا أو زوجة،و ترک حملا

الرابعة:إذا ترک أبوین(1)أو أحدهما أو زوجا أو زوجة،و ترک حملا، أعطی ذوو الفرض نصیبهم الأدنی،و احتبس الباقی،فإن سقط میّتا أکمل لکلّ منهم نصیبه.

و لو ولدته فیما بین الستّة و أکثر الحمل و کانت خالیة من زوج و وطء یمکن إلحاقه به لحق بالمیّت أیضا.سواء تزوّجت أم لا.و فی جعل المصنف الغایة التزوّج تجوّز أیضا لا یخفی،لأن مطلق التزوّج لا یقتضی إلحاق الولد به،کما أنه قد یلحق بدونه بوطء الشبهة و الملک.و قد تقدّم (1)البحث فی هذه المسألة مرّة أخری،و لا وجه لذکرها فی الکتاب مرّتین.

قوله:«إذا ترک أبوین.إلخ».

فیعطی الأبوان السدسین،لجواز کونه ذکرا،و یعطی الزوجان نصیبهما الأدنی،لجواز ولادته حیّا مطلقا.فإن ولد أنثی أکمل للأبوین علی الخمسین،و إن سقط میّتا أکمل للزوجین نصیبهما الأعلی.و من هنا یظهر أن قول المصنف- رحمه اللّه-:«فإن سقط میّتا أکمل لهم نصیبهم»ناقص،فإن إکمال نصیب بعضهم -و هم الأبوان-لا یتوقّف علی سقوطه میّتا.

و الضابط:أنه متی کان هناک حمل و طلب الورثة القسمة،فمن کان محجوبا بالحمل-کالإخوة-لا یعطی شیئا إلی أن یتبیّن الحال.و من کان له فرض لا یتغیّر بوجوده و عدمه،کنصیب الزوجین و الأبوین إذا کان معه ابن آخر،یعطی کمال نصیبه.و من ینقصه وجوده و لو علی بعض الوجوه یعطی أقلّ ما یصیبه علی تقدیر ولادته علی وجه ینقصه،کالأبوین إذا لم یکن هناک ولد غیره.

ص:262


1- 1) فی ج 8:381.
الخامسة:قال الشیخ رحمه اللّه :لو کان للمیّت ابن موجود و حمل

الخامسة:قال الشیخ-رحمه اللّه-:(1)لو کان للمیّت ابن موجود و حمل،أعطی الموجود الثلث،و وقف للحمل ثلثان،لأنه الأغلب فی الکثرة،و ما زاد نادر.و لو کان الموجود أنثی أعطیت الخمس،حتی یتبیّن الحمل.و هو حسن.

السادسة:دیة الجنین یرثها أبواه

السادسة:دیة الجنین(2)یرثها أبواه،و من یدلی بهما جمیعا أو بالأب، بالنسب و السبب.

قوله:«قال الشیخ رحمه اللّه.إلخ».

إنما نسب القول إلی الشیخ لأن الحمل یمکن زیادته علی اثنین،فقد وجد منه ثلاثة و أربعة فی زماننا،و نقل بلوغه العشرة فی غیره.و روی أن امرأة بالأنبار ألقت کیسا فیه اثنا عشر ولدا.لکن لمّا کان الزائد عن الاثنین نادرا لم یلتفتوا إلیه، و اکتفوا بتقدیر الاثنین.

ثمَّ علی هذا التقدیر (1)لا یخلو من احتمالات عشرة:إما أن یولد ذکرا واحدا،أو أنثی،أو خنثی،أو ذکرین،أو أنثیین،أو خنثیین،أو ذکرا و أنثی،أو ذکرا و خنثی،أو أنثی و خنثی،أو یسقط میّتا.و أکثر هذه الاحتمالات نصیبا للحمل فرضه ذکرین،فلذلک حکم الشیخ (2)بإعطاء الولد الموجود إن کان ذکرا الثلث،و إن کان أنثی الخمس.و تبعه علی ذلک معظم الأصحاب (3)،بل لم یذکر غیر المصنف-رحمه اللّه-فی المسألة قولا.

لا خلاف فی أن الدیة مطلقا-سواء کانت لجنین أم غیره-یرثها المتقرّب

ص:263


1- 1) فی«د،و،م»:هذه التقادیر.
2- 2) المبسوط 4:124-125،الخلاف 4:112 مسألة(125)،الإیجاز(ضمن الرسائل العشر):275.
3- 3) الوسیلة لابن حمزة:400،الغنیة:331،إصباح الشیعة:372،کشف الرموز 2:471، تحریر الأحکام 2:174،الدروس الشرعیّة 2:355.
السابعة:إذا تعارف اثنان ورث بعضهم من بعضو لا یکلّفان البیّنة

السابعة:إذا تعارف اثنان(1)ورث بعضهم من بعض.و لا یکلّفان البیّنة.و لو کانا معروفین بغیر ذلک النسب لم یقبل قولهما.

[به] (1)بالأبوین.و المشهور أن المتقرّب بالأب کذلک،عملا بعموم الأدلّة (2)الدالّة علی الإرث،مع عدم المعارض.و للشیخ فی موضع من الخلاف (3)قول بمنع المتقرّب بالأب وحده،کالمتقرّب بالأم.و هو شاذّ.

و أما المتقرّب بالأم فجماعة من الأصحاب-منهم الشیخ فی النهایة (4)، و أتباعه (5)،و ابن إدریس (6)،و المصنف،و أکثر (7)المتأخّرین-منعهم (8)منها، للروایات (9)الکثیرة الواردة بمنع الإخوة من الأم،و ألحقوا الباقین بهم بطریق أولی.و قد تقدّم (10)البحث فی هذه المسألة أیضا.

و المراد بمن تدلّی بالأب بالسبب معتق الأب و ما فی معناه حیث یفقد القریب.

قوله:«إذا تعارف اثنان.إلخ».

وجه التوارث انحصار الحقّ فیهما،و عموم:«إقرار العقلاء علی أنفسهم

ص:264


1- 1) من«ط،ل».
2- 2) الوسائل 17:393 ب«10»من أبواب موانع الإرث.
3- 3) راجع الخلاف 5:178،مسألة(41)،فقد منع من إرث الأخوات من قبل الأب.
4- 4) النهایة:673.
5- 5) المهذّب 2:163،غنیة النزوع:330،إصباح الشیعة:371.
6- 6) السرائر 3:274.
7- 7) الجامع للشرائع:503،قواعد الأحکام 2:163 و 188،إیضاح الفوائد 4:180،اللمعة الدمشقیّة:161،التنقیح الرائع 4:143.
8- 8) کذا فیما لدینا من النسخ الخطّیة،و لعلّ الصحیح:علی منعهم.أو:علی منعه.
9- 9) راجع الوسائل 17:393 ب«10»من أبواب موانع الإرث.
10- 10) فی ص:43.

..........

جائز» (1).و خصوص صحیحة عبد الرحمن بن الحجّاج عن أبی عبد اللّه علیه السلام:«و قد سأله عن المرأة تسبی من أرضها و معها الولد الصغیر فتقول:هو ابنی،و الرجل یسبی فیلقی أخاه فیقول:أخی و یتعارفان،و لیس لهم علی ذلک بیّنة إلا قولهما،فقال:ما یقول من قبلکم؟قلت:لا یورّثونهم،لأنه لم یکن لهم علی ذلک بیّنة،إنما کانت ولادة فی الشرک،فقال:سبحان اللّه إذا جاءت بابنها أو ابنتها معها و لم تزل مقرّة،و إذا عرف أخاه و کان ذلک فی صحّة من عقلهما و لم یزالا مقرّین،ورث بعضهم من بعض» (2).

و فی هذه الروایة دلالة علی قبول دعوی الأم الولد من غیر بیّنة.و قد تقدّم (3)الکلام فیه فی الإقرار بالنسب،و أن جماعة (4)اعتبروا فی قبول دعواها البیّنة،دون الأب،فارقین بإمکان إقامتها البیّنة علی الولادة.و هو فرق عسیر علی تقدیر کونها مسبیّة،کما ذکر فی الروایة.

ص:265


1- 1) الوسائل 16:111 ب«3»من کتاب الإقرار ح 2،مستدرک الوسائل 16:31 ب«2»من کتاب الإقرار ح 1،عوالی اللئالی 3:442 ح 5،و راجع أیضا المختلف:443، التذکرة 2:79،إیضاح الفوائد 2:428،جامع المقاصد 5:233،فهناک بحث فی کون هذه الجملة روایة.
2- 2) الکافی 7:165 ح 1،الفقیه 4:230 ح 733،التهذیب 9:347 ح 1247، الاستبصار 4:186 ح 698،الوسائل 17:570 ب«9»من أبواب میراث ولد الملاعنة ح 1.
3- 3) فی ج 11:126-127.
4- 4) الدروس الشرعیّة 3:150.
الثامنة:المفقود یتربّص بماله

الثامنة:المفقود یتربّص(1)بماله.و فی قدر التربّص أقوال:

قیل:أربع سنین.و هی روایة (1)عثمان بن عیسی،عن سماعة،عن أبی عبد اللّه علیه السلام.و فی الروایة ضعف.

و قیل:تباع داره(2)بعد عشر سنین.و هی اختیار المفید (2)رحمه اللّه.

و هی روایة علیّ بن مهزیار عن أبی جعفر علیه السلام فی بیع قطعة من دار.و الاستدلال بمثل هذه تعسّف.

قوله:«المفقود یتربّص.إلخ».

ضعفها بعثمان بن عیسی و سماعة،فإنهما واقفیّان.و عمل بمضمونها ابن الجنید (3)،مقیّدا لها بکونه فی عسکر شهدت هزیمتهم و قتل أکثرهم.

قوله:«و قیل:تباع داره.إلخ».

وجه التعسّف:أنه لا یلزم من تسویغه علیه السلام بیع القطعة من الدار بعد العشر سنین الحکم بموته حینئذ،فإن الغائب یمکن الحاکم أن یبیع ماله لمصلحته (4)فکیف بالإمام علیه السلام؟مع أن الروایة تضمّنت أن بائع الدار ادّعی کونها ملکه،و لم یحصل له منازع هذه المدّة الطویلة،فجاز کون تسویغ البیع لذلک،و إن بقی الغائب علی حجّته.و أیضا فی طریق الروایة سهل بن زیاد،و هو ضعیف.

ص:266


1- 1) الکافی 7:155 ح 9،التهذیب 9:388 ح 1386،الوسائل 17:585 ب«6»من أبواب میراث الخنثی ح 9.
2- 2) المقنعة:706.
3- 3) حکاه عنه العلامة فی المختلف:749.
4- 4) کذا فی«و»،و فی سائر النسخ:لمصلحة.

و قال الشیخ (1)-رحمه اللّه-:(1)إن دفع إلی الحاضرین و کفلوا به جاز.

و فی روایة إسحاق بن عمّار عن أبی الحسن علیه السلام:«إذا کان الورثة ملأ اقتسموه،فإن جاء ردّوه علیه» (2).

و فی إسحاق قول.و فی طریقها ابن سماعة،و هو ضعیف.

و صورة الروایة عن سهل بن زیاد عن علیّ بن مهزیار قال:«سألت أبا جعفر الثانی علیه السلام عن دار کانت لامرأة،و کان لها ابن و ابنة،فغاب الابن بالبحر،و ماتت المرأة،فادّعت ابنتها أن أمها کانت صیّرت هذه الدار لها و باعت أشقاصا منها،و بقیت فی الدار قطعة إلی جنب دار رجل من أصحابنا،و هو یکره أن یشتریها لغیبة الابن و ما یتخوّف من أن لا یحلّ له شراؤها،و لیس یعرف للابن خبر،فقال لی:و منذ کم غاب؟قلت:منذ سنین کثیرة،فقال:ینتظر به غیبته عشر سنین ثمَّ یشتری،فقلت:إذا انتظر به غیبته عشر سنین یحلّ شراؤها؟قال:

نعم» (3).و أنت إذا تأمّلتها ظهر علیک وجه التعسّف فی دلالتها.

قوله:«و قال الشیخ رحمه اللّه.إلخ».

إسحاق بن عمّار فطحیّ بغیر خلاف،لکنّه ثقة،فالقول الذی أشار إلیه إن کان من جهة مذهبه و أنه مردود به فلا خلاف فیه،و إن کان من حیث إن المخالف للحقّ هل یقبل خبره-إما مع کونه ثقة أو مطلقا-فالکلام آت فی غیره من الرواة المخالفین للحقّ،کسهل و غیره.و الشیخ-رحمه اللّه-کثیرا ما یعتمد

ص:267


1- 1) المبسوط 4:125.
2- 2) الکافی 7:155 ح 8،الفقیه 4:241 ح 768،التهذیب 9:388 ح 1385،الوسائل 17: 584 ب«6»من أبواب میراث الخنثی ح 8.
3- 3) الکافی 7:154 ح 6،الفقیه 3:152 ح 671،التهذیب 9:390 ح 1391،الوسائل 17: 584 ب«6»من أبواب میراث الخنثی ح 7.

و قال فی الخلاف (1):(1)لا یقسّم حتی تمضی مدّة لا یعیش مثله إلیها بمجری العادة.و هذا أولی.

ذلک،و لا یلتفت إلی فساد العقیدة،و إن لم ینصّ علی توثیقه.فالقول علی هذا الوجه مشترک بینه و بین غیره.و لعلّ اختصاصه بذلک و مراعاة جانبه لشهرته بین الأصحاب،و اعتماد کثیر منهم علی روایته لثقته.

و فی طریق الروایة أیضا الحسن بن محمد بن سماعة،و هو واقفیّ ثقة أیضا،فالکلام فیه قریب من الکلام فی إسحاق.

قوله:«و قال فی الخلاف.إلخ».

هذا هو الأقوی،تمسّکا بالأصل،و علیه المعظم.و قد تقدّم (2)البحث فی هذه المسألة أیضا،و لا وجه لتکرار هذه المسائل فی هذا الکتاب مرّتین،کما اتّفق للمصنف و غیره.

ص:268


1- 1) الخلاف 4:119 مسألة(136).
2- 2) فی ص:57.
الفصل الثالث فی میراث الغرقی و المهدوم علیهم

الفصل الثالث فی میراث الغرقی(1)و المهدوم علیهم و هؤلاء یرث بعضهم من بعض،إذا کان لهم أو لأحدهم مال، و کانوا یتوارثون،و اشتبهت الحال فی تقدّم موت بعض علی بعض.

فلو لم یکن لهم مال،أو لم یکن بینهم موارثة،أو کان أحدهما یرث دون صاحبه،کأخوین لأحدهما ولد،سقط هذا الحکم.

و کذا لو کان الموت لا عن سبب،أو علم اقتران موتهما،أو تقدّم أحدهما علی الآخر.

و فی ثبوت هذا الحکم بغیر سبب الهدم و الغرق ممّا یحصل معه الاشتباه تردّد.و کلام الشیخ فی النهایة یؤذن بطرده مع أسباب الاشتباه.

قوله:«فی میراث الغرقی.إلخ».

من شرط التوارث علم تقدّم موت المورّث،بحیث یکون الوارث حیّا بعد موته.فمع اقتران موتهما أو الشکّ لا یثبت الإرث،لأن الشک فی الشرط یوجب الشک فی المشروط.و استثنی من ذلک صورة واحدة بالنصّ و الإجماع،و هی ما لو اتّفق موتهما بالغرق أو الهدم،و اشتبه الحال فی تقدّم موت أحدهما علی الآخر و عدمه،فإنه یرث کلّ منهما من الآخر،بأن یفرض موت أحدهما أولا فیورّث الآخر منه،ثمَّ یفرض موت الآخر أولا فیرث الأول منه بشروط ثلاثة،و هی:

أن یکون لهما أو لأحدهما مال.و هذا شرط واضح،فإنه متی لم یکن لهما مال انتفی الإرث من حیث عدم فرض مال یورث.و لو کان لأحدهما مال دون الآخر انتقل المال إلی من لا مال له،و منه إلی وارثه الحیّ.

ص:269

..........

و أن تکون الموارثة دائرة بینهما.فلو غرق أخوان و لکلّ منهما ولد،أو لأحدهما،فلا توارث بینهما.

و أن یشتبه الحال.فلو علم اقتران الموت فلا توارث.و لو ماتا حتف أنفهما،و اشتبه تقدّم أحدهما علی الآخر و عدمه،فلا توارث بینهما إجماعا.و قد روی القدّاح عن الصادق،عن أبیه علیهما السلام قال:«ماتت أم کلثوم بنت علیّ علیه السلام و ابنها زید بن عمر بن الخطّاب فی ساعة واحدة لا یدری أیّهما مات قبل،فلم یورّث أحدهما من الآخر،و صلّی علیهما جمیعا» (1).

و لو ماتا بسبب آخر غیر الهدم و الغرق کالحرق و القتل،و اشتبه الحال،ففی توارثهما کالغرق قولان:

أحدهما-و به قال المعظم (2)-:العدم،لأن الإرث مشروط بحیاة الوارث بعد موت المورّث لیمکن الحکم له بالملک،فإذا جهل الشرط لم یمکن الحکم بالمشروط،خرج من ذلک الغرق و الهدم بالنصّ (3)و الإجماع،فیبقی الباقی علی الأصل.

و الثانی-و هو ظاهر کلام الشیخ فی النهایة (4)،و ابن الجنید (5)،و أبی

ص:270


1- 1) التهذیب 9:362 ح 1295،الوسائل 17:594 ب«5»من أبواب میراث الغرقی ح 1.
2- 2) المهذّب 2:168،غنیة النزوع:332،السرائر 3:300،إصباح الشیعة:374،کشف الرموز 2:479،تحریر الأحکام 2:175،المختلف:750،إیضاح الفوائد 4:276، الدروس الشرعیّة 2:352-353،المقتصر:372.
3- 3) راجع الوسائل 17:589 ب«1»من أبواب میراث الغرقی و المهدوم علیهم.
4- 4) النهایة:674.
5- 5) حکاه عنه العلامة فی المختلف:750.

..........

الصلاح (1)-:تعمیم الحکم فی کلّ الأسباب،لأن العلّة فی التوارث اشتباه التقدّم و التأخّر فی الموت المستند إلی سبب،و هی موجودة فی غیر الأمرین،و وجود العلّة یستلزم وجود المعلول.

و أجیب بمنع علّیة المذکور،و أیّ دلیل یدلّ علیها؟و المعلوم (2)إنما هو الاشتباه بالأمرین المذکورین،فجاز أن تکون العلّة مختصّة بذلک،لأن مرجعها إلی وضع الشارع.

و إنما جعل المصنف-رحمه اللّه-طرد الحکم فی کلّ سبب ممّا یؤذن به کلام الشیخ فی النهایة دون أن یکون صریحا فیه لأنه قال فیها:«إذا غرق جماعة یتوارثون فی وقت واحد،أو انهدم علیهم حائط،و ما أشبه ذلک،و لم یعلم أیّهم مات قبل صاحبه،ورّث بعضهم من بعض.لأن هذا الحکم جعل فی الموضع الذی یجوز فیه تقدّم موت کلّ واحد منهما علی صاحبه» (3).

هذه عبارته،و هی تؤذن بالتعمیم فی قوله:«و ما أشبه ذلک»،و فی تعلیله بکون الحکم فی الموضع الذی یجوز فیه تقدّم موت کلّ واحد منهما علی صاحبه.مع أنه لیس بصریح فیهما،لجواز أن یرید ب«ما أشبه ذلک»الهدم علیهم بغیر سبب الحائط،بأن ینهدم السقف،فإنه ذکر أولا هدما خاصّا و ألحق به ما أشبهه،و باقی الأسباب لا تشبه الهدم مطلقا و إن أشبهته فی سببیّته الموت.

و التعلیل جار علی ما ذکر سابقا.مع أن التعلیل لو أخذ بإطلاقه لشمل ما لو اشتبه

ص:271


1- 1) الکافی فی الفقه:376.
2- 2) فی«د،ر،م»:و المعلول.
3- 3) النهایة:674 و 677.

إذا ثبت هذا،فمع حصول الشرائط(1)یورّث بعضهم من بعض،و لا یورّث الثانی ممّا ورث منه.و قال المفید (1)-رحمه اللّه-:یرث ممّا یرث منه.و الأول أصحّ،لأنه إنما یفرض الممکن،و التوریث ممّا ورث یستدعی الحیاة بعد فرض الموت،و هو غیر ممکن عادة،و لما روی أنه لو کان لأحدهما مال صار المال لمن لا مال له.

الحال مع موتهما حتف أنفهما،و قد ادّعی جماعة الإجماع علی عدم التوارث فی هذه الحالة،مع أن ظاهر کلام ابن الجنید و أبی الصلاح تعمیم الحکم فی کلّ موضع یحصل فیه الاشتباه من غیر تقیید بسبب.

قوله:«فمع حصول الشرائط.إلخ».

لمّا کان هذا التوارث علی خلاف الأصل وجب الاقتصار منه علی مورد النصّ و موضع الوفاق،و الذی دلّت علیه النصوص توریث کلّ منهما ممّا ترکه صاحبه،دون ما ورثه الأول من الآخر،فروی عبد الرحمن بن الحجّاج فی الصحیح عن أبی عبد اللّه علیه السلام:«فی أخوین ماتا،لأحدهما مائة ألف درهم،و الآخر لیس له شیء،رکبا فی السفینة فغرقا،فلم یدر أیّهما مات أولا:

أن المال لورثة الذی لیس له شیء،و لا شیء لورثة الآخر» (2).و یؤیّده ما روی عن علیّ علیه السلام فی قوم غرقوا جمیعا أهل بیت،قال:«یورّث هؤلاء من هؤلاء،و هؤلاء من هؤلاء،و لا یرث هؤلاء ممّا ورثوا من هؤلاء شیئا»[1].و إلی

ص:272


1- 1) المقنعة:699.
2- 2) الکافی 7:137 ح 2-3،الفقیه 4:225 ح 716،التهذیب 9:360 ح 1286-1287، الوسائل 17:590 ب«2»من أبواب میراث الغرقی ح 1 و 2.

..........

هذا ذهب الأکثر.

و احتجّوا له أیضا بأن توریث الثانی ممّا ورث منه الأول یستلزم فرض حیاته بعد موته،و هو محال عادة.

و عورض بلزومه علی التقدیرین،لأنکم فرضتم موت أحدهما و ورّثتم الآخر منه،ثمَّ فرضتم موت الآخر قبل الأول و ورّثتموه منه،فقد حصل فرض الحیاة بعد الموت و إن لم یورّثوه ممّا ورث منه.

و أجیب بالفرق بین الأمرین،لأنّا إذا فرضنا موت أحدهما و حیاة الآخر بعده،و ورّثنا الآخر منه،قطعنا النظر عن هذا الفرض ثمَّ فرضنا موت الآخر و حیاة الأول،کأنّا لم نفرض الأول.و أما إذا ورّثنا الأول من الثانی،ثمَّ ورّثنا الثانی من الأول ممّا ورث من الثانی،فقد لزم فی حالة فرض موت الأول و حیاة الثانی موت الثانی أیضا و حیاة الأول.

و حاصل الفرق یرجع إلی أن فرض توریث کلّ واحد علی انفراده من الآخر من غیر ما ورث منه مع قطع النظر عن الآخر لا یستلزم المحال،لعدم لزوم أحدهما للآخر،بخلاف توریثه ممّا ورث منه،فإنه یستلزم ذلک فی قضیّة واحدة و فرض واحد.و هذا و إن أوجب الفرق بین الأمرین فی الجملة إلا أنه لا یخلو من شیء.فالاعتماد علی النصّ الصحیح أسهل.

و ذهب المفید (1)و سلاّر (2)إلی أن الثانی یرث من الأول من ماله الأصلی و ممّا ورث من الثانی،لأن فرض توریث الثانی من الأول إنما وقع بعد الحکم

ص:273


1- 1) المقنعة:699.
2- 2) المراسم:225.

و فی وجوب تقدیم(1)الأضعف فی التوریث تردّد،قال فی الإیجاز (1):لا یجب و فی المبسوط (2):«لا یتغیّر به حکم.غیر أنّا نتبع الأثر فی ذلک».

و علی قول المفید-رحمه اللّه-تظهر فائدة التقدیم.و ما ذکره فی الإیجاز أشبه بالصواب.و لو ثبت الوجوب کان تعبّدا.

فلو غرق زوج و زوجة،فرض موت الزوج أولا و تعطی الزوجة، ثمَّ یفرض موت الزوجة،و یعطی الزوج نصیبه من ترکتها الأصلیّة لا ممّا ورثته.

للأول بملک نصیبه من الثانی،فکان ذلک بمنزلة غیره من أمواله.و لأنه قد ورد تقدیم الأکثر نصیبا فی الموت و توریث الآخر منه،فلو لم یکن إرث الثانی ممّا ورث منه الأول لم یکن للتقدیم فائدة.

و أجیب بأن هذا فی مقابلة النصّ الصحیح فلا یسمع.و لا یلزم من انتفاء الفائدة ظاهرا انتفاؤها فی نفس الأمر،فإن أکثر علل الشرائع و المصالح المعتبرة فی نظر الشارع خفیّة عنّا تعجز عقولنا عن إدراکها،و جاز کونه تعبّدا محضا، فیجب اتّباع النصّ (3)من غیر اعتبار التعلیل.

و أما ما قاله بعضهم علی هذا القول من استلزامه التسلسل،فغیر وارد أصلا،لأن القائل بهذا لا یحکم بالإرث ممّا ورث منه لغیر الثانی،نظرا إلی ما أشرنا إلیه من التعلیل بکون ما ورثه قد صار من جملة ما له قبل أن یحکم بموته و الإرث منه،بخلاف الأول،فإنه حکم بموته و الإرث منه قبل أن یحکم له بالإرث،فلا یتوهّم أحد أنه یعود إلی الإرث مرّة ثانیة.

قوله:«و فی وجوب تقدیم.إلخ».

اختلف الأصحاب فی وجوب تقدیم الأضعف و هو الأقلّ نصیبا،بأن

ص:274


1- 1) الإیجاز(ضمن الرسائل العشر):276.
2- 2) المبسوط 4:118.
3- 3) فی«ط،ل»:النصوص.

..........

یفرض موت الأقوی أولا و یورّث الأضعف منه،ثمَّ یفرض موت الأضعف.

فذهب جماعة-منهم الشیخان (1)و ابن إدریس (2)و المصنف فی النافع[3]-إلی الوجوب،لصحیحة محمد بن مسلم عن أحدهما علیه السلام فی رجل سقط علیه و علی امرأته بیت،فقال:«تورّث المرأة من الرجل،ثمَّ یورّث الرجل من المرأة» (3).و مثله روایة عبید بن[5]زرارة.و لفظة«ثمَّ»حقیقة فی الترتیب.

و عورضت بروایة العلاء بن رزین،عن محمد بن مسلم،عن الباقر علیه السلام حیث سأله عنها فقال:«تورّث المرأة من الرجل،و یورّث الرجل من المرأة» (4)و الواو للجمع المطلق.

و یضعّف بأن الجمع المطلق لا ینافی الترتیب،فلا منافاة بین«الواو» و«ثمَّ»،بل یجب حمل«الواو»علی«ثمَّ»کما یجب حمل المطلق علی المقیّد.هذا مع ضعف روایة العلاء،لأن فی طریقها محمد بن عیسی عن یونس، فتقصر عن معارضة الصحیح لو کان هناک معارضة.

ص:275


1- 1) النهایة:674،المقنعة:699.
2- 2) السرائر 3:300.
3- 4) التهذیب 9:359 ح 1282،الوسائل 17:595 ب«6»من أبواب میراث الغرقی ذیل ح 2.
4- 6) الکافی 7:137 ح 5،التهذیب 9:361 ح 1288،الوسائل 17:591 ب«3»من أبواب میراث الغرقی ح 1.

و کذا لو غرق أب(1)و ابن،یورّث الأب،ثمَّ یورّث الابن.ثمَّ إن کان کلّ واحد منهما أولی من بقیّة الورّاث انتقل مال کلّ واحد منهما إلی الآخر،و منه إلی ورثته،کابن له إخوة من أم،و أب له إخوة،فمال الولد ینتقل إلی الوالد،و کذا مال الوالد الأصلی ینتقل إلی الولد،ثمَّ ینتقل ما صار إلی کلّ واحد منهما إلی إخوته.

و إن کان لأحدهما أو لکلّ واحد منهما شریک فی الإرث،کابن و أب،و للأب أولاد غیر من غرق،و للولد أولاد،فإن الأب یرث مع الأولاد السدس،ثمَّ یفرض موت الأب فیرث الابن مع إخوته نصیبه، و ینتقل ما بقی من ترکته مع هذا النصیب إلی أولاده.

نعم،یتّجه أن یقال:إن الروایة الأولی و إن دلّت علی الترتیب إلا أنها لا تدلّ علی وجوبه.

و یندفع بأنها وقعت جوابا للسؤال عن الواجب فیکون واجبا.

و ذهب آخرون-منهم الشیخ فی الإیجاز (1)،و المصنف فی هذا الکتاب- إلی عدم الوجوب،لانتفاء الفائدة،و قصور دلیل الوجوب.

و یضعّف بأن العلم بالفائدة غیر شرط فی إثبات الحکم.و الروایة[1] الصحیحة ظاهرة فی الوجوب،و من الجائز أن یکون تعبّدا،کما ذکره المصنف و غیره (2)،فلا یجب طلب الفائدة.و لو قلنا بقول المفید-رحمه اللّه-فالفائدة واضحة.

قوله:«و کذا لو غرق أب.إلخ».

إنما یتمّ کون الأب أضعف علی تقدیر کون الابن منفردا بالإرث،أو معه

ص:276


1- 1) الإیجاز(ضمن الرسائل العشر):276.
2- 3) اللمعة الدمشقیّة:162.

و لو کان الوارثان(1)متساویین فی الاستحقاق-کأخوین-لم یقدّم أحدهما علی الآخر،و کانا سواء فی الاستحقاق،و ینتقل مال کلّ واحد منهما إلی الآخر.

مشارک تزید معه حصّته عن السدس.فلو فرض أن للأب خمسة أولاد ذکور غیره کان مساویا للأب فی الإرث.و لو فرض کون الأولاد أکثر کان أضعف.

و سیأتی مثله فی عبارة المصنف.

قوله:«و لو کان الوارثان.إلخ».

هذا المثال أیضا کالسابق لا یتمّ إلا مع انحصار إرث کلّ منهما فی الآخر، أو تساوی نصیبهما مع الشریک.فلو کان مع أحدهما إخوة دون الآخر فهو الأضعف.

و اعلم أن مقتضی هذه الأمثلة أن المراد بالأضعف من نصیبه أقلّ من الآخر،سواء کان بالفرض کالزوجین و الوالدین مع الابن،أم بالقرابة کالابن و الأخوین إذا کانا للأب،فیعتبر فی القرابة النصیب علی الحال التی یرث بها.

و بهذا یضعف دلالة الخبر (1)علی الوجوب،لأن مفروضه الوارث بالفرض،و القوّة و الضعف فیه ظاهران،بخلاف من یرث بالقرابة،فإن نصیبه لا ینضبط بحسب المشارک و عدمه،و لا دلیل یدلّ علی حکمه،إلا أن یجعل عدم القائل بالفرق، و فیه ما فیه.

ص:277


1- 1) تقدّم ذکر مصادره فی ص:275 هامش(4،5).

فإن لم یکن لهما(1)وارث فمیراثهما للإمام[علیه السلام].و إن کان لأحدهما وارث انتقل ما صار إلیه إلی ورثته،و ما صار إلی الآخر إلی الامام.

قوله:«فإن لم یکن لهما.إلخ».

لأنه وارث من لا وارث له.و لا یقدح فی ذلک فرض تأخّر موت کلّ منهما عن الآخر المقتضی لکونه وارثا،لأن ذلک الفرض قد انقطع فی نظر الشارع بالفرض الآخر المضادّ له،فانتفی أثره بعد ذلک.

ص:278

الفصلالرابع
اشارة

فی میراث المجوس]

[الفصل]الرابع فی میراث المجوس(1) المجوسیّ قد ینکح المحرّمات بشبهة دینه،فیحصل له النسب الصحیح و الفاسد،و السبب الصحیح و الفاسد.و نعنی بالفاسد ما یکون عن نکاح محرّم عندنا لا عندهم،کما إذا نکح أمه فأولدها ولدا،فنسب الولد فاسد،و سبب زوجیّتها فاسد.

فمن الأصحاب(2)من لا یورّثه إلا بالصحیح من النسب و السبب.

و هو المحکیّ (1)عن یونس بن عبد الرحمن و متابعیه.

و منهم من یورّثه بالنسب صحیحه و فاسده،و بالسبب الصحیح لا الفاسد.و هو اختیار الفضل (2)بن شاذان من القدماء و من (3)تابعه، قوله:«فی میراث المجوس.إلخ».

الغرض من البحث عن میراث المجوس یحصل علی تقدیر إسلامهم و احتیاجهم إلی حکمهم فی شرع الإسلام،أو علی تقدیر مرافعتهم إلینا و إن کانوا علی المجوسیّة.و الأصل فیه ورود حکمهم فی بعض (4)الأخبار،فبحثوا عنه علی وجه یوافقها و یخالفها،کما ستقف علیه.

قوله:«فمن الأصحاب.إلخ».

لمّا کان المجوس یستحلّون نکاح المحارم المحرّمات فی شرع الإسلام

ص:279


1- 1) حکاه عنه الکلینی فی الکافی 7:145،و الشیخ فی التهذیب 9:364، الاستبصار 4:188.
2- 2) حکاه عنه الشیخ فی التهذیب 9:364،الاستبصار 4:188.
3- 3) انظر کشف الرموز 2:483،قواعد الأحکام 2:190،إیضاح الفوائد 4:275،اللمعة الدمشقیّة:162،المقتصر:373.
4- 4) الفقیه 4:248 ب«174»،التهذیب 9:364 ب«37»،الاستبصار 4:188 ب«109»،الوسائل 17:596 ب«1»من أبواب میراث المجوس.

و مذهب شیخنا المفید (1)رحمه اللّه.و هو حسن.

و الشیخ أبو جعفر (2)-رحمه اللّه-یورّث بالأمرین صحیحهما و فاسدهما.

و علی هذا القول لو اجتمع الأمران لواحد ورث بهما،مثل أم هی زوجة،لها نصیب الزوجیّة-و هو الربع-مع عدم الولد،و الثلث نصیب الأمومة من الأصل.فإن لم یکن مشارک-کالأب-فالباقی یردّ علیها بالأمومة.

و کذا بنت هی زوجة،لها الثمن و النصف،و الباقی یردّ علیها بالقرابة إذا لم یکن مشارک.و لو کان أبوان کان لهما السدسان،و لها الثمن و النصف، و ما یفضل یردّ علیها بالقرابة و علی الأبوین.

و کذا أخت هی زوجة،لها الربع و النصف،و الباقی یردّ علیها بالقرابة إذا لم یکن مشارک.

و لو اجتمع السببان،و أحدهما یمنع الآخر،ورث من جهة المانع.

مثل بنت هی أخت من أم،فلها نصیب البنت دون الأخت،لأنه لا حصل لهم بواسطته سبب فاسد،و یترتّب علیه نسب فاسد.فاختلف الأصحاب فی توریثهم بهما-بعد اتّفاقهم علی توریثهم بالصحیح منهما عندنا-علی أقوال ثلاثة.

ص:280


1- 1) المقنعة:699،علی ما فی نسخة منها،انظر الهامش(6)هناک.
2- 2) النهایة:683.

میراث عندنا لأخت مع بنت.

و کذا بنت هی بنت بنت،لها نصیب البنت دون بنت البنت.

و کذا عمّة هی أخت من أب،لها نصیب الأخت دون العمّة.و کذا عمّة هی بنت عمّة،لها نصیب العمّة.

أحدها:الاقتصار علی الصحیح منهما.و هو مذهب یونس (1)بن عبد الرحمن من قدماء علمائنا.و اختاره أبو الصلاح (2)و ابن إدریس (3)،و نقله عن المفید فی کتاب الإعلام (4)،مع أن عبارته لیست صریحة فیه،بل هی إلی ما نقله عنه المصنف أقرب.و اختاره العلامة فی المختلف (5).

و مستندهم:أن ما عدا الصحیح باطل،فلا یترتّب علیه حکم.و لقوله تعالی:

وَ أَنِ احْکُمْ بَیْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللّهُ (6)و لا شیء من الفاسد ممّا أنزل اللّه.و قوله تعالی وَ قُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّکُمْ (7)و لا شیء من الفاسد بحقّ.و قوله تعالی وَ إِنْ حَکَمْتَ فَاحْکُمْ بَیْنَهُمْ بِالْقِسْطِ (8)و لا شیء من الفاسد بقسط.

و هذه الحجج إنما تدلّ علی انتفاء الإرث بالسبب الفاسد،أما علی انتفائه بالنسب الفاسد فلا،إذ المسلمون یتوارثون به،کما سیأتی (9).

ص:281


1- 1) انظر الهامش(1)فی ص:279.
2- 2) الکافی فی الفقه:376.
3- 3) السرائر 3:288.
4- 4) الإعلام(ضمن مصنفات الشیخ المفید)9:66.
5- 5) المختلف:748-749.
6- 6) المائدة:49.
7- 7) الکهف:29.
8- 8) المائدة:42.
9- 9) فی ص:284.

..........

بالنسب الفاسد فلا،إذ المسلمون یتوارثون به،کما سیأتی (1).

و ثانیها:أنهم یورّثون بالنسب الصحیح و الفاسد،و بالسبب الصحیح خاصّة.و هو خیرة (2)الفضل بن شاذان.و نقله المصنف-رحمه اللّه-عن المفید (3)و استحسنه.و هو فی بعض نسخ المقنعة.قال الشهید-رحمه اللّه-:

«وجدته بخطّ ابن إدریس،و نسبه إلی نسخة علیها خطّ المفید،مع أن فی أصل نسخة ابن إدریس بالمقنعة محض مذهب الشیخ أبی جعفر الآتی،و هو فی أکثر النسخ،و قد صرّح به المفید فی مواضع أخر من المقنعة» (4).فعلی هذا تکون الأقوال الثلاثة للشیخ المفید رحمه اللّه.

و حجّة هذا القول ما تقدّم من الأدلّة،فإنها به ألصق،و بتصحیحه ألزم من الأول،لأن النسب الفاسد لشبهة یوافق الحقّ فیتناوله الأوامر.

و ثالثها:أنهم یورّثون بالصحیح و الفاسد منهما.و هو اختیار الشیخ فی النهایة (5)و کتابی الأخبار (6)،و أتباعه (7)،و سلاّر. (8)و نسبه الشهید (9)-رحمه اللّه- فی الشرح إلی التقیّ أبی الصلاح،مع أن کلامه صریح فی القول الأول،لأنه قال

ص:282


1- 1) فی ص:284.
2- 2) انظر الهامش(2)فی ص:279.
3- 3) انظر الهامش(1)فی ص:280.
4- 4) غایة المراد:291.
5- 5) النهایة:683.
6- 6) التهذیب 9:364 ب«37»،الاستبصار 4:188 ب«109».
7- 7) المهذّب 2:170،المؤتلف من المختلف 2:50،الوسیلة:403.
8- 8) المراسم:224.
9- 9) غایة المراد:291-292.

..........

فی کتابه الکافی (1):أنهم یورثون بالنسب و السبب الصحیحین دون الفاسدین.

و نقله عنه فی المختلف (2)کذلک،و کذلک ولده فی شرحه (3).و الظاهر أن نقل الشهید عنه وقع سهوا.

و احتجّ الشیخ-رحمه اللّه-لهذا القول بروایة السکونی عن الصادق علیه السلام،عن أبیه،عن علیّ علیهم السلام:«أنه کان یورّث المجوسیّ إذا تزوّج بأمه من وجهین:من وجه أنها أمه،و من وجه أنها زوجته» (4).و بأنهم یقرّون علی معتقدهم.و بما روی:«أن رجلا سبّ مجوسیّا بحضرة الصادق علیه السلام فزبره و نهاه،فقال:إنه تزوّج بأمه،فقال:أما علمت أن ذلک عندهم النکاح» (5).و بما روی عنه علیه السلام:«أن کلّ قوم دانوا بشیء یلزمهم حکمه». (6)و بأنهم لو عقدوا علی خمر أو خنزیر لأقرّوا علیه،مع عدم جوازه فی شرع الإسلام،فکذا هنا.

و أجیب بضعف خبر السکونی،و الباقی لا یدلّ علی مطلوبه.

و بالغ ابن إدریس (7)فی هذا الباب فی الإنکار علی الشیخ،و أطال المقال.

و محصّله:أن اعتماد الشیخ علی روایة السکونی خاصّة،لعدم دلالة غیرها علی مطلوبه،و حال السکونی مشهور.و الشیخ قد شرط فی کتابه العدّة فی أصول الفقه سلامة الروایة من فساد مذهب الراوی،فکیف یرجع هنا عن عمومات

ص:283


1- 1) الکافی فی الفقه:376.
2- 2) المختلف:748.
3- 3) إیضاح الفوائد 4:275.
4- 4) التهذیب 9:364 ح 1299،الاستبصار 4:188 ح 704-705،و انظر الفقیه 4:249 ح 804،الوسائل 17:596 ب«1»من أبواب میراث المجوس ح 1.
5- 5) التهذیب 9:364 ح 1300،الاستبصار 4:188 ح 704-705،و انظر الفقیه 4:249 ح 804،الوسائل 17:596 ب«1»من أبواب میراث المجوس ح 2.
6- 6) التهذیب 9:364 ح 1301،الاستبصار 4:188 ح 704-705،و انظر الفقیه 4:249 ح 804،الوسائل 17:596 ب«1»من أبواب میراث المجوس ح 3.
7- 7) السرائر 3:288-297.
مسألتان

مسألتان:

الأولی:المسلم لا یرث بالسبب الفاسد

الأولی:المسلم لا یرث(1)بالسبب الفاسد.فلو تزوّج محرّمة لم یتوارثا،سواء کان تحریمها متّفقا علیه کالأم من الرضاع،أو مختلفا فیه کأم المزنیّ بها،أو المتخلّقة من ماء الزانی،و سواء کان الزوج معتقدا للتحلیل أو لم یکن.

الثانیة:المسلم یرث بالنسب الصحیح و الفاسد

الثانیة:المسلم یرث(2)بالنسب الصحیح و الفاسد،لأن الشبهة کالعقد الصحیح فی التحاق النسب.

الکتاب و السنّة إلی خبره؟!مع أن نقل الشیخ فی المسألة قولین قبل زمانه یوجب إحداثه قولا ثالثا،و هو مردود عندهم.

و أجیب بأن الشیخ یری جواز التعویل علی خبر المخالف الثقة،کما یشهد به حاله و فتواه فی أکثر المسائل،و إن کان ذلک خلاف مذهبه فی الکتاب المذکور.فأقوال الشیخ منتشرة فی هذه المسألة و غیرها،و لا یلزم من نقله قولین انحصار الأقوال فیهما.و روایة السکونی قد أودعها المصنّفون کتبهم،و فتواهم بما فیها غالبا،لأن کتب الحدیث قبله کانت هی عمدة الفتوی،فکان قوله أحد الأقوال بل أولها.و قد عرفت أن کلام المفید فی المقنعة یوافق قوله إلا علی النسخ (1)القلیلة.و علی کلّ حال فالقول الوسط أوسط.

قوله:«المسلم لا یرث.إلخ».

لأن التوریث فی الکتاب و السنّة فی السبب معلّق علی الزوجیّة و نحوها، و إطلاقها محمول علی الصحیح منها.و هذا موضع وفاق.

قوله:«المسلم لا یرث.إلخ».

المراد هنا بالنسب الفاسد الذی لا یستند إلی نکاح صحیح،مع لحوق

ص:284


1- 1) فی«ل،ر،ط،خ»:النسخة.

خاتمة فی حساب الفرائض

اشارة

خاتمة فی حساب(1)الفرائض و هی تشتمل علی مقاصد:

النسب به شرعا بواسطة الشبهة،و إلا فهو نسب صحیح شرعا من حیث لحوق أحکام النسب به مطلقا.و علی هذا التقدیر فکلّ ما یفرض فی أنساب المجوس یفرض فی أنساب المسلمین بالنظر إلی الشبهة.و یتفرّع علی ذلک فروع کثیرة، بسبب اجتماع الأنساب التی لا یحجب بعضها بعضا،أو یحجب مطلقا،أو علی بعض الوجوه،تظهر بالتأمّل.

قوله:«خاتمة فی حساب.إلخ».

کان حقّ هذه الخاتمة أن تجعل مقدّمة لکتاب الفرائض،لیحفظ مضمونها، و یستعمل فی مسائل الکتاب،کما فعل الشهید-رحمه اللّه-فی الدروس (1).و أما جعلها فی الآخر-کما فعل المصنف رحمه اللّه و الأکثر (2)-فلا یعلم الطالب مضمونها إلی أن یفرغ من بحث المسائل بغیر قاعدة یرجع إلیها،فتقلّ فائدتها.

و قد وقع بسبب ذلک خلل کثیر فی حساب الفرائض،یقف علیه من تأمّل کلام جماعة من الفقهاء فی ذلک.

ص:285


1- 1) الدروس الشرعیّة 2:339.
2- 2) المقنعة:706،المراسم:226،المهذّب 2:173،الوسیلة:403،السرائر 3:303،قواعد الأحکام 2:194.
الأول فی مخارج الفروض الستّة،و طریق الحساب
اشارة

الأول فی مخارج الفروض الستّة،(1)و طریق الحساب و نعنی بالمخرج أقلّ عدد یخرج منه ذلک الجزء صحیحا.فهی إذا خمسة:النصف من اثنین،و الربع من أربعة،و الثمن من ثمانیة،و الثلث و الثلثان من ثلاثة،و السدس من ستّة.

و کلّ فریضة حصل فیها نصفان،أو نصف و ما بقی،فهی من اثنین.

و إن اشتملت علی ربع و نصف،أو ربع و ما بقی،فهی من أربعة.

و إن اشتملت علی ثمن و نصف،أو ثمن و ما بقی،فهی من ثمانیة.

و إن اشتملت علی ثلث و ثلثین،أو ثلث و ما بقی،أو ثلثین و ما بقی، فهی من ثلاثة.

و إن اشتملت علی سدس و ثلث،أو سدس و ثلثین،أو سدس و ما بقی،فمن ستّة.

و النصف مع الثلث،أو الثلاثین و السدس،أو مع أحدهما،من ستّة.

و لو کان بدل النصف ربع کانت الفریضة من اثنی عشر.و لو کان بدله ثمن کانت من أربعة و عشرین.

إذا عرفت هذا،

فالفریضة إما وفق السهام،أو زائدة،أو ناقصة

فالفریضة إما وفق السهام،أو زائدة،أو ناقصة.

القسم الأول:أن تکون الفریضة بقدر السهام

القسم الأول:أن تکون الفریضة بقدر السهام فإن انقسمت من غیر کسر فلا بحث.مثل أخت لأب مع زوج، فالفریضة من اثنین.أو بنتین و أبوین،أو أبوین و زوج،فالفریضة من ستّة،و تنقسم بغیر کسر.

قوله:«فی مخارج الفروض الستّة.إلخ».

مقصود الحساب فی هذا الفنّ شیئان،أحدهما:تصحیح المسائل.و الثانی:

ص:286

..........

قسمة الترکة علی الورثة.فأما تصحیح المسائل فله مقدّمات أورد بعضها فی الکتاب و ترک بعضها.فمنها:بیان مخارج الفروض الستّة المقدّرة فی کتاب اللّه تعالی.

و المراد بالمخرج أقلّ عدد یخرج منه ذلک الجزء صحیحا،کالنصف مثلا، فإنه یخرج صحیحا من اثنین،لأن نصفهما واحد صحیح.و الثلث و الثلثان من ثلاثة،و لذلک کانت مخارج الفروض الستّة خمسة،لاتّحاد مخرج هذین الکسرین.و الغرض من ذلک إخراج الحصص من أقلّ عدد ینقسم علی أرباب الحقوق بغیر کسر.

فالفروض الستّة المذکورة إما أن یقع فی المسألة واحد منها،أو اثنان فصاعدا.فإن لم یقع فیها إلا واحد فالمخرج المأخوذ منه ذلک الکسر هو أصل المسألة.فالنصف من اثنین،و الثلث من ثلاثة،و الربع من أربعة.و علی هذا.

و إن وقع فیها اثنان فصاعدا،فإن کانا من مخرج واحد،کالثلثین و الثلث، فالثلاثة أصل المسألة.و إن کانا مختلفی المخرج أخذنا المخرجین و نظرنا فیهما، فإن کانا متداخلین،کما إذا اجتمع الثمن و النصف و السدس و النصف،فأکثر المخرجین أصل المسألة،و هو الثمانیة فی الأولی و الستّة فی الثانیة.

و إن کانا متوافقین،کما إذا اجتمع السدس و الربع فی مثل زوجة و واحد من کلالة الأم،أو زوج و أحد الأبوین مع ابن،ضربت وفق أحد المخرجین فی جمیع الآخر،فالمجتمع هو أصل المسألة.ففی المثال تضرب ثلاثة فی أربعة أو اثنین فی ستّة تبلغ اثنی عشر،فهو أصل المسألة.و لو اجتمع الثمن و السدس،کزوجة و أحد الأبوین مع ابن،فأصل الفریضة أربعة و عشرون،لأن الثمانیة توافق الستّة

ص:287

..........

بالنصف فتضرب نصف إحداهما فی الأخری.و هکذا.

و إن کانا متباینین،کما إذا اجتمع الربع و الثلث فی مثل زوجة و أم،أو الثمن مع الثلاثین فی مثل الزوجة و بنتین،أو الثلث مع النصف فی مثل زوج و أم،ضربت أحد المخرجین فی الآخر،و جعلت الحاصل هو أصل الفریضة،و هو اثنا عشر فی الأول،و أربعة و عشرون فی الثانی،و ستّة فی الثالث.

فإذا فصّلت قلت:

کلّ فریضة فیها نصف و ما بقی کزوج و أخ،أو نصفان کزوج و أخت،فهی من اثنین.

و کلّ فریضة فیها ثلثان،أو هما و ما بقی،کأختین من الأب،فهی من ثلاثة،أو ثلثان و ثلث،کأختین لأب مع إخوة لأم،فهی من ثلاثة أیضا.

و کلّ مسألة فیها ربع و ما بقی،کزوج و ابن،و زوجة و إخوة،أو ربع و نصف و ما بقی،کزوج و بنت،فهی من أربعة.

و کلّ مسألة فیها سدس و ما بقی،کأحد الأبوین مع ابن،أو سدس و نصف، کأخت و واحد من کلالة الأم،فهی من ستّة.

و کلّ مسألة فیها ثمن و ما بقی،کزوجة مع ابن،أو ثمن و نصف و ما بقی، کزوجة و بنت،فهی من ثمانیة.

و کلّ مسألة فیها ربع و ثلثان،کزوج و بنتین،أو ربع و ثلث،کزوجة و أم،أو ربع و سدس[و ما بقی] (1)،کزوج و أم و ابن،فهی من اثنی عشر.

و کلّ مسألة فیها ثمن و ثلثان و ما بقی،کزوجة و بنتین،أو ثمن و سدس و ما بقی،کزوجة و أحد الأبوین و ابن،فهی من أربعة و عشرین.

ص:288


1- 1) من هامش«و»بعنوان:ظاهرا.

و إن انکسرت الفریضة،(1)فإما علی فریق واحد أو أکثر.فالأول یضرب عددهم فی أصل الفریضة،إن لم یکن بین نصیبهم و عددهم وفق.

مثل:أبوین و خمس بنات،فریضتهم ستّة،نصیب البنات أربعة،و لا وفق،فیضرب عددهنّ-و هو خمسة-فی ستّة فما ارتفع فمنه الفریضة.

و کلّ من حصل له من الورّاث من الفریضة سهم قبل الضرب فاضربه فی خمسة،و ذلک قدر نصیبه.

و إن کان بین النصیب و العدد وفق فاضرب الوفق من عددهنّ-لا من النصیب-فی الفریضة.مثل:أبوین و ستّ بنات،للبنات أربعة لا تنقسم علیهنّ علی صحّة،و النصیب یوافق عددهنّ بالنصف،فتضرب نصف عددهنّ-و هو ثلاثة-فی الفریضة-و هی ستّة-فتبلغ ثمانیة عشر.

و قد کان للأبوین من الأصل سهمان ضربتهما فی ثلاثة فکان لهما ستّة، و للبنات من الأصل أربعة فضربتها فی ثلاثة فاجتمع لهنّ اثنا عشر،لکلّ بنت سهمان.

و قس علی هذا ما یرد علیک من باقی الفروض مجتمعة و متفرّقة.فهذا القدر هو المطلوب من أصل المسألة إذا کان فی المسألة ذو فرض،سواء کان معه غیره أم لا.فإن لم یکن فی الجمیع ذو فرض فأصل المال عدد رؤوسهم مع التساوی،کأربعة أولاد ذکور.و إن اختلفوا بالذکوریّة و الأنوثیّة،و کانوا یقتسمون مثل حظّ الأنثیین،فاجعل لکلّ ذکر سهمین،و لکلّ أنثی سهما،فما اجتمع فهو أصل الفریضة.ثمَّ إن انقسمت علی الجمیع بصحّة فذاک،و إن انکسرت فسیأتی تفصیله.

قوله:«و إن انکسرت الفریضة.إلخ».

إذا انکسرت الفریضة علی فریق واحد لم یعتبر من النسبة بین العدد

ص:289

..........

و النصیب سوی التوافق و التباین،لأنّا نحتاج إلی تصعید المسألة علی وجه ینقسم علی المنکسر علیه بغیر کسر،و اعتبار التداخل یوجب إبقاء الفریضة علی حالها، فلا یحصل الغرض،فیقتصر علی اعتبار النسبة بین نصیب من انکسر علیه و عدد رؤوسهم.فإن کانا متباینین ضربت عدد رؤوسهم فی أصل الفریضة،فما اجتمع صحّت منه المسألة.

مثاله:زوج و أخوان.هی من اثنین،للزوج واحد،یبقی واحد لا یصحّ علیهما،و لا موافقة،فیضرب عددهما فی أصل الفریضة یبلغ أربعة،و منها تصحّ.

و فی مثال المصنف أصل الفریضة ستّة،لأن فیها من الفروض سدسا و ثلثین،و مخرج الثلاثین یداخل مخرج السدس.فأصل الفریضة مخرج السدس، للأبوین منها اثنان ینقسم علیهما.و للبنات أربعة لا ینقسم علی عددهنّ صحیحا و تباینه،لأنّک إذا أسقطت الأربعة من الخمسة بقی واحد،فتضرب عددهنّ-و هو خمسة-فی أصل الفریضة یبلغ ثلاثین،للأبوین عشرة،و للبنات عشرون،لکلّ واحدة أربعة.

و مثال التوافق:أخوان لأم مع ستّة لأب أو ثمانیة،للأخوین الثلث اثنان، و للإخوة الباقی أربعة،توافق عددهم-و هو الستّة-بالنصف،لأنّک إذا أسقطت الأربعة منها بقی اثنان،و هما یفنیان الأربعة،فتضرب الوفق من عددهم-و هو ثلاثة-فی أصل الفریضة یبلغ ثمانیة عشر،للإخوة منها اثنا عشر،لکلّ واحد اثنان

ص:290

و إن انکسرت علی أکثر من فریق،(1)فإما أن یکون بین سهام کلّ فریق و عدده وفق،و إما أن لا یکون للجمیع وفق،أو یکون لبعض دون بعض.

ففی الأول یردّ کلّ فریق إلی جزء الوفق.و فی الثانی یجعل کلّ عدد بحاله.و فی الثالث تردّ الطائفة التی لها الوفق إلی جزء الوفق،و تبقی الأخری بحالها.

ثمَّ بعد ذلک إما أن تبقی الأعداد متماثلة،أو متداخلة،أو متوافقة،أو متباینة.

فإن کان الأول اقتصرت علی أحدهما و ضربته فی أصل الفریضة.

مثل:أخوین لأب و أم،و مثلهما لأم.فریضتهم من ثلاثة،لا تنقسم علی صحّة،ضربت أحد العددین-و هو اثنان-فی الفریضة-و هی ثلاثة- فصار ستّة،للأخوین للأم سهمان بینهما،و للأخوین للأب[و الأم]أربعة.

و لو کانوا ثمانیة فالتوافق بالربع.و لا یعتبر هنا التداخل،لما ذکرناه من عدم حصول الغرض.فتضرب ربع عددهم-و هو اثنان-فی أصل الفریضة یبلغ اثنی عشر،للإخوة منها ثمانیة تنقسم علیهم بغیر کسر.

و لو کان عدد الإخوة اثنی عشر فالموافقة بالربع،فتضرب ربع عددهم- و هو ثلاثة-فی أصل الفریضة یبلغ ثمانیة عشر،نصیبهم منها اثنا عشر علی مقدار عددهم.و مثال المصنف-رحمه اللّه-واضح نظیر مثالنا الأول.

قوله:«و إن انکسرت علی أکثر من فریق.إلخ».

إذا انکسرت الفریضة علی أکثر من فریق،فإما أن یستوعب الکسر المجموع،أو یحصل علی البعض-الزائد علی فریق-دون البعض.و علی

ص:291

..........

التقدیرین:إما أن یکون بین سهام کلّ فریق و عدده وفق،أو یکون للبعض دون البعض،أو لا یکون للجمیع وفق.فالصور ستّ.و علی التقادیر الستّة:إما أن تبقی الأعداد-بعد إبقائها علی حالها،أو ردّها إلی جزء الوفق،أو ردّ البعض و إبقاء البعض-متماثلة،أو متداخلة،أو متوافقة،أو متباینة.و مضروب الستّة فی الأربعة أربعة و عشرون.و قد یجتمع فیها الأوصاف،بأن یکون بعضها مباینا لبعض،و بعضها موافقا،و بعضها متداخلا.

فهذه جملة أقسام المسألة.و قد أشار المصنف-رحمه اللّه-إلی أربعة أمثلة منها للصور الأربع الأخیرة،لکن ثلاثة منها مع مباینة العدد للنصیب، و واحدة مع موافقة بعض و مباینة بعض.و نحن نذکر ما یحتاج إلیه من هذه الصور ممثّلا فی قسمین:

الأول:أن یکون الکسر علی الجمیع.و هو ثلاثة أنواع:

أحدها:أن لا یکون هناک وفق بین نصیب کلّ فریق و عدده.و فیه أربع صور:

الأولی:أن تکون الأعداد متماثلة،کثلاثة إخوة من أب،و ثلاثة من أم.

أصل فریضتهم ثلاثة،لأن فیها ثلثا،و هو فریضة کلالة الأم،فثلثها واحد ینکسر علی کلالة الأم،و ثلثاها اثنان ینکسران أیضا علی إخوة الأب،و أعداد الإخوة متماثلة،فتکتفی بأحدها (1)و تضربه فی أصل الفریضة یبلغ تسعة،ثلاثة منها لإخوة الأم کعددهم،و ستّة لإخوة الأب.

الثانیة:أن تکون الأعداد متداخلة،کما لو کانت إخوة الأب ستّة،فتقتصر

ص:292


1- 1) فی«خ،ط»:بأحدهما.

..........

علی الستّة،و تضربها فی أصل الفریضة تبلغ ثمانیة عشر،و منها تصحّ أیضا.

و کزوجتین و أربعة بنین،فریضتهم ثمانیة،للزوجتین سهم لا ینقسم علیهما، و للبنین سبعة لا تنقسم أیضا،و لا وفق بین الجمیع بالمعنی الأخصّ،و عدد الزوجات یداخل الأولاد،فتقتصر علی الأربعة و تضربها فی أصل الفریضة تبلغ اثنین و ثلاثین،أربعة منها للزوجتین،و ثمانیة و عشرون للأولاد،تنقسم علی الجمیع.

الثالثة:أن تکون الأعداد متوافقة،کما لو کان الإخوة من الأم أربعة و الإخوة من الأب ستّة،فتضرب وفق أحدهما فی مجموع الآخر-و هو ثلاثة فی أربعة،أو اثنان فی ستّة-یبلغ اثنی عشر،ثمَّ تضرب المرتفع فی ثلاثة أصل الفریضة یبلغ ستّة و ثلاثین،للإخوة من الأم اثنا عشر،و للإخوة من الأب أربعة و عشرون،و کلاهما ینقسم علی فریقه بصحّة.و کأربع زوجات مع ستّة أولاد، فریضتهم ثمانیة واحد للزوجات و سبعة للأولاد،فلا وفق بین النصیب و العدد فیهما،و عددهما متوافق بالنصف أیضا،فتضرب اثنین فی ستّة ثمَّ المرتفع فی ثمانیة یبلغ ستّة و تسعین،للزوجات اثنا عشر لکلّ واحدة ثلاثة،و للأولاد أربعة و ثمانون لکلّ واحد أربعة عشر.

الرابعة:أن تکون الأعداد متباینة کتباین العدد و النصیب،کثلاثة إخوة لأم و أربعة لأب،فتضرب أحدهما فی الآخر ثمَّ المرتفع فی ثلاثة یبلغ ستّة و ثلاثین، لکلالة الأم اثنا عشر،و لإخوة الأب أربعة و عشرون.

النوع الثانی:أن یکون الکسر علی الجمیع،و لکن عدد البعض یوافق النصیب،و عدد البعض لا یوافقه.و فیه الصور الأربع.

ص:293

..........

الأولی:أن تبقی الأعداد بعد ردّ الموافق إلی جزئه متماثلة،کزوجتین و ستّة إخوة لأب،فریضتهم أربعة لا تنقسم علی الفریقین،و للإخوة منها ثلاثة توافق عددهم بالثلث بالمعنی الأعمّ،فتردّ الستّة إلی اثنین مماثل عدد الزوجات، فتقتصر علی أحدهما و تضربه فی أصل الفریضة یبلغ ثمانیة،للزوجتین اثنان، و للإخوة ستّة.

الثانیة:أن تبقی الأعداد بعد الردّ متداخلة،کما لو کانت الزوجات أربعا، فیداخلها الاثنان اللّذان ردّ عدد الإخوة إلیهما،فتجتزی بالأکثر و تضربه فی أصل الفریضة یبلغ ستّة عشر،للزوجات الأربع أربعة،و للإخوة الستّة اثنا عشر.

الثالثة:أن تبقی الأعداد بعد الردّ متوافقة،کزوجتین و ستّة إخوة من الأب و ستّة عشر من الأم،فریضتهم اثنا عشر،و هی الحاصل من ضرب أربعة مخرج الربع فی ثلاثة مخرج الثلث،للزوجتین منها ثلاثة لا تنقسم،و هی مباینة لعددهما،و للإخوة من الأب خمسة،و هی مباینة لعددهم أیضا،و للإخوة من الأم أربعة،و هی توافق عددهم بالربع،فتردّهم إلی أربعة جزء الوفق توافق عدد إخوة الأب بالنصف،فتضرب نصف أحدهما فی الآخر،ثمَّ المجتمع فی أصل الفریضة -اثنی عشر-یبلغ مائة و أربعة و أربعین.و لا یحتاج إلی النظر فی عدد الزوجات، لأنه إما موافق بالنصف أیضا للأربعة الموجب لاطّراح نصفه و هو الواحد،أو مداخل لها.فللزوجتین ستّة و ثلاثون،و لکلالة الأم ثمانیة و أربعون لکلّ واحد ثلاثة،و لإخوة الأب ستّون.

الرابعة:أن تبقی بعد الردّ متباینة،کما لو کانت الزوجات أربعا،و الإخوة من الأب خمسة،و الإخوة من الأم ستّة،نصیبهم من الفریضة أربعة توافق عددهم

ص:294

..........

بالنصف،فتردّهم إلی ثلاثة،تقع المباینة بینها و بین الأربعة و الخمسة،فتضرب ثلاثة فی أربعة،ثمَّ المرتفع فی خمسة،ثمَّ المجتمع-و هو ستّون-فی أصل الفریضة-و هو اثنا عشر-یبلغ سبعمائة و عشرین،للزوجات منها مائة و ثمانون لکلّ واحدة خمسة و أربعون،و لإخوة الأم مائتان و أربعون لکلّ واحد أربعون، و لإخوة الأب ثلاثمائة لکلّ واحد ستّون.

النوع الثالث:أن یکون بین نصیب کلّ فریق و عدده وفق،فتردّ کلّ فریق إلی جزء الوفق ثمَّ تعتبر الأعداد،فتأتی فیها الصور الأربع.

الأولی:أن تبقی الأعداد بعد ردّها متماثلة،کستّ زوجات،و یتّفق ذلک فی المریض یطلّق ثمَّ یتزوّج و یدخل ثمَّ یموت قبل الحول،و ثمانیة من کلالة الأم،و عشرة من کلالة الأب.فالفریضة اثنا عشر مخرج الربع و الثلث،للزوجات ثلاثة توافق عددهنّ بالثلث،و لکلالة الأم أربعة توافق عددهم بالربع،و لکلالة الأب خمسة توافق عددهم بالخمس،فتردّ کلاّ من الزوجات و الإخوة من الطرفین إلی اثنین،لأنهما ثلث الأول و ربع الثانی و خمس الثالث،فتتماثل الأعداد،فتجتزی باثنین و تضربهما فی أصل الفریضة یبلغ أربعة و عشرین.

فللزوجات ستّة،و لإخوة الأم ثمانیة،و لإخوة الأب عشرة،لکلّ واحد من الجمیع سهم سهم.

الثانیة:أن تبقی الأعداد بعد ردّها إلی جزء الوفق متداخلة،کالمثال الأول إلا أن الإخوة من الأم ستّة عشر،فنصیبهم یوافق عددهم بالربع أیضا،فتردّهم إلی أربعة،و الاثنان اللّذان رجع إلیهما عدد الزوجات و الإخوة للأب یداخلانها، فتجتزی بالأربعة و تضربها فی أصل الفریضة تبلغ ثمانیة و أربعین،للزوجات اثنا

ص:295

..........

عشر،و للإخوة للأم ستّة عشر عددهم،و الباقی-و هو عشرون-للإخوة للأب.

الثالثة:أن تبقی الأعداد بعد ردّها إلی جزء الوفق متوافقة،کما لو کان الإخوة من الأم فی المثال أربعة و عشرین (1)توافق الأربعة بالربع،فیرجع عددهم إلی ستّة،و إخوة الأب عشرین (2)یوافق نصیبهم بالخمس،فیرجع عددهم إلی أربعة،و قد رجع عدد الزوجات إلی اثنین،فبین کلّ عدد و ما فوقه موافقة بالنصف،فیسقط الاثنان،و تضرب اثنین فی ستّة،ثمَّ المرتفع فی اثنی عشر یبلغ مائة و أربعة و أربعین.و القسمة واضحة.

الرابعة:أن تکون الأعداد بعد الردّ متباینة،کما لو کان الإخوة للأم اثنی عشر،فیرجع عددهم بعد الردّ إلی ثلاثة،و إخوة الأب خمسة و عشرین،فیرجع عددهم إلی خمسة،فیبقی العدد اثنین مع (3)ثلاثة و خمسة،و هی متباینة،فتضرب اثنین فی ثلاثة،ثمَّ الستّة فی خمسة،ثمَّ الثلاثین فی اثنی عشر،تبلغ ثلاثمائة و ستّین.و القسمة واضحة.

القسم الثانی:أن یکون الکسر علی أکثر من فریق و لکن لم یستوعب الجمیع،کثلاث زوجات،و ثلاثة إخوة للأم،و ثلاثة للأب،الفریضة اثنا عشر، للزوجات ثلاثة لا تنکسر علیهنّ،و ینکسر نصیب الإخوة من الطرفین علیهم، و بین النصیب و العدد فیهما مباینة،و الأعداد متماثلة،فتکتفی بأحدها و تضربه فی أصل الفریضة یبلغ ستّة و ثلاثین،فمن کان له من الأصل شیء أخذه مضروبا فی ثلاثة،فللإخوة من الأم اثنا عشر،و للإخوة من الأب خمسة عشر،و للزوجات تسعة.

ص:296


1- 1) فیما لدینا من النسخ الخطّیة:و عشرون.عشرون،و الصحیح ما أثبتناه.
2- 2) فیما لدینا من النسخ الخطّیة:و عشرون.عشرون،و الصحیح ما أثبتناه.
3- 3) فی«خ،ر،م»:اثنین و ثلاثة.

و إن تداخل العددان(1)فاطرح الأقلّ،و اضرب الأکثر فی الفریضة.

مثل:إخوة ثلاثة لأم،و ستّة لأب،فریضتهم ثلاثة لا تنقسم علی صحّة، و أحد الفریقین نصف الآخر،فالعددان متداخلان،فاضرب الستّة فی الفریضة تبلغ ثمانیة عشر،و منه یصحّ.

و الصور الاثنا عشر آتیة فی هذا القسم.و أمثلتها سهلة بعد مراجعة ما ذکرناه من القواعد و الأمثلة.و کذلک لو کانت الأعداد بعد مراعاة النسبة مختلفة، فبعضها مباین لبعض،و بعضها موافق،إلی غیر ذلک من الفروض التی تظهر ممّا ذکرناه بأدنی تغییر (1).

قوله:«و إن تداخل العددان.إلخ».

هذا العدد-و هو الثلاثة و الستّة-متداخل،و هو متوافق أیضا بالثلث.

و أیضا نصیب إخوة الأب-و هو اثنان-کما یصدق علیه أنه یداخل عددهم یصدق أنه یوافقه بالنصف،و اعتبار کلّ واحد من المداخلة و الموافقة صحیح إلا أن اعتبار ما تقلّ معه الفریضة أولی،لعدم الفائدة فی زیادتها مع إمکان صحّتها ممّا دون ذلک.

فعلی ما اعتبره المصنف-رحمه اللّه-من المداخلة تصحّ من ثمانیة عشر.

و علی ما اعتبرناه من الموافقة یرجع عدد الإخوة للأب إلی ثلاثة،لأن بین نصیبهم و عددهم توافقا بالنصف،فیماثل عدد إخوة الأم،فتقتصر علی أحدهما و تضربه فی أصل الفریضة یبلغ تسعة،و منها یصحّ لکلّ واحد من الإخوة واحد،فکان الاعتبار به أولی.

ص:297


1- 1) فی«د،م»:تغیّر،و فی«خ»:تفکّر.

و إن توافق العددان(1)فاضرب وفق أحدهما فی عدد الآخر،فما ارتفع فاضربه فی أصل الفریضة.مثل:أربع زوجات و ستّة إخوة،فریضتهم أربعة لا تنقسم صحاحا،و بین الأربعة و الستّة وفق و هو النصف، فتضرب نصف أحدهما-و هو اثنان-فی الآخر-و هو ستّة-تبلغ اثنی عشر،فتضرب ذلک فی أصل الفریضة-و هی أربعة-فما ارتفع صحّت منه القسمة.

و إن تباین العددان فاضرب أحدهما فی الآخر،فما اجتمع فاضربه فی الفریضة.مثل:أخوین من أم و خمسة من أب،فریضتهم ثلاثة لا تنقسم علی صحّة،و لا وفق بین العددین و لا تداخل،فاضرب أحدهما فی الآخر تکن عشرة،ثمَّ اضرب العشرة فی أصل الفریضة-و هی ثلاثة -فما ارتفع فمنه تصحّ.

قوله:«و إن توافق العددان.إلخ».

هذا أیضا کما یصحّ جعله من قسم (1)المتوافق،نظرا إلی تداخل نصیب الإخوة مع عددهم و اعتبار نسبة أحد العددین إلی الآخر،یصحّ جعله مثالا لتداخل الأعداد،لأن بین نصیب الإخوة و عددهم توافقا بالثلث بالمعنی الأعمّ، فتردّ عددهم إلی اثنین،فیداخل عدد الزوجات،فتقتصر علی عددهنّ به،و تضربه فی أصل الفریضة یبلغ ستّة عشر،للزوجات الأربع أربعة،و للإخوة اثنا عشر.

و هذا أولی ممّا اعتبره المصنف-رحمه اللّه-و أخصر فریضة،لأنها علی فرضه تکون من ثمانیة و أربعین.

ص:298


1- 1) فی«ط،ل،و،م»:قسیم.
تتمّة

تتمّة العددان:إما متساویان،(1)أو مختلفان.

و المختلفان:إما متداخلان،أو متوافقان،أو متباینان.

فالمتداخلان:هما اللّذان یفنی أقلّهما الأکثر،إما مرّتین أو مرارا،و لا یتجاوز الأقلّ نصف الأکثر.و إن شئت سمّیتهما بالمتناسبین،کالثلاثة بالقیاس إلی الستّة و التسعة،و کالأربعة بالقیاس إلی الثمانیة و الاثنی عشر.

قوله:«العددان إما متساویان.إلخ».

هذه التتمّة من جملة المقدّمات التی تشتدّ إلیها الحاجة لحساب الفرائض، و کان تقدیمها علی القسم السابق أولی،لتوقّف حساب مسائله علیها.

و محصّلها:أن کلّ عددین إما متماثلان کثلاثة و ثلاثة و خمسة و خمسة،أو غیر متماثلین و هما المختلفان،فإما أن یفنی الأکثر بالأقلّ إذا أسقط منه مرّتین فصاعدا،کالثلاثة مع التسعة و الخمسة مع العشرة،أو لا یفنی به.فإن کان الأول سمّیا متداخلین،و المعنی أن أحدهما داخل و الآخر مدخول فیه.و إن کان الثانی، فإما أن یفنیهما جمیعا عدد ثالث،کالستّة مع العشرة یفنیهما الاثنان،و کالتسعة مع الاثنی عشر یفنیهما الثلاثة،و الثمانیة و الاثنی عشر یفنیهما الأربعة،و العشرة و الخمسة عشر یفنیهما الخمسة،أو لا یفنیهما عدد آخر،و إنما یفنیان بالواحد.

فإن کان الأول سمّیا متوافقین،و إن کان الثانی سمّیا متباینین.

و قد ظهر من هذا أن کلّ متداخلین متوافقان،لأن الأقلّ إذا أفنی الأکثر کانا متوافقین بأجزاء ما فی العدد الأقلّ من الآحاد،کالخمسة فإنها تفنی العشرة،فهما متوافقان بالخمس.

فإذا أردت أن تعلم أن أحد العددین هل یدخل فی الآخر؟فأسقط الأقلّ

ص:299

..........

من الأکثر مرّتین فصاعدا،أو زد علی الأقلّ مثله مرّتین فصاعدا،فإن فنی الأکثر بالأقلّ أو ساوی الأقلّ الأکثر بزیادة الأمثال فهما متداخلان،و إلا فلا.

و إن أردت أن تعلم هل هما متوافقان؟فأسقط الأقلّ من الأکثر ما أمکن، فما بقی فأسقطه من الأقلّ،فإن بقی منه شیء فأسقطه ممّا بقی من الأکثر،و لا تزال تفعل ذلک حتی یفنی العدد المنقوص منه أخیرا،فإن فنی بواحد فلا موافقة بینهما،و إن فنی بعدد فهما متوافقان بالجزء المأخوذ من ذلک العدد.فإن فنی باثنین فهما متوافقان بالنصف،و إن فنی بثلاثة فبالثلث،و إن فنی بعشرة فبالعشر، و إن فنی بأحد عشر فبأجزاء (1)أحد عشر.و علی هذا القیاس.

مثاله:أحد و عشرون و تسعة و أربعون،تسقط الأقلّ من الأکثر مرّتین تبقی سبعة،تسقط السبعة من الأقلّ ثلاث مرّات یفنی بها،فهما متوافقان بالأسباع.

و کمائة و عشرین و مائة و خمسة و ستّین،تسقط الأول من الثانی تبقی خمسة و أربعون،تسقطها من المائة و العشرین مرّتین تبقی ثلاثون،تسقطها من الخمسة و الأربعین تبقی خمسة عشر،تسقطها من الثلاثین مرّتین تفنی بها الثلاثون،فهما متوافقان بجزء من خمسة عشر.

ثمَّ تنبّه لأمور:

الأول:لو فنی العددان بأکثر من عدد واحد فهما متوافقان بجمیع ما یفنیان به،لکن المعتبر فی الوفق هنا جزء ما فی تلک الأعداد من الآحاد،و هو أدقّ کسر منها،کما فی اثنی عشر و ثمانیة عشر،فإنه یفنیهما الستّة و الثلاثة و الاثنان، فتوافقهما بالسدس و الثلث و النصف،و الاعتبار فی العمل بالجزء الدقیق و هو السدس.و فی العشرة و العشرین تفنیهما العشرة و الخمسة و الاثنان،فیعتبر فی

ص:300


1- 1) فی«ل»:فبأحد عشر.

و المتوافقان:هما اللّذان إذا أسقط أقلّهما من الأکثر مرّة أو مرارا بقی أکثر من واحد،کالعشرة و الاثنی عشر،فإنّک إذا أسقطت العشرة بقی توافقهما العشر،لأنه أقلّ للفریضة و أسهل فی الحساب.و علی هذا القیاس.

الثانی:یطلق المتوافقان علی معنیین:

أعمّ:و هو ما ذکرناه،و هو الذی عرّفه به المصنف-رحمه اللّه-من أنهما العددان اللّذان إذا أسقط أقلّهما من الأکثر مرّة أو مرارا بقی أکثر من واحد،فیشمل المتداخلین کالأربعة و الثمانیة،فإنهما یعدّهما الأربعة و الاثنان،و یعتبر فیهما الأربعة،و غیر المتداخلین کالأربعة و الستّة،فإنه یعدّهما الاثنان.و علی هذا فکلّ متداخلین متوافقان،و لا ینعکس.

و أخصّ:و هما العددان اللّذان یعدّهما ثالث و لا یعدّ أقلّهما الأکثر،سواء تجاوز الأقلّ نصف الأکثر کأربعة و ستّة،أم لا کثمانیة و عشرین،فإن بینهما توافقا بالربع بالمعنی الأخصّ مع قصور الثمانیة عن نصف العشرین.و علی هذا فالمتداخلان غیر متوافقین،و هو الذی اعتبره المصنف-رحمه اللّه-فی الأمثلة، لکن تعریفه لا یطابقه،و العذر ما أشرنا إلیه من إطلاق المعنیین علیهما،فیصحّ اعتبارهما بکلّ منهما،و إن کان ما یقتضی اختصار الحساب أولی.

الثالث:جعل المصنف-رحمه اللّه-المتوافقین قسیما للمتداخلین إنما یصحّ إذا اعتبرنا التوافق بالمعنی الأخصّ،لأن قسیم الشیء خارج عنه،و قد جعلهما معا قسمین للمختلفین و قسیمین (1)فی أنفسهما،و لا یکون کلّ منهما خارجا عن الآخر إلا علی تفسیر المتوافقین بالمعنی الأخصّ،أما علی ما اعتبره (2)من المعنی الأعمّ فالمتداخلان داخلان فی المتوافقین،فلا یصحّ جعلهما

ص:301


1- 1) کذا فی«و،م»،و فی سائر النسخ:قسمین.
2- 2) فی الحجریّتین:اعتبرناه.

اثنان،فإذا أسقطتهما من العشرة مرارا فنیت بهما.فإذا فضل بعد الإسقاط اثنان فهما یتوافقان بالنصف،و لو بقی ثلاثة فالموافقة بالثلث،و کذا إلی العشرة.و لو بقی أحد عشر(1)فالموافقة بالجزء منها.

و المتباینان هما اللّذان إذا أسقط الأقلّ من الأکثر مرّة أو مرارا بقی واحد.مثل:ثلاثة عشر و عشرین،فإنّک إذا أسقطت ثلاثة عشر بقی سبعة،فإذا أسقطت سبعة من ثلاثة عشر بقی ستّة،فإذا أسقطت ستّة من سبعة بقی واحد.

القسم الثانی:أن تکون الفریضة قاصرة عن السهام

القسم الثانی:أن تکون الفریضة قاصرة عن السهام و لن تقصر إلا بدخول الزوج أو الزوجة.مثل:أبوین و بنتین فصاعدا مع زوج أو زوجة،أو أبوین و بنت و زوج،أو أحد الأبوین و بنتین فصاعدا مع زوج.فللزوج أو الزوجة فی هذه المسائل نصیبهما الأدنی،و لکلّ واحد من الأبوین السدس،و ما یبقی فللبنت أو البنتین فصاعدا.و لا تعول الفریضة أبدا.

و کذا أخوان لأم و أختان فصاعدا لأب و أم أو لأب مع زوج أو زوجة،أو أحد کلالة الأم مع أخت و زوج.ففی هذه المسائل یأخذ الزوج أو الزوجة نصیبهما الأعلی،و یدخل النقص علی الأخت أو الأخوات للأب و الأم أو للأب خاصّة.

قسمین (1)لهما.و المصنف-رحمه اللّه-فی تعریفه ما اعتبر المتوافقین إلا بالمعنی الأعمّ،فلا یکون التقسیم صحیحا.

قوله:«و لو بقی أحد عشر.إلخ».

الضابط:أن العددین متی أفناهما عدد-و المراد به ما فوق الواحد،لأن

ص:302


1- 1) فی«و»:قسیمین.

..........

الواحد لا یدخل فی اسم العدد-فالموافقة بینهما بجزء ذلک العدد،فإن کان اثنین فبالنصف،أو ثلاثة فبالثلث،أو عشرة فبالعشر.و الموافقة فی هذه و ما بینهما (1)بأحد الکسور المفردة التسعة.

و إن کان العدد الذی یفنیهما ممّا فوق العشرة،فإن کان مضافا،کالاثنی عشر و الأربعة عشر و الخمسة عشر،فالموافقة بذلک الکسر المضاف المنسوب إلیه الجزء،کنصف السدس فی الأول،و نصف السبع فی الثانی،و ثلث الخمس فی الثالث.

و إن کان العدد أصمّ لا یرجع إلی کسر منطق و لا إلی جزئه،کأحد عشر و ثلاثة عشر و سبعة عشر و تسعة عشر و ثلاث و عشرین،فالموافقة بجزء من ذلک العدد،کاثنین و عشرین و ثلاثة و ثلاثین،فإنه لا یعدّهما إلا أحد عشر،فالموافقة بینهما بجزء من أحد عشر،فتردّ أحدهما إلیه و تضربه فی الآخر،فتضرب اثنین فی ثلاثة و ثلاثین أو ثلاثة فی اثنین و عشرین.و کثلاثة عشر و ستّة و عشرین، فالموافقة بینهما بجزء من ثلاثة عشر،فتضرب اثنین فی ثلاثة عشر.و هکذا.

و یتّفق ذلک فی مثل ما لو خلّف أحد عشر أخا لأب مثلا،و اثنین و عشرین أخا لأم.ففریضتهم ثلاثة تنکسر علی الفریقین،و یباین عددهم نصیبهم،و بین العددین توافق بالجزء من أحد عشر،فتردّ الأحد عشر إلی واحد و تضربه فی الاثنین و العشرین لا یتغیّر،أو تردّ الاثنین و العشرین إلی اثنین و تضربهما فی أحد عشر یبلغ اثنین و عشرین،تضربها فی أصل الفریضة تبلغ ستّة و ستّین،لکلالة الأم اثنان و عشرون،و لکلالة الأب أربعة و أربعون.و هکذا.

ص:303


1- 1) فی«ص»:بینها.

فإن انقسمت الفریضة(1)علی صحّة،و إلا ضربت سهام من انکسر علیهنّ النصیب فی أصل الفریضة.

مثال الأول:أبوان و زوج و خمس بنات.فریضتهم اثنا عشر، للزوج ثلاثة،و للأبوین أربعة،و یبقی خمسة للبنات بالسویّة.

و مثال الثانی:(2)کان البنات ثلاثا،فلم تنقسم الخمسة علیهنّ، ضربت ثلاثة فی أصل الفریضة،فما بلغت صحّت منه المسألة.

القسم الثالث:أن تزید الفریضة عن السهام

القسم الثالث:أن تزید الفریضة عن السهام فتردّ علی ذوی السهام،عدا الزوج و الزوجة و الأم مع الإخوة، علی ما سبق (1).

و فی عدد الإخوة من الأب و الأم یسهل التمثیل لجمیع أجزاء الوفق، فیتصوّر فیهم الوفق بالنصف فی مثل أربعة من أب و ستّة من أم،و بالثلث فی ثلاثة و ستّة أو ستّة و تسعة،و بالربع فی أربعة و ثمانیة أو ثمانیة و اثنی عشر،و بالخمس فی خمسة و عشرة،و بالسدس فی اثنی عشر و ثمانیة عشر،و بالسبع فی سبعة و أربعة عشر.و هکذا.و بقیّة العمل واضح بعد ما قد أوضحناه لک من الأمثلة.

قوله:«فإن انقسمت الفریضة.إلخ».

لأن فیها من الفروض ربعا و سدسا (2)،و هما متوافقان بالنصف،فتضرب نصف الأربعة فی ستّة یبلغ اثنی عشر.و مخرج الثلاثین نصیب البنات،لو اعتبرته (3)و لم تراع النقص الداخل فهو داخل فی مخرج السدس.

قوله:«و مثال الثانی.إلخ».

هذا من أمثلة ما لو انکسر علی فریق واحد و بین عدده و نصیبه تباین،

ص:304


1- 1) فی ص:94.
2- 2) فیما لدینا من النسخ الخطّیة:ربع و سدس،و الصحیح ما أثبتناه.
3- 3) فی«د،ر،م»:لو اعتبر به و لم یراع.

أو یجتمع من له سببان(1)مع من له سبب واحد،فذو السببین أحقّ بالردّ.مثل:أبوین(2)و بنت،فإذا لم یکن إخوة فالردّ أخماسا،و إن کان إخوة فالردّ أرباعا،تضرب مخرج سهام الردّ فی أصل الفریضة.و مثل:أحد الأبوین و بنتین فصاعدا،فالفاضل یردّ أخماسا،فتضرب خمسة فی أصل الفریضة.

فتقتصر علی عدده-و هو ثلاثة-و تضربه فی أصل الفریضة.و کذا لو کنّ أربعا أو ستّا إلی التسع.

و لو کنّ عشرا وافق عددهنّ نصیبهنّ بالخمس،فتردّ عددهنّ إلی اثنین و تضربهما فی أصل الفریضة یبلغ أربعة و عشرین،تبقی للبنات بعد ذوی الفروض عشرة بعددهنّ.

و لو کنّ خمس عشرة وافق عددهنّ نصیبهنّ بالخمس أیضا،فتردّه إلی ثلاثة و تضربها فی أصل الفریضة،تکمل لهنّ خمسة عشر بعددهنّ.و علی هذا القیاس.

قوله:«أو یجتمع من له سببان.إلخ».

کالأخت من الأبوین مع الإخوة للأم.

قوله:«مثل أبوین.إلخ».

هذا مثال ما إذا زادت الفریضة عن السهام و ردّ الفاضل علیهم من غیر أولویّة.أصل فریضتهم ستّة مخرج السدس،لدخول مخرج النصف فیه.و الفاضل عن الفروض-و هو واحد-إن ردّ علی الجمیع ضربت خمسة سهام الردّ فی ستّة، و إن ردّ علی الأب و البنت خاصّة،لوجود الحاجب عنه للأم،ضربت أربعة فی ستّة.

ص:305

و مثل:واحد من کلالة(1)الأم مع أخت لأب،فالردّ علیهما علی الأصحّ أرباعا.

و مثل اثنین من کلالة الأم مع أخت لأب،فإن الردّ یکون أخماسا، تضرب خمسة فی أصل الفریضة،فما ارتفع صحّت منه القسمة.

المقصد الثانی:فی المناسخات

المقصد الثانی:

فی المناسخات(2) و نعنی به أن یموت إنسان فلا تقسّم ترکته،ثمَّ یموت بعض ورّاثه و یتعلّق الغرض بقسمة الفریضتین من أصل واحد.فطریق ذلک:أن تصحّح مسألة الأول،و یجعل للثانی من ذلک نصیب إذا قسّم علی ورثته صحّ من غیر کسر.

قوله:«و مثل واحد من کلالة.إلخ».

و قیل:یختصّ الزائد بالأخت للأب.و قد تقدّم (1)البحث فی ذلک.

قوله:«فی المناسخات.إلخ».

المناسخات جمع مناسخة،و هی مفاعلة من النسخ،و هو النقل و التحویل، تقول:نسخت الکتاب،إذا نقلته من نسخة إلی أخری.سمّیت هذه المسائل بها لأن الأنصباء بموت المیّت الثانی تنسخ و تنتقل من عدد إلی عدد،و کذا التصحیح ینتقل من حال إلی حال،و کذا عدد مجموع الورثة ینتقل من مقدار إلی مقدار بموت واحد منهم.و قد یطلق علی الإبطال،و منه:نسخت الشمس الظلّ،إذا أبطلته.و وجهه هنا:أن الفرض (2)أبطل تلک القسمة و تعلّق غرضه بغیرها و إن اتّفق موافقة الثانیة للأولی.

ص:306


1- 1) فی ص:146.
2- 2) کذا فی«و،خ»،و فی سائر النسخ:الغرض.

فإن کان ورثة الثانی(1)هم ورثة الأول من غیر اختلاف فی القسمة کان کالفریضة الواحدة.مثل:إخوة ثلاثة و أخوات ثلاث من جهة واحدة،مات أحد الإخوة،ثمَّ مات الآخر،ثمَّ ماتت إحدی الأخوات،ثمَّ ماتت أخری،و بقی أخ و أخت،فمال الموتی بینهما أثلاثا أو بالسویّة.

قوله:«فإن کان ورثة الثانی.إلخ».

الضابط:أنه مع انحصار ورثة الثانی فی الباقین،و کان الإرث الثانی علی حسب إرثهم فی الأول،یجعل المیّت الثانی کأن لم یکن و تقسّم الترکة علی الباقین،کما لو مات الأول عن إخوة و أخوات من أب أو أم،سواء کانوا کلّهم ذکورا أم إناثا أم متفرّقین،و سواء مات الثانی و الثالث من صنف واحد أم من الصنفین،و سواء اتّحدت جهة الاستحقاق-کما ذکرناه فی الإخوة-أم اختلفت، کما لو مات شخص عن بنین و بنات ثمَّ مات أحدهم و لم یترک وارثا سوی باقی إخوته.و هکذا.

و احترزنا بکون إرث الباقین علی حسب إرثهم فی الأول عمّا لو ماتت امرأة عن أولاد مختلفی الآباء،فکان واحد منهم من أب-مثلا- و الباقون من أب آخر،فإن مالها للجمیع بالسویّة أو للذکر مثل حظّ الأنثیین، فإذا مات واحد من الإخوة للأب و الأم و ترک الباقین فإن إرثه منحصر فیهم، لکن إرثهم من الأخ لیس علی حسب إرثهم من الأم،فإن الأخ من الأم له السدس و الإخوة من الأبوین لهم الباقی،فیکون الحکم هنا کما لو اختلف الوارث.

ص:307

و لو اختلف الاستحقاق(1)أو الورّاث أو هما فانظر نصیب الثانی،فإن نهض بالقسمة علی الصحّة فلا کلام.مثل:أن یموت إنسان و یترک زوجة و ابنا و أبا و بنتا،فللزوجة الثمن ثلاثة من أربعة و عشرین،ثمَّ تموت الزوجة فتترک ابنا و بنتا.

قوله:«و لو اختلف الاستحقاق.إلخ».

یفهم من قوله:«و لو اختلف الاستحقاق أو الورّاث»أن الصورة الأولی اتّحد فیها الوارث و الاستحقاق،و لیس کذلک،فإن عدد الوارث فی الأولی نقص عنه فی الثانیة فلم یتّحد.

و الأولی فی تقسیم المسألة إلی الحالتین أن یقال-کما أشرنا إلیه فی الأولی-:أنه إما أن ینحصر ورثة المیّت الثانی فی الباقین،و یکون الإرث من الثانی علی حسب إرثهم من الأول،و هی الحالة الأولی،أو لا یکون کذلک،بأن لا ینحصر ورثة الثانی فی الباقین،أو ینحصر و لکن اختلف مقدار الاستحقاق، و هی الحالة الثانیة.ثمَّ عدم انحصار ورثة الثانی من الباقین إما لأن الوارث غیرهم،أو لأن غیرهم یشرکهم.

و المراد باختلاف الاستحقاق ما أشرنا إلیه سابقا من إرث الأخوة الذین أحدهم من الأم،فإن الوارث فی الثانیة هو الباقون من وارث الأولی لکن اختلف الاستحقاق،فاحتیج إلی تصحیح المسألة الثانیة أیضا،بخلاف ما لو کان الوارث هو الباقون مع بقاء الاستحقاق علی حاله،کما إذا کان الأخوّة من جهة واحدة.

و لا فرق علی الحالتین بین اتّحاد جهة الاستحقاق کالإرث بالبنوّة و الأخوّة،أو اختلافه کالإرث فی الأولی بالبنوّة و فی الثانیة بالأخوّة،کما فی الفرض الذی ذکرناه.

ص:308

..........

و مثال اختلاف الوارث فی المسألتین إما فی الجمیع،فکما لو خلّف الأول أولادا ثمَّ مات أحدهم و خلّف أولادا أیضا،أو فی البعض (1)،کما لو خلّف الأول زوجة و أولادا من الزوجة ثمَّ مات أحد الأولاد عن أولاد و عن أمه و هی الزوجة المذکورة.

و مع اختلاف الوارث قد یختلف الاستحقاق علی الوجه الذی ذکرناه، کالمثال الثانی بواسطة دخول الأم،و قد لا یختلف کالأول،فإن إرث الثانی بالبنوّة علی حسب إرثهم فی الأول للذکر مثل حظّ الأنثیین.

و بعضهم فسّر الاستحقاق بجهته من بنوّة و أخوّة و نحوها،فجعل الوارث فی الأمرین متی کان بالأخوّة أو بالبنوّة فالاستحقاق واحد و إن اختلف الوارث، و متی کان أحدهما بالبنوّة و الثانی بالأخوّة-مثلا-فالاستحقاق مختلف و إن کان الوارث الثانی منحصرا فی الباقین من الأول.

و هذا التعریف لا یطابق قسمة المناسخات فی الحالتین معا علی إطلاقه، لأنه یستلزم أن یکون مع اختلاف جهة الإرث مطلقا یحتاج إلی البحث عن الفریضة الثانیة و لا یکتفی بالأولی،و هو ینتقض بما لو مات الأول عن أولاد ثمَّ مات بعضهم عن الباقین،فإن جهة الاستحقاق فی الأولی بالبنوّة و فی الثانیة بالأخوّة،مع أن هذه لا تفتقر إلی تصحیح الفریضتین کما قرّرناه (2)،بل یجعل المیّت الثانی کأن لم یکن،کما لو کان الأول قد ترک إخوته ثمَّ مات إخوة الآخر، و لا یقدح اختلاف جهة الإرث بالبنوّة و الأخوّة فی ذلک أصلا.

ص:309


1- 1) کذا فی نسخة بدل«و»،و هو الصحیح،و فی سائر النسخ:الجمیع.
2- 2) انظر ص:307.

فإن لم ینقسم نصیبه علی وارثه علی صحّة فهنا صورتان:

الأولی: أن یکون بین نصیب(1)المیّت الثانی من فریضة الأول و الفریضة الثانیة وفق،فتضرب وفق الفریضة الثانیة-لا وفق نصیب المیّت الثانی-فی الفریضة الأولی،فما بلغ صحّت منه الفریضتان.

مثل:أخوین من أم و مثلهما من أب و زوج،ثمَّ مات الزوج و خلّف ابنا و بنتین.فالفریضة الأولی ستّة تنکسر فتصیر إلی اثنی عشر،نصیب الزوج ستّة لا تنقسم علی أربعة،و لکن توافق الفریضة الثانیة بالنصف، فتضرب جزء الوفق من الفریضة الثانیة و هو اثنان-لا من النصیب-فی الفریضة الأولی و هی اثنا عشر،فما بلغت صحّت منه الفریضتان.و کلّ من کان له من الفریضة الأولی شیء أخذه مضروبا فی اثنین.

و فی هذه الصورة-و هی کون الإرث بالأخوّة فی الصورتین-الوارث مختلف،لأنه فی الأولی زائد عن الثانیة بالمیّت،و الوارث الثانی بعض الأول، و الجزء مغایر للکلّ،فیلزم علی هذا أن یحتاج إلی البحث عن حال الفریضتین کما فی الحالة الثانیة،و لیس کذلک.

و لو فرض الحالتین کما قرّرناه سابقا لسلم من المحذورین،لکن علی هذا جری الأکثر.

قوله:«أن یکون بین نصیب.إلخ».

و لو أردت معرفة نصیب کلّ واحد من الورثة ممّا حصل من الضرب فاعلم:

أن من له شیء من المسألة الأولی یأخذه مضروبا فیما ضربته فی المسألة الأولی، و هو تمام المسألة الثانیة أو وفقها،و من له شیء من المسألة الثانیة یأخذه مضروبا فی نصیب المیّت الثانی من المسألة الأولی،و فی وفق النصیب إن کان بین نصیبه

ص:310

..........

و مسألته موافقة.

أمثلة ذلک:

فمنها:ما ذکره المصنف،و هو أخوان لأم و مثلهما لأب و زوج،ثمَّ مات الزوج و خلّف ابنا و بنتین.فالفریضة الأولی ستّة،لأن فیها نصفا و ثلثا،و مضروب أحد مخرجیهما (1)فی الآخر ستّة،للزوج ثلاثة،و للأخوین من الأم اثنان،فلا کسر،و للأخوین من الأب واحد،و لهما سهمان،فتضربهما فی أصل الفریضة یبلغ اثنی عشر،للزوج منها ستّة،لا تنقسم علی ورثته بصحّة،و فریضتهم أربعة توافق نصیبه بالنصف،فتضرب وفق الفریضة الثانیة-و هو اثنان-فی الفریضة الأولی تبلغ أربعة و عشرین.فللأخوین من الأم أربعة من الفریضة الأولی،یأخذانها مضروبة فیما ضربته فی المسألة الأولی-و هو اثنان-تبلغ ثمانیة،و هو ثلث الفریضة،و للأخوین من الأب من الأولی اثنان،یأخذانهما مضروبین فی اثنین، و للزوج ستّة یأخذها مضروبة فی اثنین.ثمَّ ابن الزوج له نصف فریضة،و هو ثلاثة من نصیب أبیه فی الأولی،یأخذها مضروبة فی وفق نصیبه و مسألته و هو اثنان،و للبنتین النصف تأخذان الثلاثة مضروبة فی اثنین کذلک.

و منها:أن یخلّف الأخ من الأم فی المثال ابنا و بنتین.نصیبهم اثنان، و فریضتهم من أربعة،و بینهما توافق بالنصف،فتضرب نصف الفریضة-و هو اثنان -فی الفریضة الأولی یبلغ أربعة و عشرین أیضا.و القسمة واضحة.

و منها:أن یخلّف الأول أبوین و ابنا ثمَّ یموت الابن عن ابنین و بنتین.

فریضة الأول من ستّة،للابن منها أربعة،و فریضته (2)من ستّة أیضا،و هی توافق

ص:311


1- 1) کذا فی«و»،و فی«ل»:مخرجهما،و فی سائر النسخ:مخرجها.
2- 2) فی الحجریّتین:و فریضة الثانی من.

الصورة الثانیة: أن یتباین النصیب(1)و الفریضة،فتضرب الفریضة الثانیة فی الأولی،فما بلغ صحّت منه الفریضتان.و کلّ من کان له من الفریضة الأولی شیء أخذه مضروبا فی الثانیة.

مثل:زوج و اثنین من کلالة الأم و أخ[من أب]،ثمَّ مات الزوج و ترک ابنین و بنتا.فریضة الأول من ستّة،نصیب الزوج ثلاثة لا تنقسم علی خمسة و لا توافق،فاضرب الخمسة فی الفریضة الأولی،فما بلغ صحّت منه الفریضتان.

نصیبه بالنصف،فتضرب نصف فریضته-و هو ثلاثة-فی أصل الفریضة یبلغ ثمانیة عشر،له منها اثنا عشر تنقسم بین ورثته علی صحّة،و للأبوین ستّة.

و منها:أن یخلّف الابن فی المثال زوجة و ولدا.فریضته ثمانیة توافق نصیبه بالربع،فتضرب ربع الفریضة-و هو اثنان-فی الفریضة الأولی یبلغ اثنی عشر،له منها ثمانیة بمقدار فریضته المطلوبة.و علی هذا القیاس.

قوله:«أن یتباین النصیب.إلخ».

إنما کانت الأولی من ستّة لأن فیها ثلثا و نصفا.و لا یقال:إن فیها سدسا و نصفا و النصف داخل فیه،لأن کلالة الأم مع التعدّد فریضتهم الثلث،و إن اتّفق أن لکلّ واحد منهم سدسا علی تقدیر کونهم اثنین،فإن ذلک اتّفاقی.و باقی المثال واضح.

و لو ترک الزوج ابنین فکذلک،لکن هنا فریضته اثنان تضربهما فی الأولی، فله ستّة فی الثانیة مضروب الثلاثة نصیبه من الأولی فی اثنین،و للأخوین من الأم أربعة مضروب اثنین فی اثنین،و للأخ من الأب اثنان.

و مثل:أبوین و ابن،ثمَّ ترک الابن ابنین و بنتا أو ابنا و بنتا.ففریضة الأول ستّة کالسابقة،للابن أربعة.و فریضته فی الأول خمسة تباین نصیبه،فتضرب

ص:312

و لو کانت المناسخات(1)أکثر من فریضتین نظرت فی الثالثة،فإن انقسم نصیب الثالث علی ورثته علی صحّة،و إلا عملت فی فریضته مع الفریضتین ما عملت فی فریضة الثانی مع الأول.و کذا لو فرض موت رابع أو ما زاد علی ذلک.

فریضته فی الفریضة الأولی تبلغ ثلاثین،فیأخذ ورثته الأربعة مضروبة فی خمسة،و هو عشرون.و فی الثانی فریضته ثلاثة تباین الأربعة أیضا،فتضرب ثلاثة فی ستّة تبلغ ثمانیة عشر،له منها اثنا عشر بین الابن و البنت أثلاثا.و هکذا قس ما یرد علیک من الأمثلة.

قوله:«و لو کانت المناسخات.إلخ».

یمکن فرض ذلک بأقسامه فی المثال السابق،بأن یموت أحد ولدی الزوج،فإن نصیب الولد المذکور من نصیب أبیه ستّة من خمسة عشر،فهذه مناسخة ثالثة.فإن خلّف ابنین و بنتین،أو ستّة أولاد متساوین ذکوریّة و أنوثیّة و نحو ذلک،انقسمت فریضته من سهمه بغیر کسر.

و إن خلّف ابنا و بنتین کانت فریضته من أربعة،و هی توافق نصیبه بالنصف، فتضرب نصف فریضته-و هو اثنان-فیما اجتمع من المسألتین-و هو ثلاثون- یبلغ ستّین،و تکمل العمل (1).و کلّ من کان له شیء من الفریضة الثانیة أخذه مضروبا فی اثنین.

و إن خلّف ابنین و بنتا باینت فریضته و هی خمسة لنصیبه و هو ستّة، فتضرب فریضته فی ثلاثین تبلغ مائة و خمسین.و من کان له شیء من الفریضة الثانیة أخذه مضروبا فی خمسة.

و لو فرض موت آخر من هذه الأولاد فهی رابعة،فتعتبر فریضته و نصیبه، و تعمل کما عملت سابقا.و هکذا.

ص:313


1- 1) فی«ل،خ،ر»:العدد.
المقصد الثالث فی معرفة سهام الورّاث من الترکة

المقصد الثالث فی معرفة(1)سهام الورّاث من الترکة فللناس فی ذلک(2)طرق،أقربها أن تنسب سهام کلّ وارث من الفریضة،و تأخذ له من الترکة بتلک النسبة،فما کان فهو نصیبه منها.

قوله:«فی معرفة.إلخ».

هذا المقصد هو ثمرة حساب الفرائض،فإن المسألة قد تصحّ من مائة -مثلا-و الترکة ثلاثة دراهم أو درهم،فلا یتبیّن ما نصیب (1)کلّ وارث إلا بعمل آخر،و بیانه بهذه الطرق و نحوها.

و اعلم أن الترکة إن کانت عقارا فهو مقسوم علی ما صحّت منه (2)المسألة، و لا یحتاج إلی عمل آخر.و یمکن مع ذلک توضیح النصیب زیادة علی ما صحّت منه.و إن کان ممّا یعدّ أو یکال أو یوزن أو یذرع احتیج إلی عمل یتبیّن به نسبة حقّ کلّ واحد من الأصل.

قوله:«و للناس فی ذلک.إلخ».

هذا الطریق شامل لجمیع أصناف الترکة،عقارا کان أم غیره.و هو إنما یکون أقرب إذا کانت النسبة واضحة،کزوج و أبوین،الفریضة من ستّة،للزوج ثلاثة هی نصف الفریضة،فیعطی نصف الترکة کائنة ما کانت،و للأم مع عدم الحاجب اثنان هما ثلث الفریضة،فلها ثلث الترکة،و للأب واحد و هو سدس الفریضة،فیعطی سدس الترکة و إن کانت درهما.و کزوجة و أبوین،الفریضة من اثنی عشر،للزوجة ثلاثة هی ربع الفریضة،فتعطی ربع الترکة،و هکذا القول فی البواقی.

ص:314


1- 1) فی«د»:یصیب.
2- 2) فی«ل،خ،ر»:فیه.

و إن شئت قسّمت(1)الترکة علی الفریضة،فما خرج بالقسمة ضربته فی سهام کلّ واحد،فما بلغ فهو نصیبه.

و قد لا تتّضح النسبة،کما لو کانت الترکة خمسة دراهم،فتعسر معرفة سدسها،فیحتاج إلی عمل آخر ممّا سیأتی.

قوله:«و إن شئت قسّمت.إلخ».

هذا الوجه یحتاج إلیه حیث تعسر معرفة نسبة عدد الترکة إلی سهام الفریضة،کما لو کانت الترکة عشرة دنانیر و السهام هی المذکورة فی المثالین السابقین،فتعسر معرفة سدسها و نحوه من الکسور.

فطریقه:أن تقسّم الترکة علی الفریضة،یخرج فی المثال الأول واحد و ثلثان.فإذا أردت أن تعرف نصیب الزوج من الترکة فاضرب الخارج فی سهامه -و هی ثلاثة-تخرج خمسة،فهی نصیبه من العشرة.و اضرب الخارج فی اثنین سهام الأم تخرج ثلاثة و ثلث،فهی نصیبها من العشرة.و تضربه فی واحد یخرج بقدره،و هو نصیب الأب.

و فی المثال الثانی تنسب العشرة إلی الاثنی عشر تکون خمسة أسداس، تضربها فی سهام الزوجة-و هی ثلاثة-یخرج اثنان و نصف،فهو نصیبها من الترکة.و تضربها فی أربعة نصیب الأم تخرج ثلاثة و ثلث،و هی نصیبها منها.

و تضربها فی خمسة سهام الأب تخرج أربعة و سدس،فهی نصیبه.

و لو کانت مع الورثة فی المثال الأول بنت فالفریضة من اثنی عشر،للبنت منها خمسة.فلو أردت معرفة نسبتها إلی العشرة التی هی الترکة فاضرب الخمسة الأسداس الخارجة بالقسمة فی الخمسة تخرج أربعة و سدس،کنصیب الأب فی الثانیة.و للزوج مضروب خمسة أسداس فی ثلاثة،و هو اثنان و نصف،کنصیب

ص:315

و لک طریق آخر:(1)و هو أنه إذا کانت الترکة صحاحا لا کسر فیها حرّر العدد الذی منه تصحّ الفریضة،ثمَّ خذ ما حصل لکلّ وارث و اضربه فی الترکة،فما حصل فاقسمه علی العدد الذی صحّحت منه الفریضة،فما خرج فهو نصیب ذلک الوارث.

الزوجة فی الثانی.و للأبوین مضروب خمسة أسداس فی أربعة،و هی ثلاثة و ثلث.

و متی کانت الفریضة و الترکة متوافقتین-کما فی المثال-فلک أن تأخذ وفقهما و تضرب سهام کلّ وارث فی وفق الترکة،فما بلغ فاقسمه علی وفق الفریضة،فما خرج فهو نصیبه من الترکة.

ففی المثال تأخذ وفق الترکة خمسة و تضرب فیه سهام البنت-و هی خمسة أیضا-تبلغ خمسة و عشرین،اقسمها علی وفق الفریضة-و هو ستّة- تخرج أربعة و سدس.و تضرب أیضا سهام الأبوین-و هی أربعة-فی الوفق المذکور تبلغ عشرین،تقسّمها علی وفق الفریضة تخرج ثلاثة و ثلث.و تضرب سهم الزوج-و هو ثلاثة-فی خمسة تبلغ خمسة عشر،تقسّمه علی ستّة یخرج اثنان و نصف.

و إن شئت فاقسم وفق الترکة علی وفق الفریضة،فما خرج فاضربه فی سهم کلّ وارث،فما بلغ فهو نصیبه.فتقسّم فی المثال خمسة علی ستّة تخرج خمسة أسداس،و هو المعبّر عنه بالنسبة،فإذا ضربت فیها سهم کلّ وارث خرج نصیبه من الترکة.و هو ظاهر.و علی هذا القیاس.

و هذا الطریق أسهل إخراجا للمطلوب من الأول عند خفاء النسبة،و الأول أسهل عند ظهورها.

قوله:«و لک طریق آخر.إلخ».

هذا الطریق أیضا عامّ النفع فی النسبة الظاهرة و الخفیّة.و مثاله فی الزوج

ص:316

..........

و الأبوین و البنت و کون الترکة عشرة دنانیر:أن تأخذ سهام البنت-و هی خمسة- و تضربه فی الترکة،تبلغ خمسین،تقسّمها علی اثنی عشر تخرج أربعة و سدس.

و تضرب سهام الأبوین-و هی أربعة-فی عشرة تبلغ أربعین،تقسّمها علی اثنی عشر تخرج ثلاثة و ثلث.و تضرب سهام الزوج-و هی ثلاثة-فی عشرة تبلغ ثلاثین،تقسّمه علی اثنی عشر یخرج اثنان و نصف کالأول.

و لو کانت الترکة خمسة ضربت سهام البنت فیها تبلغ خمسة و عشرین، و الخارج من قسمتها علی اثنی عشر اثنان و نصف سدس.و ضربت سهام الأبوین فیها تبلغ عشرین،و الخارج من قسمتها علی الفریضة واحد و ثلثان.و ضربت سهام الزوج فیها تبلغ خمسة عشر،و الخارج من قسمتها علی الفریضة واحد و ربع.و مجموع ذلک خمسة.

و لو کانت الترکة عشرین دینارا فاضرب فیها سهام البنت تبلغ مائة،أقسمها علی اثنی عشر یکون الخارج بالقسمة ثمانیة و ثلثا (1).و اضرب فیها سهام الأبوین- و هی أربعة-تبلغ ثمانین،و الخارج من قسمتها علی اثنی عشر ستّة و ثلثان.

و اضرب فیها سهام الزوج-و هی ثلاثة-تبلغ ستّین،و الخارج من قسمتها علی اثنی عشر خمسة.و علی هذا القیاس (2)باقی الأمثلة.

ص:317


1- 1) فیما لدینا من النسخ الخطّیّة:و ثلث،و الصحیح ما أثبتناه.
2- 2) فی«ط،ل،ر،خ»:قیاس.

و إن کان فیها کسر(1)فابسط الترکة من جنس ذلک الکسر،بأن تضرب مخرج ذلک الکسر فی الترکة،فما ارتفع أضفت إلیه الکسر، و عملت فیه ما عملت فی الصحاح،فما اجتمع للوارث قسّمته علی ذلک المخرج،فإن کان الکسر نصفا قسّمته علی اثنین،و إن کان ثلثا قسّمته علی ثلاثة،و علی هذا إلی العشر تقسّمه علی عشرة،فما اجتمع فهو نصیبه.

قوله:«و إن کان فیها کسر.إلخ».

کما لو کانت الترکة فی المثال المذکور عشرة دنانیر و نصفا،فإذا بسطتها من جنس الکسر صارت أحد و عشرین،و اعمل فیها ما عملت سابقا،بأن تضرب سهام البنت-و هی خمسة من اثنی عشر-فی أحد و عشرین تبلغ مائة و خمسة، تقسّمها علی اثنی عشر تخرج بالقسمة ثمانیة و ثلاثة أرباع،تقسّمها علی اثنین تخرج أربعة و ربع و ثمن.و تضرب سهام الأبوین-و هی أربعة-فی أحد و عشرین تبلغ أربعة و ثمانین،تقسّمها علی اثنی عشر تخرج سبعة،تقسّمها علی اثنین تخرج ثلاثة و نصف،فهو نصیبهما من الترکة.و تضرب سهام الزوج-و هی ثلاث -فی أحد و عشرین تبلغ ثلاثة و ستّین،تقسّمها علی اثنی عشر تخرج خمسة و ربع،تقسّمها علی اثنین یخرج اثنان و نصف و ثمن،اجمع الجمیع و أضف الکسور بعضها إلی بعض تبلغ عشرة و نصفا.و علی هذا القیاس.

و المراد بقوله:«بأن تضرب مخرج الکسر فی الترکة»أنّک تضربه فی صحاح الترکة دون کسرها،بدلیل قوله:«فما ارتفع أضفت إلیه الکسور».فتضرب فی المثال اثنین فی عشرة،ثمَّ تضیف الواحد-و هو الکسر-إلی المجتمع و هو عشرون.و لو ضربت المخرج فی الصحاح و الکسر ابتداء حصل المطلوب أیضا، لکن یستغنی عن إضافة الکسر مرّة أخری.

ص:318

و لو کانت المسألة(1)عددا أصمّ فاقسم الترکة علیه.فإن بقی ما لا یبلغ دینارا فابسطه قراریط و اقسمه.فإن بقی ما لا یبلغ قیراطا فابسطه حبّات و اقسمه.فإن بقی ما لا یبلغ حبّة فابسطه أرزّات و اقسمه.فإن بقی ما لا یبلغ أرزّة فانسبه بالأجزاء إلیها.

قوله:«و لو کانت المسألة.إلخ».

العدد الأصمّ هو الخالی من الکسور التسعة المنطقة من النصف و الثلث إلی العشر،کأحد عشر و ثلاثة عشر.فإذا کانت الفریضة کذلک،کما لو خلّف المیّت أربعة بنین و ثلاث بنات،ففریضتهم أحد عشر،فإن کانت الترکة اثنی عشر دینارا -مثلا-جعل کلّ سهم منها دینارا و جزءا من أحد عشر جزءا من دینار،فیقال:

للابن دیناران و جزءان من أحد عشر جزءا من دینار،و للبنت دینار و جزء،و لا یحتاج إلی البسط.

و إن بقی بعد القسمة ما لا یبلغ دینارا،کما لو کانت الترکة أحد عشر دینارا و ثلاثة أرباع دینار،فابسط کسر الدینار قراریط یبلغ خمسة عشر قیراطا،لأن الدینار عشرون قیراطا،اقسمها علی أحد عشر تبقی أربعة قراریط،ابسطها حبّات تبلغ اثنتی عشرة حبّة،لأن القیراط ثلاث حبّات،تفضل عن القسمة حبّة، ابسطها أرزّات تکن أربعا لا تنقسم،فاعتبرها بالجزء یکون الخارج بالقسمة أربعة أجزاء من أرزّة.

فکلّ سهم یخصّه دینار و قیراط و حبّة و أربعة أجزاء من أرزّة،اجمعها لتعلم صحّة الحساب،یخرج أحد عشر دینارا و أحد عشر قیراطا و إحدی عشرة حبّة و أربعة و أربعون جزءا من أرزّة،کلّ أحد عشر منها بأرزّة،یکون المجموع أربع أرزّات و ذلک حبّة،ضمّها إلی الحبّات تکن اثنتی عشرة حبّة،و جملتها أربعة

ص:319

و قد یغلط الحاسب،(1)فاجمع ما یحصل للورّاث،فإن ساوی الترکة فالقسمة صواب،و إلا فهی خطأ.

قراریط،ضمّ إلیها القیراط الزائد عن نصف الدینار-و هو عشرة قراریط-یکن المجموع خمسة قراریط،و هو ربع دینار،صار مجموع ذلک أحد عشر دینارا و ثلاثة أرباع دینار.

و لو اعتبرت الکسر المنطق بذلک،و کذلک الدینار الکامل کالثانی عشر فی المثال بذلک،صحّ أیضا،لکن المصنف-رحمه اللّه-اعتبر به ما یعتبر من الکسر.

و لو کانت البنون أربعا،و البنات خمسا،و الترکة عشرین دینارا،فالفریضة ثلاثة عشر عدد أصمّ،تقسّم علیه العشرین تفضل سبعة،تبسطها قراریط تخرج بالقسمة عشرة قراریط لکلّ سهم،و تفضل عشرة قراریط تبسطها حبّات تکن ثلاثین حبّة،تقسّمها علی ثلاثة عشر تخرج حبّتان و تفضل أربع،تبسطها أرزّات تکن ستّ عشرة،تقسّمها علی ثلاثة عشر تفضل ثلاث أرزّات،تقسّمها علیها بالأجزاء تخرج ثلاثة أجزاء من ثلاثة عشر جزءا من أرزّة.فنصیب کلّ ابن ثلاثة دنانیر و أربع حبّات و أرزّتان و ستّة[1]أجزاء من ثلاثة عشر جزءا من أرزّة،و لکلّ بنت نصف ذلک،و هو دینار و عشرة قراریط و حبّتان و أرزّة و ثلاثة أجزاء من ثلاثة عشر جزءا من أرزّة.و علی هذا القیاس.

قوله:«و قد یغلط الحاسب.إلخ».

هذا ضابط مفید فی هذه المسألة و غیرها من مسائل الفرائض إذا قسّمتها و احتمل الخطأ فی الحساب أو فی القسمة،فاجمع ما یحصل لکلّ وارث و ضمّ

ص:320

..........

بعضه إلی بعض،فإن بلغ مجموع السهام أو مجموع الترکة بالنسبة إلی قسمتها فالحساب صحیح أو القسمة (1)،و إلا فلا.

ففی مثالنا السابق تجمع ما حصل للأولاد،و تضمّ الدنانیر و أجزاءها بعضها إلی بعض،و تعتبر هل تبلغ العشرین التی هی الترکة أم لا؟و قد عرفت أن کلّ سهم من الثلاثة عشر یخصّه دینار و عشرة قراریط و حبّتان و أرزّة و ثلاثة أجزاء من ثلاثة عشر جزءا من أرزّة،فضمّ بعضها إلی بعض تکن الدنانیر ثلاثة عشر، و أنصافها ثلاثة عشر أیضا بستّة دنانیر و نصف،و ذلک تسعة عشر دینارا و نصف دینار.ثمَّ تجمع الحبّات بعضها إلی بعض تکن ستّا و عشرین حبّة،و الأرزّات ثلاث عشرة أرزّة،و أجزاؤها تسعة و ثلاثین جزءا من ثلاثة عشر جزءا من أرزّة، و ذلک ثلاث أرزّات.فمجموع الأرزّات ستّ عشرة،هی أربع حبّات،فإذا جمعتها مع ما سبق بلغت ثلاثین حبّة،هی عشرة قراریط،و ذلک مجموع عشرین دینارا، فتبیّن أن القسمة صحیحة.و اللّه الموفّق.

ص:321


1- 1) فی«خ»:و القسمة.

ص:322

کتاب القضاء

اشارة

ص:323

ص:324

کتاب القضاء (1) و النظر فی:صفات القاضی،و آدابه،و کیفیّة الحکم،و أحکام الدعاوی کتاب القضاء القضاء لغة یطلق علی أحکام الشیء و إمضائه،و منه وَ قَضَیْنا إِلی بَنِی إِسْرائِیلَ (1).و علی الإتمام،و منه فَإِذا قَضَیْتُمْ مَناسِکَکُمْ (2).و علی الفراغ من الأمر،و منه فَوَکَزَهُ مُوسی فَقَضی عَلَیْهِ (3)،أی:قتله و فرغ منه،و منه قولهم:قضی حاجته،أی:أتمّها و فرغ منها.و علی نفس الحکم،و منه قوله تعالی وَ اللّهُ یَقْضِی بِالْحَقِّ (4).

و سمّی القضاء قضاء لأن القاضی یتمّ الأمر بالفصل و یمضیه و یفرغ منه.

و یسمّی حکما،لما فیه من منع الظالم عن ظلمه.

و عرّفوه شرعا:بأنه ولایة الحکم شرعا لمن له أهلیّة الفتوی بجزئیّات (5)القوانین الشرعیّة،علی أشخاص معیّنة من البریّة،بإثبات الحقوق و استیفائها للمستحقّ.

و مبدؤه:الرئاسة العامّة فی أمور الدین و الدنیا.

و غایته:قطع المنازعة.

و خواصّه:أن الحکم فیه لا ینتقض بالاجتهاد،و صیرورته أصلا ینفذه غیره من القضاة و إن خالف اجتهاده،ما لم یخالف دلیلا قطعیّا.و له ولایة علی کلّ مولّی

ص:325


1- 1) الإسراء:4.
2- 2) البقرة:200.
3- 3) القصص:15.
4- 4) الغافر:20.
5- 5) فی«د،ت،ث»:بجریان.

الأول:فی الصفات

اشارة

الأول:فی الصفات و یشترط فیه:البلوغ،(1)و کمال العقل،و الإیمان،و العدالة،و طهارة المولد،و العلم،و الذکورة.

فلا ینعقد القضاء لصبیّ و لا مراهق،و لا لکافر،لأنه لیس أهلا للأمانة.و کذا الفاسق.

و یدخل فی ضمن العدالة اشتراط الأمانة،و المحافظة علی فعل الواجبات.

و لا ینعقد القضاء لولد الزنا مع تحقّق حاله،کما لا تصحّ إمامته و لا شهادته فی الأشیاء الجلیلة.

علیه مع فقد ولیّه،و مع وجوده فی مواضع یأتی بعضها إن شاء اللّه تعالی.و یلزم به حکم البیّنة من شهدت علیه و الشهود.فأما من شهدت علیه فبإلزامه الحقّ.و أما الشهود فبتغریمهم إیّاه لو رجعوا عن الشهادة بعده.

و هو من متمّمات (1)نظام النوع الإنسانی.و الأصل فیه-قبل الإجماع- الکتاب و السنّة،قال اللّه تعالی یا داوُدُ إِنّا جَعَلْناکَ خَلِیفَةً فِی الْأَرْضِ فَاحْکُمْ بَیْنَ النّاسِ بِالْحَقِّ (2).و قال تعالی إِنّا أَنْزَلْنا إِلَیْکَ الْکِتابَ بِالْحَقِّ لِتَحْکُمَ بَیْنَ النّاسِ بِما أَراکَ اللّهُ (3). وَ أَنِ احْکُمْ بَیْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللّهُ (4).و الأخبار فیه[کثیرة] (5)، و فعل النبیّ صلّی اللّه علیه و آله و من بعده من الخلفاء بنصب القضاة أمر مشهور.

قوله:«و یشترط فیه البلوغ.إلخ».

هذه الشرائط عندنا موضع وفاق.أما الأولان فلأن الصبیّ و المجنون لا

ص:326


1- 1) فی«ط،ت»:مهمّات.
2- 2) ص:26.
3- 3) النساء:105.
4- 4) المائدة:49.
5- 5) من«خ».

..........

ولایة لهما علی أنفسهما،فانتفاؤها عن غیرهما أولی.و لا ینفذ قولهما علی أنفسهما،فأولی أن لا ینفذ علی غیرهما.

و أما الإیمان،فإن أرید به الإسلام أو ما فی معناه فاشتراطه واضح،لأن الکافر لیس من أهل التقلید علی المسلم و لا علی[غیره] (1)مثله.و إن أرید به الخاصّ المتعارف عندنا-کما هو الظاهر-فلمشارکة غیره للکافر فی عدم أهلیّة التقلید،و اختلاف الأصول المعتبرة فیه عند الفریقین.و جوّز بعض العامّة (2)تقلید الکافر القضاء علی أهل دینه.و هو شاذّ.و کذا القول فی الفاسق،و لأنه لا یصلح للشهادة فللقضاء أولی.

و أما طهارة المولد فلقصور ولد الزنا عن تولّی هذه المرتبة،حتی إن إمامته و شهادته ممنوعتان،فالقضاء أولی.

و أما العلم فللنهی عن القول علی اللّه تعالی بدونه،و قد قال النبیّ صلّی اللّه علیه و آله:«القضاة ثلاثة:واحد فی الجنّة،و اثنان فی النار،فالذی فی الجنّة رجل عرف الحقّ فقضی به،و اللّذان فی النار:رجل عرف الحقّ فجار فی الحکم، و رجل قضی للناس علی جهل» (3).

و أما اشتراط الذکورة فلعدم أهلیّة المرأة لهذا المنصب،لأنه لا یلیق بحالها

ص:327


1- 1) من«أ،ث».
2- 2) الحاوی الکبیر 16:157.
3- 3) عوالی اللئالی 2:342 ح 4.و انظر سنن أبی داود 3:299 ح 3573،سنن ابن ماجه 2:776 ح 2315،سنن الترمذی 3:613 ح 1322،مستدرک الحاکم 4:90،سنن البیهقی 10:116- 117،تلخیص الحبیر 4:185 ح 2082.

و کذا لا ینعقد لغیر العالم(1)المستقلّ بأهلیّة الفتوی،و لا یکفیه فتوی العلماء.و لا بدّ أن یکون عالما بجمیع ما ولیه.و یدخل فیه أن یکون ضابطا،فلو غلب علیه النسیان لم یجز نصبه.

و هل یشترط علمه(2)بالکتابة؟فیه تردّد،نظرا إلی اختصاص النبیّ علیه السلام بالرئاسة العامّة مع خلوّه فی أول أمره من الکتابة.

و الأقرب اشتراط ذلک،لما یضطرّ إلیه من الأمور التی لا تتیسّر لغیر النبیّ علیه السلام بدون الکتابة.

مجالسة الرجال و رفع الصوت بینهم،و لا بدّ للقاضی من ذلک.و قد قال صلّی اللّه علیه و آله:«لن یفلح قوم ولیتهم امرأة» (1).

قوله:«و کذا لا ینعقد لغیر العالم.إلخ».

المراد بالعالم هنا[الفقیه] (2)المجتهد فی الأحکام الشرعیّة.و علی اشتراط ذلک فی القاضی إجماع علمائنا.و لا فرق بین حالة الاختیار و الاضطرار.و لا فرق فیمن نقص عن مرتبته بین المطّلع علی فتوی (3)الفقهاء و غیره.

و المراد بکونه عالما بجمیع ما ولیه کونه مجتهدا مطلقا،فلا یکفی اجتهاده فی بعض الأحکام دون بعض علی القول بتجزّی الاجتهاد.

و لم یذکر المصنف-رحمه اللّه-ما یعتبر فی التفقّه (4)من الشرائط هنا،لأن محلّه أصول الفقه،و إن جرت عادة الفقهاء بذکرها فی هذا المحلّ أیضا.

قوله:«و هل یشترط علمه.إلخ».

منشأ التردّد من أصالة عدم الاشتراط،و کونها غیر معتبرة فی النبوّة التی

ص:328


1- 1) مسند أحمد 5:47 و 50،سنن البیهقی 10:117-118،تلخیص الحبیر 4:184 ح 2081.
2- 2) من«ث،د».
3- 3) فی«خ»:فتاوی.
4- 4) فی«د،خ،م»:الفقیه.

و لا ینعقد القضاء للمرأة(1)و إن استکملت الشرائط.

و فی انعقاد قضاء(2)الأعمی تردّد أظهره أنه لا ینعقد،لافتقاره إلی التمییز بین الخصوم،و تعذّر ذلک مع العمی إلا فیما یقلّ.

هی أکمل المناصب،و منها تتفرّع الأحکام و القضاء،و قد کان رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله أمّیا لا یحسنها،کما نبّه علیه تعالی بقوله وَ ما کُنْتَ تَتْلُوا مِنْ قَبْلِهِ مِنْ کِتابٍ وَ لا تَخُطُّهُ بِیَمِینِکَ إِذاً لاَرْتابَ الْمُبْطِلُونَ (1)،و من اضطراره إلی معرفة الوقائع و الأحکام التی لا یتیسّر ضبطها غالبا إلا بها.و هذا اختیار الشیخ (2)و المصنف و أکثر الأصحاب.و النبیّ صلّی اللّه علیه و آله محفوظ بالعصمة المانعة من السهو و الغلط الرافعة للاحتیاج إلیها.

و قال الشیخ فی المبسوط (3):إن النبیّ صلّی اللّه علیه و آله کان عالما بها، و إنما کان فاقدا لها قبل البعثة.و الأظهر خلافه.

قوله:«و لا ینعقد القضاء للمرأة.إلخ».

أی:الشرائط المعتبرة فی القضاء غیر الذکوریّة.و هو موضع وفاق.

و خالف فیه بعض العامّة (4)فجوّز قضاءها فیما تقبل شهادتها فیه.

قوله:«و فی انعقاد قضاء.إلخ».

منشأ التردّد ممّا ذکر من القصور،و أن الأعمی لا تنفذ شهادته فی بعض

ص:329


1- 1) العنکبوت:48.
2- 2) المبسوط 8:120.
3- 3) المبسوط 8:120.
4- 4) الحاوی الکبیر 16:156،بدائع الصنائع 7:3،اللّباب فی شرح الکتاب 4:84،حلیة العلماء 8:114،رؤوس المسائل:526 مسألة(385)،المغنی لابن قدامة 11:381،رحمة الأمة:324-325.

و هل یشترط الحرّیّة؟(1)قال فی المبسوط:نعم.و الأقرب أنه لیس شرطا.

القضایا،و القاضی تنفذ شهادته فی الکلّ.

و قیل:لا یشترط،للأصل،و منع کلّیة نفوذ شهادته فی الأمور.و الغرض حصول التمییز بین الخصوم و لو بنصب شاهدین علیه.و لأن شعیبا علی نبیّنا و آله و علیه السلام کان أعمی و هو نبیّ فی ضمن ولایته القضاء.

و الأشهر الاشتراط.و عمی شعیب علی تقدیر تسلیمه لیس بحجّة فی شرعنا،و لا علی القاضی غیر النبیّ صلّی اللّه علیه و آله،لانجبار النبوّة بالعصمة و الوحی.

قوله:«و هل یشترط الحرّیة.إلخ».

اشتراط الحرّیة فی القاضی مذهب الأکثر و منهم الشیخ (1)و أتباعه (2)،لأن القضاء ولایة و العبد لیس محلاّ لها،لاشتغاله عنها باستغراق وقته بحقوق المولی، و لأنه من المناصب الجلیلة التی لا یلیق بحال العبد.

و استقرب المصنف-رحمه اللّه-عدم اشتراطها،للأصل،و لأن المناط العلم و هو حاصل،و عموم قول الصادق علیه السلام:«انظروا إلی رجل منکم یعلم شیئا من قضایانا فاجعلوه بینکم قاضیا،فإنّی قد جعلته قاضیا» (3)،و یمنع من عدم أهلیّته للولایة مع إذن السیّد.و عدم تأهّله لهذا المنصب مجرّد دعوی.

ص:330


1- 1) المبسوط 8:101.
2- 2) المهذّب 2:599،إصباح الشیعة:527.
3- 3) الکافی 7:412 ح 4،الفقیه 3:2 ح 1،التهذیب 6:219 ح 516،الوسائل 18:4 ب«1»من أبواب صفات القاضی ح 5.
و هنا مسائل
اشارة

و هنا مسائل:

الأولی:یشترط فی ثبوت الولایة إذن الامامعلیه السلام،أو من فوّض إلیه الامام

الأولی:یشترط فی ثبوت(1)الولایة إذن الامام[علیه السلام]،أو من فوّض إلیه الامام.

و لو استقضی(2)أهل البلد قاضیا لم تثبت ولایته.نعم،لو تراضی خصمان بواحد من الرعیّة،و ترافعا إلیه،فحکم[بینهما]،لزمهما الحکم.و لا یشترط رضاهما بعد الحکم.و یشترط فیه ما یشترط فی القاضی المنصوب عن الامام.و یعمّ الجواز کلّ الأحکام.

قوله:«یشترط فی ثبوت.إلخ».

المراد أن هذه الشرائط کلّها غیر کافیة فی نفوذ القضاء ما لم یأذن له الامام فیه عموما أو خصوصا،فتکون هذه الشرائط معتبرة فی منصوب الامام علیه السلام،بمعنی أنه لا یسوغ له نصب من لم یستجمعها،خلافا لبعض العامّة (1)حیث جوّز نصب غیر العالم لمکان الضرورة.و یتحصّل من ذلک أن[بطلان] (2)قضاء من فقد بعض هذه الشرائط بدون نصب الإمام أو ذی الشوکة محلّ وفاق بین المسلمین.

قوله:«و لو استقضی.إلخ».

وظیفة نصب القاضی علی العموم منوطة بالإمام،قال الصادق علیه السلام «اتّقوا الحکومة،فإن الحکومة إنما هی للإمام العالم بالقضاء العادل فی المسلمین» (3).

ص:331


1- 1) المقنع 4:1288،الحاوی الکبیر 16:159،حلیة العلماء 8:115،بدایة المجتهد 2:460،بدائع الصنائع 7:3،المغنی لابن قدامة 11:383،رحمة الأمّة:323.
2- 2) من«خ»فقط.
3- 3) الکافی 7:406 ح 1،الفقیه 3:4 ح 7،التهذیب 6:217 ح 511،الوسائل 18:7 ب«3»من أبواب صفات القاضی ح 3.

..........

و أما التحکیم و هو أن یحکّم الخصمان واحدا من الناس جامعا لشرائط الحکم،سواء نصّ من له التولیة[أم لا] (1)،فالمشهور بین الأصحاب جوازه،بل لم یذکروا فیه خلافا.و قد وقع فی زمن الصحابة و لم ینکر أحد منهم ذلک.و روی[1] أن النبیّ صلّی اللّه علیه و آله قال:«من حکم بین اثنین تراضیا به فلم یعدل فعلیه لعنة اللّه» (2).و لو لم یکن لحکمه اعتبار و لزوم لما کان لهذا التهدید معنی،و لکان التحذیر علی فعله لا علی عدم العدل.و لأن التهدید علی عدم العدل یدلّ علی أن العلّة عدمه،و لو لم یکن جائزا کان التهدید بالأعمّ أولی.

و منع منه جماعة من العامّة (3)،لأنه علی خلاف الأصل،و فیه تفویت الولایة علی القاضی المنصوب،و تفویت رأیه و نظره.مع کون الخبر من طریقهم، فورود هذا الوجه عندنا أولی.

و ظاهر الأصحاب و صریح بعضهم (4)ثبوت هذا الحکم فی جمیع ما یقع فیه التداعی (5)،من المال و النکاح و القصاص و الحدّ و غیرها،لوجود المقتضی فی الجمیع،و عموم الخبر.

و استشکل العلامة (6)ثبوته فی الحبس و استیفاء العقوبة،من حیث إنه

ص:332


1- 1) من«د».
2- 3) تلخیص الحبیر 4:185 ذیل ح 2084.
3- 4) الوجیز 2:238،بدایة المجتهد 2:461،روضة الطالبین 8:105.
4- 5) الدروس الشرعیّة 2:67-68.
5- 6) فی«خ»:النزاع.
6- 7) قواعد الأحکام 2:201.

..........

ولایة شرعیّة و أمر خطیر فلا یصلح أن یکون لغیر الحاکم الشرعی.و هو قول لبعض الشافعیّة (1).

نعم،یختصّ بحقّ الآدمی[من] (2)حیث إنه متوقّف علی نصب المتخاصمین،فلا یحکم فی حقوق اللّه تعالی،إذ لیس لها خصم معیّن.و یختصّ حکمه بمن رضی به،فلا یضرب دیة القتل خطأ علی العاقلة إذا لم یرضوا بحکمه،و لا یکفی رضا القاتل.

و محلّ اعتبار رضا الخصمین بحکمه قبل تمام الحکم،فمتی رجع قبله ردّ، حتی لو أقام المدّعی شاهدین،فقال المدّعی علیه:عزلتک،لم یکن له أن یحکم.

و لو تمَّ الحکم قبل الرجوع لزمهما حکمه.و اعتبر بعض العامّة (3)رضاهما بعده أیضا،لأن رضاهما کما هو معتبر فی أصل الحکم فکذا فی لزومه.و مثله قسمة من تراضی الشریکان بقسمته،علی ما سیأتی (4).

و یستثنی من ذلک ما لو کان أحد المتحاکمین قاضیا،فلا یشترط رضاه بعد وقوع التراضی به قبل الحکم و لا بعده،لأن رضاه قائم مقام نصبه فی تلک الحکومة،فلا یبطل حکمه إلا مع التصریح بالرجوع عنه.

و اعلم أن الاتّفاق واقع علی أن قاضی التحکیم یشترط فیه ما یشترط فی القاضی المنصوب من الشرائط التی من جملتها کونه مجتهدا.و علی هذا،فقاضی

ص:333


1- 1) الوجیز 2:238.
2- 2) من«م».
3- 3) الحاوی الکبیر 16:326،روضة الطالبین 8:105-106،المغنی لابن قدامة 11:484.
4- 4) فی النظر الأول من الفصل الثانی فی لواحق من أحکام القسمة.

و مع عدم الامام(1)ینفذ قضاء الفقیه من فقهاء أهل البیت علیهم السلام،الجامع للصفات المشترطة فی الفتوی،لقول أبی عبد اللّه علیه السلام:«فاجعلوه قاضیا،فإنّی قد جعلته قاضیا،فتحاکموا إلیه».و لو عدل-و الحال هذه-إلی قضاة الجور کان مخطئا.

التحکیم مختصّ بحال حضور الامام،لیفرّق (1)بینه و بین غیره من القضاة بکون القاضی منصوبا و هذا غیر منصوب من غیر الخصمین.أما فی حال الغیبة فسیأتی أن المجتهد ینفذ قضاؤه،لعموم الاذن،و غیره لا یصحّ حکمه مطلقا،فلا یتصوّر حالتها قاضی التحکیم.

قوله:«و مع عدم الإمام.إلخ».

ما تقدّم من اشتراط نصب القاضی و إن کان فقیها مجتهدا،و عدم نفوذ حکمه إلا مع التراضی به،مختصّ بحال حضور الامام علیه السلام و تمکّنه من نصب القضاة،أما مع عدم ذلک،إما لغیبته أو لعدم بسط یده،فیسقط هذا الشرط من جملة الشرائط،و هو نصب الامام له.

و ینفذ عندنا قضاء الفقیه العدل الإمامی الجامع لباقی الشرائط و إن لم یتراض الخصمان بحکمه،لقول أبی عبد اللّه علیه السلام لأبی خدیجة:«إیّاکم أن یحاکم بعضکم بعضا إلی أهل الجور،و لکن انظروا إلی رجل منکم یعلم شیئا من قضائنا فاجعلوه بینکم،فإنّی قد جعلته قاضیا،فتحاکموا إلیه» (2).و هذه هی الروایة التی نقلها المصنف-رحمه اللّه-و استشهد بها.

ص:334


1- 1) فی«ث»:فیفرّق.
2- 2) الکافی 7:412 ح 4،الفقیه 3:2 ح 1،التهذیب 6:219 ح 516،الوسائل 18:4 ب«1»من أبواب صفات القاضی ح 5.

..........

و قریب منها روایة عمر بن حنظلة قال:«سألت أبا عبد اللّه علیه السلام عن رجلین من أصحابنا یکون بینهما منازعة فی دین أو میراث،فتحاکما إلی السلطان أو إلی القضاة،أ یحلّ ذلک؟فقال:من تحاکم إلی الطاغوت فحکم له فإنما یأخذ سحتا و إن کان حقّه ثابتا،لأنه أخذ بحکم الطاغوت و قد أمر اللّه تعالی أن یکفر به،قلت:کیف یصنعان؟قال:انظروا إلی من کان منکم قد روی حدیثنا، و نظر فی حلالنا و حرامنا،و عرف أحکامنا،فارضوا به حکما،فإنّی قد جعلته علیکم حاکما،فإذا حکم بحکمنا فلم یقبل منه فإنما بحکم اللّه استخفّ و علینا ردّ،و الرادّ علینا الرادّ علی اللّه،و هو علی حدّ الشرک باللّه» (1).

و فی طریق الخبرین[1]ضعف،لکنّهما مشتهران بین الأصحاب،متّفق علی العمل بمضمونهما بینهم،فکان ذلک جابرا للضعف عندهم.

و قد ظهر منهما الحکم بتخطئة المتحاکم إلی أهل الجور.و یستثنی منه ما لو توقّف حصول حقّه علیه،فیجوز کما یجوز الاستعانة علی تحصیل الحقّ بغیر القاضی.و النهی فی هذه الأخبار و غیرها (2)محمول علی الترافع إلیهم اختیارا مع إمکان تحصیل الغرض بأهل الحقّ.و قد صرّح به فی خبر أبی بصیر عن أبی عبد اللّه علیه السلام قال:«أیّما رجل کان بینه و بین أخ له مماراة فی حقّ،فدعاه

ص:335


1- 1) الکافی 7:412 ح 5،التهذیب 6:218 ح 514،الوسائل 18:99 ب«11»من أبواب صفات القاضی ح 1.
2- 3) لاحظ الوسائل 18:2 ب«1»من أبواب صفات القاضی.
الثانیة:تولّی القضاء مستحبّ لمن یثق من نفسه بالقیام بشرائطهو ربما وجب

الثانیة:تولّی القضاء(1)مستحبّ لمن یثق من نفسه بالقیام بشرائطه.

و ربما وجب،و وجوبه علی الکفایة.

إلی رجل من إخوانه لیحکم بینه و بینه،فأبی إلاّ أن یرافعه إلی هؤلاء،کان بمنزلة الذین قال اللّه عزّ و جلّ أَ لَمْ تَرَ إِلَی الَّذِینَ یَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِما أُنْزِلَ إِلَیْکَ وَ ما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِکَ یُرِیدُونَ أَنْ یَتَحاکَمُوا إِلَی الطّاغُوتِ وَ قَدْ أُمِرُوا أَنْ یَکْفُرُوا بِهِ (1)الآیة» (2).

قوله:«تولّی القضاء.إلخ».

وظیفة القضاء من فروض الکفایة،لتوقّف نظام النوع الإنسانی علیه،و لأن الظلم من شیم النفوس فلا بدّ من حاکم ینتصف للمظلوم من الظالم،و لما یترتّب علیه من الأمر بالمعروف و النهی عن المنکر.و قد روی أن النبیّ صلّی اللّه علیه و آله قال:«إن اللّه لا یقدّس أمّة لیس فیهم من یأخذ للضعیف حقّه» (3).و لعظم فائدته تولاّه النبیّ صلّی اللّه علیه و آله و من قبله من الأنبیاء بأنفسهم لأمّتهم،و من بعدهم من خلفائهم.

و لمّا کان متوقّفا علی نصب إمام فمن أمره به یجب علیه إجابته إلیه،و من لم یأمره به لم یجز له تعاطیه،إلا علی وجه التراضی کما مرّ (4).و حینئذ فحکم المصنف-رحمه اللّه-باستحبابه لمن یثق بنفسه محمول علی طلبه من الامام ممّن لم یأمره به إذا کان من أهله،أو علی فعله لأهله فی حال الغیبة حیث لا یتوقّف علی إذن خاصّ.

ص:336


1- 1) النساء:60.
2- 2) الکافی 7:411 ح 2،الفقیه 3:3 ح 5،التهذیب 6:220 ح 519،الوسائل 18:3 ب«1»من أبواب صفات القاضی ح 2.
3- 3) سنن البیهقی 6:145،مع اختلاف یسیر،و انظر تلخیص الحبیر 4:183 ح 2077.
4- 4) فی ص:329.

..........

و قوله:«و ربما وجب» یتحقّق الوجوب فیما ذکرناه من طلب الامام له، و فیما إذا انحصر الأمر فیه و لم یعلم الامام به،أو لم ینحصر بالنظر إلی الوجوب الکفائی،أو علی تقدیر توقّف حصول الحقّ علیه،أو الأمر بالمعروف فی حال الغیبة.

و قوله:«و وجوبه علی الکفایة» یعنی به علی تقدیر وجوبه عنده.و إنما یکون علی الکفایة إذا أمکن قیام غیره مقامه و لم یعیّنه علیه الامام،و إلاّ کان وجوبه عینیّا،کغیره من فروض الکفایات إذا لم یحصل منها إلا فرد واحد،فإنها تصیر عینیّة.و یمکن علی هذا إطلاق الوجوب الکفائی علیها،نظرا إلی أصلها، و انحصار الوجوب فی الفرد الواحد بالعرض لا یوجب الوجوب العینیّ المحض و إن شارکه فی بعض خواصّه.

و خالف فی استحبابه أو وجوبه بعض العامّة (1)،فحکم بکراهته نظرا إلی الأحادیث المحذّرة عنه،کما روی عنه صلّی اللّه علیه و آله أنه قال:«من جعل قاضیا فقد ذبح بغیر سکّین» (2).و روی أنه«یجاء بالقاضی العدل یوم القیامة فیلقی من شدّة الحساب ما یتمنّی أنه لم یقض بین اثنین فی تمرة قطّ» (3).و من ثمَّ امتنع منه جماعة من أکابر التابعین و غیرهم.

ص:337


1- 1) الحاوی الکبیر 16:11،بدائع الصنائع 7:4،المغنی لابن قدامة 11:375-376،روضة الطالبین 8:80-81.
2- 2) المقنعة:721،عوالی اللئالی 2:342 ح 3،الوسائل 18:8 ب«3»من أبواب صفات القاضی ح 8،و انظر مسند أحمد 2:230،سنن ابن ماجه 2:774 ح 2308،سنن أبی داود 3:298 ح 3572،سنن الترمذی 3:614 ح 1325،سنن البیهقی 10:96.
3- 3) سنن البیهقی 10:96،تلخیص الحبیر 4:184 ح 2079.

و إذا علم الامام(1)أن بلدا خال من قاض لزمه أن یبعث له.و یأثم أهل البلد بالاتّفاق علی منعه،و یحلّ قتالهم طلبا للإجابة.

و أجیب بأن المقصود من التحذیر بیان عظم خطره،فإن (1)من استقضی فقد احتمل أمرا عظیما،إن جار فیه هلک،و إن عدل باء بخیر کثیر،و هکذا شأن الأمور الخطرة (2).و امتناع من امتنع منه-مع کونه لیس بحجّة علی غیره-ظاهر فی کونه غیر متمکّن[غالبا] (3)من إقامة الشرع علی وجهه فی تلک الدول،و لا یدلّ علی کراهته مطلقا،أو یحمل علی من یکره فی حقّه القضاء أو یحرم.

قوله:«و إذا علم الإمام.إلخ».

لمّا کان نصب القاضی واجبا علی الکفایة بالنسبة إلی الامام کما قرّرناه (4)- و إن کان المصنف (5)رحمه اللّه قد أطلق الاستحباب-فیتأدّی الفرض بأن ینصب فی کلّ قطر قاضیا بحیث لا یعسر علی من حوله الرجوع إلیه عادة.و فی البلدان الکبیرة (6)یجب أن ینصب لکلّ بلد قاضیا.فإذا علم أن بلدا خال من قاض لزمه أن یبعث إلیه قاضیا،إما من عنده،أو بأن یأمر رجلا من أهل البلد جامعا لشرائطه به.فالبعث أحد أفراد الواجب،و لا یتعیّن.

و حیث یتعیّن واحد للقضاء یجب علی أهل بلده الذین ولاّه علیهم الترافع إلیه عند الحاجة و مساعدته.فإن امتنعوا من الترافع إلیه أو من تمکینه قوتلوا إلی أن یجیبوا إلی ذلک.

ص:338


1- 1) فی«خ،ت»:و أن.
2- 2) فی«ت،م»:الخطیرة.
3- 3) من«ث،خ،ص،ط».
4- 4) راجع ص:334.
5- 5) راجع ص:334.
6- 6) فی«خ»:الکثیرة.

و لو وجد من هو(1)بالشرائط فامتنع لم یجبر مع وجود مثله.و لو ألزمه الإمام،قال فی الخلاف (1):لم یکن له الامتناع،لأن ما یلزم به الامام واجب.و نحن نمنع الإلزام،إذ الإمام لا یلزم بما لیس لازما.

أما لو لم یوجد غیره تعیّن هو،و لزمه الإجابة.و لو لم یعلم به الامام وجب أن یعرّف نفسه،لأن القضاء من باب الأمر بالمعروف.

قوله:«و لو وجد من هو.إلخ».

إذا احتیج إلی نصب قاض فلا یخلو:إما أن یکون هناک أشخاص متعدّدون صالحون له،أو واحد خاصّة ظاهرا،و لا یکون هناک صالح ظاهر،لکنّه موجود فی الواقع و لا یعلم به الامام.و علی تقدیر ظهور الأهل للإمام:إما أن یعیّن للقضاء واحدا بخصوصه،أو یطلق.فهنا صور:

الأولی:أن یکون هناک واحد خاصّة و یعیّنه الامام،فلا إشکال فی تعیّنه، لأن الواجب الکفائی إنما یسقط عن بعض المکلّفین بقیام البعض،و إلا خوطب به الجمیع و أثموا بترکه.فحیث لا یوجد إلا واحد فهو المخاطب به علی التعیین کفرض العین،فإذا انضمّ إلیه أمر الإمام تأکّد الوجوب و لم یجز له الامتناع.فإن امتنع و جعلناه کبیرة أو أصرّ علیه فسق و خرج عن أهلیّة القضاء،لفوات الشرط.

و مع ذلک لا یسقط عنه الوجوب،لأنه قادر علی تحصیل الشرط بالتوبة،کما لا تسقط الصلاة عن المحدث بامتناعه من الطهارة،فإذا تاب تولّی.

الثانیة:أن یکون هناک متعدّد صالح له،فطلب الامام منهم واحدا لا علی التعیین،فتجب علیهم الإجابة کفایة،فیجوز لکلّ واحد منهم الامتناع منه علی وجه لا یؤدّی إلی تعطیل المصلحة العامّة،بل طلبا لإجابة غیره فی وقت لا تفوت

ص:339


1- 1) الخلاف 6:209 مسألة(2).

..........

الحاجة.فإن أجاب واحد منهم سقط عن الباقین،و إن امتنع الجمیع أثموا،و کان حکمهم فی الفسق و وجوب الرجوع عنه بالتوبة کما سبق فی المعیّن.

الثالثة:الصورة بحالها و طلب الامام منهم واحدا بخصوصه،فیسقط الوجوب عن الباقین مع إجابته.و هل یجوز للمعیّن الامتناع حینئذ؟وجهان،من أن أمر الإمام علیه السلام یوجب الإجابة و إن لم یکن واجبا معیّنا لولاه،و هو الذی اختاره الشیخ فی الخلاف (1)،و من أن الوجوب فی نفسه کفائیّ،و طلب الامام من واحد معیّن لکونه أحد الأفراد الذی یتأدّی به الواجب لا یوجب التعیین،و لا یقلّب الواجب الکفائیّ عن أصله.

و المصنف-رحمه اللّه-منع من أصل إلزام الإمام فی هذه الحالة،لأنه إن کان فی الملزم (2)مزیّة (3)مرجّحة فهو متعیّن،و لیس هو محلّ النزاع،و إلا ففرض الامام إجراء الواجب علی وجهه،و مقتضاه أن یأمر واحدا منهم لا بعینه.فالنزاع حینئذ لفظیّ،لأنه یسلّم أن الامام إذا ألزم واحدا بعینه یتعیّن،و إنما یدّعی فی صورة النزاع عدم إلزامه،لأن الإمام لا یلزم واحدا بعینه بما لیس لازما له،و إنما هو واجب علیه و علی غیره کفایة.

الرابعة:أن یکون هناک واحد صالح خاصّة و لا یعیّنه الامام،فیجب علیه القیام به عینا،لما تقرّر من أن الواجب الکفائی إذا لم یقم به أحد وجب عینا علی القادر علیه الواحد (4).و لا (5)فرق بین تعیین الامام له و عدمه.و لأن الأمر

ص:340


1- 1) الخلاف 6:209 مسألة(2).
2- 2) فی«ت»:اللزوم.
3- 3) فی«ا،ث»:قرینة.
4- 4) فی«م»:الواجد.
5- 5) فی«ت،د،م»:فلا.

و هل یجوز أن یبذل(1)مالا لیلی القضاء؟قیل:لا،لأنه کالرشوة.

بالمعروف واجب علیه،و هو متوقّف علی شرط قادر علیه،فیجب علیه فعله (1).

و هذا هو الدلیل الذی أشار إلیه المصنف-رحمه اللّه-،و هو (2)داخل فیما ذکرناه.

الخامسة:أن لا یعلم الامام بواحد صالح للقضاء مع کونه موجودا فی نفس الأمر،فیجب علی المتّصف به إعلام الامام بنفسه،لتوقّف الواجب علی الاعلام، فیکون واجبا من باب المقدّمة.

السادسة:الصورة بحالها و هناک جماعة صالحون له،فیجب علیهم الإعلام بحالهم کفایة.و متی قام به واحد منهم علی وجه اعتمد علیه الامام سقط عن الباقین وجوب الاعلام.

و هل یستحبّ حینئذ للباقین الاعلام بحالهم،أو یستحبّ ابتداء حیث لا ضرورة إلی نصب قاض تعرّضا للولایة وقت الحاجة إلیها؟وجهان من تعارض الخطر و الأجر علی تقدیر السلامة.و یؤیّد العدم ما فی ابتداء التعرّض إلیه من خطر آخر زائد (3)علی أصله،و هو عدم المعونة علیها حینئذ من اللّه تعالی،لقول النبیّ صلّی اللّه علیه و آله لعبد الرحمن بن سمرة:«لا تسأل الإمارة،فإنّک إن أعطیتها عن مسألة وکلت إلیها،و إن أعطیتها عن غیر مسألة أعنت علیها» (4).

قوله:«و هل یجوز أن یبذل.إلخ».

ما تقدّم من التفصیل حکم الطلب عن غیر بذل مال،أما إذا بذل مالا لیلی

ص:341


1- 1) فی«ث،خ،ط»:تحصیله.
2- 2) فی«ا،ث،د،م»:فهو.
3- 3) فی«ا»:زائدا.
4- 4) مسند أحمد 5:62،صحیح البخاری 8:184،صحیح مسلم 3:1273 ح 19،سنن أبی داود 3: 130 ح 2929،سنن الترمذی 4:90 ح 1529،سنن البیهقی 10:100.

..........

القضاء ففی جوازه وجهان:

أحدهما:العدم،لأنه کالرشوة علی ذلک،و هی محرّمة.

و الثانی:الجواز،لما تقرّر من رجحانه،فإذا توقّف تحصیل فضیلته علی المال جاز بذله لذلک،کما أنه إذا تعذّر الأمر بالمعروف إلا ببذل المال جاز،بل وجب مع وجوبه،فیکون هنا کذلک.

و الحقّ أن هذا البحث لا یجری عندنا بالنسبة إلی الامام العادل.و ربما احتمل جوازه إذا بذل المال لبیت المال.و فیه نظر.أما إذا توقّف تولّیه من الجائر علی دفع المال،و کان القضاء فی حقّه راجحا،فلا إشکال فی جوازه،بل وجوبه لو کان تولّی القضاء واجبا متوقّفا علیه،و لکن الآخذ ظالم بالأخذ.و کذا یجوز له بذل المال بعد ما ولّی لئلاّ یعزل.و الآخذ ظالم بالأخذ أیضا.

و أما بذل المال لیعزل من هو ملابس للقضاء،فإن لم یکن بصفات القاضی فهو مستحبّ،لتخلیص الناس منه،لکن أخذه حرام علی الآخذ.و إن کان أهلا فهو حرام.

ص:342

الثالثة:إذا وجد اثنان متفاوتان فی الفضیلة مع استکمال الشرائط المعتبرة فیهما

الثالثة:إذا وجد اثنان(1)متفاوتان فی الفضیلة مع استکمال الشرائط المعتبرة فیهما،فإن قلّد الأفضل جاز.و هل یجوز العدول إلی المفضول؟ فیه تردّد.و الوجه الجواز،لأن خلله ینجبر بنظر الامام.

قوله:«إذا وجد اثنان.إلخ».

إذا وجد الامام اثنین صالحین للقضاء لکن أحدهما أعلم من الآخر،فلا إشکال فی رجحان تقدیم الأعلم.لکن هل یتعیّن ذلک،أم یجوز تولیة المفضول؟ فیه قولان مرتّبان علی أن المقلّد هل یجب علیه تقلید أعلم المجتهدین،أم یتخیّر فی تقلید من شاء منهم؟فیه قولان للأصولیّین و الفقهاء.

أحدهما:الجواز،لاشتراک الجمیع فی الأهلیّة،و لما اشتهر من أن الصحابة کانوا یفتون مع اشتهارهم بالاختلاف فی الأفضلیّة،و مع تکرّر الإفتاء لم ینکر علیهم أحد من الصحابة،فیکون إجماعا منهم علی جواز تقلید المفضول مع وجود الأفضل.و لأن تعیین الأرجح للتقلید یتوقّف علی ترجیح العامی،و العامی لا یمکنه الترجیح،لقصوره.

و هذا هو الذی اختاره المصنف-رحمه اللّه-فی هذه المسألة،محتجّا بأن نقصه ینجبر بنظر الامام المولّی له.و هذا معنی زائد علی أصل التقلید فی غیر هذه المسألة.

و الثانی-و هو الأشهر بین الأصحاب-:المنع،لأن الظنّ بقول الأعلم أقوی منه بقول المفضول،و اتّباع الأقوی أولی،لأن (1)أقوال المفتین (2)بالنسبة إلی المقلّد کالأدلّة،فکما یجب العمل بالدلیل الراجح یجب تقلید الأفضل.و روایة

ص:343


1- 1) فی«خ»:و لأن.
2- 2) فی«ا،د»:المفتی.

..........

عمر بن حنظلة[عن الصادق علیه السلام] (1)السابقة صریحة فی هذا،فإنه قال- بعد ما نقلناه منها و أمره علیه السلام بالرجوع إلی العالم بالأحکام-:«قلت:فإن کلّ واحد منهما اختار رجلا و کلاهما اختلف فی حدیثنا،قال:الحکم ما حکم به أعدلهما و أفقههما و أصدقهما فی الحدیث و أورعهما،و لا یلتفت إلی ما یحکم به الآخر» (2).و هذه الروایة هی مستند القائل بذلک من الأصحاب،لشهرة مضمونها بینهم،و تلقّیهم لها بالقبول.

و فی کلّ واحد من الأدلّة من الجانبین نظر:

أما الأول:فلمنع کون اشتراکهم فی أصل الأهلیّة بالنظر إلی أنفسهم یقتضی تساویهم بالنظر إلی الغیر،و هل ذلک إلا عین المتنازع؟و استفتاء الصحابة مع تفاوتهم فی الفضیلة لا یجری علی أصول الأصحاب کما لا یخفی.و العامی یمکنه معرفة الأفضل بالتسامع،کما أمکنه معرفة المتأهّل لأصل الفتوی من غیره.و ما ذکره المصنف-رحمه اللّه-من انجبار نقص المفضول بنظر الإمام إنما یتمّ مع قربه منه و اطّلاعه علی أحکامه،لا فی البعید عنه علی وجه ربما لا یعلم شیئا من وقائعه فی جمیع الأوقات أو فی أوقات متطاولة،و المسألة أعمّ من کونه قریبا و بعیدا.

و أما الثانی فلمنع کون الظنّ بقول الأعلم أقوی مطلقا،فإن مدارک الظنّ لا تنضبط،خصوصا فی المسائل الشرعیّة،فکثیرا ما یظهر رجحان ظنّ المفضول

ص:344


1- 1) من«ث،خ».و تقدّم نقل قطعة من الروایة فی ص:333.
2- 2) الکافی 1:67 ح 10،الفقیه 3:5 ح 18،التهذیب 6:301 ح 845،الوسائل 18:75 ب«9»من أبواب صفات القاضی ح 1.
الرابعة:إذا أذن له الإمام فی الاستخلاف جاز

الرابعة:إذا أذن له(1)الإمام فی الاستخلاف جاز.و لو منع لم یجز.

و مع إطلاق التولیة،إن کان هناک أمارة تدلّ علی الإذن،مثل سعة الولایة التی لا تضبطها الید الواحدة،جاز الاستنابة،و إلا فلا،استنادا إلی أن القضاء موقوف علی الإذن.

علی ظنّ الفاضل فی کثیر من المسائل الاجتهادیّة.و فرق بین أقوال المفتین (1)و أدلّة المستدلّ،لأن المستدلّ یمکنه ترجیح بعض الأدلّة علی بعض،بخلاف العامی بالنسبة إلی الأقوال.و الروایة نصّ فی المطلوب،لکن قد عرفت (2)ما فی طریقها،فإن تمَّ الاستدلال بها لانجبار ضعفها بالشهرة فهی العمدة،و إلا فلا.

و علی القول بترجیح الأعلم لا یفرّق فیه بین کون الآخر أعدل و عدمه،مع اشتراکهما فی أصل العدالة،لأن ما عند الفاضل منها یکفی فی منعه من التهجّم علی المحارم،و یبقی علمه خالیا عن المعارض.و مع تساویهما فی العلم یقدّم الأعدل،نظرا إلی ثبوت الرجحان المقتضی لقبح تقدیم المرجوح علیه.و یتحصّل من ذلک أنه یترجّح أعلم الورعین و أورع العالمین.و مثل هذا یجری فی الفقیهین حال الغیبة بالنسبة إلی الاستفتاء و المنازعة.و أولی بوجوب اتّباع الأعلم هنا، لزوال نظر الامام الجابر لنقصان المفضول.

قوله:«إذا أذن له.إلخ».

إذا ولّی الإمام رجلا القضاء،فإما أن یأذن له فی الاستخلاف مطلقا أو علی بعض الوجوه،أو ینهاه عنه،أو یطلق التولیة.فإن أذن له فیه فلا إشکال فی جوازه مطلقا أو علی الوجه المأذون فیه،سواء احتاج إلیه لاتّساع الولایة أم لا، کما لو أذن الموکّل للوکیل فی التوکیل.

ص:345


1- 1) فی«ا،ث،ط»:المفتی.
2- 2) راجع ص:333.

..........

و إن نهاه عن الاستخلاف لم یجز له،و إن کان ما فوّضه إلیه أکثر ممّا یمکنه القیام به،لأن القضاء موقوف علی إذن الامام و قد قصره علی نظر النائب فلا یتعدّاه.

و إن أطلق التولیة،نظر إن کان ما فوّضه إلیه ممّا یمکنه القیام به-کقضاء بلدة صغیرة-فوجهان،أصحّهما عند الأصحاب أنه لیس له الاستخلاف،لأن الإمام لم یرض بنظر غیره.و إن لم یمکنه القیام بما فوّضه إلیه،کقضاء بلدتین فصاعدا أو[قضاء] (1)بلدة کبیرة،فله أن یستخلف،لأن قرینة الحال مشعرة بالإذن،کما إذا دفع متاعا إلی إنسان لیبیعه و هو ممّن لا یعتاد مباشرة البیع،فإنه یکون إذنا فی دفعه إلی من یقوم بذلک،بدلالة القرینة،و کما لو وکّله فی عمل یعجز عن مباشرته بنفسه.

ثمَّ فیم یستخلف؟[أ] (2)فی القدر الزائد علی ما یمکنه القیام به،أم فی الکلّ؟وجهان أصحّهما الأول،لأن ذلک القدر هو المعلوم من القرینة.

و یحتمل مع الإطلاق جواز الاستخلاف مطلقا،نظرا إلی أنه ناظر فی المصالح العامّة،فیتمکّن من الاستخلاف کالإمام.و لأنه قد وثق بنظره الذی من جملته أن یستخلف.

و یضعّف الأول بأنه قیاس مع وجود الفارق.و إنما رضی بنظره فی القضاء بنفسه لا مطلقا.

و حیث یجوز الاستخلاف یشترط فی الخلیفة ما یشترط فی القاضی،لما تقدّم من عدم جوازه مطلقا لمن لا یستجمع الشرائط.فیعتبر فی النائب کونه

ص:346


1- 1) من الحجریّتین.
2- 2) من«ت،د،م».
الخامسة:إذا ولی من لا یتعیّن علیه القضاء

الخامسة:إذا ولی من لا یتعیّن(1)علیه القضاء،فإن کان له کفایة من ماله فالأفضل أن لا یطلب الرزق من بیت المال.و لو طلب جاز،لأنه من المصالح.

و إن تعیّن للقضاء و لم یکن له کفایة جاز له أخذ الرزق.و إن کان له کفایة،قیل:لا یجوز له أخذ الرزق،لأنه یؤدّی فرضا.

أما لو أخذ الجعل من المتحاکمین ففیه خلاف.و الوجه التفصیل، فمع عدم التعیین و حصول الضرورة قیل:یجوز.و الأولی المنع.و لو اختلّ أحد الشرطین لم یجز.

مجتهدا،إلا أن یفوّض إلیه أمرا خاصّا لا یتوقّف علی اجتهاد،کسماع البیّنة و نقلها إلیه،أو فی التحلیف بعد أن یسمع الحاکم البیّنة،دون الحکم،فیکفیه العلم بشرائط ذلک.

و من هنا یظهر أن المجتهد فی حال الغیبة لا یمکنه تولیة أحد للحکم بین الناس مطلقا،لأن النائب إن کان مجتهدا کان أصلا کالمستنیب،و إن کان المستنیب أعلم و قلنا بترجیحه حیث لا یشترط الأفضلیّة أو تعذّر الوصول إلی الأفضل،و إن کان مقلّدا لم ینفذ حکمه مطلقا.و إنما یتصوّر ذلک فی القاضی المنصوب من قبل الإمام إذا استناب مجتهدا غیر منصوب.

و لا فرق فی النائب بین أن یوافق اجتهاده لاجتهاد المستنیب و عدمه،بل لو شرط علیه أن لا یحکم إلا بمذهب القاضی لم یصحّ الاستخلاف.و حیث لا یجوز الاستخلاف لو استخلف فحکم الخلیفة باطل.نعم،لو ترافع إلیه خصمان و رضیا بحکمه کان کالمحکّم.

قوله:«إذا ولی من لا یتعیّن.إلخ».

بیت المال محلّه مصالح المسلمین التی من جملتها القاضی،لقیامه بنظام

ص:347

..........

النوع و أخذ الحقّ من الظالم للمظلوم و الأمر بالمعروف،فیجوز له أخذ الرزق علیه (1)مطلقا إذا لم یکن متعیّنا علیه،سواء کان له کفایة أم لا،لکن یکره له أخذه مع الکفایة،توفیرا له علی غیره من المصالح التی لا کافی لها.

و إن تعیّن علیه بتعیین الإمام أو عدم وجود غیره ففی جواز أخذه منه قولان:

أشهرهما:المنع،لأنه حینئذ یؤدّی واجبا،فلا یجوز له أخذ العوض عنه کغیره من الواجبات.

و الثانی:الجواز،لعدم خروجه بالوجوب عن کونه من المصالح،بل أهمّها.

و منع کون فعل الواجب یمنع من أخذ الرزق علیه مطلقا،و لهذا یأخذه المجاهدون و هم قائمون بأهمّ الواجبات.

و علی کلّ حال فمع وجود الکفایة من بیت المال لا یجوز له أخذها من المتخاصمین مطلقا.و مع عدمها و وجود الحاجة إلیه ففی جواز أخذه منهما أو من أحدهما قولان أشهرهما المنع،لأنه بمنزلة الرشوة المنهیّ عنها،و لأنه واجب فی نفسه و إن لم یکن متعیّنا،و الواجب لا یجوز أخذ الأجرة علیه مطلقا.

و المصنف-رحمه اللّه-اختار الجواز مع عدم التعیین و حصول الضرورة، و إن کان قد جعل الترک أولی،لما فی ترکه حینئذ مع وجودها من تعطیل هذه الوظیفة الدینیّة،فإنه إن جاز له ترک القضاء حینئذ و الاشتغال بالکسب تعطّلت

ص:348


1- 1) فی«خ»:منه.

و أما الشاهد(1)فلا یجوز له أخذ الأجرة،لتعیّن الإقامة علیه مع التمکّن.

الوظیفة،و إن أمر به و ترک السعی لزم الضرر و الحرج المنفیّان (1)شرعا و عقلا،بل تکلیف ما لا یطاق فی بعض أفراده.

و هذا الدلیل إن تمَّ یرد مع تعیینه أیضا،لأن وجوبه لا یدفع الضرر الناشئ من ترک السعی علی ضرورات الرزق و الصبر علی الجوع و الجهد.

ثمَّ علی تقدیر جوازه بوجه ففی جواز تخصیص أحدهما به،أو جعله علی المدّعی،أو التشریک بینهما،أوجه،من الشکّ فی أنها تابع للعمل أو للمنفعة الحاصلة،فعلی الأول هو علیهما،و علی الثانی یجب علی المحکوم له أو علی المدّعی.و ینبغی أن یکون حینئذ تابعا لشرطه قبل الشروع فی سماع الدعوی، لأنه عوض عن عمله لهما فیتبع شرطه.

قوله:«و أما الشاهد.إلخ».

إنما یتعیّن الإقامة علی الشاهد بتقدیر انحصار الشهادة فیه،و کونه مقبول الشهادة،أو وجود ما یتمّ به العدد المعتبر فی ثبوت الحقّ لا أزید.فلو زاد الشهود المقبولون عن النصاب المعتبر کان الوجوب علی العدد منهم کفائیّا لا عینیّا.

و ظاهر الأصحاب عدم جواز أخذ الأجرة علیها مطلقا،لوجوبها فی الجملة، خصوصا مع التعیّن.

هذا بالنسبة إلی نفس أداء الشهادة.أما لو احتاج السعی إلی إقامتها إلی مئونة فی سفره جاز أخذها،لأن الواجب الإقامة کما دلّت علیه الآیة (2)لا السعی

ص:349


1- 1) الحجّ:78،و انظر الوسائل 17:341 ب«12»من أبواب إحیاء الموات ح 3-5.
2- 2) الطلاق:2.

و یجوز للمؤذّن،(1)و القاسم،و کاتب القاضی،و المترجم،و صاحب الدیوان،و والی بیت المال،أن یأخذوا الرزق من بیت المال،لأنه من المصالح.و کذا من یکیل للناس و یزن،و من یعلّم القرآن و الآداب.

لها.و قد یشکل بأن السعی حینئذ مقدّمة الواجب المطلق،فیکون واجبا أیضا کأصله.

قوله:«و یجوز للمؤذّن.إلخ».

هذه المعدودات کلّها من جملة مصالح الإسلام التی هی محلّ الرزق من بیت المال.و هو غیر منحصر فیمن ذکر،بل ضابطه کلّ مصلحة[دینیّة] (1)،و منه مدرّس (2)العلوم الشرعیّة،و أئمّة الصلوات،و العدل المرصد للشهادة،و غیر ذلک.

و المراد بصاحب الدیوان من بیده الکتاب الذی یجمع فیه أسماء الجند و القضاة و المدرّسین،و غیرهم من المرتزقة و من یکتبه (3)و نحوهما،و والی بیت المال و خازنه،و حافظ الماشیة و راعیها و نحوهما،و معلّم آداب الأمور الحکمیّة و العلوم الأدبیّة من النحو و اللغة و شبههما.

و لا فرق فی[تعلیم] (4)القرآن بین ما یجب تعلیمه منه عینا کالفاتحة، و کفایة کآیات الأحکام و حفظ عدد التواتر له و غیره،لأن ذلک کلّه من أهمّ المصالح،و الوجوب لا ینافی الارتزاق منه،و إن نافی أخذ الأجرة علیه علی الخلاف الذی سبق (5).

ص:350


1- 1) من الحجریّتین.
2- 2) فی«ا،خ،د،ط»:تدریس.
3- 3) فی«ا،د،ط،م»:الکتبة.
4- 4) من«د»،و فی«ث،خ»:تعلّم.
5- 5) فی ص:345.
السادسة:تثبت ولایة القاضی بالاستفاضة

السادسة:تثبت ولایة القاضی(1)بالاستفاضة.و کذا یثبت بالاستفاضة:النسب،و الملک المطلق،و الموت،و النکاح،و الوقف، و العتق.

و لو لم یستفض،إما لبعد موضع ولایته عن موضع عقد القضاء له، أو لغیره من الأسباب،أشهد الإمام أو من نصبه الامام علی ولایته شاهدین بصورة ما عهد إلیه،و سیّرهما معه لیشهدا له بالولایة.

و لا یجب علی أهل الولایة قبول دعواه مع عدم البیّنة،و إن شهدت له الأمارات،ما لم یحصل الیقین.

قوله:«تثبت ولایة القاضی.إلخ».

ولایة القاضی کغیرها من الحقوق تثبت بما تثبت به من شهادة عدلین بها و إن لم یحکم بها حاکم،و بسماع التولیة من الامام،و بالاستفاضة،و هی:إخبار جماعة لا تجمعهم داعیة التواطؤ عادة،و یحصل بقولهم العلم بمضمون خبرهم علی ما یقتضیه کلام المصنف-رحمه اللّه-هنا،أو الظنّ الغالب المقارب له علی قول.

و الاکتفاء بالاستفاضة علی تقدیر اشتراط العلم واضح،لأنها حینئذ أقوی من البیّنة التی نصبها الشارع لإثبات الحقوق،فیکون ثبوت الحکم بها بطریق أولی.

و علی تقدیر الاکتفاء بالظنّ الغالب تختصّ الاستفاضة بأمور خاصّة،منها ولایة القاضی،لعسر إقامة البیّنة علیها غالبا،و استقرار الأمر علی قبولها بذلک و نحوه من زمن النبیّ صلّی اللّه علیه و آله إلی یومنا هذا،بل بما دون ذلک، کالکتاب مع أمن التزویر،لإفادته الظنّ الغالب.

ص:351

..........

قیل:و لأن الحجّة لا تقام عند حاکم و إلا دار،لأن الحاکم المعزول قد سبق ارتفاع حکمه علی وصول الحاکم الجدید إن قلنا إنه ینعزل بمجرّد التولیة،و إن قلنا ببلوغ الخبر فکذلک،و ینعزل قبل أن یحکم للثانی.و أما الثانی فلأن ثبوت ولایته یتوقّف علی حکمه،و حکمه یتوقّف علی ثبوت ولایته،و هو دور ظاهر.

و هذا یتمّ علی القول بعدم جواز تعلیق العزل علی شرط،و قد جوّزه العلامة فی القواعد (1)،حتی علی تعلیقه بقراءة الکتاب المتضمّن للعزل.و علی هذا فیجوز توقیف عزله علی إثباته لولایة الثانی،فلا ینعزل إلی أن یثبت،و یرتفع الدور[فیه] (2).

لکن جواز تعلیقها لا یوافق قواعد الأصحاب،و قد حکموا (3)ببطلان الوکالة المعلّقة،و هی أضعف حالا من ولایة القضاء،و من ثمَّ قال فی الدروس:

«و فی جواز تعلیق العزل وجه ضعیف» (4).و یمکن إثباتها أیضا عند حاکم آخر غیر المعزول قریب من محلّ الولایة،بحیث ینتفع بإثباته أهل ولایة القاضی الجدید،و ظاهر أنه لا یکفی قوله و إن شهدت له القرائن،لأن ذلک لیس من الأدلّة المنصوبة شرعا.

إذا تقرّر ذلک،فقد ألحق المصنف-رحمه اللّه-ستّة أشیاء بالولایة، و جعلها ممّا یثبت بالاستفاضة.و وجه تخصیصها من بین الحقوق أنها أمور ممتدّة،و لا مدخل للبیّنة فیها غالبا.

ص:352


1- 1) قواعد الأحکام 2:203.
2- 2) من الحجریّتین.
3- 3) السرائر 2:99،قواعد الأحکام 1:252،اللمعة الدمشقیّة:97،جامع المقاصد 8:180.
4- 4) الدروس الشرعیّة 2:68.

..........

فالنسب غایة الممکن فیه رؤیة الولادة علی فراش الإنسان،لکن النسب إلی الأجداد المتوفّین و القبائل القدیمة ممّا لا یتحقّق فیه الرؤیة و معرفة الفراش، فدعت الحاجة إلی اعتماد التسامع.

و فی النسب من الأم وجهان:

أحدهما:أنه کذلک،کما فی جانب الرجل،لاشتراکهما فی المقتضی.

و الثانی:أنه لا یکفی فیه السماع،لإمکان رؤیة الولادة.و قد تقدّم (1)البحث فیه.و الأظهر الأول.

و أما الملک فلأن أسبابه متعدّدة،و تعدّدها یوجب عسر الوقوف علیها، فیکتفی فیه بالتسامع أیضا.

و أما الموت فلتعذّر مشاهدة المیّت فی أکثر الأوقات للشهود.

و الوقف و العتق لو لم تسمع فیهما الاستفاضة لبطلا علی تطاول الأوقات، لتعذّر بقاء الشهود فی مثل الوقف،و الشهادة الثالثة غیر مسموعة،فمسّت الحاجة إلی إثباتها (2)بالتسامع.

و مثلها (3)النکاح،فإنّا نعلم أن خدیجة زوجة النبیّ صلّی اللّه علیه و آله، و لیس مدرکه التواتر،لأن شرطه استواء الطرفین و الوسائط فی العلم الحسّی، و هو منفیّ فی الابتداء،لأن الظاهر أن المخبرین لم یخبروا عن المشاهدة بل عن السماع.و لو سلّم إمکانه فهو غیر کاف،بل لا بدّ من العلم بذلک فی تحقّق التواتر.

و زاد بعضهم فی هذه الأسباب،و نقص آخرون.و قد ظهر من تعلیلها أنها لا تستند إلی نصّ خاصّ،بل إلی اعتبار.و کان الوجه فیها أن یقال:

ص:353


1- 1) راجع ج 11:126-127 و 139،ج 12:485.
2- 2) کذا فیما لدینا من النسخ الخطّیة،و لعلّ الصحیح:إثباتهما.
3- 3) کذا فیما لدینا من النسخ الخطّیة،و لعلّ الصحیح:مثلهما.

..........

إن اعتبرنا الیقین فی المستند،کما اعتبره المصنف-رحمه اللّه-بقوله:«ما لم یحصل الیقین»،فلا وجه للحصر فی هذه،و إن کانت أمسّ حاجة من غیرها إلی الاکتفاء بالسماع من دون المشاهدة،لما أشرنا إلیه من أن العلم القطعی أقوی من البیّنة،بل لا یقبل الخلاف،فمتی حصل ذلک فی الملک المسبّب و غیره من الحقوق بالتسامع کفی.

و إن اکتفینا فی الاستفاضة بالظنّ الغالب المتاخم للعلم احتمل اختصاصه بهذه،و القدح فی بعضها حیث لا نصّ.و یمکن القول بالتعمیم أیضا،لأن أدنی مراتب البیّنة الشرعیّة لا یحصل بها الظنّ[الغالب] (1)المتاخم للعلم،فیکون ما أفاده أقوی ممّا وقع النصّ (2)و الإجماع علی ثبوته به،فکان أولی أیضا،و إن کان مساویا لبعض مراتب البیّنة أو قاصرا عن بعضها،لأن مفهوم الموافقة یکفی فی المرتبة الدنیا بالقیاس إلی ذلک الفرد المتنازع فیه لو أقیمت علیه بیّنة کذلک أو حصل به تسامع یفید مرتبة أقوی.و سیأتی (3)رجوع المصنف عن الجزم باعتبار العلم إلی الاکتفاء بمتاخمه،علی تردّد فیه.

و إن اکتفینا فیها بمطلق الظنّ،کما یظهر من کلام الشیخ[1]-رحمه اللّه-، قوی جانب الحصر،لما ذکروه (4)من الوجه (5).

ص:354


1- 1) من الحجریّتین.
2- 2) انظر الوسائل 18:170 ب«3»من أبواب کیفیّة الحکم.
3- 3) انظر شرائع الإسلام 4:136.
4- 5) فی«م»:ذکره.
5- 6) فی«ث،خ،ط»:الوجوه.
السابعة:یجوز نصب قاضیین فی البلد الواحد،لکلّ منهما جهة علی انفراده

السابعة:یجوز نصب قاضیین(1)فی البلد الواحد،لکلّ منهما جهة علی انفراده.

و هل یجوز التشریک بینهما فی الولایة الواحدة؟قیل:بالمنع،حسما لمادّة اختلاف الغریمین فی الاختیار.و الوجه الجواز،لأن القضاء نیابة تتبع اختیار المنوب.

قوله:«یجوز نصب قاضیین.إلخ».

إذا نصب الامام قاضیین فی بلد واحد،فإن خصّص کلّ واحد منهما بطرف من البلد،أو عیّن لکلّ واحد منهما زمانا،أو جعل أحدهما قاضیا فی الأموال و الآخر فی الدماء و الفروج و نحو ذلک،جاز.

و إن عمّم ولایتهما مکانا و زمانا و حادثة،فإن شرط علیهما الاجتماع علی الحکم الواحد ففی جوازه وجهان.

أحدهما:العدم،لأن الخلاف فی مواقع الاجتهاد ممّا یکثر،فتبقی الخصومات غیر مفصولة.

و الثانی-و هو الذی اختاره العلامة (1)و ولده (2)-:الجواز،لأنه أضبط و أوثق فی الحکم،خصوصا عندنا من أن المصیب واحد.و علی هذا،فإن اختلف اجتهادهما فی المسألة وقف الحکم،و إنما ینفذان ما یتّفق فیه (3)اجتهادهما.

و إن أثبت لکلّ واحد منهما الاستقلال فوجهان أیضا:

ص:355


1- 1) قواعد الأحکام 2:202.
2- 2) إیضاح الفوائد 4:300.
3- 3) فی الحجریّتین:علیه.
الثامنة:إذا حدث به ما یمنع الانعقاد انعزل

الثامنة:إذا حدث به ما یمنع(1)الانعقاد انعزل،و إن لم یشهد الامام بعزله،کالجنون أو الفسق.و لو حکم لم ینفذ حکمه.

و هل یجوز أن یعزل اقتراحا؟الوجه:لا،لأن ولایته استقرّت شرعا،فلا تزول تشهّیا.

أما لو رأی الامام أو النائب عزله لوجه من وجوه المصالح،أو لوجود من هو أتمّ منه نظرا،فإنه جائز،مراعاة للمصلحة.

أحدهما:لا یجوز،کما فی الولایة العظمی.و لأن الخصمین یتنازعان فی اختیارهما و فی إجابة داعیهما،و لیس أحدهما أولی من الآخر،بخلاف الامام مع القاضی و القاضی مع النائب.فعلی هذا إن ولاّهما معا بطلت تولیتهما.و إن ولّی علی التعاقب صحّت تولیة الأول.

و أصحّهما-و هو الذی اختاره المصنف-:الجواز،لأن القضاء نیابة فیتبع اختیار المنوب،کنصب الوکیلین و الوصیّین.و التنازع یندفع بتقدیم من سبق داعیه منهما.و لو جاءا معا حکم بالقرعة.و لو ابتدأ المتنازعان بالذهاب إلیهما من غیر دعاء قدّم من یختاره المدّعی.

و إن أطلق نصب اثنین،و لم یشترط علیهما الاجتماع،و لا صرّح بالاستقلال،فالأصحّ حمله علی الاستقلال،إجراء للمطلق علی إطلاقه.

و ربما احتمل فساد التولیة ما لم یصرّح بأحد الأمرین،لاشتراک الإطلاق بینهما،و اختلاف حکمهما.

قوله:«إذا حدث به ما یمنع.إلخ».

لمّا ذکر المصنف-رحمه اللّه-جملة من أحکام التولیة أتبعها بجملة أخری من أحکام العزل.و هو قسمان:اضطراریّ،و اختیاری.

ص:356

..........

فالأول یحصل بعروض ما یرفع الأهلیّة.فإذا جنّ القاضی،أو أغمی علیه، أو عمی حیث یعتبر البصر،أو خرس،أو خرج عن أهلیّة الضبط و الاجتهاد بغفلة أو نسیان جدّا،انعزل بذلک و إن لم یعلم الامام.و کذا لو فسق.

و لا تعود ولایته بزوال هذه العوارض علی الأصحّ،بل یفتقر إلی تولیة مستأنفة،لبطلان السابقة،فعودها یحتاج إلی دلیل.

و ربما فرّق بین ما یزول سریعا کالإغماء،و بین غیره کالجنون،فتعود الولایة فی الأول بزواله،دون الثانی،لأن الإغماء کالسهو الذی یزول سریعا و لا ینفکّ منه (1)غالبا.و الفرق واضح.

و الثانی:یجوز مع ظهور خلل لا یبطل القضاء،و یکفی فیه غلبة الظنّ،نظرا إلی المصلحة الکلّیة.

و إن لم یظهر خلل،فإن لم یکن ثمَّ من یصلح للقضاء غیره لم یجز عزله.

و إن کان هناک صالح،فإن کان أتمّ منه جاز عزله به.و إن کان مثله أو دونه،فإن کان فی عزله مصلحة من تسکین فتنة و نحوه جاز عزله أیضا.

و إن لم یکن فیه مصلحة،قیل:لم یجز عزله،لعدم المقتضی له،و قد ثبتت ولایته شرعا بالتولیة فلا تزول اقتراحا و تشهیّا.و لأن عزله حینئذ بمنزلة العبث، و فیه عرضة للقدح فیمن لیس بمقدوح.

و قیل:یجوز عزله مطلقا،لأن ذلک حقّ للإمام،فله أخذه متی شاء و إعطاؤه غیره،فتجب طاعته فی ذلک کغیره.

و هذا البحث قلیل الجدوی علی أصول الأصحاب،لأن الإمام لا یفعل إلا

ص:357


1- 1) فی«خ»:عنه.

..........

ما یوافق المصلحة و یناسب المشروع (1)،و إنما یفرّع هذه الأحکام من یجوّز إمامة من یتّفق منه خلاف المشروع.

و حیث یعزله الامام علی وجه یصحّ،فهل ینعزل بمجرّد عزله،أو بعد بلوغه الخبر کالوکیل؟فیه قولان أظهرهما الثانی،لعظم الضرر فی ردّ أقضیته بعد العزل و قبل بلوغ الخبر،فیکون الحکم فیه أولی من الوکیل.

هذا إذا عزله لفظا،أو کتب إلیه:إنّی عزلتک أو أنت معزول.أما إذا کتب إلیه:إذا أتاک کتابی فأنت معزول،لم ینعزل قبل أن یأتیه الکتاب بحال.و إن کتب إلیه:إذا قرأت کتابی فأنت معزول،لم ینعزل قبل القراءة.

ثمَّ إن قرأه بنفسه فذاک.و إن قرئ علیه فوجهان،أحدهما:لا ینعزل،نظرا إلی صورة اللفظ.و الثانی:الانعزال،نظرا إلی المعنی عرفا،لأن غرض الإمام إعلامه صورة الحال لا قراءته بنفسه.و لو کان أمّیا-تفریعا علی جوازه-فقرئ علیه فالحکم بالانعزال أظهر.مع احتمال العدم،نظرا إلی مدلول اللفظ.

و مثله فی اختلاف ظاهر اللفظ و المعنی إطلاق الکتاب علی مجموعه و علی الغایة المقصودة منه.و تظهر الفائدة فیما لو ذهب بعض الکتابة بحیث تعذّرت قراءته،فإنه لا یصدق قراءة الکتاب إن جعلنا المفرد المضاف مفیدا للعموم،کما هو رأی المحقّقین من الأصولیّین،و قد أشرنا إلیه سابقا (2).و کذا القول فی بلوغه.

هذا بحسب اللفظ.و أما بالنظر إلی المعنی فالمقصود بلوغ ما یفید الخبر أو

ص:358


1- 1) فی«ا،د،م»:الشرع.
2- 2) انظر ج 11:459 و 462.
التاسعة:إذا مات الامام علیه السلام قال الشیخ رحمه اللّه :الذی یقتضیه مذهبنا انعزال القضاة أجمع

التاسعة:إذا مات الامام(1)[علیه السلام]قال الشیخ[1]-رحمه اللّه-:

الذی یقتضیه مذهبنا انعزال القضاة أجمع.و قال فی المبسوط[2]:لا ینعزلون،لأن ولایتهم ثبتت شرعا فلا تزول بموته[علیه السلام].

و الأول أشبه.

قراءة ما یحصل به الغرض و إن لم تتمّ القراءة مع إمکانها فضلا عن تعذّرها،فتعتبر قراءة الفصول المقصودة التی یحصل بها إفادة المطلوب،و إن بقی غیرها کالبسملة و الحمدلة و نظائرهما.

قوله:«إذا مات الإمام.إلخ».

اختلف کلام الشیخ و غیره (1)من الفقهاء فیما لو مات إمام الأصل هل ینعزل القضاة أم لا؟ فقیل:ینعزلون مطلقا،لأنهم نوّابه،و ولایتهم فرع علی ولایته،فإذا زال الأصل تبعه الفرع.

و قیل:لا ینعزلون،لأن ولایتهم ثبتت شرعا فتستصحب،و لما یترتّب علی الانعزال من الضرر العامّ اللاحق بالخلق بخلوّ البلدان عن الحکّام إلی أن یتجدّد للإمام اللاحق نوّاب،فتتعطّل المصالح.

و الأظهر هو الأول.و قد یقدح هذا فی ولایة الفقیه حال الغیبة،فإن الإمام الذی[قد]جعله قاضیا و حاکما قد مات،فیجری فی حکمه ذلک الخلاف المذکور،إلا أن الأصحاب مطبقون علی استمرار تلک التولیة،فإنها لیست

ص:359


1- 3) قواعد الأحکام 2:202.

و لو مات القاضی الأصلی(1)لم ینعزل النائب عنه،لأن الاستنابة مشروطة بإذن الإمام[علیه السلام]،فالنائب عنه کالنائب عن الامام، فلا ینعزل بموت الواسطة.و القول بانعزاله أشبه.

کالتولیة الخاصّة،بل حکم یمضمون ذلک،فإعلامه بکونه من أهل الولایة علی ذلک کإعلامه یکون العدل مقبول الشهادة و ذی الید مقبول الخبر،و غیر ذلک،و فیه بحث.

قوله:«و لو مات القاضی الأصلی.إلخ».

إذا مات القاضی انعزل بموته کلّ نائب له فی شغل معیّن-کبیع علی میّت أو غائب،أو سماع بیّنة فی حادثة معیّنة-بغیر خلاف.

و فی المتصرّفین فی شغل عامّ-کقوّام الأیتام و الوقوف-وجهان ناشئان من الوجهین فی نوّاب الامام،من حیث التبعیّة،و[من] (1)ترتّب الضرر بزوال ولایتهم إلی أن تتجدّد الولایة.

و أما نوّابه فی القضاء ففی انعزالهم وجهان نقلهما المصنف رحمه اللّه.

أحدهما:عدمه مطلقا،لأن الاستنابة مشروطة بإذن الإمام،فالنائب عن القاضی کالنائب عن الامام،فلا ینعزل بموت القاضی الواسطة،کما لا ینعزل وکیل الوکیل إذا کان قد اذن له فی توکیله عن الموکّل.

و الثانی:الانعزال مطلقا،لأنه فرعه و کالوکیل عنه،فینعزل بموته.و یمنع من کون الإطلاق یقتضی کونه نائبا عن الامام.و هذا هو الذی اختاره المصنف رحمه اللّه.

و فی کلا القولین علی إطلاقهما إشکال.

ص:360


1- 1) من«ث،خ».

..........

أما الأول:فلأن النیابة قد تکون مستندة إلی قرائن الأحوال کاتّساع الولایة،و النائب فیها لیس نائبا عن الامام،بل عن القاضی.و لم یحصل من الامام ما یقتضی الإذن لفظا حتی یقال:إن الاستنابة مشروطة بإذن الامام.و لو سلّم أن التولیة علی هذا الوجه إذن فی المعنی لم یدلّ علی کونه إذنا فی استنابته عن الامام بوجه من الدلالات.

و أما الثانی:فلأن من جملة الأقسام أن یکون الامام قد أذن له صریحا فی الاستنابة إما مطلقا أو عن الامام،فلا یتمّ الحکم مطلقا بکون النائب تابعا للمستنیب.

فیتّجه علی هذا وجه (1)ثالث،و هو أن القاضی إن لم یکن مأذونا فی الاستخلاف لفظا،بل استخلف بناء علی جوازه مطلقا أو مع شهادة القرائن به، انعزل خلیفته بموته،لأن الاستخلاف فی هذه الحالة إما أن یکون جوازه مشروطا بالحاجة،فکان النائب کالمعاون فی العمل،فإذا زالت ولایته بطلت المعاونة، لعدم الحاجة إلیها،و إما لأن الخلیفة کالوکیل حیث جوّزناها مطلقا،فتبطل بموت الموکّل،لأنه کالمعین أیضا و إن لم یکن لحاجة.

و إن کان مأذونا فی الاستخلاف نظر،إن قال:استخلف عنّی،فاستخلف، لم ینعزل خلیفته،لأنه مأذون من جهة الإمام،فکان الأول سفیرا فی التولیة.و إن قال:استخلف عن نفسک،أو أطلق،انعزل،لظهور غرض المعاونة،و بطلانها ببطلان ولایته.

ص:361


1- 1) انظر روضة الطالبین 8:110.
العاشرة:إذا اقتضت المصلحة تولیة من لم یستکمل الشرائط انعقدت ولایته

العاشرة:إذا اقتضت المصلحة(1)تولیة من لم یستکمل الشرائط انعقدت ولایته،مراعاة للمصلحة فی نظر الامام،کما اتّفق لبعض القضاة فی زمان علیّ علیه السلام.

و ربما منع من ذلک،فإنه علیه السلام لم یکن یفوّض إلی من یستقضیه و لا یرتضیه،بل یشارکه فیما ینفذه،فیکون هو علیه السلام الحاکم فی الواقعة لا المنصوب.

و هذا البحث قد مضی (1)مثله فی وکیل الوکیل عند موت الوکیل الواسطة.

و لو نصب الامام بنفسه نائبا عن القاضی،ففی انعزاله بموت القاضی وجهان،و أولی بالعدم هنا،لأنه مأذون من جهة الإمام،إلا أن یکون الإذن مقیّدا بالنیابة عن القاضی،فیتبعه کالأول.

قوله:«إذا اقتضت المصلحة.إلخ».

إذا اقتضت المصلحة عند الإمام تولیة من لم یستکمل شرائط القضاء،بأن کان قاصرا فی العلم أو العدالة،ففی جواز تولیته عندنا وجهان:

أحدهما:المنع،لفقد الشرط المقتضی لفقد المشروط،و لقول النبیّ صلّی اللّه علیه و آله:«القضاة ثلاثة:اثنان فی النار،و واحد فی الجنّة» (2)،و جعل الذی فی الجنّة من عرف الحقّ و قضی به،و قد تقدّم،فمن یکون من أهل النار لا تسوغ تولیته.و لأنه لا یجوز ذلک فی الفتوی،ففی القضاء أولی.

و الثانی:الجواز،نظرا إلی وجود المصلحة الکلّیة التی هی الأصل فی شرع

ص:362


1- 1) فی ج 5:288.
2- 2) تقدّم ذکر مصادره فی ص:325 هامش(3).
الحادیة عشرة:کلّ من لا تقبل شهادته لا ینفذ حکمه

الحادیة عشرة:کلّ من لا تقبل شهادته(1)لا ینفذ حکمه،کالولد علی الوالد،و العبد علی مولاه،و الخصم علی خصمه.

الأحکام،و لوقوع مثله فی زمن علیّ علیه السلام،فقد کان ولّی شریحا القضاء مع ظهور مخالفته له فی الأحکام المنافیة للعدالة التی هی أحد الشرائط.

و أجیب بأن مجرّد وقوعه منه لیس بحجّة،و إنما یکون حجّة لو وقع باختیاره،و القرائن شاهدة بخلاف ذلک،فإنه إنما ولاّه جریا علی طریقة السابقین حیث کان متولّیا من قبلهم،فلم یمکنه علیه السلام المشاقّة و المخالفة،کما علم من سیرته فی زمن ولایته.

و أشار المصنف-رحمه اللّه-إلی جواب آخر،و هو أنه علیه السلام و إن کان بحسب الصورة مفوّضا إلیه القضاء و راضیا بحکمه،إلا أنه فی المعنی لم یکن کذلک،بل کان یشارکه فیما ینفذه،فیکون علیه السلام هو الحاکم فی الواقعة لا المنصوب.و قد روی مضمون هذا الجواب هشام بن سالم فی الحسن عن أبی عبد اللّه علیه السلام قال:«لمّا ولّی أمیر المؤمنین علیه السلام شریحا القضاء اشترط علیه أن لا ینفذ القضاء حتی یعرضه علیه» (1).

و هذا الجواب لا یخلو من نظر.و المرویّ من حال شریح معه علیه السلام ما یخالف ذلک،و فی حدیثه (2)مع الدرع الغلول ما یرشد إلی ما ذکرناه.

قوله:«کلّ من لا تقبل شهادته.إلخ».

الحکم لشخص علی آخر شهادة له علیه و زیادة،فیشترط فی نفوذه

ص:363


1- 1) الکافی 7:407 ح 3،التهذیب 6:217 ح 510،الوسائل 18:6 ب«3»من أبواب صفات القاضی ح 1.
2- 2) الکافی 7:385 ح 5،الفقیه 3:63 ح 213،التهذیب 6:273 ح 747،الاستبصار 3:34 ح 117، الوسائل 18:194 ب«14»من أبواب کیفیّة الحکم ح 6.

و یجوز حکم الأب علی ولده و له،و الأخ علی أخیه و له،کما تجوز شهادته.

ما یشترط فی نفوذ الشهادة من الطرفین و أحدهما.فمن لا تقبل شهادة الشخص علیه مطلقا کالخصم لا یقبل حکمه علیه،و یقبل حکمه له کما تقبل شهادته له،مع عدم منافاة الخصومة للعدالة.و من تقبل شهادته له و علیه-کالأجنبی و الأخ و الأب بالنسبة إلی الولد-یقبل حکمه له و علیه مطلقا.

و أما حکم الولد علی الوالد فقد قطع المصنف-رحمه اللّه-بالمنع منه،بناء علی المشهور من عدم قبول شهادته علیه.و سیأتی (1)أن الأصحّ قبولها له و علیه، فیقبل حکمه له و علیه کغیره.

ص:364


1- 1) فی کتاب الشهادات المسألة الثالثة من الوصف الخامس من أوصاف الشهود.

النظر الثانی:فی الآداب

اشارة

النظر الثانی:

فی الآداب(1)

و هی قسمان:مستحبّة،و مکروهة
اشارة

و هی قسمان:مستحبّة،و مکروهة

فالمستحبّة

فالمستحبّة:

أن یطلب من أهل ولایته من یسأله عمّا یحتاج إلیه فی أمور بلده.

و أن یسکن عند وصوله فی وسط البلد،لترد الخصوم علیه ورودا متساویا.

و أن ینادی بقدومه إن کان البلد واسعا لا ینتشر خبره فیه إلا بالنداء.

و أن یجلس للقضاء فی موضع بارز،مثل رحبة أو فضاء،لیسهل الوصول إلیه.

و أن یبدأ بأخذ ما فی ید الحاکم المعزول من حجج الناس و ودائعهم،لأن نظر الأول سقط بولایته.

و لو حکم فی المسجد صلّی عند دخوله تحیّة المسجد،ثمَّ یجلس مستدبر القبلة لیکون وجه الخصوم إلیها.و قیل:یستقبل القبلة،لقوله علیه السلام:«خیر المجالس ما استقبل به القبلة».و الأول أظهر.

قوله:«النظر الثانی فی الآداب.إلخ».

للقاضی آداب تختصّ به،و هی کثیرة حتی أفردت بالتصنیف،للاهتمام بشأنها.و قد أشار المصنف-رحمه اللّه-إلی المهمّ منها هنا.

فمنها:أن یطلب قبل قدومه إلی البلد من یسأله عن حال من فیه من

ص:365

..........

العلماء و العدول،لیکون علی بصیرة ممّن یعتمد علیه و یسکن إلی قوله،و من یستحقّ التعظیم منهم و الإقبال،من حین وصوله،فإن لم یتیسّر له ذلک قبل الوصول (1)سأل حین یدخل.قیل:و یستحبّ أن یکون الدخول یوم الاثنین، تأسّیا بالنبیّ صلّی اللّه علیه و آله حین دخل المدینة[فی] (2)ذلک الیوم.

و منها:أن ینزل فی وسط البلد أو الناحیة،کیلا (3)یطول الطریق علی بعضهم زیادة علی بعض،فیکون ذلک أقرب إلی إنصاف الخصوم و التسویة بینهم، کما یسوّی بینهم فی الکلام و الإنصات.

و منها:أن یعلم بقدومه إن لم یشتهر خبره.و لو توقّف ذلک علی مناد ینادی علی حسب حال البلد فی الکبر و الصغر:ألا إن فلانا قدم قاضیا،و نحو ذلک، فعل.و إن توقّف الأمر علی قراءة عهده أضاف المنادی إلی ذلک:فمن أحبّ فلیحضر ساعة کذا من یوم کذا،فإذا حضروا قرأ علیهم العهد،و إن کان معه شهود شهدوا.ثمَّ ینصرف إلی منزله و یستحضر الناس،ثمَّ یسألهم عن الشهود و المزکّین سرّا و علانیة.

و منها:أن یجلس للقضاء فی موضع بارز للناس،مثل رحبة أو فضاء، لیسهل الوصول إلیه علی من أراده.و لا یجعل ذلک فی بیت یهابه الناس أو بعضهم،لیکون أیسر فی وصول المحتاجین إلی حقّهم.

و منها:أن یتسلّم دیوان الحکم،و هو ما کان عند الحاکم قبله من المحاضر و السجلاّت و حجج الأیتام و الأوقاف و حجج الناس المودعة فی الدیوان،لأنها

ص:366


1- 1) فی«ا،ث،د،م»:الدخول.
2- 2) من الحجریتین.
3- 3) فی«م»:لئلا.

..........

کانت فی ید الأول بحکم الولایة و قد انتقلت الولایة إلیه،فیتوصّل بذلک إلی تفاصیل أحوال الناس و معرفة حقوقهم و حوائجهم.

و منها:أنه إن اتّفق حکمه فی المسجد،إما مراعاة لمجرّد الجواز،أو علی وجه لا یکون مکروها،فلیبدأ عند وصوله بصلاة تحیّة المسجد رکعتین فصاعدا، کما یستحبّ ذلک لکلّ داخل إلیه.و إنما خصّه بالذکر دفعا لتوهّم أن ما هو بصدده من الحکم أهمّ من صلاة التحیّة.

و منها:أن یجلس مستدبر القبلة،لیکون وجه الخصوم إذا وقفوا بین یدیه مستقبل القبلة،خصوصا فی وقت استحلافهم،فیکون مراعاة جانب الاستقبال فیهم أهمّ من مراعاة جانبه،نظرا إلی عموم المصلحة.و هذا اختیار الأکثر،و منهم الشیخ فی النهایة (1).و قال فی المبسوط (2)یکون متوجّها إلی القبلة،لما روی عن النبیّ صلّی اللّه علیه و آله أنه قال:«خیر المجالس ما استقبل به القبلة» (3)، و القاضی أحقّ بهذه الفضیلة.و تبعه ابن البرّاج (4).و اختار المصنف-رحمه اللّه- الأول.و هو الأظهر.

ص:367


1- 1) النّهایة:338.
2- 2) المبسوط 8:90.
3- 3) الفردوس 2:179 ح 2901.تلخیص الحبیر 2:261 ذیل ح 1059،الدرر المنتثرة:71 ح 216.
4- 4) المهذّب 2:595.

ثمَّ یسأل(1)عن أهل السجون،و یثبت أسماءهم،و ینادی فی البلد بذلک لیحضر الخصوم،و یجعل لذلک وقتا،فإذا اجتمعوا أخرج اسم واحد واحد و سأله عن موجب حبسه،و عرض قوله علی خصمه،فإن ثبت لحبسه موجب أعاده،و إلا أشاع حاله بحیث إن لم یظهر له خصم أطلقه.

و کذا لو أحضر محبوسا فقال:لا خصم لی،فإنه ینادی فی البلد، فإن لم یظهر له خصم أطلقه.و قیل:یحلّفه مع ذلک.

قوله:«ثمَّ یسأل.إلخ».

إذا تفرّغ القاضی من مهمّاته و أراد القضاء استحبّ أن یبتدئ أولا بالنظر فی حال المحبوسین،لأن الحبس عذاب،فلینظر هل یستحقّونه أم لا؟و یأمر قبل أن یجلس للنظر فی أمورهم منادیا ینادی علی حسب الحاجة:ألا إن القاضی ینظر فی أمر (1)المحبوسین یوم کذا،فمن له محبوس فلیحضر.و یبعث إلی الحبس أمینا من أمنائه لیکتب اسم کلّ محبوس و ما حبس به و من حبس له فی رقعة منفردة.و الأحوط بعث اثنین.

فإذا جلس الیوم الموعود و حضر الناس صبّت تلک الرقاع بین یدیه،و أخذ واحدة واحدة و نظر فی الاسم المثبت فیها،و سأل عن خصمه،فمن قال:أنا خصمه،نظر فی أمره.و لو کثر المحبوسون و خصومهم و شقّ اجتماعهم فی المجلس أبقاهم فی الحبس،و کلّما أخرج رقعة و ظهر فیها اسم واحد و ظهر خصمه بعث معه ثقة إلی الحبس لیأخذ بیده و یخرجه للحکومة بینه و بین خصمه.

و هکذا یحضر من المحبوسین بقدر ما یعرف أن المجلس یحتمل النظر فی

ص:368


1- 1) فی«ت،خ»:أمور.

..........

أمرهم.

و إذا اجتمع المحبوس و خصمه عنده سأل المحبوس عن سبب حبسه.

و الجواب یفرض علی وجوه:

منها:أن یعترف بالحبس بالحقّ.فإن کان ما حبس به مالا أمر بأدائه،فإن قال:فأنا معسر،فعلی ما ذکر فی الفلس (1).ثمَّ إذا لم یؤدّ و لم یثبت الإعسار ردّ إلی الحبس.و إن أدّی أو ثبت الإعسار نودی علیه فلعلّ له خصما آخر فی مال أو غیره،فإن لم یحضر خلّی.و إن کان ما حبس به حدّا أقیم علیه و خلّی.

و منها:أن یقول:شهدت علیّ البیّنة فحبسنی القاضی لیبحث عن حال الشهود.و للأصحاب فی جواز الحبس بهذا السبب اختلاف،فإن کان مذهب القاضی أنه لا یحبس به أطلقه.و إن کان مذهبه الحبس ردّه،و بحث عن حال الشهود.

و منها:أن یقول:حبست ظلما.فإن کان الخصم معه فعلی الخصم الحجّة، و القول قول المحبوس مع یمینه.

و إن ذکر خصما غائبا ففی إطلاقه أوجه:

أحدها:نعم،لأن الحبس عذاب،و انتظار الغائب یطول.

و أظهرها:أنه لا یطلق،و یکتب إلی خصمه فی الحضور،فإن لم یفعل فحینئذ یطلق.

و الثالث:أنه لا یحبس و لا یطلق،و لکن یراقب إلی أن یحضر خصمه، و یکتب إلیه لیعجّل،فإن تأخّر ترکت المراقبة،لما فیه من الجمع بین الحقّین.

ص:369


1- 1) فی ج 4:127-129.

ثمَّ یسأل عن الأوصیاء(1)علی الأیتام،و یعتمد معهم ما یجب من تضمین أو إنقاذ أو إسقاط ولایة،إما لبلوغ الیتیم أو لظهور خیانة،أو ضمّ مشارک إن ظهر من الوصیّ عجز.

و هذا اختیار العلامة فی القواعد (1)،و وافقه الشهید فی الدروس (2)مخیّرا بین المراقبة و الکفیل.

و إن قال:لا خصم لی أصلا،أو قال:لا أدری لم حبست،نودی علیه فی طلب الخصم،فإن لم یحضر أحد،قال الشیخ (3):أحلف و أطلق.و استحسنه فی الدروس (4).و إنما أحلف هنا و لم یحلف فی الأجوبة السابقة لأن هناک ظهر الخصم و فصل الأمر،فدعوی أنه لیس له خصم آخر لا یخالف الظاهر،بخلاف الحبس بغیر خصم،فإنه خلاف الظاهر،و فیه قدح فی القاضی السابق.

و المصنف-رحمه اللّه-اقتصر علی جعل التحلیف قولا مشعرا بعدم ترجیحه.و وجهه:عدم ثبوت حقّ علیه ظاهرا،فلا وجه لإحلافه.و الأجود[1] الأول.

قوله:«ثمَّ یسأل عن الأوصیاء.إلخ».

إذا فرغ القاضی من المحبوسین نظر فی حال الأوصیاء،لأن الوصیّ یتصرّف فی حقّ من لا یمکنه المرافعة و المطالبة،کالأطفال و أصحاب الجهات العامّة.فإذا حضر من یزعم أنه وصیّ تفحّص القاضی عن شیئین:

ص:370


1- 1) قواعد الأحکام 2:203-204.
2- 2) الدروس الشرعیّة 2:71.
3- 3) المبسوط 8:94-95.
4- 4) الدروس الشرعیّة 2:71.

ثمَّ ینظر فی أمناء الحکم،(1)الحافظین لأموال الأیتام الذین یلیهم الحاکم و لأموال الناس،من ودیعة أو مال محجور علیه،فیعزل الخائن، و یسعد الضعیف بمشارک،أو یستبدل به بحسب ما یقتضیه رأیه.

أحدهما:أصل الوصایة.فإن أقام بیّنة بها قرّره إلی أن یطرأ (1)ما یزیلها من فسق و غیره،فینتزع المال منه.فإن کان المال کثیرا لا یمکنه القیام بحفظه و التصرّف فیه ضمّ إلیه من یعینه.

و الثانی:تصرّفه فی المال.فإن قال:فرّقت (2)ما أوصی به،نظر إن کانت الوصیّة لمعیّنین لم یتعرّض له،لأنهم یطالبون لو لم یصل إلیهم.و إن کان لجهة عامّة،فإن کان عدلا أمضی تصرّفه و لم یضمنه.و إن کان فاسقا ضمنه،لتعدّیه بالتفریق لا عن ولایة.

و لو أن غیر الوصیّ فرّق الموصی به،نظر إن کانت الوصیّة لمعیّنین وقع الموقع،لأن لهم أن یأخذوه من غیر واسطة،و إلا ضمن.و کذا یضمن من تصرّف فی وقف مسجد أو مشهد و لیس أهلا،و إن صرفه فی مصلحته.و إن ظهر منه خیانة فأولی بالضمان.

و لو تبیّن عجزه عن القیام بما فوّض إلیه ضمّ إلیه مساعدا.و إن انتهت مدّة وصایته لبلوغ الیتیم أو غیره نزع یده منه،إلی آخر ما یترتّب علی الوصاة.

قوله:«ثمَّ ینظر فی أمناء الحکم.إلخ».

إذا فرغ من النظر فی الأوصیاء شرع فی النظر فی حال أمناء الحکم (3)، و هم الذین نصبهم القاضی السابق علی الأطفال،و فی تفرقة الوصایا حیث لا

ص:371


1- 1) فی«خ،د»:یظهر.
2- 2) فی الحجریّتین:فرغت.
3- 3) فی«م»:الحاکم.

ثمَّ ینظر فی الضوالّ(1)و اللقط،فیبیع ما یخشی تلفه و ما یستوعب نفقته ثمنه،و یتسلّم ما عرّفه الملتقط حولا إن کان شیء من ذلک فی ید أمناء الحکم،و یستبقی ما عدا ذلک-مثل الجواهر و الأثمان-محفوظا علی أربابها،لتدفع إلیهم عند الحضور علی الوجه المحرّر أولا.

وصیّ لها،و من وضع عنده ودیعة أو مال محجور علیه،و هو نوع من الودیعة، فعطفه علیها عطف خاصّ علی عامّ.فمن تغیّر حاله بفسق استبدل به،أو بضعف ضمّ إلیه معینا إن شاء،أو استبدل به،بخلاف الوصیّ،فإنه یتعیّن فیه الضمّ و لا یجوز الاستبدال.و الفرق:أن هذا تولّی من جهة القاضی فله عزله اقتراحا فمع العجز أولی،بخلاف الوصیّ،فإن الموصی قد نصبه و رضی بنظره،و نظره لم یعدم،و إنما قصر عن الاستقلال،فینجبر بضمّ المعین.

و إنما جعل هذا القسم مترتّبا علی النظر فی القسم السابق لأن الأول لا خصم له فکان أولی بالرعایة،بخلاف هذا،فإن خصمه و ناصبة القاضی فکان هو الخصم فیه.

قوله:«ثمَّ ینظر فی الضوالّ.إلخ».

إنما أخّر هذه عن الأقسام السابقة لأنها لیست لها مطالب الآن،و إنما هو الباحث عن حالها و الآخذ لبعضها لیضعه فی بیت المال أو لیبیعه.و حکمها علی الوجه الذی ذکره المصنف-رحمه اللّه-واضح.

و حیث لا یقبل الملک،أو لا یختار الملتقط التملّک،یتخیّر الحاکم بین أن یحفظها معزولة عن أمثالها فی بیت المال،و بین أن یخلطها بما فیه،و إذا ظهر المالک غرم له من بیت المال.و یقدّم من کلّ نوع من ذلک الأهمّ فالأهمّ.

و لو عرضت حادثة و هو مشغول بهذه المهمّات استخلف من ینظر فیها أو

ص:372

و یحضر من أهل العلم(1)من یشهد حکمه،فإن أخطأ نبّهوه،لأن المصیب عندنا واحد.و یخاوضهم فیما یستبهم من المسائل النظریّة،لتقع الفتوی مقرّرة.

فیما هو فیه،و لا یؤخّرها،لأن الحبس عقوبة،و حاجات الأطفال و الغیّاب ناجزة،فکانت أولی بالتقدیم.

و المراد بقوله:«علی الوجه المحرّر أولا»ما سبق ذکره فی باب اللقطة (1)من أحکام ذلک و شرائطه من التعریف حولا و غیره.

قوله:«و یحضر من أهل العلم.إلخ».

المراد بأهل العلم المجتهدون فی الأحکام الشرعیّة،لا مطلق العلماء.

و لیس المراد أن یقلّدهم فی المسألة،سواء تبیّن خطؤه أم لا،لما تقرّر من أن غیر المجتهد لا ینفذ قضاؤه مطلقا،بل لأن القضاء مظنّة تشعّب الخاطر و تقسّم الفکر، و جزئیّات الأحکام الواردة علیه بعضها یشتمل علی دقّة و صعوبة مدرک،فربما غفل بواسطة ذلک عن بعض مدارک المسألة،فینبّهوه علیه لیعتمد منه ما هو الأرجح منه.

و یستحبّ له أیضا ابتداؤهم بالبحث عن الحکم الحاضر إذا لم یکن مدرکه جلیّا،بأن کان إجماعیّا أو منصوصا نصّا واضحا،تأسّیا بالنبیّ صلّی اللّه علیه و آله،فقد کان یشاور أصحابه امتثالا لأمر اللّه تعالی فی قوله وَ شاوِرْهُمْ فِی الْأَمْرِ (2)،و قد کان صلّی اللّه علیه و آله غنیّا عن مشاورتهم بکمال علمه،و لکن أراد أن یستنّ به الحکّام بعده.

ص:373


1- 1) فی ج 12:516.
2- 2) آل عمران:159.

..........

و قوله:«لأن المصیب عندنا واحد»نبّه به علی خلاف بعض العامّة (1)حیث ذهب إلی أن کلّ مجتهد مصیب،فلا وجه حینئذ فی الرجوع إلی قول من ینبّهه، لأن کلاّ منهما موافق للصواب،و إن کان بعض الآراء أرجح من بعض.

و فیه نظر،لأن هذا الحکم یجری علی المذهبین،و قد ذکره الفریقان فی آداب القضاء،لأن الإصابة فی الاجتهاد عند (2)القائل بکون کلّ مجتهد مصیبا إنما هی مع موافقة الاجتهاد للدلیل المناسب للحکم،و المفروض هنا الغفلة عنه و أنه إذا نبّه علیه تنبّه،و علم أن الدلیل الذی اعتمده أولا غیر صحیح بحسب ما یراه، بأن کان فی المسألة روایة فیها طعن غفل عنه مثلا،أو روایتان متعارضتان فجمع بینهما بأمر غیر سدید،أو رجّح إحداهما بمرجّح مع غفلته عن أمور أخری ترجّح ذلک الجانب،أو نحو ذلک.و هذا الأمر یشترک فیه القولان.

و إصابة الواحد إنما هی فی نفس الأمر لا فی الظاهر،و من الجائز أن لا یکون الحکم الذی ینبّه علیه و وجب علیه اتّباعه هو الصواب فی نفس الأمر،لأن الواجب فی الظاهر اتّباع الراجح بعد استفراغ الوسع فی تحصیل دلیله،سواء طابق الواقع فی نفس الأمر أم لا،بل ذلک أمر لا یعلم إلا من قبل اللّه تعالی.

و قد وقع فی کلام ابن الجنید فی هذه المسألة ما یوهم جواز تقلیده لهم فی الحکم،لأنه قال:«لا بأس أن یشاور الحاکم غیره فیما اشتبه علیه من الأحکام، فإن أخبروه بنصّ أو سنّة أو إجماع خفی علیه عمل به» (3).

ص:374


1- 1) الحاوی الکبیر 16:128،البحر المحیط 6:241.
2- 2) کذا فی«خ»،و فی سائر النسخ:علی.
3- 3) حکاه عنه العلاّمة فی المختلف:703.

و لو أخطأ فأتلف لم یضمن،و کان علی بیت المال.(1) و إذا تعدّی أحد الغریمین(2)سنن الشرع عرّفه خطأه بالرفق،فإن عاود زجره،فإن عاد أدّبه بحسب حاله،مقتصرا علی ما یوجب لزوم النمط.

قال فی المختلف (1):لکن لمّا أجمعنا علی أنه لا یجوز أن یلی القضاء المقلّد وجب حمل کلامه علی ما یوافق کلام الشیخ (2)و غیره (3)،من أن المراد به أن ینبّهوه علی ما خفی علیه من الأدلّة و سها فیه لیعتمد علی الدلیل الصالح،لا بمعنی أن یقلّدهم.

فیحصل من کلام المختلف أن الإجماع واقع علی عدم جواز التقلید،فتعیّن لذلک حمل المشاورة علی ما أشرنا إلیه من المعنی.

قوله:«و لو أخطأ-إلی-بیت المال».

بأن حکم لأحد بمال،أو علی أحد بقصاص و نحو ذلک،ثمَّ ظهر له خطأ الحکم،مع کونه قد اجتهد فیه فلم یظهر له الخطأ إلی أن حصل الإتلاف،فیلزمه أداء التلف (4)من بیت المال لا من ماله،للنصّ (5)علی ذلک،و موافقته للحکمة.

قوله:«و إذا تعدّی أحد الغریمین.إلخ».

تعدّی أحد الخصمین فی مجلس القاضی قد یکون علی وجه محرّم،بأن

ص:375


1- 1) المختلف:703.
2- 2) المبسوط 8:98.
3- 3) الدروس الشرعیّة 2:73.
4- 4) فی«ت»:المتلف.
5- 5) الفقیه 3:5 ح 16،التهذیب 6:315 ح 872،الوسائل 18:165 ب«10»من أبواب آداب القاضی.
و الآداب المکروهة

و الآداب المکروهة:(1) أن یتّخذ حاجبا وقت القضاء.

یکذّب الشاهد أو ینسب القاضی إلی الجور أو المیل و نحو ذلک،و قد یکون بإساءة الأدب مع الخصم أو القاضی أو غیرهما،أو اللّدد فی الخصومة،بأن یطلب یمین الخصم،ثمَّ یقطعها علیه و یقول:لی بیّنة سأحضرها،ثمَّ یعود إلی الأول،و هکذا،إیذاء و تعنّتا.

فإن کان الأول،جری معه القاضی علی مراتب النهی عن المنکر،فیزجره عن فعله و ینهاه برفق،فإن انزجر بذلک و إلا تهدّده و صاح علیه،فإن لم ینزجر عزّره علی ما یقتضیه نظره.

و لو کان الحقّ للقاضی،بأن کانت الجرأة علیه،تخیّر بین أن یعزّره و أن یعفو عنه،و العفو أولی إن لم یحمل علی ضعفه،أو یؤدّی إلی إغرائه بمثل ذلک، و إلا کان الاستیفاء أولی.

و إن کان الثانی،عرّفه طریق الأدب اللاّئق بذلک المقام برفق،و بیّن له فساد ما ارتکبه،فإن نجع و إلا أغلط له،فإن أفاد و إلا جاز تأدیبه بما یقتضیه اجتهاده من التوبیخ و إغلاظ القول،و نحو ذلک.

و السنن-بفتح السین-الطریق.و کذلک النمط.و المراد به هنا لزوم قوانین الشرع.

قوله:«و الآداب المکروهة.إلخ».

الحاجب هو الذی لا یدخل علیه أحد إلا برضاه،فإنه منهیّ عنه،قال النبیّ صلّی اللّه علیه و آله:«من ولی شیئا من أمور الناس،فاحتجب دون حاجتهم

ص:376

و أن یجعل المسجد(1)مجلسا للقضاء دائما.و لا یکره لو اتّفق نادرا.

و قیل:لا یکره مطلقا،التفاتا إلی ما عرف من قضاء علیّ علیه السلام بجامع الکوفة.

و فاقتهم،احتجب اللّه عنه دون حاجته و فاقته و فقره» (1).و إنما یکره ذلک فی حال القضاء و نحوه من الولایات،و أما فی غیره فلا بأس،للأصل،و ظهور الغرض الصحیح به.

و نقل الشیخ فخر الدین (2)عن بعض الفقهاء أنه حرام،عملا بظاهر الحدیث.

و قرّبه مع اتّخاذه علی الدوام بحیث یمنع أرباب الحوائج و یضرّ بهم.

و هو حسن،لما فیه من تعطیل الحقّ الواجب قضاؤه علی الفور.و الحدیث یصلح شاهدا علیه،و إلا (3)کان مفیدا للکراهیة،للتسامح فی أدلّته.

قوله:«و أن یجعل المسجد.إلخ».

اختلف الأصحاب فی کراهیة القضاء فی المسجد و استحبابه و إباحته مطلقا أو علی بعض الوجوه،فذهب الأکثر-و منهم المصنف رحمه اللّه فی کتاب الصلاة (4)-إلی کراهته مطلقا،لقوله صلّی اللّه علیه و آله:«جنّبوا مساجدکم صبیانکم و مجانینکم و خصوماتکم و رفع أصواتکم» (5).و الحکومة تستلزم

ص:377


1- 1) مسند أحمد 5:238-239،سنن أبی داود 3:135 ح 2948،مستدرک الحاکم 4:93-94، سنن البیهقی 10:101-102،تلخیص الحبیر 4:188 ح 2089.
2- 2) إیضاح الفوائد 4:310.
3- 3) فی«ث»:و إن کان.
4- 4) شرائع الإسلام 1:152،مسالک الأفهام.1:329.
5- 5) سنن ابن ماجه 1:247 ح 750،سنن البیهقی 10:103،مجمع الزوائد 2:25-26،نصب الرایة 2:492،تفسیر القرطبی 12:270،تلخیص الحبیر 4:188 ذیل ح 2088.

..........

الخصومة و رفع الصوت غالبا،و قد یحتاج إلی إحضار الصبیان و المجانین أیضا، و أیضا فقد تحضره الحیّض (1)و من لا یتوقّی النجاسة.و لما روی أنه صلّی اللّه علیه و آله«سمع رجلا ینشد ضالّة فی المسجد فقال:لا وجدتها،إنما بنیت المساجد لذکر اللّه و الصلاة»[2]و«إنما»للحصر.

و ذهب جماعة-منهم الشیخان فی المقنعة (2)و النهایة[4]،و أتباعهما (3)و ابن إدریس[6]-إلی الاستحباب مطلقا،لأن المسجد أشرف البقاع،و القضاء من أفضل الأعمال،فلا ینافیه وضع المسجد لذکر اللّه،لأن القضاء من جملته،لأن ذکر اللّه أعمّ من الذکر القولی.

و قال الشیخ فی المبسوط (4):الأولی جوازه.و فی الخلاف (5):لا یکره،و لم یذکر الاستحباب.و هو قول متوسّط.

و ذهب المصنف-رحمه اللّه-هنا و العلامة (6)فی أحد قولیه و الشهید (7)فی

ص:378


1- 1) فی«خ،ط،م»:الحائض.
2- 3) المقنعة:722.
3- 5) الکافی فی الفقه:444،المراسم:230،الوسیلة:209.
4- 7) المبسوط 8:87.
5- 8) الخلاف 6:210 مسألة(3).
6- 9) قواعد الأحکام 2:204،إرشاد الأذهان 2:140.
7- 10) الدروس الشرعیّة 2:73.

..........

أحد قولیه إلی کراهة الدائم منه دون المتفرّق.أما کراهة الدائم فلما مرّ.و أما استثناء المتفرّق فلأن علیّا علیه السلام کان یقضی بمسجد الکوفة (1)،و دکّة قضائه إلی الآن معروفة،و هو محمول علی إیقاعه مرّات لا دائما.و لأنه إذا جلس للعبادة فحضر الخصمان صار القضاء بینهما واجبا علی الفور،ففی تأخیره إلی أن یخرج منافاة لفوریّة الحقّ،و إن لم یکن حراما حیث لا یضرّ بالخصمین،فلا أقلّ من الکراهة أو رفعها عن إیقاعه فی المسجد.

و أما ما ذکره المصنف-رحمه اللّه-فی الاستدلال لنفی الکراهة مطلقا بقضاء علیّ علیه السلام بالجامع فموضع نظر،لأن المعلوم من حاله علیه السلام أنه ما کان یجلس للقضاء دائما،لا فی المسجد و لا فی غیره،و إنما کان یقضی بالمسجد فی زمنه نوّابه.و حال شریح[1]فی قضائه به فی جمیع خلافته علیه السلام و فی زمن الخلیفتین السابقین و بعد أمیر المؤمنین علیه السلام مدّة متطاولة معلوم.و إنما الواقع من أمیر المؤمنین علیه السلام-علی تقدیر تسلیمه-قضایا قلیلة فی أمور مهمّة کان یرجع شریح إلیه فیها،أو لغیر ذلک من الأغراض.و دکّة القضاء علی تقدیر صحّتها لا تدلّ علی أزید من ذلک فی حقّه.و ربما کانت مجلسا لغیره،لأنها من مستحبّات مجالس القضاء کما مضی (2).و جلوسه علیها فی حال إنفاذ تلک القضایا الخاصّة لا غیر.

ص:379


1- 1) المناقب لابن شهرآشوب 2:359.
2- 3) فی ص:363.

و أن یقضی و هو غضبان.(1)و کذا یکره مع کلّ وصف یساوی الغضب فی شغل النفس،کالجوع و العطش و الغمّ و الفرح و الوجع و مدافعة الأخبثین و غلبة النعاس.و لو قضی و الحال هذه نفذ إذا وقع حقّا.

قوله:«و أن یقضی و هو غضبان.إلخ».

أما کراهته حال الغضب فلما روی عنه صلّی اللّه علیه و آله أنه قال:«لا یقضی القاضی و هو غضبان» (1).و فی حدیث آخر عنه صلّی اللّه علیه و آله:

«لا یقضی إلا و هو شبعان ریّان» (2).و فی آخر:«لا یقضی و هو غضبان مهموم، و لا مصاب محزون» (3).و فی وصیّة علیّ علیه السلام لشریح:«و لا تقعدنّ فی مجلس القضاء حتی تطعم» (4).و هو ظاهر فی کون المقصود تمکّنه من استیفاء الفکر و النظر،فیتعدّی الحکم إلی کلّ موضع یوجب تغیّر خلقه و تشویش فکره، من الجوع و الشبع و العطش،و المرض و الغمّ و الهمّ و الخوف المزعج،و الحزن و الفرح الشدیدین،و غلبة النعاس و الملال،و مدافعة الأخبثین،و حضور طعام تتوق إلیه نفسه،و نحو ذلک من المشغلات.

و خصّ بعضهم الغضب بما إذا لم یکن للّه تعالی،فأما إذا غضب للّه تعالی فی حکومته و هو ممّن یملک نفسه فلا بأس بإمضاء القضاء،لحدیث الزبیر و الأنصاری حین اختصما إلی النبیّ صلّی اللّه علیه و آله فی شراج الحرّة،فقال

ص:380


1- 1) الکافی 7:413 ح 2،الفقیه 3:6 ح 19،التهذیب 6:226 ح 542،الوسائل 18:156 ب«2»من أبواب آداب القاضی ح 1.
2- 2) سنن الدارقطنی 4:206 ح 14،سنن البیهقی 10:106،الفردوس 5:141 ح 7754،مجمع الزوائد 4:195،تلخیص الحبیر 4:189 ح 2090.
3- 3) لم نجده فی الجوامع الحدیثیّة للعامّة و الخاصّة.
4- 4) الکافی 7:412 ح 1،الفقیه 3:8 ح 28،التهذیب 6:225 ح 541،الوسائل 18:155 ب«1»من أبواب آداب القاضی ح 1.

و أن یتولّی البیع(1)و الشراء لنفسه.و کذا الحکومة.

النبی صلّی اللّه علیه و آله:«اسق زرعک یا زبیر ثمَّ أرسل الماء إلی جارک،فقال الأنصاری:أن کان ابن عمّتک؟!فاحمرّ وجه رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله و قال:

اسق زرعک یا زبیر ثمَّ احبس الماء إلی جارک حتی یبلغ أصول الجدر» (1).فقضی رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله بعد غضبه للزبیر باستیفاء تمام حقّه بعد أن کان قد استنزله عن بعضه.

و حیث یخالف القاضی و یقضی فی إحدی الأحوال المشغلة ینفذ قضاؤه و إن فعل مکروها،إذا وقع علی وجه الحقّ،عملا بالأصل،و فی الخبر دلالة علیه.

قوله:«و أن یتولّی البیع.إلخ».

لقوله صلّی اللّه علیه و آله:«ما عدل وال اتّجر فی رعیّته أبدا» (2).و لأنه قد یحابی بسبب القضاء فیمیل قلبه إلی من حاباه إذا وقعت بینه و بین غیره حکومة.

و ربما خاف خصم من عامله من میل القاضی علیه،فیمتنع من رفعه.و سبیله فیما یحتاج إلیه من بیع و شراء أن یوکّل من لا یعرف أنه وکیله لئلاّ یحابی وکیله أیضا لأجله،فإذا عرف شخص بوکالته أبدله بآخر،فإن لم یجد من یوکّله عقد بنفسه للضرورة.ثمَّ إذا وقعت خصومة لمن عامله أناب من یحکم بینه و بین خصمه، خوفا من أن یمیل إلیه أو یتّهم بذلک.

و لا یختصّ هذا الحکم بالبیع و الشراء،بل الإجارة و الاستیجار و سائر المعاملات فی معناهما.بل قیل:إنه یکره له النظر فی نفقة عیاله و أمر ضیعته،بل یکله إلی غیره لیتفرّغ قلبه للحکم.

ص:381


1- 1) مسند أحمد 4:4-5،صحیح البخاری 3:145-146،سنن أبی داود 3:315 ح 3637،سنن ابن ماجه 2:829 ح 2480،سنن البیهقی 6:153.
2- 2) المطالب العالیة لابن حجر 2:234 ح 2107،الجامع الصغیر للسیوطی 2:500 ح 7941.

و أن یستعمل الانقباض(1)المانع من اللحن بالحجّة.و کذا یکره اللّین الذی لا یؤمن معه[من]جرأة الخصوم.

و یکره:أن یرتّب للشهادة(2)قوما دون غیرهم.و قیل:یحرم، لاستواء العدول فی موجب القبول،و لأن فی ذلک مشقّة علی الناس بما یلحق من کلفة الاقتصار.

و المراد بتولیة الحکومة بنفسه أن یقف مع خصمه لو حصل له منازع فی الحکومة عند قاض آخر غیره،بل یوکّل من یخاصمه عنه.و قد روی أن علیّا علیه السلام وکّل عقیلا فی خصومة،و قال:«إن للخصومة قحما،و إنّی لأکره أن أحضرها» (1).و القحم-بالضمّ-:الأمر الشاقّ.و المراد:أنها تقحم به إلی ما لا یلیق فیقع بسببه فی مشقّة.

قوله:«و أن یستعمل الانقباض.إلخ».

اللّحن بالحجّة هو التفطّن لها و النطق بها.قال الهروی:«فی الحدیث:لعلّ بعضکم یکون ألحن بحجّته من بعض،أی:أفطن لها» (2).و المراد:أن انقباض القاضی فی وجه الخصم یمنعه من الإتیان بحجّته و تحریر دعواه علی وجه الکمال،بل یشغل نفسه و یشوّش فکره،فیقصر عن بلوغ مطلوبه.و کذا یکره له اللّین المفرط،فإنه لا یؤمن معه من جرأة الخصوم،و سقوط محلّه من قلوبهم، فیختلّ بذلک الأمر المطلوب منه.

قوله:«و یکره أن یرتّب للشهادة.إلخ».

وجه الکراهة ما یترتّب علیه من التضییق علی الناس،و الغضاضة من

ص:382


1- 1) نهج البلاغة(صبحی صالح):517 رقم(3)،النهایة لابن الأثیر 4:19.المغنی لابن قدامة 5:205.
2- 2) غریب الحدیث 1:335.
و هنا مسائل
اشارة

و هنا مسائل:

الأولی:الإمام علیه السلام یقضی بعلمه مطلقا

الأولی:الإمام علیه السلام یقضی بعلمه مطلقا.(1)و غیره من القضاة یقضی بعلمه فی حقوق الناس،و فی حقوق اللّه سبحانه علی قولین أصحّهما القضاء.و یجوز أن یحکم فی ذلک کلّه من غیر حضور شاهد یشهد الحکم.

العدل غیر المرتّب،و لأن ذلک لم یؤثر عن السلف.و من ذهب إلی تحریمه نظر إلی أن ذلک موجب لإبطال شهادة من تقبل شهادته،فإنه قد یتحمّل الشهادة غیرهم فإذا لم تقبل ضاع الحقّ،و قد قال تعالی وَ أَشْهِدُوا ذَوَیْ عَدْلٍ مِنْکُمْ (1)فأطلق،فتحمّل ذلک ضرر علی الناس و حرج بالاقتصار،و هما منفیّان (2).[و لم نقف علی قائل بالتحریم] (3).و الأشهر الکراهة.

قوله:«الإمام یقضی بعلمه مطلقا.إلخ».

ظاهر الأصحاب الاتّفاق علی أن الامام علیه السلام یحکم بعلمه مطلقا، لعصمته المانعة من تطرّق التهمة،و علمه المانع من الخلاف.و الخلاف فی غیره من الحکّام،فالأظهر بینهم أنه یحکم أیضا بعلمه مطلقا.و قیل:لا یجوز مطلقا.

و قال ابن إدریس[1]:یجوز فی حقوق الناس دون حقوق اللّه.و عکس ابن

ص:383


1- 1) الطّلاق:2.
2- 2) الحجّ:78،و انظر الوسائل 17:341 ب«12»من أبواب إحیاء الموات ح 3 و 4 و 5.
3- 3) من«د،م».

..........

الجنید[1]فی کتابه الأحمدی فقال:و یحکم الحاکم فیما کان من حدود اللّه عزّ و جلّ بعلمه،و لا یحکم فیما کان من حقوق الناس إلا بالإقرار أو البیّنة، فیکون بما علمه من حقوق الناس شاهدا عند من فوقه،و شهادته کشهادة الرجل الواحد،و سواء کان ما علمه من ذلک کلّه فی حال ولایته أو قبلها.

و یظهر من المرتضی (1)-رحمه اللّه-أن ابن الجنید لا یری قضاء الحاکم بعلمه مطلقا،سواء فی ذلک الامام و غیره،لأنه حاجّه بالروایات الدالّة علی أن النبیّ صلّی اللّه علیه و آله و علیّا علیه السلام حکما بعلمهما،و أن علیّا علیه السلام قتل الأعرابی الذی ادّعی علی النبیّ صلّی اللّه علیه و آله ثمن الناقة من غیر أن یطلب الشهود (2).فلعلّ ابن الجنید ذکر ذلک فی کتاب آخر.و هذا القول الذی نقلناه عنه من کتابه لم یذکره الأصحاب عنه،و إنما نقلوا عنه القول بأن الحاکم لا یحکم بعلمه فی شیء من الحقوق و لا الحدود،و هذا نقل ثالث عنه.

و فخر الدین-رحمه اللّه-فی شرحه (3)صرّح بدعوی اتّفاق الإمامیّة علی أن الامام یحکم بعلمه،و هو یخالف ما نقله[والده] (4)فی المختلف (5)عن المرتضی ردّا علی ابن الجنید الدالّ علی عموم قوله بالمنع فی الامام و غیره.

فهذا خلاصة تحریر الخلاف فی المسألة.و أصحّ الأقوال جواز قضاء

ص:384


1- 2) الانتصار:237.
2- 3) الفقیه 3:60 ح 210.
3- 4) إیضاح الفوائد 4:312.
4- 5) من«ت،ط».
5- 6) المختلف:696.

..........

الحاکم مطلقا بعلمه مطلقا،لأن العلم أقوی من الشاهدین اللّذین لا یفید قولهما عند الحاکم إلا مجرّد الظنّ إن کان،فیکون القضاء به ثابتا بطریق أولی.و لعموم الأدلّة الدالّة علی الحکم مع وجود الوصف المعلّق علیه،کقوله تعالی:

وَ السّارِقُ وَ السّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَیْدِیَهُما (1) اَلزّانِیَةُ وَ الزّانِی فَاجْلِدُوا کُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ (2)،و الخطاب للحکّام،فإذا علم الحاکم بالوصف عمل به،و هو أقوی من الحکم،و إذا ثبت ذلک فی الحدود ففی غیرها أولی.

و احتجّ المانعون مطلقا بما روی عن النبیّ صلّی اللّه علیه و آله فی قضیّة الملاعنة:«لو کنت راجما من غیر بیّنة لرجمتها» (3).و بأن فیه تهمة،و هی تمنع القضاء،و تزکیة لنفسه،و هی ممنوعة أیضا.

و أجیب بمنع سند الروایة،فإنها عامیّة.و التهمة و التزکیة آتیان فی القضاء بالشهود مع أنه غیر مانع اتّفاقا.

و احتجّ المانع فی حقوقه تعالی بأنها مبنیّة علی الرخصة و المسامحة،فلا یناسبها القضاء بالعلم.

و فیه نظر،لأن المسامحة قبل الثبوت لا بعده.

و القول الذی نقلناه عن ابن الجنید لم یذکر علیه دلیلا،و لا نقلوه عنه.

و بذلک یظهر اختصاص المشهور بالقوّة.

و اعلم أن من منع من قضائه بعلمه استثنی صورا:

ص:385


1- 1) المائدة:38.
2- 2) النّور:2.
3- 3) عوالی اللئالی 3:518 ح 14،و انظر أحمد 1:336،صحیح البخاری 7:72،صحیح مسلم 2: 1135 ح 13،سنن ابن ماجه 2:855 ح 2560،سنن البیهقی 7:407.
الثانیة:إذا أقام المدّعی بیّنة،و لم یعرف الحاکم عدالتها،فالتمس المدّعی حبس المنکر لیعدّلها

الثانیة:إذا أقام المدّعی(1)بیّنة،و لم یعرف الحاکم عدالتها،فالتمس المدّعی حبس المنکر لیعدّلها،قال الشیخ-رحمه اللّه-:یجوز حبسه،لقیام البیّنة بما ادّعاه.

و فیه إشکال من حیث لم یثبت بتلک البیّنة حقّ یوجب العقوبة.

منها:تزکیة الشهود و جرحهم لئلاّ یلزم[منه] (1)الدور أو التسلسل،فإنه إذا علم بأحد الأمرین و توقّف فی إثباته علی الشهود،فإن اکتفی بعلمه بتزکیة المزکّی أو الجارح فقد حکم بعلمه،و إلا افتقر إلی آخرین،و هکذا،فیلزم التسلسل إن لم یعتبر شهادة الأولین،أو الدور إن اعتبرها فی حقّ غیرهما.

و منها:الإقرار فی مجلس القضاء و إن لم یسمعه غیره.و قیل:یستثنی إقرار الخصم مطلقا.

و منها:العلم بخطإ الشهود یقینا أو کذبهم.

و منها:تعزیر من أساء أدبه فی مجلسه و إن لم یعلمه غیره،لأنه من ضرورة إقامة أبّهة القضاء.

و منها:أن یشهد معه آخر،فإنه لا یقصر عن شاهد.

قوله:«إذا أقام المدّعی.إلخ».

وجه ما اختاره الشیخ من جواز حبسه ما أشار إلیه فی المبسوط (2)من الدلیل،و هو أن المدّعی قد أقام البیّنة،و الذی بقی ما علی الحاکم من معرفة العدالة،و الأصل العدالة إلی أن یظهر غیرها.

و الأشهر عدم الجواز،و هو الذی نبّه علیه المصنف-رحمه اللّه-

ص:386


1- 1) من الحجریّتین.
2- 2) المبسوط 8:93-94.

..........

بالإشکال،لأنه لم یثبت الحقّ المجوّز لعقوبة الغریم بالحبس،ففی حبسه تعجیل عقوبة لم یثبت موجبها،بناء علی أن شرط قبول البیّنة العدالة،فالجهل بالشرط یقتضی الجهل بالمشروط،فکان الحال قبل ثبوتها بمنزلة عدم البیّنة،بل بمنزلة ما لو ادّعی علیه حقّا و لم یحضر بیّنة،فإن الدعوی جزء علّة الحکم مع البیّنة العادلة أیضا،و لا یجوز الحبس بمجرّد الدعوی إجماعا،و اختلاف الأمرین بقوّة جزء العلّة و ضعفه غیر موجب لاختلاف الحکم.

و الأصل فی هذا الخلاف البناء علی أن العدالة هل هی شرط،أو الفسق مانع؟فالشیخ (1)و جماعة علی الثانی،لقوله تعالی إِنْ جاءَکُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَیَّنُوا (2)أوجب التبیّن-و هو التوقّف عن الحکم-عند خبر معلوم الفسق، و ذکر وصف لو لم یکن علّة لم یکن لذکره فائدة یدلّ علی علّیته.فخبر المجهول إن وجب ردّه کان أسوء حالا من معلوم الفسق،و هو باطل قطعا،و إن ساواه لم یبق للتقیید (3)فائدة.

و قیل بالأول،و هو المشهور بین الأصحاب،و إلا لم یتوقّف الحکم بالمال علی ثبوت التزکیة بالبیّنة،و لقوله تعالی وَ أَشْهِدُوا ذَوَیْ عَدْلٍ مِنْکُمْ (4).

فالمجهول لو قبل کان مساویا للعدل،فتعیّن الوقف.

فالشیخ بنی (5)جواز الحبس علی أصله من ثبوت عدالة المسلم إلی أن

ص:387


1- 1) انظر الخلاف 6:217 مسألة(10).
2- 2) الحجرات:6.
3- 3) فی الحجریّتین:للتفصیل.
4- 4) الطلاق:2.
5- 5) فی«ا،د،م»:فی.
الثالثة:لو قضی الحاکم علی غریم بضمان مال و أمر بحبسه

الثالثة:لو قضی الحاکم(1)علی غریم بضمان مال و أمر بحبسه،فعند حضور الحاکم الثانی ینظر،فإن کان الحکم موافقا للحقّ لزم،و إلا أبطله، سواء کان مستند الحکم قطعیّا أو اجتهادیّا.

و کذا کلّ حکم قضی به الأول،و بان للثانی فیه الخطأ،فإنه ینقضه.

و کذا لو حکم هو ثمَّ تبیّن الخطأ،فإنه یبطل الأول،و یستأنف الحکم بما علمه حقّا.

یظهر خلافها،فیجوز الحبس،لوجود المقتضی له،و هو قیام البیّنة الشرعیّة بالحقّ.و لا ینافیه التوقّف علی طلب التزکیة،لأن القائلین بهذا القول یجوّزون البحث عن التزکیة عند الریبة،و مع طلب الغریم ذلک،و ربما أوجبها بعضهم (1)فی الحدود و القصاص دون الأموال،و آخرون (2)مطلقا استظهارا.فهذا الأصل لا ینافی طلب التزکیة عند القائل به.و من لا یجوّز الحبس بناء علی أصله من عدم صحّة الاکتفاء فی العدالة بذلک،فلم یحصل بمجرّد البیّنة موجب الحبس.

قوله:«لو قضی الحاکم.إلخ».

إذا حکم الأول بحکم لم یجب علی الثانی البحث فیه،و جاز له إمضاؤه، لکن لو نظر فیه فظهر له خطؤه وجب علیه نقضه.و کذا یجب علیه النظر فی حکم الأول لو کان الغریم محبوسا،و لم یفصل الأمر بعد.و هذا هو مفروض المسألة.

و سیأتی (3)الفرق بین الأمرین.

و حیث یظهر له الخطأ فی الصورتین لا یفرّق فیه بین کون مستند الحکم

ص:388


1- 1) انظر الحاوی الکبیر 16:179،حلیة العلماء 8:128،المغنی لابن قدامة 11:416،کفایة الأخیار 2:162.
2- 2) انظر الحاوی الکبیر 16:179،حلیة العلماء 8:128،المغنی لابن قدامة 11:416،کفایة الأخیار 2:162.
3- 3) فی ص:389.

..........

قطعیّا کالخبر المتواتر و الإجماع،أو ظنّیا کخبر الواحد و إن کان صحیحا، و القیاس و لو علی بعض الوجوه کمنصوص العلّة.

و ظهور الخطأ فی المستند القطعی بتبیّن الاستناد إلی غیره مع وجوده،و فی الظنّی بتبیّن القصور (1)فی الاستنباط علی وجه لا یکون دلیلا معتمدا عند الحاکم به لو علمه،بأن استند إلی خبر واحد مع وجود ما هو أرجح،و کان استناده إلی الأول لتقصیر فی النظر و نحو ذلک،لا بمجرّد ظهور رجحان خلافه عند الحاکم الثانی مع کون مستند الأول ممّا یجوز له الاعتماد علیه،فإن ذلک لا ینقض،لأنه لا یعلم کونه خطأ،فإن کلّ واحد من الأمرین المختلفین فی الفرض ظنّی فلا ترجیح،و یجوز علی کلّ منهما أن لا یکون هو الصواب فی نفس الأمر،بل یجوز علیهما معا إذا أمکن فی المسألة قول آخر.

و علی هذا فیجب حمل قوله:«و بان للثانی فیه الخطأ»علی العلم بالخطإ، لا[علی] (2)مجرّد قوّة الجانب المخالف.

و کذا القول فیما لو حکم هو بحکم ثمَّ تبیّن له خلافه،فإنه ینقضه مع العلم بخطئه،لکونه قد خالف فیه دلیلا قطعیّا أو ظنّیا،و قصّر فی استفراغ الوسع فی تحصیله،فاستند إلی ما ظنّه دلیلا.و لا ینقض ما تغیّر اجتهاده فیه مع احتمال کلّ منهما موافقة الصواب فی نفس الأمر،کما لو کان قد حکم بالشفعة مع الکثرة ثمَّ ظهر له ضعف ذلک القول،فإن مثل هذا لا یسمّی خطأ.

و للأصحاب فی[مثل] (3)هذا الباب عبارات مختلفة و آراء متباینة،

ص:389


1- 1) فی«م»:التقصیر.
2- 2) من«ث،خ».
3- 3) من الحجریّتین.

..........

و المحصّل ما حرّرناه.

و أقوی ما فیه الاشکال منها عبارة الشهید فی الدروس،فإنه قال:«ینقض الحکم إذا علم بطلانه،سواء کان هو الحاکم أو غیره،و سواء أنفذه الجاهل به أم لا.و یحصل ذلک بمخالفة نصّ الکتاب،أو المتواتر من السنّة،أو الإجماع،أو خبر واحد صحیح غیر شاذّ،أو مفهوم الموافقة،أو منصوص العلّة عند بعض الأصحاب،بخلاف ما تعارض فیه الأخبار و إن کان بعضها أقوی بنوع من المرجّحات،أو ما تعارض فیه عمومات الکتاب أو المتواتر أو دلالة الأصل،إذا تمسّک الأول بدلیل مخرج عن الأصل،فإنه لا ینقض» (1)انتهی.

و هذا یتمّ فی الأمثلة الثلاثة الأول،و هو:نصّ الکتاب و المتواتر و الإجماع، أما خبر الواحد و إن کان صحیحا فهو من مواضع الخلاف،و دلیله ظنّی،و قد أنکره جماعة (2)من أصحابنا و غیرهم (3)،فمخالفته لا ینقض إذا کان قد ذهب إلیه الأول لدلیل اقتضاه.

و مثله القول فی منصوص العلّة،و قد اعترف به فی قوله:«عند بعض الأصحاب»فإن العمل به مبنیّ علی نظر الحاکم،و هو دلیل ظنّیّ،و هو مثل العمل ببعض الأخبار المتعارضة إذا رجّح بعضها المرجّح،بل من المرجّحین للخبر المتعارض ما یظهر ضعفه زیادة علی مخالف (4)منصوص العلّة،فإن الأخبار تتعارض مع کون بعضها صحیحا و بعضها ضعیفا،و یجمع بعضهم بینها و یخصّص

ص:390


1- 1) الدروس الشرعیّة 2:76.
2- 2) التذکرة بأصول الفقه(ضمن مصنّفات الشیخ المفید)9:38،الذریعة 2:528-529.
3- 3) میزان الأصول 2:663،الإحکام للآمدی 2:288،و انظر الحاوی الکبیر 16:87.
4- 4) فی«ا،ث»:مخالفة.
الرابعة:لیس علی الحاکم تتبّع حکم من کان قبله

الرابعة:لیس علی الحاکم(1)تتبّع حکم من کان قبله،لکن لو زعم المحکوم علیه أن الأول حکم علیه بالجور لزمه النظر فیه.

و کذا لو ثبت عنده ما یبطل حکم الأول أبطله،سواء کان من حقوق اللّه أم من حقوق الناس.

الصحیح بالضعیف،کما اتّفق ذلک للشیخ فی الأکثر،و لغیره فی مواضع کثیرة،و ربما کان معتمد الجامع عدم العمل بالخبر الضعیف فی غیر ذلک الموضع، یظهر ذلک لمن وقف علی کلامهم فی هذه الأبواب،فجعل هذا من باب ما لا ینقض مطلقا و ما قبله ممّا ینقض مطلقا فی موضع المنع.

و الأظهر أن کلّ ما حصل فیه الاختلاف و کان الحاکم به غیر مقصّر فی النظر لا ینقض،إذا رجح عنده المصیر إلیه،و إن رجع عنه بعد ذلک.

و نبّه المصنف-رحمه اللّه-بقوله:«سواء کان مستند الحکم قطعیّا أو اجتهادیّا»علی خلاف بعض العامّة (1)،فإن لهم فی ذلک اختلافا أیضا،و من جملته من فرّق بین المخالفة للقطعیّ و الاجتهادی،فحکم بنقض ما خالف الأول دون الثانی.و منهم من ألحق المظنون ظنّا قویّا-کخبر الواحد و القیاس الجلیّ- بالمقطوع.و هذا یناسب ما ذکره فی الدروس (2).و لهم أقوال أخر منتشرة غیر ذلک.

قوله:«لیس علی الحاکم.إلخ».

إنما وجب فی المسألة الأولی النظر فی حکم الأول دون هذه-حیث لا یدّعی الغریم الظلم-أنه فی الأول وجد الغریم محبوسا علی الحقّ و لم یحصل أداؤه،فکان الأول لم یتمّ،فلذا وجب علی الثانی النظر فی حال من علیه

ص:391


1- 1) الحاوی الکبیر 16:172-174،بدائع الصنائع 7:14،المغنی لابن قدامة 11:404-405.
2- 2) الدروس الشرعیّة 2:76.
الخامسة:إذا ادّعی رجل أن المعزول قضی علیه بشهادة فاسقین،وجب إحضاره

الخامسة:إذا ادّعی رجل(1)أن المعزول قضی علیه بشهادة فاسقین، وجب إحضاره و إن لم یقم المدّعی بیّنة.فإن حضر و اعترف[به]ألزم.

و إن قال:لم أحکم إلا بشهادة عدلین،قال الشیخ-رحمه اللّه-:

یکلّف البیّنة،لأنه اعترف بنقل المال،و هو یدّعی ما یزیل الضمان عنه.

و هو یشکل بما أن الظاهر استظهار الحکّام فی الأحکام،فیکون القول قوله مع یمینه،لأنه یدّعی الظاهر.

الحقّ،لأنه یحتاج إلی أن یحکم علیه بوجوب أداء الحقّ،و لا یتمّ للثانی ذلک حتی یعلم حال الحکم السابق،بخلاف ما إذا کان قد انقضی الأمر فی حکم الأول و استوفی متعلّق الحکم،فإن الحاکم الثانی لا یجب علیه النظر فی السابق،و لا تتبع الأحکام،إلا أن یدّعی المحکوم علیه جور الحاکم الأول،فیلزمه حینئذ النظر،لأن هذه دعوی یلزمه سماعها،و لا یتمّ إلا بالنظر فی الحکم،فینفذه إن کان حقّا،و یردّه إن تبیّن بطلانه علی الوجه السابق،لا (1)أن کان مخالفا له فی الاجتهاد مع جواز موافقته الحقّ.و کذا یجب علیه نقض السابق علی تقدیر أن یتّفق نظره فیه من غیر أن یکون بطریق الوجوب،فیظهر له خطوة،أو تثبت بیّنة ذلک،فیجب علیه إبطاله مطلقا،لظهور الخطأ.

و نبّه بقوله:«سواء کان من حقوق اللّه أو من حقوق الناس»علی خلاف بعض العامّة (2)،حیث فرّق بین الأمرین،و حکم بأنه إذا نظر فی حکم السابق فوجده خطأ و کان حقّا للّه تعالی کالعتق نقضه،لأن له فی حقّ اللّه نظرا،و إن کان فی حقّ آدمیّ لم یکن له النظر فیه من غیر مطالبة المستحقّ.

قوله:«إذا ادّعی رجل.إلخ».

إذا ادّعی أحد علی المعزول عند الحاکم الجدید دعوی لم یحضره حتی

ص:392


1- 1) فی«ت،ط»:إلا إذا کان.
2- 2) المغنی لابن قدامة 11:408.

..........

یبیّن ما یستدعیه لأجله،احتیاطا للمعزول،و خوفا علیه من الامتهان.فإن ذکر ما یدّعیه علیه،فإن قال:لی عنده حقّ من دین و معاملة و نحوهما،وجب إحضاره و الفصل بینهما،و إن لم یذکر المدّعی أن له بیّنة کغیرها من الدعاوی.و کذا إن قال:

ارتشی منّی،لأن الرشوة غصب،فهی کدعوی غیرها من الأموال.

و إن قال:قضی علیّ بجور،کالقضاء بشهادة فاسقین،فالخلاف فیه فی موضعین،ذکر المصنف-رحمه اللّه-أحدهما،و قطع بالحکم فی الآخر.

أحدهما:فی وجوب إحضاره.فقیل:یجب إحضاره مطلقا،کما فی غیرها من الدعاوی،و لإمکان أن یقرّ بالحال فیلزمه الحقّ.

و قیل:لإیجاب إلا أن یذکر المدّعی أن له بیّنة علیه بذلک،لأنه أمین الشرع،و الظاهر أن أحکامه وقعت علی وفق الصواب،فیعمل بهذا الظاهر إلی أن تقوم الحجّة بخلافه،و لأنه یبطل الدواعی إلی الحکم.و هذا اختیار الشیخ فخر الدین (1)رحمه اللّه.

و قیل:تسمع.و هو الذی قطع به المصنف-رحمه اللّه-و الأکثر،لأنها دعوی شرعیّة،و مرجعها إلی المال،فإن القاضی لو أقرّ بذلک لزمه الضمان، فیلحقها ما یلحق غیرها من الأحکام.و هذا هو الأقوی.

و الثانی:علی تقدیر إحضاره،إما مطلقا أو مع حضور البیّنة،فإذا حضر سأله الحاکم عن ذلک،فإن صادق فعلیه الضمان،لأنه قد اعترف بأنه دفع ماله إلی الغیر بغیر حقّ.و إن أنکر و قال:ما قضیت إلا بعدلین،فإن أقام المدّعی علیه بیّنة

ص:393


1- 1) إیضاح الفوائد 4:305-306.

..........

فکالأول،و إلا ففی تقدیم قوله مطلقا،أو مع الیمین،أو افتقاره إلی البیّنة و إلا قدّم قول المدّعی،أوجه،و ربما کانت أقوالا.

أحدها-و هو الذی اختاره الشیخ فی المبسوط (1)-:افتقاره إلی البیّنة و إلا ثبت علیه الحقّ،لأنه اعترف بالحکم و نقل المال إلی غیره،فهو یدّعی ما یزیل الضمان عنه فلا یقبل منه.

و ردّ بمنع کون مطلق نقله المال موجبا للضمان،بل إنما یکون سببا للضمان مع التفریط و الأصل عدمه.و بأن هذا یؤدّی إلی امتهان الحکّام و زهدهم فی الأحکام.

و الثانی-و هو الذی مال إلیه المصنف و العلامة (2)و أکثر المتأخّرین (3)،و هو قول الشیخ أیضا فی الخلاف (4)،و ابن الجنید (5)-:أنه یصدّق بالیمین،لادّعائه الظاهر کسائر الأمناء إذا ادّعی علیهم خیانة.و هذا هو الأقوی.

و ثالثها:أنه یصدّق بغیر یمین،لأنه کان أمین الشرع فیصان منصبه عن التحلیف و الابتذال.و هذا الوجه نقله الشیخ فی المبسوط (6)عن بعض العامّة.

و استحسنه الشیخ فخر الدین فی شرحه (7)،بعد أن رجّح الثانی.و لا نعلم به قائلا من الأصحاب.

ص:394


1- 1) المبسوط 8:103.
2- 2) المختلف:704.
3- 3) إیضاح الفوائد 4:306.
4- 4) الخلاف 6:216 مسألة(8).
5- 5) لم نعثر علیه.
6- 6) المبسوط 8:103.
7- 7) إیضاح الفوائد 4:306.
السادسة:إذا افتقر الحاکم إلی مترجم لم یقبل إلا شاهدان عدلان

السادسة:إذا افتقر الحاکم(1)إلی مترجم لم یقبل إلا شاهدان عدلان، و لا یقتنع بالواحد،عملا بالمتّفق علیه.

قوله:«إذا افتقر الحاکم.إلخ».

إذا افتقر الحاکم إلی المترجم،لکونه لا یعرف لسان بعض الخصوم أو الشهود،فاحتاج إلی من یطلعه علیه،اشترط فی المترجم العدالة و التکلیف و العدد،لأنه ینقل قولا إلی القاضی لا یعرفه القاضی،فکان فی معنی الشهادة،بل فردا من أفرادها.و مثله المزکّی.

و عند بعض العامّة (1)یکفی مترجم واحد و مزکّ واحد،جعلا له من باب الخبر.

و إلی جوابه أشار المصنف-رحمه اللّه-بقوله:«عملا بالمتّفق علیه».

و المراد أنه مع کونه اثنین یکون مجزیا بالاتّفاق،و إن کان واحدا یکون محلّ الخلاف و موضع الاشتباه،فالأخذ بالمتّفق علیه أولی.و فیه إشارة إلی قوّة جانب القول بالاکتفاء بالواحد و إن کان اعتبار التعدّد أقوی.و قریب منه قول الشیخ فی المبسوط،لأنه بعد نقل الخلاف قال:«و الأول أحوط عندنا،لأنه مجمع علی العمل به» (2).

و إطلاق اعتبار المترجمین یقتضی عدم الفرق بین الحقّ المتوقّف علی رجلین و غیره.و وجهه:أنهما لا یشهدان بنفس الحقّ لیکفی فیه الرجل و المرأتان فیما یکفی فیه ذلک،و إنما یشهدان بمعنی کلام الخصم أو الشاهد،و هو أمر خارج عن دعوی المال أو المتضمّن للمال.

ص:395


1- 1) الحاوی الکبیر 16:176،حلیة العلماء 8:146.
2- 2) المبسوط 8:103.
السابعة:إذا اتّخذ القاضی کاتبا وجب أن یکون:بالغا،عاقلا،مسلما،عدلا،بصیرا

السابعة:إذا اتّخذ القاضی(1)کاتبا وجب أن یکون:بالغا،عاقلا، مسلما،عدلا،بصیرا لیؤمن انخداعه.فإن کان مع ذلک فقیها کان حسنا.

و کذا لا فرق بین کون المحکوم به ممّا یکفی فیه الشاهدان و غیره کالزنا، فیکفی فیه مترجمان و إن کان یعتبر فی الشهادة به أربعة.فلو فرض کون الشهود ممّن لا یعرف القاضی لغتهم کفی عنهم مترجمان یشهدان بمعنی نطق الأربعة.

و کذا القول فی مسمع القاضی لو کان أصمّ.و یشترط فیهما لفظ الشهادة، فیقول المترجم و المسمع:أشهد إنه یقول کذا و کذا.

قوله:«إذا اتّخذ القاضی.إلخ».

ینبغی للحاکم أن یتّخذ کاتبا،لمسیس الحاجة إلی کتبة المحاضر و السجلاّت و الکتب الحکمیّة،و الحاکم لا یتفرّغ لها غالبا.و من المشهور أنه کان لرسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله کتّاب (1)،و کذا لغیره من الخلفاء.

و یشترط أن یکون الکاتب بالغا عاقلا مسلما،عدلا لیؤمن خیانته (2)، عارفا بما یکتبه من المحاضر و غیرها لئلاّ یفسدها.

و یستحبّ أن یکون مع ذلک وافر العقل،عفیفا عن المطامع الفاسدة،لکیلا ینخدع من غیره بمال و غیره،و أن یکون فقیها لا یؤتی من جهل،و أن یکون جیّد الخطّ،ضابطا للحروف،لئلاّ یقع فی الغلط و الاشتباه.و الأولی أن یجلس الحاکم الکاتب بین یدیه لیملی علیه و یشاهد ما یکتب.

و لبعض الشافعیّة (3)قول إنه لا یشترط فیه الإسلام و العدالة،لأن القاضی لا یمضی ما کتبه حتی یقف علیه.

ص:396


1- 1) سنن أبی داود 3:132 ح 2935،سنن البیهقی 10:126.
2- 2) فی«ا،ت،ط،م»:جانبه.
3- 3) روضة الطالبین 8:119-120.
الثامنة:الحاکم إن عرف عدالة الشاهدین حکم

الثامنة:الحاکم إن عرف عدالة الشاهدین(1)حکم،و إن عرف فسوقهما اطّرح،و إن جهل الأمرین بحث عنهما.

و کذا لو عرف إسلامهما و جهل عدالتهما،توقّف حتی یتحقّق ما یبنی علیه من عدالة أو جرح.و قال فی الخلاف:یحکم.و به روایة شاذّة.

قوله:«الحاکم إن عرف عدالة الشاهدین.إلخ».

إذا شهد عند الحاکم شهود،نظر إن عرف فسقهم فلا خلاف فی ردّ شهادتهم من غیر احتیاج إلی بحث.و إن عرف عدالتهم قبل شهادتهم،و لا حاجة إلی التعدیل و إن طلبه الخصم.و إن لم یعرف حالهم فی الفسق و العدالة،فإن لم یعرف مع ذلک إسلامهم وجب البحث أیضا.و هذا کلّه ممّا لا خلاف فیه.

و إن عرف إسلامهم و لم یعرف أمرا آخر غیره من جرح و لا تعدیل فهذا ممّا اختلف فیه الأصحاب،فالمشهور بینهم-خصوصا بین المتأخّرین (1)منهم-أنه یجب البحث عن عدالتهم،و لا یکفی الاعتماد علی ظاهر الإسلام،لقوله تعالی:

وَ أَشْهِدُوا ذَوَیْ عَدْلٍ مِنْکُمْ (2)مع قوله تعالی وَ اسْتَشْهِدُوا شَهِیدَیْنِ مِنْ رِجالِکُمْ (3)فیجب حمل هذا المطلق علی المقیّد.

و لا بدّ من اشتمال الوصف بالعدالة علی أمر زائد علی الإسلام،لأن الإسلام داخل فی قوله:«من رجالکم»،فإنه خطاب للمسلمین.

و لأن العدالة شرط قبول الشهادة کما تقتضیه الآیة،و الجهل بالشرط یستلزم الجهل بالمشروط.

ص:397


1- 1) قواعد الأحکام 2:205.
2- 2) الطّلاق:2.
3- 3) البقرة:282.

..........

و لروایة عبد اللّه بن أبی یعفور قال:«قلت لأبی عبد اللّه علیه السلام:بما تعرف عدالة الرجل بین المسلمین حتی تقبل شهادته لهم و علیهم؟قال:فقال:أن تعرفوه بالستر و العفاف و الکفّ عن البطن و الفرج و الید و اللسان،و یعرف باجتناب الکبائر التی أوعد اللّه علیها النار،من شرب الخمر و الزنا و الربا و عقوق الوالدین و الفرار من الزحف و غیر ذلک،و الدالّ علی ذلک کلّه،و الساتر لجمیع عیوبه،حتی یحرم علی المسلمین تفتیش ما وراء ذلک من عثراته و غیبته،و یجب علیهم تولیته و إظهار عدالته فی الناس،التعاهد للصلوات الخمس إذا واظب علیهنّ و حافظ مواقیتهنّ بإحضار جماعة المسلمین،و أن لا یتخلّف عن جماعتهم فی مصلاّهم إلا من علّة،و ذلک لأن الصلاة ستر و کفّارة للذنوب،و لو لا ذلک لم یکن لأحد أن یشهد علی أحد بالصلاح،لأن من لم یصلّ فلا صلاح له بین المسلمین،لأن الحکم جری فیه من اللّه و رسوله صلّی اللّه علیه و آله بالحرق فی جوف بیته» (1)الحدیث.

و فی هذه الأدلّة نظر:

أما الآیة الدالة علی العدالة فلیس فیها أن المراد منها ما هو؟و مدّعی (2)الاکتفاء بظاهر الإسلام إذا لم یظهر الفسق یقول:إن ذلک هو العدالة و إنها الأصل فی المسلم،بمعنی أن حاله یحمل علی القیام بالواجبات و ترک المحرّمات،و من ثمَّ جری علیه هذا الحکم،حتی لا یجوز رمیه بفعل محرّم و لا ترک واجب،أخذا بظاهر حاله،و اتّفق الکلّ علی بناء عقده علی الصحیح.

ص:398


1- 1) الفقیه 3:24-25 ح 65،التهذیب 6:241 ح 596،الاستبصار 3:12 ح 33،الوسائل 18:288ب«41»من أبواب الشهادات ح 1.
2- 2) کذا فی«ا،ت»،و فی سائر النسخ:ما هو زائد عن الاکتفاء،أو:علی الاکتفاء.

..........

سلّمنا أن العدالة أمر آخر غیر الإسلام و هی الملکة الآتیة،لکن لا یشترط العلم بوجودها،بل یکفی عدم العلم بانتفائها عن المسلم.

و العدالة فی الآیة ما جاءت شرطا حتی یقال:إنه یلزم من الجهل بالشرط الجهل بالمشروط،و إنما جاءت وصفا،و مفهوم الوصف لیس بحجّة بحیث یلزم من عدمه العدم،بخلاف الشرط.نعم،جاء الفسق شرطا فی وجوب التبیّن عند خبر الفاسق فی قوله تعالی إِنْ جاءَکُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَیَّنُوا (1)،فشرط فی الأمر بالتبیّن عند الخبر الفسق،و مقتضاه عدم الأمر به مع عدم العلم به،لأن المجهول حاله لا یصحّ الحکم علیه بالفسق،بل لو وصفه به واصف ثبت علیه التعزیر.

و قوله:إن العدالة تقتضی أمرا زائدا علی الإسلام،مسلّم لکن لا یدلّ علی وجوب العلم بوجودها،لأن الآیة (2)المطلقة اقتضت قبول[قول] (3)المسلم من رجالنا الشامل بإطلاقه للفاسق و غیره،فآیة (4)الوصف بالعدالة دلّت علی أمر زائد،و هو اعتبار أن لا یکون فاسقا،أما إثبات وصف آخر زائد علی عدم العلم بالفسق فلا،و أقلّه أنه المتنازع.و بالجملة،فالخصم یدّعی أن العدالة تحصل ظاهرا مع الجهل بحال المسلم،فتتناوله الآیة.

و أما الروایة فمع قصور دلالتها علی مطلوبهم فی طریقها جماعة منهم الحسن بن علیّ عن أبیه،و الظاهر أن المراد منهما ابنا فضّال الحسن و أبوه علیّ،

ص:399


1- 1) الحجرات:6.
2- 2) البقرة:282.
3- 3) من«خ».
4- 4) الطلاق:2.و فی«ت»:و آیة.

..........

و غایته أن یکون محتملا لهما،و هو کاف فی ضعف السند.و فیه محمد[1]بن موسی،و هو مشترک بین جماعة منهم الضعیف جدّا و الثقة.ثمَّ هو معارض بروایة ابن أبی یعفور (1)هذا بما یدلّ علی خلاف ذلک.و سیأتی[3].و إلیه (2)ذهب الشیخ فی الخلاف (3)،مدّعیا إجماع الفرقة،و ابن الجنید (4)صریحا،و المفید فی کتاب الإشراف[7]ظاهرا،و باقی المتقدّمین لم یصرّحوا فی عباراتهم بأحد الأمرین،بل کلامهم محتمل لهما.

و حجّة هذا الفریق من الآیة (5)قد أشرنا إلیها.و لهم من الروایة صحیحة حریز عن أبی عبد اللّه علیه السلام فی أربعة شهدوا علی رجل محصن بالزنا، فعدّل منهم اثنان و لم یعدّل الآخران،قال:فقال:«إذا کانوا أربعة من المسلمین لیس یعرفون بشهادة الزور أجیزت شهادتهم جمیعا،و أقیم الحدّ علی الذی شهدوا علیه،إنما علیهم أن یشهدوا بما أبصروا به و علموا،و علی الوالی أن یجیز شهادتهم،إلا أن یکونوا معروفین بالفسق» (6).

ص:400


1- 2) التهذیب 6:242 ح 597،الاستبصار 3:13 ح 34،الوسائل 18:294 ب«41»من أبواب الشهادات ح 20.
2- 4) کذا فی الحجریّتین،و هو الصحیح،و فی النسخ الخطّیة:و سیأتی و ذهب..
3- 5) الخلاف 6:217 مسألة(10).
4- 6) حکاه عنه العلاّمة فی المختلف:705.
5- 8) البقرة:282.
6- 9) الکافی 7:403 ح 5،التهذیب 6:277 ح 759،الاستبصار 3:14 ح 36،الوسائل 18:293 ب «41»من أبواب الشهادات ح 18.

..........

و روایة یونس عن بعض رجاله عن أبی عبد اللّه علیه السلام قال:«سألته عن البیّنة إذا أقیمت علی الحقّ أ یحلّ للقاضی أن یقضی بقول البیّنة من غیر مسألة إذا لم یعرفهم؟قال:خمسة أشیاء یجب علی الناس الأخذ بها بظاهر الحکم:

الولایات،و التناکح،و المواریث،و الذبائح،و الشهادات،فإذا کان ظاهره ظاهرا مأمونا جازت شهادته،و لا یسأل عن باطنه» (1).

و روایة العلاء بن سیابة قال:«سألت أبا عبد اللّه علیه السلام عن شهادة من یلعب بالحمام،فقال:لا بأس إذا کان لا یعرف بفسق» (2).

و روایة عبد اللّه بن المغیرة عن الرضا علیه السلام قال:«کلّ من ولد علی الفطرة،و عرف بصلاح فی نفسه،جازت شهادته»[1].

و صحیحة أبی بصیر قال:«سألت أبا عبد اللّه علیه السلام عمّا یردّ من الشهود،قال:الظنین،و المتّهم،و الخصم،قال:قلت:الفاسق و الخائن،قال:کلّ هذا یدخل فی الظنین» (3).و فی معناها روایة عبد اللّه بن سنان (4)،و سلیمان بن خالد (5)عنه علیه السلام.

ص:401


1- 1) الکافی 7:431 ح 15،الفقیه 3:9 ح 29،التهذیب 6:288 ح 798،الاستبصار 3:13 ح 35، الوسائل 18:290 الباب المتقدّم ح 3.
2- 2) الفقیه 3:30 ح 88،التهذیب 6:284 ح 784،الوسائل 18:291 الباب المتقدّم ح 6.
3- 4) الکافی 7:395 ح 3،التهذیب 6:242 ح 598،الوسائل 18:275 ب«30»من أبواب الشهادات ح 3.
4- 5) الکافی 7:395 ح 1،التهذیب 6:242 ح 601،الوسائل 18:274 الباب المتقدّم ح 1.
5- 6) الکافی 7:395 ح 2،التهذیب 6:242 ح 602،الوسائل 18:274 الباب المتقدّم ح 2.

..........

و روی الکلینی بإسناده إلی سلمة بن کهیل قال:«سمعت علیّا علیه السلام یقول لشریح-فی حدیث طویل-:و اعلم أن المسلمین عدول بعضهم علی بعض،إلا مجلود فی حدّ لم یتب منه،أو معروف بشهادة زور،أو ظنین» (1).و فی معنی هذه الأخبار غیرها.و طریق بعضها و إن ضعف لکنّه یصلح شاهدا مع ما اعتبر إسناده و مؤیّدا له.

و الشیخ-رحمه اللّه-فی الاستبصار لمّا روی خبر ابن أبی یعفور السابق، ثمَّ ذکر خبر یونس المرسل المخالف له،قال:«إنه لا ینافی الخبر الأول من وجهین:

أحدهما:أنه لا یجب علی الحاکم التفتیش عن بواطن الناس،و إنما یجوز له أن یقبل شهادتهم إذا کانوا علی ظاهر الإسلام و الأمانة،و أن لا یعرفهم بما یقدح فیهم و یوجب تفسیقهم.فمن تکلّف التفتیش عن أحوالهم یحتاج إلی أن یعلم أن جمیع الصفات المذکورة فی الخبر الأول منتفیة عنهم،لأن جمیعها یوجب الفسق و یقدح فی قبول الشهادة.

و الثانی:أن یکون المقصود بالصفات المذکورة فی الخبر الأول الإخبار عن کونها قادحة فی الشهادة،و إن لم یلزم التفتیش عنها،و المسألة و البحث عن حصولها و انتفائها.و تکون الفائدة فی ذکرها أنه ینبغی قبول شهادة من کان ظاهره الإسلام،و لا یعرف منه شیء من هذه الأشیاء،فإنه متی عرف فیه أحدهما قدح ذلک فی شهادته» (2).

ص:402


1- 1) الکافی 7:412 ح 1،الفقیه 3:8 ح 28،التهذیب 6:225 ح 541،الوسائل 18:155 ب«1»من أبواب آداب القاضی ح 1.
2- 2) الاستبصار 3:13-14 ذیل ح 35.

..........

ثمَّ استدلّ علی هذا بروایة حریز السابقة (1)،و هو یدلّ علی اختیاره لمذهبه فی الخلاف.و کذلک مال إلیه فی المبسوط (2)،و إن کان فی النهایة[1]اقتصر علی اعتبار ما تضمّنته روایة (3)ابن أبی یعفور.

و قال فی الخلاف-بعد أن اکتفی بظاهر الإسلام،و ادّعی علیه الإجماع و الأخبار-:«إن البحث عن عدالة الشهود ما کان فی أیّام النبیّ صلّی اللّه علیه و آله،و لا أیّام الصحابة،و لا أیّام التابعین،و إنما هو شیء أحدثه شریک بن عبد اللّه القاضی،و لو کان شرطا ما أجمع أهل الأمصار علی ترکه».

و بالجملة،فهذا القول و إن کان أمتن دلیلا،و أکثر روایة،و حال السلف تشهد به،و بدونه لا یکاد تنتظم الأحکام للحکّام،خصوصا فی المدن الکبیرة، و للقاضی المنفذ من بعید إلیها،لکن المشهور الآن بل المذهب خلافه.

و قد ظهر ممّا قرّرناه أن بقول الشیخ روایات لا روایة واحدة شاذّة،کما ذکره المصنف.و الظاهر أنه أراد بالروایة الشاذّة مرسلة یونس (4)،حیث إنها هی الصریحة فی المطلوب،و قد ذکرها جماعة (5)دلیلا علی ذلک القول مقتصرین علیها،و لم یتعرّضوا لغیرها،خصوصا للروایة الصحیحة،و هی أجود دلالة و سندا.

ص:403


1- 1) راجع ص:398.
2- 2) المبسوط 8:104-105.
3- 4) تقدّم ذکر مصادرها فی ص:396 هامش(1).
4- 5) تقدّمت فی ص:399.
5- 6) التنقیح الرائع 4:244.

و لو حکم بالظاهر،(1)ثمَّ تبیّن فسوقهما وقت الحکم،نقض حکمه.

و لقد أغرب العلامة فی المختلف حیث استدلّ لاشتراط ظهور العدالة-بعد أن اختاره-بقوله:«إن الظنّ إنما یحصل بإخبار العدل دون الفاسق،و مع انتفاء الظنّ لا یجوز الحکم بشهادته» (1).

و أیّ دلیل دلّ علی هذا الحصر؟فإن الکلام فی شهادة المستور لا الفاسق، و بعض المستورین و المجهولین قد یحصل الظنّ بصدقهم أزید من بعض من ظاهره العدالة،فضلا عن حصول أصل الظنّ فی خبرهم.و أیضا فإن الظنّ لیس بشرط، و إنما الشرط شهادة من نصبه الشارع دلیلا،سواء ظنّ الحاکم صدقة أم لا.

و أغرب منه ما أجاب به فی المهذّب عن قولهم:إن الأصل فی المسلم العدالة،:«بأن الإسلام یقتضیها،بمعنی أن المسلم أقرب إلیها،لا أنه یقتضیها اقتضاء یمنع من النقیض،و قبول الشهادة مبنیّ علی الیقین لا التجویز» (2).

و أنت خبیر بأن المعتبر من العدالة عند معتبر ظهورها أیضا لیس هو الیقین،بل مجرّد الظهور،و إن أمکن خلافه فی نفس الأمر بالإجماع،و المنع من النقیض غیر شرط فیها اتّفاقا،و لیس بنا حاجة إلی هذه التکلّفات التی لا تطابق المدّعی.

قوله:«و لو حکم بالظاهر.إلخ».

هذا الحکم جار علی القولین.و وجه نقضه:ظهور عدم الشرط المعتبر فی الشهادة حالتها،و إن کان البناء علی الظاهر جائزا حیث لا یظهر خلافه،و فقد الشرط یقتضی عدم المشروط،لأن المفروض ظهور الفسق،و عدمه شرط فی قبولها،سواء اکتفینا به أم اعتبرنا معه ظهور العدالة.

ص:404


1- 1) المختلف:705.
2- 2) المهذّب البارع 4:467.

و لا یجوز التعویل(1)فی الشهادة علی حسن الظاهر.و ینبغی أن یکون السؤال عن التزکیة سرّا،فإنه أبعد من التهمة.

و تثبت مطلقة.(2)و تفتقر إلی المعرفة الباطنة المتقادمة.

و لا یثبت الجرح إلا مفسّرا.و قیل یثبت مطلقا.و لا یحتاج الجرح إلی تقادم المعرفة،و یکفی العلم بموجب الجرح.

قوله:«و لا یجوز التعویل.إلخ».

بناء علی (1)اعتبار ظهور العدالة کما سلف.و من اکتفی بالإسلام و جعله دالاّ علی العدالة اکتفی بحسن الظاهر بطریق أولی.و منهم من لم یکتف بظاهر الإسلام و اکتفی بحسن الظاهر فی ثبوت العدالة،بمعنی أن یکون ظاهره الخیر من غیر أن یطّلع علی باطن أمره بالمعاشرة.و المشهور خلاف ذلک کلّه.

و حیث یفتقر إلی التزکیة ینبغی البحث عنها سرّا من غیر أن یعلم الشاهد المزکّی،لیکون أبعد عن التهمة باستحیاء المزکّی من مواجهته بالجرح،أو استمالة الشاهد له بتحسین حاله عنده علی وجه أفاده الظنّ بعدالته.و ینبغی أن یکون للقاضی جماعة من المزکّین أخفیاء لا یعرفون لأجل ذلک.

قوله:«و تثبت مطلقة.إلخ».

یعتبر فی المزکّی أن یکون خبیرا بباطن من یعدّله،إما بصحبة أو جوار أو معاملة و نحوه.و روی أن شاهدا شهد عند بعض الحکّام فقال للشاهد:إنّی لا أعرفک و لا یضرّک أنّی (2)لا أعرفک فأت بمن یعرفک،فأتی برجل فقال له الحاکم:

کیف عرفته؟قال:بالصلاح و الأمانة،قال:هل عاشرته عشرة طویلة حتی عرفت

ص:405


1- 1) فی الحجریّتین:.علی عدم اعتبار.
2- 2) فی الحجریّتین:إذ لا.

..........

ظاهره من باطنه؟قال:لا،قال:فهل عاملته فی الدرهم و الدینار حتی عرفت حقّه من باطله؟قال:لا،قال:فهل غاضبته أو غوضب بحضرتک حتی عرفت خلقه من تخلّقه؟فقال:لا،قال:فأنت لا تعرفه ائت بمن یعرفک (1).و المعنی أن الإنسان یخفی أسباب الفسق غالبا،فلا بدّ من معرفة باطن حاله.

و هذا کما أن الشهادة علی الإفلاس تعتبر بالخبرة الباطنة،لأن الإنسان مشعوف (2)بإخفاء المال.و فی الشهادة علی أن لا وارث سواه تعتبر الخبرة الباطنة،لأنه قد یتزوّج فی السفر أو فی الحضر و یخفیه فیولد له[ولد] (3).

و یشترط فی المزکّی أیضا أن یعرف نسب الشاهد و المتداعیین،لجواز أن یکون بینه و بین المدّعی شرکة،أو بینه و بین المدّعی علیه عداوة،فلا یکفی إثبات أصل العدالة.

و بالجملة،فصفة المزکّی صفة الشاهد مع زیادة هذه الأمور،مضافا إلی معرفته بشرائط الجرح و التعدیل،و ما یخرج عن العدالة من الأفعال و الأقوال و الأحوال.

و اعتبر فی المعرفة الباطنة التقادم،لأنه لا یمکن الإخبار بدونها غالبا.

و ربما کان حسن النظر و دقّته و شدّة الإمعان فی أحواله قائما مقام التقادم فی مدّة یسیرة.و علی هذا فاعتبار التقادم مبنیّ علی الغالب.

و لا یعتبر ذلک فی الجرح،بل یکفی فیه المعاینة أو السماع.أما المعاینة

ص:406


1- 1) الحاوی الکبیر 16:180،المغنی لابن قدامة 11:417.
2- 2) فی«ا،ث،خ،م»:مشغوف.
3- 3) من«ث».

..........

فبأن یراه یفعل فعلا یخرجه عن العدالة.و أما السماع[به] (1)فکأن یسمعه یقذف أو یقرّ علی نفسه بمعصیة توجب الفسق،أو یسمع من غیره علی وجه یبلغ حدّ العلم بذلک أو یتاخمه.و هذا قد یحصل فی لحظة واحدة،فلذا لم یعتبر فیه التقادم.

إذا تقرّر ذلک،فالمشهور أن التعدیل یکفی مطلقا من غیر أن یبیّن سببه، لأن العدالة تحصل بالتحرّز عن أسباب الفسق،و هی کثیرة یعسر ضبطها و عدّها.

أما الجرح فلا یثبت مطلقا،بل لا بدّ من بیان سببه،لأن الجارح قد یبنی [حین] (2)الجرح علی ظنّ خطأ.و لأن المذاهب فیما یوجب الفسق مختلفة،فلا بدّ من البیان لیعمل القاضی باجتهاده.

و یشکل بأن الاختلاف فی أسباب الفسق یقتضی الاختلاف فی أسباب العدالة،فإن الاختلاف-مثلا-فی عدد الکبائر کما یوجب فی بعضها ترتّب الفسق علی فعله،یوجب فی بعض آخر عدم قدحه فی العدالة بدون الإصرار علیه،فیزکّیه المزکّی مع علمه بفعل ما لا یقدح عنده فیها،و هو قادح عند الحاکم، و من ثمَّ قیل بوجوب التفسیر (3)فیهما.و هو اختیار ابن الجنید (4).و وجهه قد علم ممّا سبق.

و قیل:یکفی الإطلاق فیهما،لأن المعدّل و الجارح لا بدّ أن یکون فی نظر الحاکم عالما بسببهما و إلا لم یصلح لهما،و مع العلم لا معنی للسؤال.

ص:407


1- 1) من«أ،د».
2- 2) من الحجریّتین.
3- 3) فی الحجریّتین:التعیین.
4- 4) حکاه عنه العلامة فی المختلف:705-706.

..........

و هذا یتّجه مع علم الحاکم بموافقة مذهب المزکّی لمذهبه فی أسباب الجرح و التعدیل،بأن یکون المزکّی مقلّدا للحاکم فی اجتهاده أو موافقا له فیه.

و للعلامة (1)قول بوجوب ذکر سبب التعدیل دون الجرح،عکس المشهور.

و قول آخر (2)،و هو:أن المزکّی و الجارح إن کانا عالمین بأسبابهما کفی إطلاقهما، و إلا وجب ذکر السبب فیهما.و قد تقدّم ما یقتضی ضعف القولین.

و علی المشهور من الاکتفاء بالإطلاق فی التعدیل ففی القدر المعتبر من العبارة عنه أوجه:

أحدها:أن یقول:هو عدل،لقوله تعالی وَ أَشْهِدُوا ذَوَیْ عَدْلٍ مِنْکُمْ (3)،فاقتصر علی العدالة فقط.و هذا اختیار الشیخ فی المبسوط (4).

و ثانیها:أن یضیف إلی ذلک:علیّ ولی،لأنه بقوله:«عدل»لا یفید العدالة فی کلّ شیء،بل إثبات الوصف فی الجملة،کقوله:صادق،فإنه لا یفید الصدق فی کلّ شیء،فیفتقر إلی إضافة تزیل الاحتمال،و یجعله مطلق العدالة مقبول الشهادة فی کلّ شیء.و هو قول ابن الجنید،فإنه قال فی کتابه الأحمدی:«و لا یقنع من المجیب بالتعدیل حتی یقول:عدل علیّ ولی» (5).

و ثالثها:اعتبار ضمیمة أحد الأمرین إلی قوله:عدل،و هو إما:لی و علیّ، أو مقبول الشهادة،فربّ عدل لا تقبل شهادته و إن وجبت شفاعته،کالتقیّ

ص:408


1- 1) المختلف:706.
2- 2) تهذیب الوصول:79(طبعة عام 1308 قمریّة)،نهایة الأصول:149(مخطوط).
3- 3) الطلاق:2.
4- 4) المبسوط 8:110.
5- 5) حکاه عنه العلامة فی المختلف:705-706.

..........

المغفّل.و هذا اختیار أکثر المتأخّرین (1).

و اعترض علی الأخیرین:بأن العدالة قضیّة عامّة لا یوصف بها إلا من واظب علی المفروضات و اجتنب المحرّمات،فلا یتخصّص.و بتقدیر أن یکون الرجل عدلا فی شیء دون شیء فقوله:«لی و علیّ»لا یفید العدالة المطلقة،کقول القائل:فلان صادق علیّ و لی،فإنه لا یقتضی صدقه فی کلّ شیء.و بأن الوصف بکونه مقبول الشهادة یغنی عن الوصف بالعدالة،لأنه أخصّ،فوجوده یستلزم وجود الأعمّ فی ضمنه،کما أن عدمه أعمّ من عدمه.

و الأقوی الاجتزاء بقوله:إنه مقبول الشهادة،و إضافة العدالة إلی ذلک آکد.

و ربما علّل بعضهم (2)إضافة«لی و علیّ»إلی العدل بأن الغرض منه أن یبیّن أنه لیس بولد،بناء علی أن شهادة الولد علی والده غیر مقبولة.

و هو تعلیل ضعیف،لأنه قد اعتبره من علم أنه لیس ولده.و مع تسلیم عدم قبول شهادة الولد علی والده لا یدلّ قوله:«عدل علیّ ولی»علی أنه لیس بولد، لأن العدل عدل علی أبیه و له،إلا أنه لا تقبل شهادته علیه بمعنی (3)خارج.و بتقدیر أن یراد به نفی البنوّة فالمعتبر أن لا یکون هناک ذلک الوصف،أما أن یتعرّض إلی نفیه لفظا فلا،کما أن الشاهد علی غیره ینبغی أن لا یکون کذلک، و لا یجب أن یقول:لست بابن.و بتقدیر أن یکون الغرض بیان أنه لیس بابن،فهذا الغرض یحصل بقوله:علیّ.

ص:409


1- 1) تحریر الأحکام 2:184،الدروس الشرعیّة 2:80.
2- 2) راجع الحاوی الکبیر 16:194.
3- 3) فی«د»:بمعنی أنه خارج،و فی«ت»:بأمر خارج.

و لو اختلف الشهود(1)فی الجرح و التعدیل قدّم الجرح،لأنه شهادة بما یخفی عن الآخرین.

و لو تعارضت البیّنتان فی الجرح و التعدیل،قال فی الخلاف:وقف الحاکم.و لو قیل:یعمل علی الجرح،کان حسنا[1].

قوله:«و لو اختلف الشهود.إلخ».

إذا شهد شاهدان بتعدیل شخص معیّن و آخران بجرحه،فإن لم یتکاذبا، بأن شهد المزکّیان بعدالته مطلقا أو مفصّلا من غیر ضبط وقت معیّن،بأن قالا:إنه محافظ علی الواجبات و ترک المحرّمات و مخالف المروّات،و شهد الجارحان بأنه فعل کبیرة فی الوقت الفلانی،فالأظهر تقدیم الجرح،لأن التعدیل و إن اشتمل علی الإثبات لکنّه فی المعنی راجع إلی النفی،بخلاف الجرح،فإنه یتضمّن الإثبات المحض،و الإثبات مقدّم علی النفی.

و لأن مستند علم الجارح إلی الإحساس،و المعدّل یبنی علی أصل العدم بالنسبة إلی ترک المحرّمات فی جمیع الأوقات،و إن علم الانتفاء فی بعضها، و مستند العدم عدم المعاینة و الأصل،و هما ظنّیان،فکان الأول أولی،لأنه أقوی.

و لأنه حینئذ یمکن صدقهما،بأن یراه الجارح فی ذلک الوقت یفعل المعصیة المخرجة عن العدالة،و لا یراه المعدّل،فیمکن الجمع بین صدقهما مع الحکم بالجرح،و لیس فیه تقدیم لبیّنة الجرح علی بیّنة العدالة،بل عمل بمقتضی الجرح.

ص:410

التاسعة:لا بأس بتفریق الشهود

التاسعة:لا بأس بتفریق(1)الشهود.و یستحبّ فیمن لا قوّة عنده.

و قال الشیخ فی الخلاف (1):یوقف الحکم،للتعارض مع عدم المرجّح.

و هو یتمّ مع عدم إمکان الجمع،بأن شهد المعدّل بأنه کان فی ذلک الوقت الذی شهد الجارح یفعل المعصیة فیه فی غیر ذلک المکان الذی عیّنه للمعصیة،أو مشتغلا بفعل یضادّ ما ادّعاه الجارح،إما طاعة أو مباحا أو نائما،و نحو ذلک.أما مع الإطلاق-کما تقدّم-فلا وجه للتوقّف،لعدم التعارض.

و قد تنعکس القضیّة،بأن یمکن الجمع بینهما مع تقدیم المعدّل،کأن (2)قال المعدّل:قد عرفت السبب الذی ذکره الجارح لکنّه قد تاب عنه و حسنت حاله، فتقدّم بیّنة التعدیل،لأن مع المعدّل و الحال هذه زیادة علم لذلک،کعلم الجارح فی صورة العمل بقوله.

و اکتفی فی المبسوط (3)فی هذه الصورة بانتقال الشاهد إلی بلد،فیشهد اثنان من بلده بالجرح،و اثنان من البلد الذی انتقل إلیه بالعدالة،فترجّح بیّنة العدالة،لأنه قد ترک المعاصی و اشتغل بالطاعات،فیعرف هذان ما خفی عن الأولین.و کذا لو کان فی بلد واحد فسافر،فزکّاه أهل سفره،و جرحه أهل بلده، کانت التزکیة أولی.قال:و أصله النظر إلی الزیادة فیعمل علیها.

قوله:«لا بأس بتفریق.إلخ».

إذا ارتاب القاضی بالشهود أو توهّم غلطهم،لخفّة عقل وجدها فیهم، فینبغی أن یفرّقهم و یسأل کلّ واحد منهم عن مشخّصات القضیّة،من وقت تحمّل

ص:411


1- 1) الخلاف 6:219 مسألة(12).
2- 2) فی«ث،خ،د»:بأن.
3- 3) المبسوط 8:108.

..........

الشهادة عاما و شهرا و یوما و غدوة و عشیّة،و عن مکانه و محلّه و سکّة (1)و دارا و صفّة و صحنا.و یسأل أنه تحمّل وحده أو کان هناک غیره،و أنه کتب شهادته أم لا،و أنه کتب قبل ما کتب فلان أم بعده،و ما أشبه ذلک،لیستدلّ علی صدقهم إن اتّفقت کلمتهم،و یقف علی عوده إن لم یتّفق.

و یقال:إن أول من فرّق الشهود دانیال النبیّ علیه السلام،شهد عنده شهود بالزنا علی امرأة ففرّقهم و سألهم،فاختلفت مشخّصاتهم فعرف کذبهم (2).و کذلک فعله داود علیه السلام (3).

و روی أن سبعة فی عهد أمیر المؤمنین علیه السلام خرجوا فی سفر ففقد واحد منهم،فجاءت امرأته إلی علیّ علیه السلام و ذکرت ذلک له،فاستدعاهم و سألهم فأنکروا،ففرّقهم و أقام کلّ واحد منهم إلی ساریة و وکّل به من یحفظه،ثمَّ استدعی واحدا و سأله فأنکر،فقال علیّ علیه السلام:اللّه أکبر،فسمعه الباقون فظنّوا أنه قد اعترف،فاستدعا واحدا بعد واحد فاعترفوا بقتله،فقتلهم علیّ علیه السلام (4).

و ینبغی مع التفریق إذا سأل أحدا منهم أن لا یدعه یرجع إلی الباقین حتی یسألهم،کیلا یخبرهم بجوابه.و مهما اتّفقوا فی الجواب لم یعتبر ما یبقی من ریبة،

ص:412


1- 1) کذا فیما لدینا من النسخ الخطّیّة،و الظاهر أن الصحیح:سکّةً،بدون الواو.
2- 2) الکافی 7:425 ح 9،الفقیه 3:12 ح 36،التهذیب 6:308 ح 852،الوسائل 18:202 ب«19» من أبواب کیفیّة الحکم ح 1.
3- 3) الکافی 7:371 ح 8،الفقیه 3:15 ح 40،التهذیب 6:316 ح 875،الوسائل 18:204 ب «20»من أبواب کیفیّة الحکم ح 1.
4- 4) انظر المغنی لابن قدامة 11:454.
العاشرة:لا یشهد شاهد بالجرح إلا مع المشاهدة لفعل ما یقدح فی العدالة

العاشرة:لا یشهد شاهد(1)بالجرح إلا مع المشاهدة لفعل ما یقدح فی العدالة،أو أن یشیع ذلک فی الناس شیاعا موجبا للعلم.

و لا یعوّل علی سماع ذلک من الواحد و العشرة،لعدم الیقین بخبرهم.

لأنه منتهی الإمکان.

و یکره تفرقة أهل الفضل أو العقل الوافر و الدین،لأن فیه غضاضة منهم و نقیصة،فیقتصر علی البحث عنهم إن جهل حالهم.و محلّ التفریق قبل الاستزکاء إن احتیج إلیه.

قوله:«لا یشهد شاهد.إلخ».

قد تقدّم (1)أن المعتبر فی التعدیل الخبرة الباطنة الموجبة لغلبة الظنّ بالعدالة.

و أما الجرح فلا یکفی فیه مطلق الظنّ إجماعا،بل لا بدّ فیه من العلم بالسبب،إما بالمشاهدة بأن یراه یزنی أو یشرب الخمر،أو یسمعه یقذف أو یقرّ علی نفسه بالزنا و شرب الخمر مثلا.و أما إذا سمع من غیره،فإن بلغ المخبرون حدّ التواتر جاز الجرح،لحصول العلم.و إن لم یبلغوا حدّ العلم لکنّه استفاض و انتشر حتی قارب العلم،ففی جواز الجرح به وجهان،من أنه ظنّ فی الجملة و قد نهی (2)اللّه تعالی عن اتّباعه إلا ما استثنی،و من أن ذلک ربما کان أقوی من البیّنة المدّعیة للمعاینة کما مرّ فی نظائره.

و یظهر من المصنف و الأکثر اشتراط بلوغ العلم،فلا یصحّ بدونه.و هو أولی.

ص:413


1- 1) فی ص:403.
2- 2) الحجرات:12.

و لو ثبت عدالة(1)الشاهد حکم باستمرار عدالته حتی یتبیّن ما ینافیها.

و قیل:إن مضت مدّة یمکن تغیّر حال الشاهد فیها استأنف البحث عنه،و لا حدّ لذلک،بل بحسب ما یراه الحاکم.

أما الجرح بناء علی خبر الواحد و ما فوقه ممّا لا یبلغ ذلک الحدّ فلا یجوز إجماعا.نعم،له أن یشهد علی شهادتهم،بشرط الشهادة علی الشهادة.

و قوله:«و لا یعوّل علی العشرة،لعدم الیقین بخبرهم» مبنیّ علی عدم إفادة خبرهم العلم کما یقتضیه السیاق،و لعلّه بناء علی الغالب،و إلا فلا حدّ للعدد الذی یحصل بخبرهم العلم،و قد یحصل بالعشرة إذا کانوا صلحاء لا یعهد منهم المجازفة فی الإخبار.

قوله:«و لو ثبت عدالة.إلخ».

إذا ثبت عدالة إنسان فالمشهور لزوم العمل بمقتضاها أبدا إلی أن یظهر خلافها، و لا یجب البحث،لأن الأصل استمرارها إلی أن یتبیّن الخلاف.

و قیل:یجب البحث کلّما مضت مدّة یمکن تغیّر الحال فیها،لأن العیب یحدث فی الإنسان و الأمور تتغیّر،و لم یحدّه بحدّ.

و نقل الشیخ فی المبسوط (1)عن بعضهم تحدید المدّة بستّة أشهر،و جعل الرجوع فی ذلک إلی ما یراه الحاکم أحوط.و کثیر من الأصحاب لم یتعرّضوا للخلاف فی هذه المسألة.

ص:414


1- 1) المبسوط 8:112.
الحادیة عشرة:ینبغی أن یجمع قضایا کلّ أسبوع و وثائقه و حججه،و یکتب علیها

الحادیة عشرة:ینبغی أن یجمع(1)قضایا کلّ أسبوع و وثائقه و حججه،و یکتب علیها.فإذا اجتمع ما لشهر،کتب علیه:[من]شهر کذا.فإذا اجتمع ما لسنة،جمعه ثمَّ کتب علیه:قضاء سنة کذا.

الثانیة عشرة:کلّ موضع وجب علی الحاکم فیه کتابة المحضر

الثانیة عشرة:کلّ موضع(2)وجب علی الحاکم فیه کتابة المحضر،فإن حمل له من بیت المال ما یصرفه فی ذلک وجب علیه الکتابة.و کذا إن أحضر الملتمس ذلک من خاصّة.و لا یجب علی الحاکم دفع القرطاس من خاصّه.

قوله:«ینبغی أن یجمع.إلخ».

إنما یفعل ذلک لیکون أسهل علیه و علی من بعده من الحکّام فی استخراج المطلوب منها وقت الحاجة إلیه.و کما ینبغی جمع قضایا کلّ أسبوع ینبغی جمع قضایا کلّ یوم علی تقدیر تعدّد قضایا الیوم أیضا،و یکتب علیها آخر النهار:

قضایا یوم کذا من أسبوع کذا من (1)شهر کذا.

و المراد بالوثائق ما یودعه الناس القاضی من الحجج و نحوها،اتّکالا علی أن دیوان الحکم أحرز لها.و لیکتب علی کلّ واحد منها أیضا:محضر فلان سجلّ فلان وثیقة فلان بکذا و کذا،تسهیلا لتحصیلها عند طلبها.

قوله:«کلّ موضع.إلخ».

لا یجب علی القاضی أن یکتب فی کاغذ من عنده و لا بمداده حجّة و لا غیرها،و الواجب علیه الحکم بما یقتضیه،و ینبغی للإمام أن یطلق ثمن ذلک من بیت المال،لأنه من أهمّ المصالح.

ص:415


1- 1) فی«ا،ث،د،م»و شهر.
الثالثة عشرة:یکره للحاکم أن یعنت الشهود إذا کانوا من ذوی البصائر و الأدیان القویّة

الثالثة عشرة:یکره للحاکم(1)أن یعنت الشهود إذا کانوا من ذوی البصائر و الأدیان القویّة،مثل أن یفرّق بینهم،لأن فی ذلک غضّا منهم.

و یستحبّ ذلک فی موضع الریبة.

فإن وجد کذلک،أو بذله الملتمس،ففی وجوب کتابة الحجّة علی الحاکم وجهان أشهرهما الوجوب،لأن ذلک حجّة فکان علیه إقامتها کالحکم،و کما لو أقرّ له بالحقّ و سأله الإشهاد علی إقراره.

و وجه عدم الوجوب:أن الحجّة بالحقّ حکمه به و إشهاده علیه،فلا یلزمه أکثر منه.و یفارق الإقرار بأنه لا حجّة له بحقّه،فلهذا کان علیه إقامتها له.

هکذا علّل فی المبسوط (1)القولین،و لم یرجّح شیئا.و الفرق لا یخلو من نظر،و المعروف بین الأصحاب هو الوجوب.

و إذا کتب وجوبا أو استحبابا فلیکتب نسختین:إحداهما تکون فی ید الملتمس،و الأخری تبقی فی دیوان الحکم لتنوب عن الأخری علی تقدیر هلاکها،و یؤمن بها من تغییر تلک و إدخال شیء فیها.و هذه هی التی یجمعها فی کلّ أسبوع و شهر و سنة مع غیرها من الوثائق و السجلاّت.

قوله:«یکره للحاکم.إلخ».

إعنات الشهود هو إدخال المشقّة علیهم و تکلیفهم ممّا یثقل علیهم،من المبالغة فی مشخّصات القضیّة التی شهدوا بها،و تفریقهم،و وعظهم،و قوله:لم (2)تشهدون؟أو ما هذه الشهادة؟و نحو ذلک.و إنما ینبغی فعله بأهل الریبة و ضعفاء البصائر،کما تقدّم (3).

ص:416


1- 1) المبسوط 8:118.
2- 2) فی«د»:بم.
3- 3) فی ص:409.
الرابعة عشرة:لا یجوز للحاکم أن یتعتع الشاهد

الرابعة عشرة:لا یجوز للحاکم(1)أن یتعتع الشاهد،و هو:أن یداخله فی التلفّظ بالشهادة أو یتعقّبه،بل یکفّ عنه حتی ینهی ما عنده و إن تردّد.

و لو توقّف فی الشهادة لم یجز له ترغیبه إلی الإقدام علی الإقامة،و لا تزهیده فی إقامتها.

و کذا لا یجوز إیقاف عزم الغریم عن الإقرار،لأنه ظلم لغریمه.

و یجوز ذلک فی حقوق اللّه تعالی،فإن الرسول علیه السلام قال لما عز- عند اعترافه بالزنا-:لعلّک قبّلتها،لعلّک لمستها،و هو تعریض بإیثار الاستتار.

قوله:«لا یجوز للحاکم.إلخ».

هنا جملة من آداب الحکم أکثرها محرّم علی الحاکم:

الأول:یحرم علیه أن یتعتع الشاهد،و هو:أن یداخله فی التلفّظ بالشهادة، بأن یدخل فی أثناء نطقه بها کلاما یجعله ذریعة إلی أن ینطق به و یعدل عمّا کان یریده،هدایة له إلی شیء ینفع،أو إیقاعا له فیما یضرّ،أو یتعقّبه عند فراغه بکلام لیجعله تتمّة شهادته،و یستدرجه إلیه بحیث تصیر به الشهادة مقیّدة أو مسموعة أو مردودة،سواء کان الشاهد یأتی بما داخله به و تعقّبه لولاه أم لا،بل الواجب أن یصبر علیه حتی ینتهی ما عنده،ثمَّ ینظر فیه و یحکم بمقتضاه من نفی و إثبات، و إذا وجده قاصرا عن تأدیة المطلوب أو غیر مطابق للمدّعی و نحو ذلک ردّه.

الثانی:إذا تردّد الشاهد فی شهادته لم یجز له ترغیبه فی إقامتها،لجواز عروض ما أوجب له التردّد،فیکون ترغیبه فی الإقامة إغراء له بالشهادة بالباطل.

و کذا یحرم علیه إذا رآه جازما أن یردّده و یزهده فی الإقامة،لما فیه من

ص:417

الخامسة عشرة:یکره أن یضیف أحد الخصمین دون صاحبه

الخامسة عشرة:یکره أن یضیف(1)أحد الخصمین دون صاحبه.

الإعانة علی تعطیل (1)الحقّ.

الثالث:لا یجوز له إیقاف الغریم عن الإقرار لو أراد أن یقرّ بالحقّ،لما فیه من الظلم للغریم الآخر المقرّ له.هذا فی حقوق الآدمیّین.أما فی حقوق اللّه تعالی من الحدود،فإنه یجوز له إیقاف غریمه و تزهیده فی إتمامه و تعریضه بالتأویل، بل یستحبّ له ذلک،تأسّیا بالنبیّ صلّی اللّه علیه و آله فی قضیّة ماعز بن مالک لمّا جاء إلی النبیّ صلّی اللّه علیه و آله و أقرّ عنده بالزنا،فکان صلّی اللّه علیه و آله یعرض له بالتأویل و یقول له:«لعلّک قبّلتها،لعلّک لمستها» (2)إیثارا للاستتار.

و الروایة مشهورة.

قوله:«یکره أن یضیف.إلخ».

لما فیه من ترجیحه علی الآخر المنهیّ عنه.و قد روی:«أن أمیر المؤمنین علیه السلام نزل به ضیف فمکث عنده أیّاما،ثمَّ تقدّم إلیه فی خصومة لم یذکرها لأمیر المؤمنین علیه السلام،فقال له:أخصم أنت؟قال:نعم،قال:تحوّل عنّا،إن رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله نهی أن یضاف الخصم إلا و معه خصمه» (3).و کذا یکره له أن یحضر ضیافة الخصوم مطلقا.

ص:418


1- 1) کذا فی«ت،ط»،و فی سائر النسخ:تعجیل.
2- 2) مسند أحمد 1:238،سنن أبی داود 4:146 ح 4422،المعجم الکبیر 11:338 ح 11936، المستدرک للحاکم 4:361،سنن البیهقی 8:226.
3- 3) الکافی 7:413 ح 4،الفقیه 3:7 ح 21،التهذیب 6:226 ح 544،الوسائل 18:157 ب«3»من أبواب آداب القاضی ح 2.و انظر سنن البیهقی 10:137.
السادسة عشرة:الرشوة حرام علی آخذها

السادسة عشرة:الرشوة حرام(1)علی آخذها.و یأثم الدافع لها إن توصّل بها إلی الحکم له بالباطل.و لو کان إلی حقّ لم یأثم.

و یجب علی المرتشی إعادة الرشوة إلی صاحبها.و لو تلفت قبل وصولها إلیه ضمنها له.

قوله:«الرشوة حرام.إلخ».

اتّفق المسلمون علی تحریم الرشوة علی القاضی و العامل،لما روی أن النبیّ صلّی اللّه علیه و آله قال:«لعن اللّه الراشی و المرتشی فی الحکم». (1)و عن أبی عبد اللّه علیه السلام قال:«الرشا فی الحکم هو الکفر باللّه تعالی» (2).

و أما الهدیّة فالأولی أن یسدّ بابها و لا یقبلها،لأنها أبعد عن التهمة.و أما من جهة الحلّ و الحرمة فینظر إن کان للمهدی خصومة فی الحال حرم قبول هدیّته، لأنه یدعوا إلی المیل،و ینکسر به قلب خصمه.و إن لم یکن له خصومة،فإن لم یعهد منه الهدیّة قبل تولّی القضاء حرم قبول هدیّته فی محلّ ولایته،لأن هذه هدیّة سببها العمل ظاهرا.و قد روی أنّه صلّی اللّه علیه و آله قال:«هدایا العمّال غلول» (3).و فی روایة:«هدیّة العامل سحت» (4).

و روی أبو حمید الساعدی قال:«استعمل النبیّ صلّی اللّه علیه و آله رجلا

ص:419


1- 1) مسند أحمد 5:279،عوالی اللئالی 1:266 ح 60.
2- 2) الکافی 7:409 ح 2،التهذیب 6:222 ح 526،الوسائل 18:162 ب«8»من أبواب آداب القاضی ح 3.
3- 3) أمالی الطوسی 1:268،الوسائل 18:163 ب«8»من أبواب آداب القاضی ح 6.و راجع أیضا مسند أحمد 5:424،سنن البیهقی 10:138؛مجمع الزوائد 4:200.و فی بعض هذه المصادر: هدایا الأمراء.
4- 4) تاریخ جرجان:296 ذیل ح 496،الکامل فی الضعفاء 1:281.

..........

من الأسد یقال له أبو اللبیبة علی الصدقة،فلمّا قدم قال:هذا لکم و هذا أهدی إلیّ،فقام النبیّ صلّی اللّه علیه و آله علی المنبر فقال:ما بال العامل نبعثه علی أعمالنا یقول:هذا لکم و هذا أهدی إلیّ؟فهلاّ جلس فی قعب بیته أو فی بیت أمه ینظر أ یهدی له أم لا؟و الذی نفسی بیده لا یأخذ أحد منها شیئا إلا جاء یوم القیامة یحمله علی رقبته،إن کان بعیرا له رغاء،أو بقرة لها خوار،أو شاة تیعر[1]، ثمَّ رفع یده حتی رأینا عفرة إبطیه،ثمَّ قال:اللّهمّ هل بلّغت؟اللّهم هل بلّغت؟» (1).

و لا ینافی ذلک قول النبیّ صلّی اللّه علیه و آله:«لو أهدی إلیّ کراع لقبلته» (2)،لأنه معصوم عن تغییر حکم بهدیّة،بخلاف غیره.

و لو کانت الهدیّة فی غیر حال حکومة ممّن جرت عادته بذلک قبل تولّی القضاء،کالقریب و الصدیق الملاطف،فإن أحسّ أنه یقدّمها لحکومة بین یدیه فکذلک،و إلا حلّت علی کراهیة.

هذا خلاصة ما فصّله (3)الشیخ فی المبسوط (4)،و لم یتعرّض إلیه کثیر.و هو حسن.

و فی حکم غیر المعتاد ما لو زادها المعتاد قدرا أو صفة.و هدیّته فی غیر محلّ ولایته کهدیّته ممّن عهد منه الهدیّة.و کذا لو أرسلها من غیره إلیه لا بقصد

ص:420


1- 2) مسند أحمد 5:423-424،صحیح البخاری 9:88،سنن أبی داود 3:134 ح 2946،سنن الدارمی 2:232،سنن البیهقی 10:138.
2- 3) الفقیه 3:191 ح 861،الوسائل 12:214 ب«88»من أبواب ما یکتسب به ح 13.و انظر مسند أحمد 2:512،صحیح البخاری 3:201،سنن الترمذی 3:623 ح 1338.سنن البیهقی 6:169.
3- 4) فی«ت»:نقله،و فی«خ»:اختاره.
4- 5) المبسوط 8:152.

..........

حکومة.و حیث جاز الأخذ فالأولی أن یثبت علیها أو یضعها فی بیت المال.

و إذا عرفت أن قبول الرشوة حرام مطلقا،و قبول الهدیّة جائز علی بعض الوجوه طلبت الفرق بینهما،فإنه لا یخلو من خفاء.و قد فرّق بعضهم (1)بینهما:

بأن الرشوة هی التی یشترط[فیها] (2)باذلها الحکم بغیر الحقّ أو الامتناع من الحکم بالحقّ،و الهدیّة هی العطیّة المطلقة.

و هذا الفرق یناسب ما أطلقه المصنف من اختصاص تحریمها بطلب التوصّل إلی الحکم بالباطل دون الحقّ.و لکن ذکر جماعة[1]تحریمها علی التقدیرین،خصوصا فی جانب المرتشی.

و الحقّ أنها محرّمة علی المرتشی مطلقا،و علی الراشی کذلک،إلا أن یکون محقّا و لا یمکن وصوله إلی حقّه بدونها،فلا یحرم علیه.و علی هذا یحتاج إلی فرق آخر.

و الأظهر فی الفرق:أن دفع المال إلی القاضی-و نحوه من العمّال-إن کان الغرض منه التودّد أو التوسّل لحاجة من العلم و نحوه فهو هدیّة،و إن کان التوسّل (3)إلی القضاء و العمل فهو رشوة.

و الفرق بینهما و بین أخذ الجعل من المتحاکمین أو أحدهما-کما قد قال

ص:421


1- 1) روضة الطالبین 8:128.
2- 2) من الحجریّتین.
3- 4) فی«خ»:التوصّل.

..........

بعضهم بجوازه-أخفی.

و بیانه:أن الغرض من الرشوة أن یحکم لباذلها علی التعیین بحقّ أو باطل، و فی الجعل أن یشترط علیهما أو علی المحکوم علیه.فالفرق واضح،لأنه حینئذ فی مقابلة عمله معهما و فصل الحکومة بینهما،من غیر اعتبار الحکم لأحدهما بخصوصه.

و إن شرط علی المحکوم له فالفرق:أن الحکم لا یتعلّق الغرض فیه بأحدهما بخصوصه،بل من اتّفق الحکم له منهما علی الوجه المعتبر یکون علیه الجعل.و هذا لیس فیه تهمة و لا ظهور غرض،بخلاف الرشوة المبذولة ابتداء من شخص معیّن لیکون الحکم له بخصوصه کیف کان،فإن هذا ظاهر فی فساد المقصد،و صریح فی تطرّق التهمة.

و اعلم أن الضمیر فی قول المصنف:«و إن کان إلی حقّ لم یأثم»یرجع إلی الدافع.و أما المرتشی فهو باق علی عموم التحریم المذکور سابقا.و یجب تقیید عدم التحریم فی حقّ الدافع بما أشرنا إلیه سابقا من عدم إمکان وصوله إلی حقّه بدونه،و إلا حرم علیه أیضا،لأنه إعانة علی الإثم و العدوان المنهیّ (1)عنه.

و نبّه بقوله:«و یجب علی المرتشی إعادة الرشوة إلی صاحبها»علی خلاف بعض العامّة[1]،حیث ذهب إلی أنه یملکها و إن فعل حراما،لوجود التملیک

ص:422


1- 1) المائدة:2.
السابعة عشرة:إذا التمس الخصم إحضار خصمه مجلس الحکم أحضره إذا کان حاضرا

السابعة عشرة:إذا التمس الخصم(1)إحضار خصمه مجلس الحکم أحضره إذا کان حاضرا،سواء حرّر المدّعی دعواه أو لم یحرّرها.أما لو کان غائبا لم یعده الحاکم حتی یحرّر الدعوی.و الفرق:لزوم المشقّة فی الثانی،و عدمها فی الأول.

هذا إذا کان فی بعض مواضع ولایته،و لیس له هناک خلیفة یحکم.

و إن کان فی غیر ولایته أثبت الحکم علیه بالحجّة و إن کان غائبا.

و القبول،و آخرین (1)حیث ذهبوا إلی أنه یضعها فی بیت المال.

و الأظهر ما ذکره المصنف من عدم ملکها مطلقا،و وجوب ردّها إلی المالک،و یضمنها إلی أن تصل.

قوله:«إذا التمس الخصم.إلخ».

من أتی القاضی مستعدیا علی خصمه لیحضره،فخصمه إما أن یکون فی البلد،أو خارجه.فإن کان فی البلد،و کان ظاهرا یمکن إحضاره،وجب إحضاره مطلقا عند علمائنا و أکثر (2)العامّة.و قال مالک (3):إن کان من أهل المروّات لم یحضره،إلا أن یعرف بینهما معاملة،صیانة له عن الابتذال.و قال بعضهم (4):

یحضر ذوی المروّات داره لا مجلس الحکم.و المذهب عدم الفرق.

ثمَّ الإحضار قد یکون بختم یدفعه إلی المدّعی لیعرضه علی الخصم، و لیکن علیه:أجب القاضی فلانا.و قد یکون بمحضر من الأعوان المرتّبین علی باب القاضی،و یکون مئونته علی الطالب إن لم یرتزقوا من بیت المال.

و إن بعث بالختم فلم یجب بعث إلیه العون.و إذا ثبت عند القاضی امتناعه

ص:423


1- 1) انظر الهامش(2)فی الصفحة السابقة.
2- 2) الحاوی الکبیر 16:301،المغنی لابن قدامة 11:411،روضة الطالبین 8:175.
3- 3) الحاوی الکبیر 16:301،المغنی لابن قدامة 11:411،روضة الطالبین 8:175.
4- 4) الحاوی الکبیر 16:301،روضة الطالبین 8:175.

..........

من غیر عذر أو سوء أدب استعان علی إحضاره بأعوان السلطان.فإذا أحضر عزّره علی ما یراه.و فی کون مئونة المحضر و الحال هذه علی المطلوب لامتناعه،أو علی المدّعی وجهان.

فإن استخفی بعث من ینادی علی باب داره أنه إن لم یحضر إلی ثلاث سمّرت داره أو ختم علیها.فإن لم یحضر بعد الثلاث و سأل المدّعی التسمیر أو الختم أجابه إلیه.

و متی کان للمطلوب عذر مانع من الحضور لم یکلّفه الحضور،بل یبعث إلیه من یحکم بینه و بین خصمه،أو یأمره بنصب وکیل لیخاصم عنه.فإن دعت الحاجة إلی تحلیفه بعث إلیه من یحلفه.و العذر:کالمرض،و حبس الظالم، و الخوف منه،و کون المرأة مخدّرة.و سیأتی (1).

و إن کان خارج البلد،نظر إن کان خارجا عن محلّ ولایة القاضی لم یکن له أن یحضره،و کان له أن یحکم علیه بشرائط القضاء علی الغائب.و سیأتی (2).

و إن کان فی محلّ ولایته،فإن کان له فی ذلک الموضع نائب لم یحضره،بل یسمع البیّنة و یکتب إلیه.و إن لم یکن هناک بیّنة أنفذه إلی خلیفته لیحکم بینهما.

و إن لم یکن له هناک نائب،فإن کان هناک من یصلح للاستخلاف أذن له فی القضاء بینهما،و إلا طولب المدّعی بتحریر الدعوی،فقد تکون غیر مسموعة، فیلزم المشقّة بإحضاره لغیر (3)حقّ،بخلاف الحاضر فی البلد،فإنه لا یحتاج فی إحضاره إلی تقدیم البحث،لأنه لیس فی الحضور هنا مئونة و لا مشقّة شدیدة.

ص:424


1- 1) فی الصفحة التالیة.
2- 2) فی ص:466.
3- 3) فی«ت،خ»:بغیر.

و لو ادّعی علی امرأة،(1)فإن کانت برزة فهی کالرجل.

و إن کانت مخدّرة بعث إلیها من ینوبه فی الحکم بینها و بین غریمها.

فإذا حرّر الدعوی و کانت مسموعة أنفذ بإحضاره،سواء کانت المسافة قریبة أم بعیدة.و من العامّة (1)من قیّده بکونه فی مسافة العدوی،و هی التی یتمکّن المبکّر إلیها من الرجوع إلی مسکنه.

قوله:«و لو ادّعی علی امرأة.إلخ».

ما تقدّم حکم المدّعی علیه إذا کان رجلا.فأما إذا کان امرأة،فإذا کانت برزة فهی کالرجل،فتحضر و لو من غیر البلد[من] (2)حیث یحضر الرجل.

لکن یشترط فیها زیادة کون الطریق آمنا بالنظر إلیها،و معها من یوثق به من محرم أو نسوة ثقات أو غیرهما.و الأولی للحاکم أن یبعث إلیها محرما.

و إن کانت مخدّرة لم تکلّف الحضور مطلقا کالمریض،لأن التخدیر عذر ظاهر.

و یشهد للفرق بینهما فی ذلک قضیّة العامریّة (3)التی اعترفت بالزنا عند النبیّ صلّی اللّه علیه و آله فرجمها.و قال فی الأخری المذکورة فی قضیّة العسیف:«و اغد یا أنیس علی امرأة هذا،فإن اعترفت فارجمها» (4).و کانت

ص:425


1- 1) روضة الطالبین 8:176.
2- 2) من«ث،خ».
3- 3) انظر سنن البیهقی 8:214،نصب الرایة 3:314.
4- 4) صحیح البخاری 3:134،سنن ابن ماجه 2:852 ح 2549،سنن النسائی 8:241-242،سنن البیهقی 8:213،نصب الرّایة 3:314.

..........

العامریّة برزة و الأخری مخدّرة.

و ما المراد بالمخدّرة؟لا شکّ أن التی لا تخرج أصلا إلا لضرورة فهی مخدّرة.و أما التی تخرج نادرا لعزاء أو حمّام أو زیارة فهل هی مخدّرة؟وجهان أشبههما أنه یکفی أن لا تصیر مبتذلة بکثرة الخروج للحاجات المتکرّرة،کشراء الخبز و القطن و بیع الغزل و نحوها.

و قال فی المبسوط:«البرزة هی التی تبرز لقضاء حوائجها بنفسها، و المخدّرة هی التی لا تخرج کذلک» (1).و هو قریب،و إن کان الأول أقرب،فإن التی تکثر الخروج للعزاء و الزیارات من دون أن تخرج للحاجات تصیر مبتذلة بالخروج أیضا.

ص:426


1- 1) المبسوط 8:156.

النظر الثالث: فی کیفیّة الحکم

اشارة

النظر الثالث فی کیفیّة الحکم

و فیه مقاصد
اشارة

و فیه مقاصد:

الأول:فی وظائف الحاکم
اشارة

الأول:

فی وظائف الحاکم و هی سبع:

الأولی:التسویة بین الخصمین

الأولی:التسویة بین الخصمین(1) فی:السلام،و الجلوس،و النظر، و الکلام،و الإنصات،و العدل فی الحکم.و لا تجب التسویة فی المیل بالقلب،لتعذّره غالبا.

و إنما تجب التسویة مع التساوی فی الإسلام أو الکفر.و لو کان أحدهما مسلما جاز أن یکون الذمّی قائما و المسلم قاعدا،أو أعلی منزلا.

النظر الثالث فی کیفیّة الحکم قوله:«التسویة بین الخصمین.إلخ».

من وظیفة الحاکم أن یسوّی بین الخصمین فی السلام علیهما،و جوابه لهما،و إجلاسهما،و القیام لهما،و النظر و الاستماع و الکلام و طلاقة الوجه،و سائر أنواع الإکرام.و لا یخصّص أحدهما بشیء من ذلک،لأنه ینکسر به قلب الآخر، و یمنعه من إقامة حجّته.و منه ممازحة أحدهما،و مسارّته،و انتهاره إلا أن یفعل ما یقتضیه.

و لو لم یمکن التسویة بینهما فی جواب السلام ابتداء،بأن یسلّم أحدهما دون الآخر،فیصبر هنیئة رجاء أن یسلّم الآخر فیجیبهما معا.فإن طال الفصل بحیث یخرج عن کونه جوابا للأول فلیردّ قبله علی المسلّم.

ص:427

..........

و قیل:لا بأس بأن یقول للآخر:سلّم،فإذا سلّم أجابهما،و یعذر فی الاشتغال بغیر الجواب لئلاّ یبطل معنی التسویة.

و معنی التسویة بینهما فی المجلس أن یجلسهما بین یدیه معا،لما فیه-مع التسویة بینهما-من سهولة النظر إلیهما و الاستماع لهما.هذا إذا کانا مسلمین أو کافرین.أما لو کان أحدهما مسلما و الآخر کافرا جاز أن یرفع المسلم فی المجلس،لما روی أن علیّا علیه السلام جلس بجنب شریح فی حکومة له مع یهودیّ فی درع،و قال:«لو کان خصمی مسلما لجلست معه بین یدیک،و لکنّی سمعت رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله یقول:لا تساووهم فی المجلس» (1).

ثمَّ التسویة بین الخصمین فی العدل فی الحکم واجبة بغیر خلاف.و أما فی الأمور الباقیة فهل هی واجبة أم مستحبّة؟الأکثرون علی الوجوب،لما روی عن النبیّ صلّی اللّه علیه و آله أنه قال:«من ابتلی بالقضاء بین المسلمین فلیعدل بینهم فی لحظه و إشارته و مقعده،و لا یرفعنّ صوته علی أحدهما ما لا یرفع علی الآخر» (2).و قول أمیر المؤمنین علیه السلام:«من ابتلی بالقضاء فلیواس بینهم فی الإشارة،و فی النظر،و فی المجلس» (3).

و قیل:إن ذلک مستحبّ،و اختاره العلامة فی المختلف (4)،للأصل،و ضعف

ص:428


1- 1) حلیة الأولیاء 4:139،المغنی لابن قدامة 11:445،تلخیص الحبیر 4:193 ح 2105.
2- 2) سنن الدارقطنی 4:205 ح 10-11،سنن البیهقی 10:135.
3- 3) الکافی 7:413 ح 3،التهذیب 6:226 ح 543،الوسائل 18:157 ب«3»من أبواب آداب القاضی ح 1.
4- 4) المختلف:700-701.
الثانیة:لا یجوز أن یلقّن أحد الخصمین ما فیه ضرر علی خصمه

الثانیة:لا یجوز أن یلقّن(1)أحد الخصمین ما فیه ضرر علی خصمه، و لا أن یهدیه لوجوه الحجاج،لأن ذلک یفتح باب المنازعة،و قد نصب لسدّها.

مستند الوجوب،و صلاحیّته للاستحباب.

و إنما علیه أن یسوّی بینهما فی الأفعال الظاهرة،و أما التسویة بینهما بقلبه بحیث لا یمیل إلی أحدهما به فغیر مؤاخذ به و لا محاسب علیه،لأن الحکم علی القلب غیر مستطاع،و قد کان رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله لمّا قسّم بین نسائه یقول:«اللّهمّ هذا قسمی فیما أملک،و أنت أعلم بما لا أملک» (1)یعنی:المیل القلبی.

قوله:«لا یجوز أن یلقّن.إلخ».

بأن یعلّمه دعوی صحیحة مع عدم إتیانه (2)بها،أو یدّعی علیه قرضا فیرید أن یجیب بالإیفاء،فیلقّنه إنکار أصل الحقّ لئلاّ یصیر مقرّا،أو یحسّ منه بالتردّد فیحرّضه (3)علی الإقامة،و نحو ذلک،لأنه نصب لسدّ باب المنازعة و فعله هذا یفتح بابها،فیکون خلاف الحکمة الباعثة.

ص:429


1- 1) سنن الدارمی 2:144،مسند أحمد 6:144،سنن أبی داود 2:242 ح 2134،سنن ابن ماجه 1:634 ح 1971،سنن النسائی 7:64،سنن الترمذی 3:446 ح 1140،سنن البیهقی 7:298.
2- 2) فی«ث»:إثباته،و فی«خ»:إثباته لها.
3- 3) فی«ا،خ،م»:فیحضّه.
الثالثة:إذا سکت الخصمان استحبّ أن یقول لهما:تکلّما،أو:لیتکلّم المدّعی

الثالثة:إذا سکت الخصمان(1)استحبّ أن یقول لهما:تکلّما،أو:لیتکلّم المدّعی.و لو أحسّ منهما باحتشامه أمر من یقول ذلک.

و یکره أن یواجه بالخطاب أحدهما،لما یتضمّن من إیحاش الآخر.

نعم،لا بأس بالاستفسار و إن أدّی إلی صحّة الدعوی،بأن یدّعی دراهم فیقول:أ هی صحاح أم مکسّرة؟إلی غیر ذلک.و یحتمل المنع منه أیضا.

قوله:«إذا سکت الخصمان.إلخ».

إذا جلس الخصمان بین یدی الحاکم فله أن یسکت حتی یتکلّما،لأن الحقّ لهما.لکن یستحبّ إن طال سکوتهما أن یقول:لیتکلّم المدّعی منکما من غیر أن یخصّص أحدهما بالخطاب،و أن یقول للمدّعی إذا عرفه:تکلّم.و لو خاطبهما بذلک الأمین الواقف علی رأسه کان أولی.

و یکره تخصیص أحدهما بالخطاب،لمنافاته التسویة المأمور بها،و قد تقدّم (1)أن التسویة فیه واجبة.و هاهنا جعل هذا النوع من الخطاب مکروها،فأما أنه استثناء من السابق،أو رجوع عن الحکم.

و ظاهر العلامة فی التحریر (2)و الشیخ فی المبسوط (3)التحریم،لأنهما عبّرا بصیغة النهی کالسابق.و هو حسن،لاشتراکهما فی المقتضی له.

و فی الدروس (4)لم یجعل التسویة فی الکلام من الواجب،و ذکر کراهة تخصیص أحدهما بالخطاب هنا.و هو یدلّ علی کراهته مطلقا.

ص:430


1- 1) فی ص:425.
2- 2) تحریر الأحکام 2:183.
3- 3) المبسوط 8:150.
4- 4) الدروس الشرعیّة 2:74.
الرابعة:إذا ترافع الخصمان و کان الحکم واضحا لزمه القضاء

الرابعة:إذا ترافع الخصمان(1)و کان الحکم واضحا لزمه القضاء.

و یستحبّ ترغیبهما فی الصلح.فإن أبیا إلا المناجزة حکم بینهما.

و إن أشکل أخّر الحکم حتی یتّضح.و لا حدّ للتأخیر إلا الوضوح.

الخامسة:إذا ورد الخصوم مترتّبین بدأ بالأول فالأول

الخامسة:إذا ورد الخصوم(2)مترتّبین بدأ بالأول فالأول.فإن وردوا جمیعا،قیل:یقرع بینهم.

و قیل:یکتب أسماء المدّعین،و لا یحتاج إلی ذکر الخصوم.و قیل:

یذکرهم أیضا،لتنحصر الحکومة معه.و لیس معتمدا.و یجعلها تحت ساتر،ثمَّ یخرج رقعة رقعة،و یستدعی صاحبها.

و قیل:إنما تکتب أسماؤهم مع تعسّر القرعة بالکثرة.

قوله:«إذا ترافع الخصمان.إلخ».

الحکم باستحباب ترغیبهما فی الصلح مع الحکم بلزوم القضاء یدلّ علی أن الوجوب لیس فوریّا،و إلا لم یصحّ الاشتغال عنه بالترغیب فی الصلح.و هو حسن حیث لا یطلب المحکوم له تنجیز الحکم عاجلا،و إلا وجبت المبادرة به، لأنه حقّ آدمیّ مطالب.

قوله:«إذا ورد الخصوم.إلخ».

إذا ازدحم جماعة من المدّعین،نظر إن جاؤا علی التعاقب و عرف الترتیب قدّم الأسبق فالأسبق.و الاعتبار بسبق المدّعی دون المدّعی علیه.

و إن جاؤا معا و لم یعرف الترتیب أقرع بینهم،و قدّم من خرجت قرعته.فإن کثروا و عسر الإقراع کتب أسماءهم فی رقاع،و صبّت بین یدی القاضی مستورة لیأخذها واحدة واحدة،و یسمع دعوی من خرج اسمه فی کلّ مرّة.و هذا فی الحقیقة ضرب من القرعة،لا علی الوجه المشهور فیها من وضع الرقاع فی بنادق

ص:431

..........

من طین و سترها،و نحو ذلک.فیکون کتبة أسمائهم فی الرقاع علی الوجه المذکور أسهل من القرعة،فلذلک اعتبرها عند الکثرة و تعسّر الإقراع علی وجهه، و قد تقدّم (1)أن الأصحّ عدم انحصارها فی ذلک.

و القول الأول الذی نقله بالإقراع بینهم مطلقا مقتضاه أنه لا تجزی کتبة أسمائهم علی هذا الوجه،بل لا بدّ من إیقاع القرعة علی وجهها.و الأشهر جواز الأمرین،لأن الغرض هنا تقدیم من یتقدّم من المدّعیین،من غیر ترجیح من قبل الحاکم،و لا میل إلی أحدهما،و هو یحصل بذلک.

ثمَّ علی التقدیرین هل یفتقر مع کتبة اسم المدّعی إلی ذکر خصمه؟قیل:

نعم.فعلی هذا لو کان له خصمان افتقر إلی رقعتین،یکتب فی واحدة اسم ذلک المدّعی مع أحد خصمیه،و فی الأخری اسمه مع الخصم الآخر.و فائدته تقدیم السابق من الخصمین کما یقدّم السابق من المدّعیین.

و المشهور الاقتصار علی اسم المدّعی،لأنه المستحقّ للتقدیم.فإذا ظهر اسم واحد و کان له غریم واحد تعیّن.و إن کان له أکثر تخیّر فی تقدیم من شاء منهم،فإذا تمّت دعواه أخّر الباقون إلی دور آخر.و هکذا.و المقدّم بالسبق أو بالقرعة إنما یقدّم فی دعوی واحدة،ثمَّ ینصرف إلی أن یحضر فی مجلس آخر، أو ینتظر فراغ القاضی من سماع دعوی سائر الحاضرین،فحینئذ تسمع دعواه.

و لا فرق بین أن تکون الدعوی الثانیة و الثالثة علی الذی ادّعی علیه الدعوی الأولی أو علی غیره.

و قول المصنف أولا:قیل:«یقرع،و قیل:یکتب أسماء المدّعین.إلخ».

ص:432


1- 1) فی ج 10:315.
السادسة:إذا قطع المدّعی علیه دعوی المدّعی بدعوی،لم تسمع حتی یجیب عن الدعوی

السادسة:إذا قطع المدّعی(1)علیه دعوی المدّعی بدعوی،لم تسمع حتی یجیب عن الدعوی و ینهی الحکومة،ثمَّ یستأنف هو.

السابعة:إذا بدر أحد الخصمین بالدعوی فهو أولی

السابعة:إذا بدر أحد(2)الخصمین بالدعوی فهو أولی.و لو ابتدرا الدعوی سمع من الذی عن یمین صاحبه.

یقتضی أن القول بکتبة أسماء المدّعین جائز و إن لم یکثروا.و قیل (1):یقرع مطلقا و إن کثروا. و قوله:«و قیل:إنما تکتب أسماؤهم مع تعسّر القرعة.إلخ» قول ثالث بالتفصیل.و هو المشهور.و لو قدّم الأسبق غیره علی نفسه جاز.

و المفتی و المدرّس عند الازدحام یقدّمان أیضا بالسبق أو القرعة.نعم،لو کان الذی یعلّمه خارجا عن الفرض فالاختیار إلیه فی تقدیم من شاء.

و لا فرق فی هذه الأحکام بین ذی الفضیلة و غیره،و لا بین الرجل و المرأة.

و یستثنی المسافر المتضرّر،کما سیأتی (2).

قوله:«إذا قطع المدّعی.إلخ».

قد تقرّر (3)أنه یقدّم السابق من المدّعیین،و من جملة أفراده ما لو ادّعی المدّعی علیه علی المدّعی قبل انتهاء الدعوی الأولی،فإنه حینئذ مدّع متأخّر عن الأول،فلا تسمع دعواه إلی أن یتمّ السابق.و هو واضح.

قوله:«إذا بدر أحد.إلخ».

إذا تنازع الخصمان و زعم کلّ واحد منهم أنه هو المدّعی،نظر إن سبق أحدهما إلی الدعوی لم یلتفت إلی قول الآخر:إنّی کنت المدّعی،بل علیه أن یجیب ثمَّ یدّعی إن شاء.

ص:433


1- 1) سقطت الجملة:«و قیل-إلی-کثروا»من«أ».
2- 2) فی الصفحة التالیة.
3- 3) فی«ا،ث،خ»:تقدّم.

و لو اتّفق مسافر(1)و حاضر فهما سواء،ما لم یستضرّ أحدهما بالتأخیر،فیقدّم دفعا للضرر.

و إن لم یسبق أحدهما فالمشهور بین أصحابنا و المرویّ لهم أنه تسمع الدعوی من الذی علی یمین صاحبه،حتی إن هذا القول لشهرته قال المرتضی- رحمه اللّه-:«و ممّا انفردت به الإمامیّة القول بأن الخصمین إذا ابتدرا الدعوی بین یدی الحاکم،و تشاحّا فی الابتداء بها،وجب علی الحاکم أن یسمع من الذی عن یمین خصمه،ثمَّ ینظر فی دعوی الآخر» (1).

و الأصل فیه روایة محمد بن مسلم عن أبی جعفر علیه السلام:«أن رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله قضی أن یقدّم صاحب الیمین فی المجلس بالکلام» (2).

و هذه الروایة لیست صریحة فی المدّعی،إلا أن الأصحاب اتّفقوا علی إرادة ما ذکر منها.

و قال ابن الجنید (3):یحتمل أن یکون أراد بذلک المدّعی،لأن صاحب الیمین هو،و الیمین المردودة إلیه.

و الشیخ (4)-رحمه اللّه-بعد أن ذکر إجماع الطائفة علی ذلک مال إلی القرعة کما یقوله العامّة (5).و له وجه.

قوله:«و لو اتّفق مسافر.إلخ».

لمّا کان المقتضی للحکم بتقدیم السابق و القرعة بین المجتمعین دفعة

ص:434


1- 1) الانتصار:243.
2- 2) الفقیه 3:7 ح 25،الوسائل 18:160 ب«5»من أبواب آداب القاضی ح 2.
3- 3) حکاه عنه السیّد المرتضی فی الانتصار:244.
4- 4) الخلاف 6:234 مسألة(32).
5- 5) الحاوی الکبیر 16:289،الوجیز 2:242،المغنی لابن قدامة 11:447،روضة الطالبین 8:149،المنهاج المطبوع بهامش السراج الوهّاج:594.

و یکره للحاکم(1)أن یشفع فی إسقاط[حقّ]أو إبطال.

مراعاة التسویة بین الخصوم،لم یفرّق فیه بین شخص و آخر،و لا بین المسافر و الحاضر،و لا بین الرجل و المرأة،إلا أن یختصّ أحدهم بتضرّر علی تقدیر التأخّر،کالمسافر الذی قد شدّ الرحال،و یؤدّی تخلّفه إلی فوت المطلوب أو فوت الرفقة،فیقدّم.و کذا المرأة التی تتضرّر بالانتظار.

و بعضهم (1)قدّم المسافر علی المقیم،نظرا إلی أغلبیّة الضرورة.و لا دلیل علیه یقتضی التخصیص،فلذا شرّک المصنف بینه و بین الحاضر فی تقدیم المستضرّ منهما.

قوله:«و یکره للحاکم.إلخ».

أی:فی إسقاط حقّ بعد ثبوته،أو إبطال دعوی قبله.و علی هذا فطریق الجمع بین ذلک و بین الترغیب فی الصلح المقتضی غالبا لإسقاط بعض الحقّ:إما بجعله متوسّطا بین الإسقاط و عدمه،أو جعله مستثنی کما یقتضیه کلام الأصحاب،لأن الصلح خیر،أو بعث غیره علی ترغیبهما فی ذلک و الوساطة بینهما فی الصلح،کما صرّح به أبو الصلاح (2).و هذا أولی.

ص:435


1- 1) الحاوی الکبیر 16:288،المغنی لابن قدامة 11:448،روضة الطالبین 8:149.
2- 2) الکافی فی الفقه:447.
المقصد الثانی:فی مسائل متعلّقة بالدعوی
اشارة

المقصد الثانی:

فی مسائل متعلّقة بالدعوی و هی خمس:

الأولی:قال الشیخ:لا تسمع الدعوی إذا کانت مجهولة

الأولی:قال الشیخ:لا تسمع(1)الدعوی إذا کانت مجهولة،مثل:أن یدّعی فرسا أو ثوبا.و یقبل الإقرار بالمجهول،و یلزم تفسیره.و فی الأول إشکال.

أما لو کانت الدعوی وصیّة سمعت و إن کانت مجهولة،لأن الوصیّة بالمجهول جائزة.

قوله:«قال الشیخ:لا تسمع.إلخ».

لا إشکال فی صحّة سماع دعوی الوصیّة بالمجهول،و دعوی الإقرار بالمجهول،کما تصحّ الوصیّة و الإقرار بهما (1).و الخلاف فی غیر هاتین الصورتین.

فقال الشیخ-رحمه اللّه-فی المبسوط (2):لا تسمع الدعوی المجهولة،کفرس و ثوب مطلقین،لانتفاء فائدتها (3)،و هو حکم الحاکم بها لو أجاب المدّعی علیه ب«نعم».ثمَّ اعترض علی نفسه بصحّة الإقرار بالمجهول.و أجاب بالفرق بینهما، فإنّا لو کلّفناه بالتفصیل ربما رجع،بخلاف المدّعی،فإنه لا یرجع عن الدعوی بمطالبته بالتفصیل.

و المصنف-رحمه اللّه-استشکل ذلک.و وجه الاشکال:ممّا ذکره الشیخ، و من أن المدّعی ربما یعلم حقّه بوجه ما،کما یعلم أن له عنده فرسا أو ثوبا و لا

ص:436


1- 1) کذا فیما لدینا من النسخ الخطّیّة،و لعلّ الصحیح:به.
2- 2) المبسوط 8:156.
3- 3) فی«خ،ث،د»:فائدتهما.

و لا بدّ من إیراد(1)الدعوی بصیغة الجزم،فلو قال:أظنّ أو أتوهّم،لم تسمع.

و کان بعض من عاصرناه یسمعها فی التهمة،و یحلف المنکر.و هو بعید عن شبه الدعوی.

یعلم صفتهما،فلو لم یجعل له إلی الدعوی ذریعة لبطل حقّه.و هذا هو الأقوی.

و الحکم یتبع الدعوی،و یبقی تعیین الحقّ أمرا آخر،فیلزم الخصم ببیان الحقّ،و یقبل تفسیره بمسمّی المدّعی (1)،و یحلف علی نفی الزائد إن ادّعی علیه، و یحبس إن لم یدفعه،إلی غیر ذلک من الفوائد المترتّبة علی ثبوت الدعوی بالمجهول.و أما فرق الشیخ بین الإقرار و الدعوی بالرجوع و عدمه،ففرق ظاهریّ لا یصلح لتأسیس الحکم.

قوله:«و لا بدّ من إیراد.إلخ».

نبّه بقوله:«إیراد الدعوی بصیغة الجزم»علی أن المعتبر من الجزم عنده (2)ما کان فی اللفظ،بأن یجعل الصیغة جازمة دون أن یقول:أظنّ أو أتوهّم کذا، سواء انضمّ إلی جزمه بالصیغة جزمه بالقلب و اعتقاده استحقاق الحقّ أم لا.

و الأمر کذلک،فإن المدّعی لا یشترط جزمه فی نفس الأمر،لأنه إذا کان للمدّعی بیّنة تشهد له بحقّ و هو لا یعلم به فله أن یدّعی به عند الحاکم لتشهد له البیّنة [به] (3).و کذا لو أقرّ له مقرّ بحقّ و هو لا یعلم به فله أن یدّعیه[به] (4)علیه،و إن لم یعلم سببه فی نفس الأمر ما هو؟

ص:437


1- 1) فی«ا،ط»:الدعوی.
2- 2) فی«ت،ط»:عندنا.
3- 3) من«ت،ث،د،ط».
4- 4) من«أ،ت،م».

..........

و وجه ما اختاره المصنف-رحمه اللّه-من اشتراط الجزم بالصیغة:أن الدعوی یلزمها أن یتعقّبها یمین المدّعی أو القضاء بالنکول،و هما غیر ممکنین مع عدم العلم بأصل الحقّ.و أن المعهود من الدعوی هو القول الجازم،فلا یطابقها الظنّ و نحوه.

و نقل المصنف-رحمه اللّه-عن بعض من عاصره-و هو الشیخ نجیب (1)الدین محمد بن نما-سماع الدعوی فی التهمة و إن لم تکن جازمة،و یحلف المنکر من غیر أن یترتّب علیها ردّ الیمین علی المدّعی،لعدم إمکانه.

و ضعّفه المصنف-رحمه اللّه-ببعده عن شبه الدعوی،لأن المعهود منها القول الجازم.

و فیه نظر،لعدم ثبوت ذلک،مع دخوله فی عموم قوله تعالی وَ أَنِ احْکُمْ بَیْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللّهُ (2). فَلا وَ رَبِّکَ لا یُؤْمِنُونَ حَتّی یُحَکِّمُوکَ فِیما شَجَرَ بَیْنَهُمْ (3)، و من ثمَّ قیل بسماعها بدون الجزم مطلقا،و لأصالة عدم الاشتراط.

و علی القول بسماعها فیما یخفی کالتهمة إن حلف المنکر فلا کلام،و إلا فإن قضینا بالنکول قضی (4)هنا أیضا،إجراء له مجری الإقرار و البیّنة،فیستبیح المدّعی الأخذ.و إن قلنا لا یقضی إلا بردّ الیمین لم یردّ هنا،لعدم إمکانه.و لو عاود بعد ذلک و ادّعی العلم فالأقوی السماع،لإمکان تجدّده.

ص:438


1- 1) راجع إیضاح الفوائد 4:327-328.
2- 2) المائدة:49.
3- 3) النساء:65.
4- 4) فی الحجریّتین:قضینا.
الثانیة:قال:إذا کان المدّعیبهمن الأثمان افتقر إلی ذکر جنسه و وصفه و نقده

الثانیة:قال:إذا کان المدّعی(1)[به]من الأثمان افتقر إلی ذکر جنسه و وصفه و نقده.

و إن کان عرضا مثلیّا ضبطه بالصفات،و لم یفتقر إلی ذکر قیمته.

و ذکر القیمة أحوط.

و إن لم یکن مثلیّا فلا بدّ من ذکر القیمة.

و فی الکلّ إشکال ینشأ من مساواة الدعوی بالإقرار.

قوله:«قال:إذا کان المدّعی.إلخ».

قول الشیخ (1)هنا متفرّع علی ما أسلفه (2)من عدم سماع الدعوی المجهولة.فعلی قوله-رحمه اللّه-یشترط فی سماعها ارتفاع الجهالة عن المدّعی،بضبطه جنسا و وصفا علی وجه یرفع الجهالة عنه کما یصف السلم،حتی یصیر معلوما یمکن حکم الحاکم به،و إلزام الخصم و حبسه إلی أن یؤدّیه،و بیع ماله لأجله و إیفاؤه عنه قهرا حیث یمتنع من الأداء،فإن کلّ ذلک ملزوم العلم.و لا حاجة إلی ذکر القیمة مع ذلک،لإمکان ضبطه بدونها،و إن کان التعرّض لها أحوط،لأنه أضبط،خصوصا إذا کانت العین متقوّمة.و لو تلفت تعیّن اشتراط التعرّض للقیمة،لأنها الواجبة عند التلف،و سقط اعتبار العین.

و المصنف-رحمه اللّه-استشکله بناء علی ما أصّله (3)سابقا (4)من الشکّ فی اشتراط ذلک کما لا یشترط فی الإقرار،فلا یفتقر إلی ذکر شیء من ذلک، و یرجع إلیه فیه بعد ذلک إن افتقر إلی مراجعته و کان عالما به،و إلا فلا.

ص:439


1- 1) المبسوط 8:156-157.
2- 2) فی ص:434.
3- 3) فی«د»:أسلفه.
4- 4) فی ص:434.
الثالثة:إذا تمّت الدعوی هل یطالب المدّعی علیه بالجواب،أم یتوقّف ذلک علی التماس المدّعی؟

الثالثة:إذا تمّت الدعوی(1)هل یطالب المدّعی علیه بالجواب،أم یتوقّف ذلک علی التماس المدّعی؟فیه تردّد.و الوجه أنه یتوقّف،لأنه حقّ له،فیقف علی المطالبة.

و یستثنی من اعتبار الضبط و العلم-مضافا إلی الوصیّة و الإقرار-ما إذا کان الضبط و التعیین مترتّبا علی الدعوی،کمدّعیة التفویض طالبة للفرض،و کالواهب یطلب العوض إذا قلنا إن الهبة تقتضیه،أو مع شرطه و لم یقدّر.و لا یتصوّر هنا من المدّعی إعلام و لا تعیین.

و زاد بعضهم (1)ما إذا ادّعی أن له طریقا فی ملک الغیر،أو ادّعی حقّ إجراء الماء.فقیل:لا یشترط هنا إعلام مقدار الطریق و المجری،و إن أخذ علی الشهود إعلام مقدارهما،لأن الشهادة أعلی شأنا،لاستقلالها بإیجاب الحکم،بخلاف الدعوی.و الأظهر أن هذه الدعوی کغیرها.

قوله:«إذا تمّت الدعوی.إلخ».

القولان للشیخ فی المبسوط (2).

و وجه التوقّف:ما أشار إلیه من أن الجواب حقّ للمدّعی،فیقف علی طلبه.

و وجه العدم:دلالة شاهد الحال علی الطلب،للعلم العادی بأن الإنسان لا یحضر خصمه إلی مجلس الحکم لیدّعی علیه و ینصرف من غیر جواب.و القول بالاستحقاق لا یخلو من قوّة.

ص:440


1- 1) روضة الطالبین 8:289.
2- 2) المبسوط 8:157-158.
الرابعة:لو ادّعی أحد الرعیّة علی القاضی،فإن کان هناک إمام رافعه إلیه

الرابعة:لو ادّعی(1)أحد الرعیّة علی القاضی،فإن کان هناک إمام رافعه إلیه.و إن لم یکن و کان فی غیر ولایته رافعه إلی قاضی تلک الولایة.

و إن کان فی ولایته رافعه إلی خلیفته.

الخامسة:یستحبّ للخصمین أن یجلسا بین یدی الحاکم

الخامسة:یستحبّ للخصمین أن یجلسا بین یدی الحاکم.و لو قاما بین یدیه کان جائزا.

قوله:«لو ادّعی.إلخ».

کما تسمع الدعوی علی واحد من الرعیّة تسمع علی القاضی،عملا بالعموم.و لیس ذلک (1)ابتذالا لأهل الصیانات و المروّات.و قد تقدّم (2)أن علیّا علیه السلام حضر مع یهودیّ عند شریح للمحاکمة.و حضر عمر مع أبیّ عند زید بن ثابت لیحکم بینهما فی داره (3).و حجّ المنصور فحضر مع جمّالین مجلس الحکم لخلف کان بینهما (4).

ثمَّ إن کان هناک إمام رافعه إلیه،و إلا إلی خلیفته إن کان.و لا تجب إجابة المدّعی إلی الذهاب معه إلی غیره مع وجوده،لأن العدالة تمنع من التهمة،و إن فرضت لم یلتفت إلیها.و لو لم یکن له خلیفة رافعه إلی حاکم آخر فی غیر ولایته.

ص:441


1- 1) فی«ت»:و لیس فی ذلک ابتذال.
2- 2) فی ص:426.
3- 3) سنن البیهقی 10:136.
4- 4) تاریخ الخلفاء للسیوطی:266.
المقصد الثالث:فی جواب المدّعی علیه
و هو:إما إقرار،أو إنکار،أو سکوت
أما الإقرار

أما الإقرار:

فیلزم إذا کان جائز التصرّف.و هل یحکم به علیه من دون مسألة المدّعی؟قیل:لا،لأنه حقّ له،فلا یستوفی إلا بمسألته.

قوله:«فی جواب المدّعی علیه.إلخ».

المدّعی علیه إما أن یجیب بالإقرار أو الإنکار أو یسکت.و إنما جعل السکوت جوابا لأنه إذا أصرّ علی السکوت جعل کالمنکر الناکل،و ردّت الیمین علی المدّعی،فهو فی الحکم کالإنکار،فکان فی معنی الجواب بالإنکار.

و الکلام فی الإقرار و صیغته کما مرّ (1)فی باب الإقرار،فلذا لم یتعرّضوا له هنا.لکن متی تحقّق و کان المقرّ جامعا لشرائطه المقرّرة فی بابه لزمه ما أقرّ به، سواء حکم به الحاکم أم لا،بخلاف ما إذا أقام المدّعی بیّنة،فإنه لا یثبت بمجرّد إقامتها،بل لا بدّ معه من حکم الحاکم.و الفرق:أن البیّنة منوطة باجتهاد الحاکم فی قبولها و ردّها،و هو غیر معلوم،بخلاف الإقرار.

و هل للحاکم أن یحکم علی المقرّ بمجرّد إقراره من دون مسألة المدّعی له الحکم؟قال الشیخ فی المبسوط:«لا،لأن الحکم علیه به حقّ له،فلا یستوفیه إلا بأمره کنفس الحقّ» (2).

ص:442


1- 1) فی ج 11:7.
2- 2) المبسوط 8:158.

و صورة الحکم(1)أن یقول:ألزمتک،أو قضیت علیک،أو ادفع إلیه ماله.

و لو التمس أن یکتب له بالإقرار لم یکتب حتی یعلم اسمه و نسبه،أو یشهد شاهدا عدل.

و لو شهد علیه بالحلیة جاز،و لم یفتقر إلی معرفة النسب،و اکتفی بذکر حلیته.

و نسبه المصنف-رحمه اللّه-إلی القیل،إیذانا بضعفة عنده.و وجهه نحو ما سلف (1)فی توقّف مطالبته بالجواب علی التماسه،لشهادة الحال بکونه طالبا للحکم،حیث أحضره للحکومة.و لأنه حقّ قد تعیّن للحاکم فوجب علیه إظهاره، سواء طلبه مستحقّه أم لا.و الأشهر الأول.

قوله:«و صورة الحکم.إلخ».

نبّه علی صورة الحکم فی أول الباب لیکون مفیدا له حیث یحتاج إلیه،و إن کان الحاجة إلیه فی غیر صورة الإقرار أقوی،کما نبّهنا علیه من أن ثبوت الحقّ فی الإقرار لا یتوقّف علیه،و إنما فائدته إنفاذ حاکم آخر إیّاه و نحو ذلک،بخلاف الحکم المترتّب علی البیّنة،فإنه تمام السبب فی ثبوت الحقّ.

و حیث یتحقّق الحکم فإن رضی المحکوم له بالاقتصار علی تلفّظ الحاکم به فذاک.و إن التمس أن یکتب له به حجّة تکون فی یده بحقّه فعل ذلک،علی ما فصّل سابقا (2).

ص:443


1- 1) فی ص:438.
2- 2) انظر ص:414.

و لو ادّعی الإعسار(1)کشف عن حاله،فإن استبان فقره أنظره.و فی تسلیمه إلی غرمائه لیستعملوه أو یؤاجروه روایتان،أشهرهما الإنظار حتی یوسر.

و هل یحبس حتی یتبیّن حاله؟فیه تفصیل ذکر فی باب المفلّس.

و أما الإنکار

و أما الإنکار:

فإذا قال:لا حقّ له علیّ،فإن کان المدّعی یعلم أنه موضع المطالبة بالبیّنة،فالحاکم بالخیار إن شاء قال للمدّعی:أ لک بیّنة؟و إن شاء سکت.

أما إذا کان المدّعی لا یعلم أنه موضع المطالبة بالبیّنة،وجب أن یقول الحاکم ذلک أو معناه.فإن لم تکن له بیّنة عرّفه الحاکم أن له الیمین.

ثمَّ إن کان الحاکم یشهد بالإقرار علی عین المقرّ و لا یعرف نسبه،تخیّر بین أن یکتب بحلیته من غیر أن یذکر نسبه،و بین أن یبحث عن إثبات نسبه بشاهدی عدل.و هذا ظاهر.

قوله:«و لو ادّعی الإعسار.إلخ».

إذا ثبت علیه الحقّ کلّف أداءه إن کان بیده مال.فإن ادّعی الإعسار،فإن کان له أصل مال قبل ذلک،أو کان أصل الدعوی مالا،کلّف البیّنة علی تلفه.فإن لم یقمها حبس إلی أن (1)یتبیّن الإعسار.و هذا هو التفصیل الذی سبق (2)فی باب الفلس.

و لو لم یعرف له أصل مال،و لا کانت الدعوی مالا،بل کانت جنایة أو صداقا أو نفقة زوجة أو قریب،قبل قوله فیه بیمینه.

ص:444


1- 1) فی«ث»:حتی یتبیّن.
2- 2) فی ج 4:129.

..........

فإذا ثبت إعساره فهل یخلّی سبیله،أو یسلّم إلی الغرماء؟المشهور بین الأصحاب هو الأول،لقوله تعالی وَ إِنْ کانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلی مَیْسَرَةٍ (1).

و الروایة الدالّة علی ذلک لم تحضرنی (2)حال الکتابة.و ذکر بعضهم (3)أنها لیست موجودة أصلا.و جعلها صاحب کشف الرموز (4)روایة زرارة عن الباقر علیه السلام:«کان علیّ علیه السلام لا یحبس فی السجن إلا ثلاثة:الغاصب،و من أکل مال الیتیم ظلما،و من اؤتمن علی أمانة فذهب بها،و إن وجد له شیئا باعه، غائبا کان أو شاهدا» (5).و لا دلالة فی هذه الروایة علی المدّعی فضلا عن کونها أشهر.

و القول بتسلیمه إلی الغرماء للشیخ فی النهایة (6)،استنادا إلی روایة السکونی عن الصادق علیه السلام:«أن علیّا علیه السلام کان یحبس فی الدّین، ثمَّ ینظر إن کان له مال أعطی الغرماء،و إن لم یکن له مال دفعه إلی الغرماء،فیقول لهم:اصنعوا به ما شئتم،إن شئتم آجروه،و إن شئتم استعملوه» (7).

و ضعف الروایة یمنع من العمل بها.و غایة ما یجب علی المدیون المعسر

ص:445


1- 1) البقرة:280.
2- 2) کذا فی«ط»،و فی سائر النسخ:تحضر فی.
3- 3) التنقیح الرائع 4:250.
4- 4) کشف الرموز 2:499.
5- 5) التهذیب 6:299 ح 836،الاستبصار 3:47 ح 154،الوسائل 18:181 ب«11»من أبواب کیفیّة الحکم ح 2.
6- 6) انظر النهایة:339 و 352 رقم(16).
7- 7) التهذیب 6:300 ح 838،الاستبصار 3:47 ح 155،الوسائل 13:148 ب«7»من أبواب أحکام الحجر ح 3.

..........

التکسّب فی وفاء الدّین،و هو أعمّ من کونه بید الغرماء أو باختیاره.و الأصل عدم تسلّط صاحب الدّین علی عینه،لانتفاء ولایته علیه.

و فصّل ابن حمزة فقال:«إذا ثبت إعساره خلّی سبیله إن لم یکن ذا حرفة یکتسب بها،و إلا دفعه إلیه لیستعمله فیها،و ما فضل عن قوته و قوت عیاله أخذه بحقّه» (1).و احتجّ بحدیث السکونی.و هو أعمّ من مدّعاه.

قال فی المختلف:«و ما قاله ابن حمزة لیس بعیدا من الصواب،لأنه متمکّن من أداء ما وجب علیه و إیفاء صاحب الدّین حقّه،فیجب علیه کما یجب علیه السعی فی المئونة،و مع تمکّنه من التکسّب لا یکون معسرا،لأن الیسار کما یتحقّق بالقدرة علی المال یتحقّق بالقدرة علی تحصیله،و لهذا منع القادر علی التکسّب من أخذ الزکاة،إلحاقا له بالغنیّ القادر علی المال» (2).

و هذا کلّه لا یصلح دلیلا لما ذکره ابن حمزة،بل غایته وجوب تکسّبه کیف شاء،لا تسلّط الغریم علی منافعه بالاستیفاء و الإجارة.و مع ذلک فقد ذهب جماعة (3)-منهم المصنف رحمه اللّه-إلی عدم وجوب التکسّب فی قضاء الدّین، بل إذا تکسّب و فضل معه عن المئونة شیء وجب صرفه فی قضاء الدّین،عملا بظاهر الآیة (4).

ص:446


1- 1) الوسیلة:212.
2- 2) المختلف:711-712.
3- 3) المبسوط 2:274،التذکرة 2:57 و 73،جامع المقاصد 5:297-298.
4- 4) البقرة:280.

و لا یحلف المدّعی علیه(1)إلا بعد سؤال المدّعی،لأنه حقّ له،فیتوقّف استیفاؤه علی المطالبة.

و لو تبرّع هو،أو تبرّع الحاکم بإحلافه،لم یعتدّ بتلک الیمین، و أعادها الحاکم إن التمس المدّعی.

ثمَّ المنکر إما أن یحلف،أو یردّ،أو ینکل.

فإن حلف(2)سقطت الدعوی.و لو ظفر المدّعی بعد ذلک بمال الغریم لم تحلّ له مقاصّته.و لو عاود المطالبة أثم،و لم تسمع دعواه.

و لو أقام بیّنة بما حلف علیه المنکر لم تسمع.و قیل:یعمل بها ما لم یشترط المنکر سقوط الحقّ بالیمین.و قیل:إن نسی بیّنته سمعت و إن أحلف.و الأول هو المرویّ.

قوله:«و لا یحلف المدّعی علیه.إلخ».

لیس هذا الحقّ علی نهج الحقّین السابقین (1)فی طلب الجواب و الحکم، و من ثمَّ وقع فیهما الخلاف دونه.

و الفرق:أن الحقّ فیهما لا یغیّر الحکم بالنسبة إلی المدّعی،بل یؤکّده، بخلاف تحلیف المنکر،فإنه یسقط الدعوی،و قد یتعلّق غرض المدّعی ببقائها إلی وقت آخر،إما لیتذکّر البیّنة،أو لیتحرّی وقتا صالحا لا یتجرّأ المنکر علی الحلف فیه،و نحو ذلک،فلیس للحاکم أن یستوفیه بغیر إذنه.

قوله:«فإن حلف.إلخ».

من فوائد الیمین انقطاع الخصومة فی الحال،لا براءة الذمّة من الحقّ فی

ص:447


1- 1) انظر ص:440 و 463.

..........

نفس الأمر،بل یجب علی الحالف فیما بینه و بین اللّه تعالی أن یتخلّص من حقّ المدّعی،کما کان علیه[له] (1)ذلک قبل الحلف.

و أما المدّعی فإن لم یکن له بیّنة بقی حقّه فی ذمّته إلی یوم القیامة،و لم یکن له أن یطالبه به،و لا أن یأخذه مقاصّة،کما کان له ذلک قبل التحلیف،و لا معاودة المحاکمة،و لا تسمع دعواه لو فعل.

هذا هو المشهور بین الأصحاب لا یظهر فیه مخالف.و مستنده أخبار کثیرة،منها قوله صلّی اللّه علیه و آله:«من حلف لکم فصدّقوه» (2).و قوله علیه السلام:«من حلف له فلیرض» (3).و روایة ابن أبی یعفور عن أبی عبد اللّه علیه السلام قال:«إذا رضی صاحب الحقّ بیمین المنکر لحقّه،فاستحلفه فحلف أن لا حقّ له علیه،و ذهبت الیمین بحقّ المدّعی،فلا حقّ له،قلت له:و إن کانت له علیه بیّنة عادلة؟قال:نعم و إن أقام بعد ما استحلفه باللّه خمسین قسامة ما کان له، و کان الیمین قد أبطل کلّ ما ادّعاه قبله ممّا قد استحلفه علیه» (4).

و فی روایة أخری عنه علیه السلام:«فی الرجل یکون له علی الرجل المال فیجحده،قال:إن استحلفه فلیس له أن یأخذ منه شیئا،و إن ترکه و لم یستحلفه فهو علی حقّه» (5).

ص:448


1- 1) من«ث».
2- 2) الفقیه 3:37 ح 126،الوسائل 18:179 ب«9»من أبواب کیفیّة الحکم ح 2.
3- 3) الکافی 7:438 ح 2،الفقیه 3:229 ح 1079،الوسائل 16:125 ب«6»من أبواب الأیمان ح 3.
4- 4) الکافی 7:417 ح 1،التهذیب 6:231 ح 565،الوسائل 18:178 ب«9»من أبواب کیفیّة الحکم ح 1.
5- 5) الکافی 7:418 ح 2،الفقیه 3:113 ح 481،التهذیب 6:231 ح 566،الوسائل 18: 179 ب«10»من أبواب کیفیّة الحکم ح 1.

..........

و روی الشیخ عن عبد اللّه بن وضّاح قال:«کانت بینی و بین رجل من الیهود معاملة فخاننی بألف درهم،فقدّمته إلی الوالی فأحلفته فحلف،و قد علمت أنه حلف یمینا فاجرة،فوقع له بعد ذلک أرباح و دراهم کثیرة،فأردت أن أقبض الألف درهم التی کانت لی عنده و أحلف علیها،فکتبت إلی أبی الحسن علیه السلام فأخبرته بالقصّة،فکتب:لا تأخذ منه شیئا،إن کان قد ظلمک فلا تظلمه، و لو لا أنّک رضیت بیمینه فحلّفته لأمرتک أن تأخذ من تحت یدک،و لکنّک رضیت بیمینه فقد مضت الیمین بما فیها» (1).

و لو أقام بعد إحلافه بیّنة بالحقّ ففی سماعها أقوال:

أحدها-و هو الأشهر-:عدم سماعها مطلقا،للتصریح به فی روایة ابن أبی یعفور السابقة،و دخوله (2)فی عموم الأخبار (3)و إطلاقها.و ادّعی علیها الشیخ فی الخلاف (4)الإجماع.و لأن الیمین حجّة للمدّعی علیه،کما أن البیّنة حجّة للمدّعی،و کما لا تسمع یمین المدّعی علیه بعد حجّة المدّعی،کذلک لا تسمع حجّة المدّعی بعد حجّة المدّعی علیه.

و للشیخ فی المبسوط (5)قول آخر بسماعها مطلقا،ذکره فی فصل ما علی

ص:449


1- 1) التهذیب 6:289 ح 802 و انظر أیضا الکافی 7:430 ح 14،الوسائل 18:180 الباب المتقدّم ح 2.
2- 2) فی«م»:و دخولها.
3- 3) لاحظ الوسائل 18:178 ب«9،10»من أبواب کیفیّة الحکم.
4- 4) الخلاف 6:293 مسألة(40).
5- 5) المبسوط 8:158.

و کذا لو أقام(1)بعد الإحلاف شاهدا،و بذل معه الیمین.و هنا أولی.

أما لو أکذب(2)الحالف نفسه جاز مطالبته،و حلّ مقاصّته ممّا یجده له، مع امتناعه عن التسلیم.

القاضی و الشهود.و فصّل فی موضع آخر منه (1)بسماعها مع عدم علمه بها أو نسیانه.و هو خیرة ابن إدریس[1].

و قال المفید (2):تسمع إلا مع اشتراط سقوطها،محتجّا بأن کلّ حاله یجب علیه الحقّ بإقراره،فیجب علیه بالبیّنة-کما قیل-الیمین.

و أجیب (3)بالفرق بین البیّنة و الإقرار،لأن الثانی أقوی،فلا یلزم التسویة فی الحکم.و الحقّ أن الروایة إن صحّت کانت هی الحجّة و الفارق،و إلا فلا.

قوله:«و کذا لو أقام.إلخ».

هذا متفرّع علی سماع بیّنته الکاملة و عدمه،فإن قلنا بعدم سماعها فهنا أولی،لأن الحکم بالشاهد الواحد و الیمین أضعف من الحکم بالشاهدین،و لتناول النصوص السابقة له.و إن قلنا بسماع البیّنة فالأقوی سماع الشاهد الواحد مع الیمین،لاشتراکهما فی أصل الحجّیة الموجبة للقبول،و إن اختلفا فی القوّة و الضعف.

قوله:«أما لو أکذب.إلخ».

کما یحلّ له مع امتناعه من التسلیم،لتصادقهما حینئذ علی بقاء الحقّ فی ذمّة الخصم،فلا وجه لسقوطه.

ص:450


1- 1) المبسوط 8:210.
2- 3) المقنعة:733.
3- 4) المختلف:699.

و إن ردّ الیمین(1)علی المدّعی لزمه الحلف.و لو نکل سقطت دعواه.

قوله:«و إن ردّ الیمین.إلخ».

إذا ردّ المنکر الیمین علی المدّعی فله ذلک،إلا فی مواضع.

منها:دعوی التهمة.و قد تقدّمت.

و منها:دعوی وصیّ الیتیم مالا علی آخر فأنکر،سواء نکل عن الیمین أم أراد ردّها،فإنه لا یمکّن منه،لأن الوصیّ لا تتوجّه علیه یمین.

و منها:لو ادّعی الوصیّ علی الوارث أن المیّت أوصی للفقراء بخمس أو زکاة أو حجّ،و نحو ذلک ممّا لا مستحقّ له بخصوصه،فأنکر الوارث ذلک (1)،فإنه یلزم بالیمین أو الإقرار،و لو کان یتیما أخّر حتی یبلغ.

و حیث یتوجّه للمنکر ردّها علی المدّعی فإما أن یحلف أو یمتنع.فإن حلف استحقّ المدّعی.و هل یمینه بمنزلة البیّنة نفسها،أو بمنزلة إقرار المدّعی علیه؟فیه قولان:

أحدهما:أنه کالبیّنة،لأن الحجّة الیمین،و الیمین وجدت منه.

و الثانی:أنه کإقرار المنکر،لأن الوصول إلی الحقّ جاء من قبل ردّه أو نکوله.

و یتفرّع علی القولین فروع کثیرة مذکورة فی مواضعها.

و منها:أن المدّعی علیه لو أقام بیّنة علی أداء المال أو علی الإبراء عنه بعد ما حلف المدّعی،فإن جعلنا یمینه کبیّنة (2)سمعت بیّنة المدّعی علیه.و إن

ص:451


1- 1) فی«ا،ث،د،م»:کذلک.
2- 2) فی«ا،د،م»:کبیّنته.

..........

جعلناها کإقرار المدّعی علیه لم تسمع،لأنه مکذّب لبیّنته بالإقرار.

و هل یجب الحقّ بفراغ المدّعی من الیمین المردودة،أم لا بدّ من حکم الحاکم بالحقّ (1)؟یبنی علی القولین أیضا.فإن جعلناها کالبیّنة فلا بدّ من الحکم بالحقّ.و إن جعلناها کإقرار المدّعی علیه فلا حاجة إلیه کما مرّ.

و إن امتنع المدّعی من الحلف سأله القاضی عن سبب امتناعه.فإن لم یعلّل (2)بشیء،أو قال:لا أرید أن أحلف،فهذا نکول یسقط حقّه عن الیمین.

و لیس له مطالبة الخصم بعد ذلک،و لا استئناف الدعوی فی مجلس آخر،کما لو حلف المدّعی علیه،لصحیحة محمد بن مسلم عن أحدهما علیهما السلام:«فی الرجل یدّعی و لا بیّنة له،قال:یستحلف،فإن ردّ الیمین علی صاحب الحقّ فلم یحلف فلا حقّ له» (3).و مثله روایة عبید (4)بن زرارة عن أبی عبد اللّه علیه السلام.

و لأنه لو لا ذلک لرفع خصمه کلّ یوم إلی القاضی و الخصم یردّ علیه الیمین و هو لا یحلف،فیعظم الخطب،و لا یتفرّغ القاضی من خصومته (5)إلی شغل آخر.

و قیل:إنما یسقط حقّه فی ذلک المجلس،و له تجدیدها فی مجلس آخر.

و الأصحّ الأول،إلا أن یأتی ببیّنة.

و إن ذکر المدّعی لامتناعه سببا فقال:أرید أن آتی بالبیّنة،أو أسأل

ص:452


1- 1) فی«ا،د»:بذلک.
2- 2) فی«ت،ط»:یتعلّل.
3- 3) الکافی 7:416 ح 1،التهذیب 6:230 ح 557،الوسائل 18:176 ب«7»من أبواب کیفیّة الحکم ح 1.
4- 4) الکافی 7:416 ح 2،التهذیب 6:230 ح 556،الوسائل 18:176 الباب المتقدّم ح 2.
5- 5) فی«ا،ث،خ»:خصومة.

و إن نکل المنکر،(1)بمعنی أنه لم یحلف و لم یردّ،قال الحاکم:إن حلفت و إلا جعلتک ناکلا.و یکرّر ذلک ثلاثا استظهارا لا فرضا.فإن أصرّ،قیل:

یقضی علیه بالنکول.و قیل:بل یردّ الیمین علی المدّعی،فإن حلف ثبت حقّه،و إن امتنع سقط.و الأول أظهر،و هو المرویّ.

الفقهاء،أو أنظر فی الحساب و نحو ذلک،ترک و لم یبطل حقّه من الیمین.

و هل یقدّر لإمهاله[قدر] (1)؟فیه وجهان أجودهما أنه لا یقدّر[له] (2)،لأن الیمین حقّه،فله تأخیره إلی أن یشاء،کالبیّنة یتمکّن من إقامتها متی شاء.و هذا بخلاف المدّعی علیه،فإنه لا یمهل إذا استمهل،لأن الحقّ فیه لغیره،بخلاف تأخیر المدّعی،فإنه یؤخّر حقّه،فیقبل إذا کان له عذر مسموع.

قوله:«و إن نکل المنکر.إلخ».

إذا نکل المدّعی علیه عن الیمین،بمعنی أنه امتنع منها و من ردّها علی المدّعی،قال له الحاکم ثلاث مرّات استظهارا لا وجوبا:إن حلفت و إلا جعلتک ناکلا.فإن حلف فذاک.و إن أصرّ علی النکول ففی حکمه قولان:

أحدهما-و هو الذی اختاره المصنف رحمه اللّه،و قبله الصدوقان (3)و الشیخان (4)و الأتباع (5)،و منهم القاضی فی الکامل (6)-:أنه یقضی علیه بمجرّد نکوله، لقوله صلّی اللّه علیه و آله:«البیّنة علی من ادّعی،و الیمین علی من ادّعی علیه» (7).

ص:453


1- 1) من«ث،م».
2- 2) من«ت،خ».
3- 3) المقنع:396،و حکاه عنهما العلامة فی المختلف:695.
4- 4) المقنعة:724،النّهایة:340.
5- 5) إصباح الشیعة:533،غنیة النزوع:445.
6- 6) حکاه عن کامله العلامة فی المختلف:695.
7- 7) الکافی 7:415 ح 1،الفقیه 3:20 ح 52،التهذیب 6:229 ح 553،الوسائل 18: 170 ب«3»من أبواب کیفیّة الحکم ح 1.

..........

وجه الاستدلال به:أنه جعل جنس الیمین فی جانب المدّعی علیه،کما جعل البیّنة فی جانب المدّعی،و التفصیل یقطع الاشتراک.و لا ینتقض ذلک بردّ الیمین علی المدّعی حیث حکم علیه بالیمین،لأن ثبوت الیمین علیه هنا جاء من قبل الردّ لا بأصل الشرع المتلقّی من الحدیث.و جملة الأمر:أن مخالفة مقتضی التفصیل یحتاج إلی دلیل خاصّ مخرج عن حکمه،و هو موجود مع الردّ لا مع النکول.

و لصحیحة محمد بن مسلم أنه سأل الصادق علیه السلام عن الأخرس کیف یحلف؟قال:«إن أمیر المؤمنین علیه السلام کتب له الیمین و غسلها و أمره بشربها فامتنع،فألزمه الدّین» (1).و ظاهره أنه لم یردّ الیمین علی خصمه و إلا لنقل،و لزم تأخیر البیان عن وقت الخطاب،بل عن وقت الحاجة.و أیضا فقوله:

«فامتنع فألزمه»یدلّ علی تعقیب الإلزام للامتناع بغیر مهلة لمکان الفاء،و هو ینافی تخلّل الیمین بینهما،و فعله علیه السلام حجّة کقوله.و الفرق بین الأخرس و غیره ملغی بالإجماع.

و یدلّ علیه أیضا روایة عبد الرحمن بن أبی عبد اللّه قال:«قلت للشیخ:

خبّرنی عن الرجل یدّعی قبل الرجل الحقّ فلا یکون له بیّنة بماله،قال:فیمین المدّعی علیه،فإن حلف فلا حقّ له،و إن لم یحلف فعلیه» (2).رتّب ثبوت الحقّ علیه علی عدم حلفه،فلا یعتبر معه أمر آخر.

ص:454


1- 1) الفقیه 3:65 ح 218،التهذیب 6:319 ح 879،الوسائل 18:222 ب«33»من أبواب کیفیّة الحکم ح 1.
2- 2) الکافی 7:415-416 ح 1،الفقیه 3:38 ح 128،التهذیب 6:229 ح 555، الوسائل 18:172 ب«4»من أبواب کیفیّة الحکم ح 1.

..........

و هذه الروایة لم یذکروها فی الاستدلال،مع أنها واضحة الدلالة،و هی من الروایات المتلقّاة بالقبول للأصحاب،لأنها مستند الحکم بثبوت الیمین علی المدّعی علی المیّت إذا کان له بیّنة.و سیأتی (1)الکلام فی باقیها (2).

و الثانی:أنه یردّ الیمین علی المدّعی،ذهب إلیه الشیخ فی المبسوط (3)و الخلاف (4)،و القاضی فی المهذّب (5)،و ابن الجنید (6)،و ابن إدریس (7)،و العلامة (8)فی أکثر کتبه،و سائر المتأخّرین (9)،لما روی عن النبیّ صلّی اللّه علیه و آله أنه ردّ الیمین علی طالب الحقّ (10).

و لروایة عبید بن زرارة عن الصادق علیه السلام:«فی الرجل یدّعی علیه الحقّ و لا بیّنة للمدّعی،قال:یستحلف،أو یردّ الیمین علی صاحب الحقّ،فإن لم یفعل فلا حقّ له» (11).

ص:455


1- 1) فی ص:459.
2- 2) فی«خ،د»:بابها.
3- 3) المبسوط 8:159.
4- 4) الخلاف 6:290 مسألة(38).
5- 5) المهذّب 2:585 و 586.
6- 6) حکاه عنه العلامة فی المختلف:695.
7- 7) السرائر 2:165.
8- 8) المختلف:695،قواعد الأحکام 2:209،تحریر الأحکام 2:186.
9- 9) کشف الرموز 2:501،إیضاح الفوائد 4:331،الدروس الشرعیّة 2:89،التنقیح الرائع 4:255المقتصر:378.
10- 10) سنن الدارقطنی 4:213 ح 24،سنن البیهقی 10:184.
11- 11) الکافی 7:416 ح 2،التهذیب 6:230 ح 556،الوسائل 18:176 ب«7»من أبواب کیفیّة الحکم ح 2.

..........

و حسنة هشام بن سالم عن الصادق علیه السلام قال:«یردّ الیمین علی المدّعی» (1).و هو عامّ.

و لأن الشیخ فی الخلاف (2)ادّعی علیه الإجماع،و المنقول منه بخبر الواحد حجّة.

و لأن المدّعی مع ردّ الیمین علیه یجب علیه الحلف،فإن نکل بطل حقّه.

و إذا جاز أن یبطل حقّه علی تقدیر النکول وجب علی الحاکم التماس الیمین منه، لئلاّ یثبت المسقط للحقّ.

و لقوله تعالی ذلِکَ أَدْنی أَنْ یَأْتُوا بِالشَّهادَةِ عَلی وَجْهِها أَوْ یَخافُوا أَنْ تُرَدَّ أَیْمانٌ بَعْدَ أَیْمانِهِمْ (3)فأثبت تعالی یمینا مردودة بعد یمین،أی:بعد وجوب یمین.

و لقوله صلّی اللّه علیه و آله:«المطلوب أولی بالیمین من الطالب» (4).و لفظ «أولی»أفعل التفضیل،و حقیقته الاشتراک فی الحقیقة و تفضیل أحدهما علی الآخر،فاشترکا فی الیمین،لکن المطلوب أولی.

و لأن الأصل براءة الذمّة،و عدم شغلها بالمال إلی أن یثبت المزیل عن حکم الأصل،و لم یثبت ذلک بالنکول.

و فی کلّ واحد من هذه الأدلّة نظر:

أما الأول:فمع قطع النظر عن سنده من حیث إنه عامّیّ لا یدلّ علی

ص:456


1- 1) الکافی 7:417 ح 5،التهذیب 6:230 ح 560،الوسائل 18:176 الباب المتقدّم ح 3.
2- 2) الخلاف 6:292 ذیل مسألة(38).
3- 3) المائدة:108.
4- 4) سنن الدارقطنی 4:219 ح 57،الخلاف للشیخ الطوسی 6:292 ذیل مسألة(38)، تلخیص الحبیر 4:210 ذیل ح 2143،و فیما عدا الخلاف بدون عبارة:«من الطالب».

..........

المطلوب،لأنه ظاهر فی حکایة الحال،و محتمل بل ظاهر فی ردّه الیمین علیه فی تلک الواقعة،و جاز کونه بالتماس المنکر یمینه کما هو مقتضی القاعدة السابقة.و لا دلالة فیه علی ردّه علیه مطلقا،بل لا یصحّ إرادة هذا المعنی،لأن المنکر إذا بذل الیمین لا یصحّ ردّه علی طالب الحقّ.و وقائع الأحوال إذا تطرّق إلیها الاحتمال کساها ثوب الإجمال،و سقط بها الاستدلال.

و روایة عبید بن زرارة فی طریقها القاسم بن سلیمان،و لم ینصّ الأصحاب علیه بتوثیق و لا غیره.و مع ذلک فهی ظاهرة فی کون الرادّ هو المنکر،فلا یدلّ علی المدّعی،فیکون الحکم فیها کالسابقة فی حملها علی ابتداء الأمر بدون النکول.

و وجه ظهور کون الرادّ هو المنکر أن ضمیر«یستحلف»المستتر یعود إلی المنکر،و هو المدّعی علیه الحقّ المذکور سابقا،و الضمیر المستتر فی الفعل و هو قوله:«أو یردّ»یرجع إلی أقرب مذکور قبله،و هو المضمر (1)فی«یستحلف»، فیکون دالاّ علی کون المنکر هو الرادّ.

و عموم المدّعی المردود علیه الیمین فی روایة هشام مبنیّ علی کون المفرد المحلّی باللام الجنسیّة للعموم،و هو غیر مرضیّ عند الأصولیّین (2).و لو سلّم فهو ظاهر فی ردّ الیمین من المنکر کما فی غیره.

و دعوی الشیخ الإجماع من غریب الاحتجاج،مع مخالفته للحکم فی

ص:457


1- 1) فی«ت،خ،ط،م»:الضمیر.
2- 2) معارج الأصول:86،و راجع أیضا میزان الأصول 1:395-396.

و لو بذل المنکر(1)یمینه بعد النکول لم یلتفت إلیه.

النهایة (1)،و قد سبقه الصدوقان (2)،و شیخه المفید (3)،و أبو الصلاح (4)،و سلاّر (5)،فلو عکس الدعوی کان أولی،لأن هؤلاء المذکورین هم عمدة فقهاء الطائفة فی تلک الأوقات.

و أما أمر الحاکم له بالیمین لجواز نکوله فهو فرع عدم القضاء بالنکول،و إلا لم یجز له تحلیفه فضلا عن وجوبه.و ردّ الیمین عین المتنازع فلا یجعل دلیلا.

و الاستدلال بالآیة الدالّة علی الخوف من ردّ الیمین بعید جدّا،لأنها مسوقة لحکم الوصیّة التی شهد علیها أهل الذمّة.و أحلف الشاهدان استظهارا،و خوفا من أن تردّ شهادتهم و أیمانهم.و لیس فیها ما یشعر بموضع النزاع أصلا.

و قوله صلّی اللّه علیه و آله:«یمین المطلوب أولی»فالتفضیل فیه فی محلّه، لأن الیمین علی المنکر،و هو أولی به من ردّه علی المدّعی.و لا تعرّض له إلی یمینه مع النکول،لأن التفضیل یحصل بدونه.

و أصالة براءة الذمّة مقطوعة بالأدلّة الدالّة علی ثبوت الحقّ.و علی کلّ حال،فلا ریب أن ردّ الیمین علی المدّعی أولی.

قوله:«و لو بذل المنکر.إلخ».

لأن الحقّ قد ثبت علیه بالنکول بناء علی القضاء به،فلا یسقط ببذله الیمین فی غیر وقته،کما لو بذله بعد یمین المدّعی لو قلنا بتوقّف الثبوت علیه،أو کان قد ردّه علیه.و لو لم نقض بالنکول فبذله بعده سمع منه و أحلف.

ص:458


1- 1) النّهایة:340.
2- 2) حکاه عنهما العلامة فی المختلف:695،و انظر المقنع:396.
3- 3) المقنعة:724.
4- 4) الکافی فی الفقه:247.
5- 5) المراسم:231.

و لو کان للمدّعی(1)بیّنة لم یقل الحاکم:أحضرها،لأن الحقّ له.

و قیل:یجوز.و هو حسن.

و مع حضورها(2)لا یسألها الحاکم ما لم یلتمس المدّعی.و مع الإقامة بالشهادة لا یحکم إلا بمسألة المدّعی أیضا.و بعد أن یعرف عدالة البیّنة و یقول (1):هل عندک جرح؟فإن قال:نعم،و سأل الإنظار فی إثباته أنظره ثلاثا.فإن تعذّر الجرح حکم بعد سؤال المدّعی.

قوله:«و لو کان للمدّعی.إلخ».

القول بأن الحاکم لا یقول للمدّعی (2):«أحضر بیّنتک»للشیخ فی المبسوط،فقال:«لا یقول للمدّعی:أحضر بیّنتک،بل یقول له:إن شئت أقمتها، و لا یقول له:أقمها،لأنه أمر» (3).و الحقّ له فلا یؤمر باستیفائه،بل إلیه المشیئة.

و تبعه القاضی فی المهذّب (4)و ابن إدریس (5).

و قال فی النهایة (6):یجوز أن یقول له:أحضرها.و اختاره الأکثر (7).

و استحسنه المصنف،لأن الأمر هنا لیس للوجوب و الإلزام،بل مجرّد إذن و إعلام، خصوصا إذا لم یعرف أن المدّعی یعلم ذلک،فیکون إرشاده إلیه مندوبا إلیه.

قوله:«و مع حضورها.إلخ».

لأن الحقّ للمدّعی

ص:459


1- 1) فی الشرائع«الطبعة الحجریّة»و متن الجواهر(40:192-193):یقول.
2- 2) کذا فی«أ»،و فی سائر النسخ:لا یقول له.
3- 3) المبسوط 8:115.
4- 4) المهذّب 2:585.
5- 5) السرائر 2:158.
6- 6) النّهایة:339.
7- 7) المقنعة:723،المراسم:231،الکافی فی الفقه:446،الوسیلة:212.

و لا یستحلف المدّعی(1)مع البیّنة،إلا أن تکون الشهادة علی میّت، فیستحلف علی بقاء الحقّ فی ذمّته استظهارا.

و لو شهدت علی صبیّ أو مجنون أو غائب،ففی ضمّ الیمین إلی البیّنة تردّد،أشبهه أنه لا یمین.

لأن الحقّ للمدّعی فی جمیع ذلک[کلّه] (1)،فلا یستوفیه إلا بإذنه.

قوله:«و لا یستحلف المدّعی.إلخ».

الأصل فی المدّعی أن لا یکلّف الیمین،خصوصا إذا أقام البیّنة،للتفصیل القاطع للاشتراک فی الحدیث المشهور (2)،و لکن تخلّف عنه الحکم بدلیل من خارج فی صورة ردّه علیه إجماعا،و مع نکول المنکر عن الیمین علی خلاف.

و بقی الکلام فیما إذا أقام بیّنة بحقّه،فإن کانت دعواه علی مکلّف حاضر فلا یمین علیه إجماعا.و لروایة محمد بن مسلم قال:«سألت أبا جعفر علیه السلام عن الرجل یقیم البیّنة علی حقّه هل علیه أن یستحلفه؟قال:لا» (3).و روایة أبی العبّاس عن أبی عبد اللّه علیه السلام قال:«إذا أقام الرجل البیّنة علی حقّه فلیس علیه یمین» (4).

و لکن ورد فی الروایة المتضمّنة لوصیّة علیّ علیه السلام لشریح قوله علیه السلام:«و ردّ الیمین علی المدّعی مع بیّنته،فإن ذلک أجلی للعمی و أثبت

ص:460


1- 1) من الحجریّتین.
2- 2) تقدّم ذکر مصادره فی ص:451،هامش(6).
3- 3) الکافی 7:417 ح 1،التهذیب 6:230 ح 558،الوسائل 18:177 ب«8»من أبواب کیفیّة الحکم ح 1.
4- 4) الکافی 7:417 ح 2،التهذیب 6:231 ح 563،الوسائل 18:178 الباب المتقدّم ح 2.

..........

للقضاء» (1).و قد تقدّم (2)أن الروایة ضعیفة السند،فإن الراوی لها سلمة بن کهیل، و هو ضعیف.

و ربما حملت علی ما إذا ادّعی المشهود علیه الوفاء أو الإبراء و التمس منه إحلافه علی بقاء الاستحقاق،فإنه یجاب إلیه،لانقلاب المنکر[به] (3)مدّعیا.

و هذا الحکم لا إشکال فیه،إلا أن إطلاق الوصیّة بعید عنه،فإن ظاهرها کون ذلک علی وجه الاستظهار.و کیف کان،فالاتّفاق علی ترک العمل بها علی الإطلاق.

و إن کانت الدعوی علی میّت فالمشهور بین الأصحاب-لا یظهر فیه مخالف-أن المدّعی یستحلف مع[قیام] (4)بیّنته علی بقاء الحقّ فی ذمّة المیّت.

و الأصل فیه روایة عبد الرحمن بن أبی عبد اللّه قال:«قلت للشیخ:خبّرنی عن الرجل یدّعی قبل الرجل الحقّ فلا یکون له البیّنة بماله،قال:فیمین المدّعی علیه،فإن حلف فلا حقّ له،و إن لم یحلف فعلیه.و إن کان المطلوب بالحقّ قد مات،فأقیمت علیه البیّنة،فعلی المدّعی الیمین باللّه تعالی الذی لا إله إلا هو لقد مات فلان و أن حقّه لعلیه،فإن حلف و إلا فلا حقّ له،لأنّا لا ندری لعلّه قد وفّاه ببیّنة لا نعلم موضعها،أو بغیر بیّنة قبل الموت،فمن ثمَّ صارت علیه الیمین مع البیّنة،فإن ادّعی و لا بیّنة فلا حقّ له،لأن المدّعی علیه لیس بحیّ،و لو کان حیّا

ص:461


1- 1) الکافی 7:412 ح 1،الفقیه 3:8 ح 28،التهذیب 6:225-226 ح 541، الوسائل 18:155 ب«1»من أبواب آداب القاضی ح 1.
2- 2) فی ص:400.
3- 3) من«ت،ط».
4- 4) من الحجریّتین.

..........

لألزم الیمین أو الحقّ أو یردّ الیمین علیه،فمن ثمَّ لم یثبت له علیه حقّ» (1).

و هذه الروایة مع اشتهار مضمونها بین الأصحاب و تلقّیها بالقبول معلّلة، فکانت مخصّصة للروایتین السابقتین (2)،و التعلیل یقوّی جانبها.مع أن فی طریقها محمد بن عیسی العبیدی،و هو ضعیف علی الأصحّ،و یاسین الضریر،و لا نصّ علی توثیقه،بل و لا علی مدحه (3).

و علی تقدیر تعیّن العمل بها-نظرا إلی جبر ضعفها بالشهرة،أو للاتّفاق علیها-ففی تعدّی حکمها إلی غیر ما دلّت علیه ممّا ساواه فی المعنی،،کالدعوی علی الغائب و الطفل و المجنون،قولان أشبههما عند المصنف-رحمه اللّه-العدم، وقوفا فیما خالف الأصل علی موضع النصّ و الوفاق.

و ذهب الأکثر إلی تعدّی الحکم إلی من ذکر،لمشارکتهم للمیّت فی العلّة المومی إلیها فی النصّ،و هو أنه لیس للمدّعی علیه لسان یجیب به،فیکون من باب منصوص العلّة،أو من باب اتّحاد طریق المسألتین،لا من باب القیاس الممنوع.و لأن الحکم فی الأموال مبنیّ علی الاحتیاط التامّ،و هو یحصل بانضمام الیمین،و من ثمَّ ذهب أکثر من (4)خالفنا إلی ذلک من غیر استناد إلی نصّ،فیکون أرباب النصّ أولی بالحکم.

و فیه نظر،لأن العلّة الظاهرة فی الخبر-علی تقدیر تسلیمه-کون المدّعی علیه لیس بحیّ،و هذه العلّة منتفیة عن المذکورین.و أیضا فإن مورد النصّ-و هو

ص:462


1- 1) تقدّم ذکر مصادرها فی ص:452 هامش(2).
2- 2) تقدّمتا فی ص:458.
3- 3) کذا فی«أ»،و فی سائر النسخ:قدحه.
4- 4) الوجیز 2:243،المغنی لابن قدامة 11:487،روضة الطالبین 8:160.

..........

المیّت-أقوی من الملحق به،لأن جوابه قد انتفی مطلقا،و یئس منه فی دار الدنیا،و الصبیّ و المجنون و الغائب لهم لسان یرتقب جوابه،و هم باقون علی حجّتهم.و الیمین حقّ للمدّعی (1)،فلا یتولاّه غیره.

و لو حملت الروایة علی استحباب تحلیف المدّعی لا وجوبه-إن لم ینعقد الإجماع علی خلافه-أمکن،للتساهل فی دلیل الاستحباب،بخلاف الإیجاب، فإنه-مع ما عرفت ما فیه-لا یقاوم ما دلّ علی عدم الیمین علی المدّعی مع بیّنته.

و اعلم أنه مع العمل بمضمون الخبر یجب الاقتصار علی ما دلّ علیه من کون الحلف علی المدّعی مع دعواه الدّین علی المیّت،کما یدلّ علیه قوله:«و إن حقّه لعلیه.و إنّا لا ندری لعلّه وفّاه».فلو کانت الدعوی عینا فی یده بعاریة أو غصب دفعت إلیه مع البیّنة من غیر یمین.

و لو لم توجد فی الترکة و حکم بضمانها للمالک،ففی إلحاقها حینئذ بالدّین نظرا إلی انتقالها إلی الذمّة،أو العین نظرا إلی أصلها،وجهان أجودهما الثانی.

و لو أقرّ له قبل الموت بمدّة لا یمکن فیها الاستیفاء عادة (2)،ففی وجوب ضمّ الیمین إلی البیّنة وجهان،من إطلاق النصّ الشامل لموضع النزاع،و قیام الاحتمال،و هو إبراؤه منه و قبضه من ماله و لو بعد الموت،و من البناء علی الأصل و الظاهر من بقاء الحقّ.و هذا أقوی.

ص:463


1- 1) کذا فیما لدینا من النسخ الخطّیة،و لعلّ الصحیح:للمدّعی علیه.
2- 2) فی«ث،خ،د»:غالبا.

و یدفع الحاکم(1)من مال الغائب قدر الحقّ،بعد تکفیل القابض بالمال.

و لو ذکر المدّعی(2)أن له بیّنة غائبة خیّره الحاکم بین الصبر و[بین] إحلاف الغریم.و لیس له ملازمته و لا مطالبته بکفیل.

قوله:«و یدفع الحاکم.إلخ».

أی:بعد إقامة المدّعی کفیلا له بالمال الذی دفع (1)إلیه من مال الغائب.

و إنما اعتبر المصنف-رحمه اللّه-الکفیل لأنه لم یوجب علیه الیمین مع البیّنة، فجعل الکفیل عوضا عنه،لاحتمال براءة الغائب من الحقّ علی وجه لا تعلمه البیّنة.و من أوجب علیه الیمین لم یعتبر الکفیل إلا علی تقدیر تعذّر الیمین،کما لو کان المدّعی علی الغائب وکیل المستحقّ،فإنه لا یجوز إحلافه،فیستظهر بالکفیل.و لا شکّ فی أن الکفالة و الیمین احتیاط و استظهار،إلا (2)أن ثبوتهما یحتاج إلی دلیل.

قوله:«و لو ذکر المدّعی.إلخ».

أما تخییره بین الأمرین فلأن الحقّ له،فإن شاء عجّل و أحلف الغریم لعدم البیّنة،و إن شاء أخّر حقّه.

و أما المنع من ملازمته و مطالبته بالکفیل فلأنهما عقوبة لم یثبت موجبها، و لأصالة البراءة من ذلک.و هو مذهب الشیخ فی الخلاف (3)و المبسوط (4)،و ابن

ص:464


1- 1) فی«ا»:دفعه.
2- 2) فی الحجریّتین:لأن.
3- 3) الخلاف 6:237 مسألة(36).
4- 4) المبسوط 8:159-160.
و أما السکوت

و أما السکوت:(1) فإن اعتمده الزم الجواب.فإن عاند حبس حتی یبیّن.

و قیل:یجبر حتی یجیب.

و قیل:یقول الحاکم:إما أجبت،و إما جعلتک ناکلا و رددت الیمین علی المدّعی،فإن أصرّ ردّ الحاکم الیمین علی المدّعی.

و الأول مرویّ،و الأخیر بناء علی عدم القضاء بالنکول.

و لو کان به آفة من طرش أو خرس،توصّل إلی معرفة جوابه بالإشارة المفیدة للیقین.

و لو استغلقت إشارته بحیث یحتاج إلی المترجم،لم یکف الواحد، و افتقر فی الشهادة بإشارته إلی مترجمین عدلین.

الجنید (1)،و المتأخّرین (2).

و للشیخ قول آخر فی النهایة (3)بجواز إلزامه بتکفیله،حفظا لحقّ المدّعی، حذرا من ذهاب الغریم.و لا ریب أنه أحوط.

قوله:«و أما السکوت.إلخ».

إذا طلب الحاکم الجواب من المدّعی علیه فسکت،فإن کان سکوته لدهش له أو غباوة توصّل إلی إیناسه برفق،و أمهله إلی أن یزول دهشة و یعرف الحال.

ص:465


1- 1) حکاه عنه العلامة فی المختلف:690.
2- 2) کشف الرموز 2:500،قواعد الأحکام 2:210،إیضاح الفوائد 4:335،اللمعة الدمشقیّة:51،المقتصر:377.
3- 3) النّهایة:339.

..........

و إن کان لآفة من صمم أو خرس،توصّل إلی معرفة جوابه بالإشارة المفیدة للمطلوب.و لو بواسطة من یعرف إشارته.و یفتقر حینئذ إلی اثنین عدلین، لأنها شهادة.

و إن کان سکوته عنادا ففیه أقوال:

أحدها:قول الشیخ فی النهایة (1)و الخلاف (2)،و قبله المفید (3)و سلاّر (4)، و اختاره المصنف و المتأخّرون (5)،إنه یلزم بالجواب،فإن أصرّ حبس حتی یبیّن، لأن الجواب حقّ علیه،فیجوز حبسه لاستیفائه منه.

و الثانی:ما نقله المصنف-رحمه اللّه-من أنه یجبر حتی یجیب من غیر حبس،بل یضرب و یبالغ معه فی الإهانة إلی أن یجیب.

و ثالثها:قول الشیخ فی المبسوط (6)یقول له الحاکم ثلاثا:إن أجبت و إلا جعلتک ناکلا و رددت الیمین علی خصمک.و اختاره ابن إدریس (7).و هو مبنیّ علی عدم القضاء بالنکول،و إلا قضی علیه بامتناعه بعد عرض الحکم علیه بالنکول.

و فیه:منع کون السکوت نکولا،سواء قضینا به أم لا.فالقول الأول هو الأقوی.و ذکر المصنف أنه مرویّ[1]أیضا،و لم نقف علی روایته.

ص:466


1- 1) النّهایة:342.
2- 2) الخلاف 6:238 مسألة(37).
3- 3) المقنعة:725.
4- 4) المراسم:231.
5- 5) المختلف:691،إیضاح الفوائد 4:332-333،اللمعة الدمشقیّة:51.
6- 6) المبسوط 8:160.
7- 7) السرائر 2:163.
مسائل تتعلّق بالحکم علی الغائب
الأولی:یقضی علی من غاب عن مجلس القضاء مطلقا

الأولی:یقضی علی من غاب(1)عن مجلس القضاء مطلقا،مسافرا کان أو حاضرا.

و قیل:یعتبر فی الحاضر تعذّر حضوره مجلس الحکم.

قوله:«یقضی علی من غاب.إلخ».

مذهب أصحابنا جواز القضاء علی الغائب فی الجملة.و هو مذهب أکثر العامّة،کالشافعی (1)و مالک (2)و أحمد (3)و جماعة (4)من الفقهاء.و خالف فیه أبو حنیفة (5)،إلا أن یتعلّق بخصم حاضر کشریک أو وکیل.

و الحجّة علی جوازه فعل النبیّ صلّی اللّه علیه و آله،و هو حجّة کقوله.ففی الخبر المستفیض عنه أنه قال لهند زوجة أبی سفیان-و قد قالت:إن أبا سفیان رجل شحیح لا یعطینی ما یکفینی و ولدی-:«خذی ما یکفیک و ولدک بالمعروف» (6).و کان أبو سفیان غائبا عن المجلس.و فیه حجّة لنا علیهم فی عدم اشتراط غیبته بمسافة العدوی و لا غیرها،لأن أبا سفیان کان یومئذ حاضرا بمکّة.

ص:467


1- 1) الحاوی الکبیر 16:296،الوجیز 2:243،روضة الطالبین 8:158.
2- 2) بدایة المجتهد 2:472،الکافی للقرطبی 2:931،مختصر خلیل:298.
3- 3) انظر المغنی لابن قدامة 11:486،الکافی فی فقه الامام أحمد:4:301، الانصاف 11:298،و لکن رووا عن أحمد عدم جواز القضاء علی الغائب.
4- 4) انظر المغنی لابن قدامة 11:486.
5- 5) اللّباب فی شرح الکتاب 4:88،المبسوط للسرخسی 17:39،رؤوس المسائل:524 مسألة(383)،بدائع الصنائع 7:8-9.
6- 6) عوالی اللّئالی 1:402 ح 59،و انظر مسند أحمد 6:39،صحیح البخاری 7:85،سنن الدارمی 2:159،سنن أبی داود 3:289 ح 3532،سنن النسائی 8:246-247،سنن ابن ماجه 2:769 ح 2293،سنن البیهقی 7:477.

..........

و رووا عن أبی موسی الأشعری قال:«کان النبیّ صلّی اللّه علیه و آله إذا حضر عنده خصمان فتواعد الموعد،فوفی أحدهما و لم یف الآخر،قضی للّذی و فی علی الذی لم یف» (1).و المراد به مع البیّنة،لاستحالة الحکم بمجرّد دعواه، و هو أعمّ من حضور خصم من شریک و وکیل و عدمه.

و من طریق الخاصّة روایة جمیل بن درّاج،عن جماعة من أصحابنا، عنهما علیهما السلام قال:«الغائب یقضی علیه إذا قامت علیه البیّنة،و یباع ماله، و یقضی عنه دینه و هو غائب،و یکون الغائب علی حجّته إذا قدم» (2).و لأنه کسماع البیّنة.

ثمَّ إن کان غائبا عن البلد قضی علیه باتّفاق أصحابنا،سواء کان بعیدا أم قریبا.و کذا لو کان حاضرا فی البلد و تعذّر حضوره[فی] (3)مجلس الحکم،إما قصدا أو لعارض.

و لو لم یتعذّر حضوره فالمشهور الجواز أیضا،لعموم الأدلّة.و قال الشیخ فی المبسوط (4):لا یحکم علیه حینئذ،لأن القضاء علی الغائب موضع ضرورة فیقتصر فیه علی محلّها،و لأنه ربما وجد مطعنا و مدفعا،و جاز فی الغائب للمشقّة بطول انتظاره.و الأظهر الأول.

ص:468


1- 1) نقله الماوردی فی الحاوی الکبیر 16:298.
2- 2) التهذیب 6:296 ح 827،الوسائل 18:216 ب«26»من أبواب کیفیّة الحکم ح 1.
3- 3) من الحجریّتین.
4- 4) المبسوط 8:162.
الثانیة:یقضی علی الغائب فی حقوق الناس،کالدیون و العقودو لا یقضی فی حقوق اللّه

الثانیة:یقضی علی الغائب(1)فی حقوق الناس،کالدیون و العقود.و لا یقضی فی حقوق اللّه،کالزنا و اللواط،لأنها[مبنیّة]علی التخفیف.

و لو اشتمل الحکم علی الحقّین قضی بما یختصّ الناس،کالسرقة یقضی بالغرم.و فی القضاء بالقطع تردّد.

قوله:«یقضی علی الغائب.إلخ».

من حکم بالقضاء علی الغائب خصّه بحقوق الآدمیّین،سواء کانت مالا کالدیون و غیرها من عقود المعاوضات،أم غیرها کالنکاح و الطلاق و العتق و الجنایات و القصاص،دون حقّ اللّه تعالی المحض کالزنا و اللواط،لأنها مبنیّة علی التخفیف،و من ثمَّ درئت الحدود بالشبهات.

و لو اشتمل علی الحقّین-کالسرقة-فلا إشکال فی ثبوت حقّ الآدمیّ، و هو المال.و أما القطع فهو حدّ (1)للّه تعالی،فتردّد المصنف-رحمه اللّه-فی حکمه،من حیث إنه حقّ للّه فینبغی أن لا یثبت،و من أنهما معلولا علّة واحدة فلا یثبت أحدهما دون الآخر.

و باقی الأصحاب قطعوا بالفرق و انتفاء القطع،نظرا إلی وجود المانع من الحکم فی أحدهما دون الآخر.و تخلّف أحد المعلولین لمانع واقع کثیرا،و منه فی هذا المثال ما لو أقرّ بالسرقة مرّة،فإنه یثبت علیه المال دون القطع،و لو کان المقرّ محجورا علیه فی المال ثبت الحکم فی القطع دون المال،فلیکن هنا کذلک.

و الأصل فیه أن هذه لیست عللا حقیقیّة،و إنما هی معرّفات للأحکام.

ص:469


1- 1) فی«ت»:حقّ.
الثالثة:لو کان صاحب الحقّ غائبا فطالب الوکیل،فادّعی الغریم التسلیم إلی الموکّل و لا بیّنة

الثالثة:لو کان صاحب(1)الحقّ غائبا فطالب الوکیل،فادّعی الغریم التسلیم إلی الموکّل و لا بیّنة،ففی الإلزام تردّد بین الوقوف فی الحکم، لاحتمال الأداء،و بین الحکم و إلغاء دعواه،لأن التوقّف یؤدّی إلی تعذّر طلب الحقوق بالوکلاء.و الأول أشبه.

قوله:«لو کان صاحب.إلخ».

إذا کان المدّعی علیه حاضرا،و صاحب الحقّ غائبا و إنما الحاضر وکیله، فقال المدّعی علیه بعد ما أقام الوکیل البیّنة:أبرأنی موکّلک الغائب أو دفعت إلیه المال،و أراد التأخیر إلی أن یحضر الموکّل فیحلف،ففی تمکینه منه وجهان، أظهرهما-و هو الذی اختاره المصنف رحمه اللّه-:العدم،بل علیه تسلیم الحقّ، ثمَّ یثبت البراءة بعد ذلک إن کانت له حجّة،لأن المطالبة بالحقّ[به] (1)ثابتة ظاهرا،لثبوت الوکالة،فلا یدفع بالمحتمل،و الأصل عدم ما یدّعیه.و لأنه لو ردّت المطالبة بمجرّد هذه الدعوی لأدّی إلی تعذّر استیفاء الحقوق بالوکیل،إذ کلّ غریم ربما ادّعی الإبراء أو التسلیم فیوقف الحقّ،و التالی باطل،لانتفاء فائدة الوکالة حینئذ.

و وجه عدم إلزامه بتعجیل الأداء:أن ما ذکره من الدعوی محتمل،و دعواه به مسموعة،فتعجیل إلزامه بالأداء إضرار به و هو منفیّ (2)،فوجب التوقّف حتی یثبت الحکم بالأخذ أو بنقیضه.

و یضعّف بأن الجائز لا یعارض المقطوع به شرعا.و سماع دعواه علی

ص:470


1- 1) من«ث».
2- 2) الحجّ:78،و انظر الوسائل 17:341 ب«12»من أبواب إحیاء الموات ح 3-5.
المقصد الرابع فی کیفیّة الاستحلاف
اشارة

المقصد الرابع فی کیفیّة الاستحلاف و البحث فی أمور ثلاثة:

الأول:فی الیمین
اشارة

الأول:فی الیمین و لا یستحلف أحد(1)إلا باللّه،و لو کان کافرا.و قیل:لا یقتصر فی المجوسیّ علی لفظ الجلالة،لأنه یسمّی النور إلها،بل یضمّ إلی هذه اللفظة الشریفة ما یزیل الاحتمال.

الغریم لا یستلزم سماعها علی الوکیل،فیثبت دعواه بعد ذلک،و یرجع بما دفع إن شاء.و به یندفع الضرر المدّعی،مع أنه غیر مسموع،لأن الضرر المترتّب علی حکم الشرع لا یلتفت إلیه،کما لو أدّی دفعه للحقّ الثابت علیه إلی جعله فقیرا لا یملک سوی قوت یومه مع باقی المستثنیات،فإن الضرر بذلک ربما کان أقوی من دفع هذا الحقّ المذکور.

و یقال:إن هذه المسألة واقعة جرت بمرو،فتوقّف فیها الفقهاء،ثمَّ أفتی القفّال بالإلزام،محتجّا بما ذکره المصنف رحمه اللّه.

قوله:«و لا یستحلف أحد.إلخ».

الأصل فی الیمین الشرعیّة أن لا تکون إلا باللّه تعالی،قال اللّه تعالی:

فَیُقْسِمانِ بِاللّهِ (1) وَ أَقْسَمُوا بِاللّهِ جَهْدَ أَیْمانِهِمْ (2).و قال صلّی اللّه علیه و آله:

«لا تحلفوا إلا باللّه،و من حلف باللّه فلیصدق،و من حلف له باللّه فلیرض،و من

ص:471


1- 1) المائدة:106.
2- 2) الأنعام:109.

..........

حلف له باللّه فلم یرض فلیس من اللّه عزّ و جلّ» (1).

و لا فرق فی ذلک بین کون الحالف مسلما و کافرا،مقرّا باللّه و غیره،لإطلاق الأدلّة السابقة،و قول أبی عبد اللّه علیه السلام فی صحیحة سلیمان بن خالد (2)و حسنة الحلبی (3):«أهل الملل من الیهود و النصاری و المجوس لا یحلفون إلا باللّه».و لا یقدح عدم اعتقاده،لأن العبرة بشرف المقسم به فی نفسه الموجب لمؤاخذة المجترئ بالقسم به کاذبا.

و القول بعدم الاقتصار فی إحلاف المجوسیّ علی لفظ الجلالة للشیخ فی المبسوط (4)،نظرا إلی اعتقاده أن النور إله،فیحتمل إرادته من الإله المعرّف،فلا یکون حالفا باللّه تعالی.و مال إلیه الشیخ فخر الدین (5)،محتجّا بأنه یجب الجزم بأنه حلف،و لا یحصل الجزم بذلک.

و یضعّف بأن الجزم المعتبر هو العلم بکونه قد أقسم باللّه الذی هو المأمور به شرعا،أما مطابقة قصده للفظه فلیس بشرط فی صحّة الیمین،و من ثمَّ کانت النیّة نیّة المحلف إذا کان محقّا،و هو دلیل علی عدم اعتبار مطابقة القصد للّفظ.

و علی قول الشیخ یضیف إلیه قوله:خالق النور و الظلمة،إماطة لتأویله.

و فیه:أنه ربما کان إطلاق لفظ اللّه تعالی مع مطابقته للمأمور به شرعا أوقع

ص:472


1- 1) الکافی 7:438 ح 1،التهذیب 8:283 ح 1040،الوسائل 16:124 ب«6»من أبواب الأیمان ح 1.
2- 2) الکافی 7:450 ح 1،التهذیب 8:278 ح 1013،الاستبصار 4:39 ح 131 ،الوسائل 16:164 ب«32»من أبواب الأیمان ح 1. الوسائل 16:164 ب«32»من أبواب الأیمان ح 1.
3- 3) الکافی 7:451 ح 4،التهذیب 8:278 ح 1013،الاستبصار 4:40 ح 134،الوسائل 16:164 ب«32»من أبواب الأیمان ح 3.
4- 4) المبسوط 8:205.
5- 5) إیضاح الفوائد 4:335.

و لا یجوز الإحلاف(1)بغیر أسماء اللّه سبحانه،کالکتب المنزلة، و الرسل المعظّمة،و الأماکن المشرّفة.

و لو رأی الحاکم(2)إحلاف الذمّی بما یقتضیه دینه أردع جاز.

فی قلبه و أهیب فی صدره،لأنه لا یعتقد إلها خالقا للنور و الظلمة،فلا یحترم هذا القسم.

قوله:«و لا یجوز الإحلاف.إلخ».

لما تقدّم (1)من الأخبار.و فی حسنة محمد بن مسلم قال:«قلت لأبی جعفر علیه السلام:قول اللّه عزّ و جلّ وَ اللَّیْلِ إِذا یَغْشی - وَ النَّجْمِ إِذا هَوی و ما أشبه ذلک،فقال:إن للّه عزّ و جلّ أن یقسم من خلقه بما یشاء،و لیس لخلقه أن یقسموا إلا به» (2).

و المراد بعدم الجواز هنا بالنظر إلی الاعتداد به فی إثبات الحقّ.أما جواز الحلف فی نفسه بمعنی عدم الإثم به ففیه وجهان،من إطلاق الأخبار (3)النهی عنه المقتضی للتحریم،و من إمکان حمله علی الکراهة.

قوله:«و لو رأی الحاکم.إلخ».

مقتضی النصوص السابقة (4)عدم جواز الإحلاف إلا باللّه،سواء کان الحالف مسلما أم کافرا،و سواء کان حلفه بغیره أردع له أم لا.و فی بعضها تصریح بالنهی عن إحلافه بغیر اللّه،ففی صحیحة سلیمان بن خالد عن أبی عبد اللّه علیه

ص:473


1- 1) فی ص:469.
2- 2) الکافی 7:449 ح 1،التهذیب 8:277 ح 1009،الوسائل 16:160 ب«30»من أبواب الأیمان ح 3.
3- 3) انظر الوسائل 16:159 ب«30،31»من أبواب الأیمان.
4- 4) فی ص:470.

و یستحبّ للحاکم(1)تقدیم العظة علی الیمین،و التخویف من عاقبتها.

السلام قال:«لا یحلف الیهودیّ و لا النصرانیّ و لا المجوسیّ بغیر اللّه،إن اللّه عزّ و جلّ یقول فَاحْکُمْ بَیْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللّهُ » (1).

لکن استثنی المصنف رحمه اللّه-و قبله الشیخ فی النهایة (2)و جماعة (3)-ما إذا رأی الحاکم تحلیف الکافر بما یقتضیه دینه أردع من إحلافه باللّه،فیجوز تحلیفه بذلک.

و المستند روایة السکونی عن أبی عبد اللّه علیه السلام:«أن أمیر المؤمنین علیه السلام استحلف یهودیّا بالتوراة التی أنزلت علی موسی» (4).و لا یخلو ذلک من إشکال.

قوله:«و یستحبّ للحاکم.إلخ».

بأن یذکّره ما ورد من الآیات و الروایات المتضمّنة لعقوبة من حلف باللّه کاذبا و التشدید علیه،و ما ورد فیمن عظّم اللّه تعالی أن یحلف به صادقا من تعویضه علی ذلک فی الدنیا قبل الآخرة،کقوله إِنَّ الَّذِینَ یَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللّهِ وَ أَیْمانِهِمْ ثَمَناً قَلِیلاً (5)الآیة.و قوله تعالی وَ لا تَجْعَلُوا اللّهَ عُرْضَةً لِأَیْمانِکُمْ (6).

و قوله صلّی اللّه علیه و آله:«إن من الکبائر الإشراک باللّه،و عقوق الوالدین،

ص:474


1- 1) تقدّم ذکر مصادرها فی ص:470 هامش(2).
2- 2) النّهایة:347.
3- 3) السرائر 2:183،قواعد الأحکام 2:210،اللمعة الدمشقیّة:52،المهذّب البارع 4:477.
4- 4) الکافی 7:451 ح 3،التهذیب 8:279 ح 1019،الاستبصار 4:40 ح 135،الوسائل 16:165ب«32»من أبواب الأیمان ح 4.
5- 5) آل عمران:77.
6- 6) البقرة:224.

..........

و الیمین الغموس،و ما حلف حالف باللّه یمین صبر،فأدخل فیها مثل جناح بعوضة،إلا جعله اللّه نکتة فی قلبه إلی یوم القیامة» (1).

و قوله صلّی اللّه علیه و آله:«من اقتطع حقّ امرئ مسلم بیمینه فقد أوجب اللّه تعالی له النار و حرّم علیه الجنّة،فقال رجل:و إن کان شیئا یسیرا؟قال:و إن کان قضیبا من أراک» (2).

و قوله صلّی اللّه علیه و آله:«إیّاکم و الیمین الفاجرة،فإنها تدع الدیار من أهلها بلاقع» (3).

و قوله صلّی اللّه علیه و آله:«من أجلّ اللّه أن یحلف به أعطاه اللّه خیرا ممّا ذهب منه» (4).

و قول الصادق علیه السلام:«من حلف باللّه کاذبا کفر،و من حلف باللّه تعالی صادقا أثم،إن اللّه عزّ و جلّ یقول وَ لا تَجْعَلُوا اللّهَ عُرْضَةً لِأَیْمانِکُمْ (5).

و قوله علیه السلام:«من حلف علی یمین و هو یعلم أنه کاذب فقد بارز اللّه» (6).

ص:475


1- 1) مسند أحمد 3:495،سنن الترمذی 5:220 ح 3020.
2- 2) مسند أحمد 5:260،صحیح مسلم 1:122 ح 218،سنن النسائی 8:246،مسند أبی عوانة 1:32.
3- 3) الکافی 7:435-436 ح 3،عقاب الأعمال:269-270 ح 3،الوسائل 16:120 ب «4»من أبواب الأیمان ح 6.
4- 4) الکافی 7:434 ح 2،الفقیه 3:233 ح 1096،التهذیب 8:282 ح 1034، الوسائل 16:115-116 ب«1»من أبواب الأیمان ح 3.
5- 5) الکافی 7:434 ح 4،الفقیه 3:234 ح 1108،التهذیب 8:282 ح 1035، الوسائل 16:116 الباب المتقدّم ح 6.
6- 6) الکافی 7:435 ح 1،عقاب الأعمال:269 ح 1،الوسائل 16:119 ب«4»من أبواب الأیمان ح 4.

و یکفی أن یقول:(1)قل و اللّه ما له قبلی حقّ.و قد یغلّظ الیمین بالقول و الزمان و المکان،لکن ذلک غیر لازم و لو التمسه المدّعی،بل هو مستحبّ فی الحکم استظهارا.

فالتغلیظ بالقول مثل أن یقول:قل و اللّه الذی لا إله إلا هو،الرحمن الرحیم،الطالب الغالب،الضارّ النافع،المدرک المهلک،الذی یعلم من السرّ ما یعلمه من العلانیة،ما لهذا المدّعی علیّ شیء ممّا ادّعاه.و یجوز التغلیظ بغیر هذه الألفاظ ممّا یراه الحاکم.

و بالمکان:کالمسجد و الحرم،و ما شاکله من الأماکن المعظّمة.

و بالزمان:کیوم الجمعة و العید،و غیرهما من الأوقات المکرّمة.

و یغلّظ علی الکافر بالأماکن التی یعتقد شرفها،و الأزمان التی یری حرمتها و قوله علیه السلام:«الیمین الصبر الکاذبة تورث العقب الفقر» (1).

و قول الباقر علیه السلام:«إن فی کتاب علیّ علیه السلام أن الیمین الکاذبة و قطیعة الرحم تذران الدیار بلاقع من أهلها،و تنغل الرحم،یعنی:انقطاع النسل» (2).إلی غیر ذلک من الأخبار (3).

قوله:«و یکفی أن یقول.إلخ».

لا ریب فی الاکتفاء فی الیمین بقوله:«و اللّه.إلی آخره».قال صلّی اللّه علیه و آله«من حلف باللّه فلیصدق،و من حلف له باللّه فلیرض،و من لم یرض

ص:476


1- 1) الکافی 7:436 ح 4،عقاب الأعمال:270 ح 5،الوسائل 16:120 الباب المتقدّم ح 7.
2- 2) الکافی 7:436 ح 9،عقاب الأعمال:270 ح 8،الوسائل 16:119 الباب المتقدّم ح 1.
3- 3) راجع الوسائل 16:119 ب«4»من أبواب الأیمان.

..........

فلیس من اللّه» (1).

و أما التغلیظ فظاهر النصّ (2)و الفتوی أنه من وظائف الحاکم،و أن استحبابه مختصّ به.و أما الحالف فالتخفیف فی جانبه أولی،لأن الیمین مطلقا مرغوب عنها،فکلّما خفّت کان أولی به.

و وجه الاستظهار بالتغلیظ أنه مظنّة رجوع الحالف إلی الحقّ خوفا من عقوبة العظیم.و علی تقدیر جرأته علیه کاذبا مظنّة مؤاخذته،حیث أقدم علی الحلف به مع إحضار عظمته و جلالته و انتقامه فی الموضع الشریف،و المکان و الزمان الشریف اللّذین هما محلّ الاحترام.

و قد روی أن النبیّ صلّی اللّه علیه و آله قال له-یعنی:ابن صوریا-:

«أذکّرکم باللّه الذی نجّاکم من آل فرعون،و أقطعکم البحر،و ظلّل علیکم الغمام، و أنزل علیکم المنّ و السلوی،و أنزل التوراة علی موسی،أ تجدون فی کتابکم الرجم؟قال:ذکّرتنی بعظیم و لا یسعنی أن أکذّبک» (3).و ساق الحدیث،فکان تغلیظه صلّی اللّه علیه و آله فی الیمین سببا لاعترافه بالحقّ.

و نبّه بقوله:إنه«غیر لازم و لو التمسه المدّعی» علی خلاف بعض العامّة (4)، حیث زعم أنه مع التماس الخصم یجب التغلیظ،و آخرین أنه یستحبّ حینئذ و لیس من وظیفة الحاکم.و قد تقدّم فی باب اللعان (5)بیان الأمکنة و الأزمنة التی یغلّظ بها.

ص:477


1- 1) تقدّم ذکر مصادره فی ص:470 هامش(1).
2- 2) راجع الوسائل 16:167 ب«33»من أبواب الأیمان.
3- 3) سنن أبی داود 3:313 ح 3626،نصب الرایة 4:102 ح 3.
4- 4) انظر روضة الطالبین 8:310.
5- 5) فی ج 10:236-238.

و یستحبّ التغلیظ فی الحقوق کلّها-و إن قلّت-عدا المال،فإنه لا یغلّظ فیه بما دون نصاب القطع.(1)

فرعان
الأول:لو امتنع عن الإجابة إلی التغلیظ لم یجبر

الأول:لو امتنع عن الإجابة(2)إلی التغلیظ لم یجبر،و لم یتحقّق بامتناعه نکول.

قوله:«و یستحبّ التغلیظ-إلی-نصاب القطع».

هذا التفصیل (1)هو المشهور بین الأصحاب،و ذکروا (2)أنه مرویّ،و ما وقفت علی مستنده.و للعامّة (3)اختلاف فی تحدیده بذلک أو بنصاب الزکاة،و هو عشرون دینارا أو مائتا درهم.و لیس للجمیع مرجع واضح.

قوله:«لو امتنع عن الإجابة.إلخ».

یدلّ علیه ما تقدّم من قوله صلّی اللّه علیه و آله:«من حلف له باللّه فلیرض، و من لم یرض فلیس من اللّه» (4)،و الحالف باللّه بدون التغلیظ داخل فی ذلک، فیجب الرضا به لو اقتصر علیه.

و نبّه بقوله:«و لم یتحقّق بامتناعه نکول» علی خلاف بعض العامّة (5)،حیث أوجب علیه الإجابة إلی التغلیظ لو طلبه الحاکم،و یکون ناکلا بدون الإجابة [به] (6)،و آخرین (7)منهم خصّوه بالتغلیظ الزمانی و المکانی دون القولی،فارقا

ص:478


1- 1) فی«د،م»:الحکم.
2- 2) المبسوط 8:203.
3- 3) الحاوی الکبیر 17:110-111،حلیة العلماء 8:240،روضة الطالبین 8:310.
4- 4) تقدّم ذکر مصادره فی ص:470 هامش(1).
5- 5) روضة الطالبین 8:312.
6- 6) من الحجریّتین.
7- 7) روضة الطالبین 8:312.
الثانی:لو حلف لا یجیب إلی التغلیظ،فالتمسه خصمه

الثانی:لو حلف(1)لا یجیب إلی التغلیظ،فالتمسه خصمه،لم تنحلّ یمینه.

و حلف الأخرس(2)بالإشارة.

و قیل:توضع یده علی اسم اللّه فی المصحف،أو یکتب اسم اللّه سبحانه و توضع یده علیه.

و قیل:یکتب الیمین فی لوح و یغسل،و یؤمر بشربه بعد إعلامه،فإن شرب کان حالفا،و إن امتنع ألزم الحقّ،استنادا إلی حکم علیّ علیه السلام فی واقعة الأخرس.

بأن التغلیظ اللفظی من جنس المأتیّ به فلم یکن بترکه (1)مخالفا للحاکم،بخلاف الآخرین.

قوله:«لو حلف.إلخ».

لأنه مرجوح من طرفه فتنعقد یمینه علی ترکه،و لا یصیر بطلب الخصم أولی عندنا.و من أوجب إجابته لو طلبه الخصم لزم علیه انحلال الیمین،لأن الیمین علی ترک الواجب لا تنعقد.

و فی الدروس (2)توقّف فی انعقاد یمینه علی ترک التغلیظ،من حیث إطلاقهم أنه مستحبّ فلا یکون الحلف علی ترکه منعقدا کغیره من المستحبّات، و من احتمال اختصاص الاستحباب بالحاکم دون الخصم فینعقد.و قد تقدّم (3)أن هذا هو الأظهر.

قوله:«و حلف الأخرس.إلخ».

فی حلف الأخرس أقوال أشهرها ما اختاره المصنف من تحلیفه بالإشارة

ص:479


1- 1) کذا فی«ث،خ،م»،و فی سائر النسخ:ترکه.
2- 2) الدروس الشرعیّة 2:96.
3- 3) فی ص:475.

..........

المفهمة الدالّة علیه کسائر أموره،لأن الشارع أقام إشارته مقام الکلام.

و القول باشتراط وضع یده علی اسم اللّه تعالی للشیخ فی النهایة،و جعل ذلک مضافا إلی إشارته،و لم یکتف بأحدهما،و إن کانت العبارة لا تدلّ علیهما.

و عبارة الشیخ فی النهایة:«إذا أراد الحاکم أن یحلّف الأخرس حلّفه بالإشارة و الإیماء إلی اسم اللّه تعالی،و یضع یده علی اسم اللّه تعالی فی المصحف، و یعرف یمینه علی الإنکار کما یعرف إقراره و إنکاره.و إن لم یحضر المصحف و کتب علیه اسم اللّه تعالی و وضع یده علیه جاز» (1).

و هذه العبارة ظاهرة فی اعتبار الأمرین معا.فقول المصنف-رحمه اللّه-:

«و قیل:توضع یده علی اسم اللّه تعالی»مراده مع الإشارة لیطابق القول المحکیّ.

و القول بکتبة الیمین فی لوح[و یغسل] (2)و یؤمر بشربه إلی آخره لابن حمزة (3).و جعله الشیخ فی النهایة (4)روایة.و هی صحیحة محمد بن مسلم عن الصادق علیه السلام قال:«سألته عن الأخرس کیف یحلف إذا ادّعی علیه دین و لم یکن للمدّعی بیّنة؟فقال:قال أمیر المؤمنین علیه السلام لمّا ادّعی عنده علی أخرس من غیر بیّنة:الحمد للّه الذی لم یخرجنی من الدنیا حتی بیّنت للأمّة جمیع ما تحتاج إلیه،ثمَّ قال:ایتونی بمصحف،فأتی به،فقال للأخرس:ما هذا؟فرفع

ص:480


1- 1) النهایة:347.
2- 2) من«أ».
3- 3) الوسیلة:228.
4- 4) النهایة:348.

و لا یستحلف الحاکم(1)أحدا إلا فی مجلس قضائه،إلا مع العذر، کالمرض المانع و شبهه،فحینئذ یستنیب الحاکم من یحلفه فی منزله.

و کذا المرأة التی لا عادة لها بالبروز إلی مجمع الرجال،أو الممنوعة بأحد الأعذار.

رأسه إلی السماء و أشار أنه کتاب اللّه عزّ و جلّ،ثمَّ قال:ایتونی بولیّه،فأتی بأخ له فأقعده إلی جنبه،ثمَّ قال:یا قنبر علیّ بدواة و صحیفة،فأتاه بهما،ثمَّ قال لأخ الأخرس:قل لأخیک هذا بینک و بینه إنّه علیّ،فتقدّم إلیه بذلک،ثمَّ کتب أمیر المؤمنین علیه السلام:و اللّه الذی لا إله إلا هو،عالم الغیب و الشهادة،الرحمن الرحیم،الطالب الغالب،الضارّ النافع،المهلک المدرک،الذی یعلم من السرّ ما یعلمه من العلانیة،إن فلان بن فلان المدّعی لیس له قبل فلان بن فلان-یعنی:

الأخرس-حقّ و لا طلبة،بوجه من الوجوه،و لا بسبب من الأسباب،ثمَّ غسله و أمر الأخرس أن یشربه فامتنع،فألزمه الدّین» (1).

و حملها ابن إدریس (2)علی أخرس لا یکون له کتابة معقولة و لا إشارة مفهومة.و ما تقدّم من فهمه إشارة علیّ علیه السلام إلیه بالاستفهام عن المصحف ینافی ذلک.

قوله:«و لا یستحلف الحاکم.إلخ».

قد تقدّم (3)أن مکان التغلیظ المستحبّ للحاکم المسجد و نحوه.و حینئذ فالنهی عن الاستحلاف فی غیر مجلس القضاء-المراد به منه الکراهة-إنما یتمّ

ص:481


1- 1) الفقیه 3:65 ح 218،التهذیب 6:319 ح 879،الوسائل 18:222 ب«33»من أبواب کیفیّة الحکم ح 1.
2- 2) السرائر 2:163.
3- 3) فی ج 10:236-237.
البحث الثانی:فی یمین المنکر و المدّعی
اشارة

البحث الثانی:فی یمین المنکر و المدّعی.

الیمین تتوجّه(1)علی المنکر تعویلا علی الخبر،و علی المدّعی مع الردّ، و مع الشاهد الواحد.و قد تتوجّه مع اللوث فی دعوی الدم.

و لا یمین للمنکر مع بیّنة المدّعی،لانتفاء التهمة عنها.و مع فقدها فالمنکر مستند إلی البراءة الأصلیّة،فهو أولی بالیمین.

علی تقدیر کون مجلس القضاء من أمکنة التغلیظ،و إلا لم یتمّ (1)النفی أو النهی مطلقا،أو یحمل علی یمین لا تغلیظ فیها.

و علی کلّ حال فیستثنی من ذلک المعذور،کالمریض و ذی الزمانة و المرأة التی لا تکلّف الحضور إلی مجلس الحکم-کما تقدّم (2)-و لا إلی المسجد.و مثله الحائض،إذ لا یمکنها اللبث فی المسجد إذا کان هو مجلس القضاء،أو کانت الوظیفة التغلیظ فیه.و حینئذ فیستنیب الحاکم من یحلفها و نظائرها فی منزلهم، کما یستنیب من یسمع منهم الدعوی،و یتولّی هو الحکم.

قوله:«الیمین تتوجّه.إلخ».

الأصل فی الیمین أن تکون علی المنکر،للخبر المستفیض عنه صلّی اللّه علیه و آله من أن«البیّنة علی المدّعی،و الیمین علی من أنکر» (3)و أن لا یمین علی المدّعی لذلک،و لما أشار إلیه المصنف-رحمه اللّه-من تعلیل النصّ،و هو أن المنکر معه البراءة الأصلیّة،فکان أولی بالیمین من المثبت (4).

ص:482


1- 1) فی«ت،ط»:لم یتمّ النهی.
2- 2) فی ص:423.
3- 3) الکافی 7:415 ح 1 و 2،التهذیب 6:229 ح 553،الوسائل 18:215 ب«25»من أبواب کیفیّة الحکم ح 3.
4- 4) فی«خ»:المدّعی.

..........

و قد استثنی من ذلک ثلاثة مواضع یحلف فیها المدّعی:

أما مع الرّد فلأن الیمین فی جانب المنکر،فإذا رضی بیمین المدّعی فقد رضی بإسقاط یمینه،مضافا إلی النصّ (1)،و قد تقدّم (2)بعضه.

و أما مع الشاهد الواحد فلأن النبیّ صلّی اللّه علیه و آله قضی بالشاهد و الیمین (3)،و لقوّة جانب الشاهد.

و أما مع اللوث فلغلبة ظنّ الحاکم بصدق المدّعی.

و یحلف فی موضع رابع مع النکول علی أحد القولین.و لم یذکره هنا،لأنه خلاف مذهبه (4)،و سیشیر (5)إلیه فیما بعد.

و کذا یحلف المدّعی علی المیّت مع بیّنته کما مرّ (6)،و علی الصبیّ و المجنون و الغائب علی أحد القولین.و ستأتی (7)مواضع أخر.

و نبّه بقوله:«و لا یمین للمنکر مع بیّنة المدّعی» علی خلاف ما ورد فی بعض الأخبار من جواز إحلاف المدّعی مع بیّنته.و المذهب خلافه.و قد تقدّم (8)الکلام فیه.

ص:483


1- 1) راجع الوسائل 18:176 ب«7»من أبواب کیفیّة الحکم.
2- 2) فی ص:458-459.
3- 3) راجع الوسائل 18:192 ب«14»من أبواب کیفیّة الحکم،سنن ابن ماجه 2:793 ح 2368، سنن الترمذی 3:627 ح 1343 سنن البیهقی 10:173.
4- 4) راجع ص:451.
5- 5) فی ص:488.
6- 6) فی ص:458.
7- 7) فی ص:487.
8- 8) فی ص:458-459.

و مع توجّهها(1)یلزمه الحلف علی القطع مطّردا،إلا علی نفی فعل الغیر،فإنها علی[نفی]العلم.

فلو ادّعی علیه ابتیاع أو قرض أو جنایة فأنکر حلف علی الجزم.

و لو ادّعی علی أبیه المیّت لم تتوجّه الیمین ما لم یدّع علیه العلم، فیکفیه الحلف أنه لا یعلم.و کذا لو قیل:قبض وکیلک.

أما المدّعی و لا شاهد له فلا یمین علیه،إلا مع الردّ،أو مع النکول علی قول.فإن ردّها المنکر توجّهت،فیحلف علی الجزم.و لو نکل سقطت دعواه إجماعا.

قوله:«و مع توجّهها.إلخ».

الحالف تارة یحلف علی البتّ،و أخری علی نفی العلم.و الضابط:أنه إن کان یحلف علی فعل نفسه فیحلف علی البتّ،سواء کان یثبته أو ینفیه،لأنه یعرف حال نفسه و یطّلع علیها.و إن کان یحلف علی فعل الغیر،فإن کان فی إثبات فیحلف علی البتّ،لأنه یسهل الوقوف علیه،کما أنه یشهد به.و إن کان علی النفی حلف علی أنه لا یعلمه،لأن النفی المطلق یعسر الوقوف علی سببه، و لهذا لا یجوز الشهادة علی النفی.

و قد یعبّر عن الغرض (1)بعبارة أخری،فیقال:إن کان الحلف علی الإثبات وجب علی البتّ،سواء کان التثبیت (2)لفعل نفسه أو غیره.و إن کان علی النفی، فإن نفی فعل نفسه حلف علی البتّ أیضا.و إن حلف علی نفی فعل غیره حلف علی نفی العلم.

ص:484


1- 1) فی«د،ط»:الفرض.
2- 2) فی«ا،ت،ط»:المثبت.

..........

و قد یختصر و یقال:الیمین علی البتّ أبدا،إلا إذا حلف علی نفی فعل الغیر.

إذا تقرّر ذلک،فمن ادّعی علیه بمال فأنکر حلف علی البتّ.و لو ادّعی إبراء أو قضاء،و أنکر المدّعی،حلف علی البتّ أیضا،لأنه یحلف علی نفی فعل نفسه.و لو ادّعی وارث علی إنسان أو لمورّثی علیک کذا،فقال المدّعی علیه:قد أبرأنی أو قبضه،حلف المدّعی علی نفی العلم بإبراء المورّث و قبضه.و لو ادّعی علیه أن الدار التی بیده غصبها أبوه أو بائعه فأنکر،حلف علی نفی العلم بأنهما غصبا.و یشترط فی توجّه الیمین علیه علی نفی العلم تعرّض المدّعی علیه لکونه عالما.

و قد ظهر من الضابط أن حلف المدّعی أبدا علی البتّ،و حلف المنکر ینقسم کما ذکر.و یتفرّع علیه فروع یشکل حکمها و إلحاقها بأحد القسمین.

منها:ما لو ادّعی علیه أن عبده جنی علی المدّعی ما یوجب کذا فأنکر، فوجهان:

أحدهما:أنه یحلف علی نفی العلم،لأنه حلف یتعلّق بفعل الغیر.

و الثانی:أنه یحلف علی البتّ،لأن عبده ماله،و فعله کفعل نفسه،و لذلک سمعت الدعوی علیه.

و ربما بنی الوجهان علی أن أرش الجنایة یتعلّق بمحض الرقبة،أم یتعلّق بالرقبة و الذمّة جمیعا،حتی یتبع بما فضل بعد العتق.فإن قلنا بالأول حلف علی البتّ،لأنه یحلف و یخاصم لنفسه.و إن قلنا بالثانی فعلی نفی العلم،لأن للعبد

ص:485

..........

علی هذا ذمّة یتعلّق (1)بها الحقوق،و الرقبة کالمرتهنة بما علیه.

و منها:إذا ادّعی علیه أن بهیمته أتلفت زرعا أو غیره-حیث یجب الضمان بإتلاف البهیمة-فأنکر،قیل:یحلف علی البتّ،لأن البهیمة لا ذمّة لها،و المالک لا یضمن بفعل البهیمة،إنما یضمن بالتقصیر فی حفظها،و هذا أمر یتعلّق بنفس الحالف.

و فی التحریر (2)جزم بأن مالک العبد یحلف علی نفی العلم،و مالک البهیمة یحلف علی البتّ.و فی القواعد (3)استشکل حکم العبد.

و منها:لو نصب البائع وکیلا لیقبض الثمن و یسلّم المبیع،فقال له المشتری:

إن موکّلک أذن فی تسلیم المبیع و أبطل حقّ الحبس و أنت تعلم،فوجهان:

أحدهما:أنه یحلف علی نفی العلم،و یدیم الحبس إلی استیفاء الثمن،لأنه حلف علی نفی فعل الغیر.

و الثانی:أنه یحلف علی البتّ،لأنه یثبت لنفسه استحقاق الید علی المبیع.

و منها:لو طولب البائع بتسلیم المبیع فادّعی حدوث عجز عنه،و قال للمشتری:أنت عالم به.قیل:یحلف علی البتّ،لأنه یستبقی بیمینه وجوب تسلیم المبیع إلیه.و یحتمل الحلف علی نفی العلم،لأن متعلّقه فعل الغیر.

و منها:ما لو مات عن ابن فی الظاهر فجاء آخر و قال:أنا أخوک،فالمیراث بیننا،فأنکر.قیل:یحلف علی البتّ أیضا،لأن الأخوّة رابطة جامعة بینهما.

و یحتمل قویّا حلفه علی نفی العلم کالسابقة.

ص:486


1- 1) فی«ث،خ»:یتبع بها.
2- 2) تحریر الأحکام 2:192.
3- 3) قواعد الأحکام 2:212.

و لو ردّ المنکر(1)الیمین ثمَّ بذلها قبل الإحلاف،قال الشیخ:لیس له ذلک إلا برضا المدّعی.

و فیه تردّد،منشؤه أن ذلک تفویض لا إسقاط.

قوله:«و لو ردّ المنکر.إلخ».

قد تقدّم (1)أن الأصل فی الیمین کونها فی جانب المنکر ابتداء،فإذا ردّها إلی المدّعی صارت فی جانبه بالعرض.فإذا بذل المنکر الیمین بعد أن حلف المدّعی فلا حقّ له إجماعا،لسقوط الحقّ الذی تترتّب علیه الیمین بحلفه.

و إن بذلها بعد أن ردّ و قبل أن یحلف المدّعی،سواء أقبل الحاکم علیه بوجهه و لم یأمره بالحلف،أم أمره و لم یفعل،أم انتفی الأمران،فهل له ذلک؟قال الشیخ فی المبسوط (2):لا،لانتقالها إلی حقّیة المدّعی بنفس الردّ،فصار لا حقّ للمنکر فیها،لاستحالة أن یکون کلّ منهما مطالبا بها.

و تردّد المصنف و العلامة (3)فی ذلک،من حیث المنع من أن ذلک یقتضی إسقاط حقّه منها،و إنما فوّضها إلی المدّعی،فإذا لم یستمرّ رضاه بالتفویض کان له الرجوع،لأصالة بقاء حقّه کما کان.

فمنشأ التردّد یرجع إلی أن بذل المنکر الیمین للمدّعی هل هو إسقاط أو تفویض؟فإنه یحتمل الأول،لأنه حقّ له وحده،فإذا رضی بجعله للمدّعی لزم سقوطه،لاستحالة اشتراکه بینهما.

و یحتمل الثانی،لأن الیمین تلزمه شرعا،فردّها علی المدّعی یکون إباحة له أن یحلف،و لا یلزم من إباحته الیمین خروجها عنه،کمن أباح للغیر طعامه فله

ص:487


1- 1) فی ص:480.
2- 2) المبسوط 8:211.
3- 3) قواعد الأحکام 2:211.

و یکفی مع الإنکار(1)الحلف علی نفی الاستحقاق،لأنه یأتی علی الدعوی.فلو ادّعی علیه غصبا أو إجارة مثلا،فأجاب بأنّی لم أغصب و لم استأجر،قیل:یلزمه الحلف علی وفق الجواب،لأنه لم یجب به إلا و هو قادر علی الحلف علیه.

و الوجه:أنه إن تطوّع بذلک صحّ،و إن اقتصر علی نفی الاستحقاق کفی.

الرجوع فیه قبل أن یأکل.

و هذا أقوی،لأن الردّ أعمّ من الإسقاط،و لأصالة بقاء حقّه الثابت قبل الردّ مع الشکّ فی المسقط.

قوله:«و یکفی مع الإنکار.إلخ».

إذا ادّعی علیه شیئا،فإما أن یطلق الدعوی کقوله:لی علیک مائة،أو یخصّصها فی سبب معیّن کقوله:من ثمن مبیع أو أجرة أو غصب.و إنکار المدّعی علیه إما أن یکون مطلقا أیضا کقوله:لا تستحقّ عندی شیئا،أو معیّنا کقوله:لم أغصب أو لم أشتر أو لم استأجر.

فمع إطلاقه الإنکار یکفیه الحلف علی نفی الاستحقاق مطلقا اتّفاقا،لأن الغرض یحصل به،و نفی العامّ یستلزم نفی الخاصّ.

و إن أجاب بنفی الخاصّ،فإن حلف علیه فکذلک،لأنه هو المطابق للإنکار،و یأتی علی الدعوی.

و إن أراد الحلف علی نفی الاستحقاق ففی إجابته إلیه قولان أظهرهما نعم، لما تقدّم من دخول الخاصّ فی ضمن نفیه.و جاز تعلّق غرض صحیح بالعدول إلی العامّ،بأن کان قد غصب أو اشتری أو استأجر و لکن برئ من الحقّ بدفع أو

ص:488

و لو ادّعی المنکر(1)الإبراء أو الإقباض،فقد انقلب مدّعیا و المدّعی منکرا،فیکفی المدّعی الیمین علی بقاء الحقّ.و لو حلف علی نفی ذلک کان آکد،لکنّه غیر لازم.

إبراء،فحلفه علی نفی الخاصّ کذب،و العدول إلی العامّ-مع کونه صدقا-یتضمّن الغرض[الصحیح] (1)من براءته من حقّه.

و قال الشیخ[1]-رحمه اللّه-:یلزمه فی هذه الصورة الحلف علی وفق الجواب،لأنه المطابق للدعوی.و جوابه بنفی الأخصّ یقتضی عدم تلک الاحتمالات الموجبة للعدول إلی الأعمّ،و لو وقعت لأجاب ابتداء بنفی الاستحقاق.

و یضعّف بأنه مع تسلیم قدرته علی الحلف علی وفق الجواب لا یلزم منه وجوب إجابته إلیه،و إنما اللازم له الحلف علی البراءة من حقّه بأیّ لفظ اتّفق،فله العدول إلی نفی الاستحقاق اقتراحا.مع أنّا نمنع من استلزام جوابه بنفی الأخصّ إمکان حلفه علیه،لما استقرّت علیه العادات من التساهل فی جواب المحاورات بما لا یتساهل به فی وقت الأیمان و نحوها.

قوله:«و لو ادّعی المنکر.إلخ».

لا فرق فی توجّه الیمین بهذه الدعوی علی المدّعی بین أن یکون قد أقام بیّنة بالحقّ و عدمه.و لیس فی هذه الدعوی تکذیب البیّنة،لأنها تعتمد علی الأصل و ظاهر الحال.

ص:489


1- 1) من«ت».

و کلّ ما یتوجّه(1)الجواب عن الدعوی فیه تتوجّه معه الیمین،و یقضی علی المنکر به مع النکول،کالعتق و النکاح و النسب و غیر ذلک.

هذا علی القول بالقضاء بالنکول.و علی القول الآخر تردّ الیمین علی المدّعی،و یقضی له مع الیمین،و علیه مع النکول.

و الکلام فی الحلف هنا علی ما یوافق الدعوی أو ما یأتی علیها و إن کان أعمّ کالسابقة،إلاّ أن الشیخ (1)وافق هنا علی جواز الحلف علی ثبوت الحقّ فی ذمّته،و جعل الحلف علی نفی ما ادّعاه بخصوصه أحوط.

قوله:«و کلّ ما یتوجّه.إلخ».

أشار بهذه الکلّیة إلی تعیین المواضع التی یثبت فیها الحلف علی المنکر، و هی تقتضی تعیین الحالف.

و محصّلها:أن کلّ من تتوجّه علیه دعوی صحیحة یتعیّن علیه الجواب عنها بالإقرار و الإنکار،بحیث لو أقرّ بمطلوبها (2)الزم به،فإذا أنکر یحلف علیه و یقبل منه،و إذا نکل یقضی علیه به مطلقا،أو مع حلف المدّعی.فیدخل فی ذلک النکاح،و الطلاق،و الرجعة،و الفئة فی الإیلاء،و العتق،و النسب،و الولاء، و غیرها.

و نبّه بالأمثلة علی خلاف بعض (3)العامّة حیث قال:لا یحلف المدّعی علیه فی جمیع هذه الأبواب التی ذکرناها،بناء علی أن المطلوب من التحلیف الإقرار أو النکول لیحکم به،و النکول نازل منزلة البذل و الإباحة،و لا مدخل لهما فی

ص:490


1- 1) المبسوط 8:206.
2- 2) فی«خ»:بمضمونها.
3- 3) اللباب فی شرح الکتاب 4:31،الحاوی الکبیر 17:146،حلیة العلماء 8:136، بدائع الصنائع 6:226-227،الإنصاف 12:110-111.

..........

هذه الأبواب.و آخرین (1)منهم ذهبوا إلی أن التحلیف إنما یجری فیما یثبت بشاهدین ذکرین،إلحاقا له بالحدود.

لنا:عموم قوله صلّی اللّه علیه و آله:«و الیمین علی من أنکر».و یحتجّ علیهم بما رووه:«أن رکانة أتی النبیّ صلّی اللّه علیه و آله فقال:یا رسول اللّه طلّقت امرأتی البتّة،فقال:ما أردت بالبتّة؟قال:واحدة،فقال:و اللّه ما أردت بها إلا واحدة؟فقال رکانة:و اللّه ما أردت بها إلا واحدة،فردّها إلیه صلّی اللّه علیه و آله،ثمَّ طلّقها الثانیة فی زمن عمر،و الثالثة فی زمن عثمان»[1].و قد اشتمل الحدیث علی فوائد منها:أنه صلّی اللّه علیه و آله استحلف فی الطلاق،خلافا لمن أنکره.

و خرج بقوله:«یتوجّه الجواب علی الدعوی فیه»حدود اللّه تعالی،فإن الدعوی فیها لا تسمع،و لا یطلب (2)الجواب (3)،لأنها لیست حقّا للمدّعی،و من له الحقّ لم یأذن فی الطلب و الإثبات،بل[أول] (4)أمر فیه بالإعراض و الدفع ما أمکن.و سیأتی (5)البحث فیه.

ص:491


1- 1) حلیة العلماء 8:137.
2- 3) فی«ا،ث،خ»:یطالب.
3- 4) فی«ا»بجواب،و فی«خ»:بالجواب.
4- 5) من:«ث،د»و الحجریّتین،و الظاهر أنّها زائدة.
5- 6) فی ص:494.
مسائل ثمان
الأولی:لا یتوجّه الیمین علی الوارث،ما لم یدّع علیه العلم بموت المورّث

الأولی:لا یتوجّه الیمین(1)علی الوارث،ما لم یدّع علیه العلم بموت المورّث،و العلم بالحقّ،و أنه ترک فی یده مالا.و لو ساعد المدّعی علی عدم أحد هذه الأمور لم تتوجّه.

و لو ادّعی علیه العلم بموته أو بالحقّ،کفاه الحلف أنه لا یعلم.نعم،لو أثبت الحقّ و الوفاة،و ادّعی فی یده مالا،حلف الوارث علی القطع.

قوله:«لا یتوجّه الیمین.إلخ».

هذا الحکم مبنیّ علی مقدّمات:

منها:أن الوارث لا یجب علیه أداء دین المورّث من ماله،بل إن ترک المورّث مالا فی یده یفی بالدّین أو بعضه وجب علیه الأداء و إلا فلا،سواء کان عالما بالدّین أم لا.

و منها:أنه علی تقدیر أن یخلّف بیده مالا لا یجب علیه أداؤه إلا أن یعلم به أو یثبت شرعا.

و منها:أن الحلف علی نفی فعل الغیر علی[نفی] (1)العلم لا علی البتّ.

و إذا تقرّرت هذه المقدّمات،فادّعی مدّع علی الوارث بدین علی المیّت، فإن وافقه علی أنه لا یعلم بالدّین،أو لا یعلم بموت المورّث،أو لم یترک مورّثه مالا،لم یتوجّه علیه الدعوی أصلا،و لم یترتّب علیها الیمین.و کذا لو ادّعی بالدّین و أطلق.و یکفی فی انتفائها تصادقهما علی انتفاء أحد هذه الثلاثة.

ص:492


1- 1) من«د»فقط،و لعلّه الصحیح.
الثانیة:إذا ادّعی علی المملوک فالغریم مولاه

الثانیة:إذا ادّعی علی المملوک(1)فالغریم مولاه.و یستوی فی ذلک دعوی المال و الجنایة.

و إن اعترف الوارث بالآخرین،فإن ادّعی علیه العلم بالدّین و بالموت و أنه ترک فی یده مالا،سمعت الدعوی حینئذ،لأنه لو اعترف بذلک لزمه أداء الدّین، فإذا أنکر توجّهت علیه الیمین.لکن بعض هذه الأشیاء متعلّق بفعل غیره و بعضها متعلّق بنفسه،فإن أنکر الوارث الدّین حلف علی نفی العلم به،لأنه متعلّق بفعل مورّثه.فإن نکل حلف المدّعی علی البتّ.و إن أنکر حصول الترکة عنده حلف علی البتّ،لتعلّقه بفعله.و لا إشکال فی هذین.

و إن أنکر موت من علیه الدّین فمقتضی القاعدة أنه یحلف علی نفی العلم به،لأنه شیء یتعلّق بفعل غیره کالدّین.

و للشافعیّة (1)فیه أوجه هذا أحدها.

و الثانی:أنه یحلف علی البتّ،لأن الظاهر اطّلاعه علیه.

و یضعّف بأنه قد یکون موته فی الغیبة،فلا یطّلع الوارث علیه.

و الثالث:الفرق بین من عهد حاضرا و غائبا.

قوله:«إذا ادّعی علی المملوک.إلخ».

مقتضی کون الغریم مولی العبد فی الدعوی علیه مطلقا قبول قوله علیه لو أقرّ بموجب الدعوی،و توجّه الیمین علیه لو أنکر،و أن العبد لا عبرة بإقراره و لا بإنکاره.

و الأمر لیس کذلک مطلقا،بل إقرار العبد معتبر بالنسبة إلی إتباعه بمقتضاه

ص:493


1- 1) روضة الطالبین 8:313.

..........

بعد العتق،کما سلف فی باب الإقرار (1)،و ملغی عاجلا،لکونه إقرارا فی حقّ الغیر.و إقرار المولی فی حقّه بالمال مقبول مطلقا،فیدفعه (2)فیه أو یفکّه بمقداره، إذ لا یتوجّه علی العبد بذلک ضرر،بل هو إقرار من المولی فی حقّ نفسه محضا.

و کذا إقراره فی حقّه بالجنایة الموجبة للمال.

و لو أوجبت القصاص لم تقبل فی حقّ العبد بالنسبة إلی القصاص،لکن یتسلّط المجنیّ علیه منه بقدرها.و یلزم من هذا أن غریم الدعوی علیه متعلّق بالمولی و العبد معا،و أن الیمین تتوجّه علی العبد لو أنکر موجب الدعوی،لأنه لو أقرّ لزم علی بعض الوجوه،و هو قاعدة سماع الدعوی علی الشخص.

و علی هذا فلا یشترط فی الدعوی علیه حضور المولی،و إنما یعتبر حضوره بالنسبة إلی ما یتعلّق به من ذلک.و قد اختلفت عبارات الأصحاب فی حقّه بسبب ذلک،فالمصنف-رحمه اللّه-أطلق کون الغریم مولاه،و لم یجعل للعبد اعتبارا.

و قال الشیخ فی المبسوط:«إذا کان علی العبد حقّ فإنه ینظر،فإن کان حقّا یتعلّق ببدنه-کالقصاص و غیره-فالحکم فیه مع العبد دون السیّد.فإن أقرّ به لزمه عند المخالف.و عندنا لا یقبل إقراره،و لا یقتصّ منه ما دام مملوکا،فإن أعتق لزمه ذلک.فأما إن أنکر فالقول قوله،فإن حلف سقطت الدعوی.و إن نکل ردّت الیمین علی المدّعی،فیحلف و یحکم بالحقّ.و إن کان حقّا یتعلّق بمال-کجنایة الخطأ و غیر ذلک-فالخصم فیه السیّد،فإن أقرّ به لزمه،و إن أنکر فالقول

ص:494


1- 1) فی ج 11:91.
2- 2) فی«ا،ث،د»:فقد یوفّیه أو یفکّه.

..........

قوله،فإن حلف سقطت الدعوی،و إن نکل ردّت الیمین علی المدّعی،فیحلف و یحکم له بالحقّ» (1).

و مقتضی کلام الشیخ أن الغریم فی الجنایة الموجبة للقصاص العبد مطلقا، و فی موجب المال المولی مطلقا.

و اختلف کلام العلامة،ففی القواعد (2)جعل الغریم مولاه مطلقا،لکنّه قرّب توجّه الیمین علی العبد،و أنه مع نکوله عنها تردّ علی المدّعی،و تثبت الدعوی فی ذمّة العبد یتبع بها إذا أعتق.فخالف حکمها فی الموضعین.و مقتضی کون الغریم مولاه أنه یقبل إقراره إن جعل جواب الدعوی الإقرار،و تلزمه الیمین إن أنکر،لأن ذلک هو مقتضی حکم الغریم الذی تسمع علیه الدعوی.

و فی باب الإقرار (3)حکم بعدم قبول إقرار العبد علی نفسه مطلقا،لکن یتبع بالمال بعد العتق.و حکم بعدم قبول إقرار المولی علیه مطلقا.لکن فی الإقرار علیه بالجنایة یجب المال و یتعلّق برقبته.

و فی الإرشاد (4)أطلق کون الغریم مولاه،کالمصنف رحمه اللّه.

و الأقوی أن الغریم کلّ واحد من العبد و المولی.فإن وقع النزاع مع العبد لم ینفذ إقراره معجّلا مطلقا،و یثبت بعد العتق مطلقا،فیتبع بالمال،و یستوفی منه الجنایة.و إن أنکر فحلف انتفت عنه الدعوی مطلقا،و إن ردّها أو نکل أتبع بموجبها بعد العتق کما لو أقرّ،لأن النکول أو یمین المدّعی منزّل منزلة إقراره أو

ص:495


1- 1) المبسوط 8:215.
2- 2) قواعد الأحکام 2:211-212.
3- 3) قواعد الأحکام 1:278.
4- 4) إرشاد الأذهان 2:146-147.
الثالثة:لا تسمع الدعوی فی الحدود مجرّدة عن البیّنة،و لا تتوجّه الیمین علی المنکر

الثالثة:لا تسمع الدعوی(1)فی الحدود مجرّدة عن البیّنة،و لا تتوجّه الیمین علی المنکر.

نعم،لو قذفه بالزنا و لا بیّنة،فادّعاه علیه،قال فی المبسوط:جاز أن یحلف لیثبت الحدّ علی القاذف.

و فیه إشکال،إذ لا یمین فی حدّ.

منزلة قیام البیّنة علیه،و کلاهما یوجبان ثبوت الحقّ علیه فی الجملة،و القدر المتّفق علیه منه کونه بعد العتق،لأن قیامه مقام البیّنة و إن أوجب الرجوع معجّلا إلا أن السبب نشأ من جانب العبد،فلا یتعلّق بحقّ السیّد بمجرّده.

و إن وقع النزاع بینه و بین المولی،سواء کان قد وقع بینه و بین العبد أم لا، فإن أقرّ بالمال لزمه مقتضاه معجّلا فی ذمّته،أو متعلّقا برقبة العبد علی حسب موجب الإقرار.و إن أقرّ بالجنایة لم یسمع علی العبد بالنسبة إلی القصاص،و لکن یتعلّق برقبة المجنیّ علیه بقدرها،فیملکه المقرّ له إن لم یفده (1)المولی.

و مختار الشهید فی الدروس یناسب ما اخترناه،و إن کانت عبارته لا تخلو من قصور،حیث جعل الغریم المولی کما أطلقه المصنف،إلا أن تفصیله یرجع إلی ما ذکرناه،لأنه قال:«و لو ادّعی علی العبد فالغریم المولی،و إن کانت الدعوی بمال.و لو أقرّ العبد تبع به.و لو کان بجنایة و أقرّ العبد فکذلک.و لو أقرّ المولی خاصّة لم یقتصّ من العبد،و یملک المجنیّ علیه منه بقدرها.و یلزم من هذا وجوب الیمین علی العبد لو أنکر اللزوم،لسماع الدعوی علیه منفردا» (2).

قوله:«لا تسمع الدعوی.إلخ».

من شرط سماع الدعوی أن یکون المدّعی مستحقّا لموجب الدعوی،فلا

ص:496


1- 1) فی«أ»:لم یقد.
2- 2) الدروس الشرعیّة 2:87.

..........

تسمع فی الحدود،لأنها حق اللّه تعالی،و المستحقّ لم یأذن فی الدعوی،و لم یطلب الإثبات،بل ظاهره الأمر بخلاف ذلک،لأمره بدرء الحدود بالشبهات (1)، و بالتوبة عن موجبها من غیر أن یظهره للحاکم (2).و قد قال صلّی اللّه علیه و آله لمن حمل رجلا علی الإقرار عنده بالزنا:«هلاّ سترته بثوبک» (3).

هذا إذا کانت الحدود حقّا محضا للّه،کحدّ الزنا و شرب الخمر.و لو اشترکت بینه و بین الآدمی کحدّ القذف،ففی سماع الدعوی بها من المقذوف قولان، أحدهما-و هو الذی اختاره الشیخ فی المبسوط (4)-أنها تسمع،ترجیحا لجانب حقّ الآدمیّ،و هو المقذوف.

و فرّع الشیخ علی قوله بأنه:لو ادّعی علیه أنه زنی لزمه الإجابة عن دعواه،و یستحلف علی ذلک،فإن حلف سقطت الدعوی و لزم القاذف الحدّ،و إن لم یحلف ردّت الیمین علی القاذف فیحلف،و یثبت الزنا فی حقّه بالنسبة إلی سقوط حدّ القذف،و لا یحکم علیه بحدّ الزنا،لأن ذلک حقّ للّه تعالی محض.

و استشکل المصنف-رحمه اللّه-ذلک،لعموم قوله علیه السلام:«لا یمین فی حدّ» (5).و فی مرسلة البزنطی عن أبی عبد اللّه علیه السلام:«قال أتی رجل إلی

ص:497


1- 1) الفقیه 4:53 ح 190،الوسائل 18:336 ب«24»من أبواب مقدّمات الحدود ح 4.
2- 2) راجع الوسائل 18:327 ب«16»من أبواب مقدّمات الحدود.
3- 3) مسند أحمد 5:217،سنن أبی داود 4:134 ح 4377،سنن البیهقی 8:330-331، تلخیص الحبیر 4:68 ح 1779.
4- 4) المبسوط 8:215-216.
5- 5) التهذیب 10:79 ح 310.
الرابعة:منکر السرقة یتوجّه علیه الیمین لإسقاط الغرم

الرابعة:منکر السرقة(1)یتوجّه علیه الیمین لإسقاط الغرم.و لو نکل لزمه المال دون القطع،بناء علی القضاء بالنکول،و هو الأظهر،و إلا حلف المدّعی.و لا یثبت الحدّ علی القولین.و کذا لو أقام شاهدا و حلف.

أمیر المؤمنین علیه السلام برجل فقال:هذا قذفنی و لم یکن له بیّنة،فقال:

یا أمیر المؤمنین استحلفه،فقال علیّ علیه السلام:لا یمین فی حدّ» (1).

و فیه:أن الروایة مرسلة،و فی طریقها سهل بن زیاد.

و فی الدروس (2)استحسن قول الشیخ من حیث تعلّقه بحقّ الآدمیّ،و حمل نفی الیمین فی الحدّ علی ما إذا لم یتعلّق بحقّ الآدمیّ.

و هو جیّد إن لم یعمل بالخبر،و إلا أشکل التخصیص من حیث وقوعه نکرة فی سیاق النفی فیعمّ الجمیع.

قوله:«منکر السرقة.إلخ».

موجب السرقة أمران،أحدهما:حقّ الآدمیّ،و هو المال.و الثانی:القطع بشرطه،و هو حقّ اللّه.و لا ملازمة بینهما،کما أشرنا إلیه سابقا فی مواضع.فإذا ادّعاها مدّع علی آخر سمعت الدعوی بالنسبة إلی حقّ الآدمی،و یترتّب علیه موجبه من الیمین و القضاء بالنکول،أو مع ردّه علی المدّعی علی الخلاف.و لا تسمع فیما یتعلّق بالحدّ إلا مع البیّنة کغیره من الحدود،لأن حدود اللّه تعالی لا تثبت بالیمین.

ص:498


1- 1) الکافی 7:255 ح 1،الوسائل 18:335 ب«24»من أبواب مقدّمات الحدود ح 1.
2- 2) الدروس الشرعیّة 2:93.
الخامسة:لو کان له بیّنة فأعرض عنها و التمس یمین المنکر

الخامسة:لو کان له بیّنة(1)فأعرض عنها و التمس یمین المنکر،أو قال:

أسقطت البیّنة و قنعت بالیمین،فهل له الرجوع؟قیل:لا.و فیه تردّد، و لعلّ الأقرب الجواز.

و کذا البحث لو أقام شاهدا فأعرض عنه و قنع بیمین المنکر.

السادسة:لو ادّعی صاحب النصاب إبداله فی أثناء الحول قبل قوله و لا یمین

السادسة:لو ادّعی صاحب(2)النصاب إبداله فی أثناء الحول قبل قوله و لا یمین.و کذا لو خرص علیه،فادّعی النقصان.و کذا لو ادّعی الذمّی الإسلام قبل الحول.

أما لو ادّعی الصغیر الحربیّ الإنبات لعلاج لا بالسنّ،لیتخلّص عن القتل،فیه تردّد،و لعلّ الأقرب أنه لا یقبل إلا مع البیّنة.

قوله:«لو کان له بیّنة.إلخ».

القول بعدم جواز الرجوع للشیخ (1)-رحمه اللّه-،محتجّا بأن إقامة البیّنة و الیمین حقّ له،و قد أسقطه فیسقط بالإسقاط،فعوده یحتاج إلی دلیل.

و وجه ما اختاره المصنف-رحمه اللّه-من جوازه أصالة البقاء،و منع کون ذلک إسقاطا علی وجه یقتضی الإبطال،و إنما غایته الإعراض و هو لا یسقط الحقّ.و لأن العدول إلی یمین المنکر لا یوجب براءة ذمّته من الحقّ،و لا ملکه للغیر (2)،و هو دلیل علی بقاء الحقّ،فله إقامة البیّنة و الیمین علی ثبوت حقّه و الاستیفاء.و هذا هو الأقوی.

قوله:«لو ادّعی صاحب.إلخ».

قد ذکر الأصحاب مواضع یقبل فیها قول المدّعی بغیر یمین.و أشار

ص:499


1- 1) انظر المبسوط 8:190 و 210.
2- 2) فی«ت،د»:للعین.

..........

المصنف-رحمه اللّه-إلی ثلاث منها،و تردّد فی رابع،ثمَّ نفی إلحاقه بها.

فالأول:دعوی المالک إبدال النصاب فی أثناء الحول لینفی عنه الزکاة.

و فی معناه دعوی دفع الزکاة إلی المستحقّ.

و الثانی:دعواه نقص الخرص للثمرة و الزرع لینقص عنه ما قرّر علیه من مقدار الزکاة.

و الثالث:دعوی الذمّی الإسلام قبل الحول لیتخلّص من الجزیة،إن أوجبناها علی المسلم بعد الحول.

و هذه المواضع لا یثبت فیها علیه یمین بلا خلاف.و الوجه فی قبول قوله فی هذه المواضع أن الحقّ بین العبد و بین اللّه،و لا یعلم إلا من قبله غالبا.

و الرابع:دعوی الصبیّ الحربیّ الإنبات بعلاج لیلحق بالذراری.فقیل یلحق بهذه المواضع،و یقبل قوله بغیر یمین،لمشارکته لها فی کونه حقّا للّه تعالی، و یرجع إلیه فیه.و لأن مجرّد الدعوی شبهة دارئة للقتل،فتکون کافیة.و لأن الیمین هنا متعذّرة،لأنها یمین من صبیّ،لأصالة عدم البلوغ،و عدم استحقاقه القتل.

و قیل:یقبل قوله مع الیمین،لأنها أقلّ مراتب إثبات الدعوی.و لأنه محکوم ببلوغه ظاهرا،و مستحقّ للقتل کذلک،فلا یزول بمجرّد دعواه.و لأنه أحوط و أوثق فی الحکم.

و حینئذ فیحتمل حلفه الآن،للحکم ببلوغه ظاهرا،و التأخیر إلی أن یبلغ، فیحبس إلی البلوغ الیقینی ثمَّ یحلف.فإن قلنا بالأول فحلف تخلّص.و إن نکل،

ص:500

..........

قیل:یقتل بمجرّده،و یکون هذا من المواضع التی یقضی فیها بالنکول عند من لم یحکم به مطلقا.و قیل:یقتل لا للنکول،بل لتوجّه القتل بالکفر مع الإنبات، و الیمین کانت مانعة (1)و لم توجد.و إن أوقفناه إلی أن یتحقّق البلوغ لزمه مع الحلف و النکول حکمهما بغیر إشکال.

و الذی اختاره المصنف-رحمه اللّه-عدم قبول قوله مطلقا إلا بالبیّنة، لوضع الشارع الإنبات علامة البلوغ و قد وجدت.و دعواه المعالجة خلاف الظاهر،فیفتقر إلی البیّنة.و لأنه لو کان عدم المعالجة شرطا لما حلّ قتل محتمل المعالجة-و إن لم یدّعها-إلا بعد علم انتفائها،و هو باطل إجماعا.

و الأولی (2)قبول قوله بغیر یمین،عملا بالشبهة[الدارئة للقتل] (3)، و احتیاطا فی الدماء التی لا یستدرک فائتها.

و فی تعدّی الحکم إلی غیرها (4)،کما لو أوقع منبت عقدا و ادّعی الاستنبات لیفسده،وجهان أجودهما العدم،لمخالفة (5)الظاهر،و وجود الفارق بمراعاة الشبهة الدارئة للقتل فی الأول دون الثانی،فیتوقّف فی هذا علی البیّنة.

و وراء هذه المواضع الخمسة ممّا یقبل فیه قول المدّعی مواضع:

أحدها:دعوی البلوغ.و قد تقدّم (6).و قیّده بعضهم (7)بدعوی الاحتلام،أما

ص:501


1- 1) کذا فی«خ،م»و فی سائر النسخ:تابعه.
2- 2) فی«ا،ث»:و الأقوی.
3- 3) من«خ».
4- 4) فی«د»:غیره.
5- 5) فی«ث»:لمخالفته.
6- 6) فی ج 11:99.
7- 7) الدروس الشرعیّة 2:93،و انظر روضة الطالبین 8:317.

..........

بالسنّ فیکلّف البیّنة،لإمکان إقامتها علیه،و بالإنبات یعتبر،و محلّه لیس من العورة علی الأشهر،و بتقدیره هو من مواضع الضرورة.و حیث یقبل قوله فیه لا یمین و إلا لزم الدور،لأن اعتباره موقوف علی البلوغ الموقوف علی اعتباره.

و ثانیها:مدّعی أنه من أهل الکتاب لتؤخذ منه الجزیة.

و ثالثها:تقدیم مدّعی تقدّم الإسلام علی الزنا بالمسلمة حذرا من القتل.

و رابعها:مدّعی فعل الصلاة و الصیام خوفا من التعزیر.

و خامسها:مدّعی إیقاع العمل المستأجر علیه إذا کان من الأعمال المشروطة بالنیّة،کالاستیجار علی الحجّ و الصلاة.

و سادسها:دعوی الولیّ إخراج ما کلّف به من نفقة و غیرها،أو الوکیل فعل ما وکّل فیه.و فی هذین نظر.

و سابعها:دعوی المعیر و مالک الدار لو نازعه المستعیر و المستأجر فی ملکیّة الکنز،علی قول مشهور.

و ثامنها:دعوی ذی الطعام أنه لم یبقه إلا لقوته و إن زاد علیه فی نفی الاحتکار.

و تاسعها:قول المدّعی مع نکول خصمه،بناء علی القضاء بالنکول.

و عاشرها:مدّعی الغلط فی إعطاء الزائد عن الحقّ لا التبرّع.

و حادی عشرها:دعوی المحلّلة الإصابة.

و ثانی عشرها:دعوی المرأة فیما یتعلّق بالحیض و الطهر،کالعدّة.

و ثالث عشرها:دعوی الظئر أنه الولد.

و رابع عشرها:منکر السرقة بعد إقراره مرّة لا فی المال.

ص:502

السابعة:لو مات و لا وارث له،و ظهر له شاهد بدین

السابعة:لو مات و لا وارث له،(1)و ظهر له شاهد بدین،قیل:یحبس حتی یحلف أو یقرّ،لتعذّر الیمین فی طرف المشهود له.

و کذا لو ادّعی الوصیّ أن المیّت أوصی للفقراء،و شهد واحد،فأنکر الوارث.

و فی الموضعین إشکال،لأن السجن عقوبة لم یثبت موجبها.

و خامس عشرها:مدّعی هبة المالک لیسلم من القطع و إن ضمن المال.

و سادس عشرها:منکر موجب الرجم الثابت بإقراره.

و سابع عشرها:مدّعی الإکراه فی الإقرار المذکور.

و ثامن عشرها:مدّعی الجهالة مع إمکانها فی حقّه.

و تاسع عشرها:مدّعی الاضطرار فی الکون مع الأجنبیّ مجرّدین.

و العشرون:منکر القذف،بناء علی عدم سماع دعوی مدّعیه.

و الحادی و العشرون:مدّعی ردّ الودیعة،علی القول المشهور.

و الثانی و العشرون:مدّعی تقدّم العیب مع شهادة الحال.

و ضبطها بعضهم بأن:کلّ ما کان بین العبد و بین اللّه،أو لا یعلم إلا منه و لا ضرر فیه علی الغیر،أو ما تعلّق بالحدّ أو التعزیر.

قوله:«لو مات و لا وارث له.إلخ».

القول المذکور للشیخ فی المبسوط (1)،فإنه قال فیه:

«ثلاث مسائل لا یمکن ردّ الیمین فیها:أحدها:أن یموت رجل و لا یخلّف وارثا مناسبا،فوجد فی روزنامجته دین علی رجل،و شهد شاهد واحد بذلک، فأنکر من علیه الدین،فالقول قوله مع یمینه،فإذا حلف سقط الحقّ،و إن لم

ص:503


1- 1) المبسوط 8:214.
الثامنة:لو مات و علیه دین یحیط بالترکة،لم تنتقل إلی الوارث

الثامنة:لو مات و علیه دین(1)یحیط بالترکة،لم تنتقل إلی الوارث، و کانت فی حکم مال المیّت.و إن لم یحط انتقل إلیه ما فضل عن الدّین.

و فی الحالین للوارث المحاکمة علی ما یدّعیه لمورّثه،لأنه قائم مقامه.

یحلف لم یمکن ردّ الیمین،لاستحالة تحلیف المسلمین و الامام،فیحبس المدین حتی یعترف فیؤدّی،أو یحلف فینصرف.

و الثانیة:إذا ادّعی الوصیّ علی الورثة أن أباهم أوصی للفقراء و المساکین و أنکروا ذلک،فالقول قولهم،فإن حلفوا سقطت الدعوی.و إن نکلوا لم یمکن ردّ الیمین،لأن الوصیّ لا یجوز أن یحلف عن غیره،و الفقراء و المساکین لا یتعیّنون، و لا یتأتّی منهم الحلف،فقال قوم:یحکم بالنکول و یلزم الحقّ،لأنه موضع ضرورة.و قال آخرون:یحبس الورثة حتی یحلفوا له أو یعترفوا له.

و الثالثة:إذا مات رجل و خلّف طفلا و أوصی إلی رجل بالنظر فی أمره، و ادّعی الوصیّ دینا علی رجل فأنکر،فإن حلف سقطت الدعوی.و إن لم یحلف فلا یمکن ردّ الیمین علی الوصیّ،لأنه لا یجوز أن یحلف عن غیره،فیتوقّف إلی أن یبلغ الطفل و یحلف و یحکم له.و هو الذی یقتضیه مذهبنا».

و المصنف-رحمه اللّه-ذکر الأولین و استشکل الحکم فیهما،نظرا إلی أن السجن عقوبة و لم یثبت موجبها،لأن الحقّ لا یثبت بالشاهد الواحد،فتنزّل هذه الدعوی منزلة ما لا بیّنة فیه،فإن حلف المنکر أو حکمنا بالنکول،و إلا وقف الحقّ،لعدم تیسّر القسم الآخر و هو حلف المدّعی.و لو قیل هنا بالقضاء بالنکول و إن لم نقل به فی غیره کان وجها.

قوله:«لو مات و علیه دین.إلخ».

قد تقدّم (1)البحث فی أن الترکة مع الدّین هل تنتقل إلی ملک الوارث و إن

ص:504


1- 1) فی ص:61.

..........

منع من التصرّف فیها مع استغراق الدّین،و فی مقابل الدّین إن لم یستغرق،أو تبقی علی حکم مال المیّت؟و أن الأقوی انتقالها إلی ملکه.و علی القولین یمنع من التصرّف فیها إلی أن یوفی الدّین إجماعا.و إنما تظهر الفائدة فی مثل النماء المتجدّد بعد الموت،فعلی الأول هو من جملة الترکة،و یتعلّق بها الدّین،و علی الثانی یختصّ بالوارث،و فی صحّة التصرّف فیها بالبیع و إن کانت (1)[التصرّف] (2)مراعاة.

و المصنف-رحمه اللّه-قوّی هنا و فیما تقدّم (3)عدم انتقالها،بل تبقی علی حکم مال المیّت إلی أن یوفی الدّین،لقوله تعالی فی آیة الإرث مِنْ بَعْدِ وَصِیَّةٍ یُوصِی بِها أَوْ دَیْنٍ (4).و الأجود إرادة الإرث المستقرّ الملک،جمعا بین الأدلّة.

و علی القولین لو کان للمیّت دین علی آخر فالمحاکمة فیه للوارث لا للغرماء،لأنه إما مالک أو قائم مقامه،و من ثمَّ لو أبرئ الغریم من الدّین صارت الترکة ملک الوارث،فهو مالک لها بالقوّة أو الفعل.و علی هذا فلو توجّه الیمین مع الشاهد أو بردّ الغریم فالحالف هو الوارث،و إن کان المنتفع بالمال هو المدین.

و سیأتی (5)تتمّة الکلام فیه.

ص:505


1- 1) فی«ا،م»و إحدی الحجریّتین:کان.
2- 2) من الحجریّتین.
3- 3) فی ص:61.
4- 4) النساء:11.
5- 5) فی ص:514.
البحث الثالث:فی الیمین مع الشاهد
اشارة

البحث الثالث:فی الیمین مع الشاهد(1) یقضی بالشاهد و الیمین فی الجملة،استنادا إلی قضاء رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله،و قضاء علیّ علیه السلام بعده.

قوله:«فی الیمین مع الشاهد.إلخ».

أجمع أصحابنا علی القضاء فی الجملة بالشاهد و الیمین،و إلیه ذهب أکثر العامّة (1)،و خالف فیه بعضهم (2).

لنا:ما روی عن ابن عبّاس (3)و جابر (4)أن النبیّ صلّی اللّه علیه و آله قضی بالشاهد مع الیمین.و روی أنه صلّی اللّه علیه و آله قضی بالشاهد الواحد مع یمین الطالب (5).

و رووا عن جعفر بن محمد،عن أبیه،عن علیّ علیه السلام أن النبیّ صلّی اللّه علیه و آله قضی بشاهد واحد و یمین صاحب الحقّ،و قضی به علیّ علیه السلام بالعراق.رواه أحمد (6)و الدارقطنی (7)و الترمذی (8).

و عن ربیعة،عن سهیل بن أبی صالح،عن أبیه،عن أبی هریرة قال:

ص:506


1- 1) الحاوی الکبیر 17:68،الإنصاف 12:82 و 115،روضة الطالبین 8:252،المغنی لابن قدامة 12:11،الکافی للقرطبی 2:909.
2- 2) روضة القضاة 1:214 رقم(951)،رؤوس المسائل:535 مسألة(393)،حلیة العلماء 8:280.
3- 3) مسند أحمد 1:315،سنن ابن ماجه 2:793 ح 2370،سنن أبی داود 3:308 ح 3608،سنن البیهقی 10:167.
4- 4) سنن ابن ماجه 2:793 ح 2369،سنن الترمذی 3:628 ح 1344،سنن البیهقی 10:170.
5- 5) سنن ابن ماجه 2:793 ح 2371.
6- 6) مسند أحمد 3:305.
7- 7) سنن الدارقطنی 4:212 ح 31.
8- 8) سنن الترمذی 3:628 ح 1345.

..........

«قضی رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله بالیمین مع الشاهد الواحد».رواه الترمذی (1)و أبو داود (2)،و زاد:«قال عبد العزیز الدراوردی:فذکرت ذلک لسهیل فقال:

أخبرنی ربیعة-و هو عندی ثقة-أنّی حدّثته إیّاه و لا أحفظه،قال عبد العزیز:و قد کان أصاب سهیلا علّة أذهبت بعض عقله و نسی بعض حدیثه،فکان سهیل بعد ذلک یحدّثه عن ربیعة،عنه،عن أبیه».

و من طریق الخاصّة روی منصور بن حازم فی الصحیح عن أبی عبد اللّه علیه السلام قال:«کان رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله یقضی بشاهد واحد مع یمین صاحب الحقّ» (3).

و روی حمّاد بن عیسی فی الحسن قال:«سمعت أبا عبد اللّه علیه السلام یقول:حدّثنی أبی أن رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله قضی بشاهد و یمین» (4).

و عن عبد الرحمن بن الحجّاج فی الحسن قال:«دخل الحکم بن عتیبة و سلمة بن کهیل علی أبی جعفر علیه السلام فسألاه عن شاهد و یمین،فقال:

قضی به رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله،و قضی[به] (5)علیّ علیه السلام عندکم بالکوفة.

فقالا:هذا خلاف القرآن.

ص:507


1- 1) سنن الترمذی 3:627 ح 1343.
2- 2) سنن أبی داود 3:309 ح 3610.
3- 3) الکافی 7:385 ح 4،التهذیب 6:272 ح 741،الاستبصار 3:33 ح 113، الوسائل 18:193 ب«14»من أبواب کیفیّة الحکم ح 2.
4- 4) الکافی 7:385 ح 2،التهذیب 6:275 ح 748،الاستبصار 3:33 ح 112، الوسائل 18:193 الباب المتقدّم ح 4.
5- 5) من«ث،خ».

..........

فقال:و أین وجدتموه خلاف القرآن؟ فقالا:إن اللّه تبارک و تعالی یقول وَ أَشْهِدُوا ذَوَیْ عَدْلٍ مِنْکُمْ (1).

فقال:هو أن لا تقبلوا شهادة واحد و یمینا؟! ثمَّ قال:إن علیّا علیه السلام کان قاعدا فی مسجد الکوفة فمرّ به عبد اللّه بن قفل التمیمی و معه درع طلحة،فقال علیّ علیه السلام:هذه درع طلحة أخذت غلولا یوم البصرة.

فقال له عبد اللّه بن قفل:فاجعل بینی و بینک قاضیک الذی رضیته للمسلمین.

فجعل بینه و بینه شریحا.فقال له علیّ علیه السلام:هذه درع طلحة أخذت غلولا یوم البصرة.

فقال له شریح:هات علی ما تقول بیّنة.

فأتاه بالحسن علیه السلام فشهد أنها درع طلحة أخذت غلولا یوم البصرة.

فقال:هذا شاهد واحد و لا أقضی بشهادة شاهد حتی یکون معه آخر.

قال:فدعا قنبرا فشهد أنها درع طلحة أخذت غلولا یوم البصرة.

فقال شریح:هذا مملوک،و لا أقضی بشهادة مملوک.

قال:فغضب علیّ علیه السلام و قال:خذوها فإن هذا قضی بجور ثلاث مرّات.

قال:فتحوّل شریح عن مجلسه ثمَّ قال:لا أقضی بین اثنین حتی تخبرنی

ص:508


1- 1) الطلاق:2.

و یشترط شهادة(1)الشاهد أولا،و ثبوت عدالته،ثمَّ الیمین.

و لو بدأ بالیمین.وقعت لاغیة،و افتقر إلی إعادتها بعد الإقامة.

من أین قضیت بجور ثلاث مرّات.

فقال له:ویلک-أو ویحک-إنّی لمّا أخبرتک أنها درع طلحة أخذت غلولا یوم البصرة فقلت:هات علی ما تقول بیّنة،و قد قال رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله:حیث ما وجد غلول أخذ بغیر بیّنة.فقلت:إنّک رجل لم یسمع بهذا الحدیث.فهذه واحدة.

ثمَّ أتیتک بالحسن علیه السلام فشهد،فقلت:هذا واحد و لا أقضی بشهادة واحد حتی یکون معه آخر،و قد قضی رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله بشهادة واحد و یمین.فهاتان ثنتان.

ثمَّ أتیتک بقنبر فشهد أنها درع طلحة أخذت غلولا یوم البصرة،فقلت:هذا مملوک و لا أقضی بشهادة مملوک،و لا بأس بشهادة مملوک إذا کان عدلا.

ثمَّ قال:ویلک-أو ویحک-إمام المسلمین یؤمن من أمورهم علی ما هو أعظم من هذا» (1).

و إنما ذکرنا الحدیث بطوله لاشتماله علی نکت غریبة،و تضمّنه لأحکام کثیرة،و فیه بیان ما أشار إلیه المصنف-رحمه اللّه-من قضاء علیّ علیه السلام به بعده.

قوله:«و یشترط شهادة.إلخ».

أما اشتراط إقامة الشهادة أولا لأن المدّعی وظیفته البیّنة-لا الیمین-

ص:509


1- 1) الکافی 7:385 ح 5،التهذیب 6:273 ح 747،الاستبصار 3:34 ح 117، الوسائل 18:194 الباب المتقدّم ح 6.

و یثبت الحکم(1)بذلک:فی الأموال،کالدّین و القرض و الغصب.و فی المعاوضات،کالبیع و الصرف و الصلح و الإجارة و القراض و الهبة و الوصیّة له.و الجنایة الموجبة للدیة،کالخطإ،و عمد الخطأ،و قتل الوالد ولده، و الحرّ العبد،و کسر العظام،و الجائفة و المأمومة.

و ضابطه:ما کان مالا،أو المقصود منه المال.

بالأصالة،فإذا أقام شاهدا (1)صارت البیّنة التی هی وظیفته ناقصة، و متمّمها الیمین بالنصّ،بخلاف ما لو قدّم الیمین،فإنه ابتداء بما لیس من وظیفته، و لم یتقدّمه ما یکون متمّما له.

و أما ثبوت عدالة الشاهد فلا یترتّب علی شهادته[عدالة معلومة للحاکم] (2)،بل المعتبر العلم بها قبل الحلف.

و ذهب بعض العامّة (3)إلی عدم الترتیب بینهما،لأن الیمین منزّل منزلة الشاهد،و لا ترتیب بین شهادة أحد الشاهدین مع الآخر،فکذلک ما قام مقام الشهادة.

قوله:«و یثبت الحکم.إلخ».

إنما اختصّ القضاء بالشاهد و الیمین بالأموال و حقوقها لما روی عن ابن عبّاس-رضی اللّه عنه-أن النبیّ صلّی اللّه علیه و آله قال:«استشرت جبرئیل علیه السلام فی القضاء بالیمین مع الشاهد،فأشار علیّ بذلک فی الأموال لا تعدو ذلک» (4).

ص:510


1- 1) فی«ت،ث،م»:شاهده.
2- 2) من«ت»و الحجریّتین.
3- 3) انظر روضة الطالبین 8:252.
4- 4) تلخیص الحبیر 4:206 ح 2134،و فیه:عن أبی هریرة.

..........

و روی محمد بن مسلم فی الصحیح عن أبی عبد اللّه علیه السلام:«قال:

کان رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله یجیز فی الدّین شهادة رجل واحد و یمین صاحب الدّین،و لم یجز فی الهلال إلا شاهدی عدل» (1).

و روی أبو بصیر عنه علیه السلام قال:«کان رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله یقضی بشاهد واحد و یمین صاحب الحقّ،و ذلک فی الدّین» (2).

و فی معنی الشاهد الواحد هنا المرأتان،فیثبت بهما مع الیمین ما یثبت به.

و ربما قیل:لا یثبت بالمرأتین و الیمین،لأن المنضمّ إلی الیمین إذا شهدت المرأتان أضعف شطری الحجّة،فلا یقنع بانضمام الضعیف إلی الضعیف،کما لا یقنع بانضمام شهادة امرأتین.

و یدلّ علی الجواز حسنة الحلبی عن أبی عبد اللّه علیه السلام:«أن رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله أجاز شهادة النساء مع یمین الطالب فی الدّین،یحلف باللّه إن حقّه لحقّ» (3).و روی منصور بن حازم قال:حدّثنی الثقة عن أبی الحسن علیه السلام قال:«إذا شهد لصاحب الحقّ امرأتان،و یمینه باللّه،فهو جائز» (4).و لو کان الحقّ ممّا یثبت بشهادة النساء منفردات،فأولی بالقبول مع الیمین هنا.

ص:511


1- 1) الکافی 7:386 ح 8،التهذیب 6:272 ح 740،الاستبصار 3:32 ح 108، الوسائل 18:192 ب«14»من أبواب کیفیّة الحکم ح 1.
2- 2) الکافی 7:385 ح 3،التهذیب 6:272 ح 742،الاستبصار 3:32 ح 109، الوسائل 18:193 الباب المتقدّم ح 5.
3- 3) الکافی 7:386 ح 7،الفقیه 3:33 ح 106،التهذیب 6:272 ح 739،الاستبصار 3: 32 ح 107،الوسائل 18:198 ب«15»من أبواب کیفیّة الحکم ح 3.
4- 4) الکافی 7:386 ح 6،الفقیه 3:33 ح 105،التهذیب 6:272 ح 738،الاستبصار 3: 31 ح 106،الوسائل 18:198 الباب المتقدّم ح 4.

و فی النکاح تردّد.(1) و ابن إدریس (1)منع من قبول شهادة المرأتین مع الیمین فی الأموال، محتجّا بانتفاء الإجماع،و عدم تواتر الأخبار.

و الحقّ أن الدلیل غیر منحصر فیما ذکره،و ما ذکرناه من الروایات کاف فی إثباته.

و اختلف کلام العلامة فی التحریر،ففی باب القضاء (2)بالشاهد و الیمین جزم بعدم قبولهما (3)،و فی کتاب الشهادات (4)جزم بالقبول،من غیر نقل خلاف فی الموضعین.

قوله:«و فی النکاح تردّد.إلخ».

منشأ التردّد فی النکاح من اختصاص قبول الشاهد و الیمین بالمال،و الشکّ فی تضمّنه للمال،فإنه یحتمل فیه ذلک من حیث تضمّنه للمهر و النفقة،و عدمه، نظرا إلی أن المقصود بالذات منه الإحصان و التناسل و إقامة السنّة و کفّ النفس عن الحرام،و المهر و النفقة تابعان،مع أنهما مختلفان فی دعوی الرجل إیّاه.

فحصل من ذلک أوجه:ثبوته بهما مطلقا،و عدمه مطلقا،و ثبوته إن کان المدّعی الزوجة دونه.

و قیّده بعضهم (5)بما إذا کان دعواها بعد الدخول أو التسمیة،لأنهما یثبتان المال.

و یضعّف بأن النفقة لا تتوقّف علی الأمرین.و مفوّضة المهر تدّعی مهرا فی

ص:512


1- 1) السرائر 2:116.
2- 2) تحریر الأحکام 2:193.
3- 3) فی«ل»:قبولها.
4- 4) تحریر الأحکام 2:212.
5- 5) إیضاح الفوائد 4:348.

أما الخلع(1)و الطلاق و الرجعة،و العتق و التدبیر و الکتابة،و النسب، و الوکالة،و الوصیّة إلیه،و عیوب النساء،فلا.

الجملة مطلقا.

و لو ماتت الزوجة کانت دعوی الزوج تتضمّن المال،و هو المیراث.بل یمکن تضمّنها إیّاه مطلقا،نظرا إلی استحقاقه إیّاه.و المتّجه ثبوته من الزوجة مطلقا.

قوله:«و أما الخلع.إلخ».

انتفاء ثبوته فی الطلاق و النسب و الوکالة و الوصیّة إلیه و عیوب النساء واضح،لأن هذه الأشیاء لیست مالا،و لا تتضمّن المال بوجه.

و أما الخلع،فإن کان مدّعیه الزوج فهو یتضمّن دعوی المال.و إن کان مدّعیه المرأة فلا.

و الرجعة بالعکس،لأن دعواها من المرأة کدعوی النکاح،لأنها تردّ الزوجیّة إلی ما کانت،و توجب النفقة علی تقدیر سقوطها بالطلاق.

لکن یمکن أن یقال هنا:إن الرجعة من حیث هی رجعة لا توجب النفقة، و إنما یوجبها النکاح السابق.و الرجعة إنما رفعت حکم الطلاق و أعادت حکم النکاح،فهی بذاتها لا توجب المال،و من ثمَّ وقع الاتّفاق علی أنها لا تثبت بهما.

و الوجه ثبوت الخلع (1)بهما إذا کان مدّعیه الزوج.و هو خیرة العلامة[1]فی أحد قولیه.

و أما العتق فالمشهور عدم ثبوته بهما،لأنه یتضمّن تحریر الرقبة،و الحریّة

ص:513


1- 1) فی إحدی الحجریّتین و نسخة بدل«د»:الحکم.

و فی الوقف إشکال،(1)منشؤه النظر إلی من ینتقل[إلیه].و الأشبه القبول،لانتقاله إلی الموقوف علیهم.

لیست مالا،و هی حقّ للّه تعالی.و یلزمه عدم ثبوت التدبیر و الکتابة و الاستیلاد بهما،لاشتراک الجمیع فی المقتضی.

و قیل:یثبت بهما العتق،لأن المملوک مال،و تحریره یستلزم تفویت المال علی المالک،و الحرّیة و إن لم یکن نفسها مالا لکنّها تتضمّن المال من هذه الحیثیّة.

و تنسحب علیه الثلاثة کذلک.

و اختلف کلام العلامة فی التحریر و القواعد،ففی کتاب العتق و التدبیر (1)قطع بثبوتهما بشاهد و یمین من غیر نقل خلاف،و فی هذا الباب (2)منه قطع بعدم ثبوتهما بهما کذلک.و توقّف فی الدروس (3)مقتصرا علی نقل القولین.و له وجه (4).

قوله:«و فی الوقف إشکال.إلخ».

اختلف الأصحاب فی ثبوت الوقف بهما علی أقوال،منشؤها أن الموقوف هل ینتقل إلی الموقوف علیه مطلقا،أم إلی اللّه تعالی،أم إلی الأول مع انحصاره و إلی اللّه تعالی مع عدمه،أو یبقی علی ملک الواقف؟و قد تقدّم (5)البحث فیه فی بابه.

فعلی الأول یثبت بهما،لأنه مال للمدّعی.و هو مختار الشیخ فی

ص:514


1- 1) تحریر الأحکام 2:79،قواعد الأحکام 2:101.
2- 2) تحریر الأحکام 2:192،قواعد الأحکام 2:213.
3- 3) الدروس الشرعیّة 2:97.
4- 4) سقطت جملة«و له وجه»من«ص»و إحدی الحجریّتین.
5- 5) فی ج 5:376-378.

و لا تثبت دعوی الجماعة(1)مع الشاهد إلا مع حلف کلّ واحد منهم.

و لو امتنع البعض ثبت نصیب من حلف،دون الممتنع.

المبسوط (1)و المصنف و جماعة (2).

و علی الثانی لا یثبت مطلقا.و هو مختار الشیخ فی الخلاف (3)،لأنه لیس بمال للموقوف علیه،بل له الانتفاع به فقط دون رقبته.و کذا علی الرابع.

و علی القول بالتفصیل یثبت بهما فی المنحصر دون غیره.و هو أصحّ الأقوال،لوجود لازم الملک،و هو علّته الغائیّة،فیوجد الملزوم.و المنع من نقله عن ملکه لا ینافی الملک،کأم الولد.و قد یجوز بیعه علی وجه،فلم ینتف لازم الملک رأسا،مع تسلیم کونه لازما.

و ربما قیل بثبوته و إن قلنا بعدم انتقاله إلی الموقوف علیه،لأن المقصود من الوقف المنفعة،و هی مال.

و فیه:أن المنفعة تابعة لثبوت أصل الوقف الذی یتعذّر إثباته،لأنه لیس ملکا للحالف علی هذا التقدیر.

قوله:«و لا تثبت دعوی الجماعة.إلخ».

الفرق بین الیمین و الشاهد:أن الیمین متعلّقها مال الحالف،و لیس للإنسان أن یحلف لإثبات مال غیره،بخلاف الشاهد،فإن الأصل فیه أن یثبت بشهادته مال غیره،و لا یترتّب علی شهادته لنفسه أثر،و الغیر بالنسبة إلی الشاهد سواء فیه المتعدّد و المتّحد،فشهادته بالمال الواحد للجمیع کشهادته لکلّ واحد علی انفراده بجزء منه علی الإشاعة،فیقبل فی حقّ الجمیع،و یتوقّف کلّ واحد علی الیمین تکملة للحجّة.

ص:515


1- 1) المبسوط 8:189-190.
2- 2) المهذّب 2:562،قواعد الأحکام 2:213،الدروس الشرعیّة 2:97.
3- 3) الخلاف 6:280 مسألة(25).

و لا یحلف من لا یعرف(1)ما یحلف علیه یقینا.و لا لیثبت مالا لغیره.(2) فلو ادّعی غریم المیّت مالا له علی آخر مع شاهد،فإن حلف الوارث ثبت،و إن امتنع لم یحلف الغریم.

و کذا لو ادّعی رهنا،و أقام شاهدا أنه للراهن،لم یحلف،لأن یمینه لإثبات مال الغیر.

قوله:«و لا یحلف من لا یعرف.إلخ».

لأن الحلف علی الحقّ شرطه الجزم به،و هو یتوقّف علی العلم بما یحلف علیه،بمعنی العلم بکونه ملکا له علی وجه یتمیّز عن غیره،و إن لم یعلمه تفصیلا.

فلا یجوز الحلف علی ما یجده مکتوبا بخطّه أو بخطّ مورّثه،و إن أمن التزویر.

قوله:«و لا لیثبت مالا لغیره.إلخ».

إذا کان علی المیّت دین،و له علی آخر دین،و له شاهد واحد،فوظیفة الحلف معه علی الوارث،لأنه المالک و إن کان المنتفع بیمینه الغریم،کما لو کان مفلّسا و له شاهد بدین.فإن حلف الوارث أخذ المال الغریم من دینه،إن شاء الوارث دفع العین.و إن امتنع من الحلف لم یکن للغریم الحلف عندنا،لأنه[لا] (1)یثبت بیمینه مالا لغیره،لما تقدّم (2)من أن الترکة تنتقل إلی ملک الوارث أو تکون علی حکم مال المیّت،و علی التقدیرین هی خارجة عن ملک الغریم قبل استیفائها،فحلفه قبله علی إثبات الحقّ حلف لإثبات مال الغیر.

و ذهب بعض العامّة (3)إلی أنه یحلف أیضا،بناء علی أنه إذا ثبت صار له، فکان کالوارث.

ص:516


1- 1) من«م»و الحجریّتین،و لم ترد فی سائر النسخ.
2- 2) فی ص:502-503.
3- 3) الحاوی الکبیر 17:82-83،الکافی للقرطبی 2:910.

..........

و الفرق واضح،لأن الوارث إذا حلف صار له بالفعل،و الغریم ینتقل بحلفه إلی الوارث و منه إلیه،فکان حلفه لإثبات مال غیره.

و لا یجبر الوارث علی الحلف،لأنه لا یجب علیه إثبات مال به لنفسه فضلا عن مورّثه.و للغریم حینئذ محاکمة المدّعی علیه،فإن أحلفه مع الإنکار برئ من الغریم،لا من الوارث.فإن حلف الوارث بعد ذلک ثبت المال،و کان للغریم أخذه،لکشف الیمین عن کونه ترکة،فیتعلّق بها الدّین کغیرها.

و هل یشترط فی استحقاقه حینئذ قبض الوارث له،أم یجوز أخذه و لو من المدّعی علیه؟وجهان،أصحّهما الجواز مطلقا،لثبوت کونه ترکة بحلف الوارث علی التقدیرین.

و وجه العدم فی الأول:سقوط حقّ الغریم عن المدّعی علیه بحلفه له،و قد قال صلّی اللّه علیه و آله:«و من حلف له فلیرض» (1).

و جوابه:القول بالموجب لکن هذا حقّ تجدّد للمیّت بحلف الوارث، و الرضا من حیث الحلف له لا ینافی استحقاق المطالبة من حیثیّة أخری،و هی کونه قد صار ترکة للمیّت فیتعلّق بها الدّین کغیره من أمواله.

و القول فی حلف المرتهن لو أقام شاهدا أنه للراهن کالغرماء،لأن الملک أولا یکون للراهن و منه ینتقل إلی المرتهن بشرطه،فلا یجوز حلفه لإثباته و إن امتنع الراهن من الحلف،لأنه یثبت بیمینه مالا لغیره و إن انتفع به.و کذا القول فی غرماء المفلّس لو کان له شاهد بمال.

ص:517


1- 1) تقدّم ذکر مصادره فی ص:470 هامش(1).

و لو ادّعی الجماعة(1)مالا لمورّثهم،و حلفوا مع شاهدهم،ثبتت الدعوی،و قسّم بینهم علی الفریضة.

و لو کان وصیّة قسّموه بالسویّة،إلا أن یثبت التفضیل.و لو امتنعوا لم یحکم لهم.و لو حلف بعض أخذ،و لم یکن للممتنع معه شرکة.

قوله:«و لو ادّعی الجماعة.إلخ».

لا کلام فی استحقاقهم مع الحلف علی حسب الفریضة أو الوصیّة،لأنه مال یثبت بالشاهد و الیمین،و قد انتقل إلیهم بزعمهم عن مورّثهم لا بالیمین،و إنما الیمین رفعت الحجر الثابت بینهم و بینه شرعا،فیستحقّونه علی حسب الإرث، و فی الوصیّة بالسویّة،لأن إطلاق العطیّة یقتضیها إذا لم ینصّ علی خلافها.

هذا إذا حلف الکلّ.أما إذا حلف بعضهم،بأن کانا أخوین فحلف أحدهما، فإنه یستحقّ ما حلف علیه و ینفرد به،و من لم یحلف سقط حقّه،فلا یشارک الحالف فیما حلف علیه،لأنه بترکه للیمین قد أبطل حجّته و أسقط حقّه،فصار بمنزلة غیر الوارث.

و قد یشکل الفرق بین هذا و بین ما لو ادّعیا علی آخر مالا،و ذکرا سببا موجبا للشرکة کالإرث،فإنه إذا أقرّ لأحدهما شارکه الآخر فیما وصل إلیه.

فخصّ بعضهم (1)هذا بالدّین و ذاک بالعین،و أعیان الترکة مشترکة بین الورثة، و المصدّق معترف بأنه من الترکة،بخلاف الدّین،فإنه إنما یتعیّن بالتعیین و القبض، فالذی أخذه الحالف تعیّن لنصیبه (2)بالقبض،فلم یشارکه الآخر فیه.

و هذا الحکم مبنیّ علی ما إذا استوفی بعض الشرکاء نصیبه من الدّین هل

ص:518


1- 1) روضة الطالبین 8:254-255.
2- 2) فی«د،ط»:لنفسه.

و لو کان فی الجملة(1)مولّی علیه یوقف نصیبه،فإن کمل و رشد حلف و استحقّ.و إن امتنع لم یحکم له.و إن مات قبل ذلک،کان لوارثه الحلف و استیفاء نصیبه.

یشارکه الآخر أو لا؟و هذه التخصیصات لا تواقف مذهب المصنف من مشارکة الشریک فی الدّین فیما قبضه الآخر[منه] (1).و مع ذلک فلو انعکس الفرض انعکس الحکم.

و فرّق آخرون (2)بأن المدّعی هناک تلقّی الملک من إقرار ذی الید،ثمَّ ترتّب علی ما أقرّ به إقرار المصدّق بأنه إرث،فلذلک شارکه فیه،بخلاف ما هنا، فإن السبب هنا الشاهد و الیمین،فلو أثبتنا الشرکة لملّکنا الناکل بیمین غیره، و بعید أن یمتنع الإنسان من الحلف ثمَّ یملکه بحلف غیره،مع أن الیمین لا تجری فیها النیابة.و علی هذا فلا یفرّق بین العین و الدّین.

و قد یشکل بأن سبب الملک لیس هو الیمین،بل الأمر السابق من إرث أو وصیّة و غیرهما،و الیمین إنما کشفت عن استحقاقه السابق و رفعت الحجر عنه.

و لو فرض حلف الآخر بعد ذلک،فإن کان قبل الدفع إلی الأول فلا کلام.

و إن کان بعده ففی مشارکة الثانی له وجهان،من وجود السبب المقتضی للشرکة، و سبق الحکم باختصاص الأول بما حلف علیه و قبضه.و تظهر الفائدة فی المشارکة فی النماء الحاصل قبل یمین الثانی.

قوله:«و لو کان فی الجملة.إلخ».

إذا کان فی جملة المدّعین بالشاهد مولّی علیه کالصبیّ و المجنون،فلا

ص:519


1- 1) من«أ،ث،خ».
2- 2) روضة الطالبین 8:254-255.
مسائل خمس
الأولی:لو قال:هذه الجاریة مملوکتی و أمّ ولدی،حلف مع شاهده،و یثبت رقّیتها دون الولد

الأولی:لو قال:هذه الجاریة(1)مملوکتی و أمّ ولدی،حلف مع شاهده،و یثبت رقّیتها دون الولد،لأنه لیس مالا،و یثبت لها حکم أمّ الولد بإقراره.

سبیل إلی إثبات حقّه قبل کماله،لأن الیمین لا تقبل النیابة،بل یوقف نصیبه إلی أن یکمل و یحلف مع شاهده.و لا یجوز انتزاعه من المدّعی علیه،لأنه لم یثبت خروجه عن ملکه.

و فی مطالبته بکفیل وجه،تقدّم (1)مثله فیما لو أقام المدّعی بیّنة و توقّفت علی التعدیل.و الأقوی العدم،لأن سبب الملک لم یتمّ قبل الیمین،فلا وجه لتعجیل تکلیف المدّعی علیه بما لم یثبت موجبه،فإذا کمل و حلف أخذ النصیب.

و هل یشارک الحالف فیما قبضه؟وجهان،لأنه قد ثبت بیمینهما کون المدّعی به ملکا لهما،فإذا کان السبب مشترکا کالإرث فهو مشترک بینهما علی سبیل الإشاعة،و من حکم المشترک أن ما حصل لهما و ما توی منهما.

و وجه العدم:أن غیر الحالف لم یثبت له قبل یمینه شیء،و إلا لاستحقّ بیمین غیره،و هو باطل،و من ثمَّ لو نکل عن الیمین فلا حقّ له،و إن کان السبب مشترکا علی ما تقرّر.

و الأول لا یخلو من قوّة،لأن الیمین کاشفة عن ملکه من حین موت المورّث،و إنما تأخّر ثبوته ظاهرا.

قوله:«لو قال:هذه الجاریة.إلخ».

إذا کان فی ید إنسان جاریة و ولدها،فادّعی علیه آخر بأنها أم ولده،و أن

ص:520


1- 1) فی ص:384.

..........

هذا الولد منها استولده فی ملکه،و أنه حرّ الأصل،فقد ادّعی فی الجاریة أمرین، أحدهما:أنها مملوکته،و الثانی:أنها أم ولده،تعتق بموته من نصیب ولدها.

و ادّعی فی ولدها أمرین،أحدهما:النسب،و الثانی:الحرّیة.

فأما الجاریة،فإذا أقام شاهدا و حلف معه قضی له بملکها،لأن أم الولد مملوکة،و لهذا کان له استخدامها و الاستمتاع بها و إجارتها و تزویجها[و شبهه] (1)، و إذا قتلها قاتل کان له قیمتها،فیقضی له بها بالشاهد و الیمین،کالأمة القنّ.و إذا حکم له بها حکم بأنها أم ولده باعترافه لا بالشاهد و الیمین.و حینئذ فإن ملک الولد أو تحرّر لحق به،و عتقت من نصیبه.

و أما الولد فلا یقضی به (2)بالشاهد و الیمین،بناء علی أن النسب و العتق لا یثبت (3)به.و هو فی النسب موضع وفاق.و أما العتق فإنّا و إن قلنا بثبوته به،لکنّه هنا تابع للنسب لا واقع بالذات،و انتفاء المتبوع یستتبع التابع.

و یحتمل ثبوته،کما لو اشتملت الدعوی علی أمرین یثبت أحدهما بذلک دون الآخر،فیثبت عتقه بالشاهد و الیمین،بناء علی ثبوت العتق بهما،و لا یقدح فیه التبعیّة،لأنه مدّعی به فی الجملة.و لأنّا حکمنا له بالجاریة و الولد فرعها، فکان کما لو ثبت غصب جاریته،فإنه یحکم له بالولد الحاصل منها فی ید الغاصب.و لأن ثبوت الاستیلاد یقتضی ذلک.و علی هذا،فینتزع الولد،و یصیر حرّا نسبیّا بإقرار المدّعی.

ص:521


1- 1) من«ت»و الحجریّتین.
2- 2) فی«خ،م»:له.
3- 3) فی«خ»:یثبتان.
الثانیة:لو ادّعی بعض الورثة أن المیّت وقف علیهم دارا و علی نسلهم

الثانیة:لو ادّعی بعض الورثة(1)أن المیّت وقف علیهم دارا و علی نسلهم،فإن حلف المدّعون مع شاهدهم قضی لهم،و إن امتنعوا حکم بها میراثا،و کان نصیب المدّعین وقفا.

و إن حلف بعض ثبت نصیب الحالف وقفا،و کان الباقی طلقا، تقضی منه الدیون و تخرج الوصایا،و ما فضل میراثا،و ما یحصل من الفاضل للمدّعین یکون وقفا.

و لو انقرض الممتنع کان للبطن التی تأخذ بعده الحلف مع الشاهد، و لا یبطل حقّهم بامتناع الأول.

و الأظهر (1)الأول،لأنه لا یدّعی ملک الولد و لا عتقه،و إنما یدّعی نسبه و حرّیته،و هما لا یثبتان بهذه الحجّة.و علی هذا،فیبقی الولد فی ید صاحب الید.

و هل یثبت نسبه بإقرار المدّعی؟یبنی علی ما لو استلحق عبد الغیر،و قد تقدّم البحث فیه فی بابه.و الوجه ثبوته،و حرّیته علی تقدیر انتقاله إلی ملکه فی وقت ما لا معجّلا.

قوله:«لو ادّعی بعض الورثة.إلخ».

إذا کان الوارث جماعة فادّعی بعضهم أن المورّث وقف علیهم بعض أعیان الترکة کدار مثلا،و أنکر باقی الورثة،و أقاموا شاهدا واحدا لیضمّوا إلیه الیمین، و قلنا بثبوت الوقف بشاهد و یمین،فالوقف المدّعی یقع علی وجهین:

أحدهما:أن یدّعوا وقف الترتیب،فیقولوا:وقف علینا و بعدنا علی أولادنا أو علی الفقراء.

ص:522


1- 1) فی«ا،ث»:و الأول أظهر.

..........

و الثانی:أن یدّعوا وقف التشریک.و البحث فی هذه المسألة عن الوجه الأول بقرینة قوله:«و لو انقرض الممتنع کان للبطن الذی یأخذ بعده الحلف.

إلخ».

و حینئذ فإما أن یحلف جمیع من ادّعی الوقف منهم مع الشاهد،أو ینکلوا، أو یحلف بعضهم و ینکل بعض.فإن حلفوا جمیعا ثبت لهم الوقف،و لا حقّ لباقی الورثة فی الدار.

ثمَّ إذا انقرض المدّعون معا أو علی التعاقب،فهل یأخذ البطن الثانی الدار بغیر یمین،أم یتوقّف حقّهم علی الیمین؟فیه وجهان مبنیّان علی أن البطن الثانی یتلقّون الوقف من البطن الأول أو من الواقف.

فإن قلنا بالأول-و هو الأشهر-فلا حاجة إلی الیمین،کما إذا أثبت الوارث ملکا بالشاهد و الیمین ثمَّ مات،فإن وارثه یأخذه بغیر یمین.و لأنه قد ثبت کونه وقفا بحجّة یثبت بها الوقف فیدام،کما لو ثبت بالشاهدین.و لأنه حقّ ثبت لمستحقّ فلا یفتقر المستحقّ بعده إلی الیمین،کما لو کان للمدّعی ملکا.و لأن البطن الثانی و إن کانوا یأخذون عن الواقف فهم خلفاء عن المستحقّین أولا،فلا یحتاجون إلی الیمین،کما إذا أثبت الوارث ملکا للمیّت بشاهدین و للمیّت غریم، فإن له أن یأخذه بغیر یمین.فإذا انتهی الاستحقاق إلی البطن الثالث و الرابع عاد هذا الخلاف.

و إن قلنا بالثانی لم یأخذ إلا بالیمین کالبطن الأول.و علیه،فلو کان الاستحقاق بعد الورثة-کالأولاد مثلا-للفقراء،و کانوا محصورین کفقراء قریة

ص:523

..........

و محلّة (1)،فالحکم کالأوّل.و إن لم یکونوا محصورین بطل الوقف،لعدم إمکان إثباته بالیمین،و عادت الدار إرثا.و هل تصرف إلیهم بغیر یمین؟وجهان.و یحتمل عودها إلی أقرب الناس إلی الواقف،بناء علی أنه وقف تعذّر مصرفه کالوقف المنقطع،و یجری فیه الخلاف الذی تقدّم فی الوقف (2).

و لو مات أحد الحالفین صرف نصیبه إلی الآخرین.فإن لم یبق إلا واحد صرف الکلّ إلیه،لأن استحقاق البطن الثانی مشروط بانقراض الأولین.

و هل أخذ الآخرین یکون بیمین أو بغیر یمین؟یبنی علی أن البطن الثانی هل یأخذ بیمین أم لا؟فإن قلنا بعدم افتقاره إلی الیمین فهنا أولی.و إن قلنا بالیمین ففیه هنا وجهان،من انتقال الحقّ إلی الباقی من غیره فیفتقر إلی الحلف، و من کونه قد حلف مرّة و صار من أهل الوقف،فیستحقّ بحسب شرط الوقف (3)تارة أقلّ و تارة أکثر.

هذا حکم ما إذا حلفوا جمیعا.و لو نکلوا جمیعا عن الیمین فالدار ترکة، تقضی منها الدیون و الوصایا،و یقسّم الباقی علی الورثة،و یکون حصّة المدّعین وقفا بإقرارهم،و حصّة باقی الورثة طلقا لهم.فإذا مات الناکلون ففی صرف حصّتهم إلی أولادهم علی سبیل الوقف بغیر یمین وجهان،مبنیّان علی تلقّی الوقف کما تقدّم.

و هل للأولاد أن یحلفوا علی أن جمیع الدار وقف؟وجهان،من کون

ص:524


1- 1) فی«ا،ث،ط»:قریته و محلّته.
2- 2) فی ج 5:353-356.
3- 3) فی«خ»:الواقف.

..........

الأولاد تبعا لآبائهم،فإذا لم یحلفوا لم یحلفوا،و من أنهم یتلقّون الوقف من الواقف فلا تبعیّة.

و ربما بنی الخلاف علی أن الوقف المنقطع الابتداء هل یصحّ أم لا؟فإن منعناه لم یحلف الأولاد علی الجمیع،لانقطاعه قبل طبقتهم.و إن جوّزناه جاء الوجهان.

و الحقّ مجیئهما و إن منعنا من الوقف المنقطع الأول،لأن حلف الأولاد (1)اقتضی عدم انقطاعه فی الواقع،و إن انقطع بالعارض حیث لم یحلف آباؤهم.

و لأن البطن الثانی کالأول،لأن الوقف صار إلیهم بالصیغة الأولی عن الواقف.

و لأن منع الثانی من الحلف یؤدّی إلی جواز إفساد البطن الأول الوقف علی الثانی، و هذا لا سبیل إلیه.فالقول بجواز حلفهم أقوی.و هو خیرة الشیخ فی المبسوط (2)و المصنف و غیرهما (3).

و لو حلف بعضهم دون بعض،بأن کانوا ثلاثة فحلف واحد و نکل اثنان، یأخذ الحالف الثلث وقفا،و الباقی ترکة تقضی منه الدیون و الوصایا،و ما فضل یقسّم بین جمیع الورثة،علی ما یقتضیه ظاهر العبارة،فإنه حکم بأن ما فضل یکون میراثا،و مقتضاه اشتراک جمیع الورثة فیه.و العلامة (4)تبعه علی هذه العبارة،و صرّح بذلک بعضهم (5).

و وجهه:أن الورّاث الّذین لم یدّعوا الوقف-و هم المستحقّون لهذه الحصّة-

ص:525


1- 1) فی«ا»:الأول.
2- 2) المبسوط 8:198-199.
3- 3) قواعد الأحکام 2:214.
4- 4) قواعد الأحکام 2:214.
5- 5) روضة الطالبین 8:259.

..........

یعترفون بأنها حقّ لجمیع الورثة،و إن کان بعضهم-و هو مدّعی الوقف-قد ظلم فی أخذ حصّته منه بیمینه،و لا یحسب علیه ما أخذه من حقّه فی الباقی،لأنه معیّن-و هو الدار المفروضة-لا مشاع،فیؤاخذون بإقرارهم،و یقسّم علی الحالف و غیره.و علی (1)هذا فما یخصّ الحالف یکون وقفا علی الناکلین،لأن الحالف یعترف لهم بذلک.

و قیل:إن الفاضل یقسّم بین المنکرین من الورثة و الّذین نکلوا،دون الحالف،لأنه مقرّ بانحصار حقّه فیما أخذه،و أن الباقی لإخوته وقفا.و اختار هذا القول فی المبسوط،لأنه قال:«لو حلف واحد منهم دون الآخرین،فنصیب من حلف وقف علیه،و الباقی میراث بین الآخرین و بقیّة الورثة» (2).

ثمَّ حصّة الناکلین تصیر وقفا بإقرارهما.و إذا مات الناکلان و الحالف حیّ، فنصیبهما للحالف علی ما شرط الواقف بإقرارهم.و فی حاجته إلی الیمین ما سبق [فیه] (3)من الوجهین.فإذا مات الحالف فالاستحقاق للبطن الثانی.و فی حلفهم الخلاف الذی مرّ.و إن کان الحالف حیّا عند موت الناکلین فأراد أولادهم أن یحلفوا،فعلی القولین المذکورین فی أولاد الجمیع إذا نکلوا.و الأصحّ أن لهم الحلف.

و ما (4)حکم نصیب الحالف المیّت قبلهما؟فیه ثلاثة أوجه:

أحدها:أنه یصرف إلی الناکلین،لأنه قضیّة الوقف،إذ لا یمکن جعله

ص:526


1- 1) فی«أ»:فعلی.
2- 2) المبسوط 8:199.
3- 3) من الحجریّتین.
4- 4) فی«خ»:و أما.
الثالثة:إذا ادّعی الوقفیّة علیه و علی أولاده بعده،و حلف مع شاهده،ثبتت الدعوی

الثالثة:إذا ادّعی الوقفیّة علیه(1)و علی أولاده بعده،و حلف مع شاهده،ثبتت الدعوی،و لا یلزم الأولاد بعد انقراضه یمین مستأنفة،لأن الثبوت الأول أغنی عن تجدیده.و کذا إذا انقرضت البطون،و صار إلی الفقراء أو المصالح.

أما لو ادّعی التشریک بینه و بین أولاده،افتقر البطن الثانی إلی الیمین،لأن البطن الثانی بعد وجودها تعود کالموجودة وقت الدعوی.

للبطن الثانی،لبقاء البطن الأول.و لأنه أقرب الناس إلی الواقف.و علی هذا ففی حلفهم الخلاف السابق،فإن قلنا بالحلف سقط بالنکول کالأول.

و الثانی:أنه یصرف إلی البطن الثانی،لأنه بنکول الناکل سقط حقّه و صار کالمعدوم،و إذا عدم البطن الأول کان الاستحقاق للثانی.و هذا هو الذی اختاره الشیخ فی المبسوط (1).

و الثالث-و هو أضعفها-:أنه وقف تعذّر مصرفه،لأنه لا یمکن صرفه إلی الباقین من البطن الأول،لنکولهم،و لا إلی البطن الثانی،لأن شرط استحقاقه انقراض البطن الأول،فإذا تعذّر مصرف الوقف بطل کمنقطع الآخر،و رجع إلی أقرب الناس إلی الواقف.

و یحتمل علی هذا صرفه فی وجوه البرّ،لأن هذا الانقطاع لم یکن واقعا و إنما طرأ،فکان کما لو بطل رسم المصلحة الموقوف علیها.

و علی هذا،فإذا زال التعذّر،بأن مات الناکل و انتقل إلی البطن الثانی،جاء فی حلفه ما مرّ.و کذا حلف أقرب الناس إلیه إذا کان هو الناکل.

قوله:«إذا ادّعی الوقفیّة علیه.إلخ».

البحث فی القسم الأول من هذه المسألة کما سبق،و کأنّه أعاده لینبّه علی

ص:527


1- 1) المبسوط 8:199-200.

فلو ادّعی إخوة ثلاثة(1)أن الوقف علیهم و علی أولادهم مشترکا، فحلفوا مع الشاهد،ثمَّ صار لأحدهم ولد،فقد صار الوقف أرباعا.

و لا تثبت حصّة هذا الولد ما لم یحلف،لأنه یتلقّی الوقف عن الواقف،فهو کما لو کان موجودا وقت الدعوی.

و یوقف له الربع،فإن کمل و حلف أخذ.و إن امتنع،قال الشیخ:

یرجع ربعه علی الإخوة،لأنهم أثبتوا أصل الوقف علیهم ما لم یحصل المزاحم،و بامتناعه جری مجری المعدوم.

و فیه إشکال ینشأ من اعتراف الإخوة بعدم استحقاق الربع.

الفرق بین وقف الترتیب و التشریک،حیث إن الثانی یفتقر فیه البطن الثانی إلی الیمین قطعا،بخلاف وقف الترتیب.

و الفرق ما أشار إلیه المصنف-رحمه اللّه-من أن البطن الثانی علی تقدیر التشریک بمنزلة البطن الأول،فی أنه یتلقّی الوقف من الواقف بلا واسطة،فلم یکن له شیء منه بغیر یمین،بخلاف الأول،فإنه یتلقّی الوقف بواسطة البطن الأول،فکان کالتابع له،فلذا وقع الخلاف فیه.

و قد کان یستغنی فی هذه المسألة بذکر قسم التشریک،و یجعل قسیما للسابقة،و یبین الفرق.

قوله:«فلو ادّعی إخوة ثلاثة.إلخ».

هذا فرع علی القسم الثانی،و هو ما لو کانت الدعوی کون الوقف تشریکا.

فإذا ادّعی ثلاثة إخوة من جملة الورثة أن الوقف علیهم و علی أولادهم ما تناسلوا وقف تشریک،و أقاموا شاهدا،و حلفوا معه تفریعا علی ثبوت الوقف بذلک،فإنه

ص:528

..........

یثبت الوقف بالنسبة إلیهم،فإذا وجد لأحدهم ولد فقد صار الوقف أرباعا بعد أن کان أثلاثا،فیعزل له نماء الربع إلی حین بلوغه،لاعتراف الموقوف علیهم بذلک مع ثبوت یدهم،و إن کان الحقّ لم یثبت له بعد،لتوقّفه علی یمینه.

و فی تسلیمه إلی ولیّه،أو یوضع فی ید أمین وجهان،منشؤهما مؤاخذتهم بإقرارهم،کما لو کانت العین فی ید ثلاثة فاعترفوا بربعها لصبیّ،فإنه یلزم الإقرار و یدفع إلی ولیّه،و من عدم ثبوت الحقّ له حینئذ،لتوقّفه علی الیمین.و هذا هو [مذهب] (1)الأصحّ.و الفرق بینه و بین الإقرار أنه منحصر فی حقّ أنفسهم،و لهذا لم یلزم فیه یمین،بخلاف الوقف،فإن اعترافهم به فی حقّ البطون اللاحقة و فی حقّ أنفسهم،و من ثمَّ احتیج مع اعترافهم إلی الیمین مع الشاهد.

ثمَّ إذا بلغ فلا یخلو:إما أن یحلف،أو ینکل،أو یموت قبل ذلک.فإن حلف أخذ الربع و غلّته المتجدّدة بعد ولادته.و إنما وجب علیه الیمین لما تقدّم (2)من أنه یتلقّی الوقف عن الواقف،فهو کالموجود حال الدعوی،فلا یأخذ بیمین غیره.و کذا القول فی غیره من البطون.و لکن لا یجوز له الحلف إلا مع العلم بالحال،لا استنادا إلی قول الشاهد و شرکائه فی الوقف مطلقا.و یمکن فرض علمه بذلک بسماعه ذلک من جماعة یحصل بقولهم العلم،و من جملتهم الشاهد و الشرکاء.و یشترط مع ذلک عدم علم الحاکم بذلک،و إلا لم یفتقر إلی الیمین،لأنه حینئذ یحکم بالاستفاضة کما سلف.و یمکن فرض علمه دون الحاکم،بأن سمع ذلک فی غیر بلد الحاکم،أو فی بلده ممّن لم یسمع الحاکم منه.و مثله الشاهد عند

ص:529


1- 1) من«م»و الحجریّتین.
2- 2) فی ص:523.

..........

الحاکم بالاستفاضة،فإنه یشهد (1)بالتسامع مع إمکان الوصول إلی الحاکم و لکن لم یتّفق.

و إن نکل ففی مصرف الربع وجوه:

أحدها-و هو الذی ذهب إلیه الشیخ فی المبسوط (2)-ردّه إلی الإخوة، لإثباتهم أصل الوقف،و الولد بنکوله یجری مجری المعدوم،فلا مزاحم لهم إذن.

و لأن الواقف جعل الثلاثة أصلا فی الاستحقاق ثمَّ أدخل من یتجدّد علی سبیل العول (3)،فإذا سقط الداخل فالقسمة بحالها علی الأصول کما کانت.و شبّهوه بما إذا مات إنسان و خلّف ألفا،فجاء ثلاثة و ادّعی کلّ واحد ألفا علی المیّت و أقام شاهدا،فإن حلفوا معه فالألف بینهم،و إن حلف اثنان فهی (4)لهما،و إن حلف واحد فهی له.

و أجیب عن الأول بأن الإخوة معترفون بأن الربع له،فکیف یجوز لهم أخذه بامتناعه من الیمین؟بل یجب أن یوقف إلی أن یحلف أو یموت فیقوم وارثه مقامه.

و عن الثانی بمنع الحکم فی الأصل المشبّه به،بل لیس لصاحب الدّین الأول إذا لم یحلف الثانی إلا أخذ حصّته،إلا أن یقضی بالنکول أو یبرؤه الثانی من حقّه،لأن الثانی أبطل حقّه حینئذ،بخلاف النکول بمجرّده عند من لم یقض ببطلان الحقّ به،و لهذا لو لم یحلف مع الشاهد ثمَّ أتمّ البیّنة لسمعت و حکم بها.

ص:530


1- 1) فی«ت»:یحکم.
2- 2) المبسوط 8:201.
3- 3) فی«ا،ت،ث،د»:القول.
4- 4) کذا فی«ت،ل»،و فی سائر النسخ:فهو.

..........

و ثانیها:صرفه إلی الناکل،لاعتراف الإخوة له بالاستحقاق دونهم.و أورد فی المبسوط علی نفسه ذلک،ثمَّ أجاب عنه بأن«الإقرار ضربان:مطلق،و مقترن إلی سبب،فإذا عزی إلی سبب فلم یثبت السبب عاد إلی المقرّ به،کقولهم:مات أبونا و أوصی لزید بثلث ماله،فردّ ذلک زید،فإنه یعود إلی من اعترف بذلک، و کذلک من اعترف لغیره بدار فی یده فلم یقبلها الغیر عادت إلی المقرّ،فکذلک هنا» (1).

و لا یخفی ضعف هذا الجواب،لأن ثبوت السبب متحقّق بالنسبة إلی المقرّ، و إنما تخلّف بالنسبة إلی المقرّ له،و لازم ذلک انتقال المقرّ به عمّن ثبت السبب فی حقّه،و إن لم یثبت فی حقّ الآخر.و ادّعاؤه أن من أقرّ لغیره بدار فی یده فلم یقبلها أنها تعود إلی المقرّ له،إن أراد بعدم قبوله لها عدم تصدیقه علی صحّة هذا الإقرار المطلق،فلا نسلّم أنها تعود إلی المقرّ بمجرّد الإنکار،بل تبقی مجهولة المالک،کما تقرّر فی بابه (2).و إن أراد إقرارهم بسبب یتوقّف علی قبوله،فلا نسلّم ثبوت السبب بمجرّد إقرارهم،لتوقّفه علی القبول و لم یحصل.

و بهذا یظهر الفرق بین مسألة النزاع و مسألة الوصیّة التی ذکرها،لأن إقرارهم بالوصیّة له لا یقتضی ملکیّته،لأن الوصیّة لا تملک إلا بالقبول علی وجهه،فإذا ردّ بطلت الوصیّة،بخلاف المتنازع،لأنهم یعترفون له بالملک،سواء حلف أم لا،و إنما اعتبر حلفه مراعاة لحقّ البطون المتجدّدة،فإذا ردّ لم یخرج عن کونه ملکا له بإقرارهم،فلا یعود إلیهم،کما لو لم یعترف المقرّ له بالشیء

ص:531


1- 1) المبسوط 8:202.
2- 2) فی ج 11:112،ذکر ذلک فیما إذا أقرّ بعبد لإنسان.

و لو مات أحد الإخوة(1)قبل بلوغ الطفل عزل له الثلث من حین وفاة المیّت،لأن الوقف صار أثلاثا،و قد کان له الربع إلی حین الوفاة.

فإن بلغ و حلف أخذ الجمیع.و إن ردّ کان الربع إلی حین الوفاة لورثة المیّت و الأخوین،و الثلث من حین الوفاة للأخوین.و فیه أیضا إشکال کالأول.

المقرّ به الذی لا یتوقّف انتقال ملکه عن المقرّ علی القبول.نعم،لو تمَّ له مثاله الثانی لأتی مثله فی صورة النزاع،لکنّه ممنوع.

و ثالثها:أنه وقف تعذّر مصرفه،إذ لا یصرف إلی الإخوة لما ذکرنا،و لا إلی الولد لعدم ثبوته له،فیرجع إلی الواقف أو ورثته کمنقطع الآخر،أو إلی البرّ،کما قرّرناه فی السابق.

قوله:«و لو مات أحد الإخوة.إلخ».

هذا من جملة الفروع علی الفرض المذکور،و هو ما إذا مات أحد الإخوة قبل بلوغ الطفل،فإنه یعزل له ثلث المدّعی وقفه بعد أن کان قد عزل له الربع، بمعنی إکمال الربع بنصف سدس،لأن الوقف بموت أحدهم قد صار أثلاثا بین الأخوین و ابن الأخ بعد أن کان أرباعا.

فإذا بلغ الولد و حلف أخذ الجمیع،و هو الربع إلی حین وفاة الأخ،و تمام الثلث من حین الوفاة إلی أن حلف.

و إن نکل رجع الربع من حین ولادته إلی حین الوفاة إلی الأخوین الباقیین و ورثة المیّت من الإخوة،لأنهم کانوا أرباب الوقف ذلک الوقت،و الثلث من حین الوفاة إلی حین النکول للأخوین خاصّة.

ص:532

الرابعة:لو ادّعی عبدا و ذکر أنه کان له و أعتقه،فأنکر المتشبّث

الرابعة:لو ادّعی عبدا(1)و ذکر أنه کان له و أعتقه،فأنکر المتشبّث، قال الشیخ:یحلف مع شاهده و یستنقذه.و هو بعید،لأنه لا یدّعی مالا.

هذا علی قول الشیخ (1)رحمه اللّه.و علی الوجه الثانی فجمیع ذلک للناکل، لاعتراف الإخوة له به.و علی الثالث للواقف و أقرب الناس إلیه.و وجه الإشکال الذی ذکره المصنف هنا یظهر من السابق.

قوله:«لو ادّعی عبدا.إلخ».

وجه ما اختاره الشیخ (2):أن المدّعی یدّعی ملکا متقدّما،و حجّته تصلح لإثبات الملک،و إذا ثبت الملک ترتّب علیه العتق بإقراره کمسألة الاستیلاد السابقة (3).

و المصنف-رحمه اللّه-ینظر إلی أن دعواه العتق قبل الحلف یقتضی أنه لا یدّعی الآن مالا و إن کان ذلک فی الأصل،و إنما یدّعی حرّیة العبد،فلا یثبت بشاهد و یمین.و علی تقدیر القول بثبوت العتق بذلک إنما یکون الحلف ممّن یدّعیه لنفسه و هو العبد،أما المولی فلا،لأنه یدّعی لغیره.اللّهم إلاّ أن یدّعیه لأجل إثبات الولاء،بأن یکون العتق موجبا له،فیتّجه حینئذ حلف المولی.

و علی القول بالمنع من حلف المولی یفرّق بین هذه المسألة و مسألة الاستیلاد،بأن مدّعی الاستیلاد یدّعی ملکا ثابتا بالفعل،لأن أم الولد مملوکة للمولی،و هو ممّا یثبت بهذه الحجّة،و لمّا کانت أمومة الولد تستلزم ولد أمته،کان إثبات الولد و انعتاقه تابعا و لازما لما یثبت بالشاهد و الیمین لا بالاستقلال، بخلاف عتق العبد،فإنه لیس له أصل یثبت بذلک لیستند إلیه و یتبعه،فلا یثبت مستقلاّ.

ص:533


1- 1) المبسوط 8:201.
2- 2) المبسوط 8:196.
3- 3) راجع ص:518.
الخامسة:لو ادّعی علیه القتل و أقام شاهدا

الخامسة:لو ادّعی علیه القتل(1)و أقام شاهدا،فإن کان خطأ أو عمد الخطأ حلف و حکم له.و إن کان عمدا موجبا للقصاص لم یثبت بالیمین الواحدة،و کانت شهادة الشاهد لوثا،و جاز له إثبات دعواه بالقسامة.

قوله:«لو ادّعی علیه القتل.إلخ».

قد تقدّم (1)فی أول الباب أن الجنایة الموجبة للمال تثبت بالشاهد و الیمین، و منها الجنایة خطأ و شبیه الخطأ،و أن الجنایة الموجبة للقصاص لا تثبت بهذه الحجّة،لأنها لیست مالا.و إنما أعادها لینبّه علی ثبوت اللوث بالشاهد الواحد، فللمدّعی أن یحلّف معه القسامة و یثبت بها القصاص.و سیأتی (2)البحث فیه إن شاء اللّه تعالی.

تمَّ المجلّد الثالث عشر و للّه الحمد،و یلیه المجلّد الرابع عشر بإذنه تعالی

ص:534


1- 1) فی ص:508.
2- 2) فی کتاب القصاص،ذیل المسألة السابعة من الفصل الثالث من قصاص النفس.

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.